الكتاب: منح الجليل شرح مختصر خليل المؤلف: محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ) الناشر: دار الفكر - بيروت الطبعة: بدون طبعة تاريخ النشر: 1409هـ/1989م عدد الأجزاء: 9   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]   «مختصر خليل» بأعلى الصفحة يليه - مفصولا بفاصل - شرحه «منح الجليل» للشيخ عليش ---------- منح الجليل شرح مختصر خليل محمد بن أحمد عليش الكتاب: منح الجليل شرح مختصر خليل المؤلف: محمد بن أحمد بن محمد عليش، أبو عبد الله المالكي (المتوفى: 1299هـ) الناشر: دار الفكر - بيروت الطبعة: بدون طبعة تاريخ النشر: 1409هـ/1989م عدد الأجزاء: 9   [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]   «مختصر خليل» بأعلى الصفحة يليه - مفصولا بفاصل - شرحه «منح الجليل» للشيخ عليش [مُقَدِّمَة مُخْتَصَر خَلِيل] يَقُولُ الْفَقِيرُ الْمُضْطَرُّ لِرَحْمَةِ رَبِّهِ، الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى:   [منح الجليل] يَقُولُ) أَصْلُهُ بِسُكُونِ الْقَافِ وَضَمِّ الْوَاوِ فَنُقِلَ إلَى الْقَافِ لِثِقَلِهِ عَلَى الْوَاوِ لِمُلَازَمَتِهِ فِي فَعَلَ وَلَمْ يَثْقُلْ عَلَيْهَا فِي نَحْوِ هَذَا وَلَوْ لِعَدَمِ مُلَازَمَتِهِ وَكَوْنِهِ فِي اسْمٍ. (الْفَقِيرُ) وَزْنُهُ فَعِيلُ مِنْ الْفَقْرِ أَيْ الْحَاجَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ أَيْ دَائِمُ الْحَاجَةِ، أَوْ صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ أَيْ كَثِيرُهَا، وَالْأَوَّلُ مُلَازِمٌ لِلْعَبْدِ وَمُسْتَلْزِمٌ لِلثَّانِي فَهُوَ الْأَوْلَى، وَفِي نُسْخَةٍ الْعَبْدُ وَالْمُرَادُ بِهِ عَبْدُ الْإِيجَادِ أَيْ الْمَخْلُوقُ، أَوْ عَبْدُ الْعُبُودِيَّةِ أَيْ الْعَابِدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ بَعْدُ " الْمُنْكَسِرُ خَاطِرُهُ " لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] وَقَالَ سَيِّدُ الْعَالَمِينَ أَجْمَعِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُبْحَانَكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ» . (الْمُضْطَرُّ) يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ اسْمَ فَاعِلٍ أَيْ: شَدِيدُ الِاحْتِيَاجِ وَكَوْنُهُ اسْمَ مَفْعُولٍ أَيْ الْمُلْجَأُ الَّذِي أَلْجَأَتْهُ شِدَّةُ احْتِيَاجِهِ لِزَوَالِ الْحَرَكَةِ الْفَارِقَةِ بَيْنَهُمَا بِالْإِدْغَامِ وَأَصْلُهُ بِتَاءٍ عَقِبَ الضَّادِ وَفَكِّ الرَّاءِ مِنْ الرَّاءِ فَخُفِّفَ بِإِبْدَالِهَا طَاءً مُهْمَلَةً، وَإِبْدَالِ الضَّادِ طَاءً أَيْضًا، وَإِدْغَامِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ، وَإِدْغَامِ الرَّاءِ فِي الرَّاءِ أَيْضًا. (لِرَحْمَةِ) أَيْ إلَى إنْعَامِ (رَبِّهِ) أَيْ مَالِكِهِ وَمُرَبِّيهِ (الْمُنْكَسِرُ) أَصْلُهُ اسْمُ فَاعِلِ " انْكَسَرَ "، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْحَزِينُ (خَاطِرُهُ) أَصْلُهُ مَا وَرَدَ عَلَى الْقَلْبِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْقَلْبُ لِعَلَاقَةِ الْحَالِيَّةِ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ اسْتِعَارَةٌ لِاجْتِمَاعِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ الْمُنْكَسِرُ، وَالْمُشَبَّهِ وَهُوَ الْخَاطِرُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْقَلْبِ عَلَى وَجْهٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّشْبِيهِ وَهُوَ إسْنَادُ الْمُنْكَسِرِ لِلْخَاطِرِ وَهَذَا مَانِعٌ مِنْهَا بِإِجْمَاعِ الْبَيَانِيِّينَ، وَالِانْكِسَارُ تَفَرُّقُ أَجْزَاءِ الْيَابِسِ كَحَجَرٍ، وَالِانْقِطَاعُ تَفَرُّقُ أَجْزَاءِ اللَّيِّنِ كَلَحْمٍ. (لِقِلَّةِ الْعَمَلِ) أَيْ الصَّالِحِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى قِلَّتِهِ انْكِسَارُ الْقَلْبِ (وَالتَّقْوَى) أَيْ اتِّقَاءِ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِامْتِثَالِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ، فَعَطْفُهَا عَلَى الْعَمَلِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ، وَإِنْ خُصَّتْ بِالِاجْتِنَابِ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْعَمَلِ قَبْلَهَا فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايَرَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 12 خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِيُّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ   [منح الجليل] وَهَذَا شَأْنُ الْأَوْلِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ مِنْ نِسْبَةِ التَّقْصِيرِ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنْفُسِهِمْ امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32] ، وَتَأَسِّيًا بِأَشْرَفِ الْمَخْلُوقِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَكَ «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» . (خَلِيلُ) أَصْلُهُ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ الْخُلَّةِ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ صَفَاءِ الْمَوَدَّةِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْهَا (ابْنُ إِسْحَاقَ) نَعْتُ " خَلِيلُ " لِتَأَوُّلِهِ بِالْمَنْسُوبِ بِالْبُنُوَّةِ لِإِسْحَاقَ (الْمَالِكِيُّ) أَيْ الْمَنْسُوبُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِتَعَبُّدِهِ عَلَى مَذْهَبِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِهِ تَعَلُّمًا وَتَعْلِيمًا نَعْتٌ ثَانٍ لِخَلِيلٍ لَا لِإِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ حَنَفِيٌّ. وَشُغِلَ خَلِيلٌ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِمَحَبَّتِهِ فِي شَيْخَيْهِ سَيِّدِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ وَسَيِّدِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ قِيلَ: مَكَثَ الْمُصَنِّفُ فِي تَأْلِيفِ الْمُخْتَصَرِ عِشْرِينَ سَنَةً وَبَيَّضَهُ إلَى النِّكَاحِ، وَوُجِدَ بَاقِيهِ فِي أَوَرَاقِ مُسَوَّدَةٍ فَجَمَعَهُ أَصْحَابُهُ وَأَلَّفَ بَهْرَامُ بَابَ الْمُقَاصَّةِ مِنْهُ وَكَمَّلَ الْأَقْفَهْسِيُّ جُمْلَةً يَسِيرَةً تَرَكَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بَيَاضًا. وَأَلَّفَ الْمُصَنِّفُ شَرْحَهُ التَّوْضِيحَ عَلَى مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْفِقْهِيِّ قِيلَ وَبِهِ عُرِفَ فَضْلُهُ وَمَكَثَ بِمِصْرَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَرَ النِّيلَ وَكَانَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْجُنْدِ الْمُتَقَشِّفِينَ وَسَمَّى نَفْسَهُ فِي مَبْدَأِ كِتَابِهِ لِلتَّرْغِيبِ فِيهِ، وَالْوُثُوقِ بِهِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ نُصْحًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ بَلْ وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهَذَا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فَفِي الْبَيَانِ لِابْنِ رُشْدٍ أَوَّلَ كُلِّ مَسْأَلَةٍ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَحْصِيلُهَا كَذَا، وَكَذَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَأْلِيفِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ عِيَاضٌ: الْحُكْمُ كَذَا. (الْحَمْدُ لِلَّهِ) مَفْعُولُ " يَقُولُ " وَكَذَا مَا بَعْدَهُ إلَى قَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَهَلْ مَحَلُّ النَّصْبِ لِلْمَجْمُوعِ وَلِكُلِّ جُمْلَةٍ؟ خِلَافٌ، وَالْحَمْدُ لُغَةً الْوَصْفُ بِجَمِيلٍ لِأَجْلِ اتِّصَافِ الْمَوْصُوفِ بِوَصْفٍ جَمِيلٍ غَيْرِ طَبِيعِيٍّ إنْعَامًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ مَعَ قَصْدِ الْوَاصِفِ تَعْظِيمَ الْمَوْصُوفِ وَعُرْفًا أَمْرٌ دَالٌّ عَلَى تَعْظِيمِ مُنْعِمٍ وَهَذَا هُوَ الشُّكْرُ لُغَةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 13 حَمْدًا يُوَافِي مَا تَزَايَدَ مِنْ النِّعَمِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى مَا أَوْلَانَا مِنْ الْفَضْلِ   [منح الجليل] (حَمْدًا) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لِنَوْعِ عَامِلِهِ بِنَعْتِهِ بِجُمْلَةِ يُوَافِي إلَخْ وَعَامِلُهُ مُقَدَّرٌ أَيْ أَحْمَدُهُ لَا الْحَمْدُ الْمَذْكُورُ لِفَصْلِهِ مِنْهُ بِالْخَبَرِ الْأَجْنَبِيِّ بِجِهَةِ الْمَصْدَرِيَّةِ الَّتِي كَانَ يُعْمَلُ بِهَا فِي " حَمْدًا "، وَإِنْ كَانَ مَعْمُولًا لَهُ مِنْ جِهَةِ الِابْتِدَائِيَّةِ الَّتِي رُفِعَ الْخَبَرُ بِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلْحَمْدِ جِهَتَيْنِ مَصْدَرَانِيَّةً وَبِهَا يُنْصَبُ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ وَلَا يُرْفَعُ الْخَبَرُ وَابْتِدَائِيَّةً وَبِهَا يُرْفَعُ الْخَبَرُ وَلَا يُنْصَبُ الْمَفْعُولُ الْمُطْلَقُ وَهَلْ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ كَاخْتِلَافِ الذَّاتِ وَعَلَيْهِ فَالْخَبَرُ أَجْنَبِيٌّ مَانِعٌ مِنْ نَصْبِ " حَمْدًا "، أَوْ لَيْسَ اخْتِلَافُ الْجِهَةِ كَاخْتِلَافِ الذَّاتِ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْخَبَرُ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَمْنَعُ مِنْ نَصْبِ " حَمْدًا "، وَهُوَ الْحَقُّ؟ . (يُوَافِي) أَيْ يَفِي الْحَمْدَ (مَا تَزَايَدَ) أَيْ زَادَ فَصِيغَةُ الْمُفَاعَلَةِ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حُصُولِ الْفِعْلِ مِنْ فَاعِلٍ وَاحِدٍ وَعَبَّرَ بِهَا لِإِفَادَتِهَا الْمُبَالَغَةَ الْمَعْهُودَةَ فِي الْمُغَالَاةِ. (مِنْ النِّعَمِ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ أَنْعَامٍ، أَوْ مُنْعَمٍ بِهِ، بَيَانٌ لِمَا فَكُلُّ نِعْمَةٍ تَتَجَدَّدُ فَالْحَمْدُ يُقَابِلُهَا فَإِنْ قُلْت حَمْدُ الْمُصَنِّفِ جُزْئِيٌّ وَنِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى لَا نِهَايَةَ لَهَا فَكَيْفَ يُقَابِلُهَا وَلَا تَزِيدُ عَلَيْهِ قُلْت: الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَابِلُهَا بِمُلَاحَظَةِ الْمَحْمُودِيَّةِ وَهِيَ صِفَاتُ اللَّهِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا، وَالْمَعْنَى: أُثْنِي عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الَّتِي لَا نِهَايَةَ لَهَا وَأَجْعَلُ الثَّنَاءَ بِكُلِّ صِفَةٍ فِي مُقَابَلَةِ نِعْمَةٍ فَيَزِيدُ الْحَمْدُ عَلَى النِّعَمِ؛ لِأَنَّهَا مَحْصُورَةٌ وَالصِّفَاتُ لَيْسَتْ مَحْصُورَةً، أَوْ يُقَالُ الْكَلَامُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ وَجَرَى عَلَى طَرِيقِ التَّخَيُّلِ لَا التَّحَقُّقِ. (تَنْبِيهٌ) : الْحَقُّ قَوْلُ الْبَاقِلَّانِيِّ وَالرَّازِيِّ إنَّ لِلَّهِ تَعَالَى نِعَمًا عَلَى الْكَافِرِ يَجِبُ شُكْرُهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 40] وَيُؤَيِّدُهُ خِطَابُهُ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا نِعْمَةَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى كَافِرٍ فَبِالنَّظَرِ لِلْحَقِيقَةِ، وَالْعَاقِبَةِ لَا لِلصُّورَةِ الرَّاهِنَةِ حَتَّى قِيلَ: إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ بَلْ مِمَّا لَا يَضُرُّ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ هُوَ فِي نِعْمَةٍ فِي الْآخِرَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَذَابٍ إلَّا وَفِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ لَكِنْ لَا يَجُوزُ هَذَا التَّعْبِيرُ لِمُصَادَمَةِ الْوَارِدِ أَفَادَهُ فِي الْإِكْلِيلِ. (وَالشُّكْرُ) لُغَةً الْحَمْدُ عُرْفًا وَاصْطِلَاحًا صَرْفُ جَمِيعِ النِّعَمِ فِيمَا خُلِقَتْ لَهُ مِنْ وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَمُبَاحٍ (لَهُ) أَيْ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى مَا) أَيْ النِّعَمِ الَّتِي (أَوْلَانَا) أَيْ أَعْطَانَا اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهَا لِصِلَةٍ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَوْصُولِهَا وَلَمْ يَبْرُزْ ضَمِيرُهَا لِأَمْنِ اللَّبْسِ، وَقَوْلُهُ (مِنْ الْفَضْلِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 14 وَالْكَرَمِ: لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ هُوَ كَمَا أَثْنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَنَسْأَلُهُ اللُّطْفَ وَالْإِعَانَةَ   [منح الجليل] بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَصْلُهُ مَصْدَرُ فَضُلَ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا اسْمُ الْمَفْعُولِ لِعَلَاقَةِ الِاشْتِقَاقِ أَيْ الْمُتَفَضَّلِ بِهِ. (وَالْكَرَمِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالرَّاءِ أَصْلُهُ مَصْدَرُ " كَرُمَ " بِضَمِّ الرَّاءِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمُتَكَرَّمُ بِهِ لِذَلِكَ بَيَانٌ لِمَا وَلَمَّا أَوْهَمَ قَوْلُهُ يُوَافِي إلَخْ إحْصَاءَهُ الثَّنَاءَ عَلَى النِّعَمِ، وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ هِيَ لَا تُحْصَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] رَفَعَهُ بِقَوْلِهِ (لَا أُحْصِي) أَيْ لَا أَضْبِطُ (ثَنَاءً) أَيْ وَصْفًا بِجَمِيلٍ (عَلَيْهِ) أَيْ اللَّهِ تَعَالَى. (هُوَ) أَيْ اللَّهُ تَعَالَى تَوْكِيدٌ لِهَاءِ عَلَيْهِ، أَوْ مُبْتَدَأٌ أَيْ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ الثَّنَاءُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ اللَّهُ تَعَالَى (كَمَا) الْكَافُ زَائِدٌ وَمَا مَوْصُولٌ اسْمِيٌّ خَبَرُ هُوَ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ أَيْ اللَّهُ الَّذِي (أَثْنَى) أَوْ الثَّنَاءُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الثَّنَاءُ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ حَرْفِيٌّ، وَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ صِلَتِهِ مُؤَوَّلٌ بِاسْمِ فَاعِلٍ خَبَرُ " هُوَ: عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ أَيْ اللَّهُ مُثْنٍ عَلَى نَفْسِهِ الثَّنَاءَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ، أَوْ خَبَرٌ بِلَا تَأْوِيلٍ عَلَى الثَّانِي أَيْ الثَّنَاءُ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ الْكَافُ أَصْلِيٌّ وَ " مَا " مَوْصُولٌ اسْمِيٌّ، أَوْ حَرْفِيٌّ وَالْجَارُ، وَالْمَجْرُورُ صِفَةُ ثَنَاءٍ أَيْ كَالثَّنَاءِ الَّذِي أَثْنَاهُ، أَوْ كَثَنَائِهِ (عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِطْلَاقُ لَفْظِ النَّفْسِ عَلَيْهِ تَعَالَى بِلَا مُشَاكَلَةٍ وَرَدَ فِي آيَةِ {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] وَحَدِيثِ «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِك» وَدَعْوَى الْمُشَاكَلَةِ فِيهِمَا بَعِيدَةٌ (وَنَسْأَلُهُ) أَيْ اللَّهَ تَعَالَى (اللُّطْفَ) أَيْ الرِّفْقَ وَالرَّأْفَةَ (وَالْإِعَانَةَ) أَيْ خَلْقَ فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالْكَفِّ عَنْ الْمَنْهِيَّاتِ وَكَسْبِهِمَا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْإِعَانَةِ الْمُشَارَكَةَ فِي الْفِعْلِ لِتَسْهِيلِهِ فَشَبَّهَ حُصُولَ الْفِعْلِ بَيْنَ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى خَلْقًا، وَإِيجَادًا وَقُدْرَةِ الْعَبْدِ كَسْبًا وَاخْتِيَارًا بِوُقُوعِهِ بَيْنَ قُدْرَتَيْنِ مُؤَثِّرَتَيْنِ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا بِجَامِعِ مُطْلَقِ وُقُوعِهِ بَيْنَ قُدْرَتَيْنِ وَتُنُوسِيَ التَّشْبِيهُ وَادُّعِيَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ دَاخِلٌ فِي جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَاسْتُعِيرَ لَفْظُ الْإِعَانَةِ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً أَصْلِيَّةً. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 15 فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، وَحَالِ حُلُولِ الْإِنْسَانِ فِي رَمْسِهِ. وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ   [منح الجليل] فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) تَنَازَعَ فِيهِ اللُّطْفُ، وَالْإِعَانَةُ فَأُعْمِلَ الثَّانِي فِي لَفْظِهِ لِقُرْبِهِ وَالْأَوَّلُ فِي ضَمِيرِهِ وَحُذِفَ؛ لِأَنَّهُ فَضْلُهُ (وَ) فِي (حَالِ حُلُولِ) أَصْلُهُ النُّزُولُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكْثُ لِعَلَاقَةِ السَّبَبِيَّةِ لِاحْتِيَاجِ (الْإِنْسَانِ) لَهُمَا مَا دَامَ فِي قَبْرِهِ، يُحْتَمَلُ إرَادَةُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِنْسَانِ نَفْسَهُ فَأَلْ لِلْعَهْدِ وَيُحْتَمَلُ إرَادَتُهُ بِهِ كُلَّ مُؤْمِنٍ فَهِيَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهَذَا أَوْلَى لِرَجَاءِ الْإِجَابَةِ. (فِي رَمْسِهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَإِهْمَالِ السِّينِ: أَصْلُهُ الطَّرْحُ وَالرَّمْيُ نُقِلَ لِلْمَرْمُوسِ لِعَلَاقَةِ الِاشْتِقَاقِ وَنُقِلَ مِنْهُ لِلْمَرْمُوسِ فِيهِ وَهُوَ الْقَبْرُ لِعَلَاقَةِ الْحَالِيَّةِ فَفِيهِ مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ وَذَكَرَ هَذِهِ الْحَالَةَ مَعَ دُخُولِهَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ لِشِدَّةِ احْتِيَاجِ الْإِنْسَانِ فِيهَا لِلُّطْفِ، وَالْإِعَانَةِ فَإِنَّهَا الْمَنْزِلَةُ الْأُولَى مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ وَالرِّحْلَةُ الْأُولَى صَعْبَةٌ عَلَى الْمُسَافِرِ فِي الدُّنْيَا فَكَيْفَ فِي الْآخِرَةِ. وَلَمَّا كَانَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ عِبَادِهِ فِي كُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَيْهِمْ وَلَا سِيَّمَا الْإِسْلَامُ وَشَرِيعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَأَكَّدَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَنَعَ مَعَكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ» فَلِذَا قَالَ. (وَالصَّلَاةُ) أَيْ الرَّحْمَةُ الْمَقْرُونَةُ بِالتَّعْظِيمِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلِذَا لَا يُدْعَى بِهَا لِغَيْرِ مَعْصُومٍ أَيْ يُكْرَهُ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَقِيلَ: خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالدُّعَاءُ بِاسْتِغْفَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفَسَّرَهَا ابْنُ هِشَامٍ بِالْعَطْفِ مُطْلَقًا وَفَسَّرَ عَطْفَ اللَّهِ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَعَطْفَ غَيْرِهِ بِدُعَائِهِ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ عَلَى هَذَا كَإِنْسَانٍ وَاللَّفْظِيِّ عَلَى الْأَوَّلِ كَعَيْنٍ. (وَالسَّلَامُ) أَيْ التَّحِيَّةُ وَالتَّأْمِينُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى مُحَمَّدٍ) أَصْلُهُ اسْمُ مَفْعُولِ " حَمَّدَ " بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدَ الْمِيمِ لِلتَّكْثِيرِ أَيْ الْمَحْمُودِ كَثِيرًا، أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ الْمُوَفَّقِ لِلْحَمْدِ سَمَّى بِهِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ابْنَ ابْنِهِ تَفَاؤُلًا بِذَلِكَ لَهُ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى رَجَاءَهُ وَجَعَلَهُ أَعْظَمَ الْحَامِدِينَ، وَالْمَحْمُودِينَ فَهُوَ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 16 سَيِّدِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ الْمَبْعُوثِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأُمَّتِهِ   [منح الجليل] سَيِّدِ) أَيْ شَرِيفٍ كَامِلٍ وَتَقِيٍّ فَاضِلٍ وَذِي رَأْيٍ شَامِلٍ وَحَلِيمٍ كَرِيمٍ وَفَقِيهٍ عَلِيمٍ وَرَئِيسٍ مُقَدَّمٍ (الْعَرَبِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ، أَوْ ضَمِّ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَنْ يَتَكَلَّمُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ سَجِيَّةً سَوَاءٌ سَكَنَ الْحَاضِرَةَ، أَوْ الْبَادِيَةَ وَالْأَعْرَابُ سُكَّانُ الْبَادِيَةِ الْمُتَكَلِّمُونَ بِهَا كَذَلِكَ فَهُمْ أَخَصُّ مِنْ الْعَرَبِ وَقِيلَ سُكَّانُ الْبَادِيَةِ سَوَاءٌ تَكَلَّمُوا بِهَا، أَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَجْهِيٌّ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا قَبْلَ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ الْعَرَبُ الْعَارِبَةُ وَمِنْهُمْ عَادٌ وَثَمُودُ وَقَحْطَانُ وَجُرْهُمُ وَأَخَذَ إسْمَاعِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَرَبِيَّةَ مِنْ جُرْهُمَ وَسُمِّيَتْ أَوْلَادُهُ الْعَرَبَ الْمُسْتَعْرِبَةَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُمَا أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ إسْمَاعِيلُ، وَالْمُرَادُ بِهَا عَرَبِيَّةُ قُرَيْشٍ الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا. (وَالْعَجَمِ) أَيْ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْعَجَمِيَّةِ سَجِيَّةً وَفِيهِ اللُّغَتَانِ اللَّتَانِ فِي الْعَرَبِ، وَالْأَوْلَى قِرَاءَتُهُمَا بِلُغَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْمُنَاسَبَةِ بَيْنَهُمَا. (الْمَبْعُوثِ) اسْمُ مَفْعُولِ " بَعَثَ " أَيْ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى (لِسَائِرِ) مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ بَاقِي مِنْ السُّؤْرِ بِالْهَمْزِ أَيْ الْبَقِيَّةِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى " جَمِيعِ " مَجَازًا مِنْ السُّورِ بِالْوَاوِ أَيْ الْبِنَاءِ الْمُحِيطِ بِغَيْرِهِ وَكِلَاهُمَا يَصِحُّ هُنَا فَالْأَوَّلُ بِاعْتِبَارِ إرْسَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَسَدِهِ مُبَاشَرَةً لِآخِرِ الْأُمَمِ وَالثَّانِي بِاعْتِبَارِ إرْسَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرُوحِهِ وَنِيَابَةِ الْمُرْسَلِينَ السَّابِقِينَ عَنْهُ لِجَمِيعِ (الْأُمَمِ) بِضَمِّ الْهَمْزِ جَمْعُ أُمَّةٍ كَذَلِكَ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ جَمَاعَةٍ إنْسًا وَمَلَائِكَةً وَجِنًّا وَبَهَائِمَ وَجَمَادَاتٍ إرْسَالَ تَكْلِيفٍ وَتَشْرِيفٍ لِلْإِنْسِ، وَالْجِنِّ وَتَشْرِيفٍ فَقَطْ لِلْمَلَائِكَةِ وَتَأْمِينٍ لِلْبَاقِي. (وَعَلَى آلِهِ) أَيْ أَهْلِ بَيْتِهِ (وَأَصْحَابِهِ) أَيْ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ بَعْثِهِ مُؤْمِنِينَ بِهِ (وَأَزْوَاجِهِ) أَيْ زَوْجَاتِهِ (وَذُرِّيَّتِهِ) أَيْ أَوْلَادِهِ مُبَاشَرَةً وَهُمْ سَبْعَةٌ: ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ؛ الْقَاسِمُ، وَإِبْرَاهِيمُ وَعَبْدُ اللَّهِ وَلُقِّبَ عَبْدُ اللَّهِ بِالطَّيِّبِ وَالطَّاهِرِ وَأَرْبَعُ إنَاثٍ فَاطِمَةُ وَزَيْنَبُ وَرُقَيَّةُ وَأُمُّ كُلْثُومٍ وَكُلُّهُمْ مِنْ خَدِيجَةَ إلَّا إبْرَاهِيمَ فَمِنْ مَارِيَةَ، أَوْ بِوَاسِطَةٍ وَهُمْ الْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ وَأَوْلَادُهُمَا كَذَلِكَ إلَى قُرْبِ السَّاعَةِ (وَأُمَّتِهِ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 17 أَفْضَلِ الْأُمَمِ. (وَبَعْدُ) فَقَدْ سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ أَبَانَ اللَّهُ لِي وَلَهُمْ مَعَالِمَ   [منح الجليل] قُرْبِ الْقِيَامَةِ. (أَفْضَلِ) اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْ الْفَضْلِ أَيْ الشَّرَفِ، وَالْعِظَمِ (الْأُمَمِ) أَيْ الْأَتْبَاعِ فَبَيْنَ هَذَا وَالْأُمَمِ السَّابِقَةِ جِنَاسٌ تَامٌّ بِاتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ وَتَفْسِيرُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ تَكْرَارُ الْفَاصِلَةِ وَهُوَ عَيْبٌ فِي السَّجْعِ وَأَفْضَلِيَّةُ أُمَّتِهِ عَلَى بَاقِي الْأُمَمِ لِأَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى بَاقِي الْمُرْسَلِينَ؛ إذْ التَّابِعُ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَتْبُوعِهِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (وَبَعْدُ) الْوَاوُ نَائِبَةٌ عَنْ " أَمَّا " وَ " أَمَّا " نَائِبَةٌ عَنْ " مَهْمَا يَكُنْ " وَ " بَعْدُ " ظَرْفٌ مَبْنِيٌّ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْحَرْفِ وَهِيَ الْإِضَافَةُ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ الْإِضَافَةِ بِهِ، وَحُرِّكَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَضُمَّ لِتَكْمُلَ لَهُ الْحَرَكَاتُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذُكِرَ مَعَهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ، أَوْ نُوِيَ لَفْظُهُ يُنْصَبُ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَوْ يُجَرُّ بِمِنْ بِلَا تَنْوِينٍ فَإِنْ لَمْ يُنْوَ لَفْظُهُ وَلَا مَعْنَاهُ نُصِبَ عَلَيْهَا، أَوْ جُرَّ بِمِنْ مُنَوَّنًا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ زَمَانِيٌّ بِاعْتِبَارِ النُّطْقِ وَأَنَّهُ مَكَانِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْكِتَابَةِ، وَالْمُخْتَارُ تَعَلُّقُهُ بِجَوَابِ مَهْمَا الَّتِي نَابَتْ عَنْهَا الْوَاوُ بِوَاسِطَةِ نِيَابَتِهَا عَنْ أَمَّا وَالتَّقْدِيرُ مَهْمَا يَكُنْ شَيْءٌ. (فَ) أَقُولُ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ، وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (قَدْ) تَحْقِيقِيَّةٌ (سَأَلَنِي جَمَاعَةٌ) مَالِكِيَّةٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (أَبَانَ) أَصْلُهُ أَبْيَنَ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، فَنُقِلَتْ الْفَتْحَةُ إلَى الْمُوَحَّدَةِ وَأُبْدِلَتْ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا أَصَالَةً وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا الْآنَ وَمَعْنَاهُ: أَظْهَرَ (اللَّهُ) وَهُوَ خَبَرٌ لَفْظًا إنْشَاءٌ مَعْنًى أَيْ اللَّهُمَّ أَظْهِرْ إلَخْ وَعَبَّرَ بِالْخَبَرِ لِقُوَّةِ رَجَائِهِ الْإِجَابَةَ حَتَّى كَأَنَّهَا حَصَلَتْ وَأُخْبِرَ بِهَا. (لِي) بَدَأَ فِي الدُّعَاءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا السُّنَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ رَسُولِهِ نُوحٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28] (وَلَهُمْ) أَيْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ سَأَلُونِي دَعَا لَهُمْ لِدَلَالَتِهِمْ عَلَى الْخَيْرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] (مَعَالِمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَعْلَمٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ الْعَلَامَةُ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى نَحْوِ الطَّرِيقِ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَدِلَّةُ لِتَشْبِيهِهَا بِالْمَعَالِمِ فِي الدَّلَالَةِ بِقَرِينَةِ إضَافَتِهَا إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 18 التَّحْقِيقِ، وَسَلَكَ بِنَا وَبِهِمْ أَنْفَعَ طَرِيقٍ: مُخْتَصَرًا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ   [منح الجليل] التَّحْقِيقِ) أَيْ ذِكْرِ الشَّيْءِ عَلَى الْوَجْهِ الْحَقِّ وَيُطْلَقُ عَلَى إثْبَاتِهِ بِدَلِيلٍ أَيْضًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَ التَّحْقِيقَ بِشَيْءٍ لَهُ مَعَالِمُ كَالْحَرَمِ فِي الشَّرَفِ وَتَنَاسَى التَّشْبِيهَ وَأَدْرَجَ الْمُشَبَّهَ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ وَاسْتَعَارَ اسْمَهُ لَهُ وَطَوَاهُ وَأَشَارَ لَهُ بِالْمَعَالِمِ عَلَى سَبِيلِ الْمَكْنِيَّةِ وَالتَّخَيُّلِيَّةِ فَإِنْ قِيلَ الِاسْتِدْلَال وَظِيفَةُ الْمُجْتَهِدِ، وَالْمُصَنِّفُ وَالسَّائِلُونَ مُقَلِّدُونَ فَكَيْفَ يَطْلُبُهُ لَهُ وَلَهُمْ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَنْصِبَ الْمُجْتَهِدِ الِاسْتِدْلَال عَلَى ابْتِكَارِ الْأَحْكَامِ وَاَلَّذِي طَلَبَهُ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِدْلَال عَلَى تَقْرِيرِهَا مُحَقَّقَةً. (وَسَلَكَ) أَيْ ذَهَبَ (بِنَا) أَيْ الْمُصَنِّفِ فَتَفَنَّنَ (وَبِهِمْ) أَيْ السَّائِلِينَ الْبَاءُ فِي الْمَحَلَّيْنِ لِلتَّعْدِيَةِ مُعَاقَبَةً لِلْهَمْزَةِ، وَالْجُمْلَةُ إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى أَيْ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا سَالِكِينَ وَعَبَّرَ بِالْخَبَرِ لِقُوَّةِ رَجَائِهِ الْإِجَابَةَ حَتَّى كَأَنَّهَا حَصَلَتْ وَحَكَاهَا (أَنْفَعَ) اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْ النَّفْعِ اكْتَسَبَ الظَّرْفِيَّةَ بِإِضَافَتِهِ إلَى (طَرِيقٍ) إضَافَةَ مَا كَانَ صِفَةً لِمَا كَانَ مَوْصُوفًا وَمَفْعُولُ " سَأَلَ " الثَّانِي تَأْلِيفًا (مُخْتَصَرًا) أَيْ قَلِيلَ الْأَلْفَاظِ وَجُمْلَةُ أَبَانَ إلَخْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمَفْعُولَيْنِ. (عَلَى مَذْهَبِ) مَفْعَلُ صَالِحٌ لِحَدَثِ الذَّهَابِ وَمَكَانِهِ وَزَمَانِهِ نُقِلَ مِنْ الْحَدَثِ لِلْأَحْكَامِ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا، أَوْ مِنْ مَكَانِهِ لَهَا لِلْمُشَابَهَةِ فِي الْمَكَانِيَّةِ؛ إذْ هِيَ مَكَانٌ لِذَهَابِ الْعَقْلِ، ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهَا، وَإِضَافَتُهُ إلَى (الْإِمَامِ) أَيْ الْمُقْتَدَى بِهِ لِاسْتِنْبَاطِهِ إيَّاهَا فَالْأَحْكَامُ الْمَنْصُوصَةُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَيْسَتْ مَذْهَبًا لِإِمَامٍ دُونَ آخَرَ. (مَالِكِ) أَصْلُهُ اسْمُ فَاعِلِ مَلَكَ سُمِّيَ بِهِ تَفَاؤُلًا بِمِلْكِهِ الْعُلُومَ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَصَارَ إمَامَ الْأَئِمَّةِ؛ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ لِتَرْبِيَتِهِ إيَّاهُ وَقَوْلِهِ: مَالِكٌ شَيْخِي وَعَنْهُ أَخَذْتُ الْعِلْمَ وَهُوَ الْحُجَّةُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَبِّي وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ لِأَخْذِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَالْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ أَثْبَتَ السُّيُوطِيّ أَخْذَهُ عَنْ مَالِكٍ فِي تَزْيِينِ الْمَمَالِكِ بِتَرْجَمَةِ مَالِكٍ قَالَ وَأَلَّفَ الدَّارَقُطْنِيُّ جُزْءًا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَلَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ سِنًّا وَأَقْدَمُ وَفَاةً مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 19 - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى   [منح الجليل] وَنَافِعِ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ الْقَارِي. (ابْنِ أَنَسٍ) بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ غَيْمَانَ بْنِ خُثَيْلٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ ذِي أَصْبَحَ بَطْنٍ مِنْ حِمْيَرَ وَعَادَتُهُمْ زِيَادَةُ ذِي فِي اسْمِ الْمَلِكِ فَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ، وَأَبُوهُ أَنَسٌ كَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَجَدُّ مَالِكٍ تَابِعِيٌّ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ حَمَلُوا عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُمْ وَدَفَنُوهُ لَيْلًا بِالْبَقِيعِ وَأَبُوهُ أَبُو عَامِرٍ صَحَابِيٌّ شَهِدَ الْمَغَازِيَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا بَدْرًا. وَالْإِمَامُ مَالِكٌ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَقِيلَ مِنْ التَّابِعِينَ لِإِدْرَاكِهِ عَائِشَةَ بِنْتَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قِيلَ: صَحَابِيَّةٌ وَالصَّحِيحُ لَا رَوَى الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ بِرِوَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَلَا يَجِدُونَ أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ» وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ «يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ وَرُوِيَ آبَاطَ الْإِبِلِ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ فَلَا يَجِدُونَ أَفْقَهَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ» . قَالَ سُفْيَانُ كَانُوا يَرَوْنَهُ مَالِكًا قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: يَعْنِي سُفْيَانُ بِقَوْلِهِ " كَانُوا يَرَوْنَهُ مَالِكًا " التَّابِعِينَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَيْرِ الْقُرُونِ، وَلَمْ تُشَدَّ الرِّحَالُ لِعَالِمٍ بِهَا كَمَا شُدَّتْ لَهُ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَيْهِ، فَمَتَى قَالَ الْأَئِمَّةُ: هَذَا قَوْلُ عَالِمِ الْمَدِينَةِ فَهُوَ مُرَادُهُمْ وَمَا أَفْتَى مَالِكٌ حَتَّى أَجَازَهُ أَرْبَعُونَ مُحَنَّكًا أَيْ إمَامًا وَعَنْهُ جَالَسْت ابْنَ هُرْمُزَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً فِي عِلْمٍ لَمْ أَبُثَّهُ لِأَحَدٍ، وَمَنَاقِبُهُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَثِيرَةٌ جِدًّا مُفْرَدَةٌ بِتَآلِيفَ ذَكَرَ الْحَطُّ جُمْلَةً مِنْهَا فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت. (مُبَيِّنًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً نَعْتٌ ثَانٍ لِمُخْتَصَرٍ، أَوْ إسْنَادُ الْبَيَانِ لَهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ (لِمَا) أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي تَجِبُ (بِهِ الْفَتْوَى) أَيْ الْإِخْبَارُ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ بِلَا إلْزَامٍ، وَالْقَضَاءُ أَيْ الْإِخْبَارِيَّةُ بِإِلْزَامٍ، وَالْعَمَلُ بِهِ فِي خَاصَّةِ النَّفْسِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي كَثُرَ قَائِلُوهُ وَالرَّاجِحُ الَّذِي قَوِيَ دَلِيلُهُ فَتَحْرُمُ الْفَتْوَى، وَالْقَضَاءُ، وَالْعَمَلُ بِالشَّاذِّ وَالضَّعِيفِ وَيُقَدَّمُ تَقْلِيدُ نَحْوِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ عَلَى الْعَمَلِ بِالشَّاذِّ وَالضَّعِيفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ قَالَهُ مُتَأَخِّرُو الْمِصْرِيِّينَ وَقَالَ مُتَأَخِّرُو الْمَغَارِبَةِ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِهِمَا عَلَى التَّقْلِيدِ عِنْدَهُمَا اقْتِصَارًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَتَمَسُّكًا بِهِ مَا أَمْكَنَ، وَفِي تَلْفِيقِ الْعِبَادَةِ، أَوْ الْمُعَامَلَةِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ خِلَافٌ نَقَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 20 فَأَجَبْتُ سُؤَالَهُمْ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ، مُشِيرًا بِ " فِيهَا "   [منح الجليل] الْعَدَوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الصَّغِيرِ جَوَازَهُ وَهِيَ فُسْحَةٌ. (فَأَجَبْتُ) أَيْ بِالشُّرُوعِ فِي الْمُخْتَصَرِ إنْ كَانَتْ الْخُطْبَةُ سَابِقَةً عَلَيْهِ وَبِتَتْمِيمِهِ إنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ (سُؤَالَهُمْ) زَادَ لَفْظَ سُؤَالٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَنَّهُ أَتَى بِهِ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الثَّلَاثَةِ؛ الِاخْتِصَارِ، وَكَوْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى. (بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ) صِلَةُ أَجَبْت أَيْ طَلَبَ مَا هُوَ خَيْرٌ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فِي وَقْتٍ يَحِلُّ النَّفَلُ فِيهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ بِ: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68] ، وَالْكَافِرُونَ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى، وَبِ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] ، وَالْإِخْلَاصِ كَذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ. وَالدُّعَاءُ بَعْدَ السَّلَامِ «بِاللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّك تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ وَأَرْضِنِي بِهِ فَإِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» . وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِ الِاسْتِغْفَارَ وَحَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَمْضِي لِمَا يَنْشَرِحُ صَدْرُهُ إلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ، أَوْ تَرْكٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْشَرِحْ لِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَلْيُكَرِّرْهَا إلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ وَيَنْوِي مَا يَسْتَخِيرُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ " هَذَا الْأَمْرَ " وَإِنْ شَاءَ صَرَّحَ بِهِ عَقِبَهُ هَذِهِ كَيْفِيَّةُ الِاسْتِخَارَةِ الَّتِي كَانَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُهَا لِأَصْحَابِهِ كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ مِنْ الذَّخَائِرِ الَّتِي ادَّخَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَأُمَّتِهِ فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ هَمَّ بِأَمْرٍ تَرْكُهَا. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ اسْتِخَارَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْ شِقْوَتِهِ تَرْكُهُ الِاسْتِخَارَةَ» ، ثُمَّ بَيَّنَ مَعَانِيَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَرَادَ اسْتِعْمَالَهَا فِيمَا يَأْتِي لِيَعْلَمَهَا النَّاظِرُ فِي كِتَابِهِ وَيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي نَظَرِهِ فَقَالَ: (مُشِيرًا) حَالٌ مِنْ تَاءِ " أَجَبْتُ " مَنْوِيَّةً أَيْ نَاوِيًا الْإِشَارَةَ (بِفِيهَا) أَيْ هَذَا اللَّفْظِ وَنَحْوِهِ مِنْ كُلِّ ضَمِيرِ غَيْبَةٍ مُؤَنَّثٍ عَائِدٍ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَبَّرَ بِفِيهَا عَنْ كُلِّ ذَلِكَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 21 لِلْمُدَوَّنَةِ، وَبِ " أُوِّلَ " إلَى اخْتِلَافِ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا وَبِ الِاخْتِيَارِ لِلَّخْمِيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ هُوَ فِي نَفْسِهِ   [منح الجليل] وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ شَامِلٌ لِضَمِيرِ نَحْوِ حَمَّلْت وَأَوَّلْت وَقَيَّدْت وَظَاهِرُهَا وَأُقِيمُ مِنْهَا، وَصِلَةُ " مُشِيرًا " (لِلْمُدَوَّنَةِ) أَيْ الْمَسَائِلِ الَّتِي دَوَّنَهَا قَاضِي الْقَيْرَوَانِ أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَتُسَمَّى الْأَسَدِيَّةَ وَالْمُخْتَلِطَةَ، وَتَلَطَّفَ سَحْنُونٌ بِابْنِ الْفُرَاتِ حَتَّى أَخَذَهَا مِنْهُ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَّبَهَا وَنَقَّحَهَا وَرَتَّبَهَا وَاخْتَصَرَهَا الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ أَبُو سَعِيدٍ الْبَرَادِعِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ، أَوْ الْمُعْجَمَةِ وَسَمَّاهُ التَّهْذِيبَ وَاشْتُهِرَ بِاسْمِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِهَا وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ. (وَ) مُشِيرًا (بِ أُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا أَيْ بِمَادَّتِهِ لِيَشْمَلَ " تَأْوِيلَانِ " وَ " تَأْوِيلَاتٌ " وَ " أَوَّلْت " (إلَى اخْتِلَافِ شَارِحِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ شَارِحٍ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، وَالْمُرَادُ شَارِحُ مَحَلِّ الْخِلَافِ شَرَحَ بَاقِيَهَا أَوْ لَا، وَصِلَةُ اخْتِلَافٍ (فِي فَهْمِهَا) أَيْ الْمُرَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَصْلُ التَّأْوِيلِ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ الْمَعْنَى الظَّاهِرِ مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ إبْقَاءَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَتَصِيرُ مَفْهُومَاتُهُمْ مِنْهَا أَقْوَالًا فِي الْمَذْهَبِ يُعْمَلُ وَيُفْتَى وَيُقْضَى بِأَيِّهَا إنْ اسْتَوَتْ، وَإِلَّا فَبِالرَّاجِحِ، أَوْ الْأَرْجَحِ وَسَوَاءٌ وَافَقَتْ أَقْوَالًا سَابِقَةً عَلَيْهَا مَنْصُوصَةً لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ. فَإِنْ قِيلَ الْمُدَوَّنَةُ لَيْسَتْ قُرْآنًا وَلَا أَحَادِيثَ صَحِيحَةً فَكَيْفَ تُسْتَنْبَطُ الْأَحْكَامُ مِنْهَا قِيلَ: إنَّهَا كَلَامُ أَئِمَّةٍ مُجْتَهِدِينَ عَالِمِينَ بِقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ، وَالْعَرَبِيَّةِ مُبَيِّنِينَ لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَدْلُولُ كَلَامِهِمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَلَّدَهُمْ مَنْطُوقًا كَانَ، أَوْ مَفْهُومًا، صَرِيحًا كَانَ أَوْ إشَارَةً فَكَلَامُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَالْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ. (وَ) مُشِيرًا (بِالِاخْتِيَارِ) أَيْ مَادَّتِهِ كَانَتْ بِصِيغَةِ اسْمٍ أَوْ فِعْلٍ (لِ) اخْتِيَارِ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيٍّ (اللَّخْمِيِّ) لَكِنْ إنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ (بِصِيغَةِ الْفِعْلِ) كَ اخْتَارَ (فَذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِيَارُ إشَارَةٌ (لِاخْتِيَارِهِ) أَيْ اللَّخْمِيِّ (هُوَ) تَوْكِيدٌ لِلْهَاءِ (فِي نَفْسِهِ) أَيْ بِاجْتِهَادِهِ وَاسْتِنْبَاطِهِ مِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ لَا مِنْ أَقْوَالٍ سَابِقَةٍ عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 22 وَبِالِاسْمِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ، وَبِ " التَّرْجِيحِ " لِابْنِ يُونُسَ كَذَلِكَ وَبِ " الظُّهُورِ " لِابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ وَبِ " الْقَوْلِ " لِلْمَازِرِيِّ كَذَلِكَ   [منح الجليل] (وَ) إنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ (بِ) صِيغَةِ (الِاسْمِ) كَالْمُخْتَارِ (فَذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِيَارُ إشَارَةٌ (لِاخْتِيَارِهِ) أَيْ اللَّخْمِيِّ ذَلِكَ الْقَوْلَ (مِنْ الْخِلَافِ) الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ الِاخْتِيَارُ بِمَادَّتِهِ، أَوْ التَّصْحِيحِ، أَوْ التَّرْجِيحِ أَوْ الِاسْتِحْسَانِ، أَوْ غَيْرِهَا. (وَ) مُشِيرًا (بِالتَّرْجِيحِ) أَيْ مَادَّتِهِ بِصِيغَةِ فِعْلٍ، أَوْ اسْمٍ (لِ) تَرْجِيحِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ يُونُسَ) وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ التَّرْجِيحُ بِمَادَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا حَالَ كَوْنِهِ (ذَلِكَ) أَيْ الِاخْتِيَارَ فِي أَنَّهُ كَانَ بِفِعْلٍ فَهُوَ لِتَرْجِيحِهِ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِاسْمٍ فَهُوَ لِتَرْجِيحِهِ مِنْ خِلَافٍ. (وَ) مُشِيرًا (بِالظُّهُورِ) أَيْ مَادَّتِهِ فِي اسْمٍ، أَوْ فِعْلٍ (لِ) اسْتِظْهَارِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ (بْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الِاخْتِيَارِ وَالتَّرْجِيحِ فِي أَنَّ الِاسْمَ لِمَا كَانَ مِنْ خِلَافٍ، وَالْفِعْلَ لِمَا كَانَ مِنْ النَّفْسِ. (وَ) مُشِيرًا (بِالْقَوْلِ) أَيْ مَادَّتِهِ فِي اسْمٍ، أَوْ فِعْلٍ (لِ) تَرْجِيحِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ (الْمَازِرِيِّ) نِسْبَةً لِمَازَرَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا مَدِينَةٍ بِجَزِيرَةِ صِقِلِّيَةَ تُسَمَّى الْآنَ سَلِيلَةَ قُرْبَ مَالِطَةَ أَعَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلْإِسْلَامِ. (كَذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ فِي أَنَّ الْفِعْلَ لِمَا مِنْ النَّفْسِ وَالِاسْمَ لِمَا مِنْ خِلَافٍ وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى التَّجَدُّدِ فَنَاسَبَ مَا كَانَ مِنْ النَّفْسِ، وَالِاسْمَ هُنَا مُرَادٌ مِنْهُ الدَّوَامُ فَهُوَ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ فَنَاسَبَ مَا كَانَ مِنْ خِلَافٍ قَدِيمٍ وَلَمْ يُرَتِّبْ الْمُصَنِّفُ الْأَشْيَاخَ عَلَى حَسَبِ تَرَتُّبِهِمْ فِي الْوُجُودِ؛ إذْ أَوَّلُهُمْ فِيهِ ابْنُ يُونُسَ. تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ، وَإِحْدَى وَخَمْسِينَ، ثُمَّ اللَّخْمِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ ابْنُ رُشْدٍ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ، ثُمَّ الْمَازِرِيُّ تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَخَصَّهُمْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّفِقْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا اتَّفَقَ لَهُمْ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 23 وَحَيْثُ قُلْت " خِلَافٌ " فَذَلِكَ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ، وَحَيْثُ ذَكَرْتُ قَوْلَيْنِ أَوْ أَقْوَالًا فَذَلِكَ لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ.   [منح الجليل] وَخَصَّ ابْنَ يُونُسَ بِالتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ اجْتِهَادِهِ فِي تَرْجِيحِ بَعْضِ أَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَاخْتِيَارُهُ مِنْ نَفْسِهِ قَلِيلٌ وَاللَّخْمِيَّ بِالِاخْتِيَارِ لِكَثْرَتِهِ مِنْهُ وَابْنَ رُشْدٍ بِالظُّهُورِ لِقَوْلِهِ كَثِيرًا: ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ كَذَا وَظَاهِرُ سَمَاعِ فُلَانٍ كَذَا، وَالْمَازِرِيَّ بِالْقَوْلِ لِقُوَّةِ عَارِضَتِهِ فِي الْعُلُومِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُجْتَهِدِينَ حَتَّى صَارَ صَاحِبَ قَوْلٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. (وَحَيْثُ) ظَرْفُ زَمَانٍ، أَوْ مَكَان مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ فِي مَحَلِّ رَفْعِ مُبْتَدَأٍ أَيْ وَكُلُّ وَقْتٍ، أَوْ مَكَان (قُلْتُ) فِيهِ (خِلَافٌ) أَيْ هَذَا اللَّفْظَ، وَرَفَعَهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ يَنْصِبُ الْمُفْرَدَ الْمُرَادَ مِنْهُ لَفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشِرْ بِهِ إلَّا مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ، وَخَبَرِهِ مَذْكُورًا وَمَحْذُوفًا فَقَصَدَ حِكَايَتَهُ هُنَا. (فَذَلِكَ) أَيْ لَفْظُ خِلَافٍ إشَارَةٌ (لِلِاخْتِلَافِ) بَيْنَ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (فِي التَّشْهِيرِ) لِتِلْكَ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ مَعَ تَسَاوِي الْمُخْتَلِفِينَ فِي التَّشْهِيرِ فِي الرُّتْبَةِ وَسَوَاءٌ شَهَّرُوا بِمَادَّةِ التَّشْهِيرِ، أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْمُرَجِّحُونَ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْأَقْوَى عُلِمَ هَذَا مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ غَالِبًا وَقَدْ يُصَدِّرُ بِالْأَقْوَى وَيَذْكُرُ بَعْدَهُ غَيْرَهُ كَقَوْلِهِ الذَّكَاةُ قَطْعُ مُمَيِّزٍ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ، ثُمَّ قَالَ وَشُهِّرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ، وَالْوَدَجَيْنِ. (وَحَيْثُ) أَيْ وَكُلَّ زَمَانٍ أَوْ مَكَان (ذَكَرْتُ) فِيهِ (قَوْلَيْنِ وَأَقْوَالًا) بِمَادَّةِ الْقَوْلِ، أَوْ غَيْرِهَا نَحْوُ هَلْ كَذَا، أَوْ كَذَا؟ قَوْلَانِ أَوْ أَقْوَالٌ وَنَحْوُ هَلْ كَذَا؟ ثَالِثُهَا كَذَا وَرَابِعُهَا كَذَا. (فَذَلِكَ) أَيْ ذِكْرُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْأَقْوَالِ إشَارَةٌ (لِعَدَمِ اطِّلَاعِي فِي الْفَرْعِ) أَيْ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِعَمَلٍ قَلْبِيٍّ كَالنِّيَّةِ، أَوْ غَيْرِهِ كَالطَّهَارَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَصِلَةُ اطِّلَاعٍ (عَلَى أَرْجَحِيَّةٍ مَنْصُوصَةٍ) لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ يَاؤُهُ لِلْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ كَوْنُ بَعْضِ الْأَقْوَالِ رَاجِحًا عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 24 وَأَعْتَبِرُ مِنْ الْمَفَاهِيمِ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فَقَطْ   [منح الجليل] غَيْرِهِ بِأَنْ اسْتَوَتْ فِي عَدَمِ التَّرْجِيحِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ مُسْتَعْمَلٌ فِي غَيْرِ مَعْنَاهُ فَإِنْ اسْتَوَتْ فِي التَّرْجِيحِ عَبَّرَ عَنْهَا بِخِلَافٍ، وَإِنْ انْفَرَدَ بَعْضُهَا بِهِ، أَوْ زَادَ فِيهِ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ غَالِبًا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى، وَقَوْلُهُ وَحَيْثُ قُلْت خِلَافٌ إلَخْ (وَأَعْتَبِرُ) أَيْ أُنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْمَنْطُوقِ (مِنْ الْمَفَاهِيمِ) جَمْعُ مَفْهُومٍ أَيْ مَعْنًى دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ، صِلَةُ أَعْتَبِرُ (مَفْهُومَ الشَّرْطِ) ، أَوْ حَالٌ مِنْهُ فِي انْصِرَافِ الْقُيُودِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِمَا إلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا مَفْهُومَ الصِّفَةِ، وَالْعِلَّةِ وَظَرْفِ الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ وَالْعَدَدِ وَاللَّقَبِ. وَيَعْتَبِرُ مَفْهُومَ الْحَصْرِ وَالْغَايَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ بِالْأَوْلَى لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا مِنْ الْمَنْطُوقِ أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظٌ مَنْطُوقٌ بِهِ فَالْحَصْرُ إضَافِيٌّ، وَالْمَفْهُومُ قِسْمَانِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْطُوقِ بِالْأَوْلَى كَتَحْرِيمِ ضَرْبِ الْوَالِدَيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وَيُسَمَّى فَحْوَى الْخِطَابِ أَوْ بِالْمُسَاوَاةِ كَتَحْرِيمِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] الْآيَةَ، وَيُسَمَّى لَحْنَ الْخِطَابِ. وَمَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَهُوَ عَشَرَةُ أَقْسَامٍ: مَفْهُومُ الْحَصْرِ بِالنَّفْيِ وَالِاسْتِثْنَاءِ نَحْوُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ، بِإِنَّمَا نَحْوُ {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] ، وَمَفْهُومُ الْغَايَةِ نَحْوُ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] ، وَمَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ نَحْوُ {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: 2 - 3] ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ نَحْوُ {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: 7] ، وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ نَحْوُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] ، وَمَفْهُومُ الصِّلَةِ نَحْوُ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} [الفتح: 2] ، وَمَفْهُومُ الزَّمَانِ نَحْوُ {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] ، وَالْمَكَانِ نَحْوُ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] ، وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ نَحْوَ {ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] ، وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ أَيْ الِاسْمِ الْجَامِدِ نَحْوُ {أَرْسَلْنَا نُوحًا} [نوح: 1] ، وَكُلُّهَا حُجَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إلَّا هَذَا فَاحْتَجَّ بِهِ الدَّقَّاقُ الشَّافِعِيُّ وَابْن خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمَالِكِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَجَمَعَ ابْنُ غَازِيٍّ أَنْوَاعَ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: صِفْ وَاشْتَرِطْ عَلِّلْ وَلَقِّبْ ثُنْيَا ... وَعُدَّ ظَرْفَيْنِ وَحَصْرٌ أُغْيَا قَوْلُهُ ثُنْيَا أَيْ اسْتِثْنَاءٌ، وَقَوْلُ أُغْيَا أَيْ غَايَةٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 25 وَأُشِيرُ بِ " صُحِّحَ " أَوْ " اُسْتُحْسِنَ " إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتُهُمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَظْهَرَهُ وَبِ " التَّرَدُّدِ " لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ أَوْ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ   [منح الجليل] وَأُشِيرُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ (بِ صُحِّحَ وَاسْتُحْسِنَ) مَبْنِيَّيْنِ لِلْمَجْهُولِ (إلَى أَنَّ شَيْخًا) مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ الصَّادِقِ بِنَفْسِ الْمُصَنِّفِ خَلِيلٍ فَقَدْ يُشِيرُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ بِهَذَا إلَى تَصْحِيحِ وَاسْتِحْسَانِ نَفْسِهِ فِي تَوْضِيحِهِ (غَيْرَ) الْأَرْبَعَةِ (الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ) فِي قَوْلِي وَبِالِاخْتِيَارِ لِلَّخْمِيِّ إلَخْ كَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنِ الْحَاجِبِ. (صَحَّحَ هَذَا) أَيْ الْحُكْمَ الْمَقْرُونَ بِ صُحِّحَ أَوْ اُسْتُحْسِنَ مِنْ الْخِلَافِ (أَوْ اسْتَظْهَرَهُ) مِنْ نَفْسِهِ يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يُشِيرُ بِ صُحِّحَ لِمَا كَانَ مِنْ خِلَافٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْمُصَحَّحِ وَبِ اُسْتُحْسِنَ لِمَا كَانَ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِكُلٍّ لِكُلٍّ. (وَ) أُشِيرُ (بِالتَّرَدُّدِ) لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا (لِتَرَدُّدِ) جِنْسِ (الْمُتَأَخِّرِينَ) الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ وَهُمْ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ طَبَقَةُ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ هُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ مُطْلَقًا (فِي النَّقْلِ) أَيْ الْحُكْمِ الْمَنْقُولِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ كَنَقْلِهِمْ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ حُكْمًا فِي نَازِلَةٍ فِي بَابٍ وَنَقْلِهِمْ عَنْهُ حُكْمًا آخَرَ فِيهَا فِي بَابٍ آخَرَ وَكَنَقْلِ بَعْضِهِمْ عَنْهُ حُكْمًا فِي نَازِلَةٍ وَنَقْلِ بَعْضِهِمْ الْآخَرِ حُكْمًا آخَرَ فِيهَا وَكَنَقْلِ بَعْضِهِمْ اتِّفَاقَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى حُكْمٍ فِي نَازِلَةٍ وَنَقْلِ غَيْرِهِ عَنْهُمْ الِاخْتِلَافَ فِيهَا وَسَبَبُ ذَلِكَ إمَّا اخْتِلَافُ قَوْلِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ أَوْ الِاخْتِلَافُ فِي مَعْنَى كَلَامِهِ. (أَوْ) الْحُكْمِ الَّذِي اسْتَنْبَطُوهُ (لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ) عَلَيْهِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ لِعَدَمِ مَعْطُوفًا عَلَى التَّرَدُّدِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَوْ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ لَا تَرَدُّدَ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ فَالْمَعْطُوفُ الْحُكْمُ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَالتَّرَدُّدُ فِي الْحُكْمِ إنْ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ فَمَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ، أَوْ اخْتِلَافُ الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُتَعَدِّدٍ فَمَعْنَاهُ اخْتِلَافُ الِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَامَةً مُمَيِّزَةً بَيْنَ التَّرَدُّدَيْنِ، وَالْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ كَثِيرٌ وَالثَّانِي قَلِيلٌ كَقَوْلِهِ: وَفِي خُفٍّ غُصِبَ تَرَدُّدٌ، وَفِي رَابِغٍ تَرَدُّدٌ، وَفِي إجْزَاءِ مَا وُقِفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ، وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ بِخِيَارٍ تَرَدُّدٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 26 وَبِ " لَوْ " إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ، وَاَللَّهَ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ، أَوْ قَرَأَهُ أَوْ حَصَّلَهُ أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا مِنْ الزَّلَلِ، وَيُوَفِّقُنَا فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، ثُمَّ أَعْتَذِرُ لِذَوِي الْأَلْبَابِ،   [منح الجليل] (وَ) أُشِيرُ غَالِبًا (بِلَوْ) مَسْبُوقَةٍ بِوَاوِ النِّكَايَةِ وَلَا جَوَابَ لَهَا نَحْوُ قَوْلِهِ، أَوْ بِمَطْرُوحٍ وَلَوْ قَصْدًا (إلَى) وُجُودِ (خِلَافٍ) بِالتَّنْوِينِ (مَذْهَبِيٍّ) كَذَلِكَ، نَعْتُ " خِلَافٍ " أَيْ مَنْسُوبٍ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِوُقُوعِهِ فِيهِ إذَا كَانَ قَوِيًّا، وَإِلَّا فَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ عُلِمَ هَذَا مِنْ اسْتِقْرَاءِ كَلَامِهِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ، تَعْبِيرُهُ بِلَوْ لِمُجَرَّدِ الْمُبَالَغَةِ وَوَقَعَ لِلْمُصَنَّفِ عَكْسُ هَذَا فِي " إنْ " فَاسْتَعْمَلَهَا فِي مُجَرَّدِ الْمُبَالَغَةِ غَالِبًا وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ غَيْرِ الْمَذْهَبِيِّ قَلِيلًا. (وَاَللَّهَ) أَيْ لَا غَيْرَهُ بِقَرِينَةِ التَّقْدِيمِ (أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ) أَيْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ (مَنْ) مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ (كَتَبَهُ) أَيْ الْمُخْتَصَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ (أَوْ قَرَأَهُ) أَيْ الْمُخْتَصَرَ لِيَحْفَظَهُ، أَوْ يَفْهَمَهُ أَوْ لِيَفْهَمْهُ، أَوْ يَتَفَهَّمْهُ (أَوْ حَصَّلَهُ) أَيْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَحَازَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ اسْتِعَارَةٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ (أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ) أَيْ بَعْضٍ (مِنْهُ) أَيْ الْمُخْتَصَرِ بِكِتَابَةٍ، أَوْ قِرَاءَةٍ، أَوْ تَحْصِيلٍ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْهَا، أَوْ الثَّلَاثَةِ، أَوْ بِغَيْرِهَا كَإِعَانَةِ كَاتِبِهِ، أَوْ قَارِئِهِ، أَوْ مُحَصِّلِهِ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ، وَشُهْرَتُهُ، وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ وَكَثْرَةُ الِاشْتِغَالِ بِهِ فِي جَمِيعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ دَلَائِلُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا السُّؤَالَ. (وَاَللَّهُ يَعْصِمُنَا) أَيْ يَحْفَظُنَا (مِنْ الزَّلَلِ) أَصْلُهُ الْوُقُوعُ فِي نَحْوِ الْوَحْلِ وَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْخَطَأِ لِتَشْبِيهِهِ بِهِ فِي تَرَتُّبِ النَّقْصِ عَلَى كُلٍّ وَاسْتَعَارَهُ لَهُ بَعْدَ التَّنَاسِي، وَالْإِدْرَاجُ عَلَى سَبِيلِ التَّصْرِيحِيَّةِ وَالْقَرِينَةُ حَالِيَّةٌ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى أَيْ اللَّهُمَّ اعْصِمْنَا مِنْ الْخَطَأِ (وَيُوَفِّقُنَا) أَيْ يَخْلُقُ فِينَا كَسْبَ الطَّاعَةِ (فِي الْقَوْلِ، وَالْعَمَلِ) أَيْ كُلِّ أَقْوَالِنَا وَأَعْمَالِنَا الَّتِي مِنْهَا تَأْلِيفُ هَذَا الْكِتَابِ الْخَطِرِ. (ثُمَّ أَعْتَذِرُ) أَيْ أُظْهِرُ عُذْرِي (لِذَوِي) أَيْ أَصْحَابِ (الْأَلْبَابِ) جَمْعُ لُبٍّ بِضَمِّ اللَّامِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَقْلٍ كَامِلٍ وَهُوَ نُورٌ رُوحَانِيٌّ بِالْقَلْبِ وَشُعَاعُهُ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ آلَةٌ لِلنَّفْسِ فِي إدْرَاكِ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ وَالنَّظَرِيَّةِ يَبْتَدِيهِ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ نَفْخِ الرُّوحِ فِي الْجَنِينِ وَيُتِمُّهُ عِنْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 27 مِنْ التَّقْصِيرِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَأَسْأَلُ بِلِسَانِ التَّضَرُّعِ وَالْخُشُوعِ وَخِطَابِ التَّذَلُّلِ وَالْخُضُوعِ: أَنْ يَنْظُرَ بِعَيْنِ الرِّضَا وَالصَّوَابِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ كَمَّلُوهُ،   [منح الجليل] كَمَالِ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً وَخَصَّهُمْ بِهِ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَقْبَلُونَهُ لِكَمَالِ إيمَانِهِمْ، وَصِلَةُ " أَعْتَذِرُ " (مِنْ) تَعْلِيلِيَّةٌ (التَّقْصِيرِ) مَصْدَرُ قَصَّرَ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَرْكِ الشَّيْءِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَأَرَادَ بِهِ لَازِمَهُ أَيْ الْخَلَلَ (الْوَاقِعِ) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ الْوُقُوعُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الَّذِي وَقَعَ بِالْفِعْلِ وَعَلِمَهُ؛ إذْ هَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ تَرْكُهُ وَالِاعْتِذَارُ مِنْهُ، وَصِلَةُ " الْوَاقِعِ " (فِي هَذَا الْكِتَابِ) الْعَظِيمِ، وَالْخَطْبِ الْجَسِيمِ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى مِثْلِهِ إلَّا بِإِمْدَادٍ إلَهِيٍّ وَتَوْفِيقٍ رَبَّانِيٍّ فَيَغْتَفِرُونَ لِي مَا لَعَلَّهُ يُوجَدُ فِيهِ مِنْ الْهَفَوَاتِ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ الْفُرُوعِ الْغَرِيبَةِ، وَالْمَسَائِلِ، وَالْمُهِمَّاتِ الْعَجِيبَةِ فَإِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. (وَأَسْأَلُ) حَذَفَ الْمَسْئُولَ اخْتِصَارًا لِعِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ أَيْ أَسْأَلُهُمْ (بِلِسَانِ) ذِي (التَّضَرُّعِ) الْخُشُوعِ، أَوْ الْمَصْدَرُ بِمَعْنَى الْمُتَضَرِّعِ لِعَلَاقَةِ الِاشْتِقَاقِ، أَوْ جَعَلَ ذَاتَهُ تَضَرُّعًا مُبَالَغَةً فِي اتِّصَافٍ بِهِ، أَوْ شَبَّهَهُ بِإِنْسَانٍ فِي الِاسْتِدْعَاءِ وَأَثْبَتَ لَهُ اللِّسَانَ تَخْيِيلًا عَلَى طَرِيقِ الْمَكْنِيَّةِ وَالتَّخَيُّلِيَّةِ، أَوْ الْإِضَافَةِ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (وَالْخُشُوعِ وَخِطَابِ) أَيْ كَلَامٍ مَقْصُودٍ بِهِ الْإِفْهَامُ أَوْ صَالِحٍ لَهُ ذِي (التَّذَلُّلِ) وَتَجْرِي فِيهِ بَقِيَّةُ الْأَوْجُهِ السَّابِقَةِ أَيْضًا فِي لِسَانِ التَّضَرُّعِ. (وَالْخُضُوعِ) وَالْخِطَابُ مَحَلُّ إطْنَابٍ فَلَا بَأْسَ بِجَمْعِ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَرَادِفَةِ فِيهَا وَتَفَنَّنَ بِإِضَافَةِ اللِّسَانِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ لِلتَّضَرُّعِ، وَالْخِطَابِ بِمَعْنَاهُ لِلتَّذَلُّلِ وَثَانِي مَفْعُولَيْ " أَسْأَلُ " (أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُنْظَرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ النَّظَرَ فِيهِ (بِعَيْنِ) ذِي (الرِّضَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَفِيهِ بَقِيَّةُ الْأَوْجُهِ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ أَيْضًا (وَالصَّوَابِ) أَيْ الْإِنْصَافِ. (فَمَا) الْفَاءُ تَفْرِيعِيَّةٌ وَمَا شَرْطِيَّةٌ وَ (كَانَ) تَامَّةٌ وَفَاعِلُهَا عَائِدٌ عَلَى مَا وَ (مِنْ نَقْصٍ) بَيَانٌ لِمَا أَيْ إسْقَاطُ لَفْظٍ مُخِلٍّ بِالْمُرَادِ (كَمَّلُوهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ مَا وَبِكَسْرِهَا فِعْلُ أَمْرٍ لِعَدَمِ الْفَاءِ الرَّابِطَةِ لَهُ بِالشَّرْطِ وَمُرَادُهُ بِهِ الْإِتْيَانُ بِاللَّفْظِ النَّاقِصِ فَالنَّقْصُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 28 وَمِنْ خَطَأٍ أَصْلَحُوهُ، فَقَلَّمَا يَخْلُصُ مُصَنَّفٌ مِنْ الْهَفَوَاتِ، أَوْ يَنْجُو مُؤَلِّفٌ مِنْ الْعَثَرَاتِ.   [منح الجليل] مَعْنَاهُ النَّاقِصُ، أَوْ الْمَنْقُوصُ مِنْهُ لِعَلَاقَةِ الِاشْتِقَاقِ فِيهِمَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ تَكْمِيلَ النَّقْصِ بِحَذْفِ بَاقِي الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ كَلِمَةً أَوْ الْكَلِمَةِ النَّاقِصَةِ حَرْفًا مَثَلًا وَلَا تَكْمِيلَ الْأَحْكَامِ بِذِكْرِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لِمُنَافَاةِ هَذَا لِلِاخْتِصَارِ وَعَدَمِ تَنَاهِيهِ. (وَ) مَا كَانَ (مِنْ خَطَأٍ) فِي الْمَعْنَى، وَالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْكَلَامِ (أَصْلَحُوهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ فِعْلٌ مَاضٍ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ، أَوْ الْحَاشِيَةِ، أَوْ التَّقْرِيرِ بِأَنَّهُ سَهْوٌ، أَوْ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ كَذَا هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ كَذَا، أَوْ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ لَا بِتَغْيِيرٍ فِي صُلْبِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَا فِيهِ هُوَ الصَّوَابَ وَمَا فَهِمَهُ النَّاظِرُ خِلَافَهُ فَيَلْزَمُ إبْدَالُ الصَّوَابِ بِالْخَطَأِ قَالَ اللَّهُ {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ} [الأحقاف: 11] . وَقَالَ الشَّاعِرُ: وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلًا صَحِيحًا ... وَآفَتُهُ مِنْ الْفَهْمِ السَّقِيمِ وَالْحَذَرُ مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ مِثْلِ الْمُصَنِّفِ؛ إذْ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى (فَقَلَّ) الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ وَقَلَّ لِلنَّفْيِ (مَا) حَرْفٌ كَافٌّ لِ قَلَّ عَنْ طَلَبِ الْفَاعِلِ أَيْ لَا (يَخْلُصُ) أَيْ يَسْلَمُ (مُصَنِّفٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُؤَلِّفٌ وَصِلَةُ " يَخْلُصُ " (مِنْ الْهَفَوَاتِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَالْفَاءِ جَمْعُ هَفْوَةٍ أَيْ خَطَأٍ فِي الْمَعَانِي. (أَوْ يَنْجُو مُؤَلِّفٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً وَصِلَةُ " يَنْجُو " (مِنْ الْعَثَرَاتِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ عَثْرَةٍ أَيْ سَقْطَةٍ أَرَادَ بِهَا الْخَطَأَ فِي الْأَلْفَاظِ وَتَرْكِيبِهَا وَيَحْتَمِلُ الْعَكْسَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْخَطْبُ مَحَلُّ إطْنَابٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ النِّسْيَانِ وَالْقَلْبُ يَتَقَلَّبُ فِي كُلِّ آنٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ " قَلَّ " لِلتَّقْلِيلِ وَ " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ، وَالْمَصْدَرَ فَاعِلُ " قَلَّ " أَيْ قَلَّ خُلُوصُ إلَخْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 29 (بَابٌ) يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ بِالْمُطْلَقِ، وَهُوَ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ   [منح الجليل] [بَابٌ يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ] (بَابٌ) أَيْ أَلْفَاظٌ مَخْصُوصَةٌ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ أَحْكَامُ الطَّهَارَةِ وَمَا يُنَاسِبُهَا وَهِيَ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا بِالْمَاءِ، أَوْ الصَّعِيدِ وَهَذَا هُوَ الْمُكَلَّفُ بِهِ وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى صِفَةٍ تَقْدِيرِيَّةٍ شَرْطٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا أَيْ يُقَدِّرُ الشَّارِعُ قِيَامَهَا بِالْحَيِّ، وَالْجَمَادِ غَيْرِ الْمُسْكِرِ وَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَبِالْآدَمِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ عِنْدَ رَفْعِ الْمَانِعِ عَنْهُ بِمَا ذُكِرَ. (يُرْفَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ يُزَالُ (الْحَدَثُ) أَيْ الْوَصْفُ الْمَانِعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الْمُقَدَّرُ شَرْعًا قِيَامُهُ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ، أَوْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَقَطْ عِنْدَ مُوجِبِهِ. (وَحُكْمُ) أَيْ الْوَصْفُ الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا قِيَامُهُ بِ (الْخَبَثِ) أَيْ ذَاتِ النَّجَاسَةِ وَمَا تَلَطَّخَ بِهَا مِنْ بَدَنِ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ وَصِلَةُ " يُرْفَعُ " (بِالْمُطْلَقِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَصْلُهُ مَفْعُولُ " أَطْلَقَ "، ثُمَّ نُقِلَ شَرْعًا لِجِنْسِ الْمَاءِ الطَّهُورِ، وَالرَّفْعُ إمَّا غُسْلٌ، أَوْ مَسْحٌ أَوْ نَضْحٌ، وَالْمَسْحُ إمَّا أَصْلِيٌّ كَمَسْحِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِمَّا بَدَلِيٌّ وَهَذَا إمَّا اخْتِيَارِيٌّ كَمَسْحِ الْخُفِّ فِيهِ، وَإِمَّا اضْطِرَارِيٌّ كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ، وَالْغُسْلُ إمَّا لِجَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ سِوَى الرَّأْسِ، وَالْأُذُنَيْنِ، أَوْ لِمَا تَلَطَّخَ بِالنَّجَاسَةِ مِنْ بَدَنِ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: الِاقْتِصَارُ فِي مَقَامِ التَّبْيِينِ يُفِيدُ الْحَصْرَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ إذْ الصَّعِيدُ الطَّاهِرُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ عَنْ مَحَلِّ الِاسْتِجْمَارِ وَمَلْبُوسِ الرِّجْلِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالسَّيْفِ الصَّقِيلِ وَذَيْلِ الْمَرْأَةِ الْمُطَالِ لِلسَّتْرِ،. قُلْت: الْمُرَادُ الْحَصْرُ بِاعْتِبَارِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بِالرَّفْعِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْعَفْوِ. (وَهُوَ) أَيْ تَعْرِيفُ الْمُطْلَقِ (مَا) أَيْ شَيْءٌ جِنْسٌ شَمِلَ الْمُطْلَقَ وَغَيْرَهُ (صَدَقَ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ صَحَّ أَنْ يَحْصُلَ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ لَفْظًا، وَفَاعِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 30 اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ وَإِنْ جُمِعَ مِنْ نَدًى أَوْ ذَابَ بَعْدَ جُمُودِهِ أَوْ كَانَ سُؤْرَ بَهِيمَةٍ أَوْ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ أَوْ فَضْلَةَ طُهَارَتِهِمَا   [منح الجليل] صَدَقَ " (اسْمُ مَاءٍ) بِالْمَدِّ، وَإِضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ أَيْ اسْمٌ هُوَ لَفْظُ مَاءٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ كُلَّ مَا لَمْ يَصِحَّ تَسْمِيَتُهُ مَاءً، جَامِدًا كَانَ كَالصَّعِيدِ، أَوْ مَائِعًا كَالزَّيْتِ، وَالْعَسَلِ، وَصِلَةُ " صَدَقَ ". (بِلَا قَيْدٍ) فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ مَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْمَاءُ إلَّا بِقَيْدٍ نَحْوُ مَاءِ الْوَرْدِ وَمَاءِ الزَّهْرِ وَمَاءِ الرَّيْحَانِ وَشَمِلَ مَاءَ الْبَحْرِ وَمَاءَ الْمَطَرِ وَمَاءَ الْعَيْنِ وَمَاءَ الْغَدِيرِ وَمَاءَ النَّدَى وَنَحْوَهَا لِصِحَّةِ حَمْلِ الْمَاءِ عَلَيْهَا بِلَا قَيْدٍ، وَلَمَّا تُوُهِّمَ عَدَمُ شُمُولِهِ النَّدَى الْمَجْمُوعَ وَالذَّائِبَ بَعْدَ جُمُودِهِ بَالَغَ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جُمِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمُطْلَقُ فِي يَدِ رَافِعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَصِلَةُ جُمِعَ (مِنْ نَدًى) بِفَتْحِ النُّونِ مَقْصُورٌ رَأْيُ بَلَلٍ نَازِلٍ مِنْ السَّمَاءِ آخِرَ اللَّيْلِ عَلَى وَرَقِ شَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُوَ مُطْلَقٌ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ وَلَوْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ، أَوْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ، أَوْ اثْنَانِ، أَوْ الثَّلَاثَةُ بِمَا جُمِعَ مِنْ فَوْقِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِالْقَرَارِ وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ (أَوْ ذَابَ) أَيْ تَمَيَّعَ الْمُطْلَقُ بِنَفْسِهِ، أَوْ تَسْخِينِهِ بِشَمْسٍ، أَوْ نَارٍ (بَعْدَ جُمُودِهِ) كَثَلْجٍ نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مُتَحَلِّلًا كَرَغْوَةِ صَابُونٍ جَمَدَ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا حَتَّى صَارَ كَالْحَجَرِ، ثُمَّ ذَابَ، وَبَرَدٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ نَزَلَ مِنْهَا جَامِدًا كَالْحَجَرِ ثُمَّ ذَابَ، وَجَلِيدٍ نَزَلَ مِنْهَا مُتَّصِلًا بِخَيْطٍ، ثُمَّ ذَابَ، وَمَاءٍ جَمَدَ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ، ثُمَّ ذَابَ بِالتَّسْخِينِ. (أَوْ كَانَ) أَيْ الْمُطْلَقُ (سُؤْرَ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ يُخَفَّفُ بِإِبْدَالِهِ وَاوًا أَيْ بَاقِيًا بَعْدَ شُرْبِ (بَهِيمَةٍ) وَلَوْ مُحَرَّمَةً أَوْ جَلَّالَةً؛ إذْ الْكَلَامُ الْآنَ فِي الطَّهُورِ الشَّامِلِ لِلْمُبَاحِ، وَالْمَكْرُوهِ هُوَ الْمُحَرَّمُ كَمَاءِ آبَارِ نَحْوِ ثَمُودَ (أَوْ) سُؤْرَ (حَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ (وَجُنُبٍ) وَلَوْ كَافِرَيْنِ، أَوْ شَارِبَيْ خَمْرٍ شَرِبَا مِنْهُ مَعًا وَأَوْلَى أَحَدُهُمَا (أَوْ) كَانَ الْمُطْلَقُ (فَضْلَةً) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَقِيَّةَ (طُهَارَتِهِمَا) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْبَاقِيَ بَعْدَ اغْتِسَالِ الْحَائِضِ، وَالْجُنُبِ مَعًا مِنْ الْمَاءِ وَأَوْلَى الْبَاقِي بَعْدَ اغْتِسَالِ أَحَدِهِمَا فَإِضَافَةُ " فَضْلَةَ " لِلْبَيَانِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 31 أَوْ كَثِيرًا خُلِطَ بِنَجِسٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ أَوْ شُكَّ فِي مُغَيِّرِهِ هَلْ يَضُرُّ، أَوْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ وَإِنْ بِدُهْنٍ لَاصَقَ أَوْ بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ،   [منح الجليل] أَوْ) كَانَ الْمُطْلَقُ (كَثِيرًا) أَيْ زَائِدًا عَلَى إنَاءِ غُسْلٍ وَكَذَا الْيَسِيرُ عَلَى الرَّاجِحِ (خُلِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَثِيرُ (بِنَجِسٍ) وَأَوْلَى بِطَاهِرٍ (لَمْ يُغَيِّرْ) النَّجِسُ أَحَدَ أَوْصَافِ الْمَاءِ فَإِنْ غَيَّرَهُ سَلَبَ طَهُورِيَّتَهُ وَطَاهِرِيَّتَهُ. (أَوْ) كَانَ الْمُطْلَقُ مُتَغَيِّرًا يَقِينًا وَ (شُكَّ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تُرُدِّدَ عَلَى السَّوَاءِ (فِي) ضَرَرِ (مُغَيِّرِهِ) لِكَوْنِهِ مِمَّا يُفَارِقُ الْمَاءَ غَالِبًا وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا فَقَوْلُهُ (هَلْ يَضُرُّ) الْمُغَيِّرُ الْمَاءَ أَيْ يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَهُ لِمُفَارَقَتِهِ لَهُ غَالِبًا كَالطَّعَامِ وَالدَّمِ، أَوْ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَهُ لِكَوْنِهِ لَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا كَقَرَارِهِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الشَّكِّ، وَإِشَارَةٌ لِلْمُضَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَوْلَى الْمُتَوَهَّمُ ضَرَرُ مُغَيِّرِهِ، أَوْ الْمَظْنُونُ أَوْ الْمَشْكُوكُ، أَوْ الْمُتَوَهَّمُ تَغَيُّرَهُ مَعَ الشَّكِّ فِي ضَرَرِ مُغَيِّرِهِ، أَوْ تَوَهُّمِهِ فَإِنْ ظُنَّ ضَرَرُ مُغَيِّرِهِ فَلَيْسَ طَهُورًا، أَوْ إنْ تُيُقِّنَ ضَرَرُ مُغَيِّرِهِ وَشُكَّ فِي طَهَارَتِهِ وَعَدَمِهَا فَطَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا. (أَوْ تَغَيَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا رِيحُ الْمُطْلَقِ (بِمُجَاوِرِهِ) بِالْهَاءِ ضَمِيرُ الْمُطْلَقِ مُضَافٌ إلَيْهَا اسْمُ الْفَاعِلِ، أَوْ بِالتَّاءِ مِنْ بِنْيَةِ الْمَصْدَرِ كَوَرْدٍ عَلَى شُبَّاكِ قُلَّةٍ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا مَاؤُهَا، أَوْ جِيفَةٍ عَلَى شَطِّ غَدِيرٍ كَذَلِكَ وَلَوْ فُرِضَ بَقَاءُ تَغَيُّرِ رِيحِهِ بَعْدَ إبْعَادِ مُجَاوِرِهِ عَنْهُ وَأَمَّا اللَّوْنُ وَالطَّعْمُ فَلَا يَتَغَيَّرَانِ بِالْمُجَاوَرَةِ وَإِنْ حَصَلَ دَلَّ عَلَى الْمُمَازَجَةِ فَلَيْسَ مُطْلَقًا خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ هَذَا إنْ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرٍ غَيْرِ مُلَاصِقٍ بَلْ (وَإِنْ) تَغَيَّرَ رِيحُهُ (بِدُهْنٍ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ كَزَيْتٍ وَشَحْمٍ (لَاصَقَ) الدُّهْنُ ظَاهِرَ الْمَاءِ وَلَمْ يَمْتَزِجْ بِهِ قَالَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَخَلِيلٌ وَارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عَدَمُ اغْتِفَارِهِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ مَرْزُوقٌ وعج وَتَلَامِذَتُهُ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ اللَّوْنِ، أَوْ الطَّعْمِ بِهِ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ اتِّفَاقًا وَأَوْلَى بِالْمُمَازِجِ. (أَوْ) تَغَيَّرَ رِيحُهُ (بِرَائِحَةِ قَطِرَانِ وِعَاءِ مُسَافِرٍ) أَوْ مُقِيمٍ صُبَّ الْمَاءُ فِيهِ بَعْدَ زَوَالِ جِرْمِ الْقَطِرَانِ مِنْهُ وَكَذَا تَغَيُّرُ رَائِحَتِهِ بِجِرْمِ الْقَطِرَانِ عَلَى مَا لِسَنَدٍ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ طَعْمِهِ، أَوْ لَوْنِهِ فَيَسْلُبُهَا سَفَرًا وَحَضَرًا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْحَطَّابُ وَغَيْرُهُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ دِبَاغًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 32 أَوْ بِمُتَوَلِّدٍ مِنْهُ؛ أَوْ بِقَرَارِهِ كَمِلْحٍ. أَوْ بِمَطْرُوحٍ وَلَوْ قَصْدًا مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ وَالْأَرْجَحُ السَّلْبُ بِالْمِلْحِ.   [منح الجليل] لِلْوِعَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْلُبُهَا وَلَوْ غَيَّرَ جَمِيعَ أَوْصَافِهِ تَغْيِيرًا فَاحِشًا كَغَيْرِهِ إنْ كَانَ دِبَاغًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَأَلْحَقُوا بِهِ الدِّهَانَاتِ الْغَالِبَةَ فِي أَوْعِيَةِ الْبَوَادِي، وَقَاعِدَةُ الِاغْتِفَارِ عُسْرُ الِاحْتِرَازِ. (أَوْ) تَغَيَّرَ الْمُطْلَقُ لَوْنًا، أَوْ طَعْمًا، أَوْ رَائِحَةً، أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ الْجَمِيعَ (بِمُتَوَلِّدٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا اسْمُ فَاعِلِ " تَوَلَّدَ " (مِنْهُ) أَيْ الْمُطْلَقِ كَطُحْلُبٍ بِضَمِّ الطَّاءِ وَاللَّامِ وَفَتْحِهَا وَلَوْ نُزِعَ مِنْهُ وَأُلْقِيَ فِيهِ ثَانِيًا، أَوْ فِي غَيْرِهِ مَا لَمْ يُطْبَخْ وَكَسَمَكٍ حَيٍّ فَإِنْ تَغَيَّرَ بِسَمَكٍ مَيِّتٍ فَلَيْسَ بِطَهُورٍ وَفِي الْمُتَغَيِّرِ بِرَوْثِهِ تَرَدُّدٌ لعج وَمَنْ بَعْدَهُ. (أَوْ) تَغَيَّرَ الْمُطْلَقُ (بِقَرَارِهِ) الَّذِي اسْتَقَرَّ فِيهِ (كَمِلْحٍ) وَمَغْرَةٍ وَكِبْرِيتٍ وَشَبٍّ وَزِرْنِيخٍ وَطَفْلٍ بِمَعْدِنِهِ (أَوْ) تَغَيَّرَ الْمُطْلَقُ (بِمَطْرُوحٍ) فِيهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ آدَمِيٍّ بِرِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ طَرْحُهُ فِيهِ (قَصْدًا) أَيْ مَقْصُودًا مِنْ آدَمِيٍّ وَأَشَارَ بِ " وَلَوْ " إلَى أَنَّ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلًا بِضَرَرِ الْمَطْرُوحِ قَصْدًا وَهُوَ لِلْمَازِرِيِّ وَبَيْنَ الْمَطْرُوحِ بِقَوْلِهِ (مِنْ تُرَابٍ أَوْ مِلْحٍ) جَمَعَهُمَا؛ لِأَنَّ التُّرَابَ أَقْرَبُ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ إلَى الْمَاءِ، وَالْمِلْحَ أَبْعَدُهَا مِنْهُ فَيُعْلَمُ قِيَاسُ مَا بَيْنَهُمَا عَلَيْهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمِلْحُ مَعْدِنِيًّا، أَوْ مَصْنُوعًا مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. (وَالْأَرْجَحُ) أَيْ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ خِلَافِ الْمُتَقَدِّمِينَ (السَّلْبُ) لِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ (بِالْمِلْحِ) الْمَطْرُوحِ فِيهِ قَصْدًا، مَصْنُوعًا كَانَ، أَوْ مَعْدِنِيًّا وَهَذَا قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ: الْمَعْدِنِيُّ لَا يَسْلُبُهَا، وَالْمَصْنُوعُ يَسْلُبُهَا، وَضُعِّفَ أَيْضًا، وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ فَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ قَوْلَيْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَالْقَابِسِيِّ إلَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَجَعَلَ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَعْدِنِيَّ لَا يَسْلُبُهَا اتِّفَاقًا، وَالْمَصْنُوعَ يَسْلُبُهَا اتِّفَاقًا وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرُدَّهُمَا إلَيْهِ وَأَبْقَاهُمَا عَلَى إطْلَاقِهِمَا وَجَعَلَ الْمَذْهَبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَالْخِلَافُ فِيهِمَا، وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 33 وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ تَرَدُّدٌ. لَا بِمُتَغَيِّرٍ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا أَوْ رِيحًا بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ   [منح الجليل] وَفِي الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ) لِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ (بِهِ) أَيْ الْمِلْحِ (إنْ صُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمِلْحُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَتُرَابٍ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمَعْدِنِيَّ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى السَّلْبِ بِهِ وَهَذَا فَهْمُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَرَدِّهَا لِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَهَذَا أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ وَالشِّقُّ الثَّانِي طَوَاهُ الْمُصَنِّفُ وَتَقْدِيرُهُ: وَعَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِهِ إنْ صُنِعَ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَالْمَعْدِنِيِّ وَهَذَا فَهْمُ مَنْ أَبْقَى الْأَقْوَالَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا لِقَوْلٍ وَاحِدٍ وَمُبْتَدَأٍ، وَفِي الِاتِّفَاقِ إلَخْ. (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ الرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الِاتِّفَاقِ عَلَى السَّلْبِ بِالْمَصْنُوعِ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَالْمَعْدِنِيِّ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ السَّلْبِ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا التَّرَدُّدُ لَيْسَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَبَا زَيْدٍ وَالْقَابِسِيَّ وَالْبَاجِيِّ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلِأَنَّ مَنْ بَعْدَهُمْ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ وَلَا فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّهِمْ عَلَيْهِ فَهَذَا التَّرَدُّدُ لَمْ يَجْرِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ الَّتِي أَسَّسَهَا فِي الْخُطْبَةِ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَلَى الْمُتَقَدِّمِينَ؛ إذْ لَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّفُ بِالْمُتَقَدِّمِينَ فِيهَا الْمُتَقَدِّمِينَ بِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بَلْ أَرَادَ بِهِمْ كُلَّ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ وَلَمْ يُرِدْ بِالِاخْتِلَافِ فِي النَّقْلِ خُصُوصَ نَقْلِ أَقْوَالِهِمْ الَّتِي نَصُّوا عَلَيْهَا بَلْ أَرَادَ مَا يَعُمُّهَا وَمَا فَهِمَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهُمْ مِنْ كَلَامِهِمْ فَكُلُّ مَنْ فَهِمَ مِنْهُ شَيْئًا نَسَبَهُ لَهُمْ وَنَقَلَهُ عَنْهُمْ كَأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَيْهِ وَقَالُوهُ؛ فَهَذَا التَّرَدُّدُ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ وَمِنْ أَفْرَادِهَا. وَعَطَفَ عَلَى بِالْمُطْلَقِ بِلَا فَقَالَ: (لَا) يُرْفَعُ الْحَدَثُ وَحُكْمُ الْخَبَثِ (بِ) مَاءٍ (مُتَغَيِّرٍ) يَقِينًا وَظَنًّا قَوِيًّا أَوْ ضَعِيفًا وَلَوْ تَغَيُّرًا يَسِيرًا (لَوْنًا، أَوْ طَعْمًا) اتِّفَاقًا (أَوْ رِيحًا) عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ اغْتَفَرَهُ مُطْلَقًا، أَوْ يَسِيرًا وَهَذِهِ تَمْيِيزَاتٌ مُحَوَّلَةٌ عَنْ الْفَاعِلِ وَصِلَةُ " مُتَغَيِّرًا " (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ، أَوْ الشَّيْءِ الَّذِي (يُفَارِقُهُ) أَيْ الْمَاءُ فِرَاقًا أَوْ زَمَنًا (غَالِبًا) أَيْ كَثِيرًا احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا يُلَازِمُهُ كَقَرَارِهِ وَعَمَّا يُفَارِقُهُ نَادِرًا كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ فَتَغَيُّرُهُ بِهِمَا لَا يَسْلُبُ طَهُورِيَّتَهُ وَبَيَّنَ مُفَارِقَهُ غَالِبًا بِقَوْلِهِ (مِنْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 34 أَوْ نَجِسٍ: كَدُهْنٍ خَالَطَ، أَوْ بُخَارِ مُصْطَكَى. وَحُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ. وَيَضُرُّ بَيِّنُ تَغَيُّرٍ بِحَبْلِ سَانِيَةٍ:   [منح الجليل] ظَاهِرٍ) كَزَعْفَرَانٍ وَطَعَامٍ. (أَوْ نَجِسٍ) كَدَمٍ وَمَثَّلَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (كَدُهْنٍ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ مِنْ مُذَكًّى، أَوْ مَيْتَةٍ (خَالَطَ) أَيْ الدُّهْنُ الْمَاءَ لَا إنْ جَاوَرَهُ، أَوْ لَاصَقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (أَوْ بُخَارِ) أَيْ دُخَانِ (مُصْطَكَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَقْصُورًا وَمَمْدُودًا وَضَمِّهَا مَقْصُورًا فَقَطْ فَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً فَبُخَارُهَا كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ نَجِسَةً فَبُخَارُهَا نَجِسٌ عَلَى أَنَّ دُخَانَ النَّجِسِ نَجِسٌ وَهُوَ الْآتِي لِلْمُصَنِّفِ وَسَوَاءٌ بَخَّرَ بِهَا الْمَاءَ بِأَنْ كَانَ وِعَاؤُنَا نَاقِصًا وَوُضِعَتْ الْمِبْخَرَةُ فَوْقَ الْمَاءِ وَحُبِسَ الْبُخَارُ فِي أَعْلَاهُ حَتَّى امْتَزَجَ بِهِ وَغَيَّرَهُ، أَوْ الْإِنَاءِ وَحُبِسَ الْبُخَارُ فِيهِ وَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَامْتَزَجَا وَتَغَيَّرَ الْمَاءُ فَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْبُخَارُ وَسَرَحَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الْإِنَاءِ وَصُبَّ الْمَاءُ فِيهِ فَتَغَيَّرَ فَهُوَ طَهُورٌ وَلِأَنَّهُ تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرِهِ، وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ سَطْحَ الْإِنَاءِ اكْتَسَبَ الرَّائِحَةَ وَلَاصَقَ الْمَاءَ فَهُوَ تَغَيُّرٌ بِمُلَاصِقٍ. (وَحُكْمُهُ) أَيْ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا أَيْ وَصْفُهُ الْحُكْمِيُّ (كَ) وَصْفِ (مُغَيِّرِهِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَاءِ فَالْمُتَغَيِّرُ بِطَاهِرٍ كَعَسَلٍ طَاهِرٌ، وَالْمُتَغَيِّرُ بِنَجِسٍ كَدَمٍ نَجِسٌ وَهَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ أَيْ مَا حُكْمُ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِمَا يُفَارِقُهُ غَالِبًا مِنْ طَاهِرٍ إلَخْ فَهُوَ مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا. (وَيَضُرُّ) الْمَاءَ أَيْ بِسَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ (بَيِّنُ) بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً أَيْ فَاحِشٌ وَكَثِيرٌ، مُضَافٌ لِ (تَغَيُّرٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ: مَصْدَرُ تَغَيَّرَ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا إضَافَةُ مَا كَانَ صِفَةً لِمَا كَانَ مَوْصُوفًا، وَالْأَصْلُ تَغَيُّرٌ بَيِّنٌ أَيْ فَاحِشٌ لِلَوْنِ أَوْ طَعْمِ، أَوْ رِيحِ الْمَاءِ، وَصِلَةُ " تَغَيُّرٍ " (بِحَبْلِ سَانِيَةٍ) أَيْ بِئْرٍ ذَاتِ دُولَابٍ وَتُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ سَاقِيَةً وَحَبْلُهَا طَوَنْسًا وَمِثْلُهَا سَائِرُ الْآبَارِ وَمِثْلُ الطَّوَنْسِ سَائِرُ الْحِبَالِ وَالدِّلَاءِ الَّتِي يُنْزَعُ بِهَا الْمَاءُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ كَلِيفٍ وَحَلْفَاءَ وَخُوصٍ وَجِلْدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْزَائِهَا كَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَفَخَّارٍ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَلَوْ بَيِّنًا وَلَمْ يُفَرِّقْ فِي الْمَشْهُورِ بَيْنَ التَّغَيُّرِ الْبَيِّنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 35 كَغَدِيرٍ بِرَوْثِ مَاشِيَةٍ، أَوْ بِئْرٍ بِوَرَقِ شَجَرٍ أَوْ تِبْنٍ وَالْأَظْهَرُ فِي بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا الْجَوَازُ وَفِي جَعْلِ الْمُخَالِطِ وَالْمُوَافِقِ   [منح الجليل] وَغَيْرِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ تَغَيُّرُ مَاءِ الْبِئْرِ بِآلَةِ إخْرَاجِهِ مِنْهَا، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَقِيلَ: إنَّهُ مُغْتَفَرٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُغْتَفَرُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ لَا الْكَثِيرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى إبْدَالُ حَبْلِ سَاقِيَةٍ بِآلَةِ اسْتِقَاءٍ لِيَشْمَلَ الْحَبْلَ وَغَيْرَهُ وَالسَّاقِيَةَ وَغَيْرَهَا وَشَبَّهَ فِي الضَّرَرِ فَقَالَ: (كَ) تَغَيُّرِ (غَدِيرٍ) أَيْ مَاءِ غَدِيرٍ أَيْ تَرَكَهُ السَّيْلُ، أَوْ النِّيلُ فِي مَحَلٍّ مُنْخَفِضٍ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ بِرْكَةً فَفَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَيْضًا لِغَدْرِهِ أَهْلَهُ بِالْجَفَافِ عِنْدَ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ فِي الصَّيْفِ وَصِلَةُ " تَغَيُّرِ " الْمُقَدَّرِ (بِرَوْثِ) وَبَوْلِ (مَاشِيَةٍ) أَلْقَتْهُ فِيهِ حَالَ شُرْبِهَا مِنْهُ فَغَيَّرَهُ تَغْيِيرًا كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا فَلَيْسَ طَهُورًا فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ تَامًّا هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ رِوَايَتَيْ اللَّخْمِيِّ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى تَقْيِيدُ الضَّرَرِ بِالْكَثِيرِ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْيَسِيرِ وَحَمَلَ عَلَيْهَا بَعْضُ الشَّارِحِينَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَجَعَلَ التَّشْبِيهَ تَامًّا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ نَعَمًا، أَوْ غَيْرَهَا، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ طَهُورِيَّةُ الْغَدِيرِ الْمُتَغَيِّرِ بِرَوْثِ النَّعَمِ مُطْلَقًا وَيُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ. (أَوْ) تَغَيُّرِ مَاءِ (بِئْرٍ) وَلَوْ يَسِيرًا (بِوَرَقِ شَجَرٍ، أَوْ تِبْنٍ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِيهِ فَلَيْسَ طَهُورًا فِي بَادِيَةٍ وَلَا فِي حَاضِرَةٍ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (فِي) تَغَيُّرِ مَاءِ (بِئْرِ الْبَادِيَةِ بِهِمَا) أَيْ وَرَقِ الشَّجَرِ وَالتِّبْنِ (الْجَوَازُ) لِرَفْعِ الْحَدَثِ، وَحُكْمِ الْخَبَثِ بِهِ لِعَدَمِ سَلْبِهِ طَهُورِيَّتَهُ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُمَا فِيهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ مَاءِ الْبِئْرِ الْغَدِيرُ بِالْأَوْلَى وَبِئْرُ الْحَاضِرَةِ الَّتِي يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُمَا فِيهَا فَالْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ السُّقُوطِ، وَعُسْرِ الِاحْتِرَازِ فِيَاضُ وَحِيَاضُ الْحَاضِرَةِ الَّتِي يَغْلِبُ سُقُوطُهُمَا فِيهَا وَيَعْسُرُ تَغْطِيَتُهَا كَذَلِكَ. (وَفِي جَعْلِ) أَيْ تَقْدِيرِ (الْمُخَالِطِ) لِلْمُطْلَقِ (الْمُوَافِقِ) لَهُ فِي لَوْنِهِ وَطَعْمِهِ وَرِيحِهِ وَهُوَ مِمَّا يُفَارِقُهُ غَالِبًا كَمَاءِ حَطَبِ الْعِنَبِ الْمُسَمَّى زَرْجُونًا وَمَاءِ نَحْوِ وَرْدٍ ذَهَبَتْ أَوْصَافُهُ، وَمَفْعُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 36 كَالْمُخَالِفِ نَظَرٌ. وَفِي التَّطْهِيرِ بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ قَوْلَانِ. وَكُرِهَ مَاءٌ مُسْتَعْمَلٌ   [منح الجليل] جَعْلِ " الثَّانِي (كَالْمُخَالِفِ) لِلْمُطْلَقِ فِي الصِّفَاتِ، وَالْحُكْمُ بِسَلْبِهِ طَهُورِيَّةَ الْمُطْلَقِ وَعَدَمِ جَعْلِهِ كَالْمُخَالِفِ فَيُحْكَمُ بِبَقَاءِ الطَّهُورِيَّةِ (نَظَرٌ) أَيْ تَوَقُّفٌ وَتَرَدُّدٌ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَاسْتَظْهَرَ الْإِمَامُ سَنَدٌ شِقَّهُ الْأَوَّلَ وَلِذَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَطَوَى مُقَابِلَهُ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شِقَّهُ الْآخَرَ وَهُمَا فِي الْمَاءِ مُطْلَقًا كَثِيرًا كَانَ، أَوْ قَلِيلًا، وَفَرَضَهُمَا فِي كَوْنِ الْمُخَالِطِ لَوْ كَانَ مُخَالِفًا لَغَايَرَ الْمَاءَ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا وَأَجْرَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُوَافِقِ النَّجِسِ أَيْضًا كَبَوْلِ مَرِيضٍ بِصِفَةِ الْمَاءِ أَوْ ذَهَبَتْ صِفَاتُهُ بِمُرُورِ الرِّيَاحِ. وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَأَبُو عَلِيٍّ نَاصِرُ الدِّينِ وَجَزَمَا بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ الْبَوْلُ الْمَذْكُورُ وَقَصَرَا التَّرَدُّدَ عَلَى الْمُخَالِطِ الطَّاهِرِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُوَافِقِ أَصَالَةً كَمَاءِ الزَّرْجُونِ، أَوْ عُرُوضًا كَمَاءِ الرَّيَاحِينِ الَّذِي ذَهَبَتْ أَوْصَافُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ سَنَدٌ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَفِي) جَوَازِ (التَّطْهِيرِ) مِنْ حَدَثٍ، أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ (بِمَاءٍ) بِالْمَدِّ مُطْلَقٍ (جُعِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُدْخِلَ (فِي الْفَمِ) قَبْلَ التَّطْهِيرِ بِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَغَيُّرِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ لِعَدَمِ سَلَامَتِهِ مِنْ مُخَالَطَةِ الرِّيقِ مَعَ قِلَّتِهِ جِدًّا وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (قَوْلَانِ) مُقَيَّدَانِ بِعَدَمِ تَغَيُّرِ الْمَاءِ بِالرِّيقِ تَغَيُّرًا ظَاهِرًا، أَوْ عَدَمِ طُولِ مُكْثِهِ فِي الْفَمِ زَمَنًا يَتَحَقَّقُ، أَوْ يُظَنُّ أَنَّهُ خَالَطَ الْمَاءَ فِيهِ مِقْدَارٌ مِنْ الرِّيقِ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ لَغَيَّرَهُ فَإِنْ انْتَفَيَا، أَوْ أَحَدُهُمَا اُتُّفِقَ عَلَى مَنْعِ التَّطْهِيرِ بِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْمُخَالَطَةِ فِي هَذِهِ وَالْجَزْمِ بِهَا فِي تِلْكَ وَلِأَنَّ هَذِهِ مَنْصُوصَةٌ وَلَا نَصَّ فِي تِلْكَ. وَلَمَّا كَانَ بَعْضُ الْمُطْلَقِ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يُسْتَعْمَلَ (مَاءٌ) قَلِيلٌ كَإِنَاءِ غُسْلٍ مَوْجُودٍ غَيْرُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ، وَطَهَارَةٍ مَسْنُونَةٍ كَغُسْلِ جُمُعَةٍ، أَوْ مَنْدُوبَةٍ كَغُسْلِ عِيدٍ لَا فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُطْلَقِ كَغُسْلِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ وَنَعْتُ " مَاءٌ " (مُسْتَعْمَلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ أَيْ الْمَاءُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 37 فِي حَدَثٍ وَفِي غَيْرِهِ تَرَدُّدٌ وَيَسِيرٌ: كَآنِيَةِ وُضُوءٍ، وَغُسْلٍ بِنَجِسٍ لَمْ يُغَيِّرْ أَوْ وَلَغَ فِيهِ كَلْبٌ   [منح الجليل] قَبْلَ ذَلِكَ (فِي) رَفْعِ (حَدَثٍ) أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ وَهُوَ الْمُتَقَاطِرُ مِنْ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ، وَالْمَغْسُولُ فِيهِ الْعُضْوُ لَا الْجَارِي عَلَيْهِ وَلَا الْبَاقِي فِي الْإِنَاءِ بَعْدَ الِاغْتِرَافِ مِنْهُ. (وَفِي) كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ مَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُطْلَقِ وَيُصَلَّى بِهِ كَغُسْلِ إحْرَامٍ وَوُضُوءٍ مُجَدَّدٍ وَغَسْلِهِ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً لِوَجْهٍ وَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَحُكْمِ خَبَثٍ وَطَهَارَةٍ مَسْنُونَةٍ، أَوْ مَنْدُوبَةٍ وَعَدَمِهَا (تَرَدُّدٌ) أَيْ فِي الْحُكْمِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَأَمَّا الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُطْلَقِ كَغَسْلِ إنَاءٍ طَاهِرٍ، أَوْ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَلَا يُصَلَّى بِهِ كَوُضُوءٍ لِنَوْمٍ، أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مُتَوَقِّفٍ عَلَى طَهُورٍ. (وَ) كُرِهَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ مَاءٌ (يَسِيرٌ) أَيْ قَلِيلٌ كَإِنَاءِ غُسْلٍ فِي رَفْعِ حَدَثٍ، أَوْ حُكْمِ خَبَثٍ وَطَهَارَةٍ سُنَّةٍ، أَوْ مَنْدُوبَةٍ لَا فِي غَسْلِ نَحْوِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ قَالَهُ عبق وَبَحَثَ فِيهِ الْعَدَوِيُّ بِأَنَّ مُقْتَضَى تَعْلِيلِ كُرْهِهِ بِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ كُرْهُهُ فِي الْعَادَاتِ أَيْضًا وَهُوَ وَجِيهٌ، وَإِنْ فَرَّقَ بِالتَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَةِ وَمَثَّلَ لِلْيَسِيرِ بِقَوْلِهِ (كَآنِيَةِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ النُّونِ أَصْلُهُ بِهَمْزَتَيْنِ مَفْتُوحٍ فَسَاكِنٍ فَأُبْدِلَ الثَّانِي الْفَاءَ جَمْعُ إنَاءٍ فَالْأَوْلَى كَإِنَاءٍ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَةُ الْقَلِيلِ. (وُضُوءٍ وَغُسْلٍ) وَإِنَاءُ الْغُسْلِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَوَضِّئِ أَيْضًا وَمَا دُونَ إنَاءِ الْوُضُوءِ كَإِنَاءِ الْوُضُوءِ وَنَعَتَ " يَسِيرٌ " بِقَوْلِهِ خُلِطَ (بِنَجِسٍ) قَدْرَ قَطْرَةِ مَطَرٍ مُتَوَسِّطَةٍ كَحِمَّصَةٍ فَأَكْثَرَ مِنْهَا لِإِنَاءِ وُضُوءٍ وَفَوْقَهَا لِإِنَاءِ غُسْلٍ نَقَلَهُ الرَّمَاصِيُّ عَنْ الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَاشْتَرَطَ النَّاصِرُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا لَهُمَا وَاكْتَفَى بِهَا الْحَطَّابُ فِيهِمَا وَنَعَتَ " نَجِسٍ " بِجُمْلَةِ. (لَمْ يُغَيِّرْ) النَّجِسُ الْمَاءَ وَوَجَدَ غَيْرَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَادَّةٌ وَلَمْ يَجْرِ فَإِنْ غَيَّرَهُ نَجَّسَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَتْ لَهُ مَادَّةٌ، أَوْ جَرَى فَلَا كَرَاهَةَ كَالْكَثِيرِ الزَّائِدِ عَلَى إنَاءِ غُسْلٍ، وَالْمُخْتَلِطِ بِطَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْمَكْرُوهَ وَصَلَّى بِهِ فَلَا يُعِيدُ وَعَطَفَ عَلَى مُتَعَلِّقِ بِنَجِسٍ وَهُوَ " خُلِطَ " الْمُقَدَّرُ فَقَالَ (أَوْ) يَسِيرٌ (وَلَغَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا أَيْ أَدْخَلَ (فِيهِ) أَيْ الْيَسِيرِ (كَلْبٌ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 38 وَرَاكِدٌ يُغْتَسَلُ فِيهِ. وَسُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ؛ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ. وَمَا   [منح الجليل] لِسَانَهُ وَحَرَّكَهُ فِيهِ وَلَوْ تُيُقِّنَتْ سَلَامَةُ فَمِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَوُجِدَ غَيْرُهُ لَا إنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ فِيهِ وَلَا إنْ سَقَطَ لُعَابُهُ فِيهِ بِدُونِ إدْخَالِ لِسَانِهِ فِيهِ وَلَا إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ عَطَفَ عَلَى " مَاءٌ " فَقَالَ: (وَ) كُرِهَ أَنْ يُسْتَعْمَلَ (رَاكِدٌ) أَيْ غَيْرُ جَارٍ، وَقَوْلُهُ (يُغْتَسَلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ السِّينِ (فِيهِ) أَيْ الرَّاكِدِ تَفْسِيرٌ لِاسْتِعْمَالِهِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُرِهَ اسْتِعْمَالُ رَاكِدٍ أَيْ الِاغْتِسَالُ فِيهِ أَيْ مِنْ جَنَابَةٍ سَنَدٌ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ " أَوْ غَيْرِهَا " خَارِجٌ عَنْ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَمَرْدُودٌ بِالنِّسْبَةِ وَالنَّظَرِ ابْنُ مَرْزُوقٍ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَصْرُ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْغُسْلِ دُونَ الْوُضُوءِ فِيهِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَالسُّنَّةُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ وَالِاغْتِسَالُ أَوْ التَّوَضُّؤُ خَارِجَهُ بِحَيْثُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ الْمَاءُ الْمُتَقَاطِرُ مِنْ الْبَدَنِ، أَوْ الْأَعْضَاءِ وَلَوْ كَثِيرًا غَيْرَ مُسْتَبْحِرٍ وَلَا ذِي مَادَّةٍ كَثِيرَةٍ وَلَمْ يُضْطَرَّ إلَى الِاغْتِسَالِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ اغْتِسَالٌ فِيهِ وَلَوْ نُظِّفَ الْبَدَنُ وَخَلَا عَنْ الْوَسَخِ تَعَبُّدًا فَلَيْسَتْ نَعْتًا لِرَاكِدٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَبَادَرًا لِإِيهَامِهِ شَرْطَ تَقَدُّمِ الِاغْتِسَالِ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ (سُؤْرُ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ أَيْ بَقِيَّةُ مَاءِ شُرْبِ (شَارِبٍ) أَيْ كَثِيرِ شُرْبِ (خَمْرٍ) أَيْ مُسْكِرٍ، مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ وَشُكَّ فِي طَهَارَةِ فَمِهِ لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ، أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهُ فَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ، وَإِنْ تَحَقَّقَتْ، أَوْ ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ رِيئَتْ مِنْ فِيهِ إلَخْ وَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُ مَنْ شَرِبَهَا مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ فَمِهِ وَلَمْ تَغْلِبْ النَّجَاسَةُ عَلَيْهِ. (وَ) كُرِهَ (مَا) بِالْقَصْرِ أَيْ مُطْلَقٌ (أَدْخَلَ) شَارِبُ الْخَمْرِ (يَدَهُ) مَثَلًا (فِيهِ) وَلَمْ تَتَحَقَّقْ، أَوْ تُظَنَّ طَهَارَتُهَا وَلَا نَجَاسَتُهَا فَإِنْ تَحَقَّقَتْ، أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهَا فَلَا يُكْرَهُ أَوْ نَجَاسَتُهَا فَيُعْمَلُ عَلَيْهَا وَكَرَاهَةُ السُّؤْرِ، وَالْمُدْخَلِ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِيَسَارَتِهِمَا وَوُجُودِ غَيْرِهِمَا وَهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْيَسِيرِ الَّذِي حَلَّتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ وَأُفْرِدَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ دُخُولِهِمَا فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ فِيهِمَا، وَإِنْ اُسْتُعْمِلَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا وَصَلَّى بِهِمَا أُعِيدَتْ الطَّهَارَةُ بِغَيْرِهِمَا نَدْبًا لِلصَّلَاةِ الْآتِيَةِ دُونَ الصَّلَاةِ الْمَاضِيَةِ. (وَ) كُرِهَ سُؤْرُ (مَا) أَيْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ كَنَعَمٍ وَطَيْرٍ، أَوْ لَا كَخِنْزِيرٍ وَحِمَارٍ وَفَرَسٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 39 لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءِ، لَا إنْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، أَوْ كَانَ طَعَامًا: كَمُشَمَّسٍ، وَإِنْ رِيئَتْ عَلَى فِيهِ   [منح الجليل] لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا) أَكْلًا، أَوْ شُرْبًا (مِنْ مَاءٍ) بَيَانٌ لِسُؤْرِ الشَّارِبِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرِ الْمُقَدَّرِ هُنَا، وَكَرَاهَةُ سُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ (لَا) يُكْرَهُ سُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا. (إنْ عَسُرَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّ السِّينِ أَيْ صَعُبَ وَشَقَّ (الِاحْتِرَازُ) أَيْ حِفْظُ الْمَاءِ (مِنْهُ) أَيْ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا كَقِطٍّ وَفَأْرٍ وَعَطَفَ عَلَى عَسُرَ فَقَالَ (أَوْ كَانَ) أَيْ سُؤْرُ شَارِبِ الْخَمْرِ، أَوْ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، أَوْ سُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا (طَعَامًا) كَلَبَنٍ وَعَسَلٍ وَزَيْتٍ وَمَرَقٍ فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يُرَاقُ لِشَرَفِهِ وَيَحْرُمُ طَرْحُهُ فِي قَذِرٍ وَامْتِهَانُهُ الشَّدِيدُ وَيُكْرَهُ الْخَفِيفُ كَغَسْلِ الْيَدِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ. (كَمُشَمَّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَاءٍ مُسَخَّنٍ بِشَمْسٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِالطَّعَامِ فِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ شَعْبَانَ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَقَلَ ابْنُ الْفَرَسِ كَرَاهَتَهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا بِجَعْلِهِ مُشَبَّهًا بِمَا قَبْلَهُ فِي الْكَرَاهَةِ وَقُيِّدَتْ بِالْبِلَادِ الْحَارَّةِ كَالْحِجَازِ، وَالْأَوَانِي الَّتِي تَمْتَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ غَيْرَ النَّقْدَيْنِ وَخَصَّ ابْنُ الْإِمَامِ التِّلْمِسَانِيِّ ذَلِكَ بِالنُّحَاسِ الْأَصْفَرِ. وَلَا يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِنَارٍ مَا لَمْ تَشْتَدَّ سُخُونَتُهُ فَيُكْرَهَ كَشَدِيدِ الْبُرُودَةِ لِمَنْعِهِمَا كَمَالَ الْخُشُوعِ، وَالْكَرَاهَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْبَدَنِ بِوُضُوءٍ، أَوْ غُسْلٍ، أَوْ رَفْعِ حُكْمِ خَبَثٍ، أَوْ وَسَخٍ ظَاهِرٍ وَلَا يُكْرَهُ فِي الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا وَيُكْرَهُ شُرْبُهُ وَأَكْلُ الْمَطْبُوخِ بِهِ إنْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ بِضَرَرِهِ وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِهِ وَكَرَاهَةُ سُؤْرِ الْمَاءِ، وَالْمُدْخَلِ فِيهِ، وَإِبَاحَةُ الطَّعَامِ مَحَلَّهُمَا إذَا لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ عَلَى فَمِهِ، أَوْ يَدِهِ حِينَ اسْتِعْمَالِهِ. (وَإِنْ رِيئَتْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَصْلُهُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَقْدِيمِ الْهَمْزِ مَكْسُورًا عَلَى الْمُثَنَّاةِ فَحُذِفَتْ ضَمَّةُ الرَّاءِ وَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الْهَمْزِ إلَيْهَا وَقُدِّمَتْ الْمُثَنَّاةُ عَلَى الْهَمْزِ أَيْ عُلِمَتْ النَّجَاسَةُ بِمُشَاهَدَةٍ، أَوْ أَخْبَارٍ كَائِنَةٍ (عَلَى فِيهِ) أَيْ فَمِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 40 وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا. وَإِذَا مَاتَ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ بِرَاكِدٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ نُدِبَ نَزْحٌ بِقَدْرِهَا،   [منح الجليل] يَدِهِ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَعْضَائِهِ وَصِلَةُ " رِيئَتْ " (وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ) الْمَاءِ وَالطَّعَامِ (عُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ (عَلَيْهَا) أَيْ بِمُقْتَضَاهَا فَإِنْ غَيَّرَتْ الْمَاءَ نَجَّسَتْهُ، وَإِلَّا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ إنْ كَانَ قَلِيلًا وَنَجَّسَتْ الطَّعَامَ إنْ كَانَ مَائِعًا، أَوْ جَامِدًا، أَوْ أَمْكَنَ سَرَيَانُهَا فِيهِ. (وَإِذَا مَاتَ) حَيَوَانٌ (بَرِّيٌّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ مَنْسُوبٌ لِلْبَرِّ ضِدِّ الْبَحْرِ لِخَلْقِهِ وَحَيَاتِهِ فِيهِ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (نَفْسٍ) بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ دَمٍ (سَائِلَةٍ) أَيْ يَجْرِي عِنْدَ سَبَبِ جَرَيَانِهِ كَتَذْكِيَةٍ وَجَرْحٍ وَقَطْعٍ وَصِلَةُ " مَاتَ " (بِ) مَاءٍ (رَاكِدٍ) أَيْ غَيْرِ جَارٍ وَغَيْرِ مُسْتَجْرٍ جِدًّا أَوْ لَوْ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ. (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمَاءُ بِمَوْتِ الْبَرِّيِّ ذِي النَّفْسِ السَّائِلَةِ فِيهِ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَزْحٌ) بَعْدَ إخْرَاجِ الْحَيَوَانِ، أَوْ قَبْلَهُ إذْ الْعِلَّةُ إزَالَةُ الْفَضَلَاتِ وَهِيَ تَخْرُجُ حِينَ مَوْتِهِ لَا بَعْدَهُ مِنْ الْمَاءِ، وَصَبُّهُ فِي غَيْرِ الرَّاكِدِ حَتَّى تَطِيبَ النَّفْسُ وَيَزُولَ عَيْفُهَا الْمَاءَ وَكَرَاهَتُهَا إيَّاهُ لِزَوَالِ الْفَضَلَاتِ الَّتِي خَرَجَتْ مَعَ الْمَاءِ مِنْ فَمِ الْحَيَوَانِ وَقْتَ فَتْحِهِ طَلَبًا لِلنَّجَاةِ حِينَ مَوْتِهِ وَيَنْقُصُ النَّازِحُ الدَّلْوَ؛ لِأَنَّ الْفَضَلَاتِ تَعْلُو عَلَى الْمَاءِ كَالدُّهْنِ فَإِنْ مَلَأَ الدَّلْوَ تَسْقُطُ مِنْهُ وَتَعُودُ لِلْمَاءِ حِينَ رَفْعِهِ وَحَرَكَتِهِ فَلَا تَحْصُلُ ثَمَرَةُ النَّزْحِ وَصِلَةُ " نَزْحٌ " (بِقَدْرِهِمَا) أَيْ الْمَاءِ قِلَّةً، أَوْ كَثْرَةً، أَوْ تَوَسُّطًا بَيْنَهُمَا وَالْحَيَوَانِ صِغَرًا، أَوْ كِبَرًا، أَوْ تَوَسُّطًا بَيْنَهُمَا فَقَدْ يَكْثُرُ الْمَاءُ وَيَكْبَرُ الْحَيَوَانُ وَقَدْ يَقِلُّ الْمَاءُ وَيَصْغُرُ الْحَيَوَانُ وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ يَكْثُرُ الْمَاءُ وَيَكْبَرُ الْحَيَوَانُ، وَقَدْ يَقِلُّ الْمَاءُ وَيَصْغُرُ الْحَيَوَانُ وَقَدْ يَخْتَلِفَانِ يَكْثُرُ الْمَاءُ وَيَصْغُرُ الْحَيَوَانُ، أَوْ عَكْسُهُ، وَكُلُّ حَالَةٍ مِنْ هَذِهِ يُنَاسِبُهَا قَدْرٌ مِنْ النَّزْحِ بِحَسَبِ قَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَكُلَّمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحْسَنُ. ابْنُ الْإِمَامِ لَيْسَ لِمِقْدَارِ مَا يُنْزَحُ حَدٌّ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ مَا مَاتَ مِنْ صَغِيرٍ وَطُولِ إقَامَةٍ وَقِلَّةِ مَاءٍ وَمُقَابِلِهَا وَلِذَا لَمْ يَحُدَّهُ مَالِكٌ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ غَيْرَ أَنَّهُ كُلَّمَا كَثُرَ النَّزْحُ كَانَ أَحَبَّ إلَيْهِمْ وَأَوْلَى وَأَبْلَغَ وَأَحْوَطَ. ابْنُ بَشِيرٍ وَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ تَحْدِيدِهِ بِأَرْبَعِينَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِئَلَّا يُكْثِرَ الْمُوَسْوَسُ وَيُقِلَّ الْمُتَسَاهِلُ وَلِذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ اُسْتُفْتِيَ فِي هَذَا فَقَالَ: انْزِعُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 41 لَا إنْ وَقَعَ مَيِّتًا. وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُ النَّجِسِ، لَا بِكَثْرَةِ مُطْلَقٍ فَاسْتُحْسِنَ الطَّهُورِيَّةُ، وَعَدَمُهَا   [منح الجليل] مِنْهَا أَرْبَعِينَ خَمْسِينَ سِتِّينَ دَلْوًا وَقَالَ إنَّمَا قُلْت لَهُمْ ذَلِكَ لِيَعْلَمُوا أَنَّ الْأَقَلَّ يَجْزِيهِمْ، وَالْأَكْثَرَ أَحَبُّ وَلَوْ اقْتَصَرْتُ عَلَى خَمْسِينَ لَأَبْطَلْتُ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ وَهِيَ مِثْلُهَا وَمَنَعْتُهُمْ مِنْ سِتِّينَ وَهِيَ أَبْلَغُ اهـ. وَاحْتَرَزَ بِالْبَرِّيِّ عَنْ الْبَحْرِيِّ وَبِذِي النَّفْسِ عَمَّا لَا نَفْسَ لَهُ فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ بِمَوْتِهِمَا فِي الْمَاءِ وَبِالرَّاكِدِ عَنْ الْجَارِي فَلَا يُنْدَبُ فِيهِ أَيْضًا وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ قَبْلَ النَّزْحِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ بِهِ فِي الْوَقْتِ نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحَطَّابُ عَنْ الْأَكْثَرِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِمَيْتَةِ الْبَرِّيِّ ذِي النَّفْسِ السَّائِلَةِ تَنَجَّسَ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَصْرُ نَدْبِ النَّزْحِ عَلَى مَا لَا مَادَّةَ لَهُ وَقِيلَ يَجِبُ النَّزْحُ وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَعَطَفَ عَلَى مَاتَ بِلَا فَقَالَ: (لَا) يُنْدَبُ النَّزْحُ (إنْ وَقَعَ) الْبَرِّيُّ ذُو النَّفْسِ السَّائِلَةِ فِي الرَّاكِدِ حَالَ كَوْنِهِ (مَيِّتًا) ، أَوْ حَيًّا وَأُخْرِجَ حَيًّا وَرَجَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الْقَوْلَ بِنَدْبِهِ إنْ وَقَعَ مَيِّتًا وَلَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِزَوَالِ الرُّطُوبَاتِ الْمَكْرُوهَةِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ مُبَالَغَةً فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَوْلَى بِنَدْبِ النَّزْحِ. (وَإِنْ زَالَ تَغَيُّرُ) الْمَاءِ الَّذِي لَا مَادَّةَ لَهُ (النَّجِسِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْمُتَنَجِّسِ بِبَوْلٍ مَثَلًا وَعَطَفَ عَلَى صِلَةِ " زَالَ " الْمُقَدَّرَةِ أَيْ بِنَفْسِهِ فَقَالَ (لَا بِكَثْرَةِ) أَيْ زِيَادَةِ صَبِّ مَاءٍ (مُطْلَقٍ) عَلَيْهِ وَلَا بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ طَاهِرٍ فِيهِ مِنْ تُرَابٍ، أَوْ طِينٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا (فَاسْتُحْسِنَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَكَسْرِ السِّينِ الْأَخِيرَةِ أَيْ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ " اُسْتُحْسِنَ " (الطَّهُورِيَّةُ) لِلْمَاءِ الَّذِي زَالَ تَغَيُّرُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِنَجَاسَتِهِ لِتَغَيُّرِهِ وَقَدْ زَالَ، وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِ كَذَهَابِ حُرْمَةِ الْخَمْرِ وَنَجَاسَتِهَا بِذَهَابِ إسْكَارِهَا بِتَخَلُّلِهَا، أَوْ تَحَجُّرِهَا. (وَعَدَمُهَا) أَيْ الطَّهُورِيَّةِ الصَّادِقُ بِعَدَمِ الطَّاهِرِيَّةِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَرِينَةِ كَوْنِ الْكَلَامِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 42 أَرْجَحُ. وَقُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ اتَّفَقَا   [منح الجليل] مُتَغَيِّرٍ بِنَجِسٍ وَخَبَرُ " عَدَمُهَا " (أَرْجَحُ) أَيْ رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ خِلَافِ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ عج وعبق وشب وَالْعَدَوِيِّ وَاعْتَمَدَ الْبُنَانِيُّ الْأَوَّلَ، وَالثَّانِي مُقَيَّدٌ بِوُجُودِ غَيْرِهِ وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ مُرَاعَاةً لِلْأَوَّلِ فَحُلَّ الْخِلَافُ إذَا وُجِدَ مَاءٌ آخَرُ غَيْرُ ذَلِكَ الْمَاءِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هُوَ فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بِلَا كَرَاهَةٍ اتِّفَاقًا لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ابْنُ غَازِيٍّ لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ هُنَا تَرْجِيحٌ، وَإِنَّمَا تَرْجِيحُهُ فِي إزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ بِمَاءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ طَهُورٍ كَمَاءِ وَرْدٍ فَقِيلَ يَزُولُ حُكْمُهَا أَيْضًا وَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ وَقِيلَ لَا وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَبِتَسْلِيمِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى تَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ فِي فَرْعِ زَوَالِ تَغَيُّرِ النَّجِسِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوَالِ عَيْنِهَا بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ فَلَزِمَ مِنْ التَّرْجِيحِ فِي الثَّانِي التَّرْجِيحُ فِي الْأَوَّلِ بِجَامِعِ زَوَالِ أَعْرَاضِهَا بِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ كَانَ النَّجِسُ الَّذِي زَالَ تَغَيُّرُهُ قَلِيلًا فَهُوَ نَجِسٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ زَالَ بِصَبٍّ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ وَلَوْ قَلِيلًا فَهُوَ طَهُورٌ اتِّفَاقًا وَمِنْهُ مَا لَهُ مَادَّةٌ، وَإِنْ زَالَ بِإِلْقَاءِ نَحْوِ طِينٍ فِيهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِهِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ فَلَا لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ تَغَيُّرِهِ بِالنَّجِسِ وَخَفَائِهِ بِتَغَيُّرِهِ بِنَحْوِ الطِّينِ، وَمَفْهُومُ النَّجِسِ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِطَاهِرٍ مُفَارِقٌ لَهُ غَالِبًا إنْ زَالَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ فَهُوَ طَهُورٌ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَرُجِّحَ، وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ مِنْ فَرْعِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَيْضًا. (وَ) إنْ شُكَّ فِي ضَرَرِ مُغَيِّرِ الْمَاءِ وَأَخْبَرَ بِنَجَاسَتِهِ مُخْبِرٌ (قُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ وَجَبَ أَنْ يُقْبَلَ (خَبَرُ) أَيْ إخْبَارُ الْمُخْبِرِ (الْوَاحِدِ) وَأَوْلَى الْأَكْثَرُ إنْ كَانَ عَدْلًا رِوَايَةً وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ السَّالِمُ مِنْ الْفِسْقِ وَمَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَلَوْ أُنْثَى، أَوْ رِقًّا بِنَجَاسَتِهِ (إنْ بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُخْبِرُ (وَجْهَهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ بِأَنْ قَالَ تَغَيُّرٌ بِنَحْوِ دَمٍ. (أَوْ) لَمْ يُبَيِّنْهُ وَ (اتَّفَقَا) أَيْ الْمُخْبِرُ بِالْكَسْرِ الْعَالِمُ بِالطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ، وَالْمُخْبَرُ بِالْفَتْحِ (مَذْهَبًا) أَيْ فِي أَحْكَامِ الطَّاهِرِ وَالنَّجِسِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي غَيْرِهَا، وَشُرِطَ الْبَيَانُ أَوْ الِاتِّفَاقِ فِي الْمُخْبِرِ وَلَوْ بَلَغَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، وَالْجِنِّيُّ كَالْإِنْسِيِّ عَلَى الظَّاهِرِ فَإِنْ أَخْبَرَ بِطَهُورِيَّتِهِ مَعَ ظُهُورِ عَدَمِهَا قُبِلَ خَبَرُهُ إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا، أَوْ وَافَقَ مَذْهَبًا، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَدَمُهَا فَقَدْ سَبَقَ حَمْلُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ حِينَئِذٍ بَيَانٌ وَلَا مُوَافَقَةٌ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 43 مَذْهَبًا، وَإِلَّا فَقَالَ: يُسْتَحْسَنُ تَرْكُهُ وَوُرُودُ الْمَاءِ عَلَى النَّجَاسَةِ كَعَكْسِهِ.   [منح الجليل] نِسْبَةَ اسْتِحْسَانِ التَّرْكِ لِلْمَازِرِيِّ فَقَالَ: (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُخْبِرُ وَجْهَهَا وَلَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبًا (فَقَالَ) أَيْ الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (يُسْتَحْسَنُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ أَيْ يُسْتَحَبُّ (تَرْكُهُ) أَيْ الْمَاءِ الْمَشْكُوكِ الَّذِي أَخْبَرَ الْوَاحِدُ بِنَجَاسَتِهِ بِلَا بَيَانٍ وَلَا اتِّفَاقٍ احْتِيَاطًا لِتَعَارُضِ الْأَصْلِ، وَالْإِخْبَارِ الْمُحْتَمِلِ لِلصِّدْقِ إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُهُ. وَوُرُودُ) أَيْ نُزُولُ وَطَرَيَانُ (الْمَاءِ) الطَّهُورِ الْمُطْلَقِ (عَلَى النَّجَاسَةِ) الْعَيْنِيَّةِ أَوْ الْحُكْمِيَّةِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ وُرُودِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ، قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهَا فَالْغُسَالَةُ وَالْمَحَلُّ طَاهِرَانِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهِ فَنَجِسَانِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ وَرَدَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ دُونَ قُلَّتَيْنِ تَنَجَّسَ بِمُجَرَّدِ وُرُودِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيٍّ وَأَرْبَعُمِائَةٍ وَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا مِصْرِيًّا تَقْرِيبًا وَشَبَّهَ وُرُودَ الْمَاءِ عَلَيْهَا الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بِوُرُودِهَا عَلَيْهِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى عَكْسَهُ مُبَالَغَةً فِي رَدِّ الْخِلَافِ وَلَا يُقَالُ: قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُشَبَّهِ فَلَمْ يُخَالِفْ الْمُصَنِّفُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهَا فِي التَّشْبِيهِ بَعْدَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ هُنَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّشْبِيهِ فَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ هُنَا عَلَى قَاعِدَةِ الْبَيَانِيِّينَ وَهُوَ تَشْبِيهٌ مَعْكُوسٌ لِلْمُبَالَغَةِ كَقَوْلِهِ: وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ ... وَجْهُ الْخَلِيفَةِ حِينَ يُمْتَدَحُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِمَّا سَبَقَ وَذُكِرَتْ هُنَا لِمُجَرَّدِ الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي الطَّاهِرُ] وَلَمَّا بَيَّنَ أَنَّ حُكْمَ الْمُتَغَيِّرِ كَمُغَيِّرِهِ بَيَّنَ الْمُغَيِّرَ فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 44 (فَصْلٌ) الطَّاهِرُ مَيْتُ مَا لَا دَمَ لَهُ وَالْبَحْرِيِّ وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ وَمَا ذُكِّيَ، وَجُزْؤُهُ إلَّا مُحَرَّمَ   [منح الجليل] (فَصْل) : أَصْلُهُ مَصْدَرُ فَصَلَ الشَّيْءَ أَيْ قَطَعَهُ وَأَبَانَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ بَابٍ، أَوْ كِتَابٍ غَالِبًا لِقَطْعِهَا وَإِبَانَتِهَا وَفَرْقِهَا مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا، ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا بَيَانُ الْأَشْيَاءِ الطَّاهِرَةِ، وَالْأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ. (الطَّاهِرُ) أَيْ أَفْرَادُ وَجُزْئِيَّاتُ الشَّيْءِ الْمُتَّصِفِ بِالطَّهَارَةِ أَيْ الصِّفَةِ التَّقْدِيرِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا بِمُلَابَسَتِهِ (مَيْتُ) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ مَا مَاتَ بِالْفِعْلِ وَمُشَدَّدُهَا الْحَيُّ الَّذِي سَيَمُوتُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَقَدْ يَتَنَاوَبَانِ (مَا) أَيْ حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ (لَا دَمَ لَهُ) مِنْ ذَاتِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ دَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ غَيْرِهِ كَبُرْغُوثٍ وَبَقٍّ وَنَامُوسٍ وَذُبَابٍ وَعَقْرَبٍ وَخُنْفُسٍ وَصِرْصَارٍ وَلَمْ يَقُلْ فِيهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ مَا فِيهِ دَمٌ مُكْتَسَبٌ كَبُرْغُوثٍ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (وَ) مَيْتُ الْحَيَوَانِ (الْبَحْرِيِّ) أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْبَحْرِ أَيْ الْمَاءِ الْكَثِيرِ لِخَلْقِهِ وَحَيَاتِهِ فِيهِ وَلَوْ خِنْزِيرًا وَسَوَاءٌ مَاتَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ فِي الْبَحْرِ، أَوْ فِي الْبَرِّ إنْ لَمْ تَطُلْ حَيَاتُهُ فِي الْبَرِّ بَلْ (وَلَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ بِبَرٍّ) كَتِمْسَاحٍ وَضُفْدَعٍ وَسُلَحْفَاةٍ بَحْرِيَّةٍ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَيْتَةٌ نَجِسَةٌ مَاتَ بِبَحْرٍ، أَوْ بَرٍّ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ طَهَارَتَهَا إنْ مَاتَ بِبَحْرٍ وَنَجَاسَتَهَا إنْ مَاتَ بِبَرٍّ وَأَشَارَ لَهُمْ بِ " وَلَوْ ". (وَ) الطَّاهِرُ (مَا) أَيْ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ لَهُ دَمٌ (ذُكِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُشَدَّدًا أَيْ فُعِلَ بِهِ السَّبَبُ لِإِبَاحَةِ أَكْلِهِ مِنْ ذَبْحٍ، أَوْ نَحْرٍ، أَوْ عَقْرٍ. (وَجُزْؤُهُ) أَيْ الْمُذَكَّى مِنْ لَحْمٍ، وَعَظْمٍ، وَظُفْرٍ، وَسِنٍّ، وَجِلْدٍ، وَغَيْرِهَا وَذَكَرَهُ بَعْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهِ طَهَارَةُ الْجُزْءِ الْمُنْفَصِلِ مِنْهُ أَلَا تَرَى الدَّمَ، وَالْمَنِيَّ، وَالْمَذْيَ، وَالْوَدْيَ وَالسَّوْدَاءَ فَإِنَّهَا نَجِسَةٌ بَعْدَ انْفِصَالِهَا مِنْ الْمُذَكَّى فَالْمُرَادُ يُجْزِئُهُ غَيْرُهَا (إلَّا مُحَرَّمَ) بِضَمِّ الْمِيمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 45 الْأَكْلِ وَصُوفٌ، وَوَبَرٌ، وَزَغَبُ رِيشٍ؛ وَشَعَرٌ وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ إنْ جُزَّتْ وَالْجَمَادُ وَهُوَ جِسْمٌ غَيْرُ حَيٍّ، وَمُنْفَصِلٌ عَنْهُ إلَّا الْمُسْكِرَ.   [منح الجليل] وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً (الْأَكْلِ) كَخَيْلٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ إنْسِيٍّ وَخِنْزِيرٍ مَذْبُوحٍ، أَوْ مَنْحُورٍ، أَوْ مَعْقُورٍ فَنَجِسٌ فَلَا تُطَهِّرُهُ الذَّكَاةُ إجْمَاعًا إنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَمَكْرُوهُ الْأَكْلِ كَسَبُعٍ وَهِرٍّ دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَتُطَهِّرُهُ الذَّكَاةُ. ، (وَ) الطَّاهِرُ (صُوفٌ) مِنْ ضَأْنٍ (وَوَبَرٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ إبِلٍ وَأَرْنَبٍ وَنَحْوِهِمَا (وَزَغَبُ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَهْدَابُ (رِيشٍ) مُحِيطٍ بِقَصَبَتِهِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ (وَشَعَرٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُسَكَّنُ مِنْ جَمِيعِ الدَّوَابِّ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ بَلْ (وَلَوْ مِنْ خِنْزِيرٍ) وَكَلْبٍ وَقِيلَ بِاسْتِثْنَائِهِمَا وَقِيلَ بِاسْتِثْنَاءِ الْخِنْزِيرِ فَقَطْ، وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بَ وَلَوْ. (إنْ جُزَّتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ مُثَقَّلًا أَيْ الصُّوفُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ وَلَوْ بِلَا ذَكَاةٍ، وَالْمُرَادُ بِجَزِّهَا مَا قَابَلَ نَتْفَهَا مِنْ قَصٍّ وَحَلْقٍ وَقَرْضٍ وَحَرْقٍ وَنُورَةٍ فَإِنْ نُتِفَتْ مِنْ حَيٍّ أَوْ غَيْرِ مُذَكًّى فَأَصْلُهَا الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ جُزْءٌ مِنْ الْجِلْدِ نَجِسٌ فَإِنْ أُزِيلَ فَالْبَاقِي طَاهِرٌ، وَإِنْ نُتِفَتْ مِنْ مُذَكًّى مُبَاحٍ، أَوْ مَكْرُوهٍ فَجَمِيعُهَا طَاهِرٌ. (وَ) الطَّاهِرُ (الْجَمَادُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَهُوَ) أَيْ مُعَرَّفُ الْجَمَادِ (جِسْمٌ) جِنْسٌ دَخَلَ فِيهِ سَائِرُ الْأَجْسَامِ جَامِدَةً كَانَتْ أَوْ مَائِعَةً كَمَاءٍ وَزَيْتٍ وَعَسَلِ قَصَبٍ (غَيْرُ حَيٍّ) أَيْ لَمْ تَحِلَّ فِيهِ رُوحٌ؛ فَصْلٌ مُخْرِجٌ مَا حَلَّتْ فِيهِ وَاسْتَمَرَّتْ، أَوْ خَرَجَتْ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَبُونَا آدَم - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا مَا خُلِقَ مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ وَمَاتَ لِأَنَّ الرُّوحَ حَلَّتْ فِيهِمَا. (وَ) غَيْرُ (مُنْفَصِلٍ عَنْهُ) أَيْ الْحَيِّ؛ فَصْلٌ آخَرُ مُخْرِجٌ الْبَيْضَ وَاللَّبَنَ وَفُرُوعَهُ كَالسَّمْنِ، وَالْجُبْنِ وَعَسَلِ النَّحْلِ لِانْفِصَالِهَا عَنْ حَيٍّ وَاسْتَثْنَى مِنْ الطَّاهِرِ الْجَمَادِ فَقَالَ (إلَّا الْمُسْكِرَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ مِنْ الْجَمَادِ وَهُوَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ وَحْدَهُ مَعَ نَشْوَةٍ أَيْ قُوَّةٍ وَشَجَاعَةٍ وَطَرَبٍ، أَيْ فَرَحٍ وَسُرُورٍ فَهُوَ نَجِسٌ وَمُحَرَّمٌ قَلِيلُهُ الَّذِي لَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ فَضْلًا عَنْ كَثِيرِهِ الَّذِي يُغَيِّبُهُ، وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ ثَمَانِينَ جَلْدَةً عَلَى ظَهْرِهِ بِلَا حَائِلٍ إنْ كَانَ رَجُلًا وَبِحَائِلٍ رَقِيقٍ إنْ كَانَ امْرَأَةً وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَصِيرِ عِنَبٍ وَهِيَ الْخَمْرُ، أَوْ مَاءِ زَبِيبٍ، أَوْ تِينٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ قَمْحٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 46 وَالْحَيُّ وَدَمْعُهُ وَعَرَقُهُ وَلُعَابُهُ وَمُخَاطُهُ وَبَيْضُهُ وَلَوْ أَكَلَ نَجِسًا، إلَّا الْمَذِرَ وَالْخَارِجَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَبَنُ آدَمِيٍّ إلَّا الْمَيِّتَ،   [منح الجليل] أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ أَرُزٍّ، أَوْ عَسَلٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا مَائِعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَأَمَّا الْمُفْسِدُ وَيُسَمَّى الْمُخَدِّرَ أَيْضًا وَهُوَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ وَحْدَهُ بِلَا نَشْوَةٍ وَلَا طَرَبٍ وَمِنْهُ الْحَشِيشَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْأَفْيُونُ، وَالْبَرَشُ، وَجَوْزَةُ الطِّيبِ، وَالْمُرْقِدُ وَهُوَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ، وَالْحَوَاسَّ وَمِنْهُ الْبَنْجُ، وَالدَّاتُورَةُ فَطَاهِرَانِ دَاخِلَانِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَاسْتِعْمَالُ قَلِيلِهِمَا الَّذِي لَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ جَائِزٌ وَكَثِيرِهِمَا الَّذِي يُغَيِّبُهُ مُحَرَّمٌ وَمُوجِبٌ لِلْأَدَبِ بِمَا يَرْدَعُ الْمُسْتَعْمِلَ مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ. (وَ) الطَّاهِرُ (الْحَيُّ) أَيُّ حَيٍّ بَحْرِيًّا كَانَ، أَوْ بَرِّيًّا وَلَوْ خُلِقَ مِنْ عَذِرَةٍ، أَوْ كَلْبًا، أَوْ خِنْزِيرًا (وَدَمْعُهُ) الَّذِي سَالَ مِنْ عَيْنِهِ (وَعَرَقُهُ) الَّذِي رَشَحَ مِنْ جِلْدِهِ لِحَرٍّ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ كَانَ جَلَّالَةً، أَوْ سَكْرَانَ حَالَ سُكْرِهِ (وَلُعَابُهُ) الَّذِي سَالَ مِنْ فَمِهِ فِي يَقَظَةٍ، أَوْ نَوْمٍ إلَّا الْمُنْتِنَ الْأَصْفَرَ فَنَجِسٌ وَيُعْفَى عَنْهُ إنْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً (وَمُخَاطُهُ) الَّذِي سَالَ مِنْ أَنْفِهِ (وَبَيْضُهُ) أَيْ الْحَيِّ وَلَوْ حَيَّةً تَرَبَّى لَهُ قِشْرٌ يَابِسٌ أَوْ لَا إنْ لَمْ يَأْكُلْ الْحَيُّ الَّذِي سَالَ مِنْهُ الدَّمْعُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ نَجِسًا بَلْ (وَلَوْ أَكَلَ) الْحَيُّ (نَجِسًا) فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلدَّمْعِ وَمَا بَعْدَهُ لَكِنْ لِرَدِّ الْخِلَافِ فِي الْعَرَقِ، وَالْبَيْضِ فَقِيلَ بِنَجَاسَتِهِمَا مِمَّا أَكَلَ نَجِسًا وَلِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ فِي الْبَاقِي وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ فِيهِ عَرَقُ شَارِبِ خَمْرٍ، أَوْ مُخَاطُهُ، أَوْ بُصَاقُهُ خِلَافًا لِزَرُّوقٍ. (إلَّا) الْبَيْضَ (الْمَذِرَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُنْتِنَ أَوْ الَّذِي صَارَ دَمًا، أَوْ مُضْغَةً، أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا لَا الْمَمْرُوقَ الَّذِي اخْتَلَطَ صُفَارُهُ بِبَيَاضِهِ بِلَا نُتُونَةٍ فَطَاهِرٌ عَلَى الظَّاهِرِ. (وَإِلَّا الْخَارِجَ) مِنْ الْحَيَوَانِ (بَعْدَ) قِيَامِ (الْمَوْتِ) بِهِ مِنْ الدَّمْعِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ وَلَمْ يُذَكَّ. (وَ) الطَّاهِرُ (لَبَنُ آدَمِيٍّ) ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ وَلَوْ سَكْرَانَ لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ (إلَّا) الْآدَمِيَّ (الْمَيِّتَ) فَلَبَنُهُ نَجِسٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَجِسٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 47 وَلَبَنُ غَيْرِهِ تَابِعٌ. وَبَوْلٌ، وَعَذِرَةٌ مِنْ مُبَاحٍ إلَّا الْمُغْتَذِيَ بِنَجِسٍ، وَقَيْءٌ، إلَّا الْمُتَغَيِّرَ عَنْ الطَّعَامِ؛ وَصَفْرَاءُ،   [منح الجليل] (وَلَبَنُ غَيْرِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَحْلُوبِ فِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ (تَابِعٌ) لِلَحْمِهِ فِي الطَّهَارَةِ بِالتَّذْكِيَةِ وَعَدَمِهَا بِعَدَمِهَا فَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ يَطْهُرُ بِهَا وَهُوَ الْمُبَاحُ، وَالْمَكْرُوهُ فَلَبَنُهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَهَا طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ لَحْمُهُ نَجِسًا بَعْدَهَا وَهُوَ الْمُحَرَّمُ فَلَبَنُهُ نَجِسٌ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُبَاحُ، وَالْمَكْرُوهُ بِلَا ذَكَاةٍ فَلَبَنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ تَابِعٌ لِلَحْمِهِ فِي النَّجَاسَةِ. (وَ) الطَّاهِرُ (بَوْلٌ وَعَذِرَةٌ) أَيْ رَجِيعٌ وَرَوْثٌ خَرَجَا (مِنْ مُبَاحٍ) أَكْلُهُ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ ذَكَاتِهِ (إلَّا) الْمُبَاحَ (الْمُغْتَذِيَ بِنَجِسٍ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا، أَوْ شَكًّا وَشَأْنُهُ ذَلِكَ كَدَجَاجٍ وَفَأْرٍ وَاحْتَرَزَ بِالْمُبَاحِ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ فَفَضْلَتُهُمَا نَجِسَةٌ. (وَ) الطَّاهِرُ (قَيْءٌ) أَيْ طَعَامٌ خَرَجَ مِنْ فَمِ آدَمِيٍّ بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى مَعِدَتِهِ (إلَّا) الْقَيْءَ (الْمُتَغَيِّرَ عَنْ) صِفَةِ (الطَّعَامِ) وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ الْعَذِرَةَ فِي وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهَا وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الْقَيْحِ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَمَا تَغَيَّرَ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ فَنَجِسٌ اهـ. فَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ نَجِسٌ كَيْفَ كَانَ الْمُتَغَيِّرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا سَنَدٌ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ حَتَّى يُشْبِهَ الْعَذِرَةَ، وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُ التُّونُسِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ: إنْ شَابَهَ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ، أَوْ قَارَبَهَا. فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ شَابَهَهَا تَنَجَّسَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ بَقِيَ عَلَى حَالَةِ الطَّعَامِ فَطَاهِرٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَغَيَّرْ وَلَمْ يُشْبِهْهَا بِأَنْ اسْتَعَدَّ لِلْهَضْمِ عِنْدَ ابْنِ فَرْحُونٍ، أَوْ ظَهَرَتْ فِيهِ حُمُوضَةٌ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ فَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورُهُ النَّجَاسَةُ وَجَعَلَ الْحَطَّابُ الْقَلَسَ بِفَتْحِ اللَّامِ كَالْقَيْءِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مِنْ الشَّارِحِينَ وَرَدَّهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِمُشَابَهَةِ الْعَذِرَةِ اتِّفَاقًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ: الْقَلَسُ مَاءٌ حَامِضٌ طَاهِرٌ اهـ. وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَ) الطَّاهِرُ (صَفْرَاءُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ مَمْدُودًا وَهُوَ مَائِعٌ أَصْفَرُ مُنْعَقِدٌ يُشْبِهُ الصِّبْغَ الزَّعْفَرَانِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَهِيَ طَاهِرَةٌ لِعِلَّةِ الْحَيَاةِ فَمَا يَخْرُجُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 48 وَبَلْغَمٌ؛ وَمَرَارَةُ مُبَاحٍ، وَدَمٌ لَمْ يُسْفَحْ، وَمِسْكٌ وَفَأْرَتُهُ، وَزَرْعٌ بِنَجِسٍ، وَخَمْرٌ تَحَجَّرَ   [منح الجليل] مِنْهَا فَهُوَ طَاهِرٌ وَعِلَّةُ نَجَاسَةِ الْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ الِاسْتِحَالَةُ إلَى فَسَادٍ لَا وُصُولُهُ لَهَا، وَإِلَّا كَانَ نَجِسًا وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَا قَائِلَ بِهِ (وَ) الطَّاهِرُ (بَلْغَمٌ) وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ كَالْمُخَاطِ يَخْرُجُ مِنْ الصَّدْرِ أَوْ يَسْقُطُ مِنْ الرَّأْسِ مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ. (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (مَرَارَةُ مُبَاحٍ) أَوْ مَكْرُوهٍ مُذَكًّى وَمُرَادُهُ بِهَا مَائِعٌ أَصْفَرُ مُرٌّ فِي كِيسٍ مُلْزَقٍ بِزَائِدِ الْكَبِدِ لَا نَفْسُ الْكِيسِ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ وَجُزْؤُهُ وَهُوَ غَيْرُ الصَّفْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الْمَعِدَةِ وَالْحَيَوَانُ حَيٌّ، وَالْمَرَارَةُ لَا تَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ بِفَصْلِ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْكَبِدِ وَلِذَا أَضَافَهَا لِلْمُبَاحِ وَأَطْلَقَ الصَّفْرَاءَ (وَ) الطَّاهِرُ (دَمٌ لَمْ يُسْفَحْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الْفَاءِ آخِرَهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ لَمْ يَجْرِ عِنْدَ مُوجِبِ الْجَرَيَانِ مِنْ ذَبْحٍ وَنَحْرٍ وَجَرْحٍ وَهُوَ الْبَاقِي فِي الْعُرُوقِ وَالْمَوْجُودُ فِي الْقَلْبِ حِينَ شَقِّهِ وَالرَّاشِحُ مِنْ اللَّحْمِ حَالَ تَقْطِيعِهِ، وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي جَوْفِ الْحَيَوَانِ بَعْدَ ذَبْحِهِ، أَوْ نَحْرِهِ، وَالْمُتَجَمِّدُ عَلَى مَحَلِّ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ فَهُوَ مَسْفُوحٌ نَجِسٌ انْعَكَسَ إلَى الْجَوْفِ. (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (مِسْكٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ الْجَوْهَرِيُّ: فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَمَفْتُوحُهَا الْجِلْدُ، وَإِنَّهُ كَانَ أَصْلُهُ دَمًا لِاسْتِحَالَتِهِ إلَى صَلَاحٍ وَأَكْلُهُ مُبَاحٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُ الطَّعَامِ الْمُمَسَّكِ إذَا أَمَاتَهُ الطَّبْخُ وَلَوْ صَبَغَ الْفَمَ وَلَوْ أُخِذَ مِنْ مَيْتَةٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْضِ الْخَارِجِ بَعْدَ الْمَوْتِ شِدَّةُ الِاسْتِحَالَةِ إلَى صَلَاحٍ (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (فَأْرَتُهُ) أَيْ الْجِلْدَةُ الَّتِي يَجْتَمِعُ الْمِسْكُ فِيهَا فِي تَعَيُّنِ هَمْزِهِ وَعَدَمِهِ خِلَافٌ وَتُسَمَّى نَافِحَةً أَيْضًا. (وَ) مِنْ الطَّاهِرِ (زَرْعٌ) سُقِيَ (بِنَجِسٍ) ، أَوْ نَبْتٍ مِنْ بَذْرٍ نَجِسٍ وَظَاهِرُهُ نَجِسٌ فَيُغْسَلُ قَبْلَ أَكْلِهِ، أَوْ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ (وَ) مِنْهُ (خَمْرٌ تَحَجَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ كَحَجَرٍ فِي الْيُبْسِ إذَا ذَهَبَ مِنْهُ الْإِسْكَارُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فِيهِ بِحَيْثُ إذَا بُلَّ وَشُرِبَ يُسْكِرُ فَهُوَ نَجِسٌ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ عج وعب الْبُنَانِيُّ: لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ تَوَقُّفٌ فِيهِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْمَازِرِيِّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 49 أَوْ خُلِّلَ وَالنَّجَسُ مَا اُسْتُثْنِيَ، وَمَيْتُ: غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ قَمْلَةً أَوْ آدَمِيًّا وَالْأَظْهَرُ طَهَارَتُهُ   [منح الجليل] (أَوْ خُلِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْخَمْرُ فَالْمُتَخَلِّلُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ وَكَذَا مَا حُجِّرَ وَلَعَلَّ فِي الْمَتْنِ احْتِبَاكًا، وَالْأَصْلُ تَحَجَّرَ، أَوْ حُجِّرَ، أَوْ تَخَلَّلَ أَوْ خُلِّلَ، وَالْخَمْرُ مُؤَنَّثَةٌ وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا شَرَابًا مَثَلًا، أَوْ عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ، وَإِذَا طَهُرَتْ بِالتَّحَجُّرِ، أَوْ التَّخَلُّلِ طَهُرَ إنَاؤُهَا تَبَعًا لَهَا وَلَوْ فَخَّارًا غَاصَتْ فِيهِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ فَخَّارٍ بِغَوَّاصٍ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الْقُدُومِ عَلَى تَخْلِيلِهَا بِالْحُرْمَةِ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا، وَالْكَرَاهَةِ، وَالْإِبَاحَةِ وَيُمْنَعُ التَّدَاوِي بِهَا لَوْ مُسْتَهْلَكَةً فِي غَيْرِهَا وَسُلِبَتْ مَنَافِعُهَا بِتَحْرِيمِهَا وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا إلَّا الضَّرَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّاهِرَاتِ بَيَّنَ النَّجَاسَاتِ بِقَوْلِهِ: (وَالنَّجَسُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ (مَا) أَيْ الَّذِي (اُسْتُثْنِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَالْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ أُخْرِجَ مِنْ الطَّاهِرَاتِ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ إلَى هُنَا بِإِلَّا، أَوْ بِالشَّرْطِ وَذَكَرَهُ هُنَا مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ لِيَجْمَعَهُ مَعَ نَظَائِرِهِ فَلَا يَغْفُلَ عَنْهُ النَّاظِرُ فِيهَا (وَ) النَّجَسُ (مَيْتُ) حَيَوَانٍ (غَيْرِ مَا) أَيْ الْحَيَوَانِ الَّذِي (ذُكِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَهُوَ الْبَرِّيُّ الَّذِي لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَالْبَحْرِيُّ فَغَيْرُهُمَا الْبَرِّيُّ الَّذِي لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ قَمْلَةً وَلَا آدَمِيًّا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (قَمْلَةً) وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ مَيْتَتُهَا طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ دَمَهَا مَنْقُولٌ وَيُعْفَى عَنْ حَمْلِ، أَوْ قَتْلِ ثَلَاثٍ فِي الصَّلَاةِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ (أَوْ آدَمِيًّا) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ شَعْبَانَ. (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ خِلَافِ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ (طَهَارَتُهُ) أَيْ مَيِّتِ الْآدَمِيِّ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ طَاهِرٌ بِخِلَافِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ دَمٌ سَائِلٌ اهـ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي تُعَضِّدُهُ الْآثَارُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا لِحُرْمَةِ الْآدَمِيَّةِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَاسْتَظْهَرَهُ قَالَ وَالظَّاهِرُ طَهَارَةُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 50 وَمَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ وَمَيْتٍ: مِنْ قَرْنٍ وَظِلْفٍ وَعَظْمٍ وَظُفْرٍ وَعَاجٍ وَقَصَبِ رِيشٍ وَجِلْدٍ وَلَوْ دُبِغَ وَرُخِّصَ فِيهِ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ خِنْزِيرٍ   [منح الجليل] وَابْنِ الْقَصَّارِ، اهـ. وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ وَأَخَذَهُ عِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ هَارُونَ: لَا يَدْخُلُ هَذَا الْخِلَافُ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيَجِبُ الِاتِّفَاقُ عَلَى طَهَارَةِ أَجْسَادِهِمْ وَقَدْ قِيلَ بِطَهَارَةِ حَدَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ بِجَسَدِهِ الشَّرِيفِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ الْإِجْمَاعُ عَلَى طَهَارَةِ أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَا سِيَّمَا جَسَدُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، أَوْ مَعْنًى لَا حِسًّا. (وَ) النَّجَسُ (مَا) أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي (أُبِينَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَصْلُهُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَنُقِلَ كَسْرُهَا لِلْمُوَحَّدَةِ أَيْ فُصِلَ (مِنْ) حَيَوَانٍ نَجِسِ الْمَيْتَةِ (حَيٍّ، أَوْ مَيْتٍ) وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَلَّقَ بِيَسِيرِ جِلْدٍ بِحَيْثُ لَا يَنْجَبِرُ فَالْمُنْفَصِلُ مِنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ أَوْ مَيْتٍ طَاهِرٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْهُ مَا نُحِتَ بِحَجَرٍ مِنْ رِجْلِهِ وَبَيَّنَ مَا بِقَوْلِهِ (مِنْ قَرْنٍ وَعَظْمٍ وَظِلْفٍ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لِبَقَرَةٍ وَشَاةٍ كَحَافِرِ الْفَرَسِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْحَافِرَ (وَظُفْرِ) الْبَعِيرِ وَنَعَامٍ، وَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَسَائِرِ الطَّيْرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَصَلَّبَ عَلَى رَأْسِ الْأُصْبُعِ. (وَعَاجٍ) أَيْ سِنِّ فِيلٍ (وَقَصَبِ رِيشٍ) وَلَوْ أَعْلَاهَا الَّذِي لَا يَتَأَلَّمُ الْحَيَوَانُ بِقَصِّهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَيًّا (وَجِلْدٍ) إنْ لَمْ يُدْبَغْ بَلْ (وَلَوْ دُبِغَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَلَا يَطْهُرُ وَحَدِيثُ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» مَحْمُولٌ فِي الْمَشْهُورِ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيْ النَّظَافَةِ (وَرُخِّصَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أُجِيزَ وَأُذِنَ مِنْ الشَّارِعِ (فِيهِ) أَيْ اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ تَرْخِيصًا (مُطْلَقًا) عَلَى التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مِنْ مُبَاحٍ أَوْ مَكْرُوهٍ. (إلَّا) جِلْدًا مَدْبُوغًا (مِنْ خِنْزِيرٍ) فَلَمْ يُرَخَّصْ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَذَكَرَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ كَغَيْرِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ دَبْغِهِ وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 51 بَعْدَ دَبْغِهِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ،. وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْعَاجِ. وَالتَّوَقُّفُ فِي الْكِيمَخْتِ   [منح الجليل] جِلْدُ الْآدَمِيِّ إجْمَاعًا لِشَرَفِهِ وَوُجُوبِ دَفْنِهِ وَلَوْ كَافِرًا وَصِلَةُ " اسْتِعْمَالِ " الْمُقَدَّرِ (بَعْدَ دَبْغِهِ) أَيْ الْجِلْدِ بِمَا يُزِيلُ رَائِحَتَهُ وَرُطُوبَتَهُ وَيَحْفَظُهُ مِنْ التَّغَيُّرِ وَلَوْ نَجِسًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَصْدُ وَلَا الْإِسْلَامُ فَيُرَخَّصُ فِيمَا دَبَغَهُ كَافِرٌ وَفِيمَا دُبِغَ بِسُقُوطِهِ فِي دَابِغٍ بِلَا قَصْدٍ، وَصِلَةُ " اسْتِعْمَالِ " الْمُقَدَّرِ أَيْضًا (فِي يَابِسٍ) كَحَبٍّ وَدَقِيقٍ وَفُرُشٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَلُبْسٍ فِي غَيْرِهِ وَغَيْرِ صَلَاةٍ (وَ) فِي (مَاءٍ) طَهُورٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّهُ إلَّا مَا يُغَيِّرُ لَوْنَهُ، أَوْ طَعْمَهُ، أَوْ رِيحَهُ فَلَا يُرَخَّصُ فِي اسْتِعْمَالِهِ قَبْلَ دَبْغِهِ وَلَا بَعْدَهُ فِي مَائِعٍ غَيْرِ طَهُورٍ كَزَيْتٍ وَعَسَلٍ وَمَاءِ وَرْدٍ، وَالْفَرْوُ الَّذِي يُلْبَسُ فِي الشِّتَاءِ إنْ كَانَ مِنْ مَصِيدِ كَافِرٍ، أَوْ مَذْبُوحٍ مَجُوسِيٍّ يُقَلَّدُ فِيهِ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِذَهَابِهِ إلَى طَهَارَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بِالدَّبْغِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ زَوَالَ الشَّعَرِ لِطَهَارَتِهِ عِنْدَهُ وَاشْتَرَطَهُ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (كَرَاهَةُ) لُبْسِ (الْعَاجِ) فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوَهَا مِنْ فِيلٍ غَيْرِ مُذَكًّى وَنِصْفِهَا وَأَكْرَهُ الْأَدْيَانِ فِي أَنْيَابِ الْفِيلِ، وَالْمَشْطِ بِهَا وَالتِّجَارَةِ فِيهَا ابْنُ نَاجِي زَادَ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمُ اهـ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهَا قَبْلَهُ وَكُرِهَ أَخْذُ الْعَظْمِ وَالسِّنِّ، وَالْقَرْنِ وَالظِّلْفِ مِنْ الْمَيْتَةِ وَرَآهُ مَيْتَةً ابْنُ نَاجِي: الْكَرَاهَةُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ وَرَآهُ مَيْتَةً وَكَذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَرَاهَتَيْنِ لِتَعْلِيلِهِ كُلًّا مِنْهُمَا بِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَهَا فِيهِمَا عَلَى بَابِهَا وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُحَرِّمْهُ؛ لِأَنَّ عُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ وَابْنَ شِهَابٍ أَجَازُوا أَنْ يُتَمَشَّطَ بِأَمْشَاطِهِ وَذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ إلَى أَنَّ عِظَامَ الْمَيْتَةِ طَاهِرَةٌ، وَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ نَصَّ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ وَالرَّمَاصِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ. (وَ) فِيهَا (التَّوَقُّفُ) بِفَتْحِ التَّاءِ، وَالْوَاوِ وَضَمِّ الْقَافِ مُثَقَّلًا مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (فِي) الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ (الْكِيمَخْتِ) بِفَتْحِ الْكَافِ، وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ، وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 52 وَمَنِيٌّ وَمَذْيٌ، وَوَدْيٌ، وَقَيْحٌ، وَصَدِيدٌ، وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ، وَلَوْ مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ، وَسَوْدَاءُ؛ وَرَمَادُ نَجِسٍ وَدُخَانُهُ   [منح الجليل] أَيْ جِلْدِ الْحِمَارِ، أَوْ الْبَغْلِ، أَوْ الْفَرَسِ الْمَدْبُوغِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَذْهَبِهِ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي نَجَاسَتَهُ وَوُجُوبَ تَرْكِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَالْمَسْجِدِ كَسَائِرِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، وَعَمَلُ السَّلَفِ يَقْتَضِي طَهَارَتَهُ وَجَوَازَ مُلَابَسَتِهِ فِيهِمَا، وَنَصُّهَا: وَلَا يُصَلَّى عَلَى جِلْدِ حِمَارٍ وَإِنْ ذُكِّيَ وَتَوَقَّفَ عَنْ الْجَوَابِ فِي الْكِيمَخْتِ وَرَأَيْت تَرْكَهُ أَحَبَّ إلَيَّ، قَالَ الْعَدَوِيُّ: الْأَرْجَحُ أَنَّ التَّوَقُّفَ لَا يُعَدُّ قَوْلًا، وَالْمَشْهُورُ كَرَاهَتُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَقِيلَ فِي خُصُوصِ السُّيُوفِ. (وَ) النَّجَسُ (مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ) وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الدَّمَ الْمَعْفُوَّ عَنْ يَسِيرِهِ وَهِيَ بِوَزْنِ ظَبْيٍ أَوْ صَبِيٍّ (وَقَيْحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ مِدَّةٌ غَلِيظَةٌ يُخَالِطُهَا دَمٌ (وَصَدِيدٌ) مَاءٌ رَقِيقٌ مُخْتَلِطٌ بِدَمٍ خَارِجٍ مِنْ جُرْحٍ وَقِيلَ يَشْمَلُ الْغَلِيظَ وَكَذَا يَسِيلُ مِنْ الْبَثَرَاتِ، وَالْحَصْبَةِ، وَالْجُدَرِيِّ وَكَشْطِ الْجِلْدِ، وَالْحَرَارَةِ. (وَرُطُوبَةُ فَرْجٍ) مِنْ غَيْرِ مُبَاحٍ وَمِنْهُ طَاهِرَةُ مَا لَمْ يَتَغَذَّ بِنَجَسٍ وَمَا لَمْ يَحِضْ قُرْبَ حَيْضٍ (وَدَمٌ مَسْفُوحٌ) أَيْ جَارٍ بِذَكَاةٍ، أَوْ فَصْدٍ، أَوْ جَرْحٍ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَمَكٍ وَذُبَابٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مِنْ سَمَكٍ وَذُبَابٍ) وَبُرْغُوثٍ وَبَقٍّ وَنَامُوسٍ وَقُرَادٍ وَحَلَمٍ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ الْقَابِسِيّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِطَهَارَتِهِ مِنْهَا (وَسَوْدَاءُ) بِفَتْحِ السِّينِ مَمْدُودًا مَائِعٌ أَسْوَدُ، أَوْ كَدَرٌ أَحْمَرُ خَفِيفُ الْحُمْرَةِ. (وَرَمَادُ) مَحْرُوقٍ (نَجِسٍ) كَرَوْثِ مُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ وَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَحَطَبِ مُتَنَجِّسٍ (وَدُخَانُهُ) أَيْ النَّجِسِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنُسِبَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَشُهِّرَ، وَكَلَامُ الْحَطَّابِ أَوَّلًا وَآخِرًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَبْلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وعج طَهَارَتَهُمَا وَقَوَّاهُ الْحَطَّابُ فِي وَسَطِ كَلَامِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 53 وَبَوْلٌ، وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَمُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ وَيَنْجُسُ كَثِيرُ طَعَامٍ مَائِعٍ بِنَجِسٍ قَلَّ. كَجَامِدٍ، إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ وَإِلَّا فَبِحَسَبِهِ.   [منح الجليل] (وَبَوْلٌ وَعَذِرَةٌ مِنْ آدَمِيٍّ وَمُحَرَّمٍ) كَبَغْلٍ (وَمَكْرُوهٍ) كَسَبُعٍ وَهِرٍّ وَلَا فَرْقَ فِي الْآدَمِيِّ بَيْنَ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، وَالْكَبِيرِ، وَلَا بَيْنَ الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَلَا بَيْنَ قَلِيلِ الْبَوْلِ وَكَثِيرِهِ وَلَا بَيْنَ الْمُتَغَيِّرِ وَالنَّازِلِ بِصِفَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِمَرَضٍ إلَّا الْأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَفَضْلَتُهُمْ طَاهِرَةٌ وَلَوْ قَبْلَ بِعْثَتِهِمْ لِاصْطِفَائِهِمْ قَبْلَهَا وَاسْتِنْجَاؤُهُمْ كَانَ لِلتَّنْظِيفِ وَالتَّشْرِيعِ. وَبَيَّنَ حُكْمَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ بِطَعَامٍ بِقَوْلِهِ (وَيَنْجُسُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَيْ يَتَنَجَّسُ. (كَثِيرُ) وَأَوْلَى " قَلِيلُ " (طَعَامٍ) الْأَصْلُ طَعَامٌ كَثِيرٌ فَقَدَّمَ الصِّفَةَ وَأَضَافَهَا لِمَوْصُوفِهَا (مَائِعٍ) يَتَرَادُّ مِنْ بَاقِيهِ مَا يَخْلُفُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ سُرْعَةً كَخَلٍّ وَزَيْتٍ وَقْتَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ جَمَدَ بَعْدَهُ خُلِطَ (بِنَجِسٍ) كَبَوْلٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَحْمٍ وَعَظْمِ مَيْتَةٍ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا فِي الِاخْتِلَاطِ، أَوْ التَّحَلُّلِ؛ إذْ لَا يُطْرَحُ الطَّعَامُ بِهِ لِشَرَفِهِ. فَأَوْلَى إنْ عُلِمَ، أَوْ ظُنَّ عَدَمُهُ كَعَاجٍ وَعَظْمٍ قَدِيمٍ لَا دَسَمَ فِيهِ وَلَا رُطُوبَةَ وَلَا سِيَّمَا إنْ صُنِعَ نَحْوَ سُبْحَةٍ وَمُشْطٍ وَنَعَتَ " نَجِسٍ " بِجُمْلَةِ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا وَأَوْلَى الْكَثِيرُ وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ عَسُرَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَرَوْثِ فَأْرٍ يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ. وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِاغْتِفَارِهِ وَمِثْلُ الطَّعَامِ الْمَائِعِ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِطَاهِرٍ يُفَارِقُهُ غَالِبًا فَإِنْ اخْتَلَطَ الْمُطْلَقُ بِنَجِسٍ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ، ثُمَّ اخْتَلَطَ بِطَاهِرٍ مُفَارِقٍ غَالِبًا فَتَغَيَّرَ فَطَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ وَشَبَّهَ الطَّعَامَ الْجَامِدَ بِالطَّعَامِ الْمَائِعِ فِي التَّنَجُّسِ فَقَالَ (كَ) طَعَامٍ (جَامِدٍ) لَا يَتَرَادُّ مِنْهُ مَا يَخْلُفُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ بِسُرْعَةٍ كَثَرِيدٍ وَجُبْنٍ وَحَبٍّ وَدَقِيقٍ وَعَجِينٍ فَيَنْجُسُ بِالنَّجِسِ الْقَلِيلِ (إنْ أَمْكَنَ السَّرَيَانُ) لِلنَّجِسِ فِي جَمِيعِهِ يَقِينًا، أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا بِكَوْنِ النَّجِسِ مَائِعًا وَالطَّعَامِ مُتَحَلِّلًا أَوْ بِطُولِ زَمَنِ مُكْثِهِ فِيهِ فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي هُرْيِ زَيْتُونٍ وُجِدَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ بِأَنَّهُ كُلَّهُ نَجِسٌ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ لِطُولِ زَمَنِ حُلُولِهَا فِيهِ حَتَّى ظُنَّ سَرَيَانُهَا فِي جَمِيعِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَرَيَانُهَا فِي جَمِيعِهِ (فَ) يَنْجُسُ مِنْهُ (بِحَسَبِهِ) أَيْ السَّرَيَانِ الْمُحَقَّقِ، أَوْ الْمَظْنُونِ وَالْبَاقِي طَاهِرٌ يُبَاحُ أَكْلُهُ وَبَيْعُهُ بَعْدَ الْبَيَانِ لِأَنَّ النَّفْسَ تَكْرَهُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 54 وَلَا يَطْهُرُ زَيْتٌ خُولِطَ، وَلَحْمٌ طُبِخَ، وَزَيْتُونٌ مُلِحَ وَبَيْضٌ صُلِقَ بِنَجِسٍ، وَفَخَّارٌ بِغَوَّاصٍ وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجِسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ   [منح الجليل] وَلَا يَطْهُرُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ (زَيْتٌ) وَنَحْوُهُ مِنْ الْأَدْهَانِ (خُولِطَ) بِنَجَسٍ (وَ) لَا (لَحْمٌ) وَنَحْوُهُ (طُبِخَ) بِنَجِسٍ مِنْ مَاءٍ، أَوْ مِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ حَالَ طَبْخِهِ قَبْلَ اسْتِوَائِهِ لِشُرْبِهِ مِنْهَا وَغَوْصِهَا فِيهِ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ بَعْدَ نُضْجِهِ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ فَقَطْ فَيُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ. (وَ) لَا زَيْتُونٌ وَنَحْوُهُ (مُلِحَ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ بِنَجِسٍ مِنْ مِلْحٍ، أَوْ مَاءٍ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ بَعْدَ طِيبِهِ فِي الْمِلْحِ تَنَجَّسَ ظَاهِرُهُ فَقَطْ (وَلَا بَيْضٌ) لِحَمَامٍ، أَوْ دَجَاجٍ، أَوْ إوَزٍّ، أَوْ نَعَامٍ أَوْ غَيْرِهَا (صُلِقَ بِ) مَاءٍ (نَجِسٍ) ، أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ بَيْضَةٌ مَذِرَةٌ إنْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ الْمَصْلُوقُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَنَجَّسَ بِهَا وَشَرِبَ مِنْهُ غَيْرُهَا. (وَلَا) يَطْهُرُ (فَخَّارٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ إنَاءُ الطِّينِ الْمُحْرَقِ غَيْرُ الْمَدْهُونِ، أَوْ الْمَدْهُونُ بِمَا لَا يَمْنَعُ الْغَوْصَ كَفَخَّارِ مِصْرَ الْمَدْهُونِ الْمُسَمَّى بِالْعَجَمِيِّ الْمُعَدِّ لِلِّينِ، وَالْفُولِ وَنَحْوِهِمَا تَنَجَّسَ (بِ) نَجِسٍ (غَوَّاصٍ) أَيْ مَائِعٍ يَغُوصُ وَيَنْفُذُ فِي الْفَخَّارِ كَدَمٍ وَبَوْلٍ وَمُسْكِرٍ وَمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ فَهِيَ صِيغَةُ نَسَبٍ لَا مُبَالَغَةٍ فَإِنْ تَنَجَّسَ بِجَامِدٍ قَبِلَ التَّطْهِيرَ، وَأَمَّا النُّحَاسُ، وَالْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ وَالزُّجَاجُ وَالصِّينِيُّ، وَالْمُزَفَّتُ فَتَقْبَلُ التَّطْهِيرَ وَكَذَا الْفَخَّارُ الْمُوَدَّكُ الْعَتِيقُ الَّذِي لَا يَشْرَبُ وَكَذَا الْحَدِيدُ، أَوْ النُّحَاسُ الْمَحْمِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْرَبُ وَمَا يُشَاهَدُ فِيهِ مِنْ الْغَلَيَانِ وَنَقْصِ الْمَاءِ فَمِنْ تَدَافُعِ حَرَارَةِ النَّارِ، وَالْمَاءِ، وَدَلِيلُ عَدَمِ شُرْبِهِ عَدَمُ زِيَادَةِ وَزْنِهِ. (وَيُنْتَفَعُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ضَمِيرِ الْمُكَلَّفِ، أَوْ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ (بِمُتَنَجِّسٍ) أَيْ مَا عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ مِنْ طَعَامٍ كَزَيْتٍ وَعَسَلٍ وَلَبَنٍ وَسَمْنٍ وَشَرَابٍ كَمَاءٍ وَمَاءِ وَرْدٍ وَلِبَاسٍ كَثَوْبٍ (لَا) يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ (بِنَجِسٍ) كَبَوْلٍ وَدَمٍ وَمُسْكِرٍ إلَّا جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ الْمَدْبُوغِ فِي يَابِسٍ وَمَاءٍ، أَوْ مَيْتَةٍ تُلْقَى لِكِلَابِ صَيْدٍ، أَوْ حِرَاسَةٍ، أَوْ شَحْمَ مَيْتَةٍ لِدَهْنِ نَحْوِ عَجَلَةٍ وَطِلَاءِ سَفِينَةٍ وَشَمْعٍ، أَوْ عَظْمَ مَيْتَةٍ لِحَرْقِ طُوبٍ، أَوْ جِيرٍ، أَوْ جِبْسٍ، أَوْ مَا دَعَتْ ضَرُورَةٌ لَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 55 وَآدَمِيٍّ وَلَا يُصَلَّى بِلِبَاسِ كَافِرٍ، بِخِلَافِ نَسْجِهِ، وَلَا بِمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ   [منح الجليل] كَإِسَاغَةِ غُصَّةٍ بِنَحْوِ خَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَمَيْتَةٍ لِمُضْطَرٍّ وَعَذِرَةٍ بِمَاءٍ لِسَقْيِ زَرْعٍ وَرَوْثِ خَيْلٍ بِهِ لِتَسْلِيكِ قَنَاتِهِ وَصِلَةُ " يُنْتَفَعُ " (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ) فَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُتَنَجِّسِ فِيهِ فَلَا يُفْرَشُ بِفِرَاشٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَا يُوقَدُ فِيهِ بِزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَا يُبْنَى بِمُتَنَجِّسٍ، وَإِنْ بُنِيَ بِهِ لَيْسَ بِطَاهِرٍ وَلَا يُهْدَمُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كُتِبَ مُصْحَفٌ بِمِدَادٍ مُتَنَجِّسٍ مُحِيَ بِمَاءٍ طَهُورٍ أَوْ أُحْرِقَ فَإِنْ زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَبَقِيَ حُكْمُهَا بِثَوْبٍ، أَوْ مِنْدِيلٍ، أَوْ نَعْلٍ جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ بَقِيَتْ عَيْنُهَا بِالنَّعْلِ وَسُتِرَ بِطَاهِرٍ يَمْنَعُ مِنْ سُقُوطِ شَيْءٍ مِنْهُ فِيهِ جَازَ إدْخَالُهُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ، وَإِلَّا مُنِعَ وَيُمْنَعُ الْبَصْقُ، وَالْمَخْطُ وَالتَّنَخُّمُ فِي النَّعْلِ الْمُتَنَجِّسِ غَيْرِ الْمَسْتُورِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ لِتَنَجُّسِ الْمَذْكُورَاتِ بِمُجَرَّدِ حُلُولِهَا فِيهِ وَتَنْجِيسِ الْمَسْجِدِ بِسَيَلَانِهَا فِيهِ وَقَدْ اعْتَادَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. (وَ) فِي غَيْرِ أَكْلِ وَشُرْبِ (آدَمِيٍّ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ وَشُرْبُ الْمُتَنَجِّسِ لِتَنْجِيسِهِ جَوْفَهُ وَعَجْزِهِ عَنْ تَطْهِيرِهِ وَيُكْرَهُ دَهْنُ ظَاهِرِ جَسَدِهِ بِنَجِسٍ غَيْرِ الْخَمْرِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُهُ بِهِ لِلصَّلَاةِ، وَإِلَّا مُنِعَ كَدَهْنِهِ بِالْخَمْرِ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا وَمِنْ صُوَرِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُتَنَجِّسِ فِي غَيْرِهِمَا الِاسْتِصْبَاحُ وَعَمَلُ الصَّابُونِ وَدَهْنُ الْحِبَالِ، وَالْعَجَلِ وَسَقْيُ الدَّوَابِّ، وَإِطْعَامُهَا. (وَلَا يُصَلَّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فَرْضًا كَانَتْ، أَوْ نَفْلًا (بِلِبَاسِ) أَيْ مَلْبُوسِ شَخْصٍ (كَافِرٍ) ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيٍّ بَاشَرَ جِلْدَهُ أَوْ لَا كَانَ مِمَّا شَأْنُهُ أَنْ تَلْحَقَهُ النَّجَاسَةُ، أَوْ لَا كَقَلَنْسُوَتِهِ وَعِمَامَتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ نَجَاسَتُهُ فَحُمِلَ عَلَيْهَا عِنْدَ الشَّكِّ فِي طَهَارَتِهِ فَإِنْ عُلِمَتْ أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهُ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ. (بِخِلَافِ نَسْجِهِ) أَيْ مَنْسُوجِ الْكَافِرِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ لِعَدَمِ غَلَبَةِ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ لِتَوَقِّيهِ فِيهِ مِنْهَا خَوْفًا مِنْ كَسَادِهِ عَلَيْهِ بِامْتِنَاعِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ شِرَائِهِ مِنْهُ وَكَذَا سَائِرُ مَصْنُوعَاتِهِ وَلَوْ فِي خَلْوَتِهِ لِنَفْسِهِ (وَ) لَا يُصَلَّى (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ يُرِيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 56 وَلَا بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ إلَّا كَرَأْسِهِ، وَلَا بِمُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ عَالِمٍ. وَحَرُمَ اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ مُحَلًّى، وَلَوْ مِنْطَقَةً، وَآلَةَ حَرْبٍ. إلَّا الْمُصْحَفَ،   [منح الجليل] الصَّلَاةَ لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ بِبَوْلٍ، أَوْ مَذْيٍ، أَوْ حَيْضٍ إنْ شُكَّ فِي طَهَارَتِهِ فَإِنْ تُيُقِّنَتْ، أَوْ ظُنَّتْ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ وَاَلَّذِي يَنَامُ فِيهِ أَدْرَى بِحَالِهِ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ. (وَلَا) يُصَلَّى (بِثِيَابِ غَيْرِ مُصَلٍّ) رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً بَالِغًا، أَوْ صَبِيًّا لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهَا؛ إذْ شَأْنُ مَنْ لَا يُصَلِّي عَدَمُ تَوَقِّيهَا وَاسْتَثْنَى مِمَّا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَمِنْ ثِيَابِ غَيْرِ الْمُصَلِّي فَقَالَ (إلَّا) ثِيَابَ (كَرَأْسِهِ) وَمَا فَوْقَ سُرَّتِهِ مِنْ قَلَنْسُوَةٍ وَعِمَامَةٍ وَسَدِيرِيٍّ وَقَمِيصٍ لِلسُّرَّةِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهَا لِعَدَمِ غَلَبَةِ نَجَاسَتِهَا (وَ) لَا يُصَلَّى (بِ) ثَوْبٍ (مُحَاذِي) أَيْ مُقَابِلِ (فَرْجٍ) أَيْ قُبُلِ، أَوْ دُبُرِ شَخْصٍ (غَيْرِ عَالِمٍ) بِأَحْكَامِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِلَا حَائِلٍ مَانِعٍ مِنْ وُصُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ كَسَرَاوِيلَ، وَإِزَارٍ وَقَمِيصٍ لِغَلَبَةِ نَجَاسَتِهِ فَإِنْ عُلِمَتْ، أَوْ ظُنَّتْ طَهَارَتُهُ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِهِ، وَمَفْهُومُ غَيْرِ عَالِمٍ جَوَازُهَا بِمُحَاذِي فَرْجِ الْعَالِمِ بِلَا حَائِلٍ لِعَدَمِ غَلَبَتِهَا فِيهِ وَكَذَا مُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ الْعَالِمِ وَمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ بِحَائِلٍ مَانِعٍ مِنْ وُصُولِهَا إلَيْهِ لِذَلِكَ. وَلَمَّا شَابَهَ الْمُحَلَّى النَّجِسَ فِي حُرْمَةِ الِاسْتِعْمَالِ ذَكَرَهُ هُنَا فَقَالَ: (وَحَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ (اسْتِعْمَالُ ذَكَرٍ) بَالِغٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ " شَيْئًا " (مُحَلًّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُزَيَّنًا بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بِنَسْجٍ أَوْ طَرْزٍ، أَوْ خِيَاطَةٍ، وَأَمَّا الذَّكَرُ الصَّغِيرُ فَيُكْرَهُ لِوَلِيِّهِ إلْبَاسُهُ الذَّهَبَ، وَالْحَرِيرَ وَيَجُوزُ إلْبَاسُهُ الْفِضَّةَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْحِلْيَةُ كَأَسْوِرَةٍ وَخَلْخَالٍ أَوْلَى بِالْحُرْمَةِ مِنْ الْمُحَلَّى وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْحِلْيَةِ، وَالْمُحَلَّى لِعَاقِبَةٍ، أَوْ زَوْجَةٍ مَثَلًا وَالتِّجَارَةُ فِيهِمَا وَبَالَغَ عَلَى حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُحَلَّى فَقَالَ: (وَلَوْ) كَانَ الْمُحَلَّى بِالنَّقْدِ (مِنْطَقَةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حِزَامًا وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِهَا مُفَضَّضَةً. (وَ) لَوْ (آلَةَ حَرْبٍ) كَبُنْدُقِيَّةٍ وَقَرْبِيلَةٍ وَغَدْرِيَّةٍ وَسِكِّينٍ (إلَّا الْمُصْحَفَ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لِذَكَرٍ بَالِغٍ وَهُوَ مُحَلًّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 57 وَالسَّيْفَ، وَالْأَنْفَ. وَرَبْطَ سِنٍّ مُطْلَقًا، وَخَاتَمَ الْفِضَّةِ لَا مَا بَعْضُهُ ذَهَبٌ وَلَوْ قَلَّ وَإِنَاءُ نَقْدٍ. وَاقْتِنَاؤُهُ وَإِنْ لِامْرَأَةٍ. وَفِي الْمُغَشَّى   [منح الجليل] بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ عَلَى جِلْدِهِ وَتُكْرَهُ كِتَابَتُهُ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْكُتُبِ دَاخِلٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. (وَ) إلَّا (السَّيْفَ) فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مُحَلًّى بِأَحَدِهِمَا، أَوْ بِهِمَا فِي قَبْضَتِهِ أَوْ جَفِيرِهِ إنْ كَانَ لِلْجِهَادِ وَكَانَ لِرَجُلٍ (وَ) إلَّا (الْأَنْفَ) السَّاقِطَ فَيَجُوزُ تَعْوِيضُهُ بِأَنْفٍ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الذَّهَبَ لِخَاصِّيَّةِ مَنْعِ نَتْنِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ «أَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ سَعْدٍ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ وَخِفَّةِ اللَّامِ اسْمُ مَاءٍ كَانَتْ الْوَاقِعَةُ عِنْدَهُ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّخِذَهُ مِنْ ذَهَبٍ فَاِتَّخَذَهُ مِنْ ذَهَبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. (وَ) إلَّا (رَبْطَ سِنٍّ) تَخَلْخَلَ، أَوْ سَقَطَ بِخَيْطِ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، أَوْ بِوَزْنٍ مَخْصُوصٍ، رَاجِعٌ لِلْمُصْحَفِ وَمَا بَعْدَهُ (وَ) إلَّا (خَاتَمَ الْفِضَّةِ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ لِلذَّكَرِ الْبَالِغِ إنْ قَصَدَ بِهِ الِاقْتِدَاءَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ وَاحِدًا وَوَزْنُهُ دِرْهَمَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ، أَوْ أَقَلَّ، وَإِلَّا حَرُمَ، وَإِنْ اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ نُدِبَ كَلُبْسِهِ بِالْيُسْرَى وَجَعْلِ فَصِّهِ لِلْكَفِّ (لَا) يَجُوزُ لِلذَّكَرِ الْبَالِغِ (مَا) أَيْ خَاتَمٌ (بَعْضُهُ) وَأَوْلَى " كُلُّهُ " (ذَهَبٌ وَلَوْ قَلَّ) الذَّهَبُ عَنْ الْفِضَّةِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَا قَلَّ ذَهَبُهُ بِأَنْ كَانَ ثُلُثَهُ فَأَقَلَّ وَاعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ كَرَاهَتَهُ حِينَئِذٍ. (وَ) حَرُمَ اسْتِعْمَالُ (إنَاءِ نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ لِأَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ غَسْلٍ، أَوْ تَبْخِيرٍ أَوْ رَشٍّ (وَ) حَرُمَ (اقْتِنَاؤُهُ) أَيْ تَمَلُّكُ إنَاءِ نَقْدٍ وَلَوْ لِغَيْرِ اسْتِعْمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لَهُ إلَّا لِتَدَاوٍ وَفِدَاءِ أَسِيرٍ وَكَسْرٍ (وَإِنْ) كَانَ الِاقْتِنَاءُ (لِامْرَأَةٍ) أَيْ مِنْهَا؛ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ أَيْضًا. (وَفِي) حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ النَّقْدِ (الْمُغَشَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ وَالشِّينِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 58 وَالْمُمَوَّهِ وَالْمُضَبَّبِ وَذِي الْحَلْقَةِ وَإِنَاءِ الْجَوْهَرِ قَوْلَانِ. وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ مُطْلَقًا وَلَوْ نَعْلًا: كَسَرِيرٍ   [منح الجليل] الْمُعْجَمَيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُلَبَّسِ مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ بِنَحْوِ رَصَاصٍ نَظَرًا لِبَاطِنِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَجَوَازِهِمَا نَظَرًا لِظَاهِرِهِ. (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ النُّحَاسِ وَنَحْوَهُ (الْمُمَوَّهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَطْلِيِّ بِذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ نَظَرًا لِظَاهِرِهِ وَجَوَازِهِمَا نَظَرًا لِبَاطِنِهِ. (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ الْفَخَّارِ أَوْ الْخَشَبِ الْمَكْسُورِ (الْمُضَبَّبِ) أَيْ الْمَجْعُولِ لَهُ ضَبَّةٌ أَيْ قِطْعَةُ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ عَلَى مَحَلِّ كَسْرِهِ لِإِصْلَاحِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَجَوَازِهِمَا. (وَ) فِي حُرْمَةِ اقْتِنَاءِ وَاسْتِعْمَالِ إنَاءِ النُّحَاسِ أَوْ الْخَشَبِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الْحَلْقَةِ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَكَذَا اللَّوْحُ، وَالْمِرْآةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَجَوَازِهِمَا. (وَ) فِي حُرْمَةِ اسْتِعْمَالِ وَاقْتِنَاءِ إنَاءِ (الْجَوْهَرِ) النَّفِيسِ كَزُمُرُّدٍ وَيَاقُوتٍ وَجَوَازِهِمَا وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. (وَجَازَ لِلْمَرْأَةِ الْمَلْبُوسُ) أَيْ لُبْسُهُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالْحَرِيرِ وَعَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مَلْبُوسَ رَأْسٍ، أَوْ غَيْرِهِ. (وَلَوْ) كَانَ الْمَلْبُوسُ (نَعْلًا) مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمُذْهَبِ بِمَنْعِهِ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْبُرْزُلِيُّ، وَأَمَّا جَعْلُ الْقَبْقَابِ مِنْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خِلَافٌ هَلْ هُوَ مِنْ اللِّبَاسِ، أَوْ الْأَوَانِي، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْفِرَاشِ، وَفِي الزَّاهِيِّ وَالنَّعْلُ لَيْسَ مِنْ الْحُلِيِّ وَقِيلَ مِنْهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ غَيْرُ الْمَلْبُوسِ (كَسَرِيرٍ) وَمُكْحُلَةٍ وَمُشْطٍ وَمِرْآةٍ وَمُدْيَةٍ وَآلَةِ حَرْبٍ وَلَوْ سَيْفًا وَآلَةِ رُكُوبٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي إزَالَةُ النَّجَاسَةِ] وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى وَسِيلَةِ الطَّهَارَةِ وَمَا نَاسَبَهَا شَرَعَ فِي مَقَاصِدِهَا وَبَدَأَ مِنْهَا بِطَهَارَةِ الْخَبَثِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 59 (فَصْلٌ) هَلْ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْ ثَوْبِ مُصَلٍّ: وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ وَبَدَنِهِ   [منح الجليل] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَمَا يُعْفَى عَنْهُ مِنْهَا وَسُقُوطِهَا عَلَى الْمُصَلِّي وَالشَّكِّ فِي الْأَوَانِي وَالْوُلُوغِ وَمَا نَاسَبَهَا وَبَدَأَ بِحُكْمِ إزَالَتِهَا مُوَطِّئًا لَهُ بِصُورَةِ اسْتِفْهَامٍ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ تَنْبِيهًا لِلْوَاقِفِ عَلَى تَلَقِّيه فَقَالَ: (هَلْ إزَالَةُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مَصْدَرُ أَزَالَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (النَّجَاسَةِ) أَيْ الصِّفَةِ الْحُكْمِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِمَوْصُوفِهَا مَنْعَ الصَّلَاةِ بِهِ أَوْ فِيهِ وَكَذَا تَقْلِيلُهَا إنْ تَعَدَّدَ مَحَلُّهَا وَوُجِدَ مَاءٌ يَسِيرٌ كَافٍ أَحَدَ الْمَحَلَّيْنِ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَغَسْلُ بَعْضِهِ يَزِيدُهَا انْتِشَارًا وَصِلَةُ إزَالَةُ (عَنْ ثَوْبِ) أَيْ مَحْمُولٍ (مُصَلٍّ) أَيْ مُرِيدِ صَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بَالِغٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَالصَّبِيُّ الَّذِي يُرِيدُ الصَّلَاةَ تُنْدَبُ لَهُ إزَالَتُهَا عَنْ ثَوْبِهِ وَمَكَانُهُ الْبُنَانِيُّ لَيْسَ خِطَابُ الصَّبِيِّ بِهِمَا عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ كَخِطَابِ الْبَالِغِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ فَقَطْ فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ يَقْصُرُ كَلَامَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمُرِيدُ الطَّوَافِ كَمُرِيدِ الصَّلَاةِ وَمَنْ لَمْ يُرِدْهُمَا تُنْدَبُ لَهُ إزَالَتُهَا عَنْ بَدَنِهِ عَلَى أَنَّ التَّلَطُّخَ بِهَا مَكْرُوهٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَتَجِبُ عَلَى أَنَّهُ مُحْرِمٌ سَوَاءٌ كَانَ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ عِمَامَةً أَوْ غَيْرَهَا فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: (وَلَوْ) كَانَ الثَّوْبُ (طَرَفَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ بَعْضَ (عِمَامَتِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمَرْمِيَّ بِالْأَرْضِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ مُتَعَمِّمٌ بِهِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ مُتَحَزِّمٌ بِهِ أَوْ مَاسِكٌ لَهُ بِيَدِهِ فَالْعِمَامَةُ كُلُّهَا مَحْمُولَةٌ لِلْمُصَلِّي فِي هَذِهِ الصُّوَرُ سَوَاءٌ تَحَرَّكَ طَرَفُهَا الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ بِعَدَمِ الْأَمْرِ بِإِزَالَتِهَا عَنْ طَرَفِ الْعِمَامَةِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ وَمِثْلُ طَرَفِ الْعِمَامَةِ طَرَفُ غَيْرِهَا كَرِدَاءٍ وَحَبْلٍ. (وَ) عَنْ ظَاهِرِ (بَدَنِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي وَمِنْهُ دَاخِلُ فَمِهِ وَأَنْفِهِ وَعَيْنِهِ وَأُذُنِهِ وَلَا تَكْفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 60 وَمَكَانِهِ: لَا طَرَفَ حَصِيرِهِ. سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ   [منح الجليل] غَلَبَةُ الرِّيقِ وَالدَّمْعِ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ فَيُعْفَى عَنْهُ وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَجَسًا فَقَالَ التُّونُسِيُّ فِيهِ مَا بِدَاخِلِ الْجِسْمِ مِنْ نَجَاسَةٍ لَغْوٌ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَا أُدْخِلَ مِنْ النَّجَاسَاتِ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ كَمَا بِظَاهِرِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عج وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا وَنَحْوَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّقَايُؤِ وَلَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا وَلَوْ تَابَ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ وَصَلَّى فَهُوَ كَالْمُصَلِّي بِهَا غَيْرِ مُتَعَمِّدٍ وَإِنْ شَرِبَهَا لِغُصَّةٍ أَوْ لِظَنِّهَا غَيْرَهَا وَقَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَصَلَّى فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. (وَ) عَنْ (مَكَانِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الَّذِي تَمَسُّهُ أَعْضَاؤُهُ بِالْفِعْلِ كَمَوْضِعِ قَدَمَيْهِ وَكَفَّيْهِ وَجَبْهَتِهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَسَاقِهِ وَأَلْيَتِهِ وَفَخِذِهِ وَمَا لَا يَمَسُّهُ بِالْفِعْلِ كَمَوْضِعٍ لَا يُخَاطَبُ بِإِزَالَتِهَا عَنْهُ كَمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَمَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ وَمَا هُوَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ شِمَالِهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ وَكَالْمَوْضِعِ الْمَرْمِيِّ إلَيْهِ بِالسُّجُودِ. (لَا) عَنْ (طَرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ جَانِبَ (حَصِيرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ جِهَةِ الْأَرْضِ الَّتِي فُرِشَ عَلَيْهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَلْيَكُنْ مَا يَمَسُّ بَدَنَ الْمُصَلِّي عِنْدَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ طَاهِرًا زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَمَّا مَا لَا يَمَسُّهُ فَلَا يَضُرُّهُ وَفِي الْإِكْمَالِ أَنَّ ثِيَابَ الْمُصَلِّي إذَا كَانَتْ تَمَسُّ نَجَاسَةً جَافَّةً وَلَا يَجْلِسُ عَلَيْهَا الْمُصَلِّي فَلَا تَضُرُّهُ. وَخَبَرُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ (سُنَّةٌ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ مَعْنَاهَا لُغَةً: الطَّرِيقُ وَعُرْفًا: طَرِيقَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي دَاوَمَ عَلَيْهَا وَأَظْهَرَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا أَيْ مَطْلُوبَةً طَلَبًا مُؤَكَّدًا غَيْرَ جَازِمٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَعَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ وَابْنُ يُونُسَ فِي جَامِعِهِ وَحَكَى بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. (أَوْ وَاجِبَةٌ) وُجُوبَ الشُّرُوطِ وَشَهَرَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ: وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجَعَلَهُ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ (إنْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ الْمُصَلِّي النَّجَاسَةَ فِيمَا ذَكَرَ (وَقَدَرَ) الْمُصَلِّي عَلَى إزَالَتِهَا بِوُجُودِ مَاءٍ طَهُورٍ أَوْ ثَوْبٍ طَاهِرٍ أَوْ بِالِانْتِقَالِ إلَى مَكَان طَاهِرٍ قَرَّرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحَطَّابُ وَابْنُ فَجْلَةَ وَالْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ الذِّكْرَ وَالْقُدْرَةَ شَرْطَانِ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ وَأُمًّا السُّنِّيَّةُ فَمُطْلَقَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 61 وَإِلَّا أَعَادَ الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ؟ خِلَافٌ.   [منح الجليل] ذَكَرَ أَوْ نَسِيَ قَدَرَ أَوْ عَجَزَ وَقَرَّرَ عج وعبق أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِيهَا أَيْضًا وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَكْلِيفَ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا فِي حَقِّهِمَا ثَمَرَتُهَا أَيْ نُدِبَ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ إنْ تَذَكَّرَ النَّاسِي وَقَدَرَ الْعَاجِزُ فِيهِ لَا طَلَبَهَا مِنْهُمَا حَالَ النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْ النَّاسِي وَامْتِنَاعِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ وَالثَّانِي بِأَنَّهَا لَا تَنْحَطُّ عَنْ مُقْتَضَى السُّنِّيَّةِ مِنْ نَدْبِ الْإِعَادَةِ الْوَقْتِيَّةِ بِالنِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُمَا فِيهَا مِنْ حَيْثُ رَفْعِ الْخِطَابِ بِهَا حَالَهُمَا فَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَنْ نَظَرَ إلَى رَفْعِ الطَّلَبِ قَيَّدَ السُّنِّيَّةَ بِهِمَا وَمَنْ نَظَرَ إلَى طَلَبِ الْإِعَادَةِ الْوَقْتِيَّةِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَالْقُدْرَةِ أَطْلَقَهَا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ النَّجَاسَةَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إزَالَتِهَا وَصَلَّى بِهَا نَاسِيًا لَهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا أَوْ عَاجِزًا عَنْ إزَالَتِهَا وَاسْتَمَرَّ نِسْيَانُهُ أَوْ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهَا أَوْ عَجْزُهُ حَتَّى أَتَمَّ الصَّلَاةَ (أَعَادَ) نَدْبًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ (الطُّهْرَيْنِ) أَيْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَفِيهِ تَغْلِيبٌ (لِلِاصْفِرَارِ) أَيْ أَوَّلَهُ فَلَا يُعِيدُهُمَا فِيهِ وَأَعَادَ الْعِشَاءَيْنِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَالصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ إمَّا إعَادَةُ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ لِآخِرِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَالصُّبْحِ لِلْأَسْفَارِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ كَالتَّنَقُّلِ وَهُوَ شَدِيدُ الْكَرَاهَةِ فِي الِاصْفِرَارِ وَمَنْدُوبٌ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ وَبِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لِلصُّبْحِ فِيهِ. (خِلَافٌ) لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى إعَادَةِ الذَّاكِرِ الْقَادِرِ وَصَلَاتِهِ بِهَا أَبَدًا وَالْعَاجِزِ وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ وَرُدَّ بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ إزَالَتِهَا وَنَدْبِهَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَبِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَحَدِهِمَا يُجِيبُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْآخَرُ وَبِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ بِخِلَافٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ وَهَذِهِ كُلُّهَا تُفِيدُ أَنَّهُ مَعْنَوِيٌّ وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِمَنْعِهِ وَأَنَّ الْإِعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ وَاجِبَةٌ عَلَى السُّنِّيَّةِ أَيْضًا ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّ إزَالَتَهَا سُنَّةٌ وَعَلَيْهِ فَالْمُصَلِّي بِهَا عَامِدًا يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا كَمَا قِيلَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ عَمْدًا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَ مَنْ قَالَ بِالسُّنِّيَّةِ وَمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ الْمُقَيَّدِ بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ وَإِنَّمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ الْمُطْلَقِ كَأَبِي الْفَرَجِ وَعَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 62 وَسُقُوطُهَا فِي صَلَاةٍ مُبْطِلٌ. كَذِكْرِهَا فِيهَا لَا قَبْلَهَا أَوْ كَانَتْ   [منح الجليل] الثَّالِثِ بِأَنَّ إشَارَةَ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافٍ لِلْخِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ تَشْمَلُ اخْتِلَافَهُمْ فِي تَشْهِيرِ الْحُكْمِ أَوْ عِبَارَتِهِ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ أَغْلَبِيَّةً فِي الْأَوَّلِ هَذَا فِي الْمَذْهَبِ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ رُشْدٍ وَهِيَ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ مِنْ إعَادَةِ النَّاسِي وَالْعَاجِزِ فِي الْوَقْتِ وَالذَّاكِرِ الْقَادِرِ أَبَدًا وُجُوبًا عَلَى الْقَوْلِ بِالسُّنِّيَّةِ أَيْضًا وَحُرْمَةِ قُدُومِهِ. وَعَلَيْهَا فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ وَطَرِيقَةٌ لِلْقُرْطُبِيِّ وَهِيَ أَنَّهُ عَلَى السُّنِّيَّةِ تُنْدَبُ إعَادَةُ الْمُصَلِّي بِهَا فِي الْوَقْتِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَ ذَاكِرًا أَوْ نَاسِيًا قَادِرًا أَوْ عَاجِزًا وَعَلَى الْوُجُوبِ يُعِيدُ الذَّاكِرُ الْقَادِرُ أَبَدًا وُجُوبًا وَالنَّاسِي وَالْعَاجِزُ فِي الْوَقْتِ نَدْبًا وَعَلَيْهَا فَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ فَمَنْ قَالَ يُعِيدُ الذَّاكِرُ الْقَادِرُ أَبَدًا عَلَى الْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ وُجُوبًا عَلَى الْأَوَّلِ وَنَدْبًا عَلَى الثَّانِي لَا سَلَفَ لَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَسُقُوطُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ عَلَى الشَّخْصِ وَهُوَ (فِي صَلَاةٍ) فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (مُبْطِلٌ) لَهَا وَلَوْ كَانَ مَأْمُومًا إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ بِأَنْ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ يَابِسَةً وَلَمْ تَكُنْ مِمَّا يُعْفَى عَنْهُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ إزَالَتِهَا وَوَجَدَ مَاءً يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ وَلَمْ تَكُنْ مَحْمُولَةً لِغَيْرِهِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْبُطْلَانِ سَحْنُونَ وَالْبَاجِيِّ وَابْنَ رُشْدٍ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ وَالرَّمَاصِيِّ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ. وَالْمُدَوَّنَةُ عَبَّرَتْ بِالْقَطْعِ الْمُشْعِرِ بِالِانْعِقَادِ وَاخْتَلَفَ شُرَّاحُهَا فِيهِ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ بِالشُّرُوطِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إذْ الْأَوَّلُ لَازِم فِي الْمُشَبَّهِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ فَقَالَ (كَذِكْرِهَا) أَيْ النَّجَاسَةَ أَوْ عِلْمِهَا بِثَوْبِ الشَّخْصِ أَوْ بَدَنِهِ وَهُوَ (فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَتُبْطِلُ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا أَوْ عِلْمِهَا فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً وَلَمْ تَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ بِأَنْ سَقَطَتْ بِمُجَرَّدِ سُقُوطِهَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يُزِيلُهَا بِهِ وَلَا ثَوْبًا آخَرَ وَكَانَتْ مَحْمُولَةً لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا. (لَا) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ ذُكِرَتْ النَّجَاسَةُ وَنَسِيَهَا (قَبْلَ) إحْرَامِهِ بِ (هَا) وَاسْتَمَرَّ نَاسِيًا لَهَا حَتَّى أَتَمَّهَا وَلَوْ تَكَرَّرَ الذِّكْرُ وَالنِّسْيَانُ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ (أَوْ كَانَتْ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 63 أَسْفَلَ نَعْلٍ فَخَلَعَهَا وَعُفِيَ عَمَّا يَعْسُرُ كَحَدَثِ مُسْتَنْكِحٍ وَبَلَلِ بَاسُورٍ فِي يَدٍ إنْ كَثُرَ   [منح الجليل] النَّجَاسَةُ (أَسْفَلَ نَعْلٍ) أَيْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ وَأَحْرَمَ الشَّخْصُ بِالصَّلَاةِ وَهُوَ لَابِسُهَا وَاسْتَمَرَّ لَابِسَهَا حَتَّى أَرَادَ السُّجُودَ (فَخَلَعَهَا) أَيْ النَّعْلَ مِنْ رِجْلَيْهِ وَلَمْ يَرْفَعْهَا بِرِجْلِهِ وَسَجَدَ بِدُونِهَا وَلَمَّا قَامَ لِلْقِرَاءَةِ لَبِسَهَا وَلَمَّا أَرَادَ السُّجُودَ خَلَعَهَا وَفَعَلَ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ حَالَ خَلْعِهَا وَحَالَ لُبْسِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ حَامِلًا لَهَا وَأَسْفَلُهَا كَأَسْفَلِ الْحَصِيرِ النَّجِسِ وَوَجْهُهُ الَّذِي يَمَسُّهُ الْمُصَلِّي طَاهِرٌ وَمَفْهُومُ أَسْفَلَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي أَعْلَاهُ أَوْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِحَمْلِهِ النَّجَاسَةَ وَمَفْهُومُ خَلْعِهَا أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ بِهَا لَبَطَلَتْ أَيْضًا لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَسْفَلُ النَّعْلِ طَاهِرًا أَوْ وَقَفَ بِهَا عَلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ يَابِسٍ نَاسِيًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَمَّا ذَكَرَهَا أَوْ عَلِمَهَا نَقَلَ رِجْلَهُ بِالنَّعْلِ إلَى مَحَلٍّ ظَاهِرٍ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ أَسْفَلَهَا كَوَجْهِ الْحَصِيرِ الْمُلَاقِي لِلْأَرْضِ هَذَا هُوَ الْحَقُّ ابْنُ نَاجِي الْفَرْقُ بَيْنَ النَّعْلِ يَنْزِعُهَا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَالثَّوْبِ تَبْطُلُ وَلَوْ نَزَعَهُ أَنَّ الثَّوْبَ مَحْمُولٌ لَهُ وَالنَّعْلُ وَاقِفٌ عَلَيْهَا وَالنَّجَاسَةُ بِأَسْفَلِهَا فَهِيَ كَبَسْطِ شَيْءٍ كَثِيفٍ عَلَى النَّجَاسَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ. (وَعُفِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ سُومِحَ وَتَجُوزُ (عَمَّا) أَيْ كُلِّ نَجَاسَةٍ (يَعْسُرُ) أَيْ يَصْعُبُ وَيَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ وَمَثَّلَ لَهَا لِلْإِيضَاحِ فَقَالَ (كَحَدَثِ) أَيْ خَارِجٍ مُعْتَادٍ مِنْ مَخْرَجٍ مُعْتَادٍ كَبَوْلٍ وَمَذْيٍ وَوَدْيٍ وَمَنِيٍّ وَغَائِطٍ رَقِيقٍ وَنَعَتَ حَدَثِ بِ (مُسْتَنْكِحٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ خَارِجٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الشَّخْصِ مُلَازِمٍ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَأَكْثَرَ أَصَابَ الْبَدَنَ أَوْ الثَّوْبَ الْحَطَّابُ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ إصَابَةَ الْمَكَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ أَصَابَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِسُهُولَةِ الِانْتِقَالِ إلَى مَكَان غَيْرِهِ طَاهِرٍ وَإِنْ أَصَابَهُ فِيهَا فَيُعْفَى عَنْهُ. (وَ) كَبَّ (لَلِ بَاسُورٍ) بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ وَجَعُ الْمَقْعَدَةِ وَتَوَرُّمُهَا مِنْ دَاخِلِهَا وَنَبَاتِ ثَوَالِيلَ فِيهِ تَخْرُجُ فَيَتَأَلَّمُ مِنْ خُرُوجِهَا وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ وَأَمَّا بِالنُّونِ فَعَرَبِيٌّ وَهُوَ انْفِتَاحُ عُرُوقِ الْمَقْعَدَةِ وَسَيَلَانُ مَادَّتِهَا حَصَلَ (فِي يَدٍ) فَلَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ غَسْلُهَا مِنْهُ (إنْ كَثُرَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 64 الرَّدُّ أَوْ ثَوْبٍ وَثَوْبِ مُرْضِعَةٍ تَجْتَهِدُ وَنُدِبَ لَهَا ثَوْبٌ لِلصَّلَاةِ وَدُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا:   [منح الجليل] الرَّدُّ) لِمَا خَرَجَ مِنْ الْبَاسُورِ مِنْ الدُّبُرِ إلَيْهِ بِهَا بِأَنْ حَصَلَ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ وَمِثْلُ الْيَدِ الْخِرْقَةُ الَّتِي يَجْعَلُهَا عَلَيْهَا حَالَ الرَّدِّ. (أَوْ) حَصَلَ فِي (ثَوْبٍ) أَوْ بَدَنٍ وَلَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً سَوَاءٌ كَثُرَ خُرُوجُهُ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ تَأْخِيرُهُ عَنْ الشَّرْطِ وَالْفَرْقُ أَنَّ غَسْلَ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ كُلَّ يَوْمٍ فِيهِ مَشَقَّةٌ وَلَا يَشُقُّ غَسْلُ الْيَدِ إلَّا إذَا كَثُرَ فَاَلَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ مَرَّاتٍ وَأَمَّا الْمُلَازَمَةُ كُلَّ يَوْمٍ فَهِيَ شَرْطٌ فِيهِمَا أَيْضًا. (وَ) كَمُصِيبِ (ثَوْبِ) أَوْ بَدَنِ (مُرْضِعَةٍ) لِإِمْكَانِهَا إنْ أَمْكَنَهَا التَّحَوُّلُ عَنْهُ مِنْ بَوْلٍ أَوْ عَذِرَةِ الرَّضِيعِ سَوَاءٌ كَانَتْ أُمُّهُ مُطْلَقَةً أَوْ غَيْرَهَا إنْ احْتَاجَتْ لِإِرْضَاعِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا، وَنَعَتَ " مُرْضِعَةٍ " بِجُمْلَةِ (تَجْتَهِدُ) أَيْ تَبْذُلُ جُهْدَهَا فِي إبْعَادِ بَوْلِهِ وَعَذِرَتِهِ عَنْ بَدَنِهَا وَثَوْبِهَا وَغَلَبَهَا بِشَيْءٍ مِنْهُمَا فَيُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ رَأَتْهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ نَاجِي وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: لَا يُعْفَى عَمَّا رَأَتْهُ فَإِنْ لَمْ تَجْتَهِدْ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهَا مِنْهُمَا وَلَوْ قَلَّ وَمِثْلُهَا مِنْ الْغَالِبِ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ كَنَازِحِ الْكَنِيفِ وَالْجَزَّارِ وَسَائِقِ الدَّوَابِّ وَرَاعِيهَا. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهَا) أَيْ مِنْ الْمُرْضِعِ وَمِثْلِهَا فِيهِ مَنْ أُلْحِقَ بِهَا وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (ثَوْبٌ) طَاهِرٌ أَيْ إعْدَادُهُ (لِلصَّلَاةِ) فِيهِ خَاصَّةً لَا الَّذِي سَلُسَ وَدُمَّلٌ سَائِلٌ وَبَاسُورٌ وَنَحْوُهَا لِأَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهُ لَهُمْ مِنْ بَدَنِهِمْ وَقَدْ يَطْرَأُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يُفِيدُ إعْدَادُ الثَّوْبِ لَهَا نَعَمْ يُنْدَبُ إعْدَادُ خِرْقَةٍ لِدَرْئِهِ إنْ حَصَلَ فِيهَا. (وَ) كَ (دُونَ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ مِسَاحَةِ (دِرْهَمٍ) بَغْلِيٍّ أَيْ الدَّائِرَةِ السَّوْدَاءِ الَّتِي فِي بَاطِنِ ذِرَاعِ الْبَغْلِ وَإِنْ زَادَ عَلَى وَزْنِهِ لِثِخَنِهِ وَبَيْنَ دُونِ الدِّرْهَمِ بِقَوْلِهِ (مِنْ) عَيْنٍ أَوْ أَثَرِ (دَمٍ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ مِنْ بَدَنِ الْمُصَلِّي أَوْ غَيْرَ حَيْضٍ وَخِنْزِيرٍ أَوْ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان وَمَفْهُومُ دُونَ دِرْهَمٍ أَنَّ الدِّرْهَمَ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ سَابِقٍ أَنَّ دُونَ الدِّرْهَمِ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ مَشْهُورُهُمَا عَدَمُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 65 وَقَيْحٍ: وَصَدِيدٍ وَبَوْلِ فَرَسٍ لِغَازٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ: وَأَثَرِ ذُبَابٍ مِنْ عَذِرَةٍ: وَمَوْضِعِ حِجَامَةٍ مُسِحَ. فَإِذَا بَرِئَ غَسَلَ وَإِلَّا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ   [منح الجليل] الْعَفْوُ عَنْهُ لَا عَمَّا زَادَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَثَرًا وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ زِيَادٍ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْإِرْشَادِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْيَسِيرَ قَدْرُ رَأْسِ الْأُصْبُعِ الْخِنْصِرِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْلُغْ دِرْهَمًا يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالدِّرْهَمُ وَمَا فَوْقَهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا. وَقَالَ الْبَاجِيَّ: الْأَثَرُ يُعْفَى عَنْهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ وَضِعْفٍ. (وَ) مِنْ (قَيْحٍ وَصَدِيدٍ) هُمَا كَالدَّمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفُهِمَ مِنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَدَمُ الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ غَيْرِهَا كَبَوْلٍ وَمَذْيٍ وَمَنِيٍّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْعَفْوُ عَنْ يَسِيرِ الْبَوْلِ كَرُءُوسِ الْإِبَرِ وَقَصْرُ الْعَفْوِ عَلَيْهَا لِأَنَّ بَدَنَ الْإِنْسَانِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا كَقِرْبَةٍ مَلْآنَةَ فَالِاحْتِرَازُ عَنْهَا عُسْرٌ. (وَ) كَ (بَوْلِ) لَا رَوْثِ (فَرَسٍ) لَا بَغْلٍ وَحِمَارٍ (لِغَازٍ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّاي أَيْ مُجَاهِدٍ لَا لِغَيْرِهِ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ أَصَابَهُ (بِأَرْضِ حَرْبٍ) أَيْ كُفْرٍ لَا بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ فَيُعْفَى عَنْهُ بِدُونِ شَرْطِ الِاجْتِهَادِ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا بِأَنْ كَانَ رَوْثًا أَوْ لِبَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ لِغَيْرِ غَازٍ أَوْ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ فَيُعْفَى عَنْهُ بِشَرْطِ الِاجْتِهَادِ كَالْمُرْضِعِ. (وَ) كَ (أَثَرِ) فَمٍ وَأَرْجُلٍ كَ (ذُبَابٍ) وَنَامُوسٍ وَنَمْلٍ صَغِيرٍ وَبَيْنَ الْأَثَرِ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَذِرَةٍ) وَأَوْلَى مِنْ بَوْلٍ وَقَفَ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلَى الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ فَإِنْ انْغَمَسَ فِيهَا ثُمَّ انْتَقَلَ لِمَا ذُكِرَ فَإِنْ زَادَ الْمُصِيبُ مِنْهُ عَلَى أَثَرِ فَمِهِ وَأَرْجُلِهِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ. (وَ) كَأَثَرِ دَمٍ فِي (مَوْضِعِ) كَ (حِجَامَةٍ) وَفَصَادَةٍ، وَنَعَتَ " الْمَوْضِعِ " بِجُمْلَةِ (مُسِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَوْضِعُ مِنْ عَيْنِ الدَّمِ فَيُعْفَى عَنْهُ حَتَّى يَبْرَأَ (فَإِذَا بَرِئَ) الْمَوْضِعُ (غَسَلَ) الْمُكَلَّفُ الْمَوْضِعَ اسْتِنَانًا أَوْ وُجُوبًا إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغْسِلْهُ بَعْدَهُ وَصَلَّى (أَعَادَ) الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَ الْبُرْءِ (فِي الْوَقْتِ) الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 66 وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ، وَبِالْإِطْلَاقِ. وَكَطِينِ مَطَرٍ، وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ. لَا إنْ غَلَبَتْ. وَظَاهِرُهَا الْعَفْوُ. وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنَهَا. وَذَيْلِ امْرَأَةٍ مُطَالٍ لِلسَّتْرِ وَرِجْلٍ بُلَّتْ يَمُرَّانِ بِنَجِسٍ يَبِسَ يَطْهُرَانِ بِمَا   [منح الجليل] وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا أَيْ فُهِمَ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ بِأَنَّهُ نَسِيَ الْغَسْلَ وَعَلَيْهِ فَمَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا يُعِيدُ أَبَدًا وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ يُونُسَ (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالنِّسْيَانِ فَتَارِكُهُ عَمْدًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ كَنَاسِيهِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مِنْ لَا يَأْمُرُهُ بِغَسْلِهِ وَرَجَّحَ وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ. (وَكَطِينِ) وَمَاءِ كَ (مَطَرٍ) وَرَشٍّ وَنَاقِعٍ فِي طَرِيقٍ اخْتَلَطَ بِبَوْلِ أَوْ رَوْثِ دَوَابَّ بَلْ (وَإِنْ اخْتَلَطَتْ الْعَذِرَةُ بِالْمُصِيبِ) لِبَدَنِ الْمُصَلِّي أَوْ مَحْمُولِهِ مَا دَامَ الْمَاءُ وَالطِّينُ طَرِيًّا فِي الطُّرُقِ فَإِنْ جَفَّ سُنَّ أَوْ وَجَبَ الْغَسْلُ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ إنْ لَمْ تَغْلِبْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمُصِيبِ (لَا) يُعْفَى عَنْ طِينٍ أَوْ مَاءٍ كَالْمَطَرِ (إنْ غَلَبَتْ) أَيْ زَادَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ عَلَى الطِّينِ أَوْ الْمَاءِ كَطِينٍ أَوْ مَاءِ مَزْبَلَةٍ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَقَوْلُهُ (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (الْعَفْوُ) أَيْ عَمَّا أَصَابَ مِنْ طِينٍ أَوْ مَاءِ مَطَرٍ غَلَبَتْ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ ضَعِيفٌ. (وَلَا) عَفْوَ (إنْ أَصَابَ عَيْنَهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَمْ تَخْتَلِطْ بِطِينٍ أَوْ مَاءِ الْمَطَرِ ثَوْبًا أَوْ بَدَنًا (وَ) كَمُصِيبِ (ذَيْلِ) ثَوْبِ (امْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَقِيلَ حُرَّةٍ فَقَطْ يَابِسٍ (مُطَالٍ لِلسَّتْرِ) لَا لِلزِّينَةِ وَالْفَخْرِ وَلَا عَنْ مُصِيبِ الْمَبْلُولِ وَلَا عَنْ مُصِيبِ ذَيْلِ رِجْلٍ (وَ) كَمُصِيبٍ (رِجْلٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (بُلَّتْ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ اللَّامِ نَعْتُ " رِجْلٍ " (يَمُرَّانِ) أَيْ الذَّيْلُ الْيَابِسُ وَالرِّجْلُ الْمَبْلُولَةُ (بِنَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ كَبَوْلٍ وَزِبْلٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ أَيْ عَلَيْهِ (يَبِسَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرُ يَبِسَ بِكَسْرِهَا بِمَعْنَى اسْمِ فَاعِلٍ أَيْ يَابِسٍ أَوْ بِكَسْرِهَا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ كَفَرِحٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ مُنَوَّنًا نَعْتُ نَجِسٍ. (يَطْهُرَانِ) أَيْ الذَّيْلُ الْجَافُّ وَالرِّجْلُ الْمَبْلُولَةُ طَهَارَةً لُغَوِيَّةً (بِمَا) أَيْ مَوْضِعٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 67 بَعْدَهُ. وَخُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا إنْ دُلِكَا لَا غَيْرِهِ. فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ لَا مَاءَ مَعَهُ وَيَتَيَمَّمُ وَاخْتَارَ إلْحَاقَ رِجْلِ الْفَقِيرِ. وَفِي غَيْرِهِ   [منح الجليل] طَاهِرٍ يَمُرَّانِ عَلَيْهِ (بَعْدَهُ) أَيْ مُرُورِهِمَا بِالنَّجَسِ الْيَابِسِ وَسَوَاءٌ رُفِعَتْ الرِّجْلُ عَنْهُ بِسُرْعَةٍ أَوْ بَعْدَ طُولٍ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ اللَّبَّادِ الْمُعْتَمَدِ وَتَأَوَّلَهُ غَيْرُهُ بِرَفْعِهَا عَنْهُ بِسُرْعَةٍ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ الذَّيْلُ وَالنَّجَسُ يَابِسَيْنِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ قُلْنَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غُبَارُهُ وَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ. (وَ) كَمُصِيبِ (خُفٍّ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْفَاءِ (وَنَعْلٍ) وَبَيَّنَ الْمُضَافَ الْمُقَدَّرَ بِقَوْلِهِ (مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ) مُحَرَّمَةٍ كَحِمَارٍ وَبَغْلٍ وَفَرَسٍ (وَبَوْلِهَا) بِمَوْضِعٍ تَمُرُّ فِيهِ كَثِيرًا (إنْ دُلِكَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مُسِحَ الْخُفُّ وَالنَّعْلُ مِنْ الرَّوْثِ وَالْبَوْلِ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ كَتُرَابٍ وَحَجَرٍ وَخِرْقَةٍ حَتَّى زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ عَنْهُمَا وَكَذَا جَفَافُهَا وَسُقُوطُهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ يُذْهِبُهُ الْمَسْحُ (لَا) يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخُفَّ وَالنَّعْلَ مِنْ نَجَسٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ رَوْثِ وَبَوْلِ الدَّوَابِّ كَدَمٍ وَفَضْلَةِ آدَمِيٍّ أَوْ كَلْبٍ. (فَيَخْلَعُهُ) أَيْ الْخُفَّ الشَّخْصُ (الْمَاسِحُ) عَلَى الْخُفِّ بَعْدَ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ الَّتِي لَبِسَهُ عَلَيْهَا حَالَ كَوْنِهِ (لَا مَاءَ مَعَهُ) يَكْفِيهِ لِغَسْلِ الْخُفِّ مِنْ النَّجَاسَةِ الَّتِي لَا يُعْفَى عَنْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ (وَيَتَيَمَّمُ) لِلصَّلَاةِ تَقْدِيمًا لِطَهَارَةِ الْخَبَثِ إذْ لَا بَدَلَ لَهَا عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ إذْ لَهَا بَدَلٌ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْزِعْ الْخُفَّ يُصَلِّي بِالطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ وَهُوَ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ وَإِنْ نَزَعَهُ بَطَلَ وُضُوءُهُ وَانْتَقَلَ لِلتَّيَمُّمِ لِعَدَمِ الْمَاءِ. (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (إلْحَاقَ رِجْلِ) الشَّخْصِ (الْفَقِيرِ) الْعَاجِزِ عَنْ اتِّخَاذِ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ بِهِمَا فِي الْعَفْوِ عَنْ مُصِيبِهَا مِنْ رَوْثِ الدَّوَابِّ أَوْ بَوْلِهَا إنْ دُلِكَتْ وَمِثْلُهُ غَنِيٌّ لَمْ يَجِدْ أَحَدَهُمَا أَوْ عَجَزَ عَنْ لُبْسِهِ لَعَلَّهُ فِي رِجْلِهِ. (وَفِي) إلْحَاقِ رِجْلِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْفَقِيرِ وَهُوَ الْغَنِيُّ الْوَاجِدُ لِأَحَدِهِمَا الْقَادِرُ عَلَى لُبْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 68 لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ. وَوَاقِعٍ. عَلَى مَارٍّ، وَإِنْ سَأَلَ صُدِّقَ الْمُسْلِمُ. وَكَسَيْفٍ صَقِيلٍ لِإِفْسَادِهِ مِنْ دَمٍ   [منح الجليل] وَلَمْ يَلْبَسْهُ وَأَصَابَ الْمَذْكُورُ رِجْلَهُ وَدَلَكَهَا وَعَدَمُهُ وَسُنِّيَّةُ أَوْ وُجُوبُ غَسْلِهَا مِنْهُ (لِلْمُتَأَخِّرِينَ) حَالَ صَاحِبِهَا (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَذِكْرُهُمَا هُنَا جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِ (وَ) كَشَيْءٍ مَائِعٍ (وَاقِعٍ) أَيْ سَاقِطٍ مِنْ نَحْوِ رَوْشَنٍ لِمُسْلِمٍ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا، وَصِلَةُ " وَاقِعٍ " (عَلَى) شَخْصٍ (مَارٍّ) أَيْ مَاشٍ أَوْ جَالِسٍ أَوْ مُضْطَجِعٍ وَلَمْ تُتَيَقَّنْ وَلَمْ تُظَنَّ طَهَارَتُهُ وَلَا نَجَاسَتُهُ وَشَكَّ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْهُ الْمَارَّ. (وَإِنْ سَأَلَ) عَنْ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْدُوبُ وَأَخْبَرَ بِنَجَاسَةِ الْوَاقِعِ (صَدَّقَ) الْمَارُّ وُجُوبًا الشَّخْصَ (الْمُسْلِمَ) لَا الْكَافِرَ الْعَدْلَ فِي الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ السَّالِمُ مِنْ الْفِسْقِ وَمَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ رِقًّا إنْ بَيَّنَ وَجْهَهَا أَوْ وَافَقَ فِي الْمَذْهَبِ وَإِلَّا نُدِبَ تَصْدِيقُهُ لَا الصَّبِيِّ وَلَا الْفَاسِقِ وَلَا مُخْتَلِّ الْمُرُوءَةِ وَأَمَّا إنْ أَخْبَرَ بِطَهَارَتِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَصْدِيقِهِ إسْلَامٌ وَلَا عَدَالَةٌ وَلَا بَيَانُ وَجْهِهَا وَلَا مُوَافَقَةٌ فِي مَذْهَبٍ إذْ هُوَ الْحُكْمُ الْأَصْلِيُّ الْمَحْمُولُ عَلَيْهِ الْوَاقِعُ بِدُونِ إخْبَارٍ. فَإِنْ قِيلَ الْوَاقِعُ مِنْ بَيْتِ مُسْلِمٍ الْمَشْكُوكُ فِيهِ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَمَحْمُولٌ عَلَيْهَا فَمَا مَعْنَى كَوْنِهِ مَعْفُوًّا عَنْهُ قُلْت نَعَمْ وَلَكِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ النَّجَاسَةُ فَهُوَ مِمَّا تَعَارَضَ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ تَرْجِيحُ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَلْبُوسِ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْمُصَلِّي وَمَا يَنَامُ فِيهِ مُصَلٍّ آخَرُ وَمُحَاذِي فَرْجِ غَيْرِ الْعَالِمِ فَمُقْتَضَاهَا حَمْلُ الْوَاقِعِ الْمَذْكُورِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَوُجُوبُ السُّؤَالِ عَنْهُ وَسُنِّيَّةُ غَسْلِهِ أَوْ وُجُوبِهِ إنْ لَمْ يُخْبِرْ بِطَهَارَتِهِ عَدْلٌ. (وَكَ) مُصِيبِ (سَيْفٍ) وَمُدْيَةٍ وَمِرْآةٍ وَنَحْوَهَا مِمَّا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَهُوَ صَلْبٌ (صَقِيلٍ) أَيْ أَمْلَسَ نَاعِمٍ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ الْخَشِنَ كَالْمِبْرَدِ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِ النَّجَاسَةِ بِهِ وَعَدَمِ تَطَايُرِهَا عَنْهُ بِالْجَفَافِ وَصَرَّحَ بِعِلَّةِ الْعَفْوِ لِلْخِلَافِ فِيهَا بِقَوْلِهِ (لِ) دَفْعِ (إفْسَادِهِ) أَيْ السَّيْفِ بِغَسْلِهِ وَبَيَّنَ مُصِيبَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ دَمٍ) لَا يُعْفَى عَنْ مُصِيبِهِ مِنْ نَجَاسَةِ غَيْرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 69 مُبَاحٍ وَأَثَرِ دُمَّلٍ لَمْ يُنْكَ. وَنُدِبَ إنْ تَفَاحَشَ كَدَمِ الْبَرَاغِيثِ   [منح الجليل] دَمٍ لِعَدَمِ عُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا فِي السَّيْفِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الدَّمِ فَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لِكَثْرَةِ إصَابَتِهِ لَهُ. وَشَرْطُ الدَّمِ كَوْنُهُ بِفِعْلٍ (مُبَاحٍ) أَيْ غَيْرَ مَمْنُوعٍ فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ كَالْجِهَادِ وَالسُّنَّةِ كَالتَّضْحِيَةِ وَالْمُبَاحِ كَتَذْكِيَةِ الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ كَتَذْكِيَةِ الْمَكْرُوهِ فَلَا يُعْفَى عَمَّا أَصَابَهُ مِنْ فِعْلٍ مَمْنُوعٍ كَقَتْلٍ أَوْ جَرْحِ عُدْوَانٍ وَسَوَاءٌ مُسِحَ مِنْهُ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرَوَى الْبَاجِيَّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اشْتِرَاطَ مَسْحِهِ مِنْهُ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْأَبْهَرِيِّ وَقِيلَ عِلَّةُ الْعَفْوِ زَوَالُ عَيْنِهِ بِالْمَسْحِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي مُصِيبِ الظُّفْرِ وَالْبَدَنِ وَالزُّجَاجِ فَعَلَى التَّعْلِيلِ بِخَشْيَةِ الْفَسَادِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَعَلَى التَّعْلِيلِ بِزَوَالِ عَيْنِهِ بِمَسْحِهِ يُعْفَى عَنْهُ وَالْمَوْضُوعُ فِيمَا زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) كَ (أَثَرِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَيْ قَيْحٍ أَوْ صَدِيدٍ أَوْ دُمَّلٍ كَ (دُمَّلٍ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً وَجُرْحِ بِضَمِّ الْجِيمِ، وَنَعَتَ " دُمَّلٍ " بِجُمْلَةِ (لَمْ يُنْكَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ يُقْشَرُ وَيُعْصَرُ بِأَنْ خَرَجَ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَزَادَ عَلَى دِرْهَمٍ فَيُعْفَى عَنْهُ فَإِنْ نُكِئَ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ لَهُ فَيُعْفَى عَنْهُ كَالسَّائِلِ مِنْهُ بَعْد نَكْئِهِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ حَالَ نَكْئِهِ أَمْ لَا وَهَذَا إنْ دَامَ سَيَلَانُهُ أَوْ لَمْ يَنْضَبِطْ وَقْتَهُ أَوْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَإِنْ انْضَبَطَ وَقْتَهُ وَلَمْ يُلَازِمْ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَهَذَا فِي أَثَرِ دُمَّلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهِ فَيُعْفَى عَنْ أَثَرِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ نَكَاهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ كَالْحَكَّةِ وَالْجَرَبِ وَالْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَاءِ وَنَحْوِهَا وَيَنْتَهِي الْعَفْوُ بِالْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ غَسَلَ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ غَسْلُ كُلِّ نَجِسٍ مَعْفُوٍّ عَنْهُ إلَّا مُصِيبَ كَالسَّيْفِ الصَّقِيلِ لِخَشْيَةِ فَسَادِهِ (إنْ تَفَاحَشَ) النَّجَسُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ بِخُرُوجِهِ عَنْ الْحَدِّ الْمُعْتَادِ وَاسْتِقْبَاحِ النَّظَرِ إلَيْهِ وَالِاسْتِحْيَاءِ مِنْ الْجُلُوسِ بِهِ بَيْنَ الْأَقْرَانِ وَوُجِدَ سَبَبُ الْعَفْوِ فَإِنْ زَالَ وَجَبَ أَوْ سُنَّ غَسْلُهُ وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَ) غَسْلِ (دَمِ) أَيْ خُرْءِ (الْبَرَاغِيثِ) إنْ تَفَاحَشَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ. فَإِنْ قُلْت الْبَرَاغِيثُ لَا نَفْسَ لَهَا سَائِلَةً وَمَيْتَتُهَا طَائِرَةٌ فَخَرْؤُهَا طَاهِرٌ قُلْت بَلْ هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 70 إلَّا فِي صَلَاةٍ، وَيَطْهُرُ مَحَلُّ النَّجِسِ بِلَا نِيَّةٍ بِغَسْلِهِ إنْ عُرِفَ، وَإِلَّا فَبِجَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ: كَكُمَّيْهِ، بِخِلَافِ ثَوْبَيْهِ فَيَتَحَرَّى   [منح الجليل] نَجَسٌ لِتَغْذِيَتِهَا بِالدَّمِ الْمَسْفُوحِ وَأَمَّا دَمُهَا الْحَاصِلُ بِقَتْلِهَا فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ " وَدُونَ دِرْهَمٍ مِنْ دَمٍ مُطْلَقًا وَيُنْدَبُ غَسْلُ خُرْءِ الْقَمْلِ وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ كَدُونِ الدِّرْهَمِ مِنْ الدَّمِ. (إلَّا) أَنْ يَطَّلِعَ الشَّخْصُ عَلَى النَّجَسِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ الْمُتَفَاحَشِ وَهُوَ (فِي صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ غَسْلُهُ حَتَّى يُتِمَّهَا لِأَنَّهُ وَبِالشُّرُوعِ فِيهَا وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا إذْ لَا يُتَوَهَّمُ تَرْكُ وَاجِبٍ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ (وَيَطْهُرُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ (مَحَلُّ النَّجَسِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ أَوْ كَسْرِهَا أَيْ مَا عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ (بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ لِتَطْهِيرِهِ صِلَةُ يَطْهُرُ وَبَاؤُهُ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ مَعَ تَرْكِهَا فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ وَصِلَةُ " يَطْهُرُ " أَيْضًا (بِغَسْلِهِ) وَبَاؤُهُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ بِلَا نِيَّةٍ صِلَةُ غَسْلِ لِأَنَّهُ جَارٌّ وَمَجْرُورٌ (إنْ عُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أَوْ ظُنَّ الْمَحَلُّ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَحَلُّ النَّجَسِ بِأَنْ شَكَّ فِي مَحَلَّيْنِ مَثَلًا (فَ) لَا يَطْهُرُ إلَّا (بِ) غَسْلِ (جَمِيعِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ) مِنْ بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنَاءٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي جِهَةٍ أَوْ جِهَتَيْنِ (كَكُمَّيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِثَوْبِهِ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ نَجَاسَةً بِأَحَدِهِمَا وَشَكَّ فِي عَيْنِهِ فَيُسَنُّ أَوْ يُجْلَبُ غَسْلُهُمَا إنْ وَسِعَهُ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مَاءً كَافِيًا لَهُمَا فَإِنْ وَسِعَ غَسَلَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ أَوْ لَمْ يَكْفِ الْمَاءُ إلَّا أَحَدَهُمَا تَحَرَّى أَحَدَهُمَا وَغَسَلَهُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ صَلَّى بِهِ بِلَا غَسْلٍ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا مُقَدَّمَةٌ وُجُوبًا عَلَى طَهَارَةِ الْخَبَثِ. (بِخِلَافِ) عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ نَجَاسَةً بِأَحَدِ (ثَوْبَيْهِ) الْمُنْفَصِلِ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَشَكَّ فِي عَيْنِهِ (فَيَتَحَرَّى) الطَّاهِرَ مِنْهُمَا بِعَلَامَةٍ تَظْهَرُ لَهُ لِيُصَلِّيَ بِهِ وَيَتْرُكَ الْآخَرَ أَوْ يَغْسِلَهُ إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ التَّحَرِّيَ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُ صَلَّى بِأَحَدِهِمَا لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا فَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 71 بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ عَصْرُهُ   [منح الجليل] التَّحَرِّي غَسَلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا لِلصَّلَاةِ بِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ لِأَنَّ إصَابَةَ النَّجَاسَةِ مُحَقَّقَةٌ وَالشَّكُّ فِي مَحَلِّهَا فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ قِلَالِ الزَّيْتِ الَّتِي أُفْرِغَتْ فِي زِقَاقِ ثُمَّ وُجِدَتْ فَأْرَةٌ يَابِسَةٌ فِي إحْدَاهَا الَّتِي حَكَمَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا بِنَجَاسَةِ الْجَمِيعِ فَرَدُّ الْمِسْنَاوِيُّ عَلَى الْحَطَّابِ بِأَنَّهُ يَنْضَحُ أَحَدَهُمَا وَيُصَلِّي بِهِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: " وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا الثَّوْبَ وَجَبَ نَضْحُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ". وَإِنْ اسْتَظْهَرَهُ الْبُنَانِيُّ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْكُمَّيْنِ وَالثَّوْبَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَرَدَّهُ ابْنُ هَارُونَ بِأَنَّهُ إذَا تَحَرَّى وَلَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا فَقَدْ أَدْخَلَ احْتِمَالَ الْخَلَلِ فِي صَلَاتِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَ الْحَطَّابُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ أَصَابَتْ أَحَدَ ثَوْبَيْنِ أَوْ أَثْوَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ يُصَلِّي بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ ثَوْبٍ كَاشْتِبَاهِ الطَّهُورِ بِغَيْرِهِ وَفَرَّقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِفَّةِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ عَنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَقَالَ سَنَدٌ: الثَّوْبَانِ كَالْكُمَّيْنِ فِي وُجُوبِ غَسْلِهِمَا وَعَدَمِ التَّحَرِّي إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ يَكْفِيهِمَا وَصِلَةُ غَسَلَهُ: (بِطَهُورٍ مُنْفَصِلٍ) عَنْ مَحَلِّ النَّجِسِ بَعْدَ غَمْرِهِ بِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ كَنَفْسِهِ قَبْلَ غَسْلِ مَحَلِّ النَّجَسِ بِهِ فِي الطَّهُورِيَّةِ ظَاهِرُهُ إنْ تَغَيَّرَتْ الْغُسَالَةُ بِطَاهِرٍ مُفَارِقٍ لِلْمَاءِ غَالِبًا كَوَسَخٍ طَاهِرٍ لَمْ يَطْهُرْ الْمَحَلُّ وَضَعَّفُوهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى كَذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِطَاهِرٍ فَقَدْ طَهُرَ الْمَحَلُّ وَالْغُسَالَةُ طَاهِرَةٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ كَالْمُطْلَقِ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَهُوَ شَاذٌّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ طَاهِرٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُضَافَ كَالطَّعَامِ. (وَلَا يَلْزَمُ) فِي طَهَارَةِ مَحَلِّ النَّجَسِ (عَصْرُهُ) أَيْ مَحَلِّ النَّجَسِ مِنْ الْغُسَالَةِ الَّتِي لَمْ تَتَغَيَّرْ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ النَّجَاسَةِ وَلَا نَزْحِهَا مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الْإِنَاءِ وَلَا انْفِصَالِهَا عَنْ الْبَدَنِ أَوْ الثَّوْبِ لِانْعِدَامِ النَّجَاسَةِ بِغَلَبَةِ الْمُطْلَقِ عَلَيْهَا وَغَمْرِهِ إيَّاهَا فَلَوْ غُسِلَتْ قَطْرَةُ بَوْلٍ مَثَلًا فِي جَسَدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَسَالَتْ الْغُسَالَةُ غَيْرَ مُتَغَيِّرَةٍ فِي بَاقِيهِ وَلَمْ تَنْفَصِلْ عَنْهَا فَهُوَ طَاهِرٌ وَلَا عَرْكَهُ وَلَا تَسْخِينَ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ تَعَلُّقُ النَّجَاسَةِ بِهِ وَيَتَوَقَّفُ زَوَالُهَا مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ وَصِلَةُ غَسَلَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 72 مَعَ زَوَال طَعْمِهِ، لَا لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا. وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ وَلَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمُطْلَقِ لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي مَحَلِّهَا وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا لِثَوْبٍ وَجَبَ نَضْحُهُ، وَإِنْ تَرَكَ أَعَادَ الصَّلَاةَ:   [منح الجليل] مَعَ زَوَالِ طَعْمِهِ) أَيْ النَّجَسِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَغْسُولِ وَلَوْ عُسِرَ فَلَا يَطْهُرُ مَعَ بَقَائِهِ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ عَيْنِهَا فِيهِ (لَا) يُشْتَرَطُ زَوَالُ (لَوْنٍ وَرِيحٍ عَسُرَا) أَيْ اللَّوْنُ وَالرِّيحُ فَيَطْهُرُ الْمَحَلُّ مَعَ بَقَائِهِمَا بِهِ كَمَصْبُوغٍ بِصِبْغٍ نَجَسٍ وَأَمَّا غُسَالَتُهُ الْمُتَغَيِّرَةُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَنَجِسَةٌ وَلَا يَجِبُ أُشْنَانٌ وَلَا صَابُونٌ وَلَا تَسْخِينٌ لِإِزَالَةِ اللَّوْنِ أَوْ الرِّيحِ الْمُتَعَسِّرِ فَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ زَوَالُهُمَا فَهُوَ شَرْطٌ فِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ. (وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ) بِطَعْمِ النَّجَاسَةِ أَوْ لَوْنِهَا أَوْ رِيحِهَا وَلَوْ الْمُتَعَسِّرَيْنِ (نَجِسَةٌ) وَهَذِهِ نُكْتَةُ إتْيَانِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ " مُنْفَصِلٍ كَذَلِكَ الْمُغْنِي عَنْهَا لَكِنْ يُغْنِي عَنْهَا أَيْضًا قَوْلُهُ " وَحُكْمُهُ كَغَيْرِهِ " عَلَى تَفْسِيرِ الْحُكْمِ بِالصِّفَةِ وَأَمَّا الْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ بِوَسَخٍ أَوْ صِبْغٍ طَاهِرٍ فَطَاهِرَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ كَالْمُطْلَقِ فِي تَوَقُّفٌ تَنَجُّسِهِ عَلَى تَغَيُّرِهِ بِهَا. (وَلَوْ زَالَ عَيْنُ النَّجَاسَةِ) عَنْ مَحَلِّهَا (بِغَيْرِ) الْمَاءِ (الْمُطْلَقِ) كَمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ بِوِرْدٍ أَوْ زَهْرٍ وَبَقِيَ فِي مَحَلِّهَا بَلَلُهُ وَلَاقَى جَافًّا أَوْ مَبْلُولًا أَوْ جَفَّ وَلَاقَى مَبْلُولًا (لَمْ يَتَنَجَّسْ مُلَاقِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ (مَحَلِّهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَبْقَ بِالْمَحَلِّ إلَّا الْحُكْمُ وَهُوَ مُقَدَّرٌ لَا وُجُودَ لَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ وَفِيهِ أَنَّ الْمُضَافَ يَتَنَجَّسُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ فَالْبَلَلُ الْبَاقِي فِي الْمَحَلِّ عَيْنُ نَجَاسَةٍ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِالْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ كَالْمُطْلَقِ لَا يَتَنَجَّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَلَوْ اسْتَنْجَى بِمَاءٍ مُضَافٍ لَأَعَادَ الِاسْتِنْجَاءَ دُونَ غَسْلِ ثَوْبِهِ عَلَى الرَّاجِحِ. (وَإِنْ شَكَّ) شَخْصٌ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا ضَعِيفًا (فِي إصَابَتِهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (لِلثَّوْبِ) أَوْ حَصِيرٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ (وَجَبَ نَضْحُهُ) إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ، وَقِيلَ: يُسَنُّ، وَقِيلَ: يُنْدَبُ فَإِنْ غَسَلَهُ أَجْزَأَ (وَإِنْ تَرَكَ) النَّضْحَ وَصَلَّى بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ (أَعَادَ الصَّلَاةَ) الَّتِي صَلَّاهَا بِالْمَشْكُوكِ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 73 كَالْغُسْلِ، وَهُوَ رَشٌّ بِالْيَدِ بِلَا نِيَّةٍ لَا إنَّ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ الْمُصِيبِ أَوْ فِيهِمَا. وَهَلْ الْجَسَدُ كَالثَّوْبِ، أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ؟ خِلَافٌ.   [منح الجليل] بِلَا نَضْحٍ (كَ) إعَادَةِ تَارِكِ (الْغَسْلِ) لِلثَّوْبِ وَنَحْوِهِ الَّذِي تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا إصَابَةَ النَّجَاسَةِ لَهُ وَصَلَّى فِيهِ فِي كَوْنِهَا أَبَدًا إنْ تَرَكَهُ ذَاكِرًا قَادِرًا وَفِي الْوَقْتِ إنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَعِيسَى أَنَّ تَارِكَ النَّضْحِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا لِخِفَّةِ أَمْرِهِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ التَّشْبِيهِ فِي مُطْلَقِ الْإِعَادَةِ لَا تَامًّا وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ. وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الْمَشْيَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَقَالَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا، وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُعِيدُ مُطْلَقًا لِخِفَّةِ حُكْمِ النَّضْحِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِعَادَةِ تَارِكِهِ نَاسِيًا أَبَدًا كَمَا قِيلَ فِي تَارِكِ الْغَسْلِ نَاسِيًا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ النَّضْحِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ أَبُو الْفَرَجِ مِنَّا بِوُجُوبِ الْغَسْلِ مُطْلَقًا بَلْ وَاجِبٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ، وَقِيلَ: سُنَّةٌ مُطْلَقًا وَقِيلَ: مَنْدُوبٌ وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي مَعُونَتِهِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. (وَهُوَ) أَيْ النَّضْحُ (رَشٌّ بِالْيَدِ) رَشَّةً وَاحِدَةً وَلَوْ لَمْ تَعُمَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ وَيَكْفِي مُلَاقَاةُ الْمَطَرِ أَوْ النَّدَى بِهِ وَحِكْمَتُهُ دَفْعُ الشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ وَسَدُّ بَابِ التَّوَسْوُسِ وَقِيلَ تَعَبَّدَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى لِانْتِشَارِهَا وَيُجْزِئُ النَّضْحُ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ كَتَغْسِيلِ الْمَيِّتِ (لَا) يَجِبُ النَّضْحُ (إنْ) تَحَقَّقَ الْإِصَابَةُ وَ (شَكَّ فِي نَجَاسَةِ) الشَّيْءِ (الْمُصِيبِ) إذْ الْأَصْلُ طَهَارَتُهُ (أَوْ) شَكَّ (فِيهِمَا) أَيْ الْإِصَابَةِ وَنَجَاسَةِ الْمُصِيبِ عَلَى فَرْضِ إصَابَتِهِ فَلَا يَجِبُ النَّضْحُ بِالْأَوْلَى إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُمَا. (وَهَلْ الْجَسَدُ) الَّذِي شَكَّ فِي إصَابَتِهِ نَجَاسَةٌ (كَالثَّوْبِ) الْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهِ نَجَاسَةٌ فِي وُجُوبِ نَضْحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ (أَوْ يَجِبُ غَسْلُهُ) أَيْ الْجَسَدِ الْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهِ نَجَاسَةٌ لِأَنَّ الْغَسْلَ لَا يُفْسِدُهُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 74 وَإِذَا اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِمُتَنَجِّسٍ أَوْ نَجِسٍ، صَلَّى بِعَدَدِ النَّجِسِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ. وَنُدِبَ غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ   [منح الجليل] وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْمَكَانِ الْمَشْكُوكِ فِي إصَابَتِهِ نَجَاسَةٌ وَفِيهِ خِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَجِبُ غَسْلُهُ اتِّفَاقًا لِيُسْرِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ إلَى مَكَان مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ فَسَادِهِ بِغَسْلِهِ وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّطِّيُّ وَعِيَاضٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَجِبُ نَضْحُهُ وَصَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْأَوَّلِ. (وَإِذَا اشْتَبَهَ) أَيْ الْتَبَسَ مَاءٌ (طَهُورٌ) أَيْ مُطَهِّرٌ لِغَيْرِهِ (بِمُتَنَجِّسٍ) كَمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ بِنَجَسٍ (أَوْ) اشْتَبَهَ طَهُورٌ (بِنَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ كَبَوْلِ آدَمِيٍّ مُوَافِقٍ لِلطَّهُورِ فِي أَوْصَافِهِ وَلَمْ يُوجَدْ طَهُورٌ غَيْرُ مُشْتَبَهٍ بِأَحَدِهِمَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ تَوَضَّأَ الشَّخْصُ وُضُوآتٍ (وَصَلَّى) صَلَوَاتٍ (بِعَدَدِ) أَوْ إلَى (النَّجِسِ) أَوْ الْمُتَنَجِّسِ. (وَزِيَادَةِ إنَاءٍ) عَلَى عَدَدِ النَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا تَوَضَّأَ وُضُوأَيْنِ وَصَلَّى صَلَاتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا وَصَلَّى ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ وَهَكَذَا مَا زَادَ وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ وَيُصَلِّي عَقِبَ كُلِّ وُضُوءٍ صَلَاةً لِيَكُونَ النَّجَسُ قَاصِرًا عَلَى صَلَاتِهِ إذْ لَوْ أَخَّرَ الصَّلَوَاتِ عَنْ الْوُضُوآتِ لَاحْتُمِلَ أَنَّ الْإِنَاءَ الْأَخِيرَ إنَاءُ النَّجَسِ فَتَقَعُ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا بِالنَّجَاسَةِ؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْأَوَّلِ بِالثَّانِي ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ وَهَكَذَا الْبَاقِي ابْنُ شَاسٍ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُوَضِّحُ فَإِنْ لَمْ يَغْسِلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ شب لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ ضَرُورَةٍ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ فِي السَّابِقِ لَا لِأَنَّ الْوُضُوءَ الْمُتَأَخِّرَ يُطَهِّرُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ لِوُرُودِ مَسْحِ الرَّأْسِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَثُرَتْ أَوَانِي غَيْرِ الطَّهُورِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إنْ قُلْت تَوَضَّأَ بِعَدَدِهَا وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَإِنْ كَثُرَتْ تَحَرَّى وَاحِدًا وَتَوَضَّأَ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَ طَهُورٌ غَيْرُ مُشْتَبَهٍ تَعَيَّنَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ تَرَكَهَا وَتَيَمَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُرِيقُهَا لِأَنَّهَا كَالْعَدَمِ وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ تَوَضَّأَ بِعَدَدِ الطَّاهِرِ وَزِيَادَةِ إنَاءٍ وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً. (فَصْلٌ) (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (غَسْلُ إنَاءِ مَاءٍ وَيُرَاقُ) أَيْ الْمَاءُ نَدْبًا إنْ كَانَ يَسِيرًا كَإِنَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 75 لَا طَعَامٍ وَحَوْضٍ: تَعَبُّدًا سَبْعًا بِوُلُوغِ كَلْبٍ مُطْلَقًا، لَا غَيْرِهِ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِعْمَالِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَا تَتْرِيبٍ، وَلَا يَتَعَدَّدُ بِوُلُوغِ كَلْبٍ أَوْ كِلَابٍ.   [منح الجليل] غَسْلٍ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا يُرَاقُ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ (لَا) يُنْدَبُ غَسْلُ إنَاءِ (طَعَامٍ) وَتَحْرُمُ إرَاقَتُهُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَإِهَانَةِ الطَّعَامِ. (وَ) لَا يُنْدَبُ غَسْلُ (حَوْضٍ) وَلَا إرَاقَةُ مَائِهِ الْكَثِيرِ حَالَ كَوْنِ غَسْلِ إنَاءِ الْمَاءِ وَإِرَاقَتِهِ (تَعَبُّدًا) أَيْ لَمْ تَظْهَرْ حِكْمَتُهُ لِطَهَارَةِ الْكَلْبِ وَلِذَا لَمْ يُطْلَبَا بِوُلُوغِ الْخِنْزِيرِ الْأَخْبَثِ مِنْ الْكَلْبِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ مُعَلِّلٌ بِقَذَارَةِ الْكَلْبِ فَالْخِنْزِيرُ أَوْلَى وَقِيلَ بِنَجَاسَتِهِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَوَسَطٌ فِي الْحُكْمِ فَالْخِنْزِيرُ أَوْلَى أَيْضًا غَسْلًا (سَبْعًا) مِنْ الْغَسَلَاتِ وَلَا يُعَدُّ مِنْهَا الْمَاءُ الْمَوْلُوغُ فِيهِ وَتَنَازَعَ غَسْلٌ وَيُرَاقُ فِي قَوْلِهِ (بِ) سَبَبِ (وُلُوغِ كَلْبٍ) أَيْ إدْخَالِ لِسَانِهِ فِي الْمَاءِ وَتَحْرِيكِهِ وُلُوغًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِي قَنْيَتِهِ. (لَا) يُنْدَبُ الْغَسْلُ وَلَا الْإِرَاقَةُ بِسَبَبِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْوُلُوغِ كَإِدْخَالِ رِجْلِهِ أَوْ لِسَانِهِ بِلَا تَحْرِيكٍ أَوْ سُقُوطِ لُعَابِهِ فِي الْمَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْكَلْبِ أَيْ لَا غَيْرِ كَلْبٍ كَخِنْزِيرِ وَيُرَاقُ وَيُغْسَلُ (عِنْدَ قَصْدِ) التَّوَجُّهِ إلَى (الِاسْتِعْمَالِ) لِلْمَاءِ الَّذِي وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ لَا بِفَوْرِ وُلُوغِهِ وَيُجْزِئُ غَسْلُهُ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ. (وَ) بِ (لَا تَتْرِيبٍ) أَيْ جَعْلِ تُرَابٍ فِي إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ وَاضْطِرَابِ رُوَاتِهِ (وَلَا يَتَعَدَّدُ) الْغَسْلُ سَبْعًا (بِ) سَبَبِ (وُلُوغِ كَلْبٍ) وَاحِدٍ مَرَّاتٍ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ. (أَوْ) وُلُوغِ (كِلَابٍ) فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ قَبْلَ غَسْلِهِ لِتَدَاخُلِ مُسَبَّبَاتِ الْأَسْبَابِ الْمُتَّفِقَةِ فِي الْمُسَبَّبِ كَنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَمُوجِبَاتِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ. وَلَمَّا أَتَمَّ الْكَلَامَ عَلَى أَحْكَامِ طَهَارَةِ الْخَبَثِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَحْكَامِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْمَائِيَّةِ الصُّغْرَى فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 76 (فَصْلٌ) فَرَائِضُ الْوُضُوءِ: غَسْلُ مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ   [منح الجليل] (فَصْلٌ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ) وَتَرَكَ أَسْبَابَهُ وَشُرُوطَهُ وَمَكْرُوهَاتِهِ فَأَسْبَابُهُ دُخُولُ الْوَقْتِ وَثُبُوتُ نَاقِضِهِ 1 - وَشُرُوطُهُ: ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُرُوطُ وُجُوبٍ فَقَطْ وَهِيَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ وُجُوبِهِ فَقَطْ: وَهِيَ الْبُلُوغُ وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِهِ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ، وَشُرُوطُ صِحَّةٍ فَقَطْ: وَهِيَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ صِحَّتِهِ فَقَطْ وَهِيَ الْإِسْلَامُ وَعَدَمُ الْحَائِلِ وَعَدَمُ الْمُنَافِي وَهُوَ النَّاقِضُ وَشُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا وَهِيَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُهُمَا مَعًا وَهِيَ الْعَقْلُ وَبُلُوغُ دَعْوَةِ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلُوُّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالسَّهْوِ وَوُجُودُ الْكَافِي مِنْ الْمُطْلَقِ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا التَّيَمُّمُ بِإِبْدَالِ الْمَاءِ بِالصَّعِيدِ وَجُعِلَ دُخُولُ الْوَقْتِ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ أَيْضًا وَسَتَأْتِي مَكْرُوهَاتُهُ آخِرَ الْفَصْلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [فَرَائِضُ الْوُضُوءِ] (فَرَائِضُ) جَمْعُ فَرِيضَةٍ شُذُوذًا إذْ شَرْطُ قِيَاسِ فَعَائِلَ فِي فَعِيلَةٍ أَنْ لَا تَكُونَ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَصَحِيفَةٍ وَصَحَائِفَ وَعَظِيمَةٍ وَعَظَائِمَ أَوْ فَرْضٍ شُذُوذًا أَيْضًا إذْ قِيَاسُ جَمْعِ فَعْلٍ أَفْعَالٍ إنْ كَانَ مُعْتَلَّ الْعَيْنِ كَثَوْبٍ وَأَثْوَابٍ، وَبَيْتٍ وَأَبْيَاتٍ، وَبَابٍ وَأَبْوَابٍ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحَهَا فَهُوَ شَاذٌّ أَيْضًا: كَقُرْءٍ وَأَقْرَاءٍ فَإِنْ قِيلَ هِيَ سَبْعَةٌ وَفَعَائِلُ مِنْ صِيَغِ الْكَثْرَةِ وَمَبْدَؤُهَا أَحَدَ عَشَرَ قِيلَ: هُوَ عَلَى أَنَّ مَبْدَأَ الْكَثْرَةِ ثَلَاثَةٌ كَالْقِلَّةِ وَأَيْضًا مَحَلُّ الْفَرْقِ بَيْنَ جَمْعِ الْقِلَّةِ وَجَمْعِ الْكَثْرَةِ إذَا جُمِعَ الْمُفْرَدُ بِهِمَا فَإِنْ جُمِعَ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا كَأَرْجُلٍ وَصْفَى، وَفَرِيضَةٌ لَمْ تُجْمَعْ إلَّا عَلَى فَرَائِضَ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا. (الْوُضُوءُ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ التَّوَضُّؤُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَاءِ قَلِيلًا وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَهُوَ الْمَاءُ فَهُوَ التَّوَضُّؤُ قَلِيلًا (غَسْلُ) أَيْ إيصَالُ الْمَاءِ مَعَ الدَّلْكِ (مَا) أَيْ الْوَجْهِ الَّذِي (بَيْنَ) وَتَدَيْ (الْأُذُنَيْنِ) وَهَذَا بَيَانٌ لِحَدِّهِ عَرْضًا فَدَخَلَ فِيهِ الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ الْوَتَدِ وَعَظْمِ الصُّدْغِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 77 وَمَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ، وَالذَّقَنِ، وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ، فَيَغْسِلُ الْوَتَرَةَ، وَأَسَارِيرَ جَبْهَتِهِ، وَظَاهِرَ شَفَتَيْهِ بِتَخْلِيلِ شَعَرٍ تَظْهَرُ الْبَشَرَةَ   [منح الجليل] الْبَارِزِ وَاَلَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِذَارِ نَازِلًا عَنْ الْوَتَدِ وَخَرَجَ عَنْهُ صَدْعُ الصُّدْغَيْنِ وَالْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُذُنِ. وَأَشَارَ إلَى حَدِّهِ طُولًا بِقَوْلِهِ (وَ) غَسْلُ مَا بَيْنَ (مَنَابِتِ) جَمْعُ مَنْبَتٍ أَيْ مَوْضِعِ نَبَاتٍ (شَعْرِ الرَّأْسِ الْمُعْتَادِ) نَعْتٌ لِلْمَنَابِتِ لِإِخْرَاجِ مَنْبَتِ الْأَصْلَعِ وَالْأَنْزَعِ وَالْأَغَمِّ فَالْأَوَّلَانِ لَا يَلْزَمُهُمَا الْغَسْلُ إلَى مَنَابِتِهِمَا وَالْأَخِيرُ لَا يَكْفِيهِ الْغَسْلُ إلَى مَنْبَتِهِ (وَ) بَيْنَ مُنْتَهَى (الذَّقَنِ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ مَحَلُّ اجْتِمَاعِ اللَّحْيَيْنِ أَسْفَلَ الْفَمِ لِمَنْ لَا لِحْيَةَ لَهُ كَمَرْأَةٍ وَأَمْرَدَ. (وَ) بَيْنَ مُنْتَهَى (ظَاهِرِ اللِّحْيَةِ) لِمَنْ هِيَ لَهُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَى جَانِبَيْ الْوَجْهِ الْمُسَمَّيَيْنِ لَحْيَيْنِ مَثْنَى لَحْيٍ بِفَتْحِ اللَّامِ، وَحُكِيَ كَسْرُهَا فِيهِمَا فَدَخَلَ فِيهِ الذَّقَنُ وَاللِّحْيَةُ وَظَاهِرُهَا مَا يُرَى عِنْدَ الْمُوَاجِهَةِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ بَاطِنِهَا وَهُوَ أَسْفَلُهَا الَّذِي يَلِي الصَّدْرَ فَلَمْ يَطْلُبْ غَسْلَهُ فَهِيَ بِدْعَةٌ وَغُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَزِيَادَةٍ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ مَكْرُوهَةٌ وَالْمُرَادُ بِغُسْلِهِ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ مَعَ الدَّلْكِ وَهَذَا غَيْرُ التَّخْلِيلِ الَّذِي هُوَ إيصَالُ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ الَّتِي بَيْنَ الشَّعْرِ وَلَا يَتِمُّ غَسْلُ الْوَجْهِ إلَّا بِغَسْلِ جُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ الرَّأْسِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِتَوَقُّفِ تَمَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ. (فَيَغْسِلُ) أَيْ الْمُتَوَضِّئُ وُجُوبًا (الْوَتَرَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُثَنَّاةِ أَيْ الْحَاجِزَ بَيْنَ طَاقَتَيْ الْأَنْفِ بِحَبْسِ الْمَاءِ السَّائِلِ عَلَيْهَا حَتَّى يَعُمَّهَا مَعَ الدَّلْكِ (وَ) يَغْسِلُ (أَسَارِيرَ) أَيْ تَكَامِيشَ (جَبْهَتِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ أَوْ الْوَجْهِ بِتَعْمِيمِهَا بِالْمَاءِ مَعَ الدَّلْكِ (وَ) يَغْسِلُ (ظَاهِرَ) أَيْ مَا يَظْهَرُ مِنْ (شَفَتَيْهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ عِنْدَ ضَمِّهِمَا ضَمًّا طَبِيعِيًّا خَالِيًا عَنْ التَّكَلُّفِ بِحَبْسِ الْمَاءِ السَّائِلِ لَهُ حَتَّى يَعُمَّهُ وَدَلَكَهُ وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لِأَنَّ شَأْنَ الْمَاءِ الْبُعْدُ عَنْهَا (بِتَخْلِيلِ) أَيْ مَعَ إيصَالِ الْمَاءِ لِبَاطِنِ (شَعْرٍ) لِلِّحْيَةِ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ عَنْفَقَةٍ (تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 78 تَحْتَهُ، لَا جُرْحًا بَرِئَ، أَوْ خُلِقَ غَائِرًا، وَيَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ وَبَقِيَّةُ مِعْصَمٍ إنْ قُطِعَ: كَكَفٍّ بِمَنْكِبٍ بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِهِ،   [منح الجليل] بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْجِلْدَةُ (تَحْتَهُ) عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ وَمَفْهُومُ تَظْهَرُ إلَخْ أَنَّ الَّذِي لَا تَظْهَرُ الْبَشَرَةُ تَحْتَهُ لَا يَجِبُ تَخْلِيلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ يُكْرَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ يُنْدَبُ وَقِيلَ: يَجِبُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي هَذَا (لَا) يَجِبُ أَنْ يَغْسِلَ (جُرْحًا) بِضَمِّ الْجِيمِ (بَرِيءَ) غَائِرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ. (أَوْ) مَوْضِعًا (خُلِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَالَ كَوْنِهِ (غَائِرًا) كَذَلِكَ وَيَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ لِبَاطِنِهِ إنْ أَمْكَنَ غَسْلُهُ وَجَبَ وَسَوَاءً كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَعَطَفَ عَلَى مَا بَيْنَ، فَقَالَ (وَ) غَسَلَ (يَدَيْهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ (بِمِرْفَقَيْهِ) أَيْ مَعَهُمَا مُثَنَّى مِرْفَقٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ آخِرِ عَظْمِ الذِّرَاعِ الْمُتَّصِلِ بِالْعَضُدِ. (وَ) غَسْلُ (بَقِيَّةِ مِعْصَمٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَصْلُهُ مَوْضِعُ السِّوَارِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْيَدُ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى الْمِرْفَقِ (إنْ قُطِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ بَعْضُ الْمِعْصَمِ وَمِثْلُ الْمِعْصَمِ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ، وَمِثْلُ الْقَطْعِ سُقُوطُهُ بِغَيْرِهِ أَوْ خَلْقُهُ نَاقِصًا فَكُلُّ عُضْوٍ سَقَطَ بَعْضُهُ تَعَلَّقَ حُكْمُهُ بِبَاقِيهِ غَسْلًا أَوْ مَسْحًا وَيَلْزَمُ الْأَقْطَعَ أَوْ الْأَشَلَّ أُجْرَةُ مَنْ يُطَهِّرُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَ مَا يُمْكِنُهُ وَشَبَّهَ فِي الْفَرْضِيَّةِ فَقَالَ (كَ) غَسْلِ (كَفٍّ) خُلِقَتْ (بِمَنْكِبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَيْ مَفْصِلِ الْعَضُدِ مِنْ الْكَتِفِ وَلَيْسَ لَهُ يَدٌ غَيْرُهَا فَإِنْ كَانَ لَهُ يَدٌ غَيْرُهَا وَكَانَ لَهَا مِرْفَقٌ أَوْ نَبَتَتْ فِي الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهَا أَيْضًا أَوْ فِي غَيْرِهِ وَطَالَتْ حَتَّى حَاذَتْهُ وَجَبَ غَسْلُ الْمُحَاذِي مِنْهَا فَقَطْ وَيُقَالُ فِي الرِّجْلِ الزَّائِدَةِ نَحْوُ مَا قِيلَ فِي الْيَدِ الزَّائِدَةِ بِإِبْدَالِ الْمِرْفَقِ بِالْكَعْبِ وَمِنْهُ فَرَّعَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْكَحَّالَةِ تِلْمِيذُ سَحْنُونٍ مَرْأَةٌ لَهَا وَجْهَانِ وَأَرْبَعَةُ أَيْدٍ فَيَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ وَجْهَيْهَا وَأَيْدِيَهَا، وَيَجُوزُ وَطْؤُهَا لِاتِّحَادِ مَحَلِّهِ. (بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِ) يَدَيْ (هـ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ وُجُوبًا لِأَنَّهَا كَأَعْضَاءٍ لِشِدَّةِ افْتِرَاقِهَا وَيُحَافِظُ عَلَى عَقْدِهَا ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِأَنَّ الْمَاءَ يَنْبُو عَنْهَا بِأَنْ يَحْنِيَهَا حَالَ النَّسْلِ حَتَّى تَظْهَرَ تَكَامِيشُهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 79 لَا إجَالَةُ خَاتَمِهِ وَنُقِضَ غَيْرُهُ، وَمَسْحُ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ مَعَ الْمُسْتَرْخِي وَلَا يَنْقُضُ ضَفْرَهُ   [منح الجليل] أَوْ يَجْمَعَ رُءُوسَ أَصَابِعِهِ وَيَحُكَّهَا بِبَطْنِ كَفِّهِ الْأُخْرَى وَالْأَوْلَى تَخْلِيلُهَا مِنْ ظَهْرِ الْيَدِ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ وَيُخَلِّلُهَا فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ نَدْبًا وَيُعْفَى عَنْ الْوَسَخِ الْمُجْتَمِعِ تَحْتَ الْأَظَافِرِ إنْ لَمْ يَتَفَاحَشْ. (لَا) تَجِبُ (إجَالَةُ) أَيْ تَحْوِيلُ (خَاتِمِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَلَوْ كَانَ ضَيِّقًا مَانِعًا مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ لِمَا تَحْتَهُ فَإِنْ حَوَّلَهُ بَعْدَ غَسْلِ يَدٍ غَسَلَ مَحَلَّهُ إنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَصِلْهُ وَالْإِضَافَةُ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِخَوَاتِمِ الْمَرْأَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَمِثْلُ الْخَاتَمِ الْأَسَاوِرُ وَالْخَلَاخِلُ وَالْأَطْوَاقُ وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ مُحَرَّمٍ كَخَاتِمٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ زَادَ عَلَى دِرْهَمَيْنِ أَوْ تَعَدَّدَ لِرَجُلٍ أَوْ مَكْرُوهٍ كَنُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: (وَنُقِضَ) الشَّخْصُ الْمُتَوَضِّئُ وُجُوبًا أَيْ أَزَالَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْخَاتِمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ صَادِقٌ بِغَيْرِ الْخَاتَمِ كَشَمْعٍ وَزِفْتٍ وَمِدَادٍ وَوَسَخٍ عَلَى الْعُضْوِ مَانِعٍ مِنْ وَصْلِ الْمَاءِ لِبَشَرَتِهِ وَبِالْخَاتَمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مِنْ مَحَلِّهِ وَغُلِّهِ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ وُصُولَ الْمَاءِ لَهَا فَلَا يَجِبُ نَقْضُهُ وَيَكْفِي الدَّلْكُ بِهِ كَالدَّلْكِ بِالْيَدِ بِحَائِلٍ عَلَيْهَا هَذَا الَّذِي أَفَادَهُ نَقْلُ الْحَطِّ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَعَطَفَ عَلَى غَسْلُ فَقَالَ: (وَمَسْحُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِ (مَا) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي (عَلَى الْجُمْجُمَةِ) بِضَمِّ الْجِيمَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الْأُولَى أَيْ عَظْمِ الرَّأْسِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الدِّمَاغِ مِنْ جِلْدٍ أَوْ شَعْرٍ وَحْدَهُ طُولًا مِنْ الْمَنَابِتِ الْمُعْتَادَةِ لِلشَّعْرِ إلَى نُقْرَةِ الْقَفَا وَعَرْضَا مَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَيَاضُ الَّذِي فَوْقَهُمَا (بِعَظْمِ صُدْغَيْهِ) الَّذِي نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ فَقَطْ وَبَاقِيهِ مِنْ الْوَجْهِ فَالْأَوْلَى بِشَعْرِ صُدْغَيْهِ (مَعَ) مَسْحِ الشَّعْرِ (الْمُسْتَرْخِي) أَيْ الْمُسْتَطِيلِ النَّازِلِ عَنْ حَدِّ الرَّأْسِ وُجُوبًا وَلَوْ طَالَ جِدًّا نَظَرًا لِأَصْلِهِ. (وَلَا يَنْقُضُ) أَيْ لَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ أَنْ يَنْقُضَ (ضَفْرَهُ) أَيْ مَضْفُورَ شَعْرِهِ مَفْعُولُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 80 رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ وَيُدْخِلَانِ يَدَيْهِمَا تَحْتَهُ فِي رَدِّ الْمَسْحِ، وَغَسْلُهُ مُجْزٍ، وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ النَّاتِئَيْنِ بِمَفْصِلَيْ السَّاقَيْنِ   [منح الجليل] يَنْقُضُ مُقَدَّمٍ وَفَاعِلُهُ (رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ) إنْ خَلَا عَنْ الْخَيْطِ وَلَوْ اشْتَدَّ وَيَنْقُضُ فِي الْغُسْلِ اشْتَدَّ وَإِنْ اشْتَمَلَ عَلَى خَيْطٍ أَوْ خَيْطَيْنِ فَإِنْ اشْتَدَّ نَقَضَ فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ ضَفَّرَ بِثَلَاثَةِ خُيُوطٍ أَوْ أَكْثَرَ نَقَضَ فِيهِمَا اشْتَدَّ وَلَمْ يَشْتَدَّ. (وَيَدْخُلَانِ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ اللَّذَانِ طَالَ شَعْرُهُمَا اسْتِنَانًا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي رَدِّ الْمَسْحِ وَمَفْعُولُ يُدْخِلَانِ قَوْلُهُ (يَدَيْهِمَا) أَيْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَصِلَةُ يُدْخِلَانِ (تَحْتَهُ) أَيْ الشَّعْرِ الْمُسْتَرْخِي وَكَذَا (فِي رَدِّ الْمَسْحِ) السُّنَّةُ الَّذِي نَصَّ عَلَى حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي فِي السُّنَنِ: وَرَدِّ مَسْحِ رَأْسِهِ فَالْفَرْضُ يَتِمُّ بِمَسْحَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الشَّعْرِ وَلَوْ طَالَ جِدًّا وَالسُّنَّةُ بِوَاحِدَةٍ مِنْ تَحْتِهِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْمَعُونَةِ وَالتَّلْقِينِ وَجَامِعِ ابْنِ يُونُسَ وَتَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ وَالْجَوَاهِرِ وَقَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُ الْفَاكِهَانِيِّ كَانَ الرَّدُّ سُنَّةً وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ مَنْدُوبَيْنِ لِأَنَّ الَّذِي يَمْسَحُهُ فِي الرَّدِّ غَيْرُ الَّذِي مَسَحَهُ أَوَّلًا فِي ذِي الشَّعْرِ الطَّوِيلِ وَأُلْحِقَ بِهِ غَيْرُهُ وَقَرَّرَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ جَدُّ عج كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ الصَّوَابُ. (وَغَسْلُهُ) أَيْ مَا عَلَى الْجُمْجُمَةِ (مُجْزٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ آخِرُهُ زَايٌ عَنْ مَسْحِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَسْحِ وَزِيَادَةٍ وَإِنْ كُرِهَ ابْتِدَاءً كَمَا أَشَارَ لَهُ بِمُجْزٍ وَعَطَفَ عَلَى غَسْلُ فَقَالَ (وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُتَوَضِّئِ (بِكَعْبَيْهِ) أَيْ مَعَ غَسْلِ الْعَظْمَيْنِ (النَّاتِئَيْنِ) أَيْ الْبَارِزَيْنِ (بِمَفْصِلَيْ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُثَنَّى مَفْصِلٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَحَدُ مَفَاصِلِ الْأَعْضَاءِ وَبِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الصَّادِ مَعْنَاهُ اللِّسَانُ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا أَيْ فِي مَوْضِعِ انْفِصَالِ الْقَدَمَيْنِ مِنْ (السَّاقَيْنِ) وَالْعُرْقُوبِ فِي مَحَلِّ انْفِصَالِ السَّاقِ مِنْ الْعَقِبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلسَّاقِ جَانِبَيْنِ جَانِبٌ مُتَّصِلٌ بِالْقَدَمِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْأَصَابِعِ وَعِنْدَهُ الْكَعْبَانِ وَجَانِبٌ مُتَّصِلٌ بِالْعَقِبِ وَعِنْدَهُ الْعُرْقُوبُ وَيُحَافِظُ عَلَى الْعُرْقُوبِ وَالْعَقِبِ وُجُوبًا لِأَنَّ الْمَاءَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 81 وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا، وَلَا يُعِيدُ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ وَفِي لِحْيَتِهِ قَوْلَانِ، وَالدَّلْكُ وَهَلْ الْمُوَالَاةُ وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ   [منح الجليل] يَنْبُو عَنْهُمَا وَفِي الْحَدِيثِ «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ» . (وَنُدِبَ تَخْلِيلُ أَصَابِعِهِمَا) أَيْ الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِشِدَّةِ اتِّصَالِهَا كَأَنَّهَا عُضْوٌ وَاحِدٌ مِنْ أَسْفَلِهَا يَبْدَأُ بِخِنْصِرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِهِمَا ثُمَّ بِإِبْهَامِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصِرِهَا ثُمَّ بِسَبَّابَةِ يَدِهِ الْيُسْرَى (وَلَا يُعِيدُ) أَيْ لَا يَغْسِلُ مَحَلَّ الظُّفْرِ وَلَا يَمْسَحُ مَوْضِعَ الشَّعْرِ (مَنْ قَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا أَيْ قَصَّ (ظُفْرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) بَعْدَ وُضُوئِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ حَدَثَهُ قَدْ ارْتَفَعَ بِغَسْلِ ظُفْرِهِ وَمَسْحِ شَعْرِهِ وَلَا يَعُودُ بِإِبَانَتِهِمَا. (وَفِي) وُجُوبِ غَسْلِ مَوْضِعِ (لِحْيَتِهِ) وَشَارِبِهِ اللَّذَيْنِ حَلَقَهُمَا أَوْ زَالَا بَعْدَ وُضُوئِهِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَلَوْ كَنَيِّفَةِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ وَيَجِبُ حَلْقُهُمَا عَلَى الْمَرْأَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ حَلْقِ الرَّأْسِ لِمَنْ اعْتَادَهُ وَعَطَفَ عَلَى " غَسْلُ " فَقَالَ: (وَالدَّلْكُ) أَيْ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ مَعَ سَيَلَانِ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ جَفَافِهِ وَتُنْدَبُ مُقَارَنَتُهُ لَهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْوُضُوءِ دُونَ الْغُسْلِ لِمَشَقَّتِهَا فِيهِ عج وَالْمُرَادُ بِالْيَدِ فِي الْوُضُوءِ بَاطِنُ الْكَفِّ فَلَا يَكْفِي إمْرَارُ غَيْرِهِ فِيهِ وَيَكْفِي فِي الْغُسْلِ وَكَتَبَ أَبُو عَلِيٍّ حَسَنٌ الْمِسْنَاوِيُّ الدَّلْكُ أَيْ بِالْيَدِ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَا وَبِالذِّرَاعِ أَوْ بِحَكِّ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ بِالْأُخْرَى خِلَافًا لِتَخْصِيصِ عج وَمَنْ تَبِعَهُ الدَّلْكَ بِبَاطِنِ الْكَفِّ. قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الدَّلْكُ إمْرَارُ الْيَدِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ الدَّلْكُ بِالْيَدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ اهـ وَلَا يَضُرُّ إضَافَةُ الْمَاءِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ بَعْدَ عُمُومِهِ الْعُضْوِ طَهُورًا إلَّا إذَا كَانَ الْوَسَخُ حَائِلًا. (وَهَلْ الْمُوَالَاةُ) أَيْ عَدَمُ التَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بَيْنَ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ وَيُسَمَّى فَوْرًا أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَهُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَوُجُوبُ الْإِسْرَاعِ فِيهِ وَحُرْمَةُ التَّفْرِيقِ الْيَسِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ فَالتَّعْبِيرُ بِهَا أَوْلَى لِأَنَّهَا لَا تُوهِمُهَا وَخَبَرُ الْمُوَالَاةِ (وَاجِبَةٌ إنْ ذَكَرَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 82 وَقَدَرَ، وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَجَزَ مَا لَمْ يَطُلْ بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ بِزَمَنٍ اعْتَدَلَا، أَوْ سُنَّةٌ؟   [منح الجليل] أَيْ تَذَكَّرَ الشَّخْصُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ (وَقَدَرَ) الْمُتَوَضِّئُ عَلَى التَّوَضُّؤِ بِلَا تَفْرِيقٍ كَثِيرٍ فَلَا تَجِبُ إنْ نَسِيَ أَوْ عَجَزَ. (وَبَنَى) الْمُتَوَضِّئُ عَلَى مَا فَعَلَهُ اسْتِنَانًا أَوْ وُجُوبًا مَا يُكْمِلُ وُضُوءَهُ وَيُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهُ أَوْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ ثَلَّثَ غَسْلَ أَعْضَائِهِ أَوْ رَدُّ مَسْحَ رَأْسِهِ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ هَذَا إنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا أَوْ الْبَقَاءَ عَلَى طَهَارَةٍ فَإِنْ أَرَادَ قَطْعَهُ جَازَ إذْ لَا يَلْزَمُ تَتْمِيمُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُثَلِّثْ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِهِ أَوْ اثْنَتَيْنِ نُدِبَ ابْتِدَاؤُهُ بِمَا يُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَصِلَةُ بَنَى (بِنِيَّةٍ) أَيْ مَعَ قَصْدِ إكْمَالِ الْوُضُوءِ لِذَهَابِ نِيَّتِهِ الْأُولَى بِالنِّسْيَانِ فَإِنْ بَنَى بِغَيْرِهَا فَلَا يَجْزِيهِ (إنْ نَسِيَ) الْمُتَوَضِّئُ إكْمَالَ وُضُوئِهِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَيَبْنِي بِنَاءً (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْقُرْبِ. (وَإِنْ عَجَزَ) الْمُتَوَضِّئُ عَنْ إكْمَالِ وُضُوئِهِ عَجْزًا حَكِيمًا بِأَنْ أَعَدَّ مَا يَكْفِيهِ ظَنًّا ضَعْفًا أَوْ شَكًّا فَلَمْ يَكْفِهِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ بَنَى وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا (مَا لَمْ يَطُلْ) الزَّمَنُ فَإِنْ طَالَ بَطَلَ الْوُضُوءُ وَكَذَا مَنْ أَعَدَّ مَاءً لَا يَكْفِيهِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا أَوْ فَرَّقَ عَامِدًا مُخْتَارًا بِلَا رَفْضٍ وَأَمَّا الْعَاجِزُ حَقِيقَةً بِأَنْ أَعَدَّ مَاءً يَكْفِيهِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا فَلَمْ يَكْفِيه أَوْ أَرَاقَهُ نَحْوُ أَعْمَى أَوْ غَصَبَهُ شَخْصٌ أَوْ أُرِيقَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّفْرِيقِ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْإِكْمَالِ فَيَبْنِي وَلَوْ طَالَ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ لِاسْتِمْرَارِهَا وَالطُّولُ مُقَدَّرٌ. (بِجَفَافِ أَعْضَاءٍ) مَغْسُولَةٍ (بِزَمَنٍ) أَيْ فِيهِ وَوَصَفَ الْأَعْضَاءَ وَالزَّمَنَ بِجُمْلَةِ (اعْتَدَلَا) أَيْ الْأَعْضَاءُ بِتَوَسُّطِ صَاحِبِهَا بَيْنَ الشُّبُوبِيَّةِ وَالشُّيُوخَةِ وَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ وَسَلَامَتِهِ مِنْ الْمَرَضِ وَالزَّمَنِ بِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ كَفَصْلَيْ الرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ حَالَ سُكُونِ الرِّيحِ فَإِنْ كَانَا مُعْتَدِلَيْنِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا قَدْرَ اعْتِدَالِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِدَالِ الْمَكَانِ بِتَوَسُّطِهِ بَيْنَ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ كَبِلَادِ مِصْرَ فَجَفَافُ الْأَعْضَاءِ مَعَ ذَلِكَ عَلَامَةُ الطُّولِ وَعَدَمُهُ عَلَامَةُ عَدَمِهِ. (أَوْ) هِيَ (سُنَّةٌ) إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ فَإِنْ فَرَّقَ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا عَجْزًا حَقِيقِيًّا بَنَى وَلَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 83 خِلَافٌ. وَنِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ وَجْهِهِ، أَوْ الْفَرْضِ، أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ وَإِنْ مَعَ تَبَرُّدٍ، أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ، أَوْ نَسِيَ، حَدَثًا   [منح الجليل] طَالَ وَإِنْ فَرَّقَا عَامِدًا وَطَالَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَطَلَ وُضُوءُهُ فَيَبْتَدِئُهُ فَإِنْ بَنَى وَصَلَّى أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ فَقَدْ شَهَّرَ ابْنُ رُشْدٍ السُّنِّيَّةَ وَغَيْرُهُ الْوُجُوبَ وَهُوَ مَعْنَوِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَفْظِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَطَفَ عَلَى " غَسْلُ " فَقَالَ: (وَنِيَّةُ) أَيْ إرَادَةِ وَقَصْدِ (رَفْعِ) أَيْ إزَالَةِ (الْحَدَثِ) أَيْ الْوَصْفِ الْمُقَدَّرِ قِيَامُهُ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَزَمَنُهَا (عِنْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ) إنْ بَدَأَ بِهِ كَمَا هِيَ السُّنَّةُ وَإِلَّا فَعِنْدَ أَوَّلِ فَرْضِ غَيْرِهِ (أَوْ) نِيَّةِ أَدَاءِ الْوُضُوءِ (الْفَرْضِ) أَيْ الْمَفْرُوضِ أَيْ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَجَوَازُ مَسِّ الْمُصْحَفِ فَتَجْرِي هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ فِي الْوُضُوءِ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَوُضُوءِ الصَّبِيِّ. (أَوْ) نِيَّةُ (اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ) بِالْحَدَثِ كَصَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَالْأَوْلَى جَمْعُ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهَا كَفَتْ وَإِنْ أَتَى بِكَيْفِيَّةٍ مِنْهَا وَنَفَى غَيْرَهَا فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَكَذَا اثْنَتَانِ وَنَفْيُ الثَّالِثَةِ لِتَنَاقُضِهِ وَتَكْفِي إحْدَاهَا مُجَرَّدَةً عَنْ غَيْرِهَا بَلْ (وَإِنْ مَعَ) نِيَّةٍ كَ (تَبَرُّدٍ) أَوْ تَدَفُّؤٍ أَوْ نَظَافَةٍ أَوْ إزَالَةِ حُكْمِ خَبَثٍ أَوْ تَعْلِيمٍ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْوُضُوءَ وَلَا تُؤَثِّرُ خَلَلًا فِيهِ لِاسْتِلْزَامِهِ غَالِبهَا إنْ لَمْ يَخْرُجْ بَعْضُ مَا يُسْتَبَاحُ بِهِ. (أَوْ) وَإِنْ أَخْرَجَ (بَعْضَ الْمُسْتَبَاحِ) فِعْلُهُ بِالْوُضُوءِ كَالصَّلَاةِ بِأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ لَا الْعَصْرَ مَثَلًا أَوْ الصَّلَاةَ لَا الطَّوَافَ أَوْ أَحَدَهُمَا لَا مَسَّ مُصْحَفٍ أَوْ عَكْسَهَا فَيَصِحُّ وُضُوءُهُ وَيُبَاحُ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا لِأَنَّ تَرْتِيبَ إبَاحَتِهِ عَلَى صِحَّةِ الْوُضُوءِ وَظِيفَةُ الشَّارِعِ لَا الْمُكَلَّفُ فَهُوَ فُضُولِيٌّ فِيهِ فَأُلْغِيَ إخْرَاجُهُ هَذَا إنْ تَذَكَّرَ الْأَحْدَاثَ كُلَّهَا الَّتِي اتَّفَقَتْ لَهُ عِنْدَ نِيَّتِهِ. (أَوْ) وَإِنْ (نَسِيَ حَدَثًا) أَوْ أَحْدَاثًا مِنْهَا وَتَذَكَّرَ غَيْرَهُ وَنَوَى الِاسْتِبَاحَةَ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا النَّاقِضُ الشَّامِلُ لِلسَّبَبِ وَغَيْرِهِمَا أَيْضًا فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ الْحَقِيقِيِّ وَسَوَاءٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 84 لَا أَخْرَجَهُ. أَوْ نَوَى مُطْلَقَ الطَّهَارَةِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا نُدِبَتْ لَهُ أَوْ قَالَ إنْ كُنْت أَحْدَثْت فَلَهُ   [منح الجليل] كَانَ مَا نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ مِنْهُ حَصَلَ مِنْهُ أَوْ لَا أَوْ وَسَطًا أَوْ آخِرًا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ نَوَاقِضَ وَنَوَى مِنْ بَعْضِهَا وَسَكَتَ عَنْ غَيْرِهِ (لَا) إنْ (أَخْرَجَهُ) أَيْ الْمُتَوَضِّئَ الْحَدَثُ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِتَنَاقُضِهِ بِأَنْ نَوَى مِنْ الْبَوْلِ لَا مِنْ الرِّيحِ مَثَلًا. (أَوْ نَوَى) الْمُتَوَضِّئُ بِغَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ (مُطْلَقَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَإِضَافَتِهِ إلَى (الطَّهَارَةِ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ الطَّهَارَةِ الْمُطْلَقَةِ الْمُتَحَقِّقَةِ أَمَّا فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ أَوْ حُكْمِ الْخَبَثِ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِتَرَدُّدِهِ فِي نِيَّتِهِ وَعَدَمِ جَزْمِهِ بِطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَأَوْلَى نِيَّتُهُ الطَّهَارَةَ الْمُتَحَقِّقَةَ فِي طَهَارَةِ حُكْمِ الْخَبَثِ وَحْدَهَا لِعَدَمِ نِيَّةِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَمُفْهِمُ مُطْلَقِ الطَّهَارَةِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّهَارَةَ الشَّامِلَةَ لَهُمَا مَعًا أَوْ الْمُتَحَقِّقَةَ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ فَقَطْ أَوْ الطَّهَارَةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَلَمْ يُلَاحَظْ دَوَرَانُهَا بَيْنَهُمَا وَلَا شُمُولُهَا لَهُمَا مَعًا وَلَا تَحَقُّقُهَا فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَحْدَهَا صَحَّ وُضُوءُهُ وَحَالُهُ يَصْرِفُ نِيَّتَهُ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَقَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِهَا فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ. (أَوْ) نَوَى (اسْتِبَاحَةَ مَا) أَيْ فِعْلِ أَوْ الْفِعْلِ الَّذِي (نُدِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الطَّهَارَةُ (لَهُ) وَلَمْ يَتَوَقَّفْ جَوَازُهُ وَلَا صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ عَنْ حِفْظِ الْقَلْبِ بِلَا مَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ زِيَارَةِ صَالِحٍ أَوْ دُخُولٍ عَلَى سُلْطَانٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ قِرَاءَةِ عِلْمٍ أَوْ تَعْلِيمِهِ أَوْ تَعَلُّمِهِ فَلَا يَرْفَعُ وُضُوءَهُ حَدَثُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُصَلِّي وَلَا يَطُوفُ وَلَا يَمَسُّ مُصْحَفًا بِهِ. (أَوْ قَالَ) الْمُتَوَضِّئُ بِكَلَامِهِ الْقَلْبِيِّ وَكَانَ مُتَوَضِّئًا وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ وَمَفْعُولُ قَالَ (إنْ كُنْتُ أَحْدَثْتُ) أَيْ نَقَضْتُ وُضُوئِي بِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَ) هَذَا الْوُضُوءُ الَّذِي أُرِيدُهُ (لَهُ) أَيْ الْحَدَثِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ حَدَثُهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَلَا يَجْزِيهِ هَذَا الْوُضُوءُ فِي رَفْعِ حَدَثِهِ لِعَدَمِ جَزْمِهِ فِي نِيَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهَا عَلَى مَشْكُوكٍ فِيهِ لَا لِكَوْنِ الشَّكِّ فِي النَّاقِضِ لَا يَنْقُضُ فَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ بِالشَّكِّ فِي نَاقِضِهِ جَزْمُ النِّيَّةِ وَعَدَمُ التَّعْلِيقِ فِيهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 85 أَوْ جَدَّدَ فَتَبَيَّنَ حَدَثُهُ أَوْ تَرَكَ لُمْعَةً فَانْغَسَلَتْ بِنِيَّةِ الْفَضْلِ أَوْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَالْأَظْهَرُ فِي الْأَخِيرِ   [منح الجليل] أَوْ) اعْتَقَدَ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ وَ (جَدَّدَ) وُضُوءَهُ بِنِيَّةِ الْفَضِيلَةِ أَوْ الْفَرْضِيَّةِ (فَتَبَيَّنَ) لَهُ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْمُجَدَّدِ (حَدَثُهُ) قَبْلَ التَّجْدِيدِ فَلَا يَجْزِيهِ هَذَا الْوُضُوءُ لِعَدَمِ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَلِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَكْفِي عَنْ الْفَرْضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ إنْ نَوَى الْفَرْضَ عِنْد تَجْدِيدِهِ مُفَوَّضًا وَبَيْنَ الْمُعِيدِ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ مُفَوَّضًا أَنَّ نِيَّةَ التَّفْوِيضِ أُمِرَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ اهْتِمَامًا بِالْمَقْصِدِ فَلِذَا إنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا أَجْزَأَتْ الصَّلَاةُ بِنِيَّةِ التَّفْوِيضِ وَلَمَّا لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا فِي الْوُضُوءِ لَمْ يَتَرَتَّبْ الْإِجْزَاءُ إنْ تَبَيَّنَ حَدَثُهُ. (أَوْ تَرَكَ) الْمُتَوَضِّئُ (لُمْعَةً) مِنْ عُضْوٍ مَغْسُولٍ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَوْ مَمْسُوحٍ كَالرَّأْسِ وَقَصَرَ فِيهِ الْفَرْضَ عَلَى الْغَسْلَةِ أَوْ الْمَسْحَةِ الْأُولَى وَجَدَّدَ نِيَّةَ النَّقْلَ لِمَا بَعْدَهَا (فَانْغَسَلَتْ) اللُّمْعَةُ أَوْ انْمَسَحَتْ بِالْغَسْلَةِ وَالْمَسْحَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي فَعَلَهَا (بِنِيَّةِ الْفَضْلِ) أَيْ الْفَضِيلَةِ فَلَا يَجْزِيهِ غَسْلُهَا أَوْ مَسْحُهَا لِأَنَّ نِيَّةَ الْفَضِيلَةِ لَا تَكْفِي عَنْ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ نِيَّةَ الْفَرْضِ عَلَى الْأُولَى وَنَوَى أَنَّ الْفَرْضَ مَا عَمَّ الْعُضْوَ وَالنَّقْلَ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَتَرَكَ لُمْعَةً مِنْ الْأُولَى فَعَمَّتهَا الثَّانِيَةُ أَوْ الثَّالِثَةُ أَجْزَأَتْهُ. (أَوْ فَرَّقَ) بِشَدِّ الرَّاءِ (النِّيَّةَ) أَيْ جِنْسَهَا الصَّادِقَ بِمُتَعَدِّدٍ (عَلَى الْأَعْضَاءِ) بِأَنْ نَوَى غَسْلَ وَجْهِهِ فَقَطْ ثُمَّ نَوَى غَسْلَ يَدِهِ الْيُمْنَى فَقَطْ ثُمَّ نَوَى غَسْلَ الْيَدِ الْيُسْرَى فَقَطْ ثُمَّ نَوَى مَسْحَ رَأْسِهِ فَقَطْ ثُمَّ نَوَى غَسْلَ رِجْلِهِ الْيُمْنَى فَقَطْ ثُمَّ نَوَى غَسْلَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَلَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ الْأَخِيرَةِ تَكْمِيلَ الْوُضُوءِ فَلَا يَجْزِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ جَعَلَ رُبُعَ النِّيَّةِ لِلْوَجْهِ وَرُبُعَهَا الثَّانِيَ لِلْيَدَيْنِ وَالثَّالِثَ لِلرَّأْسِ وَالرَّابِعَ لِلرِّجْلَيْنِ إذْ الْوُضُوءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَحِيحٌ مُجْزِئٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْوَاحِدَةَ مَعْنًى جُزْئِيٌّ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ فَتَجْزِئَتُهَا لَغْوٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيْضًا أَنَّهُ نَوَى إكْمَالَ الْوُضُوءِ عِنْدَ أَوَّلِ فَرْضٍ ثُمَّ جَدَّدَ نِيَّتَهُ عِنْدَ كُلِّ فَرْضٍ بَعْدَهُ فَإِنَّ هَذَا تَوْكِيدٌ لَا يَضُرُّ. (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (فِي) هَذَا الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ) أَيْ تَجْزِئَةِ النِّيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 86 الصِّحَّةُ وَعُزُوبُهَا بَعْدَهُ وَرَفْضُهَا مُغْتَفَرٌ وَفِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ خِلَافٌ.   [منح الجليل] عَلَى الْأَعْضَاءِ (الصِّحَّةُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يَرْتَفِعُ عَنْ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهَا الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَظْهِرْ فِي فَرْعِ التَّفْرِيقِ شَيْئًا وَإِنَّمَا اسْتَظْهَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِظْهَارِهِ اسْتِظْهَارُ مَا بَنَى عَلَيْهِ وَهِيَ الصِّحَّةُ فِي التَّفْرِيقِ إذْ قَدْ لَا يُسَلِّمُ ابْنُ رُشْدٍ التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: رَفْعُ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادِهِ مَشْرُوطٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِتَقْدِيمِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إذَا غَسَلَ الْوَجْهَ فَفِي قَوْلٍ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ، وَفِي قَوْلٍ: لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ إلَّا بَعْدَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْهُ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ. وَأُجِيبُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مِنْ حَفِظَ حُجَّةَ وَإِنْ سَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ ابْنِ رُشْدٍ فَالْأَصْلُ أَنَّ مِنْ اسْتَظْهَرَ شَيْئًا يَسْتَظْهِرُ مَا بَنَى عَلَيْهِ. (وَعُزُوبُهَا) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَزَاي أَيْ نِسْيَانُ النِّيَّةِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِتْيَانِ بِهَا عِنْدَ الْوَجْهِ وَتَكْمِيلِ الْوُضُوءِ مَعَ الذُّهُولِ عَنْهُ وَاشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهِ مُغْتَفَرٌ لِعُسْرِ اسْتِحْضَارِهَا إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا (وَرَفْضُهَا) أَيْ إبْطَالُ النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا وَتَصْيِيرِهَا كَالْعَدَمِ (مُغْتَفَرٌ) فَلَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ وَلَا يَنْقُضُهُ إنْ وَقَعَ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ أَبْطَلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اغْتِفَارَهُ أَيْضًا وَالْغَسْلُ كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ يُبْطِلُهُمَا رَفْضُهُمَا فِي أَثْنَائِهِمَا اتِّفَاقًا وَفِي رَفْضِهِمَا بَعْدَ الْفَرَاغِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ أَرْجَحُهُمَا الِاغْتِفَارُ وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لَا يُرْتَفَضَانِ مُطْلَقًا وَالتَّيَمُّمُ يُرْتَفَضُ مُطْلَقًا وَالِاعْتِكَافُ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. (وَفِي) إجْزَاءِ (تَقَدُّمِهَا) أَيْ النِّيَّةِ عَلَى أَوَّلِ فَرْضٍ (بِ) زَمَنٍ (يَسِيرٍ) كَنِيَّتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ التَّوَضُّؤَ أَوْ الِاغْتِسَالَ فِي حَمَّامِ بَلَدٍ صَغِيرٍ مِثْلَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى الدَّوَامِ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ شَهَّرَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 87 وَسُنَنُهُ غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا ثَلَاثًا تَعَبُّدًا بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ وَلَوْ نَظِيفَتَيْنِ، أَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ   [منح الجليل] الْإِجْزَاءَ وَشَهَّرَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ بَزِيزَةَ عَدَمَهُ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ بِكَثِيرٍ فَلَا تُجْزِئُ اتِّفَاقًا كَتَأَخُّرِهَا عَنْ أَوَّلِ مَفْرُوضٍ لِخُلُوِّهِ عَنْهَا. (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ (غَسْلُ يَدَيْهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ إلَى كُوعَيْهِ (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ قَبْلَ اغْتِرَافِ الْمَاءِ بِهِمَا مِنْ كَإِنَاءٍ غَسْلٍ رَاكِدٍ أَمْكَنَ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ فَإِنْ اغْتَرَفَ بِهِمَا أَوْ إحْدَاهُمَا مِمَّا ذَكَرَ قَبْلَ غَسْلِهِمَا فَعَلَ مَكْرُوهًا وَفَاتَتْهُ سُنَّةُ غَسْلِهِمَا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَوْ جَارِيًا فَلَا تُشْتَرَطُ الْأَوَّلِيَّةُ فِي السُّنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ وَكَانَتَا نَظِيفَتَيْنِ أَوْ بِهِمَا قَذَرٌ نَجَسٌ لَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ أَوْ طَاهِرٌ كَذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بِهِمَا مَا يُغَيِّرُهُ تَحَيَّلَ عَلَى أَخْذِ الْمَاءِ بِفَمٍ أَوْ خِرْقَةٍ نَظِيفَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَتَيَمَّمَ. وَيَغْسِلُهُمَا (ثَلَاثًا) مِنْ الْمَرَّاتِ ظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ تَوَقُّفُ السُّنَّةِ عَلَى التَّثْلِيثِ وَرَجَّحَ وَقِيلَ: تَحْصُلُ بِالْغَسْلَةِ الْأُولَى وَتُنْدَبُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَهَذَا ظَاهِرُهُ قَوْلُهُ: وَشَفَعَ غَسْلَهُ وَتَثْلِيثَهُ وَرَجَّحَ أَيْضًا غَسْلًا (تَعَبُّدًا) أَيْ لَمْ تَظْهَرْ لَنَا حِكْمَتُهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ مُعَلِّلًا بِالتَّنْظِيفِ لِحَدِيثِ «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي إنَائِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» فَتَعْلِيلُهُ بِالشَّكِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَيْقِظِ وَإِنَّمَا هُوَ تَنْبِيهٌ عَلَى حِكْمَةٍ تَكُونُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلَا يُنَافِي التَّعَبُّدَ. وَاحْتَجَّ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ بِتَحْدِيدِهِ بِثَلَاثٍ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْظِيفِ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى التَّثْلِيثِ وَلِذَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى " تَعَبُّدًا " الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ، وَلَوْ كَانَ التَّثْلِيثُ مَبْنِيًّا عَلَى التَّعَبُّدِ كَمَا قِيلَ لِآخِرِهِ عَنْهُ وَصِلَةُ غَسْلُ (بِمُطْلَقٍ وَنِيَّةٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَعَلَى أَنَّهُ لِلتَّنْظِيفِ تَحْصُلُ بِغَسْلِهِمَا بِمُضَافٍ وَبِلَا نِيَّةٍ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ) كَانَتَا (نَظِيفَتَيْنِ) وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُسَنُّ غَسْلُ النَّظِيفَتَيْنِ. (أَوْ) وَلَوْ (أَحْدَثَ) الْمُتَوَضِّئُ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 88 مُفْتَرِقَتَيْنِ. وَمَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ، وَبَالَغَ مُفْطِرٌ، وَفِعْلُهُمَا بِسِتٍّ أَفْضَلُ   [منح الجليل] يُسَنُّ غَسْلُهُمَا حِينَئِذٍ حَالَ كَوْنِهِمَا (مُفْتَرِقَتَيْنِ) أَيْ بِغَسْلِ الْيُمْنَى وَحْدَهَا ثُمَّ الْيُسْرَى وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْسِلُهُمَا مَجْمُوعَتَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: غَسَلَهُمَا " تَعَبُّدًا " فَلَا يُقَالُ أَنَّهُ خَالَفَ أَصْلَهُ وَالتَّنْظِيفُ إنَّمَا يُنَاسِبُهُ الْجَمْعُ وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّنْظِيفَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالتَّفْرِيقَ رِوَايَتُهُ فَلَمْ يُخَالِفْ أَصْلَهُ أَيْضًا وَالتَّفْرِيقُ مَنْدُوبٌ وَقِيلَ شَرْطٌ فِي السُّنِّيَّةِ. (وَمَضْمَضَةٌ) أَيْ إدْخَالُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَخَضْخَضَتُهُ وَطَرْحُهُ فَإِنْ دَخَلَ فَمَهُ بِلَا قَصْدٍ أَوْ لَمْ يُخَضْخِضْهُ أَوْ ابْتَلَعَهُ أَوْ سَالَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَكْفِ وَأَخَذَ الْقُورِيُّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ طَرْحِهِ مِنْ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ رَأَيْت شَيْخَنَا يَتَوَضَّأُ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ فَلَعَلَّهُ يَبْتَلِعُ مَاءَ الْمَضْمَضَةِ حَتَّى سَمِعْته مِنْهُ اهـ. وَاَلَّذِي ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ الِاكْتِفَاءُ بِبَلْعِهِ فَكَذَا سَيَلَانٌ أَفَادَهُ الْحَطّ (وَاسْتِنْشَاقٌ) أَيْ جَذْبُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إلَى دَاخِلِ الْأَنْفِ فَإِنْ دَخَلَهُ بِلَا قَصْدٍ أَوْ بِلَا جَذْبٍ لَمْ يَكْفِ وَلَا بُدَّ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مِنْ نِيَّةٍ لِتَقَدُّمِهِمَا عَلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ بِخِلَافِ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ فَيَنْدَرِجَانِ تَحْتَ نِيَّةِ الْفَرْضِ كَبَاقِي السُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ نَعَمْ إنْ قَدَّمَ نِيَّةَ الْفَرْضِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ أَوْ رَفْعِ الْحَدَثِ عِنْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِغَيْرِهَا وَتَنْسَحِبُ عَلَى جَمِيعِ السُّنَنِ وَالْفَرَائِضِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ. (وَبَالَغَ) نَدْبًا شَخْصٌ (مُفْطِرٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ غَيْرُ صَائِمٍ فِي الْمَضْمَضَةِ بِإِيصَالِ الْمَاءِ إلَى أَقْصَى الْفَمِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِإِيصَالِهِ إلَى أَقْصَى الْأَنْفِ أَفَادَهُ بَهْرَامُ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَالْمَوَّاقِ اخْتِصَاصُهَا بِالِاسْتِنْشَاقِ وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ لِلصَّائِمِ لِئَلَّا يَفْسُدَ صَوْمُهُ فَإِنْ بَالَغَ وَوَصَلَ الْمَاءُ لِحَلْقِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. (وَفِعْلُهُمَا) أَيْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ (بِسِتٍّ) مِنْ الْغَرَفَاتِ يَتَمَضْمَضُ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ بِثَلَاثٍ كَذَلِكَ هَذَا مُرَادُهُ وَإِنْ صَدَقَ كَلَامُهُ أَيْضًا يَتَمَضْمَضُ بِغَرْفَةٍ وَاسْتِنْشَاقُهُ بِأُخْرَى وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ السِّتِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ إنَّمَا هِيَ الصُّورَةُ الْأُولَى وَخَبَرُ فِعْلِهِمَا بِسِتٍّ (أَفْضَلُ) مِنْ فِعْلِهِمَا بِثَلَاثِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 89 وَجَازَا أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ وَاسْتِنْثَارٌ وَمَسْحُ وَجْهَيْ كُلِّ أُذُنٍ، وَتَجْدِيدُ مَائِهِمَا وَرَدُّ مَسْحِ رَأْسِهِ   [منح الجليل] غَرَفَاتٍ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذِهِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِمَا بِسِتٍّ وَلَكِنْ رَجَّحَ الْأَشْيَاخُ أَنَّ فِعْلَهُمَا أَفْضَلُ. (وَجَازَا) أَيْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مَعًا (أَوْ إحْدَاهُمَا بِغَرْفَةٍ) وَاحِدَةٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْهَا ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً: يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا كَذَلِكَ أَوْ يَتَمَضْمَضُ وَاحِدَةً وَيَسْتَنْشِقُ وَاحِدَةً وَهَكَذَا إلَخْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَتَمَضْمَضُ أَوْ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأُولَى بِدَلِيلِ الْمُقَابَلَةِ. (وَاسْتِنْثَارٌ) أَيْ طَرْحُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْفِ بِالنَّفَسِ وَاضِعًا سِبَابَتَهُ وَإِبْهَامَهُ مِنْ يُسْرَاهُ عَلَى أَعْلَى أَنْفِهِ عِنْدَ دَفْعِ الْمَاءِ بِنَفْسِهِ فَإِنْ سَالَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يَضَعْ أُصْبُعَيْهِ لَمْ يَكْفِ وَبِهِ صَرَّحَ الشَّاذِلِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَقِيلَ وَضْعُ الْأُصْبُعَيْنِ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا وَرَجَّحَ كَكَوْنِ الْأُصْبُعَيْنِ مِنْ الْيُسْرَى. (وَمَسْحُ وَجْهَيْ) أَيْ ظَاهِرِ وَبَاطِنِ (كُلِّ أُذُنٍ) وَلَمْ يَقُلْ وَجْهَيْ أُذُنَيْنِ لِثِقَلِهِ بِتَوَالِي تَثْنِيَتَيْنِ وَإِبْهَامِهِ أَنَّ السُّنَّةَ مَسْحُ ظَاهِرِهِمَا فَقَطْ (وَتَجْدِيدُ) الـ (مَاءِ) لِمَسْحِ (هِمَا) أَيْ الْأُذُنَيْنِ فَلَوْ مَسَحَهُمَا بِلَا تَجْدِيدٍ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ أَنَّ مَسْحَ الصِّمَاخَيْنِ أَيْ الثُّقْبَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْأُذُنَيْنِ بِرَأْسِ السَّبَّابَةِ مِنْ تَمَامِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَلَيْسَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. (وَرَدُّ مَسْحِ الرَّأْسِ) إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مُقَدَّمَ الرَّأْسِ أَوْ مُؤَخَّرَهُ أَوْ أَحَدَ جَانِبَيْهِ الْأَيْمَنِ وَالْأَيْسَرِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ أَمْ لَا وَلَوْ طَالَ شَعْرُهُ كَفَى فِي الْفَرْضِ مَسْحُ ظَاهِرِهِ وَفِي السُّنَّةِ مَسْحُ بَاطِنِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلٍّ مِنْهُمَا هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ وَالرَّمَاصِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ وَشَرْطُ سُنَّةِ الرَّدِّ بَقَاءُ بَلَلٍ بِالْيَدِ بَعْدَ مَسْحِ الْفَرْضِ فَإِنْ جَفَّتْ فِيهِ فَلَا يُسَنُّ الرَّدُّ فَإِنْ بَقِيَ بَلَلٌ يَكْفِي الْبَعْضَ رَدٌّ بِقَدْرِهِ عَلَى الظَّاهِرِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ» . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 90 وَتَرْتِيبُ فَرَائِضُهُ، فَيُعَادُ الْمُنَكَّسُ وَحْدَهُ إنْ بَعُدَ بِجَفَافٍ، وَإِلَّا مَعَ تَابِعِهِ وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أَتَى بِهِ وَبِالصَّلَاةِ، وَسُنَّةً   [منح الجليل] (وَتَرْتِيبُ فَرَائِضُهُ) أَيْ الْوُضُوءِ بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَالْيَدَيْنِ فَمَسْحِ الرَّأْسِ فَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فَإِنْ نَكَّسَ وَقَدَّمَ فَرْضًا عَنْ مَحَلِّهِ (فَيُعَادُ) اسْتِنَانًا الْفَرْضُ (الْمُنَكَّسُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْكَافِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُقَدَّمُ عَلَى مَحَلِّهِ الشَّرْعِيِّ (وَحْدَهُ) حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ يُعَادُ مَرَّةً وَاحِدَةً لِلتَّرْتِيبِ (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ طَالَ مَا بَيْنَ انْتِهَاءِ وُضُوئِهِ وَالْإِعَادَةِ بُعْدًا مُقَدَّرًا (بِجَفَافٍ) لِلْعُضْوِ الْأَخِيرِ الْمُعْتَدِلِ وَلَوْ تَقْدِيرًا وَالزَّمَنُ وَالْمَكَانُ كَذَلِكَ هَذَا إنْ نَكَّسَ سَاهِيًا فَإِنْ نَكَّسَ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ نَدْبًا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ مَرَّةً قَالَهُ سَالِمٌ وَالطِّخِّيخِيُّ وَارْتَضَاهُ الرَّمَاصِيُّ قَائِلًا لَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ ثَلَاثًا بَعْدَ غَسْلِهِ ثَلَاثًا غَسْلًا صَحِيحًا وَإِنَّمَا أُعِيدَ لِتَحْصِيلِ التَّرْتِيبِ السُّنَّةِ وَقَوْلُ عج يُعَادُ الْمُنَكَّسُ ثَلَاثًا فِي الْقُرْبِ وَمَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْبُعْدِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ (مَعَ) إعَادَةِ (تَابِعِهِ) أَيْ الْمُنَكَّسِ فِي التَّرْتِيبِ الشَّرْعِيِّ لَا فِي فِعْلِهِ الْأَوَّلِ مَرَّةً مَرَّةً وَسَوَاءً نَكَّسَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا فَمَنْ ابْتَدَأَ بِيَدَيْهِ إلَى مِرْفَقَيْهِ فَوَجْهِهِ فَرَأْسِهِ فَرِجْلَيْهِ فَفِي الْقُرْبِ يُعِيدُ غَسْلَ الْيَدَيْنِ وَمَسْحَ الرَّأْسِ وَغَسْلَ الرِّجْلَيْنِ مَرَّةً مَرَّةً سَوَاءً كَانَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا وَإِنْ بَعُدَ أَعَادَ غَسْلَ الْيَدَيْنِ مَرَّةً فَقَطْ إنْ كَانَ نَاسِيًا وَابْتَدَأَ الْوُضُوءَ إنْ كَانَ عَامِدًا. (وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا) مِنْ وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ غَيْرَ النِّيَّةِ أَوْ لُمْعَةً يَقِينًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا وَلَيْسَ مُسْتَنْكِحًا وَصَلَّى بِوُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ النَّاقِصَ فَرْضًا ثُمَّ تَذَكَّرَهُ (أَتَى) تَارِكُ الْفَرْضِ (بِهِ) أَيْ الْفَرْضِ الْمَتْرُوكِ فَوْرًا وُجُوبًا بِنِيَّةِ تَكْمِيلِ وُضُوئِهِ أَوْ غُسْلِهِ وَإِنْ طَالَ بَطَلَ وُضُوءُهُ أَوْ غُسْلُهُ (وَ) أَتَى (بِالصَّلَاةِ) الَّتِي صَلَّاهَا بِالنَّاقِصِ لِبُطْلَانِهَا وَسَوَاءً طَالَ مَا قَبْلَ التَّذَكُّرِ أَوْ لَمْ يَطُلْ إنْ نَسِيَ أَوْ عَجَزَ عَجْزًا حَقِيقِيًّا فَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَجَزَ عَجْزًا حَكِيمًا فَإِنْ طَالَ الْوُضُوءُ أَوْ الْغُسْلُ وَإِنْ قَرُبَ أَتَى بِهِ وُجُوبًا وَبِمَا بَعْدَهُ نَدْبًا. (وَ) مَنْ تَرَكَ (سُنَّةً) وَلَوْ شَكًّا وَلَيْسَ مُسْتَنْكِحًا مِنْ سُنَنِ وُضُوئِهِ غَيْرَ التَّرْتِيبِ لِتَقَدُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 91 فَعَلَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ. وَفَضَائِلُهُ: مَوْضِعٌ، وَقِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ كَالْغُسْلِ، وَتَيَمُّنُ أَعْضَاءٍ، وَإِنَاءٍ إنْ فُتِحَ   [منح الجليل] حُكْمِهِ وَلَمْ يُنِبْ غَيْرَهَا عَنْهَا وَلَا يُوقِعُ تَدَارُكُهَا فِي مَكْرُوهٍ نَاسِيًا كَانَ أَوْ عَامِدًا وَصَلَّى بِوُضُوئِهِ النَّاقِصِ سُنَّةً (فَعَلَهَا) أَيْ السُّنَّةَ الْمَتْرُوكَةَ اسْتِنَانًا وَحْدَهَا طَالَ الزَّمَنُ أَوْ لَا لِأَنَّ تَرْتِيبَ السُّنَنِ فِي نَفْسِهَا وَمَعَ الْفَرَائِضِ مَنْدُوبٌ (لِمَا يُسْتَقْبَلُ) مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنْ لَمْ يَرِدْ الصَّلَاةُ بِهِ فَلَا يَفْعَلُهَا إلَّا إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا بِمَا تَرَكَ مِنْهُ سُنَّةً إنْ كَانَ نَسِيَ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ عَامِدًا نُدِبَتْ إعَادَتُهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِ التَّرْتِيبِ وَغَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ لَا بِتَدَارُكٍ لِقِيَامِ غَسْلِهِمَا لِلْمَرْفِقَيْنِ مَقَامَهُ وَلَا بِتَدَارُكِ رَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَلَا تَجْدِيدِ الْمَاءِ لِمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَلَا الِاسْتِنْثَارِ لِإِيقَاعِهِ فِي مَكْرُوهٍ وَهُوَ تَجْدِيدُ الْمَاءِ لِرَدِّ مَسْحِ الرَّأْسِ وَتَكْرَارِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِزَائِدٍ عَلَى الثَّلَاثِ فَانْحَصَرَ الْمُتَدَارَكُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ. (وَفَضَائِلُهُ) أَيْ مَنْدُوبَاتُ الْوُضُوءِ (مَوْضِعٌ طَاهِرٌ) أَيْ فِعْلُهُ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَشَأْنُهُ الطَّهَارَةُ فَيُكْرَهُ فِي الْمِرْحَاضِ قَبْلَ حُلُولِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لِأَنَّهُ تَعَرُّضٌ لِوَسْوَسَةِ شَيَاطِينِهِ الَّذِينَ سَكَنُوهُ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ وَلِخَسَّتِهِ وَشَرَفِ الْوُضُوءِ (وَقِلَّةٌ) أَيْ تَقْلِيلُ (مَاءٍ) مُغْتَرَفٍ لِغَسْلِ أَوْ مَسْحِ الْعُضْوِ لَا مُغْتَرَفٍ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ فِي الْوُضُوءِ مِنْ الْبَحْرِ مَعَ تَقْلِيلِ مَا يُغْتَرَفُ مِنْهُ لِذَلِكَ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ فِي التَّقْلِيلِ بِمُدٍّ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَكُلُّ شَخْصٍ يُقَلِّلُ بِحَسَبِ حَالِ أَعْضَائِهِ مِنْ صِغَرٍ وَكِبَرٍ وَنَحَافَةٍ وَسِمَنٍ وَنُعُومَةٍ وَخُشُونَةٍ وَمُلُوسَةٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهِمَا وَالشَّرْطُ جَرَيَانُ الْمَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْعُضْوِ إلَى آخِرِهِ لَا سَيَلَانُهُ عَنْهُ وَلَا تَقَاطُرُهُ مِنْهُ. وَشَبَّهَ الْغَسْلَ بِالْوُضُوءِ فِي نَدْبِ الْمَوْضِعِ الطَّاهِرِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ فَقَالَ (كَالْغُسْلِ وَتَيَمُّنٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاتَيْنِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَقْدِيمُ يُمْنَى (أَعْضَاءٍ) عَلَى يُسْرَاهَا فِي الْغُسْلِ أَوْ الْمَسْحِ (وَ) تَيَمُّنُ (إنَاءٍ) أَيْ جَعْلُهُ جِهَةَ يَمِينِهِ (إنْ فُتِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْإِنَاءُ فَتْحًا وَاسِعًا يُمْكِنُ الِاغْتِرَافُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يُفْتَحْ كَإِبْرِيقٍ نُدِبَ جَعْلُهُ جِهَةَ يُسْرَاهُ لِيَفْرُغَ بِهَا فِي يُمْنَاهُ إلَّا الْأَعْسَرَ فَيُجْعَلُ الْمَفْتُوحُ جِهَةَ يُسْرَاهُ وَغَيْرُهُ جِهَةَ يُمْنَاهُ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ قَوْلِهِ كَالْغُسْلِ عَنْ هَذَيْنِ الْمَنْدُوبَيْنِ لِيُفِيدَ رُجُوعَهُ لَهُمَا أَيْضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 92 وَبَدْءٌ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَشَفْعُ غَسْلِهِ، وَتَثْلِيثُهُ، وَهَلْ الرِّجْلَانِ كَذَلِكَ؟ أَوْ الْمَطْلُوبُ الْإِنْقَاءُ، وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ؟ خِلَافٌ   [منح الجليل] (وَبَدْءٌ) بِسُكُونِ الدَّالِ أَيْ ابْتِدَاءٌ فِي الْمَسْحِ (بِمُقَدَّمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ أَيْ أَوَّلِ (رَأْسِهِ) وَهُوَ مَنْبَتُ الشَّعْرِ الْمُعْتَادِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ وَأَوَّلُ الْوَجْهِ الْمَنْبَتُ الْمُعْتَادُ لِشَعْرِ الرَّأْسِ وَأَوَّلُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ وَخَصَّ الرَّأْسَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِهِ مِنْ جِهَةِ الْقَفَا وَمَنْ قَالَ يَبْدَأُ بِوَسَطِهِ وَيَنْزِلُ إلَى الْوَجْهِ وَيَرُدُّ إلَى الْقَفَا وَيَرُدُّ إلَى الْوَسَطِ فَإِنْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْمُقَدَّمِ زُجِرَ وَوُعِظَ إنْ كَانَ عَالِمًا وَعُلِّمَ إنْ كَانَ جَاهِلًا. (وَشَفْعُ) أَيْ تَثْنِيَةُ (غَسْلِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ لَا مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْجَبِيرَةِ فَلَا فَضِيلَةَ فِي شَفْعِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ شَفْعَ الرَّأْسِ هُوَ السُّنَّةُ (وَتَثْلِيثُهُ) أَيْ غَسْلُ الْوُضُوءِ فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ فَضِيلَةٌ وَكَذَا الثَّالِثَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: الثَّانِيَةُ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: فَرْضٌ، وَقِيلَ مَجْمُوعُهُمَا فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَهَلْ الرِّجْلَانِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (كَذَلِكَ) أَيْ الْوَجْهُ وَالْيَدَيْنِ فِي نَدْبِ الشَّفْعِ وَالتَّثْلِيثِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ الْمَطْلُوبُ) فِيهِمَا (الْإِنْقَاءُ) مِنْ الْوَسَخِ بِلَا حَدِّ خِلَافٍ فِي الْوَسِخَتَيْنِ بِمَانِعِ وُصُولِ الْمَاءِ لِلْجِلْدَةِ وَالنَّقِيَّتَانِ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ اتِّفَاقًا وَهَذَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: الْإِنْقَاءُ وَكَذَا الْوَسِخَتَانِ بِمَا لَا يَمْنَعُ الْوُصُولَ. (وَهَلْ تُكْرَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ الْغَسْلَةُ (الرَّابِعَةُ) وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَوْلَى الزَّائِدَةُ لِيَشْمَلَ غَيْرَ الرَّابِعَةِ وَلِيَنْدَفِعَ إيهَامُ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَيْهَا (أَوْ تُمْنَعُ) الرَّابِعَةُ وَهُوَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ مَحَلُّهُ الرَّابِعَةُ الْمُحَقَّقَةُ بَعْدَ ثَلَاثٍ مُوعِبَةٍ وَإِمَّا الْمَشْكُوكُ فِي كَوْنِهَا رَابِعَةً أَوْ ثَالِثَةً فَالْخِلَافُ فِيهَا بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ وَسَتَأْتِي وَالرَّابِعَةُ بَعْدَ ثَلَاثٍ لَمْ تُوعَبْ وَاجِبَةٌ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَفْعُولَةِ بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ فَإِنْ فَعَلَهَا بِنِيَّةِ تَبَرُّدٍ أَوْ تَدَفُّؤٍ أَوْ تَنْظِيفٍ جَازَتْ اتِّفَاقًا قَبْلَ الْمُنَاسِبِ لِاصْطِلَاحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 93 وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ أَوْ مَعَ فَرَائِضِهِ. وَسِوَاكٌ وَإِنْ بِإِصْبَعٍ كَصَلَاةٍ بَعُدَتْ مِنْهُ وَتَسْمِيَةٌ، وَتُشْرَعُ فِي غُسْلٍ. وَتَيَمُّمٍ وَأَكْلٍ. وَشُرْبٍ.   [منح الجليل] تَرَدُّدٌ مَحَلَّ خِلَافٍ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ أَيْضًا وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْإِشَارَةَ لِلتَّرَدُّدِ مَتَى اُتُّفِقَ أَوْ لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّشْهِيرِ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي كَذَا فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى كَذَا. (وَتَرْتِيبُ سُنَنِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ بِتَقْدِيمِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ لِلْكُوعَيْنِ فَالْمَضْمَضَةِ فَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ فَرَدِّ الْمَسْحِ فَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ (أَوْ) تَرْتِيبُ سُنَنِهِ (مَعَ فَرَائِضِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ بِتَقْدِيمِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ وَهَذِهِ عَلَى رَدِّ الْمَسْحِ وَمَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَهَذَيْنِ عَلَى غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَعَطَفَ بِأَوْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَسِوَاكٌ) أَيْ اسْتِيَاكٌ بِعُودِ أَرَاكٍ أَوْ نَحْوِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِإِصْبَعٍ) فَيَكْفِي إنْ لَمْ يُوجَدْ عُودٌ قَبْلَ الْوُضُوءِ بِالْيُمْنَى وَيَبْتَدِئُ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ عَرْضًا فِي الْأَسْنَانِ وَطُولًا فِي اللِّسَانِ وَكُرِهَ بِعُودِ الْمُرْسِينَ وَالرُّمَّانِ لِتَحْرِيكِهِمَا عِرْقَ الْجُدَامِ وَبِعُودِ الْحَلْفَاءِ وَالشَّعِيرِ لَا يُرَانِهِمَا الْأَكَلَةُ وَالْبَرَصُ وَيَنْبَغِي كَوْنُهُ شِبْرًا فَأَقَلَّ وَعَدَمُ التَّشْدِيدِ فِي قَبْضِهِ وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ بِقَوْلِهِ: (كَ) سِوَاكِهِ لِ (صَلَاةٍ) فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (بَعُدَتْ مِنْهُ) أَيْ السِّوَاكِ وَكَذَا التِّلَاوَةُ وَقُرْآنٌ وَانْتِبَاهٌ مِنْ نَوْمٍ وَتَغَيُّرِ فَمٍ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ طُولِ سُكُوتٍ أَوْ كَثْرَةِ كَلَامٍ. (وَتَسْمِيَةٌ) لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عِنْدَ ابْتِدَائِهِ بِأَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَفِي زِيَادَةٍ " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ (وَتُشْرَعُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ التَّسْمِيَةُ وَعَبَّرَ بِتُشْرَعُ لِشُمُولِهِ الْوُجُوبَ وَالسُّنِّيَّةَ وَالنَّدْبَ (فِي غُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ) نَدْبًا (وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) اسْتِنَانًا عَيْنِيًّا فِي الشُّرْبِ اتِّفَاقًا وَفِي الْأَكْلِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ: سُنَّةُ كِفَايَةٍ فِيهِ وَنُدِبَ زِيَادَةُ " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَزِدْنَا مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَأْكُولُ أَوْ الْمَشْرُوبُ لَبَنًا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ وَلَوْ لَحْمًا قَالَ خَيْرًا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدَ الطَّعَامِ لَكِنَّ فِي اللَّبَنِ مَزِيَّةَ الْإِشْبَاعِ وَالْإِرْوَاءِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 94 وَزَكَاةٍ. وَرُكُوبِ دَابَّةٍ. وَسَفِينَةٍ. وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ: لِمَنْزِلٍ. وَمَسْجِدٍ وَلُبْسٍ. وَغَلْقِ بَابٍ. وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ. وَوَطْءٍ. وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا. وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ وَلَحْدِهِ. وَلَا تُنْدَبُ إطَالَةُ الْغُرَّةِ   [منح الجليل] (وَ) تُشْرَعُ فِي (زَكَاةٍ) وُجُوبًا شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ (وَ) نَدْبًا فِي (رُكُوبِ دَابَّةٍ) وَزِيَادَةُ {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 14] (وَسَفِينَةٍ) وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ قَالَ عِنْدَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِييمٌ} [هود: 41] {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67] أَمِنَ مِنْ الْغَرَقِ. (وَدُخُولٍ وَضِدِّهِ) أَيْ خُرُوجٍ (لِمَنْزِلٍ) وَيَزِيدُ فِي دُخُولِهِ «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَخْرَجِ وَخَيْرَ الْمَوْلَجِ» وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ وَالْفَاتِحَةِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ وَيَزِيدُ فِي الْخُرُوجِ «تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ بِسْمِ اللَّهِ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى دِينِي وَعَلَى أَوْلَادِي اللَّهُمَّ رَضِّنِي بِمَا قَضَيْت لِي وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي حَتَّى لَا أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلَا تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك أَنَّ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَبْغِيَ أَوْ يُبْغَى عَلَيَّ عَزَّ جَارُك وَجَلَّ ثَنَاؤُك» وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ. (وَمَسْجِدٍ) وَيَزِيدُ فِي دُخُولِهِ «تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ اللَّهُمَّ غُفْرَانَك اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك» وَفِي خُرُوجِهِ مِنْهُ عَقِبَ التَّوَكُّلِ وَالْحَوْقَلَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ «اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِك» (وَلُبْسٍ) لِكَثَوْبٍ وَنَزْعِهِ (وَغَلْقِ بَابٍ) وَفَتْحِهِ (وَإِطْفَاءِ مِصْبَاحٍ) وَإِيقَادِهِ (وَوَطْءٍ) غَيْرِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَتُكْرَهُ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَقِيلَ تَحْرُمُ فِيهِ (وَصُعُودِ خَطِيبٍ مِنْبَرًا) لِخُطْبَةِ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَتَغْمِيضِ مَيِّتٍ) بَعْدَ تَحَقُّقِ مَوْتِهِ (وَلَحْدِهِ) أَيْ إرْقَادِهِ فِي قَبْرِهِ وَابْتِدَاءِ تِلَاوَةٍ إلَّا لِبَرَاءَةٍ وَابْتِدَاءِ طَوَافٍ وَدُخُولِ مِرْحَاضٍ وَالْأَوْلَى إتْمَامُهَا فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالذَّكَاةِ وَدُخُولِ الْمِرْحَاضِ. (وَلَا تُنْدَبُ) بَلْ تُكْرَهُ (إطَالَةُ الْغُرَّةِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ الزِّيَادَةِ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 95 وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ وَتَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ. وَإِنْ شَكَّ فِي ثَالِثَةٍ فَفِي كَرَاهَتِهَا وَنَدْبِهَا قَوْلَانِ. قَالَ كَشَكِّهِ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ. هَلْ هُوَ الْعِيدُ؟   [منح الجليل] الْغَسْلِ أَوْ الْمَسْحِ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ لِأَنَّهَا مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ وَيُنْدَبُ التَّجْدِيدُ وَإِدَامَةُ الطَّهَارَةِ (وَ) لَا يُنْدَبُ (مَسْحُ الرَّقَبَةِ بِالْمَاءِ) بَعْدَ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ. (وَ) لَا يُنْدَبُ (تَرْكُ مَسْحِ الْأَعْضَاءِ) أَيْ تَنْشِيفُهَا مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ بِالْمِنْدِيلِ وَنَحْوَهُ بَلْ هُوَ جَائِزٌ كَتَجْفِيفِهَا بِالْهَوَاءِ. (وَإِنْ شَكَّ) الْمُتَوَضِّئُ (فِي) اتِّصَافِ غَسْلِهِ أَرَادَ فِعْلَهَا بِ (ثَالِثَةٍ) فَفِعْلهَا مَنْدُوبٌ أَوْ رَابِعَةٍ فَتُكْرَهُ أَوْ تَحْرُمُ (فَفِي كَرَاهَتِهَا) أَيْ الْغَسْلَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا خَوْفُ الْوُقُوعِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الشَّامِلِ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْحَقُّ وَاخْتَارَهُ الْعَدَوِيُّ وَنَدَبَهَا اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ وَهُوَ لَيْسَ مُسْتَنْكِحًا وَإِلَّا فَلَا يَأْتِي بِهَا اتِّفَاقًا (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. (قَالَ) أَيْ الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ مُخَرِّجًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّكِّ فِي الْغَسْلَةِ (كَشَكِّهِ) أَيْ الشَّخْصِ (فِي) لَيْلَةِ (يَوْمِ عَرَفَةَ هَلْ) الْيَوْمُ الَّذِي يَلِيهَا يَوْمُ عَرَفَةَ فَيَنْوِي صَوْمَهُ أَوْ (هُوَ الْعِيدُ) فَلَا يَنْوِي صَوْمَهُ فَفِي كَرَاهَةِ نِيَّةِ صَوْمِهِ خَوْفُ الْوُقُوعِ فِي صَوْمِ الْعِيدِ الْمَمْنُوعِ وَنَدْبِهَا اسْتِصْحَابٌ لِلْأَصْلِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمَازِرِيُّ قَوْلَانِ وَمِنْ الْفَضَائِلِ: اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالتَّمَكُّنُ فِي الْجُلُوسِ، وَالِارْتِفَاعُ عَنْ الْأَرْضِ، وَاسْتِحْضَارُ النِّيَّةِ. إلَخْ وَمِنْ مَكْرُوهَاتِهِ الْإِكْثَارُ مِنْ الْمَاءِ وَالْكَلَامِ الدُّنْيَوِيِّ وَالزَّائِدِ عَلَى ثَلَاثٍ فِي الْغَسْلِ وَعَلَى وَاحِدَةٍ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ وَالْخُفِّ وَعَلَى اثْنَتَيْنِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ، وَتَجْدِيدُ الْمَاءِ لِرَدِّ مَسْحِهِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ غَسْلًا أَوْ مَسْحًا وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ وَفِعْلُهُ فِي مَكَان نَجِسٍ فِعْلًا أَوْ شَأْنًا وَمُبَالَغَةُ الصَّائِمِ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَتَرْكِ سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِهِ وَالتَّوَضُّؤُ مِنْ الْمِيضَأَةِ الَّتِي تُغْسَلُ فِيهَا الْأَعْضَاءُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 96 (فَصْلٌ) نُدِبَ لِقَاضِي الْحَاجَةِ جُلُوسٌ. وَمُنِعَ بِرَخْوٍ نَجِسٍ. وَتَعَيَّنَ الْقِيَامُ. وَاعْتِمَادٌ عَلَى رِجْلٍ. وَاسْتِنْجَاءٌ بِيَدٍ يُسْرَيَيْنِ.   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي آدَاب قَضَاء الْحَاجَة] (فَصْلٌ فِي آدَابِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْأُولَى طُلِبَ لِيَشْمَلَ الْوُجُوبَ أَيْضًا فَإِنَّ بَعْضَهَا وَاجِبٌ (لِقَاضِي) أَيْ مِنْ مُرِيدِ قَضَاءِ (الْحَاجَةِ) بَوْلًا كَانَتْ أَوْ غَائِطًا وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (جُلُوسٌ) بِمَكَانٍ رَخْوٍ طَاهِرٍ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِعَوْرَتِهِ مَعَ أَمْنِهِ مِنْ تَنَجُّسِ ثِيَابِهِ فَالْقِيَامُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْبَوْلِ، وَمَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فِي الْغَائِطِ إذَا أُمِنَ الْإِطْلَاعُ عَلَى عَوْرَتِهِ وَإِلَّا مُنِعَ فِيهِمَا. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ كُرِهَ الْجُلُوسُ (بِ) مَكَان (رَخْوٍ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ أَيْ لَيِّنٍ كَتُرَابٍ وَرَمْلٍ (نَجِسٍ) بِنَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ يُخْشَى تَنَجُّسُ ثِيَابِهِ بِهَا إنْ جَلَسَ وَنُدِبَ الْقِيَامُ بِهِ فِي الْبَوْلِ إنْ أَمِنَ الْإِطْلَاعَ عَلَى عَوْرَتِهِ صِيَانَةً لِثِيَابِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ مَعَ أَمْنِهِ مِنْ رَدِّهِ الْبَوْلَ عَلَيْهِ وَاجْتِنَابِهِ فِي الْغَائِطِ وَأَمَّا الْمَوْضِعُ الصُّلْبُ فَيُنْدَبُ الْجُلُوسُ فِيهِ فِيهِمَا إنْ كَانَ طَاهِرًا لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لِعَوْرَتِهِ مَعَ صِيَانَةِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ بِهِ وَيُكْرَهُ الْقِيَامُ فِيهِ فِيهِمَا لِتَنْجِيسِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا نُدِبَ اجْتِنَابُهُ قِيَامًا وَجُلُوسًا فِيهِمَا لِلسَّلَامَةِ مِنْ نَجَاسَتِهِ. الْوَنْشَرِيسِيُّ: بِالطَّاهِرِ الصُّلْبِ اجْلِسْ ... وَقُمْ بِرَخْوٍ نَجِسٍ وَالنَّجِسَ الصُّلْبَ اجْتَنِبْ ... وَاجْلِسْ وَقُمْ إنْ تَعْكِسْ. (وَ) نُدِبَ لَهُ (اعْتِمَادٌ) حَالَ قَضَاءِ الْغَائِطِ أَوْ الْبَوْلِ (عَلَى رِجْلٍ) يُسْرَى بِالْمَيْلِ عَلَيْهَا وَرَفْعُ عَقِبِ الْيُمْنَى مَعَ وَضْعِ صَدْرِهَا بِالْأَرْضِ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى خُرُوجِ الْفَضْلَةِ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ فِي الشِّقِّ الْأَيْسَرِ فَإِذَا اعْتَمَدَ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى زَادَ مَيَلَانُهَا وَصَارَتْ مُزْلِقَةً. (وَ) نُدِبَ (اسْتِنْجَاءٌ) أَيْ إزَالَةُ مَاءٍ عَلَى الْمَخْرَجِ بِمَاءٍ أَوْ جَامِدٍ (بِيَدٍ) وَمَصَبُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ أَعْنِي (يُسْرَيَيْنِ) فَهُوَ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ وَفِيهِ أَنَّ نَعْتَ النَّكِرَةِ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ لِافْتِقَارِهَا إلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا بِدُونِهِ إلَّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 97 وَبَلُّهَا قَبْلَ لُقِيِّ الْأَذَى وَغَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ بَعْدَهُ. وَسَتْرٌ إلَى مَحَلِّهِ. وَإِعْدَادُ مُزِيلِهِ. وَوِتْرُهُ. وَتَقْدِيمُ قُبُلِهِ. وَتَفْرِيجُ فَخْذَيْهِ. وَاسْتِرْخَاؤُهُ. وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ.   [منح الجليل] أَنْ يَدَّعِيَ تَعَيُّنَهَا فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ الْقَطْعِ. (وَ) نُدِبَ (بَلُّهَا) أَيْ مَا يُلَاقِي الْأَذَى مِنْ الْيَدِ الْيُسْرَى وَهُوَ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرُ وَالْخِنْصِرُ لِتَنْسَدَّ مَسَامُّهَا فَيَضْعُفُ تَعَلُّقُ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ بِهَا وَصِلَةُ بَلُّهَا (قَبْلَ لُقِيِّ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْأَذَى) أَيْ الْغَائِطِ أَوْ الْبَوْلِ بِهَا (وَ) نُدِبَ (غَسْلُهَا) أَيْ الْيَدِ الْيُسْرَى (بِكَتُرَابٍ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ مُدْخِلَةٌ لِكُلِّ مَا يُزِيلُ الرَّائِحَةَ كَأُشْنَانٍ وَغَاسُولٍ وَإِذْخِرٍ وَصَابُونٍ وَسِدْرٍ وَصِلَةُ غَسْلِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ لُقِيِّ الْأَذَى بِهَا جَافَّةً فَإِنْ بَلَّهَا قَبْلَهُ فَلَا يُنْدَبُ غَسْلُهَا بِكَتُرَابٍ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ وَأَوْلَى إنْ اسْتَجْمَرَ بِمَا زَالَ عَيْنَهَا ثُمَّ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ لِعَدَمِ مُلَاقَاتِهَا الْأَذَى. . (وَ) نُدِبَ (سَتْرٌ) لِلْعَوْرَةِ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ إدَامَتُهُ حَالَ انْحِطَاطِهِ لِلْجُلُوسِ (إلَى مَحَلِّهِ) أَيْ سُقُوطِ الْأَذَى إذَا لَمْ يَخَفْ تَنْجِيسَ ثِيَابِهِ وَإِلَّا رَفَعَهَا قَبْلَهُ. (وَ) نُدِبَ (إعْدَادٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ إحْضَارُ (مُزِيلِهِ) أَيْ الْأَذَى قَبْلَ جُلُوسٍ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مَائِعًا كَانَ أَوْ جَامِدًا لِئَلَّا يَحْتَاجَ لَهُ وَيَتَكَلَّمَ لِطَلَبِهِ وَهُوَ فِيمَا يَنْبَغِي إخْفَاؤُهُ (وَ) نُدِبَ (وِتْرُهُ) أَيْ إيتَارُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ مِنْ الْمُزِيلِ الْجَامِدِ إنْ أَنْقَى الشَّفْعَ إلَى سَبْعٍ فَإِنْ أَنْقَى بِثَمَانٍ فَلَا يُطْلَبُ بِتَاسِعٍ وَيَحْصُلُ الْإِيتَارُ بِذِي ثَلَاثِ جِهَاتٍ يَمْسَحُ بِكُلِّ جِهَةٍ إلَّا الْوَاحِدَ الْمُنَقَّى فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ. (وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ قُبُلِهِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى دُبُرِهِ إلَّا مَنْ اعْتَادَ قَطْرَ بَوْلِهِ إذَا مَسَّ الْمَاءُ دُبُرَهُ. (وَ) نُدِبَ (تَفْرِيجُ فَخِذَيْهِ) أَيْ إبْعَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخِرِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ (وَ) نُدِبَ (اسْتِرْخَاؤُهُ) قَلِيلًا حَالَ اسْتِنْجَائِهِ لِئَلَّا تَنْقَبِضَ تَكَامِيشُ دُبُرِهِ عَلَى الْأَذَى فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مُنَافٍ لِلْوُضُوءِ حَالَ فِعْلِهِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ عَدَمُهُ لَا يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الِاسْتِرْخَاءِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ. (وَ) نُدِبَ (تَغْطِيَةُ رَأْسِهِ) حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 98 وَعَدَمُ الْتِفَاتِهِ. وَذِكْرُ وِرْدٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ. فَإِنْ فَاتَ فَفِيهِ إنْ لَمْ يَعُدْ. وَسُكُوتٌ إلَّا لِمُهِمٍّ.   [منح الجليل] وَمَلَائِكَتِهِ وَلِأَنَّهُ أَحْفَظُ لِمَسَامِّ الشَّعْرِ مِنْ تَعَلُّقِ الرَّائِحَةِ بِهَا وَلَوْ بِطَاقِيَّةٍ أَوْ كُمٍّ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَكْشِفَ رَأْسَهُ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَى سَتْرِهِ بِنَحْوِ رِدَاء ط زَائِدٍ عَلَى الْمُعْتَادِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ (وَ) نُدِبَ (عَدَمُ الْتِفَاتِهِ) بَعْدَ جُلُوسِهِ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِنْجَاءِ لِئَلَّا يَرَى مَا يَخَافُ مِنْهُ غَيْرَ مُقْبِلٍ عَلَيْهِ فَيَقُومُ فَيُنَجِّسُ بَدَنَهُ وَثَوْبَهُ وَيُنْدَبُ قَبْلَ جُلُوسِهِ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ. (وَ) نُدِبَ (ذِكْرُ وِرْدٍ) أَيْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصِلَةُ ذِكْرُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْقَضَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَالْخُرُوجِ أَوْ الِانْتِقَالِ إلَى مَحَلٍّ طَاهِرٍ فِعْلًا وَشَأْنًا صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي الْمَحَلِّ الْخَسِيسِ وَهُوَ «اللَّهُمَّ غُفْرَانَك الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي سَوَّغَنِيهِ طَيِّبًا وَأَخْرَجَهُ عَنِّي خَبِيثًا» أَوْ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي» أَوْ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي لَذَّتَهُ وَأَبْقَى فِي جِسْمِي قُوَّتَهُ وَأَذْهَبَ عَنِّي مَشَقَّتَهُ» وَالْأَوْلَى جَمْعُهَا (وَ) نُدِبَ ذِكْرُ وِرْدٍ (قَبْلَهُ) أَيْ دُخُولِ مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَهُوَ «بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ الرِّجْسِ النَّجَسِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» وَالْخُبْثُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا جَمْعُ خَبِيثٍ ذَكَرُ الشَّيَاطِينِ وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ أُنْثَاهُمْ. (فَإِنْ فَاتَ) الذِّكْرُ الْقِبْلِيَّ بِنِسْيَانِهِ حَتَّى دَخَلَ مَحَلَّ الْقَضَاءِ (فَ) يَذْكُرُ الْقَبْلِيَّ نَدْبًا (فِيهِ) أَيْ مَحَلِّ الْقَضَاءِ (إنْ لَمْ يُعَدَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ يُتَّخَذُ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ كَصَحْرَاءَ وَمَوْضِعٍ خَرِبٍ وَحَائِشِ نَخْلٍ وَتَذَكَّرَهُ قَبْلَ جُلُوسِهِ وَانْكِشَافِهِ لِلْقَضَاءِ وَقِيلَ وَبَعْدَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَدَثِ فَإِنْ جَلَسَ لَهُ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ الْحَدَثُ عَلَى الثَّانِي فَلَا يَذْكُرُ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ الْمُعَدُّ لَهُ كُرِهَ إنْ دَخَلَ وَلَوْ بِرِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا. (وَ) نُدِبَ (سُكُوتٌ) حَالَ الْقَضَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ فَلَا يُشَمِّتُ عَاطِسًا وَلَا يَحْمَدُ إنْ عَطَسَ وَلَا يَحْكِي أَذَانًا وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا (إلَّا لِ) شَيْءٍ (مُهِمٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْهَاءِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ مَطْلُوبٍ وُجُوبًا كَإِنْقَاذِ أَعْمَى مِنْ هَلَاكٍ أَوْ شِدَّةِ ضَرَرٍ أَوْ مَالٍ ذِي بَالٍ مِنْ تَلَفٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 99 وَبِالْفَضَاءِ: تَسَتُّرٌ. وَبُعْدٌ. وَاتِّقَاءُ جُحْرٍ. وَرِيحٍ. وَمَوْرِدٍ. وَطَرِيقٍ وَشَطٍّ. وَظِلٍّ. وَصُلْبٍ. وَبِكَنِيفٍ. نَحَّى ذِكْرَ اللَّهِ.   [منح الجليل] أَوْ اسْتِنَانًا كَطَلَبِ مَا يُسْتَنْجَى بِهِ (وَ) نُدِبَ (بِالْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ صِلَةٌ عَامِلُهَا (تَسَتُّرٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَبِالسِّينِ وَضَمِّ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُبَالَغَةً فِي السَّتْرِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَيْثُ لَا يُرَى جِسْمُهُ بِشَجَرٍ أَوْ صَخْرٍ أَوْ تَبَاعُدٍ (وَ) نُدِبَ (بُعْدٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ عَنْ النَّاسِ بِقَضَاءٍ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ صَوْتُ خَارِجِهِ وَلَا يَشُمُّ رِيحَهُ (وَ) نُدِبَ (اتِّقَاءُ جُحْرٍ) أَصْلُهُ الْمُسْتَدِيرُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ السَّرَبَ أَيْ الْمُسْتَطِيلَ لِأَنَّهُ مَسْكَنُ الْجِنِّ وَالْهَوَامِّ كَالْأَفَاعِي وَالْعَقَارِبِ فَإِنْ قِيلَ: الْجِنُّ يُحِبُّونَ النَّجَاسَةَ قُلْنَا لَا يَلْزَمُ مِنْ مَحَبَّةِ شَيْءٍ مَحَبَّةُ التَّلَطُّخِ بِهِ (وَ) نُدِبَ اتِّقَاءُ مَهَبِّ (رِيحٍ) وَلَوْ سَاكِنَةً لِاحْتِمَالِ تَحَرُّكِهَا حَالَ الْقَضَاءِ فَتَرُدُّ عَلَيْهِ بَوْلَهُ أَوْ غَائِطَهُ الرَّقِيقَ فَتُنَجِّسُ بَدَنَهُ وَثَوْبَهُ (وَ) وَجَبَ اتِّقَاءُ (مَوْرِدٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ مِنْهُ لِلْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ لِأَذِيَّةِ الْوَارِدِينَ وَلَعْنِهِمْ إيَّاهُ (وَ) اتِّقَاءُ (طَرِيقٍ) يَمُرُّ النَّاسُ فِيهِ لِلْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَوْرِدِ لَا حَاجَةَ لِزِيَادَةٍ وَشَطٍّ لِإِغْنَاءِ الْمَوْرِدِ عَنْهُ (وَ) اتِّقَاءُ (ظِلٍّ) شَأْنُهُ الِاسْتِظْلَالُ بِهِ مِنْ مَقِيلٍ وَمُنَاخٍ وَمِثْلُهُ مَجْلِسُهُمْ بِشَمْسٍ فِي الشِّتَاءِ وَقَمَرٍ بِاللَّيْلِ. (وَ) نُدِبَ اتِّقَاءُ (صُلْبٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا مُشَدَّدَةً وَبِفَتْحِهِمَا كَقُفْلٍ وَسُكَّرٍ وَجَمَلٍ وَلَمْ يُسْمَعْ فَتْحُ الصَّادِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ أَيْ شَدِيدٍ مُسْتَحْجِرٍ أَيْ نَجِسٍ بِنَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ فَإِنْ جَلَسَ نَجَّسَتْ ثِيَابَهُ وَإِنْ قَامَ رَدَّ عَلَيْهِ بَوْله فَيَجْتَنِبُهُ قَائِمًا وَجَالِسًا وَالصُّلْبُ الطَّاهِرُ يَتَأَكَّدُ الْجُلُوسُ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (وَبِكَنِيفٍ) أَيْ عِنْدَ دُخُولِهِ صِلَةٌ عَامِلُهَا (نَحَّى) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أَبْعَدَ وَاجْتَنِبْ نَدْبًا (ذِكْرَ اللَّهِ) غَيْرَ الْقُرْآنِ فَيُكْرَهُ فِيهِ كَدُخُولِهِ بِوَرَقَةٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 100 وَيُقَدِّمُ يُسْرَاهُ دُخُولًا، وَيُمْنَاهُ خُرُوجًا عَكْسَ مَسْجِدٍ وَالْمَنْزِلُ يُمْنَاهُ بِهِمَا، وَجَازَ بِمَنْزِلٍ: وَطْءٌ، وَبَوْلٌ، مُسْتَقْبِلَ قِبْلَةٍ   [منح الجليل] خَاتَمٍ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا سَاتِرٍ وَلَا خَوْفِ ضَيَاعٍ إلَّا جَازَ وَوُجُوبًا فِي الْقُرْآنِ فَتَحْرُمُ قِرَاءَتُهُ فِيهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْحَدَثِ وَحَالَهُ وَبَعْدَهُ وَإِدْخَالُ مُصْحَفٍ كَامِلٍ أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ يَسِيرًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَخَلِيلٌ وَبَهْرَامُ وَرَدَّهُ الْحَطَّابُ مُسْتَظْهِرًا كَرَاهَةَ إدْخَالِ الْقُرْآنِ الْكَنِيفَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُصْحَفًا كَامِلًا وَاسْتَظْهَرَ عج الْحُرْمَةَ فِي الْكَامِلِ وَمَا قَارَبَهُ وَالْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِهِمَا وَاعْتَمَدَهُ الْأَشْيَاخُ إلَّا لِخَوْفِ ضَيَاعٍ أَوْ ارْتِيَاعٍ بِشَرْطِ سَتْرِهِ بِمَا يُكِنُّهُ وَمِثْلُ الْكَنِيفِ غَيْرُهُ حَالَ خُرُوجِ الْحَدَثِ وَبَعْدَهُ وَفِي مَنْعِ كَرَاهَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِيَدٍ فِيهَا خَاتِمٌ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ نَبِيٌّ أَوْ مَلَكَ قَوْلَانِ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ تَصِلْ النَّجَاسَةُ لِلْخَاتَمِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا، وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرُ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَوْضِعِ الْقَذِرِ وَإِجْرَاءُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرُ عَلَى الْقَلْبِ بِدُونِ حَرَكَةِ لِسَانٍ لَا يُعَدُّ قِرَاءَةً وَلَا ذِكْرًا فَلَا يُكْرَهُ فِي الْكَنِيفِ وَنَحْوِهِ إجْمَاعًا. (وَيُقَدِّمُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدِّدًا (يُسْرَاهُ) نَدْبًا (دُخُولًا) لِكُلِّ دَنِيءٍ كَكَنِيفٍ وَحَمَّامٍ وَمَخْبِزٍ وَطَاحُونٍ وَفُنْدُقٍ (وَ) يُقَدِّمُ (يُمْنَاهُ) نَدْبًا (خُرُوجًا) مِنْهُ وَذَلِكَ (عَكْسَ) دُخُولِ وَخُرُوجِ (مَسْجِدٍ) فَيُقَدِّمُ يُمْنَاهُ نَدْبًا فِي دُخُولِهِ وَيُسْرَاهُ نَدْبًا فِي خُرُوجِهِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ الشَّرِيفَ يُنْدَبُ التَّيَامُنُ فِيهِ وَالْخَسِيسَ يَنْدُبُ التَّيَاسُرُ فِيهِ وَإِذَا أَخْرَجَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى أَوَّلًا وَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ نَعْلِهَا، وَأَخْرَجَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَأَلْبَسَهَا نَعْلَهَا أَوَّلًا ثُمَّ يَلْبَسُ الْيُسْرَى وَإِذَا أَدْخَلَهُ خَلَعَ الْيُسْرَى أَوَّلًا وَوَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ نَعْلِهَا ثُمَّ يَخْلَعُ الْيُمْنَى وَيُقَدِّمُهَا فِي دُخُولِهِ. (وَالْمَنْزِلُ) أَيْ الْمَسْكَنُ يُقَدِّمُ (يُمْنَاهُ) نَدْبًا (بِهِمَا) أَيْ فِي دُخُولِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَابُ الْمَنْزِلِ مِنْ الْمَسْجِدِ اُعْتُبِرَ الْمَسْجِدُ وَأُلْغِيَ الْمَنْزِلُ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَأَرَادَ دُخُولَ الْمَنْزِلِ قَدَّمَ الْيُسْرَى وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ وَأَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا. (وَجَازَ بِمَنْزِلٍ) بِمَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ (وَطْءٌ) لِحَلِيلَةٍ (وَبَوْلٌ) وَغَائِطٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 101 وَمُسْتَدْبِرًا وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ، وَأُوِّلَ: بِالسَّاتِرِ، وَبِالْإِطْلَاقِ، لَا فِي الْفَضَاءِ، وَبِسِتْرٍ:   [منح الجليل] الْقِبْلَةَ (وَمُسْتَدْبِرًا) لَهَا وَهَذَانِ مَصَبُّ الْجَوَازِ إنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَوُّلُ عَنْهُ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُلْجَأْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ بِأَنْ أَمْكَنَهُ التَّحَوُّلُ عَنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ كَرَحْبَةِ دَارٍ وَمِرْحَاضٍ وَسُطُوحٍ قِيلَ لَوْ قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُلْجَأْ لَرَدَّ مَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ مَنْعِهِمَا إنْ لَمْ يُلْجَأْ لَكَانَ مُوَافِقًا لِاصْطِلَاحِهِ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَأُشِيرُ. . . إلَخْ أَنَّ مَا فِي كَلَامِهِ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى كَذَا وَلَمْ يَلْتَزِمْ الْإِشَارَةَ بِهَا لِكُلِّ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ بِهَا. (وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَهْمُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ الْوَطْءِ وَالْبَوْلِ فِي الْمَنْزِلِ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ بِلَا اضْطِرَارٍ إلَيْهِ وَصِلَةُ أُوِّلَ (بِالسَّاتِرِ) بَيْنَ الشَّخْصِ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَإِنْ كَانَ بِلَا سَاتِرٍ فَلَا يَجُوزُ. (وَ) أُوِّلَ أَيْضًا (بِالْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالسَّاتِرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَصُّهَا: وَلَا يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ لَا اسْتِدْبَارُهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ مُجَامَعَةٍ إلَّا فِي الْفَلَوَاتِ وَأَمَّا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى وَالْمَرَاحِيضِ الَّتِي عَلَى السُّطُوحِ فَلَا بَأْسَ بِهَا فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَعَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَحَمَلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِمَا إذَا كَانَ لِتِلْكَ الْمَرَاحِيضِ سَاتِرٌ. قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى الْجَوَازُ فِي الْمَرَاحِيضِ وَغَيْرِهَا مِنْ ضَرُورَةٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الصَّحَارِيَ وَالْفَيَافِيَ وَلَمْ يَعْنِ الْمَدَائِنَ وَالْقُرَى لِدَلِيلِ جَوَازِ مُجَامَعَةِ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَا مَشَقَّةَ فِي الِانْحِرَافِ عَنْهَا وَهُوَ تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ شَيْخُنَا أَبُو الْوَلِيدِ خِلَافٌ مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ لِلْمَشَقَّةِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقِيلَ: إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ فِي السَّطْحِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ جِدَارٌ اهـ. وَعَطَفَ بِلَا عَلَى بِمَنْزِلٍ فَقَالَ: (لَا) يَجُوزُ اسْتِقْبَالٌ أَوْ اسْتِدْبَارٌ بِوَطْءٍ أَوْ حَاجَةٍ (فِي الْفَضَاءِ) أَيْ الصَّحْرَاءِ بِلَا سَاتِرٍ (وَ) فِي جَوَازِ الْوَطْءِ وَالْحَاجَةِ مَعَ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ الِاسْتِدْبَارِ فِي الْفَضَاءِ (بِسِتْرٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ مَعَ سَاتِرٍ بَيْنَ الشَّخْصِ وَالْقِبْلَةِ أَقَلُّهُ طُولًا ثُلُثَا ذِرَاعٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 102 قَوْلَانِ تَحْتَمِلهُمَا وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ: لَا الْقَمَرَيْنِ   [منح الجليل] وَعَرْضًا قَدْرُ مَا يَسْتُرُهُ وَبَعْدُهُ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَدُونَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمَنَعَهُمَا (قَوْلَانِ) سِيَّانَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (تَحْتَمِلُهُمَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةُ الْقَوْلَيْنِ فَالْجَوَازُ لِابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّلْقِينِ عَنْهَا وَالْمَنْعُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَجْمُوعَةِ. (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْهُمَا (التَّرْكُ) أَيْ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَلِلْوَطْءِ مُسْتَقْبِلًا وَمُسْتَدْبِرًا فِي الصَّحَارِي تَعْظِيمًا لِلْقِبْلَةِ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى نَقْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِالْجِمَاعِ لِلْقِبْلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُمَا فِي الْمَرَاحِيضِ وَجَوَازُ ذَلِكَ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَالشَّأْنُ فِي كَوْنِ أَهْلِ الْإِنْسَانِ مَعَهُ فَمَعَ انْكِشَافِهِمَا يُمْنَعُ فِي الصَّحْرَاءِ وَيَخْتَلِفُ فِي الْمُدُنِ وَمَعَ الِاسْتِتَارِ يَجُوزُ فِيهِمَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ اسْتِوَاءُ الْوَطْءِ وَالْحَدَثِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اللَّخْمِيُّ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي الصَّحْرَاءِ هَلْ هُوَ طَلَبُ السَّتْرِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ الْمُصَلِّينَ وَصَالِحِي الْجِنِّ لِأَنَّهُمْ يَطُوفُونَ فِي الصَّحْرَاءِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاتِرٌ جَازَ لِوُجُودِ السَّاتِرِ أَوْ هُوَ تَعْظِيمُ الْقِبْلَةَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحْرَاءُ وَالْمُدُنُ اهـ. فَقَوْلُهُ: وَهَذَا يَسْتَوِي. . . إلَخْ أَيْ التَّعْلِيلُ الثَّانِي الَّذِي اخْتَارَهُ يَسْتَوِي فِيهِ الصَّحَارِي وَالْمُدُنُ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيهِمَا لَكِنْ أُبِيحَ ذَلِكَ فِي الْمُدُنِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ قَبْلَهُ وَبَقِيَ مَا عَدَا الْمُدُنِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ التَّرْكُ بِوَجْهَيْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ اخْتِيَارَهُ فِي الْوَطْءِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ اخْتَارَ جَوَازَهُ مَعَ السَّاتِرِ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْره الثَّانِي أَنَّ ظَاهِرَهُ أَيْضًا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْقَضَاءِ مَعَ السَّاتِرِ فِي جَرَيَانِهِ عِنْدَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مَعَ السَّاتِرِ مَا عَدَا الْمِرْحَاضَ فَإِنَّهُ مَعَ السَّاتِرِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَمَعَ غَيْرِهِ فِيهِ طَرِيقَانِ الْجَوَازُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَعِيَاضٌ وَالْمَنْعُ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَمُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ. وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صُوَرَهَا كُلَّهَا جَائِزَةٌ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَّا صُورَةً وَاحِدَةً وَهِيَ الِاسْتِقْبَالُ أَوْ الِاسْتِدْبَارُ فِي الصَّحْرَاءِ بِلَا سَاتِرٍ فَحَرَامٌ فِي الْوَطْءِ وَالْحَاجَةِ (لَا) يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ أَوْ اسْتِدْبَارُ (الْقَمَرَيْنِ) أَيْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِي وَطْءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 103 وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ بِاسْتِفْرَاغِ أَخْبَثَيْهِ مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ وَنَثْرٍ خَفَّا. وَنُدِبَ جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ ثُمَّ مَاءٌ   [منح الجليل] أَوْ حَاجَةٍ (وَ) لَا اسْتِقْبَالُ أَوْ اسْتِدْبَارُ (بَيْتِ الْمَقْدِسِ) بِهِمَا وَلَوْ بِلَا سَاتِرٍ فِي صَحْرَاءَ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى تَرْكَهُ. (وَوَجَبَ اسْتِبْرَاءٌ) بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ شَرْطًا مُطْلَقًا فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي الْمَخْرَجِ خَارِجٌ حُكْمًا فَهُوَ مُنَافٍ لِلْوُضُوءِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ عَدَمُ الْمُنَافِي فَوُجُوبُهُ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ لَا لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ فِيهَا وَصِلَةُ اسْتِبْرَاءٌ (بِاسْتِفْرَاغٍ) أَيْ إفْرَاغٍ وَتَخْلِيصِ مَخْرَجَيْهِ مِنْ (أَخْبَثَيْهِ) أَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (مَعَ سَلْتِ ذَكَرٍ) مِنْ أَصْلِهِ بِسَبَّابَتِهِ وَإِبْهَامِهِ مِنْ الْيُسْرَى إلَى كَمَرَتِهِ. (وَنَثْرٍ) بِسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ نَقْضِ ذَكَرٍ فَوْقُ وَتَحْتَ أَوْ يَمِينَ وَشِمَالُ لِإِخْرَاجِ الْبَوْلِ الْمُنَجِّسِ قُدَّامَ الْأُصْبُعَيْنِ (خَفَّا) أَيْ السَّلْتُ وَالنَّتْرُ نَدْبًا لِأَنَّ تَقْوِيَتَهُمَا تُؤَدِّي لِعَدَمِ انْقِطَاعِ الْبَوْلِ مِنْ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ كَالضَّرْعِ كُلَّمَا سُلِتَ وَنُتِرَ بِقُوَّةٍ أَعْطَى الْبَلَلَ وَتُرْخَى عُرُوقُهُ وَتَضْعُفُ مَثَانَتُهُ فَلَا تَمْسِكُ الْبَوْلَ وَيَصِيرُ سَلَسًا وَحَدُّ السَّلْتِ وَالنَّتْرِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، بِانْقِطَاعِ الْمَادَّةِ وَلَوْ بِمَرَّةٍ وَيَتَأَكَّدُ تَقْصِيرُ زَمَنِهِمَا أَيْضًا وَالْحَذَرُ مِنْ تَتَبُّعِ الْوَهْمِ فَإِنَّهُ يَفْتَحُ بَابَ الْوَسْوَسَةِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَقْلِ وَالدِّينِ وَتَضَعُ الْأُنْثَى يَدَهَا عَلَى عَانَتِهَا وَتَعْصِرُ بِهَا عَصْرًا لَطِيفًا وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يَسْلُتُ الذَّكَرَ وَيَعْصِرُ الْفَرْجَ وَيَسْتَرْخِي الشَّخْصُ قَلِيلًا حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ الْغَائِطِ بِصَدَدِ الْخُرُوجِ وَيَحْرُمُ إدْخَالُ أُصْبُعٍ بِدُبُرٍ أَوْ فَرْجِ امْرَأَةٍ وَلَا يَجِبُ الْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَالْمَشْيُ، وَذَكَرُهُ بِيَدِهِ وَهُوَ مِنْ الْبِدَعِ الشَّنِيعَةِ الْمُخْجِلَةِ بِالْمُرُوءَةِ إلَّا الْيَسِيرَ الَّذِي تَتَوَقَّفُ الْبَرَاءَةُ عَلَيْهِ وَمَا يَشُكُّ فِي خُرُوجِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ يَلْهُو عَنْهُ وَلَا يُفَتِّشُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَتَّشَ فَرَآهُ لَازَمَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَلَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ إلَّا إنْ تَفَاحَشَ فَيُنْدَبُ وَإِنْ فَارَقَهُ أَكْثَرَ الزَّمَنِ نَقَضَ وُضُوءَهُ وَإِلَّا فَلَا. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (جَمْعُ مَاءٍ وَحَجَرٍ) وَنَحْوَهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِأَنْ يُزِيلَ عَيْنَ الْخَبَثِ بِنَحْوِ الْحَجَرِ ثُمَّ يَغْسِلُ الْمَحَلَّ بِالْمَاءِ فَلَا تُبَاشِرُ يَدَهُ الْخَبَثَ وَيَتَوَفَّرُ الْمَاءُ ثُمَّ مَاءٌ وَجَامِدٌ مِنْ غَيْرِ إجْزَاءِ الْأَرْضِ كَذَلِكَ (ثُمَّ مَاءٍ) وَحْدَهُ ثُمَّ نَحْوِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 104 وَتَعَيَّنَ فِي مَنِيٍّ وَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ، وَبَوْلِ امْرَأَةٍ، وَمُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ كَثِيرًا وَمَذْيٍ بِغَسْلِ ذَكَرِهِ كُلِّهِ، فَفِي النِّيَّةِ وَبُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا   [منح الجليل] الْحَجَرِ وَحْدَهُ ثُمَّ الْجَامِدِ مِنْ غَيْرِهَا وَحْدَهُ فَالْمَرَاتِبُ خَمْسَةٌ. (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ أَيْ الْمَاءُ (فِي) الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ (مَنِيٍّ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ مِمَّنْ يَتَيَمَّمُ لِمَرَضٍ أَوْ عَدَمِ مَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ لَذَّةٍ وَبِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ لَوْ كَانَ سَلَسًا غَيْرَ مُلَازِمٍ كُلَّ يَوْمٍ فَإِنْ لَازَمَ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً عُفِيَ عَنْهُ فَلَا يُطْلَبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْهُ إلَّا إنْ تَفَاحَشَ فَيُنْدَبُ وَأَمَّا الْخَارِجُ مِنْ صَحِيحٍ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ الْكَافِي بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ فَوَجَبَ لِغَسْلِ ظَاهِرِ جَمِيعِ الْجَسَدِ بِالْمَاءِ وَمِنْهُ مَحَلُّ الْمَنِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَاءِ فِيهِ (وَ) تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ (حَيْضِ وَنِفَاسِ) الْمَرِيضَةِ أَوْ عَادِمَةٍ لِلْمَاءِ أَوْ كَانَ سَلَسًا مُفَارِقًا يَوْمًا وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ. وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ (بَوْلِ امْرَأَةٍ) بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ لِتَعَدِّيهِ مَخْرَجَهُ إلَى مَقْعَدَتِهَا غَالِبًا إنْ لَمْ يَكُنْ سَلَسًا مُلَازِمًا كُلَّ يَوْمٍ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ وَمِثْلُ بَوْلِهَا بَوْلُ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَمَنِيُّ الرَّجُلِ الْخَارِجِ مِنْ قُبُلِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ غَسْلِهَا مِنْ جِمَاعِهِ وَمَفْهُومُ بَوْلِ أَنَّ غَائِطَهَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَ) تَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (مُنْتَشِرٍ عَنْ مَخْرَجٍ) انْتِشَارًا كَثِيرًا بِوُصُولِهِ إلَى الْأَلْيَةِ أَوْ عُمُومِهِ جُلَّ الْحَشَفَةِ فَيُغْسَلُ الْجَمِيعُ بِالْمَاءِ وَلَا يَكْفِي غَسْلُ الزَّائِدِ وَمَسْحُ الْمُعْتَادِ بِنَحْوِ الْحَجَرِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اغْتِفَارِ شَيْءٍ وَحْدَهُ اغْتِفَارُهُ مَعَ غَيْرِهِ. (وَ) وَتَعَيَّنَ الْمَاءُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ مِنْ (مَذْيٍ) خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَإِلَّا كَفَى فِيهِ نَحْوُ الْحَجَرِ مَا لَمْ يَكُنْ سَلَسًا مُلَازِمًا كُلَّ يَوْمٍ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ (بِغَسْلِ) أَيْ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ (ذَكَرِهِ كُلِّهِ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فَفِي) وُجُوبِ (النِّيَّةِ) لِرَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ الذَّكَرِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ غَسْلِ الذَّكَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَا مَنَعَهُ الْمَذْيُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَعَدَمُ وُجُوبِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ وَإِلَّا لَاقْتَصَرَ عَلَى غَسْلِ مَحَلِّهِ قَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. (وَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ تَارِكِهَا) أَيْ النِّيَّةِ مَعَ غَسْلِهِ كُلِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَاجِبُ شَرْطٍ وَعَدَمُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 105 أَوْ تَارِكِ كُلِّهِ قَوْلَانِ. وَلَا يُسْتَنْجَى مِنْ رِيحٍ، وَجَازَ بِيَابِسٍ طَاهِرٍ مُنَقٍّ، غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ، وَلَا مُبْتَلٍّ وَنَجِسٍ وَأَمْلَسَ وَمُحَدَّدٍ وَمُحْتَرَمٍ مِنْ مَطْعُومٍ وَمَكْتُوبٍ   [منح الجليل] بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا وَاجِبُ غَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَوْلَانِ كَذَلِكَ (أَوْ) بُطْلَانُ صَلَاةِ (تَارِكِ) غَسْلِ (كُلِّهِ) أَيْ الذَّكَرِ وَغَسْلِ بَعْضِهِ وَلَوْ مَحَلَّهُ فَقَطْ بِنِيَّةٍ أَوْ لَا وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ بَعْدَهُ فَقَدْ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ، وَعَلَى صِحَّتِهَا فَهَلْ يَجِبُ تَكْمِيلُ غَسْلِهِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَهَلْ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ مَحَلَّ مَذْيِهَا فَقَطْ وَلَا تَلْزَمُهَا النِّيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَلَا يُسْتَنْجَى) بِضَمِّ الْيَاءِ، وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ (مِنْ) خُرُوجِ (رِيحٍ) مِنْ دُبُرٍ بِصَوْتٍ أَوْ لَا وَهُوَ طَاهِرٌ (وَجَازَ) أَيْ الِاسْتِنْجَاءُ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ الْإِزَالَةَ بِالْمَاءِ وَبِالْجَامِدِ وَالِاسْتِجْمَارُ قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِي (بِيَابِسٍ) أَيْ جَافٍّ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ أَوَّلًا كَخِرْقَةٍ وَصُوفٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ وَإِلَّا كُرِهَ (طَاهِرٍ مُنْقٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ مُزِيلٍ لِعَيْنِ الْخَبَثِ. (غَيْرِ مُؤْذٍ وَلَا مُحْتَرَمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَ (لَا) يَجُوزُ بِ (مُبْتَلٍّ) مُحْتَرِزُ يَابِسٍ (وَلَا) بِ (نَجَسٍ) كَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَرَوْثِ مُحَرَّمٍ وَمَكْرُوهٍ وَعَذِرَةٍ وَلَا بِمُتَنَجِّسٍ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ فِي آدَمِيٍّ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَطْهِيرُ الْمَحَلِّ أَوْ جَعْلُهُ فِي حُكْمِ الطَّاهِرِ وَهَذَا مُحْتَرَزُ طَاهِرٍ (وَ) لَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِشَيْءٍ (أَمْلَسَ) كَزُجَاجٍ وَقَصَبٍ مُحْتَرَزُ مُنْقٍ (وَ) لَا (مُحَدَّدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا أَيْ ذِي حَدٍّ يَجْرَحُ كَسِكِّينٍ وَمَكْسُورِ زُجَاجٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ مُحْتَرَزُ غَيْرِ مُؤْذٍ. (وَ) وَلَا بِشَيْءٍ (مُحْتَرَمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَهُ حُرْمَةٌ لِطَعْمِهِ أَوْ شَرَفِهِ أَوْ حَقِّ الْغَيْرِ مُحْتَرَزُ لَا مُحْتَرَمٍ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ مَطْعُومٍ) لِآدَمِيٍّ وَلَوْ لِدَوَاءٍ أَوْ إصْلَاحٍ فَشَمِلَ الْمِلْحَ وَالتَّوَابِلَ (وَمَكْتُوبٍ) وَلَوْ بِخَطٍّ أَعْجَمِيٍّ أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَأَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 106 وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجِدَارٍ وَعَظْمٍ وَرَوْثٍ فَإِنْ أَنْقَتْ أَجْزَأَتْ كَالْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ.   [منح الجليل] كَانَ مَدْلُولُهُ بَاطِلًا وَقِيلَ لَا حُرْمَةَ لِلْخَطِّ الْعَجَمِيِّ إلَّا إذَا اشْتَمَلَ عَلَى نَحْوِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ كَالْمَاسِ وَيَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ وَلُؤْلُؤٍ (وَجِدَارٍ) وُقِفَ أَوْ مُلْكِ غَيْرِهِ وَكُرِهَ بِمِلْكِهِ مِنْ دَاخِلِهِ اتِّفَاقًا وَمِنْ خَارِجِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِخَوْفِ نَحْوِ عَقْرَبٍ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْ خَارِجِهِ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ غَيْرَهُ إذَا ابْتَلَّ بِنَحْوِ مَطَرٍ. (وَ) كُرِهَ الِاسْتِنْجَاءُ بِ (رَوْثٍ وَعَظْمٍ) طَاهِرَيْنِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ عَلَفُ دَوَابِّ الْجِنِّ وَالثَّانِيَ طَعَامُهُمْ وَأَمَّا عَلَفُ دَوَابِّ الْإِنْسِ غَيْرُ مَطْعُومِهِمْ كَالْحَشِيشِ فَيَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ لَا حُرْمَةَ لَهُ خَرَجَ مِنْهُ الرَّوْثُ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ فَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ التَّحْرِيمُ إلَّا فِي جِدَارِ النَّفْسِ وَالرَّوْثِ وَالْعَظْمِ الطَّاهِرَيْنِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْكَرَاهَةُ وَمَحَلُّ النَّهْيِ عَنْهَا إنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَرَادَ اتِّبَاعَهَا بِالْمَاءِ جَازَ الِاسْتِجْمَارُ بِهَا إلَّا الْمُحْتَرَمَ وَالْمَحْدُودَ وَالنَّجِسَ فَيَحْرُمُ فَإِنْ قِيلَ تَحْرِيمُهُ بِالنَّجَسِ مُطْلَقًا يُنَافِي كَرَاهِيَةَ التَّلَطُّخِ بِالنَّجَاسَةِ عَلَى الرَّاجِحِ قُلْت الِاسْتِجْمَارُ بِهَا فِيهِ قَصْدٌ لِاسْتِعْمَالِهَا مَطْهَرَةً أَوْ مُرَخَّصَةً وَهَذَا مَمْنُوعٌ وَالتَّلَطُّخُ الْمَكْرُوهُ خَالٍ عَنْهُ. (فَإِنْ) اسْتَنْجَى بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَ (أَنْقَتْ) الْمَحَلَّ مِنْ عَيْنِ الْخَبَثِ (أَجْزَأَتْ) فِي الِاسْتِجْمَارِ الْمَطْلُوبِ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا بِدُونِ غَسْلٍ بِالْمَاءِ وَإِنْ لَمْ تُنْقِ كَالنَّجِسِ الْمُتَحَلِّلِ وَالْمُبْتَلِّ وَالْأَمْلَسِ فَلَا تُجْزِئُ وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ بِشَرْطِ الْإِنْقَاءِ فَقَالَ (كَ) الِاسْتِجْمَارِ بِ (الْيَدِ وَدُونَ الثَّلَاثِ) مِنْ نَحْوِ الْأَحْجَارِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: لَا يُجْزِئُ دُونَ الثَّلَاثِ الْمُنْقَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 107 (فَصْلٌ) نُقِضَ الْوُضُوءُ بِحَدَثٍ، وَهُوَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ فِي الصِّحَّةِ. لَا حَصًى وَدُودٌ وَلَوْ بِبَلَّةٍ وَبِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ:   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي نَوَاقِض الْوُضُوء] (فَصْلٌ) فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَحْدَاثٌ وَأَسْبَابٌ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ الرِّدَّةُ وَالشَّكُّ. (نُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الْوُضُوءُ) أَيْ انْتَهَتْ الصِّفَةُ الْمُقَدَّرُ قِيَامُهَا بِأَعْضَائِهِ الْمُوجِبَةِ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ، وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَصِلَةُ نُقِضَ (بِحَدَثٍ وَهُوَ) أَيْ حَقِيقَتُهُ عُرْفًا (الْخَارِجُ) جِنْسٌ شَمِلَ الْحَدَثَ وَغَيْرَهُ وَخَرَجَ عَنْهُ الدَّاخِلُ كَعُودٍ وَإِصْبَعٍ وَحُقْنَةٍ وَحَشَفَةٍ وَالْقَرْقَرَةُ وَالْحَقْنُ اللَّذَانِ لَا يَمْنَعَانِ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَإِنْ مَنَعَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهُمَا مِنْ الْحَدَثِ لِأَنَّهُمَا خَارِجَانِ حُكْمًا فَالْمُرَادُ بِالْخَارِجِ الْخَارِجُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (الْمُعْتَادُ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ لِلْخَارِجِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَدَمٍ وَقَيْحٍ وَحَصًى وَدُودٍ وَصِلَةُ الْمُعْتَادِ (فِي) حَالِ (الصِّحَّةِ) لِلشَّخْصِ فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ السَّلَسَ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالْخَارِجِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْخَارِجَ فِي الْمَرَضِ مُطْلَقًا لَيْسَ حَدَثًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (لَا حَصًى وَدُودٌ) تَوَلَّدَا بِبَطْنٍ وَأَمَّا الْمُبْتَلَعَانِ فَحَدَثٌ خَرَجَا بِلَا بِلَّةٍ بَلْ (وَلَوْ) خَرَجَا (بِبِلَّةٍ) أَيْ مَعَ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ غَيْرِ مُتَفَاحِشٍ بِحَيْثُ يُنْسَبُ الْخُرُوجُ فِي الْعُرْفِ لِلْحَصَى وَالدُّودِ لَا لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالِانْقِضَاءِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصَاحِبَ لِلْبِلَّةِ مِنْهُمَا حَدَثٌ وَمِثْلُهُمَا فِي هَذَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي نَقْضِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ كَدُودٍ أَوْ حَصًى أَوْ دَمٍ ثَالِثُهَا إنْ قَارَنَهُ أَذًى لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَشْهُورِ وَابْنُ نَافِعٍ وَيُعْفَى عَنْ الْبِلَّةِ الَّتِي مَعَ الْحَصَى أَوْ الدُّودَانِ لَازَمَتْ كُلَّ يَوْمٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ مِنْهَا إنْ كَثُرَتْ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهَا فِي الْبَدَنِ لَا الثَّوْبِ. وَعَطَفَ عَلَى " بِحَدَثٍ " فَقَالَ: (وَ) نُقِضَ الْوُضُوءُ (بِسَلَسٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ خَارِجٍ بِلَا اخْتِيَارٍ مِنْ بَوْلٍ أَوْ مَذْيٍ أَوْ مَنِيٍّ أَوْ وَدْيٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ هَادٍ أَوْ دَمِ اسْتِحَاضَةٍ وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ (فَارَقَ) أَيْ السَّلَسُ الشَّخْصَ أَيْ ارْتَفَعَ عَنْهُ (أَكْثَرَ) الزَّمَنِ أَيْ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِهِ فَإِنْ لَازَمَهُ كُلَّ الزَّمَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 108 كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ، وَنُدِبَ إنْ لَازَمَ أَكْثَرَ. لَا إنْ شَقَّ، وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] وَأَكْثَرُهُ أَوْ نِصْفُهُ فَلَا يَنْقُصُهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ وَطَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا " وَيُنْدَبُ الْوُضُوءُ مِنْهُ إنْ لَمْ يُلَازِمْ كُلَّ الزَّمَانِ وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ فَقَالَ: (كَسَلَسِ مَذْيٍ) أَوْ غَيَّرَهُ لِطُولِ زَمَنِ عُزُوبَةٍ أَوْ اخْتِلَالِ طَبِيعَةٍ فَيُنْقَضُ مُطْلَقًا وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ (قَدَرَ) الشَّخْصُ (عَلَى رَفْعِهِ) أَيْ السَّلَسِ بِتَدَاوٍ أَوْ صَوْمٍ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنُ التَّدَاوِي وَالْخُطْبَةِ وَالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ فَفِيهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ مُلَازَمَةً الْكُلَّ أَوْ الْجُلَّ أَوْ النِّصْفَ وَحُكْمُهَا الْعَفْوُ وَالْأَقَلَّ وَحُكْمُهُ النَّقْضُ فَلَا مَفْهُومَ لِمَذْيٍ إذْ كُلُّ سَلَسٍ قُدِرَ عَلَى رَفْعِهِ نَاقِضٌ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ وَمَحَلُّهُ فِي سَلَسِ الْمَذْيِ لِمَرَضٍ أَوْ طُولِ عُزُوبَةٍ الْخَارِجِ بِلَا لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَأَمَّا الْخَارِجُ لِطُولِ عُزُوبَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ الْتَذَّ فَأَمْذَى فَهُوَ نَاقِضٌ مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ: (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْوُضُوءُ (إنْ لَازَمَ) أَيْ السَّلَسُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى رَفْعِهِ (أَكْثَرَ) الزَّمَنِ وَأَوْلَى إنْ لَازَمَ نِصْفَهُ لَا إنْ لَازَمَ جَمْعَهُ، وَمَحَلُّ النَّدْبِ مِنْ مُلَازِمِ الْأَكْثَرِ إذَا لَمْ يَشُقَّ (لَا) إنْ (شَقَّ) أَيْ صَعُبَ الْوُضُوءُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِسَبَبٍ نَحْوَ بَرْدٍ. (وَفِي اعْتِبَارِ الْمُلَازَمَةِ) بِمُدَاوَمَةٍ أَوْ كَثْرَةٍ أَوْ مُسَاوَاةٍ أَوْ قِلَّةٍ وَصِلَةُ اعْتِبَارِ (فِي وَقْتِ) جِنْسٌ (الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ وَهُوَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إلَى طُلُوعِهَا مِنْ الْيَوْمِ التَّالِي فَإِنَّ مَا بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ وَقْتُ الظُّهْرَيْنِ وَمَا بَيْنَ الْغُرُوبِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ وَقْتُ الْعِشَاءَيْنِ وَمَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَقْتُ الصُّبْحِ وَعَدَمُ اعْتِبَارِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ جَمَاعَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالْمَنُوفِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ. (أَوْ) اعْتِبَارِهَا فِي الْوَقْتِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ وَقْتَ صَلَاةٍ فَيَعْتَبِرُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا وَهَذَا قَوْلُ البوذري وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 109 مِنْ مَخْرَجَيْهِ أَوْ ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إنْ انْسَدَّا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ وَبِسَبَبِهِ. وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ،   [منح الجليل] الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي فَرْضِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ دَرَجَةً وَغَيْرُهَا مِائَةُ دَرَجَةٍ وَلَازَمَ السَّلَسُ فِيهَا وَفِي مِائَةٍ مِنْ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَيُنْقَضُ عَلَى الْأَوَّلِ لِمُفَارَقَتِهِ الْأَكْثَرَ وَلَا يُنْقَضُ عَلَى الثَّانِي لِمُلَازَمَتِهِ الْأَكْثَرَ فَإِنْ لَازَمَ وَقْتَ صَلَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَقَطْ نُقِضَ وَقَضَاهَا. كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ فِيمَنْ يَطُولُ زَمَنُ اسْتِبْرَائِهِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَقَالَ الْمَنُوفِيُّ: إذَا انْضَبَطَ وَقْتُ إتْيَانِهِ قَدَّمَ الصَّلَاةَ الَّتِي يَأْتِي فِي وَقْتِهَا أَوْ آخِرَهَا فَيَجْمَعُ الْمُشْتَرَكِينَ كَالْمُسَافِرِ وَنَحْوِهِ وَصِلَةُ الْخَارِجِ (مِنْ مَخْرَجَيْهِ) أَيْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادَيْنِ لَهُ فَصْلٌ مُخْرِجٌ الْخَارِجَ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِ الْمُعْتَادِ لَهُ كَخُرُوجِ رِيحٍ مِنْ قُبُلٍ أَوْ بَوْلٍ مِنْ دُبُرٍ فَلَيْسَ حَدَثًا فَهَذَا مُتِمٌّ لِتَعْرِيفِهِ. (أَوْ) الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ (ثُقْبَةٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ) أَيْ مُسْتَقَرِّ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ قَبْلَ انْحِدَارِهِمَا لِلْأَمْعَاءِ فَوْقَ السُّرَّةِ إلَى مُنْخَسِفِ الصَّدْرِ فَالسُّرَّةُ تَحْتَهَا فَالْخَارِجُ مِنْ ثُقْبَةٍ تَحْتَهَا حَدَثٌ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (إنْ انْسَدَّا) أَيْ لَمْ يَخْرُجْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ الْمُعْتَادَيْنِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثُّقْبَةُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مَعَ انْسِدَادِهِمَا بِأَنْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ أَوْ فِيهَا مُطْلَقًا فِيهِمَا أَوْ كَانَتْ تَحْتَهَا وَخَرَجَ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فَ) فِي كَوْنِ الْخَارِجِ مِنْهَا حَدَثًا نَاقِضًا وَكَوْنُهُ لَيْسَ حَدَثًا نَاقِضًا (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَ مَنْ بَعْدَهُ الثَّانِيَ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ إذَا انْسَدَّ أَحَدُهُمَا نَقَضَ خَارِجُهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّقْبَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَدُمْ انْسِدَادُهُمَا حَتَّى صَارَتْ الثُّقْبَةُ مَخْرَجًا مُعْتَادًا وَإِلَّا نَقَضَ الْخَارِجُ وَلَوْ كَانَتْ فَوْقَ الْمَعِدَةِ بِالْأَوْلَى مِنْ النَّقْضِ بِخَارِجِ الْفَمِ إذَا اُعْتِيدَ وَاتَّفَقُوا عَلَى نَقْضِ خَارِجِ مَا تَحْتَهَا مَعَ انْسِدَادِهِمَا لِأَنَّ الطَّعَامَ لَمَّا انْحَدَرَ إلَى الْإِمْعَاءِ صَارَ فَضْلَةً وَصَارَتْ الثُّقْبَةُ مَخْرَجًا بِخِلَافِ الصُّوَرِ الْمُخْتَلِفِ فِيهَا. (وَ) وَنُقِضَ الْوُضُوءُ (بِسَبَبِهِ) أَيْ الْحَدَثِ. (وَهُوَ زَوَالُ عَقْلٍ) بِجُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ شِدَّةِ هَمٍّ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَصَلَ لَهُ هَمٌّ أَذْهَلَ عَقْلَهُ يَتَوَضَّأُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 110 وَإِنْ بِنَوْمٍ ثَقُلَ لَوْ قَصُرَ. لَا خَفَّ، وَنُدِبَ إنْ طَالَ وَلَمْسٌ صَاحِبُهُ بِهِ عَادَةً،   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَيْنَ كَوْنِهِ مُضْطَجِعًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ مَنْ اسْتَغْرَقَ عَقْلُهُ فِي حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى غَابَ عَنْ إحْسَاسِهِ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْحَطُّ عَنْ زَرُّوقٍ وَابْنِ عُمَرَ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ زَوَالُهُ (بِنَوْمٍ ثَقُلَ) بِأَنْ لَمْ يَشْعُرْ بِالصَّوْتِ الْمُرْتَفِعِ بِقُرْبِهِ وَبِانْحِلَالِ احْتِبَائِهِ بِيَدَيْهِ أَوْ بِسُقُوطِ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ أَوْ بِسَيَلَانِ لُعَابِهِ وَطَالَ بَلْ (وَلَوْ قَصُرَ) النَّوْمُ الثَّقِيلُ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الثَّقِيلَ الْقَصِيرَ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِنَوْمٍ (خَفَّ) لِعَدَمِ سَتْرِهِ الْعَقْلِ إنْ قَصُرَ بَلْ وَلَوْ طَالَ. (وَنُدِبَ) الْوُضُوءُ (إنْ طَالَ) النَّوْمُ الْخَفِيفُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: يَجِبُ بِالطَّوِيلِ الْخَفِيفِ ابْنُ مَرْزُوقٍ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ النَّوْمِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ هَيْئَةَ النَّائِمِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ غَيْرِهَا فَمَتَى كَانَ النَّوْمُ ثَقِيلًا نَقَضَ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا أَوْ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا فَلَا يَنْقُضُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ النَّائِمُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَاعْتَبَرَ فِي التَّلْقِينِ صِفَةَ النَّوْمِ مَعَ الثِّقَلِ وَصِفَةَ النَّائِمِ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ وَأَمَّا النَّوْمُ الثَّقِيلُ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ النَّائِمُ مُضْطَجِعًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا وَأَمَّا غَيْرُ الثَّقِيلِ فَيَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فِي الِاضْطِجَاعِ وَالسُّجُودِ لَا فِي الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ اهـ. وَهَذِهِ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْقُضُ النَّوْمُ الثَّقِيلُ وُضُوءَ مَسْدُودِ الدُّبُرِ بِشَيْءٍ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ إلَّا إذَا طَالَ فَيَنْقُضُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَعَطَفَ عَلَى " زَوَالُ: فَقَالَ (وَلَمْسٌ) بِعُضْوٍ أَصْلِيٍّ أَوْ زَائِدٍ أَحَسَّ وَتَصَرَّفَ كَإِخْوَتِهِ عُلِمَ هَذَا مِنْ اشْتِرَاطِهِمَا فِي مَسِّ الذَّكَرِ الَّذِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ قَصْدٌ وَلَا وِجْدَانٌ بِالْأَوْلَى مِنْ بَالِغٍ لَا مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَمِنْهُ وَطْؤُهُ فَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ وَنَعَتَ " لَمْسٌ " بِجُمْلَةِ (يَلْتَذُّ صَاحِبُهُ) أَيْ قَاصِدِ اللَّمْسِ لَا مَا كَانَ أَوْ مَمْلُوسًا وَصِلَةُ يَلْتَذُّ (بِهِ) أَيْ اللَّمْسِ (عَادَةً) أَيْ الْتِذَاذًا مُعْتَادًا لِغَالِبِ النَّاسِ خَرَجَ بِهِ لَمْسُ جَسَدٍ أَوْ فَرْجِ صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى عَادَةً وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا وَمُحَرَّمٍ فَلَا يَنْقُضُ لَمْسُهَا قَصْدًا بِلَا وُجُودِ لَذَّةٍ فَإِنْ وُجِدَتْ نُقِضَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَامُّ اللِّحْيَةِ وَلَامِسَةُ. ذَكَرٍ وَجَسَدُ الدَّابَّةِ وَفِي الْجَلَّابِ وَالذَّخِيرَةِ أَنَّ فَرْجَهَا كَجَسَدِهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 111 وَلَوْ لِظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ حَائِلٍ، وَأُوِّلَ بِالْخَفِيفِ، وَبِالْإِطْلَاقِ إنْ قَصَدَ لَذَّةً أَوْ وَجَدَهَا. وَلَا انْتَفَيَا إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ مُطْلَقًا وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ اسْتِغْفَالٍ   [منح الجليل] وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ يَنْقُضُ مَسُّ فَرْجِهَا مَعَ الْقَصْدِ وَالْوِجْدَانِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمُبَايَنَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَآدَمِيَّةِ الْمَاءِ كَسَائِرِ الدَّوَابِّ فَإِنَّهَا سَمَكَةٌ زُفَرَةٌ تَنْفِرُ مِنْهَا النَّفْسُ وَالْجِنِّيَّةُ إنْ تَصَوَّرَتْ بِصُورَةِ آدَمِيَّةٍ وَلَمْ يَعْلَمْهَا الْمَاسُّ أَوْ أَلِفَهَا كَالْإِنْسِيَّةِ نَقَضَ لَمْسُهَا إنْ قَصَدَ أَوْ وَجَدَ وَإِلَّا فَلَا إنْ كَانَ اللَّمْسُ الَّذِي يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً لِبَدَنٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ اللَّمْسُ (لِظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ) أَوْ سِنٍّ مُتَّصِلَةٍ لِأَنَّ الْمُنْفَصِلَةَ لَا يُلْتَذُّ بِهَا عَادَةً وَمَنْ يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً الْأَمْرَدُ وَاَلَّذِي لَمْ تَتِمَّ لِحْيَتُهُ وَالرَّجُلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ وَعَكْسُهُ مُطْلَقًا فِيهِمَا وَلَوْ عَجُوزًا أَوْ عَجُوزَةً (أَوْ) كَانَ اللَّمْسُ فَوْقَ (حَائِلٍ) وَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ. (وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ اخْتَلَفَ شَارِحُو الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْ الْحَائِلِ فَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ (بِالْخَفِيفِ) أَيْ الَّذِي يَحُسُّ اللَّامِسُ فَوْقَهُ بِطَرَاوَةِ الْجَسَدِ فَإِنْ كَانَ كَثِيفًا مَانِعًا ذَلِكَ فَلَا يَنْقُضُ اللَّمْسُ مِنْ فَوْقِهِ (وَ) أَوَّلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (بِالْإِطْلَاقِ) لِلْحَائِلِ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ خَفِيفًا فَيَنْقُضُ اللَّمْسُ مِنْ فَوْقِ الْكَثِيفِ مَا لَمْ تَعْظُمْ كَثَافَتُهُ كَاللِّحَافِ فَلَا يَنْقُضُ اللَّمْسُ مِنْ فَوْقِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَالْبِنَاءِ وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا لَمْ يَضُمَّ أَوْ يَقْبِضْ اللَّامِسُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ جَسَدِ الْمَلْمُوسِ بِيَدِهِ وَإِلَّا اُتُّفِقَ عَلَى النَّقْضِ. (إنْ قَصَدَ) اللَّامِسُ بِلَمْسِهِ (اللَّذَّةَ) سَوَاءٌ حَصَلَتْ أَوْ لَا (أَوْ) لَمْ يَقْصِدْهَا بِهِ وَ (وَجَدَهَا) أَيْ اللَّذَّةَ حِينَ لَمْسِهِ لَا بَعْدَهُ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ اللَّذَّةِ بِالْفِكْرِ وَهِيَ لَا تَنْقُضُ. (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِاللَّمْسِ إنْ (انْتَفَيَا) قَصْدُ اللَّذَّةِ وَوُجْدَانُهَا، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْقُبْلَةَ بِفَمٍ) عَلَيْهِ فَتَنْقُضُ وُضُوءَهُمَا مَعًا نَقْضًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ أَوْ وُجُودِهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ وِجْدَانِهَا غَالِبًا وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ وَالْقُبْلَةُ عَلَى الْخَدِّ أَوْ الْفَرْجِ دَاخِلَةٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إنْ كَانَتْ عَلَى الْفَمِ بِعِلْمِ وَطَوْعِ الْمُقَبَّلِ بِالْفَتْحِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَتْ (بِكُرْهٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ إكْرَاهٍ (وَاسْتِغْفَالٍ) لِلْمُقَبَّلِ بِالْفَتْحِ بِشَرْطِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 112 لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَلَا لَذَّةٌ بِنَظَرٍ كَإِنْعَاظٍ وَلَذَّةٌ بِمَحْرَمٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَمُطْلَقُ مَسِّ ذَكَرِهِ الْمُتَّصِلِ وَلَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا:   [منح الجليل] أَنْ لَا تَكُونَ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ (لَا) تَنْقُصُ الْقُبْلَةُ عَلَى فَمٍ إنْ كَانَتْ (لِوَدَاعٍ) لِلْمُقَبَّلِ بِالْفَتْحِ عِنْدَ إرَادَةِ فِرَاقٍ (أَوْ) لِ (رَحْمَةٍ) لِلْمُقَبَّلِ بِالْفَتْحِ أَيْ شَفَقَةً عَلَيْهِ عِنْدَ وُقُوعِهِ فِي شِدَّةٍ مَا لَمْ يَلْتَذَّ أَيْ الْمُقَبِّلُ بِالْكَسْرِ. (وَلَا) يَنْقُضُهُ (لَذَّةٌ بِنَظَرٍ) لِمَرْأَةٍ مَثَلًا وَلَوْ تَكَرَّرَ النَّظَرُ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ النَّقْضِ، فَقَالَ (كَإِنْعَاظٍ) أَيْ انْتِشَارِ ذَكَرٍ فَلَا يَنْقُضُ، وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِنْزَالَ بِالْإِنْعَاظِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يَنْقُضُ مُطْلَقًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ لَا يُمْذِيَ فَلَا يَنْقُضُ وَإِلَّا فَيَنْقُضُ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ عَادَتِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْذِ وَإِلَّا فَيَنْقُضُ اتِّفَاقًا. (وَلَا) يَنْقُضُهُ (لَذَّةٌ بِمَحْرَمٍ) بِقَرَابَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ سَوَاءٌ قَصَدَهَا فَقَطْ أَوْ وَجَدَهَا أَوْ قَصَدَهَا وَوَجَدَهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ إنْ قَصَدَهَا وَوَجَدَهَا أَوْ وَجَدَهَا فَقَطْ نَقَضَتْ وَإِنْ قَصَدَهَا وَلَمْ يَجِدْهَا فَلَا تَنْقُضُ إلَّا إذَا كَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ لِدَنَاءَةِ خُلُقِهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَعَطَفَ عَلَى " زَوَالُ " أَيْضًا فَقَالَ: (وَ) يَنْقُضُ الْوُضُوءَ (مُطْلَقُ مَسٍّ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ اللَّمْسَ الْمُطْلَقَ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالْقَصْدِ أَوْ الْوِجْدَانِ أَوْ التَّعَمُّدِ أَوْ الِالْتِذَاذِ أَوْ كَوْنِهِ مِنْ الْكَمَرَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِغَيْرِ عَمْدٍ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ فَقِيلَ: رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ فَلَا خِلَافَ وَقِيلَ عَلَى الْوُجُوبِ احْتِيَاطًا (ذَكَرِهِ) أَيْ الْمَاسِّ وَمَسُّ ذَكَرِ غَيْرِهِ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ اللَّمْسِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْقَصْدِ أَوْ الْوِجْدَانِ (الْمُتَّصِلِ) فَمَسُّ الْمُنْقَطِعِ لَا يَنْقُضُ وَلَوْ الْتَذَّ وَبَقِيَ شَرْطُ كَوْنِهِ بَالِغًا وَبِلَا حَائِلٍ وَرُوِيَ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَرُوِيَ بِلَا حَائِلٍ كَثِيفٍ وَالْأُولَى أَشْهَرُهَا إنْ كَانَ الْمَاسُّ ذَكَرًا مُحَقَّقًا بَلْ: (وَلَوْ) كَانَ (خُنْثَى مُشْكِلًا) وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَسَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ ذَكَرَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 113 بِبَطْنٍ أَوْ جَنْبٍ لِكَفٍّ أَوْ إصْبَعٍ وَإِنْ زَائِدًا حَسَّ وَبِرِدَّةٍ وَبِشَكٍّ فِي حَدَثٍ بَعْدَ طُهْرٍ عُلِمَ.   [منح الجليل] لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ، وَصِلَةُ مَسَّ (بِبَطْنٍ) لِكَفٍّ (أَوْ) بِ (جَنْبٍ لِكَفٍّ) لَا يُظْهِرُهُ أَوْ غَيْرِ كَفٍّ مِنْ سَائِرِ أَعْضَائِهِ. (أَوْ) بِبَطْنٍ أَوْ جَنْبٍ لِ (إصْبَعٍ وَ) رَأْسِ الْإِصْبَعِ كَجَنْبِهِ لَا بِظُفْرٍ إنْ كَانَ الْإِصْبَعُ أَصْلِيًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْإِصْبَعُ (زَائِدًا حَسَّ) وَتَصَرَّفَ كَإِخْوَتِهِ وَإِنْ شَكَّا كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ وَالْإِصْبَعُ الْأَصْلِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِحْسَاسُ لَا التَّصَرُّفُ. وَعَطَفَ عَلَى بِحَدَثٍ فَقَالَ: (وَ) نُقِضَ الْوُضُوءُ (بِرِدَّةٍ) أَيْ رُجُوعٍ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ أَوْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مُخْتَارًا وَاقِفًا عَلَى دَعَائِمِهِ رَاضِيًا بِهَا وَلَوْ صَبِيًّا لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ وَإِنْ لَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ عَمْرٍو وَمُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نُدِبَ الْوُضُوءُ مِنْ الرِّدَّةِ وَفِي نَقْضِهَا الْغُسْلَ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ أَرْجَحُهَا النَّقْضُ. (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ) أَيْ تَرَدُّدٍ مُسْتَوٍ وَأَوْلَى الظَّنُّ لَا الْوَهْمُ (فِي) حُصُولِ (حَدَثٍ) أَيْ نَاقِضٍ غَيْرَ رِدَّةٍ فَشَمِلَ السَّبَبَ أَيْضًا فَالشَّكُّ فِي الرِّدَّةِ لَا أَثَرَ لَهُ لَا فِي الْوُضُوءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ وَصِلَةُ شَكٍّ (بَعْدَ طُهْرٍ) وَنَعَتَ " طُهْرٍ " بِجُمْلَةِ (عُلِمَ) أَوْ ظُنَّ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مُحَقَّقٍ أَوْ مَظْنُونٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالشَّاذُّ نَدْبُ الْوُضُوءِ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَأَمَّلَ عَرَفَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكَّ فِي الْمَانِعِ لَا فِي الشَّرْطِ لِتَحَقُّقِ الْوُضُوءِ وَالشَّكُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَدَثِ وَالْمَعْرُوفُ إلْغَاءُ الشَّكِّ فِي الْمَانِعِ فَالْوَاجِبُ طَرْحُ ذَلِكَ الشَّكِّ وَإِلْغَاؤُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى حَالِهِ وَعَدَمُ طَرْقِ الْمَانِعِ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْعَدَمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ شَيْءٌ وَيُؤَثِّرُ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ عَدَمَ مَشْرُوطِهِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي أَمْرٍ شَكٌّ فِي مُقَابِلِهِ وَمُقَابِلُ الْحَدَثِ الْوُضُوءُ فَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ شَكٌّ فِي الْوُضُوءِ أَيْضًا فَلِذَا اُعْتُبِرَ وَلَمْ يُلْغَ وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّكَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَأَمَّا الشَّرْطُ فَمُحَقَّقٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا يَظْهَرُ الشَّكُّ فِيهِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْحَدَثُ وَشَكَّ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 114 إلَّا الْمُسْتَنْكِحَ. وَبِشَكٍّ فِي سَابِقِهِمَا. لَا بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ فَرْجِ صَغِيرَةٍ،   [منح الجليل] التَّوَضُّؤِ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي عَكْسِ هَذَا مِنْ تَحَقُّقِ الْوُضُوءِ وَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ إنْ أَرَادَ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ شَكَّ فِي الشَّرْطِ لُزُومًا لَزِمَهُ أَنَّ كُلَّ شَكٍّ فِي مَانِعٍ كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ اعْتِبَارُهُ دَائِمًا وَالْمُقَرَّرُ الْمَعْرُوفُ إلْغَاؤُهُ لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ كَانَ الْحَقُّ إنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَ الطُّهْرِ الْمَعْلُومِ شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ مُلْغًى فَلِمَا اُعْتُبِرَ هُنَا عَلَى خِلَافِ الْقَاعِدَةِ؟ قُلْت اُعْتُبِرَ هُنَا احْتِيَاطًا لِأَعْظَمِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ سُهُولَةُ الْوُضُوءِ وَكَثْرَةُ نَوَاقِضِهِ وَغَلَبَةُ وُقُوعِهَا سَنَدٌ لِلشَّكِّ صُورَتَانِ الْأُولَى شَكُّهُ هَلْ أَحْدَثَ أَوْ لَا بَعْدَ وُضُوئِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وُجُوبًا وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُحْتَمَلَ لَهُ حُصُولُ شَيْءٍ بِالْفِعْلِ لَا يُدْرَى هَلْ هُوَ حَدَثٌ أَوْ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إلْغَاؤُهُ لِأَنَّهُ وَهْمٌ إلَّا أَنْ يَشَمَّ رِيحًا أَوْ يَسْمَعَ صَوْتًا كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ فَقَالَ (إلَّا) الشَّكَّ (لِلْمُسْتَنْكِحِ) بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ الْكَثِيرِ الْآتِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً فَيُلْغَى وُجُوبًا وَيَضُمُّ الشَّكَّ فِي الْوَسَائِلِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَإِنْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ يَوْمًا وَيَوْمًا فِي الْغُسْلِ أُلْغِيَ وَلَا يَضُمُّ الشَّكَّ فِي الْمَقْصِدِ كَالصَّلَاةِ لِلشَّكِّ فِي وَسِيلَتِهِ كَالْوُضُوءِ فَإِنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ يَوْمًا وَيَوْمًا فِي الْوُضُوءِ نُقِضَ وَعَكْسُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ الشَّكُّ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ حَدَثٍ عُلِمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْوُضُوءِ وَلَوْ كَانَ الشَّكُّ مُسْتَنْكَحًا. (وَ) نُقِضَ (بِشَكٍّ فِي) الـ (سَابِقِ) مِنْ (هُمَا) أَيْ الْوُضُوءِ وَالْحَدَثِ سَوَاءٌ كَانَا مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَظْنُونَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا أَوْ مَظْنُونًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَظْنُونًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّكُّ مُسْتَنْكَحًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ. (لَا) يُنْقَضُ الْوُضُوءُ (بِمَسِّ دُبُرٍ أَوْ أُنْثَيَيْنِ) لِنَفْسِهِ وَمَسْحِ مَا لِغَيْرِهِ عَلَى حُكْمٍ لِلْمَسِّ (أَوْ) بِمَسِّ (فَرْجِ صَغِيرَةٍ) لَا تُشْتَهَى عَادَةً وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَلَمْ يَجِدْهَا فَإِنْ وَجَدَهَا فَقِيلَ يُنْتَقَضُ وُضُوءٌ فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا وُضُوءَ فِي قُبْلَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فِي مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَا فِي قُبْلَةِ الصَّبِيَّةِ أَوْ مَسِّ فَرْجِهَا إلَّا لِلَّذَّةِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 115 وَقَيْءٍ، وَأَكْلِ لَحْمِ جَزُورٍ، وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ، وَفَصْدٍ وَقَهْقَهَةٍ، بِصَلَاةٍ، وَمَسِّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا، وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ وَنُدِبَ غَسْلُ فَمٍ مِنْ لَحْمٍ وَلَبَنٍ   [منح الجليل] وَابْنُ وَهْبٍ نَحْوَهُ فِي مَسِّ فَرْجِ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ وَرَوَى عَنْهُ عَلِيٌّ لَا وُضُوءَ فِي مَسِّ فَرْجِ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَلْتَذَّ وَقِيلَ لَا يُنْتَقَضُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالذَّخِيرَةِ وَرَجَّحَهُ بَهْرَامُ وَالْحَطّ وَمَسُّ جَسَدِهَا لَا يَنْقُضُ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَصَدَ وَوَجَدَ أَوْ قَبَّلَهَا عَلَى فَمِهَا. (وَ) لَا بِ (قَيْءٍ) أَوْ قَلْسٍ (وَأَكْلِ لَحْمِ جَزُورٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّ الزَّايِ آخِرُهُ رَاءٌ أَيْ إبِلٍ (وَذَبْحٍ وَحِجَامَةٍ وَفَصْدٍ وَقَهْقَهَةٍ بِصَلَاةٍ) (وَ) لَا بِ (مَسِّ امْرَأَةٍ فَرْجَهَا) أَلْطَفَتْ أَمْ لَا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَهُ الْمُوَضِّحُ مَذْهَبًا وَاعْتَمَدَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ. (وَأُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا أُوِّلَتْ بِعَدَمِ النَّقْضِ مُطْلَقًا إبْقَاءً لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أُوِّلَتْ بِتَقْيِيدِ عَدَمِ النَّقْضِ (بِعَدَمِ الْإِلْطَافِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مَصْدَرُ أَلْطَفَ أَيْ إدْخَالِ بَعْضِ يَدِهَا فِي فَرْجِهَا فَإِنْ أَلْطَفَتْ نُقِضَ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْإِلْطَافِ وَعَدَمِهِ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ الْقَبَّابِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَلْتَذَّ وَإِلَّا وَجَبَ الْوُضُوءُ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ أَرَادَ الصَّلَاةَ وَغَيْرِهِ وَتَأَكَّدَ لِلْأَوَّلِ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (غَسْلُ فَمٍ) وَيَدٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (مِنْ) أَكْلِ (لَحْمٍ وَ) شُرْبِ (لَبَنٍ) قَيَّدَهُ ابْنُ عُمَرَ بِالْحَلِيبِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ دُسُومَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُهُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْهَا وَلَوْ مَخِيضًا أَوْ مَضْرُوبًا وَمِثْلُهُمَا مَا سَائِرِ مَا فِيهِ دُسُومَةٌ مِنْ الْمَطْبُوخِ بِأَنْوَاعِهِ أَوْ لُزُوجَةٌ كَالْعَسَلِ وَيُنْدَبُ كَوْنُ الْغُسْلِ بِمَا يُزِيلُ الرَّائِحَةَ كَأُشْنَانٍ وَصَابُونٍ وَغَاسُولٍ وَيُكْرَهُ بِالطَّعَامِ كَدَقِيقِ التُّرْمُسِ وَالطَّعَامِ الَّذِي لَا دُسُومَةَ فِيهِ كَالسَّوِيقِ وَالشَّيْءِ الْجَافِّ الَّذِي يُذْهِبُهُ أَدْنَى مَسْحٍ لَا يُنْدَبُ غَسْلُ الْفَمِ وَالْيَدِ مِنْهُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لِمُنَاسِبَتِهَا مَسَائِلَ الْبَابِ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ تَأَكُّدِ النَّدْبِ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ وَتَسْمِيَتُهُ وُضُوءًا فِي حَدِيثِ «الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ بَرَكَةٌ وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ» بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ الْجُنُونَ وَصِغَارَ الذُّنُوبِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 116 وَتَجْدِيدُ وُضُوءٍ إنْ صَلَّى بِهِ وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ بَانَ الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ. وَمَنَعَ حَدَثٌ: صَلَاةً، وَطَوَافًا، وَمَسَّ مُصْحَفٍ   [منح الجليل] وَ) نُدِبَ (تَجْدِيدُ) بِالْجِيمِ مَصْدَرُ جَدَّدَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (وُضُوءٍ) لِصَلَاةٍ وَلَوْ نَفْلًا أَوْ طَوَافٍ لَا لِمَسِّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٍ وَنَوْمٍ وَزِيَارَةِ صَالِحٍ وَنَحْوِهَا (إنْ) كَانَ (صَلَّى) وَطَافَ أَوْ مَسَّ مُصْحَفًا (بِهِ) أَيْ الْوُضُوءِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ وَأَرَادَ تَجْدِيدَهُ فَإِنْ كَانَ ثُلُثَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَثَنَّى الرَّأْسَ كُرِهَ أَوْ مُنِعَ وَإِلَّا نُدِبَ تَكْمِيلُ الثَّلَاثِ وَلَا يُقَالُ هَذَا يُوقِعُ فِي مَكْرُوهٍ وَهُوَ مَسْحُ الرَّأْسِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ لِأَنَّا نَقُولُ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ كَرَاهَتُهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ التَّرْتِيبِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَمَا هُنَا. (وَلَوْ) أَحْرَمَ بِصَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ جَازِمًا أَوْ ظَانًّا الطُّهْرَ وَ (شَكَّ فِي) أَثْنَاءِ (صَلَاتِهِ) فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَعَدَمِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا (ثُمَّ) إنْ (بَانَ) أَيْ ظَهَرَ لَهُ وَهُوَ فِيهَا أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا (الطُّهْرُ لَمْ يُعِدْ) هَا بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَإِنْ بَانَ لَهُ الْحَدَثُ أَوْ اسْتَمَرَّ شَاكًّا أَعَادَهَا وُجُوبًا بِوُضُوءٍ جَدِيدٍ بِنِيَّةٍ جَازِمَةٍ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ: تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ شَكِّهِ فَيَقْطَعُهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا فَلَا تَكْفِيهِ لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِمُجَرَّدِهِ كَمَنْ شَكَّ قَبْلَ إحْرَامِهَا وَفَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَنْ شَكَّ فِيهَا دَخَلَهَا جَازِمًا بِالطُّهْرِ وَهِيَ عَظِيمَةُ الشَّأْنِ وَالْحُرْمَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا إلَّا إذَا تَيَقَّنَ الِانْتِقَاضَ وَمَنْ شَكَّ قَبْلَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إلَّا بِطَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ لِذَلِكَ وَلَوْ تَذَكَّرَ وَهُوَ فِيهَا الْحَدَثَ وَشَكَّ هَلْ تَوَضَّأَ بَعْدَهُ أَوْ لَا لَوَجَبَ عَلَيْهِ قَطْعُهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا فَلَا تَجْزِيهِ وَكَذَا إذَا شَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا وَإِذَا شَكَّ بَعْدَ تَمَامِهَا فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَدَثُ أَعَادَهَا وَإِلَّا فَلَا. (وَمَنَعَ حَدَثٌ) أَيْ وَصْفٌ مُقَدَّرٌ قِيَامُهُ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (صَلَاةً) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَمِنْهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ (وَطَوَافًا) رُكْنًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا (وَمَسَّ مُصْحَفٍ) مَكْتُوبٍ بِخَطٍّ عَرَبِيٍّ وَأَصْلُهُ الْكُوفِيُّ وَيَقْرُبُ مِنْهُ الْمَغْرِبِيُّ ابْنُ حَبِيبٍ سَوَاءٌ كَانَ مُصْحَفًا جَامِعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 117 وَإِنْ بِقَضِيبٍ، وَحَمْلَهُ وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ. إلَّا بِأَمْتِعَةٍ قُصِدَتْ. وَإِنْ عَلَى كَافِرٍ. لَا دِرْهَمٍ وَتَفْسِيرٍ وَلَوْحٍ لِمُعَلَّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ وَإِنْ حَائِضًا. وَجُزْءٍ لِمُتَعَلِّمٍ وَإِنْ بَلَغَ   [منح الجليل] لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ أَوْ جُزْءًا أَوْ وَرَقَةً فِيهَا بَعْضُ سُورَةٍ أَوْ لَوْحًا أَوْ كَتِفًا مَكْتُوبًا فِيهَا ذَلِكَ وَلِمَا بَيُنَ أَسْطُرَهُ وَأَطْرَافَهُ وَجِلْدَهُ الْمُتَّصِلَ بِهِ مَا لَهُ إنْ مَسَّهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ بَلْ (وَإِنْ) مَسَّهُ (بِقَضِيبٍ) أَيْ عُودٍ مَقْضُوبٍ مِنْ شَجَرَةٍ. (وَ) مَنَعَ حَدَثٌ (حَمْلَهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ بِيَدِهِ بَلْ (وَإِنْ بِعِلَاقَةٍ أَوْ وِسَادَةٍ) مُثَلَّثُ الْوَاوِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَمْلَهُ (بِأَمْتِعَةٍ) أَيْ مَعَهَا (قُصِدَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْأَمْتِعَةُ وَحْدَهَا بِالْحَمْلِ فَيَجُوزُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى مُؤْمِنٍ بَلْ (وَإِنْ) حُمِلَتْ (عَلَى) شَخْصٍ (كَافِرٍ) فَإِنْ قَصَدَ الْمُصْحَفَ وَحْدَهُ بِالْحَمْلِ أَوْ قُصِدَا مَعًا بِهِ فَلَا يَجُوزُ وَمِنْ مَسِّهِ وَحَمْلِهِ كُتُبَهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ عَلَى الرَّاجِحِ. (لَا) يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ وَحَمْلَ (دِرْهَمٍ) أَوْ دِينَارٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ (وَ) لَا (تَفْسِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كُتِبَ فِيهِ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَمَسَّهَا قَصْدًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَمَنَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (وَ) لَا (لَوْحٍ لِمُعَلِّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً (وَمُتَعَلِّمٍ) كَذَلِكَ حَالَ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَحَمْلِهِ لِبَيْتٍ فَيَجُوزُ لَهُمَا إنْ لَمْ يَكُونَا حَائِضَيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (حَائِضًا) لَا جُنُبًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْغُسْلِ وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ لِعَدَمِ تَكْرَارِهِ كَالْوُضُوءِ قَالَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةٍ صَغِيرَةٍ وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ عَنْ الْمُقْرِي وَعَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ وَقَالَ عج ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْجُنُبَ كَالْحَائِضِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ عب. (وَ) لَا يَمْنَعُ الْحَدَثُ مَسَّ أَوْ حَمْلَ (جُزْءٍ) مِنْ مُصْحَفٍ وَكَذَا الْكَامِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (لِمُتَعَلِّمٍ) وَكَذَا الْمُعَلِّمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ كَانَ الْمُتَعَلِّمُ صَبِيًّا بَلْ (وَإِنْ بَلَغَ) الْمُتَعَلِّمُ أَوْ حَاضَ لَا أَجْنَبَ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْمُتَعَلِّمِ الْكَامِلَ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِالْخِلَافِ فِيهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ سَلَّمَاهُ لَكِنْ يُفِيدُ اعْتِمَادُهُ وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ مَنْ يَغْلَطُ فِي قِرَاءَتِهِ فَيُرَاجِعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 118 وَحِرْزٍ بِسَاتِرٍ، وَإِنْ لِحَائِضٍ. (فَصْلٌ) يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْجَسَدِ بِمَنِيٍّ.   [منح الجليل] الْمُصْحَفَ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا إنَّ الْمُعَلِّمَ كَالْمُتَعَلِّمِ فِي الِاحْتِيَاجِ إلَى مَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَ الْحَدَثِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ بِأَنَّ حَاجَةَ الْمُعَلِّمِ صِنَاعَةٌ وَتَكَسُّبٌ وَحَاجَةُ الْمُتَعَلِّمِ الْحِفْظُ. (وَ) لَا يَمْنَعُ حَمْلَ (حِرْزٍ) مِنْ آيَاتِ قُرْآنٍ (بِسَاتِرٍ) عَلَيْهِ يَصُونُهُ مِنْ وُصُولِ أَذًى إلَيْهِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ غَيْرِهَا لِمُسْلِمٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ غَيْرِ حَائِضٍ بَلْ (وَإِنْ لِحَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ وَجُنُبٍ لَا لِكَافِرٍ لِأَنَّ اسْتِيلَاءَهُ عَلَيْهِ إهَانَةٌ لَهُ وَلَوْ عَظَمَةً وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ امْتِهَانِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ رَدَّ عج مَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ جَوَازِهِ لِكَافِرٍ وَيَجُوزُ بِسَاتِرٍ لِبَهِيمَةٍ وَفِي جَوَازِ جَعْلِ الْمُصْحَفِ الْكَامِلِ حِرْزًا قَوْلَانِ. [فَصْلٌ فِي مُوجِبَات الْغُسْل وَوَاجِبَاته وَسُنَنه وَمَنْدُوبَاته وَمَا يُنَاسِبهَا] وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الْوُضُوءِ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْغُسْلِ فَقَالَ: (فَصْلٌ) فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَوَاجِبَاتِهِ وَسُنَنِهِ وَمَنْدُوبَاتِهِ وَمَا يُنَاسِبُهَا (يَجِبُ غَسْلُ) جَمِيعِ (ظَاهِرِ الْجَسَدِ) وَمِنْهُ طَيَّاتُ الْبَطْنِ وَالسُّرَّةِ وَتَكَامِيشُ الدُّبُرِ فَيَسْتَرْخِي قَلِيلًا حَالَ غَسْلِهِ وَمَا خَلِقَ أَوْ بَرِئَ غَائِرًا مُمْكِنًا غَسْلُهُ لَا دَاخِلَ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالصِّمَاخِ وَالْعَيْنِ (بِ) سَبَبِ خُرُوجِ (مَنِيٍّ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَيْ بُرُوزِهِ عَنْ فَرْجِهَا إلَى مَحَلِّ اسْتِنْجَائِهَا وَهُوَ مَا يَظْهَرُ مِنْهَا عِنْدَ جُلُوسِهَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغَسْلُ بِإِحْسَاسِهَا بِانْفِصَالِهِ مِنْ مُسْتَقَرِّهِ وَانْعِكَاسٍ إلَى رَحِمِهَا بِدُونِ بُرُوزٍ إلَى مَحَلِّ اسْتِنْجَائِهَا خِلَافًا لِسَنَدٍ وَوُصُولُهُ إلَى قَصَبَةِ الذَّكَرِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَى عَيْنِهِ قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ. وَقَالَ الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ الْغَسْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 119 وَإِنْ بِنَوْمٍ، أَوْ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ بِلَا جِمَاعٍ، وَلَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بِلَا لَذَّةٍ، أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ.   [منح الجليل] حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ الذَّكَرِ صَرَّحَ بِهِ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْحَطّ وَمِثْلُهُ فِي عَارِضَةَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْغَسْلُ إلَّا بِبُرُوزِهِ خَارِجًا فَإِنْ وَصَلَ مَنِيُّ الرَّجُلِ لِأَصْلِ ذَكَرِهِ أَوْ لِوَسَطِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَا تَلْزَمُ الطَّهَارَةُ مِنْهُ إلَّا بِظُهُورِهِ كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ، وَخِلَافُ سَنَدٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرْأَةِ إنْ خَرَجَ فِي يَقِظَةٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بَلْ (وَإِنْ) خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (بِنَوْمٍ) أَيْ فِي حَالِهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِخُرُوجِهِ فِي حَالِ نَوْمِهِ وَوَجَدَهُ بَعْدَ تَيَقُّظِهِ لِعَدَمِ ضَبْطِ النَّائِمِ إنْ قَارَنَ خُرُوجَهُ فِي الْيَقِظَةِ أَوْ النَّوْمِ اللَّذَّةُ بَلْ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا وَقَدْ أَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) وَإِنْ خَرَجَ فِي يَقِظَةٍ أَوْ نَوْمٍ (بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّةٍ) مُعْتَادَةٍ (بِلَا جِمَاعٍ) بِأَنْ نَظَرَ أَوْ تَفَكَّرَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ رَأَى أَنَّهُ يُجَامِعُ فَالْتَذَّ وَأَنْعَظَ ثُمَّ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ وَارْتَخَى ذَكَرُهُ ثُمَّ خَرَجَ مَنِيُّهُ بَعْدَ تَيَقُّظِهِ. (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَغْتَسِلْ) قَبْلَ خُرُوجِ مَنِيِّهِ وَكَذَا إنْ كَانَ اغْتَسَلَ قَبْلَهُ لِأَنَّ غُسْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِمُجَرَّدِ الْتِذَاذِهِ بِلَا جِمَاعٍ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ فَيَجِبُ اغْتِسَالُهُ بَعْدَهُ وَلَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ يَعْتَذِرُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَهَابٍ صَادِقٍ فَخُرُوجُ بَعْضِ مَنِيِّهِ مُقَارِنًا لِلَذَّتِهِ وَبَاقِيهِ بَعْدَ ذَهَابِهَا أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بَعْدَ خُرُوجِ الْبَاقِي إنْ لَمْ يَغْتَسِلْ عَقِبَ الْخُرُوجِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ اغْتَسَلَ عَقِبَهُ فَلَا يَغْتَسِلُ عَقِبَ خُرُوجِ بَاقِيهِ بَعْدَ ذَهَابِ لَذَّتِهِ لِمُصَادِفَةِ غَسْلِهِ لَوْ جَرَّبَهُ بِخُرُوجِ الْبَعْضِ الْأَوَّلِ فَلِذَا قَالَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ يَقِظَةً (بِلَا لَذَّةٍ) بِأَنْ كَانَ سَلَسًا وَهَلْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ وَمُطْلَقًا تَرَدُّدٌ بَيْنَ شُرَّاحِهِ أَوْ لِضَرْبَةٍ أَوْ طَرِبَةٍ أَوْ لَدْغَةِ عَقْرَبٍ. (أَوْ) خُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادَةٍ) كَنُزُولِهِ فِي مَاءٍ حَارٍّ أَوْ حَكِّ جَرَبٍ بِغَيْرِ ذَكَرِهِ فَالْتَذَّ فَأَمْنَى وَلَوْ اسْتَدَامَ، وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ مَا لَمْ يَسْتَدِمْ وَكَالْتِذَاذِ بِحَكَّةِ ذَكَرِهِ لِجَرَبٍ بِهِ أَوْ بِهَزِّ دَابَّةٍ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَحُسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِمْهَا فِيهِمَا إلَى أَنْ يُمْنِي فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ ابْنُ مَرْزُوقٍ الرَّاجِحُ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهِ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 120 وَيَتَوَضَّأُ كَمَنْ جَامَعَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَمْنَى، وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ. لَا مُرَاهِقٍ. أَوْ قَدْرِهَا. فِي فَرْجٍ وَإِنْ مِنْ بَهِيمَةٍ   [منح الجليل] وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ نَقَلَ الْبُنَانِيُّ الْعَدَوِيُّ إعْرَاضَ الشَّارِحِينَ عَنْ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ عَدَمَ تَسْلِيمِهِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْوُجُوبِ. (وَيَتَوَضَّأُ) وُجُوبًا مَنْ خَرَجَ مَنِيُّهُ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ بِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ وَشَرْطُهُ فِي الْمِسَاسِ مُفَارَقَةُ الْأَكْثَرِ وَشَبَّهَ وُجُوبَ الْوُضُوءِ فَقَطْ فَقَالَ (كَمَنْ جَامَعَ) بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ فِي فَرْجٍ وَلَمْ يُمْنِ (فَاغْتَسَلَ) لِجِمَاعِهِ (ثُمَّ أَمْنَى) فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ لِتَقَدُّمِهِ بَعْدَ وُجُوبِهِ وَالْجِنَايَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَكَرَّرُ الْغُسْلُ لَهَا وَالْمَرْأَةُ إذَا جُومِعَتْ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّ الرَّجُلِ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَشْمَلُهَا إذْ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَمْنَى مَعْنَاهُ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ مَنِيَّهُ أَوْ مَنِيَّ غَيْرِهِ. (وَ) لَوْ صَلَّى بَعْدَ غُسْلِهِ مِنْ الْجِمَاعِ بِلَا مَنِيٍّ ثُمَّ أَمْنَى فَ (لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ) وَكَذَا مَنْ الْتَذَّ بِلَا جِمَاعٍ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَمْنَى فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ (وَ) يَجِبُ غَسْلُ جَمِيعِ ظَاهِرِ الْجَسَدِ (بِ) سَبَبِ (مَغِيبِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إغَابَةِ (حَشَفَةِ) أَيْ رَأْسِ ذَكَرِ (بَالِغٍ) وَلَوْ بِلَا انْتِشَارٍ وَلَا إنْزَالٍ عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ وَعَلَى الْمَغِيبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا أُنْثَى أَوْ ذَكَرًا وَلَوْ لَفَّ شَيْئًا خَفِيفًا لَا يَمْنَعُ اللَّذَّةَ بِشَرْطِ تَغْيِيبِهَا كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا وَلَوْ أَكْثَرَهَا وَلَمْ يُنْزِلْ. (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَغِيبِ حَشَفَةِ (مُرَاهِقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ مُقَارِبِ الْبُلُوغِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ مَا لَمْ تُنْزِلْ وَصَرَّحَ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ بَالِغٍ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ عَلَيْهِ. (أَوْ) أَيْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِمَغِيبِ (قَدْرِهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ مِنْ مَقْطُوعِهَا أَوْ مَخْلُوقٍ بِدُونِهَا أَوْ مِنْ مُثْنِي وَهَلْ يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا مَعَ بَقَائِهِ مُثْنِيًا أَوْ عَلَى تَقْدِيره مُفْرِدًا وَاسْتَظْهَرَ، وَصِلَةُ " مَغِيبِ " (فِي فَرْجٍ) أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيٍّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرْجُ (مِنْ بَهِيمَةٍ) إنْ كَانَ مِنْ حَيٍّ بَلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 121 وَمَيِّتٍ. وَنُدِبَ لِمُرَاهِقٍ. كَصَغِيرَةٍ. وَطِئَهَا بَالِغٌ لَا بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ وَلَوْ الْتَذَّتْ   [منح الجليل] وَ) إنْ كَانَ مِنْ (مَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ إطَاقَةِ ذِي الْفَرْجِ وَإِلَّا فَلَا غُسْلَ عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ إنْ لَمْ يُنْزِلْ وَكَذَا مَنْ غَيَّبَ بَيْنَ فَخِذَيْنِ أَوْ شُفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوِيِّ الْفَرْجِ بِلَا مَسٍّ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْغُسْلُ (لِمُرَاهِقٍ) أَوْ مَنْ دُونَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَطِئَ مُطِيقَةً وَلَا يُنْدَبُ لِمَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ بَالِغَةً لَمْ تُنْزِلْ وَإِلَّا وَجَبَ غُسْلُهَا وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ، فَقَالَ (كَصَغِيرَةٍ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ (وَطِئَهَا بَالِغٌ) لَا صَبِيٌّ ابْنُ بَشِيرٍ إذَا عُدِمَ بُلُوغُ الْوَاطِئِ أَوْ الْمَوْطُوءَةِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا وَيُؤْمَرَانِ بِهِ نَدْبًا وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ سَحْنُونٍ: يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ صَلَّيَا بِدُونِهِ، فَقَالَ أَشْهَبُ يُعِيدَانِ وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: يُعِيدَانِ بِقُرْبِ ذَلِكَ لَا أَبَدًا سَنَدٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْقُرْبُ كَيَوْمٍ. (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَرْأَةِ (بِمَنِيٍّ وَصَلَ لِلْفَرْجِ) بِلَا جِمَاعٍ فِيهِ وَلَوْ بِجِمَاعٍ فِيمَا دُونَهُ وَلَا الْوُضُوءُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَمْسٌ وَلَمْ تَلْتَذَّ بِوُصُولِهِ لِفَرْجِهَا بَلْ (وَلَوْ الْتَذَّتْ) بِوُصُولِهِ لَهُ مَا لَمْ تُنْزِلْ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحُمِلَ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهَا أَمَّا مَا لَمْ تَلْتَذَّ عَلَى الْإِنْزَالِ وَإِبْقَائِهَا الْبَاجِيَّ وَالتُّونُسِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلَيْهَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِ وَلَوْ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا عَدَمُ حَمْلِهَا مِنْ الْمَنِيِّ الْوَاصِلِ فَرْجَهَا بِلَا جِمَاعٍ فِيهِ فَإِنْ حَمَلَتْ اغْتَسَلَتْ وَأَعَادَتْ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّتْهَا بَعْدَ وُصُولِهِ فَرْجَهَا لِأَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بَعْدَ انْفِصَالِ مَنِيِّهَا مِنْ مَحَلِّهِ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ سَنَدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ أَنَّ هَذَا الْمَنِيَّ لَمَّا تَخَلَّقَ مِنْهُ وَلَدٌ صَارَ فِي حُكْمِ الْخَارِجِ بِالْفِعْلِ وَأَنَّ هَذَا الْمَاءَ لَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْخَارِجِ لَوْلَا الْحَمْلُ وَجَبَ الْغُسْلُ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ كَتَحَقُّقِهِ بِخِلَافِ حَمْلِهَا مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا مِنْ بَلَاطِ حَمَّامٍ فَلَا يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَيْهَا وَلَا إعَادَةَ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ اسْتَلْزَمَ إمْنَاءَهَا بِلَا لَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِزَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ لُحُوقُهُ بِهِ بِأَنْ مَضَى مِنْ عَقْدِهِ أَوْ مِلْكِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمَنِيَّ مِنْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَابْنُ زِنَا فَتُحَدُّ وَإِنْ ادَّعَتْ بِذَلِكَ لِبُعْدِهِ جِدًّا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 122 وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ بِدَمٍ وَاسْتُحْسِنَ، وَبِغَيْرِهِ. لَا بِاسْتِحَاضَةٍ. وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ وَيَجِبُ غُسْلُ كَافِرٍ بَعْدَ الشَّهَادَةِ بِمَا ذَكَرَ، وَصَحَّ قَبْلَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ   [منح الجليل] وَ) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِ) سَبَبِ خُرُوجِ (حَيْضٍ وَ) بِسَبَبِ (نِفَاسٍ) أَيْ وَضْعِ وَلَدٍ (بِدَمٍ) أَيْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ خَرَجَ الْوَلَدُ بِلَا دَمٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ وَيُنْدَبُ وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ وَهَلْ يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَوْ لَا قَوْلَانِ (وَاسْتُحْسِنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ السِّينِ أَيْ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ بِدَمٍ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ الدَّمِ أَيْ اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (لَا) يَجِبُ الْغُسْلُ (بِ) سَبَبِ (اسْتِحَاضَةٍ) أَيْ دَمِ عِلَّةٍ وَمَرَضٍ وَهَذَا مَفْهُومُ حَيْضٍ صَرَّحَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ مَفْهُومَ اللَّقَبِ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْغُسْلُ (لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ لِلتَّنْظِيفِ وَتَطْبِيبِ النَّفْسِ كَنَدْبِ غُسْلِ الْمَعْفُوَّاتِ الْمُتَفَاحِشَةِ لِهَذَا وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لِاحْتِمَالِ مُخَالَطَةِ حَيْضٍ لَمْ تَعْلَمْهُ فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَاءِ وُجُوبِهِ الشَّكَّ فِي مُوجِبِهِ وَأَيْضًا لَا يَطَّرِدُ إذَا اُسْتُحِيضَتْ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. (وَيَجِبُ غُسْلٌ) بِضَمِّ الْغَيْنِ أَيْ اغْتِسَالُ (كَافِرٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَصِلَةُ " غُسْلٌ " (بَعْدَ) نُطْقِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى (الشَّهَادَةِ) مِنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْوَحْدَانِيَّةِ فِي الْأُلُوهِيَّةِ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرِّسَالَةِ سَوَاءٌ كَانَ لَفْظُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَصِلَةُ " يَجِبُ " (بِمَا) أَيْ بِسَبَبِ مُوجِبٍ (ذُكِرَ) ضَمٌّ فَكَسْرٌ أَيْ فِي قَوْلِهِ بِمَنِيٍّ وَبِمَغِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ وَبِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ بَلَغَ الْكَافِرُ بِالسِّنِّ مَثَلًا وَأَسْلَمَ وَتَشَهَّدَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَيُنْدَبُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: يَجِبُ غُسْلُهُ مُطْلَقًا تَعَبُّدًا وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا وَيَجِبُ لِجَبِّ الْإِسْلَامِ مَا قَبْلَهُ. (وَصَحَّ) أَيْ غُسْلُهُ (قَبْلَهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ أَجْمَعَ) أَيْ عَزَمَ الْكَافِرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 123 عَلَى الْإِسْلَامِ، لَا الْإِسْلَامُ إلَّا لِعَجْزٍ. وَإِنْ شَكَّ. أَمَذْيٌ، أَوْ مَنِيٌّ؟ اغْتَسَلَ وَأَعَادَ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ.   [منح الجليل] (عَلَى الْإِسْلَامِ) وَجَزَمَ بِهِ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بِقَلْبِهِ وَعَزْمَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ إيمَانٌ صَحِيحٌ يُنْجِيهِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ إذْ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَيْسَ رُكْنًا مِنْ الْإِيمَانِ وَلَا شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَنْوِي بِغُسْلِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا مَنَعَهُ الْأَكْبَرُ أَوْ طُهْرَ الْإِسْلَامِ وَعَطَفَ عَلَى فَاعِلِ صَحَّ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ الرَّاجِعِ إلَى الْغُسْلِ فَقَالَ (لَا) يَصِحُّ (الْإِسْلَامُ) مِنْ الْكَافِرِ قَبْلَ نُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ الظَّاهِرِيِّ الَّذِي تُبْنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مِنْ إرْثِ مُسْلِمٍ وَنِكَاحِ مُسْلِمَةٍ وَقَسْمِ غَنِيمَةٍ وَغُسْلٍ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ وَدَفْنِهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إذْ النُّطْقُ بِهِمَا شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ. (إلَّا لِعَجْزٍ) عَنْهُ بِخَرَسٍ وَنَحْوِهِ مَعَ قِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى تَصْدِيقِهِ بِقَلْبِهِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ لَا يُقَالُ صِحَّةُ الْغُسْلِ حُكْمٌ ظَاهِرِيٌّ فَكَيْفَ يَثْبُتُ قَبْلَ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُوَ حُكْمٌ بَاطِنِيٌّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَلْقِ فَمَدَارُهُ عَلَى تَصْدِيقِهِ وَعَزْمِهِ عَلَى النُّطْقِ بِهِمَا. (وَإِنْ شَكَّ) مَنْ وَجَدَ بِفَرْجِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ بَلَلًا أَوْ أَثَرًا فِي جَوَابِ (أَ) هُوَ (مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ) شَكًّا مُسْتَوِيًا فِيهِمَا (اغْتَسَلَ) وُجُوبًا لِلِاحْتِيَاطِ كَمُتَيَقِّنِ الطَّهَارَةِ الشَّاكِّ فِي الْحَدَثِ بَعْدَهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْوُضُوءُ مَعَ غَسْلِ ذَكَرِهِ. (وَ) إنْ لَمْ يَدْرِ جَوَابَ أَيْ نَوْمَةٍ حَصَلَ فِيهَا الْمَشْكُوكُ فِيهِ وَكَانَ صَلَّى صَلَوَاتٍ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ (أَعَادَ) الشَّاكُّ بَعْدَ غُسْلِهِ صَلَوَاتِهِ الَّتِي صَلَّاهَا (مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ) إلَى وَقْتِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يَنْزِعَ ثَوْبَهُ أَوَّلًا هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُوَطَّئِهِ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلِيٍّ عَنْهُ، وَجَعَلَهُ أَبُو عُمَرَ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ إعَادَتِهَا مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ إنْ كَانَ لَا يَنْزِعُهُ وَإِنْ كَانَ يَنْزِعُهُ فِي آخِرِ نَوْمَةٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَوْنِ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ كَتَحَقُّقِهِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ فَمَا بَعْدَ النَّوْمَةِ الْأُولَى مَشْكُوكٌ فِيهِ أَيْضًا الْبَاجِيَّ رَأَيْت أَكْثَرَ الشُّيُوخِ يَجْعَلُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِلْمُوَطَّأِ وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". الجزء: 1 ¦ الصفحة: 124 كَتَحَقُّقِهِ. وَوَاجِبُهُ. نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ كَالْوُضُوءِ. وَإِنْ نَوَتْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ وَالْإِعَادَةِ مِنْ آخَرِ نَوْمَةٍ، فَقَالَ (كَتَحَقُّقِهِ) أَيْ الْمَنِيِّ وَلَمْ يَدْرِ وَقْتَ خُرُوجِهِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ طَرِيًّا أَوْ يَابِسًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنْ كَانَ طَرِيًّا فَمِنْ آخِرِ نَوْمِهِ وَإِنْ كَانَ يَابِسًا فَمِنْ أَوَّلِ نَوْمِهِ وَقَيَّدَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وُجُوبَ الْغُسْلِ فِي صُورَتَيْ الشَّكِّ وَالتَّحَقُّقِ بِعَدَمِ لَبْسِ غَيْرِ الشَّاكِّ مِمَّنْ يُمْنِي الثَّوْبَ الَّذِي بِهِ الْأَثَرُ فَإِنْ لَبِسَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ فَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَيُنْدَبُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ بِوُجُوبِهِ عَلَى شَخْصَيْنِ لَبِسَا ثَوْبًا وَنَامَ كُلٌّ فِيهِ وَوَجَدَا فِيهِ مَنِيًّا وَلِقَوْلِهِ الْبُرْزُلِيُّ لَوْ نَامَ شَخْصَانِ تَحْتَ لِحَافٍ وَوَجَدَا مَنِيًّا عَزَاهُ كُلٌّ لِلْآخَرِ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَا وَصَلَّيَا مِنْ أَوَّلِ نَوْمَةٍ نَامَاهَا فِيهِ لِتَطَرُّقِ الشَّكِّ لَهُمَا مَعًا فَلَا يَبْرَآنِ إلَّا بِيَقِينٍ وَإِنْ كَانَا زَوْجَيْنِ اغْتَسَلَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْهُ لَا مِنْ الزَّوْجَةِ الْبُنَانِيُّ وَهُمَا قَوْلَانِ وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِي فَإِنْ شَكَّ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَذْيٌ وَالْآخَرُ بَوْلٌ أَوْ وَدْيٌ وَجَبَ غَسْلُ ذَكَرِهِ كُلِّهِ بِنِيَّةٍ فَإِنْ شَكَّ مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَبَوْلٌ أَوْ وَدْيٌ غَسَلَ ذَكَرَهُ فَقَطْ أَيْضًا لِضَعْفِ الشَّكِّ فِي الْمَنِيِّ وَصَيْرُورَتِهِ وَهْمًا. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ شَرَعَ فِي وَاجِبَاتِهِ فَقَالَ (وَوَاجِبُهُ) أَيْ الْغُسْلِ وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ لِلضَّمِيرِ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِقَوْلِهِ (نِيَّةٌ وَمُوَالَاةٌ) (كَ) نِيَّةٍ وَمُوَالَاةٍ (الْوُضُوءِ) فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ وَزَمَنِهَا وَسَائِر أَحْكَامِهَا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةٍ مَمْنُوعَةٍ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِهِ وَكَوْنُهَا عِنْدَ أَوَّلٍ مَفْعُولُ وَعَدَمُ ضَرَرِ إخْرَاجِ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحَاتِ أَوْ نِسْيَانُ مُوجِبٍ لَا إخْرَاجُهُ أَوْ نِيَّةُ مُطْلَقُ الطَّهَارَةِ وَالِاخْتِلَافُ فِي تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ وَسَائِرِ مَا مَرَّ فِيهَا وَفِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ بِكَوْنِهَا وَاجِبَةً إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ أَوْ سَنَةً وَبِنَائِهِ بَيِّنَةٌ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا وَإِنْ عَجَزَ عَجْزًا حُكْمِيًّا أَوْ تَعَمَّدَ مَا لَمْ يَطُلْ وَلَيْسَ وَجْهُ الشَّبَهِ حُكْمَهُمَا لِتَصْرِيحِهِ بِهِ قَبْلَ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ: وَوَاجِبُهُ نِيَّةٌ. . . إلَخْ. (وَإِنْ نَوَتْ) امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ بِغُسْلِهَا (الْحَيْضَ) أَوْ النِّفَاسَ (وَالْجَنَابَةَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 125 أَوْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً لِلْآخَرِ أَوْ نَوَى الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ، أَوْ نِيَابَةً عَنْ الْجُمُعَةِ، حَصَلَا. وَإِنْ نَسِيَ الْجَنَابَةَ، أَوْ قَصَدَ نِيَابَةً عَنْهَا، انْتَفَيَا. وَتَخْلِيلُ شَعْرٍ، وَضَغْثُ مَضْفُورِهِ.   [منح الجليل] مَعًا أَيْ رَفْعِ حَدَثِهِمَا أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ مِنْهُمَا أَوْ أَدَاءِ الْفَرْضِ بِسَبَبِهِمَا حَصَلَا (أَوْ) نَوَتْ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الْحَيْضَ وَالْجَنَابَةَ حَالَ كَوْنِهَا (نَاسِيَةً) أَوْ ذَاكِرَةً (لِلْآخَرِ) وَلَمْ تُخْرِجْهُ حَصَلَا. (أَوْ نَوَى) الْمُغْتَسِلُ (الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ) أَوْ الْعِيدَ أَوْ الْإِحْرَامَ أَيْ أَشْرَكَهُمَا فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ بِنِيَّتِهِمَا حَصَلَا (أَوْ) نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ وَنَوَى بِهِ (نِيَابَةً عَنْ) غُسْلِ (الْجُمُعَةِ) أَوْ الْعِيدِ أَوْ الْإِحْرَامِ مَثَلًا (حَصَلَا) أَيْ الْغُسْلَانِ وَسَقَطَ طَلَبُهُمَا وَالْأَوْلَى تَفْرِيعٌ إنْ نَوَتْ بِالْفَاءِ عَلَى قَوْلِهِ كَالْوُضُوءِ لِأَنَّهُ إيضَاحٌ لَهُ. (وَإِنْ) نَوَى الْجُمُعَةَ مَثَلًا وَ (نَسِيَ الْجَنَابَةَ) انْتَفَيَا لِأَنَّ غُسْلَ نَحْوِ الْجُمُعَةِ لَا يَصِحُّ مَعَ قِيَامِ الْجَنَابَةِ (أَوْ) نَوَى بِغُسْلِهِ الْجُمُعَةَ وَ (قَصَدَ) بِهِ (نِيَابَةً عَنْ) غُسْلٍ (هَا) أَيْ الْجَنَابَةِ (انْتَفَيَا) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ مَا نَوَاهُ وَلَا مَا نَسِيَهُ فِي الْأُولَى وَلَا مَا نَوَاهُ وَلَا مَا نَوَى النِّيَابَةَ عَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ إذْ غَيْرُ الْوَاجِبِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْوَاجِبِ. (وَ) وَاجِبُهُ (تَخْلِيلُ شَعْرٍ) وَلَوْ كَثِيفًا عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ يُنْدَبُ تَخْلِيلُ الْكَثِيفِ وَقِيلَ يُبَاحُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي اللِّحْيَةِ فَقَطْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتَخْلِيلُهُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ كَثِيفًا (وَضَغْثُ) بِفَتْحِ الضَّادِ وَبِسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فَثُلُثُهُ أَيْ جَمْعُ وَتَحْرِيكُ (مَضْفُورِهِ) أَيْ الشَّعْرِ لِيَعُمَّهُ الْمَاءُ وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ طَاهِرَةً وَإِنْ كَانَتْ عَرُوسًا زُيِّنَ شَعْرُهَا بِطِيبٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْبُنَانِيِّ أَنَّهَا تَمْسَحُهُ حِفْظًا لِلْمَالِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا: وَلَا تَنْقُضُ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا الْمَضْفُورَ وَلَكِنْ تَضْغَثُهُ بِيَدِهَا مَا نَصُّهُ: ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَرُوسًا. وَفِي شَرْحِ ابْنِ بَطَّالٍ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهَا لَيْسَ عَلَيْهَا غَسْلُ رَأْسِهَا لِإِفْسَادِهِ الْمَالَ وَتَمْسَحُهُ الْوَانُّوغِيُّ هَذَا بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ وَفِي فُرُوعِنَا مَا يَشْهَدُ لَهُ وَسَلَّمَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَابْنُ نَاجِي وَابْنُ عُمَرَ وَفِي الْحَطَّابِ أَنَّهَا تَتَيَمَّمُ إذَا كَانَ الطِّيبُ فِي جَسَدِهَا كُلِّهِ لِحِفْظِ الْمَالِ، وَغَيْرُ الْمَضْفُورِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 126 لَا نَقْضُهُ. وَدَلْكٌ وَلَوْ بَعْدَ الْمَاءِ أَوْ بِخِرْقَةٍ أَوْ اسْتِنَابَةٍ، وَإِنْ تَعَذَّرَ سَقَطَ.   [منح الجليل] كَالْمَضْفُورِ فِي كِفَايَةِ ضَغْثِهِ أَيْ جَمْعِهِ وَتَحْرِيكِهِ وَضَفْرُ الرَّجُلِ شَعْرَهُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَةِ النِّسَاءِ جَائِزٌ وَعَلَيْهَا مَمْنُوعٌ لِلتَّشَبُّهِ بِهِنَّ. (لَا) يَجِبُ (نَقْضُهُ) أَيْ حَلُّ ضَفْرِ الشَّعْرِ الْمَضْفُورِ إذَا كَانَ مُرْخَيًا بِحَيْثُ يَدْخُلُهُ الْمَاءُ وَلَمْ يُضَفَّرْ بِثَلَاثَةِ خُيُوطٍ بِأَنْ ضُفِّرَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَيْطٍ أَوْ بِخَيْطَيْنِ فَإِنْ اشْتَدَّ أَوْ ضُفِّرَ بِخُيُوطٍ وَجَبَ نَقْضُهُ وَلَا يَجِبُ تَحْوِيلُ الْخَاتِمِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَا حُلِيِّ الْمَرْأَةِ وَلَوْ ضَيِّقًا مَانِعًا وُصُولَ الْمَاءِ لِلْبَشَرَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ كَالْجَبِيرَةِ وَفِيهِ أَنَّهَا لِلضَّرُورَةِ وَالنَّظَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّعْرِ الْكَثِيفِ الْخِلْقِيِّ. (وَ) وَاجِبُهُ (دَلْكٌ) أَيْ إمْرَارُ عُضْوٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَغْسُولِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي مَعْنَى الْغُسْلِ الَّذِي هُوَ الْإِيصَالُ مَعَ الدَّلْكِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِنَفْسِهِ لَا لِلْإِيصَالِ فَتُغْنِي عَنْهُ فَرِيضَةُ الْغُسْلِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ وُجُوبِهِ وَلِلرِّدَّةِ عَلَى رِوَايَةِ مَرْوَانَ نَدَبَهُ، وَيَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ عَلَى الصَّوَابِ فَإِنَّهَا كَافِيَةٌ فِي الْإِيصَالِ الْوَاجِبِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا تُشْتَرَطُ غَلَبَةُ الظَّنِّ فِي حَقِّ مُسْتَنْكِحِ الشَّكِّ لِعَجْزِهِ عَنْهَا فَيَكْفِيهِ الشَّكُّ فِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ اللَّهْوُ عَنْهُ وَلَا دَوَاءَ لَهُ إلَّا هَذَا وَلَا تُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهُ لِصَبِّ الْمَاءِ فَيَكْفِي. (وَلَوْ بَعْدَ) صَبِّ (الْمَاءِ) وَتَقَاطُرِهِ عَنْ الْبَدَنِ مَا لَمْ يَجِفَّ الْجَسَدُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بِاشْتِرَاطِ مُقَارَنَتِهِ لِلْمَاءِ (أَوْ) وَلَوْ دَلَكَ (بِخِرْقَةٍ) بِأَنْ يَمْسِكَ طَرَفَيْهَا بِيَدَيْهِ وَيُمِرَّ وَسَطَهَا عَلَى نَحْوِ ظَهْرِهِ فَيَكْفِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّلْكِ بِيَدِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا الْخِرْقَةُ الْمَلْفُوفَةُ عَلَى الْيَدِ فَالدَّلْكُ بِهَا دَلْكٌ بِالْيَدِ كَافٍ اتِّفَاقًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِلَا حَائِلٍ عَلَيْهَا. (أَوْ) دَلْكٌ بِ (اسْتِنَابَةٍ) لِحَلِيلَتِهِ وَلَوْ فِي الْعَوْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا فِي غَيْرِهَا عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ خِرْقَةٍ فَإِنْ اسْتَنَابَ مَعَهَا فَلَا يَكْفِي (وَإِنْ تَعَذَّرَ) الدَّلْكُ بِالْيَدِ وَالْخِرْقَةِ وَالِاسْتِنَابَةِ (سَقَطَ) وُجُوبُهُ وَيَكْفِي التَّعْمِيمُ بِالْمَاءِ وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 127 وَسُنَنُهُ. غَسْلُ يَدَيْهِ أَوَّلًا، وَصِمَاخِ أُذُنَيْهِ، وَمَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ، وَاسْتِنْثَارٌ وَنُدِبَ بَدْءٌ بِإِزَالَةِ الْأَذَى، ثُمَّ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ كَامِلَةً   [منح الجليل] وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ تَعَذَّرَ بِالْيَدِ. سَقَطَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْأَصْوَبُ وَالْأَشْبَهُ بِيُسْرِ الدِّينِ، وَضَعَّفَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَوْلَ سَحْنُونٍ. (وَسُنَنُهُ) أَيْ الْغُسْلِ وَلَوْ مَنْدُوبًا لِكَعِيدٍ (غَسْلُ يَدَيْهِ) إلَى كُوعَيْهِ مَرَّةً وَيُنْدَبُ الشَّفْعُ وَالتَّثْلِيثُ وَقِيلَ التَّثْلِيثُ شَرْطٌ فِي السُّنِّيَّةِ وَرَجَّحَ أَيْضًا (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ قَبْلَ الِاغْتِرَافِ بِهِمَا مِنْ مَاءٍ يَسِيرٍ رَاكِدٍ يُمْكِنُ الْإِفْرَاغُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا تُشْتَرَطُ الْأَوَّلِيَّةُ فِي السُّنِّيَّةِ (وَ) سُنَنُهُ مَسْحُ (صِمَاخِ) أَيْ ثُقْبِ (أُذُنَيْهِ) الَّذِي يَمَسُّهُ طَرَفُ إصْبَعِهِ عِنْدَ إدْخَالِهِ وَلَا يَصُبُّ الْمَاءَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ بَاقِي أُذُنَيْهِ بِأَنْ يَكْفِيَهُمَا مَا عَلَى كَفِّهِ مَمْلُوءَةً مَاءً حَتَّى يَعُمَّهُمَا وَيُرْسِلَهُ وَيَدْلُكَهُمَا عَقِبَهُ وَلَا يَصُبُّ الْمَاءَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ. (وَمَضْمَضَةٌ) مَرَّةً (وَاسْتِنْشَاقٌ) مَرَّةً وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَاسْتِنْثَارٌ) (وَنُدِبَ بَدْءٌ) بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ (بِإِزَالَةِ الْأَذَى) أَيْ النَّجَاسَةِ عَنْ بَدَنِهِ إنْ كَانَتْ فِيهِ بِفَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ مَنِيًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ وَيَنْوِي عِنْدَ غَسْلِ قُبُلِهِ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةً مَمْنُوعَةً فَيَكْفِيهِ عَنْ غَسْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَيَجِبُ غَسْلُهُ بَعْدُ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ تَوَضَّأَ وَدَلَكَ بِبَطْنِ أَوْ جَنْبِ كَفِّهِ أَوْ أَصَابِعِهِ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ. (ثُمَّ) يَتْبَعُ ذَلِكَ بِغَسْلِ (أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ) إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ فَلَا يُعِيدُهُ لِفِعْلِهِ أَوَّلًا الرَّمَاصِيُّ لَا مُسَاعِدَ لِقَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ يُعِيدُ غَسْلَهُمَا فِي وُضُوئِهِ إلَّا قَوْلَهُمْ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ غَسْلِ يَدَيْهِ لِكُوعَيْهِ لِتَقَدُّمِهِ وَلَا يُقَالُ إنْ مَسَّ ذَكَرَهُ قَدْ نَقَضَهُ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ فَلَا يَنْقُضُهُ مَسُّ ذَكَرِهِ حَالَ كَوْنِ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ (كَامِلَةً) فَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ رِجْلَيْهِ إلَى آخِرِ غَسْلِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى الْبُنَانِيُّ هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ نَدْبُ تَأْخِيرِ غَسْلِهِمَا الْمَجِيءِ الصَّرِيحِ بِهِ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " وَإِنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْإِطْلَاقُ فَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 128 مَرَّةً وَأَعْلَاهُ وَمَيَامِينِهِ،   [منح الجليل] وَقِيلَ إنْ كَانَ الْغُسْلُ وَاجِبًا فَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً أَوْ مَنْدُوبًا فَالْأَوْلَى التَّقْدِيمُ لِمُوَالَاةِ الْوُضُوءِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَحَلُّ نَظِيفًا فَالْأَوْلَى التَّقْدِيمُ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى التَّأْخِيرُ وَيَغْسِلُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ كُلَّ عُضْوٍ (مَرَّةً) فَلَا يَشْفَعُ وَلَا يُثَلِّثُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَا فَضِيلَةَ فِي تَكْرَارِهِ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَيْضًا الرَّمَاصِيُّ يَرِدُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْجَنَابَةِ وَفِيهِ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا» اهـ. وَفِي الْجُزُولِيِّ إنَّ التَّكْرَارَ هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَاعْتَمَدَهُ وَيَنْوِي بِغَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَمْنُوعِهِ (وَ) نُدِبَ بَدْءٌ بِ (أَعْلَاهُ) أَيْ الْمُغْتَسِلِ بِيَمِينِهِ وَشِمَالِهِ قَبْلَ أَسْفَلِهِ كَذَلِكَ (وَ) نُدِبَ بَدْءٌ بِ (مَيَامِنِهِ) أَيْ الْأَعْلَى قَبْلَ مَيَاسِرِهِ وَبِمَيَامِنِ الْأَسْفَلِ قَبْلَ مَيَاسِرِهِ الْحَطَّابُ ظَوَاهِرُ النُّصُوصِ تُفِيدُ أَنَّ الْأَعْلَى بِمَيَامِنِهِ وَمَيَاسِرِهِ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَسْفَلِ كَذَلِكَ لَا أَنَّ الْأَيْمَنَ بِأَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْيَسَارِ وَكَذَلِكَ بَلْ هَذَا صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةَ ابْنُ عَاشِرٍ ازْدَحَمَ الْأَعْلَى وَالْأَيْمَنُ فِي التَّقْدِيمِ فَتَعَارَضَ فِيهِ أَعْلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ، وَأَسْفَلُ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمُ الْأَعْلَى مُطْلَقًا مَعَ تَقْدِيمِ يُمْنَاهُ ثُمَّ الْأَسْفَلِ كَذَلِكَ فَيَغْسِلُ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِلرُّكْبَةِ ظَهْرًا أَوْ بَطْنًا وَجَنْبًا ثُمَّ أَعْلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ أَسْفَلَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ ثُمَّ أَسْفَلَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ. وَاعْتَمَدَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الصَّغِيرُ وَتِلْمِيذُهُ الْعَدَوِيُّ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الْمَنْدُوبَ تَقْدِيمُ الْجَانِبِ الْيَمِينِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ عَلَى الْجَانِبِ الْيَسَارِ كَذَلِكَ وَنَزَّلُوا عَلَى هَذَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُجْعَلُ ضَمِيرُ أَعْلَاهُ لِلْجَانِبِ وَضَمِيرُ مَيَامِنِهِ لِلْمُغْتَسِلِ قَالُوا: وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْأَسْفَلِ عَلَى الْأَعْلَى لِأَنَّ الْجَانِبَ الْيَمِينَ كُلَّهُ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَالْيَسَارَ كَذَلِكَ وَإِلَّا وَرَدَ أَنْ يُقَالَ لِمَ قُلْتُمْ بِالِانْتِهَاءِ لِلرُّكْبَةِ وَلَمْ تَقُولُوا يَنْتَهِي لِفَخْذِهِ ثُمَّ مِنْ مَنْكِبِ الْأَيْسَرِ إلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 129 وَتَثْلِيثُ رَأْسِهِ، وَقِلَّةُ الْمَاءِ بِلَا حَدٍّ، كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ لِعَوْدِهِ لِجِمَاعٍ وَوُضُوئِهِ لِنَوْمٍ، لَا تَيَمُّمٍ.   [منح الجليل] فَخِذِهِ ثُمَّ مِنْ فَخِذِ الْيَمِينِ إلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ مِنْ فَخِذِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ ثُمَّ مِنْ رُكْبَةِ الْأَيْمَنِ إلَى كَعْبِهِ ثُمَّ مِنْ رُكْبَةِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ. (وَ) نُدِبَ (تَثْلِيثُ) مَصْدَرُ ثَلَّثَ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلُ اللَّامِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (رَأْسِهِ) أَيْ الْمُغْتَسِلِ بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَعُمُّهُ بِكُلِّ غَرْفَةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: غَرْفَةٌ لِيَمِينِهِ وَغَرْفَةٌ لِوَسَطِهِ وَغَرْفَةٌ لِيَسَارِهِ. (وَ) نُدِبَ (قِلَّةُ) أَيْ تَقْلِيلُ (مَاءٍ) مَنْقُولٍ لِغَسْلِ عُضْوٍ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ لِلْقَلِيلِ بِصَاعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِاخْتِلَافِ الْأَجْسَامِ وَالْأَحْوَالِ فَكُلُّ إنْسَانٍ يُقَلِّلُ بِحَسَبِ جِسْمِهِ، وَحَالِهِ مَعَ الْأَحْكَامِ وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ، فَقَالَ (كَغَسْلِ فَرْجِ جُنُبٍ) جَامَعَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَيُنْدَبُ غَسْلُهُ (لِعَوْدِهِ لِجِمَاعِ) الَّتِي جَامَعَهَا أَوْ غَيْرَهَا لِتَقْوِيَةِ الْعُضْوِ، وَقِيلَ: يَجِبُ لِجِمَاعِ غَيْرِ الْأُولَى لِئَلَّا يُدْخِلَ فِي الثَّانِيَةِ نَجَاسَةَ الْأُولَى وَرُدَّ بِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِ الْغَسْلِ التَّلَطُّخُ بِالنَّجَاسَةِ وَالرَّاجِحُ كَرَاهَتُهُ وَلَوْ لِغَيْرِهِ مَعَ رِضَاهُ قُلْت: الْمَكْرُوهُ تَلْطِيخُ الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ تَطْهِيرِهِ وَتَلْطِيخُ الْبَاطِنِ مَمْنُوعٌ لِعَدَمِ إمْكَانِ، تَطْهِيرِهِ وَهَذَا مِنْهُ وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِهِ إذَا أَرَادَ جِمَاعَ الْأُولَى فَلَعَلَّ الْفَرْعَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفِ أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ وَالْمَنِيِّ طَاهِرَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كَ (وُضُوئِهِ) أَيْ الْجُنُبِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (لِنَوْمٍ) أَيْ عِنْدَهُ لِيَنَامَ طَاهِرًا وَقِيلَ: لِيَنْشَطَ لِلْغُسْلِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَغَيْرِ الْجُنُبِ إنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَهُوَ مُحْدِثٌ (لَا) يُنْدَبُ لِلْجُنُبِ الَّذِي أَرَادَ النَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً لِلْوُضُوءِ أَوْ عَجَزَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِ (تَيَمُّمٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لِلنَّشَاطِ لِلْغُسْلِ وَيَتَيَمَّمُ عَلَى أَنَّهُ لِيَنَامَ عَلَى طَهَارَةٍ. ابْنُ بَشِيرٍ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ مَأْمُورٌ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ النَّوْمِ وَهَلْ الْأَمْرُ بِهِ إيجَابٌ أَوْ نَدْبٌ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ» وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّتِهِ فَقِيلَ لِيَنْشَطَ لِلْغُسْلِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ الْكَافِيَ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّيَمُّمِ وَقِيلَ لِيَبِيتَ عَلَى طَهَارَةٍ لِأَنَّ النَّوْمَ مَوْتٌ أَصْغَرُ فَشُرِعَتْ فِيهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى كَمَا شُرِعَ فِي الْمَوْتِ الْأَكْبَرِ الطَّهَارَةُ الْكُبْرَى فَعَلَى هَذَا إنْ فَقَدَ الْمَاءَ يَتَيَمَّمُ وَمِثْلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 130 وَلَمْ يَبْطُلْ إلَّا بِجِمَاعٍ. وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ. مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ، وَالْقِرَاءَةَ إلَّا كَآيَةٍ لِتَعَوُّذٍ وَنَحْوِهِ. وَدُخُولَ مَسْجِدٍ وَلَوْ مُجْتَازًا.   [منح الجليل] لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي، تَيَمُّمِ الْعَاجِزِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّشَاطِ أَوْ لِتَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ. (وَلَمْ يَبْطُلْ) أَيْ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ بِشَيْءٍ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بِحَيْثُ يُطْلَبُ بِوُضُوءٍ آخَرَ لِلنَّوْمِ (إلَّا بِجِمَاعٍ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَخُرُوجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَأَمَّا وُضُوءُ غَيْرِ الْجُنُبِ لِلنَّوْمِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنْ نَامَ الرَّجُلُ عَلَى طَهَارَةٍ وَضَاجَعَ زَوْجَتَهُ وَبَاشَرَهَا بِجَسَدِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ. إلَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ اللَّذَّةَ، وَقَالَ عِيَاضٌ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ الْوَاقِعُ قَبْلَ الِاضْطِجَاعِ لَا بَعْدَهُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ. (وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ) أَيْ مَمْنُوعَاتِ الْحَدَثِ (الْأَصْغَرِ) الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ الْحَدَثُ صَلَاةً وَطَوَافًا وَمَسَّ مُصْحَفٍ. (وَ) تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ (الْقِرَاءَةَ) بِلَا مَسِّ مُصْحَفٍ وَلَوْ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَقَطْ وَأَمَّا بِالْقَلْبِ فَلَا تَمْنَعُهَا الْجَنَابَةُ إذْ لَا تُعَدُّ قِرَاءَةً شَرْعًا. وَنَقَلَ ابْنُ عُمَرَ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا مِنْ الْجُنُبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهَا فِي التَّوْضِيحِ (إلَّا) قِرَاءَةَ (كَآيَةٍ) فِي الْيَسَارَةِ وَالْخِفَّةِ (لِتَعَوُّذٍ) كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ قِرَاءَةَ " قُلْ أُوحِيَ " وَفِي الذَّخِيرَةِ: لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 160] وَلَا آيَةُ الدَّيْنِ لِلتَّعَوُّذِ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَوَّذُ بِهِ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَتَبِعَهُ عج وَغَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ حِصْنٌ وَشِفَاءٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّهُ يُتَعَوَّذُ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ التَّعَوُّذِ وَلَا مَعْنَاهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ التَّعَوُّذِ كَرُقْيَا وَاسْتِدْلَالٍ عَلَى حُكْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ مَا يُقَالُ عِنْدَ رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ. (وَ) تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ (دُخُولَ مَسْجِدٍ) وَلَوْ مَسْجِدَ بَيْتٍ إنْ أَرَادَ الْجُلُوسَ فِيهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُجْتَازًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ مَارًّا مِنْ بَابٍ لِبَابٍ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لَا بَأْسَ بِمُرُورِ الْجُنُبِ بِالْمَسْجِدِ إذَا كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاضِرِ الصَّحِيحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 131 كَكَافِرٍ، وَإِنْ أَذِنَ مُسْلِمٌ. وَلِلْمَنِيِّ تَدَفُّقٌ، وَرَائِحَةُ طَلْعٍ. أَوْ عَجِينٍ. وَيُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ.   [منح الجليل] الْجُنُبِ دُخُولُهُ بِالتَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا فِي جَوْفِهِ أَوْ يَكُونَ بَيْتُهُ دَاخِلَهُ وَيُرِيدُ دُخُولَهُ أَوْ الْخُرُوجَ مِنْهُ لِأَجْلِ الْغُسْلِ أَوْ يُضْطَرَّ إلَى الْمَبِيتِ بِهِ فَيَتَيَمَّمُ لِدُخُولِهِ وَالْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ لَهُ دُخُولُهُ بِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهُ بِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ وَلَا يَمْكُثُ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَمَنْ نَامَ فِيهِ فَاحْتَلَمَ فَفِي النَّوَادِرِ يَتَيَمَّمُ لِخُرُوجِهِ مِنْهُ وَالْأَقْوَى لَا يَتَيَمَّمُ بَلْ يُسْرِعُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ دُخُولُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ مُسْلِمٌ بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُ فِيهِ شَخْصٌ (مُسْلِمٌ) إلَّا لِضَرُورَةٍ كَعِمَارَةٍ لَمْ تُمْكِنْ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ أَمْكَنَتْ وَكَانَتْ صَنْعَةُ الْكَافِرِ أَتْقَنَ أَوْ نَقَصَتْ أُجْرَتُهُ عَنْ أُجْرَةِ الْمُسْلِمِ نَقْصًا لَهُ بَالٌ وَنُدِبَ إدْخَالُهُ مِنْ أَقْرَبِ بَابٍ إلَى مَحَلِّ الْإِصْلَاحِ. (وَلِلْمَنِيِّ) مِنْ الرَّجُلِ فِي حَالِ اعْتِدَالِ مِزَاجِهِ (تَدَفُّقٌ) فِي خُرُوجِهِ (وَرَائِحَةُ طَلْعٍ) لِذَكَرِ نَخْلٍ (أَوْ) رَائِحَةُ (عَجِينٍ) قِيلَ " أَوْ " بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ رَائِحَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُمَا وَقِيلَ: تَخْتَلِفُ رَائِحَتُهُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الطَّبَائِعِ وَهَذَا فِي حَالِ رُطُوبَتِهِ وَأَمَّا الْيَابِسُ فَرَائِحَتُهُ شَبِيهَةٌ بِرَائِحَةِ الْبَيْضِ وَمَنِيُّ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ يَخْرُجُ بِلَا تَدَفُّقٍ وَرَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ طَلْعِ النَّخْلَةِ الْأُنْثَى. (وَيُجْزِئُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِهَا غَسْلُ الْجَنَابَةِ (عَنْ الْوُضُوء) فَإِذَا أَفَاضَ الْمَاءَ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ انْغَمَسَ فِيهِ وَدَلَكَهُ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ أَوْ أَدَاءِ الْفَرْضِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةِ مِنْهُ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ الْوُضُوءَ وَلَا رَفَعَ الْأَصْغَرَ فَلَهُ الصَّلَاةُ بِهِ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَاقِضُ وُضُوءٍ بَعْدَ غَسْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى يَتَوَضَّأَ ابْنُ بَشِيرٍ الْغُسْلُ يُجْزِئُ عَنْ الْوُضُوءِ فَلَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَبْدَأْ بِالْوُضُوءِ وَلَا خَتَمَ بِهِ لَأَجْزَأَهُ غُسْلُهُ عَنْ الْوُضُوءِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ هَذَا إنْ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ غُسْلٍ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ غُسْلٍ شَيْءٌ مِنْهَا فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ تَمَامِ غُسْلِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْفَرِ اتِّفَاقًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 132 وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ جَنَابَتِهِ. وَغَسْلُ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ، وَلَوْ نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ، كَلُمْعَةٍ مِنْهَا؛ وَإِنْ عَنْ جَبِيرَةٍ.   [منح الجليل] وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهِ فَهَلْ يَفْتَقِرُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ أَوْ تَجْزِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: لَا وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي ارْتِفَاعِ الْحَدَثِ عَنْ كُلِّ عُضْوٍ بِانْفِرَادٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالْكَمَالِ وَيُجْزِئُ الْغُسْلُ عَنْ الْوُضُوءِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ عَدَمُ جِنَايَتِهِ بَلْ (وَإِنْ تَبَيَّنَ) بَعْدَ غُسْلِهِ (عَدَمُ جَنَابَتِهِ) . (وَ) يُجْزِئُ (غَسْلُ) أَعْضَاءِ (الْوُضُوءِ) بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَصْغَرِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِهِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ بِهِ. (عَنْ غَسْلِ مَحَلِّهِ) أَيْ الْوُضُوءِ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْأَكْبَرِ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِهِ أَوْ اسْتِبَاحَةِ مَمْنُوعٍ بِهِ فَإِنْ بَنَى عَلَى الْوُضُوءِ يَغْسِلُ بَاقِيَ بَدَنِهِ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ كَفَاهُ وَلَا يُطْلَبُ بِغَسْلِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ثَانِيًا إنْ كَانَ مُتَذَكِّرَ جَنَابَتِهِ حَالَ وُضُوئِهِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (نَاسِيًا لِجَنَابَتِهِ) حَالَ وُضُوئِهِ وَتَذَكَّرَهَا بَعْدَهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ وُضُوئِهِ وَتَذَكُّرِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الطُّولِ بَعْدَ التَّذَكُّرِ وَيُصَلِّي بِغُسْلِهِ بَعْدَ إتْمَامِهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَاقِضٌ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَاحْتَرَزَ بِغُسْلِ الْوُضُوءِ عَنْ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ غُسْلِهِ فِي الْغُسْلِ إلَّا إذَا كَانَ فَرْضُهُ فِيهِ مَسْحَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ غُسْلِهِ. وَكَذَا غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَ) غَسْلِ (لُمْعَةٍ) بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ مَحَلٍّ لَمْ يَعُمَّهُ الْغَسْلُ فِي غُسْلِ الْجِنَايَةِ نِسْيَانًا (مِنْهَا) أَيْ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَتَوَضَّأَ وَغَسَلَهُ بِنِيَّةِ الْأَصْغَرِ فَيُجْزِئُ عَنْ غُسْلِهِ بِنِيَّةِ الْأَكْبَرِ إنْ كَانَتْ اللُّمْعَةُ مِنْ غُسْلِهِ عَنْ غَيْرِ جَبِيرَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ اللُّمْعَةُ الَّتِي فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَعُمَّهَا الْغُسْلُ حَصَلَتْ (عَنْ جَبِيرَةٍ) مَسَحَهَا فِي غُسْلِهِ ثُمَّ سَقَطَتْ أَوْ بَرِئَ مَحَلُّهَا وَغُسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ بِنِيَّتِهِ فَيُجْزِئُ عَنْ غُسْلِهَا بِنِيَّةِ الْغُسْلِ وَالْأَوْلَى قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يَقُولَ: وَإِنْ عَنْ غَيْرِ جَبِيرَةٍ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ لِأَنَّ لُمْعَةَ الْجَبِيرَةِ تُرِكَتْ لِلضِّرْوَةِ وَلُمْعَةَ غَيْرِهَا تُرِكَتْ نِسْيَانًا وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ التَّفْرِيطِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فَتَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهِ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ فِي لُمْعَةِ الْجَبِيرَةِ فَلَا تَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 133 (فَصْلٌ) رُخِّصَ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَإِنْ مُسْتَحَاضَةً بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ: مَسْحُ جَوْرَبِ جُلِّدَ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي مسح الْخَفّ بدلا عَنْ غَسَلَ الرَّجُلَيْنِ فِي الْوُضُوء] (فَصْلٌ فِي مَسْحِ الْخُفِّ بَدَلًا عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ) (رُخِّصَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ جُوِّزَ جَوَازًا مُخَالِفًا لِلْأَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: يَجِبُ، وَقِيلَ: يُنْدَبُ وَقِيلَ: يُمْنَعُ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ عِنْدَ قَائِلِهِ أَنَّهُ إنْ اتَّفَقَ لُبْسُهُ الْخُفَّ بِشُرُوطِهِ وَانْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَأَرَادَهُ وَجَبَ مَسْحُهُ عَلَيْهِ وَحُرِّمَ خَلْعُهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ لِأَنَّهُ رَدٌّ لِلرُّخْصَةِ وَاسْتِظْهَارٌ لِخِلَافِ حُكْمِ الشَّارِعِ. الْفَاكِهَانِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَفْضَلُ أَمْ غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ؟ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالتَّرْخِيصُ لُغَةً: التَّسَهُّلُ وَشَرْعًا: نَقْلٌ مِنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ صَعْبٍ لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ سَهْلٍ لِعُذْرٍ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ الْحُكْمِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ هُنَا حُرْمَةُ مَسْحِ الْخُفِّ وَوُجُوبُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَسَبَبُهُ سَلَامَتُهُمَا مِنْ الْغُسْلِ وَقَبُولُهُمَا الْغُسْلَ وَالسَّهْلُ جَوَازُ مَسْحِهِ وَالْعُذْرُ مَشَقَّةُ الْخَلْعِ وَاللُّبْسِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَصِلَةُ رُخِّصَ (لِرَجُلٍ) أَيْ ذَكَرٍ وَلَوْ صَبِيًّا (وَامْرَأَةٍ) أَيْ أُنْثَى وَلَوْ صَبِيَّةً إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَحَاضَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مُسْتَحَاضَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ نَازِلًا مِنْ قُبُلِهَا دَمٌ لِاخْتِلَالِ مِزَاجِهَا سَوَاءٌ لَازَمَهَا كُلَّ الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَبَالِغٍ عَلَيْهَا الدَّفْعُ تُوُهِّمَ مَنْعُهَا مِنْ مَسْحِ الْخُفِّ إذْ يَلْزَمُهُ جَمْعُهَا رُخْصَتَيْنِ وَسَوَاءٌ لَبِسَتْهُ قَبْلَ اسْتِحَاضَتِهَا أَوْ بَعْدَهَا. (بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ) أَيْ فِيهِمَا صِلَةُ عَامِلِهَا (مَسْحُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ نَائِبُ فَاعِلٍ رُخِّصَ مُضَافٌ لَ (جَوْرَبٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مَلْبُوسِ رِجْلٍ عَلَى هَيْئَةِ الْخُفِّ مَنْسُوجٍ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ شُرَابًا بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقٌ بِحَضَرٍ بِرُخْصٍ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ فِيهِ فِي حَضَرِهِ وَفِي سَفَرِهِ وَلَيْسَ هَذَا بِمُرَادٍ إذْ لَا غَرَضَ لِلْفَقِيهِ فِيهِ وَلِعَدَمِ ثُبُوتِ ذَلِكَ وَلِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ النَّصُّ عَلَى حُكْمِ الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ (جُلِّدَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ كُسِيَ بِجِلْدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 134 ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، وَخُفٍّ، وَلَوْ عَلَى خُفٍّ بِلَا حَائِلٍ: كَطِينٍ، إلَّا الْمِهْمَازَ. وَلَا حَدَّ بِشَرْطِ جِلْدٍ طَاهِرٍ   [منح الجليل] وَنَائِبُ فَاعِلِ جُلِّدَ (ظَاهِرُهُ) أَيْ أَعْلَاهُ الَّذِي يَلِي السَّمَاءَ (وَبَاطِنُهُ) أَيْ أَسْفَلُهُ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِظَاهِرِهِ جَمِيعُ سَطْحِهِ الْمُحِيطِ بِهِ مِنْ خَارِجِهِ أَعْلَى وَأَسْفَلَ وَبِبَاطِنِهِ جَمِيعُ مُحِيطِهِ مِنْ دَاخِلِهِ الْمُمَاسِّ لِلرِّجْلِ إذْ تَجْلِيدُ الْبَاطِنِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَيْسَ بِشَرْطٍ. (وَ) مَسْحِ (خُفٍّ) مَلْبُوسٍ عَلَى الرِّجْلَيْنِ مُبَاشَرَةً بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَلْبُوسًا (عَلَى خُفٍّ) أَوْ عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ عَلَى لَفَائِفَ وَكَذَا جَوْرَبٌ عَلَى خُفٍّ أَوْ عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ عَلَى لِفَافَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الرِّجْلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي مَا عَلَيْهِمَا عَدَدًا وَلَا نَوْعًا بِشَرْطِ لُبْسِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ عَلَى طَهَارَةِ مَائِيَّةٍ كَامِلَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي وَقْتَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ أَوْ مُتَبَاعِدَيْنِ قَبْلَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ الَّتِي لَبِسَ عَلَيْهَا الْأَسْفَلَ أَوْ بَعْدَهُ. وَيُعَدُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وُضُوءًا وَنَعَتَ لَفْظَ جَوْرَبٍ وَخُفٍّ بِقَوْلِهِ (بِلَا حَائِلٍ) عَلَى أَعْلَى الْجَوْرَبِ أَوْ الْخُفِّ وَمَثَّلَ لِلْحَائِلِ بِقَوْلِهِ (كَطِينٍ) لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْمُسَامَحَةِ فِيهِ لِغَلَبَتِهِ عَلَيْهِمَا وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الْحَائِلِ عَلَى أَسْفَلِهِمَا لِأَنَّ مَسْحَهُ مَنْدُوبٌ فَتُنْدَبُ إزَالَةُ حَائِلِهِ لِيُبَاشِرَهُ الْمَسْحُ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْحَائِلِ فَقَالَ (إلَّا الْمِهْمَازَ) الْمُرَكَّبَ عَلَى أَعْلَى الْجَوْرَبِ أَوْ الْخُفِّ فَيُغْتَفَرُ لِلْمُسَافِرِ الَّذِي شَأْنُهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ وَأَمَّا الشَّوْكَةُ الَّتِي بِأَسْفَلَ الْجَوْرَبِ أَوْ الْخُفِّ فَمُغْتَفَرَةٌ مُطْلَقًا لِيَسَارَتِهَا وَخُرُوجِهَا عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ. (وَلَا حَدَّ) لِلزَّمَنِ الَّذِي يُرَخَّصُ الْمَسْحُ فِيهِ بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ تَعَدِّيهِ فَلَا يُنَافِي نَدْبَ نَزْعِهِ كُلَّ جُمُعَةٍ (بِشَرْطِ جِلْدٍ) قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ الْخُفَّ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِلْدٍ وَالْجَوْرَبُ تَقَدَّمَ النَّصُّ عَلَى شَرْطِ تَجْلِيدِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِلشُّرُوطِ الَّتِي بَعْدَهُ (طَاهِرٍ) نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ وَنَفَى الْفَاكِهَانِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ وَقَالَ الرَّمَاصِيُّ إنَّهُ خِلَافُ التَّحْقِيقِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 135 خُرِزَ وَسَتْرُ مَحَلِّ الْفَرْضِ، وَأَمْكَنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ. بِطَهَارَةِ مَاءٍ كَمُلَتْ   [منح الجليل] وَلَمْ يَذْكُرُهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا يَجْرِي عَلَى حُكْمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلَا يُذْكَرُ هُنَا إلَّا مَا هُوَ خَاصٌّ بِالْبَابِ وَذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ بُطْلَانَ الْمَسْحِ عَلَى النَّجِسِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ عَجْزًا كَمَا أَنَّ بَاقِيَ الشُّرُوطِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ طَاهِرٍ فَلَهُ حُكْمُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْعَجْزِ وَالْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَالسُّنَّةِ انْتَهَى. قُلْت: عَدَمُ ذِكْرِ هَؤُلَاءِ شَرْطَ الطَّهَارَةِ لَا يُفِيدُ عَدَمَ شَرْطِيَّتِهِ لِاحْتِمَالِ سُكُوتِهِمْ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ مِنْ قَاعِدَةِ الرُّخْصَةِ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا نَعَمْ لَوْ صَرَّحُوا بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَعَلَى فَرْضِ تَصْرِيحِهِمْ بِذَلِكَ فَلَا يَنْتَحُ أَنَّهُ خِلَافُ التَّحْقِيقِ بَلْ إنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ لِنَصِّ غَيْرِهِمْ عَلَى اشْتِرَاطِهِ وَحِكَايَةُ بَعْضِهِمْ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَلَوْ ثَبَتَ مَسْحُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَجِسٍ لَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ. وَلَمْ يَتَجَاسَرْ أَحَدٌ عَلَى اشْتِرَاطِهَا فِي الْخُفِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ فَالْحَقُّ اشْتِرَاطُهَا فِيهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فَيَخْلَعُهُ الْمَاسِحُ لَا مَاءَ مَعَهُ وَيَتَيَمَّمُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ اشْتِرَاطِ الْخَرَزِ الَّذِي لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ الْخُفِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمِثْلُ الطَّاهِرِ النَّجِسُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ وَخُفٍّ وَنَعْلٍ مِنْ رَوْثِ دَوَابَّ وَبَوْلِهَا إنْ دُلِكَا (خُرِزَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ خِيطَ فَلَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى الْمَسْلُوخِ بِلَا شَقٍّ أَوْ الْمَلْصُوقِ بِنَحْوِ غِرَاءٍ أَوْ رَسْرَاسٍ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا. (وَسَتْرُ مَحَلِّ) الْغُسْلِ (الْفَرْضِ) مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى الْكَعْبَيْنِ بِذَاتِهِ وَلَوْ بِإِزْرَارٍ لَا مَا نُقِضَ عَنْهُ وَلَوْ خِيطَ بِسَرَاوِيلَ (وَأَمْكَنَ تَتَابُعُ الْمَشْيِ فِيهِ) أَيْ الْجَوْرَبِ أَوْ الْخُفِّ لِذِي مُرُوءَةٍ مَلْبُوسٍ (بِطَهَارَةٍ) فَلَا يُمْسَحُ مَلْبُوسٌ بِحَدَثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ وَإِضَافَتُهَا لِ (مَاءٍ) بِالْمَدِّ مُخْرِجُهُ لِمَلْبُوسٍ بِتَيَمُّمٍ فَلَا يَصِحُّ مَسْحُهُ وَنَعَتَ طَهَارَةِ مَاءٍ بِجُمْلَةِ (كَمُلَتْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ أَيْ تَمَّتْ الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ حِسًّا بِإِتْمَامِ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ قَبْلَ لُبْسِهِ وَمَعْنَى بِأَنْ نَوَى بِهَا رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الْمَمْنُوعِ مَلْبُوسٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 136 بِلَا تَرَفُّهٍ، وَعِصْيَانٍ: بِلُبْسِهِ، أَوْ سَفَرِهِ: فَلَا يُمْسَحُ وَاسِعٌ، وَمُخَرَّقٌ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ، وَإِنْ بِشَكٍّ، بَلْ دُونَهُ، إنْ الْتَصَقَ.   [منح الجليل] بِلَا) قَصْدِ (تَرَفُّهٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالرَّاءِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَزَيُّنٍ وَتَنَعُّمٍ بِأَنْ لَبِسَ لِلِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِاعْتِيَادِهِ أَوْ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ عَقْرَبٍ. وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَالسَّنْهُورِيُّ لَا يُمْسَحُ مَلْبُوسٌ لِخَوْفِ عَقْرَبٍ وَهُوَ غَرِيبٌ إنْ كَانُوا أَجَازُوا مَسْحَ الْمَلْبُوسِ لِدَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ شَوْكٍ. (وَ) بِلَا (عِصْيَانٍ بِلُبْسِهِ) أَيْ الْجَوَارِبِ أَوْ الْخُفِّ (أَوْ سَفَرِهِ) فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ كَآبِقٍ وَعَاقٍّ لِوَالِدِهِ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ التَّرْخِيصُ لِلْعَاصِي بِسَفَرِهِ فِي مَسْحِ الْجَوَارِبِ أَوْ الْخُفِّ إذْ الْقَاعِدَةُ كُلُّ رُخْصَةٍ فِي الْحَضَرِ فَهِيَ رُخْصَةٌ فِي السَّفَرِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ مَعْصِيَةً إذْ غَايَةُ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَنَّهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَأَنَّ الْمُتَلَبِّسَ بِهِ غَيْرُ مُسَافِرٍ وَالرُّخْصَةُ شَمِلَتْهُ أَيْضًا، وَأَمَّا الرُّخْصَةُ الْقَاصِرَةُ عَلَى السَّفَرِ فَلَا يَفْعَلُهَا الْعَاصِي بِهِ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. (فَلَا يُمْسَحُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ خُفٌّ أَوْ جَوْرَبٌ (وَاسِعٌ) لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ لِذِي مُرُوءَةٍ فَهَذَا مَفْهُومٌ أَمْكَنَ تَتَابُعَ الْمَشْيِ فِيهِ وَمِثْلُهُ الضَّيِّقُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ لِذِي الْمُرُوءَةِ. (وَ) لَا يُمْسَحُ خُفٌّ أَوْ جَوْرَبٌ (مُخَرَّقٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ فِيهِ خُرُوقٌ (قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ) وَأَوْلَى أَكْثَرُ وَلَوْ الْتَصَقَ الْجِلْدُ بِبَعْضِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَهَذَا مَفْهُومُ سَتْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ إنْ كَانَ الْخَرْقُ قَدْرَ ثُلُثِهِ يَقِينًا بَلْ (وَإِنْ شَكَّ) فِي كَوْنِهِ قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ الْغُسْلَ هُوَ الْأَصْلُ فَيُرْجَعُ لَهُ عِنْدَ الشَّكِّ فِي مَحَلِّ الرُّخْصَةِ وَلِأَنَّ هَذَا شَكٌّ فِي الشَّرْطِ وَهُوَ كَتَحَقُّقِ عَدَمِهِ إذْ هُوَ الْأَصْلُ وَعَدَمُهُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ مَشْرُوطِهِ وَتَحْدِيدُ الْخَرْقِ الْمَانِعِ مِنْ الْمَسْحِ بِثُلُثِ الْقَدَمِ لِابْنِ بَشِيرٍ وَحَدُّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَحِلُّ الْقَدَمَ وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْمَنْصُوصِ وَحْدَهُ الْعِرَاقِيُّونَ بِمَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمَشْيُ لِذِي الْمُرُوءَةِ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ تَلْفِيقِهِ مِنْ مُتَعَدِّدٍ. (بَلْ) يُمْسَحُ مُخَرَّقٌ (دُونَهُ) أَيْ الثُّلُثِ فِي نُسْخَةٍ لَا دُونَهُ أَيْ لَا يُمْنَعُ الْمَسْحُ دُونَهُ أَيْ الثُّلُثِ (إنْ الْتَصَقَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 137 كَمُنْفَتِحٍ صَغُرَ. أَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ كَمَّلَ. أَوْ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا حَتَّى يَخْلَعَ الْمَلْبُوسَ قَبْلَ الْكَمَالِ وَلَا مُحْرِمٌ لَمْ يَضْطَرَّ وَفِي خُفٍّ غُصِبَ: تَرَدُّدٌ وَلَا   [منح الجليل] بَعْضُ الْخُفِّ أَوْ الْجَوْرَبِ بِبَعْضٍ عِنْدَ الْمَشْيِ وَعَدَمِهِ وَلَمْ تَظْهَرْ الْقَدَمُ مِنْهُ وَشَبَّهَ فِي الِاغْتِفَارِ، فَقَالَ (كَ) خَرْقٍ (مُنْفَتِحٍ) يَظْهَرُ مِنْهُ بَعْضُ الْقَدَمِ (صَغُرَ) بِحَيْثُ لَا يَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ بَلَلِ الْيَدِ لِلرِّجْلِ عَنْ الْمَسْحِ فَإِنْ وَصَلَ مِنْهُ الْبَلَلُ إلَيْهَا مَنَعَ مِنْ صِحَّةِ الْمَسْحِ. (أَوْ غَسَلَ) الْمُتَطَهِّرُ (رِجْلَيْهِ) أَوَّلًا نَاسِيًا أَوْ مُتَعَمِّدًا (فَلَبِسَهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ أَوْ الْجَوْرَبَيْنِ (ثُمَّ كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وُضُوءَهُ أَوْ غُسْلَهُ ثُمَّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ فَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ قَبْلَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ فَهَذَا مَفْهُومُ كَمَّلَ. (أَوْ) غَسَلَ (رِجْلًا) يُمْنَى أَوْ يُسْرَى عَقِبَ مَسْحِ رَأْسِهِ (فَأَدْخَلَهَا) أَيْ الرِّجْلَ الْمَغْسُولَةَ فِي الْخُفِّ أَوْ الْجَوَارِبِ قَبْلَ غَسْلِ الرِّجْلِ الْأُخْرَى ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا فِيهِ ثُمَّ أَحْدَثَ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ فَلَا يُمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ لِأَنَّهُ لَبِسَ قَبْلَ الْكَمَالِ فَهَذَا مَفْهُومُ كَمَّلَ أَيْضًا (حَتَّى) أَيْ إلَّا أَنْ (يَخْلَعَ الْمَلْبُوسَ قَبْلَ الْكَمَالِ) وَهُمَا الْخُفَّانِ فِي الْأُولَى وَأَحَدُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ وَيَلْبَسُهُ قَبْلَ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ. (وَلَا) يَمْسَحُ الْخُفَّ أَوْ الْجَوْرَبَ رَجُلٌ (مُحْرِمٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (لَمْ يَضْطَرَّ) لِلُبْسِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ لِعِصْيَانِهِ بِلُبْسِهِ فَهَذَا مُحْتَرَزٌ وَلَا عِصْيَانَ بِلُبْسِهِ فَإِنْ اضْطَرَّ لِلُبْسِهِ كَامِلًا لِمَرَضٍ أَوْ كَانَ امْرَأَةً فَلَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ عِصْيَانِهِ بِهِ. (وَفِي) أَجْزَاءِ الْمَسْحِ عَلَى (خُفٍّ) أَوْ جَوْرَبٍ (غُصِبَ) مِنْ مَالِكِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لَمْ يَرِدْ عَلَى خُصُوصِ لُبْسِهِ كَلُبْسِ الْمُحْرِمِ بَلْ عَلَى مُطْلَقِ تَمَلُّكِهِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ وَالْوَارِدُ عَلَى الْخُصُوصِ أَشَدُّ تَأْثِيرًا مِنْ الْوَارِدِ عَلَى الْعُمُومِ وَقِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ وَالصَّلَاةِ فِي مَكَان مَغْصُوبٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمُهُ لِعِصْيَانِهِ بِلُبْسِهِ كَالْمُحْرِمِ. (تَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ التَّرَدُّدُ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ إذْ لَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَقُولَ بِجَوَازِهِ. (وَلَا) يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ أَوْ الْجَوْرَبِ شَخْصٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 138 لَابِسٍ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ، أَوْ لِيَنَامَ، وَفِيهَا يُكْرَهُ وَكُرِهَ غَسْلُهُ وَتَكْرَارُهُ، وَتَتَبُّعُ غُضُونِهِ وَبَطَلَ بِغُسْلٍ وَجَبَ، وَبِخِرَقِهِ كَثِيرًا   [منح الجليل] (لَابِسٍ) الْجَوْرَبَ أَوْ الْخُفَّ (لِ) قَصْدِ (مُجَرَّدِ الْمَسْحِ) عَلَيْهِ أَيْ لَمْ يَقْصِدْ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا دَفْعَ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ عَقْرَبٍ وَهَذَا مُحْتَرَزٌ بِلَا تَرَفُّهٍ. (أَوْ) لَابِسٍ الْخُفَّ أَوْ الْجَوْرَبَ (لِيَنَامَ) فِيهِ فَقَطْ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ اقْتِدَاءً وَلَا دَفْعَ ضَرَرٍ فَإِنْ اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ وَأَرَادَ الْوُضُوءَ فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ لِتَرَفُّهِهِ فَهَذَا مُحْتَرَزٌ بِلَا تَرَفُّهٍ أَيْضًا (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ مُخْتَصَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرَادِعِيِّ الْمُسَمَّى بِالتَّهْذِيبِ فَقَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُدَوَّنَةِ (يُكْرَهُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ أَوْ الْجَوْرَبِ لِمَنْ لَبِسَهُ لِمُجَرَّدِ الْمَسْحِ أَوْ لِيَنَامَ فِيهِ وَلَفْظُ الْأُمِّ لَا يُعْجِبُنِي فَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ بِالْكَرَاهَةِ وَبَعْضُهُمْ بِلَفْظِهَا وَبَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (غَسْلُهُ) أَيْ الْخُفِّ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَمُفْسِدٌ لِلْخُفِّ وَيَكْفِي إنْ نَوَى بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ أَدَاءَ الْفَرْضِ أَوْ الِاسْتِبَاحَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَإِنْ نَوَى إزَالَةَ وَسَخٍ مَثَلًا فَقَطْ فَلَا يُجْزِئُ. (وَ) كُرِهَ (تَكْرَارُهُ) أَيْ مَسْحِ الْخُفِّ أَوْ الْجَوْرَبِ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَلَوْ جَفَّتْ يَدُهُ أَثْنَاءَ مَسْحِهِ فَلَا يُجَدِّدُ الْبَلَلَ لِتَكْمِيلِ مَسْحِ الرِّجْلِ الَّتِي جَفَّتْ يَدُهُ حَالَ مَسْحِهَا وَيُجَدِّدُهُ لِلْأُخْرَى (وَ) كُرِهَ (تَتَبُّعُ غُضُونِهِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ تَكَامِيشَ الْخُفِّ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَشَأْنُ الْمَسْحِ التَّخْفِيفُ. (وَبَطَلَ) أَيْ انْتَهَى التَّرْخِيصُ فِي مَسْحِ الْجَوْرَبِ أَوْ الْخُفِّ (بِغُسْلٍ وَجَبَ) بِمُوجِبٍ مِمَّا سَبَقَ فَلَا يُمْسَحُ عَلَيْهِ فِي وُضُوئِهِ لِلنَّوْمِ وَإِلَّا ظَهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ بِمُوجِبِ غُسْلٍ. (وَبِخَرْقِهِ) أَيْ الْخُفِّ أَوْ الْجَوْرَبِ خَرْقًا (كَثِيرًا) قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُصَنِّفِ وَجُلُّهَا عِنْدَ صَاحِبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ بِهِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِنْ بِشَكٍّ أَيْ طَرَأَ الْخَرْقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ بِمَسْحِهِ عَلَيْهِ فَيُبَادِرُ لِأَسْفَلِهِ بِالْغَسْلِ أَوْ الْمَسْحِ إنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 139 وَبِنَزْعِ أَكْثَرِ رِجْلٍ لِسَاقِ خُفِّهِ. لَا الْعَقِبِ، وَإِنْ نَزَعَهُمَا؛ أَوْ أَعْلَيَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا بَادَرَ لِلْأَسْفَلِ. كَالْمُوَالَاةِ وَإِنْ نَزَعَ رِجْلًا   [منح الجليل] لَبِسَ خُفًّا عَلَى خُفٍّ وَلَا يَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ إلَّا إذَا طَالَ بَعْدَ الْخَرْقِ مَعَ التَّذَكُّرِ وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ بَطَلَتْ فَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: مُخَرَّقٌ قَدْرَ ثُلُثِ الْقَدَمِ لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَهَذَا فِي الِاسْتِمْرَارِ. (وَ) بَطَلَ (بِنَزْعِ) أَيْ خَلْعِ (أَكْثَرِ) قَدَمِ (رِجْلٍ) وَاحِدَةٍ وَإِخْرَاجِهَا مِنْ مَحَلِّهَا (لِسَاقٍ) أَيْ رَقَبَةِ (خُفِّهِ) وَهُوَ السَّاتِرُ لِمَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ فَصَارَ أَكْثَرُ قَدَمِهَا فِي سَاقِهِ وَأَوْلَى نَزْعُ جَمِيعِهَا لَهُ وَهَذَا نَصُّهَا الْجَلَّابُ الْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ الْحَطَّابُ هَذَا تَفْسِيرٌ لَهَا مُبَيِّنٌ لِلْمُرَادِ مِنْهَا عج بَلْ مُقَابِلٌ لَهَا ضَعِيفٌ (لَا) يَبْطُلُ بِنَزْعِ (الْعَقِبِ) لِسَاقِ خُفِّهِ. (وَإِنْ نَزَعَهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ مِنْ الرِّجْلَيْنِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ بَعْدَ انْتِقَاضِ طَهَارَتِهِ وَمَسْحِهِمَا فِي وُضُوءٍ بَطَلَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا فَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ فَوْرًا وَإِلَّا اُنْتُقِضَ وُضُوءُهُ إنْ طَالَ مَعَ التَّذَكُّرِ وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ مُطْلَقًا أَوْ عَجَزَ عَجْزًا حَقِيقِيًّا وَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَجَزَ عَجْزًا حَكِيمًا بَنَى مَا لَمْ يَطُلْ (أَوْ) نَزَعَ لَابِسُ خُفٍّ عَلَى خُفٍّ أَوْ عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ جَوْرَبٍ عَلَى جَوْرَبٍ أَوْ عَلَى خُفٍّ (أَعْلَيَيْهِ) وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ بَعْدَ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ وَمَسَحَهُمَا فِي وُضُوءٍ بَطَلَ مَسْحُهُمَا فَيَمْسَحُ الْأَسْفَلَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (أَوْ) نَزَعَ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الْخُفَّيْنِ أَوْ الْجَوْرَبَيْنِ الْمَلْبُوسَيْنِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ مُبَاشَرَةً أَوْ عَلَى خُفَّيْنِ أَوْ جَوْرَبَيْنِ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بَطَلَ مَسْحُهُمَا وَ (بَادَرَ لِلْأَسْفَلِ) بِالْغَسْلِ إنْ كَانَ رِجْلًا وَلِلرِّجْلِ الْأُخْرَى بِنَزْعِ خُفِّهَا وَغَسْلِهَا وَبِالْمَسْحِ إنْ كَانَ خُفًّا أَوْ جَوْرَبًا وَلَا يَنْزِعُ الْأُخْرَى إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي مَا فِيهِمَا عَدَدًا وَلَا نَوْعًا مُبَادَرَةً (كَ) مُبَادَرَةِ (الْمُوَالَاةِ) فِي تَقْدِيرِهَا بِعَدَمِ جَفَافِ عُضْوٍ مُعْتَدِلٍ فِي زَمَانٍ وَمَكَانٍ كَذَلِكَ. (وَإِنْ نَزَعَ) الْمُتَوَضِّئُ الْمَاسِحُ عَلَى خُفٍّ أَوْ جَوْرَبٍ أَوْ غَيْرُ الْمُتَوَضِّئِ (رِجْلًا) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مِنْ مَلْبُوسِهَا خُفًّا كَانَ أَوْ جَوْرَبًا نَاوِيًا نَزْعَ الْأُخْرَى مِنْ مَلْبُوسِهَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 140 وَقَسُمَ الْأُخْرَى وَضَاقَ الْوَقْتُ؛ فَفِي تَيَمُّمِهِ، أَوْ مَسْحِهِ عَلَيْهِ، أَوْ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، وَإِلَّا مُزِّقَ: أَقْوَالٌ وَنُدِبَ نَزْعُهُ كُلَّ جُمُعَةٍ وَوَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ، وَيُسْرَاهُ تَحْتَهَا، وَيُمِرُّهُمَا   [منح الجليل] تَكْمِيلًا لِوُضُوئِهِ الْقَدِيمِ أَوْ فِي وُضُوءٍ جَدِيدٍ (وَعُسِرَتْ) الرِّجْلُ (الْأُخْرَى) أَيْ عُسِرَ عَلَيْهِ نَزْعُ مَلْبُوسِهَا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِهِ (وَضَاقَ الْوَقْتُ) الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا كَانَ أَوْ ضَرُورِيًّا وَخَافَ خُرُوجَهُ بِتَشَاغُلِهِ بِنَزْعِ الْأُخْرَى. (فَفِي) مَشْرُوعِيَّةِ (تَيَمُّمِهِ) لِلصَّلَاةِ تَارِكًا غَسَلَ غَيْرَ الْمُتَعَسِّرَةِ وَمَسَحَ الْمُتَعَسِّرَةَ تَغْلِيبًا لَهَا عَلَى سَائِرِ أَعْضَائِهِ وَلَا يُمَزِّقُ خُفَّهَا وَلَوْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ (أَوْ مَسْحِهِ عَلَيْهِ) أَيْ الْخُفِّ الْمُتَعَسِّرِ نَزْعُهُ وَغَسَلَ بَاقِيَ أَعْضَائِهِ سِوَى رَأْسِهِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ غَسْلِ رِجْلِهِ وَمَسْحِ الْأُخْرَى لِلضَّرُورَةِ كَالْجَبِيرَةِ بِجَامِعِ تَعَذُّرِ غَسْلِ مَا تَحْتَ الْحَامِلِ وَلَا يُمَزِّقُهُ وَإِنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ حِفْظًا لِلْمَالِ. (أَوْ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْخُفِّ فِي ذَاتِهِ لَا بِحَسَبِ حَالَ لَابِسِهِ مَسَحَهُ كَالْجَبِيرَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكْثُرْ قِيمَتُهُ (مُزِّقَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّاي مُشَدَّدًا وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَزْعُهُ) أَيْ الْجَوْرَبِ أَوْ الْخُفِّ لِغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ (كُلَّ) يَوْمِ (جُمُعَةٍ) مِمَّنْ يُخَاطَبُ بِهَا وَلَوْ نَدْبًا كَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ وَسَوَاءٌ أَرَادَ غَسْلَهَا أَوْ لَا لِيَكُونَ وُضُوءُهُ خَالِيًا عَنْ الرُّخْصَةِ فَإِنْ قُلْت غُسْلُ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ لِمُرِيدِهَا وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى نَزْعِ مَلْبُوسِ الرِّجْلِ وَالْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا فَيَكُونُ نَزْعُهُ سُنَّةً لَا مَنْدُوبًا قُلْت: الْمُرَادُ بِالنَّدْبِ الطَّلَبُ غَيْرُ الْجَازِمِ فَيَشْمَلُ السُّنَّةَ وَالْمُسْتَحَبَّ فَهُوَ سُنَّةٌ لِمَنْ أَرَادَ غَسْلَهَا وَمَنْدُوبٌ لِمَنْ لَمْ يُرِدْ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ نُدِبَ نَزْعُهُ فِي مِثْلِ الْيَوْمِ الَّذِي لَبِسَهُ فِيهِ. (وَ) نُدِبَ (وَضْعُ يُمْنَاهُ) حَالَ مَسْحِهِ (عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ) مِنْ ظَهْرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى (وَيُسْرَاهُ تَحْتَهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ مِنْ بَطْنِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى (وَيُمِرُّهُمَا) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 141 لِكَعْبَيْهِ، وَهَلْ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، أَوْ الْيُسْرَى فَوْقَهَا؟ تَأْوِيلَانِ، وَمَسْحُ أَعْلَاهُ، وَأَسْفَلِهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَرَكَ أَعْلَاهُ، لَا أَسْفَلَهُ، فَفِي الْوَقْتِ.   [منح الجليل] الْيَدَيْنِ عَلَى مَلْبُوسِ الرِّجْلِ مُنْتَهِيًا (لِكَعْبَيْهِ) وَيُمِيلُ يُسْرَاهُ عَلَى الْعَقِبِ حَتَّى يُجَاوِزَ الْكَعْبَيْنِ (وَهَلْ) الرِّجْلُ (الْيُسْرَى كَذَلِكَ) أَيْ الْيُمْنَى فِي وَضْعِ يُمْنَاهُ فَوْقَهَا وَيُسْرَاهُ تَحْتَهَا حَالَ الْمَسْحِ. (أَوْ) الْيَدُ (الْيُسْرَى فَوْقَهَا) أَيْ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَالْيَدُ الْيُمْنَى تَحْتَهَا حَالَ مَسْحِهَا لِأَنَّ هَذَا أَمْكَنُ فِي ذَلِكَ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا (وَ) نُدِبَ (مَسْحُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ) أَيْ الْخُفِّ أَيْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ مَسْحُ الْأَعْلَى وَاجِبًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَبَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ (إنْ تَرَكَ) الْمَاسِحُ مَسْحَهُ (أَعْلَاهُ) وَمَسَحَ أَسْفَلَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا نَعَمْ لَهُ الْبِنَاءُ فِي النِّسْيَانِ مُطْلَقًا وَفِيمَا عَدَاهُ مَا لَمْ يَطُلْ فَإِنْ طَالَ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ مِنْ أَوَّلِهِ. (لَا) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ فَإِنْ مَسَحَ أَعْلَاهُ وَتَرَكَ (أَسْفَلَهُ) (فَ) يُعِيدُهَا (فِي الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَنْبَيْهِ كَأَعْلَاهُ وَأَخَّرَ الْحَطَّابُ هَذَا التَّقْرِيرَ، وَعَزَاهُ لِبَهْرَامَ فِي صَغِيرِهِ وَصَدَّرَ بِأَنْ مَسْحَ كُلٍّ مِنْ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَاجِبٌ " وَإِنْ مَسَحَ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِعْلٌ مَاضٍ وَاسْتَظْهَرَ لَهُ بِقَوْلِهِمَا: لَا يَجُوزُ مَسْحُ أَعْلَاهُ دُونَ أَسْفَلِهِ وَلَا أَسْفَلَهُ دُونَ أَعْلَاهُ إلَّا أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ أَعْلَاهُ وَصَلَّى فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ لَا يَمْسَحُ بُطُونَهُمَا انْتَهَى. وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِالْعُقُولِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ. [فَصْلٌ فِي التَّيَمُّم] وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ صُغْرَى وَكُبْرَى شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّهَارَةِ الصَّعِيدِيَّةِ فَقَالَ: الجزء: 1 ¦ الصفحة: 142 (فَصْلٌ) يَتَيَمَّمُ ذُو مَرَضٍ وَسَفَرٍ أُبِيحَ، لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَحَاضِرٌ صَحَّ لِجِنَازَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ،   [منح الجليل] (فَصْلٌ فِي التَّيَمُّمِ) وَهُوَ لُغَةً: الْقَصْدُ، وَشَرْعًا: طَهَارَةٌ صَعِيدِيَّةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِنِيَّةٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إجْمَاعًا وَهَلْ هُوَ عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ أَوْ لِعَدَمِ الْمَاءِ عَزِيمَةٌ وَلِلْمَرَضِ وَنَحْوِهِ رُخْصَةٌ أَقْوَالٌ. (يَتَيَمَّمُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وُجُوبًا إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شِدَّةَ أَذَى بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَجِدْهُ وَجَوَازًا إنْ خَافَ مَرَضًا خَفِيفًا بِهِ وَفَاعِلُ تَيَمَّمَ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (مَرَضٍ) عَاجِزٍ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِسَبَبِهِ أَوْ لِعَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَصَحِيحٍ خَافَ حُدُوثَهُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ. (وَ) ذُو (سَفَرٍ) طَوِيلٍ تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ بَلْ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا لَا تَقْصُرُ الصَّلَاةُ فِيهِ، وَنَعَتَ سَفَرٍ بِجُمْلَةِ (أُبِيحَ) أَيْ لَمْ يُمْنَعْ فَشَمِلَ الْفَرْضَ كَسَفَرِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّذْرَ الْمَنْدُوبَ كَسَفَرِ حَجِّ التَّطَوُّعِ، وَالْمُبَاحَ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ أَوْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَالْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ أَوْلَى فَهُوَ مِنْ فَحْوَى الْخِطَاب وَخَرَجَ السَّفَرُ الْمُحَرَّمُ كَسَفَرِ الْآبِقِ وَالْعَاقِّ وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَالْمَكْرُوهِ كَسَفَرِ اللَّهْوِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْكُلَّ سَوَاءٌ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ لَهُمْ بِأَسْبَابِهِ الْآتِيَةِ فِي الْمَتْنِ لِعُمُومِ التَّيَمُّمِ لِلْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْحِ الْخُفِّ وَصِلَةُ يَتَيَمَّمُ (لِفَرْضٍ) وَلَوْ جُمُعَةً وَجِنَازَةً لَمْ تَتَعَيَّنْ (وَنَفْلٍ) أَيْ مَا سِوَى الْفَرْضِ كَوِتْرٍ وَفَجْرٍ وَضُحًى وَغَيْرِهَا اسْتِقْلَالًا (وَ) يَتَيَمَّمُ شَخْصٌ (حَاضِرٌ) أَيْ غَيْرُ مُسَافِرٍ وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ (صَحَّ) مِنْ الْمَرَضِ وَصِلَةُ يَتَيَمَّمُ (لِجِنَازَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ عَلَى الْحَاضِرِ الصَّحِيحِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا بِوُضُوءٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ يَتَيَمَّمُ لَهَا وَخِيفَ تَغَيُّرُهَا بِتَأْخِيرِهَا لِوُجُودِ مَاءٍ أَوْ مُصَلٍّ غَيْرَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 143 وَفَرْضِ غَيْرِ جُمُعَةٍ وَلَا يُعِيدُ، لَا سُنَّةٍ. إنْ عَدِمُوا مَاءً كَافِيًا، أَوْ خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ. مَرَضًا، أَوْ زِيَادَتَهُ،   [منح الجليل] (وَ) لِ (فَرْضِ) مِنْ الْخَمْسِ (غَيْرِ جُمُعَةٍ) فَلَا يَتَيَمَّمُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ لِجُمُعَةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ لَهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَالْحَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ وَخَافَ فَوَاتَهَا بِاسْتِعْمَالِهِ فَالْمَشْهُورُ تَرْكُهَا وَصَلَاةُ الظُّهْرِ بِوُضُوءٍ وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ وَيُدْرِكُهَا وَأَمَّا مَنْ فَقَدَ الْمَاءَ وَصَارَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ لَهَا أَوْ لِلظُّهْرِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ بِالتَّيَمُّمِ اتِّفَاقًا وَلَا يَتْرُكُهَا وَهَذَا ظَاهِرُ نَقْلِ الْحَطَّابِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ انْتَهَى وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ مَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ مَنْعِ تَيَمُّمِهِ لَهَا كَظَاهِرِهِ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يُعِيدُ) أَيْ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ مَا صَلَّاهُ بِالتَّيَمُّمِ لِعُذْرٍ مِمَّا يَأْتِي فَأَوْلَى لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ عج أَيْ تَحْرُمُ الْإِعَادَةُ الْعَدَوِيُّ لَيْسَ فِي النَّقْلِ تَصْرِيحٌ بِالْحُرْمَةِ الْبُنَانِيُّ لَا مَعْنَى لَهَا إذْ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ أَيْ لَا يُطْلَبُ بِهَا وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ مُرَاعَاةً لِلثَّانِي، وَفِيهِ أَنَّ مُرَاعَاةَ الثَّانِي، تَقْتَضِي نَدْبَهَا لَا كَرَاهَتَهَا الْأَمِيرُ لَكِنْ لَهَا وَجْهٌ إنْ كَانَتْ اسْتِضْعَافًا لِلتَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ عَلَى الشَّارِعِ فِيمَا شَرَعَهُ قُلْت بَلْ وَجْهُهَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صَلَاتَيْنِ فِي يَوْمٍ» . (لَا) يَتَيَمَّمُ الْحَاضِرُ الصَّحِيحُ لِ (سُنَّةٍ) وَأَوْلَى رَغِيبَةٌ وَمُسْتَحَبٌّ وَلَا لِجِنَازَةٍ غَيْرِ مُتَعَيِّنَةٍ عَلَيْهِ وَذَكَرَ شَرْطَ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ الصَّحِيحِ فَقَالَ (إنْ عَدِمُوا) أَيْ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ الصَّحِيحُ (مَاءً) تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ (كَافِيًا) لَهَا وُضُوءًا كَانَتْ أَوْ غُسْلًا بِأَنْ لَمْ يَجِدُوا مَاءً أَصْلًا وَوَجَدُوا مَاءً مَوْقُوفًا عَلَى خُصُوصِ الشُّرْبِ أَوْ مَمْلُوكًا لِلْغَيْرِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ فِي اسْتِعْمَالِهِ أَوْ غَيْرَ كَافٍ. (أَوْ) وَجَدُوا مَاءً جَائِزًا كَافِيًا وَ (خَافُوا) أَيْ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ وَالْحَاضِرُ الصَّحِيحُ (بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ (مَرَضًا) مُسْتَنِدِينَ فِي خَوْفِهِمْ إلَى تَجْرِبَةٍ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي مُوَافِقٍ فِي الْمِزَاجِ أَوْ أَخْبَارِ عَارِفٍ بِالطِّبِّ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا أَوْ وَهْمًا (أَوْ) خَافَ مَرِيضٌ (زِيَادَتَهُ) أَيْ الْمَرَضِ الْقَائِمِ بِهِ فِي شِدَّتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 144 أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ أَوْ عَطَشَ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ، أَوْ بِطَلَبِهِ: تَلَفَ مَالٍ، أَوْ خُرُوجَ وَقْتٍ. كَعَدَمٍ مُنَاوِلٍ، أَوْ آلَةٍ.   [منح الجليل] (أَوْ) خَافَ الْمَرِيضُ (تَأَخُّرَ) زَمَنِ (بُرْءٍ) مِنْ الْمَرَضِ الْحَاصِلِ لَهُ مُسْتَنِدًا لِمَا تَقَدَّمَ مُتَيَقِّنًا أَوْ ظَانًّا (أَوْ) خَافُوا بِاسْتِعْمَالِهِ (عَطَشَ) حَيَوَانٍ (مُحْتَرَمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مُحَرَّمٍ قَتْلُهُ آدَمِيًّا كَانَ أَوْ بَهِيمًا وَمِنْهُ كَلْبُ الصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ (مَعَهُ) أَيْ صَاحِبِ الْمَاءِ وَأَوْلَى خَوْفُهُ عَطَشَ نَفْسِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا أَوْ وَهْمًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَتَلَبَّسْ بِالْعَطَشِ فَإِنْ تَلَبَّسَ بِهِ اُعْتُبِرَ الشَّكُّ وَالْوَهْمُ أَيْضًا ثُمَّ إنْ خَافَ الْمَوْتَ أَوْ شَدِيدَ الضَّرَرِ وَجَبَ التَّيَمُّمُ وَإِنْ خَافَ مَرَضًا خَفِيفًا جَازَ لَا مَشَقَّةً سَلِيمَةَ الْعَاقِبَةِ سَرِيعَةَ الزَّوَالِ وَخَرَجَ بِمُحْتَرَمٍ غَيْرُهُ كَكَلْبٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ وَخِنْزِيرٍ وَمَحْكُومٍ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا أَوْ لِرِدَّتِهِ فَيُجْعَلُ قَتْلُهُ وَيُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ فَيُدْفَعُ لَهُ الْمَاءُ وَيَتَيَمَّمُ وَلَا يُعَذِّبُهُ بِالْعَطَشِ وَلَيْسَ كَجِهَادِ الْكُفَّارِ بِقَطْعِهِ عَنْهُمْ لِمَظِنَّةِ الْحَاجَةِ وَإِمْكَانِ تَخَلُّصِهِمْ مِنْهُ بِالْإِيمَانِ أَوْ التَّسْلِيمِ وَمِنْ الْمُحْتَرَمِ دُبٌّ وَقِرْدٌ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَمُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ مِنْهُ يُسَلَّمَانِ لِلْحَاكِمِ وَإِلَّا أُعْطِيَ الْمَاءُ وَمِثْلُ الْعَطَشِ ضَرُورَةُ الطَّبْخِ وَالْعَجْنِ. (أَوْ) خَافُوا (بِطَلَبِهِ) أَيْ الْمَاءِ (تَلَفَ مَالٍ) زَائِدٍ عَلَى مَا يَلْزَمُ شِرَاءَ الْمَاءِ بِهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ إنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ ظَنَّهُ فَإِنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الْمَالِ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ. (أَوْ) خَافُوا بِطَلَبِهِ (خُرُوجَ وَقْتٍ) اخْتِيَارِيٍّ بِأَنْ تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً فِيهِ بَعْدَ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ وَشَبَّهَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ (كَ) التَّيَمُّمِ لَ (عَدَمٍ مُنَاوِلٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ الْمُشَاهَدِ الْمَعْجُوزِ عَنْ تَنَاوُلِهِ لِمَرَضٍ أَوْ رَبْطٍ أَوْ حَبْسٍ (أَوْ) لِعَدَمِ (آلَةٍ) مُبَاحَةٍ لِأَخْذِهِ مِنْ نَحْوِ بِئْرٍ كَدَلْوٍ أَوْ حَبْلٍ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَادِمِ الْمَاءِ وَيَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ فَالْأَيْسَرُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ. . . إلَخْ وَهَذَا لَا يُنَافِي إنْ شَرَطَ تَيَمُّمَهُ خَوْفَهُ خُرُوجَ الْوَقْتِ لِأَنَّ هَذَا قَدْ يَتَحَقَّقُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَوُجُودُ آلَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَإِنَاءِ نَقْدٍ كَعَدَمِهِ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْتُرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 145 وَهَلْ إنْ خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِهِ؟ خِلَافٌ. وَجَازَ، جِنَازَةٌ، وَسُنَّةٌ، وَمَسُّ مُصْحَفٍ، وَقِرَاءَةٌ وَطَوَافٌ، وَرَكْعَتَاهُ بِتَيَمُّمِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ؛ إنْ تَأَخَّرَتْ   [منح الجليل] عَوْرَتَهُ بِالْحَرِيرِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ انْتَهَى وَجَوَابُهُ أَنَّ الطَّهَارَةَ الْمَائِيَّةَ لَهَا بَدَلٌ وَلَا بَدَلَ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فَلَا ضَرُورَةَ هُنَا لِاسْتِعْمَالِ مَا يَحْرُمُ. (وَهَلْ) يَتَيَمَّمُ مُرِيدُ الصَّلَاةِ وَلَوْ جُنُبًا (إنْ خَافَ) أَيْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ (فَوَاتَهُ) أَيْ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ بِأَنْ لَا يُدْرِكَ رَكْعَةً فِيهِ (بِاسْتِعْمَالِهِ) أَيْ الْمَاءِ فِي غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْأَبْهَرِيُّ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَقَامَهُ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي لَا بَدَلَ لَهُ وَالطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ لَهَا بَدَلٌ أَوْ يَسْتَعْمِلُهُ وَيُصَلِّي فِي الضَّرُورِيِّ أَوْ يَقْضِيهَا بَعْدَهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ كَوْنِهِ مَشْهُورًا فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ اتِّسَاعُ الْوَقْتِ أَوْ خُرُوجُهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالصَّلَاةِ وَإِلَّا بَطَلَ تَيَمُّمُهُ وَتَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ اتِّفَاقًا. (وَجَازَ جِنَازَةٌ) وَلَوْ مُتَعَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ اتَّحَدَتْ أَوْ تَعَدَّدَتْ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا تَجُوزُ بِتَيَمُّمٍ لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ تَبَعًا تَعَيَّنَتْ أَوَّلًا وَكَوْنُهَا سُنَّةً ضَعِيفٌ فَجَوَازُهَا بِتَيَمُّمِ الْفَرْضِ مَشْهُورَةً مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (وَسُنَّةٌ) وَأَوْلَى رَغِيبَةٌ وَمَنْدُوبٌ. (وَمَسُّ مُصْحَفٍ وَقِرَاءَةٌ) مِنْ جُنُبٍ (وَطَوَافٌ) مَنْدُوبٌ وَأَمَّا الْفَرْضُ وَالْوَاجِبُ فَلَا يَجُوزَانِ تَبَعًا لِفَرْضٍ وَلَا نَفْلَ (وَرَكْعَتَاهُ) أَيْ الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ بِنَاءً عَلَى سُنِّيَّتِهِمَا مُطْلَقًا وَعَلَى تَبَعِيَّتِهِمَا الطَّوَافَ فِي حُكْمِهِ وَأَمَّا عَلَى فَرْضِيَّتِهِمَا مُطْلَقًا فَلَا تَجُوزَانِ تَبَعًا لِفَرْضٍ وَلَا لِنَفْلٍ وَصِلَةُ جَازَ (بِتَيَمُّمٍ) مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوْ حَاضِرٌ صَحِيحٌ لِ (لِفَرْضٍ) صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ. (أَوْ) بِتَيَمُّمِ مَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ لِ (نَفْلٍ) مُتَوَقِّفَةٌ صِحَّتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَصَلَاةِ الضُّحَى وَطَوَافٍ مَنْدُوبٍ (إنْ تَأَخَّرَتْ) أَيْ الْجِنَازَةُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا عَنْ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ الْمُتَيَمَّمِ لَهُ فَلَا تَجُوزُ إنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَقَالَ غَيْرُهُ: تَجُوزُ الْجِنَازَةُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا بِتَيَمُّمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 146 لَا فَرْضٌ آخَرُ. وَإِنْ قَصْدًا، وَبَطَلَ الثَّانِي وَلَوْ مُشْتَرَكَةً، لَا بِتَيَمُّمٍ لِمُسْتَحَبٍّ. وَلَزِمَ مُوَالَاتُهُ وَقَبُولُ هِبَةِ مَاءٍ، لَا ثَمَنٍ أَوْ قَرْضُهُ،   [منح الجليل] فَرْضٍ وَنَفْلٍ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَقَوْلُهُ إنْ تَأَخَّرَتْ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ وَصَحَّ الْفَرْضُ الْمُتَيَمَّمُ لَهُ وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ وَاتِّصَالُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَأَنْ لَا تَكْثُرَ جِدًّا وَعَدَمُ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَهَا وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ كَآيَةِ الْكُرْسِيِّ وَالْمُعَقَّبَاتِ. (لَا) يَجُوزُ بِتَيَمُّمٍ لِفَرْضٍ (فَرْضٌ آخَرُ) غَيْرُ الْمُتَيَمَّمِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ صَلَاةً أَوْ طَوَافًا إنْ لَمْ يَقْصِدَ الْآخَرَ بِالتَّيَمُّمِ بَلْ (وَلَوْ قُصِدَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ نَوَى الْفَرْضَيْنِ مَعًا بِالتَّيَمُّمِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِصِحَّةِ الْفَرْضِ الْآخِرِ إنْ قُصِدَا مَعًا بِالتَّيَمُّمِ. (وَ) إنْ صَلَّى بِهِ فَرْضَيْنِ (بَطَلَ) الْفَرْضُ (الثَّانِي) فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُشَارٌ كَالْأَوَّلِ فِي الْوَقْتِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ الْفَرِيضَةُ الثَّانِيَةُ (مُشْتَرِكَةً) بِكَسْرِ الرَّاءِ مَعَ الْأُولَى فِيهِ كَالْعَصْرِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ إنْ صَلَّى بِهِ مُشْتَرَكَتَيْنِ كَظُهْرَيْنِ نُدِبَتْ إعَادَتُهُ الثَّانِيَةَ بِوَقْتٍ وَمَفْهُومُ الثَّانِي صِحَّةُ الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. (لَا) تَجُوزُ الْجِنَازَةُ وَمَا يَلِيهَا (بِتَيَمُّمٍ لِ) فِعْلٍ (مُسْتَحَبٍّ) لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ كَقِرَاءَةِ مُحْدِثٍ أَصْغَرَ يُلَامِسُ مُصْحَفًا وَزِيَادَةَ وَلِيٍّ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ آنِفًا أَوْ نَفْلٍ (وَلَزِمَ) أَيْ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ (مُوَالَاتُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ فِي نَفْسِهِ وَمَعَ مَا فَعَلَ لَهُ وَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَرْكَانِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فُعِلَ لَهُ وَلَوْ نِسْيَانًا أَوْ فَعَلَ قَبْلَ الْوَقْتِ بَطَلَ اتِّفَاقًا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ هُنَا وَعَدَمُ تَقْيِيدِهَا بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ. (وَ) لَزِمَ (قَبُولُ هِبَةٍ) أَوْ صَدَقَةِ (مَاءٍ) إنْ تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْمِنَّةِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ تَيَقَّنَهَا أَوْ ظَنَّهَا فَلَا يَجِبُ (لَا) يَلْزَمُ قَبُولُ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (ثَمَنٍ) يَشْتَرِي بِهِ الْمَاءَ لِقُوَّةِ الْمِنَّةِ بِهِ (أَوْ قَرْضُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُوَالَاتِهِ وَالضَّمِيرُ لِلْمَاءِ أَيْ وَلَزِمَ تَسَلُّفُ الْمَاءِ مُطْلَقًا أَوْ لِثَمَنِهِ أَيْ وَلَزِمَ تَسَلُّفُ ثَمَنِهِ إنْ مَلِيئًا بِبَلَدِهِ أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى هِبَةِ وَالضَّمِيرُ لِلْمَاءِ أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 147 وَأَخْذُهُ بِثَمَنٍ أَعَتِيدَ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ، وَإِنْ بِذِمَّتِهِ، وَطَلَبُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ تَوَهَّمَهُ، لَا تَحَقَّقَ عَدَمَهُ، طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ.   [منح الجليل] وَلَزِمَ قَبُولُ قَرْضِ الْمَاءِ مُطْلَقًا أَوْ لِثَمَنِهِ أَيْ وَلَزِمَ قَبُولُ قَرْضِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ مَلِيئًا بِبَلَدِهِ أَوْ عَطْفٌ عَلَى ثَمَنٍ وَالضَّمِيرُ لَهُ أَيْ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ قَرْضِ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا بِبَلَدِهِ فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اقْتِرَاضُ الْمَاءِ وَقَبُولُ قَرْضِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ وَاقْتِرَاضُ الثَّمَنِ وَقَبُولُ قَرْضِهِ إنْ رَجَاهُ وَإِلَّا فَلَا. (وَ) لَزِمَ (أَخْذُهُ) أَيْ شِرَاؤُهُ (بِثَمَنٍ اُعْتِيدَ) شِرَاؤُهُ بِهِ (لَمْ يَحْتَجْ) الْمُكَلَّفُ (لَهُ) أَيْ الثَّمَنِ فِي نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِهِ فِي يَدِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَأْخُذُهُ بِثَمَنِ دَيْنٍ (بِذِمَّتِهِ) إنْ رَجَا قُدْرَتَهُ عَلَى وَفَائِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَوَاجِدِهِ بِيَدِهِ وَمَفْهُومُ اُعْتِيدَ أَنَّهُ إنْ زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ بِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِيَسِيرٍ كَدِرْهَمٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: إنْ زَادَ قَدْرُ الثُّلُثِ يَلْزَمُهُ اللَّخْمِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَهُ بَالٌ فَإِنْ كَانَ تَافِهًا كَفَلْسِ فَيَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ وَلَوْ زِيدَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ ثُلُثَاهُ اتِّفَاقًا وَمَفْهُومُ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ إنْ احْتَاجَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) لَزِمَ (طَلَبُهُ) أَيْ الْمَاءِ (لِكُلِّ صَلَاةٍ) وَمَحَلُّ لُزُومِ طَلَبِهِ لِمَا عَدَا الصَّلَاةِ الْأُولَى إذَا انْتَقَلَ مِنْ مَحَلِّ طَلَبِهِ لِلْأُولَى إلَى مَحَلٍّ آخَرَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ مِنْهُ وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ فِي حُدُوثِ الْمَاءِ فِيهِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ وَتَحَقَّقَ عَدَمُ حُدُوثِهِ أَوْ ظَنِّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ وَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى إنْ عَلِمَ وُجُودَهُ فِي الْمَحَلِّ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ بَلْ (وَإِنْ تَوَهَّمَهُ) أَيْ الْمَاءَ فِيهِ وَرَجَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَدَمَ لُزُومِ الطَّلَبِ لِظَانِّ الْعَدَمِ وَمُتَوَهِّمِ الْوُجُودِ لِأَنَّ الظَّنَّ كَالْيَقِينِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَقَوَّاهُ عج الْعَدَوِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا تَوَهَّمَهُ قَبْلَ طَلَبِهِ بِالْكُلِّيَّةِ أَمَّا لَوْ تَحَقَّقَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَطَلَبَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ تَوَهَّمَ وُجُودَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ اتِّفَاقًا. (لَا) يَلْزَمُ طَلَبُهُ إنْ (تَحَقَّقَ عَدَمُهُ) أَيْ الْمَاءِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ بِهِ وَإِذَا لَزِمَهُ طَلَبُهُ فَيَطْلُبُهُ (طَلَبًا لَا يَشُقُّ بِهِ) أَيْ شَأْنُهُ عَدْوُ الْمَشَقَّةِ وَهُوَ مَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ مِيلَيْنِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 148 كَرُفْقَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ حَوْلَهُ مِنْ كَثِيرَةٍ، إنْ جَهِلَ بُخْلَهُمْ بِهِ وَنِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَنِيَّةُ أَكْبَرَ إنْ كَانَ،   [منح الجليل] الْمَشَقَّةَ بِأَنْ كَانَ عَلَى مِيلَيْنِ فَلَا يَلْزَمهُ وَلَوْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لِقُوَّتِهِ أَوْ اسْتِعَانَتِهِ بِرَكُوبِ دَابَّةٍ وَيُقْبَلُ خَبَرُ عَدْلِ الرِّوَايَةِ بِعَدَمِ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ لِطَلَبِ الْمَاءِ فِيهِ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الطَّلَبِ فَقَالَ (كَ) طَلَبِهِ مِنْ (رُفْقَةٍ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ جَمَاعَةٍ مُرَافَقَةٍ لَهُ (قَلِيلَةٍ) كَخَمْسَةٍ كَانَتْ حَوْلَهُ أَوْ لَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَشَرَةَ قَلِيلٌ وَأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مُلْحَقٌ بِالْأَرْبَعِينَ. (أَوْ) طَلَبَهُ مِمَّنْ (حَوْلَهُ) كَعَشَرَةٍ (مِنْ) رُفْقَةٍ (كَثِيرَةٍ) كَأَرْبَعِينَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الطَّلَبُ مِنْ الْقَلِيلَةِ أَوْ الَّتِي حَوْلَهُ مِنْ الْكَثِيرَةِ (إنْ جَهِلَ) الْعَادِمُ لِلْمَاءِ (بُخْلَهُمْ) أَيْ الرُّفَقَاءِ (بِهِ) بِأَنْ تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ إعْطَاءَهُمْ فَإِنْ تَرَكَ الطَّلَبَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعَادَ أَبَدًا إنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ الْإِعْطَاءَ وَفِي الْوَقْتِ إنْ شَكَّ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ فَلَا يُعِيدُ وَهَذَا إنْ تَبَيَّنَ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ فَلَا يُعِيدُ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ جَهِلَ بُخْلَهُمْ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ بُخْلَهُمْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَبٌ. (وَ) لَزِمَ (نِيَّةُ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ) أَيْ وَنَحْوَهَا مِمَّا مَنَعَهُ الْحَدَثُ كَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ أَوْ أَدَاءِ فَرْضِ التَّيَمُّمِ لَا رَفْعِ الْحَدَثِ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ وَشَرْطُ التَّيَمُّمِ لِلْفَرْضِ تَعْيِينُ نَوْعٍ وَيُنْدَبُ تَعْيِينُ شَخْصِهِ كَظُهْرٍ فَلَا يُصَلِّي بِهِ غَيْرَهُ كَعَصْرٍ فَإِنْ نَوَى النَّفَلَ أَوْ الصَّلَاةَ الدَّائِرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفَرْضِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ الْفَرْضَ وَإِنْ نَوَى الصَّلَاةَ الشَّامِلَةَ لَهُمَا مَعًا أَوْ الْفَرْضَ لَمْ يُعَيِّنْ شَخْصَهُ صَلَّى بِهِ الْفَرْضَ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَيَنْوِي عِنْدَ الْفَرِيضَةِ الْأُولَى لِأَنَّهَا فَرْضٌ فَلَا يُؤَخِّرُهَا عَنْهَا هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللُّمَعِ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ وَهُوَ الْوَجِيهُ الْمُوَافِقُ لِقَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ يَنْوِي عِنْدَ مَسْحِ وَجْهِهِ إذْ يَلْزَمُهُ خُلُوُّ فَرْضٍ مِنْ فَرَائِضِهِ عَنْهَا وَلَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ الْوَسَائِلِ وَالْمَقَاصِدِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَيْهَا إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ أَصْغَرَ نُدِبَتْ نِيَّتُهُ. (وَ) لَزِمَ (نِيَّةُ) الِاسْتِبَاحَةِ مِنْ حَدَثٍ (أَكْبَرَ) (إنْ كَانَ) عَلَيْهِ أَكْبَرُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 149 وَلَوْ تَكَرَّرَتْ، وَلَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ   [منح الجليل] مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَلَوْ نَاسِيًا لَمْ يُجْزِهِ فَيُعِيدُ أَبَدًا وَإِنْ نَوَاهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَلَيْهِ وَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ أَجْزَأَهُ وَغَيْرَ مُعْتَقِدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ فَتَلَاعَبَ وَهَذَا إنْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ كَفَاهُ عَنْ نِيَّةِ الْأَكْبَرِ وَتَلْزَمُ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ إنْ نَوَى الِاسْتِبَاحَةَ وَلَمْ يَتَكَرَّرْ تَيَمُّمُهُ بَلْ (وَلَوْ تَكَرَّرَتْ) طَهَارَتُهُ الصَّعِيدِيَّةُ لِتَعَدُّدِ الصَّلَوَاتِ كَمَا إذَا تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ ثُمَّ دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ لَهَا وَهَكَذَا وَكَمَنْ عَلَيْهِ فَوَائِتُ وَأَرَادَ قَضَاءَهَا فَيَنْوِي عَنْ الْأَكْبَرِ عِنْدَ كُلِّ تَيَمُّمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ إذْ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ صَلَاةٍ صَارَ مَمْنُوعًا مِنْ غَيْرِهَا بِالْأَكْبَرِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ عِنْدَ غَيْرِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ. (وَلَا يَرْفَعُ) أَيْ التَّيَمُّمُ (الْحَدَثَ) الْأَكْبَرَ وَلَا الْأَصْغَرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقِيلَ يَرْفَعُهُ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي جَوَازِ وَطْءِ حَائِضٍ أَوْ نُفَسَاءَ بِهِ وَمَسْحِ خُفٍّ لَبِسَ عَلَيْهِ وَفَعَلَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ وَتَيَسُّرِ الْمَائِيَّةِ عَقِبَهُ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَا وَنِيَّةِ الْأَكْبَرِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ الْمُتَكَرِّرِ وَإِمَامَةِ مُتَيَمِّمٍ مُتَوَضِّئًا فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا تَجُوزُ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ فِي الرَّابِعَةِ وَتَلْزَمُ نِيَّةُ الْأَكْبَرِ فِي الْخَامِسَةِ وَتُكْرَهُ فِي السَّادِسَةِ وَعَلَى رَفْعِهِ تَجُوزُ الثَّلَاثَةُ الْأُولَى وَلَا يَبْطُلُ فِي الرَّابِعَةِ وَلَا تَلْزَمُ نِيَّةُ أَكْبَرَ فِي الْخَامِسَةِ وَلَا تُكْرَهُ السَّادِسَةُ وَلَا يُصَلَّى بِهِ فَرْضَانِ عَلَيْهِمَا. وَكَذَا كَانَ الْوُضُوءُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ وَهُوَ رَافِعٌ إجْمَاعًا فَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَا لَفْظِيٌّ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ مَنْ قَالَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَرَادَ الرَّفْعَ الْمُسْتَمِرَّ فِي الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا إلَى حُصُولِ نَاقِضٍ كَرَفْعِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَلَمْ يُرِدْ نَفْيَهُ حَالَ الصَّلَاةِ إذْ رَفْعُهُ حَالَهَا ثَابِتٌ وَإِلَّا لَمَا أُبِيحَتْ وَمَنْ قَالَ: يَرْفَعُ أَرَادَ حَالَ الصَّلَاةِ فَقَطْ لَا بَعْدَهَا إلَى النَّاقِضِ فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الرَّفْعِ حَالَهَا وَعَلَى عَدَمِهِ بَعْدَهَا وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ حَقِيقِيًّا لَأَشْكَلَ الْمَشْهُورَ بِأَنَّهُ مُبِيحٌ إجْمَاعًا وَاجْتِمَاعُ الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ مُحَالٌ وَرُدَّ بِأَنَّ تَنَاقُضَ الْأَحْكَامِ الْمُفَرَّعَةِ عَلَيْهِمَا يُوجِبُ كَوْنَهُ حَقِيقِيًّا وَيَدْفَعُ الْإِشْكَالَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدَثِ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 150 وَتَعْمِيمُ وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ لِكُوعَيْهِ، وَنَزْعُ خَاتَمِهِ وَصَعِيدٌ طَهُرَ. كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ، وَلَوْ نُقِلَ، وَثَلْجٍ، وَخَضْخَاضٍ،   [منح الجليل] الْمُقَدَّرِ قِيَامُهَا بِالْبَدَنِ أَوْ بِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا إشْكَالَ فِي اجْتِمَاعِهَا مَعَ الْإِبَاحَةِ لِلضَّرُورَةِ كَسَائِرِ الرُّخَصِ. (وَ) لَزِمَ (تَعْمِيمُ وَجْهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ بِالْمَسْحِ وَلَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ إصْبَعٍ وَمِنْهُ اللِّحْيَةُ وَلَوْ طَوِيلَةً وَمَا غَارَ مِنْ عَيْنٍ وَالْوَتْرَةُ وَلَا يَتْبَعُ الْغُضُونَ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ. (وَ) لَزِمَ تَعْمِيمُ (كَفَّيْهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا (لِكُوعَيْهِ) أَيْ الْعَظْمَيْنِ الْوَالِيَيْنِ الْإِبْهَامَيْنِ مَعَ تَخْلِيلِ أَصَابِعِهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ إصْبَعٍ لِأَنَّهُ الَّذِي مَسَّ الصَّعِيدَ قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَقِبَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَمْ أَرَ الْقَوْلَ بِلُزُومِ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ لِغَيْرِ ابْنِ شَعْبَانَ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ التَّخْفِيفَ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ الْمَسْحُ. (وَ) لَزِمَ (نَزْعُ) أَيْ تَحْوِيلُ (خَاتَمِهِ) أَيْ الْمُتَيَمِّمِ مِنْ مَحَلِّهِ وَمَسْحُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا وَاسِعًا وَإِلَّا فَهُوَ لُمْعَةٌ (وَ) لَزِمَ (صَعِيدٌ) أَيْ اسْتِعْمَالُهُ (طَهُرَ) بِضَمِّ الْهَاءِ أَيْ اتَّصَفَ بِالطَّهَارَةِ وَمَعْنَى الطَّيِّبِ فِي الْآيَةِ الطَّاهِرُ وَالصَّعِيدُ مَا صَعِدَ أَيْ ظَهَرَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ أَجْزَائِهَا (كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ) مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا وَلَوْ صَعِيدَ أَرْضٍ نَحْوَ ثَمُودٍ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا وَصَحَّحَ الْقُرْطُبِيُّ الْأَوَّلَ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ عَلَى أَجْزَاءِ أَرْضِ مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ الطَّاهِرَةِ وَعَلَى أَرْضِ الْغَيْرِ إنْ لَمْ يَحُزْهَا غَاصِبٌ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا يَجُوزُ دُخُولُهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ يَلْزَمُ شِرَاؤُهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِهِ كَالْمَاءِ وَالطِّفْلِ تُرَابٌ لِذَوَبَانِهِ بِالْمَاءِ وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى التُّرَاب. (وَلَوْ نُقِلَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ جُعِلَ فَوْقَ حَائِلٍ وَالتَّيَمُّمُ عَلَى التُّرَابِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ غَيْرِ الْمَنْقُولِ أَفْضَلُ مِنْهُ (وَثَلْجٍ) وَلَوْ مَعَ وُجُودِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَالتَّمْثِيلُ بِهِ لَهَا بِاعْتِبَارِ صُورَتِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مَاءٌ جَامِدٌ بِدَلِيلِ تَمَيُّعِهِ إذَا سُخِّنَ وَنُزُولِهِ مُتَحَلِّلًا (وَخَضْخَاضٍ) أَيْ طِينٍ مُخْتَلَطٍ بِمَاءٍ كَثِيرٍ حَتَّى صَارَ مَائِعًا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهُ لَكِنْ التَّيَمُّمُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْلَى لِئَلَّا يُشَوِّهَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 151 وَفِيهَا: جَفَّفَ يَدَيْهِ، رُوِيَ بِجِيمٍ وَخَاءٍ. وَجِصٍّ لَمْ يُطْبَخْ وَمَعْدِنٍ غَيْرِ نَقْدٍ، وَجَوْهَرٍ، وَمَنْقُولٍ. كَشَبٍّ، وَمِلْحٍ وَلِمَرِيضٍ   [منح الجليل] (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا عَدِمَ التُّرَابَ وَوَجَدَ الطِّينَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَ (جَفَّفَ يَدَيْهِ) مَا اسْتَطَاعَ وَتَيَمَّمَ (رُوِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَوْلُهَا جَفَّفَ (بِجِيمٍ) بِأَنْ يُنَشِّفَ يَدَيْهِ عَقِبَ رَفْعِهِمَا بِالشَّمْسِ أَوْ الْهَوَاءِ تَجْفِيفًا قَلِيلًا غَيْرَ مُخِلٍّ بِالْمُوَالَاةِ (وَ) بِ (خَاءٍ) مُعْجَمَةٍ بِأَنْ يَضَعَهُمَا عَلَيْهِ بِرِفْقٍ وَجَمَعَهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهَا بِقَوْلِهِ وَيُخَفِّفُ يَدَيْهِ حَالَ وَضْعِهِمَا عَلَيْهِ وَيُجَفِّفُهُمَا عَقِبَ رَفْعِهِمَا عَنْهُ فِي الْهَوَاءِ قَلِيلًا اهـ وَكِلَاهُمَا مُسْتَحَبٌّ خَوْفًا مِنْ تَشْوِيه الْوَجْهِ لَا وَاجِبٌ. (وَجِصٍّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حَجَرٍ إذَا أُحْرِقَ صَارَ جِيرًا وَمِثْلُهُ الْحَجَرُ الَّذِي إذَا أُحْرِقَ صَارَ جِبْسًا وَنَعَتَ " جِصٍّ " بِجُمْلَةِ (لَمْ يُطْبَخْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ لَمْ يُحْرَقْ فَإِنْ أُحْرِقَ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ غَيْرَ صَعِيدٍ (وَمَعْدِنٍ غَيْرِ نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَإِنْ كَانَ نَقْدًا فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّم عَلَيْهِ. (وَ) غَيْرِ (جَوْهَرٍ) نَفِيسٍ فَإِنْ كَانَ جَوْهَرًا نَفِيسًا كَيَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ وَمَرْجَانِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ (وَ) غَيْرِ (مَنْقُولٍ) مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي خُلِقَ فِيهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مَالًا مُتَنَافَسًا فِيهِ، وَسِرُّ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَنَّ الْمَعْدِنَ إذَا لَمْ يَتَّصِفْ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ لَمْ يُبَايِنْ أَجْزَاءَ الْأَرْضِ وَإِذَا اتَّصَفَ بِشَيْءٍ مِنْهَا بَايَنَهَا وَظَاهِرُ الْمَتْنِ عَدَمُ التَّيَمُّمِ عَلَى مَعْدِنِ النَّقْدِ وَالْجَوْهَرِ، وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ وَهُوَ مُفَادُ ابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِمَا حِينَئِذٍ وَرَجَّحَ جَدّ عج الْأَوَّلَ وَالْحَطَّابُ الثَّانِيَ وَمَثَّلَ لِلْمَعْدِنِ بِقَوْلِهِ (كَشَبٍّ وَمِلْحٍ) مَعْدِنِيٍّ لَا مَصْنُوعٍ مِنْ نَبَاتٍ أَوْ تُرَابٍ هَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِيهِ وَقِيلَ وَلَوْ مَصْنُوعًا نَظَرًا لِصُورَتِهِ كَالثَّلْجِ وَقِيلَ لَا يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعْدِنِيًّا لِأَنَّهُ طَعَامٌ، وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَعْدِنِيًّا بِأَرْضِهِ. (وَ) تَجُوزُ (لِ) شَخْصٍ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَانِعًا مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (وَ) مِثْلُهُ الصَّحِيحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 152 حَائِطُ لَبِنٍ، أَوْ حَجَرٍ. لَا بِحَصِيرٍ وَخَشَبٍ وَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ. فَالْآيِسُ: أَوَّلَ الْمُخْتَارِ، وَالْمُتَرَدِّدُ فِي لُحُوقِهِ أَوْ وُجُودِهِ: وَسَطَهُ، وَالرَّاجِي: آخِرَهُ.   [منح الجليل] الْعَادِمُ لِلْمَاءِ عَلَى الرَّاجِحِ (حَائِطُ لَبِنٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ طُوبٍ مِنْ طِينٍ أَوْ تُرَابٍ غَيْرِ مَحْرُوقٍ أَيْ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَعِيدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْلَطَ بِغَالِبٍ كَتِبْنٍ أَوْ كَثِيرِ نَجَسٍ وَيُغْتَفَرُ خَلْطُهُ بِمُسَاوِيهِ مِنْ كَتِبْنٍ وَبِدُونِ الثُّلُثِ مِنْ نَجَسٍ. (أَوْ) حَائِطِ (حَجَرٍ) غَيْرِ مَحْرُوقٍ وَلَا مُلْبَسٍ عَلَيْهِ بِجِيرٍ أَوْ جِبْسٍ. (لَا) يَصِحُّ التَّيَمُّمُ (بِحَصِيرٍ) وَلَوْ عَلَيْهِ غُبَارٌ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ تُرَابٌ سَاتِرٌ لَهُ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِأَنَّهُ عَلَى تُرَابٍ مَنْقُولٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأُولَى. (وَ) لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَى (خَشَبٍ) وَحَشِيشٍ وَحَلْفَاءَ وَزَرْعٍ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَالْوَقَّارُ وَاللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْخَالِقِ وَابْنُ رُشْدٍ وَسَنَدٌ وَالْقَرَافِيُّ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ يَتَيَمَّمُ عَلَيْهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَالشَّيْبِيُّ هَذَا الْأَرْجَحُ وَالْأَظْهَرُ وَكَذَا الْحَطَّابُ وَالرَّمَاصِيُّ وَالْعَدَوِيُّ. (وَ) لَزِمَ (فِعْلُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ (فِي الْوَقْتِ) فَلَا يَصِحُّ قَبْلَهُ وَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ وَلَوْ نَقْلًا كَرَغِيبَةٍ وَعِيدٍ وَضُحًى وَوَقْتِ الْفَائِتَةِ وَقْتَ تَذَكُّرِهَا وَالْجِنَازَةِ عَقِبَ تَكْفِينَهَا إنْ غُسِّلَتْ وَعَقِبَ تَيَمُّمِهَا إنْ يَمَّمَتْ تَكْفِينَهَا (فَالْآيِسُ) أَيْ الْجَازِمُ أَوْ الظَّانُّ ظَنًّا قَوِيًّا عَدَمَ تَيَسُّرِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ بِوُجُودِ الْمَاءِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (أَوَّلَ) الْوَقْتِ (الْمُخْتَارِ) لِيُدْرِكَ فَضِيلَتَهُ وَلِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي تَأْخِيرِهِ. (وَالْمُتَرَدِّدُ) أَيْ الشَّاكُّ (فِي) تَيَسُّرِهَا بِ (لُحُوقِهِ) أَيْ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ أَمَامَهُ فِيهِ أَوْ ظَانُّهُ ظَنًّا ضَعِيفًا (أَوْ) فِي (وُجُودِهِ) أَيْ الْمَاءِ يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (وَسَطَهُ) أَيْ الْمُخْتَارِ (وَالرَّاجِي) أَيْ الْجَازِمِ أَوْ الْغَالِبِ عَلَى ظَنِّهِ تَيَسُّرُهَا فِيهِ يَتَيَمَّمُ نَدْبًا (آخِرَهُ) أَيْ الْمُخْتَارِ وَلَمْ يَجِبْ تَأْخِيرُهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ حِينَ خِطَابِهِ بِالصَّلَاةِ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَدَخَلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] . الجزء: 1 ¦ الصفحة: 153 وَفِيهَا: تَأْخِيرُهُ الْمَغْرِبَ لِلشَّفَقِ. وَسُنَّ تَرْتِيبُهُ، إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَتَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ لِيَدَيْهِ. وَنُدِبَ تَسْمِيَةٌ،   [منح الجليل] (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (تَأْخِيرُهُ) أَيْ الرَّاجِي مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (الْمَغْرِبَ لِ) قُرْبِ مَغِيبِ (الشَّفَقِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُخْتَارَهَا يَمْتَدُّ لَهُ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ تَأْخِيرِهَا بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ وَقْتِهَا بِفِعْلِهَا وَشُرُوطِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْضًا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمُخْتَارِ أَنَّ الضَّرُورِيَّ لَا تَأْخِيرَ فِيهِ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَسُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (تَرْتِيبُهُ) أَيْ التَّيَمُّمِ بِتَقْدِيمِ مَسْحِ الْوَجْهِ عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ فَإِنْ نَكَّسَهُ أَعَادَ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ إنْ قَرُبَ وَإِلَّا فَلَا (وَ) سُنَّ مَسْحُ الْيَدَيْنِ مِنْ الْكُوعَيْنِ (إلَى الْمِرْفَقَيْنِ) وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ بِتَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِسُنِّيَّةِ مَسْحِهِمَا إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ مَسْحُهُمَا إلَيْهِمَا فَرْضٌ فَكَيْفَ جَعَلَهُ سُنَّةً. (وَ) سُنَّ (تَجْدِيدُ ضَرْبَةٍ) ثَانِيَةٍ (لِ) مَسْحِ (يَدَيْهِ) لَا يُقَالُ مَسْحُهُمَا لِلْكُوعَيْنِ فَرْضٌ فَكَيْفَ يَفْعَلُهُ بِالضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ الْمَسْنُونَةِ لِأَنَّا نَقُولُ مَسْحُهُمَا بِأَثَرِ الضَّرْبَةِ الْأُولَى الْمَفْرُوضَةِ وَالثَّانِيَةُ تَقْوِيَةٌ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُولَى لَأَجْزَأَهُ وَفَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَسُنَّ نَقْلُ الْغُبَارِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْيَدَيْنِ إلَى الْوَجْهِ بِأَنْ لَا يَمْسَحَهُمَا بِشَيْءٍ قَبْلَ مَسْحِهِ بِهِمَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ مَسَحَهُمَا مَسْحًا قَوِيًّا إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ نَقْلُ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْحَجَرِ الْأَمْلَسِ وَالرُّخَامِ الَّذِي لَا غُبَارَ عَلَيْهِ أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَظَرَ فِيهِ الْمُوَضِّحُ بِأَنَّ تَيَمُّمَهُ لَمْ يَحْصُلْ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بَلْ لِلْمُسُوحِ وَشُرِعَ النَّفْضُ الْخَفِيفُ خَشْيَةَ أَنْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ مِنْ أَثَرِ الضَّرْبَةِ فِي عَيْنَيْهِ وَعَوَّلَ عَلَى بَحْثِهِ الْفِيشِيُّ وعبق فَحَكَمَا بِبُطْلَانِ التَّيَمُّمِ وَارْتَضَى النَّفْرَاوِيُّ شَارِحُ الرِّسَالَةِ وَالْعَدَوِيُّ فَتْوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَسْمِيَةٌ) بِأَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ وَفِي زِيَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ خِلَافٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 154 وَبَدْءٌ بِظَاهِرِ يُمْنَاهُ بِيُسْرَاهُ إلَى الْمِرْفَقِ، ثُمَّ مَسْحُ الْبَاطِنِ لَآخِرِ الْأَصَابِعِ، ثُمَّ يُسْرَاهُ كَذَلِكَ. وَبَطَلَ بِمُبْطِلِ الْوُضُوءِ وَبِوُجُودِ الْمَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا   [منح الجليل] وَسِوَاكٌ وَصَمْتٌ إلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَفِعْلِهِ فِي مَوْضِعٍ طَاهِرٍ فِعْلًا وَشَأْنًا لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلتَّحَرُّزِ مِنْ الْوَسْوَسَةِ. (وَ) نُدِبَ (بَدْءٌ) فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ (بِ) مَسْحِ ظَاهِرِ يُمْنَاهُ (بِ) بَاطِنِ أَصَابِعِ (يُسْرَاهُ) بِأَنْ يَجْعَلَ ظَاهِرَ أَطْرَافِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي بَاطِنِ أَصَابِعِهِ الْيُسْرَى وَيُمِرُّهَا (إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ) يَجْعَلُ بَاطِنَ كَفِّهِ الْيُسْرَى عَلَى بَاطِنِ ذِرَاعِهِ الْيُمْنَى مِنْ طَيِّ مِرْفَقِهَا وَ (مَسْحِ الْبَاطِنِ) مِنْ ذِرَاعِهِ الْيُمْنَى مُنْتَهِيًا (لِآخِرِ) بَاطِنِ (الْأَصَابِعِ) مِنْ الْيُمْنَى وَقِيلَ يَنْتَهِي لِآخِرِ الذِّرَاعِ وَيَبْقَى أَثَرُ الضَّرْبَةِ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى لِيَمْسَحَ بِهِ يَدَهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَمْسَحُ الْكَفَّ بِالْكَفِّ وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَ كُلٍّ بِبَطْنِ الْأُخْرَى كَمَا تَقَدَّمَ. (ثُمَّ) مَسَحَ (يُسْرَاهُ) مَسْحًا (كَذَلِكَ) أَيْ كَمَسْحِ يُمْنَاهُ بِأَنْ يَجْعَلَ ظَاهِرَ أَطْرَافِ يُسْرَاهُ فِي بَاطِنِ أَصَابِعِ يُمْنَاهُ وَيُمِرَّهَا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ بَاطِنِ كَفِّهِ الْيُمْنَى عَلَى بَاطِنِ ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى مِنْ طَيِّ مِرْفَقِهَا وَيُمِرُّهَا إلَى آخِرِ الْأَصَابِعِ ثُمَّ يُخَلِّلُ أَصَابِعَهُمَا بِالْبَاطِنِ. (وَبَطَلَ) التَّيَمُّمُ أَيْ انْتَهَى حُكْمُهُ (بِمُبْطِلِ الْوُضُوء) أَيْ بِمَا يَنْتَهِي بِهِ حُكْمُهُ مِنْ حَدَثٍ أَوْ سَبَبٍ أَوْ شَكٍّ أَوْ رِدَّة وَلَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ نَائِبًا عَنْ الْغُسْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يَقْرَأُ إنْ كَانَ جُنُبًا وَيَنْوِي الِاسْتِبَاحَةَ مِنْ الْأَكْبَرِ وَعَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُهُ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا مُبْطِلُ الْغُسْلِ فَيَقْرَأُ بَعْدَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَيَنْوِي الِاسْتِبَاحَةَ مِنْهُ فَقَطْ وَلَوْ شَكَّ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ فِي انْتِقَاضِ تَيَمُّمِهِ أَتَمَّهَا ثُمَّ إنْ بَانَ الطُّهْرُ فَلَا يُعِيدُهَا. (وَ) بَطَلَ (بِوُجُودِ الْمَاءِ) الْكَافِي لِلطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وُضُوءًا أَوْ غُسْلًا أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (قَبْلَ) الشُّرُوعِ فِي (الصَّلَاةِ) إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا فَإِنْ ضَاقَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ فَوَاتَهُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَكَيْفَ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ الْحَاصِلُ إذْ ذَاكَ (لَا) يُبْطِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 155 فِيهَا. إلَّا نَاسِيَهُ وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ فِي الْوَقْتِ، وَصَحَّتْ إنْ لَمْ يُعِدْ: كَوَاجِدِهِ بِقُرْبِهِ، أَوْ رَحْلِهِ، لَا إنْ ذَهَبَ رَحْلُهُ.   [منح الجليل] التَّمِيمِ إنْ وَجَدَهُ أَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ (فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَلَوْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا لِدُخُولِهِ فِيهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَسَوَاءٌ كَانَ آيِسًا أَوْ مُتَرَدِّدًا أَوْ رَاجِيًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقَالَ سَنَدٌ: يَقْطَعُ الرَّاجِي وَلَعَلَّهُ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَهُ وَاجِبٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (إلَّا) شَخْصًا (نَاسِيهِ) أَيْ الْمَاءِ بِأَمْتِعَتِهِ وَتَيَمَّمَ وَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَتَذَكَّرَهُ فِيهَا فَتَبْطُلُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ الْمَاءَ وَإِلَّا فَلَا لَا إنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَهَا كَمَا يَأْتِي وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ مَنْ تَيَسَّرَتْ لَهُ الطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَمَنْ تَيَسَّرَتْ لَهُ فِيهَا بَيْنَ حُكْمِ مَنْ تَيَسَّرَتْ لَهُ بَعْدَهَا فَقَالَ (وَيُعِيدُ الْمُقَصِّرُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ كُلُّ مُقَصِّرٍ فِي الطَّلَبِ الَّذِي لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ فِي صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ فِي غَالِبِ الْمَسَائِلِ وَفِي غَيْرِهِ يَشْمَلُ الضَّرُورِيَّ. (وَصَحَّتْ) الصَّلَاةُ (إنْ لَمْ يُعِدْ) هَا نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا عَلَى الظَّاهِر وَإِنْ فَرَضَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي النَّاسِي كَذَا فِي التَّوْضِيحِ صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْوَقْتِ لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّ تَارِكَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ نَاسِيًا يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا تَشْدِيدًا عَلَيْهِ بِمُخَالَفَتِهِ مَا أُمِرَ بِهِ وَمَثَّلَ لِلْمُقَصِّرِ بِقَوْلِهِ (كَوَاجِدِهِ) أَيْ الْمَاءِ الَّذِي طَلَبَهُ طَالِبًا لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ (بِقُرْبِهِ) فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِتَقْصِيرِهِ فِي طَلَبِهِ إذْ لَوْ أَمْعَنَ النَّظَرَ لَوَجَدَهُ قَبْلَ تَيَمُّمِهِ فَإِنْ وَجَدَ مَاءً غَيْرَهُ فَلَا يُعِيدُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ. (أَوْ) وَاجِدِهِ فِي (رَحْلِهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَمْتِعَتِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ طَلَبِهِ الَّذِي لَا يَشُقُّ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ بِقُرْبِهِ أَوْ رَحْلِهِ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَهُ بِأَحَدِهِمَا فَيُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا أَفَادَهُ عبق وَغَيْرُهُ الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي النَّصِّ أَنَّهُ يُعِيدُ وَلَوْ وَجَدَ غَيْرُهُ بَعْضَهُمْ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِينَ عَلَى وُجُودِ مَا حَدَثَ بِنَحْوِ أَمْطَارٍ وَمَا فِي النَّصِّ عَلَى مَاءٍ مَوْجُودٍ فِي الْقِرْبِ أَوْ الرَّحْلِ غَيْرِ مَا طَلَبَهُ فَلَا مُخَالَفَةَ. (لَا) يُعِيدُ (إنْ ذَهَبَ) أَيْ ضَلَّ (رَحْلُهُ) الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ وَفَتَّشَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 156 وَخَائِفِ لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ وَمَرِيضٍ عَدِمَ مُنَاوِلًا،   [منح الجليل] وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ رَحْلَهُ فِي الْوَقْتِ بِمَائِهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَسَوَاءٌ تَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لِيَأْسِهِ أَوْ وَسَطِهِ لِتَرَدُّدِهِ أَوْ آخِرِهِ لِرَجَائِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ إلَّا إذَا خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَوَّلَهُ وَوَسَطَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) كَشَخْصٍ (خَائِفِ) أَيْ مُتَيَقِّنِ أَوْ ظَانِّ (لِصٍّ أَوْ سَبُعٍ) بِذَهَابِهِ لِلْمَاءِ الْمُحَقَّقِ أَوْ الْمَظْنُونِ أَوْ تِمْسَاحٍ بِأَخْذِهِ مِنْ الْبَحْرِ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ مَا خَافَهُ وَوَجَدَ الْمَاءَ بِعَيْنِهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ لِتَقْصِيرِهِ فَإِنْ كَانَ شَاكًّا فِي اللِّصّ أَوْ السَّبُعِ فَيُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا وَإِنْ شَكَّ فِي الْمَاءِ أَوْ تَبَيَّنَ مَا خَافَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ أَوْ وَجَدَ مَاءً آخَرَ فَلَا يُعِيدُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ الرَّمَاصِيُّ قَيَّدَ تَبَيُّنَ عَدَمِ الْمَخُوفِ ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ وَاعْتَمَدَهُ عج وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُوَضِّحُ وَلَا الشَّارِحُ وَلِذَا خَالَفَ بَعْضُهُمْ فِيهِ اهـ قُلْت التَّقْيِيدُ بِهِ وَاضِحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ بِعَدَمِهِ يَنْتَفِي التَّقْصِيرُ وَلَعَلَّ مَنْ لَمْ يَذْكُرْهُ اتَّكَلَ عَلَى وُضُوحِهِ فَالتَّوَقُّفُ فِيهِ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّأَمُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كَشَخْصٍ مَرِيضٍ عَاجِزٍ عَنْ تَنَاوُلِ الْمَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (عَدِمَ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لَمْ يَجِدْ شَخْصًا (مُنَاوِلًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ وَخَافَ فَوَاتَهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فِيهِ فَيُعِيدُ فِيهِ إنْ كَانَ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْعَائِدُونَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ مُنَاوَلَتَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الطَّلَبِ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنْ كَانَ يَتَكَرَّرُ الدَّاخِلُونَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَتَكَرَّرُونَ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَخَافَ فَوَاتَهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهِ مُنَاوِلٌ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ ابْنُ نَاجِي الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي عَدِمَ مُنَاوِلًا فِي الْوَقْتِ سَوَاءٌ كَانَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الدَّاخِلُونَ أَوْ لَا يَتَكَرَّرُونَ عَلَيْهِ لِأَنَّ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا تَرَكَ الِاسْتِعْدَادَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 157 وَرَاجٍ قَدَّمَ وَمُتَرَدِّدٍ فِي لُحُوقِهِ وَنَاسٍ ذَكَرَ بَعْدَهَا: كَمُقْتَصَرٍ عَلَى كُوعَيْهِ. لَا عَلَى ضَرْبَةٍ، وَكَمُتَيَمَّمٍ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ، وَأُوِّلَ: بِالْمَشْكُوكِ،   [منح الجليل] لَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ فَلَا إعَادَةَ مُطْلَقًا. (وَ) كَشَخْصٍ (رَاجٍ) تَيَسُّرَ الْمَائِيَّةِ (قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدًا تَيَمُّمَهُ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ أَوْ وَسَطَهُ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ الَّذِي رَجَاهُ فِيهِ فَيُعِيدُ فِيهِ لِتَقْصِيرِهِ لَا إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ (وَ) كَشَخْصٍ (مُتَرَدِّدٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْأُولَى (فِي لُحُوقِهِ) أَيْ الْمَاءِ الْمُحَقَّقِ أَوْ الْمَظْنُونِ وَعَدِمَهُ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فِي وَسَطِ الْمُخْتَارِ ثُمَّ لَحِقَهُ فِيهِ فَيُعِيدُ فِيهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي السَّيْرِ إذْ لَوْ وُجِدَ فِيهِ لَلَحِقَهُ فَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ قَدَّمَ وَأَمَّا الْمُتَرَدِّدُ فِي وُجُودِهِ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَهُ فِيهِ فَلَا يُعِيدُ وَلَوْ قَدَّمَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِاسْتِنَادِهِ لِلْأَصْلِ أَيْ الْعَدَمِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ إنْ قَدَّمَ يُعِيدُ وَتَبِعَهُ عج. (وَ) كَشَخْصٍ (نَاسٍ) الْمَاءَ الَّذِي فِي رَحْلِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ (ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ الْمَاءَ بِعَيْنِهِ (بَعْدَ) تَمَامِ (هَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ لِتَقْصِيرِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَذَكَّرهُ فِيهَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ وَصَلَاتُهُ فَيُعِيدُهَا أَبَدًا وُجُوبًا وَشَبَّهَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ فَقَالَ (كَمُقْتَصِرٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فِي تَيَمُّمِهِ (عَلَى) مَسْحِ يَدْيهِ لِ (كُوعَيْهِ) تَارِكًا مَسْحَهُمَا لَمِرْفَقَيْهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ لِقُوَّتِهِ (لَا) يُعِيدُ مُقْتَصَرٌ فِي تَيَمُّمِهِ (عَلَى ضَرْبَةٍ) وَاحِدَةٍ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ لِمِرْفَقَيْهِ تَارِكًا الضَّرْبَةَ الثَّانِيَةَ وَلَمْ يُرَاعِ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهَا لِضَعْفِهِ. (وَكَمُتَيَمَّمٍ عَلَى مُصَابِ) بِضَمِّ الْمِيمِ (بَوْلٍ) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْقِيَاسَ إعَادَتُهُ أَبَدًا وُجُوبًا إذْ هُوَ كَمَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ سَبْعَةٍ اقْتَصَرَ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا فَقَالَ (وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا أَيْ فُهِمَ قَوْلُهَا الْمُتَيَمِّمِ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ يُعِيدُ بِوَقْتٍ (بِالْمَشْكُوكِ) فِي إصَابَتِهَا لَهُ وَعَدَمِهَا فَإِنْ تَحَقَّقَتْ أَعَادَ أَبَدًا وَهَذَا تَأْوِيلُ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْكُوكِ غَيْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 158 وَبِالْمُحَقَّقِ. وَاقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْتِ: لِلْقَائِلِ بِطَهَارَةِ الْأَرْضِ بِالْجَفَافِ وَمُنِعَ مَعَ عَدَمِ مَاءٍ: تَقْبِيلُ مُتَوَضِّئٍ، وَجِمَاعُ مُغْتَسَلٍ، إلَّا لِطُولٍ   [منح الجليل] الظَّاهِرِ فَإِنْ ظَهَرَتْ فَيُعِيدُ أَبَدًا وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي الْفَرَجِ. (وَ) أُوِّلَ أَيْضًا (بِالْمُحَقَّقِ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْأُولَى أَيْ إصَابَتِهَا إيَّاهُ (وَاقْتَصَرَ) أَيْ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَلَى) نَدْبِ الْإِعَادَةِ فِي (الْوَقْتِ) مُرَاعَاةً (لِ) دَلِيلِ (الْقَائِلِ) مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ (بِطَهَارَةِ الْأَرْض) الَّتِي أَصَابَهَا بَوْلٌ مَثَلًا (بِالْجَفَافِ) كَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهَذَا تَأْوِيلُ عِيَاضٍ. وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِأَنَّ الرِّيحَ سَتَرَتْهُ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ وَلَمَّا كَانَ الشَّأْنُ عَدَمَ عُمُومِهِ طُلِبَتْ الْإِعَادَةُ وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَقْتِ فِي التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مُلَابَسَةُ الْأَعْضَاءِ فِي الْحِسِّ أَلَا تَرَى التَّيَمُّمَ عَلَى الْحَجَرِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِأَنَّ طَهَارَةَ الصَّعِيدِ تَلْتَبِسُ لِخَفَاءِ حَالِهِ فَخَفَّفَ فِي الْإِعَادَةِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِطَهُورٍ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَطَهُورِيَّتُهُ مُشَاهَدَةٌ. وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّيَمُّمُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِنَّمَا هِيَ طَهَارَةٌ حَاجِيَّةٌ خُفِّفَ فِيهَا فَهِيَ سَبْعَةٌ وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مُصَابُ بَوْلٍ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ وَصَلَاتِهِ بِهِ أَوْ قَبْلَهُ، وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ إنْ عَلِمَ قَبْلَهُ أَعَادَ أَبَدًا وَكُلُّ مَنْ أُمِرَ بِالْإِعَادَةِ يُعِيدُ بِالْمَاءِ إلَّا الْمُقْتَصِرَ عَلَى كُوعَيْهِ وَالْمُتَيَمِّمَ عَلَى مُصَابِ بَوْلٍ وَمَنْ وَجَدَ بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ نَجَاسَةً وَمَنْ تَذَكَّرَ أُولَى الْحَاضِرَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاتِهِ ثَانِيَتَهُمَا وَمَنْ يُعِيدُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ قَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ فَيُعِيدُونَ وَلَوْ بِتَيَمُّمٍ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الَّذِي يُعَادُ فِيهِ الِاخْتِيَارِيُّ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِهَؤُلَاءِ فَيَشْمَلُ الضَّرُورِيَّ إلَّا الْمُقْتَصِرَ عَلَى كُوعَيْهِ فَالِاخْتِيَارِيُّ فَقَطْ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ كُرِهَ بِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَهَا بِمَنْعِ وَطْءِ الْمُسَافِرِ وَتَقْبِيلِهِ لِعَدَمِ مَاءٍ يَكْفِيهِمَا الرَّمَاصِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (مَعَ عَدَمِ مَاءٍ) كَافٍ (تَقْبِيلُ) شَخْصٍ (مُتَوَضِّئٍ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ النَّوَاقِضِ (وَجِمَاعُ مُغْتَسِلٍ) وَلَوْ مُتَيَمِّمًا لِلْأَصْغَرِ لِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْهُ لِلتَّيَمُّمِ لِلْأَكْبَرِ (إلَّا لِطُولٍ) يَنْشَأُ عَنْهُ ضَرَرٌ بِتَرْكِ نَقْضِ الْمُتَوَضِّئِ وَجِمَاعِ الْمُغْتَسِلِ فَيَجُوزُ النَّقْضُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 159 وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ؛ تَيَمَّمَ خَمْسًا. وَقُدِّمَ ذُو مَاءٍ مَاتَ وَمَعَهُ جُنُبٌ إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ: كَكَوْنِهِ لَهُمَا وَضَمِنَ قِيمَتَهُ   [منح الجليل] وَالْجِمَاعُ وَاسْتَشْكَلَ الْمَنْعُ الْمَذْكُورُ بِجَوَازِ السَّفَرِ فِي مَفَازَةٍ لَا مَاءَ بِهَا لِطَلَبِ الْمَالِ وَالْكَلَأِ وَأُجِيبُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ تَجْوِيزِ تَرْكِ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِهِ وَالْمَنْعِ مِنْ تَرْكِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ فَالطَّهَارَةُ الْمَائِيَّةُ غَيْرُ حَاصِلَةٍ وَقْتَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ وَحَاصِلَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ كَانَتْ حَاصِلَةً وَقْتَ شُرُوعِهِ فِيهِ مُنِعَ أَيْضًا إلَّا لِضَرُورَةٍ. (وَإِنْ نَسِيَ) أَيْ مِنْ فَرْضِهِ التَّيَمُّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ (إحْدَى) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) الَّتِي فَاتَتْهُ وَلَمْ يَدْرِ عَيْنَهَا وَلَزِمَهُ قَضَاءُ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (تَيَمَّمَ خَمْسًا) لِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمَّمَ لِأَنَّهُ لَا يُصَلَّى بِهِ فَرْضَانِ وَإِنْ صَلَّيَا بَطَلَ الثَّانِي كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَسِيَ إحْدَى النَّهَارِيَّاتِ تَيَمَّمَ ثَلَاثًا وَإِحْدَى اللَّيْلِيَّتَيْنِ تَيَمَّمَ تَيَمُّمَيْنِ. (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (مَاءٍ) كَافٍ غُسْلٌ وَاحِدٌ فَقَطْ (مَاتَ) فَيُغَسَّلُ بِمَائِهِ لِتَرَجُّحِهِ بِالْمِلْكِ (وَمَعَهُ) أَيْ ذِي الْمَاءِ الْمَيِّتِ وَاوُهُ لِلْحَالِ شَخْصٌ (جُنُبٌ) حَيٌّ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ لِلْحَيِّ فَيَغْتَسِلُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ الْمَيِّتُ (إلَّا لِخَوْفِ عَطَشٍ) لِلْحَيِّ الْمُصَاحِبِ لِذِي الْمَاءِ الْمَيِّتِ فَيَتْرُكُ الْمَاءَ لِلْحَيِّ آدَمِيًّا كَانَ أَوْ بَهِيمًا مُحْتَرَمًا حِفْظًا لِلنَّفْسِ وَيَتَيَمَّمُ الْمَيِّتُ وَشَبَّهَ فِي تَقْدِيمِ الْحَيِّ فَقَالَ (كَكَوْنِهِ) أَيْ الْمَاءِ مَمْلُوكًا (لَهُمَا) أَيْ الْمَيِّتِ وَالْجُنُبِ الْحَيِّ فَيُقَدَّمُ فِيهِ الْحَيُّ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ أَهَمُّ يَحْتَاجُهَا فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ وَلِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِهَا. (وَضَمِنَ) أَيْ الْحَيُّ الْمُقَدَّمُ الَّذِي خِيفَ عَطَشُهُ أَوْ الْمُشَارِكُ لِلْمَيِّتِ فِي الْمَاءِ (قِيمَتَهُ) أَيْ الْمَاءِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمَيِّتُ بِمَحَلِّ أَخْذِهِ وَهُوَ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ لِوَرَثَتِهِ فِيهِمَا وَيَتْبَعُ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ عَدِيمًا وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُوَاسَاةِ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وَجَدَ مَفْهُومَهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا يُتْبَعُ بِهِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَخَفُّ مِنْهُ فَإِنْ قِيلَ الْمَاءُ مِثْلِيٌّ فَلِمَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ مِثْلَهُ كَمَا هِيَ الْقَاعِدَةُ قُلْت: لَوْ ضَمِنَ الْمِثْلَ لَكَانَ إمَّا فِي مَحَلِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 160 وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءٍ وَصَعِيدٍ. (فَصْلٌ) إنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ.   [منح الجليل] الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَهِيَ غَايَةُ الْحَرَجِ عَلَيْهِمَا وَإِمَّا فِي مَحَلِّ انْتِهَاءِ السَّفَرِ وَهُوَ غَبْنٌ عَلَى الْوَرَثَةِ إذْ قَدْ يَكُونُ الْمَاءُ فِيهِ تَافِهَ الْقِيمَةِ أَوْ لَا قِيمَةَ لَهُ فَقَضَى بِحُكْمٍ وَسَطٍ لَا حَرَجَ فِيهِ وَلَا غَبْنَ وَهِيَ الْقِيمَةُ بِمَحَلِّ أَخْذِ الْمَاءِ. (وَتَسْقُطُ) أَيْ لَا تَجِبُ (صَلَاةٌ) أَيْ أَدَاؤُهَا فِي وَقْتِهَا (وَقَضَاؤُهَا) بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا إنْ وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ الصَّعِيدُ (بِعَدَمِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ أَيْ فَقْدِ (مَاءٍ وَصَعِيدٍ) طَاهِرٍ فِي الْوَقْتِ كُلِّهِ بِأَنْ كَانَ الشَّخْصُ مَصْلُوبًا أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ تَحْتَهَا سَبُعٌ أَوْ مَحْبُوسًا فِي بَطْنِ كَنِيفٍ أَوْ مَفْرُوشٍ وَمَبْنِيٍّ بِآجُرٍّ مَثَلًا أَوْ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُطَهِّرُهُ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الطَّهُورِ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجِبُ أَدَاؤُهَا فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِمَا فِي حَقِّ الْعَاجِزِ. وَقَالَ أَصْبَغُ: يَجِبُ قَضَاؤُهَا فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطُ صِحَّةٍ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجِبُ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ لِلِاحْتِيَاطِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَاجِزِ عَنْهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي مسح الْجُرْح أَوْ الجبيرة أَوْ الْعِصَابَة نِيَابَة عَنْ غَسَلَ أَوْ مسح أصلي] (فَصْلٌ) فِي مَسْحِ الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ أَوْ الْعِصَابَةِ نِيَابَةً عَنْ غَسْلٍ أَوْ مَسْحٍ أَصْلِيٍّ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ. (إنْ خِيفَ) أَيْ عُلِمَ أَوْ ظُنَّ بِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسٍ أَوْ مُوَافِقٍ فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارِ عَارِفٍ بِالطِّبِّ وَنَائِبُ فَاعِلِ " خِيفَ " (غَسْلُ جُرْحٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ أَيْ مَحَلٍّ مَجْرُوحٍ بِضَرْبٍ أَوْ دُمَّلٍ أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 161 كَالتَّيَمُّمِ، مُسِحَ، ثُمَّ جَبِيرَتُهُ، ثُمَّ عِصَابَتُهُ: كَفَصْدٍ، وَمَرَارَةٍ، وَقِرْطَاسِ صُدْغٍ، وَعِمَامَةٍ خِيفَ بِنَزْعِهَا وَإِنْ بِغُسْلٍ،   [منح الجليل] غَيْرِهِمَا خَوْفًا (كَ) الْخَوْفِ السَّابِقِ فِي (التَّيَمُّمِ) فِي كَوْنِ الْمَخُوفِ حُدُوثَ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ، وَجَوَابُ " إنْ خِيفَ غَسْلُ جُرْحٍ " (مُسِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْجُرْحُ وُجُوبًا إنْ خِيفَ هَلَاكٌ أَوْ شَدِيدُ أَذًى وَنَدْبًا إنْ خِيفَ مَرَضٌ خَفِيفٌ وَمِثْلُ الْجُرْحِ الْعَيْنُ الرَّمْدَانَةُ وَنَحْوُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يُغْسَلُ ثَلَاثًا. (ثُمَّ) إنْ خِيفَ مِنْ مَسْحِ الْجُرْحِ وَنَحْوَهُ مُبَاشَرَةً مُسِحَتْ (جَبِيرَتُهُ) أَيْ مَا يُدَاوَى الْجُرْحُ بِهِ ذُرُورًا كَانَ أَوْ لَزْقَةً أَوْ أَعْوَادًا أَوْ غَيْرَهَا وَيُعَمِّمُهَا بِالْمَسْحِ وَإِلَّا فَلَا يَجْزِيهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الدَّوَاءِ وَالْخِرْقَةِ، وَخَافَ مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْحِ مُبَاشَرَةً وَضْعُ دَوَاءً أَوْ خِرْقَةً لِلْمَسْحِ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْفَعَهُ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا بَطَلَ مَسْحُهُ كَمَا سَيَأْتِي. (ثُمَّ) إنْ خِيفَ مِنْ مَسْحِ جَبِيرَتِهِ مُسِحَتْ (عِصَابَتُهُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ الْجُرْحِ الَّتِي رُبِطَتْ فَوْقَهُ الْجَبِيرَةُ فَإِنْ خِيفَ مِنْ مَسْحِ عِصَابَتِهِ أَيْضًا عَصَبَ عَلَيْهَا عِصَابَةً أُخْرَى وَمَسَحَ عَلَيْهَا وَهَكَذَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَتَعَذَّرَ حَلُّ الْعِصَابَةِ الَّتِي رَبَطَهَا عَلَيْهَا مَسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَفَصْدٍ) أَيْ مُسِحَ مَوْضِعُهُ إنْ خِيفَ غَسْلُهُ فَإِنْ خِيفَ مَسْحُهُ مُبَاشَرَةً أَيْضًا مَسَحَ جَبِيرَتَهُ ثُمَّ عِصَابَتَهُ. (وَمَرَارَةٍ) جُعِلَتْ عَلَى مَحَلِّ ظُفُرٍ انْقَلَعَ وَلَوْ مِنْ مُحَرَّمٍ كَخِنْزِيرٍ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَيُصَلِّي بِهَا لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ نَزْعُهَا (وَ) مَسَحَ عَلَى (قِرْطَاسٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ جِلْدَةٍ أَوْ وَرَقَةٍ كُتِبَ فِيهَا شَيْءٌ وَأُلْصِقَتْ عَلَى (صُدْغٍ) لِيَسْكُنَ صُدَاعُهُ. (وَ) مَسَحَ عَلَى (عِمَامَةٍ خِيفَ) ضَرَرٌ (بِ) سَبَبِ (نَزْعِهَا) مِنْ الرَّأْسِ وَلَمْ يُمْكِنْ حَلُّهَا، وَمَسَحَ مَا هِيَ مَلْفُوفَةٌ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ قَلَنْسُوَةٍ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَسْحِ بَعْضِ رَأْسِهِ مُبَاشَرَةً مَسَحَهُ وَكَمَّلَ عَلَى عِمَامَتِهِ وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ: نَدْبًا، وَقِيلَ: لَا يُكَمِّلُ عَلَيْهَا وَمَسَحَ عَلَى الْجُرْحِ ثُمَّ عَلَى الْجَبِيرَةِ ثُمَّ الْعِصَابَةِ بِوُضُوءٍ بَلْ (وَإِنْ بِغُسْلٍ) وَلَوْ مِنْ زِنًا لِانْتِهَاءِ التَّحْرِيمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 162 أَوْ بِلَا طُهْرٍ، وَانْتَشَرَتْ إنْ صَحَّ جُلُّ جَسَدِهِ أَوْ أَقَلُّهُ وَلَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ وَإِلَّا فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ. كَأَنْ قَلَّ جِدًّا. كَيَدٍ   [منح الجليل] بِانْتِهَائِهِ وَوُقُوعِ الْغُسْلِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَلَبِّسٍ بِمَعْصِيَتِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى فِطْرِ وَقَصْرِ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ فِي الْمَنْعِ فَمَنْ بِرَأْسِهِ نَزْلَةٌ أَوْ جُرْحٌ خَافَ بِغَسْلِهِ فَلَهُ مَسْحُهُ ثُمَّ جَبِيرَتِهِ ثُمَّ عِصَابَتِهِ، وَكَذَا الْعِمَامَةُ وَالْقِرْطَاسُ وَالْمَرَارَةُ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَوْ الْعِصَابَةِ أَوْ الْقِرْطَاسِ أَوْ الْمَرَارَةِ أَوْ الْعِمَامَةِ إنْ وَضَعَهَا عَلَى طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ كَامِلَةٍ. (أَوْ) وَضَعَهَا (بِلَا طُهْرٍ) بِأَنْ وَضَعَهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ لِأَنَّهَا ضَرُورِيَّةٌ بِخِلَافِ الْخُفِّ إنْ كَانَتْ قَدْرَ الْجُرْحِ وَنَحْوِهِ بَلْ (وَإِنْ انْتَشَرَتْ) أَيْ زَادَتْ عَلَى الْجُرْحِ وَنَحْوِهِ لِلضَّرُورَةِ فِي وَضْعِهَا إلَيْهِ. وَذَكَرَ شَرْطَ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الْجَبِيرَةِ أَوْ الْعِصَابَةِ أَوْ الْقِرْطَاسِ أَوْ الْمَرَارَةِ أَوْ الْعِمَامَةِ وَغَسْلِ مَا سِوَاهُ فَقَالَ: (إنْ صَحَّ جُلُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ أَكْثَرُ (جَسَدِهِ) إنْ كَانَ جُنُبًا وَأَكْثَرُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ إنْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ وَأَرَادَ بِالْجُلِّ مَا يَشْمَلُ النِّصْفَ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْأَقَلِّ. (أَوْ) صَحَّ (أَقَلُّهُ) أَيْ الْجَسَدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغُسْلِ أَوْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَأَرَادَ بِالْأَقَلِّ مَا لَهُ بِأَنْ زَادَ عَلَى عُضْوٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي كَأَنْ قَلَّ جِدًّا كَيَدٍ وَيَحْتَمِلُ بَقَاءَ الْجُلِّ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالتَّجَوُّزَ فِي الْأَقَلِّ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا يَشْمَلُ النِّصْفَ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِالْجُلِّ. (وَلَمْ يَضُرَّ غَسْلُهُ) أَيْ الصَّحِيحِ وَوَاوُهُ لِلْحَالِ وَهُوَ قَيْدٌ فِي صِحَّةِ الْجُلِّ وَالْأَقَلِّ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِهِ لِلْإِيضَاحِ وَالتَّشْبِيهِ بِهِ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ كَانَ غَسْلُ الْجُلِّ أَوْ الْأَقَلِّ الصَّحِيحِ يَضُرُّ (فَفَرْضُهُ) أَيْ حُكْمُهُ وَالرُّخْصَةُ لَهُ (التَّيَمُّمُ) لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَاتُ جَسَدَهُ أَوْ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ. وَشَبَّهَ فِي التَّيَمُّمِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (قَلَّ) أَيْ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يَضُرُّ غَسْلُهُ قِلَّةً (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ وَذَلِكَ (كَيَدٍ) وَاحِدَةٍ فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ تَغْلِيبًا لِلْمَأْلُومِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ النَّادِرَ لَا حُكْمَ لَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 163 وَإِنْ غَسَلَ أَجْزَأَ وَإِنْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا وَهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ، تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ، وَإِلَّا فَثَالِثُهَا: يَتَيَمَّمُ إنْ كَثُرَ، وَرَابِعُهَا: يَجْمَعُهُمَا وَإِنْ نَزَعَهَا   [منح الجليل] وَإِنْ غَسَلَ) الْجَرِيحَ وَالصَّحِيحَ الَّذِي لَا يَضُرُّ غَسْلُهُ أَوْ غَسَلَ الصَّحِيحَ الَّذِي يَضُرُّ غَسْلُهُ وَالْجَرِيحَ أَوْ الصَّحِيحَ الْقَلِيلَ جِدًّا وَالْجَرِيحَ (أَجْزَأَ) لِإِتْيَانِهِ بِالْأَصْلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ غَسَلَ الصَّحِيحَ وَمَسَحَ الْجَرِيحَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَا يُجْزِئُ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِالْأَصْلِ وَلَا بِالرُّخْصَةِ وَلَكِنْ نَقَلَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ نَاجِي الْإِجْزَاءَ فِيهِمَا قَائِلًا: نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَالْقَرَافِيُّ (وَإِنْ تَعَذَّرَ) أَوْ تَعَسَّرَ (مَسُّهَا) أَيْ الْجِرَاحِ (وَهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ) أَيْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (تَرَكَهَا) أَيْ الْجِرَاحَ بِلَا غَسْلٍ وَلَا مَسْحٍ (وَتَوَضَّأَ) وُضُوءًا نَاقِصًا إذْ لَوْ تَيَمَّمَ لَتَرَكَهَا أَيْضًا، وَوُضُوءٌ نَاقِصٌ مُقَدَّمٌ عَلَى تَيَمُّمٍ نَاقِصٍ وَالْغُسْلُ كَالْوُضُوءِ وَلَوْ قَالَ: وَغَسَلَ الْبَاقِيَ لَشَمِلَ الْغُسْلَ وَهَذَا إنْ وَجَدَ مَاءً كَافِيًا وَلَمْ يَضُرَّ غَسْلُ الصَّحِيحِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً كَافِيًا أَوْ كَانَ غَسْلُ الصَّحِيحِ يَضُرُّ فَيَتَيَمَّمُ تَيَمُّمًا نَاقِصًا عَلَى الظَّاهِرِ فَإِنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَاتُ الَّتِي تَعَذَّرَ مَسُّهَا أَعْضَاءَ التَّيَمُّمِ وَأَضَرَّ غَسْلُ الصَّحِيحِ سَقَطَ عَنْهُ الْأَدَاءُ وَالْقَضَاءُ كَعَادِمِ الْمَاءِ وَالصَّعِيدِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجِرَاحَاتُ الَّتِي تَعَذَّرَ مَسُّهَا بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَوَّلُهُمَا يَتَيَمَّمُ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ كَامِلَةٍ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ ثَانِيهَا يَغْسِلُ الصَّحِيحَ، وَيَسْقُطُ الْجَرِيحُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا شُرِعَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَرِيحُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا. وَ (ثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَتَيَمَّمُ إنْ كَثُرَ) أَيْ زَادَ الْجَرِيحُ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ لِلْأَكْثَرِ فَإِنْ قَلَّ الْجَرِيحُ سَقَطَ وَغَسَلَ الصَّحِيحَ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. (وَرَابِعُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَجْمَعُهُمَا) أَيْ الْوُضُوءَ وَالتَّيَمُّمَ فَيَغْسِلُ الصَّحِيحَ وَيَتَيَمَّمُ وَيُقَدِّمُ الْوُضُوءَ لِئَلَّا يَفْصِلَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَمَا فَعَلَ لَهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ عج وَالظَّاهِرُ جَمْعُهُمَا لِكُلِّ صَلَاةٍ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ إعَادَةُ التَّيَمُّمِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَنْتَقِضَ الْوُضُوءُ. (وَإِنْ نَزَعَهَا) أَيْ الْجَبِيرَةَ أَوْ الْعِصَابَةَ أَوْ الْمَرَارَةَ أَوْ الْقِرْطَاسَ أَوْ الْعِمَامَةَ بَعْدَ مَسْحِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 164 لِدَوَاءٍ أَوْ سَقَطَتْ. وَإِنْ بِصَلَاةٍ قَطَعَ وَرَدَّهَا وَمَسَحَ. وَإِنْ صَحَّ غَسَلَ وَمَسَحَ مُتَوَضٍّ رَأْسَهُ. (فَصْلٌ) الْحَيْضُ دَمٌ، كَصُفْرَةٍ   [منح الجليل] لِدَوَاءٍ) مَثَلًا أَوْ (سَقَطَتْ) بِنَفْسِهَا رَدَّهَا وَمَسَحَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِصَلَاةٍ (وَإِنْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِصَلَاةِ) فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (قَطَعَ) هَا لِبُطْلَانِهَا وَكَذَا مَأْمُومَةٌ فَلَا يَسْتَخْلِفُ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فِي جُمُعَةٍ وَهُوَ أَحَدُ الِاثْنَيْ عَشَرَ بَطَلَتْ عَلَى جَمِيعِهِمْ (وَرَدَّهَا) أَيْ الْجَبِيرَةَ مَثَلًا (وَمَسَحَ) هَا إنْ قُرْبَ أَوْ بَعْدَ نَسْيٍ فَيَجْرِي فِيهِ حُكْمُ الْمُوَالَاةِ السَّابِقُ. (وَإِنْ صَحَّ) أَيْ بَرِئَ الْجُرْحُ وَنَحْوُهُ وَهُوَ عَلَى طَهَارَةِ غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ (غَسَلَ) الْمَحَلَّ إنْ كَانَ حُكْمُهُ الْغَسْلَ فِي غُسْلِ جَنَابَةٍ أَوْ وُضُوءٍ وَمَسَحَ مَا حُكْمُهُ الْمَسْحُ كَصِمَاخِ أُذُنٍ فِي غُسْلٍ أَوْ وُضُوءٍ (وَمَسَحَ) شَخْصٌ (مُتَوَضٍّ) مَاسِحٌ عَلَى عِمَامَتِهِ مَثَلًا (رَأْسَهُ) مُبَاشَرَةً وَبَنَى بِنِيَّةٍ إنْ نَسِيَ أَوْ عَجَزَ عَجْزًا حَقِيقِيًّا وَإِنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَجَزَ عَجْزًا حُكْمِيًّا مَا لَمْ يَطُلْ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا أَوْ يَغْتَسِلَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ نَزْعِهَا أَنَّ الْجَبِيرَةَ إنْ زَالَتْ عَنْ الْجُرْحِ مَعَ بَقَاءِ الْعِصَابَةِ الَّتِي مَسَحَ عَلَيْهَا عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّ مَسْحَهُ لَمْ يَبْطُلْ فَلَا يُعِيدُهُ وَلَهُ رَدُّ الْجَبِيرَةِ لِلتَّدَاوِي إنْ شَاءَ، أَمَّا زَوَالُ الْعِصَابَةِ الَّتِي مَسَحَهَا فَيُبْطِلُ الْمَسْحَ فَتَجِبُ إعَادَتُهُ بَعْدَ رَدِّهَا وَلَوْ رَدَّهَا فَوْرًا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي الْحَيْض وَالنِّفَاس وَالِاسْتِحَاضَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] (فَصْلٌ) . فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الْحَيْضُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (دَمٌ) جِنْسٌ شَمِلَ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالِاسْتِحَاضَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ أَنْوَاعِ الدَّمِ. (كَصُفْرَةٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ: دَمٌ أَصْفَرُ ابْنُ مَرْزُوقٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 165 أَوْ كُدْرَةٍ. خَرَجَ بِنَفْسِهِ   [منح الجليل] لِلدَّمِ بِالْخَفِيِّ مُنَبَّهٌ بِهِ عَلَى الْأَحْمَرِ الْقَانِي بِالْأَوْلَى بِنَاءً عَلَى شُمُولِ الدَّمِ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَشْبِيهُ حَقِيقَةٍ بِأُخْرَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأَحْمَرِ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ وَالْجَلَّابِ، وَالثَّانِي ظَاهِرُ التَّلْقِينِ وَالْبَاجِيِّ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضٌ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ رَأَتْهُمَا قَبْلَ عَلَامَةِ الطُّهْرِ أَوْ بَعْدَهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: إنْ رَأَتْهُمَا قَبْلَهَا فَحَيْضٌ وَإِنْ رَأَتْهُمَا بَعْدَهَا فَلَيْسَتَا حَيْضًا وَجَعَلَهُ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيُّ الْمَذْهَبَ، وَقِيلَ: لَيْسَتَا حَيْضًا وَلَوْ قَبْلَهَا وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فُسِّرَ تَشْبِيهُهُمَا التَّنْبِيهَ عَلَى ضَعْفِهِمَا بِالْخِلَافِ فِيهِمَا؛ فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُسَاوِي الْمُشَبَّهَ بِهِ، وَلِذَا لَمْ يَعْطِفْهُمَا. (أَوْ كُدْرَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ: دَمٌ أَسْوَدُ (خَرَجَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الدَّمِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ (بِنَفْسِهِ) أَيْ لَا بِسَبَبِ فَصْلِ مَخْرَجِ دَمِ النِّفَاسِ وَالْبَكَارَةِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْفَصْدِ وَالْحَجْمِ وَالطَّعْنِ وَالضَّرْبِ وَالدَّمِ الْخَارِجِ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ بِعِلَاجٍ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبِ شَيْءٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ الْمَنُوفِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْمُصَنِّفُ الظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ صَلَاتُهَا وَصَوْمُهَا بِهِ أَيْ وَعَدَمُ قَضَائِهِمَا وَقَالَ عَلَى بَحْثِهِ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي نَفْسِهِ فِعْلُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ غَيْرُ حَيْضٍ وَقَضَاءُ الصَّوْمِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَيْضٌ عج فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَكَلَامُ ابْنِ كِنَانَةَ: أَنَّ الْخَارِجَ قَبْلَ وَقْتِهِ بِعِلَاجٍ حَيْضٌ. الْبُنَانِيُّ: السَّمَاعُ فِي تَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ بِدَوَاءٍ، وَكَلَامُ ابْنِ كِنَانَةَ فِي قَطْعِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ الْمُعْتَادَةِ بِدَوَاءٍ وَنَصُّ السَّمَاعِ: سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَرَادَتْ الْعُمْرَةَ، وَخَافَتْ الْحَيْضَ قَبْلَ تَمَامِهَا فَشَرِبَتْ دَوَاءً لِتَأْخِيرِهِ فَقَالَ: لَيْسَ بِصَوَابٍ ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَهُ مَخَافَةَ إدْخَالِهَا ضَرَرًا فِي جِسْمِهَا. وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ كِنَانَةَ: يُكْرَهُ مَا بَلَغَنِي أَنَّهُنَّ يَصْنَعْنَ مَا يَتَعَجَّلْنَ بِهِ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ مِنْ شَرَابٍ أَوْ تَعَالُجٍ ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَضُرَّهَا الْحَطَّابُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَهُ لِخَوْفِ الضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الطُّهْرُ لَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا لِابْنِ فَرْحُونٍ فَلَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِجَلْبِهِ بِدَوَاءٍ وَلِذَا اقْتَصَرَ الْحَطَّابُ فِيهِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَشَيْخِهِ، وَاحْتِمَالُ أَنَّ إخْرَاجَهُ بِعِلَاجٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَيْضًا كَالْحَدَثِ بِشُرْبِ مُسْهِلٍ رَدَّهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ الْحَيْضَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 166 مِنْ قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً وَإِنْ دُفْعَةً. وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدَأَةٍ نِصْفُ شَهْرٍ. كَأَقَلِّ الطُّهْرِ وَلِمُعْتَادَةٍ اسْتِظْهَارًا عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا   [منح الجليل] أُخِذَ فِي حَقِيقَتِهِ خُرُوجُهُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَدَثِ. وَصِلَةُ " خَرَجَ " (مِنْ قُبُلِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ فَرْجٍ فَصْلٌ ثَانٍ مَخْرَجُ الدَّمَ أَوْ الصُّفْرَةَ أَوْ الْكُدْرَةَ مِنْ دُبُرٍ أَوْ ثُقْبَةٍ وَلَوْ تَحْتَ الْمَعِدَةِ وَانْسَدَّ الْفَرْجُ وَإِضَافَةُ " قُبُلِ " لِ (مَنْ) أَيْ امْرَأَةٍ (تَحْمِلُ عَادَةً) وَهِيَ الْمُرَاهِقَةُ إلَى خَمْسِينَ فَصْلٌ ثَالِثٌ مَخْرَجُ الدَّمَ الْخَارِجِ مِنْ قُبُلِ مَنْ لَا تَحْمِلُ عَادَةً وَهِيَ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا أَوْ فَاتَتْ السَّبْعِينَ وَيُسْأَلُ النِّسَاءُ عَنْ دَمِ مَنْ بَلَغَتْ تِسْعًا إلَى الْمُرَاهَقَةَ وَمَنْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ فَإِنْ جَزَمْنَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ أَوْ اخْتَلَفْنَ أَوْ شَكَكْنَ فَحَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا إنْ كَثُرَ الْخَارِجُ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (دُفْعَةً) بِضَمِّ الدَّالِ أَيْ خَارِجًا فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَيُقَالُ لَهُ: دَفْقَةٌ بِفَتْحِهَا، وَالْقَافِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا وَالْعَيْنِ فَأُخْرِجَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ وَهَذَا أَقَلُّهُ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ بِاعْتِبَارِهِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ فَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَةِ وَأَقَلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي لَهُ بَالٌ مَعَ سُؤَالِ النِّسَاءِ. (وَأَكْثَرُهُ) أَيْ الْحَيْضِ (لِمُبْتَدَأَةٍ) أَيْ حَائِضٍ أَوَّلَ حَيْضَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا غَيْرُهَا غَيْرِ حَامِلٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي لَمْ تَطْهُرْ نِصْفَ شَهْرٍ بِأَنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ أَوْ تَقَطَّعَ طُهْرُهَا وَخَبَرُ " أَكْثَرُ " (نِصْفُ شَهْرٍ) أَيْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ وَاسْتَمَرَّتْ طَاهِرًا نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ أَتَاهَا دَمٌ فَهُوَ حَيْضٌ مُؤْتَنَفٌ وَشَبَّهَ أَقَلَّ الطُّهْرِ بِأَكْثَرِ حَيْضِ الْمُبْتَدَأَةِ فِي كَوْنِهِ نِصْفَ شَهْرٍ فَقَالَ (كَأَقَلِّ الطُّهْرِ) فَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِلْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ وَلِلْحَامِلِ وَغَيْرِهَا وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ فَإِنْ بَلَغَتْ أَكْثَرَ الْحَيْضِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا وَأَتَاهَا دَمٌ قَبْلَ تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ طُهْرِهَا فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ لَا تَمْنَعُ صَلَاةً وَلَا صَوْمًا وَلَا وَطْئًا. (وَ) أَكْثَرُ الْحَيْضِ (لِمُعْتَادَةٍ) أَيْ الَّتِي سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ وَلَوْ مَرَّةً وَزَادَ حَيْضُهَا عَلَى الْمَرَّةِ السَّابِقَةِ الَّتِي لَمْ تَبْلُعْ نِصْفَ شَهْرٍ (ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَيَّامِ (اسْتِظْهَارًا) أَيْ زَائِدَةً (عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا) أَيَّامًا لَا تَكَرُّرًا فَإِنْ اعْتَادَتْ خَمْسَةً وَحَاضَتْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَنْقَطِعْ بِتَمَامِ الْخَمْسَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 167 مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ، ثُمَّ هِيَ طَاهِرٌ وَلِحَامِلٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ النِّصْفُ وَنَحْوُهُ، وَفِي سِتَّةٍ فَأَكْثَرَ عِشْرُونَ يَوْمًا وَنَحْوُهَا،   [منح الجليل] فَتَزِيدُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَتَغْتَسِلُ بِغُرُوبِ الثَّامِنِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ فَهِيَ اسْتِحَاضَةٌ وَإِنْ حَاضَتْ ثَالِثَةً وَلَمْ يَنْقَطِعْ بِتَمَامِ الثَّامِنِ فَتَزِيدُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ ثَلَاثَةً إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَتَغْتَسِلُ بِغُرُوبِ الْحَادِيَ عَشَرَ وَإِنْ حَاضَتْ رَابِعَةً وَاسْتَمَرَّ حَتَّى زَادَ عَلَى الْأَحَدَ عَشَرَ فَتَزِيدُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةً وَتَغْتَسِلُ بِغُرُوبِ الرَّابِعَ عَشَرَ. وَإِنْ اسْتَمَرَّ فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى زَادَ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ زَادَتْ عَلَيْهَا يَوْمًا وَاحِدًا وَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَغْتَسِلُ بِتَمَامِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَهَذَا فِي الْمُعْتَادَةِ غَيْرِ الْحَامِلِ فَحَلَّ اسْتِظْهَارُهَا بِالثَّلَاثَةِ (مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الشَّهْرِ فَمَنْ اعْتَادَتْهُ فَلَا تَسْتَظْهِرُ وَمَنْ اعْتَادَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ تَسْتَظْهِرُ بِيَوْمٍ وَمُعْتَادَةُ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ تَسْتَظْهِرُ بِيَوْمَيْنِ وَمُعْتَادَةُ الِاثْنَيْ عَشَرَ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةٍ. (ثُمَّ) بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ تَمَامِ نِصْفِ الشَّهْرِ (هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ الْمُتَمَادِي بِهَا الدَّمُ (طَاهِرٌ) تَصُومُ وَتُصَلِّي وَتَطُوفُ وَتُوطَأُ وَالدَّمُ نَازِلٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ لَا حَيْضٌ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: إنْ لَمْ تَبْلُغْ بِاسْتِظْهَارِهَا نِصْفَ شَهْرٍ، وَدَامَ دَمُهَا فَهِيَ بِتَمَامِ اسْتِظْهَارِهَا طَاهِرٌ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً فَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَيُمْنَعُ وَطْؤُهَا وَطَلَاقُهَا وَيُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا إلَى تَمَامِ نِصْفِ الشَّهْرِ مِنْ ابْتِدَاءِ حَيْضِهَا فَتَطْهُرُ حَقِيقَةً فَتُعِيدُ الْغُسْلَ حِينَئِذٍ وَالصَّوْمَ الَّذِي صَامَتْهُ عَقِبَ طُهْرِهَا حُكْمًا دُونَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حَيْضًا فَقَدْ أَسْقَطَهَا وَإِلَّا فَقَدْ صَحَّتْ صَلَاتُهَا. (وَ) أَكْثَرُ الْحَيْضِ (لِحَامِلٍ) مُبْتَدَأَةٍ أَوْ مُعْتَادَةٍ حَاضَتْ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ وَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ (بَعْدَ) دُخُولِهَا فِي ثَالِثِ (ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) مِنْ ابْتِدَاءِ حَمْلِهَا إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ، فَأَكْثَرُ حَيْضِهَا (النِّصْفُ) مِنْ شَهْرٍ (وَنَحْوُهُ) أَيْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَعَ النِّصْفِ فَأَكْثَرُهُ لَهَا عِشْرُونَ يَوْمًا. (وَ) أَكْثَرُهُ لِحَامِلٍ دَخَلَتْ (فِي) سَادِسٍ (سِتَّةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِنْ مَبْدَأِ حَمْلِهَا (فَأَكْثَرُ) مِنْ سِتَّةٍ إلَى وَضْعِهَا (عِشْرُونَ يَوْمًا وَنَحْوُهَا) أَيْ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مَعَ الْعِشْرِينَ فَأَكْثَرُهُ لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 168 وَهَلْ مَا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ كَمَا بَعْدَهَا أَوْ كَالْمُعْتَادَةِ؟ قَوْلَانِ. وَإِنْ تَقَطَّعَ طُهْرٌ لَفَّقَتْ   [منح الجليل] ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ شُيُوخِ إفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ أَكْثَرَهُ فِي السَّادِسِ النِّصْفُ وَنَحْوُهُ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا بِتَقْدِيرِ دُخُولٍ أَوْ تَمَامٍ وَحَمَلْنَاهَا عَلَى الْأَوَّلِ لِأَرْجَحِيَّتِهِ. (وَهَلْ) حُكْمُ الْحَامِلِ فِي (مَا) أَيْ الْحَيْضِ الَّذِي أَتَاهَا (قَبْلَ) دُخُولِهَا فِي ثَالِثِ (الثَّلَاثَةِ) بِأَنْ أَتَاهَا فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي (كَ) حُكْمِهَا فِي (مَا) أَيْ الْحَيْضِ الَّذِي أَتَاهَا (بَعْدَ) دُخُولِهَا فِي ثَالِثِ (هَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ فِي أَنَّ أَكْثَرَهُ لَهَا النِّصْفُ وَنَحْوُهُ (أَوْ) حُكْمُهَا فِيهِ (كَ) حُكْمِ حَيْضِ (الْمُعْتَادَةِ) غَيْرِ الْحَامِلِ فِي اعْتِبَارِ عَادَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهَا بِثَلَاثَةٍ إنْ لَمْ تُجَاوِزْهُ فِيهِ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ ثَانِيَهُمَا وَهُمَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجَعَ عَنْ أَوَّلِهِمَا إلَى ثَانِيهِمَا وَاخْتَارَ الْإِبْيَانِيُّ الْأَوَّلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الْحَامِلَ بِالْوَحَمِ الْمَعْلُومِ لِلنِّسَاءِ وَاخْتَارَ الثَّانِيَ ابْنُ يُونُسَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهَا مَا يَلْزَمُ الْحَامِلَ إذَا ظَهَرَ الْحَمْلُ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الثَّالِثِ وَرَجَّحَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْأَوَّلَ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي، فَكُلٌّ مِنْهَا مُرَجَّحٌ، وَلَكِنَّ الثَّانِيَ أَرْجَحُ وَعَلَيْهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى عَادَتِهَا فَتَسْتَظْهِرُ عَلَيْهَا بِثَلَاثَةٍ مَا لَمْ تُجَاوِزْ نِصْفَ شَهْرٍ. ابْنُ يُونُسَ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنْ تَجْلِسَ فِي الشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ قَدْرَ أَيَّامِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ فِي شَهْرٍ وَلَا شَهْرَيْنِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهَا حَائِلٌ حَتَّى يَظْهَرَ حَمْلُهَا وَهُوَ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ نَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَالْحَطَّابُ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْحَامِلُ تَحِيضُ لَزِمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْحَيْضُ عَلَى عَدَمِهِ وَبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ قِيلَ: الْغَالِبُ عَدَمُ حَيْضِهَا لِاحْتِبَاسِ الدَّمِ لِتَخَلُّقِ الْجَنِينِ وَغِذَائِهِ وَلَكِنْ إنْ نَزَلَ تَكَاثَرَ وَدَفَعَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَكُلَّمَا عَظُمَ الْحَمْلُ زَادَ كَثْرَةً فَاكْتُفِيَ بِهِ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ رِفْقًا بِالنِّسَاءِ اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ وَطَرْحًا لِلنَّادِرِ. (وَإِنْ تَقَطَّعَ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا (طُهْرٌ) بِدَمٍ قَبْلَ كَمَالِ أَقَلِّهِ وَلَوْ بِسَاعَةٍ (لَفَّقَتْ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 169 أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِهَا، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ،   [منح الجليل] ضَمَّتْ الْمَرْأَةُ (أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَيَّامِ انْقِطَاعِهِ فَتُلْغِيهَا مَتَى نَقَصَتْ عَنْ نِصْفِ شَهْرٍ فَلَا بُدَّ فِي الطُّهْرِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مُتَوَالِيَةٍ خَالِيَةٍ مِنْ الدَّمِ لَيْلًا وَنَهَارًا اتِّفَاقًا إنْ نَقَصَتْ أَيَّامُ انْقِطَاعِهِ عَنْ أَيَّامِ نُزُولِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ تَسَاوَيَا أَوْ زَادَتْ أَيَّامُ انْقِطَاعِهِ عَلَى أَيَّامِ نُزُولِهِ، وَالشَّاذُّ تَلْفِيقُ أَيَّامِ الِانْقِطَاعِ الْمُسَاوِيَةِ أَوْ الزَّائِدَةِ أَيْضًا، وَتَصِيرُ طَاهِرًا حَقِيقَةً فِي أَيَّامِ الِانْقِطَاعِ وَحَائِضًا حَقِيقَةً فِي أَيَّامِ النُّزُولِ وَهَكَذَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الدَّمِ النَّازِلِ بَعْدَ تَلْفِيقِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا وَهُوَ عَادَتُهَا أَوْ نِصْفُ شَهْرٍ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَيْضٌ عَلَى مُقَابِلِهِ تَلْفِيقًا جَارِيًا (عَلَى تَفْصِيلِهَا) أَيْ الْحَائِضِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ الْحَائِلَيْنِ، وَالْحَامِلِ فِي الثَّالِثِ إلَى نِهَايَةِ الْخَامِسِ أَوْ فِي السَّادِسِ إلَى آخِرِهِ أَوْ مَا قَبْلَ الثَّالِثِ فَتُلَفِّقُ الْمُبْتَدَأَةُ نِصْفَ شَهْرٍ وَالْمُعْتَادَةُ عَادَتَهَا وَالِاسْتِظْهَارَ، وَحَامِلُ الثَّلَاثَةِ إلَى نِهَايَةِ الْخَامِسِ عِشْرِينَ، وَالسَّادِسِ ثَلَاثِينَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي عَادَتُهَا وَالِاسْتِظْهَارُ. (ثُمَّ) بَعْدَ التَّلْفِيقِ وَاسْتِمْرَارِ الدَّمِ (هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (مُسْتَحَاضَةٌ) لَا حَائِضٌ وَدَمُهَا اسْتِحَاضَةٌ لَا حَيْضٌ فَتَغْتَسِلُ مِنْ الْحَيْضِ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَالدَّمُ نَازِلٌ عَلَيْهَا (وَتَغْتَسِلُ) الْمُلَفِّقَةُ وُجُوبًا (كُلَّمَا انْقَطَعَ) الدَّمُ عَنْهَا فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ إلَّا أَنْ تَظُنَّ عَوْدَ الدَّمِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الَّذِي هِيَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا كَانَ أَوْ ضَرُورِيًّا فَلَا تُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِيُّ بِحُرْمَةِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِرَجَاءِ الْحَيْضِ وَاخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِهَا إنْ أَخَّرَتْهَا لَهُ وَأَتَاهَا الدَّمُ فِي وَقْتِهَا فَقَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ: تَسْقُطُ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يَلْزَمُهَا قَضَاؤُهَا. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ التَّأْخِيرُ لِرَجَاءِ الْحَيْضِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَالْإِحْرَامِ فَتَعَيَّنَ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى حُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَعَلَى كَرَاهَتِهِ لَكِنْ عَلَى الثَّانِي يَكُونُ قَوْلُهُ فَتَغْتَسِلُ أَيْ نَدْبًا عِنْدَ رَجَاءِ الْحَيْضِ وَوُجُوبًا فِي غَيْرِهِ فَقَوْلُ عبق " إنْ اغْتَسَلَتْ فِي هَذِهِ وَلَمْ يَأْتِهَا الدَّمُ فَهَلْ تَعْتَدُّ بِغُسْلِهَا أَوْ بِصَلَاتِهَا إنْ جَزَمَتْ نِيَّتَهَا وَلَا تَرَدُّدَ " غَيْرُ صَحِيحٍ، فِي ضَوْءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 170 وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَالْمُمَيَّزُ بَعْدَ طُهْرٍ تَمَّ حَيْضٌ وَلَا يُسْتَظْهَرُ   [منح الجليل] الشُّمُوعِ يَظْهَرُ حَمْلُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى طَاهِرٍ مُخَاطَبَةٍ بِهَا قَطْعًا رَجَتْ حَيْضَهَا نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي الصَّوْمِ فِيمَنْ بَيَّتَتْ الْفِطْرَ لِاعْتِيَادِ الْحَيْضِ قَبْلَ نُزُولِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَانَتْ حَائِضًا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ بِهَا وَانْقَطَعَ دَمُهَا وَعَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ عَوْدَهُ فِي الْوَقْتِ فَيُلْغَى الِانْقِطَاعُ الْمُتَوَسِّطُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَيْضِ. وَيُفِيدُ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِ التَّهْذِيبِ أَمَرَهَا بِالِاغْتِسَالِ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي لَعَلَّ الدَّمَ لَا يَعُودُ إلَيْهَا أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ لَوْ عَلِمَتْ أَنَّ الدَّمَ يَعُودُ إلَيْهَا يَأْمُرُهَا بِالِاغْتِسَالِ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ يَعُودُ إلَيْهَا بِالْقُرْبِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ. (وَتَصُومُ) إنْ انْقَطَعَ مَعَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ (وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ) بَعْدَ غُسْلِهَا عَلَى الْمَعْرُوفِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا، فَيُمْكِنُ صَلَاتُهَا وَصَوْمُهَا فِي جَمِيعِ أَيَّامِ الْحَيْضِ بِأَنْ كَانَ يَأْتِيهَا لَيْلًا يَنْقَطِعُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا يَفُوتُهَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَهَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ نَعَمْ يَحْرُمُ طَلَاقُهَا وَيُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا. (وَ) الدَّمُ (الْمُمَيَّزُ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ عَنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ بِتَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ أَوْ لَوْنِهِ أَوْ رِقَّتِهِ أَوْ ثِخَنِهِ أَوْ تَأَلُّمِهَا بِخُرُوجِهِ كَرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِقَّةٍ أَوْ ثِخَنٍ أَوْ تَأَلُّمِ الْحَيْضِ لَا بِكَثْرَةٍ أَوْ قِلَّةٍ لِتَبَعِيَّتِهِمَا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمِزَاجِ وَصِلَةُ " الْمُمَيَّزُ " (بَعْدَ طُهْرٍ تَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ كَمَّلَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَخَبَرُ " الْمُمَيَّزُ " (حَيْضٌ) مَانِعٌ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ الِاسْتِحَاضَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ وَلَوْ طَالَ زَمَانُهُ وَكَذَا الْمُمَيَّزُ قَبْلَ كَمَالِ الطُّهْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ تَمَيُّزُهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ التُّونُسِيِّ. (وَ) إنْ تَمَيَّزَ الدَّمُ عَنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَحُكِمَ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَدَمٌ حَتَّى تَمَّتْ عَادَتُهَا وَزَادَ عَلَيْهَا وَتَغَيَّرَ عَنْ صِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ إلَى صِفَةِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": تَغْتَسِلُ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَ (لَا تَسْتَظْهِرُ) عَلَيْهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ طَلَبٌ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِرَجَاءِ انْقِطَاعِ دَمِهَا، وَالْمُسْتَحَاضَةُ قَدْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ انْقِطَاعِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 171 عَلَى الْأَصَحِّ وَالطُّهْرُ. بِجُفُوفٍ، أَوْ قَصَّةٍ. وَهِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا فَتَنْتَظِرُهَا لِآخِرِ الْمُخْتَارِ، وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] دَمِهَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَطْوَلِ عَادَتِهَا مَا لَمْ تُجَاوِزْهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِصِفَةِ الْحَيْضِ فَتَسْتَظْهِرُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا تَسْتَظْهِرُ عِنْدَهُمَا مُطْلَقًا وَصِلَةُ " لَا تَسْتَظْهِرُ " (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) أَيْ الَّذِي صَحَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (وَالطُّهْرُ) مِنْ الْحَيْضِ يُعْرَفُ (بِجُفُوفٍ) أَيْ خُلُوِّ الْقُبُلِ مِنْ الدَّمِ وَالصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ بِحَيْثُ إنْ أُدْخِلَتْ فِيهِ قُطْنَةٌ أَوْ خِرْقَةٌ وَأُخْرِجَتْ لَا يُرَى عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْهَا وَإِنْ ابْتَلَّتْ بِرُطُوبَتِهِ (أَوْ) بِ (قَصَّةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ مِنْ الْقُبُلِ عَقِبَ تَمَامِ الْحَيْضِ وَهِيَ نَجِسَةٌ لِقَوْلِ صَاحِبِ التَّلْقِينِ وَالْقَرَافِيِّ وَغَيْرِهِمَا كُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ فَهُوَ نَجِسٌ، وَقَوْلِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ مَاءُ الْفَرْجِ وَرُطُوبَتُهُ نَجِسَانِ عِنْدَنَا وَلِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ الْحَيْضِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَوَّلُهُ دَمٌ وَآخِرُهُ قَصَّةٌ. (وَهِيَ) أَيْ الْقَصَّةُ (أَبْلَغُ) أَيْ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَمَامِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ مِنْهُ مِنْ دَلَالَةِ الْجُفُوفِ عَلَيْهِ (لِمُعْتَادَتِهَا) أَيْ الْقَصَّةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ بَلْ أَبْلَغُ حَتَّى لِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ وَحْدَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَمُعْتَادَتُهُ إذَا رَأَتْهَا قَبْلَهُ فَلَا تَنْتَظِرُهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُ لِمُعْتَادَتِهَا وَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَبْلَغِيَّتِهَا انْتِظَارُهَا لَا الِاكْتِفَاءُ بِهَا إنْ سَبَقَتْ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ فِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ، وَالْجُفُوفُ أَنْ اُعْتِيدَ وَحْدَهُ سَاوَى الْقَصَّةَ فَتَكْتَفِي بِالسَّابِقِ مِنْهُمَا فَصَحَّ تَقْيِيدُ أَبْلَغِيَّتِهَا بِمُعْتَادَتِهَا وَفَرَّعَ عَلَى أَبْلَغِيَّةِ الْقَصَّةِ قَوْلَهُ (فَتَنْتَظِرُهَا) أَيْ الْمَرْأَةُ الْقَصَّةَ الَّتِي اعْتَادَتْهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْجُفُوفِ إنْ سَبَقَ الْجُفُوفُ فَتُؤَخِّرُ الْغُسْلَ نَدْبًا (لِآخِرِ) الْوَقْتِ (الْمُخْتَارِ) بِحَيْثُ تُصَلِّي فِي آخِرِهِ. (وَفِي) عَلَامَةِ طُهْرِ الْمَرْأَةِ (الْمُبْتَدَأَةِ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الَّتِي حَاضَتْ أَوَّلَ حَيْضَةٍ (تَرَدُّدٌ) فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْهُ لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ فَتَنْتَظِرُهُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهَذَا لَا يُنَافِي حُكْمَهُ بِأَبْلَغِيَّةِ الْقَصَّةِ لِمُعْتَادَتِهَا إذْ الْمُبْتَدَأَةُ لَمْ تَعْتَدْهَا وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 172 وَلَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ، وَالصُّبْحِ وَمَنَعَ صِحَّةَ صَلَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَوُجُوبَهُمَا، وَطَلَاقًا،   [منح الجليل] عَنْهُ أَنَّهَا إنْ رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا لِذَلِكَ (وَلَيْسَ عَلَيْهَا) أَيْ الْحَائِضِ لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا (نَظَرُ) عَلَامَةِ (طُهْرِهَا قَبْلَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) لِإِدْرَاكِ الْعِشَاءَيْنِ وَالصَّوْمِ بَلْ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ فَهُوَ غُلُوٌّ قَالَتْ عَائِشَةُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ": مَا كَانَ النِّسَاءُ يَجِدْنَ الْمَصَابِيحَ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُعْجِبُنِي. (بَلْ) يَجِبُ نَظَرُهُ (عِنْدَ النَّوْمِ) لَيْلًا لِتَعْلَمَ هَلْ تُدْرِكُ الْعِشَاءَيْنِ وَالصَّوْمَ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْت إنْ وَجَدَتْهُ عِنْدَ النَّوْمِ فَيُحْتَمَلُ ارْتِفَاعُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَتَجِبُ الْعِشَاءَانِ وَالصَّوْمُ وَإِنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ عِنْدَهُ فَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ قَبْلَهُ فَيُسْقِطُهُمَا فَجَوَابُهُ أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ مَا تَجِدُهُ فِي الْحَالِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ إلَى الْفَجْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ الِاحْتِمَالُ. (وَ) عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ (الصُّبْحِ) وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَسَعُ الْغُسْلَ وَالصَّلَاةَ فَيَجِبَ وُجُوبًا مُضَيَّقًا إنْ رَأَتْهُ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الصُّبْحِ وَشَكَّتْ هَلْ انْقَطَعَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ قَبْلَهُ بِحَيْثُ تُدْرِكُ الْعِشَاءَيْنِ وَالصَّوْمَ سَقَطَتْ الْعِشَاءَانِ إذْ الْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ إلَى الْفَجْرِ وَتُمْسِكُ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا إنْ كَانَتْ فِي رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا قَبْلَهُ، وَتَقْضِيهِ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا بَعْدَهُ وَلِأَنَّهَا لَمْ تُبَيِّتْ الصَّوْمَ. (وَمَنَعَ) أَيْ الْحَيْضُ (صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَوُجُوبَهُمَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَوُجُوبُ قَضَاءِ الصَّوْمِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلَا يُقَالُ: وُجُوبُ أَدَائِهِ وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَنْهَا فَكَيْفَ وَجَبَ قَضَاؤُهُ عَلَيْهَا وَالْحِكْمَةُ فِي وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّوْمِ دُونَ وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ رَفْعُ الْمَشَقَّةِ بِتَعَدُّدِ الصَّلَوَاتِ، وَتَكْرَارِ الْحَيْضِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا، وَخِفَّةُ قَضَاءِ الصَّوْمِ بِعَدَمِ تَكْرَارِهِ فِي الْعَامِ. (وَ) مَنَعَ الْحَيْضُ (طَلَاقًا) أَيْ حُرْمَةً وَإِنْ أَوْقَعَهُ لَزِمَهُ وَيُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا إنْ كَانَ رَجْعِيًّا وَفِي كَوْنِ مَنْعِهِ تَعَبُّدًا فَيَحْرُمُ طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْحَامِلِ فِيهِ أَوْ مُعَلَّلًا بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ فَلَا يَحْرُمُ طَلَاقُهُمَا فِيهِ خِلَافٌ، وَطَلَاقُ الْمُلَفِّقَةِ زَمَنَ انْقِطَاعِ دَمِهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 173 وَبَدْءَ عِدَّةٍ وَوَطْءَ فَرْجٍ، أَوْ تَحْتَ إزَارٍ، وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ وَتَيَمُّمٍ وَرَفْعَ حَدَثِهَا وَلَوْ جَنَابَةً وَدُخُولَ مَسْجِدٍ فَلَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ؛   [منح الجليل] لَا يُحْكَمُ لَهَا بِالطُّهْرِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ التَّلْفِيقِ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَهُوَ مَا نَقَلَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُذَّاقُ أَصْحَابِهِ أَوْ لَا؟ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَيَمُرُّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَ) مَنَعَ (بَدْءَ) أَيْ ابْتِدَاءُ (عِدَّةٍ) بِأَقْرَاءٍ فَلَا تُحْسَبُ أَيَّامُ الْحَيْضِ مِنْهَا بَلْ مُبْتَدَؤُهَا الطُّهْرُ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ قِيلَ: لَا فَائِدَةَ لِلنَّصِّ عَلَى هَذَا إذْ لَا يُمْكِنُ إلَّا فِي مُطَلَّقَةٍ فِي حَيْضِهَا، وَعِدَّتُهَا الْأَقْرَاءُ أَيْ الْأَطْهَارُ فَلَا يَتَأَتَّى بَدْؤُهَا مِنْهُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَى مَنْعِهِ وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَتُحْسَبُ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ وَمِنْهَا أَيَّامُ الْحَيْضِ فَلَا يُمْنَعُ ابْتِدَاؤُهَا إنْ مَاتَ وَهِيَ حَائِضٌ. (وَ) مَنَعَ (وَطْءَ فَرْجٍ أَوْ) مَا (تَحْتَ إزَارٍ) أَيْ بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا ابْنُ الْجَلَّابِ لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْحَائِضِ فِي فَرْجِهَا وَلَا فِيمَا دُونَهُ وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَطِيَّةَ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ الْوَرَقَاتِ أَنَّ الْمَشْهُورَ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ تَحْتَ الْإِزَارِ وَلَوْ بِغَيْرِ وَطْءٍ (وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ) مِنْ الْحَيْضِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ بِجَوَازِ وَطْءِ الْفَرْجِ وَمَا تَحْتَ الْإِزَارِ بَعْدَ النَّقَاءِ وَقَوْلِ ابْنِ بُكَيْر بِكَرَاهَتِهِ. (وَ) بَعْدَ (تَيَمُّمٍ) تَحِلُّ الصَّلَاةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ بِجَوَازِهِ بَعْدَ تَيَمُّمِهَا وَلَوْ لَمْ تَخَفْ ضَرَرًا فَلَا بُدَّ مِنْ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ إلَّا لِطُولٍ يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ تَيَمُّمِهَا نَدْبًا لَا يُقَالُ: الظَّاهِرُ وُجُوبًا لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُبِيحُ هُوَ الطُّولُ الْمُضِرُّ أَوْ لُوحِظَ قَوْلُ مَنْ اكْتَفَى بِالنَّقَاءِ. (وَ) مَنَعَ (رَفْعَ حَدَثِهَا) أَيْ الْحَائِضِ فَلَا يَصِحُّ وُضُوءُهَا وَلَا غُسْلُهَا حَالَ حَيْضِهَا إنْ نَوَتْ رَفْعَ حَدَثِ الْحَيْضِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ حَدَثُهَا (جَنَابَةً) تَقَدَّمَتْ عَلَى الْحَيْضِ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِصِحَّةِ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَارْتِفَاعِهَا بِهِ مَعَ الْحَيْضِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي قِرَاءَتِهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ حَيْضِهَا وَقَبْلَ غُسْلِهَا مِنْهُ فَتُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَجُوزُ عَلَى مُقَابِلِهِ. (وَ) مَنَعَ (دُخُولَ مَسْجِدٍ) إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ (فَلَا تَعْتَكِفُ وَلَا تَطُوفُ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 174 وَمَسَّ مُصْحَفٍ لَا قِرَاءَةً. وَالنِّفَاسُ: دَمٌ خَرَجَ لِلْوِلَادَةِ، وَلَوْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ،   [منح الجليل] عُلِمَا مِنْ قَوْلِهِ " وَدُخُولَ مَسْجِدٍ " لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا فِي مَسْجِدٍ (وَ) مَنَعَ (مَسَّ مُصْحَفٍ) إلَّا لِمُعَلِّمَةٍ أَوْ مُتَعَلِّمَةٍ فَيَجُوزُ (لَا) يَمْنَعُ الْحَيْضُ (قِرَاءَةً) بِلَا مَسِّ مُصْحَفٍ حَالَ نُزُولِهِ وَلَوْ مُتَلَبِّسَةً بِجَنَابَةٍ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَلَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ إلَّا لِمُتَلَبِّسَةٍ بِجَنَابَةٍ فَتُمْنَعُ قِرَاءَتُهَا لِلْجَنَابَةِ مَعَ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِهَا أَفَادَهُ عبق وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ إنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا فَلَا تَقْرَأُ حَتَّى تَغْتَسِلَ كَانَتْ جُنُبًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ تَخَافَ النِّسْيَانَ. (وَالنِّفَاسُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (دَمٌ) جِنْسٌ شَمِلَ النِّفَاسَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الدَّمِ أَيْ أَوْ صُفْرَةٌ أَوْ كُدْرَةٌ (خَرَجَ) أَيْ مِنْ الْقُبُلِ فَصَلَ مَخْرَجَ الدَّمِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ (لِلْوِلَادَةِ) فَصَلَ مَخْرَجَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا لَهَا فَحَيْضٌ عَلَى الْأَرْجَحِ فَلَا تُحْسَبُ مِنْ السِّتِّينَ أَفَادَهُ عبق الْبُنَانِيُّ: نَقْلُ الْحَطَّابِ عَنْ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الدَّمُ الْخَارِجُ قَبْلَهَا لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَلَيْسَ نِفَاسًا اتِّفَاقًا وَأَنَّ أَرْجَحَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ نِفَاسٌ لِعَزْوِهِ لِلْأَكْثَرِ وَإِنْ قُدِّمَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَيْضٌ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الدَّمُ الْخَارِجُ لِلْوِلَادَةِ (بَيْنَ تَوْأَمَيْنِ) أَيْ وَلَدَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ مَثَلًا، سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرَانِ أَوْ أَقَلُّ فَهُوَ نِفَاسٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ نِفَاسٌ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتُّونَ يَوْمًا فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ نِفَاسًا لِلثَّانِي، وَسَيُفِيدُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا فَنِفَاسَانِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْهَا فَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَرَادِعِيُّ إلَى أَنَّهَا تَبْنِي بَعْدَ وِلَادَةِ الثَّانِي عَلَى مَا بَيْنَهُمَا وَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ نِفَاسًا وَاحِدًا، وَالزَّائِدُ عَنْ السِّتِّينَ اسْتِحَاضَةً إنْ كَانَ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ وَإِلَّا فَحَيْضٌ وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ إلَى أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ نِفَاسًا لِلثَّانِي. (وَأَكْثَرُهُ) أَيْ النِّفَاسِ (سِتُّونَ يَوْمًا) سَوَاءٌ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً أَوْ مُعْتَادَةً وَلَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى السِّتِّينَ إنْ زَادَ الدَّمُ عَلَيْهَا وَدَمُ التَّوْأَمَيْنِ نِفَاسٌ وَاحِدٌ إنْ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ سِتُّونَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 175 فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا، فَنِفَاسَانِ، وَتَقَطُّعُهُ، وَمَنْعُهُ كَالْحَيْضِ. وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِهَادٍ وَالْأَظْهَرُ نَفْيُهُ.   [منح الجليل] يَوْمًا. (فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا) الْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ الْمُقَدَّرُ بِهُوَ عَائِدٌ عَلَى أَكْثَرِ النِّفَاسِ وَالْمَفْعُولُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى التَّوْأَمَيْنِ وَالْمَعْنَى فَإِنْ فَصَلَ أَكْثَرُ النِّفَاسِ وَهُوَ سِتُّونَ يَوْمًا ثَانِيَ التَّوْأَمَيْنِ مِنْ أَوَّلِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ السِّتُّونَ مُتَوَالِيَةً أَوْ مُلَفَّقَةً بِأَيَّامِ انْقِطَاعٍ لَمْ تَبْلُغْ أَقَلَّ الطُّهْرِ (فَنِفَاسَانِ) لِكُلِّ تَوْأَمٍ نِفَاسٌ مُسْتَقِلٌّ فَتَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي سِتِّينَ يَوْمًا مُتَّصِلَةً أَوْ مُلَفَّقَةً فَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتِّينَ فَنِفَاسٌ وَاحِدٌ وَهَلْ تَبْنِي عَلَى مَا بَيْنَهُمَا أَوْ تَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي سِتِّينَ؟ قَوْلَانِ، وَمَحَلُّهُمَا أَنْ تَطْهُرَ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ طَهُرَتْ بَيْنَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَتَسْتَأْنِفُ نِفَاسًا لِلثَّانِي اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ وَلَدًا وَطَهُرَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ أَتَاهَا دَمٌ كَانَ حَيْضًا فَكَذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ كَانَ نِفَاسًا آخَرَ. (وَتَقَطُّعُ) الدَّمِ لَ (هـ) أَيْ النِّفَاسِ كَتَقَطُّعِ الْحَيْضِ فِي التَّلْفِيقِ لِأَيَّامِ الدَّمِ وَإِلْغَاءِ أَيَّامِ انْقِطَاعِهِ إنْ لَمْ تُكْمِلْ نِصْفَ شَهْرٍ وَالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ كُلَّمَا انْقَطَعَ وَالْوَطْءِ وَالطَّوَافِ، وَإِنْ انْقَطَعَ نِصْفَ شَهْرٍ ثُمَّ أَتَاهَا دَمٌ فَحَيْضٌ (وَمَنْعُهُ) أَيْ النِّفَاسِ (كَ) مَنْعِ (الْحَيْضِ) صِحَّةَ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَوُجُوبَهُمَا إلَخْ وَلَا يَمْنَعُ الْقِرَاءَةَ بِلَا مَسِّ مُصْحَفٍ، وَبِهِ إنْ كَانَتْ مُعَلِّمَةً أَوْ مُتَعَلِّمَةً. (وَوَجَبَ وُضُوءٌ بِ) خُرُوجِ (هَادٍ) أَيْ مَاءٍ أَبْيَضَ مِنْ قُبُلِهَا قُرْبَ وِلَادَتِهَا لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ لَهُنَّ فَهُوَ حَدَثٌ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الِاعْتِبَارِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (نَفْيُهُ) أَيْ عَدَمِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ الْهَادِي بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الِاعْتِبَارِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ هُوَ وُجُوبُ الْوُضُوءِ بِالْهَادِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 176 (بَابٌ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ لِلظُّهْرِ. مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ لِآخِرِ الْقَامَةِ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَان أَوْقَات الصَّلَوَات الْخَمْس] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَشُرُوطِ صِحَّتِهَا وَفَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَأَحْكَامِ السَّهْوِ عَنْهَا أَوْ فِيهَا وَفِعْلِهَا فِي جَمَاعَةٍ وَقَصْرِهَا وَجَمْعِهَا وَشُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَالسُّنَنِ وَالنَّفَلِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالتَّغْسِيلِ وَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ وَمَا يُنَاسِبُهَا. (الْوَقْتُ) أَيْ الزَّمَنُ الْمُقَدَّرُ لِلصَّلَاةِ مِنْ الشَّارِعِ، وَمَعْرِفَتُهُ بِدَلِيلٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمُطْلَقُ الْجَزْمِ بِهِ شَرْطُ صِحَّةٍ، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ كَافِيَةٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَعْتُ " الْوَقْتُ " (الْمُخْتَارُ) أَيْ الَّذِي خَيَّرَ الشَّارِعُ الْمُكَلَّفَ فِي فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي أَيْ جُزْءٍ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ تَأْثِيمِهِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ أَفْضَلَ ثُمَّ وَسَطُهُ ثُمَّ آخِرُهُ. (لِلظُّهْرِ) بَدَأَ بِهَا لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ، ابْتِدَاؤُهُ (مِنْ زَوَالِ) إي انْتِقَالِ (الشَّمْسِ) مِنْ آخِرِ أَوَّلِ أَعْلَى دَرَجَاتِ دَائِرَتِهَا الْمَارَّةِ عَلَيْهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثَانِي أَعْلَى دَرَجَاتِهَا، وَيُعْرَفُ بِأَخْذِ الظِّلِّ فِي الزِّيَادَةِ عَقِبَ تَنَاهِي نَقْضِهِ وَسِيلَةً مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ إلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ إذَا طَلَعَتْ مِنْ الْمَشْرِقِ ظَهَرَ لِكُلِّ شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ عَلَى الْأَرْضِ ظِلٌّ مُمْتَدٌّ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَكُلَّمَا تَرْتَفِعُ الشَّمْسُ يَنْقُصُ الظِّلُّ فَإِذَا بَلَغَتْ أَعْلَى دَرَجَاتِ الدَّائِرَةِ الْيَوْمِيَّةِ الَّتِي مَرَّتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ انْتَهَى تَنَاقُصُ الظِّلِّ مَا دَامَتْ الشَّمْسُ فِي تِلْكَ الدَّرَجَةِ، وَهِيَ أَعْلَى دَرَجَاتِ نِصْفِهَا الْغَرْبِيِّ مَالَ الظِّلُّ مِنْ جِهَةِ الْمَغْرِبِ إلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَأَخَذَ فِي التَّزَايُدِ. فَالِانْتِقَالُ الْمَذْكُورُ هُوَ الزَّوَالُ وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ الْمُخْتَارِ ابْنُ عَرَفَةَ: زَوَالُ الشَّمْسِ كَوْنُهَا بِأَوَّلِ ثَانِي أَعْلَى دَرَجَاتِ دَائِرَتِهَا يُعْرَفُ بِزِيَادَةِ أَقَلِّ ظِلِّهَا وَيَنْتَهِي آخِرُ مُخْتَارِ الظُّهْرِ. (لِآخِرِ) ظِلِّ (الْقَامَةِ) أَيْ الشَّيْءِ الْقَائِمِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ قِيَامًا مُعْتَدِلًا آدَمِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِأَنْ يَصِيرَ ظِلُّهَا مُسَاوِيًا لَهَا فِي الطُّولِ، وَطُولُ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ مُنْتَهَى قَدَمِهِ إلَى مُنْتَهَى رَأْسِهِ سَبْعَةُ أَقْدَامٍ بِقَدَمِ نَفْسِهِ، وَأَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ كَذَلِكَ مِنْ آخِرِ مِرْفَقِهِ إلَى آخِرِ أُصْبُعِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 177 بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ   [منح الجليل] الْوُسْطَى فَالْمَعْنَى إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ قَائِمٍ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهِ. (بِغَيْرِ ظِلِّ) هَا حِينَ (الزَّوَالِ) أَيْ زَائِدًا عَلَيْهِ فَبَدَأَ ظِلُّ الْقَامَةِ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ فِي الزِّيَادَةِ وَأَمَّا ظِلُّهَا الَّذِي تَنَاهَى النَّقْصُ إلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِظِلِّ الزَّوَالِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ ظِلِّ الْقَامَةِ الْمُقَدَّرِ بِهِ وَقْتُ الظُّهْرِ، وَظِلُّ الزَّوَالِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْهُرِ الشَّمْسِيَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ الْعَجَمِيَّةِ. وَمِنْهَا الْقِبْطِيَّةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي مِصْرَ وَهِيَ تُوتْ فَبَابَهْ فَهَاتُورْ فَكِيهَكُ فَطُوبَهْ فَأَمْشِيرْ فَبَرَمْهَاتْ فَبَرْمُودَهْ فَبَشَمْسْ فَبَئُونَهْ فَأَبِيبْ فَمِسْرَى كُلُّ شَهْرٍ مِنْهَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَيُزَادُ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي السَّنَةِ الْبَسِيطَةِ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ فِي السَّنَةِ الْكَبِيسَةِ. فَمَجْمُوعُ أَيَّامِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ أَوْ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَضَبَطُوا أَقْدَامَ ظِلِّ الزَّوَالِ فِيهَا بِقَوْلِهِمْ ط ز هـ ج ب اا ب د وح ى، الْحَطّ: هُوَ لِعَرْضِ مَرَاكِشَ وَمَا قَارَبَهَا وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ يُنِيرْ وَالْمُوَافِقُ لَهُ أَمْشِيرْ فَأَقْدَامُ ظِلِّ الزَّوَالِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ تِسْعَةٌ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ بَرْمَهَاتْ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ بَرْمُودَهْ خَمْسَةٌ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ بَشَمْسْ ثَلَاثَةٌ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ بَئُونَهْ اثْنَانِ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَبِيبْ وَاحِدٌ. وَكَذَا فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ مِسْرَى وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ تُوتْ اثْنَانِ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ بَابَهْ أَرْبَعَةٌ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ هَاتُورْ سِتَّةٌ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ كَيْهَكْ ثَمَانِيَةٌ وَفِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ طُوبَهْ عَشَرَةٌ وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ عَلَى شَرْحِ عبق وَرِسَالَةِ الْقَلْيُوبِيِّ جَرَيَانُهُ مِصْرَ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ طُوبَهْ فَلِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا تِسْعَةُ أَقْدَامٍ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ وَهَكَذَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 178 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالشَّهْرَانِ الْمُتَجَاوِرَانِ إنْ تَسَاوَيَا فِي عِدَّةِ أَقْدَامِ ظِلِّ الزَّوَالِ كَأَبِيبْ وَمِسْرَى عَلَى كَلَامِ الْحَطّ وَكَبَئُونَهْ وَأَبِيبْ عَلَى كَلَامِ الْقَلْيُوبِيِّ فَأَقْدَامُ ظِلِّ الزَّوَالِ فِي أَوَّلِهِمَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَيَّامِهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهَا فَيُقْسَمُ مَا تَفَاوَتَا بِهِ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَيُزَادُ لِكُلِّ يَوْمٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ عَلَى أَقْدَامِ الْأَوَّلِ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِمَّا بِهِ التَّفَاوُتُ إنْ كَانَ الشَّهْرُ الْمُتَأَخِّرُ زَائِدَ الْأَقْدَامِ وَيُنْقَصُ إنْ كَانَ نَاقِصَ الْأَقْدَامِ. وَهَكَذَا حَتَّى تَصِيرَ أَقْدَامُ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الْأَوَّلِ مُسَاوِيَةً لِأَقْدَامِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ الَّذِي يَلِيهِ مَثَلًا عَلَى أَنَّ الضَّابِطَ لِعَرْضِ مِصْرَ وَالطَّاءَ لِطُوبَهْ وَالزَّايَ لِأَمْشِيرْ فَالتَّفَاوُتُ قَدَمَانِ نَاقِصَانِ فَيُنْقَصُ فِي كُلِّ يَوْمٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ مِنْ التِّسْعَةِ أَقْدَامٍ جُزْءٌ مِنْ قَدَمَيْنِ مَقْسُومَيْنِ عَلَى تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَإِنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بِقَدَمَيْنِ زَائِدَيْنِ زِيدَ فِي كُلِّ يَوْمٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ عَلَى أَقْدَامِ الْأَوَّلِ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ قَدَمَيْنِ وَإِنْ كَانَ بِقَدَمٍ فَاَلَّذِي يُزَادُ أَوْ يُنْقَصُ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ قَدَمٍ. وَيَنْعَدِمُ ظِلُّ الزَّوَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي عَرْضُهُ أَيْ بُعْدُ سَمْتِهِ مِنْ الْفَلَكِ عَنْ دَائِرَةِ الْمُعَدِّلِ مُسَاوٍ لِغَايَةِ مَيْلِ الشَّمْسِ فِي يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ كَمَدِينَةِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَرْضُهَا أَيْ بُعْدُ مُسَامِتِهَا مِنْ الْفَلَكِ عَنْ دَائِرَةِ الِاعْتِدَالِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً فِي الشَّمَالِ، وَغَايَةُ مَيْلِ الشَّمْسِ الشَّمَالِيِّ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً. فَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي غَايَةِ مَيْلِهَا الشَّمَالِيِّ كَانَتْ مُسَامِتَةً لِلْمَدِينَةِ فَلَا يَبْقَى فِيهَا مِنْ ظِلِّ الْقَامَةِ شَيْءٌ حِينَ الزَّوَالِ وَذَلِكَ فِي آخِرِ بُرْجِ الْجَوْزَاءِ. وَفِي الْبَلَدِ الَّذِي عَرْضُهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ فِي يَوْمَيْنِ مِنْهَا كَمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ فَعَرْضُهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ دَرَجَةً شَمَالِيَّةً فَإِذَا كَانَ مَيْلُ الشَّمْسِ كَذَلِكَ فَهِيَ عَلَى سَمْتِهَا فَلَا يَبْقَى مِنْ ظِلِّ الزَّوَالِ شَيْءٌ وَذَلِكَ فِي يَوْمَيْنِ يَوْمٍ قَبْلَ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ الشَّمَالِيِّ، وَهُوَ سَابِعُ الْجَوْزَاءِ، وَيَوْمٍ بَعْدَهُ وَهُوَ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ مِنْ السَّرَطَانِ. وَإِنْ كَانَ عَرْضُ الْبَلَدِ زَائِدًا عَلَى الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ فَلَا يَنْعَدِمُ ظِلُّ الزَّوَالِ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ كَمِصْرِ إذْ عَرْضُهَا ثَلَاثُونَ دَرَجَةً شَمَالِيَّةً فَظِلُّ الزَّوَالِ فِيهَا مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ أَيَّامِ السَّنَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 179 وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ، لِلِاصْفِرَارِ. وَاشْتَرَكَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا. وَهَلْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى أَوْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ؟ خِلَافٌ. وَلِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ الشَّمْسِ يُقَدَّرُ بِفِعْلِهَا بَعْدَ شُرُوطِهَا   [منح الجليل] وَيَخْتَلِفُ قَدْرُهُ بِحَسَبِ قُرْبِ الشَّمْسِ مِنْهَا وَبُعْدِهَا عَنْهَا فَيَنْقُصُ بِقُرْبِهَا وَيَزِيدُ بِبُعْدِهَا لِأَنَّ الشَّمْسَ لَا تُسَامِتُهُمْ بَلَى هِيَ فِي جَنُوبِهِمْ دَائِمًا. (وَهُوَ) أَيْ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى (أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ) الْمُخْتَارِ وَيَنْتَهِي (لِلِاصْفِرَارِ) فَالْعَصْرُ دَخَلَتْ عَلَى الظُّهْرِ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فِي وَقْتٍ مُخْتَارٍ لَهُمَا، وَذُكِرَ بِاعْتِبَارِ عُنْوَانِ الْفَرْضَيْنِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَاللَّهِ مَا بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ وَقَدْ زَلَّ فِيهِ أَقْدَامُ الْعُلَمَاءِ (بِقَدْرِ) فِعْلِ (إحْدَاهُمَا) أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَضَرًا وَرَكْعَتَيْنِ سَفَرًا. (وَهَلْ) اشْتِرَاكُهُمَا (فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى) وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إشَارَةً لِتَرْجِيحِهِ فَمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْأُولَى وَوَافَقَ فَرَاغُهُ مِنْهَا تَمَامَ الْقَامَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ جَائِزَةٌ ابْتِدَاءً وَإِنْ أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى أَوَّلِ الثَّانِيَةِ أَثِمَ (أَوْ) اشْتِرَاكُهُمَا فِي (أَوَّلِ) الْقَامَةِ (الثَّانِيَةِ) فَالظُّهْرُ دَخَلَتْ عَلَى الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ فَمَنْ أَخَّرَهَا لِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ قَدَّمَ الْعَصْرَ فِي آخِرِ الْأُولَى بَطَلَتْ وَأَثِمَ، وَشُهِرَ أَيْضًا فِيهِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مُشَهَّرَانِ اسْتَظْهَرَ الْأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ رَاشِدٍ وَفِي جَزْمِ الْمُصَنِّفِ بِهِ أَوَّلًا إشْعَارٌ بِأَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَشَهَّرَ الثَّانِيَ سَنَدٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ. (وَ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ (لِلْمَغْرِبِ غُرُوبُ) جَمِيعِ قُرْصِ (الشَّمْسِ) بِحَيْثُ لَا يَرَاهُ مَنْ كَانَ عَلَى نَحْوِ رَأْسِ جَبَلٍ عَالٍ، وَعَلَامَتُهُ لِمَنْ حُجِبَتْ عَنْهُ الشَّمْسُ بِنَحْوِ غَيْمٍ طُلُوعُ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ مِنْ الْمَشْرِقِ كَطُلُوعِ نُورِ الْفَجْرِ مِنْهُ وَالِاحْتِيَاطُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ وَالْفِطْرِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الظُّلْمَةُ قِيدَ رُمْحٍ وَهُوَ مُضَيَّقٌ (يُقَدَّرُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَقْتُ الْمَغْرِبِ (بِ) زَمَنِ (فِعْلِهَا) أَيْ الْمَغْرِبِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ. (بَعْدَ) زَمَنِ تَحْصِيلِ (شُرُوطِ) صِحَّتِ (هَا) أَيْ الْمَغْرِبِ، الْأَرْبَعَةِ؛ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 180 وَلِلْعِشَاءِ. مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ لِلثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَلِلصُّبْحِ. مِنْ الْفَجْرِ الصَّادِقِ   [منح الجليل] وَطَهَارَةِ الْخَبَثِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَزَمَنِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ طَهَارَةِ الْحَدَثِ الْغُسْلُ، وَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ أَوْ مُتَيَمِّمًا مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ مُوَسْوَسٍ وَلَا مُسْرِعٍ جِدًّا فَلَا يَخْتَلِفُ وَقْتُهَا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُصَلِّينَ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْآبِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ الْعَدَوِيُّ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّرُوعِ فِيهَا وَيَجُوزُ تَطْوِيلُ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ لَا بَعْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقِيمِ. وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَيُرَخَّصُ لَهُ فِي سَيْرِ مِيلٍ وَنَحْوِهِ بَعْدَ الْغُرُوبِ ثُمَّ يَنْزِلُ وَيُصَلِّيهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقُيِّدَ بِكَوْنِ مَدِّهِ لِغَرَضٍ كَمَنْهَلٍ وَإِلَّا فَيُصَلِّيهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ضَيَّقَ وَقْتَهَا وَتَقْدِيرُهُ بِفِعْلِهَا إلَخْ، وَرَوَى غَيْرُهُ عَنْهُ امْتِدَادَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لِمَغِيبِ الشَّفَقِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ " يُقَدَّرُ إلَخْ " جَوَازَ تَأْخِيرِهَا مِنْ مُحَصِّلٍ شُرُوطَهَا بِقَدْرِ زَمَنِ تَحْصِيلِهَا. (وَ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ (لِلْعِشَاءِ) مَبْدَؤُهُ (مِنْ غُرُوبِ حُمْرَةِ الشَّفَقِ) إضَافَةُ حُمْرَةٍ لِلْبَيَانِ أَيْ حُمْرَةٍ هِيَ الشَّفَقُ قَالَ الشَّاعِرُ: إنْ كَانَ يُنْكِرُ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ ... فِي فِيهِ كَذَّبَهُ فِي وَجْهِهِ الشَّفَقُ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. ابْنُ نَاجِي: وَنَقْلُ ابْنِ هَارُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَ مَا لِأَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ مُخْتَارِ الْعِشَاءِ مِنْ غُرُوبِ الْبَيَاضِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ غُرُوبِ الْحُمْرَةِ لَا أَعْرِفُهُ وَيَنْتَهِي مُخْتَارُ الْعِشَاءِ (لِ) آخِرِ (الثُّلُثِ الْأَوَّلِ) مِنْ اللَّيْلِ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقِيلَ: اخْتِيَارِيُّهَا مُمْتَدٌّ لِلْفَجْرِ فَلَا ضَرُورَةَ لَهَا. (وَ) الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ (لِلصُّبْحِ) مَبْدَؤُهُ (مِنْ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ الصَّادِقِ) الْمُنْتَشِرِ يَمِينًا وَشِمَالًا حَتَّى يَعُمَّ الْأُفُقَ وَاحْتَرَزَ بِالصَّادِقِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ وَيُسَمَّى الْمُحْلِفَ بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُسْتَطِيلِ الَّذِي لَا يَنْتَشِرُ وَيَرْتَفِعُ إلَى جِهَةِ السَّمَاءِ دَقِيقًا يُشْبِهُ بَيَاضَ بَاطِنِ ذَنَبِ الذِّئْبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 181 لِلْإِسْفَارِ الْأَعْلَى، وَهِيَ الْوُسْطَى. وَإِنْ مَاتَ وَسَطَ الْوَقْتِ بِلَا أَدَاءٍ، لَمْ يَعْصِ. إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ   [منح الجليل] الْأَسْوَدِ فِي أَنَّ كُلًّا بَيَاضٌ يَسِيرٌ فِي شَيْءٍ مُظْلِمٍ مُحِيطٍ بِهِ يَكُونُ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ ثُمَّ يَغِيبُ وَيَطْلُعُ الْفَجْرُ الصَّادِقُ بَعْدَهُ وَيَنْتَهِي مُخْتَارُ الصُّبْحِ. (لِلْإِسْفَارِ) أَيْ الضَّوْءِ (الْأَعْلَى) أَيْ الْأَقْوَى الْأَظْهَرِ الَّذِي فِيهِ وَجْهُ الْمُقَابِلِ فِي مَكَان لَا غِطَاءَ عَلَيْهِ بِالْبَصَرِ الْمُتَوَسِّطِ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يَمْتَدُّ مُخْتَارُ الصُّبْحِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ، وَالْأَكْثَرُ فِيهَا وَعَزَاهَا عِيَاضٌ لِكَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى قَالَ: وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكِلَاهُمَا مُشَهَّرٌ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ. (وَهِيَ) أَيْ الصُّبْحُ الصَّلَاةُ (الْوُسْطَى) فِي قَوْله تَعَالَى {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] أَيْ الْعُظْمَى وَالْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ لَيْلِيَّتَيْنِ مُشْتَرِكَتَيْنِ وَنَهَارِيَّتَيْنِ كَذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَعُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " وَقِيلَ: الْعَصْرُ، وَصَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَلَأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ» وَقِيلَ: الظُّهْرُ وَقِيلَ: الْمَغْرِبُ وَقِيلَ: الْعِشَاءُ وَقِيلَ: الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: عِيدُ الْأَضْحَى، وَقِيلَ: عِيدُ الْفِطْرِ وَقِيلَ: الضُّحَى. (وَإِنْ مَاتَ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ (وَسَطَ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ أَثْنَاءَ (الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ (بِلَا أَدَاءً) لَهَا فِيهِ (لَمْ يَعْصِ) لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْمَوْتَ) فِيهِ وَلَوْ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَنَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَقَيَّدَهُ الْحَطّ بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ وَلَمْ يُؤَدِّهَا فَيَأْثَمُ سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ لِضِيقِ الْوَقْتِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَهَذَا إنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا أَوْ مُتَمَكِّنًا مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَظَنَّ بَقِيَّةَ الْمَوَانِعِ كَحَيْضٍ وَجُنُونٍ كَذَلِكَ عِنْدَ الْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَالزُّهْرِيِّ الْقَائِلَيْنِ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ لِرَجَاءِ الْحَيْضِ وَكَذَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِكَرَامَتِهِ لَهُ لِتَقْيِيدِهَا بِعَدَمِ خَوْفِ خُرُوجِ الْوَقْتِ كَمَا تَقَدَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 182 وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا وَعَلَى جَمَاعَةٍ آخِرَهُ وَلِلْجَمَاعَةِ تَقْدِيمُ غَيْرِ الظُّهْرِ، وَتَأْخِيرُهَا لِرُبُعِ الْقَامَةِ،   [منح الجليل] (وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ) أَيْ مُنْفَرِدٍ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِ كَجَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ لَا تَرْجُو حُضُورَ غَيْرِهَا مَعَهَا (تَقْدِيمُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ عَقِبَ اتِّضَاحِهِ وَتَحَقُّقِ دُخُولِهِ لَا فِي أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْخَوَارِجِ الْمُعْتَقِدِينَ حُرْمَةَ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ تَقْدِيمًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا غَيْرَ ظُهْرٍ فِي شِدَّةِ حَرٍّ وَالْمُرَادُ بِتَقْدِيمِهَا فِعْلُهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا عَقِبَ النَّفْلِ الْمَطْلُوبِ قَبْلَهَا مِنْ رَكْعَتَيْ فَجْرٍ وَوِرْدٍ بِشُرُوطِهِ وَأَرْبَعٍ قَبْلَ ظُهْرٍ وَعَصْرٍ أَفَادَهُ الْحَطّ وَقَالَ عج: الْمُرَادُ بِهِ فِعْلُهَا أَوَّلَ وَقْتِهَا حَقِيقَةً بِدُونِ نَفْلٍ قَبْلَهَا إذْ النَّفَلُ الْقَبْلِيُّ إنَّمَا يُطْلَبُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُنْتَظِرَةِ غَيْرَهَا، وَالْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِطَلَبِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ يَنْتَظِرُ الْجَمَاعَةَ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ دُونَ الْمَغْرِبِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ قَبْلَهَا لِلْكُلِّ وَدُونَ الصُّبْحِ إذْ لَا يُطْلَبُ قَبْلَهَا إلَّا الْفَجْرُ وَالْوِرْدُ بِشُرُوطِهِ، وَدُونَ الْعِشَاءِ إذْ لَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ فِي خُصُوصِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا. (وَ) الْأَفْضَلُ لِلْفَذِّ تَقْدِيمُهَا مُنْفَرِدًا (عَلَى) فِعْلِهَا فِي (جَمَاعَةٍ) يَرْجُوهَا (آخِرَهُ) أَيْ الْمُخْتَارِ لِلِاحْتِيَاطِ بِإِدْرَاكِ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ مِنْ إعَادَتِهَا مَعَ جَمَاعَةٍ آخِرَهُ إنْ وُجِدَتْ وَلَوْ أَخَّرَهَا لَاحْتَمَلَ تَخَلُّفَ رَجَائِهِ، فَتَفُوتُهُ الْفَضِيلَتَانِ أَوْ تَحَقُّقَهُ فَتَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَعَقَّبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ يُنْدَبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى جَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا ضَرُورِيَّ لَهُ وَرَدَّهُ تت بِنَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي تَرْجِيحِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَذًّا عَلَى آخِرِهِ جَمَاعَةً عَامًّا فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ عُرُوضِ مُرَجِّحٍ لِلتَّأْخِيرِ كَرَجَاءِ مَاءٍ وَقَصَّةٍ أَوْ مُوجِبٍ لَهُ كَرَجَاءِ مَاءٍ لِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ بِبَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولَةٍ، وَرَجَاءِ زَوَالِ مَانِعٍ فِي الْوَقْتِ. (وَ) الْأَفْضَلُ (لِلْجَمَاعَةِ) الْمُنْتَظِرَةِ غَيْرَهَا (تَقْدِيمُ) كُلِّ صَلَاةٍ (غَيْرِ الظُّهْرِ) أَوَّلَ الْمُخْتَارِ وَلَوْ الْجُمُعَةَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ (وَ) الْأَفْضَلُ لَهَا (تَأْخِيرُهَا) أَيْ الظُّهْرِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ حَرُّهُ (لِرُبُعِ الْقَامَةِ) بِأَنْ يَصِيرَ ظِلُّهَا ذِرَاعًا بِغَيْرِ ظِلِّ الزَّوَالِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 183 وَيُزَادُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ. وَفِيهَا نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا وَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ تُجْزِ، وَلَوْ وَقَعَتْ فِيهِ. وَالضَّرُورِيُّ بَعْدَ الْمُخْتَارِ لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ،   [منح الجليل] لِأَنَّهَا تُصَادِفُهُمْ فِي أَشْغَالِهِمْ (وَيُزَادُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ التَّأْخِيرُ عَلَى رُبُعِ الْقَامَةِ (لِشِدَّةِ الْحَرِّ) الْبَاجِيَّ: نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ ابْنُ حَبِيبٍ: فَوْقَهُمَا بِيَسِيرٍ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: بِأَنْ لَا يُخْرِجَهَا عَنْ مُخْتَارِهَا وَاخْتَارَ الْحَطّ قَوْلَ الْبَاجِيَّ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا) لِأَهْلِ الْأَرْبَاضِ أَيْ أَطْرَافِ الْمِصْرِ وَالْحَرَسِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَفَتْحِهِمَا لِأَنَّ شَأْنَهُمْ التَّفَرُّقُ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ نَدْبُ تَقْدِيمِهَا لَهُمْ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ شَكَّ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الشَّكُّ فِيهَا (فِي دُخُولِ الْوَقْتِ) وَعَدَمِهِ أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا ضَعِيفًا وَصَلَّى أَوْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ الَّتِي طَرَأَ الشَّكُّ فِيهَا (لَمْ تُجْزِ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ لَمْ تَكْفِ فِي فِعْلِ الْفَرْضِ إنْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ بَلْ. (وَلَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهَا (وَقَعَتْ فِيهِ) أَيْ الْوَقْتِ وَإِنْ صَلَّى جَازِمًا بِدُخُولِهِ ظَنًّا قَوِيًّا وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ إلَى تَمَامِهَا أَجْزَأَتْ إنْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا فِيهِ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَإِنْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا قَبْلَهُ لَمْ تُجْزِ وَإِنْ شَكَّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ فَقَالَ عج يَنْوِي الْأَدَاءَ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ: لَا يَنْوِي أَدَاءً وَلَا قَضَاءً لِأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ وَالْمَطْلُوبُ الْمُبَادَرَةُ حِرْصًا عَلَى فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا فَإِنْ نَوَى الْأَدَاءَ لِظَنِّهِ بَقَاءَهُ فَتَبَيَّنَ خُرُوجُهُ صَحَّتْ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَ) الْوَقْتُ (الضَّرُورِيُّ بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ الْوَقْتِ (الْمُخْتَارِ) بِلَا فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا سُمِّيَ ضَرُورِيًّا لِاخْتِصَاصِ جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ بِأَصْحَابِ الضَّرُورَاتِ أَيْ الْأَعْذَارِ وَيَمْتَدُّ مِنْ أَوَّلِ الْإِسْفَارِ الْأَعْلَى وَيَنْتَهِي. (لِلطُّلُوعِ) لِطَرَفِ الشَّمْسِ الْأَعْلَى (فِي الصُّبْحِ، وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الظُّهْرِ الْخَاصُّ بِهَا مِنْ أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْعَصْرَ دَاخِلَةٌ عَلَى الظُّهْرِ فِي آخِرِ الْأُولَى، وَمِنْ مُضِيِّ مَا يَسَعُ أَحَدَهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 184 وَلِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ، وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ، وَتُدْرَكُ فِيهِ الصُّبْحُ بِرَكْعَةٍ لَا أَقَلَّ.   [منح الجليل] مِنْ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الظُّهْرَ دَخَلَتْ عَلَى الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَيَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْعَصْرِ مِنْ أَوَّلِ الِاصْفِرَارِ وَيَنْتَهِي (لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ) فِيهِ تَغْلِيبُ الظُّهْرِ عَلَى الْعَصْرِ فَلَا تَخْتَصُّ الْعَصْرُ بِقَدْرِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ يَحْيَى عَنْهُ اخْتِصَاصُهَا بِأَرْبَعٍ قَبْلَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ صُلِّيَتْ الظُّهْرُ فِيهِ فَقَضَاءً وَإِنْ طَرَأَ عُذْرٌ مُسْقِطٌ فِيهِ لَمْ يُسْقِطْهَا فَتُقْضَى بَعْدَ زَوَالِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ أَيْ حَقِيقَةً بِالنِّسْبَةِ لِلْعَصْرِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَبْقَى لَهُ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ، وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ وَقَالَ الْبُنَانِيُّ الْمَشْهُورُ رِوَايَةُ عِيسَى وَأَصْبَغَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (وَ) يَمْتَدُّ ضَرُورِيُّ الْمَغْرِبِ مِنْ فَرَاغِ مَا يَسَعُهَا وَشُرُوطَهَا، وَضَرُورِيُّ الْعِشَاءِ مِنْ أَوَّلِ الثُّلُثِ الثَّانِي وَيَنْتَهِي (لِلْفَجْرِ الصَّادِقِ فِي الْعِشَاءَيْنِ) فِيهِ تَغْلِيبُ الْعِشَاءِ عَلَى الْمَغْرِبِ (وَتُدْرَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (فِيهِ) أَيْ الضَّرُورِيِّ، الظَّاهِرُ مَعْنًى أَنَّهَا صِلَةُ " رَكْعَةٍ "، وَنَائِبُ فَاعِلِ " تُدْرَكُ " (الصُّبْحُ) أَيْ يُدْرَكُ أَدَاؤُهَا وَوُجُوبُهَا إذَا زَالَ الْعُذْرُ الْمُسْقِطُ آخِرَ الضَّرُورِيِّ وَصِلَةُ " تُدْرَكُ " (بِرَكْعَةٍ) تَامَّةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مُشْتَمِلَةٍ عَلَى قِرَاءَةِ فَاتِحَةٍ قِرَاءَةً مُتَوَسِّطَةً عَلَى طُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ فِي رَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ. وَيَجِبُ تَرْكُ السُّنَنِ كَقِرَاءَةِ سُورَةٍ وَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَتِهِ مُحَافَظَةً عَلَى إدْرَاكِ الْوَقْتِ، وَخَصَّ الصُّبْحَ بِالذِّكْرِ وَغَيْرُهَا كَذَلِكَ لِنَصِّهَا عَلَى غَيْرِهَا بَعْدُ بِقَوْلِهِ، وَالظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ وَيُقَاسُ عَلَيْهِمَا الْمَغْرِبُ وَالظُّهْرُ إذْ لَا فَرْقَ وَالِاخْتِيَارُ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِالْأَوَّلِ لِوُقُوعِ بَقِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ. (لَا) تُدْرَكُ الصُّبْحُ وَلَا غَيْرُهَا بِ (أَقَلَّ) مِنْ رَكْعَةٍ فِي الضَّرُورِيِّ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي قَوْلِهِ بِإِدْرَاكِهَا بِالرُّكُوعِ وَحْدَهُ وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ " لَا أَقَلَّ " وَإِنْ حَصَلَ أَصْلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 185 وَالْكُلُّ أَدَاءٌ، وَالظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْأُولَى، لَا الْأَخِيرَةِ.   [منح الجليل] الرَّدِّ بِقَوْلِهِ بِرَكْعَةٍ وَقِيلَ: لَا يُدْرَكُ إلَّا بِجَمِيعِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ بِأَكْثَرِهَا وَقِيلَ بِشَطْرِهَا وَقِيلَ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ الْإِحْرَامَ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ بِرَكْعَةٍ وَقَوْلِهِ لِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بَقَائِهِ إدْرَاكُهُ. (وَالْكُلُّ) أَيْ جَمِيعُ الصَّلَاةِ الَّتِي صُلِّيَتْ رَكْعَةٌ مِنْهَا فِي آخِرِ الضَّرُورِيِّ وَبَقِيَّتُهَا بَعْدَ خُرُوجِهِ (أَدَاءٌ) حَقِيقَةً فَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ مُسْقِطٌ كَحَيْضٍ وَجُنُونٍ فِي بَقِيَّتِهَا بَعْدَ خُرُوجِ الضَّرُورِيِّ سَقَطَتْ عَنْهُ لِطَرَيَانِ الْعُذْرِ فِي وَقْتِهَا الْأَدَائِيِّ وَلَوْ اقْتَدَى مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ بِهِ فِيهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ قَضَاءٌ، وَصَلَاةَ الْإِمَامِ أَدَاءٌ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَابْنُ قَدَّاحٍ: مَا فُعِلَ مِنْهَا بَعْدَ خُرُوجِ الضَّرُورِيِّ قَضَاءٌ حَقِيقَةً وَأَدَاءٌ حُكْمًا فَلَا تَسْقُطُ بِطَرَيَانِ الْعُذْرِ فِيهِ وَتَصِحُّ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ فِيهِ لِاتِّفَاقِ صَلَاتِهِمَا فِي الْقَضَاءِ حَقِيقَةً وَثَمَرَةُ الْأَدَاءِ الْحُكْمِيِّ رَفْعُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَالْحَطّ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ: إنَّهُ أَقْيَسُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَّرَهُ اللَّخْمِيُّ. (وَ) تُدْرَكُ (الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ الظُّهْرِ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْمَغْرِبِ فِي الثَّانِي أَيْ بِزَوَالِ الْعُذْرِ وَالْبَاقِي مِنْ الضَّرُورِيِّ مَا يَسَعُ الْأُولَى وَرَكْعَةً مِنْ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الثَّانِيَةِ. (لَا) يَفْضُلُهَا عَنْ الصَّلَاةِ (الْأَخِيرَةِ) مِنْ الظُّهْرَيْنِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ وَمَنْ وَافَقَهُمَا لِاخْتِصَاصِهَا بِقَدْرِهَا مِنْ آخِرِهِ وَسُقُوطِ الْأُولَى اتِّفَاقًا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ عِنْدَ زَوَالِهِ إلَّا مَا يَسَعُ الْأَخِيرَةَ وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ " لَا الْأَخِيرَةِ " وَإِنْ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ عَنْ الْأُولَى وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ التَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فِي مُسَافِرَةٍ زَالَ عُذْرُهَا قُبَيْلَ الْفَجْرِ بِقَدْرِ الطُّهْرِ وَثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سَقَطَتْ الْمَغْرِبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 186 كَحَاضِرٍ سَافَرَ، وَقَادِمٍ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ، وَإِنْ بِرِدَّةٍ، وَصِبًا وَإِغْمَاءٍ، وَجُنُونٍ، وَنَوْمٍ، وَغَفْلَةٍ. كَحَيْضٍ لَا سُكْرٍ،   [منح الجليل] وَأَدْرَكَتْ الْعِشَاءَ وَعَلَى الثَّانِي وَجَبَتَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْعِشَاءِ الْمَقْصُورَةِ وَفِي مُقِيمَةٍ زَالَ عُذْرُهَا قُبَيْلَهُ بِقَدْرِ الطُّهْرِ وَأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَجَبَتَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْمَغْرِبِ وَعَلَى الثَّانِي سَقَطَتْ الْمَغْرِبُ إذْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْعِشَاءِ رَكْعَةٌ. وَشَبَّهَ قَصْرَ الرُّبَاعِيَّةِ وَإِتْمَامَهَا بِالْإِدْرَاكِ فِي اشْتِرَاطِ فَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ لِلْأُخْرَى فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) أَيْ مُقِيمٍ (سَافَرَ) سَفَرَ قَصْرٍ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ بَقِيَ لَهُ قَدْرُ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَصَرَ الظُّهْرَيْنِ، وَأَقَلُّ أَتَمَّ الظُّهْرَ وَقَصَرَ الْعَصْرَ (وَ) كَشَخْصٍ (قَادِمٍ) مِنْ سَفَرِ قَصْرٍ قُرْبَهُ بِقَدْرِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ فَيُتِمُّهُمَا وَبِأَقَلَّ يَقْصُرُ الظُّهْرَ وَيُتِمُّ الْعَصْرَ. (وَأَثِمَ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عَصَى مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً (إلَّا) أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَيْهِ (لِعُذْرٍ) مُصَوَّرٍ (بِكُفْرٍ) أَصْلِيٍّ بَلْ (وَإِنْ بِرِدَّةٍ) عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْد تَقَرُّرِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ إثْمِهِ لِإِسْلَامِهِ. (وَصِبًا) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَقْصُورًا أَيْ عَدَمِ بُلُوغٍ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَتَجِبُ وَلَوْ صَلَّاهَا صَبِيًّا لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَلَوْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ (وَإِغْمَاءٍ) أَفَاقَ مِنْهُ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ (وَجُنُونٍ) كَذَلِكَ (وَنَوْمٍ) قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ فِيهِ أَفَاقَ مِنْهُ فِيهِ، وَصَلَّى فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا عَلِمَ تَيَقُّظَهُ مِنْهُ فِي الِاخْتِيَارِيِّ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يُوقِظُهُ فِيهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ. (وَغَفْلَةٍ) عَنْ الصَّلَاةِ زَالَتْ فِي الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ عَقِبَ زَوَالِهَا وَشَبَّهَ الْعُذْرَ الْخَاصَّ بِالنِّسَاءِ بِالْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ فِي إسْقَاطِ الْإِثْمِ فَقَالَ (كَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ فَإِذَا طَهُرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّتْ فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا وَعَطَفَ بِلَا عَلَى " كُفْرٍ " فَقَالَ (لَا سُكْرٍ) حَرَامٍ أَفَاقَ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَهُوَ آثِمٌ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 187 وَالْمَعْذُورُ. وَغَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ. وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا فَرَكَعَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَضَى الْأَخِيرَةَ.   [منح الجليل] وَعُذِرَ الْكَافِرُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ جَبَّ مَا قَبْلَهُ، وَالسُّكْرُ غَيْرُ الْحَرَامِ كَالْجُنُونِ. (وَ) الشَّخْصُ (الْمَعْذُورُ) بِعُذْرٍ مِمَّا ذُكِرَ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ) شَخْصٍ (كَافِرٍ يُقَدَّرُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الدَّالِ (لَهُ) أَيْ الْمَعْذُورِ وَنَائِبُ فَاعِلِ " يُقَدَّرُ " (الطُّهْرُ) أَيْ زَمَنٌ يَسَعُ الْوُضُوءَ إنْ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ أَوْ الْغُسْلَ إنْ كَانَ جُنُبًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ، أَوْ التَّيَمُّمَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ الصَّعِيدِيَّةِ، زِيَادَةً عَلَى زَمَنِ الرَّكْعَةِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الضَّرُورِيِّ عَقِبَ زَوَالِ الْعُذْرِ مَا يَسَعُ ذَلِكَ وَرَكْعَةً وَجَبَتْ الصَّلَاةُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْمُشْتَرِكَيْنِ مَا يَسَعُ ذَلِكَ وَأَحَدَهُمَا وَرَكْعَةً مِنْ الْأُخْرَى وَإِنْ ضَاقَ عَنْ هَذَا سَقَطَتْ أُولَاهُمَا، وَالْكَافِرُ لَا يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ لِلطُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُصَلِّي إلَّا بِهِ وَلَوْ يَخْرُجُ الْوَقْتُ فَمَتَى أَسْلَمَ وَالْبَاقِي يَسَعُ رَكْعَةً لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ كُفْرِهِ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ بِتَأْخِيرِهِ وَيُرَاعَى طُهْرُ شَخْصٍ مُتَوَسِّطٍ لَا مُوَسْوَسٍ وَلَا مُسْرِعٍ جِدًّا وَلَا يُقَدَّرُ زَمَنٌ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَا لِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا لِلِاسْتِبْرَاءِ إنْ احْتَاجَ لَهُ. (وَإِنْ ظَنَّ) أَيْ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ الْمُسْقِطُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ أَوْ لَا (إدْرَاكَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الضَّرُورِيِّ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ (فَرَكَعَ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الظُّهْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا. (فَخَرَجَ الْوَقْتُ) بِغُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ ضَمَّ لِلرَّكْعَةِ أُخْرَى وَسَلَّمَ مِنْ شَفْعٍ نَدْبًا وَإِنْ خَرَجَ وَهُوَ فِي الثَّالِثَةِ رَجَعَ لِجُلُوسِ الثَّانِيَةِ وَأَعَادَ التَّشَهُّدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ خَرَجَ وَهُوَ فِي الرَّابِعَةِ أَتَمَّهَا نَافِلَةً وَ (قَضَى) وُجُوبًا الصَّلَاةَ (الْأَخِيرَةَ) لِاخْتِصَاصِهَا بِآخِرِ الْوَقْتِ وَسَقَطَتْ الْأُولَى بِالْعُذْرِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ عَقْدِ الرُّكُوعِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَطَعَ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ إدْرَاكُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ شَفَعَ إنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا وَإِلَّا قَطَعَ وَأَدْرَكَهُ. وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَ الْأَخِيرِ فَقَطْ وَصَلَّاهَا وَبَقِيَتْ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَيُصَلِّي الْأُولَى لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 188 وَإِنْ تَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ. أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ. أَوْ ذَكَرَ مَا يُرَتَّبُ. فَالْقَضَاءُ. وَأَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ. غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ: الْمُدْرَكَ.   [منح الجليل] وَقْتِهَا وَهَلْ يُعِيدُ الثَّانِيَةَ بَعْدَهَا أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُهُمَا أَوْ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ أَوْ لَا يُدْرِكُ شَيْئًا فَلَا يُصَلِّي مَعَ الشَّكِّ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَسَعُ أَحَدَهُمَا وَرَكْعَةً مِنْ الْأُخْرَى قَضَاهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ أَوْ أَقَلَّ إلَى رَكْعَةٍ سَقَطَتْ الْأُولَى وَيَقْضِي الْأَخِيرَةَ وَإِلَّا سَقَطَتْ أَيْضًا وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَ الْأَخِيرَةِ وَشَكَّ فِي إدْرَاكِ الْأُولَى صَلَّى الْأَخِيرَةَ ثُمَّ إنْ بَانَ لَهُ إدْرَاكُ الْأُولَى قَضَاهَا وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَإِنْ تَطَهَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَنْ زَالَ عُذْرُهُ فِي آخِرِ الضَّرُورِيِّ وَظَنَّ إدْرَاكَهُ بِرَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِكَةٍ أَوْ فَضَلَ رَكْعَةٌ عَنْ إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ (فَأَحْدَثَ) عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا قَبْلَ كَمَالِ الصَّلَاةِ فَتَطَهَّرَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِمَا أَدْرَكَهُ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ فِي عَدَمِهِ لِتَقْدِيرِ طُهْرٍ ثَانٍ. (أَوْ تَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لَهُ (عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ) الَّذِي تَطَهَّرَ بِهِ فَتَطَهَّرَ بِآخَرَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عِنْدَ سَحْنُونٍ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي إسْقَاطِهِ بِتَقْدِيرِ طُهْرٍ ثَانٍ (أَوْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ عَقِبَ تَطَهُّرِهِ (مَا) أَيْ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَوَائِتِ الَّذِي (يُرَتَّبُ) أَيْ يُقَدَّمُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْحَاضِرِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا فَقَضَاءٌ فَخَرَجَ الْوَقْتُ. (فَالْقَضَاءُ) لِلْحَاضِرِ وَاجِبٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْوَقْتِ بِقَضَاءِ الْفَوَائِتِ (وَأَسْقَطَ عُذْرٌ) مِنْ الْأَعْذَارِ السَّابِقَةِ (حَصَلَ) أَيْ حَدَثَ فِي آخِرِ الضَّرُورِيِّ (غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ) وَمَفْعُولُ " أَسْقَطَ " قَوْلُهُ الْفَرْضَ (الْمُدْرَكَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الَّذِي يُحْكَمُ بِإِدْرَاكِهِ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَوْ كَانَ وَزَالَ فَإِنْ حَصَلَ الْعُذْرُ وَالْبَاقِي لِطُلُوعِ الشَّمْسِ رَكْعَةٌ أَسْقَطَ الصُّبْحَ، وَإِنْ حَصَلَ وَالْبَاقِي لِلْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا يَسَعُ أُولَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَرَكْعَةً مِنْ ثَانِيَتِهِمَا أَسْقَطَهُمَا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا إلَى رَكْعَةٍ أَسْقَطَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 189 وَأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ وَضُرِبَ لِعَشْرٍ. وَمُنِعَ نَفْلٌ وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا.   [منح الجليل] وَلَا يُقَدَّرُ زَمَنُ الطُّهْرِ فِي الْإِسْقَاطِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَإِنْ اخْتَارَهُ عج وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ الْمُوَضِّحَ قَالَ: لَمْ أَرَ اعْتِبَارَ الطُّهْرِ فِي الْإِسْقَاطِ لِغَيْرِ اللَّخْمِيِّ وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَذْهَبُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَحْدَهُ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارَاتٌ خَرَجَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا عَنْ الْمَذْهَبِ وَأَمَّا النَّوْمُ وَالنِّسْيَانُ فَلَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ. (وَأُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَدْبًا (صَبِيٌّ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (بِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ مِنْ الشَّارِعِ فَيُثَابُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِشَيْءٍ أَمْرٌ بِالشَّيْءِ فَالْوَلِيُّ مَأْمُورٌ مِنْ الشَّارِعِ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالصَّبِيُّ مَأْمُورٌ بِهَا مِنْ الشَّارِعِ أَيْضًا نَدْبًا وَقِيلَ: الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِشَيْءٍ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ فَالصَّبِيُّ لَيْسَ مَأْمُورًا مِنْ الشَّارِعِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ، وَثَوَابُ عَمَلِهِ لِوَالِدَيْهِ لِأُمِّهِ الثُّلُثَانِ وَلِأَبِيهِ الثُّلُثُ وَقِيلَ: عَلَى السَّوَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَيُخَاطَبُ الصَّبِيُّ بِالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ أَيْضًا فَالْمَرْفُوعُ عَنْهُ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ فَقَطْ وَصِلَةُ " أُمِرَ " (لِسَبْعٍ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ أَيْ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُظَنَّ إفَادَتُهُ وَلَا يُضْرَبُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ. (وَضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الصَّبِيُّ نَدْبًا ضَرْبًا مُؤْلِمًا غَيْرَ كَاسِرٍ لِعَظْمٍ وَلَا مُشِينٍ لِجَارِحَةٍ إنْ ظُنَّ إفَادَتُهُ وَإِلَّا فَلَا يُشْرَعُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ بِالْقَوْلِ وَصِلَةُ " ضُرِبَ " (لِعَشْرٍ) أَيْ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي النَّوْمِ نَدْبًا وَيَكْفِي ثَوْبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقِيلَ: لَا يَكْفِي وَالْأَحْسَنُ إفْرَادُ كُلٍّ بِفَرْشٍ وَغِطَاءٍ إنْ تَيَسَّرَ، وَيُكْرَهُ تَلَاصُقُهُمْ وَإِنْ بِالْعَوْرَةِ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذُوا وَإِلَّا حَرُمَ عَلَى وَلِيِّهِمْ إقْرَارُهُمْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَنْعُهُمْ مِنْهَا كَمَنْعِهِمْ مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ عَلَى الْبَالِغِ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (نَفْلٌ) أَيْ غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَشَمِلَ الْجِنَازَةَ، وَالنَّفَلَ الْمَنْذُورَ، وَقَضَاءَ النَّفْلِ الْمُفْسَدِ، وَسُجُودَ السَّهْوِ الْبَعْدِيِّ أَيُّ تَنَفُّلٍ (وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ) مِنْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِ طَرَفِهَا الْأَعْلَى إلَى طُلُوعِ طَرَفِهَا الْأَسْفَلِ (وَ) وَقْتَ (غُرُوبِهَا) أَيْ اسْتِتَارِ طَرَفِهَا الْأَسْفَلِ إلَى ذَهَابِ طَرَفِهَا الْأَعْلَى. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 190 وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ. وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ. وَفَرْضِ عَصْرٍ، إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ، وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَالْوِرْدَ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ وَجِنَازَةً وَسُجُودَ تِلَاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ   [منح الجليل] وَ) وَقْتَ (خُطْبَةِ جُمُعَةٍ) مِنْ حَالِ شُرُوعِهِ فِيهَا إلَى فَرَاغِهَا وَيَحْرُمُ أَيْضًا قَبْلَهَا مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِ الْخَطِيبِ مِنْ خَلْوَتِهِ وَتَوَجُّهِهِ لَهَا وَحَالَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ قَبْلَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَمُنِعَ أَيْضًا عِنْدَ إقَامَةٍ لِصَلَاةِ الرَّاتِبِ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَضِيقِ وَقْتِ حَاضِرَةٍ، وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ النَّفَلُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ فَإِنْ نَسِيَ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ الصُّبْحِ وَشَرَعَ فِيهَا وَقْتَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ طُلُوعِهَا وَعَقَدَ رُكُوعَهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَيَشْفَعُهَا نَدْبًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَى النَّفْلِ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ النَّفَلُ (بَعْدَ) طُلُوعِ (فَجْرٍ) وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ بَعْدَ صَلَاةِ الرَّغِيبَةِ فِي غَيْرِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ (وَ) كُرِهَ بَعْدَ أَدَاءِ (فَرْضِ عَصْرٍ) وَيُنْدَبُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ صَلَاتِهَا وَتَسْتَمِرُّ كَرَاهَتُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ) الشَّمْسُ عَنْ الْأَرْضِ (قِيدَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ قَدْرَ (رُمْحٍ) عَرَبِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ شِبْرًا مُتَوَسِّطًا. (وَ) بَعْدَ فَرْضِ الْعَصْرِ إلَى أَنْ (تُصَلَّى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الْمَغْرِبُ) فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إقَامَتِهَا جَلَسَ بِلَا صَلَاةٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ مِنْ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ وَقْتَيْ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ اتِّكَالًا عَلَى عِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ (إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) وَالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِلَا شَرْطٍ (وَ) إلَّا (الْوِرْدَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ النَّفَلَ الَّذِي اعْتَادَ صَلَاتَهُ بِلَيْلٍ وَنَامَ عَنْهُ لَيْلَةً فَيُصَلِّيهِ (قَبْلَ) صَلَاةِ (الْفَرْضِ) أَيْ الصُّبْحِ (لِنَائِمٍ عَنْهُ) غَلَبَةً وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ وَلَا تَأْخِيرَ الصُّبْحِ إلَى الْإِسْفَارِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ لِفِعْلِ الْوَرْدِ بَعْدَ الْفَجْرِ. (وَ) إلَّا (جِنَازَةً وَسُجُودَ تِلَاوَةٍ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَ (قَبْلَ إسْفَارٍ وَ) بَعْدَ صَلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 191 وَاصْفِرَارٍ، وَقَطَعَ مُحْرِمٌ بِوَقْتِ نَهْيٍ وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ كَمَقْبَرَةٍ وَلَوْ لِمُشْرِكٍ،   [منح الجليل] عَصْرٍ وَقَبْلَ (اصْفِرَارٍ) فَيُكْرَهَانِ فِي الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ فَإِنْ صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي وَقْتِ كَرَاهَةٍ فَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا وَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فِي وَقْتِ مَنْعٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُعَادُ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ وُضِعَتْ فِيهِ فَلَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ تُوضَعْ فِيهِ وَهَذَا إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا التَّغَيُّرُ بِتَأْخِيرِهَا لِوَقْتِ الْجَوَازِ وَإِلَّا فَيُصَلَّى عَلَيْهَا وَلَوْ وَقْتَ الْمَنْعِ وَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا وَاقْتَصَرَ سَنَدٌ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ: إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَقَطَعَ) النَّفَلَ شَخْصٌ (مُحْرِمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَصِلَتُهُ مُقَدَّرَةٌ أَيْ بِهِ (بِوَقْتِ نَهْيٍ) أَيْ فِيهِ وُجُوبًا إنْ كَانَ وَقْتَ تَحْرِيمٍ وَنَدْبًا إنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ إذْ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إلَّا الدَّاخِلَ وَقْتَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَأَحْرَمَ بِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا يَقْطَعُهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَلَا يَقْضِيهِ وَظَاهِرُهُ قَطْعُهُ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ فَيُتِمُّهُ بِالسَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْقَطْعِ مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ بَلْ لِخَارِجٍ وَهُوَ كَوْنُ السَّاجِدِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ شَبِيهًا بِالسَّاجِدِ لِلشَّيْطَانِ، وَالِاشْتِغَالُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا الْخَارِجُ لَازِمٌ لِلْوَقْتِ فَكَأَنَّ النَّهْيَ لِذَاتِ الْوَقْتِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الِانْعِقَادِ كَصَوْمِ الْعِيدِ الْمُعَلَّلِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَظْهَرَ هَذَا الشَّاوِيُّ وَالْعَدَوِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الِانْصِرَافُ عَنْ الْفَاسِدِ. (وَجَازَتْ) الصَّلَاةُ (بِمَرْبِضِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ بِمَحَلِّ رُبُوضِ أَيْ بُرُوكِ (بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ: (كَ) الصَّلَاةِ ب (مَقْبَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ وَلَوْ عَلَى قَبْرٍ غَيْرِ مُسَنَّمٍ وَبِلَا حَائِلٍ، عَامِرَةً كَانَتْ أَوْ دَارِسَةً مَنْبُوشَةً أَمْ لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (لِمُشْرِكٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ كَافِرٍ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِعَدَمِ جَوَازِهَا فِي مَقْبَرَةِ مُشْرِكٍ لِأَنَّهُ مَحَلُّ عَذَابٍ وَحُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 192 وَمَزْبَلَةٍ وَمَحَجَّةٍ وَمَجْزَرَةٍ إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجِسِ، وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْأَحْسَنِ إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ. وَكُرِهَتْ بِكَنِيسَةٍ. وَلَمْ تُعَدْ   [منح الجليل] وَرَجَّحَهُ الْمَوَّاقُ (وَمَزْبَلَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ ضَمِّهَا أَيْ مَوْضِعِ طَرْحِ الزِّبْلِ. (وَمَحَجَّةٍ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَسَطِ طَرِيقٍ (وَمَجْزَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ مَحَلِّ تَذْكِيَةِ الْحَيَوَانِ (إنْ أُمِنَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ تُيُقِّنَ أَوْ ظُنَّ خُلُوُّ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ (مِنْ النَّجِسِ) بِأَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا مُنْقَطِعٍ عَنْ النَّجَاسَةِ أَوْ فَرَشَ شَيْئًا طَاهِرًا صَلَّى عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ مِنْ النَّجِسِ (فَلَا إعَادَةَ) أَيْ وَاجِبَةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَحْسَنِ) عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْخِلَافِ. (إنْ لَمْ تُحَقَّقْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ الْأُولَى مُثَقَّلًا أَيْ النَّجَاسَةُ بِأَنْ شُكَّ فِيهَا وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ أَوْ ظُنَّتْ أُعِيدَتْ أَبَدًا وُجُوبًا اتِّفَاقًا. (وَكُرِهَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الصَّلَاةُ (بِكَنِيسَةٍ) أَيْ مَعْبَدِ كَافِرٍ فَشَمِلَتْ الْبِيعَةَ وَبَيْتَ النَّارِ عَامِرَةً كَانَتْ أَوْ دَارِسَةً مَا لَمْ يَدْخُلْهَا لِضَرُورَةٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ عَامِرَةً (وَلَمْ تُعَدْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُخَفِّفًا الصَّلَاةَ بِهَا بِوَقْتٍ إنْ كَانَتْ دَارِسَةً مُطْلَقًا أَوْ عَامِرَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 193 وَبِمَعْطِنِ إبِلٍ وَلَوْ أَمِنَ وَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ. وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ، وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ   [منح الجليل] دَخَلَهَا لِضَرُورَةٍ أَوْ طَائِعًا وَصَلَّى عَلَى طَاهِرٍ وَإِلَّا أَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْأَرْجَحِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ: لَا يُعِيدُ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ. (وَ) كُرِهَتْ (بِمَعْطِنِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (إبِلٍ) أَيْ مَحَلِّ بُرُوكِهَا بَيْنَ شِرْبَيْهَا نَهَلًا ثُمَّ عَلَلًا فَإِنْ صَلَّى بِهِ أَعَادَ (وَلَوْ أَمِنَ) النَّجَاسَةَ أَوْ فَرَشَ طَاهِرًا تَعَبُّدًا (وَفِي) كَيْفِيَّةِ (الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ) قِيلَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَقِيلَ: يُعِيدُ النَّاسِي فِي الْوَقْتِ وَالْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ أَبَدًا نَدْبًا وَأَمَّا مَوْضِعُ مَبِيتِهَا، وَقَيْلُولَتِهَا فَلَيْسَ بِمَعْطِنٍ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ إنْ أَمِنَ مِنْ مَنِيِّهَا أَوْ صَلَّى عَلَى فَرْشٍ طَاهِرٍ هَذَا الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ فَأَفَادَ اعْتِمَادَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ: تُكْرَهُ فِي مَحَلِّ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ شب. (وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَسَلًا فَلَا يُقَرُّ عَلَى تَرْكِهِ وَيُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ وَيُكَرَّرُ أَمْرُهُ بِهِ وَيُهَدَّدُ بِالضَّرْبِ ثُمَّ يُضْرَبُ فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ (أُخِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْحَضَرِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ وَيُهَدَّدُ بِالْقَتْلِ (لِبَقَاءِ) زَمَنِ (رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا) وَمُجَرَّدُ الْفَرَائِضِ (مِنْ) الْوَقْتِ (الضَّرُورِيِّ) إنْ كَانَ فَرْضًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِكَيْنِ أُخِّرَ لِخَمْسٍ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِأَرْبَعٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ وَلِثَلَاثٍ بِسَفَرٍ وَيُقَدَّرُ هُنَا بِالْأَخِيرَةِ صَوْنًا لِلدَّمِ وَتُعْتَبَرُ الرَّكْعَةُ بِلَا فَاتِحَةٍ وَلَا طُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ وَيُقَدَّرُ لَهُ زَمَنُ طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ بِمُجَرَّدِ الْفَرَائِضِ إنْ كَانَ أَهَلَّهَا بِدُونِ دَلْكٍ وَمَسَحَ بَعْضِ الرَّأْسِ صَوْنًا لِلدَّمِ، وَإِلَّا فَزَمَنُ تَيَمُّمٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَسْحِ يَدَيْهِ لِلْكُوعِ وَرُجِّحَ عَدَمُ تَقْدِيرِ زَمَنٍ لِلطُّهْرِ صَوْنًا لِلدَّمِ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتُظْهِرَ. (وَقُتِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (بِالسَّيْفِ) بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِهِ لَا بِنَخْسِهِ بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 194 حَدًّا وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ، وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ، وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ. لَا فَائِتَةً عَلَى الْأَصَحِّ.   [منح الجليل] لَعَلَّهُ يَرْجِعُ كَمَا قِيلَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ، وَالْوَقْتُ وَاسِعٌ فَلَا يُقْتَلُ وَكَذَا إنْ لَمْ يُكَرَّرْ أَمْرُهُ بِهِ قَتْلًا (حَدًّا) لَا كُفْرًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ وَافَقَهُ إنْ قَالَ: لَا أَفْعَلُ بَلْ (وَلَوْ قَالَ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَتْلِهِ (أَنَا أَفْعَلُ) وَلَمْ يَفْعَلْ وَإِلَّا فَلَا يُقْتَلُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُقْتَلُ إنْ قَالَ: أَنَا أَفْعَلُ وَيُبَالَغُ فِي أَدَبِهِ وَمَنْ صَلَّى مُكْرَهًا يُعِيدُهَا وَاسْتُظْهِرَ أَنَّهُ يُدَيَّنُ. وَأَوْرَدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَتْلُهُ حَدًّا لَمَا سَقَطَ بِشُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرْكَ الْمُوجِبَ لِقَتْلِهِ حَدًّا إنَّمَا هُوَ التَّرْكُ الْجَازِمُ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ قَتْلِهِ فَهُوَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ وُقُوعُهَا إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ مُسَبَّبَاتِهَا وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ قَتْلُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: بِالشُّرُوعِ فِي قَتْلِهِ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ تَحَقَّقَ التَّرْكُ الْجَازِمُ قَبْلَ قَتْلِهِ. (وَصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ لِتَرْكِ الْفَرْضِ شَخْصٌ (غَيْرُ فَاضِلٍ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلْفَضْلِ بِإِمَامَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ شَرَفٍ وَكُرِهَتْ مِنْ الْفَاضِلِ رَدْعًا لِمِثْلِهِ. (وَلَا يُطْمَسُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (قَبْرُهُ) أَيْ يُكْرَهُ إخْفَاؤُهُ وَعَدَمُ تَسْنِيمِهِ فَيُسَنَّمُ كَقَبْرِ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ فَرْضًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعَطَفَ بِلَا عَلَى نَعْتِ فَرْضًا مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ حَاضِرًا أَوْ عَلَى فَرْضًا مُؤَوَّلًا بِحَاضِرًا فَقَالَ (لَا فَائِتَةً) امْتَنَعَ مِنْ قَضَائِهَا فَلَا يُقْتَلُ إنْ لَمْ يُطْلَبْ بِفِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا الْمُتَّسِعِ طَلَبًا مُتَكَرِّرًا فَلَا يُقْتَلُ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ شَيْخٍ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ قِيلَ: الْأَوْلَى الْمَقُولُ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ لِلْمَازِرِيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّصْحِيحَ هُنَا لِلْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ لِتَصْحِيحِ غَيْرِ الْمَازِرِيِّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَبِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ إلَخْ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي فَهُوَ إشَارَةٌ لَا أَنَّهُ مَتَى صَحَّحَ الْمَازِرِيُّ أُشِيرُ إلَيْهِ. وَمَنْ قَالَ: لَا أَتَوَضَّأُ أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَنْ تَرَكَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ أَوْ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لِلْخِلَافِ فِيهِمَا، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 195 وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ. (فَصْلٌ) سُنَّ الْأَذَانُ   [منح الجليل] الصَّوْمِ كَسَلًا يُؤَخَّرُ لِقُرْبِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَارِكِ الْحَجِّ، وَلَوْ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الِاسْتِطَاعَةُ وَرُبَّ عُذْرٍ بَاطِنِيٍّ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَيُؤْمَرُ وَيُدَيَّنُ وَتَارِكُ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ كَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ قُتِلَ فَهَدَرٌ، وَلَكِنْ لَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُكْرَهِ لَهُ. (وَالْجَاحِدُ) أَيْ الْمُنْكِرُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ أَوْ رُكُوعَهَا أَوْ سُجُودَهَا (كَافِرٌ) أَيْ مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ تَمَّتْ وَلَمْ يَتُبْ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كُفْرًا فَلَا يُغَسَّلُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُتْرَكُ لِلْكَافِرِينَ إلَّا أَنْ تُخَافَ ضَيْعَتُهُ فَيُوَارَى لَا لِقِبْلَتِنَا وَلَا لِقِبْلَتِهِمْ وَلَا يُورَثُ مَالُهُ فَهُوَ فَيْءٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَحَدَ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا لِعَامَّةِ النَّاسِ كَأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِقَدْحِهِ فِي الدِّينِ، سَوَاءٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ الْحَدِيثُ أَوْ الْإِجْمَاعُ أَوْ الْقِيَاسُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهِمَا] وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ إعْلَامٍ بِشَيْءٍ وَشَرْعًا إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ قُرْبِهِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ أَيْضًا. (سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الْأَذَانُ) أَيْ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ تَلَاصَقَتْ أَوْ عَلَا بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِكُلِّ مَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَيَجِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ كِفَايَةً، وَإِنْ تَرَكُوهُ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ هَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي كُلِّ بَلَدٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 196 لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا: فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ، وَلَوْ جُمُعَةً وَهُوَ مُثَنًّى،   [منح الجليل] وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَصِلَةُ سُنَّ (لِجَمَاعَةٍ) أَيْ مِنْهَا كِفَايَةً لَا لِمُنْفَرِدٍ وَنَعَتَهَا بِجُمْلَةِ (طَلَبَتْ) أَيْ جَمَاعَةٌ (غَيْرَهَا) لِلصَّلَاةِ مَعَهَا لَا لِجَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ غَيْرِ طَالِبَةٍ غَيْرَهَا وَصِلَةُ " سُنَّ " (فِي فَرْضٍ) لَا فِي سُنَّةٍ كَعِيدٍ (وَقْتِيٍّ) بِشَدِّ الْيَاءِ أَيْ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ فِي جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الزَّمَانِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، مُخْرِجٌ الْفَائِتَةَ إذْ وَقْتُهَا وَقْتُ تَذَكُّرِهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَالْجِنَازَةَ إذْ وَقْتُهَا الْفَرَاغُ مِنْ تَكْفِينِهَا كَذَلِكَ، وَالْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ " اخْتِيَارِيٍّ " وَلَوْ حُكْمًا لِتَخْرُجَ الصَّلَاةُ الْمُؤَدَّاةُ فِي الضَّرُورِيِّ لِغَيْرِ جَمْعٍ وَتَدْخُلَ الْمَجْمُوعَةُ فِيهِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا إنْ كَانَ الْفَرْضُ الْوَقْتِيُّ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (جُمُعَةً) فَأَذَانُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ عَقِبَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ وَلَا فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَذَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ عَقِبَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِوُجُوبِ الثَّانِي، وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِدْعَةٌ مُضَيِّعَةٌ لِثَمَرَتِهِ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ الْخَارِجِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيَسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَيَذَرُوا الْبَيْعَ وَكُلَّ مَا يَشْغَلُهُمْ عَنْهُ وَالْحَاضِرُونَ فِي الْمَسْجِدِ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِالْأَذَانِ فَالصَّوَابُ فِعْلُهُ فِي مَحَلِّ الْأَذَانِ الْمُعْتَادِ لِلْإِسْمَاعِ لِمَنْ لَيْسَ فِي الْجَامِعِ كَمَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ إلَى الْآنَ. (وَهُوَ) أَيْ الْأَذَانُ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَهُوَ ذِكْرُ الِاسْمِ الظَّاهِرِ بِمَعْنًى، وَاعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ (مُثَنًّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 197 وَلَوْ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ. مُرَجَّعُ الشَّهَادَتَيْنِ   [منح الجليل] أَيْ كُلُّ جُمْلَةٍ تُثَنَّى أَيْ تُذْكَرُ مَرَّتَيْنِ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا مَعْدُولًا عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ تُذْكَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ وعبق وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْأَذَانِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ جُمْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ رُجُوعِهِ لَهُ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ جُمَلِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ جُمَلَ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ كَمَا يُقَالُ جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ تَرْتِيبُ جُمَلِهِ فَإِنْ نَكَّسَ شَيْئًا مِنْهَا ابْتَدَأَهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ: يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ وَبَالَغَ فِي تَثْنِيَةِ الْجُمَلِ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَتْ الْجُمْلَةُ (الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) الَّذِي فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بَيْنَ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَالتَّكْبِيرِ الْأَخِيرِ وَيَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِفَلَاةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إنْسَانٌ يَنْشَطُ لِلصَّلَاةِ وَقِيلَ: يُسْقِطُهَا حِينَئِذٍ وَرَدَّهُ سَنَدٌ بِأَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ إنْسَانًا، وَجُعِلَ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا «أَتَاهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا يَا بِلَالُ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِكَ إذَا أَذَّنْتَ لِلصُّبْحِ» . وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِلْمُؤَذِّنِ الَّذِي جَاءَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ فَهُوَ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقِبَ الْأَذَانِ فَبِدْعَةٌ حَدَثَتْ فِي آخِرِ الْقَرْنِ الثَّامِنِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِإِفْرَادِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ " وَهُوَ مُثَنًّى " جُمْلَةُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَلَا تُثَنَّى اتِّفَاقًا وَلَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا يَكْفِي فِي الْمَطْلُوبِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ مَنْدُوبًا وَإِنْ أَوْتَرَ أَقَلَّهُ كَفَى (مُرَجَّعُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُشَدَّدًا خَبَرٌ ثَانٍ لِهُوَ أَيْ مُكَرَّرُ (الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ تَثْنِيَتِهِمَا مَعًا قِيلَ الْأَوْلَى " الشَّهَادَاتِ " لِيُفِيدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَجِّعُهَا بَعْدَ جَمْعِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَصْدُقُ بِتَرْجِيعِ مَرَّتَيْ الْأُولَى قَبْلَ مَرَّتَيْ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 198 بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلًا. مَجْزُومٌ بِلَا فَصْلٍ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ   [منح الجليل] الْمُرَادُ أَنَّهُ يَذْكُرُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ عَنْ صَوْتِ التَّكْبِيرِ ثُمَّ يُرَجِّعُهَا (بِأَرْفَعَ) أَيْ أَعْلَى (مِنْ صَوْتِهِ) بِهِمَا (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا عَقِبَ تَكْبِيرِهِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا عَنْ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ فَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ فَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ (مَجْزُومٌ) أَيْ سَاكِنٌ آخِرُ الْجُمَلِ نَدْبًا لِمَدِّ الصَّوْتِ لِلْإِسْمَاعِ. الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَّةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ ابْنُ رَاشِدٍ: الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ حَتَّى " اللَّهُ أَكْبَرُ " الْأَخِيرِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ مُعْرَبًا فَجَزْمُ مَا عَدَا التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَعِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رَاشِدٍ الْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَيُكْرَهُ اللَّحْنُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ سَلَامَتُهُ مِنْهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ حَدِيثًا إلَى مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ. (بِلَا فَصْلٍ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ وَجُمَلِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ فَإِنْ وَجَبَ لِكَإِنْقَاذِ أَعْمَى فَصَلَ وَبَنَى مَا لَمْ يَطُلْ وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ) وَرَدِّهِ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِجَوَازِ إشَارَتِهِ لِكَسَلَامٍ كَالْمُصَلِّي، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا مَهَابَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الْقَلْبِ فَالْإِشَارَةُ فِيهَا لَا تَجُرُّ إلَى الْكَلَامِ، وَالْأَذَانَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْإِشَارَةُ فِيهِ لِذَلِكَ تُؤَدِّي لِلْكَلَامِ فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَعَبَّرَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِالْمَنْعِ فَحَمَلَهُ عج عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَبْقَاهُ الْحَطَّابُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُ كَلَامَ زَرُّوقٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُعَدَّ مِمَّا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَكُرِهَتْ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كَرَاهَتَهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْفَصْلِ بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُكْرَهُ إنْ لَمْ يَفْصِلْ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. وَيَرُدُّ الْمُؤَذِّنُ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وُجُوبًا وَإِنْ ذَهَبَ الْمُسَلِّمُ وَيُسْمِعُهُ إنْ حَضَرَ وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ، وَكَذَا قَاضِي الْحَاجَةِ، وَالْوَاطِئُ وَلَكِنْ لَا يُؤْمَرَانِ بِالرَّدِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِنْ حَضَرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 199 وَبَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ، غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ، إلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ. وَصِحَّتُهُ بِإِسْلَامٍ،   [منح الجليل] الْمُسَلِّمُ لِأَنَّ حَالَهُمَا يُنَافِي الذِّكْرَ (وَبَنَى) الْمُؤَذِّنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَذَانَهُ إنْ فَصَلَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (إنْ لَمْ يَطُلْ) فَصْلُهُ وَإِلَّا ابْتَدَأَهُ (غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ) شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ فَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَمُضَيِّعٌ لِفَائِدَتِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ إنْ عَلِمُوا تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنْ عَلِمُوهُ بَعْدَهَا فَلَا يُعِيدُونَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ مِنْ الْوَقْتِ أَعَادَهُمَا وُجُوبًا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ. (إلَّا الصُّبْحَ فَ) يُؤَذَّنُ لَهَا (بِ) أَوَّلِ (سُدُسِ اللَّيْلِ) الْأَخِيرِ لِأَنَّهَا تَأْتِي النَّاسَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَنَبَّهُوا أَوْ يَتَأَهَّبُوا لَهَا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَالِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ إنْ كَانَتْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُوَ قَوْلُ سَنَدٍ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيُّ وَبَعْضُ مُحَقِّقِي الْمَغَارِبَةِ وَالرَّاجِحُ إعَادَتُهُ فَقِيلَ: نَدْبًا، وَالسُّنَّةُ الْأَوَّلُ، وَتَقْدِيمُهُ مَنْدُوبٌ وَالرَّاجِحُ اسْتِنَانًا، وَقِيلَ: مَنْدُوبٌ كَتَقْدِيمِهِ وَاخْتَارَ عج أَنَّهُمَا مَسْنُونَانِ وَأَيَّدَهُ الْبُنَانِيُّ بِالنُّقُولِ وَيَحْرُمُ الْأَذَانُ لِلصُّبْحِ قَبْلَ السُّدُسِ الْأَخِيرِ وَمَبْدَأُ اللَّيْلِ الْغُرُوبُ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ الْأَذَانِ مَشْرُوطَةٌ (بِإِسْلَامٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ لِوُقُوعِ بَعْضِهِ حَالَ كُفْرِهِ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِسْلَامٍ فَإِنْ رَجَعَ فَمُرْتَدٌّ إنْ عَلِمَ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَذَانِهِ وَإِلَّا فَيُؤَدَّبُ وَيُتْرَكُ مَا لَمْ يَعْتَذِرْ بِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِقَرِينَةٍ صَدَّقَتْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ. الْحَطَّابُ: لَمْ أَعْلَمْ فِي إسْلَامِهِ بِأَذَانِهِ خِلَافًا عج لَوْ أَذَّنَ الْكَافِرُ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ أَذَانِهِ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: إنْ أَعَادُوهُ فَحَسَنٌ وَإِنْ اجْتَزَءُوا بِهِ أَجْزَأَهُمْ اهـ وَقَالَ عج: يُعَادُ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ. اهـ. وَهُوَ الظَّاهِرُ لِبُطْلَانِ أَذَانِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْبَلَدِ، وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ عُلِمَ دُخُولُ الْوَقْتِ بِدُونِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 200 وَعَقْلٍ، وَذُكُورَةٍ، وَبُلُوغٍ وَنُدِبَ. مُتَطَهِّرٌ، صَيِّتٌ، مُرْتَفِعٌ، قَائِمٌ إلَّا لِعُذْرٍ، مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ   [منح الجليل] (وَعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ طَافِحٍ (وَبُلُوغٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لَمْ يُعْتَمَدْ فِيهِ وَلَا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى بَالِغٍ عَدْلٍ فَإِنْ اُعْتُمِدَ عَلَيْهِ صَحَّ أَذَانُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كِفَايَتُهُ الْبَالِغِينَ عَنْ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِهِمْ لَهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِمْ. (وَذُكُورَةٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ أُنْثَى وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَنَاصِبِ الذُّكُورِ كَالْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَأَذَانُهَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ وَالْقَرَافِيِّ يُكْرَهُ أَذَانُهَا قَالَ الْحَطَّابُ: يَنْبَغِي حَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَقَدْ يُقَالُ: صَوْتُهَا لَيْسَ عَوْرَةً حَقِيقَةً بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ النِّسَاءِ وَمُعَامَلَتِهِنَّ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْعَوْرَةِ فِي حُرْمَةِ التَّلَذُّذِ بِكُلٍّ فَإِبْقَاءُ الْكَرَاهَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَجِيهٌ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يُؤَذِّنَ شَخْصٌ (مُتَطَهِّرٌ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ مُحْدِثٌ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَكَرَاهَتُهُ مِمَّنْ حَدَثُهُ أَكْبَرُ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَتِهِ مِمَّنْ حَدَثُهُ أَصْغَرُ (صَيِّتٌ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ وَمُرْتَفِعُهُ وَكُرِهَ أَذَانُ قَبِيحِ الصَّوْتِ، وَالتَّطْرِيبُ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيَحْرُمُ لِاسْتِخْفَافِهِ بِالسُّنَّةِ وَفَسَّرَ الْحَطَّابُ الصَّيِّتَ بِالْمُرْتَفِعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (مُرْتَفِعٌ) بِمَكَانٍ عَالٍ إنْ أَمْكَنَ كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ أَوْ دَابَّةٍ عُلُوًّا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ إذْ الْمُتَفَاحِشُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ إسْمَاعِهِ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ نَدْبِ ارْتِفَاعِهِ (قَائِمٌ) وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْجَالِسِ (إلَّا لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَذَّنَ لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِيهَا يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ (مُسْتَقْبِلٌ) الْقِبْلَةَ فَيُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُ (إلَّا لِإِسْمَاعٍ) فَيَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ وَلَوْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَدُورُ حَوْلَ الْمَنَارِ لِلْإِسْمَاعِ وَظَاهِرُهُ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 201 وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ مَثْنَى، وَلَوْ مُتَنَفِّلًا،   [منح الجليل] وَقِيلَ: لَا يَدُورُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْجُمْلَةِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الدَّوَرَانُ لَا يَنْقُصُ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي، وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَيُنْدَبُ ابْتِدَاؤُهُ لِلْقِبْلَةِ. (وَ) نُدِبَ (حِكَايَتُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (لِ) شَخْصٍ (سَامِعِهِ) أَيْ الْأَذَانِ بِأَنْ يَقُولَ السَّامِعُ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ سَمِعَ حِكَايَتَهُ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ إلَّا الْمَكْرُوهَ فَلَا يَحْكِي فَأَوْلَى الْمُحَرَّمُ، وَمَفْهُومُ سَامِعِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَا تُنْدَبُ لَهُ حِكَايَتُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ إخْبَارٍ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ أَذَانَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ لِآخِرِ أَذَانِهِ فَيَحْكِيهِ إنْ شَاءَ اهـ. فَلَا يَحْكِيهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لِفَصْلِهِ بِالْحِكَايَةِ وَهَلْ يَحْكِي مُؤَذِّنٌ أَذَانَ مُؤَذِّنٍ آخَرَ إنْ سَمِعَهُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ أَذَانِ نَفْسِهِ وَإِذَا أَذَّنَ جَمَاعَةٌ وَاحِدٌ عَقِبَ وَاحِدٍ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَكْرِيرَ الْحِكَايَةِ وَقِيلَ: يَكْفِيهِ حِكَايَةُ الْأَوَّلِ عبق: إنْ سَمِعَ بَعْضَهُ اقْتَصَرَ عَلَى حِكَايَتِهِ الْعَدَوِيُّ: الظَّاهِرُ حِكَايَةُ الْأَذَانِ كُلِّهِ لِلْحَدِيثِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» إذْ الْمُتَبَادَرُ إذَا سَمِعْتُمْ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ خُصُوصًا، وَقَدْ قَالَ: «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» لَا مَا قَالَ. (لِمُنْتَهَى) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ آخِرِ (الشَّهَادَتَيْنِ) وَتُكْرَهُ حِكَايَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ هَذَا الْمَشْهُورُ فَلَا يُحْكَى التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ الْأَخِيرُ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ فِي حِكَايَتِهِمَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ وَإِبْدَالُ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ فَمَا وَجْهُ الْمَشْهُورِ قُلْت: الْمِثْلِيَّةُ تَصْدُقُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَبِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْبَعْضِ فَصَاحِبُ الْمَشْهُورِ حَمَلَهَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْأَدْنَى تَيْسِيرًا، وَالْمُقَابِلُ حَمَلَهَا عَلَى الْأَكْمَلِ وَيُنْدَبُ مُتَابَعَةُ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ. (مَثْنَى) فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ اتِّفَاقًا إلَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ اقْتِصَارُ الْحَاكِي عَلَى تَكْبِيرَتَيْنِ وَلَوْ كَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ أَرْبَعًا وَلَا يَحْكِي " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " وَلَا يُبْدِلُهَا بِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ وَقِيلَ: يُبْدِلُهَا بِهِ وَقِيلَ: يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَيَحْكِيهِ سَامِعُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَفِّلًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُتَنَفِّلًا) أَيْ مُصَلِّيًا نَفْلًا وَيَقْتَصِرُ عَلَى مُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ حَكَى مَا زَادَ عَلَيْهِمَا بِلَفْظِ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " بَطَلَتْ وَإِنْ أَبْدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 202 لَا مُفْتَرِضًا، وَأَذَانُ فَذٍّ إنْ سَافَرَ، لَا جَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ. وَجَازَ أَعْمَى، وَتَعَدُّدُهُ وَتَرَتُّبُهُمْ، إلَّا الْمَغْرِبَ وَجَمْعُهُمْ   [منح الجليل] تَبْطُلُ وَإِنْ حَكَى " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " بَطَلَتْ أَبْدَلَهَا أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لَا يَحْكِيهِ الْمُتَنَفِّلُ. (لَا) يَحْكِي الْمُصَلِّي الْأَذَانَ إنْ كَانَ (مُفْتَرِضًا) أَيْ مُصَلِّيًا فَرْضًا فَتُكْرَهُ حِكَايَتُهُ فِي الْفَرْضِ وَتُنْدَبُ بَعْدَ فَرَاغِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ يَحْكِيهِ الْمُفْتَرِضُ فَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْمَشْهُورِ فِي الْفَرْعَيْنِ وَفِي عَطْفِ لَا مُفْتَرِضًا عَلَى مُتَنَفِّلًا رَكَاكَةٌ وَلَكِنْ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ. (وَ) نُدِبَ (أَذَانُ فَذٍّ سَافَرَ) سَفَرًا لُغَوِيًّا فَشَمِلَ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَدِينَةٍ لِمَزَارِعِهَا لِنَزَاهَةٍ أَوْ مَقْبَرَتِهَا لِزِيَارَةٍ، وَمِثْلُهُ جَمَاعَةٌ مُسَافِرَةٌ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا (لَا) يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِ (جَمَاعَةٍ) غَيْرِ مُسَافِرَةٍ (لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا) فَيُكْرَهُ لَهَا كَفَذٍّ غَيْرِ مُسَافِرٍ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ: لَا أُحِبُّ الْأَذَانَ لِلْفَذِّ الْحَاضِرِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُنْفَرِدَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَرَّةً أُخْرَى: وَإِنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَلَا يُنْهَى عَنْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَحُمِلَ قَوْلُهُ لَا أُحِبُّ عَلَى مَعْنَى لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ كَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ. (وَجَازَ أَعْمَى) أَيْ أَذَانُهُ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ إنْ كَانَ تَابِعًا فِيهِ أَوْ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لِبَصِيرٍ عَدْلٍ (وَ) جَازَ (تَعَدُّدُهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ أَيْ تَأْذِينٌ مُتَعَدِّدٌ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَذَانِ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَكَانِ كَمَسَاجِدَ أَوْ أَرْكَانِ مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَيُكْرَهُ تَعَدُّدُهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ نَصَّ عَلَيْهِ سَنَدٌ لِأَنَّهُ يُشَكِّكُ السَّامِعَ. (وَ) جَازَ (تَرَتُّبُهُمْ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَيُمْنَعُ (إلَّا لِمَغْرِبٍ) فَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُمْ فِي أَذَانِهَا الضَّيِّقِ وَقْتُهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ مُخْتَارِهَا وَإِلَّا فَيُمْنَعُ. (وَ) جَازَ (جَمْعُهُمْ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ بِأَنْ يُؤَذِّنُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 203 كُلٌّ عَلَى أَذَانِهِ، وَإِقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ، وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلَاةٍ. وَكُرِهَ عَلَيْهَا،   [منح الجليل] فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا (كُلٌّ) مِنْهُمْ يَبْنِي (عَلَى أَذَانِهِ) غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِأَذَانِ غَيْرِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَحْرُمُ قَالَهُ عج وَتَلَامِذَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ فَإِنَّ الِاسْمَ إذَا تَقَطَّعَ لِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ عَلَى نِيَّةِ تَكْمِيلِهِ فَلَا يُمْنَعُ وَقَدْ عَلَّلُوا النَّهْيَ عَنْ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّقْطِيعِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِالْكَرَاهَةِ لَا بِالْمَنْعِ وَاسْتَظْهَرَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ مَا لعج وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ عَنْ بَحْثِ أَبِي عَلِيٍّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ التَّقْطِيعِ فِي الْقِرَاءَةِ مَحْمُولٌ عَلَى تَقْطِيعِ الْجُمَلِ فَلَا يُنَافِي حُرْمَةَ تَقْطِيعِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ. (وَ) جَازَ (إقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ) وَالْأَفْضَلُ إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ (وَ) جَازَ (حِكَايَتُهُ) أَيْ الْأَذَانِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ بِأَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ فَيَحْكِيهِ وَيَسْبِقُ الْمُؤَذِّنَ فِي ذِكْرِ بَاقِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا لِحَاجَةٍ أَوْ لَا، وَمَعْنَى الْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ الْمُسْتَحَبُّ مُتَابَعَةُ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ فَإِنْ قُلْت: الْحِكَايَةُ الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا حَصَلَ فَمَا وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا فِيمَا لَمْ يَحْصُلْ حِكَايَةً قُلْت التَّجَوُّزُ بِاسْتِعْمَالِ اسْمِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ أَوْ اسْمِ الْمُجَاوِرِ فِي مُجَاوِرِهِ فَإِنْ سَبَقَ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ بِأَوَّلِ الْأَذَانِ فَلَيْسَ حَاكِيًا وَفَاتَهُ الْمَنْدُوبُ قَالَهُ عبق وَلَا تَفُوتُ بِفَرَاغِ الْأَذَانِ فَيَحْكِي بَعْدَهُ قَالَهُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (وَ) جَازَ لِلْمُؤَذِّنِ (أُجْرَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ أَخْذُهَا عَلَى الْأَذَانِ وَحْدَهُ (أَوْ مَعَ صَلَاةٍ) إمَامًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَكَذَا عَلَى إقَامَةٍ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ صَلَاةٍ أَوْ مَعَ أَذَانٍ مَعَ إقَامَةٍ أَوْ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ النَّاسِ الْمُصَلِّينَ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْأَجْرُ (عَلَيْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا مِنْ الْمُصَلِّينَ لَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَا إجَارَةٌ إذْ لِلْأَئِمَّةِ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفِ الْعَامِّ، وَلَوْ لَمْ يَؤُمُّوا وَأَمَّا وَقْفٌ لِيُسْتَأْجَرَ مِنْ رِيعِهِ مَنْ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 204 وَسَلَامٌ عَلَيْهِ. كَمُلَبٍّ وَإِقَامَةُ رَاكِبٍ، أَوْ مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ. كَأَذَانِهِ. وَتُسَنُّ إقَامَةٌ مُفْرَدَةٌ،   [منح الجليل] وَ) كُرِهَ (سَلَامٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِرَدِّهِ الْفَاصِلِ بَيْنَ جُمَلِ أَذَانِهِ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) سَلَامٍ عَلَى (مُلَبٍّ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِذَلِكَ، وَقَاضِي حَاجَةٍ، وَمُجَامِعٍ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَةٍ تُنَافِي الذِّكْرَ وَيُسْتَحَى مِنْ ظُهُورِهَا وَذِي بِدْعَةٍ وَمُشْتَغِلٍ بِلَهْوٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَشِطْرَنْجٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَمَنْ شَأْنُهُمْ الْمَعَاصِي فِي حَالِ إقْلَاعِهِمْ، وَشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ وَإِلَّا حَرُمَ فِيهِمَا لَا عَلَى مُصَلٍّ وَمُتَطَهِّرٍ وَآكِلٍ وَقَارِئِ قُرْآنٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ عج الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ اقْتَصَرَ الْحَطّ عَلَى كَرَاهَتِهِ عَلَى آكِلٍ وَقَارِئٍ قَائِلًا: لَمْ يَقِفْ ابْنُ نَاجِي وَشَيْخُهُ أَبُو مَهْدِيٍّ عَلَى جَوَازِهِ عَلَيْهِمَا. (وَ) كُرِهَتْ (إقَامَةُ) شَخْصٍ (رَاكِبٍ) لِفَصْلِهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِنُزُولِهِ وَعَقْلِ دَابَّتِهِ وَإِصْلَاحِ مَتَاعِهِ غَالِبًا (أَوْ) إقَامَةُ رَجُلٍ (مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ) لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَذًّا بِخِلَافِ مُعِيدِهَا لِفَسَادِهَا وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَأَذَانِهِ) أَيْ الْمُعِيدِ لِلْفَضْلِ وَأَوْلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ أَذَّنَ لَهَا قَبْلَ صَلَاتِهَا أَوْ لَا، وَمَنْ أَذَّنَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ. (وَتُسَنُّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (إقَامَةٌ) الْبُنَانِيُّ: لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي سُنِّيَّتِهَا، وَالْقَوْلُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهَا لَيْسَ لِوُجُوبِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بَلْ لِتَرْكِ السُّنَّةِ عَيْنًا عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ بَالِغٍ يُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا لِنِسَاءٍ وَحْدَهُنَّ وَكِفَايَةً لِذُكُورٍ بَالِغِينَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُقِيمُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ فَعَلَهُ خَالَفَ السُّنَّةَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهَا إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ دُونَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ وَكَانَ السُّيُورِيُّ يُقِيمُ لِنَفْسِهِ وَيَقُولُ: إنَّهَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَالْعَامِّيُّ يَغْفُلُ عَنْهَا وَلَا يَعْرِفُهَا. الْمَازِرِيُّ: وَكَذَلِكَ أَنَا أَفْعَلُ فَأُقِيمُ لِنَفْسِي الْعَدَوِيُّ: الْحَقُّ أَنَّهَا تَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْفِعْلِ كَالْأَذَانِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعَامِّيِّ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ الَّتِي يَغْفُلُ عَنْهَا الْعَامِّيُّ. وَمَا فَعَلَهُ السُّيُورِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ (مُفْرَدَةٌ) جُمَلُهَا وَلَوْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَتَبْطُلُ بِشَفْعِهَا كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا أَوْ نِصْفِهَا لَا أَقَلِّهَا وَلَوْ نِسْيَانًا لَا إنْ رَآهُ مَذْهَبًا كَحَنَفِيٍّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 205 وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ، وَإِنْ قَضَاءً. وَصَحَّتْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا. وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا فَحَسَنٌ، وَلْيُقَمْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ.   [منح الجليل] (وَثُنِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (تَكْبِيرُهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ " مُفْرَدَةٌ " وَصِلَةُ " تُسَنُّ " (لِفَرْضٍ) وَتُكْرَهُ لِنَفْلٍ إذَا كَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (قَضَاءً) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ وَمَحَلُّ سُنِّيَّتِهَا لِلْأَدَاءِ إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ بِهَا وَإِلَّا وَجَبَ تَرْكُهَا كَسَائِرِ السُّنَنِ مُحَافَظَةً عَلَى إدْرَاكِ الْوَقْتِ وَنُدِبَ لِإِمَامٍ تَأْخِيرُ إحْرَامِهِ عَنْهَا بِقَدْرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَالِاشْتِغَالِ بِدُعَاءٍ مِنْهُ وَمِنْ الْمَأْمُومِينَ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ الْمِحْرَابَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهَا وَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ فِقْهِهِ كَتَخْفِيفِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَالْجُلُوسِ لِغَيْرِ السَّلَامِ، وَفِي الْحَطّ وَغَيْرِهِ هِيَ ثَلَاثٌ يُعْرَفُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا فَقِيهٌ، وَزِيدَ تَأْخِيرُ تَكْبِيرِ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ عَنْ الِاعْتِدَالِ فِيهِ. (وَصَحَّتْ) صَلَاةُ تَارِكِهَا إنْ تُرِكَتْ سَهْوًا بَلْ (وَلَوْ تُرِكَتْ) الْإِقَامَةُ تَرْكًا (عَمْدًا) وَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ فَإِنْ سَجَدَ لِتَرْكِهَا قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ تَرْكُهَا عَمْدًا مُبْطِلٌ. (وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ) الْمُصَلِّيَةُ وَحْدَهَا إقَامَةً (سِرًّا فَحَسَنٌ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَإِنْ صَلَّتْ مُقْتَدِيَةً بِرَجُلٍ اكْتَفَتْ بِإِقَامَتِهِ وَسَقَطَ طَلَبُهَا بِهَا، وَلَا تَجُوزُ إقَامَتُهَا لَهُ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِهَا لِأَنَّ شُرُوطَهَا شُرُوطُ الْأَذَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا بِوَصْفِ السِّرِّيَّةِ مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَقِيلَ: الْإِسْرَارُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَيُنْدَبُ لِلْفَذِّ إسْرَارُهَا وَلِصَبِيٍّ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَلَا تَكْفِي إقَامَتُهُ الْبَالِغَ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَكْفِي عَنْ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا مَعَ اقْتِدَائِهِ بِالْبَالِغِ الْحَطّ يُنْدَبُ لِلْمُقِيمِ طَهَارَةُ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَقِيَامٌ وَاسْتِقْبَالٌ ابْنُ عَرَفَةَ: الْوُضُوءُ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا كَجُزْءِ الصَّلَاةِ وَأَوْكَدُ مِنْ الْأَذَانِ أَلَا تَرَى سُنِّيَّتَهَا لِلْفَذِّ دُونَ الْأَذَانِ عبق الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطّ الْبُنَانِيُّ: مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (وَلْيَقُمْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ مِنْ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ مُرِيدُهَا غَيْرُ الْمُقِيمِ وَأَمَّا هُوَ فَيُنْدَبُ قِيَامُهُ قَبْلَهَا وَلَا تَبْطُلُ بِجُلُوسِهِ حَالَهَا وَإِنْ خَالَفَ الْمَنْدُوبَ (مَعَهَا) أَيْ الْإِقَامَةِ أَوَّلَهَا أَوْ أَثْنَاءَهَا وَآخِرَهَا. (أَوْ بَعْدَهَا) أَيْ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ فَلَا يُحَدُّ الْقِيَامُ بِحَدٍّ بَلْ (بِقَدْرِ الطَّاقَةِ) خِلَافًا لِمَنْ حَدَّهُ بِقَارِنَةِ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَمَنْ حَدَّهُ بِالتَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 206 (فَصْلٌ) شُرِطَ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي بَيَان شَرْطَيْنِ مِنْ شُرُوط صِحَّة الصَّلَاة] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شَرْطَيْنِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُمَا طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَمَا يُنَاسِبُ الثَّانِيَ مِنْ أَحْكَامِ الرُّعَافِ، وَشُرُوطُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُرُوطُ وُجُوبٍ فَقَطْ وَشُرُوطُ صِحَّةٍ فَقَطْ وَشُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ الْوُجُوبِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا وَمِنْ شَرْطِهِمَا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُمَا فَشَرْطُ الْوُجُوبِ فَقَطْ اثْنَانِ الْبُلُوغُ وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ قَالَهُ عبق وَالْحَطّ وَنَظَرَ فِيهِ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عَدَمِ الْإِكْرَاهِ عَدَمُ وُجُوبِهَا فَتَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى تَرْكِهَا بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَوْ النِّيَّةُ بِإِجْرَائِهَا عَلَى قَلْبِهِ. وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ نَفْسُهُ أَوَّلَ فَصْلٍ يَجِبُ بِفَرْضِ قِيَامٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقَبَّابِ وَسَلَّمَهُ أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِهَا سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ إحْرَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَإِيمَاءٍ كَمَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا سِوَاهُ فَالْإِكْرَاهُ كَالْمَرَضِ الْمُسْقِطِ لِبَعْضِ أَرْكَانِهَا وَلَا يَسْقُطُ بِهِ وُجُوبُهَا الْعَدَوِيُّ قَدْ يُقَالُ الشَّرْطِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَةِ الْخَارِجِيَّةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ. وَشُرُوطُ صِحَّتهَا فَقَطْ خَمْسَةٌ الطَّهَارَتَانِ وَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَبَيَّنَ هُنَا شَرْطِيَّتَهُمَا، وَالِاسْتِقْبَالُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْإِسْلَامُ وَشُرُوطُهُمَا مَعًا سِتَّةٌ بُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَالْعَقْلُ وَدُخُولُ الْوَقْتِ وَوُجُودُ الطَّهُورِ وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ سَبَبٌ فِي الْوُجُوبِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ وَمِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ وَشَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهَا وَلَا عَدَمُهَا وَعَدَّ الْإِسْلَامَ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ خِطَابِ الْكَافِرِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِهِمَا مَعًا. (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِ) صِحَّةِ (صَلَاةٍ) وَلَوْ نَفْلًا أَوْ جِنَازَةً أَوْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ (طَهَارَةُ حَدَثٍ) أَكْبَرَ وَأَصْغَرَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا ذَكَرَ وَقَدَرَ أَوَّلًا فَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 207 وَخَبَثٍ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَهَا وَدَامَ؛ أَخَّرَ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَصَلَّى أَوْ فِيهَا وَإِنْ عِيدًا أَوْ جِنَازَةً وَظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ أَتَمَّهَا،   [منح الجليل] تَصِحُّ صَلَاةُ مُحْدِثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ وَلَا مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِيهَا وَلَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً (وَ) طَهَارَةُ (خَبَثٍ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِجَسَدٍ وَمَحْمُولٍ وَمَكَانٍ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ فَسُقُوطُ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي مُبْطِلٌ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَوْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ كَذِكْرِهَا فِيهَا. وَلَمَّا كَانَ الرُّعَافُ مِنْ الْخَبَثِ وَلَهُ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ رَعَفَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا وَكَذَا مُضَارِعُهُ وَيُبْنَى لِلْمَفْعُولِ كَزُكِمَ أَيْ خَرَجَ دَمٌ مِنْ أَنْفِ مَرِيدِ الصَّلَاةِ سَائِلًا كَالْخَيْطِ أَوْ قَاطِرًا كَالْمَطَرِ أَوْ رَاشِحًا كَالْعَرَقِ وَصِلَةُ رَعَفَ (قَبْلَهَا) أَيْ دُخُولِ الصَّلَاةِ (وَدَامَ) أَيْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ خَارِجًا مِنْ الْأَنْفِ وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ أَوْ شَكَّ فِيهِ (أَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الصَّلَاةَ وُجُوبًا فِي هَذِهِ التِّسْعِ صُوَرٍ (لِآخِرِ) الْوَقْتِ (الِاخْتِيَارِيِّ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ فَإِنْ انْقَطَعَ غَسَلَهُ وَصَلَّى. (وَ) إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ (صَلَّى) بِالدَّمِ فِي آخِرِ الْمُخْتَارِ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهِ بِحَيْثُ يُصَلِّيهَا كُلَّهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا فِيهِ وَيَحْرُمُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ آخِرِهِ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِالدَّمِ مَعَ تَحَقُّقِهِ أَوْ ظَنِّهِ أَوْ شَكِّهِ فِي انْقِطَاعِهِ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لِتَفْوِيتِهِ فَضِيلَتَهُ بِلَا فَائِدَةٍ وَإِنْ صَلَّى بِهِ وَانْقَطَعَ وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَقِيَّةٌ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا وَلَا تُنْدَبُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ تَمَامُ الْخَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً لِلرُّعَافِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. (أَوْ) رَعَفَ (فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ وَهِيَ إحْدَى الْخَمْسِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (عِيدًا) لِفِطْرٍ أَوْ أَضْحًى (أَوْ جِنَازَةً وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (ظَنَّ) وَأَوْلَى تَحَقُّقُ الْمُصَلِّي (دَوَامَهُ) أَيْ الدَّمِ (لَهُ) أَيْ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فِي صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَلِفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَلَا تَكْبِيرَةً غَيْرَ الْأُولَى مِنْ الْجِنَازَةِ إنْ صَلَّاهُمَا فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ صَلَّاهُمَا مُنْفَرِدًا فَإِلَى الزَّوَالِ فِي الْعِيدِ وَإِلَى الرَّفْعِ فِي الْجِنَازَةِ. (أَتَمَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ الَّتِي رَعَفَ فِيهَا عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى أَدَاءِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 208 إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فَرْشَ مَسْجِدٍ، وَأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيه أَوْ تَلَطَّخَ ثَوْبُهُ لَا جَسَدُهُ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ وَرَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ،   [منح الجليل] الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا بِالنَّجَاسَةِ مُقَدَّمَةٌ وُجُوبًا عَلَى قَضَائِهَا بِطَهَارَةٍ بَعْدَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا فِيهِ وَشَرْطُ إتْمَامِهَا بِالدَّمِ (إنْ لَمْ يُلَطِّخْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً وَإِعْجَامِ الْخَاءِ الرُّعَافُ (فَرْشَ مَسْجِدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ تَلْطِيخَهُ فَإِنْ خَافَهُ وَلَوْ بِيَسِيرٍ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ صِيَانَةً لَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَابْتَدَأَهَا خَارِجَهُ وَمَفْهُومُ فَرْشَ أَنَّ خَوْفَ تَلْطِيخِ تُرَابِهِ أَوْ حَصْبَائِهِ أَوْ بَلَاطِهِ لَا يُوجِبُ قَطْعَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُتِمُّهَا فِيهِ لِأَنَّ الْحَصْبَاءَ أَوْ التُّرَابَ يَشْرَبُ الدَّمَ فَلَا يَلْزَمُ تَقْذِيرُهُ وَالْبَلَاطَ يَسْهُلُ غَسْلُهُ. (وَأَوْمَأَ) الرَّاعِفُ لِرُكُوعٍ مِنْ قِيَامٍ وَلِسُجُودِ مِنْ جُلُوسٍ (لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ) بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ إنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ بِسَبَبِ انْعِكَاسِ الدِّمَاءِ حَالَهُمَا مُسْتَنِدًا لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةً فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارَ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالطِّبِّ وُجُوبًا إنْ ظَنَّ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَنَدْبًا إنْ خَافَ مَرَضًا خَفِيفًا أَوْ شَكَّ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ إنْ انْقَطَعَ رُعَافُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِهِ مُومِئًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (أَوْ) لِخَوْفِ (تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ) وَلَوْ بِدُونِ دِرْهَمٍ الَّذِي يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ حِفْظًا لِلْمَالِ فَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَجَبَ إتْمَامُهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَوْ تَلَطَّخَ بِالْفِعْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَرْكَانِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى عَدَمِ حَمْلِ النَّجَاسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا (لَا) يُومِئُ لِخَوْفِ تَلَطُّخِ (جَسَدِهِ) بِمَا زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إذْ الْجَسَدُ لَا يَفْسُدُ بِغَسْلِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْهَا (وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ) دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ بِأَنْ تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ. (وَرَشَحَ) أَوْ قَطَرَ أَوْ سَالَ الدَّمُ وَأَمْكَنَ فَتْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَكْثُرْ وَجَبَ تَمَادِيهِ فِيهَا وَ (فَتَلَهُ) أَيْ مَسَحَ الدَّمَ وُجُوبًا وَنُدِبَ كَوْنُهُ (بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ) بِأَنْ يُدْخِلَ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ فِي طَاقَةِ الْأَنْفِ وَيَمْسَحَ بِهَا الدَّمَ مِنْ جَوَانِبِهِ ثُمَّ يُخْرِجَهَا وَيَمْسَحَهَا فِي أُنْمُلَةِ السَّبَّابَةِ الْعُلْيَا ثُمَّ يُدْخِلُهَا كَذَلِكَ وَيَمْسَحَهَا فِي أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى الْعُلْيَا ثُمَّ فِي أُنْمُلَةِ الْبِنْصِرِ ثُمَّ فِي أُنْمُلَةِ الْخِنْصَرِ وَقِيلَ لَا يُدْخِلُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 209 فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ. كَأَنْ لَطَّخَهُ، أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ، وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ. وَنُدِبَ الْبِنَاءُ، فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ   [منح الجليل] أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ فِي أَنْفِهِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ الدَّمَ وَيَمْسَحُ جَوَانِبَ طَاقَةِ أَنْفِهِ مِنْ خَارِجِهِ وَيَفْتِلُهَا فِي أَنَامِلِهِ فَإِنْ أَذْهَبَ الْفَتْلُ الدَّمَ تَمَادَى فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ زَادَ الدَّمُ الَّذِي فِي أَنَامِلِهِ الْعُلْيَا عَلَى دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ الْفَتْلُ فِيهَا فَتَلَهُ فِي أَنَامِلِهِ الْوُسْطَى وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ إنْ لَمْ يَزِدْ الدَّمُ فِيهَا عَلَى دِرْهَمٍ. (فَإِنْ زَادَ) الدَّمُ الَّذِي فِي الْوُسْطَى (عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا وَشَبَّهَ فِي الْقَطْعِ فَقَالَ (كَأَنْ لَطَّخَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي مَا زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مَاءً يَغْسِلُ الدَّمَ بِهِ (أَوْ خَشِيَ) الرَّاعِفُ وَلَوْ وَهْمًا (تَلَوُّثَ) فَرْشِ (مَسْجِدٍ) فَيَقْطَعُ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْشَحْ بِأَنْ سَالَ أَوْ قَطَرَ وَكَانَ رَقِيقًا لَا يُمْكِنُ فَتْلُهُ أَوْ رَشَحَ وَلَمْ يُمْكِنْ فَتْلُهُ لِكَثْرَتِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَظُنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ (فَلَهُ) أَيْ الرَّاعِفِ الْمُصَلِّي (الْقَطْعُ) لِلصَّلَاةِ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ وَغَسْلُ الدَّمِ وَابْتِدَاؤُهَا بِإِقَامَتِهِ وَإِحْرَامٍ وَلَهُ التَّمَادِي فِيهَا اتِّفَاقًا. (وَنُدِبَ الْبِنَاءُ) عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلْعَمَلِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَطْعَ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّلَاةِ اتِّصَالُ عَمَلِهَا وَعَدَمُ تَخَلُّلِهَا بِشُغْلٍ وَانْصِرَافٍ عَنْ مَحَلِّهَا زَرُّوقٌ وَهُوَ أَوْلَى بِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ بِالْعِلْمِ وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ وَمَحَلُّهَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِنَاءُ اتِّفَاقًا وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ إنْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِخْلَافِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَإِنْ أَرَادَ الْبِنَاءَ. (فَيَخْرُجُ) الرَّاعِفُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ هَيْئَتِهِ الْأَوْلَى أَوْ مِنْ مَكَانِهِ إنْ احْتَاجَ لَهُ وَلَوْ مُتَيَمِّمًا لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مُلْحَقٌ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَبْطُلُ مُوَالَاتُهُ وَلِذَا لَا يُكَبِّرُ إحْرَامًا لِإِتْمَامِهِ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ وَسَبَقَ أَنَّ تَيَسُّرَ الْمَائِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا إنْ لَمْ يُنْسِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُمْسِكَ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ (أَنْفَهُ) إرْشَادٌ لِأَحْسَنِ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُعِينَةِ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ إذْ كَثْرَتُهَا مَانِعَةٌ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ شَرْطًا فِيهِ إذْ هُوَ التَّحَفُّظُ مِنْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إمْسَاكِهِ قَالَهُ الْحَطّ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى هَذَا فَإِمْسَاكُهُ مَنْدُوبٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 210 لِيَغْسِلَ، إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ قَرُبَ، وَيَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ،   [منح الجليل] وَجَعَلَهُ ابْنُ هَارُونَ شَرْطًا فِيهِ لِأَنَّ دَاخِلَ الْأَنْفِ مِنْ الظَّاهِرِ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ فَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهُ أَوْ أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ تَلَوَّثَ دَاخِلُ أَنْفِهِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَيُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ وَالْعَفْوُ عَنْ بَاطِنِ الْأَنْفِ فَمَسْكُ الْأَنْفِ إنَّمَا طَلَبٌ لِلتَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا لِخُصُوصِهِ فَالْمَدَارُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَمْسَكَهُ أَوْ لَمْ يُمْسِكْهُ وَيُمْسِكُهُ مِنْ أَعْلَاهُ لِيُنَجِّسَ الدَّمَ فِي عُرُوقِهِ وَمَقَرِّهِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ وَإِنْ أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ نَزَلَ الدَّمُ إلَى أَنْفِهِ وَصَارَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا وَصِلَةُ يَخْرُجُ (لِيَغْسِلَ) الدَّمَ وَيَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ غَسْلِهِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ غَيْرَ الْغُسْلِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ (إنْ لَمْ يُجَاوِزْ) بِجِيمٍ وَزَايٍ أَيْ يَتَعَدَّى حَالَ ذَهَابِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ (أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ) الْغَسْلُ فِيهِ إلَى مَكَان غَيْرِهِ قَرِيبٍ فَإِنْ تَجَاوَزَ الْأَقْرَبَ الْمُمْكِنَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمَفْهُومُ مُمْكِنٍ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ الْغَسْلُ فِيهِ لَا تَضُرُّ مُجَاوَزَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ وَإِنْ (قَرُبَ) الْمَكَانُ الَّذِي غَسَلَ الدَّمَ فِيهِ فَإِنْ بَعُدَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَكَانًا قَرِيبًا يُمْكِنُ الْغَسْلُ فِيهِ. (وَ) إنْ لَمْ (يَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ) فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا لِغَيْرِهِ بَطَلَتْ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّ اسْتِدْبَارَهَا لِعُذْرٍ لَا يُبْطِلُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ يَخْرُجُ كَيْفَمَا يُمْكِنُهُ وَاسْتَبْعَدُوا اشْتِرَاطَ الِاسْتِقْبَالِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ غَالِبًا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُقَدَّمُ اسْتِدْبَارٌ أَلَّا يُلَابِسَ فِيهِ نَجِسًا عَلَى اسْتِقْبَالٍ مَعَ وَطْءِ نَجِسٍ لَا يُغْتَفَرُ لِأَنَّهُ عَهِدَ عَدَمَ الِاسْتِقْبَالِ لِعُذْرٍ وَلِلْخِلَافِ فِيهِ قَالَهُ عبق وَفِي الْمَجْمُوعِ الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ قَرِيبٍ مَعَ مُلَابَسَةِ نَجَاسَةٍ عَلَى بَعِيدٍ خَلِيٍّ عَنْهَا لِأَنَّ عَدَمَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرِ مُتَّفَقٌ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ وَتَقْدِيمَ مَا قَلَّتْ مُنَافِيَاتُهُ كَبَعِيدٍ مَعَ اسْتِقْبَالٍ بِلَا نَجَاسَةٍ عَلَى قَرِيبٍ مَعَ اسْتِدْبَارٍ وَنَجَاسَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 211 وَيَطَأْ نَجَسًا، وَيَتَكَلَّمْ وَلَوْ سَهْوًا وَإِنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ. وَاسْتَحْلَفَ الْإِمَامُ،   [منح الجليل] (وَ) إنْ لَمْ (يَطَأْ) بِقَدَمِهِ حَالَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ مَيِّتًا (نَجِسًا) عَامِدًا مُخْتَارًا فَإِنْ وَطِئَهُ عَامِدًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ وَإِنْ وَطِئَهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا مُضْطَرًّا فَلَا يَضُرُّ فَقَيْدُ بِلَا عُذْرٍ مُعْتَبَرٌ فِي هَذَا أَيْضًا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ الَّذِي فِي الْحَطَّابِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّ أَرْوَاثَ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالَهَا لَا تُبْطِلُ إنْ وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مُضْطَرًّا لِكَثْرَتِهَا فِي الطُّرُقَاتِ وَإِنْ وَطِئَهَا عَامِدًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا وَأَمَّا الْعَذِرَةُ وَنَحْوُهَا فَيُبْطِلُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ إنْ كَانَتْ رَطْبَةً وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَيُبْطِلُ إنْ تَعَمَّدَ مُخْتَارًا وَإِنْ نَسِيَ أَوْ اُضْطُرَّ فَالْبُطْلَانُ لِابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَدَمُهُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَسَوَاءٌ عَلِمَ النَّاسِي أَوْ الْمُضْطَرُّ بِهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالنَّجِسِ الْعَذِرَةُ وَنَحْوُهَا دُونَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِنَفْيِ الْعُذْرِ وَلِهَذَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ لَمْ (يَتَكَلَّمْ) فَإِنْ تَكَلَّمَ (وَلَوْ سَهْوًا) وَإِنْ قَلَّ بَطَلَتْ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَكَلَّمَ حَالَ انْصِرَافِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ أَوْ حَالَ رُجُوعِهِ لِإِكْمَالِ الصَّلَاةِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ إنْ تَكَلَّمَ سَوَاءٌ حَالَ رُجُوعِهِ صَحَّتْ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَدْرَكَ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ حَمَلَهُ عَنْهُ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ وَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا حَالَ انْصِرَافِهِ فَقَالَ سَحْنُونٌ تَصِحُّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَبْطُلُ كَتَكَلُّمِهِ عَمْدًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رَجَّحَ أَنَّ الْكَلَامَ سَهْوًا لَا يُبْطِلُهَا مُطْلَقًا. وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَلَامُ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُهَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَغَيْرُهُ وَ (إنْ كَانَ) مُصَلِّيًا (بِجَمَاعَةٍ) إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ) بِغَيْرِ الْكَلَامِ فَإِنْ تَكَلَّمَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَسَعَوْا عَلَيْهِ دُونَهُمْ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ يَرَى وُجُوبَ الْبِنَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ اسْتَخْلَفَ بِالْكَلَامِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 212 وَفِي بِنَاءِ الْفَذِّ خِلَافٌ. وَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ،   [منح الجليل] مُطْلَقًا وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّ لَهُ الْقَطْعُ فَكَيْفَ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِهِ مَنْدُوبًا نَدْبًا عَلَى مَأْمُومِيهِ مَنْ يُتِمُّ الصَّلَاةَ بِهِمْ نِيَابَةً عَنْهُ فَإِنْ تَرَكَهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمُعَةِ وَنُدِبَ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ غَسَلَ الدَّمَ وَأَدْرَكَ خَلِيفَتَهُ أَتَمَّ خَلْفَهُ. (وَفِي) صِحَّةِ (بِنَاءِ الْفَذِّ) وَعَدَمِهَا (خِلَافٌ) الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَشَهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَلِاخْتِيَارِهِ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ الَّذِي مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْفَذَّ لَا يَبْنِي ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَنْشَؤُهُ هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي الْفَذُّ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْمَسْبُوقُ حَيْثُ لَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ كَالْفَذِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ كَجَمَاعَةٍ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ كَالْمُنْفَرِدِ. (وَإِذَا بَنَى) الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ أَوْ الْفَذُّ (لَمْ يَعْتَدَّ) مُشَدَّدُ الدَّالِ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ (إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ) بِسَجْدَتَيْهَا بِأَنْ ذَهَبَ لِلْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَ قِيَامِهِ مُعْتَدِلًا فِي ثَانِيَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فَإِنْ غَسَلَ الدَّمَ فَيَرْجِعُ جَالِسًا إنْ كَانَ رَعَفَ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَائِمًا إنْ كَانَ رَعَفَ وَهُوَ قَائِمٌ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِرَاءَةَ وَلَوْ كَانَ أَتَمَّهَا قَبْلَ رُعَافِهِ وَمَفْهُومُ إلَّا بِرَكْعَةٍ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِبَعْضِهَا فَإِنْ رَعَفَ فِي رُكُوعٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُ أَوْ سُجُودٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ جَالِسًا لِتَشَهُّدٍ أَوْ قَائِمًا لِقِرَاءَةٍ فَيُلْغِي مَا فَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَيَبْنِي عَلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِنْ رَعَفَ فِي الْأُولَى فَيَبْنِي عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِرَاءَةَ وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيَقْطَعُهَا أَوْ يَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَبَيْنَ الِاعْتِدَادِ وَالْأَوَّلُ لَازِمٌ لِلثَّانِي دُونَ الْعَكْسِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 213 وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ، أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ   [منح الجليل] رُعَافِهِ وَلَوْ بَعْضَ رَكْعَةٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا يَعْتَدُّ إلَّا بِرَكْعَةٍ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ كَمَالِ الْأُولَى فَيَبْتَدِئُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَلَا يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. (وَأَتَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ أَكْمَلَ الْبَانِي صَلَاتَهُ الَّتِي رَعَفَ فِيهَا (مَكَانَهُ) أَيْ الْغَسْلِ (إنْ ظَنَّ) أَيْ الْبَانِي وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ (فَرَاغَ إمَامِهِ) مِنْ الصَّلَاةِ حَقِيقَةً بِالسَّلَامِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ فِيهَا وَلَكِنْ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ يُسَلِّمُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى أَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ (وَأَمْكَنَ) إتْمَامُهَا فِيهِ وَكَانَتْ غَيْرَ جُمُعَةٍ وُجُوبًا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إتْمَامُهَا فِي مَكَان الْغَسْلِ لِنَجَاسَتِهِ أَوْ ضِيقِهِ (فِ) الْمَكَانِ (الْأَقْرَبِ إلَيْهِ) أَيْ مَكَانِ الْغَسْلِ يَجِبُ إتْمَامُهَا فِيهِ فَإِنْ أَتَمَّهَا فِي مَكَان الْغَسْلِ أَوْ فِي أَقْرَبِ مَكَان إلَيْهِ وَتَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ بِبَقَاءِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ صَحَّتْ وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ إمَامِهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ خُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ إمَامِهِ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ فَلَا يَسْرِي إلَيْهِ سَهْوُهُ وَقِيلَ هُوَ فِي حُكْمِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ هُوَ فِي حُكْمِهِ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً قَبْلَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ فِي مَكَانِ الْغَسْلِ الْمُمْكِنِ أَوْ فِي الْأَقْرَبِ إلَى غَيْرِ الْمُمْكِنِ (بَطَلَتْ) أَيْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَوَجَدَ إمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ بِمُجَاوَزَةِ الْمَكَانِ الْمُمْكِنِ أَوْ الْأَقْرَبِ إلَى غَيْرِ الْمُمْكِنِ صَارَ كَمُتَعَمِّدِ زِيَادَةٍ فِيهَا (وَرَجَعَ) أَيْ الْبَانِي وُجُوبًا لِأَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ بِإِمَامِهِ لَا إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ (إنْ ظَنَّ) أَيْ الْبَانِي (بَقَاءَهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ (أَوْ شَكَّ) الْبَانِي فِي بَقَائِهِ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَهُ فِي رَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ بَلْ (وَلَوْ) ظَنَّ إدْرَاكَهُ (بِتَشَهُّدٍ) بِحَيْثُ يُدْرِكُ مَعَهُ وَلَوْ السَّلَامَ فَإِنْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ وَوَجَدَهُ فَرَغَ مِنْهَا صَحَّتْ وَأَشَارَ بِ " وَلَوْ " إلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا إذَا ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مَعَهُ وَإِلَّا أَتَمَّ مَكَانَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 214 وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا لِأَوَّلِ الْجَامِعِ، وَإِلَّا بَطَلَتَا، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ، ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ   [منح الجليل] (وَ) رَجَعَ (فِي الْجُمُعَةِ) وُجُوبًا شَرْطًا إنْ كَانَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رُعَافِهِ رُجُوعًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِظَنِّهِ بَقَاءَ إمَامِهِ أَوْ شَكِّهِ فِيهِ فَيَرْجِعُ وَلَوْ عَلِمَ فَرَاغَهُ (لِأَوَّلِ) جُزْءٍ مِنْ (الْجَامِعِ) الَّذِي ابْتَدَأَهَا بِهِ لَا إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ مَانِعٌ صَلَّى ثَانِيَةً وَسَلَّمَ مُتَنَفِّلًا وَابْتَدَأَ ظُهْرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِإِمَامِهِ وَهُوَ ظَانٌّ بَقَاءَهُ أَوْ شَاكٌّ فِيهِ فِي الْأُولَى وَفِي الْجُمُعَةِ لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْجَامِعِ بِأَنْ أَتَمَّهَا مَكَانَهُ أَوْ رَجَعَ لِجَامِعٍ آخَرَ أَوْ لِرَحْبَةِ أَوْ طَرِيقِ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ أَوْ تَعَدَّى أَوَّلَ جُزْءٍ مِنْ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ (بَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا جُمُعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا. (وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ يُكْمِلُ الرَّاعِفُ (رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ) أَيْ مِنْهَا قَبْلَ رُعَافِهِ وَخَرَجَ لِغَسْلِهِ وَظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ قَطَعَهَا وَ (ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ) جَدِيدٍ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ فَلَا يَبْنِي الظُّهْرَ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَيُصَلِّي ظُهْرًا بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ لَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى ظُهْرًا صَحَّتْ عَلَى الظَّاهِرِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَقَدَّمَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يَبْنِي وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ وَلَوْ الْإِحْرَامُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَشْيَاخُنَا. (وَسَلَّمَ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَأْمُومُ الرَّاعِفُ وُجُوبًا (وَانْصَرَفَ) إلَى مَا يُرِيدُهُ وَلَا يَرْجِعُ لِإِعَادَةِ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامُ (إنْ رَعَفَ) الْمَأْمُومُ (بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ) لِأَنَّ سَلَامَهُ حَامِلًا النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ وَعَوْدِهِ لِلْإِتْمَامِ إنْ قُلْت لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ وَانْصَرَفَ وَلَوْ قَالَ وَسَلَّمَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكَفَى قُلْت قَصَدَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 215 لَا قَبْلَهُ، وَلَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ كَظَنِّهِ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ   [منح الجليل] بِذِكْرِهِ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ فِي قَوْلِهِ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ يَرْجِعُ لِلصَّلَاةِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمُ. (لَا) يُسَلِّمُ الْمَأْمُومُ الَّذِي رَعَفَ (قَبْلَهُ) أَيْ سَلَامِ إمَامِهِ وَعَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ تَشَهُّدِهِ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَبْنِي مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ انْصِرَافِهِ لَهُ وَإِلَّا سَلَّمَ وَانْصَرَفَ أَحْمَدُ بَابَا السُّودَانِيِّ لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَسَمِعَ سَلَامَ الْإِمَامِ فَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَإِنْ سَمِعَ سَلَامَهُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَلَا يُسَلِّمُ وَيَغْسِلُ الدَّمَ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمُ وَهَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْإِمَامُ إنْ رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَقَالَ الْحَطَّابُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ رَعَفَ عَقِبَ تَمَامِ التَّشَهُّدِ أَوْ بَعْضِهِ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَهُ فَيَسْتَخْلِفُ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا وَكَذَا الْفَذُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ. (وَلَا يَبْنِي) أَيْ الْمُصَلِّي عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ صَلَاتِهِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الرُّعَافِ مِنْ سَبْقِ حَدَثٍ أَوْ ذِكْرِهِ أَوْ سُقُوطِ نَجَاسَةٍ أَوْ ذِكْرِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ فَيَسْتَأْنِفُهَا لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَهُوَ الرُّعَافُ وَلَا يَبْنِ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ قَالَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ صَرِيحًا لِغَيْرِهِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ يُفِيدُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ فِي قَوْلٍ إذَا أَدْرَكَ الْأُولَى وَرَعَفَ فِي الثَّانِيَةِ وَأَدْرَكَ الثَّالِثَةَ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ إلَخْ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبِنَاءِ فَقَالَ (كَظَنِّهِ) أَيْ الرُّعَافِ (فَخَرَجَ) مِنْ هَيْئَتِهِ لِغَسْلِهِ (فَظَهَرَ) لَهُ (فَفِيهِ) أَيْ الرُّعَافِ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَفْرِيطِهِ وَعَدَمِ تَثْنِيَتِهِ فَلَا يَبْنِي هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ إمَامًا بَطَلَتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ وَالثَّانِي لَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ إنْ كَانُوا بِلَيْلٍ لَمْ تَبْطُلْ لِعُذْرِ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَبْطُلْ صَلَاةُ مَنْ ظَنَّهُ فَخَرَجَ فَظَهَرَ غَيْرُهُ لِفِعْلِهِ مَا جَازَ لَهُ. (وَمَنْ ذَرَعَهُ) أَيْ غَلَبَهُ وَسَبَقَهُ (قَيْءٌ) طَاهِرٌ يَسِيرٌ لَمْ يَزْدَرِدْ شَيْئًا مِنْهُ (لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ) فَإِنْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ ازْدَرَدَ شَيْئًا مِنْهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَنِسْيَانًا لَمْ تَبْطُلْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 216 وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا،   [منح الجليل] وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ بَعْدَ السَّلَامِ وَغَلَبَةً فِيهِ قَوْلَانِ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ. (وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ) وَهُوَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ مَعَ إمَامِهِ وَقَبْلَ مَا يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ عِوَضًا عَمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ إمَامِهِ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ وَقَبْلَ تَعْوِيضِهِ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَهُ بَعْدَهُ (وَقَضَاءٌ) وَهُوَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ قَبْلَهُ وَقَبْلَ عِوَضِهِ وَقَبْلَ تَعْوِيضِهِ وَصِلَةُ اجْتَمَعَ (لِ) شَخْصٍ (رَاعِفٍ) وَنَحْوِهِ كَنَاعِسٍ وَغَافِلٍ وَمَزْحُومٍ فَالْأَوْلَى لِكَرَاعِفٍ فِي رَبَاعِيَةٍ كَعِشَاءٍ. (أَدْرَكَ) الرَّاعِفُ مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ (الْوُسْطَيَيْنِ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ مُثَنَّى وُسْطَى كَذَلِكَ وَسَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَى قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فَفَاتَتْهُ فَهِيَ بِنَاءٌ وَالْأُولَى قَضَاءٌ فَيُقَدِّمُ الْبِنَاءَ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ سِرًّا وَيَجْلِسُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا قَضَاءُ الْأُولَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقَدِّمُ الْقَضَاءَ فَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. (أَوْ) أَدْرَكَ مَعَهُ (إحْدَاهُمَا) أَيْ الْوُسْطَيَيْنِ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَسْبِقَ الْإِمَامَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ وَيُصَلِّي مَعَهُ الثَّالِثَةَ وَتَفُوتُهُ الرَّابِعَةُ بِنَحْوِ رُعَافٍ فَهَذِهِ بِنَاءٌ وَالْأُولَيَانِ قَضَاءٌ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ سِرًّا وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَآخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِسُورَتَيْنِ جَهْرًا إنْ كَانَتْ الْعِشَاءُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ يُصَلِّي رَكْعَةً بِسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْبِقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَى قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ وَيُصَلِّي مَعَهُ الثَّانِيَةَ وَتَفُوتُهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بِكَرُعَافٍ فَهَاتَانِ بِنَاءٌ وَالْأُولَى قَضَاءٌ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ رَكْعَةً كَذَلِكَ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُصَلِّي رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 217 أَوْ لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ مُسَافِرٍ، أَوْ خَوْفٍ بِحَضَرٍ، قَدَّمَ الْبِنَاءَ وَجَلَسَ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ.   [منح الجليل] (أَوْ) اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ (لِ) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) أَيْ مُقِيمٍ يُتِمُّ الرَّبَاعِيَةَ (أَدْرَكَ) الْحَاضِرُ (ثَانِيَةَ صَلَاةِ) إمَامٍ (مُسَافِرٍ) سَبَقَ الْحَاضِرَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهِيَ الْقَضَاءُ وَالرَّكْعَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ السَّاقِطَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ بِالْقَصْرِ بِنَاءٌ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ رَكْعَةً كَذَلِكَ وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ لَوْ فَعَلَهَا ثُمَّ رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ عِشَاءً وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ. (أَوْ) لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ (خَوْفٍ بِحَضَرٍ) وَسَبَقَ بِالْأُولَى وَهِيَ الْقَضَاءُ وَلَمْ يُصَلِّ الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ وَهُمَا الْبِنَاءُ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَرَكْعَةً كَذَلِكَ وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا أَخِيرَةُ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَجَوَابُ إذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ. (قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالْقَضَاءُ (لِلْبِنَاءِ) فِي الْخَمْسِ صُوَرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقَدِّمُ الْقَضَاءَ لِسَبْقِهِ فِي الْفَوَاتِ وَلِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَعْقُبَ سَلَامَ الْإِمَامِ. (وَجَلَسَ) أَيْ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالْقَضَاءُ (فِي) الرَّكْعَةِ (آخِرَةِ الْإِمَامِ) أَيْ عَقِبَهَا إنْ كَانَتْ ثَانِيَةَ الْمَأْمُومِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَكُنْ) آخِرَةُ الْإِمَامِ (ثَانِيَتَهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ بَلْ ثَالِثَتَهُ كَمَا فِي صُورَةِ مَنْ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ وَأَشَارَ بِ " وَلَوْ " إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجْلِسُ عَلَى آخِرَةِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ وَإِنْ وَافَقَ ابْنُ حَبِيبٍ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ فَفِي جُلُوسِهِ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ. 1 - وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْأُولَى وَفَاتَهُ الْوَسِيطَانِ بِنَحْوِ رُعَافٍ وَأَدْرَاكٍ الرَّابِعَةَ فَجَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْوُسْطَيَيْنِ قَضَاءً نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ عَقِبَهُمَا وَعَلَيْهِ فَيَقْضِي أُولَاهُمَا بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 218 (فَصْلٌ) هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِكَثِيفٍ   [منح الجليل] جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ فِي الْفِعْلِ وَثَانِيَتُهُمَا بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَجَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْأُولَى الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهُمَا وَعَلَيْهِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَمَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَى وَصَلَّى مَعَهُ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّالِثَةُ بِكَرُعَافٍ وَأَدْرَكَهُ فِي الرَّابِعَةِ فَالْأُولَى قَضَاءٌ اتِّفَاقًا. وَكَذَا الثَّالِثَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ وَعَلَيْهِ فَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَلَا يَجْلِسُ ثُمَّ رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَالثَّالِثُ عِنْدَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ بِنَاءً نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا اجْتَمَعَ لَهُ قَضَاءٌ وَبِنَاءٌ فَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ بِلَا جُلُوسٍ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ وَثَالِثَةُ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ قَضَاءً عَنْ الْأُولَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ يُقَدِّمُ رَكْعَةَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ. 1 - وَمَنْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ بِكَرُعَافٍ وَأَدْرَكَ الثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الرَّابِعَةُ بِكَرُعَافٍ فَالرَّابِعَةُ بِنَاءٌ بِلَا خِلَافٍ وَالثَّانِيَةُ قَضَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ اجْتَمَعَ قَضَاءٌ وَبِنَاءٌ فَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ يُقَدِّمُ رَكْعَةَ السُّورَةِ وَلَا يَجْلِسُ عَقِبَهَا وَبِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَعَلَيْهِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي سِتْر الْعَوْرَة] (فَصْلٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ) (هَلْ سَتْرُ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ تَغْطِيَةُ (عَوْرَتِهِ) أَيْ مَرِيدِ الصَّلَاةِ الْبَالِغِ كُلِّهَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَبَعْضِهَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَالصَّبِيُّ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَصِلَةُ سَتْرُ (بِ) سَاتِرٍ (كَثِيفٍ) أَيْ صَفِيقٍ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ اللَّوْنُ بِلَا تَأَمُّلٍ بِأَنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ اللَّوْنُ مِنْهُ دَائِمًا أَوْ يَظْهَرُ مِنْهُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ لَكِنَّ السَّتْرَ بِهَذَا مَكْرُوهٌ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّفَّافِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ بِلَا تَأَمُّلٍ فَالسَّتْرُ بِهِ مُحَرَّمٌ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَبَدًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 219 وَإِنْ بِإِعَارَةٍ، أَوْ طَلَبٍ، أَوْ نَجَسٍ وَحْدَهُ، كَحَرِيرٍ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ شَرْطٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ، وَإِنْ بِخَلْوَةٍ لِلصَّلَاةِ؟   [منح الجليل] هَذَا مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَارْتَضَاهُ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَا مَا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ مِنْ أَنَّ السَّتْرَ بِمُبْدِيهِ بِتَأَمُّلٍ مُحَرَّمٌ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ أَبَدِيَّةٌ وَلَا مَا نَقَلَهُ الْعَدَوِيُّ عَنْ عبق وَاعْتَمَدَهُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الشَّفَّافِ وَإِعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ إنْ كَانَ السَّتْرُ بِمِلْكِ الْكَثِيفِ الطَّاهِرِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِإِعَارَةٍ) لِلْكَثِيفِ مِنْ مَالِكِهِ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ بِلَا طَلَبٍ (أَوْ) كَانَتْ بِ (طَلَبٍ) مِنْ مُرِيدِ الصَّلَاةِ إنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ الْإِعَارَةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا لَا إنْ تَوَهَّمَهَا. (أَوْ) كَانَ بِ (نَجِسٍ وَحْدَهُ) أَيْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ أَوْ ثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَشَبَّهَ فِي شَرْطِيَّةِ السَّتْرِ فَقَالَ (كَحَرِيرٍ) لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ (وَهُوَ) أَيْ الْحَرِيرُ (مُقَدَّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ عَلَى النَّجَسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا وَعَدَمِ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْحَرِيرَ لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي شَرْطَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّجِسِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ أَصْبَغُ النَّجِسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَرِيرِ لِمَنْعِ لُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَالنَّجِسُ يُمْنَعُ لُبْسُهُ فِيهَا فَقَطْ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ عَارِضِ النَّجَاسَةِ عَلَى نَجِسِ الذَّاتِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِمَا. وَخَبَرُ سَتْرُ (شَرْطٌ إنْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ (وَقَدَرَ) أَيْ مُرِيدُ الصَّلَاةِ الْبَالِغُ فَإِنْ نَسِيَ أَوْ عَجَزَ فَلَيْسَ سَتْرُ عَوْرَتِهِ شَرْطًا اتِّفَاقًا. الرَّمَاصِيُّ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ لَمْ يُقَيِّدْ بِالذَّكَرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا قَادِرًا وَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِأَنَّهُ شَرْطٌ مَعَ الْقُدْرَةِ ذَاكِرًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ الْبُنَانِيُّ فِي الْحَطَّابِ عَنْ الطِّرَازِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ هُوَ فَرْضٌ وَلَيْسَ بِشَرْطِ صِحَّةٍ حَتَّى إذَا صَلَّى مَكْشُوفًا مَعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا آثِمًا اهـ. فَتَعَقَّبَ مُصْطَفَى قُصُورَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِخَلْوَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِخَلْوَةٍ) وَتَنَازَعَ سَتْرٌ وَشَرْطٌ (لِ) صِحَّةِ (الصَّلَاةِ) فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 220 خِلَافٌ. وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ وَأَمَةٍ، وَإِنْ بِشَائِبَةٍ وَحُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ، مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ،   [منح الجليل] وَلَيْسَ مُقَيَّدًا بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ تَارِكِهِ ذَاكِرًا قَادِرًا وَيَأْثَمُ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ كَالنَّاسِي أَوْ الْعَاجِزِ بِلَا إثْمٍ فِيهِ (خِلَافٌ) شَهَرَ الْأَوَّلَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَائِلًا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَكِنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ وَابْنُ بُكَيْر وَالْأَبْهَرِيُّ سُنَّةٌ لَهَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْدُوبٌ لَهَا وَلَمْ يُشْهَرَا. وَالْخِلَافُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ سَوْأَتَاهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ وَمِنْ الْأَمَةِ مِنْ الْمُقَدَّمِ قُبُلُهَا وَعَانَتُهَا وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ أَلْيَتَاهَا وَمِنْ الْحُرَّةِ مِنْ الْمُقَدَّمِ مِنْ تَحْتِ صَدْرِهَا إلَى رُكْبَتِهَا وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مِنْ مُحَاذِي سُرَّتِهَا إلَى رُكْبَتِهَا وَسَتْرُ الْمُخَفَّفَةِ لَيْسَ شَرْطًا اتِّفَاقًا وَهِيَ مِنْ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ سِوَى السَّوْأَتَيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ كَذَلِكَ سِوَى مَا تَقَدَّمَ وَمِنْ الْحُرَّةِ جَمِيعُ بَدَنِهَا سِوَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ. وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مَحْرَمٍ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَمِنْ أَجْنَبِيَّةٍ جَمِيعُ بَدَنِهِ إلَّا أَطْرَافَهُ وَعَوْرَةُ الْأَمَةِ لِلرُّؤْيَةِ مِنْ كُلِّ رَاءٍ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ لِلرُّؤْيَةِ مِنْ مَرْأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَمِنْ مَحْرَمِهَا مَا زَادَ عَلَى أَطْرَافِهَا وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ مَا زَادَ عَلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعَوْرَةَ الشَّامِلَةَ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَالرُّؤْيَةِ فَقَالَ (وَهِيَ) أَيْ الْعَوْرَةُ (مِنْ رَجُلٍ) الشَّامِلَةُ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَلِلرُّؤْيَةِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ مَحْرَمَةٍ (وَ) مِنْ (أَمَةٍ) بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الشَّامِلَةِ لَهُمَا وَلِلرُّؤْيَةِ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ قِنًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِشَائِبَةٍ) مِنْ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ (وَ) مِنْ (حُرَّةٍ) بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ (مَعَ امْرَأَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ مَا (بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) رَاجِعٌ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ وَإِنْ خِيفَ مِنْ رُؤْيَةِ مَا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ أَمَةٍ فِتْنَةٌ حَرُمَتْ رُؤْيَتُهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَكَذَا وَجْهُ الْحُرَّةِ وَكَفَّاهَا وَالْعَوْرَةُ نَظَرُهَا مُحَرَّمٌ وَلَوْ لَمْ تُخْشَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 221 وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ - غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ - وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا، وَأَطْرَافِهَا، بِوَقْتٍ، كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخْذًا، لَا رَجُلَ، وَمَعَ مَحْرَمٍ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ،   [منح الجليل] فِتْنَةٌ شب يَحْرُمُ عَلَى الْحُرَّةِ تَمْكِينُ الْكَافِرَةِ مِنْ نَظَرِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا لِئَلَّا تَصِفَهَا لِكَافِرٍ. (وَ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (أَجْنَبِيٍّ) مُسْلِمٍ جَمِيعُ جَسَدِهَا (غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ) ظَهْرًا وَبَطْنًا فَالْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ لَيْسَا عَوْرَةً فَيَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُمَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَهُ نَظَرُهُمَا إنْ لَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ فَإِنْ خِيفَتْ الْفِتْنَةُ بِهِ فَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ سَتْرِهِمَا وَقَالَ عِيَاضٌ لَا يَجِبُ سَتْرُهُمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ غَضُّ بَصَرِهِ وَقَالَ زَرُّوقٌ يَجِبُ السَّتْرُ عَلَى الْجَمِيلَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ لَمْسُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا كَفَّيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا وَضْعُ كَفِّهِ عَلَى كَفِّهَا بِلَا حَائِلٍ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «مَا بَايَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً بِصَفْحَةِ الْيَدِ قَطُّ إنَّمَا كَانَتْ مُبَايَعَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ» وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ الْكَافِرُ فَجَمِيعُ جَسَدِهَا حَتَّى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَمِنْ الضَّلَالِ الْمُبِينِ تَسَاهُلُ النِّسَاءِ لِلْيَهُودِيِّ وَالْبَدْوِيِّ. (وَأَعَادَتْ) أَيْ الْحُرَّةُ الصَّلَاةَ (لِ) كَشْفِ (صَدْرِهَا وَ) كَشْفِ (أَطْرَافِهَا) مِنْ عُنُقِهَا وَرَأْسِهَا وَذِرَاعِهَا وَظَهْرِ قَدَمِهَا وَمُحَاذِي صَدْرِهَا مِنْ ظَهْرِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَصِلَةُ أَعَادَتْ (بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا وَتُعِيدُ لِكَشْفِ مَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا وَلَا تُعِيدُ لِكَشْفِ بَطْنِ قَدَمِهَا وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ بِوَقْتٍ فَقَالَ (كَكَشْفِ أَمَةٍ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ (فَخِذًا) أَوْ فَخِذَيْنِ فِي الصَّلَاةِ (لَا) كَشْفِ (رَجُلٍ) فَخِذًا أَوْ فَخِذَيْنِ فَلَا يُعِيدُ وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً وَيُعِيدُ لِكَشْفِ أَلْيَتَيْهِ أَوْ بَعْضِهِمَا بِوَقْتٍ وَلِسَوْأَتَيْهِ أَبَدًا وَتُعِيدُ الْأَمَةُ لِكَشْفِ أَلْيَتَيْهَا أَوْ بَعْضِهِمَا أَبَدًا. (وَ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ (مَعَ) رَجُلٍ (مَحْرَمٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ جَمِيعُ جَسَدِهَا (غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ) مِنْ عُنُقٍ وَرَأْسٍ وَذِرَاعٍ وَقُدِّمَ لَا ظَهْرٍ وَصَدْرٍ وَثَدْيٍ وَسَاقٍ وَيَجُوزُ لَمْسُهُ وَجْهَهَا وَأَطْرَافَهَا إنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 222 وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ، وَمِنْ الْمُحْرِمِ كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ.   [منح الجليل] لَمْ يَخْشَ اللَّذَّةَ (وَتَرَى) أَيْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (مِنْ) الرَّجُلِ (الْأَجْنَبِيِّ) وَمَفْعُولُ تَرَى (مَا يَرَاهُ) أَيْ الرَّجُلُ (مِنْ) الْمَرْأَةِ (مَحْرَمِهِ) أَيْ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ. (وَ) تَرَى الْمَرْأَةُ الْمَحْرَمُ (مِنْ) الرَّجُلِ (الْمَحْرَمِ) لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (كَ) رُؤْيَةِ (رَجُلٍ مَعَ) رَجُلٍ (مِثْلِهِ) أَيْ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَيَجُوزُ لَهَا لَمْسُهُ فَيَجُوزُ لَهُمَا وَضْعُ كَفِّهِ عَلَى كَفِّهَا بِلَا حَائِلٍ وَفِي الصَّحِيحِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ بِنْتَه فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -» «وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَبَّلَ أُمَّهُ بَيْنَ عَيْنَيْهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» . (وَلَا تُطْلَبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (أَمَةٌ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ إلَّا أُمُّ الْوَلَدِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ) لَهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا وَمَفْهُومُ رَأْسٍ طَلَبُهَا بِتَغْطِيَةِ غَيْرِهِ مِنْ جَسَدِهَا فَتُطْلَبُ بِتَغْطِيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا نَدْبًا فَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ وَمَا عَدَاهُ غَيْرُ الرَّأْسِ يُنْدَبُ لَهَا سَتْرُهُ فَيَجُوزُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا وَتَغْطِيَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ وَنَصُّهُ وَلِلْأَمَةِ وَمَنْ لَمْ تَلِدْ مِنْ السَّرَارِيِّ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضِهَا الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَقِيلَ يُنْدَبُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا وَعَدَمُ تَغْطِيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ رَأْسَهَا فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا فَتَغْطِيَتُهُ فِي الصَّلَاةِ إمَّا مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَشْفُ رَأْسِهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَتُنْدَبُ تَغْطِيَتُهُ بِهَا لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَيَدُلُّ لِنَدْبِ الْكَشْفِ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ مَا وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَضْرِبُ الْإِمَاءَ اللَّاتِي كُنَّ يَخْرُجْنَ إلَى السُّوقِ مُغَطَّيَاتِ الرُّءُوسِ وَيَقُولُ لَهُنَّ تَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ يَا لَكَاعِ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْفَسَادِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْإِمَاءِ فَبِالتَّغْطِيَةِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْحَرَائِرِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] نَعَمْ حَيْثُ كَثُرَ الْفَسَادُ كَمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا يَنْبَغِي الْكَشْفُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بَلْ يَنْبَغِي سَتْرُهَا بِوَجْهٍ يُمَيِّزُهَا عَنْ الْحُرَّةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 223 وَنُدِبَ سَتْرُهَا بِخَلْوَةٍ وَلِأُمِّ وَلَدٍ، وَصَغِيرَةٍ، سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ، وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ لِلِاصْفِرَارِ، كَكَبِيرَةٍ، إنْ تَرَكَا الْقِنَاعَ،   [منح الجليل] (وَنُدِبَ) لِغَيْرِ مُصَلٍّ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (سَتْرُهَا) أَيْ الْعَوْرَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا السَّوْأَتَانِ وَمَا قَارَبَهُمَا مِنْ كُلِّ شَخْصٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَيُكْرَهُ كَشْفُهَا فِي الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِكُلِّ شَخْصٍ وَيَجُوزُ كَشْفُ مَا زَادَ عَلَيْهَا فِيهَا كَذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا خُصُوصُ الْمُغَلَّظَةِ وَلَا مَا يَشْمَلُ جَمِيعَ الْمُخَفَّفَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُغَلَّظَةُ الْمُخْتَلِفَةُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَصِلَةُ سَتْرُهَا (بِخَلْوَةٍ) أَيْ فِي مَحَلٍّ خَالٍ مِنْ النَّاسِ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ. (وَ) نُدِبَ (لِأُمِّ وَلَدٍ) حُرٍّ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا الْحُرِّ جَبْرًا عَلَيْهِ لَا لِغَيْرِهَا مِنْ ذَوَاتِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ (وَ) لِحُرَّةٍ (صَغِيرَةٍ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (سَتْرُ) لِلصَّلَاةِ (وَجَبَ عَلَى الْحُرَّةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ وَالصَّغِيرُ يُنْدَبُ لَهُ سَتْرٌ لِلصَّلَاةِ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ (وَأَعَادَتْ) الصَّغِيرَةُ نَدْبًا (إنْ رَاهَقَتْ) أَيْ قَارَبَتْ الْبُلُوغَ الظُّهْرَيْنِ (لِلِاصْفِرَارِ) وَالْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحَ لِلطُّلُوعِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَالَ (كَكَبِيرَةٍ) حُرَّةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ قَالَ كَأُمِّ وَلَدٍ أَوْ لَوْ قَالَ وَأَعَادَتَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِنَدْبِ الْإِعَادَةِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَتَقْدِيمِ نُدِبَ إعَادَةُ الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ لِكَشْفِ صَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ الْكَبِيرَةَ مَا يَعُمُّ الْحُرَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالتَّشْبِيهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرَّةِ فِي كَوْنِ الْإِعَادَةِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَطْ وَهَذَا لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا تَقَدَّمَ. (إنْ تَرَكَا) أَيْ الْمُرَاهِقَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَأَسْقَطَ التَّاءَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا شَخْصَيْنِ (الْقِنَاعَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَخِفَّةِ النُّونِ أَيْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ وَصَلَّتَا وَكَتَرْكِ الْقِنَاعِ تَرْكُ سَتْرِ كُلِّ مَا سَتْرُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ مِمَّا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَدْخُلُ كَشْفُ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ وَمَا فَوْقَ مُحَاذِي السُّرَّةِ مِنْ الظَّهْرِ وَالسَّاقِ وَتَعَقَّبَ عج الْمُصَنِّفَ فِي تَقْيِيدِ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِتَرْكِ الْقِنَاعِ بِالْمُرَاهِقَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبَ عَلَى نَدْبِ سَتْرِ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 224 كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ، وَإِنْ انْفَرَدَ أَوْ بِنَجِسٍ بِغَيْرٍ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ وَصَلَّى بِطَاهِرٍ، لَا عَاجِزٍ صَلَّى   [منح الجليل] لِلْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ سَوَاءٌ رَاهَقَتْ أَمْ لَا وَزِيَادَةُ أَشْهَبَ الْإِعَادَةَ لِتَرْكِهِ مُطْلَقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَشْهَبَ قَيَّدَهَا بِالْمُرَاهِقَةِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ فِي مِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً وَنَصُّهُ وَأَمَّا الْحَرَائِرُ غَيْرُ الْبَوَالِغِ فَلَا يَحِلُّونَ مِنْ كَوْنِهِنَّ مُرَاهِقَاتٍ أَوْ غَيْرِهِنَّ فَإِنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً وَصَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَهَلْ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقَةِ كَبِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ فِي نَفْسِهَا مَا تَسْتُرُهُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا إنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَوْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَالَ (كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ) لَا يَسْأَلُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَبِسَهُ أَيْضًا بَلْ (وَإِنْ انْفَرَدَ) الْحَرِيرُ بِالْوُجُودِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُعِيدُ حِينَئِذٍ أَوْ بِاللُّبْسِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا حِينَئِذٍ (أَوْ) مُصَلٍّ (بِ) سَاتِرٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان (نَجِسٍ) عَاجِزًا أَوْ نَاسِيًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ (بِ) سَاتِرٍ (غَيْرِ) أَيْ لَيْسَ حَرِيرًا وَلَا نَجَسًا (أَوْ) يُعِيدُ فِيهِ (بِ) سَبَبِ (وُجُودِ) مَاءٍ (مُطَهِّرٍ) لِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ مَكَانِهِ الْمُتَنَجِّسِ إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ التَّطْهِيرَ إنْ كَانَ لَمْ يُعِدْهَا لِظَنِّهِ عَدَمَ صَلَاتِهَا أَوَّلًا بَلْ (وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ) الَّتِي صَلَّاهَا (أَوَّلًا) بِالْحَرِيرِ أَوْ النَّجِسِ إنْ نَسِيَهَا. (وَصَلَّى) ثَانِيًا (بِ) سَاتِرٍ (طَاهِرٍ) غَيْرِ حَرِيرٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهُ أَوَّلًا بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا تَكْفِيهِ الْإِعَادَةُ الْأُولَى لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِنِيَّةِ الْجَبْرِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُصَلِّي بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ كُلُّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً صَحِيحَةً تُعَادُ فِي الْوَقْتِ فَنَسِيَهَا وَصَلَّى بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ تَذَّكَّرَهَا فَلَا تَسْقُطُ الْإِعَادَةُ الْوَقْتِيَّةُ عَنْهُ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى صَلَاةً فَاسِدَةً وَلَزِمَتْهُ إعَادَتُهَا أَبَدًا فَنَسِيَ وَصَلَّاهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ فَتَسْقُطُ الْإِعَادَةُ عَنْهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهَا. (لَا) يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ شَخْصٌ (عَاجِزٌ) عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ (صَلَّى) حَالَ كَوْنِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 225 عُرْيَانًا، كَفَائِتَةٍ وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ، لَا بِرِيحٍ وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ كَكَفِّ كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ وَتَلَثُّمٍ   [منح الجليل] عُرْيَانًا) مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ سَتْرِهَا ثُمَّ وَجَدَ مَا يَسْتُرُهَا بِهِ فِي الْوَقْتِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعَرِّي مُقَدَّمٌ عَلَى السَّتْرِ بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَهُوَ تَقْدِيمُ السَّتْرِ بِالْحَرِيرِ أَوْ النَّجِسِ عَلَى التَّعَرِّي وَإِعَادَةُ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا إنْ وَجَدَ سَاتِرًا فِي الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُهُ فِيهَا الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَفَائِتَةٍ) قَضَاهَا بِنَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا فَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا بِغَيْرٍ لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْوَقْتِ وَالْفَائِتَةُ يَخْرُجُ وَقْتُهَا بِفَرَاغِهَا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِبَاسٌ (مُحَدِّدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً أَيْ مُظْهِرٌ حَدَّ الْعَوْرَةِ لِرِقَّتِهِ أَوْ ضِيقِهِ وَإِحَاطَتِهِ أَوْ بِاحْتِزَامٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَمُخَالَفَتِهِ لِزِيِّ السَّلَفِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِهَا خُصُوصُ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يُكْرَهُ الِاحْتِزَامُ عَلَى نَحْوِ الْقُفْطَانِ وَالثَّوْبِ الْغَلِيظِ الْمُحَدِّدِ لِلْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ كَالْأَلْيَتَيْنِ أَوْ مَا يَعُمُّ الْمُخَفَّفَةَ فَيُكْرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ أَوْ لِشُغْلٍ وَقُيِّدَتْ كَرَاهَةُ لُبْسِ الْمُحَدِّدِ بِعَدَمِ لُبْسٍ شَيْءٍ آخَرَ عَلَيْهِ مَانِعٍ مِنْ ظُهُورِ حَدِّهَا كَقَمِيصٍ أَوْ قَبَاءٍ أَوْ بُرْنُسٍ أَوْ نَحْوِهَا (لَا) يُكْرِهُ لُبْسُ مُحَدِّدٍ (بِ) إلْصَاقِ (رِيحٍ) أَوْ بَلَلِ الثَّوْبِ عَلَى الْعَوْرَةِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى كَتِفَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى سَتْرِهِمَا. (وَ) كُرِهَ (انْتِقَابُ امْرَأَةٍ) أَيْ تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا إلَى عَيْنَيْهَا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا وَالرَّجُلُ أَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةُ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَيُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدَّيْنِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَكَفِّ) أَيْ ضَمِّ وَتَشْمِيرِ (كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ) رَاجِعٌ لِلْكَفِّ فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ (وَتَلَثُّمٌ) أَيْ تَغْطِيَةُ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَمَا تَحْتَهَا مِنْ الْوَجْهِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ لِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَقَالَ الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ إنَّ اللِّثَامَ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا سَوَاءٌ فَعَلَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النِّقَابِ بِالْكَرَاهَةِ اهـ وَانْظُرْ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 226 كَكَشْفِ مُشْتَرٍ صَدْرًا أَوْ سَاقًا وَصَمَّاءُ بِسِتْرٍ   [منح الجليل] وَجْهُهُ مَعَ مَنْعِ النِّقَابِ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِالْأَنْفِ دُونَ اللِّثَامِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَكَشْفِ) رَجُلٍ (مُشْتَرٍ) أَمَةً (صَدْرًا أَوْ سَاقًا) أَوْ مِعْصَمًا مِنْهَا حَالَ تَقْلِيبِهَا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى نَظَرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَحَرُمَ مَسَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَبِالْوَجْهِ يَظْهَرُ الْجَمَالُ أَوْ ضِدُّهُ وَبِالْكَفَّيْنِ يَظْهَرُ خَصِبُ الْبَدَنِ أَوْ ضِدُّهُ الْبُنَانِيُّ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمَوَّاقُ وَلَا غَيْرُهُ كَرَاهَةُ كَشْفِ الْمُشْتَرِي صَدْرَ الْأَمَةِ أَوْ سَاقَهَا إلَّا لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ نَظَرِ الرَّجُلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْأَمَةِ بِلَا شَهْوَةٍ. وَقَوْلُهُ خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ يُقَالُ عَلَيْهِ الْغَالِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِالْكَشْفِ التَّقْلِيبَ لَا اللَّذَّةَ فَهِيَ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالْكَرَاهَةِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالنَّظَرِ بَلْ بِالْكَشْفِ وَهُوَ مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ نَظَرِ الْمَكْشُوفِ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِهِ بِشَرْطٍ فَقَدْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمَئِنَّةِ فَهِيَ عِلَّةٌ قَوِيَّةٌ لَا ضَعِيفَةٌ. (وَ) كُرِهَ (صَمَّاءُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً مَمْدُودًا وَهِيَ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ حَاشِيَةِ الرِّدَاءِ الْعُلْيَا عَلَى حَدِّ كَتِفَيْهِ وَيُدِيرَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، وَكَتِفُهُ الْآخَرُ وَيَدُهُ الْأُخْرَى مَسْدُولَةٌ مِنْ دَاخِلِهِ وَعَلَى صَدْرِهِ وَيَضَعَ طَرَفَهُ الْآخَرَ عَلَى كَتِفِهِ الْأَوَّلِ، وَيَدُهُ الَّتِي عَلَى كَتِفِهَا الطَّرَفَانِ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِهِمَا مَكْشُوفَةٌ هِيَ وَجَنْبُهَا وَيَصِيرُ الرِّدَاءُ مُحِيطًا بِهِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَكُرِهَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الدَّاخِلَةِ فِي الرِّدَاءِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْكِينِهَا مِنْ رُكْبَتِهِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا مِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ بِهَا فِي السُّجُودِ وَلِأَنَّ أَحَدَ جَانِبَيْهِ مَكْشُوفٌ هَذَا مَعْنَاهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَوْلَى مِنْهُ بِالْكَرَاهَةِ مَعْنَاهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ الرِّدَاءِ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ وَيُدِيرَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى كَتِفِهِ الْأُخْرَى وَيَدُهُ مِنْ دَاخِلِهِ وَعَلَى صَدْرِهِ وَعَلَى كَتِفِهِ الْأَوَّلِ وَيَدُهُ مِنْ دَاخِلِهِ أَيْضًا فَيُحِيطَ بِهِ الرِّدَاءُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ وَيَصِيرَ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيَمْتَنِعَ مِنْ تَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَمِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ بِهِمَا فِي السُّجُودِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الصَّمَّاءِ إذَا كَانَتْ (بِسِتْرٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ مَعَهَا شَيْءٌ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ كَإِزَارٍ وَسَرَاوِيلَ تَحْتَهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 227 وَإِلَّا مُنِعَتْ كَاحْتِبَاءٍ لَا سَتْرَ مَعَهُ وَعَصَى. وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا، أَوْ ذَهَبًا، أَوْ سَرَقَ، أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمَا فِيهَا   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ (مُنِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حَرُمَتْ الصَّمَّاءُ لِانْكِشَافِ الْعَوْرَةِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي عَلَى كَتِفِهِ طَرَفَا الرِّدَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ الصَّمَّاءَ لَا عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ نَعَمْ إذَا أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الرِّدَاءِ وَبَاشَرَ الْأَرْضَ بِهِمَا فِي سُجُودِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ عَلَى اللُّغَوِيِّ أَيْضًا. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَاحْتِبَاءٍ) بِثَوْبٍ (لَا سِتْرَ مَعَهُ) لِلْعَوْرَةِ مِنْ الْجِهَةِ الْعُلْيَا لِضِيقِ الثَّوْبِ الْمُحْتَبَى بِهِ وَعَدَمِ نَحْوِ مِئْزَرٍ تَحْتَهُ وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيُقِيمَ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ وَيُدِيرَ الثَّوْبَ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَاقَيْهِ مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ فَتَصِيرَ عَوْرَتُهُ مَكْشُوفَةً مِنْ أَعْلَى فَيُمْنَعَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ عَوْرَتِهِ وَكَذَا فِيهَا فِي حَالِ جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ لِصَلَاةِ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ فَإِنْ كَانَ بِسِتْرٍ جَازَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَمُنِعَ فِيهَا لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ كَجِلْسَةِ الْكَلْبِ وَالْبَدْوِيِّ الْمُصْطَلِي. (وَعَصَى) الرَّجُلُ (وَصَحَّتْ) صَلَاتُهُ (إنْ لَبِسَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (حَرِيرًا) خَالِصًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ بِطَاهِرٍ غَيْرِهِ وَأَعَادَهَا بِوَقْتٍ وَكَذَا لُبْسُهُ بِغَيْرِهَا وَالْتِحَافُهُ بِهِ وَرُكُوبُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَنَوْمُهُ عَلَيْهِ وَتَغَطِّيهِ بِهِ وَلَوْ تَبَعًا لِامْرَأَتِهِ أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلتَّدَاوِي مِنْهَا وَيَجُوزُ سَتْرُ السَّقْفِ وَالْحَائِطِ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَنِدَ إلَيْهِ رَجُلٌ وَالْخِيَاطَةُ بِهِ وَرَايَةُ الْجِهَادِ وَعَلَمُ الثَّوْبِ وَسِلْكُ السَّبْحَةِ وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ وَهُوَ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلَحْمَتُهُ وَبَرٌّ وَمِثْلُهُ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلَحْمَتُهُ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ صُوفٌ أَوْ غَيْرُهَا وَقِيلَ بِحُرْمَتِهَا وَقِيلَ بِجَوَازِهَا وَقِيلَ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَحُرْمَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ. (أَوْ) لَبِسَ (ذَهَبًا) وَلَوْ خَاتَمًا لَا إنْ حَمَلَ الْحَرِيرَ أَوْ الذَّهَبَ بِجَيْبٍ أَوْ كُمٍّ (أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلَةً (فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ تَنَازَعَ فِيهِ لَبِسَ وَسَرَقَ وَنَظَرَ وَشَمِلَ الْمُحَرَّمَ عَوْرَةُ الْإِمَامِ وَعَوْرَةُ نَفْسِ الْمُصَلِّي فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِتَعَمُّدِ نَظَرِهَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ نَظَرِ عَوْرَةِ النَّفْسِ أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 228 وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ فَثَالِثُهَا يُخَيَّرُ وَمَنْ عَجَزَ صَلَّى عُرْيَانًا؛ فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَّامٍ فَكَالْمَسْتُورِينَ، وَإِلَّا تَفَرَّقُوا؛ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَلُّوا قِيَامًا، غَاضِّينَ إمَامُهُمْ وَسَطُهُمْ   [منح الجليل] الْإِمَامِ وَلَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فِيهِمَا عَلَى تَحْقِيقِ الْمِسْنَاوِيِّ. (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ الْبَالِغُ (إلَّا سِتْرًا) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ سَاتِرًا (لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ) أَيْ قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ (فَ) قِيلَ يَسْتُرُ بِهِ دُبُرَهُ وَقِيلَ يَسْتُرُ بِهِ قُبُلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِظُهُورِهِ دَائِمًا وَالدُّبُرُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. (ثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يُخَيَّرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا فِي سَتْرِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِهِ الْبِسَاطِيُّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ نَحْوُ حَائِطٍ وَإِلَّا سَتَرَ دُبُرَهُ بِهِ وَقُبُلَهُ بِالثَّوْبِ أَوْ أَمَامَهُ نَحْوُهُ وَإِلَّا سَتَرَ بِهِ قُبُلَهُ وَسَتَرَ دُبُرَهُ بِالْخِرْقَةِ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ مِنْ جَرَيَانِهِ وَلَوْ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ أَوْ فِي خَلْوَةٍ أَوْ صَلَّى خَلْفَ حَائِطٍ أَوْ إلَى شَجَرَةٍ. (وَمَنْ عَجَزَ) عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ الْمُغَلَّظَةِ (صَلَّى) وُجُوبًا حَالَ كَوْنِهِ (عُرْيَانًا) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ سَتْرِهَا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْقُدْرَةِ (فَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ الْعُرَاةُ الْعَاجِزُونَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ (بِظَلَامٍ) لِلَّيْلِ أَوْ غَارًا وَجَبَ (فَ) يُصَلُّونَ جَمَاعَةً (كَالْمَسْتُورِينَ) فِي تَقْدِيمِ إمَامِهِمْ وَاصْطِفَافِهِمْ خَلْفَهُ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ بِطَفْءِ الْمِصْبَاحِ أَوْ الدُّخُولِ فِي نَحْوِ غَارٍ إلَّا لِضَرَرٍ وَإِلَّا أَعَادُوا بِوَقْتٍ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا بِظَلَامٍ (تَفَرَّقُوا) لِلصَّلَاةِ وُجُوبًا وَصَلَّوْا فُرَادَى وَإِلَّا أَعَادُوا بِوَقْتٍ وَقِيلَ أَبَدًا وَاسْتُبْعِدَ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) تَفَرُّقُهُمْ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ مِنْ كَسَبْعٍ أَوْ مَالٍ أَوْ لِضِيقِ مَكَان كَسَفِينَةٍ (صَلَّوْا) بِفَتْحِ اللَّامِ مُثَقَّلًا جَمَاعَةً اسْتِنَانًا حَالَ كَوْنِهِمْ (قِيَامًا) أَيْ قَائِمِينَ رَاكِعِينَ سَاجِدِينَ صَفًّا وَاحِدًا. (غَاضِّينَ) بِغَيْنٍ وَضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ كَافِّينَ أَبْصَارَهُمْ عَنْ عَوْرَةِ إمَامِهِمْ وَبَعْضِهِمْ وَنَفْسِهِمْ وُجُوبًا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يُصَلُّونَ جُلُوسًا بِإِيمَاءٍ حَالَ كَوْنِهِمْ (إمَامُهُمْ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ (وَسْطَهُمْ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ بَيْنَهُمْ فِي الصَّفِّ غَيْرَ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَغُضُّوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 229 وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ أَوْ وَجَدَ عُرْيَانُ ثَوْبًا اسْتَتَرَا، إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا أَعَادَا بِوَقْتٍ، وَإِنْ كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ صَلُّوا أَفْذَاذًا، وَلِأَحَدِهِمْ، نُدِبَ لَهُ إعَارَتُهُمْ.   [منح الجليل] أَبْصَارَهُمْ فَقَالَ عج يُعِيدُونَ أَبَدًا وَقَالَ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ بِصِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ تَعَمَّدَ نَظَرَ عَوْرَةَ إمَامِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ) سَابِقٍ عَلَيْهَا أَوْ فِيهَا وَفَاعِلُ عَلِمَتْ أَمَةٌ (مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ) مَثَلًا أَوْ صَدْرٍ أَوْ سَاقٍ أَوْ عُنُقٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ سَتْرُهُ (أَوْ وَجَدَ) شَخْصٌ (عُرْيَانُ) عَاجِزٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ فِيهَا (ثَوْبًا) يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ (اسْتَتَرَا) أَيْ الْأَمَةُ وَالْعُرْيَانُ وُجُوبًا (إنْ قَرُبَ) السَّاتِرُ مِنْ مَكَانِ الْأَمَةِ وَالْعُرْيَانِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ غَيْرُ مَا فِيهِ الْمُصَلِّي وَمَا فِيهِ السَّاتِرُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِرَا وَكَمَّلَا صَلَاتَهُمَا بِحَالِهِمَا (أَعَادَا) أَيْ الْأَمَةُ وَالْعُرْيَانُ صَلَاتَهُمَا نَدْبًا (بِوَقْتٍ) الظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ لِدُخُولِهِمَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمَفْهُومُ إنْ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ فَلَا يَسْتَتِرَانِ وَيُكْمِلَانِ صَلَاتَهُمَا بِحَالِهِمَا وَيُعِيدَانِهَا بِوَقْتٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى لَا يُعِيدَانِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ وَجَدَ الْعُرْيَانُ ثَوْبًا فِي الصَّلَاةِ فَيَقْطَعُهَا قَرُبَ أَوْ بَعُدَ. (وَإِنْ كَانَ لِ) جَمَاعَةٍ (عُرَاةٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَارٍ بِمَعْنَى عُرْيَانَ (ثَوْبٌ) وَاحِدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةً (صَلَّوْا) بِفَتْحِ اللَّامِ مُثَقَّلًا مُسْتَتِرِينَ بِهِ وُجُوبًا شَرْطًا حَالَ كَوْنِهِمْ (أَفْذَاذًا) مُتَعَاقِبِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ ضَاقَ أَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ اقْتَرَعُوا وَلَا يَجُوزُ التَّسْلِيمُ لِلْغَيْرِ بِدُونِهَا إنْ وَسِعَهَا وَإِلَّا صَلَّوْا عُرَاةً. (وَ) إنْ كَانَ الثَّوْبُ (لِأَحَدِهِمْ) أَيْ الْعُرَاةِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَنْهُ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ مَالِكِ الثَّوْبِ (إعَارَتُ) هـ لَ (هُمْ) بَعْدَ صَلَاةٍ بِهِ وَلَمْ تَجِبْ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 230 (فَصْلٌ) وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ؛   [منح الجليل] الْمُكَلَّفِ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِسِتْرِ عَوْرَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ مَالِكِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى قَسَمِهِ إتْلَافٌ كَذِي فِلْقَتَيْنِ أَوْ طَوِيلٍ يَكْفِي كُلُّ طَرَفٍ مِنْهُ شَخْصًا وَجَبَ إعَارَتُهُمْ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُنْدَبُ وَضَعُفَ. [فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَال الْقِبْلَة] (فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ) (وَ) شُرِطَ لِصِحَّةِ صَلَاةٍ (مَعَ الْأَمْنِ) مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ وَسَبُعٍ وَالْقُدْرَةِ قِيلَ الْأَوْلَى ذِكْرُهَا بَدَلَ الْأَمْنِ لِاسْتِلْزَامِهَا إيَّاهُ دُونَ الْعَكْسِ وَالذِّكْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ الْمُقَدَّرُ (اسْتِقْبَالُ) أَيْ مُقَابَلَةُ (عَيْنِ) أَيْ ذَاتِ (الْكَعْبَةِ) بِجَمِيعِ الْبَدَنِ يَقِينًا (لِمَنْ) يُصَلِّي (بِمَكَّةَ) وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا كَالْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِهَا وَالْأَوْدِيَةِ وَالطُّرُقِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا فَلَا يَكْفِيهِمْ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا وَلَا اجْتِهَادٌ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَالْيَقِينَ تَمْنَعُ اسْتِقْبَالَ الْجِهَةِ وَالِاجْتِهَادَ فِي اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ الْمُعَرَّضَيْنِ لِلْخَطَأِ فَإِنْ صَلَّوْا صَفًّا مُسْتَقِيمًا مُقَابِلَهَا زَائِدًا عَلَى عَرْضِهَا كَصَفٍّ مُعْتَدِلٍ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى آخِرِهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ فَصَلَاةُ الَّذِي لَمْ يُقَابِلْ بَدَنُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ الْكَعْبَةَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ عَيْنَهَا وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ جِهَتَهَا. وَهَذَا وَاقِعٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كُلَّ يَوْمٍ وَالنَّاسُ غَافِلُونَ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَعْتَنُونَ بِاعْتِدَالِ الصُّفُوفِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ دَائِرَةً مُحِيطَةً بِالْكَعْبَةِ بِحَيْثُ يُقَابِلُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ قَوْسًا مُحِيطًا بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ طُولُ الصَّفِّ قَدْرَ عَرْضِ الْكَعْبَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى تَقْوِيسِهِ وَكَيْفِيَّةُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ يُصَلِّي بِمَكَّةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ كَجَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ حَتَّى يَرَى الْكَعْبَةَ وَيُقَابِلَهَا بِبَدَنِهِ وَيُصَلِّيَ أَوْ يُرْسِلَ شَيْئًا ثَقِيلًا فِي حَبْلٍ إلَى الْأَرْضِ فَكُلَّمَا قَابَلَهُ مِنْ حَائِطِ السَّقْفِ الَّذِي هُوَ وَاقِفٌ عَلَيْهِ فَهُوَ مُسَامِتٌ لَهَا فَيَعْلَمُهُ وَيُصَلِّي إلَيْهِ هُوَ وَغَيْرُهُ كُلَّمَا أَرَادَ الصَّلَاةَ وَلَا يَنْحَرِفُ عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 231 فَإِنْ شَقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ   [منح الجليل] فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصُّعُودِ أَوْ كَانَ بِلَيْلٍ أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ عَالٍ اسْتَدَلَّ عَلَى عَيْنِهَا بِعَلَامَاتِهَا الْيَقِينِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْحَائِلُ وَجَدَ نَفْسَهُ مُسَامِتًا لَهَا وَيُصَلِّي إلَيْهَا وَحَيْثُ عَرَفَ مُسَامِتَهَا مِنْ بَيْتِهِ فَيُصَلِّي إلَيْهِ بَقِيَّةَ عُمْرِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِمَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا خُصُوصُ رُؤْيَتِهَا وَمُشَاهَدَتِهَا بِحَيْثُ لَا تُحْجَبُ عَنْهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَاحْتَرَزَ بِالْأَمْنِ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ وَبِالْقُدْرَةِ مِنْ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَنْ تَحْتَ هَدْمٍ وَمَرْبُوطٍ وَزَمَنٍ عَاجِزٍ عَنْ التَّحَوُّلِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ أَيْضًا وَبِالذِّكْرِ مِنْ النِّسْيَانِ فَيَسْقُطُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (فَإِنْ) أَمْكَنَ مَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا وَ (شَقَّ) عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أَوْ هِرَمٍ (فَفِي) جَوَازِ (الِاجْتِهَادِ) فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِبِنَاءِ الدِّينِ عَلَى التَّيْسِيرِ وَمَنْعِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ (نَظَرٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَصَوَّبَ ابْنُ رَاشِدٍ مَنْعَ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا يَقِينًا بِوَجْهٍ كَشَدِيدِ مَرَضٍ أَوْ زَمِنٍ أَوْ مَرْبُوطٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا اتِّفَاقًا. وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِغَيْرِ جِهَتِهَا مَعَ عِلْمِهَا لِمَرَضٍ أَوْ هَدْمٍ عَلَيْهِ أَوْ رَبْطٍ فَيُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا لِعَجْزِهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا أَقْسَامٌ. الْأَوَّلُ صَحِيحٌ آمِنٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا يَقِينًا إمَّا بِصَلَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ بِالصُّعُودِ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَرُؤْيَتِهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا اسْتَدَلَّ عَلَى عَيْنِهَا بِعَلَامَةٍ يَقِينِيَّةٍ يَقْطَعُ بِهَا قَطْعًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ أَنَّهُ لَوْ أُزِيلَ الْحَائِلُ لَكَانَ مُسَامِتًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حَيْثُ يَرَاهَا. الثَّانِي مَرِيضٌ مَثَلًا يُمْكِنُهُ مَا يُمْكِنُ الصَّحِيحَ لَكِنْ بِجُهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَتَرَدَّدُوا فِي جَوَازِ اجْتِهَادِهِ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ. الثَّالِثُ مَرِيضٌ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَهَذَا يَجْتَهِدُ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا اتِّفَاقًا. الرَّابِعُ مَرِيضٌ مَثَلًا عَالَمٌ جِهَتَهَا يَقِينًا وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِغَيْرِهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 232 وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ جِهَتُهَا اجْتِهَادًا   [منح الجليل] يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ لَهَا فَهَذَا يُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا كَالْخَائِفِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ وَعَدُوٍّ لِأَنَّ شَرْطَ الِاسْتِقْبَالِ الْأَمْنُ وَالْقُدْرَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَيَأْتِي هُنَا فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ وَالرَّاجِي آخِرُهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطُهُ. (وَإِلَّا) إي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ وَلَا بِمَا أُلْحِقَ بِهَا (فَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ الَّذِي يَشْتَرِطُ اسْتِقْبَالُهُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ (جِهَتُهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ لَا عَيْنِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ عَيْنُهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ وَمُرَادُهُمْ تَقْدِيرُ الْمُصَلِّي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا فِي الْوَاقِعِ كَمَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لِأَنَّ هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مُقْتَدِيًا بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ زَائِدٌ عَلَى عَرْضِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ عَيْنَهَا وَيَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَأْمُومِهِ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ. وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ الْجِسْمَ يُقَابَلُ بِأَكْبَرَ مِنْهُ مَعَ الْبُعْدِ وَكُلَّمَا زَادَ الْبُعْدُ عَظُمَ الْمُقَابَلُ كَغَرَضِ الرُّمَاةِ وَقُطْبِ الدَّائِرَةِ وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَقَوُّسِ الْمُقَابِلِ كَالدَّائِرَةِ حَوْلَ قُطْبِهَا وَإِلَّا لَزِمَ فِي صَفٍّ مُعْتَدِلٍ وَلَا تَقَوُّسَ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَإِنْ أُرِيدَ إمْكَانُ الْوَصْلِ بَيْنَهُمَا بِخَطٍّ وَلَوْ مَالَ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا رَجَعَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا عبق وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعِيدُ أَبَدًا الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا ثَمَرَةَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَأَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ اجْتِهَادٍ عَلَيْهِمَا وَالْأَبَدِيَّةُ عِنْدَنَا إنَّمَا هِيَ فِي قِبْلَةُ الْقَطْعِ. وَلَعَلَّ عبق أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ (اجْتِهَادًا) فِي اسْتِقْبَالِ جِهَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ جَامِعِ عَمْرٍو بِمِصْرَ الْعَتِيقَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ الْمُؤَدِّي لِمُخَالَفَةِ مِحْرَابِهِمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مِحْرَابِهِمَا لِأَنَّ مِحْرَابَ الْمَدِينَةِ بِالْوَحْيِ وَمِحْرَابَ جَامِعِ عَمْرٍو بِإِجْمَاعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الثَّمَانِينَ وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ يَسِيرًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَكِنْ بَحْثٌ بِالنِّسْبَةِ لِجَامِعِ عَمْرٍو بِأَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوهُ نَحْوَ الثَّمَانِينَ وَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الْإِجْمَاعِ. وَلِذَا رُوِيَ أَنَّ اللَّيْثَ وَابْنَ لَهِيعَةَ كَانَا يَتَيَامَنَانِ فِيهِ قِيلَ وَتَيَامَنَ بِهِ قُرَّةٌ لَمَّا بَنَاهُ عَلَى عَهْدِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 233 كَأَنْ نُقِضَتْ، وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا، وَإِنْ صَادَفَ. وَصَوَّبَ سَفَرِ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ فَقَطْ.   [منح الجليل] بَنِي أُمَيَّةَ وَمِثْلُ جَامِعِ عَمْرٍو وَجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ وَجَامِعِ الْقَيْرَوَانِ لِاجْتِمَاعٍ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهِمَا أَيْضًا ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَجِدْ فِي الْبَيَانِ وَلَا فِي الْوَقْتِ اسْتِظْهَارًا لِابْنِ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ، فَالْمُنَاسِبُ فَالْأَصَحُّ أَوْ الْأَحْسَنُ. وَأَجَابَ تت بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اقْتَصَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَالْخَرَشِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى. وَشَبَّهَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي اسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (نُقِضَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَاءِ التَّأْنِيثِ، أَيْ هُدِمَتْ الْكَعْبَةُ وَنُقِلَ حَجَرُهَا وَنُسِيَ مَحَلُّهَا، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ مِنْ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ إذْ ذَاكَ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ جِهَتِهَا اتِّفَاقًا لِانْعِدَامِ عَيْنِهَا وَجَهْلِ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَفِي عبق إنْ كَانَ بِمَكَّةَ اجْتَهَدَ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِ مَحَلِّهَا. (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (إنْ) أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ وَ (خَالَفَهَا) بِصَلَاتِهِ لِغَيْرِهَا عَامِدًا إنْ لَمْ يُصَادِفْ الْقِبْلَةَ فِي الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا بَلْ (وَإِنْ صَادَفَ) هَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا فَيُعِيدُهَا أَبَدًا لِدُخُولِهِ عَلَى الْفَسَادِ وَتَعَمُّدِهِ إيَّاهُ فَلَمْ يَنْوِ مَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِهَا فَإِنْ صَلَّى لِغَيْرِهَا نِسْيَانًا فَصَادَفَ فَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِصِحَّتِهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِهَا لِجَزْمِهِ النِّيَّةَ وَتَبَيُّنِ الْمُوَافَقَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنْ صَلَّى لِجِهَةِ اجْتِهَادِهِ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَوْ اسْتَدْبَرَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا. وَقَيَّدَ الْبَاجِيَّ إعَادَتَهُ فِيهِ بِظُهُورِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ. قَالَ فَإِنْ خَفِيَتْ فَلَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ تَحَيَّرَ وَاخْتَارَ جِهَةً صَلَّى إلَيْهَا كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ. (وَصَوْبُ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ جِهَةُ (سَفَرِ قَصْرٍ) لِلرُّبَاعِيَّةِ بِأَنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَقْصُودَةٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا (لِرَاكِبِ دَابَّةٍ) رُكُوبًا مُعْتَادًا (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِسَفَرٍ وَمَا بَعْدَهُ، أَيْ لَا حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ غَيْرِ قَصْرِهِ لِنَقْصِهِ عَنْهَا أَوْ عِصْيَانٍ أَوْ لَهْوٍ بِهِ وَلَا لِمَاشٍ وَلَا لِرَاكِبٍ غَيْرِ دَابَّةٍ كَسَفِينَةٍ وَلَا لِرَاكِبِ دَابَّةٍ رُكُوبًا غَيْرَ مُعْتَادٍ بِجَعْلِ وَجْهِهِ لِذَنَبِهَا أَوْ جَنْبِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحْمِلٍ بَلْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 234 وَإِنْ بِمَحْمَلٍ بَدَلٌ فِي نَفْلٍ، وَإِنْ وَتْرًا. وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا، لَا سَفِينَةٍ فَيَدُورُ مَعَهَا إنْ أَمْكَنَ، وَهَلْ إنْ أَوْمَأَ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] (وَإِنْ) كَانَ (بِمَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَا يَرْكَبُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ شُقْدُفٍ وَيَتَرَبَّعُ حَالَ إحْرَامِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَرُكُوعِهِ وَيُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ لِسُجُودِهِ عَلَى خَشَبِ الْمَحْمِلِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَحَالَ التَّشَهُّدِ وَخَبَرُ صَوْبُ (بَدَلٌ) أَيْ عِوَضٌ عَنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ (فِي) صَلَاةِ (نَفْلٍ) فَقَطْ لَا فِي فَرْضٍ وَلَوْ كِفَائِيًّا كَجِنَازَةٍ إنْ كَانَ النَّفَلُ غَيْرَ سُنَّةٍ بَلْ. (وَإِنْ) كَانَ (وَتْرًا) إنْ عَسُرَ ابْتِدَاؤُهُ لِجِهَةِ الْكَعْبَةِ بَلْ (وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا) أَيْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجِبُ ابْتِدَاؤُهُ لَهَا إنْ سَهُلَ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ حَالَ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ إمْسَاكِ عَنَانِهَا وَتَحْرِيكِ رِجْلِهِ بِجَنْبِهَا وَضَرْبِهَا بِنَحْوِ سَوْطٍ، وَيُومِئُ بِسُجُودِهِ لِلْأَرْضِ لَا لِقَرَبُوسِ الدَّابَّةِ، وَيُشْتَرَطُ رَفْعُ عِمَامَتِهِ عَنْ جَبْهَتِهِ حَالَ إيمَائِهِ بِهَا لَا طَهَارَةَ الْأَرْضِ، فَإِنْ انْحَرَفَ لِغَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا انْحِرَافًا كَثِيرًا اخْتِيَارًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ. (لَا) يَكُونُ صَوْبُ سَفَرِ الْقَصْرِ بَدَلًا لِرَاكِبِ (سَفِينَةٍ) لِسُهُولَةِ اسْتِقْبَالِهِ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فِيهَا وَإِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ لِجِهَةِ الْكَعْبَةِ فَدَارَتْ السَّفِينَةُ إلَى غَيْرِ جِهَتِهَا (فَيَدُورُ) الْمُصَلِّي (مَعَهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ أَوْ السَّفِينَةِ، أَيْ يَدُورُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ دَوْرَانِ السَّفِينَةِ لِغَيْرِهَا (إنْ أَمْكَنَ) دَوَرَانُهُ وَإِلَّا فَيُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ. (وَهَلْ) مَنْعُ النَّفْلِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ (إنْ أَوْمَأَ) الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا فَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ فَيَجُوزُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ دَوَرَانٍ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ التَّبَّانِ وَأَبِي إبْرَاهِيمَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الْإِيمَاءُ (أَوْ) مَنْعُهُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالْإِيمَاءِ، وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ عَدَمُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَهِيَ رُخْصَةٌ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَهُوَ سَفَرُ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ فَقَطْ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ اخْتِلَافٌ مِنْ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِ قَوْلِهَا لَا يَنْتَقِلُ فِي السَّفِينَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 235 وَلَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا إلَّا لِمِصْرٍ، وَإِنْ أَعْمَى وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ وَقَلَّدَ غَيْرَهُ مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ   [منح الجليل] إيمَاءً حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ مِثْلَ الدَّابَّةِ فَفَهِمَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَابْنُ التَّبَّانِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَوْلِهَا لَا يَنْتَقِلُ فِي السَّفِينَةِ قَوْلُهَا إيمَاءً، وَفَهِمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهَا قَوْلُهَا حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَعِبَارَتُهَا مُحْتَمَلَةٌ لَهُمَا. (وَلَا يُقَلِّدُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً، وَفَاعِلُهُ شَخْصٌ (مُجْتَهِدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَعْرِفَةِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ لِمَعْرِفَتِهِ أَدَاتَهَا وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا شَخْصًا (غَيْرَهُ) مُجْتَهِدًا فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّقْلِيدِ. (وَ) لَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ (مِحْرَابًا) مَنْصُوبًا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) مِحْرَابًا (لِمَصْرٍ) بِالتَّنْوِينِ أَيْ بَلَدٍ كَبِيرٍ حَضَرٍ نَصَبَ مِحْرَابَهُ إلَيْهَا الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ كَبَغْدَادَ وَمِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة، وَلَوْ خَرِبَ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ قَوْلُهُ لَا لِمِصْرٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَمْنُوعِ وَهُوَ إنَّمَا يُفِيدُ الْجَوَازَ. وَصَرَّحَ فِي الْمِعْيَارِ بِالْجَوَازِ وَنَفْيِ الْوُجُوبِ قَائِلًا وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي جُهِلَ حَالُ نَاصِبِهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي قَطَعَ الْعَارِفُونَ بِخَطَئِهَا كَمَحَارِيبَ رَشِيدٍ وَقَرَافَةِ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ وَمُنْيَةِ ابْنِ خَصِيبٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا لَا لِلْمُجْتَهِدِ وَلَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ بَصِيرًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى وَسَأَلَ) أَيْ الْأَعْمَى (عَنْ الْأَدِلَّةِ) لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ. (وَقَلَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَفَاعِلُهُ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ الْجَاهِلُ بِأَدِلَّتِهَا أَوْ بِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا وُجُوبًا شَخْصًا (مُكَلَّفًا) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا تَنَازَعَ فِيهِ سَأَلَ وَقَلَّدَ عَدْلًا فِي الرِّوَايَةِ (عَارِفًا) بِالْأَدِلَّةِ وَبِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا (أَوْ) قَلَّدَ (مِحْرَابًا) وَلَوْ لِغَيْرِ مِصْرٍ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ تَقْلِيدِ مِحْرَابِ الْمِصْرِ عَلَى تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ عَلَى مِحْرَابِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ. (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) أَيْ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدًا وَلَا مِحْرَابًا يُقَلِّدُهُ (أَوْ تَحَيَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 236 مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ، وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا لَحَسُنَ وَاخْتِيرَ. وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قَطَعَ. غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٍ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا، وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ؛   [منح الجليل] مُهْمَلُ الْحَاءِ فَاعِلُهُ (مُجْتَهِدٌ) بِخَفَاءِ أَدِلَّتِهَا عَلَيْهِ لِحَبْسٍ أَوْ غَيْمٍ وَلَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا وَلَا مِحْرَابًا يُقَلِّدُهُ أَوْ الْتِبَاسِهَا عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورِهَا لَهُ بِأَنْ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ (تَخَيَّرَ) كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ اخْتَارَ كُلٌّ مِنْ الْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مِحْرَابًا وَلَا مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَالْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ. (وَلَوْ صَلَّى) كُلٌّ مِنْهُمَا (أَرْبَعًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً (لَحَسُنَ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (وَاخْتِيرَ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا إذَا كَانَ تَحَيُّرُهُ وَشَكُّهُ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَإِلَّا تَرَكَ مَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ قِبْلَةً، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً عَلَى الْأَوَّلِ لِلْجِهَةِ الَّتِي يَخْتَارُهَا، وَعَدَدُهَا بِقَدْرِ مَا شَكَّ فِيهِ عَلَى الثَّانِي وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ مُخَالِفًا بِهِ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاللَّخْمِيُّ. (وَإِنْ تَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا لِمُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ أَوْ مُتَحَيِّرٍ بِقِسْمَيْهِ وَفَاعِلُ تَبَيَّنَ (خَطَأٌ) فِي الْقِبْلَةِ الَّتِي هُوَ مُسْتَقْبِلُهَا وَصِلَةُ تَبَيَّنَ (بِصَلَاةٍ) أَيْ فِيهَا (قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا شَخْصٌ (غَيْرُ أَعْمَى وَ) غَيْرُ (مُنْحَرِفٍ) عَنْ الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا (يَسِيرًا) وَغَيْرُهُمَا هُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا بِأَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَوْلَى الْمُسْتَدْبِرُ وَمَفْهُومُ غَيْرُ أَعْمَى أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ وَغَيْرُ مُنْحَرِفٍ يَسِيرًا أَنَّ الْبَصِيرَ الْمُنْحَرِفَ يَسِيرًا لَا يَقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَالْأَوْضَحُ الْمُخْتَصَرُ بَصِيرًا انْحَرَفَ كَثِيرًا (فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا) أَيْ الْقِبْلَةَ وَيَبْنِيَانِ عَلَى مَا صَلَّيَاهُ إلَى غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلَا وَأَتَمَّاهَا إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْأَعْمَى الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا بَصِيرًا كَانَ أَوْ أَعْمَى مَعَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِمَا. (وَ) إنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ (بَعْدَ) فَرَاغٍ (بِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (أَعَادَ) أَيْ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا (فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ) ظَاهِرٌ فِي الْعَصْرِ خَاصَّةً إذَا الظُّهْرُ تُعَادُ إلَى الِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ وَالصُّبْحُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 237 وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا؟ خِلَافٌ وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا، وَفِي الْحَجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ   [منح الجليل] إلَى الطُّلُوعِ وَأَمَّا الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا فَلَا تُنْدَبُ لَهُمَا الْإِعَادَةُ فِيهِ الْوَقْتِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُمَا الْخَطَأُ بَعْدَهَا وَهَذَا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا قِبْلَةُ الْقَطْعِ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَجَامِعِ عَمْرٍو وَنَحْوِهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ قَطْعُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ فَيُعِيدُهَا أَبَدًا. (وَهَلْ يُعِيدُ) الشَّخْصُ (النَّاسِي) شَرْطِيَّةُ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ جِهَةُ قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا، وَتَذَكَّرَ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ صَلَاتَهُ (أَبَدًا) وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَحْدَهُ أَوْ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ (خِلَافٌ) وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ وَصَلَّى لِغَيْرِهَا عَمْدًا فَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَنْ تَذَكَّرَ فِيهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي مُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَظَهَرَ خَطَؤُهُ فَلَا تَقْصِيرَ عِنْدَهُ، وَمَا هُنَا فِي عَالِمِ الْقِبْلَةِ وَنَسِيَ حُكْمَهَا وَتَعَمَّدَ اسْتِقْبَالَ غَيْرِهَا أَوْ نَسِيَهَا نَفْسَهَا وَاسْتَقْبَلَ غَيْرَهَا فَهُوَ مُقَصِّرٌ. فَإِنْ عَلِمَ فِيهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَعْمَى وَمَحَلُّهُ فِي الِانْحِرَافِ الْكَثِيرِ الْمُتَبَيِّنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا إعَادَةَ بِهِ اتِّفَاقًا. (وَجَازَتْ سُنَّةٌ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ كَوَتْرٍ أَيْ صَلَاتُهَا (فِيهَا) أَيْ الْكَعْبَةِ (وَفِي الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَيْ الْبِنَاءِ الْمُقَابِلِ لِرُكْنَيْ الْكَعْبَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الْمُخْتَلَفِ فِي كَوْنِهِ مِنْهَا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَمِنْهَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ وَأَوْلَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْمَنْدُوبِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَنْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ، قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ. وَالْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ يُجَازَ مُضِيٌّ بَعْد الْوُقُوعِ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ بَعِيدٌ. وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَالرَّوَاتِبُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ فَتُنْدَبُ فِيهَا. (لِأَيِّ جِهَةٍ) أَيْ مِنْ الْكَعْبَةِ فَقَطْ وَلَوْ لِبَابِهَا مَفْتُوحًا. وَأَمَّا الْحِجْرُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ إلَّا إلَى الْكَعْبَةِ فَلَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ اسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ قَالَهُ الْحَطّ الرَّمَاصِيُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 238 لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ وَبَطَل فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا   [منح الجليل] قَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْحِجْرِ لِأَنَّهُ جِهَةٌ مِنْهُ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِيهِ كَحُكْمِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِهَا فِي الْبَيْتِ وَلَوْ لِبَابِهِ مَفْتُوحًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ شَيْئًا مِنْ بِنَائِهِ، فَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِجْرِ عَلَى مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الْبُنَانِيُّ مِمَّا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُ عِيَاضٍ وَالْقَرَافِيِّ صَرِيحٌ فِي مَنْعِ اسْتِقْبَالِ الْحِجْرِ مِنْ خَارِجِهِ، وَصَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فَالصَّلَاةُ فِيهِ لِغَيْرِ الْكَعْبَةِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، وَهَذَا لَا يَدْفَعُ بِظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ظُهُورِ التَّخْصِيصِ. (لَا) يَجُوزُ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ (فَرْضٌ) عَيْنِيٌّ أَوْ كِفَائِيٌّ كَالْجِنَازَةِ وَإِذَا صَلَّى عَلَى الْفَرْضِ فِي أَحَدِهِمَا (فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا، وَتُعَادُ الْجِنَازَةُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا لَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَإِنْ مُنِعَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا فِيهِمَا. (وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاو مُثَقَّلًا، أَيْ فُهِمَ قَوْلُهَا يُعَادُ الْفَرْضُ فِيهِمَا فِي وَقْتِهِ (بِالنِّسْيَانِ) مِنْ الْمُصَلِّي لَهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ فَيُعِيدَانِ أَبَدًا وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ (وَ) أُوِّلَ (بِالْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ فِي الْوَقْتِ كَالنَّاسِي وَهَذَا لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَبَطَلَ فَرْضٌ) صُلِّيَ (عَلَى ظَهْرِهَا) أَيْ سَطْحِ الْكَعْبَةِ فَيُعَادُ أَبَدًا، وَمَفْهُومُ " فَرْضٌ " عَدَمُ بُطْلَانِ النَّفْلِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَلَّابِ، قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ إنْ أَرَادَ مَا شَمِلَ السُّنَنَ وَالْفَجْرَ فَمَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْفَرْضِ فِي عَدَمِ جَوَازِهَا فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ، وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْهَا عَلَيْهَا وَقَدْ نَصَّ تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ عَلَى بُطْلَانِ السُّنَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَيُخَصُّ كَلَامُ الْجَلَّابِ بِغَيْرِهَا مِنْ النَّفْلِ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. وَالصَّلَاةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ بَاطِلَةٌ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا فَوْقَهُ فَيَجُوزُ لَلْجُنُبِ الْمُكْثُ تَحْتَهُ لَا الطَّيَرَانُ فَوْقَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 239 كَالرَّاكِبِ إلَّا لِالْتِحَامٍ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ، وَإِنْ لِغَيْرِهَا وَإِنْ أَمِنَ أَعَادَ الْخَائِفُ بِوَقْتٍ، وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ، أَوْ لِمَرَضٍ، وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) صَلَاةِ الشَّيْخِ (الرَّاكِبِ) عَلَى دَابَّةٍ إنْ كَانَتْ فَرْضًا لِتَرْكِهِ كَثِيرًا مِنْ أَرْكَانِهَا كَالْقِيَامِ وَالسُّجُودِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا قَائِمًا رَاكِعًا سَاجِدًا مُسْتَقْبِلًا فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَصِحُّ لِشِدَّةِ الْخَطَرِ. وَقَالَ سَنَدٌ تَصِحُّ وَاعْتُمِدَ (إلَّا) صَلَاتُهُ فَرْضًا عَلَيْهَا (لِالْتِحَامٍ) أَيْ اخْتِلَاطٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي الْقِتَالِ لِإِعْلَاءِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بَيْنَ الدَّافِعِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ أَمْوَالِهِمْ وَالزَّاحِفِينَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَيْنَ الطَّائِعِينَ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ. (أَوْ) لِ (خَوْفِهِ مِنْ كَسَبُعٍ) أَوْ لِصٍّ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ إنْ نَزَلَ عَنْهَا فَيُصَلِّي إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ فِيهِمَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهَا (لِغَيْرِهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ وَاحْتَرَزَ بِالِالْتِحَامِ مِنْ صَلَاةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ لِإِمْكَانِ النُّزُولِ عَنْهَا. (وَإِنْ أَمِنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ حَصَلَ الْأَمْنُ لِمَنْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ لِالْتِحَامٍ أَوْ خَوْفًا مِنْ كَسَبُعٍ (أَعَادَ الْخَائِفُ) مِنْ كَسَبُعٍ الصَّلَاةَ (بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ إنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ مَا خَافَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ وَمَفْهُومُ الْخَائِفِ أَنَّ الْمُلْتَحِمَ لَا يُعِيدُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقُوَّتِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ. (وَإِلَّا) صَلَاتُهُ فَرْضًا عَلَى الدَّابَّةِ (لِخَضْخَاضٍ) أَيْ فِيهِ وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ (لَا يُطِيقُ) أَيْ الرَّاكِبُ (النُّزُولَ بِهِ) أَيْ فِي الْخَضْخَاضِ لِخَوْفِ غَرَقِهِ أَوْ تَلَوُّثِ ثِيَابِهِ، وَلَوْ الَّتِي لَا يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ يُطِيقُ النُّزُولَ فِيهِ لَزِمَهُ تَأْدِيَتُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ (أَوْ) إلَّا صَلَاتُهُ عَلَى الدَّابَّةِ (لِمَرَضٍ) يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ إلَى الْأَرْضِ. (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (يُؤَدِّيهَا) أَيْ يُصَلِّي الْفَرْضَ (عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ بِإِيمَاءٍ (كَ) تَأْدِيَتِهَا عَلَى (الْأَرْضِ) بِإِيمَاءٍ. وَإِنْ كَانَ الْإِيمَاءُ بِالْأَرْضِ أَتَمَّ مِنْ الْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 240 فَلَهَا، وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ. (فَصْلٌ) فَرَائِضُ الصَّلَاةِ. تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ   [منح الجليل] وَهَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ عَلَى حَدِّ: وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ ... وَجْهُ الْخَلِيفَةِ حِين يُمْتَدَحُ وَالْأَصْلُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالدَّابَّةِ (فَلَهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ يُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ بَعْدَ إيقَافِهَا لَهُ فِي صُورَتَيْ الْخَضْخَاضِ وَالْمَرَضِ وَيُومِئُ بِسُجُودِهِ لِلْأَرْضِ لَا إلَى كَوْرِ رَاحِلَتِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ بِالْأَرْضِ وَلَوْ مِنْ جُلُوسٍ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ. وَأَمَّا مَنْ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى الدَّابَّةِ كَوْنُهُ يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَتَأْدِيَتِهَا عَلَى الدَّابَّةِ لِعَجْزِهِ عَنْ النُّزُولِ. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (كَرَاهَةُ) الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْفَرْعِ (الْأَخِيرِ) أَيْ الْمَرِيضِ الَّذِي يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالدَّابَّةِ، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهَا لَمْ تُصَرِّحْ بِكَرَاهَتِهَا عَلَى الدَّابَّةِ بَلْ قَالَتْ لَا يُعْجِبُنِي فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَنْعِ، فَالْمُنَاسِبُ وَفِيهَا فِي الْأَخِيرِ لَا يُعْجِبُنِي وَهَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ هِيَ الْمُتَبَادَرَةُ مِنْ لَا يُعْجِبُنِي فَنَزَّلَهَا مَنْزِلَتَهُ فِي النَّصِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي فَرَائِضُ الصَّلَاةِ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا] (فَرَائِضُ الصَّلَاةِ) أَيْ أَرْكَانُهَا وَأَجْزَاؤُهَا الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوَّلُهَا (تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ) عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَمْلِهِ الْفَرْضَ وَلَكِنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحَمْلِهِ الْفَاتِحَةَ فَعُمِلَ بِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 241 وَقِيَامٌ لَهَا، إلَّا لِمَسْبُوقٍ فَتَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] فِيهَا وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَالْإِحْرَامُ لُغَةً الدُّخُولُ فِي الْحُرْمَةِ ثُمَّ نُقِلَ إلَى مَا يَدْخُلُ بِهِ فِيهَا وَهُوَ مَجْمُوعُ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ فَإِضَافَةُ التَّكْبِيرَةِ إلَيْهِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ. وَقِيلَ هُوَ النِّيَّةُ وَحْدَهَا فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ شَيْءٍ إلَى مُصَاحِبِهِ وَقِيلَ هُوَ التَّكْبِيرُ وَحْدَهُ فَهِيَ لِلْبَيَانِ. فَإِنْ شَكَّ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَتَى بِهَا وَابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَبَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ إنْ كَانَ فَذًّا وَإِنْ كَانَ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونٌ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ فَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ، فَإِنْ قَالُوا لَهُ أَحْرَمْت رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادُوهَا جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وُجُوبًا قِيلَ عَلَى صَحِيحَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالزُّهْرِيُّ مِنْ شُيُوخِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ. وَقِيلَ عَلَى بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِهِمَا وَيُعِيدُهَا أَبَدًا. (وَ) ثَانِيهَا (قِيَامٌ) بِلَا اسْتِنَادٍ (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْبُوقٍ فَلَا يُجْزِئُ تَكْبِيرُهَا حَالَ اسْتِنَادٍ لِمَا لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ أَوْ أَنْحَاءٍ أَوْ جُلُوسٍ (إلَّا لِ) شَخْصٍ (مَسْبُوقٍ) بِمَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَخَافَ رَفْعَهُ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ مَعَهُ فَابْتَدَأَهَا حَالَ قِيَامِهِ وَأَتَمَّهَا حَالَ انْحِطَاطِهِ أَوْ رُكُوعِهِ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ. (فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي اعْتِدَادِهِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الْعَقْدَ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِ بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِانْصِرَافِهِ، لِلْإِحْرَامِ لَا فِيمَنْ نَوَى بِهِ الرُّكُوعَ وَحْدَهُ، لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِنْ وَجَبَ تَمَادِيهِ عَلَيْهَا لَحِقَ الْإِمَامَ فَإِنْ ابْتَدَأَهُ حَالَ انْحِطَاطِهِ وَأَتَمَّهُ فِيهِ أَوْ وَهُوَ رَاكِعٌ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى وَبَطَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ، لِذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ كَثِيرٌ بَطَلَتْ فِي الْقِسْمَيْنِ وَنَصُّهَا. قَالَ مَالِكٌ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ رُشْدٍ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ يَصِحُّ وَإِنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلرُّكُوعِ إنَّمَا يَكُونُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 242 وَإِنَّمَا يُجْزِئُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ، وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ،   [منح الجليل] فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَسْبُوقِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ عَنْهُ. وَجَعَلَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ثَمَرَتَهُمَا رَاجِعَةً لِلِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَجَعَلَ الْحَطّ ثَمَرَتَهُمَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ. لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ عج أَقْوَى مُسْتَنَدًا وَعَلَيْهِ فَوَجْهُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ بُطْلَانِ الرَّكْعَةِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ مَعَ إنَّهُ لِلْخَلَلِ فِي الْإِحْرَامِ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، فَمُقْتَضَاهُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ فَكَانَ الْإِحْرَامُ حَصَلَ حَالَ قِيَامِهَا فَهِيَ أَوْ صَلَاتُهُ فَالْقِيَامُ مُقَارِنٌ لِلتَّكْبِيرِ حُكْمًا وَالرَّكْعَةُ الْأُولَى لَمْ يُقَارِنْ التَّكْبِيرُ الْقِيَامَ فِيهَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِيهَا فَلِذَا أُلْغِيَتْ أَفَادَهُ الْمَازِرِيُّ الْمِسْنَاوِيُّ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ حَكَمُوا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ قِيَامَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا عَلَى الْمَسْبُوقِ وَبِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ لِلْخَلَلِ فِي رُكُوعِهَا بِادِّمَاجِ الْإِحْرَامِ فِيهِ، فَالْقِيَامُ لَهَا إنَّمَا وَجَبَ لِصِحَّةِ الرُّكُوعِ فَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ. (وَإِنَّمَا يُجْزِئُ) فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (اللَّهُ أَكْبَرُ) بِتَقْدِيمِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَمَدِّهِ مَدًّا طَبِيعِيًّا بِلَفْظٍ عَرَبِيٍّ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يُجْزِئُ أَكْبَرُ اللَّهُ وَاَللَّهُ الْعَظِيمُ أَكْبَرُ وَلَا مُرَادِفُهُ بِعَرَبِيَّةٍ أَوْ عَجَمِيَّةٍ اتِّبَاعًا لِلْإِجْمَاعِ الْعَمَلِيِّ وَلِلتَّوْقِيفِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بِهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِسَائِرِ اللُّغَاتِ. (فَإِنْ عَجَزَ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ عَنْ النُّطْقِ بِاَللَّهِ أَكْبَرُ لِخَرَسٍ أَوْ عُجْمَةٍ (سَقَطَ) التَّكْبِيرُ عَنْهُ وَالْقِيَامُ لَهُ وَيُحْرِمُ بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ الْمَعْجُوزِ عَنْهَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ كَاللَّهُ أَوْ أَكْبَرُ أَوْ بَرٌّ، قَالَهُ عج وَاعْتُمِدَ وَقَالَ سَالِمٌ لَا يَأْتِي بِالْبَعْضِ مُطْلَقًا. (وَ) ثَالِثُهَا (نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ) بِأَنْ يَقْصِدَ فَرْضَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ النَّفْلِ، وَالْوَقْتُ يَصْرِفُهُ لِمَا طُلِبَ فِيهِ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 243 وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ، وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ، وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ، كَسَلَامٍ أَوْ ظَنِّهِ فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ إنْ طَالَتْ أَوْ رَكَعَ، وَإِلَّا فَلَا   [منح الجليل] ضُحًى وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَتَهَجُّدٍ وَشَفْعٍ وَرَاتِبَةِ فَرْضٍ قِبْلِيَّةٍ أَوْ بَعْدِيَّةٍ (وَلَفْظُهُ) أَيْ تَلَفُّظُ الْمُصَلِّي بِمَا يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ (وَاسِعٌ) أَيْ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا الْمُوَسْوَسُ فَيُنْدَبُ لَهُ اللَّفْظُ لِإِذْهَابِ اللَّبْسِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمُصَنِّفُ وَبَهْرَامُ وَقِيلَ مُبَاحٌ وَقِيلَ غَيْرُ مُضَيَّقٍ فَإِنْ شَاءَ قَالَ أُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ أَوْ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَوَيْت أَوْ نَحْوَهَا. (وَإِنْ) تَلَفَّظَ و (تَخَالَفَا) أَيْ لَفْظُهُ وَنِيَّتُهُ (فَالْعَقْدُ) أَيْ الْقَصْدُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا اللَّفْظُ إنْ كَانَ سَاهِيًا فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِتَلَاعُبِهِ بِلَصْقِهَا فَكَأَنَّهُ بِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ إلْحَاقَ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ (وَالرَّفْضُ) أَيْ نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِبْطَالُهَا فِيهَا (مُبْطِلٌ) لَهَا اتِّفَاقًا لَا بَعْدَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ كَالصَّوْمِ قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ إنْ رَفَضَهَا فِيهَا يُبْطِلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِبْطَالِ فَقَالَ (كَسَلَامٍ) عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا مِنْ رُبَاعِيَةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا (أَوْ ظَنِّهِ) أَيْ السَّلَامِ مِنْ ظَنِّ الْإِتْمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُمَا (فَأَتَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ أَحْرَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ (بِنَفْلٍ) أَوْ فَرْضٍ فَالْأَوْلَى فَشَرَعَ فِي صَلَاةٍ فَتَبْطُلُ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا (إنْ طَالَتْ) الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا بِشُرُوعِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ بِفَرَاغِ الْفَاتِحَةِ. (أَوْ) لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ وَ (رَكَعَ) أَيْ انْحَنَى لِلرُّكُوعِ وَلَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ بِأَنْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْقِرَاءَةِ فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ، أَوْ عَقَدَ مِنْ النَّفْلِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَيَقْطَعُ الْفَرْضَ الَّذِي شَرَعَ فِيهَا وَيَنْدُبُ شَفْعُهُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهُ وَوَجَبَ إتْمَامُ النَّفْلِ الَّذِي عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً أَوْ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ دُونَ الْفَرْضِ وَلَوْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً لِأَنَّ النَّفَلَ إذَا لَمْ يُتِمَّ يَفُوتُ إذْ لَا يُقْضَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَرْكَعْ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ (فَلَا) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ مِنْهَا قَبْلَ إتْمَامِهِمْ فَيَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَهَا مِنْهَا وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَقْصٌ وَإِلَّا غَلَبَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 244 كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ أَوْ عَزُبَتْ؛ أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ، أَوْ الْأَدَاءَ أَوْ ضِدَّهُ وَنِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ، وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَمْسَ مَسَائِلَ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافٍ تَشْبِيهٍ صِلَتُهُ (لَمْ يَظُنَّهُ) أَيْ الْمُصَلِّي السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَنَسِيَهَا وَظَنَّ أَنَّهُ فِي نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ آخَرَ وَصَلَّى رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهُ الْأُولَى، فَلَا تَبْطُلُ وَيَعْتَدُّ فِيهَا بِمَا فَعَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ. أَوْ فَرْضٍ آخَرَ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (أَوْ عَزُبَتْ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَزَايٍ، أَيْ ذَهَبَتْ نِيَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ وَنَسِيَهَا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِاشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِأَمْرٍ آخَرَ أُخْرَوِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ وَصَلَّى وَهُوَ كَذَلِكَ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ. (أَوْ) لَمْ يَنْوِ عَدَدَ (الرَّكَعَاتِ) لِلصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكُلُّ صَلَاةٍ تَتَضَمَّنُ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا (أَوْ) لَمْ يَنْوِ (الْأَدَاءَ) فِي الَّتِي حَضَرَ وَقْتَهَا (أَوْ) لَمْ يَنْوِ (ضِدَّهُ) أَيْ الْقَضَاءَ فِي الَّتِي خَرَجَ وَقْتُهَا فَلَا تَبْطُلُ. وَالْوَقْتُ يَسْتَلْزِمُ الْأَدَاءَ وَخُرُوجُهُ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ، وَتَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَعَكْسِهِ إنْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ بِأَنْ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَنَوَى الْأَدَاءَ وَتَبَيَّنَ خُرُوجُهُ أَوْ اعْتَقَدَ خُرُوجَهُ فَنَوَى الْقَضَاءَ وَتَبَيَّنَ بَقَاؤُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ فَلَا تَصِحُّ، وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَتْ الصَّلَاةُ كَمَنْ صَلَّى صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا أَيَّامًا نَاوِيًا الْأَدَاءَ فَلَا تَكُونُ صَلَاةُ يَوْمٍ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ. (وَ) رَابِعُهَا (نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ) بِإِمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ تَارِكًا الْفَاتِحَةَ وَنَحْوَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَسَيَعُدُّهَا الْمُصَنِّفُ شَرْطًا فِي الِاقْتِدَاءِ بِقَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ أَوَّلًا فَلَا تَنَافِيَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ هُوَ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ فَيَلْزَمُ جَعْلُهَا شَرْطًا لِنَفْسِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَاهِيَّتِهَا فَفِي عَدِّهَا رُكْنًا تَسَامُحٌ. (وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ (دُخُولٌ) مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ (عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ) مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 245 وَبَطَلَتْ بِسَبْقِهَا إنْ كَثُرَ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَفَاتِحَةٌ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ، وَإِنْ لَمْ   [منح الجليل] إتْمَامٍ أَوْ قَصْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ ظُهْرٍ وَيَكْفِيهِ مَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْرَمَ بِهِ مِنْهُمَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى التَّحْقِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَجِدَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةٍ عَقِبَ الزَّوَالِ، وَلَا يَدْرِي هَلْ هِيَ ظُهْرٌ أَوْ جُمُعَةٌ وَخَشِيَ إنْ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا تَتَبَيَّنُ الْأُخْرَى فَيُحْرِمُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ ظُهْرًا كَانَ أَوْ جُمُعَةً وَيَكْفِيهِ مَا يَتَبَيَّنُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَجِدَ مُسَافِرًا إمَامًا فِي رُبَاعِيَةٍ وَلَا يَدْرِي هَلْ الْإِمَامُ مُسَافِرٌ نَاوٍ الْقَصْرَ فَيَنْوِيَهُ أَوْ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ نَاوٍ وَالْإِتْمَامُ فَيَنْوِيه تَبَعًا وَخَشَى إنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ فَلَهُ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ. ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُسَافِرٌ نَوَى الْقَصْرَ قَصَرَ مَعَهُ وَأَجْزَأْته، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ نَاوٍ الْإِتْمَامَ أَتَمَّ مَعَهُ وَأَجْزَأَتْهُ وَهَذَا تَقْرِيرُ ابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَطّ وَسَالِمٍ، وَجَعَلَهُ بَهْرَامُ وتت شَامِلًا لِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ شَخْصٌ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَوَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْعَصْرِ فَيُحْرِمُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ تَبَيَّنَتْ الظُّهْرُ أَجْزَأَتْ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ تَبَيَّنَتْ الْعَصْرُ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ صَحَّتْ، وَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ وَتُسْتَثْنَى، هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ شَرْطِيَّةِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ، وَهَذَا خِلَافُ النَّفْلِ وَهُوَ إنْ تَبَيَّنَتْ الْعَصْرَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَيَتَمَادَى عَلَى بَاطِلَةٍ لِحَقِّ الْإِمَامِ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ بَعْدَ الظُّهْرِ أَبَدًا. (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا (بِسَبْقِهَا) أَيْ النِّيَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (وَإِنْ كَثُرَ) أَيْ طَالَ الزَّمَانُ الَّذِي بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ بِالْعُرْفِ كَتَأَخُّرِ النِّيَّةِ عَنْ التَّكْبِيرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَسَبَقَتْ النِّيَّةُ التَّكْبِيرَ بِيَسِيرٍ عُرْفًا كَنِيَّتِهِ فِي مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَكْبِيرِهِ فِي الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَهَا (فَخِلَافٌ) فِي تَشْهِيرِ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَقَالَ بِالْبُطْلَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ بِالصِّحَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (وَ) خَامِسُهَا (فَاتِحَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا (بِحَرَكَةِ لِسَانٍ) فَلَا يَكْفِي إجْرَاؤُهَا عَلَى الْقَلْبِ بِدُونِ حَرَكَةِ لِسَانٍ (عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ) لَا عَلَى مَأْمُومٍ وَتَكْفِي إنْ أَسْمَعَ بِهَا نَفْسُهُ بَلْ (وَإِنْ لَمْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 246 يُسْمِعْ نَفْسَهُ وَقِيَامٌ لَهَا فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أَتَمَّ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا،   [منح الجليل] يُسْمِعْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ بِهَا (نَفْسَهُ) فَيَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَالْأَوْلَى إسْمَاعُ نَفْسِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ. (وَ) سَادِسُهَا (قِيَامٌ) اسْتِقْلَالًا (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ فَلَيْسَ فَرْضًا لِنَفْسِهِ مُسْتَقِلًّا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ لَهَا. وَقِيلَ إنَّهُ فَرْضٌ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْعَاجِزِ عَنْهَا فَيَقُومُ بِقَدْرِهَا. وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا لَكِنْ إنْ جَلَسَ وَرَكَعَ مِنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ هُوِيَّ الرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَهُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ جَلَسَ وَقَامَ لِلرُّكُوعِ بَطَلَتْ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَتِهَا نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ حَالُهَا لِمَا لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ وَاسْتَقَلَّ حَالَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَفِي هَذَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ عَدَمِ فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لَهَا عَلَيْهِ. وَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ لِبَعْضِ الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. (فَيَجِبُ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (تَعَلُّمُهَا) أَيْ حِفْظُ الْفَاتِحَةِ (إنْ أَمْكَنَ) تَعَلُّمُهَا الْمُكَلَّفَ بِأَنْ قَبِلَهُ وَلَوْ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ وَوَجَدَ مُعَلِّمًا وَلَوْ بِأَجْرٍ وَاتَّسَعَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَيَجِبُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِيهِ إنْ كَانَ عُسْرُ الْحِفْظِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ الْفَاضِلَةِ عَنْ أَوْقَاتِ ضَرُورِيَّاتِهِ (إلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُهَا بِعَدَمِ قَبُولِهِ أَوْ بِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ بِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ (ائْتَمَّ) أَيْ اقْتَدَى وَصَلَّى مَأْمُومًا وُجُوبًا شَرْطًا بِمَنْ يَحْفَظُهَا إنْ وَجَدَهُ فَإِنْ صَلَّى فَذًّا مَعَ وُجُودِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَلِفِ التَّثْنِيَةِ وَعُودُ الضَّمِيرِ عَلَى الِائْتِمَامِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُوبُهُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ (فَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (سُقُوطُهُمَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ وَالْقِيَامِ لَهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا بِذِكْرٍ أَوْ سُورَةٍ أُخْرَى وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ إنْ عَجَزَ عَنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا بِمَا ذُكِرَ وَلَا الْقِيَامُ بِقَدْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي قَوْلِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 247 وَنُدِبَ فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلّ رَكْعَة أَوْ الْجُلِّ، خِلَافٌ، وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ   [منح الجليل] (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ (فَصْلٌ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ سُورَةٍ أُخْرَى وَهُمَا أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ وَالثَّالِثُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي (بَيْنَ تَكْبِيرِهِ) لِلْإِحْرَامِ أَوْ الْقِيَامِ (وَ) تَكْبِيرِ (رُكُوعِهِ) لِئَلَّا يَشْتَبِهَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. (وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْأَرْجَحُ (أَوْ) تَجِبُ فِي (الْجُلِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ الْأَكْثَرِ كَثَلَاثٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ، وَتُسَنُّ فِي رَكْعَةٍ مِنْهُمَا. وَقِيلَ تَجِبُ فِي النِّصْفِ وَقِيلَ تَجِبُ فِي رَكْعَةٍ. وَقِيلَ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَتُسَنُّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي تَشْهِيرِ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَالثَّانِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَشَهَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي الْإِرْشَادِ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. (وَإِنْ تَرَكَ) إمَامٌ أَوْ فَذٌّ (آيَةً مِنْهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ تَرَكَهَا مِنْ رَكْعَةٍ أَكْثَرَ وَلَوْ جَلَّ الرَّكَعَاتِ وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِانْحِنَائِهِ لِلرُّكُوعِ اعْتَدَّ بِمَا تَرَكَهَا مِنْهَا وَ (سَجَدَ) قَبْلَ سَلَامِهِ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، فَيَحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِتَرْقِيعِهَا وَجَبْرِهَا بِالسُّجُودِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا احْتِيَاطًا لِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ. الْأَرْجَحُ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَيَجْمَعُ بَيْنَ السُّجُودِ وَالْإِعَادَةِ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ وَلِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ فِيمَنْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ وَنَصُّ الرِّسَالَةِ. وَاخْتَلَفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ الصُّبْحِ فَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهَا سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقِيلَ يُلْغِيهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ولَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا: وَهُوَ أَحْسَنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 248 وَرُكُوع تَقْرَب رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَنَدَبَ تَمْكِينهمَا. وَنُصِبْهُمَا، وَرَفَعَ مِنْهُ وَسُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ. وَأَعَادَ لِتَرْكِ أَنْفِهِ بِوَقْتٍ،   [منح الجليل] وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ أَيْضًا كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ، وَفِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ سَالِمٌ وَالرَّمَاصِيُّ يُعِيدُ أَبَدًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ. (وَ) سَابِعُهَا (رُكُوعٌ) وَأَقَلُّهُ الِانْحِنَاءُ الَّذِي (تَقْرُبُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ (رَاحَتَاهُ) مُثَنَّى رَاحَةٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ وَجَمْعُهَا رَاحٍ أَيْ بَاطِنَا كَفَّيْ الْمُصَلِّي (فِيهِ) أَيْ الرُّكُوعِ (مِنْ رُكْبَتَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي إنْ وَضَعَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ فَإِنْ انْحَنَى إنْحَاءً لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَلَيْسَ رُكُوعًا بَلْ إيمَاءً وَأَكْمَلُهُ انْحِنَاءٌ يُسَوِّي فِيهِ ظَهْرَهُ وَرَأْسَهُ فَلَا يُنَكِّسُهُ وَلَا يَرْفَعُهُ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ سَنَدٌ وَأَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ مُسْتَحَبٌّ وَفَهِمَ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ مِنْهَا وُجُوبَهُ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَمْكِينُهُمَا) أَيْ الرَّاحَتَيْنِ (مِنْهُمَا) أَيْ الرُّكْبَتَيْنِ وَرَأَى مَالِكٌ التَّحْدِيدَ فِي تَفْرِيقِ الْأَصَابِعِ وَضَمَّهَا بِدْعَةٌ (وَ) نُدِبَ (نَصْبُهُمَا) أَيْ إقَامَةُ الرُّكْبَتَيْنِ بِلَا إبْرَازٍ. (وَ) ثَامِنُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ الرُّكُوعِ (وَ) وَتَاسِعُهَا (سُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ) أَيْ مَسُّ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ مُسْتَدِيرِ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ، وَنُدِبَ بَسْطُهَا كُلُّهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مَا ثَابِتٌ. وَكُرِهَ الِاتِّكَاءُ بِهَا عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَظْهَرُ فِيهَا الْأَثَرُ فَلَا يَصِحُّ عَلَى قُطْنٍ مَنْدُوفٍ أَوْ تَبْنِ مَنْفُوشٍ أَوْ بِزْرِ كَتَّانٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ تَحْتَهَا وَلَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ. وَلَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْعَجُزِ عَنْ الرَّأْسِ وَيَنُوبُ (وَأَعَادَ) الصَّلَاةَ نَدْبًا (لِتَرْكِ) السُّجُودِ عَلَى (أَنْفِهِ بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَالرَّاجِحُ نَدْبُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 249 وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ، وَرُكْبَتَيْهِ كَيَدَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَرَفْعٌ: مِنْهُ وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ وَسَلَامٌ، عُرِّفَ بِأَلْ،   [منح الجليل] (وَسُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ السُّجُودُ (عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ) يَجْعَلُ بُطُونَ أَصَابِعِهِ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا لِلْأَرْضِ (وَ) عَلَى (رُكْبَتَيْهِ) وَشَبَّهَ فِي السُّنِّيَّةِ فَقَالَ (كَ) السُّجُودِ عَلَى (يَدَيْهِ) أَيْ بَطْنِ كَفَّيْهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالسُّنِّيَّةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: كَوْنُ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ لَيْسَ بِصَرِيحِ الْمَذْهَبِ. غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَالَ الَّذِي يُقَوِّي فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ» الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا ابْنُ الْحَاجِبِ سَحْنُونٌ إنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ فَقَوْلَانِ خَلِيلٌ يَتَخَرَّجُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى الْيَدَيْنِ قَوْلَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَحْنُونٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَعَلَى الْبُطْلَانِ فَالسُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ، وَعَلَى عَدَمِهِ لَيْسَ وَاجِبًا. وَصَحَّحَ سَنَدٌ الثَّانِي فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ إشَارَةً لِتَصْحِيحِ سَنَدٍ وَرَجَّعَهُ تت لِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ فِيمَا قَبْلَهَا. (وَ) عَاشِرُهَا (رَفْعٌ مِنْهُ) أَيْ السُّجُودِ الْمَازِرِيُّ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ حَتَّى يَكُونَا سَجْدَتَيْنِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً خِلَافٌ لِأَنَّهُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا فِي أَصْلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ اعْتَدَلَ. (وَ) حَادِيَ عَشَرَتِهَا (جُلُوسٌ لِسَلَامٍ) فَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ رَاكِعًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (وَ) ثَانِيَ عَشَرَتِهَا (سَلَامٌ عُرِّفَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً (بِ) لَفْظِ (الـ) فَإِنْ نَكَّرَ كَسَلَامٍ عَلَيْكُمْ أَوْ عَرَّفَ بِإِضَافَةٍ كَسَلَامِي عَلَيْكُمْ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِتَأْخِيرِ الْخَبَرِ وَمِيمِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا تَعَبَّدَ أَوْ لِأَنَّهُ يَخْلُو مِنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 250 وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ. وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمَةُ الرَّدِّ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، وَعَلَيْك السَّلَامُ وَطُمَأْنِينَتُهُ وَتَرْتِيبُ أَدَاء وَاعْتِدَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ وَسُنَنُهَا: سُورَةٌ بَعْدَ   [منح الجليل] (وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ) مِنْ الصَّلَاةِ (بِهِ) أَيْ السَّلَامِ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ الْمَشْهُورُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَتُنْدَبُ (وَأَجْزَأَ) أَيْ كَفَى (فِي تَسْلِيمَةِ الرَّدِّ) مِنْ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) بِالتَّنْكِيرِ (وَعَلَيْك السَّلَامُ) بِتَقْدِيمِ الْخَبَرِ وَحَذْفِ الْمِيمِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَأَجْزَأَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ كَسَلَامِ التَّحْلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ (طُمَأْنِينَةُ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ أَيْ تَمَهُّلٍ وَتَأَنٍّ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا حَتَّى تَذْهَبَ حَرَكَةُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا يَسِيرًا صَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَرْضِيَّتَهَا أَوْ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ سُنِّيَّتُهَا زَرُّوقٌ مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ فَضِيلَةٌ. (وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ) أَيْ فَرَائِضُهَا الْمُؤَادَةِ بِأَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَهُوَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَهِيَ عَلَى الرُّكُوعِ وَهُوَ عَلَى السُّجُودِ، وَهَكَذَا إلَى السَّلَامِ وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي نَفْسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَهُوَ سُنَّةٌ. (وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (اعْتِدَالٌ) لِلْبَدَنِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُنْحَنِيًا (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ (عَلَى نَفْيِ) وُجُوبِ (هـ) أَيْ الِاعْتِدَالِ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ، وَرَجَّحَهُ الْعَدَوِيُّ وَضَعَّفَهُ شب وَهَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَتَرَك الْمُصَنِّفُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ فَرْضٌ وَلَا يُقَالُ يُغْنِي عَنْهُ الرَّفْعُ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى لِتَحَقُّقِهَا بِرَفْعِهِ مِنْهَا قَائِمًا مُطْمَئِنًّا مُعْتَدِلًا. (وَسُنَنُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ إلَّا السُّورَةُ وَالْقِيَامُ لَهَا وَالسِّرُّ وَالْجَهْرُ فَمَنْدُوبَاتٌ فِي النَّفْلِ خَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً السُّنَّةُ الْأُولَى (سُورَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا (بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ قِرَاءَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 251 الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَقِيَامٌ لَهَا، وَجَهْرٌ أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه، وَسِرٌّ بِمَحِلِّهِمَا وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ إلَّا الْإِحْرَامَ   [منح الجليل] الْفَاتِحَةِ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ) فَلَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ وَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عَقِبَ الْفَاتِحَةِ إنْ لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ. وَالْمُرَادُ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ آيَةً قَصِيرُهُ كَ {مُدْهَامَّتَانِ} . وَبَعْضُ آيَةٍ لَهُ بَالٌ وَيُنْدَبُ إتْمَامُ السُّورَةِ. وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ أَوْ سُورَةً وَبَعْضَ أُخْرَى فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْفَرْضِ إلَّا لِمَأْمُومِ أَتَمَّ سُورَةً وَلَمْ يَرْكَعْ إمَامُهُ وَخَشِيَ التَّفْكِيرَ فِي دُنْيَوِيٍّ وَإِنَّمَا تُسَنُّ فِي فَرْضٍ مُتَّسَعٍ وَقْتُهُ وَتُنْدَبُ فِي النَّفْلِ وَتَحْرُمُ فِي فَرْضٍ ضَاقَ وَقْتُهُ. (وَ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ (قِيَامُ) مُسْتَقِلٍّ (لَهَا) أَيْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ لِذَاتِهِ فَلَا يَقُومُ بِقَدْرِهَا مَنْ عَجَزَ عَنْهَا. فَإِنْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا وَاسْتَقَلَّ حَالَ الْإِحْرَامِ وَهَوَى لِلرُّكُوعِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ لَا إنْ جَلَسَ حَالَهَا فَتَبْطُلُ سَوَاءٌ قَامَ لِلرُّكُوعِ أَوْ هَوَى لَهُ مِنْ جُلُوسٍ. (وَ) الثَّالِثَةُ (جَهْرٌ) أَقَلُّهُ لِرَجُلٍ (أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ) أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ إنْ أَنْصَتَ لَهُ وَجَهْرُ الْمَرْأَةِ إسْمَاعُهَا نَفْسِهَا فَقَطْ كَرَجُلٍ يَلْزَمُ عَلَى إسْمَاعِ مَنْ يَلِيهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِ كَفَذَّيْنِ أَوْ مَسْبُوقَيْنِ قَامَا لِلْقَضَاءِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِمَا فَيَقْتَصِرُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ. (وَ) الرَّابِعَةُ (سِرٌّ) أَقَلُّهُ لِرَجُلٍ حَرَكَةُ لِسَانٍ بِدُونِ إسْمَاعِ نَفْسِهِ وَأَعْلَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ عَكْسُهُ لِأَنَّ أَعْلَى الشَّيْءِ مِمَّا يُجْعَلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ وَأَقَلُّهُ مَا يَحْصُلُ بِدُونِهَا وَاجِبٌ بِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَا مُشَاحَّةَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ الْقِرَاءَةِ السَّرِيَّةِ الَّتِي إذْ نَقَصَ عَنْهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْقَلْبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي إنْ زَادَ عَلَيْهَا صَارَ تَارِكًا لِلسِّرِّ وَمُبَدِّلًا لَهُ بِالْجَهْرِ (بِمَحِلِّهِمَا) أَيْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ، أَيْ الْجَهْرُ سُنَّةٌ فِي مَحَلِّهِ وَهِيَ الصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ وَأَوَّلَتَا الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالسِّرُّ سُنَّةٌ فِي مَحِلِّهِ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَأَخِيرَةُ الْمَغْرِبِ وَأَخِيرَتَا الْعِشَاءِ. (وَ) الْخَامِسَةُ (كُلُّ تَكْبِيرَةٍ) سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (إلَّا الْإِحْرَامَ) فَإِنَّهُ فَرْضٌ هَذَا مَذْهَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 252 وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ وَكُلُّ تَشَهُّدٍ، وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ، وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي وَعَلَى الطُّمَأْنِينَةِ   [منح الجليل] ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّكْبِيرَاتِ سِوَى الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَيَنْبَنِي عَلَى الْأَوَّلِ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ سَهْوًا وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ عَنْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ دُونَ الثَّانِي. (وَ) السَّادِسَةُ (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) أَيْ كُلِّ وَاحِدَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَجْمُوعُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ (لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) حَالَ رَفْعِهِمَا مِنْ الرُّكُوعِ. (وَ) السَّابِعَةُ (كُلُّ تَشَهُّدٍ) وَلَوْ الَّذِي يَلِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هُوَ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ وَقِيلَ بِوُجُوبِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَنَّ مَأْمُومًا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمَأْمُومِ إذَا نَسِيَهُ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ نَسِيَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ إمَامَهُ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَلَا يَدْعُو سَوَاءٌ بَقِيَ إمَامُهُ أَوْ انْصَرَفَ وَلَا تَحْصُلْ السُّنَّةُ إلَّا بِجَمِيعِهِ وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ. (وَ) الثَّامِنَةُ (الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ) أَيْ الَّذِي لَا يُسَلِّمُ عَقِبَهُ. (وَ) التَّاسِعَةُ (الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ) الْجُلُوسِ (الثَّانِي) أَيْ الَّذِي يَلِيهِ السَّلَامُ مِنْ أَوَّلِ التَّشَهُّدِ إلَى رَسُولِهِ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ. وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ الدُّعَاءِ بَعْدَهَا مَنْدُوبٌ وَالْجُلُوسُ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مَكْرُوهٌ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ وَاجِبٌ فَحُكْمُ الْجُلُوسِ حُكْمُ مَا يَحْصُلْ فِيهِ. (وَ) الْعَاشِرُ الطُّمَأْنِينَةُ الزَّائِدَةُ (عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ) الْفَرْضِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا. وَيُنْدَبُ تَطْوِيلُهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَقْصِيرُهَا فِي الرَّفْعِ مِنْهُمَا الْبُنَانِيُّ نَظَرٌ مَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ زَائِدَ الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ. وَنَصَّ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَى أَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطُّمَأْنِينَةِ فَقِيلَ فَرْضٌ مُوَسَّعٌ، وَقِيلَ نَافِلَةٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ. وَهَكَذَا عِبَارَاتُهُمْ فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا اهـ. قُلْت لَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ فِي أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ الزَّائِدَةَ سُنَّةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 253 وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ، ثُمَّ يَسَارِهِ، وَبِهِ أَحَدٌ وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ   [منح الجليل] وَحَدُّ السُّنَّةِ مُنْطَبِقٌ عَلَيْهَا وَالْأُمَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مُنْتَهَى الْإِسْلَامِ مُجْمِعَةٌ عَلَيْهَا، فَهِيَ مِنْ الْمُتَوَاتِرَاتِ الظَّاهِرَاتِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمْ فَرْضٌ سَنَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ مُوَسَّعٌ وَمُقَابِلَتُهُ بِنَافِلَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) الْحَادِيَةَ عَشَرَ (رَدُّ مُقْتَدٍ) أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ السَّلَامَ (عَلَى إمَامِهِ) مُشِيرًا لَهُ بِقَلْبِهِ لَا بِرَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ أَمَامَهُ. (ثُمَّ) رَدُّهُ السَّلَامَ عَلَى مُقْتَدٍ آخَرَ بِإِمَامِهِ مِنْ جِهَةِ (يَسَارِهِ وَبِهِ) أَيْ الْيَسَارِ (أَحَدٌ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ انْصَرَفَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ، رَوَاهُ لِلْحَالِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يُقَدِّمُ الرَّدَّ عَلَى يَسَارِهِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى إمَامِهِ وَهَذِهِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَ. (وَ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ (جَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ) مِنْ مَمْنُوعَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ تَسْلِيمِ الرَّدِّ فَيُنْدَبُ إسْرَارُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى تَسْتَدْعِي الرَّدَّ وَتَسْلِيمَ الرَّدِّ لَا يَسْتَدْعِيهِ. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَذَّ لَا يُسَنُّ جَهْرُهُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ وَيُنْدَبُ الْجَهْرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَمْ يُسَنُّ لِقُوَّتِهَا بِاقْتِرَانِهَا بِالنِّيَّةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَيُنْدَبُ الْجَهْرُ بِبَاقِي التَّكْبِيرِ لِلْإِمَامِ فَقَطْ وَالْإِسْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ كَذَا قَالُوا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهَا سُنَّةٌ لِانْطِبَاقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ وَإِنَّهُ بِالْإِحْرَامِ أَوْكَدُ. (وَإِنْ سَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ (عَلَى الْيَسَارِ) نَاوِيًا التَّحْلِيلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا (ثُمَّ تَكَلَّمَ) مَثَلًا (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَنْدُوبَ التَّيَامُنِ بِالسَّلَامِ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ مَأْمُومٌ لَيْسَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ لِحَمْلِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّحْلِيلِ لِغَلَبَتِهِ. فَإِنْ نَوَى الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ وَنَوَى الْفَضِيلَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ تَكَلَّمَ سَهْوًا وَسَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ قُرْبٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ تَلَاعُبِهِ. وَإِنْ طَالَ قَبْلَ سَلَامِ التَّحْلِيلِ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 254 وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ، إنْ خَشِيَا مُرُورًا: بِظَاهِرٍ ثَابِتٍ، غَيْرُ مُشْغِلٍ،   [منح الجليل] وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلَّخْمِيِّ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ الزَّاهِيِّ بِالْبُطْلَانِ وَمُطَرِّفٍ بِعَدَمِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَقْصِدْ تَحْلِيلًا وَلَا فَضِيلَةً، وَتَكَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِهِ عَنْ يَمِينِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا. وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ اعْتِمَادُ تَفْصِيلِ اللَّخْمِيِّ. وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا نَاوِيًا الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ. وَلَوْ كَانَ نَوَى الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَاخْتَارَهُ عج قَائِلًا الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ. (وَ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ (سُتْرَةٌ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ نَصَبَهَا أَمَامَهُ لِمَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الِاسْتِتَارِ بِالْعَنَزَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ أَيْ الرُّمْحِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي طَرَفِهِ حَرْبَةٌ وَغَيْرِهَا فِي السَّفَرِ. وَخَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَهَا مِنْ إثْمِ الْمُتَعَرِّضِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ مَنْدُوبَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ السُّنَّةُ وَسَطُهَا (الْإِمَام وَفَذّ) لَا الْمَأْمُومُ لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُ، الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَاخْتَلَفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ وَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ الَّتِي لَمْ يُحِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ. وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ سَائِرِ الصُّفُوفِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِبَاقِي الصُّفُوفِ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْمُرُورَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي. (إنْ خَشِيَا) أَيْ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ وَلَوْ شَكًّا (مُرُورًا) بَيْنَ يَدَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَخْشَيَا مُرُورًا فَلَا تُسَنُّ السُّتْرَةُ لَهُمَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَفِيهَا، وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ ابْنِ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤْمَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشَارَ لِصِفَتِهَا بِقَوْلِهِ (بِطَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ (ثَابِتٍ) لَا نَحْوِ حَبْلٍ مُعَلَّقٍ بِسَقْفٍ غَيْرِ حَجَرٍ وَاحِدٍ (غَيْرُ مُشْغِلٍ) لِلْمُصَلِّي عَنْ الْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 255 فِي غِلَظِ رُمْحٍ، وَطُولِ ذِرَاعٍ، لَا دَابَّةٍ وَحَجَرٍ وَاحِدٍ وَخَطٍّ، وَأَجْنَبِيَّةٍ، وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ. وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ،   [منح الجليل] وَأَشَارَ لِقَدْرِهَا بِقَوْلِهِ (فِي غِلَظِ رُمْحٍ) فَلَا يَكْفِي أَرَقُّ مِنْهُ (وَطُولِ ذِرَاعٍ) مِنْ طَرَفِ الْوُسْطَى إلَى الْمِرْفَقِ (لَا دَابَّةٍ) إمَّا لِنَجَاسَةِ فَضْلَتِهَا كَالْبَغْلِ وَإِمَّا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا كَالشَّاةِ وَإِمَّا لَهُمَا مَعًا كَالْفَرَسِ فَهُوَ مُحْتَرَزٌ طَاهِرٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ هُمَا، فَإِنْ كَانَتْ فَضْلَتُهَا طَاهِرَةً وَرُبِطَتْ جَازَ الِاسْتِتَارُ بِهَا (وَ) لَا (حَجَرٍ وَاحِدٍ) فَيُكْرَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِشَبَهِهِ بِعِبَادَةِ الصَّنَمِ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ الِاسْتِتَارُ بِهِ مَائِلًا عَنْهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. وَكَذَا سَائِرُ السِّتْرِ وَمَفْهُومُ وَاحِدٍ جَوَازُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) لَا (خَطٍّ) يَخُطُّهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَقَابُلُهَا. وَكَذَا حُفْرَةٌ وَمَاءٌ وَنَارٌ وَلَا مُشْغِلٍ كَنَائِمٍ وَحَلْقَةِ عِلْمٍ أَوْ ذِكْرٍ وَلَا بِكَافِرٍ أَوْ مَأْبُونٍ أَوْ مَنْ يُوَاجِهُ الْمُصَلِّي فَيُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ (وَ) لَا لِظَهْرِ امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ مَحْرَمٍ. (وَفِي) جَوَازِ وَكَرَاهَةِ الِاسْتِتَارِ بِالْمَرْأَةِ (الْمَحْرَمِ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْجَوَازَ. وَاخْتَلَفَ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي الَّذِي يُمْنَعُ الْمُرُورُ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ مَا يُشَوِّشُ الْمُرُورُ فِيهِ عَلَى الْمُصَلِّي وَذَلِكَ نَحْوُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هِلَالٍ. وَقِيلَ قَدْرُ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، وَقِيلَ بِسَهْمٍ وَقِيلَ قَدْرُ مَكَانِ الْمُضَارَبَةِ بِسَيْفٍ. (وَأَثِمَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ شَخْصٌ (مَارٌّ) فِي حَرَمِ الْمُصَلِّي. وَكَذَا مُنَاوِلٌ فِيهِ آخَرَ شَيْئًا مِنْكُمْ مَعَ آخَرَ وَالْمُصَلِّي بَيْنَهُمَا وَنُعِتَ مَارٌّ بِجُمْلَةِ (لَهُ) أَيْ الْمَارِّ وَكَذَا مَنْ أَلْحَقَ بِهِ (مَنْدُوحَةً) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ سَعَةً فِي تَرْكِ الْمُرُورِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ صَلَّى الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا إلَّا طَائِفًا فَيَجُوزُ مُرُورُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِلَا سُتْرَةٍ. وَيُكْرَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ وَمُصَلِّيًا مَرَّ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ فِي صِفَةٍ أَوْ لِغَسْلِ رُعَافٍ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ عَنْ إثْمِ مَارٍّ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 256 وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ، وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ وَنُدِبَتْ إنْ أَسَرَّ كَرَفْعِ يَدَيْهِ مَعَ إحْرَامِهِ حِينَ شُرُوعِهِ   [منح الجليل] (وَ) أَثِمَ مُصَلٍّ (تَعَرَّضَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ، أَيْ جَعَلَ نَفْسَهُ عُرْضَةً لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلٍّ خَشِيَ الْمُرُورَ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا سُتْرَةٍ وَيَحُثُّ فِيهِ بِأَنَّ الْمُرُورَ فِعْلُ الْمَارِّ فَكَيْفَ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّ طَرِيقِ الْإِثْمِ فَتَرَكَهُ فَمِنْ هَذَا خَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ الِاسْتِتَارِ وَبَحَثَ الْبُنَانِيُّ فِيهِ بِأَنَّ سَدَّ طَرِيقِ الْإِثْمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِتَارِ لِحُصُولِهِ بِالْعُدُولِ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْشَى الْمُرُورَ بِهِ، وَأَيْضًا لَوْ وَجَبَ لَأَثِمَ بِتَرْكِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُرُورٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَفْهُومُ تَعَرَّضَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ يَأْثَمَانِ وَقَدْ لَا يَأْثَمَانِ وَقَدْ يَأْثَمُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ. (وَ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ (إنْصَاتٌ) أَيْ تَرْكُ قِرَاءَةِ شَخْصٍ (مُقْتَدٍ) فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ إنْ قَرَأَ إمَامُهُ بَلْ (وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ) بَيْنَ تَكْبِيرٍ وَفَاتِحَةٍ أَوْ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُكُوعٍ أَوْ أَسَرَّ الْقِرَاءَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِعَارِضٍ أَوْ بَعُدَ فَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ. قَالَ سَنَدٌ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَجِبُ إنْصَاتُ الْمُقْتَدِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَنُدِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قِرَاءَةُ مُقْتَدٍ (إنْ أَسَرَّ) إمَامُهُ الْقِرَاءَةَ بِمَحَلِّهِ لَا مُطْلَقًا وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ شَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَرَفْعِ) الْمُصَلِّي (يَدَيْهِ) إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاهِبٍ، قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَرَجَّحَهُ عج. وَقَالَ عِيَاضٌ بُطُونُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاغِبٍ. وَقَالَ زَرُّوقٌ الظَّاهِرُ جَعْلُهُمَا قَائِمَتَيْنِ أَصَابِعِهِمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَكَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى خَلْفِهِ وَظُهُورُهُمَا إلَى إمَامِهِ بِهَيْئَةِ النَّابِذِ. صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِتَشْهِيرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَرَجَّحَهَا اللَّقَانِيُّ. (مَعَ إحْرَامِهِ) فَقَطْ لَا مَعَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ وَلَا مَعَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ قِيَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَصِلَةُ رَفَعَ (حِينَ شُرُوعِهِ) فِي التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهِ فَيُكْرَهُ وَنُدِبَ كَشْفُهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 257 وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ، وَالظُّهْرُ تَلِيهَا، وَتَقْصِيرُهَا بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ، كَتَوَسُّطٍ بِعِشَاءٍ، وَثَانِيَةٍ عَنْ أَوْلَى، وَجُلُوسٍ أَوَّلَ وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ   [منح الجليل] وَإِرْسَالُهُمَا بِوَقَارٍ وَلَا يَدْفَعُ بِهِمَا إمَامَهُ، هَذِهِ أَشْهُرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهِيَ الَّتِي عَمِلَ بِهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ. وَإِنْ اسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ رَفْعَهُمَا مَعَ الرُّكُوعِ وَرَفْعُهُ وَالْقِيَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِهِ، وَلَكِنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى النَّسْخِ. (وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ (وَالظُّهْرُ تَلِيهَا) أَيْ الصُّبْحِ فِي تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ، وَهَذَا فِي الْفَذِّ وَإِمَامِ جَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ طَلَبَتْ مِنْهُ التَّطْوِيلَ وَعَلِمَ إطَاقَتَهُمْ لَهُ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ تَقْصِيرُهُ لِاحْتِمَالِ السَّقِيمِ وَالضَّعِيفِ وَذِي الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ (وَتَقْصِيرُهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ (بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مِنْ قِصَارِهِ وَأَوَّلُهُ وَالضُّحَى، وَهُمَا سِيَّانِ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ أَقْصَرُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَتَوَسُّطٍ) فِي الْقِرَاءَةِ (بِعِشَاءٍ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطُهُ وَأَوَّلِهِ عَبَسَ، وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرِهِ بِالْبَسْمَلَةِ (وَ) نُدِبَ تَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (ثَانِيَةٍ عَنْ) قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ (أُولَى) فِي فَرْضٍ فَلَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةً قَصِيرَةً عَنْ سُورَةِ الْأُولَى وَرَتَّلَ حَتَّى طَالَ زَمَنَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فَقَدْ أَتَى بِالْمَنْدُوبِ. وَقِيلَ الْمَنْدُوبُ تَقْصِيرُ زَمَنِ الثَّانِيَةِ عَنْ زَمَنِ الْأُولَى. وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا أَطْوَلَ مِنْ الْأُولَى وَاسْتَظْهَرَ وَيَدُلُّ لَهُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَيَحْصُلُ الْمَنْدُوبُ بِنَقْصِ نَحْوِ الرُّبُعِ. وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الزَّمَنِ وَكَوْنِ الثَّانِيَةِ أَطْوَلَ وَالتَّسْوِيَةُ خِلَافُ الْأَوْلَى. (وَ) تَقْصِيرُ (جُلُوسٍ أَوَّلَ) أَيْ الَّذِي يَلِيهِ الْقِيَامُ لَا السَّلَامُ بِالِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى التَّشَهُّدِ. وَكَذَا جُلُوسُ تَشَهُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ. (وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ الْمَسْنُونُ، وَمَفْعُولُ الْقَوْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 258 رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا، وَإِمَامٍ بِسِرٍّ، وَمَأْمُومٍ بِسِرٍّ، أَوْ جَهْرٍ إنْ سَمِعَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَإِسْرَارُهُمْ بِهِ وَقُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ،   [منح الجليل] رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَالَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَنْدُوبٌ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْهُ، وَالْإِمَامُ بِالسُّنَّةِ حَالَ رَفْعِهِ مِنْهُ، وَالْمَأْمُومُ بِالْمَنْدُوبِ فَقَطْ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْهُ. (وَ) نُدِبَ (تَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ) بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَالْأَوْلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ (وَسُجُودٍ) كَذَلِكَ وَالْأَوْلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ وَدُعَاءٌ بِسُجُودٍ فَقَطْ. (وَتَأْمِينُ فَذٍّ) أَيْ قَوْلُهُ آمِينَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ تَأْمِينًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ سَرِيَّةٌ (وَ) تَأْمِينُ (إمَامٍ بِسِرٍّ) أَيْ فِي قِرَاءَةٍ سِرِّيَّةٍ لَا فِي قِرَاءَةٍ جَهْرِيَّةٍ (وَمَأْمُومٍ بِسِرِّ) عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (أَوْ جَهْرٍ) عِنْدَ قَوْلِ إمَامِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (إنْ سَمِعَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ قَوْلَ الْإِمَامِ وَلَا الضَّالِّينَ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَبْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَتَحَرَّاهُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِئَلَّا يُوقِعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَرُبَّمَا يُصَادِفُ آيَةَ عَذَابٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ الدُّعَاءُ بِالْعَذَابِ إلَّا عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَلَا ضَرَرَ فِي مُصَادِفَتِهِ بِالتَّأْمِينِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ يَتَحَرَّى فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لَا لِمَنْطُوقِهِ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مَنْ قَالَ بِالتَّحَرِّي لَمْ يَشْتَرِطْ السَّمَاعَ وَمَنْ نَفَاهُ اشْتَرَطَهُ فَشَرْطُ السَّمَاعِ فِيهِ الْخِلَافُ، فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ. (وَ) نُدِبَ (إسْرَارُهُمْ) أَيْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الْمَأْمُومِ (بِهِ) أَيْ التَّأْمِينِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالْمَنْدُوبُ فِيهِ الْإِسْرَارُ وَالْعَمَلُ (وَ) نُدِبَ (قُنُوتٌ) أَيْ دُعَاءٌ (سِرًّا) الْأَوْلَى وَإِسْرَارُهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَابَ (بِصُبْحٍ فَقَطْ) فَلَا يُنْدَبُ فِي وَتْرٍ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِحَاجَةٍ كَغَلَاءٍ وَوَبَاءٍ، بَلْ يُكْرَهُ فِيهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ سُنَّةٌ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ. وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ تَرَكَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 259 وَقَبْلَ الرُّكُوعِ، وَلَفْظُهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ وَتَكْبِيرُهُ فِي الشُّرُوعِ، إلَّا فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ، فَلِاسْتِقْلَالِهِ وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ   [منح الجليل] (وَ) نُدِبَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ) عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بِلَا تَكْبِيرَةٍ قَبْلَهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ نَعَمْ، فَقُلْت كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ. قُلْت فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْك أَنَّك قُلْت بَعْدَهُ، قَالَ كَذَبَ «إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَال لَهُمْ الْقُرَّاءُ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ قَبْلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ» انْتَهَى. (وَ) نُدِبَ (لَفْظُهُ) أَيْ الْقُنُوتِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي قِيلَ كَانَ سُورَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ وَنُسِخَتَا (وَهُوَ) أَيْ لَفْظُهُ الْمَنْدُوبُ (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك) (إلَخْ) أَيْ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك، وَنَخْنَعُ وَنَخْلَعُ لَك، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَك، وَنَخَافُ عَذَابَك الْجَدَّ، إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ. وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَنُثْنَى عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك، وَنَخْنَعُ بِالنُّونِ مُضَارِعُ خَنِعَ بِكَسْرِهَا بِمَعْنَى ذُلَّ وَخَضَعَ، وَنَخْلَعُ أَيْ نُزِيلُ رِبْقَةَ الْكُفْرِ مِنْ أَعْنَاقِنَا، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرَك أَيْ لَا نُحِبُّ دِينَهُ وَلَا نَتَّخِذُ وَلِيًّا وَنَحْفِدُ أَيْ نَخْدُمُ، وَمُلْحِقٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَاحِقٌ وَبِفَتْحِهَا أَيْ اللَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِمْ. (وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا (فِي) حِينِ (الشُّرُوعِ) فِي الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ هَوِيًّا أَوْ نُهُوضًا وَمَدُّهُ فِيهَا مِنْ أَوَّلِهَا لِآخِرِ هَا وَكَذَا التَّسْمِيعُ (إلَّا) تَكْبِيرُهُ (فِي) حَالِ (قِيَامِهِ مِنْ اثْنَيْنِ) عَقِبَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ (فَ) يُؤَخِّرُهُ نَدْبًا (لِاسْتِقْلَالِهِ) قَائِمًا وَيُؤَخِّرُ الْمَأْمُومُ قِيَامَهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ إمَامَهُ وَيُكَبِّرُ لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى قِيَامِ الرَّبَاعِيَةِ فَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ فَفِي إعَادَتُهُ بَعْدَهُ قَوْلَانِ. (وَ) نُدِبَ (الْجُلُوسُ كُلُّهُ) وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ مُسْتَحَبًّا وَمَحَطُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ (بِإِفْضَاءِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 260 الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ، وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ، وَوَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا بِسُجُودٍ وَمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنَهُ فَخِذَيْهِ، وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ، وَالرِّدَاءُ   [منح الجليل] أَلْيَةِ وَوِرْكِ وَسَاقِ الرِّجْلِ (الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَ) نَصْبِ الرِّجْلِ (الْيُمْنَى عَلَيْهَا) أَيْ الْيُسْرَى (وَ) بَاطِنِ (إبْهَامِهَا) أَيْ الْيُمْنَى (لِلْأَرْضِ) فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ مَعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مُفَرِّجًا فَخِذَيْهِ. (وَ) نُدِبَ (وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعٍ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الرُّكُوعِ ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ بِرُكُوعٍ وَجَرَّ لَفْظَ وَضْعِ عَطْفًا عَلَى إفْضَاءٍ فَهُوَ مُتَمِّمٌ لِصِفَةِ الْجُلُوسِ وَقَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ عَلَى قُرْبِهِمَا (وَ) نُدِبَ (وَضْعُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (حَذْوَ) أَيْ قُبَالَةَ (أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا) مُتَوَجِّهَتَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ (بِسُجُودٍ) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ كَالرِّسَالَةِ وَنَصُّهَا تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ. وَاَلَّذِي فِي شب وَكَبِيرِ الْخَرَشِيِّ أَنَّهَا لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ. (وَ) نُدِبَ (مُجَافَاةُ) أَيْ مُبَاعَدَةُ (رَجُلٍ فِيهِ) أَيْ السُّجُودِ (بَطْنَهُ) عَنْ (فَخِذَيْهِ وَ) مُجَافَاةُ (مِرْفَقَيْهِ) عَنْ (رُكْبَتَيْهِ) مُجَافِيًا لَهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ مُجَنِّحًا بِهِمَا تَجْنِيحًا وَسَطًا. وَنُدِبَ تَفْرِيقُ رُكْبَتَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَرَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ. وَهَذَا فِي فَرْضٍ كَنَفْلٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهِ، فَإِنْ طَوَّلَ فِيهِ فَلَهُ وَضْعُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ فِيهِ. وَمَفْهُومُ رَجُلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُنْدَبُ لَهَا كَوْنُهَا مُنْضَمَّةً فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا فَتُلْصِقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا وَمِرْفَقَيْهَا بِرُكْبَتَيْهَا. (وَ) نُدِبَ (الرِّدَاءُ) لِكُلِّ مُصَلٍّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إلَّا الْمُسَافِرُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الرِّدَاءُ أَيْ ثَوْبٌ يُلْقِيه الْمُصَلِّي عَلَى كَتِفَيْهِ وَظَهْرِهِ فَوْقَ مَلْبُوسِهِ، وَلَا يُغَطِّي بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهُ بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْآخَرَ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ، إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ يَكُونُ شِعَارُ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ، وَطُولُهُ سِتَّةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 261 وَسَدْلُ يَدَيْهِ، وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ، أَوْ إنْ طَوَّلَ؟ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ فِي الْفَرْضِ لِلِاعْتِمَادِ، أَوْ خِيفَةَ أَعْتِقَاد وُجُوبِهِ، أَوْ إظْهَارِ خُشُوعٍ؟   [منح الجليل] أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَأَكَّدَ لِإِمَامِ الْمَسْجِدِ فَمَأْمُومِهِ فَفَذِّهِ فَإِمَامِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَمَأْمُومِهِ فَفَذِّهِ. (وَ) نُدِبَ لِكُلِّ مُصَلٍّ (سَدْلُ) أَيْ إرْسَالُ (يَدَيْهِ) لِجَنْبَيْهِ مِنْ حِينِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ وَكُرِهَ قَبْضُهُمَا بِفَرْضٍ بِأَيِّ هَيْئَةٍ كَانَ. (وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ) لِكُوعِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَفَوْقَ سُرَّتِهِ (فِي النَّفْلِ) طَوَّلَ أَوْ لَا (أَوْ) يَجُوزُ (إنْ طَوَّلَ) الْمُصَلِّي فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قَصَّرَ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِي النَّفْلِ بِلَا عُذْرٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (وَهَلْ كَرَاهَتُهُ) أَيْ الْقَبْضِ (فِي الْفَرْضِ) الَّتِي فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ وَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ فِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ لِطُولِ الْقِيَامِ اهـ. بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُقَابِلُ السَّدْلِ لَا مَا سَبَقَ فَقَطْ (ل) قَصْدُ (الِاعْتِمَادِ) أَيْ الِاسْتِنَادِ بِهِ وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ، فَلَوْ فَعَلَهُ لِلِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ. وَيَجُوزُ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ (أَوْ) كَرَاهَتُهُ فِيهِ (خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ) مِنْ الْعَوَامّ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْبَاجِيَّ وَاسْتَبْعَدَ بِاقْتِضَائِهِ كَرَاهَةَ جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ خَيْفَهُ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَضَعَّفَ بِاقْتِضَائِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الْكَرَاهَةِ وَقَدْ فَرَّقَ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَجَازَهُ فِي النَّفْلِ وَكَرِهَهُ فِي الْفَرْضِ. (أَوْ) كَرَاهَتَهُ فِيهِ خِيفَةٌ (إظْهَارُ الْخُشُوعِ) وَلَيْسَ خَاشِعًا فِي الْبَاطِنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ، قِيلَ وَمَا هُوَ، قَالَ أَنْ يُرَى الْجَسَدُ خَاشِعًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 262 تَأْوِيلَاتٌ، وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ، وَتَأْخِيرهمَا عِنْدَ الْقِيَامِ، وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ فِي تَشَهُّدَيْهِ الثَّلَاثَ، مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ، وَتَحْرِيكُهُمَا دَائِمًا   [منح الجليل] وَالْقَلْبُ غَيْرُ خَاشِعٍ وَهَذَا تَأْوِيلُ عِيَاضٍ وَضَعَّفَ بِاقْتِضَائِهِ كَرَاهَتَهُ فِي النَّفْلِ أَيْضًا وَقَدْ أَجَازَهُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهِ فِي ذَلِكَ (تَأْوِيلَات) لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ خَمْسَةٌ، اثْنَانِ فِي الْأُولَى، وَثَلَاثَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَبَقِيَ مِنْ تَأْوِيلَاتِ كَرَاهَةِ الْقَبْضِ مُخَالَفَتُهُ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى نَسْخِهِ وَإِنْ صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ. (وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ يَدَيْهِ) فِي وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ عَلَى وَضْعِ رُكْبَتَيْهِ عَلَيْهَا (فِي) هَوِيِّهِ لِ (سُجُودِهِ وَتَأْخِيرِهِمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ فِي رَفْعِهِمَا عَنْ الْأَرْضِ عَنْ رَفْعِ رُكْبَتَيْهِ عَنْهَا (عِنْدَ الْقِيَامِ) مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْرُكَنَّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلَكِنْ يَضَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ» . وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُقَدِّمُ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ لِسُجُودِهِ كَمَا يُقَدِّمُهُمَا الْبَعِيرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ، وَلَا يُؤَخِّرُهُمَا فِي الْقِيَامِ لِعُسْرِهِ غَالِبًا قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُطِيقُ هَذَا إلَّا الشَّابُّ الْقَلِيلُ اللَّحْمُ كَمَا يُؤَخِّرُهُمَا الْبَعِيرُ فِي قِيَامِهِ، وَالْمُرَادُ رُكْبَتَا الْبَعِيرِ اللَّتَانِ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُهُمَا فِي بُرُوكِهِ وَيُؤَخِّرُهُمَا فِي قِيَامِهِ. (وَ) نُدِبَ (عَقْدُهُ) أَيْ ضَمُّ الْمُصَلِّي (يُمْنَاهُ) عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ إبْهَامِهِ (فِي) حَالِ (تَشَهُّدَيْهِ) أَيْ تَشَهُّدِ الْقِيَامِ وَتَشَهُّدِ السَّلَامِ وَأَبْدَلَ مِنْ يُمْنَاهُ أَصَابِعَهُ (الثَّلَاثَ) بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ مُقَدَّرُ الضَّمِيرِ الرَّابِطِ لَهُ بِهَا أَيْ مِنْهَا أَيْ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرِ وَالْخِنْصَرِ وَأَطْرَافِهَا عَلَى لَحْمَةِ الْإِبْهَامِ حَالَ كَوْنِهِ (مَادًّا) أُصْبُعَهُ (السَّبَّابَةَ) جَاعِلًا جَنْبَهَا الْأَعْلَى لِجِهَةِ السَّمَاءِ (وَ) مَادًّا أُصْبُعَهُ (الْإِبْهَامَ) بِجَنْبِهَا عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى السُّفْلَى هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ. وَقِيلَ يَجْعَلُ رُءُوسَ الثَّلَاتِ وَسَطَ كَفِّهِ، وَيَمُدُّ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يَجْعَلُهَا كَذَلِكَ وَيَجْعَلُ طَرَفَ إبْهَامِهِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَالسُّفْلَى. وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَإِنْ احْتَمَلَ الْأَخِيرَيْنِ أَيْضًا. (وَ) نُدِبَ (تَحْرِيكُهَا) أَيْ السَّبَّابَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا تَحْرِيكًا (دَائِمًا) تت أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 263 وَتَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ، وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [منح الجليل] وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ عبق هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحَرِّكُهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ عَقِبَهُ إلَى السَّلَامِ، وَاَلَّذِي شَاهَدْت عُلَمَاءَ عَصْرِنَا عَلَيْهِ تَحْرِيكُهَا لِلسَّلَامِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الدُّعَاءِ وَانْتِظَارِ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَهَذَا مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا مُقْمِعَةٌ لِلشَّيْطَانِ لِتَذَكُّرِ الْمُصَلِّي بِهِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ السَّهْوِ فِي صَلَاتِهِ وَالشُّغْلِ عَنْهَا، وَخُصَّتْ السَّبَّابَةُ بِهِ لِاتِّصَالِ عُرْوَتِهَا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَحَرَّكَتْ انْزَعَجَ فَتَنَبَّهَ لِذَلِكَ وَقِيلَ يَقْصِدُ بِتَحْرِيكِهَا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ اللَّهَ إلَهٌ وَاحِدٌ. ابْنُ نَاجِي لَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى لَا يُحَرِّكُ الْيُسْرَى لِأَنَّ شَأْنَهَا الْبَسْطُ عَلَى الْفَخِذِ مَقْرُونَةَ الْأَصَابِعِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، التَّادَلِي فِيهِ مَجَالُ الْبَحْثِ إذْ قَدْ يُقَالُ إنَّمَا شَأْنُهَا الْبَسْطُ مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لَا مَعَ فَقْدِهَا. (وَ) نُدِبَ (تَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ) عِنْدَ نُطْقِهِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ بِحَيْثُ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ صَفْحَةَ وَجْهِهِ وَيَنْطِقُ بِمَا قَبْلَهُمَا قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَيَامَنُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَقِيلَ كَالْإِمَامِ. (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ) أَيْ تَشَهُّدِ السَّلَامِ بِمَا يَتَيَسَّرُ (وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ) الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " رَضٍ " لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَجَرَى مَجْرَى الْخَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَلِذَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضٍ " وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ. وَرَسُولُهُ. (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَقِبَ التَّشَهُّدِ بِأَيِّ صِيغَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا مَا فِي حَدِيثِ قُولُوا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 264 سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ؟ خِلَافٌ وَلَا بَسْمَلَةٌ فِيهِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ، وَكُرِهَا بِفَرْضٍ:   [منح الجليل] اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ (سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَة خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ " رَضٍ " وَإِنَّ أَصْلَهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ سُنَّةً وَبِهَذَا شَرَحَ الْبِسَاطِيُّ وَالْحَطَّابِ وَسَالِمٍ وَبُنِيَ عَلَيْهِ مَا اشْتَهَرَ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ عَنْهُ. وَشَرَحَ بَهْرَامَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ، فَقَالَ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَ وَأَمَّا اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ " رَضٍ " فَمَنْدُوبٌ قَطْعًا فَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ سَابِقًا بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ الرَّمَاصِيُّ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَتَعَقَّبَهُ الْبُنَانِيُّ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَشْهِيرِ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهُ فَضِيلَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ وَخُصُوصُ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ قَطْعًا، أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ لَيْسَ مُتَّفِقًا عَلَيْهِ. (وَلَا بَسْمَلَةٌ) مَشْرُوعَةٌ (فِيهِ) أَيْ التَّشَهُّدِ فَهِيَ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ تَشَهُّدُ نَفْلٍ (وَجَازَتْ) أَيْ الْبَسْمَلَةُ أَيْ لَا تُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ خِلَافُ الْأَوْلَى قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ. وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْخَرَشِيِّ أَيْ أُبِيحَتْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَتَعَوُّذٍ) فِي الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَصِلَةُ جَازَتْ (بِنَفْلٍ وَكُرِهَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ (بِفَرْضٍ) لِكُلِّ مُصَلٍّ سِرًّا وَجَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ " رَضٍ " وَمُحَصِّلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لِلْعَمَلِ. «قَالَ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُمْ يُبَسْمِلُونَ» فَلَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا الَّتِي فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ. وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهَا وَقِيلَ بِنَدْبِهَا. وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. وَكَانَ الْمَازِرِيُّ يُبَسْمِلُ سِرًّا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 265 كَدُعَاءٍ قَبْلَ قِرَاءَةٍ، وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ، وَأَثْنَاءَهَا وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ،   [منح الجليل] مَنْ بَسْمَلَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ. وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ مَنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى، وَصَلَاةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ قَالَ أَحَدُهُمَا بِبُطْلَانِهَا. وَكَذَا الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِ وَإِسْمَاعِ نَفْسِهِ قِرَاءَتَهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْبَسْمَلَةِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِتَرْكِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنْ قَصَدَهُ فَلَا تُكْرَهُ سَوَاءٌ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ أَوْ لَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا فَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَا نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّمَا الشَّرْطُ عِنْدَهُ عَدَمُ نِيَّةِ النَّفْلِ وَعَدَمُ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُمْكِنٌ لَا يُنَافِي اعْتِقَادُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ بِفَرْضِيَّتِهَا إذْ فَرَّقَ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالِاعْتِقَادِ أَفَادَهُ عبق. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَدُعَاءٍ) عَقِبَ إحْرَامٍ وَ (قَبْلَ قِرَاءَةٍ) فَيُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْعَمَلِ وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِهِ. وَعَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " نُدِبَ قَوْلُهُ قَبْلَهَا: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك " وَجَّهْت وَجْهِي ". اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَنَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَاغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ. ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ، قَالَ فِي الْبَيَانِ وَذَلِكَ حَسَنٌ زَرُّوقٌ وَفِيهِ بَحْثٌ انْتَهَى، أَيْ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَبْلَهَا لِأَجْلِهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى كَقَوْلِهِ بَعْدُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ أَفَادَهُ عبق. (وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ) لِاشْتِغَالِهِ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ وَقِيسَ الْمَأْمُومُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ طَرْدُ اللُّبَابِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالطِّرَازِ جَوَازُهُ واسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ (وَأَثْنَائِهَا) أَيْ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ يُخَلِّلَهَا بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ فَهُوَ أَوْلَى. وَقَيَّدَهُ فِي الطِّرَازِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ فِي النَّفْلِ. (وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ) لِمَنْ يَقْرَأهَا مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ. وَجَازَ لِمَأْمُومٍ سِرًّا حَالَ قِرَاءَتِهَا الْإِمَام جَهْرًا إنْ سَمِعَ سَبَبَهُ وَقَلَّ كَالْخُطْبَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَعَوَّذُ الْمَأْمُومُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَ النَّارِ، وَإِنْ فَعَلَ فَسِرًّا فِي نَفْسِهِ انْتَهَى. وَفِي الشَّامِلِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ سَمِعَ مَأْمُومٌ ذِكْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ ذِكْرَ الْجَنَّةِ فَسَأَلَهَا أَوْ النَّارِ فَاسْتَعَاذَ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ وَيُخْفِيهِ، وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 266 وَرُكُوعٍ، وَقَبْلَ تَشَهُّدٍ، وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ، وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ، لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ، وَدَعَا بِمَا أَحَبَّ، وَإِنْ لِدُنْيَا، وَسَمَّى مِنْ أَحَبَّ.   [منح الجليل] يُكْثِرُ كَسَامِعِ خُطْبَةٍ الْحَطّ وَفِيهَا لَا يُكْرَهُ قَوْلُ الْإِمَامِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] بَلَى إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَقَوْلُ الْمَأْمُومِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ كَذَلِكَ انْتَهَى عبق. هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ ذِكْرِهِ وَسُؤَالُ الْجَنَّةِ وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ بَلَى أَنَّهُ أَحْكُمُ أَوْ قَادِرٌ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] ، أَوْ الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يَبْطُلُ انْتَهَى. (وَ) أَثْنَاءُ (رُكُوعٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ فِيهِ التَّسْبِيحُ، وَنُدِبَ بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ، فَقَالَ عج الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِأَنَّ الْحَامِدَ لِرَبِّهِ طَالِبٌ لِلْمَزِيدِ مِنْهُ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ دُعَاءٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُنُوتٍ بِصُبْحٍ فَقَطْ. (وَ) كُرِهَ (قَبْلَ تَشَهُّدِ) أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ (وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ) وَلَوْ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ (وَبَعْدَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ) أَيْ غَيْرِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُكْرَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، خِلَافًا لِمَا فِي عب. عَنْ الرَّصَّاعِ مِنْ تَأَكُّدِهَا فِيهِ قَالَهُ النَّفْرَاوِيُّ وَالْعَدَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا (لَا) يُكْرَهُ الدُّعَاءُ (بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَهُمَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاسْتُرْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَاعْفُ عَنِّي وَعَافَنِي. وَيُنْدَبُ فِي السُّجُودِ وَعَقِبَ تَشَهُّدِ السَّلَامِ. (وَدَعَا) الْمُصَلِّي جَوَازًا فِي سُجُودِهِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَعَقِبَ تَشَهُّدِ السَّلَامِ (بِمَا أَحَبَّ) مِنْ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً وَيَحْرُمُ بِمُمْتَنِعٍ شَرْعًا نَحْوَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى قَتْلِ فُلَانٍ عُدْوَانًا أَوْ الزِّنَا بِحَلِيلَتِهِ أَوْ عَقْلًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ عَادَةً كَالسَّلْطَنَةِ لِمَنْ لَيْسَ أَهْلُهَا وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِدُنْيَا بَلْ: (وَإِنْ) كَانَ (لِ) طَلَبِ (دُنْيَا) كَسَعَةِ رِزْقٍ وَزَوْجَةٍ حَسَنَةٍ (وَسَمَّى) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ ذَكَرَ الدَّاعِي فِي صَلَاتِهِ اسْمَ (مَنْ أَحَبَّ) أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 267 وَلَوْ قَالَ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا، لَمْ تَبْطُلْ وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ لَا حَصِيرٍ، وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ وَرَفْعُ مُومِئٍ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ   [منح الجليل] (وَلَوْ قَالَ) الْمُصَلِّي فِي دُعَائِهِ (يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا) مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ (لَمْ تَبْطُلْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا مُطْلَقًا أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ) أَوْ بِسَاطٍ لَمْ يُفْرَشْ فِي الْمَسْجِدِ دَائِمًا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَانَ مِنْ وَاقِفِ الْمَسْجِدِ، أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَفَهُ لِيَفْرِشَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ وَقْفِهِ وَاتِّبَاعِهِ إنْ جَازَ أَوْ كُرِهَ لِطَلْعِ الْمُزَاحَمَةِ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِنَدْبِ صَلَاةِ الْفَرْضِ بِهِ أَفَادَهُ عب، وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِالضَّرُورَةِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَخُشُونَةِ أَرْضٍ وَجَرْحٍ بِجَبْهَةٍ (لَا) يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى (حَصِيرٍ) خَشِنٍ كَالْحَلْفَاءِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْحَصِيرِ النَّاعِمِ كَحُصْرِ السَّمَرِ (وَتَرْكُهُ) أَيْ السُّجُودِ عَلَى الْحَصِيرِ الْخَشِنِ (أَحْسَنُ) فَالسُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَوْلَى. (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ) شَخْصٍ (مُومٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مُصَلٍّ بِالْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا مَفْعُولُ رَفَعَ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ عَنْ، الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى جَبْهَتِهِ (يَسْجُدُ عَلَيْهِ) بِجِهَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا كَكُرْسِيٍّ أَوَّلًا كَشَيْءٍ رَفَعَهُ بِيَدِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَلَا يُعِيدُ، وَهَذَا إذَا انْحَطَّ لَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْإِيمَاءِ، فَإِنْ رَفَعَهُ لِجَبْهَتِهِ بِدُونِ انْحِطَاطٍ بِهَا فَلَا يَجْزِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ وَمَحَلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا نَوَى حِينَ إيمَائِهِ الْأَرْضَ فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِيمَاءَ إلَى مَا رَفَعَ لَهُ دُونَ الْأَرْضِ فَلَا يُجْزِيهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَمَفْهُومُ مُومٍ مَنَعَ رَفَعَ الصَّحِيحَ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ، إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْأَرْضِ وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ. وَتَعْرِيفُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ يَسِيرًا كَسَبْحَةِ وَمِفْتَاحٍ وَمِحْفَظَةٍ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ كَثِيرًا كَكُرْسِيٍّ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ، وَتَعْرِيفُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ سَطْحِ مَحَلِّ الْمُصَلِّي خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مَكْرُوهٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 268 وَسُجُودٌ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفِ كُمٍّ وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ لَهُ بِمَسْجِدٍ، وَقِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَدُعَاءٌ خَاصٌّ   [منح الجليل] وَ) كُرِهَ (سُجُودٌ عَلَى كَوْرِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، أَيْ مَجْمُوعِ لَفَّاتِ (عِمَامَتِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمَشْدُودِ عَلَى جَبْهَتِهِ إنْ كَانَ لَفَّتَيْنِ مِنْ شَالٍ رَقِيقٍ كَشَاشٍ أَوْ بَفْتَةٍ وَلَا يُعِيدُهَا، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ لَفَّتَيْنِ وَاسْتَقَرَّتْ الْجَبْهَةُ عَلَيْهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِمَامَةُ مُشَدَّدَةً عَلَى الرَّأْسِ وَسَجَدَ عَلَى كَوْرِهَا وَلَمْ تَمَسَّ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ يُعِيدُهَا أَبَدًا وُجُوبًا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَلَى الْجَبْهَةِ وَمَنَعَتْ اسْتِقْرَارَهَا لِكَثَافَتِهَا وَفَشْوَلَتِهَا كَشَالِ الصُّوفِ الْمَنْفُوشِ. (أَوْ) عَلَى (طَرَفِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ حَاشِيَةِ (كُمٍّ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَلْبُوسِهِ، إلَّا لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خُشُونَةِ أَرْضٍ (فَرْعٌ) جَمَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " يُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَخَفَّفَهُ فِي النَّافِلَةِ وَأَنْ يُرَوِّحَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْمَرَاوِحِ. (وَ) كُرِهَ (نَقْلُ حَصْبَاءَ) أَوْ تُرَابٍ (مِنْ ظِلٍّ) فِي الصَّيْفِ أَوْ شَمْسٍ فِي الشِّتَاءِ (لَهُ) أَيْ السُّجُودِ عَلَيْهَا وَصِلَةُ نَقْلُ (بِمَسْجِدٍ) أَيْ فِيهِ لِتَحْفِيرِهِ وَأَوْلَى نَقْلُهُ لِغَيْرِ السُّجُودِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِتَحْفِيرِهِ فَلَا يُكْرَهُ لِلسُّجُودِ وَلَا لِغَيْرِهِ، وَمَفْهُومُ بِمَسْجِدٍ جَوَازُهُ بِغَيْرِهِ لِلسُّجُودِ وَلِغَيْرِهِ. وَلَوْ أَدَّى لِتَحْفِيرِهِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالْحَصْبَاءِ فِي يَدِهِ نَاسِيًا أَوْ فِي نَعْلِهِ، فَإِنْ رَدَّهَا لَهُ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ. (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ) مِنْ قُرْآنٍ عَزِيزٍ (بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) لِحَدِيثٍ «نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَادْعُوَا فِيهِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَانْخِفَاضٍ فِي الظَّاهِرِ. وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقَارِئِ التَّلَبُّسُ بِحَالَةِ الرِّفْعَةِ وَالْعَظَمَةِ ظَاهِرًا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ وَمِنْ تَعْظِيمِهِ تَدَبُّرِهِ وَاسْتِحْضَارِ مَعَانِيهِ وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ وَخُشُوعِ الْقَلْبِ وَاسْتِحْضَارِهِ عَظَمَةَ الرَّبِّ حَالَ قِرَاءَتِهِ. (وَ) كُرِهَ (دُعَاءٌ خَاصٌّ) أَيْ الْتِزَامُهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لِإِيهَامِهِ قَصْرَ كَرْمِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 269 أَوْ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ وَالْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ، وَتَشْبِيكُ أَصَابِعَ، وَفَرْقَعَتُهَا، وَإِقْعَاءٌ،   [منح الجليل] وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَ غَيْرَهُ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فَلَا يُجَابُ فَيُسِيءُ ظَنُّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْخَاصُّ عَامًّا الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ، نَحْوُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ وَاكْفِنِي هَمَّهُمَا. وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " التَّحْدِيدَ فِي صِيَغِ الدُّعَاءِ وَعَدَدِ التَّسْبِيحَاتِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي تَعْيِينِ لَفْظِهَا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ. (أَوْ) دُعَاءٌ (بِ) لُغَةٍ (عَجَمِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ بِصَلَاةٍ (لِقَادِرٍ) عَلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْكَلَامُ بِهَا مَكْرُوهٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَطْ لِقَادِرٍ لِنَهْيِ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ إنَّهَا خَبٌّ وَخَدِيعَةٌ وَقِيلَ إنَّمَا هُوَ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُهَا لِأَنَّهُ مِنْ تَنَاجَى اثْنَيْنِ دُونَ وَاحِدٍ وَتُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُمْ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِذَلِكَ وَمَفْهُومٌ لِقَادِرِ عَدَمُ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بِهَا لِعَاجِزٍ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَفِي الطِّرَازِ مَنْ دَعَّى أَوْ سَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ غَيْرَ قَادِرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا اهـ. (وَ) كُرِهَ (الْتِفَاتٌ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَوْ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ بِشَرْطِ بَقَاءِ رِجْلَيْهِ لِلْقِبْلَةِ (بِلَا حَاجَةٍ) وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَالتَّصَفُّحِ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالْخَدِّ فَفِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّصَفُّحَ بِالْحَدِّ إنَّمَا يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْعُنُقِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الصَّدْرِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْبَدَنِ كُلِّهِ. (وَ) كُرِهَ (تَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي فَقَطْ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ تَفَاؤُلٌ بِاشْتِبَاكِ الْأَمْرِ وَصُعُوبَتِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ (وَ) كُرِهَ (فَرُقْعَتُهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تُكْرَهُ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرِهَهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ. (وَ) كُرِهَ (إقْعَاءٌ) بِجُلُوسٍ لِتَشَهُّدٍ أَوْ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ أَوَّلًا حَرَامٌ وَقِرَاءَةٌ وَرُكُوعٌ لِمَنْ صَلَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 270 وَتَخَصُّرٌ، وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ وَرَفْعُهُ رِجْلًا، وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى، وَإِقْرَانُهُمَا   [منح الجليل] جَالِسًا وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَدْرِ قَدَمَيْهِ وَأَلْيَتَاهُ عَلَى عَقِبَيْهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَبْيَنُ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ. أَبُو الْحَسَنِ صِفَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ مَمْنُوعَةً لَا مَكْرُوهَةً وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَفْسِير الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جُلُوسُهُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْض وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ أَيْضًا وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَيْهَا وَرِجْلَاهُ قَائِمَتَانِ عَلَى بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا. فَالْإِقْعَاءُ الْمَكْرُوهُ أَرْبَعٌ، وَالْمَمْنُوعُ وَاحِدٌ اهـ عبق. (وَ) كُرِهَ (تَخَصُّرٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً بِصَلَاةٍ بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي خَصْرِهِ فِي قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ (وَ) كُرِهَ (تَغْمِيضُ بَصَرِهِ) أَيْ عَيْنِ الْمُصَلِّي خَوْفَ اعْتِقَادِ فَرْضِيَّتَهُ إلَّا لِخَوْفِ نَظَرٍ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا وَيَجْعَلُ بَصَرَهُ أَمَامَهُ وَكُرِهَ وَضْعُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِانْحِنَائِهِ بِرَأْسِهِ. وَعَدَّهُ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ وَكُرِهَ قِيَامُهُ مُنَكَّسَ الرَّأْسِ. قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْمُنَكِّسِ رَأْسَهُ ارْفَعْ رَأْسَك فَإِنَّمَا الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَالْبَصَرُ الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ فَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهَا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَى آلَتِهِ عَكْسُ {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ} [الشعراء: 84] اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ رَفْعُهُ لِلسَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثٍ «لَيَنْتَهِيَنَّ قَوْمٌ عَنْ رَفْعِ أَعْيُنِهِمْ إلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ» . ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَفَعَ لِغَيْرِ الِاعْتِبَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَهُ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ. (وَ) كُرِهَ (رَفْعُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (رِجْلًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ عَنْ الْأَرْضِ إلَّا لِعُذْرٍ كَطُولِ قِيَامٍ (وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى) لِأَنَّهُ عَبَثٌ (وَإِقْرَانُهُمَا) أَيْ ضَمُّ الرِّجْلَيْنِ مَعًا كَالْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا دَائِمًا أَوْ رَوَّحَ بِهِمَا بِأَنْ صَارَ يَعْتَمِدُ عَلَى هَذِهِ تَارَةً وَعَلَى هَذِهِ الْأُخْرَى تَارَةً أُخْرَى أَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا دَائِمًا. وَقِيلَ جَعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ الِاعْتِمَادِ سَوَاءً دَائِمًا سَوَاءٌ فَرَّقَهُمَا أَوْ ضَمَّهُمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَطْبُوبٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ. وَعِلَّةُ كَرَاهَتِهِ اشْتِغَالُهُ بِهِ عَنْ خُشُوعِ الصَّلَاةِ تت. وَأَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَى كَرَاهَةِ إقْرَانِهِمَا بِجَوَازِ تَفْرِيقِهِمَا وَمُرَادُهُ تَفْرِيقًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 271 وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيٍّ، وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ، وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ، وَتَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِيهِ لِيُصَلِّيَ لَهُ وَعَبَثٌ بِلِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا:   [منح الجليل] مُعْتَادًا لِقَوْلِ صَاحِبِ الطِّرَازِ تَفْرِيقُهُمَا عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ قِلَّةَ وَقَارٍ كَإِقْرَانِهِمَا وَإِلْصَاقِهِمَا زِيَادَةَ تَنَطُّعٍ. (وَ) كُرِهَ (تَفَكُّرٌ) فِيهَا (بِدُنْيَوِيٍّ) لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْهَا، فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى أَعَادَهَا أَبَدًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْحَطّ. وَلَا يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ لِأَنَّ تَفَكُّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ، فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا شُغْلًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَعَلَى مَا صَلَّى فَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ وَمَفْهُومُ دُنْيَوِيٍّ أَنَّ تَفَكُّرَهُ بِأُخْرَوِيٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ، بِدَلِيلِ تَجْهِيزِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَيْشًا وَهُوَ يُصَلِّي وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ إشْغَالِهِ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يُكْرَهُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُكْرَهُ الْأُخْرَوِيُّ مُطْلَقًا وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى بَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهَا أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) كُرِهَ (حَمْلُ شَيْءٍ) فِي الصَّلَاةِ (بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ) لَا يَمْنَعُهُ عَنْ رُكْنٍ وَإِخْرَاجِ حُرُوفِ قِرَاءَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خُبْزًا مَخْبُوزًا بِرَوْثٍ نَجَسٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ، وَلَا بِتَرْكِ الْمَضْمَضَةِ مِنْهُ أَفْتَى بِهِ جَدُّ عج عَنْ اللَّقَانِيِّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَمَالَ لَهُ السَّنْهُورِيُّ مَا لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ فِيهِ. (وَ) كُرِهَ (تَزْوِيقُ قِبْلَةٍ) بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا الْكِتَابَةُ فِيهَا وَتَزْوِيقُ مَسْجِدٍ بِذَهَبٍ أَوْ شَبَهِهِ لَا اتَّقَانِ بِنَائِهِ وَتَجْصِيصِهِ فَيُنْدَبَانِ. ابْنُ الْقَاسِمِ التَّصَدُّقُ بِثَمَنِ مَا يُجْمَرُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُخْلَقُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَجْمِيرِهِ وَتَخَلُّقِهِ أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ فَيَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ. (وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ) وَضْعِ (مُصْحَفٍ فِيهِ) أَيْ الْمِحْرَابِ (لِيُصَلِّيَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً (لَهُ) أَيْ الْمُصْحَفِ وَمَفْهُومُ تَعَمُّدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ (عَبَثٌ) مِنْ الْمُصَلِّي (بِلِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا) كَخَاتَمٍ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يُحَوِّلَهُ لِعَدَدِ رَكَعَاتٍ لِخَوْفِ سَهْوِهِ عَنْهُ لِأَنَّهُ لِإِصْلَاحِهَا وَمِثْلُهُ الَّذِي يُحْصِي الْآيِ بِيَدَيْهِ فِي صَلَاتِهِ فَجَائِزٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 272 كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبِّعٍ، وَفِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِهِ قَوْلَانِ. (فَصْلٌ) يَجِبُ بِفَرْضٍ قِيَامٌ، إلَّا لِمَشَقَّةٍ أَوْ لِخَوْفِهِ بِهِ فِيهَا،   [منح الجليل] كَمَا فِي الْحَطّ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إذَا عَبِثَ بِلِحْيَتِهِ فَنَتَفَ مِنْهَا شَعْرَةً أَوْ شَعْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كَمَا لِجَدِّ عج وَهَذَا عَلَى أَنَّ مَيْتَةَ الْآدَمِيِّ نَجِسَةٌ وَأَمَّا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ فَلَا تَبْطُلُ وَلَوْ كَثُرَ الشَّعْرُ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَبِنَاءِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مُرَبَّعٍ) لِعَدَمِ تَسَاوِي الصُّفُوفِ فِيهِ، وَكَذَا مُرَبَّعٌ قِبْلَتُهُ فِي أَحَدِ أَرْكَانِهِ لِذَلِكَ (وَفِي كَرَاهَة الصَّلَاةِ بِهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ الْمُرَبَّعِ لِذَلِكَ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا [فَصْلٌ فِي الْقِيَام وبدله وَمَرَاتِبهَا فِي الْفَرْض] (فَصْلٌ) فِي الْقِيَامِ وَبَدَلِهِ وَمَرَاتِبِهِمَا فِي الْفَرْضِ (يَجِبُ بِفَرْضٍ) أَيْ فِي صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ عَيْنًا أَوْ كِفَايَةً كَجِنَازَةٍ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَالْقِيَامُ فِيهَا مَنْدُوبٌ وَلَوْ بِنَذْرٍ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى وُجُوبِ الْقِيَامِ فِيهِمَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا لَا يُصَلِّيَانِ فِي الْكَعْبَةِ وَالْحِجْرِ كَالْفَرْضِ، لِأَنَّ ابْنَ نَاجِي ضَعَّفَهُ وَرَجَّحَ مَا أَقَامَهُ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ مِنْهَا مِنْ جَوَازِ الْجُلُوسِ فِيهِمَا اخْتِيَارًا لِقَوْلِهَا يُصَلِّيهِمَا الْمُسَافِرُ سَفَرَ قَصْرٍ عَلَى الدَّابَّةِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ وَلَا يَرِدْ إيهَامُهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِلسُّورَةِ لِانْدِفَاعِهِ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَسُورَةٌ وَقِيَامٌ لَهَا وَفَاعِلُ يَجِبُ (قِيَامٌ) اسْتِقْلَالًا لِلْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةِ وَهُوِيِّ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا لِمَشَقَّةٍ) حَالِيَّةٍ بِهِ لِمَرِيضٍ يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ مَعَهَا وَتَزُولُ بِفَرَاغِ صَلَاتِهِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ نَاجِي لَقَدْ أَحْسَنَ أَشْهَبُ حِينَ سُئِلَ عَنْ مَرِيضٍ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ قَائِمًا لَقَدَرَ بِمَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فِي جَوَابِهِ بِأَنَّ لَهُ الْفِطْرَ وَالْجُلُوسَ فِي الصَّلَاةِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ. (أَوْ) إلَّا (لِخَوْفِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الْقِيَامِ (فِيهَا) أَيْ الصَّلَاةِ صِلَةُ خَوْفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 273 أَوْ قَبْلُ ضَرَرًا كَالتَّيَمُّمِ: كَخُرُوجِ رِيحٍ ثُمَّ اسْتِنَادٌ. لَا لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ، وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ ثُمَّ جُلُوسٌ كَذَلِكَ،   [منح الجليل] أَوْ) خَوْفِهِ (قَبْلُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةُ مَعْنَاهُ أَيْ قَبْلُ إحْرَامِ الصَّلَاةِ، وَمَفْعُولُ خَوْفٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (ضَرَرًا) أَيْ حُدُوثَ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَأَخُّرَ بُرْءٍ خَوْفًا (كَ) الْخَوْفِ الْمُسَوِّغِ لِ (التَّيَمُّمِ) فِي كَوْنِهِ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا أَوْ وَهْمًا، وَكَوْنِهِ مُسْتَنِدًا لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةً فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارَ عَارِفٍ بِالطِّبِّ. وَشَبَّهَ فِي تَسْوِيغِ تَرْكِ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا فَقَالَ (كَ) خَوْفِ (خُرُوجِ رِيحٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَدَثِ بِصَلَاتِهِ قَائِمًا لَا جَالِسًا فَيَجْلِسُ مُحَافَظَةً عَلَى شَرْطِهَا الْمُسْتَمِرِّ الَّذِي لَا بَدَلَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى الشَّرْطِ الْوَاجِبِ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى رُكْنِهَا الْوَاجِبِ فِي بَعْضِهَا وَبِهَذَا يَرِدُ قَوْلَ سَنَدٍ لِمَ لَا يُصَلِّي قَائِمًا وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ وَيَصِيرُ كَالسَّلَسِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ فَلَا يَتْرُكُ الرُّكْنَ لِأَجْلِهِ، لِعُرْيَانٍ يُصَلِّي قَائِمًا بَادِي الْعَوْرَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ السَّتْرِ اهـ. وَبِأَنَّهُ كَسَلَسٍ يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ هُنَا بِالْجُلُوسِ. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا فَيُطْلَبُ (اسْتِنَادٌ) فِي الْقِيَامِ مُحَافَظَةً عَلَى صُورَتِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَيَسْتَنِدُ لِكُلِّ شَيْءٍ غَيْرِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ (لَا لِ) إنْسَانٍ (جُنُبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَالنُّونِ (ذَكَرٍ) أَوْ أُنْثَى مَحْرَمٍ (وَحَائِضٍ) مَحْرَمٍ فَيُكْرَهُ الِاسْتِنَادُ لَهُمَا لِبُعْدِهِمَا عَنْ الصَّلَاةِ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُمَا، وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ (وَ) إنْ اسْتَنَدَ (لِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الْجُنُبِ وَالْحَائِضُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا (أَعَادَ) لِلصَّلَاةِ (بِوَقْتٍ) لِلِاصْفِرَارِ. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا وَجَبَ (جُلُوسٌ) وَنَعَتَهُ بِقَوْلِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ الْقِيَامِ فِي تَقْدِيمِ الِاسْتِقْلَالِ عَلَى الِاسْتِنَادِ لِغَيْرِ جُنُبٍ وَحَائِصٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتِ الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْقِيَامِ مُسْتَنِدًا أَوْ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَزَرُّوقٌ وَابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ. وَاخْتَارَ ابْنُ نَاجِي خِلَافَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي. وَاَلَّذِي لِابْنِ شَاسٍ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْقَبَّابُ عَنْ الْمَازِرِيِّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 274 وَتَرَبَّعَ كَالْمُتَنَفِّلِ، وَغَيَّرَ جِلْسَتَهُ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَلَوْ سَقَطَ قَادِرٌ بِزَوَالِ عِمَادٍ بَطَلَتْ، وَإِلَّا كُرِهَ، ثُمَّ نُدِبَ عَلَى أَيْمَنَ، ثُمَّ أَيْسَرَ، ثُمَّ ظَهْرٍ. وَأَوْمَأَ عَاجِزٌ إلَّا عَنْ الْقِيَامِ،   [منح الجليل] وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَلْشَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لعب وَمَنْ تَبِعَهُ (وَتَرَبَّعَ) نَدْبًا الْمُصَلِّي جَالِسًا فِي مَحَلِّ قِيَامِهِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ. وَشَبَّهَ فِي التَّرَبُّعِ فَقَالَ (كَالْمُتَنَفِّلِ) مِنْ جُلُوسٍ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ الْجُلُوسِ الْبَدَلِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ الْأَصْلِيِّ (وَغَيَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُتَرَبِّعُ (جِلْسَتَهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ هَيْئَةَ جُلُوسِهِ نَدْبًا حَالَ سُجُودِهِ وَ (بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) وَحَالَ تَشَهُّدِهِ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِذَا فَرَغَ مِنْ التَّشَهُّدِ تَرَبَّعَ وَهَكَذَا. (وَلَوْ سَقَطَ) شَخْصٌ (قَادِرٌ) عَلَى الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ مُسْتَقِلًّا فَخَالَفَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَصَلَّى الْفَرْضَ مُسْتَنِدًا اسْتِنَادًا تَامًّا فَسَقَطَ بِالْفِعْلِ، أَوْ قُدِّرَ سُقُوطُهُ (بِزَوَالِ عِمَادٍ) اسْتَنَدَ لَهُ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ إمَامًا وَفَذًّا وَاسْتَنَدَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ، أَوْ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ فِي هُوِيِّ الرُّكُوعِ بِفَرْضٍ لَا سَاهِيًا فَتَبْطُلُ الرَّكْعَةُ الَّتِي اسْتَنَدَ فِيهَا فَقَطْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقُطُ بِزَوَالِ الْعِمَادِ لِخِفَّةِ اسْتِنَادِهِ إلَيْهِ (كُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اسْتِنَادُهُ كَاسْتِنَادِهِ اسْتِنَادًا تَامًّا حَالَ السُّورَةِ فَقَطْ وَكَاسْتِنَادِ الْمَأْمُومِ حَالَ الْفَاتِحَةِ أَيْضًا الْخَرَشِيُّ وعبق وَيُعِيدُ بِوَقْتٍ الْبُنَانِيِّ لَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِمَا وَالْكَرَاهَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْإِعَادَةَ الْعَدَوِيُّ الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْجُلُوسِ بِحَالَتَيْهِ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ اضْطِجَاعٌ (عَلَى) جَنْبٍ (أَيْمَنَ ثُمَّ) نُدِبَ عَلَى جَنْبٍ (أَيْسَرَ ثُمَّ) وَجَبَ عَلَى (ظَهْرٍ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهِ إنْ قَدَرَ عَلَى التَّحَوُّلِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُحَوِّلُهُ فَإِنْ عَجَزَ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِذَلِكَ فَإِنْ قَدَّمَهَا عَلَى ظَهْرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بَطَلَتْ. (وَأَوْمَأَ) بِالْهَمْزِ أَيْ أَشَارَ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلِلتَّشَهُّدِ وَلِلسَّلَامِ شَخْصٌ (عَاجِزٌ) عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (إلَّا عَنْ الْقِيَامِ) فَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ فَيَقُومُ وَيُومِئُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 275 وَمَعَ الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ، وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيُجْزِئُ إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ؟ تَأْوِيلَانِ، وَهَلْ يُومِئُ بِيَدَيْهِ   [منح الجليل] لَهَا مِنْهُ (وَ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (مَعَ الْجُلُوسِ) وَعَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَ (أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ مِنْهُ) أَيْ الْجُلُوسِ فَيَجْلِسُ وَيُومِئُ لِلسَّجْدَتَيْنِ مِنْ الْجُلُوسِ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْقِيَامِ أَيْ يُومِئُ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى مِنْ قِيَامٍ كَمَا يَنْحَطُّ الْقَادِرُ لَهَا مِنْهُ، وَعَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَشْيَاخِ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى الْجُلُوسِ أَوْمَأَ لَهُمَا مِنْهُ. (وَهَلْ يَجِبُ) عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الْمُومِي لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ أَوْ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَالسُّجُودِ مِنْ جُلُوسٍ (فِيهِ) أَيْ الْإِيمَاءِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا صِلَةُ يَجِبُ وَفَاعِلُهُ (الْوُسْعُ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ أَيْ الِانْحِطَاطِ إلَى نِهَايَةِ طَاقَتِهِ فَإِنْ نَقَصَهُ عَنْهَا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَيُسَاوِي إيمَاؤُهُ لِلرُّكُوعِ إيمَاءَهُ لِلسُّجُودِ وَيَتَمَيَّزَانِ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ وَيُجْزِئُ مَا يُعَدُّ إيمَاؤُهُ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى أَزْيَدَ مِنْهُ فَيَجِبُ أَنْ يَنْحَطَّ لِلسُّجُودِ أَزْيَدَ مِنْ انْحِطَاطِهِ لِلرُّكُوعِ كَمَا أَخَذَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مِنْ قَوْلِهَا، وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ. اهـ. وَالسُّجُودُ عَلَى الْأَنْفِ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْإِيمَاءِ فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ يَجِبُ فِيهِ الْوُسْعُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) هَلْ (يُجْزِئُ) مِنْ فَرْضِهِ الْإِيمَاءُ كَمَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا السُّجُودُ عَلَى أَنْفِهِ (إنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ) وَخَالَفَ فَرْضَهُ وَهُوَ الْإِيمَاءُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، أَوْ لَا يُجْزِئُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْأَصْلِ وَلَا بِبَدَلِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ (تَأْوِيلَانِ) ذَكَرَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ، لَا تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ مَنْ رَفَعَ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ إذَا أَوْمَأَ جَهْدَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهَا يُومِئُ الْقَائِمُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ فَالْأَوْلَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَرَدُّدٌ. (وَهَلْ) الْعَاجِزُ عَنْ السُّجُودِ الَّذِي يُومِئُ لَهُ مِنْ قِيَامٍ لِعَجْزِهِ عَنْ الْجُلُوسِ أَيْضًا أَوْ مِنْ جُلُوسٍ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ (يُومِئُ) وُجُوبًا (بِيَدَيْهِ) إلَى الْأَرْضِ مَعَ إيمَائِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 276 أَوْ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ: كَحَسْرِ عِمَامَتِهِ بِسُجُودٍ؟ تَأْوِيلَانِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكُلِّ، وَإِنْ سَجَدَ لَا يَنْهَضُ، أَتَمَّ رَكْعَةً ثُمَّ جَلَسَ   [منح الجليل] بِرَأْسِهِ وَظَهْرُهُ إلَيْهَا (أَوْ) إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَقَدَرَ عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ (يَضَعُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (عَلَى الْأَرْضِ) بِالْفِعْلِ وَالْوَاوِ أَظْهَرُ مِنْ أَوْ فَهَذَا تَأْوِيلٌ وَاحِدٌ، وَالثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ أَوْ لَا يُومِئُ بِهِمَا إلَيْهَا إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ، عَجَزَ مَعَهُ عَنْ وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَيْهَا. وَلَا يَضَعُهُمَا عَلَيْهَا إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ قَدَرَ مَعَهُ عَلَى وَضْعِ يَدَيْهِ عَلَيْهَا (وَهُوَ) أَيْ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ بِحَالَتَيْهِ (الْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ خِلَافِ شَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا دُونَ مَا حَذَفَهُ بِحَالَتَيْهِ. وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ فَقَالَ (كَحَسْرِ) أَيْ رَفْعِ (عِمَامَتِهِ) عَنْ جَبْهَتِهِ حَالَ إيمَائِهِ بِهَا إلَى الْأَرْضِ (بِسُجُودٍ) فَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَى جَبْهَتِهِ شَيْئًا خَفِيفًا مِنْ عِمَامَتِهِ تَنَازَعَ فِيهِ يُومِئُ وَيَضَعُ وَحَسِرَ. وَقَوْلُهُ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَحَقُّهُ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْمُصَلِّي جَالِسًا هَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَيُومِئُ بِهِمَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ وَهُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ أَوْ لَا يَفْعَلُ بِهِمَا شَيْئًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَلَيْسَ هُنَا خِلَافٌ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ وَالْبَنَّانِيُّ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْإِيمَاءَ لِلرُّكُوعِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ قِيَامٍ فَيُومِئُ بِيَدَيْهِ لِرُكْبَتَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ وَضَعَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِلَا خِلَافٍ. وَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ عَجَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ. (وَإِنْ قَدَرَ) مُرِيدُ الصَّلَاةَ الْقَائِمُ (عَلَى الْكُلِّ) أَيْ جَمِيعِ أَرْكَانِ الرَّكْعَةِ (وَ) لَكِنْ (إنْ سَجَدَ) عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا (لَا يَنْهَضُ) أَيْ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ لِلْقِيَامِ (أَتَمَّ رَكْعَةً) بِرُكُوعِهَا وَرَفْعِهِ مِنْهُ وَسَجْدَتَيْهَا وَجُلُوسِهِ بَيْنَهُمَا (ثُمَّ جَلَسَ) فِي بَاقِي صَلَاتِهِ تَقْدِيمًا لِسِتِّ سَجَدَاتٍ عَلَى ثَلَاثِ قِيَامَاتٍ فِي الرُّبَاعِيَّةِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَالتُّونُسِيُّ. وَقِيلَ يُصَلِّي قَائِمًا مُومِيًا لِلسُّجُودِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَيَسْجُدُ فِيهَا تَقْدِيمًا لِلْقِيَامِ عَلَى السُّجُودِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 277 وَإِنْ خَفَّ مَعْذُورٌ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ،   [منح الجليل] وَإِنْ خَفَّ) فِي الصَّلَاةِ شَخْصٌ (مَعْذُورٌ) بِعُذْرٍ مُسَوِّغٍ لِلِاسْتِنَادِ أَوْ الْجُلُوسِ أَوْ الِاضْطِجَاعِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ وَقَدَرَ عَلَى حَالَةٍ أَعْلَى مِمَّا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِيهَا (انْتَقَلَ) وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا (لِلْأَعْلَى) كَمُسْتَنِدٍ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ وَجَالِسٍ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَمُضْطَجِعٍ قَدَرَ عَلَى الْجُلُوسِ أَوْ الْقِيَامِ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى أَيْسَرَ قَدَرَ عَلَى أَيْمَنَ، فَإِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ فِي الِانْتِقَالِ الْوَاجِبِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ. وَقَوْلُهُ انْتَقَلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْخِفَّةَ فِي الصَّلَاةِ وَمَنْ خَفَّ بَعْدَهَا لَا يُعِيدُهَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَالْغَرِيقُ إذَا صَلَّى إيمَاءً ثُمَّ خَرَجَ إلَى الْبَرِّ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ قَالَهُ أَشْهَبُ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَقَاءُ أَثَرِ الْمَرَضِ بَعْدَ زَوَالِهِ غَالِبًا فَخُفِّفَ عِنْدَ زَوَالِهِ بِخِلَافِ الْفَرْقِ فَلَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ غَالِبًا (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ) قِرَاءَةِ (فَاتِحَةٍ) حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا جَلَسَ) لِقِرَاءَتِهَا عَقِبَ إحْرَامِهِ قَائِمًا ثُمَّ يَقُومُ لِهُوِيِّ الرُّكُوعِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ لَمْ يَحْفَظْهَا وَأَمْكَنَهُ قِرَاءَتُهَا جَالِسًا بِمُصْحَفٍ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهَا قَائِمًا قَامَ بِقَدْرِهِ وَجَلَسَ لِتَكْمِيلِهَا ثُمَّ يَقُومُ لِلرُّكُوعِ. (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُكَلَّفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ لَا بِهَيْئَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَلَا بِالْإِيمَاءِ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ (إلَّا عَلَى نِيَّةٍ) أَيْ إجْرَاءِ أَرْكَانِهَا مِنْ الْإِحْرَامِ إلَى السَّلَامِ عَلَى قَلْبِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مُجَرَّدَ قَصْدِهَا فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ لَا نَصَّ فِيهَا فِي الْمَذْهَبِ. وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ أَحْوَطُ. وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إسْقَاطُ الصَّلَاةِ عَمَّنْ وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. وَاعْتُرِضَ بِوُجُودِ النَّصِّ فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْكَافِي، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِيُصَلِّ الْمَرِيضُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ فَإِنَّ دِينَ اللَّهِ يُسْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الْقَوْمِ تَنْكَسِرُ بِهِمْ الْمَرْكَبُ فَيَتَعَلَّقُونَ بِالْأَلْوَاحِ وَنَحْوِهَا. اخْتَلَفَ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ بِإِيمَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ، فَقِيلَ تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهُمْ وَهِيَ رِوَايَةُ مَعْنٍ عَنْ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الَّذِينَ يَكْتَنِفُهُمْ الْعَدُوُّ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الصَّلَاةِ. وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْوَقْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِينَ انْهَدَمَ الْبَيْتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 278 أَوْ مَعَ إيمَاءٍ بِطَرَفٍ، فَقَالَ وَغَيْرُهُ لَا نَصَّ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ   [منح الجليل] عَلَيْهِمْ وَنَصُّهَا، وَأَمَّا مَنْ كَانَ تَحْتَ الْهَدْمِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الصَّلَاةَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ لِأَنَّهُ فِي عَقْلِهِ اهـ. فَهَذَا يَرُدُّ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ وَأَتْبَاعِهِ فِي قَوْلِهِمْ لَا نَصَّ فِي الْعَاجِزِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَى النِّيَّةِ قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ. (أَوْ) لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ (مَعَ) قُدْرَتِهِ عَلَى (إيمَاءٍ) أَيْ إشَارَةٍ لِأَرْكَانِ الصَّلَاةِ (بِطَرْفٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ عَيْنٍ (فَقَالَ) الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِيمَا ظَهَرَ لِي أَنَّهُ يُومِئُ بِطَرْفِهِ وَحَاجِبِهِ وَيَكُونُ مُصَلِّيًا بِهِ مَعَ النِّيَّةِ اهـ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قُصُورٌ مِنْهُ فَإِنَّ ابْنَ بَشِيرٍ ذَكَرَهَا وَنَصُّهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى حَرَكَةِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ مِنْ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَعْضَائِهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُومِئُ بِمَا قَدَرَ عَلَى حَرَكَتِهِ. (وَ) قَالَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ ابْنُ بَشِيرٍ فِيمَنْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نِيَّةٍ وَنَصَّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ سِوَى النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ فَهَلْ يُصَلِّي أَمْ لَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا نَصَّ فِيهَا إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ (لَا نَصَّ) أَيْ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى وُجُوبِهَا بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبِهَا مَعَ الْإِيمَاءِ بِالطَّرْفِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ) لِلصَّلَاةِ بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا فِي الْأُولَى وَبِهَا مَعَ إيمَاءِ الطَّرْفِ فِي الثَّانِيَةِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَغَيْرَهُ تَكَلَّمَا عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَقَالَا فِيهِمَا لَا نَصَّ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْغَيْرُ تَكَلَّمَ عَلَى الْأُولَى، وَقَالَ فِيهَا لَا نَصَّ وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ. وَالْمَازِرِيُّ تَكَلَّمَ عَنْ الثَّانِيَةِ، وَقَالَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَلَمْ يَقُلْ لَا نَصَّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَقَالَ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَوْلَهُ وَغَيْرُهُ رَاجِعٌ لِلْأُولَى، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ لَا نَصَّ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ، لَكِنْ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ فِي الْأُولَى لَا نَصَّ صَرَاحَةً وَقَالَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ ضِمْنًا لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْقَصْدَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ أَحْوَطُ يُفِيدُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ فَهُوَ مَقُولٌ لَهُ ضِمْنًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 279 وَجَازَ قَدْحُ عَيْنٍ أَدَّى لِجُلُوسٍ، لَا اسْتِلْقَاءٍ، فَيُعِيدُ أَبَدًا، وَصُحِّحَ عُذْرُهُ أَيْضًا، وَلِمَرِيضٍ سَتْرُ نَجِسٍ بِطَاهِرٍ،   [منح الجليل] وَالْمَازِرِيُّ قَالَ فِي مَسْأَلَتِهِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ صَرَاحَةً، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهَا فَيَكُونُ مَقُولًا لَهُ ضِمْنًا فَقَدْ صَحَّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَالَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمَا ضِمْنًا وَالْبَعْضُ الْآخَرُ صَرِيحًا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوَّشًا بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ وَمُرَتَّبًا بِاعْتِبَارِ الْمَقُولِ وَالتَّصْوِيرِ. (وَجَازَ) لِلْمُكَلَّفِ (قَدْحُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَصْدُ (عَيْنٍ) لِإِخْرَاجِ الْمَاءِ الْمُتَكَوِّنِ عَلَيْهَا الْمَانِعِ لَهَا مِنْ الْإِبْصَارِ بِلَا وَجَعٍ فِيهَا فَإِنْ كَانَ فِيهَا جَازَ، وَإِنْ أَدَّى لِاسْتِلْقَاءٍ وَمِثْلُ الْعَيْنِ مُدَاوَاةُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَنَعَتَ قَدْحُ بِجُمْلَةِ (أَدَّى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ مُشَدَّدًا أَيْ قَدْحُ الْعَيْنِ (لِجُلُوسٍ) فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَلَوْ بِإِيمَاءٍ (لَا) يَجُوزُ قَدْحُ عَيْنٍ أَدَّى إلَى (اسْتِلْقَاءٍ) فِيهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ. (فَيُعِيدُ أَبَدًا) إنْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا فِيهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ مَعْذُورٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُحِّحَ (عُذْرُهُ) أَيْ مِنْ قَدْحِ عَيْنِهِ لِلْبَصَرِ قَدْحًا أَدَّى لِصَلَاتِهِ مُسْتَلْقِيًا، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَمُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ السَّمْحَةِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا صُحِّحَ عَدَمُ عُذْرِهِ بِأَنَّ نَجْحَ الدَّوَاءِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ. وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَالِاسْتِلْقَاءِ لِأَنَّ الْجَالِسَ يُطَاطِي فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ بِالْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ وَظَهْرِهِ دُونَ الْمُسْتَلْقِي فَلَا يَرْكَعُ وَلَا يَسْجُدُ إلَّا بِالنِّيَّةِ. (وَ) جَازَ (لِ) شَخْصٍ (مَرِيضٍ سَتْرُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِ مَوْضِعٍ (نَجَسٍ) فَرْشٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِ) سَاتِرٍ (طَاهِرٍ) كَثِيفٍ غَيْرِ حَرِيرٍ، إلَّا إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 280 لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ: كَصَحِيحٍ عَلَى الْأَرْجَحِ وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِتْمَامِ، لَا اضْطِجَاعٌ، وَإِنْ أَوَّلًا.   [منح الجليل] لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (لِيُصَلِّيَ) الْمَرِيضُ عَلَى السَّاتِرِ الطَّاهِرِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كِ) الشَّخْصِ (الصَّحِيحِ) فَيَجُوزُ لَهُ سَتْرُ النَّجَسِ بِطَاهِرٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ الْمَرِيضُ عَلَى فِرَاشٍ نَجَسٍ إذَا بَسَطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا طَاهِرًا كَثِيفًا. ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّمَا رَخَّصَ هَذَا لِلْمَرِيضِ خَاصَّةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلصَّحِيحِ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ حَائِلًا طَاهِرًا كَالْحَصِيرِ إذَا كَانَ بِمَوْضِعِهِ نَجَاسَةٌ، وَالسَّقْفُ إذَا صَلَّى بِمَوْضِعٍ طَاهِرٍ وَتَحَرَّكَ مِنْهُ مَوْضِعُ النَّجَسِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُ لِأَنَّ مَا صَلَّى عَلَيْهِ طَاهِرٌ فَكَذَلِكَ هَذَا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. قَالَ عج مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَلِمَرِيضٍ إلَخْ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا طَرْفِ حَصِيرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَجْهُهُ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ الْمُقَابِلَ لِلْوَجْهِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَلِّي. (وَ) جَازَ (لِ) شَخْصٍ (مُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْقِيَامِ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ بَلْ (وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا) عَقِبَ إيقَاعِ بَعْضِهَا مِنْ قِيَامٍ، وَاسْتَلْزَمَ هَذَا جَوَازَ الِاسْتِنَادِ بِهِ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْأُولَى، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ حُمِلَ النَّفَلُ عَلَى غَيْرِ السُّنَنِ إذْ الْجُلُوسُ فِيهَا مَكْرُوهٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُقَابِلُ الْفَرْضِ فَالْمُرَادُ بِهِ مُقَابِلُ الْمَنْعِ فَيُصَدَّقُ بِالْكَرَاهَةِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِمَنْعِ الْجُلُوسِ اخْتِيَارًا لِمَنْ ابْتَدَأَهُ قَائِمًا وَمَحَلُّ جَوَازِ الْجُلُوسِ بِهِ. (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الْمُتَنَفِّلُ (عَلَى الْإِتْمَامِ) أَيْ صَلَاتُهُ قَائِمًا أَيْ لَمْ يَنْذُرْهُ وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ شُرُوعِهِ فِيهِ فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ (لَا) يَجُوزُ لِمُتَنَفِّلٍ (اضْطِجَاعٌ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى أَعْلَى مِنْهُ وَإِنْ مُسْتَنِدًا إنْ اضْطَجَعَ فِي أَثْنَائِهِ بَلْ. (وَإِنْ) اضْطَجَعَ (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ وَظَاهِرُهُ صَحِيحًا كَانَ أَوْ مَرِيضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يَتَنَفَّلُ قَادِرٌ عَلَى الْقُعُودِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 281 (فَصْلٌ) وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] مُضْطَجِعًا عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَرِيضًا أَوْ صَحِيحًا وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَجَازَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ لِلْمَرِيضِ خَاصَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ الْمَنْعُ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا وَأَجَازَهُ الْأَبْهَرِيُّ حَتَّى لِلصَّحِيحِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ الْقِيَاسُ عَلَى الرُّخْصَةِ، هَلْ يَجُوزُ أَوْ يُمْنَعُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَعْلَى مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى الِاضْطِجَاعِ جَازَ لَهُ التَّنَفُّلُ مِنْ اضْطِجَاعٍ اتِّفَاقًا، وَحِكَايَةُ عبق الْخِلَافَ فِيهِ وَجَعْلُ الْأَوَّلِ كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ غَيْرُ صَوَابٍ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. [فَصْلٌ فِي قَضَاء الْفَائِتَة وَتَرْتِيب الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِت] (فَصْلٌ) فِي قَضَاءِ الْفَائِتَةِ وَتَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَبِسَيْرِهِ مَعَ حَاضِرَةٍ (وَجَبَ) فَوْرًا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ عَلَى التَّرَاخِي. وَقِيلَ عَلَى حَالَةٍ وُسْطَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ إلَّا وَقْتَ الضَّرُورَاتِ مِنْ نَوْمٍ غَالِبٍ، وَأَكْلٍ لِشِدَّةِ جُوعٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَتَكَسُّبٍ لِقُوتٍ ضَرُورِيٍّ لَهُ وَلِعِيَالِهِ وَاشْتِغَالٍ بِعِلْمٍ عَيْنِيٍّ وَالتَّنَفُّلِ إلَّا السُّنَنَ وَشَفْعَ الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَهُ التَّنَفُّلُ، وَلَا يَبْخَسُ نَفْسَهُ مِنْ الْفَضِيلَةِ. وَقَالَ الْقُورِيُّ إنْ كَانَ يَتْرُكُ النَّفَلَ لِقَضَاءِ الْفَرْضِ فَلَا يَتَنَفَّلُ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَطَالَةِ فَتَنَفُّلُهُ أَوْلَى زَرُّوقٌ لَمْ أَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ وَالْفَتْوَى لَا تَتْبَعُ الْهَوَى. وَفَاعِلُ وَجَبَ (قَضَاءُ) صَلَاةٍ (فَائِتَةٍ) أَيْ فَاتَ وَقْتُهَا وَالذِّمَّةُ مَعْمُورَةٌ بِهَا قَضَاءً أَوْ فَوَاتًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ مَنْعِ نَفْلٍ أَوْ كَرَاهَتِهِ، فَيَقْضِي وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا وَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَبِكَوْنِهِ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ، وَبِكَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ بِكَوْنِهِ مُحَقَّقًا أَوْ مَظْنُونًا. وَنُدِبَ لِمَنْ يُقْتَدَى بِهِ إذَا قَضَى بِوَقْتٍ نُهِيَ أَنْ يُعْلِمَ مَنْ يَلِيَهُ بِأَنَّهُ قَضَاءٌ وَبِكَوْنِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً بِلَا صَلَاةٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 282 وَمَعَ ذِكْرٍ: تَرْتِيبُ حَاضِرَتَيْنِ شَرْطًا، وَالْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَيَسِيرِهَا مَعَ   [منح الجليل] وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا يُفِيدُهُ ق. وَيَدُلُّ لَهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي بَيَانِ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِلْقَضَاءِ إذْ لَمْ يَعُدُّوا مِنْهَا الْجَهْلَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ لِمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَبَقِيَ فِيهَا مُدَّةً. (وَ) وَجَبَ (مَعَ ذِكْرٍ) أَيْ تَذَكُّرٍ لِأُولَى الْحَاضِرَتَيْنِ فِي حَالِ الشُّرُوعِ فِي ثَانِيَتِهِمَا اتِّفَاقًا. وَكَذَا بَعْدَ الشُّرُوعِ وَقَبْلَ فَرَاغِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاصِرُ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ إذَا ذَكَرَ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ كَظُهْرِ يَوْمِهِ فِي عَصْرِهِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَكَمَّلَ فَذٌّ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ عج، وَتَبِعَهُ عب، فَقَالَ وَوَجَبَ مَعَ ذِكْرٍ ابْتِدَاءً. وَكَذَا فِي الْأَثْنَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وس فَقَوْلُ د إذَا ذَكَرَ حَاضِرَةً إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ الْبُنَانِيُّ مَا نَسَبَهُ لِلتَّوْضِيحِ لَيْسَ هُوَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ، هُوَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَاَلَّذِي يَجِبُ مَعَ ذِكْرِ (تَرْتِيبِ) صَلَاتَيْنِ (حَاضِرَتَيْنِ) مُشْتَرَكَتَيْنِ فِي الْوَقْتِ وَهُمَا الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ تَرْتِيبًا (شَرْطًا) فِي صِحَّةِ ثَانِيَتِهِمَا فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا وَلَا يَكُونَانِ حَاضِرَتَيْنِ إلَّا إذَا وَسِعَهُمَا الْوَقْتُ، فَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُ إلَّا أَخِيرَتَهُمَا اخْتَصَّتْ بِهِ وَدَخَلَتَا فِي قِسْمِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَةِ مَعَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ، وَهُوَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأُولَى حَالَ شُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا فِي أَثْنَائِهَا، وَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا صَحَّتْ الثَّانِيَةُ، وَنُدِبَ إعَادَتُهَا بِوَقْتِهَا بَعْدَ الْأُولَى وَلَوْ الضَّرُورِيِّ. (وَ) وَجَبَ تَرْتِيبُ (الْفَوَائِتِ) سَوَاءٌ كَانَتْ يَسِيرَةً أَوْ كَثِيرَةً (فِي أَنْفُسِهَا) تَرْتِيبًا شَرْطًا فِي صِحَّةِ قَضَائِهَا مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الَّذِي فَرَّعَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْفُرُوعَ الْمَشْهُورَةَ الْآتِيَةَ كَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ تَرْتِيبَ الْفَوَائِتِ فِي أَنْفُسِهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ. (وَ) وَجَبَ غَيْرُ شَرْطٍ مُطْلَقًا تَرْتِيبُ قَضَاءِ (يَسِيرِهَا) أَيْ الْفَوَائِتِ (مَعَ) صَلَاةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 283 حَاضِرَةٍ، وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا، وَهَلْ أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ؟ خِلَافٌ. فَإِنْ خَالَفَ وَلَوْ عَمْدًا أَعَادَ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ، وَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ   [منح الجليل] حَاضِرَةٍ) كَالْعِشَاءَيْنِ مَعَ الصُّبْحِ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ عَلَى الْحَاضِرَةِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ خُرُوجُ وَقْتِهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ إذَا قَدَّمَ قَضَاءَ الْيَسِيرِ عَلَى الْحَاضِرَةِ (خَرَجَ وَقْتُهَا) أَيْ الْحَاضِرَةِ وَصَارَتْ قَضَاءً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ ضَاقَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ يُخَيَّرُ فِي تَقْدِيمِ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُقَدِّمُ الْحَاضِرَةَ مَعَهُ. (وَهَلْ) أَكْثَرُ الْيَسِيرِ (أَرْبَعٌ) وَهُوَ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ (أَوْ خَمْسٌ) وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْجَلَّابُ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، وَصَوَّبَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ الصَّلَوَاتِ مِنْ أَصْلِ الْفَوَاتِ وَالْبَاقِي بَعْدَ قَضَاءِ بَعْضِهَا فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا كَالْخَمْسِ ذَكَرَهُمَا عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ وَمَفْهُومُ يَسِيرِهَا تَقْدِيمُ الْحَاضِرَةِ عَلَى كَثِيرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ نَدْبًا إنْ اتَّسَعَ وَقْتُهَا وَوُجُوبًا إنْ ضَاقَ. (فَإِنْ خَالَفَ) مَنْ عَلَيْهِ يَسِيرُ الْفَوَائِتِ وَالْحَاضِرَةِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ بِأَنْ قَدَّمَ الْحَاضِرَةَ عَلَى قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ سَهْوًا بَلْ (وَلَوْ) خَالَفَ (عَمْدًا أَعَادَ) نَدْبًا الْحَاضِرَةَ الَّتِي قَدَّمَهَا عَلَى يَسِيرِ الْفَوَائِتِ وَلَوْ مَغْرِبًا صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ وَعِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ (بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ) الَّذِي يُدْرِكُ فِيهِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَعُلِمَتْ الْإِعَادَةُ فِي الْمُخْتَارِ بِالْأُولَى فَيُعِيدُ الظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ وَالْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحَ لِلطُّلُوعِ. (وَ) إنْ كَانَ الْمُخَالِفُ إمَامًا فِي الثَّالِثَةِ لِمَأْمُومِينَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ يَسِيرُ الْفَوَائِتِ فَ (فِي) نَدْبِ (إعَادَةِ مَأْمُومِهِ) أَيْ الْمُخَالِفِ بِوَقْتِ الضَّرُورَةِ لِتَعَدِّي خَلَلِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِصَلَاتِهِ وَعَدَمِ نَدْبِ إعَادَتِهِ لِتَمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ، وَإِنَّمَا يُعِيدُهَا لِمُخَالَفَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 284 خِلَافٌ وَإِنْ ذَكَرَ الْيَسِيرَ فِي صَلَاةٍ وَلَوْ جُمُعَةً قَطَعَ فَذٌّ، وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ، وَإِمَامٌ وَمَأْمُومُهُ لَا مُؤْتَمٌّ، فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ جُمُعَةً،   [منح الجليل] التَّرْتِيبِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ فَرَجَّحَ الْأَوَّلَ ابْنُ بَزِيزَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَقْيَسُ وَلِلَّقَّانِيِّ وَالْخَرَشِيُّ وعبق الْبُنَانِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ يُونُسَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ. (وَإِنْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا (الْيَسِيرَ) مِنْ الْفَوَائِتِ (فِي صَلَاةٍ) حَاضِرَةٍ غَيْرِ جُمُعَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ الْمَذْكُورُ فِيهَا (جُمُعَةً) وَهُوَ إمَامٌ لَا فَذٌّ لِعَدَمِ تَأَتِّيهَا مِنْهُ وَلَا مَأْمُومٌ لِتَمَادِيهِ (قَطَعَ) وُجُوبًا (فَذٌّ) إنْ لَمْ يَرْكَعْ (وَشَفَعَ) نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا (إنْ رَكَعَ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَيَضُمُّ لَهَا أُخْرَى وَيَجْعَلُهُمَا نَافِلَةً. وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا ثُنَائِيَّةً كَصُبْحٍ. وَقِيلَ يُتِمُّهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا لِمُشَارَفَتِهِ عَلَى إتْمَامِهَا لَا مَغْرِبًا فَيَقْطَعُهَا، وَلَوْ رَكَعَ لِشِدَّةِ كَرَاهَةِ النَّفْلِ قَبْلَهَا هَذَا الَّذِي فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْهَا أَنَّهُ يَشْفَعُهَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ رَكَعَ وَضُعِّفَ هَذَا الْقَوْلُ. وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ إتْمَامَهَا مَغْرِبًا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ. (وَ) قَطَعَ (إمَامٌ) وَشَفَعَ إنْ رَكَعَ (وَ) قَطَعَ (مَأْمُومُهُ) أَيْ الْإِمَامِ الَّذِي تَذَكَّرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ تَبَعًا لَهُ فَلَا يَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِ مَنْ يُتِمُّ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ وَلَا يَقْطَعُ مَأْمُومُهُ (لَا) يَقْطَعُ شَخْصٌ (مُؤْتَمٌّ) ذَكَرَ الْيَسِيرَ خَلْفَ إمَامِهِ بَلْ يَتَمَادَى مَعَهُ لِحَقِّهِ وَإِذَا أَتَمَّهَا مَعَهُ. (فَيُعِيدُ) هَا نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) لِلْغُرُوبِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالطُّلُوعُ فِي غَيْرِهِمَا عَقِبَ قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ الصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرَ الْمَأْمُومُ فِيهَا يَسِيرَ الْفَوَائِتِ (جُمُعَةً) فَيُتِمُّهَا مَعَهُ لِحَقِّهِ وَيُعِيدُهَا جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَيُعِيدُهَا ظُهْرًا هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 285 وَكَمَّلَ فَذٌّ بَعْدَ شَفْعٍ مِنْ الْمَغْرِبِ: كَثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ جَهِلَ عَيْنَ مَنْسِيَّةٍ   [منح الجليل] مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ مُطْلَقًا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقْطَعُهَا إلَّا الْمَغْرِبَ فَيُتِمُّهَا مَعَهُ وَمِثْلُ تَذَكُّرِ الْمَأْمُومِ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ فِي حَاضِرَةٍ تَذَكُّرُهُ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ. وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ تَمَادِيهِ مَعَ إمَامِهِ عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ وَإِعَادَتِهَا عَقِبَ الْأُولَى بِوَقْتٍ. (وَكَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وُجُوبًا وَيُعِيدُهَا عَقِبَ قَضَاءِ الْيَسِيرِ بِوَقْتٍ وَفَاعِلُ كَمَّلَ (فَذٌّ) وَأَوْلَى إمَامٌ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْيَسِيرَ (بَعْدَ شَفْعٍ) أَيْ رَكْعَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ بِالْجُلُوسِ عَقِبَ سَجْدَتَيْ الثَّانِيَةِ (مِنْ الْمَغْرِبِ) وَلَا يَشْفَعُهَا لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَى التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَلِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ. وَشَبَّهَ فِي التَّكْمِيلِ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَقَالَ (كَ) ذِكْرِهِ عَقِبَ (ثَلَاثٍ) مِنْ الرَّكَعَاتِ تَامَّاتٍ بِاعْتِدَالِهِ قَائِمًا فِي الرَّابِعَةِ (مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الْمَغْرِبِ فَيُكْمِلُهَا بِالرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ وُجُوبًا لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ. فَإِنْ ذَكَرَهُ قَبْلَ كَمَالِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ رَجَعَ لِجُلُوسِ الثَّانِيَةِ وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ وَسَلَّمَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَجْرِي أَيْضًا فِي تَذَكُّرِ الْإِمَامِ أَوْ الْفَذِّ حَاضِرَةً فِي حَاضِرَةٍ. فَإِنْ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ قَطَعَا. وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ شَفَعَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ كَمَّلَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ خَلِيلٍ فِي التَّوْضِيحِ فَيَكُونُ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَكْمِيلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ. وَقَوْلُ الْمَوْضِحِ كَمَنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ يَدُلَّانِ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ، وَهَذَا يُرَشِّحُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْحَاضِرَتَيْنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الذِّكْرِ فِي الِابْتِدَاءِ فَقَطْ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ لَا فِي الْأَثْنَاءِ أَيْضًا كَمَا قَالَ عبق تَبَعًا لعج أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَإِنْ جَهِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُكَلَّفُ (عَيْنَ) أَيْ ذَاتَ صَلَاةٍ (مَنْسِيَّةٍ) أَيْ مَتْرُوكَةٍ خَرَجَ وَقْتُهَا وَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِهَا سَوَاءٌ نَسِيَهَا أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا أَوْ فَاتَتْهُ لِعُذْرٍ غَيْرِ مُسْقِطٍ كَنَوْمٍ فَلَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 286 مُطْلَقًا صَلَّى خَمْسًا، وَإِنْ عَلِمَهَا دُونَ يَوْمِهَا صَلَّاهَا نَاوِيًا لَهُ، وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا صَلَّى سِتًّا. وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ وَفِي ثَالِثَتِهَا   [منح الجليل] يَدْرِ أَيَّ صَلَاةٍ هِيَ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا لَيْلِيَّةٍ أَوْ نَهَارِيَّةٍ (صَلَّى) وُجُوبًا لِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ (خَمْسًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ وَهِيَ الْمَفْرُوضَةُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ وَيَخْتِمُ بِالصُّبْحِ لِيُحِيطَ بِأَوْجُهِ الشَّكِّ فَإِنْ عَلِمَهَا نَهَارِيَّةً صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالصُّبْحَ وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، وَإِنْ عَلِمَهَا لَيْلِيَّةً صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. (وَإِنْ عَلِمَ) عَيْنَ (هَا) أَيْ الْفَائِتَةِ بِأَنَّهَا ظُهْرٌ مَثَلًا (دُونَ) عَيْنِ (يَوْمِهَا) الَّذِي تُرِكَتْ مِنْهُ (صَلَّاهَا) أَيْ الْفَائِتَةَ حَالَ كَوْنِهِ (نَاوِيًا) نَدْبًا الْيَوْمَ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا (لَهُ) لِأَنَّ تَعْيِينَ الزَّمَنِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّ نِيَّةَ الْمَجْهُولِ مُحَالَةٌ (وَإِنْ نَسِيَ) عَيْنَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِتِ وَكَانَ (صَلَاةً وَثَانِيَتَهَا) وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ مِنْهُمَا وَلَا أَنَّ اللَّيْلَ سَابِقُ النَّهَارِ، أَوْ عَكْسَهُ (صَلَّى) وُجُوبًا لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ (سِتًّا) مِنْ الصَّلَوَاتِ بِتَرْتِيبِهَا الْمَعْلُومِ خَاتِمًا بِاَلَّتِي بَدَأَ بِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الَّتِي عَلَيْهِ مُتَأَخِّرَةً فِي الْفَوَاتِ عَنْ الَّتِي خَتَمَ بِهَا. وَتَرْتِيبُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ شَرْطُ صِحَّةٍ فَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ. (وَنُدِبَ تَقْدِيمُ ظُهْرٍ) فِي قَضَاءِ السِّتِّ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَبِيحَةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالصُّبْحِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَوْلَى الْحَطَّابُ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةِ النَّهَارِ فَإِنْ عَلِمَهُمَا مِنْ اللَّيْلِ فَقَطْ فَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَقَطْ وَإِنْ عَلِمَهُمَا مِنْ النَّهَارِ فَقَطْ صَلَّى الصُّبْحَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ فَقَطْ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مِنْ اللَّيْلِ وَالْأُخْرَى مِنْ النَّهَارِ وَأَنَّ اللَّيْلَ سَابِقٌ فَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ. وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ النَّهَارِ فَقَدْ عَلِمَ عَيْنَهُمَا فَيُصَلِّي الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ، وَإِنْ شَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا صَلَّى الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُمَا مِنْ اللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ النَّهَارِ فَقَطْ أَوْ إحْدَاهُمَا مِنْ اللَّيْلِ وَالْأُخْرَى مِنْ النَّهَارِ صَلَّى خَمْسًا فَقَطْ، وَبَدَأَ بِالْمَغْرِبِ فِي الْأُولَى وَبِالصُّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَ) الْحُكْمُ (فِي) جَهْلِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ (ثَالِثَتِهَا) الْفَائِتَيْنِ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا وَاحِدَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 287 أَوْ رَابِعَتِهَا أَوْ خَامِسَتِهَا كَذَلِكَ يُثَنِّي بِالْمَنْسِيِّ، وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ فِي سَادِسَتِهَا وَحَادِيَةِ عَشْرَتِهَا   [منح الجليل] بَرِئَتْ الذِّمَّةُ مِنْهَا (أَوْ) جَهِلَ عَيْنَ صَلَاةٍ وَعَيْنَ (رَابِعَتِهَا) فَاثْنَتَيْنِ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا اثْنَتَانِ بَرِئَتْ الذِّمَّةُ مِنْهُمَا (أَوْ) جَهِلَ عَيْنَ صَلَاةٍ وَعَيْنَ (خَامِسَتِهَا) فَاثْنَتَيْنِ وَهُمَا مَا بَيْنَهُمَا ثَلَاثٌ بَرِئَتْ الذِّمَّةُ مِنْهَا. (كَذَلِكَ) أَيْ الْحُكْمُ فِي جَهْلِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ ثَانِيَتِهَا مِنْ صَلَاةِ سِتِّ صَلَوَاتٍ، وَنُدِبَ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ لَكِنَّهَا غَيْرُ مُتَوَالِيَةٍ بَلْ حَالَ كَوْنِهِ (يُثَنِّي) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا كُلَّ صَلَاةٍ فَرَغَ مِنْهَا (بِ) بَاقِي (الْمَنْسِيِّ) عَلَى تَقْدِيرَانِ أُولَاهُ الْمَفْرُوغُ مِنْهَا فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يُثَنِّي إذْ يُثَلِّثُ وَيُرَبِّعُ وَيُخَمِّسُ أَيْضًا، وَبِأَنَّ الْمَنْسِيَّ مَجْمُوعُ الصَّلَاتَيْنِ وَالتَّثْنِيَةُ إنَّمَا هِيَ بَيَانِيَّةٌ فَإِنْ بَدَأَ بِالظُّهْرِ وَأَتَمَّهَا قَدَّرَ أَنَّهَا الْأُولَى، وَثَنَّاهَا بِبَاقِي الْمَنْسِيِّ وَهِيَ ثَانِيَتُهَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَثَالِثَتُهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَرَابِعَتُهَا فِي الثَّالِثَةِ، وَخَامِسَتُهَا فِي الرَّابِعَةِ. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ هَذِهِ قَدَّرَهَا الْأُولَى وَثَنَّاهَا بِبَاقِيهِ كَذَلِكَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يُصَلِّيَ سِتَّ صَلَوَاتٍ خَاتِمًا بِاَلَّتِي ابْتَدَأَ بِهَا لِلتَّرْتِيبِ. (وَصَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ صَلَاةِ الْخَمْسِ مُتَوَالِيَةً وَإِعَادَتِهَا كَذَلِكَ وَصَلَاةُ ظُهْرَيْنِ فَعَصْرَيْنِ إلَخْ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأُولَى لِانْتِقَالِ النِّيَّةِ مِنْ يَوْمٍ لِآخَرَ مَرَّةً فَقَطْ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ الثَّانِيَةُ أَوْلَى (فِي) نِسْيَانِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ (سَادِسَتِهَا) وَهِيَ مُمَاثِلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي. (وَ) فِي نِسْيَانِ عَيْنِ صَلَاةٍ وَعَيْنِ (حَادِيَةِ عَشْرَتِهَا) وَهِيَ مُمَاثِلَتُهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَكَذَا فِي سَادِسَةِ عَشْرَتِهَا وَحَادِيَةِ عَشْرَيْهَا وَهَلُمَّ جَرَّا. وَمُمَاثِلُ ثَانِيَتِهَا إلَى خَامِسَتِهَا كَمَا مَاثَلَهُ عَلَى الصَّوَابِ الَّذِي قَالَهُ الْحَطَّابُ وَالرَّمَاصِيُّ وَغَيْرُهُمَا خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ وتت وَغَيْرِهِمَا فِي صَلَاةِ الْخَمْسِ مَرَّتَيْنِ، وَالضَّابِطُ الَّذِي تُعْرَفُ بِهِ خَامِسَتُهَا وَمُمَاثَلَتُهَا وَمُمَاثَلَةُ ثَانِيَتِهَا إلَى خَامِسَتِهَا أَنْ يَقْسِمَ الْعَدَدَ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ اسْمَ الْمَعْطُوفَةِ عَلَى خَمْسَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَالثَّانِيَةُ خَامِسَةٌ فِي أَدْوَارٍ بِقَدْرِ آحَادٍ خَارِجَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ فَضَلَ وَاحِدٌ فَالْمَعْطُوفَةُ مِثْلُ الْأُولَى كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 288 وَفِي صَلَاتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ لَا يَدْرِي السَّابِقَةَ صَلَّاهُمَا، وَأَعَادَ الْمُبْتَدَأَةَ، وَمَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ أَعَادَ إثْرَ كُلِّ حَضَرِيَّةٍ سَفَرِيَّةً، وَثَلَاثًا كَذَلِكَ   [منح الجليل] وَإِنْ فَضَلَ اثْنَانِ فَمِثْلُ ثَانِيَتِهَا. وَإِنْ فَضَلَ ثَلَاثَةٌ فَمِثْلُ ثَالِثَتِهَا أَوْ أَرْبَعَةٌ فَمِثْلُ رَابِعَتِهَا كَذَلِكَ فَالصَّلَاةُ، وَمُكَمِّلَةٌ ثَلَاثِينَ خَامِسَتُهَا مِنْ الدُّورِ السَّادِسِ وَالثَّانِيَةَ عَشَرَ مُمَاثِلَةُ الثَّانِيَةِ بَعْدَ دَوْرَيْنِ وَقِسْ عَلَى هَذَيْنِ لِأَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ فَائِتَةٍ مِنْ الْخَمْسِ يُصَلِّي خَمْسًا وَهَذَا عَلَيْهِ صَلَاتَانِ مِنْ خَمْسَيْنِ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالسِّينِ فَيُصَلِّي لِكُلِّ صَلَاةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ. (وَفِي) نِسْيَانِ تَرْتِيبِ (صَلَاتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَيْنِ (لَا يَدْرِي) الصَّلَاةَ (السَّابِقَةَ) مِنْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ السَّابِقَ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ الصَّلَاتَيْنِ لِأَيِّ الْيَوْمَيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَخِيرَةِ. وَقِيلَ فِيهَا يُصَلِّي لِكُلِّ يَوْمٍ صَلَاتَيْنِ (صَلَّاهُمَا) أَيْ الْفَائِتَتَيْنِ نَاوِيًا كُلَّ صَلَاةٍ لِلْيَوْمِ الْمَعْلُومِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (وَأَعَادَ) وُجُوبًا (الْمُبْتَدَأَةَ) لِلتَّرْتِيبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ كَسَائِرِ فُرُوعِ الْبَابِ. (وَ) إنْ شَكَّ فِي التَّرْتِيبِ (مَعَ الشَّكِّ فِي الْقَصْرِ) لِلرُّبَاعِيَّةِ وَإِتْمَامِهَا بِأَنْ شَكَّ هَلْ تَرَكَهَا فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ (أَعَادَ) نَدْبًا (إثْرَ كُلِّ) صَلَاةٍ (حَضَرِيَّةٍ) أَيْ رُبَاعِيَّةٍ تَامَّةٍ (سَفَرِيَّةً) أَيْ مَقْصُورَةً فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَقْصُورَةِ أَعَادَهَا تَامَّةً وُجُوبًا إذْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهَا حَضَرِيَّةٌ لَا تَكْفِي عَنْهَا السَّفَرِيَّةُ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ. وَاسْتَشْكَلَ فِي التَّوْضِيحِ نَدْبَ إعَادَةِ الْحَضَرِيَّةِ سَفَرِيَّةً بِأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا أَتَمَّ عَمْدًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ يَخْرُجُ بِالْفَرَاغِ مِنْ قَضَاءِ الْفَائِتَةِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ مُرَاعَاةٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إجْزَاءُ الْحَضَرِيَّةِ عَنْ السَّفَرِيَّةِ خَاصٌّ بِالْوَقْتِيَّةِ وَأَمَّا الْفَائِتَةُ فِي السَّفَرِ فَلَا تُجْزِئُ الْحَضَرِيَّةُ عَنْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَكِنَّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ مِنْ الْوَرَعِ الْمَنْدُوبِ. (وَإِنْ) ذَكَرَ (ثَلَاثًا) مِنْ الصَّلَوَاتِ (كَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ فِي التَّعْيِينِ كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ وَكَوْنُهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا وَلَمْ يَدْرِ السَّابِقَةَ مِنْهَا صَلَّى وُجُوبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 289 سَبْعًا، وَأَرْبَعًا، ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَخَمْسًا إحْدَى وَعِشْرِينَ   [منح الجليل] سَبْعًا) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ مِنْ الصَّلَوَاتِ لِتَبْرِئَةِ ذِمَّتِهِ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا مُرَتَّبَةً وَيُعِيدَهَا كَذَلِكَ، وَيُعِيدَ الَّتِي ابْتَدَأَ بِهَا لِيُحِيطَ بِأَقْسَامِ الشَّكِّ، وَهِيَ سِتَّةٌ إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْأُولَى الظُّهْرُ فَالْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ أَوْ فَالْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ وَأَنَّهَا الْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ وَأَنَّهَا الْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ فَالْعَصْرُ أَوْ فَالْعَصْرُ فَالظُّهْرُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ، فَإِذَا صَلَّاهَا مُرَتَّبَةً بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَإِذَا أَعَادَ الظُّهْرَ ثَانِيًا بَرِئَتْ أَيْضًا عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْعَصْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ. وَإِذَا أَعَادَ الْعَصْرَ ثَانِيًا بَرِئَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ وَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْمَغْرِبُ فَالظُّهْرُ فَالْعَصْرُ. وَإِذَا أَعَادَ الْمَغْرِبَ ثَانِيًا بَرِئَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْعَصْرُ فَالظُّهْرُ فَالْمَغْرِبُ وَإِذَا أَعَادَ الظُّهْرَ ثَالِثًا فَقَدْ بَرِئَ عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ الْأُولَى الْمَغْرِبُ فَالْعَصْرُ فَالظُّهْرُ. وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ (وَ) إنْ ذَكَرَ (أَرْبَعًا) مِنْ الْفَوَائِتِ مُعَيَّنَاتٍ كَصُبْحٍ وَظُهْرٍ وَعَصْرٍ وَمَغْرِبٍ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَاتٍ أَمْ لَا لَا يَعْلَمُ تَرْتِيبَهَا صَلَّى (ثَلَاثَ عَشْرَةَ) صَلَاةً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْأَرْبَعَ مُرَتَّبَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيُصَلِّيَ الْمُبْتَدَأَةَ مَرَّةً أَرْبَعَةً لِيُحِيطَ بِصُوَرِ الشَّكِّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً إذْ كُلُّ صَلَاةٍ مِنْهَا إذَا فُرِضَتْ الْأُولَى فَفِي تَرْتِيبِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ سِتُّ صُوَرٍ فَعَلَى أَنَّ الْأُولَى الصُّبْحُ فَالثَّانِيَةُ ظُهْرٌ فَعَصْرٌ فَمَغْرِبٌ، أَوْ الثَّانِيَةُ عَصْرٌ فَمَغْرِبٌ فَظُهْرٌ، أَوْ فَظُهْرٌ فَمَغْرِبٌ، أَوْ الثَّانِيَةُ مَغْرِبٌ فَظُهْرٌ فَعَصْرٌ، أَوْ فَعَصْرٌ فَظُهْرٌ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ عَلَى أَوَّلِيَّةِ الصُّبْحِ وَمِثْلُهَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الظُّهْرِ، وَمِثْلُهَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْعَصْرِ، وَمِثْلُهَا عَلَى أَوَّلِيَّةِ الْمَغْرِبِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي سِتَّةٍ وَالثَّلَاثُ عَشْرَةَ صَلَاةً بِالْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ مُحِيطَةٌ بِهَا يُعْلَمُ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِمَا. (وَ) إنْ ذَكَرَ (خَمْسًا) مِنْ الْفَوَائِتِ مُعَيَّنَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا وَجَهِلَ تَرْتِيبَهَا صَلَّى (إحْدَى وَعِشْرِينَ) صَلَاةً بِأَنْ يُصَلِّيَ الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيُعِيدَ الْمُبْتَدَأَةَ مَرَّةً خَامِسَةً لِيُحِيطَ بِاحْتِمَالَاتِ الشَّكِّ وَهِيَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ إذْ تَقْدِيرُ أَوَّلِيَّةِ كُلِّ صَلَاةٍ يَحْصُلُ مَعَهُ فِي تَرْتِيبِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ السَّابِقَةُ فِيمَنْ ذَكَرَ أَرْبَعًا. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرُونَ فِي خَمْسَةٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَالْإِحْدَى وَالْعِشْرُونَ صَلَاةً بِالْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهَا كُلِّهَا يُعْلَمُ مَأْمَلُهُمَا وَالضَّابِطُ لِمَعْرِفَةِ الْعَدَدِ الَّذِي تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِهِ فِي هَذِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 290 وَصَلَّى فِي ثَلَاثٍ مُرَتَّبَةٍ مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ الْأُولَى سَبْعًا وَأَرْبَعًا ثَمَانِيًا، وَخَمْسًا تِسْعًا   [منح الجليل] الْمَسَائِلِ ضَرْبُ عَدَدِ الْفَوَائِتِ فِي عَدَدٍ أَقَلَّ مِنْهُ بِوَاحِدٍ وَزِيَادَةِ وَاحِدٍ عَلَى خَارِجِ الضَّرْبِ أَوْ ضَرْبُ عَدَدِهَا فِي مِثْلِهِ وَيَنْقُصُ مِنْ حَاصِلِ الضَّرْبِ عَدَدُهَا إلَّا وَاحِدًا أَوْ ضَرْبُ عَدَدِهَا إلَّا وَاحِدًا فِي مِثْلِهِ، وَيُزَادُ عَلَى حَاصِلِ الضَّرْبِ عَدَدُهَا. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ مَنْ جَهِلَ عَيْنَ فَائِتَةٍ يُصَلِّي خَمْسًا وَمَنْ جَهِلَ عَيْنَ فَائِتَةٍ وَثَانِيَتَهَا يُصَلِّي سِتًّا عَادَ لِتَتْمِيمِ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ضَابِطَ هَذَا النَّوْعِ أَنَّهُ كُلَّمَا زَادَ الْمَنْسِيُّ وَاحِدَةً يَزِيدُهَا فِي الْمَقْضِيِّ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقْضِي فِي جَهْلِ الْوَاحِدَةِ خَمْسًا وَفِي جَهْلِ الِاثْنَتَيْنِ سِتًّا وَفِي جَهْلِ الثَّلَاثِ سَبْعًا وَهَكَذَا مَا زَادَ فَقَالَ (وَصَلَّى) الْمُكَلَّفُ (فِي) جَهْلِ عَيْنٍ (ثَلَاثٍ) مِنْ الْفَوَائِتِ مُتَوَالِيَةٍ (مُرَتَّبَةٍ) وَهِيَ الصَّلَاةُ. وَثَانِيَتُهَا وَثَالِثَتُهَا (مِنْ يَوْمٍ) وَلَيْلَةٍ (لَا يَعْلَمُ) الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَلَا الثَّانِيَةَ وَلَا الثَّالِثَةَ مِنْهَا وَلَا سَبَقَ اللَّيْلُ النَّهَارَ وَلَا عَكْسُهُ وَمَفْعُولُ صَلَّى قَوْلُهُ (سَبْعًا) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً يُعِيدُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ لِيُحِيطَ بِأَحْوَالِ الشَّكِّ فِي تَرْتِيبِهَا (وَ) إنْ جَهِلَ (أَرْبَعًا) مِنْ الْفَوَائِتِ الْمُتَوَالِيَةِ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي سَبْقَ اللَّيْلِ النَّهَارَ وَلَا عَكْسَهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَثَانِيَتُهَا وَثَالِثَتُهَا وَرَابِعَتُهَا صَلَّى الْمُكَلَّفُ (ثَمَانِيًا) الْخَمْسَ مُرَتَّبَةً وَيُعِيدُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ لِلتَّرْتِيبِ. (وَإِنْ) جَهِلَ (خَمْسًا) كَذَلِكَ صَلَّى (تِسْعًا) بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ لِيُحِيطَ بِأَوْجُهِ الشَّكِّ وَإِنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ اللَّيْلِ صَلَّى خَمْسًا مُبْتَدِئًا بِالْمَغْرِبِ وَإِنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ النَّهَارِ صَلَّى خَمْسًا أَيْضًا لَكِنْ يَبْتَدِئُ بِالصُّبْحِ وَلَكِنَّهُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عَالِمٌ بِالْعَيْنِ وَالتَّرْتِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 291 (فَصْلٌ) سُنَّ لِسَهْوٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ: سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي سُجُود السَّهْو وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (فَصْلٌ) (فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) (سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ (لِسَهْوٍ) مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمَسْبُوقِ إذَا سَهَا فِي قَضَائِهِ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ السَّهْوُ بَلْ (وَإِنْ تَكَرَّرَ) السَّهْوُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ بِهِمَا مُبَالَغَةً فِي السُّنِّيَّةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْوُجُوبِ أُوفِي سَجْدَتَانِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا. وَهَذَا إنْ تَكَرَّرَ قَبْلَ السُّجُودِ فَإِنْ تَكَرَّرَ بَعْدَهُ كَمَسْبُوقٍ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ مَعَ إمَامِهِ ثُمَّ سَهَا فِي قَضَائِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ وَلَا يَجْتَزِي بِسُجُودِهِ الْأَوَّلِ وَكَمُتَكَلِّمٍ سَهْوًا بَعْدَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ، وَكَمَنْ سَجَدَهُ ثَلَاثًا فَيَسْجُدُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَسْجُدُ وَصِلَةُ سَهْوٍ: (بِنَقْصٍ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ) دَاخِلَةٌ فِي الصَّلَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِي أَصْلِهِ أَوْ فِيهِ وَفِي الزِّيَادَةِ (أَوْ) يُنْقِصُ سُنَّةً وَلَوْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ (مَعَ زِيَادَةٍ) سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ مُحَقَّقَيْنِ أَوْ مَشْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُحَقَّقًا وَالْآخَرُ مَشْكُوكًا وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (سَجْدَتَانِ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي إنْ سَجَدَ الْقِبْلِيَّ ثَلَاثًا. وَبَعْدَ تَشَهُّدِهِ وَصَلَاتِهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدُعَائِهِ فَلَا تُجْزِئُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ سَجَدَ الثَّانِيَةَ وَإِنْ تَذَكَّرَهَا بَعْدُ سَجَدَهَا وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ إنْ زَادَ عَلَيْهِمَا قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ الْقَبْلِيُّ وَاجِبٌ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ، وَلَا يَكْفِي عَنْ السُّجُودِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ فَمَنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَبْلِيٌّ لَا يَبْطُلُ تَرْكُهُ أَوْ بَعْدِيٌّ فَتَرَكَهُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. وَقَوْلُ الذَّخِيرَةِ تَرْقِيعُ الصَّلَاةِ بِالسُّجُودِ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهَا وَإِعَادَتِهَا لِلْعَمَلِ حَمَلُوا أَوْلَى فِيهِ عَلَى الْوُجُوبِ، أَيْ يَحْرُمُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 292 وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ، وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ: كَتَرْكِ جَهْرٍ وَسُورَةٍ بِفَرْضِ وَتَشَهُّدَيْنِ   [منح الجليل] إفْسَادُهَا وَأَمَّا جَبْرُهَا بِالسُّجُودِ فَهُوَ قَدْرٌ زَائِدٌ فَهُوَ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِالسُّنِّيَّةِ. فَإِنْ تُرِكَ فَاتَتْ السُّنَّةُ وَلَمْ تَبْطُلْ الصَّلَاةُ إلَّا إذَا كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَتَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَيَسْجُدُهُ بِالْجَامِعِ أَوْ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ. (وَ) يَسْجُدُهُ (بِالْجَامِعِ) الَّذِي صَلَّى فِيهِ إنْ سَهَا (فِي الْجُمُعَةِ) كَمَسْبُوقٍ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ ثَانِيَتَهَا وَسَهَا فِي رَكْعَةِ الْقَضَاءِ عَنْ السُّورَةِ مَثَلًا وَسَهَا عَنْ السُّجُودِ قَبْلَ السَّلَامِ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَذَكَّرَهُ بِالْقُرْبِ فَيَرْجِعُ لِلْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ وَيَجْلِسُ وَيُكَبِّرُ مَعَ رَفْعِ يَدَيْهِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ، وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَهَذَا عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُعَدُّ طُولًا وَإِنَّمَا هُوَ بِالْعُرْفِ وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ مِنْهَا فِي أَيِّ جَامِعٍ كَانَ. (وَأَعَادَ) مَنْ سَجَدَ الْقَبْلِيَّ (تَشَهُّدَهُ) بَعْدَهُ اسْتِنَانًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ، وَلَا يَدْعُو وَلَا يُصَلِّي فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلَ لَا يَطْلُبُ فِي تَشَهُّدِهَا دُعَاءً. وَثَانِيَتُهَا: مَنْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلرَّاتِبِ وَهُوَ يُصَلِّي وَلَوْ فَرْضًا. وَالثَّالِثَةُ: مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ فِي تَشَهُّدِ نَافِلَةٍ. وَالرَّابِعَةُ: مَنْ سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الدُّعَاءِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَعَادَ تَشَهُّدَهُ أَنَّ الْقَبْلِيَّ بَعْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالدُّعَاءِ. وَمَثَّلَ لِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ بِقَوْلِهِ (كَتَرْكِ جَهْرٍ) بِفَاتِحَةٍ وَلَوْ مَرَّةً وَأَوْلَى مَعَ سُورَةٍ أَوْ بِسُورَةٍ فَقَطْ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ فِيهَا سُنَّةٌ خَفِيفَةٌ. وَفِي الْفَاتِحَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَتَى بَدَلَهُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ فَإِنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ فَلَا يَسْجُدْ. (وَ) تَرَكَ (سُورَةً) أَيْ قِرَاءَةَ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ هُوَ أُولَى أَوْ ثَانِيَةٌ (بِ) صَلَاةِ (فَرْضٍ) لَا نَفْلٍ لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالسُّورَةَ فِيهِ مَنْدُوبَانِ فَهُوَ قَيْدٌ فِيهِمَا (وَ) تَرَكَ (تَشَهُّدَيْنِ) فِي أُمِّ التَّشَهُّدَاتِ مِنْ صُوَرِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ وَمَفْهُومُ تَشَهُّدَيْنِ عَدَمُ السُّجُودِ لِتَرْكِ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ قَوْلٌ مُرَجَّحٌ، وَهُوَ مُرَجَّحٌ وَالْأَرْجَحُ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ السُّجُودُ لَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 293 وَإِلَّا فَبَعْدَهُ: كَمُتِمٍّ لِشَكٍّ، وَمُقْتَصَرٍ عَلَى شَفْعٍ شَكَّ أَهُوَ بِهِ أَوْ بِوِتْرٍ أَوْ تَرْكِ سِرٍّ بِفَرْضٍ   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّهْوُ يَنْقُصُ فَقَطْ أَوْ مَعَ زِيَادَةٍ بِأَنْ كَانَ بِزِيَادَةٍ فَقَطْ (فَ) يَسْجُدُ السَّجْدَتَيْنِ (بَعْدَهُ) أَيْ السَّلَامِ وَمَثَّلَ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا فَتَفْهَمُ مِنْهُ الْمُحَقَّقَةَ بِالْأُولَى بِقَوْلِهِ (كَ) شَخْصٍ (مُتِمٍّ) صَلَاتَهُ (لِ) أَجْلِ (شَكٍّ) مِنْهُ فِي إتْمَامِهَا وَعَدَمِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ بِأَنْ شَكَّ فِي رُبَاعِيَّةٍ هَلْ صَلَّاهَا أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا فَبَنَى عَلَى الثَّلَاثِ لِتَيَقُّنِهَا وَأَتَى بِرَابِعَةٍ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَلِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَزَالَ بِهَا شَكَّهُ لِكَوْنِهِ صَلَّى قَبْلَهَا أَرْبَعًا. وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي ثَلَاثٍ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ فَبَنَى عَلَى اثْنَتَيْنِ. وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي رَكْعَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ فَبَنَى عَلَى وَاحِدَةٍ. وَكَذَا مَنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ وَسَجْدَتَيْنِ فَبَنَى عَلَى سَجْدَةٍ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الشَّكَّ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ الْمُسْتَوِي فَلَا يُعْتَبَرُ التَّوَهُّمُ إذْ الظَّنُّ كَالْيَقِينِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا. (وَ) كَشَخْصٍ (مُقْتَصِرٍ عَلَى شَفْعٍ) لِكَوْنِهِ (شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ عَلَى السَّوَاءِ فِي جَوَابِ (أَهُوَ بِهِ) أَيْ الشَّفْعِ فِي ثَانِيَتِهِ (أَوْ بِوِتْرٍ) لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَجَعَلَ الرَّكْعَةَ الْمَشْكُوكَ فِيهَا ثَانِيَةَ الشَّفْعِ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِلزِّيَادَةِ الْمَشْكُوكَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الرَّكْعَةَ الْمَشْكُوكَ فِيهَا زَائِدَةٌ وَقَدْ جَعَلَهَا مِنْ الشَّفْعِ. فَإِنْ قِيلَ لَا وَجْهَ لِسُجُودِهِ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ ثَانِيَةَ شَفْعِهِ فَلَا زِيَادَةَ أَصْلًا، وَإِنْ كَانَتْ الْوِتْرَ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الشَّفْعِ وَمُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ قِيلَ فِي جَوَابِهِ وَجِهَةُ احْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى الشَّفِيعُ رَكْعَتَيْنِ وَسَهَا عَنْ السَّلَامِ وَقَامَ لِلْوِتْرِ فَقَدْ زَادَ رَكْعَةً فِي الشَّفْعِ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ لِاجْتِمَاعِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ، وَلِذَا رَوَى عِيسَى بْنُ زِيَادٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ وَمِثْلُهُ مُقْتَصِرٌ عَلَى عِشَاءٍ شَكَّ أَهُوَ بِهَا أَوْ بِشَفْعٍ وَمُقْتَصِرٌ عَلَى ظُهْرٍ شَكَّ أَهُوَ بِهَا أَمْ بِعَصْرٍ. (أَوْ تَرْكِ سِرٍّ بِفَرْضٍ) كَظُهْرٍ وَأَبْدَلَهُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ الْجَهْرِ بِفَاتِحَةٍ وَحْدَهَا وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ وَأَوْلَى مَعَ سُورَةٍ أَوْ بِسُورَةٍ وَحْدَهَا فِي رَكْعَتَيْنِ فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِمَحْضِ الزِّيَادَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 294 أَوْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَلَهِيَ عَنْهُ: كَطُولٍ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ،   [منح الجليل] فَإِنْ قِيلَ بَلْ مَعَهَا نَقْصُ سُنَّةِ السِّرِّ فَمُقْتَضَاهُ يَسْجُدُ قَبْلَهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فَلَعَلَّ الْمَشْهُورَ رَأَى أَنَّ النَّقْصَ حَصَلَ بِنَفْسِ الزِّيَادَةِ فَكَأَنَّهُ لَا شَيْءَ إلَّا هِيَ مَعَ أَنَّ السِّرَّ عَدَمِيٌّ فَيَخُصُّ النَّقْصَ مَعَ الزِّيَادَةِ بِنَقْصِ سُنَّةٍ وُجُودِيَّةٍ كَتَكْبِيرَةٍ وَتَشَهُّدٍ وَفِيهِ أَنَّهُ كَيْفِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ لِلْقِرَاءَةِ مُضَادَّةٌ لِلْجَهْرِ بِهَا عَلَى أَنَّ الْجَهْرَ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي السُّجُودَ، كَزِيَادَةِ سُورَةٍ فِي أُخْرَيَيْهِ. وَرَاعَى هَذَا أَشْهَبُ فَقَالَ بِعَدَمِ السُّجُودِ وَلَعَلَّ الْمَشْهُورَ رَأَى أَنَّهَا لَمَّا اجْتَمَعَتْ مَعَ النَّقْصِ اقْتَضَتْ السُّجُودَ، وَإِنْ نَقَضَتْهُ بِمُجَرَّدِهَا فَإِنْ أَبْدَلَهُ بِأَدْنَى الْجَهْرِ فَلَا يَسْجُدْ. (أَوْ اسْتَنْكَحَهُ) أَيْ كَثُرَ مِنْهُ (الشَّكُّ) فِي النَّقْصِ بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً فَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ (وَلَهِيَ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ أَعْرَضَ (عَنْهُ) وُجُوبًا وَبَنَى عَلَى التَّمَامِ إذْ لَا دَوَاءَ لَهُ مِثْلُ الْإِعْرَاضِ عَنْهُ. فَإِنْ قِيلَ إذَا بَنَى عَلَى التَّمَامِ فَلَا وَجْهَ لِلسُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ لِعَدَمِ الزِّيَادَةِ، قِيلَ أَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «إذَا سَجَدَ ابْنُ آدَمَ انْعَزَلَ الشَّيْطَانُ فِي نَاحِيَةٍ يَبْكِي يَقُولُ يَا وَيْلَهُ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَامْتَثَلَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرَ هُوَ بِهِ فَأَبَى فَلَهُ النَّارُ» بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فِي وَيْلَ وَأُمِرُوا بِي وَفَلَهُ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ سُجُودَ مُسْتَنْكَحِ الشَّكِّ سُنَّةٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ مُسْتَحَبٌّ وَلَكِنَّهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ الَّذِينَ يُطْلِقُونَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ فَلَيْسَ تَعْبِيرُهُ نَصًّا فِي مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. وَشَبَّهَ فِي السُّجُودِ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَالَ (كَطُولٍ) عَمْدًا لِلتَّذَكُّرِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي النَّقْصِ (بِمَحَلٍّ) مِنْ الصَّلَاةِ (لَمْ يُشْرَعْ) الطُّولُ (بِهِ) كَقِيَامٍ عَقِبَ رُكُوعٍ وَجُلُوسٍ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ وَاسْتِيفَازِ الْقِيَامِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ الْوَاجِبَةِ وَالسُّنَّةُ زِيَادَةُ بَيِّنَةٍ فَيَسْجُدُ لَهُ بَعْدَ السَّلَامِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. وَأَمَّا الطُّولُ بِهِ سَهْوًا فَالسُّجُودُ لَهُ بَعْدَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ، فَإِنْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ يُشْرَعُ الطُّولُ فِيهِ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 295 وَإِنْ بَعْدَ شَهْرٍ. بِإِحْرَامٍ، وَتَشَهُّدٍ. وَسَلَامٍ جَهْرًا وَصَحَّ إنْ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ،   [منح الجليل] وَتَشَهُّدٍ وَقِيَامِ قِرَاءَةٍ فَلَا سُجُودَ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ. فِي الْمُنْتَقَى مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَمَهَّلَ لِيَتَذَكَّرَ مَا سَهَا عَنْهُ فَإِنْ تَذَكَّرَ سَهْوًا كَمَّلَ عَلَى مَا سَبَقَ. وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُطَوِّلْ فِي تَمَهُّلِهِ، فَإِنْ طَالَ فَابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَرَ سُجُودَهُ مُطْلَقًا وَسَحْنُونٌ رَآهُ مُطْلَقًا. وَفَرَّقَ أَشْهَبُ فَرَأَى سُجُودَهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ وَعَدَمُهُ حَيْثُ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فَإِنْ طَوَّلَ فِيمَا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ عَبَثًا أَوْ لِتَذَكُّرِ شَيْءٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالصَّلَاةِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ وَالسُّجُودِ بِالْأَوْلَى مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. وَمَحَلُّ السُّجُودِ إذَا طَوَّلَ بِمَا لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ التَّطْوِيلُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَى الطُّولِ تَرْكُ سُنَّةٍ كَتَطْوِيلِ رَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ مِنْ ثَانِيَتِهِمَا إذْ عَدَمُهُ فِيهَا سُنَّةٌ. فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ كَتَطْوِيلِ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ فَلَا سُجُودَ لَهُ إذْ لَا سُجُودَ لِتَرْكِ مُسْتَحَبٍّ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ السُّجُودَ قَبْلَ السَّلَامِ لِلنَّقْصِ مَعَ الزِّيَادَةِ. أُجِيبُ بِأَنَّ السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ إنَّمَا يُطْلَبُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ وُجُودِيَّةٍ لِأَنَّهُ نَقْصٌ. وَالسُّنَّةُ هُنَا عَدَمِيَّةٌ فَتَرْكُهَا زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ فَلِذَا كَانَ بَعْدِيًّا وَيَسْجُدُ الْبَعْدِيَّ إنْ ذَكَرَهُ بِالْقُرْبِ بَلْ (وَإِنْ) ذَكَرَهُ (بَعْدَ شَهْرٍ) أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ (بِإِحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةٍ وُجُوبًا شَرْطًا (وَتَشَهُّدٍ) اسْتِنَانًا كَتَكْبِيرٍ هَوَى وَرَفْعٍ (وَسَلَامٍ) عَقِبَ التَّشَهُّدِ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ (جَهْرًا) اسْتِنَانًا وَالْقَبْلِيُّ إنْ سَجَدَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ صَارَ بَعْدِيًّا. (وَصَحَّ) السُّجُودُ (إنْ قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ عَلَى السَّلَامِ مَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ (أَوْ أُخِّرَ) كَذَلِكَ أَيْ عَنْهُ مَا حَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا فِيهِمَا لَكِنَّ تَعَمُّدَ التَّقْدِيمِ مُحَرَّمٌ وَتَعَمُّدَ التَّأْخِيرِ مَكْرُوهٌ ابْنِ عَرَفَةَ وَسَجْدَتَا سَهْوًا لِزِيَادَةِ الْمَازِرِيِّ وَالْقَاضِي سُنَّةٌ الطَّرَّازُ وَاجِبَتَانِ وَلِنَقْصِ سُنَّتِهَا فِي وُجُوبِهِمَا، وَسُنَّتُهُمَا ثَالِثُهَا التَّفْصِيلُ لِأَخْذِ الْمَازِرِيِّ مِنْ بُطْلَانِهَا بِتَرْكِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَتَفْصِيلٌ يَأْتِي فَلِلْأَوَّلِ بَعْدَ السَّلَامِ، وَلِلثَّانِي فِي كَوْنِهِ قَبْلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 296 لَا إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ، وَيُصْلِحُ أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا، أَوْ سَلَّمَ، أَوْ سَجَدَ وَاحِدَةً فِي شَكِّهِ فِيهِ، هَلْ سَجَدَ اثْنَتَيْنِ. أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ،   [منح الجليل] وَتَخْيِيرِهِ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَفِي كَوْنِهِ لَهُمَا قَبْلُ أَوْ بَعْدُ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَانْظُرْهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ (لَا) يُؤْمَرُ بِالسُّجُودِ (إنْ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ) بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ بِأَنْ يَأْتِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً. (وَيُصْلِحُ) إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ كَسَهْوِهِ عَنْ سَجْدَةٍ مِنْ رَكْعَةٍ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا فَيَرْجِعُ جَالِسًا وَيَأْتِي بِهَا، ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وُجُوبًا وَيُكْمِلُ صَلَاتَهُ وَلَا يَسْجُدُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِصْلَاحُ بِعَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا انْقَلَبَتْ الْمَعْقُودَةُ أُولَى فَيَبْنِي عَلَيْهَا وَلَا يَسْجُدْ هَذَا فِي الْفَرْضِ، وَفِي السُّنَّةِ إنْ أَمْكَنَهُ الْإِصْلَاحُ يُصْلِحُ كَاعْتِيَادِهِ السَّهْوَ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَتَذَكُّرِهِ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ فَيَرْجِعُ لَهُ وَيُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا يَسْجُدْ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ إلَّا بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا بِهَا فَاتَ وَلَا يَسْجُدُ لَهُ. (أَوْ شَكَّ هَلْ سَهَا) فِي صَلَاتِهِ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ لَمْ يَسْهُ. ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ وَلَمْ يُطَوِّلْ فِي تَفَكُّرِهِ أَوْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ شُرِعَ فِيهِ التَّطْوِيلُ فَلَا يَسْجُدْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ طَوَّلَ بِمَحَلٍّ لَمْ يُشْرَعْ الطُّولُ بِهِ يَسْجُدُ (أَوْ) شَكَّ هَلْ (سَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مِنْ صَلَاتِهِ أَمْ لَا فَيُسَلِّمُ وَلَا يَسْجُدُ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَنْحَرِفْ عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَإِنْ انْحَرَفَ اسْتَقْبَلَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ وَإِنْ طَالَ لَا جِدًّا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ بَنَى بِإِحْرَامٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ. (أَوْ سَجَدَ) سَجْدَةً (وَاحِدَةً) عُطِفَ عَلَى اسْتَنْكَحَهُ لِإِزَالَةِ شَكِّهِ (فِي) أَيْ بِسَبَبِ (شَكِّهِ فِيهِ) أَيْ سُجُودِ سَهْوِهِ (هَلْ سَجَدَ) لَهُ سَجْدَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ) أَوْ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَيَأْتِي بِالسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَسْجُدْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سُجُودٌ قَبْلِيٌّ أَوْ بَعْدِيٌّ لِسَهْوِهِ فَسَجَدَهُ وَشَكَّ هَلْ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ أَوْ سَجْدَةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ وَيَسْجُدُ الثَّانِيَةَ، وَلَا يَسْجُدُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهَا وَإِنْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ أَوْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَسْجُدْ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا يَسْجُدْ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِمَا. (أَوْ زَادَ) فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الْفَاتِحَةِ (سُورَةً فِي) الرَّكْعَتَيْنِ (أُخْرَيَيْهِ) أَيْ أَخِيرَتَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 297 أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ لِغَيْرِهَا، أَوْ قَاءَ غَلَبَةً، أَوْ قَلَسَ وَلَا لِفَرِيضَةٍ، وَلَا غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ: كَتَشَهُّدٍ. وَيَسِيرِ جَهْرٍ، أَوْ سِرٍّ وَإِعْلَانٍ بِكَآيَةٍ، وَإِعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ لَهُمَا،   [منح الجليل] الرُّبَاعِيَّةِ وَأُولَى فِي إحْدَاهُمَا، أَوْ سُورَةً عَلَى الْفَاتِحَةِ وَسُورَةً فِي أُولَيَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَسْجُدْ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْجُدُ إنْ زَادَ سُورَتَيْنِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا فِي إحْدَاهُمَا (أَوْ خَرَجَ مِنْ سُورَةٍ) قَبْلَ تَمَامِهَا (لِغَيْرِهَا) فَلَا يَسْجُدْ وَكُرِهَ تَعَمُّدُهُ إلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي سُورَةٍ قَصِيرَةٍ فِي نَحْوِ الصَّحِيحِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إتْمَامَهَا وَيَقْرَأَ سُورَةً طَوِيلَةً (أَوْ قَاءَ غَلَبَةً أَوْ قَلَسَ) غَلَبَةً فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ كَانَ طَاهِرًا يَسِيرًا وَلَمْ يَزْدَرِدْ مِنْهُ شَيْئًا عَمْدًا فَإِنْ ازْدَرَدَهُ سَهْوًا تَمَادَى وَسَجَدَ بَعْدُ وَفِي بُطْلَانِهَا بِغَلَبَةِ ازْدِرَادِهِ قَوْلَانِ سِيَّانِ وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ الْبُطْلَانَ (وَلَا) يَسْجُدُ (لِ) تَرْكِ (فَرِيضَةٍ) لِعَدَمِ جَبْرِهَا بِهِ وَيَأْتِي بِهَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَلْقَى رَكْعَتَهَا بِتَمَامِهَا وَأَتَى بِبَدَلِهَا إلَّا الْفَاتِحَةَ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهَا وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ لِلْخِلَافِ فِيهَا. (وَ) لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ (غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ كَتَشَهُّدٍ) نَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْجَلَّابِ. وَجَعَلَهُ سَنَدٌ الْمَذْهَبَ. وَصَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بِالسُّجُودِ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ وَصَرَّحَ ابْنُ جُزَيٍّ والْهَوَّارِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَفِيهِ طَرِيقَانِ أَظْهَرُهُمَا السُّجُودُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ (وَ) لَا سُجُودَ فِي (يَسِيرِ جَهْرٍ) أَيْ إسْمَاعِهِ مَنْ يَلِيهِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ السِّرِّ (أَوْ) يَسِيرِ (سِرٍّ) أَيْ إسْمَاعِ نَفْسِهِ فَقَطْ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ، وَالْمَعْنَى لَا سُجُودَ عَلَى مَنْ جَهَرَ جَهْرًا خَفِيفًا فِي السِّرِّيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ مَنْ يَلِيَهُ فَقَطْ وَلَا عَلَى مَنْ أَسَرَّ خَفِيفًا فِي الْجَهْرِيَّةِ بِأَنْ أَسْمَعَ نَفْسَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَرَّرَ بِهِ عج. (وَ) لَا فِي (إعْلَانٍ) أَوْ إسْرَارٍ (بِكَآيَةٍ) فِي مَحَلِّ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ آيَةً ثَانِيَةً (وَ) لَا فِي (إعَادَةِ سُورَةٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ فَاتِحَةٍ (لَهُمَا) أَيْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ أَيْ أَعَادَهَا لِتَحْصِيلِ سُنَّتِهَا مِنْ جَهْرٍ فِي مَحَلِّهِ أَوْ سِرٍّ فِي مَحَلِّهِ عَقِبَ قِرَاءَتِهَا بِخِلَافِ سُنَّتِهَا كَمَا هُوَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 298 وَلِتَكْبِيرَةٍ، وَفِي إبْدَالِهَا بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ أَوْ عَكْسِهِ: تَأْوِيلَانِ، وَلَا لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ، وَإِصْلَاحِ رِدَاءٍ، أَوْ سُتْرَةٍ سَقَطَتْ أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ   [منح الجليل] الْمَطْلُوبُ، لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ لِعَدَمِ فَوَاتِهِ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعٍ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّ مَنْ أَعَادَ الْفَاتِحَةَ لِذَلِكَ يَسْجُدُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَكَذَا إنْ كَرَّرَهَا سَهْوًا وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ عَمْدًا. وَالرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ (وَ) لَا سُجُودَ لِتَرْكِ (تَكْبِيرَةٍ) وَاحِدَةٍ مِنْ تَكْبِيرِ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَلَا لِتَرْكِ تَسْمِيعَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَفِي) سُجُودِ (إبْدَالِهَا) أَيْ التَّكْبِيرَةِ (بِسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) سَهْوًا حَالَ هُوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (أَوْ عَكْسَهُ) أَيْ إبْدَالُ تَسْمِيعَةٍ بِتَكْبِيرَةٍ حَالَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهِ لِأَنَّهُ نَقَصَ وَزَادَ وَعَدَمُ سُجُودِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقِصْ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً وَلَمْ يُزِدْ زِيَادَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا مِنْ فَرَائِضِهَا كَالسَّلَامِ وَالْفَاتِحَةِ. (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا أَبْدَلَ فِي أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ كَمَا أَفَادَهُ بِأَوْ. فَإِنْ أَبْدَلَ فِيهِمَا مَعًا فَيَسْجُدُ اتِّفَاقًا لِنَقْصِهِ سُنَّتَيْنِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا وَمَحَلُّهُمَا أَيْضًا إذَا فَاتَ تَدَارُكُ مَا أَبْدَلَهُ بِتَلَبُّسِهِ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَلِيهِ. فَإِنْ لَمْ يَفُتْ أَتَى بِالذِّكْرِ الْمَشْرُوعِ وَلَا سُجُودَ اتِّفَاقًا. وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ لَا اخْتِلَافٌ مِنْ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِهَا فَالْأَوْلَى قَوْلَانِ أَقْوَاهُمَا عَدَمُ السُّجُودِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَلَا) سُجُودَ عَلَى إمَامٍ (لِإِدَارَةِ مُؤْتَمٍّ) مِنْ جِهَةِ يَسَارِهِ لِجِهَةِ يَمِينِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَهِيَ مَنْدُوبَةٌ «لِإِدَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِنْ يَسَارِهِ لِيَمِينِهِ حِينَ اقْتِدَائِهِ بِهِ لَيْلًا فِي بَيْتِ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -» . وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي نَفْيِ السُّجُودِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي مِنْ تَقَدُّمِهِ مَعَ عَدَمِ تَوَهُّمِهِ فِيهَا لِنَدْبِهَا وَتَعَمُّدِهَا. (وَ) لَا سُجُودَ (لِإِصْلَاحِ رِدَاءٍ) سَقَطَ عَنْ ظَهْرِ الْمُصَلِّي وَهُوَ مَنْدُوبٌ (أَوْ) إصْلَاحِ (سُتْرَةٍ سَقَطَتْ) وَهُوَ مَنْدُوبٌ إنْ خَفَّ وَلَمْ يَنْحَطَّ لَهُ فِيهَا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً وَبَطَلَتْ بِانْحِطَاطِهِ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ فِعْلٌ كَثِيرٌ (أَوْ كَمَشْيِ صَفَّيْنِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 299 لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ، أَوْ دَفْعِ مَارٍّ، أَوْ ذَهَابِ دَابَّتِهِ وَإِنْ بِجَنْبٍ، أَوْ قَهْقَرَةِ وَفَتْحٍ عَلَى إمَامِهِ إنْ وَقَفَ، وَسَدٍّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ وَنَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ   [منح الجليل] صُفُوفٍ مُتَقَارِبَةٍ بِغَيْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنْ مَسْبُوقٍ قَامَ لِلْقَضَاءِ وَخَافَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُنْدَبُ مَشْيُهُ (لِسُتْرَةٍ) يَسْتَتِرُ بِهَا (أَوْ) لِ (فُرْجَةٍ) فِي صَفِّ أَحْرَمَ خَارِجَهُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ لِخَوْفِهِ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ إنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ إلَيْهَا يَسُدُّهَا وَهُوَ مَنْدُوبٌ. (أَوْ) لِ (دَفْعِ مَارٍّ) أَيْ مُرِيدِ الْمُرُورِ فِي حَرِيمِهِ بِنَاءً عَلَى زِيَادَتِهِ عَنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ، أَوْ لِقِصَرِ يَدَيْهِ عَنْهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ (أَوْ) لِ (ذَهَابِ دَابَّتِهِ) وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ تَبْعُدْ لِيَرُدَّهَا. فَإِنْ بَعُدَتْ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَأَجْحَفَ ثَمَنَهَا بِهِ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَأَدْرَكَهَا وَإِلَّا أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَتَرَكَهَا إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ ضَرَرٍ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَالْمَالُ كَالدَّابَّةِ إنْ كَانَ الْمَشْيُ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِجَنْبٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ لِجِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ. (أَوْ) بِ (قَهْقَرَةٍ) أَيْ رُجُوعٍ إلَى خَلْفٍ وَوَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ فِيهِمَا فَلَا يَجُوزُ عَدَمُ الِاسْتِقْبَالِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ إذَا تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَيْهِ (وَ) لَا سُجُودَ عَلَى مُؤْتَمٍّ بِ (فَتْحٍ) أَيْ رَدٍّ (عَلَى إمَامِهِ) فِي قِرَاءَتِهِ (إنْ وَقَفَ) أَيْ تَحَيَّرَ إمَامُهُ فِيهَا وَهُوَ مَنْدُوبٌ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ وَانْتَقَلَ لِآيَةٍ أُخْرَى كُرِهَ فَتْحُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، وَإِلَّا وَجَبَ مُطْلَقًا. فَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ عَجَزَ عَنْ رُكْنٍ وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ الَّذِي تَرَكَ الْفَتْحَ أَمْ لَا لَا نَصَّ. (وَ) لَا سُجُودَ عَلَى إمَامٍ أَوْ فَذٍّ بِ (سَدِّ فِيهِ) أَيْ فَمِهِ (لِتَثَاؤُبٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَمُثَلَّثَةٍ أَيْ حَالُهُ وَهُوَ مَنْدُوبٌ بِالْيُمْنَى بَطْنًا وَظَهْرًا أَوْ بِالْيُسْرَى ظَهْرًا لَا بَطْنًا فَيُكْرَهُ لِمُبَاشَرَتِهِ النَّجَاسَةَ حَالَ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ، وَالْقِرَاءَةُ حَالُهُ مَكْرُوهَةٌ، وَتَكْفِي إنْ فُهِمَتْ وَإِلَّا أُعِيدَتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ الْفَاتِحَةَ. (وَ) لَا سُجُودَ بِ (نَفْثٍ) أَيْ بَصْقٍ بِصَوْتٍ (بِثَوْبٍ) أَيْ فِيهِ (لِحَاجَةٍ) أَيْ احْتِيَاجِهِ لِلْبَصْقِ بِكَثْرَةِ الْبُصَاقِ فِي فَمِهِ أَوْ نُزُولِ نُخَامَةٍ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ بَلْغَمٍ مِنْ صَدْرِهِ وَهُوَ جَائِزٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 300 كَتَنَحْنُحٍ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْإِبْطَالِ بِهِ لِغَيْرِهَا وَتَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ، وَلَا يُصَفِّقْنَ، وَكَلَامٍ لِإِصْلَاحِهَا بَعْدَ سَلَامٍ.   [منح الجليل] وَكُرِهَ لِغَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ بِلَا صَوْتٍ فَفِي سُجُودِهِ لَهُ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ بِصَوْتٍ فَإِنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ فَقَالَ (كَتَنَحْنُحٍ) لِحَاجَةٍ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالصَّلَاةِ فَلَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ. (وَ) الْقَوْلُ (الْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَدَمُ الْإِبْطَالِ) لِلصَّلَاةِ (بِهِ) أَيْ التَّنَحْنُحِ (لِغَيْرِهَا) أَيْ الْحَاجَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ. وَقَوْلُهُ الْآخَرُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ وَالْبُطْلَانُ لِعَمْدِهِ وَالْمُتَنَخِّمُ كَالتَّنَحْنُحِ. وَفَسَّرَ ابْنُ عَاشِرٍ الْحَاجَةَ بِضَرُورَةِ الطَّبْعِ. وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ التَّنَحْنُحُ لِضَرُورَةِ الطَّبْعِ وَأَنِينِ الْوَجَعِ مُغْتَفِرٌ وَإِنْ قَالَ الْحَطّ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاحْتِيَاجُ لِلتَّنَحْنُحِ لِرَفْعِ بَلْغَمٍ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ صَدْرِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهَا، وَالْحَاجَةُ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ كَإِعْلَامِهِ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ. (وَ) لَا سُجُودَ بِ (تَسْبِيحِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ لِضَرُورَةٍ) أَيْ حَاجَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِإِصْلَاحِهَا أَمْ لَا بِأَنْ تَجَرَّدَ لِلْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَثَلًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ» وَمَنْ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَشَمِلَتْ النِّسَاءَ وَلِذَا قَالَ (وَلَا يُصَفِّقْنَ) أَيْ النِّسَاءُ فِي صَلَاتِهِنَّ لِحَاجَةٍ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ» ، ذَمٌّ لَهُ لَا إذْنٌ لَهُنَّ فِيهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ عَمَلِهِنَّ بِهِ. (وَ) لَا سُجُودَ بِ (كَلَامٍ) قَلِيلٍ عَمْدًا (لِإِصْلَاحِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (بَعْدَ سَلَامٍ) مِنْ إمَامٍ عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ ثُنَائِيَّةٍ سَهْوًا سَوَاءٌ كَانَ الْكَلَامُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمَأْمُومِ أَوْ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَفْهَمْ إلَّا بِهِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ. وَنَشَأَ شَكُّهُ مِنْ كَلَامِ الْمَأْمُومِينَ لَا مِنْ نَفْسِهِ فَلَا سُجُودَ لِأَجْلِ هَذَا الْكَلَامِ. وَإِنْ طَلَبَ بِهِ لِزِيَادَةِ السَّلَامِ فَإِنْ عُدِمَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بَطَلَتْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 301 وَرَجَعَ إمَامٌ فَقَطْ لِعَدْلَيْنِ، إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ جِدًّا وَلَا لِحَمْدِ عَاطِسٍ أَوْ مُبَشِّرٍ وَنُدِبَ تَرْكُهُ،   [منح الجليل] (وَرَجَعَ) وُجُوبًا (إمَامٌ فَقَطْ) أَيْ لَا فَذٌّ وَلَا مَأْمُومٌ (لِ) إخْبَارِ (عَدْلَيْنِ) تت مُقْتَضَى اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالذُّكُورَةُ. وَمَفْهُومُ التَّثْنِيَةِ عَدَمُ رُجُوعِهِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَمَفْهُومُ التَّثْنِيَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِاثْنَيْنِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْعَدْلَيْنِ (مِنْ مَأْمُومِيهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الرُّجُوعِ لَهُمَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمُشَارِكَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ أَضْبَطُ مِنْ غَيْرِهِ. وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ذَلِكَ وَصَدْرَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَخَّرَ الْأَوَّلَ حَاكِيًا لَهُ بِقِيلِ أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ حَالَ شَكِّهِ فِيهِ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمَا بِهِ وَلَا يَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ. (إنْ لَمْ يُتْقِنْ) خِلَافُ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ مِنْ التَّمَامِ بِأَنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُمَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ. فَإِنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا عَمِلَ بِيَقِينِهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُمَا وَلَا لِأَكْثَرَ مِنْهُمَا (إلَّا لِكَثْرَتِهِمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ لَا بِقَيْدِ الْعَدَالَةِ كَثْرَةً (جِدًّا) بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَيَرْجِعُ لِخَبَرِهِمْ مَعَ تَيَقُّنِهِ خِلَافُهُ، وَأَوْلَى مَعَ ظَنِّهِ أَوْ شَكِّهِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَنْ يَقِينِهِ إلَيْهِمْ وَلَوْ كَثُرُوا. إلَّا أَنْ يُخَالِطَهُ رَيْبٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَى يَقِينِ الْقَوْمِ. وَسَوَاءٌ أَخْبَرُوهُ بِالنَّقْصِ أَوْ بِالتَّمَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ مَأْمُومِينَ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْمَأْمُومَةُ فِي خَبَرِ مَنْ بَلَغَ هَذَا الْمِقْدَارَ. وَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ التَّمَامَ وَأَخْبَرَ بِعَدَمِهِ فَيَعْمَلُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَلَوْ وَاحِدًا غَيْرَ عَدْلٍ لِحُصُولِ شَكِّهِ بِسَبَبِ إخْبَارِهِ كَشَكِّهِ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَحٍ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. فَإِنْ كَانَ مُسْتَنْكَحًا يَبْنِي عَلَى التَّمَامِ. وَلَوْ أَخْبَرَ بِالنَّقْصِ فَيَرْجِعُ لَهُمَا لَا لِوَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. (وَلَا) سُجُودَ (لِحَمْدِ عَاطِسٍ) فِي صَلَاتِهِ (أَوْ) حَمْدِ (مُبَشِّرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فِي صَلَاتِهِ بِمَا يَسُرُّهُ وَلَا فِي اسْتِرْجَاعٍ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا (وَنُدِبَ تَرْكُهُ) أَيْ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 302 وَلَا لِجَائِزٍ، كَإِنْصَاتٍ قَلَّ لِمُخْبِرٍ، وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ، وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ، وَإِشَارَةٍ لِسَلَامٍ، أَوْ حَاجَةٍ. لَا عَلَى مُشَمِّتٍ: كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وَبُكَاءٍ تَخَشُّعٍ.   [منح الجليل] وَالْمُبَشِّرِ فِي صَلَاتِهِ وَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبنِي لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ. (وَلَا) سُجُودَ (لِجَائِزٍ) فِعْلَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِهَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا غَالِبًا. وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَهَذَا إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا لِكُلِّ جَائِزٍ (كَإِنْصَاتٍ) أَيْ اسْتِمَاعٍ مِنْ مُصَلٍّ (قَلَّ) عُرْفًا (لِ) شَخْصٍ (مُخْبِرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. فَإِنْ طَالَ جِدًّا بَطَلَتْ وَلَوْ سَهْوًا، وَإِنْ تَوَسَّطَ سَهْوًا سَجَدَ وَعَمْدًا بَطَلَتْ. (وَتَرْوِيحِ) أَيْ إرَاحَةِ إحْدَى (رِجْلَيْهِ) أَيْ الْمُصَلِّي بِالِاعْتِمَادِ فِي قِيَامِهِ عَلَى الْأُخْرَى بِدُونِ رَفْعِ الْمِرْوَحَةِ عَنْ الْأَرْضِ فَلَا سُجُودَ لَهُ وَلَوْ طَالَ. فَإِنْ رَفَعَهَا عَنْهَا جَازَ إنْ لَمْ يُطَوِّلْ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيُبْطِلُهَا وَلَوْ سَهْوًا (وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ قَتْلُهَا وَلَا تَبْطُلُ بِانْحِطَاطِهِ لِأَخْذِ شَيْءٍ يَقْتُلُهَا بِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ وَمِثْلُ الْعَقْرَبِ الثُّعْبَانُ. وَيُكْرَهُ قَتْلُ الطَّيْرِ وَالدُّودِ وَالنَّحْلِ وَلَوْ أَرَادَهُ وَإِنْ انْحَطَّ لَهُ بَطَلَتْ. وَاَلَّذِي أَفَادَهُ الْحَطّ أَنَّ الِانْحِطَاطَ مِنْ قِيَامٍ لِأَخْذِ حَجَرٍ أَوْ قَوْسٍ مِنْ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ سَوَاءٌ كَانَ لِقَتْلِ عَقْرَبٍ أَرَادَتْهُ أَمْ لَا أَوْ لِقَتْلِ طَائِرٍ أَوْ صَيْدٍ فَالتَّعْرِيفُ السَّابِقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (أَوْ إشَارَةٍ) بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ (لِ) ابْتِدَاءِ (سَلَامٍ) فَتَجُوزُ وَلَا سُجُودَ لَهَا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِرَدِّهِ وَاجِبَةٌ وَرَدُّهُ بِاللَّفْظِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا مُبْطِلٌ وَسَهْوًا مُقْتَضٍ لِلسُّجُودِ (أَوْ) إشَارَةٍ لِ (حَاجَةٍ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ جَائِزٍ قَوْلَهُ (لَا) الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ (عَلَى) شَخْصٍ (مُشَمِّتٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً فَمَكْرُوهَةٌ. (وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ السُّجُودِ) فَقَالَ (كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) أَيْ غَلَبَةِ خُشُوعٍ لَا فِي الْجَوَازِ لِأَنَّ الْوَاقِعَ غَلَبَةً لَا يَتَعَلَّقُ الْجَوَازُ بِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ، فَلِذَا حَسُنَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 303 وَإِلَّا فَكَالْكَلَامِ: كَسَلَامٍ عَلَى مُفْتَرِضٍ وَلَا لِتَبَسُّمٍ وَفَرْقَعَةِ أَصَابِعَ، وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَتَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ، وَحَكِّ جَسَدِهِ،   [منح الجليل] تَشْبِيهُهُ لَا عَطْفُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَنِينُ لِوَجَعٍ وَلَا الْبُكَاءُ لِخُشُوعٍ (فَ) هُمَا (كَالْكَلَامِ) فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ الْمُبْطِلِ وَالسَّهْوِ الْمُقْتَضِي السُّجُودَ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيَبْطُلَ. وَهَذَا فِي الْبُكَاءِ بِصَوْتٍ وَأَمَّا بِلَا صَوْتٍ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) ابْتِدَاءِ (سَلَامٍ) مِنْ غَيْرِ مُصَلٍّ (عَلَى) مُصَلٍّ (مُفْتَرِضٍ) وَأَوْلَى عَلَى مُنْتَقِلٍ فَيَجُوزُ (وَلَا) سُجُودَ (لِتَبَسُّمٍ) قَلِيلٍ أَيْ انْبِسَاطِ وَجْهٍ وَاتِّسَاعِهِ مَعَ ظُهُورِ السُّرُورِ بِلَا صَوْتٍ وَكُرِهَ تَعَمُّدُهُ. فَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ عَمْدًا كَانَ أَوْ سَهْوًا لِأَنَّهُ مِنْ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَإِنْ تَوَسَّطَ بِالْعُرْفِ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَأَبْطَلَ عَمْدُهُ. (وَ) لَا سُجُودَ فِي (فَرْقَعَةِ أَصَابِعَ وَالْتِفَاتٍ بِلَا حَاجَةٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمَا مَكْرُوهَانِ إنْ قَلَّا، فَإِنْ كَثُرَا أَبْطَلَا وَالِالْتِفَاتُ لَهَا جَائِزٌ (وَ) لَا فِي (تَعَمُّدِ بَلْعِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ) وَلَوْ مَضَغَهُ لِيَسَارَتِهِ قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَضْغُ فِعْلٌ كَثِيرٌ بِخِلَافِ الْبَلْعِ. وَلَمْ أَجِدْ فِي أَبِي الْحَسَنِ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ عبق مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ إذَا مَضَغَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَبَلَعَهُ عبق، وَكَذَا تَعَمُّدُ بَلْعِ لُقْمَةٍ أَوْ تِينَةٍ كَانَتْ فِي فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ رَفَعَ حَبَّةً مِنْ الْأَرْضِ وَابْتَلَعَهَا وَهُوَ فِيهَا بِلَا مَضْغٍ فِيهِمَا وَإِلَّا أَبْطَلَ الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ الصَّلَاةَ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَمَنْ كَانَ بَيْنَ أَسْنَانِهِ طَعَامٌ كَفِلْقَةِ الْحَبَّةِ فَابْتَلَعَهُ فِي صَلَاتِهِ لَمْ يَقْطَعْ صَلَاتَهُ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ فِلْقَةَ حَبَّةٍ لَيْسَتْ بِأَكْلٍ لَهُ بَالٌ تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَهَا فِي الصَّوْمِ فَلَا يُفْطِرُ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، فَإِذَا كَانَ الصَّوْمُ لَا يَبْطُلُ فَأَحْرَى الصَّلَاةُ اهـ. فَاسْتِدْلَالُهُ بِالصَّوْمِ يَدُلُّ عَلَى الْبُطْلَانِ فِي الْمَضْغِ وَفِي بَلْعِ اللُّقْمَةِ أَوْ التِّينَةِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ بِصِحَّةِ الصَّوْمِ مَعَ ذَلِكَ. (وَ) لَا فِي (حَكِّ جَسَدِهِ) وَجَازَ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَقَلَّ وَكُرِهَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. وَقِيلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 304 وَذِكْرٍ قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ. وَإِلَّا بَطَلَتْ: كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَبَطَلَتْ بِقَهْقَهَةٍ، وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّرْكِ:   [منح الجليل] فَإِنْ كَثُرَ وَلَوْ سَهْوًا أَبْطَلَ. وَإِنْ تَوَسَّطَ أَبْطَلَ عَمْدُهُ وَسَجَدَ لِسَهْوِهِ (وَ) لَا فِي (ذِكْرٍ) أَيْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَتَسْبِيحٍ (قَصَدَ التَّفْهِيمَ بِهِ بِمَحَلِّهِ) كَأَنْ يُسَبِّحَ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا لِذَلِكَ أَوْ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ شَخْصٌ وَهُوَ يَقْرَأُ {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر: 45] فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجر: 46] ، قَاصِدًا بِهِ الْإِذْنَ فِي الدُّخُولِ أَوْ يَبْتَدِئُهَا عَقِبَ الْفَاتِحَةِ لِذَلِكَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَحَلِّهِ. (وَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الذِّكْرُ الْمَقْصُودُ بِهِ التَّفْهِيمَ فِي مَحَلٍّ كَكَوْنِهِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ أَوْ غَيْرِهَا فَيَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَيَنْتَقِلُ إلَى آيَةٍ أُخْرَى لِقَصْدِ التَّفْهِيمِ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُكَالَمَةِ وَالصَّلَاةُ كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالْحَوْقَلَةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ التَّفْهِيمِ بِهَا فِي أَيِّ مَحَلٍّ مِنْهَا، وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَفَتْحٍ) مِنْ مُصَلٍّ (عَلَى مَنْ) أَيْ قَارِئٍ (لَيْسَ مَعَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي الْفَاتِحِ (فِي صَلَاةٍ) بِأَنْ كَانَ الْقَارِئُ غَيْرَ مُصَلٍّ أَوْ فَذًّا فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ فَتْحَهُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِيهَا لَا يُبْطِلُهَا سَوَاءٌ كَانَ إمَامَهُ أَوْ مَأْمُومًا آخَرَ وَاسْتَظْهَرَ سَالِمٌ. وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ فَتْحَهُ عَلَى مَأْمُومٍ آخَرَ مُبْطِلٌ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَلَكِنْ لَا يَعْتَرِضُ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. (وَبَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ (بِقَهْقَهَةٍ) أَيْ ضَحِكٍ بِصَوْتٍ وَلَوْ مِنْ مَأْمُومٍ سَهْوًا وَقَطَعَ الْفَذُّ وَالْإِمَامُ وَلَا يَسْتَخْلِفُ مُطْلَقًا فِيهِمَا (وَتَمَادَى) وُجُوبًا الشَّخْصُ (الْمَأْمُومُ) الْمُقَهْقِهُ فِي صَلَاتِهِ مَعَ إمَامِهِ الْبَاطِلَةَ لِحَقِّ الْإِمَامِ وَاحْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ لِحُرْمَتِهَا إذْ قَدْ قِيلَ بِصِحَّتِهَا (إنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمَأْمُومُ حَالَ ضَحِكِهِ (عَلَى التَّرْكِ) مِنْ ابْتِدَائِهِ إلَى انْتِهَائِهِ، بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ غَلَبَةً مِنْ أَوَّلِهِ لِآخِرِهِ أَوْ نِسْيَانًا كَذَلِكَ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَرْكِهِ بِأَنْ ابْتَدَأَهُ مُخْتَارًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا وَأَمْكَنَهُ تَرْكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَمَادَى فِيهِ فَلَا يَتَمَادَى بَلْ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ مَعَ إمَامِهِ وَلَمْ تَكُنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 305 كَتَكْبِيرِهِ لِلرُّكُوعِ بِلَا نِيَّةِ إحْرَامٍ   [منح الجليل] الصَّلَاةُ الَّتِي ضَحِكَ فِيهَا جُمُعَةً وَإِلَّا قَطَعَهَا وَابْتَدَأَهَا لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى تَمَادِيهِ ضَحِكُ غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَإِلَّا قَطَعَ وَخَرَجَ مِنْهُمْ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ وَابْتَدَأَ. وَشَبَّهَ فِي التَّمَادِي لَا بِقَيْدِ الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَتَكْبِيرِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ فَقَطْ (لِلرُّكُوعِ) فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهَا رَاكِعًا سَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى الْإِمَامِ أَوْ غَيْرَهَا حَالَ كَوْنِ تَكْبِيرِهِ (بِلَا نِيَّةِ) تَكْبِيرَةِ (إحْرَامٍ) بِأَنْ نَوَى الصَّلَاةَ الْمُعَيَّنَةَ وَنَسِيَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَ نَاوِيًا تَكْبِيرَةَ سُنَّةِ الرُّكُوعِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ كِلَاهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْإِمَامِ مَالِكٍ مِنْ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الْإِمَامَ يَحْمِلُ عَنْ مَأْمُومِهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فَيُتِمُّهَا مَعَ إمَامِهِ وُجُوبًا. وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا احْتِيَاطًا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ رَبِيعَةَ مِنْ شُيُوخِ مَالِكٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ. وَالْقَرِينَةُ عَلَى قَصْدِ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ فِي التَّمَادِي دُونَ الْبُطْلَانِ عَدَمُ عَطْفِهَا عَلَى بِقَهْقَهَةٍ وَقَرْنُهَا بِكَافِ التَّشْبِيهِ، وَتَجْرِيدُ الَّتِي تَلِيهَا مِنْ الْبَاءِ، وَلَمَّا رَجَعَ لِلْعَطْفِ عَلَى بِقَهْقَهَةٍ أَعَادَ الْبَاءَ فَقَالَ وَيَحْدُثُ قَالَهُ الْفِيشِيُّ، وَفِيهِ أَنَّ عَدَمَ عَطْفِهِمَا وَقَرْنَ أَوَّلِهِمَا بِكَافِ التَّشْبِيهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِمُشَابَهَتِهِمَا الْقَهْقَهَةَ فِي الْإِبْطَالِ مَعَ التَّمَادِي فَلَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ التَّشْبِيهِ فِي خُصُوصِ التَّمَادِي خُصُوصًا. وَالْأَصْلُ فِي التَّشْبِيهِ كَوْنُهُ تَامًّا نَعَمْ قَوْلُهُ فِي مَبْحَثِ الْفَوَائِتِ لَا مُؤْتَمٌّ فَيُعِيدُ بِوَقْتٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الثَّانِيَةِ. وَجَمْعُ الْأُولَى مَعَهَا يَظْهَرُ مِنْهُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْحُكْمِ عَلَى أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْأُولَى مُشَبَّهَةٌ فِيهِمَا مَعًا، وَالثَّانِيَةَ فِي التَّمَادِي فَقَطْ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَوَائِتِ. وَقَالَ عج التَّشْبِيهُ فِي الْبُطْلَانِ وَالتَّمَادِي مَعًا وَيُعِيدُهَا أَبَدًا وُجُوبًا لِحَقِّ الْإِمَامِ وَاحْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي قِيلَ بِصِحَّتِهَا. الْعَدَوِيُّ هَذَا هُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خِلَافٌ لَفْظِيٌّ لِاتِّفَاقِ الْفِيشِيِّ وعج عَلَى وُجُوبِ التَّمَادِي وَالْإِعَادَةِ أَبَدًا. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الصُّورَةَ هُنَا جَمِيعًا لِلنَّظَائِرِ وَسَيُعِيدُهَا فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 306 وَذِكْرِ فَائِتَةٍ، وَبِحَدَثٍ، وَبِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ أَوْ لِتَكْبِيرَةٍ.   [منح الجليل] لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ، وَخُصَّتْ بِالْمَأْمُومِ. وَإِنْ أَمْكَثَ فِي الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الَّذِي سَقَطَتْ الْفَاتِحَةُ عَنْهُ لِعَدَمِ مَنْ يُعَلِّمُهُ إيَّاهَا أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْهُ أَوْ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ وُجُوبًا وَأَمَّا الْإِمَامُ وَالْفَذُّ فَيَقْطَعَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجَمَاعَةِ. (وَذِكْرِ) أَيْ تَذَكُّرِ صَلَاةٍ (فَائِتَةٍ) يَسِيرَةٍ يُقَدَّمُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْحَاضِرَةِ مِنْ مَأْمُومٍ خَلْفَ إمَامٍ فِي الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ لِحَقِّ الْإِمَامِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ قَضَاءِ الْيَسِيرِ وَالْحَاضِرَةِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ. وَكَذَا مُتَذَكِّرٌ أُولَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِي ثَانِيَتِهِمَا خَلْفَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّ تَرْتِيبَهُمَا بِالذِّكْرِ فِي الْأَثْنَاءِ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى خِلَافِهِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ بِالذِّكْرِ فِيهِ فَالتَّمَادِي عَلَى بَاطِلِهِ لِحَقِّ الْإِمَامِ، وَاحْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي قِيلَ بِصِحَّتِهَا قَوْلًا قَوِيًّا. (وَ) بَطَلَتْ (بِ) حُصُولِ (حَدَثٍ) أَيْ نَاقِضٍ فِيهَا غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا لِفَذٍّ أَوْ مَأْمُومٍ أَوْ إمَامٍ وَلَا يَسْرِي الْبُطْلَانُ لِصَلَاةِ مَأْمُومِيهِ فَيَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَكَمَّلَ بِهِمْ أَوْ عَمِلَ عَمَلًا بَعْدَ حَدَثِهِ وَاتَّبَعُوهُ فِيهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ أَيْضًا كَتَعَمُّدِهِ النَّاقِضَ. (وَ) بَطَلَتْ (بِسُجُودِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي قَبْلَ سَلَامِهِ (لِ) تَرْكِ (فَضِيلَةٍ) وَلَوْ كَثُرَتْ (أَوْ لِ) تَرْكِ سُنَّةٍ خَفِيفَةٍ (كَتَكْبِيرَةٍ) وَاحِدٌ مِنْ تَكْبِيرٍ الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ وَأَمَّا تَكْبِيرُ الْعِيدِ الَّذِي بَيْنَ إحْرَامِهِ أَوْ قِيَامِهِ وَقِرَاءَتِهِ، فَيُؤْمَرُ بِالسُّجُودِ لِتَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْهُ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَتَبْطُلُ بِسُجُودِهِ لِتَرْكِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْإِقَامَةِ مَا لَمْ يَقْتَدِ بِمَنْ يَسْجُدُ لِلْفَضِيلَةِ إلَخْ، فَلَا تَبْطُلُ. وَيَجِبُ سُجُودُهُ مَعَ إمَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ. وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي حُكْمِهِ بِالْبُطْلَانِ بِسُجُودِهِ لِفَضِيلَةٍ أَوْ تَكْبِيرَةٍ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَدْ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ لِتَرْكِ فَضِيلَةٍ أَعَادَ أَبَدًا. وَكَذَا قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ إذَا سَجَدَ قَبْلَهُ لِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ. وَتَعَقَّبَهُ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّ السُّجُودَ لِلْفَضِيلَةِ فِيهِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَصَدَّرَ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَالسُّجُودِ لِتَرْكِ التَّكْبِيرَةِ قَبْلَهُ. قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ أَعْلَمُ مَنْ قَالَ بِإِبْطَالِهِ. وَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 307 وَبِمُشْغِلٍ عَنْ فَرْضٍ، وَعَنْ سُنَّةٍ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَبِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ: كَرَكْعَتَيْنِ فِي الثُّنَائِيَّةِ.   [منح الجليل] سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ إنَّمَا وَقَفْت عَلَى الْخِلَافِ فِي السُّجُودِ لِلتَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْقَوْلِ بِنَفْيِهِ إبْطَالُهُ خُصُوصًا مَعَ الْقَوْلِ بِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ نَرَ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ فِي الْبُطْلَانِ بِالسُّجُودِ لِتَكْبِيرَةٍ اهـ. قُلْت مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ كَيْفَ يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ مَعَ قَوْلِ الثِّقَةِ نَصَّ أَهْلُ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا قَالُوا فِي الْمَشْهُورِ. (وَ) بَطَلَتْ (بِ) شَيْءٍ (مُشْغِلٍ) أَيْ مَانِعٍ الْمُصَلِّي (عَنْ فَرْضٍ) كَرُكُوعٍ مِنْ حَقْنٍ أَوْ قَرْقَرَةٍ أَوْ غَثَيَانٍ أَوْ حَمْلِ شَيْءٍ بِفَمٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْفَرْضِ أَصْلًا أَوْ بِدُونِ مَشَقَّةٍ، وَدَامَ الْمُشْغِلُ. فَإِنْ حَصَلَ وَزَالَ فَلَا يُعِيدُ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ (وَ) بِمُشْغِلٍ (عَنْ سُنَّةٍ) مِنْ السُّنَنِ الثَّمَانِيَةِ الْمُؤَكَّدَاتِ (يُعِيدُ) نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) الَّذِي هُوَ بِهِ اخْتِيَارِيًّا كَانَ أَوْ ضَرُورِيًّا، وَهَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْقَطْعِ قَالَهُ الْبَدْرُ. وَأَمَّا مَنْ تَرَكَ سُنَّةً غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ فَضِيلَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ تَرَكَهَا بِمُشْغِلٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَ) بَطَلَتْ (بِزِيَادَةِ أَرْبَعٍ) مِنْ الرَّكَعَاتِ مُتَيَقِّنَةٍ سَهْوًا فَإِنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ الْكَثِيرَةِ سَجَدَ اتِّفَاقًا وَلَوْ فِي ثُلَاثِيَّةٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ تَبْطُلُ الثُّلَاثِيَّةُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا. وَقِيلَ بِزِيَادَةِ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَقْدُ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ ثَامِنَةِ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ سَابِعَةِ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةِ ثُنَائِيَّةٍ بَطَلَتْ. وَشَبَّهَ فِي الْإِبْطَالِ فَقَالَ (كَ) زِيَادَةِ (رَكْعَتَيْنِ) سَهْوًا (فِي) الصَّلَاةِ (الثُّنَائِيَّةِ) أَصَالَةً كَجُمُعَةٍ وَصُبْحٍ لَا مَقْصُورَةً فَبِأَرْبَعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا وَأَنَّ الْمَقْصُورَةَ شُرِعَتْ أَوَّلًا أَرْبَعًا. وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ، وَأَنَّ الْمَقْصُورَةَ شُرِعَتْ أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ فَيُبْطِلُهَا زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ وَتَبْطُلُ زِيَادَةُ رَكْعَتَيْنِ سَهْوًا النَّقْلَ الْمُحَدَّدَ كَفَجْرٍ وَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ. وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ الرُّكُوعَ فِيهِمَا وَالنَّفَلُ غَيْرُ الْمَحْدُودِ لَا يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ لِقَوْلِهِمْ إنْ قَامَ لِخَامِسَةٍ سَهْوًا يَرْجِعُ وَلَمْ يُكْمِلْهَا سَادِسَةً وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 308 وَبِتَعَمُّدٍ: كَسَجْدَةٍ، أَوْ نَفْخٍ، أَوْ أَكْلٍ، أَوْ شُرْبٍ، أَوْ قَيْءٍ، أَوْ كَلَامٍ، وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى، إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ وَبِسَلَامٍ، وَأَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَفِيهَا إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ انْجَبَرَ، وَهَلْ اخْتِلَافٌ   [منح الجليل] وَبِتَعَمُّدِ) زِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ (كَسَجْدَةٍ) فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ مَحْدُودٍ كَوِتْرٍ وَانْظُرْ غَيْرَهُ قَالَهُ عج لَا قَوْلِي كَتَكْرِيرِ فَاتِحَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَبْطُلُ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (نَفْخٍ) بِفَمٍ وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ حَرْفٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ لَا يُبْطِلُهَا مُطْلَقًا. وَقِيلَ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ حَرْفٌ لَا بِأَنْفٍ مَا لَمْ يُكْثِرْ أَوْ يَقْصِدْ عَبَثًا فِيمَا يَظْهَرُ. وَفِي النَّوَادِرِ يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ عَلَى بَاطِلَةٍ إنْ نَفَخَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا وَيَقْطَعُ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ. (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ) وَلَوْ بِأَنْفٍ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِنْفَاذِ نَفْسِهِ وَوَجَبَ الْقَطْعُ لَهُ. وَلَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (قَيْءٍ) أَوْ قَلْسٍ وَلَوْ مُجَرَّدَ مَاءٍ (أَوْ) بِتَعَمُّدِ (كَلَامٍ) أَجْنَبِيٍّ لِغَيْرِ إصْلَاحِهَا وَلَوْ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ أَوْ صَوْتٍ سَاذَجٍ اخْتِيَارًا وَلَمْ يَجِبْ بَلْ (وَإِنْ بِكُرْهٍ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى) مِنْ الْهَلَاكِ أَوْ شِدَّةِ الْأَذَى وَتَرْجِعُ الْمُبَالَغَةُ لِقَوْلِهِ وَبِتَعَمُّدٍ كَسَجْدَةٍ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ لِإِجَابَةِ وَالِدٍ أَعْمَى أَصَمَّ فِي نَافِلَةٍ فَيَجِبُ قَطْعُهَا وَإِجَابَتُهُ. وَإِنْ كَانَ فِي فَرِيضَةٍ أَوْ وَالِدُهُ الْمُنَادِي لَيْسَ أَعْمَى أَصَمَّ فَيُخَفِّفُ وَيُسَلِّمُ وَيُجِيبُهُ وَإِجَابَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيًّا وَمَيِّتًا لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الرَّاجِحِ. (إلَّا) تَعَمُّدَ الْكَلَامِ (لِإِصْلَاحِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (فَ) لَا تَبْطُلُ إلَّا (بِكَثِيرِهِ) وَكَذَا بِكَثِيرِ سَهْوِهِ كَكُلِّ كَثِيرٍ سَهْوًا (وَ) بَطَلَتْ (بِسَلَامٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) سَهْوًا لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ انْصَرَفَ حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ ابْتَدَأَ. وَإِنْ لَمْ يُطِلْ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي أَبُو الْحَسَنِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا حِينَ سَلَّمَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي (إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ) سَهْوًا (انْجَبَرَ) بِالسُّجُودِ وَنَصُّ مَا فِي الْكِتَابِ الثَّانِي وَمَنْ تَكَلَّمَ أَوْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَوْ شَرِبَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ (وَهَلْ) بَيْنَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ (اخْتِلَافٌ) نَظَرًا لِحُصُولِ الْمُنَافِي فِي الصُّورَتَيْنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 309 أَوْ لَا لِلسَّلَامِ فِي الْأُولَى أَوْ لِلْجَمْعِ؟ تَأْوِيلَانِ وَبِانْصِرَافٍ لِحَدَثٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ نَفْيُهُ: كَمُسْلِمٍ شَكَّ فِي الْإِتْمَامِ ثُمَّ ظَهَرَ الْكَمَالُ عَلَى الْأَظْهَرِ،   [منح الجليل] وَقَطَعَ النَّظَرَ عَنْ اتِّحَادِهِ وَتَعَدُّدِهِ، وَعَنْ كَوْنِهِ السَّلَامُ أَوْ غَيْرُهُ مَعَ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلِ بِالْإِبْطَالِ، وَفِي الثَّانِي بِعَدَمِهِ (أَوْ لَا) اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْحَقُّ وَيُوَفِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ حُكْمَهُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ (لِ) حُصُولِ (السَّلَامِ فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى) الَّتِي فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ مَعَ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ مُنَافَاتِهِ مَعَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا عَلَى رِوَايَةِ أَوْ وَعَدَمُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ الثَّانِي لِعَدَمِ حُصُولِ السَّلَامِ فِيهَا. الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الْأُولَى (لِلْجَمْعِ) بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ مُنَافِيَاتٍ عَلَى رِوَايَةِ الْوَاوِ وَشَيْئَيْنِ مُنَافِيَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ أَوْ وَعَدَمُهُ فِي الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْمُنَافِي (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ، فَإِنْ حَصَلَتْ الثَّلَاثَةُ أَوْ سَلَامٌ مَعَ أَحَدِهِمَا اتَّفَقَ الْمُوَفِّقَانِ عَلَى الْبُطْلَانِ. وَإِنْ حَصَلَ وَاحِدٌ مِنْهَا اتَّفَقَا عَلَى الصِّحَّةِ. وَإِنْ حَصَلَ أَكْلٌ وَشُرْبٌ اخْتَلَفَا فِيهِمَا. وَالْقَائِلُ بِالْخِلَافِ يُجْرِيهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَتَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ بِكَثْرَةِ الْمُنَافِي يُضْعِفُ التَّأْوِيلَ بِالْخِلَافِ، وَالتَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بِحُصُولِ السَّلَامِ. وَيُرَجَّحُ التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بِالْجَمْعِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَ) بَطَلَتْ (بِانْصِرَافٍ) أَيْ إعْرَاضٍ عَنْ صَلَاتِهِ بِنِيَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ مِنْ مَكَانِهِ (لِ) ذِكْرِ (حَدَثٍ) أَوْ إحْسَاسٍ بِهِ (ثُمَّ تَبَيَّنَ) أَيْ ظَهَرَ (نَفْيُهُ) أَيْ عَدَمُ الْحَدَثِ فَيَبْتَدِئُهَا وَلَا يَبْنِي وَلَوْ قَرُبَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عُلِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيَّنَ بِغَيْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مُسَلِّمٍ) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً مِنْ صَلَاتِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ (شَكَّ) حَالَ سَلَامِهِ (فِي الْإِتْمَامِ) وَعَدَمِهِ وَأَوْلَى سَلَامُهُ مُعْتَقِدًا عَدَمَهُ. (ثُمَّ ظَهَرَ) لَهُ (الْكَمَالُ) لِصَلَاتِهِ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا شَاكًّا لِتَبْطُلَ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَظْهَرِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 310 وَبِسُجُودِ الْمَسْبُوقِ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدِيًّا أَوْ قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً وَإِلَّا سَجَدَ، وَلَوْ تَرَكَ إمَامَهُ أَوْ لَمْ يُدْرِكْ مُوجَبَهُ وَأَخَّرَ الْبَعْدِيَّ،   [منح الجليل] عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ لِمُخَالَفَتِهِ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَقَلِّ الْمُتَيَقَّنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَأَوْلَى ظُهُورُ النَّقْصِ أَوْ بَقَاءُ شَكِّهِ بِحَالِهِ وَهُوَ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا مَا قَابَلَ الْجَزْمَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ السَّلَامَ مَعَ ظَنِّ الْكَمَالِ مُبْطِلٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ ظَهَرَ الْكَمَالُ لَا تَبْطُلُ. (وَ) بَطَلَتْ (بِسُجُودِ) الشَّخْصِ الْمَأْمُومِ (الْمَسْبُوقِ) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا (مَعَ الْإِمَامِ) قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ سُجُودًا (بَعْدِيًّا) مُطْلَقًا (أَوْ) سُجُودًا (قَبْلِيًّا إنْ لَمْ يَلْحَقْ) الْمَأْمُومُ مَعَهُ (رَكْعَةً) بِسَجْدَتَيْهَا لِإِدْخَالِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَحِقَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً بَيَانٌ لِمَفْهُومِ إنْ لَمْ يَلْحَقْ رَكْعَةً لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ (سَجَدَ) الْمَسْبُوقُ وُجُوبًا الْقَبْلِيَّ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ سَجَدَهُ الْإِمَامُ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ كَشَافِعِيٍّ يَرَى تَقْدِيمَ السُّجُودِ مُطْلَقًا. فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَهُ فَهَلْ يَفْعَلُهُ مَعَهُ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ، وَهَذَا أَفَادَهُ آخِرَ كَلَامِ كَرِيمِ الدِّينِ وَضُعِّفَ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْقَضَاءِ قَبْلَ سَلَامِ نَفْسِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا أَفَادَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَأَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ، أَوْ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَعَلَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ وَهَذَا لِأَبِي مَهْدِيٍّ وَارْتَضَاهُ ابْنُ نَاجِي وَبَعْضُ مَنْ لَقِيَهُ تَرَدَّدَ الْعَدَوِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. وَيَسْجُدُ الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ رَكْعَةَ الْقَبْلِيِّ قَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ سَجَدَهُ إمَامُهُ وَأَدْرَكَ مُوجِبَهُ بَلْ. (وَلَوْ تَرَكَ إمَامُهُ) السُّجُودَ الْقَبْلِيَّ سَهْوًا أَوْ رَأْيًا أَوْ عَمْدًا (أَوْ لَمْ يُدْرِكْ) الْمَسْبُوقُ (مُوجِبَهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبَ السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ مَعَ الْإِمَامِ وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ وَسَجَدَهُ الْمَسْبُوقُ وَهُوَ لِتَرْكِ ثَلَاثِ سُنَنٍ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ فَتُزَادُ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلِّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى مَأْمُومِهِ. (وَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَسْبُوقُ الْمُدْرِكُ رَكْعَةَ وُجُوبًا السُّجُودَ (الْبَعْدِيَّ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 311 وَلَا سَهْوَ عَلَى مُؤْتَمٍّ حَالَةَ الْقُدْرَةِ، وَبِتَرْكِ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ وَطَالَ، لَا أَقَلَّ، فَلَا سُجُودَ، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ وَبَطَلَتْ: فَكَذَا كَرِهَا،   [منح الجليل] عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَفْعَلُهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَهُ. فَإِنْ فَعَلَهُ مَعَهُ قَبْلَهُ بَطَلَتْ لِإِدْخَالِهِ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ قَدَّمَ هُوَ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَى السَّلَامِ لَا فِي خِلَالِهَا أَوْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَقُومَ لِلْقَضَاءِ إلَّا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مِنْ تَشَهُّدِ الْبَعْدِيِّ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ سَهْوٌ بِنَقْصٍ فِي الْقَضَاءِ غَلَبَهُ عَلَى زِيَادَةِ إمَامِهِ وَسَجَدَ لَهُمَا قَبْلَ سَلَامِهِ وَإِلَّا سَجَدَهُ بَعْدَهُ. (وَ) إنْ سَهَا الْمَأْمُومُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ بِهِمَا مَعًا حَالَ اقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ فَ (لَا سَهْوَ) أَيْ لَا سُجُودَ لَهُ (عَلَى مُؤْتَمٍّ) سَهَا (حَالَةَ الْقَدْوَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَنْهُ. وَلَوْ نَوَى عَدَمَ حَمْلِهِ عَنْهُ وَمَفْهُومُ حَالَةِ الْقَدْوَةِ أَنَّهُ إنْ سَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِهَا بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَقِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ فَعَلَيْهِ السُّجُودُ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) بَطَلَتْ (بِتَرْكِ) سُجُودٍ (قَبْلِيٍّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَنْسُوبٌ إلَى قَبْلَ أَيْ مَطْلُوبٌ قَبْلَ السَّلَامِ (عَنْ) تَرْكِ (ثَلَاثِ سُنَنٍ) كَثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ وَكَتَرْكِ السُّورَةِ (وَطَالَ) الزَّمَنُ أَوْ حَصَلَ مُنَافٍ كَحَدَثٍ وَكَلَامٍ وَمُلَابَسَةِ نَجَسٍ وَاسْتِدْبَارٍ عَمْدًا إنْ كَانَ تَرَكَهُ سَهْوًا. وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ وَقَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ أَخَّرَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْرِضْ عَنْهُ بِأَنْ نَوَى سُجُودَهُ عَقِبَ السَّلَامِ (لَا) تَبْطُلُ بِتَرْكِ قَبْلِيٍّ تَرَتَّبَ عَنْ تَرْكِ (أَقَلَّ) مِنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ بِأَنْ كَانَ عَنْ تَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ وَطَالَ (فَلَا سُجُودَ) عَلَيْهِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِارْتِبَاطِهِ بِالصَّلَاةِ وَتَبَعِيَّتُهُ لَهَا وَحَقُّ التَّابِعِ لُحُوقُ مَتْبُوعِهِ بِالْقُرْبِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْجُدُهُ وَإِنْ طَالَ وَمَفْهُومُ قَبْلِيٍّ عَدَمُ الْبُطْلَانِ بِتَرْكِ بَعْدِيٍّ وَلَوْ طَالَ، وَيَسْجُدُهُ مَتَى ذَكَرَهُ. (وَإِنْ ذَكَرَهُ) أَيْ الْقَبْلِيَّ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ تَرْكِ ثَلَاثِ سُنَنٍ (فِي صَلَاةٍ) شُرِعَ فِيهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (بَطَلَتْ) الصَّلَاةُ الْأُولَى بِطُولِ الزَّمَنِ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَشُرُوعِهِ فِي الَّتِي ذُكِرَ السُّجُودُ فِيهَا (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ (ذَاكِرِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ الْأُولَى الَّتِي بَطَلَتْ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 312 وَإِلَّا؛ فَكَبَعْضٍ. فَمِنْ فَرْضٍ إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ أَوْ رَكَعَ بَطَلَتْ، وَأَتَمَّ النَّفَلَ وَقَطَعَ غَيْرَهُ وَنُدِبَ الْإِشْفَاعُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَإِلَّا رَجَعَ بِلَا سَلَامٍ،   [منح الجليل] صَلَاةٍ أُخْرَى مِنْ قَطْعِ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ، وَشَفَعَهُ إنْ رَكَعَ وَتَمَادَى الْمَأْمُومُ لَحِقَ إمَامَهُ وَإِعَادَتُهُ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ فِعْلِ الْأُولَى سَوَاءٌ كَانَتَا مُشْتَرَكَتَيْنِ أَمْ لَا عَلَى التَّحْقِيقِ مِنْ أَنَّ تَرْتِيبَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ لَيْسَ شَرْطًا بِالذِّكْرِ فِي الْأَثْنَاءِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ الْأُولَى لِعَدَمِ الطُّولِ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَشُرُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ ذَاكِرِ (بَعْضٍ) مِنْ صَلَاةٍ كَرُكُوعٍ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَأَقْسَامُهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّ الْأُولَى إمَّا فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ (فَ) إنْ كَانَ تَرَكَ الْقَبْلِيَّ أَوْ الْبَعْضَ (مِنْ فَرْضٍ) وَتَذَكَّرَهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَ (إنْ) كَانَ (أَطَالَ الْقِرَاءَةَ) فِي الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا بِأَنْ شَرَعَ فِي السُّورَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. أَوْ فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى مُقَابِلِهِ قَبْلَ ذِكْرِ الْبَعْضِ أَوْ الْقَبْلِيِّ. (أَوْ) لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَ (رَكَعَ) بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ بِلَا قِرَاءَةٍ كَمَسْبُوقِ وَأُمِّيٍّ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ (بَطَلَتْ) أَيْ الصَّلَاةُ الْمَتْرُوكُ رُكْنُهَا أَوْ قَبَلَيْهَا لِعَدَمِ إمْكَانِ إصْلَاحِهَا (وَأَتَمَّ) وُجُوبًا (النَّفَلَ) الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْأُولَى لِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا عَقِبَ إتْمَامِهِ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهُ أَمْ لَا أَوْ ضَاقَ وَكَانَ قَدْ أَتَمَّ رَكْعَةً مِنْهُ بِسَجْدَتَيْهَا وَإِلَّا قَطَعَهُ وَابْتَدَأَ الْأُولَى. (وَقَطَعَ) الْمُصَلِّي (غَيْرَهُ) أَيْ النَّفْلِ وَهُوَ الْفَرْضُ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ بِسَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَحْصِيلِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ أَوْ بَيْنَ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ وَالْحَاضِرَةِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ فِي الْقَطْعِ، وَتَمَادَى إنْ كَانَ مَأْمُومًا لَحِقَ إمَامَهُ. (وَنُدِبَ) لِلْفَذِّ وَالْإِمَامِ (الْإِشْفَاعُ) أَيْ السَّلَامُ عَلَى شَفْعٍ لَوْ بِصُبْحٍ وَجُمُعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ (إنْ عَقَدَ) أَيْ الْمُصَلِّي (رَكْعَةً) بِسَجْدَتَيْهَا وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا قَطَعَ لِأَنَّ الْفَرْضَ يُعَادُ بِخِلَافِ النَّفْلِ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَرْكَعْ فِيمَا شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ ذِكْرِ الْبَعْضِ أَوْ الْقَبْلِيِّ (رَجَعَ) وُجُوبًا لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ الْأُولَى الَّتِي تَرَكَ مِنْهَا الرُّكْنَ أَوْ الْقَبْلِيَّ (بِلَا سَلَامٍ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 313 وَمِنْ نَقْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى: كَفَى نَفْلٌ إنْ أَطَالَهَا أَوْ رَكَعَ، وَهَلْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ، أَوْ لَا وَلَا سُجُودَ؟ خِلَافٌ   [منح الجليل] مِنْ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَإِنْ سَلَّمَ مِنْهَا بَطَلَتْ الْأُولَى. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ أَخَّرَ فَمَحْمُولٌ عَلَى تَأْخِيرِهِ مِنْ السَّلَامِ مِنْ الْأُولَى وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِيَةِ فَيَكْثُرُ الْمُنَافِي. (وَ) إنْ ذَكَرَ الْبَعْضَ أَوْ الْقَبْلِيَّ الْمُبْطِلَ تَرَكَهُ (مِنْ نَقْلٍ فِي فَرْضٍ تَمَادَى) فِي الْفَرْضِ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ مُطْلَقًا. وَشَبَّهَ فِي التَّمَادِي فَقَالَ (كَ) ذِكْرِ بَعْضٍ أَوْ قَبْلِيٍّ مِنْ نَفْلٍ (فِي نَفْلٍ) وَإِنْ كَانَ أَخَفَّ مِنْ الْمَذْكُورِ مِنْهُ (إنْ أَطَالَهَا) أَيْ الْقِرَاءَةَ فِي النَّفْلِ الثَّانِي (أَوْ رَكَعَ) وَإِلَّا رَجَعَ لِإِصْلَاحِ الْأَوَّلِ بِلَا سَلَامٍ وَلَوْ أَخَفَّ مِنْ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ فِي إصْلَاحِ الرُّكْنِ، وَقَبْلَهُ فِي تَدَارُكِ الْقَبْلِيِّ لِاجْتِمَاعِ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَلَا يَقْضِي النَّفَلَ الثَّانِيَ لِعَدَمِ تَعَمُّدِ إبْطَالِهِ. (وَهَلْ) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ (بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ) مُؤَكَّدَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا دَاخِلَةِ الصَّلَاةِ أَيْ جِنْسِهَا الصَّادِقِ بِمُتَعَدِّدٍ وَمِثْلُهَا سُنَّتَانِ خَفِيفَتَانِ دَاخِلَتَانِ مِنْ فَذٍّ وَإِمَامٍ (أَوْ لَا) تَبْطُلُ قَالَهُ سَنَدٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَحَلُّ الْخِلَافِ السُّنَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَتَرْكُهُ عَمْدًا مُبْطِلٌ اتِّفَاقًا (وَلَا سُجُودَ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِجَبْرِ السَّهْوِ نَعَمْ يَسْتَغْفِرُ أَيْ يَتُوبُ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ الْأَوَّلِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ لِاتِّفَاقِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ. وَضَعَّفَ الْأَوَّلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَنَّعَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ فَرْقٌ. وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا كَالْفَاتِحَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْجُلِّ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهَا اتِّفَاقًا أَفَادَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِي حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ، فَقَدْ قَالَ الْقَلْشَانِيُّ وَعَلَى وُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَكْثَرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ هِيَ سُنَّةٌ فِي الْأَقَلِّ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهَا سَهْوًا قَبْلُ، وَيَخْتَلِفُ إذَا تَرَكَهَا عَمْدًا هَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ أَوْ تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ عَلَى تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا اهـ. فَإِنْ قِيلَ السُّجُودُ الْقَبْلِيِّ سُنَّةٌ وَقَدْ قَالُوا إذَا تَرَكَهُ سَهْوًا وَطَالَ بَطَلَتْ وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 314 وَبِتَرْكِ رُكْنٍ وَطَالَ: كَشَرْطٍ وَتَدَارَكَهُ، إنْ لَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَعْقِدْ رُكُوعًا: وَهُوَ رَفْعُ رَأْسٍ،   [منح الجليل] بَطَلَتْ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ وَلَمْ يَحْكُوا فِيهِ الْخِلَافَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمْ رَاعَوْا الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى شَاذٍّ. (وَ) بَطَلَتْ (بِتَرْكِ رُكْنٍ) سَهْوًا (وَطَالَ) الزَّمَنُ وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ فَقَالَ (كَ) تَرْكِ (شَرْطٍ) لِصِحَّتِهَا مِنْ طَهَارَةِ حَدَثٍ مُطْلَقًا وَطَهَارَةِ خَبَثٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ إنْ ذَكَرَ، وَقَدَّرَ فِي الثَّلَاثَةِ وَإِنْ سَهَا عَنْ رُكْنٍ (وَ) لَمْ يَطُلْ (تَدَارُكُهُ) أَيْ فَعَلَ الْمُصَلِّي الرُّكْنَ (إنْ لَمْ يُسَلِّمْ) مِنْ الْأَخِيرَةِ مُعْتَقِدًا كَمَالَ صَلَاتِهِ بِأَنْ لَمْ يُسَلِّمْ أَصْلًا أَوْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَلَطًا فَيَأْتِي بِالرُّكْنِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، فَإِنْ سَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَاتَ تَدَارُكُهُ لِأَنَّ السَّلَامَ رُكْنٌ حَصَلَ بَعْدَ رَكْعَةٍ فِيهَا خَلَلٌ فَأَشْبَهَ عَقْدَ رَكْعَةٍ بَعْدَهَا فَيَبْنِي إنْ قَرُبَ سَلَامُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ بِأَنْ يَجْلِسَ وَيَنْوِيَ إكْمَالَ الصَّلَاةِ وَيُكَبِّرَ تَكْبِيرَةَ إحْرَامٍ رَافِعًا يَدَيْهِ مَعَهَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَيَقُومَ فَيَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ أَخِيرَةٍ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ بَعْدَهُ، فَإِنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ هَذَا إنْ تَرَكَ الرُّكْنَ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ. (وَ) إنْ سَهَا عَنْ رُكْنٍ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ تَدَارَكَهُ إنْ (لَمْ يَعْقِدْ) تَارِكُهُ (رُكُوعًا) مِنْ رَكْعَةٍ أَصْلِيَّةٍ تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ، فَإِنْ عَقَدَهُ فَاتَ تَدَارُكُهُ، فَإِنْ كَانَ التَّرْكُ مِنْ الْأُولَى بَطَلَتْ وَنَابَتْ عَنْهَا الْمَعْقُودَةُ فَتَرْجِعُ الثَّانِيَةُ أُولَى، وَخَرَجَ بِأَصْلِيَّةٍ عَقْدُ رَكْعَةٍ زَائِدَةٍ كَخَامِسَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ، وَرَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ، وَثَالِثَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ، وَثَانِيَةٍ فِي أُحَادِيَّةٍ، فَلَا يَمْنَعُ عَقْدُ تَدَارُكِ رُكْنِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ شَرْعًا فَهِيَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَيُكْمِلُ الرَّكْعَةَ النَّاقِصَةَ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. (وَهُوَ) أَيْ عَقْدُ الرُّكُوعِ الْمُفِيتُ تَدَارُكَ الرُّكْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (رَفْعُ رَأْسٍ) مِنْ الرُّكُوعِ مَعَ الِاعْتِدَالِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فَالرَّفْعُ بِلَا اعْتِدَالٍ أَوْ بِلَا طُمَأْنِينَةٍ لَيْسَ عَقْدًا. وَقَالَ أَشْهَبُ مُجَرَّدُ الِانْحِنَاءِ لِحَدِّ الرُّكُوعِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عَشْرِ مَسَائِلَ أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 315 إلَّا لِتَرَك رُكُوعٍ، فَبِالِانْحِنَاءِ: كَسِرٍّ وَتَكْبِيرِ عِيدٍ، وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، وَذِكْرِ بَعْضٍ، وَإِقَامَةِ مَغْرِبٍ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهَا،   [منح الجليل] إلَّا لِتَرْكِ رُكُوعٍ) مِنْ رَكْعَةٍ سَهْوًا (فَ) يَفُوتُ تَدَارُكُهُ (بِالِانْحِنَاءِ) لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ فِيهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ شب يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الِانْحِنَاءِ بِقُرْبِ رَاحَتَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، وَأَمَّا تَرْكُ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَا يُفِيتُهُ إلَّا رَفْعُ الرَّأْسِ مِنْ رُكُوعِ التَّالِيَةِ. فَإِنْ ذَكَرَهُ مُنْحَنِيًا فِي رُكُوعِ التَّالِيَةِ رَفَعَ بِنِيَّةِ رَفْعِ رَكْعِ السَّابِقَةِ وَأَعَادَ السُّجُودَ لِبُطْلَانِهِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الرَّفْعِ. وَشَبَّهَ فِي الْفَوَاتِ بِالِانْحِنَاءِ فَقَالَ (كَ) تَرْكِ (سِرٍّ) بِمَحَلِّهِ مِنْ فَرْضِ سَهْوٍ أَوْ أَبْدَلَهُ بِمَا زَادَ عَلَى أَدْنَى جَهْرٍ وَلَمْ يَتَذَكَّرْهُ حَتَّى انْحَنَى لِرُكُوعِ نَفْسِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَرَكَ مِنْهَا السِّرَّ، فَلَا يَرْجِعُ لَهُ وَإِنْ رَجَعَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ لِسُنَّةٍ وَمِثْلُهُ تَرْكُ الْجَهْرِ وَإِبْدَالُهُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ وَالسُّورَةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ بِفَرْضٍ. (وَ) تَرْكِ جِنْسِ (تَكْبِيرِ) صَلَاةِ (عِيدِ) فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى أَيْ التَّكْبِيرِ بَيْنَ الْإِحْرَامِ أَوْ الْقِيَامِ مِنْ الْأُولَى وَالْقِرَاءَةِ سَهْوًا فَيَفُوتُ تَدَارُكُهُ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَرَكَ تَكْبِيرَهَا، وَسَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ وَلَوْ لِتَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. (وَ) تَرَكَ (سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ) سَهْوًا فَتَفُوتُ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَرَأَ فِيهَا آيَةَ السَّجْدَةِ، إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا أَعَادَ الْآيَةَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَسَجَدَ وَهَلْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَتْ فَرْضًا فَلَا يُعِيدُهَا فِي الثَّانِيَةِ. (وَذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ (بَعْضَ) أَيْ رُكْنَ أَوْ قَبْلِيٍّ عَنْ ثَلَاثٍ تَرَكَهُ سَهْوًا مِنْ صَلَاةٍ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى أَحْرَمَ بِهَا عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْ الْأُولَى فَيَفُوتُ بِانْحِنَائِهِ لِرُكُوعِ الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ الرُّكْنُ أَوْ الْقَبْلِيُّ مِنْ فَرْضٍ وَذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ. وَذَكَرَهُ فِي نَفْلٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ نَفْلٍ وَذَكَرَهُ فِي فَرْضٍ فَاتَ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) كَ (إقَامَةِ مَغْرِبٍ) لِصَلَاةِ رَاتِبٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُكَلَّفِ (وَهُوَ) مُتَلَبِّسٌ (بِ) صِلَاتِ (هَا) أَيْ الْمَغْرِبِ فَذًّا فِي مَحَلِّ الرَّاتِبِ فَيَفُوتُ قَطْعُهَا بِمُجَرَّدِ انْحِنَائِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 316 وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ بِإِحْرَامٍ، وَلَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ، وَجَلَسَ لَهُ   [منح الجليل] لِرُكُوعِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا فَرْضًا وَالْخُرُوجُ بِهَيْئَةِ الرَّاعِفِ، فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الِانْحِنَاءِ قَطَعَهَا وَأَحْرَمَ مُقْتَدِيًا بِالرَّاتِبِ وُجُوبًا هَذَا وَالْمُعْتَمَدُ فَوَاتُ قَطْعِهَا بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْ سَجْدَتَيْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِاعْتِدَالِهِ جَالِسًا. (وَ) إنْ سَهَا عَنْ رُكْنٍ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَسَلَّمَ مُعْتَقِدًا الْكَمَالَ فَاتَ تَدَارُكُ الرُّكْنِ وَبَطَلَتْ الرَّكْعَةُ وَ (بَنَى) الْمُصَلِّي وُجُوبًا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ جِنْسِ الرَّكَعَاتِ (إنْ قَرُبَ) تَذَكُّرُهُ عَقِبَ سَلَامِهِ بِالْعُرْفِ (وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ طَالَ بِالْعُرْفِ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا مَنْ سَهَا عَنْ سَجْدَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ أَوْ عَنْ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ بَنَى فِيمَا قَرُبَ. وَإِنْ تَبَاعَدَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ. أَبُو الْحَسَنِ حَدُّ الْقُرْبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الصَّفَّانِ وَالثَّلَاثَةُ أَوْ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ طُولٌ بِاتِّفَاقٍ اهـ. وَمِثْلُ الطُّولِ الْحَدَثُ وَسَائِرُ الْمُنَافِيَاتِ كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَكَلَامٍ وَصِلَةُ بَنَى (بِإِحْرَامٍ) أَيْ نِيَّةِ تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ وَتَكْبِيرٍ لِلدُّخُولِ فِيهَا وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا وَنُدِبَ رَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَهُ. (وَلَمْ تَبْطُلْ) الصَّلَاةُ (بِتَرْكِهِ) أَيْ الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ وَأَمَّا نِيَّةُ الْإِكْمَالِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا. وَلَوْ قَرُبَ جِدًّا اتِّفَاقًا قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ فِي الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ بَلْ النِّيَّةُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لَهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّلَامَ مَعَ اعْتِقَادِ الْكَمَالِ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ يَرَى أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وُجُوبُ الْإِحْرَامِ. وَلَوْ قَرُبَ الْبِنَاءُ جِدًّا وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْإِحْرَامِ إنْ قَرُبَ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْإِحْرَامِ بِمَعْنَى النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ لَا فِي التَّكْبِيرِ فَقَطْ اهـ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ. أَقُول الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عبق إذْ لَا يَتَأَتَّى تَكْمِيلٌ بِلَا نِيَّةٍ وَلِقَوْلِهِ وَجَلَسَ لَهُ (وَجَلَسَ) الْبَانِي (لَهُ) أَيْ لِلْإِحْرَامِ بِمَعْنَى التَّكْبِيرِ لِيَأْتِيَ بِهِ مِنْ جُلُوسٍ إنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السَّلَامِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 317 عَلَى الْأَظْهَرِ وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ التَّشَهُّدَ، وَسَجَدَ إنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ وَرَجَعَ تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ، وَلَا سُجُودَ. وَإِلَّا فَلَا. وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَجَعَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ   [منح الجليل] لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ الصَّلَاةَ مِنْهَا. وَأَمَّا قِيَامُهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَلَمْ يَكُنْ بِقَصْدِ الصَّلَاةِ وَصِلَةُ جَلَسَ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. وَقِيلَ يُكَبِّرُ قَائِمًا وَلَا يَجْلِسُ. وَقِيلَ يُكَبِّرُ قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ، وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَمَوْضُوعُ الْخِلَافِ إذَا سَلَّمَ مِنْ الْأَخِيرَةِ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ تَارِكًا رُكْنًا مِنْهَا سَهْوًا وَتَذَكَّرَهُ بَعْدَ قِيَامِهِ وَيَجْرِي أَيْضًا فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ ثُنَائِيَّةٍ مُعْتَقِدًا التَّمَامَ وَتَذَكَّرَ عَقِبَ قِيَامِهِ. وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ مِنْ وَاحِدَةٍ تَامَّةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ تَامَّاتٍ وَتَذَكَّرَ عَقِبَ جُلُوسِهِ أَوْ قِيَامِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِحَالَةِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ فِيهَا لِأَنَّهَا الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ فِيهَا وَلَا يَجْلِسُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَأَعَادَ تَارِكُ السَّلَامِ) سَهْوًا (التَّشَهُّدَ) عَقِبَ الْإِحْرَامِ اسْتِنَانًا جَالِسًا لِيَقَعَ سَلَامُهُ عَقِبَ تَشَهُّدٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. وَهَذَا إذَا طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا أَوْ فَارَقَ مَكَانَهُ (وَسَجَدَ) لِلسَّهْوِ بَعْدَ سَلَامِهِ بِلَا إعَادَةِ تَشَهُّدٍ (إنْ) كَانَ (انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ) انْحِرَافًا كَثِيرًا بِلَا طُولٍ أَصْلًا. فَإِنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا اعْتَدَلَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ كَثِيرًا بَطَلَتْ انْحَرَفَ أَمْ لَا فَارَقَ مَكَانَهُ أَمْ لَا (وَرَجَعَ) اسْتِنَانًا (تَارِكُ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ) أَيْ جُلُوسِ غَيْرِ السَّلَامِ سَهْوًا لَهُ (إنْ لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ) جَمِيعًا بِأَنْ بَقِيَ بِهَا وَلَوْ يَدًا أَوْ رُكْبَةً. (وَلَا سُجُودَ) لِهَذِهِ النَّهْضَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ فَارَقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ جَمِيعًا (فَلَا) يَرْجِعُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ سَلَامِهِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمُتَابَعَةِ إمَامِهِ وُجُوبًا وَيُفْهَمُ هَذَا بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ (وَلَا تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (إنْ رَجَعَ) الْمُصَلِّي لِلْجُلُوسِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ جَمِيعًا إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ قَائِمًا بَلْ (وَلَوْ) رَجَعَ عَمْدًا بَعْدَ أَنْ (اسْتَقَلَّ) قَائِمًا وَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ. فَإِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 318 وَتَبِعَهُ مَأْمُومُهُ وَسَجَدَ بَعْدَهُ: كَنَفْلٍ لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ، وَإِلَّا كَمَّلَ أَرْبَعًا وَفِي الْخَامِسَةِ مُطْلَقًا، وَسَجَدَ قَبْلَهُ فِيهِمَا وَتَارِكُ رُكُوعٍ يَرْجِعُ   [منح الجليل] رَجَعَ بَعْدَ قِرَاءَتِهَا كُلِّهَا بَطَلَتْ وَإِذَا رَجَعَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ اسْتَقَلَّ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يَعْتَدُّ بِرُجُوعِهِ وَيَتَشَهَّدُ فَإِنْ قَامَ بِلَا تَشَهُّدٍ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِبُطْلَانِهَا بِرُجُوعِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ. (وَتَبِعَهُ) أَيْ الْإِمَامَ الَّذِي رَجَعَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ اسْتَقَلَّ أَوَّلًا (مَأْمُومُهُ) فِي الرُّجُوعِ وُجُوبًا (وَسَجَدَ) لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ (بَعْدَهُ) أَيْ السَّلَامِ لِأَنَّ جُلُوسَهُ وَتَشَهُّدَهُ مُعْتَدٌّ بِهِمَا فَقَدْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ وَالْجُلُوسِ لَهُ الْمَطْلُوبَيْنِ مِنْهُ فَلَيْسَ مَعَهُ إلَّا زِيَادَةُ الْقِيَامِ. وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ لِلْجُلُوسِ وَالسُّجُودِ بَعْدَهُ فَقَالَ (كَ) مَنْ قَامَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ (نَفْلٍ) سَاهِيًا وَ (لَمْ يَعْقِدْ ثَالِثَتَهُ) أَيْ النَّفْلِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا فَيَرْجِعُ لِلْجُلُوسِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الْقِيَامِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَقَدَ ثَالِثَتَهُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا قَبْلَ ذِكْرِهِ (كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَمَّ النَّفَلَ (أَرْبَعًا) مِنْ الرَّكَعَاتِ وُجُوبًا إلَّا النَّفَلَ الْمَحْدُودَ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ فَلَا يُكْمِلُهُ أَرْبَعًا لِأَنَّ زِيَادَةَ مِثْلِهِ تُبْطِلُهُ (وَ) إنْ صَلَّى النَّفَلَ أَرْبَعًا وَقَامَا لِخَامِسَةٍ سَاهِيًا فَيَرْجِعُ وُجُوبًا (فِي الْخَامِسَةِ) رُجُوعًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ عَقْدِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْخِلَافِ إلَّا مَا قَوِيَ وَاشْتَهَرَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النَّفَلَ أَرْبَعٌ قَوِيٌّ مَشْهُورٌ وَالْقَوْلَانِ بِأَنَّهُ سِتٌّ أَوْ ثَمَانٌ لَمْ يَقْوَيَا وَلَمْ يَشْتَهِرَا فَلَمْ يُرَاعَيَا. (وَيَسْجُدُ قَبْلَهُ) أَيْ السَّلَامِ (فِيهِمَا) أَيْ تَكْمِيلُهُ أَرْبَعًا وَرُجُوعُهُ مِنْ الْخَامِسَةِ لِنَقْصِ السَّلَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ. وَإِنْ كَانَ فَرْضًا لَكِنَّهُ أَشْبَهَ السُّنَّةَ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَأَوْرَدَ أَنَّ مَنْ قَامَ لِزَائِدَةٍ فِي الْفَرْضِ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَقَدْ نَقَصَ السَّلَامُ مِنْ مَحَلِّهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْفَرْضِ مُجْمَعٌ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّتِهَا فَهِيَ مَعْدُومَةٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَكَانَ السَّلَامُ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ مَحَلِّهِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي النَّفْلِ فَقَدْ قِيلَ بِهَا فَاعْتُبِرَتْ فِي تَأَخُّرِ السَّلَامِ عَنْ مَحَلِّهِ. (وَتَارِكُ رُكُوعٍ) سَهْوًا وَتَذَكَّرَهُ جَالِسًا أَوْ رَافِعًا مِنْ السُّجُودِ (يَرْجِعُ) لَهُ حَالَ كَوْنِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 319 قَائِمًا. وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ وَسَجْدَةٍ يَجْلِسُ   [منح الجليل] قَائِمًا) لِيَنْحَطَّ لَهُ مِنْ قِيَامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ. فَإِنْ رَجَعَ لَهُ مُحْدَوْدِبًا بِلَا قَصْدٍ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِرُجُوعِهِ لَهُ مُحْدَوْدِبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ قَائِمًا انْحَطَّ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ فَوْرًا. (وَنُدِبَ) لَهُ (أَنْ يَقْرَأَ) شَيْئًا غَيْرَ الْفَاتِحَةِ لِأَنَّ تَكْرَارَهَا فِي رَكْعَةٍ مَمْنُوعٌ فَلَا يُفْعَلُ لِتَحْصِيلِ مَنْدُوبٍ وَلَوْ فِي ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ. وَإِنْ كُرِهَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا لَكِنْ رَخَّصَ فِيهَا لِيَكُونَ رُكُوعُهُ عَقِبَ قِرَاءَةٍ كَمَا هُوَ شَأْنُهُ وَتَارِكُ رَفْعٍ مِنْ رُكُوعٍ يَرْجِعُ مُحْدَوْدِبًا حَتَّى يَصِلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ ثُمَّ يَرْفَعَ بِنِيَّةِ الرَّفْعِ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ بِنَاءً عَلَى قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ قَائِمًا بِنِيَّةِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَيَسْجُدُ مِنْ قِيَامِهِ مِنْ غَيْرِ رُكُوعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ، وَعَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ الِانْحِطَاطُ لِلسُّجُودِ مِنْ قِيَامٍ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ رَجَعَ قَائِمًا فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ. (وَ) تَارِكُ (سَجْدَةٍ) سَهْوًا تَذَكَّرَهَا قَبْلَ عَقْدِ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِيهَا وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ رَافِعٌ (يَجْلِسُ) لِيَنْحَطَّ لَهَا مِنْهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُ الْأُولَى وَفِعْلُ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ مَتَى أَتَى بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ الْأُولَى قَطْعًا. وَلَوْ جَلَسَ قَبْلَهَا فَجُلُوسُهُ لَغْوٌ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا يُصَيِّرُهَا الْجُلُوسُ قَبْلَهَا ثَانِيَةً وَلَا فِعْلُهُ لَهَا بِقَصْدِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً وَهَذَا وَاضِحٌ. وَتَارِكُ السَّجْدَةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَرْجِعُ جَالِسًا مُطْلَقًا وَيَسْجُدُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَرْجِعُ سَاجِدًا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ بِأَنْ يَنْحَطَّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَذَكَرَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ جَلَسَ أَوَّلًا قَبْلَ نَهْضَتِهِ لِلْقِيَامِ عَقِبَ سَجْدَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ قَامَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَخِرُّ لَهَا مِنْ قِيَامِهِ وَلَا يَجْلِسُ قَبْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ قَبْلَ نَهْضَتِهِ فَيَجْلِسُ وَيَسْجُدُهَا مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ خَرَّ لَهَا مِنْ قِيَامٍ فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الثَّانِي الَّذِي رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 320 لَا سَجْدَتَيْنِ، وَلَا يُجْبَرُ رُكُوعُ أُولَاهُ بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ وَبَطَلَ بِأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ: الْأُوَلِ وَرَجَعَتْ الثَّانِيَةُ أَوْلَى بِبُطْلَانِهَا   [منح الجليل] لَا) يَجْلِسُ تَارِكُ (سَجْدَتَيْنِ) سَهْوًا تَذَكَّرَهُمَا قَائِمًا فَيَنْحَطُّ لَهُمَا مِنْهُ، وَإِنْ تَذَكَّرَهُمَا جَالِسًا قَامَ وَانْحَطَّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ فَإِنْ سَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ فَلَا تَبْطُلُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ إذْ الِانْحِطَاطُ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ غَيْرِ وَاجِبٍ، ذَكَرَهُ الْمُوضِحُ وَالْحَطّ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ مَقْصُودَةٌ، فَالِانْحِطَاطُ لَهُمَا مِنْهُ وَاجِبٌ، فَلَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَعَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ صَيَّرَتْهَا كَالسُّنَّةِ فَلِذَا جُبِرَتْ بِالسُّجُودِ. (وَلَا يُجْبَرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (رُكُوعُ أَوَّلَاهُ) الْمَنْسِيِّ سَجْدَتَاهُ (بِسُجُودِ ثَانِيَتِهِ) الْمَنْسِيِّ رُكُوعُهَا لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنِيَّةِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَنْصَرِفُ لِلْأُولَى. فَإِنْ تَذَكَّرَهُمَا جَالِسًا أَوْ سَاجِدًا قَامَ لِيَنْحَطَّ لَهُمَا مِنْ قِيَامٍ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَسَجَدَهُمَا مِنْ جُلُوسٍ فَقَدْ نَقَصَ الِانْحِطَاطُ فَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَنَسِيَ رُكُوعَ الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ وَسَجَدَ لَهَا سَجْدَةً أَوْ سَجْدَتَيْنِ فَلَا تُجْبَرُ سَجْدَةُ الْأُولَى بِسَجْدَةِ الثَّانِيَةِ. فَإِنْ تَذَكَّرَهَا جَالِسًا سَجَدَهَا حَالًا وَقَائِمًا جَلَسَ لَهَا. (وَبَطَلَ بِ) تَرْكِ (أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) سَهْوًا (مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ) الرَّكَعَاتُ الثَّلَاثَةُ (الْأُوَلُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ جَمْعُ أُولَى لِفَوَاتِ تَدَارُكِ سَجْدَةِ كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا بِعَقْدِ الَّتِي تَلِيهَا وَالرَّكْعَةُ الرَّابِعَةُ لَمْ يَفُتْ تَدَارُكُ سَجْدَتِهَا فَيَسْجُدُهَا وَتَصِيرُ أُولَى فَيَبْنِي عَلَيْهَا ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ، وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ الْأُولَى وَالزِّيَادَةِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْ مُعْتَقِدُ التَّمَامِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الرَّابِعَةُ أَيْضًا فَيَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ. (وَ) إنْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الْأُولَى سَهْوًا وَعَقَدَ الثَّانِيَةَ بَطَلَتْ الْأُولَى وَ (رَجَعَتْ) أَيْ صَارَتْ الرَّكْعَةُ (الثَّانِيَةُ) رَكْعَةً (أُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ (بِ) سَبَبِ (بُطْلَانِهَا) أَيْ الْأُولَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 321 لِفَذٍّ وَإِمَامٍ وَإِنْ شَكَّ فِي سَجْدَةٍ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا، سَجَدَهَا، وَفِي الْأَخِيرَةِ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ   [منح الجليل] بِتَرْكِ رُكْنِهَا وَفَوَاتِ تَدَارُكِهِ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ وَتَنَازُعٍ رَجَعَتْ وَبُطْلَانٍ (لِفَذٍّ وَإِمَامٍ) وَلِمَأْمُومِهِ تَبَعًا لَهُ فَيَبْنِي عَلَى الْأُولَى وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَتَرْجِعُ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً بِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ فَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيَبْنِي عَلَيْهَا وَيَسْجُدُ قَبْلُ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ، وَتَرْجِعُ الرَّابِعَةُ ثَالِثَةً فَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيَأْتِي بِرَابِعَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ وَمَفْهُومُ لِفَذٍّ وَإِمَامٍ أَنَّ رَكَعَاتِ الْمَأْمُومِ لَا تَنْقَلِبُ حَيْثُ سَلِمَتْ رَكَعَاتُ إمَامِهِ فَتَبْقَى عَلَى حَالِهَا لِبِنَاءِ صَلَاتِهِ عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ يَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَطَلَتْ عَلَى صِفَتِهَا مِنْ سِرٍّ أَوْ جَهْرٍ بِسُورَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا. وَمَحَلُّ انْقِلَابِ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ إنْ شَارَكَهُ بَعْضُ مَأْمُومِيهِ فِي السَّهْوِ وَإِلَّا فَلَا تَنْقَلِبُ رَكَعَاتُهُ. وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُ صَلَاتِهِ بِرَكْعَةٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ رَكْعَةِ النَّقْصِ بِصِفَتِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يُكْثِرْ وَاجِدًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ شَكَّ) الْمُصَلِّي غَيْرُ الْمُسْتَنْكَحِ (فِي) تَرْكِ (سَجْدَةٍ) أَوْ ظَنَّهُ أَوْ تَحَقَّقَهُ بِالْأُولَى وَ (لَمْ يَدْرِ مَحَلَّهَا) الَّذِي تُرِكَتْ مِنْهُ (سَجَدَهَا) حَالَ تَذَكُّرِهَا وُجُوبًا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ تَمَامَ مَا هُوَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَتَدَارُكُهَا مُمْكِنٌ، وَبِسُجُودِهَا يَزُولُ الشَّكُّ عَنْ هَذِهِ الرَّكْعَةِ وَيَنْحَصِرُ فِيمَا قَبْلَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهِ عَنْهُ أَيْضًا. (وَ) إنْ كَانَ شَكُّهُ فِي السَّجْدَةِ (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأَخِيرَةِ) مِنْ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَالْفَاءُ أَوْلَى مِنْ الْوَاوِ هُنَا بِأَنْ شَكَّ فِيهَا وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَسْجُدْهَا، وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّ الْمُحَقَّقَ لَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَ (يَأْتِي بِرَكْعَةٍ) بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ. وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِعَقْدِ مَا تَلِيهَا وَانْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ النَّقْصِ هَذَا إنْ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا سَجَدَهَا لِتَكْمِيلِ الرَّابِعَةِ وَأَتَى بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ بِرَكْعَةٍ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ لِاحْتِمَالِ تَرْكِهَا مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ، وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ يَأْتِي الشَّاكُّ فِي سَجْدَةٍ بِرَكْعَةٍ فَقَطْ إذْ الْمَطْلُوبُ رَفْعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 322 وَقِيَامِ ثَالِثَتِهِ بِثَلَاثٍ، وَرَابِعَتِهِ بِرَكْعَتَيْنِ، وَتَشَهُّدٍ وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً لَمْ يُتَّبَعْ، وَسُبِّحَ بِهِ،   [منح الجليل] الشَّكِّ بِأَقَلَّ مَا يُمْكِنُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّهُ قَالَ يَتَشَهَّدُ عَقِبَ السَّجْدَةِ لِأَنَّهَا مُصَحِّحَةٌ لِلرَّابِعَةِ وَهُوَ مِنْ تَمَامِهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُحَقَّقُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَلَيْسَتْ مَحَلًّا لِلتَّشَهُّدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. (وَ) إنْ كَانَ شَكُّهُ فِي السَّجْدَةِ فِي (قِيَامِ ثَالِثَتِهِ) أَوْ رُكُوعِهَا قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْهُ أَوْ فِي تَشَهُّدِ الثَّانِيَةِ فَيَجْلِسُ وَيَسْجُدُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَتَدَارُكُهَا مُمْكِنٌ. وَبَطَلَتْ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْهَا وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فَتَحَقَّقَتْ لَهُ رَكْعَةٌ بِهَا فَيَأْتِي (بِثَلَاثٍ) مِنْ الرَّكَعَاتِ أُولَاهَا بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَالْأَخِيرَتَانِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. فَإِنْ شَكَّ فِيهَا عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَلَا يَسْجُدُهَا لِفَوَاتِ تَدَارُكِهَا وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ، وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ نَقْصِ السُّورَةِ، هَذَا إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَأَمَّا الْمَأْمُومُ الَّذِي شَارَكَ فِيهَا عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الثَّالِثَةِ فَيُصَلِّي رَكْعَةً مَعَ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بَعْدَهُ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ. (وَ) إنْ كَانَ فِي قِيَامِ (رَابِعَتِهِ) جَلَسَ وَسَجَدَهَا لِتَكْمِيلِ الثَّالِثَةِ وَأَتَى (بِرَكْعَتَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَبَطَلَتْ بِانْعِقَادِ الَّتِي تَلِيهَا فَالْمُحَقَّقُ لَهُ رَكْعَتَانِ فَقَطْ (وَتَشَهَّدَ) اسْتِنَانًا عَقِبَ السَّجْدَةِ وَأَتَى بِرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَسَجَدَ قَبْلَ سَلَامِهِ إنْ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا سَجَدَ لِجَبْرِ الثَّالِثَةِ وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَصَلَّى مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً وَقَضَى بَعْدَ سَلَامِهِ رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ هَذِهِ الرَّكْعَةِ. (وَإِنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً) وَاحِدَةً فِي أُولَى رُبَاعِيَّةٍ وَتَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ سَهْوًا وَقَامَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (لَمْ يُتَّبَعْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ فَلَا يَتْبَعُهُ مَأْمُومُهُ فِي الْقِيَامِ لِلثَّانِيَةِ قَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ فَيَجْلِسُ (وَسُبِّحَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً، أَيْ قَالَ الْمَأْمُومُ سُبْحَانَ اللَّهِ (بِهِ) أَيْ لِأَجْلِ إفْهَامِ الْإِمَامِ سَهْوَهُ عَنْ السَّجْدَةِ. فَإِنْ رَجَعَ لَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 323 فَإِذَا خِيفَ عَقْدُهُ قَامُوا، فَإِذَا جَلَسَ قَامُوا: كَقُعُودِهِ بِثَالِثَةٍ، فَإِذَا سَلَّمَ أَتَوْا بِرَكْعَةٍ، وَأَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَسَجَدُوا قَبْلَهُ: وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ   [منح الجليل] فَذَاكَ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لَهَا فَلَا يُكَلِّمُونَهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ الَّذِي مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِهِ هُنَا لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ تَرَكُوا التَّسْبِيحَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِتَعَمُّدِهِمْ تَرْكَ السَّجْدَةِ. (فَإِذَا) لَمْ يَرْجِعْ الْإِمَامُ لِلسَّجْدَةِ الَّتِي تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى وَقَامَ لِلثَّانِيَةِ وَ (خِيفَ عَقْدُهُ) أَيْ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي قَامَ لَهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا (قَامُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ لِعَقْدِهَا مَعَهُ، فَإِنْ عَقَدَهَا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَى لِلْجَمِيعِ وَلَا يَسْجُدُونَ السَّجْدَةَ، وَإِنْ سَجَدُوهَا لَمْ تُجِزْهُمْ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ فَإِنْ رَجَعَ الْإِمَامُ إلَيْهَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ إعَادَتُهَا مَعَهُ عِنْدَهُ. (فَإِذَا جَلَسَ) الْإِمَامُ عَقِبَ الثَّانِيَةِ فِي ظَنِّهِ (قَامُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ فَلَا يَجْلِسُونَ مَعَهُ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُولَى وَشَبَّهَ فِي قِيَامِهِمْ إذَا جَلَسَ فَقَالَ (كَقُعُودِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِلتَّشَهُّدِ (بِثَالِثَةٍ) عَقِبَ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ فِي الْوَاقِعِ وَاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِينَ وَإِنْ ظَنَّهَا الْإِمَامُ رَابِعَةً. (فَإِذَا سَلَّمَ) الْإِمَامُ عَقِبَ تَشَهُّدِهِ لِظَنِّهِ كَمَالَ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ كَالْحَدَثِ فَلَا يُحْمَلُ عَنْهُمْ سَهْوًا وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ فَيُعِيدُونَهَا لَهُ وَ (أَتَوْا) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ (بِرَكْعَةٍ) بَعْدَ سَلَامِهِ (وَأَمَّهُمْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ صَلَّى إمَامًا لَهُمْ فِيهَا (أَحَدُهُمْ) إنْ شَاءُوا أَتَمُّوا أَفْذَاذًا وَصَحَّتْ لَهُمْ. (وَسَجَدُوا قَبْلَهُ) أَيْ السَّلَامِ لِنَقْصِ السُّورَةِ مِنْ رَكْعَةِ وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ فَلَا يُكَلِّمُونَهُ وَيَسْجُدُونَهَا وَيَجْلِسُونَ مَعَهُ وَيُسَلِّمُونَ مَعَهُ، وَإِنْ كَلَّمُوهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا. وَإِنْ رَجَعَ لِسُجُودِهَا بَعْدَ سُجُودِهِمْ فَلَا يُعِيدُونَهَا مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَصَحَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ. (وَإِنْ زُوحِمَ) بِضَمِّ الزَّايِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ بِوَعْدِ شَخْصٍ (مُؤْتَمٌّ) بِضَمِّ الْمِيمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 324 عَنْ رُكُوعٍ أَوْ نَعَسَ أَوْ نَحْوُهُ؛ اتَّبَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى، مَا لَمْ يَرْفَعْ مِنْ سُجُودِهَا،   [منح الجليل] وَسُكُونِ الْهَمْزِ أَيْ مُقْتَدٍ بِإِمَامٍ وَصِلَةُ زُوحِمَ (عَنْ رُكُوعٍ) مَعَ إمَامِهِ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ إتْيَانِ الْمَأْمُومِ بِأَدْنَى الرُّكُوعِ (أَوْ نَعَسَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ أَيْ نَامَ الْمُؤْتَمُّ نَوْمًا خَفِيفًا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْهُ كَذَلِكَ (أَوْ) حَصَلَ لِلْمُؤْتَمِّ (نَحْوُهُ) أَيْ النُّعَاسِ كَسَهْوٍ وَإِكْرَاهٍ وَحُدُوثِ مَرَضٍ مَنَعَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مَعَهُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ كَذَلِكَ (اتَّبَعَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ مِنْهُ وَأَدْرَكَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ سُجُودٍ أَوْ جُلُوسٍ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ وُجُوبًا وَصِلَةُ اتَّبَعَهُ (فِي غَيْرِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ لِلْمَأْمُومِ لِثُبُوتِ مَأْمُومِيَّتِهِ بِإِدْرَاكِهِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى بِرُكُوعِهِ مَعَهُ فِيهَا وَصِلَةُ اتَّبَعَهُ: (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ مُدَّةُ كَوْنِ الْإِمَامِ (لَمْ يَرْفَعْ) رَأْسَهُ (مِنْ) تَمَامِ (سُجُودِهَا) أَيْ الرَّكْعَةِ غَيْرِ الْأُولَى بِأَنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَرْكَعُ وَيَرْفَعُ وَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ أَوْ مَعَ جُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَيَسْجُدُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مَعَهُ أَوْ يَسْجُدُ السَّجْدَةَ الْأُولَى مَعَ سُجُودِ الْإِمَامِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهَا. فَإِنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ وَاتَّبَعَهُ فَرَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ لُحُوقِهِ فِيهَا أَلْغَى مَا فَعَلَهُ وَانْتَقَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ وَقَضَى رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَمَفْهُومُ مَا لَمْ يَرْفَعْ إلَخْ أَنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ رَكَعَ وَرَفَعَ لَا يُدْرِكُهُ فِي السُّجُودِ أَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْكَعُ وَيَنْتَقِلُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا هُوَ فِيهِ وَيَقْضِيهَا بَعْدَ سَلَامِهِ، فَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَرَكْعَتُهُ فَلَا يَقْضِيهَا عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ. وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ فِيهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ اعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فَإِنْ أَلْغَاهَا فَلَا تَبْطُلُ. وَمَفْهُومُ فِي غَيْرِ الْأُولَى إلْغَاءُ الْأُولَى لِلْمَأْمُومِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ انْحِنَاءِ الْمَأْمُومِ لِلرُّكُوعِ فَيَخِرُّ مَعَهُ سَاجِدًا وَيَقْضِي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ. فَإِنْ رَكَعَ وَرَفَعَ وَلَحِقَهُ بَطَلَتْ إنْ اعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ، إنْ أَلْغَاهُ فَلَا تَبْطُلُ وَيَحْمِلُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 325 أَوْ سَجْدَةٍ فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ تَمَادَى وَقَضَى رَكْعَةً، وَإِلَّا سَجَدَهَا، وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ   [منح الجليل] الْإِمَامُ وَمَفْهُومُ زُوحِمَ إلَخْ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَ إمَامِهِ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْضًا لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى أَيْضًا كَذِي الْعُذْرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِي الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ، إلَّا أَنَّ الْمَعْذُورَ لَا يَأْثَمُ وَغَيْرُهُ يَأْثَمُ. وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الرُّكُوعِ مَعَهُ فِي الْأُولَى لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ جَزَمَ بِهِ عج. وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ مَعَهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى وَحَتَّى رَفَعَ مِنْ سُجُودِهَا فَإِنْ أَتَى بِهِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ صَحَّتْ مَعَ الْإِثْمِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَنْ زُوحِمَ عَنْ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ مَعَ إمَامِهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ الرَّأْسِ. وَقِيلَ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ سَجْدَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الِانْحِنَاءِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَمَنْ زُوحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِرَفْعِ الرَّأْسِ (أَوْ) زُوحِمَ عَنْ (سَجْدَةٍ) أَوْ سَجْدَتَيْنِ مِنْ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ لِمَا تَلِيهَا. (فَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ) الْمَأْمُومُ (فِي) سُجُودِ (هَا) أَيْ السَّجْدَةِ الَّتِي زُوحِمَ هُوَ عَنْهَا أَيْ لَمْ يَتَحَقَّقْهُ أَوْ يَظُنَّهُ (قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ) الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِيهَا بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَجَدَهَا رَفَعَ إمَامُهُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا قَبْلَ لُحُوقِهِ أَوْ شَكَّ فِي هَذَا (تَمَادَى) الْمَأْمُومُ وُجُوبًا عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ أَوْ السَّجْدَتَيْنِ وَتَبِعَ إمَامَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ. فَإِنْ سَجَدَهَا وَلَحِقَ الْإِمَامَ، فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ صَحَّتْ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (وَقَضَى) الْمَأْمُومُ (رَكْعَةً) عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ بِصِفَةِ مَا فَاتَتْهُ (وَإِلَّا) لَمْ يَطْمَعْ بِأَنْ طَمِعَ فِيهَا أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَجَدَهَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ قَبْلَ عَقْدِ الَّتِي تَلِيهَا (سَجَدَهَا) وُجُوبًا وَلَحِقَ إمَامَهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ فَإِنْ تَخَلَّفَ اعْتِقَادُهُ أَوْ ظَنُّهُ وَعَقَدَ الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ دُونَهُ بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ الْأُولَى لِعَدَمِ إتْيَانِهِ بِسُجُودِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ. وَالثَّانِيَةُ لِعَدَمِ إدْرَاكِهِ رُكُوعَهَا مَعَ الْإِمَامِ. (وَ) إنْ تَمَادَى عَلَى تَرْكِ السَّجْدَةِ لِعَدَمِ طَمَعِهِ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ إمَامِهِ وَلَحِقَ الْإِمَامَ وَقَضَى رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِهِ فَ (لَا سُجُودَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ لِزِيَادَةِ رَكْعَةِ النَّقْصِ لِحَمْلِهَا الْإِمَامُ عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 326 إنْ تَيَقَّنَ وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ مُوجِبِهَا: يَجْلِسُ، وَإِلَّا اتَّبَعَهُ، فَإِنْ خَالَفَ عَمْدًا؛ بَطَلَتْ فِيهِمَا، لَا سَهْوًا فَيَأْتِي الْجَالِسُ بِرَكْعَةٍ، وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ:   [منح الجليل] إنْ تَيَقَّنَ) الْمَأْمُومُ تَرْكَ السَّجْدَةِ، فَإِنْ شَكَّ فِيهِ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الَّتِي أَتَى بِهَا بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لِكَوْنِهِ أَتَى بِالسَّجْدَةِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الرَّكْعَةُ عَمْدٌ وَالسُّجُودُ إنَّمَا هُوَ لِلسَّهْوِ قِيلَ هَذَا كَمَنْ شَكَّ فِي الْكَمَالِ فَبَنَى عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَكَمَّلَ، وَهَذَا يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِاحْتِمَالِ زِيَادَةِ مَا كَمَّلَ بِهِ وَهُوَ عَمْدٌ فَكَوْنُ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ أَغْلَبِيٌّ. (وَإِنْ قَامَ إمَامٌ لِخَامِسَةٍ) فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ ثَالِثَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ وَسَبَّحَ لَهُ فَلَمْ يَرْجِعْ (فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ) أَيْ عَدَمِ (مُوجِبِهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبِ الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي قَامَ الْإِمَامُ لَهَا (يَجْلِسُ) وُجُوبًا وَلَا يَقُومُ مَعَ الْإِمَامِ لِلرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا، وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ إنْ سَبَّحَ لِلْإِمَامِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ. أَنَّ لَهَا مُوجِبًا. وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالتَّسْبِيحِ أَشَارَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِالْإِشَارَةِ كَلَّمَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ الْمَأْمُومُ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا بِأَنْ تَيَقَّنَ مُوجِبَهَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ (اتَّبَعَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ وُجُوبًا إنْ ظَهَرَ لَهَا مُوجِبٌ فَظَاهِرٌ. وَإِنْ ظَهَرَ عَدَمُهُ سَجَدَ الْإِمَامُ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُتَّبِعُ لَهُ. (فَإِنْ خَالَفَ) الْمَأْمُومُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ (عَمْدًا) أَوْ جَهْلًا غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجُلُوسِ وَالِاتِّبَاعِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي الْوَاقِعِ (لَا) تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ خَالَفَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (سَهْوًا) فِيهِمَا. وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ (فَيَأْتِي) الْمَأْمُومُ الَّذِي لَمْ يَتَيَقَّنْ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ (الْجَالِسُ) سَهْوًا (بِرَكْعَةٍ) عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ قَضَاءً عَنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا الْإِمَامُ. (وَيُعِيدُهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ الَّتِي قَامَ لَهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُومُ الَّذِي تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْجُلُوسُ (الْمُتَّبِعُ) سَهْوًا لِلْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ، وَلَا تَجْزِيهِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ إمَامِهِ سَهْوًا. وَقِيلَ تَجْزِيهِ فَلَا يُعِيدُهَا وَهُمَا مُخْرَجَانِ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 327 وَإِنْ قَالَ: قُمْت لِمُوجِبٍ؛ صَحَّتْ لِمَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ، وَتَبِعَهُ وَلِمُقَابِلِهِ إنْ سَبَّحَ: كَمُتَّبِعٍ تَأَوَّلَ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ لَا لِمَنْ لَزِمَهُ   [منح الجليل] الْخِلَافِ فِيمَنْ ظَنَّ كَمَالَ صَلَاتِهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْ نَفْلٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ والْهَوَّارِيُّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمَشْهُورُ الْإِعَادَةُ نَقَلَهُ الْحَطّ وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُودَ الْقَوْلِ بِالْإِعَادَةِ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ وَأَجْزَأَتْ تَابِعَهُ سَهْوًا فِيهَا. وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ يَقْضِي رَكْعَةً فِي قَوْلِهِ أُسْقِطَتْ سَجْدَةٌ لَا أَعْرِفُهُ وَقَوْلُهُ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ صَلَّى نَفْلًا إثْرَ فَرْضٍ اعْتَقَدَ تَمَامَهُ فَتَبَيَّنَ نَقْصُهُ رَكْعَتَيْنِ وَاضِحٌ فَرَّقَهُ. اهـ. وَهُوَ أَنَّ الْمَقِيسَ سَهْوٌ فِي الْفِعْلِ بِلَا تَحَوُّلِ نِيَّةٍ بَلْ مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الذُّهُولِ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ تَبَدَّلَتْ فِيهِ النِّيَّةُ سَهْوًا أَوْ نَوَى الْفِعْلَ مِنْ صَلَاةٍ أُخْرَى لَا مِنْ تَمَامِ الْأُولَى، وَلَا مَعَ الذُّهُولِ بِالْكُلِّيَّةِ وَصَحَّتْ صَلَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا. فَقَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ) الْإِمَامُ (قُمْت) لِلرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ (لِمُوجِبٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبٍ مِنْ تَرْكِ رُكْنٍ سَهْوًا مِنْ إحْدَى الرَّكَعَاتِ الْأَصْلِيَّةِ وَفَاتَنِي تَدَارُكُهُ بِعَقْدِ رُكُوعِ الَّتِي تَلِيهَا فَتَغَيَّرَ اعْتِقَادًا لِمُتَّبِعِ صَوَابِهِ إسْقَاطُ الْوَاوِ مِنْهُ وَإِدْخَالُهَا عَلَى قَوْلِهِ (صَحَّتْ) الصَّلَاةُ (لِمَنْ) أَيْ الْمَأْمُومِ الَّذِي (لَزِمَهُ اتِّبَاعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا (وَتَبِعَهُ) بِالْفِعْلِ وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَيْهِ (وَ) صَحَّتْ (لِمُقَابِلِهِ) أَيْ مَنْ لَزِمَهُ اتِّبَاعَهُ وَهُوَ مَنْ لَزِمَهُ الْجُلُوسُ لِتَيَقُّنِهِ انْتِفَاءَ الْمُوجِبِ وَجَلَسَ (إنْ سَبَّحَ) لِتَفْهِيمِ الْإِمَامِ قِيَامَهُ لِزَائِدَةٍ فَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فَاسْتَمَرَّ الْجَالِسُ عَلَى يَقِينِهِ زِيَادَتِهَا. وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَ) صَلَاةِ مَأْمُومٍ (مُتَّبِعٍ) لِلْإِمَامِ فِي الزَّائِدَةِ الَّتِي تَيَقَّنَ انْتِفَاءَ مُوجِبِهَا (تَأَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَنَّ (وُجُوبَهُ) أَيْ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ فِي الزَّائِدَةِ لِكَوْنِهِ مَأْمُومًا لَهُ وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» فَهِيَ صَحِيحَةٌ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ لِعُذْرِهِ بِتَأْوِيلِهِ وُجُوبَ الِاتِّبَاعِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيهِ إذَا لَمْ يَقُلْ الْإِمَام قُمْت لِمُوجِبٍ فَأَوْلَى إنْ قَالَهُ (لَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ (لِمَنْ) أَيْ الْمَأْمُومِ (لَزِمَهُ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 328 اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ. وَلَمْ يُجْزِ مَسْبُوقًا عَلِمَ بِخَامِسِيَّتِهَا، وَهَلْ كَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ تُجْزِ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ؟ قَوْلَانِ   [منح الجليل] الْمَأْمُومَ (اتِّبَاعُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) لِتَرْكِ رُكْنٍ مِنْ إحْدَى الرَّكَعَاتِ السَّابِقَةِ فَاتَ تَدَارُكُهُ وَانْقِلَابُ الرَّكَعَاتِ، وَلَكِنْ جَزَمَ الْمَأْمُومُ بِانْتِفَاءِ الْمُوجِبِ فَجَلَسَ كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ الزِّيَادَةَ. (وَلَمْ يَتْبَعْ) الْإِمَامَ فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي قَامَ لَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَامَ لِمُوجِبٍ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ. فَقَوْلُهُ فَمُتَيَقِّنُ انْتِفَاءِ مُوجِبِهَا يَجْلِسُ، أَيْ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يُسَبِّحَ وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ يَقِينُهُ (وَلَمْ تُجْزِ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ لَا تَكْفِي الرَّكْعَةُ الزَّائِدَةُ الَّتِي صَلَّاهَا الْإِمَامُ سَهْوًا مَأْمُومًا (مَسْبُوقًا) بِرَكْعَةٍ مَثَلًا (عَلِمَ) الْمَسْبُوقُ (بِخَامِسِيَّتِهَا) أَيْ بِكَوْنِهَا خَامِسَةً وَتَبِعَ الْإِمَامَ فِيهَا عَنْ رَكْعَةِ قَضَاءٍ لِكَوْنِهِ صَلَّاهَا بِنِيَّةِ الزِّيَادَةِ لَا الْقَضَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ أُولَى الْمَسْبُوقِ أَمْ لَا. وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ رَكْعَةً فَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا وَيَقْضِي مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ عَقِبَ سَلَامِهِ إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُجْمِعُ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ. فَإِنْ لَمْ يَقُلْ قُمْت لِمُوجِبٍ أَوْ أَجْمَعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ تُجْزِيهِ الرَّكْعَةُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ مُعْتَقِدًا زِيَادَتَهَا عَنْ رَكْعَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَهَا رَابِعَةً وَأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْأُولَى الَّتِي فَاتَتْهُ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَ الْإِمَامِ ظَهَرَ بُطْلَانُهَا. وَانْقِلَابُ رَكَعَاتِ الْإِمَامِ فَهَذِهِ الرَّكْعَةُ رَابِعَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ دُونَ الظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ وَرَابِعَةٌ فِي الظَّاهِرِ وَالْوَاقِعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَأْمُومِ. (وَهَلْ) لَا تُجْزِئُ الْخَامِسَةُ الْمَسْبُوقَ (كَذَا) أَيْ كَعَدَمِ إجْزَائِهَا إنْ عَلِمَ خَامِسِيَّتَهَا (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمَسْبُوقُ خَامِسِيَّتَهَا حَالَ اتِّبَاعِ الْإِمَامِ فِيهَا مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَجْمَعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ مُوجِبِهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ تُجْزِئُ) إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ) فَلَا تُجْزِئُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 329 وَتَارِكُ سَجْدَةً مِنْ كَأُولَاهُ: لَا تُجْزِئُهُ الْخَامِسَةُ إنْ تَعَمَّدَهَا.   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا وُجُودَ لَهُ وَالْمَوْجُودُ إجْزَاؤُهَا غَيْرُ الْعَالِمِ بِخَامِسِيَّتِهَا مُطْلَقًا إنْ قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَإِجْزَاؤُهَا إلَّا أَنْ يُجْمِعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ. فَلَوْ قَالَ وَأَجْزَأَتْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ إلَخْ الطَّابَقُ النَّقْلُ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ لَمْ تَجُزْ الرَّكْعَةُ قَطْعًا وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ أَفَادَهُ الْحَطّ وَتَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ ذَكَرَهُ. وَحَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرَ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي إجْزَاءِ الْخَامِسَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَعَدَمِ إجْزَائِهَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ قُمْت لِمُوجِبٍ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُمَا بِالْعَالِمِ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَالْقَوْلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا هُوَ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْإِجْزَاءُ، إلَّا أَنْ يُجْمِعَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ وَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي الْعَالِمِ وَذَكَرَ فِي غَيْرِ الْعَالِمِ الْخِلَافَ بِعَدَمِهِ مُطْلَقًا وَالْإِجْزَاءَ إلَّا أَنْ يُجْمِعَ مَأْمُومُوهُ عَلَى نَفْيِ الْمُوجِبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا لَا فِي الْعَالِمِ وَلَا فِي غَيْرِهِ. (وَتَارِكُ سَجْدَةٍ) مَثَلًا سَهْوًا (مِنْ) رَكْعَةٍ (كَأُولَاهُ) وَفَاتَهُ تَدَارُكُهَا بِعَقْدِ رَكْعَةٍ تَلِيهَا وَانْقَلَبَتْ رَكَعَاتُهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِهَذَا وَاعْتَقَدَ كَمَالَ صَلَاتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ خَامِسَةٍ (لَا تَجْزِيهِ) تِلْكَ الرَّكْعَةُ (الْخَامِسَةُ) عَنْ الرَّكْعَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ (إنْ تَعَمَّدَ) زِيَادَاتِ (هَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا بِنِيَّةِ الْجَبْرِ فَلَا بُدَّ مِنْ إتْيَانِهِ بِرَكْعَةٍ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ مَعَ تَعَمُّدِهِ زِيَادَةَ رَكْعَةٍ نَظَرًا لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ بَقَاءِ رَكْعَةٍ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَامَ لَهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْهَوَّارِيُّ الْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا نَظَرًا لِتَلَاعُبِهِ فِي نِيَّتِهِ حَكَاهُمَا الْحَطّ وَمَفْهُومُ إنْ تَعَمَّدَهَا إجْزَاؤُهَا إنْ زَادَهَا سَهْوًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجْزِيهِ لِفَقْدِ قَصْدِ الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ آنِفًا وَيُعِيدُهَا الْمُتَّبِعُ فَعَلَى هَذَا لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 330 فَصْلٌ) سَجَدَ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ بِلَا إحْرَامٍ وَسَلَامٍ: قَارِئٌ وَمُسْتَمِعٌ فَقَطْ إنْ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي سَجْدَة التِّلَاوَة] (فَصْلٌ) فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ (سَجَدَ) أَيْ طَلَبَ السُّجُودَ فِي أَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ وَهِيَ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَيْضًا عُدُولُهُ عَنْ الِاسْمِ إلَى الْفِعْلِ الَّذِي يَكْفِي فِي تَحَقُّقِ مَدْلُولِهِ وَاحِدٌ مِنْ أَفْرَادِ حَقِيقَتِهِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ. إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَعَلَى كُلٍّ انْدَفَعَ مَا أُورِدَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِاتِّحَادِهَا (بِشَرْطِ) صِحَّةِ (الصَّلَاةِ) فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا وَهُوَ عَامٌّ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ، وَالْخَبَثِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، أَوْ صَوْبَ السَّفَرِ لِرَاكِبِ الدَّابَّةِ بِإِضَافَتِهِ لِلْمَعْرِفَةِ وَبَاؤُهُ لِلْمُصَاحَبَةِ. (بِلَا إحْرَامٍ) أَيْ تَكْبِيرٍ مَعَ نِيَّةٍ وَرَفْعِ يَدَيْنِ قَبْلَ تَكْبِيرِ الْخَفْضِ. وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا وَبَاؤُهُ لِلْمُلَابَسَةِ (وَ) بِلَا تَشَهُّدٍ وَبِلَا (سَلَامٍ) وَفَاعِلُ سَجَدَ شَخْصٌ. (قَارِئٌ) بِدُونِ شَرْطٍ مِمَّا يَأْتِي فِي سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ (وَ) شَخْصٌ (مُسْتَمِعٌ) أَيْ قَاصِدٌ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ سَامِعِهَا بِلَا قَصْدٍ، وَيَنْحَطُّ الْقَائِمُ لَهَا مِنْ قِيَامِهِ وَلَا يَجْلِسُ قَبْلَهَا وَيَنْزِلُ الرَّاكِبُ لِسُجُودِهَا عَلَى الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَافِرًا سَفَرَ قَصْرٍ، وَإِلَّا فَلَهُ الْإِيمَاءُ بِهَا لِلْأَرْضِ لِجِهَةِ سَفَرِهِ. (إنْ جَلَسَ) الْمُسْتَمِعُ (لِيَتَعَلَّمَ) مِنْ الْقَارِئِ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَكَلِمَاتِهِ أَوْ أَحْكَامَهُ وَمَخَارِجَ حُرُوفِهِ وَمِثْلُ الْمُتَعَلِّمِ الْمُسْتَمِعُ الْمُعَلِّمُ. وَاحْتَرَزَ مِمَّنْ اسْتَمَعَ لِمُجَرَّدِ الثَّوَابِ أَوْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَالِاتِّعَاظِ بِهِ أَوْ السُّجُودِ فَلَا يُخَاطَبُونَ بِالسُّجُودِ، وَيَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ لِلتَّعَلُّمِ إنْ سَجَدَهَا الْقَارِئُ بَلْ (وَلَوْ تَرَكَ الْقَارِئُ) السَّجْدَةَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا فَسُجُودُهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ لَا يَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ إذَا تَرَكَهُ الْقَارِئُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 331 إنْ صَلَحَ لِيَؤُمَّ، وَلَمْ يَجْلِسْ لِيُسْمِعَ: فِي إحْدَى عَشْرَةَ، لَا ثَانِيَةِ الْحَجِّ وَالنَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ. وَهَلْ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ؟ خِلَافٌ، وَكَبَّرَ لِخَفْضٍ   [منح الجليل] إنْ صَلَحَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا أَيْ تَأَهَّلَ الْقَارِئُ (لِيَؤُمَّ) أَيْ لِيُصَلِّيَ إمَامًا لِكَوْنِهِ ذَكَرًا مُحَقَّقًا بَالِغًا عَاقِلًا مُتَوَضِّئًا وَلَوْ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ وَالْمُسْتَمِعُ قَادِرٌ عَلَيْهِ لِصَلَاحِيَتِهِ لِإِمَامَةِ مِثْلِهِ فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ (وَلَمْ يَجْلِسْ) الْقَارِئُ لِلْقِرَاءَةِ (لِيُسْمِعَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْقَارِئُ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ أَوْ صَوْتِهِ، فَإِنْ جَلَسَ لِلْإِسْمَاعِ فَلَا يُطْلَبُ مُسْتَمِعُهُ بِالسُّجُودِ لِأَنَّهُ مُرَاءٍ فَاسِقٌ. فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي تَرْجِيحُ صِحَّةِ إمَامَةِ فَاسِقِ الْجَارِحَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. قُلْت الْقِرَاءَةُ هُنَا كَالصَّلَاةِ وَالْمُتَعَلِّقُ فِسْقُهُ بِهَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى أَنَّ هَذَا شَرْطٌ زَائِدٌ عَلَى الصَّلَاحِيَةِ لِلْإِمَامَةِ فَلَا إيرَادَ أَصْلًا وَصِلَةُ سَجَدَ (فِي إحْدَى عَشْرَةَ) كَلِمَةً آخِرَ الْأَعْرَافِ، وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ، وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ، وَخُشُوعًا فِي الْإِسْرَاءِ، وَبُكِيًّا فِي مَرْيَمَ، وَمَا يَشَاءُ فِي الْحَجِّ، وَنُفُورًا فِي الْفُرْقَانِ، وَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ وَلَا يَسْتَكْبِرُونَ فِي السَّجْدَةِ، وَأَنَابَ فِي ص، وَتَعْبُدُونَ فِي فُصِّلَتْ. (لَا) فِي (ثَانِيَةِ الْحَجِّ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] (وَ) لَا فِي آخِرِ (النَّجْمِ وَ) لَا (الِانْشِقَاقِ وَ) لَا (الْقَلَمِ) لِعَدَمِ سُجُودِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَقُرَّائِهَا فِيهَا وَعَمَلُهُمْ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَسْخِهِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا لِأَنَّهُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِآخِرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَشَدُّهَا اتِّبَاعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَهَلْ) السُّجُودُ فِي الْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ (سُنَّةٌ) خَفِيفَةٌ (أَوْ فَضِيلَةٌ) مُسْتَحَبَّةٌ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ شَهَرَ السُّنِّيَّةَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ الْكَاتِبِ فَضِيلَةٌ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَاعِدَتُهُ تَشْهِيرُ مَا يُصَدِّرُ بِهِ وَهُوَ فِي سُجُودِ الْبَالِغِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى نَدْبِ سُجُودِ الصَّبِيِّ (وَكَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ نَطَقَ السَّاجِدُ لِلتِّلَاوَةِ بِالتَّكْبِيرِ (لِخَفْضٍ) لِلسَّجْدَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 332 وَرَفْعٍ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَصَ: وَأَنَابَ. وَفُصِّلَتْ: تَعْبُدُونَ وَكُرِهَ سُجُودُ شُكْرٍ، أَوْ زَلْزَلَةٍ، وَجَهْرٌ بِهَا بِمَسْجِدٍ، وَقِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ: كَجَمَاعَةٍ   [منح الجليل] وَرَفْعٍ) مِنْهَا إنْ سَجَدَهَا بِصَلَاةٍ بَلْ (وَلَوْ) سَجَدَهَا (بِغَيْرِ صَلَاةٍ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ سَجَدَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لَا يُكَبِّرُ لِخَفْضٍ وَلَا رَفْعٍ (وَصَ) مَحَلُّ السَّجْدَةِ فِيهَا (وَأَنَابَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ وَحُسْنَ مَآبٍ (وَفُصِّلَتْ) مَحَلُّهَا فِيهَا (تَعْبُدُونَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَسْأَمُونَ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ (سُجُودُ شُكْرٍ) فَالصَّلَاةُ لَهُ عِنْدَ بِشَارَةٍ بِمَسَرَّةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَاهُ أَمْرٌ فَسُرَّ بِهِ فَخَرَّ سَاجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى» ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِ (أَوْ) سُجُودُ (زَلْزَلَةٍ) وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ لِلزَّلْزَلَةِ وَنَحْوَهَا مِنْ الْآيَاتِ الْمُخَوِّفَةِ كَالْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ أَفْذَاذًا وَجَمَاعَةً رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ. وَعَنْ اللَّخْمِيِّ نَدْبُ رَكْعَتَيْنِ وَتَجِبُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ. (وَ) كُرِهَ (جَهْرٌ) أَيْ رَفْعُ الصَّوْتِ (بِهَا) أَيْ الْقِرَاءَةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ (بِمَسْجِدٍ) وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ بِتَلْحِينٍ) أَيْ تَطْرِيبِ صَوْتٍ لَا يُخْرِجُ عَنْ حَدِّ الْقِرَاءَةِ وَإِلَّا حَرُمَ، لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مُتَقَدِّمٍ ذَكَرًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَى جَوَازِهِ، بَلْ قَالَ إنَّهَا سُنَّةٌ وَاسْتَحْسَنَهُ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّ سَمَاعَهُ بِهِ يَزِيدُ غِبْطَةً بِالْقُرْآنِ وَإِيمَانًا وَيُكْسِبُ الْقَلْبَ خَشْيَةً، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» . وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ.» وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْخَلْقِ وَالْوُثُوقِ بِضَمَانِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ مَقْلُوبٌ أَيْ زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) قِرَاءَةِ (جَمَاعَةٍ) مَعًا بِصَوْتٍ وَاحِدٍ فَتُكْرَهُ لِمُخَالَفَةِ الْعَمَلِ وَلِتَأَدِّيهَا لِتَرْكِ بَعْضِهِمْ شَيْئًا مِنْهُ لِبَعْضٍ عِنْدَ ضِيقِ النَّفَسِ وَسَبْقِ الْغَيْرِ، وَلِعَدَمِ الْإِصْغَاءِ لِلْقُرْآنِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204] الجزء: 1 ¦ الصفحة: 333 وَجُلُوسٌ لَهَا، لَا لِتَعْلِيمٍ. وَأُقِيمَ الْقَارِئُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ.   [منح الجليل] الْأَعْرَافِ إنْ لَمْ تُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ وَإِلَّا حُرِّمَتْ. وَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ يَقْرَأُ أَحَدُهُمْ رُبُعَ حِزْبٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ الَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا فَقِيلَ مَكْرُوهٌ. وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَوَازَهُ الْبُنَانِيُّ هُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا وَجْهَ لِكَرَاهَتِهِ. قُلْت وَجْهُهَا مُخَالَفَتُهُ لِلْعَمَلِ فِي مُدَارَسَةِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَرْكِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ وَالْمُنَافَسَةِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ (وَ) كُرِهَ (جُلُوسٌ) أَيْ اسْتِمَاعُ قِرَاءَةٍ (لَهَا) أَيْ السَّجْدَةِ خَاصَّةً (لَا لِتَعْلِيمٍ) وَلَا لِتَعَلُّمٍ وَلَا لِقَصْدِ ثَوَابٍ فَإِنْ كَانَ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يُكْرَهُ. (وَأُقِيمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُمِرَ بِالْقِيَامِ (الْقَارِئُ) جَهْرًا بِرَفْعِ صَوْتِهِ (فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ) إنْ قَصَدَ دَوَامَهَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَرِينَةِ حَالِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ وَلَوْ فَقِيرًا مُحْتَاجًا، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَسُنَّةٌ قَدِيمَةٌ وَلَكِنْ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا لِلْعِلْمِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ. (وَفِي كُرْهِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ) الْمُتَعَلِّمِينَ مَعًا دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ أَمَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ (عَلَى) الْمُعَلِّمِ (الْوَاحِدِ) الْمُسْتَمِعِ لَهُمْ مَخَافَةَ خَطَأِ بَعْضِهِمْ وَعَدَمِ تَنَبُّهِ الْمُعَلِّمِ لَهُ لِاشْتِغَالِهِ بِسَمَاعِ قِرَاءَةِ غَيْرِهِ، فَيَظُنُّ الْمُخْطِئُ فِي قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْمُعَلِّمَ مُتَنَبِّهٌ لَهُ، وَأَنَّ قِرَاءَتَهُ صَحِيحَةٌ فَيَحْفَظُهَا وَيَنْسُبُهَا لِمُعَلِّمِهِ وَجَوَازِهَا (رِوَايَتَانِ) عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكَرِهَهَا أَوَّلًا وَرَآهَا خِلَافَ الصَّوَابِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى جَوَازِهَا. فَإِنْ قِيلَ حَيْثُ رَجَعَ عَنْهَا فَأَوْجَهُ نِسْبَتُهَا إلَيْهِ. قُلْت وَجْهُهَا أَنَّهَا اجْتِهَادٌ وَالْجَوَازُ اجْتِهَادٌ وَالِاجْتِهَادُ لَا يَنْقُضُ الِاجْتِهَادَ لِاحْتِمَالِ إصَابَةِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَعَكْسُهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي الْمُشْتَرَكَةِ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ فِيهَا ثَانِيًا بِخِلَافِ مَا قَضَى بِهِ فِيهَا أَوَّلًا فَقِيلَ لَهُ هَذَا خِلَافُ قَضَائِك الْأَوَّلِ، فَقَالَ ذَاكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْكَرَاهَةُ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى يَنْبَغِي مَزِيدُ الِاحْتِيَاطِ فِيهِ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ كَانَ فِي إفْرَادِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 334 وَاجْتِمَاعٌ لِدُعَاءٍ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَمُجَاوَزَتُهَا لِمُتَطَهِّرٍ. وَقْتَ جَوَازٍ وَإِلَّا، فَهَلْ يُجَاوِزُ مَحَلَّهَا أَوْ الْآيَةَ؟ تَأْوِيلَانِ، وَاقْتِصَارٌ عَلَيْهَا، وَأُوِّلَ بِالْكَلِمَةِ، وَالْآيَةِ.   [منح الجليل] كُلِّ قَارِئٍ بِالِاسْتِمَاعِ لَهُ مَشَقَّةٌ. فَإِنْ انْتَفَتْ فَالْكَرَاهَةُ اتِّفَاقًا. (وَ) كُرِهَ (اجْتِمَاعٌ لِكَدُعَاءٍ) وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَنَحْوَهُ (يَوْمَ عَرَفَةَ) وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ قُصِدَ بِهِ التَّشْبِيهُ بِالْحُجَّاجِ أَوْ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِلَّا فَيَنْدُبُ (وَ) كُرِهَ (مُجَاوَزَةُ) أَيْ تَعَدِّي مَحَلِّ (هَا) بِلَا سُجُودٍ عِنْدَهُ (لِ) شَخْصٍ (مُتَطَهِّرٍ) طَهَارَةً صُغْرَى وَصِلَةُ مُجَاوَزَةُ (وَقْتَ جَوَازٍ) لَهَا كَبَعْدَ فَرْضِ صُبْحٍ وَقَبْلَ إسْفَارٍ أَوْ فَرْضِ عَصْرٍ وَقَبْلَ اصْفِرَارٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا وَقْتَ جَوَازٍ بِأَنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ الْوَقْتُ وَقْتَ نَهْيٍ عَنْهَا كَوَقْتِ طُلُوعٍ أَوْ غُرُوبِ شَمْسٍ وَإِسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ. (فَهَلْ يُجَاوِزُ) أَيْ يَتْرُكُ (مَحَلَّهَا) أَيْ السَّجْدَةِ فَقَطْ بِلَا تِلَاوَةٍ لَهُ بِلِسَانِهِ، وَإِنْ اسْتَحْضَرَهُ بِقَلْبِهِ كَلَفْظِ يَسْجُدُونَ آخِرَ الْأَعْرَافِ، وَالْآصَالِ فِي الرَّعْدِ، وَيُؤْمَرُونَ فِي النَّحْلِ، وَخُشُوعًا فِي الْإِسْرَاءِ، وَيَقْرَأُ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ (أَوْ) يُجَاوِزُ (الْآيَةَ) بِتَمَامِهَا ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ لِئَلَّا يُغَيِّرَ الْمَعْنَى فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ اخْتِلَافٌ بَيْنَ شَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا. وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يُجَاوِزُ شَيْئًا وَيَقْرَأُ الْآيَةَ بِتَمَامِهَا لِأَنَّهُ إنْ حُرِمَ السُّجُودَ فَلَا يُحْرَمُ أَجْرَ الْقِرَاءَةِ. وَمَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُصَلِّيًا فَرْضًا وَإِلَّا فَيَسْجُدُهَا وَقْتَ النَّهْيِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ. (وَ) كُرِهَ (اقْتِصَارٌ عَلَيْهَا) قَالَ فِيهَا أَكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتَهَا خَاصَّةً لَا قَبْلَهَا شَيْءٌ وَلَا بَعْدَهَا شَيْءٌ. ثُمَّ يَسْجُدُهَا فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَأُوِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَهْمُ قَوْلِهَا أَكْرَهُ لَهُ قِرَاءَتَهَا خَاصَّةً (بِالْكَلِمَةِ) الَّتِي يَسْجُدُ عِنْدَهَا كَيَسْجُدُونَ وَالْآصَالِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْآيَةِ وَالسُّجُودِ (وَ) أُوِّلَ بِ (الْآيَةِ) أَيْضًا نَحْوَ قَوْله تَعَالَى {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] . وَنَحْوَ قَوْله تَعَالَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 335 قَالَ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَتَعَمُّدُهَا بِفَرِيضَةٍ أَوْ خُطْبَةٍ. لَا نَفْلٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَرَأَهَا فِي فَرْضٍ، لَا خُطْبَةٍ وَجَهَرَ إمَامُ السِّرِّيَّةِ وَإِلَّا اُتُّبِعَ   [منح الجليل] {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (وَ) التَّأْوِيلُ بِالْآيَةِ (هُوَ الْأَشْبَهُ) بِالْقَوَاعِدِ مِنْ الْأَوَّلِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْكَلِمَةِ (وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ) قِرَاءَةِ آيَاتِ (هَا) أَيْ السَّجْدَةِ (بِفَرِيضَةٍ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ صُبْحَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَعَمُّدِهَا وَلَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ فَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ وَلَيْسَ مِنْ تَعَمُّدِهَا الِاقْتِدَاءُ بِمَنْ يَتَعَمَّدُهَا فَلَا يُكْرَهُ. وَعُلِّلَتْ كَرَاهَةُ تَعَمُّدِهَا بِهَا بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَمَّهُ ذَمُّ {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: 21] ، وَإِنْ سَجَدَ زَادَ فِي سُجُودِ الْفَرِيضَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا إنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَفَسَادَ الْفَرِيضَةِ. قُلْت لَمَّا أَمَرَ الشَّارِعُ كُلَّ قَارِئٍ بِالسُّجُودِ عِنْدَهَا صَارَتْ مَحْضَةً. إنْ قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِي النَّفْلِ وَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِيهِ. قُلْت لَمَّا كَانَتْ نَافِلَةً وَالصَّلَاةُ نَافِلَةٌ كَانَتْ كَأَنَّهَا لَيْسَتْ زَائِدَةً مَحْضَةً. (أَوْ) بِ (خُطْبَةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِذَلِكَ (لَا) يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي (نَفْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَمِنَ التَّخْلِيطَ عَلَى مَأْمُومِيهِ أَمْ لَا فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ. (وَإِنْ قَرَأَهَا) أَيْ آيَةَ السَّجْدَةِ (فِي فَرْضٍ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَوْ عَمْدًا (سَجَدَ) وَلَوْ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَنْهَا لِتَبَعِيَّتِهَا لَهُ (لَا) يَسْجُدُ إنْ قَرَأَهَا فِي (خُطْبَةٍ) أَيْ يُكْرَهُ وَإِنْ سَجَدَ فَلَا تَبْطُلْ (وَجَهَرَ) نَدْبًا بِقِرَاءَةِ آيَةِ السَّجْدَةِ (إمَامُ) الصَّلَاةِ (السِّرِّيَّةِ) لِيُعْلِمَ مَأْمُومِيهِ سَبَبَ سُجُودِهِ فَيَتْبَعُونَهُ فِيهِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَسَجَدَ (اُتُّبِعَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ اتَّبَعَ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي سُجُودِهِ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَهْوِهِ، فَإِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 336 وَمُجَاوِزُهَا بِيَسِيرٍ: يَسْجُدُ وَبِكَثِيرٍ: يُعِيدُهَا بِالْفَرْضِ وَلَمْ يَنْحَنِ، وَبِالنَّفَلِ فِي ثَانِيَتِهِ، فَفِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ: قَوْلَانِ. وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَكَعَ سَهْوًا؛ اعْتَدَّ بِهِ وَلَا سَهْوَ   [منح الجليل] لَمْ يَتْبَعْهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُقْتَدَى بِهِ فِيهَا أَصَالَةً وَتَرْكُ الْوَاجِبِ الَّذِي لَيْسَ شَرْطًا لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَمْتَنِعُ اتِّبَاعُهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ. (وَمُجَاوِزُهَا) أَيْ مُتَعَدِّي الْكَلِمَةَ الَّتِي يُسْجَدُ عِنْدَهَا فِي التِّلَاوَةِ (بِيَسِيرٍ) مِنْ الْقُرْآنِ كَآيَتَيْنِ بِلَا سُجُودٍ عِنْدَهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا (يَسْجُدُ) عِنْدَ الْمَحَلِّ الَّذِي وَصَلَ إلَيْهِ فِي التِّلَاوَةِ دُونَ إعَادَةِ قِرَاءَةِ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ (وَ) مُجَاوِزُهَا (بِكَثِيرٍ) مِنْ الْقُرْآنِ كَثَلَاثِ آيَاتٍ (يُعِيدُ) قِرَاءَةَ آيَاتِ (هَا) أَيْ السَّجْدَةِ وَيَسْجُدُهَا عِنْدَ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَصِلَةُ يُعِيدُهَا (بِالْفَرْضِ) وَبِالنَّفَلِ بِالْأَوْلَى (مَا لَمْ يَنْحَنِ) لِلرُّكُوعِ فَإِنْ انْحَنَى لَهُ فَاتَ فِعْلُهَا فِي الرَّكْعَةِ الَّتِي انْحَنَى لِرُكُوعِهَا، وَلَا يُعِيدُ قِرَاءَةَ آيَتِهَا فِي ثَانِيَةِ الْفَرْضِ لِكَرَاهَةِ تَعَمُّدِهَا فِيهِ. (وَ) يُعِيدُهَا نَدْبًا (بِالنَّفْلِ فِي ثَانِيَتِهِ) لِيَسْجُدَهَا (فَفِي) إعَادَةِ آيَتِهَا وَ (فِعْلِهَا) أَيْ السَّجْدَةِ (قَبْلَ) قِرَاءَةِ (الْفَاتِحَةِ) لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ بَعْدَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالْفَاتِحَةُ وَاجِبَةٌ فَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الْفَاتِحَةِ كَفَتْ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، الْأَوَّلُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. (وَإِنْ قَصَدَهَا) أَيْ السَّجْدَةَ بِانْحِطَاطِهِ فَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهَا (فَرَكَعَ) أَيْ نَوَى بِانْحِنَائِهِ الرُّكُوعَ (سَهْوًا) أَيْ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ (اعْتَدَّ) أَيْ اكْتَفَى الْمُصَلِّي وَاحْتَسَبَ (بِهِ) أَيْ الرُّكُوعِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُهَا فَيَطْمَئِنُّ بِهِ وَيَرْفَعُ مِنْهُ وَفَاتَتْهُ السَّجْدَةُ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ أُولَى نَفْلٍ أَعَادَ آيَتَهَا فِي ثَانِيَتِهِ وَسَجَدَهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَإِلَّا فَلَا. (وَلَا سَهْوَ) أَيْ لَا سُجُودَ لِسَهْوِهِ عَنْ الْحَرَكَةِ لِلرُّكُوعِ وَقَالَ الْإِمَامُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 337 بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا أَوْ سُجُودٍ قَبْلَهَا سَهْوًا؛ قَالَ: وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ تَكْرِيرُهَا، إنْ، كَرَّرَ حِزْبًا. إلَّا الْمُعَلِّمَ وَالْمُتَعَلِّمَ فَأَوَّلُ مَرَّةٍ وَنُدِبَ لِسَاجِدِ الْأَعْرَافِ: قِرَاءَةٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ، وَلَا يَكْفِي مِنْهَا رُكُوعٌ، وَإِنْ: تَرَكَهَا وَقَصَدَهُ، صَحَّ وَكُرِهَ   [منح الجليل] لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَخِرُّ سَاجِدًا فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَخِرُّ سَاجِدًا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، إلَّا إذَا ذَكَرَهَا قَبْلَ طُمَأْنِينَتِهِ فِي رُكُوعِهِ (بِخِلَافِ تَكْرِيرِهَا) أَيْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ فَإِنْ كَرَّرَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (أَوْ سُجُودٍ) لِلتِّلَاوَةِ (قَبْلَ) قِرَاءَةِ مَحَلِّ (هَا) أَيْ السَّجْدَةِ لِظَنِّهِ أَنَّ الَّذِي قَرَأَهُ مَحَلُّهَا (سَهْوًا) فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ سَوَاءٌ قَرَأَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَسَجَدَ لَهَا أَمْ لَا. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَأَصْلُ) أَيْ قَاعِدَةُ (الْمَذْهَبِ) الْمَالِكِيِّ (تَكْرِيرُهَا) أَيْ السَّجْدَةِ (إنْ كَرَّرَ حِزْبًا) مَثَلًا فِيهِ مَحَلُّ سَجْدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا تَكْفِيهِ السَّجْدَةُ الْأُولَى (إلَّا) الشَّخْصَ (الْمُعَلِّمَ وَ) الشَّخْصَ (الْمُتَعَلِّمَ) الْمُكَرِّرَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ يَسْمَعُ (فَ) يَسْجُدُ (أَوَّلَ مَرَّةٍ) فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ، فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ عَلَى الْمَقُولِ. وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا سُجُودَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَمَنْ قَرَأَ مَوَاضِعَ السَّجَدَاتِ أَوْ مَوْضِعَيْنِ مِنْهَا فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ عِنْدَ كُلِّ مَوْضِعٍ اتِّفَاقًا وَلَوْ مُعَلِّمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا. (وَنُدِبَ لِسَاجِدِ) التِّلَاوَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ آخِرِ (الْأَعْرَافِ) مَثَلًا قِرَاءَةٌ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ الْقِرَاءَةِ إذْ فِيهَا جَمْعُ سُورَتَيْنِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْفَرْضِ، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (قِرَاءَةٌ) بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السَّجْدَةِ مِنْ الْأَفْعَالِ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْلَ رُكُوعِهِ) لِيَقَعَ عَقِبَ قِرَاءَةٍ كَمَا هِيَ سُنَّتُهُ (وَلَا يَكْفِي عَنْهَا) أَيْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَيْ بَدَلَهَا (رُكُوعٌ) سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ السَّجْدَةَ عَمْدًا (وَقَصَدَهُ) أَيْ الرُّكُوعَ بِانْحِطَاطٍ (صَحَّ) رُكُوعُهُ (وَكُرِهَ) تَرْكُهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 338 وَسَهْوًا اعْتَدَّ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، لَا ابْنِ الْقَاسِمِ، فَيَسْجُدُ إنْ اطْمَأَنَّ بِهِ. (فَصْلٌ) نُدِبَ نَفْلٌ، وَتَأَكَّدَ بَعْدَ مَغْرِبٍ: كَظُهْرٍ وَقَبْلَهَا:   [منح الجليل] وَ) إنْ تَرَكَهَا (سَهْوًا) عَنْهَا وَرَكَعَ وَتَذَكَّرَهَا رَاكِعًا (اعْتَدَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ (عِنْدَ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَوَاهُ أَشْهَبُ (لَا) عِنْدَ الْإِمَامِ (ابْنِ الْقَاسِمِ) فَيَخِرُّ سَاجِدًا ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْرَأُ شَيْئًا وَيَرْكَعُ (فَيَسْجُدُ) بَعْدَ السَّلَامِ (إنْ) كَانَ (اطْمَأَنَّ بِهِ) أَيْ بِرُكُوعِهِ الَّذِي تَذَكَّرَ فِيهِ تَرْكَهَا لِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ، وَأَوْلَى إذَا رَفَعَ مِنْهُ سَاهِيًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهَا فَرَفَعَ سَهْوًا إلَخْ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ قَصَدَ السُّجُودَ وَلَمَّا وَصَلَ لِحَدِّ الرُّكُوعِ نَسِيَهُ وَرَكَعَ، وَفِي هَذِهِ سَهَا عَنْ السَّجْدَةِ وَقَصَدَ الرُّكُوعَ وَلَمَّا رَكَعَ تَذَكَّرَهَا وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ. كَذَا قُرِّرَ وَالْحَقُّ التَّكْرَارُ لِأَنَّهُ إذَا قَصَدَ الرُّكُوعَ سَاهِيًا عَنْ السَّجْدَةِ فَقَدْ قَصَدَ الْحَرَكَةَ لِلرُّكْنِ فَيَتَّفِقُ الْإِمَامَانِ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ. [فَصْلٌ فِي النَّفَل] (فَصْلٌ فِي النَّفْلِ) (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَفْلٌ) فِي كُلِّ وَقْتٍ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ فِيهِ أَيْ مَا زَادَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالسُّنَنِ الْخَمْسِ وَالرَّغِيبَةِ لِذِكْرِهَا بَعْدَهُ وَمَعْنَاهُ لُغَةً مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ، أَيْ يَتْرُكُهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ إذَا عَمِلَ عَمَلًا مِنْ الْبِرِّ لَا يَتْرُكُهُ دَائِمًا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ وَالسُّنَّةُ لُغَةً الطَّرِيقَةُ، وَاصْطِلَاحًا مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَاظَبَ عَلَيْهِ وَأَظْهَرَهُ فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ. وَالرَّغِيبَةُ لُغَةً الْخَيْرُ الْمُرَغَّبُ فِيهِ، وَاصْطِلَاحًا مَا رَغَّبَ الشَّارِعُ فِيهِ وَحْدَهُ وَلَمْ يُظْهِرْهُ فِي جَمَاعَةٍ. (وَتَأَكَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَدْبُ النَّفْلِ (بَعْدَ) صَلَاةِ (مَغْرِبٍ) وَبَعْدَ الذِّكْرِ الْوَارِدِ عَقِبَهَا وَشَبَّهَ فِي التَّأَكُّدِ فَقَالَ (كَ) النَّفْلِ (بَعْدَ) صَلَاةِ (ظُهْرٍ وَقَبْلَهَا) أَيْ الظُّهْرِ (كَ) النَّفْلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 339 كَعَصْرٍ بِلَا حَدٍّ، وَالضُّحَى وَسِرٌّ بِهِ نَهَارًا، وَجَهْرٌ لَيْلًا، وَتَأَكَّدَ بِوِتْرٍ، وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ   [منح الجليل] قَبْلَ (عَصْرٍ) حَالَ كَوْنِ النَّفْلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدًا يَتَوَقَّفُ الْمَنْدُوبُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَنْتَفِي بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ النَّقْصِ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ الْأَكْمَلُ مَا وَرَدَ مِنْ أَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا وَأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعَصْرِ وَسِتٍّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ. ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي تَقْدِيمِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ مَعْنًى لَطِيفٌ فَفِي التَّقْدِيمِ تَأْنِيسُ النَّفْسِ بِالْعِبَادَةِ وَتَقْرِيبُهَا لِلْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ الَّذِي هُوَ رُوحُ الْعِبَادَةِ لِبُعْدِهَا عَنْهُمَا بِاشْتِغَالِهَا بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا. فَإِذَا قَدَّمَ النَّفَلَ عَلَى الْفَرْضِ أَنِسَتْ النَّفْسُ بِالْعِبَادَةِ وَتَكَيَّفَتْ بِحَالَةِ تَقَرُّبِهَا مِنْ الْخُشُوعِ، وَفِي تَأْخِيرِ النَّفْلِ عَنْ الْفَرْضِ جَبْرُ الْخَلَلِ وَالنَّقْصِ الَّذِي يَقَعُ فِي الْفَرْضِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، لَكِنْ تُكْرَهُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يَأْتِي بِهِ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَمُفَوِّضًا الْأَمْرَ لَهُ تَعَالَى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ قَصْدُهُ. وَشَرْطُ طَلَبِ النَّفْلِ الْقَبْلِيِّ اتِّسَاعُ وَقْتِ الْفَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا أَوْ جَمَاعَةً طَلَبَتْ غَيْرَهَا وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ سَابِقًا وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ وَجَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِعْلُهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا عَقِبَ نَفْلِهَا الْقَبْلِيِّ الَّذِي يُفِيتُ تَقْدِيمَهَا شَرْعًا لِكَوْنِهِ مُقَدِّمَةً لَهَا، هَذَا هُوَ الْحَقُّ كَمَا مَرَّ عَنْ الْحَطَّابِ وَغَيْرِهِ. (وَ) تَأَكَّدَ (الضُّحَى) وَأَقَلُّهُ رَكْعَتَانِ وَأَوْسَطُهُ سِتٌّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَكْمَلَهُ اثْنَا عَشَرَ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ أَكْمَلَهُ ثَمَانِ رَكَعَاتٍ بِحَسَبِ مَا وَرَدَ وَلَا يُكْرَهُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ لَا تَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ أَفَادَهُ الْمِسْنَاوِيُّ (وَ) نُدِبَ (سِرٌّ) أَيْ إسْرَارٌ (بِهِ) أَيْ النَّفْلِ (نَهَارًا) وَفِي كَرَاهَةِ الْجَهْرِ بِهِ قَوْلَانِ إلَّا الْوِرْدَ إذَا صَلَّاهُ عَقِبَ الْفَجْرِ فَيَجْهَرُ بِهِ نَظَرًا لِأَصْلِهِ (وَ) نُدِبَ (جَهْرٌ) بِهِ (لَيْلًا) إنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى غَيْرِهِ وَإِسْرَارُهُ جَائِزٌ (وَتَأَكَّدَ) نَدْبُ الْجَهْرِ (بِوِتْرٍ) وَعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ. (وَ) تَأَكَّدَ (تَحِيَّةُ) رَبِّ (مَسْجِدٍ) بِرَكْعَتَيْنِ لِدَاخِلِهِ مُتَوَضِّئًا وَقْتَ جَوَازِ نَفْلٍ يُرِيدُ جُلُوسًا بِهِ، وَكُرِهَ جُلُوسُهُ قَبْلَهَا وَلَا يُسْقِطُهَا، وَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَفَتْهُ الْأُولَى إنْ قَرُبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 340 وَجَازَ تَرْكُ مَارٍّ، وَتَأَدَّتْ بِفَرْضٍ وَبَدْءٌ بِهَا بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ بِمُصَلَّاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -   [منح الجليل] رُجُوعُهُ عُرْفًا وَإِلَّا كَرَّرَهَا، وَالْمَسْجِدُ يَشْمَلُ مَا تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ وَغَيْرَهُ. رَوَى الْأَثْرَمُ فِي مُغْنِيهِ مَرْفُوعًا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا، قَالُوا وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسُوا» . زَرُّوقٌ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدَ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ تَقُومُ مَقَامَ التَّحِيَّةِ، فَيَنْبَغِي الْإِتْيَانُ بِهَا وَقْتَ النَّهْيِ. الْحَطَّابُ وَهُوَ حَسَنٌ فَيَنْبَغِي وَقْتَ النَّهْيِ أَوْ لِغَيْرِ الْمُتَوَضِّئِ، أَمَّا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، إنْ قِيلَ التَّحِيَّةُ وَقْتَ النَّهْيِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يَطْلُبُ بِبَدَلِهَا وَيُثَابُ عَلَيْهِ. قِيلَ بَلْ هِيَ مَطْلُوبَةٌ مُطْلَقًا لَكِنْ فِي وَقْتِ الْجَوَازِ صَلَاةٌ وَفِي وَقْتِ النَّهْيِ ذِكْرٌ وَالْمُسْتَحَبُّ صَلَاتُهَا فِي أَوَّلِ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى مَوْضِعِ جُلُوسِهِ. (وَجَازَ تَرْكُ) شَخْصٍ (مَارٍّ) بِمَسْجِدٍ تَحِيَّتَهُ وَهَذَا يَقْتَضِي طَلَبَهَا مِنْهُ، وَلَكِنْ سَقَطَتْ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ. وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا، وَهَذَا الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَهَا إرَادَةُ الْجُلُوسِ وَجَوَازُ الْمُرُورِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِيهَا وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِيَسَارَتِهِ، فَإِنْ كَثُرَ كُرِهَ إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ لَهُ (وَتَأَدَّتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ حَصَلَتْ التَّحِيَّةُ (بِ) صَلَاةِ (فَرْضٍ) بِالْمَسْجِدِ عَقِبَ دُخُولِهِ وَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إنْ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ وَالتَّحِيَّةَ أَوْ نِيَابَتَهُ عَنْهَا، وَتَتَأَدَّى بِسُنَّةٍ وَرَغِيبَةٍ أَيْضًا وَخَصَّ الْفَرْضَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ تَأْدِيَتِهَا بِهِ لَا بِصَلَاةِ جِنَازَةٍ لِكَرَاهَتِهَا فِيهِ. (وَ) نُدِبَ (بَدْءٌ بِهَا) أَيْ التَّحِيَّةِ (بِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِنُورِ سَاكِنِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِتَعَلُّقِهَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَعَلُّقِ السَّلَامِ عَلَيْهِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالشَّيْءُ يَتْبَعُ مُتَعَلِّقَهُ فِي الشَّرَفِ فَهِيَ أَشْرَفُ مِنْ السَّلَامِ. وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِلْأَمْرِ بِهِمَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِيهِ دَخَلَ مَسْجِدًا فِيهِ جَمَاعَةٌ فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ التَّحِيَّةَ عَلَى السَّلَامِ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَخْشَى إضْرَارَهُمْ. (وَ) نُدِبَ (إيقَاعُ نَفْلٍ بِهِ) أَيْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (بِمُصَلَّاهُ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ عُرِفَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 341 وَالْفَرْضِ: بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ. وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالطَّوَافُ وَتَرَاوِيحٍ، وَانْفِرَادٌ بِهَا إنْ لَمْ تُعَطَّلْ الْمَسَاجِدُ، وَالْخَتْمُ فِيهَا، وَسُورَةٌ تُجْزِئُ، ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ، ثُمَّ جُعِلَتْ   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. مُصَلَّاهُ أَقْرَبُ شَيْءٍ إلَى الْعَمُودِ الْمُحَلَّقِ وَلَيْسَ بِجَانِبِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِجَانِبِهِ (وَ) نُدِبَ إيقَاعُ صَلَاةِ (الْفَرْضِ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ) الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ بِلَا فَاصِلٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرْوِيحُ. (وَتَحِيَّةُ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ) لِمَنْ طُلِبَ بِهِ وَلَوْ نَدْبًا أَوْ أَرَادَهُ وَلَوْ مَكِّيًّا فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ بِهِ وَلَمْ يُرِدْهُ فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ مَكِّيًّا فَالصَّلَاةُ إنْ كَانَ وَقْتَ جَوَازٍ وَأَرَادَ الْجُلُوسَ بِهِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَحِيَّةَ مَسْجِدِ مَكَّةَ الطَّوَافُ لَا رَكْعَتَاهُ، وَيُؤَيِّدُهُ الْمُبَادَرَةُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [الحج: 26] وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُزُولِيِّ وَالْقَاشَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ تَحِيَّتَهُ الرَّكْعَتَانِ وَعَلَى هَذَا إذَا صَلَّاهَا خَارِجَهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا. (وَ) تَأَكَّدَ (تَرَاوِيحٌ) أَيْ قِيَامُ رَمَضَانَ سُمِّيَ تَرَاوِيحُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُطِيلُونَ الْقِيَامَ فِيهِ فَيَقْرَأُ الْقَارِئُ بِالْمِئَتَيْنِ يُصَلُّونَ تَسْلِيمَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسُونَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَلِيَقْضِ مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ وَهَكَذَا، وَوَقْتُهُ كَوَقْتِ الْوِتْرِ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَشَفَقٍ لِلْفَجْرِ، وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ مُسْتَحَبَّةٌ (وَ) نُدِبَ (انْفِرَادٌ بِهَا) أَيْ التَّرَاوِيحِ بُعْدًا عَنْ الرِّيَاءِ (إنْ لَمْ تُعَطَّلْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّلًا (الْمَسَاجِدُ) عَنْ فِعْلِهَا فِيهَا وَكَانَ يَنْشَطُ لَهَا وَحْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ آفَاقِيًّا بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ. (وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (الْخَتْمُ) لِلْقُرْآنِ كُلِّهِ (فِيهَا) أَيْ تَرَاوِيحِ الشَّهْرِ كُلِّهِ لِيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ (وَسُورَةٌ) أَيْ قِرَاءَتُهَا فِي جَمِيعِ تَرَاوِيحِ الشَّهْرِ كُلِّهِ (تُجْزِئُ) فِي حُصُولِ نَدْبِ قِرَاءَةِ مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي التَّرَاوِيحِ مَعَ كَوْنِهَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَهِيَ (ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ) رَكْعَةً بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَهَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. (ثُمَّ جُعِلَتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ التَّرَاوِيحُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 342 سِتًّا وَثَلَاثِينَ، وَخَفَّفَ مَسْبُوقُهَا ثَانِيَتَهُ وَلَحِقَ وَقِرَاءَةُ شَفْعٍ: بِسَبِّحْ، وَالْكَافِرُونَ، وَوِتْرًا: بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ؛ إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ فَمِنْهُ فِيهِمَا، وَفِعْلُهُ لِمُنْتَبِهٍ آخِرَ اللَّيْلِ،   [منح الجليل] بَعْدَ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، فَخَفَّفُوا فِي الْقِيَامِ وَزَادُوا فِي الْعَدَدِ لِسُهُولَتِهِ فَصَارَتْ (تِسْعًا وَثَلَاثِينَ) بِالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً غَيْرَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَاسْتَقَرَّ الْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَخَفَّفَ) نَدْبًا (مَسْبُوقُهَا) أَيْ لِلتَّرَاوِيحِ بِرَكْعَةٍ (ثَانِيَتَهُ) الَّتِي قَامَ لِقَضَائِهَا عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَلَحِقَ) الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ فِي أُولَى التَّرْوِيحَةِ الَّتِي تَلِيهَا، وَقِيلَ يُخَفِّفُ بِحَيْثُ يُدْرِكُهُ فِي ثَانِيَتِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ الْأَرْجَحُ وَفَائِدَةُ التَّخْفِيفِ عَلَيْهِ إدْرَاكُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. (وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةُ شَفْعٍ بِسَبِّحْ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَالْكَافِرُونَ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِيهِمَا (وَ) نُدِبَ قِرَاءَةُ (وِتْرٍ) وَهِيَ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ (بِإِخْلَاصٍ وَمُعَوِّذَتَيْنِ) عَقِبَ الْفَاتِحَةِ لِكُلِّ مُصَلٍّ (إلَّا لِمَنْ لَهُ حِزْبٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ أَيْ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَأُهُ فِي تَهَجُّدِهِ لَيْلًا (فَمِنْهُ) أَيْ حِزْبِهِ يَقْرَأُ (فِيهِمَا) أَيْ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْأَحْوَذِيِّ عَلَى صَحِيحِ التِّرْمِذِيِّ الصَّحِيحُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْوِتْرِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، كَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. وَهَذَا إذَا انْفَرَدَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ صَلَاةٌ فَلْيَجْعَلْ وِتْرَهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَلْيَكُنْ مَا يَقْرَأُ فِيهِ مِنْ حِزْبِهِ، وَلَقَدْ انْتَهَتْ الْغَفْلَةُ بِقَوْمٍ أَنْ يُصَلُّوا التَّرَاوِيحَ، فَإِذَا أَوْتَرُوا صَلَّوْا بِهَذِهِ السُّوَرِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ وِتْرُهُ مِنْ حِزْبِهِ فَتَنَبَّهُوا لِهَذَا. وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْتِزَامُ هَذِهِ السُّوَرِ أَيْضًا أَوْ قِرَاءَةُ مَا تَيَسَّرَ وَلَهُ أَيْضًا إنْ كَانَ بَعْدَ تَهَجُّدٍ فَمَا تَيَسَّرَ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَهَذِهِ السُّوَرُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (وَ) نُدِبَ (فِعْلُهُ) أَيْ الْوِتْرِ مَعَ الْحِزْبِ آخِرَ اللَّيْلِ (لِ) شَخْصٍ (مُنْتَبِهٍ) أَيْ عَادَتُهُ الِانْتِبَاهُ وَالِاسْتِيقَاظُ (آخِرَ اللَّيْلِ) تَنَازَعَهُ فِعْلُ وَمُنْتَبِهٍ، وَمَفْهُومُ مُنْتَبِهٍ أَنَّ مَنْ عَادَتُهُ النَّوْمُ آخِرَ اللَّيْلِ أَوْ اسْتَوَى انْتِبَاهُهُ وَنَوْمُهُ، فَيُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهُ قَبْلَ نَوْمِهِ احْتِيَاطًا فِي الثَّانِيَةِ، وَفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 343 وَلَمْ يُعِدْهُ مُقَدِّمٌ، ثُمَّ صَلَّى وَجَازَ، وَعَقِبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ بِسَلَامٍ، إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ   [منح الجليل] الرِّسَالَةِ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَرُجِّحَ (وَلَمْ يُعِدْهُ) أَيْ الْوِتْرَ شَخْصٌ (مُقَدِّمٌ) لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ إذَا انْتَبَهَ آخِرُهُ أَيْ تُكْرَهُ إعَادَتُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ (ثُمَّ صَلَّى) أَيْ تَنْدُبُ لَهُ صَلَاةُ النَّفْلِ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ (وَجَازَ) أَيْ التَّنَفُّلُ بَعْدَ الْوِتْرِ وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ عَقِبَهُ إذَا طَرَأَ لَهُ نِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ أَوْ فِيهِ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُوَضِّحُ، وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُونَ وَأَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِهَا: وَمَنْ أَوْتَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَلِيلًا اهـ وَلَمْ يَصِلْهُ بِوِتْرِهِ بِأَنْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِفَاصِلٍ عَادِيٍّ وَإِلَّا كُرِهَ. (وَ) نُدِبَ فِعْلُهُ (عَقِيبَ شَفْعٍ مُنْفَصِلٍ) عَنْهُ نَدْبًا (بِسَلَامٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّفْعُ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ. وَقِيلَ لِلصِّحَّةِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِهِ قَوْلَانِ الْمُوَضِّحُ يَقْتَضِي كَلَامُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُ الشَّفْعِ لِلْفَضِيلَةِ وَاَلَّذِي لِلْبَاجِيِّ تَشْهِيرُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ قَالَ وَلَا يَكُونُ الْوِتْرُ إلَّا عَقِبَ شَفْعٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ثُمَّ قَالَ الْمُوَضِّحُ وَفِيهَا لَا يَنْبَغِي أَنَّهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ فَقَوْلُهَا لَا يَنْبَغِي يَقْتَضِي أَنَّهُ فَضِيلَةٌ وَكَوْنُهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ اهـ، أَيْ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ لِلْمُسَافِرِ لِقَوْلِهَا لَا يُوتِرُ الْمُسَافِرُ بِوَاحِدَةٍ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ لِأَجْلِ إلَخْ فِي رَكْعَتَيْ الشَّفْعِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَخُصَّهُمَا بِنِيَّةٍ أَوْ يَكْتَفِي بِأَيِّ رَكْعَتَيْنِ كَانَتَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. الرَّمَاصِيُّ اُنْظُرْ كَيْفَ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ كَوْنِ الشَّفْعِ قَبْلَهُ لِلْفَضِيلَةِ مَعَ تَوَرُّكِهِ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ بِتَشْهِيرِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ لِلصِّحَّةِ. قُلْت لَعَلَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ اهـ. بُنَانِيٌّ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ مُعْتَمَدَ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفْعِ شَرْطُ كَمَالٍ وَأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهُ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ. (إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِ) إمَامٍ (وَاصِلٍ) الشَّفْعَ بِالْوِتْرِ فَيَتْبَعُهُ الْمَأْمُومُ فِي وَصْلِهِ وَاقْتِدَاؤُهُ بِهِ مَكْرُوهٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهَا. فَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي وَصْلِهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الشَّفْعِ فَلَا يَبْطُلُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 344 وَكُرِهَ وَصْلُهُ وَوِتْرٌ بِوَاحِدَةٍ وَقِرَاءَةُ ثَانٍ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ أَوْ أَثْنَاءِ نَفْلٍ، لَا أَوَّلَهُ، وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ، أَوْ بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَلَامٌ بَعْدَ صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ،   [منح الجليل] بِهِ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ بِالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الشَّفْعَ وَبِالْأَخِيرَةِ الْوِتْرَ وَأَحْدَثَهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِوَصْلِهِ إلَّا عِنْدَ قِيَامِهِ لِلرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ قَضَى رَكْعَةَ الشَّفْعِ وَكَانَ وِتْرُهُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ شَفْعٍ، وَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ قَضَى الشَّفْعَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَكَانَ وِتْرُهُ قَبْلَ شَفْعٍ أَفَادَهُ عج وعبق وَالْخَرَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ قَدْ يُقَالُ يَدْخُلُ بِنِيَّةِ الشَّفْعِ ثُمَّ يُوتِرُ وَالنَّفَلُ خَلْفَ النَّفْلِ جَائِزٌ مُطْلَقًا عَلَى أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى التَّرْتِيبِ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ أَوْلَى وَكَأَنَّهُمْ رَاعَوْا أَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ أَوْلَى لَكِنْ مُخَالَفَتُهُ لَازِمَةٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَ كُلَّهَا عِنْدَهُ وِتْرٌ وَقَدْ قَالُوا لَا تَضُرُّ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ فِي هَذَا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (وَصْلُهُ) أَيْ الشَّفْعِ بِالْوِتْرِ بِتَرْكِ السَّلَامِ مِنْ الشَّفْعِ لِغَيْرِ مُقْتَدٍ بِوَاصِلٍ وَإِنْ كُرِهَ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ (وَ) كُرِهَ (وِتْرٌ بِ) رَكْعَةٍ (وَاحِدَةٍ) مِنْ غَيْرِ شَفْعٍ قَبْلَهَا عَلَى أَنَّهُ لِلْفَضِيلَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَوْ لِمَرِيضٍ أَوْ مُسَافِرٍ (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةُ) إمَامٍ (ثَانٍ) فِي التَّرَاوِيحِ (مِنْ غَيْرِ انْتِهَاءِ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ إسْمَاعُهُمْ جَمِيعَهُ. (وَ) كُرِهَ (نَظَرٌ بِمُصْحَفٍ) أَيْ قِرَاءَةٌ فِيهِ (فِي) صَلَاةِ (فَرْضٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (أَوْ) فِي (أَثْنَاءِ نَفْلٍ) لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ بِهِ (لَا) يُكْرَهُ النَّظَرُ بِمُصْحَفٍ فِي (أَوَّلِهِ) أَيْ النَّفْلِ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ (وَ) كُرِهَ (جَمْعٌ كَثِيرٌ لِ) صَلَاةِ (نَفْلٍ) إلَّا التَّرَاوِيحَ (أَوْ) جَمْعٌ قَلِيلٌ كَرَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةٍ (بِمَكَانٍ مُشْتَهِرٍ) حَذَرَ الرِّيَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ قَلِيلًا بِمَكَانٍ غَيْرِ مُشْتَهِرٍ (فَلَا) يُكْرَهُ إلَّا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِكَرَاهَةِ الِاجْتِمَاعِ فِيهَا كَلَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ وَأَوَّلِ جُمُعَةِ رَجَبٍ وَلَيْلَةِ عَاشُورَاءَ. (وَ) كُرِهَ (كَلَامٌ) دُنْيَوِيٌّ (بَعْدَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ لِقُرْبِ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ إذْ الْمَطْلُوبُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 345 لَا بَعْدَ فَجْرٍ، وَضِجْعَةٌ بَيْنَ صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ وَالْوِتْرُ سُنَّةُ آكَدُ، ثُمَّ عِيدٌ، ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ، وَوَقْتُهُ بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ، وَشَفَقٌ لِلْفَجْرِ، وَضَرُورِيَّةٌ لِلصُّبْحِ وَنُدِبَ قَطْعُهَا لِفَذٍّ،   [منح الجليل] هَذَا الْوَقْتِ الِاسْتِغْفَارُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ، وَكَذَا حَالَ الطُّلُوعِ وَبَعْدَهُ إلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَدْرَ رُمْحٍ، ثُمَّ الصَّلَاةُ لِحَدِيثِ مَنْ «صَلَّى الصُّبْحَ فِي جَمَاعَةٍ وَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ ثَوَابُ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ تَامَّتَيْنِ» ، كَرَّرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثَلَاثًا تَأْكِيدًا لِلتَّرْغِيبِ فِي الِامْتِثَالِ فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ حِرْمَانُ نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ الْعَظِيمِ قَالَ ابْنُ الْفَارِضِ: وَإِنَّ سَبِيلِي وَاضِحٌ لِمَنْ اهْتَدَى ... وَلَكِنَّهَا الْأَهْوَاءُ عَمَّتْ فَأَعْمَتْ (لَا) يُكْرَهُ الْكَلَامُ (بَعْدَ) صَلَاةِ (فَجْرٍ وَقَبْلَ) صَلَاةِ (101 صُبْحٍ وَ) كُرِهَ (ضِجْعَةٌ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الِاضْطِجَاعُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلًا وَاضِعًا كَفَّهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ (بَيْنَ) صَلَاةِ (صُبْحٍ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) إذَا فَعَلَهَا اسْتِنَانًا لَا اسْتِرَاحَةً مِنْ طُولِ قِيَامِ اللَّيْلِ (وَالْوِتْرُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (سُنَّةٌ) وَهُوَ (آكَدُ) السُّنَنِ الْخَمْسِ (ثُمَّ) يَلِيهِ (عِيدُ) الْأَضْحَى أَوْ فِطْرٍ وَهُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ. (ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ اسْتِسْقَاءٌ) وَاَلَّذِي فِي الْبَيَانِ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ الْوِتْرَ آكَدُ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَيْضًا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ أَنَّ آكَدَ السُّنَنِ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَالْجِنَازَةُ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُهُمَا ثُمَّ رَكْعَتَا الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ لِاسْتِوَاءِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا وَالْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِمَا ثُمَّ الْعُمْرَةُ لِضَعْفِ قَوْلِ ابْنِ الْجَهْمِ بِوُجُوبِهَا ثُمَّ الْوِتْرُ إلَخْ (وَوَقْتُهُ) أَوْ الْوِتْرُ الْمُخْتَارُ (بَعْدَ عِشَاءٍ صَحِيحَةٍ وَ) بَعْدَ مَغِيبِ (شَفَقٍ) أَحْمَرَ فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَلَا بَعْدَهَا قَبْلَ مَغِيبِ شَفَقِ لَيْلَةِ جَمْعِ الْمَطَرِ وَيَنْتَهِي (لِ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) الصَّادِقِ (وَضَرُورِيَّةٌ) أَيْ الْوِتْرُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ (لِ) تَمَامِ صَلَاةِ (الصُّبْحِ) وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لَهُ بِلَا عُذْرٍ. (وَنُدِبَ قَطْعُهَا) أَيْ الصُّبْحِ (لَهُ) أَيْ الْوِتْرِ إذَا تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَصِلَةُ نُدِبَ (لِفَذٍّ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 346 لَا مُؤْتَمٍّ وَفِي الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ: تَرَكَهُ، لَا لِثَلَاثٍ وَلِخَمْسٍ صَلَّى الشَّفْعَ، وَلَوْ قَدَّمَ، وَلِسَبْعٍ   [منح الجليل] عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا فَيُصَلِّي الشَّفْعَ وَالْوِتْرَ وَيُعِيدُ الْفَجْرَ (لَا) يُنْدَبُ قَطْعُ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ لِشَخْصٍ (مُؤْتَمٍّ) تَذَكَّرَ الْوِتْرَ فِي الصُّبْحِ خَلْفَ إمَامِهِ وَيَجُوزُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ قَطْعِهَا وَإِتْمَامِهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَهَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ أَوَّلًا يُنْدَبُ تَمَادِيهِ مَعَ إمَامِهِ. (وَفِي الْإِمَامِ) الَّذِي تَذَكَّرَ الْوِتْرَ وَهُوَ فِي الصُّبْحِ (رِوَايَتَانِ) عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رِوَايَةٌ بِنَدْبِ قَطْعِهِ وَرِوَايَةٌ بِجَوَازِهِ. وَإِذَا قَطَعَ فَفِي قَطْعِ مَأْمُومِيهِ وَالِاسْتِخْلَافِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ تَرْجِيحُ الْأُولَى لِأَنَّهُ عَزَّاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ نَدْبُ تَمَادِيهِ فَإِنَّهَا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ نَدْبُ قَطْعِهِ وَنَدْبُ تَمَادِيهِ وَتَخْيِيرُهُ. (وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الْوَقْتُ) الضَّرُورِيُّ (إلَّا لِرَكْعَتَيْنِ) يُصَلِّي فِيهِمَا الصُّبْحَ (تَرَكَهُ) أَيْ الْوِتْرَ مُحَافَظَةً عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ كُلِّهَا فِي وَقْتِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَلِّي الْوِتْرَ وَيُدْرِكُ وَقْتَ الصُّبْحِ بِرَكْعَةٍ، وَيَقْضِي الْفَجْرَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا (لَا) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِثَلَاثٍ) أَوْ أَرْبَعٍ فَلَا يَتْرُكُهُ بَلْ يُصَلِّيهِ وَيُصَلِّي الصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ كَانَ الْبَاقِي يَتَّسِعُ أَرْبَعًا يُصَلِّي الشَّفْعَ فَالْوِتْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَيَقْضِي الْفَجْرَ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ. (وَ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ (لِخَمْسٍ) أَوْ سِتٍّ مِنْ الرَّكَعَاتِ (صَلَّى الشَّفْعَ) أَيْ فَالْوِتْرَ فَالصُّبْحَ وَيَقْضِي الْفَجْرَ. وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا بَقِيَ سِتٌّ يُصَلِّي الشَّفْعَ فَالْوِتْرَ فَالْفَجْرَ وَيُدْرِكُ الصُّبْحَ بِرَكْعَةٍ وَبَالَغَ عَلَى صَلَاةِ الشَّفْعِ إنْ اتَّسَعَ لِخَمْسٍ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَلَّى الشَّفْعَ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَيُعِيدُهُ لِيَصِلَهُ بِالْوِتْرِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَدَّمَ الشَّفْعَ لَا يُعِيدُهُ وَيُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْفَجْرَ فَالصُّبْحَ وَاعْتَمَدَ (وَ) إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِسَبْعٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 347 زَادَ الْفَجْرَ وَهِيَ رَغِيبَةٌ تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا، وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا لِلْفَجْرِ وَلَوْ بِتَحَرٍّ، وَنُدِبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْفَاتِحَةِ.   [منح الجليل] زَادَ الْفَجْرَ) عَقِبَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ وَقَبْلَ الصُّبْحِ. (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْفَجْرِ (رَغِيبَةٌ) كَالْعِلْمِ بِالْغَلَبَةِ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ التَّرْغِيبِ فِيهَا، وَهِيَ رُتْبَةٌ دُونَ السُّنَّةِ وَفَوْقَ النَّافِلَةِ وَقِيلَ سُنَّةٌ وَلَهُ قُوَّةٌ أَيْضًا (تَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا) أَيْ تُمَيِّزُهَا عَنْ مُطْلَقِ النَّفْلِ بِخِلَافِهِ وَالْوَقْتُ يَصْرِفُهُ لِلْمَطْلُوبِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ عَقِبَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ صَرَفَهُ لِلضُّحَى، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ صَرَفَهُ لِلتَّحِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ عَقِبَ عِشَاءِ رَمَضَانَ صَرَفَهُ لِلتَّرَاوِيحِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ فَرْضٍ أَوْ بَعْدَهُ صُرِفَ لِرَاتِبَتِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَصِيَامٍ فَلَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالرَّغِيبَةِ وَلَيْسَ لَنَا رَغِيبَةٌ إلَّا الْفَجْرُ. (وَلَا تُجْزِئُ) صَلَاةُ الْفَجْرِ فِي الرَّغِيبَةِ (إنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ إحْرَامِهَا) أَيْ سَبَقِهِ (لِ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) إنْ كَانَ لَمْ يَتَحَرَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ صَلَّاهَا (بِتَحَرٍّ) أَيْ اجْتِهَادٍ حَتَّى اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِهَا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَجْزَأَتْ مَعَ التَّحَرِّي فِيهِمَا لَا مَعَ عَدَمِهِ فَالصُّوَرُ سِتٌّ لَا تُجْزِئُ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الِاقْتِصَارُ) فِيهَا (عَلَى الْفَاتِحَةِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِيهَا بِقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] » وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَصَحِيحِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَدْ جُرِّبَ لِوَجَعِ الْأَسْنَانِ فَصَحَّ وَلَا يَذْكُرُ مَنْ قَرَأَ فِيهَا بِأَلَمْ وَأَلَمْ لَمْ يُصِبْهُ أَلَمٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَهُوَ بِدْعَةٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 348 وَإِيقَاعُهَا بِمَسْجِدٍ، وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ، وَإِنْ فَعَلَهَا بِبَيْتِهِ لَمْ يَرْكَعْ، وَلَا يُقْضَى غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ فَلِلزَّوَالِ، وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ وَهُوَ بِمَسْجِدٍ: تَرَكَهَا،   [منح الجليل] أَوْ قَرِيبٌ مِنْهَا، وَفِي وَسَائِلِ الْحَاجَاتِ وَأَسْبَابِ الْمُنَاجَاتِ لِلْغَزَالِيِّ مِنْ الْإِحْيَاءِ مِمَّا جُرِّبَ لِدَفْعِ الْمَكَارِهِ وَقُصُورِ يَدِ كُلِّ عَدُوٍّ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَيْهِ سَبِيلًا قِرَاءَةُ (أَلَمْ نَشْرَحْ) (وَأْلَمْ تَرَ كَيْفَ) فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ. (وَ) نُدِبَ (إيقَاعُهَا) أَيْ الرَّغِيبَةِ (بِمَسْجِدٍ وَنَابَتْ عَنْ التَّحِيَّةِ) الْمَنْدُوبَةِ عِنْدَ دُخُولِهِ لِمَنْ دَخَلَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ، يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهَا إنْ نَوَاهَا بِهَا بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّغِيبَةَ (وَإِنْ فَعَلَهَا) أَيْ صَلَّى الرَّغِيبَةَ (بِبَيْتِهِ) ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ وَوَجَدَ النَّاسَ مُنْتَظِرِينَ صَلَاةَ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ (لَمْ يَرْكَعْ) تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ وَقْتُ جَوَازٍ لِلنَّفْلِ وَلَا الرَّغِيبَةِ لِفِعْلِهَا فِي بَيْتِهِ، وَهِيَ لَا تُعَادُ فَيَجْلِسُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ بِنَاءً عَلَى طَلَبِهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَاسْتِثْنَائِهَا مِنْ كَرَاهَةِ النَّفْلِ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ. وَنَقْلُ ابْنِ بَشِيرٍ إعَادَتَهَا بِنِيَّةِ الْفَجْرِ لَا أَعْرِفُهُ. (وَلَا يُقْضَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قِيلَ يَحْرُمُ الْعَدَوِيُّ هَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَلَيْسَ مَنْقُولًا فَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ وَلَا سِيَّمَا وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَوَّزَ الْقَضَاءَ وَنَائِبُ فَاعِلِ لَا يُقْضَى (غَيْرُ فَرْضٍ إلَّا هِيَ) أَيْ الرَّغِيبَةِ (فَ) تُقْضَى مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ (لِلزَّوَالِ) وَمَنْ فَاتَتْهُ الرَّغِيبَةُ وَالصُّبْحُ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً يُقَدِّمُ قَضَاءَ الصُّبْحِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ أَيْضًا يُقَدِّمُ قَضَاءَ الرَّغِيبَةِ. (وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ) لِلرَّاتِبِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّغِيبَةَ (وَهُوَ) أَيْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الرَّغِيبَةَ (بِمَسْجِدٍ) أَوْ رَحْبَتِهِ (تَرَكَهَا) أَيْ الرَّغِيبَةَ وُجُوبًا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الصُّبْحِ وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِحَيْثُ إذَا صَلَّاهَا وَدَخَلَ مَعَهُ يُدْرِكُهُ فِيهَا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلِّيَهَا خَارِجَهَا ثُمَّ يَقْضِيَهَا وَقْتَ حِلِّ النَّفْلِ، وَلَا يُسْكِتُ الْإِمَامُ الْمُقِيمَ لِيُصَلِّيَهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 349 وَخَارِجَهُ: رَكَعَهَا؛ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَهَلْ الْأَفْضَلُ كَثْرَةُ السُّجُودِ أَوْ طُولُ الْقِيَامِ؟ قَوْلَانِ. (فَصْلٌ) الْجَمَاعَةُ بِفَرْضٍ، غَيْرِ جُمُعَةٍ: سُنَّةٌ   [منح الجليل] بِخِلَافِ الْوِتْرِ فَيُسْكِتُهُ لَهُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَطْعِ الصُّبْحِ لَهُ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ يُونُسَ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٌ أَنَّهُ يُسْكِتُهُ وَلَمْ يَحْكِيَا غَيْرَهُ. وَإِنْ أُقِيمَتْ الصُّبْحُ عَلَى مَنْ يُصَلِّ الْفَجْرَ حَالَ كَوْنِهِ (خَارِجَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَخَارِجَ رَحْبَتِهِ (رَكَعَهَا) أَيْ صَلَّى الْفَجْرَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ (إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مِنْ الصُّبْحِ مَعَ الْإِمَامِ بِصَلَاتِهِ الْفَجْرَ، فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دَخَلَ مَعَهُ نَدْبًا وَقَضَاهَا وَقْتَ حِلِّ النَّفْلِ (وَهَلْ الْأَفْضَلُ) فِي النَّفْلِ (كَثْرَةُ السُّجُودِ) لِخَبَرِ «عَلَيْك بِكَثْرَةِ السُّجُودِ فَإِنَّك لَنْ تَسْجُدَ لِلَّهِ سَجْدَةً إلَّا رَفَعَك اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ بِهَا عَنْك خَطِيئَةً» (أَوْ) الْأَفْضَلُ فِيهِ (طُولُ الْقِيَامِ) بِالْقُرْآنِ لِخَبَرِ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ أَيْ الْقِيَامِ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ حَتَّى تَتَوَرَّمَ قَدَمَاهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى إحْدَى عَشْرَ رَكْعَةً فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ غَالِبًا» فِيهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهَا إذَا اسْتَوَيَا زَمَنًا وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ هُوَ الْأَطْوَلُ. [فَصْلٌ فِي بَيَان حُكْم فعل الصَّلَاة فِي جَمَاعَة] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ (الْجَمَاعَةُ) أَيْ الصَّلَاةُ مَعَهَا بِإِمَامٍ وَمَأْمُومٍ (بِفَرْضٍ) أَدَاءً أَوْ قَضَاءً نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَالْحَطّ عَنْ رِوَايَةِ عِيسَى وَنَعْتُ فَرْضٍ بِ (غَيْرِ جُمُعَةٍ) وَخَبَرُ الْجَمَاعَةِ (سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ وَمَفْهُومُ فَرْضٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ: فَمِنْهُ مَا الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِي سُنِّيَّتِهِ كَالْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَمِنْهُ مَا هِيَ فِيهِ مَنْدُوبَةٌ كَالتَّرَاوِيحِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ فِيهِ خِلَافُ الْأَوْلَى كَشَفْعٍ وَوِتْرٍ وَفَجْرٍ، وَمِنْهُ مَا هِيَ فِيهِ مَكْرُوهَةٌ إنْ كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ أَوْ اُشْتُهِرَ الْمَكَانُ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ جُمُعَةٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 350 وَلَا تَتَفَاضَلُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا بِرَكْعَةٍ   [منح الجليل] سُنَّةً فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا وَاجِبٌ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَشَمِلَ الْفَرْضُ الْجِنَازَةَ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فِيهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَجَعَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَاجِبًا شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَالْجُمُعَةِ. فَإِنْ صُلِّيَتْ بِغَيْرِ جَمَاعَةٍ أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ. وَقِيلَ تُنْدَبُ فِيهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا سُنَّةٌ فِي الْبَلَدِ، وَفِي كُلِّ مَسْجِدٍ، وَلِكُلِّ مُصَلٍّ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ وَيُقَاتَلُ تَارِكُوهَا لِتَفْرِيطِهِمْ فِي السُّنَّةِ وَالشَّعِيرَةِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْبَلَدِ يُقَاتَلُ أَهْلُهُ إنْ تَرَكُوهُ وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَمَنْدُوبَةٌ لِلرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ الْأَبِيِّ هَذَا أَقْرَبُ لِلْحَقِّ. (وَلَا تَتَفَاضَلُ) أَيْ لَا يَتَفَاوَتُ فَضْلُهَا تَفَاوُتًا تُطْلَبُ الْإِعَادَةُ لِأَجْلِهِ أَوْ فِي كَمِّيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالدَّرَجَاتِ وَإِلَّا فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَأَهْلِ الْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنْهَا مَعَ غَيْرِهِمْ، لَكِنْ لَمْ يَزِدْ طَلَبُ الْإِعَادَةِ لِإِدْرَاكِ الْأَفْضَلِ بَعْدَ فِعْلِهَا مَعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ. (وَإِنَّمَا يَحْصُلُ فَضْلُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ الْوَارِدُ بِهِ الْحَدِيثُ وَهُوَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا» وَفِي رِوَايَةٍ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجُزْءَ أَعْظَمُ مِنْ الدَّرَجَةِ فَمَجْمُوعُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ جُزْءًا مُسَاوٍ لِمَجْمُوعِ السَّبْعِ وَالْعِشْرِينَ دَرَجَةً، وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَيْهِ أَوَّلًا الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ فَأَخْبَرَهُ بِهَا ثُمَّ تَفَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى بِزِيَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ فَأَخْبَرَ بِهِمَا مَعَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقَدُّمِ رِوَايَةِ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ عَلَى رِوَايَةِ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَصِلَةُ يَحْصُلُ (بِرَكْعَةٍ) كَامِلَةٍ يُدْرِكُهَا مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ يَنْحَنِيَ بِحَيْثُ تَقْرَبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ بِتَقْدِيرِ مَوْضِعِهِمَا عَلَى فَخِذَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَاعْتِدَالِهِ مُطْمَئِنًّا، وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَمُدْرِكُ مَا دُونَهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ فَضْلُهَا الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالدُّخُلِ مَعَ الْإِمَامِ وَمَأْجُورًا بِلَا نِزَاعٍ إذَا لَمْ يَكُنْ. مُعِيدًا لِتَحْصِيلِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ. وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِالدُّخُولِ مَعَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فَلَا يُؤْجَرُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 351 وَنُدِبَ لِمَنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ: كَمُصَلٍّ بِصَبِيٍّ - إلَّا امْرَأَةً - أَنْ يُعِيدَ مُفَوِّضًا   [منح الجليل] وَقَدْ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ فَضْلَهَا يَحْصُلُ وَيُدْرَكُ بِجُزْءٍ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ، وَأَنَّ حُكْمَهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَكْعَةٍ دُونَ أَقَلَّ مِنْهَا، وَحُكْمُهَا أَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَلَا يُعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ وَتَرَتُّبُ سُجُودِ سَهْوِ إمَامِهِ عَلَيْهِ وَتَسْلِيمِهِ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ وَصِحَّةُ اسْتِخْلَافِهِ. وَلَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ سَجْدَتَيْهَا قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَإِنْ زُوحِمَ أَوْ نَعَسَ عَنْهُمَا حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ فَعَلَهُمَا بَعْدَ سَلَامِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَمَنْ سَجَدَهُمَا مَعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ، كَذَا فِي الْبُنَانِيِّ. وَعَكَسَ الْعَدَوِيُّ النِّسْبَةَ إلَى الشَّيْخَيْنِ وَمَنْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعْدَ عَقْدِهِ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ لِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَتَبَيَّنَتْ الْأَخِيرَةَ بِسَلَامِ الْإِمَامِ عَقِبَهَا وَلَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا فَذًّا، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا وَلَا شَفْعُهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَغْرِبًا وَلَا عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا. وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ، الْقَطْعِ وَالشَّفْعِ مَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي مُعَادَةٍ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ صَلَّاهَا فَذًّا بَعْدَ عَقْدِهِ الْأَخِيرَةَ بِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَظَهَرَتْ الْأَخِيرَةَ بِالسَّلَامِ عَقِبَهَا، وَرُبَّمَا الْتَبَسَتْ الْمَسْأَلَتَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَأَجْرَى التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى أَيْضًا خَطَأً نَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ عَنْ الْمِعْيَارِ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي صَلَّى وَ (لَمْ يُحَصِّلْهُ) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ رَجُلٌ (كَمُصَلٍّ) إمَامًا بِمَأْمُومٍ (صَبِيٍّ) وَأَوْلَى مَنْ صَلَّى فَذًّا وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ (لَا) لِمَنْ حَصَّلَهُ كَرَجُلٍ صَلَّى إمَامًا لِ (اِ) مَرْأَةٍ لِأَنَّ صَلَاتَهَا فَرْضٌ وَصَلَاةَ الصَّبِيِّ نَفْلٌ، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (أَنْ يُعِيدَ) صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا لِصَبِيٍّ وَلَوْ بِوَقْتٍ ضَرُورِيٍّ حَالَ كَوْنِهِ (مُفَوِّضًا) أَمْرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي جَعْلِ أَيِّهِمَا شَاءَ فَرْضَهُ الْفَاكِهَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَنْوِي الْفَرْضَ وَيُفَوِّضُ الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي قَبُولِ أَيِّ الْفَرْضَيْنِ شَاءَ. وَقِيلَ يَنْوِي النَّفَلَ وَقِيلَ يَنْوِي إكْمَالَ الْفَرْضِ الَّذِي صَلَّاهُ فَذًّا وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: فِي نِيَّةِ الْعَوْدِ لِلْمَفْرُوضِ أَقْوَالٌ ... فَرْضٌ وَنَفْلٌ وَتَفْوِيضٌ وَإِكْمَالٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 352 مَأْمُومًا، وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ، غَيْرَ مَغْرِبٍ: كَعِشَاءٍ بَعْدَ وِتْرٍ فَإِنْ أَعَادَ   [منح الجليل] وَكُلُّهَا مُشْكِلَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَالَ كَوْنِهِ (مَأْمُومًا) فَإِنْ أَعَادَ إمَامًا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُعِيدِ تُشْبِهُ النَّفَلَ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ صَلَّى فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى. فَلَا يُعِيدُ فِي غَيْرِهِمَا جَمَاعَةً وَمِنْ مَفْهُومِ مَأْمُومًا مَنْ صَلَّى بِغَيْرِهَا كَذَلِكَ وَدَخَلَ أَحَدُهُمَا فَيُعِيدُ فِيهِ، فَذًّا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِمَا وَمِنْ مَفْهُومِ لَمْ يُحَصِّلْهُ مَنْ حَصَّلَهُ فِي غَيْرِهَا وَدَخَلَهَا فَيُعِيدُ فِيهَا فِي جَمَاعَةٍ لَا فَذًّا. وَقِيلَ يُعِيدُ فِيهَا فَذًّا أَيْضًا لِأَنَّ فَذَّهَا أَفْضَلُ مِنْ جَمَاعَةِ غَيْرِهِ. وَبَالَغَ عَلَى إعَادَتِهِ مَأْمُومًا فَقَالَ (وَلَوْ مَعَ وَاحِدٍ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعِيدُ مَعَ وَاحِدٍ إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا رَاتِبًا فَيُعِيدُ مَعَهُ لِأَنَّهُ كَجَمَاعَةٍ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَمَفْعُولُ يُعِيدُ قَوْلُهُ فَرْضًا (غَيْرَ مَغْرِبٍ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحْرُمُ إعَادَتُهَا لِصَيْرُورَتِهَا مَعَ الْأُولَى شَفْعًا فَتَنْتَفِي حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا ثَلَاثًا مِنْ إيتَارِ عَدَدِ رَكَعَاتِ الصَّلَوَاتِ النَّهَارِيَّةِ وَلِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ النَّفَلَ بِثَلَاثٍ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَعِشَاءٍ) صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَأَوْتَرَ عَقِبَهَا فَلَا تُعَادُ (بَعْدَ وِتْرٍ) أَيْ تُمْنَعُ إعَادَتُهَا لِأَنَّهُ إنْ أَعَادَ الْوِتْرَ لَزِمَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» . وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُ لَزِمَ مُخَالَفَةُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ مِنْ اللَّيْلِ وِتْرًا» . وَفِي إفَادَةِ هَذِهِ الْعِلَلِ الْمَنْعَ نَظَرٌ مَعَ إجَازَتِهِمْ التَّنَفُّلَ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَالْإِعَادَةُ أَقْوَى مِنْهُ بِدَلِيلِ إعَادَةِ الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَالظُّهْرَيْنِ لِلْغُرُوبِ. أَبُو إِسْحَاقَ أَجَازُوا إعَادَةَ الْعَصْرِ مَعَ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ نَفْلًا، وَكَذَلِكَ الصُّبْحَ لِرَجَاءِ أَنْ تَكُونَ الْمُعَادَةُ فَرِيضَةً، وَكُرِهَتْ إعَادَةُ الْمَغْرِبِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِ الثَّانِيَةِ فَرِيضَةً لِلُزُومِ النَّفْلِ بِثَلَاثٍ، وَكَرَاهَةُ النَّفْلِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ خَفِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَمَفْهُومُ بَعْدَ وِتْرٍ نَدْبُ إعَادَتِهَا قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا. (فَإِنْ أَعَادَ) أَيْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ نَاسِيًا صَلَاتَهَا فَذًّا ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهَا فَذًّا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 353 وَلَمْ يَعْقِدْ قَطَعَ، وَإِلَّا شَفَعَ . وَإِنْ أَتَمَّ وَلَوْ سَلَّمَ أَتَى بِرَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ وَأَعَادَ مُؤْتَمٌّ بِمُعِيدٍ أَبَدًا أَفْذَاذًا   [منح الجليل] وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَعْقِدْ) رَكْعَةً مِنْهَا (قَطَعَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا وَخَرَجَ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ كَهَيْئَةِ الرَّاعِفِ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا (شَفَعَ) نَدْبًا مَعَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِهَيْئَةِ الرَّاعِفِ لِذَلِكَ. وَلَوْ فَصَلَ بِجُلُوسٍ بَيْنَ رَكْعَتَيْهِ بِأَنْ سُبِقَ بِالْأُولَى هَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَهُ إعَادَتُهَا فِي جَمَاعَةٍ إلَّا الْمَغْرِبَ. فَإِنْ أَعَادَهَا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَشْفَعَهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً اهـ. وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى قَطْعُهَا أَوْلَى وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ شَفْعُهَا. وَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ مِنْ الرَّكْعَةِ الَّتِي عَقَدَهَا قَبْلَ تَذَكُّرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمُرَاعَاةً لِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ. وَإِنْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْعِشَاءِ بَعْدَ الْوِتْرِ نَاسِيًا فَيَقْطَعُهَا وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً. وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً يَشْفَعُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَنْ شَرَعَ فِي إعَادَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ الْعِشَاءِ بَعْدَ وِتْرٍ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا فَيَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً. (وَإِنْ أَتَمَّ) الْمَغْرِبَ الَّتِي أَعَادَهَا بَعْدَ صَلَاتِهَا فَذًّا سَهْوًا مَعَ الْإِمَامِ وَتَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ. بَلْ (وَلَوْ سَلَّمَ) مِنْهَا قَبْلَ تَذَكُّرِهِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ (أَتَى) وُجُوبًا (بِ) رَكْعَةٍ (رَابِعَةٍ إنْ قَرُبَ) تَذَكُّرُهُ مِنْ سَلَامِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَسَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ. وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَيَأْتِي بِالرَّابِعَةِ وَلَا يَسْجُدُ وَمَفْهُومُ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ أَعَادَ الْمُعِيدُ أَفْضَلَ الْجَمَاعَةِ إمَامًا (أَعَادَ) شَخْصٌ (مُؤْتَمٌّ بِ رَجُلٍ) (مُعِيدٍ) صَلَاتَهُ، وَصِلَةُ أَعَادَ قَوْلُهُ (أَبَدًا) لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ خَلْفَ الْمُعِيدِ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِمُتَنَفِّلٍ وَالْمُؤْتَمُّ مُفْتَرِضٌ. وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ خَلْفَ شِبْهِ نَفْلٍ حَالَ كَوْنِ الْمُؤْتَمِّ (أَفْذَاذًا) فِي إعَادَةِ صَلَاتِهِ الَّتِي صَلَّاهَا خَلْفَهُ وَالْأَوْلَى لِيُطَابِقَ الْحَالُ صَاحِبَهُ فِي إفْرَادِهِ لَكِنَّهُ رَاعَى الْمَعْنَى، إذْ الْمَقْصُودُ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِمُتَعَدِّدٍ أَيْضًا هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. ابْنُ يُونُسَ وَجْهُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا فَرْضُ الْمُعِيدِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ مَأْمُومِيهِ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُونَهَا فِي جَمَاعَةٍ، وَوَجَبَتْ إعَادَتُهُمْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ فَرْضِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 354 وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْأُولَى أَوْ فَسَادُهَا: أَجْزَأَتْ ، وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ   [منح الجليل] الْأُولَى وَالْمُعَادَةِ نَافِلَتُهُ فَاحْتِيطَ لِلْوَجْهَيْنِ. ابْنُ نَاجِي لَمْ يَحْكِ ابْنُ بَشِيرٍ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَصَدَّرَ الشَّاذِلِيُّ إعَادَتَهُمْ جَمَاعَةً عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ خَلْفَهُ وَاقْتِصَارُ ابْنِ بَشِيرٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُعَادِلُ نِسْبَةَ مُقَابِلِهِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعِيدُ الْإِمَامُ الْمُعِيدُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ هَذِهِ فَرْضَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى التَّحْقِيقِ. (وَإِنْ تَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ لِلْمُعِيدِ (عَدَمُ) الصَّلَاةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ الَّتِي ظَنَّ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا رَأْسًا (أَوْ) تَبَيَّنَ لَهُ (فَسَادُهَا) أَيْ الْأُولَى الَّتِي صَلَّاهَا فَذًّا لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ رُكْنٍ (أَجْزَأَتْهُ) الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ وَلَا يُعِيدُ مُؤْتَمٌّ بِهِ فِيهَا إنْ نَوَى الْفَرْضَ أَوْ التَّفْوِيضَ، فَإِنْ نَوَى النَّفَلَ أَوْ الْإِكْمَالَ فَلَا تُجْزِئُهُ. (وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ) مِنْ إمَامٍ أَيْ تُكْرَهُ إطَالَتُهُ (لِدَاخِلٍ) عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا لَمْ يَخْشَ إضْرَارَهُ وَلَا اعْتِدَادَهُ بِمَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ إنْ لَمْ يُطِلْ لَهُ الرُّكُوعَ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ أَعْظَمُ عَلَيْهِ حَقًّا مِمَّنْ يَأْتِي الْقَرَافِيُّ لِصَرْفِ نُفُوسِ الْمُصَلِّينَ إلَى انْتِظَارِ الدَّاخِلِينَ فَيَذْهَبُ إقْبَالُهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ وَأَدَبُهُمْ مَعَ رَبِّهِمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَ الدَّاخِلَ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يُطِيلُ وَعَدَمِهَا فَيُطِيلُ لِلسَّلَامَةِ مِنْ الرِّيَاءِ وَالْعَمَلِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَظِرُ مَنْ رَآهُ أَوْ حَسَّهُ مُقْبِلًا، وَفَسَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْكَرَاهَةِ فَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الدَّاخِلَ وَالرُّكُوعَ خِلَافُ مَا فِي السَّمَاعِ وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ بِهِ قَالَ وَلَا يُعْلَمُ لِتَخْصِيصِ الدَّاخِلِ مَعْنًى اهـ. وَوَجْهُ تَعْمِيمِ مَا فِي السَّمَاعِ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْقَرَافِيِّ قَالَهُ تت. وَقَالَ سَحْنُونٌ نَنْتَظِرُهُ وَلَوْ طَالَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَنْ مَعَهُ، وَقَدْ رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَطَالَ، وَقَالَ إنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي» «وَخَفَّفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ» . أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 355 وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ: كَجَمَاعَةٍ وَلَا تُبْتَدَأُ صَلَاةٌ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ قَطَعَ   [منح الجليل] فِيمَنْ رَأَى مُقْبِلًا يُرِيدُ الدُّخُولَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ أَوْ يُبْطِئُ فِيهَا وَلَوْلَا انْتِظَارُهُ مَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ عج. وَلَا يُطَالُ رُكُوعٌ لِدَاخِلٍ أَيْ يُكْرَهُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَفْعَالِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْإِمَامِ، وَأَمَّا الْمُصَلِّي وَحْدَهُ إذَا حَسَّ بِدُخُولِ شَخْصٍ مَعَهُ فَلَهُ أَنْ يُطِيلَ لَهُ الرُّكُوعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَقْرِيرِ تت وَتَعْلِيلَيْ اللَّخْمِيِّ وَالْقَرَافِيِّ. اهـ. وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَأَقَرَّهُمْ الرَّمَاصِيُّ وَالْعَدَوِيُّ. (وَالْإِمَامُ الرَّاتِبُ) أَيْ الَّذِي رَتَّبَهُ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ الْوَاقِفُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ لِلْإِمَامَةِ بِمَحَلٍّ مُعَدٍّ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَسْجِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ بَعْضِهَا (كَجَمَاعَةٍ) فِيمَا هُوَ رَاتِبٌ فِيهِ فَضْلًا وَحُكْمًا، فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَلَا يُعِيدُ فِي أُخْرَى وَلَا يُصَلِّي بَعْدَهُ جَمَاعَةً فِي مَحَلِّهِ الَّذِي هُوَ مُرَتَّبٌ فِيهِ، وَيُعِيدُ مَعَهُ مُرِيدُ الْفَضْلَ اتِّفَاقًا وَيَجْمَعُ وَحْدَهُ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ إنْ أُذِّنَ وَأُقِيمَ وَانْتَظَرَ النَّاسَ فِي وَقْتِهِمْ الْمُعْتَادِ فَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ إذْ لَا مُجِيبَ لَهُ. وَقِيلَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَلَا تُبْتَدَأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى نَائِبُ فَاعِلِهِ (صَلَاةٌ) أَيْ يَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا مِنْ فَذٍّ أَوْ جَمَاعَةٍ بِالْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُرَتَّبٌ لِلصَّلَاةِ بِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ وَجَمَاعَتِهِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ وَحُمِلَتْ الْكَرَاهَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَتَصِحُّ صَرَّحَ بِهَا الْمُوَضِّحُ وَالْقَبَّابُ وَالْبَرْزَلِيُّ وَالْأَبِيُّ نَقَلَهُ الْحَطّ وَلَعَلَّهُ عَلَى أَنَّ الْفِسْقَ الْمُتَعَلِّقَ بِالصَّلَاةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِمَامَةِ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهَا بِهِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ، وَصِلَةُ تُبْتَدَأُ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْإِقَامَةِ) لِلرَّاتِبِ. (وَإِنْ أُقِيمَتْ) الصَّلَاةُ لِلرَّاتِبِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ (فِي صَلَاةٍ) نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ هِيَ الْمُقَامَةُ أَوْ غَيْرُهَا بِمَحَلِّ الرَّاتِبِ أَوْ رَحْبَتِهِ (قَطَعَ) الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَدَخَلَ مَعَ الرَّاتِبِ وُجُوبًا إنْ لَمْ يُصَلِّهَا أَوْ صَلَّاهَا فَذًّا. وَإِنْ كَانَ صَلَّاهَا فِي جَمَاعَةٍ خَرَجَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 356 إنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ وَإِلَّا أَتَمَّ النَّافِلَةَ، أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا وَإِلَّا انْصَرَفَ فِي الثَّالِثَةِ: عَنْ شَفْعٍ كَالْأُولَى إنْ عَقَدَهَا، وَالْقَطْعُ بِسَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ وَإِلَّا أَعَادَ وَإِنْ أُقِيمَتْ بِمَسْجِدٍ   [منح الجليل] وُجُوبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَسَيَأْتِي هَذَا، وَسَوَاءٌ عَقَدَ رَكْعَةً مِمَّا هُوَ فِيهَا أَمْ لَا (إنْ خَشِيَ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ (فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مِنْ صَلَاةِ الرَّاتِبِ بِإِتْمَامِ مَا هُوَ فِيهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ بِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِي الْأُولَى عَقِبَ إتْمَامِ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ (أَتَمَّ النَّافِلَةَ) الَّتِي هُوَ فِيهَا عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا (أَوْ فَرِيضَةً غَيْرَهَا) أَيْ الْمُقَامَةِ لِلرَّاتِبِ، بِأَنْ كَانَ فِي ظُهْرٍ فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْعَصْرُ مَثَلًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَافِلَةً وَلَا فَرِيضَةً غَيْرَهَا بِأَنْ كَانَتْ عَيْنَ الْمُقَامَةِ لِلرَّاتِبِ كَإِقَامَةِ ظُهْرٍ وَهُوَ بِهَا (انْصَرَفَ) أَيْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّالِثَةِ) الَّتِي لَمْ يَعْقِدْهَا (عَنْ شَفْعٍ) بِأَنْ يَرْجِعَ لِلْجُلُوسِ وَيُعِيدَ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَدْخُلَ مَعَ الرَّاتِبِ، فَإِنْ عَقَدَهَا بِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَّلَهَا فَرِيضَةً بِرَكْعَةٍ وَلَا يَجْعَلُهَا نَافِلَةً كَإِتْمَامِهِ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ، فَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَرِيضَةً وَيَخْرُجُ مِنْ مَحَلِّ الرَّاتِبِ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ لِلْفَضْلِ وَيُتِمُّ الصُّبْحَ وَيَدْخُلُ مَعَهُ. وَشَبَّهَ فِي الِانْصِرَافِ عَنْ شَفْعٍ فَقَالَ (كِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ وَهُوَ بِهَا فَيَشْفَعُهَا بِرَكْعَةٍ أُخْرَى (إنْ) كَانَ (عَقَدَهَا) بِأَنْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَلَمْ تَكُنْ مَغْرِبًا وَإِلَّا فَيَقْطَعُ وَلَوْ عَقَدَهَا لِئَلَّا يَصِيرَ تَنَفُّلًا وَقْتَ النَّهْيِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبَ قَطَعَ وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا، وَإِنْ صَلَّى ثِنْتَيْنِ أَتَمَّهَا ثَلَاثًا وَخَرَجَ، وَإِنْ صَلَّى ثَلَاثًا سَلَّمَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُعِدْهَا (وَالْقَطْعُ) حَيْثُ قِيلَ بِهِ (بِسَلَامٍ أَوْ) شَيْءٍ (مُنَافٍ) لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ غَيْرِ السَّلَامِ كَكَلَامٍ وَرَفْضٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَلَمْ يَأْتِ بِمُنَافٍ غَيْرَهُ وَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالرَّاتِبِ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَاَلَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَهُوَ فِي صَلَاةٍ لَكِنْ إنَّمَا يُعِيدُ الْأُولَى إذَا كَانَتْ فَرِيضَةً. (وَإِنْ أُقِيمَتْ) صَلَاةُ رَاتِبٍ (بِمَسْجِدٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 357 عَلَى مُحَصِّلِ الْفَضْلِ. وَهُوَ بِهِ: خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَلَا غَيْرَهَا، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا، وَبِبَيْتِهِ يُتِمُّهَا وَبَطَلَتْ بِاقْتِدَاءٍ بِمَنْ بَانَ كَافِرًا،   [منح الجليل] عَلَى) شَخْصٍ (مُحَصِّلِ الْفَضْلَ) فِي الصَّلَاةِ الْمُقَامَةِ بِصَلَاتِهَا فِي جَمَاعَةٍ (وَهُوَ) أَيْ مُحَصِّلُ الْفَضْلِ (بِهِ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ (خَرَجَ) مِنْهُ وُجُوبًا وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ لِئَلَّا يَطْعَنَ فِي الْإِمَامِ وَجَمَاعَتِهِ (وَلَمْ يُصَلِّهَا) أَيْ الْمُقَامَةَ مَعَهُ لِامْتِنَاعِ إعَادَتِهَا جَمَاعَةً (وَلَا) يُصَلِّي فَرْضًا (غَيْرَهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْفَضْلُ بِأَنْ كَانَ صَلَّاهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا بِصَبِيٍّ وَهِيَ مِمَّا تُعَادُ لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ (لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمُقَامَةُ مَعَ الْإِمَامِ خَوْفَ الطَّعْنِ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ أَوْ مُكْثِهِ بِلَا صَلَاةٍ فَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا أَوْ عِشَاءً بَعْدَ وِتْرٍ خَرَجَ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِهَا مَعَ الْإِمَامِ فَقَالَ (كَمَنْ لَمْ يُصَلِّهَا) وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ إنْ كَانَ مُحَصِّلًا لِشُرُوطِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِلَّا خَرَجَ. (وَإِنْ) أُقِيمَتْ بِالْمَسْجِدِ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِهَا (بِبَيْتِهِ) أَيْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَرَحْبَتِهِ فَ (يُتِمُّهَا) بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وُجُوبًا سَوَاءٌ عَقَدَ مِنْهَا رَكْعَةً أَمْ لَا خَشَى فَوَاتَ رَكْعَةٍ مِنْ الْمُقَامَةِ أَمْ لَا (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِ) سَبَبِ (اقْتِدَاءٍ) فِيهَا (بِمَنْ) أَيْ إمَامٍ أَوْ الْإِمَامِ الَّذِي (بَانَ) أَيْ تَبَيَّنَ وَظَهَرَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا (كَافِرًا) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ فَتُعَادُ أَبَدًا سَوَاءٌ كَانَتْ سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً وَسَوَاءٌ كَانَ آمِنًا وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فِيمَا بَعْدُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ طَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا بِالنَّاسِ أَمْ لَا وَقِيلَ لَا يُعِيدُ مَأْمُومٌ مَا جَهَرَ فِيهِ وَيُعِيدُ مَا أَسَرَّ فِيهِ. وَقِيلَ إنْ كَانَ آمِنًا وَطَالَتْ مُدَّةُ صَلَاتِهِ إمَامًا فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ صَحِيحَةٌ فَلَا تُعَادُ لِلْمَشَقَّةِ وَبَحَثَ فِي الْأَخِيرَيْنِ، بِأَنَّهُ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا وَإِنْ تَحَقَّقَتْ الشَّهَادَتَانِ مِنْهُ بِأَذَانٍ أَوْ إقَامَةٍ أَوْ جَهْرِهِ بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَكَرَّرَتْ الصَّلَاةُ مِنْهُ آمِنًا حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، فَإِنْ رَجَعَ فَهُوَ مُرْتَدٌّ. سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ الْأَعْجَمِيِّ يُقَالُ لَهُ صَلِّ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَمُوتُ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَقَالَ نَعَمْ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى فَقَدْ أَسْلَمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ» وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 358 أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا، أَوْ مَجْنُونًا أَوْ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ، أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ عِلْمٍ،   [منح الجليل] الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ مَرَّةً، كَالْحَدِيثِ وَجَوَابِ الْإِمَامِ (أَوْ) بَانَ (امْرَأَةً) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ فِي نَفْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُؤْتَمُ بِهِ. (أَوْ) بَانَ (خُنْثَى) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ شَخْصًا لَهُ آلَةُ رَجُلٍ وَآلَةُ امْرَأَةٍ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُمَا وَلَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا (مُشْكِلًا) أَيْ لَمْ تَتَّضِحْ ذُكُورَتُهُ وَلَا أُنُوثَتُهُ وَلَوْ لِمِثْلِهِ فِي نَفْلٍ وَلَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ يُؤْتَمُّ بِهِ (أَوْ) بَانَ (مَجْنُونًا) مُطْبَقًا أَوْ يُفِيقُ وَأَمَّ حَالَ جُنُونِهِ، فَإِنْ أَمَّ حَالَ إفَاقَتِهِ فَصَحِيحَةٌ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. (أَوْ) بَانَ (فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ) كَزَانٍ وَشَارِبٍ مُغَيَّبٍ، لِحَدِيثِ «أَئِمَّتُكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ» وَالْفَاسِقُ لَا يَصْلُحُ لَهَا، وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ مَعَ كَرَاهَتِهَا إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا كَقَصْدِهِ الْكِبْرَ بِالْإِمَامَةِ وَإِخْلَالِهِ بِرُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ سُنَّةٍ عَمْدًا (أَوْ) بَانَ (مَأْمُومًا) بِأَنْ ظَهَرَ مَسْبُوقًا فَأَقَامَ لِلْقَضَاءِ أَوْ ظَنَّهُ إمَامًا وَهُوَ مَأْمُومٌ (أَوْ) بَانَ (مُحْدِثًا إنْ تَعَمَّدَ) فِيهَا أَوْ دُخُولَهَا بِهِ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِي أَثْنَائِهَا وَعَمِلَ عَمَلًا مِنْهَا لَا إنْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ تَمَامِهَا أَوْ سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ جُمُعَةً بِشَرْطِ اسْتِخْلَافٍ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ السَّلَامَ. (أَوْ عَلِمَ مُؤْتَمُّهُ) بِحَدَثِهِ فِيهَا أَوْ قَبْلَهَا أَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَهُ وَلَوْ نَاسِيًا. فَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ وَأَعْلَمَهُ فَوْرًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعِلْمُهُ بِهِ بَعْدَهَا مُغْتَفَرٌ (وَ) بَطَلَتْ (بِ) اقْتِدَاءٍ بِ (عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ) قَوْلِيٍّ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْفَاتِحَةِ وَالسَّلَامِ أَوْ فِعْلِيٍّ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَالْمَأْمُومُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ غَيْرُهُ. (أَوْ) عَاجِزٍ عَنْ (عِلْمٍ) بِمَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مِنْ كَيْفِيَّةِ غُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَصَلَاةٍ فَإِنْ عَلِمَ كَيْفِيَّتَهَا بِتَلَقِّيهَا مِنْ عَالِمٍ بِهَا صَحَّتْ خَلْفَهُ وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ جَمِيعَ أَجْزَائِهَا سُنَنٌ أَوْ أَنَّ الْفَرْضَ سُنَّةٌ وَالسُّنَّةَ فَرْضٌ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ، فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 359 إلَّا كَالْقَاعِدِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ ، أَوْ بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ أَوْ قَارِئٌ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ،   [منح الجليل] إلَّا بِفِعْلِ مَا رَأَوْا، وَأَهْلُ الْعِلْمِ نَائِبُونَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ مِثْلُهُ فِي الِاقْتِدَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أَوْ رَأَيْتُمْ نُوَّابِي يُصَلُّونَ. (إلَّا) أَنْ يُسَاوِيَ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي الْعَجْزِ عَنْ رُكْنٍ (كَالْقَاعِدِ) أَيْ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ يَقْتَدِي فِي الْفَرْضِ (بِمِثْلِهِ) أَيْ قَاعِدٍ عَاجِزٍ عَنْ الْقِيَامِ (فَ) اقْتِدَاؤُهُ بِهِ (جَائِزٌ) ابْتِدَاءً فَهُوَ صَحِيحٌ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْعَاجِزِ عَنْ رُكْنٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ عِلْمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ لِشُمُولِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعَاجِزَ الْمُمَاثِلَ لِمَأْمُومِهِ، وَالْمُخَالِفَ لَهُ فِيهِ، وَالْإِمَامَ لِقَادِرٍ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَبِعَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ مُقَوَّسُ الظَّهْرِ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُسْتَقِيمِ الظَّهْرِ بِهِ، أَفْتَى بِهَذَا الْعَبْدُوسِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ، وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُورِيُّ بِصِحَّتِهِ. وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ إمَامَتَهُ عَلَى إمَامَةِ صَاحِبِ السَّلَسِ لِلصَّحِيحِ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا الصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمُومِئَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمِثْلِهِ إلَّا فِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ. (أَوْ) بِاقْتِدَاءِ أُمِّيٍّ (بِأُمِّيٍّ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ الْفَاتِحَةِ فَصَلَاتُهُمَا بَاطِلَةٌ (إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ رَجُلٌ (قَارِئٌ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ صِحَّةُ صَلَاتِهِمَا إنْ لَمْ يُوجَدْ قَارِئٌ، فَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ بِمِثْلِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَارِئٍ فَطَرَأَ قَارِئٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَتَمَّا وَإِلَّا فَيَقْطَعَانِ وَيَقْتَدِيَانِ بِالْقَارِئِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْمَامُ بِالْقَارِئِ فَلَمْ يَفْعَلْ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجِبُ الْإِتْمَامُ كَالْمَرِيضِ الْجَالِسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْقَائِمِ اهـ، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا وُجِدَ قَارِئٌ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا. (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ بِ (قَارِئٍ) (بِ) قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ مُخَالِفَةٍ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ (كَقِرَاءَةِ) عَبْدِ اللَّهِ (ابْنِ مَسْعُودٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَكَقِرَاءَةِ لَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرِئَ مِمَّا قَالُوا فَلَا تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ بِقَارِئٍ قِرَاءَةً شَاذَّةً مُوَافِقَةً لِرَسْمِهِ. وَإِنْ حُرِّمَتْ كَقِرَاءَةِ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خَلَقْتُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 360 أَوْ عَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ، أَوْ صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ، وَبِغَيْرِهِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ،   [منح الجليل] وَاللَّامِ وَضَمِّ التَّاءِ، وَكَذَا رُفِعَتْ وَنُصِبَتْ وَسُطِحَتْ فَالْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْأَرْبَعَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْقِرَاءَاتِ الْعَشَرَةِ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالرَّمْلِيُّ السَّبْعَةُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الشَّاطِبِيَّةِ (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ بِ (عَبْدٍ فِي) صَلَاةِ (جُمُعَةٍ) وَإِنْ بِشَائِبَةٍ كَمُكَاتَبٍ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَامَتْ مَقَامَ الظُّهْرِ إذَا صَلَّاهَا (أَوْ) بِاقْتِدَاءٍ بِ (صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ) لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ (وَبِغَيْرِهِ) أَيْ الْفَرْضِ صِلَةُ (تَصِحُّ) إمَامَتُهُ لِلْبَالِغِ بَعْدَ وُقُوعِهَا (وَإِنْ لَمْ تَجُزْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَاوُهُ لِلْحَالِ أَيْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تَجُوزُ ابْتِدَاءً فِي النَّفْلِ، وَإِمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ جَائِزَةٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَنْوِي الصَّبِيُّ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَبُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ اسْتَظْهَرْت مِنْهُمَا الصِّحَّةَ. (وَهَلْ) تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ (بِلَاحِنٍ) فِي قِرَاءَتِهِ (مُطْلَقًا) عَلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ بِفَاتِحَةٍ وَبِتَغْيِيرِهِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْآنًا لِأَنَّ أَرْكَانَ الْقُرْآنِ الثَّلَاثَةَ مُوَافَقَةُ الْعَرَبِيَّةَ وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ وَصِحَّةُ الْإِسْنَادِ (أَوْ) لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ كَانَ لَحْنُهُ (فِي) خُصُوصِ (الْفَاتِحَةِ) أَوْ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ كُرِهَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَيَجُوزُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَهِيَ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَكُلُّهَا مُطْلَقَةٌ إلَّا قَوْلَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً مَعَ الصِّحَّةِ، فَقَيَّدَهُ بِوُجُودِ غَيْرِ لَاحِنٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي جَاهِلٍ يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِ لَاحِنٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا مُتَعَمِّدُ اللَّحْنِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَالسَّاهِي صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَالْعَاجِزُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا أَيْضًا وَأَرْجَحُهَا صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِاتِّفَاقِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا. وَأَمَّا حُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ فَبِالْمُعْتَمَدِ حَرَامٌ وَبِالْأَلْكَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 361 وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ: خِلَافٌ وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي: كَحَرُورِيٍّ وَكُرِهَ: أَقْطَعُ، وَأَشَلُّ   [منح الجليل] جَائِزٌ وَبِالْجَاهِلِ مَكْرُوهٌ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّحْنِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (وَ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مُقْتَدٍ (بِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ) مُعْجَمَيْنِ أَوْ صَادٍ وَسِينٍ مُهْمَلَيْنِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَزَايٍ مُطْلَقًا أَوْ تَبْطُلُ إنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ. ابْنُ عَاشِرٍ كَانَ الْمُصَنِّفُ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى عَيْنِهَا، وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي اللَّاحِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَنْسَبُ كَغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَوْ وَمِنْهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي اللَّاحِنِ قَالُوا وَمِنْهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَأَعَادَ) نَدْبًا (بِوَقْتٍ) اخْتِيَارِيٍّ (فِي) اقْتِدَاءٍ بِإِمَامٍ بِدْعِيٍّ مُخْتَلَفٍ فِي كُفْرِهِ (كَحَرُورِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِحَرُورَاءَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْكُوفَةِ خَرَجَ بِهَا قَوْمٌ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي تَحْكِيمِهِ أَبَا مُوسَى وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خُرُوجِهِ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَفَّرُوهُمَا بِالذَّنْبِ فَقَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قِتَالًا شَدِيدًا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَدَرِيَّ وَكُلَّ ذِي عَقِيدَةٍ بَاطِلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِي كُفْرِهِ بِهَا، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى كُفْرِهِ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الرَّسُولُ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَخْطَأَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ انْدَرَجَ فِي قَوْلِهِ آنِفًا وَبِمَنْ بَانَ كَافِرًا، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ كَمُفَضِّلِ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُعِيدُ الْمُقْتَدِي بِهِ. وَهَذَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْقُدُومُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِنَحْوِ الْحَرُورِيِّ مُحَرَّمٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَقْطَعُ وَأَشَلُّ) يَدًا أَوْ رِجْلًا أَيْ إمَامَتُهُمَا وَلَوْ لِمِثْلِهِمَا حَيْثُ لَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ حَالَ السُّجُودِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ بِجِنَايَةٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 362 وَأَعْرَابِيٌّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَقْرَأَ وَذُو سَلَسٍ وَقُرُوحٍ، لِصَحِيحٍ   [منح الجليل] أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ كَرَاهَةِ إمَامَتِهِمَا مُطْلَقًا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. وَنَصَّهُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ لِمِثْلِهِمَا وَلِغَيْرِ مِثْلِهِمَا وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَسَوَاءٌ كَانَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا. (وَ) كُرِهَ (أَعْرَابِيٌّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مَنْسُوبٌ لِلْأَعْرَابِ كَذَلِكَ أَيْ سُكَّانِ الْبَادِيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتُهُمْ عَرَبِيَّةً أَوْ عَجَمِيَّةً (لِغَيْرِهِ) أَيْ إمَامَتُهُ لِحَضَرِيٍّ سَوَاءٌ كَانَتْ بِحَاضِرَةٍ أَوْ بِبَادِيَةٍ. وَلَوْ كَانَا بِمَنْزِلِ الْأَعْرَابِيِّ لِجَفَائِهِ وَغِلْظَتِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِلشَّفَاعَةِ اللَّازِمَةِ لِلْإِمَامِ إنْ سَاوَى الْأَعْرَابِيُّ الْحَضَرِيَّ فِي الْقُرْآنِ أَوْ زَادَ الْحَضَرِيُّ فِيهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْأَعْرَابِيُّ (أَقْرَأَ) أَيْ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنْ الْحَضَرِيِّ أَوْ أَحْكَمَ قِرَاءَةً مِنْهُ. (وَ) كُرِهَ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (سَلَسٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ يَخْرُجُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَلَا يُسْتَطَاعُ حَبْسُهُ (وَ) ذُو (قُرُوحٍ) بِضَمِّ الْقَافِ جَمْعُ قَرْحٍ بِفَتْحِهَا أَيْ جُرُوحٍ يَسِيلُ مِنْهَا دَمٌ وَنَحْوُهُ أَيْ إمَامَتُهُمَا (لِصَحِيحٍ) أَيْ سَلِيمٍ مِنْ السَّلَسِ وَالْقُرُوحِ، وَكَذَا سَائِرُ أَصْحَابِ الْمَعْفُوَّاتِ، فَمَنْ تَلَبَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَإِمَامَتُهُ لِلسَّلِيمِ مِنْهَا مَكْرُوهَةٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ إذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ ارْتِبَاطٌ وَكَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَكِنْ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ. وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِهِ بِثَوْبِهِ فَاقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى مَنْعِهَا قَائِلًا إنَّمَا عُفِيَ عَنْ النَّجَاسَةِ لِلْمَعْذُورِ خَاصَّةً فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ. وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي شَرْحِ ابْنَ الْحَاجِبِ فِيهَا قَوْلَيْنِ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ بِالصَّحِيحِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ تَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِإِمَامَةِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالصَّحِيحِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ بَشِيرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 363 وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ وَتَرَتُّبُ: خَصِيٍّ، وَمَأْبُونٍ، وَأَغْلَفَ، وَوَلَدِ زِنَى وَمَجْهُولِ حَالٍ، وَعَبْدٍ بِفَرْضٍ   [منح الجليل] وَابْنُ شَاسٍ فِي التَّقْيِيد، وَأَطْلَقَا الْكَرَاهَةَ. وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَقَدْ أَقَرَّا تَقْيِيدَ ابْنِ الْحَاجِبِ (وَ) كُرِهَ (إمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ كَرِهَهُ أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ غَيْرَ ذِي الْفَضْلِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَرِهَهُ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ أَوْ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَإِنْ قَلَّ فَإِمَامَتُهُ مُحَرَّمَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ» وَلِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَأَنْ تُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ كَرَاهَتُهُ لِارْتِكَابِهِ أُمُورًا مُزْرِيَةً مُوجِبَةً لِلزُّهْدِ فِيهِ وَالْكَرَاهَةِ لَهُ، وَلِتَسَاهُلِهِ فِي السُّنَنِ كَالْوِتْرِ وَالْعِيدِ وَالنَّوَافِلِ كَالرَّوَاتِبِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَرَاهَتِهِ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ. (وَ) كُرِهَ (تَرَتُّبُ خَصِيٍّ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ (وَمَأْبُونٍ) أَيْ مُتَكَسِّرٍ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ أَوْ مُشْتَهٍ فِعْل الْفَاحِشَةَ بِهِ لِدَاءٍ بِدُبُرِهِ وَلَمْ تُفْعَلْ بِهِ، أَوْ مَنْ فُعِلَتْ بِهِ وَتَابَ وَإِلَّا فَهُوَ أَرْذَلُ الْفَاسِقِينَ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَتُكْرَهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَ) تَرَتُّبُ (أَغْلَفَ) أَيْ غَيْرِ مَخْتُونٍ وَالْمُعْتَمَدُ كَرَاهَةُ إمَامَتِهِ مُطْلَقًا. (وَ) تَرَتُّبُ (وَلَدِ زِنَا وَمَجْهُولِ حَالٍ) أَيْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ أَوْ أَبُوهُ كَلَقِيطٍ لَا غَرِيبٍ لِاتِّمَانِ النَّاسِ عَلَى أَنْسَابِهِمْ إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ مَجْهُولَ الدِّينِ إمَامٌ أَوْ نَاظِرٌ عَادِلٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مُسْلِمُونَ عَالِمُونَ بِأَحْكَامِ الْإِمَامَةِ، فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ ذُكِرَ أَنَّهُمْ لَا يُرَتِّبُونَ إلَّا عَدْلًا. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَأْتَمَّ إلَّا بِمَنْ يَعْرِفُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ لِذِي هَوًى لَا يَقُومُ فِيهَا بِمُوجَبِ التَّرْجِيحِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَأْتَمُّ بِرَاتِبٍ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْهُ. وَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ مَنْ أَدْرَكْت عَالِمًا دَيِّنًا. (وَ) تَرَتُّبُ (عَبْدٍ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ، وَصِلَةُ تَرَتُّبُ (بِفَرْضٍ) مِنْ الْخَمْسِ أَوْ سُنَّةٍ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 364 وَصَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ، أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ بِلَا ضَرُورَةٍ. وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا: كَأَبِي قُبَيْسٍ.   [منح الجليل] الْخَمْسِ وَلَوْ أَصْلَحَ الْقَوْمِ وَأَعْلَمَهُمْ. وَمَفْهُومُ بِفَرْضٍ جَوَازُ تَرَتُّبِهِ فِي نَفْلٍ كَتَرَاوِيحَ وَهُوَ كَذَلِكَ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ تَرَتُّبُهُ فِي الْفَرْضِ كَالنَّفْلِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ أَصْلَحَهُمْ فَلَا يُكْرَهُ (وَ) كُرِهَ (صَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ) جَمْعُ أُسْطُوَانَةٍ أَيْ الْعَوَامِيدِ بِأَنْ تَكُونَ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِوَضْعِ النِّعَالِ فَلَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ السَّاقِطَةِ مِنْهَا. وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ (أَوْ أَمَامَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ قُدَّامَ (الْإِمَامِ) أَوْ فِي مُحَاذَاتِهِ (بِلَا ضَرُورَةٍ) رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ أَيْضًا، وَمَفْهُومُ بِلَا ضَرُورَةٍ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ (اقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا) لِعَدَمِ تَمَامِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَعْلَاهَا بِمَنْ بِأَسْفَلِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَمَامِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْهَا. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) اقْتِدَاءِ مَنْ عَلَى جَبَلِ (أَبِي قُبَيْسٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُ جَبَلٍ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ جِهَةَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَيُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ضَبْطِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ لِلْبُعْدِ الَّذِي بَيْنَهُمَا. فَإِنْ قِيلَ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ مُشْكِلَةٌ لِارْتِفَاعِهَا عَنْ الْبَيْتِ وَمَنْ بِمَكَّة وَنَحْوِهَا وَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ. قُلْت صِحَّتُهَا بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِاسْتِقْبَالِ هَوَائِهَا وَهُوَ مُتَّصِلٌ مِنْهَا إلَى السَّمَاءِ. وَأَيْضًا اسْتِقْبَالُهَا مَعَ الِارْتِفَاعِ عَنْهَا مُمْكِنٌ كَإِمْكَانِهِ مِمَّنْ عَلَى الْأَرْضِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَقُعَيْقِعَانَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. ابْنُ يُونُسَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ مُرَاعَاةَ فِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ. ابْنُ بَشِيرٍ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي صَلَاةِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِصِحَّتِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ مُرَاعَاةُ فِعْلِ الْإِمَامِ صَحَّتْ، وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بَطَلَتْ وَهَذَا يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ. عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ غَيْرُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 365 وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَبِالْعَكْسِ . وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ. وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ . وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ   [منح الجليل] وَاحِدٍ إنَّمَا كَرِهَ الصَّلَاةَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَعَلَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ. وَكَذَلِكَ رَأَيْت فِي مَسَائِلَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَامَّةٌ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ قَالُوا ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ يَعْرِفْ مَنْ هُنَاكَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ أَوْ قُعَيْقِعَانَ وَحْدَهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ، وَإِنْ كَانَ يَعْلُو الْكَعْبَةَ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ اهـ. وَقُعَيْقِعَانُ بِالتَّصْغِيرِ جَبَلٌ بِمَكَّةَ عَالٍ مِنْ جِهَتِهَا الْغَرْبِيَّةِ مُقَابِلٌ لِأَبِي قُبَيْسٍ وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْكَعْبَةِ بَيْنَهُمَا. (وَ) كَ (صَلَاةِ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ) عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَأَمَامَهُ وَخَلْفَهُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ صَلَاةُ امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا أَوْ أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا، وَأَمَّا صَلَاتُهَا خَلْفَهُمْ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ (وَ) كُرِهَ (إمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ) عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَوْ كَانَا مَسْتُورَيْنِ بِثَوْبٍ وَمَفْهُومُ إمَامَةٍ أَنَّ الْمَأْمُومِيَّةَ وَالْفَذِّيَّةَ بِهِ بَلَاهُ لَا تُكْرَهُ وَمَفْهُومُ بِمَسْجِدٍ أَنَّ الْإِمَامَةَ بِغَيْرِهِ بَلَاهُ لَا تُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى. (وَ) كُرِهَ (تَنَفُّلُهُ) أَيْ الْإِمَامِ (بِمِحْرَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَكَذَا جُلُوسُهُ بِهِ عَلَى هَيْئَةِ صَلَاتِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مَنْ دَخَلَ أَنَّهُ يُصَلِّي فَرْضًا فَيَقْتَدِيَ بِهِ وَلِخَبَرِ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ أَيْ الْتَفَتَ إلَيْهِمْ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَكَذَا اسْتِدْبَارُ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ» (وَ) كُرِهَ (إعَادَةُ) أَيْ صَلَاةِ (جَمَاعَةٍ بَعْدَ) صَلَاةِ الْإِمَامِ (الرَّاتِبِ) لِلْمَحَلِّ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِلرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ. وَعَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلَا تُجْمَعُ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ إلَّا مَسْجِدًا لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ. وَنَسَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوَازَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ابْنُ نَاجِي مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا صَلَّى الرَّاتِبُ فِي وَقْتِهِ الْمَعْلُومِ، فَلَوْ قَدَّمَ عَنْ وَقْتِهِ وَجَاءَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَلَهُمْ الْجَمْعُ فِيهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 366 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَمَفْهُومُ بَعْدَ الرَّاتِبِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ قَبْلَهُ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ رُتِّبَ أَئِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ فِي جِهَاتِ الْمَسْجِدِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَحَلَّيْنِ كَمَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ وَلَا مَنْ فَسَدَتْ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّخْلِيطِ وَلِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى زَمَنِ حُدُوثِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ، وَإِنْ كَانُوا يَتَعَاقَبُونَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْأَشْرَفَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْكَرَاهَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْجَوَازِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَوَاضِعَهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ وَبِتَقْرِيرِ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْمَنْعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مَسْجِدٌ لَهُ رَاتِبٌ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ جَاءَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَأَرَادُوا إقَامَةَ تِلْكَ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ. وَأَمَّا حُضُورُ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ فَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يُصَلِّي وَأُولَئِكَ جُلُوسٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ تَارِكُونَ إقَامَةَ الصَّلَاةِ مَعَ الرَّاتِبِ مُتَشَاغِلُونَ بِالنَّفْلِ أَوْ الْحَدِيثِ أَوْ الْمُطَالَعَةِ، حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَبْقَى جَمَاعَةٌ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ. كَذَلِكَ فَالْأَئِمَّةُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ. وَاحْتِجَاجُهُ بِأَنَّ الْبِقَاعَ كَمَسَاجِدَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] وقَوْله تَعَالَى {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} [الإسراء: 1] وقَوْله تَعَالَى {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} [التوبة: 108] وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا إلَخْ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ» . وَتَقْرِيرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَإِذْنِهِ لِمَالِكِيٍّ فِي التَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 367 وَإِنْ أَذِنَ، وَلَهُ الْجَمْعُ إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ، إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا وَخَرَجُوا، إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا.   [منح الجليل] بَيْعِهِ أَوْ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ. وَلَمْ يَأْذَنْ الشَّارِعُ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْقِتَالِ الَّذِي يَعْظُمُ فِيهِ الْخَوْفُ، وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْهَوْلُ، وَتَتَلَاطَمُ فِيهِ الصُّفُوفُ، وَتَتَخَالَفُ فِيهِ السُّيُوفُ، بَلْ أَمَرَ بِقَسْمِ الْقَوْمِ وَصَلَاتِهِمْ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ مُتَعَاقِبِينَ، وَأَلَّفَ هَؤُلَاءِ الْمَانِعُونَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ تَآلِيفَ عَظِيمَةً، وَذَكَرُوا فِيهَا أَدِلَّةً كَثِيرَةً وَرَدُّوا عَلَى الْمُجِيزِينَ، وَشَنَّعُوا عَلَيْهِمْ غَايَةَ التَّشْنِيعِ، حَتَّى رَجَعُوا عَنْ إجَازَتِهِمْ لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ وَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الرَّاتِبِ مَكْرُوهَةٌ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الرَّاتِبُ فِي الْجَمْعِ بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ) الرَّاتِبُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بَعْدَ صَلَاتِهِ فِي جَمْعِهِمْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَذِيَّتِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَذِيَّتُهُ. (وَلَهُ) أَيْ الرَّاتِبِ (الْجَمْعُ) فِي مَحَلِّهِ (إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ) أَيْ الرَّاتِبِ فِي مَحَلِّهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الرَّاتِبِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ) الرَّاتِبُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ تَأْخِيرًا (كَثِيرًا) فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدٍ فِي الصَّلَاةِ مَكَانَهُ نِيَابَةً عَنْهُ أَوْ أَخَّرَ عَنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرًا كَثِيرًا يَضُرُّ بِالْجَمَاعَةِ، فَجَمَعُوا قَبْلَهُ كُرِهَ لَهُ الْجَمْعُ حِينَئِذٍ. اللَّخْمِيُّ مَنْ شَأْنُهُ يُصَلِّي إذَا غَابَ إمَامُهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ هَذِهِ مُسَابَقَةٌ وَتَعَدٍّ مِنْهُ. (وَ) إنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ مَسْجِدًا لَهُ رَاتِبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ (خَرَجُوا) نَدْبًا لِيَجْمَعُوا خَارِجَهُ أَوْ مَعَ رَاتِبٍ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يُصَلُّونَ فِيهِ أَفْذَاذًا لِفَوَاتِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ (إلَّا بِ) أَحَدِ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إذَا دَخَلُوهُ فَوَجَدُوا رَاتِبَهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَا يَخْرُجُونَ (فَيُصَلُّونَ بِ) أَحَدِ (هَا أَفْذَاذًا) لِفَضْلِ صَلَاةِ فَذِّهَا عَلَى صَلَاةِ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا (إنْ دَخَلُوا) أَحَدَ (هَا) فَوَجَدُوا رَاتِبَهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ. وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَعَمِلُوا بِتَمَامِ صَلَاةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 368 وَقَتْلُ: كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ، وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ، وَاسْتُشْكِلَ وَجَازَ اقْتِدَاءٌ: بِأَعْمَى وَمُخَالِفٍ فِي الْفُرُوعِ   [منح الجليل] الرَّاتِبِ فَيَجْمَعُونَ خَارِجَهُ وَلَا يَدْخُلُونَهُ لِيُصَلُّوا بِهِ أَفْذَاذًا إنْ أَمْكَنَهُمْ الْجَمْعُ خَارِجَهُ وَإِلَّا دَخَلُوهُ وَصَلَّوْا بِهِ أَفْذَاذًا. (وَ) كُرِهَ (قَتْلُ كَبُرْغُوثٍ) وَقَمْلَةٍ وَبَقَّةٍ وَذُبَابَةٍ (بِمَسْجِدٍ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ رَحْمَةٍ وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهَا (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (يَجُوزُ طَرْحُهَا) أَيْ الْقَمْلَةِ الدَّاخِلَةِ بِالْكَافِ حَيَّةً (خَارِجَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (وَاسْتُشْكِلَ) بِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهَا وَبِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا قَلَّ مَنْ تَلْدَغُهُ إلَّا مَاتَ، وَمَفْهُومُ خَارِجَهُ كَرَاهَةُ طَرْحِهَا فِيهِ حَيَّةً قَالَ فِيهَا وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلْيَصُرَّهَا أَيْ فِي طَرْفِ ثَوْبِهِ، ثُمَّ يَقْتُلْهَا خَارِجَهُ، وَطَرْحُ مَيْتَتِهَا فِيهِ حَرَامٌ لِنَجَاسَتِهَا وَقِيلَ يَحْرُمُ طَرْحُهَا حَيَّةً بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَيَجُوزُ طَرْحُ الْبُرْغُوثِ وَشِبْهِهِ حَيًّا فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ طَرْحُهُ مَيِّتًا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ تَعْفِيشٌ لَهُ. (وَجَازَ) بِمَرْجُوحِيَّةٍ (اقْتِدَاءٌ بِ) رَجُلٍ (أَعْمَى) إذْ الِاقْتِدَاءُ بِالْبَصِيرِ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الْفَضْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَمِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَرَى الْإِشَارَةَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ الْأَعْمَى أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَخْشَعُ وَأَبْعَدُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِمَا يُبْصِرُهُ. وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ. (وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مُخَالِفٍ) لِلْمُقْتَدِي بِهِ (فِي) الْأَحْكَامِ (الْفُرُوعِ) الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالشَّرْطِيَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ وَالْمَانِعِيَّةِ. وَاحْتُرِزَ بِالْفُرُوعِ مِنْ الْأُصُولِ وَهِيَ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمُعْتَقَدَاتِ الْقُلُوبِ مِنْ وُجُوبٍ وَاسْتِحَالَةٍ وَجَوَازٍ، فَالِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِيهَا إمَّا مُحَرَّمٌ إنْ اُتُّفِقَ عَلَى كُفْرِهِ، وَإِمَّا مَكْرُوهٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِي كُفْرِهِ. وَإِمَّا خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ اُتُّفِقَ عَلَى مُجَرَّدِ فِسْقِهِ. وَيَحُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ. وَلَوْ أَتَى بِمَانِعٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَ مَانِعًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ كَتَرْكِ الدَّلْكِ وَالْمُوَالَاةِ وَالنِّيَّةِ، وَتَكْمِيلِ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَكَمَسِّ الذَّكَرِ، وَالتَّقْبِيلِ عَلَى الْفَمِ، وَاللَّمْسِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ. أَوْ وِجْدَانِهَا وَالتَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 369 أَلِكُنَّ (وَأَلْكَنَ) وَمَحْدُودٍ وَعِنِّينٍ (وَمُجَذَّمٍ، إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ، فَلْيُنَحَّ) .   [منح الجليل] فَالْمُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ لَا الْمَأْمُومِ. وَأَمَّا شُرُوطُ الِاقْتِدَاءِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ لَا الْإِمَامِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَقِّلٍ أَوْ مُعِيدٍ أَوْ مُؤَدٍّ بِقَاضٍ، أَوْ عَكْسِهِ، أَوْ مُفْتَرِضٍ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ. وَأَمَّا أَرْكَانُ الصَّلَاةِ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ كَشُرُوطِ الصَّلَاةِ فَتَصِحُّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ يَتْرُكُ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالَ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْبِيرِ الْعَوْفِيِّ بِالشُّرُوطِ وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. قَالَ لَوْ عَلِمْت أَنَّ رَجُلًا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ، هَذِهِ طَرِيقَةُ الْعَوْفِيِّ، وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ الْمُعْتَبَرُ مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَطَرِيقَةُ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ نَاجِي الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ. (وَ) جَازَ اقْتِدَاءُ سَالِمٍ بِإِمَامٍ (أَلْكَنَ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخْرَجِهِ لِعُجْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ أَصْلًا أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُتَغَيِّرًا كَأَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ ثَاءً مُثَلَّثَةً أَوْ تَاءً مُثَنَّاةً أَوْ الرَّاءَ لَامًا. (وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مَحْدُودٍ) أَيْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ شَرْعِيٌّ لِشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ إنْ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ، عَلَى أَنَّ الْحَدَّ زَاجِرٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ جَابِرٌ فَلَا تُشْتَرَطُ التَّوْبَةُ، وَمَفْهُومُ مَحْدُودٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْحَدِّ وَلَمْ يُحَدَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ. فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ بِالْعَفْوِ عَنْ حَقِّ مَخْلُوقٍ أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ إتْيَانِ الْإِمَامِ تَائِبًا وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. (وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (عِنِّينٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ أَوْ صَغِيرِ الذَّكَرِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى بِهِ وِقَاعٌ (وَ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ (مُجَذَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةٍ، أَيْ مَرِيضٍ بِدَاءِ الْجُذَامِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ وَمِثْلُهُ الْمُبَرَّصُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ) جُذَامُهُ بِأَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ بِرَائِحَتِهِ مَثَلًا (فَلْيُنَحَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ يُؤْمَرُ بِالْبُعْدِ عَنْ النَّاسِ بِالْكُلِّيَّةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 370 وَصَبِيٍّ بِمِثْلِهِ وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَا عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوَهُ وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ، وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا، وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ وَقَتْلُ عَقْرَبٍ أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ   [منح الجليل] وُجُوبًا فَإِنْ امْتَنَعَ جُبِرَ (وَ) جَازَ اقْتِدَاءُ (صَبِيٍّ بِمِثْلِهِ) فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا لَا بَالِغٍ بِهِ وَلَوْ فِي نَفْلٍ (وَ) جَازَ (عَدَمُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ (إلْصَاقِ مَنْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَأْمُومٍ مُصَلٍّ (عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ) مَنْ عَلَى (يَسَارِهِ بِمَنْ) أَيْ مَأْمُومٍ صَلَّى (حَذْوَهُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَلْفَ ظَهْرِ الْإِمَامِ، وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ، فَيَجُوزُ عَدَمُ إلْصَاقِهِمَا مَعًا بِمَنْ خَلْفَهُ. وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِمَنْ عَلَى يَسَارِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ تَقْطِيعٌ لِلصَّفِّ وَوَصْلُهُ مُسْتَحَبٌّ. (وَ) جَازَ (صَلَاةُ) مَأْمُومٍ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ الَّذِي خَلْفَهُ صَفٌّ (مُنْفَرِدٍ) عَنْ الْمَأْمُومِينَ (خَلْفَ صَفٍّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ فِيهِ. وَإِلَّا كُرِهَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفَضِيلَةُ الصَّفِّ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ فِيهِ (وَلَا يَجْذِبُ) بِتَقْدِيمِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْبَاءِ وَعَكْسُهُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مَقْلُوبَ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلُ التَّصْرِيفِ، وَالْقَلْبُ لَا يَكُونُ فِيهِ، أَفَادَهُ فِي الْقَامُوسِ الْمَأْمُوم الْمُنْفَرِدُ خَلْفَ صَفٍّ (أَحَدًا) مِنْ الصَّفِّ وَإِنْ جَذَبَ أَحَدًا فَلَا يُطِيعُهُ الْمَجْذُوبُ (وَهُوَ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَذْبِ وَالْإِطَاعَةِ (خَطَأٌ مِنْهُمَا) أَيْ مَكْرُوهٌ مِنْ الْجَاذِبِ وَالْمُطِيعِ. (وَ) جَازَ (إسْرَاعٌ) فِي الْمَشْيِ (لَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِإِدْرَاكِ فَضْلِهَا إسْرَاعًا يَسِيرًا (بِلَا خَبَبٍ) أَيْ جَرْيٍ مُذْهِبٍ لِلْخُشُوعِ فَيُكْرَهُ. وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا وَلَوْ جُمُعَةً لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا. وَلِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَذِنَ فِي السَّعْيِ مَعَ السَّكِينَةِ فَانْدَرَجَتْ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ وَيَضِيقُ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَهُ إنْ لَمْ يَخُبَّ فَيَجِبُ (وَ) جَازَ (قَتْلُ عَقْرَبٍ) أَرَادَتْهُ أَمْ لَا (أَوْ فَأْرٍ) وَصِلَةُ قَتْلُ (بِمَسْجِدٍ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 371 وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيُكَفُّ إذَا نُهِيَ وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ، أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ، ثُمَّ قَدَمِهِ، ثُمَّ يَمِينِهِ، ثُمَّ أَمَامَهُ.   [منح الجليل] لِإِذَايَتِهِمَا مَعَ التَّحَفُّظِ مِنْ تَقْذِيرِهِ وَتَعْفِيشِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ بِصَلَاةٍ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَلَوْ انْحَطَّ مَرَّةً. (وَ) جَازَ (إحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ شَأْنُهُ (لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ) عَنْ الْعَبَثِ (إذَا نُهِيَ) عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَهَا يُجَنَّبُ الصَّبِيُّ الْمَسْجِدَ إنْ كَانَ يَعْبَثُ أَوْ لَا يُكَفُّ إذَا نُهِيَ اهـ. الْبُنَانِيُّ فَإِذَا كَانَ يُجَنَّبُ مَعَ أَحَدِهِمَا لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ حُضُورُهُ إلَّا مَعَ فَقْدِهِمَا مَعًا وَنِسْبَةُ هَذَا لِلْمُدَوَّنَةِ تُفِيدُ تَرْجِيحَهُ وَعَلَيْهِ قَالُوا وَعَلَى بَابِهَا، وَمَفْهُومُ لَا يَعْبَثُ إلَخْ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْعَبَثَ أَوْ عَدَمَ الْكَفِّ فَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِحَدِيثِ «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ» وَلِلسَّمَاعِ وَنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمَيْنِ. (وَ) جَازَ (بَصْقٌ بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ (إنْ حُصِّبَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا أَيْ فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ أَيْ دَقِيقِ الْحَصَى فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ إنْ لَمْ يُفْرَشْ بِحَصِيرٍ (أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ) أَيْ الْمُحَصَّبِ إنْ فُرِشَ بِحَصِيرٍ وَمِثْلُهُ الْمُتَرَّبُ، وَمَفْهُومُ إنْ حُصِّبَ أَنَّهُ إنْ بُلِّطَ فَلَا يَجُوزُ الْبَصْقُ إنْ لَمْ يُفْرَشْ وَلَا تَحْتَ حَصِيرِهِ إنْ فُرِشَ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ تَحْتَ حَصِيرِهِ امْتِنَاعُ الْبَصْقِ فَوْقَ حَصِيرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُؤَدِّي لِلتَّقْذِيرِ وَلَمْ يَتَأَذَّ أَحَدٌ بِهِ، وَإِلَّا حُرِّمَ. ابْنُ عِلَاقٍ يُنَزَّهُ الْمَسْجِدُ عَنْ إمَاطَةِ الْأَذَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجَسًا كَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالْوُضُوءِ بِهِ (ثُمَّ) تَحْتَ (قَدَمِهِ) أَيْ الشَّخْصِ الْيُسْرَى عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ جِهَةِ يَسَارِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ ثُمَّ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى إنْ كَانَ بِجِهَةِ يَسَارِهِ أَحَدٌ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْبَصْقُ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى بَصَقَ (يَمِينَهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ بِهِ أَحَدٌ بَصَقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْتَ الْقَدَمِ الْيُمْنَى بَصَقَ (أَمَامَهُ) وَفَاتَهُ الْبَصْقُ بِثَوْبِهِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ فِي الْمُصَلِّي فَلَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَبِهِ قَرَّرَ الْمِسْنَاوِيُّ. وَاخْتَارَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 372 وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ، وَاسْتِسْقَاءٍ، وَشَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ   [منح الجليل] الرَّمَاصِيُّ أَنَّهُ فِي الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ مِثْلَ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ لِإِطْلَاقِ عِيَاضٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ. وَلِقَوْلِ الْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ كَانَ النَّهْيُ لِتَعْظِيمِ الْقِبْلَةِ فَيَعُمُّ غَيْرَ الْمُصَلِّي وَغَيْرَ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ يَتَأَكَّدُ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ وَالتَّفْصِيلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ فَقَطْ لَكِنْ الَّذِي أَفَادَهُ عِيَاضٌ أَنَّ جِهَةَ الْيَسَارِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ. عج لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبَصْقٌ بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ كَفِي طَرْفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ، ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ، ثُمَّ يَمِينِهِ، ثُمَّ أَمَامَهُ فِي مُحَصَّبٍ فَقَطْ لَأَتَى بِالْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفَاةً سَالِمَةً مِنْ التَّعْقِيدِ. وَقَوْلِي بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ يَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ وَقَوْلِي أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ. وَقَوْلِي كَفِي طَرْفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ أَيْ وَإِنْ بِغَيْرِ الْمُحَصَّبِ. وَقَوْلِي ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ إلَخْ فِيهِ إفَادَةٌ أَنَّ جِهَةَ الْيَسَارِ وَتَحْتَ الْقَدَمِ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرْفِ ثَوْبِهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْصُقَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَ مُبَلَّطًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرْنَا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُصَلِّي فَيَبْصُقُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ لَكِنْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّرْتِيبُ الْمُتَقَدِّمُ. وَقَوْلِي مُحَصَّب فَقَطْ يَرْجِعُ لِقَوْلِي ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ وَمَا بَعْدَهُ. وَاخْتِصَاصُ جَوَازِ الْبَصْقِ تَحْتَ الْحَصِيرِ بِالْمُحَصَّبِ تَبِعْت فِيهِ غَيْرَ وَاحِدٍ. وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ يُفِيدُ جَرَيَانَهُ فِي الْمُبَلَّطِ، وَالنُّخَامَةُ كَالْبَصْقِ وَجَوَازُهُمَا مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ لَا أَكْثَرَ وَبِأَنْ لَا يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا مُنِعَ اهـ. (وَ) جَازَ (خُرُوجُ) مَرْأَةٍ (مُتَجَالَّةٍ) لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا غَالِبًا (لِ) صَلَاةِ (عِيدٍ وَ) صَلَاةِ (اسْتِسْقَاءٍ) وَلِلْفَرْضِ بِالْأَحْرَى وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَالْمُتَجَالَّةُ الَّتِي لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَصْلًا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ وَلِمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلِجِنَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ. (وَ) جَازَ خُرُوجُ مَرْأَةٍ (شَابَّةٍ) غَيْرِ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالْجَمَالِ وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجْ لِشَيْءٍ أَصْلًا (لِمَسْجِدٍ) لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ، وَأَنْ لَا تُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةَ، وَأَنْ تَخْرُجَ فِي رَدِيءِ ثِيَابِهَا، وَأَنْ لَا تُزَاحِمَ الرِّجَالَ، وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً مِنْ تَوَقُّعِ الْمَفْسَدَةِ وَإِلَّا حُرِّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 373 وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ وَاقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ بِإِمَامٍ   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ النِّسَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: عَجُوزٌ انْقَطَعَتْ حَالَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا فَهَذِهِ كَالرَّجُلِ، فَتَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرْضِ وَلِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ، وَتَخْرُجُ لِلصَّحْرَاءِ لِلْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا. وَمُتَجَالَّةٌ لَمْ تَنْقَطِعْ حَالَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ، فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرَائِضِ وَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا، أَيْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ. وَشَابَّةٌ غَيْرُ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ جَمَاعَةً وَفِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلَا تَخْرُجُ لِعِيدٍ وَلَا اسْتِسْقَاءٍ وَلَا لِمَجَالِسِ ذِكْرٍ أَوْ عِلْمٍ. وَشَابَّةٌ فَارِهَةٌ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ فَهَذِهِ الِاخْتِيَارُ لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا اهـ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ. كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِهَا وَتَخْرُجُ الْمُتَجَالَّةُ إنْ أَحَبَّتْ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ انْقَطَعَتْ مِنْهَا حَالَةُ الرِّجَالِ أَمْ لَا. (وَلَا يُقْضَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ الشَّابَّةِ (بِهِ) أَيْ الْخُرُوجِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ الْقَضَاءُ عَلَى زَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ بِخُرُوجِهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَرْأَةِ شَابَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَجَالَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى لِزَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ عَدَمُ مَنْعِهَا وَأَمَّا مَخْشِيَّةُ الْفِتْنَةِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا بِمَنْعِ خُرُوجِهَا. (وَ) جَازَ (اقْتِدَاءُ ذَوِي) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ أَصْحَابِ وَرُكَّابِ (سُفُنٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي الْمَرْسَى أَوْ سَائِرَةٍ (بِإِمَامٍ) وَاحِدٍ فِي بَعْضِهَا يَسْمَعُونَ أَقْوَالَهُ أَوْ أَقْوَالَ مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ، أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ أَوْ أَفْعَالَ مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ. وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي السَّفِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوُّ مَا يُفَرِّقُهُمْ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَإِنْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ اسْتَخْلَفُوا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَتَمُّوا أَفْذَاذًا فَإِنْ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا أَوْ لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ رَجَعُوا لِإِمَامِهِمْ وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِذَا رَجَعُوا لَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا جَرَى عَلَى قَوْلِهِ. وَإِنْ زُوحِمَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 374 وَفَصْلُ مَأْمُومٍ بِنَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ؛ وَلَوْ بِسَطْحٍ. لَا عَكْسُهُ، وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ، إلَّا بِكَشِبْرٍ. وَهَلْ يَجُوزُ إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ؟   [منح الجليل] مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ إلَخْ، وَإِنْ عَمِلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ أَوْ اسْتَخْلَفُوا فَلَا يَرْجِعُونَ لَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ. (وَ) جَازَ (فَصْلُ مَأْمُومٍ) عَنْ إمَامِهِ (بِنَهْرٍ صَغِيرٍ) أَيْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْ سَمَاعِ أَقْوَالِ الْإِمَامِ أَوْ مَأْمُومِيهِ أَوْ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ أَوْ أَفْعَالِ مَأْمُومِيهِ، وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ امْتِنَاعُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِنَهْرٍ كَبِيرٍ مَانِعٍ مِمَّا ذُكِرَ (أَوْ طَرِيقٍ) صَغِيرٍ كَذَلِكَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَإِنْ فَرَّقَتْ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إمَامِهِمْ (وَ) جَازَ (عُلُوُّ مَأْمُومٍ) عَلَى إمَامِهِ بِغَيْرِ سَطْحٍ بَلْ (وَلَوْ بِسَطْحٍ) فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ عُلُوًّا يَضْبِطُ مَعَهُ أَحْوَالَ إمَامِهِ بِسُهُولَةٍ. فَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ كُرِهَ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ حَرُمَ (لَا) يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أَيْ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ وَهُوَ عُلُوُّ الْإِمَامِ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ يُمْنَعُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا (وَبَطَلَتْ) الصَّلَاةُ (بِ) سَبَبِ (قَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ) أَيْ الْعُلُوِّ (الْكِبْرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا، وَأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا الْكِبْرَ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ عَلَى بَعْضٍ أَوْ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَحْوِ سَجَّادَةٍ فَلَا تَبْطُلُ. وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا عَكْسَهُ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ (بِكَشِبْرٍ) أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ بِقَصْدِ تَعْلِيمٍ أَوْ ضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَان أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ صَلَّى رَجُلٌ بِجَمَاعَةٍ أَوْ فَذًّا فِي مَكَان عَالٍ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي مَكَان أَسْفَلَ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَى ذَلِكَ. (وَهَلْ يَجُوزُ) عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَشِبْرٍ (إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ) فِي الْمَكَانِ الْعَالِي (طَائِفَةٌ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ (كَغَيْرِهِمْ) أَيْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ فِي الْمَكَانِ السَّافِلِ فِي الشَّرَفِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 375 تَرَدُّدٌ ، وَمُسْمِعٌ وَاقْتِدَاءٌ بِهِ، أَوْ بِرُؤْيَةٍ، وَإِنْ بِدَارٍ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ،   [منح الجليل] وَالْمِقْدَارِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مَنْ مَعَهُ أَدْنَى رُتْبَةً مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ فِي السَّافِلِ، أَوْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الْعَالِي مُعَدًّا لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عُمُومًا. فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَكَسِلَ بَعْضُهُمْ فَصَلَّى أَسْفَلَ فَلَا مَنْعَ وَلَا كَرَاهَةَ اتِّفَاقًا، وَالْأَحْسَنُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ عُلُوِّ الْإِمَامِ سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ أَوْ صَلَّى وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ طَائِفَةٍ أَشْرَفَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ وَحْدَهُ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ أَوْ مَعَهُ فِيهِ أَشْرَافُ النَّاسِ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ عُمُومِ النَّاسِ أَوْ مِثْلَ غَيْرِهِمْ فَلَا مَنْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَ) جَازَ (مُسْمِعٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُخَفَّفَةً إنْ سَكَنَتْ السِّينُ وَمُثَقَّلَةً إنْ فُتِحَتْ أَيْ اتِّخَاذِهِ وَنَصْبَهُ لَيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ، بِرَفْعِ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ فَيَعْلَمُونَ فِعْلَ الْإِمَامِ (وَ) جَازَ (اقْتِدَاءٌ) بِالْإِمَامِ (بِ) سَبَبِ سَمَاعِ صَوْتِ (هـ) أَيْ الْمُسْمِعِ وَالْأَفْضَلُ رَفْعُ الْإِمَامِ صَوْتَهُ حَتَّى يُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمُسْمِعِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْمِعُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ. وَقِيلَ إنَّهُ وَكِيلُ الْإِمَامِ وَنَائِبُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ شُرُوطَ الْإِمَامِ، وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلَ زَادَهَا الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي نَظْمِ إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِوَالِدِهِ فَقَالَ: هَلْ الْمُسَمِّعُ وَكِيلٌ أَوْ عَلَمَ ... عَلَى صَلَاةِ مَنْ تَقَدَّمَ فَأَمَّ عَلَيْهِ تَسْمِيعُ صَبِيٍّ أَوْ مَرَّهْ ... أَوْ مُحْدِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْكَفَرَهْ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّقَانِيُّ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ (أَوْ) اقْتِدَاءٌ بِالْإِمَامِ (بِ) سَبَبِ (رُؤْيَةٍ) لِلْإِمَامِ أَوْ لِمَأْمُومِهِ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ الْمُعْتَمِدُ بِمَحَلِّ الْإِمَامِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَأْمُومُ (بِدَارِ) وَالْإِمَامُ بِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ أُخْرَى. (وَشَرْطُ) صِحَّةِ (الِاقْتِدَاءِ) مِنْ الْمَأْمُومِ بِإِمَامِهِ (نِيَّتُهُ) أَيْ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ أَوَّلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 376 بِخِلَافِ الْإِمَامِ: وَلَوْ بِجِنَازَةٍ، إلَّا جُمُعَةً وَجَمْعًا،   [منح الجليل] صَلَاتِهِ، فَلَوْ أَحْرَمَ فَذًّا ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فحط الشَّرْطِيَّةُ قَوْلُنَا أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَالْمُنَاسِبُ التَّصْرِيحُ بِهِ وَتَفْرِيعُ لَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَلَا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَتَحَقَّقُ خَارِجًا بِدُونِ نِيَّتِهِ، وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الشَّرْطِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الِاقْتِدَاءُ هُوَ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ فَجَعْلُهَا شَرْطًا فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ لَا عَلَى النِّيَّةِ، فَإِنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَذًّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا حَصَلَ الِاقْتِدَاءُ فَاسِدًا لِعَدَمِ شَرْطِ صِحَّتِهِ وَهُوَ الْأَوَّلِيَّةُ. (بِخِلَافِ) نِيَّةِ (الْإِمَامِ) الْإِمَامَةَ فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا وَلَا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إنْ كَانَ إمَامًا بِغَيْرِ جِنَازَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ إمَامًا (بِجِنَازَةٍ) لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ شَرْطُ صِحَّتِهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا. فَإِنْ صُلِّيَتْ أَفْذَاذًا أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ (إلَّا جُمُعَةً) فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا وَكُلُّ مَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا فِيهِ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لِانْفِرَادِهِمْ. الْعَدَوِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي وَهِيَ لَازِمَةٌ لِتَقَدُّمِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمْعِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ وَالِاسْتِخْلَافِ، فَلَا فَائِدَةَ لِاشْتِرَاطِهَا فِيهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّتِهَا عَدَمُ نِيَّةِ الِانْفِرَادِ. (وَ) إلَّا (جَمْعًا) بَيْنَ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَنَحْوَهُ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ إحْرَامِهِمَا عَلَى الظَّاهِرِ. وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ هَلْ مَحَلُّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ هُمَا، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَيْضًا وَتَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى مُسْتَحَبَّةٌ لِلثَّانِيَةِ وَهِيَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ. بِخِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَوَاجِبٌ شَرْطٌ فِيهِمَا. فَإِنْ تُرِكَتْ فِيهِمَا بَطَلَتَا. وَإِنْ تُرِكَتْ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ فَقَطْ. الْعَدَوِيُّ هَكَذَا الْفِقْهُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا لِوُقُوعِ الْأُولَى فِي وَقْتِهَا مُسْتَوْفِيَةً أَرْكَانَهَا وَشُرُوطَهَا. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ تُرِكَتْ فِيهِمَا بَطَلَتَا فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ الْأُولَى وَإِنَّمَا تَبْطُلُ الثَّانِيَةُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 377 وَخَوْفًا وَمُسْتَخْلَفًا: كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ: خِلَافَ الْأَكْثَرِ، وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ،   [منح الجليل] وَ) إلَّا (خَوْفًا) أَيْ صَلَاتُهُ بِقِسْمِ الْقَوْمِ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا إذْ الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِيهَا. فَإِنْ نَوَى الِانْفِرَادَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفَادَهُ عبق. الْعَدَوِيُّ الصَّوَابُ بُطْلَانُهَا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ. وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَصَحِيحَةٌ اهـ. وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ عبق بِتَلَاعُبِ الْإِمَامِ وَإِخْلَالِهِ بِكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ بِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ، فَالصَّوَابُ كَلَامُ عبق عَبْدِ الْوَهَّابِ إذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ بِطَائِفَتَيْنِ، فَلَا بُدَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ لِأَنَّ صَلَاتَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا جَمَاعَةً اهـ. وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَهُ الْحَطّ فَكَلَامُ عبق هُوَ الصَّوَابُ. (وَ) إلَّا (مُسْتَخْلَفًا) بِفَتْحِ اللَّامِ فَشَرْطُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ نِيَّتُهُ الْإِمَامَةَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَأْمُومِيَّةِ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِيَّةِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ فِي الْحَالَيْنِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا. وَشَبَّهَ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ (كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ) فِي الصَّلَاةِ فَشَرْطُ حُصُولِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا أَوَّلًا. فَإِنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مُنْفَرِدًا فَائْتَمَّ بِهِ بَالِغٌ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ حَصَلَ الْفَضْلُ لَهُمَا. وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى أَتَمَّ أَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ حَصَلَ الْفَضْلُ لِلْمَأْمُومِ لَا لَهُ فَلَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ لِتَحْصِيلِ الْفَضْلِ وَبِهِ يُلْغَزُ إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ حَصَلَ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ، وَلَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى اهـ بْن. (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (فِي) هَذَا الْحُكْمِ (الْأَخِيرِ) وَهُوَ حُصُولُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ (خِلَافَ) قَوْلِ (الْأَكْثَرِ) أَيْ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا حَصَلَ الْفَضْلُ لَهُ أَيْضًا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَ) شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ (مُسَاوَاةٌ) بَيْنَ إمَامٍ وَمَأْمُومِهِ (فِي) ذَاتِ (الصَّلَاةِ) فَلَا تَصِحُّ ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 378 وَإِنْ بِأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ، أَوْ بِظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ، إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ وَفِي مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ:   [منح الجليل] الذَّاتِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ (بِأَدَاءٍ) لِإِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ (وَقَضَاءٍ) لِلْأُخْرَى كَظُهْرٍ قَضَاءً خَلْفَ ظُهْرٍ أَدَاءً أَوْ عَكْسِهِ وَصَلَاةُ مَالِكِيٍّ الظُّهْرَ مُقْتَدِيًا بِشَافِعِيٍّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُمَا بِاعْتِبَارِ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ أَدَاءٌ، وَبِاعْتِبَارِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ قَضَاءٌ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ. (أَوْ بِ) زَمَانٍ كَ (ظُهْرَيْنِ) مَثَلًا (مِنْ يَوْمَيْنِ) كَظُهْرِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ خَلْفَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ ذَاتِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا وَزَمَنِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ) فَيَجُوزُ كَضُحًى خَلْفَ صُبْحٍ بَعْدَ شَمْسٍ وَيُغْتَفَرُ اخْتِلَافُهُمَا بِالْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ بِالْأَوْلَى مِنْ اغْتِفَارِ اخْتِلَافِهِمَا بِالذَّاتِ وَرَكْعَتَيْ نَفْلٍ خَلْفَ سَفَرِيَّةٍ أَوْ أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ أَرْبَعٍ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ حَضَرِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ. (وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ) بِصَلَاةٍ (لِجَمَاعَةٍ) بِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي أَثْنَائِهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا، وَهُوَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ فَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ فَالْأَوْلَى تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَبَّهَ فِي الِامْتِنَاعِ الِانْتِقَالَ فَقَالَ (كَالْعَكْسِ) أَيْ انْتِقَالُ مَنْ فِي جَمَاعَةٍ لِلِانْفِرَادِ فَإِنْ انْتَقَلَ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ أَوْ مَنْ فِيهَا لِلِانْفِرَادِ بَطَلَتْ. وَأَمَّا انْتِقَالُ مُنْفَرِدٍ لِإِمَامَةٍ فَجَائِزٌ كَأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَحَدٌ فَيَنْوِيَ الْإِمَامَةَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ صَلَاةُ الْقِسْمَةِ وَالِاسْتِخْلَافُ وَالسَّهْوُ وَالرُّعَافُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَائِهَا، وَفِي هَذِهِ الِانْتِقَالُ عَنْهَا بَعْدَ ذَهَابِهَا بُنَانِيٌّ وَمَحَلُّ امْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمَامُ بِالْمَأْمُومِ فِي التَّطْوِيلِ وَإِلَّا فَلَهُ الِانْتِقَالُ. (وَفِي) لُزُومِ اتِّبَاعِ مَأْمُومٍ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَانِعًا عَنْ الْقِيَامِ (اقْتَدَى بِ) إمَامٍ (مِثْلِهِ) فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ (فَصَحَّ) الْمَأْمُومُ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ، لَكِنْ مِنْ قِيَامٍ لِدُخُولِهِ مَعَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَعَدَمِ لُزُومِ اتِّبَاعِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 379 قَوْلَانِ وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ. فَالْمُسَاوَاةُ، وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ، مُبْطِلَةٌ. إلَّا الْمُسَاوَقَةُ:   [منح الجليل] وَإِتْمَامُهَا فَذًّا كَاقْتِدَاءِ قَادِرٍ بِمِثْلِهِ فَطَرَأَ عَجْزُ الْإِمَامِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَفِي مَفْهُومِ مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ تَفْصِيلٌ. فَإِنْ اقْتَدَى مَرِيضٌ بِصَحِيحٍ ثُمَّ صَحَّ الْمُقْتَدِي أَوْ اقْتَدَى مَرِيضٌ بِمِثْلِهِ فَصَحَّ الْإِمَامُ أَوْ اقْتَدَى صَحِيحٌ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْمَأْمُومُ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ، وَإِنْ اقْتَدَى صَحِيحٌ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْإِمَامُ فَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمَأْمُومِيَّةِ وَإِتْمَامُهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا لِإِمَامِهِ. (وَ) شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ (مُتَابَعَةٌ) أَيْ اتِّبَاعُ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ وَتَأَخُّرُهُ عَنْهُ (فِي) تَكْبِيرَةِ (إحْرَامٍ وَسَلَامٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَيُسَلِّمَ بَعْدَ سَلَامِهِ، فَإِنْ سَبَقَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَوْ بِحَرْفٍ أَوْ سَاوَاهُ فِي الِابْتِدَاءِ بَطَلَتْ، وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَهَذِهِ سِتٌّ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَلَوْ بِحَرْفٍ صَحَّتْ إنْ خَتَمَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ. وَإِنْ خَتَمَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ فَالصُّوَرُ تِسْعٌ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ فِي سَبْعٍ مِنْهَا وَصَحِيحَةٌ فِي اثْنَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا إلَّا مَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا قَبْلَ إمَامِهِ فَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ وَطَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ (فَالْمُسَاوَاةُ) مِنْ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ السَّلَامِ وَأَوْلَى السَّبَقُ إنْ كَانَتْ مِنْ مُتَحَقِّقِ الْمَأْمُومِيَّةِ بَلْ: (وَإِنْ بِشَكٍّ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (فِي الْمَأْمُومِيَّةِ) وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ الْفَذِّيَّةِ (مُبْطِلَةٌ) لِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ فِي كَوْنِهِ مَأْمُومًا مَعَ شَكِّهِ فِي أَحَدِهِمَا وَسَاوَاهُ أَوْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ. وَكَذَا إذَا شَكَّا مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَتَسَاوَيَا وَإِلَّا فَعَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا، وَمَفْهُومُ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِسَبَقِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ الْآخَرَ فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ فِي الْوَاقِعِ. وَكَذَا شَكُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ وَنِيَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إمَامَتُهُ لِلْآخَرِ صَحَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. (لَا) تَبْطُلُ (الْمُسَاوَقَةُ) أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَبِّرَ أَوْ يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 380 كَغَيْرِهِمَا لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا كُرِهَ وَأُمِرَ الرَّافِعُ بِعَوْدِهِ: إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ، لَا إنْ خَفَضَ.   [منح الجليل] سُكُونِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ فَقَالَ (كَ) سَبْقِ أَوْ مُسَاوَاةِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِي (غَيْرِهِمَا) أَيْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودِهِ، أَوْ رَفْعٍ مِنْهُمَا فَلَا يُبْطِلُهَا (لَكِنْ سَبْقُهُ) أَيْ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا (مَمْنُوعٌ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إنْ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَهُ بِأَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ وَانْتَظَرَهُ حَتَّى رَكَعَ أَوْ سَجَدَ وَرَفَعَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ. فَإِنْ سَبَقَهُ بِالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ بِأَنْ سَجَدَ أَوْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ أَوْ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي غَيْرِهِمَا بِأَنْ سَاوَاهُ فِيهِ (كُرِهَ) فَالْمَنْدُوبُ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَهُ وَيُدْرِكَهُ فِيهِ. عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي الْمُخْتَارِ فِي اتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ هَلْ هُوَ بِإِثْرِ شُرُوعِهِ أَوْ بِإِثْرِ تَمَامِ فِعْلِهِ كَاسْتِوَائِهِ قَائِمًا. وَأَمَّا فِعْلُهُ الرُّكْنَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ كَرُكُوعِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى فَحَرَامٌ وَتَبْطُلُ فِي الْأُولَى إنْ اعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ، وَكَسُجُودٍ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَاسْتِمْرَارِهِ سَاجِدًا فِي الْأَخِيرَةِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ. (وَأُمِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمَأْمُومُ (الرَّافِعُ) مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْهُ، وَصِلَةُ أُمِرَ (بِعَوْدَةٍ) أَيْ رُجُوعِ الْمَأْمُومِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الَّذِي رَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ إمَامِهِ وَرَفْعِهِ مِنْهُ بَعْدَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْهُ (إنْ عَلِمَ) الْمَأْمُومُ أَوْ ظَنَّ (إدْرَاكَهُ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (قَبْلَ رَفْعِهِ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ. فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِهِ فِيهِ قَبْلَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِعَوْدِهِ لَهُ فَيَثْبُتُ بِحَالِهِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ. (لَا) يُؤْمَرُ الْمَأْمُومُ بِالْعَوْدِ إلَى الرَّفْعِ (إنْ خَفَضَ) لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ خَفْضِ إمَامِهِ لَهُ فَيَثْبُتُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَلْحَقَهُ إمَامُهُ لِأَنَّ الْخَفْضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ كَالرَّافِعِ قَبْلَهُ. وَهَلْ الْعَوْدُ سُنَّةٌ وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَوْ وَاجِبٌ وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يُرَجِّحْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 381 وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ ثُمَّ رَبِّ مَنْزِلٍ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ: وَإِنْ عَبْدًا كَامْرَأَةٍ، وَاسْتَخْلَفَتْ.   [منح الجليل] أَحَدَهُمَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ بِأَنْ اطْمَأَنَّ مَعَهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ أَوْ فِي الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ ثُمَّ خَفَضَ قَبْلَهُ وَإِلَّا عَادَ وُجُوبًا اتِّفَاقًا فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ. وَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا فَكَالْمَزْحُومِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ رَفَعَ أَوْ خَفَضَ قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ سَهْوًا. فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ. بِخِلَافِ مَنْ أَخَذَ فَرْضَهُ سَوَاءٌ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ أَوْ لَمْ يَعْتَدَّ، لِأَنَّهُ إنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِ رُكْنٍ. وَإِنْ أَعَادَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِزِيَادَةِ رُكْنٍ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ (تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ) أَيْ ذِي سَلْطَنَةٍ وَإِمَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ لِلصَّلَاةِ إمَامًا عَلَى الْحَاضِرِينَ مَعَهُ الصَّالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ. وَلَوْ كَانُوا أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ أَوْ رَاتِبَ مَسْجِدٍ، وَالنَّدْبُ لَا يُنَافِي الْقَضَاءَ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ سُلْطَانٌ نُدِبَ تَقْدِيمُ (رَبِّ) أَيْ مَالِكِ (مَنْزِلٍ) أَوْ رَاتِبِ مَسْجِدٍ مَثَلًا. وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِدَارِهِ وَأَدْرَى بِأَحْوَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) يُنْدَبُ تَقْدِيمُ (الْمُسْتَأْجِرِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعْمِرِ الدَّارَ (عَلَى الْمَالِكِ) لِذَاتِ الدَّارِ لِأَنَّ مَالِكَ مَنْفَعَتِهَا أَدْرَى بِأَحْوَالِهَا مِنْ مَالِكِ ذَاتِهَا. إنْ كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا حُرًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا (عَبْدًا) أَيْ رَقِيقًا مَا لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ حَاضِرًا وَإِلَّا قُدِّمَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ (كَامْرَأَةٍ) مَالِكَةٍ ذَاتَ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَتَهَا فَالْحَقُّ لَهَا فِي الْإِمَامَةِ وَلَكِنْ لَا تُبَاشِرُهَا (وَاسْتَخْلَفَتْ) نَدْبًا صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ، وَالْأَوْلَى اسْتِخْلَافُهَا الْأَفْضَلَ وَمِثْلُهَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَالِكٍ لِذَاتِ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَتِهَا. وَقِيلَ وُجُوبًا وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ إذْ مَنْ قَالَ وُجُوبًا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهَا وَمَنْ قَالَ نَدْبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 382 ثُمَّ زَائِدِ فِقْهٍ، ثُمَّ حَدِيثٍ، ثُمَّ قِرَاءَةٍ، ثُمَّ عِبَادَةٍ، ثُمَّ بِسِنِّ إسْلَامٍ، ثُمَّ بِنَسَبٍ، ثُمَّ بِخُلُقٍ، ثُمَّ بِلِبَاسٍ إنْ عَدِمَ نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ،   [منح الجليل] أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ الْقَوْمَ هَدَرًا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّ مَنْزِلٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ (زَائِدِ فِقْهٍ) أَيْ عِلْمٍ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِيهِ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ فِقْهٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ (حَدِيثٍ) بِكَثْرَةِ رِوَايَةٍ أَوْ حِفْظٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ زَائِدِ الْفِقْهِ، وَقُدِّمَ زَائِدُ الْفِقْهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْكَامِ وَأَحْوَالِ الصَّلَاةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ حَدِيثٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ (قِرَاءَةٍ) بِكَثْرَةِ حِفْظٍ أَوْ تَمَكُّنٍ مِنْ إخْرَاجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا أَوْ كَثْرَةِ تِلَاوَةٍ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ قِرَاءَةٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ (عِبَادَةٍ) مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا (ثُمَّ) عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْعِبَادَةِ فَالتَّقْدِيمُ (بِسِنِّ إسْلَامٍ) أَيْ تَقَدُّمِهِ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ فِي ابْنِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ فَابْنُ عِشْرِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ أَسْلَمَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ. (ثُمَّ) يُقَدَّمُ (بِ) شَرَفٍ أَوْ عِلْمِ (نَسَبٍ) فَيُقَدَّمُ الْقُرَشِيُّ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعْلُومُ النَّسَبِ عَلَى مَجْهُولِهِ (ثُمَّ بِخَلْقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ حُسْنِ صُورَةٍ وَجَمَالِ ظَاهِرٍ (ثُمَّ بِخُلُقٍ) بِضَمِّهِمَا أَيْ حُسْنِ طَبِيعَةٍ وَجَمَالِ بَاطِنٍ بِحِلْمٍ وَكَرَمٍ وَرَأْفَةٍ وَرَحْمَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ الضَّبْطَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ الَّذِي تَلَقَّاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شُيُوخِهِ الضَّبْطُ الْأَوَّلُ. (ثُمَّ) بِحُسْنِ (لِبَاسٍ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ النَّظِيفُ الصَّفِيقُ غَيْرُ الْبَالِي الَّذِي لَا يَنْزِلُ عَنْ الْكَعْبِ الْخَالِي عَنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَعَنْ شِدَّةِ الضِّيقِ وَالِاتِّسَاعِ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذُكِرَ التَّقَدُّمَ لِلْإِمَامَةِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ (إنْ عَدِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الدَّالِ (نَقْصَ مَنْعٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَسُكُونِ ثَانِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ ثَانِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ، أَيْ عَيْبٍ مُوجِبٍ لِمَنْعِ إمَامَتِهِ كَعَجْزِهِ عَنْ رُكْنٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ (أَوْ) عَدِمَ نَقْصَ (كُرْهٍ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 383 وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ: كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُ، وَصَبِيٌّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ: كَالْبَالِغِ. وَنِسَاءٌ خَلْفَ الْجَمِيعِ،   [منح الجليل] بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ وَصْفٍ مُوجِبٍ لِكَرَاهَةِ إمَامَتِهِ، كَقَلَفٍ وَأَعْرَابِيَّةٍ وَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّاقِصُ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ. وَيُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ لِكَامِلٍ وَعَدَمُ تَرْكِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ نَقْصُهُ غَيْرَ كُفْرٍ وَجُنُونٍ، فَإِنْ كَانَ أَحَدَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ غَيْرَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ فَلَا يُسْتَخْلَفُ. (وَ) نُدِبَ (اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ) نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ إنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَا حَقَّ لَهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَالْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَفِي تَقْرِيرِهِ وَجْهَانِ آخَرَانِ أَحَدُهُمَا لِلشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَهُ مُبَاشَرَةُ الْإِمَامَةِ مِنْ إمَامٍ وَرَبِّ مَنْزِلٍ يُنْدَبُ لَهُ إذَا حَضَرَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ، اسْتِنَابَتُهُ لِقَوْلِ حَبِيبٍ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ حَضَرَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَوْ أَعْدَلُ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ ذَلِكَ. الثَّانِي لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ عَدِمَ وَهُوَ فِي السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَهُوَ شَرْطٌ فِي رَبِّ الْمَنْزِلِ وَمَنْ بَعْدَهُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَزَائِدَ الْفِقْهِ إلَخْ إنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا عَدِمَ اسْتِنَابَةَ النَّاقِصِ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَرَبُّ الْمَنْزِلِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصًّا بِالسُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَوُقُوفِ ذَكَرٍ) بَالِغٍ مُقْتَدٍ بِإِمَامٍ وَحْدَهُ (عَنْ يَمِينِهِ) أَيْ الْإِمَامِ وَنُدِبَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ قَلِيلًا. فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ آخَرُ نُدِبَ لِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ التَّأَخُّرُ حَتَّى يَكُونَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ (وَ) وُقُوفُ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ (اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (خَلْفَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (وَصَبِيٌّ) مُبْتَدَأٌ (عَقَلَ) أَيْ عَرَفَ (الْقُرْبَةَ) أَيْ ثَوَابَهَا وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ صَبِيٍّ مُسَوِّغُ الِابْتِدَاءِ بِهِ (كَالْبَالِغِ) فِي الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ، فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَقَفَا خَلْفَهُ وَمَفْهُومُ عَقَلَ إلَخْ. أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا يَقِفُ حَيْثُ يَشَاءُ (وَنِسَاءٌ) أَيْ جِنْسُهُنَّ الصَّادِقُ بِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ يُنْدَبُ وُقُوفُهُنَّ (خَلْفَ الْجَمِيعِ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَعَ إمَامٍ وَحْدَهُ خَلْفَهُ وَمَعَ إمَامٍ مَعَهُ رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ خَلْفَهُمَا، وَمَعَ إمَامٍ مَعَهُ رِجَالٌ خَلْفَهُ خَلْفَهُمْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 384 وَرَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا، وَالْأَوْرَعُ، وَالْعَدْلُ وَالْحُرُّ وَالْأَبُ، وَالْعَمُّ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبْرٍ اقْتَرَعُوا   [منح الجليل] وَرَبُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَالِكُ (الدَّابَّةِ) الَّتِي أَكْرَاهَا لِشَخْصٍ يَرْكَبُ مَعَهُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (أَوْلَى بِ) رُكُوبِهِ عَلَى (مُقَدَّمِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهَا وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً عَلَى فَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مُخَفَّفَةً عَلَى سُكُونِهَا لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا. وَذَكَرَ هَذِهِ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا صَلَّوْا فِي مَنْزِلِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَبِمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا وَصَاحِبَ الدَّارِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْقِبْلَةِ فِيهَا وَبِالْمَوَاضِعِ الطَّاهِرَةِ مِنْهَا، وَكِلَاهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَهِيَ دَلَالَةٌ حَسَنَةٌ. (وَ) قُدِّمَ (الْأَوْرَعُ) أَيْ الزَّائِدُ فِي الْوَرَعِ وَهُوَ التَّارِكُ لِبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ عَلَى الْوَرِعِ، وَهُوَ التَّارِكُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (وَ) قُدِّمَ (الْعَدْلُ) عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلُ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَدْلِ أَوْ الْمُرَادُ عَدْلُ الشَّهَادَةِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا كَمُغَفَّلٍ وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا (وَالْحُرُّ) عَلَى الْعَبْدِ (وَالْأَبُ) عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ زَادَ فِقْهًا (وَالْعَمُّ) عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ عَمِّهِ. عج مَرْتَبَةُ هَذَيْنِ عَقِبَ مَرْتَبَةِ رَبِّ الْمَنْزِلِ فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُمَا هُنَاكَ اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ تَقْدِيمَ السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى أَبِيهِمَا وَعَمِّهِمَا (عَلَى غَيْرِهِمْ) رَاجِعٌ لِلْأَوْرَعِ وَمَنْ بَعْدَهُ. (وَإِنْ تَشَاحَّ) أَيْ تَنَازَعَ فِي التَّقَدُّمِ لِلْإِمَامَةِ جَمَاعَةٌ (مُتَسَاوُونَ) فِيمَا تَقَدَّمَ لِحِيَازَةِ ثَوَابِهَا أَوْ الْمُرَتَّبِ لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ الْوَقْفِ لِفَقْرِهِمْ وَاسْتَوَوْا فِيهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَفْقَرُ (لَا لِكِبْرٍ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ (اقْتَرَعُوا) فَإِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا لِكِبْرٍ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا لِفِسْقِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 385 وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بِلَا تَأْخِيرٍ لَا لِجُلُوسٍ، وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ، إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ   [منح الجليل] وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ (وَكَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْمَسْبُوقُ) الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا اسْتِنَانًا عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةً لِخَفْضِهِ (لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) وَصِلَةُ كَبَّرَ (بِلَا تَأْخِيرٍ) لِلِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ حَتَّى يَرْفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ، أَيْ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ إنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِيهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ. وَإِنْ شَكَّ فِيهِ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إنْ وَجَدَهُ سَاجِدًا مُطْلَقًا. وَقِيلَ يَحْرُمُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ وُجُوبًا لِلنَّهْيِ عَنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ نَدْبًا (لَا) يُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ جَالِسًا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِتَشَهُّدٍ تَكْبِيرَةٍ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (لِجُلُوسٍ) فَيَجْلِسُ سَاكِنًا (وَقَامَ) الْمَسْبُوقُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ، وَصِلَةُ قَامَ (بِتَكْبِيرٍ إنْ) كَانَ (جَلَسَ) الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ (فِي ثَانِيَتِهِ) أَيْ الْمَسْبُوقِ بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً لَا حَالَ قِيَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ. وَمَفْهُومُ فِي ثَانِيَتِهِ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ فِي أُولَاهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَةَ مُطْلَقًا أَوْ فِي ثَالِثَتِهِ كَمَسْبُوقٍ بِأُولَى رُبَاعِيَّةٍ فَيَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ، وَقَدْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ بِتَكْبِيرٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ. وَلَمَّا دَخَلَ فِي مَفْهُومِ فِي ثَانِيَتِهِ مُدْرِكُ التَّشَهُّدَ وَكَانَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ اسْتَثْنَاهُ فَقَالَ (إلَّا مُدْرِكَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مُحَصِّلَ (التَّشَهُّدِ) الْأَخِيرِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ الْقِيَامِ عَقِبَ الرُّكُوعِ الْأَخِيرِ أَوْ السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ، فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً. وَهَذَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ التَّكْبِيرِ إلَى اعْتِدَالِهِ قَائِمًا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى سَنَدٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ مَنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُدْرِكَ نَحْوِ التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ. وَنَقَلَ زَرُّوقٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 386 وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ وَرَكَعَ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دُونَ   [منح الجليل] أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا. قَالَ وَكَانَ شَيْخُنَا الْقُورِيُّ يُفْتِي بِهِ الْعَامَّةَ لِئَلَّا يَعْكِسُوا. (وَقَضَى) الْمَسْبُوقُ (الْقَوْلَ) أَيْ الْقِرَاءَةَ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ أَوْ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَيَقْضِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِسُورَةٍ وَجَهْرٍ إنْ كَانَتْ لَيْلِيَّةً (وَبَنَى الْفِعْلَ) أَيْ مَا عَدَا الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ، وَمَا فَاتَهُ آخِرَهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ وَيَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَهُ عج وِفَاقًا لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُوَضِّحُ وَالْقَلْشَانِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمْ أَنَّ مُدْرِكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الْأُولَى. وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الَّذِي يَقْضِي الْقِرَاءَةَ وَالْقُنُوتَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بُنَانِيٌّ، فَمُدْرِكُ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ. وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهُ بَانٍ الْفِعْلَ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ قَامَ مِنْ ثَانِيَةٍ وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ. وَمُدْرِكُ الثَّانِيَةَ مِنْهَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَيَقْرَأُ فَاتِحَةً وَسُورَةً جَهْرًا لِذَلِكَ. وَمُدْرِكُ أَخِيرَةَ الْعِشَاءِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَةً كَذَلِكَ، وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا لِأَنَّهَا الرَّابِعَةُ. وَمُدْرِكُ أَخِيرَتَيْهَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَيَقْضِي الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَتَيْنِ جَهْرًا. وَمُدْرِكُ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الْأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَضَاءً كَانَتْ أَوْ بِنَاءً، وَالْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَظَنَّ أَنَّهُ إنْ تَمَادَى بِسَكِينَةٍ بِلَا إحْرَامٍ حَتَّى يَصِلَ إلَى الصَّفِّ يُدْرِكُ الرُّكُوعَ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَخَافَ تَخَلُّفَ ظَنِّهِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ أَحْرَمَ. (وَرَكَعَ) نَدْبًا احْتِيَاطًا لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ (مَنْ) أَيْ الْمَسْبُوقُ الَّذِي (خَشِيَ) أَيْ خَافَ (فَوَاتَ رَكْعَةٍ) مَعَ الْإِمَامِ بِرَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الصَّفِّ وَإِحْرَامِهِ وَرُكُوعِهِ فِيهِ إنْ لَمْ يُحْرِمْ وَيَرْكَعْ خَارِجَهُ، وَصِلَةُ رَكَعَ (دُونَ) أَيْ قُرْبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 387 الصَّفِّ، إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ، يَدِبُّ كَالصَّفَّيْنِ لِآخِرِ فُرْجَةٍ: قَائِمًا، أَوْ رَاكِعًا. لَا سَاجِدًا، أَوْ جَالِسًا. وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا   [منح الجليل] الصَّفِّ إنْ ظَنَّ) أَيْ الْمَسْبُوقُ (إدْرَاكَهُ) أَيْ الصَّفِّ بِمَشْيِهِ لَهُ فِي رُكُوعِهِ (قَبْلَ الرَّفْعِ) مِنْ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا فَلَا يُحْرِمُ وَلَا يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ، فَيَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ بِلَا كَرَاهَةٍ لِئَلَّا تَفُوتَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ وَتَقْدِيمًا لَهَا عَلَى الصَّفِّ عَكْسَ قَوْلِ الْإِمَامِ وَرَجَّحَ التُّونُسِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ وَإِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ فَ (يَدِبُّ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ (كَالصَّفَّيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَيْ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أَقْصَى مَا يَدِبُّهُ صَفَّانِ لَا أَكْثَرُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَحْسِبُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا الَّذِي يَدْخُلُهُ، وَصِلَةُ يَدِبُّ (لِآخِرِ فُرْجَةٍ) إنْ تَعَدَّدَتْ فُرَجُ الصُّفُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَهِيَ الْأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَ الْمَسْبُوقِ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ شِمَالَهُ يَدِبُّ لَهَا حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إنْ خَابَ ظَنُّهُ وَرَفَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ رُكُوعِهِ فِي الْأُولَى فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَائِمًا حَالَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الدَّبِيبَ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ فَإِنْ دَبَّ فِيهِ فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِهَا. (أَوْ) يَدِبُّ حَالَ كَوْنِهِ (رَاكِعًا) فِي أُولَاهُ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، فَلَوْ قَالَ رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا فِي ثَانِيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا لِئَلَّا تَتَجَافَى يَدَاهُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَ (لَا) يَدِبُّ (سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا) اتِّفَاقًا لِلْعُسْرِ وَالْقُبْحِ. (وَإِنْ) أَحْرَمَ مَسْبُوقٌ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ وَ (شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ) لِلرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ (أَلْغَاهَا) أَيْ الْمَسْبُوقُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَيَقْضِيهَا عَقِبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 388 وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ، وَنَوَى بِهَا الْعَقْدَ، أَوْ نَوَاهُمَا، أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا، أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ: تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ   [منح الجليل] سَلَامِهِ، وَمَفْهُومُ شَكَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَهُمَا أَوْلَى بِإِلْغَائِهَا. وَإِنْ تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ أَوْ ظَنَّهُ وَجَبَ الِاعْتِدَادُ بِهَا لِأَنَّ الظَّنَّ كَالْيَقِينِ فِي الْعَمَلِيَّاتِ. وَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ فَإِنْ تَحَقَّقَ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا قَبْلَ رُكُوعِهِ فَلَا يَرْكَعْ. وَإِنْ رَكَعَ فَلَا يَرْفَعْ وَإِنْ رَفَعَ فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَلْغَاهَا لِتَعَمُّدِ الزِّيَادَةِ. وَقِيلَ إنْ اعْتَدَّ بِهِ بَطَلَتْ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ إمَامِهِ، وَإِنْ أَلْغَاهَا لَمْ تَبْطُلْ وَيَحْمِلُ الْإِمَامُ الزِّيَادَةَ. وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا قَبْلَ رُكُوعِهِ وَرَكَعَ وَجَزَمَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ، فَهَلْ يَرْفَعُ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ لَا يَرْفَعُ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ. (وَإِنْ كَبَّرَ) الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لِخَفْضِهِ لِ (رُكُوعٍ) أَيْ فِيهِ أَوْ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَنَوَى) الْمَسْبُوقُ (بِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ (الْعَقْدَ) لِلصَّلَاةِ أَيْ الْإِحْرَامِ بِهَا فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ سُنَّةَ الرُّكُوعِ (أَوْ نَوَاهُمَا) أَيْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ مَعًا بِهِ (أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا) أَيْ لَمْ يَنْوِ بِهِ أَحَدَهُمَا (أَجْزَأَ) التَّكْبِيرُ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ الْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَحَمْلًا لِتَكْبِيرِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ فِي الثَّالِثَةِ بِقَرِينَةِ حَالِهِ وَتَغْلِيبًا لِلْأَكْمَلِ وَالْأَقْوَى. (وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْإِحْرَامَ بِتَكْبِيرِهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ السُّنَّةَ حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا لَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ رُكْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَ (تَمَادَى) وُجُوبًا (الْمَأْمُومُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الْعَاجِزَيْنِ عَنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَلَحِقَ الْإِمَامَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى صِحَّتَهَا لِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ عَنْ مَأْمُومِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا. وَقِيلَ يَقْطَعُ الْجُمُعَةَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّكْعَةِ أُولَى أَوْ غَيْرَهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ أُولَى تَمَادَى وَإِلَّا قَطَعَ وَاسْتَأْنَفَ وَمَفْهُومُ نَاسِيًا قَطْعُ مُتَعَمَّدٍ تَرْكَهُ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْفَذَّ يَقْطَعَانِ وَيَسْتَأْنِفَانِ الصَّلَاةَ بِإِحْرَامٍ مَتَى تَذَكَّرَا أَنَّهُمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 389 وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ: تَرَدُّدٌ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ اسْتَأْنَفَ. . (فَصْلٌ) نُدِبَ لِإِمَامٍ: خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ، أَوْ نَفْسٍ،   [منح الجليل] نَسِيَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَا بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ خَاصَّةً وَمَفْهُومُ إنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُكَبِّرْ لَا يَتَمَادَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيُصَرِّحُ بِهَذَا. (وَفِي) تَمَادِي الْمَأْمُومِ الْمُقْتَصِرِ عَلَى (تَكْبِيرِ السُّجُودِ) الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وُجُوبًا عَلَى بَاطِلَةٍ إنْ اسْتَمَرَّ نَاسِيًا حَتَّى عَقَدَ رَكْعَةً أُخْرَى، وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ قَطَعَ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَدَمُ تَمَادِيهِ وَقَطْعُهُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَهَذَا نَقْلُ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَوَّازِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَإِنْ كَبَّرَ عِنْدَ السُّجُودِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَ. (وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ) الْمُصَلِّي عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَهُ (اسْتَأْنَفَ) صَلَاتَهُ بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ وَلَا يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمُكَبِّرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَطْعٍ بِسَلَامِ أَوْ كَلَام مَثَلًا [فَصْلٌ فِي أَحْكَام اسْتِخْلَاف إمَام] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ اسْتِخْلَافِ إمَامٍ (نُدِبَ لِإِمَامٍ) انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِنِيَّةٍ وَتَكْبِيرَةٍ لَا مَنْ تَرَكَ إحْدَاهُمَا (خَشِيَ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ (تَلَفَ مَالٍ) بِتَمَادِيهِ إمَامًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَلَفِ هَلَاكِ مَعْصُومٍ أَوْ شِدَّةَ ضَرَرِهِ كَثُرَ الْمَالُ أَوْ قَلَّ، اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ، أَوْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَلَفِهِ مَا ذُكِرَ، وَكَثُرَ الْمَالُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ، وَالْأَوْجَبُ التَّمَادِي وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ. (أَوْ) خَشِيَ تَلَفَ أَوْ شِدَّةَ أَذَى (نَفْسٍ) مَعْصُومَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَوُقُوعِ صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 390 أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ، أَوْ الصَّلَاةَ بِرُعَافٍ، أَوْ سَبْقِ حَدَثٍ، أَوْ ذِكْرِهِ: اسْتِخْلَافٌ، وَإِنْ بِرُكُوعٍ، أَوْ سُجُودٍ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَهُ.   [منح الجليل] فِي بِئْرٍ أَوْ نَارٍ (أَوْ مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْإِمَامُ (الْإِمَامَةَ) أَيْ مِنْهَا (لِ) طَرَيَان (عَجْزٍ) عَنْ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَقِيَامٍ أَوْ قَوْلِيٍّ كَفَاتِحَةٍ وَسَلَامٍ (أَوْ) مُنِعَ الْإِمَامُ (الصَّلَاةَ بِ) سَبَبِ (رُعَافٍ) قَطَعَ فَيَسْتَخْلِفُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَيَقْطَعُ وَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ. وَقَدْ شَهَّرَ ابْنُ رُشْدٍ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ الَّذِي سَقَطَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَبْطَلَتْ صَلَاتَهُ أَوْ تَذَكَّرَهَا فِي بَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَذَكُّرِهَا، وَيُعْلَمُ مِنْهُ الِاسْتِخْلَافُ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ بِالْأَوْلَى. (أَوْ) مُنِعَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ بِسَبَبِ (سَبْقِ حَدَثٍ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْهُ غَلَبَةً فِيهَا (أَوْ) بِسَبَبِ (ذِكْرِهِ) أَيْ تَذَكُّرِ الْحَدَثِ فِيهَا فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِيهِمَا كَرُعَافِ الْقَطْعِ، فَيَسْتَخْلِفُ وَلَهَا نَظَائِرُ كَمَنْ شَكَّ، وَهُوَ إمَامٌ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا. وَمِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْدُبْ مِنْ الْإِمَامِ الِاسْتِخْلَافَ جُنُونُهُ أَوْ مَوْتُهُ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (اسْتِخْلَافٌ) وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ الْمَأْمُومِينَ بِلَا خَلِيفَةٍ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامَةِ أَوْ قَطْعِهِ الصَّلَاةَ إنْ حَصَلَ سَبَبُ الِاسْتِخْلَافِ بِقِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ سَبَبُهُ (بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ) وَيَرْفَعُ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ الرُّكُوعِ بِلَا تَسْمِيعٍ وَمِنْ السُّجُودِ بِلَا تَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَقْتَدُوا بِهِ فِي الرَّفْعِ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُ بِهِمْ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الْخَلِيفَةُ فَيَدِبُّ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا لِيَرْفَعَ بِهِمْ لِلضَّرُورَةِ هُنَا. (وَلَا تَبْطُلُ) صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ (إنْ رَفَعُوا) مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (بِرَفْعِهِ) أَيْ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ (قَبْلَهُ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِحَدَثِهِ حَالَ رَفْعِهِمْ مَعَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا رَفَعُوا بِرَفْعِهِ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 391 وَلَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالِانْتِظَارِ، وَاسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ،   [منح الجليل] عَمْدًا مَعَ عِلْمِهِمْ حَدَثَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ بِلَا خِلَافٍ اُنْظُرْ الْبُنَانِيَّ. وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِهِمْ مَعَ الْخَلِيفَةِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَلَوْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ حُصُولِ الْعُذْرِ لَهُ. فَإِنْ لَمْ يَعُودُوا فَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ عُذْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ إعَادَتُهُ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ الَّذِي حَصَلَ الْعُذْرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَرَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ لِبُطْلَانِهِ عَلَى الْإِمَامِ بِحُصُولِ الْعُذْرِ فِيهِ، وَهُوَ نَائِبُهُ فِي إكْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ نَاقِصَةً رُكْنًا. (وَ) نُدِبَ (لَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ الِاسْتِخْلَافُ (إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ) الْإِمَامُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ، وَلَهُمْ إتْمَامُهَا أَفْذَاذًا إنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الِاسْتِخْلَافُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَمَحَلُّ اسْتِخْلَافِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا قَبْلَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَيَسْتَخْلِفُونَ إنْ لَمْ يُشِرْ لَهُمْ الْأَوَّلُ بِانْتِظَارِهِ بَلْ (وَلَوْ أَشَارَ) الْإِمَامُ الْأَوَّلُ (لَهُمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ (بِالِانْتِظَارِ) مِنْهُمْ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ وَيُكْمِلَ بِهِمْ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَشَارَ بِهِ فَحَقٌّ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقَدِّمُوا غَيْرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ فَيُتِمَّ بِهِمْ، وَسَيَنُصُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ. (وَ) نُدِبَ (اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ) مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 392 وَتَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ، وَتَأَخَّرَ مُؤْتَمًّا فِي الْعَجْزِ، وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ، وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ، وَإِنْ بِجُلُوسِهِ ، وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ صَحَّتْ: كَأَنْ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا، وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ،   [منح الجليل] وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْوَالِهِ (وَ) نُدِبَ (تَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ) سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَهُ فَيُشِيرُ لِمَنْ يُقَدِّمُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ لِلسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْحَيَاءِ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَحَدَثٍ عَنْ اسْتِخْلَافِهِ لِعُذْرٍ لَا يُبْطِلُهَا كَرُعَافِ بِنَاءٍ، وَعَجْزٍ عَنْ رُكْنٍ فَتَرْكُ الْكَلَامِ فِيهِ وَاجِبٌ (وَتَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ الْأَوَّلُ (مُؤْتَمًّا) وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ. وَاغْتُفِرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ هُنَا وَإِنْ كَانَ شَرْطُهَا الْأَوَّلِيَّةَ لِلضَّرُورَةِ وَصِلَةُ تَأَخَّرَ (فِي) طُرُوُّ (الْعَجْزِ) لَهُ عَنْ رُكْنٍ، وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ. (وَ) نُدِبَ لَهُ (مَسْكُ أَنْفَهُ فِي) حَالِ (خُرُوجِهِ) لِيُوهِمَ أَنَّ بِهِ رُعَافًا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ، بَلْ مِنْ بَابِ التَّجَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ تَكَلُّمِ النَّاسِ فِيهِ (وَ) نُدِبَ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ لِمَوْضِعِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ (إنْ قَرُبَ) الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ مِنْ مَوْضِعِ الْأَوَّلِ كَصَفَّيْنِ، فَإِنْ بَعُدَ مِنْ مَحَلِّ الْأَوَّلِ فَلَا يَتَقَدَّمُ وَيُتِمُّ بِهِمْ، وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ، وَيَتَقَدَّمُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا حَالَ اسْتِخْلَافِهِ إنْ كَانَ بِقِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِجُلُوسِهِ) أَوْ سُجُودِهِ لِلضَّرُورَةِ هُنَا. (وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ) أَيْ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ، وَأَتَمَّ بِهِمْ (صَحَّتْ) صَلَاتُهُمْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ بِالْفَتْحِ لَا تَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يُقْبِلَ وَيَفْعَلَ بِهِمْ فِعْلًا، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ تَحْصُلُ لَهُ بِمُجَرَّدِ اسْتِخْلَافِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ بَطَلَتْ وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (اسْتَخْلَفَ) الْأَوَّلُ (مَجْنُونًا) وَنَحْوَهُ مِمَّنْ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ. (وَلَمْ يَقْتَدُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ الْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ (بِهِ) أَيْ الْمَجْنُونِ بِأَنْ أَتَمُّوا أَفْذَاذًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 393 أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا، أَوْ بَعْضُهُمْ، أَوْ بِإِمَامَيْنِ؛ إلَّا الْجُمُعَةَ، وَقَرَأَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ،   [منح الجليل] فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ أَوْ اسْتَخْلَفُوا مَنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ، فَإِنْ اقْتَدَوْا بِالْمَجْنُونِ وَعَمِلَ بِهِمْ عَمَلًا بَطَلَتْ فَلَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِمْ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا بِالْعَمَلِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ. وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ تَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ وَاعْتَمَدَ عج طَرِيقَةً ثَالِثَةً. حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِ اسْتِخْلَافِهِ، بَلْ حَتَّى يَقْتَدُوا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا فَإِنْ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ مَجْنُونًا وَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا، وَهَذِهِ ظَاهِرُ الْمَتْنِ. (أَوْ أَتَمُّوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ الصَّلَاةَ حَالَ كَوْنِهِمْ (وُحْدَانًا) بِضَمِّ الْوَاوِ جَمْعُ وَاحِدٍ كَرُكْبَانٍ وَرَاكِبٍ وَفُرْسَانٍ وَفَارِسٍ أَيْ أَفْذَاذًا فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً ظَاهِرَةً، وَلَوْ تَرَكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ خُرُوجِهِمْ عَنْ الْخَلِيفَةِ،؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ الْإِمَامَةُ إلَّا بِاتِّبَاعِهِمْ إيَّاهُ وَعَمَلِهِمْ مَعَهُ عَمَلًا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ. وَالظَّاهِرُ عَدَمُ إثْمِهِمْ، وَإِذَا لَمْ يُدْرِكُوا مَعَ الْأَوَّلِ رَكْعَةً، وَأَتَمُّوا وُحْدَانًا فَلَهُمْ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ صَلَّى إمَامًا وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَجَمَاعَةٌ صَلَّوْا مَأْمُومِينَ وَيُعِيدُونَ فِي جَمَاعَةٍ. (أَوْ) أَتَمَّ (بَعْضُهُمْ) وُحْدَانًا وَبَعْضٌ آخَرُ بِخَلِيفَةٍ (أَوْ) أَتَمُّوا طَائِفَتَيْنِ (بِإِمَامَيْنِ) كُلُّ طَائِفَةٍ بِإِمَامٍ، وَقَدْ أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ، كَجَمَاعَةٍ وَجَدُوا إمَامًا فِي مَسْجِدٍ بِجَمَاعَةٍ فَقَدَّمُوا غَيْرَهُ صَلَّى بِهِمْ خَلْفَهُ (إلَّا الْجُمُعَةَ) فَلَا تَصِحُّ وُحْدَانًا، وَتَصِحُّ لِلطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ إنْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ وَاحِدًا مِنْهُمَا صَحَّتْ لِلسَّابِقِينَ إنْ اسْتَوْفَوْا الشُّرُوطَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا. وَلَوْ صَلَّوْا مَعَ الْأَوَّلِ رَكْعَةً قَبْلَ الْعُذْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسُوا كَالْمَسْبُوقِ الَّذِي أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ،؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً تَقَدَّمَتْ بِشُرُوطِهَا بِخِلَافِهِمْ فَرَكْعَتُهُمْ بِنَاءً وَلَا يَصِحُّ رَكْعَةٌ مِنْ الْجُمُعَةِ بِنَاءً فَذًّا. (، وَقَرَأَ) الْخَلِيفَةُ (مِنْ انْتِهَاءِ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ (الْأَوَّلِ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ عَلِمَ مَا انْتَهَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 394 وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ، إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلَ وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ،   [منح الجليل] الْأَوَّلُ إلَيْهِ بِجَهْرِ أَوْ إخْبَارِ الْأَوَّلِ أَوْ سَمَاعِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ (وَابْتَدَأَ) الْخَلِيفَةُ الْقِرَاءَةَ وُجُوبًا (بِسِرِّيَّةٍ) أَوْ جَهْرِيَّةٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْخَلِيفَةُ انْتِهَاءَ الْأَوَّلِ، فَلَوْ قَالَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا ابْتَدَأَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ، وَأَشْمَلَ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ مَشْرُوطَةٌ (بِإِدْرَاكِ) الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ قَبْلَ الْعُذْرِ (مَا) أَيْ جُزْءٌ مِنْ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ (قَبْلَ) عَقْدِ (الرُّكُوعِ) بِالرَّفْعِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا، بِأَنْ أَحْرَمَ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ عَقِبَ إحْرَامِهِ أَوْ حَالَ الْقِرَاءَةِ أَوْ حَالَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ أَوْ حَالَ الرُّكُوعِ أَوْ الرَّفْعِ مِنْهُ أَوْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، أَوْ أَحْرَمَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ كَذَلِكَ أَوْ أَحْرَمَ حَالَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ عَقِبَ إحْرَامِهِ، وَهُوَ قَائِمٌ، أَوْ حَالَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ أَوْ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ فِي رَفْعِهِ مِنْهُ إلَخْ. وَأَحْرَمَ حَالَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَكَعَ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِ الْإِمَامِ. وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَحَصَلَ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ. وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ صَحَّ اسْتِخْلَافُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَهُ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ. وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَمَنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْهُ، وَقَبْلَ الْعُذْرِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ. وَقَوْلُنَا مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ لِيَشْمَلَ مَنْ فَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةٍ، وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا، وَقَامَ مَعَ الْإِمَامِ لِتَالِيَتِهَا فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ لِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِهَا، وَهُوَ الْقِيَامُ، وَلْيَخْرُجْ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَفَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةِ الْعُذْرِ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بَاقِيَهَا لِمُجَرَّدِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ لِانْقِطَاعِ الْإِمَامَةِ فَهَذَا مُخَصِّصٌ لِذَاكَ اُنْظُرْ عج. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 395 وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى   [منح الجليل] (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ بَعْدَهُ حَالَ قِيَامِهِ أَوْ هَوِيِّهِ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ فِيهَا أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ لِلْإِمَامِ، أَوْ أَدْرَكَ مَا قَبْلَ رُكُوعِهَا وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ، أَوْ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِهَا حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ. وَجَوَابُ إنْ الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي أُدْغِمَتْ نُونُهَا بَعْدَ إبْدَالِهَا لَا مَا لِقُرْبِ مَخْرَجِهِمَا فِي لَامِ لَا النَّافِيَةِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ، وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ تَتْمِيمَهُ الرَّكْعَةَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فَيُلْغِيهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ، وَهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إتْمَامُهَا بِالْأَصَالَةِ وَيَعْتَدُّونَ بِهَا، فَلَزِمَ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِشِبْهِ مُتَنَفِّلٍ وَمُعْتَدٍّ بِغَيْرِ مُعْتَدٍّ وَمُلْغٍ. فَإِنْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَصَحِيحَةٌ إنْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الْمُسْتَخْلَفَ فِيهَا وَأَلْغَاهَا. فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا أَوْ اعْتَدَّ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَسْقَطَهُ سَهْوًا. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ) إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَحَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَى فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ، وَكَأَنَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ سَهْوًا وَمَسَاقُهُ عَلَى الصَّوَابِ هَكَذَا. وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا وَشَرَحَهُ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ. (وَإِنْ جَاءَ) الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ أَيْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ (بَعْدَ) حُصُولِ (الْعُذْرِ) لِلْإِمَامِ (فَ) هُوَ (كَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مَأْمُومٍ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ حَقِيقَةً لِانْحِلَالِ الْإِمَامَةِ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْعُذْرِ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ اتِّفَاقًا وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ مِنْهُمْ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ (فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ) صَلَاةً مُنْفَرِدًا بِأَنْ ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى صَلَاةِ الْأَوَّلِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ. (أَوْ بَنَى) عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ ظَنًّا مِنْهُ صِحَّةَ اسْتِخْلَافِهِ، وَكَانَ بِنَاؤُهُ (بِ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) مُطْلَقًا بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَتَمَّهَا أَوْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ قَرَأَ هُوَ السُّورَةَ أَوْ أَتَمَّ السُّورَةَ رَكَعَ هُوَ بِدُونِ قِرَاءَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِعُذْرِهِ بِالتَّأْوِيلِ، وَمُرَاعَاةُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجُلِّ أَوْ النِّصْفِ أَوْ رَكْعَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 396 أَوْ الثَّالِثَةِ: صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا: كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا،   [منح الجليل] أَوْ) بَنَى بِ (الثَّالِثَةِ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَالْإِمَامِ الْأَوَّلِ لِظَنِّهِ صِحَّةَ اسْتِخْلَافِهِ، وَقَضَى الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عِشَاءً (صَحَّتْ) صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْفَرِدِ إلَّا فِي الْقِرَاءَةِ لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ، وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ، وَقَدْ عُذِرَ فِي مُخَالَفَتِهِ بِمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِالْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ بِأَنْ بَنَى بِالثَّانِيَةِ مُطْلَقًا أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ الرَّابِعَةِ. (فَلَا) تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَتِهَا لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ، وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ جَوَابَ الشَّرْطِ. وَإِنْ كَانَ مُغْنِيًا عَنْ تَقْدِيرِ الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ لِفَوَاتِهَا، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ إلَّا فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَ قَبْلَهُ وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا بِشَرْطِ تَكْمِيلِهِ رَكْعَةَ الْإِمَامِ، وَإِلْغَائِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَعَوْدِ الْإِمَامِ) الْأَصْلِيِّ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاةِ كَسَبْقِ الْحَدَثِ وَرُعَافِ الْقَطْعِ وَصِلَةُ عَوْدٍ (لِإِتْمَامِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ إمَامًا لَهُمْ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْعُذْرِ فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ سَوَاءٌ اسْتَخْلَفَ حَالَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا فَعَلُوا فِعْلًا قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُمْ أَمْ لَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَصِحُّ. ابْنُ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ بِالْبِنَاءِ فِي الْحَدَثِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَصَارَ مُبْتَدِئًا لَهَا مِنْ وَسَطِهَا وَعَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا قَبْلَهُ. وَأَمَّا الْعُذْرُ الْمَانِعُ مِنْ الْإِمَامَةِ فَقَطْ كَرُعَافِ الْبِنَاءِ فَعَوْدُهُ لِإِتْمَامِهَا بِهِمْ لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفَادَهُ عج وعب. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَخْلَفَ لِحَدَثِهِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْرَجَ خَلِيفَتَهُ وَتَقَدَّمَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَجَلَسُوا حَتَّى أَتَمَّ لِنَفْسِهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ صَحَّتْ لِتَأَخُّرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِقُدُومِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقَدُّمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَصْرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ عَلَى الْإِمَامِ الرَّاعِفِ الْبَانِي، وَهْمٌ، وَقُصُورٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 397 وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ: كَأَنْ سُبِقَ هُوَ؛ لَا الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ مُسَافِرٌ،   [منح الجليل] اهـ. شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ عَلَى الْبِنَاءِ اتَّفَقَ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْبِنَاءُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ، فَالصِّحَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِيهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِخْلَافٌ وَلَا عَمَلُ رُكْنٍ كَمَا قَالَ عج وعب، وَلِذَا جَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَصْرَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ عَلَى رُعَافِ الْبِنَاءِ وَهْمًا، وَقُصُورًا فَالْوَهْمُ الْغَلَطُ فِي حُكْمِ رُعَافِ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا. وَلَمَّا جَعَلَهُ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ اقْتَضَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَالصَّوَابُ الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِهِ، وَالْقُصُورُ عَنْ النَّقْلِ الْمُصَرِّحِ بِالْحَدَثِ وَفَهِمَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ تَعْمِيمُ الْخِلَافِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فَرَدَّ عَلَى عج وعب وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت. (وَ) إنْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَسْبُوقًا عَلَى مَسْبُوقٍ وَغَيْرِهِ وَأَتَمَّ الْخَلِيفَةُ صَلَاةَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَيُشِيرُ إلَيْهِمْ جَمِيعًا بِالْجُلُوسِ وَيَقُومُ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ وَحْدَهُ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ، وَ (جَلَسَ لِ) انْتِظَارِ (سَلَامِهِ) أَيْ الْخَلِيفَةِ عَقِبَ قَضَائِهِ الْمَأْمُومَ (الْمَسْبُوقَ) فَإِذَا سَلَّمَ الْخَلِيفَةُ قَامَ الْمَسْبُوقُ غَيْرُهُ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ مَنْ صَارَ إمَامَهُ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ انْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (سُبِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ (هُوَ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ وَحْدَهُ فَالْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ غَيْرُ الْمَسْبُوقِينَ يَنْتَظِرُونَ سَلَامَ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ وَيُسَلِّمُونَ عَقِبَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ، وَأَبْرَزَ نَائِبَ الْفَاعِلِ بِقَوْلِهِ هُوَ لِإِفَادَةِ قَصْرِ السَّبْقِ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِهِ عَلَى الْمَسْبُوقِ الْأَقْرَبِ فِي الذَّكَرِ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَانْتِظَارُهُمْ أَخَفُّ مِنْ سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ. وَقِيلَ يُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ. (لَا) يَجْلِسُ مَأْمُومٌ لِانْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ (الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ) إمَامٌ (مُسَافِرٌ) عَلَى مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ وَلَمَّا كَانَتْ إمَامَةُ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً شَدِيدَةً عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 398 لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ، أَوْ جَهْلِهِ؛ فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ، وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى أَشَارَ فَأَشَارُوا، وَإِلَّا سُبِّحَ بِهِ. ، وَإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ: أَسْقَطْت رُكُوعًا   [منح الجليل] اسْتِخْلَافَ الْمُقِيمِ عَلَى الْمُسَافِرِ بِقَوْلِهِ (لِتَعَذُّرِ) اسْتِخْلَافِ (مُسَافِرٍ) لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ (وَ) لِ (لِجَهْلِهِ) أَيْ جَهْلِ عَيْنِهِ أَوْ كَوْنِهِ خَلْفَهُ. وَإِذَا لَمْ يَنْتَظِرْ سَلَامَ الْمُقِيمِ (فَيُسَلِّمُ) الْمَأْمُومُ (الْمُسَافِرُ) عِنْدَ قِيَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ عَقِبَ إكْمَالِهِ صَلَاةَ الْأَوَّلِ. (وَيَقُومُ غَيْرُهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ، وَهُوَ الْمَأْمُومُ الْمُقِيمُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ (لِلْقَضَاءِ) أَيْ لِإِكْمَالِ صَلَاتِهِ بِنَاءً وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْقَضَاءِ تَسَمُّحٌ فَذًّا لِدُخُولِهِ عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْخَلِيفَةِ فِيمَا يُكْمِلُ بِهِ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءٌ فِي صَلَاةٍ بِإِمَامَيْنِ ثَانِيهِمَا غَيْرُ خَلِيفَةٍ عَنْ أَوَّلِهِمَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْمِصْرِيِّينَ قَاطِبَةً أَنَّهُ يَجْلِسُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ لِانْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ، فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ عَقِبَ سَلَامِهِ وَيَقُومُ الْمُقِيمُ عَقِبَهُ لِلْإِتْمَامِ. (وَإِنْ جَهِلَ) الْخَلِيفَةُ (مَا صَلَّى) الْأَوَّلُ، وَقَدْ ذَهَبَ (أَشَارَ) الْخَلِيفَةُ مُسْتَفْهِمًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ (فَأَشَارُوا) أَيْ الْمَأْمُومُونَ لِلْخَلِيفَةِ بِعَدَدِ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ، فَإِنْ فَهِمَ بِالْإِشَارَةِ فَوَاضِحٌ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِهَا أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ فِي ظَلَامٍ (سُبِّحَ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ نَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ فِيهِ تَقْدِيرُهُ هُوَ أَيْ اللَّهُ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ تَفْهِيمِ الْخَلِيفَةِ عَدَدَ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ، فَإِنْ فَهِمَ، وَإِلَّا كَلَّمُوهُ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ التَّسْبِيحِ عَلَى الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَتَبْطُلُ بِتَقْدِيمِ الْكَلَامِ عَلَى التَّسْبِيحِ أَوْ الْإِشَارَةِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الْإِفْهَامُ. وَالْكَلَامُ هُنَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْإِفْهَامُ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ. ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ. (وَإِنْ قَالَ) الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ (لِلْمَسْبُوقِ) الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ (أَسْقَطْت رُكُوعًا) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ بِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ أَوْ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ وَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 399 عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ، وَسَجَدَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ. السَّفَر   [منح الجليل] قَبْلَ السَّلَامِ كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَالْجُلُوسِ الْأَوَّلِ (عَمِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ قَوْلُهُ أَسْقَطْت رُكُوعًا وَفَاعِلُ عَمِلَ (مَنْ) أَيْ الْمَأْمُومُ الَّذِي (لَمْ يَعْلَمْ) أَوْ يَظُنُّ (خِلَافَهُ) أَيْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَسْقَطْت رُكُوعًا بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ صِحَّتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا وَمَفْهُومُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ خِلَافَهُ لَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ خَلِيفَةً أَوْ لَا. (وَسَجَدَ) الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا بِقَوْلِ الْإِمَامِ (قَبْلَهُ) أَيْ السَّلَامِ عَقِبَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ (إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ) أَيْ تَنْفَرِدْ (زِيَادَةٌ) بِأَنْ تَمَحَّضَ النَّقْصُ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ أَوْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ اجْتَمَعَ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ عَقِبَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا لِإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ بَطَلَتْ، وَصَارَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً، وَقَرَأَهَا بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا فَنَقَصَ السُّورَةَ، وَزَادَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَطَلَتْ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ عَقِبَ عَقْدِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ. وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ أَنَّهَا إنْ تَمَحَضَّتْ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا فَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ وَلَا نَقْصَ مَعَهُ، وَكَذَا إذَا اسْتَخْلَفَ فِي الرَّابِعَةِ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ. وَقَوْلُهُ (بَعْدَ) كَمَالِ (صَلَاةِ إمَامِهِ) أَيْ الْأَصْلِيِّ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سَجَدَ قَبْلَهُ، وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سُجُودِ إمَامِهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فِيهِ، وَهَذَا نَائِبُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ. وَقَدْ يُقَالُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ؛ لِأَنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ يُطْلَبُ بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ بِسُجُودِ السَّهْوِ. وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَهَذَا يُقَيِّدُ مَا سَبَقَ فِي السَّهْوِ. كَذَا فِي عبق وَالْخَرَشِيِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 400 (فَصْلٌ) سُنَّ لِمُسَافِرٍ: غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ: أَرْبَعَةَ بُرُدٍ، وَلَوْ بِبَحْرٍ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي أَحْكَام صَلَاة السَّفَرِ] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ (سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ كَوْنُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اهـ. وَقِيلَ فَرْضٌ. وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ. وَقِيلَ مُبَاحٌ. وَعَلَى السُّنِّيَّةِ فَفِي آكَدِيَّتِهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْمُسَافِرُ إلَّا مُقِيمًا يَقْتَدِي بِهِ فَلَا يَقْتَدِي بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ. وَيُنْدَبُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ عَلَى الثَّانِي (لِ) شَخْصٍ (مُسَافِرٍ) رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ كَانَ بِطَيَرَانٍ أَوْ خُطْوَةٍ فِي لَحْظَةٍ (غَيْرِ عَاصٍ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ السَّفَرِ فَالْعَاصِي بِهِ كَالْآبِقِ وَالْعَاقِّ. وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لَا يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ، بَلْ يُمْنَعُ. وَقِيلَ يُكْرَهُ، فَإِنْ تَابَ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ عَصَى بِهِ فِي أَثْنَائِهِ أَتَمَّ وُجُوبًا مِنْ حِينِهِ، فَإِنْ قَصَرَ الْعَاصِي بِهِ فَلَا يُعِيدُ عَلَى الصَّوَابِ، وَأَثِمَ أَوْ أَسَاءَ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِهِ عَنْ الْعَاصِي فِيهِ كَشَارِبٍ وَزَانٍ فَيُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ اتِّفَاقًا. (وَ) غَيْرِ (لَاهٍ) بِهِ فَاللَّاهِي بِهِ كَالْمُسَافِرِ لِمُجَرَّدِ التَّسَلِّي لَا يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ بَلْ يُكْرَهُ. وَقِيلَ يُبَاحُ فَإِنْ قَصَرَ فَلَا يُعِيدُ وَصِلَةُ مُسَافِرٍ قَوْلُهُ (أَرْبَعَةَ بُرُدٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ جَمْعُ بَرِيدٍ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ أَلْفَا ذِرَاعٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ مِنْ طَيِّ الْمِرْفَقِ لِآخِرِ الْوُسْطَى ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا عَرْضًا وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ وَالشُّعَيْرَةُ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ وَحَدُّهَا بِالزَّمَنِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرُ يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ مَعَ لَيْلَتِهِمَا، أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ النُّزُولِ لِلصَّلَاةِ وَالرَّاحَةِ، وَإِصْلَاحِ الْمَتَاعِ، وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ إنْ كَانَ سَفَرُهَا بِبَرٍّ. بَلْ (وَلَوْ) ، وَكَانَ سَفَرُهَا (بِبَحْرٍ) كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ إنْ كَانَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 401 ذَهَابًا قُصِدَتْ دُفْعَةً إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ: الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى   [منح الجليل] السَّفَرُ فِيهِ بِالْمَجَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ أَوْ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ مُطْلَقًا أَوْ تَأَخَّرَتْ، وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ، وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ فِي مَسَافَةِ الْبَرِّ، وَتُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْبَحْرِ وَحْدَهَا، فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ، وَإِلَّا فَلَا. هَذَا تَفْصِيلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَوْفِيُّ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَاعْتَمَدَهُ عج وَالْعَدَوِيُّ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُضَمُّ الْبَحْرُ لِلْبَرِّ مُطْلَقًا. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ إنْ كَانَ بِجَانِبِ الْبَرِّ فَالْعِبْرَةُ بِأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ، وَإِلَّا فَبِسَفَرِ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي قَصْرِ الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ، بَلْ فِي تَحْدِيدِ الْمَسَافَةِ بِأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ حَالَ كَوْنِ أَرْبَعَةِ الْبُرُدِ (ذَهَابًا) أَيْ مَذْهُوبًا فِيهَا أَوْ ذَاتَ ذَهَابٍ أَوْ هِيَ الذَّهَابُ مُبَالَغَةً أَيْ لَيْسَتْ مُلَفَّقَةً مِنْ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ (قُصِدَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أَرْبَعَةُ الْبُرُدِ، فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ كَهَائِمٍ وَطَالِبِ رَعْيٍ فَلَا يُسَنُّ الْقَصْرُ (دَفْعَةً) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي أَثْنَائِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ فِيهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا دَفْعَةً أَنْ يُسَيِّرَهَا سِيرَةً وَاحِدَةً، وَلَا يَنْزِلُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ فِي هَذَا مَشَقَّةً فَادِحَةً وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ. وَذَكَرَ شَرْطَ الْقَصْرِ بِقَوْلِهِ (إنْ عَدَّى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ تَعَدَّى وَجَاوَزَ (الْبَلَدِيُّ) أَيْ مُبْتَدِئُ السَّفَرِ مِنْ بَلَدٍ لَهُ بَسَاتِينُ مَسْكُونَةٌ (الْبَسَاتِينَ) جَمْعُ بُسْتَانٍ أَيْ الْجَنَائِنُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْبَلَدِ وَلَوْ حُكْمًا بِارْتِفَاقِ سَاكِنِيهَا بِأَهْلِ الْبَلَدِ فِي أَمْرِ مَعَاشِهِمْ مِنْ طَحْنٍ وَخَبْزٍ وَنَحْوِهِمَا (الْمَسْكُونَةَ) بِالزَّوْجَاتِ وَالْعِيَالِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْعَامِ كَالرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ وَالْخَرِيفِ إنْ سَافَرَ بَيْنَهَا أَوْ مُحَاذِيهَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. اهـ. عبق الْبُنَانِيُّ إنْ سَافَرَ بَيْنَهَا فَقَطْ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا إنْ حَاذَاهَا إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا كَجُزْءٍ مِنْ الْبَلَدِ، فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدِّي الْمَزَارِعِ وَالْبَسَاتِينِ الْمُنْفَصِلَةِ وَغَيْرِ الْمَسْكُونَةِ. وَلَوْ كَانَ فِيهَا حُرَّاسٌ وَعَمَلَةٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ قَوْلِهَا وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا عَلَى) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 402 مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْعَمُودِيُّ: حِلَّتَهُ،   [منح الجليل] شَرْطِ (مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِ) النِّسْبَةِ لِ (قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ) بِحَمْلِ قَوْلِهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا. رَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لَهَا سُورٌ، وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بِنَائِهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَتَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ. وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُهَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ مُحَالِفَةٌ لَهَا، وَأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْمُعْتَمَدِ، وَقَوْلُهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ أَيْ بِمُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ، وَإِلَى مَا ذُكِرَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ أَيْ تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ مُطْلَقًا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَأْوِيلُ الْمُخَالَفَةِ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْأَرْبَعَةُ الْبُرُدُ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ. وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَهَلْ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ أَوَّلًا تَحْسِبُهُ مِنْهَا. وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي عبق وَالْخَرَشِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَزِدْ الْبَسَاتِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، وَإِلَّا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى مُجَاوَزَتِهَا. وَكَذَا إنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ الْبُنَانِيُّ أَلْحَقَ إطْلَاقَ الْخِلَافِ سَوَاءٌ زَادَتْ الْبَسَاتِينُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالِ عَلَى الْبَسَاتِينِ. وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يُفِيدُ أَنَّ قَرْيَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ الَّتِي زَادَتْ بَسَاتِينُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ اتَّفَقُوا فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ بَسَاتِينِهَا. وَأَنَّ قَرْيَةَ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَّفِقُوا فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ بَسَاتِينِهَا وَاكْتَفَى فِيهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ سُورِهَا أَوْ طَرَفِ بِنَائِهَا، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ عَدَّى (الْعَمُودِيُّ) أَيْ الْبَدْوِيُّ الَّذِي رَفَعَ بَيْتَهُ عَلَى عَمُودٍ مِنْ خَشَبٍ فَلِذَا نُسِبَ إلَيْهِ (حِلَّتَهُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ مَنْزِلَةَ بُيُوتِ قَوْمِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ أَيْ الْجَدِّ الَّذِي انْتَسَبُوا إلَيْهِ وَالدَّارُ أَيْ الْمَنْزِلَةُ الَّتِي نَزَلُوا فِيهَا أَوْ الدَّارُ فَقَطْ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهُمْ حَتَّى يُجَاوِزَ جَمِيعَ بُيُوتِهِمْ. وَلَوْ سَارَ فِيهَا أَيَّامًا؛ لِأَنَّ مَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 403 وَانْفَصَلَ غَيْرُهُمَا: قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ وَقْتِيَّةٍ، أَوْ فَائِتَةٍ فِيهِ، وَإِنْ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ   [منح الجليل] بَيْنَهَا بِمَنْزِلَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الَّذِي بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ وَأَمَّا إنْ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ بِأَنْ اشْتَرَكُوا فِي النَّسَبِ وَافْتَرَقُوا فِي دَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَتُعْتَبَرُ كُلُّ حِلَّةٍ عَلَى حِدَتِهَا إذَا لَمْ يَرْتَفِقْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (وَ) إنْ (انْفَصَلَ) عَنْ مَسْكَنِهِ (غَيْرُهُمَا) أَيْ الْبَلَدِيِّ وَالْعَمُودِيِّ كَسَاكِنِ غَارٍ فِي جَبَلٍ، وَقَرْيَةٍ لَا بَسَاتِينَ لَهَا مُتَّصِلَةً إلَخْ، فَسَاكِنُ الْغَارِ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ مِنْهُ وَسَاكِنُ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا بَسَاتِينَ لَهَا، كَذَلِكَ يَقْصُرُ بِمُجَاوَزَةِ بُيُوتِهَا أَوْ أَبْنِيَتِهَا الْخَرِبَةِ الَّتِي فِي طَرَفِهَا وَسَاكِنُ الْبَسَاتِينِ يَقْصُرُ بِمُجَاوَزَتِهَا، سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ بِالْبَلَدِ أَمْ لَا وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (قَصْرُ) صَلَاةٍ (رُبَاعِيَّةٍ) نِسْبَةً لِأَرْبَعٍ عَدَدِ رَكَعَاتِهَا لَا ثُنَائِيَّةٍ وَلَا ثُلَاثِيَّةٍ (وَقْتِيَّةٍ) أَيْ ذَاتِ وَقْتٍ مَحْدُودٍ حَاضِرٍ سَافَرَ فِيهِ وَلَوْ ضَرُورِيًّا فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ مَنْ وَصَلَ مَحَلَّ الْقَصْرِ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَلَوْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهُمَا إلَيْهِ، وَإِنْ وَصَلَهُ لِرَكْعَتَيْنِ قَصَرَ الْعَصْرَ لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِهَا، وَأَتَمَّ الظُّهْرَ؛ لِأَنَّهَا فَاتَتْ، وَهُوَ مُقِيمٌ. (أَوْ فَاتَتْهُ فِيهِ) أَيْ السَّفَرِ وَلَوْ قَضَاهَا، وَهُوَ مُقِيمٌ وَفَاتَتْهُ فِي الْحَضَرِ تُقْضَى تَامَّةً وَلَوْ فِي السَّفَرِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسَافِرُ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُسَافِرُ (نُوتِيًّا) أَيْ خَادِمَ سَفِينَةٍ مُسَافِرًا (بِأَهْلِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ فَيَقْصُرُ (إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ) الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي ابْتَدَأَ الْقَصْرَ مِنْهُ حَالَ خُرُوجِهِ، فَيَعْتَرِضُ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهَا. وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَقْصُرْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ أَوْ يُقَارِبَهَا فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ لَيْسَ مَحَلَّ بَدْئِهِ. أُجِيبَ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ فِي حَالِ ذَهَابِهِ لَا فِي حَالِ رُجُوعِهِ فَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ، أَيْ يَقْصُرُ فِي ذَهَابِهِ إلَى نَظِيرِ مَحَلِّ الْبَدْءِ فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. أَوْ الْمُرَادُ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ لِبَدْءِ الْقَصْرِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَ هُوَ إلَيْهِ، وَهُوَ الْبَسَاتِينُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ. أَوْ الْحِلَّةُ فِي الْعَمُودِيِّ، أَوْ مَحَلُّ الِانْفِصَالِ فِي غَيْرِهِمَا. وَأَمَّا كَلَامُهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى مُنْتَهَى الْقَصْرِ فِي الرُّجُوعِ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى كَلَامِهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ لِلْقُرْبِ فَلَا يَظْهَرُ الْعَطْفُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 404 لَا أَقَلَّ إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا، وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ.   [منح الجليل] وَالْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ، أَيْ الْمُرَادُ بِدُخُولِهَا الْقُرْبُ مِنْهَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ، وَبِأَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَالْقُرْبَ لِمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا لِاسْتِرَاحَةٍ مَثَلًا وَبِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ. (لَا) يَقْصُرُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ (أَقَلَّ) مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ أَيْ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ إنْ قَصَرَهَا فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا. وَتَصِحُّ فِي أَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا. وَإِنْ حَرُمَ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ، وَلَا تُعَادُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا أَقَلَّ فَقَالَ (إلَّا كَمَكِّيٍّ) وَمَنْوِيٍّ وَمُزْدَلِفِيٍّ وَعَرَفِيٍّ وَمُحَصَّبِيٍّ فَيُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ (فِي خُرُوجِهِ) مِنْ مَحَلِّهِ (لِعَرَفَةَ) لِلْحَجِّ. (وَ) فِي (رُجُوعِهِ) لِبَلَدِهِ سَوَاءٌ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ النُّسُكِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَيَقْصُرُ الْمَنْوِيَّ فِي رُجُوعِهِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْعَاشِرِ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ بِهَا وَالْمُزْدَلِفِيُّ وَالْعَرَفِيُّ وَالْمُحَصَّبِيُّ فِي رُجُوعِهِمْ لِبِلَادِهِمْ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ يُتِمُّ بِمَكَانِهِ. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَمَلٌ بِغَيْرِهِ كَمَكِّيٍّ رَجَعَ يَوْمَ النَّحْرِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْعَرَفِيِّ لِقَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ فَيَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ لِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَمَكَّةَ وَرُجُوعِهِ إلَيْهَا وَيُتِمُّ بِهَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَا يَقْصُرُ الْعَرَفِيُّ وَاسْتِنَانُ الْقَصْرِ فِي الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ لِلسُّنَّةِ. (وَلَا) يَقْصُرُ (رَاجِعٌ) بَعْدَ سَفَرِهِ مِنْ مَحَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنًا أَمْ لَا وَصِلَةُ رَاجِعٌ (لِدُونِهَا) أَيْ مِنْ دُونِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ سَفَرٌ مُسْتَقِلٌّ، وَلَيْسَ فِيهِ الْمَسَافَةُ وَصَلَاتُهُ الْمَقْصُورَةُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ صَحِيحَةٌ فَلَا يُعِيدُهَا هَذَا إنْ رَجَعَ تَارِكًا السَّفَرَ بَلْ (وَلَوْ) رَجَعَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ (لِشَيْءٍ نَسِيَهُ) وَيَعُودُ لِسَفَرِهِ، فَإِنْ رَجَعَ لِغَيْرِهِ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَمَفْهُومُ لِدُونِهَا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَهَا يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 405 وَلَا عَادِلٌ عَنْ قَصِيرٍ بِلَا عُذْرٍ. وَلَا هَائِمٌ. وَطَالِبُ رَعْيٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ قَبْلَهُ وَلَا مُنْفَصِلٌ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا.   [منح الجليل] وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ سَفَرٌ مُسْتَقِلٌّ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إذَا رَجَعَ مِنْ دُونِهَا لِشَيْءٍ نَسِيَهُ قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ السَّفَرَ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَطَنَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ، وَإِلَّا أَتَمَّ فِي رُجُوعِهِ اتِّفَاقًا. (وَلَا) يَقْصُرُ (عَادِلٌ) فِي سَفَرِهِ (عَنْ) طَرِيقٍ (قَصِيرٍ) أَيْ دُونَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ إلَى طَرِيقٍ فِيهِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَصِلَةُ عَادِلٍ (بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَاهٍ بِسَفَرِهِ. وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ قَصَرَ فَلَا يُعِيدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَفِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّاهِيَ بِصَيْدٍ وَشِبْهِهِ لَا يَقْصُرُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِقَصْرِهِ فَلَا شَكَّ فِي قَصْرِ هَذَا فَهَذَا مُحْتَرَزُ غَيْرِ لَاهٍ، وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ إنْ عَدَلَ لِعُذْرٍ كَمَكْسٍ لَهُ بَالٌ وَوَحَلٌ وَوَعْرٌ وَخَوْفٌ مِنْ سَبُعٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَتِجَارَةٍ وَزِيَادَةِ قَصْرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَلَا) يَقْصُرُ (هَائِمٌ) أَيْ مُتَجَرِّدٌ عَنْ الْأَهْلِ وَالتَّوَطُّنِ سَائِحٌ فِي الْبِلَادِ أَيِّ بَلَدٍ تَيَسَّرَ لَهُ فِيهِ الْقُوتُ أَقَامَ فِيهِ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ سَفَرَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ (وَ) لَا يَقْصُرُ (طَالِبُ رَعْيٍ) لِنَحْوِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ يَرْتَعُ حَيْثُ يَجِدُ الْكَلَأَ لِعَدَمِ قَصْدِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) كُلٌّ مِنْ الْهَائِمِ وَالرَّاعِي (قَطْعَ) أَيِّ سَفَرٍ وَمُجَاوَزَةَ (الْمَسَافَةِ) أَيْ أَرْبَعَةِ الْبُرُدِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الْهَائِمُ وَيَجِدُ الرَّاعِي الْكَلَأَ فِيهِ فَيَقْصُرُ لِقَصْدِهِ الْمَسَافَةَ حِينَئِذٍ مِنْهُمَا مُحْتَرَزُ قَصَدْت. (وَلَا) يَقْصُرُ شَخْصٌ (مُنْفَصِلٌ) أَيْ خَارِجٌ مِنْ الْبَلَدِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ، وَأَقَامَ بِمَحَلٍّ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ حَالَ كَوْنِهِ (يَنْتَظِرُ رُفْقَةً) يُسَافِرُ مَعَهَا لَا يَدْرِي وَقْتَ مَجِيئِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَجْزِمَ) الْمُنْفَصِلُ (بِالسَّيْرِ) أَيْ السَّفَرِ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُقِيمٌ بِهِ (دُونَهَا) أَيْ الرُّفْقَةِ أَوْ بِمَجِيئِهَا قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَيَقْصُرُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُقِيمٌ بِهِ، فَلَوْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ السَّيْرِ دُونَهَا أَوْ جَزَمَ بِمَجِيئِهَا بَعْدَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ فِيهِ، وَهَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 406 وَقَطَعَهُ: دُخُولُ بَلَدِهِ، وَإِنْ بِرِيحٍ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا، وَرَجَعَ نَاوِيًا السَّفَرَ.   [منح الجليل] مُحْتَرَزُ دَفْعَةً. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ، وَأَقَامَ قَبْلَ سَفَرِهِ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً تَلْحَقُهُ لَا يُسَافِرُ دُونَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ لُحُوقِهَا فَيُتِمُّ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ. فَإِنْ نَوَى انْتِظَارَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ تَلْحَقْهُ سَافَرَ دُونَهَا أَوْ عَلِمَ لُحُوقَهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ قَصَرَ مُدَّةَ انْتِظَارِهَا. (وَقَطَعَهُ) أَيْ الْقَصْرَ (دُخُولُ بَلَدِهِ) الرَّاجِعِ هُوَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ فَإِذَا كَفَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ فَالْفِعْلُ الْمُحَصِّلُ لَهَا بِالظَّنِّ أَوْلَى إنْ دَخَلَهُ مُخْتَارًا. بَلْ (وَإِنْ) دَخَلَهُ (بِرِيحٍ) غَالِبَةٍ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ فَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ بِرَدِّ غَاصِبٍ فَلَا يُقْطَعُ الْقَصْرُ لِإِمْكَانِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ بِشَفَاعَةٍ أَوْ هُرُوبٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ، فَهُوَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَلَا حِيلَةَ تَنْفَعُ مِنْهَا، وَمِثْلُ رَدِّ الرِّيحِ جُمُوحُ الدَّابَّةِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ غَلَبَتْهُ الرِّيحُ وَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ. (إلَّا) شَخْصًا (مُتَوَطِّنًا) أَيْ مُقِيمًا إقَامَةً قَاطِعَةً الْقَصْرَ بِبَلَدٍ (كَ) مُجَاوِرٍ بِ (مَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ (رَفَضَ سُكْنَاهَا) وَسَافَرَ مِنْهَا لِلتَّوَطُّنِ بِغَيْرِهَا عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ (وَرَجَعَ) لَهَا بَعْدَ سَيْرِ الْمَسَافَةِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ دُونِهَا أَتَمَّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ. وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ حَالَ كَوْنِهِ (نَاوِيًا السَّفَرَ) مِنْهَا عَقِبَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهَا فَيَقْصُرُ حَالَ إقَامَتِهِ بِهَا، وَمِثْلُ نِيَّةِ السَّفَرِ خُلُوُّ الذِّهْنِ، فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ. الْبُنَانِيُّ حَمَلَهُ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ، وَأَقَامَ بِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُتِمُّ فِي يَوْمَيْهِ، ثُمَّ قَالَ يَقْصُرُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. اهـ. وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَكْسَبَتْهَا حُكْمَ الْوَطَنِ، وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 407 وَقَطَعَهُ: دُخُولُ وَطَنِهِ، أَوْ مَكَانِ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا فَقَطْ، وَإِنْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ. وَنِيَّةُ دُخُولِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ.   [منح الجليل] وَطَنَهُ حَقِيقَةً وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الرَّمَاصِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ اعْتَرَضَ قَوْلَهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَهِيَ مَا إذَا أُخْرِجَ مِنْ وَطَنِهِ لِمَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ رَافِضًا سُكْنَى وَطَنِهِ، ثُمَّ رَجَعَ لَهُ غَيْرَ نَاوٍ الْإِقَامَةَ بِهِ كَانَ نَاوِيًا السَّفَرَ أَوْ خَالِي الذِّهْنِ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ. فَإِنْ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهُ أَتَمَّ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ الرَّمَاصِيُّ وَغَيْرُهُ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّوَطُّنُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَقَوْلُهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ. (وَقَطَعَهُ) أَيْضًا (دُخُولُ وَطَنِهِ) الْمَارُّ هُوَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَحَلٍّ غَيْرِ وَطَنِهِ وَسَافَرَ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَوَطَنُهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ دَخَلَهُ فَيُتِمُّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ (أَوْ) دُخُولُ (مَكَان) أَيْ بَلَدِ (زَوْجَةٍ) أَوْ سُرِّيَّةٍ (دَخَلَ بِهَا فَقَطْ) أَيْ لَا مَكَانِ قَرَابَةٍ كَأُمٍّ، وَأَبٍ وَلَا مَكَانِ زَوْجَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَطَنِ وَمَظِنَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ دُخُولُ أَنَّ الْمُرُورَ عَلَى الْوَطَنِ أَوْ مَكَانِ الزَّوْجَةِ بِلَا دُخُولٍ لَا يَقْطَعُهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ. وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى إلْحَاقِ السُّرِّيَّةِ بِالزَّوْجَةِ إنْ دَخَلَ وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ مُخْتَارًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ دُخُولُهُ (بِرِيحٍ غَالِبَةٍ، وَ) قَطَعَهُ أَيْضًا (نِيَّةُ دُخُولِهِ) وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ الَّذِي فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ (وَلَيْسَ بَيْنَهُ) أَيْ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ (وَبَيْنَهُ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ (الْمَسَافَةُ) أَيْ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ كَمُقِيمٍ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَوَطَنُهُ أَوْ مَكَانُ زَوْجَتِهِ الْجِعْرَانَةِ سَافَرَ مِنْهَا لِلْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَنَوَى حِينَ خُرُوجِهِ أَنْ يَدْخُلَ الْجِعْرَانَةِ فَيُتِمَّ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعْرَانَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِالْجِعْرَانَةِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ اعْتَبَرَ الْمَسَافَةَ الْبَاقِيَةَ لِمُنْتَهَى سَفَرِهِ. فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ، وَإِلَّا فَلَا وَمَفْهُومُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا الْمَسَافَةُ يَقْصُرُ فِيمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَعْتَبِرُ الْبَاقِيَ أَيْضًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 408 وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامَ صِحَاحٍ، وَلَوْ بِخِلَالِهِ إلَّا الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْحَرْبِ   [منح الجليل] وَقَوْلُنَا حِينَ خُرُوجِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا طَرَأَتْ نِيَّةُ الدُّخُولِ أَثْنَاءَ سَفَرِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْقَصْرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَحَلُّ الْمَنْوِيُّ دُخُولُهُ أَقَلُّ مِنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ. (وَ) قَطَعَهُ أَيْضًا (نِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةٍ صِحَاحٍ) مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عِشْرِينَ صَلَاةً فَمَنْ دَخَلَ فَجْرَ السَّبْتِ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ إلَى غُرُوبِ الثُّلَاثَاءِ وَالْخُرُوجَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ لَمْ يَنْقَطِعْ قَصْرُهُ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ تَمَّتْ الْأَيَّامُ الْأَرْبَعَةُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً. وَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ عَصْرِهِ وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ نَاوِيًا السَّفَرَ بَعْدَ صُبْحِ الْأَرْبِعَاءِ يَقْصُرُ.؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً لَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ الْعِشْرِينَ فَقَطْ هَذَا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ بَلْ (وَلَوْ) حَدَثَتْ (بِخِلَالِهِ) أَيْ أَثْنَاءَ سَفَرِهِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ إقَامَةِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَقْطَعُ الْقَصْرَ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي انْتِهَاءِ السَّفَرِ أَوْ ابْتِدَائِهِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي خِلَالِهِ فَلَا تَقْطَعُهُ فَلَهُ الْقَصْرُ إذَا خَلَّلَ سَفَرَهُ بِإِقَامَاتٍ لَمْ يَنْوِهَا فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ فَكُلَّمَا سَافَرَ قَصَرَ وَلَوْ دُونَ الْمَسَافَةِ وَالْأَوْلَى وَنُزُولٌ بِمَكَانٍ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ بِهِ وَلَوْ بِخِلَالِهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ يَنْتَهِي قَصْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَحَلِّهَا وَمَحَلِّ الْإِقَامَةِ الْمَسَافَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَإِذَا سَافَرَ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَصِلَ لِمَحَلِّ الْقَصْرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ وَسَافَرَ عَلَى أَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ عَلَى السَّفَرِ. أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَحَلٍّ وَرَجَعَ عَنْ نِيَّتِهَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ. (إلَّا الْعَسْكَرَ) يَنْوِي الْإِقَامَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ (بِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُخَافُ فِيهِ الْعَدُوُّ، سَوَاءٌ كَانَتْ دَارَ كُفَّارٍ أَوْ مُسْلِمِينَ فَلَا يَنْقَطِعُ قَصْرُهُ. وَأَمَّا الْأَسِيرُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُتِمُّ مَا دَامَ مُقِيمًا بِهَا فَإِنْ هَرَبَ لِلْجَيْشِ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ بِنَاءِ الْبَلَدِ وَلَا بَسَاتِينِهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْجَيْشِ. وَإِنْ هَرَبَ لِغَيْرِ الْجَيْشِ قَصَرَ إنْ عَدَّى الْبَسَاتِينَ أَوْ الْبِنَاءَ عَلَى مَا مَرَّ. وَمَفْهُومُ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّ الْعَسْكَرَ الْمُقِيمَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَخَافُ فِيهِ الْعَدُوَّ يُتِمُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 409 أَوْ الْعِلْمِ بِهَا عَادَةً لَا الْإِقَامَةُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ، وَإِنْ نَوَاهَا بِصَلَاةٍ: شَفَعَ وَلَمْ تَجُزْ حَضَرِيَّةً وَلَا سَفَرِيَّةً، وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ. ، وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ، فَكُلٌّ   [منح الجليل] (أَوْ) أَيْ، وَقَطَعَهُ أَيْضًا (الْعِلْمُ بِهَا) أَيْ إقَامَةُ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَحَلٍّ (عَادَةً) فَيُتِمُّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ عَادَةَ الْحُجَّاجِ إذَا دَخَلُوا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقِيمُونَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَيُتِمُّونَ سَوَاءٌ نَوَوْا الْإِقَامَةَ بِهَا أَمْ لَا، وَاحْتَرَزَ بِالْعِلْمِ عَنْ الشَّكِّ فِيهَا فَلَا يَقْطَعُ الْقَصْرَ (لَا) يَقْطَعُ الْقَصْرَ (الْإِقَامَةُ) الْمُجَرَّدَةُ عَنْ نِيَّتِهَا وَالْعِلْمُ بِهَا عَادَةً كَإِقَامَتِهِ لِحَاجَةٍ يَظُنُّ قَضَاءَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ، فَيَقْصُرُ فِيهَا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ سَفَرُهُ بَلْ (وَإِنْ تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ بَعُدَ وَتَرَاخَى (سَفَرُهُ) بِطُولِ إقَامَتِهِ فَهُوَ كَقَوْلِ الْبَاجِيَّ. وَلَوْ كَثُرَتْ إقَامَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِيَاءِ الْجَرِّ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الْمُجَرَّدَةُ فِي آخِرِ سَفَرِهِ وَفِيهَا نَظَرٌ، لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْإِقَامَةِ الَّتِي فِي آخِرِ سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْحَطّ. أَوْ يَظُنُّ وَلَوْ تَخَلَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا مَعَ الِاحْتِمَالِ. وَسُئِلَ ابْنُ سِرَاجٍ عَنْ مُسَافِرٍ يُقِيمُ فِي بَلَدٍ وَلَا يَدْرِي كَمْ يَجْلِسُ فِيهِ فَهَلْ يَبْقَى عَلَى قَصْرِهِ أَمْ لَا، فَأَجَابَ إنْ كَانَ الْبَلَدُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ قَصَدَ مُدَّةَ إقَامَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي مُنْتَهَاهُ أَتَمَّ فَمَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ (وَإِنْ نَوَاهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ لِلْقَصْرِ (بِصَلَاةٍ) أَيْ فِيهَا أَحْرَمَ بِهَا مَقْصُورَةً قَطَعَهَا إنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً مِنْهَا، وَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا (شَفَعَ) هَا بِأُخْرَى نَدْبًا وَسَلَّمَ. (وَلَمْ تُجْزِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ إنْ أَتَمَّهَا (حَضَرِيَّةً) لِعَدَمِ نِيَّتِهِ (وَلَا سَفَرِيَّةً) لِانْقِطَاعِ قَصْرِهِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ، وَمِثْلُ نِيَّتِهَا إدْخَالُهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ السَّفَرِيَّةِ وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ بِغَلَبَةِ رِيحٍ (وَ) إنْ نَوَاهَا (بَعْدَ) تَمَامِ (هَا) أَيْ الصَّلَاةِ (أَعَادَ) هَا تَامَّةً نَدْبًا (فِي الْوَقْتِ) الْمُخْتَارِ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَرَدُّدٍ قَبْلَهَا فِي الْإِقَامَةِ، فَإِذَا جَزَمَ بِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِيهَا حَالَ صَلَاتِهِ فَاحْتِيطَ لَهُ بِالْإِعَادَةِ. (وَإِنْ اقْتَدَى) شَخْصٌ (مُقِيمٌ) إقَامَةً قَاطِعَةً الْقَصْرَ (بِهِ) أَيْ الْقَاصِرُ (فَكُلٌّ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 410 عَلَى سُنَّتِهِ، وَكُرِهَ كَعَكْسِهِ وَتَأَكَّدَ، وَتَبِعَهُ وَلَمْ يُعِدْ. وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا:   [منح الجليل] مِنْهُمَا (عَلَى سُنَّتِهِ) أَيْ طَرِيقَتِهِ، وَهُوَ إتْمَامُ الْمَأْمُومِ وَقَصْرُ الْإِمَامِ فَلَا يُخَالِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقَتَهُ لِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ لِمُخَالَفَةِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا إلَّا إذَا كَانَ الْمُسَافِرُ فَاضِلًا أَوْ مُسِنًّا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَذَكَرَ مُصْطَفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُرَجَّحٌ. وَشَبَّهَ فِي الْكُرْهِ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ اقْتِدَاءِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ، وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ. (وَتَأَكَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ اشْتَدَّ الْكُرْهُ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ لِلُزُومِ مُخَالَفَةِ الْمُسَافِرِ سُنَّةَ الْقَصْرِ الَّتِي هِيَ أَوْكَدُ مِنْ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. وَلَا كَرَاهَةَ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْجَمَاعَةُ أَوْكَدُ مِنْ الْقَصْرِ (وَتَبِعَهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْمُسَافِرُ إمَامَهُ الْمُقِيمَ فِي الْإِتْمَامِ وُجُوبًا إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً. وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَكَأَنْ أَتَمَّ وَمَأْمُومُهُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ نَوَى الْقَصْرَ، وَأَتَمَّ عَمْدًا، وَفِي قَوْلِهِ، وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ الَّذِي ظَنَّ الْجَمَاعَةَ مُسَافِرِينَ فَنَوَى الْقَصْرَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ. وَأَجَابَ مُصْطَفَى بِأَنَّ نِيَّةَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَمُخَالَفَتَهَا أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْغَاهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَرَّ عَلَى قَوْلٍ فَمَرَّ هُنَا عَلَى اغْتِفَارِهِ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَفِيمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ اغْتِفَارِهِ وَلَا مُعَارَضَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ. (وَلَمْ يُعِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا الْمُسَافِرُ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ تَامَّةً، هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ إعَادَتُهَا مَقْصُورَةً بِوَقْتٍ. فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْمَأْمُومُ الْمُسَافِرُ مَعَ إمَامِهِ الْمُقِيمِ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ، وَأَعَادَهَا بِوَقْتٍ. وَإِنْ كَانَ نَوَى الْقَصْرَ قَصَرَهَا، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لِابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِعَادَةِ. قَالَ: وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ وَالْقَصْرَ سُنَّةٌ وَالْفَضِيلَةُ لَا تَسُدُّ لَهُ مَسَدَّ السُّنَّةِ. اهـ. قَوْلُهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا سُنَّةٌ. (وَإِنْ أَتَمَّ) شَخْصٌ (مُسَافِرٌ) صَلَاتَهُ الرُّبَاعِيَّةَ، وَقَدْ (نَوَى) حِينَ إحْرَامِهِ (إتْمَامًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 411 أَعَادَ بِوَقْتٍ، وَإِنْ سَهْوًا: سَجَدَ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ: كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ إنْ تَبِعَهُ، وَإِلَّا بَطَلَتْ كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا   [منح الجليل] عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (أَعَادَ) نَدْبًا صَلَاتَهُ مَقْصُورَةً إنْ بَقِيَ حُكْمُ الْقَصْرِ وَحَضَرِيَّةً إنْ انْتَهَى قَصْرُهُ (بِوَقْتٍ) وَلَا يَسْجُدُ؛ لِأَنَّ إتْمَامَهُ وَاجِبٌ بِسَبَبِ نِيَّتِهِ (وَإِنْ) نَوَى الْإِتْمَامَ (سَهْوًا) عَنْ كَوْنِهِ مُسَافِرًا أَوْ عَنْ الْقَصْرِ وَأَتَمَّهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا (سَجَدَ) بَعْدَ السَّلَامِ نَظَرًا لِسَهْوِهِ فِي النِّيَّةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يُعِيدُهَا، وَهَذَا ضَعِيفٌ (وَ) الْقَوْلُ (الْأَصَحُّ إعَادَتُهُ) بِوَقْتٍ. وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَمَأْمُومِهِ) تَبَعًا لَهُ (بِوَقْتٍ) وَلَا يَسْجُدُ هَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرَجَعَ إلَيْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ، وَاخْتَارَهَا سَحْنُونٌ بِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ لَكَانَ عَلَيْهِ فِي عَمْدِهِ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ لِتَرْجِيحِ سَحْنُونٍ. (وَ) الْقَوْلُ (الْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ الْوَقْتَ هُنَا (الضَّرُورِيُّ) ، وَقِيلَ الِاخْتِيَارِيُّ فِي جَامِعِ ابْنِ يُونُسَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ كُلِّهِ. وَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ الْوَقْتُ فِي ذَلِكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ. وَمَحَلُّ إعَادَةِ مَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ فِي عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَسُجُودِهِ السَّهْوَ مَعَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَصِحَّةِ صَلَاتِهِ (إنْ اتَّبَعَهُ) فِي الْإِتْمَامِ أَيْ فِي نِيَّةِ الْإِتْمَامِ بِأَنْ نَوَى الْمَأْمُومُ الْإِتْمَامَ كَمَا نَوَاهُ إمَامُهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ بِأَنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ أَحْرَمَ بِهِمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ نَوَى الْإِتْمَامَ فَلَمْ يَتْبَعْهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ إمَامَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا. وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَأَنْ قَصَرَ) الْمُسَافِرُ صَلَاتَهُ (عَمْدًا) مُرَادُهُ بِهِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالسَّهْوِ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ وَالتَّأْوِيلَ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ وَلَوْ سَهْوًا فَتَبْطُلُ فِي الِاثْنَتَيْ عَشَرَ صُورَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 412 وَالسَّاهِي: كَأَحْكَامِ السَّهْوِ، وَكَأَنْ أَتَمَّ، وَمَأْمُومُهُ بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْدًا. وَسَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَفِي الْوَقْتِ، وَسَبَّحَ مَأْمُومُهُ وَلَا يَتْبَعُهُ وَسَلَّمَ الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ، وَأَتَمَّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ أَفْذَاذًا، وَأَعَادَ فَقَطْ بِالْوَقْتِ ، وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا   [منح الجليل] لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ (وَ) الْقَاصِرُ (السَّاهِي) فِي قَصْرِهِ عَنْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ مُطْلَقًا (كَأَحْكَامِ السَّهْوِ) الْحَاصِلُ لِمُقِيمٍ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، فَإِنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ، وَإِنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ جَبَرَهَا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَأَعَادَ بِالْوَقْتِ. كَمُسَافِرٍ أَتَمَّ وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْبُطْلَان مُشَبِّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَأَنْ أَتَمَّ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ صَلَّى الْمُسَافِرُ الرُّبَاعِيَّةَ أَرْبَعًا. (وَ) تَبِعَهُ (مَأْمُومُهُ) فِي الْإِتْمَامِ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِيهِ (بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ) وَمَعْمُولُ أَتَمَّ قَوْلُهُ (عَمْدًا) فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِهِ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ (وَ) إنْ أَتَمَّ (سَهْوًا أَوْ جَهْلًا) ، وَأَوْلَى تَأْوِيلًا وَقَدْ نَوَى الْقَصْرَ (فَ) يُعِيدُ (فِي الْوَقْتِ) وَالتَّأْوِيلُ هُنَا هُوَ مُرَاعَاةُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْأَمْنِ وَتَخْصِيصِهِ بِسَفَرِ الْخَوْفِ مِنْ الْكُفَّارِ كَظَاهِرِ الْآيَةِ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَا تَقْصُرُ وَتَحْتَجُّ بِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَجَمِيعُ الْأَرْضِ وَطَنُهَا أَوْ بِتَفْصِيلِ الْإِتْمَامِ. (وَ) إنْ قَامَ الْإِمَامُ لِلْإِتْمَامِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ (سَبَّحَ مَأْمُومُهُ) إنْ عَلِمَ بِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ (وَ) إنْ تَمَادَى فَ (لَا يَتْبَعُهُ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الْإِتْمَامِ بَلْ يَجْلِسُ لِفَرَاغِهِ مُقِيمًا كَانَ الْمَأْمُومُ أَوْ مُسَافِرًا (وَسَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَأْمُومُهُ (الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (وَأَتَمَّ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (غَيْرُهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ، وَهُوَ الْمُقِيمُ (بَعْدَهُ) أَيْ سَلَامِ الْإِمَامِ حَالَ كَوْنِهِمْ (أَفْذَاذًا) لَا مُؤْتَمِّينَ بِغَيْرِهِ لِامْتِنَاعِ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ (وَأَعَادَ) الْإِمَامُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمَأْمُومِينَ إذْ لَا خَلَلَ فِي صَلَاتِهِمْ لِعَدَمِ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ (بِالْوَقْتِ) وَلَوْ الضَّرُورِيُّ. (وَإِنْ) دَخَلَ مُصَلٍّ مَعَ قَوْمٍ (ظَنَّهُمْ سَفْرًا) بِسُكُونِ الْفَاءِ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافَرَ كَرَكْبٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 413 فَظَهَرَ خِلَافُهُ: أَعَادَ أَبَدًا، إنْ كَانَ مُسَافِرًا: كَعَكْسِهِ. وَفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] وَرَاكِبٍ أَيْ مُسَافِرِينَ نَاوِينَ الْقَصْرَ فَنَوَاهُ (فَظَهَرَ) لَهُ (خِلَافُهُ) ، وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَهُمْ (أَبَدًا إنْ كَانَ) الدَّاخِلُ (مُسَافِرًا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ خَالَفَ إمَامَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا، وَإِنْ أَتَمَّ فَقَدْ خَالَفَهُ نِيَّةً وَخَالَفَ فِعْلُهُ نِيَّةَ نَفْسِهِ هَذَا إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ احْتِمَالُ حُصُولِ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَدْ حَصَلَ شَكٌّ فِي الصِّحَّةِ فَوَجَبَ الْبُطْلَانُ. وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا لَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِإِمَامِهِ نِيَّةً وَفِعْلًا وَمُوَافَقَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ، وَمَفْهُومُ ظَهَرَ خِلَافُهُ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ وِفَاقُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَتَبْطُلُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ وَالْإِعَادَةِ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) ، وَهُوَ ظَنُّهُمْ مُقِيمِينَ فَنَوَى الْإِتْمَامَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَيُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَرَ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ. وَأَمَّا إنْ أَتَمَّ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةُ كَاقْتِدَاءِ مُقِيمٍ بِمُسَافِرٍ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ، وَكَانَتْ خِلَافَ سُنَّتِهِ فَقَدْ عَلَّقَ نِيَّةَ الْإِتْمَامِ عَلَى نِيَّتِهِ مِنْ الْإِمَامِ فَلَمْ يَجْزِمْ النِّيَّةَ، وَشَرْطُهَا الْجَزْمُ وَبَحَثَ فِيهِ بِاقْتِضَائِهِ الْبُطْلَانَ. وَلَوْ ظَهَرَتْ الْمُوَافَقَةُ كَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ بِشَرْطِ أَنَّهُ زَيْدٌ قَالُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ، وَأَمَّا الْمُقِيمُ الْمُقْتَدِي بِمُسَافِرٍ فَنَوَى الْإِتْمَامَ نِيَّةً جَازِمَةً؛ لِأَنَّهُ فَرْضُهُ فَصَحَّتْ صَلَاتُهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُقِيمًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ. (وَفِي) صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ بِ (تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ) مَعًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا بِأَنْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ قَصْرًا وَلَا إتْمَامًا وَعَدَمَهَا (تَرَدُّدٌ) سَوَاءٌ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً أَوْ حَضَرِيَّةً عَلَى الصَّوَابِ. تت هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إذَا دَخَلَ تَارِكًا لِنِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ، وَتَبِعَهُ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 414 وَنُدِبَ: تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ، وَالدُّخُولُ ضُحًى.   [منح الجليل] أَقِفْ عَلَيْهِمَا إمَّا لِاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدُ، وَإِمَّا تَقْلِيدًا لِابْنِ الْحَاجِبِ. الرَّمَاصِيُّ قَرَّرَهُ تت كَمَا تَرَى، وَهُوَ صَحِيحٌ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ رَاشِدٍ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ الثَّالِثَةُ إنْ أَتَمَّ أَوْ قَصَرَ فَفِي الصِّحَّةِ قَوْلَانِ. اهـ. وَمُرَادُهُ بِالثَّالِثَةِ تَرْكُ النِّيَّتَيْنِ إمَّا سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَخَرَّجَا عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ فَرْحُونٍ. وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَرَّرَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ. اهـ. قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا قُلْنَا الْقَصْرُ غَيْرُ فَرْضٍ فَهَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَنْوِيَهُ عِنْدَ عَقْدِ الْإِحْرَامِ حَكَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ أَنَّهُ قَالَ يَصِحُّ أَنْ يَلْتَزِمَ الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، قَالَ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ لَا يَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَعْتَقِدَهُ فِي نِيَّتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. اهـ. وَبَعْضُ أَشْيَاخِهِ هُوَ اللَّخْمِيُّ وَبِعِبَارَةٍ فِي الْمُرَتَّبِ عَلَى الْمُسَافِرِ عِنْدَ تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ خِلَافٌ فَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُخَيَّرُ فِي إتْمَامِهَا، وَقَصْرِهَا إذْ يَجُوزُ الْإِحْرَامُ عِنْدَهُ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ، وَعِنْدَ سَنَدٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ. عج فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي وُجُوبِ حَاضِرَةٍ إنْ تَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَتَخْيِيرُهُ فِيهَا وَفِي صَلَاةِ سَفَرٍ تَرَدُّدٌ لِإِفَادَةِ بَيَانِ مَا يُخَاطَبُ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْقَصْرِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ لَا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ الْعَدَوِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ فَيُتَّفَقُ عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا بَعْدُ إذَا قَصَرَ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الْقَصْرِ عَلَيْهِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ حُكْمًا، وَكَذَا يُقَالُ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عِنْدَ أَوَّلِ صَلَاةٍ ثُمَّ تَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فِيمَا بَعْدَهَا، وَأَتَمَّ اهـ. (وَنُدِبَ) لِلْمُسَافِرِ (تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ) أَيْ الرُّجُوعِ لِوَطَنِهِ عَقِبَ قَضَاءِ وَطَرِهِ وَاسْتِصْحَابُ هَدِيَّةٍ بِقَدْرِ حَالِهِ (وَالدُّخُولُ ضُحًى) أَيْ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَابْتِدَاءُ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ لِتَتَأَهَّبَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 415 وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ، وَإِنْ قَصُرَ وَلَمْ يَجِدَّ، بِلَا كُرْهٍ، وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ: لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ   [منح الجليل] زَوْجَتُهُ لِقُدُومِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ لِئَلَّا يَرَى شَعِثًا يَكْرَهُهُ فَيَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْفِرَاقُ. وَيُكْرَهُ الدُّخُولُ لَيْلًا لِذِي زَوْجَةٍ لَمْ تَعْلَمْ وَقْتَ قُدُومِهِ سَوَاءٌ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَمْ لَا. وَمَنْ عَلِمَ وَقْتَ قُدُومِهِ لَا يُكْرَهُ دُخُولُهُ لَيْلًا كَمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنَهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ» وَالطُّرُوقُ الدُّخُولُ مِنْ بُعْدٍ وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَرَادَ السَّفَرَ أَنْ يَأْتِيَ إخْوَانَهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيُوَدِّعُهُمْ وَلِمَنْ قَدِمَ مِنْهُ أَنْ يَمْكُثَ فِي مَحَلِّهِ وَإِتْيَانُ إخْوَانِهِ إلَيْهِ لِتَهْنِئَتِهِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ. وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ التَّوْدِيعِ أَنْكَرَهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّاجُورِيُّ قَائِلًا لَمْ تَرِدْ فِي السُّنَّةِ، وَقَالَ عج بَلْ وَرَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّ لِجَوَازِهَا. (وَرُخِّصَ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُذِنَ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَوْلَى (لَهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، رَاكِبًا كَانَ أَوْ مَاشِيًا كَمَا فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَخَصَّهُ ابْنُ عِلَاقٍ بِالرَّاكِبِ وَنَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ (جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ) لِمَشَقَّةِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي أَوَّلِ مُخْتَارِهِ بِسَبَبِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ وَصِلَةُ جَمْعُ (بِبَرٍّ) أَيْ فِيهِ لَا فِي بَحْرٍ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا إنْ طَالَ سَفَرُهُ بِأَنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ بَلْ (وَإِنْ قَصُرَ) سَفَرُهُ عَنْهَا لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِصْيَانِ وَاللَّهْوِ بِالسَّفَرِ، فَإِنْ جُمِعَا فَلَا إعَادَةَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْقَصْرِ إنْ جَدَّ فِي سَيْرِهِ لِإِدْرَاكِ أَمْرِ فَوَاتِهِ بَلْ (وَ) إنْ (لَمْ يَجِدَّ) الْمُسَافِرُ فِي سَيْرِهِ (بِلَا كُرْهٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ كَرَاهَةٍ صِلَةُ رُخِّصَ نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (بِشَرْطِ الْجِدِّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الِاجْتِهَادِ فِي السَّيْرِ (لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ) خَشِيَ فَوَاتَهُ كَرُفْقَةٍ أَوْ مَوْسِمٍ أَوْ مَرِيضٍ وَنَصُّهَا وَلَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ إلَّا إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ. وَيَخَافُ فَوَاتَ أَمْرٍ فَيَجْمَعُ وَظَاهِرُهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مُهِمًّا أَمْ لَا، لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ جَوَازُ الْجَمْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ جِدُّهُ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ خَشِيَ فَوَاتَهُ أَمْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَاَلَّذِي حَكَى تَشْهِيرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 416 بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ، وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ، وَبَعْدَهُ: خُيِّرَ فِيهَا، وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا: أَخَّرَهُمَا؛ إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا:   [منح الجليل] وَأَبْدَلَ مَنْ بِبَرٍّ (بِمَنْهَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ. بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ أَصْلُهُ الْمَوْرِدُ ثُمَّ نُقِلَ لِمَكَانِ نُزُولِ الْمُسَافِرِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَاءٌ بَدَلُ بَعْضٍ وَضَمِيرُهُ مُقَدَّرٌ أَيْ مِنْهُ (زَالَتْ) الشَّمْسُ عَلَى الْمُسَافِرِ، وَهُوَ نَازِلٌ (بِهِ) أَيْ الْمَنْهَلِ (وَنَوَى) الِارْتِحَالَ مِنْهُ وَ (النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ) فَيُصَلِّيهِمَا قَبْلَ ارْتِحَالِهِ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي مُخْتَارِهَا وَالْعَصْرُ فِي ضَرُورِيِّهَا الْمُقَدَّمِ الْمُخْتَصِّ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْمَرِيضِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ. (وَ) إنْ نَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ (قَبْلَ الِاصْفِرَارِ) صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَ (أَخَّرَ الْعَصْرَ) وُجُوبًا لِيُصَلِّيَهَا فِي مُخْتَارِهَا، فَإِنْ قَدَّمَهَا مَعَ الظُّهْرِ صَحَّتْ وَنُدِبَتْ إعَادَتُهَا فِي مُخْتَارِهَا بَعْدَ نُزُولِهِ (وَ) إنْ نَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ (بَعْدَ) دُخُولِ (هـ) أَيْ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ (فِيهَا) أَيْ الْعَصْرِ بَيْنَ تَقْدِيمِهَا مَعَ الظُّهْرِ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَتَأْخِيرِهَا إلَى الِاصْفِرَارِ؛ لِأَنَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ عَلَيْهِمَا. وَلَكِنْ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا؛ لِأَنَّ الِاصْفِرَارَ ضَرُورِيٌّ لِكُلِّ مَعْذُورٍ إنْ أَخَّرَهَا فَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا لِكَرَاهَةِ الْأَذَانِ فِي الضَّرُورِيِّ، وَإِنْ قَدَّمَهَا أُذِنَّ لَهَا تَبَعًا لِلظُّهْرِ فَهُوَ اخْتِيَارِيٌّ حُكْمًا. (إنْ زَالَتْ) الشَّمْسُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (رَاكِبًا) أَيْ سَائِرًا رَاكِبًا كَانَ أَوْ مَاشِيًا عَلَى مَا فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَخَّرَهُمَا) أَيْ الظُّهْرَيْنِ حَتَّى يَنْزِلَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا الظُّهْرَ فِي آخِرِ مُخْتَارِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ مُخْتَارِهَا، وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ، وَإِنْ قَدَّمَهُمَا صَحَّتْ الْعَصْرُ وَنُدِبَ إعَادَتُهَا بَعْدَ النُّزُولِ (إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ) أَيْ النُّزُولَ فِيهِ (أَوْ) نَوَى النُّزُولَ (قَبْلَهُ) أَيْ الِاصْفِرَارِ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ بِأَنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ (فَ) يُصَلِّيهِمَا (فِي وَقْتَيْهِمَا) الْمُخْتَارَيْنِ الظُّهْرَ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى وَالْعَصْرَ أَوَّلَ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ، الجزء: 1 ¦ الصفحة: 417 كَمَنْ لَا يُضْبَطُ نُزُولُهُ وَكَالْمَبْطُونِ، وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ، وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] وَيُسَمَّى جَمْعًا صُورِيًّا أَيْ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْحَقِيقَةِ لِإِيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، وَالْجَمْعُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ قَرْنُهُمَا مَعَ كَوْنِ إحْدَاهُمَا فِي غَيْرِ مُخْتَارِهَا مُقَدَّمَةً أَوْ مُؤَخَّرَةً عَنْهُ. وَشَبَّهَ فِي فِعْلِهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا فَقَالَ (كَمَنْ) أَيْ مُسَافِرٍ زَالَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَاكِبٌ حَالَ كَوْنِهِ (لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ) أَيْ لَا يَدْرِي هَلْ يَنْزِلُ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى وَالْعَصْرَ أَوَّلَ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ زَالَتْ عَلَى مَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ، وَهُوَ نَازِلٌ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي فِعْلِهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (، وَكَالْمَبْطُونِ) أَيْ الْمَرِيضِ بِبَطْنِهِ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ (وَلِ) لِشَخْصِ ا (الصَّحِيحِ) السَّالِمِ مِنْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ (فِعْلُهُ) أَيْ الْجَمْعِ الصُّورِيِّ لَكِنْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ. (وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ) أَيْ الظُّهْرَيْنِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَنْزِيلِ الْغُرُوبِ مَنْزِلَةَ الزَّوَالِ، وَالثُّلُثِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَالثُّلُثِ الثَّانِي إلَى الْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الِاصْفِرَارِ، وَالْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ، وَعَلَيْهِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ قَدَّمَهُمَا قَبْلَ ارْتِحَالِهِ. وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ عَقِبَ الشَّفَقِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ، وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثَيْنِ الْآخَرَيْنِ خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ. وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَائِرٌ وَنَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَخَّرَهُمَا. وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَهُمَا فِي وَقْتَيْهِمَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِامْتِدَادِ مُخْتَارِ الْمَغْرِبِ إلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ، وَلَهُ قُوَّةٌ خُصُوصًا فِي السَّفَرِ أَوَّلِيًّا كَذَلِكَ، فَلَا يَجْمَعُهُمَا بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي مُخْتَارِهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ، فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا فِيمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا. وَأَمَّا مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ سَائِرًا فَهُمَا كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ بِاتِّفَاقٍ. وَالرَّاجِحُ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ. وَلَفْظُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي الْجَمْعِ عِنْدَ الِارْتِحَالِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ مُسَاوٍ فَقِيلَ إنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ. وَقِيلَ خِلَافٌ. اهـ. وَعَزَا ابْنُ بَشِيرٍ الْأَوَّلَ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالثَّانِيَ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ هَارُونَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 418 وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ، وَالنَّافِضِ وَالْمَيْدِ، وَإِنْ سَلِمَ أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ؛ أَعَادَ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ   [منح الجليل] (وَقَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا جَوَازًا. وَقِيلَ نَدْبًا الْعَصْرُ مَعَ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءُ مَعَ الْمَغْرِبِ شَخْصٌ (خَائِفُ) حُصُولِ (الْإِغْمَاءِ) أَيْ اسْتِتَارِ الْعَقْلِ بِالْمَرَضِ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ إلَى آخِرِهِ. (وَ) خَائِفُ الْحُمَّى (النَّافِضِ) كَذَلِكَ (وَ) خَائِفُ (الْمَيْدِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ الدَّوْخَةِ إنْ قَامَ كَذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُمْنَعُ التَّقْدِيمُ وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ بِوَقْتِهَا بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا سَقَطَتْ عَنْهُ وَاسْتُظْهِرَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِغْرَاقِ إغْمَائِهِ الْوَقْتَ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى التَّقْدِيمِ كَخَوْفِ الْحَيْضِ وَالْمَوْتِ فَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ التَّقْدِيمُ. وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَيْضَ وَالْمَوْتَ يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ قَطْعًا، وَفِي إسْقَاطِ الْإِغْمَاءِ خِلَافٌ وَبِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَيْضِ الِاسْتِغْرَاقُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَفِي هَذَا أَنَّهُ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ، فَإِنْ قَدَّمَ وَحَصَلَ مَا خِيفَ مِنْهُ فَظَاهِرٌ. (وَإِنْ سَلِمَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْمَخُوفُ أَعَادَ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ فِي التَّوْضِيحِ إذَا جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِلْخَوْفِ عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ، فَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُعِيدُ الْأَخِيرَةَ. سَنَدٌ يُرِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يُعِيدُ فَسَقَطَ قَوْلُ الْمَوَّاقِ الَّذِي فِي نَصِّ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ إنْ سَلِمَ أَعَادَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا خِلَافَ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (أَوْ قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُسَافِرُ الَّذِي زَالَتْ أَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَازِلٌ ثَانِيَةَ الظُّهْرَيْنِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ مَعَ أُولَاهُمَا لِنِيَّتِهِ الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (وَلَمْ يَرْتَحِلْ) فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ لِمَانِعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِوَقْتٍ. (أَوْ) الْمُسَافِرُ الَّذِي (ارْتَحَلَ) أَيْ سَارَ (قَبْلَ الزَّوَالِ) ، وَأَدْرَكَهُ الزَّوَالُ سَائِرًا (وَنَزَلَ عِنْدَهُ) أَيْ الزَّوَالِ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ الْإِقَامَةِ إلَى الْغُرُوبِ وَالِارْتِحَالِ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَظَنَّ جَوَازَ الْجَمْعِ جَهْلًا (فَجَمَعَ) الظُّهْرَيْنِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ (أَعَادَ) نَدْبًا الصَّلَاةَ (الثَّانِيَةَ) ، وَهِيَ الْعَصْرُ أَوْ الْعِشَاءُ (فِي الْوَقْتِ) وَلَوْ الضَّرُورِيَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 419 وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِمَطَرٍ أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ   [منح الجليل] فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إنْ كَانَ نَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا جَمْعُهُ نَاوِيًا الِارْتِحَالَ بَعْدَ الْجَمْعِ لِجِدِّ السَّيْرِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَلَا يَرْتَحِلُ، وَالثَّانِيَةُ جَمْعُهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي الِارْتِحَالِ بَعْدَهُ سَوَاءٌ نَوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَصْلًا لَكِنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ السَّفَرَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ لَهُ، فَفِي الْأُولَى لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْعَيْنِ. وَفِي الثَّانِيَةِ يُعِيدُ الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا كُلُّهُ يُفْهَمُ مِنْ نَقْلِ الْحَطّ، فَإِنْ حُمِلَ الْفَرْعَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ سَقَطَ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ بِمُرُورِهِ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ. (وَ) رُخِّصَ نَدْبًا لِمَزِيدِ الْمَشَقَّةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي مُخْتَارِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ (فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ (فَقَطْ) أَيْ لَا الظُّهْرَيْنِ لِعَدَمِ مَزِيدِ الْمَشَقَّةِ فِي صَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُخْتَارِهَا غَالِبًا وَصِلَةُ جَمْعِ (بِكُلِّ مَسْجِدٍ) خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمَنْ خَصَّ بِهِ وَبِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدِ جُمُعَةٍ أَوْ خُصَّا لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ هَكَذَا الشَّرْعُ، وَالْعَمَلُ وَلَيْسَ اجْتِهَادِيًّا فَلَا يُقَالُ فِيهِ تَقْدِيمُ وَسِيلَةِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى وَاجِبِ الْوَقْتِ وَوَسِيلَةُ السُّنَّةِ سُنَّةٌ عَلَى أَنَّهَا وَسِيلَةٌ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ لِإِمْكَانِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْبُيُوتِ بَعْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ. وَقَدْ وَرَدَ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَنَظِيرُ هَذَا مَا سَبَقَ مِنْ الْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ الْمَنْدُوبَةِ فِي السَّعْيِ لِلصَّلَاةِ. وَلَوْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ الْوَاجِبَةُ فَإِنَّا مُتَعَبَّدُونَ بِمَا نُؤْمَرُ وَصِلَةُ جَمْعِ (لِمَطَرٍ) أَوْ بَرَدٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاقِعٌ أَوْ مُتَوَقَّعٌ بِعَلَامَةٍ مُعْتَادَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّلْجَ الْكَثِيرَ الَّذِي يَتَعَسَّرُ نَقْضُهُ كَالْمَطَرِ. وَسُئِلَ عَنْهُ ابْنُ سِرَاجٍ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ نَصًّا. وَإِنْ جَمَعُوا لِتَوَقُّعِ الْمَطَرِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي إعَادَةُ الْعِشَاءِ فِي وَقْتِهَا كَمَسْأَلَةِ، وَإِنْ سَلِمَ أَعَادَ بِوَقْتٍ. (أَوْ) لِ (طِينٍ) كَثِيرٍ يَحْمِلُ أَوْسَطَ النَّاسِ عَلَى خَلْعِ الْمَدَاسِ وَلَوْ لَمْ يَعُمَّ الطُّرُقَ فَيَجُوزُ لِمَنْ لَيْسَ فِي طَرِيقِهِ الْجَمْعُ، تَبَعًا لِمَنْ هُوَ فِي طَرِيقِهِ عَلَى الظَّاهِرِ (مَعَ ظُلْمَةٍ) لِآخِرِ شَهْرٍ لَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 420 لَا طِينٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أُذِّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ، وَأُخِّرَ قَلِيلًا، ثُمَّ صُلِّيَا وِلَاءً: إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ، وَإِقَامَةٍ، وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا. وَلَمْ يَمْنَعْهُ،   [منح الجليل] لِغَيْمٍ لِاحْتِمَالِ زَوَالِهَا بِسُرْعَةٍ (لَا لِطِينٍ) فَقَطْ وَلَوْ مَعَ شِدَّةِ رِيحٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ ظُلْمَةٍ) فَقَطْ اتِّفَاقًا وَلَوْ مَعَ رِيحٍ شَدِيدٍ (أُذِنَّ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلَةٍ أَوْ بِفَتْحَتِهِمَا كَذَلِكَ (لِلْمَغْرِبِ كَ) أَذَانِ (الْعَادَةِ) فِي كَوْنِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ عَلَى الْمَنَارِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ. (وَأُخِّرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً صَلَاةُ الْمَغْرِبِ نَدْبًا تَأْخِيرًا أَوْ زَمَنًا (قَلِيلًا) لِقَدْرِ ثَلَاثِ الرَّكَعَاتِ الْمُخْتَصِّ بِالْمَغْرِبِ فَتُصَلَّى الْمُشْتَرَكَتَانِ اللَّتَانِ صَارَتَا لِجَمْعِهِمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْوَقْتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا، فَانْدَفَعَ تَصْوِيبُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ بِعَدَمِ التَّأْخِيرِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ، وَفِيهِ إخْرَاجُ الْمَغْرِبِ عَنْ مُخْتَارِهَا وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِنَدْبِ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ قَلِيلًا فِي جَمْعِهَا مَعَ الْعَصْرِ فِي السَّفَرِ رِفْقًا بِالْمُسَافِرِ. (ثُمَّ صُلِّيَا) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثْقَلَةً أَيْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ (وِلَاءً) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودًا أَيْ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا (إلَّا قَدْرَ) فِعْلِ (أَذَانٍ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَمَاعَةٍ لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا بِصَوْتٍ (مُنْخَفِضٍ) لِلسُّنَّةِ وَلَا يُسْقِطُ سُنَّةَ الْأَذَانِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ، وَصِلَةُ أَذَانٍ (بِمَسْجِدٍ) أَيْ فِيهِ لَا عَلَى الْمَنَارِ لِئَلَّا يُشَكِّكَ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوْ أَفْطَرَ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيُعِيدُ صَلَاتَهَا وَيَقْضِي صَوْمَهُ إنْ كَانَ فَرْضًا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَمَامَ مِحْرَابِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِصِحَّتِهِ (وَإِقَامَةٍ) عَطْفٌ عَلَى أَذَانٍ. (وَلَا تَنَفُّلَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالنُّونِ وَضَمُّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً مَشْرُوعٌ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِصَيْرُورَتِهِمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ. وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ يَمْنَعُ الْفَصْلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِنَفْلٍ. وَكَذَا بِكَلَامٍ الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ فِيهِمَا إذْ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ، وَسَوَاءٌ جَمْعُ التَّقْدِيمِ وَجَمْعُ التَّأْخِيرِ (وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا؛ لِأَنَّ لَمْ لِلنَّفْيِ فِي الْمَاضِي وَالْفَقِيهُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (يَمْنَعْهُ) أَيْ التَّنَفُّلَ بَيْنَهُمَا الْجَمْعُ إنْ وَقَعَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَلَوْ شَكًّا فَيَمْنَعُهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 421 وَلَا بَعْدَهُمَا. وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ، يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ. وَلِمُعْتَكِفٍ بِمَسْجِدٍ: كَأَنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ،   [منح الجليل] (وَلَا) تَنَفُّلَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ أَيْ يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَمْعِ انْصِرَافُ النَّاسِ فِي الضَّوْءِ وَالتَّنَفُّلُ بَعْدَهُمَا قَدْ يُفَوِّتُ هَذَا الْفَرْضَ، فَإِنْ جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ فَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا عَلَى الظَّاهِرِ، وَسَمِعَ ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ لَا يُعِيدُونَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إنْ جَلَسُوا فِيهِ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ أَعَادُوا وَإِلَّا فَلَا. (وَجَازَ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِلْمَطَرِ وَنَحْوَهُ (لِ) شَخْصٍ (مُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ) عَنْ جَمَاعَةٍ الْجَمْعُ وَلَوْ صَلَّاهَا مَعَ جَمَاعَةٍ صَلَّاهَا آخَرِينَ حَالَ كَوْنِهِ (يَجِدُهُمْ) أَيْ الْمُنْفَرِدُ جَمَاعَةَ الْجَمْعِ مُتَلَبِّسِينَ (بِ) صَلَاةِ (الْعِشَاءِ) فَيَدْخُلُ مَعَهُمْ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ رَكْعَةً وَعَبَّرَ بِالْجَوَازِ، وَإِنْ نُدِبَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ، وَمَفْهُومُ مُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْعِشَاءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ شَرْطًا، وَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ فِي الْمَسْجِدِ لِامْتِنَاعِ الصَّلَاةِ بِهِ مَعَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَيُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ. وَبَنَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا الْجَوَازَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تُجْزِي عِنْدَ الثَّانِيَةِ، وَبَنَوْا عَلَى مُقَابِلِهِ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَا إنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى. (وَ) جَازَ الْجَمْعُ أَيْ نُدِبَ (لِ) شَخْصٍ (مُعْتَكِفٍ) وَمُجَاوِرٍ غَرِيبٍ (بِمَسْجِدٍ) تَبَعًا لَهُمْ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ أَوْ الْمُجَاوِرُ إمَامًا رَاتِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامَةِ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُنِيبَ مَنْ يَؤُمُّهُمْ إذَا كَانَ فِيهِمْ صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُهُ، وَإِلَّا صَلَّى بِهِمْ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَافُ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ) فِي الْمَغْرِبِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ، وَلَوْ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يُعِدْ وَمَفْهُومُ بَعْدَ الشُّرُوعِ أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَطَرِ، وَإِنْ وُجِدَ طِينٌ كَثِيرٌ مَعَ ظُلْمَةٍ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 422 لَا إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخَّرُ لِلشَّفَقِ، إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَلَا إنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى، وَلَا الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا وَلَا مُفْرَدٌ بِمَسْجِدٍ: كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَج عَلَيْهِ.   [منح الجليل] (لَا) يَجُوزُ الْجَمْعُ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ (إنْ) وَجَدَهُمْ قَدْ (فَرَغُوا) أَيْ جَمَاعَةُ الْجَمْعِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ وَجَدَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْأَوَّلَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَإِذَا هُوَ الْأَخِيرُ وَجَبَ الشَّفْعُ إذْ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ الْجَمَاعَةُ وَحِينَئِذٍ فَ (يُؤَخِّرُ) الْعِشَاءَ وُجُوبًا (لِ) مَغِيبِ ا (لشَّفَقِ إلَّا بِ) أَحَدِ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، وَأَزْكَى السَّلَامِ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِالشَّامِ، فَإِنَّ الْمُنْفَرِدَ بِالْمَغْرِبِ الَّذِي وَجَدَهُمْ فَرَغُوا يُصَلِّي فِيهِ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا فَلَهُ الْجَمْعُ بِهَا مُنْفَرِدَ الْعِظَمِ فَضْلُ فَذِّهَا عَلَى جَمَاعَةِ غَيْرِهَا. (وَلَا) يَجُوزُ الْجَمْعُ (إنْ حَدَثَ السَّبَبُ) مِنْ مَطَرٍ أَوْ سَفَرٍ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي (الْأُولَى) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى، وَهُوَ الرَّاجِحُ، لَكِنْ إنْ جَمَعُوا فَلَا يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا مَرَّ (وَلَا) تَجْمَعُ (الْمَرْأَةُ) لَا الرَّجُلُ (الضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا) الْمُجَاوِرِ لِلْمَسْجِدِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي عَدَمِ الْجَمْعِ، فَإِنْ جَمَعَا تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا تَبَعًا لَهُمْ، وَمَفْهُومُ بِبَيْتِهِمَا جَوَازُ جَمْعِهِمَا بِالْمَسْجِدِ تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَلَا) يَجْمَعُ (مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ) وَيَنْصَرِفُ لِبَيْتِهِ وَيُصَلِّي فِيهِ الْعِشَاءَ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا لَهُ مَنْزِلٌ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ فَيَجْمَعُ وَحْدَهُ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ وَالْجَمْعَ وَيَنْصَرِفُ لِمَنْزِلِهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقِيمًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجْمَعُ وَحْدَهُ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَمْعِ فَقَالَ (كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ) أَيْ لَا مَشَقَّةَ (عَلَيْهِمْ) فِي فِعْلِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي مُخْتَارِهَا كَأَهْلِ الزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ أَوْ تُرْبَةٍ فَلَا يَجْمَعُونَ إلَّا تَبَعًا لِمَنْ يَأْتِي لِلصَّلَاةِ مَعَهُمْ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَازِلُ يَنْصَرِفُونَ إلَيْهَا، وَإِلَّا نُدِبَ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا قَالَهُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 423 (فَصْلٌ) شَرْطُ الْجُمُعَةِ: وُقُوعُ كُلِّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ لِلْغُرُوبِ، وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً   [منح الجليل] وَأَفْتَى الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَدَارِسِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَسْجِدِ يُنْدَبُ لَهُمْ الْجَمْعُ فِي الْمَسْجِدِ اسْتِقْلَالًا. وَإِنَّ السَّاكِنَ بِهَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِهِ إمَامًا؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمُعْتَكِفِ، بَلْ هُمْ جِيرَانُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجْمَعُ جَارُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَبَعِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ، وَدَلِيلُهُ مَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ إمَامًا وَحُجْرَتُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ وَلَهَا خَوْخَةٌ» . إلَيْهِ الْبُنَانِيُّ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ قَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْ الْمَسْجِدِ إنَّمَا يَجْمَعُ تَبَعًا لِلْبَعِيدِ، وَنَصُّهُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ الْجَمْعُ لِقَرِيبِ الدَّارِ وَالْمُعْتَكِفِ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. اهـ. قُلْت لَيْسَ فِي نَصِّ ابْنِ يُونُسَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ لَا يَجْمَعُ إلَّا تَبَعًا، وَإِنَّمَا عَلَّلَ بِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ، وَهِيَ الْعِلَّةُ فِي جَمْعِ الْبَعِيدِ أَيْضًا، وَأَيْضًا عَلَى فَرْضِ أَنَّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضْلًا عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فَصْل فِي بَيَان شُرُوط الْجُمُعَةَ وَسُنَنهَا وَمَنْدُوبَاتهَا وَمَكْرُوهَاتهَا وَمُسْقِطَاتهَا] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَا يُنَاسِبُهَا (شَرْطُ) صِحَّةِ صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا، وَكَسْرُهَا (وُقُوعُ) هَا (كُلِّهَا) فَكُلُّ تَوْكِيدٌ لِمَحْذُوفٍ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ كُلًّا الْمُضَافَ لِلضَّمِيرِ يَلْزَمُ الِابْتِدَاءُ أَوْ التَّوْكِيدُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِعَامِلٍ لَفْظِيٍّ، وَحَذْفُ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ أَجَازَهُ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَالصَّفَّارُ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْأَخْفَشُ وَابْنُ جِنِّيٍّ وَابْنُ مَالِكٍ لِمُنَافَاةِ الْحَذْفِ التَّوْكِيدَ. وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ الْإِضَافَةُ فَنَخْلُصُ مِنْ ضَعِيفٍ بِضَعِيفٍ أَيْ جَمِيعِهَا (بِالْخُطْبَةِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَعَهَا وَالْمُرَادُ جِنْسُهَا الْمُتَحَقِّقُ فِي خُطْبَتَيْنِ، وَصِلَةُ وُقُوعُ (وَقْتَ الظُّهْرِ) مِنْ الزَّوَالِ (لِلْغُرُوبِ، وَهَلْ) مَحَلُّ صِحَّتِهَا إنْ وَقَعَتْ مَعَ خُطْبَتَيْهَا وَقْتَ الظُّهْرِ (إنْ أَدْرَكَ) أَيْ بَقِيَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ مَا يُدْرِكُ فِيهِ (رَكْعَةً الجزء: 1 ¦ الصفحة: 424 مِنْ الْعَصْرِ؟ وَصُحِّحَ، أَوْ لَا: رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا: بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ   [منح الجليل] مِنْ الْعَصْرِ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَتَتَعَيَّنُ صَلَاةُ الظُّهْرِ. (وَصُحِّحَ) هَذَا الْقَوْلُ، وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، بِضَمِّ الصَّادِ، وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ صَحَّحَهُ عِيَاضٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ أَيْ لِقُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ (أَوْ لَا) يُشْتَرَطُ بَقَاءُ رَكْعَةٍ لِلْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَهُوَ الرَّاجِحُ. فَقَوْلُهُ لِغُرُوبٍ عَلَى هَذَا أَيْ حَقِيقَةً، وَهَذَا عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْوَقْتِ إذَا ضَاقَ بِالْأَخِيرَةِ وَصَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ الْمُعْتَمَدَ. ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ كَمَا هُوَ إصْلَاحُهُ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ قَوْلَهُ لِلْغُرُوبِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأُصُولِيِّينَ. وَعَلَى كُلٍّ لَا يُقَالُ جَزْمُهُ بِهِ أَوَّلًا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ بَعْدَهُ وَالْجُمُعَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ كَالظُّهْرِ فِي الْمُخْتَارِ وَالضَّرُورِيِّ، فَلَيْسَ جَمِيعُهُ مُخْتَارًا لَهَا فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ قَوْلَانِ (رُوِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ لَهَا، وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ. وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ. عِيَاضٌ هَذَا أَصَحُّ، وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا أَبُو بَكْرٍ التُّونُسِيُّ فَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً، وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ ذَلِكَ بَنَى، وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا، وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُعْتَقِدًا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِرَكْعَتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةٌ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَلَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ، هَذَا الَّذِي ارْتَضَاهُ مُصْطَفَى. (بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) أَيْ سُكْنَاهُ لَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ مِنْهُ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فَذِكْرُهُ هُنَا مَعَ شُرُوطِ الصِّحَّةِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْهَا وَلَيْسَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 425 أَوْ أَخْصَاصٍ، لَا خِيَمٍ وَبِجَامِعٍ مَبْنِيٍّ   [منح الجليل] كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ، وَاسْتِيطَانٌ بِمَعْنَى مُسْتَوْطَنٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَإِضَافَتُهُ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ وُقُوعُهَا فِي بَلَدٍ مُسْتَوْطَنٍ، وَهَذَا شَرْطُ صِحَّةٍ وَالْآتِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ هُوَ اسْتِيطَانُ الشَّخْصِ، فَإِذَا اسْتَوْطَنَ جَمَاعَةً تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ بَلَدًا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا إيقَاعُهَا فِي الْبَلَدِ الْمُسْتَوْطَنِ، فَإِنْ وَقَعَتْ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ، وَإِذَا أَخَذَ الْكُفَّارُ بَلَدَ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ وَصَارَ تَحْتَ حُكْمِهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ. (أَوْ) اسْتِيطَانُ (أَخْصَاصٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خُصٍّ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ بَيْتٍ مِنْ نَحْوِ قَصَبٍ فَارِسِيٍّ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ (لَا) الْجُمُعَةُ بِاسْتِيطَانِ (خِيَمٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ خَيْمَةٍ بَيْتٌ مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا التَّحْوِيلُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ فَهِيَ كَالسُّفُنِ. نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ وَجَبَتْ عَلَى أَهْلِهَا الْجُمُعَةُ فِي الْجَامِعِ تَبَعًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّونَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِهِمْ. (وَ) شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا (بِجَامِعٍ) أَيْ فِيهِ مِنْ الْإِمَامِ وَالِاثْنَا عَشَرَ (مَبْنِيٍّ) بِنَاءً مُعْتَادًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَلَوْ خُصًّا لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ فَلَا تَصِحُّ فِي أَرْضٍ خَالِيَةٍ عَنْ الْبِنَاءِ وَلَوْ حُوِّطَتْ بِأَحْجَارٍ وَنَحْوِهَا، أَوْ مَبْنِيَّةٍ بِبِنَاءٍ أَدْنَى مِنْ الْبِنَاءِ الْمُعْتَادِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ كَخُصٍّ لِأَهْلِ بَلَدٍ أَوْ مَبْنِيٍّ بِطُوبٍ نِيءٍ لِمَنْ عَادَتُهُمْ الْبِنَاءُ بِالْحَجَرِ، أَوْ الطُّوبِ الْمَحْرُوقِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُتَّصِلًا بِالْبَلَدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ يَنْعَكِسُ عَلَيْهِ دُخَّانُهَا وَحَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَوْ بَاعًا، فَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ فِيهِ إنْ كَانَ كَذَلِكَ مِنْ إنْشَائِهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَانْهَدَمَ مَا بَيْنَهُمَا وَصَارَ بَعِيدًا عَنْهَا صَحَّتْ فِيهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَقِيلَ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا كَالْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا بُنِيَ وَسُقِّفَ إذْ قَدْ يُعْدَمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا تَجِبُ، فَصَحَّ كَوْنُهُ شَرْطَ وُجُوبٍ إذْ لَزِمَ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ، وَإِذَا وُجِدَ فَلَا تَصِحُّ إلَّا فِيهِ فَصَحَّ كَوْنُهُ شَرْطَ صِحَّةٍ أَيْضًا فَلِذَا أَفْتَى الْبَاجِيَّ أَهْلَ قَرْيَةٍ انْهَدَمَ مَسْجِدُهُمْ وَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 426 مُتَّحِدٍ. وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً.   [منح الجليل] لَهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهِ، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَعُودُ غَيْرَ مَسْجِدٍ بِهَدْمِهِ، وَإِنْ تَوَقَّفَتْ مَسْجِدِيَّتُهُ ابْتِدَاءً عَلَى بِنَائِهِ. وَقِيلَ الْمَسْجِدُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ شَرْطُ صِحَّةٍ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهِ وَتَحْبِيسِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا يُعْدَمُ مَوْضِعٌ يَصِحُّ اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا. وَحِينَئِذٍ فَمَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَطْ (مُتَّحِدٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا تَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ. (وَالْجُمُعَةُ) الصَّحِيحَةُ (لِ) لِجَامِعِ ا (لِعَتِيقِ) أَيْ الَّذِي صُلِّيَتْ فِيهِ قَبْلَ غَيْرِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ بِنَاؤُهُ عَنْ غَيْرِهِ إنْ تَقَدَّمَ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى أَدَائِهَا فِي الْجَدِيدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى أَيْضًا بَلْ (وَإِنْ تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْعَتِيقُ (أَدَاءً) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي الْعَتِيقِ عَنْ أَدَائِهَا فِي الْجَدِيدِ فَهِيَ فِي الْجَدِيدِ بَاطِلَةٌ وَصَحِيحَةٌ فِي الْعَتِيقِ مَا لَمْ يُهْجَرْ الْعَتِيقُ، فَإِنْ هُجِرَ وَصُلِّيَتْ فِي الْجَدِيدِ وَحْدَهُ صَحَّتْ فِيهِ مَا دَامَ الْعَتِيقُ مَهْجُورًا، فَإِنْ صُلِّيَتْ فِيهِ بَطَلَتْ فِي الْجَدِيدِ إلَّا أَنْ يَتَنَاسَى الْعَتِيقُ بِالْمَرَّةِ فَتَكُونُ الْجُمُعَةُ لِلثَّانِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ هُجِرَ الْعَتِيقُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ دَخَلُوا عَلَى دَوَامِ هَجْرِهِ أَمْ لَا وَمَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِصِحَّتِهَا بِالْجَدِيدِ تَبَعًا بِحُكْمِهِ بِلُزُومِ نَحْوِ عِتْقٍ مُعَلَّقٍ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ إنْ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَصُلِّيَتْ فِيهِ مَعَ صَلَاتِهَا فِي الْعَتِيقِ، فَذَهَبَ الرَّقِيقُ إلَى الْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ فَحَكَمَ بِلُزُومِ عِتْقِهِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ الْعَتِيقِ فِي مَذْهَبِهِ فَسَرَى حُكْمُهُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا عِتْقُهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُعَلَّقِ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَصَحَّتْ عِنْدَنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِرَفْعِ الْخِلَافِ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ مِنْ بَانِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ، وَلَا يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ صَرَاحَةً؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ اسْتِقْلَالًا، وَيَدْخُلُهَا تَبَعًا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ يَدْخُلُهَا اسْتِقْلَالًا وَمَا لَمْ يَحْتَاجُوا لِصَلَاتِهَا بِالْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَوْسِعَتِهِ لِمُلَاصَقَتِهِ لِجَبَلٍ أَوْ بَحْرٍ، أَوْ أَدَاءُ تَوْسِعَتِهِ لِتَخْلِيطٍ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ إنْ اجْتَمَعُوا فِي الْعَتِيقِ يَقْتَتِلُونَ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ حَاكِمٌ، فَإِنْ زَالَتْ الْعَدَاوَةُ أَوْ مَنَعَهُمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 427 لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ، وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ، وَقَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ، وَإِقَامَةِ الْخَمْسِ: تَرَدُّدٌ، وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ،   [منح الجليل] حَاكِمٌ مِنْ الْقِتَالِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْعَتِيقِ، فَإِنْ عَادَتْ الْعَدَاوَةُ أَوْ ارْتَفَعَ الْحُكْمُ صَحَّتْ فِي الْجَدِيدِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا (لَا) تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِي جَامِعٍ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (بِنَاءٍ خَفَّ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ قَلَّ وَنَقَصَ عَنْ بِنَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُعْتَادِ عَطْفٌ عَلَى مِقْدَارِ أَيْ ذِي بِنَاءٍ مُعْتَادٍ. (وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ سَقْفُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ لَا نَحْوِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ تَرَدُّدٌ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ فِي دَوَامِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا ابْتِدَاءً إلَّا إذَا كَانَ مَسْقُوفًا فَإِذَا هُدِمَ وَزَالَ سَقْفُهُ فَهَلْ تَزُولُ عَنْهُ الْمَسْجِدِيَّةُ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ سَالِمٌ وتت وعج أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْحَطّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا. (وَ) فِي اشْتِرَاطِ (قَصْدِ تَأْبِيدِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (بِهِ) أَيْ الْجَامِعِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ تَرَدُّدٌ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ قَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ نُقِلَتْ مِنْ مَسْجِدٍ لِآخَرَ أَمَّا إنْ أُقِيمَتْ فِيهِ ابْتِدَاءً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَهُ بِأَنْ قَصَدُوا التَّأْبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا مِنْهُمَا (وَ) فِي اشْتِرَاطِ (إقَامَةِ) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ بِهِ) أَيْ الْجَامِعِ لِصِحَّتِهِمَا بِهِ فَإِنْ بُنِيَ لِلْجُمُعَةِ خَاصَّةً أَوْ تَعَطَّلَتْ الْخَمْسُ بِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (تَرَدُّدٌ) فِي الْحُكْمِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِينَ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الشِّقَّ الثَّانِيَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَذْهَبِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ فِيهِ لِاشْتِرَاطِ ابْنِ بَشِيرٍ وَسُكُوتِ غَيْرِهِ عَنْهُ، فَنَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ إذْ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ. (وَصَحَّتْ) الْجُمُعَةُ مِنْ مَأْمُومٍ لَا إمَامٍ فَشَرْطُ صِحَّتِهَا خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ فِي الْجَامِعِ، وَلَوْ ضَاقَ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ، وَصِحَّتُهَا فِي غَيْرِهِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِمَنْ فِيهِ وَالْمَتْبُوعُ لَا يَكُونُ تَابِعًا (بِرَحْبَتِهِ) أَيْ مَا زِيدَ خَارِجَ سُوَرِ الْجَامِعِ الْمُحِيطِ بِهِ لِتَوْسِعَتِهِ كَالْمُحِيطِ بِقُبَّةِ جَامِعِ مُحَمَّدٍ بِيكْ الْمُقَابِلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 428 وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ إنْ ضَاقَ، أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ. لَا انْتَفَيَا:   [منح الجليل] لِلْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِالْقَاهِرَةِ وَبِقُبَّةِ السُّنِّيَّةِ بِبُولَاقَ، وَلَيْسَ لِلْأَزْهَرِ رَحْبَةٌ. (وَ) بِ (طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ) بِالْجَامِعِ بِلَا حَائِلٍ مِنْ بُيُوتٍ وَحَوَانِيتَ وَلَا حَدَّ لَهَا وَلَوْ طَالَتْ كَمِيلَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسَاوِيَةً لِلْمَسْجِدِ أَوْ كَوْنِهِ مُرْتَفِعًا عَنْهَا بِحَيْثُ يَصْعَدُ إلَيْهِ بِدَرَجٍ أَوْ كَوْنِهَا مُرْتَفِعَةً عَنْهُ بِحَيْثُ يَنْزِلُ إلَيْهِ مِنْهَا بِدَرَجٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ، وَأَبْوَالُهَا. وَقَيَّدَهَا عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ قَائِمَةً إلَّا أَعَادَ أَبَدًا إذَا وَجَدَ مَا يَبْسُطُهُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْكَلَامُ الْآنَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا بَلْ فِي عَدَمِ ضَرَرِ الْفَصْلِ بِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْفَصْلُ بِالنَّجِسِ يَضُرُّ كَالْحَنَفِيَّةِ. وَمَفْهُومُ مُتَّصِلَةٍ أَنَّهُ لَوْ فَصَلَ بَيْنَ حِيطَانِهِ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ بُيُوتٌ أَوْ حَوَانِيتُ كَالطَّرِيقِ الَّتِي بِجَانِبِ الْأَزْهَرِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ وَجِهَةِ الْمَغْرِبِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا، وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ سَالِمٍ. وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ صِحَّتَهَا عَلَى مَسَاطِبِ الْحَوَانِيتِ، وَمِثْلُ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ الْمُتَّصِلَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورَةً، وَالْمَدَارِسُ الْمُتَّصِلَةُ كَاَلَّتِي حَوْلَ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ كَالْجَوْهَرِيَّةِ وَالطَّرْبَسِيَّةِ والابتغاوية. وَأَمَّا الْأَرْوِقَةُ الَّتِي فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ وَإِنْ اخْتَصَّ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ فَهُوَ تَعَدٍّ وَغَصْبٌ لِبَعْضِ الْجَامِعِ الْمُبَاحِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ. وَعَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا، وَإِنْ حُجِرَتْ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا تَصِحُّ فِيهَا إنْ حُجِرَتْ. وَمَقَامَاتُ الْأَوْلِيَاءِ الَّتِي بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ كَمَقَامِ أَبِي مَحْمُودٍ الْحَنَفِيِّ وَالسَّيِّدَةِ زَيْنَبَ وَسَيِّدِنَا الْحُسَيْنِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا وَلَوْ لَمْ تُفْتَحْ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي الرَّحْبَةِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ. (إنْ ضَاقَ) الْجَامِعُ (أَوْ) لَمْ يَضِقْ، وَ (اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ) بِالرَّحْبَةِ أَوْ الطَّرِيقِ الْمُتَّصِلَةِ (لَا) تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِرَحْبَةٍ وَلَا طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ إنْ (انْتَفَيَا) أَيْ الضِّيقُ وَاتِّصَالُ الصُّفُوفِ، وَاَلَّذِي لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ صِحَّتُهَا إنْ انْتَفَيَا أَيْضًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 429 كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ، وَسَطْحِهِ، وَدَارٍ، وَحَانُوتٍ، وَبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ، بِلَا حَدٍّ أَوَّلًا، وَإِلَّا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ: بَاقِينَ لِسَلَامِهَا   [منح الجليل] كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ) الْمُعَدِّ لِخَزْنِهَا، وَإِصْلَاحِهَا فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ لِحَجْرِهِ، وَمِثْلُهُ بَيْتُ الْحُصُرِ وَالْبُسُطِ وَمَاءِ السَّقْيِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَبَحَثَ سَنَدٌ فِيهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقُصِرَ عَلَى بَعْضِ مَصَالِحِهِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الصَّلَاةِ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ نِسَاءَهُ صَلَّيْنَ الْجُمُعَةَ فِيهَا عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَنْ مُتْنَ، وَهِيَ أَشَدُّ تَحْجِيرًا مِنْ بَيْتِ الْقَنَادِيلِ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لَهُنَّ لِلتَّشْدِيدِ عَلَيْهِنَّ فِي لُزُومِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الأحزاب: 33] . (وَسَطْحِهِ) أَيْ الْجَامِعِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَاقَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ شَاسٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ تَصِحُّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقِيلَ تَصِحُّ عَلَيْهِ لِخُصُوصِ الْمُؤَذِّنِ، وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا. وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَيْهِ إنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ، وَهُوَ قَوْلُ حَمْدِيسٍ، وَمَفْهُومُ سَطْحِهِ صِحَّتُهَا بِدِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تُحْجَرْ. (وَ) لَا تَصِحُّ فِي (دَارٍ وَحَانُوتٍ) مُتَّصِلِينَ بِالْجَامِعِ إنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ، وَإِلَّا صَحَّتْ فِيهِمَا (وَبِ) حُضُورِ (جَمَاعَةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ (تَتَقَرَّى) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَعْمُرُ (بِهِمْ قَرْيَةٌ) بِحَيْثُ لَا يَرْتَفِقُونَ فِي مَعَاشِهِمْ بِغَيْرِهِمْ وَيَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ الْعَدُوَّ غَالِبًا (بِلَا حَدٍّ) فِي عَدَدٍ مَخْصُوصٍ كَخَمْسِينَ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ تُقَامُ فِي الْبَلَدِ، فَإِنْ حَضَرَ مِنْهُمْ فِيهَا مَنْ لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ فَلَا تَصِحُّ وَلَوْ اثْنَيْ عَشَرَ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجُمُعَةُ الْأُولَى (فَتَجُوزُ) الْجُمُعَةُ (بِ) حُضُورِ (اثْنَيْ عَشَرَ) رَجُلًا أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ غَيْرَ الْإِمَامِ (بَاقِينَ) مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ بِحَيْثُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ (لِسَلَامِهَا) وَمَفْهُومُ بَاقِينَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ أَحَدِهِمْ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْجَمِيعِ، هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْحَطّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 430 بِإِمَامٍ مُقِيمٍ إلَّا الْخَلِيفَةُ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] مِنْهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَتَقَرَّى الْقَرْيَةُ بِهِمْ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ، وَلَكِنْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا حُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ غَيْرَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ لِلسَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَشْيَاخُ وَالْمَوَّاقُ لِهَذَا وَبِحُضُورِ اثْنَيْ عَشَرَ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ. وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ عِنْدَ تَوَجُّهِ خِطَابِهِمْ بِهَا وَوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَتَجُوزُ إلَخْ أَيْ، وَإِلَّا يُعْتَبَرُ حَالُ الْخِطَابِ وَاعْتُبِرَ حَالُ فِعْلِهَا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَخْ وَفِي الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا. فَلَوْ تَفَرَّقَ مَنْ تَقَرَّتْ بِهَا فِي أَشْغَالِهِمْ كَحَرْثٍ أَوْ حَصَادٍ وَبَقِيَ مِنْهُمْ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ ارْتَحَلُوا مِنْهَا وَبَقِيَ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا إنْ رَحَلَ غَيْرُهُمْ إلَى أَمَاكِنَ قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ الِاسْتِغَاثَةُ بِهِمْ عِنْدَ هُجُومِ عَدُوٍّ، وَإِلَّا فَلَا. (بِإِمَامٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الِاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ إمَامٍ (مُقِيمٍ) بِالْبَلَدِ الَّذِي تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهِ إقَامَةً قَاطِعَةً حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُتَوَطِّنِينَ بِهِ لِغَيْرِ الْخُطْبَةِ وَلَوْ سَافَرَ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ. وَأَمَّا الْمُقِيمُ خَارِجًا عَنْ كَفَرْسَخٍ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِشِبْهِ مُتَنَفِّلٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ غَلَّابٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفِي حَاشِيَةِ الطَّرَابُلْسِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ، وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ مُقِيمٍ فَقَالَ (إلَّا الْخَلِيفَةَ) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِمَامَةِ وَالْحَكَمِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْإِمَامَةِ وَالْحَكَمِ كَالْبَاشَا لَا فِي الْحُكْمِ فَقَطْ كَالْقَاضِي حَالَ كَوْنِهِ (يَمُرُّ) ، وَهُوَ مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ (بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ) أَيْ وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِهَا لِاسْتِيفَائِهِمْ شُرُوطَهَا مِنْ عَمَلِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ. (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا تَجِبُ) الْجُمُعَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْخَلِيفَةِ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا أَرْبَعَةَ بُرُدٍ فَيُنْدَبُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فِيهَا، وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ فَيُصَلِّي ظُهْرًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ بِهِمْ، وَإِنْ حَضَرَ، وَهُمْ فِيهَا وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَيَبْتَدِئُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 431 وَبِغَيْرِهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ إلَّا لِعُذْرٍ وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ   [منح الجليل] وَيَبْتَدِئُ الْخُطْبَةَ أَيْضًا، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ إنْ قَدِمَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ. (وَ) إنْ مَرَّ الْخَلِيفَةُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ لِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ أَهْلِهَا شُرُوطَ الْجُمُعَةِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِهِمْ فَإِنَّهَا (تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ جَهِلَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ فَجَمَعَ بِأَهْلِ قَرْيَةٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ لِصِغَرِهَا لَمْ تُجْزِهِمْ وَلَمْ تُجْزِهِ. (وَبِكَوْنِهِ) أَيْ الْإِمَامِ (الْخَاطِبَ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهَا هُوَ الَّذِي خَطَبَ الْخُطْبَتَيْنِ، فَإِنْ خَطَبَ شَخْصٌ وَصَلَّى شَخْصٌ آخَرُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ (إلَّا لِ) طَرَيَان (عُذْرٍ) لِلْخَاطِبِ مَنَعَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ كَجُنُونٍ وَمَوْتٍ وَرُعَافٍ مَعَ بُعْدِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي غَيْرُهُ بِهِمْ وَلَا يُعِيدُ الْخُطْبَةَ. (وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ) أَيْ الْخَاطِبِ (لِعُذْرٍ قَرُبَ) زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ بِقَدْرِ أُولَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ بِفَاتِحَةٍ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِمَّا زَادَ عَلَيْهَا كَسَبْقِ حَدَثٍ أَوْ رُعَافِ بِنَاءٍ مَعَ قُرْبِ الْمَاءِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِسَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجِبُ انْتِظَارُهُ لِلْقَرِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَيُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ، فَإِنْ تَرَكَهُ اسْتَخْلَفُوا وُجُوبًا مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ فَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ بِلَا اسْتِخْلَافٍ صَحَّتْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَمَفْهُومُ قَرُبَ لَا يَجِبُ انْتِظَارُهُ لِلْبَعِيدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَوْضُوعُ الْكَلَامِ فِي طَرَيَان الْعُذْرِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ عَقِبَهُ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا يَسَعُ الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ إنْ أَمْكَنَتْهُمْ بِدُونِهِ، وَإِلَّا انْتَظَرُوهُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا آخِرَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) فِي الْجَامِعِ فَلَا تَصِحَّانِ بِرِحَابٍ وَلَا طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ وَلَا عَلَى دِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ الْمَحْجُورَةِ فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَقِبَ الْخُطْبَةِ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهُمَا لِأَنَّ شَرْطَهُمَا اتِّصَالُ الصَّلَاةِ بِهِمَا، وَكَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ وَالْجَهْرُ بِهِمَا. وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 432 مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً، تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ، وَاسْتَقْبَلَهُ   [منح الجليل] عَجَمًا لَا يَعْرِفُونَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ صُمًّا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ يُحْسِنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ بُكْمًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ فَالْقُدْرَةُ عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ. وَكَوْنُهُمَا (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ تُطْلِقُ الْخُطْبَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى مَا يُقَالُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُنَبَّهِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ لَدَيْهِمْ، وَالْمُرْشِدِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ حَالِيَّةٌ أَوْ مَآلِيَّةٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ فَضْلًا عَنْ تَحْذِيرٍ وَتَبْشِيرٍ، وَقُرْآنٍ يُتْلَى، وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَقَلُّهَا حَمْدُ اللَّهِ وَصَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ، وَقُرْآنٌ يُتْلَى. اهـ. مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنِ مَنْدُوبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا سَجْعًا فَلَوْ نَظَمَهَا أَوْ نَثَرَهَا صَحَّتْ نَعَمْ تُنْدَبُ إعَادَتُهَا إنْ لَمْ يُصَلِّ، فَإِنْ صَلَّى فَلَا تُعَادُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. وَيُنْدَبُ التَّرَضِّي فِيهَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالدُّعَاءُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ الْأُولَى قَالَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ (تَحْضُرُهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (الْجَمَاعَةُ) الِاثْنَا عَشَرَ الْأَحْرَارُ الْمُتَوَطِّنُونَ مِنْ أَوَّلِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَلَا يَكْتَفِي بِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا إصْغَاؤُهُمْ. وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَتَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَوْ زَادَ عَدَدُهُمْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنِيَّةَ إنْ كَانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ فَمَا زَادَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهُمَا. (واسْتَقْبَلَهُ) أَيْ ذَاتُ الْخَاطِبِ لَا جِهَتُهُ وُجُوبًا. وَقِيلَ اسْتِنَانًا وَرُجِّحَ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ صَرِيحُهَا وَنَصُّهَا، وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ الْعَدَوِيُّ، وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ، وَاصْغَوْا إلَيْهِ بِأَسْمَاعِكُمْ، وَارْمُقُوهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 433 غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا: تَرَدُّدٌ. وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الذَّكَرَ   [منح الجليل] بِأَبْصَارِكُمْ» . وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ طَلَبُ اسْتِقْبَالِهِ بِمُجَرَّدِ قُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاَلَّذِي فِي نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَفَاعِلُ اسْتَقْبَلَهُ (غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ) فَيُغَيِّرُونَ جِلْسَتَهُمْ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِبْلَةِ. وَأَمَّا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ اسْتِقْبَالُهُ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِثْنَائِهِ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ابْنَ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَهُ مَنْ لَقِيتُهُ خِلَافَ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُ ذَاتِهِ لِلْجَمِيعِ مَنْ يَرَاهُ وَمَنْ لَا يَرَاهُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ كَمَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْتَقْبِلُهُ أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِوُجُوهِهِمْ لَا بِذَوَاتِهِمْ فَلَا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوَاضِعِهِمْ. (وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ (لَهُمَا) فِي الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَسُنِّيَّتُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعِنْدَ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. (وَلَزِمَتْ) الْجُمُعَةُ (الْمُكَلَّفَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُثْقَلَةً أَيْ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ فِيهِ مُسَامَحًا إذْ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (الْحُرَّ) لَا الرَّقِيقَ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (الذَّكَرَ) لَا الْمَرْأَةَ لَكِنْ الشَّارِعُ جَعَلَهَا بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنْ الظُّهْرِ وَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ لِلْحُضُورِ فَفِعْلُهُ الْجُمُعَةَ فِيهِ الْوَاجِبُ وَزِيَادَةٌ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِنْ الدَّيْنِ وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُسْقِطِ لَهُ بَعْدَهُ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى التَّخْيِيرِ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى التَّخْيِيرِ إذْ لَوْ كَانَتْ مَنْدُوبَةً لَهُمْ لَمْ تَكْفِ عَنْ الْوَاجِبِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَسَاوِيَةٍ بِأَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ إمَّا هَذَا، وَإِمَّا هَذَا. وَالشَّارِعُ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ابْتِدَاءً، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى شُرُوطِ الظُّهْرِ وَزِيَادَةً كَفَتْ عَنْ الظُّهْرِ. وَلِلْقَرَافِيِّ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا الِاصْطِلَاحَ وَيَقُولُ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ مَا يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ هَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 434 بِلَا عُذْرٍ، الْمُتَوَطِّنَ، وَإِنْ بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ بِكَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ: كَأَنْ أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ النِّدَاءَ قَبْلَهُ، أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ   [منح الجليل] التَّعَبُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ بِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَنُبْ عَنْ الْوَاجِبِ إلَّا وَاجِبٌ فَالنَّدْبُ مِنْ حَيْثُ سَعْيُهُ لِحُضُورِهَا فَقَطْ أَفَادَهُ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ، وَهُوَ مَيْلٌ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ إنَّهَا فِي حَقِّهِمْ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى نِيَّةُ الْوَاجِبِ بِغَيْرِهِ وَعَلَى فَرْضِهِ فَلَا يُقَيَّدُ كَصَلَاةِ صَبِيٍّ الظُّهْرَ مَثَلًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، ثُمَّ بُلُوغُهُ فِي وَقْتِهَا فَتَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا حَالَ كَوْنِ الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُكَلَّفِ. (بِلَا عُذْرٍ) مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا (الْمُتَوَطِّنَ) بِبَلَدِهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ تَوَطُّنُهُ (بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ) أَيْ بَعِيدٍ عَنْ بَلَدِهَا (بِكَفَرْسَخٍ) أَيْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَثُلُثٍ (مِنْ الْمَنَارِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ لِلْأَذَانِ بِهِ لِلْجُمُعَةِ، لَكِنْ الْمُتَوَطِّنُ بِبَلَدِهَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَالْمُتَوَطِّنُ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ. وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَافُ التَّشْبِيهِ (أَدْرَكَ) أَيْ لَحِقَ (الْمُسَافِرُ) مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَفَاعِلُ أَدْرَكَ (النِّدَاءَ) أَيْ الْأَذَانَ الثَّانِيَ، وَصِلَةُ أَدْرَكَ (قَبْلَهُ) أَيْ مُجَاوَزَةُ كَالْفَرْسَخِ، وَمِثْلُ الْأَذَانِ الزَّوَالُ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ مِنْ تَعْلِيقِ الرُّجُوعِ بِالزَّوَالِ سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ لَا. وَعَلَّقَهُ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٌ بِالْأَذَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعَ إلَّا بِسَمَاعِ النِّدَاءِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهَا إنْ عِلْم أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مِنْهَا، وَإِلَّا فَلَا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا، وَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ سَافَرَ مِنْهَا فَأَدْرَكَهُ النِّدَاءُ أَوْ الزَّوَالُ قَبْلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ، وَمَالَ إلَيْهِ الْعَدَوِيُّ. وَقَالَ النَّاصِرُ يَلْزَمُهُ وَمِثْلُهُ فِي الْبُنَانِيِّ وَمَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَجَاوَزَ كَالْفَرْسَخِ قَبْلَهُ، وَأَدْرَكَهُ نِدَاءُ بَلَدٍ آخَرَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ اعْتِبَارًا بِشَخْصِهِ، وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِهَا وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّغِيرُ أَوْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِبَلَدِهِ، فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْعَدَوِيُّ. (أَوْ صَلَّى) الْمُسَافِرُ (الظُّهْرَ) فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَحْدَهَا أَوْ مَجْمُوعَةً مَعَ الْعَصْرِ كَذَلِكَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 435 ثُمَّ قَدِمَ، أَوْ بَلَغَ، أَوْ زَالَ عُذْرُهُ لَا بِالْإِقَامَةِ إلَّا تَبَعًا. وَنُدِبَ تَحْسِينُ هَيْئَةٍ، وَجَمِيلُ ثِيَابٍ، وَطِيبٌ،   [منح الجليل] قَبْلَ قُدُومِهِ (ثُمَّ قَدِمَ) وَطَنَهُ أَوْ مَحَلَّ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ مَحَلًّا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهِ وَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ، فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ أَيْضًا وَهُوَ مُسَافِرٌ ثُمَّ قَدِمَ فَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ مَعَهُمْ، وَيُعِيدُ الْعَصْرَ نَدْبًا كَمَنْ قَدَّمَهَا عَلَى الظُّهْرِ نَاسِيًا، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَهَلْ يُعِيدُ الظُّهْرَ أَوْ لَا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إلَخْ الثَّانِي لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. (أَوْ) صَلَّى الصَّبِيُّ الظُّهْرَ ثُمَّ (بَلَغَ) قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ، وَكَذَا إنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ بَلَغَ وَوَجَدَ جُمُعَةً أُخْرَى فَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ أَعَادَهَا ظُهْرًا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ وَلَوْ جُمُعَةً نَفْلٌ فَلَا يَكْفِي عَنْ الْفَرْضِ (أَوْ) صَلَّى مَعْذُورٌ بِعُذْرٍ مُسْقِطِ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ثُمَّ (زَالَ عُذْرُهُ) قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ (لَا) تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ الذَّكَرِ (بِالْإِقَامَةِ) بِبَلَدِهَا أَوْ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ الْقَاطِعَةِ حُكْمَ السَّفَرِ بِلَا تَوَطُّنٍ (إلَّا تَبَعًا) لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ لَهُمْ وَمِثْلُهُ مُتَوَطِّنٌ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ. (وَنُدِبَ) أَيْ تَأَكَّدَ لِمُرِيدِ حُضُورِهَا (تَحْسِينُ هَيْئَةٍ) كَقَصِّ شَارِبٍ وَظُفُرٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَاسْتِحْدَادٍ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ وَسِوَاكٍ. وَقَدْ يَجِبُ إنْ كَانَتْ رَائِحَتُهُ كَرِيهَةً وَتَوَقَّفَتْ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ (وَجَمِيلُ) أَيْ بَيَاضُ (ثِيَابٍ) أَيْ لُبْسُهُ وَلَوْ عَتِيقًا وَجَمِيلُ الْعِيدِ الْجَدِيدِ وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ. وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا لَبِسَ الْجَدِيدَ غَيْرَ الْأَبْيَضِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِلْيَوْمِ لَا لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْأَبْيَضُ غَيْرُ الْجَدِيدِ حَالَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ كَانَ الْجَدِيدُ أَبْيَضَ لَبِسَهُ الْيَوْمَ كُلَّهُ. (وَ) نُدِبَ (طِيبٌ) أَيْ تَطَيُّبٌ بِطِيبٍ مُذَكَّرٍ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى لَوْنُهُ كَمِسْكٍ وَزَبَدٍ، أَوْ مُؤَنَّثٍ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَيَخْفَى رِيحُهُ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ لِلْمَلَائِكَةِ الْوَاقِفِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَرُبَّمَا صَافَحُوهُ أَوْ لَمَسُوهُ وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ، وَهَذِهِ الْمَنْدُوبَاتُ الثَّلَاثَةُ خَاصَّةٌ بِالرِّجَالِ وَمُحَرَّمَةٌ عَلَى النِّسَاءِ الْمَرِيدَاتِ حُضُورَ الْجُمُعَةِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ فِي مَحَلِّ الْعِبَادَةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 436 وَمَشْيٌ، وَتَهْجِيرٌ، وَإِقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ مُطْلَقًا بِوَقْتِهَا، وَسَلَامُ خَطِيبٍ لِخُرُوجِهِ   [منح الجليل] (وَ) نُدِبَ (مَشْيٌ) عَلَى قَدَمَيْهِ فِي ذَهَابِهِ فَقَطْ تَوَاضُعًا لِسَيِّدِهِ الَّذِي هُوَ ذَاهِبٌ لِعِبَادَتِهِ وَاغْتِنَامًا لِتَحْرِيمِهِ عَلَى النَّارِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» ، أَيْ طَاعَةُ اللَّهِ. وَشَأْنُ الْمَاشِي الِاغْبِرَارُ، وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُهُ فِي قَرِيبِ الْمَنْزِلِ وَاغْبِرَارُ قَدِمَ الرَّاكِبِ نَادِرٌ فَالِاغْبِرَارُ لَازِمٌ لِلْمَشْيِ عَادَةً، فَأُطْلِقَ اسْمُ اللَّازِمِ وَأُرِيدَ مَلْزُومُهُ، وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ. وَأَمَّا فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْمَشْيُ لِانْقِضَاءِ الْعِبَادَةِ. (وَ) نُدِبَ (تَهْجِيرٌ) أَيْ ذَهَابٌ لَهَا فِي الْهَاجِرَةِ أَيْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَلِمُخَالَفَةِ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَذَلِكَ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ، وَهِيَ الْمُقَسَّمَةُ فِي الْحَدِيثِ إلَى السَّاعَاتِ أَيْ الْأَجْزَاءِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» هَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيَّ وَشَهَّرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّقْسِيمُ السَّاعَةُ السَّابِعَةُ الَّتِي تَلِي الزَّوَالَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَخْرُجُ لِلْخُطْبَةِ فِي أَوَّلِهَا وَتَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ لِاسْتِمَاعِهَا. (وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (إقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ) أَيْ أَمْرُهُمْ بِالْقِيَامِ مِنْهَا وَتَرْكِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَنْ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَصِلَةُ إقَامَةُ (بِوَقْتِ) خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِ (هَا) مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى سَلَامِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَأُقِيمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بَالُ مَنْ تَلْزَمُهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالرِّبْحِ فَيَضُرُّ مَنْ تَلْزَمُهُ. وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِاشْتِغَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ عَنْهَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَإِقَامَتُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. (وَ) نُدِبَ (سَلَامُ خَطِيبٍ) عَلَى الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ فِي الْمَسْجِدِ (لِخُرُوجِهِ) عَلَى النَّاسِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 437 لَا صُعُودِهِ، وَجُلُوسُهُ أَوَّلًا، وَبَيْنَهُمَا، وَتَقْصِيرُهُمَا وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ، وَرَفْعُ صَوْتِهِ، وَاسْتِخْلَافُهُ لِعُذْرٍ: حَاضِرُهَا، وَقِرَاءَةٌ فِيهِمَا، وَخَتْمُ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، وَأَجْزَأَ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ،   [منح الجليل] لِلْخُطْبَةِ أَيْ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ فِي ذَاتِهِ سُنَّةً وَرَدُّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ (لَا) يُنْدَبُ سَلَامُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ (صُعُودِهِ) أَيْ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُكْرَهُ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا، وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ. وَاسْتَظْهَرَ الْبَدْرُ وُجُوبَ رَدِّهِ (وَ) نُدِبَ (جُلُوسُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ عَقِبَ صُعُودِهِ إلَى الْأَذَانِ (وَ) جُلُوسُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِرَاحَةِ. ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وَهَذَا مِنْ السَّهْوِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ مَنْدُوبٌ، وَالثَّانِي سُنَّةٌ اتِّفَاقًا بَلْ قِيلَ بِفَرْضِيَّتِهِ. (وَ) نُدِبَ (تَقْصِيرُهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ) مِنْ الْأُولَى نَدْبًا (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ صَوْتِهِ) بِهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِسْمَاعِ وَالْجَهْرُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِمَا (وَ) نُدِبَ (اسْتِخْلَافُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ (لِعُذْرٍ) حَصَلَ لَهُ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا (حَاضِرَهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ هَذَا مَحَطُّ النَّدْبِ. وَأَصْلُ الِاسْتِخْلَافِ مَنْدُوبٌ مِنْ الْإِمَامِ وَوَاجِبٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ (وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةٌ فِي أُولَاهُمَا) «، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ الْأُولَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا} [الأحزاب: 70] إلَى قَوْله تَعَالَى {فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 71] » ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةً تَامَّةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ. (وَ) نُدِبَ (خَتْمُ الثَّانِيَةِ بِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، وَأَجْزَأَ) أَيْ كَفَى فِي حُصُولِ الْمَنْدُوبِ أَنْ يَقُولَ فِي خَتْمِهَا بَدَلَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ (اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ) وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ. وَأَمَّا خَتْمُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل: 90] الْآيَةُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 438 وَتَوَكُّؤٌ عَلَى كَقَوْسٍ، وَقِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ، وَإِنْ لِمَسْبُوقٍ، وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] . وَأَجَازَ بِالثَّانِيَةِ: بِسَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ وَحُضُورُ مُكَاتَبٍ، وَصَبِيٍّ. وَعَبْدٍ، وَمُدَبَّرٍ: أَذِنَ سَيِّدُهُمَا   [منح الجليل] أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ، وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَهَا فِي آخِرِهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِوَضًا عَمَّا كَانَ يَخْتِمُ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ خُطَبَهُمْ مِنْ سَبِّ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ. (وَ) نُدِبَ (تَوَكُّؤٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْوَاوِ وَضَمِّ الْكَافِ مُشَدَّدَةً يَلِيهَا هَمْزٌ اسْتِنَادٌ حَالِ الْخُطْبَةِ (عَلَى كَقَوْسٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ عَرَبِيٍّ لِطُولِهَا، وَقُرْبِهَا مِنْ الِاسْتِقَامَةِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ السَّيْفَ وَالْعِصِيَّ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْهُمَا. (وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةُ) سُورَةِ (الْجُمُعَةِ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلْإِمَامِ بَلْ (وَإِنْ لِ) شَخْصٍ (مَسْبُوقٍ) بِهَا فَيُنْدَبُ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي قَضَائِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا الْإِمَامُ، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَهَلْ أَتَاك) فِي الثَّانِيَةِ (وَأَجَازَ) الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقِرَاءَةَ (بِ) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ فِيهَا (بِسَبِّحْ) اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى (أَوْ الْمُنَافِقُونَ) فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ هَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَاك أَوْ سَبِّحْ وَالْمُنَافِقُونَ. وَاحْتَجَّ لَهُ بِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهَا أَقْوَالٌ. وَقِيلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَلْ أَتَاك مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْكَافِي. (وَ) نُدِبَ (حُضُورُ مُكَاتَبٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَوْ كَسْرِهَا أَيْ مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ الْجُمُعَةَ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ (وَ) نُدِبَ حُضُورُ (صَبِيٍّ) الْجُمُعَةَ لِيَعْتَادَهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ وَمُسَافِرٌ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهَا وَلَا تَشْغَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ، وَالْأَخِيرُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (وَ) نُدِبَ حُضُورُ (عَبْدٍ) قِنٍّ (وَ) عَبْدٍ (مُدَبَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ (أَذِنَ) لَهُمَا (سَيِّدُهُمَا) فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ كَمُبَعَّضٍ فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ وَفِي يَوْمِهِ كَمُكَاتَبٍ، وَيُنْدَبُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 439 وَأَخَّرَ الظُّهْرَ: رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ التَّعْجِيلُ، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ: لَمْ يُجْزِهِ،   [منح الجليل] لِلسَّيِّدِ الْإِذْنُ. (وَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَدْبًا (الظُّهْرَ) مَعْذُورٌ بِعُذْرٍ مُبِيحٍ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ (رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ) قَبْلَ صَلَاتِهَا كَمَحْبُوسٍ ظَنَّ الْخَلَاصَ وَمُسَافِرٍ ظَنَّ الْقُدُومَ وَمَرِيضٍ ظَنَّ الْعَافِيَةَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُهُ قَبْلَهَا بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ اسْتِمْرَارَهُ إلَى فَوَاتِهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ (فَلَهُ التَّعْجِيلُ) لِلظُّهْرِ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ عَقِبَ فَرَاغِ الْجُمُعَةِ. (وَ) الشَّخْصُ (غَيْرُ الْمَعْذُورِ) الَّذِي لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ كَمُقِيمٍ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَارِجَ الْبَلَدِ بِكَفَرْسَخٍ مِنْ النَّارِ. (إنْ صَلَّى الظُّهْرَ) فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ حَالَ كَوْنِهِ (مُدْرِكًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ مُحَصِّلًا (لِرَكْعَةٍ) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ عَلَى فَرْضِ سَعْيِهِ لَهَا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا (لَمْ تُجْزِهِ) ظُهْرُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَبَعْدَهَا ظُهْرًا أَبَدًا إنْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا وَالظُّهْرَ بَدَلُهَا فِي الْفِعْلِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ عَازِمًا عَلَى عَدَمِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ إحْرَامِ الظُّهْرِ مُدْرِكًا رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ لَوْ سَعَى لَهَا أَجْزَأَتْهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 440 وَلَا يَجْمَعُ الظُّهْرَ إلَّا ذُو عُذْرٍ، وَاسْتُؤْذِنَ إمَامٌ وَوَجَبَتْ إنْ مَنَعَ، وَأَمِنُوا، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ.   [منح الجليل] ظُهْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ غَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا رَكْعَةً تُجْزِئُهُ إذْ كَيْفَ يُعِيدُهَا أَرْبَعًا، وَقَدْ صَلَّاهَا أَرْبَعًا. وَلِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْأَصْلِ، وَهُوَ الظُّهْرُ. وَبَنَى الْمَازِرِيُّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا أَوْ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَتُجْزِئُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ يُدْرِكُ الرَّكْعَتَيْنِ. (وَلَا يَجْمَعُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ لَا يُصَلِّي (الظُّهْرَ) فِي جَمَاعَةٍ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَيْ يُكْرَهُ (إلَّا ذُو) أَيْ صَاحِبُ (عُذْرٍ) كَثِيرِ الْوُقُوعِ كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ وَسَفَرٍ فَيُسَنُّ لَهُمْ الْجَمْعُ، وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُمْ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ فَلَا يُؤَذِّنُونَ وَلَا يَجْمَعُونَ فِي مَسْجِدٍ لَهُ رَاتِبٌ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالزُّهْدِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَيُكْرَهُ الْجَمْعُ لِمَنْ فَاتَتْهُ لِعُذْرٍ نَادِرِ الْوُقُوعِ كَخَوْفِ بَيْعَةِ أَمِيرٍ ظَالِمٍ وَنِسْيَانٍ. وَإِنْ جَمَعُوا فَلَا يُعِيدُونَ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَرْجِعْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بَلْ لِوَصْفِهَا، وَهُوَ الْجَمْعُ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ بِأَصْلِهَا مَكْرُوهَةٌ بِوَصْفِهَا. (وَاسْتُؤْذِنَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا بِبَلَدٍ مُسْتَوْفٍ لِشُرُوطِهَا لَا جُمُعَةَ فِيهِ (إمَامٌ) أَيْ سُلْطَانٌ أَوْ نَائِبُهُ نَدْبًا، فَإِنْ أَذِنَ فِيهَا أَوْ سَكَتَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهَا (وَوَجَبَتْ) صَلَاةُ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُسْتَوْفِينَ شُرُوطَهَا (إنْ مَنَعَ) الْإِمَامُ إقَامَتَهَا فِيهِ (وَأَمِنُوا) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يَخَافُوا مِنْ ضَرَرِهِ. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنُوا أَوْ صَلَّوْا الْجُمُعَةَ مَعَ مَنْعِهِ (لَمْ تُجْزِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ لَمْ تَصِحَّ وَيُعِيدُونَهَا ظُهْرًا؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ لَا تَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ لَا يَكْفِي فِعْلُهُ عَنْ الْوَاجِبِ قَالَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 441 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ غَازِيٍّ الْإِجْزَاءَ وَضَبَطَ تُجْزِ بِفَتْحٍ فَضَمٍّ قَائِلًا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِوُجُودِهِ فِيمَا إذَا مَنَعَ، وَأَمِنُوا وَالنَّصُّ وُجُوبُهَا حِينَئِذٍ، وَمَحَلُّ هَذَا إنْ مَنَعَهُمْ جَوْرًا. وَأَمَّا إنْ مَنَعَهُمْ اجْتِهَادًا لِرُؤْيَتِهِ عَدَمَ اسْتِيفَائِهِمْ شُرُوطَهَا فَلَا تُجْزِيهِمْ وَيُعِيدُونَهَا ظُهْرًا أَبَدًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 442 وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ، وَأَعَادَ إنْ تَغَذَّى، أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا.   [منح الجليل] وَسُنَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ (غُسْلٌ) صِفَتُهُ كَصِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ (مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ) أَيْ الذَّهَابِ إلَى الْجَامِعِ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَيُغْتَفَرُ يَسِيرُ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَقِيلَ مَنْدُوبٌ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ لَا يُذْهِبُهَا إلَّا الْغُسْلُ، وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَهَارًا وَنِيَّتُهُ وَاتِّصَالُهُ بِالتَّهْجِيرِ، فَلَوْ رَاحَ قَبْلَهُ مُتَّصِلًا غُسْلُهُ بِهِ لَمْ يُجْزِهِ، وَقِيلَ يُجْزِئُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اغْتَسَلَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَاحَ فَلَا يُجْزِئُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُعْجِبُنِي، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُجْزِئُهُ. وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ مُرِيدُهَا تَلْزَمُهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ) كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ وَصَبِيٍّ (وَأَعَادَ) الْمُغْتَسِلُ غُسْلَهُ اسْتِنَانًا لِبُطْلَانِهِ (إنْ تَغَذَّى) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَكَلَ بَعْدَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ حَالِ سَعْيِهِ لَهَا لِلْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّوَاحِ لِلْجَامِعِ (أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا) خَارِجَهُ فِي غَيْرِ حَالِ ذَهَابِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَمَفْهُومٌ اخْتِيَارًا أَنَّهُ إنْ نَامَ غَلَبَةً فَلَا يُعِيدُهُ مَا لَمْ يُطِلْ. وَكَذَا إنْ أَكَلَ أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي حَالَ سَعْيِهِ إلَيْهِ فِي عَرَبِيَّةٍ مَثَلًا. عبق يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأَكْلِ بِالِاخْتِيَارِ أَيْضًا. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ خِلَافُ إطْلَاقِهِمْ فِيهِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ النَّوْمَ الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ رُجُوعُهُ لَهُمَا مَعًا فَالْمَغْلُوبُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يُعِيدُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 443 لَا لِأَكْلٍ خَفَّ وَجَازَ تَخَطٍّ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ، وَاحْتِبَاءٌ فِيهَا، وَكَلَامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ، وَخُرُوجُ كَمُحْدِثٍ بِلَا إذْنٍ، وَإِقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ قَلَّ سِرًّا:   [منح الجليل] لَا) يُعَادُ الْغُسْلُ (لِأَكْلٍ خَفَّ) أَيْ قَلَّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قَصْرُهُ الِاغْتِفَارَ عَلَى خَفِيفِ الْأَكْلِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّوْمَ الْخَفِيفَ لَا يُغْتَفَرُ، وَكَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ الْخَفِيفَيْنِ فَالنَّوْمُ الْقَصِيرُ لَا يَضُرُّ أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ كَكُلِّ فِعْلٍ خَفِيفٍ. (وَجَازَ) لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ (تَخَطٍّ) لِلصُّفُوفِ لِفُرْجَةٍ وَكُرِهَ لِغَيْرِهَا (قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ) عَلَى الْمِنْبَرِ الْجِلْسَةَ الْأُولَى وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَدَمُ جَوَازِهِ بَعْدَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ لِفُرْجَةٍ، وَيَجُوزُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ، وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ لِغَيْرِ فُرْجَةٍ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ وَمَفْهُومُ تَخَطٍّ جَوَازُ الْمَشْيِ بَيْنَ الصُّفُوفِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَ) جَازَ (احْتِبَاءٌ) بِيَدٍ أَوْ ثَوْبٍ (فِيهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ لِجَالِسٍ لِاسْتِمَاعِهَا. (وَ) جَازَ (كَلَامٌ بَعْدَهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ (لَا) ابْتِدَاءِ إقَامَةِ (الصَّلَاةِ) ، وَكُرِهَ حِينَهَا وَبَعْدَهَا لِلْإِحْرَامِ وَحَرُمَ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَالْحَطّ جَوَازَ الْكَلَامِ حِينَ الْإِقَامَةِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ، وَقَبْلَ الصَّلَاةِ. وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنَاجِي الرَّجُلَ طَوِيلًا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ» ، وَأَمَّا الْكَلَامُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ إلَّا أَنْ يُشَوِّشَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْرُمَ. (وَ) جَازَ (خُرُوجُ) مَعْذُورٍ مِنْ الْمَسْجِدِ (كَمُحْدِثٍ) وَرَاعِفٍ حَالَ الْخُطْبَةِ لِإِزَالَةِ مَانِعِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْخَطِيبِ هَذَا مَحَطُّ الْجَوَازِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ وَالْأَوْلَى الِاسْتِئْذَانُ (وَ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (إقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَحَوْقَلَةٍ وَنَحْوِهَا أَيْ فِعْلُهُ حَالَ الْخُطْبَةِ وَنَعَتَ ذِكْرِ بِجُمْلَةِ (قَلَّ) الذِّكْرُ كَوْنُهُ (سِرًّا) وَمَفْهُومُ قَلَّ مَنْعُ الْكَثِيرِ مُطْلَقًا، وَمَفْهُومُ سِرًّا مَنْعُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 444 كَتَأْمِينٍ. وَتَعَوُّذٍ عِنْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ: كَحَمْدِ عَاطِسٍ سِرًّا. وَنَهْيُ خَطِيبٍ، أَوْ أَمْرُهُ، وَإِجَابَتُهُ   [منح الجليل] الْجَهْرِ بِالْيَسِيرِ. الْبُنَانِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَنْعِ هَذَا كَرَاهَتُهُ. وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالْكَثِيرِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَمِنْهُ مَا يُفْعَلُ بِدِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ. وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ فَقَالَ (كَتَأْمِينٍ) أَيْ قَوْلِ آمِينَ (وَتَعَوُّذٍ) أَيْ قَوْلِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِغْفَارَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَنَازَعَ تَأْمِينٌ وَتَعَوُّذٌ (عِنْدَ) ذِكْرِ (السَّبَبِ) لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا النَّدْبُ، وَالْقِلَّةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فَلِذَا قُلْت شَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ، وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ يَعْنِي النَّدْبَ أَيْضًا فَقَالَ (كَحَمْدِ) شَخْصٍ (عَاطِسٍ) ، وَإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ بِالْكَافِ فِي هَذَا مَعَ تَرْكِ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَافَ الْأَوَّلَ لِلتَّمْثِيلِ كَمَا قِيلَ، وَإِنْ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ التَّأْمِينَ وَنَحْوَهُ عَنْهُ سَبَبُهُ مَنْدُوبٌ وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْيَسَارَةِ وَمَا قَبْلَهَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَمُقَيَّدٌ بِهَا حَالَ كَوْنِ التَّأْمِينِ وَمَا بَعْدَهُ (سِرًّا) وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ جَوَازِهِمَا جَهْرًا. وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّ التَّأْمِينَ وَالتَّعَوُّذَ عِنْدَ السَّبَبِ لَا يُفْعَلَانِ إلَّا سِرًّا، وَالْجَهْرُ بِهِمَا مَمْنُوعٌ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْعَلَانِ وَلَوْ جَهْرًا لَيْسَ بِالْعَالِي وَالْعُلُوُّ بِدْعَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَفِيهَا «مَنْ عَطَسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ حَمِدَ اللَّهَ سِرًّا» اهـ. وَهَلْ الْحَمْدُ مَنْدُوبٌ أَوْ سُنَّةٌ رَجَّحَ عبق وشب الْأَوَّلَ، وَاقْتَصَرَ تت عَلَى الثَّانِي، وَأَقَرَّهُ مُصْطَفَى. (وَ) جَازَ (نَهْيُ خَطِيبٍ) عَنْ مُنْكَرٍ رَآهُ حَالَ خُطْبَتِهِ نَحْوُ لَا تَتَكَلَّمْ لِمَنْ تَكَلَّمَ وَلَا تَتَخَطَّ لِمَنْ تَخَطَّى (أَوْ أَمْرُهُ) بِمَعْرُوفٍ نَحْوُ قُمْ صَلِّ الْقَضَاءَ أَوْ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لِمَرِيدِ الْإِسْلَامِ (وَ) جَازَ (إجَابَتُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ يَجُوزُ لِمَنْ أَمَرَهُ أَوْ نَهَاهُ الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ تَرَكَ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ فَعَلَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ لِعُذْرٍ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ لِسُلَيْكٍ أَصَلَّيْت فَقَالَ لَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» . اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ إجَابَةُ الْخَطِيبِ سَائِلًا حَالَ الْخُطْبَةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا لِمَنْ سَأَلَهُ حَالَ خُطْبَتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 445 وَكُرِهَ تَرْكُ طُهْرٍ فِيهِمَا، وَالْعَمَلِ يَوْمَهَا وَبَيْعٌ: كَعَبْدٍ بِسُوقٍ وَقْتَهَا وَتَنَقُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا، أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ وَحُضُورُ شَابَّةٍ، وَسَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَجَازَ قَبْلَهُ، وَحَرُمَ بِالزَّوَالِ.   [منح الجليل] وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْخَطِيبِ (تَرْكُ طُهْرٍ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ (فِيهِمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ فَلَيْسَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ، نَعَمْ هِيَ شَرْطُ كَمَالٍ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ جُنُبًا (وَ) كُرِهَ تَرْكُ (الْعَمَلِ) أَيْ الْخِيَاطَةِ أَوْ الْحِيَاكَةُ مَثَلًا (يَوْمَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ إنْ قَصَدَ بِهِ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ كَسَبْتِ الْيَهُودِ، وَأَحَدِ النَّصَارَى، فَإِنْ كَانَ لِلرَّاحَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ نُدِبَ (وَ) كُرِهَ (بَيْعُ كَعَبْدٍ) مُسَافِرٍ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ شَيْئًا وَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ أَيْ تَعَامُلِهِ مَعَ مِثْلِهِ (بِسُوقٍ وَقْتَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْجِلْسَةِ الْأُولَى إلَى السَّلَامِ، وَمَفْهُومُ كَعَبْدٍ حُرْمَةُ بَيْعِ مَنْ تَلْزَمُهُ وَقْتَهَا مُطْلَقًا، وَمَفْهُومُ بِسُوقٍ جَوَازُ بَيْعِ كَعَبْدٍ بِغَيْرِهَا وَمَفْهُومُ وَقْتِهَا كَذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ (تَنَفُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ دَخَلَ لِرُقِيِّ الْمِنْبَرِ، فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ وَقْتِهِ أَوْ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ نُدِبَتْ لَهُ التَّحِيَّةُ (أَوْ) تَنَفَّلَ (جَالِسٌ) فِي الْمَسْجِدِ يُقْتَدَى بِهِ (عِنْدَ الْأَذَانِ) الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ جَالِسٍ جَوَازُهُ لِدَاخِلٍ لِلتَّنَقُّلِ قَبْلَهُ، وَمَفْهُومُ يُقْتَدَى بِهِ أَنَّ مَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ لَا يُكْرَهُ تَنَفُّلُهُ عِنْدَهُ وَمَفْهُومُ عِنْدَ الْأَذَانِ جَوَازُهُ قَبْلَهُ وَالتَّنَفُّلُ عِنْدَ أَذَانِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَذَلِكَ، وَكَذَا بَعْدَهَا إلَى انْصِرَافِ النَّاسِ أَوْ دُخُولِ وَقْتِ انْصِرَافِهِمْ إنْ لَمْ يَنْصَرِفُوا أَوْ دُخُولِهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ. (وَ) كُرِهَ (حُضُورُ شَابَّةٍ) غَيْرِ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ الْجُمُعَةَ لِكَثْرَةِ زِحَامِهَا وَيَحْرُمُ لِمَخْشِيَّتِهَا وَيَجُوزُ لِعَجُوزٍ لَا أَرَبَ فِيهَا وَيُكْرَهُ لِمَنْ فِيهَا أَرَبٌ (وَ) كُرِهَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ (سَفَرٌ بَعْدَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) يَوْمَهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إبَاحَتَهُ لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِهَا، وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ تَفْوِيتُهُ مَشْهَدُ الْخَيْرِ (وَجَازَ) السَّفَرُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْفَجْرِ (وَحَرُمَ) سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ (بِالزَّوَالِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إدْرَاكَهَا بِبَلَدٍ بِطَرِيقِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 446 كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ بِقِيَامِهِ، وَبَيْنَهُمَا، وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ، إلَّا أَنْ يَلْغُوَ عَلَى الْمُخْتَارِ،   [منح الجليل] أَوْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِذَهَابِ رُفْقَتِهِ وَسَفَرِهِ وَحْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ يُكْرَهُ السَّفَرُ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَيَحْرُمُ بِطُلُوعِهَا وَبِنَاءُ الْحَطّ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ كَرَاهَتُهُ عَدَوِيٌّ. وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ فَقَالَ (كَكَلَامٍ) مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ وَمُجِيبِهِ (فِي) حَالِ (خُطْبَتَيْهِ) لَا حَالَ جُلُوسِهِ قَبْلَهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا (بِقِيَامِهِ) أَيْ الْخَطِيبِ (وَ) فِي حَالِ جُلُوسِهِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ وَالتَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ مُلْحَقَانِ بِالْخُطْبَةِ فَيَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَهُمَا قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ لِسَامِعِهِمَا بَلْ (وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ إنْ كَانَ بِالْجَامِعِ أَوْ رَحْبَتِهِ لَا خَارِجَهُمَا وَلَوْ سَمِعَ، وَمِثْلُ الْكَلَامِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَتَحْرِيكُ مَا لَهُ صَوْتٌ كَوَرَقٍ وَثَوْبٍ جَدِيدٍ وَسُبْحَةٍ قَالَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ الرَّاجِحُ حُرْمَةُ الْكَلَامِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بِالطَّرِيقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ سَوَاءٌ سَمِعَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَتَى وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْجُمُعَةَ اهـ. وَقَالَ الْأَخَوَانِ لَا يَجِبُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ. وَقِيلَ إذَا دَخَلَ رِحَابَ الْمَسْجِدِ (إلَّا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ اللَّامِ حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ (أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ نَاصِبٌ (يَلْغُوَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتَكَلَّمُ الْخَطِيبُ بِكَلَامٍ لَاغٍ سَاقِطٍ خَارِجٍ عَنْ نِظَامِ الْخُطْبَةِ كَسَبِّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ، وَمَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ، وَقِرَاءَةِ كِتَابٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالْخُطْبَةِ، وَكَلَامٍ لَا يَعْنِي فَلَا يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِهِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ. وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا لَا يَنْبَغِي الْكَلَامُ حَالَ لَغْوِ الْإِمَامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 447 وَكَسَلَامٍ، وَرَدِّهِ وَنَهْيِ لَاغٍ، وَحَصَبِهِ أَوْ إشَارَةٍ لَهُ وَابْتِدَاءِ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ، وَإِنْ لِدَاخِلٍ. وَلَا يَقْطَعُ إنْ دَخَلَ.   [منح الجليل] وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْحُرْمَةِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهَا فَقَالَ (وَكَ) ابْتِدَاءِ (سَلَامٍ) فَيَحْرُمُ حَالَ الْخُطْبَتَيْنِ (وَرَدِّهِ) أَيْ السَّلَامِ فَيَحْرُمُ حَالُهُمَا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَوَازَ رَدِّهِ بِالْإِشَارَةِ، وَأَنْكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاعْتَرَضَهُ مُصْطَفَى بِنَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ جَوَازَهُ بِهَا عَنْ اللَّخْمِيِّ. الْبُنَانِيُّ لَمْ أَجِدْ فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ مُصْطَفَى. (وَنَهْيِ) شَخْصٍ (لَاغٍ) فَيَحْرُمُ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اُسْكُتْ لِحَدِيثِ «إذَا قُلْت لِصَاحِبِك وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا، لَكِنْ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَمْ يُفْعَلْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي زَمَنِ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَإِنَّمَا هِيَ بِدْعَةٌ ابْتَدَعَهَا أَهْلُ الشَّامِ وَتَبِعَهُمْ النَّاسُ، وَيَدُلُّ لَهَا «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِجَرِيرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ اسْتَنْصَتَ النَّاسَ ثُمَّ خَطَبَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (وَحَصْبِهِ) أَيْ رَمْيِ اللَّاغِي بِالْحَصْبَاءِ زَجْرًا لَهُ فَيَحْرُمُ (وَإِشَارَةٍ لَهُ) أَيْ اللَّاغِي بِأَنْ يَسْكُتَ فَتَحْرُمُ. (وَابْتِدَاءِ صَلَاةٍ) نَافِلَةٍ فَتَحْرُمُ (بِ) مُجَرَّدِ (خُرُوجِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ عَلَى جَالِسٍ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَيَقْطَعُ مُطْلَقًا بَلْ (وَإِنْ لِ) شَخْصٍ (دَاخِلٍ) الْمَسْجِدَ حَالَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَقْطَعُ إنْ أَحْرَمَ بِهَا عَامِدًا، وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً لَا إنْ أَحْرَمَ بِهَا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا يَقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً، وَقَالَ السُّيُورِيُّ يَجُوزُ النَّفَلُ لِلدَّاخِلِ حِينَئِذٍ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِحَدِيثِ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ، وَفِيهِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ لَمَّا جَلَسَ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ لِلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسْ» . وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا وَدَخَلَ يَطْلُبُ شَيْئًا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالصَّلَاةِ لِيَتَفَطَّنَ النَّاسُ لَهُ فَيَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ فَهُوَ مَنْسُوخٌ. (وَلَا يَقْطَعُ) الْمُتَنَفِّلُ (إنْ دَخَلَ) الْخَطِيبُ لِلْخُطْبَةِ، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهَا، وَلَوْ عَلِمَ دُخُولَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 448 وَفُسِخَ بَيْعٌ، وَإِجَارَةٌ وَتَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ، وَإِقَالَةٌ وَشُفْعَةٌ بِأَذَانٍ ثَانٍ، فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ: كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا نِكَاحٌ   [منح الجليل] عَلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (بَيْعٌ) حَرَامٌ، وَقَعَ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ مَعَ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ فِيهَا، فَإِنْ تَبَايَعَ اثْنَانِ تَلْزَمُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فُسِخَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ الْجُمُعَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا يُفْسَخُ. اهـ. وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ (وَإِجَارَةٌ) كَذَلِكَ، وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ، وَأَرَادَ بِهَا مَا شَمِلَ الْكِرَاءَ (وَتَوْلِيَةٌ) ، وَهُوَ تَرْكُ مَبِيعٍ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ (وَشَرِكَةٌ) ، وَهُوَ تَرْكُ بَعْضِ مَبِيعٍ لِغَيْرِ بَائِعٍ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ (وَإِقَالَةٌ) ، وَهُوَ تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ. (وَشُفْعَةٌ) ، وَهُوَ أَخْذُ شَرِيكٍ فِي عَقَارِ مَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، وَتَنَازَعَ بَيْعٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (بِأَذَانٍ ثَانٍ) أَيْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي يُؤَذَّنُ عَقِبَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَفْهُومُ بِأَذَانٍ ثَانٍ أَنَّهَا قَبْلَهُ لَا تُفْسَخُ إلَّا إذَا بَعُدَتْ دَارُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَهُ بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ فَاشْتَغَلَ بِهِ عَنْ السَّعْيِ فَيُفْسَخُ (فَإِنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِتَغَيُّرِ قِيمَتِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ (فَ) لَا يُفْسَخُ وَتَلْزَمُهُ (الْقِيمَةُ) لِلْمَبِيعِ مُعْتَبَرَةً (حِينَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ مِنْ بَائِعِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ حِينَ الْعَقْدِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ، وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ وَلَوْ لَمْ يَفُتْ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُ التَّوْبَةُ وَمَحَلُّ حُرْمَةِ الْبَيْعِ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ وَيَحْتَجُّ لِشِرَاءِ مَاءٍ لِلْوُضُوءِ بِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ. وَاخْتَلَفَ أَشْيَاخُ ابْنِ نَاجِي فِي جَوَازِ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ نَاجِي وَالْحَطّ جَوَازَهُ لَهُ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي تَعْلِيلِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَبَيْعُ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ لِيُتَوَصَّلَ إلَى الصَّلَاةِ فَلِذَا جَازَ (كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ بِسَبَبٍ غَيْرِ وُقُوعِهِ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي أَوْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ كَمَا عَلِمْت، وَإِنْ اتَّفَقَ عَلَى مَنْعِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا التَّشْبِيهِ بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ (لَا) يُفْسَخُ (نِكَاحٌ) بِأَذَانٍ ثَانٍ، وَإِنْ حَرُمَ، وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مُتْعَةِ لَذَّةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 449 وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ وَعُذْرُ تَرْكِهَا وَالْجَمَاعَةِ: شِدَّةُ وَحَلٍ وَمَطَرٍ، أَوْ جُذَامٌ وَمَرَضٌ، وَتَمْرِيضٌ   [منح الجليل] (وَهِبَةٌ) ، وَهُوَ تَمْلِيكُ ذَاتٍ بِلَا عِوَضٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ (وَصَدَقَةٌ) ، وَهُوَ تَمْلِيكُ ذَاتٍ بِلَا عِوَضٍ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ (، وَكِتَابَةٌ) أَيْ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى الرَّقِيقِ (وَخُلْعٌ) أَيْ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ فَسْخِ هَذِهِ الْعُقُودِ، وَإِنْ حَرُمَتْ أَيْضًا لِإِشْغَالِهَا عَنْ السَّعْيِ الْوَاجِبِ لِلْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَضُرُّ الزَّوْجَةَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَتَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَالزَّوَاجِ، وَأَمَّا الْعُقُودُ السَّابِقَةُ فَلَا يَضُرُّ فَسْخُهَا أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ لِرُجُوعِ كُلِّ عِوَضٍ لِصَاحِبِهِ. (وَعُذْرُ) إبَاحَةِ (تَرْكِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ (وَ) تَرْكِ الصَّلَاةِ مَعَ (الْجَمَاعَةِ) وَمَفْهُومُ عُذْرُ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا، وَهَلْ يَفْسُقُ بِتَرْكِهَا مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بِلَا عُذْرٍ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ، وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا مَرَّةً صَغِيرَةٌ وَتَرْكَهَا ثَلَاثًا غَيْرُ مُتَوَالِيَةٍ كَذَلِكَ، وَلَا يُجَرَّحُ الْعَدْلُ بِصَغِيرَةٍ غَيْرِ الْخِسَّةِ إلَّا إذَا كَثُرَتْ لِدَلَالَتِهَا عَلَى تَهَاوُنِهِ فِي دِينِهِ. اهـ. عَدَوِيٌّ وَخَبَرُ عُذْرُ (شِدَّةُ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (وَحَلٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُهُ أَوْحَالٌ وَسُكُونُهَا وَجَمْعُهُ أَوْحُلٌ، وَهُوَ مَا يَحْمِلُ وَسَطَ النَّاسِ عَلَى خَلْعِ الْمَدَاسِ (وَ) شِدَّةُ (مَطَرٍ) ، وَهُوَ مَا يَحْمِلُ وَسَطَ النَّاسِ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ. (وَ) شِدَّةُ (جُذَامٍ) فَالْجُذَامُ الْيَسِيرُ لَيْسَ مِنْ أَعْذَارِهَا. وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاخْتُلِفَ فِي الْجُذَامِ فَقَالَ سَحْنُونٌ مُسْقِطٌ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُسْقِطُ، وَالتَّحْقِيقُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَضُرُّ رَائِحَتُهُ وَمَا لَا تَضُرُّ. اهـ. بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يَنْعَزِلُ فِيهِ عَنْ النَّاسِ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ النَّاسُ وَلَوْ طَرِيقًا مُتَّصِلًا، وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ عِبَادِهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَرَصِ. (وَمَرَضٌ) يَشُقُّ مَعَهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ، وَمِنْهُ كِبَرُ السِّنِّ الَّذِي يَشُقُّ الْإِتْيَانُ مَعَهُ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ لَمْ تُجْحَفْ بِهِ الْأُجْرَةُ، وَإِلَّا فَلَا، قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ (وَتَمْرِيضٌ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 450 وَإِسْرَافُ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ، وَخَوْفٌ عَلَى: مَالٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ ضَرْبٍ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ، أَوْ حَبْسُ مُعْسِرٍ،   [منح الجليل] لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَخَشِيَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ وَحْدَهُ الضَّيْعَةَ أَوْ لِقَرِيبٍ خَاصٍّ كَوَلَدٍ وَوَالِدٍ وَزَوْجٍ مُطْلَقًا، وَغَيْرُ الْخَاصِّ كَالْأَجْنَبِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَمْرِيضَ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا خَاصًّا أَوْ غَيْرَهُ عُذْرًا مُطْلَقًا بِدُونِ اعْتِبَارِ الْقَيْدَيْنِ (وَإِشْرَافُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ قُرْبِ شَخْصٍ (قَرِيبٍ) مِنْ الْمَوْتِ (وَ) إشْرَافُ (نَحْوِهِ) أَيْ الْقَرِيبِ كَصَدِيقٍ وَرَفِيقٍ وَزَوْجٍ، وَإِنْ لَمْ يُمَرِّضْهُ، وَأَوْلَى مَوْتُهُ، وَكَذَا شِدَّةُ مَرَضِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ. فَلَوْ نَصَّ عَلَى شِدَّةِ مَرَضِهِ لَفُهِمَ مِنْهُ الْإِسْرَافُ بِالْأَوْلَى رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَجُوزُ التَّخَلُّفُ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ مِنْ إخْوَانِهِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ خِيفَ ضَيْعَتُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَدْخَلِ مِنْ جَوَازِ التَّخَلُّفِ لِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ ضَيْعَتَهُ وَلَا تَغَيُّرَهُ. اهـ عَدَوِيٌّ. (وَخَوْفٌ عَلَى مَالٍ) لَهُ بَالٌ وَلَوْ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ الَّذِي يُجْحِفُ بِصَاحِبِهِ، وَكَذَا الْخَوْفُ عَلَى الْعِرْضِ كَقَذْفٍ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ الدِّينِ كَإِلْزَامِهِ قَتْلَ شَخْصٍ أَوْ ضَرْبِهِ ظُلْمًا، أَوْ بَيْعَةَ ظَالِمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ بِيَمِينٍ يَحْلِفُهَا عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ (أَوْ حَبْسٌ أَوْ ضَرْبٌ) أَيْ الْخَوْفُ مِنْهُمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّا (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ فَالْأَوْلَى الْمُخْتَارُ. (أَوْ حَبْسُ) مَدِينٍ (مُعْسِرٍ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ وَظَاهِرُهُ الْمِلَاءُ فَخَافَ إنْ خَرَجَ يُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَ عُسْرَهُ، فَيُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فِي الْبَاطِنِ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعَدُّ هَذَا عُذْرًا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ حَتَّى يُثْبِتَ عُسْرَهُ حُكْمٌ بِحَقٍّ، وَأَمَّا مَنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ فَلَا عُذْرَ لَهُ وَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ نَعَمْ إنْ خَافَ الْحَبْسَ ظُلْمًا دَخَلَ فِيمَا مَرَّ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الْجُمُعَةَ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ يَخَافُ غُرَمَاءَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 451 وَعُرْيٌ، وَرَجَاءُ عَفْوِ قَوَدٍ، وَأَكْلُ: كَثُومٍ: كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ بِلَيْلٍ،   [منح الجليل] وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُبِيحُ التَّخَلُّفُ خَوْفَ الْغَرِيمِ مَعَ الْإِعْسَارِ. اهـ. ابْنُ رُشْدٍ كَانَ عَدِيمًا وَخَشِيَ أَنْ يَسْجُنَهُ غُرَمَاؤُهُ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِعِلْمِهِ مِنْ بَاطِنِ حَالِهِ مَا لَوْ ظَهَرَ لَا يُحْبَسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] فَهُوَ مَظْلُومٌ فِي الْبَاطِنِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ اهـ. وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ شَبَّهَ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ لَا يُحْبَسُ إذَا تَحَقَّقَ عُسْرُهُ، فَإِنْ خَشِيَ حَبْسَهُ مَعَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ لِفَسَادِ الْحَالِ فَيُبَاحُ تَخَلُّفُهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ظُلْمٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَلَوْ قَالَ كَحَبْسِ مُعْسِرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْمُخْتَارِ لَكَانَ أَحْسَنَ. (وَعُرْيٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْحَطّ عَنْ بَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ أَيْ عَدَمُ وُجُودِ سَاتِرٍ لِعَوْرَةٍ زَادَ الْخَرَشِيُّ الَّتِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكَشْفِهَا. ابْنُ عَاشِرٍ فَلَا يُقَيَّدُ بِاللَّائِقِ فَإِنْ وَجَدَ سَاتِرًا لِسَوْأَتَيْهِ دُونَ أَلْيَتَيْهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ وَلَوْ أَزَرَى بِهِ. اهـ. وَهَذَا بَعِيدٌ، وَقِيلَ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَسْتُرُهُ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ فَإِنْ وَجَدَهُ لَزِمَتْهُ وَلَوْ أَزَرَى بِهِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَرَّرَ الْعَدَوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الصَّغِيرِ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَلِيقُ مِثْلُهُ وَلَا يُزْرَى بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ (وَرَجَاءُ) بِالْمَدِّ أَيْ ظَنُّ (عَفْوِ قَوَدٍ) أَيْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى مِثْلِهِ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ بِاخْتِفَائِهِ وَتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَكَالْقَوَدِ حَدُّ الْقَذْفِ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ. (وَأَكْلُ كَثُومٍ) وَبَصَلٍ، وَكُلِّ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ وَحَرُمَ أَكْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُزِيلُ رَائِحَتَهُ، وَبِمَسْجِدٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَأَكْلُهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قِيلَ يَحْرُمُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ، وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا. اهـ عَدَوِيٌّ. وَشَبَّهَ فِي الْإِسْقَاطِ فَقَالَ (كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ) أَيْ شَدِيدَةٍ (بِلَيْلٍ) فَتُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ جَمَاعَةِ الْعِشَاءِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ وَمَفْهُومُ بِلَيْلٍ أَنَّهَا لَا تُبِيحُهُ نَهَارًا عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا عَنْ غَيْرِهَا، وَكَذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 452 لَا عُرْسٌ، أَوْ عَمًى، أَوْ شُهُودُ عِيدٍ، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ. (فَصْلٌ) رُخِّصَ لِقِتَالٍ جَائِزٍ أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضٍ.   [منح الجليل] الْبَرْدُ وَالْحَرُّ مَا لَمْ يَشْتَدَّ جِدًّا بِحَيْثُ يُجَفِّفَانِ الْمَاءَ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَإِلَّا كَانَا عُذْرًا مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ كَالزَّحْمَةِ الشَّدِيدَةِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ (لَا) يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ابْتِنَاؤُهُ بِ (عِرْسٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ عَرُوسٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يُبِيحُهُ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي إقَامَتِهِ عِنْدَهَا سَبْعًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَثَلَاثًا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا. وَفِي خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِهَا وَهْمُ أَنَّهُ ذَهَبَ لِضَرَّتِهَا. (أَوْ عَمًى) إذَا كَانَ يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ مَنْ يَقُودُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لَا تُجْحِفُ بِهِ، وَإِلَّا فَيُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ (أَوْ شُهُودُ) صَلَاةِ (عِيدٍ) مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْخَارِجِينَ عَنْ الْمِصْرِ بِكَفَرْسَخٍ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْهَا، وَلَا عَنْ الْجَمَاعَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ) لَهُمْ (الْإِمَامُ) فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِلَّهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إذْنُ الْإِمَامِ لِأَهْلِ الْقُرَى الَّتِي حَوْلَهُ قَرْيَةُ الْجُمُعَةِ فِي تَخَلُّفِهِمْ عَنْهَا حِينَ سَعَوْا، وَأَتَوْا لِصَلَاةِ الْعِيدِ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُمْ التَّخَلُّفَ عَنْهَا، وَأَمَّا إذْنُهُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَلَيْسَ عُذْرًا. [فَصْلٌ فِي صَلَاة الْخَوْف] (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ (رُخِّصَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ سُهِّلَ اسْتِنَانًا عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي فِي الرِّسَالَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ ابْنِ يُونُسَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ نَدْبًا (لِقِتَالٍ جَائِزٍ) أَيْ غَيْرِ مُحَرَّمٍ بِأَنْ كَانَ وَاجِبًا كَقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْمُحَارِبِينَ الْقَاصِدِينَ الدَّمَ أَوْ الْحَرِيمَ، أَوْ مُبَاحًا كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ مِنْهُمْ وَمَفْهُومُ جَائِزٍ عَدَمُ التَّرْخِيصِ فِي الْقِتَالِ الْحَرَامِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَالْمُحَارِبِينَ الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْمَعْصُومِينَ الْمَارِّينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا، وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. (أَمْكَنَ تَرْكُهُ) أَيْ الْقِتَالِ (لِبَعْضٍ) مِنْ جَمَاعَةِ الْإِمَامِ لِكَوْنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ يَكْفِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 453 قَسَّمَهُمْ، وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ، أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ قِسْمَيْنِ، وَعَلَّمَهُمْ، وَصَلَّى بِأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ بِالْأُولَى فِي الثُّنَائِيَّةِ رَكْعَةً، وَإِلَّا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا أَوْ قَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ، وَفِي قِيَامِهِ   [منح الجليل] فِي مُقَاوَمَةِ الْعَدُوِّ وَنَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ. (قَسَّمَهُمْ) أَيْ جَمَاعَةَ الْإِمَامِ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ قِيلَ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ أَيِسُوا مِنْ انْكِشَافِهِ فِيهِ، وَإِنْ تَرَدَّدُوا فِيهِ وَسَطَهُ، وَإِنْ رَجَوْهُ آخِرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ وَجَمَاعَتُهُ وُجَاهَ الْقِبْلَةِ بَلْ (وَإِنْ) كَانُوا (وُجَاهَ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ مُوَاجِهِي (الْقِبْلَةِ) بِأَنْ كَانَ الْعَدُوُّ وُجْهَتَهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَسْمِهِمْ حِينَئِذٍ وَصَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً وَاحِدَةً. (أَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُونَ رَاكِبِينَ (عَلَى دَوَابِّهِمْ) فَيُصَلُّونَ بِالْإِيمَاءِ حِينَئِذٍ لِلضَّرُورَةِ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَوْنِ الْمُومِئِ لَا يَقْتَدِي بِمُومِئٍ وَمَفْعُولُ قَسَّمَ الثَّانِي (قِسْمَيْنِ) تَسَاوَيَا أَمْ لَا حَاضِرِينَ كَانُوا أَوْ مُسَافِرِينَ وَلَوْ قَلُّوا كَثَلَاثَةٍ يُصَلِّي اثْنَانِ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ وَيَحْرُسُ الثَّالِثُ كَمَا فِي الطِّرَازِ وَالذَّخِيرَةِ، وَسَوَاءٌ كَانُوا فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ كُلِّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ تَنْعَقِدُ بِهِمْ، وَاغْتُفِرَ عَدَمُ بَقَاءِ طَائِفَةٍ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ لِلسَّلَامِ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي السَّفَرِ. (وَعَلَّمَهُمْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْإِمَامُ جَمَاعَتَهُ صِفَتَهَا وُجُوبًا إنْ جَهِلُوهَا أَوْ خَافَ تَخْلِيطَهُمْ لِشِدَّةِ الْهَوْلِ، وَإِلَّا فَنَدْبًا لِاحْتِمَالِ تَطَرُّقِ الْخَلَلِ لِشِدَّتِهِ (وَصَلَّى) الْإِمَامُ (بِأَذَانٍ، وَإِقَامَةٍ) أَيْ عَقِبَهُمَا (بِ) الطَّائِفَةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ (فِي) الصَّلَاةِ (الثُّنَائِيَّةِ) كَصُبْحٍ وَجُمُعَةٍ وَمَقْصُورَةٍ (رَكْعَةً) وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى تُقَاتِلُ الْعَدُوَّ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً (فَ) يُصَلِّي بِالْأُولَى (رَكْعَتَيْنِ) وَيَتَشَهَّدُ بِهَا (ثُمَّ قَامَ) الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ تَأْتَمُّ بِهِ فِي الْقِيَامِ، فَإِذَا اسْتَقَلَّ قَائِمًا فَارَقُوهُ بِالنِّيَّةِ حَالَ كَوْنِهِ (سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا) بِالنَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَهَزْمِهِ، وَكَشْفِ غُمَّتِهِ أَوْ مُسَبِّحًا (أَوْ قَارِئًا فِي) الصَّلَاةِ (الثُّنَائِيَّةِ) اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَفِي قِيَامِهِ) أَيْ الْإِمَامِ لِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا لَا قَارِئًا خَوْفًا مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 454 بِغَيْرِهَا. تَرَدُّدٌ، وَأَتَمَّتْ الْأُولَى وَانْصَرَفَتْ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ. فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ. وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ أَوْ بَعْضٌ فَذًّا جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَّرُوا.   [منح الجليل] فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ إتْيَانِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَيَرْكَعُ عَقِبَهَا وَيَرْفَعُ وَتَفُوتُهَا الصَّلَاةُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الثُّنَائِيَّةِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ وَرُبَاعِيَّةٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتِمْرَارُهُ جَالِسًا سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا وَيُشِيرُ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى بِالْقِيَامِ عِنْدَ تَمَامِ تَشَهُّدِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ كِنَانَةَ، وَحِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْقِيَامِ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ، وَهِيَ الْأَصَحُّ لِمُوَافَقَتِهَا الْمُدَوَّنَةَ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَزِيزَةَ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالِاتِّفَاقَ عَلَى الْجُلُوسِ فِي غَيْرِهَا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَابْنُ بَشِيرٍ وَعِيَاضٌ نَقَلَا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الْخِلَافَ فِي قِيَامِهِ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ. وَنَقَلَ ابْنُ بَزِيزَةَ عَنْهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِهِ فِي غَيْرِهَا. (وَأَتَمَّتْ) الطَّائِفَةُ (الْأُولَى) صَلَاتَهَا بِرَكْعَةٍ إنْ كَانَتْ ثُنَائِيَّةً وَثُلَاثِيَّةً وَبِرَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً أَفْذَاذًا (وَانْصَرَفَتْ) الْأُولَى لِقِتَالِ الْعَدُوِّ (ثُمَّ صَلَّى) الْإِمَامُ (بِ) الطَّائِفَةِ (الثَّانِيَةِ) عَقِبَ اقْتِدَائِهَا بِهِ (مَا بَقِيَ) مِنْ الصَّلَاةِ، وَهِيَ رَكْعَةٌ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ وَرَكْعَتَانِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ (وَسَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ (فَأَتَمُّوا) أَيْ الْآخَرُونَ صَلَاتَهُمْ (لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ أَفْذَاذًا قَضَاءً فَيَقْرَءُونَ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ لَيْلِيَّةً، فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ فَقَطْ، وَلَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ إلَّا الْمُتَلَاعِبَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَدِي بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ. (وَلَوْ صَلَّوْا) بِفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْقَوْمُ الْمُقَاتِلُونَ قِتَالًا جَائِزًا جَمَاعَتَيْنِ مُتَعَاقِبَتَيْنِ (بِإِمَامَيْنِ) جَازَ أَيْ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ (أَوْ) صَلَّى (بَعْضٌ) مِنْهُمْ (فَذًّا) وَبَعْضٌ آخَرُ مِنْهُمْ بِإِمَامٍ أَوْ صَلَّوْا كُلُّهُمْ أَفْذَاذًا (جَازَ) أَيْ مَضَى فَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ، وَإِنْ كُرِهَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ. (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) تَرْكُ الْقِتَالِ مِنْ لِبَعْضٍ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ عَلَى الْجَمِيعِ (أَخَّرُوا) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا أَيْ الْقَوْمُ الصَّلَاةَ نَدْبًا فَيَظْهَرُ إنْ رَجَوْا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 455 لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ، وَصَلَّوْا إيمَاءً. كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا وَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ مَشْيٌ وَرَكْضٌ، وَطَعْنٌ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ وَكَلَامٌ، وَإِمْسَاكُ   [منح الجليل] انْكِشَافَ الْعَدُوِّ فِي الْوَقْتِ (لِآخِرِ) الْوَقْتِ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْهُ فِيهِ صَلَّوْا صَلَاةَ الْتِحَامٍ فِي أَوَّلِهِ، وَإِنْ تَرَدَّدُوا فِيهِ أَخَّرُوا لِوَسَطِهِ كَذَا فِي النَّصِّ زَادَ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَفْسِهِ (الْمُخْتَارَ) وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ هَارُونَ الضَّرُورِيَّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مُقْتَضَى الْقِيَامِ عَلَى رَاجِي الْمَاءِ، فَإِنْ انْكَشَفَ الْعَدُوُّ فَظَاهِرٌ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ ابْنُ نَاجِي لَا يَبْعُدُ كَوْنُهَا ذَاتَ قَوْلَيْنِ كَالرَّاعِفِ الَّذِي تَمَادَى بِهِ الدَّمُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الِاخْتِيَارِيُّ. وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ قَوْلًا إنَّهُ يُعْتَبَرُ الضَّرُورِيُّ. (وَ) إنْ لَمْ يَنْكَشِفْ وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ (صَلَّوْا إيمَاءً) أَفْذَاذًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ سَوَاءٌ كَانُوا رَاكِبِينَ أَوْ رَاجِلِينَ لِمَشَقَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْقَسْمِ إنْ أَمْكَنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضِ الْقَوْمِ وَصَلَاتُهُمْ إيمَاءً أَفْذَاذًا إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَقَالَ (كَأَنْ دَهَمَهُمْ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْهَاءِ أَيْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ (عَدُوٌّ) ، وَهُمْ (بِهَا) أَيْ مُتَلَبِّسُونَ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ أَمْكَنَ بَعْضَهُمْ تَرْكُ الْقِتَالِ قَطَعَتْ طَائِفَةٌ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ، وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْبَاقِيَةِ مَعَهُ بَانِيًا عَلَى مَا فَعَلَهُ رَكْعَةً فِي الثُّنَائِيَّةِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي غَيْرِهَا عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُونَ وَيَبْتَدِئُونَ الْقَسْمَ مِنْ أَوَّلِهَا. وَمَحَلُّ الْقَسْمِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَشْرَعْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَاجَأَهُمْ بَعْدَهُ وَجَبَ قَطْعُ جَمَاعَةٍ وُجُوبًا كِفَائِيًّا لِقِتَالِ الْعَدُوِّ، وَأَتَمَّ الْبَاقُونَ صَلَاتَهُمْ وَذَهَبُوا لِلْعَدُوِّ وَابْتَدَأَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي قَطَعَتْ صَلَاتَهَا أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَعْضَهُمْ تَرْكُهُ صَلَّوْهَا أَفْذَاذًا عَلَى حَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِمْ مُشَاةً وَرُكْبَانًا بِإِيمَاءٍ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَذًّا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُونَ. (وَحَلَّ) فِي صَلَاةِ الِالْتِحَامِ مَا حَرُمَ فِي غَيْرِهَا (لِلضَّرُورَةِ) مِنْهُ (مَشْيٌ) وَجَرْيٌ (وَرَكْضٌ) بِقَدَمٍ لِدَابَّةٍ (وَطَعْنٌ) فِي الْعَدُوِّ بِرُمْحٍ أَوْ سِكِّينٍ (وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ) لِلْقِبْلَةِ (وَكَلَامٌ) أَجْنَبِيٌّ لِغَيْرِ صَلَاحِهَا اُحْتِيجَ لَهُ فِي الْقِتَالِ مِنْ تَحْذِيرٍ، وَإِغْرَاءٍ، وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ (وَإِمْسَاكُ) شَيْءٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 456 مُلَطَّخٍ وَإِنْ، أَمِنُوا بِهَا: أَتَمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ وَبَعْدَهَا، لَا إعَادَةَ: كَسَوَادٍ ظُنَّ عَدُوًّا فَظَهَرَ نَفْيُهُ وَإِنْ سَهَا، مَعَ الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا، وَإِلَّا سَجَدَتْ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ، وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ.   [منح الجليل] مُلَطَّخٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بِدَمٍ كَبِغَيْرِهِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ. (وَإِنْ أَمِنُوا) بِقَصْرِ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ حَصَلَ لَهُمْ إلَّا مِنْ الْعَدُوِّ، وَهُمْ مُتَلَبِّسُونَ (بِهَا) أَيْ صَلَاةُ الْخَوْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةَ قِسْمَةٍ أَوْ الْتِحَامٍ (أُتِمَّتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَشَدِّ الْمِيمِ، أَيْ الصَّلَاةَ حَالَ كَوْنِهَا (صَلَاةَ أَمْنٍ) فَفِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ يُتِمُّ كُلٌّ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ فَذًّا، وَفِي صَلَاةِ الْقَسْمُ إنْ حَصَلَ الْأَمْنُ مَعَ الْأُولَى اسْتَمَرَّتْ مَعَهُ وَدَخَلَتْ الثَّانِيَةُ مَعَهُ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ قَوْلِهِ تُصَلَّى الثَّانِيَةُ بِإِمَامٍ آخَرَ وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْرَمَ بِصَلَاةِ خَوْفٍ، وَأَتَمَّهَا صَلَاةَ أَمْنٍ صَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ جَالِسًا ثُمَّ قَدِرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَلَا يُحْرِمُ أَحَدٌ قَائِمًا خَلْفَهُ. وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا، وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ رَجَعَ إلَيْهِ وُجُوبًا مَنْ لَمْ يَفْعَلْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَمَنْ فَعَلَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا انْتَظَرَ الْإِمَامَ حَتَّى يَلْحَقَهُ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الْبَاقِي وَلَوْ السَّلَامَ، وَإِنْ حَصَلَ مَعَ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ صَلَاةُ الَّتِي أَتَمَّتْ لِنَفْسِهَا. (وَ) إنْ حَصَلَ الْأَمْنُ (بَعْدَ) إتْمَامٍ (هَا) بِصِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَ (لَا إعَادَةَ) عَلَيْهِمْ. وَشَبَّهَ نَفْيَ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَسَوَادٍ) أَيْ جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ (ظُنَّ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ السَّوَادُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ (عَدُوًّا) فَصَلَّوْا صَلَاةَ خَوْفٍ عَلَى وَجْهِ الْقَسْمِ أَوْ الِالْتِحَامِ (فَظَهَرَ نَفْيُهُ) أَيْ الْعَدُوِّ فَلَا تُعَادُ. . (وَإِنْ سَهَا) الْإِمَامُ (مَعَ) الطَّائِفَةِ (الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا) صَلَاتَهَا الْقَبْلِيَّ قَبْلَ سَلَامِهَا وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَهُ، إلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا سُجُودٌ لِنَقْصٍ بَعْدَهُ فَارَقْته فَيَغْلِبُ وَتَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ لِسَهْوِ الْإِمَامِ الْأُولَى بَلْ الثَّانِيَةُ سَوَاءٌ سَهَا الْإِمَامُ مَعَهَا أَوْ مَعَ الْأُولَى أَوْ بَيْنَهُمَا (سَجَدَتْ) الثَّانِيَةُ (الْقَبْلِيَّ مَعَهُ) أَيْ الْإِمَامِ قَبْلَ قِيَامِهَا لِلْقَضَاءِ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ (وَ) سَجَدَتْ (الْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ) وَبَعْدَ سَلَامِهَا فَإِنْ سَجَدَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بَطَلَتْ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 457 وَإِنْ صَلَّى فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلٍّ رَكْعَةً: بَطَلَتْ الْأُولَى، وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ: كَغَيْرِهِمَا عَلَى الْأَرْجَحِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ. (فَصْلٌ) سُنَّ لِعِيدٍ:   [منح الجليل] (وَإِنْ صَلَّى) الْإِمَامُ (فِي) صَلَاةٍ (ثُلَاثِيَّةٍ) ، وَهِيَ الْمَغْرِبُ (أَوْ) فِي صَلَاةٍ (رُبَاعِيَّةٍ) كَظُهْرٍ تَامَّةٍ (بِكُلٍّ) مِنْ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ (رَكْعَةً بَطَلَتْ) صَلَاةُ الطَّائِفَةِ (الْأُولَى) لِمُفَارَقَتِهَا الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ (وَ) صَلَاةُ الطَّائِفَةِ (الثَّالِثَةِ فِي) الصَّلَاةِ (الرُّبَاعِيَّةِ) لِذَلِكَ، وَمَفْهُومُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ صِحَّةُ صَلَاةِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّابِعَةُ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ. وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) صَلَاةٍ (غَيْرِهَا) أَيْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ، وَهِيَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّابِعَةُ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ بِبُطْلَانِهَا عَلَى جَمِيعِهِمْ لِمُخَالَفَةِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْرُوعَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَصُحِّحَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْحَاءِ أَيْ صَحَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُحِّحَ (خِلَافُهُ) أَيْ بُطْلَانِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِتَقْدِيمِهِ. [فَصْلٌ فِي صَلَاة الْعِيد] (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْعِيدِ (سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ عَيْنًا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ كِفَايَةٌ. وَقِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ نَقَلَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَحَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. قَالَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ ابْنُ رِزْقٍ وَصِلَةُ سُنَّ (لِعِيدٍ) أَيْ فِيهِ أَوْ لِأَجَلِهِ أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْكَدَ مِنْ الْآخَرِ، وَيَاؤُهُ يَدُلُّ عَلَى وَاوٍ لِسُكُونِهَا إثْرَ كَسْرَةٍ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ لِعَوْدِهِ، وَلَا يُرَادُ أَنَّ سَائِرَ الْأَيَّامِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَسْتَلْزِمُهَا؛ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ مُنَاسَبَةٍ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 458 رَكْعَتَانِ: لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ، مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ.   [منح الجليل] وَقَالَ عِيَاضٌ لِعَوْدِهِ بِالْفَرَحِ، وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِعَوْدِهِ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ، وَقِيَاسُ تَكْسِيرِهِ بِالْوَاوِ وَلِرَدِّهِ لِلْأَصْلِ. وَعَدَلُوا عَنْهُ إلَى تَكْسِيرِهِ بِالْيَاءِ دَفْعًا لِالْتِبَاسِ جَمْعِهِ بِجَمْعِ عَوْدٍ. وَأَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيدُ الْفِطْرِ فِي ثَانِيَةِ الْهِجْرَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (رَكْعَتَانِ) وَصِلَةُ سُنَّ (لِمَأْمُورٍ) أَيْ مِنْ شَخْصٍ مَأْمُورٍ بِ (الْجُمُعَةِ) أَمْرَ إيجَابٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى أَكْمَلِهِ فَدَخَلَ الْغَرِيبُ الْمُقِيمُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ لَا عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ وَصَبِيٌّ وَمُسَافِرٌ وَخَارِجٌ عَنْ كَفَرْسَخٍ فَلَا تُسَنُّ لَهُمْ نَعَمْ تُنْدَبُ لَهُمْ وَلَا يُنْدَبُ عِيدُ الْأَضْحَى لِحَاجٍّ، وَلَا لِأَهْلِ مِنًى غَيْرِ الْحُجَّاجِ جَمَاعَةً بَلْ أَفْذَاذًا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِصَلَاةِ الْحُجَّاجِ مَعَهُمْ وَوَقْتُهَا (مِنْ) ، وَقْتِ (حِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ جَوَازِ (النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ) الْعَدَوِيِّ هَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَوَقْتُ صِحَّتِهَا بِتَمَامِ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَغَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ، فَإِنْ صُلِّيَتْ عَقِبَ الطُّلُوعِ، وَقَبْلَ الِارْتِفَاعِ صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ انْتَهَى. قُلْت يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤْتِيَ بِالصَّلَاةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَلِمُطَالَبَتِهِ، وَلَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ ذَلِكَ. وَقَوْلُ التَّلْقِينِ وَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ شَبَّ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِشَافِعِيٍّ صَلَّاهَا عَقِبَ الطُّلُوعِ بِمَنْزِلَةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ. وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَيَّانَ فِي مُخْتَصَرِ الْمِنْهَاجِ، وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعٍ وَزَوَالٍ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ. انْتَهَى. فَإِنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَرَاهَتِهَا قَبْلَ الِارْتِفَاعِ وَنَحْوُ مَا لشب لعب وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لِلْفَرْقِ بِوُجُودِ السَّبَبِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ، وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ، وَإِلَّا لَصَحَّتْ الْجُمُعَةُ بِاقْتِدَائِهِ بِحَنْبَلِيٍّ صَلَّاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَمَا أَظُنُّ مَالِكِيًّا يَقُولُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ فِي السُّنَّةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ، أَوْ؛ لِأَنَّ مُدْرِكَ الْحَنْبَلِيِّ فِي جَوَازِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهُ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مُدْرِكِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعِيدِ، لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّ السَّبَبَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ لَمْ يَدْخُلْ فَلَمْ يُخَاطَبْ بِهَا الْمَالِكِيُّ قَالَهُ ابْنُ عَبٍّ. وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت، وَقَرَّرَهُ النَّفْرَاوِيُّ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ صِحَّتِهَا. وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 459 وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةَ جَامِعَةً وَافْتَتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ بِالْإِحْرَامِ، ثُمَّ بِخَمْسٍ غَيْرِ الْقِيَامِ مُوَالًى. إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ، بِلَا قَوْلٍ، وَتَحَرَّاهُ   [منح الجليل] الْمَتْنِ. تت وَلَا أَذَانَ لَهَا وَلَا إقَامَةَ، وَهَلْ أَوَّلُ مَنْ ابْتَدَعَ الْأَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَوْ مُعَاوِيَةُ أَوْ هِشَامٌ أَقْوَالٌ (وَلَا يُنَادَى) بِفَتْحِ الدَّالِ لِفِعْلِهَا بِنَحْوِ قَوْلِ (الصَّلَاةَ جَامِعَةً) أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يُخَالِفُ الْأَوْلَى لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِيهَا وَبِالْكَرَاهَةِ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَالْجُزُولِيِّ. وَصَرَّحَ ابْنُ نَاجِي وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ. وَمَا ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ جَائِزٌ غَيْرُ صَوَابٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِذَلِكَ فِيهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْعِيدِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ فِي الْكُسُوفِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الْإِكْمَالِ وَقِيَاسُ الْعِيدِ عَلَى الْكُسُوفِ لَا يَصِحُّ لِتَكَرُّرِ الْعِيدِ وَشُهْرَتِهِ وَنُدُورِ الْكُسُوفِ. نَعَمْ نَقَلَ الْمَوَّاقُ أَوَّلَ بَابِ الْأَذَانِ أَنَّ عِيَاضًا اسْتَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا الصَّلَاةَ جَامِعَةً لَكِنْ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ. انْتَهَى بْن. (وَافْتَتَحَ) نَدْبًا صَلَاةَ الْعِيدِ (بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ مُتَلَبِّسَةً (بِ) تَكْبِيرَةِ (الْإِحْرَامِ) أَيْ يَعُدُّهَا مِنْهَا، فَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ مَنْدُوبٌ. وَمَفْهُومُ سَبْعٍ بِالْإِحْرَامِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا، فَإِنْ اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِشَافِعِيٍّ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى ثَمَانِيًا بِالْإِحْرَامِ فَلَا يَتْبَعُهُ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّامِنَةِ وَعَدَمِ النَّقْصِ عَنْهَا، فَإِنْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا عَقِبَهَا فَلَا يَتْبَعُهُ فِي النَّقْصِ وَلَا فِي التَّأْخِيرِ. (ثُمَّ) افْتَتَحَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ (بِخَمْسٍ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ، (غَيْرِ) تَكْبِيرَةِ (الْقِيَامِ) حَالَ التَّكْبِيرِ (مُوَالًى) بِضَمِّ الْمِيمِ مُخَفَّفًا أَصْلُهُ مُوَالِيًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْيَاءِ فَأُبْدِلَتْ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا عَقِبَ فَتْحٍ وَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْ مُتَوَالِيًا بِلَا فَصْلٍ، بَيْنَ أَفْرَادِهِ. (إلَّا بِ) قَدْرِ (تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ) مِنْ الْإِمَامِ (بِلَا قَوْلٍ) مِنْ الْإِمَامِ حَالَ فَصْلِهِ بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ، أَيْ يُكْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَسْبِيحًا أَوْ تَهْلِيلًا أَوْ اسْتِغْفَارًا أَوْ دُعَاءً. (وَتَحَرَّاهُ) أَيْ تَكْبِيرَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 460 مُؤْتَمٌّ لَمْ يَسْتَمِعْ ، وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ بَعْدَهُ، وَإِلَّا تَمَادَى وَسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ قَبْلَهُ وَمُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ: يُكَبِّرُ، فَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ: يُكَبِّرُ خَمْسًا،   [منح الجليل] الْإِمَامِ شَخْصٌ (مُؤْتَمٌّ) بِهِ (لَمْ يَسْمَعْ) الْمُؤْتَمُّ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ. (وَكَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أَتَى بِالتَّكْبِيرِ اسْتِنَانًا شَخْصٌ (نَاسِيهِ) تَكْبِيرَ الْعِيدِ السَّابِقَ عَلَى الْقِرَاءَةِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ إذَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَوْ عَقِبَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَأَعَادَهَا عَقِبَهُ نَدْبًا (إنْ لَمْ يَرْكَعْ) أَيْ لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ، فَإِنْ انْحَنَى لَهُ رَجَعَ لِلتَّكْبِيرِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ لِسُنَّةٍ (وَسَجَدَ) الْآتِي بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي أَعَادَ الْقِرَاءَةَ عَقِبَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا عَلَى التَّكْبِيرِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَقِبَهُ فَلَا يَسْجُدُ، وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، إذْ لَمْ يَفُتْهُ إلَّا مَنْدُوبُ تَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَ السُّجُودِ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ بِأَنْ رَكَعَ أَيْ انْحَنَى لِلرُّكُوعِ قَبْلَ تَذَكُّرِ التَّكْبِيرِ الْمَنْسِيِّ (تَمَادَى) فِي رُكُوعِهِ وُجُوبًا شَرْطًا، وَلَا يَرْجِعُ مِنْهُ لِلتَّكْبِيرِ لِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ بِشُرُوعِهِ فِي انْحِنَاءِ الرُّكُوعِ، فَإِنْ رَجَعَ مِنْ رُكُوعِهِ لِلتَّكْبِيرِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لِسُنَّةٍ، بِخِلَافِ مَنْ رَجَعَ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِلتَّشَهُّدِ لِلْخِلَافِ فِيهَا. (وَسَجَدَ) الشَّخْصُ (غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ) مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ (قَبْلَهُ) أَيْ السَّلَامِ النَّقْصُ بِتَرْكِ التَّكْبِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَلَوْ وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. وَيَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَاحِدَةً بَعْدَهُ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ الْمُؤْتَمِّ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ الَّذِي تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَأَتَى بِهِ إمَامُهُ وَتَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَسْجُدُ لِحَمْلِهِ الْإِمَامِ عَنْهُ. (وَ) شَخْصٌ مَسْبُوقٌ (مُدْرِكٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مُحْرِمٌ خَلْفَ الْإِمَامِ حَالَ (الْقِرَاءَةِ) لِلْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ (يُكَبِّرُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ اسْتِنَانًا، وَأَوْلَى مُدْرِكٌ بَعْضَ التَّكْبِيرِ فَيَتْبَعُهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي بِهِ فِي خِلَالِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ (فَمُدْرِكُ) قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْسًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 461 ثُمَّ سَبْعًا بِالْقِيَامِ، وَإِنْ فَاتَتْ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ. وَهَلْ بِغَيْرِ الْقِيَامِ: تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ وَعَلَى أَنَّهَا أَوَّلُهَا يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ، فَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَقَالَ عج الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ احْتِيَاطًا فَإِنْ تَبَيَّنَتْ أُولَى فَظَاهِرٌ، وَإِنْ تَبَيَّنَتْ ثَانِيَةً قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ. وَقَالَ اللَّقَانِيُّ يُشِيرُ لِلْمَأْمُومِينَ فَإِنْ أَفْهَمُوهُ عَمِلَ عَلَى مَا فَهِمَ، وَإِلَّا رَجَعَ لِمَا قَالَهُ عج. (ثُمَّ) يُكَبِّرُ فِي قَضَاءِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى (سَبْعًا بِ) تَكْبِيرَةِ (الْقِيَامِ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ، وَأُجِيبَ بِبِنَائِهِ عَلَى قِيَامِهِ بِهِ (وَإِنْ فَاتَتْ) الثَّانِيَةُ الْمَسْبُوقَ بِأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا (قَضَى) الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ (الْأُولَى بِسِتٍّ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ. (وَهَلْ بِغَيْرِ) تَكْبِيرَةِ (الْقِيَامِ) فَيَكُونُ سَبْعًا بِهَا أَوْ السِّتَّ فَقَطْ، وَلَا يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِلشَّارِحِينَ فِي قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ مَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ كَبَّرَ وَجَلَسَ، ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ. فَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِسِتٍّ؛ فَفَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَسَنَدٌ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السِّتَّ هِيَ التَّكْبِيرُ الْمُخْتَصُّ بِالْعِيدِ ثُمَّ تَكْبِيرَةٌ يَقُومُ بِهَا لَا تَخْتَصُّ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا أَتَى بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ، وَهِيَ سِتٌّ. وَفَهِمَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ عَلَى الثَّانِي عَبْدُ الْحَقِّ هِيَ السِّتُّ فَقَطْ، وَيُعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي جَلَسَ عَقِبَهَا فِي قَضَاءِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ خَمْسٌ بِغَيْرِ الْقِيَامِ لِوُضُوحِهِ قَالَهُ تت الرَّمَاصِيُّ لَيْسَ اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَفْظَ أَبِي سَعِيدٍ إنَّمَا لَفْظُهُ، وَمَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ كَبَّرَ وَجَلَسَ ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَ وَالصَّلَاةَ. اهـ. فَتَعَقَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فَقَالَ نَقَصَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا الَّذِي يَقْضِي وَنَصُّ لَفْظِهَا فِي الْأُمِّ فَإِذَا قَضَى الْإِمَامُ صَلَاتَهُ قَامَ فَكَبَّرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ، فَقَوْلُهُ فِي الْأُمِّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ سِتًّا وَيَعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي كَبَّرَهَا قَبْلَ جُلُوسِهِ وَأَعْرِفُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 462 وَنُدِبَ: إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ، وَغُسْلٌ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ، وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ،   [منح الجليل] فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا اخْتِلَافًا هَلْ يُكَبِّرُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا، وَهُوَ شَيْءٌ مُحْتَمَلٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْفَرَائِضِ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الْجُلُوسَ فَكَبَّرَ وَجَلَسَ قَدْ قَالَ إنَّهُ إذَا قَامَ كَبَّرَ هَذَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ، فَقَدْ يَقُولُ قَائِلٌ كَمَا جَعَلَهُ هُنَا يُكَبِّرُ فَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يُكَبِّرُ إذَا قَامَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَدْ قِيلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْأُمِّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ سِتًّا فَقَطْ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَنَّهُ فِي الْفَرِيضَةِ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَهُوَ مُبْتَدِئٌ لِلْقِيَامِ، وَلَا بُدَّ لِمُبْتَدِئِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ مِنْ تَكْبِيرٍ، فَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِهَذَا. وَأَمَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَهُوَ حِينَ قِيَامِهِ يُكَبِّرُ غَيْرَ تَكْبِيرَةٍ فَمَا خَلَا مُبْتَدَأَ قِيَامِهِ مِنْ تَكْبِيرٍ فَافْتَرَقَا. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ، وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَاسْتِغْفَارٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ.» وَمَعْنَى عَدَمِ مَوْتِ قَلْبِهِ عَدَمُ تَحَيُّرِهِ عِنْدَ النَّزْعِ. وَفِي الْقَبْرِ وَالْقِيَامَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ عِنْدَ النَّزْعِ مُطْمَئِنًّا، وَكَذَا فِي الْقَبْرِ وَالْقِيَامَةِ. وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِوَقْتِ النَّزْعِ وَوَقْتِ الْقِيَامَةِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا التَّحَيُّرُ، وَقِيلَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا حَتَّى تَصُدَّهُ عَنْ الْآخِرَةِ. وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِإِحْيَاءِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ بِثُلُثِهِ الْأَخِيرِ، وَقِيلَ بِسَاعَةٍ وَنَحْوِهِ فِي أَذْكَارِ النَّوَوِيِّ، وَقِيلَ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ وَالْأَوْلَى اللَّيْلُ كُلُّهُ. (وَ) نُدِبَ (غُسْلٌ) كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِأَوَّلِ السُّدُسِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ (وَ) نُدِبَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ نَدْبُهُ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَالْفَاكِهَانِيُّ سُنِّيَّتَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْغَدِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لِلْيَوْمِ لَا لَهَا (وَتَطَيُّبٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً (وَتَزَيُّنٌ) كَذَلِكَ بِالثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ إنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِمُصَلٍّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ بِالنِّسْبَةِ (لِغَيْرِ مُصَلٍّ) رَاجِعٌ لِلْإِحْيَاءِ وَمَا بَعْدَهُ، وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ إظْهَارِ الزِّينَةِ وَالتَّطْبِيبِ فِي الْأَعْيَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا تَقَشُّفًا؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا أَيَّامَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 463 وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ، وَفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ، وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ، وَخُرُوجٌ بَعْدَ الشَّمْسِ، وَتَكْبِيرٌ فِيهِ حِينَئِذٍ لَا قَبْلَهُ، وَصُحِّحَ خِلَافُهُ   [منح الجليل] وَزِينَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ. وَوَرَدَ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» وَلَا يُنْكَرُ لَعِبُ الصِّبْيَانِ فِيهَا، وَضَرْبُ الدُّفِّ. فَقَدْ وَرَدَ إقْرَارُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ) لِلْمُصَلَّى؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ ذَاهِبٌ لِخِدْمَةِ مَوْلَاهُ، فَطُلِبَ تَوَاضُعُهُ رَجَاءً لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ، وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ، إذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا، وَمَفْهُومُ فِي ذَهَابِهِ عَدَمُ نَدْبِهِ فِي رُجُوعِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِفَرَاغِ الْعِبَادَةِ وَنُدِبَ رُجُوعٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى لِشَهَادَتِهِمَا وَالتَّصَدُّقِ عَلَى فُقَرَائِهِمَا، وَإِغَاظَةٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِمَا وَلِذَا طُلِبَ الْخُرُوجُ لِلصَّحْرَاءِ مَعَ إظْهَارِ الزِّينَةِ. (وَ) نُدِبَ (فِطْرٌ) ، وَكَوْنُهُ عَلَى رُطَبٍ فَتَمْرٍ فَمَاءٍ (قَبْلَهُ) أَيْ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ) مُبَادَرَةً بِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَوْجَبَ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ الَّذِي يَلِيهِ (وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُهُ) أَيْ الْفِطْرِ (فِي) عِيدِ (النَّحْرِ) لِيُفْطِرَ عَلَى زِيَادَةِ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَفَاؤُلًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ أَوَّلُ طَعَامِهِمْ زِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ. وَالْحَقُّ مَنْ لَا يُضَحَّى عَنْهُ يُضَحِّي حِفْظًا لِلسُّنَّةِ. (وَ) نُدِبَ (خُرُوجٌ) مِنْ الْبَيْتِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ (بَعْدَ) طُلُوعِ (الشَّمْسِ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ، وَأَصْلُ الْخُرُوجِ سُنَّةٌ لِمَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ، وَإِلَّا فَيَخْرُجْ بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ خُرُوجِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ بِحَيْثُ يَشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ الْمُصَلَّى. (وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرٌ فِيهِ) أَيْ الْخُرُوجِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَوْنِهِ بَعْدَ الشَّمْسِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ إنْ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فَقَالَ (لَا) يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ حَالَ خُرُوجِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ طُلُوعِ الشَّمْسِ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُشْرَعُ قَبْلَ وَقْتِهَا (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْخِلَافِ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُحِّحَ (خِلَافُهُ) أَيْ قَوْلُنَا لَا قَبْلَهُ، وَهُوَ التَّكْبِيرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَبْلَهُ، وَهُوَ مَا فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 464 وَجَهْرٌ بِهِ ، وَهَلْ لِمَجِيءِ الْإِمَامِ أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ؟ تَأْوِيلَانِ: وَنَحْرُهُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى. وَإِيقَاعُهَا بِهِ إلَّا بِمَكَّةَ وَرَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ فَقَطْ،   [منح الجليل] الْمَبْسُوطِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ دُخُولِ وَقْتِ التَّكْبِيرِ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي ابْتِدَائِهِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْإِسْفَارِ أَوْ الِانْصِرَافِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَابِعُهَا وَقْتُ غُدُوِّ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا لِلَّخْمِيِّ عَنْهَا وَلِابْنِ حَبِيبٍ وَلِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَلِابْنِ سَلَمَةَ. (وَ) نُدِبَ (جَهْرٌ بِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ بِإِسْمَاعِ مَنْ يَلِيهِ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ فَهِيَ بِدْعَةٌ. (وَهَلْ) يَنْتَهِي التَّكْبِيرُ (لِمَجِيءِ الْإِمَامِ) لِلْمُصَلَّى (أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ) أَيْ إحْرَامِهِ بِهَا، قَالَهُ عج، وَقَالَ الْعَدَوِيُّ أَيْ دُخُولُهُ مَحَلَّ صَلَاتِهِ الْخَاصَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا، الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ، وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ فِي تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَتَكْبِيرِ الْمَأْمُومِينَ ابْنُ نَاجِي افْتَرَقَ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِحَضْرَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي التَّكْبِيرِ، إذَا فَرَغَتْ أَحَدُهُمَا مِنْهُ كَبَّرَتْ الْأُخْرَى فَسُئِلَا عَنْهُ فَاسْتَحْسَنَاهُ. (وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (نَحْرُ أُضْحِيَّتِهِ بِالْمُصَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ الصَّحْرَاءِ، لِيُعْلِمَ النَّاسَ نَحْرَهُ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ. وَهَذَا فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ فَلَا يُنْدَبُ فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ لِعِلْمِ النَّاسِ نَحْرَهُ بِدُونِهِ. (وَ) نُدِبَ (إيقَاعُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (بِهِ) أَيْ الْمُصَلَّى وَصَلَاتُهُ بِمَسْجِدٍ بِلَا ضَرُورَةٍ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ (إلَّا بِمَكَّةَ) فَتُنْدَبُ فِي مَسْجِدِهَا لِمُشَاهَدَةِ الْكَعْبَةِ. وَهِيَ عِبَادَةٌ، لِخَبَرِ «يَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ، وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ، وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ» مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تُصَلَّى الْعِيدُ بِمَوْضِعَيْنِ فِي مِصْرٍ وَشَرْطُ إمَامِهَا أَنْ لَا يَكُونَ مُعِيدًا فَمَنْ صَلَّى فِي مَحَلٍّ وَانْتَقَلَ لِآخَرَ فَلَا تَصِحُّ خَلْفَهُ، وَتُعَادُ إلَى الزَّوَالِ (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، أَيْ التَّكْبِيرِ، وَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ (فَقَطْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 465 وَقِرَاءَتُهَا بِكَسَبِّحْ، وَالشَّمْسِ، وَخُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ، وَسَمَاعُهُمَا، وَاسْتِقْبَالُهُ وَبَعْدِيَّتِهِمَا، وَأُعِيدَتَا، إنْ قُدِّمَتَا، وَاسْتِفْتَاحٌ بِتَكْبِيرٍ، وَتَخَلُّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ وَإِقَامَةُ، مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ   [منح الجليل] فَرَفْعُهُمَا بِغَيْرِهَا مَكْرُوهٌ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى. (وَ) نُدِبَ (قِرَاءَتُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (بِكَسَبِّحْ) اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى بِتَمَامِهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (وَالشَّمْسِ) وَضُحَاهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا شَابَهَهُمَا مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ (وَ) نُدِبَ (خُطْبَتَانِ) لِصَلَاةِ الْعِيدِ (كَ) خُطْبَتَيْ (الْجُمُعَةِ) فِي الْجُلُوسِ قَبْلَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَالْقِيَامُ وَالْجَهْرُ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى سُنِّيَّتِهِمَا، وَنَصُّهُ خُطْبَةُ الْعِيدِ إثْرَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ. ابْنُ حَبِيبٍ يَذْكُرُ فِيهِمَا أَحْكَامَ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي عِيدِهِ وَالْأُضْحِيَّةَ فِي عِيدِهَا، وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهِمَا تَمَادَى لِبَعْدِيَّتِهِمَا. (وَ) نُدِبَ (سَمَاعُهُمَا) أَيْ الْإِنْصَاتُ حَالَ الْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ. هَذِهِ رِوَايَةُ الْقَرِينَيْنِ وَابْنِ وَهْبٍ وَظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوُجُوبُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ يَنْصِتُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءُ كَالْجُمُعَةِ. وَرَوَى الْقَرِينَانِ وَابْنُ وَهْبٍ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِمَا كَالْجُمُعَةِ. وَقَرَّرَ ابْنُ رُشْدٍ السَّمَاعَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَتَأَوَّلَهُ الْحَطّ بِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ وَاسْتَبْعَدَهُ الرَّمَاصِيُّ (وَ) نُدِبَ (اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ ذَاتِ الْخَطِيبِ حَالَ خُطْبَتِهِ، فَلَا يَكْفِي اسْتِقْبَالُ جِهَتِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ انْتِظَارِهِمْ صَلَاةً. (وَ) نُدِبَ (بَعْدِيَّتِهِمَا) أَيْ كَوْنُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالرَّاجِحُ سُنِّيَّتُهَا (وَأُعِيدَتَا) أَيْ الْخُطْبَتَانِ نَدْبًا (إنْ قُدِّمَتَا) عَلَى الصَّلَاةِ، وَقَرُبَ وَاسْتِنَانًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَ) نُدِبَ (اسْتِفْتَاحٌ) لَهُمَا (بِتَكْبِيرٍ وَ) نُدِبَ (تَخَلُّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِسَبْعٍ فِي الِاسْتِفْتَاحِ وَثَلَاثٍ فِي التَّحْلِيلِ كَمَا قِيلَ. وَنُدِبَ تَكْبِيرُ سَامِعِهِ سِرًّا ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْتَتِحَ خُطْبَتَيْهِ بِالتَّكْبِيرِ وَلَيْسَ فِيهِ حَدٌّ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ. (وَ) نُدِبَ (إقَامَةُ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (مَنْ) أَيْ شَخْصٌ (لَمْ يُؤْمَرْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 466 بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ وَتَكْبِيرُهُ إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً، وَسُجُودِهَا الْبَعْدِيِّ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ. لَا نَافِلَةٍ وَمَقْضِيَّةٍ فِيهَا مُطْلَقًا، وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ قَرُبَ. وَالْمُؤْتَمُّ إنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ، وَلَفْظُهُ   [منح الجليل] الْمِيمِ (بِهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وُجُوبًا أَوْ الْعِيدِ اسْتِنَانًا لِعَدَمِ اسْتِيفَائِهِ شُرُوطَهَا كَصَبِيٍّ وَرِقٍّ وَمَرْأَةٍ وَمُسَافِرٍ، وَأَهْلِ قَرْيَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إلَّا الْحُجَّاجَ، فَتُكْرَهُ لَهُمْ جَمَاعَةً، وَأَفْذَاذًا. وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ إقَامَتَهَا مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ فَذًّا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهَا فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُقِيمُهَا فَذًّا لَا جَمَاعَةً فَتُكْرَهُ. وَقِيلَ لَا يُقِيمُهَا إلَّا جَمَاعَةً وَلَا فَذًّا كَذَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ (أَوْ) يُؤْمَرُ بِهَا وَ (فَاتَتْهُ) أَيْ صَلَاةُ الْعِيدِ الْمَأْمُورِ بِهَا اسْتِنَانًا مَعَ الْإِمَامِ لِعُذْرٍ أَوْ لَا فَيُنْدَبُ لَهُ صَلَاتُهَا فَذًّا لَا جَمَاعَةً عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ قُلْت كَوْنُهَا سُنَّةَ عَيْنٍ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ. قُلْت سُنِّيَّتُهَا عَيْنًا مَشْرُوطَةً بِفِعْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ. (وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ) أَيْ الْمُصَلِّي وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ مُسَافِرًا، وَتُسْمِعُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَقَطْ وَالذَّكَرُ مَنْ يَلِيهِ (إثْرَ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَوْ فَتْحِهِمَا أَيْ عَقِبَ (خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً) حَاضِرَةً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إثْرَ سِتَّ عَشْرَةَ فَرِيضَةً مِنْ ظُهْرِ الْعَاشِرِ لِظُهْرِ الرَّابِعِ (وَ) إثْرَ (سُجُودِ) سَهْوِ (هَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ (الْبَعْدِيِّ) إنْ كَانَ، وَقَبْلَ الْمُعَقِّبَاتِ مُبْتَدَأَةً (مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) أَوَّلَ أَيَّامِهِ، وَهُوَ عَاشِرُ ذِي الْحَجَّةِ لِصُبْحِ رَابِعِهِ (لَا) يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ إثْرَ (نَافِلَةٍ وَمَقْضِيَّةٍ فِيهَا) أَيْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا فَاتَتْهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ فِي غَيْرِهَا فَيُكْرَهُ عَقِبَهُمَا. (وَكَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَى بِالتَّكْبِيرِ (نَاسِيهِ) أَوْ مُتَعَمِّدُ تَرْكِهِ (إنْ قَرُبَ) بِالْعُرْفِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ (وَ) كَبَّرَ الشَّخْصُ (الْمُؤْتَمُّ إنْ تَرَكَهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ (إمَامُهُ) وَنُدِبَ لَهُ تَنْبِيهُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْكَلَامِ (وَ) نُدِبَ (لَفْظُهُ) أَيْ التَّكْبِيرِ الْوَارِدِ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 467 وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَحَسَنٌ. وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلًّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا. لَا بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا. (فَصْلٌ) سُنَّ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ   [منح الجليل] رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَهُوَ) كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا) مُتَوَالِيَاتٍ بِدُونِ زِيَادَةٍ فَهِيَ بِدْعَةٌ. (وَإِنْ قَالَ) الْمُكَبِّرُ (بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ) مُدْخِلًا عَلَيْهِمَا وَاوَ الْعَطْفِ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَ) هَذَا (حَسَنٌ) وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَقِيلَ هَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ حَسَنٌ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَنَفُّلٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالنُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً (بِمُصَلًّى) لِلْعِيدِ (قَبْلَهَا) لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ، الَّذِينَ يَرَوْنَ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ غَيْرِ مَعْصُومٍ (وَبَعْدَهَا) أَيْ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلصَّحْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ (لَا) يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ (بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا) أَيْ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إنْ صُلِّيَتْ بِهِ لِطَلَبِ التَّحِيَّةِ قَبْلَهَا وَنُدُورِ حُضُورِ أَهْلِ الْبِدَعِ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ. [فَصْلٌ فِي صَلَاة الْكُسُوف وَالْخُسُوف] (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ. (سُنَّ) عَيْنًا لِلْمَأْمُورِ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ نَدْبًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ كِفَايَةً سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رِقًّا، حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا. ابْنُ حَبِيبٍ. صَلَاةُ الْخُسُوفِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ عَرَفَةَ. وَفِي تَعَلُّقِهَا بِكُلِّ مَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَخُصُوصِهَا بِمَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ وَاسْتَغْرَبَ أَمْرَ الصَّبِيِّ بِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا وَبِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْعِيدِ الْأَوْكَدِ مِنْ الْكُسُوفِ نَدْبًا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 468 وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ: رَكْعَتَانِ سِرًّا، بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ، وَرَكْعَتَانِ   [منح الجليل] وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُتَكَرِّرَةٌ فَخَفَّ طَلَبُهَا مِنْهُ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِ، وَبِتَكَرُّرِ الْعِيدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُسُوفِ وَبِأَنَّ الْكُسُوفَ آيَةٌ مَخُوفَةٌ لِلْعِبَادِ، وَالصَّبِيُّ مَرْجُوُّ الْقَبُولِ فَتَأَكَّدَ طَلَبُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُخَاطَبْ بِخُسُوفِ الْقَمَرِ، وَإِنْ كَانَ آيَةً أَيْضًا لِغَلَبَةِ نَوْمِهِ مِنْ الْغُرُوبِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ مُصِيبَةَ الشَّمْسِ إنْ كَانَ مَأْمُورُ الصَّلَاةِ بَلَدِيًّا. بَلْ (وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ) أَيْ بَدْوِيٍّ مَنْسُوبٍ لِلْعَمُودِ لِرِفْعَةِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ اللَّامِ. (وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ) لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ بِأَنْ تَرَاخَى سَيْرُهُ أَوْ جَدَّ لِغَيْرِ مُهِمٍّ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ جَدَّ لِمُهِمٍّ فَلَا تُسَنُّ لَهُ قَرَّرَهُ تت وعبق وَالسَّنْهُورِيُّ الْعَدَوِيُّ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَصِلَةُ سُنَّ (لِكُسُوفِ الشَّمْسِ) أَيْ ذَهَابِ ضِيَائِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا مَا لَمْ يَقُلْ جِدًّا حَتَّى لَا يَعْرِفَهُ إلَّا أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ قَبْلُ. الْخُسُوفُ وَالْكُسُوفُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى ذَهَابِ الضَّوْءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِشَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ. وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الْقَمَرِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ بَعْضِ الضَّوْءِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ جَمِيعِهِ، وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ الضَّوْءِ كُلِّهِ وَالْخُسُوفُ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَمَفْهُومُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُشْرَعُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يُصَلَّى لِلزَّلْزَلَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَهُ. وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (رَكْعَتَانِ) يَقْرَأُ فِيهِمَا (سِرًّا) ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ نَهَارِيٌّ لَا خُطْبَةَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ جَهْرًا لِئَلَّا يَسْأَمَ الْمَأْمُومُونَ وَاسْتَحَبَّهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَبِهِ عَمِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ (بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ) فِي الرَّكْعَتَيْنِ اسْتِنَانًا. فَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامٌ وَرُكُوعٌ زَائِدَانِ عَلَى قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا الْأَصْلِيَّيْنِ، وَهُمَا الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلَانِ، فَإِنْ سَهَا عَنْهُمَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ. (وَرَكْعَتَانِ) الْمُتَبَادَرُ عَطْفُهُ عَلَى رَكْعَتَانِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى سُنِّيَّةِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى نَدْبِهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 469 رَكْعَتَانِ لِخُسُوفِ قَمَرٍ كَالنَّوَافِلِ جَهْرًا بِلَا جَمْعٍ وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ مُوَالِيَاتِهَا فِي الْقِيَامَاتِ   [منح الجليل] وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ اللَّخْمِيُّ وَالْجَلَّابُ سُنَّةٌ ابْنُ بَشِيرٍ وَالتَّلْقِينُ فَضِيلَةٌ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ رَكْعَتَانِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَالنَّوَافِلِ وَأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى نَدْبِهَا. (رَكْعَتَانِ) أَيْ فَرَكْعَتَانِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ بِعَاطِفٍ مَحْذُوفٍ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْجَلِيَ أَوْ يَغِيبَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ. وَأَصْلُ النَّدْبِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ، وَالزِّيَادَةُ أَكْمَلُ (لِخُسُوفِ) أَيْ ذَهَابِ ضَوْءِ (قَمَرٍ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مَا لَمْ يَقُلْ جِدًّا (كَالنَّوَافِلِ) فِي الْكَيْفِيَّةِ بِلَا زِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا (جَهْرًا) ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ لَيْلِيٌّ (بِلَا جَمْعٍ) مِنْ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فَيُصَلُّونَهَا أَفْذَاذًا فِي بُيُوتِهِمْ. وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ، وَفِي صَلَاتِهَا عَقِبَ الْفَجْرِ إذَا لَمْ يَغِبْ أَوْ طَلَعَ الْقَمَرُ مُنْخَسِفًا قَوْلَانِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْإِمَامِ التِّلْمِسَانِيِّ عَلَى الْجَوَازِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا، وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَلَى عَدَمِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ لَهَا وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ. . (وَنُدِبَ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ (بِالْمَسْجِدِ) لَا بِالْمُصَلَّى خَوْفًا مِنْ انْجِلَائِهَا قَبْلَ وُصُولِهِ فَتَفُوتُ السُّنَّةُ، وَهَذَا إنْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ، وَأَمَّا الْفَذُّ فَيُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ. (وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةُ) سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى. (ثُمَّ) نُدِبَ قِرَاءَةُ (مُوَالِيَاتِهَا) أَيْ السُّوَرِ الطِّوَالِ الَّتِي تَلِي الْبَقَرَةَ (فِي) بَقِيَّةِ (الْقِيَامَاتِ) فَيَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَقِبَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ عَقِبَهَا سُورَةَ النِّسَاءِ، وَفِي الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ عَقِبَهَا سُورَةَ الْمَائِدَةِ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ طُولُ الْقِرَاءَةِ بِقَدْرِهَا سَوَاءٌ قَرَأَ هَذِهِ السُّوَرَ أَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا وَنَصُّهَا، وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ نَحْوَ الْبَقَرَةِ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ الْمَتْنِ إلَيْهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ نَحْوِ الْبَقَرَةِ إلَخْ. وَقِيلَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُرَدُّ إلَيْهِ كَلَامُهَا يَجْعَلُ إضَافَةَ نَحْوِ لِلْبَيَانِ وَاسْتُظْهِرَ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ. وَفِي إعَادَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 470 وَوَعْظٌ بَعْدَهَا وَرَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ وَسَجَدَ كَالرُّكُوعِ وَوَقْتُهَا: كَالْعِيدِ   [منح الجليل] وَ) نُدِبَ (وَعْظٌ) مِنْ الْإِمَامِ لِلنَّاسِ (بَعْدَهَا) أَيْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ يَنْصَحُهُمْ فِيهِ وَيُذَكِّرُهُمْ بِالْعَوَاقِبِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيُقَالُ السَّعِيدُ مَنْ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ وَالشَّقِيُّ مَنْ اتَّعَظَ بِهِ غَيْرُهُ. وَجَلَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِعْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوَعْظِ. وَإِنَّ تَسْمِيَةَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَهُ خُطْبَةً؛ لِأَنَّهُ مَوْعِظَةٌ عَلَى سَبِيلِ مَا يَأْتِي فِي الْخُطَبِ. رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْتَقْبِلُ الْإِمَامُ النَّاسَ بَعْدَ سَلَامِهِ فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ وَيُكَبِّرُوا وَيَتَصَدَّقُوا. ابْنُ يُونُسَ وَلَا خُطْبَةَ مُرَتَّبَةً فِيهَا. (وَرَكَعَ) أَيْ أَطَالَ فِي كُلِّ رُكُوعٍ (كَ) طُولِ (الْقِرَاءَةِ) الَّتِي قَبْلَهُ نَدْبًا، وَقِيلَ اسْتِنَانًا فَيَسْجُدُ إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا أَوْ يُسَبِّحُ فِيهِ فَقَطْ (وَسَجَدَ) أَيْ أَطَالَ السُّجُودَ نَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا (كَ) إطَالَةِ (الرُّكُوعِ) الثَّانِي وَلَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إجْمَاعًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ الرُّكُوعَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الطُّولِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ قَدْرَهَا وَيُقَرِّبُ السُّجُودَ مِنْ الرُّكُوعِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ قَدْرَهُ، وَيُفِيدُ هَذَا التَّشْبِيهَ فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُسَاوِي الْمُشَبَّه بِهِ. عَبْدُ الْوَهَّابِ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْدُوبٌ سَنَدٌ سَنَةٌ يَسْجُدُ لِتَرْكِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَزَرُّوقٌ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْمَتْنِ بِتَغْيِيرِ الْأُسْلُوبِ وَمَحَلُّ نَدْبِ التَّطْوِيلِ مَا لَمْ يَضُرَّ الْمَأْمُومِينَ أَوْ يُخَفْ خُرُوجُ وَقْتِهَا قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ قِيَامِهَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَقِبَ مَرَضِهَا حَتَّى تَجَلَّاهَا الْغَشْيُ، أَيْ الْإِغْمَاءُ وَجَعَلَتْ تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا. لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ مُخَصِّصَةً لِلنَّهْيِ عَنْ التَّطْوِيلِ الضَّارِّ بِالْمَأْمُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَوَقْتُهَا) أَيْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ (كَ) وَقْتِ صَلَاةِ (الْعِيدِ) فِي أَنَّهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ فَلَوْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً أَوْ زَالَتْ كَذَلِكَ أَوْ كَسَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا تُصَلَّى عَلَى رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِغُرُوبِهَا. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ طُلُوعِهَا إلَى الْعَصْرِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 471 وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ وَلَا تُكَرَّرُ. ، وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا، فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ: قَوْلَانِ.   [منح الجليل] (وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ) مَعَ الْإِمَامِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ (بِالرُّكُوعِ) الثَّانِي مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ كَالْفَاتِحَةِ قَبْلَهُ، وَأَمَّا الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ فَسُنَّةٌ كَالْقِيَامِ قَبْلَهُ وَالْفَاتِحَةُ الَّتِي فِيهِ. وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا. وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِمَّا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلَّ قِرَاءَةٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ إنْ كَانَ مُشْكِلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ كَمَظْرُوفِهِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا تَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا رَكْعَتَانِ، وَالْفَاتِحَةُ لَا تُكَرَّرُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ شَاذٌّ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ. وَزِيَادَةُ خُلُوِّ الْقِيَامِ الْوَاجِبِ عَنْ الْفَاتِحَةِ إنْ كَانَ. قَالَ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ. (وَلَا تُكَرَّرُ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ إنْ أَتَمَّتْ قَبْلَ انْجِلَائِهَا وَالزَّوَالُ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَتَمُّوا صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالشَّمْسُ بِحَالِهَا فَلَا يُعِيدُوا الصَّلَاةَ وَلَكِنْ يَدْعُونَ، وَمَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ قَالَ عج أَيْ يُمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ صَلَاةٍ لَا يَسُوغُ فِعْلُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا عِنْدَ سَبَبِهَا الْخَاصِّ، وَقَدْ أُخِذَ مُسَبِّبُهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ الْأُولَى. اهـ وَتَبِعَهُ عب. وشب إلَّا أَنْ تَنْجَلِيَ وَتَنْكَسِفَ ثَانِيًا قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَكَرَّرَ السَّبَبُ الثَّانِي. وَكَذَا إنْ كَسَفَتْ ثَانِي يَوْمٍ سَنَدٌ لَوْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْقَمَرُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْكُسُوفَ كُلَّ مَرَّةٍ. (وَإِنْ انْجَلَتْ) الشَّمْسُ كُلُّهَا (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَقِبَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا (فَفِي إتْمَامِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (كَالنَّوَافِلِ) بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ فَقَطْ بِلَا تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ لِسَبَبٍ، وَقَدْ زَالَ، أَوْ عَلَى سُنَّتِهَا لَكِنْ بِلَا تَطْوِيلٍ. وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ انْجَلَتْ قَبْلَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ اتِّفَاقًا. وَقِيلَ تُقْطَعُ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا. حَتَّى قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا خِلَافَ فِي إتْمَامِهَا فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ انْجَلَى بَعْضُهَا أُتِمَّتْ بِهَيْئَتِهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ زَالَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ كَانَ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 472 وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ، ثُمَّ كُسُوفٌ ثُمَّ عِيدٌ وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ   [منح الجليل] أُتِمَّتْ بِصِفَتِهَا لِإِدْرَاكِ الْوَقْتِ بِرَكْعَةٍ، وَإِلَّا أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وُجُوبًا عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ (فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) كَقِتَالِ عَدُوٍّ فَجَاءُوا لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ هَلَاكِهِ، وَجِنَازَةٍ خِيفَ تَغَيُّرُهَا فَلَا يُقَالُ وَقْتُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةِ فَرْضٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَزَاحُمُهُمَا. (ثُمَّ) قُدِّمَ (كُسُوفٌ) عَلَى صَلَاةِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى نَدْبًا لِئَلَّا تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَفُوتُ سُنَّةُ الْكُسُوفِ وَوَقْتُ الْعِيدِ مُحَقَّقُ الْبَقَاءِ إلَى الزَّوَالِ فَيُؤَخَّرُ، وَإِنْ كَانَ أَوْكَدَ وَاسْتُشْكِلَ اجْتِمَاعُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فِي يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَعِيدُ الْفِطْرِ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِيهِ مَنْزِلَةٌ تَامَّةٌ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دَرَجَةً وَعِيدُ الْأَضْحَى عَاشِرُهُ وَبَيْنَهُمَا عَشَرُ مَنَازِلَ نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَسَبَبُ الْكُسُوفِ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّمْسِ، فَلَا يُمْكِنُ إلَّا حَالَ اجْتِمَاعِهِمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ. هَذَا كَلَامُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ. وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْكُسُوفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ فَيَتَصَرَّفُ بِمَا يُرِيدُ. وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ لِلْحَطِّ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ إنَّ الشَّمْسَ كُسِفَتْ يَوْمَ مَوْتِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ. وَوَرَدَ أَنَّهَا كُسِفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ. وَقِيلَ فِي رَابِعِهِ، وَقِيلَ فِي رَابِعِ عَشَرِهِ. وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ. (ثُمَّ) قُدِّمَ (عِيدٌ) عَلَى اسْتِسْقَاءٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْكَدُ مِنْهُ (وَأُخِّرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ (الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ عَنْ الْعِيدِ نَدْبًا (لِيَوْمٍ آخَرَ) ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ يَوْمُ تَجَمُّلٍ، وَإِظْهَارِ زِينَةٍ، وَالِاسْتِسْقَاءُ يَكُونُ فِي ثِيَابِ الْمِهْنَةِ إنْ لَمْ يُضْطَرَّ، وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. فَلَوْ اجْتَمَعَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ قُدِّمَ الْكُسُوفُ لِئَلَّا يَفُوتَ بِالِانْجِلَاءِ وَيُصَلَّى الِاسْتِسْقَاءُ بَعْدَهُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 473 (فَصْلٌ) سُنَّ الِاسْتِسْقَاءُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ بِنَهْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ بِسَفِينَةٍ رَكْعَتَانِ جَهْرًا ، وَكُرِّرَ إنْ تَأَخَّرَ ، وَخَرَجُوا ضُحًى مُشَاةً: بِبِذْلَةِ، وَتَخَشُّعٍ مَشَايِخُ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي صَلَاة الِاسْتِسْقَاءُ] ِ (سُنَّ) عَيْنًا لِذَكَرٍ بَالِغٍ وَلَوْ عَبْدًا مَعَ الْإِمَامِ وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ (الِاسْتِسْقَاءُ) أَيْ صَلَاتُهُ وَنُدِبَ لِمُتَجَالَّةٍ وَصَبِيٍّ وَمَنْ فَاتَتْهُ (لِزَرْعٍ) أَيْ نَبَاتِهِ أَوْ حَيَاتِهِ (أَوْ) لِأَجْلِ (شُرْبٍ) لِآدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَصِلَةُ الِاسْتِسْقَاءِ (بِنَهْرٍ) كَنِيلٍ تَوَقَّفَ أَوْ تَخَلَّفَ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ النَّهْرِ كَمَطَرٍ كَذَلِكَ أَوْ عَيْنٍ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ لِطَلَبِ السَّعَةِ وَالْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ سُنَّةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ بِبَلَدٍ أَوْ صَحْرَاءَ بَلْ (وَإِنْ بِسَفِينَةٍ) بِبَحْرٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ (رَكْعَتَانِ) بَدَلُ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا (جَهْرًا) نَدْبًا؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ خُطْبَةٍ وَلَا تَرِدُ ظُهْرُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِتَعْلِيمِ الْمَنَاسِكِ لَا لَهَا. (وَكُرِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الِاسْتِسْقَاءُ اسْتِنَانًا لِلزَّرْعِ أَوْ الشُّرْبِ فِي يَوْمٍ آخَرَ. قَالَهُ عبق وَتَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ. الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّدْبُ الْأَمِيرُ. الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عبق، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ أَمْرٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ (إنْ تَأَخَّرَ) الْمَطْلُوبُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ، أَوْ حَصَلَ دُونَ الْكِفَايَةِ (وَخَرَجُوا) نَدْبًا إلَى الْمُصَلَّى (ضُحًى) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا لِلزَّوَالِ حَالَ كَوْنِهِمْ (مُشَاةً) تَوَاضُعًا، وَإِظْهَارًا لِلْفَاقَةِ (بِ) ثِيَابٍ (بِذْلَةٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مِهْنَةٍ وَخِسَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلَابِسِهَا. (وَتَخَشُّعٍ) أَيْ إظْهَارِ خُشُوعٍ وَخُضُوعٍ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْإِجَابَةِ (مَشَايِخُ) أَيْ رِجَالٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 474 وَمُتَجَالَّةٌ، وَصِبْيَةٌ. لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ وَبَهِيمَةٌ وَحَائِضٌ. وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ، وَانْفَرَدَ لَا بِيَوْمٍ. ثُمَّ خَطَبَ: كَالْعِيدِ، وَبَدَّلَ التَّكْبِيرَ بِالِاسْتِغْفَارِ، وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ   [منح الجليل] بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ وَاوِ خَرَجُوا وَالضَّمِيرُ مُقَدَّرٌ أَيْ مِنْهُمْ (وَ) مَرْأَةٌ (مُتَجَالَّةٌ) أَيْ عَجُوزٌ وَلَوْ بَقِيَ فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ وَكُرِهَ لِشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ وَلَا تُمْنَعُ إنْ خَرَجَتْ وَحَرُمَ عَلَى مَخْشِيَّةٍ (وَصِبْيَةٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ صَبِيٍّ يَعْقِلُونَ الْقُرْبَةَ. (لَا) يَخْرُجُ (مَنْ لَا يَعْقِلُ) أَيْ يَعْرِفُ الْقُرْبَةَ (مِنْهُمْ) أَيْ الصَّبِيَّةُ. (وَ) لَا تَخْرُجُ (بَهِيمَةٌ) مِنْ الْأَنْعَامِ أَوْ غَيْرِهَا فَخُرُوجُهُمْ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ، وَقِيلَ يُنْدَبُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلَوْلَا أَشْيَاخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا» . وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْلَا وُجُودُهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَوْلَا حُضُورُهُمْ (وَ) لَا (حَائِضٍ) وَنُفَسَاءُ فَيُكْرَهُ خُرُوجُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ. (وَلَا يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ الْخُرُوجِ لِلِاسْتِسْقَاءِ كَافِرٍ (ذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ إلَى الذِّمَّةِ أَيْ الْعَهْدِ مِنْ الْإِمَامِ بِالْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي نَظِيرِ الْتِزَامِهِ الْجِزْيَةَ وَنُفُوذِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِيهِ. وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ مَجُوسِيًّا، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ صَلِيبِهِ إنْ انْعَزَلَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَانٍ، وَإِلَّا مُنِعَ. (وَانْفَرَدَ) الذِّمِّيُّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا بِمَكَانٍ (لَا بِيَوْمٍ) أَيْ زَمَنٍ ابْنُ حَبِيبٍ يَخْرُجُونَ وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَيَعْتَزِلُونَهُمْ فِي نَاحِيَةٍ وَلَا يَخْرُجُونَ قَبْلَ النَّاسِ وَلَا بَعْدَهُمْ، خَشْيَةَ أَنْ يَسْبِقَ الْقَدَرُ بِالسَّقْيِ فِي وَقْتِهِ فَيُفْتَتَنُ بِهِ ضُعَفَاءُ الْإِيمَانِ. (ثُمَّ خَطَبَ) الْإِمَامُ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ نَدْبًا خُطْبَتَيْنِ (كَ) خُطْبَتَيْ (الْعِيدِ) فِي الْجُلُوسِ قَبْلَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَالتَّوَكُّؤِ عَلَى عَصًا وَلَا يَدْعُو لِأَحَدٍ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى الدُّعَاءِ بِرَفْعِ مَا بِهِمْ (وَبَدَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ (التَّكْبِيرَ) الَّذِي فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ (بِالِاسْتِغْفَارِ) بِلَا حَدٍّ فَيَفْتَحُهُمَا وَيُخَلِّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ (وَبَالَغَ) الْإِمَامُ وَالْحَاضِرُونَ (فِي الدُّعَاءِ) بِرَفْعِ مَا نَزَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 475 آخِرَ الثَّانِيَةِ مُسْتَقْبِلًا، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ: يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلَا تَنْكِيسٍ. وَكَذَا الرِّجَالُ، فَقَطْ قُعُودًا. وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ وَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ وَصَدَقَةٌ، وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا الْإِمَامُ،   [منح الجليل] بِهِمْ (آخِرَ) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ عَقِبَ فَرَاغِهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَقْبِلًا) الْقِبْلَةَ (ثُمَّ حَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ (رِدَاءَهُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ) أَيْ يَجْعَلُ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَعَكْسُهُ. فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ خَلْفِهِ طَرَفَ الرِّدَاءِ الَّذِي عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ كَذَلِكَ مَا عَلَى الْأَيْمَنِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ (بِلَا تَنْكِيسٍ) لِلرِّدَاءِ، أَيْ جَعْلُ حَاشِيَتِهِ الْعُلْيَا سُفْلَى وَعَكْسُهُ تَفَاؤُلًا بِتَحْوِيلِ اللَّهِ تَعَالَى حَالَهُمْ مِنْ الْجَدْبِ إلَى الْخِصْبِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ التَّحْوِيلَ عَقِبَ الِاسْتِقْبَالِ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ. (وَكَذَا) أَيْ الْإِمَامُ فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ (الرِّجَالُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ حَالَ كَوْنِهِمَا (قُعُودًا) وَلَا يُكَرِّرُ الْإِمَامُ وَلَا الرِّجَالُ التَّحْوِيلَ (وَنُدِبَ خُطْبَةٌ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِخُطْبَتَيْنِ (بِالْأَرْضِ) مَصَبُّ النَّدْبِ تَوَاضُعًا، وَتُكْرَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ (وَ) نُدِبَ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ) أَيْ الْخُرُوجِ لِلْمُصَلَّى فَيَخْرُجُونَ مُفْطِرِينَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ كَالْحُجَّاجِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحُجَّاجَ مُسَافِرُونَ فَيُضْعِفُهُمْ الصَّوْمُ، وَهَؤُلَاءِ مُقِيمُونَ فَلَا يُضْعِفُهُمْ، فَلِذَا اعْتَمَدَ الْبُنَانِيُّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يَخْرُجُونَ صَائِمِينَ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ. (وَ) نُدِبَ (صَدَقَةٌ) قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَتَجْلِبُ الرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ (وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا) أَيْ الصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ (الْإِمَامُ) النَّاسَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهِمَا فَتَجِبُ طَاعَتُهُ، قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصُّ الْبَيَانِ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آخِرُهَا الْيَوْمُ الَّذِي يَبْرُزُونَ فِيهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ. الْمَوَّاقُ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الصَّوْمِ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَلَا يَنْفِي عَلَى الْعُمُومِ وَيُوَكَّلُونَ فِيهِ لِاخْتِيَارِهِمْ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ الْإِمَامُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَحْدَهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحُضُّ الْإِمَامُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَأْمُرُ بِالطَّاعَةِ وَالْحَذَرِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ. ابْنُ شَاسٍ يَأْمُرُهُمْ بِالتَّقَرُّبِ وَالصَّدَقَةِ وَحَكَى الْجُزُولِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا فَالْمُعْتَمَدُ فِي الصَّدَقَةِ الْأَمْرُ بِهَا وَفِي الصَّوْمِ عَدَمُ الْأَمْرِ بِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 476 بَلْ بِتَوْبَةٍ، وَرَدِّ تَبِعَةٍ وَجَازَ تَنَفُّلٌ: قَبْلَهَا، وَبَعْدَهَا. وَاخْتَارَ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ. قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ.   [منح الجليل] بَلْ) يَأْمُرُهُمْ (بِتَوْبَةٍ) أَيْ إقْلَاعٍ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَتَنْدَمُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا، وَإِنْ عَادَ فَلَا تُنْتَقَضُ، وَيَجِبُ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ (وَ) بِ (رَدِّ تَبِعَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَظْلَمَةٌ مَوْجُودَةٍ بِعَيْنِهَا إلَى أَهْلِهَا، وَهَذَا تَضَمَّنَتْهُ التَّوْبَةُ وَإِلَّا عَدَمُ الْإِقْلَاعِ الَّذِي هُوَ رُكْنُهَا. فَإِنْ فَاتَتْ عَيْنُهَا فَرَدُّ عِوَضِهَا وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهَا مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا. وَتَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي مَقْبُولَةٌ ظَنًّا عَلَى التَّحْقِيقِ. وَقِيلَ قَطْعًا. وَعَلَى كُلٍّ إذَا أَذْنَبَ بَعْدَهَا لَا تَعُودُ ذُنُوبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورُ عَدَمُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا. وَقِيلَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَهُمَا دُونَ الْكَافِرِ. (وَجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (وَبَعْدَهَا) وَلَوْ بِالْمُصَلَّى. وَفَرَّقَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِيدِ بِأَنَّهُ نُسُكٌ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِهِ وَبِمَحَلِّهِ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَكَانَ اخْتِصَاصُ مَحَلِّهَا بِهَا فِي يَوْمِهَا مِنْ خُصُوصِ حُكْمِهَا. وَالِاسْتِسْقَاءُ إنَّمَا قَصَدَ الْإِقْلَاعَ عَنْ الْخَطَايَا وَالِاسْتِغْفَارَ وَالْإِقْبَالَ عَلَى التَّقْوَى وَالْإِكْثَارَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ. وَلِذَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْعِتْقُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْخُشُوعُ وَالدُّعَاءُ فَكَانَ التَّنَفُّلُ بِهِ أَلْيَقَ وَأَحْسَنَ. (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (إقَامَةَ) أَيْ صَلَاةِ (غَيْرِ الْمُحْتَاجِ) لِلْمَاءِ لِلِاسْتِسْقَاءِ، وَهُوَ بِمَحَلِّهِ نَدْبًا (لِلْمُحْتَاجِ) لِلْمَاءِ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ وَلَوْ بَعُدَ مَكَانُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَفِيهِ) أَيْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (نَظَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَنُقِلَ إلَيْنَا فَالْوَجْهُ كَرَاهَةُ صَلَاةِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ لِلْمُحْتَاجِ وَيَدْعُو لَهُ كَمَا تُفِيدُهُ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 477 فَصْلٌ) فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ بِمُطَهِّرٍ. وَلَوْ بِزَمْزَمَ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَدَفْنِهِ، وَكَفْنِهِ، وَسُنِّيَّتِهِمَا: خِلَافٌ وَتَلَازَمَا،   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْمَيِّتِ] ِ (فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ) الْمُسْلِمِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمَسْبِيِّ الْمَجُوسِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَتْ لَهُ حَيَاةٌ مُحَقَّقَةٌ وَلَيْسَ شَهِيدَ مَعْرَكَةٍ الْمَوْجُودُ كُلُّهُ أَوْ جُلُّهُ. وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَصِلَةُ غُسْلُ (بِ) مَاءٍ (مُطَهِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَافِعٍ لِلْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ، وَهُوَ الْمُطْلَقُ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَجُوزُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ (وَلَوْ بِ) مَاءِ (زَمْزَمَ) لِأَنَّهُ طَهُورٌ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ وَتُرْجَى بَرَكَتُهُ لِلْمَيِّتِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَجُوزُ غُسْلُ مَيِّتٍ وَلَا نَجَاسَةَ بِهِ لِتَشْرِيفِهِ وَتَكْرِيمِهِ. وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَيُوَافِقُ الْمَشْهُورَ. (وَ) فِي وُجُوبِ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) كِفَايَةٌ فِيهِمَا. وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَشَهَّرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ كِفَايَةً فَقَطْ فَقَالَ (كَدَفْنِهِ) أَيْ مُوَارَاةِ الْمَيِّتِ فِي التُّرَابِ (وَكَفْنِهِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ إدْرَاجِ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ فَيَجِبَانِ كِفَايَةً اتِّفَاقًا (وَسُنِّيَّتِهِمَا) أَيْ غُسْلِ الْمَيِّتِ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَشَهَّرَهَا ابْنُ بَزِيزَةَ. وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَاسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَنَدٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ أَرْجَحُهُ الْأَوَّلُ. (وَتَلَازَمَا) أَيْ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ أَوْ بَدَلُهُ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ فِي الطَّلَبِ فَكُلُّ مَنْ وَجَبَ غُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَجِبْ غُسْلُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ. مِثَالُ الْأَوَّلِ الْمَيِّتُ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَة، وَمِثَالُ الثَّانِي مَنْ تَخَلَّفَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 478 وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّدًا بِلَا نِيَّةٍ ، وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ   [منح الجليل] عَنْهُ وَصْفٌ مِنْهَا عج لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ خُشِيَ تَقَطُّعُ جَسَدِهِ بِغُسْلِهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُغَسَّلُ لِقِيَامِ تَيَمُّمِهِ مَقَامَ غُسْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ وَتَلَازَمَا وَعَلَى هَذَا مُعْظَمُ أَشْيَاخِي وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ. وَقِيلَ يُصَلَّى عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَازُمُهُمَا فِي الطَّلَبِ. بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ، وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لِمَا ذُكِرَ فَغُسْلُهُ مَطْلُوبٌ ابْتِدَاءً، لَكِنْ سَقَطَ لِتَعَذُّرِهِ فَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَنْ فُقِدَ مِنْهُ شَرْطٌ فَلَا يُطْلَبُ غُسْلُهُ ابْتِدَاءً، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ. وَبِهَذَا قَرَّرَ مُصْطَفَى. (وَغُسِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ (كَ) غُسْلِ (الْجَنَابَةِ) فِي الْإِجْزَاءِ وَالْكَمَالِ إلَّا مَا اخْتَصَّ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَكْرِيرِ الْغُسْلِ وَالسِّدْرِ وَغَيْرِهِمَا حَالَ كَوْنِ غُسْلِهِ (تَعَبُّدًا) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ حِكْمَةٍ أَصْلًا. هَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. أَوْ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَى عِلَّتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ. وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامَهُ هَلْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْحُكْمِ أَوْ لَا؟ وَكَوْنُهُ تَعَبُّدًا. قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مُعَلِّلٌ بِالنَّظَافَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ غُسْلُ الْمُسْلِمِ أَبَاهُ الْكَافِرَ، مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ؟ . فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ وَيَجُوزُ عَلَى الثَّانِي حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ وَلِذَا صَحَّ مِنْ الذِّمِّيَّةِ. (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الزَّوْجَانِ) أَيْ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا عَلَى قَرِيبِهِ. وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِخِلَافِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَيُّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ اشْتَرَكْنَ فِي تَغْسِيلِ زَوْجِهِنَّ وَيُقَدَّمُ الزَّوْجُ فِي إنْزَالِ زَوْجَتِهِ قَبْرَهَا، وَإِلْحَادِهَا عَلَى عَصَبَتِهَا لَا يَدْفِنُهَا فِي تُرْبَتِهِ حَيْثُ طَلَبَ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا فِي تُرْبَتِهِمْ ابْنُ عَرَفَةَ سُئِلَتْ عَمَّنْ مَاتَتْ، وَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِ وَعَصَبَتُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ عَصَبَتِهَا، أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَدْوِيَّةِ الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَانْتَقَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ مَعَهُمْ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهَا. وَنَسَبَهُ الْعَبْدُوسِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ لِلْقُصُورِ فَإِنَّهَا مَنْصُوصَةٌ. كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ فِي دَفْنِ زَوْجِهَا عَلَى عَصَبَتِهِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 479 إنْ صَحَّ النِّكَاحُ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ ، وَإِنْ رَقِيقًا: أَذِنَ سَيِّدُهُ، أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ   [منح الجليل] إنْ صَحَّ النِّكَاحُ) ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِفَوَاتِ فَاسِدِهِ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ تَقْدِيمِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ إنْ فَسَدَ وَلَمْ يَفُتْ. وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا إنْ وُجِدَ مَنْ يَجُوزُ تَغْسِيلُهُ الْمَيِّتَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَانْتَهَى الْأَمْرُ لِلتَّيَمُّمِ فَغَسَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ تَحْتِ ثَوْبٍ أَحْسَنَ لِإِجَازَتِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَفُوتَ فَاسِدُهُ) أَيْ النِّكَاحِ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ فَيُقَدَّمُ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِفَوَاتِهِ وَصِلَةُ قُدِّمَ (بِالْقَضَاءِ) بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمُبَاشَرَةَ غُسْلَ الْمَيِّتِ لَا التَّوْكِيلَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حُرًّا. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْحَيُّ مِنْهُمَا (رَقِيقًا أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِي تَغْسِيلِ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ وَلَا يَكْفِي إذْنُهُ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَظَاهِرِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ مُطْلَقًا أَوْ الزَّوْجَةُ الْمَيِّتَةُ أَمَةً. وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قُضِيَ لِزَوْجَتِهِ بِتَغْسِيلِهِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِي تَغْسِيلِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ قُضِيَ لِزَوْجِهَا بِتَغْسِيلِهَا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ رِقًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِ (وَإِنْ) إلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَلَا يُقْضَى لِزَوْجَتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً. وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا يُقْضَى لِزَوْجِهَا بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً قُضِيَ لَهُ بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَفْهُومُ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ. وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بَلْ (أَوْ) ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (قَبْلَ بِنَاءٍ) مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ (أَوْ) ، وَإِنْ كَانَ (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (عَيْبٌ) يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْآخَرِ فِي إمْضَاءِ النِّكَاحِ وَرَدِّهِ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ وَلُزُومِ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ الزَّوْجَةُ مِنْ الْعِدَّةِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 480 أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ، إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ لَا رَجْعِيَّةً ، وَكِتَابِيَّةً إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ. وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِلْمَوْتِ بِرِقٍّ: تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.   [منح الجليل] أَوْ) ، وَإِنْ (وَضَعَتْ) الزَّوْجَةُ جَنِينَهَا اللَّاحِقَ بِزَوْجِهَا الْمَيِّتِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ فَيُقْضَى لَهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ لَهَا بِمَوْتِهِ. فَلَا يُسْقِطُهُ خُرُوجُهَا مِنْ الْعِدَّةِ كَالْمِيرَاثِ (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْمَنْدُوبُ (نَفْيُهُ) أَيْ غُسْلُ الزَّوْجِ الْحَيِّ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ (إنْ تَزَوَّجَ) الزَّوْجُ (أُخْتَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عَقِبَ مَوْتِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. (أَوْ) مَاتَ الزَّوْجُ فَوَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ وَ (تَزَوَّجَتْ) الزَّوْجَةُ زَوْجًا (غَيْرَهُ) فَالْأَحَبُّ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ.؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْأُولَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَالَ فِي هَذِهِ مَا نَصُّهُ، وَكَذَا عِنْدِي إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ. خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ. (لَا) تُغَسِّلُ مُطَلَّقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ) مُطَلِّقَهَا إنْ مَاتَ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ. وَلَا يُغَسِّلُهَا مُطَلِّقُهَا إنْ مَاتَتْ فِيهَا لِحُرْمَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. بِخِلَافِ الْمَوْلَى أَوْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَيُغَسِّلُ الْحَيُّ الْمَيِّتَ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ. (وَ) لَا تُغَسِّلُ زَوْجَةً (كِتَابِيَّةً) زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ (إلَّا بِحَضْرَةِ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ) عَارِفٍ بِكَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ فَيَقْضِي لَهَا بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ؛ لِأَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ (وَإِبَاحَةُ) أَيْ جَوَازُ (الْوَطْءِ) ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إبَاحَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ (لِلْمَوْتِ) وَصِلَةُ إبَاحَةُ (بِ) سَبَبِ (رِقٍّ) وَلَوْ مَعَ شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا وَخَبَرُ إبَاحَةٍ الْوَطْءُ (تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَلَهَا عَلَيْهِ، لَكِنْ لَا يُقْضَى لَهَا عَلَى عَصَبَةِ سَيِّدِهَا اتِّفَاقًا، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ لَهَا فِيهِ. أَمَّا السَّيِّدُ فَيُقْضَى لَهُ عَلَى عَصَبَةِ أَمَتِهِ. وَمَفْهُومُ إبَاحَةِ الْوَطْءِ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي يُمْنَعُ وَطْؤُهَا كَمُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُشْتَرَكَةٍ، وَأَمَةِ قِرَاضٍ، وَأَمَةِ مُفْلِسٍ، مَوْقُوفَةٍ لِلْبَيْعِ، وَمُتَزَوِّجَةٍ وَمُؤْلًى أَوْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا وَلَا يُغَسِّلُهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْمُؤْلَى أَوْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ أَنَّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 481 ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ، ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ ، وَهَلْ تَسْتُرُهُ، أَوْ عَوْرَتَهُ؟ تَأْوِيلَانِ ثُمَّ يُمِّمَ لِمِرْفَقَيْهِ: كَعَدَمِ الْمَاءِ وَتَقْطِيعِ الْجَسَدِ، وَتَزْلِيعِهِ وَصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ: مَاءٌ   [منح الجليل] الْغُسْلَ فِي الزَّوْجَةِ مَنُوطٌ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَفِي الْأَمَةِ بِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ زَوْجَيْنِ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَوْ غَابَ قُدِّمَ (أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ) أَيْ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ فِي تَغْسِيلِهِ، فَاَلَّذِي يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ فَأَبٌ فَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ فَجَدُّ أَبٍ فَعَمُّهُ كَذَلِكَ فَابْنُهُ فَجَدُّ جَدٍّ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ، وَيُقَدَّمُ شَقِيقٌ عَلَى ذِي أَبٍ فِي الْأُخُوَّةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنِيهِمْ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبٌ أَوْ غَابَ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ غُسْلِهِ رَجُلٌ (أَجْنَبِيٌّ) . (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ غَسَّلَتْهُ (امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ صِهْرٍ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ سَنَدٌ لَا تُغَسِّلُهُ مَحْرَمُ الصِّهْرِ (وَهَلْ تَسْتُرُهُ) أَيْ الْمَحْرَمُ الْمَيِّتَ جَمِيعَهُ وُجُوبًا (أَوْ) تَسْتُرُ (عَوْرَتَهُ) فَقَطْ، بِالنِّسْبَةِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي. وَعَلَيْهِمَا إنْ لَمْ تَجِدْ سَاتِرًا تَغُضُّ بَصَرَهَا وَتُغَسِّلُهُ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ مَحْرَمٌ بَلْ أَجْنَبِيَّةٌ فَقَطْ (يُمِّمَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ يَمَّمَتْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ الرَّجُلَ (لِمِرْفَقَيْهِ) وَشَبَّهَ فِي تَيْمِيمِهِ لِمِرْفَقَيْهِ فَقَالَ (كَعَدَمِ الْمَاءِ) الْكَافِي لِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَيُيَمَّمُ لِمِرْفَقَيْهِ، فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ غُسِّلَ، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا إنْ جَاءَ رَجُلٌ عَقِبَ تَيْمِيمِ الْأَجْنَبِيَّةِ. (وَ) كَخَوْفِ (تَقْطِيعِ الْجَسَدِ) أَيْ انْفِصَالِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ (وَتَزْلِيعِهِ) أَيْ انْسِلَاخِ جِلْدِهِ بِذَلِكَ فَيَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ، وَيَجِبُ تَيْمِيمُهُ لِمِرْفَقَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ. (وَصُبَّ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ (عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ) الصَّبُّ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُخَفْ تَقَطُّعُهُ وَلَا تَزَلُّعُهُ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُبَّ (مَاءٌ) بِالْمَدِّ وَيَسْقُطُ الدَّلْكُ، وَشَبَّهَ فِي صَبِّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 482 كَمَجْدُورٍ: إنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ، وَالْمَرْأَةِ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ، وَلُفَّ شَعْرُهَا، وَلَا يُضْفَرُ، ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ، ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا وَسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ، وَإِنْ زَوْجًا،   [منح الجليل] الْمَاءِ بِلَا دَلْكٍ فَقَالَ (كَمَجْدُورٍ) أَيْ مَيِّتٍ بِالْجُدَرِيِّ بَعْدَ تَقَيُّحِهِ وَتَفَجُّرِهِ، فَيُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ بِلَا دَلْكٍ (إنْ لَمْ يُخَفْ) تَقَطُّعُهُ وَلَا (تَزَلُّعُهُ) وَمَفْهُومُ أَمْكَنَ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ صَبُّ الْمَاءِ وَخِيفَ تَقَطُّعُهُ أَوْ تَزَلُّعُهُ يُيَمَّمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَالْمَرْأَةِ) الْمَيِّتَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لَهَا أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهُ لَهَا أَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ التَّوْكِيلَ تُغَسِّلُهَا (أَقْرَبُ امْرَأَةٍ) لَهَا فَتُقَدَّمُ بِنْتُهَا فَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ سَفَلَ فَأُمُّهَا فَأُخْتُهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَبِنْتُ أَخِيهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَجَدَّتُهَا فَعَمَّتُهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَبِنْتُ عَمِّهَا لِغَيْرِ أُمٍّ، وَهَكَذَا وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ تُوجَدْ مَرْأَةٌ قَرِيبَةٌ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهَا غَسَّلَتْهَا مَرْأَةٌ (أَجْنَبِيَّةٌ وَلُفَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُشَدَّدًا (شَعْرُهَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ عَلَى رَأْسِهَا كَالْعِمَامَةِ (وَلَا يُضْفَرُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ بِالشَّعْرِ كَيْفَ شَاءَ مَنْ لَفَّهُ، وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ، وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَسَنٌ فِي الْفِعْلِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُضْفَرَ. قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَدْ ضَفَرْنَا شَعْرَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَ ضَفَائِرَ نَاصِيَتَهَا، وَقَرْنَيْهَا. (ثُمَّ) إنْ لَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً غَسَّلَهَا رَجُلٌ (مَحْرَمٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ غَلِيظَةٌ وَجَاعِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلًا مُعَلَّقًا مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ يَحُولُ بَصَرَهُ عَنْ رُؤْيَتِهَا مُدْخِلًا يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ، أَوْ (فَوْقَ ثَوْبٍ) سَاتِرٍ لِبَدَنِهَا مَسْدُولٍ عَلَيْهَا. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا رِجَالٌ أَجَانِبُ (يُمِّمَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ يَمَّمَ الْمَرْأَةَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ (لِكُوعَيْهَا) فَقَطْ وَجَازَ مَسُّ وَجْهِهَا، وَكَفَّيْهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ بُعْدِ اللَّذَّةِ بِالْمَوْتِ. (وَسَتَرَ) الْغَاسِلُ الْمَيِّتَ (مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ) إنْ كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (زَوْجًا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 483 وَرُكْنُهَا النِّيَّةُ ، وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ. ، وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ، وَالدُّعَاءُ   [منح الجليل] وُجُوبًا فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا. فَهِيَ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ نَاجِي. وَقَالَ الشَّاذِلِيُّ وُجُوبًا فِي الزَّوْجِ أَيْضًا. وَتَبِعَهُ عب وَعَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ ظَاهِرَةٌ. (وَرُكْنُهَا) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (النِّيَّةُ) بِأَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِحْضَارُ فَرْضِيَّتِهَا وَلَا كَوْنُهُ ذَكَرًا مَثَلًا وَلَا وَضْعُهَا عَنْ الْأَعْنَاقِ فَتُعَادُ عَلَى مَنْ لَمْ تَنْوِ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ اثْنَيْنِ وَاحِدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ أَعَادَهَا عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا مَعًا. وَإِنْ اعْتَقَدَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُهَا لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَاحِدَ. (وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ) كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ جِيءَ بِجِنَازَةٍ بَعْدَ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْأُولَى تَكْبِيرَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُولَى وَيَبْتَدِئُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْأُولَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] ، وَإِنْ شَرَكَهُمَا. فَإِنْ سَلَّمَ عَقِبَ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ بَطَلَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ لِنَقْصِ تَكْبِيرِهَا عَنْ أَرْبَعٍ، وَإِنْ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا بَطَلَتْ عَلَى الْأُولَى لِزِيَادَةِ تَكْبِيرِهَا عَلَى أَرْبَعٍ. (وَإِنْ زَادَ) الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ عَمْدًا (لَمْ يُنْتَظَرْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَيُسَلِّمُونَ عَقِبَ التَّكْبِيرِ وَصَحَّتْ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ كَالرَّكْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنْ انْتَظَرُوهُ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ الظَّاهِرُ الثَّانِي. وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْتَظِرُونَهُ لِيُسَلِّمُوا عَقِبَهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ أَشْهَبُ لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَامِسَةً فَلْيَسْكُتُوا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُونَ. اهـ. وَظَاهِرُهُ كَبَّرَ الْخَامِسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا. (وَالدُّعَاءُ) عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَفَذٍّ أَقَلُّهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَنَحْوُهُ، وَأَحْسَنُهُ دُعَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ. اهـ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 484 وَدَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَإِنْ وَالَاهُ، أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ: أَعَادَ وَإِنْ دُفِنَ، فَعَلَى الْقَبْرِ،   [منح الجليل] وَيَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ اللَّهُمَّ إنَّهَا أَمَتُك وَبِنْتُ عَبْدِك وَبِنْتُ أَمَتِك إلَخْ. وَفِي الطِّفْلِ الذَّكَرِ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته، وَأَنْتَ أَمَتَّهُ، وَأَنْتَ تُحْيِيهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا، وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَلَا تَفْتِنَّا، وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ. وَيَزِيدُ عَقِبَهُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا، وَأَفْرَاطِنَا وَمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. وَيُثَنِّي فِي الدُّعَاءِ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ، وَيَجْمَعُ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً، وَيُغَلِّبُ الْمُذَكَّرَ عَلَى الْمُؤَنَّثِ. (وَدَعَا) وُجُوبًا (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ سَنَدٌ. قَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا لَمْ يَثْبُتْ الدُّعَاءُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ أَثْبَتَ سَحْنُونٌ الدُّعَاءَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ. وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَقَرَّرَ الْعَدَوِيُّ آخِرًا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَفَاضِلُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِاعْتِمَادِهِ. (وَإِنْ وَالَاهُ) أَيْ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ (أَوْ سَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ (بَعْدَ ثَلَاثٍ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَطَالَ (أَعَادَ) الصَّلَاةَ فِيهِمَا لِفَقْدِ رُكْنِهَا وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي الْأُولَى وَالتَّكْبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ بَنَى بِنِيَّةٍ، وَأَتَمَّ التَّكْبِيرَ، وَلَا يَبْنِي بِتَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ كَبَّرَ حَسِبَهُ مِنْ الْأَرْبَعِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي بِنَاءً بِتَكْبِيرٍ ذَكَرَهُ تت فِي الثَّانِيَةِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْأُولَى. وَالظَّاهِرُ بِنَاؤُهُ فِيهَا عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ صَارَتْ أُولَى بِبُطْلَانِ مَا قَبْلَهَا أَفَادَهُ عب. (وَإِنْ دُفِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَيِّتُ (فَ) يُصَلَّى (عَلَى الْقَبْرِ) وَلَا يُخْرَجُ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ. وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا تُعَادُ فِيهَا عَلَى الْقَبْرِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. وَمَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 485 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي الشَّارِحِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْحَطّ وَغَفَلَ الْمَوَّاقُ عَمَّا فِي الشَّارِحِ فَاعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الثَّانِيَةِ. اهـ عب الرَّمَاصِيُّ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ قَوْلُ خَلِيلٍ، وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ، مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ تَامَّةِ التَّكْبِيرِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ تُعَادُ مَا لَمْ يُدْفَنْ فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ وَلَا يُكْشَفُ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ، وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ دُفِنَ إلَخْ أَنَّهُ كَمَنْ دُفِنَ مِنْ دُونِ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَصْلًا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ أَنَّهُ يُخْرَجُ مَا لَمْ يَفُتْ فَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ دُفِنَ دُونَ صَلَاةٍ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ فَفِي الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ وَرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ. وَشَرْطُ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي كَوْنِ الْفَوَاتِ إهَالَةَ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَوْ الْفَرَاغَ مِنْ دَفْنِهِ ثَالِثُهَا خَوْفُ تَغَيُّرِهِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى بْنِ وَهْبٍ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَعِيسَى. ثُمَّ قَالَ الرَّمَاصِيُّ وَلَمَّا نَقَلَ عج تَعَقَّبَ الْمَوَّاقُ، قَالَ وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْحَطّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ فَاعْجَبْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّ كَلَامَ الْجُمْهُورِ فِي إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْجُمْلَةِ، أَيْ إذَا فَاتَ الْإِخْرَاجُ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهَا مُطْلَقًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْفُرُوعِ هَلْ يُخْرَجُ لَهَا أَمْ لَا؟ وَبِمَ يَفُوتُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ الْجُمْهُورُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ مُطْلَقًا إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا اخْتَلَفَتْ الْفُرُوعُ، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ وَالرِّسَالَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَشْهُورِ. وَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ اُنْظُرْ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ هَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِفَوَاتِهِ بِنَصْبِ اللَّبِنِ، أَوْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِفَرَاغِ دَفْنِهِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا شَهَّرَهُ الْحَطّ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمَشْهُورُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ اهـ. وَأَرَادَ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ مَنْ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَصْلًا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 486 وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ. وَسَمَّعَ الْإِمَامُ مَنْ يَلِيهِ وَصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ،   [منح الجليل] وَالْحَاصِلُ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْمَوَّاقِ صَحِيحٌ. وَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا. كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ. اهـ. فَهُوَ مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ اعْتِمَادُ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَاسْتِظْهَارُهُ وَتَرْكُ الْمَنْصُوصِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كَمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ، وَقَيَّدَ كَلَامَهُ بِفَوَاتِ إخْرَاجِهِ بِخَشْيَةِ تَغَيُّرِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ. (وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ) أَيْ يَسُرُّهَا نَدْبًا. (وَسَمَّعَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْإِمَامُ) نَدْبًا (مَنْ يَلِيهِ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ يُسْمِعُ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ. وَقَالَ عج أَيْ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالرِّسَالَةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، خِلَافًا لِقَوْلِ الْوَاضِحَةِ يُنْدَبُ رَدُّهُ ثَانِيَةً عَلَيْهِ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ تَفْسِيرٌ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ ضَعِيفٌ وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِالْعَمَلِ وَطَلَبِ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ. (وَصَبَرَ) وُجُوبًا الشَّخْصُ (الْمَسْبُوقُ) بِالتَّكْبِيرِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ وَوَجَدَهُمْ فِي الدُّعَاءِ وَصِلَةُ صَبَرَ (لِلتَّكْبِيرِ) مِنْ الْإِمَامِ فَيُكَبِّرُ عَقِبَهُ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنْ كَبَّرَ حَالَ دُعَائِهِمْ فَإِنْ أَلْغَاهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ اعْتَدَّ بِهَا بَطَلَتْ لِقَضَائِهَا فِي صُلْبِ الْإِمَامِ. وَمَفْهُومُ الْمَسْبُوقِ أَنَّ مَنْ وَجَدَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ يُكَبِّرُ مَعَهُمْ بِلَا تَأْخِيرٍ وَمَفْهُومُ لِلتَّكْبِيرِ أَنَّ مَنْ وَجَدَهُمْ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الرَّابِعَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ. وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ سَنَدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ، فَالدَّاخِلُ فِيهِ كَقَاضِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ. وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَصْبِرُ لِلتَّكْبِيرِ فَيُكَبِّرُ حَالَ دُعَائِهِمْ وَيَعْتَدُّ بِهِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ لَا تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَالشُّرُوعِ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا بَلْ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي تَلِيهَا. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 487 وَدَعَا إنْ تُرِكَتْ، وَإِلَّا وَالَى وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ،   [منح الجليل] (وَدَعَا) الْمَسْبُوقُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَتَكْبِيرِهِ (إنْ تُرِكَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْجِنَازَةُ لِلْمَسْبُوقِ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ عَلَيْهَا (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ تُتْرَكُ الْجِنَازَةُ لِلْمَسْبُوقِ بِأَنْ شَرَعُوا فِي رَفْعِهَا بِفَوْرِ سَلَامِ الْإِمَامِ (وَالَى) أَيْ تَابَعَ الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ بَيْنَهُ لِئَلَّا تَصِيرَ صَلَاتُهُ عَلَى غَائِبٍ، وَاسْتُشْكِلَ بِرُكْنَيْهِ الدُّعَاءَ فَكَيْفَ يُتْرَكُ تَخَلُّصًا. مِنْ مَكْرُوهٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُكْنِيَّتَهُ لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ كَالْقِيَامِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ. الرَّمَاصِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ، وَهُوَ مُوَالَاتُهُ مُطْلَقًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَضَاءِ التَّكْبِيرِ مُتَتَابِعًا أَوْ بِدُعَاءِ ثَالِثِهَا يُخَيَّرُ وَرَابِعُهَا إنْ تُرِكَ الْمَيِّتُ لِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ مَعَهَا وَابْنِ عُمَرَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ مَعَ تَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ. وَابْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْجَلَّابِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ تَأَخَّرَ رَفْعُهَا أَمْهَلَ فِي دُعَائِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ دَعَا خَفَّفَ وَلَمَّا وَجَّهَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُكَبِّرُ تَبَعًا بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَإِنْ رُفِعَتْ الْجِنَازَةُ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ، وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ كَانَ فِي مَعْنَى تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ الْمَازِرِيِّ، وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ كَانَ فِي مَعْنَى تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ سُبِقَ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ إذَا تُرِكَتْ لَهُ الْجِنَازَةُ لَا يُكَبِّرُ تَبَعًا بَلْ يَدْعُو. اهـ. فَاعْتَمَدَ كَلَامَ الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ الْقَدَمُ الرَّاسِخُ فِي التَّحْقِيقِ مَعَ عُلُوِّ طَبَقَتِهِ. وَمَا دَرَى أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَجَّهَ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعِنْدَهُ يَأْتِي بِهِ تَبَعًا مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الزَّعْمِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ. وَقَدْ جَرَى ابْنُ شَاسٍ عَلَى مَا لِلْجَلَّابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ الْبُنَانِيُّ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْصِيلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنْ يَكُونَ وِفَاقًا لَهُ. اهـ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَهُ عَلَى الْوِفَاقِ فَلَيْسَ كَلَامُهُ مُخَالِفًا لَهَا، وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا فِي الرَّمَاصِيِّ مِنْ التَّهْوِيلِ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِمُخَالَفَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَبَقِيَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الْقِيَامُ لَهَا. . (وَكُفِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمَيِّتُ (بِمَلْبُوسِهِ لِ) صَلَاةِ (جُمُعَةٍ) نَدْبًا لِرَجَاءِ بَرَكَتِهِ إنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 488 وَقُدِّمَ: كَمَؤُونَةِ الدَّفْنِ، عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ سُرِقَ، ثُمَّ إنْ وُجِدَ وَعُوِّضَ: وُرِّثَ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ: كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتِ،   [منح الجليل] اتَّفَقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْضَى بِهِ إنْ تَنَازَعُوا وَيُحْتَمَلُ بِمِثْلِهِ وَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إنْ لَمْ يُوصِ بِأَقَلَّ مِنْهُ تت.، وَكُفِّنَ الْمَيِّتُ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ وَعِيدٍ أَيْ فِي مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ قَدْرِ حَالِهِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَخُشُونَتُهُ وَرِقَّتُهُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ هَارُونَ عَلَى مَلْبَسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَا فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إذْ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ عَنْهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمُعْتَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِيمَا كَانَ يَلْبَسُهُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ تَبَرُّكًا. الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ أَيْ فِي مِثْلِهِ هَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَيُكَفَّنُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ فِي حَيَاتِهِ وَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِيهِ. اهـ. وَإِذَا عَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُقْضَى بِهِ، قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ إلَخْ نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ إيصَاؤُهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِ جُمُعَتِهِ وَصَلَاتِهِ، وَإِحْرَامِ حَجِّهِ. (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْكَفَنُ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ وَشَبَّهَ فِي التَّقْدِيمِ فَقَالَ (كَمَؤُنَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ أُجْرَةِ (الدَّفْنِ) وَمُقَدِّمَاتُهُ مِنْ غُسْلٍ وَحَنُوطٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرِ قَبْرٍ وَحِرَاسَةٍ إنْ اُحْتِيجَ لَهَا وَصِلَةُ قُدِّمَ (عَلَى) مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْ (دَيْنِ) شَخْصٍ (غَيْرِ) الشَّخْصِ (الْمُرْتَهِنِ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ الْمُتَوَثَّقِ فِي دِينِهِ بِرَهْنٍ بِخِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْكَفَنِ وَمُؤَنُ الدَّفْنِ كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْإِيلَادِ وَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَبَالَغَ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَنِ عَلَى الدَّيْنِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَقَالَ (وَلَوْ سُرِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُكَفَّنُ فِي آخَرَ قَبْلَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ (ثُمَّ إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ الْمَسْرُوقُ (وَ) قَدْ (عُوِّضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِآخَرَ (وُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ. (إنْ فُقِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عُدِمَ (الدَّيْنُ) عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا جُعِلَ فِيهِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِرْثِ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ فَقَالَ (كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 489 وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ، وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَنُدِبَ: تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى   [منح الجليل] وَتَكْمِيلِ عَمَلِهِ بِنَصْبِ الْمَفْعُولِ فَيُورَثُ الْكَفَنُ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ، وَإِلَّا فَيُجْعَلُ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ آنِفًا مِنْ الْكَفَنِ وَالْمُؤَنِ وَاجِبٌ (عَلَى) الشَّخْصِ (الْمُنْفِقِ) عَلَى الْمَيِّتِ (بِ) سَبَبِ (قَرَابَةٍ) كَأُبُوَّةٍ وَبُنُوَّةٍ (أَوْ) بِسَبَبِ مِلْكِ (رِقٍّ لَا) عَلَى الْمُنْفِقِ بِسَبَبِ (زَوْجِيَّةٍ) وَلَوْ فَقِيرَةً؛ لِأَنَّهَا فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَقَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً (وَ) الْمَيِّتُ (الْفَقِيرُ) الَّذِي لَا مُنْفِقَ لَهُ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ وُجِدَ وَتَيَسَّرَ أَخْذُهَا مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهَا مِنْهُ (فَ) مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (عَلَى) جَمَاعَةِ (الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ فِي بَلَدِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ عَلَامَةُ مَوْتِهِ (تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى) بِتَغْلِيبِ رَجَائِهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ عَلَى خَوْفِهِ عِقَابَهُ لِحَدِيثِ «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» . وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ. وَفِي رِوَايَةٍ «إنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» . وَحَدِيثُ «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى» وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِتَفَكُّرِهِ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَفِيِّ لُطْفِهِ، وَأَنَّهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ غَفُورٌ شَكُورٌ رَءُوفٌ وَدُودٌ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ. وَحَدِيثُ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» . وَيُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْأَصِحَّاءِ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يُقَوِّي رَجَاءَهُ مِنْ سَعَةِ عَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ كَحَدِيثِ «جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ رَحْمَةٍ ادَّخَرَ مِنْهَا لِلْآخِرَةِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَجَعَلَ فِي الدُّنْيَا وَاحِدَةً يَرْحَمُ الْعِبَادَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى تَرْحَمَ الْفَرَسُ وَلَدَهَا أَنْ تَطَأَهُ بِحَافِرِهَا، وَإِذَا فَنِيَتْ الدُّنْيَا ضَمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الرَّحْمَةَ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا لِلتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي أَعَدَّهَا لِلْآخِرَةِ فَتَكْمُلُ الرَّحَمَاتُ فِيهَا مِائَةُ رَحْمَةٍ» أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ الَّذِي لَمْ تَقُمْ بِهِ عَلَامَةُ الْمَوْتِ فَيُغَلِّبُ الْخَوْفَ عَلَى الرَّجَاءِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى التَّقْوَى، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ. وَقِيلَ يُغَلِّبُ الرَّجَاءَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فَجْأَةً، وَقِيلَ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا كَجَنَاحَيْ طَائِرٍ إنْ مَالَ بِأَحَدِهِمَا سَقَطَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 490 وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ، ثُمَّ ظَهْرٍ وَتَجَنُّبِ حَائِضٌ وَجُنُبٍ لَهُ، وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ،   [منح الجليل] وَ) نُدِبَ لِمَنْ حَضَرَهُ (تَقْبِيلُهُ) أَيْ تَوْجِيهُ الْمُحْتَضَرِ لِلْقِبْلَةِ عَلَى يَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى يَسَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسِهِ لَهَا (عِنْدَ إحْدَادِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ بَصَرِ الْمَيِّتِ وَشُخُوصِهِ لِلسَّمَاءِ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعُهُ وَصِلَةُ تَقْبِيلُ (عَلَى) جَنْبٍ (أَيْمَنَ ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى جَنْبٍ أَيْسَرَ ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى (ظَهْرٍ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَيْسَرَ اسْتِبْشَاعًا لَهُ. (وَ) نُدِبَ (تَجَنُّبُ حَائِضٌ) وَنُفَسَاءَ (وَ) شَخْصٍ (جُنُبٍ) بِجِمَاعٍ أَوْ إخْرَاجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ احْتِلَامٍ (لَهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ، وَكَذَا سَائِرُ مَا تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ كَكَلْبٍ وَتِمْثَالٍ وَآلَةِ لَهْوٍ فَلَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ، وَيُنْدَبُ تَبْخِيرُهُ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ كَالْعُودِ وَرَشُّهُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ لِلْمَلَائِكَةِ الْحَاضِرِينَ لِلْقَبْضِ، وَطَرْدِ الشَّيَاطِينِ الْفَائِتِينَ وَحُضُورُ أَحَبِّ أَهْلِهِ إلَيْهِ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ لِرَجَاءِ إجَابَتِهِ بِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ الْحَاضِرِينَ، وَإِبْعَادُ مَنْ لَا صَبْرَ لَهُ، وَطَهَارَتُهُ وَطَهَارَةُ كُلِّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ وَتَرْكُ الْبُكَاءِ بِمُجَرَّدِ إسَالَةِ الدُّمُوعِ. (وَ) نُدِبَ (تَلْقِينُهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ (الشَّهَادَةَ) بِأَنْ يُقَالَ بِقُرْبِهِ بِصَوْتٍ هَادٍ يَسْمَعُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنْ قَالَهَا الْمُحْتَضَرُ فَلَا تُعَادُ إلَّا إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ دُنْيَوِيٍّ فَتُعَادُ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهَا فَتُقَالُ بَعْدَ سَكْتَةٍ. وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ أَحَبَّ النَّاسِ إلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثَهُ إلَّا ابْنَهُ، وَأَنْ لَا يُقَالَ لَهُ قُلْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَادِفُ قَوْلَهُ لَا لِرَدِّ الْفَتَّانَاتِ فَيُسِيءُ الْمُلَقِّنُ ظَنَّهُ بِهِ. وَقَدْ اتَّفَقَ هَذَا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَهُوَ مَغْمُورٌ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَعْدُ فَحَزِنَ وَلَدُهُ حُزْنًا شَدِيدًا لِظَنِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ غَمْرَتِهِ، وَأَخْبَرَ وَلَدَهُ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ حَضَرَهُ إذْ ذَاكَ، وَقَالَ لَهُ نَجَوْت مِنِّي يَا أَحْمَدُ لِيُدْخِلَ عَلَيْهِ عُجْبَهُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ لَا بَعْدُ أَيْ لَا أَنْجُو مِنْك إلَّا بَعْدَ مَوْتِي وَمَا دُمْت حَيًّا فَإِنِّي عَلَى حَذَرٍ مِنْك. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 491 وَتَغْمِيضُهُ، وَشَدُّ لَحْيَيْهِ إذَا قَضَى، وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ، وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ، وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ، وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إلَّا الْغَرِقِ. وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ،   [منح الجليل] (وَ) نُدِبَ (تَغْمِيضُهُ) إذَا قَضَى أَيْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعَهُ تَحْسِينًا لِهَيْئَتِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ عَيْنَيْهِ مَفْتُوحَتَيْنِ يُشَوِّهُهُ (وَ) نُدِبَ (شَدُّ لَحْيَيْهِ) الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ مِنْ تَحْتِ ذَقَنِهِ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا تَدْخُلَ الْهَوَامُّ فِي جَوْفِهِ (إذَا قَضَى) أَيْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِانْقِطَاعِ نَفَسِهِ مَثَلًا لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعَهُ (وَ) نُدِبَ (تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ) عَقِبَ مَوْتِهِ بِأَنْ يَقْبِضَ، أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُثْنِي ذِرَاعَهُ عَلَى عَضُدِهِ كَذَلِكَ وَسَاقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ كَذَلِكَ وَفَخِذَيْهِ عَلَى بَطْنِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عُرُوقَهُ، وَأَعْصَابَهُ تَمْتَدُّ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ فَإِنْ تُرِكَ كَذَلِكَ يَبِسَتْ وَتَعَسَّرَ عَلَى غَاسِلِهِ تَقْلِيبُهُ وَخَلْعُ ثِيَابِهِ وَنَحْوِهِمَا (بِرِفْقٍ) أَيْ لُطْفٍ وَلِينٍ وَخِفَّةٍ فِي التَّغْمِيضِ وَالشَّدِّ وَالتَّلْيِينِ لِتَأَذِّي الْمَيِّتِ لِمَا يَتَأَذَّى لَهُ الْحَيُّ. (وَ) نُدِبَ (رَفْعُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عَنْ الْأَرْضِ) عَلَى نَحْوِ سَرِيرٍ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَتَنَالَهُ الْهَوَامُّ (وَ) نُدِبَ (سَتْرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَتَّى وَجْهِهِ (بِثَوْبٍ) بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ إلَّا الْقَمِيصَ، كَمَا فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَوْنًا لَهُ عَنْ الْأَعْيُنِ (وَ) نُدِبَ (وَضْعُ) شَيْءٍ (ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ قَبْلَ تَغْسِيلِهِ كَسَيْفٍ أَوْ حَجَرٍ خَوْفَ انْتِفَاخِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَدَفْنُهُ خَوْفَ تَغَيُّرِهِ (إلَّا) الْمَيِّتَ (الْغَرِقَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَنَحْوُهُ كَالصَّعِقِ وَاَلَّذِي مَاتَ فَجْأَةً أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ أَوْ بِمَرَضِ السَّكْتَةِ فَيَجِبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ. (وَ) نُدِبَ (لِلْغُسْلِ سِدْرٌ) أَيْ وَرَقُ النَّبْقِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ بِأَنْ يُدَقَّ نَاعِمًا وَيُجْعَلَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَيُخَضُّ حَتَّى تَبْدُوَ رَغْوَتُهُ وَيُصَبُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُعْرَكُ بِهِ جَسَدُهُ حَتَّى يَذْهَبَ بِهِ مَا فِيهِ مِنْ وَسَخٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالصَّابُونُ أَوْ الْأُشْنَانُ أَوْ الْغَاسُولُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ وَيُعْرَكُ حَتَّى يَذْهَبَ السِّدْرُ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فَهَذِهِ صِفَةُ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُنَظَّفْ بِهَا فَإِنَّهَا تُكَرَّرُ إلَى أَنْ يُنَظَّفَ وَالْغَسْلَةُ الثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالطِّيبِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 492 وَتَجْرِيدُهُ، وَوَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفِعٍ، وَإِيثَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ؛ وَلَمْ يَعُدْ: كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وَغُسِلَتْ، وَعَصْرُ بَطْنِهِ بِرِفْقٍ، وَصَبُّ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ بِخِرْقَةٍ، وَلَهُ الْإِفْضَاءُ إنْ اضْطَرَّ،   [منح الجليل] لِلتَّطْيِيبِ، وَأَفْضَلُهُ الْكَافُورُ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَشُدُّ جَسَدَ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُذَابَ فِي الْمَاءِ وَيُغَسَّلَ بِهِ الْمَيِّتُ، وَلَا يُصَبُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ مَاءٌ قَرَاحٌ لِئَلَّا يُذْهِبَ الطَّيِّبَ ثُمَّ يُنَشَّفُ وَيُكَفَّنُ. (وَ) نُدِبَ (تَجْرِيدُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ ثِيَابِهِ مَعَ سَتْرِهِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ حَالَ تَغْسِيلِهِ لِيَسْهُلَ إنْقَاؤُهُ وَلَوْ أَنْحَلَهُ الْمَرَضُ (وَ) نُدِبَ (وَضْعُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ تَغْسِيلِهِ (عَلَى) شَيْءٍ (مُرْتَفِعٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ (وَ) نُدِبَ (إيتَارُهُ) أَيْ تَغْسِيلُهُ وِتْرًا أَنْقَاهُ الشَّفْعُ كَأَرْبَعٍ وَسِتٍّ لِلسَّبْعِ فَإِنْ انْتَقَى بِثَمَانٍ فَلَا تُنْدَبُ تَاسِعَةٌ. وَشَبَّهَ فِي نَدْبِ الْإِيتَارِ فَقَالَ (كَالْكَفَنِ) فَيُنْدَبُ إيتَارُهُ فَالثَّلَاثَةُ خَيْرٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ إلَّا الْوَاحِدَ فَالِاثْنَانِ خَيْرٌ مِنْهُ (لِسَبْعٍ) لِلْمَرْأَةِ وَلِخَمْسٍ لِلرَّجُلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعٍ لِلْمَرْأَةِ وَخَمْس الرَّجُلِ إسْرَافٌ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُعَدْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِإِيعَادِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ (كَالْوُضُوءِ) لِلْمَيِّتِ فَلَا يُعَادَانِ (لِ) خُرُوجِ (نَجَاسَةٍ) مِنْ فَرْجِ الْمَيِّتِ أَوْ جِمَاعٍ فِيهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ بِمَوْتِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ غُسْلُهُ وَلَا وُضُوءُهُ بِحَدَثِهِ، وَالْغُسْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ تَعَبُّدًا قَدْ حَصَلَ (وَغُسِلَتْ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ السِّينِ أَيْ النَّجَاسَةُ مِنْ جَسَدِهِ، وَكَفَنِهِ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ فِي إزَالَتِهَا (وَ) نُدِبَ (عَصْرُ بَطْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ تَغْسِيلِهِ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ تَكْفِينِهِ (بِرِفْقٍ) لِئَلَّا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْ أَمْعَائِهِ. (وَ) نُدِبَ (صَبُّ الْمَاءِ) مُتَوَالِيًا (فِي) حَالِ (غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِخِرْقَةٍ) كَثِيفَةٍ يَلُفُّهَا الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ وُجُوبًا وَلَا يُبَاشِرُهُمَا بِيَدِهِ مَعَ إمْكَانِهَا (وَلَهُ) أَيْ الْغَاسِلِ (الْإِفْضَاءُ) بِيَدِهِ بِدُونِ حَائِلٍ لِفَرْجَيْ الْمَيِّتِ (إنْ اضْطَرَّ) الْغَاسِلُ (لَهُ) لِلْإِفْضَاءِ بِأَنْ كَانَ بِهِمَا نَجَاسَةٌ مُتَوَقِّفٌ زَوَالُهَا عَلَى الدَّلْكِ، وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَجْعَلُهُ عَلَى يَدِهِ فِيهَا إنْ احْتَاجَ أَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 493 وَتَوْضِئَتُهُ، وَتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ، وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ، وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ لِمَضْمَضَةٍ، وَعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعِينٍ، وَكَافُورٌ فِي الْأَخِيرَةِ، وَنُشِّفَ. وَاغْتِسَالُ غَاسِلِهِ   [منح الجليل] يُبَاشِرَ بِيَدِهِ فَعَلَ. اللَّخْمِيُّ مَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إزَالَتَهَا لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا بِمُبَاشَرَةِ غَيْرِهِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَمَسَّ فَرْجَهُ لِإِزَالَتِهَا مِنْهُ وَتَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى حَالَتِهِ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَلَا يَكْشِفُ وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ مِنْهُ إذْ لَا يَكُونُ الْمَيِّتُ فِي إزَالَتِهَا أَعْلَى مِنْ الْحَيِّ. (وَ) نُدِبَ (تَوْضِئَتُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ مَرَّةً مَرَّةً كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ آنِفًا وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ الْبَاجِيَّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْرِيرِ الْوُضُوءِ بِتَكْرِيرِ الْغُسْلِ يُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً لِئَلَّا تَقَعَ الزِّيَادَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا. وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْرِيرِهِ بِتَكْرِيرِهِ يُوَضِّئُهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى (وَ) نُدِبَ (تَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ، وَأَنْفَهُ بِخِرْقَةٍ) غَيْرِ الَّتِي لَفَّهَا عَلَى يَدِهِ حَالَ غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ مَبْلُولَةً فِي تَوْضِئَتِهِ (وَ) نُدِبَ (إمَالَةُ رَأْسِهِ) بِرِفْقٍ (الْمَضْمَضَةُ وَ) نُدِبَ (عَدَمُ حُضُورِ) شَخْصٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ مُسَاعِدٍ لِلْغَاسِلِ فَيُكْرَهُ حُضُورُهُ لِكَرَاهَةِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ خُصُوصًا إنْ كَانَ أَضْنَاهُ الْمَرَضُ. (وَ) نُدِبَ (كَافُورٌ) طِيبٌ أَبْيَضُ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَشُدُّ الْجِسْمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الطَّيِّبِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَنْدُوبُ، وَلَكِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ ثَانٍ (فِي) مَاءِ الْغَسْلَةِ (الْأَخِيرَةِ) لِتَطْيِيبِ رَائِحَتِهِ فَلَا يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَرَاحٌ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الطَّيِّبَ مِنْهُ، وَالْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُ (وَنُشِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ مِنْ مَاءِ الْغُسْلِ الْبَاقِي بِبَدَنِهِ نَدْبًا؛ قَبْلَ تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ نَظِيفٍ لِئَلَّا يَبُلَّ الْكَفَنَ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْبَلَا بِحَرَارَةِ الْقَبْرِ. (وَ) نُدِبَ (اغْتِسَالُ غَاسِلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَغْسِيلِهِ تَنْشِيطًا لِنَفْسِهِ، وَإِذْهَابًا لِفُتُورِهَا مِنْ مُعَانَاةِ جَسَدِ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى بَذْلِ جَهْدِهِ فِي تَغْسِيلِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ وَمَا يُصِيبُ بَدَنَهُ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ» ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقِيلَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَحُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ، وَقِيلَ مُعَلَّلٌ وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ، وَاخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ فَقِيلَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ إذَا غَسَّلَهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 494 وَبَيَاضُ الْكَفَنِ، وَتَجْمِيرُهُ وَعَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْغُسْلِ. وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ فَفِي ثُلُثِهِ ، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ،   [منح الجليل] نَاوِيًا الِاغْتِسَالَ لَا يُبَالِي بِمَا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَهُوَ سَبَبٌ لِمُبَالَغَتِهِ فِي تَغْسِيلِهِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يُغَسِّلَ مَا بَاشَرَهُ بِهِ أَوْ تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ نُجِّسَ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِ ثِيَابِهِ لِلْمَشَقَّةِ. (وَ) نُدِبَ (بَيَاضُ الْكَفَنِ وَتَجْمِيرُهُ) بِالْجِيمِ أَيْ تَطْيِيبُهُ بِالْبَخُورِ وَتَخْمِيرُهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَضْعُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ لِيَعْلَقَ الْبَخُورُ بِهِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ قُطْنًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ مِنْ الْكَتَّانِ. (وَ) نُدِبَ (عَدَمُ تَأَخُّرِهِ) أَيْ التَّكْفِينِ (عَنْ الْغُسْلِ) لِطَلَبِ الْإِسْرَاعِ فِي تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ (وَ) نُدِبَ (الزِّيَادَةُ عَلَى) الْكَفَنِ (الْوَاحِدِ) فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا شَفْعًا، وَهُوَ وِتْرٌ. (وَلَا يُقْضَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (بِالزَّائِدِ) عَلَى الْكَفَنِ الْوَاحِدِ (إنْ شَحَّ) أَيْ بَخِلَ (الْوَارِثُ) أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ إذْ لَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ قَرَّرَهُ اللَّقَانِيُّ. وَقَرَّرَ عج أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي جُمَعِهِ، وَأَعْيَادِهِ، وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدِ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ شَحَّ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ فِي ثَلَاثٍ حَقٌّ وَاجِبٌ لِمَخْلُوقٍ وَاقْتَصَرَ الْخَرَشِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَاعْتَمَدَهُ الصَّغِيرُ وعب عَلَى الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْبُنَانِيُّ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ الْأَوَّلُ وَلَا يُقَالُ الثَّانِي يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ آنِفًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ إذْ الْمَنْدُوبُ لَا يُقْضَى بِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْقَضَاءِ بِالثَّلَاثِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَطُلِبَ تَكْفِينُهُ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبَةً، وَالْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ، وَكَفَّنَهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ. (إلَّا أَنْ يُوصِيَ) الْمُحْتَضَرُ بِتَكْفِينِهِ بِزَائِدٍ عَلَى وَاحِدٍ (فَ) يُقْضَى بِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ (فِي ثُلُثِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُوصِ بِزَائِدٍ عَلَى خَمْسَةِ الرَّجُلِ وَسَبْعَةِ الْمَرْأَةِ، وَإِلَّا بَطَلَتْ (وَهَلْ الْوَاجِبُ) فِي كَفَنِ الرَّجُلِ (ثَوْبٌ يَسْتُرُ) بَدَنَ (هـ) كُلَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 495 أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ؟ خِلَافٌ وَوِتْرُهُ، وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَتَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ، وَعَذَبَةٌ فِيهَا، وَأُزْرَةٌ وَلِفَافَتَانِ وَالسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ،   [منح الجليل] وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَسَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا وَلَوْ وَجْهَهَا، وَكَفَّيْهَا وَاجِبٌ اتِّفَاقًا (أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَ) سَتْرُ (الْبَاقِي سُنَّةٌ) فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ ابْنُ غَازِيٍّ سَلَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَنُسِبَ الثَّانِي لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّشْهِيرِ. عج هُمَا قَوْلَانِ لَمْ يُشْهَرَا فَالْمُنَاسِبُ قَوْلَانِ فِي الْمَجْمُوعِ الرَّاجِحُ أَوَّلُهُمَا. (وَ) نُدِبَ (وِتْرُهُ) أَيْ الْكَفَنِ إلَّا الْوَاحِدَ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ، وَأَكْمَلُ كَفَنِ الرَّجُلِ خَمْسَةٌ وَالْمَرْأَةِ سَبْعَةٌ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا أَرَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّتَّةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّرَفِ (وَ) نُدِبَ (الِاثْنَانِ) أَيْ التَّكْفِينُ فِيهِمَا (عَلَى) التَّكْفِينِ فِي الثَّوْبِ (الْوَاحِدِ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَسْتَرُ مِنْهُ وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ (وَالثَّلَاثَةُ) أَيْ التَّكْفِينُ فِيهَا مُقَدَّمٌ (عَلَى) التَّكْفِينِ (بِالْأَرْبَعَةِ) وَالْخَمْسَةِ عَلَى السِّتَّةِ لِلْوَتَرِيَّةِ. (وَ) نُدِبَ (تَقْمِيصُهُ) أَيْ إلْبَاسُ الْمَيِّتِ قَمِيصًا مُعْتَادًا بِأَكْمَامٍ (وَتَعْمِيمُهُ) بِعِمَامَةٍ (وَ) نُدِبَ (عَذَبَةٌ فِيهَا) قَدْرُ ذِرَاعٍ تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهِ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَيِّتَ يُقَمَّصُ وَيُعَمَّمُ أَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّعْمِيمِ فَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يُعَمَّمُ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ فَقَالَ لَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّقْمِيصِ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقَمَّصَ وَلَا يُعَمَّمَ، وَحِكَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ كَرَاهَةُ التَّقْمِيصِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَ) نُدِبَ (أُزْرَةٌ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ تَسْتُرُهُ مِنْ فَوْقِ سُتْرَتِهِ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ تَحْتَ الْقَمِيصِ (وَلِفَافَتَانِ) فَوْقَهُ فَهَذِهِ خَمْسَةُ الرَّجُلِ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحُفَّاظُ وَهِيَ خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى قُطْنٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ وَاللِّثَامُ خِرْقَةٌ عَلَى قُطْنٍ يُجْعَلُ عَلَى فَمِهِ، وَأَنْفِهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا (وَالسَّبْعُ) مِنْ الْأَثْوَابِ (لِلْمَرْأَةِ) أُزْرَةٌ مِنْ تَحْتِ إبْطَيْهَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 496 وَحَنُوطٌ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ، وَعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ، وَالْكَافُورُ فِيهِ وَفِي مَسَاجِدِهِ وَحَوَاسِّهِ وَمَرَاقِّهِ. ، وَإِنْ مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً، وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ: وَمَشْيُ مُشَيِّعٍ، وَإِسْرَاعُهُ، وَتَقَدُّمُهُ وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ وَمَرْأَةٍ   [منح الجليل] إلَى كَعْبَيْهَا، وَقَمِيصٌ وَخِمَارٌ تُخَمَّرُ بِهِ رَأْسُهَا وَرَقَبَتُهَا، وَأَرْبَعُ لَفَائِفَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحُفَّاظُ وَاللِّثَامُ. (وَ) نُدِبَ (حَنُوطٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ النُّونِ، أَيْ طِيبٌ يُجْعَلُ (دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ) وَدَاخِلَ الْأُزْرَةِ وَالْقَمِيصِ (وَ) يُجْعَلُ الْحَنُوطُ (عَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (بِمَنَافِذِهِ) أَيْ فَمِهِ، وَأَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ، وَقُبُلِهِ وَدُبُرِهِ (وَ) نُدِبَ (الْكَافُورُ فِيهِ) أَيْ الْحَنُوطِ أَيْ الْمَنْدُوبُ كَوْنُهُ كَافُورًا (وَ) نُدِبَ جَعْلُ الْحَنُوطِ (فِي مَسَاجِدِهِ) أَيْ أَعْضَائِهِ الَّتِي سَجَدَ عَلَيْهَا جَبْهَتِهِ، وَكَفَّيْهِ وَرَقَبَتِهِ وَصَدْرِ قَدَمَيْهِ (وَحَوَاسِّهِ) أَيْ فَمِهِ، وَأَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ (وَمَرَاقِّهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الْقَافِ، أَيْ مَا رَقَّ مِنْ بَدَنِهِ كَإِبْطَيْهِ وَرَفْغَيْهِ وَعُكَنِهِ وَخَلْفَ أُذُنَيْهِ وَتَحْتَ حَلْقِهِ وَرُكْبَتَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْحَذَرُ الْحَذَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ إدْخَالِ قُطْنٍ دُبُرَهُ، وَأَنْفَهُ وَفَمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. (وَإِنْ) كَانَ الْمَيِّتُ (مُحْرِمًا) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَمُعْتَدَّةً) مِنْ وَفَاةٍ مُبَالَغَةٌ فِي نَدْبِ تَحْنِيطِهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ بِمَوْتِهِ (وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْمُعْتَدَّةُ تَحْنِيطَ الْمَيِّتِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِمَا الطِّيبَ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوْجَ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ فَتُحَنِّطُهُ لِوَفَاءِ عِدَّتِهَا. (وَ) نُدِبَ (مَشْيُ مُشَيِّعٍ) بِضَمِّ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ مُوصِلٌ لَهَا لِلْقَبْرِ فِي ذَهَابِهِ تَوَاضُعًا فِي الشَّفَاعَةِ لِلْمَيِّتِ، وَكُرِهَ رُكُوبُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي رُجُوعِهِ لِتَمَامِ الْعِبَادَةِ. (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ حَامِلًا لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا كَإِسْرَاعِ الشَّابِّ فِي قَضَاءِ أَمْرٍ مُهِمٍّ، وَيُكْرَهُ خَبَبُهُ لِإِذْهَابِهِ الْخُشُوعَ. (وَ) نُدِبَ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْمُشَيِّعِ الْمَاشِي عَلَى الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ شَافِعٌ (وَ) نُدِبَ (تَأَخُّرُ) مُشَيِّعٍ (رَاكِبٍ) عَنْ الْجِنَازَةِ لِئَلَّا يَضُرَّ الْمُشَيِّعِينَ الْمَاشِينَ (وَ) نُدِبَ تَأَخُّرُ (مَرْأَةٍ) مُشَيِّعَةٍ عَنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 497 وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ. وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَإِسْرَارُ دُعَاءٍ وَرَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى أَكُفٍّ وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ وَمَنْكِبَيْ   [منح الجليل] الرَّاكِبِ (وَ) نُدِبَ (سَتْرُهَا) أَيْ الْمَيِّتَةِ حَالَ حَمْلِهَا لِلصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ (بِقُبَّةٍ) عَلَى النَّعْشِ مُبَالَغَةً فِي سَتْرِهَا. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى النَّعْشِ أَيْ فَوْقَ الْقُبَّةِ وِشَاحٌ أَوْ رِدَاءٌ مَا لَمْ يُجْعَلْ مِثْلُ الْأَخْمِرَةِ الْمُلَوَّنَةِ فَلَا أُحِبُّهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَرَ الْكَفَنُ بِثَوْبٍ سَاذَجٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْزَعُ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ وَضْعِ الثِّيَابِ الْمُلَوَّنَةِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقُودِ وَالْجَوَاهِرِ فَوْقَ النَّعْشِ فَهُوَ أَمْرٌ مُنْكَرٌ لِعَدَمِ عَمَلِ السَّلَفِ ذَلِكَ، وَلِمُنَافَاتِهِ لِحَالِ الْمَوْتِ وَلِقَصْدِ الرِّيَاءِ وَالْمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ. (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ الْيَدَيْنِ) حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ (بِأُولَى التَّكْبِيرِ) فَقَطْ وَرَفْعُهُمَا فِي غَيْرِ أُولَاهُ خِلَافُ الْأَوْلَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَرْفَعُهُمَا عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ. وَقِيلَ لَا يَرْفَعُهُمَا لَا عِنْدَ الْأُولَى وَلَا عِنْدَ غَيْرِهَا (وَ) نُدِبَ (ابْتِدَاءً) عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ (بِحَمْدٍ) لِلَّهِ تَعَالَى (وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ) سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَقِبَ الْحَمْدِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفِي الطِّرَازِ لَا يَكُونُ الْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ إلَّا عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَطْ وَيَدْعُو عَقِبَ غَيْرِهَا بِلَا حَمْدٍ وَصَلَاةٍ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلنَّوَادِرِ. وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى. (وَ) نُدِبَ (إسْرَارُ دُعَاءٍ) وَلَوْ لَيْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55] وَلِقَوْلِهِ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ مَرَّ بِقَوْمٍ يَجْهَرُونَ بِالتَّهْلِيلِ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ) أَيْ حَمْلُ مَيِّتٍ (صَغِيرٍ) لِدَفْنِهِ (عَلَى أَكُفٍّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ، أَصْلُهُ كْفُفُ بِسُكُونِ الْكَافِ وَضَمِّ الْفَاءِ الْأُولَى فَنُقِلَتْ الضَّمَّةُ لِلْكَافِ وَأُدْغِمَتْ الْفَاءُ فِي جَمْعِ كَفٍّ أَيْ كَفَّيْنِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ وَالتَّفَاخُرِ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ بِعِظَمِ الْمَيِّتِ. (وَ) نُدِبَ (وُقُوفُ إمَامٍ) لِلْمُصَلِّينَ عَلَى جِنَازَةٍ (بِالْوَسَطِ) بِفَتْحِ السِّينِ لِلْمَيِّتِ الذَّكَرِ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ بِنَحْوِ ذِرَاعٍ أَوْ شِبْرٍ (وَمَنْكِبَيْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْكَافِ مُثَنَّى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 498 الْمَرْأَةِ رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ وَرَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّمًا، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى كَرَاهَتِهِ، فَيُسَطَّحُ وَحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلَاثًا وَتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ   [منح الجليل] مَنْكِبٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ أَيْ كَتِفَيْ (الْمَرْأَةِ) الْمَيِّتَةِ حَالَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ وَوُقُوفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَطَ مَرْأَةٍ لِعِصْمَتِهِ مِنْ تَذَكُّرِ مَا يُنَافِيهَا (رَأْسُ الْمَيِّتِ مِنْ يَمِينِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي نَدْبًا تَشْرِيفًا لِلرَّأْسِ وَتَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ، إلَّا إذَا كَانَ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُنْدَبُ جَعْلُ رَأْسِهِ عَنْ يَسَارِ الْمُصَلِّي تَأَدُّبًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ حُجْرَتَهُ الشَّرِيفَةَ الَّتِي فِيهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِهَةُ يَسَارِ مَنْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَوْ جَعَلَ فِيهَا رَأْسَ الْمَيِّتِ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَ أَنَّ رِجْلَيْهِ جِهَةُ رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذِهِ إسَاءَةُ أَدَبٍ. (وَ) نُدِبَ (رَفْعُ قَبْرٍ) بِتُرَابٍ (كَشِبْرٍ) حَالَ كَوْنِهِ (مُسَنَّمًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ وَالنُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزَةِ، وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ عَلَى نَدْبِ التَّسْنِيمِ (عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ التَّسْنِيمِ (فَيُسَطَّحُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ السِّينِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ يُسَوِّي وَسَطَهُ بِأَطْرَافِهِ مَعَ رَفْعِهِ بِالتُّرَابِ كَشِبْرٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْرِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَبْرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِأَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ، وَأَنَّهَا مُسَطَّحَةٌ وَرِوَايَةُ التَّسْنِيمِ أَثْبَتُ. (وَحَثْوُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ صَبُّ شَخْصٍ (قَرِيبٍ) مِنْ الْقَبْرِ حَالَ دَفْنِ الْمَيِّتِ (فِيهِ) حَثْوًا (ثَلَاثًا) بِيَدَيْهِ مَعًا مِنْ تُرَابِهِ قَائِلًا مَعَ الْأَوَّلِ {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] وَمَعَ الثَّانِي {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} [طه: 55] وَمَعَ الثَّالِثِ {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] . (وَ) نُدِبَ (تَهْيِئَةُ) أَيْ إعْدَادُ، وَإِهْدَاءُ (طَعَامٍ لِأَهْلِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ لِكَوْنِهِمْ نَزَلَ بِهِمْ مَا شَغَلَهُمْ عَنْ صُنْعِ طَعَامٍ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْبُكَاءِ بِرَفْعِ صَوْتٍ أَوْ قَوْلٍ قَبِيحٍ فَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُمْ عَلَى الْحَرَامِ، وَأَمَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ، وَمِنْ الضَّلَالِ الْفَظِيعِ وَالْمُنْكَرِ الشَّنِيعِ وَالشَّمَاتَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْحَمَاقَةِ غَيْرِ الْهَيِّنَةِ تَعْلِيقُ الثَّرَيَاتِ، وَإِدَامَةُ الْقَهَوَاتِ فِي بُيُوتِ الْأَمْوَاتِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 499 وَتَعْزِيَةٌ. وَعَدَمُ عُمْقِهِ، وَاللَّحْدُ وَضَجْعٌ فِيهِ   [منح الجليل] وَالِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِلْحِكَايَاتِ وَتَضْيِيعُ الْأَوْقَاتِ فِي الْمَنْهِيَّاتِ مَعَ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَاتِ. وَلَا يَتَفَكَّرُونَ فِيمَنْ دَفَنُوهُ فِي التُّرَابِ تَحْتَ الْأَقْدَامِ وَوَضَعُوهُ فِي بَيْتِ الظَّلَامِ وَالْهَوَامِّ وَلَا فِي وَحْشَتِهِ وَضَمَّتِهِ، وَهَوْلِ السُّؤَالِ وَلَا فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ الْحَالُ الرَّوْحُ وَالرَّيْحَانُ وَالنَّعِيمُ أَوْ الضَّرْبُ بِمِقْمَعِ الْحَدِيدِ وَالِاشْتِغَالُ بِنَارِ الْجَحِيمِ، وَلَوْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِانْتِهَاءِ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُ لَقُلْنَا إنَّمَا يَفْعَلُونَهُ فَرَحًا بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْهَوَى أَعْمَاهُمْ، وَأَصَمَّهُمْ، وَإِنْ سُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ أَجَابُوا بِاتِّبَاعِ الْعَادَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَمَحْمَدَةِ النَّاسِ وَالزِّيَادَةِ فَهَلْ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ، كَلًّا بَلْ هُوَ شَرٌّ وَخُسْرَانٌ وَضَيْرٌ. (وَ) نُدِبَ (تَعْزِيَةٌ) لِأَهْلِهِ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، وَأَهْلِهِ إلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ، وَالصَّبِيَّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَبِبَيْتِ الْمَيِّتِ وَمُدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَهَا إلَّا لِمَنْ كَانَ غَائِبًا وَشَرَطَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا إسْلَامَ الْمَيِّتِ فَلَا يُعَزَّى مُسْلِمٌ بِقَرِيبِهِ أَوْ زَوْجِهِ الْكَافِرِ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ وَلَيْسَ لَهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ. (وَ) نُدِبَ (عَدَمُ عُمْقِهِ) أَيْ الْقَبْرِ؛ لِأَنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ فَيَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بَرَكَتُهَا وَشَرُّهَا أَسْفَلُهَا. (وَ) نُدِبَ (اللَّحْدُ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الَّتِي لَا تَتَهَايَلُ بِأَنْ يُحْفَرَ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ بِقَدْرِ مَا يَحْرُسُ الْمَيِّتَ وَيَمْنَعُ رَائِحَتَهُ ثُمَّ يَحْفِرُ تَحْتَ الْجَانِبِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِقَدْرِ الْمَيِّتِ وَيُدْفَنُ فِيهِ الْمَيِّتُ عَلَى جَنْبِهِ الْيَمِينِ وَوَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ وَيُسَدُّ فَمُ اللَّحْدِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ بِلَبِنٍ، وَيَرُدُّ التُّرَابُ الَّذِي حُفِرَ فِي مَوْضِعِهِ وَالزَّائِدُ يُجْعَلُ فَوْقَ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا الْمَيِّتُ، وَيُكَبَّبُ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ لِخَبَرِ «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً تَتَهَايَلُ إذَا حُفِرَ تَحْتَهَا تَعَيَّنَ الشَّقُّ بِأَنْ يُحْفَرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَذَلِكَ حُفْرَةً وَاسِعَةً، ثُمَّ يُحْفَرُ فِي وَسَطِهَا بِقَدْرِ الْمَيِّتِ وَيُدْفَنُ فِيهَا كَذَلِكَ وَيُسَدُّ فَمُ الشِّقِّ بِلَبِنٍ وَيُرَدُّ التُّرَابُ فِي مَوْضِعِهِ وَيُكَبَّبُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ كَالسَّنَامِ. (وَ) نُدِبَ (ضَجْعٌ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ إرْقَادٌ لِلْمَيِّتِ (فِيهِ) أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 500 عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلًا وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ، كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ، إنْ لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرُ.   [منح الجليل] الْقَبْرِ لَحْدًا كَانَ أَوْ شَقًّا (عَلَى) جَنْبٍ (أَيْمَنَ) حَالَ كَوْنِهِ (مُقَبَّلًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ مُثَقَّلًا أَيْ مَجْعُولًا وَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ، وَقَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ أَوْ نَحْوِ هَذَا وَجَعْلُ يَدِهِ الْيُمْنَى أَمَامَهُ وَالْيُسْرَى عَلَى جَسَدِهِ، وَإِنْ دُفِنَ بِلَا لَحْدٍ وَلَا شَقٍّ كَتُرَبِ مِصْرَ أُسْنِدَ بِالتُّرَابِ مِنْ خَلْفِهِ، وَأَمَامِهِ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ. وَهَذَا لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا، وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرَ وَنَحْوِهَا تَسَاهُلًا. (وَتُدُورِكَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أُدْرِكَ الْمَيِّتُ نَدْبًا (إنْ خُولِفَ) فِي دَفْنِهِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنْ جُعِلَ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ أَوْ جُعِلَ وَجْهُهُ لِلْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ، أَوْ جُعِلَ عَلَى أَيْسَرِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ وَصِلَةُ تُدُورِكَ (بِالْحَضْرَةِ) لِلدَّفْنِ بِأَنْ يُسَوَّى التُّرَابُ عَلَيْهِ. وَمَثَّلَ لِلْمُخَالَفَةِ بِقَوْلِهِ (كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) أَيْ جَعْلِهِمَا مَوْضِعَ رَأْسِهِ بِأَنْ دُفِنَ عَلَى يَسَارِهِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ بَاقِيَ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَعَطَفَ عَلَى مِثَالٍ مُشَبِّهًا فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ فَقَالَ (وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ) لِلْمَيِّتِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُتَدَارَكُ وُجُوبًا بِإِخْرَاجِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ. ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ فَقَطْ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ. وَالْفَوَاتُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ. (وَ) كَ (دَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ) فَيُتَدَارَكُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْمُؤْمِنِينَ (إنْ لَمْ يُخَفْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَيْهِ (التَّغَيُّرُ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ فَلَا يُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَلَازُمُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَبِ لَا فِي الْفِعْلِ وَيُتْرَكُ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَفُوتُ تَدَارُكُهُ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ بِالْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْحَطّ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 501 وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ، ثُمَّ قَرْمُودٍ، ثُمَّ آجُرٍّ، ثُمَّ قَصَبٍ وَسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةِ ابْنَ: كَسَبْعٍ. وَرَجُلٌ: كَرَضِيعَةٍ وَالْمَاءُ الْمُسَخَّنُ وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى،   [منح الجليل] فَخُصَّ الشَّرْطُ بِدَفْنِ الْمُسْلِمِ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ. (وَ) نُدِبَ (سَدُّهُ) أَيْ اللَّحْدِ أَوْ الشَّقِّ قَبْلَ رَدِّ التُّرَابِ فِيهِ (بِلَبِنٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ طُوبٍ نِيءٍ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (لَوْحٍ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لَبِنٌ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (قَرْمُودٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ طِينٍ مَصْنُوعٍ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَوْحٌ (ثُمَّ آجُرٍّ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ طُوبٍ مَحْرُوقٍ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَرْمُودٌ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (حَجَرٍ) إنْ لَمْ يُوجَدْ آجُرٌّ (ثُمَّ) سَدُّهُ بِ (قَصَبٍ) فَارِسِيٍّ إنْ لَمْ يُوجَدْ حَجَرٌ (وَسَنُّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ صَبُّ (التُّرَابِ) عَلَى الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَوْلَى مِنْ) دَفْنِهِ بِ (التَّابُوتِ) أَيْ الْخَشَبِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْقَبْرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النَّصَارَى، وَقَدْ أُمِرْنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ، وَكُرِهَ فَرْشُ نَحْوِ مِضْرَبَةٍ تَحْتَهُ وَمِخَدَّةٍ تَحْتَ رَأْسِهِ. (وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ صَبِيًّا ذَكَرًا (ابْنَ كَسَبْعٍ) مِنْ السِّنِينَ وَدَخَلَتْ الثَّامِنَةُ بِالْكَافِ لَا ابْنَ تِسْعٍ، وَإِنْ جَازَ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ لِلْمُرَاهِقَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ جَوَازُ الْغُسْلِ لِمَا فِيهِ الْمَسُّ بِالْيَدِ. (وَ) جَازَ غُسْلُ (رَجُلٍ) صَبِيَّةً (كَرَضِيعَةٍ) أَيْ وَبِنْتَ سَنَتَيْنِ وَشَهْرَيْنِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَيَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُ بِنْتِ سَنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لَا بِنْتِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ جَازَ لَهُ نَظَرُ عَوْرَتِهَا إلَى خَمْسِ سِنِينَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنْ كَانَتْ الصَّبِيَّةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ رَضِيعَةً جَازَ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُغَسِّلُهَا وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ يُغَسِّلُهَا ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ الْأَوْلَى مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) جَازَ (الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ) أَيْ تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ بِهِ كَالْبَارِدِ. (وَ) جَازَ (عَدَمُ الدَّلْكِ) فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى تَعْمِيمِهِ بِالْمَاءِ (لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى) كَثْرَةً تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ الْخَارِجَةَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 502 وَتَكْفِينٌ: بِمَلْبُوسٍ، أَوْ مُزَعْفَرٍ، أَوْ مُوَرَّسٍ وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ، وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ وَالْمُعَيِّنُ   [منح الجليل] عَنْ الْعَادَةِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ، وَجَازَ عَدَمُ التَّغْسِيلِ لِذَلِكَ وَيُيَمَّمُ مَنْ أَمْكَنَ تَيْمِيمُهُ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلٍّ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَاحِدَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَصَوَّبَهُ الْبُنَانِيُّ، وَقَالَ عج لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ (وَ) جَازَ (تَكْفِينُ) الْمَيِّتِ (بِمَلْبُوسٍ) حَالَ حَيَاتِهِ نَظِيفٌ طَاهِرٌ لَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ، وَإِلَّا كُرِهَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَنُدِبَ فِي الثَّالِثِ وَالْجَدِيدُ أَوْلَى (أَوْ) بِكَفَنٍ (مُزَعْفَرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْفَاءِ أَيْ مَصْبُوغٍ بِزَعْفَرَانٍ (أَوْ) بِكَفَنٍ (مُوَرَّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ مَصْبُوغٌ بِالْوَرْسِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطِّيبِ. (وَ) جَازَ (حَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) النَّعْشُ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَادِقٌ بِأَقَلَّ مِنْهَا إلَى وَاحِدٍ، وَأَزْيَدَ مِنْهَا بِلَا نِهَايَةٍ، فَلَا مَزِيَّةَ لِعَدَدٍ عَلَى عَدَدٍ. وَقِيلَ يُنْدَبُ لِحَمْلِهِ أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ. (وَ) جَازَ (بَدْءٌ) فِي حَمْلِ النَّعْشِ (بِأَيِّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْيَاءِ اسْمٌ مَوْصُولٌ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ مُضَافُ (نَاحِيَةٍ) أَيْ جَانِبٍ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُصْفُورٍ وَابْنِ الضَّائِعِ بِجَوَازِ إضَافَةِ أَيْ الْمَوْصُولَةِ لِلنَّكِرَةِ وَالْمَعْنَى بِالنَّاحِيَةِ الَّتِي يَشَاءُ الْحَامِلُ الْبَدْءَ بِهَا مِنْ مُقَدَّمِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ كَذَلِكَ. (وَالْمُعَيِّنُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً لِلْبَدْءِ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَأَشْهَبَ الْقَائِلِ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْمَنِ فَيَضَعُهُ الْحَامِلُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ الْأَيْسَرِ. وَابْنُ حَبِيبٍ الْقَائِلُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ السَّرِيرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَسَارِهِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَمِينِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ الرَّمَاصِيُّ فِي أَجْوِبَتِهِ الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ لِلسَّرِيرِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِاعْتِبَارِ اسْتِقْبَالِ الْحَامِلِ لَهُ إذَا أَتَى مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ يَمِينِ السَّرِيرِ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ. وَعَبَّرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ قَوْلِ أَشْهَبَ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ الْمَيِّتِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ إلَخْ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْسَرِ، وَهُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ إلَخْ فَيَأْتِي عَلَى اعْتِبَارِ اسْتِقْبَالِ الْحَامِلِ لَهُ إذَا أَتَى مِنْ جِهَةِ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ السَّرِيرِ حِينَئِذٍ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 503 مُبْتَدِعٌ، وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ، أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي: كَأَبٍ، وَزَوْجٍ، وَابْنٍ، وَأَخٍ وَسَبْقُهَا وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا وَنَقْلٌ، وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ،   [منح الجليل] تَفْسِيرِ قَوْلِ أَشْهَبَ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ اتَّفَقَ مَعَ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الْخَتْمِ وَخَبَرِ الْمُعَيِّنُ (مُبْتَدِعٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مُخْتَرِعٌ لِأَمْرٍ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِحَمْلِ الْجِنَازَةِ مِنْ أَيْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ شِئْت بَدَأَتْ وَلَك أَنْ تَحْمِلَ بَعْضَ الْجَوَانِبِ وَتَدَعَ بَعْضًا وَإِنْ شِئْت لَمْ تَحْمِلْ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ بِدْعَةٌ انْتَهَى سَنَدٌ بَدَّعَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِتَخْصِيصِهِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، وَهَذِهِ سِمَةُ الْبِدْعَةِ. (وَ) جَازَ (خُرُوجُ) مَرْأَةٍ (مُتَجَالَّةٍ) لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا لِجِنَازَةِ كُلِّ أَحَدٍ (أَوْ) مَرْأَةٍ شَابَّةٍ (إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا) أَيْ الشَّابَّةِ (الْفِتْنَةُ) لِلرِّجَالِ بِتَعَلُّقِ نُفُوسِهِمْ بِهَا (فِي) جِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيْهَا (كَأَبٍ) لَهَا وَأُمٍّ (وَزَوْجٍ) لَهَا (وَابْنٍ) وَبِنْتٍ لَهَا (وَأَخٍ) وَأُخْتٍ مُطْلَقًا، وَكُرِهَ خُرُوجُهَا لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ وَحَرُمَ عَلَى مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَمِثْلُ الشَّابَّةِ غَيْرُ الْمَخْشِيَّةِ الْمُتَجَالَّةُ الَّتِي فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ (وَ) جَازَ لِمُشَيِّعٍ (سَبْقُهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ لِمَوْضِعِ دَفْنِهَا لَا لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَخِلَافُ الْأَوْلَى. (وَ) جَازَ لِلْمُشَيِّعِينَ لِلْجِنَازَةِ مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا (جُلُوسٌ) بِمَوْضِعِ دَفْنِهَا أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا (قَبْلَ وَضْعِهَا) عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ الْحَامِلِينَ لَهَا بِالْأَرْضِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ دَفْنِهَا، وَجَازَ اسْتِمْرَارُهُمْ قَائِمِينَ حَتَّى تُوضَعَ (وَ) جَازَ (نَقْلٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ تَحْوِيلٌ لِلْمَيِّتِ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ قَبْلَ دَفْنِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْفَجِرَ حِينَ نَقْلِهِ، وَأَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ، وَأَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ بَحْرٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ رَجَاءِ بَرَكَةِ الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوْ دَفْنِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ قُرْبِ زِيَارَةِ أَهْلِهِ لَهُ، وَإِلَّا حَرُمَ، وَيَجُوزُ مَعَ الشُّرُوطِ. (وَإِنْ) كَانَ (مِنْ بَدْوٍ) إلَى حَضَرٍ وَالْمُنَاسِبُ قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يُقَالَ، وَإِنْ مِنْ حَضَرٍ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 504 وَبُكًى عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ: بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ، وَقَوْلٍ قَبِيحٍ وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ. وَوَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ. أَوْ بِصَلَاةٍ يَلِي الْإِمَامَ: رَجُلٌ، فَطِفْلٌ، فَعَبْدٌ، فَخَصِيٌّ، فَخُنْثَى كَذَلِكَ.   [منح الجليل] وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى. (وَ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى (بُكًى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَقْصُورًا أَيْ إسَالَةُ دَمْعٍ (عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ) فَإِنْ كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ حَرُمَ وَيُسَمَّى حِينَئِذٍ بُكَاءً بِالْمَدِّ (وَ) بِلَا (قَوْلٍ قَبِيحٍ) فَإِنْ كَانَ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ كَمَخْطُوفٍ وَمَنْهُوبٍ وَغَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْمَوْتِ حَرُمَ. (وَ) جَازَ (جَمْعُ أَمْوَاتٍ) ، وَأَوْلَى جَمْعُ مَيِّتَيْنِ (بِقَبْرٍ) وَاحِدٍ (لِضَرُورَةٍ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَضِيقِ الْمَكَانِ وَتَعَذُّرِ الْحَافِرِ وَلَوْ فِي أَوْقَاتٍ. فَلَا يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا أَوْ بَعْضُهُمْ إنَاثًا كَانُوا أَقَارِبَ أَوْ أَبَاعِدَ. وَلَا يَجُوزُ لَمُّ عِظَامِ الْمَيِّتِ الْقَدِيمِ وَلَا تَكْسِيرُهَا، وَكُرِهَ جَمْعُهُمْ بِقَبْرٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (وَوَلِيَ) بِضَمِّ الْوَاوِ، وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ جُعِلَ وَالِيًا وَمُبَاشِرًا (الْقِبْلَةَ) مِنْ الْقَبْرِ الْمَيِّتُ (الْأَفْضَلُ) مِنْ بَاقِي الْأَمْوَاتِ الْمَجْمُوعِينَ مَعَهُ فِي الدَّفْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ نَدْبًا فَيُقَدَّمُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى، وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَالْحُرُّ عَلَى الرِّقِّ، وَالْعَدْلُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْعَالِمُ عَلَى الْجَاهِلِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ. (أَوْ بِصَلَاةٍ) عَطْفٌ عَلَى بِقَبْرٍ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِلَا ضَرَرٍ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِصَلَاةٍ لِرَجَاءِ عَوْدِ بَرَكَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. (يَلِي الْإِمَامَ رَجُلٌ) أَيْ غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ، كَذَلِكَ حُرٌّ (فَطِفْلٌ) حُرٌّ (فَعَبْدٌ) غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ كَذَلِكَ أَيْ رَجُلٌ فَطِفْلٌ (فَخَصِيٌّ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَمَجْبُوبٌ أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا كَذَلِكَ أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ (فَخُنْثَى) مُشْكِلٌ (كَذَلِكَ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 505 وَفِي الصِّنْفِ أَيْضًا: الصَّفُّ وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ،   [منح الجليل] فَصَغِيرٌ، فَأُنْثَى حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ، فَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ، فَالْأَصْنَافُ خَمْسَةٌ فِي كُلِّ صِنْفٍ أَرْبَعٌ. (وَ) جَازَ (فِي الصِّنْفِ) الْوَاحِدِ كَالْفُحُولِ فَقَطْ وَالْمَخَاصِي كَذَلِكَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوَالِي وَالْمَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ (الصَّفُّ) مُمْتَدًّا مِنْ الْيَمِينِ إلَى الشِّمَالِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْحُرُّ أَمَامَ الْإِمَامِ وَالْحُرُّ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْعَبْدُ الْكَبِيرُ عَنْ يَسَارِهِ وَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ. وَقِيلَ يُجْعَلُ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَسَارِهِ أَيْضًا، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ عج، وَهَلْ يُجْعَلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَفْضُولُ الْأَفْضَلِ بِحَيْثُ تَكُونُ رِجْلَاهُ عِنْدَ رَأْسِ الْأَفْضَلِ وَبَاقِي الْأَصْنَافِ تُجْعَلُ كُلُّهَا عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ. أَوْ يُجْعَلُ مَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ جِهَةَ الْيَسَارِ وَمَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ، وَهَكَذَا. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ عب وشب، وَعَلَى هَذَا فَالتَّفَاوُتُ بِالْقُرْبِ تَارَةً وَالتَّيَامُنُ أُخْرَى، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الشَّارِحِ فَبِالْقُرْبِ دَائِمًا إلَّا الثَّانِي فَمَزِيَّتُهُ عَلَى الثَّالِثِ التَّيَامُنُ وَيَجُوزُ الصَّفُّ فِي الْأَصْنَافِ الْمُجْتَمِعَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِلصِّنْفِ. (وَ) جَازَ بِمَعْنَى نُدِبَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً (زِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ أَوْ وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ بِمُدَّةِ مُكْثٍ عِنْدَهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِفِنَاءِ الْمَقَابِرِ فَلَا تَخْتَصُّ زِيَارَتُهَا بِيَوْمٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِفَضْلِهِ وَالْفَرَاغِ فِيهِ أَوْ دُعَاءٌ، وَيَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِبَارِ بِحَالِ الْمَوْتَى حَالَ زِيَارَتِهِمْ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَدَمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْحَذَرُ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْقُبُورِ فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ بُرَيْدَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً» . اهـ وَفَعَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَقُولُ «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدَّارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا بِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ» . الْقُرْطُبِيُّ يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَمَ عَلَى زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهَا وَيُحْضِرَ قَلْبَهُ فِي الجزء: 1 ¦ الصفحة: 506 وَكُرِهَ: حَلْقُ شَعْرِهِ، وَقَلْمُ ظُفُرِهِ. وَهُوَ بِدْعَةٌ وَضُمَّ مَعَهُ إنْ فُعِلَ،   [منح الجليل] إتْيَانِهَا وَلَا يَكُونُ حَظُّهُ التَّطْوَافَ عَلَى الْأَجْدَاثِ فَإِنَّهَا حَالَةٌ تُشَارِكُهُ فِيهَا الْبَهِيمَةُ بَلْ يَقْصِدُ بِزِيَارَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِصْلَاحَ قَلْبِهِ وَنَفْعَ الْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ. وَيُسَلِّمُ إذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ وَيُخَاطِبُهُمْ خِطَابَ الْحَاضِرِينَ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَإِذَا وَصَلَ إلَى قَبْرِ مَعْرِفَتِهِ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَأْتِيهِ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ وَيَعْتَبِرُ بِحَالِهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ، وَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ، وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِهِمْ» . وَعَنْ الْحَسَنِ مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ وَالْأَرْوَاحِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الدُّنْيَا، وَهِيَ بِك مُؤْمِنَةٌ أَدْخِلْ عَلَيْهَا رَوْحًا مِنْك وَسَلَامًا مِنِّي كُتِبَ لَهُ بِعَدَدِهِمْ حَسَنَاتٌ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (حَلْقُ) أَيْ إزَالَةُ (شَعْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الَّذِي يَجُوزُ حَلْقُهُ حَالَ حَيَاتِهِ كَشَعْرِ رَأْسِهِ، وَإِبْطِهِ، وَإِلَّا حَرُمَ كَشَعْرِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَرَأْسِ الْمَرْأَةِ (وَ) كُرِهَ (قَلْمُ ظُفُرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ، وَقَلْمِ الظُّفُرِ (بِدْعَةٌ) فِيهَا لِمَالِكٍ أَكْرَهُ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرَةٍ أَوْ تُقَلَّمُ أَظْفَارُهُ أَوْ تُحْلَقُ عَانَتُهُ وَأَرَى ذَلِكَ بِدْعَةً مِمَّنْ فَعَلَهُ. الْبَاجِيَّ لَا يُحْلَقُ لَهُ شَعْرٌ وَلَا يُخْتَنُ وَلَا يُقَلَّمُ ظُفْرُهُ وَيُنَقَّى الْوَسَخُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَغَيْرِهَا فِي الْمَدْخَلِ إذَا فُرِغَ مِنْ غُسْلِهِ يُنَظَّفُ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ بِعُودٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَا يُقَلَّمُهَا، ثُمَّ قَالَ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ فَإِنْ خَرَجَ فِيهِ شَعْرٌ جَمَعَهُ، وَأَلْقَاهُ فِي كَنَفِهِ. سَحْنُونٌ وَلَا يَفْعَلُ هُوَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِذَلِكَ أَمَّا لِقَصْدِ الرَّاحَةِ فَجَائِزٌ. (وَضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ جَمِيعُ الشَّعْرِ الْمَحْلُوقِ وَالظُّفْرِ الْمَقْلُومِ (مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ (إنْ فُعِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْحَلْقُ أَوْ الْقَلَمُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. زَادَ، وَكَذَلِكَ مَا سَقَطَ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ ذَلِكَ. أَشْهَبُ وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ فِي أَكْفَانِهِ. تت لَمْ يُعَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الضَّمِّ. عج هُوَ الْوُجُوبُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 507 وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ، وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا ، وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ   [منح الجليل] عب وشب هَذَا مُشْكِلٌ يَكُونُ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا تَجِبُ مُوَارَاتُهَا وَلَوْ وَجَبَ لَحَرُمَتْ الْإِزَالَةُ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ لَا إشْكَالَ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا حَقِيقِيًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يُعْطَى حُكْمُهُ. (وَلَا تُنْكَأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ لَا تُفَجَّرُ وَلَا تُعْصَرُ (قُرُوحُهُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ جُرُوحُهُ وَدَمَامِيلُهُ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ يُزَالُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ نَدْبًا (عَفْوُهَا) أَيْ مَا سَالَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ لِلنَّظَافَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَيْئَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا أَصْلًا. وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ بِهِ قُرُوحٌ غُسِلَ بِالْمَاءِ السُّخْنِ وَأُخِذَ عَفْوُهَا وَلَا تُنْكَأُ. تت أَيْ تُعْصَرُ قُرُوحُهُ كَدَمَامِلَ وَبَثَرَاتٍ وَجِرَاحَاتٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ مَا فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيُتْرَكُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا. الْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ لِإِتْيَانِهِ بِالْفِعْلِ بَعْدَ عَدِّ شَيْءٍ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَفِي الْمَجْهُولِ أَيْ يُزَالُ مَا سَالَ مِنْهَا مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِمَّا تَسْهُلُ إزَالَتُهُ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ إزَالَةُ مَا بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ عَصْرِهَا لِئَلَّا يُلَوَّثَ الْكَفَنُ وَالْأَوَّلُ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَا يُنْكَأُ ذَلِكَ فِي ضَوَامِرِهِ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالظَّاهِرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ، وَإِنَّمَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْكَفَنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِ الْقُرُوحِ فَإِنَّهُ إذَا أُخِذَ عَفْوُهُ لَمْ تَبْقَ مَادَّةٌ تَنْصَبُّ إلَيْهِ بِسُرْعَةٍ بِحَسَبِ ذَهَابِ جَرْيِ حَيَاتِهِ وَضِيقِ مَجَارِي الدَّمِ. (وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَيْسَتْ الْقَارَّةُ وَالْبَخُورُ مِنْ الْعَمَلِ ابْنُ رُشْدٍ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحُكِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَرَأَ يس أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَهُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ» قَالَ، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ. ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَجْهُ مَا فِي السَّمَاعِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَدَبُّرُ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ لِيُتَّعَظَ بِهَا، وَهُوَ مُشْغِلٌ عَنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ فَيُؤَدِّي لِإِسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ الْعَدَوِيُّ فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ مَكْرُوهَةٌ قَصَدَ بِهَا اسْتِنَانًا أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهَا الْمَقْصُودَ، وَكَذَا بَعْدَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 508 كَتَجْمِيرِ الدَّارِ، وَبَعْدَهُ، وَعَلَى قَبْرِهِ،   [منح الجليل] مَوْتِهِ وَعَلَى قَبْرِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَتَجْمِيرِ) أَيْ تَبْخِيرِ (الدَّارِ) لِإِزَالَةِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ فِي زَعْمِهِ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ نُدِبَ وَعَطَفَ عَلَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ (وَ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْمَوْتِ (وَعَلَى قَبْرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَلِمُنَافَاتِهَا لِلْمَقْصُودِ مِنْ التَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ. مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ وَنَقَلَهَا سَيِّدِي ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَائِلًا؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَنَحْنُ مُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ. اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَ عِيَاضٌ اسْتِدْلَالَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ بِحَدِيثِ الْجَرِيدَتَيْنِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ ضَابِطُهُ: إنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَوَهَبَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِمَيِّتٍ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. الْقَرَافِيُّ: الْقُرُبَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ حَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ فِي ثَوَابِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ، وَقِسْمٌ اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ نَقْلِهِ وَهُوَ الْقُرُبَاتُ الْمَالِيَّةُ، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالْقِرَاءَةُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَنِيَّةٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] . وَلِحَدِيثِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» . وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ. وَلِحَدِيثِ «صَلِّ لَهُمَا مَعَ صَلَاتِك وَصُمْ لَهُمَا مَعَ صَوْمِك» يَعْنِي أَبَوَيْهِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 509 وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا ، وَقَوْلُ: اسْتَغْفِرُوا لَهَا وَانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ أَوْ بِلَا إذْنٍ، إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا، وَحَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ وَإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ.   [منح الجليل] أَمْرُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِهِ نَحْوُ الْمَغْفِرَةِ فَهَذَا الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ وَثَوَابِهِ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالدَّاعِي وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي قَصْرَ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَارِئِ، وَمِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ نُعَارِضُهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ. وَيُرَجَّحُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ بِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الِاسْتِمَاعِ وَلَا يَصِحُّ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ. وَالظَّاهِرُ حُصُولُ بَرَكَةِ الْقِرَاءَةِ لِحُصُولِهَا بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ فَقَدْ حَصَلَتْ بَرَكَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمَا كَمَا ثَبَتَ بِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْمَلُ أَمْرُ الْمَوْتَى مِنْ الْقِرَاءَةِ فَلَعَلَّ الْوَاقِعَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْوُصُولُ لَهُمْ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَكَذَا التَّهْلِيلُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ وَيَعْتَمِدَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ. (وَ) كُرِهَ (صِيَاحٌ) أَيْ رَفْعُ صَوْتٍ بِاسْمِهَا وَالثَّنَاءِ عَلَيْهَا (خَلْفَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ أَوْ أَمَامَهَا أَوْ شِمَالَهَا، لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَمَلِ وَالْمُبَاهَاةِ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ وَعِظَمِ الْمُصِيبَةِ (وَ) كُرِهَ (قَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا) ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَلِذَا لَمَّا سَمِعَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ لِقَائِلِهِ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ (وَ) كُرِهَ (انْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ) عَلَيْهَا وَلَوْ طَوَّلُوا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهَا (أَوْ) انْصِرَافٌ عَنْهَا قَبْلَ دَفْنِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَهْلِهَا (إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا) وَمَفْهُومُ بِلَا إذْنٍ جَوَازُهُ بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلُوا وَمَفْهُومُ أَنْ يُطَوِّلُوا جَوَازُهُ إنْ طَوَّلُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. (وَ) كُرِهَ (حَمْلُهَا) وَالْمَشْيُ مَعَهَا (بِلَا وُضُوءٍ) لِتَأْدِيَتِهِ إلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مَاءٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَانْتِظَارُهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ. (وَ) كُرِهَ (إدْخَالُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِمَسْجِدٍ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ طَهَارَتِهِ صِيَانَةً لَهُ عَمَّا يُحْتَمَلُ خُرُوجُهُ مِنْهُ وَأَمَّا عَلَى نَجَاسَتِهِ فَإِدْخَالُهُ مُحَرَّمٌ (وَ) كُرِهَ (الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (فِيهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 510 وَتَكْرَارُهَا وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ: كَسِقْطٍ وَتَحْنِيطُهُ، وَتَسْمِيَتُهُ، وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ ،   [منح الجليل] خَارِجَهُ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِإِدْخَالِهِ فِيهِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ وُضِعَتْ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا مَنْ بِالْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا ضَاقَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ نَاجِي لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إذَا ضَاقَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا فَرْقَ فِي كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ كَوْنِهَا فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ أُجِرَ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْمَكْرُوهِ مَا تَرْكُهُ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ الْكَرَاهَةَ وَالْجَوَازَ وَالْمَنْعَ أَبُو عُمَرَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَّى عَلَى سَهْلٍ فِي الْمَسْجِدِ» هُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا رُوِيَ. وَأَجَازَهَا عَلَيْهِ فِيهِ ابْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهِيَ السُّنَّةُ الْمَعْمُولُ بِهَا فِي زَمَنِ الْخَلِيفَتَيْنِ صَلَّى عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهِ. وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. اللَّخْمِيُّ، وَهَذَا أَحْسَنُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَّا أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِاحْتِرَاسِهِ وَحَسْمِهِ لِلذَّرَائِعِ مَنَعَ إدْخَالَهُمْ فِيهِ خَشْيَةَ اسْتِرْسَالِ النَّاسِ فِيهِ، وَقَدْ مَنَعَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - دُخُولَ النِّسَاءِ فِيهِ وَحَسْمُ الذَّرَائِعِ فِيمَا لَا يَكُونُ مِنْ اللَّوَازِمِ دَاخِلٌ فِي الدِّينِ. (وَ) كُرِهَ (تَكْرَارُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ صُلِّيَتْ أَوَّلًا جَمَاعَةً، سَوَاءٌ أُعِيدَتْ جَمَاعَةً أَوْ أَفْذَاذًا أَوْ صُلِّيَتْ أَفْذَاذًا أَوْ أُعِيدَتْ كَذَلِكَ وَنُدِبَ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً. (وَ) كُرِهَ (تَغْسِيلُ جُنُبٍ) الْمَيِّتَ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ لِكَرَاهَتِهِ الْمَلَائِكَةُ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) تَغْسِيلِ (سِقْطٍ) نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً ضَعِيفَةً فَيُكْرَهُ وَلَوْ أُسْقِطَ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَيُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَيَجِبُ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا بِالْمَقْبَرَةِ. (وَ) كَ (تَحْنِيطِهِ) أَيْ تَطْيِيبِ السِّقْطِ فَيُكْرَهُ (وَ) كَ (تَسْمِيَتِهِ) أَيْ السِّقْطِ بِاسْمٍ فَتُكْرَهُ (وَ) كَ (الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 511 وَدَفْنُهُ بِدَارٍ، وَلَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ لَا حَائِضَ وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ   [منح الجليل] أَيْ السِّقْطِ فَتُكْرَهُ (وَ) كَ (دَفْنِهِ) أَيْ السِّقْطِ (بِدَارٍ) هَذَا مَصَبُّ الْكَرَاهَةِ إذْ أَصْلُ دَفْنِهِ وَاجِبٌ. (وَلَيْسَ) دَفْنُهُ بِدَارٍ (عَيْبًا) مُوجِبًا لِخِيَارِ مُشْتَرِيهَا بَيْنَ رَدِّهَا وَالتَّمَاسُكِ بِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بَائِعُهَا، إذْ لَيْسَ لِقَبْرِهِ حُرْمَةُ قَبْرِ الْكَبِيرِ. قِيلَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِيهَا سِقْطًا قَالَ لَا أَرَى السِّقْطَ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى، قِيلَ أَفَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِهِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ. ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَاسُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ. (بِخِلَافِ) دَفْنِ (الْكَبِيرِ) أَيْ مَنْ مَاتَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ بِدَارٍ فَيَجُوزُ، وَإِنْ بِيعَتْ بِدُونِ بَيَانِهِ لِلْمُشْتَرِي رَدَّهَا بِهِ لِحُرْمَةِ انْتِفَاعِهِ بِقَبْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا عَيْبٌ يَسِيرٌ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تُمْكِنْ إزَالَتُهُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْكَثِيرِ فِي إيجَابِ الرَّدِّ، وَدَفْنُ الْكَبِيرِ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ. ابْنُ سَحْنُونٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الدَّارَ فَيَجِدُ فِيهَا قَبْرًا قَدْ كَانَ الْبَائِعُ دَفَنَهُ، قَالَ أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَأَنَّهُ حَبْسٌ. الْإِبْيَانِيُّ جَائِزٌ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ. (لَا) يُكْرَهُ تَغْسِيلُ (حَائِضٍ) لِلْمَيِّتِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِ حَدَثِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ، وَإِذًا لَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا صَارَتْ كَالْجُنُبِ. (وَ) كُرِهَ (صَلَاةُ) شَخْصٍ (فَاضِلٍ) أَيْ صَاحِبِ فَضْلٍ بِعِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ خِلَافَةٍ (عَلَى) مَيِّتٍ (بِدْعِيٍّ) أَيْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ لَمْ يَكْفُرْ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ كَقَدَرِيٍّ وَحَرُورِيٍّ فِي الْمُنْتَقَى: أَهْلُ كُلِّ نَقْصٍ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِيمَانِ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالْإِيمَانِ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا لَهُمْ وَزَجْرًا لِغَيْرِهِمْ عَنْ مِثْلِ حَالِهِمْ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى جَابِرٌ عَنْ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَاهِقٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» . عج مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِلَّا فَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْفَاضِلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهَا لَا يُسْقِطُهُ بِدَعُهُمْ وَلَا كَبَائِرُهُمْ مَا تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ فِيهَا لَا يُسَلَّمُ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ وَلَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 512 أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ وَالْإِمَامُ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ،   [منح الجليل] يُنَاكَحُونَ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ جُمُعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ. سَحْنُونٌ زَجْرًا لَهُمْ وَيُسْتَتَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُوتِلُوا. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ إذَا دَعَوْا إلَى بِدْعَتِهِمْ وَتُكْرَهُ السُّكْنَى مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ لِئَلَّا تَنْزِلَ عَلَيْهِمْ سَخْطَةٌ فَتُصِيبُهُ مَعَهُمْ، أَوْ يُظَنُّ مِنْهُمْ فَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ أَوْ مَخَافَةَ سَمَاعِ كَلَامِهِمْ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ شَكٌّ فِي اعْتِقَادِهِ. (أَوْ) شَخْصٍ (مُظْهِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ مَعْصِيَةٍ (كَبِيرَةٍ) كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَيُورَثُ وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ حَدَثٌ أَحْدَثَهُ وَلَا جُرْمٌ اجْتَرَمَهُ اهـ. ابْنُ يُونُسَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى الْبُغَاةِ، وَأَهْلِ الْبِدَعِ. أَبُو إِسْحَاقَ، وَهَذَا عَلَى بَابِ الرَّدْعِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ النَّاسُ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَهِرِينَ بِالْمَعَاصِي. (وَ) كُرِهَ صَلَاةُ (الْإِمَامِ) أَيْ الْخَلِيفَةِ أَوْ نَائِبِهِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ (عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ) إمَّا (بِحَدٍّ) كَمُحَارِبٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ (أَوْ قَوَدٍ) أَيْ قِصَاصٍ كَقَاتِلٍ كُفْءٍ إنْ تَوَلَّاهُ الْإِمَامُ بَلْ (وَلَوْ تَوَلَّاهُ) أَيْ الْقَتْلَ (النَّاسُ دُونَهُ) أَيْ الْإِمَامِ وَمَفْهُومُ الْقَتْلِ أَنَّ مَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ كَزَانٍ بِكْرٍ مَاتَ مِنْهُ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْإِمَامِ وَلَا لِأَهْلِ الْفَضْلِ. فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كُلُّ مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فِي قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ غَيْرُ الْإِمَامِ. ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ مُحَارِبٌ قَتَلَهُ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلُ فَأَمَّا مَنْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ فِي زِنًا فَمَاتَ فَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْجَلْدُ لَا الْقَتْلُ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْإِمَامِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْجُومِ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَاعِز وَالْغَامِدِيَّةِ وَعَلَّلَ الْمَشْهُورَ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ فَلَا يَشْفَعُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعَدُّ فِي انْتِقَامِهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا شَرَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَشَفَاعَتُهُ لَهُ فِي الْعَاقِبَةِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى، لِحَدِيثِ «اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ حَدَدْتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 513 وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ، أَوْ نَجِسٍ، وَكَأَخْضَرَ،   [منح الجليل] فَاجْعَلْهُ طُهْرًا لَهُ» أَوْ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عج تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامَ بِالْكَرَاهَةِ يَحْتَمِلُ اعْتِبَارَهُ فَلَا تُكْرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ لِقَوْلِهَا وَيُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ غَيْرُ الْإِمَامِ، وَهَذَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ فَلَا يَشْفَعُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْقَاضِي وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فَتُكْرَهُ صَلَاةُ أَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ وَخُصَّ الْإِمَامُ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا شَارِحُ الرِّسَالَةِ. (وَإِنْ مَاتَ) مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ (قَبْلَهُ) أَيْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (فَ) فِي كَرَاهَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُهَا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. اللَّخْمِيُّ أَرَى فِيمَنْ حُكْمُهُ الْأَدَبُ أَوْ الْقَتْلُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدَّبَ بِذَلِكَ أَنْ يَجْتَنِبَ الْإِمَامُ، وَأَهْلُ الْفَضْلِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْيَاءِ. وَنَصَّ أَبُو عِمْرَانَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْعَدَوِيُّ الْأَظْهَرُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ. (وَ) كُرِهَ (تَكْفِينٌ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (بِحَرِيرٍ) فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَكْفَانِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْخَزَّ لِأَنَّ سَدَاهُ الْحَرِيرُ، وَكَرِهَ الْأَكْفَانَ فِي الْحَرِيرِ مَحْضًا. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ فِي كَفَنِ الرِّجَالِ بِالْعَلَمِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَأَجَازَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَحَمَلَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْمَنْعِ كَظَاهِرِ الْجَلَّابِ، وَأَبْقَاهَا جَمَاعَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا. (وَ) كُرِهَ تَكْفِينٌ بِكَفَنٍ (نَجِسٍ) بَهْرَامُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ فِيهِ قَوْلُ أَشْهَبَ الْكَفَنُ الْجَدِيدُ وَالْخَلِقُ سَوَاءٌ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا لِنَجَاسَةٍ أَوْ وَسَخٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الْوُجُوبُ بِوُجُوبِ السُّنَنِ أَيْ التَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ قَرْنِهَا بِالْوَسَخِ وَنَحْوِهِ، قَوْلُ الْكَافِي لَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ. عج يُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا. (وَ) كُرِهَ تَكْفِينٌ بِ (كَأَخْضَرَ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ مِنْ كُلِّ مَصْبُوغٍ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 514 وَمُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ. وَزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ وَاجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى، وَإِنْ سِرًّا، وَتَكْبِيرُ نَعْشٍ، وَفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ وَإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ   [منح الجليل] كَمَصْبُوغٍ بِنِيلَةٍ (وَمُعَصْفَرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ، وَهُوَ نَوَّارُ الْقُرْطُمِ (أَمْكَنَ غَيْرُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَالْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ وَلَا يَجْتَمِعُ وُجُوبٌ، وَكَرَاهَةٌ ابْنُ عَرَفَةَ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ مِنْ مَتْرُوكٍ فُعِلَ. (وَ) كُرِهَ (زِيَادَةُ) كَفَنِ (رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ وَ) زِيَادَةُ كَفَنِ امْرَأَةٍ (عَلَى سَبْعَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ مُخَالِفٌ لِلْعَمَلِ. ، (وَ) كُرِهَ (اجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى) بِالْقَصْرِ أَيْ إرْسَالٌ لِلدُّمُوعِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ سِرًّا) لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْبُكَاءَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ مُحَرَّمٌ، وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَقَصْرُ مَا قَبْلَهَا عَلَى أَدْنَى الرَّفْعِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَالسِّرِّ وَالْمُحَرَّمُ الرَّفْعُ الْعَالِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ. (وَ) كُرِهَ (تَكْبِيرُ نَعْشٍ) لِلْمَيِّتِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْمُبَاهَاةِ، وَإِظْهَارِ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ (وَ) كُرِهَ (فَرْشُهُ) أَيْ النَّعْشِ (بِحَرِيرٍ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَمَفْهُومُ فَرْشٍ إنْ سَتَرَ بِهِ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُلَوَّنًا بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَإِلَّا كُرِهَ. ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ إعْظَامُ النَّعْشِ وَأَنْ يُفْرَشَ تَحْتَ الْمَيِّتِ قَطِيفَةُ حَرِيرٍ أَوْ خَزٍّ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يُفْرَشُ إلَّا ثَوْبٌ طَاهِرٌ. اهـ وَلَعَلَّ التَّفْرِقَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرِيرِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمَا فِي تَكْفِينٍ بِالْحَرِيرِ سَوَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِلنِّسَاءِ فَجَرَى هُنَا عَلَى أَصْلِهِ. عج يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ هُنَا إذَا لَمْ يَنْقُلُوا غَيْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ فِي التَّكْفِينِ فِي الْحَرِيرِ إسْرَافٌ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ فَرْشِهِ. (وَ) كُرِهَ (إتْبَاعُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِنَارٍ) أَيْ حَمْلُهَا مَعَهُ حَالَ تَشْيِيعِهِ لِلدَّفْنِ لِلتَّشَاؤُمِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَخُورٌ لَهُ بَالٌ فَكَرَاهَةٌ أُخْرَى لِإِضَاعَةِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَبَاخِرَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرُمَ كَإِلْبَاسِ الرِّجَالِ الْحَامِلِينَ لَهَا الْحَرِيرَ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْفَرَحِ الْمُنَافِي لِلْحُزْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَوْتِ وَمَا يَتْبَعُهُ، وَلَكِنَّ الْهَوَى أَعْمَاهُمْ، وَأَصَمَّهُمْ، وَنَصُّ الْأُمَّهَاتِ: وَكَرِهَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِنَارٍ تَفَاؤُلًا فِي هَذَا الْمَقَامِ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 515 وَنِدَاءٌ بِهِ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ، لَا بِكَحِلَقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ ، وَقِيَامٌ لَهَا، وَتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ،   [منح الجليل] أَبُو الْحَسَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَيَزْدَادُ وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ السَّرَفُ إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ. (وَ) كُرِهَ (نِدَاءٌ بِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُقَالَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ فُلَانٌ مَاتَ فَاسْعَوْا لِجِنَازَتِهِ (بِمَسْجِدٍ) لِكَرَاهَةِ رَفْعَ الصَّوْتِ فِيهِ وَلَوْ بِالْعِلْمِ زِيَادَةً عَنْ الْحَاجَةِ (أَوْ بَابِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِرَفْعِهِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ (لَا) يُكْرَهُ الْإِعْلَامُ (بِحِلَقٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ حَلْقَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (بِصَوْتٍ خَفِيٍّ) بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَشْيِيعِهِ. (وَ) كُرِهَ (قِيَامٌ لَهَا) أَيْ الْجِنَازَةِ مِنْ جَالِسٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ سَبَقَهَا لِلْقَبْرِ، وَكَذَا اسْتِمْرَارُ مُشَيِّعِهَا قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ، وَقَدْ نُسِخَ هَذَا كُلُّهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً، وَكَانَ يَشْتَبِهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَلَمَّا نُهِيَ. انْتَهَى. وَقَدْ رَوَى الْكَرَاهَةَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَ الْقَائِمَ لَهَا مَأْجُورًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَرَكَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ مَرَّتْ بِهِ الْجِنَازَةُ فَلَا يَعْرِضُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَفَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُسِخَ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ وُجُوبِهِ لِنَدْبِهِ أَوْ لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لِإِبَاحَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ، وَأَمَّا الْقِيَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ مَنْسُوخًا. اهـ. ابْنُ غَازِيٍّ وَعَلَى هَذَا فَلَا كَرَاهَةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَرْوَحَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمَّا نُهِيَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ مِمَّا فِي النَّوَادِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الَّذِي أَخَذَ بِهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَى الْبَاجِيَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " أَوْلَى لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ فِيهِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَهُ سَنَدٌ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَفِيهِ «اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ» ، وَهَذَا أَمْرٌ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَضِيَ اسْتِحْبَابَ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ. (وَ) كُرِهَ (تَطْيِينُ قَبْرٍ) أَيْ تَلْبِيسُهُ بِالطِّينِ (أَوْ تَبْيِيضُهُ) بِالْجِيرِ أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ فِي تَطْيِينِهِ مِنْ خَارِجِهِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنْ دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ لِمَا وَرَدَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَالَ إذَا الجزء: 1 ¦ الصفحة: 516 وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ، وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ: كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلَا نَقْشٍ   [منح الجليل] طُيِّنَ الْقَبْرُ فَلَا يَسْمَعُ صَاحِبُهُ الْأَذَانَ وَلَا الدُّعَاءَ وَلَا يَعْلَمُ زَائِرَهُ» . (وَ) كُرِهَ (بِنَاءٌ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَبْرِ فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَيْهَا «وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقُبُورِ أَوْ تُقَصَّصُ» . وَرُوِيَ تُجَصَّصُ الْمَازِرِيُّ مَعْنَاهُ تُبَيَّضُ بِالْجَيَّارِ أَوْ بِالتُّرَابِ الْأَبْيَضِ وَالْقَصَّةُ الْجِيرُ، وَهُوَ الْجَصُّ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَتَفَاخُرِهَا وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضٍ " تَجْصِيصَ الْقُبُورِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتِلْكَ مَنَازِلُ الْآخِرَةِ وَلَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلْمُبَاهَاةِ، وَإِنَّمَا يُزَيِّنُ الْمَيِّتُ عَمَلَهُ فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ " رض " أَنْ يُرَصَّصَ عَلَى الْقُبُورِ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا بِطُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَهَى عَنْ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالْكِتَابَةِ وَالتَّجْصِيصِ. وَرَوَى جَابِرٌ " رض «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ تُرَبَّعَ الْقُبُورُ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا أَوْ يُكْتَبَ فِيهَا أَوْ تُقَصَّصَ» وَرُوِيَ تَجْصِيصٌ، وَأَمَرَ بِهَدْمِهَا وَتَسْوِيَتِهَا. (أَوْ تَحْوِيزٌ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ إدَارَةُ بِنَاءٍ عَلَى الْقَبْرِ. ابْنُ رُشْدٍ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ نَاحِيَةِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَمْلَاكِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْبِنَاءِ تَمْيِيزَ الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِهِ فَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ، وَأَخَذَهَا مِنْ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا كُرِهَ فِيهَا إلَّا الْبِنَاءُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْعَلَامَةُ. (وَإِنْ بُوهِيَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْهَاءِ (بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ تَطْيِينِ الْقَبْرِ أَوْ تَبْيِيضِهِ أَوْ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ التَّحْوِيزِ (حَرُمَ) الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَطْيِينَ الْقَبْرِ أَيْ جَعْلُ الطِّينِ عَلَيْهِ وَالْحِجَارَةِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ تَبْيِيضُهُ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ فَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْمُبَاهَاةُ حَرُمَ (وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ) بَيْنَ الْقُبُورِ وَفَاعِلُ جَازَ الْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ (كَحَجَرٍ) إذْ هُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ يُغْرَزُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَامَةً عَلَيْهِ (أَوْ خَشَبَةٍ) كَذَلِكَ (بِلَا نَقْشٍ) لِاسْمِهِ أَوْ تَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبَةِ، وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ. وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ نَقْشِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 517 وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ، وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ،   [منح الجليل] الْقُرْآنِ، وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الِامْتِهَانِ، وَكَذَا نَقْشُهَا عَلَى الْحِيطَانِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ حَجَرًا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عُودًا يَعْرِفُ بِهِ قَبْرَ وَلِيِّهِ مَا لَمْ يَكْتُبْ فِي ذَلِكَ وَلَا أَرَى قَوْلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَجْعَلُوا حَجَرًا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ فَوْقِهِ عَلَى مَعْنَى الْبِنَاءِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ فِي طَرَفِ الْقَبْرِ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ لِئَلَّا يُحْفَرَ مَوْضِعُهُ إذَا عَفَى أَثَرُهُ. (وَلَا يُغَسَّلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ مُشَدَّدَةً أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسَّلَ شَخْصٌ (شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ الْكَافِرِينَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ سَائِرِ الشُّهَدَاءِ كَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَالْمَطْعُونِ وَالنُّفَسَاءِ فَيَجِبُ تَغْسِيلُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ، فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالشَّهِيدُ فِي الْمُعْتَرَكِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُحَنَّطُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ بِثِيَابِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ إذَا قُتِلَ بِبَلَدِ الْكُفْرِ.» بَلْ (وَلَوْ) قُتِلَ الْمُسْلِمُ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) بِأَنْ غَزَا الْحَرْبِيُّونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَدَخَلُوا أَرْضَهُمْ. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ بَشِيرٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُغَسَّلُ وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. سُئِلَ أَصْبَغُ عَنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُغِيرُونَ عَلَى بَعْضِ ثُغُورِ الْإِسْلَامِ فَيَقْتُلُونَ الرِّجَالَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي غَيْرِ مُعْتَرَكٍ وَلَا مُجْتَمَعٍ وَلَا مُلَاقَاةٍ فَقَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَسَأَلْت ابْنَ وَهْبٍ فَقَالَ لَهُ هُمْ شُهَدَاءُ قَالَ، وَهُوَ رَأْيِي. قِيلَ لِأَصْبَغَ وَسَوَاءٌ عِنْدَك قَتَلُوهُمْ غَافِلِينَ أَوْ مُقَاصَفَةً قَالَا نَعَمْ هُمْ شُهَدَاءُ، قِيلَ فَإِنْ قَتَلُوا امْرَأَةً أَوْ صَبِيَّةً أَهُمْ عِنْدَك مِثْلُ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ وَبِأَيِّ قِتْلَةٍ قُتِلُوا بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَالَ هُمْ عِنْدِي سَوَاءٌ يُصْنَعُ لَهُمْ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَقُولُ وَلَوْ مَرْأَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ صَبِيًّا، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ، وَهُوَ وِفَاقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ) الْمُسْلِمُ الْحَرْبِيِّينَ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَائِمًا الْحَطّ لَا فَرْقَ فِيمَنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 518 وَإِنْ أَجْنَبَ، عَلَى الْأَحْسَنِ لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا، وَإِنْ أُنْفِذَتْ   [منح الجليل] الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ قَتْلِهِ مِنْ سَبَبِهِمْ أَوْ غَيْرِ سَبَبِهِمْ، وَسَوَاءٌ قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ بِأَيْدِيهِمْ، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ، أَوْ عَنْ فَرَسِهِ فَانْدَقَّ عُنُقُهُ، أَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ أَوْ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ شَهِيدٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُعْتَرَكِ مُسْلِمًا ظَنُّوا أَنَّهُ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ مَا دَاسَتْ الْخَيْلُ مِنْ الرِّجَالِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ الْمُعْتَرَكِ إنْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ. بَلْ (وَإِنْ أَجْنَبَ) أَيْ كَانَ شَهِيدُ الْمُعْتَرَكِ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ (عَلَى الْأَحْسَنِ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَصْبَغَ قُتِلَ حَنْظَلَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ جُنُبٌ فَلَمْ يَصْنَعْ فِيهِ شَيْئًا. قَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْجُنُبِ عِبَادَةٌ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ ارْتَفَعَتْ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ. ابْنُ يُونُسَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُغَسَّلُ بَهْرَامُ قِيلَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ. تت، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ نَاجِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ الْفَتْوَى وَشَاهِدُ الْمَشْهُورِ حَنْظَلَةُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ جُنُبًا وَلَمْ يُغَسَّلْ وَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَسُمِّيَ الْغَسِيلَ، وَتَغْسِيلُ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَ هُوَ الْغُسْلُ الْمَعْهُودُ بِالْمَاءِ وَلَوْ وَجَبَ غُسْلُهُ عَلَى الْآدَمِيِّينَ لَأَمْرَهُمْ بِهِ قَالَهُ سَنَدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَائِضَ كَذَلِكَ قَالَ لِخَبَرِ «زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ» الْحَدِيثَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَرَوْثٍ فَتُزَالُ بِخِلَافِ دَمِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّجَاسَةِ الْإِبْعَادُ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ فِي دَمِهِ خَاصَّةً وَلِأَنَّهُ شَهِيدٌ عَلَى خَصْمِهِ فَتُرِكَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَاعْتِبَارًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِلْدُ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ إجْمَاعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (لَا) يُتْرَكُ غُسْلُ شَهِيدِ الْمُعْتَرَكِ (إنْ رُفِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُمِلَ الشَّهِيدُ مِنْ مَوْضِعِ الْقِتَالِ حَالَ كَوْنِهِ (حَيًّا) ثُمَّ مَاتَ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ بَلْ (وَإِنْ أُنْفِذَتْ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 519 مَقَاتِلُهُ إلَّا الْمَغْمُورَ، وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ، وَإِلَّا زِيدَ   [منح الجليل] بِضَمِّ الْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْفَاءِ نَائِبُ فَاعِلِهِ (مَقَاتِلُهُ) وَلَمْ يُغْمَرْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَعَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ. وَطَرِيقَةُ سَحْنُونٍ أَنَّهُ مَتَى رُفِعَ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ أَوْ مَغْمُورًا فَلَا يُغَسَّلُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ ضَعِيفٌ وَاعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِتَغْسِيلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَعَ أَنَّهُ رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ الْمُصَنِّفَ وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَاتِلَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ ذِمِّيًّا فَتَغْسِيلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ رُفِعَ حَيًّا فَقَالَ. (إلَّا الْمَغْمُورَ) أَيْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَى أَنْ مَاتَ فَلَا يُغَسَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ. (وَدُفِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الشَّهِيدُ (بِثِيَابِهِ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا وُجُوبًا (إنْ) كَانَتْ مُبَاحَةً عج يَشْتَرِطُ فِي ثِيَابِهِ كَوْنَهَا مُبَاحَةً، وَإِلَّا فَلَا يُطْلَبُ دَفْنُهُ بِهَا وَيُشْتَرَطُ (سُتْرَتُهُ) أَيْ الشَّهِيدِ كُلِّهِ فَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْتُرْهُ (زِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهُ فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا عَلِمْت أَنَّهُ يُزَادُ فِي كَفَنِهِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ. أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا يُوَارِيهِ أَوْ سُلِبَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَشَاءَ وَلِيُّهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ وَاسِعٌ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ عَرَّاهُ الْعَدُوُّ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ تَكْفِينِهِ بَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ كَفَّنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الشُّهَدَاءَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ اثْنَيْنِ فِي ثَوْبٍ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثِيَابِهِ إذَا كَانَ فِيهَا مَا يُجْزِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهَا سَنَدٌ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ وَتَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا إنْ سَتَرَتْهُ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا مَا عَلِمْت أَنْ يُزَادَ فِي كَفَنِ الشَّهِيدِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ بِذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 520 بِخُفٍّ، وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٍ قَلَّ فَصُّهُ؛ لَا دِرْعٍ وَسِلَاحٍ؛ وَلَا دُونَ الْجُلِّ.   [منح الجليل] وَنُدِبَ دَفْنُهُ (بِخُفٍّ) فِي رِجْلَيْهِ حَالَ قَتْلِهِ فَلَا يُنْزَعُ (وَ) بِ (قَلَنْسُوَةٍ) عَلَى رَأْسِهِ حَالَ قَتْلِهِ مِنْ طَرْبُوشٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْزَعُ (وَ) بِ (مِنْطَقَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا يَحْتَزِمُ بِهِ فِي وَسَطِهِ حَالَ قَتْلِهِ فَلَا تُنْزَعُ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً (ثَمَنُهَا) أَيْ قِيمَةُ الْمِنْطَقَةِ (وَ) بِ (خَاتَمٍ) مِنْ فِضَّةٍ دِرْهَمَيْنِ فِي إصْبَعِهِ حَالَ قَتْلِهِ (قَلَّ فَصُّهُ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ وَكَسْرُهَا لَيْسَ بِلَحْنٍ أَيْ قِيمَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْخَاتَمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ كَثُرَتْ قِيمَةُ فَصِّهِ أَوْ الْمِنْطَقَةِ نُزِعَ الْأُجْهُورِيُّ لَا بُدَّ فِي الْخَاتَمِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَإِلَّا نُزِعَ فِيهَا. لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَلَا فَرْوٌ وَلَا خُفٌّ وَلَا قَلَنْسُوَةٌ مُطَرِّفٌ وَلَا خَاتَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَفِيسَ الْفَصِّ وَلَا مِنْطَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا خَطَرٌ. (لَا) يُدْفَنُ الشَّهِيدُ بِآلَةِ حَرْبٍ قُتِلَ، وَهِيَ مَعَهُ كَ (دِرْعٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ ثَوْبٍ مَنْسُوجٍ مِنْ حَدِيدٍ تَبْقَى بِهِ السِّلَاحُ (وَسِلَاحٍ) بِكَسْرِ السِّينِ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ يُنْزَعُ مِنْهُ الدِّرْعُ وَالسَّيْفُ وَجَمِيعُ السِّلَاحِ فِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتْرَكَ عَلَيْهِ خُفَّاهُ، وَقَلَنْسُوَتُهُ وَلَا يُنْزَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا السِّلَاحُ مَا كَانَ مِنْ دِرْعٍ أَوْ مِغْفَرٍ أَوْ بَيْضَةٍ أَوْ سَاعِدٍ أَوْ سَيْفٍ مُتَقَلِّدًا بِهِ أَوْ مِنْطَقَةٍ أَوْ مَهَامِيزَ وَمَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ كُلُّهُ. (وَلَا) يُغَسَّلُ (دُونَ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ (الْجُلِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَلَوْ مَعَ الرَّأْسِ، وَمَفْهُومُ دُونَ الْجُلِّ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْجُلِّ أَيْ الثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ نَاجِي اتِّفَاقًا، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَلَا عَلَى الرَّأْسِ مَعَ الرِّجْلَيْنِ، وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ تَعَارَضَ مَفْهُومَاهُ فِي النِّصْفِ وَشَهَّرَ فِي الْمُعْتَمَدِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ الْمُصَنِّفُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهَا وَلَوْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ مُقَطَّعًا، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوُجُودِهِ لَا صِفَتِهِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَكْثَرِ الْجَسَدِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْجُلِّ لِشُمُولِ عِبَارَتِهَا مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ وُجِدَ نِصْفُهُ طُولًا أَوْ عَرْضًا مَعَ رَأْسِهِ. كَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِيهَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الجزء: 1 ¦ الصفحة: 521 وَلَا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ،   [منح الجليل] دُونَ عِبَارَتِهِ ذَكَرَهُ سَنَدٌ أَفَادَهُ تت. عج قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ أَيْ دُونَ جُلِّ الْجَسَدِ، وَهُوَ مَا عَدَا الرَّأْسَ فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الذَّاتَ لِاقْتِضَائِهِ تَغْسِيلَ مَنْ وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ يَقْتَضِي تَغْسِيلَ مَا فَوْقَ النِّصْفِ وَدُونَ الثُّلُثَيْنِ. وَلَكِنْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عُمَرَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلَّى عَلَى الثُّلُثَيْنِ. الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ النَّهْيُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَعِلَّتُهُ لُزُومُ الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ. عج عَبَّرَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَائِبٍ لَا تَجُوزُ. وَعَبَّرَ اللَّخْمِيُّ بِمَنْعِهَا فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُمَا عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي أَحْمَدَ وَرُدَّ كَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ خَوْفَ مُصَادَفَةِ مَكْرُوهٍ عبق يُقَالُ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ، وَهُوَ اسْتِنَانُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَعَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَائِبٍ مُحَرَّمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّهَا هُنَا لَمْ تُشْرَعْ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ شَرْطُهَا وُجُودُ الْجُلِّ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُصَلَّى عَلَى الرَّأْسِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلَّى عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ بَعْدَ تَغْسِيلِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ يُصَلَّى عَلَى مَا وُجِدَ مِنْهُ وَيَنْوِي بِهَا الْمَيِّتَ ابْنُ يُونُسَ وَبِهِ أَقُولُ. (وَلَا) يُغَسَّلُ شَخْصٌ (مَحْكُومٌ) مِنْ الشَّارِعِ (بِكُفْرِهِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ كَزِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَمُرْتَدٍّ وَمَجُوسِيٍّ، وَكِتَابِيٍّ إنْ كَانَ بَالِغًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (صَغِيرًا) مُمَيِّزًا (ارْتَدَّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ إلَى أَيِّ دِينٍ يُخَالِفُهُ لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ كَإِسْلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَاخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ مِنْ وَلَدِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حُكْمِ الْكَافِرِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَمْ لَا، وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ حَرْبِيٍّ قَدِمَ بِهِ أَوْ تَوَالَدَ فِي مِلْكِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 522 أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ؛ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ: كَأَنْ   [منح الجليل] مُسْلِمٍ مِنْ عَبِيدِهِ النَّصْرَانِيِّينَ كَانَ مِنْ نِيَّةِ صَاحِبِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ لَا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَلَا يُغَسَّلُ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ بَلْ (أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ) أَوْ مُشْتَرِيهِ (الْإِسْلَامَ) فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ اشْتَرَى صَغِيرًا آدَمِيًّا أَوْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ فَمَاتَ صَغِيرًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ سَيِّدُهُ الْإِسْلَامَ، إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَيَعْرِفُ مَا أَجَابَ إلَيْهِ. اهـ. وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاجِحِ وَالْكِتَابِيُّ الْكَبِيرُ أَيْ الَّذِي يَعْقِلُ دِينَهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا، وَهَلْ يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ الْمُسْلِمَ، وَهُوَ لِابْنِ دِينَارٍ مَعَ رِوَايَةِ مَعْنٍ أَوْ حَتَّى يَنْوِيَ مَالِكُهُ إسْلَامَهُ. وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ مِلْكُهُ وَيُزَيِّيَهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ وَيُشَرِّعَهُ بِشَرَائِعِهِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ. أَوْ حَتَّى يَعْقِلَ وَيُجِيبَ بَعْدَ إثْغَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ خَامِسُهَا حَتَّى يُجِيبَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ، وَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَعَزَا عِيَاضٌ الْأَوَّلَيْنِ لِرِوَايَتَيْنِ فِيهَا. وَعَلَيْهِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ جَبْرِهِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ نَاصِبٌ (يُسْلِمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ الْكِتَابِيُّ الْمُمَيِّزُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ إذَا أَسْلَمَ ابْنُ الْكَافِرِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً هُوَ إسْلَامٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُشْرِكَةً جَازَ وَطْؤُهَا فَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَتْ يُصَلَّى عَلَيْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ أَنَّ لِمَنْ ارْتَدَّ حُكْمَ الْكَافِرِ وَلِمَنْ أَسْلَمَ حُكْمَ الْمُسْلِمِ، وَقَدْ كَانَ إسْلَامُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَبْلَ بُلُوغِهِمَا. وَشَبَّهَ فِي التَّغْسِيلِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 523 أَسْلَمَ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ. وَإِنْ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا، وَكُفِّنُوا، وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ، أَوْ بَالَ، أَوْ رَضَعَ؛   [منح الجليل] (أَسْلَمَ) الْكَافِرُ مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ (وَنَفَرَ) أَيْ هَرَبَ (مِنْ أَبَوَيْهِ) إلَيْنَا وَمَاتَ وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ أَسْلَمَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ فَفِي قَبُولِ إسْلَامِهِ قَوْلَانِ الْمَازِرِيُّ لَا خِلَافَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ مَقْطُوعٌ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ. (وَإِنْ اخْتَلَطُوا) أَيْ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ بِمُسْلِمِينَ غَيْرِ شُهَدَاءَ (غُسِّلُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ الْمُخْتَلِطُونَ جَمِيعًا وُجُوبًا؛ لِأَنَّ تَغْسِيلَ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ وَقَدْ تَوَقَّفَ عَلَى تَغْسِيلِ الْكَافِرِينَ لِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ وَمَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِمْ، وَكَفَنِهِمْ وَدَفْنِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قِيلَ لَا حَقَّ لِلْكَافِرِ فِيهِ وَلَا فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ تَجْهِيزُ الْمُسْلِمِينَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَجْهِيزِ الْكَافِرِينَ فَوَجَبَ بِوُجُوبِهِ (وَكُفِّنُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ الْمُخْتَلِطُونَ وُجُوبًا جَمِيعًا لِذَلِكَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا لِذَلِكَ. (وَمُيِّزَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا نَائِبُ فَاعِلِهِ (الْمُسْلِمُ) وَصِلَةُ مُيِّزَ (بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ) بِأَنْ يَنْوِيَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ وَدُفِنُوا جَمِيعًا وُجُوبًا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ. لِذَلِكَ، وَإِنْ اخْتَلَطَ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ بِشَهِيدِ مَعْرَكَةٍ فَلَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُدْفَنُونَ بِثِيَابِهِمْ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ غَيْرُ شَهِيدٍ غُسِلَ الْجَمِيعُ، وَكُفِّنُوا بِثِيَابِهِمْ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ احْتِيَاطًا لَهُمَا. (وَلَا) يُغَسَّلُ (سِقْطٌ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (لَمْ يَسْتَهِلَّ) أَيْ لَمْ تَسْتَقِرَّ حَيَاتُهُ بِأَنْ نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً ضَعِيفَةً إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَعْطِسْ وَلَمْ يَبُلْ وَلَمْ يَرْضِعْ بَلْ (وَلَوْ تَحَرَّكَ) حَرَكَةً ضَعِيفَةً لَا تَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَيَاةِ. (أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ) رَضَاعًا يَسِيرًا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رَدِّ الْخِلَافِ فِي الْأَرْبَعَةِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرَكَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْعُطَاسِ وَالْبَوْلِ فَقَالَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 524 إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ، وَغُسِلَ دَمُهُ،   [منح الجليل] مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْحَيَاةِ وَعَارَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ دَلَالَةِ الرَّضَاعِ عَلَى الْحَيَاةِ لِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعَادَةِ أَنْ يَرْضِعَ الْمَيِّتُ وَلَيْسَ الرَّضَاعُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الطَّبِيعَةِ وَالِاخْتِيَارِيَّة كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْعُطَاسُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ وَالْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَالتَّشَكُّكُ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْحَيَاةِ يَطْرُقُ إلَى هَدْمِ قَوَاعِدِ عُلُومٍ ضَرُورِيَّةٍ فَالصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ إنَّهُ كَالِاسْتِهْلَالِ بِالصُّرَاخِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ لِضَعْفِ حَيَاتِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ حَيٌّ حَيَاةً غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ لَا أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ رَضَاعِهِ حَقِيقَةً. ابْنُ حَبِيبٍ، وَإِنْ أَقَامَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَتَحَرَّكُ حَتَّى لَمْ يُسْمَعْ لَهُ صَوْتٌ، وَإِنْ خَفِيًّا وَاسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. قَالَ: وَأَشْكَلُ مِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ إنْ أَقَامَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصْرُخْ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَسِيرُ الْحَرَكَةِ لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا. إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَحَرَكَتُهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِيهَا بِحَيَاةٍ. عَبْدُ الْوَهَّابِ قَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُولُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَبَوْلُهُ لَغْوٌ، وَقِيلَ إنْ تَحَرَّكَ حَرَكَةً بَيِّنَةً أَوْ رَضَعَ أَوْ عَطَسَ فَلَهُ حُكْمُ الْحَيِّ بِذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ فِي الرَّضَاعِ أَحْسَنُ. أَبُو إِسْحَاقَ الصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ حَالٌ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَطْنِ أَيْ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ السِّقْطِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ نَفْيِ تَغْسِيلِ السِّقْطِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ) لَهُ بِعَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهَا كَصُرَاخٍ، وَكَثْرَةِ رَضَاعٍ. تت الرَّضَاعُ الْكَثِيرُ يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ اتِّفَاقًا فَيَجِبُ تَغْسِيلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ (وَغُسِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (دَمُهُ) أَيْ السِّقْطِ رَوَى عَلِيٌّ يُغْسَلُ الدَّمُ عَنْ السِّقْطِ لَا كَغُسْلِ الْمَيِّتِ. تت فَقَوْلُهُ لَا يُغْسَلُ أَيْ الْغُسْلَ الشَّرْعِيِّ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ. عج اُنْظُرْ حُكْمَ غُسْلِ دَمِهِ وَقَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّدْبِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُ يُطْلَبُ فِي الْمَيِّتِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَا لَا يُطْلَبُ فِي الْحَيِّ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ السَّائِلِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلُغُ دِرْهَمًا. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ عب وشب الثَّانِيَ أَيْضًا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَفِي قَوْلِ عج يُطْلَبُ فِي الْمَيِّتِ إلَخْ إنَّ هَذَا لَيْسَ مَيِّتًا، وَإِلَّا لَوَجَبَ تَغْسِيلُهُ، وَإِنَّ غُسْلَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 525 وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ، وَوُورِيَ وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ، إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا وَلَا غَائِبٍ   [منح الجليل] مَنْدُوبٌ، لِلْحَيِّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ نَصَّ ابْنِ حَبِيبٍ صَرِيحٌ فِي النَّدْبِ، وَهُوَ لَا بَأْسَ أَنْ يُغْسَلَ عَنْهُ الدَّمُ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ. (وَلُفَّ) بِضَمِّ اللَّامِ وَشَدِّ الْفَاءِ أَيْ السِّقْطُ (بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ) بِضَمِّ الْوَاوِ الْأُولَى، وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ دُفِنَ السِّقْطُ وُجُوبًا فِيهِمَا قَالَهُ عج. (وَلَا يُصَلَّى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً (عَلَى قَبْرٍ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ أَتَى، وَقَدْ فَرَغَ النَّاسُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا عَلَى الْقَبْرِ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ عبق أَيْ تُمْنَعُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ إذْ غَايَتُهَا تَكْرَارُ الصَّلَاةِ وَحُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَعْبِيرُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُدْفَنُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمَيِّتُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ، وَإِلَّا أُخْرِجَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ حَتَّى يُظَنَّ فَنَاؤُهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا عَظْمُ الذَّنَبِ. (وَلَا) يُصَلَّى عَلَى (غَائِبٍ) كَغَرِيقٍ، وَأَكِيلِ سَبُعٍ وَمَيِّتٍ فِي أَرْضِ الْكُفَّارِ. قَالَ أَحْمَدُ أَيْ تُكْرَهُ وَنَصُّهُ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَمَنَعَهَا مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. لَكِنْ اللَّخْمِيُّ يُطْلِقُ الْمَنْعَ كَثِيرًا عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَقِيلَ تَحْرُمُ. ابْنُ رُشْدٍ الْعِلَّةُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْجَسَدِ عِنْدَ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى غَائِبٍ وَاسْتَخَفُّوهَا إذَا غَابَ الْيَسِيرُ مِنْهُ كَثُلُثِهِ فَدُونَهُ. عَجَّ ظَاهِرُهُ حُرْمَتُهَا وَالْمَعْنَى يُرْشِدُ إلَيْهِ، وَاقْتَصَرَ عب عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَقَالَ شب الْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ بِالْكَرَاهَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى غَرِيقٍ أَوْ قَتِيلٍ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُصَلَّى عَلَيْهِ. تت وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ عَلَى الجزء: 1 ¦ الصفحة: 526 وَلَا تُكَرَّرُ وَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ: وَصِيٌّ رُجِيَ خَيْرُهُ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ، لَا فَرْعُهُ، إلَّا مَعَ الْخِطْبَةِ ثُمَّ   [منح الجليل] النَّجَاشِيِّ يَوْمَ مَوْتِهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدَلِيلِ عَدَمِ صَلَاةِ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهَا أَعْظَمُ الرَّغْبَةِ وَأَيْضًا الْأَرْضُ رَفَعَتْهُ لَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ مُشَاهِدٌ لَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ فَهِيَ كَصَلَاةِ إمَامٍ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا، وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَوَابَيْنِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ وَالرَّفْعِ يَفْتَقِرُ لِدَلِيلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ. (وَلَا تُكَرَّرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْأُولَى أَيْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً مُطْلَقًا أَوْ أَفْذَاذًا أُعِيدَتْ، كَذَلِكَ فَإِنْ أُعِيدَتْ جَمَاعَةً فَلَا يُكْرَهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ تُكْرَهُ الْإِعَادَةُ فِي ثَلَاثٍ وَتُنْدَبُ فِي وَاحِدَةٍ. عب، وَهِيَ عَلَى طَرِيقِ الْبَسْطِ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ أَوَّلًا إمَّا وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ بِلَا إمَامٍ أَوْ بِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ. وَالْإِعَادَةُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى بِإِمَامٍ كُرِهَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِلَا إمَامٍ كُرِهَتْ الْإِعَادَةُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِلَا إمَامٍ وَنُدِبَتْ جَمَاعَةٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ الْغَائِبِ مُبَاحٌ لَمْ يَنْهَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَفِعْلُ الْخَيْرِ لَا يَجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ (وَالْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ الْأَحَقُّ (بِ) إمَامَةِ (الصَّلَاةِ) عَلَى الْمَيِّتِ (وَصِيٌّ) أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامًا (رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الْجِيمِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (خَيْرُهُ) أَيْ بَرَكَتُهُ، وَقَبُولُ شَفَاعَتِهِ وَمَفْهُومُ رُجِيَ خَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَاهُ لِكَرَاهَةِ عَاصِبِهِ، وَإِغَاظَتِهِ فَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ وَيُقَدَّمُ عَاصِبُهُ عَلَى وَصِيِّهِ إنْ كَانَ عَدْلًا خَيْرًا لَا يُقَصِّرُ فِي الدُّعَاءِ لَهُ، وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ بَعْدَهُ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ، وَالْإِمَامُ عَمُودُ الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُونَ تَبَعٌ لَهُ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْأَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ (الْخَلِيفَةُ) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَا فَرْعُهُ) أَيْ نَائِبُهُ (إلَّا) نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ (مَعَ الْخُطْبَةِ) لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ (ثُمَّ) إنْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 527 أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ، وَلَوْ وَلِيَّ امْرَأَةٍ وَصَلَّى النِّسَاءُ دُفْعَةً، وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ، وَالْقَبْرُ حَبْسٌ:   [منح الجليل] لَمْ يَكُنْ الْخَلِيفَةُ وَلَا نَائِبُهُ فِيهِمَا فَالْأَوْلَى بِهَا (أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ) لِلْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ فَأَبٌ فَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَقَطْ فَابْنُهُ كَذَلِكَ فَجَدٌّ فَعَمٌّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ كَذَلِكَ فَأَبُ الْجَدِّ فَعَمُّ الْأَبِ فَابْنُهُ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِمَيِّتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ قُدِّمَ (أَفْضَلُ وَلِيٍّ) بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ الْأَفْضَلُ وَلِيَّ الرَّجُلِ الْمَجْمُوعِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْأَفْضَلُ (وَلِيَّ الْمَرْأَةِ) الْمَجْمُوعَةِ مَعَ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا فَيُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الْأَفْضَلُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ الْوَلِيِّ لَا بِفَضْلِ الْمَيِّتِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَدَّمُ وَلِيُّ الذَّكَرِ عَلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْجِنَازَتَيْنِ تَحْضُرَانِ جَمِيعًا جِنَازَةُ رَجُلٍ وَجِنَازَةٌ امْرَأَةٍ لَيْسَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ وَلَا إلَى أَوْلِيَاءِ الرَّجُلِ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى الْفَضْلِ وَالسِّنِّ فَيُقَدَّمُ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَوْلِيَاءُ الرَّجُلِ أَحَقُّ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ. (وَصَلَّى النِّسَاءُ) عَلَى الْجِنَازَةِ عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ (دُفْعَةً) أَفْذَاذًا وَلَا يُنْظَرُ لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ السَّلَامِ فَإِذَا فَرَغْنَ كُرِهَ لِمَنْ أَتَتْ مِنْهُنَّ أَنْ تُصَلِّيَ (وَصُحِّحَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ (تَرَتُّبُهُنَّ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ لَا رِجَالَ مَعَهُنَّ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا وَلَا تَؤُمُّهُنَّ إحْدَاهُنَّ. ابْنُ لُبَابَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً. ابْنُ كِنَانَةَ يُحْرِمْنَ مَعًا مُجْتَمَعَاتٍ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ تَكْبِيرِهِنَّ وَلَا سَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِسَلَامٍ، وَإِذَا فَرَغْنَ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَاتَهَا مِنْهُنَّ صَلَاةٌ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَتْ مَكْرُوهَةً وَرَدَّهُ الْقَابِسِيُّ بِرِوَايَةِ الْغَسَّالِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ تَرَتُّبَهُنَّ فِي مَعْنَى تَكْرَارِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْمَيِّتِ وَالسُّنَّةُ تَعْجِيلُهُ. (وَالْقَبْرُ) لِغَيْرِ سِقْطٍ (حَبْسٌ) عَلَى الدَّفْنِ فَقَطْ فَإِنْ نُقِلَ الْمَيِّتُ مِنْهُ أَوْ فَنَى فَلَا يَجُوزُ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 528 لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ،   [منح الجليل] التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ كَزَرْعٍ وَبِنَاءِ بَيْتٍ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْضِعُ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ قِيلَ لَهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِ السِّقْطِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى. ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَامُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ (لَا يُمْشَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُكْرَهُ الْمَشْيُ (عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَظُنَّ بَقَاءُ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ، مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ بِهِ، وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ بِنَعْلٍ، وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرُوِيَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَتَوَسَّدُهَا وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا. (وَلَا يُنْبَشُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ (مَا دَامَ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ تَحَقُّقِ أَوْ ظَنِّ بَقَاءِ الْمَيِّتِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ الْمَحْسُوسَةِ (بِهِ) أَيْ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مَحْسُوسٌ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِلدَّفْنِ فِيهِ فَقَطْ، لَا لِزِرَاعَةٍ وَلَا بِنَاءِ دَارٍ، وَقَيَّدَ الْجُزْءَ بِالْمَحْسُوسِ احْتِرَازًا عَنْ عُجْبِ الذَّنَبِ فَدَوَامُهُ بِهِ لَا يَحْرُمُ نَبْشُهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَسُّ فِي الْمَدْخَلِ. اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِذَا فَنَى فَيُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ لِجَمِيعِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ، وَلَا أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفُ عَنْهُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ قَدْ غُصِبَ اهـ. الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَيِّتِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَإِلْحَاقِ دَفْنٍ آخَرَ مَعَهُ بِأَبْوَابِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِإِخْرَاجِهِ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَبَسْطٍ طَوِيلٍ. (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَشِحَّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَشَدِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (رَبُّ) أَيْ مَالِكُ (كَفَنٍ غُصِبَهُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لِيَشْمَلَ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 529 أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ أَوْ نَسِيَ مَعَهُ مَالٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ بُقِّيَ وَعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ وَأَقَلُّهُ، مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ وَحَرَسَهُ وَبُقِرَ عَنْ مَالٍ كَثُرَ،   [منح الجليل] غَصْبَ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ فَيُنْبَشُ إنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْكَفَنِ مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ (أَوْ) يَشِحُّ رَبُّ (قَبْرٍ) حُفِرَ (بِمِلْكِهِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَأَبَى مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَطَلَبَ نَبْشَهُ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ ابْنُ بَشِيرٍ مَوْضِعُ الْقَبْرِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الدَّفْنِ فَلَا يَجُوزُ دَفْنُ غَيْرِ الْمَالِكِ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ فَإِنْ حَفَرَ قَبْرًا فَجَاءَ غَيْرُهُ فَدَفَنَ فِيهِ وَأَرَادَ الْمَالِكُ إخْرَاجَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَطُولَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ أَرْضِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فَفِي إخْرَاجِهِ الْمَالِكِ مُطْلَقًا أَنَّ إنْ كَانَ بِالْفَوْرِ نَقْلَا ابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ. الشَّيْخُ إنْ طَالَ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ أَرْضِهِ. (أَوْ نَسِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ (مَالٌ) لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَلَّ أَوَّلُهُ وَشَحَّ الْوَارِثُ وَلَهُ بَالٌ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا جُبِرَ غَيْرُ الْوَارِثِ عَلَى أَخْذِ عِوَضِهِ، وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ. فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ نُسِيَ فِي الْقَبْرِ كِيسًا أَوْ ثَوْبًا نُبِشَ، وَإِنْ طَالَ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ. سَحْنُونٌ إنْ كَانَ مَا دُفِنَ مَعَ الْمَيِّتِ لِغَيْرِهِ وَشَحَّ صَاحِبُهُ أَخْرَجَ نَفِيسًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ فَلَا سَبِيلَ إلَى إخْرَاجِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْقَبْرُ الْمَحْفُورُ (بِمَا) أَيْ مَكَان (يُمْلَكُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (فِيهِ) صِلَةُ (الدَّفْنِ) كَأَرْضٍ مُحَبَّسَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ فَدُفِنَ فِيهِ مَيِّتٌ بِغَيْرِ إذْنِ حَافِرِهِ (بُقِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ. (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَدْفُونِ فِيهِ (قِيمَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الْحَفْرِ. الْمَوَّاقُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِلدَّفْنِ فَهُوَ حَبْسٌ فَإِنْ حَفَرَ فِيهِ وَجَاءَ غَيْرُهُ فَدَفَنَ فِيهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ وَيَبْقَى مَا الَّذِي يَجِبُ لِحَافِرِهِ، فَقِيلَ حَفْرُ قَبْرٍ ثَانٍ، وَقِيلَ قِيمَةُ الْحَفْرِ، وَقِيلَ أَقَلُّهُمَا، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا لِظُلْمِهِ. (وَأَقَلُّهُ) أَيْ الْقَبْرِ انْخِفَاضًا (مَا مَنَعَ) عَنْ النَّاسِ (رَائِحَتَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَحَرَسَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ مِنْ أَكْلِ سَبُعٍ (وَبُقِرَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ شُقَّ بَطْنُ الْمَيِّتِ. (عَنْ مَالٍ) ابْتَلَعَهُ فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ، وَهُوَ فِي بَطْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (كَثُرَ) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 530 وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لَا عَنْ جَنِينٍ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ   [منح الجليل] بِفَتْحٍ بِضَمٍّ أَيْ الْمَالُ بِأَنْ كَانَ نِصَابَ زَكَاةٍ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ يُشَقُّ فِيمَا لَهُ بَالٌ، وَقَالَ مَرَّةً لَا يُشَقُّ، وَإِنْ كَثُرَ. سَحْنُونٌ وَيُبْقَرُ عَلَى دَنَانِيرَ فِي بَطْنِ الْمَيِّتِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُؤْلِمُهُ مَا يُؤْلِمُ الْحَيَّ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ سَحْنُونٌ لَا يُبْقَرُ عَمَّا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كَوْنِهِ مَا دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ نِصَابِ الزَّكَاةِ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُشَقُّ وَلَوْ كَانَتْ جَوْهَرَةً تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ. فِي التَّوْضِيحِ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ إذَا ابْتَلَعَهُ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ كَحِفْظٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ فَإِنْ كَانَ لِحِرْمَانِ وَارِثِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي وُجُوبِ بَقْرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَغَاصِبٍ شَبَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ كَثِيرٍ فَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْإِحَالَةُ عَلَى الْعُرْفِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَانِ. بَلْ (وَلَوْ) ثَبَتَ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ مُقِيمِ شَاهِدٍ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُدْفَنْ أَنَّهُ بَلَعَ دَنَانِيرَ لَهُ بِأَنْ يَحْلِفَ لَيُبْقَرَ بَطْنُهُ قَائِلًا اُخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. عب فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَقْرِ كَذِبُهُ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ بَقْرِهِ وقَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ التَّهْوِينِ عَلَى مَنْفُوذِ الْمُقَاتِلِ مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَتْلِهِ بِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى. (لَا) تُبْقَرُ بَطْنُ مَيِّتَةٍ عَنْ (جَنِينٍ) حَيٍّ رُجِيَ لِإِخْرَاجِهِ؛ لِأَنَّ سَلَامَتَهُ مَشْكُوكَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهَا لَهُ وَالْمَالُ مُحَقَّقُ الْخُرُوجِ. فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تُبْقَرُ بَطْنُ الْمَيِّتَةِ إذَا كَانَ جَنِينُهَا يَضْطَرِبُ فِيهَا وَلَا تُدْفَنُ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ تَغَيَّرَتْ إنْ قُلْت هُوَ فِي بَطْنِهَا يَمُوتُ كَدَفْنِهِ سَوَاءٌ قُلْت مَوْتُهُ فِي بَطْنِهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِنَا وَلَمَّا لَمْ يَرِدْ لَنَا إذْنٌ بِالشَّقِّ لَمْ يَسَعْنَا إلَّا عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهَا أَصْلًا حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا أَرَادَهُ، وَبَقَاءُ الْمَيِّتِ بِلَا دَفْنٍ أَخَفُّ مِنْ دَفْنِ الْحَيِّ فَارْتَكَبْنَا أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْهَمْزِ، وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا، وَإِسْكَانِ التَّاءِ أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ الْبَقْرِ (عَلَى الْبَقْرِ) بِسُكُونِ الْقَافِ أَيْ شَقِّ بَطْنِهَا لِإِخْرَاجِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 531 إنْ رُجِيَ، وَإِنْ قُدِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ فُعِلَ، وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ، وَصُحِّحَ أَكْلُهُ أَيْضًا   [منح الجليل] جَنِينِهَا، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ (إنْ رُجِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ خُرُوجُهُ حَيًّا، وَكَانَ فِي السَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ فَأَكْثَرَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ كَمُلَتْ حَيَاتُهُ وَرُجِيَ خَلَاصُهُ بُقِرَ، قَالَ أَصْبَغُ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ. وَقَدْ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ قَطْعَ الصَّلَاةِ لِخَوْفِ وُقُوعِ صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى فِي بِئْرٍ، وَقَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا فِيهِ إثْمٌ وَلَكِنْ أُبِيحَ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ فَيُبَاحُ بَقْرُ الْمَيِّتَةِ لِإِحْيَاءِ وَلَدِهَا الَّذِي يَتَحَقَّقُ مَوْتُهُ لَوْ تُرِكَ وَاَلَّذِي يَقَعُ فِي بِئْرٍ قَدْ يَحْيَا لَوْ تُرِكَ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَالْبَقْرُ أَوْلَى مِنْ قَطْعِ الصَّلَاةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَيَّ لَوْ أَصَابَهُ أَمْرٌ فِي جَوْفِهِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ حَيَاتَهُ بِاسْتِخْرَاجِهِ لِبَقْرٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَوْ أَسْقَطَتْهُ فِيهِ، وَهِيَ حَيَّةٌ لَا تَعِيشُ، فَلَا يُبْقَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي شَهْرٍ يَعِيشُ فِيهِ كَالسَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ أَوْ الْعَاشِرِ وَرُجِيَتْ حَيَاتُهُ مَتَى بُقِرَ عَلَيْهِ. فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُبْقَرُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُبْقَرُ عَلَيْهِ. وَهُوَ أَحْسَنُ، وَإِحْيَاءُ نَفْسٍ أَوْلَى مِنْ صِيَانَةِ مَيِّتٍ مِنْهُ. سَنَدٌ تُبْقَرُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِجِهَةِ الْجَنِينِ. شَبّ هَذَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَمِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى لِنَصِّ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ الذَّكَرَ لِجِهَةِ الْيَمِينِ وَالْأُنْثَى لِجِهَةِ الْيَسَارِ قَالَهُ عِيَاضٌ. (وَإِنْ قُدِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَى إخْرَاجِهِ) أَيْ الْجَنِينِ الْمَيِّتَةِ (مِنْ مَحَلِّ) خُرُوجِ (هـ) الْمُعْتَادِ أَيْ الْقُبُلِ بِحِيلَةٍ (فُعِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُخْرِجَ مِنْهُ بِهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطِ إنْ قُدِرَ أَنْ يُسْتَخْرَجَ الْوَلَدُ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ فِي الْحَيَاةِ فُعِلَ. اللَّخْمِيُّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إذْ لَا بُدَّ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ وَشَرْطُهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ. (وَالنَّصُّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمَنْصُوصُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَافِرًا (لِمُضْطَرٍّ) لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ مُسْلِمًا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، إذْ لَا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ آدَمِيٍّ لِآخَرَ. (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَكْلُهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ الْمُضْطَرُّ لَمْ يَجِدْ عَنْهُ، أَيْ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 532 وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّنًا   [منح الجليل] صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَ بِجَوَازِهِ ابْنُ الْقَصَّارِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ لَيْسَ بِنَجِسٍ. ثُمَّ قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَيْتَاتِ رِجْسًا وَالْمَيِّتُ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُسَمَّى مَيْتَةً فَلَيْسَ بِرِجْسٍ وَلَا نَجَسٍ وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ إذْ لَيْسَ بِنَجِسٍ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إكْرَامًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ مَيْتَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَهُ بِإِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ، وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ الْمُضْطَرُّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا يَجِدُ إلَّا لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ خَافَ التَّلَفَ وَتَخْرِيجُهُ. ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْبَقْرِ يُرَدُّ بِقُوَّةِ حُرْمَةِ مَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ دُونَ مَرْجُوِّهَا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ دُونَهُ إجْمَاعًا. عب لَا يَأْكُلُ الشَّخْصُ بَعْضَ نَفْسِهِ. (وَدُفِنَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَرْأَةٌ (مُشْرِكَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ كَافِرَةٍ بِإِشْرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ (حَمَلَتْ) فِي بَطْنِهَا جَنِينًا (مِنْ) رَجُلٍ (مُسْلِمٍ) بِشُبْهَةٍ مُطْلَقًا أَوْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَصِلَةُ دُفِنَتْ (بِمَقْبَرَتِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا حَتَّى يُولَدَ صَارِخًا. ابْنُ حَبِيبٍ؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا. وَقَالَ ابْنُ غَلَّابٍ تُدْفَنُ فِي طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَلَّطَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ لِثَبْتِ النَّاقِلِ فَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ. وَنَقَلَ أَيْضًا دَفْنَهَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الرِّوَايَةِ فِي نَصْرَانِيَّةٍ وَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنْ لَا فَرْقَ فَعَمَّمَ، وَتُتْرَكُ لِلْكُفَّارِ يَدْفِنُونَهَا كَيْفَ شَاءُوا. فَقَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَقْبَلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَيِّتِ الْكُفَّارِ (قِبْلَتَنَا) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَلَا قِبْلَتَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّا لَا نَرَى طَلَبَ اسْتِقْبَالِهَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ. (وَرُمِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَيِّتُ الْبَحْرِ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ السَّائِرَةِ فِيهِ وَصِلَةُ رُمِيَ (بِهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا (مُكَفَّنًا) بِضَمِّ أَوَّلِهَا وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهَا مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَائِلًا مُلْقِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 533 إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ، وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا   [منح الجليل] قَبُولٍ " وَلَا يُثَقَّلُ (إنْ لَمْ يُرْجَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ (الْبَرُّ) أَيْ الْوُصُولُ إلَيْهِ (قَبْلَ تَغَيُّرِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ وَالْأَوْجَبُ تَأْخِيرُهُ لِدَفْنِهِ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَمِعُوا فِي الْبَرِّ مِنْ يَوْمِهِمْ وَشِبْهِهِ حَبَسُوهُ حَتَّى يَدْفِنُوهُ فِي الْبَرِّ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْ الْبَرِّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ غَسَّلُوهُ، وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ حِينَ يَمُوتُ وَيُلْقُونَهُ فِي الْبَحْرِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْحَرِفًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ تُثَقَّلُ رِجْلُهُ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا اهـ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ لَا يُثَقِّلُوا رِجْلَيْهِ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَحَقٌّ عَلَى وَاجِدِهِ بِالْبَرِّ دَفْنُهُ سَحْنُونٌ يُثَقَّلُ. (وَلَا يُعَذَّبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَيِّتُ (بِبُكَاءٍ) عَلَيْهِ حَرَامٌ (لَمْ يُوصِ بِهِ) فَإِنْ أَوْصَى بِهِ عُذِّبَ بِهِ كَتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِ مَعَ عِلْمِهِ امْتِثَالَهُمْ وَصِيَّتَهُ. فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» ، وَتَأَوَّلَهُ الْمَازِرِيُّ بِثَلَاثَةِ تَأْوِيلَاتٍ. أَوَّلُهَا: بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي يُعَذَّبُ عَلَى كُفْرِهِ، وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ. ثَانِيهَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ فَيُعَذَّبُ إنْ نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ. ثَالِثُهَا: أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَعَذَّبُ بِسَمَاعِ بُكَاءِ أَهْلِهِ وَيَرِقُّ لَهُمْ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِهَذَا فِي حَدِيثٍ قَبْلَهُ، وَإِلَى هَذَا نَحَا الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ عج، وَكَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَبْكُونَ وَلَمْ يُوصِهِمْ بِتَرْكِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَهْيُهُمْ عَنْهُ إنْ عَلِمَ امْتِثَالَهُمْ أَمْرَهُ، وَإِلَّا فَلَا. (وَلَا يُتْرَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَيِّتٌ (مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَاسْتِقْبَالِهِ قِبْلَتَهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَمَّا مَسِيرُهُ مَعَهُ وَدُعَاؤُهُ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ فَيَتَوَلَّاهُ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُونَ. (وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا) لَهُ مَثَلًا (كَافِرًا) أَيْ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ فَيَجُوزُ (وَلَا يُدْخِلُهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ (قَبْرَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) الجزء: 1 ¦ الصفحة: 534 أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحًا.   [منح الجليل] أَنْ يَخَافَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ الْكَافِرِ (أَنْ يَضِيعَ) أَيْ يَجِيفَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَتَأْكُلَهُ الْكِلَابُ مَثَلًا (فَلْيُوَارِهِ) أَيْ يَدْفِنُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ أَوْ غَيْرَهُ الْكَافِرَ وُجُوبًا، وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فَلَا يَقْصِدُ جِهَةً مَخْصُوصَةً. (وَالصَّلَاةُ) عَلَى الْمَيِّتِ (أَحَبُّ) أَيْ أَفْضَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (مِنْ) صَلَاةِ (النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ) ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ، وَكَوْنُهَا أَحَبَّ مِنْهُ (إنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (كَجَارٍ) لِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ قَرِينَهُ وَصَدِيقَهُ. (أَوْ) كَانَ الْمَيِّتُ (صَالِحًا) تُرْجَى بَرَكَتُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْت مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيُّ شَيْءٍ أَعْجَبُ إلَيْك الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ شُهُودُ الْجَنَائِزِ، قَالَ بَلْ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ أَعْجَبُ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ أَحَدٍ تُرْجَى بَرَكَةُ شُهُودِهِ لِزَيْدٍ بِهِ فِي فَضِيلَةٍ فَيَحْضُرُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ. ابْنُ رُشْدٍ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، إلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّوَافِلِ وَالْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ شُهُودِ الْجِنَازَةِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، فَمَاتَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَقَامَ النَّاسُ لِجِنَازَتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَشْهَدُ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ مِنْ بَيْتِ الصَّالِحِ، فَقَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَشْهَدَ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ، وَخَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَاتَّبَعَهُ وَقَالَ شُهُودُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ جُمْلَةً أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَتَفْصِيلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ عَيْنُ الْفِقْهِ إذْ إنَّمَا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ يُعْرَفُ بِالْخَيْرِ وَتُرْجَى بَرَكَةُ شُهُودِهِ، فَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ فَشُهُودُهُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِمَا يَتَعَيَّنُ مِنْ حَقِّ الْجِوَارِ وَالْقَرَابَةِ، وَلِمَا فِي شُهُودِ الْجِنَازَةِ مِنْ الْفَضْلِ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَفْضَلُ مَا يَعْمَلُ الْمَرْءُ فِي يَوْمِهِ شُهُودُ جِنَازَةٍ» . اهـ. وَفِي الْمَدْخَلِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الْجِنَازَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 1 ¦ الصفحة: 535 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابٌ) تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي أَحْكَام الزَّكَاة] (تَجِبُ زَكَاةُ) أَيْ: إخْرَاجُ جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ بَلَغَ نِصَابًا لِمُسْتَحِقِّهِ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلُ غَيْرِ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْجُزْءِ الْمَخْصُوصِ الْمُخْرَجِ مِنْ الْمَالِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي بَلَغَ نِصَابًا إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَالْحَرْثِ وَهَذَانِ مَعْنَيَانِ شَرْعِيَّانِ لَهَا، وَمَعْنَاهَا لُغَةً: النُّمُوُّ وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ وَمُنَاسَبَةُ الشَّرْعِيِّ اللُّغَوِيَّ مِنْ جِهَةِ نُمُوِّ الْجُزْءِ الْمَخْصُوصِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِحَدِيثِ «مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ إلَّا كَأَنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ كَالْجَبَلِ» . وَمِنْ جِهَةِ تَطْهِيرِ الْمَالِ وَحُصُولِ الْبَرَكَةِ فِيهِ وَنُمُوِّهِ بِالرِّبْحِ وَالْوِلَادَةِ وَالْإِثْمَارِ وَتَطْهِيرِ صَاحِبِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَحُصُولِ الْبَرَكَةِ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] . وَإِضَافَةُ زَكَاةِ (نِصَابٍ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلَهْ بِكَسْرِ النُّونِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْأَصْلُ وَشَرْعًا قَدْرٌ مَخْصُوصٌ إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لِلْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّصْبِ بِسُكُونِ الصَّادِ بِمَعْنَى التَّعْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَيُحْتَمَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 3 النَّعَمِ: بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ، كَمُلَا وَإِنْ مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً وَنِتَاجًا لَا مِنْهَا   [منح الجليل] أَنَّهُ مِنْ النَّصِيبِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ نَصِيبًا فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ النَّصْبِ بِفَتْحِهَا أَيْ: التَّعَبِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي نَصَبِ السُّعَاةِ وَتَعَبِهِمْ بِالطَّوَافِ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ. وَإِضَافَةُ نِصَابِ (النَّعَمِ) لَامِيَّةٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ بِالنُّمُوِّ وَالْوِلَادَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالشَّعْرِ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ أَوْ مِنْ نَعَمْ الْجَوَابِيَّةِ بِجَامِعِ السُّرُورِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِ) سَبَبِ (مِلْكٍ) لِنِصَابِ النَّعَمِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُلْتَقِطٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ مَا بِأَيْدِيهِمْ. (وَ) بِ (حَوْلٍ) عَلَى النِّصَابِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ (كَمَلَا) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ أَيْ: الْمِلْكُ وَالْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَالِكٍ مِلْكًا غَيْرَ كَامِلٍ كَرَقِيقٍ وَمَدِينٍ وَغَاصِبٍ لَيْسَ لَهُمَا مَا يَجْعَلَانِهِ فِي الدَّيْنِ وَالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِمَا عَيْنٌ وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَكْمُلْ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ وَالْحَوْلُ شَرْطٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ، وَأَمَّا الْمِلْكُ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهُ سَبَبٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ وَهُوَ الْحَقُّ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ شَرْطٌ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَقَرْنُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحَوْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي أَنَّهُ شَرْطٌ وَالْبَاءُ فِي كَلَامِهِ تَحْتَمِلُ الْمَعِيَّةَ وَالْمُلَابَسَةَ فَلَا تَتَعَيَّنُ السَّبَبِيَّةُ إنْ كَانَتْ النَّعَمُ رَاعِيَةً وَغَيْرَ عَامِلَةٍ وَكِبَارًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً) فِي حَرْثٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ سَقْيٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ فِي حَدِيثِ «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ» ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى مَوَاشِي الْعَرَبِ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهُ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] ، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الْحِجْرِ. (وَنِتَاجًا) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ: صِغَارًا فَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِ أُمَّهَاتِهَا إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَمَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ كُلُّهَا أَوْ مُكَمَّلَةً لَهُ بِأَنْ مَاتَ بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ وَبَقِيَ مِنْهَا مَعَ النِّتَاجِ نِصَابٌ أَوْ مِلْكٌ دُونَ نِصَابٍ فَوَلَدَتْ مَا تَمَّ بِهِ النِّصَابُ (لَا) تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي نَعَمٍ مُتَوَلِّدَةٍ (مِنْهَا) أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 4 وَمِنْ الْوَحْشِ، وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ، وَإِنْ قَبْلَ حَوْلِهِ بِيَوْمٍ لَا لِأَقَلَّ الْإِبِلُ فِي كُلِّ خَمْسٍ ضَائِنَةٌ   [منح الجليل] النَّعَمِ الْإِنْسِيَّةِ (وَمِنْ الْوَحْشِ) بِأَنْ ضَرَبَتْ فُحُولُ الظِّبَاءِ فِي إنَاثِ الْمَعْزِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ فُحُولُ بَقَرِ الْوَحْشِ فِي إنَاثِ الْبَقَرِ الْإِنْسِيَّةِ أَوْ عَكْسُهُ الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ قَصْرُ النِّتَاجِ الَّذِي لَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْمُتَوَلِّدِ مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ مُبَاشَرَةً، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا بِوَاسِطَةٍ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ. (وَضُمَّتْ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ (الْفَائِدَةُ) أَيْ: مَا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ مِنْ النَّعَمِ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ هِبَةٍ وَصِلَةٍ ضُمَّتْ (لَهُ) أَيْ: نِصَابٍ أَيْ: النَّعَمِ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُهُمَا إنْ حَصَلَتْ الْفَائِدَةُ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَتْ (قَبْلَ) تَمَامِ (حَوْلِهِ) أَيْ: النِّصَابِ (بِيَوْمٍ) أَيْ: جُزْءٍ مِنْ الزَّمَنِ وَلَوْ لَحْظَةً فَمَنْ مَلَكَ أَوْ زَكَّى نِصَابَ نَعَمٍ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ وَمَلَكَ نِصَابًا آخَرَ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ زَكَّاهُمَا مَعًا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ إنْ كَانَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ (لَا) تُضَمُّ فَائِدَةُ النَّعَمِ (لِأَقَلَّ) مِنْ نِصَابٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفَائِدَةُ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ وَتُضَمُّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ الْمُتَمِّمَةُ لِلنِّصَابِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الثَّانِيَةِ إلَّا النِّتَاجَ فَيُضَمُّ لِأَصْلِهِ النَّاقِصِ عَنْ النِّصَابِ وَيُزَكَّى مَجْمُوعُهُمَا عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ إنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ. وَسَيَأْتِي أَنَّ فَائِدَةَ الْعَيْنِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَوْكُولَةٌ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ الْفَائِدَةُ لِلنِّصَابِ لَزِمَ خُرُوجُهُ مَرَّتَيْنِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَزَكَاةُ الْعَيْنِ مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي زَكَاةِ كُلِّ فَائِدَةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى دُونَ نِصَابٍ وَضُمَّتْ لِلْفَائِدَةِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِيمَنْ لَا سَاعِيَ لَهُمْ أَيْضًا كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهَا لَهَا سَاعٍ حُمِلَ النَّادِرُ عَلَى الْغَالِبِ طَرْدًا لِلْبَابِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ. (الْإِبِلُ) يَجِبُ (فِي كُلٍّ خَمْسٌ) مِنْهَا (ضَائِنَةٌ) بِتَقْدِيمِ الْهَمْزِ عَلَى النُّونِ مِنْ الضَّأْنِ بِالْهَمْزِ ضِدُّ الْمَعْزِ تَأَوُّهًا لِلْوَحْدَةِ فَشَمِلَ الذَّكَرَ فَيَجْزِي إخْرَاجُهُ هُنَا كَمَا يُجْزِئُ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا وَنَصُّ اللُّبَابِ الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ عَنْ الْإِبِلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 5 إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزَ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ وَالْأَصَحُّ إجْزَاءُ بَعِيرٍ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سَلِيمَةٌ، فَابْنُ لَبُونٍ   [منح الجليل] سِنُّهَا وَصِفَتُهَا كَالشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْغَنَمِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُنْثَى فِي الْبَابَيْنِ الْحَطّ لَمْ أَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدَّمَهَا؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ النَّعَمِ وَلِذَا سُمِّيَتْ جِمَالًا لِلتَّجَمُّلِ بِهَا وَشَرَطَ كَوْنَهَا ضَائِنَةً. (إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ: أَكْثَرَ (غَنَمِ) أَهْلِ (الْبَلَدِ الْمَعْزَ) بِأَنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا أَوْ نِصْفُهَا ضَأْنًا فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا مَعْزًا فَالشَّاةُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَالِكُ بِدَفْعِ ضَائِنَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ غَنَمُ أَهْلِ الْبَلَدِ إنْ وَافَقَتْ غَنَمَ الْمُزَكِّي بَلْ (وَإِنْ خَالَفَتْهُ) أَيْ: غَنَمُ أَهْلِ الْبَلَدِ غَنَمَ الْمُزَكِّي بِكَوْنِ إحْدَاهُمَا ضَأْنًا وَالْأُخْرَى مَعْزًا فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ مَعًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُمَا إنْ تَسَاوَيَا يَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا مِنْ الضَّأْنِ وَالْأَقْرَبُ تَخْيِيرُ السَّاعِي. (وَالْأَصَحُّ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْقَرَوِيِّ وَهُوَ (إجْزَاءُ) إخْرَاجِ (بَعِيرٍ) عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ عِوَضًا عَنْ الشَّاةِ أَنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهَا وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا يُجْزِئُ عَنْهَا وَخَرَّجَهُ الْمَازِرِيُّ عَلَى إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ إذْ الْقِيمَةُ عَيْنُ الْحَطِّ لَا بُعْدَ فِيهِ؛ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِهِ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُمْ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ وَجَعَلُوا مِنْهُ إخْرَاجَ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِحْزَاءِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ سِنُّهُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ عج وَقَالَ: الْحَطّ لَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهِ سَنَةً وَمَفْهُومٌ عَنْ الشَّاةِ عَدَمُ إجْزَائِهِ عَنْ شَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَتِهِمَا اتِّفَاقًا. (إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَ) فِيهَا (بِنْتُ مَخَاضٍ) إنْ كَانَتْ لَهُ سَلِيمَةٌ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) بِنْتُ مَخَاضٍ (سَلِيمَةٌ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَصْلًا أَوْ كَانَتْ لَهُ مَعِيبَةٌ (فَ) فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ (ابْنُ لَبُونٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ذَكَرٌ إنْ كَانَ لَهُ سَلِيمًا وَإِلَّا كَلَّفَهُ السَّاعِي بِبِنْتِ مَخَاضٍ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 6 وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ: بِنْتُ لَبُونٍ، وَسِتٍّ وَأَرْبَعِينَ: حِقَّةٌ وَإِحْدَى وَسِتِّينَ: جَذَعَةٌ وَسِتٍّ وَسَبْعِينَ: بِنْتَا لَبُونٍ، وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ: حِقَّتَانِ، وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ: حِقَّتَانِ، أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ: الْخِيَارُ لِلسَّاعِي، وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا، ثُمَّ فِي كُلِّ عَشْرٍ: يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ: بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ: حِقَّةٌ.   [منح الجليل] وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) وَلَا يُجْزِئُ حِقٌّ عَنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ اللَّبُونِ أَنَّ فِي اللَّبُونِ مَزِيَّةً لَيْسَتْ فِي بِنْتِ الْمَخَاضِ فَعَادَلَتْ أُنُوثَتَهَا وَهِيَ امْتِنَاعُهُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَوُرُودِ الْمَاءِ وَرَعْيِ الشَّجَرِ وَلَيْسَ فِي الْحِقِّ مَزِيَّةٌ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ تُعَادِلُ أُنُوثَتَهَا إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ (وَ) فِي (سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ) وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا جَذَعٌ إلَى سِتِّينَ (وَ) فِي (إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ) إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ (وَ) فِي (سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا) مُثَنَّى بِنْتٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى (لَبُونٍ) إلَى تِسْعِينَ (وَ) فِي (إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ) إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ. (وَ) فِي (مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الْخِيَارُ) فِي أَخْذِ أَيِّهِمَا (لِلسَّاعِي) إنْ وُجِدَا أَوْ فُقِدَا (وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا) إنْ وُجِدَ حَالَ كَوْنِهِ (مُنْفَرِدًا) عَنْ الْآخَرِ. (ثُمَّ) فِي تَحَقُّقِ كُلِّ عَشْرٍ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالتِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ (يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ) فَيَجِبُ (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ) وَالضَّابِطُ لِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ فِيمَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ قِسْمَةُ عَدَدِ عَشَرَاتِ مَا يُرَادُ تَزْكِيَتُهُ عَلَى عَدَدِ عَشَرَاتِ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَخَارِجُ الْقِسْمَةِ عَلَى عَشَرَاتِ الْأَرْبَعِينَ عَدَدُ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَخَارِجُ الْقِسْمَةِ عَلَى عَشَرَاتِ الْخَمْسِينَ عَدَدُ الْحِقَاقِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 7 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَيُخَيَّرُ السَّاعِي وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى الْخَمْسَةِ فَقَطْ فَعَدَدُ الْخَارِجِ حِقَاقٌ وَعَلَى الْأَرْبَعَةِ فَقَطْ فَعَدَدُهُ بَنَاتُ لَبُونٍ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمَا فَلَا يُقْسَمُ عَلَى الْخَمْسَةِ وَيُقْسَمُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْخَارِجُ الصَّحِيحُ عَدَدُ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي وَاحِدًا فَتُبَدَّلُ بِنْتُ لَبُونٍ بِحِقَّةٍ وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ أُبْدِلَتْ بِنْتَا لَبُونٍ بِحِقَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثًا أُبْدِلَتْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ بِثَلَاثِ حِقَاقٍ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ. وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ ثَلَاثُ بَنَاتٍ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَفِي مِائَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 8 وَبِنْتُ الْمَخَاضِ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً   [منح الجليل] وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَتَيْنِ يُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَبَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ، وَفِي مِائَتَيْنِ وَعَشْرَةٍ حِقَّةٌ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ رُوِيَ عَنْ «النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةً إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ مَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ» فَفَهِمَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ عَشَرَةٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَفَهِمَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ وَلَوْ بِوَاحِدٍ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ خِلَافٌ فَالْإِمَامُ خَيَّرَ السَّاعِيَ بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَعَيَّنُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ. (وَبِنْتُ الْمَخَاضِ) الْوَاجِبَةُ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ هِيَ (الْمُوَفِّيَةُ) أَيْ الْمُتَمِّمَةُ (سَنَةً) مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهَا وَدَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ سُمِّيَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا مَخَضَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 9 ثُمَّ كَذَلِكَ الْبَقَرُ، فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ: تَبِيعٌ ذُو سَنَتَيْنِ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ذَاتُ ثَلَاثٍ، وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمِائَتَيْ الْإِبِلِ   [منح الجليل] الْجَنِينُ بَطْنَهَا أَيْ: تَحَرَّكَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَحْمِلُ سَنَةً وَتُرْضِعُ سَنَةً. . (ثُمَّ) بَقِيَتْ الْوَاجِبَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنْ بِنْتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ (كَذَلِكَ) أَيْ: بِنْتُ الْمَخَاضِ فِي تَوْفِيَةِ سَنَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَدُخُولِهَا فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَبِنْتُ اللَّبُونِ هِيَ الْمُوَفِّيَةُ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَسُمِّيَتْ بِنْتَ لَبُونٍ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا وَلَدَتْ غَيْرَهَا وَصَارَتْ ذَاتَ لَبَنٍ جَدِيدٍ، وَالْحِقَّةُ هِيَ الَّتِي أَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ وَسُمِّيَتْ حِقَّةً لِاسْتِحْقَاقِ الْحَمْلِ فِي بَطْنِهَا بِالنَّزْوِ عَلَيْهَا وَعَلَى ظَهْرِهَا بِالْأَحْبُلِ، وَالْجَذَعَةُ أَوْفَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ أَيْ تُسْقِطُ أَسْنَانَ الرَّضَاعِ (الْبَقَرُ) يَجِبُ فِي (كُلِّ ثَلَاثِينَ) مِنْهَا (تَبِيعٌ) ذَكَرٌ وَالْأَفْضَلُ الْأُنْثَى وَهُوَ (ذُو سَنَتَيْنِ) وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ. (وَفِي) كُلِّ (أَرْبَعِينَ) مِنْهَا (مُسِنَّةٌ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أُنْثَى وَهِيَ (ذَاتُ ثَلَاثٍ) مِنْ السِّنِينَ أَوْفَتْهَا وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ (وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ) مِنْ الْبَقَرِ (كَمِائَتَيْ) مَثْنَى مِائَةٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى (الْإِبِلِ) فِي تَخْيِيرِ السَّاعِي بَيْنَ ثَلَاثَةِ مُسِنَّاتٍ وَأَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ كَتَخْيِيرِهِ فِي مِائَتَيْ الْإِبِلِ بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ. الْمَعْلُومُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالضَّابِطُ لِمَعْرِفَةِ عَدَدِ الْأَتْبِعَةِ وَالْمُسِنَّاتِ الْوَاجِبَةِ فِي هَذَا وَمَا زَادَ عَلَيْهِ قَسْمُ عَدَدِ عَشَرَاتِ الْبَقَرِ الَّذِي أُرِيدَ تَزْكِيَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ عِدَّةُ عَشَرَاتِ الثَّلَاثِينَ نِصَابُ التَّبِيعِ وَأَرْبَعَةٌ عِدَّةُ عَشَرَاتِ الْأَرْبَعِينَ نِصَابُ الْمُسِنَّةِ فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَقَطْ فَالْوَاجِبُ عَدَدُ الْخَارِجِ أَتْبِعَةً وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَهُوَ عَدَدُهُ مُسِنَّاتٍ وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهِمَا فَالْخِيَارُ بَيْنَ أَتْبِعَةٍ بِعِدَّةٍ خَارِجَ الْقِسْمَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَمُسِنَّاتٍ بِعَدَدِ الْخَارِجِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمَا فَلَا يُقْسَمُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَيُقْسَمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْخَارِجُ الصَّحِيحُ عَدَدُ الْأَتْبِعَةِ ثُمَّ إنْ بَقِيَ وَاحِدٌ بُدِّلَ تَبِيعٌ مِنْهَا بِمُسِنَّةٍ وَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ أُبْدِلَ تَبِيعَانِ بِمُسِنَّتَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 10 الْغَنَمُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً: جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ مَعْزًا، وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ: شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ: ثَلَاثٌ، وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ: أَرْبَعٌ؛ ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ: شَاةٌ وَلَزِمَ الْوَسَطُ، وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوْ الشِّرَارُ؛ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ   [منح الجليل] الْغَنَمُ) (فِي) كُلِّ (أَرْبَعِينَ) شَاةً (شَاةً جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (ذُو سَنَةٍ) تَامَّةٍ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ: ابْنُ عَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْأُولَى زِيَادَةٌ أَوْ ثَنِيٌّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلسَّاعِي أَوْ لِلْمَالِكِ؟ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ لِلسَّاعِي أَوْ لِرَبِّهَا قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَالثَّنِيُّ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ ضَأْنًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مَعْزًا) مُبَالَغَةً فِي جَذَعٍ أَوْ جَذَعَةٍ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ وَلَا الْجَذَعَةُ مِنْ الْمَعْزِ لَا عَنْ الضَّأْنِ وَلَا عَنْ الْمَعْزِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ لَا يُجْزِئُ جَذَعُ الْمَعْزِ وَمَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ إذَا كَانَ النِّصَابُ مَعْزًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ. (وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ) شَاةً (شَاتَانِ) إلَى مِائَتَيْنِ (وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثٌ) مِنْ الشِّيَاهِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ شَاةً (وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ) مِنْ الشِّيَاهِ (ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ) مِنْ الشِّيَاهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ (شَاةٌ) جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إلَّا بِتَمَامِ مِائَةٍ. (وَلَزِمَ) فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (الْوَسَطُ) أَيْ: الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْخِيَارِ وَالشِّرَارِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ أَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ إنْ وُجِدَ الْوَسَطُ بَلْ (وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ) فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَسَطِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا مِنْ الْخِيَارِ (أَوْ) انْفَرَدَ (الشِّرَارُ) كَصِغَارٍ وَمَرْضَى وَمَعِيبَاتٍ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الشِّرَارِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ) بِنَحْوِ عَرَجٍ وَعَوَرٍ لِكَثْرَةِ لَحْمِهَا عِنْدَ إرَادَةِ ذَبْحِهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ ثَمَنِهَا عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهَا لِتَفْرِقَةِ ثَمَنِهَا عَلَيْهِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 11 لَا الصَّغِيرَةِ وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ، وَجَامُوسٌ لِبَقَرٍ، وَضَأْنٌ لِمَعْزٍ، وَخُيِّرَ السَّاعِي إنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا، وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ، وَثِنْتَانِ مِنْ كُلٍّ إنْ تَسَاوَيَا، أَوْ الْأَقَلِّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقْصٍ،   [منح الجليل] سَوَاءٌ وُجِدَ الْوَسَطُ أَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوْ الشِّرَارُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ (لَا الصَّغِيرَةِ) الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ السِّنَّ الْوَاجِبَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا. (وَضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ مَفْتُوحَةً (بُخْتٌ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إبِلٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ (لِعِرَابٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ إبِلٌ ذَاتُ سَنَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ (وَ) ضُمَّ (جَامُوسٌ) بَقَرٌ سُودٌ ضِخَامٌ بَطِيءُ الْحَرَكَةِ يُدِيمُ الْمُكْثَ فِي الْمَاءِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ (لِبَقَرٍ) حُمُرٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ زَكَّى. (وَ) ضُمَّ (ضَأْنٌ لِمَعْزٍ) فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ زَكَّى (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُثْقَلَةً (السَّاعِي) فِي أَخْذِ الْوَاجِبِ مِنْ أَيِّ الصِّنْفَيْنِ (إنْ وَجَبَتْ) ذَاتٌ (وَاحِدَةٌ) شَاةً كَانَتْ أَوْ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً فِي نِصَابٍ مُلَفَّقٍ مِنْ صِنْفَيْنِ (وَتَسَاوَيَا) وَوُجِدَ السِّنُّ الْوَاجِبُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ فُقِدَ مِنْهُمَا فَإِنْ وُجِدَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَعَيَّنَ قَالَهُ الْبَاجِيَّ كَخَمْسَةَ عَشْرَ جَامُوسًا وَمِثْلُهَا حُمُرًا وَكَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَمِثْلُهَا مَعْزًا وَكَثَلَاثَةَ عَشْرَ بُخْتًا وَمِثْلُهَا عِرَابًا. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا كَعِشْرِينَ بُخْتًا وَسِتَّةَ عَشَرَ عِرَابًا وَكَعِشْرِينَ جَامُوسًا وَعَشَرَةٍ حُمُرًا أَوْ كَثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَعِشْرِينَ مَعْزًا (فَ) يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ (مِنْ الْأَكْثَرِ) إذْ الْحُكْمُ لَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُتَّجَهٌ إنْ كَانَتْ الْكَثْرَةُ ظَاهِرَةً فَإِنْ كَانَتْ شَاةً أَوْ شَاتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ (وَ) إنْ وَجَبَ (ثِنْتَانِ) فِي النِّصَابِ الْمُلَفَّقِ مِنْ صِنْفَيْنِ أُخِذَ (مِنْ كُلِّ) صِنْفٍ وَاحِدَةٌ (إنْ تَسَاوَيَا) أَيْ: الصِّنْفَانِ كَسَبْعِينَ ضَأْنًا وَمِثْلُهَا مَعْزًا وَكَأَرْبَعِينَ بُخْتًا وَمِثْلُهَا عِرَابًا وَكَثَلَاثِينَ جَامُوسًا وَثَلَاثِينَ حُمُرًا. (أَوْ) لَمْ يَتَسَاوَيَا و (الْأَقَلِّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقْصٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِهَا وَبِالصَّادِ وَالسِّينِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 12 وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ وَثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا فَمِنْهُمَا، وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ، وَإِلَّا فَكَذَلِكَ، وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ: كُلُّ مِائَةٍ الْجَامُوس وَالْبَقَرُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعُ الزَّكَاة وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً: مِنْهُمَا،   [منح الجليل] مَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ هُنَا مَا أَوْجَبَ الثَّانِيَةَ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَخَمْسِينَ مَعْزًا أَيْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ بِشَرْطَيْنِ كَوْنُهُ نِصَابًا بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَكَوْنُهُ غَيْرَ وَقْصٍ أَيْ وَجَبَ الثَّانِيَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطَانِ مَعًا بِأَنْ انْتَفَيَا مَعًا كَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَثَلَاثِينَ مَعْزًا أَوْ الْأَوَّلُ كَمِائَةٍ ضَأْنًا وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ مَعْزًا أَوْ الثَّانِي كَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَسِتِّينَ مَعْزًا (فَالْأَكْثَرُ) يُؤْخَذَانِ مِنْهُ. (وَ) إنْ وَجَبَ فِي النِّصَابِ الْمُلَفَّقِ مِنْ صِنْفَيْنِ (ثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا) أَيْ الصِّنْفَانِ كَمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ ضَأْنًا وَمِثْلُهَا مَعْزًا (فَ) اثْنَتَانِ تُؤْخَذَانِ (مِنْهُمَا) أَيْ الصِّنْفَيْنِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدَةٌ (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً أَيْ السَّاعِي (فِي) أَخْذِ (الثَّالِثَةِ) مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا (فَكَذَلِكَ) أَيْ: وُجُوبُ ثِنْتَيْنِ فِي الْمُلَفَّقِ مِنْهُمَا فِي أَنَّهُ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا غَيْرَ وَقْصٍ أُخِذَ مِنْهُ وَاحِدَةٌ وَالِاثْنَتَانِ مِنْ الْأَكْثَرِ وَإِلَّا أُخِذَ الْجَمِيعُ مِنْ الْأَكْثَرِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُؤْخَذُ الْكُلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ مُطْلَقًا. (وَ) إنْ وَجَبَ أَرْبَعٌ مِنْ الْغَنَمِ فَأَكْثَرُ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (فِي) الشَّاةِ (الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ) مِنْهَا كَالْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ وَنَائِبُ فَاعِلٍ اُعْتُبِرَ (كُلُّ مِائَةٍ) وَحْدَهَا فَيُعْتَبَرُ الْخَالِصُ وَحْدَهُ وَالْمُلَفَّقُ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ مِنْهَا ثَلَثُمِائَةٍ ضَأْنٍ وَمِائَةٌ بَعْضُهَا ضَأْنٌ وَبَعْضُهَا مَعْزٌ أَخْرَجَ ثَلَاثَةً مِنْ الضَّأْنِ وَاعْتُبِرَتْ الْمِائَةُ الْمُلَفَّقَةُ عَلَى حِدَتِهَا فَإِنْ تَسَاوَى فِيهَا الصِّنْفَانِ خُيِّرَ السَّاعِي وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ. (وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً) تَبِيعَانِ (مِنْهُمَا) أَيْ: الْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعٌ؛ لِأَنَّ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ الْجَامُوسِ تَبِيعًا وَالْعَشَرَةُ مِنْهُ تُضَمُّ لِلْعِشْرِينِ مِنْ الْبَقَرِ فَيَخْرُجُ التَّبِيعُ الثَّانِي مِنْ الْبَقَرِ؛ لِأَنَّهَا الْأَكْثَرُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 13 وَمَنْ هَرَبَ بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ؛ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ:   [منح الجليل] إذَا كَانَ نِصَابًا وَهُوَ هُنَا غَيْرُ نِصَابٍ وَأُخِذَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ تَقَرُّرِ النِّصَابِ وَمَا هُنَا بَعْدَهُ فَيُنْظَرُ لِكُلِّ نِصَابٍ وَحْدَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَكْثَرِهِ إنْ كَانَ وَالْأَخِيرُ كَالْمِائَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْغَنَمِ وَالْمُرَادُ بِتَقَرُّرِ النِّصَابِ اسْتِقْرَارُهُ فِي عَدَدٍ مَضْبُوطٍ إمَّا ابْتِدَاءً كَكُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً بِتَبِيعٍ وَكُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بِمُسِنَّةٍ وَإِمَّا انْتِهَاءً كَأَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ فَأَكْثَرَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ. (وَمَنْ هَرَبَ) مِنْ الزَّكَاةِ أَيْ: تَحَيَّلَ عَلَى إسْقَاطِهَا (بِإِبْدَالِ) أَيْ: بَيْعٍ (مَاشِيَةٍ) أَيْ: نِصَابِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ وَيُعْلَمُ هُرُوبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَرِينَةٍ سَوَاءٌ مَلَكَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ قُنْيَةٍ وَسَوَاءٌ أَبْدَلَهَا بِنَوْعِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدٍ وَجَوَابُ مَنْ هَرَبَ (أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِزَكَاتِهَا) أَيْ: الْمَاشِيَةِ الَّتِي أَبْدَلَهَا مُعَامَلَةً بِنَقِيضٍ مَقْصُودٍ لَا بِزَكَاةِ الْبَذْلِ وَلَوْ أَكْثَرَ لِعَدَمِ تَمَامِ حَوْلِهَا إنْ أَبْدَلَهَا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا بَلْ (وَلَوْ) أَبْدَلَهَا (قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) عَلَيْهَا بِقُرْبٍ كَشَهْرٍ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدُ الْحَقِّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ لَا يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا إلَّا إنْ أَبْدَلَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ وُصُولِ السَّاعِي فَإِنْ أَبْدَلَهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِقُرْبِهِ فَلَيْسَ هَارِبًا فَإِنْ أَبْدَلَهَا قَبْلَهُ بِبُعْدٍ فَلَا يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا اتِّفَاقًا وَيُنْظَرُ لِلْبَدَلِ وَيَكُونُ مِنْ مَشْمُولٍ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ إلَخْ. (وَبَنَى) بَائِعُ مَاشِيَةٍ وَلَوْ غَيْرَ هَارِبٍ مِنْ الزَّكَاةِ عَلَى حَوْلِهَا الَّذِي مَلَكَهَا أَوْ زَكَّاهَا فِيهِ (فِي) مَاشِيَةٍ (رَاجِعَةٍ) لَهُ (بِ) سَبَبِ (عَيْبٍ) قَدِيمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي حِينَ شِرَائِهِ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِهِ بَعْدَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ مُدَّةً فَلَا يُلْغِيهَا الْبَائِعُ وَيَحْسِبُهَا مِنْ الْحَوْلِ كَأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ (أَوْ) رَاجِعَةً لَهُ بِسَبَبِ (فَلَسٍ) لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا مِنْهُ فَأَخْتَار الْبَائِعُ أَخْذَهَا وَإِبْرَاءَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهَا بَعْدَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ مُدَّةً مِنْ الْحَوْلِ فَيَحْسِبُهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لَهُ أَيْضًا وَأَوْلَى الرَّاجِعَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 14 كَمُبْدِلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ، وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ، أَوْ نَوْعِهَا، وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ:   [منح الجليل] بِفَسْخِهِ لِفَسَادِهِ فَيُزَكِّيهَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا أَوْ زَكَاتِهَا وَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَوْزٍ. وَشَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْحَوْلِ الْأَصْلِيِّ فَقَالَ (كَمُبْدِلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ اسْمُ فَاعِلِ أَبْدَلَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (مَاشِيَةَ تِجَارَةٍ) إنْ كَانَتْ نِصَابًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (دُونَ نِصَابٍ) وَصِلَةُ مُبْدِلٍ (بِعَيْنٍ) نِصَابٌ كَعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيُزَكِّيهَا عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ النَّقْدَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوْ زَكَّاهُ فِيهِ إنْ لَمْ تَجُزْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا فَإِنْ جَرَتْ فِيهَا بِمُرُورِ حَوْلٍ عَلَيْهَا وَهِيَ نِصَابٌ فِي مِلْكِهِ فَيَبْنِي عَلَى يَوْمِ زَكَاتِهَا لِنَسْخِهِ حَوْلَ أَصْلِهَا. (أَوْ) بِنِصَابٍ مِنْ (نَوْعِهَا) بِأَنْ أَبْدَلَ إبِلَ التِّجَارَةِ بِإِبِلٍ أَوْ بَقَرَهَا بِبَقَرٍ أَوْ غَنَمَهَا بِغَنَمٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صِنْفِهَا أَوْ غَيْرِهِ كَبُخْتٍ بِعِرَابٍ وَجَامُوسٍ بِحُمُرٍ وَضَأْنٍ بِمَعْزٍ فَيُزَكِّي الْبَدَلَ عَلَى حَوْلِ الْمُبْدَلِ سَوَاءٌ جَرَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ أَوْ لَا هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ الِاسْتِقْبَالُ بِالْعَيْنِ وَالنَّوْعِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الْإِبْدَالُ اخْتِيَارِيًّا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (لِاسْتِهْلَاكٍ) لِمَاشِيَةِ التِّجَارَةِ مِنْ شَخْصٍ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا فَدَفْعُهَا لِمَالِكِهَا أَوْ صَالَحَهُ عَنْهَا بِمَاشِيَةٍ مِنْ نَوْعِهَا فَيَبْنِي فِي زَكَاةِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمَاشِيَةِ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا عَلَى مَا مَرَّ. وَفِي إبْدَالِهَا بِنَوْعِهَا لِاسْتِهْلَاكٍ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءُ فِي زَكَاةِ الْبَدَلِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَالثَّانِي الِاسْتِقْبَالُ بِالْبَدَلِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ أَوْ الثَّانِي أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ فَفِي اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَرَدِّ الثَّانِي بِوَلَوْ مُخَالَفَةٌ لِاصْطِلَاحِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَأَمَّا إبْدَالُهَا بِعَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِ بِالِاسْتِقْبَالِيِّ ابْنُ الْحَاجِبِ أَخْذُ الْعَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ كَالْمُبَادَلَةِ اتِّفَاقًا اهـ. فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى إلْحَاقِ أَخْذِ الْعَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِالْمُبَادَلَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا الْبِنَاءُ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ فِيهَا الِاسْتِقْبَالُ فَالْأَوْلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 15 كَنِصَابِ قُنْيَةٍ، لَا بِمُخَالِفِهَا، أَوْ رَاجِعَةٍ، بِإِقَالَةٍ، أَوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ. وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ: كَمَالِكٍ، فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ وَسِنٍّ وَصِنْفٍ،   [منح الجليل] جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةً لِلْعَيْنِ وَالنَّوْعِ وَالْمُشَارُ لَهُ بِوَلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي بِالِاسْتِقْبَالِ فِي النَّوْعِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي الْعَيْنِ وَالنَّوْعِ وَقَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ بِعَدَمِ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ، وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقَانِ كَانَتْ دَعْوَى الِاسْتِهْلَاكِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ مُجَرَّدَةً عَنْهَا. وَشَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ فَقَالَ (كَنِصَابِ) مَاشِيَةِ (قُنْيَةٍ) أَبْدَلَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ مِنْ نَوْعِهَا فَيَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْمُبْدَلَةُ فِيهِمَا وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِصَابًا فَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ اسْتَقْبَلَ بِهِ وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا بَنَى (لَا) يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَيَسْتَقْبِلُ إنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ التِّجَارَةِ أَوْ الْقُنْيَةِ (بِ) نِصَابِ نَعَمٍ (مُخَالِفِهَا) أَيْ الْمَاشِيَةِ الْمُبْدَلَةِ نَوْعًا كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ. (أَوْ) مَاشِيَةٍ مَبِيعَةٍ (رَاجِعَةٍ) لِبَائِعِهَا (بِ) سَبَبِ (إقَالَةٍ) فَلَا يَبْنِي فِي زَكَاتِهَا عَلَى حَوْلِهَا الْأَصْلِيِّ وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ رُجُوعِهَا؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَأَوْلَى الرَّاجِعَةُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (أَوْ) أَبْدَلَ (عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ) أَيْ: اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْقُنْيَةِ بِعَيْنٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَلَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِ ثَمَنِهَا (وَخُلَطَاءُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَلِيطٍ أَيْ مُخَالِطٌ لِغَيْرِهِ فِي (الْمَاشِيَةِ) الْمُتَّحِدَةِ نَوْعًا (كَمَالِكٍ) وَاحِدٍ (فِيمَا وَجَبَ) عَلَيْهِمْ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ الْمَخْلُوطَةِ (مِنْ قَدْرٍ) لِلْمُخْرَجِ زَكَاةً كَثَلَاثَةٍ لِكُلٍّ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَعَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ ثُلُثٍ قِيمَتُهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةَ لَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ. (وَسِنٍّ) لِلْوَاجِبِ فِي النِّصَابِ الْمُلَفَّقِ كَاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَعَلَيْهِمَا جَذَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ بِنْتُ لَبُونٍ (وَصِنْفٍ) لِلْوَاجِبِ كَاثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثَمَانُونَ مَعْزًا وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ ضَأْنًا فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ مِنْ الْمَعْزِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلْثَا قِيمَتِهَا وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صِنْفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 16 إنْ نُوِيَتْ وَكُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٌ مَلَكَ نِصَابًا بِحَوْلٍ، وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي الْأَكْثَرِ، مِنْ مَاءٍ، وَمُرَاحٍ، وَمَبِيتٍ، وَرَاعٍ بِإِذْنِهِمَا، وَفَحْلٍ بِرِفْقٍ   [منح الجليل] نَعَمِهِ (إنْ نُوِيَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ نَوَى الْخُلْطَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لَا الْفِرَارَ مِنْ كَثْرَةِ الزَّكَاةِ. (وَكُلٌّ) مِنْ الْخَلِيطَيْنِ أَوْ الْخُلَطَاءِ (حُرٍّ) فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ رَقِيقٍ (مُسْلِمٍ) فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ كَافِرٍ (مَلَكَ نِصَابًا) وَخَالَطَهُ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ مَنْ مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ مِلْكًا مَصْحُوبًا (بِ) كَمَالِ (حَوْلٍ) مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ أَوْ التَّزْكِيَةِ لِلنِّصَابَيْنِ الْمَخْلُوطَيْنِ فَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى مَاشِيَةٍ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا تُؤَثِّرُ خُلْطَتُهُمَا وَيُزَكِّي مَنْ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابِهِ وَحْدَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ الْخَلْطِ فَيَكْفِي الْخَلْطُ فِي أَثْنَائِهِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا كَشَهْرٍ فَإِذَا أَقَامَ نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَاتِهِ وَخَلَطَاهُمَا وَمَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى زَكَّيَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ صَاحَبَ الْمِلْكَ وَإِنْ لَمْ يُصَاحِبْ الْخُلْطَةَ. (وَاجْتَمَعَا) أَيْ الْخَلِيطَانِ (بِمِلْكٍ) لِلذَّاتِ (أَوْ) مِلْكِ (مَنْفَعَةٍ) بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إبَاحَةٍ لِعُمُومِ النَّاسِ كَنَهْرٍ وَمُرَاحٍ وَمَبِيتٍ بِأَرْضٍ مَوَاتٍ أَوْ بِإِعَارَةٍ وَلَوْ لِفَحْلٍ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ لِمَنْفَعَةِ رَاعٍ تَبَرَّعَ لَهُمَا بِهَا وَصِلَةٍ اجْتَمَعَا (فِي الْأَكْثَرِ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ (مِنْ) خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (مُرَاحٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ: مَحَلِّ اجْتِمَاعِ الْمَاشِيَةِ لِقَيْلُولَةٍ أَوْ لِتُسَاقَ مِنْهُ لِلْمَبِيتِ، وَأَمَّا مَحَلُّ بَيَاتِهَا فَبِضَمِّهَا وَسَيَأْتِي (وَمَاءٍ) بِالْمَدِّ تَشْرَبُ مِنْهُ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا يُمْنَعُ الْآخَرُ (وَمَبِيتٍ) وَلَوْ تَعَدَّدَ إنْ احْتَاجَتْ لَهُ (وَرَاعٍ) لِجَمِيعِهَا أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ وَتَعَاوَنَا وَلَوْ كَفَى أَحَدُهُمَا (بِإِذْنِهِمَا) أَيْ: الْخَلِيطَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَكْثَرِ. (وَفَحْلٍ) يَنْزُو عَلَى الْجَمِيعِ إنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا (بِ) قَصْدِ (رِفْقٍ) أَيْ: تَعَاوُنٍ رَاجِعٍ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِيمَا اجْتَمَعَا فِيهِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا لَا بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنْ كَثْرَةِ الزَّكَاةِ فَهُوَ إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ إنْ نُوِيَتْ. (وَ) إنْ أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ فِي الْمَاشِيَةِ الْمَخْلُوطَةِ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 17 وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ وَقْصٌ لِأَحَدِهِمَا فِي الْقِيمَةِ   [منح الجليل] مَاشِيَةِ أَحَدِ الْخَلِيطِينَ أَوْ مِنْ مَاشِيَتَيْهِمَا وَلَكِنْ أَخَذَ مِنْ مَاشِيَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِيهَا (رَاجَعَ) أَيْ: رَجَعَ الْخَلِيطُ (الْمَأْخُوذُ مِنْ) الْمَاشِيَةِ الَّتِي ل (هـ) جَمِيعَ مَا عَلَيْهِمَا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ وَمَفْعُولُ رَاجَعَ قَوْلُهُ (شَرِيكَهُ) أَيْ: خَلِيطَهُ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ (بِ) مِثْلِ (نِسْبَةِ) عَدَدِ مَاشِيَةِ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ لِمَجْمُوعِ (عَدَدَيْهِمَا) أَيْ: الْمَاشِيَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ نِصْفًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا رَجَعَ بِثُلُثِهَا وَإِنْ كَانَتْ سُدُسًا رَجَعَ بِسُدُسِهَا. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِوَقْصٍ كَعَشَرَةٍ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ خُمُسَا قِيمَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَكَثَمَانِيَةَ عَشَرَ إبِلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ قِيمَةِ بِنْتِ اللَّبُونِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً لِكُلٍّ عِشْرُونَ إبِلًا فَعَلَى كُلِّ ثُلُثٍ قِيمَةُ الْحِقَّةِ بَلْ (وَلَوْ انْفَرَدَ وَقْصٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ وَسُكُونِهَا آخِرُهُ صَادٌ أَوْ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَا زَادَ عَلَى نِصَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْ مَا يَلِيهِ. (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْخَلِيطَيْنِ كَتِسْعٍ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَفِيهِمَا شَاتَانِ عَلَى الْأَوَّلِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا وَنِصْفُ سُبْعِهَا وَعَلَى الثَّانِي سُبْعَاهَا وَنِصْفُ سُبْعِهَا بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ عَلَى كُلِّ شَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَوْقَاصَ غَيْرُ مُزَكَّاةٍ وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرُّجُوعُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ: فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ يَوْمَ أَخْذِهِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ أَوْ شَاةٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ فِي مَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ وَمَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتِهْلَاكِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرُّجُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالتَّسْلِيفِ وَمَنْ تَسَلَّفَ شَيْئًا وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَتَهُ فَتُعْتَبَرُ يَوْمَ قَضَائِهِ وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ بِشَاةٍ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ كَالتَّسْلِيفِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 18 كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الْأَخْذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ، لَا غَصْبًا، أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ وَذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ذَوَيْ ثَمَانِينَ، أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ: كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بِنِسْبَةِ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ لِمَجْمُوعِهِمَا فَقَالَ (كَتَأَوُّلِ) بِضَمِّ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ: ظَنَّ (السَّاعِي الْآخِذُ) لِلزَّكَاةِ (مِنْ نِصَابٍ) مَمْلُوكٍ (لَهُمَا) أَيْ: الْخَلِيطَيْنِ كَعِشْرِينَ شَاةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الشَّاةِ الَّتِي أَخَذَهَا السَّاعِي زَكَاةً بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ وَكَخَمْسَ عَشْرَةَ بَقَرَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ قِيمَةِ التَّبِيعِ (أَوْ) أَخَذَ السَّاعِي مِنْ نِصَابٍ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْخَلِيطَيْنِ وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ. (وَزَادَ) الْمَأْخُوذُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي نِصَابِ أَحَدِهِمَا (لِلْخُلْطَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ شَاةٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَاشِيَتِهِمَا شَاتَيْنِ فَعَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِمَا وَعَلَى الْآخَرِ خُمُسُهَا (لَا) يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ (غَصْبًا أَوْ) زَكَاةً (وَلَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا) مَعًا (نِصَابٌ) كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَ عَشْرَةَ شَاةً فَأَخَذَ مِنْ الثَّلَاثِينَ شَاةً فَمُصِيبَتُهَا عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَحْدَهُ وَهَذَا مِنْ الْغَصْبِ أَيْضًا لَكِنْ الْأَوَّلُ الْغَصْبُ فِيهِ مَقْصُودٌ وَالْغَصْبُ فِي هَذَا لَيْسَ مَقْصُودًا بَلْ هُوَ جَهْلٌ مَحْضٌ. (وَذُو) أَيْ صَاحِبُ (ثَمَانِينَ) شَاةً مَثَلًا (خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا) أَيْ: بِكُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْهَا أَوْ بِخَمْسِينَ وَثَلَاثِينَ أَوْ بِسِتِّينَ وَعِشْرِينَ أَوْ بِسَبْعِينَ وَعَشَرَةٍ (ذَوَيْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ: صَاحِبَيْ (ثَمَانِينَ) شَاةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَفِي الْمِائَةِ وَالسِّتِّينَ شَاتَانِ عَلَى ذِي الثَّمَانِينَ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ خَلِيطَيْهِ رُبْعُهَا. (أَوْ) خَالَطَ ذُو الثَّمَانِينَ (بِنِصْفٍ) مَثَلًا مِنْهَا (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ (ذَا) أَيْ: صَاحِبَ (أَرْبَعِينَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 19 عَلَيْهِ شَاةٌ، وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ، وَخَرَجَ السَّاعِي، وَلَوْ بِجَذْبِ طُلُوعِ الثُّرَيَّا   [منح الجليل] فَفِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ شَاةٌ عَلَى ذِي الثَّمَانِينَ ثُلُثَا قِيمَتِهَا وَعَلَى ذِي الْأَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا (عَلَيْهِ) أَيْ: ذِي الثَّمَانِينَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (شَاةٌ) أَيْ: نِصْفُ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ مِنْ الْمِائَةِ وَالسِّتِّينَ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الثَّمَانِينَ لَهَا نِصْفٌ (وَعَلَى) كُلٍّ مِنْ (غَيْرِهِ نِصْفٌ) أَيْ: رُبْعُ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ كُلِّ أَرْبَعِينَ لَهَا رُبْعٌ فَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَحَذَفَ جَوَابَ الثَّانِيَةِ لِعِلْمِهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى جَوَابِ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ (بِالْقِيمَةِ) رَاجِعٌ لِلشَّاةِ وَالنِّصْفِ وَأَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ الْمُتَقَدِّمُ وَقِيلَ خَلِيطُ الْخَلِيطِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ وَبُحِثَ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَوَّلِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ سَوَاءٌ بَنَى عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ خَلِيطٍ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ فَالْمُنَاسِبُ التَّمْثِيلُ بِذِي خَمْسَةٍ وَبِعَشَرَةٍ مِنْهَا صَاحِبُ عَشَرَةٍ فَعَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ عَلَى الْجَمِيعِ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى ذِي الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى ذِي الْعَشَرَةِ ثُلُثُهَا وَعَلَى ذِي الْخَمْسَةِ سُدُسُهَا وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخَلِيطٍ فَفِي الْجَمِيعِ سِتُّ شِيَاهٍ وَبِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَيْسَ فِيهَا خَلِيطُ خَلِيطٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا وَالْأَرْبَعِينَ الَّتِي لِغَيْرِهِ. (وَخَرَجَ السَّاعِي) لِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَرَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا كُلَّ عَامٍ وُجُوبًا قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَاشِيَةِ سَوْقُهَا لِلسَّاعِي بَلْ هُوَ يَأْتِيهَا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى الْمَاءِ فَيَلْزَمُهَا سَوْقُهَا إلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ سَاعِيًا فَقِيلَ: وَاجِبَةٌ، وَقِيلَ: لَا، وَإِذَا وَلَّاهُ وَجَبَ خُرُوجُهُ بِعَامٍ خِصْبٍ بَلْ (وَلَوْ بِ) عَامٍ (جَدْبٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَحْطٍ وَعَدَمِ مَطَرٍ؛ لِأَنَّ الضَّيِّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ أَشَدُّ مِنْهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَخْرُجُ سَنَةَ الْجَدْبِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ أَوْ يُحَاسَبُ بِهَا الْعَامَ الثَّانِيَ؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ خُرُوجِهِ عَامَ الْجَدْبِ فَيُقْبَلُ مِنْ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ وَلَوْ الشِّرَارَ وَصِلَةُ خَرَجَ (طُلُوعَ الثُّرَيَّا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 20 بِالْفَجْرِ وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ؛ إنْ كَانَ، وَبَلَغَ وَقَبْلَهُ: يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثَ وَلَا تُبَدَّأُ   [منح الجليل] أَصْلُهُ ثُرَيْوَا أُبْدِلَتْ الْوَاوُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا مَعَهَا وَسَبَقَ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ مِنْ الثَّرْوَةِ أَيْ: الْكَثْرَةِ نُجُومٌ مُتَلَاصِقَةٌ فِي بُرْجِ الثَّوْرِ تَارَةً يَكُونُ طُلُوعُهَا مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَتَارَةً عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَتَارَةً عِنْدَ آخِرِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَتَارَةً عِنْدَ آخِرِ النِّصْفِ وَتَارَاتٍ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَتَارَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَذَلِكَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ بَشَمْسَ وَالشَّمْسُ فِي مُنْتَصَفِ بُرْجِ الْجَوْزَاءِ قُبَيْلَ فَصْلِ الصَّيْفِ وَتَارَاتٍ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَاءِ النَّهَارِ وَذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْخَمَاسِينِ أَيْ: وَقْتِ طُلُوعِهَا (بِالْفَجْرِ) أَيْ: عِنْدَ طُلُوعِهِ وَكَوْنُ خُرُوجِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مَنْدُوبًا رِفْقًا بِالسَّاعِي وَبِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي لِاجْتِمَاعِهَا عَلَى الْمَاءِ حِينَئِذٍ فَيَخِفُّ دَوَرَانُ السَّاعِي وَمَنْ احْتَاجَ إلَى سِنٍّ لَيْسَ فِي مَاشِيَتِهِ وَجَدَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ. (وَهُوَ) أَيْ: مَجِيءُ السَّاعِي (شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ) سَاعٍ (وَبَلَغَ) أَيْ: أَمْكَنَ وُصُولُهُ. لِلْمَاشِيَةِ فَإِنْ مَاتَ شَيْءٌ مِنْ الْمَاشِيَةِ أَوْ ضَاعَ بِلَا تَفْرِيطٍ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيئِهِ فَلَا يُحْسَبُ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ إنْ كَانَ نِصَابًا وَكَذَا الْمَوْتُ وَالضَّيَاعُ بَعْدَ مَجِيئِهِ وَعَدِّهِ وَقَبْلَ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ وُجُوبٌ مُوَسَّعٌ وَقْتُهُ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِطُرُوِّ مَانِعٍ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَسُقُوطِهَا بِمَانِعٍ فِيهِ وَإِنْ ذَبَحَ أَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَ مَجِيئِهِ فَيُحْسَبُ وَيُزَكَّى مَعَ الْبَاقِي إنْ كَانَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِمُجَرَّدِ كَمَالِ الْحَوْلِ وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ وَبَلَغَ قَوْلَهُ (وَمَاتَ) رَبُّ الْمَاشِيَةِ (قَبْلَهُ) أَيْ مَجِيءِ السَّاعِي وَبَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ (يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثَ) بِالْمَاشِيَةِ الَّتِي وَرِثَهَا حَوْلًا إنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا مِنْ نَوْعِهَا وَإِلَّا ضَمَّ مَا وَرِثَهُ لَهُ وَزَكَّى الْجَمِيعَ لِقَوْلِهِ آنِفًا: " وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ " فَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي زُكِّيت عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ. (وَلَا تُبَدَّأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: لَا تَخْرُجُ الزَّكَاةُ الْمُوصَى بِهِ أَيْضًا وَصَدَاقُ زَوْجَةِ الْمَرِيضِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ وَدَخَلَ بِهَا وَنَحْوُهُمَا عِنْدَ ضِيقِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 21 إنْ أَوْصَى بِهِمَا وَلَا تُجْزِئُ: كَمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ كَمُلَتْ،   [منح الجليل] إنْ أَوْصَى) مَالِكُ النَّعَمِ (بِ) إخْرَاجِ (هَا) أَيْ: زَكَاةِ النَّعَمِ وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَتَكُونُ فِي رُتْبَةِ الْوَصِيَّةِ بِمَالٍ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا فَكُّ الْأَسِيرِ وَمَا يَلِيهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ مُدَبَّرٌ صِحَّةً ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ بَنَى ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ لَهُ مَاشِيَةٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَمَاتَ بَعْدَ حَوْلِهَا وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي أَوْصَى بِزَكَاتِهَا فَهِيَ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَ مُبَدَّأَةٍ وَعَلَى الْوَارِثِ صَرْفُهَا لِلْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي قَبْضُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا إذْ هُوَ مَجِيءُ السَّاعِي بَعْدَ تَمَامِ عَامٍ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي دُفِعَتْ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِوُجُوبِهَا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا، وَقَيَّدَ إخْرَاجَهَا مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهَا فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَلَا تَنْفُذُ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى اعْتِقَادٍ فَاسِدٍ. وَأَمَّا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَمَا فَرَّطَ فِيهِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مُقَدَّمًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَتَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا. (وَلَا تُجْزِئُ) الزَّكَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَبَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى أَنَّ مَجِيئَهُ شَرْطُ وُجُوبٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا سَاعِيَ لَهَا أَوْ تَخَلَّفَ لِفِتْنَةٍ مَثَلًا. وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَقَالَ (كَمُرُورِهِ) أَيْ: السَّاعِي بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (بِهَا) أَيْ: الْمَاشِيَةِ حَالَ كَوْنِهَا (نَاقِصَةً) عَنْ نِصَابٍ (ثُمَّ رَجَعَ) السَّاعِي عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوعُ (وَقَدْ كَمُلَتْ) الْمَاشِيَةُ نِصَابًا بِوِلَادَةٍ أَوْ إبْدَالٍ بِنَوْعِهَا وَأَوْلَى بِغَيْرِهِ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهَا رَبُّهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مُرُورِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ حَوْلٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ النِّتَاجَ يُزَكَّى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ وَأَنَّ مُبْدِلَ مَاشِيَةٍ بِمَاشِيَةٍ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمُبْدَلَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 22 فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِلْمَاضِي بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنْ يُنَقِّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ   [منح الجليل] فَإِنْ تَخَلَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: لَمْ يَجِئْ السَّاعِي لِعُذْرٍ كَفِتْنَةٍ مَعَ إمْكَانِ وُصُولِهِ لَوْلَا الْعُذْرُ (وَأُخْرِجَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: الزَّكَاةُ (أَجْزَأَ) إخْرَاجُهَا وَجَازَ ابْتِدَاءً (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُجْزِئُ وَيَجِبُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يَأْتِيَ السَّاعِي وَلَوْ تَخَلَّفَ أَعْوَامًا فَإِنْ تَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الْإِخْرَاجِ فَلَيْسَ لِلسَّاعِي الْمُطَالَبَةُ بِهَا أَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِخْرَاجِهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا حِينَ تَخَلُّفِهِ وَجَاءَ بَعْدَ أَعْوَامٍ (عَمِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ: السَّاعِي (عَلَى) مَا وَجَدَهُ حِينَ مَجِيئِهِ مِنْ (الزَّيْدِ) لِعَدَدِ الْمَاشِيَةِ حِينَ مَجِيئِهِ عَلَى عَدَدِهَا حَالَ تَخَلُّفِهِ. (وَالنَّقْصِ) لِعَدَدِهَا حَالَ مَجِيئِهِ عَنْ عَدَدِهَا حَالَ تَخَلُّفِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَصِلَةُ عَمِلَ (لِلْمَاضِي) مِنْ الْأَعْوَامِ الَّتِي تَخَلَّفَ فِيهَا أَيْ: أَخَذَ زَكَاةَ مَا مَضَى عَلَى حِسَابِ مَا وَجَدَهُ عَامَ مَجِيئِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا وَيَأْخُذُ زَكَاةَ سَنَةِ حُضُورِهِ عَلَى الْمَوْجُودِ فِيهَا اتِّفَاقًا فَلَوْ تَخَلَّفَ أَرْبَعَ سِنِينَ عَنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ ثُمَّ وَجَدَهَا عِشْرِينَ بَعِيرًا أَوْ عَكْسَهُ فَفِي الْأَصْلِ يَأْخُذُ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً وَفِي عَكْسِهِ أَرْبَعَ شِيَاهٍ فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَيَعْمَلُ لِلْمَاضِي عَلَى الْمَوْجُودِ عَامَ حُضُورِهِ. (بِتَبْدِئَةِ) أَخْذِ زَكَاةِ (الْعَامِ الْأَوَّلِ) فَاَلَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا إلَى عَامِ حُضُورِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَخِيرِ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا وَجَدَ لِلْمَاضِي لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ وُجُودَهَا بِحَالِهَا الَّذِي فَارَقَهَا عَلَيْهِ وَأَشَارَ لِفَائِدَةِ التَّبْدِئَةِ بِالْعَامِ لِأَوَّلِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُنَقِّصَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً (الْأَخْذُ) لِلزَّكَاةِ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ (النِّصَابَ) فَيُعْتَبَرَ التَّنْقِيصُ لِلْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ فَتَسْقُطَ زَكَاتُهُ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ جَاءَ وَهِيَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ فَيَأْخُذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَتَسْقُطُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 23 أَوْ الصِّفَةَ فَيُعْتَبَرُ: كَتَخَلُّفِهِ عَنْ أَقَلَّ فَكَمُلَ وَصُدِّقَ، لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا،   [منح الجليل] زَكَاةُ الْعَامِ الرَّابِعِ لِتَنْقِيصِ الْمَأْخُوذِ النِّصَابِ. (أَوْ) يُنَقِّصُ الْأَخْذُ (الصِّفَةَ) لِلْوَاجِبِ (فَيُعْتَبَرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ التَّنْقِيصُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْوَامِ الْمُتَأَخِّرَةِ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ سِتِّينَ جَمَلًا خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ وَجَدَهَا سَبْعَةً وَأَرْبَعِينَ فَيَأْخُذُ عَنْ الْعَامَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ حِقَّتَيْنِ وَعَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَعْوَامِ الْأَخِيرَةِ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلَوْ وَجَدَهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَأَخَذَ عَنْ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعَنْ كُلِّ عَامٍ بَعْدَهُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ سِتِّينَ بَقَرَةً اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا وَجَدَهَا أَرْبَعِينَ لَأَخَذَ لِلْأَوَّلِ مُسِنَّةً وَلِمَا بَعْدَهُ عَشْرَةَ أَتْبِعَةٍ وَسَقَطَتْ زَكَاةُ الثَّانِيَ عَشَرَ لِنَقْصِ النِّصَابِ فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ، فَالْأَخْذُ تَارَةً يُنْقِصُ النِّصَابَ فَقَطْ وَتَارَةً يُنْقِصُهُمَا مَعًا وَتَارَةً لَا يُنْقِصُ نِصَابًا وَلَا صِفَةً كَتَخَلُّفِهِ عَنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ وَجَدَهَا بِحَالِهَا فَيَأْخُذُ ثَمَانِيَ شِيَاهٍ. وَشَبَّهَ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْأَوَّلِ وَاعْتِبَارِ التَّنْقِيصِ فَقَالَ (كَتَخَلُّفِهِ) أَيْ: السَّاعِي (عَنْ) مَاشِيَةٍ (أَقَلَّ) مِنْ نِصَابٍ كَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ (فَ) جَاءَ وَقَدْ (كَمُلَ) النِّصَابُ بِوِلَادَةٍ أَوْ إبْدَالٍ أَوْ فَائِدَةٍ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَإِرْثٍ كَأَنْ وَجَدَهَا إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَخْبَرَهُ رَبُّهَا بِكَمَالِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي فَيَأْخُذُ لَهُ وَلِلثَّالِثِ شَاتَيْنِ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ الرَّابِعِ لِنَقْصِ النِّصَابِ كَزَكَاةِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْكَمَالِ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ تَخَلَّفَ عَنْ دُونِ نِصَابٍ فَتَمَّ بِوِلَادَةٍ أَوْ بَدَلٍ فَفِي عَدِّهِ كَامِلًا مِنْ يَوْمِ تَخَلُّفِهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ كَمَالِهِ مُصَدِّقًا رَبَّهَا فِي وَقْتِهِ قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَمُلَ بِفَائِدَةٍ فَالثَّانِي اتِّفَاقًا (وَصُدِّقَ) الْمَالِكُ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الْكَمَالِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ مُتَّهَمًا (لَا) يُصَدَّقُ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ النَّقْصِ (إنْ نَقَصَتْ) الْمَاشِيَةُ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (هَارِبًا) بِهَا مِنْ الزَّكَاةِ كَهُرُوبِهِ بِهَا ثَلَثَمِائَةِ شَاةٍ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا أَرْبَعِينَ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ تِسْعُ شِيَاهٍ مِنْ الْأَعْوَامِ الثَّلَاثَةِ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ عَامِ رُجُوعِهِ لِنَقْصِ النِّصَابِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي تَعْيِينِ عَامِ النَّقْصِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ أَتَى تَائِبًا فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 24 وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلِّ مَا فِيهِ بِتَبْدِئَةِ الْأَوَّلِ، وَهَلْ يُصَدَّقُ   [منح الجليل] بِتَعْيِينِ وَقْتِهِ زَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَا فِيهِ كَمَا فِي الْحَطّ وَالْمَوَّاقِ وَيَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ. وَيُعْتَبَرُ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَلِعَامِ رُجُوعِهِ أَيْضًا الْبُنَانِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ تُعْتَبَرُ لِتَبْدِئَةٍ بِهِ حَتَّى عَلَى عَامِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ النَّقْصُ فِيمَا بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ حَتَّى فِي عَامِ الْقُدْرَةِ اللَّخْمِيُّ إنْ هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ شَاةً خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ السَّاعِي وَهِيَ بِحَالِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُؤْخَذُ مِنْهُ شَاةٌ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِأَوَّلِ عَامٍ وَالْبَاقِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَهَذَا أَحْسَنُ ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِآخِرِ عَامٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُبْتَدَأُ بِعَامِ الْقُدْرَةِ بَلْ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِعَامِ الِاطِّلَاعِ. (وَإِنْ زَادَتْ) الْمَاشِيَةُ (لَهُ) أَيْ: الْهَارِبِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ هُرُوبِهِ (فَ) يُزَكِّي (لِكُلٍّ) مِنْ الْأَعْوَامِ (مَا) وُجِدَ (فِيهِ) بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ (بِتَبْدِئَةِ) الْعَامِ (الْأَوَّلِ) فَإِذَا هَرَبَ بِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ وَهِيَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ وَفِي الثَّانِي مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ وَفِي الثَّالِثِ أَرْبَعُمِائَةٍ أَخَذَ مِنْهُ شَاةً عَنْ الْأَوَّلِ وَشَاتَيْنِ عَنْ الثَّانِي وَثَلَاثَ شِيَاهٍ عَنْ الثَّالِثِ لِتَنْقِيصِ الْأَخْذِ النِّصَابَ فَلَا يَأْخُذُ زَكَاةَ مَا أَفَادَ آخِرًا لِمَاضِي السِّنِينَ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اللَّخْمِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ إلَّا أَشْهَبَ قَالَ: يَأْخُذُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وَجَدَ فِي آخِرِ عَامٍ وَلَا يَكُونُ الْهَارِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَإِنَّهُ لَا يُتَّهَمُ وَمَعَ هَذَا أُخِذَ مِنْهُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وُجِدَ فَهَذَا مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى سَنَدٌ يَكْفِي فِي رَدِّهِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ. (وَ) إنْ عَيَّنَ الْهَارِبُ وَقْتَ الزِّيَادَةِ بِأَنْ قَالَ: إنَّمَا حَصَلَتْ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى هَذَا فَ (هَلْ يُصَدَّقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْهَارِبِ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الزِّيَادَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِكَذِبِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ حَارِثٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ مَا وَجَدَ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلِعَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 25 قَوْلَانِ وَإِنْ سَأَلَ فَنَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ، فَالْمَوْجُودُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْ، أَوْ صَدَّقَ، وَنَقَصَتْ، وَفِي الزَّيْدِ: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] الْقُدْرَةِ أَيْضًا وَهَذَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يَأْتِ تَائِبًا وَإِلَّا صُدِّقَ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ كَتَوْبَتِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَصْدِيقَ التَّائِبِ دُونَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا فِي عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ وَالْمَالُ أَشَدُّ مِنْ الْعُقُوبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ دُونَهُ الْبُنَانِيُّ مَحَلُّهُمَا فِيمَا عَدَا الْعَامَ الَّذِي فَرَّ فِيهِ، وَأَمَّا هُوَ فَيُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فَيُؤْخَذُ بِزَكَاةِ مَا فَرَّ بِهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْحَطّ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ فِي عَدَمِ زِيَادَتِهَا عَلَى مَا فَرَّ بِهِ عَامَ فَرَّ وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي غَيْرِهِ نَقْلًا الْبَاجِيَّ إلَخْ. وَيُعْتَبَرُ تَبْدِئَةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ نَقَّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ مِثَالُ تَنْقِيصِ النِّصَابِ هُرُوبَهُ بِهَا وَهِيَ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ شَاةً وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ زَادَتْ فَيُؤْخَذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي شَاتَانِ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ الثَّالِثِ لِنَقْصِ النِّصَابِ فِيهِ وَيُؤْخَذُ لِمَا زَادَ عَلَى الْأَعْوَامِ الثَّلَاثَةِ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ وَمِثَالِ تَنْقِيصِ الصِّفَةِ وَهُرُوبِهِ بِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ جَمَلًا وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ زَادَتْ فَيُؤْخَذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حِقَّتَانِ وَلِمَا يَلِيهِمَا بِنْتُ لَبُونٍ وَلِبَاقِي الْأَعْوَامِ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ. . (وَإِنْ سَأَلَ) السَّاعِي رَبَّ الْمَاشِيَةِ عَنْ عَدَدِهَا فَأَخْبَرَهُ بِعَدَدٍ وَغَابَ عَنْهُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَرَجَعَ إلَيْهِ فَعَدَّهَا (فَ) وَجَدَهَا (نَقَصَتْ) عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ (أَوْ زَادَتْ) عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ (فَالْمَوْجُودُ) هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا (إنْ لَمْ يُصَدِّقْ) السَّاعِي رَبَّهَا فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ حِينَ إخْبَارِهِ (أَوْ صَدَّقَ) السَّاعِي رَبَّهَا فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ (وَنَقَصَتْ) عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ (وَفِي الزَّيْدِ) عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ بِوِلَادَةٍ كَمَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ بِفَائِدَةٍ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِمِائَةِ شَاةٍ فَوَجَدَهَا مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ (تَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي اعْتِبَارِ مَا وُجِدَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ مَا أَخْبَرَ بِهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " إنْ لَمْ يُصَدِّقْ إلَخْ " لَكَانَ أَحْسَنَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 26 وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي، إنْ لَمْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ، إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا، وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ: مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا، كُلٌّ: خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ، مِنْ مُطْلَقِ   [منح الجليل] (وَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْجَمَاعَاتُ (الْخَوَارِجُ) عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ (بِ) زَكَاةِ (الْمَاضِي) مِنْ الْأَعْوَامِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) فِي حَالِ (أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَزْعُمُوا) أَيْ: يَدَّعِي الْخَوَارِجُ (الْأَدَاءَ) أَيْ: دَفْعَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا فِي الْمَاضِي فَيُصَدَّقُوا وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ (أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَخْرُجُوا) عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ (لِمَنْعِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَاهُمْ دَفْعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (وَفِي خَمْسَةٍ أَوْسُقٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَعْنَاهُ لُغَةً: الْجَمْعُ، وَشَرْعًا: مَجْمُوعُ سِتِّينَ صَاعًا (فَأَكْثَرَ) ذَكَرَهُ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ سَابِقِهِ لِإِفَادَةِ أَنْ لَا وَقْصَ فِي الْحَبِّ وَالثَّمَرِ إنْ زُرِعَ بِأَرْضٍ غَيْرِ خَرَاجِيَّةٍ. بَلْ (وَإِنْ) زُرِعَ (بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) أَيْ عَلَيْهَا مَالٌ مَعْلُومٌ لِبَيْتِ الْمَالِ لِوَقْفِهَا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لِفَتْحِهَا عَنْوَةً كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ أَوْ لِمُصَالَحَةِ أَهْلِهَا عَلَيْهِ فَلَا يُسْقِطُ الْخَرَاجُ الزَّكَاةَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الْحَطّ الْخَرَاجُ نَوْعَانِ مَا وُضِعَ عَلَى أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَمَا صَالَحَ بِهِ الْكُفَّارُ عَلَى أَرْضِهِمْ فَاشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ وَتُحْمَلُ بِالْخَرَاجِ بَعْدَ شِرَائِهِ فَالنِّصَابُ ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَتَا مُدٍّ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَوَزْنُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ. فَالنِّصَابُ (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ) بَغْدَادِيٍّ وَالرِّطْلُ (مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا، كُلُّ) أَيْ: كُلُّ دِرْهَمٍ (خَمْسُونَ) حَبَّةً وَ (خُمُسَا) مَثْنَى خُمُسٍ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى (حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِامْتِلَاءٍ أَوْ ضُمُورٍ وَإِضَافَتُهُ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً فَلَا يُقَالُ مُطْلَقُ الشَّعِيرِ صَادِقٌ بِالْمُتَوَسِّطِ وَالضَّامِرِ أَوْ الْمُمْتَلِئِ فَالْأَوْلَى مِنْ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقُ أَيْ: وَسَطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 27 الشَّعِيرِ، مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ فَقَطْ، مُنَقًّى، مُقَدَّرَ الْجَفَافِ مَا، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ نِصْفُ عُشْرِهِ: كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ،   [منح الجليل] الشَّعِيرِ) فَتُجْمَعُ حَبَّاتُ مُدٍّ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ وَتُكَالُ وَيُجْعَلُ مِكْيَالُهَا مُدًّا تُكَالُ بِهِ سَائِرُ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّحْدِيدِ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ رِطْلٍ اخْتِلَافُ مِقْدَارِ النِّصَابِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ لِاخْتِلَافِهَا فِي الثِّقَلِ. وَبَيْنَ خَمْسَةِ الْأَوْسُقِ فَقَالَ (مِنْ حَبٍّ) أَيْ: الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالْأُرْزِ وَالْعَلْسِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَاللُّوبِيَا وَالْعَدَسِ وَالْجُلْبَانِ وَالْبَسِيلَةِ وَالتُّرْمُسِ وَالسِّمْسِمِ وَالزَّيْتُونِ وَالْقُرْطُمِ وَحَبِّ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ (وَتَمْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَأَلْحَقَ بِهِ الزَّبِيبَ فَهَذِهِ عِشْرُونَ نَوْعًا هِيَ الَّتِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا (فَقَطْ) فَلَا يَجِبُ فِي لَوْزٍ وَجَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ وَتِينٍ وَبَزْرِ كَتَّانٍ وَحُلْبَةٍ وَسَلْجَمٍ وَنَحْوِهَا حَالَ كَوْنِ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ (مُنَقًّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْقَافِ مُثَقَّلًا أَيْ: مُصَفًّى مِنْ قِشْرِهِ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ الْأَعْلَى، وَأَمَّا الَّذِي يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِهَا الْأَسْفَلِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَنْقِيَتُهُ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (مُقَدَّرَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ: مَفْرُوضَ (الْجَفَافِ) بِالْحَزْرِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ إذَا أَخَذَ الْحَبَّ فَرِيكًا قَبْلَ يُبْسِهِ مِنْ فُولٍ وَحِمَّصٍ وَشَعِيرٍ وَقَمْحٍ وَغَيْرِهَا وَبَلَحٍ وَعِنَبٍ بَعْدَ طِيبِهِ وَقَبْلَ يُبْسِهِ بِأَنْ يُحْزَرَ مِقْدَارُهُ رُطَبًا وَيَابِسًا إنْ كَانَ إنْ تُرِكَ يَجِفُّ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ إذَا تُرِكَ (لَمْ يَجِفَّ) كَالْفُولِ الْمَسْقَاوِيِّ وَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَزَيْتُونِهَا وَمُبْتَدَأٌ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (نِصْفُ عُشْرِ) حَبِّ (هـ) إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْجَفَافَ سَوَاءٌ تُرِكَ حَتَّى جَفَّ أَمْ لَا. وَشَبَّهَ فِي إخْرَاجِ نِصْفِ الْعُشْرِ فَقَالَ (كَ) نِصْفِ عُشْرِ (زَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ) مِنْ زَيْتُونٍ وَسِمْسِمٍ وَقُرْطُمٍ وَحَبِّ فُجْلٍ أَحْمَرَ إنْ كَانَ حَبُّ كُلٍّ نِصَابًا وَإِنْ قَلَّ زَيْتُهُ فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَ فِي غَيْرِ الزَّيْتُونِ، وَأَمَّا الزَّيْتُونُ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ زَيْتِهِ إنْ كَانَ لَهُ زَيْتٌ سَوَاءٌ عَصَرَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ وَلَا مِنْ ثَمَنِهِ أَنْ يَبِيعَ وَلَا مِنْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 28 وَثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ، وَمَا لَا يَجِفُّ، وَفُولٍ أَخْضَرَ   [منح الجليل] إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ زَيْتِهِ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي وَإِلَّا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَهْدَى، وَثَمَنُهُ أَنْ يَبِيعَ (وَ) نِصْفَ عُشْرِ (ثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ) مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ كَزَيْتُونِ مِصْرَ أَنْ يَبِيعَ وَإِلَّا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ يَوْمَ طِيبِهِ. (وَ) نِصْفِ عُشْرِ ثَمَنِ (مَا لَا يَجِفُّ) كَعِنَبِ مِصْرَ وَرُطَبِهَا إنْ بِيعَ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ فَلَوْ أَخْرَجَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا فَلَا يُجْزِئُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَا زَيْتَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ بِيعَ وَمِنْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَهْدَى فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا أَوْ زَيْتًا فَلَا يُجْزِئُ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ الْمَوَّاقُ ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَا يَتَزَبَّبُ مُحَمَّدٌ يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ لَا زَبِيبًا، وَرَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ زَبِيبًا فَيَلْزَمَ شِرَاؤُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْهُ عِنَبًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الزَّيْتُونُ الَّذِي لَا زَيْتَ لَهُ وَالرُّطَبُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ إنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَهُ اهـ. ، وَأَمَّا مَا يَجِفُّ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ رُطَبًا مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْ تَحَرِّيهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَإِلَّا أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) نِصْفَ عُشْرِ ثَمَنِ أَوْ قِيمَةِ (فُولٍ أَخْضَرَ) وَحِمَّصٍ كَذَلِكَ مِمَّا شَأْنُهُ عَدَمُ الْيُبْسِ كَالْمِسْقَاوِيِّ الَّذِي يُسْقَى بِالسَّوَّاقِي إنْ بِيعَ أَوْ أُكِلَ أَوْ أُهْدِيَ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا بَعْدَ حَزْرِهِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْيُبْسُ وَأَخْذُ أَخْضَرَ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ بَعْدَ تَقْدِيرِ جَفَافِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ وَقَوَّاهُ الْبُنَانِيُّ. وَرَجَّحَ الرَّمَاصِيُّ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُ الْيُبْسَ أَمْ لَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَمِنْ حَبِّهِ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْحَبِّ مَلْحُوظٌ ابْتِدَاءً فِيمَا يَبِسَ وَالثَّمَنَ فِيمَا لَا يَيْبَسُ الْبُنَانِيُّ، ظَاهِرُ النَّقْلِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ الْفُولَ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ وَجَبَتْ فِيهِ بِإِفْرَاكِهِ فَبَيْعُهُ أَخْضَرَ كَبَيْعِ ثَمَنِ النَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ الْمُزْهِي. ثُمَّ قَالَ وَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَنَّهُ أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 29 إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ وَإِلَّا فَالْعُشْرُ وَلَوْ اُشْتُرِيَ السَّيْحُ أَوْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ وَإِنْ سُقِيَ زَرْع بِهِمَا أَيْ الْآلَة وَغَيْرهَا فَيُزَكَّى عَلَى حُكْمَيْهِمَا وَإِنْ سُقِيَ بِهِمَا فَعَلَى حُكْمَيْهِمَا، وَهَلْ يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ خِلَافٌ.   [منح الجليل] بَأْسَ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَتَصْدِيرُهُ بِالْأَوَّلِ وَتَوْجِيهُهُ يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا أُكِلَ مِنْ قُطْنِيَّةٍ خَضْرَاءَ أَوْ بِيعَ أَنْ بَلَغَ خَرْصُهُ يَابِسًا نِصَابًا زَكَّاهُ بِحَبٍّ يَابِسٍ وَرَوَى مُحَمَّدٌ وَمِنْ ثَمَنِهِ وَمَحَلُّ زَكَاةِ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ بِنِصْفِ عُشْرِهِ (إنْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (سُقِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْحَبُّ أَوْ التَّمْرُ (بِآلَةٍ) كَسَانِيَةٍ وَغَرْبٍ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُسْقَ بِآلَةٍ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِهَا كَنِيلٍ وَسَيْحٍ وَعَيْنٍ وَمَطَرٍ (فَالْعَشْرُ) زَكَاتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِ الْمَاءَ وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ بَلْ (وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ) أَيْ مَاءَ الْمَطَرِ مِمَّنْ اجْتَمَعَ فِي أَرْضِهِ. (أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ) فِي إجْرَائِهِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ إلَى أَرْضِهِ فَيُزَكِّي بِالْعُشْرِ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَالْمُنْفَقِ غَالِبًا وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِزَكَاتِهِ بِنِصْفِ عُشْرِهِ إنْ اشْتَرَى السَّيْحَ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَاجِبُ عُشْرُ مَا شَرِبَ دُونَ كُلْفَةِ مُؤْنَةٍ كَالسَّيْحِ وَالْمَطَرِ وَمَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ وَنِصْفُهُ إنْ شَرِبَ بِهَا كَغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ وَمَا اشْتَرَى شِرْبَهُ فِي وُجُوبِ عُشْرِهِ أَوْ نِصْفِهِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ بَشِيرٍ عَنْ الْمَشْهُورِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ وَخَرَّجَ عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ نِصْفَ عُشْرِ الْكُرُومِ الْبَعْلِ الْمُشِقِّ عَمَلُهَا اللَّخْمِيُّ فِيمَا اشْتَرَى أَصْلَ مِائَةٍ الْعُشْرُ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْهُ غَلَّةٌ وَفِيمَا سُقِيَ بِوَادٍ أُجْرِيَ إلَيْهِ بِنَفَقَةٍ نِصْفُ عُشْرِ أَوَّلَ عَامٍ وَعُشْرٌ فِيمَا بَعْدَهُ ابْنُ بَشِيرٍ ظَاهِرُ النَّصِّ الْعُشْرُ مُطْلَقًا. (وَإِنْ سُقِيَ) زَرْعٌ (بِهِمَا) أَيْ: الْآلَةِ وَغَيْرِهَا (فَ) يُزَكِّي (عَلَى حُكْمَيْهِمَا) بِأَنْ يُقْسَمَ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلْآلَةِ وَنِصْفٌ لِغَيْرِهَا فَيُزَكِّي مَا سُقِيَ بِلَا آلَةٍ بِالْعُشْرِ وَمَا سُقِيَ بِآلَةٍ بِنِصْفِهِ (وَهَلْ) إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْنِ وَالْآخَرُ ثُلُثًا (يُغَلَّبُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (الْأَكْثَرُ) عَلَى الْأَقَلِّ فَيُزَكِّي الْجَمِيعَ بِنِصْفِ الْعُشْرِ إنْ غُلِّبَتْ الْآلَةُ أَوْ بِالْعُشْرِ إنْ غُلِّبَ غَيْرُهَا أَوْ لَا يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ وَيُزَكَّى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ فِيهِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 30 وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ: كَقَمْحٍ، وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ، وَإِنْ بِبُلْدَانٍ؛ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ   [منح الجليل] وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ فِيهَا أَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ خِلَافٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ شَهْرَانِ بِسَيْحٍ وَأَرْبَعَةٌ بِآلَةٍ وَسَقْيُهُ بِالسَّيْحِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَبِالْآلَةِ خَمْسُ مَرَّاتٍ وَرَجَّحَ كُلًّا مِنْهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا شَرِبَ بِهِمَا وَتَسَاوَيَا فَ ابْنُ الْقَاسِمِ اعْتَبَرَ مَا حَيِيَ بِهِ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ زَمَانَيْهِمَا وَإِنْ تَفَاوَتَا فَثَالِثُهَا الْأَقَلُّ كَالْأَكْثَرِ ثُمَّ قَالَ: وَفِي كَوْنِ الْأَكْثَرِ مَا قَارَبَ الثُّلُثَيْنِ أَوْ مَا بَلَغَهُمَا عِبَارَتَا الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَالِكٍ قَالُوا وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ بِيَسِيرٍ كَمُسَاوٍ. (وَتُضَمُّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ نَائِبُهُ (الْقَطَانِيُّ) السَّبْعَةُ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا نِصَابٌ زَكَّى وَهِيَ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَاللُّوبِيَا وَالْبَسِيلَةُ وَالْجُلْبَانُ وَالتُّرْمُسُ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِحِسَابِهِ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى وَالْمُسَاوِي لَا الْأَدْنَى. وَشَبَّهَ فِي الضَّمِّ فَقَالَ (كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ فَتُضَمُّ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِيهَا فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا نِصَابٌ زَكَّى إنْ زُرِعَتْ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ بَلْ (وَإِنْ) زُرِعَتْ الْأَنْوَاعُ الَّتِي تُضَمُّ (بِبِلْدَانٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ بَلَدٍ وَإِنَّمَا يُضَمُّ نَوْعٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ (إنْ زُرِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُهُ (أَحَدُهُمَا) أَيْ: النَّوْعَيْنِ اللَّذَيْنِ أُرِيدَ ضَمُّهُمَا (قَبْلَ) اسْتِحْقَاقِ (حَصَادِ الْآخَرِ) وَهُوَ وَقْتُ وُجُوبِ زَكَاتِهِ وَلَوْ بِقُرْبِهِ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَى اسْتِحْقَاقِ الثَّانِي الْحَصَادَ مَا يَكْمُلُ بِهِ مَعَ حَبِّ الثَّانِي نِصَابٌ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَفَائِدَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ وَهَذَا الشَّرْطُ نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي ضَمِّ مَا زُرِعَ بِبَلَدٍ أَوْ بِبُلْدَانٍ مِنْ الْقَطَانِيِّ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ زُرِعَ الثَّانِي بَعْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 31 فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا، لَا أَوَّلٌ لِثَالِثٍ، لَا لِعَلَسٍ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَأُرْزٍ. وَهِيَ أَجْنَاسٌ   [منح الجليل] اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ الْحَصَادَ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ مَا يُكْمِلُ حَبَّ الثَّانِي نِصَابًا فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَإِنْ زُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي. (فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا) أَيْ: الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ إنْ كَانَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَسْقَانِ وَلَمْ تَخْرُجْ زَكَاةُ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى حُصِدَ الثَّالِثُ فَيُزَكَّى الثَّلَاثَةُ زَكَاةً وَاحِدَةً فَإِنْ زَكَّى الْأَوَّلَيْنِ قَبْلَ حَصَادِ الثَّالِثِ فَلَا يُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُ وَيُزَكَّى وَحْدَهُ إنْ كَانَ فِيهِ نِصَابٌ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا زُكِّيَ مَعَ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْقَ فِي جِنْسِهِ مَا يَكْمُلُ بِهِ مَعَ الثَّالِثِ نِصَابٌ (لَا) يُضَمُّ زَرْعٌ (أَوَّلٌ لِ) زَرْعٍ (ثَالِثٍ) زُرِعَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ بِأَنْ كَانَ فِي كُلٍّ وَسْقَانِ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَسَطِ مَعَ الْأَوَّلِ نِصَابٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَعَ الثَّالِثِ نِصَابٌ أَوْ عَكْسُهُ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي وَسْقَيْنِ وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ أَوْ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي كَذَلِكَ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ ضُمَّ الْوَسَطُ لِلْأَوَّلِ فِي الْأُولَى وَلَا زَكَاةَ فِي الثَّالِثِ وَلِلثَّالِثِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا زَكَاةَ فِي الْأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَمُلَ مَعَ الْأَوَّلِ زُكِّيَ الثَّالِثُ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ لِلثَّانِي وَالثَّالِثُ خَلِيطُهُ وَإِنْ كَمُلَ بِالثَّالِثِ فَلَا يُزَكَّى الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ لِلثَّالِثِ وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَرُجِّحَ (لَا) يُضَمُّ قَمْحٌ وَلَا غَيْرُهُ (لِعَلَسٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ حَبٌّ طَوِيلٌ بِالْيَمَنِ يُشْبِهُ الْبُرَّ (وَ) لَا لِ (دُخْنٍ وَ) لَا لِ (ذُرَةٍ وَ) لَا لِ (أُرْزٍ وَهِيَ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْعَلَسِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (أَجْنَاسٌ) فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْحَابُهُ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ بِضَمِّ الْقَمْحِ لِلْعَلَسِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَقَرَّ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 32 وَالسِّمْسِمُ، وَبِزْرُ الْفُجْلِ، وَالْقُرْطُمُ: كَالزَّيْتُونِ؛ لَا الْكَتَّانِ. وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ، وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ، وَاسْتَأْجَرَ قَتًّا، لَا أَكْلُ دَابَّةٍ فِي دَرْسِهَا وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ،   [منح الجليل] (وَالسِّمْسِمُ وَبِزْرُ) أَيْ: حَبِّ (الْفُجْلِ) الْأَحْمَرِ وَالْفُجْلِ الْأَبْيَضِ لَا زَيْتَ لِحَبِّهِ (وَ) بِزْرُ (الْقُرْطُمِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَخَبَرُ السِّمْسِمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (كَالزَّيْتُونِ) فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (لَا) بِزْرُ (الْكَتَّانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَبِزْرِ الْخَسِّ وَالسَّلْجَمِ (وَحُسِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ (قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ الَّذِي يُخَزَّنُ بِهِ. (وَ) حُسِبَ (مَا تَصَدَّقَ) الْمَالِكُ (بِهِ) عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْعِنَبِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَلَمْ يَنْوِ زَكَاتَهُ مِنْهُ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَكَلَهُ (وَ) حُسِبَ مَا (اسْتَأْجَرَ) الْمَالِكُ بِهِ مِنْ الزَّرْعِ فِي حَصَادِهِ أَوْ دِرَاسِهِ أَوْ تَذْرِيَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (قَتًّا) أَيْ مَقْتُوتًا أَيْ: مَحْزُومًا وَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَيُحْسَبُ الْإِغْمَارُ وَالْكَيْلُ الَّذِي اسْتَأْجَرَ بِهِ وَلَقْطُ اللَّقَاطِ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لَا لَقْطُ مَا تَرَكَهُ رَبُّهُ وَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (لَا) يُحْسَبُ (أُكُلُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ: مَأْكُولُ (دَابَّةٍ فِي) حَالِ (دَرْسِهَا) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَأُكُلُ الْوُحُوشِ وَلَا يَجِبُ تَكْمِيمُهَا؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهَا وَيُعْفَى عَنْ نَجَاسَتِهَا الَّتِي تُصِيبُ الْحَبَّ حَالَ دَرْسِهَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهَا وَبِحَسَبِ مَا تَأْكُلُهُ حَالَ اسْتِرَاحَتِهَا. (وَالْوُجُوبُ) لِزَكَاةِ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ يَتَحَقَّقُ (بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ) أَيْ: صَيْرُورَتِهِ فَرِيكًا مُنْتَفَعًا بِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ اللَّخْمِيِّ الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِالطِّيبِ أَيْ: بُلُوغِهِ حَدَّ الْأَكْلِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ أَوْ طَابَ الْكَرْمُ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ اسْتَغْنَى عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 33 وَطِيبِ الثَّمَرِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ قَبْلَهُمَا لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا،   [منح الجليل] الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَاقْتَصَرَ فِي الزَّرْعِ عَلَى الْإِفْرَاكِ وَذَكَرَ إبَاحَةَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ثُمَّ قَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ كَمَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَنَّ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ بِالْيُبْسِ ضَعِيفٌ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِخْرَاجِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ ابْنُ شَاسٍ طِيبُ الثِّمَارِ وَيُبْسُ الْحَبِّ سَبَبُ وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ عِنْدَ الْجَفَافِ وَالتَّنْقِيَةِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ وَطَابَ الْكَرْمُ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ. (وَطِيبِ الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ بِزَهْوِ ثَمَرِ النَّخْلِ وَحَلَاوَةِ الْعِنَبِ وَاسْوِدَادِ الزَّيْتُونِ أَوْ مُقَارَبَتِهِ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ فَقَالَ (فَلَا شَيْءَ) مِنْ زَكَاةِ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ (عَلَى وَارِثٍ) زَرْعًا أَوْ ثَمَرًا (قَبْلَهُمَا) أَيْ: الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ (لَمْ يَصِرْ لَهُ) أَيْ: الْوَارِثِ (نِصَابٌ) مِمَّا وَرِثَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ مِنْ جِنْسِهِ وَزَرَعَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ مَا يُكَمِّلُ الثَّانِيَ نِصَابًا فَيَضُمُّهُمَا وَيُزَكِّيهِمَا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ حَصَلَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ فَإِنْ وَرِثَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِنْ وَرِثَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ يَضُمُّهُ إلَيْهِ. وَقَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ زَكَاتَهُ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ بِحُصُولِ شَيْءٍ لَهُ مِنْهُ. فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَمَفْهُومُ لَمْ يَصِرْ إلَخْ أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ نِصَابٌ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ قَبْلَهُمَا أَنَّ مَنْ وَرِثَ بَعْدَهُمَا يُزَكِّي الْجُمْلَةَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ نِصَابًا، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ نَابَهُ نِصَابٌ. (وَالزَّكَاةُ) وَاجِبَةٌ (عَلَى الْبَائِعِ) ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا (بَعْدَهُمَا) أَيْ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 34 إلَّا أَنْ يُعْدِمَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنُ بِجُزْءٍ، لَا الْمَسَاكِينِ، أَوْ كَيْلٍ فَعَلَى الْمَيِّتِ   [منح الجليل] وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ مَا حَصَلَ إنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا تَحَرَّى قَدْرَهُ. وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (إلَّا أَنْ يُعْدِمَ) الْبَائِعُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَوْ فَتْحِهَا وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ: يَفْتَقِرُ (فَ) زَكَاتُهُ (عَلَى الْمُشْتَرِي) نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ إنْ بَقِيَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ فَوَّتَهُ هُوَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ مَا أَخْرَجَهُ زَكَاةً مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ. فَإِنْ فَاتَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي وَيُزَكِّيهِ الْبَائِعُ إنْ أَيْسَرَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. فَفِي الْأُمَّهَاتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ الْمُصَدِّقُ وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْمُصَدِّقُ الصَّدَقَةَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ جَائِزًا. (وَ) إنْ أَوْصَى مَالِكُ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَثُلُثِهِ أَوْ قَدْرِ مَكِيلٍ مِنْهُ كَوَسْقٍ لِمُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمَسَاكِينِ قَبْلَ وُجُوبِ زَكَاتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَ (النَّفَقَةُ) أَيْ: السَّقْيُ وَالْخِدْمَةُ لِلْقَدْرِ الْمُوصَى بِهِ (عَلَى الْمُوصَى لَهُ) بِفَتْحِ الصَّادِ (الْمُعَيَّنِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ كَزَيْدٍ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ (بِجُزْءٍ) شَائِعٍ كَنِصْفِ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ، وَشَمِلَ الْجُزْءُ الزَّكَاةَ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْجُزْءَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوصَى وَلَهُ النَّظَرُ فِيهِ وَالتَّصَرُّفُ الْعَامُّ، فَصَارَ شَرِيكًا لِلْوَرَثَةِ فِي الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ بِالْجُزْءِ الْمُوصَى لَهُ بِهِ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْمُعَيَّنِ بِقَوْلِهِ (لَا) تَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى (الْمَسَاكِينِ) سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمْ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَكَرَ مُحْتَرَزٌ بِجُزْءٍ بِقَوْلِهِ (أَوْ) أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ بِ (كَيْلٍ) كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ زَرْعِهِ أَوْ ثَمَرِهِ (فَ) النَّفَقَةُ (عَلَى الْمَيِّتِ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ زَكَاةِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ قَبْلَهُ وَمَاتَ بَعْدَهُ. فَهِيَ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَعَلَى الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ لَهُ مَا يُكْمِلُهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 35 وَإِنَّمَا يَخْرِصُ الثَّمَرُ وَالْعِنَبُ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا نَخْلَةً نَخْلَةً،   [منح الجليل] نِصَابًا مِنْ جِنْسِهَا. وَإِنْ كَانَتْ لِمَسَاكِينَ وَبَلَغَتْ نِصَابًا زُكِّيَتْ وَفُرِّقَ بَاقِيهَا عَلَيْهِمْ، لَا يُقَالُ حَيْثُ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَكَيْفَ تَكُونُ زَكَاةُ وَصِيَّةِ الْمَكِيلِ عَلَيْهِ.؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أَوْصَى بِهِ اسْتَمَرَّ الْمِلْكُ لَهُ إلَى تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ كَالْمَدِينِ لِتَأَخُّرِ الْإِرْثِ عَنْهُمَا. (وَإِنَّمَا يُخَرَّصُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ يُحَزَّرُ وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِأَصْلِهِ (الثَّمْرُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ: ثَمَرُ النَّخْلِ الَّذِي يُؤَوَّلُ إلَى كَوْنِهِ تَمْرًا (وَالْعِنَبُ) أَيْ: قَدْرُهُ رَطْبًا وَجَافًّا سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُمَا الْجَفَافَ أَمْ لَا (إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا) بِزَهْوِ الْبَلَحِ وَحَلَاوَةِ الْعِنَبِ لِيُعْلَمَ هَلْ هُوَ نِصَابٌ أَمْ لَا. (وَ) إذَا (اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا) بِأَكْلٍ وَبَيْعٍ وَإِهْدَاءٍ وَإِبْقَاءِ بَعْضٍ أَيْ: لِأَنَّ شَأْنَهُمَا ذَلِكَ وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ الشَّعِيرَ الْأَخْضَرَ الَّذِي أُفْرِكَ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَالْفُولَ الْأَخْضَرَ وَالْحِمَّصَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهَا تُخَرَّصُ بَعْدَ إفْرَاكِهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْحَصْرَ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا الرَّمَاصِيُّ لَا وُرُودَ لِهَذَا أَصْلًا؛ لِأَنَّ التَّخْرِيصَ حَزْرُ الشَّيْءِ عَلَى أَصْلِهِ وَاَلَّذِي فِي الشَّعِيرِ وَالْفُولِ وَنَحْوِهِمَا حَرْزُ قَدْرِ مَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ. بَعْضُ الشَّارِحِينَ، أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الثَّمَرَ الَّذِي إذَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ يَتَتَمَّرُ أَوْ يَتَزَبَّبُ بِالْفِعْلِ،، وَأَمَّا مَا لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ فَيُخَرَّصُ وَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَةُ أَهْلِهِ لِتَوَقُّفِ زَكَاتِهِ عَلَى تَخْرِيصِهِ بَعْدَ حِلِّ بَيْعِهِ الرَّمَاصِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ. فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا يَتَتَمَّرُ وَمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَمَا يَتَزَبَّبُ وَمَا لَا يَتَزَبَّبُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. وَإِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا يُسْتَغْنَى عَنْ تَخْرِيصِهِمَا بِكَيْلِ الرُّطَبِ وَوَزْنِ الْعِنَبِ بَعْدَ جَذِّهِمَا، وَتَقْدِيرِ جَفَافِهِمَا فَاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَقْدِيرُ جَفَافِهِمَا. وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّخْرِيصِ فَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَا يُخَرَّصُ وَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَعِنَبُ مِصْرَ وَرُطَبُهَا إنْ خُرِّصَا فَعَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ، وَإِنْ لَمْ يُخَرَّصْ كَيْلًا وَقُدِّرَ جَفَافُهُمَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَكَّ فِيمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَفِيمَا لَا يَتَزَبَّبُ هَلْ يَبْلُغُ النِّصَابَ؟ فَإِنْ تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ النِّصَابَ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ جَفَافِهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْمُذَكَّى ثَمَنُهُ حَالَ كَوْنِهِ (نَخْلَةً نَخْلَةً) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 36 بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا لَا سَقَطِهَا، وَكَفَى الْوَاحِدُ وَإِنْ اخْتَلَفُوا، فَالْأَعْرَفُ، وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ جُزْءٍ وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ   [منح الجليل] أَيْ: مُفَصَّلًا نَحْوَ قَرَأْت الْقُرْآنَ سُورَةً سُورَةً، أَيْ: يُحَزِّرُ الْخَارِصُ ثَمَرَ كُلِّ نَخْلَةٍ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ. وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ فِي الْجَفَافِ وَإِلَّا جَازَ جَمْعُ أَكْثَرِ نَخْلَةٍ فِيهِ إذَا عُلِمَ قَدْرُ جُمْلَةِ مَا فِيهِ، وَأَمَّا تَجْزِئَةُ الْحَائِطِ أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَاعًا، وَتَخْرِيصُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ مَجْمُوعُ نَخَلَاتٍ فَلَا تَجُوزُ وَكَذَا تَخْرِيصُهُ بِتَمَامِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَفِي مَفْهُومِ نَخْلَةً نَخْلَةً تَفْصِيلٌ (بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا) أَيْ: مَا تَنْقُصُهُ الثَّمَرَةُ عَادَةً بِسَبَبِ جَفَافِهَا بِاجْتِهَادِ الْخَارِصِ (لَا) بِإِسْقَاطِ (سَقَطِهَا) أَيْ: مَا يُسْقِطُهُ الرِّيحُ وَمَا يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَنَحْوُهُ، لَكِنْ إنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ التَّخْرِيصِ اُعْتُبِرَ وَنُظِرَ لِلْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا (وَكَفَى) الْخَارِصُ (الْوَاحِدُ) الْعَدْلُ الْعَارِفُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ. (وَإِنْ اخْتَلَفُوا) أَيْ الْخَارِصُونَ فِي قَدْرِ الثَّمَرِ الَّذِي خَرَصُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (فَالْأَعْرَفُ) مِنْهُمْ بِالتَّخْرِيصِ يُعْمَلُ بِتَخْرِيصِهِ، وَيُلْغَى تَخْرِيصُ مَا سِوَاهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُ تَخْرِيصِهِمْ اُعْتُبِرَ الْأَوَّلُ وَأُلْغِيَ مَا سِوَاهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ حَيْفَ الْخَارِصِ وَأَتَى بِخَارِصٍ آخَرَ فَلَمْ يُوَافِقْ الْأَوَّلَ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَعْرَفُ (فَ) يُؤْخَذُ (مِنْ كُلِّ) قَوْلٍ (جُزْءٌ) بِمِثْلِ نِسْبَةِ وَاحِدٍ لِعَدَدِهِمْ، فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ نِصْفُهُ وَثَلَاثَةً ثُلُثُهُ وَأَرْبَعَةً رُبْعُهُ وَسَبْعَةً سُبْعُهُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ، وَزَكَّى عَنْ مَجْمُوعِ الْأَجْزَاءِ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَالَ أَحَدُهُمْ: عَشَرَةً، وَالثَّانِي: تِسْعَةً وَالثَّالِثُ: ثَمَانِيَةً، زُكِّيَ تِسْعَةً؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، وَثُلُثُ التِّسْعَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَثُلُثُ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ اثْنَانِ وَثُلُثَانِ تِسْعَةٌ وَإِنْ شِئْت جَمَعْت الْعَشَرَةَ وَالتِّسْعَةَ وَالثَّمَانِيَةَ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثُهَا تِسْعَةٌ. (وَإِنْ أَصَابَتْهُ) أَيْ: الْمِخْرَصَ بِالْفَتْحِ (جَائِحَةٌ) أَيْ: عَاهَةٌ كَسَمُومٍ وَجَرَادٍ وَفَأْرٍ وَعَطَشٍ وَثَلْجٍ وَبَرْدٍ قَبْلَ جِذَاذِهِ سَوَاءٌ بِيعَ بَعْدَ طِيبِهِ ثُمَّ أُجِيحَ أَوْ لَمْ يُبَعْ، وَحَمَلَهُ جَدّ عج عَلَى مَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 37 اُعْتُبِرَتْ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ: فَالْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ، وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ الْوُجُوبِ؟ تَأْوِيلَانِ وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ   [منح الجليل] بِيعَ بَعْدَ طِيبِهِ ثُمَّ أُجِيحَ. فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ ثُلُثًا سَقَطَتْ زَكَاتُهُ عَنْ الْبَائِعِ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَنُظِرَ لِمَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ زَكَّى الْجَمِيعَ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ نِصَابٍ وَهَذَا أَوْلَى لِتَأْدِيَةِ الْأَوَّلِ إلَى نَوْعِ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ (اُعْتُبِرَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، فَإِنْ بَقِيَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا، ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ فَتْوَى ابْنِ الْقَاسِمِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ لَمْ يَرْجِعْ فَكَأَنَّهُ وَهَبَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِهِ. (وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ: وُجِدَتْ الثَّمَرَةُ الْمُخَرَّصَةُ بَعْدَ جِذَاذِهَا وَكَيْلِهَا زَائِدَةٌ (عَلَى تَخْرِيصِ) عَدْلٍ (عَارِفٍ فَ) قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (الْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ) لِزَكَاةِ مَا زَادَ لِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخَرَّاصِ الْيَوْمَ (وَهَلْ) قَوْلُهُ الْأَحَبُّ مَحْمُولٌ (عَلَى ظَاهِرِهِ) مِنْ النَّدْبِ لِتَعْلِيلِهِ بِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخَرَّاصِ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوبِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إصَابَتِهِمْ وَلَا إلَى خَطَئِهِمْ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ. (أَوْ) مَحْمُولٌ عَلَى (الْوُجُوبِ) وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَتَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيصَ حِينَئِذٍ كَحُكْمٍ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فَيَجِبُ نَقْضُهُ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ كَانَ الْخَارِصُ لَيْسَ عَدْلًا أَوْ لَيْسَ عَارِفًا فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عَمَّا زَادَ اتِّفَاقًا. فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ تَخْرِيصِ عَدْلٍ عَارِفٍ فَيُعْمَلُ بِالتَّخْرِيصِ لَا بِمَا وُجِدَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ أَهْلِ الثَّمَرَةِ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيُعْمَلُ عَلَى مَا وُجِدَ. (وَأُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ (مِنْ الْحَبِّ) حَالَ كَوْنِهِ (كَيْفَ كَانَ) أَيْ: عَلَى حَالٍ كَانَ طَيِّبًا كُلَّهُ أَوْ رَدِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا أَوْ بَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ أَوْ أَنْوَاعًا وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ لَا مِنْ الْوَسَطِ، فَإِنْ طَاعَ بِدَفْعِ الْأَعْلَى عَنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 38 كَالتَّمْرِ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ، وَإِلَّا فَمِنْ أَوْسَطِهَا وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَكْثَرَ، أَوْ مُجَمَّعٍ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ: رُبُعُ الْعُشْرِ،   [منح الجليل] الْأَدْنَى أَجْزَأَ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ كَإِخْرَاجِ الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. وَشَبَّهَ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْمُزَكَّى كَيْفَ كَانَ فَقَالَ (كَالتَّمْرِ) أَوْ الزَّبِيبِ حَالَ كَوْنِهِ (نَوْعًا) وَاحِدًا (أَوْ نَوْعَيْنِ) فَقَطْ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِهِ كَيْفَ كَانَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعَيْنِ (فَ) يُؤْخَذُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ (مِنْ أَوْسَطِهَا) أَيْ: الْأَنْوَاعِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَلِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ لِكَثْرَةِ أَصْنَافِ التَّمْرِ فِيهَا إنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ أَعْلَى التَّمْرِ أَوْ أَدْنَاهُ أُخِذَ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَجْنَاسٌ مِنْ التَّمْرِ أُخِذَ مِنْ أَوْسَطِهَا. وَفِي الْجَوَاهِرِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعُ التَّمْرِ عَلَى صِنْفَيْنِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقِسْطِهِ. (وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ) فَأَكْثَرَ (أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا) شَرْعِيَّةً (فَأَكْثَرَ) فَلَا وَقْصَ فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ (أَوْ) نِصَابٍ (مُجْمَعٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ: مُلَفَّقٍ (مِنْهُمَا) أَيْ: الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسِ دَنَانِيرَ وَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارٍ وَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَالَ كَوْنِ التَّجْمِيعِ مُعْتَبَرًا (بِالْجُزْءِ) أَيْ: التَّجْزِئَةِ وَالْمُقَابَلَةِ بِأَنْ يُقَابَلَ الدِّينَارُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَا بِالْقِيمَةِ التَّابِعَةِ لِلْجَوْدَةِ وَالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ فَلَا زَكَاةَ فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ وَتِسْعَةِ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ لِجَوْدَتِهَا أَوْ سِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا وَمُبْتَدَأٌ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا إلَخْ. (رُبُعُ الْعُشْرِ) وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفُ دِينَارٍ وَفُهِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي فُلُوسِ النُّحَاسِ لِذَاتِهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ إنْ كَانَتْ مُقْتَنَاةً. فَإِنْ اتَّجَرَ فِيهِمَا زُكِّيَتْ زَكَاةَ عَرْضِ التِّجَارَةِ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ مِلْكًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 39 وَإِنْ لِطِفْلٍ، أَوْ مَجْنُونٍ. أَوْ نَقَصَتْ أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ، أَوْ إضَافَةٍ، وَرَاجَتْ: كَكَامِلَةٍ،   [منح الجليل] لِمُكَلَّفٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (لِطِفْلٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: مِنْ دُونِ الْبُلُوغِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (أَوْ) لِ (مَجْنُونٍ) مُطْبَقٍ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِهَا خِطَابٌ وُضِعَ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ مِلْكَ النِّصَابِ سَبَبًا فِي الزَّكَاةِ وَالْخِطَابُ بِإِخْرَاجِهَا تَعَلَّقَ بِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ، وَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِهِ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ لَا بِمَذْهَبِ الْمَحْجُورِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَلَا بِمَذْهَبِ أَبِيهِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا الْوَلِيُّ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِهِ، فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ أَوْجَبَهَا فِي مَالِهِ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَا مَضَى، وَإِنْ قَلَّدَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا سَقَطَتْ عَنْهُ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ كَامِلَةَ الْوَزْنِ جَيِّدَةً. (أَوْ) وَإِنْ (نَقَصَتْ) زِنَةُ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ عَنْ وَزْنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَحَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ مِنْ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ هَارُونَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ قَالَ: وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا قَلَّ النَّقْصُ أَوْ كَثُرَ. قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ، فَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: هُوَ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ وَإِنْ اتَّفَقَتْ الْمَوَازِينُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ الْقَصَّارِ: إنَّمَا ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَوَازِينُ فِي النَّقْصِ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْكَثِيرِ وَشُهِرَ فِي الشَّامِلِ الْأَوَّلُ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ فِي الْوَزْنِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مَا يَشْتَرِي بِالْكَامِلَةِ. (أَوْ) كَانَتْ مُتَّصِفَةً (بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ) أَيْ: مَعْدِنٍ بِأَنْ كَانَ ذَهَبُهَا أَوْ فِضَّتُهَا دَنِيئًا وَلَيْسَ فِيهَا غِشٌّ، وَرَاجَتْ كَجَيِّدَةِ الْأَصْلِ بِأَنْ لَمْ تَحُطَّهَا رَدَاءَتُهَا عَنْ الذَّهَبِيَّةِ وَالْفِضِّيَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدَةِ (أَوْ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً (بِإِضَافَةٍ) أَيْ: خَلْطِ مَعْدِنٍ آخَرَ بِهَا مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ وَهِيَ الْمَغْشُوشَةُ (وَرَاجَتْ) بِالْجِيمِ الْمُضَافَةِ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِهِمَا (كَكَامِلَةٍ) أَيْ: خَالِصَةٍ مِنْ الْإِضَافَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِالْمُضَافَةِ مَا يَشْتَرِي بِالْخَالِصَةِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 40 وَإِلَّا حُسِبَ الْخَالِصُ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ. وَحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِن.   [منح الجليل] وَإِنْ اخْتَلَفَ مَعْنَاهُ كَمَا رَأَيْت. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُرْجَ نَاقِصَةُ الْوَزْنِ كَكَامِلَتِهِ تَتَوَقَّفُ الزَّكَاةُ عَلَى تَمَامِ الْوَزْنِ كَعِشْرِينَ دِينَارًا وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ فَلَا تَجِبُ زَكَاتُهَا حَتَّى تَكْمُلَ أَرْبَعِينَ. وَإِنْ لَمْ تُرْجَ رَدِيئَةُ الْمَعْدِنِ كَالْجَيِّدَةِ بِأَنْ حَطَّتْهَا رَدَاءَتُهَا عَنْ الذَّهَبِيَّةِ أَوْ الْفِضِّيَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَفُلُوسِ النُّحَاسِ وَإِنْ لَمْ تُرْجَ الْمُضَافَةُ كَالْخَالِصَةِ (حُسِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّقْدُ (الْخَالِصُ) الَّذِي فِيهَا عَلَى فَرْضِ تَصْفِيَتِهَا فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا وَحُكْمُ النُّحَاسِ الَّذِي فِيهَا حُكْمُ الْعَرْضِ. فَإِنْ كَانَتْ مُقْتَنَاةً فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَشُرِطَ وُجُوبُهَا فِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ. (إنْ تَمَّ الْمِلْكُ) فَلَا زَكَاةَ عَلَى حَائِزٍ نِصَابًا غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ كَمُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَمُلْتَقِطٍ بِالْكَسْرِ وَغَاصِبٍ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي ضَمَانِ غَاصِبِهِ مِنْ حِينِ غَصْبِهِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ بَعْضَهُمْ يُؤْخَذُ مِنْ شَرْطِ تَمَامِ الْمِلْكِ عَدَمُ زَكَاةِ حَلْيِ الْكَعْبَةِ، وَالْمَسَاجِدِ مِنْ قَنَادِيلَ، وَعَلَائِقَ، وَصَفَائِحِ أَبْوَابٍ. وَصَدَّرَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يُزَكِّيهِ الْإِمَامُ كَالْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْقَرْضِ وَسَيَأْتِي إنْ نَذَرَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ بَاطِلَةٌ فَهِيَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا فَزَكَاتُهَا عَلَيْهِ، وَقَدْ يُقَالُ: رَبُّهَا أَعْرَضَ عَنْهَا فَمَحَلُّهَا بَيْتُ الْمَالِ فَزَكَاتُهَا عَلَى الْإِمَامِ وَمَدِينٌ كَذَلِكَ وَلَا عَلَى رَقِيقٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ. (وَ) إنْ تَمَّ (حَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ) وَالرِّكَازِ، وَأَمَّا هُمَا فَالزَّكَاةُ بِوُجُودِ الرِّكَازِ وَإِخْرَاجِ الْمَعْدِنِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمْسَ وَأَجَابَ الْمُوَضِّحُ بِأَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ إنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ فِي تَحْصِيلَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُرُورُ الْحَوْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 41 وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ. وَمُتَّجَرٌ فِيهَا بِأَجْرٍ. لَا مَغْصُوبَةٍ؛. وَمَدْفُونَةٍ   [منح الجليل] (وَتَعَدَّدَتْ) الزَّكَاةُ (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ: الْحَوْلِ (فِي) عَيْنٍ (مُودَعَةٍ) عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهَا وَقَبَضَهَا مُودِعُهَا بِالْكَسْرِ بَعْدَ مُضِيِّ أَعْوَامٍ وَهِيَ بِيَدِ الْمُودَعِ، بِالْفَتْحِ، فَيُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ بَعْدَ قَبْضِهَا. أَوْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ مَالِكَهَا يُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ مِمَّا بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْتَدِئُ بِزَكَاةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ لِلَّذِي يَلِيهِ، وَهَكَذَا فَإِنْ نَقَّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ اُعْتُبِرَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ زَكَاتِهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا لِعَدَمِ تَنْمِيَتِهَا، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَهُ. (وَ) تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي عَيْنِ (مُتَّجَرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلًا (فِيهَا بِأَجْرٍ) أَيْ: أُجْرَةٍ لِلتَّاجِرِ فِيهَا وَأَوْلَى بِغَيْرِهِ وَرِبْحُهَا لِرَبِّهَا خَاصَّةً فَيُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ وَهِيَ عِنْدَ التَّاجِرِ حَيْثُ عَلِمَ قَدْرَهَا وَهُوَ مُدِيرٌ. وَلَوْ احْتَكَرَ التَّاجِرُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا أَخَّرَهَا لَعَلَّهُ. (لَا) تَتَعَدَّدُ الزَّكَاةُ بِتَعَدُّدِ الْحَوْلِ فِي عَيْنٍ (مَغْصُوبَةٍ) أَقَامَتْ عِنْدَ غَاصِبِهَا أَعْوَامًا فَيُزَكِّيهَا رَبُّهَا بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ رَدَّ غَاصِبُهَا رِبْحَهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَنْمِيَتِهَا فَأَشْبَهَتْ الضَّائِعَةَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى. وَقِيلَ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بِهَا وَيُزَكِّيهَا غَاصِبُهَا كُلَّ عَامٍ إنْ مَلَكَ وَافِيًا بِهَا وَالْمَاشِيَةُ إذَا غُصِبَتْ وَرُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَضَى إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّاعِي أَخَذَ زَكَاتَهَا مِنْ الْغَاصِبِ هَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَقِيلَ تُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالنَّخْلُ إذَا غُصِبَ ثُمَّ رُدَّ بَعْدَ سِنِينَ مَعَ ثَمَرِهِ فَإِنَّهُ يُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَضَى بِلَا خِلَافٍ إنْ لَمْ يُزَكِّهَا الْغَاصِبُ، وَكَانَ فِي ثَمَرِ كُلِّ سَنَةٍ نِصَابٌ. (وَ) لَا تَتَعَدَّدُ الزَّكَاةُ بِتَعَدُّدِ الْعَامِ فِي عَيْنٍ (مَدْفُونَةٍ) بِصَحْرَاءَ أَوْ عُمْرَانٍ ضَلَّ صَاحِبُهَا عَنْهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَيُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ دُفِنَتْ بِصَحْرَاءَ فَتُزَكَّى لِعَامٍ، وَإِنْ دُفِنَتْ فِي بَيْتٍ فَتُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ وَعَكْسُ هَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ، وَزَادَ فِي الشَّامِلِ زَكَاتُهَا لِكُلِّ عَامٍ سَوَاءٌ دُفِنَتْ بِصَحْرَاءَ أَوْ عُمْرَانٍ. وَعَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 42 وَضَائِعَةٌ، وَمَدْفُوعَةٍ، عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ.   [منح الجليل] فِي الْمَدْفُونَةِ فِي الصَّحْرَاءِ.، وَأَمَّا الْمَدْفُونَةُ فِي بَيْتٍ فَتُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الَّتِي دَفَنَهَا وَتَرَكَهَا سِنِينَ عَالِمًا بِمَكَانِهَا فَيُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ اتِّفَاقًا. (وَ) لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ فِي عَيْنٍ (ضَائِعَةٌ) مِنْ مَالِكِهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ سِنِينَ فَيُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ اُلْتُقِطَتْ مَا لَمْ يَنْوِ مُلْتَقَطُهَا مِلْكَهَا، وَيَمُرُّ عَلَيْهَا عَامٌ مِنْ يَوْمِ نِيَّتِهِ فَتَجِبُ عَلَى مُلْتَقِطِهَا إنْ مَلَكَ وَافِيًا بِهَا وَتَسْقُطُ عَنْ رَبِّهَا (وَ) لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ فِي عَيْنٍ (مَدْفُوعَةٍ) قِرَاضًا. (عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ) كُلَّهُ (لِلْعَامِلِ) فِيهَا (بِلَا ضَمَانٍ) عَلَيْهِ لِمَا تَلِفَ أَوْ خَسِرَ مِنْهَا فَيُزَكِّيهَا رَبُّهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا وَإِلَّا فَلِكُلِّ عَامٍ مَعَ مَا بِيَدِهِ حَيْثُ عَلِمَ بَقَاءَهَا نَقَلَهُ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ السَّمَاعِ، وَبِهِ اعْتَرَضَ الرَّمَاصِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِهِ وَمُتَّجَرٌ فِيهَا بِأَجْرٍ فِي أَنَّ الْمُدِيرَ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُمَا. الْبُنَانِيُّ بَلْ؟ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بِأَنَّ الْمَدْفُوعَةَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا حَالُ الْعَامِلِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ، بَلْ هِيَ كَالدَّيْنِ إنْ كَانَ رَبُّهَا مُدِيرًا زَكَّاهَا عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ مُطْلَقًا. وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّاهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ عَلَى حُكْمِ الِاحْتِكَارِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ السَّابِقَةِ فَيُرَاعَى فِيهَا حَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ. فَإِنْ احْتَكَرَ الْعَامِلُ وَأَدَارَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَكْثَرَ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ إلَخْ. وَبِهَذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْقِرَاضِ يُزَكِّي كَالدَّيْنِ إذَا اُحْتُكِرَ وَإِنْ كَانَ مَا بِيَدِ رَبِّهِ أَكْثَرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ احْتَكَرَ أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ وَرُوعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي التَّجْرِ بِأَجْرٍ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي هَذِهِ وَكِيلُهُ فَشِرَاؤُهُ كَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: الدَّيْنُ الَّذِي يُزَكِّيهِ الْمُدِيرُ كُلَّ عَامٍ دَيْنُ التَّجْرِ وَحَيْثُ كَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ فَهُوَ كَالْقَرْضِ، فَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُزَكِّيَ إلَّا لِعَامٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ مُدِيرًا وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 43 وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ   [منح الجليل] التَّوْضِيحِ وَهُوَ إعْطَاءُ الْمَالِ لِلتَّجْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُعْطِيهِ قِرَاضًا، وَقِسْمٌ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِأَجْرٍ، وَهَذَا كَالْوَكِيلِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ شِرَائِهِ بِنَفْسِهِ، وَقِسْمٌ يَدْفَعُهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْعَامِلِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ اهـ. لَكِنَّهُ خِلَافُ السَّمَاعِ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مِنْ تَزْكِيَتِهِ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَقَاءَهَا صَبَرَ حَتَّى يَعْلَمَ وَيُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى وَهِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ. فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا وَحْدَهُ فَهُوَ قَوْلُهُ آنِفًا وَمُتَّجَرٌ فِيهِ بِأَجْرٍ. وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَالْقِرَاضُ إلَخْ. وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَامِلِ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ الْقِرَاضِ إلَى الْقَرْضِ فَيُزَكِّيهَا الْعَامِلُ كُلَّ عَامٍ إنْ مَلَكَ وَافِيًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا. (وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهَا مِنْ أَنَّ الْمُوَرِّثَ إنْ مَاتَ قَبْلَ إفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ زُكِّيَ عَنْ مِلْكِ الْوَارِثِ، فَمَنْ نَابَهُ نِصَابٌ زَكَّى وَمَنْ لَا فَلَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 44 وُرِثَتْ، إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ تُوقَفْ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا أَوْ قَبْضِهَا. وَلَا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا. وَلَا مَالَ رَقِيقٍ. وَمَدِينٌ. وَسِكَّةٍ، وَصِيَاغَةٍ،   [منح الجليل] الطِّيبِ زُكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ. وَإِنَّ الْمَاشِيَةَ يُسْتَقْبَلُ بِهَا الْوَارِثُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا وُقِفَتْ عَلَى يَدِ أَمِينٍ أَوْ لَا. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي زُكِّيَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَنَعَتَ عَيْنٍ بِجُمْلَةِ (وُرِثَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَمَضَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ قَبْلَ قَسْمِهَا. (إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا) الْوَارِثُ (أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ: وَ (لَمْ تُوقَفْ) مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ أَمِينٍ فَلَا يُزَكِّيهَا الْوَارِثُ (إلَّا بَعْدَ) تَمَامِ (حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا) بَيْنَ الْوَرَثَةِ (أَوْ) بَعْدَ (قَبْضِهَا) وَلَوْ بِوَكِيلٍ. فَإِنْ عَلِمَ بِهَا أَوْ وُقِفَتْ زُكِّيَتْ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ مِنْ يَوْمِ وَقْفِهَا أَوْ عِلْمِهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْرُوثَةَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا. وَلَوْ عَلِمَ بِهَا وَوُقِفَتْ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " وَاسْتَقْبَلَ " بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ الْقَبْضُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَسْمِ. وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ شُرَكَاءُ فَمَتَى قَبَضُوهَا اسْتَقْبَلُوا بِهَا حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَقْسِمُوا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهَا. وَكَذَا الْوَصِيُّ يَقْبِضُ لِلْأَصَاغِرِ عَيْنًا أَوْ ثَمَنَ عَرْضٍ بَاعَهُ لَهُمْ فَلْيَتْرُكْ ذَلِكَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الْوَصِيِّ اهـ. وَقَبْضُ الشُّرَكَاءِ الْبَالِغِينَ لِأَنْفُسِهِمْ كَقَبْضِ الْوَصِيِّ لِمَحْجُورِهِ، بَلْ أَقْوَى. نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَقَبْضُ الْوَصِيِّ كَلَا قَبْضٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَلَا) زَكَاةَ فِي عَيْنٍ (مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا) عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَمَرَّ عَلَيْهَا حَوْلٌ بِيَدِ الْوَصِيِّ قَبْلَهَا وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ زُكِّيَتْ عَلَى مِلْكِهِ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ مَعَ مَا بِيَدِهِ وَلَا يُزَكِّيهَا مَنْ صَارَتْ لَهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهَا؛ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ. (وَلَا) زَكَاةَ فِي (مَالِ رَقِيقٍ) وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ. (وَلَا) زَكَاةَ فِي (مَالِ مَدِينٍ) إنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَيْسَ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ. (وَ) لَا زَكَاةَ فِي قِيمَةِ (سِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 45 وَجَوْدَةٍ. وَحُلِيٍّ وَإِنْ تَكَسَّرَ، إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ، وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ، أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ، أَوْ كِرَاءٍ إلَّا مُحَرَّمًا، أَوْ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ، أَوْ صَدَاقٍ، أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةَ، وَإِنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ   [منح الجليل] وَجَوْدَةٍ) كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَلِسِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا تُسَاوِي النِّصَابَ. وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ وَلِسِكَّتِهِ أَوْ صِيَاغَتِهِ أَوْ جَوْدَتِهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ فَلَا زَكَاةَ فِي الزَّائِدِ. (وَ) لَا زَكَاةَ فِي (حُلِيٍّ) جَائِزٍ اتِّخَاذَهُ وَلَوْ لِرَجُلٍ إنْ كَانَ صَحِيحًا بَلْ (وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ) فَإِنْ تَهَشَّمَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ إلَّا بِسَبْكِهِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِحَوْلٍ بَعْدَ تَهَشُّمِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالتِّبْرِ وَسَوَاءٌ نَوَى إصْلَاحَهُ أَمْ لَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ) أَيْ: الْمُتَكَسِّرِ بِأَنْ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الزَّكَاةُ فِي الثَّانِيَةِ. فَلَوْ قَالَ وَنَوَى إصْلَاحَهُ لَوَافَقَ الْمَذْهَبَ فَالزَّكَاةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ: الْمُتَهَشِّمُ مُطْلَقًا. وَالْمُتَكَسِّرُ الْمَنْوِيُّ عَدَمُ إصْلَاحِهِ، وَاَلَّذِي لَمْ يُنْوَ بِهِ شَيْءٌ (أَوْ كَانَ) الْحُلِيُّ الْجَائِزُ (لِرَجُلٍ) اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ كَخَاتَمٍ وَأَنْفٍ وَأَسْنَانٍ، وَحِلْيَةِ مُصْحَفٍ، وَسَيْفِ جِهَادٍ أَوْ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، وَبِنْتِهِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَهُ الصَّالِحَةِ لِلتَّزْيِينِ. فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَنْ سَتُوجَدُ أَوْ سَتَصْلُحُ زَكَّاهُ. (أَوْ) مُقْتَنًى ل (كِرَاءٍ) لِنِسَاءٍ يَتَزَيَّنَّ بِهِ وَلَوْ لِرَجُلٍ عَلَى الْأَرْجَحِ أَوْ إعَارَةٌ لَهُنَّ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْمُعَدُّ لِلْكِرَاءِ لَا زَكَاةَ فِيهِ إنْ كَانَ مُبَاحًا لِمُقْتَنِيهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الزَّكَاةُ. الْمِسْنَاوِيُّ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ الرَّمَاصِيُّ (إلَّا) حُلِيًّا (مُحَرَّمًا) اقْتِنَاؤُهُ كَإِنَاءِ نَقْدٍ وَقُمْقُمٍ وَمِبْخَرَةٍ وَمُكْحُلَةٍ وَمِرْوَدٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ (أَوْ مُعَدًّى لِعَاقِبَةٍ) فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ أَعَدَّتْهُ بَعْدَ كِبَرِهَا لِعَاقِبَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ) مُعَدًّى لِ (صَدَاقٍ) لِمَنْ يَتَزَوَّجُهَا فَفِيهِ الزَّكَاةُ (أَوْ) كَانَ (مَنْوِيًّا بِهِ لِتِجَارَةٍ) أَيْ: الْبَيْعِ بِرِبْحٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ إنْ لَمْ يُرَصَّعْ بِشَيْءٍ بَلْ (وَإِنْ رُصِّعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: زُيِّنَ (بِجَوْهَرٍ) نَفِيسٍ كَيَاقُوتٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 46 وَزَكَّى الزِّنَةَ، إنْ نُزِعَ بِلَا ضَرَرٍ، وَإِلَّا تَحَرَّى؛ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ: كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ. وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ.   [منح الجليل] (وَزَكَّى الزِّنَةَ) لِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ الْمُرَصَّعَ بَعْدِ نَزْعِ الْجَوْهَرِ مِنْهُ (إنْ نُزِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: أَمْكَنَ نَزْعُ الْجَوْهَرِ مِنْهُ (بِلَا ضَرَرٍ) أَيْ فَسَادٍ وَغُرْمِ أُجْرَةٍ وَحُكْمُ الْجَوْهَرِ حُكْمُ سَائِرِ الْعُرُوضِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ أَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ (تَحَرَّى) زِنَةَ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَزَكَّاهُ (وَضُمَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا وَنَائِبُهُ (الرِّبْحُ) أَيْ: الزَّائِدُ عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ وَبَاعَهُ لِلتِّجَارَةِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَصِلَةُ ضُمَّ (لِأَصْلِهِ) أَيْ: الرِّبْحِ فِي الْحَوْلِ فَيُزَكَّى مَعَ أَصْلِهِ عِنْدَ تَمَامِهِ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَاتِهِ. وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ أَوْ أَصْلُهُ دُونَ نِصَابٍ وَمَجْمُوعُهُمَا نِصَابٌ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْتَقْبِلُ بِالرِّبْحِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ كَالْفَائِدَةِ فَمَنْ اسْتَفَادَ دِينَارًا فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَاتَّجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ تَمَامَ النِّصَابِ فَحَوْلُهُ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنْ تَمَّ النِّصَابُ بِهِ بَعْدَ الْمُحَرَّمِ زُكِّيَ يَوْمَ التَّمَامِ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمِّ لِلْأَصْلِ فَقَالَ (كَغَلَّةِ) شَيْءٍ (مُكْتَرًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَصِلَتُهُ (لِلتِّجَارَةِ) فِي مَنْفَعَتِهِ فَتُضَمُّ لِأَصْلِهَا فِي حَوْلِهِ وَلَوْ دُونَ نِصَابٍ إنْ تَمَّ بِهَا نِصَابًا فَمَنْ اسْتَفَادَ مَالًا أَوْ زَكَّاهُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَاكْتَرَى شَيْئًا بِنِيَّةِ إكْرَاهٍ لِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ وَإِكْرَائِهِ لِغَيْرِهِ بِنِصَابٍ فَأَكْثَرَ فَحَوْلُهُ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَصْلِ رِبْحٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ. وَاحْتُرِزَ بِغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ عَنْ غَلَّةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ وَعَنْ غَلَّةِ مُكْتَرًى لِلْقِنْيَةِ وَإِكْرَاهٍ فَهِيَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا وَيُضَمُّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ أَوْ دَيْنًا عِنْدَهُ عَوَّضَهُ بَلْ. (وَلَوْ) كَانَ (رِبْحَ دَيْنٍ) عَلَيْهِ (لَا عِوَضَ لَهُ) أَيْ: الدَّيْنِ (عِنْدَهُ) أَيْ: الْمَدِينُ الَّذِي اتَّجِرْ فِي الدَّيْنِ وَرَبِحَ فِيهِ نِصَابًا بِأَنْ اقْتَرَضَ مَالًا وَاتَّجَرَ بِهِ أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَرَبِحَ نِصَابًا فَيُزَكِّيهِ لِتَمَامِ حَوْلٍ مِنْ الِاقْتِرَاضِ أَوْ الشِّرَاءِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِاسْتِقْبَالِهِ بِرِبْحِ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 47 وَلِمُنْفِقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ، لَا عَنْ مَالٍ: كَعَطِيَّةٍ أَوْ غَيْرَ مُزَكًّى: كَثَمَنٍ مُقْتَنًى، وَتُضَمُّ نَاقِصَةٌ.   [منح الجليل] وَ) ضُمَّ الرِّبْحُ (لِمَالٍ مُنْفَقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَصِلَتُهُ (بَعْدَ) تَمَامِ (حَوْلِهِ) أَيْ: الْمُنْفَقِ (مَعَ) تَمَامِ حَوْلِ (أَصْلِهِ) أَيْ الرِّبْحِ وَصِلَةُ مُنْفَقٍ أَيْضًا (وَقْتَ) أَيْ: بَعْدَ (الشِّرَاءِ) مِثَالُهُ اسْتَفَادَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَمَرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ مِنْهَا سِلْعَةً، وَأَنْفَقَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَيَضُمُّهَا لِلْخَمْسَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا، وَيُزَكِّي الْعِشْرِينَ يَوْمَ قَبْضِهَا فَلَوْ أَنْفَقَ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ سِلْعَةً وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَضُمُّهَا لِلْخَمْسَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا قَبْلَ شِرَاءِ السِّلْعَةِ. (وَاسْتَقْبَلَ) أَيْ ابْتَدَأَ حَوْلًا (بِفَائِدَةٍ) عَنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَوَصَفَهَا بِنَعْتٍ كَاشِفٍ لِحَقِيقَتِهَا فَقَالَ (تَجَدَّدَتْ) لِلشَّخْصِ عَنْ غَيْرِ مَالٍ (لَا عَنْ مَالٍ) وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِنَوْعٍ مِنْهَا وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَعَطِيَّةٍ) أَيْ: هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَوْرُوثَ وَالصَّدَاقَ وَالْمُخَالَعَ بِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَسَهْمَ الْغَنِيمَةِ وَالْمُرَتَّبِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوَقْفِ وَغَيْرِهَا. وَأَشَارَ لِتَعْرِيفِ النَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ (غَيْرِ مُزَكًّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ مُثَقَّلَةً أَيْ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ أَوْ عَوَّضَهُ كُلَّ عَامٍ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَثَمَنٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ (مُقْتَنًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُمَا لَا يُقَالُ التَّعْرِيفُ لَمْ يَشْمَلْ ثَمَنَ الْمُعَشَّرِ وَهِيَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ بِهَا فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ؛ لِأَنَّهُ تَجَدَّدَ عَنْ مُزَكًّى؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُزَكَّى مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ أَوْ عِوَضِهِ كُلَّ عَامٍ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالنَّعَمِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ كَمَا مَرَّ، وَالْمُعَشَّرُ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ زَكَاتُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِإِفْرَاكِهِ أَوْ طِيبِهِ فَثَمَنُهُ تَجَدَّدَ عَنْ غَيْرِ مُزَكًّى فَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الثَّانِي (وَتُضَمُّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَائِدَةٌ (نَاقِصَةٌ) إنْ كَانَ نَقْصُهَا مِنْ يَوْمِ اسْتِفَادَتِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 48 وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ: لِثَانِيَةٍ أَوْ لِثَالِثَةٍ، إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً. فَعَلَى حَوْلِهَا كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا. وَإِنْ نَقَصَتَا، فَرَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ تَمَامَ نِصَابٍ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ،   [منح الجليل] بَلْ (وَإِنْ) نَقَصَتْ (بَعْدَ تَمَامٍ) لَهَا نِصَابًا قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهَا تَامَّةً وَصِلَةُ تُضَمُّ (لِ) فَائِدَةٍ (ثَانِيَةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَيَتِمُّ بِهَا مَعَ الْأُولَى نِصَابٌ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) بِضَمَانٍ لِفَائِدَةٍ (ثَالِثَةٍ) حَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ نِصَابٌ كَكَوْنِ الْأُولَى خَمْسَةً، وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ، وَالثَّالِثَةَ عَشْرَةَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ تَنْقُصَ الْأُولَى (بَعْدَ) تَمَامِ (حَوْلِهَا) حَالَ كَوْنِهَا (كَامِلَةً) أَيْ: نِصَابًا وَبَقِيَ مِنْهَا مَعَ الثَّانِيَةِ نِصَابٌ (فَ) تُزَكَّى الْأُولَى (عَلَى حَوْلِهَا) نَظَرًا لِتَمَامِهَا نِصَابًا بِالثَّانِيَةِ، وَتُزَكَّى الثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا نَظَرًا لِكَمَالِهَا بِالْأُولَى مَا دَامَ فِي مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ مِثَالُهُ: اسْتَفَادَ عِشْرِينَ دِينَارًا فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، ثُمَّ أَنْفَقَ عَشَرَةً مِنْهَا، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً فِي أَوَّلِ رَجَبٍ، فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ زَكَّى عَشَرَتَهُ، وَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ زَكَّى عَشَرَتَهُ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالَيْنِ النَّاقِصُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ النِّصَابِ، وَمَجْمُوعُهُمَا نِصَابُ اجْتِمَاعِهِمَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ تُضَمُّ الْأُولَى الَّتِي نَقَصَتْ بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً لِلثَّانِيَةِ فِي حَوْلِهَا كَالنَّاقِصَةِ قَبْلَ حَوْلِهَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمِّ فَقَالَ (كَ) الْفَائِدَةِ (الْكَامِلَةِ) نِصَابًا بِذَاتِهَا (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ أَيْ: ابْتِدَاءً وَاسْتَمَرَّتْ كَامِلَةً حَتَّى تَمَّ حَوْلُهَا فَلَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا بِالْأَوْلَى وَلَا يُضَمُّ مَا بَعْدَهَا إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ. (وَإِنْ نَقَصَتَا) أَيْ: الْفَائِدَتَانِ مَعًا عَنْ النِّصَابِ بَعْدَ تَقَرُّرِ حَوْلِهِمَا بِأَنْ صَارَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ خَمْسَةً مَثَلًا وَالرَّجَبِيَّةُ كَذَلِكَ وَاتَّجَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَيْهِمَا نَاقِصَتَيْنِ. (فَرَبِحَ فِيهِمَا) مَعًا (أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ) أَيْ: مُتَمِّمَ (نِصَابٍ) وَصِلَةُ رَبِحَ (عِنْدَ حَوْلٍ) الْفَائِدَةُ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ (أَوْ) رَبِحَ التَّمَامَ (قَبْلَهُ) أَيْ: حَوْلِ الْأُولَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 49 فَعَلَى حَوْلَيْهِمَا، وَفُضَّ رِبْحُهُمَا. وَبَعْدَ شَهْرٍ فَمِنْهُ، وَالثَّانِيَةُ عِنْدَ حَوْلِهَا وَعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ، أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا، فَمِنْهُ: كَبَعْدِهِ. وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا، ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً، فَلَا زَكَاةَ.   [منح الجليل] فَ) تُزَكَّيَانِ (عَلَى حَوْلَيْهِمَا وَفُضَّ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَشَدِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: قُسِّمَ (رِبْحُهُمَا) أَيْ: الْفَائِدَتَيْنِ بِحَسَبِ نِسْبَةِ عَدَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا إنْ كَانَ خَلَطَهُمَا وَزَكَّى كُلَّ قِسْمٍ مِنْ الرِّبْحِ مَعَ أَصْلِهِ عَلَى حَوْلِهِ وَإِلَّا زَكَّى كُلَّ فَائِدَةٍ وَرِبْحَهَا عَلَى حَوْلِهَا. (وَ) إنْ رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ (بَعْدَ) مُضِيِّ (شَهْرٍ) بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأُولَى (فَ) تُزَكَّى الْأُولَى وَرِبْحُهَا (مِنْهُ) أَيْ: وَقْتَ حُصُولِ الرِّبْحِ لِانْتِقَالِ حَوْلِهَا إلَيْهِ (وَ) تُزَكَّى (الثَّانِيَةُ) وَرِبْحُهَا (عَلَى حَوْلِهَا) وَإِنْ رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ (عِنْدَ) تَمَامِ (حَوْلِ الثَّانِيَةِ) فَتُزَكَّيَانِ مَعَ الرِّبْحِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَ (شَكَّ) الْمَالِكُ (فِيهِ) أَيْ: وَقْتِ الرِّبْحِ (لِأَيِّهِمَا) أَيْ: الْحَوْلِ أَيْ: الْفَائِدَتَيْنِ هَلْ رَبِحَ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا (فَ) تُزَكَّى الْفَائِدَتَانِ وَرِبْحُهُمَا (مِنْهُ) أَيْ: عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ شَكَّ فِي كَوْنِ الرِّبْحِ لِلْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مَعَ عِلْمِ وَقْتِهِ، إذْ الْحُكْمُ فِي هَذَا اعْتِبَارُ وَقْتِ الرِّبْحِ وَإِجْرَاؤُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَجَعْلُ الرِّبْحِ لِلثَّانِيَةِ. وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الِانْتِقَالِ فَقَالَ (كَ) رِبْحِهِ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ (بَعْدَهُ) أَيْ: حَوْلِ الثَّانِيَةِ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَيُزَكِّيهِمَا وَالرِّبْحَ وَقْتَ حُصُولِهِ. (وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ الْكَامِلَةِ (فَأَنْفَقَهَا) مَثَلًا قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ النَّاقِصَةِ (ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ) حَالَ كَوْنِهَا (نَاقِصَةً) عَنْ نِصَابٍ (فَلَا زَكَاةَ) فِيهَا لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُولَى فِي كُلِّ الْحَوْلِ حَمَلَ الشَّارِحُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 50 وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلَا بَيْعٍ كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَكِتَابَةٍ وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى، إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ. وَالصُّوفَ التَّامَّ.   [منح الجليل] وَالْمَوَّاقُ وَقْتَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَائِدَتَيْنِ تُضَمُّ أُولَاهُمَا لِثَانِيَتِهِمَا، بِأَنْ اسْتَفَادَ عَشْرَةً أَقَامَتْ عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشْرَةً كَذَلِكَ ثُمَّ أَنْفَقَ الْأُولَى فَحَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً فَلَا تُزَكَّى لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ. وَهَذَا وَإِنْ صَحَّ فِقْهًا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِانْتِفَاءِ حَوْلِ الْأُولَى لِضَمِّهَا لِلثَّانِيَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَثْبَتَ لَهَا حَوْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ جَعَلَ لَهَا حَوْلًا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ. وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ عَلَى فَائِدَتَيْنِ لَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى بِأَنْ اسْتَفَادَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَحَالَ حَوْلُهَا وَأَنْفَقَ عَشَرَةً مِنْهَا وَاسْتَفَادَ عَشْرَةً قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ أَنْفَقَ الْعَشَرَةَ الْأُولَى، وَحَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً فَلَا تُزَكَّى. وَحَمَلَهُ الْحَطَّابُ عَلَى مَا يَشْمَلُهَا وَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً. (وَ) اسْتَقْبَلَ (بِ) النَّقْدِ (الْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ) أَيْ: الْمُشْتَرَاةِ لَهَا وَأَوْلَى الْمُتَجَدِّدُ عَنْ سِلَعٍ مُشْتَرَاةٍ أَوْ مُكْتَرَاةٍ لِلْقِنْيَةِ، وَأَمَّا الْمُتَجَدِّدُ عَنْ السِّلَعِ الْمُكْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ فَرِبْحٌ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَصِلَةُ الْمُتَجَدِّدِ (بِلَا بَيْعٍ) لَهَا وَالْمُتَجَدِّدُ بِالْبَيْعِ رِبْحٌ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ وَمَثَّلَ لِلْمُتَجَدِّدِ بِلَا بَيْعٍ بِقَوْلِهِ (كَغَلَّةِ عَبْدٍ) مُشْتَرًى لِتِجَارَةٍ وَكِرَاءِ دَارٍ مَثَلًا كَذَلِكَ (وَ) نُجُومِ (كِتَابَةٍ) لِرَقِيقٍ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ (وَ) ثَمَنِ (ثَمَرَةِ) شَجَرٍ (مُشْتَرًى) لِتِجَارَةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ شِرَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُؤَبَّرْ فَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ طِيبِهَا فَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ، فَمَا نَابَ الْأَصْلَ زَكَّاهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَمَا نَابَ الثَّمَرَةَ يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ، وَإِنْ بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ قَبْلَ طِيبِهَا زَكَّى ثَمَنَ الْجَمِيعِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ، وَصُوفُ غَنَمٍ مُشْتَرَاةٍ لِلتِّجَارَةِ وَلَبَنُهَا وَسَمْنُهَا. (إلَّا) الثَّمَرَةَ (الْمُؤَبَّرَةَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا ثَمَرُ الذَّكَرِ حِفْظًا لَهَا مِنْ سُقُوطِهَا وَتَشْيِيصِهَا حِينَ شِرَاءِ أُصُولِهَا لِلتِّجَارَةِ. (وَ) إلَّا (الصُّوفَ التَّامَّ) أَيْ: الْمُسْتَحِقَّ لِلْجَزِّ يَوْمَ شِرَاءِ الْغَنَمِ لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكَّى ثَمَنُهُمَا لِحَوْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى الْأُصُولَ أَوْ الْغَنَمَ بِهِ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَأْبُورَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 51 وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا؟ تَرَدُّدٌ، لَا. إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ   [منح الجليل] تَخْرِيجٌ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَمَدَهُ هُنَا وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ لِقَوْلِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ شَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَأْبُورَةُ حِينَ الشِّرَاءِ الْمَنْصُوصُ فِيهَا أَنَّهَا غَلَّةٌ. وَقَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ قَالَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ قَدْ طَابَتْ حِينَهُ فَقَالَ بَعْضُ شَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ إنَّهَا كَسِلْعَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصُّوفِ التَّامِّ فَمَنْصُوصٌ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهَا. اُخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا وَعَلَيْهَا صُوفٌ تَامٌّ فَجَزَّهُ وَبَاعَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ مُشْتَرًى يُزَكِّيهِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْغَنَمَ. وَعِنْدَ أَشْهَبَ غَلَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى يُزَادُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ. (وَإِنْ اكْتَرَى) أَرْضَ زِرَاعَةٍ لِلتِّجَارَةِ (وَزَرَعَ) فِيهَا (لِلتِّجَارَةِ) وَخَرَجَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ وَبَاعَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ (زَكَّى) الثَّمَنَ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ الْأَرْضَ (وَهَلْ يُشْتَرَطُ) فِي زَكَاتِهِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ (كَوْنُ الْبَذْرِ) الَّذِي بَذَرَهُ اشْتَرَاهُ (لَهَا) أَيْ: التِّجَارَةِ. فَلَوْ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَقْبَلَ بِثَمَنِ مَا حَصَلَ مِنْ زَرْعِهَا؛ لِأَنَّهُ كَفَائِدَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لَهَا فِيهِ (تَرَدُّدٌ) الْمُنَاسِبُ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّهُمَا فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَأَكْثَرِ الْقَرَوِيِّينَ وَابْنِ شَبْلُونٍ، وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ (لَا) يُزَكِّي ثَمَنَ مَا خَرَجَ مِنْهَا لِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ. (إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا) أَيْ: الِاكْتِرَاءُ وَالزَّرْعُ (لِلتِّجَارَةِ) بِأَنْ كَانَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْقِنْيَةِ يُزَكَّى الثَّمَنُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَهُوَ خِلَافُ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى فَالْمُنَاسِبُ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَا لِلْقِنْيَةِ أَوْ كَانَ أَحَدُهَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْقِنْيَةِ أَوْ لَمْ يَنْوِ بِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا إلَّا أَنْ يَجْعَلَ كَلَامَهُ مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ، أَيْ: لَا إنْ انْتَفَى الْكَوْنُ لِلتِّجَارَةِ عَنْهُمَا مَعًا فَيُصَدَّقُ مَنْطُوقُهُ بِكَوْنِهِمَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ أَوْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا لَهَا وَالْآخَرِ لِلتِّجَارَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 52 إنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى، ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَقُبِضَ عَيْنًا، وَلَوْ بِهِبَةٍ، أَوْ إحَالَةٍ   [منح الجليل] كَوْنِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِلَا نِيَّةٍ، هَذَا إنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ الثَّمَرَةِ. (وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا) أَيْ: ذَاتِ الثَّمَرَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الْأُصُولِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ وَالْمَزْرُوعَةِ لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَتْ نِصَابًا (زَكَّى) عَيْنَهَا بِإِخْرَاجِ عُشْرِهَا أَوْ نِصْفِهِ (ثُمَّ) إذَا بَاعَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ (زَكَّى الثَّمَنَ لِ) تَمَامِ (حَوْلِ التَّزْكِيَةِ) لِعَيْنِهَا، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ مَنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ ثَمَنَ ثَمَرَةِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَإِنْ أُبِّرَتْ عَلَى الْمَنْصُوصِ. (وَإِنَّمَا يُزَكَّى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْكَافُ مُثَقَّلَةٌ نَائِبُهُ (دَيْنٌ) وَالْمَحْصُورُ فِيهِ. قَوْلُهُ الْآتِي لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ (إنْ كَانَ أَصْلُهُ) أَيْ: الدَّيْنِ (عَيْنًا بِيَدِهِ) أَيْ: الْمَالِكِ أَوْ يَدِ وَكِيلِهِ فَأَقْرَضَهَا سَوَاءٌ كَانَ مُدِيرًا أَوْ مُحْتَكِرًا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَطِيَّةً بِيَدِ مُعْطِيهَا أَوْ صَدَاقًا بِيَدِ زَوْجٍ أَوْ خُلْعًا بِيَدِ مُلْتَزَمِهِ أَوْ أَرْشًا بِيَدِ الْجَانِي أَوْ نُجُومًا بِيَدِ مُكَاتَبٍ أَوْ نَحْوَهَا فَلَا يُزَكَّى إلَّا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ. (أَوْ) كَانَ أَصْلُهُ (عَرْضَ تِجَارَةٍ) بَاعَهُ مُحْتَكِرًا بِهِ (وَ) إنْ (قُبِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَلَا تَصِحُّ زَكَاتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ (عَيْنًا) أَيْ: ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَإِنْ قَبَضَهُ عَرْضًا فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَبِيعَهُ بِنِصَابٍ إنْ كَانَ مُحْتَكِرًا أَوْ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَيُزَكِّي قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُدِيرًا وَإِنْ كَانَ لِلْقِنْيَةِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلٌ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ إنْ قَبَضَهُ حَقِيقَةً بَلْ (وَلَوْ) قَبَضَهُ (بِهِبَةٍ) لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَيُزَكِّيهِ وَاهِبُهُ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطِ زَكَاتِهِ مِنْهُ أَوْ نِيَّتِهِ ذَلِكَ عِنْدَ الْهِبَةِ. فَإِنْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا يُزَكِّيهِ وَاهِبُهُ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ لَا قَبْضٌ. (أَوْ) قَبَضَهُ بِ (إحَالَةٍ) لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ فَيُزَكِّيهِ الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِهَا، وَعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِحُصُولِ مَانِعٍ قَبْلَ الْقَبْضِ الْمُحَالِ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَيُزَكِّيهِ الْمُحَالُ إنْ قَبَضَهُ. وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَالِكًا مَا يَفِي بِهِ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى مُفْلِسٍ إنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 53 كَمُلَ بِنَفْسِهِ. وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ، أَوْ بِمَعْدِنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إنْ كَانَ   [منح الجليل] كَمُلَ) الْمَقْبُوضُ نِصَابًا (بِنَفْسِهِ) فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ إنْ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ أَوَّلًا بِيَدِهِ إلَى قَبْضِ مَا تَمَّ النِّصَابُ بِهِ. بَلْ (وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ: الْمَقْبُوضُ أَوَّلًا الَّذِي تَمَّ نِصَابًا بِالْمَقْبُوضِ، آخِرًا بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إذَا تَلِفَ الْمُتَمُّ بِلَا سَبَبِهِ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ وَزَكَاةُ بَاقِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَأَمَّا التَّالِفُ بِسَبَبِهِ فَيُزَكِّيهِ اتِّفَاقًا (أَوْ) كَمُلَ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا (بِفَائِدَةٍ) مُتَجَدِّدَةٍ عَنْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى (جَمَعَهُمَا) أَيْ: الْمَقْبُوضُ وَالْفَائِدَةُ (مِلْكٌ وَحَوْلٌ) كَمِلْكِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى مِثْلِهِ وَاقْتَضَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَيْنٍ حَالَ حَوْلُهُ، فَيُزَكِّي الْعِشْرِينَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مِلْكٍ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا. وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِلْكُ الْفَائِدَةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ كَمَا مَثَّلَ بِشَرْطِ مُرُورِ حَوْلٍ عَلَيْهَا وَهِيَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ بَقِيَتْ لِلِاقْتِضَاءِ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الِاقْتِضَاءِ إلَى تَمَامِ حَوْلِ الْفَائِدَةِ. (أَوْ) كَمُلَ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا (بِ) خَارِجِ (مَعْدِنٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ (عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ: الْمُخْتَارِ لِلْمَازِرِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاخْتَارَ الصِّقِلِّيُّ عَدَمَ ضَمِّ الْمَعْدِنِ لِلْمَقْبُوضِ، وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (لِسَنَةٍ) وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ مُبْتَدَأَةً (مِنْ) يَوْمِ مِلْكِ (أَصْلِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ أَوْ تَزْكِيَتِهِ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ نَقَّصَ الْأَخْذُ الْقَدْرَ أَوْ النِّصَابَ اُعْتُبِرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ تَزْكِيَتُهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ. ابْنُ غَازِيٍّ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَوْلُهُ (وَلَوْ فَرَّ) الْمَالِكُ مِنْ الزَّكَاةِ كُلَّ عَامٍ (بِتَأْخِيرِهِ) أَيْ: الدَّيْنِ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ لَيْسَ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ لِسَنَةٍ بَلْ هُوَ شَرْطٌ مُسْتَأْنَفٌ. وَجَوَابُهُ مُقَدَّرٌ أَيْ: اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ (إنْ كَانَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 54 عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ، لَا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ، وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ، فَلِكُلٍّ وَعَنْ إجَارَةٍ أَوْ عَرْضٍ مُفَادٍ: قَوْلَانِ. وَحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ،   [منح الجليل] الدَّيْنُ (عَنْ كَهِبَةٍ) وَاسْتَمَرَّ بِيَدِ الْوَاهِبِ (أَوْ أَرْشٍ) أَيْ: دِيَةِ نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ اسْتَمَرَّ بِيَدِ الْجَانِي أَوْ الْعَاقِلَةِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّدَقَةَ بِيَدِ الْمُتَصَدِّقِ وَالصَّدَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَالْمُخَالَعَ بِهِ بِيَدِ مُلْتَزِمِهِ فَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ إلَخْ وَفِي بَعْضِهَا تَأْخِيرٌ اسْتَقْبَلَ عَنْ أَرْشٍ وَالْمُنَاسِبُ عَلَى نُسْخَةِ حَذْفِ اسْتَقْبَلَ جَعْلُ وَلَوْ فَرَّ إلَخْ، مُبَالَغَةً فِي مَفْهُومِ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ، أَيْ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ ذَلِكَ اسْتَقْبَلَ بِهِ. وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ إلَخْ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّ حَذْفَ جَوَابِ لَوْ بِلَا دَلِيلٍ مُمْتَنِعٌ (لَا) يُزَكَّى الدَّيْنُ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ إنْ كَانَ تَرَتَّبَ (عَنْ) بَيْعِ عَرْضٍ (مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ) بِنَقْدٍ بِأَنْ اشْتَرَى بَعِيرًا بِدِينَارٍ لَهَا (وَبَاعَهُ) بِنِصَابٍ (لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ وَأَوْلَى بِحَالٍ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ (فَ) يُزَكِّيهِ (لِكُلٍّ) مِنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ بَعْدَ بَيْعِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ. وَلَوْ بَاعَهُ بِحَالٍّ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إلَى قَوْلِهِ قَوْلَانِ، وَالْمُوَافِقُ لِلْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ آنِفًا وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ إلَخْ فَإِنْ اشْتَرَى عَرْضَ الْقُنْيَةِ بِعَرْضِ مِلْكِهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ وَأَخَّرَهُ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ اتِّفَاقًا. (وَ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ تَرَتَّبَ (عَنْ إجَارَةٍ) لِرَقِيقٍ أَوْ عَنْ كِرَاءٍ لِدَابَّةٍ (أَوْ) كَانَ أَصْلُهُ عَنْ (عَرْضٍ مُفَادٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ بِكَمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ قَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْوَاهِبِ وَبَاعَهُ بِدَيْنٍ فَفِي الِاسْتِقْبَالِ بِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَتَزْكِيَتِهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَاعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ لَمْ يَفِرَّ بِتَأْخِيرِهِ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ اتِّفَاقًا. (وَحَوْلُ) الْمَقْبُوضِ مِنْ الدَّيْنِ النَّاقِصِ عَنْ النِّصَابِ (الْمُتَمِّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ: الَّذِي تَمَّمَ نِصَابًا بِمَقْبُوضٍ آخَرَ بَعْدَهُ كَائِنٍ (مِنْ) وَقْتِ قَبْضِ (التَّمَامِ) أَيْ: الْمُتَمِّمِ لِلنِّصَابِ ثُمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 55 لَا إنْ نَقَصَ بَعْدَ الْوُجُوبِ، ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وَإِنْ قَلَّ. وَإِنْ اقْتَضَى دِينَارًا فَآخَرَ فَاشْتَرَى بِكُلٍّ سِلْعَةً، بَاعَهَا بِعِشْرِينَ، فَإِنْ بَاعَهَا مَعًا أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى   [منح الجليل] حَوْلُ كُلِّ مَقْبُوضٍ مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، فَإِنْ قَبَضَ عَشَرَةً فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَعَشَرَةً فِي أَوَّلِ رَجَبٍ فَحَوْلُهُمَا أَوَّلُ رَجَبٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ: حَوْلُ كُلِّ مَقْبُوضٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ (لَا) يَكُونُ حَوْلَ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ (إنْ نَقَصَ) الْمُتَمُّ عَنْ النِّصَابِ (بَعْدَ الْوُجُوبِ) لِزَكَاتِهِ لِكَوْنِهِ نِصَابًا ثُمَّ قَبَضَ مَا يُكَمِّلُهُ نِصَابًا فَلَا يَكُونُ حَوْلُهُ مِنْ التَّمَامِ، فَيُزَكِّي كُلَّ مَقْبُوضٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ، فَمَنْ اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَزَكَّاهَا ثُمَّ اقْتَضَى عِشْرِينَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ ثُمَّ جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَمَقْبُوضُهُ دُونَ نِصَابٍ وَهُوَ مَعَ مَقْبُوضِ رَجَبٍ نِصَابٌ زَكَّاهُ نَظَرًا لِتَمَامِهِ بِالرَّجَبِيِّ. وَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ زَكَّى مَقْبُوضَهُ نَظَرًا لِتَمَامِهِ بِالْمُحَرَّمِيِّ مَا دَامَ فِي مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ. (ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ الْمَقْبُوضِ نِصَابًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ سَوَاءٌ بَقِيَ عِنْدَهُ أَوْ تَلِفَ (زَكَّى) الْمَالِكُ (الْمَقْبُوضَ) مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ نِصَابًا بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) مِنْ النِّصَابِ حَالَ قَبْضِهِ وَيَصِيرُ حَوْلُ كُلِّ مَقْبُوضٍ يَوْمَ قَبْضِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ اقْتَضَى نِصَابًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ وَتَلِفَ فَلَا يُزَكِّي الْمَقْبُوضَ بَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ نِصَابًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي تَلَفِهِ وَإِلَّا زَكَّاهُ وَإِنْ قَلَّ. (وَإِنْ اقْتَضَى) أَيْ: قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْمَدِينِ أَوْ عِنْدَهُمَا (دِينَارًا) فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ مَثَلًا (فَ) اقْتَضَى دِينَارًا (آخَرَ) فِي رَجَبٍ مَثَلًا (فَاشْتَرَى بِكُلٍّ) مِنْ الدِّينَارَيْنِ (سِلْعَةً) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي أَوْ عَكْسُهُ (بَاعَهَا) أَيْ: سِلْعَةَ كُلٍّ مِنْهَا (بِعِشْرِينَ) دِينَارًا مَثَلًا. (فَإِنْ بَاعَهُمَا) أَيْ السِّلْعَتَيْنِ مَعًا فِي صُوَرِ الشِّرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ يَوْمَ قَبْضِهَا مِنْ الْمُشْتَرَى (أَوْ) بَاعَ (إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى) بِحَيْثُ اجْتَمَعَتَا فِي مِلْكِهِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَةَ أَوَّلًا إمَّا سِلْعَةُ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَمِمَّا فِي صُوَرِ الشِّرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِسِتَّةٍ وَهِيَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 56 زَكَّى الْأَرْبَعِينَ، وَإِلَّا أَحَدًا وَعِشْرِينَ، وَضُمَّ لِاخْتِلَاطِ أَحْوَالِهِ: لِأَوَّلٍ، عَكْسُ الْفَوَائِدِ، وَالِاقْتِضَاءُ   [منح الجليل] مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْ: صُوَرِ بَيْعِهِمَا مَعًا بِتِسْعَةٍ، أَيْ: وَبَاعَ الْأُخْرَى أَيْضًا (زَكَّى الْأَرْبَعِينَ) دِينَارًا فِي الصُّوَرِ وَالتِّسْعِ لَكِنْ تَزْكِيَةُ الْأَرْبَعِينَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ حِينَ بَيْعِهِمَا مَعًا، وَأَمَّا فِي السِّتِّ فَيُزَكِّي حِينَ بَيْعِ الْأَوَّلِ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَعِنْدَ بَيْعِ الثَّانِيَةِ يُزَكِّي تِسْعَةَ عَشَرَ وَحَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ وَقْتِ بَيْعِ الْأُولَى. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبِعْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى بِأَنْ بَاعَ الْأُولَى قَبْلَ شِرَاءِ الثَّانِيَةِ زَكَّى (أَحَدًا وَعِشْرِينَ) دِينَارًا عِشْرُونَ ثَمَنُ الَّتِي بَاعَهَا وَالدِّينَارِ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ بِهِ، وَيَسْتَقْبِلُ بِرِبْحِ الثَّانِيَةِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ مُزَكًّى فَحَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ أَصْلِهِ، فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً الَّتِي ذَكَرَهَا غَيْرُهُ، وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ شِرَاءُ السِّلْعَتَيْنِ بِالدِّينَارَيْنِ مَعًا وَبَاعَهُمَا مَعًا أَوْ سِلْعَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سِلْعَةِ الثَّانِي أَوْ عَكْسُهُ، وَيُزَكِّي أَحَدًا وَعِشْرِينَ فِي الْبَاقِي هَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وَاعْتَمَدَهُ الرَّمَاصِيُّ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا زَكَّى أَرْبَعِينَ وَإِلَّا أَحَدًا وَعِشْرِينَ لَوَافَقَ هَذَا (وَضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ (لِ) أَجْلِ (اخْتِلَاطِ) أَيْ الْتِبَاسِ (أَحْوَالِهِ) جَمْعُ حَوْلٍ أَيْ: أَوْقَاتِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَنَائِبُ ضُمَّ اقْتِضَاءٌ (آخَرُ) مِنْهَا مُلْتَبِسٌ وَقْتُهُ وَصِلَةُ ضُمَّ (لِ) لِاقْتِضَاءِ (أَوَّلٍ) مِنْهَا عُلِمَ وَقْتُهُ فَيَصِيرُ حَوْلُهُمَا مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ خُصُوصَ الْأَوَّلِ الْحَقِيقِيِّ، وَبِالْآخَرِ خُصُوصَ الْآخَرِ الْحَقِيقِيِّ، بَلْ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ. مَا تَقَدَّمَ مُطْلَقًا وَبِالْآخَرِ مَا تَأَخَّرَ كَذَلِكَ، فَلَا يُضَمُّ الِاقْتِضَاءُ الْمَنْسِيُّ وَقْتُهُ لِلْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ الْمَعْلُومِ وَقْتُهُ فَهِيَ (عَكْسُ الْفَوَائِدِ) الَّتِي نُسِيَتْ أَوْقَاتُهَا سِوَى الْأَخِيرَةِ، فَإِنَّهَا تَضُمُّ الْمَنْسِيَّ وَقْتُهَا مِنْهَا لِلْأَخِيرَةِ الْمَعْلُومِ وَقْتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَخِيرَةً حَقِيقَةً أَمْ لَا، وَضُمَّ لِلْأَخِيرَةِ فِي الْفَوَائِدِ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ فَلَوْ ضُمَّتْ الْأَخِيرَةُ لِلْأُولَى لَزِمَ زَكَاةُ الْأَخِيرَةِ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا،، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَزَكَاتُهُ لِمَا مَضَى فَإِذَا ضُمَّ آخِرُهُ لِأَوَّلِهِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 57 لِمِثْلِهِ مُطْلَقًا، وَالْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ. فَإِنْ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشْرَةً وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا، ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ، وَالْأَوْلَى إنْ اقْتَضَى خَمْسَةً، وَإِنَّمَا يُزَكَّى: عَرْضٌ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ.   [منح الجليل] (وَ) ضُمَّ (الِاقْتِضَاءُ) الْمُتَأَخِّرُ النَّاقِصُ عَنْ النِّصَابِ (لِمِثْلِهِ) الْمُتَقَدِّمِ فِي كَوْنِهِ اقْتِضَاءً وَإِنْ لَمْ يُمَاثِلْهُ فِي الْقَدْرِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْأَوَّلِ إلَى اقْتِضَاءِ الثَّانِي (وَ) ضُمَّتْ (الْفَائِدَةُ) الْمُتَقَدِّمَةُ النَّاقِصَةُ عَنْ النِّصَابِ (لِلْمُتَأَخِّرِ) عَنْهَا (مِنْهُ) أَيْ: الِاقْتِضَاءِ لَا لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُ الْمُتَّفَقِ قَبْلَ اسْتِفَادَتِهَا أَوْ حَوْلِهَا هَذِهِ قَاعِدَةٌ فَرَّعَ عَلَيْهَا لِإِيضَاحِهَا فَقَالَ. (فَإِنْ اقْتَضَى) أَيْ: قَبَضَ (خَمْسَةً) مِنْ دَيْنِهِ (بَعْدَ) تَمَامِ (حَوْلٍ) مِنْ زَكَاتِهِ أَوْ مِلْكِهِ وَأَنْفَقَهَا. (ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً) وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ (وَأَنْفَقَهَا) أَيْ: الْعَشَرَةَ الَّتِي اسْتَفَادَهَا (بَعْدَ حَوْلِهَا) وَأَوْلَى إنْ أَبْقَاهَا (ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً) مِنْ دَيْنِهِ (زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ) أَيْ: الْفَائِدَةَ وَالْعَشَرَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا بَعْدَهَا وَلَا يُزَكِّي الْخَمْسَةَ الْأُولَى لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ مِنْهَا وَمِنْ عَشَرَةِ الِاقْتِضَاءِ وَعَدَمِ ضَمِّهَا لِلْعَشَرَةِ الْفَائِدَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ غَيْرُ خَلِيطٍ، وَعَلَى أَنَّهُ خَلِيطٌ يُزَكِّي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ عَشَرَةَ الْفَائِدَةِ خَلِيطٌ لِعَشَرَةِ الِاقْتِضَاءِ وَهِيَ خَلِيطٌ لِخَمْسَةٍ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحَوْلِ، وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالْفَائِدَةِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ. (وَ) يُزَكِّي الْخَمْسَةَ (الْأُولَى إنْ اقْتَضَى خَمْسَةً) أُخْرَى مَعَ تَزْكِيَةِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْمُقْتَضَاةِ أَيْضًا لِتَمَامِ النِّصَابِ مِنْ مَجْمُوعِ الِاقْتِضَاءَاتِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَوْضُوعُ إنْفَاقُ الْخَمْسَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا أَوَّلًا قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ. فَإِنْ بَقِيَتْ لِحَوْلِهَا ضَمَّهَا لَهَا (وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ: عِوَضُهُ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُدَارًا وَثَمَنُهُ إنْ كَانَ مُحْتَكَرًا وَنَعَتَ الْعَرْضَ بِجُمْلَةِ (لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ) أَيْ: الْعَرْضِ كَرَقِيقٍ وَبَزٍّ وَدُونَ نِصَابِ نَعَمٍ وَطَعَامٍ وَتُزَكَّى عَيْنُ مَا فِي عَيْنِهِ زَكَاةً كَنِصَابِ نَعَمٍ وَحُلِيٍّ وَمُعَشَّرٍ وَلَوْ مُدَارًا أَوْ مُحْتَكَرًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 58 مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ بِنِيَّةِ تَجْرٍ أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ أَوْ قُنْيَةٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَالْمُرَجَّحِ، لَا بِلَا نِيَّةٍ، أَوْ نِيَّةِ قُنْيَةٍ. أَوْ غَلَّةٍ أَوْ هُمَا، أَوْ كَانَ كَأَصْلِهِ   [منح الجليل] وَنَعَتَهُ أَيْضًا بِجُمْلَةِ (مُلِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْعَرْضُ (بِمُعَاوَضَةٍ) مَالِيَّةٍ أَيْ: بِسَبَبِهَا لَا هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ خُلْعٍ (بِنِيَّةِ تَجْرٍ) أَيْ: مَعَهَا وَحْدَهَا. (أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ) بِأَنْ نَوَى أَنْ يُكْرِيَهُ إلَى أَنْ يَجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِرِبْحٍ (أَوْ) مَعَ نِيَّةِ (قُنْيَةٍ) بِأَنْ نَوَى اسْتِعْمَالَهُ بِنَفْسِهِ إلَى أَنْ يَجِدَ مُشْتَرِيًا بِهِ، وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَقَطْ فَتَجُوزُ جَمْعُهُمَا مَعَ نِيَّةِ التَّجْرِ بِأَنْ نَوَى اسْتِعْمَالَهُ وَكِرَاءَهُ وَبَيْعَهُ بِرِبْحٍ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ. (وَالْمُرَجَّحِ) لِابْنِ يُونُس مِنْ الْخِلَافِ وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمُقَابَلَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ غَازِيٍّ قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُرَجَّحُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قُنْيَةٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَبْيَنُ فَقَطَعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ بِعَزْوِهِ لِمَنْ رَجَّحَهُ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَصْلًا اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ لَكِنَّهُ يَجْرِي فِي الْأُولَى بِالْأَوْلَى فَيَصِحُّ إرْجَاعُهُ لَهَا وَذِكْرُ مَفْهُومٍ بِنِيَّةِ تَجْرٍ عَاطِفًا لَهُ عَلَيْهِ بِلَا فَقَالَ (لَا) يُزَكَّى عِوَضُ الْعَرْضِ أَنْ مُلِكَ (بِلَا نِيَّةٍ) لِتَجْرٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ قُنْيَةٍ (أَوْ) مَعَ (نِيَّةِ قُنْيَةٍ) فَقَطْ (أَوْ) نِيَّةِ (غَلَّةٍ) فَقَطْ (أَوْ) مَعَ نِيَّتِ (هِمَا) أَيْ: الْقُنْيَةِ وَالْغَلَّةِ مَعًا. وَعَطَفَ عَلَى لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ أَوْ عَلَى مُلِكَ بِنِيَّةِ تَجْرٍ فَقَالَ (وَكَانَ) الْعَرْضُ (كَأَصْلِهِ) هَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ وَالْمَعْنَى، وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ أَيْ: فِي كَوْنِهِ عَرْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ أَوْ الْقُنْيَةِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْوِيَّ بِهِ الْقُنْيَةُ لَا يُزَكِّي مَا اشْتَرَى بِهِ بِنِيَّةِ التَّجْرِ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ لَا يَكَادُ يُقْبَلُ لِشُذُوذِهِ وَضَعْفِهِ وَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ وَاشْتَرَى بِهِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ وَبَاعَهُ فَيُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ وَمَفْهُومُ كَانَ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْعَرْضَ الْمَمْلُوكَ بِلَا مُعَاوَضَةٍ كَعَطِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ، كَصَدَاقٍ إنْ اشْتَرَى بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 59 أَوْ عَيْنًا وَإِنْ قَلَّ، وَبِيعَ بِعَيْنٍ، وَإِنْ لِاسْتِهْلَاكٍ فَكَالدَّيْنِ لِمَنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ، وَدَيْنَهُ النَّقْدَ الْحَالَّ الْمَرْجُوَّ، وَإِلَّا قَوَّمَهُ،   [منح الجليل] عَرْضَ تِجَارَةٍ وَبَاعَهُ بِعَيْنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ. (أَوْ) كَانَ أَصْلُهُ (عَيْنًا وَإِنْ قَلَّ) عَنْ نِصَابٍ اشْتَرَى بِهَا عَرْضَ تِجَارَةٍ وَعَطَفَ عَلَى لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ عَلَى مِلْكٍ بِمُعَاوَضَةٍ فَقَالَ (وَبِيعَ) أَيْ: عَرْضُ التِّجَارَةِ (بِعَيْنٍ) لَا إنْ لَمْ يُبَعْ وَلَا إنْ لَمْ يُبَعْ بِعَرْضٍ إلَّا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُؤْخَذُ بِهَا قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَابْنُ جُزَيٍّ، لَكِنْ الْمُحْتَكَرَ لَا بُدَّ أَنْ يُبَاعَ بِنِصَابٍ وَلَوْ فِي مَرَّاتٍ وَحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَاعَ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَالْمُدَارُ تُزَكَّى قِيمَتُهُ إنْ بِيعَ مِنْهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ، كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدِّرْهَمَ مِثَالٌ لِلْقَلِيلِ لَا تَحْدِيدٌ وَأَنَّهُ مَتَى نَضَّ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ بَيْعُهُ بِهَا اخْتِيَارِيًّا بَلْ (وَإِنْ) أَخَذَ الْعَيْنَ عِوَضَهُ (لِاسْتِهْلَاكٍ) أَيْ: إتْلَافِ الْعَرْضِ مِنْ شَخْصٍ فَأَخَذَ رَبُّهُ مِنْهُ قِيمَتَهُ عَيْنًا (فَكَالدَّيْنِ) فِي زَكَاتِهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَهُ سِنِينَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمَحْصُورُ فِيهِ فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ قَوْلُهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ إلَخْ، فَالْفَاءُ فِي جَوَابِ شَرْطِ مُقَدَّرٍ رَأَى إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَيُزَكَّى كَالدَّيْنِ (إنْ رَصَدَ) فَتْحُ الرَّاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ انْتَظَرَ التَّاجِرُ (بِهِ) أَيْ: الْعَرْضِ (السُّوقَ) أَيْ: ارْتِفَاعَ ثَمَنِهِ ارْتِفَاعًا بَيِّنًا وَيُسَمَّى مُحْتَكِرًا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَرْصُدْ بِهِ السُّوقَ بِأَنْ يَكْتَفِيَ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الرِّبْحِ وَيُخْلِفَهُ بِغَيْرِهِ وَيُسَمَّى مُدِيرًا كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ وَجَالِبِي السِّلَعِ إلَى الْبُلْدَانِ (زَكَّى) إنْ تَمَّ حَوْلُهُ (عَيْنَهُ) أَيْ: الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ وَالْحُلِيَّ الَّتِي بِيَدِهِ (وَدَيْنَهُ) عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: عَدَدِهِ (النَّقْدَ) أَيْ: الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ (الْحَالَّ) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ: غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ انْتِهَاءِ أَجَلِهِ (الْمَرْجُوَّ) خُلَاصَةً لِكَوْنِهِ عَلَى مَلِيءٍ حَسَنِ الْمُعَامَلَةِ أَوْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ النَّاشِئَةُ مِنْ بَيْعٍ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا بِأَنْ كَانَ عَرْضًا مَرْجُوًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَالًّا بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَذَلِكَ (قَوَّمَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الدَّيْنَ الْعَرْضَ أَوْ الْمُؤَجَّلَ، أَيْ: قَدَّرَ قِيمَتِهِ وَقْتَ التَّزْكِيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 60 وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ: كَسِلَعِهِ وَلَوْ بَارَتْ، لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ، أَوْ كَانَ قَرْضًا، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ   [منح الجليل] لَا زَائِدَةً وَلَا نَاقِصَةً. وَزَكَّاهَا مَعَ عَيْنِهِ وَدَيْنِهِ النَّقْدِ الْحَالِّ الْمَرْجُوِّ وَالنَّقْدُ الْمُؤَجَّلُ يُقَوَّمُ بِعَرْضٍ وَهُوَ يُقَوَّمُ بِنَقْدٍ حَالٍّ. وَهَذَا هُوَ قِيمَةُ النَّقْدِ الْمُؤَجَّلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ الْعَرْضُ طَعَامَ سَلَمٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ دَيْنُهُ الْعَرْضُ (طَعَامَ سَلَمٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ أَيْ: طَعَامًا مُسَلَّمًا فِيهِ إذْ لَيْسَ تَقْوِيمُهُ بَيْعًا فَيَلْزَمُ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ الْإِبْيَانِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ بِعَدَمِ تَقْوِيمِهِ. وَشَبَّهَ فِي التَّقْوِيمِ فَقَالَ (كَسِلْعَةٍ) أَيْ: الْمُدِيرِ فَيُقَوِّمُهَا إنْ تَمَّ الْحُلُولُ وَبَاعَ مِنْهَا بِنَقْدٍ وَإِنْ قَالَ وَيُزَكِّي قِيمَتَهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ كُلَّ عَامٍ وَإِنْ لَمْ تَبُرْ بَلْ (وَلَوْ بَارَتْ) أَيْ: كَسَدَتْ وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ بِلَا بَيْعٍ فَلَا تَنْتَقِلُ لِقِنْيَةٍ وَلَا لِاحْتِكَارٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ لَا يُقَوَّمُ مَا بَارَ مِنْهَا وَيَنْتَقِلُ لِلِاحْتِكَارِ. وَخَصَّ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ بِبَوَرَانِ الْأَقَلِّ قَالَا فَإِنْ بَارَ نِصْفُهَا فَلَا يُقَوِّمُهَا اتِّفَاقًا. وَأَطْلَقَ ابْنُ بَشِيرٍ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لِنِيَّتِهِ إذْ لَوْ وَجَدَ مُشْتَرِيًا لَبَاعَ أَوْ لِلْمَوْجُودِ وَهُوَ انْتِظَارُ السُّوقِ، وَشَرْطُ تَقْوِيمِهَا دَفْعُ ثَمَنِهَا أَوْ مُرُورُ حَوْلٍ عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهَا وَحُكْمُهُ فِي هَذَا حُكْمُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ زَكَاةِ مَا حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ بِسَبَبِ دَيْنٍ ثَمَنِ هَذَا الْعَرْضِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ ثَمَنِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (لَا) تَجِبُ زَكَاةُ الدَّيْنِ (إنْ لَمْ يَرْجُهُ) لِكَوْنِهِ عَلَى مُعْدِمٍ أَوْ ظَالِمٍ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالْمَغْصُوبِ. (أَوْ كَانَ) الدَّيْنُ (قَرْضًا) وَلَوْ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ أَعْوَامًا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُزَكِّيَهُ لِكُلِّ عَامٍ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً وَسُكُونِ التَّاءِ أَيْ: فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ (أَيْضًا) أَيْ: كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِعَدَمِ تَقْوِيمِ الْقَرْضِ وَصِلَةُ تُؤُوِّلَتْ (بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ) بِالْقَافِ أَيْ: السَّلَفِ وَزَكَاةِ قِيمَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 61 وَهَلْ حَوْلُهُ لِلْأَصْلِ، أَوْ وَسَطٍ مِنْهُ وَمِنْ الْإِدَارَةِ؟ تَأْوِيلَانِ ثُمَّ زِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ، بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّحَرِّي. وَالْقَمْحُ   [منح الجليل] وَهَذَا ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا وَهُوَ لِابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ وَالْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَمَحَلُّهُمَا قَوْلُهَا فِي زَكَاةِ الْمُدِيرِ وَالْمُدِيرُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ مَالُهُ كُلُّهُ عَيْنًا وَالْبَزَّازُ وَاَلَّذِي يُجَهِّزُ الْأَمْتِعَةَ لِلْبُلْدَانِ يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكِّي ذَلِكَ مَعَ مَا بِيَدِهِ عَلَى عَيْنٍ وَمَا لَهُ مِنْ دَيْنٍ يَرْتَجِي قَضَاءَهُ اهـ. فَحَمَلَ الْبَاجِيَّ الدَّيْنَ عَلَى الْمُعَدِّ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ دَيْنُ غَيْرِ الْقَرْضِ. وَأَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَلَا يُقَوَّمُ لِقَوْلِهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَمَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يُزَكِّهِ حَتَّى أَقْرَضَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ زَكَّاهُ لِعَامَيْنِ فَقَدْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - زَكَاتَهُ مُدَّةَ الْقَرْضِ إلَّا سَنَةَ قَبْضِهِ، وَعَمَّمَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ فِي الدَّيْنِ. (وَ) إنْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ زَكَاةً فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِلْإِدَارَةِ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ فَ (هَلْ حَوْلُهُ) أَيْ: الْمُدِيرِ الَّذِي يُزَكِّي عِنْدَ تَمَامِهِ قِيمَةَ مَا يَجِبُ تَقْوِيمُهُ مِنْ دَيْنِ عَرْضٍ، أَوْ مُؤَجَّلٍ مَرْجُوٍّ وَسِلَعِ تِجَارَةٍ (لِلْأَصْلِ) أَيْ: مُحَرَّمٍ الَّذِي مَلَكَ أَوْ زَكَّى فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ (أَوْ وَسَطٍ مِنْهُ) أَيْ: الْأَصْلِ. (وَمِنْ) وَقْتِ (الْإِدَارَةِ) كَرَبِيعٍ الثَّانِي فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الرَّمَاصِيُّ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ. الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَإِذَا قَوَّمَ الْمُدِيرُ سِلْعَةً وَزَكَّاهَا (ثُمَّ) بَاعَهَا بِزَائِدٍ عَمَّا قَوَّمَهَا بِهِ فَ (زِيَادَتُهُ) أَيْ: ثَمَنُهَا عَلَى قِيمَتِهَا (مُلْغَاةٌ) أَيْ: لَا تَجِبُ زَكَاتُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا لِارْتِفَاعِ سُوقِهَا أَوْ رَغْبَةِ مُشْتَرِيهَا، فَإِنْ تَحَقَّقَ خَطَؤُهُ فِي تَقْوِيمِهَا فَلَا تُلْغَى وَتَجِبُ زَكَاتُهَا. (بِخِلَافِ) زِيَادَةِ وَزْنِ (حُلِيِّ التَّحَرِّي) أَيْ: الَّذِي تَحَرَّى زِنَتَهُ لِتَرْصِيعِهِ بِجَوْهَرٍ وَزَكَّاهَا ثُمَّ نَزَعَ الْجَوْهَرَ مِنْهُ، وَوَزَنَهُ فَزَادَ وَزْنُهُ عَمَّا تَحَرَّاهُ فِيهِ فَيُزَكِّي الزِّيَادَةَ لِتَحَقُّقِهَا وَتَبَيُّنِ خَطَئِهِ فِي تَحَرِّيهِ. (وَالْقَمْحُ) بِالْقَافِ وَالْمِيمِ أَيْ: مَثَلًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُزَكَّى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فِي تَقْوِيمِهِ وَزَكَاةِ قِيمَتِهِ إنْ نَقَصَ عَنْ نِصَابٍ أَوْ فِي غَيْرِ عَامِ خُرُوجِهِ وَفِي نُسْخَةٍ وَالْفَسْخُ أَيْ: سِلْعَةُ التِّجَارَةِ الَّتِي بَاعَهَا الْمُدِيرُ وَفَسَخَ بَيْعَهَا لِفَسَادِهِ أَوْ عَيْبِهَا كَغَيْرِهَا فِي التَّقْوِيمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 62 وَالْمُرْتَجَعُ مِنْ مُفَلَّسٍ، وَالْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ كَغَيْرِهِ، وَانْتَقَلَ الْمَدَارُ لِلِاحْتِكَارِ، وَهُمَا لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ لَا الْعَكْسُ. وَلَوْ كَانَ أَوَّلًا لِلتِّجَارَةِ   [منح الجليل] وَ) الْعَرْضُ (الْمُرْتَجَعُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ: الَّذِي أَخَذَهُ بَائِعُهُ الْمُدِيرُ (مِنْ) مُشْتَرٍ (مُفَلَّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فِي التَّقْوِيمِ (وَ) الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ (الْمُكَاتَبُ) أَيْ: الَّذِي أَعْتَقَهُ الْمُدِيرُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ حَالَ كَوْنِهِ (يَعْجِزُ) عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَلَوْ قَلَّ فَيَصِيرُ قِنًّا (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْعُرُوضِ فِي التَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ كِتَابَتِهِ لَيْسَ ابْتِدَاءَ مِلْكٍ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَى إحْدَاثِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا حِلُّ بَيْعٍ فَتَرْجِعُ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهَا مِنْ إرَادَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَتُحْمَلُ عَلَى الْقُنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهَا شَيْئًا فَإِنْ نَوَى بِهَا الْقُنْيَةَ أَوْ التِّجَارَةَ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ السِّلْعَةِ الَّتِي تَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ بَيْعِهَا بِإِقَالَةٍ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ. وَكَذَا الرَّاجِعَةُ بَعْدَ بَيْعِهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ. (وَانْتَقَلَ) الْعَرْضُ (الْمُدَارُ) بِضَمِّ الْمِيمِ، أَيْ: الَّذِي نَوَى التَّاجِرُ فِيهِ بَيْعَهُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ قَلَّ مِنْ الْإِدَارَةِ (لِلِاحْتِكَارِ) أَيْ انْتِظَارِ ارْتِفَاعِ السُّوقِ بِبَيْعِهِ بِالنِّيَّةِ (وَهُمَا) أَيْ: الْمُدَارُ وَالْمُحْتَكَرُ يَنْتَقِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ) فَإِنْ بَاعَهُ بِنِصَابٍ اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ: لَا يَنْتَقِلُ الْمُحْتَكَرُ لِلْإِرَادَةِ بِالنِّيَّةِ وَلَا الْمُقْتَنَى لِلْإِدَارَةِ أَوْ الِاحْتِكَارِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ ضَعِيفٌ فَتُنْقَلُ لِلْأَصْلِ، وَلَا تُنْقَلُ عَنْهُ. وَالْأَصْلُ فِي الْعَرْضِ الْقُنْيَةُ وَالِاحْتِكَارُ قَرِيبٌ مِنْهَا إنْ كَانَ اشْتَرَى الْعَرْضَ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى التَّجْرَ فِيهِ. بَلْ (وَلَوْ كَانَ) اشْتَرَاهُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ: ابْتِدَاءً (لِلتِّجَارَةِ) ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقُنْيَةَ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا لِلتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ، قَوْلَةُ لَا الْعَكْسُ وَهُوَ نِيَّةُ الْإِدَارَةِ أَوْ الِاحْتِكَارِ بِعَرْضِ الْقُنْيَةِ، وَلَا تَرْجِعُ لِلصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ نِيَّةُ الْإِدَارَةِ بِالْمُحْتَكَرِ صِحَّتُهَا فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 63 وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ وَتَسَاوَيَا، أَوْ اُحْتُكِرَ الْأَكْثَرُ، فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ، وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ، وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي. وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ: قَوْلَانِ. . وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ، إنْ أَدَارَ أَوْ الْعَامِلُ   [منح الجليل] أَشْهَبُ يَنْتَقِلُ بِهَا عَنْ الْقُنْيَةِ إلَى الِاحْتِكَارِ أَوْ الْإِدَارَةِ إنْ كَانَ أَوَّلًا لِلتَّاجِرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِوَلَوْ، وَيَكْفِي فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ مَنْ رَجَّحَهُ. (وَإِنْ اجْتَمَعَ) لِتَاجِرٍ (إدَارَةٌ) فِي عَرْضٍ (وَاحْتِكَارٌ) فِي آخَرَ (وَتَسَاوَيَا) أَيْ: الْعَرْضَانِ قِيمَةُ (أَوْ احْتَكَرَ الْأَكْثَرَ) وَأَدَارَ الْأَقَلَّ (فَكُلٌّ) مِنْ الْعَرْضَيْنِ (عَلَى حُكْمِهِ) فِي التَّسَاوِي وَاحْتِكَارِ الْأَكْثَرِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا وَلَمْ يَحْتَكِرْ الْأَكْثَرَ بِأَنْ أَدَارَ الْأَكْثَرَ وَاحْتَكَرَ الْأَقَلَّ (فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ) وَلُغِيَ حُكْمُ الِاحْتِكَارِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ مُطْلَقًا. وَقَالَ: هُوَ وَمُطَرِّفٌ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ مُطْلَقًا. وَتَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ عَلَى أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْإِدَارَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَصْبَغَ. (وَلَا تُقَوَّمُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلَةً (الْأَوَانِي) الَّتِي تُدَارُ فِيهَا السِّلَعُ وَلَا الْآلَاتُ الَّتِي تُصْنَعُ بِهَا، وَكَذَا الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُهَا وَبَقَرُ الْحَرْثِ لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَأَشْبَهَتْ الْمُقْتَنَى بَلْ هِيَ مُقْتَنَاةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِصَابًا. (وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ) أَيْ: مَنْ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ الْمُدِيرُ سِلْعَةً إنْ بَاعَ مِنْهَا بِنَقْدٍ وَإِنْ قَلَّ (لِحَوْلٍ مِنْ) يَوْمِ (إسْلَامِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ) إنْ بَلَغَ نِصَابًا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا الْمُحْتَكِرُ إذَا أَسْلَمَ فَيَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بِالثَّمَنِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ اتِّفَاقًا. (وَالْقِرَاضُ) أَيْ: الْمَالُ الْمَدْفُوعُ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ لِرِبْحِهِ (الْحَاضِرُ) بِبَلَدِ رَبِّهِ وَلَوْ حُكْمًا بِعِلْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ (يُزَكِّيهِ) أَيْ: الْقِرَاضَ (رَبُّهُ) كُلَّ عَامٍ (إنْ أَدَارَ) أَيْ: رَبُّهُ وَعَامِلُهُ فَيُقَوَّمُ مَا بِيَدِهِمَا وَيُزَكِّي رَأْسُ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ. (أَوْ) أَدَارَ (الْعَامِلُ) وَحْدَهُ فَيُقَوَّمُ مَا بِيَدِهِ وَيُزَكِّي رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الْقِرَاضُ وَحْدَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 64 مِنْ غَيْرِهِ. وَصَبَرَ إنْ غَابَ فَيُزَكَّى لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا، وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا،   [منح الجليل] وَصِلَةُ يُزَكِّيهِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: الْقِرَاضِ لِئَلَّا يَنْقُصَ مَالَ الْقِرَاضِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ. فَإِنْ قِيلَ: زَكَاتُهُ مِنْ غَيْرِهِ زِيَادَةٌ فِيهِ بِتَوْفِيرِهِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ أَيْضًا. قُلْت: الزِّيَادَةُ الْمَمْنُوعَةُ هِيَ الزِّيَادَةُ الَّتِي تَصِلُ لِيَدِ الْعَامِلِ، وَيَنْتَفِعُ بِرِبْحِهَا وَالزَّكَاةُ لَمْ تَصِل لِيَدِ الْعَامِلِ وَلَا انْتَفَعَ بِرِبْحِهَا، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَعَزَاهَا اللَّخْمِيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. طفى كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ، وَيُزَكِّي حِينَئِذٍ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا كَالْغَالِبِ فَيَأْتِي فِيهِ وَزَكَّى لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا إلَخْ وَعَزَاهُ لِقِرَاضِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَلِرِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ وَسَمَاعِ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ وَاللَّخْمِيِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ، وَقَدْ اشْتَهَرَ عِنْدَ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ. وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَصَبَرَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ رَبُّهُ بِزَكَاتِهِ (إنْ غَابَ) الْقِرَاضُ عَنْ بَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ سِنِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَوْ يَعْلَمَ وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ رَبِّهِ أَوْ فَلَسِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّهُ بِهَا أَوْ تُؤْخَذَ مِنْهُ كَرْهًا فَتَجْزِيَهُ وَتُحْسَبَ عَلَى رَبِّهِ وَحْدَهُ (فَيُزَكِّي) رَبُّ الْمَالِ (لِسَنَةِ الْفَصْلِ) أَيْ: عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَاصَلَةٌ بَيْنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ (مَا فِيهَا) سَوَاءٌ سَاوَى مَا قَبْلَهُ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ. (وَسَقَطَ) عَنْ رَبِّهِ زَكَاةُ (مَا زَادَ قَبْلَهَا) أَيْ: سَنَةَ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِيَدِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ وَيَبْدَأُ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ لِمَا قَبْلَهَا وَهَكَذَا. وَإِنْ نَقَّصَ الْإِخْرَاجُ النِّصَابَ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِي، هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. صفى الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأُولَى فَاَلَّتِي تَلِيهَا وَهَكَذَا إلَى سَنَةِ الْحُضُورِ. فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ وَفِي سَنَةِ الْحُضُورِ مِائَتَانِ وَخَمْسِينَ فَيُزَكِّي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ لِلْأُولَى وَيَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ مَا أَخْرَجَهُ زَكَاةً فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ. وَهَكَذَا فِي الثَّالِثَةِ إلَى سَنَةِ الْحُضُورِ. بَعْضُ الشُّيُوخِ مَآلُهُمَا وَاحِدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ابْتِدَائِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 65 وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلٍّ مَا فِيهَا   [منح الجليل] بِسَنَةِ الْحُضُورِ وَابْتِدَائِهِ بِالْأُولَى الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَغَابَ الْعَامِلُ بِهِ خَمْسَ سِنِينَ وَحَضَرَ بِهِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ زَكَاةً لِسَنَتَيْنِ، وَسَقَطَتْ زَكَاةُ ثَلَاثِ سِنِينَ لِتَنْقِيصِ الْإِخْرَاجِ النِّصَابَ. وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَفِي الثَّانِي ثَلَثُمِائَةٍ وَفِي عَامِ الْحُضُورِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ أَخْرَجَ عَنْهُ سِتَّةً وَرُبْعًا، وَعَنْ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا سِتَّةً وَرُبْعًا وَعَنْ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْهَا إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا تَقْرِيبًا، وَلَا يُقَالُ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَوْ الْقَدْرَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُزَكِّي عَنْ الْجَمِيعِ كُلَّ عَامٍ كَمَا هُوَ حُكْمُ دَيْنِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الزَّكَاةِ فَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ فَيُعْتَبَرُ نَقْصُهُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إنْ تَلِفَ الْقِرَاضُ قَبْلَ عَامِ الْمُفَاصَلَةِ فَلَا زَكَاةَ. (وَإِنْ نَقَصَ) الْقِرَاضُ قَبْلَ سَنَةِ حُضُورِهِ عَنْهُ فِيهَا (فَ) يُزَكِّي (لِكُلٍّ) مِنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ (مَا فِيهَا) كَكَوْنِهِ فِي الْأُولَى مِائَةً، وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةً وَخَمْسِينَ، وَفِي الثَّالِثَةِ مِائَتَيْنِ، فَعَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ يُزَكِّي مِائَتَيْنِ لِسَنَةِ الْحُضُورِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ لِلثَّانِيَةِ وَمِائَةً لِلْأُولَى، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ يَبْدَأُ بِالْأُولَى يُزَكِّي مِائَةً لِلْأُولَى وَمِائَةً وَخَمْسِينَ إلَّا اثْنَيْنِ وَنِصْفًا لِلثَّانِيَةِ، وَمِائَتَيْنِ إلَّا سَبْعَةً وَنِصْفًا تَقْرِيبًا فِي سَنَةِ الْحُضُورِ، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَتَوَجَّهَ بَحْثُ طفى السَّابِقُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 66 وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ قُضِيَ بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ احْتَكَرَا، أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ   [منح الجليل] وَ) إنْ كَانَ الْقِرَاضُ (أَزْيَدَ) فِي بَعْضِ سِنِي الْغَيْبَةِ عَنْهُ فِي سَنَةِ الْحُضُورِ (وَأَنْقَصَ) فِي بَعْضِهَا عَنْهُ فِيهَا كَكَوْنِهِ فِي سَنَةِ حُضُورِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ، وَفِي الْأُولَى خَمْسَمِائَةٍ وَفِي الْوُسْطَى مِائَتَيْنِ (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِالنَّقْصِ) أَيْ: بِحُكْمِ النَّاقِصِ (عَلَى مَا) أَيْ: الزَّائِدِ الَّذِي (قَبْلَهُ) فَيُزَكِّي أَرْبَعَمِائَةٍ لِسَنَةِ الْحُضُورِ وَمِائَتَيْنِ لِلْأُولَى. وَكَذَا لِلثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فَإِنْ تَقَدَّمَ النَّقْصُ كَمِائَتَيْنِ فِي الْأُولَى وَخَمْسِمِائَةٍ فِي الثَّانِيَةِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فِي سَنَةِ الْحُضُورِ زَكَّى لِسَنَةِ الْحُضُورِ أَرْبَعَمِائَةٍ، وَلِلثَّانِيَةِ أَرْبَعَمِائَةٍ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ وَمِائَتَيْنِ لِلْأُولَى. (وَإِنْ احْتَكَرَا) أَيْ: رَبُّ الْمَالِ وَعَامِلُهُ (أَوْ) احْتَكَرَ (الْعَامِلُ) فَقَطْ (فَ) يُزَكِّي الْقِرَاضَ (كَ) زَكَاةِ (الدَّيْنِ) فِي كَوْنِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِسَنَةٍ وَلَوْ أَقَامَ بِيَدِ الْعَامِلِ سِنِينَ إنْ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا كَانَ تَابِعًا لِمَا بِيَدِ رَبِّهِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ إنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 67 وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ مُطْلَقًا، وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ وَهَلْ عَبِيدُهُ كَذَلِكَ، أَوْ تُلْغَى كَالنَّفَقَةِ؟ تَأْوِيلَانِ: وَزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ، وَإِنْ قَلَّ   [منح الجليل] كَانَ يَتَّجِرُ بِهِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ. (وَعُجِّلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ) الْمُشْتَرَاةُ بِهِ أَوْ مِنْهُ. وَكَذَا زَكَاةُ حَرْثِهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِهَا فَلَا تُؤَخَّرُ لِلْعِلْمِ بِحَالِهَا أَوْ الْمُفَاصَلَةِ تَعْجِيلًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقَيُّدِ بِحُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ إدَارَةِ الْعَامِلِ. (وَحُسِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الزَّكَاةُ (عَلَى رَبِّهِ) أَيْ: الْقِرَاضِ فَلَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ إنْ غَابَتْ الْمَاشِيَةُ عَنْ رَبِّهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبُ تُلْغَى عَلَيْهِمَا وَيُجْبِرُهَا الرِّبْحُ كَالْخَسَارَةِ فَإِنْ حَضَرَتْ فَهَلْ يَأْخُذُهَا السَّاعِي مِنْهَا وَتُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا تَأْوِيلَانِ. (وَهَلْ عَبِيدُهُ) أَيْ: زَكَاةُ فِطْرِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى بِالْقِرَاضِ أَوْ مِنْهُ (كَذَلِكَ) أَيْ: الْمَذْكُورُ مِنْ زَكَاةِ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ فِي كَوْنِهَا تُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا وَحْدَهُ (أَوْ تُلْغَى) عَلَيْهِمَا (كَالنَّفَقَةِ) عَلَى عَبِيدِ الْقِرَاضِ فِي جَبْرِهِمَا بِالرِّبْحِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً، وَأَمَّا نَفَقَتُهُمْ فَمِنْ مَالِ الْقِرَاضِ اهـ. (وَهَذَا صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ) وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ فِي مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ الْحَاضِرَةِ هَلْ تُزَكَّى مِنْهَا وَتُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا. فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَأُخِذَتْ مِنْ عَيْنِهَا إنْ غَابَتْ وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ وَهَلْ كَذَا إنْ حَضَرَتْ أَوْ مِنْ رَبِّهَا كَزَكَاةِ فِطْرِ رَقِيقِهِ تَأْوِيلَانِ لِوَافِقِ النَّقْلِ. (وَزُكِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (رِبْحُ الْعَامِلِ) إنْ كَانَ نِصَابًا بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ، وَالْمُخَاطَبُ بِزَكَاتِهِ الْعَامِلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ. وَلَوْ أَقَامَ الْمَالَ بِيَدِهِ سِنِينَ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرَيْنِ وَمُحْتَكِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، لَكِنْ الَّذِي فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُمَا إنْ أَرَادَا مَعًا أَوْ الْعَامِلُ يُزَكِّي حِصَّتَهُ لِكُلِّ عَامٍ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بو إنْ قَلَّ لِقَوْلِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا زَكَاةَ فِيمَا قَلَّ وَقَصَرَ عَنْ النِّصَابِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 68 إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ، وَحِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابٌ، وَفِي كَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا: خِلَافٌ   [منح الجليل] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَمُقَابِلُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكُ النَّاصِرِ فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ إذْ كَوْنُهُ أَجِيرًا يَقْتَضِي اسْتِقْبَالَهُ لَا زَكَاةَ لِسَنَةٍ، وَكَوْنُهُ شَرِيكًا يَقْتَضِي سُقُوطَهَا عَنْهُ إنْ كَانَ جُزْؤُهُ دُونَ نِصَابٍ. قُلْت أَصْلُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي جُزْءِ الْعَامِلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِلَّتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَوُجُوبُهَا فِي الْقَلِيلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَامِلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ، فَرِبْحُهُ بَعْضُ رِبْحِ الْمَالِ الَّذِي اتَّجَرَ فِيهِ أَخَذَهُ أُجْرَةً فَزُكِّيَ تَبَعًا لِلْمَالِ فَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهُ نِصَابًا. (إنْ أَقَامَ) مَالُ الْقِرَاضِ (بِيَدِهِ) أَيْ: الْعَامِلِ (حَوْلًا) مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ مِنْ رَبِّهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ، وَعَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ يَكْفِي حَوْلُ الْأَصْلِ (وَكَانَا) أَيْ: رَبُّ الْمَالِ وَعَامِلُهُ (حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ) عَلَيْهِمَا اشْتِرَاطُهَا فِي رَبِّ الْمَالِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَفِي الْعَامِلِ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ (وَحِصَّةُ) أَيْ: رَأْسُ مَالِ (رَبِّهِ) أَيْ الْقِرَاضِ (بِرِبْحِهِ) أَيْ: مَعَ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ (نِصَابٌ) فَإِنْ نَقَصَا عَنْهُ فَيَسْتَقْبِلُ الْعَامِلُ بِمَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ نِصَابًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ مَالٌ آخَرُ يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا فَيُزَكِّي الْعَامِلُ رِبْحَهُ وَإِنْ قَلَّ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلُ أَشْهَبَ مَنْ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَرَبِحَ فِيهَا خَمْسَةً وَلَهُ مَالٌ حَالَ حَوْلُهُ يَتِمُّ النِّصَابُ بِهِ فَلْيُزَكِّ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ وَبِهِ أَخَذَ سَحْنُونٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضُمُّ الْعَامِلُ رِبْحَهُ إلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ لِيُزَكِّيَ، بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَيُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الْعَامِلِ أَيْضًا نَضُوضُ الْمَالِ وَالْقَبْضُ. (وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ: الْعَامِلِ (شَرِيكًا) لِرَبِّ الْمَالِ لِضَمَانِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ تَلِفَ وَلِعِتْقِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَعَدَمِ حَدِّهِ بِوَطْئِهِ أَمَةَ الْقِرَاضِ وَلُحُوقِهِ وَلَدَهَا وَتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ وَاشْتِرَاطِ أَهْلِيَّةِ الزَّكَاةِ فِي زَكَاةِ حِصَّتِهِ (أَوْ أَجِيرًا) لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى التِّجَارَةِ فِيهِ بِجُزْءِ رِبْحِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ شَرِكَةٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحَوْلُ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ حَوْلُ أَصْلِهِ، وَتَزْكِيَةُ نَصِيبِهِ وَإِنْ قَلَّ وَسُقُوطُهَا عَنْهُ تَبَعًا لِسُقُوطِهَا عَنْ رَبِّ الْمَالِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 69 وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ وَمَعْدِنٍ وَمَاشِيَةٍ: بِدَيْنٍ، أَوْ فَقْدٍ، أَوْ أَسْرٍ، وَإِنْ سَاوَى مَا بِيَدِهِ، إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ، وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ،   [منح الجليل] لِلْفُرُوعِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا لَا لِكَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا إذْ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا كَوْنُهُ أَجِيرًا. وَلَمْ يُشْهَرْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ لَكِنْ ذَكَرَ اللَّقَانِيُّ أَنَّ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يَشْهَدُ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّكَلُّفِ. (وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ) أَيْ مَحْرُوثٍ مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ (وَمَعْدِنٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَمَاشِيَةٍ) أَيْ: نَعَمٍ (بِدَيْنٍ) عَلَى مَالِكِهَا مُسْتَغْرِقٍ لَهَا (أَوْ فَقْدٍ) أَيْ غَيْبَةِ الْمَالِكِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ (أَوْ أَسْرٍ) لِلْمَالِكِ مِنْ حَرْبِيٍّ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَيَاةِ. وَكَذَا زَكَاةُ فِطْرِهِ إنْ خَالَفَ الدَّيْنُ مَا بِيَدِهِ مِنْ حَرْثٍ إلَخْ بَلْ (وَإِنْ سَاوَى) الدَّيْنُ (مَا بِيَدِهِ) أَيْ الْمَالِكِ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ قَمْحٍ وَخَرَجَ لَهُ مِثْلُهَا أَوْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ جَمَالٍ وَلَهُ مِثْلُهَا، أَوْ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَبِيَدِهِ خَمْسَةٌ. (إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ) وَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِكِ (مِثْلُهُ) أَيْ: الْعَبْدِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُقَابِلُهُ فِيهَا مَنْ لَهُ رِقٌّ وَعَلَيْهِ رِقٌّ مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ فَلَا يُزَكِّي عَنْهُ الْفِطْرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا لَيْسَ لَهُ مَا يُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَا يُخْرِجُهُ زَكَاةَ فِطْرٍ. عَبْدُ الْحَقِّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَيْسَ كَالْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ هَلَكَ مَا بِيَدِهِ لَطُولِبَ بِمَا عَلَيْهِ فَوَجَبَ كَوْنُ زَكَاةِ فِطْرِهِ عَلَيْهِ إنْ مَلَكَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَهُ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ ثَمَنِهِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى بِهِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي جَنَى عَبْدُهُ وَمَضَى عَلَيْهِ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ مَعَ كَوْنِ عَيْنِ الْعَبْدِ كَالْمُسْتَحَقَّةِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ لَا بِالذِّمَّةِ. فَإِذَا كَانَ هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي كَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ فَكَيْفَ هَذَا الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ. وَلَوْ هَلَكَ لَبَقِيَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ أَنْ يَقُولَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ اهـ. (بِخِلَافِ) زَكَاةِ (الْعَيْنِ) أَيْ: الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْهَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ فَيُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَالْفَقْدُ وَالْأَسْرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنُ زَكَاةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ (دَيْنَ زَكَاةٍ) تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ، وَشَمِلَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَالْعَيْنِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ إنْ كَانَ حَالًّا بَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 70 أَوْ مُؤَجَّلًا، أَوْ كَمَهْرٍ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ مُطْلَقًا، أَوْ وَلَدٍ إنْ حُكِمَ بِهَا. وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ يُسْرٌ؟ تَأْوِيلَانِ، أَوْ وَالِدٍ   [منح الجليل] أَوْ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ (مُؤَجَّلًا) وَيُعْتَبَرُ عَدَدُهُ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ لِلْحُلُولِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَهْرٍ بَلْ (أَوْ) كَانَ (كَمَهْرٍ) لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ دَيْنٍ إلَّا مُهُورَ النِّسَاءِ إذْ لَيْسَ شَأْنُهُنَّ الْقِيَامَ بِهِ إلَّا فِي مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ دَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالصَّدِيقِ. (أَوْ) كَانَ الدَّيْنُ (نَفَقَةَ زَوْجَةٍ) تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْحُكْمِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ (أَوْ) نَفَقَةَ (وَلَدٍ إنْ حُكِمَ بِهَا) مُتَجَمِّدَةً عَنْ مَاضٍ مِنْ غَيْرِ مَالِكِيٍّ. وَمَعْنَى الْحُكْمِ الْفَرْضِ أَيْ: إنَّ فَرَضَهَا وَقَدَّرَهَا حَاكِمٌ فَتَصِيرُ كَالدَّيْنِ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِ السُّقُوطِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ، فَلَا يُقَالُ: الْمَاضِيَةُ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَالْمُسْتَقْبِلَةُ لَا يُحْكَمُ بِهَا إذْ الْحُكْمُ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ صَيَّرَهَا كَالدَّيْنِ فِي اللُّزُومِ، وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ أَمْ لَا بِاتِّفَاقٍ. فَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَسْقُطُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) عَدَمُ سُقُوطِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الْأَبِ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ الَّتِي لَمْ يُحْكَمْ بِهَا (إنْ تَقَدَّمَ) لِلْوَلَدِ (يُسْرٌ) أَيَّامَ عَدَمِ إنْفَاقِ أَبِيهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يُسْرٌ فَتُسْقِطُهَا كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ أَوْ يَبْقَى كُلٌّ عَلَى إطْلَاقِهِ فَبَيْنَهُمَا خِلَافٌ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ وَالْمَحْذُوفُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ يُسْرٌ تَأْوِيلَانِ فَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ إنْ حُكِمَ بِهَا فَالْمُنَاسِبُ وَإِلَّا فَلَا. وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ يُسْرٌ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ؟ الْوِفَاقُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَالْخِلَافُ لِعَبْدِ الْحَقِّ. (أَوْ) كَانَ الدَّيْنُ تَجَمَّدَ مِنْ نَفَقَةِ (وَالِدٍ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ فَيُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَنْ الْوَلَدِ حَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 71 بِحُكْمٍ إنْ تَسَلَّفَ لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ أَوْ هَدْيٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُعَشَّرٌ زُكِّيَ، أَوْ مَعْدِنٌ، أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ.   [منح الجليل] كَوْنِهِ (بِحُكْمٍ) أَيْ فَرْضٍ وَلَوْ مِنْ مَالِكِيٍّ أَوْ إلْزَامٍ وَقَضَاءٍ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا مِنْ غَيْرِ مَالِكِيٍّ (إنْ تَسَلَّفَ) الْوَلَدُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَاضِي لِيَأْخُذَ قَضَاءَهُ مِنْ وَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا أَوْ لَمْ يَتَسَلَّفْ بِأَنْ تَحَيَّلَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تُسْقِطُ نَفَقَتُهُ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَنْ وَلَدِهِ (لَا) تَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ عَنْ مَالِكِهَا (بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ) وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ. (أَوْ هَدْيٍ) وَجَبَ لِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْكَفَّارَةِ أَنَّ الزَّكَاةَ يَطْلُبُهَا الْإِمَامُ وَيَأْخُذُهَا كَرْهًا، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ. ابْنُ عَتَّابٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فِي أَخْذِ الْإِمَامِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ، وَنَصُّ اللَّخْمِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ مِمَّا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَلَا تُوَكَّلُ لِأَمَانَتِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَمْوَالِ فَمَنْ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَوْ هَدْيٌ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إنْفَاذِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فِيمَنْ وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ فَمَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهَا أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ اهـ. فَتَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفُ مَصْدَرٍ صِلَتُهُ (يَكُونَ عِنْدَهُ) أَيْ: الْمَدِينِ (مُعَشَّرٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشَّيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ: مَا يُزَكَّى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ (زُكِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهِ لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ وَمِثْلُهُ الْمَاشِيَةُ فَيُحْمَلُ مَا ذُكِرَ فِي الدَّيْنِ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ (أَوْ مَعْدِنٌ) أَيْ: مَا خَرَجَ مِنْهُ فَيُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ. (أَوْ قِيمَةُ) نُجُومِ (كِتَابَةٍ) فَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قُوِّمَتْ بِعَرْضٍ ثُمَّ هُوَ بِعَيْنٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ. وَقَالَ أَصْبَغُ: يُقَوَّمُ قِنًّا فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ زَائِدَةٌ عَلَى قِيمَةِ كِتَابَتِهِ زَكَّى مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ تِلْكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 72 أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ، أَوْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، أَوْ مُخْدَمٍ. أَوْ رَقَبَتِهِ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ، أَوْ عَدَدُ دَيْنٍ حَلَّ، أَوْ قِيمَةُ مَرْجُوٍّ، أَوْ عَرْضٌ حَلَّ حَوْلُهُ   [منح الجليل] الزِّيَادَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجْعَلُهَا فِي الدَّيْنِ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ. (أَوْ) قِيمَةُ (رَقَبَةِ) رَقِيقٍ (مُدَبَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ: مُعْتَقٌ عِتْقًا مُعَلَّقًا تَخْيِيرُهُ عَلَى مَوْتِ مَالِكِهِ، فَتُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ وَتُزَكَّى الْعَيْنُ، وَيُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ كَانَ تَدْبِيرُهُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تُجْعَلُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ الدَّيْنِ فِيهِ إذْ لَا يُبَاعُ فِيهِ حِينَئِذٍ. خَلِيلٌ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ رَاعَى قَوْلَ مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ عَلَى إطْلَاقِهِ اتِّفَاقًا فِي الْمُتَأَخِّرِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُتَقَدِّمِ (أَوْ) قِيمَةُ (خِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) عَلَى غَرَرِهَا (أَوْ) قِيمَةُ خِدْمَةِ (مُخْدَمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: رَقِيقٍ لِغَيْرِهِ وُهِبَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ اللَّخْمِيُّ جَعْلُ الدَّيْنِ فِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ إذَا كَانَتْ حَيَاتَهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ؛ لِأَنَّهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِنَقْدٍ وَلَا بِغَيْرِهِ، وَأَظُنُّهُ قَاسَهُ عَلَى الْمُدَبَّرِ وَلَيْسَ مِثْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُدَبَّرِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ فِي الْحَيَاةِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُخْدَمِ بَيْعُ الْخِدْمَةِ حَيَاتَهُ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهَا فِي الدَّيْنِ. (أَوْ) قِيمَةُ (رَقَبَتِهِ) أَيْ: الْمُخْدَمِ (لِمَنْ) أَيْ: شَخْصٍ (مَرْجِعُهَا) أَيْ: رَقَبَةُ الْمُخْدَمِ (لَهُ) بِأَنْ أَخْدَمَهُ زَيْدًا سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ وَبَعْدَهَا يَمْلِكُهُ عَمْرٌو الْمَدِينُ فَيُقَابِلُ عَمْرٌو بِقِيمَتِهِ الدَّيْنَ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ (أَوْ) يَكُونُ لَهُ (عَدَدُ دَيْنٍ) عَلَى غَيْرِهِ (حَلَّ) وَرُجِيَ (أَوْ قِيمَةُ) دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ (مَرْجُوٍّ) خَلَاصُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَسَنِ الْمُعَامَلَةِ أَوْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ. (أَوْ) يَكُونُ لَهُ (عَرْضٌ حَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً أَيْ: كَمُلَ (حَوْلُهُ) أَيْ: الْعَرْضِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ إذَا مَرَّ عَلَى الدَّيْنِ حَوْلٌ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينِ وَإِلَّا فَلَا فَالشَّرْطُ مُسَاوَاةُ الدَّيْنِ لِمَا يُجْعَلُ فِيهِ زَمَنًا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 73 إنْ بِيعَ. وَقُوِّمَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مُفْلِسٍ، لَا آبِقٍ وَإِنْ رُجِيَ، أَوْ دَيْنٍ لَمْ يُرْجَ. وَإِنْ وُهِبَ الدَّيْنُ   [منح الجليل] اشْتِرَاطِهِ فَتُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ عِنْدَهُ وَبَنَوْا هَذَا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْعَرْضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ هَلْ هُوَ مُنْشِئٌ لِمِلْكِ الْعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَفِيهَا لِفَقْدِ الْحَوْلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ كَاشِفٍ أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا فَيُزَكِّي وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يُوجِبُ شَرْطَ مُرُورِ الْحَوْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ مِنْ مُعَشَّرٍ وَمَعْدِنٍ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ إلَّا فِي الْعَرْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَرْضِ مِمَّا تَقَدَّمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَالُ الْحَوْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي دَيْنِهِ آخِرَ الْحَوْلِ مَا خَرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ زَرْعٍ مُزَكًّى. وَكَذَا يُجْعَلُ الْمِائَةَ الرَّجَبِيَّةَ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ مِنْ مُحَرَّمٍ إلَى رَجَبٍ. الرَّمَاصِيُّ تَكَلَّفَ سَالِمٌ لِإِدْخَالِ هَذَا فِي كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي حَوْلِهِ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَحَوْلُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ فَحَوْلُ الْمُعَشَّرِ طِيبُهُ وَالْمَعْدِنِ خُرُوجُهُ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِحَالَتِهِ الْحَوْلَ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ عَلَى غَيْرِ مُرَادِهِمْ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْعَرْضِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرُورُ السَّنَةِ أَمْ لَا وَلِإِمَالَتِهِ التَّصْوِيرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الطِّيبَ فِي الْمُعَشَّرِ شَرْطًا بَلْ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، وَلِذَا خَرَّجَ الْمَازِرِيُّ الزَّرْعَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى خِدْمَةِ الْمُدِيرِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ مَا أَتَى تَخْرِيجُهُ. وَذَكَرَ شَرْطَ جَعْلِ الْعَرْضِ الَّذِي حَلَّ حَوْلُهُ فِي الدَّيْنِ فَقَالَ (إنْ بِيعَ) أَيْ: كَانَ الْعَرْضُ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ كَثِيَابِ جُمُعَةٍ، وَكِتَابِ فِقْهٍ لَا ثِيَابِ جَسَدِهِ وَدَارِ سُكْنَاهُ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا. (وَقُوِّمَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مَا ذُكِرَ أَيْ: اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ (وَقْتَ الْوُجُوبِ) الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ آخِرُ الْحَوْلِ وَصِلَةُ بِيعَ (عَلَى مُفْلِسٍ) لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ بِلَصْقِهِ (لَا) يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ رَقِيقٌ (آبِقٌ) أَوْ بَعِيرٌ شَارِدٌ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ بَلْ (وَإِنْ رُجِيَ) إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِوَجْهٍ (أَوْ دَيْنٌ لَمْ يُرْجَ) خَلَاصُهُ لِعُسْرِ مَدِينِهِ أَوْ ظُلْمِهِ وَلَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ. (وَإِنْ وُهِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الدَّيْنُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 74 أَوْ مَا يُجْعَلُ فِيهِ، وَلَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرِ نَفْسِهِ بِسِتِّينَ دِينَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ حَوْلٌ، فَلَا زَكَاةَ. أَوْ مَدِينِ مِائَةٍ، لَهُ مِائَةٌ مَحْرَمِيَّةٌ، وَمِائَةٌ رَجَبِيَّةٌ يُزَكِّي الْأُولَى. وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ   [منح الجليل] الْمُسْقِطُ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ لِلْمَدِينِ، وَلَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ عِنْدَهُ بَعْدَ هِبَتِهِ لَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي حَالَ حَوْلُهَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مُنْشِئَةٌ لِمِلْكِهِ الْعَيْنَ فَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْهِبَةِ. (أَوْ) وُهِبَ لِلْمَدِينِ (مَا) أَيْ: شَيْءٌ (يُجْعَلُ فِيهِ) أَيْ: الدَّيْنُ (وَلَمْ يَحِلَّ) أَيْ: يَكْمُلْ (حَوْلُهُ) وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَلَا زَكَاةَ فِي الْعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ، وَهَذَا مَفْهُومُ حَلَّ حَوْلُهُ وَعَطَفَ عَلَى وُهِبَ فَقَالَ (أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (نَفْسِهِ بِسِتِّينَ دِينَارًا) لِعَمَلِ (ثَلَاثِ سِنِينَ) وَقَبَضَهَا وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا وَفَاعِلُ مَرَّ (حَوْلٌ فَلَا زَكَاةَ) عَلَيْهِ الْآنَ وَيَسْتَقْبِلُ بِالْعِشْرِينِ الَّتِي مَلَكَهَا بِتَمَامِ الْحَوْلِ حَوْلًا إذْ هِيَ فَائِدَةٌ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ الثَّانِي وَهِيَ عِنْدَهُ زَكَّاهَا وَاسْتَقْبَلَ بِالْعِشْرِينِ الَّتِي مَلَكَهَا بِتَمَامِهِ حَوْلًا، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ الثَّالِثُ زَكَّاهَا وَبَاقِيَ الْأُولَى وَاسْتَقْبَلَ بِالْعِشْرِينِ الَّتِي مَلَكَهَا بِتَمَامِهِ حَوْلًا، فَإِنْ تَمَّ وَهِيَ بِيَدِهِ زَكَّاهَا وَبَاقِيَ الْأُولَيَيْنِ. قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي وُهِبَ لَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ، أَوْ أَفَادَ مَالًا أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُزَكِّي عِشْرِينَ بِمُرُورِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى سَمَاعِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ طفى وَغَابَ عَنْ الْمَوَّاقِ كَلَامُ الْبَيَانِ وَصَحَّفَ كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ وَتَبِعَهُ عج وَجَعَلَهُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَدْ نَقَلَ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ كَلَامَ الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ عَلَى وَجْهِهِ. (وَمَدِينٌ) لِشَخْصٍ (بِمِائَةٍ لَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مِائَةٌ مَحْرَمِيَّةٌ) مَلَكَهَا فِي مُحَرَّمٍ (وَمِائَةٌ رَجَبِيَّةٌ) مَلَكَهَا فِي رَجَبٍ (يُزَكِّي) الْمِائَةَ (الْأُولَى) الْمَحْرَمِيَّةَ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا وَيُقَابِلُ الدَّيْنَ بِالرَّجَبِيَّةِ فَلَا يُزَكِّيهَا إذَا تَمَّ حَوْلُهَا وَهِيَ بِيَدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُزَكِّي كُلًّا عِنْدَ حَوْلِهَا وَيُقَابِلُ الدَّيْنَ بِالْأُخْرَى. (وَزُكِّيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (عَيْنٌ) دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 75 وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ، كَنَبَاتٍ، وَحَيَوَانٍ، أَوْ نَسْلِهِ عَلَى مَسَاجِدَ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ: كَعَلَيْهِمْ، إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ،   [منح الجليل] (وُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: حُبِسَتْ الْعَيْنُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمْ (لِلسَّلَفِ) بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ أَيْ: لِيَتَسَلَّفَهَا الْمُحْتَاجُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ بِهَا وَيَرُدَّ مِثْلَهَا وَمَرَّ عَلَيْهَا حَوْلٌ مِنْ مِلْكِهَا، أَوْ زَكَاتِهَا وَهِيَ بِيَدِ وَاقِفِهَا أَوْ النَّاظِرِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْضُهُ، وَهِيَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَبَعْضُهُ وَهِيَ بِيَدِ مُتَسَلِّفٍ رَدَّ مِثْلَهَا قَبْلَ تَمَامِ عَامٍ فَيُزَكِّيهَا وَاقِفُهَا أَوْ النَّاظِرُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ، وَلِلْوَاقِفِ مَا يُتِمُّهُ؛ إذْ وَقْفُهَا لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكِ وَاقِفِهَا. فَإِنْ تَسَلَّفَهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَّا بَعْدَ عَامٍ فَيُزَكِّيهَا مَنْ ذُكِرَ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ أَقَامَتْ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ وَيُزَكِّيهَا الْمَدِينُ كُلَّ عَامٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا. وَشَبَّهَ فِي التَّزْكِيَةِ فَقَالَ (كَنَبَاتٍ) خَارِجٍ مِنْ زَرْعِ حَبٍّ وُقِفَ لِيُزْرَعَ كُلَّ عَامٍ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ. وَيُفَرَّقَ مَا زَادَ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَبْقَى مِنْهُ الْقَدْرُ الْمَوْقُوفُ لِيُزْرَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهَكَذَا، فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ نِصَابًا وَلَوْ بِالضَّمِّ لِمَا لَمْ يُوقَفْ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ زَكَّاهُ الْوَاقِفُ أَوْ النَّاظِرُ قَبْلَ قَسْمِهِ. وَكَذَا ثَمَرُ الْحَوَائِطِ الْمَوْقُوفَةِ. (وَحَيَوَانٍ) أَيْ نَعَمٍ وُقِفَ لِيُفَرَّقَ لَبَنُهُ أَوْ صُوفُهُ أَوْ لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ أَوْ يُرْكَبَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَسْلُهُ تَبَعٌ لَهُ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَاقِفُهُ (أَوْ) لِتَفْرِقَةِ (نَسْلِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ (عَلَى مَسَاجِدَ) أَوْ رُبُطٍ أَوْ قَنَاطِرَ (أَوْ) عَلَى آدَمِيِّينَ (غَيْرِ مُعَيَّنِينَ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمُجَاهِدِينَ وَبَنِي تَمِيمٍ رَاجِعَانِ لِلنَّبَاتِ وَلِلْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ لَا لِلْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ، إذْ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِيهِ. وَشَبَّهَ فِي التَّزْكِيَةِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ فَقَالَ (كَ) النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ خَارِجِهِ أَوْ نَسْلِهِ (عَلَيْهِمْ) أَيْ: الْمُعَيَّنِينَ (إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ) وَسَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ، فَلَوْ قَالَ: إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى بِأَنْ كَانَ الْحَبُّ الْمَوْقُوفُ تَحْتَ يَدِ وَاقِفِهِ يَزْرَعُهُ وَيُعَالِجُهُ حَتَّى يُثْمِرَ فَيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ، أَوْ الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ تَحْتَ يَدِهِ يُقَوَّمُ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 76 وَإِلَّا إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ وَفِي إلْحَاقِ وَلَدِ فُلَانٍ بِالْمُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] حَتَّى يَحْصُلَ نَسْلُهُ فَيُفَرِّقَهُ عَلَيْهِمْ فَيُزَكِّيَ جُمْلَتَهُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ بِالضَّمِّ لِمَالِهِ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعَيَّنِينَ نِصَابٌ أَمْ لَا. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِالنَّبَاتِ أَوْ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ تَوَلَّاهُ الْمُعَيَّنُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَصَارُوا يَزْرَعُونَ وَيَقْتَسِمُونَ الْخَارِجَ وَيَخْدُمُونَ الْحَيَوَانَ وَيَقْتَسِمُونَ نَسْلَهُ فَلَا تُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ وَ (إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ) مِنْ الْمُعَيَّنِينَ (نِصَابٌ) مِنْ الْخَارِجِ أَوْ مِنْ النَّسْلِ بِالْقِسْمَةِ فَيُزَكِّيهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَضُمُّهُ لَهُ وَيُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ. هَذَا حُكْمُ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ أَوْ لِحَمْلٍ أَوْ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ فَتُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ إنْ كَانَ نِصَابًا، وَلَوْ بِضَمِّهِ لِمَا لَمْ يُوقَفْ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ أَمْ لَا. ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النَّبَاتَ وَالْحَيَوَانَ الْمَوْقُوفَ لِلنَّسْلِ وَالْخَارِجَ تُزَكَّى جُمْلَتُهُمَا عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ نِصَابًا، وَلَوْ بِالضَّمِّ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ تَوَلَّاهُمَا الْوَاقِفُ أَمْ لَا. وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّتِهِ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ، وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرِهِ لِابْنِ الْمَوَّازِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ. ثُمَّ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْمُعَيَّنِينَ بِمَا إذَا كَانُوا يَسْقُونَ وَيَلُونَ النَّظَرَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا طَابَتْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ، وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّف فِي هَذَا الْقَيْدِ، وَأَمَّا مُقَابِلُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَالْمَدَنِيِّينَ، وَفَهِمَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَبُو عُمَرَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. (وَفِي إلْحَاقِ) الْحَبْسِ عَلَى (وَلَدِ فُلَانٍ) كَزَيْدٍ (بِ) الْحَبْسِ عَلَى (الْمُعَيَّنِينَ) فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ تُوَلِّي الْوَاقِفِ أَوْ نَائِبِهِ لِلْقِيَامِ بِهِ وَتَوَلِّيهِمْ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى تَعَيُّنِ الْأَبِ، فَتُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ تَوَلَّاهُ وَإِلَّا زَكَّى مَنْ نَابَهُ نِصَابٌ (أَوْ) إلْحَاقِ وَلَدِ فُلَانٍ بِ (غَيْرِهِمْ) أَيْ الْمُعَيَّنِينَ نَظَرًا إلَى أَنْفُسِهِمْ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 77 وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ، وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ، وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ؛ إلَّا مَمْلُوكَةً لِمَصَالِحَ فَلَهُ،   [منح الجليل] وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ. (وَإِنَّمَا يُزَكَّى) بِفَتْحِ الْكَافِ مُشَدَّدَةً (مَعْدِنٌ عَيْنٌ) أَيْ: الْخَارِجُ مِنْهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا مَعْدِنُ نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَنَحْوُهُمَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى اشْتِرَاطُ حُرِّيَّةِ مُخْرِجِهِ وَإِسْلَامِهِ لَا مُرُورِ الْحَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا إسْلَامُهُ وَأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِيهِ كَالْوَاحِدِ الْجُزُولِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ نِصَابًا وَزَكَاتُهُ رُبْعُ عُشْرِهِ. (وَحُكْمُهُ) أَيْ: التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَيْنًا (لِلْإِمَامِ) الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ يَشَاءُ أَوْ يَجْعَلُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَيَافِيِ، وَمَا تَرَكَهَا أَهْلُهَا، أَوْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ بَلْ (وَلَوْ) ظَهَرَ (بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ سُدَّ الْبَابُ لِلْهَرْجِ؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ قَدْ يَجِدُهَا شِرَارُ النَّاسِ. فَإِنْ تُرِكَتْ لَهُمْ تَحَاسَدُوا وَتَقَاتَلُوا عَلَيْهَا وَسَفَكَ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ الْمُتَيْطِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِقْطَاعُ لِحِيَازَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَبِالْأَوَّلِ الْعَمَلُ اهـ. الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِوَاهِبٍ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَحْيَاءُ وَلِذَا قَالَ: لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْأَمِيرِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْدِنَ الظَّاهِرَ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ حُكْمُهُ لَهُ مُطْلَقًا، وَلِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (إلَّا) أَرْضًا (مَمْلُوكَةً ل) كَافِرٍ (مُصَالِحٍ) الْإِمَامَ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ وَبَقَاءِ أَرْضِهِ لَهُ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ كُلَّ عَامٍ سَوَاءٌ أَجْمَلَ عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ فَرَّقَ عَلَيْهِمَا أَوْ فَرَّقَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَجْمَلَ عَلَى الْآخَرِ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُهُ (فَ) حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ فِيهَا (لَهُ) أَيْ الْمُصَالِحِ إلَى أَنْ يُسْلِمَ فَيَصِيرَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ حِمَايَتُهُمْ وَسَدُّ بَابِ الشَّرِّ عَنْهُمْ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَبْقَى لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 78 وَضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ؛ وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ، لَا مَعَادِنُ وَلَا عِرْقٌ آخَرُ، وَفِي ضَمِّ فَائِدَةٍ حَالَ حَوْلُهَا. وَتَعَلُّقِ الْوُجُوبُ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ: تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] وَضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ: جُمِعَ لِمَا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ أَوَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِ ضُمَّ (بَقِيَّةُ) أَيْ: الْخَارِجُ مِنْ بَاقِي (عِرْقِهِ) أَيْ: الْمَعْدِنِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَإِنْ تَلِفَ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ إلَى تَمَامِ النِّصَابِ فَيُزَكِّيهِ ثُمَّ يُزَكِّي مَا خَرَجَ بَعْدَهُ وَإِنْ قَلَّ إنْ اتَّصَلَ الْعَمَلُ بَلْ (وَإِنْ تَرَاخَى) أَيْ: انْقَطَعَ (الْعَمَلُ) اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا (لَا) تُضَمُّ (مَعَادِنُ) أَيْ: الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِهَا لِلْخَارِجِ مِنْ آخَرَ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. (وَ) يُضَمُّ (عِرْقٌ) أَيْ: خَارِجُهُ لِخَارِجِ عِرْقٍ (آخَرَ) وَلَوْ اتَّصَلَ الْعَمَلُ وَلَوْ ظَهَرَ الْعِرْقُ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ. وَفِي الْحَطّ أَنَّهُ يُضَمُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَوَاءٌ تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ حَتَّى أَتَمَّ الْأَوَّلَ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ. (وَفِي) وُجُوبِ (ضَمِّ فَائِدَةٍ) أَيْ: مَالٌ لَهُ نِصَابٌ أَوْ كَانَتْ دُونَهُ (حَالَ حَوْلُهَا) أَيْ الْفَائِدَةِ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ لِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنِ الْعَيْنِ دُونَ نِصَابٍ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَعَدَمُ ضَمِّهَا لَهُ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي اشْتِرَاطِ تَمَامِ الْحَوْلِ فِيمَا دُونَهُ تَرَدُّدٌ أَيْ: قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ ضَمِّ الْمَعْدِنَيْنِ. وَفَهِمَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفَائِدَةُ نِصَابًا أَوْ لَا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ سَنَدٍ مِنْ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ إنَّمَا قَالَ: تُضَمُّ الْفَائِدَةُ إذَا كَانَتْ دُونَ نِصَابٍ. فَإِنْ كَانَتْ نِصَابًا وَأَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ دُونَ نِصَابٍ فَلَا يُزَكِّيهِ وَفِي قَوْلِهِ ضُمَّ إشَارَةٌ إلَى بَقَاءِ الْفَائِدَةِ بِيَدِهِ حَتَّى أَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا يَكْتَمِلُ النِّصَابُ فَلَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ إخْرَاجِهِ فَلَا زَكَاةَ اتِّفَاقًا. (وَ) فِي (تَعَلُّقِ) الْخِطَابِ بِ (الْوُجُوبِ) لِزَكَاةِ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ (بِ) مُجَرَّدِ (إخْرَاجِهِ) مِنْهُ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَصْفِيَتِهِ، وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهَا الْإِخْرَاجُ (أَوْ) تَعَلُّقِهِ بِ (تَصْفِيَتِهِ) أَيْ ذَهَبِهِ أَوْ وَرِقِهِ مِنْ تُرَابِهِ وَسَبْكِهِ (تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 79 وَجَازَ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ، عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ، وَاعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ. وَفِي بِجُزْءٍ: كَالْقِرَاضِ: قَوْلَانِ، وَفِي نَدْرَتِهِ:   [منح الجليل] وَاسْتُظْهِرَ وَثَمَرَتُهُ فِيمَا أَنْفَقَ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ فَيُحْسَبُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَفِيمَا أُخْرِجَ وَلَمْ يُصَفَّ إلَّا بَعْدَ سِنِينَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُزَكَّى لِكُلِّ سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَعَلَى الثَّانِي يُزَكَّى مَرَّةً وَاحِدَةً. (وَجَازَ دَفْعُهُ) أَيْ: مَعْدِنِ الْعَيْنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ، وَيَأْخُذُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ (بِأُجْرَةٍ) مَعْلُومَةٍ يَأْخُذُهَا الدَّافِعُ مِنْ الْعَامِلِ فِي نَظِيرِ أَخْذِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ بِشَرْطِ ضَبْطِ الْعَمَلِ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ خَاصٍّ، كَحَفْرِ يَوْمٍ أَوْ قَامَةٍ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَسُمِّيَ الْعِوَضُ أُجْرَةً؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتٍ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ (غَيْرِ نَقْدٍ) لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ غَيْرِ يَدٍ بِيَدٍ مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ إحْدَاهُمَا نَظَرًا لِلصُّورَةِ. وَلِذَا جَازَ دَفْعُ مَعْدِنٍ غَيْرِ النَّقْدِ؛ بِأُجْرَةِ نَقْدٍ وَصِلَةُ دَفْعُ: (عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ الْمَعْدِنِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (لِلْمَدْفُوعِ لَهُ) الْمَعْدِنُ وَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِمَنْ لَهُ الْمَعْدِنُ وَالْأُجْرَةَ لِلْعَامِلِ فَيَجُوزُ وَلَوْ بِنَقْدٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ فِي مَعْدِنٍ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مِلْكُ كُلٍّ) مِنْ الْعَامِلِينَ فَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا زَكَّى وَمَنْ لَا فَلَا. (وَفِي) جَوَازِ دَفْعِ الْمَعْدِنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (بِجُزْءٍ) مِنْ خَارِجِهِ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ كَثُلُثِهِ لِلْعَامِلِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ. (كَالْقِرَاضِ) أَيْ: دَفْعِ الْمَالِ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِثُلُثِ رِبْحِهِ مَثَلًا بِجَامِعِ الْغَرَرِ فِي كُلٍّ وَمَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ غَرَرًا مِنْ الْقِرَاضِ لِبِنَاءِ الْقِرَاضِ عَلَى رَأْسِ مَالٍ. بِخِلَافِ هَذَا. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا الْمَنْعُ وَرَدَ دَلِيلٌ خَاصٌّ بِجَوَازِ الْقِرَاضِ وَبَقِيَ هَذَا عَلَى مَنْعِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، وَالْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَمَّا يَجُزْ بَيْعُهَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهِمَا كَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ. (وَفِي نَدْرَتِهِ) أَيْ: مَعْدِنِ الْعَيْنِ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ لَا تَحْتَاجُ لِتَصْفِيَةٍ قَالَهُ عِيَاضٌ. وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ تُرَابُ كَثِيرِ الذَّهَبِ سَهْلُ التَّصْفِيَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 80 الْخُمُسُ: كَالرِّكَازِ، وَهُوَ دَفْنُ جَاهِلِيٍّ وَإِنْ بِشَكٍّ أَوْ قَلَّ، أَوْ عَرْضًا، أَوْ وَجَدَهُ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ، إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ، أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ   [منح الجليل] وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا، إذْ الْمُرَادُ مَا نِيلَ مِنْ الْمَعْدِنِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِكَبِيرِ عَمَلٍ فَشَمِلَ الْقِطْعَةَ الْكَبِيرَةَ الْخَالِصَةَ وَالْقِطَعَ الصِّغَارَ الْخَالِصَةَ الْمَبْثُوثَةَ فِي التُّرَابِ وَالتُّرَابَ الْكَثِيرَ الذَّهَبِ السَّهْلَ التَّصْفِيَةِ (الْخُمْسُ) أَيْ: خُمْسُهَا سَوَاءٌ وَجَدَهَا حُرٌّ أَوْ رَقِيقُ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ بَلَغَتْ نِصَابًا أَمْ لَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ: ابْنُ نَافِعٍ فِيهَا الزَّكَاةُ رُبْعُ الْعُشْرِ لِاخْتِصَاصِ الْخُمْسِ بِالرِّكَازِ وَالنَّدْرَةُ مَعْدِنٌ لَا رِكَازٌ؛ لِأَنَّهُ دِفْنُ آدَمِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ النَّدْرَةُ رِكَازٌ؛ لِأَنَّهُ مَا وُجِدَ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِتَخْلِيصٍ سَوَاءٌ دُفِنَ فِيهَا أَوْ خُلِقَ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ فَقَالَ (كَالرِّكَازِ وَهُوَ) أَيْ: الرِّكَازُ (دِفْنُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ: مَدْفُونُ كَافِرٍ (جَاهِلِيٍّ) فِي التَّوْضِيحِ الْجَاهِلِيَّةُ مَا عَدَا الْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ أَمْ لَا. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ اصْطِلَاحُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ أَهْلُ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهِ مَنْ لَيْسَ مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ. فَلَوْ قَالَ وَهُوَ دِفْنُ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ دِفْنَ كُلِّ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لَهُ كِتَابٌ أَوْ لَا وَمَالُ الْكَافِرِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ الَّذِي وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِيهِ الْخُمْسُ أَيْضًا، وَلَكِنْ لَا يُسَمَّى رِكَازًا. وَأَوْرَدَ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَشْمَلْ النَّدْرَةَ وَهِيَ رِكَازٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ دِفْنَ جَاهِلِيٍّ بِتَحْقِيقٍ أَوْ ظَنٍّ بَلْ (وَإِنْ بِشَكٍّ) فِي كَوْنِهِ دِفْنَ جَاهِلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ لِجَاهِلِيٍّ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ أَوْ انْطَمَسَتْ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَتَانِ قَالَهُ سَنَدٌ إنْ كَانَ نِصَابًا بَلْ (أَوْ) وَإِنْ (قَلَّ) كُلٌّ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ عَنْ نِصَابٍ كَانَ عَيْنًا (أَوْ عَرْضًا) كَنُحَاسٍ وَمِسْكٍ وَرُخَامٍ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالرِّكَازِ إنْ وَجَدَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ بَالِغٌ غَيْرَ دَيْنٍ (أَوْ وَجَدَهُ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ (عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ) أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَدِينٌ (إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ) حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَفْسِهِ. (أَوْ كَبِيرِ عَمَلٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ رَقِيقُهُ (فِي تَخْلِيصِهِ) أَيْ: إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ. وَفِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 81 فَقَطْ، فَالزَّكَاةُ. وَكُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ، وَالطَّلَبُ فِيهِ وَبَاقِيهِ لِمَالِك الْأَرْضِ، وَلَوْ جَيْشًا، وَإِلَّا فَلِوَاجِدِهِ، وَإِلَّا دِفْنَ الْمُصَالِحِينَ؛ فَلَهُمْ: إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا فَلَهُ.   [منح الجليل] نُسْخَةٍ تَحْصِيلِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِلتَّخْلِيصِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَفَقَةِ سَفَرِهِ فَيُخَمَّسُ مَعَهَا وَالرَّاجِحُ زَكَاتُهُ مَعَهَا أَيْضًا (فَالزَّكَاةُ) رُبْعُ الْعُشْرِ دُونَ الْخُمْسِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلنَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ، وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ نِصَابٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ، هَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَتَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى وُجُوبِ الْخُمْسِ مُطْلَقًا. وَلَوْ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (حَفْرُ قَبْرِهِ) أَيْ: الْجَاهِلِيِّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَخَوْفِهِ مُصَادَفَةَ قَبْرِ صَالِحٍ (وَالطَّلَبُ) لِلْمَالِ (فِيهِ) أَيْ: قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ فِي قُوَّةِ عِلَّةٍ لِمَا قَبْلَهُ وَيُخَمَّسُ مَا وُجِدَ فِيهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرِهِ وَأَخْذُ مَا فِيهِ مِنْ مَالٍ وَفِيهِ الْخُمْسُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الطَّلَبُ بِلَا حَفْرٍ بِبَخُورٍ وَعَزِيمَةٍ (وَبَاقِيهِ) أَيْ: الرِّكَازِ الْمُخَمَّسِ أَوْ الْمُزَكَّى (لِمَالِكِ الْأَرْضِ) الَّتِي وُجِدَ بِهَا بِإِحْيَاءٍ لَا بِشِرَاءٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصْوَبِ وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْمَالِكُ لَهَا (جَيْشًا) افْتَتَحَهَا عَنْوَةً؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ. فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَيْشُ فَلِوَارِثِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِينَ، أَوْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ تُقَسَّمُ عَلَى الْجَيْشِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ نَافِعٍ مَا وُجِدَ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ فَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ، وَأَمَّا بَاقِي النَّدْرَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا فَحُكْمُهُ كَالْمَعْدِنِ. (وَإِلَّا) يَكُنْ الرِّكَازُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَمَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ (فَ) بَاقِيهِ (لِوَاجِدِهِ وَإِلَّا دِفْنَ) أَرْضِ (الْمُصَالِحِينَ فَ) هُوَ (لَهُمْ) وَلَوْ وَجَدَهُ غَيْرُهُمْ بِلَا تَخْمِيسٍ وَلَوْ دَفَنَهُ غَيْرُهُمْ (إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا) مِنْهُمْ أَوْ غَيْرُهُ بِهَا (فَ) هُوَ (لَهُ) أَيْ: رَبِّ الدَّارِ دُونَ بَاقِيهِمْ إنْ كَانَ مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانَ دَخِيلًا فِيهِمْ فَهُوَ لَهُمْ فَإِنْ أَسْلَمَ رَبُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 82 وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ. وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ: كَعَنْبَرٍ، فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ. . (فَصْلٌ) وَمَصْرِفُهَا: فَقِيرٌ، وَمِسْكِينٌ: وَهُوَ أَحْوَجُ، وَصُدِّقَا، إلَّا لِرِيبَةٍ؛ إنْ أَسْلَمَ.   [منح الجليل] الدَّارِ عَادَ حُكْمُهُ كَالْمَعْدِنِ قَالَهُ س. وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَظِنَّةُ التَّنَازُعِ لِدَوَامِهِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ. (وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ) عُلِمَ بِعَلَامَةٍ (لُقَطَةٌ) فَيُعَرَّفُ سَنَةً مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ مُسْتَحِقِّهِ فَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِلَا تَعْرِيفٍ وَلَا مَفْهُومَ لِدِفْنٍ وَخَصَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ رِكَازٌ. (وَمَا لَفَظَهُ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: رَمَاهُ وَطَرَحَهُ (الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ) مِمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ آدَمِيٌّ (فَ) هُوَ (لِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ) فَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِآدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَالنَّظَرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ رَبُّهُ تَرَكَهُ لِعَطَبِهِ فَلُقَطَةٌ وَإِنْ كَانَ أَلْقَاهُ لِلنَّجَاةِ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ. [فَصْلٌ فِيمَنْ تَصْرِف الزَّكَاة لَهُ] (فَصْلٌ) فِيمَنْ تُصْرَفُ الزَّكَاةُ لَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (وَمَصْرِفُهَا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ: مَحَلُّ صَرْفِ الزَّكَاةِ (فَقِيرٌ) أَيْ: مَالِكُ دُونَ قُوتِ عَامِهِ (وَمِسْكِينٌ) أَيْ: مَنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا (وَهُوَ) أَيْ الْمِسْكِينُ (أَحْوَجُ) أَيْ: أَشَدُّ حَاجَةً مِنْ الْفَقِيرِ وَقِيلَ مُتَرَادِفَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يَمْلِكْ قُوتَ عَامِهِ بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا أَوْ مَلَكَ دُونَهُ (وَصُدِّقَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ فِي دَعْوَاهُمَا الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ بِلَا يَمِينٍ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا لِرِيبَةٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ: شَكٍّ فِي صِدْقِهِمَا بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ حَالِهِمَا لِدَعْوَاهُمَا فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. وَهَلْ يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَدَعْوَى الْمَدِينِ أَوْ الْوَالِدِ الْعَدَمَ؟ وَهَلْ تَحْلِفُ مَعَهُمَا أَوْ لَا كَدَعْوَى الْوَالِدِ الْعَدَمَ؟ (إنْ أَسْلَمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ: كَانَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 83 وَتَحَرَّرَ، وَعَدِمَ كِفَايَةً بِقَلِيلٍ أَوْ إنْفَاقٍ أَوْ صَنْعَةٍ، وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ لَا الْمُطَّلِبِ   [منح الجليل] مُسْلِمَيْنِ لَا إنْ كَفَرَا أَوْ ظُنَّ إنْفَاقُهُمَا فِي مَعْصِيَةٍ (وَتَحَرَّرَ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ كَانَا حُرَّيْنِ لَا ذَوِي شَائِبَةِ رِقٍّ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُمَا وَعَدَمُ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ عَنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ فِي جَمِيعِهَا إلَّا الْمُؤَلِّفَ وَالرِّقَابَ. (وَعَدِمَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ: فَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا (كِفَايَةً بِقَلِيلٍ) بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهُ أَوْ لَمْ يَكْفِهِ فَإِنْ كَفَاهُ قَلِيلَ عَامِهِ فَلَيْسَ مِسْكِينًا وَلَا فَقِيرًا فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا (أَوْ) عَدِمَ كِفَايَةً بِ (إنْفَاقٍ) عَلَيْهِ مِنْ نَحْو وَالِدَيْهِ إنْ عَدِمَ الْإِنْفَاقَ أَوْ لَمْ يَكْفِ فَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيًّا فَلَا يُعْطَى. وَلَوْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَلِيٌّ تَبَرُّعًا يُعْطَى مِنْهَا إذْ لَهُ قَطْعُهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقِيلَ لَا يُعْطَى مُطْلَقًا. وَقِيلَ إنْ كَانَ قَرِيبًا لِلْمُنْفِقِ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَإِنْ حَصَلَ إجْزَاءٌ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنْ لَمْ يُرَتَّبْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ رُتِّبَ لَهُ مِنْهُ مَا لَا يَكْفِيهِ (أَوْ صَنْعَةٍ) أَيْ: اكْتِسَابٍ بِأَنْ كَانَ لَا صَنْعَةَ لَهُ أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ لَا تَكْفِيهِ فَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ وَصَدَقَ إنْ ادَّعَى كَسَادَهَا. (وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ) ثَانِي أَجْدَادِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ (لَا) يُشْتَرَطُ عَدَمُ بُنُوَّةِ (الْمُطَّلِبِ) شَقِيقِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَأَمَّا عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فَلَيْسَا وَلَدَيْ عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُمَا ابْنَا زَوْجِهِ كَفَلَهُمَا فَنُسِبَا إلَيْهِ وَأُمُّهُمَا بَنِي عَدِيٍّ وَقِيلَ هُمَا ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ، وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ فَرْضِ الْخُمْسِ أَنَّ عَبْدَ شَمْسٍ شَقِيقُ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ. وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ " عَبْدُ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبُ وَهَاشِمٌ إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ ". وَقَالَ الْكَلَاعِيُّ وَلَدُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةٌ: هَاشِمٌ، وَعَبْدُ شَمْسٍ، وَالْمُطَّلِبُ، وَنَوْفَلٌ وَكُلُّهُمْ لِعَاتِكَةَ بِنْتِ مُرَّةَ بْنِ هِلَالٍ السُّلَيْمِيَّةِ إلَّا نَوْفَلًا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لِوَاقِدَةَ بِنْتِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ كَوْنُ الشَّخْصِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَدًا لِهَاشِمٍ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ ذَكَرٍ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 84 كَحَسْبِ عَلَى عَدِيمٍ. ، وَجَازَ لِمَوْلَاهُمْ وَقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ، وَمَالِكِ نِصَابٍ؛   [منح الجليل] ذُكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ أَوْلَادُ الْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَمَحَلُّ عَدَمِ إعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ إذَا كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ أُعْطُوا مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا مِنْهُ أَوْ أُعْطُوا مِنْهُ مَا لَا يَكْفِيهِمْ وَأَضَرَّهُمْ الْفَقْرُ فَإِعْطَاؤُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ صِيَانَةً لَهُمْ عَنْ خِدْمَةِ ذِمِّيٍّ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ اكْتِسَابِ حَرَامٍ كَمَكْسٍ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ الْمُسْتَفَادَ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَقَالَ (كَحَسْبِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: لِدَيْنٍ (عَلَى) مَدِينٍ (عَدِيمٍ) أَيْ: لَمْ يَمْلِكْ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئُ الْحَطّ فَإِذَا عُلِمَ مِنْ حَالِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْسِبْ عَلَى عَدِيمٍ فَلَا يُزَكِّي فَالْعَمَلُ بِقَوْلِ أَشْهَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ سُقُوطِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ وَمَفْهُومُ عَدِيمٍ إنْ حَسَبَ مَا عَلَى مَنْ لَهُ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ مُجْزِئٌ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَاعْتَرَضَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قِيمَتُهُ دُونَهُ وَسَلَّمَهُ الْحَطّ قَالَ فَلَا مَفْهُومَ لِعَدِيمٍ. (وَجَازَ) إعْطَاؤُهَا (لِمَوْلَاهُمْ) أَيْ: مُعْتَقِ بَنِي هَاشِمٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ وَالْإِخْوَانُ لِخَبَرِ «الصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لَنَا وَلِمَوَالِينَا» . أَصْبَغُ احْتَجَجْت عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ بِخَبَرِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» فَقَالَ، قَدْ جَاءَ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ وَالْبِرِّ. وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ، وَحَكَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ وَهُوَ مِنْ إجْمَاعَاتِهِ الْمُحَذَّرِ مِنْهَا أَفَادَهُ عبق (وَ) جَازَ دَفْعُهَا لِصَحِيحٍ (قَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ) تَارِكٍ لَهُ وَلَوْ اخْتِيَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لَهُ (و) لِ (مَالِكِ نِصَابٍ) أَوْ أَكْثَرَ لَا يَكْفِيهِ لِسَنَتِهِ لِغَلَاءٍ أَوْ كَثْرَةِ عِيَالٍ فَيُعْطَى مَا يُكْمِلُ بِهِ الْعَامَ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى الْمُغِيرَةُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُعْطَى لِمَالِكِ نِصَابٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 85 وَدَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَكِفَايَةِ سَنَةٍ وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخْذِهَا: تَرَدُّدٌ. . وَجَابٍ، وَمُفَرِّقٌ   [منح الجليل] وَ) جَازَ (دَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ النِّصَابِ لِمِسْكِينٍ أَوْ فَقِيرٍ لَا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَةِ سَنَتِهِ (وَ) دَفْعُ (كِفَايَةِ سَنَةٍ) لِفَقِيرٍ أَوْ مِسْكِينٍ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ اتَّسَعَ الْمَالُ يُزَادُ ثَمَنُ الْخَادِمِ وَمَهْرُ الزَّوْجَةِ وَقُيِّدَتْ كِفَايَةُ السَّنَةِ بِأَنْ يَكُونَ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْتِهِ الْعَامَ كُلَّهُ شَيْءٌ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ لَا تُفَرَّقُ كُلَّ عَامٍ أَنَّهُ يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. (وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (لِ) شَخْصٍ (مَدِينٍ) لِلْمُزَكِّي عَدِيمٍ (ثُمَّ أَخَذَهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (مِنْهُ) أَيْ الْمَدِينِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ وَالْمُتَقَدِّمُ الْجَوَازُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتُمِدَ، وَالْمَنْعُ فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُصَنِّفُ. أتت مَحَلُّهُ إذْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا. وَقَالَ الْحَطّ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَوَاطَأْ عَلَيْهِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطِهَا وَحَسَبَهَا عَلَى عَدِيمٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. طفي الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِهَا حِينَ دَفْعِهَا وَأَخْذِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ شَرْطِ مَحَلِّ الْخِلَافِ التَّرَاخِيَ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ الْإِحْزَاءَ اتِّفَاقًا إذَا دَفَعَهَا لِلْمَدِينِ وَأَخَذَ مِنْهُ غَيْرَهَا وَفَاءً لِدَيْنِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ دَيْنَهُ ثُمَّ دَفَعَهَا لَهُ. وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَجَابٍ) لِلزَّكَاةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (وَمُفَرِّقٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً لَهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَكَاتِبٌ وَحَاشِرٌ وَهُوَ جَامِعُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ لِلْجَابِي، وَهُمْ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فِي الْآيَة لَا رَاعٍ وَحَارِسٌ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمَا لِوُجُوبِ تَفْرِقَتِهَا فَوْرًا. فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِمَا فَأُجْرَتُهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. فَإِنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَاشِرِ لِإِتْيَانِ السَّعَادَةِ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ حَالَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْمِيَاهِ، وَلَا يَقْعُدُونَ فِي مَحَلٍّ وَيُرْسِلُونَ الْحَاشِرَ إلَيْهِمْ إذْ لَا يَلْزَمُهُمْ السَّيْرُ بِمَوَاشِيهِمْ إلَى مَحَلٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 86 حُرٌّ عَدْلٌ عَالِمٌ بِحُكْمِهَا: غَيْرُ هَاشِمِيٍّ، وَكَافِرٍ وَإِنْ غَنِيًّا وَبُدِئَ بِهِ، وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفِهِ؛ وَلَا يُعْطَى حَارِسَ الْفِطْرَةِ مِنْهَا   [منح الجليل] آخَرَ. قُلْت: الْمُرَادُ بِالْحَاشِرِ مَنْ يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ مِنْ مَوَاضِعِهِمْ فِي قَرْيَتِهِمْ إلَى السَّاعِي بَعْدَ إتْيَانِهِ إلَيْهَا. وَنَعَتَ الْجَابِيَ وَالْمُفَرِّقَ فَقَالَ (حُرٌّ) فَلَا يُعْطَى مِنْهَا عَبْدٌ (عَدْلٌ) أَيْ: غَيْرُ فَاسِقٍ فِي عَمَلِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدْلَ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا أَغْنَى عَنْ حُرٍّ وَغَيْرِ كَافِرٍ، وَاقْتَضَى اشْتِرَاطَ الْمُرُوءَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْعَامِلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا عَدْلِ الرِّوَايَةِ وَإِلَّا أَغْنَى عَنْ غَيْرِ كَافِرِ وَنَافِي حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَدْلُ رِوَايَةٍ (عَالِمٌ بِحُكْمِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ لِئَلَّا يَأْخُذَ غَيْرَ الْوَاجِبِ أَوْ يُسْقِطَ الْوَاجِبَ أَوْ يَدْفَعَ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَيَمْنَعَ مُسْتَحِقًّا (غَيْرُ هَاشِمِيٍّ) لِحُرْمَتِهَا عَامَّةَ الْهَاشِمِيِّ؛ لِأَنَّهَا وَسَخُ الْمُزَكِّي وَالْهَاشِمِيُّ أَشْرَفُ النَّاسِ وَأَخْذُهَا وَلَوْ عَلَى الْعَمَلِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ شَرْطٌ فِي الْمُجَاهِدِ أَيْضًا وَالْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ. وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطَى مِنْهَا لِخَسَّتِهِ بِكُفْرِهِ وَكَوْنُ الْعَامِلِ عَالِمًا بِحُكْمِهَا شَرْطَانِ فِي عَمَلِهِ وَإِعْطَائِهِ مِنْهَا أَيْضًا وَكَوْنُهُ حُرًّا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ. (وَ) غَيْرُ (كَافِرٍ) شُرُوطٌ فِي إعْطَائِهِ مِنْهَا إلَّا فِي عَمَلِهِ فَيَصِحُّ عَمَلُ الرَّقِيقِ وَالْهَاشِمِيِّ وَالْكَافِرِ عَلَيْهَا وَيُعْطُونَ أُجْرَةَ مِثْلِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَشُرُوطُ الْعَامِلِ أَيْضًا كَوْنُهُ ذَكَرًا بَالِغًا فَيُعْطَى الْعَامِلُ مِنْهَا إنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (غَنِيًّا) ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ عَمَلِهِ (وَبُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِ) إعْطَاءِ الْعَامِلِ مِنْهَا أُجْرَةَ مِثْلٍ (هـ) وَيُدْفَعُ جَمِيعُهَا لَهُ إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ (وَأَخَذَ) الْعَامِلُ (الْفَقِيرُ) مِنْهَا (بِوَصْفَيْهِ) أَيْ: الْفَقْرِ وَالْعَمَلِ إنْ لَمْ يُغْنِهِ حَظُّ الْعَمَلِ، لَكِنْ لَا يَأْخُذُ بِإِعْطَاءِ نَفْسِهِ. وَكَذَا إنْ كَانَ مَدِينًا؛ لِأَنَّهُ يَقْسِمُهَا فَلَا يَقْسِمُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يُحَابِيَهَا. وَكَذَا سَائِرُ مَنْ جَمَعَ وَصْفَيْنِ يَسْتَحِقُّهَا بِهِمَا كَفَقْرٍ وَجِهَادٍ أَوْ أَكْثَرَ كَغُرْبَةٍ وَدَيْنٍ وَمَسْكَنَةٍ. (وَلَا يُعْطَى حَارِسٌ) زَكَاةَ (الْفِطْرَةِ) أُجْرَةَ حِرَاسَتِهِ (مِنْهَا) وَيُعْطَاهَا مِنْ بَيْت الْمَالِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 87 وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ لِيُسْلِمَ وَحُكْمُهُ بَاقٍ. ، وَرَقِيقٌ مُؤْمِنٌ وَلَوْ بِعَيْبٍ. يُعْتَقُ مِنْهَا   [منح الجليل] وَكَذَا حَارِسُ زَكَاةِ الْمَالِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحِرَاسَةُ. وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ فَيُعْطَى. وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَمُؤَلَّفٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً أَيْ: قَلْبُهُ لِلْإِيمَانِ وَهُوَ شَخْصٌ (كَافِرٌ) يُعْطَى مِنْهَا (لِيُسْلِمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ. وَقِيلَ مُسْلِمٌ قَرِيبُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ يُعْطَى مِنْهَا لِيَتَمَكَّنَ إسْلَامُهُ الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ. وَصَدَّرَ بِالثَّانِي ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى عَزْوِهِ أَنَّهُ أَرْجَحُ. (وَحُكْمُهُ) أَيْ: الْمُؤَلَّفِ وَهُوَ تَأْلِيفُهُ بِإِعْطَائِهِ مِنْهَا لِيُسْلِمَ (بَاقٍ) لَمْ يُنْسَخْ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. طفي وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ فَقَدْ قَالَ الْقَبَّابُ فِي شَارِحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْقِطَاعُ سَهْمِ هَؤُلَاءِ بِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِإِنْقَاذِ مُهْجَتِهِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ. وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِإِعَانَتِهِ لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ. وَقِيلَ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اسْتِئْلَافِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ رُدَّ إلَيْهِمْ سَهْمُهُمْ، وَرَجَّحَ هَذَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ فَالْمُنَاسِبُ التَّصْدِيرُ بِالْمَشْهُورِ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ يُعْطَى لِيُسْلِمَ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ يُعْطَى لِلتَّمْكِينِ فَحُكْمُهُ بَاقٍ بِاتِّفَاقٍ. وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَرَقِيقٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (مُؤْمِنٌ) سَلِيمٌ مِنْ الْعَيْبِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِعَيْبٍ) شَدِيدٍ كَزَمِنٍ (يُعْتَقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا أَوْ يُقَوَّمَ مَا مَلَكَ وَيُعْتَقَ فَيَكْفِي عَلَى الرَّاجِحِ. عبق وَلَوْ هَاشِمِيًّا بِأَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ، قَالَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَارْتَضَى الْعَدَوِيُّ مَا قَالَهُ عبق؛ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْهَاشِمِيِّ مِنْ الرِّقِّ أَهَمُّ مِنْ صِيَانَتِهِ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ وَسَخِهَا شَيْءٌ لَأَخَذَهَا الْبَائِعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 88 لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ، أَوْ فَكَّ أَسِيرًا: لَمْ يُجْزِهِ   [منح الجليل] وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَلَّفَ مِنْهَا الْهَاشِمِيُّ إذْ تَخْلِيصُهُ مِنْ الْكُفْرِ أَهَمُّ مِنْ تَخْلِيصِهِ مِنْ الرِّقِّ وَلِانْحِطَاطِ قَدْرِهِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، إلَّا إذَا دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَيَشْتَرِي بِهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَيَكْفِي حَيْثُ لَا تَوَاطُؤَ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِعَدَمِ اغْتِفَارِ الْعَيْبِ مُطْلَقًا. وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ اغْتِفَارِ الشَّدِيدِ. وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ سَوَّى اللَّخْمِيُّ بَيْنَ شِرَاء الرَّقِيقِ مِنْهَا وَعِتْقِ الْمَالِكِ رَقَبَةً بِقِيمَتِهَا عَنْ زَكَاتِهِ. وَقَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ الرَّقِيقَ بِشِرَائِهِ مِنْهَا (لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ) أَيْ الرَّقِيقِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالْمُبَعَّضِ فَلَا يَكْفِي عِتْقُهُمْ مِنْهَا، وَيُرَدُّ الرَّقِيقُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ: الْمُعْتَقِ مِنْهَا الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ (لِلْمُسْلِمِينَ) إنْ شَرَطَهُ مُعْتِقُهُ لَهُمْ أَوْ أَطْلَقَ بَلْ (وَإِنْ اشْتَرَطَهُ) أَيْ: الْمُعْتِقُ الْوَلَاءَ (لَهُ) أَيْ: نَفْسِهِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ وَعِتْقُهُ عَنْ زَكَاتِهِ صَحِيحٌ وَوَلَاؤُهُ لَهُمْ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لَهُمْ. وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ شَرْطًا مُسْتَأْنَفًا وَقَوْلُهُ أَوْ فَكَّ أَسِيرًا عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَجَوَابُهُمَا قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ اشْتَرَطَهُ الْمَفْعُولُ الْبَارِزُ لِلْعِتْقِ وَلَامُ لَهُ بِمَعْنَى عَنْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ قَالَ لِلرَّقِيقِ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ زَكَاتِي عَنِّي وَوَلَاؤُك. لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجْزِيهِ الْعِتْقُ عَنْ زَكَاتِهِ وَلَكِنَّهُ يَمْضِي وَالْوَلَاءُ لَهُ إذْ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَقُلْ وَلَاؤُك لِلْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَجْزِيهِ عَنْهَا فِيهِمَا وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ (أَوْ فَكَّ) بِهَا (أَسِيرًا) مُسْلِمًا مِنْ الْحَرْبِيِّينَ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ مُقَدَّرَةً أَيْ: أَوْ إنْ فَكَّ بِهَا أَسِيرًا وَجَوَابُهَا قَوْلُهُ (لَمْ يُجْزِهِ) وَالْفَكُّ مَاضٍ كَالْعِتْقِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَسِيرُ غَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ كشب أَوْ فَكَّ بِهَا أَسِيرًا أَيْ: غَيْرَهُ، وَأَمَّا فَكُّهُ بِزَكَاةِ نَفْسِهِ فَيُجْزِئُ كَمَا فِي الْحَطّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 89 وَمَدِينٌ وَلَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ، لَا فِي فَسَادٍ وَلَا لِأَخْذِهَا إلَّا أَنْ يَتُوبَ   [منح الجليل] وَنَصُّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا فَأُسِرَ قَبْلَ صَرْفِهَا جَازَ فِدَاؤُهُ بِهَا. وَلَوْ افْتَقَرَ لَمْ يُعْطِ مِنْهَا وَفَرَّقَ بِعَوْدِهَا لَهُ وَفِي الْفِدَاءِ لِغَيْرِهِ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ اهـ. فَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَطّ نَقَلَ هَذَا الْفَرْعَ هُنَا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ يَمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجَهَا عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَمَذْهَبُهُ جَوَازُ فَكِّ الْأَسِيرِ مُطْلَقًا بِالزَّكَاةِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُقَابِلٌ لِلْمَذْهَبِ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ فَكَّ أَسِيرًا، أَنَّهُمْ إنْ أَطْلَقُوا الْأَسِيرَ بِفِدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَ) شَخْصٌ (مَدِينٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى عَاجِزٌ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ، فَلَا تُدْفَعُ لِمَدِينٍ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّهَا وَسَخٌ وَقَذَرٌ، وَالدَّيْنُ صِفَةُ الْأَكَابِرِ فَقَدْ تَدَايَنَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِيَهُودِيٍّ إنْ كَانَ الْمَدِينُ حَيًّا بَلْ: (وَلَوْ مَاتَ) الْمَدِينُ فَيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهَا، بَلْ قِيلَ: دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي وَفَائِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُقْضَى دَيْنُ الْمَيِّتِ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ وَفَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَوَصَفَ مَدِينُ بِجُمْلَةِ (يُحْبَسُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: الْمَدِينُ (فِيهِ) أَيْ: الدَّيْنِ أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ، فَيَدْخُلُ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ، وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَدَايَنْهُ لَأَخَذَهَا وَصَرَفَهُ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَدَلِيلُهُمَا قَوْلُهُ (لَا فِي فَسَادٍ) كَشُرْبِ مُغَيِّبٍ. (وَلَا) إنْ اسْتَدَانَ (لِأَخْذِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ حَتَّى أَفْنَاهُ فِي بَعْضِ الْعَامِ وَاسْتَدَانَ لِلْإِنْفَاقِ بَقِيَّةَ الْعَامِ لِيَأْخُذَ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ فَلَا يُعْطَى مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ مَذْمُومٌ، بِخِلَافِ مَنْ تَدَايَنَ لِضَرُورَتِهِ نَاوِيًا الْأَخْذَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّيهِ لِحُسْنِ قَصْدِهِ. (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) مِنْ الصَّرْفِ فِي الْفَسَادِ وَالِاسْتِدَانَةِ لِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّهَا سَفَهٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 90 عَلَى الْأَحْسَنِ إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ، وَفَضْلِ غَيْرِهَا. وَمُجَاهِدٌ وَآلَتُهُ، وَلَوْ غَنِيًّا: كَجَاسُوسٍ لَا سُوَرٍ وَمَرْكَبٍ،. وَغَرِيبٌ مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ   [منح الجليل] فَيَحْتَاجُ لِلتَّوْبَةِ فَيُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنَّمَا يُعْطَى الْمَدِينُ مِنْهَا (إنْ أَعْطَى) الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ (مَا بِيَدِهِ) أَيْ الْمَدِينِ (مِنْ عَيْنٍ وَ) مِنْ (فَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ: الْعَيْنِ عَنْ حَاجَتِهِ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ إعْطَاءُ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إنَّمَا الْمُرَادُ إعْطَاؤُهُ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ. عَلَى تَقْدِيرِ إعْطَاءِ مَا بِيَدِهِ. وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَمُجَاهِدٌ) أَيْ مُتَلَبِّسٌ بِهِ أَوْ عَازِمٌ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ يُعْطَى مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ أَوْ السَّفَرِ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الذَّكَرُ الْقَادِرُ عَلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَيَدْخُلُ، فِيهِ الْمُرَابِطُ. (وَآلَتُهُ) أَيْ: الْجِهَادِ كَسَيْفٍ تُشْتَرَى مِنْهَا إنْ كَانَ فَقِيرًا بَلْ (لَوْ) كَانَ الْمُجَاهِدُ (غَنِيًّا) أَيْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِجِهَادِهِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْهَا فَقَالَ (كَجَاسُوسٍ) يُرْسَلُ لِأَرْضِ الْحَرْبِ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ وَإِعْلَامِنَا بِهَا فَيُعْطَى مِنْهَا وَلَوْ كَانَ كَافِرًا (لَا) تُصْرَفُ الزَّكَاةُ فِي بِنَاءِ أَوْ تَرْمِيمِ (سُوَرٍ) أَيْ بِنَاءٍ حَوْلَ الْبَلَدِ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ دُخُولِهَا (وَ) لَا فِي عَمَلِ (مَرْكَبٍ) أَيْ: سَفِينَةٍ يُقَاتَلُ بِهَا الْعَدُوُّ فِي الْبَحْرِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْمَلُ الْأَسْوَارُ وَالْمَرَاكِبُ مِنْهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ. الْمَوَّاقُ لَمْ أَرَ الْمَنْعَ لِغَيْرِ ابْنِ بَشِيرٍ فَضْلًا عَنْ تَشْهِيرِهِ وَلَا تُعْطَى لِعَالِمٍ وَمُفْتٍ وَقَاضٍ إلَّا الْفَقِيرَ الَّذِي لَمْ يُعْطَ حَقَّةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ مُنِعُوا حَقَّهُمْ مِنْهُ اُعْطُوَا وَلَوْ أَغْنِيَاءَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ (وَغَرِيبٌ) حُرٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ) لِبَلَدِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 91 فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا وَهُوَ مَلِيٌّ بِبَلَدِهِ، وَصُدِّقَ وَإِنْ جَلَسَ نُزِعَتْ مِنْهُ: كَغَازٍ. وَفِي غَارِمٍ يَسْتَغْنِي: تَرَدُّدٌ. ، وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ وَالِاسْتِنَابَةُ   [منح الجليل] وَلَوْ غَنِيًّا فِيهَا إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُوَصِّلُهُ تَغَرَّبَ (فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى وَلَوْ خُشِيَ مَوْتُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى النَّجَاةِ بِتَوْبَتِهِ. وَقِيلَ: إنْ خِيفَ مَوْتُهُ يُعْطَى وَلَوْ لَمْ يَتُبْ إذْ لَا نَعْصِي بِقَتْلِهِ فِي التَّبْصِرَةِ لَا يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مِنْهَا إنْ خَرَجَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ وَلَا يُعْطَى مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ أَوْ يُخَافَ مَوْتُهُ فِي بَقَائِهِ فَفَصَلَ بَيْنَ الْمَسِيرِ وَالرُّجُوعِ (وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا) فِي غُرْبَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ: الْغَرِيبُ وَاوُهُ لِلْحَالِ (مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ أَوْ مُعْدَمًا أَوْ وَجَدَهُ وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ بِهَا فَلَا يُعْطَى مِنْهَا (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الْغَرِيبُ فِي دَعْوَاهُ الِاحْتِيَاجَ لِمَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ ظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ. (وَإِنْ جَلَسَ) أَيْ: أَقَامَ الْغَرِيبُ فِي بَلَدِ الْغُرْبَةِ بَعْدَ إعْطَائِهِ مِنْهَا مَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ (نُزِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الزَّكَاةُ (مِنْهُ) أَيْ: الْغَرِيبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا بِبَلَدِهِ وَشَبَّهَ فِي النَّزْعِ إنْ جَلَسَ فَقَالَ (كَغَازٍ) أُعْطِيَ مِنْهَا وَجَلَسَ عَنْ الْغَزْوِ فَتُنْزَعُ مِنْهُ وَاتُّبِعَ بِهَا إنْ أَنْفَقَهَا وَهُوَ غَنِيٌّ. (وَفِي) نَزْعِهَا مِنْ (غَارِمٍ) أَيْ: مَدِينٍ (يَسْتَغْنِي) بَعْدَ أَخْذِهَا وَقَبْلَ دَفْعِهَا فِي دَيْنِهِ لِذَهَابِ وَصْفِ الْغُرْمِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ لِأَخْذِهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ (تَرَدُّدٌ) لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ وَنَصُّهُ وَفِي الْغَارِمِ يَأْخُذُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ ثُمَّ يَسْتَغْنِي قَبْلَ أَدَائِهِ إشْكَالٌ. وَلَوْ قِيلَ تُنْزَعُ مِنْهُ لَكَانَ وَجْهًا فَالْأَوْلَى، وَاخْتَارَ نَزْعَهَا مِنْ غَارِمٍ اسْتَغْنَى. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إيثَارُ) أَيْ تَرْجِيحُ الشَّخْصِ (الْمُضْطَرِّ) أَيْ: شَدِيدِ الِاحْتِيَاجِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى غَيْرِهِ لَا بِالْجَمِيعِ (دُونَ عُمُومِ) أَيْ تَعْمِيمِ (الْأَصْنَافِ) الثَّمَانِيَةِ الَّتِي فِي الْآيَةِ فَلَا يَنْدُبُ فِيهِمْ أَئِمَّتُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ الْوَاوَ فِي آيَةِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] إلَخْ بِمَعْنَى أَوْ أَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ فِيمَا عُدِمَ خُرُوجُهَا عَنْهُمْ (وَنُدِبَ) لِلْمُزَكِّي (الِاسْتِنَابَةُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 92 وَقَدْ تَجِبْ وَكُرِهَ لَهُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ. ، وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجًا، أَوْ يُكْرَهُ: تَأْوِيلَانِ. ، وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ، وَعَكْسُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقًا بِقِيمَةِ السِّكَّةِ،   [منح الجليل] عَلَى دَفْعِ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهِ خَوْفَ قَصْدِ الْمَحْمَدَةِ (وَقَدْ تَجِبُ) الِاسْتِنَابَةُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ جَهِلَ مُسْتَحِقَّهَا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ: النَّائِبِ (حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ الِاسْتِنَابَةِ (تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ) أَيْ: الْمُزَكِّي أَوْ النَّائِبِ إنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَإِلَّا مُنِعَ إعْطَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يُخَصِّصْهُ وَهَذَا فِي قَرِيبِ الْمُزَكِّي. وَأَمَّا قَرِيبُ النَّائِبِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمُزَكِّي فَيُكْرَهُ تَخْصِيصُهُ وَلَوْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ النَّائِبَ. (وَهَلْ يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ (إعْطَاءُ زَوْجَةٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (زَوْجًا) لَهَا زَكَاتَهَا لِإِنْفَاقِهَا عَلَيْهَا (أَوْ يُكْرَهُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ إعْطَاؤُهَا إيَّاهُ زَكَاتَهَا فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي قَوْلِهَا لَا تُعْطِي الزَّوْجَةُ زَوْجًا مِنْ زَكَاتِهَا، فَحَمَلَهَا ابْنُ زَرْقُونٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا تَجْزِيهَا. وَحَمَلَهَا ابْنُ الْقَصَّارِ وَجَمَاعَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَأَمَّا إعْطَاءُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ زَكَاتَهُ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ إعْطَاءُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ لِيَدْفَعَهُ فِي دَيْنِهِ أَوْ يُنْفِقَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا. (وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ: إخْرَاجُ وَرِقٍ عَنْ ذَهَبٍ بِلَا أَوْلَوِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. وَقِيلَ إخْرَاجُ الْوَرِقِ أَوْلَى لِسُهُولَةِ إنْفَاقِهِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ، وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ فُلُوسِ النُّحَاسِ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْدٌ. أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ أَمَّا إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَلَا خِلَافَ فِي إجْزَائِهِ وَلَيْسَ مِنْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عَرَضًا، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُزَكَّى قِيمَتُهَا وَهِيَ ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ فَالصَّوَابُ تَعْمِيمُ الْخِلَافِ، وَصِلَةُ إخْرَاجُ (بِ) اعْتِبَارِ (صَرْفِ) الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ فِي (وَقْتِهِ) أَيْ إخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ. وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ حَالَ كَوْنِ صَرْفِ الْوَقْتِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِمُسَاوَاةِ الصَّرْفِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ كَوْنُ الدِّينَارِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَ (بِ) اعْتِبَارِ (قِيمَةِ السِّكَّةِ) فِي النِّصَابِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 93 وَلَوْ فِي نَوْعٍ، لَا صِيَاغَةَ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ: تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] الْمُزَكَّى إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دِينَارٌ مَسْكُوكٌ مِنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا كَذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ صَرْفَهُ فِضَّةً غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ، وَصَرْفُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَسْكُوكَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى وَزْنِ الْعَشَرَةِ مِنْ الْفِضَّةِ غَيْرِ الْمَسْكُوكَةِ قِيمَةَ سِكَّتِهَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ النِّصَابِ كَمَا فِي الْمِثَالِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ إخْرَاجُ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَسْكُوكِ (فِي نَوْعٍ) وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَخَلِيلٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ مِنْ نَوْعِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ قِيمَةِ السِّكَّةِ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ مَسْكُوكًا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ فَصَرْفُ الْوَقْتِ مُتَضَمِّنٌ قِيمَةَ السِّكَّةِ، وَأَمَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَزْنُ دِينَارٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ فِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا كَذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ دِينَارًا ذَهَبًا مَسْكُوكًا وَزْنُهُ أَقَلُّ مِنْ دِينَارٍ وَلِسِكَّتِهِ قِيمَةٌ كَقِيمَةِ دِينَارٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ فَلَا يَجْزِيهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قِيمَةِ السِّكَّةِ وَإِخْرَاجُ وَزْنِ دِينَارٍ مِنْ الْمَسْكُوكِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ مَلْغِيَّةٌ فِي الْمُخْرَجِ (لَا) بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ (صِيَاغَةَ فِيهِ) أَيْ النَّوْعِ الْوَاحِدِ فَمَنْ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مَصُوغٌ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا لِصِيَاغَتِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ لَا الْخَمْسِينَ. (وَفِي) إلْغَاءِ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ: النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَمَنْ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مَصُوغٌ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا لَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَهُ بِدَرَاهِمَ، فَهَلْ يُلْغِي قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ وَيُخْرِجُ صَرْفَ دِينَارٍ أَوْ يَعْتَبِرُهَا وَيُخْرِجُ صَرْفَ دِينَارٍ وَرُبْعٍ (تَرَدُّدٌ) بَيْنَ أَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ الْكَاتِبِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. فَإِنْ قُلْت: قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ يُعَارِضُ مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ وَالْجَوْدَةَ لَا زَكَاةَ فِيهَا. قُلْت مُرَادُهُ بِعَدَمِ زَكَاتِهَا أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ النِّصَابُ بِقِيمَتِهَا وَلَا يُزَادُ رُبْعُ الْعُشْرِ بِهَا، كَمَنْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا عِشْرُونَ دِينَارًا لِسِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّصَابِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ الْوَزْنُ لَا الْقِيمَةُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 94 لَا كَسْرَ مَسْكُوكٍ، إلَّا لِسَبْكٍ. ، وَوَجَبَ نِيَّتُهَا. ، وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ، إلَّا لِأَعْدَمَ فَأَكْثَرُهَا لَهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ، وَإِلَّا بِيعَتْ   [منح الجليل] لَا) يَجُوزُ (كَسْرُ مَسْكُوكٍ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛؛ لِأَنَّهُ مِنْ إفْسَادِ مَا بِهِ التَّعَامُلُ فَيُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ (إلَّا) كَسْرَهُ (لِسَبْكٍ) أَيْ: صَوْغِهِ حُلِيًّا لِمَرْأَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ سِنًّا أَوْ أَنْفًا أَوْ خَاتَمًا. (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُزَكِّي (نِيَّتُهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ أَوْ مَالِ مَحْجُورِهِ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا عِنْدَ عَزْلِهَا مِنْ الْمَالِ، أَوْ عِنْدَ دَفْعِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا. وَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهُ وَلَا عِلْمُهُ بِإِنَّهَا زَكَاةٌ بَلْ يُكْرَهُ لِكَسْرِ خَاطِرِ الْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ دَفَعَ لَهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ بِنِيَّةِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَوَى بِهِ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ لَمْ يُجْزِهِ، وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةٌ فَإِذَا عَدَّ مَالَهُ وَأَخْرَجَ مَا يَجِبُ فِيهِ وَدَفَعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَوْ سُئِلَ عَنْهُ لَقَالَ أَدَّيْت الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ كَفَى. (وَ) وَجَبَ (تَفْرِقَتُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ فَوْرًا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ (بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَمَوْضِعُ الْمَالِكِ فِي الْعَيْنِ وَمِنْهَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ (أَوْ قُرْبِهِ) أَيْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ بِأَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَيَجُوزُ نَقْلُهَا إلَيْهِ سَوَاءٌ وُجِدَ مُسْتَحِقٌّ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ لَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ الَّذِي فِي الْقُرْبِ أَعْدَمَ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ، وَأَمَّا مَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا إلَيْهِ (إلَّا لِ) مُسْتَحِقٍّ (أَعْدَمَ) أَيْ: أَشَدَّ عَدَمًا لِلْمَالِ مِنْ مُسْتَحِقِّ مَوْضِع الْوُجُوبِ (فَ) يُنْقَلُ أَكْثَرُهَا أَيْ: الزَّكَاةِ (لَهُ) أَيْ: الْأَعْدَمِ وُجُوبًا وَيُفَرَّقُ أَقَلُّهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ فِيهِمَا. فَإِنْ نُقِلَتْ الزَّكَاةُ كُلُّهَا لِلْأَعْدَمِ أَوْ فُرِّقَتْ الزَّكَاةُ كُلُّهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ. وَقِيلَ نَقْلُهَا لِلْأَعْدَمِ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ هُوَ مِنْ إيثَارِ الْمُضْطَرِّ وَمَفْهُومُ أَعْدَمَ مِنْ مُسَاوٍ وَدُونَ دَخْلٍ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا لَهُ. فَإِنْ نُقِلَتْ فَسَيَأْتِي وَتُنْقَلُ لِلْأَعْدَمِ (بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) أَيْ: بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ أَخْذُهَا مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا مِنْهُ (بِيعَتْ) الزَّكَاةُ أَيْ: أَكْثَرُهَا بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 95 وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا: كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ، وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ. وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ. أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ، وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا   [منح الجليل] وَاشْتُرِيَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ فِي بَلَدٍ الْأَعْدَمِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ (مِثْلُهَا) أَيْ: الزَّكَاةُ نَوْعًا لَا قَدْرًا لِتَبَعِيَّتِهِ لِلسِّعْرِ فِي الْبَلَدَيْنِ فَيُشْتَرَى بِثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامٌ، وَبِثَمَنِ الْمَاشِيَةِ مَاشِيَةٌ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فُرِّقَ الثَّمَنُ كَزَكَاةِ الْعَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي النَّقْلِ وَالْبَيْعِ وَشِرَاءِ الْمِثْلِ فَقَالَ (كَعَدَمِ) وُجُودِ (مُسْتَحِقٍّ) بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ فَتُنْقَلُ الزَّكَاةُ كُلُّهَا إلَى أَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ، وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا (وَقُدِّمَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً الْمَنْقُولُ لِلْأَعْدَمِ أَوْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُزَكِّي (لِيَصِلَ) الْمَنْقُولُ لِمَوْضِعِ التَّفْرِقَةِ (عِنْدَ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ بِدُونِ سَاعٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَا يُنْقَلُ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْلُ وَالْمَاشِيَةُ الَّتِي لَهَا سَاعٍ لَا تُزَكَّى إلَّا بَعْدَ مَجِيئِهِ. (وَإِنْ قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (مُعَشَّرًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ كَحَبٍّ وَتَمْرٍ قَبْلَ وُجُوبِهَا بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ لَمْ يُجْزِهِ (أَوْ) زَكَّى (دَيْنًا) قَرْضًا حَالَ حَوْلُهُ (أَوْ عَرْضًا) مُحْتَكَرًا بَعْدَ حَوْلِهِ وَبَيْعِهِ وَ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلدَّيْنِ الْقَرْضِ أَوْ ثَمَنِ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ لَمْ يُجْزِهِ (أَوْ نُقِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الزَّكَاةُ (لِدُونِهِمْ) أَيْ: مُسْتَحِقِّي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ فِي الِاحْتِيَاجِ وَبَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ قَصْرٍ لَمْ يُجْزِهِ، هَذَا بَعْضُ مَفْهُومِ الْأَعْدَمِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ. وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْكَافِي أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي نَقْلِهَا لِدُونِهِمْ الْإِجْزَاءُ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مَصْرِفِهَا. قُلْت وَلِأَنَّ إيثَارَ الْمُضْطَرِّ مَنْدُوبٌ. (أَوْ دُفِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الزَّكَاةُ (بِاجْتِهَادٍ) مِنْ الْمُزَكِّي أَوْ نَائِبِهِ (لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ) لَهَا كَغَنِيٍّ وَرِقٍّ وَكَافِرٍ لِظَنِّ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا (وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ مِنْهُ لَمْ تُجْزِهِ. فَإِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 96 إلَّا الْإِمَامَ. أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةِ: لَمْ تُجْزِ، لَا إنْ أُكْرِهَ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ أَوْ قُدِّمَتْ   [منح الجليل] أَمْكَنَ رَدُّهَا أَخَذَهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ عَوَّضَهَا مِنْهُ إنْ فَاتَتْ بِتَصَرُّفِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (إلَّا الْإِمَامَ) يَدْفَعُهَا بِاجْتِهَادِهِ لِمُسْتَحِقٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ، فَتُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا وَإِلَّا نُزِعَتْ كَمَا أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوضِحُ وَالْمَتْنُ، إذْ مَوْضُوعُ كَلَامِهِ فِي تَعَذُّرِ الرَّدِّ وَالْوَصِيُّ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي كَالْإِمَامِ. . (أَوْ طَاعَ) الْمُزَكِّي (بِدَفْعِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (لِجَائِرٍ) أَيْ: مَشْهُورٍ بِالْجَوْرِ (فِي صَرْفِهَا) وَصَرَفَهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا لَمْ تُجْزِهِ، وَالْوَاجِبُ جَحْدُهَا وَالْهَرَبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ. فَإِنْ دَفَعَهَا الْجَائِرُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَجْزَأَتْ (أَوْ) طَاعَ (بِ) دَفْعِ (قِيمَةٍ) أَيْ: مُقَوَّمٍ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ (لَمْ تُجْزِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ: الزَّكَاةُ الْمُزَكَّى فِي الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي دَفْعِ الْقِيمَةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ بَشِيرٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ الْمَشْهُورُ فِي إعْطَاءِ الْقِيمَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْطِي عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اشْتِرَاءُ صَدَقَتِهِ اهـ. فَجَعَلَهُ مِنْ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. الْبَاجِيَّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا أَنَّهُ مِنْ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ الْمِسْنَاوِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ هُوَ الرَّاجِحُ، وَيَدُلُّ لَهُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ الْإِجْزَاءُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَتَصْوِيبُ ابْنِ يُونُسَ لَهُ، وَأَمَّا تَفْصِيلُ عج فَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ وَالْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ الطَّرِيقَتَانِ السَّابِقَتَانِ إجْزَاءُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا (لَا إنْ أُكْرِهَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى دَفْعِهَا لِجَائِرٍ أَوْ دَفْعِ قِيمَتَهَا فَتُجْزِئُ. (أَوْ نُقِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الزَّكَاةُ (لِمِثْلِهِمْ) أَيْ مُسْتَحِقِّي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ فِي الِاحْتِيَاجِ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ فَتُجْزِئُ وَإِنْ حَرُمَ (أَوْ قُدِّمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 97 بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ، فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ؛ فَعَنْ الْبَاقِي. وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ: كَعَزْلِهَا فَضَاعَتْ،   [منح الجليل] الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ (بِكَشَهْرٍ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ عَلَى رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ: بِشَهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا. وَقِيلَ: بِيَوْمَيْنِ. وَقِيلَ: بِثَلَاثَةٍ. وَقِيلَ: بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ. وَقِيلَ: بِعَشْرَةٍ فَتُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّقْدِيمُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ لِوَكِيلٍ يَدْفَعُهَا لَهُ وَصِلَةُ قُدِّمَتْ (فِي) زَكَاةِ (عَيْنٍ) وَمِنْهَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ (وَ) زَكَاةِ (مَاشِيَةٍ) لَا سَاعِيَ لَهَا فَتُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا تُجْزِئُ فِي حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ لَهَا سَاعٍ إذَا قَدَّمَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ لِمُسْتَحِقِّهَا، وَأَمَّا إنْ دَفَعَهَا قَبْلَهُ بِكَشَهْرٍ لِلسَّاعِي فَتُجْزِئُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ. (فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ: الْمُخْرِجُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِكَشَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُسْتَحِقَّةِ (فَ) يُخْرِجُ الزَّكَاةَ (عَنْ الْبَاقِي) إنْ كَانَ نِصَابًا؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ إلَّا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَضِيعُ الْمُقَدَّمُ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَجْزِيهِ وَلَا يَضْمَنُهُ. سَنَدٌ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ فِي حُكْمِ وَقْتِ الْوُجُوبِ، وَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ عَلَى الْحَوْلِ لِلْأَعْدَمِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَدَمِهِ فِي بَلَدِ الْمَالِ لِيَصِلَ لَهُ عِنْدَهُ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الْمُزَكِّي بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ ضَاعَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُسْتَحِقَّةِ فَلَا يُزَكِّي الْبَاقِيَ لِأَمْرِهِ بِتَقْدِيمِهِ. (وَإِنْ تَلِفَ) بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (جُزْءُ نِصَابٍ) قَبْلَ التَّزْكِيَةِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَبَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ (وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ) أَيْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهُ، إمَّا لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ أَوْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الْمَالِ (سَقَطَتْ) الزَّكَاةُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَدَاءُ وَفَرَّطَ فِي التَّالِفِ ضَمِنَ، وَأَمَّا التَّلَفُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْبَاقِي بِلَا تَفْصِيلٍ. وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ (كَعَزْلِهَا) أَيْ: الزَّكَاةِ عَنْ الْمَالِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِيَدْفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا (فَضَاعَتْ) أَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَا إمْكَانِ أَدَاءً فَلَا يُزَكِّي الْبَاقِيَ. وَإِنْ وَجَدَهَا لَزِمَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 98 لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا. ، وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ، أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ مُفَرِّطًا، لَا مُحَصِّنًا، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ. ، وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَكَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ   [منح الجليل] إخْرَاجُهَا، وَإِنْ عَزَلَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَضَاعَتْ فَيُزَكِّي عَنْ الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا (لَا) تَسْقُطُ الزَّكَاةُ (إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا) أَيْ الْمَالُ الْمُزَكَّى بِهَا تَمَامَ حَوْلِهِ فَيَدْفَعُهَا لِمُسْتَحِقِّهَا فَرَّطَ أَمْ لَا. فَإِنْ عَزَلَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ أَصْلُهَا قَبْلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا. (وَضَمِنَ) مَالِكٌ النِّصَابِ زَكَاتَهُ (إنْ أَخَّرَ) إخْرَاجَ (هَا) أَيْ: الزَّكَاةِ (عَنْ) تَمَامِ (الْحَوْلِ) أَيَّامًا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فَضَاعَ الْمَالُ أَوْ فَرَّطَ أَمْ لَا لَا إنْ أَخَّرَهَا يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يُفَرِّطَ فِي حِفْظِهِ. (أَوْ أَدْخَلَ) مَالِكُ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ (عُشْرَهُ) إنْ سَقَى بِلَا آلَةٍ أَوْ نِصْفَ عُشْرِهِ إنْ سَقَى بِهَا بَيْتَهُ مَعَ بَاقِي حَبِّهِ أَوْ تَمْرِهِ أَوْ وَحْدَهُ حَالَ كَوْنِهِ (مُفَرِّطًا) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي دَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ لِإِمْكَانِهِ قَبْلَ إدْخَالِهِ بَيْتَهُ فَضَاعَ أَوْ تَلِفَ أَوْ فِي حِفْظِهِ فَيَضْمَنُهُ، فَإِنْ ضَاعَ فِي الْجَرِينِ فَلَا يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ دَفْعَهُ مَعَ إمْكَانِهِ (لَا) يَضْمَنُهُ إنْ أَدْخَلَهُ (مُحَصِّنًا) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ نَاوِيًا تَحْصِينَهُ وَحِفْظَهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاؤُهُ وَأَدْخَلَهُ لِحِفْظِهِ وَتَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْهُ مُفَرِّطًا وَلَا مُحَصِّنًا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ فِي إدْخَالِهِ بَيْتَهُ وَادَّعَى قَصْدَهُ تَحْصِينَهُ (فَ) فِي تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ التَّحْصِينَ هُوَ الْغَالِبُ. وَلِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَعَدَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. . (وَأُخِذَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الزَّكَاةُ (مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا أَوْ يُوصِيَ فِي رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ فَكَلَامُهُ هُنَا مُجْمَلٌ وَكَلَامُهُ الْآتِي فِي الْوَصِيَّةِ تَفْصِيلٌ لَهُ (وَ) أُخِذَتْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا (كَرْهًا) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِقِتَالٍ) وَلَكِنْ لَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ بَلْ تَخْلِيصُ الزَّكَاةِ مِنْهُ. فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فَهَدَرٌ وَتَكْفِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 99 وَأُدِّبَ. ، وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ، وَإِنْ عَيْنًا. وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ فَجِنَايَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ   [منح الجليل] نِيَّةُ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُسْتَحِقُّ قَدْرَهَا مِنْ مَالِ مَانِعِهَا لَمْ تُجْزِهِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ. (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا بَعْدَ أَخْذِهَا مِنْهُ كَرْهًا بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَإِلَّا كَفَى فِي أَدَبِهِ فَالْأَوْلَى أَوْ أُدِّبَ بِأَوْ. (وَدُفِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الزَّكَاةُ وُجُوبًا (لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِمَا كُرِهَ دَفْعُهَا لَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ إنْ كَانَتْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (عَيْنًا) فَإِنْ طَلَبَهَا الْعَدْلُ فَادَّعَى الْمَالِكُ إخْرَاجَهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَمَفْهُومُ الْعَدْلِ أَنَّ غَيْرَهُ لَا تُدْفَعُ لَهُ، وَيَجِبُ جَحْدُهَا مِنْهُ وَالْهَرَبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ دُفِعَتْ لَهُ طَوْعًا لَمْ تَجُزْ، وَلَا تَجُوزُ الْفَتْوَى بِأَنَّ الْعَدْلَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ حَيْثُ عُلِمَ عَدَمُ عَدَالَةِ طَالِبِهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِبْيَانِيِّ، فَإِنَّهُ أَفْتَى حِينَ طَلَبَ الْإِمَامُ الْمَعُونَةَ مِنْ الرَّعِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ مَشْكُوكٌ فِيهَا. قَالَ وَالْمَفْتُون بِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ اقْتَضَاهَا يُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَى النَّارِ بِلَا زَبَانِيَةٍ أَيْ: لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ فِي الْعَدَالَةِ إلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِإِيهَامِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِي عَدَالَتِهِ عَدْلًا عَلَى أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَاسْتَقْبَلَ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِبَيْتِ الْمَالِ مَالًا. . (وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ) رَبَّ الْمَالِ بِإِخْبَارِهِ (بِحُرِّيَّةٍ) لَهُ فَدَفَعَ الزَّكَاةَ لَهُ وَظَهَرَ رِقُّهُ (فَ) الزَّكَاةُ الَّتِي أَخَذَهَا (جِنَايَةٌ) فِي رَقَبَتِهِ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَعَهُ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِهَا وَإِسْلَامِهِ فِيهَا فَيُبَاعُ فِيهَا. وَقِيلَ تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهَا إنْ أُعْتِقَ يَوْمًا مَا. وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا تَرْجِيحٌ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ ثُمَّ رَأَيْت نَصَّ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ قِيلَ فَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ فَقَالَ إنِّي حُرٌّ فَأَعْطَاهُ مِنْ زَكَاتِهِ فَأَفَاتَ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فِي ذَلِكَ نَظَرٌ هَلْ يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ أَوْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُتَطَوِّعٌ بِالدَّفْعِ؟ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 100 وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ. وَمَا غَابَ؛ إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ وَلَا ضَرُورَةَ (فَصْلٌ) زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ عَنْهُ.   [منح الجليل] ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ إنَّهُ جِنَايَةٌ إلَخْ وَبِهَذَا ظَهَرَ صِحَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْمِ اهـ. بْن (مُسَافِرٌ) مِنْ وَطَنِهِ تَمَّ حَوْلُ مَالَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُ (مَا مَعَهُ) مِنْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا (وَمَا غَابَ عَنْهُ) إنْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا نِصَابًا (إنْ لَمْ يَكُنْ مُخَرِّجٌ) الزَّكَاةَ مَا غَابَ بِتَوْكِيلٍ أَوْ إمَامَةٍ لِبَلَدِهِ (وَ) الْحَالُ (لَا ضَرُورَةَ) إلَى مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْغَائِبِ مِمَّا بِيَدِهِ فِي نَفَقَتِهِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ فِيهَا أَخَّرَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُ إلَى عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ. هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ أَيْضًا يُؤَخِّرُ زَكَاتَهُ مُطْلَقًا اعْتِبَارًا بِمَوْضِعِ الْمَالِ، وَأَمَّا مَا مَعَهُ فَيُزَكِّيهِ بِكُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ مَعَ رَبِّهِ وَمَفْهُومُ مُسَافِرٍ أَنَّ الْحَاضِرَ يُزَكِّي مَا حَضَرَ وَمَا غَابَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ، وَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ لِصَرْفِ مَا حَضَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. [فَصْلٌ فِي زَكَاة الْفِطْر] (فَصْلٌ) فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ (يَجِبُ) وُجُوبًا ثَبَاتًا (بِالسُّنَّةِ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ: الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ» ، وَحَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى التَّقْدِيرِ بَعِيدٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ الْمَدِينَةِ أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَاعٌ» . وَأَمَّا آيَاتُ الزَّكَاةِ الْعَامَّةُ فَسَابِقَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا فَهِيَ غَيْرُ مُرَادَةٍ مِنْهَا وَفَاعِلُ يَجِبُ (صَاعٌ) أَيْ: مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَلَا مَقْبُوضَتَيْنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (أَوْ جُزْؤُهُ) أَيْ الصَّاعِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَصِلَةُ يَجِبُ (عَنْهُ) أَيْ الْمُخْرِجِ الْمَفْهُومِ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 101 فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ. ، وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ خِلَافٌ. مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ مِنْ مُعَشَّرٍ، أَوْ أَقِطٍ، غَيْرَ عَلَسٍ،   [منح الجليل] السِّيَاقِ إذْ صَاعٌ بِتَقْدِيرِ إخْرَاجٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ وَالْإِخْرَاجُ يَسْتَلْزِمُ مُخْرِجًا وَالْمُخَاطَبَ بِالْوُجُوبِ اللَّازِمِ لِيَجِبَ وَنَعَتَ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ بِجُمْلَةٍ (فَضَلَ) أَيْ: زَادَ الصَّاعُ أَوْ جُزْؤُهُ (عَنْ قُوتِهِ) أَيْ: الْمُخْرِجِ (وَقُوتِ عِيَالِهِ) أَيْ: الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَسَلُّفٍ بَلْ (وَإِنْ) قَدَرَ عَلَيْهِ (بِتَسَلُّفٍ) رَجَاءَ وَفَائِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَفَاؤُهُ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الضَّرَرِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى نَدْبِ التَّسَلُّفِ وَأَخَذَ مِنْهُ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي سُقُوطِهَا بِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَظَاهِرُهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ سُقُوطُهَا بِهِ. (وَهَلْ) تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِأَوَّلِ) جُزْءٍ مِنْ (لَيْلَةِ الْعِيدِ) وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ آخِرِ يَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْتَدُّ وَقْتُ الْخِطَابِ بِهَا بَعْدَهُ (أَوْ بِ) طُلُوعِ (فَجْرِهِ) أَيْ: يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا يَمْتَدُّ أَيْضًا فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتُ الْغُرُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَقْتُ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِي لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَهْلِهَا بَعْدُ. وَمَنْ مَاتَ أَوْ بِيعَ أَوْ طَلُقَتْ بَائِنًا أَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ اتِّفَاقًا وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى مَنْ ذُكِرَ اتِّفَاقًا. وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا بَيْنَهُمَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ. وَعَلَى الْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ وَالْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعَتِيقِ وَالْمُطَلَّقَةِ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ وَلَدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَجَبَتْ اتِّفَاقًا وَبَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ تَجِبْ اتِّفَاقًا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَجَبَتْ عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ. وَبَيَّنَ الصَّاعَ بِقَوْلِهِ (مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ) لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَبَيَّنَ الْقُوتَ بِقَوْلِهِ (مِنْ مُعَشَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: مُزَكًّى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُصُوصُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ (أَوْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ أَوْ كَسْرِهَا، فَلُغَاتُهُ أَرْبَعَةٌ أَيْ جَافِّ اللَّبَنِ الْمُسْتَخْرَجِ زَبَدُهُ عَطَفَ عَلَى مُعَشَّرٍ وَنَعَتَ مُعَشَّرٍ بِ (غَيْرِ عَلَسٍ) لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ فِي زِيَادَتِهِ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 102 إلَّا أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ. وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ بِقَرَابَةِ زَوْجِيَّةٍ، وَإِنْ لِأَبٍ وَخَادِمِهَا أَوْ رِقٍّ لَوْ مُكَاتَبًا   [منح الجليل] التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْهُ فَلَا تَخْرُجُ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ الْأَصْنَافِ التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا) حَالَ (أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ) أَيْ: الْمَذْكُورُ كَعَلَسٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَقُطْنِيَّةٍ فَتَخْرُجُ مِنْ أَغْلَبِهِ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِمَّا انْفَرَدَ إنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ قَالَهُ الْحَطّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ، وَرَدَّهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَيْرَ التِّسْعَةِ إذَا كَانَ غَالِبًا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِالِاقْتِيَاتِ أَجْزَأَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ وَلَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ وَهَلْ يُقَدَّرُ نَحْوُ اللَّحْمِ بِجَرْمِ الْمُدِّ أَوْ شِبَعِهِ وَصَوَّبَ أَوْ بِوَزْنِهِ خِلَافٌ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ عَنْهُ فَقَالَ (وَ) يَجِبُ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ (عَنْ كُلِّ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ يَمُونُهُ) أَيْ: الْمُزَكِّي الْمُسْلِمُ أَيْ: يَقُومُ بِمُؤْنَتِهِ وُجُوبًا (بِقَرَابَةٍ) بَيْنَهُمَا كَالْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ (أَوْ) بِ (زَوْجِيَّةٍ) لِلْمُزَكِّي بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (لِأَبٍ) لَهُ كَانَتْ أُمُّهُ أَوْ غَيْرُهَا مَدْخُولًا بِهَا وَلَوْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً أَوْ دَعَتْهُ لَهُ (وَخَادِمِهَا) أَيْ: الْجِهَةِ الَّتِي بِهَا النَّفَقَةُ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ الْخَادِمُ مَمْلُوكًا لِلْقَرِيبِ أَوْ لِزَوْجِهِ لَا بِأُجْرَةٍ. وَإِنْ اشْتَرَطَتْ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ دُونَ الزَّكَاةِ كَمَنْ يَمُونُهُ بِالْتِزَامٍ أَوْ إجَارَةِ الْخِدْمَةِ بِنَفَقَتِهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ أَوْ بِحَمْلٍ كَمُطَلَّقَةٍ بَائِنًا حَامِلًا، وَهَذِهِ خَرَجَتْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِحَصْرِهِ أَسْبَابَ الْقِيَامِ بِالْمُؤْنَةِ فِي الْقَرَابَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَالرِّقِّ. (أَوْ) يَمُونُهُ بِ (رِقٍّ) أَيْ: كَوْنِهِ رَقِيقًا لَهُ خَرَجَ رَقِيقُ رَقِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمُونُهُ وَمُؤْنَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا تَجِبُ زَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَى سَيِّدِهِ أَيْضًا لِرِقِّهِ إنْ كَانَ رَقِيقُهُ غَيْرَ مُكَاتَبٍ كَقِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ رَقِيقُهُ (مُكَاتَبًا) أَيْ: مُعْتَقًا عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ دِرْهَمًا وَهُوَ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ يُقَدَّرُ أَنَّ سَيِّدَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 103 وَآبِقًا رُجِيَ، وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ وَمُخْدَمًا، إلَّا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدَمِهِ، وَالْمُشْتَرَكُ، وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ،   [منح الجليل] تَرَكَ لَهُ شَيْئًا فِي نَظِيرِهَا فَهِيَ عَلَى سَيِّدِهِ فِي الْحَقِيقَةِ إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا بَلْ (وَ) لَوْ (آبِقًا رُجِيَ) رُجُوعُهُ وَمَغْصُوبًا كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مَبِيعٍ بَلْ (وَ) لَوْ رَقِيقًا (مَبِيعًا) مُتَلَبِّسًا (بِمُوَاضَعَةٍ) لِأَمَةٍ رَائِعَةٍ أَوْ وَخْشٍ وَطِئَهَا وَبَاعَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا. (أَوْ) بِشَرْطِ (خِيَارٍ) لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ جَاءَ وَقْتُ الزَّكَاةِ قَبْلَ نُزُولِ الدَّمِ وَمَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ فَزَكَاةُ فِطْرِهِمَا عَلَى بَائِعِهِمَا لِأَيِّهِمَا فِي مِلْكِهِ وَنَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ (وَ) رَقَّا (مُخْدَمًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ: مَوْهُوبَةُ خِدْمَتِهِ لِشَخْصٍ حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَزَكَاةُ فِطْرَتِهِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَئُولَ بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ خِدْمَتِهِ (لِحُرِّيَّةٍ) بِتَعْلِيقِ حُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ نَحْوَ خَدَمْتُك فُلَانًا حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةَ كَذَا وَبَعْدَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ (فَ) زَكَاةُ فِطْرَتِهِ (عَلَى مُخْدَمِهِ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ: مَنْ وُهِبَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ كَنَفَقَتِهِ، وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِغَيْرِ مُخْدِمِهِ بِالْكَسْرِ نَحْوَ أَخَدَمْتُك زَيْدًا حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةَ كَذَا ثُمَّ أَنْتَ مَمْلُوكٌ لِعَمْرٍو فَزَكَاةُ فِطْرَتِهِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا عَلَى مَنْ وُهِبَتْ رَقَبَتُهُ لَهُ وَهُوَ عَمْرٌو إنْ قَبِلَ الْهِبَةَ كَنَفَقَتِهِ. (وَ) الرِّقُّ (الْمُشْتَرَكُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بَيْنَ مَالِكَيْنِ (أَوْ) أَكْثَرَ (وَ) الرِّقُّ (الْمُبَعَّضُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ تُوَزَّعُ زَكَاةُ فِطْرَتِهِمَا (بِقَدْرِ الْمِلْكِ) أَيْ: الْجُزْءِ الْمَمْلُوكِ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الصَّاعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الرِّقِّ وَعَلَى مَالِكِ الْبَعْضِ مِنْ الصَّاعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الرِّقّ. (وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) فِي بَعْضِهِ الْحُرِّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ زَكَاةَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الشُّرَكَاءِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِيهَا وَلَهَا نَظَائِرُ فِي الْخِلَافِ، وَضَابِطُهَا كُلُّ وَاجِبٍ بِحُقُوقٍ مُشْتَرَكَةٍ هَلْ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ قَوْلَانِ، لَكِنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 104 وَالْمُشْتَرَى فَاسِدًا عَلَى مُشْتَرِيهِ. وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَمِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ، وَغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إلَّا الْغَلِثَ، وَدَفْعُهَا لِزَوَالِ فَقْرٍ، وَرِقِ يَوْمِهِ وَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ، وَعَدَمُ زِيَادَةٍ،، وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ   [منح الجليل] الرَّاجِحَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ فَرُجِّحَ اعْتِبَارُ عَدَدِ الرُّءُوسِ فِي أُجْرَةِ الْقَاسِمِ وَكَنْسِ الْمِرْحَاضِ، وَالسَّوَّاقِي، وَحَارِسِ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ، وَبُيُوتِ الطَّعَامِ، وَالْجَرِينِ وَالْبَسَاتِينِ، وَكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ، وَصَيْدِ الْكِلَابِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الْكِلَابِ، وَالْمُعْتَبَرُ رُءُوسُ الصَّائِدِينَ. وَرُجِّحَ اعْتِبَارُ مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالشُّفْعَةِ وَنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَزَكَاةِ فِطْرِهِمَا فَتُوَزَّعُ عَلَى أَوْلَادِهِمَا بِقَدْرِ الْيَسَارِ لَا عَلَى الرُّءُوسِ وَلَا بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ (وَ) الرِّقُّ (الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ شِرَاءً (فَاسِدًا) لِانْتِفَاءِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعِ زَكَاةِ فِطْرِهِ (عَلَى مُشْتَرِيهِ) إنْ قَبَضَهُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَعَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِيهِ ضَمَانُهُ. (وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا) أَيْ زَكَاةُ الْفِطْرِ (بَعْدَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ) لِلْعِيدِ وَلَوْ بَعْدَ الْغَدِ إلَى الْمُصَلَّى تَعْجِيلًا لِمَسَرَّةِ الْفَقِيرِ (وَ) نُدِبَ إخْرَاجُهَا (مِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ) مِنْ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ (وَ) نُدِبَ (غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ) وَشَبَهِهِ (إلَّا الْغَلِثَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ: كَثِيرَ الْغَلِثِ فَتَجِبُ غَرْبَلَتُهُ إنْ زَادَ غَلِثُهُ عَلَى ثُلُثِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا نُدِبَتْ، وَقِيلَ: تَجِبُ إنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (وَ) نُدِبَ (لِزَوَالِ فَقْرٍ وَرِقِّ يَوْمِهِ) أَيْ: الْعِيدِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ. (وَ) نُدِبَ (دَفْعُهَا) أَيْ: زَكَاةِ الْفِطْرِ (لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ) لِيُفَرِّقَهَا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُهُ وَعَلَّلَ بِخَوْفِ الْمَحْمَدَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ نَدْبَ الِاسْتِنَابَةِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ فِيهَا أَقْوَى (وَ) نُدِبَ (عَدَمُ زِيَادَةٍ) عَلَى الصَّاعِ؛ لِأَنَّهُ تَحْدِيدٌ مِنْ الشَّارِعِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَزِيَادَةِ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ الْمُعَقِّبَاتِ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ (وَ) نُدِبَ (إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ) عَنْ نَفْسِهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُخْرِجُ عَنْهُ فِيهَا أَهْلُهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ نَفْسِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 105 وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ. وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِين وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ وَمِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا لِشُحٍّ وَإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لِمُفَرِّقٍ   [منح الجليل] وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ إنْ اعْتَادُوهُ أَوْ أَوْصَاهُمْ بِهِ وَيَنْزِلُ الِاعْتِيَادُ وَالْإِيصَاءُ مَنْزِلَةَ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ عَنْهُ لِعَدَمِ نِيَّتِهَا، وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْهُمْ وَالْمُعْتَبَرُ قُوتُ الْمُخْرَجِ عَنْهُ، فَإِنْ جُهِلَ اُحْتِيطَ بِإِخْرَاجِ الْأَعْلَى، فَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ فِي بَلَدٍ قُوتُهُ أَعْلَى مِنْ قُوتِ بَلَدِ الْمُخْرِجِ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِ الْمُخْرِجِ تَعَيَّنَ إخْرَاجُ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ. (وَ) جَازَ (دَفْعُ صَاعٍ) وَاحِدٍ (لِمَسَاكِين وَ) جَازَ دَفْعُ (آصُعٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مَمْدُودًا وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ صَاعٍ (لَ) مِسْكِينٍ (وَاحِدٍ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَبُو الْحَسَنِ، يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ لَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا وَاحِدًا أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ وَرَآهَا كَالْكَفَّارَةِ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَلِيَ تَفْرِقَةَ فِطْرَتِهِ أَنْ يُعْطِيَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ. (وَ) جَازَ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ (مِنْ قُوتِهِ) أَيْ: الْمُزَكِّي (الْأَدْوَنِ) مِنْ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اقْتِيَاتِ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ (إلَّا) أَنْ يَقْتَاتَ الْأَدْوَنَ (لِشُحٍّ) أَيْ: بُخْلٍ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اقْتِيَاتِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يَجْزِيهِ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ اقْتَاتَهُ لِهَضْمِ نَفْسٍ أَوْ لِعَادَتِهِ كَبَدْوِيٍّ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ بِحَاضِرَةٍ يَقْتَاتُ أَهْلُهَا الْقَمْحَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَ) جَازَ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ زَكَاةَ فِطْرَتِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ: الْوُجُوبِ (بِكَالْيَوْمَيْنِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ، وَفِيهَا بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْجَلَّابِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ، فَإِنْ ضَاعَتْ لَمْ تَجُزْ، وَاعْتَرَضَهُ التُّونُسِيُّ اخْتَارَ إجْزَاءَهَا لِجَوَازِ تَقْدِيمِهَا. (وَهَلْ) يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِالْيَوْمَيْنِ جَوَازًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِدَفْعِهَا لِمُفَرِّقٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (أَوْ) يَجُوزُ إنْ دَفَعَهَا (لِمُفَرِّقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 106 تَأْوِيلَانِ. وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا. وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ.   [منح الجليل] يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا قَبْلَهُ بِالْيَوْمَيْنِ بِنَفْسِهِ وَلَا تَجْزِيهِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ تَبْقَ بِيَدِ الْفَقِيرِ إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا بِيَدِهِ كَدَفْعِهَا لَهُ ابْتِدَاءً. (وَلَا تَسْقُطُ) زَكَاةُ الْفِطْرَةِ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَتْ لَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى فَاتَ يَوْمُ الْعِيدِ (بِمُضِيِّ زَمَنِ) إخْرَاجِ (هَا) وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَأَثِمَ بِتَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ. الْقَرَافِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الضَّحِيَّةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَعِيرَةُ إسْلَامٍ، وَإِنْ افْتَرَقَتَا بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ تُنْدَبُ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ وَرِقُّهُ يَوْمَهَا، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّهِ إنَّ الْفِطْرَةَ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَهُوَ يَحْصُلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالْأُضْحِيَّةُ لِلتَّظَافُرِ عَلَى إظْهَارِ الشَّعَائِرِ، وَقَدْ فَاتَتْ. وَلَا يَقْدَحُ فِي الْفَرْقِ خَبَرُ «أَغْنُوهُمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ» ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا بَعْدَهُ جَبْرًا لِمَا حَصَلَ لَهُمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ مِنْ ذُلِّ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ. (وَإِنَّمَا تُدْفَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ: زَكَاةُ الْفِطْرِ (لِحُرٍّ) لَا رِقٍّ (مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ (فَقِيرٍ) وَأَوْلَى مِسْكِينٍ لَا غَنِيٍّ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ لَا هَاشِمِيٍّ، هَذَا قَوْلُ أَبُو مُصْعَبٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا تُدْفَعُ لِعَادِمِ قُوتِ يَوْمِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقُّهَا فِي بَلَدِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَجَبَ نَقْلُهَا لِأَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهِ مُسْتَحِقُّهَا بِأُجْرَةٍ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَا مِنْهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ الصَّاعُ. فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَفِي نَقْلِهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَيْءِ قَوْلَانِ وَعُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْفَقِيرِ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا وَمُؤَلَّفٍ قَلْبُهُ وَلَا فِي الرِّقَابِ وَلَا لِغَارِمٍ وَلَا لِمُجَاهِدٍ وَلَا لِغَرِيبٍ مُحْتَاجٍ لِمَا يُوَصِّلُهُ. وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِلْقَرِيبِ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلِلزَّوْجَةِ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ لَا عَكْسُهُ وَلَوْ فَقِيرَةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَجْرِ فِي دَفْعِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي دَفْعِهَا لَهُ زَكَاةَ مَا لَهَا لِقِلَّةِ نَفْعِ الْفِطْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْمَالِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 107 (بَابٌ) يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ، أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ، وَلَوْ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي الصِّيَام] وَهُوَ لُغَةً: مُطْلَقُ الْإِمْسَاكِ وَشَرْعًا: إمْسَاكٌ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ بِنِيَّةٍ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَمِلَ إمْسَاكَ مَنْ جُومِعَتْ نَائِمَةً أَوْ قَاءَ عَمْدًا. (يَثْبُتُ) أَيْ يَتَحَقَّقُ (رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ إنْ تَوَالَى الْغَيْمُ وَلَوْ شُهُورًا كَثِيرَةً فِي الطِّرَازِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ، وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ خِلَافُ مَا عَمِلُوا عَلَيْهِ الرَّمَاصِيُّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا الْتِفَاتَ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى التَّمَامِ وَسَيَقُولُ الْمُؤَلِّفُ لَا بِقَوْلِ مُنَجِّمٍ. فَقَوْلُ عج قَوْلُهُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ: إذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تَامَّةٍ إذْ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى التَّمَامِ، وَحِينَئِذٍ فَيُجْعَلُ نَاقِصًا. وَقِيلَ لَا يُنْظَرُ لِهَذَا وَيُعْتَبَرُ كَمَالُ شَعْبَانَ مُطْلَقًا اهـ. غَيْرُ صَوَابٍ، وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ صَدَّرَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ مُقَيِّدًا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ، وَحَكَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِقِيلَ. وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُمْ إذَا حَصَلَ الْغَيْمُ شُهُورًا فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَى الْكَمَالِ. اهـ. غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ يُعَارِضُهُ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ قَوْلُ أَهْلِ الْمِيقَاتِ لَحُسِبَ عَلَى التَّمَامِ عِنْدَ تَوَالِي الْغَيْمِ ثَلَاثَةً فَقَطْ، وَجُعِلَ الرَّابِعُ نَاقِصًا. لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي جَامِعِ الْمُقَدِّمَاتِ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ عج قَائِلًا لَا تَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ نَاقِصَةٍ أَوْ تَامَّةٍ إلَّا فِي النَّادِرِ فَانْظُرْهُ وَتَأَمَّلْهُ. قُلْت: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ عج لِزِيَادَةِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُهُ إلَّا فِي النَّادِرِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْقَاعِدَةَ كُلِّيَّةً فَلِذَا أَلْغَاهَا الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ) الْهِلَالَ فَأَوْلَى أَكْثَرُ مِنْهُمَا فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَاهُ بِرُؤْيَتِهِمَا الْهِلَالَ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ بِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ لَا بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ امْرَأَتَيْنِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الرَّائِي وَلَوْ مَرْأَةً. وَيَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً أَوْ الْبَلَدُ لَيْسَ مِصْرًا (وَلَوْ) ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 108 بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا كُذِّبَا   [منح الجليل] بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ) أَيْ: فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا رُؤْيَتَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي طَلَبَهُ غَيْرُهُمَا فِيهَا وَلَمْ يَرَهُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا لِلتُّهْمَةِ. ابْنُ بَشِيرٍ هُوَ خِلَافٌ فِي حَالِ إنْ نَظَرَ الْكُلَّ لِصَوْبٍ وَاحِدٍ رُدَّتْ وَإِنْ انْفَرَدَا بِالنَّظَرِ إلَى مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمَا وَعَدَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ثَالِثًا وَاعْتَرَضَهُ الْمُوضِحُ. (فَإِنْ) ثَبَتَ رَمَضَانُ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ و (لَمْ يُرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ: هِلَالُ شَوَّالٍ لِغَيْرِهِمَا (بَعْدَ) تَمَامِ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا مِنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ حَالَ كَوْنِ السَّمَاءِ (صَحْوًا) أَيْ: لَا غَيْمَ عَلَيْهَا (كُذِّبَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الْعَدْلَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ الشَّهْرِ وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَصِيمَ الْيَوْمُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وُجُوبًا. وَإِنْ ادَّعَيَا رُؤْيَةَ هِلَالِ شَوَّالٍ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِاتِّهَامِهِمَا فِيهَا بِالْكَذِبِ لِإِمْضَاءِ الشَّهَادَةِ الْأُولَى، فَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُمَا أَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً فَلَا يُكَذَّبَانِ. وَيَثْبُتُ شَوَّالٌ بِكَمَالِ رَمَضَانَ أَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِمَا، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَكْذِيبِهِمَا كَوْنُ رُؤْيَتِهِمَا بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ. فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْمٍ أَوْ بَلَدٍ صَغِيرٍ فَلَا يُكَذَّبَانِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَارِحُوهُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا وَيُكَذَّبَانِ مُطْلَقًا كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. وَاعْتَرَضَهُ الْحَطّ بِحَمْلِ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْغَيْمِ أَوْ صِغَرِ الْبَلَدِ عَلَى السَّدَادِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا، وَمِثْلُ الْعَدْلَيْنِ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الْمُسْتَفِيضَةِ فِي التَّكْذِيبِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ، وَإِنْ فُرِضَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ اسْتِفَاضَتِهِمْ فَيُكَذَّبُونَ أَيْضًا. فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا بُطْلَانُ صِيَامِ الشَّهْرِ كُلِّهِ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ صِيَامِ الشَّهْرِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ النِّيَّةِ تَبْيِيتُهَا لَيْلَةَ الصِّيَامِ، وَهَذَا قَدَّمَهَا عَلَى الشَّهْرِ بِلَيْلَةٍ وَيَوْمٍ. قُلْت صَحَّ صَوْمُهُ لِعُذْرِهِ وَلِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذْ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَرَ التَّكْذِيبَ وَحَكَمَ بِثُبُوتِ شَوَّالٍ بِتَكْمِيلِ عِدَّةِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا اعْتِدَادًا بِرُؤْيَتِهِمَا الْأُولَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْذِيبُهُمَا، وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا حَاكِمٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 109 أَوْ مُسْتَفِيضَةً   [منح الجليل] وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَالِكِيًّا، فَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا لَمْ يَرَ تَكْذِيبَهُمَا وَجَبَ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى حُكْمِهِ أَنَّهُ لَا يُرَاعِي إلَّا تَكْمِيلَ الْعَدَدِ دُونَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشُّهُودَ ظَهَرَ فِسْقُهُمْ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمَبْنِيُّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِسْقُهُمْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِهِمْ بَلْ عِنْدَ غَيْرِهِ. وَالْفِسْقُ الْمُوجِبُ لِنَقْضِ الْحُكْمِ هُوَ الْفِسْقُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا بِمِصْرَ سَنَةَ ثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَفْطَرَ شَيْخُنَا، وَتَبِعَهُ غَالِبُ الْجَمَاعَةِ وَامْتَنَعَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْفِطْرِ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَهُ أَحْمَدُ. عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لَيْسَ حُكْمًا بِالْفِطْرِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَلَمْ يَقَعْ الْحُكْمُ بِمَا فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ بَلْ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَهُوَ لُزُومُ الصَّوْمِ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ. نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِمُوجَبِ لُزُومِ الصَّوْمِ حِينَ الرُّؤْيَةِ كَانَ حُكْمًا بِالْفِطْرِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ وَإِنْ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ. وَمَا ذَكَرَهُ الْحَطّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ حَيْثُ حَكَمَ بِهِ شَافِعِيٌّ عِنْدَ تَمَامِ ثَلَاثِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الصَّوْمِ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ، لَا عَلَى لُزُومِهِ. وَهَلْ تَكْذِيبُهُمَا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا هُمَا فَيَعْمَلَانِ عَلَى مَا تَحَقَّقَاهُ فَيَجِبُ فِطْرُهُمَا بِالنِّيَّةِ، وَقَدْ جَرَى خِلَافٌ فِيمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَصَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، ثُمَّ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا مُحَالٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ عَمَلُهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ الْأَوَّلِ وَكَتْمُ أَمْرِهِ سَالِمٌ هَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ تَكْذِيبُ الشَّاهِدَيْنِ فَكَيْفَ بِالْمُنْفَرِدِ؟ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِكَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا الْحُكْمُ بِهِ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ عَمَلُهُ عَلَى رُؤْيَةِ نَفْسِهِ وَلَوْ فِي الْغَيْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يُقَالُ يُتَّفَقُ هُنَا عَلَى عَمَلِهِمَا عَلَى اعْتِقَادِهِمَا لِتَعَدُّدِهِمَا فَغَلَطُهُمَا بَعِيدٌ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ (أَوْ) بِرُؤْيَةِ جَمَاعَةٍ (مُسْتَفِيضَةٍ) ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ هُمْ الَّذِينَ لَا يَتَوَاطَئُونَ عَلَى الْكَذِبِ عَادَةً كُلُّ وَاحِدٍ قَالَ: رَأَيْت بِنَفْسِي. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَحْرَارًا عُدُولًا بِحَيْثُ حَصَلَ بِخَبَرِهِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 110 وَعَمَّ، إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا،   [منح الجليل] الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَرِيبُ مِنْهُ حَتَّى لَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَعْدِيلٍ. وَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا فَسَّرَهَا بِهِ الْأُصُولِيُّونَ مِنْ أَنَّهَا مَا زَادَ نَاقِلُوهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقُدِّرَتْ الرُّؤْيَةُ احْتِرَازًا عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ بِالْأَخْبَارِ بِأَنْ قَالُوا: سَمِعْنَا أَنَّهُ رُئِيَ الْهِلَالُ إذْ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أَصْلَهُ عَنْ وَاحِدٍ. (وَعَمَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ: شَمِلَ وُجُوبُ الصَّوْمِ كُلَّ مَنْ نُقِلَتْ إلَيْهِ رُؤْيَةُ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْمُسْتَفِيضَةِ مِنْ أَهْلِ سَائِرِ الْبِلَادِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا لَا جِدًّا ابْنُ عَرَفَةَ وَاجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ حُكْمِ رُؤْيَةِ مَا بَعُدَ كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ مُوَافِقًا فِي الْمَطَالِعِ أَوْ مُخَالِفًا (إنْ نُقِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ: الْعَدْلَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةِ (عَنْ) رُؤْيَةِ وَاحِدٍ مِنْ (هُمَا) أَيْ الْعَدْلَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ: مُسْتَفِيضَةٌ عَنْ مِثْلِهَا أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ وَعَدْلَانِ عَنْ مِثْلِهِمَا أَوْ عَنْ مُسْتَفِيضَةٍ وَشَرْطُ صِحَّةِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَنْقُلَ كُلَّ وَاحِدٍ أَصْلِيٍّ اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمْ أَصْلِيًّا، وَلَوْ كَانَا نَاقِلَيْنِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ عَنْ الِاثْنَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ اثْنَانِ فَلَا يَكْفِي نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ ثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ الْمَنْقُولَةُ عِنْدَ حَاكِمٍ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَعُمُّ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ خَاصَّةً، أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَحَصَلَ النَّقْلُ عَنْ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْمُسْتَفِيضَةِ، وَأَمَّا نَقْلُ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ فَيَعُمُّ. وَلَوْ كَانَ النَّاقِلُ وَاحِدًا عَلَى الرَّاجِحِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ صُوَرَ النَّقْلِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا عَنْ رُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ مُسْتَفِيضَةٍ أَوْ عَنْ حُكْمٍ. وَالنَّاقِلُ فِي كُلٍّ إمَّا عَدْلَانِ أَوْ مُسْتَفِيضَةٌ وَكُلُّهَا تَعُمُّ، وَشَمِلَهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَمَّ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى الْعُمُومُ إنْ نَقَلَ بِهِمَا عَنْ الْحُكْمِ، وَأَمَّا الْعَدْلُ فَإِنْ نَقَلَ رُؤْيَةَ عَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ نَقْلُهُ، وَإِنْ نَقَلَ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ أَوْ نَقَلَ رُؤْيَةَ الْمُسْتَفِيضَةِ اُعْتُبِرَ نَقْلُهُ فَيَعُمُّ، فَتَعَدُّدُ النَّاقِلِ شَرْطٌ فِي نَقْلِ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ لَا فِي نَقْلِ رُؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَلَا فِي نَقْلِ الْحُكْمِ. وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ مَا يَشْمَلُ مُجَرَّدَ الثُّبُوتِ. وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ نَقْلٌ ثَبَّتَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ بِأَحَدِهِمَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 111 لَا بِمُنْفَرِدٍ إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ   [منح الجليل] لِمَحَلٍّ كَثَبَّتَهُ بِهِ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ حَاكِمٍ غَيْرِ الْخَلِيفَةِ خَصَّ مَنْ تَحْتَ طَاعَتِهِ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ، وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ. وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ حُكْمِ رُؤْيَةِ مَا بَعُدَ كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ. ابْنُ حَارِثٍ ابْنُ الْمَاجِشُونِ رُوِيَ مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ خَصَّ مَا قَرُبَ مِنْ مَحَلِّهَا. الْمَازِرِيُّ فِي لُزُومِ مَا ثَبَتَ بِمَدِينَةِ أَهْلِ مَدِينَةٍ أُخْرَى قَوْلَانِ. قُلْت: ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ وَلَوْ ثَبَتَ بِمَوْضِعِ الْخَلِيفَةِ وَالْمَازِرِيُّ، وَلَوْ ثَبَتَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَنَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ كَظَاهِرِ لَفْظِ الْمَازِرِيِّ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْخَلِيفَة لَزِمَ سَائِرُ عَمَلِهِ اتِّفَاقًا. وَقَالَ عِيَاضٌ: إنَّمَا الْخِلَافُ إذَا نُقِلَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَفِي نَقْلٍ ثَبَّتَهُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ قَوْلَا الشَّيْخِ مَنْ نَقَلَهُ عَنْ ابْنُ مُيَسِّرٍ وَأَبِي عِمْرَانَ قَائِلًا إنَّمَا قَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ فِيمَنْ بُعِثَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ كَنَقْلِ الرَّجُلِ لِأَهْلِهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَائِمُ عَلَيْهِمْ، وَصَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ وَالصَّقَلِّيُّ قَوْلَ الشَّيْخِ وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَقْلِهِ لِأَهْلِهِ، وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ غَيْرَهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافَ فِي نَقْلِهِ لِأَهْلِهِ لَا أَعْرِفُهُ. (لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِ) رُؤْيَةِ عَدْلٍ (مُنْفَرِدٍ) بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ وَلَوْ خَلِيفَةً أَوْ قَاضِيًا أَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ لَغْوٌ رُؤْيَةُ الْعَدْلِ لِغَيْرِهِ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا (إلَّا كَأَهْلِهِ) أَيْ: الْمُنْفَرِدِ بِهَا. (وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ) أَيْ: الْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَهُ أَوْ غَيْرَهُمْ فَيَثْبُتُ بِرُؤْيَتِهِ فِي حَقِّهِمْ إنْ كَانَ عَدْلَ شَهَادَةٍ بَلْ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً حَيْثُ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَوَثِقَتْ أَنْفُسُ غَيْرِ الْمُعْتَنِينَ بِخَبَرِهِ وَاعْتَرَضَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِاقْتِضَائِهِ ثُبُوتَهُ لِلْأَهْلِ وَلَوْ اعْتَنَوْا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُنْفَرِدُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ رُؤْيَتُهُ لِغَيْرِ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا دُونَ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا، فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ كَأَهْلِهِ وَالْعَاطِفَ وَقَالَ: إلَّا مِنْ الِاعْتِنَاءِ لَهُمْ لَطَابَقَ الرَّاجِحَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا بِمُنْفَرِدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِهِمَا؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْوَاحِدِ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ أَوْ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِعَدْلَيْنِ مُعْتَبَرٌ فَيَعُمُّ وَلَوْ بِمَحَلٍّ مُعْتَنًى فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ، بِخِلَافِ نَقْلِ الْوَاحِدِ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُرْسَلَ لِيَكْشِفَ الْخَبَرَ فَيَكُونَ كَالْوَكِيلِ سَمَاعُهُ كَسَمَاعِ الْمُرْسَلِينَ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ بِنَقْلِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 112 وَعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ: رَفْعُ رُؤْيَتِهِ وَالْمُخْتَارُ، وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ أَفْطَرُوا فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، إلَّا بِتَأْوِيلِ: فَتَأْوِيلَانِ لَا بِمُنَجِّمٍ   [منح الجليل] وَعَلَى عَدْلٍ) رَأَى الْهِلَالَ (أَوْ مَرْجُوٍّ) قَبُولُهُ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ (رَفْعُ رُؤْيَتِهِ) لِلْحَاكِمِ وُجُوبًا بِإِخْبَارِهِ بِرُؤْيَتِهِ الْهِلَالَ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَرْجُوُّ جُرْحَةَ نَفْسِهِ (وَالْمُخْتَارُ) اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ وُجُوبُ رَفْعِ الْعَدْلِ وَالْمَرْجُوِّ (وَغَيْرِهِمَا) وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمَكْشُوفُ حَالُهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، لَكِنْ اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَرْهُ. وَإِنَّمَا اخْتَارَ قَوْلَ أَشْهَبَ بِنَدْبِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ عَلَى فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ الصَّادِقِ بِالْوُجُوبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلَيْنِ وَالنَّدْبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرِ. (وَإِنْ أَفْطَرُوا) أَيْ: الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَالْمَكْشُوفُ الْمُنْفَرِدُونَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ) وَاجِبَانِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ لِوُجُوبِ الصِّيَامِ عَلَيْهِمْ اتِّفَاقًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ فِطْرِهِمْ (بِتَأْوِيلٍ) مِنْهُمْ أَيْ: اعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ كَغَيْرِهِ لِجَهْلِهِمْ (فَتَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِهِ سَبَبَهُمَا. الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِهِ تَأْوِيلًا قَرِيبًا لِاسْتِنَادِهِ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْعِيَانِ بَيَانٌ. وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا فَالْمُنَاسِبُ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ. فَإِنْ رَفَعُوا لَهُ فَرَدَّهُمْ فَأَفْطَرُوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ اتِّفَاقًا. وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ تَجَاسُرَهُ عَلَى الرَّفْعِ لَهُ الْمُسْتَصْعَبِ عَادَةً غَالِبًا دَلَّ عَلَى تَحَقُّقِهِ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ وَأَبْعَدَ تَأْوِيلَهُ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ فَعَدَمُ رَفْعِهِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَحَقُّقِهِ الرُّؤْيَةَ، فَلَا يُقَالُ مَنْ رَفَعَ أَوْلَى بِقُرْبِ التَّأْوِيلِ لِاسْتِنَادِهِ لِرَدِّ الْحَاكِمِ وَإِنْ أَفْطَرَ مَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمُنْفَرِدِ فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِمْ كَعَدْلَيْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ. (لَا) يَثْبُتُ رَمَضَانُ (بِ) حِسَابِ (مُنَجِّمٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَحَقِّ نَفْسِهِ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَكْذِيبِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَحْسِبُ قَوْسَ الْهِلَالِ وَنُورَهُ. وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ نَجْمٍ مَعْلُومٍ، وَالْحَاسِبُ الَّذِي يَحْسِبُ سَيْرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَصُومُ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَعْتَمِدُ هُوَ فِي نَفْسِهِ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 113 وَلَا يُفْطِرُ مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ، إلَّا بِمُبِيحٍ، وَفِي تَلْفِيقِ شَاهِدٍ أَوَلَهُ، لِآخَرَ آخِرَهُ   [منح الجليل] ذَلِكَ وَحَرُمَ تَصْدِيقُ مُنَجِّمٍ وَيُقْتَلُ إنْ اعْتَقَدَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا الْفَاعِلَةُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إنْ أَسَرَّهُ، فَإِنْ أَظْهَرَ. وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَمُرْتَدٌّ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَأْثِيرَهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهُمَا أَمَارَةً عَلَى مَا يَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ فَمُؤْمِنٌ عَاصٍ. عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يُزْجَرُ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ تَصْدِيقُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل: 65] وَلِخَبَرِهِ «مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا أَوْ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَغَيْرُ عَاصٍ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ إذَا أَسْنَدَ ذَلِكَ لِعَادَةٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ «إذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ غُدَيْقَةٌ» ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ وَهُوَ «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَاَلَّذِي قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَاَلَّذِي قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ» فَهُوَ فِيمَنْ نَسَبَ الْفِعْلَ لِلنَّوْءِ بِهَذَا جَمَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَهُمَا. . (وَلَا يُفْطِرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ شَخْصٌ (مُنْفَرِدٌ بِ) رُؤْيَةِ هِلَالِ (شَوَّالٍ) إنْ خَافَ ظُهُورَ فِطْرِهِ لِلنَّاسِ بَلْ (وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ) أَيْ تَحَقَّقَ عَدَمُ ظُهُورِ فِطْرِهِ لِلنَّاسِ خَوْفًا مِنْ تَخَلُّفِ تَحَقُّقِهِ وَظُهُورِ أَمْرِهِ فَيُفَسَّقُ وَيُؤَدَّبُ وَحِفْظُ الْعِرْضِ وَاجِبٌ كَالنَّفْسِ، وَيَجِبُ فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ عِيدٍ. فَإِنْ أَفْطَرَ ظَاهِرًا وُعِظَ وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِيهِ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لِصَلَاحٍ وَإِلَّا أُدِّبَ، وَيَحْرُمُ فِطْرُ الْمُنْفَرِدِ ظَاهِرًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا (بِ) أَمْرٍ (مُبِيحٍ) لِلْفِطْرِ فِي الظَّاهِرِ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَحَيْضٍ فَلَا يَحْرُمُ فِطْرُهُ ظَاهِرًا لِأَمْنِهِ عَلَى عِرْضِهِ بِمُلَابَسَةِ مُبِيحِهِ. (وَفِي تَلْفِيقِ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ (أَوَّلَهُ) أَيْ: رَمَضَانَ وَلَمْ يُثْبِتْهُ بِهِ لَا لِانْفِرَادِهِ (لِ) شَهَادَةِ شَاهِدٍ (آخَر) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ (آخِرَهُ) أَيْ: رَمَضَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 114 وَلُزُومِهِ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ بِشَاهِدٍ: تَرَدُّدٌ. وَرُؤْيَتُهُ نَهَارًا لِلْقَابِلَةِ، وَإِنْ ثَبَتَ نَهَارًا أَمْسَكَ، وَإِلَّا كَفَّرَ   [منح الجليل] فَكَانَ الْأَوَّلُ شَهِدَ آخِرَهُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الثَّانِي، وَكَانَ الثَّانِي شَهِدَ أَوَّلَهُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَجَبَ الْفِطْرُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَمَامِ الشَّهْرِ، وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ نَقْصِهِ عَلَى رُؤْيَةِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يُصَمْ بِرُؤْيَةِ الْمُنْفَرِدِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَمَامِ الشَّهْرِ لِاحْتِمَالِ كَمَالِهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِ التَّلْفِيقِ وَهُوَ الرَّاجِحُ. فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى. (وَ) فِي (لُزُومِهِ) أَيْ وُجُوبِ صَوْمِ الْمَالِكِيِّ (بِحُكْمِ) الْحَاكِمِ (الْمُخَالِفِ) لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْفُرُوعِ كَشَافِعِيٍّ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ (بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ اسْتِقْلَالًا؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ وَهِيَ الْعِبَادَةُ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَعَدَمُ لُزُومِهِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ. وَقَالَ النَّاصِرُ يَدْخُلُهَا تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا صَامَ الْمَالِكِيُّ وَالنَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَةِ أَشَدُّ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا قَالَهُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْفَرْعَيْنِ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ. (وَرُؤْيَتُهُ) أَيْ: الْهِلَالِ (نَهَارًا) وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ (لِ) لَيْلَةٍ لِ (لْقَابِلَةِ) فَيَسْتَمِرُّ مُفْطِرًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَصَائِمًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ. وَقِيلَ إنْ رُئِيَ قَبْلَهُ فَلِلْمَاضِيَةِ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ فَلِلْقَابِلَةِ (وَإِنْ ثَبَتَ) رَمَضَانُ (نَهَارًا) بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ (أَمْسَكَ) الْمُكَلَّفُ بِالصِّيَامِ وُجُوبًا عَنْ جَمِيعِ الْمُفْطِرَاتِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهُ فِطْرٌ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَقَضَاهُ وُجُوبًا، وَلَوْ صَامَهُ بِنِيَّةٍ لِعَدَمِ جَزْمِهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْسِك (كَفَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 115 إنْ انْتَهَكَ. وَإِنْ غَيَّمَتْ وَلَمْ يُرَ فَصَبِيحَتُهُ يَوْمَ الشَّكِّ. وَصِيمَ: عَادَةً وَتَطَوُّعًا، وَقَضَاءً وَكَفَّارَةً،   [منح الجليل] الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى (إنْ انْتَهَكَ) الْحُرْمَةَ، أَيْ: قَدِمَ عَلَيْهَا عَالِمًا بِهَا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِكْهَا كَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، فَيُضَمُّ إلَى صُوَرِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ الْآتِيَةِ. وَكَذَا الْمُفْطِرُ ذَاهِلًا عَنْ الْحُرْمَةِ وَالتَّأْوِيلِ لِنِسْيَانِهِ. (وَإِنْ غَيَّمَتْ) السَّمَاءُ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَلَمْ يُرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ الْهِلَالُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ (فَصَبِيحَتُهُ) أَيْ الْغَيْمِ (يَوْمَ الشَّكِّ) الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِ وَهَذَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ كُلِّهِ أَوْ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ، أَيْ: صَبِيحَةُ يَوْمِ الشَّكِّ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ. فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» . دَلَّ عَلَى أَنَّ صَبِيحَةَ الْغَيْمِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا قَالَ فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةَ لَيْلَةٍ مُصْحِيَةٍ تَحَدَّثَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِيهَا مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، كَنِسَاءٍ وَعَبِيدٍ وَصِبْيَانٍ وَفَاسِقٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ وَصَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا أَيْضًا، فَالْوُرُودُ مُشْتَرَكٌ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِي، وَالْإِنْصَافُ أَنَّ الشَّكَّ لَازِمٌ فِيهِمَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَكْمِيلِ شَعْبَانَ بِصَبِيحَةِ الْغَيْمِ فِي الظَّاهِرِ رِفْقًا بِالْأُمَّةِ وَتَخْفِيفًا كَوْنُهُ مِنْهُ فِي الْوَاقِعِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْهِلَالِ وَسَتَرَهُ الْغَيْمُ، وَلَا مِنْ رَدِّ شَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الظَّاهِرِ كَذِبُهُ فِي الْوَاقِعِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِيهِ. (وَصِيمَ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: أُذِنَ فِي صَوْمِهِ لِمَنْ اتَّخَذَ الصَّوْمَ (عَادَةً) فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا وَفِي بَعْضِهَا كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ (وَ) أُذِنَ فِيهِ (تَطَوُّعًا) بِلَا عَادَةٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا (وَ) صِيمَ (قَضَاءً) عَنْ يَوْمِ رَمَضَانَ السَّابِقِ (وَ) صِيمَ (كَفَّارَةً) عَنْ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ. وَكَذَا فِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَنَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 116 وَلِنَذْرٍ صَادَفَ، لَا احْتِيَاطًا. وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ لِيَتَحَقَّقَ. لَا لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ   [منح الجليل] (وَ) صِيمَ (لِنَذْرٍ) مُعَيَّنٍ (صَادَفَ) يَوْمَ الشَّكِّ كَنَذْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ أَوْ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَأَجْزَأهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ وَيَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ، وَلَا يَقْضِي النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ صَادَفَ، إذْ مِثْلُهُ نَذَرَ صَوْمِهِ مُعَيَّنًا نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ، فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُصَامُ تَطَوُّعًا وَالْمَنْدُوبُ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ (لَا) يُصَامُ يَوْمَ الشَّكِّ (احْتِيَاطًا) لِرَمَضَانَ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ اجْتَزَى بِهِ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا أَيْ: يُكْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ. وَقِيلَ يَحْرُمُ وَهُوَ ظَاهِرُ خَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَطَوُّعًا جَوَازُ الصَّوْمِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ عَلَى انْفِرَادِهِ. وَحَدِيثُ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» . قَالَ عِيَاضٌ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَرِّي التَّقْدِيمِ تَعْظِيمًا لِرَمَضَانَ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا رَجُلٌ إلَخْ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إمْسَاكُهُ) أَيْ: الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالثُّبُوتِ فِيهِ مِنْ الْمَارِّينَ وَالْمُسَافِرِينَ، وَذَلِكَ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى نِصْفِ قَوْسِ الزَّوَالِ (لِيُتَحَقَّقَ) الْحَالُ مِنْ صِيَامٍ أَوْ إفْطَارٍ. (لَا) يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ (لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ) بِهِ احْتَاجَا لَهَا وَفِيهَا طُولٌ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا فَاسْتِحْبَابُ الْإِمْسَاكِ مُتَعَيَّنٌ قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَهُوَ آكَدُ مِنْ الْإِمْسَاكِ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ. وَإِذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَأُخِّرَتْ التَّزْكِيَةُ لِلنَّهَارِ فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا، وَلَا يَجِبُ تَبْيِيتُ الصَّوْمِ. وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً وَأُخِّرَتْ لَهُ فَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ وَالزَّائِدُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْأَمْرُ. وَإِنْ زُكِّيَا بَعْدَ ذَلِكَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْإِمْسَاكِ وَالْقَضَاءِ. وَإِنْ كَانَتْ فِي الْفِطْرِ بِأَنْ رَأَيَا هِلَالَ شَوَّالٍ وَاحْتَاجَا لِلتَّزْكِيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ زُكِّيَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ فِي صِيَامِهِمْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 117 أَوْ زَوَالِ عُذْرٍ مُبَاحٍ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ: كَمُضْطَرٍّ؛ فَلِقَادِمٍ وَطْءُ زَوْجَةٍ طَهُرَتْ. وَكَفُّ لِسَانٍ وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ   [منح الجليل] وَعَطَفَ عَلَى تَزْكِيَةٍ فَقَالَ (أَوْ زَوَالِ) أَيْ: لَا يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ لِزَوَالِ (عُذْرٍ مُبَاحٍ لَهُ) أَيْ: لِأَجْلِ الْعُذْرِ (الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ كَ) شَخْصٍ (مُضْطَرٍّ) لِفِطْرٍ فِي رَمَضَانَ مِنْ شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ فَأَفْطَرَ وَكَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا نَهَارًا وَمَرِيضٍ صَحَّ نَهَارًا وَمُرْضِعٍ مَاتَ وَلَدُهَا، وَمُسَافِرٍ قَدِمَ، وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ، وَصَبِيٍّ بَلَغَ نَهَارًا، فَلَا يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ مِنْهُمْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ عَنْ النَّاسِي وَالْمُفْطِرِ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ كَصَبِيٍّ بَيَّتَ الصَّوْمَ وَاسْتَمَرَّ صَائِمًا إلَى بُلُوغِهِ. وَأَوْرَدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهَ عَلَى الْفِطْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، وَعَلَى مَفْهُومِهِ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ إذَا أَفَاقَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِرَمَضَانَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِارْتِفَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُمَا، فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ. (فَلِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا مُفْطِرًا (وَطْءُ زَوْجَةٍ) أَوْ أَمَةٍ (طَهُرَتْ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ نَهَارًا أَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ قَادِمَةً مِنْ سَفَرٍ مُفْطِرَةً. (وَ) نُدِبَ (كَفُّ لِسَانٍ) عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَأَمَّا عَنْ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ أَيْضًا وَيَتَأَكَّدُ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ فِي رَمَضَانَ (وَ) نُدِبَ (تَعْجِيلُ فِطْرٍ) مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ. وَنُدِبَ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبٍ فَتَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَعَلَى الْمَاءِ، وَكَوْنُ مَا ذُكِرَ وِتْرًا. وَأَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ لَك صُمْت، وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت، ذَهَبَ الظَّمَأُ، وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» . (وَ) نُدِبَ (تَأْخِيرُ سُحُورٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْأَكْلُ آخِرَ اللَّيْلِ وَبِفَتْحِهَا مَا يُؤَكِّدُ آخِرَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَوَّلُ لِقَرْنِهِ بِالْفِطْرِ. وَلِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّأْخِيرِ لِلثُّلُثِ الْأَخِيرِ مَعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 118 وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ، وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ. وَصَوْمُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَحُجَّ، وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ،   [منح الجليل] اللَّيْلِ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَبْقَى بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْفَجْرِ قَدْرُ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً» ، فَالْأَكْلُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لَيْسَ سُحُورًا وَهُوَ مَنْدُوبٌ لِخَبَرِ «فَصْلِ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ» ، وَخَبَرِ «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ» . وَأَشْعَرَ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ بِنَدْبِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَسُحُورٌ وَتَأْخِيرُهُ. (وَ) نُدِبَ (صَوْمٌ) لِرَمَضَانَ (بِسَفَرٍ) مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ لِمَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وَيُكْرَهُ فِطْرُهُ وَقَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ سَنَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِهِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهَا بِالْفِطْرِ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ» مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ دُخُولَهُ آخِرَ النَّهَارِ أَوْ وَسَطَهُ بَلْ (وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ) مَحَلًّا يَنْقَطِعُ حُكْمُ سَفَرِهِ بِدُخُولِهِ (بَعْدَ) أَيْ عَقِبَ (الْفَجْرِ) وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ تَوَهُّمَ وُجُوبِ صَوْمِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ. (وَ) نُدِبَ (صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ) وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ لِحَدِيثِ «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ، سَنَةً مَاضِيَةً، وَسَنَةً مُسْتَقْبَلَةً» . وَصَوْمُ الْيَوْمِ الثَّامِنِ وَرَدَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا (إنْ لَمْ يَحُجَّ) وَيُكْرَهُ صَوْمُهَا لِلْحَاجِّ وَيَتَأَكَّدُ نَدْبُ فِطْرِهِمَا لَهُ لِلتَّقَوِّي عَلَى الْمَنَاسِكِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْطَرَهُمَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَنَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ» . (وَ) نُدِبَ صَوْمُ بَاقِي غَالِبِ (عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) أَوْ سُمِّيَ التِّسْعَةَ عَشْرَةَ تَسْمِيَةً لِلْجُزْءِ بِاسْمِ كُلِّهِ. وَنُدِبَ هَذَا وَلَوْ لِحَاجٍّ، وَهَلْ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ بَاقِي التِّسْعَةِ يُكَفِّرُ سَنَةً أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا خِلَافٌ (وَ) نُدِبَ صَوْمُ (عَاشُورَاءَ) أَيْ: عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ (وَ) نُدِبَ صَوْمُ (تَاسُوعَاءَ) أَيْ: تَاسِعِ الْمُحَرَّمِ بِالْمَدِّ فِيهِمَا وَقُدِّمَ عَاشُورَاءُ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ، وَلِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً وَنُدِبَ تَوْسِعَةً فِيهِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالْيَتَامَى بِالْمَعْرُوفِ، وَصَلَاةُ النَّفْلِ وَزِيَارَةُ عَالِمٍ وَغَسْلٌ وَمَسْحُ رَأْسِ يَتِيمٍ وَالصَّدَقَةُ وَالِاكْتِحَالُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقِرَاءَةُ صُورَةِ الْإِخْلَاصِ أَلْفَ مَرَّةٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 119 وَالْمُحَرَّمِ، وَرَجَبٍ، وَشَعْبَانَ، وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ وَقَضَاؤُهُ. وَتَعْجِيلُ الْقَضَاءِ، وَتَتَابُعُهُ: كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ، وَبَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ، إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ. وَفِدْيَةٌ لِهَرَمٍ وَعَطَشٍ   [منح الجليل] وَ) نُدِبَ صَوْمُ بَاقِي (الْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ) الْحَطّ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ لَمْ يَرِدْ فِي صِيَامِ رَجَبٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرَّمِ (وَشَعْبَانَ) لَوَافَقَ الْمَنْصُوصَ ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَشْهُرِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا شَوَّالًا وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، لَكِنْ رَأَيْت فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ حَدِيثًا نَصُّهُ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَشَوَّالًا وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ دَخَلَ الْجَنَّةَ» (وَ) نُدِبَ (إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ) مِنْ رَمَضَانَ (لِمَنْ) كَانَ كَافِرًا وَ (أَسْلَمَ) فِيهِ لِتَظْهَرَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ بِسُرْعَةٍ وَلَمْ يَجِبْ تَأْلِيفًا لَهُ لِلْإِسْلَامِ (وَ) نُدِبَ (قَضَاؤُهُ) أَيْ: الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَلَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ. (وَ) نُدِبَ (تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ) لِمَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ مُبَادَرَةً لِلطَّاعَةِ وَإِبْرَاءً لِلذِّمَّةِ (وَ) نُدِبَ (تَتَابُعُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ وَشَبَّهَ فِي نَدْبِ التَّتَابُعِ فَقَالَ (كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ) كَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَتَمَتُّعٍ وَصِيَامِ جَزَاءٍ وَثَلَاثَةٍ فِي الْحَجِّ (وَ) نُدِبَ (بَدْءٌ بِكُصُومِ تَمَتُّعٍ) وَقِرَانٍ وَنَقْصٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ عَلَى قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ إذَا اجْتَمَعَا عَلَى مُكَلَّفٍ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ، وَالْهَدْيُ وَالْكَفَّارَةُ. وَاجِبٌ مُطْلَقٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَا فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُطْلَقِ وَلِيَصِلَ السَّبْعَةُ الَّتِي بَعْدَ الرُّجُوعِ بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْحَجِّ إنْ كَانَ صَامَهَا فِيهِ (إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ) عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْأَوْجَبُ تَقْدِيمُهُ. . (وَ) نُدِبَ (فِدْيَةٌ) أَيْ: إعْطَاءُ مُدٍّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ (لِ) شَخْصٍ (هَرِمٍ وَعَطِشٍ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فِيهِمَا أَيْ: دَائِمِ الْهَرَمِ وَالْعَطَشِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامُ مَعَهُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ أَدَاءُ الصَّوْمِ وَقَضَاؤُهُ. وَتُنْدَبُ لَهُ الْفِدْيَةُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي زَمَنٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 120 وَصَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَكُرِهَ الْبِيضُ: كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ   [منح الجليل] آخَر إلَيْهِ وَصَامَ فِيهِ وُجُوبًا، وَلَا تُنْدَبُ لَهُ الْفِدْيَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَا تُنْدَبُ لَهُمَا وَلِلْعَطَشِ الْأَكْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ لَا يُنْدَبُ إمْسَاكُهُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ. وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارَانِ الْعَطَشُ بِشُرْبٍ إذَا بَلَغَ مِنْهُ الْجِهَادُ وَلَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (وَ) نُدِبَ (صَوْمُ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) سِوَى رَمَضَانَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثَةٍ لَا أَدَعُهُنَّ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» . وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُعَيِّنُ» وَكَانَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَصُومُ أَوَّلَ يَوْمٍ وَحَادِيَ عَشَرَ وَحَادِيَ عَشْرَيْهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالزَّخِيرَةِ أَوَّلَهُ وَعَاشِرَهُ وَمُتَمِّمَ عَشْرَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ يَجْعَلُ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرَةٍ أَمْثَالِهَا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (كَوْنُهَا) أَيْ: الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامِ اللَّيَالِي (الْبِيضُ) أَيْ: الْمُسْتَنِيرَةُ بِالْقَمَرِ مِنْ غُرُوبِهَا لِفَجْرِهَا وَهِيَ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ وَتَالِيَتَاهَا إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا فِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ فِيمَا لَمْ يُحَدِّدْهُ الشَّارِعُ وَمِنْ خَوْفِ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا، فَإِنْ اتَّفَقَ صَوْمُهَا بِلَا قَصْدِهَا فَلَا كَرَاهَةَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَا رَوَى مِنْ صَوْمِهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ وَحَضَّهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ عَلَيْهِ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ أَصْحَابُهُ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) صَوْمِ (سِتَّةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (مِنْ شَوَّالٍ) فَيُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مُتَّصِلَةً بِيَوْمِ الْعِيدِ مُتَتَابِعَةً مُظْهِرَةً مُعْتَقِدًا سُنِّيَّةَ وَصْلِهَا وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ انْتَهَى. عبق الْعَدَوِيُّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُقْتَدَى بِهِ وَلَوْ خِيفَ اعْتِقَادُهُ وُجُوبَهُ وَإِنَّهُ إنْ أَخْفَاهُ لَا يُكْرَهُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ الِاتِّصَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُكْرَهَ لِمُقْتَدًى بِهِ وَلِمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ وُجُوبِهِ إنْ وَصَلَهَا وَتَابَعَهَا وَأَظْهَرَهَا وَلِمَنْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مَعَ مَا فِي الْحَطّ عَنْ مُطَرِّفٍ، إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - صَوْمَهَا لِذِي الْجَهْلِ خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا. وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 121 وَذَوْقُ مِلْحٍ وَعِلْكٍ ثُمَّ يَمُجُّهُ. وَمُدَاوَاةُ حَفْرٍ زَمَنَهُ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ   [منح الجليل] الدَّهْرَ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا» . فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ تَمَامُ السَّنَةِ، مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَسُنِّيَّةِ اتِّصَالِهَا. وَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ السِّتَّةِ بِكَوْنِهَا مِنْ شَوَّالٍ لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ وَالتَّيْسِيرِ لِسُهُولَةِ الصِّيَامِ فِيهِ بِاعْتِيَادِهِ فِي رَمَضَانَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ صَوْمَهَا فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهَا فِي شَوَّالٍ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْكَرَاهَةِ. (وَ) كُرِهَ لِكُلِّ صَائِمٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (ذَوْقُ مِلْحٍ) لِطَعَامٍ لِيَنْظُرَ اعْتِدَالَهُ وَلَوْ صَانِعًا مُحْتَاجًا لِذَوْقِهِ وَعَسَلٍ وَخَلٍّ وَنَحْوِهِمَا (وَ) كُرِهَ مَضْغُ (عِلْكٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ: مَا يُعْلَكُ مِنْ تَمْرٍ وَحَلْوَى لِصَبِيٍّ مَثَلًا وَلِبَانٍ وَلَوْ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَدَّرْنَا عَامِلَ عِلْكٍ مَضَغَ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسَلُّطِ ذَوْقٍ عَلَيْهِ. قِيلَ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ فَالْأَوْلَى تَضْمِينُ ذَوْقُ مَعْنَى تَنَاوَلَ لِيَصِحَّ تَسَلُّطُهُ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً تَضْمِينُ عَلَفْتهَا مَعْنَى نَاوَلْتهَا (ثُمَّ يَمُجُّهُ) أَيْ: الرِّيقَ الَّذِي ذَاقَ بِهِ الْمِلْحَ أَوْ عَلَكَ بِهِ الْعِلْكَ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ، فَإِنْ أَمْسَكَهُ بِفَمِهِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَهَلْ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالصَّوْمِ. اهـ. عبق. . (وَ) كُرِهَ (مُدَاوَاةُ حَفْرٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ: فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ، وَصِلَةُ مُدَاوَاةُ (زَمَنَهُ) أَيْ نَهَارًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا وَإِلَّا قَضَى مُطْلَقًا وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ (إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) بِتَأْخِيرِهَا لِلَّيْلِ بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَلُّمٍ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَرَضٌ فَلَا تُكْرَهُ، وَتَجِبُ إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ زَمَنِهِ جَوَازُهَا لَيْلًا، فَإِنْ وَصَلَ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ نَهَارًا فَهَلْ يَكُونُ كَهُبُوطِ الْكُحْلِ نَهَارًا أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هُبُوطَ الْكُحْلِ لَيْسَ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ دَوَاءِ الْحَفْرِ اهـ. عبق وَمِنْ هَذَا غَزْلُ الْكَتَّانِ الْمَعْطُونِ فِي الْمُبِلَّاتِ فَيُكْرَهُ نَهَارًا إنْ أُرِيقَ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ، وَأَمَّا الْمِصْرِيُّ الَّذِي يُعْطَنُ فِي الْبَحْرِ فَيَجُوزُ غَزْلُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَحَصَادُ الزَّرْعِ الْمُؤَدِّي لِلْفِطْرِ مَكْرُوهٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 122 وَنَذْرُ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ، وَمُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ: كَقُبْلَةٍ وَفِكَرٍ، إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ، وَإِلَّا حَرُمَتْ   [منح الجليل] إلَّا لِاضْطِرَارٍ إلَيْهِ وَرَبُّ الزَّرْعِ لَهُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى فِطْرِهِ لِاضْطِرَارِهِ لِحِفْظِهِ اهـ بَرْزَلِيٌّ. (وَ) كُرِهَ (نَذْرُ) صَوْمِ (يَوْمٍ مُكَرَّرٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ وَأَوْلَى أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ أَوْ عَامٌ لِثِقَلِهِ فَيُؤَدِّي لِلْوَفَاءِ بِهِ بِتَكَرُّهٍ أَوْ تَرْكِ الْوَفَاءِ بِهِ. وَمَفْهُومُ مُكَرَّرٍ أَنَّ نَذْرَ غَيْرِ الْمُكَرَّرِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلْحَاقًا لَهُ بِالْعِيدِ فِي الْجُمْلَةِ وَصَوْمُ ضَيْفٍ بِلَا إذْنِ رَبِّ الْمَنْزِلِ (وَ) كُرِهَ (مُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ) لِلَّذَّةِ لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ (وَفِكْرٍ) وَنَظَرٍ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ غَيْرَ مُسْتَدَامَيْنِ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: كَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ وَالْفِكْرَ غَيْرَ الْمُسْتَدَامَيْنِ لَا يُكْرَهَانِ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ الْمِثَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُبْلَةِ لَتُوُهِّمَ جَوَازُ الْفِكْرِ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفِكْرِ لَتُوُهِّمَ حُرْمَتُهَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْمُقَدِّمَةِ (إنْ عُلِمَتْ) أَوْ ظُنَّتْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (السَّلَامَةُ) مِنْ خُرُوجِ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ السَّلَامَةُ بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَهَا أَوْ شَكَّ (حَرُمَتْ) مُقَدِّمَةُ الْجِمَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ نَظَرَ أَوْ تَذَكَّرَ قَاصِدًا التَّلَذُّذَ بِهِ أَوْ لَمَسَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْعَظَ وَلَمْ يُمْذِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَالثَّانِي: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ فَفِيهَا الْقَضَاءُ وَمَا دُونَهَا لَا قَضَاءَ فِيهِ. وَإِنْ أَمْذَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ بِلَا قَصْدٍ وَلَا مُتَابَعَةٍ فَقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا وَأَصَحُّهَا. قَوْلُ أَشْهَبَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ حَتَّى يُنْزِلَ. وَثَالِثُهَا: الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَيُكَفِّرُ مُطْلَقًا وَالنَّظَرُ وَالتَّفَكُّرُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُتَابِعَ حَتَّى يُنْزِلَ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 123 وَحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ. وَتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ. وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا:   [منح الجليل] وَ) كُرِهَتْ (حِجَامَةُ) شَخْصٍ صَائِمٍ (مَرِيضٍ) إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ مِنْ الْإِغْمَاءِ وَعَدَمِهَا، وَإِنْ عَلِمَهَا جَازَتْ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَتْ (فَقَطْ) أَيْ صَحِيحٌ فَلَا تُكْرَهُ حِجَامَتُهُ حَلَّ شَكُّهُ فِيهَا وَأَوْلَى إنْ عَلِمَهَا، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَتْ إنْ لَمْ يَخْشَ بِتَأْخِيرِهَا هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَالْأَوْجَبُ فِعْلُهَا. وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الْفِطْرِ. وَمِثْلُهَا الْفَصَادَةُ قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْفَصَادَةُ أَشَدُّ مِنْ الْحِجَامَةِ لِسَحْبِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْحِجَامَةِ ابْنُ نَاجِي هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ كَرَاهَتُهَا لِلصَّحِيحِ حَالَةَ الشَّكِّ أَيْضًا. قَالَ بَعْضٌ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَطْلَقَ الْمَرِيضَ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي يُحِسُّ مِنْ نَفْسِهِ بِالضَّعْفِ وَلَا يَعْلَمُ مَا يَحْصُلُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ حَرُمَتْ، وَاحْتُرِزَ بِالْمَرِيضِ عَنْ الصَّحِيحِ الَّذِي عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ فَلَا تُكْرَهُ لَهُ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ. (وَ) كُرِهَ (تَطَوُّعٌ) بِصَوْمٍ (قَبْلَ) صَوْمِ (نَذْرٍ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ (أَوْ) قَبْلَ صَوْمِ (قَضَاءٍ) لِفَائِتٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَ صَوْمِ كَفَّارَةٍ لِيَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرِ رَمَضَانَ. وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَحْرُمُ التَّطَوُّعُ فِي زَمَنِهِ وَلَا يُكْرَهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ تَطَوَّعَ فِي زَمَنِهِ قَضَاهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلَوْ مُؤَكَّدًا كَعَاشُورَاءَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَطَوَّعُ قَبْلَهُ أَيْ: الْقَضَاءِ، وَلَا قَبْلَ نَذْرٍ. ابْنُ حَبِيبٍ أَرْجُو سَعَةَ تَطَوُّعِهِ بِمُرَغَّبٍ فِيهِ قَبْلَ قَضَائِهِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي تَرْجِيحِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا، ثَالِثُهَا هُمَا سَوَاءٌ، وَرَابِعُهَا مَنْعُ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا لِأَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ وَآخِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَى الْفَوْرِ اهـ. وَمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ بَدَأَ بِأَوَّلِهِمَا وَإِنْ عَكَسَ أَجْزَأَ. . (وَمَنْ) عَلِمَ الشُّهُورَ (لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ) الْهِلَالِ (وَلَا غَيْرُهَا) أَيْ الرُّؤْيَةِ مِنْ سُؤَالٍ عَنْهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 124 كَأَسِيرٍ: كَمَّلَ الشُّهُورَ وَإِنْ الْتَبَسَتْ وَظَنَّ شَهْرًا: صَامَهُ، وَإِلَّا: تَخَيَّرَ، وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ بِالْعَدَدِ لَا قَبْلَهُ،   [منح الجليل] كَ) شَخْصٍ (أَسِيرٍ) أَعْمَى وَمَحْبُوسٌ كَذَلِكَ أَوْ فِي مَحَلٍّ لَا يَرَاهُ مِنْهُ (كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الشُّهُورَ) كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَتَوَالِي الْغَيْمِ شُهُورًا وَصَامَ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَهَذَا حُكْمُ مَنْ عَرَفَ الشُّهُورَ وَلَمْ يَعْرِفْ الْكَامِلَ وَالنَّاقِصَ. (وَإِنْ الْتَبَسَتْ) الشُّهُورُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْ رَمَضَانَ سَوَاءٌ أَمْكَنَتْهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ أَمْ لَا (وَظَنَّ شَهْرًا) رَمَضَانَ (صَامَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ شَهْرًا رَمَضَانَ وَاسْتَوَتْ عِنْدَهُ الشُّهُورُ (تَخَيَّرَ) أَيْ اخْتَارَ شَهْرًا وَصَامَهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ الشَّهْرِ رَمَضَانَ أَوْ شَعْبَانَ صَامَ شَهْرَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالًا صَامَهُ فَقَطْ، وَيَرَى؛ لِأَنَّهُ إمَّا رَمَضَانُ أَوْ قَضَاؤُهُ، وَفِي كَوْنِهِ رَجَبٌ أَوْ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الصِّيَامِ إلَى الْأَخِيرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي رَمَضَانَ، وَإِنْ أَخَّرَهُ إلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْتِهَائِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ الْتَبَسَتْ وَلَمْ يَظُنَّ شَهْرًا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا كَمَنْ عَلَيْهِ إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَجَهِلَهَا وَفُرِّقَ الْمَشْهُورُ بِعِظَمِ مَشَقَّةِ صَوْمِ الْعَامِ. (وَأَجْزَأَ) أَيْ: كَفَى فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي ظَنَّهُ أَوْ اخْتَارَهُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي صَامَهُ (مَا بَعْدَهُ) أَيْ: رَمَضَانَ وَكَانَ قَضَاءً عَنْهُ، وَنَابَتْ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ لِعُذْرِهِ وَاتِّحَادِ الْعِبَادَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِجْزَاءِ تَسَاوِيهِمَا (بِالْعَدَدِ) فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ شَوَّالٌ وَكَانَ هُوَ رَمَضَانَ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ قَضَى يَوْمًا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ، وَإِنْ كَانَ الْكَامِلُ رَمَضَانَ فَقَطْ قَضَى يَوْمَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْعَكْسُ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْحِجَّةُ لَمْ يَعْتَدَّ بِيَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا (لَا) يُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَ مَا (قَبْلَهُ) أَيْ: رَمَضَانَ كَشَعْبَانَ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونَ وَلَا يَكُونُ شَعْبَانُ سَنَةَ قَضَاءٍ عَنْ رَمَضَانَ الَّتِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَا نَوَاهُ أَدَاءً مَعَ الْمَقْضِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 125 أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ. وَفِي مُصَادَفَتِهِ: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَكْفِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَجْرَاهُمَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي طَلَبِ تَعْيِينِ الْأَيَّامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا أَيَّامًا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَظْهَرِيَّةِ أَمَارَاتِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ دُونَ أَمَارَاتِ رَمَضَانَ وَوَقْتُ الصَّلَاةِ مُتَّسِعٌ فَالْمُخْطِئُ مُفَرِّطٌ اهـ. ابْنُ غَازِيٍّ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ خَرَّجَ مِنْ هُنَا قَوْلَيْنِ فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ عَنْ الْقَضَاءِ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ وَاعْتَرَضَهُ سَنَدٌ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِأَنْ قَالَا: لَا نَعْرِفُ فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ خِلَافًا، فَإِنَّ مَنْ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَّى مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الْوَقْتِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وِفَاقًا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي كَلَامِهِمَا ذِكْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاتِّفَاقِ فِي الصَّلَاةِ نَفْيُ التَّخْرِيجِ فِيهَا. وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّخْرِيجِ، اهـ. قُلْت لَعَلَّ مُرَادَ الْبَاجِيَّ التَّخْرِيجُ فِي الْإِجْزَاءِ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ خِلَافَ مَا فَهِمَهُ مِنْهُ سَنَدٌ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ حِينَئِذٍ اهـ بُنَانِيٌّ. (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُجْزِئُ إنْ (بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ) فِي كَوْنِ مَا صَامَهُ ظَانًّا أَوْ مُخْتَارًا رَمَضَانَ أَوْ مَا بَعْدَهُ أَوْ مَا قَبْلَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُجْزِئُهُ إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ بَقِيَ شَاكًّا فَفِي وُجُوبِ قَضَائِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنِ يُونُسَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَرْضُهُ الِاجْتِهَادَ وَهُوَ قَدْ اجْتَهَدَ وَصَامَ. (وَفِي) الْإِجْزَاءِ عِنْدَ (مُصَادَفَتِهِ) رَمَضَانَ بِصَوْمِهِ ظَانًّا، أَوْ مُخْتَارًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ رُشْدٍ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ إذَا صَادَفَهُ وَصَدَّرَ بِهِ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ. وَفِي الْبَيَانِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَادَفَهُ بِتَحَرِّيهِ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَجْزِيهِ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخْذُهُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى بَعِيدٌ. وَمَا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ إلَّا الْإِجْزَاءَ خَاصَّةً وَسَاقَهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَعْزُهُ اهـ. الْحَطّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الطِّرَازِ وَعَزَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 126 وَصِحَّتُهُ مُطْلَقًا بِنِيَّةٍ مُبَيَّتَةٍ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ   [منح الجليل] مُقَابِلَهُ لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ: إنَّهُ فَاسِدٌ. اهـ. فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِجْزَاءِ لَكَانَ أَوْلَى وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الظَّنِّ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَبِهِ قَرَّرَ أَحْمَدُ اهـ بُنَانِيٌّ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ: الصَّوْمِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ فَرْضًا مَشْرُوطَةٌ (بِنِيَّةٍ) أَيْ قَصْدِ الصَّوْمِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَوْنَهُ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَيَحْتَاجُ الْفَرْضُ لِنِيَّتِهِ، فَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ نَوَاهُ نَفْلًا أَوْ قَضَاءً أَوْ وَفَاءً نَذْرٍ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا، وَإِنْ شَكَّ فِي الْأَخِيرَيْنِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَوَجَبَ إتْمَامُهُ لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا فِي الظَّاهِرِ (مُبَيَّتَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً لَيْلًا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْوَطْءُ وَالنَّوْمُ بَعْدَهَا، وَيُبْطِلُهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالسُّكْرُ بَعْدَهَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْفَجْرُ فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ، وَإِنْ زَالَ قَبْلَهُ وَجُدِّدَتْ النِّيَّةُ قَبْلَهُ صَحَّ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا: يَصِحُّ وَعَاشُورَاءُ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ بَشِيرٍ لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ إلَّا إنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ عَلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ فَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَمْ يَنْوِ لَمْ يُجْزِهِ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ إلَّا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ» ، وَالشَّاذُّ اخْتِصَاصُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصِحَّةِ صَوْمِهِ إنْ وَقَعَتْ نِيَّتُهُ فِي النَّهَارِ، وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ اللَّيْلُ وَمَتَى عَقَدَهَا فِيهِ أَجْزَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِلْفَجْرِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَتِهَا أَوْ تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ اهـ. وَسَوَاءٌ نَوَى قَبْلَ الْفَجْرِ (أَوْ مَعَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) إنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فَلَا تُجْزِئُ قَبْلَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الْكَافَّةِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهَا الْقَصْدُ وَقَصْدُ الْمَاضِي مُحَالٌ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ. وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تُجْزِئُ مَعَ الْفَجْرِ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ النِّيَّةَ تَتَقَدَّمُ الْمَنْوِيَّ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُهَا وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ مَنْوِيٍّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ جَعْلِيَّةٌ، وَقَدْ اكْتَفَى الشَّارِعُ بِالْمُقَارَنَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَكْبِيرَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 127 وَكَفَتْ نِيَّةٌ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ لَا مَسْرُودٍ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ، وَرُوِيَتْ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا، لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ: بِكَمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ   [منح الجليل] الْإِحْرَامِ رُكْنٌ مِنْهَا وَالنِّيَّةُ مُقَارِنَةٌ لَهَا. وَكَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُهَا مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَرُخِّصَ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِ لِلْمَشَقَّةِ فِي مُقَارَنَتِهَا لَهُ. (وَكَفَتْ نِيَّةٌ) وَاحِدَةٌ (لَهَا) أَيْ صَوْمٍ (يَجِب تَتَابُعُهُ) كَرَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ فِطْرِهِ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَنَذْرٍ مُتَتَابِعٍ كَنَذْرِ صَوْمِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَعِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ حَيْثُ ارْتِبَاطُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَعَدَمُ جَوَازِ تَفْرِيقِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعَطَّلُ جَمِيعُهُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهِ كَالْحَجِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي وَاجِبِ التَّتَابُعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَعِبَادَاتٍ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ فَسَادِ جَمِيعِهِ بِفَسَادِ بَعْضِهِ (لَا) تَكْفِي نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِ (صَوْمٍ مَسْرُودٍ) أَيْ: مُتَتَابِعٍ بِلَا وُجُوبٍ، كَصِيَامِ الدَّهْرِ أَوْ عَامٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أُسْبُوعٍ تَطَوُّعًا بِلَا نَذْرٍ (وَيَوْمٍ) مُكَرَّرٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً كَكُلِّ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ، وَكُلِّ مَا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَفِدْيَةٍ وَهَدْيٍ وَجَزَاءٍ وَصِيَامِ رَمَضَانَ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ. (وَرُوِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الِاكْتِفَاءِ) بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ (فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ، حَتَّى قَالَ الْحَطّ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا وَتَكْفِي نِيَّةُ الْوَاجِبِ التَّتَابُعِ إنْ اسْتَمَرَّ تَتَابُعُهُ (لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ: وُجُوبُهُ (بِكَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى، وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيتِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ إنْ اسْتَمَرَّ الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ صَائِمًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ. وَمَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ عَامِدًا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَالَهُ الْحَطّ. وَمَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ وَلَوْ نَاسِيًا يُجَدِّدُ النِّيَّةَ لَا مَنْ أَفْطَرَ نَهَارًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 128 وَبِنَقَاءٍ، وَوَجَبَ إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَحْظَةً، وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ. وَبِعَقْلٍ. وَإِنْ جُنَّ وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً   [منح الجليل] نَاسِيًا، وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا كَمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَكَمَنْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ فَتُقْطَعُ النِّيَّةُ وَتُجَدَّدُ بَعْدَ زَوَالِهَا لِمَا بَقِيَ. (وَ) صِحَّتُهُ (بِنَقَاءٍ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ (وَوَجَبَ) الصَّوْمُ (إنْ طَهُرَتْ) بِقَصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ (قَبْلَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) إنْ كَانَ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا زَمَنًا طَوِيلًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لَحْظَةً) يَسِيرَةً جِدًّا بَلْ إنْ رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوْ الْجُفُوفَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَنَوَتْ الصَّوْمَ صَحَّ صَوْمُهَا، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ، وَقَوْلُهُ وَنَزْعُ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَلَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ أَصْلًا؛ إذْ الطَّهَارَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ (وَ) وَجَبَ إمْسَاكُهَا (مَعَ الْقَضَاءِ) لَهُ (إنْ شَكَّتْ) فِي حُصُولِ طُهْرِهَا مَعَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ احْتِيَاطًا. ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الَّتِي شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا. فَإِنْ قُلْت الْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالشَّكُّ فِيهِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا فَلِمَ وَجَبَ أَدَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ. قُلْت: سُلْطَانُ الصَّلَاةِ ذَهَبَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَوَقْتُهُ إلَى الْغُرُوبِ، وَلَهُ حُرْمَةٌ فَلِذَا وَجَبَ إمْسَاكُهُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ تَسَحَّرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ. (وَ) صِحَّتُهُ (بِعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ (وَإِنْ جُنَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ سِنِينَ قَلِيلَةً بَلْ (وَلَوْ) جُنَّ (سِنِينَ كَثِيرَةً) وَأَفَاقَ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَقَضَاءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، فَلَا يُقَالُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ. فَرْعُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُونُهُ طَارِئًا بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْحَبِيبِ وَالْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. إنْ قَلَّتْ السُّنُونَ كَخَمْسَةٍ فَالْقَضَاءُ وَإِنْ كَثُرَتْ كَعَشَرَةٍ فَلَا قَضَاءَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 129 أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ، لَا إنْ سَلِمَ وَلَوْ نِصْفَهُ. وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ وَإِخْرَاجِ: مَنِيٍّ، وَمَذْيٍ،   [منح الجليل] أَوْ أُغْمِيَ) عَلَيْهِ (يَوْمًا) مِنْ فَجْرِهِ لِغُرُوبِهِ (أَوْ جُلَّهُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ: أَكْثَرَ الْيَوْمِ وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلَهُ (أَوْ أَقَلَّهُ) أَيْ: نِصْفَ الْيَوْمِ فَأَقَلَّ مِنْهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَسْلَمْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مِنْ الْإِغْمَاءِ (أَوَّلَهُ) أَيْ: مَعَ طُلُوعِ فَجْرِ الْيَوْمِ بِأَنْ كَانَ حِينَئِذٍ مُغْمًى عَلَيْهِ (فَالْقَضَاءُ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ مَرَضٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ابْنُ عَاشِرٍ الْأَوْلَى كَنِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ وَلَمْ يَسْلَمْ لِيُبَيِّنَ أَنَّ النِّصْفَ كَالْأَقَلِّ وَأَنَّ الْقَيْدَ خَاصٌّ بِهِمَا. (لَا) يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (إنْ سَلِمَ) مِنْ الْإِغْمَاءِ مَعَ الْفَجْرِ وَجَدَّدَ النِّيَّةَ حِينَئِذٍ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَقَلَّهُ بَلْ (وَلَوْ) أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ (نِصْفَهُ) أَيْ: الْيَوْمِ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ حِينَ إفَاقَتِهِ مَعَ الْفَجْرِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ لِانْقِطَاعِ نِيَّتِهِ بِالْإِغْمَاءِ وَيُفَصَّلُ فِي جُنُونِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَلَا قَضَاءَ عَلَى نَائِمٍ وَلَوْ كُلَّ الشَّهْرِ إنْ بَيَّتَ النِّيَّةَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ وَالسُّكْرُ كَالْإِغْمَاءِ. وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ بِحَلَالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِيقَاظِ فَلَا يَلْحَقُ بِالنَّوْمِ، وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ يُونُسَ التَّفْصِيلَ فِي الْإِغْمَاءِ بِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَالنَّائِمُ مُكَلَّفٌ لَوْ نُبِّهَ تَنَبَّهَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكْرَ مُطْلَقًا مِثْلُ الْإِغْمَاءِ وَأَنَّ الْغَيْبَةَ لِلْعَقْلِ مِثْلُهُ مُطْلَقًا، وَقَدْ جَعَلُوا السُّكْرَ بِحَلَالٍ فِي الْوُضُوءِ كَالْإِغْمَاءِ. (وَ) صِحَّتُهُ (بِتَرْكِ جِمَاعٍ) أَيْ: تَغْيِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجِ مُطِيقٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ (وَ) تَرْكُ (إخْرَاجِ مَنِيٍّ) يَقَظَةً لَا فِي نَوْمٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ (وَ) تَرْكُ إخْرَاجِ (مَذْيٍ) كَذَلِكَ لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ إنْعَاظٍ وَلَوْ نَشَأَ عَنْ مُقَدِّمَاتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرُوِيَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْقَضَاءُ، وَتَقَرَّرَ عِنْدَ الشُّيُوخِ أَنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا تَقَدُّمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 130 وَقَيْءِ. . وَإِيصَالُ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ: لِمَعِدَةٍ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ،   [منح الجليل] فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ فِيهَا، لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْأَشْهَرُ (وَ) بِتَرْكِ إخْرَاجِ (قَيْءٍ) فَإِنْ أَخْرَجَهُ فَالْقَضَاءُ، فَإِنْ ابْتَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ غَلَبَةً فَالْكَفَّارَةُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَلَبَةٍ فَلَا قَضَاءَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ شَيْءٌ مِنْهُ فَالْقَضَاءُ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ابْتِلَاعَهُ فَالْكَفَّارَةُ. (وَ) صِحَّتُهُ بِتَرْكِ (إيصَالِ) شَيْءٍ (مُتَحَلِّلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى، أَيْ: يَنْمَاعُ وَلَوْ فِي الْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ، فَإِنْ وَصَلَ لَهَا وَلَوْ غَلَبَةً فَالْقَضَاءُ فَقَطْ إلَّا مِنْ الْفَمِ مَعَ الِانْتِهَاكِ فَالْكَفَّارَةُ أَيْضًا، فَالْمُرَادُ بِالْإِيصَالِ الْوُصُولُ، وَهَذَا فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ طَعَامٍ إذْ لَا يُفْطِرُ ابْتِلَاعُهُ وَلَوْ عَمْدًا، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَاسْتَبْعَدَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ الْقَضَاءِ فِي الْعَمْدِ وَالْمُدَوَّنَةِ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ فِي الْعَمْدِ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ بْن. (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُتَحَلِّلِ كَدِرْهَمٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَقَطْ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ بِالْكَافِ لَوَافَقَ عَادَتَهُ. وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ فَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى أَنَّ لِلْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمَ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَفِي الْعَمْدِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْضِيَ لِتَهَاوُنِهِ بِصَوْمِهِ، فَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الْحَصَاةَ تَشْغَلُ الْمَعِدَةَ إشْغَالًا مَا وَتُنْقِصُ كَلَبَ الْجُوعِ وَصِلَةُ إيصَالِ (لِمَعِدَةٍ) أَيْ: مَا تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ وَهِيَ لِلْآدَمِيِّ كَحَوْصَلَةِ الطَّيْرِ وَكِرْشِ الْبَهِيمَةِ، وَصِلَةُ إيصَالِ أَيْضًا (بِحُقْنَةٍ) أَيْ: احْتِقَانٍ (بِمَائِعٍ) فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ لَا إحْلِيلٍ. وَاحْتُرِزَ. بِمَائِعٍ عَنْ حُقْنَةٍ بِجَامِدٍ فَلَا قَضَاءَ فِيهَا وَلَوْ فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ لِيَسَارَتِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُتَحَلِّلِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 131 أَوْ حَلْقٍ؛ وَإِنْ مِنْ أَنْفٍ، وَأُذُنٍ، وَعَيْنٍ، وَبَخُورٍ،   [منح الجليل] أَوْ حَلْقٍ) عَطَفَ عَلَى مَعِدَةٍ أَيْ: وَتَرْكُ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحَلْقٍ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُرَدَّ غَيْرُ الْمُتَحَلِّلِ، فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ التَّلْقِينِ، وَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ مِمَّا يَنْمَاعُ أَوْ لَا يَنْمَاعُ اهـ. وَنَقَلَهُ الْحَطّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا، وَعَطْفُ أَوْ حَلْقٍ عَلَى حُقْنَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاصِلَ لِلْحَلْقِ لَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا جَاوَزَهُ إلَى الْمَعِدَةِ وَلَوْ كَانَ مَائِعًا وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَائِعَ الْوَاصِلَ لِلْحَلْقِ مُفْطِرٌ وَلَوْ لَمْ يُجَاوِزْهُ إنْ وَصَلَ مِنْ الْفَمِ بَلْ (وَإِنْ) وَصَلَ لَهُ (مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ) نَهَارًا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَاكْتِحَالِهِ لَيْلًا وَهُبُوطِهِ نَهَارًا لِلْحَلْقِ أَوْ وَضْعِ دَوَاءٍ أَوْ حِنَّاءٍ أَوْ دُهْنٍ فِي أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ لَيْلًا فَهَبَطَ نَهَارًا. وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ مَا وَصَلَ نَهَارًا لِلْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَنَافِذِ لَا شَيْءَ فِيهِ فَمَنْ دَهَنَ رَأْسَهُ نَهَارًا فَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ وَضَعَ حِنَّاءً فِي رَأْسِهِ نَهَارًا فَاسْتَطْعَمَهَا فِي حَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَّ رِجْلَهُ بِحَنْظَلَةٍ فَوَجَدَ مَرَارَتَهَا فِي حَلْقِهِ، أَوْ قَبَضَ يَدَهُ عَلَى ثَلِجَةٍ فَوَجَدَ بَرْدَهَا فِي حَلْقِهِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَوُصُولُ مَائِعٍ لِحَلْقٍ وَإِنْ مِنْ غَيْرِ فَمٍ أَوْ لِمَعِدَةٍ مِنْ كَدُبُرٍ كُلُّهَا بِغَيْرِهِ مِنْ فَمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ، لَوْ فِي الْمَسْأَلَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيضَاحِ. (وَ) بِتَرْكِ إيصَالِ (بَخُورٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: دُخَانٍ مُتَصَاعِدٍ مِنْ حَرْقِ نَحْوِ عُودٍ وَمِثْلُهُ بُخَارُ الْقِدْرِ حَالَ غَلَيَانِهِ بِالطَّعَامِ فَوُصُولُهُ لِلْحَلْقِ مُفْطِرٌ كَالدُّخَانِ الَّذِي يُشْرَبُ بِالْعُودِ وَشَمُّ رَائِحَةِ الْبَخُورِ وَنَحْوَهُ بِلَا وُصُولِ دُخَانِهِ لِلْحَلْقِ لَا يُفْطِرُ، وَدُخَانُ الْحَطَبِ وَنَحْوُهُ لَا قَضَاءَ بِوُصُولِهِ لِلْحَلْقِ قَالَهُ عج. عبق ظَاهِرُهُ وَلَوْ اسْتَنْشَقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَيَّفُ بِهِ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كُلُّ دُخَانٍ يُتَكَيَّفُ بِهِ فَالتَّفْرِيقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَقُلْت وَقَدْ شَاهَدْت فِي السَّفَرِ مِنْ إنْسَانٍ فَرَغَ دُخَانُهُ فَحَرَقَ طَرَفَ الْعُودِ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ بِهِ الدُّخَانَ وَشَرِبَ دُخَانَهُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ حَتَّى أَفْنَاهُ وَإِنَّمَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْجَبَلِيِّ وَالصُّورِيِّ وَالْبَلَدِيِّ حَالَ وُجُودِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 132 وَقَيْءٍ، وَبَلْغَمٍ أَمْكَنَ طَرْحُهُ مُطْلَقًا، أَوْ غَالِبٍ مِنْ مَضْمَضَةٍ أَوْ سِوَاكٍ، وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا، وَإِنْ بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا: كَمُجَامَعَةِ نَائِمَةٍ،   [منح الجليل] وَكَثْرَتِهَا، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَيَتَكَيَّفُونَ بِكُلِّ دُخَانٍ وَلَوْ دُخَانَ عَذِرَةٍ. (وَ) بِتَرْكِ إيصَالِ (قَيْءٍ) أَوْ قَلْسٍ (وَبَلْغَمٍ أَمْكَنَ طَرْحُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِأَنْ نَزَلَ مِنْ الْحَلْقِ إلَى الْفَمِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ لِعِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءِ مَعِدَةٍ أَوْ كَثِيرٍ مُتَغَيِّرٍ أَمْ لَا رَجَعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَلْغَمُ مِنْ صَدْرٍ أَوْ رَأْسٍ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْبَلْغَمِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَصَلَ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ لِمَشَقَّتِهِ. وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّائِمِ فِي ابْتِلَاعِ رِيقِهِ إلَّا بَعْدَ اجْتِمَاعِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ مُطْلَقًا وَهُوَ الرَّاجِحُ. (أَوْ) أَيْ: وَبِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ (غَالِبٍ) سَبَقَهُ لِحَلْقِهِ (مِنْ) أَثَرِ مَاءِ (مَضْمَضَةٍ) أَوْ اسْتِنْشَاقٍ لِوُضُوءٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ عَطَشٍ (أَوْ) غَالِبٍ مِنْ رُطُوبَةِ (سِوَاكٍ) مُجْتَمِعَةٍ فِي فَمِهِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ فَيَقْضِي الْفَرْضَ فَقَطْ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِتَوَهُّمِ اغْتِفَارِهِ لِطَلَبِ الشَّارِعِ الْمَضْمَضَةَ وَالسِّوَاكَ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَبِتَرْكِ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ إلَخْ (وَقَضَى) مَنْ أَفْطَرَ (فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا) أَيْ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ إكْرَاهًا حَرَامًا أَوْ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا كَانَ الْفَرْضُ أَصْلِيًّا أَوْ نَذْرًا، وَأَمْسَكَ وُجُوبًا إنْ كَانَ فَرْضًا مُعَيَّنًا زَمَنُهُ كَرَمَضَانَ، وَنَذْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا أَوْ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ، أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرِ رَمَضَانَ. كَذَلِكَ، وَخُيِّرَ فِيهِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَرْضِ. (وَإِنْ) أَفْطَرَ (بِصَبٍّ) مِنْ شَخْصٍ مَائِعًا (فِي حَلْقِهِ) أَيْ: الصَّائِمِ حَالَ كَوْنِهِ (نَائِمًا) وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَقَالَ (كَمُجَامَعَةِ) امْرَأَةٍ (نَائِمَةٍ) فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ عَنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا مَنْ أُكْرِهَ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَصُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ فِي رَمَضَانَ أَوْ جُومِعَتْ امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ فِي رَمَضَانَ فَالْقَضَاءُ يُجْزِئُ بِلَا كَفَّارَةٍ. أَبُو الْحَسَنِ سَكَتَ عَنْ الْفَاعِلِ هَلْ تَلْزَمُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 133 وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ، أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ، وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ اقْتَدَى بِالْمُسْتَدِلِّ، وَإِلَّا احْتَاطَ؛ إلَّا الْمُعَيَّنَ: لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ   [منح الجليل] الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا وَأَوْجَبَهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْفَاعِلِ فِيهِمَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ، وَهُوَ ظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ. الثَّالِثُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَكَأَكْلِهِ) أَيْ: الشَّخْصِ حَالَ كَوْنِهِ (شَاكًّا فِي) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) أَوْ فِي الْغُرُوبِ وَعَدَمِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَيَجِبُ قَضَاءُ النَّفْلِ؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ شَاكًّا فِي أَحَدِهِمَا عَمْدًا حَرَامٌ (أَوْ) أَكَلَ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ غُرُوبَ الشَّمْسِ ثُمَّ (طَرَأَ) لَهُ (الشَّكُّ) فِي الْفَجْرِ أَوْ الْغُرُوبِ فَالْقَضَاءُ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ إذْ لَيْسَ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ) أَيْ: الصَّوْمِ وُجُودًا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ أَوْ عَدَمًا وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ (اقْتَدَى) وُجُوبًا (بِالْمُسْتَدِلِّ) عَلَيْهِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ أَوْ الْمُسْتَنَدِ إلَيْهِ وَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي الدَّلِيلِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلِذَا قَالَ: وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَلَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ غَيْرَهُ لِكَثْرَةِ الْخَطَأِ فِيهَا لِخَفَائِهَا. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسْتَدِلًّا عَدْلًا عَارِفًا (احْتَاطَ) فِي سُحُورِهِ بِالتَّقْدِيمِ مَعَ تَحَقُّقِ بَقَاءِ اللَّيْلِ وَفِطْرِهِ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَرْضِ فَقَالَ (إلَّا) النَّذْرَ (الْمُعَيَّنَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ الَّذِي فَاتَ صَوْمُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يَقْضِي لِفَوَاتِ زَمَنِهِ بِالْعُذْرِ، فَإِنْ زَالَ وَبَقِيَ بَعْضُهُ صَامَهُ (أَوْ نِسْيَانٍ) فَلَا يَقْضِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَوْمَهُ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ لِتَفْرِيطِهِ، وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَهُ مُكْرَهًا الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَفِي التَّلْقِينِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ أَوْ لِخَطَأِ وَقْتٍ كَصَوْمِهِ الْأَرْبِعَاءَ يَظُنُّ الْخَمِيسَ الْمَنْذُورَ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 134 وَفِي النَّفْلِ، بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ، وَلَوْ بِطَلَاقٍ بَتٍّ؛ إلَّا لِوَجْهٍ كَوَالِدٍ،   [منح الجليل] الْمَضْمُونِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ لِعَدَمِ فَوَاتِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقْتِهِ. (وَ) قَضَى (فِي النَّفْلِ) وُجُوبًا (بِ) الْفِطْرِ (الْعَمْدِ) وَلَوْ لِسَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ (الْحَرَامِ) لَا بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا أَوْ إكْرَاهًا وَلَا لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ خَوْفِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ (وَلَوْ) أَفْطَرَ لِحَلِفِ شَخْصٍ عَلَيْهِ (بِطَلَاقٍ بَتٍّ) أَوْ بِعِتْقٍ لَتُفْطِرَنَّ فَلَا يَجُوزُ فِطْرُهُ وَإِنْ فَطَرَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ (إلَّا لِوَجْهٍ) كَتَعَلُّقِ قَلْبِ الْحَالِفِ بِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا بِحَيْثُ يَخْشَى أَنْ لَا يَتْرُكَهَا إنْ حَنِثَ فَيَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ. وَإِنْ أَفْطَرَ عَمْدًا حَرَامًا فَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ إذْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَلَا حُرْمَةَ لِلْوَقْتِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا وَجْهَ لِكَفِّ مُفْطِرِهِ عَمْدًا إلَّا لِوَجْهٍ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبَ كَفِّهِ لَا أَعْرِفُهُ. ابْنُ غَازِيٍّ جَاءَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَبِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْمَشْيِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ. وَأُحِبُّ طَاعَةَ أَبَوَيْهِ إنْ عَزَمَا عَلَى فِطْرِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ، زَادَ ابْنُ رُشْدٍ رِقَّةً عَلَيْهِ مِنْ إدَامَةِ الصَّوْمِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَقَالَ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ: الْوَجْهُ أَنْ يَقْصِدَ بِيَمِينِهِ الْحَنَّانَةَ كَأَنَّهُ رَدٌّ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي الْأَبَوَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ آخِرَ الثَّلَاثِ فَلَا يُحْنِثُهُ، فَحَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ الْوَجْهَ فِي الْمُصَنَّفِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَجَعَلَ الْإِشَارَةَ بِوَاوٍ إلَى الثَّانِي. وَاخْتَارَ الْحَطّ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَجْهِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَنَصُّهُ لَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ الَّتِي حَلَفَ بِعِتْقِهَا أَوْ الْمَرْأَةُ الَّتِي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا عَلَّقَ بِهَا الْحَالِفُ وَيَخْشَى أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا إنْ حَنِثَ فَالْوَجْهُ حِينَئِذٍ الْفِطْرُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَوَالِدٍ تَشْبِيهًا. الْحَطّ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ وَسِيَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ أَفْرَدَ ذِكْرَ الْوَالِدَيْنِ عَنْ الْوَجْهِ فَجَعَلَهُ مِثَالًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ غَازِيٍّ خِلَافَ الرِّوَايَةِ. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ فَقَالَ (كَوَالِدٍ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَمَرَهُ بِفِطْرِ النَّفْلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 135 وَشَيْخٍ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا. وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ، وَجَهْلٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ: جِمَاعًا. أَوْ رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا أَوْ أَكْلًا   [منح الجليل] شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ إدَامَةِ صَوْمِهِ فَيَجُوزُ فِطْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ (وَشَيْخٍ) فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ أَمَرَهُ بِفِطْرِهِ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ، وَلَا يَقْضِي، وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَيْخَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ إنْ حَلَفَ الْوَالِدُ وَالشَّيْخُ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا) أَيْ: الْوَالِدُ وَالشَّيْخُ عَلَى فِطْرِ الْوَلَدِ وَالْمُرِيدِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَهْدَ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّاعَةِ وَفِطْرُ النَّفْلِ مَعْصِيَةٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّة بِجَوَازِ الْفِطْرِ عَمْدًا اخْتِيَارًا فِي النَّفْلِ تَمَسُّكًا بِحَدِيثِ «الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» قُدِّمَ فِيهِ نَظَرُ الشَّيْخِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَبْيِيتِ نِيَّةِ الْفِطْرِ وَتَرْكِ إدَامَةِ الصِّيَامِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى إفْسَادِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَكَفَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَخْرَجَ الْمُفْطِرُ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى وُجُوبًا (إنْ تَعَمَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الصَّائِمُ الْفِطْرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا وَاخْتَارَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرَهٍ، بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى فِطْرِهِ، أَوْ مَغْلُوبٍ عَلَيْهِ وَانْتَهَكَ الْحُرْمَةَ بِأَنْ عَمِلَهَا وَاجْتَرَأَ عَلَيْهَا (بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُتَأَوِّلٍ تَأْوِيلًا قَرِيبًا (وَ) بِلَا (جَهْلٍ) لِحُرْمَةِ فِعْلِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ جَاهِلًا حُرْمَةَ إفْطَارِهِ كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ وَأَوْلَى جَهْلُ رَمَضَانَ كَمُفْطِرِ يَوْمِ الشَّكِّ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَكَمَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَشْهُرُ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِهَا مَعَ عِلْمِ حُرْمَةِ مُوجِبِهَا فَلَا يُسْقِطُهَا وَأَفْطَرَ (فِي) أَدَاءِ (رَمَضَانَ فَقَطْ) أَيْ: لَا فِي قَضَائِهِ وَلَا فِي كَفَّارَتِهِ وَنَحْوِهِمَا وَمَفْعُولُ تَعَمَّدْ (جِمَاعًا) يُوجِبُ الْغُسْلَ وَسَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً. (أَوْ) تَعَمَّدَ (رَفْعَ) أَيْ: رَفْضَ (نِيَّةٍ) لِلصَّوْمِ (نَهَارًا) أَوْ لَيْلًا وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ رَافِعٌ لَهَا لَا إنْ عَلَّقَ الْفِطْرَ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَحْصُلْ، كَأَنْ وَجَدْت طَعَامًا أَكَلَتْ وَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ (أَوْ) تَعَمَّدَ (أَكْلًا) أَوْ بَلْعًا لِنَحْوِ حَصَاةٍ وَوَصَلَتْ لِجَوْفِهِ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِجَرْيِهِ سَابِقًا عَلَى اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ حُكْمُ الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 136 أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ،   [منح الجليل] حُكْمُ الطَّعَامِ فَفِي نِسْيَانِهِ الْقَضَاءُ، وَفِي عَمْدِهِ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ. (أَوْ) تَعَمَّدَ (شُرْبًا) لِمَائِعٍ وَتَنَازَعَ أَكْلًا وَشُرْبًا (بِفَمٍ فَقَطْ) أَيْ: لَا بِغَيْرِهِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ وَمَسَامِّ شَعْرٍ وَدُبُرٍ وَإِحْلِيلٍ وَثُقْبَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ بِالْإِيصَالِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ النُّفُوسُ الْبَاقِيَةُ عَلَى فِطْرَتِهَا. وَإِنَّمَا شُرِعَتْ الْكَفَّارَةُ لِزَجْرِ النَّفْسِ عَمَّا تَشْتَاقُ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ فِي الْوَاصِلِ مِنْ الْفَمِ مِنْ وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ، فَإِنْ رَدَّهُ مِنْ الْحَلْقِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ الْوُصُولَ لِلْحَلْقِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَجِبُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ وَبِالْمَنِيِّ وَبِمَا يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ مِنْ الْفَمِ خَاصَّةً اهـ. قُلْت كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ شَاهِدٌ لعبق وَنَصُّهُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ انْتِهَاكًا لَهُ بِمُوجِبِ الْغُسْلِ وَطْئًا أَوْ إنْزَالًا وَالْإِفْطَارُ بِمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ أَوْ الْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ اهـ. إنْ وَصَلَ مِنْ الْفَمِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ بَلْ (وَإِنْ) وَصَلَ مِنْ الْفَمِ لِلْجَوْفِ (بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) أَيْ قِشْرِ الْجَوْزِ إنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا وَابْتَلَعَ أَثَرَهَا وَلَوْ غَلَبَةً أَوْ لَيْلًا وَتَعَمَّدَ بَلْعَهُ نَهَارًا فَإِنْ ابْتَلَعَهُ غَلَبَةً فَيَقْضِي فَقَطْ كَابْتِلَاعِهَا نِسْيَانًا، وَلَوْ اسْتَاكَ بِهَا نَهَارًا عَامِدًا فَإِنْ اسْتَاكَ بِهَا نَهَارًا نَاسِيًا فَإِنْ ابْتَلَعَ أَثَرَهَا عَامِدًا كَفَّرَ وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّوْضِيحِ إلَّا عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ، وَهُوَ قَيَّدَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَهَارًا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 137 أَوْ مَنِيًّا وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ: إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ   [منح الجليل] وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا قَالَهُ عبق لِحُرْمَةِ الِاسْتِيَاكِ بِالْجَوْزَاءِ. (أَوْ) تَعَمَّدَ (مَنِيًّا) أَيْ: إخْرَاجَهُ بِتَقْبِيلٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ) أَوْ نَظَرٍ وَعَادَتُهُ الْإِنْزَالُ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ كَانَ اعْتَادَ عَدَمَهُ مِنْهُمَا فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَنْزَلَ فَقَوْلَانِ فِي لُزُومِ كَفَّارَتِهِ وَعَدَمِهِ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا، فَقَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ رَاجِعٌ لِإِدَامَةِ الْفِكْرِ، وَمِثْلُهَا إدَامَةُ النَّظَرِ، وَأَمَّا الْإِنْزَالُ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ. وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْقَيْدِ فِيهِمَا جَرَيَانُهُ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَيْدُ فِيهِمَا ضَعِيفًا تَرَكَهُ، وَفِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ مُعْتَمَدًا ذَكَرَهُ نَعَمْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا اللَّخْمِيِّ فَالْأَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْبَيَانِ أَنَّ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ إذَا أَنْزَلَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا، وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ الْقَضَاءُ فَقَطْ مُطْلَقًا، الثَّابِتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامَيْنِ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ طفي. وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى عَادَةِ السَّلَامَةِ وَلَا عَدَمِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ فِي الْقُبْلَةِ هَلْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إنْ أَنْزَلَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنْ يُتَابِعَ. وَاتَّفَقُوا عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ فِي النَّظَرِ قَالَ: وَالْأَصْلُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَّا إنْ قَصَدَ الِانْتِهَاكَ فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَادَتِهِ، فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يُنْزِلَ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَفَّرَ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ فَلَا يُكَفِّرْ اهـ طفي. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 138 وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظَرِهِ فَتَأْوِيلَانِ:. بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ،   [منح الجليل] فَالْمُصَنِّفُ بِاعْتِبَارِ الْمُبَالَغَةِ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ أَشَارَ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ فَيَجْرِي فِي الْجَمِيعِ نَعَمْ اللَّخْمِيُّ فِي اخْتِيَارِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِمُتَابَعَةٍ وَلَا عَدَمِهَا، وَإِنَّمَا نَظَرَ لِلْعَادَةِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ الْمُصَنِّفُ إذْ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ اللَّخْمِيِّ، فَإِذَا ذَكَرَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ اخْتِيَارِهِ الرَّاجِعِ لِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَلَيْسَ اخْتِيَارُهُ خَاصًّا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كَمَا قِيلَ، بَلْ ذَكَرَهُمَا مِثَالَيْنِ كَمَا تَرَى اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَخْصِيصَ ز الِاسْتِثْنَاءَ بِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ إلَّا فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ غَيْرُهُمَا أَحْرَى بِذَلِكَ نَعَمْ مَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ. وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ تَفَقُّهَهُ لَمَّا نَشَأَ عَنْ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَحَّ التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ. (وَإِنْ أَمْنَى) فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ (بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ) وَاحِدَةٍ (فَ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا رَاجِحُهُمَا عَدَمُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا، تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَدَمُهَا إنْ أَنْزَلَ عَنْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامٍ، وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُكَفِّرُ إنْ أَمْنَى عَنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِيهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ النَّظَرَ، وَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْخِلَافِ. الْبَاجِيَّ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ. وَصِلَةُ كَفَّرَ (بِإِطْعَامٍ) أَيْ: تَمْلِيكِ (سِتِّينَ مِسْكِينًا) أَيْ: مُحْتَاجًا فَشَمِلَ الْفَقِيرَ (لِكُلٍّ) مِنْ السِّتِّينَ (مُدٌّ) أَيْ: مِلْءُ يَدَيْنِ مُتَوَسِّطَتَيْنِ مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْمُدِّ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُجْزِئَانِ وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ لَا بِتَعَدُّدِ الْفِطْرِ فِي يَوْمٍ وَلَوْ حَصَلَ الثَّانِي بَعْدَ إخْرَاجِهَا عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ. (وَهُوَ) أَيْ: الْإِطْعَامُ (الْأَفْضَلُ) مِنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ لِكَثْرَةِ تَعَدِّي نَفْعِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ لِتَعَدِّيهِ دُونَ الصَّوْمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 139 أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ. وَعَنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا، أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا نِيَابَةً، فَلَا يَصُومُ، وَلَا يَعْتِقُ عَنْ أَمَتِهِ، وَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ   [منح الجليل] وَأَفْتَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ بِتَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ بِحَضْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ وَيُجَامِعَ ثَانِيًا (أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ) مُتَتَابِعَيْنِ (أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ عُيُوبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَهَا كَامِلَةٌ مُحَرَّرَةٌ لِلْكَفَّارَةِ حَالَ كَوْنِ الصِّيَامِ وَالْعِتْقِ (كَالظِّهَارِ) فِي شَرْطِيَّةِ تَتَابُعِ الشَّهْرَيْنِ وَنِيَّتِهِ وَإِيمَانِ الرَّقَبَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ إلَخْ، وَكَمَالِ رَقِّهَا وَتَحْرِيرِهَا لِلْكَفَّارَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ، وَالتَّخْيِيرُ فِيهَا لِلْحُرِّ الرَّشِيدِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ بَقِيَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَالسَّفِيهُ يَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ قِيمَةً. (وَ) كَفَّرَ (عَنْ أَمَةٍ) لَهُ (وَطِئَهَا) وَلَوْ أَطَاعَتْهُ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ إلَّا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ فَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهَا (أَوْ) عَنْ (زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا) زَوْجُهَا عَلَى وَطْئِهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتُهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً مُسْلِمَةً وَلَوْ أَمَةً لِغَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَهِيَ كَجِنَايَةٍ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ مَالِكُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ فِيهَا وَفِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتَيْ الرَّقَبَةِ وَالطَّعَامِ، وَلَيْسَ لَهَا أَخْذُهُ وَالصِّيَامُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ (نِيَابَةً) عَنْ إحْدَاهُمَا (فَلَا يَصُومُ) عَنْ إحْدَاهُمَا إذْ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ. (وَلَا يَعْتِقُ) السَّيِّدُ (عَنْ أَمَةٍ) لَهُ وَطِئَهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ إذْ لَا يَنْعَقِدُ وَلَاءٌ لَهَا (وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ عَنْ الْكَفَّارَةِ عَنْ زَوْجَتِهِ الَّتِي أَكْرَهَهَا عَلَى وَطْئِهَا (كَفَّرَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجَةُ عَنْ نَفْسِهَا بِأَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ. الرَّمَاصِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِهِ وَعِبَارَةُ النُّكَتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ فَكَفَّرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَوْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ، وَلَيْسَتْ كَالْحَمِيلِ يَشْتَرِي مَا تَحْمِلُ بِهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ، وَيَدْفَعُهُ لِلطَّالِبِ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَى تَكْفِيرِهَا عَنْ نَفْسِهَا وَلَا مَأْخُوذَةٍ بِهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 140 وَرَجَعَتْ؛ وَإِنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الرَّقَبَةِ. وَكَيْلِ الطَّعَامِ   [منح الجليل] وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَى وَلَا مَأْخُوذٌ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ، فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَرَتَّبَ فِي تَوْضِيحِهِ مَطْلُوبِيَّتَهَا بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَيْهَا أَصَالَةٌ كَمَا فَعَلَ هُنَا. (وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَكَذَا إنْ كَفَّرَتْ عَنْ نَفْسِهَا مَعَ يُسْرِهِ (إنْ لَمْ تَصُمْ) الزَّوْجَةُ بِأَنْ أَطْعَمَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ فَتَرْجِعُ (بِالْأَقَلِّ مِنْ) قِيمَةِ (الرَّقَبَةِ وَ) نَفْسِ مِثْلِ (كَيْلِ الطَّعَامِ) إنْ أَخْرَجَتْهُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَتَعْلَمُ أَقَلِّيَّتَهُ وَأَكْثَرِيَّتَهُ بِتَقْوِيمِهِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهَا، فَإِنْ كَانَتْ اشْتَرَتْهُ فَبِثَمَنِهِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهُمَا رَجَعَتْ بِمِثْلِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا، فَإِنْ أَعْتَقَتْ رَجَعَتْ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ إنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ مِنْ عِنْدِهَا وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ. وَأَمَّا نَفْسُ كَيْلِ الطَّعَامِ فَلَا يُنْسَبُ لِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ إذْ لَا يَحْصُلُ بِنِسْبَتِهِ لَهَا مَعْرِفَةُ قِلَّتِهِ أَوْ كَثْرَتِهِ، وَإِنَّمَا رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ وَلَمْ تَكُنْ كَالْحَمِيلِ يَرْجِعُ بِثَمَنِ الطَّعَامِ أَوْ الْعَرْضِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَأَدَّاهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَى تَكْفِيرِهَا عَنْ نَفْسِهَا وَغَيْرُ مَأْخُوذَةٍ بِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ: عَبْدُ الْحَقِّ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَقَلِّ يَوْمَ تَأْدِيَتِهَا؛ لِأَنَّهَا مُسَلِّفَةٌ لَا يَوْمَ الرُّجُوعِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَصُمْ عَدَمُ رُجُوعِهَا بِشَيْءٍ إنْ صَامَتْ فَقَطْ أَوْ ضَمَّتْ لَهُ إطْعَامًا أَوْ عِتْقًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا بِإِذْنٍ لَهَا فِي أَحَدِهِمَا فَصَامَتْ ثُمَّ فَعَلَتْهُ نَظَرًا لِتَقَدُّمِ الصَّوْمِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِأَقَلِّهِمَا كَمَا إذَا فَعَلَتْهُ ثُمَّ صَامَتْ أَفَادَهُ عبق، وَاعْتَرَضَهُ الْبُنَانِيُّ فَقَالَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ نَظَرٌ بَلْ غَيْرُ صَوَابٍ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهَا إنْ كَفَّرَتْ بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ أَوْ قِيمَةِ الْعِتْقِ أَيُّ ذَلِكَ أَقَلُّ رَجَعَتْ بِهِ. اهـ. وَكَذَا إنْ كَفَّرَتْ بِالْعِتْقِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهَا بِهَا أَوْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَنَّهَا أَبَدًا تُعْطَى الْأَقَلَّ، وَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ قَالَهُ طفي فِي أَجْوِبَتِهِ اهـ قُلْت الجزء: 2 ¦ الصفحة: 141 وَفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ حَتَّى أَنْزَلَا: تَأْوِيلَانِ. وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلًا لِيُجَامِعَ: قَوْلَانِ لَا إنْ أَفْطَرَ   [منح الجليل] لَعَلَّ قَوْلَ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: قِيمَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ النَّظَرَ بَيْنَ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ وَثَمَنِهِ وَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَا يُفِيدُ أَقَلِّيَّةً وَلَا أَكْثَرِيَّةً كَمَا قَالَ عب، وَكَذَا قَوْلُ طفي أَوْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ وَلَا الرَّقَبَةِ بَلْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَثَمَنِهِ وَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَثَمَنِهَا. (وَفِي تَكْفِيرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (عَنْهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (إنْ أَكْرَهَهَا) أَيْ: الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (عَلَى الْقُبْلَةِ) وَنَحْوَهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ (حَتَّى أَنْزَلَا) أَيْ أَمْنَى الزَّوْجَانِ أَوْ أَنْزَلَتْ هِيَ وَحْدَهَا وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا الثَّانِي. وَنَصَّ عَلَى إنْزَالِهِمَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَتْ الْكَفَّارَةُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ تَكْفِيرُهُ عَنْهَا اتِّفَاقًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْرِي مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ وَرَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ إلَخْ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالثَّانِي الْقَابِسِيُّ عِيَاضٌ ثَانِيهِمَا ظَاهِرُهَا. (وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (رَجُلًا لِيُجَامِعَ) الرَّجُلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ حَلِيلَتَهُ أَوْ غَيْرَهَا وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي وُجُوبِ تَكْفِيرِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ قَوْلَيْنِ، وَاسْتَقْرَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ السُّقُوطَ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ مُبَاشِرٌ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبَهَا عَلَى مُكْرِهِ رَجُلًا عَلَى وَطْءٍ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلَانِ) وَالرَّجُلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْوَطْءِ. قَالَ عِيَاضٌ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَكْثَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرَهٍ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَلَى وَطْءٍ وَفِي الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ لَهَا وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ عِيَاضٍ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ (لَا) يُكَفِّرُ مُفْطِرٌ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ (إنْ) تَأَوَّلَ تَأْوِيلًا قَرِيبًا بِأَنْ اسْتَنَدَ فِيهِ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ كَمَنْ (أَفْطَرَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 142 نَاسِيًا، أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ، أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ. أَوْ قَدِمَ لَيْلًا، أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ أَوْ رَأَى شَوَّالًا نَهَارًا فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ؛   [منح الجليل] فِي رَمَضَانَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهَا حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا) فَظَنَّ لِفَسَادِ صَوْمِهِ وَوُجُوبِ قَضَائِهِ إبَاحَةَ الْفِطْرِ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ وَتَعَاطَاهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (أَوْ) أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ لَيْلًا وَرَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرَ لَيْلًا (وَلَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ) فَظَنَّ فَسَادَ صَوْمِهِ وَوُجُوبَ قَضَائِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَتُبَاحُ لَهُ الْمُفْطِرَاتُ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (أَوْ تَسَحَّرَ) آخِرَ اللَّيْلِ (قُرْبَهُ) أَيْ: الْفَجْرِ وَظَنَّ فَسَادَ صَوْمِهِ وَإِبَاحَةَ فِطْرِهِ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ قَالَهُ تت، أَيْ: فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ مِمَّنْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ فَلَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْحَطّ إذْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِمَوْجُودٍ يَعْذُرُ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَقِيقَةً اهـ عبق. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَقُلْ الْحَطّ إلَّا أَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَضْعَفُ مِنْهُ فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهُ (أَوْ قَدِمَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا مِنْ سَفَرِ قَصْرٍ (لَيْلًا) فَظَنَّ عَدَمَ لُزُومِهِ الصَّوْمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ وَأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. (أَوْ سَافَرَ دُونَ) مَسَافَةِ (الْقَصْرِ) فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَبَيَّتَ الْفِطْرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَسَافَرَ نَهَارًا دُونَ الْقَصْرِ وَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِيمَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَسَافَرَ سَفَرَ قَصْرٍ بَعْدَ الْفَجْرِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ بِالْأَحْرَى أَفَادَهُ الْحَطّ (أَوْ رَأَى شَوَّالًا) أَيْ: هِلَالَهُ (نَهَارًا) آخِرَ يَوْمِ رَمَضَانَ فَظَنَّ أَنَّهُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَأَنَّ الْيَوْمَ عِيدٌ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ (فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ) أَيْ لِلْفِطْرِ فَأَفْطَرُوا رَاجِعٌ لِلْأَمْثِلَةِ السِّتَّةِ وَمَفْهُومُ الْإِبَاحَةِ أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا الْحُرْمَةَ أَوْ شَكُّوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِهَاكِهِمْ. وَزِيدَ عَلَى السِّتِّ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إحْدَاهَا مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ بَعْدَ ثُبُوتِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 143 بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ: كِرَاءٍ، وَلَمْ يُقْبَلْ،   [منح الجليل] ظَانًّا الْإِبَاحَةَ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ وَسَتَأْتِي الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا وَلَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فَأَفْطَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَهِكًا قَالَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ لِمَوْجُودٍ وَزِيدَ أَيْضًا مَنْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا عَدَمَ تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهِ وَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِحِجَامَةٍ فُعِلَتْ بِهِ أَوْ فَعَلَهَا هُوَ بِغَيْرِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ» ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْعِبْرَةُ فِي قُرْبِ التَّأْوِيلِ بِضَابِطِهِ وَهُوَ الِاسْتِنَادُ لِمَوْجُودٍ وَالْأَمْثِلَةُ لَا تُخَصِّصُهُ. . (بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ لَا يُقَالُ: إنَّهُ مَنْطُوقُهُ فَكَيْفَ يُخَرَّجُ مِنْهُ؟ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ أَعَمُّ مِنْ هَذَا لِصِدْقِهِ بِانْتِفَاءِ التَّأْوِيلِ أَصْلًا وَبِالتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُ الْكَفَّارَةِ انْتِفَاءُ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِفَاؤُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لِلْحُرْمَةِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ، فَإِضَافَةُ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَهُوَ مَا لَمْ يُسْنَدْ لِمَوْجُودٍ غَالِبًا وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَ) شَخْصٍ (رَاءٍ) اسْمُ فَاعِلِ رَأَى أَيْ: مُبْصِرٍ بِعَيْنِهِ هِلَالَ رَمَضَانَ وَشَهِدَ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ فَرُدَّ. (وَلَمْ يُقْبَلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ لِمَانِعٍ فَظَنَّ إبَاحَةَ فِطْرِهِ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِبُعْدِ تَأْوِيلِهِ، وَإِنْ اسْتَنَدَ فِيهِ لِمَوْجُودٍ؛ لِأَنَّ جَرَاءَتَهُ عَلَى رَفْعِ شَهَادَتِهِ لِلْحَاكِمِ دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِهِ الرُّؤْيَةَ وَلَيْسَ بَعْدَ الْعِيَانِ بَيَانٌ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِقُرْبِ تَأْوِيلِهِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ وَهُوَ رَدُّ الْحَاكِمِ شَهَادَتَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا أَقْرَبُ مِمَّنْ قَدِمَ لَيْلًا وَمَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ وَقَدْ اسْتَنَدَ لِمَوْجُودٍ، وَلِذَا قَيَّدْت بِقَوْلِي غَالِبًا اهـ. عبق قُلْت ظَاهِرِيٌّ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ اسْتَنَدَ لِمَعْدُومٍ وَهُوَ أَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ بِرُؤْيَةِ عَيْنِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 144 أَوْ أَفْطَرَ لِحُمَّى ثُمَّ حُمَّ أَوْ لِحَيْضٍ ثُمَّ حَصَلَ، أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ غِيبَةٍ، وَلَزِمَ مَعَهَا الْقَضَاءُ. إنْ كَانَتْ لَهُ، وَالْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ بِمُوجِبِهَا   [منح الجليل] أَوْ) بَيَّتَ الْفِطْرَ (لِحُمَّى) اعْتَادَهَا فِي يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ (ثُمَّ حُمَّ) فِيهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحَمَّ فِيهِ (أَوْ) بَيَّتَتْ الْفِطْرَ (لِحَيْضٍ) اعْتَادَتْهُ فِي يَوْمِهَا (ثُمَّ حَصَلَ) الْحَيْضُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا لِقُرْبِ تَأْوِيلِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي ذِي التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ قَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَهَا كَمَنْ قَالَ الْيَوْمُ أُحَمُّ أَوْ أَحِيضُ فَأَفْطَرَ فَحُمَّ وَحَاضَتْ (أَوْ) أَفْطَرَ لِظَنِّهِ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِ (حِجَامَةٍ) فَعَلَهَا بِغَيْرِهِ أَوْ فُعِلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِقُرْبِ تَأْوِيلِهِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُمَا خَاطَرَا بِالْفِطْرِ لِفِعْلِهِمَا مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْفِطْرُ غَالِبًا، أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَصِّهِ الدَّمَ الَّذِي شَأْنُهُ الْوُصُولُ لِحَلْقِهِ، وَأَمَّا الْمُحْتَجَمُ فَلِخَوْفِ إغْمَائِهِ. (أَوْ) ظَنَّ إبَاحَةَ فِطْرِهِ لِ (غِيبَةٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ ذِكْرِهِ غَيْرَهُ بِمَا يَكْرَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِبُعْدِ تَأْوِيلِهِ. الْحَطّ لَوْ جَرَى فِيهِ خِلَافُ مَنْ أَفْطَرَ لِحِجَامَةٍ مَا بَعُدَ لَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ إلَّا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِوُجُوبِهَا (وَلَزِمَ الْقَضَاءُ) مَعَ الْكَفَّارَةِ (إنْ كَانَتْ) الْكَفَّارَةُ (لَهُ) أَيْ: عَنْ الْمُكَفِّرِ لَا إنْ كَانَتْ عَنْ غَيْرِهِ كَزَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَالْقَضَاءُ عَلَى غَيْرِهِ (وَالْقَضَاءُ فِي) فِطْرِ صَوْمِ (التَّطَوُّعِ) وَاجِبٌ (بِ) فِطْرٍ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ (مُوجِبِهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: سَبَبٍ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْعَمْدُ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهْلٍ، فَكُلُّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ عَبِثَ بِنَوَاةٍ فِي فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْضِي النَّفَلَ. وَأَجَابَ طفي عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْفَرْقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 145 وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ، أَوْ ذُبَابٍ أَوْ غُبَارِ طَرِيقٍ، أَوْ كَيْلٍ، أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ.   [منح الجليل] بَيْنَ التَّحَلُّلِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُصَنِّفَ دَرَجَ عَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُتَحَلِّلَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْفَرْضِ وَلِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْأُصُولِ. وَلِذَا لَمَّا ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ قَالَ: خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا قَاعِدَتَهُ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهَا أَيْضًا الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ لِوَجْهٍ، كَأَمْرِ وَالِدٍ أَوْ شَيْخٍ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَجَابَ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ فِي رَمَضَانَ لَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ فِي النَّفْلِ؛ لِأَنَّهُ مُبِيحٌ فِي النَّفْلِ وَلَيْسَ مُبِيحًا فِي رَمَضَانَ، وَغَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ وَأَفْطَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ يَقْضِي النَّفَلَ وَلَا يُكَفِّرُ فِي الْفَرْضِ وَلِأَنَّ مَسَائِلَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ كَذَلِكَ وَلِأَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ وَمَنْ أَمْذَى كَذَلِكَ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسَائِلِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فِيهَا لِانْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَقَضَاؤُهُ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ. (وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ: خَرَجَ غَلَبَةً وَلَوْ كَثُرَ إنْ لَمْ يَزْدَرِدْ شَيْئًا مِنْهُ (أَوْ) دُخُولِ (ذُبَابٍ) أَوْ بَعُوضٍ حَلْقَهُ غَلَبَةً؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُ لِحَلْقِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ فَأَشْبَهَ رِيقَ فَمِهِ قَالَهُ سَنَدٌ، وَيُفْهَمُ أَنَّ الْبَعُوضَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ كَالذُّبَابِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ طَيَرَانُهُ فِي مَحَلٍّ حَتَّى يَغْلِبَ دُخُولُهُ فَيَكُونَ مِثْلَهُ وَبِالْبَعُوضِ جَزَمَ فِي الْجَلَّابِ (أَوْ) غَالِبِ (غُبَارِ طَرِيقٍ) لِحَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ، وَأَمَّا دُخُولُ غُبَارِ غَيْرِ الطَّرِيقِ لِحَلْقِهِ غَلَبَةً فَفِيهِ الْقَضَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ شَيْءٍ عَلَى الْأَنْفِ وَالْفَمِ فَهَلْ مُلْزِمٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ (أَوْ) غُبَارِ (دَقِيقٍ أَوْ كَيْلٍ) لِحَبٍّ وَنَحْوِهِ. (أَوْ) غُبَارِ (جِبْسٍ لِصَانِعِهِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ وَدَخَلَ فِي صَانِعِ الْجِبْسِ يَكِيلُهُ أَوْ يَطْحَنُهُ أَوْ يَرْفَعُهُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ، وَكَذَا مَنْ يُمْسِكُ طَرَفَ مَا يُوضَعُ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 146 وَحُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ. أَوْ دُهْنِ جَائِفَةٍ، وَمَنِيِّ مُسْتَنْكِحٍ أَوْ مَذْيٍ. وَنَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ.   [منح الجليل] الْمَكِيلُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ وَمِثْلُ غُبَارِ الدَّقِيقِ طَعْمُ الدِّبَاغِ لِصَانِعِهِ، قَالَهُ التُّونُسِيُّ، وَنَصُّهُ فِي لَغْوِ غُبَارِ الدَّقِيقِ وَالْجِبْسِ وَالدِّبَاغِ لِصَانِعِهِ نَظَرٌ لِضَرُورَةِ الصَّنْعَةِ وَإِمْكَانِ غَيْرِهَا وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التِّلِمْسَانِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الدَّقِيقِ إنَّمَا هُوَ لِصَانِعِهِ. ابْنُ عَاشِرٍ مِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الصَّانِعِ حَارِسُ قَمْحِهِ عِنْدَ طَحْنِهِ خَوْفًا مِنْ سَرِقَتِهِ كَمَا قَالُوا فِي مَالِكِ الزَّرْعِ يَحْضُرُ حَصَادَهُ. (وَ) لَا قَضَاءَ فِي (حُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: ثُقْبِ ذَكَرٍ، وَأَمَّا فَرْجُ الْمَرْأَةِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحُقْنَةِ مِنْهُ إنْ وَصَلَتْ الْمَعِدَةَ أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ فَرْجُهَا لَيْسَ مُوَصِّلًا لِمَعِدَتِهَا فَلَا يَصِلُ مِنْهُ إلَيْهَا شَيْءٌ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحُقْنَةَ لِلصَّائِمِ، فَإِنْ احْتَقَنَ فِي فَرْضٍ بِشَيْءٍ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ فَلْيَقْضِ وَلَا يُكَفِّرْ. وَفِي الْحَطّ عَنْ النِّهَايَةِ الْإِحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ (وَ) لَا قَضَاءَ فِي (دُهْنِ جَائِفَةٍ) أَيْ: جُرْحٍ نَافِذٍ لِلْجَوْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَدْخَلَ الطَّعَامِ، وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهِ لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (وَ) لَا قَضَاءَ فِي خُرُوجِ (مَنِيِّ مُسْتَنْكِحٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ نَعْتُ مَنِيٍّ أَوْ بِفَتْحِهَا نَعْتُ مَحْذُوفٍ مُضَافٍ إلَيْهِ أَيْ: شَخْصٍ أَيْ: قَاهِرٍ وَخَارِجٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ فَفِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (أَوْ مَذْيٍ) مُسْتَنْكِحٍ وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) لَا قَضَاءَ فِي (نَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ) مِنْ فَمِ وَلَوْ لَمْ يَتَمَضْمَضْ (أَوْ فَرْجٍ) مِنْ فَرْجٍ (طُلُوعَ الْفَجْرِ) وَلَوْ أَمْنَى أَوْ أَمْذَى بَعْدَهُ أَيْ حَالَ طُلُوعِهِ لَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّهَارِ وَلَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّيْلِ بِلَا خِلَافٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ وَطْئًا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ يُجَامِعُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ اسْتَدَامَ فَإِنْ نَزَعَ فَفِي إثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَنَفْيِهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْقَاسِمِ سَبَبُهُ هَلْ بَعْدَ النَّزْعِ جِمَاعًا أَمْ لَا. اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ يَطَأُ فَأَقْلَعَ حِينَ رَأَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 147 وَجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ، وَمَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ، وَإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ، وَصَوْمُ دَهْرٍ وَجُمُعَةٍ فَقَطْ وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ   [منح الجليل] الْفَجْرَ صَحَّ صَوْمُهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. فِي الْبُرْزُلِيُّ مَنْ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَقَدْ بَيَّتَ الصِّيَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ يُلْقِي مَا فِي فِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ وَظَاهِرُ سَبْقِهِ أَنَّهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ. (وَجَازَ) أَيْ: لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الصَّائِمِ وَلَمْ يُكْرَهْ (سِوَاكٌ) أَيْ: اسْتِيَاكٌ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَكُرِهَ بِالرَّطْبِ لِمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ، فَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَوَصَلَ لِحَلْقِهِ عَمْدًا فَفِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ (كُلَّ النَّهَارِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ، أَيْ: أَمْرَ إيجَابٍ وَهَذَا يَعُمُّ الصَّائِمَ وَغَيْرَهُ (وَ) جَازَ لَهُ (مَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ) وَنَحْوِهِ فَمَا تُطْلَبُ الْمَضْمَضَةُ فِيهِ كَوُضُوءٍ وَغُسْلٍ أَحْرَى، وَتُكْرَهُ لِغَيْرِ مُوجِبٍ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِيرٌ بِالْفِطْرِ يَسْبِقُهَا لِلْحَلْقِ الْمُصَنِّفُ إذَا تَمَضْمَضَ لِعَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ ابْتَلَعَ رِيقَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الْبَاجِيَّ إذَا ذَهَبَ طَعْمُ الْمَاءِ وَخَلَصَ رِيقُهُ (وَ) جَازَ (إصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ) وَالْأَوْلَى الِاغْتِسَالُ مِنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ. (وَ) جَازَ أَيْ: نُدِبَ (صَوْمُ دَهْرٍ) إنْ لَمْ يُضْعِفْهُ عَنْ عَمَلِ بِرٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ مُسْتَوِيًا، وَإِنَّمَا قِيلَ بِنَدْبِهِ وَكَرَاهَتِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ احْتَجَّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ، وَلَوْ كُرِهَ أَوْ مُنِعَ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْقَبَّابُ هَذِهِ حُجَّةٌ لَا بَأْسَ بِهَا. الْبُنَانِيُّ قَدْ يُقَالُ فِي حُجَّةِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْقَائِلَ بِكَرَاهَتِهِ يُجِيبُ عَنْ لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ بِمَا يَأْتِي فِي رَابِعِ النَّحْرِ (وَ) جَازَ صَوْمُ يَوْمِ (جُمُعَةٍ) (فَقَطْ) لَا قَبْلَهُ يَوْمٌ وَلَا بَعْدَهُ يَوْمٌ أَيْ: نُدِبَ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ فَلَا خِلَافَ فِي نَدْبِهِ، وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْجَوَازَ بِالنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَوْمُ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ وَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ» ، عَلَى التَّقِيَّةِ مِنْ فَرْضِهِ كَمَا اتَّقَى قِيَامَ رَمَضَانَ وَقَدْ أَمِنَّا مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِوَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِذَا يُذْكَرُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَانَ يَصُومُهُ إلَى أَنْ مَاتَ. (وَ) جَازَ لَهُ بِمَعْنَى كُرِهَ (فِطْرٌ) أَيْ: نِيَّتُهُ وَفِعْلُهُ (بِسَفَرِ قَصْرٍ) أَيْ: أَرْبَعَةِ بُرُدٍ بِلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 148 شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ، وَإِلَّا قَضَى وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَلَا كَفَّارَةَ؛ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ   [منح الجليل] عِصْيَانٍ وَلَا لَهْوٍ بِهِ وَلَوْ أَقَامَ بِمَحَلٍّ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (شَرَعَ) الْمُكَلَّفُ (فِيهِ) أَيْ: السَّفَرِ (قَبْلَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) أَوْ مَعَهُ هَذَا مَصَبُّ الشَّرْطِيَّةِ فَلَا يُقَالُ الشُّرُوعُ فِيهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَفَرٍ، فَاشْتِرَاطُهُ فِيهِ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ: الصَّوْمَ (فِيهِ) أَيْ: السَّفَرِ هَذَا شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُ السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ لَا فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَفَرَ قَصْرٍ أَوْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ أَوْ شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ نَوَى الصَّوْمَ فِيهِ (قَضَى) ذَكَرَهُ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَوْ) كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ (تَطَوُّعًا) بَيَّتَ صَوْمَهُ فِي الْحَضَرِ وَسَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَقْضِيهِ،؛ لِأَنَّ فِطْرَهُ حِينَئِذٍ عَمْدُ حَرَامٍ فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ وَبَحَثَ فِيهَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا قَبْلَهَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ رُخْصَةَ فِطْرِ السَّفَرِ خَاصَّةٌ بِرَمَضَانَ بِدَلِيلِهَا إذْ لَوْ رَخَّصَ فِيهِ فِي التَّطَوُّعِ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاؤُهُ فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ قَضَى بِفَلَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ نَقِيضُ الْجَوَازِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي الْفِطْرِ الْجَائِزِ بِاسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ. (وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَى مَنْ أَفْطَرَ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (إلَّا) مِنْ فَقْدِ الشَّرْطِ الرَّابِعِ بِ (أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ: صَوْمَ رَمَضَانَ (بِسَفَرٍ) أَيْ: فِيهِ ثُمَّ يُفْطِرَ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَتَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَأَوَّلَ وَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَرَفْعُ نِيَّتِهِ لَيْلًا وَاسْتِمْرَارُ أَفْعَالِهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ تَأَوَّلَ أَوْ لَا، أَفْطَرَ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا، وَيُكَفِّرُ أَيْضًا إنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ بِحَضَرٍ ثُمَّ أَفْطَرَ قَبْلَ عَزْمِهِ تَأَوَّلَ أَوْ لَا أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ أَوْ تَأَوَّلَ وَلَمْ يُسَافِرْ فِي يَوْمِهِ، فَإِنْ تَأَوَّلَ وَسَافَرَ فِي يَوْمِهِ فَلَا يُكَفِّرُ كَتَبْيِيتِهِ الصَّوْمَ بِحَضَرٍ وَفِطْرِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ تَأَوَّلَ أَوْ لَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 149 كَفِطْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ، وَبِمَرَضٍ خَافَ: زِيَادَتَهُ، أَوْ تَمَادِيهِ. وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا، أَوْ شَدِيدَ أَذًى:   [منح الجليل] وَسَأَلَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَقَالَ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ فَسَافَرَ فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الْفِطْرِ فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، وَالْمُسَافِرُ مُخَيَّرٌ فِيهِمَا فَاخْتَارَ الصَّوْمَ وَتَرَكَ الرُّخْصَةَ فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَأَوَّلَ فَقَالَ (كَفِطْرَةٍ) أَيْ الْمُسَافِرِ الصَّائِمِ (بَعْدَ) انْقِضَاءِ سَفَرِهِ وَ (دُخُولِهِ) نَهَارًا أَوَّلَهُ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ وَطَنَهُ أَوْ مَحَلَّ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ مَحَلًّا نَوَى إقَامَةً أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِيهِ. ابْنُ يُونُسَ تَحْصِيلُ اخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَفْطَرَ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ أَفْطَرَ ثُمَّ سَافَرَ عَزَمَ عَلَى السَّيْرِ فَأَفْطَرَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَمْ يُسَافِرْ، فَفِي كُلِّ وَجْهٍ قَوْلَانِ بِالتَّكْفِيرِ وَعَدَمِهِ. (وَ) جَازَ الْفِطْرُ (بِمَرَضٍ خَافَ) أَيْ: تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ الصَّائِمُ لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةٍ فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالطِّبِّ (زِيَادَتَهُ) أَيْ الْمَرَضِ بِالصَّوْمِ (أَوْ تَمَادِيهِ) أَيْ: الْمَرَضِ بِتَأْخِيرِ الْبُرْءِ مِنْهُ أَوْ حَصَلَ لِلْمَرِيضِ شِدَّةٌ وَتَعَبٌ بِالصَّوْمِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا تَمَادٍ، وَمَفْهُومُ بِمَرَضِ أَنَّ خَوْفَ أَصْلِ الْمَرَضِ بِصَوْمِهِ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ وَقِيلَ يُبِيحُهُ. (وَوَجَبَ) الْفِطْرُ عَلَى الصَّائِمِ مَرِيضًا كَانَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوْ صَحِيحًا (إنْ خَافَ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ بِمَا تَقَدَّمَ (هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى) بِتَلَفِ مَنْفَعَةٍ كَبَصَرٍ بِصَوْمِهِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ وَالْمَنَافِعِ وَاجِبٌ، وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ بِمَرَضٍ إلَخْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: إلَّا أَنْ يَخَافَهُ إلَخْ وَالْجَوَازُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ. الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا خَافَ مَا دُونَ الْمَوْتِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْإِبَاحَةُ نَقَلَهُ الْحَطّ، فَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ مَنْعِ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ، وَأَمَّا الْجَهْدُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزُولُ بِالْفِطْرِ فَيُبِيحُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ فَقَطْ وَقِيلَ وَلِلصَّحِيحِ أَيْضًا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 150 كَحَامِلٍ، وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَوْ غَيْرُهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا، وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ، ثُمَّ هَلْ فِي مَالِ الْأَبِ، أَوْ مَالِهَا؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ فَقَالَ (كَحَامِلٍ) جَنِينًا فِي بَطْنِهَا (وَمُرْضِعٍ) وَلَدَهَا (لَمْ يُمْكِنْهَا) أَيْ: الْمُرْضِعَ (اسْتِئْجَارٌ) لِمُرْضِعٍ تُرْضِعُ وَلَدَهَا بَدَلَهَا لِعَدَمِ مَالٍ لِأَبِيهِ وَلَهُ وَلَهَا أَوْ مُرْضِعَةٍ أَوْ عَدَمِ قَبُولِ الْوَلَدِ غَيْرَهَا (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ: الِاسْتِئْجَارِ وَهُوَ إرْضَاعُهَا بِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مَجَّانًا (خَافَتَا) أَيْ: تَحَقَّقَتْ أَوْ ظَنَّتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ ضَرَرًا بِالصَّوْمِ (عَلَى وَلَدَيْهِمَا) فَيَجُوزُ فِطْرُهُمَا إنْ خَافَتَا ضَرَرًا يَسِيرًا وَيَجِبُ إنْ خَافَتَا هَلَاكًا أَوْ أَذًى شَدِيدًا، وَأَمَّا خَوْفُهَا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَقَدْ دَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَبِمَرَضٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ خَافَتَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ بِمُجَرَّدِ الْجَهْدِ مَعَ أَمْنِ الْعَاقِبَةِ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ لَهُمَا بِهِ. وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَائِلًا إذَا كَانَتْ الشِّدَّةُ مُبِيحَةً لِلْفِطْرِ مِنْ الْمَرَضِ فَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُرْضِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْفِطْرِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: حَالٌ لَا يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ وَهِيَ قُدْرَتُهَا عَلَى الصِّيَامِ وَلَمْ يُجْهِدْهَا الْإِرْضَاعُ وَحَالٌ يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ، وَهُوَ إجْهَادُهَا الْإِرْضَاعُ وَلَمْ تَخَفْ عَلَى وَلَدِهَا وَحَالٌ يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ وَهُوَ خَوْفُهَا عَلَى وَلَدِهَا. اهـ. فَإِنْ أَمْكَنَ الْمُرْضِعَ الِاسْتِئْجَارُ وَجَبَ بِهَا الصَّوْمُ وَالِاسْتِئْجَارُ. (وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ) الَّذِي مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ عَطَاءٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِرْضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا أَوْ لَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ وَوُجِدَ مَالُ الْوَالِدَيْنِ فَ (هَلْ) تَكُونُ الْأُجْرَةُ (فِي مَالِ الْأَبِ) وَهُوَ الرَّاجِحُ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) تَكُونُ الْأُجْرَةُ فِي (مَالِهَا) أَيْ الْأُمِّ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ، وَهَذَا بَدَلُهُ وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ، فَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَعَلَى الْأَبِ اتِّفَاقًا (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ، وَالثَّانِي لِسَنَدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 151 وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ، بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ: غَيْرَ رَمَضَانَ   [منح الجليل] وَالْأُولَى تَرَدُّدٌ أَوْ قَوْلَانِ إذْ لَيْسَ اخْتِلَافًا فِي فَهْمِهَا وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ يَجِبُ الْإِرْضَاعُ عَلَى الْأُمِّ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْأَبِ اتِّفَاقًا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي مَالِهَا اتِّفَاقًا فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا مَالَ لَهَا فَفِي مَالِهِ اتِّفَاقًا. (وَ) وَجَبَ (الْقَضَاءُ) لِمَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضًا (بِالْعَدَدِ) لِأَيَّامِهِ فَمَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ وَكَانَ ثَلَاثِينَ وَقَضَاهُ فِي شَهْرٍ بِالْهِلَالِ وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ صَامَ يَوْمًا آخَرَ، وَبِالْعَكْسِ فَلَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: إنْ صَامَ بِالْهِلَالِ كَفَاهُ مَا صَامَهُ وَلَوْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَرَمَضَانُ ثَلَاثِينَ وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي إلَى أَنْ يَبْقَى إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي مِثْلُ مَا أَفْطَرَهُ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ. (بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ) لَمْ يُرِدْ بِالْإِبَاحَةِ اسْتِوَاءَ الطَّرَفَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ هُنَا فِي كَلَامِهِمْ وَأَرَادَ بِهَا الْإِذْنَ غَيْرَ الْجَازِمِ لِإِخْرَاجِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَرَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَمَّا شَمِلَ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَافِرِ، أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ (غَيْرَ رَمَضَانَ) فَلَا يَقْضِي الْمُسَافِرُ رَمَضَانَ السَّابِقَ فِيهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْأَدَاءِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ غَيْرَهُ، فَإِنْ قَضَى فِيهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ صَامَ الْحَاضِرُ رَمَضَانَ قَضَاءً عَنْ الْمَاضِي فَقَالَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ. " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - " لَا يَجْزِيهِ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى؛ لِأَنَّهُ صَامَهُ وَصَوَّبَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ كُبْرَى مَعَ الْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِفِطْرِهِ فِيهِ عَمْدًا بِرَفْعِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِيهَا إذَا صَامَ الْحَاضِرُ رَمَضَانَ الْحَاضِرَ قَضَاءً عَنْ الْفَائِتِ أَجْزَأَ عَنْ الْحَاضِرِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ وَعَلَيْهِ لِلْمَاضِي مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مَعَ قَضَائِهِ. عبق وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى الْعَدَوِيُّ وَصَحَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْقَضَاءِ؟ لَا نَصَّ وَالظَّاهِرُ لَا قَالَهُ سَالِمٌ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ يَوْمَ الشَّكِّ لِإِذْنٍ فِي صَوْمِهِ قَضَاءً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 152 وَإِتْمَامُهُ إنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ. وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ: خِلَافٌ   [منح الجليل] وَتَطَوُّعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوَّاقِ عَنْهَا رَابِعَ النَّحْرِ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَضَاءً وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَشَهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ. (وَ) إنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَبَيَّتَ صَوْمَ يَوْمٍ قَضَاءً عَنْهُ وَطَلَعَ فَجْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (تَمَامُهُ) بِالصَّوْمِ (إنْ ذَكَرَ) فِي أَثْنَائِهِ (قَضَاءَهُ) قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ سُقُوطَهُ بِوَجْهٍ مَا كَبُلُوغِهِ نَهَارًا وَحَيْضٍ بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عِنْدَ ابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِمَا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ:. (وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ) عَلَى مَنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ تَطَوُّعٍ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا حَرَامًا فَشَرَعَ فِي قَضَائِهِ ثُمَّ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ فِي وَجِيزِهِ فَيَقْضِي يَوْمَيْنِ عَنْ الْأَصْلِ وَيَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ هَذَا، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ إنْ أَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، الْيَوْمُ الَّذِي كَانَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ أَوْ بِهِ مُتَعَمِّدًا فِي التَّطَوُّعِ وَيَوْمٌ لِفِطْرِهِ فِي الْقَضَاءِ مُتَعَمِّدًا وَيَوْمٌ لِفِطْرِهِ فِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ مُتَعَمِّدًا اهـ. وَذَكَرَ الْقُورِيُّ أَنَّ فِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُؤْذِنُ بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فَيَقْضِي الْأَوَّلَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَصَالَةً، وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (خِلَافٌ) أَيْ: قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ فِي الْقَضَاءِ سَهْوًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ اتِّفَاقًا كَمَا تُفِيدُهُ الذَّخِيرَةُ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ أَحْمَدَ فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا. وَعَلَى هَذَا فَإِنْ قِيلَ: التَّطَوُّعُ إنْ أَفْطَرَ فِيهِ سَهْوًا لَا يَقْضِيهِ، وَإِذَا أَفْطَرَ سَهْوًا فِي قَضَاءِ التَّطَوُّعِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا حَرَامًا، فَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَأَصْلِهِ فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ قَضَائِهِ؛ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً وَالتَّطَوُّعُ لَيْسَ وَاجِبًا فَافْتَرَقَا. فَإِنْ قُلْت: الْقَوْلُ بِعَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ فِطْرَهُ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 153 وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا، وَإِطْعَامُ مُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ   [منح الجليل] وُجُوبِ قَضَائِهِ بِفِطْرِهِ نَاسِيًا كُلٌّ مِنْهُمَا مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَرْضٌ. قُلْت لَمَّا لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهُ أَصْلِيًّا وَإِنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ قَضَاءً وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِالْفِطْرِ فِيهِ أُلْغِيَ وُجُوبُهُ. فَإِنْ قُلْت: إذَا أُلْغِيَ وُجُوبُهُ صَارَ نَفْلًا وَالنَّفَلُ يُقْضَى بِفِطْرِهِ عَمْدًا حَرَامًا. قُلْت النَّفَلُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَهَذَا لِنِيَابَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِذَلِكَ، فَانْحَطَّ عَنْ النَّفْلِ أَيْضًا. (وَ) وَجَبَ (أَدَبُ) أَيْ: تَأْدِيبٌ وَمُعَاقَبَةُ الشَّخْصِ (الْمُفْطِرِ) فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ (عَمْدًا) اخْتِيَارًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبِ أَوْ سَجْنٍ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا. وَإِنْ كَانَ فِطْرُهُ بِمُوجِبِ حَدٍّ كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ حُدَّ وَأُدِّبَ، وَإِنْ كَانَ رَجْمًا قُدِّمَ الْأَدَبُ وَاسْتَظْهَرَ الْمِسْنَاوِيُّ سُقُوطَ الْأَدَبِ بِالرَّجْمِ لِإِتْيَانِ الْقَتْلِ عَلَى الْجَمِيعِ. عج وَيُؤَدَّبُ الْمُفْطِرُ فِي النَّفْلِ عَمْدًا حَرَامًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِلَّخْمِيِّ. وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَطَرَ النَّفَلَ عَمْدًا خِلَافًا بَيْنَ الْمَذَاهِبِ. قُلْت: اقْتِصَارُ اللَّخْمِيِّ عَلَى رَمَضَانَ لَا يُنَافِي أَنَّ النَّفَلَ كَذَلِكَ يُجَامِعُ الْمَعْصِيَةَ فِي كُلٍّ، وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَأُدِّبَ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ. وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْطِرُ عَمْدًا فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ، وَأَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَاهِدِ الزُّورِ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤَدَّبُ عَامِدُ فِطْرِهِ انْتِهَاكًا إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، وَفِي الْآتِي مُسْتَفْتِيًا ثَالِثُهَا ذُو الْهُزْءِ لَا السَّتْرِ لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِهَا يُعَاقَبُ الْمُعْتَرِفُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يُؤَدَّبُ مَعَ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَاخْتِيَارِهِ. (إلَّا أَنْ يَأْتِيَ) الْمُفْطِرُ عَمْدًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (تَائِبًا) فَلَا يُؤَدَّبُ (وَ) جَبَ (إطْعَامُ) أَيْ: تَمْلِيكُ طَعَامٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَدْرَ (مُدِّهِ) أَيْ: النَّبِيِّ (- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِ) شَخْصٍ (مُفَرِّطٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: مُتَسَاهِلٍ (فِي) تَأْخِيرِ (قَضَاءِ رَمَضَانَ) بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ رِقًّا أَوْ سَفِيهًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَنَاسٍ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا ظَاهِرُهَا. وَقَالَ السُّيُورِيُّ: لَا يُطْعِمُ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَإِذَا لَمْ يُعْذَرْ النَّاسِي فَالْجَاهِلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 154 لِمِثْلِهِ: عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ، وَلَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ؛ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ   [منح الجليل] أَوْلَى لَا الْمُكْرَهُ عَلَى تَرْكِهِ كَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ وَصِلَةُ مُفَرِّطٍ (لِ) دُخُولِ (مِثْلِهِ) أَيْ: رَمَضَانَ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْإِطْعَامُ بِتَكَرُّرِ الْمِثْلِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ إضَافَةِ مِثْلِ لِلضَّمِيرِ لِإِفَادَتِهَا الْعُمُومَ. وَصِلَةُ إطْعَامُ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ) وَكَذَا (الْمِسْكِينُ) أَيْ: مُحْتَاجٌ فَشَمِلَ الْفَقِيرَ، فَلَا يُجْزِئُ تَمْلِيكُهُ مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ أَعْطَاهُ كُلَّ مُدٍّ فِي يَوْمِهِ حَيْثُ كَانَ التَّفْرِيطُ بِعَامٍ وَاحِدٍ. فَإِنْ كَانَ عَنْ عَامَيْنِ جَازَ كَتَعَدُّدِ السَّبَبِ كَفِطْرٍ وَتَفْرِيطِ مُرْضِعٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَالْمُرْضِعُ إذَا أَفْطَرَتْ تُطْعِمُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ دُونَ الْحَامِلِ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهَا إذَا أَفْطَرَتْ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرِّسَالَةِ. وَإِذَا لَمْ تَقْضِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ مَا دَامَتْ حَامِلًا. (وَ) إنْ دَفَعَ زَائِدًا عَنْ مُدٍّ لِمِسْكِينٍ فَ (لَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ) عَنْ مُدٍّ وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَقِيَ بِيَدِ الْمِسْكِينِ وَكَانَ بَيَّنَ لَهُ عِنْدَ دَفْعِهِ أَنَّهُ كَفَّارَةُ تَفْرِيطٍ وَمَحَلُّ إطْعَامِ الْمُفَرِّطِ (إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ) أَيْ: مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ (بِشَعْبَانَ) إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ مُفَرِّطٍ لِمِثْلِهِ أَحْمَدَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَقْضِهَا حَتَّى بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَمَرِضَ إلَى رَمَضَانَ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ لِإِمْكَانِ قَضَائِهِ بِشَعْبَانَ، وَالنَّصُّ لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُقْتَضَيْ. ابْنُ عَاشِرٍ فَالْعِبَارَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِلْمَقْصُودِ إنْ سَلِمَ قَدْرُهُ قَبْلَ تَالِيهِ مِنْ عُذْرٍ (لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلٍ وَإِرْضَاعٍ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنًى صَحِيحٍ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ أَيْ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، فَقَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ أَيْ: جَمِيعِهِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ قَوْلَهُ لَا إنْ اتَّصَلَ إلَخْ. وَمِثْلُ الْمَرَضِ السَّفَرُ بِشَعْبَانَ وَالْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالْإِكْرَاهُ، فَلَوْ قَالَ عُذْرُهُ لِشَمْلِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُرَادُ اتِّصَالُ الْعُذْرِ مِنْ مَبْدَأِ قَدْرِ مَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لَا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا مِنْ ابْتِدَاءِ شَعْبَانَ مُطْلَقًا، فَلَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 155 مَعَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمَنْذُورُهُ، وَالْأَكْثَرُ إنْ احْتَمَلَهُ بِلَفْظِهِ بِلَا نِيَّةٍ. كَشَهْرٍ، فَثَلَاثِينَ، إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ   [منح الجليل] حَذَفَ قَوْلَهُ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَالْمُعْتَبَرُ التَّفْرِيطُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ وَفَرَّطَ فِيمَا بَعْدَهُ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَيْهِ رَمَضَانُ كُلُّهُ وَكَانَ ثَلَاثِينَ وَقَضَاهُ فِي شَعْبَانَ فَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَالظَّاهِرُ لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ لِلْيَوْمِ إذْ لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهُ فِي شَعْبَانَ، وَيُنْدَبُ إطْعَامُهُ. (مَعَ الْقَضَاءِ) فِي الطَّعَامِ الثَّانِي فَكُلَّمَا شَرَعَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ أَخْرَجَ مُدَّهُ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ: الْقَضَاءِ يَحْتَمِلُ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ وَيَحْتَمِلُ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ فَيُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ، فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ وُجُوبِهِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ كَفَى وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهَا لَا تُفَرَّقُ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ لِحَمْلِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَفْرِقَةَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِنْ قَدَّمَهُ مَعَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ بِشَعْبَانَ فَلَا يُجْزِئُ إذْ هُوَ قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَنَصَّ الْجَلَّابُ إذَا قَدَّمَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَجْزَأَ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يُطْعِمَ مَعَ الْقَضَاءِ (وَ) وَجَبَ (مَنْذُورُهُ) أَيْ: الْوَفَاءُ بِهِ صِيَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ، وَذَكَرَهُ مَعَ إتْيَانِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ. (وَ) وَجَبَ (الْأَكْثَرُ) احْتِيَاطًا فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (إنْ احْتَمَلَهُ) أَيْ: الْأَكْثَرَ (لَفْظُهُ) الَّذِي نَذَرَ بِهِ وَاحْتَمَلَ الْأَقَلَّ (بِلَا نِيَّةٍ) لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا لَزِمَهُ مَنْوِيُّهُ وَمَثَّلَ لِلْمُحْتَمَلِ فَقَالَ (كَ) نَذْرِ صَوْمِ أَوْ اعْتِكَافِ أَوْ رِبَاطِ (شَهْرٍ) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ بِدُونِ لِلَّهِ صَوْمُ، أَوْ اعْتِكَافُ أَوْ رِبَاطُ شَهْرٍ (فَ) يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَعْتَكِفَ أَوْ يُرَابِطَ (ثَلَاثِينَ) يَوْمًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهْرِ يَحْتَمِلُهَا وَيَحْتَمِلُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَزِمَتْهُ الثَّلَاثُونَ احْتِيَاطًا. (إنْ لَمْ يَبْدَأْ) صَوْمَهُ أَوْ اعْتِكَافَهُ أَوْ رِبَاطَهُ (بِ) طُلُوعِ (الْهِلَالِ) أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ، فَإِنْ بَدَأَ بِهِ لَزِمَهُ تَمَامُهُ إلَى الْهِلَالِ الَّذِي يَلِيهِ كَانَ ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ نِصْفِ شَهْرٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَإِنْ نَذَرَهُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ وَجَاءَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَّلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ كَمَّلَهُ يَوْمًا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 156 وَابْتِدَاءُ سَنَةٍ، وَقَضَى مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي سَنَةٍ، إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا، أَوْ يَقُولَ هَذِهِ   [منح الجليل] لَمْ يَنْذُرْ طَاعَةً. وَعُورِضَ مَا هُنَا بِمَا فِي الْحَجِّ فِيمَنْ نَذَرَ هَدْيًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهْرِ ثَلَاثُونَ وَلَيْسَ الْأَصْلُ فِي الْهَدْيِ الْبَدَنَةُ وَبِشِدَّةِ الْمَالِ، وَلِذَا لَزِمَ مَنْ قَالَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُلُثُهُ. (وَ) وَجَبَ (ابْتِدَاءُ) صَوْمِ (سَنَةٍ) كَامِلَةٍ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ أَوْ حِنْثِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا تَتَابُعُهَا (وَقَضَى) صَوْمَ (مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ) تَطَوُّعًا بِأَنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ صَوْمِهِ كَيَوْمَيْ الْعِيدِ وَتَالِي النَّحْرِ وَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَوْجَبَ صَوْمَهُ مِنْهَا كَرَمَضَانَ وَيَوْمَ نَذْرِهِ قَبْلُ مُكَرَّرًا كَكُلِّ خَمِيسٍ، وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَّنَ صُورَتَهَا بِقَوْلِهِ (فِي) قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ بِدُونِ لِلَّهِ صَوْمُ (سَنَةٍ) وَكَذَا حَلِفُهُ بِهَا وَحِنْثُهُ فِيهِ وَيَصُومُ رَابِعَ النَّحْرِ وَلَا يَقْضِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ وَإِنْ كَرِهَ وَلُزُومُهُ لِنَاذِرِهِ وَسَيَقُولُ: وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ وَإِنْ تَعْيِينًا. وَقَالَ الشَّارِحُ وتت وَالْحَطّ: لَا يَصُومُ الرَّابِعَ وَيَقْضِيهِ. الْمَوَّاقُ وَهُوَ أَبْيَنُ لِكَرَاهَتِهِ لِغَيْرِ نَاذِرِهِ بِعَيْنِهِ، وَنَاذِرُ السَّنَةِ لَمْ يَنْذُرْهُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهَا مُبْهَمَةٌ وَاعْتَمَدَ هَذَا طفي وَاعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِ الْعَدَوِيِّ الْأَوَّلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ، وَالرَّابِعُ صَوْمُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا لَا يَصِحُّ صِحَّةً كَامِلَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ يَكْفِيهِ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ لِحَدِيثِ «فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ» . وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ تَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لَيْسَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَاتَتْ فَتُقْضَى إنَّمَا هِيَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ لَمْ تُعَيَّنْ فَالْأَوْضَحُ وَصَامَ بَدَلَ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَمَا صَامَهُ بِالْهِلَالِ اُحْتُسِبَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ وَيَلْزَمُ نَاذِرَ صَوْمِ السَّنَةِ أَوْ الْحَالِفَ بِهِ صَوْمُهَا فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا) كَسَنَةِ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا (أَوْ يَقُولَ هَذِهِ) وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 157 وَيَنْوِيَ بَاقِيَهَا، فَهُوَ، وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ، وَصَبِيحَةُ الْقُدُومِ فِي يَوْمِ قُدُومِهِ؛ إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ،   [منح الجليل] أَوْ) بِمَعْنَى الْوَاوِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ (يَنْوِي بَاقِيَهَا) أَيْ: السَّنَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهِمَا فَقَطْ (فَهُوَ) أَيْ: الْبَاقِي اللَّازِمُ لَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ يَبْتَدِئُهُ مِنْ حِينِ نَذْرِهِ وَيُتَابِعُهُ وَيَصُومُ رَابِعَ النَّحْرِ وَلَا يَقْضِيهِ. (وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ) فِي الصُّورَتَيْنِ عَمَّا فَاتَ مِنْ السَّنَةِ قَبْلَ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا مِمَّا بَعُدَ نَذْرُهُ أَوْ حِنْثُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَوْ إيجَابِهِ وَلَا مَا أَفْطَرَهُ لِمَرَضٍ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِمُعَيَّنٍ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ، وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ دَخَلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِاسْتِثْنَاءِ مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ أَقْوَى وَمَفْهُومٌ وَيَنْوِي بَاقِيَهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِهِ فَكَنَذْرِ سَنَةٍ مُبْهَمَةٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ حَلَفَ فِي نِصْفِ سَنَةٍ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ كَذَا صَامَ هَذِهِ السَّنَةَ، فَقَالَ إنْ نَوَى بَاقِيَهَا فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ائْتَنَفَ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى. اللَّخْمِيُّ هَذَا مِثْلُ مَنْ قَالَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ هَذَا الْيَوْمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا صَلَاةُ مَا بَقِيَ مِنْهُ. (بِخِلَافِ فِطْرِهِ) فِي نَذْرِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ بِتَسْمِيَتِهَا أَوْ إشَارَةٍ إلَيْهَا (لِسَفَرٍ) أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَيُوجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءَ مَا أَفْطَرَهُ لَهَا (وَ) وَجَبَ (صَبِيحَةُ) أَيْ: صَوْمُ يَوْمِ لَيْلَةِ (الْقُدُومِ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ: قُدُومِ شَخْصِ مِنْ سَفَرِهِ مَثَلًا، وَهَذَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَبَيَّنَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ (فِي) نَذْرِ صَوْمِ (يَوْمِ قُدُومِهِ) أَيْ: زَيْدٌ الْمُسَافِرُ مَثَلًا (إنْ قَدِمَ) زَيْدٌ مِنْ سَفَرِهِ مَثَلًا (لَيْلَةَ) يَوْمٍ يَصِحُّ صَوْمُهُ (غَيْرَ عِيدٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُصَامُ شَرْعًا تَطَوُّعًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ، أَوْ لِوُجُوبِهِ كَرَمَضَانَ، فَيَلْزَمُهُ صَوْمُ صَبِيحَتِهَا فَقَطْ إنْ لَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَإِلَّا لَزِمَهُ مُمَاثَلَةٌ أَبَدًا أَيْضًا وَلَزِمَهُ بِقُدُومِهِ لَيْلًا؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 158 وَإِلَّا فَلَا. وَصِيَامُ الْجُمُعَةِ إنْ نَسِيَ الْيَوْمَ عَلَى الْمُخْتَارِ   [منح الجليل] وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ لَيْلَةِ غَيْرِ عِيدٍ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ لَيْلَةَ غَيْرِ عِيدٍ بِأَنْ قَدِمَ نَهَارًا أَوْ قَدِمَ لَيْلَةَ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ رَمَضَانَ (فَلَا) يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ أَبَدًا إنْ قَدِمَ لَيْلَةَ عِيدٍ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ صَوْمَهُ، وَإِنْ قَدِمَ لَيْلَةَ حَيْضٍ أَوْ رَمَضَانَ، فَإِنْ قَالَ أَبَدًا لَزِمَهُ مُمَاثَلَةً. وَكَذَا إنْ قَدِمَ نَهَارًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ صَوْمِهِ لِمَانِعِ عَدَمِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي قُدُومِهِ نَهَارًا وَلِمَانِعِ الْحَيْضِ وَرَمَضَانَ فِي قُدُومِهِ لَيْلَةَ أَحَدِهِمَا فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَتَى قَدِمَ لَيْلَةً يُصَامُ يَوْمُهَا تَطَوُّعًا لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمِهَا فَقَطْ إنْ لَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَإِلَّا صَامَهُ وَمُمَاثِلَهُ أَبَدًا، وَمَتَى قَدِمَ نَهَارًا غَيْرَ عِيدٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَلَزِمَهُ مُمَاثِلُهُ إنْ قَالَ أَبَدًا، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِيَوْمِ الْقُدُومِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمِهِ احْتِيَاطًا أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَلَيْلَةِ الْحَيْضِ أَصْلُهُ لعج مُسْتَظْهِرًا عَلَيْهِ بِظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْ سَنَدٍ، مَعَ إنَّك إذَا تَأَمَّلْته وَجَدْته لَا يُفِيدُهُ، وَلَمْ أَجِدْ نِصَابًا يُسَاعِدُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِيدِ وَغَيْرِهِ فِي لُزُومِ صَوْمِ مُمَاثِلِهِ مِنْ الْأُسْبُوعِ إنْ قَالَ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الِاسْمِ كَالْخَمِيسِ لَا فِي الصِّفَةِ كَكَوْنِهِ عِيدًا وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ فِي الصِّفَةِ لَسَقَطَ مُطْلَقًا، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْخَرَشِيُّ، فَسَوَّى بَيْنَ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَغَيْرِهِ كَالْحَيْضِ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْمُمَاثِلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَ) وَجَبَ (صِيَامُ الْجُمُعَةِ) أَيْ: الْأُسْبُوعِ بِتَمَامِهِ (إنْ) نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَ (نَسِيَ الْيَوْمَ) الْمُعَيَّنَ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ كَصَلَاةِ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ خَمْسًا (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ لِسَحْنُونٍ. وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ نَذَرَ يَوْمًا بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ فَثَلَاثَةٌ التَّخْيِيرُ وَجَمِيعُهَا وَآخِرُهَا ضَيْح، نُقِلَتْ كُلُّهَا عَنْ سَحْنُونٍ وَآخِرُ أَقْوَالِهِ أَنْ يَصُومَهَا جَمِيعَهَا وَاسْتَظْهَرَ لِلِاحْتِيَاطِ، وَفِي الْمَوَّاقِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَنَسِيَهُ أَنَّهُ يَصُومُ الْجُمُعَةَ كُلَّهَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَوْلٌ لِسَحْنُونٍ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 159 وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ، وَإِنْ تَعْيِينًا لَا سَابِقَيْهِ، إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ   [منح الجليل] (وَ) وَجَبَ أَنْ يُصَامَ (رَابِعُ) يَوْمِ (النَّحْرِ لِنَاذِرِ) صَوْمِ (هـ) بِدُونِ تَعْيِينٍ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَوْ شَهْرِ الْحِجَّةِ بَلْ (وَإِنْ) نَذَرَ صَوْمَهُ (تَعْيِينًا) أَيْ مُعَيَّنًا لَهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ رَابِعِ النَّحْرِ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ لِمَ لَزِمَ بِالنَّذْرِ وَصَوْمُهُ مَكْرُوهٌ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَهُ جِهَتَيْنِ جِهَةٌ تُضْعِفُ كَوْنَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يُنْحَرُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يَرْمِي فِيهِ الْمُتَعَجِّلُ، وَجِهَةٌ تُقَوِّي كَوْنَهُ مِنْهَا وَهِيَ أَنَّهُ يَوْمُ نَحْرٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَيَرْمِي غَيْرُ الْمُتَعَجِّلِ فِيهِ وَشُمُولُهُ اسْمَ التَّشْرِيقِ فَشَمِلَهُ النَّهْيُ، فَغَلَبَتْ الْجِهَةُ الْأُولَى لِمَا اقْتَضَاهُ النَّذْرُ مِنْ الْوُجُوبِ احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. وَلَمَّا لَمْ يُعَارِضْ الْكَرَاهَةَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ بِقَوْلِنَا لَا يُصَامُ تَطَوُّعًا إعْمَالًا لِلْجِهَتَيْنِ، وَلَا يُقَالُ اعْتِبَارًا لِجِهَتَيْنِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَدِيثُ زَمْعَةَ دَلِيلُ صِحَّةِ الْقَوْلِ بِهِ فِي الْمُوَطَّإِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا نَصُّهُ «الْقَضَاءُ بِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِأَبِيهِ» : مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إلَيْكَ قَالَتْ: فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ ثُمَّ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةِ بِنْتِ زَمْعَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ لَمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَتْ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» . (لَا) يَجِبُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِ صَوْمِ (سَابِقَيْهِ) أَيْ: الرَّابِعِ وَهُمَا ثَانِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَالِثُهُ لِحُرْمَتِهِ، وَالنَّذْرُ إنَّمَا يَجِبُ بِهِ الْمَنْدُوبُ (إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ) أَوْ قَارِنٍ أَوْ مَنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ وَعَجْزٍ عَنْ الدَّمِ وَلَزِمَهُ صِيَامُ ثَلَاثَةٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَلَمْ يَصُمْهَا فَيَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةَ عَقِبَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَكَذَا مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْهَا قَبْلَ عَرَفَةَ فَيَصُومُهُ فِي أَيَّامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 160 لَا تَتَابُعُ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامٍ. وَإِنْ نَوَى بِرَمَضَانَ فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ، أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَوْ نَوَاهُ، وَنَذْرًا لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا   [منح الجليل] التَّشْرِيقِ، وَمِثْلُ الْهَدْيِ الْفِدْيَةُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهَا. وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِيهَا أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى. وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُبْهَمَةٍ أَوْ شَهْرٍ كَذَلِكَ أَوْ أَيَّامٍ كَذَلِكَ فَ (لَا) يَجِبُ عَلَيْهِ (تَتَابُعُ) صَوْمِ (سَنَةٍ أَوْ) تَتَابُعُ صَوْمِ (شَهْرٍ وَ) تَتَابُعُ صَوْمِ (أَيَّامٍ) إنْ لَمْ يَنْوِ التَّتَابُعَ فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ تت. طفي هَذَا صَوَابٌ وَنِسْبَتُهُ لَهَا صَحِيحَةٌ، فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَلْزَمُ التَّتَابُعُ وَلَوْ نَوَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ نَذَرَ سَنَةً مُبْهَمَةً فَفِي وُجُوبِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا غَيْرِ رَمَضَانَ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُتَابَعَتَهَا فَكَمُعَيَّنَةٍ قَوْلَا الْمَشْهُورِ واللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ انْتَهَى؛ لِأَنَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ هَلْ بِنِيَّةِ تَتَابُعِهَا تَصِيرُ كَمُعَيَّنَةٍ فِي عَدَمِ قَضَاءِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ أَمَّا التَّتَابُعُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَ نِيَّتِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ. قُلْت كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ التَّتَابُعِ وَلَا عَدَمُهُ، لَكِنْ يُؤَيِّدُ تت أَنَّ التَّتَابُعَ مَنْدُوبٌ وَأَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ الْمَنْدُوبَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَإِنْ) سَافَرَ فِي رَمَضَانَ سَفَرًا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِيهِ فَصَامَهُ وَ (نَوَى بِ) صِيَامِ (رَمَضَانَ فِي سَفَرٍ) يُبَاحُ الْفِطْرُ فِيهِ صَوْمًا (غَيْرَهُ) أَيْ: أَدَاء رَمَضَانَ بِأَنْ نَوَاهُ تَطَوُّعًا أَوْ وَفَاءً نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ) نَوَى الْمُسَافِرُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَضَاءَ) رَمَضَانَ (الْخَارِجِ) وَقْتُهُ لَمْ يُجْزِهِ أَيْضًا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ لِلْخَارِجِ إطْعَامٌ لِلتَّفْرِيطِ حَيْثُ فَرَّطَ، وَلَا كَفَّارَةَ كُبْرَى لِرَمَضَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ (أَوْ نَوَاهُ) أَيْ: رَمَضَانَ عَامَهُ (وَنَذْرًا) أَوْ وَتَطَوُّعًا أَوْ وَكَفَّارَةً أَوْ وَقَضَاءَ الْخَارِجِ أَيْ شَرِكَهُمَا فِي نِيَّتِهِ. (لَمْ يُجْزِهِ) صَوْمُهُ (عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: رَمَضَانَ الْحَاضِرِ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ. وَلِعَدَمِ صِحَّةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَلَا غَيْرِهِ لِتَعَيُّنٍ لِزَمَنٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ فَلَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ وَقَوْلِي أَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ إلَخْ احْتِرَازًا إذَا نَوَى الْحَاضِرُ بِرَمَضَانَ قَضَاءَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 161 وَلَيْسَ لِمَرْأَةٍ يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ تَطَوُّعٌ بِلَا إذْنٍ.   [منح الجليل] رَمَضَانَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَهُ، فَيَجْزِيهِ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ لَمْ يُجْزِ عَنْ غَيْرِهِ، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ فِيهِ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ وَحُمِلَتْ عَلَى أَنَّهَا لَهُ فَلَمْ يُرَاعَ رَفْعُهَا، وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِأَنَّ الصُّورَةَ إذَا نَوَى بِحِجَّةِ النَّفْلِ فَإِنَّ نِيَّتَهُ تُعْرَفُ لِلْفَرْضِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ. وَلَا يَجْرِي هَذَا التَّوْجِيهُ فِي نِيَّةِ الْمُسَافِرِ بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ الشَّارِعُ الْفِطْرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْ الْحَاضِرِ أَيْضًا لِرَفْعِهِ النِّيَّةَ فِيهِ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ كُبْرَى إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ لَا قَالَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّهُ صَامَهُ وَصَوَّبَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ يَجْزِيهِ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ خَصَّ الْمُصَنِّفُ السَّفَرَ؛ لِأَنَّ الْحَضَرَ أَحْرَى، وَقَدْ جَرَى ز عَلَى الصَّوَابِ فِيمَا تَقَدَّمَ. (وَلَيْسَ لِمَرْأَةٍ) أَيْ: زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ (يَحْتَاجُ لَ) وَطْءُ (هَا زَوْجٌ) لَهَا أَوْ سَيِّدٌ (تَطَوُّعٌ) بِالصَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا بِأَنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْهُ أَوْ اسْتَأْذَنَتْهُ فَمَنَعَ أَوْ سَكَتَ وَمِثْلُهُ مَا أَوْجَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا بِنَذْرٍ أَوْ حِنْثٍ فِي يَمِينٍ أَوْ فِعْلِ مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ أَوْ يُزِيلُ أَذًى فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قَتْلِ صَيْدٍ فِي إحْرَامٍ أَوْ حَرَمٍ الشَّارِحُ لَمْ يُقَيِّدْ التَّطَوُّعَ بِالصَّوْمِ فَشَمِلَ نَافِلَةَ الصَّلَاةِ. وَمِثْلُ التَّطَوُّعِ الْفَرِيضَةُ الْمُتَّسَعُ وَقْتُهَا فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِهَا فَلَهُ قَطْعُهَا بِجِمَاعِهَا وَنَظَرَ فِيهِ الْبَاجِيَّ بِإِرَادَتِهَا بَرَاءَةَ ذِمَّتِهَا بِمَا زَمَنُهُ يَسِيرٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ يَحْتَاجُ لَهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهَا بِالْأَكْلِ. وَلَوْ طَالَبَهَا فَقَالَتْ صَائِمَةٌ تَطَوُّعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ إفْطَارَهَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ نَاجِي وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيلَ فِي تَطَوُّعِ الْحَجِّ، وَمَفْهُومُ يَحْتَاجُ أَنَّهَا لَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لَهَا فَلَهَا التَّطَوُّعُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ جَهِلَتْ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ،؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَمَفْهُومُ تَطَوُّعٌ أَنَّهَا لَا تَسْتَأْذِنُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ زَوْجًا وَلَا سَيِّدًا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا عَلَى تَأْخِيرِهِ لِشَعْبَانَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 162 بَابٌ) الِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ،   [منح الجليل] [بَابٌ الِاعْتِكَافُ] بَابٌ) فِي الِاعْتِكَافِ (الِاعْتِكَافُ) أَيْ: لُزُومُ شَخْصٍ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ مَسْجِدًا مُبَاحًا بِصَوْمِ لَيْلَةٍ وَيَوْمًا لِعِبَادَةٍ قَاصِرَةٍ بِنِيَّةٍ كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ إلَّا وَقْتَ خُرُوجِهِ لِحَاجَتِهِ الْمَمْنُوعَةِ فِيهِ، وَخَبَرُ الِاعْتِكَافِ (نَافِلَةٌ) أَيْ: مُؤَكَّدٌ، نَدَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَاضِي هُوَ قُرْبَةٌ الشَّيْخُ نَفْلٌ الْكَافِي فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ، وَفِي غَيْرِهِ جَائِزٌ لِعَارِضَةِ سُنَّةٍ لَا يُقَالُ فِيهَا مُبَاحٌ. وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِهِمْ جَائِزٌ جَهْلٌ الْآبِي يُرِيدُ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّنَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ وَأَظْهَرَ، فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ» ، وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُوَاظِبْ السَّلَفُ عَلَى تَرْكِهِ. رَوَى «ابْنُ نَافِعٍ مَا رَأَيْت صَحَابِيًّا اعْتَكَفَ وَقَدْ اعْتَكَفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قُبِضَ» وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ اتِّبَاعًا، فَلَمْ أَزَلْ أُفَكِّرُ حَتَّى أَخَذَ بِنَفْسِي أَنَّهُ لِشِدَّتِهِ، نَهَارُهُ وَلَيْلُهُ سَوَاءٌ كَالْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَعَ وِصَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ كَرَاهَتَهُ اهـ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 163 مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهِ وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ، وَلَوْ نَذْرًا وَمَسْجِدٍ إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ، وَتَجِبُ بِهِ، فَالْجَامِعُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ   [منح الجليل] (وَصِحَّتُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهِ (لِمُسْلِمٍ) أَيْ: وَاقِعًا مِنْهُ (مُمَيِّزٍ) يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَصِحَّتُهُ مَشْرُوطَةٌ أَيْضًا (بِمُطْلَقِ صَوْمٍ) سَوَاءٌ قُيِّدَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ أَوْ سَبَبٍ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ أَوْ لَا وَلَا كَتَطَوُّعٍ. وَلَوْ قَالَ بِصَوْمٍ مُطْلَقٍ لَمْ يَشْمَلْ الْأَوَّلَيْنِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُفْطِرٍ وَلَوْ لِعُذْرٍ، وَلَا مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ بِنِيَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَصِحُّ بِلَا صَوْمٍ. (وَلَوْ نُذِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الِاعْتِكَافُ فَيَصِحُّ فِي رَمَضَانَ وَصَوْمُ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيُ وَالْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَالتَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لَا بُدَّ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ بِنَذْرِهِ أَيْضًا فَلَا يُجْزِيهِ فِي رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ، أَيْ:؛ لِأَنَّ نَذْرَ الِاعْتِكَافِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ؛ لِأَنَّهُ رُكْنُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَشَرْطُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. فَالْخِلَافُ فِي احْتِيَاجِ الْمَنْذُورِ لِصَوْمٍ خَاصٍّ، وَعَدَمُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الصَّوْمَ رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ، وَعَزْوُ الْأَوَّلِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْبَاجِيِّ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَزْوُ الْبَاجِيَّ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَوَّلَ تَعَقَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِعَدَمِ وُجُودِهِ لَهُ، وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ غَيْرَ الثَّانِي. (وَ) صِحَّتُهُ (بِ) مُطْلَقِ (مَسْجِدٍ) مُبَاحٌ لِعُمُومِ النَّاسِ كَأَنْ تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ، فَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ دُخُولُهَا (إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ) وَهُوَ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْحُرُّ الْمُقِيمُ (وَ) هِيَ (تَجِبُ بِهِ) أَيْ: فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ ابْتِدَاءً، كَنِيَّةِ اعْتِكَافِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَوْ انْتِهَاءً كَنَذْرِ اعْتِكَافِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا السَّبْتُ فَمَرِضَ عَقِبَ يَوْمَيْنِ وَبَرِئَ يَوْمَ الْخَمِيسِ (فَالْجَامِعُ) أَيْ: الْمَسْجِدُ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ يَجِبُ اعْتِكَافُهُ فِيهِ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ (مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ) فَلَا يَصِحُّ فِي رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَلَا فِي طُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَا فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ مِنْهُ، كَبَيْتِ قَنَادِيلِهِ وَمِثْلُهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ صَلَاتِهَا فِيهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 164 وَإِلَّا خَرَجَ. وَبَطَلَ: كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ. لَا جِنَازَتُهُمَا مَعًا وَكَشَهَادَةٍ وَإِنْ وَجَبَتْ، وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ، أَوْ تُنْقَلُ عَنْهُ   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْ فِي الْجَامِعِ وَالْحَالُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ فِيهِ (خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ بِهِ وُجُوبًا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ. (وَبَطَلَ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ بِرِجْلَيْهِ مَعًا لَا بِإِحْدَاهُمَا إلَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، فَيُعْذَرُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا مَرَّةً صَغِيرَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَرَوَى ابْنُ الْجَهْمِ يَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ نَذَرَ أَيَّامًا فِيهَا جُمُعَةٌ وَاعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ خَرَجَ وَبَطَلَ. وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فِيهَا وَمَرِضَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ فَخَرَجَ وَرَجَعَ عَقِبَ صِحَّتِهِ فَصَادَفَ الْجُمُعَةَ فَيَخْرُجُ لَهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ بِهِ فَقَالَ (كَ) خُرُوجِهِ لِ (مَرَضِ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ) مُبَاشَرَةً فَيَجِبُ وَيَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَلَوْ كَافِرَيْنِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْذُورًا وَالْمَرَضُ خَفِيفًا فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَهُوَ عَاقٌّ وَفِي بُطْلَانٍ التَّأْوِيلَانِ الْآتِيَانِ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ لِمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ وَبِرُّهُمَا يَفُوتُ (لَا) يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِحُضُورِ (جِنَازَتِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ (مَعًا) أَوْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ، وَيَخْرُجُ لِجِنَازَةِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ حَيٌّ وُجُوبًا خَوْفًا مِنْ عُقُوقِ الْحَيِّ. وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْجُزُولِيُّ: يَجِبُ الْخُرُوجُ لِجِنَازَتِهِمَا مَعًا كَوُجُوبِهِ لِعِيَادَتِهِمَا إذَا مَرِضَا وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْخُرُوجِ وَبُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِهِ فَقَالَ (كَ) تَحَمُّلِ أَوْ أَدَاءِ (شَهَادَةٍ) فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ وَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَفِي نُسَخٍ بِالْوَاوِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهَا إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بَلْ (وَإِنْ وَجَبَ) أَيْ: تَعَيَّنَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ إلَّا بِهِ فَلَا يَخْرُجُ (وَلِتُؤَدَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا الشَّهَادَةُ (بِالْمَسْجِدِ) الَّذِي فِيهِ لِلْمُعْتَكِفِ بِأَنْ يَأْتِيَهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ. (أَوْ تُنْقَلْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الشَّهَادَةُ (عَنْهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفُ بِأَنْ يُخْبِرَ بِهَا عَدْلَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 165 وَكَرِدَّةٍ، وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ   [منح الجليل] وَيَقُولَ لَهُمَا: اشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِي، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَوْتُ الشَّاهِدِ أَوْ مَرَضُهُ أَوْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ. رَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا يَخْرُجُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلِيُؤَدِّهَا بِمَسْجِدِهِ. اللَّخْمِيُّ رَوَى الْعُتْبِيُّ يُؤَدِّيهَا بِهِ وَتُنْقَلُ عَنْهُ. ابْنُ مُحْرِزٍ كَذِي عُذْرِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ كَغَائِبٍ وَبَقِيَّةُ اعْتِكَافِهِ كَمَسَافَةِ الْغَيْبَةِ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ مُشَبِّهًا فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِهِ، فَقَالَ (وَكَرِدَّةٍ) عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمُعْتَكِفِ فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، وَيَجِبُ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِحُرْمَتِهِ عَلَى الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ. وَلِأَنَّهَا مُحْبِطَةُ الْعَمَلِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهُ إذَا تَابَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ. وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُ الِاعْتِكَافِ مُعَيَّنَةً وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى وُجُوبِ اسْتِئْنَافِهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ. وَمَا قَالَهُ عب أَلْيَقُ بِالْقَاعِدَةِ. وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَكَفَّارَتُهُ إذَا ارْتَدَّ فِيهِ وَتَابَ. وَعَطَفَ عَلَى كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ مُشَبِّهًا فِي الْإِبْطَالِ وَوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ فَقَالَ (وَكَ) شَخْصٍ مُعْتَكِفٍ (مُبْطِلٍ) بِالتَّنْوِينِ (صَوْمَهُ) بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ فَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ وَيَسْتَأْنِفُهُ، فَإِنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَيَقْضِي الْيَوْمَ مُتَّصِلًا بِاعْتِكَافِهِ. وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَ بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا وَلَوْ بِالنَّذْرِ وَلَوْ مُعَيَّنًا أَوْ تَطَوُّعًا وَأَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهُ لِتَقَوِّيهِ بِالِاعْتِكَافِ بِشَرْطِيَّتِهِ فِيهِ. وَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا يَقْضِيهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ إلَخْ. وَأَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ فَعَمْدُهَا وَسَهْوُهَا سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَكْلِ أَنَّهَا مَحْظُورَاتُ الِاعْتِكَافِ بِخِلَافِهِ، وَلِهَذَا يَأْكُلُ فِي اللَّيْلِ وَلَوْ قُرِئَ مُبْطِلُ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ لَدَخَلَ فِيهِ الْحَائِضُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُفْطِرُ نَاسِيًا وَهُوَ فَاسِدٌ اهـ. عبق الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ " وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا إلَخْ " فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ أَيْ: لِلنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ بَلْ يَقْضِيهِ مُطْلَقًا. أَقُولُ قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا إنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ بِالْفِطْرِ نَاسِيًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 166 وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا، وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ بِهِ: تَأْوِيلَانِ؛ وَبِعَدَمِ وَطْءٍ،   [منح الجليل] فَهُوَ مُسَلَّمٌ وَلَكِنَّهُ عَيْنُ كَلَامٍ. عبق فَالتَّنْظِيرُ بِهِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ بِالْفِطْرِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا يَأْتِي عَنْ التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا لَا يَقْضِي كَمَا فِي عبق فَالتَّنْظِيرُ بِهِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا. وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ أَيْ: النَّذْرِ الْمُعَيِّنِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا يَقْضِيهِ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ يَقْضِيهِ مُطْلَقًا سَهْوٌ وَسَبْقُ قَلَمٍ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي فِيهِ لِلنَّفْلِ لَا لِلنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَحُكْمُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي عَنْ التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا مَرِضَ فِيهِ مِنْ نَذْرٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مِنْ رَمَضَانَ قَضَاءٌ وَمِنْ غَيْرِهِ فِي قَضَائِهِ ثَالِثُهَا إنْ مَرِضَ بَعْدَ دُخُولِهِ، الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِيهَا، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ، وَالثَّالِثُ لِتَأْوِيلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدِّمَاتُهُ إلَخْ أَيْ: فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ هُنَا بَلْ سَيَذْكُرُهَا وَكَلَامُهُ هُنَا خَاصٌّ بِتَعَمُّدِ الْغِذَاءِ وَالشُّرْبِ، وَعَطَفَ عَلَى كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ مُشَبِّهًا فِي الْإِبْطَالِ وَوُجُوبِ الِابْتِدَاءِ فَقَالَ (وَكَسُكْرِهِ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ سُكْرًا حَرَامًا (لَيْلًا) فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ، وَإِنْ أَفَاقَ مِنْهُ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا فِيهِ بِحَلَالٍ، وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُ يَوْمِهِ بِحُصُولِهِ فِيهِ (وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ) غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّوْمِ كَقَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ (بِهِ) أَيْ السُّكْرِ الْحَرَامِ فِي إبْطَالِ الِاعْتِكَافِ بِجَامِعٍ كَبُرَ الذَّنْبُ وَعَدَمِ إلْحَاقِهَا بِهِ فِيهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بِتَعْطِيلِ الزَّمَنِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِيهَا إنْ سَكِرَ لَيْلًا وَصَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَالَ الْمَغَارِبَةُ لِتَعْطِيلِ عَمَلِهِ وَلَهُمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ، وَمَفْهُومُ الْكَبَائِرِ أَنَّ الصَّغَائِرَ لَا تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) صِحَّتُهُ (بِعَدَمِ وَطْءٍ) مُبَاحٍ لَيْلًا وَغَيْرُ الْمُبَاحِ دَخَلَ فِي الْكَبَائِرِ وَاَلَّذِي فِي النَّهَارِ دَخَلَ فِي مُبْطِلِ الصَّوْمِ فَإِنْ وَطِئَ حَلِيلَتَهُ لَيْلًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ غَيْرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 167 وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ، وَلَمْسٍ، وَمُبَاشَرَةٍ وَإِنْ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ: فَلَا مَنْعَ كَغَيْرِهِ؛ إنْ دَخَلَا   [منح الجليل] صَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ خَاصٌّ بِعَمْدِ الْغِذَاءِ؛ إذْ الْوَطْءُ وَمُقَدِّمَاتُهُ مُبْطِلٌ وَلَوْ سَهْوًا فَيَجِبُ التَّعْمِيمُ هُنَا (وَ) صِحَّتُهُ بِعَدَمِ (قُبْلَةِ شَهْوَةٍ) فَتُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ خَلَتْ عَنْ الشَّهْوَةِ لَا تُفْسِدُهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى فَمٍ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ عُمُومُ النَّقْلِ خِلَافًا لِبَحْثِ أَنَّهَا عَلَى الْفَمِ تُفْسِدُ مُطْلَقًا أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا بَحَثَهُ أَحْمَدُ هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُبْطِلُهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ. (وَ) صِحَّتُهُ بِعَدَمِ (لَمْسٍ) شَهْوَةٍ (وَمُبَاشَرَةٍ) شَهْوَةٍ فَإِنْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ أَوْ بَاشَرَ بِهَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِضًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قُبْلَةُ الشَّهْوَةِ أَوْ لَمْسُهَا أَوْ مُبَاشَرَتُهَا (لِحَائِضٍ) أَيْ: مِنْهَا حَالَ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِاعْتِكَافِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ (نَاسِيَةً) اعْتِكَافَهَا فَقَدْ فَسَدَ، وَكَذَا مَرِيضٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَعْذُورِينَ الْمَمْنُوعِينَ مِنْ الصَّوْمِ أَوْ الِاعْتِكَافِ. (وَإِنْ أَذِنَ) سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ (لِعَبْدٍ) تُنْقِصُ عِبَادَتُهُ خِدْمَةَ السَّيِّدِ (أَوْ امْرَأَةٍ) يَحْتَاجُ إلَيْهَا زَوْجُهَا، وَصِلَةُ أَذِنَ (فِي نَذْرٍ) أَيْ: الْتِزَامٍ لِعِبَادَةٍ مَنْدُوبَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا (فَلَا مَنْعَ) لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَزَوْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ وَفَائِهِمَا بِمَ نَذَرَاهُ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُبْهَمَ الزَّمَنِ فَلَهُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ فَقَالَ (كَ) إذْنِ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ لِعَبْدٍ أَوْ زَوْجَةٍ فِي فِعْلٍ (غَيْرِهِ) أَيْ: النَّذْرِ أَوْ فِي وَفَاءِ النَّذْرِ الْمُبْهَمِ (إنْ دَخَلَا) أَيْ: الْعَبْدُ وَالزَّوْجَةُ فِي النَّذْرِ فِي الْأَوْلَى بِأَنْ نَذَرَا مَا أَذِنَ لَهُمَا فِي نَذْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ وَفَائِهِ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ، وَفِي فِعْلِ مَا أَذِنَ لَهُمَا فِي فِعْلِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 168 وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ، أَوْ عِدَّةٌ، إلَّا أَنْ تُحْرِمَ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ، وَتَبْطُلُ   [منح الجليل] فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ وَفَاءِ نَذْرٍ مُبْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ عَلَيْهِمَا فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا (وَ) إنْ اجْتَمَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عِبَادَاتٌ مُتَضَادَّةُ الْأَمْكِنَةِ كَعِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَاعْتِكَافٍ (أَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ عَلَى عِدَّةٍ، وَكَذَا الْإِحْرَامُ السَّابِقُ عَلَيْهَا كَأَنْ تَطْلُقَ أَوْ يُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَوْ مُحْرِمَةٌ فَتَتَمَادَى فِي اعْتِكَافِهَا أَوْ سَفَرِهَا لِلنُّسُكِ وَلَا تُقِيمُ فِي مَنْزِلِهَا إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا (أَوْ) مَا سَبَقَ مِنْ (عِدَّةٍ) عَلَى اعْتِكَافٍ بِأَنْ طَلُقَتْ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا ثُمَّ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا فَتُقِيمُ فِي مَسْكَنِهَا إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَعْتَكِفُ إنْ كَانَ مَضْمُونًا أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ فَاتَ فَلَا تَقْضِيهِ. وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ أَوْ عِدَّةٌ سَبَقَهَا الْإِحْرَامُ أَيْضًا وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مُخَالِفًا لِلْحُكْمِ فِي سَبْقِهَا الِاعْتِكَافَ اسْتِثْنَاءٌ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا أَنْ تُحْرِمَ) الْمَرْأَةُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهِيَ بِعِدَّةِ طَلَاقٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً (بِعِدَّةِ مَوْتٍ) بَالَغَ عَلَيْهَا لِشِدَّتِهَا عَنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْإِحْدَادِ (فَيَنْفُذُ) إحْرَامُهَا مَعَ عِصْيَانِهَا بِهِ (وَيَبْطُلُ) أَيْ: يَسْقُطُ وُجُوبُ مَبِيتِهَا فِي مَسْكَنِهَا هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ يَبْطُلُ بِالتَّحْتِيَّةِ، وَعَلَى نُسْخَةٍ تَبْطُلُ بِالْفَوْقِيَّةِ فَضَمِيرُهُ لِلْعِدَّةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: مَبِيتُهَا لَا أَصْلُهَا فَتُسَافِرُ لِتَمَامِ النُّسُكِ الَّذِي أَحْرَمَتْ بِهِ وَهِيَ عَلَى عِدَّتِهَا، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَبَقِيَ صُورَتَانِ: طُرُوءُ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ، فَتَتِمُّ السَّابِقُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَيُقَدَّمَ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ أَوْ نَفَلَيْنِ أَوْ الْحَجُّ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا. فَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ قُدِّمَ الِاعْتِكَافُ فَالصُّوَرُ سِتٌّ: طُرُوءُ عِدَّةٍ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ، وَطُرُوءُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهَا، وَطُرُوءُ اعْتِكَافٍ مِنْ إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتَتِمُّ السَّابِقُ فِي أَرْبَعٍ وَتَمْضِي عَلَى الطَّارِئِ فِي إحْرَامٍ وَلَوْ بِنَفْلٍ عَلَى عِدَّةٍ وَعَلَى اعْتِكَافِ نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ إنْ خُشِيَ فَوَاتُ فَرْضِ حَجٍّ لَا إنْ كَانَ نَفْلًا وَالِاعْتِكَافُ فَرْضٌ فَتُتِمُّ الِاعْتِكَافَ. وَفُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ النُّفُوذَ فِي الْإِحْرَامِ الطَّارِئِ بِالْمُعْتَدَّةِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ لَا يَنْفُذُ إحْرَامُهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ نُفُوذَ إحْرَامِ الْمُعْتَدَّةِ إنَّمَا يُخِلُّ بِمَبِيتِهَا لَا بِأَصْلِ عِدَّتِهَا وَنُفُوذِ إحْرَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 169 وَإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْرًا، فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ،   [منح الجليل] الْمُعْتَكِفَةِ يُخِلُّ بِالِاعْتِكَافِ رَأْسًا؛ لِأَنَّ الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ فِيهِ وَمَبِيتُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَلْ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ فَتُعْصَى بِتَرْكِهِ وَتَحْتَسِبُ بِأَيَّامِ سَفَرِ الْإِحْرَامِ مِنْ عِدَّتِهَا وَتَتِمُّ بَقِيَّتُهَا عَقِبَ رُجُوعِهَا مِنْهُ. وَقَوْلُهُ مَا سَبَقَ مِنْهُ أَيْ: فِعْلًا لَا نَذْرًا فَإِنْ نَذَرَتْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَطَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ إتْيَانِهِ فَتُتِمُّ عِدَّتَهَا. وَلَوْ اسْتَهَلَّ الشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ فِيهَا وَلَكِنْ تَصُومُهُ فِي بَيْتِهَا وَلَا يَقْضِي اعْتِكَافَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ فِي الْفِعْلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْحَطّ أَنَّ هَذَا أَرْجَحُ مِنْ مُقَابِلِهِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ قَالَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ أَصْلُهُ لعج، وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ يُنَافِيهِ أَيْ فِي قَوْلِهِمَا الْمُعْتَكِفَةُ إذَا أَحْرَمَتْ يَنْفُذُ إحْرَامُهَا وَلَا تَخْرُجُ لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا. وَقَوْلُهُ يُفْهَمُ مِنْ الْحَطّ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَرْجَحِيَّتِهِ اقْتِصَارُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ وَتَصْحِيحُهُ إيَّاهُ. وَنَصُّهُ الِاعْتِكَافُ إذَا سَبَقَ الْعِدَّةَ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا كَمَا أَنَّ الْعِدَّةَ إذَا سَبَقَتْهُ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا إلَى الِاعْتِكَافِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إنْ كَانَ اعْتِكَافًا وَاجِبًا عَلَيْهَا فِي أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا قَدْ كَانَتْ نَذَرَتْ اعْتِكَافَهَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْقَرَوِيِّينَ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَقِفْ عَلَيْهِ اهـ، وَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ. (وَإِنْ) نَذَرَ عَبْدٌ اعْتِكَافًا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَرَادَ وَفَاءَهُ فَ (مَنَعَ) السَّيِّدُ (عَبْدَهُ) أَنْ يُوفِيَ (نَذْرًا فَعَلَيْهِ) أَيْ الْعَبْدِ وَفَاؤُهُ (إنْ عَتَقَ) الْعَبْدُ إنْ كَانَ مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا بَقِيَ وَقْتُهُ. فَإِنْ فَاتَ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. فَإِنْ مَنَعَهُ وَفَاءُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ نَذْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ مِنْ فِعْلِ مَا يَتَطَوَّعُ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ عبق. قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٌ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. (وَلَا يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ (مُكَاتَبٌ) أَيْ: مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ (يَسِيرَهُ) أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 170 وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً، لَا بَعْضَ يَوْمٍ وَتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ، وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ: كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ،   [منح الجليل] الِاعْتِكَافَ وَهُوَ مَا لَا يَحْصُلُ بِهِ عَجْزٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّوْمَ وَبَقِيَّةَ الْعِبَادَاتِ كَذَلِكَ. وَيُمْنَعُ مِنْ كَثِيرٍ يُؤَدِّي لِعَجْزِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا وَالْمُبَعِّضُ فِي يَوْمٍ نَفْسُهُ كَالْحُرِّ. (وَلَزِمَ يَوْمٌ) أَيْ اعْتِكَافُهُ (إنْ نَذَرَ) أَنْ يَعْتَكِفَ (لَيْلَةً) وَعَكْسُهُ أَوْلَى. وَنَصَّ عَلَى الْأَصْلِيِّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِنَذْرِهِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ (بَعْضَ يَوْمٍ) . الْقَرَافِيُّ لَوْ نَذَرَ عُكُوفَ بَعْضِ يَوْمٍ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَنَا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَمَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَصَوْمُ يَوْمٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْفَرْقُ ضَعْفُ الِاعْتِكَافِ وَقُوَّةُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ. (وَ) لَزِمَ (تَتَابُعُهُ) أَيْ الِاعْتِكَافِ (فِي) نَذْرِ (مُطْلَقِهِ) أَيْ: اعْتِكَافٍ مُطْلَقٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَتَابُعٍ أَوْ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ سُنَّتُهُ وَأَوْلَى إنْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِالتَّفْرِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْدُوبًا فَلَهُ تَتَابُعُهُ وَتَفْرِيقُهُ (وَ) لَزِمَ (مَنْوِيُّهُ) أَيْ مَا نَوَاهُ مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ أَوْ التَّتَابُعِ (حِينَ دُخُولِهِ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ الْمَسْجِدَ لِاعْتِكَافٍ مُتَطَوِّعٍ بِهِ، فَإِنْ نَوَى حِينَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ نَوَى تَتَابُعَهَا حِينَهُ لَزِمَهُ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَنَذْرِ صَوْمِ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامِ اسْتِغْرَاقِ الِاعْتِكَافِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، فَشَأْنُهُ التَّتَابُعُ كَأَجَلِ الْإِجَارَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالْيَمِينِ وَالدَّيْنِ وَاعْتِيَادِهِ فِيهِ وَالصَّوْمُ قَاصِرٌ عَلَى الْيَوْمِ، فَكَيْفَمَا فَعَلَهُ مُتَتَابِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا وَأَوْفَى الْعِدَّةَ فَقَدْ جَاءَ بِنَذْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ (كَ) نَذْرٍ (مُطْلَقِ الْجِوَارِ) بِمَسْجِدٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ: الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِنَهَارٍ وَلَا لَيْلٍ، فَيَلْزَمُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَيَلْزَمُ صَوْمُهُ فِيهِ وَيَمْنَعُ فِيهِ مَا يَمْنَعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُبْطِلُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 171 لَا النَّهَارِ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ: صَوْمٌ، وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ: تَأْوِيلَانِ، وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَاذِرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا،.   [منح الجليل] مَا يُبْطِلُهُ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ أَوْ نَوَاهُ حِينَ دُخُولِهِ. فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ يَوْمًا مَثَلًا فَهُوَ نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ جِوَارٍ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ مُدَّةَ كَذَا أَوْ أُجَاوِرُهَا وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا لِمَعْنَاهُ. الرَّمَاصِيُّ الْمُنَاسِبُ كَالْجِوَارِ الْمُطْلَقِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِالْفِطْرِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِاللَّفْظِ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا) يَلْزَمُ الْجِوَارُ الْمُقَيَّدُ بِ (النَّهَارِ) أَوْ اللَّيْلِ (فَقَطْ) أَوْ الْفِطْرِ بِنِيَّتِهِ حِينَ دُخُولِهِ (فَ) إنْ نَذَرَهُ (بِاللَّفْظِ) بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ كَذَا فَقَطْ أَوْ لَيْلَةَ كَذَا فَقَطْ أَوْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُفْطِرًا لَزِمَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى النَّهَارِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَا يَلْزَمُ) فِيهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ تَقْيِيدِهِ بِالنَّهَارِ (صَوْمٌ) وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ بِاللَّيْلِ أَوْ الْفِطْرِ فَلَا يُتَوَهَّمُ لُزُومُ الصَّوْمِ فِيهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِنَفْيِهِ، أَيْ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُجَاوِرُ حِينَ تَقْيِيدِهِ بِالنَّهَارِ فِي حَالِ نَذْرِهِ صَوْمٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِكَافِ، لَكِنْ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي نَذْرَهُ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارَهُ. وَيَخْرُجُ لِمَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ لَا لِغَيْرِهِ، وَإِنْ نَوَى جِوَارًا مُقَيَّدًا بِفِطْرِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بِدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ. (وَفِي) لُزُومِهِ إكْمَالُ (يَوْمِ دُخُولِهِ) وَعَدَمِ لُزُومِهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فَإِنْ نَوَى يَوْمًا فَقَطْ لَا يَلْزَمُهُ إكْمَالُهُ اتِّفَاقًا خِلَافَ مَا أَفَادَهُ الْحَطّ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا يَلْزَمُهُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ مَا فِي الْمَوَّاقِ إنَّمَا هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَمَا فِي الْحَطّ صَرِيحٌ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَاعْتَمَدَهُ اللَّقَانِيُّ (وَ) لَزِمَ (إتْيَانُ سَاحِلٍ) أَيْ مَحَلُّ رِبَاطٍ وَحِرَاسَةٍ مِنْ عَدُوٍّ كِدِمْيَاطَ وَجُدَّةَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة وَعَسْقَلَانَ وَطَرَابُلْسَ (لِنَاذِرِ صَوْمٍ) أَوْ صَلَاةٍ (بِهِ) أَيْ: فِي السَّاحِلِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمَحَلٍّ أَفْضَلَ مِنْ السَّاحِلِ كَأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَأَوْلَى إتْيَانُ أَحَدِهَا لِنَاذِرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِيهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 172 وَالْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ لِنَاذِرِ عُكُوفٍ بِهَا، وَإِلَّا فَبِمَوْضِعِهِ. وَكُرِهَ: أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَاعْتِكَافُهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ،   [منح الجليل] وَ) لَزِمَ إتْيَانُ أَحَدِ (الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ السَّاحِلِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ (لِنَاذِرِ عُكُوفٍ) أَيْ: اعْتِكَافٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ كَفَّارَةٍ (بِهَا) أَيْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ بِأَفْضَلَ مِمَّا نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ الشَّارِحُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْتِيَ مِنْ الْفَاضِلِ إلَى الْمَفْضُولِ كَقَوْلِهِمْ فِي نَاذِرِ الصَّلَاةِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُنْذَرْ الْعُكُوفَ بِأَحَدِهَا بِأَنْ نَذَرَ بِسَاحِلٍ أَوْ مَسْجِدِ غَيْرِهَا أَوْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً بِمَسْجِدِ غَيْرِهَا (فَ) يَفْعَلُهُ (بِمَوْضِعِهِ) الَّذِي هُوَ فِيهِ إنْ بَعُدَ مَا نَذَرَ الْفِعْلَ فِيهِ، فَإِنْ قَرُبَ جِدًّا فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ يَذْهَبُ لَهُ وَيَفْعَلُ الْمَنْذُورَ بِهِ قَوْلَانِ: ابْنُ يُونُسَ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا بِسَاحِلٍ فَلْيَعْتَكِفْ بِمَوْضِعِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُهُ فَهُوَ بِمَوْضِعِهِ أَفْضَلُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ كَسَاحِلٍ فِي نَذْرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ فَبِمَوْضِعِهِ كَنَذْرِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ إنْ بَعُدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَكْلُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ (خَارِجَ الْمَسْجِدِ) بِفِنَائِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَإِلَّا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ. وَأَمَّا رَحْبَتُهُ الَّتِي هِيَ صَحْنُهُ وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ بِهِ فَفِيهَا وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ. وَكُرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ فَيَأْكُلَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُصَنِّفِ. وَلَوْ خَفَّ الْأَكْلُ وَقَرُبَ الْخَارِجُ جِدًّا وَعَدَمُ كَرَاهَةِ الشُّرْبِ. (وَ) كُرِهَ (اعْتِكَافُهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ وَشَدُّ الْمُثَنَّاةِ اسْمُ مَفْعُولِ كَفَى أَصْلُهُ بِوَزْنِ مَفْعُولٍ، فَأُبْدِلَتْ وَاوُهُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا سَاكِنَةً مَعَ يَاءٍ وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ وَأُبْدِلَتْ الضَّمَّةُ كَسْرَةً أَيْ: لَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ أَوْ مَجَّانًا وَفِيهَا مَا لَمْ يَجِدْ كَافِيًا وَلَهُ الْخُرُوجُ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَقِفُ مَعَ أَحَدٍ لِحَدِيثٍ وَلَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ اقْتِضَائِهِ وَلَا بِمُكْثٍ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ زَمَنًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 173 وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ وَإِنْ لِغَائِطٍ، وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وَكِتَابَتُهُ وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ   [منح الجليل] ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ وَحُرْمَتُهُ كَالصَّلَاةِ عِنْدَ خُرُوجِ رَاعِفٍ فِيهَا لِغَسْلِ دَمِهِ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُنْدَبُ شِرَاؤُهُ مِنْ أَقْرَبِ الْأَسْوَاقِ إلَى الْمَسْجِدِ. (وَ) كُرِهَ (دُخُولُهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (مَنْزِلَهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ الَّذِي بِهِ زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ الْقَرِيبُ إنْ دَخَلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ (وَإِنْ) دَخَلَهُ (لِغَائِطٍ) فَإِنْ بَعُدَ مُنِعَ دُخُولُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَهْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ كَدُخُولِهِ أَسْفَلَهُ وَأَهْلَهُ أَعْلَاهُ. وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ مَجِيءِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ وَأَكْلِهَا مَعَهُ وَحَدِيثِهَا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُمَا فِي الْمَنْزِلِ (وَ) كُرِهَ (اشْتِغَالُهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (بِ) تَعَلُّمِ (عِلْمٍ) أَوْ تَعْلِيمِهِ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ. فَإِنْ قِيلَ وَرَدَ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّفْلِ فَلِمَ كُرِهَ هُنَا. قُلْت حِكْمَةُ الِاعْتِكَافِ رِيَاضَةُ النَّفْسِ وَتَصْفِيَتُهَا مِنْ صِفَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالْعِلْمِ. الْبُنَانِيُّ تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعِلْمِ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. شَيْخُ مَشَايِخِنَا الدُّسُوقِيُّ قَدْ يُقَالُ الْعَيْنِيُّ لَا تَرْخِيصَ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ فَالنَّصُّ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِهِ. (وَ) كُرِهَ (كِتَابَتُهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ يَنْبَغِي مَا لَمْ تَكُنْ لِقُوَّتِهِ إنْ كَتَبَ غَيْرَ مُصْحَفٍ بَلْ (وَإِنْ) كَتَبَ (مُصْحَفًا) الْمَوَّاقُ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا (إنْ كَثُرَ) أَيْ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ فَإِنْ قَلَّ فَلَا يُكْرَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِنْ أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ. وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ الْمُبِيحِ لِلْمُعْتَكِفِ جَمِيعَ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمُخْتَصَّةِ بِالْآخِرَةِ فَيَجُوزُ لَهُ مُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَعِيَادَةُ الْمَرْضَى الَّذِينَ مَعَهُ فِي مُعْتَكَفِهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ إذَا انْتَهَى إلَيْهِ زِحَامُ النَّاسِ. وَيَجُوزُ لَهُ كَتْبُ الْمَصَاحِفِ لِلثَّوَابِ لَا لِيَتَمَوَّنَهَا وَلَا عَلَى أُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا بَلْ لِيَقْرَأَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 174 وَفِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةٍ: كَعِيَادَةٍ وَجِنَازَةٍ، وَلَوْ لَاصَقَتْ وَصُعُودُهُ لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ، وَتَرَتُّبُهُ لِلْإِمَامَةِ   [منح الجليل] فِيهَا وَيَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا انْتَهَى. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَتْبَ الْمُصْحَفِ لَا يُبَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) كُرِهَ (فِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَدُعَاءٍ وَتَفَكُّرٍ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهَذِهِ عِبَادَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (وَ) غَيْرِ (صَلَاةٍ) وَفِي مَعْنَاهَا الطَّوَافُ وَدُخُولُ الْكَعْبَةِ. (وَ) غَيْرِ (تِلَاوَةٍ) لِلْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَحُكْمُهُ بِكَرَاهَةِ فِعْلِ غَيْرِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهَا لَيْسَ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ إذْ لَوْ وَجَبَ لَحَرُمَ فِعْلُ غَيْرِهَا وَقَدْ حَكَمَ بِكَرَاهَتِهِ، وَلَوْ أُبِيحَ لَأُبِيحَ فِعْلُ غَيْرِهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّدْبُ فَقَوْلُ تت لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَيْنُ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفْيُ الْكَرَاهَةِ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَالَهُ عج. عبق قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّدْبُ قَدْ تَمْنَعُ الْمُلَازَمَةَ بِأَنْ يُقَالَ اللَّازِمُ أَنْ لَوْ جَازَ فِعْلُهَا جَوَازُ تَرْكِهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى، فَلَا يَثْبُتُ نَدْبُ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَ تت. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَوْ جَازَ فِعْلُهَا لَجَازَ مُقَابِلُهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ قَالَ: يَجُوزُ فِعْلُهَا وَالْكَفُّ عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ فِعْلِ غَيْرِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الْجَوَازَ فِيهَا لِمَا عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا يَكُونُ مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَعِيَادَةٍ) بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ أَيْ: زِيَارَةٍ لِمَرِيضٍ بِالْمَسْجِدِ بَعِيدٍ عَنْهُ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْمَسْجِدِ مَنَعَتْ وَأَبْطَلَتْ الِاعْتِكَافَ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ جَازَتْ (وَ) صَلَاةِ (جِنَازَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ جَارًا أَوْ صَالِحًا فَيَخُصُّ مَا سَبَقَ بِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ إنْ بَعُدَتْ بَلْ (وَلَوْ لَاصَقَتْ) الْجِنَازَةُ الْمُعْتَكِفَ بِأَنْ وُضِعَتْ بِقُرْبِهِ أَوْ انْتَهَى زِحَامُهَا إلَيْهِ. (وَصُعُودُهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ) لِلْمَسْجِدِ وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ تَأْذِينِهِ بِمَكَانِهِ أَوْ صَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ وَإِلَّا كُرِهَ. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ إنْ كَانَ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ أَوْ يُؤَذِّنُ بِغَيْرِ مُعْتَكَفِهِ مِنْ رِحَابِ الْمَسْجِدِ فَيَخْرُجُ إلَى بَابِهِ كُرِهَ وَإِلَّا فَظَاهِرُهَا جَوَازُهُ وَنَحْوُهُ لِلتَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ (وَتَرَتُّبُهُ لِلْإِقَامَةِ) وَكَذَا تُكْرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 175 وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ إنْ لَمْ يَلَدَّ بِهِ، وَجَازَ: إقْرَاءُ قُرْآنٍ،   [منح الجليل] إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ لَهَا الْمُشْبِهُ لِلْإِمَامِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَذَانَهُ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْإِمَامَةِ بِمُعَيَّنٍ بَدَلَ الْإِقَامَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي بَلْ نَدَبَهَا. (وَ) كُرِهَ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ مِنْ الْمَسْجِدِ (لِحُكُومَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ يَلَدَّ) الْمُعْتَكِفُ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ لَدَّ وَبِضَمِّهَا مِنْ أَلَدَّ أَيْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ (بِهِ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ وَبَقِيَ مِنْ اعْتِكَافِ زَمَنٍ يَسِيرٍ لَا يَحْصُلُ لِخَصْمِهِ ضَرَرٌ بِصَبْرِهِ إلَى انْتِهَائِهِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ لَهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أَلَدَّ بِهِ فَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ إلَّا أَنْ يَبْقَى زَمَنٌ يَسِيرٌ فَيُكْرَهُ إخْرَاجُهُ لَهَا إنْ لَمْ يَخْشَ هُرُوبَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ، فَكُلٌّ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ مُقَيَّدٌ لَكِنَّ الْمَنْطُوقَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الطُّولِ، وَالْمَفْهُومُ مُقَيَّدٌ بِالطُّولِ فِيهَا إنْ خَرَجَ يَطْلُبُ حَدًّا لَهُ أَوْ دَيْنًا أَوْ أَخْرَجَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ دَيْنٍ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ أَخْرَجَهُ قَاضٍ لِخُصُومَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَارِهًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ اعْتِكَافَهُ وَإِنْ بَنَى أَجْزَأَهُ انْتَهَى. طفي ظَاهِرُ إطْلَاقِهَا أَلَدَّ بِاعْتِكَافِهِ أَوْ لَا. وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ إنْ أَخْرَجَ كُرْهًا، وَكَانَ اعْتِكَافُهُ هَرَبًا مِنْ الْحَقِّ فَخُرُوجُهُ يُبْطِلُ اعْتِكَافَهُ اتِّفَاقًا وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُهَا بِهَذَا. (وَجَازَ) لِلْمُعْتَكِفِ (إقْرَاءُ قُرْآنٍ) أَيْ: إسْمَاعُهُ لِغَيْرِهِ أَوْ سَمَاعُهُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ وَإِلَّا كُرِهَ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ هَذَا مَا فِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ كَلَامَ الْجَلَّابِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، لَكِنْ قَيَّدَهُ شَارِحُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 176 وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ وَتَطَيُّبُهُ، وَأَنْ يَنْكِحَ وَيُنْكِحَ بِمَجْلِسِهِ، وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفْرًا، أَوْ شَارِبًا،   [منح الجليل] الشَّارْمَسَاحِيُّ وَنَصَّهُ وَأَمَّا إقْرَاءُ الْقُرْآنِ فَيَجُوزُ وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَاصِدًا لِلتَّعْلِيمِ فَيُمْنَعُ كَثِيرُهُ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ سَنَدٍ وَالْجَلَّابِ. (وَ) جَازَ (سَلَامُهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ (عَلَى مَنْ) كَانَ (بِقُرْبِهِ) صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ بِدُونِ انْتِقَالٍ وَلَا قِيَامٍ مِنْ مَجْلِسِهِ وَإِلَّا كُرِهَ أَيْ سُؤَالُهُ عَنْ حَالِهِ لَا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ لِدُخُولِهِ فِي الذِّكْرِ (وَ) جَازَ (تَطَيُّبُهُ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ نَهَارًا وَأَوْلَى لَيْلًا لِبُعْدِهِ مِنْ النِّسَاءِ وَمَانِعِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كُرِهَ لِلصَّائِمِ غَيْرِ الْمُعْتَكِفِ نَهَارًا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ حَمْدِيسٌ يُكْرَهُ تَطَيُّبُ الْمُعْتَكِفِ. (وَ) جَازَ (أَنْ يَنْكِحَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ: يَتَزَوَّجَ الْمُعْتَكِفُ (وَيُنْكِحَ) بِضَمِّهَا أَيْ: يُزَوِّجَ الْمُعْتَكِفُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ بِقَرَابَةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ إيصَاءٍ أَوْ تَقْوِيمٍ أَوْ تَوْكِيلٍ وَتَنَازُعٍ يَنْكِحُ وَيُنْكِحُ فِي قَوْلِهِ (بِمَجْلِسِهِ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ وَإِلَّا كُرِهَ مَا دَامَ بِالْمَسْجِدِ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْرِمِ بِأَنَّ الْأَصْلَ جَوَازُهُ لَهُمَا، وَخَرَجَ الْمُحْرِمُ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ وَبَقِيَ لِمُعْتَكِفٍ عَلَى الْأَصْلِ وَبِأَنَّ الْمُحْرِمَ بَعِيدٌ عَنْ أَهْلِهِ بِالسَّفَرِ غَالِبًا وَفَسَادُ إحْرَامِهِ أَشَدُّ مِنْ فَسَادِ الِاعْتِكَافِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْمُعْتَكِفِ (وَأَخْذُهُ) أَيْ: قَصُّ وَإِزَالَةُ الْمُعْتَكِفِ (إذَا خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ (لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ) أَوْ عَبْدٍ أَوْ لِحُرٍّ أَصَابَهُ أَوْ جِنَايَةٌ وَيَجِبُ خُرُوجُهُ لَهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَيَمَّمَ وَمَكَثَ وَمَفْعُولُ أَخَذَهُ (ظُفْرًا أَوْ شَارِبًا) أَوْ إبْطًا أَوْ عَانَةً. وَيُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ جُمُعَةً فِي ثَوْبٍ كَاسْتِيَاكِهِ بِهِ وَتَحْرُمُ حِجَامَتُهُ وَفَصَادَتُهُ بِهِ كَبَوْلِهِ وَتَغَوُّطِهِ بِهِ فَإِنْ اضْطَرَّ لِشَيْءٍ مِنْهَا خَرَجَ لَهُ فَإِنْ فَعَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَمَنْ أَبْطَلَ الِاعْتِكَافَ بِكُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَبْطَلَهُ هُنَا، وَمَنْ خَصَّ الْإِبْطَالَ بِالْكَبِيرَةِ فَلَا قَالَهُ سَنَدٌ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ لِمُجَرَّدِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ أَوْ رَأْسَهُ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا يَخْرُجُ لِلْحَمَّامِ إذَا احْتَلَمَ إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ الْمَاءَ الْبَارِدَ وَلَا يُمْكِنَهُ الطُّهْرُ فِي بَيْتِهِ فَلْيَذْهَبْ إلَيْهِ وَأَفْهَمَ عَدَمَ جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ إذَا خَرَجَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 177 وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ. وَنُدِبَ إعْدَادُ ثَوْبٍ، وَمُكْثُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَدُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ.   [منح الجليل] أَبُو الْحَسَنِ لِطُولِ زَمَنِهِ، فَيَجُوزُ إخْرَاجُ رَأْسِهِ لِمَنْ يَحْلِقُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ «لِتَرْجِيلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رَأْسَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ» وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ إخْرَاجِ الْعُضْوِ الْمَقْصُودِ أَوْ الْمَحْجُومِ حَيْثُ لَمْ يَضْطَرَّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَلْوِيثِ الدَّمِ الْمَسْجِدَ قَالَهُ عج. (وَ) جَازَ (انْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ) عِنْدَ مَنْ يَغْسِلُهُ لَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ (وَ) انْتِظَارُ (تَجْفِيفِهِ) أَيْ: الثَّوْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَوْبٌ غَيْرَهُ وَلَمْ يَجِدْ نَائِبًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَالَهُ سَنَدٌ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا فِيهَا فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا لِحَمْلِ مَا فِيهَا عَلَى مَنْ لَهُ غَيْرُهُ، وَكَذَا غَسْلُهُ بِنَفْسِهِ وَتَجْفِيفُهُ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْمُعْتَكِفِ (إعْدَادُ ثَوْبٍ) آخَرَ غَيْرِ الَّذِي هُوَ لَابِسُهُ يَلْبَسُهُ إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مِنْ احْتِلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إعْدَادَ ثَوْبٍ لِلِاعْتِكَافِ كَثَوْبِ صَلَاةٍ نَحْوِ الْمُرْضَعِ فِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِدَّ ثَوْبًا آخَرَ يَأْخُذُهُ إذَا أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ انْتَهَى. (وَ) نُدِبَ (مُكْثُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: إقَامَةُ الْمُعْتَكِفِ فِي الْمَسْجِدِ (لَيْلَةَ الْعِيدِ) إنْ كَانَتْ عَقِبَ اعْتِكَافِهِ. فَإِنْ كَانَتْ أَثْنَاءَهُ فَظَاهِرُهَا وُجُوبُهُ وَيُحْتَمَلُ نَدْبُهُ أَيْضًا لِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِ صَبِيحَتِهَا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لَيْلَةَ الْعِيدِ أَنَّهُ إنْ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ أَوْ الْوُسْطَى مِنْ رَمَضَانَ مَثَلًا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي اعْتِكَافَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَيَخْرُجُ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، آخِرَ يَوْمٍ إنْ شَاءَ. وَشَمِلَ الْعِيدُ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِمُضِيِّهِ مِنْ الْمُعْتَكَفِ لِلْمُصَلَّى مُتَزَيِّنًا بِالثِّيَابِ الَّتِي تَأْتِيهِ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَذْهَبُ مِنْ الْمُصَلَّى لِأَهْلِهِ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ قَصْرُ النَّدْبِ عَلَى عِيدِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَعْتَكِفْ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ. (وَ) نُدِبَ (دُخُولُهُ) أَيْ: الْمُعْتَكِفِ الْمَسْجِدَ الَّذِي أَرَادَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ (قَبْلَ الْغُرُوبِ) لِلَّيْلَةِ الَّتِي أَرَادَ ابْتِدَاءَ اعْتِكَافِهِ مِنْهَا إذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْوِيًّا وَلَوْ يَوْمًا فَقَطْ أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مَنْذُورًا وَجَبَ دُخُولُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَوْ مَعَهُ أَوْ عَقِبَهُ لِلُزُومِ اعْتِكَافِهِ اللَّيْلَ كُلَّهُ قَالَهُ جَدّ عج وَتَبِعَهُ أَحْمَدُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 178 وَصَحَّ إنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَاعْتِكَافُ عَشْرَةٍ،   [منح الجليل] وَصَحَّ) الِاعْتِكَافُ (إنْ دَخَلَ) الْمُعْتَكِفُ الْمَسْجِدَ (قَبْلَ الْفَجْرِ) مِنْ اللَّيْلَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ اعْتِكَافَهُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ اعْتِكَافُهُ مَنْوِيًّا أَوْ مَنْذُورًا مَعَ مُخَالَفَةِ الْمَنْدُوبِ فِي الْأَوَّلِ وَالْوَاجِبِ فِي الثَّانِي. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ اعْتَدَّ بِيَوْمِهِ وَبَعْدَ الْفَجْرِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ: التَّوْضِيحُ اخْتَلَفَ إذَا دَخَلَ بَيْنَهُمَا وَالْمَشْهُورُ الِاعْتِدَادُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَعْتَدُّ، وَحَمَلَ قَوْلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى التَّطَوُّعِ وَالْمَشْهُورُ عَلَى الْمَنْذُورِ. ابْنُ رُشْدٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ خِلَافُ ابْنِ هَارُونَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ دَخَلَ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِيمَنْ دَخَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ انْتَهَى. وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَكْسُ الْحَمْلِ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَمْلُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَالْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْخِلَافِ أَظْهَرُ مِنْ حَمْلِ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلَ عَلَى النَّذْرِ وَالثَّانِيَ عَلَى النَّفْلِ انْتَهَى. فَمَا فِي التَّوْضِيحِ سَبْقُ قَلَمٍ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ فَرْحُونٍ قَالَهُ طفي، فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا. وَقَوْلِ التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورِ الِاعْتِدَادُ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمَعُونَةِ، وَرِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَا يَلْزَمُهُ لَيْلَةٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ مِنْ الدُّخُولِ قَبْلَ الْغَرْبِ كَمَا صَرَّحْت بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ. وَدَرَجَ هُنَا عَلَى الصِّحَّةِ لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ إعَادَتَهُ اتِّبَاعُ الْمَشْهُورِ حَيْثُ وَجَدَهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَى أَنَّهُ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ طفي. (وَ) نُدِبَ (اعْتِكَافُ عَشْرَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْقُصْ عَنْهَا وَهُوَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَمَالِ وَنِهَايَتُهُ شَهْرٌ، وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ عَنْ الْعَشَرَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ أَقَلِّ مُسْتَحَبِّهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ عَشْرَةً قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَأَعْلَاهُ عَشْرَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى أَنَّهَا أَيْ: الْعَشَرَةَ أَقَلُّهُ أَكْثَرُهُ شَهْرٌ. وَيُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَا دُونَ الْعَشْرِ كَرِهَهُ فِيهَا. وَقَالَ فِي غَيْرِهَا لَا بَأْسَ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي أَقَلِّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الِاعْتِكَافُ فَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقِيلَ يَوْمٌ فَقَطْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 179 وَبِآخِرِ الْمَسْجِدِ وَبِرَمَضَانَ، وَبِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ بِهِ، وَفِي كَوْنِهَا بِالْعَامِ أَوْ بِرَمَضَانَ   [منح الجليل] وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي أَقَلِّهِ كَمَالًا بِحَيْثُ يُكْرَهُ نَقْصٌ عَنْهُ أَوْ يُخَالِفُ الْأَوْلَى فَقِيلَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ كَمَالًا بِحَيْثُ يُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ. وَقِيلَ: أَقَلُّهُ كَمَالًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْمَلُهُ عَشْرَةٌ. وَقِيلَ أَقَلُّهُ كَمَالًا بِحَيْثُ يُكْرَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ. وَقِيلَ أَقَلُّهُ كَمَالًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَأَكْمَلُهُ عَشْرَةٌ. وَقِيلَ أَقَلُّهُ كَمَالًا عَشْرَةٌ وَأَكْثَرُهُ شَهْرٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ. فَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَهُ لَزِمَهُ أَقَلُّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَوْمٌ فَقَطْ عَلَى مُقَابِلِهِ وَمَنْ نَذَرَ أَقَلَّهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَقَلُّهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. (وَ) نُدِبَ كَوْنُ الِاعْتِكَافِ (بِآخِرِ الْمَسْجِدِ) لِقِلَّةِ النَّاسِ بِهِ فَإِنْ كَثُرَ النَّاسُ بِهِ وَقَلُّوا بِصَدْرِهِ نُدِبَ بِصَدْرِهِ، وَأَجَازَ فِيهَا ضَرْبُ خِبَاءٍ لِلْمُعْتَكِفِ فِي رِحَابِهِ الدَّاخِلَةِ فِيهِ الَّتِي يَعْتَكِفُ فِيهَا أَيْ: لَا لِغَيْرِ مُعْتَكِفٍ وَلَا لَهُ دَاخِلًا عَنْ رِحَابِهِ (وَ) نُدِبَ الِاعْتِكَافُ (بِرَمَضَانَ) لِكَوْنِهِ سَيِّدَ الشُّهُورِ (وَ) تَأَكَّدَ (بِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ) مِنْهُ رَجَاءَ مُصَادَفَةٍ (لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ) الْوُجُودِ (بِهِ) أَيْ: الْعَشْرِ الْأَخِيرِ وَلِمُوَاظَبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى اعْتِكَافِهِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فَقَدْ جَاءَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْهُ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ إنَّ الَّذِي تُرِيدُ أَوْ تَطْلُبُ أَمَامَك فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ: إنَّ الَّذِي تَطْلُبُ أَمَامَك فَاعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ» . (وَفِي كَوْنِهَا) أَيْ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ (دَائِرَةً بِ) لَيَالِي (الْعَامِ) كُلِّهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ (أَوْ) دَائِرَةً (بِ) لَيَالِي (رَمَضَانَ) كُلِّهِ خَاصَّةً وَشَهَّرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ وَشَهَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَإِنَّهَا تَدُورُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي هَذَا الْبَابِ صَحِيحَةٌ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 180 خِلَافٌ، وَانْتَقَلَتْ،   [منح الجليل] وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا إلَّا عَلَى ذَلِكَ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ (وَانْتَقَلَتْ) فِي لَيَالِي الْعَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَفِي لَيَالِي رَمَضَانَ كُلِّهِ عَلَى الثَّانِي. وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا فَانْظُرْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 181 وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ مَا بَقِيَ،   [منح الجليل] وَالْمُرَادُ بِكَسَابِعَةٍ) أُدْخِلَتْ الْكَافُ الْخَامِسَةُ وَالتَّاسِعَةُ فِي حَدِيثِ الْتَمِسُوهَا أَيْ: لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي التَّاسِعَةِ أَوْ السَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ وَخَبَرُ الْمُرَادِ (مَا) أَيْ: الْعَدَدُ الَّذِي (بَقِيَ) مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لَا مَا مَضَى مِنْهُ، بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي فِيهِ لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى وَلِسَابِعَةٍ تَبْقَى وَلِخَامِسَةٍ تَبْقَى، فَحَمَلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْحَدِيثَ الَّذِي أَطْلَقَ فِيهِ التَّاسِعَةَ وَالسَّابِعَةَ وَالْخَامِسَةَ عَلَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي قَيَّدَهَا فِيهِ بِاَلَّتِي تَبْقَى. وَخَيْرُ مَا فَسَّرْته بِالْوَارِدِ. وَلَوْ قَالَ بِكَالسَّابِعَةِ بِالتَّعْرِيفِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَا فِيهِ التَّعْرِيفُ وَالْمُفَسِّرُ لَهُ مَا لَا تَعْرِيفَ فِيهِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ الشَّهْرُ نَاقِصًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِخَبَرِ طَلَبِ الْتِمَاسِهَا فِي الْأَفْرَادِ أَوْ كَامِلًا وَعَلَيْهِ الشَّاذِلِيُّ عَلَى الرِّسَالَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَعَلَيْهِ الْأَنْصَارُ؛ إذْ قَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ اُطْلُبُوهَا فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى هِيَ لَيْلَةُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالْعَدَدِ مِنْكُمْ أَيْ: فَتَكُونُ فِي الْأَشْفَاعِ،؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَبَرَ الشَّهْرَ مِنْ آخِرِهِ كَانَتْ أَشْفَاعُهُ أَوْتَارًا وَأَوْتَارُهُ أَشْفَاعًا انْتَهَى. عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ كَوْنُهُ نَاقِصًا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ إذْ قَالَ: أَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ التَّاسِعَةَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَالسَّابِعَةُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ. فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ مَالِكٍ يَأْتِي عَلَى أَنَّ الشَّهْرَ نَاقِصٌ وَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْمُحَقَّقَ وَأَلْغَى الْمَشْكُوكَ الثَّعَالِبِيُّ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاَلَّذِي أَطْبَقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِنَا هَذَا الْعَمَلُ عَلَى لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَهُوَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَنَصُّهُ عَنْ «أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَدْ قِيلَ لَهُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مَنْ قَامَ السَّنَةَ أَصَابَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَقَالَ أُبَيٌّ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، وَاَللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ لَيْلَةٍ هِيَ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقِيَامِهَا هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمٍ بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا» . أَسْنَدَ هَذِهِ الْأَمَارَةَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 182 وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ، أَوْ جُنُونٍ: كَأَنْ مُنِعَ مِنْ الصَّوْمِ: لِمَرَضٍ، أَوْ حَيْضٍ أَوْ عِيدٍ وَخَرَجَ   [منح الجليل] وَ) إنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُعَيَّنَةٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَشَرَعَ فِيهِ فَاعْتَذَرَ فِي أَثْنَائِهِ وَزَالَ (بَنَى) الْمُعْتَكِفُ عَلَى مَا اعْتَكَفَهُ قَبْلَ طُرُوءِ الْعُذْرِ بِنَاءً مُتَّصِلًا (بِزَوَالِ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ) أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ شَدِيدٍ لَا يَجُوزُ مَعَهُ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ. وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ تَكْمِيلُ مَا نَذَرَهُ سَوَاءٌ كَانَ قَضَاءً عَمَّا فَاتَهُ اعْتِكَافُهُ كَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً كَمَا يُكَمِّلُ بِهِ نَذْرًا مُبْهَمًا. فَإِنْ حَصَلَتْ هَذِهِ الْأَعْذَارُ فِي التَّطَوُّعِ فَلَا يَقْضِي، وَإِنْ حَصَلَتْ قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ قَارَنَتْهُ بَنَى فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُعَيَّنِ مِنْ رَمَضَانَ لَا فِي مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا فِي تَطَوُّعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا مَرِضَ فِيهِ مِنْ نَذْرٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مِنْ رَمَضَانَ قَضَاءً وَمِنْ غَيْرِهِ فَفِي قَضَائِهِ ثَالِثُهَا إنْ مَرِضَ بَعْدَ دُخُولِهِ انْتَهَى. وَفِي التَّوْضِيحِ إنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا وَأَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ انْتَهَى، لَكِنْ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْوِيِّ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ بَنَى قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْبِنَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْمُعْتَكِفُ (مِنْ الصَّوْمِ) دُونَ الْمَسْجِدِ (لِمَرَضٍ) خَفِيفٍ (أَوْ) زَوَالِ (حَيْضٍ) نَهَارًا (أَوْ) دُخُولِ يَوْمِ (عِيدٍ) أَوْ فِطْرٍ نِسْيَانًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ عَلَى مَا فَعَلَهُ سَابِقًا وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِمَرَضٍ خَرَجَ فَإِذَا صَحَّ بَنَى. ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَلَا يَلْبَثُ يَوْمَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ؛ إذْ لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصِيَامٍ، وَيَوْمُ الْفِطْرِ لَا يُصَامُ فَإِذَا مَضَى يَوْمَ الْفِطْرِ عَادَ لِمُعْتَكَفِهِ فَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى انْتَهَى. وَنَاقَضَ عِيَاضٌ وَالتُّونُسِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَسْأَلَتَيْ الْمَرِيضِ يَصِحُّ وَالْحَائِضُ تَطْهُرُ نَهَارًا فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعَ تَعَذُّرِ الصَّوْمِ مِنْهُمَا أَيْضًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي طَهُرَتْ فِيهِ الْحَائِضُ وَصَحَّ فِيهِ الْمَرِيضُ يَصِحُّ صَوْمُهُ لِغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ يَوْمِ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لِأَحَدٍ. (وَخَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ وُجُوبًا مُعْتَكِفٌ طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ وَالصَّوْمِ كَحَيْضٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 183 وَعَلَيْهِ حُرْمَتُهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ: بَطَلَ، إلَّا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ،   [منح الجليل] وَمَرَضٍ شَدِيدٍ أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقَطْ كَسَلَسٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَانِعٍ مِنْهُ سَوَاءٌ مَنَعَ الصَّوْمَ أَيْضًا أَمْ لَا (حُرْمَتُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ فَلَا يَفْعَلُ مَا لَا يَفْعَلُهُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ زَالَ عُذْرُهُ رَجَعَ فَوْرًا لِلْبِنَاءِ. (وَإِنْ أَخَّرَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الرُّجُوعَ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ وَاسْتَأْنَفَهُ وُجُوبًا (إلَّا) تَأْخِيرُهُ الرُّجُوعَ (لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ) فَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ صَوْمِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِخِلَافِ يَوْمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْمَرَضِ وَالطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ فَتَأْخِيرُ الرُّجُوعِ فِيهِ يُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ مِنْ غَيْرِ الْمَرِيضِ وَالْحَائِضِ وَمَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَانِعٌ مِنْ الصَّوْمِ دُونَ الْمَسْجِدِ فِيهِ قَوْلَانِ، رَوَى فِي الْمَجْمُوعَةِ يَخْرُجُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَخْرُجُ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمَا. فِي التَّوْضِيحِ وَالْخُرُوجُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لَهَا أَيْضًا. وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ طَرَأَ مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ دُونَ الْمَسْجِدِ كَالْمَرِيضِ إنْ قَدَرَ وَالْحَائِضُ تَخْرُجُ ثُمَّ تَطْهُرُ، فَفِي لُزُومِ الْمَسْجِدِ ثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ يَخْرُجَانِ فَإِذَا صَحَّ وَطَهُرَتْ رَجَعَا تِلْكَ السَّاعَةَ وَإِلَّا ابْتِدَاءً. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُشْكِلُ غَايَةٍ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ كَالْمَرِيضِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي لُزُومِ الْمَرِيضِ الْمَسْجِدَ وَعَوْدِ الْحَائِضِ لِلْمَسْجِدِ لَا لُزُومِهَا لَهُ وَإِطْلَاقُ اللُّزُومِ عَلَى الْعَوْدِ مَجَازٌ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ. وَمَجَازُهُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِنَفْيِ الْبُعْدِ وَلُزُومِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْمُعْتَكِفِ عَلَيْهَا وَهِيَ خَارِجَةٌ مُلَازِمَةٌ لَهُ حُكْمًا وَبِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ وُضُوحُ تَصَوُّرِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ ارْتِكَابِ مَا ذُكِرَ وَلَا يَتَّضِحُ فَإِنَّ الثَّالِثَ هُوَ الْأَوَّلُ. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِاعْتِبَارِ تَعْمِيمِ قَوْلِهِ مَا يَمْنَعُ الصَّوْمَ فَقَطْ فِي خَفِيفِ الْمَرَضِ ابْتِدَاءً وَمَا خَفَّ بَعْدَ شِدَّتِهِ وَمَنْعِهِ لِمَسْجِدٍ، وَتَقْرِيرُهَا الْأَوَّلَ بَقَاءُ ذِي الْخَفِيفِ ابْتِدَاءً وَرُجُوعُ ذِي الْخَفِيفِ بَعْدَ شِدَّتِهِ وَالْحَائِضُ لِاشْتِرَاكِ الْكُلِّ فِي مَنْعِ مُفَارَقَةِ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مَعْنَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 184 وَإِنْ اشْتَرَطَ سُقُوطَ الْقَضَاءِ لَمْ يُعِدْهُ. .   [منح الجليل] اللُّزُومِ. وَالثَّانِي: خُرُوجُ الْأَوَّلِ وَعَدَمُ رُجُوعِ الْأَخِيرَيْنِ. الثَّالِثُ: خُرُوجُ الْأَوَّلِ وَرُجُوعُ الْأَخِيرَيْنِ. (وَإِنْ اشْتَرَطَ) الْمُعْتَكِفُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ حَالَهُ (سُقُوطَ الْقَضَاءِ) عَنْهُ إنْ حَصَلَ لَهُ عُذْرٌ مُبْطِلٌ لِاعْتِكَافِهِ (لَمْ يُعِدْهُ) شَرْطُهُ وَاعْتِكَافُهُ صَحِيحٌ وَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ وَالْعَمَلُ عَلَى مُقْتَضَى الْمَشْرُوعِ. وَكَذَا اشْتِرَاطُهُ عَدَمَ الصَّوْمِ أَوْ اعْتِكَافَ النَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ أَوْ مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ، فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ وَتَلْزَمُهُ شُرُوطُهُ الشَّرْعِيَّةُ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَلَا شَرْطَ فِي الِاعْتِكَافِ أَيْ: مُخَالِفٌ لِمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ مُنَافِيهِ لَغْوٌ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ لَوْ نَذَرَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِدُخُولِهِ فَيَبْطُلُ شَرْطُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 185 بَابٌ) فَرْضُ الْحَجِّ، وَسُنَّتْ الْعُمْرَةُ مَرَّةً، وَفِي فَوْرِيَّتِهِ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةُ] بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (الْحَجُّ) أَيْ: الْعِبَادَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى إحْرَامٍ وَحُضُورٍ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ وَطَوَافٍ بِالْبَيْتِ وَسَعْيٍ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَيْنًا (وَسُنَّتْ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ النُّونِ مُشَدَّدَةً وَسُكُونِ التَّاءِ مَفْتُوحَةً أَوْ رَفْعِهَا مَرْبُوطَةً (الْعُمْرَةُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ: الْعِبَادَةُ الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى إحْرَامٍ وَطَوَافٍ وَسَعْيٍ فَقَطْ عَيْنًا. فِي النَّوَادِرِ مَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ كَالْوِتْرِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا. (مَرَّةً) مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِلْعُمْرَةِ، وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّهُمْ مَصْدَرَانِ يَنْحَلَّانِ إلَى أَنْ وَالْفِعْلِ أَيْ: أَنْ يَحُجَّ مَرَّةً وَيَعْتَمِرَ مَرَّةً وَلَيْسَا مَنْصُوبَيْنِ بِفَرْضٍ وَسُنَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ وَقَعَا مِنْ الشَّارِعِ مَرَّةً وَلَيْسَ بِمُرَادٍ أَوْ تَمْيِيزٍ مُحَوَّلٍ عَنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَوْ مَرْفُوعِ خَبَرٍ عَنْ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ عَلَى الضَّبْطِ. الثَّانِي مَصْدَرَانِ مُبْتَدَآنِ مُؤَوَّلَانِ بِاسْمِ مَفْعُولٍ، أَيْ: الْمَفْرُوضُ مِنْ الْحَجِّ مَرَّةً وَالْمَسْنُونُ مِنْ الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا مِنْهُمَا مَنْدُوبٌ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ إقَامَةَ الْمَوْسِمِ لِيَقَعَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْحَجِّ وَسُنَّةُ كِفَايَةٍ فِي الْعُمْرَةِ. (وَفِي فَوْرِيَّتِهِ) يَاؤُهُ لِلْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ: كَوْنُ الْحَجِّ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ فِي أَوَّلِ عَامٍ مِنْ أَعْوَامِ الْقُدْرَةِ. فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَثِمَ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ الْفَوَاتَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَشَهَّرَهُ صَاحِبَا الذَّخِيرَةِ وَالْعُمْدَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 186 وَتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ: خِلَافٌ. وَصِحَّتُهُمَا بِالْإِسْلَامِ فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ   [منح الجليل] وَابْنُ بَزِيزَةَ. وَإِنْ فَعَلَهُ بَعْدُ فَهُوَ أَدَاءٌ وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَضَاءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى فَوْرِهِ فِي كَوْنِهِ بَعْدَ أَوَّلِ عَامٍ مُسْتَطِيعُهُ قَضَاءً أَوْ أَدَاءً قَوْلَا ابْنِ الْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ. (وَتَرَاخِيهِ) أَيْ: كَوْنُ الْحَجِّ وَاجِبًا عَلَى التَّرَاخِي (لِ) عَامِ (خَوْفِ الْفَوَاتِ) أَيْ: تَعَذُّرِ الْحَجِّ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ فَيَتَّفِقُ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ وَيَخْتَلِفُ خَوْفَ الْفَوَاتِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَشُبُوبِيَّةً وَكُهُولِيَّةً، وَكَثْرَةَ مَرَضٍ وَقِلَّتَهُ، وَأَمْنَ طَرِيقٍ وَخَوْفَهُ، وَوُجُودَ مَالٍ وَعَدَمَهُ، وَقُرْبَ بَلَدٍ وَبُعْدَهُ. وَلَمْ يُرْوَ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَسَائِلَ وَلَيْسَ أَخْذُهُ مِنْهَا بِالْقَوِيِّ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ. وَرَأَى الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ وَالتِّلْمِسَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ الْحَطّ سَوَّى الْمُصَنِّفِ هُنَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَفِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ قَوْلُ مَنْ شَهَرَ الْفَوْرِيَّةَ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَيْلٌ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ضَعَّفَ حُجَّةَ التَّرَاخِي. وَلِأَنَّ الْفَوْرَ مَرْوِيٌّ عَنْ الْإِمَامِ وَالتَّرَاخِي لَمْ يُرْوَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ مَسَائِلَ وَلَيْسَ أَخْذُهُ مِنْهَا بِقَوِيٍّ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْفَوْرِ أَرْجَحُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ أَكْثَرَ الْفُرُوعِ الْآتِيَةِ فِي الِاسْتِطَاعَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْفَوْرِ، فَكَانَ يَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَعَلَى التَّرَاخِي إنْ أَخَّرَهُ فَاخْتَرَمَتْهُ الْمَنِيَّةُ قَبْلَ خَوْفِ الْفَوَاتِ فَقَالَ فِي الطِّرَازِ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ يَأْثَمُ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا جَوَّزَ لَهُ التَّأْخِيرَ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ. وَعَلَى هَذَا ابْنُ السُّبْكِيّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَكَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ يُفِيدُ دُخُولَ الْخِلَافِ بِالْفَوْرِيَّةِ وَالتَّرَاخِي فِي الْعُمْرَةِ. (وَصِحَّتُهُمَا) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَشْرُوطَةٌ (بِالْإِسْلَامِ) فَقَطْ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ صَبِيًّا مُرْتَدًّا (فَيُحْرِمُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ نَدْبًا (وَلِيٌّ) أَيْ: أَبٌ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مُقَدِّمُ قَاضٍ أَوْ عَاصِبٌ أَوْ أُمٌّ أَوْ كَافِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَظَرٌ فِي مَالِهِ نَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَقَرَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 187 عَنْ رَضِيعٍ، وَجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ، وَمُطْبَقٍ لَا مُغْمًى   [منح الجليل] عَنْ) شَخْصٍ (رَضِيعٍ) بِأَنْ يَنْوِيَ إدْخَالَهُ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْوَلِيَّ يُحْرِمُ بِأَحَدِهِمَا نِيَابَةً عَنْهُ. وَمِثْلُ الرَّضِيعِ الْمَفْطُومُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَخَصَّ الرَّضِيعَ بِالذِّكْرِ لِلْخِلَافِ فِي صِحَّةِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالْمُمَيِّزِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي صِحَّتِهِ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ قَوْلَانِ لَهَا وَلِلَّخْمِيِّ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ يُحَجُّ بِابْنِ أَرْبَعٍ لَا رَضِيعٍ. (وَجُرِّدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الرَّضِيعُ الذَّكَرُ مِنْ الْمُحِيطِ بِبَدَنِهِ وَسَاتِرِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَالْأُنْثَى مِنْ سَاتِرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ وَتَنَازَعَ يُحْرِمُ وَجُرِّدَ (قُرْبَ الْحَرَمِ) أَيْ: مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِخَوْفِ الْمَشَقَّةِ وَحُصُولِ الضَّرَرِ بِتَجْرِيدِهِ وَالْإِحْرَامُ عَنْهُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ تَحَقَّقَ الْوَلِيُّ أَوْ ظَنَّ تَضَرُّرَهُ بِتَجْرِيدِهِ قُرْبَ مَكَّةَ أَحْرَمَ عَنْهُ بِلَا تَجْرِيدٍ وَافْتَدَى عَنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى صِحَّتِهِ أَيْ: إحْرَامِ الْوَلِيِّ عَنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ يُحْرِمُ عَنْهُمَا، أَيْ: الرَّضِيعِ وَالْمَفْطُومِ وَلِيُّهُمَا بِتَجْرِيدِهِمَا نَاوِيهِ. وَلَا يُلَبِّي عَنْهُمَا وَيُجَرِّدُ الْمُنَاهِزُ مِنْ مِيقَاتِهِ وَمَنْ لَا يَنْتَهِي كَابْنِ ثَمَانِ سِنِينَ قُرْبَ الْحَرَمِ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَتْرُكَ عَلَيْهِ مِثْلَ الْقِلَادَةِ وَالسِّوَارَيْنِ، وَفِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُحْرِمَ بِأَصَاغِرِ الذُّكُورِ وَفِي أَرْجُلِهِمْ الْخَلَاخِلُ وَعَلَيْهِمْ الْأَسْوِرَةُ. (وَ) يُحْرِمُ وَلِيٌّ أَيْضًا عَنْ مَجْنُونٍ (مُطْبَقٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: مُتَّصِلٌ جُنُونُهُ لَا يُفِيقُ فِي وَقْتٍ مَا وَلَا يُمَيِّزُ السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا الطُّولَ مِنْ الْعَرْضِ، وَمَنْ لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَلَا يُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ وَإِنْ مَيَّزَ الْإِنْسَانَ مِنْ الْفَرَسِ أَيْ يَنْوِي وَلِيُّ مَالِهِ أَوْ كَافِلُهُ إدْخَالَهُ فِي الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ نَدْبًا بَعْدَ تَجْرِيدِهِ قُرْبَ مَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا بِأَنْ كَانَ مُتَقَطِّعَ الْجُنُونِ يُجَنُّ فِي وَقْتٍ وَيُفِيقُ فِي غَيْرِهِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ لِيُحْرِمَ هُوَ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ حِيَالَ جُنُونِهِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا خِيفَ فَوَاتُهُ الْحَجَّ. (لَا) يُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ شَخْصٍ (مُغْمًى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ: مَسْتُورٍ عَقْلُهُ بِمَرَضٍ وَلَوْ خِيفَ فَوَاتُهُ الْحَجَّ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِفَاقَةِ قَرِيبًا. وَإِذَا أَفَاقَ فِي زَمَنٍ يُدْرِكُ الْوُقُوفَ فِيهِ أَحْرَمَ لِنَفْسِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ لِعُذْرِهِ بِإِغْمَائِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمَجْنُونِ قَوْلَانِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 188 وَالْمُمَيِّزُ بِإِذْنِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيلُهُ، وَلَا قَضَاءَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَأَمَرَهُ مَقْدُورَهُ وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ؛   [منح الجليل] لَهَا وَلِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ. وَقَوْلُ الْبَاجِيَّ عَدَمُ الْعَقْلِ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ خِلَافَ النَّصِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَرْجُوٍّ صِحَّتُهُ. (وَ) يُحْرِمُ الشَّخْصُ الصَّغِيرُ (الْمُمَيِّزُ) بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ الْجَوَابَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ إنْ لَمْ يُقَارِبْ الْبُلُوغَ كَابْنِ ثَمَانٍ، فَإِنْ قَارَبَهُ فَمِنْ الْمِيقَاتِ قَالَهُ فِيهَا فَإِنْ أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ يُحْرِمْ بِإِذْنِهِ بِأَنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (تَحْلِيلُهُ) أَيْ: الْمُمَيِّزِ مِنْ إحْرَامِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ بِأَنْ يَنْوِيَ إخْرَاجَهُ مِمَّا أَحْرَمَ بِهِ، وَيَحْلِقَ رَأْسَهُ أَوْ يُقَصِّرَ شَعْرَهُ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ فَقَطْ. وَإِنْ كَانَتْ فِي إبْقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ فَقَطْ أَبْقَاهُ عَلَيْهِ وُجُوبًا فِيهِمَا، وَإِنْ اسْتَوَتْ مَصْلَحَتُهُمَا خُيِّرَ الْوَلِيُّ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلتَّخْيِيرِ (وَ) إنْ حَلَّلَهُ وَلِيُّهُ فَ (لَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ إذَا بَلَغَ وَمِثْلُهُ فِي الِاسْتِئْذَانِ وَالتَّحْلِيلِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ السَّفِيهُ أَيْ: الْبَالِغُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ. (بِخِلَافِ الْعَبْدِ) أَيْ: الرَّقِيقِ الْبَالِغِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَحَلَّلَهُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ أَوْ عَتَقَ، وَيُقَدِّمُهُ عَلَى حِجَّةِ الْإِسْلَامِ لِوُجُوبِهِ فَوْرًا اتِّفَاقًا فَإِنْ قَدَّمَهَا عَلَى الْقَضَاءِ صَحَّتْ. وَمِثْلُ الْعَبْدِ الزَّوْجَةُ فِي تَطَوُّعِهَا بِدُونِ إذْنِ زَوْجِهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَالزَّوْجَةِ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لِحَقِّ نَفْسِهِمَا وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ لِحَقِّ غَيْرِهِمَا. وَإِنْ أَذِنَ لِلْعَبْدِ فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ أَرَادَ مَنْعَهُ مِنْهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ فَفِي الشَّامِلِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَهُ مَنْعُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ. (وَأَمَرَهُ) أَيْ: الْوَلِيُّ الْمُمَيِّزُ الَّذِي أَحْرَمَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَرَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي إبْقَائِهِ مُحْرِمًا (مَقْدُورَهُ) أَيْ: مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ وَأَقْوَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَيُلَقِّنُهُ التَّلْبِيَةَ إنْ قَبِلَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْدُورُهُ وَكَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ مُطْبَقًا (نَابَ) الْوَلِيُّ فِيهِ (عَنْهُ) أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 189 إنْ قَبِلَهَا: كَطَوَافٍ، لَا: كَتَلْبِيَةٍ، وَرُكُوعٍ، وَأَحْضَرَهُمْ الْمَوَاقِفَ وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ؛ إنْ خِيفَ ضَيْعَةً، وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ: كَجَزَاءِ صَيْدٍ، وَفِدْيَةٍ   [منح الجليل] الْمَحْجُورِ (إنْ قَبِلَهَا) أَيْ: الشَّيْءُ الْمَطْلُوبُ النِّيَابَةِ وَهُوَ الْفِعْلُ. (كَطَوَافٍ) وَسَعْيٍ وَرَمْيٍ وَفِي جَعْلِهِ نَائِبًا فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ نَظَرٌ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ النِّيَابَةِ فِعْلُ النَّائِبِ دُونَ الْمَنُوبِ عَنْهُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ يَفْعَلُهُمَا الْوَلِيُّ حَامِلًا لِلْمَحْجُورِ وَيَقِفُ بِهِ بِعَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ فَحَقُّهُ التَّمْثِيلُ بِالرَّمْيِ وَالذَّبْحِ (لَا) أَنْ يَقْبَلَهُمَا (كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ) أَيْ: صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ فَيَسْقُطَ. وَضَابِطُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ الْمُمَيِّزَ فِعْلُهُ مُسْتَقِلًّا يَفْعَلُهُ، وَمَا لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مُسْتَقِلًّا فَعَلَهُ بِهِ وَلِيُّهُ كَطَوَافٍ وَسَعْيٍ، وَمَا لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ مُسْتَقِلًّا وَلَا أَنْ يَفْعَلَ بِهِ. فَإِنْ قَبِلَ النِّيَابَةَ كَالرَّمْيِ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ، وَإِلَّا سَقَطَ كَالتَّلْبِيَةِ وَالرُّكُوعِ. (وَأَحْضَرَهُمْ) أَيْ الْوَلِيُّ الرَّضِيعَ وَالْمُطْبَقَ وَالْمُمَيِّزَ (الْمَوَاقِفَ) جَمْعُ مَوْقِفٍ أَيْ: مَحَلَّ الْوُقُوفِ وَهِيَ عَرَفَةُ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَمِنًى عَقِبَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ وُجُوبًا فِي عَرَفَةَ وَنَدْبًا فِي الْبَاقِي (وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ) الَّتِي يَحْتَاجُهَا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ صَبِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ فِي السَّفَرِ لِحَمْلِهِ وَأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَلُبْسِهِ كَائِنَةً (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ فِي مَالِهِ (إنْ خِيفَ) عَلَيْهِ (ضَيْعَةٌ) أَيْ: هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ ضَرَرٍ بِتَرْكِهِ فِي الْبَلَدِ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَافِلٌ سِوَى مَنْ سَافَرَ بِهِ؛ لِأَنَّ سَفَرَهُ حِينَئِذٍ مِنْ مَصَالِحِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ ضَيْعَةً بِتَرْكِهِ فِي الْبَلَدِ لِوُجُودِ كَافِلٍ سِوَى مَنْ سَافَرَ بِهِ (فَوَلِيُّهُ) أَيْ: الْمَحْجُورِ الَّذِي سَافَرَ بِهِ، هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ أَيًّا كَانَ أَوْ وَصِيَّهُ أَوْ حَاكِمًا أَوْ مُقَدِّمَهُ أَوْ حَاضِنًا مِنْ أُمٍّ أَوْ جَدٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ عَلَى الْوَلِيِّ فَقَالَ (كَجَزَاءِ صَيْدٍ) قَتَلَهُ الْمَحْجُورُ مُحْرِمًا فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَهُوَ عَلَى الْوَلِيِّ مُطْلَقًا فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ تَامًّا، وَأَمَّا جَزَاءُ مَا قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ لَا فَفِيهِ تَفْصِيلُ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ (وَ) كَ (فِدْيَةٍ) تَسَبَّبَتْ عَنْ تَطَيُّبِ الْمَحْجُورِ أَوْ لُبْسِهِ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 190 بِلَا ضَرُورَةٍ. وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ   [منح الجليل] نَحْوِهِمَا فَيَغْرَمُهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِهِ مُطْلَقًا خَافَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ ضَيْعَةً أَوْ لَا عَلَى الْأَشْهَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلتُّونُسِيِّ عَنْ ثَالِثِ حَجِّهَا. وَحَكَى فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ الْأَشْهَرُ وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ، وَجَعَلَ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ وَوَسَطِهِ التَّشْبِيهَ تَامًّا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ قَائِلًا؛ لِأَنَّ مَا يُتَخَوَّفُ أَنْ يَطْرَأَ فِي إحْجَاجِهِ إيَّاهُ مِنْ الْجَزَاءِ وَالْفِدْيَةِ أَمْرٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ وَإِحْجَاجُهُ طَاعَةٌ وَأَجْرٌ لِمَنْ أَحَجَّهُ لَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لَا يَكُونُ. وَتَأَوَّلَ صَاحِبُ الطِّرَازِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَحَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ الْحَطّ اخْتِيَارُ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ (بِلَا ضَرُورَةٍ) ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا عَلَى الْوَلِيِّ لِضَرُورَةٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي الْإِحْرَامِ، فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى. وَقَوْلُ تت إنْ كَانَتْ لِضَرُورَةٍ فَفِي مَالِ الصَّبِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحَ وَالْبِسَاطِيَّ، وَنَسَبَهُ الشَّارِحُ لِلْجَوَاهِرِ وَرَدَّهُ الْحَطّ بِأَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ فِي مَالِ الصَّبِيِّ، وَإِنَّمَا قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَوْ طَيَّبَ الْوَلِيُّ الصَّبِيَّ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ إلَّا إذَا قَصَدَ الْمُدَاوَاةَ فَيَكُونُ كَاسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ اهـ. فَلَمْ يَجْعَلْهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ كَاسْتِعْمَالِ الصَّبِيِّ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الْأَشْهَرَ فِي اسْتِعْمَالِهِ كَوْنُهُ عَلَى الْوَلِيِّ فَكَذَلِكَ إذَا طَيَّبَهُ الْوَلِيُّ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ. (وَشَرْطُ وُجُوبِهِ) أَيْ: الْحَجِّ (كَوُقُوعِهِ) أَيْ: الْحَجِّ (فَرْضًا حُرِّيَّةٌ) أَيْ: كَوْنُ الْحَاجِّ حُرًّا فَلَا يَجِبُ وَلَا يَقَعُ فَرْضًا مِنْ رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ (وَتَكْلِيفٌ) أَيْ: كَوْنُهُ مُكَلَّفًا أَيْ: مُلْزَمًا بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ لِكَوْنِهِ بَالِغًا عَاقِلًا فَلَا يَجِبُ وَلَا يَقَعُ فَرْضًا مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهِ دُونَ وُقُوعِهِ فَرْضًا الِاسْتِطَاعَةُ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ، وَإِنْ تَكَلَّفَهُ وَقَعَ فَرْضًا وَتَنَازَعَ حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ (وَقْتَ إحْرَامِهِ) أَيْ الْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ حُرًّا مُكَلَّفًا وَقْتَ إحْرَامِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 191 بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ، وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ: بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ، وَأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ؛ إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا   [منح الجليل] يَقَعُ مِنْهُ فَرْضًا وَلَوْ صَارَ حُرًّا مُكَلَّفًا فِي أَثْنَاءِ حَجِّهِ فَلَا يَنْقَلِبُ فَرْضًا وَلَا يَرْتَفِضُ وَلَا يَرْتَدِفُ عَلَيْهِ إحْرَامٌ آخَرُ فَيُتِمُّهُ نَفْلًا وُجُوبًا، وَيَحُجُّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ. وَقَوْلُهُ (بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ) شَرْطٌ فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا فَقَطْ وَمَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ وَالْإِطْلَاقِ، وَيَنْصَرِفُ لِلْفَرْضِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ النَّفَلَ فَلَا يَقَعُ فَرْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ نَفْلًا وَعَلَيْهِ إتْمَامُهُ وَحَجُّ الْفَرْضِ فِي عَامٍ آخَرَ. (وَوَجَبَ) الْحَجُّ (بِاسْتِطَاعَةٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَى حُرٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ، وَلَكِنْ إنْ تَكَلَّفَهُ وَهُوَ صَرُورَةٌ وَقَعَ فَرْضًا فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي وُقُوعِهِ فَرْضًا فَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَاسْتِطَاعَةٌ لِإِيهَامِهِ شَرْطِيَّتَهَا فِيهِ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَصُوَرُ الِاسْتِطَاعَةِ بِقَوْلِهِ (بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) لِأَمَاكِنِ الْمَنَاسِكِ مِنْ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ إمْكَانًا عَادِيًا لَا خَارِقًا لِلْعَادَةِ كَخُطْوَةٍ وَطَيَرَانٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ أَجْزَأَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَتَكَلُّفِ غَيْرِ مُسْتَطِيعِهِ. (بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) أَيْ: خَرَجَتْ عَنْ الْمُعْتَادِ مِنْ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ، فَلَيْسَ الشَّيْخُ كَالشَّابِّ، وَلَا الْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ وَلَا الْفَقِيرُ كَالْغَنِيِّ، وَلَا الْحَضَرِيُّ كَالْبَدْوِيِّ، فَفِي الْحَطّ التَّشْنِيعُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ السُّقُوطَ عَنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ (وَ) بِ (أَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ) مِنْ هَلَاكٍ وَشَدِيدِ أَذًى وَقَتْلٍ وَأَسْرٍ وَسِبَاعٍ (وَمَالٍ) مِنْ مُحَارِبٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَغَاصِبٍ، وَأَخْذِ ظَالِمٍ يَنْكُثُ أَوْ كَثِيرًا، لَا مِنْ سَارِقٍ يَنْدَفِعُ بِالْحِرَاسَةِ وَهَذَا مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ وَأَمْنٍ عَلَى مَالٍ فَقَالَ (إلَّا لِأَخْذِ) شَخْصٍ (ظَالِمٍ مَا) أَيْ مَالًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 192 قَلَّ لَا يَنْكُثُ عَلَى الْأَظْهَرِ،   [منح الجليل] قَلَّ) بِالنِّسْبَةِ لِمَالِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يُجْحِفُ بِهِ وَلَوْ كَثُرَ فِي نَفْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ قَلَّ فِي نَفْسِهِ وَأَنَّ أَخْذَ الْكَثِيرِ مُسْقِطٌ وَلَوْ لَمْ يُجْحِفْ كَمَا لِلَّخْمِيِّ. ابْنِ عَرَفَةَ وَيَسْقُطُ بِطَلَبِ نَفْسٍ أَوْ بِمُجْحِفٍ أَوْ بِمَا لَا حَدَّ لَهُ وَبِمَا لَا يُجْحِفُ قَوْلَا الْمُتَأَخِّرِينَ. اللَّخْمِيُّ لَا يَسْقُطُ بِغُرْمِ الْيَسِيرِ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْقَاضِي وَلَا بِكَثِيرٍ لَا يُجْحِفُ (لَا يَنْكُثُ) أَيْ لَا يَعُودُ الظَّالِمُ لِلْأَخْذِ وَعَلِمَ ذَلِكَ بِالْعَادَةِ كَعِشَارٍ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ أَوْ جَهِلَ سَقَطَ وُجُوبُ الْحَجِّ. بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ زَرُّوقٌ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَالَهُ الْحَطّ وَنَحْوِهِ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ. وَمَا فِي عج مِنْ أَنَّ جَهْلَ الْحَالِ كَعِلْمِ عَدَمِ نَكْثِهِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ نَقْلِيٍّ غَيْرِ ظَاهِرٍ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ يَنْكُثُ أَوْ لَا؟ فَيَسْقُطُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لَا كَذَا الْبَعْضُ. الْحَطّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَنْكُثُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يَجِبُ الْحَجُّ بِلَا خِلَافٍ، وَإِذَا كَانَ يَأْخُذُ مَا قَلَّ وَلَا يَنْكُثُ فَلَا يَسْقُطُ وُجُوبُ الْحَجِّ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ وَلَيْسَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ وَالْحَطّ فِي صَدْرِ كَلَامِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْبُرْزُلِيُّ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ وَذَكَرَهُ حُلُولُو بِوَجْهٍ أَتَمَّ مِنْهُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ ظَالِمٍ مِنْ أَخْذِ الدَّالِّ عَلَى الطَّرِيقِ أُجْرَةً مِنْ الْمُسَافِرِينَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلُ الظَّالِمِ وَتُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمُسَافِرِينَ لَا عَلَى حَسَبِ أَمْتِعَتِهِمْ؛ إذْ مَنْ مَعَهُ دَوَابُّ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ وَالظَّاهِرُ عَدَدُ رُءُوسِ التَّابِعِينَ وَالْمَتْبُوعِينَ وَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِشَيْءٍ عَمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ، وَاحْتُرِزَ أَيْضًا عَمَّا يَأْخُذُهُ الْجُنْدُ وَنَحْوُهُمْ عَلَى حِفْظِ الْمَارَّةِ مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ أَوْ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَيَلْزَمُ الْحَجُّ حِينَئِذٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ لَا يُجْحِفَ وَإِلَّا سَقَطَ الْحَجُّ، وَإِنْ يَمْشُوا هُمْ أَوْ خَدَمُهُمْ مَعَ الْمَارَّةِ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِمْ الْأَخْذُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَخْذٌ عَلَى الْجَاهِ وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ بِذَلِكَ. الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مُرَتَّبٌ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمْ فِي مُقَابَلَةِ حِفْظِ الْمَارِّينَ وَإِلَّا كَانُوا كَالظَّالِمِ، وَإِنْ أَخَذُوا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فَيُوَزِّعُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَقَدْرِ الْأَمْتِعَةِ وَالدَّوَابِّ لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ الِانْتِفَاعَ بِالْحِفْظِ مِنْ سَارِقٍ وَنَحْوِهِ وَالدَّالِ عَلَى الطَّرِيقِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 193 وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ لِذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ، وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ: كَأَعْمَى بِقَائِدٍ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا، وَإِنْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنَا،   [منح الجليل] يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسَافِرُونَ فَقَطْ، فَلِذَا كَانَتْ أُجْرَتُهُ عَلَى عَدَدِهِمْ دُونَ أَمْتِعَتِهِمْ إنْ كَانَ لِمَنْ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ زَادٌ وَرَاحِلَةٌ بَلْ: (وَلَوْ بِلَا زَادٍ) يَأْكُلُهُ فِي سَفَرٍ (وَرَاحِلَةٍ) يَرْكَبُهَا فِيهِ (لِذِي) أَيْ: صَاحِبِ (صَنْعَةٍ) كَحِلَاقَةٍ وَخِيَاطَةٍ وَنِجَارَةٍ (تَقُومُ) الصَّنْعَةُ (بِهِ) أَيْ: الْمُسَافِرِ فِي سَفَرِهِ، أَيْ: تَكْفِيهِ فِيهِ لِزَادِهِ وَلَا تَزْرِي بِهِ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ كَسَادِهَا (وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَهُوَ نَشْرٌ مُرَتَّبٌ لِلَفِّ السَّابِقِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ الْمَشْيَ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وَالْبَاجِيِّ اعْتِيَادَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (أَعْمَى) قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ (بِقَائِدٍ) وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لَا تُجْحِفُ بِهِ بِمِلْكِهَا وَلَهُ مَالٌ يُوَصِّلُهُ لَهُ اللَّخْمِيُّ أَوْ يَتَكَفَّفُ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْأَشَلَّ وَالْأَعْرَجَ يَدًا أَوْ رِجْلًا وَالْأَقْطَعَ وَالْأَصَمَّ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوُصُولُ بِلَا زَادٍ وَلَا رَاحِلَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا انْفِرَادًا أَوْ اجْتِمَاعًا (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فِي السُّقُوطِ (الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا) أَيْ: الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَأَيُّهُمَا عَجَزَ عَنْهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، فَأَحْرَى عَجْزُهُ مِنْهُمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِرُكُوبِ الْقَتَبِ وَالزَّامِلَةِ اشْتِرَاطٌ فِي حَقِّهِ وُجُودَ الْمَحْمَلِ، فَإِنْ كَانَتْ تَلْحَقُهُ بِرُكُوبِهِ أَيْضًا اُعْتُبِرَ وُجُودُهَا أَرْقَى مِنْهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ وُجُودِ الْمَاءِ فِي كُلِّ مَنْهَلٍ. وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ اشْتِرَاطَهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِذَا لَمْ يَحُجَّ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا لِتَعَذُّرِ الْمَاءِ غَالِبًا فِي بَعْضِ الْمَنَاهِلِ وَحِكَايَةُ الشَّامِلِ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ بِقِيلَ تَقْتَضِي ضَعْفَهُ، وَكَلَامُ جَمْعٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وُجُودُهُ فِي الْمَنَاهِلِ الْمُعْتَادِ وُجُودُهُ فِيهَا غَالِبًا لَا فِي كُلِّ مَرْحَلَةٍ وَيَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ الَّذِي يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ، بِإِنْفَاقِ مَالٍ غَيْرِ ثَمَنِ وَلَدِ زِنَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ إمْكَانُ الْوُصُولِ بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ (بِ) إنْفَاقِ (ثَمَنِ) رَقِيقِ (وَلَدٍ) لِأَمَتِهِ حَمَلَتْ بِهِ مِنْ (زِنًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا شَبَهَ فِيهِ وَإِثْمُ الزِّنَا عَلَى فَاعِلَيْهِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 194 أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ، أَوْ بِافْتِقَارِهِ، أَوْ تَرْكِ وَلَدِهِ، لِلصَّدَقَةِ؛ إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا، لَا بِدَيْنٍ أَوْ عَطِيَّةٍ   [منح الجليل] لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ كَوْنَهُ نَاشِئًا عَنْ الزِّنَا مَانِعٌ مِنْ الْحَجِّ بِثَمَنِهِ وَلِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَحُجَّ بِهِ مَنْ يَمْلِكُ غَيْرَهُ. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ، لَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ خُشُونَةَ هَذَا اللَّفْظِ فِي مِثْلِ الْحَجِّ لَكَانَ أَحْسَنَ. (أَوْ) بِإِنْفَاقِ ثَمَنِ (مَا) أَيِّ شَيْءٍ (يُبَاعُ عَلَى الْمُفَلَّسِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً أَيْ: الْمَدِينُ الَّذِي حُكِمَ بِخَلْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ بِحَسَبِ دُيُونِهِمْ لِتَوْفِيَةِ بَعْضِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ (أَوْ بِ) إنْفَاقِ مَا يُؤَدِّي إلَى (افْتِقَارِهِ) أَيْ: صَيْرُورَتِهِ فَقِيرًا (أَوْ) إلَى (تَرْكِ وَلَدِهِ) الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ وَالِدُهُ كَذَلِكَ (لِلصَّدَقَةِ) عَلَيْهِ مِنْ النَّاسِ بِنَاءً عَلَى فَوْرِيَّةِ الْحَجِّ. (إنْ لَمْ يَخْشَ) مُرِيدُ الْحَجِّ بِالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ صَيْرُورَتَهُ فَقِيرًا أَوْ تَرْكَ مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ لِلصَّدَقَةِ (هَلَاكًا) لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ وَلَا أَذًى شَدِيدًا. تت وَأَحْمَدُ عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ مَعَهُ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَوْ يَحُجَّ بِهِ وَيَتْرُكُهَا بِلَا نَفَقَةٍ فَتُطَلِّقُ نَفْسَهَا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ إنْ شَاءَتْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ أَيْ: إلَّا أَنْ يَخْشَى الزِّنَا وَلَوْ بِغَيْرِهَا أَوْ كَانَتْ مَضَرَّةُ طَلَاقِهَا تَزِيدُ عَلَى مَضَرَّةِ تَرْكِ الْحَجِّ تت وَفُهِمَ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّ الْعَزَبَ الَّذِي مَعَهُ مَالٌ يَحُجُّ أَوْ يَتَزَوَّجُ بِهِ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِهِ مَا لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ تَزَوَّجَ أَثِمَ وَلَا يَفْسَخُ وَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ (لَا) يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهُ (بِدَيْنٍ) وَلَوْ مِنْ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوَفِّيهِ بِهِ، وَحَجُّهُ حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِبُعْدِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْحَجُّ عَلَيْهِ بِهِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجِبُ بِقَبُولِ (عَطِيَّةٍ) أَيْ: هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ سُؤَالٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ أَيْ إنْ أَعْطَى لِلْحَجِّ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فَلَا يُعْطِي فَإِنْ أَعْطَى مُطْلَقًا وَقَبِلَ وَجَبَ حَجُّهُ بِهَا فَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا أَوْ أُعْطِيهَا لِلْحَجِّ وَلَمْ يَكُنْ مُعْطِيهُ وَلَدَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ. تت وَالْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ زَادَ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْقُرْطُبِيِّ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ هِبَةِ ابْنِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ حُرْمَةُ أُبُوَّتِهِ. وَيَلْزَمُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ ابْنَهُ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا مِنَّةَ لَهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَمَا قَالَهُ سَنَدٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 195 أَوْ سُوَالٍ مُطْلَقًا، وَاعْتُبِرَ مَا يُرَدُّ بِهِ، إنْ خَشِيَ ضَيَاعًا، وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ،   [منح الجليل] أَظْهَرُ وَلِابْنِ رُشْدٍ مَا يُوَافِقُهُ اهـ. كَلَامُ الْحَطَّابِ وَأَمَّا وَالِدُهُ فَلَا اهـ. عب الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعْطَى مَالًا عَلَى جِهَةِ الْهِبَةِ أَوْ لِصَدَقَةٍ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ بِهِ إلَى مَكَّةَ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ وَالْحَجُّ بِهِ لِسُقُوطِ الْحَجِّ عَنْهُ اهـ، فَالْمَدَارُ عَلَى قَبُولِهَا، فَإِنْ قَبِلَهَا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ (وَ) أَيْ: وَلَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهُ بِ (سُؤَالٍ) مِنْ النَّاسِ فِي السَّفَرِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ اعْتِيَادِهِ فِي الْحَضَرِ وَعَدَمِ الْإِعْطَاءِ فِي السَّفَرِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ اعْتَادَهُ فِي الْحَضَرِ وَعَلِمَ إعْطَاءَهُ فِي السَّفَرِ مَا يَكْفِيهِ، وَلَكِنَّ الْمَذْهَب وُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَيْثُ كَانَتْ لَهُ رَاحِلَةٌ أَوْ قَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ، وَقُدْرَةُ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ عَلَى سُؤَالٍ كِفَايَتُهُ بِالسَّفَرِ اسْتِطَاعَةً. وَأَمَّا غَيْرُ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ وَغَيْرُ قَادِرٍ عَلَى سُؤَالِ كِفَايَتِهِ بِالسَّفَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَفِي إبَاحَتِهِ وَكَرَاهَتِهِ رِوَايَتَانِ. الْبُنَانِيُّ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِلَفْظِ غَيْرِ قَادِرٍ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظِ غَيْرِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا يَجِبُ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ قَادِرٌ عَلَى سُؤَالٍ كِفَايَتُهُ بِالسَّفَرِ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَفِي إبَاحَتِهِ لَهُ وَكَرَاهَتُهُ رِوَايَتَا ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَاسِمِ. (وَاعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فِي الِاسْتِطَاعَةِ زِيَادَةً عَلَى مَا يُوَصِّلُهُ لِمَكَّةَ (مَا) أَيْ: مَالٌ (يُرَدُّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ: يُرْجَعُ (بِهِ) إلَى أَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُهُ التَّمَعُّشُ فِيهِ بِمَا لَا يَزْرِي بِهِ مِنْ الْحِرَفِ (إنْ خَشِيَ ضَيَاعًا) بِبَقَائِهِ بِمَكَّةَ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ التَّمَعُّشُ بِهَا بِمَا لَا يَزْرِي بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا مَا يُوَصِّلُهُ إلَيْهَا. (وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ) فِي وُجُوبِ السَّفَرِ فِيهِ لِمَنْ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ كَأَهْلِ الْجُزُرِ وَجَوَازُهُ لِمَنْ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَغْلِبَ) أَيْ: يَفُوقَ وَيَزِيدَ (عَطَبُهُ) أَيْ: الْبَحْرِ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ اسْتِوَاءَهُمَا كَغَلَبَةِ السَّلَامَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ: وَالْبَحْرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 196 أَوْ يُضَيِّعُ رُكْنَ صَلَاةٍ لِكَمَيْدٍ. وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ وَسُنَّةِ الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ، وَرُكُوبِ بَحْرٍ، إلَّا أَنْ تَخْتَصَّ بِمَكَانٍ،   [منح الجليل] كَالْبَرِّ إنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْبَحْرُ الْآمِنُ مَعَ أَدَاءِ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَالْبَرِّ وَإِلَّا سَقَطَ اهـ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ كَرَاهَتُهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الْجُزُرِ. (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلَاةٍ) كَسُجُودٍ وَقِيَامٍ (لِكَمَيْدٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ دَوْخَةٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الزَّحْمَةَ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا السُّجُودَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ آخَرَ؛ وَمِثْلُ الْإِخْلَالِ بِرُكْنِهَا الْإِخْلَالُ بِشَرْطِهَا كَنَجَاسَةٍ وَاسْتِبْرَاءٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَقِبْلَةٍ أَوْ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا الِاخْتِيَارِيِّ، وَفِيهِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا يَرْكَبُهُ أَيَرْكَبُ حَيْثُ لَا يُصَلِّي؟ وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِهِ مَعَ الصَّلَاةِ جَالِسًا وَالسُّجُودُ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ مُسْقِطًا أَوَّلًا سَمَاعَ أَشْهَبَ وَتَخْرِيجَ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِصِحَّةِ جُمُعَةِ مَنْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ وَإِبَاحَةِ سَفَرِ تَجْرٍ يَنْقُلُ لِلتَّيَمُّمِ اهـ. وَيَقْضِي الْعَالِمُ بِالْمَيْدِ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ فِي غَيْبَةِ عَقْلِهِ كَالسَّكْرَانِ بِجَامِعِ إدْخَالِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يَقْضِيهِ غَيْرُهُ لِعُذْرِهِ. ابْنُ الْمُعَلِّي وَاللَّخْمِيُّ إنْ عَلِمَ حُصُولَ الْمَيْدِ حَرُمَ عَلَيْهِ رُكُوبُهُ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهُ جَازَ، وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ، وَيُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ فِي الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ. (وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ) فِي وُجُوبِ الْحَجِّ وَسُنَّةِ الْعُمْرَةِ مَرَّةً وَشُرُوطُهُ: الصِّحَّةُ وَالْوُقُوعُ فَرْضًا وَكَوْنُهُ فَوْرًا أَوْ مُتَرَاخِيًا وَغَيْرُهَا (إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ) فَيُكْرَهُ لَهَا وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ مُتَجَالَّةً وَالظَّاهِرُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النِّسَاءِ فَنِسَاءُ الْحَاضِرَةِ لَسْنَ كَنِسَاءِ الْبَادِيَةِ وَلَا يُكْرَهُ الْقَرِيبُ كَمَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا مِمَّا لَيْسَ عَلَى مَسَافَةِ قَصْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ مَشْيِهَا مِنْ بُعْدٍ كَالرَّجُلِ أَوْ عَوْرَةٍ. ثَالِثًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ جَسِيمَةٍ أَوْ رَائِعَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَرَدَّ ابْنُ مُحْرِزٍ الْأَوَّلَيْنِ لِلثَّالِثِ. (وَ) إلَّا فِي (رُكُوبِ بَحْرٍ) فَيُكْرَهُ لَهَا (إلَّا أَنْ تُخَصَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ: الْمَرْأَةِ عَنْ الرِّجَالِ (بِمَكَانٍ) مِنْ السَّفِينَةِ أَوْ تَتَّسِعَ بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِطُ بِالرِّجَالِ عِنْدَ نَوْمِهَا وَقَضَاءِ حَاجَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْمَرْأَةِ فِيهِ أَيْ الْبَحْرِ كَالرَّجُلِ وَسُقُوطُهُ عَنْهَا بِهِ قَوْلَا اللَّخْمِيِّ وَسَمَاعُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 197 وَزِيَادَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ لَهَا.   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ. ابْنُ رُشْدٍ قِيلَ يَسْقُطُ بِهِ عَنْ الرَّجُلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ (وَ) إلَّا فِي (زِيَادَةِ مَحْرَمٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ. (أَوْ زَوْجٍ لَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ» ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ» ، وَرُوِيَ نِصْفُ يَوْمٍ وَيَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَلَيْلَةٍ وَبَرِيدًا. وَرُوِيَ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» فَرَدُّوا رِوَايَاتِ التَّحْدِيدِ إلَى رِوَايَةِ الْإِطْلَاقِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُطْلَقَ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِقَيْدٍ وَاحِدٍ لَا بِأَزْيَدَ مِنْ قَيْدٍ فَتَسْقُطُ الْقُيُودُ لِتَعَارُضِهَا وَيُعْمَلُ بِالْمُطْلَقِ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ رِوَايَاتِ التَّحْدِيدِ إنَّمَا وَرَدَتْ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ أَسْئِلَةِ السَّائِلِينَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ تُسَافِرُ امْرَأَةٌ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ؟ فَقَالَ: لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ» . وَكَذَا بَاقِي رِوَايَاتِ التَّقْيِيدِ فَلَا مَفْهُومَ لَهَا، وَالْمُرَادُ مَا يُسَمَّى سَفَرٌ لُغَةً لِحُرْمَةِ اخْتِلَائِهَا بِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةَ الْمَحْرَمِ أَوْ الزَّوْجِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ اعْتِبَارُهُ فِي اسْتِطَاعَةِ الرَّجُلِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ زِيَادَتَهُ عَنْ وَاحِدٍ وَتَعَدُّدَهُ. الْحَطَّابُ وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بَلْ تَمْيِيزُهُ وَكِفَايَتُهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَشَمِلَ الْمَحْرَمُ رَبِيبُهَا. وَكَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَفَرَهَا مَعَهُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلِخَوْفِ ضَيْعَتِهَا مَعَهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ لَا تَخْرُجُ مَعَ خَتْنِهَا دُونَ جَمَاعَةِ النَّاسِ. ابْنُ رُشْدٍ كَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةَ سَفَرِهَا مَعَ رَبِيبِهَا أَوْ حَمْوِهَا لِحَدَاثَةِ حُرْمَتِهِمَا. الْبَاجِيَّ كَرَاهَتُهُ مَعَ رَبِيبِهَا لِعَدَاوَتِهَا الرَّبِيبَ وَقِلَّةِ شَفَقَتِهِ وَسَائِرِ مَحَارِمِ الصِّهْرِ وَالرَّضَاعِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ كَالْمَرْأَةِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَحْرَمُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ لَزِمَتْهَا إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهَا وَحَرُمَ عَلَيْهَا السَّفَرُ مَعَ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ بِكُلِّ وَجْهٍ أَوْ طَلَبِ أُجْرَةٍ زَائِدَةٍ لَا تَقْدِرُ عَلَيْهَا خَرَجَتْ مَعَ الرُّفْقَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي سَفَرِهَا مَعَ عَبْدِهَا فَرَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ سَفَرَهَا مَعَهُ مُطْلَقًا وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ الْفُرَاتِ مَنْعَهُ مُطْلَقًا، وَعَزَا ابْنُ الْقَطَّانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْقَصَّارِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى سَفَرَهَا مَعَ الْوَفْدِ فَقَطْ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 198 كَرُفْقَةٍ أَمِنَتْ بِفَرْضٍ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ، أَوْ بِالْمَجْمُوعِ: تَرَدُّدٌ. وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى.   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ أَيْ: فَيَجِبُ عَلَيْهَا فَقَالَ (كَ) سَفَرِهَا مَعَ (رُفْقَةٍ أُمِنَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ مَأْمُونَةٍ (بِ) سَفَرٍ (فَرْضٍ) لِحَجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ انْتِقَالٍ مِنْ أَرْضِ كُفْرٍ أَسْلَمَتْ بِهَا لِأَرْضِ إسْلَامٍ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَحْرَمٌ أَوْ امْتَنَعَا مِنْ السَّفَرِ مَعَهَا، أَوْ عَجْزًا هَذَا مُفَادُ النَّقْلِ لَا مَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ مُسَاوَاةِ الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ الزَّوْجِ وَالْمَحْرَمِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مَأْمُونَةً فِي نَفْسِهَا. (وَفِي الِاكْتِفَاءِ) فِي الرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ (بِنِسَاءٍ) فَقَطْ (أَوْ رِجَالٍ) فَقَطْ فَالْمَجْمُوعُ أَحْرَى (أَوْ) الْعِبْرَةُ (بِالْمَجْمُوعِ) مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فَأَحَدُهُمَا لَا يَكْفِي (تَرَدُّدٌ) حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ قِيلَ الْمُرَادُ بِمَجْمُوعِهِمَا، وَقِيلَ أَرَادَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَكْثَرُ مَا نَقَلَهُ أَصْحَابُنَا اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ قَالَهُ عِيَاضٌ، وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا تَأْوِيلَاتٌ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ مُوَافَقَتَهُ لَقَالَ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْمَجْمُوعِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ النِّسَاءِ تَأْوِيلَاتُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ شَرْطُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِصُحْبَةِ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ. الْمُوَطَّإِ جَمَاعَةُ النِّسَاءِ كَالْمَحْرَمِ اللَّخْمِيِّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ دُونَهُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ لَا بَأْسَ بِهِمْ. وَرَوَى ابْنُ رُشْدٍ جَمَاعَةُ النَّاسِ كَالْمَحْرَمِ وَفِيهَا مَنْ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ تَخْرُجُ مَعَ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ. الْبَاجِيَّ لَا يُعْتَبَرُ فِي كَبِيرِ الْقَوَافِلِ وَعَامِرِ الطَّرِيقِ الْمَأْمُونَةِ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِلْفَرْضِ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا وَلَا بُدَّ فِي التَّطَوُّعِ مِنْ إذْنِهِ وَالْمَحْرَمُ. (وَصَحَّ) الْحَجُّ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا (بِ) إنْفَاقِ الْمَالِ (الْحَرَامِ) فَيَسْقُطُ بِهِ طَلَبُ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ (وَعَصَى) أَيْ: أَثِمَ بِإِنْفَاقِ الْمَالِ الْحَرَامِ الْحَطَّابُ وَلَا ثَوَابَ فِيهِ وَغَيْرُ مَقْبُولٍ. الْمِسْنَاوِيُّ هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ السَّيِّئَةَ لَا تُحْبِطُ ثَوَابَ الْحَسَنَةِ فَيُثَابُ عَلَى حَجِّهِ وَيَأْثَمُ بِإِنْفَاقِهِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَنْ قَاتَلَ الْكُفَّارَ عَلَى فَرَسٍ مَغْصُوبٍ فَلَهُ أَجْرُ الْجِهَادِ وَعَلَيْهِ إثْمُ غَصْبِ الْفَرَسِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 199 وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى غَزْوٍ، إلَّا لِخَوْفٍ. وَرُكُوبٌ،   [منح الجليل] (وَفُضِّلَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً (حَجٌّ) وَلَوْ نَفْلًا (عَلَى غَزْوٍ) نَفْلٍ أَوْ فَرْضِ كِفَايَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا لِخَوْفٍ) مِنْ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيُفَضَّلُ الْغَزْوُ عَلَى الْحَجِّ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ عَلَى الْقَوْلِ بِتَرَاخِيهِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ فَإِنْ كَثُرَ الْخَوْفُ أَوْ اشْتَدَّ أَوْ فَجَأَ الْعَدُوُّ أَوْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ قُدِّمَ الْغَزْوُ عَلَى الْحَجِّ وَلَوْ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ أَوْ مَعَ خَوْفِ فَوَاتِهِ وَعَلَى صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ فِي غَيْرِ مَجَاعَةٍ، وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ إنْ سَاوَتْهُ قَدْرًا وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، أَفَادَ عب. الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: حَجُّ التَّطَوُّعِ مَعَ الْغَزْوِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَحَجُّ الْفَرْضِ مَعَ الْغَزْوِ كَذَلِكَ وَحَجُّ التَّطَوُّعِ مَعَ الْغَزْوِ فِي سَنَةِ خَوْفٍ، وَحَجُّ الْفَرْضِ مَعَ الْغَزْوِ كَذَلِكَ، فَفِي الْأُولَى يُقَدَّمُ الْحَجُّ نَدْبًا عَلَى الْغَزْوِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُقَدَّمُ الْحَجُّ نَدْبًا عَلَى التَّرَاخِي وَوُجُوبًا عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يُقَدَّمُ الْغَزْوُ نَدْبًا، وَفِي الرَّابِعَةِ عَلَى التَّرَاخِي يُقَدَّمُ الْغَزْوُ وَعَلَى الْفَوْرِ يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْخَوْفِ وَقِلَّتِهِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَا ذُكِرَ فِي الرَّابِعَةِ اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ قَائِلًا لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَجِبْ الْغَزْوُ عَلَى الْأَعْيَانِ لِفَجْءِ الْعَدُوِّ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِهِ قَوْلًا وَاحِدًا. . (وَ) فُضِّلَ (رُكُوبٌ) عَلَى مَشْيٍ فِي سَفَرِ الْحَجِّ وَفِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ إلَى مِنًى، وَفِي التَّوَجُّهِ مِنْهَا إلَى عَرَفَةَ، وَفِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَفِي الرَّدِّ مِنْهَا إلَى مُزْدَلِفَةَ وَفِي الْوُقُوفِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَفِي الدَّفْعِ مِنْهُ إلَى مِنًى وَفِي رَمْيِ الْعَقَبَةِ حِينَ وُصُولِ مِنًى، وَفِي الذَّهَابِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَفِي الرُّجُوعِ إلَى مِنًى لِلْمَبِيتِ بِهَا وَفِي الذَّهَابِ مِنْهَا إلَى الْمُحَصَّبِ. وَأَمَّا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فَالْمَشْيُ فِيهِمَا وَاجِبٌ وَرَمْيُ الْجِمَارِ فِي الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ فَيُنْدَبُ فِيهِ الْمَشْيُ وَفُضِّلَ الرُّكُوبُ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمُضَاعَفَةِ النَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلشُّكْرِ وَأَعْوَنُ عَلَى الْمَنَاسِكِ لَا يُقَالُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «إنَّ لِلرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً، وَلِلْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ» . وَحَدِيثُ «إنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَافِحُ الرَّاكِبَ وَتَعْتَنِقُ الْمَاشِيَ» يُفِيدَانِ أَفْضَلِيَّةَ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 200 وَمُقَتَّبٌ. وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ: كَصَدَقَةٍ، وَدُعَاءٍ،   [منح الجليل] هَذِهِ مَزِيَّةٌ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ (وَ) فَضْلُ الرُّكُوبِ (مُقَتَّبٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ مِنْ أَقَتَبَ أَوْ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا مِنْ قَتَبَ كَذَلِكَ أَيْ عَلَى رَحْلٍ صَغِيرٍ قَدْرَ السَّنَامِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَقَدْ حَجَّ عَلَى قَتَبٍ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ تُسَاوِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، أَيْ: كِسَاءٌ مِنْ شَعْرٍ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا لَا رِيَاءَ فِيهِ وَلَا سُمْعَةَ» . (وَ) فُضِّلَ (تَطَوُّعُ) بِضَمِّ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً (وَلِيِّهِ) أَيْ: عَاصِبِ الْمَيِّتِ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ (عَنْهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ وَكَذَا عَنْ الْحَيِّ (بِغَيْرِهِ) أَيْ: الْحَجِّ وَمَثَّلَ لِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ) وَهَدْيٍ وَعِتْقٍ لِقَبُولِ هَذِهِ النِّيَابَةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ فَالْمُرَادُ غَيْرُ مَخْصُوصٍ، وَهُوَ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ لَا مَا لَا يَقْبَلُهَا كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَيُكْرَهُ تَطَوُّعٌ عَنْهُ بِالْحَجِّ. وَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ هُنَا الْخِلَافَ فِي جَوَازِ إهْدَاءِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَيْءٍ مِنْ الْقُرَبِ قَالَ، وَجُلُّهُمْ أَجَابَ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ أَثَرٌ وَلَا شَيْءٌ عَمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ مِنْ السَّلَفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 201 وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ،.   [منح الجليل] فَانْظُرْهُ. وَلَمَّا أَفْهَمَ قَوْلُهُ " وَتَطَوُّعِ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ " صِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ وَكَانَتْ أَقْسَامُهُ أَرْبَعَةً: إجَارَةُ ضَمَانٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِذِمَّةِ الْأَجِيرِ، وَضَمَانٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَيِّنَةٍ، وَبَلَاغٌ، وَجَعَالَةٌ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا. أَمَّا أَنْ تُعَيَّنَ السَّنَةُ أَمْ لَا شَرَعَ فِيهَا مُشِيرًا إلَى الضَّمَانِ بِقِسْمَيْهِ فَقَالَ: (وَ) فُضِّلَتْ (إجَارَةُ ضَمَانٍ) عَلَى الْحَجِّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ وَسَوَاءٌ تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْأَجِيرِ نَحْوُ ذَلِكَ كَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ تَحُجَّ أَنْتَ عَنْ فُلَانٍ، أَوْ بِذِمَّتِهِ نَحْوُ ذَلِكَ كَذَا عَلَى الْحَجِّ عَنْ فُلَانٍ وَلَوْ مِنْ غَيْرِك، وَسَوَاءٌ عَيَّنَ لِعَامٍ فِيهِمَا أَوْ أَطْلَقَهُ (عَلَى بَلَاغٍ) وَسَيُعَرِّفُهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بِيَدٍ أَوْ عَوْدًا بِالْعُرْفِ، وَسَيَعْطِفُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى بَلَاغٍ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَعَلَى الْجَعَالَةِ أَيْ: الْإِجَارَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِشَرْطِ التَّتْمِيمِ، وَالْمُرَادُ بِأَفْضَلِيَّةِ الضَّمَانِ بِهِ بِقِسْمَيْهِ عَلَى الْبَلَاغِ أَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْمَالِ لِوُجُوبِ مُحَاسَبَةِ الْأَجِيرِ فِيهِ إنْ مَاتَ أَوْ صُدَّ قَبْلَ التَّمَامِ، وَعَلَى الْجَعَالَةِ أَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْحَجِّ لِلُزُومِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فِي الْجَعَالَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا؛ إذْ لَا ثَوَابَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا لِكَرَاهَتِهَا كُلِّهَا. وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ عَاشِرٍ الْأَفْضَلِيَّةَ بِأَنَّ الْمُوصِيَ إنْ عَيَّنَ شَيْئًا مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ وَجَبَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْهَا وَجَبَ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَبْقَ لِلْأَفْضَلِيَّةِ مَحَلٌّ. الْبُنَانِيُّ مَحَلُّهَا عِنْدَ تَعْيِينِ الْمُوصِي نَفْسَهُ أَوْ جَعْلِهِ الْخِيَارَ لِلْوَصِيِّ أَوْ عِنْدَ اسْتِئْجَارِ حَيٍّ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالنِّيَابَةُ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ بِذَاتِهِ إجَارَةٌ إنْ كَانَتْ عَلَى مُطْلَقِ عَمَلٍ، وَجُعْلٌ إنْ كَانَتْ عَلَى تَمَامِهِ وَبَلَاغٌ إنْ كَانَتْ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ وَمَا الْإِجَارَةُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْ فُلَانٍ لَهُ مَا زَادَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ، وَالْبَلَاغُ خُذْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ تَحُجُّ بِهَا عَنْهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْنَا مَا نَقَصَ عَنْ الْبَلَاغِ أَوْ يَحُجُّ بِهَا عَنْهُ وَالنَّاسُ يَعْرِفُونَ كَيْفَ يَأْخُذُونَ إنْ أَخَذُوا عَلَى الْبَلَاغِ فَبَلَاغٌ، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَنَّهُمْ ضَمِنُوا الْحَجَّ فَقَدْ ضَمِنُوهُ. قُلْت يُرِيدُ بِالضَّمَانِ لُزُومَهُ الْحَجَّ بِذَلِكَ الْعِوَضِ دُونَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا رَدٍّ مِنْهُ. مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيُنْفِقُ فِي الْبَلَاغِ مَا يُصْلِحُهُ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ كَعْكٍ وَزَيْتٍ وَخَلٍّ وَلَحْمٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَشَبَهِ ذَلِكَ، وَالْوِطَاءُ وَاللِّحَافُ وَالثِّيَابُ، وَيَرِدُ فَضْلُ ذَلِكَ وَالثِّيَابُ وَإِنَّا لَنَكْرَهُهُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 202 فَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهِ. وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ: كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ، وَلَهُ بِالْحِسَابِ   [منح الجليل] وَهَذِهِ وَالْإِجَارَةُ فِي الْكَرَاهَةِ سَوَاءٌ وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُؤَاجِرَ بِمُسَمًّى؛ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ كَانَ ضَامِنًا لِذَلِكَ. مُحَمَّدٌ يُرِيدُ ضَامِنًا لِلْمَالِ يُحَاسَبُ بِمَا صَارَ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ مَا بَقِيَ وَهَذَا أَحْوَطُ مِنْ الْبَلَاغِ، وَلَا يُؤَاجِرُ مِنْ مَالِهِ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَجًّا مَضْمُونًا. (فَ) الْإِجَارَةُ عَلَى الْحَجِّ بِمَالٍ مَعْلُومٍ (الْمَضْمُونَةُ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةُ بِضَمَانِ الْأَجِيرِ (كَ) الْإِجَارَةِ الْمَضْمُونَةِ عَلَى (غَيْرِهِ) أَيْ: الْحَجِّ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَكَوْنِ فَضْلِ الْمَالِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ عَنْ الْحَجِّ لِلْأَجِيرِ وَنَقْصُهُ عَنْهُ عَلَيْهِ وَالصِّفَةُ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَجِّ بِمَالٍ مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ الْأَجِيرُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يَشَاءُ وَفِي عَدَمِ جَوَازِ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِمُعَيَّنٍ وَتَأَخَّرَ شُرُوعُهُ فِيهِ، وَجَوَازُ تَقْدِيمِهِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ قَالَهُ سَنَدٌ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فِي الْمُتَعَلِّقَةِ بِالذِّمَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ أَوْ الشُّرُوعِ إلَّا فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ قَبْلَ وَقْتِهِ فَيَكْفِي تَعْجِيلُ الْيَسِيرِ، فَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ. (وَتَعَيَّنَتْ) إجَارَةُ الضَّمَانِ عَلَى الْوَصِيِّ (فِي) صُوَرٍ (الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْمُوصِي بِأَنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي وَسَكَتَ وَمَفْهُومُ فِي الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ إنْ قَيَّدَ بِشَيْءٍ تَعَيَّنَ وَلَوْ الْبَلَاغَ وَإِنْ قَيَّدَ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يُعَيِّنْ هَلْ فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْعَيْنِ؟ فَالْأَحْوَطُ الْأَوَّلُ وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا تَعَيَّنَ وَشَبَّهَ فِي التَّعَيُّنِ فَقَالَ (كَمِيقَاتِ) بَلَدِ (الْمَيِّتِ) الْمُوصِي فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَجِيرِ إحْرَامُهُ مِنْهُ فِي إطْلَاقِ الْمُوصِي وَعَدَمِ تَعْيِينِهِ مِيقَاتًا، وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بِبَلَدِ الْمُوصِي أَوْ بِغَيْرِهَا هَذَا هُوَ الْمُرْتَضَيْ كَمَا فِي تت وَالْمَوَّاقِ وَالشَّيْخِ سَالِمٍ. وَقَالَ الْحَطّ يُحْرِمُ مِنْ مِيقَاتِ بَلَدِ الْمَيِّتِ إنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ وَإِلَّا فَيُحْرِمُ مِنْ مِيقَاتِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ، وَمَفْهُومُ الْمَيِّتِ أَنَّ مِيقَاتَ بَلَدِ الْمُسْتَأْجِرِ الْحَيِّ لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يُنْدَبُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ قَالَهُ الْحَطَّابُ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ الَّذِي قَالَهُ الْحَطّ مِنْ اعْتِبَارِ بَلَدِ الْعَقْدِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ فَهُوَ أَقْوَى، وَمَا نَسَبَهُ لِلْحَطَّابِ آخِرًا لَيْسَ فِيهِ. (وَلَهُ) أَيْ: أَجِيرِ الضَّمَانِ مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ كَانَ الْعَقْدُ مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِهِ (بِالْحِسَابِ) بِاعْتِبَارِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 203 إنْ مَاتَ وَلَوْ بِمَكَّةَ، أَوْ صُدَّ وَالْبَقَاءُ لِقَابِلٍ،   [منح الجليل] مَا سَارَ وَمَا بَقِيَ طُولًا وَقِصَرًا وَسُهُولَةً وَصُعُوبَةً وَأَمْنًا وَخَوْفًا (إنْ مَاتَ) أَجِيرُ الضَّمَانِ قَبْلَ الْإِتْمَامِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ لَا بِمُجَرَّدِ الطُّولِ وَالْقَصْرِ فَقَدْ يُسَاوِي رُبْعَ الْمَسَافَةِ نِصْفَ الْأُجْرَةِ لِصُعُوبَتِهِ وَعَكْسُهُ لِسُهُولَتِهِ، فَيُقَالُ بِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْإِجَارَةِ مِنْ مَوْضِعِ الِاسْتِئْجَارِ؟ فَإِنْ قِيلَ: بِعَشْرَةٍ قِيلَ: وَبِكَمْ يَحُجُّ مِثْلُهُ فِي زَمَنِهَا مِنْ مَوْضِعِ مَوْتِ الْأَجِيرِ؟ فَإِنْ قِيلَ: بِثَمَانِيَةٍ وَنِسْبَةُ الثَّمَانِيَةِ لِلْعَشْرَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ عُلِمَ أَنَّ الْأَجِيرَ اسْتَحَقَّ مِنْ الْأُجْرَةِ خُمُسَهَا فَيُرَدُّ مِنْ تَرِكَتِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا إنْ كَانَ قَبَضَهَا بَقِيَتْ عِنْدَهُ أَوْ تَلِفَتْ بِسَبَبِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهَا دُفِعَ لِوَارِثِهِ خُمُسُهَا. وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ التَّمَامِ فَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، فَإِنْ أَبَى أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ أُجْرَةَ حِجَّةٍ بَالِغَةٍ مَا بَلَغَتْ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَسَنَدٌ، وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَرَضًا أَوْ جَارِيَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حِجَّةٌ عَنْ فُلَانٍ فَمَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَجُّ فَفِي مَالِهِ حِجَّةٌ لَازِمَةٌ تَبْلُغُ مَا بَلَغَتْ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا بِمَنْزِلَةِ سِلْعَةٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَلِأَجِيرِ الضَّمَانِ الْمَيِّتِ قَبْلَ التَّمَامِ بِالْحِسَابِ إنْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِ مَكَّةَ اتِّفَاقًا. بَلْ (وَلَوْ) مَاتَ (بِمَكَّةَ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ مَاتَ بِمَكَّةَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَضَعَّفَ، وَأَجِيرُ الْبَلَاغِ إنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَامِ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ، وَأَجِيرُ الْجَعَالَةِ إنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَعَطَفَ عَلَى مَاتَ فَقَالَ (أَوْ صُدَّ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ: مُنِعَ الْأَجِيرُ مِنْ التَّمَامِ بِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ وَمِثْلُهُ خَطَؤُهُ فِي عَدَدِ الْأَيَّامِ فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَلَهُ بِالْحِسَابِ وَيَتَحَلَّلُ. (وَ) لَهُ أَيْ: الْأَجِيرِ عَلَى الْحَجِّ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ وَصَدَفِيَّةٍ بِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ أَخْطَأَ فِي الْعَدَدِ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ مِنْ عَامِهِ (الْبَقَاءُ) عَلَى عَقَدَ الْإِجَارَةِ (لِ) عَامٍ (قَابِلٍ) يَحُجُّ فِيهِ عَنْ الْمَيِّتِ إنْ تَحَلَّلَ مِمَّا فَاتَهُ أَوْ يُتِمُّ فِيهِ إنْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ، فَإِنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى بَقَائِهِ جَازَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ فَسْخَهُ لِخِفَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ عَنْ الْإِجَارَةِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَلَمْ تَنْفَسِخْ بِفَوَاتِ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ الْحِسَابُ وَلَا يَجُوزُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 204 وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطٌ: كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ. وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ، وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَعَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ،.   [منح الجليل] الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِفَوَاتِ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ، فَصَارَ بَاقِي الْأُجْرَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ يُؤْخَذُ عَنْهُ مَنَافِعُ مُؤَخَّرَةٌ. وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْجَوَازَ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ. (وَ) إنْ مَاتَ الْأَجِيرُ أَوْ صُدَّ وَلَمْ يَبْقَ لِقَابِلٍ (اُسْتُؤْجِرَ) أَجِيرٌ عَلَى الْحَجِّ (مِنْ) مَوْضِعِ (الِانْتِهَاءِ) مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي مَاتَ أَوْ صُدَّ فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ وَالْبَلَاغِ وَقَصَرَهُ عَلَى الضَّمَانِ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ سِيَاقُهُ قُصُورٌ، وَيَبْتَدِئُ الْأَجِيرُ الثَّانِي الْحَجَّ مِنْ حَيْثُ اُسْتُؤْجِرَ وَلَا يَبْنِي عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مِثْلُ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فِي عَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ مِنْ الِانْتِهَاءِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ مَنْ يَبْتَدِئُ الْحَجَّ مِنْ الِانْتِهَاءِ فِي الْمَسَافَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَبْتَدِيهِ مِنْ أَوَّلِهَا، وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ صُدَّ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ وَرُدَّتْ حِصَّتُهُ، وَلَا يَسْتَأْجِرُ ثَانٍ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ فِي عَامِهِ فَمَحَلُّ الِاسْتِئْجَارِ حَيْثُ أَمْكَنَ فِعْلَ الْحَجِّ وَلَوْ فِي ثَانِي عَامٍ. (وَلَا يَجُوزُ) فِي الضَّمَانِ (اشْتِرَاطٌ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ) أَيْ: الْأَجِيرِ لِلْغَرَرِ؛ إذْ تَصِيرُ الْأُجْرَةُ فِي نَظِيرِ الْحَجِّ وَالْهَدْيُ وَالْمَجْهُولُ قِيمَتُهُ، فَإِنْ ضَبَطَ صِنْفَهُ وَسِنَّهُ وَوَصْفَهُ جَازَ عَلَى حَدِّ اجْتِمَاعِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ. (وَصَحَّ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً (الْعَامَ) الَّذِي يَحُجُّ فِيهِ الْأَجِيرُ، وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ لَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ (وَ) حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ (تَعَيَّنَ) عَلَى الْأَجِيرِ الْعَامُ (الْأَوَّلُ) لِلْحَجِّ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِيهِ عَمْدًا أَثِمَ وَلَزِمَهُ فِيمَا يَلِيهِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، وَنَقَلَهُ الْمُوضِحُ وَالْحَطَّابُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَيُّنَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ إذْ فِيهِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِالتَّأْخِيرِ لِقَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ. (وَ) فُضِّلَ عَامٌ مُعَيَّنٌ (عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) عَنْ التَّعْيِينِ أَيْ: أَنَّهُ أَحْوَطُ مِنْهُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْأَجِيرِ وَنَفْدِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ، بِهَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ مَعْنَاهُ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ أَيْ: عَلَى أَنْ يَحُجَّ الْأَجِيرُ فِي أَيِّ عَامٍ شَاءَ، وَارْتَضَاهُ الْحَطَّابُ، وَنَقَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ بَشِيرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 205 وَعَلَى الْجِعَالَةِ، وَحَجَّ عَلَى مَا فُهِمَ، وَجَنَى إنْ وَفَّى دَيْنَهُ وَمَشَى.   [منح الجليل] وَاسْتَبْعَدَ الْبِسَاطِيُّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ قَائِلًا كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ. وَعِنْدِي أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى إذَا قَالَ: حُجَّ عَنِّي وَلَمْ يُقَيِّدْ بِعَامٍ وَلَمْ يُطْلِقْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ عَامٍ وَهَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِالْإِطْلَاقِ كَحُجَّ عَنِّي مَتَى شِئْت. (وَ) فُضِّلَتْ الْإِجَارَةُ بِأَنْوَاعِهَا (عَلَى الْجَعَالَةِ) أَيْ أَنَّهَا أَحْوَطُ لَا أَنَّ ثَوَابَهَا أَكْثَرُ؛ إذْ لَا ثَوَابَ فِيهَا كُلِّهَا. الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ أَحْوَطُ فَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْجَعَالَةِ. الدُّسُوقِيُّ قَدْ يُقَالُ الْجَعَالَةُ وَإِنْ كَانَتْ أَحْوَطَ مِنْ جِهَةٍ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُدْفَعُ لِلْأَجِيرِ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْرِي فِيهَا هَلْ يُوفِي الْأَجِيرَ أَمْ لَا؟ لِكَوْنِ عَقْدِهَا لَيْسَ لَازِمًا وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ فَهُوَ أَحْوَطُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ. (وَحَجَّ) الْأَجِيرُ ضَمَانًا أَوْ بَلَاغًا (عَلَى مَا فُهِمَ) بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ حَالِ الْمُوصِي بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ مِنْ رُكُوبِ مَحْمَلٍ أَوْ مِحَفَّةٍ أَوْ قَتَبٍ عَلَى جَمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ وُجُوبًا. وَالْعِبْرَةُ يُفْهَمُ غَيْرُ الْأَجِيرِ لِاتِّهَامِهِ بِتَوْفِيرِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ شَيْءٌ مِنْ وَصِيَّةِ الْمُوصِي فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْكَبَ مَا كَانَ يَرْكَبُ الْمُوصِي مِنْ جَمَلٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَجَنَى) أَيْ: تَعَدَّى الْأَجِيرُ (إنْ وَفَّى) بِشَدِّ الْفَاءِ أَيْ: قَضَى (دَيْنَهُ) بِالْأُجْرَةِ (وَمَشَى) فِي الْحَجِّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْحَجِّ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ نَزَعَ الْمَالَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَأُلْزِمَ بِأَنْ يَحُجَّ بِهِ عَلَى مَا فُهِمَ، أَوْ يَسْتَأْجِرَ بِهِ غَيْرَهُ، وَتَصَدُّقُهُ أَوْ تَزَوُّجُهُ بِهَا كَوَفَاءِ دَيْنِهِ الْبُنَانِيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَالْمَشْيِ أَوْ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْمَشْيِ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا، فَقَالَ الْحَطّ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ ضَمَانًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا هِيَ خِيَانَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بَلَاغًا فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهُ قَدْرَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَأُجْرَةِ رُكُوبِهِ وَأَخَذَ الزَّائِدَ إنْ كَانَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَقَالَ عبق يَرْجِعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا مُطْلَقًا لِانْفِسَاخِهَا بِفَوَاتِ الْعَامِ الْمُعَيَّنِ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَرْجِعْ فِي عَامٍ آخَرَ لِلْحَجِّ عَلَى مَا فُهِمَ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّعْبِيرُ بِالْجِنَايَةِ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَمُشْكِلٌ عَلَى اسْتِظْهَارِ الْحَطّ كَمَا قَالَ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ خِيَانَةً بِالْخَاءِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 206 يَقُولُ حُجَّ عَنِّي وَأَدْفَعُ لَك مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا تُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِك كُلَّ يَوْمٍ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُرْفِ وَالْبَلَاغُ: إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا بِالْعُرْفِ، وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبُهُمَا،   [منح الجليل] الْمُعْجَمَةِ. وَأَمَّا إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْمَشْيِ فَلَا إشْكَالَ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي الْعَامِ الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا وَغَيْرُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْحَجَّ عَلَى مَا فُهِمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَالْبَلَاغُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا إجَارَةٌ عَلَى الْحَجِّ أُجْرَتُهَا (إعْطَاءُ مَا) أَيْ: مَالٍ (يُنْفِقُهُ) الْأَجِيرُ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرٍ لِلْحَجِّ (بَدْءًا) أَيْ: ذَهَابًا مِنْ الْبَلَدِ إلَى مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ (وَعَوْدًا) أَيْ: رُجُوعًا مِنْهَا لِلْبَلَدِ إنْفَاقًا (بِالْعُرْفِ) أَيْ: الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ فِيمَا يُصْلِحُهُ مِنْ كَعْكٍ وَزَيْتٍ وَلَحْمٍ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَوِطَاءٍ وَلِحَافٍ وَخِفَافٍ وَثِيَابٍ وَشَبَهِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرَاعِي الْعُرْفَ فِيمَا يُنْفِقُهُ ابْتِدَاءً. وَقَالَ الْحَطّ قَوْلُهُ بِالْعُرْفِ أَيْ: بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا أَوَّلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ النَّفَقَةَ بِأَنْ يَقُولَ حُجَّ عَنِّي وَأَدْفَعُ لَك مِائَةَ دِينَارٍ مَثَلًا تُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِك كُلَّ يَوْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعُرْفِ وَدَلَّ قَوْلُهُ إعْطَاءٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ النَّفَقَةِ أَوْ بَعْضَهَا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَدْفَعَ لَهُ عِوَضَ مَا أَنْفَقَهُ فَلَيْسَ بَلَاغًا جَائِزًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ بِشَرْطٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ قَالَهُ سَنَدٌ. وَيَرُدُّ مَا مَا فَضَلَ مِنْ الْمَالِ وَالثِّيَابِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَنَحْوِهَا. (وَفِي هَدْيٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى بَدْءٍ أَوْ عَوْدٍ قَالَهُ الْفِيشِيُّ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ قَوْلِ تت، عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِنَفَقَةٍ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْت هَذَانِ التَّقْرِيرَانِ يُفِيدَانِ إعْطَاءَ مَا يُنْفِقُهُ فِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ مِنْ مُسَمَّى الْبَلَاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قُلْت بَلْ هُوَ مِنْهُ قَالَهُ الْحَطّ وَأَمَّا جَعْلُهُ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ مُتَعَلِّقٍ بِجَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرَيْنِ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَا أَعْطَاهُ لَهُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَهُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَفِي هَدْيٍ فَفِي غَايَةِ التَّكْلِيفِ بِلَا ضَرُورَةٍ. (وَ) فِي (فِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ) الْأَجِيرُ (مُوجِبَهُمَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: سَبَبِ وُجُوبِ الْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ بِأَنَّ فِعْلَهُ اخْتِيَارُ الْغَيْرِ وَعُذِرَ بِأَنَّ فِعْلَهُ لِعُذْرٍ كَإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ مَرَضٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 207 وَرُجِعَ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ، وَاسْتَمَرَّ إنْ فَرَغَ أَوْ أَحْرَمَ، وَمَرِضَ وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ، وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ، فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ وَلَوْ قُسِمَ،   [منح الجليل] وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّعَمُّدِ حَتَّى يَثْبُتَ عَلَيْهِ قَالَهُ سَنَدٌ (وَرُجِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَجِيرِ (بِ) عِوَضِ (السَّرَفِ) الزَّائِدِ عَلَى الْعُرْفِ فِيمَا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي دُفِعَ لَهُ، وَهُوَ مَا لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَائِقًا بِحَالِ الْمُوصِي، وَأَوْلَى مِنْ السَّرَفِ فِي الْإِنْفَاقِ شِرَاؤُهُ هَدِيَّةً لِأَهْلِهِ وَأَصْدِقَائِهِ. (وَاسْتَمَرَّ) أَجِيرُ الْبَلَاغِ وُجُوبًا عَلَى عَمَلِهِ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ (إنْ فَرَغَ) الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ فِي عَامٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَصِيِّ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لِتَفْرِيطِهِ بِالْعُدُولِ عَنْ إجَارَةِ الضَّمَانِ لَا عَلَى الْمُوصِي، إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَاقِي ثُلُثِهِ (أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ) أَجِيرُ الْبَلَاغِ أَوْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِهَا لِخَطَإِ عَدَدٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَيَسْتَمِرُّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ فِي الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ عَيَّنَ انْفَسَخَتْ فِيهَا وَسَقَطَتْ أُجْرَتُهُ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ لِقَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ. وَمَفْهُومُ أَحْرَمَ وَمَرِضَ أَنَّهُ إنْ مَرِضَ قَبْلَ إحْرَامِهِ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ يَرْجِعُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي إقَامَتِهِ مَرِيضًا وَرُجُوعِهِ لَا فِي ذَهَابِهِ إلَى مَكَّةَ وَرُجُوعِهِ مِنْهَا إلَى مَحَلِّ الْمَرَضِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (وَإِنْ ضَاعَتْ) النَّفَقَةُ مِنْ أَجِيرِ الْبَلَاغِ وَعَلِمَ بِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ وَأَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ (رَجَعَ) أَجِيرُ الْبَلَاغِ لِلْبَلَدِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ مِنْهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَوْضِعٍ عِلْمِهِ الضَّيَاعَ إلَى عَوْدِهِ إلَيْهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى مُسْتَأْجَرِهِ مِنْ مَوْضِعِ الضَّيَاعِ إلَى بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَهُ فِيهِ إنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتَ بِالْبَلَاغِ وَإِلَّا اسْتَمَرَّ وَلَهُ النَّفَقَةُ فِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ ضَاعَتْ بَعْدَ إحْرَامِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ (فَ) يَسْتَمِرُّ إلَى تَمَامِ الْحَجِّ وَ (نَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ أَيْ: مُسْتَأْجِرِهِ لَا عَلَى الْمُوصِي. (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي) بَقِيَّةِ (ثُلُثِهِ) أَيْ الْمُوصِي لَمْ يُقَسِّمْ مَتْرُوكَهُ بَلْ (وَلَوْ قُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَا تَرَكَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ثُلُثِهِ شَيْءٌ فَعَلَى عَاقِدِ إجَارَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 208 وَأَجْزَأَ إنْ قُدِّمَ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ، وَرَجَعَ بِقِسْطِهَا. أَوْ خَالَفَ إفْرَادًا   [منح الجليل] الْبَلَاغِ لِتَفْرِيطِهِ بِالْعُدُولِ عَنْ الضَّمَانِ وَصِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَقُلْ حَالَ الْعَقْدِ هَذَا جَمِيعُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ لَيْسَ لَك يَا أَجِيرُ غَيْرَهُ، فَهَذِهِ إجَارَةٌ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ قَالَ لَهُ إنْ فَضُلَ شَيْءٌ تَرُدُّهُ وَإِنْ نَقَصَ شَيْءٌ فَلَا تَرْجِعْ بِهِ فَإِنْ قَلَّ الْمَالَ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فَلَا يَرْجِعُ الْأَجِيرُ بِالزَّائِدِ، وَإِنْ شَكَّ فَغَرَرٌ يَسِيرٌ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ وَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَإِنْ ضَاعَتْ النَّفَقَةُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ. (وَأَجْزَأَ) حَجُّ الْأَجِيرِ (إنْ قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْحَجُّ (عَلَى عَدَمِ الشَّرْطِ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُوصِي أَوْ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ كَدَيْنٍ قُدِّمَ قَضَاؤُهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَيُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى قَبُولِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِ الْعَامِ إلَّا التَّوْسِعَةُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ فِعْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فَتَأْخِيرُهُ حَقٌّ لَهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ التَّقْدِيمِ عَلَى عَامِ الشَّرْطِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأَجْزَأَ، وَمَفْهُومُ قُدِّمَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إنْ أَخَّرَ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي. وَفُسِخَتْ إنْ عَيَّنَ الْعَامَ وَعُدِمَ وَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ وَلَوْ كَانَ فِي عَامِ الشَّرْطِ غَرَضٌ كَكَوْنِ وَقْفَتِهِ بِالْجُمُعَةِ وَمَعْنَى الْإِجْزَاءِ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَجِيرِ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ. (أَوْ) إنْ (تَرَكَ) الْأَجِيرُ (الزِّيَارَةَ) لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ فَيَجْزِي حَجُّهُ وَمِثْلُهَا الْعُمْرَةُ (وَرَجَعَ) عَلَى الْأَجِيرِ (بِقِسْطِهَا) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: مُقَابِلِهَا مِنْ الْأُجْرَةِ إنْ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ. وَقِيلَ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ لَهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا مُخْتَارًا أُمِرَ بِالرُّجُوعِ لَهَا وَنَصُّ مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ. وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ وَاشْتُرِطَتْ عَلَيْهِ الزِّيَارَةُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَرُدُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ الزِّيَارَةِ. وَقِيلَ يَرْجِعُ حَتَّى يَزُورَ اهـ طفي يُفْهَمُ مِنْ فَرْضِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا مِنْ غَيْرِ تَعَذُّرٍ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ بِلَا خِلَافٍ وَبِهَذَا تُعُقِّبَ الْبِسَاطِيُّ الْمُصَنِّفَ. (أَوْ) إنْ (خَالَفَ) الْأَجِيرُ فِي حَجِّهِ (إفْرَادًا) اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 209 لِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ، وَإِلَّا فَلَا كَتَمَتُّعٍ بِقِرَانٍ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ هُمَا بِإِفْرَادٍ أَوْ مِيقَاتًا شُرِطَ، وَفُسِخَتْ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ، أَوْ عُدِمَ:   [منح الجليل] لِغَيْرِهِ) أَيْ الْإِفْرَادِ مِنْ قِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ فَيُجْزِي فِيهِمَا (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الْإِفْرَادَ (الْمَيِّتُ) حَالَ إيصَائِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَطَهُ الْمَيِّتُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَعَيَّنَ حَالَ الْإِطْلَاقِ (فَلَا) يَجْزِيهِ غَيْرَ الْإِفْرَادِ عَنْهُ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ إنْ خَالَفَ إلَى قِرَانٍ مُطْلَقًا أَوْ تَمَتُّعٍ، وَالْعَامُ مُعَيَّنٌ وَإِلَّا فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَحُجُّ مُفْرِدًا، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَيِّتَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ، وَقَدْ تَعَلَّقَ غَرَضُهُ بِالْإِفْرَادِ وَغَيْرُهُ نَائِبٌ عَنْهُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ مُشْتَمِلَانِ عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشْبِهَ بِهِ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِقَوْلِهِ (كَ) مُخَالَفَةِ (تَمَتُّعٍ) مُشْتَرَطٍ وَإِبْدَالُهُ (بِقِرَانٍ أَوْ عَكْسِهِ) أَيْ: إبْدَالِهِ قِرَانًا مَشْرُوطًا بِتَمَتُّعٍ. (أَوْ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ: التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ الْمَشْرُوطِ فَخَالَفَهُ وَإِبْدَالُهُ (بِإِفْرَادٍ) فَلَا يَجْزِيهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْ الْمُوصِي أَوْ الْوَصِيِّ. فَإِنْ قِيلَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَلِمَ لَمْ يَجُزْ عَنْ أَحَدِهِمَا قُلْت الْأُجْرَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَتِهِ وَلَوْ فُضُولًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعُمْرَةِ فَحَجَّ لَمْ يُجْزِهِ أَفَادَهُ سَنَدٌ. (أَوْ) خَالَفَ الْأَجِيرُ (مِيقَاتًا شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجْزِيهِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ مِيقَاتَ بَلَدِ الْمَيِّتِ وَلَوْ حُكْمًا كَتَعْيِينِ مِيقَاتِ بَلَدِ الْمَيِّتِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَكَذَا الْإِحْرَامُ بَعْدَ الْمِيقَاتِ الْمُشْتَرَطِ، وَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ أَجْزَأَ قَالَهُ سَنَدٌ لِمُرُورِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَكَأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ عَيَّنَ الْعَامَ أَمْ لَا. (وَ) حَيْثُ لَمْ يَجُزْ مَا خَالَفَ إلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ (فُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: الْإِجَارَةُ فِيهَا وَهُوَ الْأَصْلُ فِيمَا يَجْزِي بَلَاغًا أَوْ ضَمَانًا (إنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْعَامُ) الَّذِي يَحُجُّ فِيهِ الْأَجِيرُ وَرُدَّ الْمَالُ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ رَجَعَ وَأَحْرَمَ مِنْهُ (أَوْ عُدِمَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 210 كَغَيْرِهِ، وَقَرَنَ. أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ.   [منح الجليل] بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْحَجُّ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ فَاتَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ بِأَوْ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ: إنْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ فَالْكَلَامُ مَسْأَلَتَانِ وَفِي نُسْخَةٍ وَعُدِمَ بِالْوَاوِ فَهُوَ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَغُرِّمَ بَالِغَيْنِ وَالرَّاءِ أَيْ: غَرِمَ الْأَجِيرُ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ الْمُرَادُ بِفَسْخِ الْمُعَيَّنِ بِالْفَوَاتِ وَنَحْوِهِ أَنَّ مَنْ أَرَادَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ جَازَ هَذَا مُخْتَارُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ. وَبِهَذَا يُوَافِقُ مَا هُنَا إطْلَاقُهُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ الْبَقَاءُ الْقَابِلُ أَيْ: فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ بِرِضَاهُمَا فِي الْمُعَيَّنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا تَعَيُّنُ الْفَسْخِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ الَّذِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ سَابِقًا وَقَدْ حَمَلَ الْحَطّ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَمَا هُنَا عَلَى تَحَتُّمِ الْفَسْخِ فَعَارَضَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عَلِمْت دَفْعَهَا قَالَهُ طفي. (ز) بِأَنْ فَاتَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ هَذَا لِابْنِ رُشْدٍ لِتَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الْفَوَاتِ بِمَرَضٍ أَوْ خَطَإِ هِلَالٍ وَالْإِفْسَادِ بِوَطْءِ وَحَصْرِ الْعَدُوِّ وَجَعْلِهِ حُكْمَهَا وَاحِدًا وَهُوَ الْفَسْخُ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْقَضَاءُ فِي غَيْرِهِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَكَذَا تَرْكُ الْحَجِّ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ إذْ قُصَارَاهُ أَنَّهُ كَإِفْسَادِهِ بِوَطْءٍ قَالَهُ طفي خِلَافُ مَا فِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ مِنْ خِيَارِ الْوَارِثِ فِي الْفَسْخِ وَالْبَقَاءِ لِقَابِلٍ إنْ تَرَكَهُ اخْتِيَارًا، أَوْ أَفْسَدَهُ بِوَطْءٍ وَعَلَى نُسْخَةِ الْوَاوِ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَعَدَمَ الْحَجِّ حَقِيقَةٌ بِتَرْكِهِ أَوْ فَوَاتِهِ لِصَدٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَطَإٍ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَفْسَدَهُ بِوَطْءٍ أَوْ خَالَفَ كَمَا فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ فَقَالَ (كَ) عَدَمِ الْإِفْرَادِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْمَشْرُوطِ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ: الْعَامِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ الْعَامُ الْمُبْهَمُ (وَقَرَنَ) الْأَجِيرُ بَدَلَ الْإِفْرَادِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْمَيِّتُ أَوْ بَدَلَ التَّمَتُّعِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْمَيِّتُ أَوْ الْوَصِيُّ فَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُهَا مُخَالَفَتُهُ إلَى الْإِفْرَادِ، وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْقِرَانَ أَوْ التَّمَتُّعَ فَلَوْ زَادَ أَوْ أَفْرَدَ لَشَمِلَ هَذَا. (أَوْ) أَحْرَمَ الْأَجِيرُ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ (صَرَفَهُ) أَيْ: الْأَجِيرُ الْإِحْرَامَ (لِنَفْسِهِ) أَيْ: الْأَجِيرِ فَلَا يُجْزِي عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا عَنْ الْأَجِيرِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَتُفْسَخُ وَيَرُدُّ الْأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ خِلَافَ شَرْطِهِ. وَلِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَنْتَقِلُ لِغَيْرِ مَنْ وَقَعَ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ عَدَاءَهُ خَفِيٌّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 211 وَأَعَادَ؛ إنْ تَمَتَّعَ. وَهَلْ تَنْفَسِخُ إنْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْمُعَيَّنِ، أَوْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمِيقَاتِ، فَيُحْرِمُ عَنْ الْمَيِّتِ فَيُجْزِيهِ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] كَعَدَاءِ مَنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْإِفْرَادَ أَوْ التَّمَتُّعَ فَقَرَنَ. (وَ) إنْ اُشْتُرِطَ عَلَى الْأَجِيرِ قِرَانٌ مُطْلَقًا أَوْ إفْرَادٌ مِنْ الْمَيِّتِ فَخَالَفَ بِتَمَتُّعٍ (أَعَادَ) الْأَجِيرُ الْحَجَّ قَارِنًا أَوْ مُفْرِدًا، أَوْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ (إنْ تَمَتَّعَ) الْأَجِيرُ بَدَلًا عَنْ الْقِرَانِ أَوْ الْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّ عَدَاءَهُ ظَاهِرٌ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ خَالَفَ الْمِيقَاتَ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا تُفْسَخُ إجَارَتُهُ وَتَجِبُ إعَادَةٌ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمُشْتَرَطِ. (وَهَلْ تُفْسَخُ) الْإِجَارَةُ (إنْ اعْتَمَرَ) أَجِيرُ الْحَجِّ (عَنْ نَفْسِهِ) مِنْ الْمِيقَاتِ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ (فِي) الْعَامِ (الْمُعَيَّنِ) سَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِمَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا عَلِمَ أَنَّ سَفَرَهُ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ (أَوْ) تُفْسَخُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْأَجِيرُ (لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ) مِنْهُ بِالْحَجِّ (عَنْ الْمَيِّتِ فَيُجْزِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ حِينَئِذٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي اعْتِمَارِهِ عَنْ نَفْسِهِ فِي عَامٍ مُعَيَّنٌ لَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهِ وَالْعَوْدُ مِنْهُ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ، وَيُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ لِلْمِيقَاتِ فَقَطْ. وَأَمَّا اعْتِمَارُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي عَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنٍ وَيُمْكِنُهُ فِيهِ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهِ وَعَوْدُهُ مِنْهُ وَإِدْرَاكُ الْحَجِّ فِيهِ فَفِيهِمَا تَأْوِيلَانِ آخَرَانِ غَيْرُ تَأْوِيلَيْ الْمُصَنِّفِ وَهُمَا هَلْ بُدٌّ أَنْ يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لَهُ فُسِخَتْ أَوْ يَجْزِيهِ رُجُوعُهُ لِلْمِيقَاتِ وَالْإِحْرَامُ مِنْهُ بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ فِي تَأْوِيلَيْ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ كَانَ اعْتِمَارُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَدَمُهُ فِي مَالِهِ لِتَعَمُّدِهِ سَبَبَهُ قَالَهُ سَنَدٌ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي نَقْصِ التَّمَتُّعِ. وَعَنْ التُّونُسِيِّ لَوْ قِيلَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا نَقَصَ مَا بَعْدَ وَسَكَتَ عَمَّنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْقِرَانَ وَنَوَى الْعُمْرَةَ الَّتِي فِيهِ لِنَفْسِهِ وَالْحَجُّ لِلْمَيِّتِ وَالْمَنْصُوصُ فِيهِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 212 وَمُنِعَ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ، وَإِلَّا كُرِهَ:   [منح الجليل] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يُمْكِنُ مِنْ الْإِعَادَةِ أَوْ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ؟ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ الْجَارِي عَلَى عِلَّةِ خَفَاءِ الْعَدَاءِ الْفَسْخُ مُطْلَقًا وَفِي كَلَامِ سَنَدٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ التَّأْوِيلَانِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ هُمَا الْمَنْصُوصَانِ وَالتَّأْوِيلَانِ فِي الْمُعَيَّنِ مُخْرِجَانِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كِلَاهُمَا مَفْرُوضٌ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي الْحَطّ وَالْمَوَّاقِ، فَمَنْ قَالَ يَرْجِعُ لِبَلَدِهِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَالَ بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ وَمَنْ قَالَ يَرْجِعُ لِلْمِيقَاتِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَالَ بِعَدَمِ الْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنِ إنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (اسْتِنَابَةُ) شَخْصٍ (صَحِيحٍ) أَوْ مَرْجُوِّ الصِّحَّةِ مُسْتَطِيعٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ تَوْكِيلُهُ غَيْرَهُ (فِي) فِعْلِ حَجٍّ (فَرْضٍ) كَحَجَّةِ إسْلَامٍ وَلَوْ عَلَى تَرَاخِيهَا لِخَوْفِ الْفَوَاتِ أَوْ حَجَّةٍ مَنْذُورَةٍ مُكْتَفِيًا بِفِعْلِ وَكِيلِهِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ فَسَدَتْ وَفُسِخَتْ، وَإِنْ أَتَمَّ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا الْمُسَمَّى (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَنَابَ صَحِيحٌ فِي نَفْلٍ أَوْ عَاجِزٌ غَيْرُ مَرْجُوٍّ أَوْ فِي عُمْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ صَحِيحًا أَوْ عَاجِزًا اعْتَمَرَ أَمْ لَا (كُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: التَّوْكِيلُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ صَحَّتْ. سَنَدٌ اتَّفَقَ أَرْبَابُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ لَا تَجُوزُ اسْتِنَابَتُهُ فِي فَرْضِ الْحَجِّ وَالْمَذْهَبُ كَرَاهَتُهَا فِي التَّطَوُّعِ، وَإِنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ والتِّلِمْسَانِيُّ وَالْقَرَافِيُّ وَالتَّادَلِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَأَطْلَقَ غَيْرُ سَنَدٍ مَنَعَ النِّيَابَةَ فِي الْحَجِّ وَنَحْوِهِ قَوْلُ التَّوْضِيحِ فَائِدَةٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ بِإِجْمَاعٍ كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهَا مَا يَقْبَلُهَا إجْمَاعًا كَالدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ وَرَدِّ الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ، وَاخْتُلِفَ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْمَذْهَبِ أَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النِّيَابَةَ. وَفِي الْجَلَّابِ يُكْرَهُ اسْتِئْجَارُ الْمَرِيضِ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى فَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْعِ اسْتِنَابَةِ الصَّحِيحِ فِي الْفَرْضِ وَكَرَاهَتِهَا فِي النَّفْلِ قَوْلُ سَنَدٍ، وَكَرَاهَتُهَا عَنْ الْمَرِيضِ كَلَامُ الْجَلَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ مَنْعُ النِّيَابَةِ عَنْ الْحَيِّ مُطْلَقًا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ وَلَا فَرْقَ فِي النِّيَابَةِ بَيْنَ كَوْنِهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ تَطَوُّعًا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ. وَأَمَّا قَوْلُ شَارِحِ الْعُمْدَةِ النِّيَابَةُ فِي الْحَجِّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَحَسَنَةٌ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ خَيْرٍ وَمَعْرُوفٍ، وَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَرَاهَتُهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْمَلِ الدُّنْيَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 213 كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَإِجَارَةِ نَفْسِهِ،.   [منح الجليل] بِالدِّينِ وَعَمَلِ الْآخِرَةِ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُوصِي لَا عَنْ الْحَيِّ، فَلَا يُخَالِفُ مِمَّا قَبْلَهُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا اسْتِنَابَةَ الْعَاجِزَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَثَالِثُهَا تَجُوزُ لِلْوَلَدِ، فَحَمَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الْجَوَازِ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ وَشَهَرَهُ، وَخَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَصِحُّ عَنْ مَرْجُوِّ صِحَّتِهِ وَلِأَشْهَبَ إنْ أَجَّرَ صَحِيحٌ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ لَزِمَ لِلْخِلَافَةِ وَالْمَغْصُوبُ مَنْ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ الْبَاجِيَّ كَالزَّمِنِ وَالْهَرَمِ فِي إجَازَتِهِ عَنْهُ ثَالِثُهَا لِابْنِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَبَدْءِ) شَخْصٍ صَرُورَةً (مُسْتَطِيعٍ) الْحَجَّ (بِهِ) أَيْ الْحَجِّ (عَنْ غَيْرِهِ) فَيُكْرَهُ بِنَاءً عَلَى التَّرَاخِي وَلَمْ يُخَفْ فَوَاتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُحْرِمٌ وَمَفْهُومُ بَدْءٍ إنْ حَجَّ الْمُسْتَطِيعُ الَّذِي حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَنْ غَيْرِهِ لَا يُكْرَهُ إنْ كَانَ بِلَا أُجْرَةٍ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ غَيْرَ صَوَابٍ، وَلِذَا قَالَ طفي قَوْلُهُ كَبَدْءِ مُسْتَطِيعٍ إلَخْ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ النِّيَابَةِ وَعَدَمِ صِحَّتِهَا لَا عَنْ الصَّحِيحِ وَلَا عَنْ الْمَرِيضِ وَلَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا فِيهِ، وَإِلَّا كُرِهَتْ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ، فَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهَا، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ أَنْفَذَ ذَلِكَ وَيَحُجُّ عَنْهُ مَنْ قَدْ حَجَّ أَحَبُّ إلَيَّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. (وَإِجَارَةِ نَفْسِهِ) فِي عَمَلِ اللَّهِ تَعَالَى حَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ كَانَ صَرُورَةً مُسْتَطِيعًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي، وَإِلَّا حَرُمَ عَلَى الضَّرُورَةِ الْمُسْتَطِيعِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُؤَاجِرَ الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ اللَّبِنِ وَقَطْعِ الْحَطَبِ وَسَوْقِ الْإِبِلِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا لِلَّهِ بِأُجْرَةٍ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ جَوَازُهَا. وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْآذَانِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كُرِهَ الْعَقْدُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ حَرُمَ عَلَى الْأَجِيرِ أَيْضًا؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مُحَرَّمًا مِنْ جَانِبٍ مَكْرُوهًا مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَفَادَ عب. الْبُنَانِيُّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ، وَنَصُّهُ إذَا أَجَزْنَا الْوَصِيَّةَ وَأَنْفَذْنَاهَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَهَلْ يَجُوزُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ أَوْ يُكْرَهُ فِيهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْ الْعِبَادَةِ لَيْسَ مِنْ شِيَمِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ شَاسٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 214 وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ. وَحَجَّ عَنْهُ حِجَجٌ إنْ وَسِعَ. وَقَالَ: يَحُجّ بِهِ لَا مِنْهُ، وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ: كَوُجُودِهِ بِأَقَلَّ،   [منح الجليل] وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ: الْحَجِّ الْمَكْرُوهِ لَا الْمَمْنُوعِ؛ لِأَنَّهُ يَفْسَخُ وَصِلَةُ نَفَذَتْ (مِنْ الثُّلُثِ) صَرُورَةً كَانَ الْمُوصِي أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا يَلْزَمُ، وَإِنْ كَانَ صَرُورَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ لَا فِي اللُّزُومِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا أَعْرِفُهُ، وَمَحَلُّ نُفُوذِهَا مِنْهُ إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا وَصِيَّةٌ أُخْرَى غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ وَلَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا إحْدَاهُمَا فَتَقَدَّمَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ التَّطَوُّعُ هَذَا مَذْهَبُهَا. وَلَوْ أَوْصَى بِمَالٍ وَحَجَّ صَرُورَةً وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا تَحَاصَّا هَذَا مَذْهَبُهَا أَيْضًا، وَصَحَّحَ ابْنُ رُشْدٍ تَقْدِيمَ وَصِيَّةِ الْمَالِ فِي هَذِهِ أَيْضًا، وَاقْتَصَرَ تت عَلَيْهِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ تَقْدِيمُ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْفَرْعَيْنِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ مُقْتَصِرًا عَلَى مَذْهَبِهَا فِيهِمَا قَالَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ لَا يُجِيزُ النِّيَابَةَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ. (وَ) إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْحَجِّ (حُجَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (عَنْهُ) أَيْ الْمُوصِي (حِجَجٌ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ جَمْعُ حِجَّةٍ وَلَوْ مِنْ مَكَّةَ وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ الْمَوَّازِ جَعْلَهُ فِي حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ وَمَحَلُّ الْأَوَّلِ (إنْ وَسِعَ) الثُّلُثُ حِجَجًا بِأَنْ كَثُرَ جِدًّا عَمَّا يَحُجُّ بِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاتِّسَاعِهِ إمْكَانَ الْحَجِّ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ مَعَ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِصَرْفِهِ فِي حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَ هَذَا ظَاهِرَ لَفْظِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الزَّائِدُ يُورَثُ وَلَا يُحَجُّ بِهِ أَفَادَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (وَقَالَ) الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ (يَحُجُّ بِهِ) أَيْ: الثُّلُثِ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا كَثَلَاثَةِ آلَافِ دِينَارٍ كَانَ الْمُوصِي صَرُورَةً أَمْ لَا (لَا) يُحَجُّ عَنْهُ حِجَجٌ إنْ وَسِعَ وَقَالَ يَحُجُّ (مِنْهُ) فَحَجَّةٌ وَاحِدَةٌ لِإِفَادَةٍ مِنْ التَّبْعِيضِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ حِجَجًا أَوْ وَسِعَ وَقَالَ يَحُجُّ مِنْهُ (فَ) الزَّائِدُ عَلَى حَجَّةٍ (مِيرَاثٌ) وَشَبَّهَ فِي إرْثِ الزَّائِدِ فَقَالَ (كَوُجُودِهِ) أَيْ: الْأَجِيرِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا سَمَّى الْمُوصِي مِنْ مَالٍ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ فَالزَّائِدُ عَمَّا أَخَذَهُ الْأَجِيرُ مِيرَاثٌ. الْبُنَانِيُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْوَاسِعِ وَهُوَ مَا يُشَبِّهُ أَنْ يَحُجَّ بِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 215 أَوْ تَطَوَّعَ غَيْرٌ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَيُحَجُّ عَنِّي بِكَذَا فَحِجَجٌ؟ تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] تَحْتَ وَإِلَّا لَكِنْ صَرَّحَ بِهِ لِلتَّأْوِيلَيْنِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِالثُّلُثِ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وتت (أَوْ تَطَوَّعَ غَيْرٌ) بِالْحَجِّ عَنْ الْمَيِّتِ بِلَا أُجْرَةٍ فَيُوَرَّثُ مَا أَوْصَى بِهِ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ ثُلُثًا أَوْ قَدْرًا مُعَيَّنًا. (وَهَلْ) يَرْجِعُ الزَّائِدُ عَنْ حِجَّةٍ مِيرَاثًا إذَا وُجِدَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ وَشَأْنُهُ الصَّرْفُ فِي حَجَّةٍ وَجَمِيعُهُ إذَا تَطَوَّعَ بِهِ أَحَدٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَيَّدَ بِحَجَّةٍ بِأَنْ قَالَ: يُحَجُّ بِهِ عَنِّي حَجَّةً، أَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ: يُحَجُّ بِهِ أَوْ حُجُّوا بِهِ عَنِّي، أَوْ يَرْجِعُ مِيرَاثًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) يُطْلِقَ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِحَجَّةٍ وَ (يَقُولُ يُحَجُّ) أَوْ حُجُّوا (عَنِّي بِكَذَا) أَيْ: بِمِائَةٍ مَثَلًا (فَ) يُحَجُّ عَنْهُ (حِجَجٌ) حَتَّى يَنْفُذَ فَلَا يَرْجِعَ الزَّائِدُ عَنْ حَجَّةٍ فِي وُجُودِهِ بِأَقَلَّ وَإِلَّا الْجَمِيعُ فِي تَطَوُّعِ أَحَدٍ بِهِ مِيرَاثًا فِي الْجَوَابِ. (تَأْوِيلَانِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطّ وَالْخَرَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَيُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَنَصُّهُ وَإِنْ سَمَّى قَدْرًا حَجَّ بِهِ عَنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِدُونِهِ كَانَ الْفَاضِلُ مِيرَاثًا إلَّا أَنْ يَفْهَمَ إعْطَاءَ الْجَمِيعِ، هَذَا إنْ سَمَّى حَجَّةً وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَحُجُّ بِهِ حِجَجٌ، وَاخْتَلَفَ هَلْ قَوْلُهُ تَفْسِيرٌ أَوْ خِلَافٌ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ خِلَافٌ. اهـ. فَقَوْلُهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِدُونِهِ صَادِقٌ بِالْمُتَطَوِّعِ بِهِ دُونَ مَالٍ وَبِالْحَاجِّ بِأَقَلَّ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَيَّنَ عَدَدًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَيَكُونُ مَا فَضَلَ عَنْ حَجَّةٍ مِيرَاثًا. وَالثَّانِي لِلشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدٍ يَكُونُ لَلْأَجِيرَانِ عَيْنُهُ أَوْ قَالَ يَحُجُّ عَنْهُ بِهِ رَجُلٌ، وَإِنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِهِ أَوْ يَحُجُّ عَنِّي بِهِ فَفِي حَجَّاتٍ وَالْأَحْسَنُ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ. ثَالِثُهَا لِأَشْهَبَ يَكُونُ لِلْأَجِيرِ إنْ عَيَّنَهُ وَإِلَّا فَفِي حَجَّاتٍ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إذَا سُمِّيَ مَا يُعْطَى فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُوصَى لَهُ إذَا قَالَ يَحُجُّ عَنِّي بِهَذِهِ الْأَرْبَعِينَ فُلَانٌ أَوْ قَالَ رَجُلٌ وَأَمَّا إنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 216 وَدُفِعَ الْمُسَمَّى، وَإِنْ زَادَ عَلَى أُجْرَتِهِ لِمُعَيَّنٍ لَا يَرِثُ فُهِمَ إعْطَاؤُهُ لَهُ.   [منح الجليل] بِهَا أَوْ يَحُجُّ عَنِّي بِهَا فَلْتَنْفُذْ كُلُّهَا فِي حَجَّةٍ أَوْ حَجَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، وَلَوْ جُعِلَتْ فِي حَجَّةٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ هَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ خِلَافٌ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي غَيْرِ الْوَاسِعِ سَوَاءٌ كَانَ عَدَدًا مُعَيَّنًا كَأَرْبَعِينَ أَوْ جُزْءًا شَائِعًا كَثُلُثٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاسِعِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَجُلٍ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِثُلُثِهِ فَوَجَدَ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِينَارٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ. قَالَ فِي الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الثُّلُثُ وَاسِعًا حَمَلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ حَجَّةً وَاحِدَةً، وَلَوْ كَانَ ثُلُثُهُ بِشَبَهِ أَنْ يَحُجَّ بِهِ حَجَّةً وَاحِدَةً رَجَعَ مَا بَقِيَ مِيرَاثًا كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا اهـ، فَفُهِمَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِ الْمَالِ وَاسِعًا أَوَّلًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَدَدِ وَالْجُزْءِ، وَفُهِمَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَاسِعِ وَغَيْرِهِ. (وَدُفِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ (الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً جَمِيعُهُ عَدَدًا كَانَ كَأَرْبَعِينَ أَوْ جُزْءًا كَسُدُسِ مَالِي إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْحَجِّ بَلْ (وَإِنْ زَادَ) الْمُسَمَّى (عَلَى أُجْرَةِ) مِثْلِ (هـ) أَيْ: الْمُعَيَّنِ وَصِلَةُ دُفِعَ (لِ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَصْفِ سَوَاءٌ قَالَ فِي حَجَّةٍ أَوْ أَطْلَقَ، وَنَعْتُ مُعَيَّنٍ بِضَمٍّ (لَا يَرِثُ) الْمُعَيَّنُ الْمُوصِي بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَالْخَالِ، أَوْ عَاصِبًا مَحْجُوبًا كَأَخٍ مَعَ ابْنٍ، وَهَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ. وَأَمَّا قَدْرُ الْأُجْرَةِ فَيُدْفَعُ لَهُ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ الدَّاخِلَةَ عَلَى أَنْ لَكَانَ أَحْسَنَ، أَوْ تُجْعَلُ لِلْحَالِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرُهُ وَقْتُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِي بَابِهَا. أَوْ الْوَارِثُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ، وَعَكْسُهُ الْمُعْتَبَرُ مَالُهُ. وَمَفْهُومُ لَا يَرِثُ أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَدْفَعُ لَهُ الْمُسَمَّى الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَتِهِ وَنَعَتَ مُعَيَّنٍ بِجُمْلَةِ (فُهِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إعْطَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدَ عَلَى أُجْرَتِهِ (لَهُ) أَيْ: الْمُعَيَّنِ فَلَوْ لَمْ يُفْهَمْ إعْطَاؤُهُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَجِّ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَرْجِعُ الْمُسَمَّى مِيرَاثًا قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 217 وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ وَارِثٍ وَلَمْ يُسَمِّ: زِيدَ، إنْ لَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُلُثَهَا ثُمَّ تُرُبِّصَ، ثُمَّ أُوجِرَ لِلضَّرُورَةِ فَقَطْ، غَيْرُ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ،   [منح الجليل] لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ كَمَا إذَا عَيَّنَ غَيْرَ وَارِثٍ، وَلَمْ يُسَمِّ. وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ زِيدَ إنْ لَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُلُثُهَا إلَخْ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَكُونُ الْجَمِيعُ لِلْمُوصَى لَهُ أَيْ: فُهِمَ إعْطَاؤُهُ أَوَّلًا إلَّا أَنْ يَرْضَى بِدُونِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْوَصِيَّةِ. (وَإِنْ عَيَّنَ) الْمُوصِي شَخْصًا لِلْحَجِّ عَنْهُ وَارِثًا فَلَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ شَيْئًا وَإِنْ عَيَّنَ شَخْصًا (غَيْرَ وَارِثٍ) فَإِنْ سَمَّى لَهُ شَيْئًا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (لَمْ يُسَمِّ) قَدْرًا يُدْفَعُ لَهُ فِي حَجَّةٍ عَنْهُ فَإِنْ رَضِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا فَوَاضِحٌ وَ (زِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ أَيْ: غَيْرُ الْوَارِثِ (إنْ لَمْ يَرْضَ) غَيْرُ الْوَارِثِ (بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ) وَنَائِبُ زِيدَ (ثُلُثُهَا) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَإِنْ رَضِيَ فَوَاضِحٌ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَرْضَ أَيْضًا لَهَا مَزِيدًا عَلَيْهَا ثُلُثُهَا (تُرُبِّصَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالرَّاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ انْتَظَرَ سَنَةً أَوْ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوصَى بِهِ صَرُورَةً أَمْ لَا (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ مُمْتَنِعًا (أُوجِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (لِ) لِشَخْصِ الْمُوصِي بِالْحَجِّ عَنْهُ (الصَّرُورَةِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ؛ لِأَنَّهُمَا صَرَّا دَرَاهِمَهُمَا لِلْحَجِّ وَالزَّوَاجِ غَالِبًا مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ غَيْرُ الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الصَّرُورَةِ فَلَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيُورَثُ الْمَالُ كُلُّهُ قَالَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّ رَدَّ الْمُعَيَّنِ كَرَدِّ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَصْلِهَا. وَنَائِبُ فَاعِلِ أُوجِرَ (غَيْرُ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ) وَهَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ أَجِيرٍ لِلْحَجِّ عَنْ صَرُورَةٍ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ فَيُؤَاجِرُ لَهُ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ غَيْرَ الصَّرُورَةِ إذَا عَيَّنَ قَدْرًا وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْوَصِيُّ لَهُ فَتَبْطُلُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرًا أُوجِرَ لَهُ بَعْدَ زِيَادَةِ الثُّلُثِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا إنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ اسْتِئْجَارِهِمَا لَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 218 وَإِنْ امْرَأَةً. وَلَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ دَفَعَ لَهُمَا مُجْتَهِدًا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ حُجَّ مِنْ الْمُمْكِنِ وَلَوْ سَمَّى،   [منح الجليل] الْحَجِّ عَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ إيجَارُهُمَا؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ فِي حَقِّهِ وَهُمَا مُخَاطَبَانِ بِهِ نَعَمْ يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمَا، وَتَمْيِيزُ الصَّبِيِّ قَالَهُ زَرُّوقٌ. الْحَطّ لَعَلَّ شَرْطَ التَّمْيِيزِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إنْ كَانَ الْحُرُّ الْبَالِغُ رَجُلًا عَنْ مِثْلِهِ أَوْ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْ امْرَأَةً عَنْ مِثْلِهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (امْرَأَةً) عَنْ رَجُلٍ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ وَإِنْ خَالَفَتْهُ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ. (وَ) إنْ اسْتَأْجَرَ الْوَصِيُّ مَنْ يَحُجُّ عَنْ صَرُورَةٍ وَدَفْعِ الْمَالِ لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا (لَمْ يَضْمَنْ) الْأَوْلَى لَا يَضْمَنُ (وَصِيٌّ دَفَعَ) الْمَالَ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (لَهُمَا) أَيْ: الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ سَوَاءٌ حَجَّا بِهِ أَمْ لَا حَالَ كَوْنِ الْوَصِيِّ (مُجْتَهِدًا) أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْعَبْدَ حُرٌّ لِبَيَاضِهِ وَفَصَاحَتِهِ مَثَلًا وَأَنَّ الصَّبِيَّ بَالِغٌ لِطُولِهِ وَغِلَظِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالِاجْتِهَادِ إنْ اسْتَأْجَرَهُمَا عَنْ صَرُورَةٍ لَمْ يَأْذَنْ فِي اسْتِئْجَارِهِمَا عَنْهُ، أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ مُنِعَ مِنْ اسْتِئْجَارِهِمَا عَنْهُ وَيَضْمَنُ الْعَبْدُ إنْ غُرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَصَارَتْ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ وَإِنْ سَمَّى الْمُوصِي مِقْدَارًا فَلَا يُزَادُ الْأَجِيرُ عَلَيْهِ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِهِ مِنْ مَكَانِ إيصَائِهِ. (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) أَجِيرٌ يَحُجُّ عَنْهُ (بِمَا سَمَّى) الْمُوصِي لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ (مِنْ مَكَانِهِ) أَيْ: مَحَلِّ مَوْتِهِ (حُجَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا عَنْهُ (مِنْ) الْمَكَانِ (الْمُمْكِنِ) الْحَجُّ مِنْهُ عَنْهُ بِمَا سَمَّاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَكَانًا بَلْ (وَلَوْ سَمَّى) مَكَانًا لِلْحَجِّ مِنْهُ عَنْهُ بِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ حُجُّوا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 219 إلَّا أَنْ يَمْنَعَ فَمِيرَاثٌ، وَلَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ. لَا الْإِشْهَادُ، إلَّا أَنْ يُعْرَفَ،   [منح الجليل] عَنِّي مِنْ بَلَدِ كَذَا وَبِهِ مَاتَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَلَيْهِ فَتَسْمِيَتُهُ غَيْرُ مَا مَاتَ بِهِ لَغْوٌ وَرَدَّ بِوَلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ وَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ قَوْلُ أَشْهَبَ. وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَلَا يُورَثُ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَمْنَعَ) الْمُوصِي أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي سَمَّاهُ بِنَصٍّ كَلَا تَحُجُّوا عَنِّي إلَّا مِنْ مَكَانِ كَذَا أَوْ بِقَرِينَةٍ (فَ) الْمُسَمَّى (مِيرَاثٌ) وَلَا يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ الْمُمْكِنِ. (وَلَزِمَهُ) أَيْ: أَجِيرُ الْحَجِّ (الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) إنْ نَصَّ الْمُوصِي عَلَى تَعْيِينِهِ كَاسْتَأْجَرْتُكَ لِلْحَجِّ بِنَفْسِك أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَعْيِينِهِ كَكَوْنِهِ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِيهِ لِعِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَنُصَّ وَلَمْ يَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى تَعْيِينِهِ عَلَى مَا شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَقِيلَ تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ. وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ تَمْكِينُ الْأَجِيرِ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ لِمَنْ هُوَ مِثْلُهُ وَقِيَامُ وَارِثِهِ مَقَامَهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ التَّمَامِ وَعَدَمُهُمَا بِخِلَافِ أَجِيرِ غَيْرِ الْحَجِّ فِي هَذَا الْأَخِيرِ، وَيُصَلِّي النَّائِبُ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَالطَّوَافِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نِيَابَةً حَقِيقِيَّةً فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ كَفَتْهُ النِّيَّةُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَبَّيْكَ عَنْ فُلَانٍ. سَنَدٌ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ عَنْ الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَانْعِقَادِهِ بِهَا عَنْ النَّفْسِ. (لَا) يَلْزَمُ الْأَجِيرُ عَلَى الْحَجِّ (الْإِشْهَادُ) عِنْدَ إحْرَامِهِ عَلَى أَنَّهُ أَحْرَمَ عَنْ فُلَانٍ إذَا كَانَ قَبَضَ الْأُجْرَةَ مُطْلَقًا أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَحْرَمَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَظَاهِرُ سَنَدٍ تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ فَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا فَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِهِ حَالَ إحْرَامِهِ أَنَّهُ عَنْ فُلَانٍ وَلَا تَكْفِيهِ يَمِينُهُ عَلَى هَذَا. وَهَذَا فِي إجَارَةِ الضَّمَانِ، وَأَمَّا الْبَلَاغُ فَيَفْسُدُ بِشَرْطِ تَأْخِيرِ الْأُجْرَةِ. (إلَّا أَنْ يُعْرَفَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الْإِشْهَادُ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ يُشْتَرَطُ فَيَلْزَمُ وَلَا يُصَدَّقُ بِدُونِهِ وَلَوْ أَمِينًا وَحَلَفَ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوْ قَبَضَهَا. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْأَجِيرَ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 220 وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِيمَنْ يَأْخُذُهُ فِي حَجَّةٍ، وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ،   [منح الجليل] بِنَفْسِهِ بَيَّنَ أَنَّهُ فِي الْمَضْمُونَةِ بِذَاتِهِ وَأَنَّ الْمَضْمُونَةَ بِذِمَّتِهِ إذَا مَاتَ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَهُ وَإِنْ نَقَصَتْ فَعَلَيْهِ فَقَالَ (وَقَامَ وَارِثُهُ) أَيْ: الْأَجِيرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ (مَقَامَهُ) أَيْ: الْأَجِيرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فِي تَتْمِيمِ الْحَجِّ أَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يُتَمِّمْهُ. (فِي) قَوْلِ الْمُوصِي ادْفَعُوا كَذَا دِينَارًا لِ (مَنْ يَأْخُذُ فِي حِجَّةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَسُمِعَ فَتْحُهَا أَيْضًا فَرَضِيَ إنْسَانٌ يَأْخُذُهُ فِيهَا وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَوْفًى مِنْهُ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْمُسْتَوْفِي مِنْهُ الْمُعَيَّنُ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فَيَحُجُّ بِنَفْسِهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَحُجُّ وَلَهَ الْفَضْلُ، وَعَلَيْهِ النَّقْصُ وَيَسْتَأْنِفُ الْقَائِمُ الْإِحْرَامَ سَوَاءٌ كَانَ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا يُكَمِّلُ عَلَى مَا فَعَلَهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُشْتَرِطِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ أَوْ مِنْ مِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَمِنْ مَوْضِعٍ يُدْرِكُ مِنْهُ. (وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ) أَيْ الْمُسْتَنِيبِ الَّذِي (حُجَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (عَنْهُ) حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَا نَفْلُهُ أَيْضًا فَمَفْهُومُ فَرْضٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ. فَلَوْ قَالَ: وَلَا يُكْتَبُ لِمَنْ حُجَّ عَنْهُ غَيْرَ أَجْرِ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ لَشَمِلَهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَصَحَّتْ النِّيَابَةُ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِغَيْرِ الْمُسْتَطِيعِ وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِشَائِبَةِ الْمَالِ كَنِيَابَةِ إمَامِ الصَّلَاةِ مَنْ يُصَلِّي عَنْهُ فَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ الْإِمَامِ بِفِعْلِ النَّائِبِ، وَصَحَّتْ لِلْمَالِ وَمُلَازَمَةُ الْمَحَلِّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَيَكْتُبُ نَافِلَةً لِلْأَجِيرِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْحَطّ. هُنَا عَنْ سَنَدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَالْمَوَّاقِ عَنْ الْقَرَافِيِّ. وَقَالَ الْحَطّ عِنْدَ قَوْلِهِ كَتَمَتُّعٍ بِقِرَانٍ تَنْبِيهٌ صَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى شَيْءٍ فَخَالَفَ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ نَوَاهُ عَنْ غَيْرِهِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ الْإِنْسَانُ إلَّا عَلَى مَا نَوَى لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» . وَأُجِيبُ بِاسْتِثْنَاءِ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. الْمِسْنَاوِيُّ الْحَقُّ أَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ هُنَا مَوْجُودَةٌ وَالْخَلَلُ إنَّمَا هُوَ فِي مُتَعَلِّقِهَا وَهُوَ كَوْنُهُ عَنْ فُلَانٍ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ كَقَوْلِهِمْ فِي إخْرَاجِ بَعْضِ الْمُسْتَبَاحِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 221 وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ. وَرُكْنُهُمَا   [منح الجليل] (وَلَهُ) أَيْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ (أَجْرُ النَّفَقَةِ) الَّتِي أَنْفَقَهَا الْأَجِيرُ فِي الْحَجِّ عَنْهُ (وَ) لَهُ أَجْرُ حَمْلِهِ عَلَى (الدُّعَاءِ) وَلَوْ لِنَفْسِ الْأَجِيرِ بِدُنْيَوِيٍّ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ حَمْلِهِ عَلَى الْخُضُوعِ وَالتَّضَرُّعِ لِلَّهِ تَعَالَى لِخَبَرِ «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ» وَمُتَعَلَّقِهِ، وَهُوَ مَطْلُوبُ الْأَجِيرِ لَهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ ثَوَابُ الْحَجِّ لِلْحَاجِّ وَإِنَّمَا لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ بَرَكَةُ الدُّعَاءِ وَثَوَابُ الْمُسَاعِدَةِ. (وَرُكْنُهُمَا) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ مَشْهُورُهُ رُكْنِيَّتُهُ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَإِنَّهُ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ وَلِلْحَجِّ. رُكْنٌ رَابِعٌ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَزَادَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَرَمْيُ الْعَقَبَةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَوَّلَ مَنْدُوبٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلًا بِرُكْنِيَّةِ طَوَافِ الْقُدُومِ وَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ. وَاخْتُلِفَ فِي اثْنَيْنِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَهُمَا النُّزُولُ بِمُزْدَلِفَةَ وَالْحَلْقُ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَنَا أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ يَنْجَبِرَانِ بِالدَّمِ فَهَذِهِ تِسْعٌ بَعْضُهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ خَارِجُهُ فَيَنْبَغِي نِيَّةُ الرُّكْنِيَّةِ بِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَلْيُكْثِرْ الثَّوَابَ أَشَارَ لَهُ الشَّبِيبِيُّ. وَأَفْعَالُ الْخَيْرِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: أَرْكَانٌ وَوَاجِبَاتٌ وَسُنَنٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فَرَائِضُ وَسُنَنٌ وَفَضَائِلُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فُرُوضٌ وَوَاجِبَاتٌ وَسُنَنٌ. فَالْأَوَّلُ: مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ دَمٌ وَلَا غَيْرُهُ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ بِشَيْءٍ وَهُوَ الْإِحْرَامُ وَقِسْمٌ يَفُوتُ الْحَجُّ بِفَوَاتِهِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّحَلُّلِ بِعُمْرَةٍ وَالْقَضَاءِ فِي قَابِلٍ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. وَقِسْمُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْ الْإِحْرَامِ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَوْ وَصَلَ إلَى أَقْصَى الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ لِفِعْلِهِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ. وَالثَّانِي: مَا يُطْلَبُ الْإِتْيَانُ بِهِ وَإِنْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ هَدْيٌ كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالتَّلْبِيَةِ وَجَزَمَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالتَّأْثِيمِ بِتَرْكِهِ عَمْدًا وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَتَرَدَّدَ الطُّرْطُوشِيُّ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 222 الْإِحْرَامُ، وَوَقْتُهُ لِلْحَجِّ شَوَّالٌ لِآخِرِ الْحِجَّةِ وَكُرِهَ قَبْلَهُ كَمَكَانِهِ وَفِي رَابِغَ تَرَدُّدٌ. وَصَحَّ.   [منح الجليل] مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ قَالَ بِتَأْثِيمِهِ، وَمَنْ قَالَ بِسُنِّيَّتِهِ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ. وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا لَا دَمَ وَلَا إثْمَ فِي تَرْكِهِ كَغُسْلِ الْإِحْرَامِ وَرُكُوعِهِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُسْتَحَبَّاتِ. (الْإِحْرَامُ) أَيْ: الدُّخُولُ بِالنِّيَّةِ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (وَوَقْتُهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِإِنْشَائِهِ (لِلْحَجِّ شَوَّالٌ) وَيَمْتَدُّ لِقُرْبِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلتَّحَلُّلِ مِنْهُ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ (لِآخِرِ) شَهْرِ (الْحِجَّةِ) وَالْأَفْضَلُ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ أَوَّلِ الْحِجَّةِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا. وَقَالَ فِي غَيْرِهَا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ. (قَبْلَهُ) أَيْ: شَوَّالٍ صَادِقٌ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى شَوَّالٍ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَ) الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ قَبْلَ وُصُولِ (مَكَانِهِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ الْآتِي بَيَانُهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةِ وَنَحْوِهِمَا فَيُكْرَهُ (وَ) فِي كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ (فِي رَابِغٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ قَرْيَةٌ بِسَاحِلِ الْقُلْزُم؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْجُحْفَةِ الَّتِي هِيَ الْمِيقَاتُ لِأَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَنَحْوِهِمْ قَالَهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ، وَعَدَمُ كَرَاهَتِهِ فِيهَا لِمُحَاذَاتِهَا الْجُحْفَةَ قَالَهُ الْمَنُوفِيُّ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. . (وَصَحَّ) الْإِحْرَامُ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ وَقِيلَ مِيقَاتِهِ الْمَكَانِيِّ وَفِي رَابِغٍ وَذَكَرَ هَذَا. وَإِنْ عُلِمَ مِنْ الْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ حَمْلِهَا عَلَى الْمَنْعِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ إحْرَامٌ وَتَحَلُّلٌ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَنَّ الْحَجَّ لَا يُمْكِنُ فَرَاغُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ؛ إذْ مِنْ أَرْكَانِهِ وُقُوفُ عَرَفَةَ لَيْلَةَ الْعِيدِ الْأَكْبَرِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا فَيُمْكِنُ فَرَاغُهَا قَبْلَهُ وَبَحَثَ فِيهِ بِاقْتِضَائِهِ صِحَّةَ الصَّلَاةِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا بِمِقْدَارِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَقَطْ وَفَعَلَ بَاقِيَهَا بِوَقْتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِمُبَايِنَةِ الْحَجِّ الصَّلَاةَ فِي أُمُورٍ شَتَّى وَرَدَّ بِأَنَّهُ وَإِنْ بَايَنَهَا بِجَامِعِهَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 223 لِلْعُمْرَةِ أَبَدًا إلَّا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ فَلِتَحَلُّلِهِ. وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ.   [منح الجليل] الْإِحْرَامِ وَالتَّحَلُّلِ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ. وَفَرَّقَ سَالِمٌ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] يُفِيدُ أَنَّ سَائِرَ الْأَهِلَّةِ مِيقَاتٌ لِلْحَجِّ فَيُقَيَّدُ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] بَيَانُ الْوَقْتِ الْكَامِلِ الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، فَالْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا شَرْطُ صِحَّةِ وَبِالْحَجِّ فِي وَقْتِهِ شَرْطُ كَمَالِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَرَوَى اللَّخْمِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَدَمَ انْعِقَادِهِ قَبْلَ وَقْتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] لِوُجُوبِ انْحِصَارِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ فَيَجِبُ حَصْرُ الْحَجِّ فِي الْأَشْهُرِ، فَالْإِحْرَامُ بِأَقْبَلِهَا كَالْإِحْرَامِ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يَنْعَقِدُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِي الْأَشْهُرِ الْمَعْلُومَاتِ الْحَجُّ الْكَامِلُ الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَاَلَّذِي فِي آيَةِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189] الْحَجُّ، الْحَجُّ الشَّامِلُ لِلْكَامِلِ وَالْمَكْرُوهُ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَتَيْنِ. (وَ) وَقْتُهُ بِالنِّسْبَةِ (لِلْعُمْرَةِ أَبَدًا) أَيْ فِي أَيْ: وَقْتِ مِنْ السَّنَةِ (إلَّا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ) مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا فَيُمْنَعُ إحْرَامُهُ بِهَا وَلَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ (لِتَحَلُّلِهِ) مِنْ جَمِيعِ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَيْ فَرَاغِهِ مِنْ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ، وَرَمْيِ الرَّابِعِ لِغَيْرِ مُتَعَجِّلٍ وَمَضَى قَدْرِهِ لِمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، وَهُوَ قَدْرُ زَمَنِهِ عَقِبَ زَوَالِ الرَّابِعِ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْإِحْرَامُ بِهَا (بَعْدَهُمَا) أَيْ: تَحَلُّلَيْ الْحَجِّ الْأَصْغَرِ وَهُوَ رَمْيُ الْعَقَبَةِ وَالْأَكْبَرِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ إنْ كَانَ سَعَى عَقِبَ قُدُومِهِ وَإِلَّا فَهُوَ فَرَاغُ السَّعْيِ (وَقَبْلَ غُرُوبِ) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ) فَإِنْ أَحْرَمَ بِهَا حِينَئِذٍ صَحَّ إحْرَامُهُ لَكِنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا إلَّا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ فَعَلَ قَبْلَهُ شَيْئًا فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَوْ تَحَلَّلَ مِنْهَا قَبْلَهُ وَوَطِئَ فَقَدْ أَفْسَدَهَا، فَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَضَاؤُهَا عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ، وَيَسْتَمِرُّ خَارِجُ الْحَرَمِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ لِلرَّابِعِ وَلَا يَدْخُلُهُ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بِسَبَبِهَا عَمَلٌ لَهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مِنْهَا حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ أَنَّ دُخُولَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَغْوٌ فَيَرْجِعُ لِلْحِلِّ لِيَدْخُلَ مِنْهُ بَعْدَهُ وَلَمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 224 وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ. وَنُدِبَ الْمَسْجِدُ: كَخُرُوجِ ذِي التَّفَثِ لِمِيقَاتِهِ. وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ: الْحِلُّ،   [منح الجليل] أَرَهُ مَنْصُوصًا، وَاعْتَرَضَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَقْتَضِي صِحَّةَ إحْرَامِهِ بِهَا بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ رَمْيِ الرَّابِعِ لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ أَوْ قَدْرَ رَمْيِهِ عَقِبَ زَوَالِهِ لِلْمُتَعَجِّلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ قَوْلَهُ يَحُجُّ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَمَفْهُومُهُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ أَرَادَ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَغَا عُمْرَةً عَلَيْهِ كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ. (وَمَكَانُهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ (لَهُ) أَيْ: لِلْحَجِّ غَيْرِ قِرَانٍ (لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ) سَوَاءٌ كَانَتْ إقَامَتُهُ تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَإِنْ كَانَتْ قَاصِرَةً فِي الصَّلَاةِ عَلَى الَّتِي تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَخَبَرُ مَكَانَةِ مَكَّةَ أَيْ: الْأَوْلَى لِلْمُتَوَطِّنِ وَالْمُقِيمِ غَيْرِ ذِي النَّفَسِ لَا الْمُتَعَيِّنِ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ خَارِجَهَا فَقَدْ خَالَفَ الْأَوْلَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَالْمُتَمَتِّعُ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَمَتُّعِهِ لَا لِإِحْرَامِهِ خَارِجَ مَكَّةَ فَلَيْسَتْ مِيقَاتًا لِلْمُقِيمِ بِهَا بِدَلِيلِ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَالْقِرَانُ مِنْ الْحِلِّ، وَلَوْ كَانَتْ مِيقَاتًا لَهُ لَأَحْرَمَ بِهِمَا مِنْهَا لِاسْتِوَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فِي الْمِيقَاتِ وَمِثْلُ أَهْلِ مَكَّةَ أَهْلُ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقِيمَ مَعَهُمْ مِثْلُهُمْ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِمَّنْ بِمَكَّةَ (بِالْمَسْجِدِ) الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْكَعْبَةِ أَيْ: فِيهِ كَمَا فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِبَابِهِ لَوَضَعَهُ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ لَا لِلْإِحْرَامِ وَيُحْرِمُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَيُلَبِّي وَهُوَ فِيهِ، وَلَا يُؤْمَرُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْبَيْتِ وَلَا إلَى مَا تَحْتَ الْمِيزَابِ وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَخُرُوجِ) الْغَرِيبِ الْمُقِيمِ بِمَكَّةَ (ذِي) أَيْ: صَاحِبِ (النَّفَسِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ: الزَّمَنِ الَّذِي يَسَعُ سَفَرَهُ إلَى مِيقَاتِهِ وَالْإِحْرَامَ مِنْهُ وَالْعَوْدَ بِمَكَّةَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَصِلَةُ خُرُوجٍ (لِمِيقَاتِهِ) لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْهُ فَهُوَ مَنْدُوبٌ. (وَ) مَكَانُهُ (لَهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لَا (وَ) مَكَانُهُ لِمَنْ ذُكِرَ (لِلْقِرَانِ) أَيْ: الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا (الْحِلُّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ الْأَرْضُ الَّتِي يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهَا لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 225 وَالْجِعْرَانَةُ أَوْلَى، ثُمَّ التَّنْعِيمِ،. وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ، وَأَهْدَى إنْ حَلَقَ.   [منح الجليل] يَجُوزُ الْإِحْرَامُ بِأَحَدِهِمَا فِي الْحَرَمِ وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ إنْ وَقَعَ وَلَا دَمَ فِيهِ (وَالْجِعْرَانَةُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ كَسْرِهَا وَشَدِّ الرَّاءِ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ مِنْهَا (أَوْلَى) مِنْ الْإِحْرَامِ بِهَا مِنْ بَاقِي الْحِلِّ لِاعْتِمَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ حِينَ قَسَّمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ اعْتَمَرَ مِنْهَا ثَلَثُمِائَةِ نَبِيٍّ. (ثُمَّ) يَلِي الْجِعْرَانَةَ فِي نَدْبِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ مِنْهَا (التَّنْعِيمُ) وَيُسَمَّى مَسَاجِدَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لِاعْتِمَارِهَا مِنْهُ مَعَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا النَّوَادِرَ وَاَلَّذِي فِي مَنَاسِكِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي الشَّارِحِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا الْقِرَانُ فَإِفْرَادُ الْحِلِّ كُلُّهَا لَهُ سَوَاءٌ. (وَإِنْ) أَحْرَمَ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ بِعُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ فِيهَا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ وَوَجَبَ الْخُرُوجُ لِلْحِلِّ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ لِمِنًى يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَإِنْ (لَمْ يَخْرُجْ) لَهُ وَطَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ فَهُمَا فَاسِدَانِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لَهُ (وَأَعَادَ) وُجُوبًا (طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ بَعْدَهُ) أَيْ: الْخُرُوجِ لِلْحِلِّ وَالْقَارِنُ مِنْ الْحَرَمِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَقِبَ إحْرَامِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ أَيْضًا. وَلَكِنْ لَا يُعِيدُ طَوَافًا وَلَا سَعْيًا؛ إذْ لَا يُخَاطِبُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِمِنًى لِانْدِرَاجِ طَوَافِ عُمْرَتِهِ وَسَعْيِهَا فِي طَوَافِ الْحَجِّ وَسَعْيِهِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَطَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَسَعَى أَجْزَأَهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ الْحَطّ. فَإِنْ قُلْت لِمَ أَمَرَ الْقَارِنَ مِنْ الْحَرَمِ بِخُرُوجِهِ لِلْحِلِّ وَلَمْ يَكْتَفِ بِخُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ. قُلْت لِيَجْمَعَ بَيْنَهُمَا لِلْعُمْرَةِ وَخُرُوجُهُ لِعَرَفَةَ خَاصٌّ بِالْحَجِّ وَأَجْزَأَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِانْدِرَاجِ الْعُمْرَةِ فِي الْحَجِّ. (وَأَهْدَى) أَيْ افْتَدَى بِشَاةٍ فَأَعْلَى أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وُجُوبًا (إنْ حَلَقَ) رَأْسَهُ عَقِبَ سَعْيِ عُمْرَتِهِ مُتَحَلِّلًا مِنْهَا بِهِ لِحَلْقِهِ قَبْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 226 وَإِلَّا فَلَهُمَا: ذُو الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةُ وَيَلَمْلَمُ وَقَرْنٌ وَذَاتُ عِرْقٍ، وَمَسْكَنٌ دُونَهَا،   [منح الجليل] طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَسَعْيِهَا لِفَسَادِهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلْحِلِّ وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ وَمَا فِي حُكْمِهَا (فَ) مَكَانُ الْإِحْرَامِ (لَهُمَا) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (ذُو الْحُلَيْفَةِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَبِهَا مَسْجِدٌ يُسَمَّى مَسْجِدَ الشَّجَرَةِ وَبِئْرٍ تُسَمِّيهِ الْعَوَامُّ بِئْرَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ بِهَا وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ، وَلَا يُرْمَى بِهِ حَجَرٌ وَلَا غَيْرُهُ كَفِعْلِ الْجَاهِلِينَ وَهَذَا لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ. (وَالْجُحْفَةُ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَلَدٌ أَجْحَفَهَا السَّيْلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ ثَمَانِ مَرَاحِلَ لِأَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ وَالرُّومِ وَالسُّودَانِ (وَيَلَمْلَمُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الْأُولَى وَيُقَالُ فِيهَا أَلَمْلَمُ بِالْهَمْزِ بَدَلُ الْمُثَنَّاةِ وَيَرَمْرَمُ بِرَاءَيْنِ بَدَلُ اللَّامَيْنِ جَبَلٌ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَالْهِنْدِ (وَقَرْنٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ لَهَا قَرْنُ الْمَنَازِلِ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ لِأَهْلِ نَجْدِ الْيَمَنِ وَنَجْدِ الْحِجَازِ، قَالُوا وَهِيَ أَقْرَبُ الْمَوَاقِيتِ لِمَكَّةَ وَأَصْلُ الْقَرْنِ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَفِي الْإِكْمَالِ أَصْلُ الْقَرْنِ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ الْمُسْتَطِيلُ الْمُنْقَطِعُ عَنْ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ. (وَذَاتُ عِرْقٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ قَافٌ قَرْيَةٌ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ يُقَالُ: إنَّهَا تَحَوَّلَتْ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ فَيَتَحَرَّى الْقَرْيَةَ الْقَدِيمَةَ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ عَلَامَاتِهَا الْمَقَابِرُ الْقَدِيمَةُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَخُرَاسَانَ وَالْمَشْرِقِ وَمَنْ وَرَاءَهُمْ. (وَ) مَكَانُهُ لَهُمَا (مَسْكَنٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُنَوَّنًا أَيْ: مَحَلٌّ مَسْكُونٌ (دُونَهَا) أَيْ: الْمَوَاقِيتُ السَّابِقَةُ لِجِهَةِ مَكَّةَ لَا لِجِهَةِ الْقُطْرِ الْمُقَابِلِ لَهَا أَيْ: أَقْرَبُ مِنْهَا لِمَكَّةَ مُتَوَسِّطًا بَيْنَهُمَا كَقُدَيْدٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَعُسْفَانُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَمَرُّ الظَّهْرَانِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَالَةِ، أَيْ: مِنْ مَسْكَنِهِ بَيْنَ الْمِيقَاتِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 227 وَحَيْثُ حَاذَى وَاحِدًا، أَوْ مَرَّ وَلَوْ بِبَحْرٍ،   [منح الجليل] وَمَكَّةَ كَأَهْلِ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ فَمِيقَاتُهُ الَّذِي يُحْرِمُ فِيهِ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَوْ الْعُمْرَةِ بَلَدُهُ الَّذِي هُوَ سَاكِنُهُ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْأَبْعَدِ لِمَكَّةَ مِنْ دَارِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَتَأْخِيرِ إحْرَامِهِ عَنْ بَلَدِهِ كَتَأْخِيرِهِ عَنْ الْمِيقَاتِ فِي إيجَابِ الْهَدْيِ أَيْ كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْحِلِّ، وَإِنْ كَانَ بِالْحَرَمِ وَأَرَادَ الْقِرَانَ أَوْ الْعُمْرَةَ فَلَا يُحْرِمُ مِنْهُ بَلْ مِنْ الْحِلِّ. فَإِنْ سَافَرَ حَتَّى تَعَدَّى الْمِيقَاتُ ثُمَّ رَجَعَ نَاوِيًا الْإِحْرَامَ فَكَمِصْرِيٍّ مَرَّ بِالْحُلَيْفَةِ نَاوِيًا الْإِحْرَامَ فَالْمَنْدُوبُ إحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَّرَهُ إلَى مَسْكَنِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَدُونَ مَنْصُوبٌ صِلَةُ مَحْذُوفٍ نَعْتِ مَسْكَنٍ. (وَ) مَكَانُهُ لَهُمَا أَيْضًا (حَيْثُ) أَيْ: مَكَانُ (حَاذَى) أَيْ: قَابَلَ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا (وَاحِدٌ) مِنْ الْمَوَاقِيتِ السَّابِقَةِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَتَى مِنْ خَارِجِ الْمَوَاقِيتِ مُرِيدًا مَكَّةَ وَلَمْ يَأْتِ عَلَى نَفْسِ الْمِيقَاتِ وَوَصَلَ إلَى مَكَان مُحَاذٍ لَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهُ السَّيْرُ إلَى نَفْسِ الْمِيقَاتِ لِلْإِحْرَامِ مِنْهُ، وَرُبَّمَا تَكُونُ الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِيقَاتِ كَالْمَسَافَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ فَتَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ وَأَخْرَجَ حَيْثُ عَنْ نَصْبِ الظَّرْفِيَّةِ إلَى رَفْعِ الْخَبَرِيَّةِ عَلَى تَصَرُّفِهَا وَهُوَ نَادِرٌ. وَعَطَفَ عَلَى جُمْلَةِ حَاذَى فَقَالَ (أَوْ مَرَّ) مُرِيدُ الْإِحْرَامِ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَيَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ مِنْهُ وَإِنْ تَعَدَّاهُ وَأَحْرَمَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مِيقَاتُهُ أَمَامَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَتَى مِنْ خَارِجِ مِيقَاتٍ مِنْ الْمَوَاقِيتِ السَّابِقَةِ وَمَرَّ بِهِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ كَمِصْرِيٍّ مَرَّ بِيَلَمْلَمَ أَوْ قَرْنٍ أَوْ ذَاتِ عِرْقٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْهُ، هَذَا إذَا حَاذَاهُ بِبَرٍّ بَلْ (وَلَوْ) حَاذَاهُ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ وَهُوَ مُسَافِرٌ لِجُدَّةِ فِي سَفِينَةٍ فَيُحْرِمُ إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ أَتَى بَحْرًا إلَى جُدَّةَ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ إذَا حَاذَى الْجُحْفَةَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَشَبَهِهَا اهـ. وَنَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَأَبْقَوْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ عُمُومِهِ بَحْرِ عَيْذَابٍ وَهُوَ بَحْرُ الْقُصَيْرِ وَبَحْرُ الْقَلْزَمِ وَهُوَ بَحْرُ السُّوَيْسِ. وَنَقَلَهُ سَنَدٌ وَقَيَّدَهُ بِالْمُسَافِرِ فِي بَحْرِ الْقَلْزَمِ، قَالَ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي عَلَى سَاحِلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 228 إلَّا كَمِصْرِيٍّ يَمُرُّ بِالْحُلَيْفَةِ   [منح الجليل] الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَتْرُكُهَا خَلْفَهُ وَيَتَجَاوَزُهَا إلَى جُدَّةَ وَلَمْ يَكُنْ السَّفَرُ فِي عَيْذَابٍ مَعْرُوفًا فِي زَمَنِ الْإِمَامِ وَمَنْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَرْضَ مَجُوسٍ. وَأَمَّا الْيَوْمُ فَمَنْ سَافَرَ فِيهِ فَلَا يُحْرِمُ حَتَّى يَخْرُجَ لِلْبَرِّ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ مِيقَاتِ أَهْلِ الشَّامِ أَوْ الْيَمَنِ فَلَا يُحْرِمُ حَتَّى يَصِلَ مِيقَاتُهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِتَأْخِيرِهِ لِلْبَرِّ؛ لِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْمِيقَاتِ تَغْرِيرًا وَارْتِكَابَ خَطَرٍ؛ إذْ رُبَّمَا رَدَّتْهُ الرِّبْحُ فَيَبْقَى مُحْرِمًا عُمْرَهُ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحَرَجِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَمِثْلُ هَذَا لَوْ وَجَبَ لَبَيَّنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ فِيهِ شَيْءٌ وَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ التَّأْخِيرِ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى لُزُومِهِ وَلَا دَلِيلَ. وَأَمَّا مَنْ سَافَرَ فِي بَحْرِ الْقَلْزَمِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ بِتَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ إلَى جُدَّةَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى النُّزُولِ إلَى الْبَرِّ وَالْإِحْرَامِ مِنْ نَفْسِ الْجُحْفَةِ لَكِنْ لِمَضَرَّةِ النُّزُولِ بِمُفَارَقَةِ الرَّحْلِ وَالْخَطَرِ بِخَوْفِ رَدِّ الرِّيحِ إنْ أَحْرَمَ فِي السَّفِينَةِ يُبَاحُ لَهُ تَأْخِيرُ الْإِحْرَامِ لِجُدَّةِ وَعَلَيْهِ الدَّمُ نَظِيرَ مَمْنُوعَاتِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهَا تُبَاحُ لِلضَّرُورَةِ مَعَ الدَّمِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ فِي بَحْرِ عَيْذَابٍ لَا يُمْكِنُهُ النُّزُولُ لِلْبَرِّ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ عِنْدَ مُحَاذَاةِ الْمِيقَاتِ فَيُؤَخِّرُهُ إلَى جُدَّةَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا. وَأَمَّا مَنْ فِي بَحْرِ الْقَلْزَمِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِمُحَاذَاةِ الْمِيقَاتِ لِإِمْكَانِ نُزُولِهِ بِالْبَرِّ لَكِنْ لِلْمَشَقَّةِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَاجِبُ، وَيُرَخَّصُ لَهُ فِي تَأْخِيرِهِ إلَى جُدَّةَ وَعَلَيْهِ الدَّمُ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ. الْحَطّ قَبْلَ تَقْيِيدِ سَنَدٍ هَذَا الْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَخَلِيلٌ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَأَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى فَتْوَاهُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى خِلَافِهِ وَرَدَّهُ بِوَلَوْ بِبَحْرٍ وَرَدَّ بِهِ أَيْضًا رِوَايَةَ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُحْرِمُ الْمُسَافِرُ فِي السُّفُنِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي حَاذَى فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهَا عَلَى أَوْ مَرَّ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مَرَّ فَقَالَ (إلَّا كَمِصْرِيٍّ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مَدْخَلٍ لِلشَّامِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ وَالرُّومِيِّ وَالسُّودَانِيِّ وَسَائِرِ مَنْ شَارَكَهُمْ فِي مِيقَاتِهِمْ وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ وَأَتَى مِنْ وَرَاءِ الْمِيقَاتِ مُرِيدًا الْإِحْرَامَ وَالْمُرُورَ عَلَى مَسْكَنِهِ (يَمُرُّ) نَحْوُ الْمِصْرِيِّ (بِالْحُلَيْفَةِ) وَمَنْ مَسْكَنُهُ بَعْدَ الْمِيقَاتِ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ يَمُرُّ بِهِ مُرِيدًا الْمُرُورَ بِالْجُحْفَةِ أَوْ مُحَاذَاتَهَا أَوْ مَسْكَنِهِ أَوْ مُحَاذَاتَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 229 فَهُوَ أَوْلَى وَإِنْ لِحَيْضٍ رُجِيَ رَفْعُهُ: كَإِحْرَامِهِ أَوَّلَهُ. وَإِزَالَةِ شَعَثِهِ، وَتَرْكِ اللَّفْظِ بِهِ، وَالْمَارُّ بِهِ إنْ لَمْ يَرِدْ مَكَّةَ،   [منح الجليل] فَهُوَ) أَيْ إحْرَامُهُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ وَالْمِيقَاتِ (أَوْلَى) مِنْ إحْرَامِهِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَالْمَسْكَنِ وَلَا وَاجِبَ؛ لِأَنَّ مِيقَاتَهُ أَمَامَهُ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ إحْرَامِهِ مِنْ الْحُلَيْفَةِ أَوْ الْمِيقَاتِ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ أَوْ إحْرَامُهُ مِنْ غَيْرِ مِيقَاتٍ، هَذَا إذَا كَانَ وَقْتُ مُرُورِهِ عَلَى الْحُلَيْفَةِ أَوْ الْمِيقَاتُ لَيْسَ مُتَلَبِّسًا بِنَحْوِ حَيْضٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ حِينَ مُرُورِهِ بِالْحُلَيْفَةِ أَوْ الْمِيقَاتِ مُتَلَبِّسًا (بِحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ (رُجِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (رَفْعُهُ) أَيْ الطُّهْرُ مِنْهُ قَبْلَ الْجُحْفَةِ أَوْ فِيهَا بِحَيْثُ يُحْرِمُ بِهَا عَقِبَ صَلَاةٍ فَتَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ بِالْحُلَيْفَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَقِبَ صَلَاةٍ، أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهِ إلَى الْجُحْفَةِ. وَإِنْ كَانَ عَقِبَ صَلَاةٍ؛ لِأَنَّ التَّلَبُّسَ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَيَّامًا أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ أَجْرِ الْإِحْرَامِ عَقِبَ صَلَاةٍ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْ نَحْوُ الْمِصْرِيِّ الْمُرُورَ بِالْجُحْفَةِ وَمُحَاذَاتَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إحْرَامُهُ مِنْ الْحُلَيْفَةِ. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَإِحْرَامِهِ) أَيْ: الشَّخْصِ الْبَالِغِ (أَوَّلَهُ) أَيْ الْمِيقَاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَقْطَارِ؛ لِأَنَّهَا مُبَادَرَةٌ إلَى الطَّاعَةِ إلَّا ذَا الْحُلَيْفَةِ فَالْأَفْضَلُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَسْجِدِهَا أَوْ فِنَائِهِ لَا مِنْ أَوَّلِهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَإِزَالَةِ شَعَثِهِ) أَيْ: مُرِيدِ الْإِحْرَامِ بِتَقْلِيمِ أَظْفَارِهِ وَقَصِّ شَارِبِهِ وَحَلْقِ عَانَتِهِ وَنَتْفِ إبْطِهِ وَإِزَالَةِ شَعْرِ بَدَنِهِ إلَّا شَعْرَ رَأْسِهِ فَالْمَنْدُوبُ إبْقَاؤُهُ وَتَلْبِيدُهُ بِصَمْغٍ أَوْ غَاسُولٍ لِيَلْتَصِقَ عَلَى رَأْسِهِ وَلَا تَتَرَبَّى فِيهِ الدَّوَابُّ، وَاكْتِحَالُهُ وَادِّهَانُهُ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ. (وَتَرْكِ اللَّفْظِ) أَيْ التَّلَفُّظِ حَالَ الْإِحْرَامِ (بِهِ) أَيْ: اللَّفْظِ الدَّالِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى نِيَّةِ الدُّخُولِ فِي حُرُمَاتِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَعَنْ مَالِكٍ: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَرَاهَتُهُ. وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ نَدْبُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَبَّيْكَ أَوْ أَحْرَمْت بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ لِلْخُرُوجِ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ (وَ) الشَّخْصُ (الْمَارُّ بِهِ) أَيْ: الْمِيقَاتِ (إنْ لَمْ يُرِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ يَقْصِدْ (مَكَّةَ) بِأَنْ كَانَتْ حَاجَتُهُ دُونَهَا أَوْ فِي جِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ لَوْ أَرَادَهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 230 أَوْ كَعَبْدٍ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ، وَلَا دَم، وَإِنْ أَحْرَمَ إلَّا الصَّرُورَةَ الْمُسْتَطِيعُ فَتَأْوِيلَانِ، وَمُرِيدُهَا إنْ تَرَدَّدَ أَوْ عَادَلَهَا لِأَمْرٍ،   [منح الجليل] أَوْ) أَرَادَهَا وَهُوَ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِالْحَجِّ (كَعَبْدٍ) وَصَبِيٍّ أَوْ يُخَاطَبُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ لِكُفْرِهِ (فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ) مِنْ الْمِيقَاتِ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ بَلْ (وَإِنْ) بَدَا لَهُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ بِلَا إحْرَامٍ دُخُولُهَا أَوْ إذَا الْوَلِيُّ أَوْ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ أَوْ الصَّبِيِّ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونَ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَ (أَحْرَمَ) بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَلَا دَمَ لِمُجَاوَزَتِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (إلَّا الصَّرُورَةَ) الَّذِي لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (الْمُسْتَطِيعُ) لَهُ الَّذِي مَرَّ عَلَى الْمِيقَاتِ غَيْرُ مُرِيدِ مَكَّةَ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ وَبَدَا لَهُ بَعْدَهُ دُخُولُهَا فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ (فَ) فِي لُزُومِهِ الدَّمَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَمَنْ مَرَّ بِهِ مُرِيدُهَا وَعَدَمُهُ نَظَرًا لِحَالِ مُرُورِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. (وَمُرِيدُهَا) أَيْ: مَكَّةَ (إنْ تَرَدَّدَ) لَهَا مِنْ مَكَان قَرِيبٍ دُونَ الْمَوَاقِيتِ أَيْ أَتَاهَا مِنْهُ ثُمَّ عَادَ مِنْهَا إلَيْهِ ثُمَّ عَادَ مِنْهُ إلَيْهَا، وَهَكَذَا فِي أَيَّامٍ مُتَقَارِبَةٍ مُتَسَبِّبًا بِفَاكِهَةٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ حَشِيشٍ أَوْ فَحْمٍ أَوْ نَحْوِهَا. وَأَمَّا الْمَارُّ عَلَى الْمِيقَاتِ مُرِيدًا مَكَّةَ فَيَجِبُ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُتَرَدِّدًا أَوْ غَيْرُهُ كَمَا تُقَيِّدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَارَّ بِهِ الْمُتَرَدِّدَ لَا إحْرَامَ عَلَيْهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ. اللَّخْمِيُّ وَيُنْدَبُ لِلْمُتَرَدِّدِ لَهَا مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ الْإِحْرَامُ أَوَّلَ مَرَّةٍ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوضِحُ وَالْحَطّ. (أَوْ عَادَ) أَيْ: رَجَعَ مُرِيدُهَا (لَهَا) أَيْ: مَكَّةَ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ كَمَسَافَةِ قَصْرٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهَا وَخَرَجَ مِنْهَا لَا يُرِيدُ الْعَوْدَ لَهَا وَعَادَ لَهَا (لِأَمْرٍ) عَاقَهُ عَنْ السَّفَرِ، فَإِنْ عَادَ لَهَا اخْتِيَارًا لِغَيْرِ عَائِقٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الدَّمُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ أَوْ خَرَجَ مِنْهَا مُرِيدًا الْعَوْدَ إلَيْهَا وَرَجَعَ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ لَمْ يَقُمْ فِيهِ كَثِيرًا وَلَوْ لِغَيْرِ عَائِقٍ كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَيْثُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى قَدِيدٍ فَبَلَغَتْهُ فِتْنَةُ الْمَدِينَةِ فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 231 فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا وَجَبَ الْإِحْرَامُ، وَأَسَاءَ تَارِكُهُ، وَلَا دَمَ إنْ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا،   [منح الجليل] فَكَذَلِكَ) أَيْ الْمَارُّ الَّذِي لَمْ يُرِدْهَا فِي عَدَمِ لُزُومِ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِ الدَّمِ. سَنَدٌ وَأُلْحِقَ بِهَذَا مَنْ خَافَ مِنْ سُلْطَانِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَظْهَرَ أَوْ خَافَ مِنْ جَوْرِ يَلْحَقُهُ بِوَجْهٍ فَيَجُوزُ لَهُ دُخُولُهَا بِلَا إحْرَامٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ مَعَ عُذْرِ التَّكْرَارِ فَكَيْفَ بِعُذْرِ الْمَخَافَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ أَيْضًا دُخُولُهَا لِقِتَالٍ جَائِزٍ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرِيدُهَا مُتَرَدِّدًا مِنْ قَرِيبٍ وَلَمْ يَعُدْ لَهَا لِأَمْرٍ بَلْ عَادَ لَهَا لِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ لِسُكْنَاهَا وَلَمْ يَعُدْ لَهَا مِنْ قَرِيبٍ بَلْ مِنْ بَعِيدٍ زَائِدٍ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الْعَوْدِ أَمْ لَا (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِحْرَامُ) لِدُخُولِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا حَلَالًا مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَأَسَاءَ) أَيْ: أَثِمَ (تَارِكُهُ) وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى تَأَكُّدٍ كَقَوْلِهِمْ وَجَبَ الْوِتْرُ وَجَبَ الْأَذَانُ وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا. (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ صَرُورَةً أَمْ لَا (إنْ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا) وَلَا دُخُولَ مَكَّةَ فَقَصْدُ دُخُولِهَا كَقَصْدِ النُّسُكِ. الْبُنَانِيُّ فَتَحَصَّلَ أَنَّ مُرِيدَ مَكَّةَ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ إنْ كَانَ مُتَرَدِّدًا أَوْ رَجَعَ لَهَا الْفِتْنَةُ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِحْرَامُ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْمَارَّ بِالْمِيقَاتِ إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ أَوْ كَانَ كَعَبْدٍ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ وَإِنْ أَرَادَهَا وَهُوَ مُخَاطَبٌ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي الدَّمِ إنْ لَمْ يُحْرِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ تَعَدِّيهِ حَلَالٌ لِغَيْرِ دُخُولٍ وَلَا حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ عَفْوٌ ثُمَّ قَالَ: وَلِأَحَدِهِمَا مَمْنُوعٌ ثُمَّ ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِي الدَّمِ. طفي لَكِنَّ التَّفْصِيلَ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ نُسُكًا فِي مُتَعَدِّي الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ حَلَالًا غَيْرَ مُتَعَدٍّ الْمِيقَاتَ لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَصَدَ النُّسُكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدَّاهُ الِاخْتِصَارُ إلَى عَدَمِ تَرْتِيبِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَعَلَى مَا قَرَّرَهُ الْحَطّ، يَبْقَى عَلَى الْمُصَنِّفِ حُكْمُ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ حَلَالًا هَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَمْ لَا؟ فَالْأَوْلَى التَّعْمِيمُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا وَجَبَ الْإِحْرَامُ أَمَّا وُجُوبُهُ لِدُخُولِ مَكَّةَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَ الْمِيقَاتِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 232 وَإِلَّا رَجَعَ، وَإِنْ شَارَفَهَا وَلَا دَمَ وَإِنْ عَلِمَ، مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتًا، فَالدَّمُ: كَرَاجِعٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ، وَلَوْ أَفْسَدَ، لَا فَاتَ، وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ. ، وَإِنْ خَالَفَهَا   [منح الجليل] تَعَدِّيهِ حَلَالًا لِدُخُولِ مَكَّةَ مَمْنُوعٌ فَصَرَّحَ بِالْمَنْعِ اهـ. (وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ قَصَدَ مُرِيدُ مَكَّةَ نُسُكًا حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَلَمْ يَتَرَدَّدْ، وَتَعَدَّى الْمِيقَاتَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ عَالِمًا وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ (رَجَعَ) وُجُوبًا لِلْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ إنْ لَمْ يُشَارِفْ مَكَّةَ بَلْ (وَإِنْ شَارَفَهَا) أَيْ قَارَبَ مَكَّةَ بَلْ يَرْجِعُ وَإِنْ دَخَلَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهِ أَفْتَى النَّاصِرُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ قَالَهُ الْحَطّ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ إنْ رَجَعَ قَبْلَ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ صَارَ كَأَنَّهُ أَحْرَمَ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَظَاهِرُهُ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْبُعْدِ لِلْمِيقَاتِ وَأَحْرَمَ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ جَهِلَ أَنَّ مُجَاوَزَتَهُ حَلَالًا مَمْنُوعَةٌ. بَلْ (وَإِنْ عَلِمَ) ذَلِكَ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ رَجَعَ فَقَالَ (مَا لَمْ يَخَفْ) قَاصِدُ النُّسُكِ بِرُجُوعِهِ (فَوْتًا) لِحَجَّةٍ أَوْ رُفْقَةٍ وَلَا مَرَضًا شَاقًّا فَإِنْ خَافَ شَيْئًا مِنْهَا (فَالدَّمُ) وَجَبَ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُ الرُّجُوعِ وَيُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ وَيَتَمَادَى؛ لِأَنَّ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ تُبَاحُ بِالْعُذْرِ وَيَلْزَمُ الدَّمُ، وَهَذَا إنْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، فَإِنْ فَاتَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ الْآتِي لَا فَاتَ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ فَقَالَ (كَرَاجِعٍ) لِلْمِيقَاتِ الَّذِي تَعَدَّاهُ بِلَا إحْرَامٍ مِنْهُ (بَعْدَ إحْرَامِهِ) فِي مَحَلٍّ بَعْدَهُ إلَى جِهَةِ مَكَّةَ فَالدَّمُ تَخْلُدُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُهُ عِنْدَ رُجُوعِهِ بَعْدَ إحْرَامِهِ إنْ لَمْ يُفْسِدْ إحْرَامَهُ بَلْ (وَلَوْ أَفْسَدَ) إحْرَامَهُ بِجِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ فَيَتَمَادَى عَلَيْهِ كَالصَّحِيحِ إلَى تَمَامِهِ وَيَقْضِيهِ، وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ هَدْيٌ لِتَعَدِّي الْمِيقَاتِ وَهَدْيٌ لِلْإِفْسَادِ (لَا) يَتَخَلَّلُهُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ إنْ (فَاتَ) الْحَجُّ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَيَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّهُ بِتَحَلُّلِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ فَعَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَفُتْهُ. (وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ) الْإِحْرَامُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (بِالنِّيَّةِ) لِلدُّخُولِ فِي عِبَادَةِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَالْحُصْرُ مُنَصَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي مَعَ قَوْلِ إلَخْ إنْ وَافَقَهَا لَفْظُهُ بَلْ. (وَإِنْ خَالَفَهَا) أَيْ: النِّيَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 233 لَفْظُهُ، وَلَا دَمَ وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا بِهِ   [منح الجليل] لَفْظُهُ) عَمْدًا بِأَنْ نَوَى الْحَجَّ وَقَالَ نَوَيْت الْعُمْرَةَ أَوْ عَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الصَّلَاةِ بِعَدَمِ ارْتِفَاضِهِ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ لِهَذِهِ الْمُخَالَفَةِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَرْجُوعُ عَنْهُ، وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ الْأَوَّلُ أَقْيَسُ، وَعَلَى الثَّانِي هَلْ الدَّمُ إنْ أَوْجَبَهُ لَفْظُهُ بِأَنْ قَالَ نَوَيْت الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ وَنَوَى الْحَجَّ فَقَطْ أَوْ مُطْلَقًا احْتِمَالَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى أَوَّلِهِمَا يَدُلُّ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ وَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ. (وَإِنْ) كَانَتْ (بِجِمَاعٍ) أَيْ: مَعَهُ فَيَنْعَقِدُ فَاسِدًا فَيُتِمُّهُ وَيَقْضِيهِ وَيَهْدِي. الْحَطّ عَنْ طُرَرِ التَّلْقِينُ شَرْطُ صِحَّةِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ أَنْ لَا يَنْوِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهِ وَطْئًا وَلَا إنْزَالًا فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ إحْرَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ شَيْءٌ وَلَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا شَيْءٌ اهـ. قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَحْرَمَ عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يَحْرُمَ عَلَيْهِ وَطْءٌ وَلَا إنْزَالٌ فَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى عَقْدِهِ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ حَالَ كَوْنِ النِّيَّةِ (مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا) أَيْ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ (بِهِ) أَيْ: الْمَنْوِيِّ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّقْلِيدِ وَالْأَشْعَارِ وَالتَّوَجُّهِ. وَاحْتُرِزَ عَنْ غَيْرِ الْمُتَعَلِّقِينَ كَالتَّكْبِيرِ وَالْأَكْلِ، وَتَبِعَ فِي هَذَا قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ وَقَوْلُهُ فِي مَنَاسِكِهِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَاَلَّذِي فِي التَّلْقِينِ وَالْمُعَلَّمِ وَالْقَبَسِ أَنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ فِي انْعِقَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي قَوْلِهَا مَنْ قَالَ أَنَا مُحْرِمٌ يَوْمَ أُكَلِّمُ فُلَانًا فَهُوَ يَوْمَ يُكَلِّمْهُ مُحْرِمٌ. الْحَطّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ إحْرَامٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَا يَكُونُ مُحْرِمًا حَتَّى يُنْشِئَ إحْرَامًا وَاسْتَشْكَلَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَخَلِيلٍ وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْإِشْكَالِ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ مَعَ ابْتِدَاءِ تَوَجُّهِ الْمَاشِي أَوْ اسْتِوَاءِ الرَّاكِبِ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَشَرَطَ ابْنُ حَبِيبٍ تَلْبِيَتَهُ كَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفِيهِ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ مَعَهَا قَوْلَا إسْمَاعِيلَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالْأَكْثَرُ عَنْهُ، وَفِيهِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ طُرُقٌ. الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَسَنَدٌ يَنْعَقِدُ بِهَا. لِلَّخْمِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 234 بَيَّنَ، أَوْ أَبْهَمَ، وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ وَالْقِيَاسُ لِقِرَانٍ. وَإِنْ نَسِيَ فَقِرَانٌ، وَنَوَى الْحَجَّ   [منح الجليل] كَالْيَمِينِ بِهَا. ابْنُ بَشِيرٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهَا ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَرْتَفِعُ بِرَفْضٍ أَوْ إفْسَادٍ إلَّا بِتَحَلُّلٍ خَاصٍّ وَيَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْقَوْلِ أَوْ الْفِعْلِ الْمُتَعَلِّقِ سَوَاءٌ (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْ هُمَا مَعًا (أَوْ أَبْهَمَ) بِأَنْ نَوَى الدُّخُولَ فِي عِبَادَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا حَجًّا وَلَا عُمْرَةً فَيَنْعَقِدُ مُطْلَقًا وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا حَتَّى يُعَيَّنَ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا. (وَصَرَفَهُ) أَيْ: الشَّخْصُ الْإِحْرَامَ الْمُبْهَمَ (لِحَجٍّ) وُجُوبًا إنْ كَانَ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ سَوَاءٌ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمْ لَا وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَالْإِحْرَامُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ عَقِبَ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ نُدِبَ صَرْفُهُ لِعُمْرَةٍ وَكُرِهَ لِحَجٍّ، فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَوَجَبَ صَرْفُهُ لَهُ فِي الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي وَقَعَ مِنْهُ يُصْرَفُ لِطَوَافِ الْقُدُومِ وَهُوَ وَاجِبٌ، فَلَا يَكْفِي عَنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ الَّذِي هُوَ فَرْضٌ أَفَادَهُ سَنَدٌ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وُجُوبًا إنْ وَقَعَ الصَّرْفُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هَذَا الْفَرْعُ الَّذِي وَقَعَ الصَّرْفُ فِيهِ لِحَجٍّ بَعْدَ الطَّوَافِ إنَّمَا نَقَاؤُهُ عِنْدَ سَنَدٍ وَالْقَرَافِيِّ وَهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ وُجُوبَ صَرْفِهِ لِحَجٍّ، وَإِنَّمَا قَالَا: الصَّوَابُ أَنْ يُجْعَلَ حَجًّا وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَكَذَا التَّعْلِيلُ الْآتِي لَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ وَيُؤَخِّرُ سَعْيَهُ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ مَا صَرَفَهُ قَبْلَ الطَّوَافِ وَقَدْ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ الْحِلِّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَيَسْعَى عَقِبَهُ وَمَا صَرَفَهُ بَعْدَهُ فَقَدْ قَالَ سَنَدٌ يُؤَخِّرُ سَعْيَهُ لِلْإِفَاضَةِ أَيْ:؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْقُدُومَ. وَبَحَثَ فِيهِ الْحَطّ بِأَنَّهُ تَكَلُّفٌ. وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي وَقَعَ إلَخْ لَا يُخْفِي مَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ مِنْ الْخَلَلِ وَالِانْحِلَالِ. وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى طَافَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَ حَجًّا وَيَكُونَ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْحَجِّ، وَطَوَافُ الْعُمْرَةِ رُكْنٌ وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ تَعْيِينِهَا اهـ. وَأَصْرَحُ مِنْهُ كَلَامُ سَنَدٍ وَقَدْ نَقَلَهُ الْحَطّ. (وَالْقِيَاسُ) صَرَفَهُ (لِقِرَانٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّسُكَيْنِ. (وَإِنْ) أَحْرَمَ بِنُسُكٍ مُعَيَّنٍ وَ (نَسِيَ) مَا أَحْرَمَ بِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَهُوَ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ قِرَانٌ (فَقِرَانٌ) أَيْ: يَعْمَلُ عَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَجْمَعَ وَيُهْدِي لَهُ لَا أَنَّهُ يَنْوِي الْقِرَانَ وَإِلَّا نَافَى قَوْلَهُ (وَنَوَى) وَقْتَ عَمَلِهِ (الْحَجَّ) وُجُوبًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 235 وَبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ: كَشَكِّهِ أَفْرَدَ أَوْ تَمَتَّعَ. وَلَغَا عَمْرَةً عَلَيْهِ: كَالثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ،   [منح الجليل] لِيَتِمَّ عَمَلُ الْقِرَانِ إنْ كَانَ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَقَدْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّوَافِ، وَهَذَا إذَا شَكَّ فِي وَقْتٍ يَصِحُّ فِيهِ الْإِرْدَافُ بِأَنْ وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ فَلَا يَنْوِي الْحَجَّ؛ إذْ لَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَى الْعُمْرَةِ حِينَئِذٍ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَعْيِهِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَصَارَ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَكَذَا إنْ كَانَ شَكُّهُ بَعْدَ السَّعْيِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُهْدِيَ احْتِيَاطًا لِخَوْفِ تَأْخِيرِ الْحَلَّاقِ قَالَهُ سَنَدٌ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وُجُوبًا فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْحَجِّ أَحْدَثَ نِيَّتَهُ صَرُورَةً كَانَ أَوْ لَا، وَإِنْ تَرَكَ نِيَّتَهُ بَرِئَ مِنْ عُهْدَةِ الْإِحْرَامِ فَقَطْ وَلَيْسَ مُحَقِّقًا عِنْدَهُ إلَّا عُمْرَةً (وَ) إذَا نَوَى الْحَجَّ (بَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ) لَا مِنْ الْعُمْرَةِ فَيَأْتِي بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ إحْرَامَهُ أَوَّلًا كَانَ بِحَجٍّ، وَمُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ عَمَلَ الْقِرَانِ لَازِمٌ لَهُ سَوَاءٌ نَوَى الْحَجَّ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَبَرَاءَتُهُ مِنْ الْحَجِّ إنَّمَا تَكُونُ إذَا نَوَاهُ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي نِيَّةِ الْحَجِّ وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَقَطْ فَقَالَ (كَشَكِّهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ فِي كَوْنِهِ (أَفْرَدَ) أَيْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ (أَوْ تَمَتَّعَ) أَيْ: أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّكَّ حَصَلَ عَقِبَ إحْرَامِهِ، وَالتَّمَتُّعُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِفَرَاغِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ أَيْ أَشْهُرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ الْآنَ فَقَوْلُهُ أَوْ تَمَتَّعَ فِيهِ مَجَازٌ الْأَوَّلُ أَيْ فَصْلُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُتَمَتِّعًا فَيَنْوِي الْحَجَّ لِيَرْتَدِفَ عَلَى الْعُمْرَةِ إنْ كَانَ أَحْرَمَ بِهَا أَوَّلًا، وَيَبْرَأُ مِنْهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يُحْدِثْ نِيَّةَ الْحَجِّ بَرِئَ مِنْ الْعُمْرَةِ فَقَطْ (وَلَغَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: لَا تَنْعَقِدُ (عُمْرَةً) أُرْدِفَتْ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَجِّ لِضَعْفِهَا وَقُوَّتِهِ. وَشَبَّهَ فِي اللَّغْوِ فَقَالَ (كَ) الْإِحْرَامِ (الثَّانِي فِي حَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الثَّانِي مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَصَلَ بِالْأَوَّلِ. وَأَمَّا إرْدَافُ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَيَصِحُّ لِقُوَّتِهِ وَضَعْفِهَا وَلِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 236 وَرَفْضُهُ. وَفِي كَإِحْرَامِ زَيْدٍ: تَرَدُّدٌ. وَنُدِبَ: إفْرَادٌ، ثُمَّ قِرَانٌ: بِأَنْ يُحْرِمَ   [منح الجليل] يَحْصُلُ بِهَا، وَمَعْنَى اللَّغْوِ فِي الثَّلَاثَةِ عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَحُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَيْهِ الْكَرَاهَةُ. (وَ) لَغَا (رَفْضُهُ) أَيْ: الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ فَيَجِبُ إتْمَامُهُ بِنِيَّةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ كَالطَّوَافِ، وَلَا يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَلَا شَيْءٌ عَبْدُ الْحَقِّ، فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطِبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يَحْصُلْ لِرَفْضِهِ حُكْمٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ وَنَوَى رَفْضَهَا وَفِعْلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ رَافِضٌ يُعَدُّ كَالتَّارِكِ. . (وَفِي) جَوَازِ إحْرَامِ شَخْصٍ (كَإِحْرَامِ زَيْدٍ) وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ نَقَلَ سَنَدٌ وَالْقَرَافِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ جَوَازَهُ، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمَنْعَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ «إهْلَالِ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - حِينَ قُدُومِهِمَا مِنْ الْيَمَنِ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَرَّهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ وَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا بِصَرْفِ إحْرَامِهِ لِحَجٍّ لِسَوْقِهِ هَدْيًا وَأَبَا مُوسَى بِصَرْفِهِ لِعُمْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا» وَعَلَى الْجَوَازِ فَيَتَّبِعُ زَيْدًا فِي الْإِفْرَادِ أَوْ الْقِرَانِ أَوْ الْعُمْرَةِ فَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يُحْرِمْ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ الْمُطْلَقُ فَيَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوْ وَجَدَهُ مُطْلَقًا فِي إحْرَامِهِ وَجَرَى التَّرَدُّدُ هُنَا وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ إمَامِهِ لِشِدَّةِ ارْتِبَاطِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ بِصَلَاةِ إمَامِهِ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إفْرَادٌ) أَيْ فَضْلٌ عَلَى قِرَانٍ وَتَمَتُّعٍ؛ لِأَنَّهُ هَدْيٌ فِيهِ وَفِيهِمَا هَدْيٌ وَهُوَ لَا يَطْلُبُ إلَّا لِلنَّقْصِ، وَلَا تُرَدُّ الصَّلَاةُ الْمُرَقَّعَةُ لِامْتِيَازِهَا بِالسُّجُودِ الْمُرْغِمِ لِلشَّيْطَانِ وَلِأَنَّ السَّهْوَ لَا اخْتِيَارَ لِلْمُصَلِّي فِيهِ بِخِلَافِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَفْضَلِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الِاعْتِمَارَ بَعْدَهُ. الْبُنَانِيُّ نَقَلَ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ عَنْ مَالِكٍ وَمُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تَقْيِيدُ أَفْضَلِيَّتِهِ بِنِيَّةِ الِاعْتِمَارِ بَعْدَهُ، وَقَوْلُ عب وَلَا تُرَدُّ الصَّلَاةُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا عَلَى مَا لَا سَهْوَ فِيهَا، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا تُرَدُّ أَصْلًا. (ثُمَّ) يَلِي الْإِفْرَادَ فِي الْفَضْلِ (قِرَانٌ) لِمُشَابِهَتِهِ الْإِفْرَادَ فِي الْعَمَلِ مُصَوَّرٌ (بِأَنْ يُحْرِمَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 237 بِهِمَا وَقَدَّمَهَا، أَوْ يُرْدِفُهُ بِطَوَافِهَا، إنْ صَحَّتْ وَكَمَّلَهُ، وَلَا يَسْعَى وَتَنْدَرِجُ. وَكُرِهَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، لَا بَعْدَهُ. وَصَحَّ بَعْدَ سَعْيٍ. وَحَرُمَ الْحَلْقُ وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ وَلَوْ فَعَلَهُ.   [منح الجليل] بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (بِهِمَا) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَقْصِدَهُمَا أَوْ بِنِيَّتَيْنِ (وَقَدَّمَ) نِيَّتَ (هَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ وُجُوبًا لِيُرْدِفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا (أَوْ) يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَحْدَهَا وَ (يُرْدِفُهُ) أَيْ: الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا أَوْ (بِطَوَافِهَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ أَرْدَفَهُ قَبْلَ طَوَافِهَا فَلَا يَطُوفُ وَلَا يَسْعَى حَتَّى يَعُودَ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَيَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَيْهَا (إنْ صَحَّتْ) الْعُمْرَةُ، فَإِنْ فَسَدَتْ فَلَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَيْهَا، وَلَا يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ فَلَا يُتِمُّهُ وَلَا يَقْضِيهِ وَهُوَ عَلَى عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ فَيُتِمُّهَا وَيَقْضِيهَا. فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ بَعْدَ إتْمَامِهَا وَقَبْلَ قَضَائِهَا انْعَقَدَ إحْرَامُهُ بِهِ وَصَارَ مُتَمَتِّعًا وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَجِّ (وَ) إنْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بِطَوَافِهَا (كَمَّلَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَفْلًا وُجُوبًا وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ. (وَلَا يَسْعَى) عَقِبَهُ وَانْدَرَجَتْ عُمْرَتُهُ فِي الْحَجِّ فَيَسْعَى عَقِبَ الْإِفَاضَةِ وَكَذَا إرْدَافُهُ عَقِبَ طَوَافِهَا وَقَبْلَ رَكْعَتَيْهِ أَوْ فِيهِمَا (وَتَنْدَرِجُ) الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ فَيُسْتَغْنَى بِالْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ عَقِبَهُ عَنْ طَوَافِهَا وَسَعْيِهَا وَحَلْقِهِ عَنْ حَلْقِهَا فَلَا يَبْقَى لَهَا فِعْلٌ ظَاهِرٌ يَخُصُّهَا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إرْدَافُهُ عَلَيْهَا عَقِبَ طَوَافِهَا وَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ: صَلَاةِ رَكْعَتَيْهِ وَيَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَيْهَا وَيَصِير قَارِنًا فَيُصَلِّيهِمَا وَتَنْدَرِجُ (لَا) يَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَيْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ: الرُّكُوعِ وَلَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَصِيرُ قَارِنًا وَمَفْهُومُ بَعْدِهِ صِحَّتُهُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَصَحَّ) إحْرَامُ الْحَجِّ (بَعْدَ) تَمَامِ (سَعْيٍ) لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ حَلْقِهَا ثُمَّ إنْ كَانَ أَتَمَّهُ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَيْسَ مُتَمَتِّعًا وَإِنْ كَانَ أَتَمَّهُ فِيهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ صَحَّ بَعْدَ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ لِاسْتِلْزَامِهِ تَأْخِيرَ حَلْقِهَا أَوْ سُقُوطَهُ. (وَحَرُمَ) عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ بَعْدَ سَعْيِهَا (الْحَلْقُ) لِلْعُمْرَةِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ حَجِّهِ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. (وَأَهْدَى) وُجُوبًا (لِتَأْخِيرِهِ) أَيْ: الْحَلْقِ وُجُوبًا بِسَبَبِ إحْرَامِ الْحَجِّ (وَلَوْ فَعَلَهُ) أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 238 ثُمَّ تَمَتَّعَ بِأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا وَإِنْ بِقِرَانٍ. وَشَرْطُ دَمِهِمَا: عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ أَوْ ذِي طُوًى وَقْتَ فِعْلِهِمَا وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا   [منح الجليل] الْحَلْقَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ مِنْ الْحَجِّ مُبَالَغَةً فِي وُجُوبِ الْهَدْيِ وَتَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ أَيْضًا لِحَلْقِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِ ابْنِ يُونُسَ لَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ فَعَلَهُ تَخْرِيجًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِسُقُوطِ سُجُودِ مَنْ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ بِلَا تَشَهُّدٍ بِرُجُوعِهِ وَتَشَهُّدِهِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا قَبْلَ سَلَامِهِ، وَيَسْجُدُ بَعْدَهُ، وَعَلَى سُقُوطِ دَمِ تَعَدِّي الْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ وَالْإِحْرَامِ مِنْهُ. (ثُمَّ) يَلِي الْقِرَانَ فِي الْفَضْلِ (تَمَتُّعٌ) فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعَلَى الْإِحْرَامِ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ فَأَوْجُهُهُ خَمْسَةٌ، وَلَا فَضْلَ فِي الْأَخِيرَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا رَاجِعَانِ إلَى الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلَا يَنْبَغِي عَدَّهُمَا مُسْتَقِلَّيْنِ مُصَوَّرٌ (بِأَنْ) يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ وَيُتِمَّهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ (يَحُجُّ بَعْدَهَا) فِي عَامِهِ بِإِفْرَادٍ بَلْ (وَإِنْ بِقِرَانٍ) فَيَصِيرُ مُتَمَتِّعًا قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ هَدْيَانِ وَاحِدٌ لِتَمَتُّعِهِ وَهَدْيٌ لِقِرَانِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعُمْرَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً وَلَوْ كَرَّرَهَا فِي أَشْهُرِهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَسُمِّيَ مُتَمَتِّعًا لِتَمَتُّعِهِ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ أَوْ؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بَعْدَ تَمَامِ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَغَيْرِهِمَا. (وَشَرْطُ) وُجُوبِ (دَمِهِمَا) أَيْ: الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ (عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ) وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا لَا يَقْصِرُ الْمُسَافِرُ حَتَّى يُجَاوِزُهُ (أَوْ ذِي طُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَهْبِطُ مِنْهَا إلَى مَقْبَرَةِ مَكَّةَ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُعَلَّاةِ وَالطَّرِيقِ الْآخَرِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الزَّاهِرِ، وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ مَكَّةَ بَيْنَ الْحَجُونَيْنِ. وَأَمَّا طُوَى الَّذِي فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَيَضُمُّهَا فَقَطْ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ مُنَوَّنًا وَغَيْرَ مُنَوَّنٍ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ وَصِلَةُ إقَامَةِ (وَقْتَ فِعْلِهِمَا) أَيْ: الْإِحْرَامِ بِالْقِرَانِ وَالْعُمْرَةِ، فَلَوْ قَدِمَ آفَاقِيٌّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَارِنًا وَنِيَّتُهُ السُّكْنَى بِمَكَّةَ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيُ التَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ أَوْ الْقِرَانِ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَالْمُقِيمُ بِمَكَّةَ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا لَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ بِهَا أَصْلِيَّةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ إقَامَتُهُ بِهَا (بِانْقِطَاعٍ) عَنْ وَطَنِهِ (بِهَا) أَيْ: مَكَّةَ أَيْ: رَفَضَ وَطَنَهُ وَسُكْنَاهَا بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ وَهُوَ مُرَادُ التَّوْضِيحِ بِقَوْلِهِ الْمُجَاوِرُ بِهَا الْمُنْقَطِعُ كَأَهْلِهَا لَا الْمُجَاوِرُ بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 239 أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، لَا انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا، أَوْ قَدِمَ بِهَا يَنْوِي الْإِقَامَةَ. وَنُدِبَ لِذِي أَهْلَيْنِ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ، تَأْوِيلَانِ. وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ، وَلِلتَّمَتُّعِ عَدَمُ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهَا   [منح الجليل] أَوْ) تَوَطُّنُهَا وَ (خَرَجَ) مِنْهَا (لِ) قَضَاءِ (حَاجَةٍ) كَغَزْوٍ وَرِبَاطٍ وَتِجَارَةٍ نَاوِيًا الرُّجُوعَ طَالَتْ إقَامَتُهُ أَوْ قَصُرَتْ ثُمَّ رَجَعَ لَهَا بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَارِنًا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ (لَا) يَسْقُطُ الدَّمُ عَنْ مُتَوَطِّنِهَا إنْ رَفَضَ سُكْنَاهَا وَ (انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا) أَيْ: مَكَّةَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ قَارِنًا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (أَوْ قَدَّمَ) أَيْ: الْمُنْقَطِعُ بِغَيْرِهَا (بِهَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ أَوْ أَشْهُرُ الْحَجِّ حَالَ كَوْنِهِ (يَنْوِي الْإِقَامَةَ) بِمَكَّةَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَنْوِهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَأَمَّا إنْ انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا غَيْرُ رَافِضٍ سُكْنَاهَا ثُمَّ رَجَعَ لَهَا نَاوِيًا الْإِقَامَةَ بِهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ دَمُ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ (لِذِي) أَيْ: صَاحِبِ (أَهْلَيْنِ) أَهْلٍ بِمَكَّةَ وَأَهْلٍ بِغَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ فِي حُكْمِهَا (وَهَلْ) يُنْدَبُ دَمُ التَّمَتُّعِ لِذِي أَهْلَيْنِ مُطْلَقًا أَوْ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ) ذُو الْأَهْلَيْنِ (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْأَهْلَيْنِ (أَكْثَرَ) مِنْ إقَامَتِهِ بِالْآخَرِ (فَيُعْتَبَرُ) مَا أَقَامَ بِهِ أَكْثَرَ وَيُلْغَى مَا أَقَامَ بِهِ أَقَلَّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ بِغَيْرِ مَكَّةَ أَكْثَرَ، وَلَا يَجِبُ إنْ كَانَتْ إقَامَتُهُ بِهَا أَكْثَرَ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ. (وَ) شَرَطَ دَمَ التَّمَتُّعِ (حَجَّ مِنْ) أَيْ: فِي (عَامِهِ) الَّذِي اعْتَمَرَ فِيهِ وَالْقِرَانُ حَجٌّ بِإِحْرَامِهِ وَلَوْ فِي عَامٍ آخَرَ، فَمَنْ قَرَنَ وَفَاتَهُ الْحَجُّ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى أَتَمَّهُ فِيمَا يَلِيهِ فَعَلَيْهِ الدَّمُ، وَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. الْخَرَشِيُّ أَيْ: وَشَرْطُ دَمِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَوْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ إلَّا مِنْ قَابِلٍ أَوْ فَاتَ الْمُتَمَتِّعُ الْحَجَّ أَوْ الْقَارِنَ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ فَلَا دَمَ، وَلَوْ بَقِيَ الْقَارِنُ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ. (وَ) شَرَطَ (لِ) دَمِ (التَّمَتُّعِ عَدَمَ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهِ) فِي الْبُعْدِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 240 وَلَوْ بِالْحِجَازِ لَا أَقَلَّ، وَفِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا فِي وَقْتِهِ، وَفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا عَنْ وَاحِدٍ: تَرَدُّدٌ، وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامٍ الْحَجِّ،   [منح الجليل] مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، فَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِثْلَهُ بِغَيْرِ الْحِجَازِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مِثْلَ بَلَدِهِ الَّذِي رَجَعَ لَهُ (بِالْحِجَازِ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ يُشْتَرَطُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ أَوْ الْخُرُوجُ مِنْ الْحِجَازِ، فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِمِثْلِهِ فَقَطْ. وَأَمَّا الرُّجُوعُ لِبَلَدِهِ بِأَرْضِ الْحِجَازِ فَسَقَطَ الدَّمُ اتِّفَاقًا (لَا) يَسْقُطُ الدَّمُ (بِ) عَوْدِهِ إلَى (أَقَلَّ) مِنْ بَلَدِهِ فِي الْبُعْدِ وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ أَوْ مِثْلَهُ ثُمَّ عَادَ لَهُ فَعَلَيْهِ الدَّمُ؛ لِأَنَّ عَوْدَهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ لِلْحَجِّ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْمُتَقَدِّمُونَ هَذَا الشَّرْطَ، وَقَيَّدَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِمَنْ كَانَ أَفْقَهَ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ وَعَادَ يُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَإِفْرِيقِيَّةَ كَفَى عِنْدِي رُجُوعُهُ إلَى مِصْرَ. (وَ) شَرْطُهُ لِلتَّمَتُّعِ (فِعْلُ بَعْضِ رُكْنِهَا) أَيْ الْعُمْرَةِ وَلَوْ شَرْطًا مِنْ السَّعْيِ لَا حَلَقَهَا (فِي وَقْتِهِ) أَيْ: الْحَجِّ وَيَدْخُلُ بِظُهُورِ هِلَالِ شَوَّالٍ، فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهَا فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ عَقِبَ غُرُوبِ شَمْسِهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَلَيْسَ مُتَمَتِّعًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُتْعَةُ إحْرَامُ مَنْ أَتَمَّ رُكْنَ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِهِ، رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ بِآخِرِ شَوْطٍ بِحَجٍّ مِنْ عَامِهِ لَا حَلَقَهَا فَلَوْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ، وَتَأْخِيرُ حَلْقِهَا وَلَا مُتْعَةَ فَإِنْ حَلَقَ افْتَدَى فِي سُقُوطِ دَمِ التَّأْخِيرِ مَا مَرَّ. (وَفِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا) أَيْ: الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (عَنْ) شَخْصٍ (وَاحِدٍ) فَلَوْ كَانَ الْحَجُّ عَنْ شَخْصٍ وَالْعُمْرَةُ عَنْ آخَرَ فَلَا دَمَ وَعَدَمُهُ (تَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَنَقَلَ الشَّيْخُ وَالصَّقَلِّيُّ وَاللَّخْمِيُّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَشْهَرُ اشْتِرَاطٌ وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يَعْزُهُمَا، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِهِ. (وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ) وُجُوبًا مُوسَعًا قَابِلًا لِلسُّقُوطِ (بِإِحْرَامِ الْحَجِّ) وَيَتَحَتَّمُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَسَيَقُولُ وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ فَمَفْهُومُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 241 وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ. ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا سَبْعًا   [منح الجليل] إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ رَمْيِهَا فَلَا يَلْزَمُ هَدْيٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ، وَمِثْلُ فَوَاتِ وَقْتِهِ أَوْ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَمَا هُنَا بَيَانٌ لِابْتِدَاءِ وَقْتِ وُجُوبِهِ وَمَا يَأْتِي بَيَانٌ لِتَقَرُّرِهِ وَتَخَلُّدِهِ فِي الذِّمَّةِ. (وَأَجْزَأَ) دَمُ التَّمَتُّعِ أَيْ: تَقْلِيدُهُ وَإِشْعَارُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَلَوْ عِنْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَلَوْ سَاقَهُ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ كَمَا يَأْتِي فَلَيْسَ مُرَادُهُ نَحْرَهُ أَوْ ذَبْحَهُ لِعَدَمِ إجْزَائِهِ قَبْلَ إحْرَامِ الْحَجِّ. الْبُنَانِيُّ أَطْبَقَ مَنْ يَعْتَدُّ بِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ نَحْرَ الْهَدْيِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مُجْزِئٌ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِقَوْلِ الْآبِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَحَادِيثِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ عَلَى قَوْلِ الرَّاوِي، فَأَمَرَنَا إذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ مَا نَصَّهُ عِيَاضٌ فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ يُجِيزُ هَدْيَ التَّمَتُّعِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَهِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَنَا، وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ جَارٍ عَلَى تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَعَلَى تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ، وَقَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُصُولِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ لِقَوْلِهِ إذَا أَحْلَلْنَا أَنْ نُهْدِيَ. الْمَازِرِيُّ مَذْهَبُنَا أَنَّ هَدْيَ التَّمَتُّعِ إنَّمَا يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَفِي وَقْتِ جَوَازِ نَحْرِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فَالصَّحِيحُ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ نَحْرُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، وَالثَّالِثُ إنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَسُقُوطُ تَعَقُّبِ شُرَّاحِهِ وَتَأْوِيلُهُمْ لَهُ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَطَفَ عَلَى الْإِحْرَامِ فَقَالَ (ثُمَّ الطَّوَافُ) بِالْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ (لَهُمَا) أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ذَكَرَهُ لِطُولِ الْفَصْلِ حَالَ كَوْنِهِ أَشْوَاطًا (سَبْعًا) سَوَاءٌ كَانَ رُكْنًا لِلْحَجِّ أَوْ لِلْعُمْرَةِ أَوْ وَاجِبًا لَهُ أَوْ مَنْدُوبًا فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَنُبْ عَنْهُ دَمٌ، وَإِنْ زَادَ عَلَى السَّبْعِ أَلْغَى الزَّائِدَ الْبَاجِيَّ مَنْ سَهَا فِي طَوَافِهِ فَبَلَغَ ثَمَانِيَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ لِلْأُسْبُوعِ الْكَامِلِ، وَيُلْغِي مَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِهِ. التَّادَلِيُّ وَهَكَذَا حُكْمُ الْعَامِدِ وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 242 بِالطُّهْرَيْنِ، وَالسَّتْرُ، وَبَطَلَ بِحَدَثٍ: بِنَاءٌ، وَجَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ   [منح الجليل] رُكْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَاجِبٌ، فَإِنْ ابْتَدَأَهُ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ مَثَلًا أَلْغَى مَا قَبْلَ رُكْنِ الْحَجَرِ وَأَتَمَّ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ إلَيْهِ وَسَعَى عَقِبَهُ أَعَادَ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دَمٌ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَوْ بَدَأَ فِي طَوَافِهِ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِ فَلْيَلْغُ ذَلِكَ وَيَتِمُّ إلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ، فَإِنْ تَذَكَّرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَعَادَ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ إنْ طَالَ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِلَّا بَنَى هَذَا كُلَّهُ فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَأَمَّا إنْ بَدَأَ مِنْهُ عَامِدًا وَأَتَمَّ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْنِي إلَّا إنْ رَجَعَ بِالْقُرْبِ جِدًّا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَإِذَا لَمْ يَتَدَارَكْ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ أَجْزَأَهُ وَيَبْعَثُ بِهَدْيٍ، وَكَذَلِكَ إنْ بَدَأَ بِالطَّوَافِ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ فَلْيُلْغِ مَا مَشَى مِنْ بَابِ الْبَيْتِ إلَى الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ قَبْلُ، فَلَوْ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ مِنْ بَيْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ قَالَ هَذَا يَسِيرٌ يُجْزِئُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. سَنَدٌ وَالْبُدَاءَةُ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ سُنَّةٌ فَلَوْ بَدَأَ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ تَمَادَى إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ أَجْزَأَهُ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29] ، وَهَذَا قَدْ طَافَ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا (بِالطُّهْرَيْنِ) مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَحُكْمُ الْخَبَثِ، فَإِنْ شَكَّ فِي أَثْنَائِهِ ثُمَّ بَانَ طُهْرُهُ فَلَا يُعِيدُهُ وَالْأَحْسَنُ بِالطَّهَارَتَيْنِ لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِ الطُّهْرَيْنِ فِي الطُّهْرِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ وَالطُّهْرِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، فَتَصِيرُ الطَّهَارَةُ مِنْ حُكْمِ الْخَبَثِ مَسْكُوتًا عَنْهَا وَغَلَبَةُ اسْتِعْمَالِ الطَّهَارَتَيْنِ فِي الْحَدِيثَةِ كُبْرَى وَصُغْرَى وَالْخَبَثِيَّةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الطَّهَارَةُ مَائِيَّةً أَوْ صَعِيدِيَّةً. (وَالسَّتْرُ) لِلْعَوْرَةِ فَلَا يَصِحُّ مَعَ كَشْفِهَا (وَبَطَلَ بِحَدَثٍ بِنَاءٌ) عَلَى مَا مَضَى مِنْ الْأَشْوَاطِ يَعْنِي أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ فَلَا يَبْنِي وَسَوَاءٌ أَحْدَثَ غَلَبَةً أَوْ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا كَانَ الطَّوَافُ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا وَيَسْتَأْنِفُ الْفَرْضَ. وَالْوَاجِبُ بَعْدَ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا وَالنَّفَلُ إنْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ وَإِلَّا فَلَا يُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ، وَكَذَا إنْ ابْتَدَأَهُ مُحْدِثًا عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا (وَ) بِ (جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ) أَيْ: الطَّائِفِ مَاشِيًا إلَى أَمَامِهِ فَإِنْ رَجَعَ الْقَهْقَرَى لَمْ يَصِحَّ وَحِكْمَةُ التَّيَاسُرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 243 وَخُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ وَسِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ،   [منح الجليل] صَيْرُورَةُ قَلْبِ الطَّائِفِ جِهَةَ الْبَيْتِ فَيَسْتَحْضِرُ عَظَمَتَهُ. وَلِأَنَّ بَابَ الْبَيْتِ هُوَ وَجْهُهُ فَيُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ وَقَلْبِهِ فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ لَأَعْرَضَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ وَلَا يَلِيقُ بِالْأَدَبِ الْإِعْرَاضُ عَنْ وُجُوهِ الْأَمَاثِلِ، فَلَوْ جَعَلَهُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ قُبَالَةَ وَجْهِهِ أَوْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ لَمْ يُجْزِهِ. (وَ) بِ (خُرُوجِ كُلِّ الْبَدَنِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ بِنَاءٌ لَطِيفٌ مُلْصَقٌ بِجِدَارِ الْكَعْبَةِ مُرْتَفِعٌ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، نَقَصَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ عَرْضِ الْكَعْبَةِ لِضِيقِ الْمَالِ الْحَلَالِ فَهُوَ مِنْ الْبَيْتِ وَشَرْطُ صِحَّةِ الطَّوَافِ خُرُوجُ جَمِيعِ الْبَدَنِ عَنْهُ. وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا ذَكَرَهُ عَلَى كَلَامِ سَنَدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُمَا كَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ جُزَيٍّ وَابْنِ جَمَاعَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَابْنِ رَاشِدٍ وَسَلَّمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. الْحَطّ وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ كَوْنَ الشَّاذَرْوَانِ مِنْ الْبَيْتِ مِنْهُمْ ابْنُ رُشْدٍ بِالتَّصْغِيرِ فِي رِحْلَتِهِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ كَثُرَ الِاضْطِرَابُ فِي الشَّاذَرْوَانِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي طَوَافِهِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ طَافَ وَبَعْضُ بَدَنِهِ فِي هَوَائِهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ حَتَّى بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَ بِالرُّجُوعِ لِذَلِكَ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) خُرُوجُ كُلِّ الْيَدَيْنِ عَنْ (سِتَّةِ أَذْرُعٍ) بِإِثْبَاتِ التَّاءِ وَحَذْفِهَا؛ لِأَنَّ ذِرَاعَ الْيَدِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (مِنْ الْحِجْرِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ سُمِّيَ حِجْرًا لِاسْتِدَارَتِهِ كَحِجْرِ الْإِنْسَانِ وَهُوَ بِنَاءٌ قَصِيرٌ يَصِلُ إلَى صَدْرِ الْإِنْسَانِ عَلَى صُورَةِ نِصْفِ دَائِرَةٍ مُقَابِلٌ لِلرُّكْنَيْنِ الْوَالِيَيْنِ لَبَابِ الْكَعْبَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ نَحْوَ ذِرَاعَيْنِ، جَعَلَهُ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَرِيشًا مِنْ أَرَاكٍ تَقْتَحِمُهُ الْغَنَمُ، وَكَانَ زَرِيبَةً لِغَنَمِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. ثُمَّ إنَّ قُرَيْشًا أَدْخَلَتْ فِيهِ أَذْرُعًا مِنْ الْكَعْبَةِ لِضِيقِ الْمَالِ الْحَلَالِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْدِيدِ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ اللَّخْمِيُّ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا لَا يَعْتَدُّ بِمَا طَافَ دَاخِلَ الْحِجْرِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 244 وَنَصَبَ الْمُقَبِّلِ قَامَتَهُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وِلَاءً. وَابْتَدَأَ إنْ قَطَعَ لِجِنَازَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ   [منح الجليل] أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ جَمِيعِهِ لِشُمُولِهِ السِّتَّةَ أَذْرُعٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَقَدْ طَافَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . (وَنَصَبَ) أَيْ أَقَامَ وَعَدَلَ الشَّخْصُ (الْمُقَبِّلُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ فِي ابْتِدَاءِ كُلِّ شَوْطٍ (قَامَتَهُ) قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ لِيَخْرُجَ جَمِيعُ بَدَنِهِ عَنْ الشَّاذَرْوَانِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ إلَّا بِانْحِنَائِهِ عَلَيْهِ وَصَيْرُورَةِ أَغْلَبِ بَدَنِهِ عَلَى الشَّاذَرْوَانِ فَلَوْ طَافَ قَبْلَ نَصْبِ قَامَتِهِ لَزِمَ طَوَافُهُ وَأَغْلَبُ بَدَنِهِ فِي الشَّاذَرْوَانِ، وَكَذَا اسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ ابْنُ الْمُعَلَّى فِي مَنْسَكِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَرْجِعُونَ بِلَا حَجٍّ بِسَبَبِ جَهْلِهِمْ بِهَذَا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّوَافِ (دَاخِلَ الْمَسْجِدِ) فَلَا يَصِحُّ خَارِجَهُ وَلَا عَلَى سَطْحِهِ وَيُنْدَبُ الْقُرْبُ مِنْ الْبَيْتِ. (وَ) كَوْنُهُ (وِلَاءً) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَعَ الْمَدِّ أَيْ مُتَوَالِيًا بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ بَيْنَ أَجْزَائِهِ بِلَا عُذْرٍ، وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ وَلَوْ اخْتِيَارًا وَالْكَثِيرُ لِعُذْرٍ بِشَرْطِ بَقَاءِ طَهَارَتِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ، وَإِنْ نَقَضَ وُضُوءُهُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ تَوَضَّأَ وَأَعَادَهُ فَإِنْ صَلَّاهُمَا وَلَمْ يُعِدْهُ وَسَعَى أَعَادَ الطَّوَافَ وَالرَّكْعَتَيْنِ وَالسَّعْيَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهِمَا بِمَوْضِعِهِ وَيَبْعَثُ بِهَدْيٍ وَلَمْ تُجْزِهِ الرَّكْعَتَانِ الْأُولَيَانِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. (وَابْتَدَأَ) الطَّوَافَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا (إنْ قَطَعَ) هـ (لِ) صَلَاتِهِ عَلَى (جِنَازَةٍ) وَلَوْ خَفَّفَهَا؛ لِأَنَّهَا فِعْلٌ آخَرُ وَقَطْعُهُ لَهَا مَمْنُوعٌ مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ وَيُخْشَ تَغَيُّرُهَا بِتَأْخِيرِهَا إلَى تَمَامِ الطَّوَافِ فَيَجِبُ قَطْعُهُ لَهَا وَيَبْنِي كَالْفَرِيضَةِ (أَوْ) خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ (نَفَقَةٍ) نَسِيَهَا خَارِجَهُ وَيُمْنَعُ قَطْعُهُ لَهَا ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ قَطَعَ لَهَا وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَبْنِي الْمُصَنِّفُ. لَوْ قِيلَ بِجَوَازِ الْخُرُوجِ لِلنَّفَقَةِ كَانَ أَظْهَرَ لِإِجَازَتِهِمْ قَطْعَ الصَّلَاةِ لِمَنْ أَخَذَ مَالَهُ ذُو الْبَالِ وَهِيَ أَشَدُّ حُرْمَةً، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مُنِعَ الْكَلَامُ فِيهَا إلَّا الْيَسِيرَ لِإِصْلَاحِهَا فَاضْطَرَّ لِقَطْعِ الْكَلَامِ جَائِزٌ فِي الطَّوَافِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَأْتِي لَهُ بِنَفَقَتِهِ وَلَا يَقْطَعُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 245 أَوْ نَسِيَ بَعْضَهُ وَإِنْ فَرَغَ سَعْيُهُ. وَقَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ وَنُدِبَ كَمَالُ الشَّوْطِ.   [منح الجليل] أَوْ نَسِيَ) الطَّائِفُ (بَعْضَهُ) أَيْ: الطَّوَافِ وَلَوْ بَعْضَ شَوْطٍ أَوْ تَرَكَهُ جَهْلًا فَيَبْتَدِئُهُ (إنْ) كَانَ (فَرَغَ سَعْيُهُ) وَطَالَ الزَّمَنُ بِالْعُرْفِ أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَإِلَّا بَنَى سَنَدٌ إنْ قِيلَ كَيْفَ يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِ سَعْيِهِ وَهَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ يَمْنَعُ مِثْلُهُ الْبِنَاءَ فِي الصَّلَاةِ. قُلْت لَمَّا كَانَ السَّعْيُ مُرْتَبِطًا بِالطَّوَافِ حَتَّى لَا يَصِحَّ دُونَهُ جَرَى مَعَهُ مَجْرَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَمَنْ تَرَكَ سُجُودَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ الْبَقَرَةَ وَتَذَكَّرَ سُجُودَ الْأُولَى قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ وَلَا تُعَدُّ قِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ طُولًا. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ " إنْ فَرَغَ سَعْيُهُ " أَنَّهُ طَوَافُ قُدُومٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ إفَاضَةٍ يَسْعَى عَقِبَهُ فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ إفَاضَةً لَا سَعْيَ بَعْدَهُ اُعْتُبِرَ الْقُرْبُ وَالْبُعْدُ مِنْ فَرَاغِ الطَّوَافِ بِالْعُرْفِ، فَإِنْ قَرُبَ بَنَى وَإِنْ بَعُدَ ابْتَدَأَ. (وَقَطَعَهُ) أَيْ: الطَّائِفُ طَوَافَهُ وُجُوبًا (لِ) إقَامَةِ الصَّلَاةِ (الْفَرِيضَةِ) لِرَاتِبِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَزِمَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهَا أَوْ صَلَّاهَا مُنْفَرِدًا بِبَيْتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ جَمَاعَةٍ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً بِهِ وَأُقِيمَتْ لِلرَّاتِبِ فَهَلْ يَقْطَعُهُ وَيَخْرُجُ؛ لِأَنَّ فِي بَقَائِهِ طَعْنًا عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ ؛ لِأَنَّ تَلَبُّسَهُ بِالطَّوَافِ يَدْفَعُ الطَّعْنَ وَمِثْلُ الْإِقَامَةِ فَرِيضَةٌ حَاضِرَةٌ تَذَكَّرَهَا وَخَافَ خُرُوجَ وَقْتِهَا وَلَوْ الِاخْتِيَارِيَّ إنْ أَتَمَّ الطَّوَافَ الْفَرْضَ اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ، قَالَ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا إشْكَالَ فِي قَطْعِهِ لَهَا وَمَفْهُومُ لِلْفَرِيضَةِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ رُكْنًا كَانَ وَاجِبًا لِغَيْرِهَا كَرَكْعَتَيْ فَجْرٍ وَضُحًى، فَإِنْ كَانَ مَنْدُوبًا فَلَهُ قَطْعُهُ لِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ لَا تُقَامُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ. الْحَطّ وَيَبْنِي وَالظَّاهِرُ قَطْعُ الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ لِلْوِتْرِ إذَا خُشِيَ خُرُوجُ وَقْتِهِ الِاخْتِيَارِيِّ وَإِيقَاعُهُ فِي الضَّرُورِيِّ. (وَنُدِبَ) لَهُ (كَمَالُ الشَّوْطِ) الَّذِي أُقِيمَتْ الْفَرِيضَةُ فِيهِ قَبْلَ قَطْعِهِ لَهَا وَلَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لِيَبْنِيَ مِنْ أَوَّلِ الشَّوْطِ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُكَمِّلْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْنِي مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَالْمُسْتَحَبُّ ابْتِدَاءُ ذَلِكَ الشَّوْطِ. الْحَطّ الظَّاهِرُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْوِفَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 246 وَبَنَى: إنْ رَعَفَ. أَوْ عَلِمَ بِنَجَسٍ، وَأَعَادَ رَكْعَتَيْهِ بِالْقُرْبِ،   [منح الجليل] (وَبَنَى) الطَّائِفُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَوَافِهِ (إنْ رَعَفَ) حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ كَأَنْ رَعَفَ لِيُفِيدَ أَنَّهُ إذَا قَطَعَهُ لِلْفَرِيضَةِ يَبْنِي قَبْلَ تَنَقُّلِهِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، فَإِنْ تَنَفَّلَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ ابْتَدَأَهُ، وَكَذَا إنْ جَلَسَ بَعْدَ صَلَاتِهِ طَوِيلًا لِذِكْرٍ أَوْ حَدِيثٍ لِتَرْكِ الْمُوَالَاةِ. وَلَوْ قَالَ كَأَنْ رَعَفَ لَمْ يَكُنْ تَشْبِيهًا فِي نَدْبِ كَمَالِ الشَّوْطِ لِخُرُوجِ الرَّاعِفِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ هُنَا أَنْ لَا يُجَاوِزَ مَكَانًا مُمْكِنًا قَرُبَ، وَأَنْ لَا يَبْعُدَ جِدًّا، وَأَنْ لَا يَطَأَ نَجَسًا لَا الِاسْتِقْبَالُ وَعَدَمُ الْكَلَامِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِمَا فِي الطَّوَافِ. (أَوْ عَلِمَ) الطَّائِفُ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ (بِنَجَسٍ) فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَيَطْرَحُهَا أَوْ يَغْسِلُهَا وَيَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَوَافِهِ إنْ لَمْ يَطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَ لِعَدَمِ مُوَالَاتِهِ. وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَبْنِي وَيَبْتَدِئُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ، وَلَمْ يَحْكِ مُقَابِلَهُ وَجَوَابُ الْحَطّ بِأَنَّهُ تَبِعَ اسْتِظْهَارَ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ لَا يُعَادِلُ ذَلِكَ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ كَرَاهَةُ الطَّوَافِ بِالثَّوْبِ النَّجَسِ. ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا. الثَّانِي: لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ الطَّوَافِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: لِأَشْهَبَ إنْ عَلِمَ بِهِ أَثْنَاءَهُ ابْتَدَأَهُ وَبَعْدَ كَمَالِهِ أَعَادَهُ وَأَعَادَ السَّعْيَ إنْ قَرُبَ اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ مُقَابِلٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَمَالِهِ التُّونُسِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يَبْنِيَ إنْ عَلِمَ أَثْنَاءَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُوَافِقَ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - هُوَ وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ. (وَ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ النَّجَسَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ طَوَافِهِ فَلَا يُعِيدُهُ وَ (أَعَادَ) نَدْبًا (رَكْعَتَيْهِ) أَيْ الطَّوَافَ (بِالْقُرْبِ) بِالْعُرْفِ، فَإِنْ طَالَ فَلَا يُعِيدُهُمَا وَانْتِقَاضُ وُضُوئِهِ كَالطُّولِ (وَ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 247 وَعَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ. وَجَازَ بِسَقَائِفَ لِزَحْمَةٍ، وَإِلَّا أَعَادَ، وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ، وَلَا دَمَ   [منح الجليل] يَبْنِي (عَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ) فِي عَدَدِ الْأَشْوَاطِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا وَإِلَّا فَيَبْنِي عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَعْمَلُ بِأَخْبَارِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا لَيْسَ مَعَهُ فِي الطَّوَافِ، نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَلَوْ وَاحِدًا لَيْسَ مَعَهُ فِي الطَّوَافِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ طَافَ مَعَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْفِيفَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِلشَّاكِّ قَبُولُ خَبَرِ رَجُلَيْنِ طَافَا مَعَهُ الشَّيْخُ، وَفِي رِوَايَةٍ قَبُولُ خَبَرِ رَجُلٍ مَعَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ الْقِيَاسُ إلْغَاءُ قَوْلِ غَيْرِهِ وَبِنَاؤُهُ عَلَى يَقِينِهِ كَالصَّلَاةِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ اهـ. وَنَقَلَهُ الْحَطّ قَالَ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ سَوَاءٌ شَكَّ وَهُوَ فِي الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ، بَلْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ فِي إكْمَالِ طَوَافِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ. (وَجَازَ) الطَّوَافُ (بِسَقَائِفَ لِزَحْمَةٍ) وَمِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ بِالْأَوْلَى قَدْ يُقَالُ يُتَوَهَّمُ مِنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى السَّقَائِفِ جَوَازُهُ مِنْ وَرَاءِ زَمْزَمَ بِلَا زَحْمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ جَمَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَإِنْ ذَهَبْت أَثْنَاءَهُ كَمَّلَهُ بِمَكَانِهِ الْمُعْتَادِ، وَلَا يَجُوزُ تَجَاوُزُهُ فِي بَقِيَّةِ أَشْوَاطِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَتْ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّوَافُ بِالسَّقَائِفِ لِزَحْمَةٍ بِأَنْ طَافَ بِهَا الْحَرُّ أَوْ بَرْدٌ أَوْ مَطَرٌ (أَعَادَ) طَوَافَهُ وُجُوبًا مَا دَامَ بِمَكَّةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَ) إنْ خَرَجَ مِنْهَا (لَمْ يَرْجِعْ لَهُ) أَيْ: الطَّوَافِ مِمَّا شَقَّ عَلَيْهِ رُجُوعُهُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ بَلَدَهُ أَوْ غَيْرَهُ. (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالسَّقَائِفِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا لِزَحْمَةٍ، فَإِنْ طَافَ بِهَا لِغَيْرِهَا أَعَادَ الْوَاجِبَ لَا غَيْرَهُ. وَقَوْلُهُ بِسَقَائِفَ أَيْ: الَّتِي كَانَتْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الَّتِي فِي زَمَنِنَا فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهَا مَزِيدَةٌ فِيهِ فَالطَّوَافُ فِيهَا طَوَافٌ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ لِزَحْمَةٍ. سَحْنُونٌ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَهِيَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 248 وَوَجَبَ كَالسَّعْيِ قَبْلَ عَرَفَةَ إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ وَلَمْ يُرَاهِقْ وَلَمْ يُرْدِفْ بِحَرَمٍ، وَإِلَّا سَعَى بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَإِلَّا فَدَمٌ   [منح الجليل] الزِّحَامُ إلَى السَّقَائِفِ اهـ. الْحَطّ لَمْ نَسْمَعْ قَطُّ أَنَّ الزِّحَامَ انْتَهَى إلَيْهَا بَلْ لَا يُجَاوِزُ النَّاسُ مَحَلَّ الطَّوَافِ الْمُعْتَادِ وَعَلَى نِهَايَتِهِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ عَمُودًا مِنْ النُّحَاسِ وَعَمُودَانِ مِنْ الرُّخَامِ، فَمَا وَرَاءَ هَذِهِ الْعَوَامِيدِ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ. (وَوَجَبَ) الطَّوَافُ عَلَى مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا وَلَيْسَ حَائِضًا وَلَا نُفَسَاءَ وَلَا مَجْنُونًا وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا نَاسِيًا وَيُسَمَّى طَوَافَ الْقُدُومِ. وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ فَقَالَ (كَ) تَقْدِيمِ (السَّعْيِ) الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ (قَبْلَ) وُقُوفِ (عَرَفَةَ) فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ تَامًّا إذْ طَوَافُ الْمَقْدُومِ وَاجِبٌ وَالسَّعْيُ رُكْنٌ، فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ وُجُوبَ طَوَافِ الْقُدُومِ فِي نَفْسِهِ وَوُجُوبَ تَقْدِيمِهِ عَلَى عَرَفَةَ (إنْ أَحْرَمَ) بِالْحَجِّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْعُمْرَةِ (مِنْ الْحِلِّ) وَلَوْ آفَاقِيًّا اتَّسَعَ نَفْسُهُ خَرَجَ لِمِيقَاتِهِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ مِنْ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَرَمِ لِإِقَامَتِهِ بِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ. (وَ) إنْ (لَمْ يُرَاهِقْ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَوْ فَتْحِهَا أَيْ: لَمْ يُقَارِبْ وَقْتَ الْوُقُوفِ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إنْ طَافَ لِلْقُدُومِ، فَإِنْ رَاهَقَ وَخَشِيَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ (وَ) إنْ (لَمْ يُرْدِفْ) الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا (بِحَرَمٍ) وَأَغْنَى عَنْ هَذَا قَوْلُهُ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَجَبَ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ عَقِبَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِأَنْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ رَاهَقَ أَوْ أَرْدَفَهُ بِحَرَمٍ فَلَا قُدُومَ عَلَيْهِ وَ (سَعَى) السَّعْيَ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ (بَعْدَ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ) وَلَا دَمَ لَتَرْكِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ النَّاسِي وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ الَّذِينَ اسْتَمَرَّ عُذْرُهُمْ إلَى عَرَفَةَ وَيُمْكِنُ إدْخَالُهُمْ فِي الْمُرَاهِقِ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَسَعْ مِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ طَوَافُ الْقُدُومِ عَقِبَ الْإِفَاضَةِ بِأَنْ طَافَ الْمُرْدِفُ بِحَرَمٍ أَوْ الْمُحْرِمِ مِنْهُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ تَطَوُّعًا أَوْ فَرْضًا بِنَذْرِهِ وَسَعَى عَقِبَهُ (فَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 249 إنْ قَدَّمَ وَلَمْ يُعِدْ. بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ السَّعْيُ سَبْعًا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، مِنْهُ الْبَدْءُ مَرَّةً وَالْعَوْدُ أُخْرَى. وَصِحَّتُهُ بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ،   [منح الجليل] لِمُخَالَفَتِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ تَأْخِيرِ سَعْيِهِ عَقِبَ إفَاضَتِهِ (إنْ) كَانَ (قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا سَعْيَهُ عَقِبَ الطَّوَافِ الَّذِي طَافَهُ قَبْلَ عَرَفَةَ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا (وَ) إنْ (لَمْ يُعِدْ) السَّعْيَ عَقِبَ إفَاضَتِهِ حَتَّى رَجَعَ لِبَلَدِهِ، وَأَمَّا الْمُرَاهِقُ إذَا تَكَلَّفَ طَوَافَ الْقُدُومِ وَسَعَى عَقِبَهُ وَلَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِإِتْيَانِهِ بِمَا هُوَ الْأَصْلُ قَالَهُ الشَّارِحُ وتت، وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ. وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مِنْ اللَّفْظِ. (ثُمَّ السَّعْيُ) أَيْ: لَهُمَا وَحَذَفَهُ اسْتِغْنَاءً بِذِكْرِهِ عَقِبَ الطَّوَافِ أَشْوَاطًا (سَبْعًا) لِلْحَجِّ وَكَذَا لِلْعُمْرَةِ (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْهُ) أَيْ الصَّفَا (الْبَدْءُ) حَالَ كَوْنِهِ مَعْدُودًا (مَرَّةً) فَإِنْ بَدَأَ مِنْ الْمَرْوَةِ فَلَا يَحْتَسِبُ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَ سَعْيُهُ. (وَالْعَوْدُ) مِنْ الْمَرْوَةِ إلَى الصَّفَا يُعَدُّ مَرَّةً (أُخْرَى) وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ أَلِفَ الصَّفَا لِلتَّأْنِيثِ؛ لِأَنَّهَا ثَالِثُهُ كَأَلِفِ فَتًى وَعَصًا، أَلِفُ التَّأْنِيثِ لَا تَكُونُ إلَّا رَابِعَةً فَصَاعِدًا وَمِنْ شُرُوطِ السَّعْيِ مُوَالَاتُهُ فِي نَفْسِهِ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ كَصَلَاتِهِ أَثْنَائِهِ عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ اشْتِرَائِهِ شَيْئًا أَوْ جُلُوسِهِ مَعَ أَحَدٍ أَوْ وُقُوفِهِ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ مِنْ غَيْرِ طُولٍ فَيَبْنِي، وَلَا يَنْبَغِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَثُرَ التَّفْرِيقُ لَمْ يَبْنِ وَابْتَدَأَهُ، فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِيهِ فَلَا يَقْطَعُهُ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْمَسْجِدِ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ. وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ فَفِي الْحَطّ أَنَّ اتِّصَالَهُ بِالطَّوَافِ شَرْطٌ، وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ سُنَّةٌ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ السَّعْيِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَشْرُوطَةٌ (بِتَقَدُّمِ طَوَافٍ) عَلَيْهِ فَإِنْ سَعَى بِلَا تَقَدُّمِ طَوَافٍ فَهُوَ بَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ فَرْضًا كَالْإِفَاضَةِ وَطَوَافِ الْعُمْرَةِ، أَوْ وَاجِبًا كَالْقُدُومِ أَوْ نَفْلًا كَمَا عَدَاهَا. ثُمَّ إنْ كَانَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا صَحَّ السَّعْيُ بَعْدَ صِحَّةٍ تَامَّةٍ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا لِشَيْءٍ إنْ نَوَى وُجُوبَ الْقُدُومِ أَوْ سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا، وَأَنَّهُ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ عِنْدَ فِعْلِهِ شَيْئًا وَهُوَ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ أَوْ سُنِّيَّتَهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا إنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 250 وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ، وَإِلَّا فَدَمٌ، وَرَجَعَ إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ حِرْمًا،   [منح الجليل] نَوَى سُنِّيَّتَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَهُ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهُوَ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الطَّوَافُ الَّذِي سَعَى بَعْدَهُ نَفْلًا أَعَادَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَسَعَى بَعْدَهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا، فَإِنْ تَبَاعَدَ فَعَلَيْهِ دَمٌ. فَقَوْلُهُ (وَنَوَى فَرْضِيَّتَهُ) أَيْ: الطَّوَافِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ السَّعْيِ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِتَمَامِهِ وَعَدَمِ إعَادَتِهِ وَعَدَمِ تَرَتُّبِ دَمٍ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَرْضِيَّتَهُ بِأَنْ طَافَ قَبْلَهُ طَوَافًا نَفْلًا أَوْ طَوَافَ قُدُومٍ نَاوِيًا نَفْلِيَّتَهُ لِجَهْلِهِ وُجُوبَهُ (فَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) إنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَكَّةَ وَإِلَّا أَعَادَهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ وَسَعَى بَعْدَهُ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ فَفِي قَوْلِهِ وَالْإِقْدَامُ مُسَامَحَةٌ إذْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ إنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ قُرْبَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْفَرْضِيَّةِ هُنَا الْوُجُوبُ بِدَلِيلِ انْجِبَارِهِ بِالدَّمِ. وَلِأَنَّ الْفَرْضَ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ إنَّمَا هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ عَرَفَةَ كَمَا يَأْتِي. الْمُصَنِّفُ فِي مَنْسَكِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ وَاجِبًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْطِ وُجُوبِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَهَا. وَقَالَ الشَّارِحُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الطَّوَافِ وَاجِبًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَلَزِمَ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّعْيِ وَأَنْ يَرْجِعَ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ دُونَ جَبْرِهِ بِالدَّمِ (وَرَجَعَ) الْمُعْتَمِرُ مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ. (إنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَةٍ) اعْتَمَرَهَا لِفِعْلِهِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ تَرَكَ بَعْضَهُ حَالَ كَوْنِهِ (حِرْمًا) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ: مُحْرِمًا مُتَجَرِّدًا مِنْ الْمُحِيطِ، كَتَجَرُّدِهِ عِنْدَ أَوَّلِ إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ أَرْكَانِهَا إلَّا الْإِحْرَامُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي ارْتِكَابِ شَيْءٍ مَمْنُوعٍ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَصَابَ النِّسَاءَ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ فَيُتِمُّهَا فَاسِدَةً ثُمَّ يَقْضِيهَا مِنْ الْمِيقَات الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ أَوَّلًا وَيُهْدِي، وَعَلَيْهِ لِكُلِّ صَيْدٍ أَصَابَهُ الْجَزَاءَ قَالَهُ فِيهَا، وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ لِلُبْسِهِ وَطِيبِهِ وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ فَإِذَا وَصَلَ مَكَّةَ طَافَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 251 وَافْتَدَى لِحَلْقِهِ، وَإِنْ أَحْرَمَ بَعْدَ سَعْيِهِ بِحَجٍّ، فَقَارِنٌ كَطَوَافِ الْقُدُومِ إنْ سَعَى بَعْدَهُ، وَاقْتَصَرَ، وَالْإِفَاضَةُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ، وَلَا دَمَ حِلًّا   [منح الجليل] وَسَعَى وَحَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَأَنَّهُ لَا يَقْضِي النُّسُكَ فِي الْعَمْدِ (وَافْتَدَى) وُجُوبًا (لِحَلْقِهِ) إنْ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ بِهِ أَوَّلًا، وَلَا بُدَّ مِنْ حَلْقِهِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا. (وَإِنْ) كَانَ (أَحْرَمَ) مَنْ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ عُمْرَتِهِ (بَعْدَ سَعْيِهِ) بَعْدَ الطَّوَافِ الْفَاسِدِ (بِحَجٍّ فَ) هُوَ (قَارِنٌ) ؛ لِأَنَّ طَوَافَهُ الْفَاسِدَ وَسَعْيَهُ عَقِبَهُ كَالْعَدَمِ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ غَيْرُ إحْرَامِهَا وَالْإِرْدَافُ عَلَيْهِ صَحِيحٌ لِصِحَّةِ الْعُمْرَةِ فِي نَفْسِهَا بِاعْتِبَارِ إحْرَامِهَا وَمَفْهُومُ بِحَجٍّ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ لَكَانَ إحْرَامُهُ بِهَا لَاغِيًا لِقَوْلِهِ كَالثَّانِي فِي عُمْرَتَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ فَقَطْ فَقَالَ (كَطَوَافِ الْقُدُومِ) الْفَاسِدِ فَيَرْجِعُ لَهُ (إنْ) كَانَ (سَعَى بَعْدَهُ) أَيْ: الْقُدُومِ (وَاقْتَصَرَ) عَلَى سَعْيِهِ عَقِبَ الْقُدُومِ وَلَمْ يُعِدْهُ عَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَإِنْ أَعَادَهُ فَلَا يَرْجِعُ فَالرُّجُوعُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلسَّعْيِ لَا لِلْقُدُومِ، فَإِذَا وَصَلَ مَكَّةَ فَيَطُوفُ وَيَسْعَى فَيُتِمُّ تَحَلُّلَهُ مِنْ الْحَجِّ وَيَنْوِي بِطَوَافِهِ الْإِفَاضَةَ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَاتَ مَحَلُّهُ بِوُقُوفِ عَرَفَةَ وَلَزِمَهُ إعَادَةُ السَّعْيِ يُعِدْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، فَلَمَّا لَمْ يُعِدْهُ بَعْدَ طَوَافِهَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ صَارَ كَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ فَيُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى عَقِبَهُ (وَ) كَطَوَافِ (الْإِفَاضَةِ) الْفَاسِدِ أَوْ الْمَنْسِيِّ كُلِّهِ أَوْ بَعْضَهُ فَيَرْجِعُ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَهُ) بِطَوَافٍ صَحِيحٍ فَيُجْزِئُهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَرْجِعُ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَ الْحَجِّ يَجْزِي عَنْ وَاجِبِ جِنْسِهِ كَطَوَافٍ عَنْ مِثْلِهِ (وَلَا دَمَ) عَلَيْهِ إذَا تَطَوَّعَ بَعْدَهُ نَاسِيًا لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ لَا خِلَافَ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْإِفَاضَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ وَفَرْضُهَا فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَمَرَ بِإِعَادَةِ الْإِفَاضَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ لِلْقُدُومِ الَّذِي سَعَى بَعْدَهُ وَاقْتَصَرَ وَلِلْإِفَاضَةِ حَالَ كَوْنِهِ (حِلًّا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ: حَلَالًا مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَحَلَّلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 252 إلَّا مِنْ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ، وَكُرِهَ الطِّيبُ وَاعْتَمَرَ، وَالْأَكْثَرُ إنْ وَطِئَ،.   [منح الجليل] التَّحَلُّلَ الْأَصْغَرَ بِرَمْيِ الْعَقَبَةِ أَوْ مَضَى وَقْتُهَا (إلَّا مِنْ) لَذَّةِ (نِسَاءٍ وَ) تَعَرُّضِ (صَيْدٍ) فَيَحْرُمَانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحِلَّانِ إلَّا بِالتَّحَلُّلِ الْأَكْبَرِ وَهُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ. (وَكُرِهَ الطِّيبُ وَ) إذَا رَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِمَكَّةَ فَيَكْمُلُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِإِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ وَلَا يُجَدِّدُ إحْرَامًا لِبَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَلَا يُلَبِّي فِي طَرِيقِهِ لِفَوَاتِ وَقْتِ التَّلْبِيَةِ فَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ قُدُومِهِ يُعِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيَسْعَى عَقِبَهُ. وَاَلَّذِي لَمْ يَصِحَّ طَوَافُ إفَاضَتِهِ يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَأْسَهُ لِحَلْقِهِ بِمِنًى وَإِنْ تَبَيَّنَ فَسَادَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ الْإِفَاضَةِ وَرَجَعَ لَهُ وَكَمَّلَ حَجَّهُ (اعْتَمَرَ) بَعْدَ إكْمَالِهِ أَيْ: خَرَجَ إلَى الْحِلِّ وَأَتَى مِنْهُ بِعُمْرَةٍ سَوَاءٌ وَطِئَ أَمْ لَا، وَهَذَا ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ زَادَ وَيُهْدِي. (وَالْأَكْثَرُ) قَالُوا يَعْتَمِرُ (إنْ) كَانَ (وَطِئَ) لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا خَلَلَ فِيهِمَا وَيُهْدِي وَلَا يُحْرِمُ بِهَا قَبْلَ إكْمَالِ الْحَجِّ، لِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ إلَّا لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ فَلِتَحَلُّلِهِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطَأْ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ قَالُوا يَأْتِي بِعُمْرَةٍ إنْ لَمْ يَطَأْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْمُنَاسِبُ وَاعْتَمَرَ إنْ وَطِئَ وَالْأَكْثَرُ لَا يَعْتَمِرُ. الرَّمَاصِيُّ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَاعْتَمَرَ إنْ وَطِئَ لَكَانَ أَسْعَدَ بِقَوْلِهَا حَتَّى رَجَعَ وَأَصَابَ النِّسَاءَ وَالطِّيبَ إلَى أَنْ قَالَتْ وَالْعُمْرَةُ مَعَ الْهَدْيِ تُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَجُلُّ النَّاسِ يَقُولُونَ لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ وَيُحْذَفُ قَوْلُهُ وَالْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُمْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهَا وَجُلُّ النَّاسِ. وَفَسَّرَهُمْ أَبُو الْحَسَنِ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَطَاءٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ خَارِجُ الْمَذْهَبِ بَلْ ذِكْرُهُمْ يُوهِمُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ إثْبَاتُ الْعُمْرَةِ مَعَ الْوَطْءِ وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْهَدْيُ إنْ أَصَابَ النِّسَاءَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي نَصِّهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوَطْئِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الثَّانِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ مَعَ الْعُمْرَةِ. فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ إلَى الْمُحْرِمِ فَالْأَقْيَسُ قَوْلُ أَشْهَبَ عَلَيْهِ هَدْيَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُدًى وَاحِدٌ اُنْظُرْ الْحَطّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 253 وَلِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ سَاعَةً لَيْلَةَ النَّحْرِ، وَلَوْ مَرَّ إنْ نَوَاهُ،   [منح الجليل] وَ) الرُّكْنُ (لِلْحَجِّ) وَحْدَهُ (حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ) أَيْ الْكَوْنُ فِيهَا مُطْمَئِنًّا سَوَاءٌ وَقَفَ أَوْ جَلَسَ أَوْ اضْطَجَعَ أَوْ رَكِبَ عَلِمَ أَنَّهَا عَرَفَةُ أَمْ لَا، وَلِذَا عَدَلَ عَنْ وُقُوفِ الْمَشْهُورِ إلَى حُضُورٍ وَإِضَافَةِ حُضُورٍ إلَى جُزْءٍ بِمَعْنَى فِي فَلَا يُقَالُ مَعْنَى الْحُضُورِ الْمُشَاهَدُ فَتَصْدُقُ الْعِبَارَةُ بِمَنْ شَاهَدَهَا وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهَا. وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِضَافَةُ جُزْءِ عَرَفَةَ بِمَعْنَى اللَّامِ أَيْ: فِي جُزْءٍ مَنْسُوبٍ لِعَرَفَةَ نِسْبَةَ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ لَا بِمَعْنَى مِنْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ عَنْ الْمُضَافِ كَيَدِ زَيْدٍ لِخَبَرِ «عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» «وَارْتَفَعُوا عَنْ بَطْنِ عَرَفَةَ» . وَالْأَفْضَلُ الْوُقُوفُ فِي مَوْقِفِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ الْكِبَارِ الْمَطْرُوحَةِ قُرْبَ جَبَلِ الرَّحْمَةِ وَهُوَ فِي وَسَطِ عَرَفَةَ. وَوَقْتُ الْحُضُورِ قَوْلُهُ (سَاعَةً) أَيْ: جُزْءٌ مِنْ الزَّمَانِ (مِنْ) سَاعَاتِ (لَيْلَةِ) يَوْمِ (النَّحْرِ) أَيْ: عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ وَتَدْخُلُ بِغُرُوبِ التَّاسِعِ وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ، وَأَمَّا الْوُقُوفُ نَهَارًا مِنْ زَوَالِ تَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ فَوَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ إنْ تَرَكَهُ عَمْدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ يَدْخُلُ وَقْتُ الْوُقُوفِ الرُّكْنَ بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَمَانَ الْوُقُوفِ مُوسِعٌ وَآخِرُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مَبْدَئِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْغُرُوبِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ الزَّوَالِ، وَوَافَقَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجُمْهُورَ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. وَيَكْفِي الْحُضُورُ بِعَرَفَةَ سَاعَةً مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ إذَا اسْتَقَرَّ وَاطْمَأَنَّ بَلْ (وَلَوْ مَرَّ) الْحَاجُّ بِعَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ طُمَأْنِينَةٍ (إنْ نَوَاهُ) أَيْ: الْمَارُّ الْوُقُوفَ بِهَا بِمُرُورِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهِ فَلَا يَحْصُلُ الرُّكْنُ بِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ سُنَّةِ الْحُجَّاجِ، بِخِلَافِ الْمُطْمَئِنِّ فَيَنْسَحِبُ إحْرَامُهُ عَلَى حُضُورِهِ مُطْمَئِنًّا كَانْسِحَابِهِ عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْحَجِّ. وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا مَعْرِفَةُ أَنَّ مَا مَرَّ بِهِ عَرَفَةُ وَسَيُفِيدُ هَذَا بِقَوْلِهِ لَا الْجَاهِلُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَرَفَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَلَا يَكْفِيهِ، وَعَلَى الْمَارِّ النَّاوِي الْعَارِفِ هَدْيٌ فَالطُّمَأْنِينَةُ وَاجِبَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 254 أَوْ بِإِغْمَاءٍ قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ بِعَاشِرٍ   [منح الجليل] وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ إجْزَاءِ الْمُرُورِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَفِي الْمَارِّ قَوْلَانِ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ جَعَلَ سَنَدٌ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا وَنَصُّهُ وَمَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ وَعَرَفَهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجْزِيهِ وَالْأَشْهَرُ الْإِجْزَاءُ اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ الْحَطّ بِأَنَّ سَنَدًا لَمْ يُصَرِّحْ بِتَشْهِيرِ الْإِجْزَاءِ وَإِنَّمَا قَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَى عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْإِجْزَاءَ وَهُوَ بَيِّنٌ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَاهِلِهَا رِوَايَتَيْنِ وَفِي الْعَارِفِ بِهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، وَنَصُّهُ وَفِي إجْزَاءِ مُرُورِ مَنْ مَرَّ بِعَرَفَةَ عَارِفًا بِهَا مُطْلَقًا أَوْ إنْ نَوَى بِهِ الْوُقُوفَ، ثَالِثُهَا وَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنْ نَوَى وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَرَابِعُهَا الْوُقُوفُ. ثُمَّ قَالَ وَفِي إجْزَاءِ مَنْ مَرَّ بِهَا جَاهِلًا رِوَايَةُ ابْنِ الْمُنْذِرِ. وَدَلِيلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَيَكْفِي حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ سَاعَةً مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِرُ سَالِمًا مِنْ الْإِغْمَاءِ قَبْلَ الزَّوَالِ (أَوْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِإِغْمَاءِ) أَيْ: اسْتِتَارُ عَقْلٍ بِشِدَّةِ مَرَضٍ (قَبْلَ الزَّوَالِ) مِنْ تَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ وَأَوْلَى بَعْدَهُ وَاسْتَمَرَّ مُغْمًى عَلَيْهِ حَتَّى طَلَعَ فَجْرُ الْيَوْمِ الْعَاشِرِ وَخَرَجَ وَقْتُ الْوُقُوفِ فَيَكْفِيهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ لَا يُبْطِلُ الْإِحْرَامَ وَهُوَ مُنْسَحِبٌ عَلَى حُضُورِهِ إذَا وَقَفَ بِهِ رُفَقَاؤُهُ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ. وَمِثْلُ الْإِغْمَاءِ هُنَا الْجُنُونُ وَالنَّوْمُ وَالسُّكْرُ بِحَلَالٍ بِخِلَافِ السُّكْرِ بِحَرَامٍ فَيَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَجَهْلِ الْمَارِّ بَلْ أَوْلَى، وَأَشَارَ إلَى الْخِلَافِ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمَبَالِغِ عَلَيْهِ بِوَلَوْ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إجْزَاءِ مَنْ وَقَفَ بِهِ مُغْمًى عَلَيْهِ مُطْلَقًا. أَوْ إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَوْ قَبْلَ وُقُوفِهِ، ثَالِثُهَا إنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوُقُوفُ بِتَاسِعٍ. (أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ: جَمِيعُ أَهْلِ الْمَوْقِفِ لَا أَكْثَرُهُمْ وَإِنْ كَانَ هَذَا مَعْنَى الْجَمِّ لُغَةً فِي رُؤْيَةِ هِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ فَوَقَفُوا (بِ) بِيَوْمِ (عَاشِرٍ) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ الْيَوْمُ التَّاسِعُ وَأَنَّ اللَّيْلَةَ عَقِبَهُ لَيْلَةُ الْعَاشِرِ بِأَنْ غُمَّ عَلَيْهِمْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ فَأَكْمَلُوا عِدَّتَهُ، وَوَقَفُوا فِي تَاسِعِ ذِي الْحِجَّةِ فَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ الْعَاشِرُ فَيُجْزِيهِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 255 فَقَطْ   [منح الجليل] إنْ كَانَ الْمُخْطِئُ الْجَمِيعَ (فَقَطْ) فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ فَلَا يَكْفِيهِمْ وَلَوْ كَانُوا أَكْثَرَ أَهْلِ الْمَوْقِفِ وَكَانَ الْخَطَأُ بِعَاشِرٍ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ بِثَامِنٍ أَوْ حَادِي عَشَرٍ فَلَا يَكْفِي. وَالْفَرْقُ أَنَّ الَّذِينَ وَقَفُوا بِالْعَاشِرِ فَعَلُوا مَا تَعَبَّدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ إكْمَالِ الْعِدَّةِ إذَا غُيِّمَتْ بِخِلَافِهِ بِالثَّامِنِ، فَإِنَّهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ شَهَادَةٍ بَاطِلَةٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ أَخْطَأَ الْجَمُّ بِعَاشِرٍ الْإِجْزَاءَ سَوَاءٌ تَبَيَّنَ لَهُمْ الْخَطَأُ قَبْلَ وُقُوفِهِمْ وَيُؤَمَّرُونَ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ أَمْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ. وَقَالَ سَنَدٌ مَحَلُّ الْإِجْزَاءِ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ الْخَطَأُ بَعْدَ الْوُقُوفِ فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَنَّهُ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الْوُقُوفُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ وَقَفُوا فَلَا يَجْزِيهِمْ. الْحَطّ مَا قَالَهُ سَنَدٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ أَنَّهُمْ يَمْضُونَ عَلَى عَمَلِهِمْ سَوَاءٌ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ الْعَاشِرُ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِمْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. طفي وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ سَنَدٍ وَجَدْتَهَ غَيْرَ مُخَالِفٍ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْجَوَاهِرِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمَا فِيمَنْ وَقَفَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ يَوْمِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّهُ الْعَاشِرُ. وَكَلَامُ سَنَدٍ فِيمَنْ لَمْ يَذْهَبْ لِلْوُقُوفِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ الْعَاشِرُ وَأَصْلُهُ لِلَّقَانِيِّ فِي حَوَاشِي التَّوْضِيحِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَوْقَعَ الْوُقُوفَ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا فِي ظَنِّهِ اجْتِهَادًا، وَالثَّانِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الْوُقُوفَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمَشْرُوعِ قَصْدًا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي. اللَّقَانِيُّ وَهَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الطِّرَازِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا نَشَأَ الْخَطَأُ مِنْ غَيْمِ لَيْلَةِ ثَلَاثِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ غَلَطٌ فِي عَدَدِ الْأَيَّامِ، وَلَكِنْ مُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ اخْتِصَاصُهُ بِالْأَوَّلِ كَمَا قَرَّرْتُهُ أَوَّلًا وَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِمْ وُقُوفُهُمْ بِعَاشِرٍ فِي الْفَرْضِ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إجْزَاءِ وُقُوفِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ الْعَاشِرِ غَلَطًا نَقَلَ الطُّرْطُوشِيُّ اخْتِلَافِي نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ ابْنُ الْكَاتِبِ اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَأَتْبَاعُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْإِجْزَاءِ وَوُقُوفُهُمْ الثَّامِنَ غَلَطًا لَغْوٌ. وَعَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إجْزَاؤُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ يُجْزِئُ الْعَاشِرُ لَا الثَّامِنُ الشَّيْخُ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ سَحْنُونٍ ابْنُ رُشْدٍ حَمَلَ بَعْضُهُمْ اخْتِلَافَهُ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 256 لَا الْجَاهِلُ: كَبَطْنِ عُرَنَةَ، وَأَجْزَأَ بِمَسْجِدِهَا بِكُرْهٍ، وَصَلَّى وَلَوْ فَاتَ.   [منح الجليل] الْعَاشِرِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الثَّامِنِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهِمَا. وَغَلَطُ الْمُنْفَرِدِ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا (لَا) يُجْزِئُ الْمُرُورُ بِعَرَفَةَ الْمَارُّ (الْجَاهِلُ) بِأَنَّ مَا مَرَّ عَلَيْهِ عَرَفَةَ لِتَقْصِيرِهِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَ) وُقُوفٍ بِ (بَطْنِ عُرَنَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالنُّونِ وَادٍ بَيْنَ الْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى طَرَفِ الْحَرَمِ وَالْعَلَمَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى طَرَفِ عَرَفَةَ فَلَيْسَ مِنْ الْحَرَمِ وَلَا مِنْ عَرَفَةَ فَلَا يَجْزِي الْوُقُوفُ بِهِ (وَأَجْزَأَ) الْوُقُوفُ (بِمَسْجِدِهَا) أَيْ: عُرَنَةَ بِالنُّونِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَرَفَةَ بِالْفَاءِ وَنُسِبَ لِذَاتِ النُّونِ؛ لِأَنَّ حَائِطَ الْقِبْلِيِّ الَّذِي إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ عَلَى حَدِّ ذَاتِ النُّونِ لَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ فِيهَا وَيُجْزِئُ الْوُقُوفُ بِهِ. (بِكُرْهٍ) بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ: كَرَاهَةٍ لِارْتِبَاطِهِ بِذَاتِ النُّونِ. الْحَطّ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ هَذَا مِمَّا حَكَاهُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصَّهُ أَبُو عُمَرَ. رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَرَفَةُ بِالْحِلِّ وَعُرَنَةُ بِالْحَرَمِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ هِيَ وَادِي عَرَفَةَ وَفِي إجْزَاءِ الْوُقُوفِ بِهَا مَعَ الدَّمِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ. ثَالِثُهَا يُكْرَهُ ثُمَّ قَالَ وَفِي إجْزَائِهِ بِمَسْجِدِ عَرَفَةَ ثَالِثُهَا الْوُقُوفُ لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ مَعَ مُحَمَّدٍ قَائِلًا حَائِطُهُ الْقِبْلِيُّ عَلَى حَدِّ عَرَفَةَ سُقُوطُهُ بِهَا وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَفِيهَا كُرِهَ بِنَاؤُهُ وَقَالَ: إنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ بَنِي هَاشِمٍ بِعَشْرِ سِنِينَ. (وَصَلَّى) الْحَاجُّ الْعِشَاءَ أَوْ وَالْمَغْرِبَ إذَا خَشِيَ عَدَمَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْأَخِيرَةِ عَقِبَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ لِعَرَفَةَ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بَلْ (وَلَوْ فَاتَ) هـ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ؛ لِأَنَّ مَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ الْقَتْلَ يُقَدَّمُ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَاخْتَارَ سَنَدٌ وَاللَّخْمِيُّ وَالْقَرَافِيُّ وَجَمْعُ تَقْدِيمِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَأَمَّا لَوْ أَمْكَنَهُ الذَّهَابُ لِعَرَفَةَ مَعَ صَلَاةِ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ بِهَا لَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّيْرُ لِعَرَفَةَ وَالصَّلَاةُ بِهَا اتِّفَاقًا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ لِإِخْرَاجِ تَذَكُّرِ فَائِتَةٍ لَا يُمْكِنُهُ قَضَاؤُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الْوُقُوفُ اتِّفَاقًا. وَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْفَائِتَةِ وَقْتَ ذِكْرِهَا كَمَا فِي الْخَبَرِ لَضَعُفَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 257 وَالسُّنَّةُ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ، وَلَا دَمَ وَنُدِبَ بِالْمَدِينَةِ لِلْحُلَيْفِيِّ. .   [منح الجليل] أَمْرُهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَاضِرِ وَقْتَهُ وَهُوَ الْوُقُوفُ. وَالْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ جَارٍ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ وَالتَّرَاخِي. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ عَلَى التَّرَاخِي غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْفَوْرَ وَالتَّرَاخِيَ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَيْهِمَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ صَارَ إتْمَامُهُ فَرْضًا عَلَى الْفَوْرِ إجْمَاعًا. بَلْ لَوْ كَانَ تَطَوُّعًا وَجَبَ إتْمَامُهُ. فَإِنْ أَفْسَدَهُ وَجَبَ إتْمَامُهُ وَقَضَاؤُهُ فَوْرًا اهـ. عب قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعِشَاءِ إلَخْ صَحِيحٌ وَفِيهَا فَرَضَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَسْأَلَةَ وَالْخِلَافَ، وَلِذَا قَالَ الْحَطّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَوْ فَاتَتْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ اهـ. وَلَا يُرَدُّ بِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ. مُحَمَّدٌ إنْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً إنْ صَلَّاهَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَفَ إنْ كَانَ قُرْبَ عَرَفَةَ وَإِلَّا صَلَّى. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ كَانَ آفَاقِيًّا وَقَفَ وَالْأَصْلِيُّ. الصَّائِغُ يُصَلِّي إيمَاءً كَالْمُسَايِفِ. وَرَدَّهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ وَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى الرُّخْصَةِ، ثُمَّ قَالَ وَفَرَضَهَا ابْنُ بَشِيرٍ فِي ذَاكِرِ عِشَاءٍ لَيْلَتَهُ اهـ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِ الْمَنْسِيَّةِ فَاتَتْهُ أَوْ حَاضِرَةٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْأَوَّلَ قَالَهُ طفي. (وَالسُّنَّةُ) لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مُطْلَقًا أَوْ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ (غُسْلٌ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا وَلَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ؛ لِأَنَّهُ لِلْإِحْرَامِ لَا لِلصَّلَاةِ (مُتَّصِلٌ) بِالْإِحْرَامِ قُيِّدَ فِي السُّنِّيَّةِ فَلَوْ اغْتَسَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَأَحْرَمَ آخِرَهُ لَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَكَذَا إنْ اغْتَسَلَ أَوَّلَهُ وَأَحْرَمَ عِنْدَ زَوَالِهِ وَيُغْتَفَرُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ كَإِصْلَاحِ الْجِهَازِ وَشَدِّ الرَّحْلِ (وَلَا دَمَ) فِي تَرْكِهِ وَلَوْ عَمْدًا. (وَنُدِبَ) الْغُسْلُ (بِالْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِلْحُلَيْفِيِّ) أَيْ لِمَنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ وَأَرَادَ الْإِحْرَامَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْحُلَيْفَةِ سَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُهُ مِنْهَا وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ مُتَّصِلٌ فَيَتَجَرَّدُ وَيَغْتَسِلُ بِالْمَدِينَةِ وَيَلْبَسُ الْإِزَارَ وَالرِّدَاءَ وَالنَّعْلَيْنِ بِهَا، وَإِذَا وَصَلَ الْحُلَيْفَةَ صَلَّى رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ وَأَحْرَمَ إذَا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 258 وَلِدُخُولِ غَيْرِ حَائِضٍ مَكَّةَ بِطُوًى. وَلِلْوُقُوفِ، وَلُبْسِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ   [منح الجليل] ابْنُ يُونُسَ ابْنُ حَبِيبٍ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَغْتَسِلَ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ يَخْرُجَ مَكَانَهُ فَيُحْرِمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَذَلِكَ أَفْضَلُ، وَبِهَا اغْتَسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَجَرَّدَ وَلَبِسَ ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ. قَالَ سَحْنُونٌ إذَا أَرَدْت الْخُرُوجَ مِنْ الْمَدِينَةِ خُرُوجَ الطَّلَاقِ فَأْتِ الْقَبْرَ كَمَا صَنَعْت أَوَّلَ دُخُولِك ثُمَّ اغْتَسِلْ وَالْبَسْ ثَوْبَيْ إحْرَامِك ثُمَّ ائْتِ مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَارْكَعْ بِهِ وَأُهِلّ، وَقَالَ سَنَدٌ مَنْ رَأَى أَنَّ الْغُسْلَ بِالْمَدِينَةِ فَضِيلَةٌ جَعَلَ التَّجَرُّدَ مِنْ الثِّيَابِ بِهَا فَضِيلَةً وَمَنْ رَآهُ رُخْصَةً جَعَلَ التَّجَرُّدَ مِنْهَا رُخْصَةً أَيْضًا. (وَ) نُدِبَ الْغُسْلُ (لِدُخُولِ) شَخْصٍ (غَيْرِ حَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ (مَكَّةَ) وَجَعَلَهُ تت سُنَّةً (بِطُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ وَالْأَوْلَى وَبِطُوًى؛ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ، وَلَا يُنْدَبُ لِحَائِضٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلطَّوَافِ فَلَا يُنْدَبُ لِمَنْ لَا يَطُوفُ. (وَ) نُدِبَ الْغُسْلُ (لِلْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ وَلَوْ لِحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ، وَجَعَلَهُ تت سُنَّةً وَيُخَفِّفُ الدَّلْكَ فِي هَذَيْنِ الْغُسْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَالدَّلْكُ جُزْءٌ مِنْ الْغُسْلِ عِنْدَنَا. (وَ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ (لُبْسُ) بِضَمِّ اللَّامِ (إزَارٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مِنْ فَوْقِ سُرَّتِهِ إلَى نِصْفِ سَاقَةِ وَيَقْلِبُ طَرَفَهُ الْأَعْلَى وَيَغْرِزُهُ فِي وَسَطِهِ مِنْ نَاحِيَةِ لَحْمِهِ بِأَنْ يَثْنِيَ طَرَفَ حَاشِيَتِهِ الْعُلْيَا عَلَى طَرَفِ الْإِزَارِ، وَيَغْرِزَ كُلَّ طَرَفٍ مِنْ طَرَفَيْهِ فِي جِهَةِ الطَّرَفِ الْآخَرِ أَوْ يَلُفَّ طَرَفَيْهِ فِي بَعْضِهِمَا وَيَغْرِزَهُمَا مِنْ جِهَةِ لَحْمِهِ، وَلَا يَرْبِطَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ وَلَا يَحْتَزِمَ عَلَيْهِ. فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى (وَرِدَاءٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ مَمْدُودًا عَلَى كَتِفَيْهِ يَسْتُرُ بِهِ ظَهْرَهُ وَجَنْبَيْهِ وَصَدْرَهُ وَبَطْنَهُ. وَيَجُوزُ الِائْتِزَارُ وَالِارْتِدَاءُ بِمُلَفَّقٍ مِنْ شُقَّتَيْنِ مَخِيطٍ مِنْ وَسَطِهِ. (وَنَعْلَيْنِ) وَهُمَا الْحَدْوَةُ وَالْمَدَاسُ وَأَمَّا الصِّرُّ مَوْجَةٌ وَالصُّرَارَةُ أَيْ النَّاسُومَةُ فَلَا تَجُوزَانِ إلَّا لِضَرُورَةٍ إذَا كَانَ سَيْرُهُمَا عَرِيضًا، فَإِنْ رَقِّ جَازَتَا وَمَعْنَى هَذِهِ السُّنَّةِ أَنَّ هَذِهِ الْهَيْئَةَ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا التَّجَرُّدُ مِنْ الْمُحِيطِ فَوَاجِبٌ، فَإِنْ فَعَلَ غَيْرَهُمَا بِأَنْ الْتَحَفَ بِرِدَاءٍ أَوْ كِسَاءٍ أَجْزَأَ فِي التَّجَرُّدِ الْوَاجِبِ وَخَالَفَ السُّنَّةَ. عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ وَالتَّجَرُّدُ مِنْ الْمَخِيطِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 259 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْخِفَافِ لِلرِّجَالِ أَوْ مَالَهُ حَارِكٌ مِنْ النِّعَالِ يَسْتُرُ بَعْضَ الْقَدَمِ اهـ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ الْقَوَاعِدِ وَقَوْلُهُ مَالَهُ حَارِكٌ يَسْتُرُ بَعْضَ الْقَدَمِ فَلَا يُلْبَسُ مِنْ النِّعَالُ غَيْرُ مَا لَهُ شِرَاكَانِ يُرْبَطُ بِهِمَا عَلَى الْقَدَمِ لِتَأْتِيَ الْمَشْيَ خَاصَّةً، فَلَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ سِبَاطٍ وَلَا مِزْت وَلَا شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ النِّعَالِ الصَّحْرَاوِيَّةِ؛ لِأَنَّ لَهَا فِي عَاقِبِهَا حَارِكًا وَلِاتِّسَاعِ شِرَاكِهَا فَتَسْتُرُ كَثِيرًا مِنْ الْقَدَمِ اِ هـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَقَالَ عَقِبَهُ قَوْلُهُ مَا لَهُ حَارِكٌ مِنْ النِّعَالِ أَيْ: كَنِعَالِ التَّكْرُورِ الَّتِي لَهَا عَقِبٌ يَسْتُرُ بَعْضَ الْقَدَمِ، وَكَوْنُ هَذِهِ الْهَيْئَةِ سُنَّةً أَصْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَتَبِعَهُ الْحَطّ وَمَنْ بَعْدَهُ، وَبَحَثَ فِيهِ طفي بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِمَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ. وَقَدْ جَعَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ مُسْتَحَبَّةً فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ ثَوْبَانِ يَرْتَدِي بِأَحَدِهِمَا وَيَأْتَزِرُ الْآخَرُ الْجَلَّابُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَّزِرَ وَيَرْتَدِيَ اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُخَالِفُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْجَلَّابِ مِنْ الْجَوَازِ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْأَكْثَرِ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ نَحْوَهُ قَوْلُ الْبَيَانِ الِاخْتِيَارُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُحْرِمَ بِثَوْبَيْنِ يَأْتَزِرُ بِأَحَدِهِمَا وَيُضْطَبَعُ بِالْآخَرِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ التَّجَرُّدُ عَنْ الْمَخِيطِ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ نَحْوُهُ، وَلِذَا تَوَرَّكَ الْمَوَّاقُ عَلَى قَوْلِهِ وَلُبْسِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ بِقَوْلِهِ الَّذِي لِلْقَرَافِيِّ أَنَّ مِنْ السُّنَنِ التَّجَرُّدَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلُبْسِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ، بَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ الِالْتِفَافُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا الْخُصُوصِيَّةُ فِي اجْتِنَابِهِ الْمَخِيطَ اهـ. فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ نَسَبَ لِلْأَكْثَرِينَ خِلَافَ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ مُقَرِّرًا بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ. وَقَوْلُ الْحَطّ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ التَّجَرُّدُ مِنْ الْمَخِيطِ فِي سُنَنِ الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ غَيْرِ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مُخْتَلَفٌ فَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَنْجَبِرُ بِالدَّمِ بِالْوَاجِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ عَنْهَا بِالسُّنَّةِ الَّتِي فِيهَا دَمٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الْأُسْتَاذُ الطُّرْطُوشِيُّ أَصْحَابُنَا يُعَبِّرُونَ عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ بِثَلَاثِ عِبَارَاتٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَاجِبَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَاجِبَةٌ وُجُوبَ السُّنَنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 260 وَتَقْلِيدُ هَدْيٍ، ثُمَّ إشْعَارُهُ. ثُمَّ   [منح الجليل] وَ) السُّنَّةُ لِمُرِيدِ الْإِحْرَامِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ (تَقْلِيدُ هَدْيٍ) مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ لَا غَنَمٍ سَاقَهُ تَطَوُّعًا أَوْ لِنَقْصٍ مِنْ نُسُكٍ مَاضٍ لَا لِهَذَا الْإِحْرَامِ بِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ فَلَا يُسَنُّ قَبْلَهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ يُجْزِئُ إنْ وَقَعَ كَمَا قَالَ قَبْلُ، وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ وَأَجْزَأَ قَبْلَهُ. طفي لَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ إفَادَةُ حُكْمِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارُ بِالسُّنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بَيَانُ كَيْفَ يَفْعَلُ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَكَيْفَ يُطْلَبُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْأُمُورِ الْمَطْلُوبَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ؟ فَمَعْنَى كَلَامِهِ كَمَا قَالَ الْحَطّ يُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يُقَلِّدَهُ بَعْدَ غَسْلِهِ وَتَجَرُّدِهِ ثُمَّ يُشْعِرَهُ، فَالسُّنَّةُ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْهَيْئَةِ وَتَبِعَهُ سَالِمٌ وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ كَلَامُ تت، لَكِنْ يَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ. وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَرَادَ الْإِحْرَامَ وَمَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقَلِّدْهُ ثُمَّ يُشْعِرْهُ ثُمَّ يُجَلِّلْهُ وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ ثُمَّ يَدْخُلْ الْمَسْجِدَ فَيَرْكَعْ وَيُحْرِمْ كَمَا وَصَفْنَا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقَلِّدَ وَيُشْعِرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَيُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ إلَى الْجُحْفَةِ فَلَا يَفْعَلُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلِّدَ وَيُشْعِرَ إلَّا عِنْدَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُحْرِمَ اهـ. فَلَمْ تَنُصَّ عَلَى السُّنَّةِ وَقَوْلُهَا يَنْبَغِي ظَاهِرٌ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ: فَأَنْتَ تَرَى كَلَامَ الْأَئِمَّةِ فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ خِلَافَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَشُرَّاحِهِ، وَالْأَوْلَى النَّصُّ عَلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ قَبْلَ الْإِشْعَارِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُ تت إنْ كَانَ مَعَهُ لَتَطَوَّعَ إلَخْ نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهَذَا فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ. وَأَمَّا هَدْيُ التَّمَتُّعِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ اهـ. زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي مَعْنَاهُ هَدْيُ الْقِرَانِ اهـ. قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُجْزِئُ تَقْلِيدُهُ وَإِشْعَارُهُ قَبْلَهُ فَيُسْتَحَبُّ فِيهِ هَذَا التَّرْتِيبُ فَالْإِجْزَاءُ فِي التَّقْدِيمِ لَا يُنَافِي نَدْبَ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ، وَلَا كَوْنُهُ سُنَّةً وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ خِلَافًا لز وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْبُنَانِيُّ. (ثُمَّ إشْعَارُهُ) أَيْ: الْهَدْيَ إنْ كَانَ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ الَّتِي لَهَا سَنَامٌ وَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ لَيْسَا مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ؛ إذْ لَا يُعَدُّ مِنْ سُنَنِهِ إلَّا مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا لِعُذْرٍ، وَهَكَذَا فَعَلَ فِي الْجَوَاهِرِ فَجَعَلَ السُّنَّةَ الثَّالِثَةَ لِلْإِحْرَامِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالتَّجْلِيلُ مُسْتَحَبٌّ. (ثُمَّ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 261 رَكْعَتَانِ، وَالْفَرْضُ مُجْزٍ يُحْرِمُ الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى. وَالْمَاشِي إذَا مَشَى. وَتَلْبِيَةٌ   [منح الجليل] السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ لِلْإِحْرَامِ (رَكْعَتَانِ) إنْ كَانَ الْوَقْتُ يُتَنَفَّلُ فِيهِ وَإِلَّا أَخَّرَ إلَيْهِ إلَّا الْخَائِفُ وَالْمُرَاهِقُ فَيُحْرِمَانِ بِلَا رُكُوعٍ خِلَافًا لِلدَّاوُدِيِّ؛ إذْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ وَمُنِعَ نَفْلٌ إلَخْ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ يُفِيدُ مَنْعَهُمَا كَغَيْرِهِمَا. (وَالْفَرْضُ) أَيْ: إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (مُجْزِئٌ) عَنْ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ (يُحْرِمُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ يَنْوِي الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ (الرَّاكِبُ إذَا اسْتَوَى) مَرْكُوبَهُ قَائِمًا لَا قَبْلَ قِيَامِهِ، وَيُحْتَمَلُ جَعْلُ فَاعِلِ اسْتَوَى ضَمِيرَ الرَّاكِبِ عَلَى دَابَّتِهِ وَهِيَ قَائِمَةٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَيْرِهَا لَا قَبْلَ قِيَامِهِمَا؛ إذْ لَا يُقَالُ اسْتَوَى عَلَيْهَا إلَّا إذَا قَامَتْ لِلسَّيْرِ، وَفِيهِ تَلْمِيحٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزخرف: 13] . (وَالْمَاشِي) فِي الْحَجِّ يُحْرِمُ (إذَا مَشَى) أَيْ: شَرَعَ فِي الْمَشْيِ وَلَا يُؤَخِّرُ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْبَيْدَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِخَبَرِ الْمُوَطَّإِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ» وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ، وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ. فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَ) السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ (تَلْبِيَةٌ) أَيْ: مُقَارَنَتُهَا لِلْإِحْرَامِ وَاتِّصَالُهَا بِهِ فَإِنْ فَصَلَهَا فَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَإِنْ طَالَ لَزِمَهُ دَمٌ وَسَيَقُولُ وَإِنْ تَرَكْت أَوَّلَهُ فَدَمٌ إنْ طَالَ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا مِنْ السُّنَّةِ، فَلَوْ قَالَ وَاتِّصَالُ تَلْبِيَةٍ بِإِحْرَامٍ وَإِلَّا فَدَمٌ إنْ طَالَ فَصْلُهَا مِنْهُ كَتَرْكِهَا لَكَانَ أَظْهَرَ وَاسْتَغْنَى عَمَّا يَأْتِي. طفي كَوْنُ التَّلْبِيَةِ سُنَّةً نَحْوُهُ لِعِيَاضٍ فِي قَوَاعِدِهِ وَحَكَاهُ فِي إكْمَالِهِ فَقَالَ قَالَ شُيُوخُنَا التَّلْبِيَةُ عِنْدَنَا مَسْنُونَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَلْبِيَتُهُ سُنَّةٌ مِنْ ابْتِدَائِهِ. وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ التَّلْبِيَةُ عِنْدَنَا سُنَّةٌ وَمِثْلُهُ لِلْقَلَشَانِيِّ، وَجَعَلَ الْحَطّ اتِّصَالُهَا بِالْإِحْرَامِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ هُوَ السُّنَّةُ. وَأَمَّا هِيَ نَفْسُهَا فَوَاجِبَةٌ وَيَجِبُ أَيْضًا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِحْرَامِ بِطَوِيلٍ ثُمَّ قَالَ، وَأَمَّا عَدُّهَا مِنْ السُّنَنِ فَفِيهِ تَجَوُّزٌ وَتَبِعَهُ عج، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَدَّاهُ لِذَلِكَ مَا سَبَقَ فِي التَّجَرُّدِ أَنَّ الدَّمَ يُنَافِي السُّنِّيَّةَ وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 262 وَجُدِّدَتْ لِغَيْرِ حَالٍّ، وَخَلْفَ صَلَاةٍ، وَهَلْ لِمَكَّةَ أَوْ لِلطَّوَافِ؟ خِلَافٌ: وَإِنْ تُرِكَتْ أَوَّلَهُ فَدَمٌ إنْ طَالَ. وَتَوَسُّطٌ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ،   [منح الجليل] فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ قَوْلُ أَصْحَابِنَا سُنَّةٌ مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْحَجِّ وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ فِي تَرْكِهَا الدَّمَ. قُلْت الْبَاجِيَّ مِنْ اصْطِلَاحِهِ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ الدَّمُ وَاجِبٌ، وَاصْطِلَاحُ غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ. وَلِذَا قَالَ عِيَاضٌ قَالَ بِوُجُوبِهَا ابْنُ حَبِيبٍ، وَمَالَ إلَيْهِ الْبَاجِيَّ. (وَجُدِّدَتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً أَيْ التَّلْبِيَةُ (لِتَغَيُّرِ حَالٍ) كَقِيَامٍ وَقُعُودٍ وَنُزُولٍ وَرُكُوبٍ وَصُعُودٍ وَهُبُوطٍ وَمُلَاقَاةِ رِفَاقٍ وَسَمَاعِ مُلَبٍّ اسْتِحْبَابًا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَعِنْدَ ابْنِ شَاسٍ سُنَّةٌ (وَخَلْفَ صَلَاةٍ) وَلَوْ نَافِلَةً. (وَهَلْ) يَسْتَمِرُّ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا يُلَبِّي (لِ) دُخُولِ (مَكَّةَ أَوْ) يَسْتَمِرُّ يُلَبِّي لِلشُّرُوعِ فِي (الطَّوَافِ) وَلِابْنِ الْحَاجِبِ لِرُؤْيَةِ الْبَيْتِ وَقِيلَ: إلَى بُيُوتِ مَكَّةَ وَقِيلَ: إلَى الْحَرَمِ فِي التَّوْضِيحِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ يُلَبِّي إلَى رُؤْيَةِ الْبَيْتِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْخِلَافُ فِي أَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ (خِلَافٌ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. لِقَوْلِهَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ. (وَإِنْ تُرِكَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: التَّلْبِيَةُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا (أَوَّلَهُ) أَيْ الْإِحْرَامِ (فَدَمٌ) وَاجِبٌ بِتَرْكِهَا (إنْ طَالَ) زَمَنُ تَرْكِهَا وَلَوْ رَجَعَ وَلَبَّى فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ أَوَّلِهِ أَنَّهَا إنْ تُرِكَتْ أَثْنَاءَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتُّونُسِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَالُوا أَقَلُّهَا مَرَّةً، فَإِنْ قَالَهَا ثُمَّ تَرَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ الْحَطّ. وَشَهَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَهُ، وَنَصُّهُ فَإِنْ لَبَّى حِينَ أَحْرَمَ وَتَرَكَ فَفِي الدَّمِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُعَوِّضْهَا بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ لِلْمَشْهُورِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَإِنْ ابْتَدَأَهَا وَلَمْ يَعُدَّهَا فَدَمٌ فِي أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) نُدِبَ (تَوَسُّطٌ فِي عُلُوٍّ) أَيْ: رَفْعِ (صَوْتِهِ) أَيْ: الْمُلَبِّي بِالتَّلْبِيَةِ فَلَا يُسِرُّهَا وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 263 وَفِيهَا.   [منح الجليل] يُبَالِغُ فِي رَفْعِهِ حَتَّى يَعْقِرَهُ (وَ) نُدِبَ تَوَسُّطٌ (فِيهَا) أَيْ التَّلْبِيَةِ فَلَا يُكْثِرُهَا جِدًّا حَتَّى يَمَلَّهَا وَلَا يُقَلِّلُهَا، وَجَعَلَهُمَا تت سُنَّتَيْنِ. طفي اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ السُّنِّيَّةَ فِيهِمَا. وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا إلَّا لِنِسَاءٍ وَلَا يُسْرِفُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَفِيهِمَا كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ وَرَآهُ خَرْقًا لِمَنْ فَعَلَهُ اهـ. وَمَعْنَاهَا أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك إلَخْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْجَلَّابِ مَنْ نَادَى رَجُلًا فَأَجَابَهُ بِالتَّلْبِيَةِ سَبْعًا فَقَدْ أَسَاءَ، أَيْ: قَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ إلَخْ، هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَلْبِيَتُهُ الضَّمِيرُ لِلْإِحْرَامِ وَإِضَافَتُهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا تُذْكَرُ مَعَهُ وَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا بِسَبَبِهِ، وَاسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ النُّسُكِ جَهْلٌ وَمَكْرُوهٌ. فِي الشِّفَاءِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ نَادَى رَجُلًا بِاسْمِهِ فَأَجَابَهُ لَبَّيْكَ فَقَالَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ سَفَهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي يَعْنِي نَفْسَهُ وَشَرَحَ قَوْلَهُ إنَّهُ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ وَالْجَاهِلُ يُزْجَرُ وَيُعَلَّمُ وَالسَّفِيهُ يُؤَدَّبُ وَلَوْ قَالَهَا عَلَى اعْتِقَادِ إنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ رَبِّهِ كَفَرَ هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ اهـ. أَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لَبَّيْكَ لِمَنْ نَادَاهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلَى هُوَ حُسْنُ أَدَبٍ وَاسْتَعْمَلَتْهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَعَهُمْ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بِقَوْلِهِ بَابُ مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَقَوْلُ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِقْهَ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي تَرَاجِمِهِ: وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا دَعَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَهْلِهِ إلَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّيْكَ» اهـ. السُّيُوطِيّ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ بِسَنَدٍ وَاهٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَهَا الْمُتَقَدِّمَ بِقَوْلِهِ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ تُجِيبُ بِالتَّلْبِيَةِ؟ وَلَعَلَّهُ كَرِهَهُ إذَا كَانَ يُلَبِّي غَيْرَ مُجِيبٍ لِأَحَدٍ اهـ. لَكِنَّ اعْتِرَاضَهُ مُنْدَفَعٌ بِمَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُرَادُهَا غَابَ عَنْهُ فَاعْتُرِضَ، وَأَجَابَ بِجَوَابٍ فِيهِ نَظَرٌ، فَلَوْلَا أَنَّ الْإِجَابَةَ بِلَبَّيْكَ فَقَطْ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَهُمْ بِالْإِبَاحَةِ مَا اُعْتُرِضَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 264 وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ لِرَوَاجِ مُصَلَّى عَرَفَةَ. وَمُحْرِمُ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ، وَفَائِتِ الْحَجِّ لِلْحَرَمِ،   [منح الجليل] وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلُهُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْإِجَابَةَ بِلَبَّيْكَ خَاصَّةٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَوَابَ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ لَبَّيْكَ مِنْ السَّفَهِ وَأَنَّهُ جَهْلٌ بِالسُّنَّةِ، وَاسْتِدْلَالُهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِكَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ دَلِيلٌ. وَتَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَقَدْ عَلِمْت سَابِقًا أَنَّ السَّفَهَ لَيْسَ فِي الْإِجَابَةِ بِلَبَّيْكَ فَقَطْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ أَصْحَابِهِ خِلَافُ مَا لِعِيَاضٍ، وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -. (وَعَاوَدَهَا) أَيْ: الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ وُجُوبًا قَالَهُ عج. عب وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي أَوَّلِهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مُعَاوَدَتَهَا (بَعْدَ) فَرَاغِ (سَعْيٍ) كَتَجْدِيدِ إحْرَامٍ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ مِنًى وَلَا يَزَالُ يُلَبِّي (لِرَوَاحِ مُصَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: مَسْجِدِ (عَرَفَةَ) بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ رَوَاحٍ، فَإِنْ ذَهَبَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى إلَيْهِ. قَالَ الْحَطّ فَإِنْ أَحْرَمَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَبَّى بِهَا ثُمَّ قَطَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ بِشَرْحِ الْجَلَّابِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُلَبِّي إلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ يُلَبِّي إلَيْهِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مُصَلَّى إبْرَاهِيمَ وَمَسْجِدِ عُرَنَةَ بِالنُّونِ وَمَسْجِدِ نَمِرَةَ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ. . (وَمُحْرِمُ مَكَّةَ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمًا بِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُفْرِدٍ (يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ أَيْ: يَبْتَدِئُهَا فِيهِ (وَ) يُلَبِّي (مُعْتَمِرُ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ (الْمِيقَاتِ) أَيْ: الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ (وَ) مُعْتَمِرُ (فَائِتِ الْحَجِّ) بِحَصْرِ عَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَيْهِ، وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ يُلَبِّيَانِ (لِلْحَرَمِ) الْمُحَدَّدِ بِالْإِعْلَامِ الَّذِي يَحْرُمُ الصَّيْدُ فِيهِ، وَقَطْعُ النَّابِتِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَيْ: مَنْ اعْتَمَرَ لِفَوَاتِ حَجِّهِ، أَيْ: تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَا أَنَّهُ يُنْشِئُ لَهَا إحْرَامًا. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَفَاته الْحَجُّ قَبْلَ وُصُولِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 265 وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ لِلْبُيُوتِ. وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ، وَإِلَّا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ، وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ،   [منح الجليل] الْحَرَمَ، وَقُلْنَا يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا وَصَلَ الْحَرَمَ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ. (وَ) يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ (مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَ) مِنْ (التَّنْعِيمِ) لِدُخُولِهِ (لِلْبُيُوتِ) لِقَوْلِهَا يَقْطَعُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَكُلّ ذَلِكَ وَاسِعٌ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَغَيْرُهُ طفي. اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْبُيُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ. (وَ) السُّنَنُ (لِلطَّوَافِ) كَانَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا (الْمَشْيُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هُوَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ قَالَهُ عب. طفي كَوْنُهُ سُنَّةً نَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ إنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا كُرِهَ، وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَمُنَاقَشَةُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يَأْتِي فِي السُّنَّةِ، وَاسْتِظْهَارُهَا الْحَطّ مَدْفُوعَانِ بِتَخَالُفِ الِاصْطِلَاحِ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَمْشِ فِي الطَّوَافِ وَطَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا (فَدَمٌ) وَاجِبٌ (لِقَادِرٍ) عَلَى الْمَشْيِ فِيهِ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا وَ (لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ: الطَّوَافَ مَاشِيًا، فَإِنْ أَعَادَهُ مَاشِيًا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ فَلَا دَمَ وَمَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إعَادَتِهِ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَا يَكْفِيهِ الدَّمُ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ. وَرَجَعَ لِبَلَدِهِ لَكَانَ أَوْلَى. وَمَفْهُومُ لِقَادِرٍ أَنَّ الْعَاجِزَ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنْ يُطِيقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ وَالسَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي الْمَشْيِ، وَإِنْ تَرَكَ الْقَادِرُ الْمَشْيَ فِيهِمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَاحِدًا لِلتَّدَاخُلِ قَالَهُ الْحَطّ. (وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ) أَسْوَدَ (بِفَمٍ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ؛ إذْ التَّقْبِيلُ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ (أَوَّلَهُ) بِشَدِّ الْوَاوِ أَيْ: الطَّوَافُ وَمِنْ سُنَنِهِ الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْ الطَّوَافِ الَّذِي شَرْطُ الطَّهَارَةِ، وَيُسَنُّ اسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ بِيَدِهِ أَوَّلَهُ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ بِلَا تَقْبِيلٍ، وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَاسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ الْكُفَّارِ لَا الْمُسْلِمِينَ، فَفِي الْبُدُورِ السَّافِرَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا سَوَّدَتْهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 266 وَفِي الصَّوْتِ قَوْلَانِ، وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ، ثُمَّ عُودٌ وَوُضِعَا عَلَى فِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَالدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ،   [منح الجليل] خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا» . وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يُحْشَرُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ. (وَفِي) كَرَاهَةِ (الصَّوْتِ) فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَإِبَاحَتِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَرَجَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْجَوَازَ وَكَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - السُّجُودَ عَلَيْهِ وَتَمْرِيغُ الْوَجْهِ عَلَيْهِ (وَلِلزَّحْمَةِ) عَلَى الْحَجَرِ (لَمْسٌ) لِلْحَجَرِ (بِيَدٍ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ مَسِّهِ بِهَا مَسَّهُ بِ (عُودٍ) حَيْثُ لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا (وَوُضِعَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْعُودِ وَالْيَدِ (عَلَى فِيهِ) مِنْ غَيْرِ تَقَبُّلٍ. (ثُمَّ) إنْ تَعَذَّرَ الْمَسُّ (كَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ: قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِدُونِ إشَارَةٍ إلَيْهِ بِيَدِهِ وَلَا رَفْعٍ لَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ تَقْبِيلِهِ بِفِيهِ وَوَضْعِ يَدِهِ أَوْ الْعُودِ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ صَرِيحُهَا أَنَّ التَّكْبِيرَ بَعْدَ التَّقْبِيلِ أَوْ الْوَضْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَظَاهِرُ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ قَبَّلَهُ. وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ وَالْخُبْزِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَ الْخُبْزِ مَكْرُوهٌ وَلَوْ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهِ أَوْ وَضْعِهِ عَلَيْهَا اهـ عب. وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ سُنِّيَّةَ التَّقْبِيلِ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِالطَّوَافِ الْوَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَيَّدَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْوَاجِبِ. وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي هَذَا فَقَالَ وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ بِفِيهِ فِي ابْتِدَائِهِ وَفِي اخْتِصَاصِهِ بِوَاجِبِهِ، وَعُمُومُهُ فِي كُلِّ طَوَافٍ قَوْلُهَا لَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِلَامُهُ فِي ابْتِدَائِهِ إلَّا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَلَا يَدَعَ التَّكْبِيرَ كُلُّ مَا حَاذَاهُ فِي كُلِّ طَوَافٍ حَتَّى التَّطَوُّعَ وَقَوْلُ التَّلْقِينِ بَعْدَ ذِكْرِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فِي ابْتِدَائِهِ صِفَةُ كُلِّ الطَّوَافِ وَاحِدَةٌ، مَعَ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْ طَافَ تَطَوُّعًا ابْتَدَأَهُ بِالِاسْتِلَامِ. (وَ) ثَالِثُ السُّنَنِ لِلطَّوَافِ مُطْلَقًا (الدُّعَاءُ) فِيهِ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ: يُكْرَهَ تَحْدِيدُهُ بِشَيْءٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 267 وَرَمَلُ رَجُلٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَلَوْ مَرِيضًا، وَصَبِيًّا حُمِلَا، وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ. وَلِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَرُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا: كَامْرَأَةٍ إنْ خَلَا وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْأَخْضَرَيْنِ   [منح الجليل] مُعَيَّنٍ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوِّ بِهِ (وَ) رَابِعُهَا وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهُوَ لِلْحَجِّ طَوَافُ الْقُدُومِ وَلِلْعُمْرَةِ طَوَافُهَا (رَمَلُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ أَيْ: إسْرَاعُ (رَجُلٍ فِي) الْأَشْوَاطِ (الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَخِفَّةِ الْوَاوِ فَلَا رَمَلَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَلَوْ تَرَكَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَتَارِكِ سُورَةٍ مِنْ الْأُولَيَيْنِ فَلَا يَقْرَأهَا فِي الْآخِرَيْنِ. وَيُسَنُّ الرَّمَلُ فِيهَا إنْ كَانَ كَبِيرًا صَحِيحًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الطَّائِفُ (مَرِيضًا أَوْ صَبِيًّا حُمِلَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَتُحَرَّكُ الدَّابَّةُ كَمَا تُحَرَّكُ فِي بَطْنِ مُحَسَّرٍ وَفِي السَّعْيِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَالرَّمَلُ أَنْ يَثِبَ فِي مَشْيِهِ وَثْبًا خَفِيفًا هَازًّا مَنْكِبَيْهِ. (وَلِلزَّحْمَةِ) فِي الطَّوَافِ الْمَسْنُونِ فِيهِ الرَّمَلُ (الطَّاقَةُ) فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا وَمَفْهُومُ رَجُلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُسَنُّ رَمَلُهَا؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ. (وَ) السُّنَّةُ (لِلسَّعْيِ) وَلَا يَكُونُ إلَّا رُكْنًا لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (تَقْبِيلُ الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ وَالِالْتِزَامُ إذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا؛ إذْ لَا يُقَبِّلُهُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ، وَيُجْزِئُ فِيهِ تَفْصِيلُ الزَّحْمَةِ مِنْ اللَّمْسِ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ ثُمَّ التَّكْبِيرُ وَيَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ، وَالْمُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ الْمُسَمَّى بَابَ الصَّفَا لِقُرْبِهِ مِنْهُ بَعْدَ شُرْبِهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ. (وَ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ (رُقِيُّهُ) أَيْ: الرَّجُلِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّمَا يَصِلُ إلَى أَحَدِهِمَا وَفِيهَا يُنْدَبُ أَنْ يَصْعَدَ أَعْلَاهُمَا بِحَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُ. اهـ. وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ زَائِدٌ عَلَى السُّنَّةِ. وَشَبَّهَ فِي السُّنِّيَّةِ فَقَالَ (كَ) رُقِيِّ (مَرْأَةٍ) عَلَيْهِمَا فَيُسَنُّ (إنْ خَلَا) الْمَوْضِعُ مِنْ مُزَاحِمَةِ الرِّجَالِ وَإِلَّا وَقَفَتْ أَسْفَلَهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ السُّنَّةُ الْقِيَامُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ فَإِنْ جَلَسَ فِي الْأَعْلَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقَامَهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّقِيِّ الْقِيَامُ. وَقِيلَ الْقِيَامُ مَنْدُوبٌ زَائِدٌ عَلَى سُنَّةِ الرُّقِيِّ. (وَ) السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ لِلرِّجَالِ فَقَطْ (إسْرَاعٌ بَيْنَ) الْعَمُودَيْنِ (الْأَخْضَرَيْنِ) أَوَّلُهُمَا فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 268 فَوْقَ الرَّمَلِ، وَدُعَاءٌ وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَوُجُوبِهِمَا: تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] رُكْنِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ مَنَارَةٍ بَابِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي بَعْدَهُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ قُبَالَةَ رِبَاطِ الْعَبَّاسِ وَفِي مُقَابِلَتِهِمَا عَمُودَانِ أَخْضَرَانِ أَيْضًا عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ وَالْإِسْرَاعُ فِي حَالِ الذَّهَابِ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ لَا فِي الْعَوْدِ مِنْهَا إلَيْهِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ وَالْمَوَّاقِ، وَلَا يُقَالُ سَبَبُهُ إسْرَاعُ هَاجَرَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْعَوْدِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ إسْرَاعَهَا كَانَ فِي حَالِ ذَهَابِهَا إلَى الْمَرْوَةِ فَقَطْ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِسْرَاعِ يَكُونُ قَبْلَ الْعَمُودِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ، وَقَوْلُهُ فِي حَالِ الذَّهَابِ لِلْمَرْوَةِ فَقَطْ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَعَزْوُهُ لِظَاهِرِ سَنَدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنَّمَا فِيهِ كَمَا نَقَلَ الْحَطّ عَنْهُ أَنَّهُ صَدَّرَ بِالْبَدْءِ مِنْ الصَّفَا وَسَكَتَ عَنْ بَيَانِ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ وَإِلَّا لَنُبِّهَ عَلَيْهِ. وَكَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُرْشِدِ بِهِمَا فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْبَدْءِ بِالصَّفَا مَا نَصُّهُ " ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ الْمَرْوَةِ وَيَفْعَلُ كَمَا وَصَفْنَا مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَبَبِ " وَيُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ (فَوْقَ) أَيْ: أَشَدُّ مِنْ (الرَّمَلِ) . (وَ) السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ (دُعَاءٌ) فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالرُّقِيِّ عَلَيْهِمَا. (وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) الرُّكْنُ وَالْوَاجِبُ وَالنَّفَلُ (وَوُجُوبُهُمَا) فِيهَا وَوُجُوبُهُمَا فِي الرُّكْنِ وَالْوَاجِبِ وَنَدْبُهُمَا فِي الْمَنْدُوبِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَالثَّانِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ، وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَالثَّالِثُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ، قَالَ الْحَطّ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَ فِيهَا فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَكَانَ طَوَافُهُ وَاجِبًا رَجَعَ وَابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ يُوَصِّلَانِ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ فَلْيَرْكَعْهُمَا وَيُهْدِي وَلَا يَرْجِعُ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ فَلْيَرْكَعْهُمَا وَلَا يُهْدِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ الْآتِي وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَقُّلِهِ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَلَعَلَّهُ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا، وَيُكْرَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ وَإِنْ فَعَلَ صَلَّى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 269 وَنُدِبَا كَالْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ، وَبِالْمَقَامِ، وَدُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْيَمَانِيِّ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَاقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.   [منح الجليل] وَنُدِبَا) أَيْ رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالصَّوَابُ وَنُدِبَتَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ لِإِسْنَادِ الْفِعْلِ لِضَمِيرٍ مُؤَنَّثٍ فَتَلْزَمُهُ التَّاءُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَتِرًا أَوْ بَارِزًا عَلَى الصَّوَابِ. نَعَمْ قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ يَجُوزُ تَرْكُ التَّاءِ فِي فِعْلِ الْمُؤَنَّثِ الْمَجَازِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ ظَاهِرًا أَوْ ضَمِيرًا فَيَخْرُجُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. وَمَصَبُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ بِالْكَافِرُونَ إلَخْ. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَ) رَكْعَتَيْ (الْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ) بِوَاوِ الْحِكَايَةِ (وَالْإِخْلَاصِ وَ) نَدْبِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (بِالْمَقَامِ) أَيْ: خَلْفَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ: الْحَجَرِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ حِينَ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَيُقَالُ مَنْ أَجَابَهُ حَجَّ بِعَدَدِ مَرَّاتِ إجَابَتِهِ. وَقِيلَ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ حِينَ غَسَلَتْ لَهُ زَوْجَةُ ابْنِهِ إسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَأْسَهُ. وَقِيلَ الَّذِي عَلَيْهِ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ وَكَانَ ابْنُهُ إسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ. (وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ) بَعْدَ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ (بِالْمُلْتَزَمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحِجْرِ مِنْ حَائِطِ الْكَعْبَةِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ مِنْ الْمَطَافِ. أَبُو عُمَرَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ بِالْمُلْتَزَمِ» . زَرُّوقٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي طَوَافِهِ بِمَا تَيَسَّرَ، وَكَذَا فِي الْمَقَامِ وَالْحَطِيمِ وَالْمُلْتَزَمِ وَعِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، وَفِي الْمُسْتَجَارِ أَيْ: مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْبَابِ الْمُغْلَقِ الَّذِي كَانَ فَتَحَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَفِي الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. (وَ) نُدِبَ (اسْتِلَامُ) أَيْ: تَقْبِيلُ (الْحَجَرِ) الْأَسْوَدِ بِكُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ (وَ) نُدِبَ لَمْسُ الرُّكْنِ (الْيَمَانِيِّ) بِآخِرِ كُلِّ شَوْطٍ (بَعْدَ) الشَّوْطِ (الْأَوَّلِ) بَعْدَ مُرُورِ الطَّائِفِ عَلَى الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ الْحِجْرَ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (وَ) نُدِبَ (اقْتِصَارٌ) فِي صِيغَةِ التَّلْبِيَةِ (عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الزِّيَادَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 270 وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا. وَالْبَيْتِ، وَمِنْ كَدَاءَ: لِمَدَنِيٍّ، وَالْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَخُرُوجُهُ   [منح الجليل] عَلَيْهَا، وَمَعْنَى لَبَّيْكَ إجَابَةٌ بَعْدَ إجَابَةٍ وَالْإِجَابَةُ الْأُولَى إجَابَةُ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] أَيْ أَنْتَ رَبُّنَا، وَالثَّانِيَةُ لِتَأْذِينِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَأَجَابُوهُ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، فَمَنْ أَجَابَهُ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ زَادَ فِي الْإِجَابَةِ زَادَ فِي الْحَجِّ فَالْمَعْنَى أَجَبْتُك فِي هَذَا الْإِحْرَامِ كَمَا أَجَبْتُك فِيمَا تَقَدَّمَ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبَّى الْمَلَائِكَةُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَكَذَا أَوَّلُ مَنْ طَافَ وَفِي مَشْرُوعِيَّتِهَا تَنْبِيهٌ عَلَى إكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ بِأَنَّ وُفُودَهُمْ عَلَى بَيْتِهِ إنَّمَا كَانَ بِاسْتِدْعَاءٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. (وَ) نُدِبَ (دُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا) أَيْ: ضُحًى، قَالَ زَرُّوقٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ أَرْبَعٌ: نُزُولُهُ بِذِي طُوًى وَهُوَ الْوَادِي الَّذِي تَحْتَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيُسَمَّى الزَّاهِرَ، وَاغْتِسَالٌ فِيهِ، وَنُزُولُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا، وَمَبِيتُهُ بِالْوَادِي الْمَذْكُورِ فَيَأْتِي مَكَّةَ ضُحًى. (وَ) نُدِبَ دُخُولُ (الْبَيْتِ) أَيْ: الْكَعْبَةِ لِزِيَارَتِهَا وَالتَّبَرُّكِ بِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَمَا فِي النَّقْلِ، وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ الظَّرْفِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَّالِهِ الْأَوَّلِ، وَمُقْتَضَى كَوْنِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ مَنْ دَخَلَهَا أَتَى بِهَذَا الْمُسْتَحَبِّ. (وَ) نُدِبَ دُخُولُ مَكَّةَ (مِنْ كَدَاءَ) بِفَتْحِ الْكَافِ مَمْدُودًا مُنَوَّنًا إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِازْدِحَامٍ وَأَذِيَّةٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ تَرْكُ الدُّخُولِ مِنْهُ (لِمَدَنِيٍّ) أَيْ: آتٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا لِآتٍ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ مَدَنِيًّا. الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ نَدْبُهُ لِكُلِّ مُحْرِمٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَرِيقُهُ لِاسْتِقْبَالِ الدَّاخِلِ وَجْهَ الْكَعْبَةِ. وَلِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا إبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَبَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِأَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ فَقِيلَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، وَلِذَا قَالَ يَأْتُوك دُونَ يَأْتُونِي. (وَ) نُدِبَ دُخُولُ (الْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ) الْمُسَمَّى بَابَ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ. (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) أَيْ الْمَدَنِيِّ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 271 مِنْ كُدَى. وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ. بِالْمَسْجِدِ وَرَمَلُ مُحْرِمٍ مِنْ كَالتَّنْعِيمِ أَوْ بِالْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ؛ لَا تَطَوُّعٍ وَوَدَاعٍ. وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ،   [منح الجليل] أَيْضًا مِنْ مَكَّةَ لِلسَّفَرِ (مِنْ كُدَى) بِضَمِّ الْكَافِ مَقْصُورًا وَفِي فَتْحٍ وَمَدٍّ مَوْضِعُ الدُّخُولِ وَضَمٍّ وَقَصْرٍ مَوْضِعُ الْخُرُوجِ إشَارَةٌ لَطِيفَةٌ إلَى أَنَّ الدَّاخِلَ يَفْتَحُ بَابَ الرَّجَاءِ، وَالْخَارِجُ يَضُمُّ عَلَى مَا حَصَلَ وَيَقْصُرُ أَمَلَهُ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ. (وَ) نُدِبَ (رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ) بَعْدَ فَرْضِ الْعَصْرِ حِينَ دُخُولِهِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُخَالِفًا لِلْأَوْلَى مِنْ إقَامَتِهِ لِلْغُرُوبِ بِذِي طُوًى قَالَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ طَافَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصِلَةُ رُكُوعِهِ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الْمَغْرِبِ) وَمَصَبُّ النَّدْبِ كَوْنُ رُكُوعِهِ (قَبْلَ تَنَفُّلِهِ) وَلِابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِاتِّصَالِهِمَا حِينَئِذٍ بِالطَّوَافِ وَلَا يَفُوتَانِهِ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِخِفَّتِهِمَا. (وَ) نُدِبَ لِمَنْ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ (بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) قَبْلَ تَنَفُّلِهِ وَتَأْخِيرُ دُخُولِ مَكَّةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَهُ طَافَ حِينَ دُخُولِهِ، وَأَخَّرَهُمَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا مُرَاعَاةً لِسُنِّيَّتِهِمَا. وَعُلِمَ مِمَّا هُنَا أَنَّ الطَّوَافَ وَلَوْ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا كَصَلَاةِ النَّفْلِ فِي كَرَاهَتِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَفَرْضِ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ وَتُصَلِّي الْمَغْرِبَ. (وَ) نُدِبَ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (بِالْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ. (وَ) نُدِبَ (رَمَلُ) رَجُلٍ (مُحْرِمٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مِنْ كَالتَّنْعِيمِ) وَالْجِعْرَانَةِ (أَوْ) رَمَلٍ (بِ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَمْ يَطُفْ الْقُدُومَ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ فِعْلِهِ لِخَشْيَةِ فَوَاتِ وُقُوفِ عَرَفَةَ أَوْ لِنِسْيَانِهِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَطَافَ الْقُدُومَ وَرَمَلَ فِيهِ أَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ عَمْدًا فَلَا يَرْمُلُ بِالْإِفَاضَةِ (لَا) يُنْدَبُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ (تَطَوُّعٍ وَ) لَا فِي طَوَافِ (وَدَاعٍ) وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ فِيهِمَا عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ. (وَ) نُدِبَ لِكُلِّ مَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا (كَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ) ابْنُ حَبِيبٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 272 وَنَقْلُهُ. وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ، وَخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ   [منح الجليل] يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ مَا أَقَامَ بِهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَقَالَ وَهُوَ لِمَا شُرِبَ لَهُ فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَعَامًا وَشَرَابًا. (وَ) نُدِبَ (نَقْلُهُ) أَيْ: مَاءُ زَمْزَمَ مِنْ مَكَّةَ لِغَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ وَخُصُوصِيَّتُهُ بَاقِيَةٌ فِيهِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْحَطّ. وَصَرَّحَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ بِاسْتِحْبَابِ نَقْلِهِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهَا اُسْتُحِبَّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لِمَنْ اسْتَشْفَى اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُعَلَّى وَالتَّادَلِيُّ وَغَيْرُهُمَا. . (وَ) نُدِبَ (لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ) الْمُمْكِنَةِ فِيهِ فَلَا يُنْدَبُ فِيهِ اسْتِقْبَالٌ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فِيهِ وَلَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ ذَكَرَ خُبْثًا أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ أَوْ جَنَابَةٌ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيَبْنِيَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ لِيَسَارَتِهِ وَتُتَصَوَّرُ الْجَنَابَةُ مَعَ صِحَّةِ النُّسُكِ وَالِاتِّصَالِ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِالِاحْتِلَامِ فِي نَوْمٍ خَفِيفٍ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْهُمَا. (وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (خُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرٍ) الْيَوْمِ (السَّابِعِ) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ذَكَرَ الْحَطّ أَنَّ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَدُعَاءٍ وَتَضَرُّعٍ بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ مِنْ السُّنَنِ لَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ، قَالَ وَهَلْ يَفْتَتِحُ أُولَاهُمَا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ بِالتَّلْبِيَةِ؟ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُمَا إنْ كَانَ الْخَطِيبُ مُحْرِمًا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْقَوْلَ بِالتَّلْبِيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ الْآنَ وَهِيَ شِعَارُ الْمُحْرِمِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ تَعَيَّنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 273 بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ: يُخْبِرُ فِيهَا بِالْمَنَاسِكِ وَخُرُوجُهُ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ، وَبَيَاتُهُ بِهَا، وَسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ، وَنُزُولُهُ بِنَمِرَةَ، وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ التَّكْبِيرُ وَتَعَقَّبَهُ عج بِقَوْلِ سَنَدٍ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ مُسْتَحَبٌّ، وَبِأَنَّ الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ سُنَّةٌ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي سُنِّيَّةَ الْأَوَّلِ وَنُدِبَ الثَّانِي (بِمَكَّةَ) أَيْ: فِي حَرَمِ مَكَّةَ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا. (وَاحِدَةٌ) تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَلِابْنِ حَبِيبٍ وَالْأَخَوَيْنِ خُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ وَنَسَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ قَالَهُ طفي (يُخْبِرُ) الْإِمَامُ النَّاسَ تَذْكِيرًا لِلْعَالِمِ وَتَعْلِيمًا لِلْجَاهِلِ (فِيهَا) أَيْ: الْخُطْبَةِ (بِالْمَنَاسِكِ) الَّتِي تُفْعَلُ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَلَيْلَةِ التَّاسِعِ إلَى زَوَالِهِ. (وَ) نُدِبَ (خُرُوجُهُ) أَيْ: الْحَاجِّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ مَكَّةَ (لِمِنًى قَدْرَ مَا) أَيْ: زَمَانِ (يُدْرِكُ) الْحَاجُّ إذَا خَرَجَ فِيهِ (بِهَا) أَيْ: مِنًى (الظُّهْرَ) مَقْصُورَةٌ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَالْقَوِيُّ يَخْرُجُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَنْ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ الظُّهْرَ بِمِنًى آخِرَ الْمُخْتَارِ إذَا خَرَجَ لَهَا بَعْدَهُ يَخْرُجُ قَبْلَهُ بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الظُّهْرَ بِهَا فِي مُخْتَارِهَا؛ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ، وَصَلَاتُهَا فِي غَيْرِ مِنًى بِدْعَةٌ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ إذْ الظُّهْرُ بِمِنًى أَفْضَلُ مِنْ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ، وَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ لَهَا قَبْلَ الثَّامِنِ (وَ) نُدِبَ (بَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ: مِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ. (وَ) نُدِبَ (سَيْرُهُ) مِنْ مِنًى (لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ) لِلشَّمْسِ وَلَا يُجَاوِزُ بَطْنَ مُحَسِّرٍ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مِنًى (وَ) نُدِبَ (نُزُولُهُ بِنَمِرَةَ) وَادٍ بَيْنَ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ وَيُسَمَّى أَيْضًا عُرَنَةَ بِالنُّونِ وَضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ لِنُزُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ، وَيَضْرِبُ خَيْمَتَهُ بِهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ فَإِذَا زَالَتْ اغْتَسَلَ وَدَخَلَ عَرَفَةَ لِجَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ. (وَ) نُدِبَ (خُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ) مِنْ الْيَوْمِ التَّاسِعِ بِجَامِعِ نَمِرَةَ وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 274 ثُمَّ أُذِّنَ، وَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ إثْرَ الزَّوَالِ، وَدُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ، وَوُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ، وَرُكُوبُهُ بِهِ،   [منح الجليل] الْإِكْمَالِ فِي خُطْبَةِ عَرَفَةَ هِيَ سُنَّةٌ فِي قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَيْسَ عَرَفَةُ بِمَوْضِعِ خُطْبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُعَلَّمُ النَّاسُ فِيهِمَا الْمَنَاسِكَ مِنْ جَمْعِهِمْ الظُّهْرَيْنِ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفِهِمْ بِهَا إلَى الْغُرُوبِ لِلتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ، وَدَفْعِهِمْ مِنْهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ بِدُونِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَنُزُولِهِمْ بِهَا، وَجَمْعِهِمْ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا وَمَبِيتِهِمْ بِهَا وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ بِهَا بِغَلَسٍ، وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إلَى الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ وَدَفْعِهِمْ إلَى مِنًى قَبْلَ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَإِسْرَاعِهِمْ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ وَرَمْيِهِمْ الْعَقَبَةَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ إلَى مِنًى، وَتَذْكِيَتِهِمْ هَدَايَاهُمْ وَحَلْقِهِمْ أَوْ تَقْصِيرِهِمْ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ وَالْمُبَادَرَةِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرُجُوعِهِمْ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ. (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ (أُذِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَأُقِيمَ لِلظُّهْرِ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فِيهَا، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إنْ شَاءَ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا اهـ. وَلَفْظُ الْأُمَّهَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ الْمُؤَذِّنِ مَتَى يُؤَذِّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ، أَوْ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ خُطْبَتِهِ. (وَجَمَعَ) الْإِمَامُ إذَا نَزَلَ (بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِأَذَانٍ ثَانٍ وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ الْجَلَّابِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْمَوَّازِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِإِطْلَاقِهِ الْأَذَانَ (إثْرَ الزَّوَالِ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَذَّنَ إلَخْ يُفِيدُ تَأْخِيرَ الْأَذَانِ وَالْجَمْعَ عَنْ الْخُطْبَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: إثْرَ النُّزُولِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَمَنْ فَاتَهُ جَمْعُهُمَا مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَهُمَا وَحْدَهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ جُمْلَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي اللُّمَعِ. الْبَدْرُ هَذَا غَرِيبٌ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ. (وَ) نُدِبَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ (دُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ) بِعَرَفَةَ (وَ) نُدِبَ (وُقُوفٌ) هـ أَيْ: حُضُورُهُ فِي عَرَفَةَ (بِوُضُوءٍ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ (وَ) نُدِبَ (رُكُوبُهُ بِهِ) أَيْ: فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 275 ثُمَّ قِيَامٌ إلَّا لِتَعَبٍ. وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ، وَبَيَاتُهُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ، وَجَمَعَ وَقَصَرَ، إلَّا أَهْلَهَا: كَمِنًى وَعَرَفَةَ،   [منح الجليل] حَالِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالرَّسُولِ الْأَعْظَمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ ظُهُورِ الدَّوَابِّ مَسَاطِبَ كَمَا فِي الْخَبَرِ (ثُمَّ) يَلِي الرُّكُوبَ فِي النَّدْبِ (قِيَامٌ) لِلرِّجَالِ وَكُرِهَ لِلنِّسَاءِ (إلَّا لِتَعَبٍ) لِلدَّابَّةِ أَوْ رَاكِبِهَا أَوْ الْقَائِمِ أَوْ مُدِيمِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ النُّزُولُ وَالْجُلُوسُ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ أَفْضَلَ. (وَ) نُدِبَ (صَلَاتُهُ) أَيْ: الْحَاجِّ (بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ) مَجْمُوعَتَيْنِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَقَصْرُ الْعِشَاءِ وَتُسَمَّى مُزْدَلِفَةَ جَمْعًا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ أَوْ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَوْ الصَّلَاتَيْنِ بِهَا. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ سُنَّةٌ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ وَحْدَهُ فَلَا يَجْمَعُ لَا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا، وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ مُخْتَارَهَا لَا يُقَالُ كَلَامُهُ لَا يُفِيدُ نَدْبَ جَمْعِهِمَا؛ إذْ هُوَ صَادِقٌ يَجْمَعُهُمَا وَعَدَمُهُ وَإِنَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَجَمْعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ عَدَمُ جَمْعِهِمَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَلَا يَكُونُ مَنْدُوبًا. (وَ) نُدِبَ (بَيَاتُهُ بِهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَالنُّزُولِ بِهَا بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ سَوَاءٌ حُطَّتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَاجِبٌ (وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ) بِهَا بِلَا عُذْرٍ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ (فَالدَّمُ) وَاجِبٌ وَإِنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ الشَّمْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ إنَاخَةِ الْبَعِيرِ (وَجَمَعَ) الْإِمَامُ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِمُزْدَلِفَةَ اسْتِنَانًا (وَقَصَرَ) الْإِمَامُ الْعِشَاءَ كَذَلِكَ وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ آنِفًا وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ وَكُلُّ الْحُجَّاجِ يَجْمَعُونَ وَيَقْصِرُونَ بِمُزْدَلِفَةَ (إلَّا أَهْلَهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ فَيُتِمُّونَ الْعِشَاءَ وَيَجْمَعُونَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ. وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْأَهْلَ مِنْ الْقَصْرِ فَقَالَ (كَ) أَهْلِ (مِنًى وَ) أَهْلِ (عَرَفَةَ) وَأَهْلِ الْمُحَصَّبِ فَيُتِمُّونَ الرُّبَاعِيَّةَ فِي بِلَادِهِمْ وَفِي حَالِ رُجُوعِهِمْ إلَيْهَا إنْ كَانَ النُّسُكُ يُتَمُّ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يُتَمَّ بِهَا قَصَرَ حَالَ رُجُوعِهِ إلَيْهَا كَمَكِّيٍّ يَنْزِلُ الْمُحَصَّبِ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ فَيَقْصِرُ فِيهِ وَهَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 276 وَإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ، وَإِنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَكُلٌّ لِوَقْتِهِ، وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ أَعَادَهُمَا، وَارْتِحَالُهُ بَعْدَ الصُّبْحِ، مُغَلِّسًا،.   [منح الجليل] مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي السَّفَرِ إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ. (وَإِنْ عَجَزَ) مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مَعَ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ عَنْ السَّيْرِ مَعَهُمْ لِضَعْفِهِ أَوْ ضَعْفِ دَابَّتِهِ (فَ) يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا (بَعْدَ) مَغِيبِ (الشَّفَقِ) الْأَحْمَرِ فِي مُزْدَلِفَةَ أَوْ قَبْلَهَا (إنْ) كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَ (نَفَرَ) أَيْ: سَارَ مِنْهَا (مَعَ الْإِمَامِ) وَتَأَخَّرَ عَنْهُ لِعُذْرٍ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقِفْ وَيَنْفِرْ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ وَقَفَ وَحْدَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ بِعَرَفَةَ (فَكُلٌّ) مِنْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلِّيهِ (لِوَقْتِهِ) مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ وَمَفْهُومُ عَجَزَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَنَفَرَ مَعَهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ لِغَيْرِ عَجْزٍ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ فِي مُزْدَلِفَةَ فَقَطْ أَفَادَهُ عبق الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ الصَّوَابُ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي الْمَنَاسِكِ؛ إذْ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَجْمَعُ اهـ. وَهَكَذَا النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمَا، زَادَ الْبُنَانِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي تَقْرِيرِ (ز) (وَإِنْ قُدِّمَتَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْعِشَاءَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّفَقِ أَوْ النُّزُولُ بِمُزْدَلِفَةَ لِمَنْ يَجْمَعُ بِهَا وَهُوَ مَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ (أَعَادَهُمَا) أَيْ: الْعِشَاءَيْنِ نَدْبًا إنْ كَانَ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ قَبْلَ وُصُولِهِ مُزْدَلِفَةَ، وَإِنْ كَانَ قَدَّمَهُمَا عَلَى الشَّفَقِ أَعَادَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِهَا لِصَلَاتِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَالْمَغْرِبِ نَدْبًا إنْ بَقِيَ وَقْتُهَا فِيهَا. قِيلَ لِلْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامُ الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَقَالَ هَذَا مِمَّا لَا أَظُنُّهُ يَكُونُ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا صَلَّى فِي الْمُزْدَلِفَةِ فَلَا يُعِيدُ وَإِنَّمَا الْإِعَادَةُ عِنْدَهُ إذَا صَلَّى قَبْلَ الْمُزْدَلِفَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةُ أَمَامَك وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ الشَّفَقِ وَيُصَلِّيهِمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ. (وَ) نُدِبَ (ارْتِحَالُهُ) أَيْ: الْحَاجِّ مِنْ مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) أَوَّلَ وَقْتِهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُغَلِّسًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُصَلِّيًا فِي وَقْتِ الْغَلَسِ أَيْ الظَّلَامِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 277 وَوُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ وَيَدْعُو لِلْإِسْفَارِ، وَاسْتِقْبَالُهُ بِهِ، وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَ الصُّبْحِ، وَإِسْرَاعٌ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ. وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ   [منح الجليل] وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا شِينٌ سَاكِنَةٌ أَيْ: مَحَلِّ الْعَشَائِرِ وَمَعَالِمِ الدِّينِ وَالطَّاعَةِ (الْحَرَامِ) الَّذِي يَحْرُمُ الصَّيْدُ وَقَطْعُ النَّابِتِ بِنَفْسِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ وَهُوَ مَا بَيْنَ جَبَلِ الْمُزْدَلِفَةِ. وَقُزَحٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الزَّايِ آخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُ جَبَلٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى مِنًى وَمَا أَحَاطَ بِهِ مِنْ الْفَضَاءِ وَالنَّدْبُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَسُنَّتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْوُقُوفَ بِهِ سُنَّةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَرِيضَةٌ اهـ. وَالسُّنِّيَّةُ هِيَ الَّتِي تُفْهَمُ مِنْ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ، وَلِذَا جَعَلَ الْبِسَاطِيُّ الِاسْتِحْبَابَ مُتَعَلِّقًا بِالْقَيْدِ حَالَ كَوْنِهِ (يُكَبِّرُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَيُهَلِّلُ (وَيَدْعُو) فِي حَالِ وُقُوفِهِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَصِلَةُ وُقُوفِهِ (لِلْإِسْفَارِ) أَيْ: الضَّوْءِ الْأَعْلَى بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ قَالَهُ أَحْمَدُ. (وَ) نُدِبَ (اسْتِقْبَالُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ بِالْمَشْعَرِ الْقِبْلَةَ (بِهِ) أَيْ عِنْدَ الْمَشْعَرِ جَاعِلًا لَهُ عَنْ يَسَارِهِ (وَلَا وُقُوفَ) مَشْرُوعٌ (بَعْدَهُ) أَيْ: الْإِسْفَارِ فَيَفُوتُ بِهِ وَصَرَّحَ بِهَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِلْإِسْفَارِ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقِفُونَ بِهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ (وَلَا) وُقُوفَ مَشْرُوعٌ (قَبْلَ) صَلَاةِ (الصُّبْحِ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ. (وَ) نُدِبَ (إسْرَاعٌ) بِدَابَّتِهِ وَالْمَاشِي بِخُطْوَتِهِ ذَهَابًا لِعَرَفَةَ وَإِيَابًا لِمِنًى (بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَيْنِ مُشَدَّدَةً وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالطَّبَرِيُّ. وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مِنًى وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ مِنًى وَبَعْضَهُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَصَوَّبَهُ. (وَ) نُدِبَ (رَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ) مِنًى قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ؛ لِأَنَّهَا تَحِيَّةُ الْحَرَمِ فَالنَّدْبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 278 وَإِنْ رَاكِبًا، وَالْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا، وَحَلَّ بِهَا غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ. وَكُرِهَ الطِّيبُ، وَتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَتَتَابُعُهَا، وَلَقْطُهَا، وَذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ،   [منح الجليل] مُنَصَّبٌ عَلَى كَوْنِهِ حِينَهُ، وَإِنْ كَانَ رَمْيُهَا وَاجِبًا إنْ وَصَلَ مَاشِيًا بَلْ (وَإِنْ) وَصَلَ (رَاكِبًا) وَيَدْخُلُ وَقْتُ رَمْيِهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَمَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَتَقَدَّمَ وَوَصَلَ مِنًى لَيْلًا فَلَا يَرْمِيهَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ. وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيُكْرَهُ بَعْدَهُ إلَى طُلُوعِهَا. وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ وَإِنْ رَاكِبًا بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ رُكُوبَهُ بِهِ حَالَ رَمْيِهَا مَرْجُوحٌ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهَا الشَّأْنُ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ضَحْوَةً رَاكِبًا وَإِنْ مَشَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رَمْيُهَا عَلَى الْحَالِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ رُكُوبٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَشْتَغِلُ الرَّاكِبُ بِالنُّزُولِ قَبْلَ رَمْيِهَا وَلَا الْمَاشِي بِالرُّكُوبِ لِرَمْيِهَا. (وَ) نُدِبَ (الْمَشْيُ فِي) حَالِ رَمْيِ (غَيْرِهَا) أَيْ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِهَا وَبِهَا فِي غَيْرِهِ (وَحَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا أَيْ: جَازَ (بِرَمْيِهَا) أَيْ: الْعَقَبَةَ أَوْ بِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهِ وَفَاعِلُ حَلَّ (غَيْرُ) قُرْبَانِ (نِسَاءٍ) بِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ أَوْ عَقْدُ نِكَاحٍ (وَ) غَيْرُ (صَيْدٍ) فَلَا يَحِلَّانِ بِهَا. (وَكُرِهَ الطِّيبُ) أَيْ: اسْتِعْمَالُهُ لِمَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ، فَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ. وَيَحِلُّ بِهِ لِلْمَرْأَةِ غَيْرُ رِجَالٍ وَصَيْدٍ وَيُكْرَهُ لَهَا الطِّيبُ. (وَ) نُدِبَ (تَكْبِيرُهُ مَعَ) رَمْيِ (كُلِّ حَصَاةٍ) تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَافْهَمْ قَوْلَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ عَنْ الرَّمْيِ وَيُفَوِّتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ يَدَهُ قَبْلَ نُطْقِهِ بِهِ، وَلَوْ نَطَقَ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهَا مَحَلَّهَا. (وَ) نُدِبَ (تَتَابُعُهَا) أَيْ: تَوَالِي الْحَصَيَاتِ بِأَنْ يَرْمِيَ الثَّانِيَةَ عَقِبَ رَمْيِ الْأُولَى وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَّا بِمِقْدَارٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كَوْنُهُمَا رَمْيَتَيْنِ (وَ) نُدِبَ (لَقْطُهَا) أَيْ: الْحَصَيَاتِ الَّتِي تُرْمَى فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَمَا بَعْدَهُ فَكَسْرُهَا خِلَافُ الْمَنْدُوبِ مِنْ مِنًى أَوْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيُنْدَبُ لَقْطُهَا مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ. (وَ) نُدِبَ (ذَبْحٌ) أَوْ نَحْرٌ لِهَدْيٍ بِمِنًى (قَبْلَ الزَّوَالِ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ وَيَصِحُّ بَعْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 279 وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِيَحْلِقَ، ثُمَّ حَلْقُهُ وَلَوْ بِنُورَةٍ، وَإِنْ عَمَّ رَأْسَهُ، وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ   [منح الجليل] الْفَجْرِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ. سَنَدٌ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى (وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ) الضَّالَّةِ مِنْهُ (لَهُ) أَيْ: الزَّوَالِ أَيْ: قُرْبِهِ بِقَدْرِ حَلْقِهِ قَبْلَهُ (لِيَحْلِقَ) رَأْسَهُ قَبْلَهُ بَعْدَ نَحْرِهَا فَكِلَاهُمَا مَنْدُوبٌ قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحُدَّهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ، وَالْأَصْلُ فِي تَقْدِيمِ النَّحْرِ عَلَى الْحَلْقِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] وَدَلَّ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ الْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» ، عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ لِلتَّنْزِيهِ. (ثُمَّ نَدَبَ حَلْقَهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُنَصَّبٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ النَّحْرِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْإِفَاضَةِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ وَاجِبًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ الْمَكِّيِّ الْقَارِنُ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَلْزَمُهُ هَذَا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ أَخَّرَ السَّعْيَ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْحَلْقِ يُهْدِي. قَالَ بَعْضٌ: فَإِنْ صَحَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَيَبْدَأُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ بِهَذَا وَالنَّدْبُ لِلْمَحْلُوقِ عَلَى الظَّاهِرِ. وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَلْقَ عَلَى مُطْلَقِ الْإِزَالَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَلَوْ بِنُورَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ: شَيْءٍ مَخْلُوطٍ مِنْ جِيرٍ وَزِرْنِيخٍ يُزَالُ بِهِ الشَّعْرُ إذْ الْحَلْقُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمُوسَى وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُجْزِئُ الْحَلْقُ بِهَا تَعَبُّدًا، وَضَمِيرُ حَلْقِهِ لِلذَّكَرِ وَمِثْلُهُ الْبِنْتُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ فَيَجُوزُ لَهَا الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ، وَذَكَرَ الْبَدْر أَنَّ حَلْقُهَا أَفْضَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ حَلْقَ الصَّغِيرَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَقْصِيرِهَا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّخْيِيرَ. اللَّخْمِيُّ بِنْتُ تِسْعٍ كَكَبِيرَةٍ وَيَجُوزُ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَمْرَانِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ نُقِلَ (إنْ عَمَّ) الْحَلْقُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ كَانَ بِمُوسَى أَوْ نُورَةٍ (رَأْسَهُ) فَلَا يَكْفِي حَلْقُ بَعْضِهِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ. (وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ) وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَنَوَى الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 280 وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ: تَأْخُذُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ. .   [منح الجليل] فَتَقْصِيرُهُ أَفْضَلُ لِبَقَاءِ شَعَثِهِ لِلْحَجِّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَعْرِهِ عَقْصٌ وَلَا ضَفْرٌ وَلَا تَلْبِيدٌ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ. وَلَزِمَهُ الْحَلْقُ كَمَا فِيهَا لِلسُّنَّةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ضَفَّرَ أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ. وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ أَوْ يُقَصِّرْ، وَمَنْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ. وَيُحَقِّقُ كَوْنَ الْحَلْقِ حِينَئِذٍ لِلسُّنَّةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ لَبَّدَتْ رَأْسَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا التَّقْصِيرُ. وَفِي الْمُنْتَقَى وَذَلِكَ أَيْ: تَعَيَّنَ حَلْقُ الْمُلَبِّدِ وَنَحْوِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَمَتَّعُوا بِهِ مِنْ مُبَاعَدَةِ الشَّعَثِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَكَادُ مَعَ التَّلْبِيدِ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى التَّقْصِيرِ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَرْأَةُ الْمُلَبِّدَةُ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا التَّقْصِيرُ انْتَهَى وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ؛ إذْ لَوْ كَانَ لِامْتِنَاعِ التَّقْصِيرِ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ لَكَانَتْ الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ التَّقْصِيرِ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهَا وَلَا يُمْكِنُ هَذَا مَعَ التَّلْبِيدِ. (وَهُوَ) أَيْ: التَّقْصِيرُ (سُنَّةُ) أَيْ: طَرِيقَةُ (الْمَرْأَةِ) أَيْ: بِنْتِ تِسْعٍ فَأَعْلَى اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُمَا حَلْقُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِرَأْسِهَا أَذًى (تَأْخُذُ) أَيْ: تَقُصُّ الْمَرْأَةُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهَا. ابْنُ فَرْحُونٍ لَا بُدَّ أَنْ تَعُمَّ الْمَرْأَةُ الشَّعْرَ كُلَّهُ طَوِيلَةً وَقَصِيرَةً بِالتَّقْصِيرِ نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ (قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ) أَوْ أَزَيْدُ أَوْ أَنْقَصُ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَتْ الْأُنْمُلَةُ تَحْدِيدًا لَا بُدَّ مِنْهُ (وَ) يَأْخُذُ (الرَّجُلُ) الْمُقَصِّرُ (مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ) نَدْبًا فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، أَيْ: خَالَفَ الْمَنْدُوبَ وَأَجْزَأَ كَمَا فِيهَا أَيْضًا. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهَا وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ وَمَنْ يَحْلِقُ بَعْضَ رَأْسِهِ وَيُبْقِي بَعْضَهُ كَشُبَّانِ مِصْرَ وَنَحْوِهِمْ فَلَهُ حَلْقُ مَا يَحْلِقُهُ وَتَقْصِيرُ مَا يُبْقِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ إبْقَاؤُهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ قَبِيحٍ وَالْأَوْجَبُ حَلْقُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ النُّسُكِ. (ثُمَّ يُفِيضُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَكَسْرِ الْفَاءِ آخِرَهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ: يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَعَقِبَ حَلْقِهِ، وَلَا يُؤَخِّرُ إلَّا قَدْرَ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ، وَلَكِنْ يَطْلُبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 281 وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ حَلَقَ، وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَدَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ: كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ، أَوْ الْإِضَافَةِ لِلْمُحْرِمِ،   [منح الجليل] الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ قَدَّمَهُ فَسَيَأْتِي. (وَحَلَّ بِهِ) أَيْ: طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (مَا بَقِيَ) أَيْ: النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ (إنْ) كَانَ (حَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ وَكَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ مَا بَقِيَ إلَّا بِسَعْيِهِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ وَذَكَرَ إنْ حَلَقَ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ يَفِيضُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ التَّرْتِيبَ وَاجِبًا فَلَوْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى تَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَى تَقَدُّمِ الْحَلْقِ لَشَمِلَ تَأَخُّرَهُ عَنْ الْإِفَاضَةِ. (وَإِنْ) طَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَ (وَطِئَ قَبْلَهُ) أَيْ الْحَلْقِ (فَ) عَلَيْهِ (دَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ) فِي الْحِلِّ قَبْلَ الْحَلْقِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَلَا دَمَ فِيهِ وَأَوْلَى الطِّيبِ وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ اصْطَادَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَكَذَا إنْ وَطِئَ وَاصْطَادَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ فَقَالَ (كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ) عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا (لِبَلَدِهِ) وَلَوْ قَرُبَتْ وَلَوْ فَعَلَهُ بِذِي الْحِجَّةِ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ طَوِيلًا بِأَنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثَةِ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ قَالَهُ عج. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُدَوَّنَةُ تُفِيدُ خِلَافَهُ، وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَالْحِلَاقُ يَوْمَا النَّحْرِ بِمِنًى أَحَبُّ إلَيَّ وَأَفْضَلُ وَإِنْ حَلَقَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ حَلَقَ فِي الْحِلِّ فِي أَيَّامِ مِنًى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَأَهْدَى اهـ. التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ إنْ أَخَّرَهُ حَتَّى بَلَغَ بَلَدَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ يُرِيدُ أَوْ طَالَ ذَلِكَ وَقِيلَ: إنْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَلَمْ يَحْلِقْ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ إنْ خَرَجَتْ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ بِأَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَالْخَرَشِيِّ لَأَفَادَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقْيِيدُ التُّونُسِيِّ. (أَوْ) تَأْخِيرُ طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ السَّعْيِ أَوْ السَّعْيِ وَحْدَهُ (لِلْمُحْرِمِ) فَيُفِيضُ فِي الْأُولَى وَيُفِيضُ وَيَسْعَى فِي الْآخِرَيْنِ وَيُهْدِي هَدْيًا وَاحِدًا فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ سَنَدٌ فِي تَأْخِيرِهِمَا، فَأَحْرَى فِي تَأْخِيرِ أَحَدِهِمَا وَمَفْهُومُ لِلْمُحْرِمِ أَنَّهُ لَوْ أَفَاضَ قُبَيْلَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الْحِجَّةِ وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 282 وَرَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ، وَإِنْ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ أَوْ عَاجِزٍ، وَيَسْتَنِيبُ فَيَتَحَرَّى وَقْتَ الرَّمْيِ؛ وَيُكَبِّرُ، وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ   [منح الجليل] وَ) كَتَأْخِيرِ (رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ) وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ كُلٍّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الصُّورَةُ الْأُولَى عَيْنَ مَا بَعْدَهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ كُلَّ بِمَعْنَى أَيِّ (أَوْ) تَأْخِيرُ جَمِيعِ حَصَيَاتِ جَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَمِيعِ حَصَيَاتِ الْجِمَارِ (الْجَمِيعِ) عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ (لِلَّيْلِ) وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ فَأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ أَيْضًا فَدَمٌ وَاحِدٌ لِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِبَالِغٍ عَاقِلٍ قَادِرٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (لِ) رَمْيِ شَخْصٍ (صَغِيرٍ) يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَلَمْ يَرْمِ أَوْ (لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ) أَوْ مَجْنُونٍ أَخَّرَ وَلِيُّهُمَا الرَّمْيَ عَنْهُمَا وَالدَّمُ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمْ، وَإِنْ رَمَى عَنْهُمَا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فَلَا دَمَ. (أَوْ) تَأْخِيرُ رَمْيِ (عَاجِزٍ) بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ لِإِغْمَاءٍ طَرَأَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ وَالدَّمُ فِي مَالِهِ (وَيَسْتَنِيبُ) الْعَاجِزُ مَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ وَعَلَيْهِ دَمٌ، وَفَائِدَةُ الِاسْتِنَابَةِ عَدَمُ الْإِثْمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ الَّذِينَ رَمَى عَنْهُمْ وَلِيُّهُمْ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ أَنَّ الْعَاجِزَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِسَائِرِ الْمَنَاسِكِ وَالصَّغِيرُ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ لَمْ يُخَاطَبَا بِهَا وَالْمُخَاطَبُ بِهَا هُوَ الْوَلِيُّ وَقَدْ رَمَى فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ، وَإِنْ أَخَّرَ نَائِبُ الْعَاجِزِ لِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَزِمَهُ دَمَانِ وَاحِدٌ لِلنِّيَابَةِ وَوَاحِدٌ لِلتَّأْخِيرِ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَدَمُ التَّأْخِيرِ عَلَى النَّائِبِ. (فَيَتَحَرَّى) الْعَاجِزُ (وَقْتَ الرَّمْيِ) عَنْهُ (وَيُكَبِّرُ) الْعَاجِزُ كُلَّ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا نَائِبُهُ تَكْبِيرَةً، وَيَتَحَرَّى أَيْضًا وَقْتَ وُقُوفِ نَائِبِهِ لِلدُّعَاءِ عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَيَدْعُو قَالَهُ فِيهَا. (وَأَعَادَ) الْعَاجِزُ الرَّمْيَ وُجُوبًا فِيمَا قَالَهُ الْحَطّ (إنْ) صَحَّ الْعَاجِزُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ إغْمَائِهِ (قَبْلَ الْفَوَاتِ) لِوَقْتِ الرَّمْيِ (بِالْغُرُوبِ) مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَإِنْ أَعَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلنِّيَابَةِ؛ لِأَنَّهَا جُزْءُ عِلَّةٍ وَالْآخَرُ عَدَمُ حُصُولِهِ مِنْ وَقْتِ أَدَائِهِ وَإِنْ صَحَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 283 مِنْ الرَّابِعِ، وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ، وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ، وَحُمِلَ مُطِيقٌ، وَرَمَى، وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ وَتَقْدِيمِ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ   [منح الجليل] لَيْلَةَ الثَّانِي أَوْ مَا بَعْدَهَا أَعَادَ وَعَلَيْهِ دَمُ التَّأْخِيرِ. (وَقَضَاءُ) رَمْيِ (كُلٍّ) مِنْ الْجَمَرَاتِ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ كُلِّ يَوْمٍ يَنْتَهِي (إلَيْهِ) أَيْ: غُرُوبِ الرَّابِعِ وَلَا قَضَاءَ لِرَمْيِ الرَّابِعِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ بِغُرُوبِهِ وَوَجَبَ الدَّمُ (وَاللَّيْلُ) عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ (قَضَاءٌ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِمَا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ لِدُخُولِ اللَّيْلِ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ النَّهَارُ وَقْتًا لِأَدَاءِ الرَّمْيِ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى إلَّا فِي النَّهَارِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى فِي اللَّيْلِ أَوْ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ اللَّيْلُ أَدَاءٌ، وَدَلَّ قَوْلُهُ وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهِ قَضَاءٌ إلَى غُرُوبِ الرَّابِعِ. (وَحُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَرِيضٌ عَاجِزٌ عَنْ الْمَشْيِ لِلْجَمْرَةِ (مُطِيقٌ) لِلرَّمْيِ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ آدَمِيٌّ (وَرَمَى) بِنَفْسِهِ وُجُوبًا (وَلَا يَرْمِ) الْحَصَاةَ (فِي كَفِّ غَيْرِهِ) لِيَرْمِيَهَا عَنْهُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ إنْ وَقَعَ (وَ) كَ (تَقْدِيمِ الْحَلْقِ) عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَفِيهِ فِدْيَةٌ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ لَا هَدْيٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لَهُ فَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ؛ لِأَنَّ حَلْقَهُ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ مَحِلِّهِ أَوْ تَقْدِيمِ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ فَفِيهِ هَدْيٌ، فَلَوْ قَدَّمَهُمَا مَعًا عَلَى الرَّمْيِ فَفِيهِ فِدْيَةٌ وَهَدْيٌ وَلَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ أَوْ الْإِفَاضَةُ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ كَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ وَقْتِهَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يَفِيضُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ الْإِفَاضَةُ عَلَى الرَّمْيِ وُجُوبُ الدَّمِ وَلَوْ أَعَادَهَا بَعْدَهُ. وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الطِّرَازِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا. عج ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ بِإِعَادَتِهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِجَعْلِهِ قَوْلَ أَصْبَغَ بِإِعَادَتِهَا مُقَابِلًا لَهُ وَفِي (ق) مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إعَادَتُهَا بَعْدَهُ وَلَا دَمَ وَإِنَّهَا قَبْلَهُ كَعَدَمِهَا لِكَوْنِهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا، وَفَهِمَ عج أَنَّ قَوْلَ الْحَطّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَعْنَاهُ فِي غَيْرِهَا فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي (ق) عَنْهَا مَعَ أَنَّ فِي الْحَطّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ مَا رَوَاهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 284 لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ.   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مَذْهَبُهَا اهـ عب الرَّمَاصِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَدَمُ إجْزَائِهَا قَبْلَهُ أَيْضًا. وَتَوَرَّكَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ إذْ نَسَبَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لَهَا. وَنَقَلَ عج كَلَامَهُ مُقَلِّدًا لَهُ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمَا نَسَبَهُ لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَاللَّفْظُ الَّذِي نَقَلَهُ لَيْسَ لَفْظَهَا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَسَبَ لَهَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ وَقَدْ قَالَتْ وَلَوْ وَطِئَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ وَحَجُّهُ تَامٌّ، وَقَدْ جَعَلَ الْحَطّ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ مُخَالِفًا لَهَا. اهـ. وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ (لَا) يَلْزَمُهُ دَمٌ (إنْ خَالَفَ) التَّرْتِيبَ السَّابِقَ (فِي غَيْرِ) الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهُمَا تَقْدِيمُ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ كَحَلْقِهِ قَبْلَ النَّحْرِ وَنَحَرَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَإِفَاضَتُهُ قَبْلَ النَّحْرِ أَوْ الْحَلْقِ أَوْ قَبْلَهُمَا مَعًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ عَلَى الْأَصَحِّ لِخَبَرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ «جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ: اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ، وَقَالَ آخَرُ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ: ارْمِ وَلَا حَرَجَ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ إلَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - افْعَلْ وَلَا حَرَجَ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْبَحْ وَارْمِ أَيْ: اعْتَدَّ بِفِعْلِك، فَصِيغَةُ افْعَلْ هُنَا بِمَعْنَى اعْتَدَّ بِفِعْلِك؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ السَّائِلَ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمَ ثَانِيَهُمَا عَلَى أَوَّلِهِمَا. وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الدَّمِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ مَا مَرَّ خَاصٌّ بِالْأُولَيَيْنِ مِنْ الْخَمْسِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ إلَخْ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، فَيَشْمَلُ غَيْرَ مَا يَشْمَلُهُ مِنْ السُّؤَالَيْنِ لَكِنَّهُ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيهِمَا الدَّمُ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الطَّبَرِيِّ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي حَمْلِهِ نَفْيَ الْحَرَجِ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ مَعَ لُزُومِ الدَّمِ فِيهِمَا وَعَلَى نَفْيِ الدَّمِ وَالْإِثْمِ فِيمَا عَدَاهُمَا، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا حَرَجَ ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الْإِثْمِ وَالدَّمِ؛ إذْ الْحَرَجُ يَشْمَلُهُمَا، وَالتَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَأَجَابَ الْأَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَنَّ الدَّمَ أَيْ الْفِدْيَةَ فِي الْأُولَى تُخَصِّصُ عُمُومَ الْخَبَرِ الْمَارِّ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ إلْقَاءُ التَّفَثِ عَنْ الْمُحْرِمِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 285 وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا، وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ، وَلَوْ بَاتَ   [منح الجليل] وَأَجَابَ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَنْ الصُّورَتَيْنِ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تَأَوَّلَا الْحَدِيثَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ لِعُذْرِهِمْ بِجَهْلِهِمْ وَنِسْيَانِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ السَّائِلِ لَمْ أَشْعُرْ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ رَمَيْت وَحَلَقْت وَنَسِيت أَنْ أَنْحَرَ، وَأَمَّا الدَّمُ فَأَخَذَا وُجُوبَهُ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا فِي حَجِّهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا اهـ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي السَّنَدِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ضَعِيفٌ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ قَالَ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ يَلْزَمُ مَنْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْ يُوجِبَ الدَّمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخُصُّهُ بِالْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الرَّمْيِ. (وَعَادَ) الْحَاجُّ وُجُوبًا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْعِيدِ (لِلْمَبِيتِ بِمِنًى) أَيْ: فِيهَا فَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ بِمِنًى فَوْرًا وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ نَهَارًا وَلَكِنَّ الْفَوْرَ أَفْضَلُ، وَلَا يَرْجِعُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَيَلْزَمُ مَسْجِدَ الْخَيْفِ بِمِنًى لِلصَّلَوَاتِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَالْأَفْضَلُ عَوْدُهُ إلَى مِنًى قَبْلَ صَلَاتِهَا (فَوْقَ الْعَقَبَةِ) بَيَانٌ لِمِنًى فَحَدُّهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ الْعَقَبَةُ وَمِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ وَادِي مُحَسِّرٍ، وَاحْتُرِزَ بِفَوْقِ الْعَقَبَةِ عَنْ أَسْفَلِهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ فَلَيْسَ مِنْ مِنًى وَصِلَةُ الْمَبِيتِ قَوْلُهُ (ثَلَاثًا) مِنْ اللَّيَالِيِ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ. (وَإِنْ تَرَكَ) الْمَبِيتَ بِهَا وَبَاتَ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ جِهَةَ مَكَّةَ أَوْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ جِهَةَ عَرَفَةَ أَوْ عَنْ يَمِينِ مِنًى أَوْ شِمَالِهَا (جُلَّ لَيْلَةٍ فَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) وَأَوْلَى لَيْلَةً كَامِلَةً فَأَكْثَرَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِهِ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ بِمَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ. (أَوْ) لِلْمَبِيتِ بِهَا (لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ) وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيتَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ بِغَيْرِ مَكَّةَ بَلْ (وَلَوْ بَاتَ) الْمُتَعَجِّلُ اللَّيْلَةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 286 بِمَكَّةَ أَوْ مَكِّيًّا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي: فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ. وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ، وَيَأْتِيَ الثَّالِثَ فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمَيْنِ.   [منح الجليل] الثَّالِثَةَ (بِمَكَّةَ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ مَنْ بَاتَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ بِمَكَّةَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ وَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَى مِنًى لِرَمْيِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهَدْيٍ لِمَبِيتِهِ بِمَكَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا (أَوْ مَكِّيًّا) وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ التَّعْجِيلُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا أَرَى التَّعْجِيلَ لِأَهْلِ مَكَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُذْرٌ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَرَضٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ كَانَ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ لَهُمْ وَهُمْ كَأَهْلِ الْآفَاقِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَدَلِيلُهُ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] . وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مِنًى لِجِهَةِ مَكَّةَ أَوْ لِجِهَةِ عَرَفَةَ أَوْ لِجِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ (قَبْلَ الْغُرُوبِ) لِلشَّمْسِ (مِنْ) الْيَوْمِ (الثَّانِي) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِمِنًى فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ، وَلَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمْيُ الثَّالِثِ؛ إذْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة: 203] وَبَيَّنَ ثَمَرَةَ التَّعْجِيلِ بِقَوْلِهِ (فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاتَ بِغَيْرِ مِنًى لَيْلَةَ الْحَادِي عَشَرَ وَلَيْلَةَ الثَّانِي عَشَرَ كَمَا قَالَ. (وَرُخِّصَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا جَوَازٌ (لِ) شَخْصٍ (رَاعٍ) لِلدَّوَابِّ (بَعْدَ) رَمْيِ جَمْرَةِ (الْعَقَبَةِ) يَوْمَ الْعِيدِ صِلَةُ يَنْصَرِفُ (أَنْ يَنْصَرِفَ) عَنْ مِنًى لِجِهَةِ رَعْيِهِ (وَ) لَا يَعُودُ لَهَا لِلْمَبِيتِ بِهَا وَلَا لِرَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ لِمِنًى الْيَوْمَ (الثَّالِثَ) مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (فَيَرْمِي) فِيهِ (لِلْيَوْمَيْنِ) الْيَوْمِ الثَّانِي الَّذِي مَضَى وَهُوَ فِي رَعْيِهِ، وَالثَّالِثِ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَقَامَ بِمِنًى لِمَبِيتِ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَرَمْيِهِ وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ قَبْلَ غُرُوبِ الثَّانِي، فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَرَمْيُهُ، وَحَمَلْنَا الثَّالِثَ عَلَى ثَالِثِ النَّحْرِ وَهُوَ ثَانِي أَيَّامِ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّهُ الرُّخْصَةُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إتْيَانَ مِنًى إلَى ثَالِثِ أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 287 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَيْهِ وَأَتَى فِيهِ رَمَى لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ ثُمَّ رَمَى لَهُ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمَيْنِ إلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ رَاعِيَ إبِلٍ لِحَاجٍّ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ رَاعِيَ غَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي نَصِّ عِبَارَةِ رُعَاةِ إبِلٍ حُجَّاجٍ، ثُمَّ كَلَامُهُ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى. إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ، وَأَمَّا أَهْلُ السِّقَايَةِ فَيُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى فَقَطْ لَا فِي تَرْكِ رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَيَبِيتُونَ بِمَكَّةَ لِنَزْعِ الْمَاءِ مِنْ زَمْزَمَ لِلْحُجَّاجِ وَيَأْتُونَ مِنًى نَهَارًا لِلرَّمْيِ وَيَعُودُونَ لِلْمَبِيتِ بِمَكَّةَ لِذَلِكَ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ فَلَيْسُوا كَالرُّعَاةِ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ يَوْمًا. وَكَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَلَكِنَّهُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي حَقِّهِمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى فَقَطْ لِلسِّقَايَةِ لِنَزْعِهِمْ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَتَفْرِيغُهُ فِي الْحِيَاضِ تَهْيِئَةً لِشُرْبِ الْحُجَّاجِ نَهَارًا وَيَجُوزُ لِلرُّعَاةِ إتْيَانُ مِنًى لَيْلًا وَيَرْمُونَ مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا قَالَهُ مُحَمَّدٌ. الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ وِفَاقٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَخَّصَ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِهِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي فَرَمْيُهُمْ لَيْلًا أَوْلَى اهـ عب. الرَّمَاصِيُّ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الرَّاعِيَ كَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فَقَالَ الْبَاجِيَّ لِلرُّعَاةِ عُذِرَ فِي الْكَوْنِ مَعَ الظُّهْرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ وَالرَّعْيِ لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الِانْصِرَافِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ} [النحل: 7] الْآيَةَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْإِبِلِ لَا سِيَّمَا الرُّخْصَةُ لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا نِزَاعٌ وَاعْتَرَضَ طفي قَوْلَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ وِفَاقٌ وَنَقَلَ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فَانْظُرْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 288 وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ، وَتَرْكِ التَّحْصِيبِ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ، وَرَمْيِ كُلَّ يَوْمٍ الثَّلَاثَ؛ وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ   [منح الجليل] وَ) رُخِّصَ نَدْبًا (تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ) أَيْ النِّسَاءِ وَالْمَرْضَى وَالصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ بِالْبَيَاتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالسَّيْرِ مَعَ النَّاسِ غُدْوَةَ يَوْمِ الْعِيدِ إلَى مِنًى فَيُرَخِّصُ لَهُمْ بَعْدَ النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ وَجَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا وَإِقَامَتِهِمْ بَعْضَ اللَّيْلِ (فِي الرَّدِّ) أَيْ: الرُّجُوعِ (لِلْمُزْدَلِفَةِ) اللَّامِ بِمَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ: إلَى مِنًى لَيْلًا وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَيُرَخَّصُ لَهُمْ فِي التَّأَخُّرِ بِمُزْدَلِفَةَ إنْ بَاتُوا بِهَا إلَى ذَهَابِ زَحْمَةِ النَّاسِ فَلَوْ قَالَ وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ أَوْ تَأْخِيرُهُمْ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لِمِنًى لَكَانَ أَحْسَنَ. (وَ) رُخِّصَ (تَرْكُ التَّحْصِيبِ) أَيْ: النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ حِينَ وُصُولِهِ حَالَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ عَشِيَّةَ ثَالِثِ أَيَّامِ الرَّمْيِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِهِ (لِ) حَاجٍّ (غَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ خِلَافُ الْأُولَى وَمَفْهُومُ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ عَدَمُ التَّرْخِيصِ فِي تَرْكِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ وَنَحْوِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ (وَ) إذَا عَادَ الْحَاجُّ مِنْ مَكَّةَ عَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَبِيتِ مِنًى (رَمَى) وُجُوبًا كُلَّ (يَوْمٍ) بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ الْجِمَارَ (الثَّلَاثَ) كُلَّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مُبْتَدِئًا بِالْأُولَى مِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ بِمِنًى وَيَتْبَعُهَا بِرَمْيِ الْوُسْطَى الَّتِي بِسُوقِ مِنًى. (وَخَتَمَ) الرَّمْيَ (بِ) رَمْيِ جَمْرَةِ (الْعَقَبَةِ) وَهَذَا التَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّمْيِ كَمَا يَأْتِي وَصِلَةُ رَمَى (مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ) هَذَا وَقْتُ الْأَدَاءِ وَهُوَ قِسْمَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ فَالِاخْتِيَارِيُّ لِلِاصْفِرَارِ وَالضَّرُورِيُّ مِنْ مَبْدَأِ الِاصْفِرَارِ لِلْغُرُوبِ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ الرَّمْيِ بِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 289 مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ. وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ، وَرَمَى وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ عَلَى الْجَمْرَةِ،   [منح الجليل] لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا دَمَ فِيهِ أَفَادَهُ مِنْ الْحَطّ. (وَصِحَّتُهُ) أَيْ: الرَّمْيِ مُطْلَقًا مَشْرُوطَةٌ (بِحَجَرِ) فَلَا يَصِحُّ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ وَلَا بِطِينٍ وَلَا بِفُخَّارٍ وَلَا بِجِصٍّ وَجِبْسٍ وَقَدْرُ الْحَجَرِ (كَحَصَى الْخَذْفِ) بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصَى بِالْأَصَابِعِ وَذَلِكَ فَوْقَ الْفُسْتُقِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ وَلَا يَجْزِي الصَّغِيرُ كَالْقَمْحَةِ أَوْ الْحِمَّصَةِ، وَيُكْرَهُ الْكَبِيرُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ وَخَوْفَ إيذَائِهِ، وَيَجْزِي إنْ رَمَى وَشَمِلَ الْحَجَرُ الزَّلَطَ وَالرُّخَامَ. طفي هَكَذَا فِي الرِّسَالَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهَكَذَا فِي الصَّحِيحِ، وَتَرَكَ قَوْلَ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مُدَوَّنَتِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ حَصَى الْجِمَارِ أَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ قَلِيلًا وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الصَّحِيحِ كَحَصَى الْخَذْفِ. الْبَاجِيَّ لَعَلَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ مَا اسْتَحَبَّ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ. (وَ) صِحَّتُهُ بِ (رَمْيٍ) لَا وَضْعٍ أَوْ طَرْحٍ فَلَا يُجْزِئُ قَالَهُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ رَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ وَحْدَهَا فَإِنْ رَمَى السَّبْعَ رَمْيَةً وَاحِدَةً عَدَّهَا حَصَاةً وَاحِدَةً وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ بِيَدٍ لَا بِفَمٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَوْسٍ، وَمِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ كَوْنُهُ بِالْأَصَابِعِ لَا بِالْقَبْضَةِ، وَكَوْنُهُ بِالْيُمْنَى إلَّا الْأَعْسَرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى. فَإِنْ قُلْت شَرْطُ الرَّمْيِ فِي الرَّمْيِ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ. قُلْت الْمُرَادُ بِالرَّمْيِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ مُطْلَقُ الْإِيصَالِ، وَبِالرَّمْيِ الْمَشْرُوطِ الدَّفْعُ وَيَصِحُّ الرَّمْيُ بِحَجَرٍ طَاهِرٍ بَلْ (وَإِنْ بِ) حَجَرٍ (مُتَنَجِّسٍ) مَعَ الْكَرَاهَةِ وَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ بِطَاهِرٍ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَصِلَةُ رَمْيٍ (عَلَى الْجَمْرَةِ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْبِنَاءِ وَمَا حَوْلَهُ وَالْمَطْلُوبُ الرَّمْيُ عَلَى مَا حَوْلَهُ؛ إذْ الْبِنَاءُ مُجَرَّدُ عَلَامَةٍ عَلَى الْمَحَلِّ لِئَلَّا يَنْسَى. قَالَ فِي مَنْسَكِهِ وَلَا تَرْمِ عَلَى الْبِنَاءِ بَلْ ارْمِ أَسْفَلَهُ بِمَوْضِعِ الْحَصَى، وَسَيَقُولُ وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ فَإِنْ رَمَى الْبِنَاءَ فَإِنْ نَزَلَ الْحَصَى أَسْفَلَهُ أَجْزَأَ وَإِنْ وَقَفَ فِي شَقِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 290 وَإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا، وَإِنْ ذَهَبَتْ بِقُوَّةٍ، لَا دُونَهَا وَإِنْ أَطَارَتْ غَيْرَهَا لَهَا، وَلَا طِينٍ وَمَعْدِنٍ، وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ، وَبِتَرَتُّبِهِنَّ.   [منح الجليل] الْبِنَاءِ فَفِي إجْزَائِهِ تَرَدُّدٌ، وَلَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ عَلَى ظَهْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَطْعًا، وَعِبَارَةُ ابْنِ فَرْحُونٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْرَةِ الْبِنَاءُ الْقَائِمُ فَإِنَّهُ عَلَامَةُ مَوْضِعِهَا. وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الرَّمْيِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَا يُرْمَى فِيهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ وَتُجْزِئُ الْحَصَاةُ الْمَرْمِيَّةُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخْصُوصِ إنْ لَمْ تُصِبْ غَيْرَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ بَلْ (وَإِنْ أَصَابَتْ) الْحَصَاةُ (غَيْرَهَا) أَيْ: الْجَمْرَةَ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لَهَا (إنْ ذَهَبَتْ) لَهَا (بِقُوَّةِ) الرَّمْيِ (لَا) تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ (دُونَهَا) أَيْ الْجَمْرَةِ وَلَمْ تَصِلْ لَهَا أَوْ وَصَلَتْ لَهَا لَا بِقُوَّةِ الرَّمْيِ بِأَنْ وَقَعَتْ عَلَى مَحَلٍّ عَالٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ مِنْ عَلَيْهِ وَوَصَلَتْ الْجَمْرَةَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ سَنَدٌ وَلَوْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ مَكَان عَالٍ فَرَجَعَتْ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَمَفْهُومُ دُونَهَا مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ بِأَنْ رَمَاهَا فَتَجَاوَزَتْهَا وَوَقَعَتْ بِالْبُعْدِ عَنْهَا. قَالَ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا وَلَا تُجْزِئُ الْوَاقِعَةُ دُونَهَا إنْ لَمْ تَطِرْ حَصَاةٌ غَيْرُهَا لَهَا بَلْ (وَإِنْ أَطَارَتْ) الْحَصَاةُ الْوَاقِعَةُ دُونَهَا حَصَاةً (غَيْرَهَا) فَوَصَلَتْ الْحَصَاةَ الْمُطَارَ (لَهَا) أَيْ: الْجَمْرَةِ (وَلَا) يُجْزِئُ (طِينٌ) وَمِثْلُهُ طَفْلٌ أَوْ هُوَ مِنْهُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزُ حَجَرٍ. (وَ) لَا يُجْزِئُ (مَعْدِنٌ) مُسْتَطْرَقٌ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَقَزْدِيرٍ أَوْ غَيْرِ مُسْتَطْرَقٍ كَزِرْنِيخٍ وَزُمُرُّدٍ. (وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ) مِنْ الْحَصَيَاتِ (بِالْبِنَاءِ) الَّذِي بِالْجَمْرَةِ وَلَمْ يَنْزِلْ أَسْفَلَهَا مِمَّا يَلِي مَمَرَّ النَّاسِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ الْمَنُوفِيُّ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَفْسِيرِ الْجَمْرَةِ بِالْبِنَاءِ وَمَا تَحْتَهُ وَعَدَمُ إجْزَائِهِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ سَيِّدِي خَلِيلٌ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ الْجَمْرَةَ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُجْتَمَعِ فِيهِ الْحَصَى فَقَطْ (تَرَدُّدٌ) لِلشَّيْخَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْحَطّ الظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ (وَ) صِحَّتُهُ فِيمَا بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ بِ (تَرَتُّبِهِنَّ) أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 291 وَأَعَادَ مَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ، وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا فَقَطْ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ. فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ؛ اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ   [منح الجليل] الْجَمَرَاتِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى وَيُثَنِّي بِالْوُسْطَى وَيَخْتِمُ بِالْعَقَبَةِ، فَإِنْ نَكَسَ أَوْ تَرَكَ الْأُولَى أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ وَلَوْ سَاهِيًا فَلَا يُجْزِيهِ، فَإِنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهَا أَعَادَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ خَرَجَ يَوْمَهَا وَرَمَى لِلْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ (أَعَادَ مَا حَضَرَ) وَقْتُهُ نَدْبًا (بَعْدَ) رَمْيِ (الْمَنْسِيَّةِ) مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي مَضَى وُجُوبًا. (وَ) إعَادَةُ رَمْيِ (مَا بَعْدَهَا) أَيْ: الْمَنْسِيَّةِ وُجُوبًا أَيْضًا لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي رَمْيِ مَا هُوَ (فِي يَوْمِهَا) أَيْ: الْمَنْسِيَّةِ (فَقَطْ) لَا مَا بَعْدَهَا فِي يَوْمٍ آخَرَ فَلَا يُعِيدُهُ، فَإِذَا نَسِيَ فِي ثَانِي الْعِيدِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى وَرَمَى فِيهِ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَرَمَى فِي ثَالِثِهِ جَمَرَاتِهِ كُلَّهَا أَوْ رَمَى فِي رَابِعِهِ جَمَرَاتِهِ كُلَّهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ غُرُوبِهِ جَمْرَةَ الثَّانِي الْأُولَى الَّتِي نَسِيَهَا فَيَرْمِيهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا وُجُوبًا، وَيُعِيدُ رَمْيَ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ نَدْبًا، وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ جَمَرَاتٍ الثَّالِثِ لِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهِ. (وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ) أَيْ: رَمْيِ الْجَمَرَاتِ فَإِذَا رَمَى الْأُولَى أَرْدَفَهَا بِالثَّانِيَةِ وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الدُّعَاءِ الْمَطْلُوبِ، وَإِذَا رَمَى الثَّانِيَةَ عَقَّبَهَا بِالثَّالِثَةِ إلَّا بِقَدْرِ ذَلِكَ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا فَهُوَ فِي تَتَابُعِ حَصَيَاتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَالَهُ أَحْمَدُ وعج أَوْ أَنَّ مَا هُنَا فِي تَتَابُعِ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَمَا مَرَّ فِي تَتَابُعِ حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَلَفْظُهَا وَلِذَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ هُنَا وَفَرَّعَ عَلَى أَنْ تَرْتِيبَ الْجَمَرَاتِ شَرْطُ صِحَّةٍ وَأَنَّ تَتَابُعَهَا وَتَتَابُعَ الْحَصَيَاتِ مَنْدُوبٌ. قَوْلُهُ (فَإِنْ رَمَى) الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي ثَانِي الْعِيدِ أَوْ مَا بَعْدَهُ كُلَّ جَمْرَةٍ (بِخَمْسٍ خَمْسٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فِيهِمَا وَتَرَكَ مِنْ كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاتَيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي يَوْمِهِ أَوْ مَا بَعْدَهُ مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ (اعْتَدَّ) أَيْ احْتَسَبَ وَاكْتَفَى (بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ) مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَكَمَّلَهَا بِحَصَاتَيْنِ، وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ إنْ ذَكَرَ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 292 وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ؛ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى وَأَجْزَأَ عَنْهُ   [منح الجليل] وَقْتِ الْقَضَاءِ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِخَمْسٍ مَا بَعْدَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَمِّلْ الْأُولَى فَلَمْ يَحْصُلْ التَّرْتِيبُ فَبَطَلَ رَمْيُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَلِكَوْنِ الْفَوْرِ مَنْدُوبًا بُنِيَ عَلَى خَمْسِ الْأُولَى. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ تَتَابُعِهِ شَهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ، وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ أَنَّهُ وَاجِبٌ شُرِطَ مَعَ الذِّكْرِ اتِّفَاقًا وَمَعَ النِّسْيَانِ فِيهِ قَوْلَانِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِخَمْسِ الْأُولَى أَيْضًا. (وَإِنْ) رَمَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ ثُمَّ وَجَدَ حَصَاةً فِي جَيْبِهِ مَثَلًا وَ (لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ) تَرَكَ رَمْيَهَا تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا مِنْ أَيْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ (اعْتَدَّ بِسِتٍّ) مِنْ الْحَصَيَاتِ (مِنْ) الْجَمْرَةِ (الْأُولَى) فَيَرْمِي عَلَيْهَا حَصَاةً وَيُعِيدُ رَمْيَ مَا بَعْدَهَا بِسَبْعٍ سَبْعٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ إتْمَامُ سَبْعِ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْهَا وَرَمَاهَا بِحَصَاةٍ، وَرَمْي الثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ وَإِنْ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ رَمَاهَا بِحَصَاةٍ فَقَطْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ أَيْضًا وَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ. وَإِنْ شَكَّ فِي رَمْيِ حَصَاةٍ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ حَصَاةٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا، وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ وَيَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَصَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَمَنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهَا، فَحَكَى فِيهِ الْأَبْهَرِيُّ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا فِيهَا. وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ، وَفِي كِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ وَمَنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ هِيَ فَلْيَرْمِ بِهَا الْأُولَى ثُمَّ يَرْمِي الْبَاقِيَتَيْنِ بِسَبْعٍ سَبْعٍ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَسْتَأْنِفُ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيْنَا. (وَأَجْزَأَ) الرَّمْيُ الْمُتَفَرِّقُ كَرَمْيِهِ (عَنْهُ) أَيْ: الرَّامِي سَبْعَ حَصَيَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 293 وَعَنْ صَبِيٍّ وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً، وَرَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَوُقُوفِهِ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ إسْرَاعِ الْبَقَرَةِ، وَتَيَاسُرِهِ فِي الثَّانِيَةِ.   [منح الجليل] جَمْرَةٍ وَسَبْعِ حَصَيَاتٍ أُخْرَى عَنْ صَبِيٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَرْمِي عَنْهُ نِيَابَةً عَلَى تِلْكَ الْجَمْرَةِ، وَهَكَذَا الْجَمْرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْجَمْرَةُ الثَّالِثَةُ، بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ فِي حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ بِأَنْ يَرْمِيَ حَصَاةً عَنْ نَفْسِهِ وَحَصَاةً عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَكْسُهُ إلَى تَمَامِ السَّبْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي كُلِّ جَمْرَةٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِجْزَاءِ يُفِيدُ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يُنَافِي نَدْبَ تَتَابُعِهَا. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بَعِيدٌ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُعْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ وَنُدِبَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، وَمَصَبُّ النَّدْبِ كَوْنُ الرَّمْيِ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَيْ بَعْدَهُ وَعِبَارَتُهَا ضَحْوَةً وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ لِلزَّوَالِ، وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الشَّمْسِ وَإِنْ كَانَ أَدَاءً فِيهِمَا أَيْضًا. ابْنُ الْحَاجِبِ أَدَاءُ جَمْرَةِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَأَفْضَلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ رَمَاهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَوْ بَعْدَ زَوَالِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ بِأَنْ كَانَ ثَانِيَهُ أَوْ ثَالِثَهُ أَوْ رَابِعَهُ نُدِبَ (إثْرَ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ: عَقِبَ (الزَّوَالِ قَبْلَ) صَلَاةِ (الظُّهْرِ وَنُدِبَ وُقُوفُهُ) أَيْ: مُكْثُ الرَّامِي وَلَوْ جَالِسًا (إثْرَ) رَمْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَمْرَتَيْنِ (الْأُولَيَيْنِ) لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بِدُونِ رَفْعِ يَدَيْهِ (قَدْرَ إسْرَاعِ) قِرَاءَةِ سُورَةِ (الْبَقَرَةِ) لَا إثْرَ الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ وَهَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا. (وَ) نُدِبَ (تَيَاسُرُهُ فِي) وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ عَقِبَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ (الثَّانِيَةِ) ابْنُ الْمَوَّازِ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى الشِّمَالِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَيَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ عَنْهَا ذَاتَ الشِّمَالِ بِبَطْنِ الْمَسِيلِ يَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَسَنَدٍ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الِاتِّبَاعُ، فَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 294 وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ.   [منح الجليل] حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى فَيَأْخُذُ بِذَاتِ الشِّمَالِ فَيَسْهُلُ» قَوْلُهُ فَيُسْهِلُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ: يَأْتِي الْمَكَانَ السَّهْلَ، هَكَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثِ ابْنِ حَجَرٍ، أَيْ: يَمْشِي إلَى جِهَةِ شِمَالِهِ لِيَقِفَ دَاعِيًا فِي مَكَان لَا يُصِيبُهُ فِيهِ الرَّمْيُ. اهـ. وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ فِي جِهَةِ يَسَارِهَا كَوْنُهَا فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَفِيهَا تَرْكُ الرَّفْعِ أَحَبُّ إلَيَّ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُمَا فِي الْمَقَامَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَضَعَّفَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ، هَذَا وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «ثُبُوتُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.» ابْنُ الْمُنْذِرِ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا أَنْكَرَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ إلَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ فِي وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْ صِفَةَ وُقُوفِهِ لِرَمْيِهِمَا وَهُوَ أَنْ يَقِفَ مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ فِي رَمْيِ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَفِيهَا وَيَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ فَوْقِهِمَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا. (وَ) نُدِبَ (تَحْصِيبُ) الشَّخْصِ (الرَّاجِعِ) مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ أَيْ نُزُولُهُ بِالْمُحَصَّبِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَمُنْتَهَاهُ الْمَقْبَرَةُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ سُمِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنْ السَّيْلِ وَيُسَمَّى الْأَبْطُحَ أَيْضًا لِانْبِطَاحِهِ (لِيُصَلِّيَ) الرَّاجِعُ (فِيهِ) أَيْ: الْمُحَصَّبِ (أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ) أَيْ: الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ اقْتِدَاءً بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ، أَمَّا هُوَ فَلَا يُنْدَبُ تَحْصِيبُهُ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ وَفِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَدَخَلَ مَكَّةَ لِصَلَاتِهَا. فِي الذَّخِيرَةِ التَّحْصِيبُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ وَفِي الْإِكْمَالِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ النُّزُولَ بِهِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَبِيُّ بِقَوْلِ مُسْلِمٍ كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ النُّسُكِ فَيُنَاقِضُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ أَيْ الْمُتَأَكِّدُ أَوْ الْوَاجِبُ حَتَّى يَلْزَمَ بِتَرْكِهِ دَمٌ. (وَ) نُدِبَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 295 وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ. لَا كَالتَّنْعِيمِ، وَإِنْ صَغِيرًا، وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ. وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى.   [منح الجليل] طَوَافُ الْوَدَاعِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (إنْ خَرَجَ) أَيْ: أَرَادَ الْخُرُوجَ (لِ) مِيقَاتٍ (كَالْجُحْفَةِ) أَرَادَ الْعَوْدَ أَمْ لَا إلَّا لِقَصْدِهِ التَّرَدُّدَ لَهَا بِنَحْوِ حَطَبٍ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْوَدَاعُ، وَلَوْ خَرَجَ لِمَكَانٍ بَعِيدٍ وَكَذَا الْمُتَعَجِّلُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ نَحْوُهُ وَقَوْلُ الْخَرَشِيِّ، وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُتَعَجِّلُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمَا، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ بِالْحَجِّ وَلَا هُوَ مِنْ مَنَاسِكِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَعَجِّلِ وَغَيْرِهِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْآمِرِ بِهِ كَوْنُهُ مَعَ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، بَلْ يُؤْمَرُ بِهِ كُلُّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَفِي الصَّحِيحِ «لَا يَنْفِرُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ» . (لَا) يُنْدَبُ طَوَافُ الْوَدَاعِ لِمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ (كَالتَّنْعِيمِ) وَالْجِعْرَانَةِ مِمَّا دُونَ الْمِيقَاتِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَسْكَنُهُ أَوْ يُرِيدَ الْإِقَامَةَ بِهِ طَوِيلًا فَيُنْدَبُ لَهُ الْوَدَاعُ إنْ كَانَ بَالِغًا. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (صَغِيرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا تَقْبِيلَ الْحَجَرِ عَقِبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَنَحْوُهُ لِسَنَدٍ. وَفِي الْوَاضِحَةِ يُنْدَبُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ عَقِبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ مَكَّةَ إنْ قَصَدَ التَّرَدُّدَ لَهَا فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَصَدَ مَسْكَنَهُ أَوْ إقَامَةً طَوِيلَةً فَعَلَيْهِ الْوَدَاعُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَرَجَ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ زِيَارَةِ أَهْلٍ نَظَرَ فَإِنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ وَدَّعَ، وَإِنْ خَرَجَ لِدُونِهَا كَالتَّنْعِيمِ فَلَا وَدَاعَ. (وَتَأَدَّى) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: حَصَلَ طَوَافُ الْوَدَاعِ (بِالْإِفَاضَةِ وَ) بِطَوَافِ (الْعُمْرَةِ) وَلَا يَكُونُ السَّعْيُ عَقِبَهُ طُولًا حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بَعْدَهُمَا إقَامَةٌ تُبْطِلُ حُكْمَ التَّوْدِيعِ وَيَحْصُلُ بِهِمَا ثَوَابُهُ إنْ نَوَاهُ بِهِمَا قِيَاسًا عَلَى تَأَدِّي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ. (وَلَا يَرْجِعُ) الْمُوَدِّعُ حَالَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (الْقَهْقَرَى) أَيْ: يُكْرَهُ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 296 وَتَبْطُلُ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ لَا بِشُغْلٍ خَفَّ، وَرَجَعَ لَهُ، إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ، وَحُبِسَ الْكَرِيُّ، وَالْوَلِيُّ: لِحَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، قَدْرَهُ،   [منح الجليل] خِلَافُ الْأَوْلَى لِعَدَمِ وُرُودِهِ فَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُ لِلْبَيْتِ وَيَمْشِي مِشْيَةَ الْمُعْتَادِ وَالْأَدَبُ وَالْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ، وَكَذَا فِي خُرُوجِهِ مِنْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. . (وَبَطَلَ) طَوَافُ الْوَدَاعِ بِمَعْنَى طَلَبِهِ بِغَيْرِهِ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ وَثَبَتَ ثَوَابُهُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى (بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ) لَهُ بَالٌ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ (بِمَكَّةَ) فَإِنْ أَقَامَ خَارِجَهَا كَالْأَبْطَحِ وَذِي طُوًى فَلَا يَبْطُلُ (لَا) يَبْطُلُ إقَامَةٌ بِمَكَّةَ (لِشُغْلٍ خَفَّ وَ) إنْ تَرَكَهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بَطَلَ حُكْمُهُ كَمَنْ أَتَى بِهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْهِ حَتَّى انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ بَطَلَ كَوْنُهُ وَدَاعًا بِالْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ وَخَرَجَ مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَبْعُدْ (رَجَعَ) نَدْبًا (لَهُ) أَيْ: طَوَافُ الْوَدَاعِ (إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: مُنِعَ مِنْ السَّفَرِ (الْكَرِيُّ) أَيْ: الشَّخْصُ الَّذِي أَكْرَى دَابَّتَهُ لِمَرْأَةٍ. (وَالْوَلِيُّ) أَيْ: زَوْجُ الْمَرْأَةِ أَوْ مُحْرِمُهَا (لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ) حَصَلَ لِلْمَرْأَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا لِلْإِفَاضَةِ وَصِلَةُ حُبِسَ قَوْلُهُ (قَدْرَهُ) أَيْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْكَرِيُّ حَمْلَهَا أَمْ لَا حَمَلَتْ عِنْدَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ هَذَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَا نَفَقَةَ دَابَّتِهِ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَالْحَطّ. زَادَ وَيُنْدَبُ لَهَا فِي النِّفَاسِ إعَانَتُهُ بِالْعَلَفِ لَا فِي الْحَيْضِ فَإِنْ مَضَى قَدْرُ حَيْضِهَا وَالِاسْتِظْهَارُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ دَمُهَا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تَطُوفُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى حَبْسِ كَرْيِهَا لَهَا مُعْتَادُ حَيْضِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ، فَإِنْ زَادَ دَمُهَا فَظَاهِرُهَا تَطُوفُ كَمُسْتَحَاضَةٍ وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ بِمَنْعِهِ وَفَسْخِ كِرَائِهَا كَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاحْتِيَاطِ طفي وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاحْتِيَاطِ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ فِيمَا بَيْنَ عَادَتِهَا وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ فَظَهَرَ لِلْفَسْخِ وَعَدَمِ الطَّوَافِ وَجْهٌ وَهُوَ مُرَاعَاةُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الِاحْتِيَاطِ. ابْنُ شَاسٍ فَإِذَا زَادَ الدَّمُ مُدَّةَ الْحَبْسِ فَهَلْ تَطُوفُ أَوْ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَوْلَانِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 297 وَقُيِّدَ إنْ أَمِنَ، وَالرُّفْقَةُ فِي كَيَوْمَيْنِ.   [منح الجليل] وَقُيِّدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: حُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسِ الْمَرْأَةِ قَدْرَهُ (إنْ أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الطَّرِيقُ حَالَ رُجُوعِهَا بَعْدَ طُهْرِهَا وَطَوَافِهَا لِلْإِفَاضَةِ، وَهَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ اللَّبَّادِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ التُّونُسِيِّ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ اتِّفَاقًا قَالَهُ عِيَاضٌ، وَلَا يُحْبَسُ كَرِيٌّ وَلَا وَلِيٌّ لِأَجْلِ طَوَافِهَا وَتَمْكُثُ وَحْدَهَا بِمَكَّةَ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ إنْ أَمْكَنَهَا الْمُقَامُ بِهَا وَإِلَّا رَجَعَتْ لِبَلَدِهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَتَعُودُ فِي الْقَابِلِ. سَنَدٌ أَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ الَّذِينَ لَا يَمُرُّونَ إلَّا حَمِيَّةً فَأَمْرٌ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانِ الْحَجِّ عَادَةً فَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ وَهِيَ كَالْمُحْصَرَةِ بِالْعَدُوِّ وَلَا يَلْزَمُهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا فَسْخُ الْكِرَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَمْنِ بِعَارِضِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا. وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِلْكَرِيِّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَرْكَبُ مَكَانَهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ دَمُهَا، أَصْلًا وَإِلَّا اغْتَسَلَتْ وَطَافَتْ حَالَ انْقِطَاعِهِ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ. هَذَا تَقْرِيرُ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا عَلَى مَنْ بِلَادُهَا بَعِيدَةٌ وَمُقْتَضَى يُسْرِ الدِّينِ، أَمَّا تَقْلِيدُ مَا رَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى وَرَجَعَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَإِنْ كَانَ خِلَافُ رِوَايَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ عَدَمَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عُذْرَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَبْلَغُ مِنْ عُذْرِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي. وَأَمَّا تَقْلِيدُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْحَائِضَ تَطُوفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الطَّوَافِ الطَّهَارَةَ مِنْ حَدَثٍ وَلَا مِنْ خَبَثٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ وَيَتِمُّ حَجُّهَا الصِّحَّةُ طَوَافُهَا، وَإِنْ أَثِمَتْ عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَطْ بِدُخُولِهَا الْمَسْجِدَ حَائِضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (وَ) حُبِسَتْ (الرُّفْقَةُ) مَعَ كَرِيِّهَا وَوَلِيِّهَا إنْ كَانَ يَزُولُ عُذْرُهَا (فِي كَيَوْمَيْنِ) لَعَلَّهُ مَعَ الْأَمْنِ كَمَا سَبَقَ وَلَا تُحْبَسُ الرُّفْقَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى كَيَوْمَيْنِ وَيُحْبَسُ الْكَرِيُّ وَحْدَهُ، وَمُقْتَضِي مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْهُ إدْخَالٌ زَادَ عَلَيْهِمَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 298 وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ: كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ: طَوَافُ الزِّيَادَةِ، أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَرُقِيُّ الْبَيْتِ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِنَعْلٍ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْحَجَرِ.   [منح الجليل] (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (رَمْيٌ بِ) حَصَى (مَرْمِيٍّ بِهِ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي يَوْمِهِ أَوْ قَبْلَهُ فِي مِثْلِ مَا رَمَى فِيهِ أَوَّلًا كَحَجٍّ وَحَجَّ مُفْرِدًا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَقَارِنًا فِي الْآخَرِ، ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ فِي حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ. التُّونُسِيُّ وَيُعِيدُ نَدْبًا مَا لَمْ تَمْضِ أَيَّامُ الرَّمْيِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَخَفَّفَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ فِي ثَانِي عَامٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَقَطَتْ مِنِّي حَصَاةٌ فَلَمْ أَعْرِفْهَا فَرَمَيْت بِحَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْجَمْرَةِ فَقَالَ لِي مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّهُ لَمَكْرُوهٌ وَمَا أَرَى عَلَيْك شَيْئًا. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ) فَتُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ وَهُوَ رُكْنٌ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَلَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذِبٍ (أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَكَذَا لَوْ سَقَطَ لَفْظُ قَبْرٍ قَالَهُ سَنَدٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ قَصَدْنَاهُ أَوْ حَجَجْنَا إلَى قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْقُرْبِ فَلَا تَخْيِيرَ فِيهَا أَوْ؛ لِأَنَّ لِلزَّائِرِ فَضْلًا وَرَدَّ عِيَاضٌ الثَّانِيَ بِحَدِيثِ زِيَارَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِرَبِّهِمْ، وَبِحَدِيثِ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» لَكِنْ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِجَوَازِ إطْلَاقِ لَفْظِ الزِّيَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ. (وَ) كُرِهَ (رُقِيُّ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ: دُخُولِ (الْبَيْتِ) الْحَرَامِ لَا رُقِيُّ دَرَجَةٍ فَقَطْ، وَسُمِّيَ دُخُولُهُ رُقِّيَا لِارْتِفَاعِ بَابِهِ (أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى ظَهْرِهِ (أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ الْمَوْجُودَ الْآنَ (بِنَعْلٍ) مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَمِثْلُهُ الْخُفُّ، وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِعَظَمِ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ. الْمَوَّاقُ وَيُكْرَهُ جَعْلُ نَعْلِهِ بِالْبَيْتِ إذَا دَخَلَهُ لِلدُّعَاءِ وَلْيَجْعَلْهُ فِي حُجْرَتِهِ (بِخِلَافِ الطَّوَافِ) بِالْبَيْتِ (وَ) دُخُولُ (الْحِجْرِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ بِنَعْلٍ مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ فَلَا يُكْرَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَشْي بِهِ فِي السِّتَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 299 وَإِنْ قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ، لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَجْزَأَ السَّعْيُ عَنْهُمَا: كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا.   [منح الجليل] أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ الَّتِي مِنْ الْبَيْتِ لِعَدَمِ تَوَاتُرٍ عَلَى رَأْيٍ. (وَإِنْ) طَافَ حَامِلُ شَخْصٍ طَوَافًا وَاحِدًا وَ (قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ) صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَرِيضٌ وَاحِدًا وَمُتَعَدِّدٌ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ (لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ عَنْ اثْنَيْنِ، كَذَا قَرَّرَهُ سَالِمٌ وَانْظُرْ إدْخَالَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نِيَّةَ الْمَرِيضِ عَنْ نَفْسِهِ، وَالْحَامِلِ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ، وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مَعَ مَحْمُولِهِ صِحَّتُهُ فِي هَذِهِ عَنْ الْحَامِلِ فَقَطْ وَهُوَ الْقِيَاسُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَبِعَ فِيهِ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَّرَهُ. قَالَ الْحَطّ ظَاهِرُ الطِّرَازِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ عَنْهُمَا، وَنَسَبَ الْمَوَّاقُ وَالتَّوْضِيحُ الْإِجْزَاءَ عَنْ الصَّبِيِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَوْلُهُ وَانْظُرْ إدْخَالَ إلَخْ تَبِعَ فِيهِ الْحَطّ وَنَصُّهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْمُولِ صَغِيرًا نَوَى الْحَامِلَ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ أَوْ كَبِيرًا يَنْوِي هُوَ لِنَفْسِهِ، وَيَنْوِي الْحَامِلُ لِنَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ عب. (وَأَجْزَأَ السَّعْيُ) الَّذِي نَوَى بِهِ الْحَامِلُ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ (عَنْهُمَا) أَيْ الْحَامِلِ وَمَحْمُولِهِ لِحِفَّتِهِ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طَهَارَةٌ وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَمَحْمُولَيْنِ) فَأَكْثَرَ لِشَخْصٍ طَافَ أَوْ سَعَى بِهِمَا وَنَوَى بِطَوَافِهِ أَوْ سَعْيِهِ عَنْهُمَا فَيُجْزِئُ (فِيهِمَا) أَيْ: الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نِيَّتِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ مَحْمُولِهِ وَبَيْنَ نِيَّتِهِ عَنْ مَحْمُولَيْهِ أَنَّ الْمَحْمُولَيْنِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالطَّوَافِ الْمَحْمُولَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْمُعْتَبَرُ طَهَارَةُ الْحَامِلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَمَحْمُولَيْنِ إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَالْمُعْتَبَرُ طَهَارَةُ الْمَحْمُولِ لَا الْحَامِلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 300 (فَصْلٌ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ: لُبْسُ قُفَّازٍ، وَسَتْرُ وَجْهٍ: إلَّا لِسَتْرٍ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي محرمات الْإِحْرَام] (فَصْلٌ) فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ (حَرُمَ بِ) سَبَبِ (الْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فِيهِ أَوْ مَعَهُ وَالْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ يُفِيدَانِ أَنَّ مَبْدَأَ الْحُرْمَةِ مُجَرَّدُ الْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ الْوَسَطِ إذْ قَدْ يَكُونُ الظَّرْفُ أَوْسَعَ مِنْ مَظْرُوفِهِ (عَلَى الْمَرْأَةِ) وَلَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِوَلِيِّهَا، وَمُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ: ضَرْبَانِ ضَرْبٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَاللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ، وَضَرْبٌ مُفْسِدٌ وَفِيهِ الْهَدْيُ كَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ (لُبْسُ) مُحِيطٍ بِيَدِهَا إحَاطَةً خَاصَّةً كَ (قُفَّازٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ آخِرُهُ زَايٌ شَيْءٌ يُصْنَعُ بِهَيْئَةِ الْأَصَابِعِ وَالْكَفِّ، خَصَّهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِمَّا يُحِيطُ بِالْيَدِ إحَاطَةً خَاصَّةً بِنَسْجٍ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَذَلِكَ، وَكَذَا الْمُحِيطُ بِأُصْبُعٍ. وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا سَتْرُ يَدِهَا بِغَيْرِ مُحِيطٍ كَخِمَارٍ وَمِنْدِيلٍ أَوْ بِمُحِيطٍ إحَاطَةً عَامَّةً كَإِدْخَالِ يَدِهَا فِي قَمِيصِهَا وَلُبْسُ بِضَمِّ اللَّامِ مَصْدَرُ لَبِسَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ، وَأَمَّا مَفْتُوحُ اللَّامِ فَمَعْنَاهُ الْخَلْطُ. وَفِعْلُهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام: 9] . (وَ) حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ (سَتْرُ وَجْهٍ) بِأَيِّ سَائِرِ مُحِيطٍ إحَاطَةً خَاصَّةً أَوْ لَا وَكَذَا بَعْضُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي سَتْرِ بَعْضِ وَجْهِ الرَّجُلِ إلَّا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ سَتْرُ رَأْسِهَا وَمَقَاصِيصِهَا الْوَاجِبُ (إلَّا لِ) قَصْدِ (سَتْرٍ) لِوَجْهِهَا عَنْ أَعْيُنِ الرِّجَالِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَلَوْ الْتَصَقَ السَّاتِرُ بِوَجْهِهَا، وَإِنْ عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ الِافْتِتَانَ بِكَشْفِ وَجْهِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُهُ لِصَيْرُورَتِهِ عَوْرَةً حِينَئِذٍ، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ تَتْرُكُ الْوَاجِبَ وَهُوَ كَشْفُ وَجْهِهَا وَتَفْعَلُ الْمُحَرَّمَ وَهُوَ سَتْرُهُ لِأَجْلِ أَمْرٍ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا إذْ وَجْهُهَا لَيْسَ عَوْرَةً عَلَى أَنَّهَا مَتَى قَصَدَتْ السَّتْرَ عَنْ الرِّجَالِ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يَجِبُ الْكَشْفُ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَنَصُّهَا وَوَسَّعَ لَهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 301 بِلَا غَرْزٍ وَرَبْطٍ، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ. وَعَلَى الرَّجُلِ مُحِيطٌ بِعُضْوٍ، وَإِنْ بِنَسْجٍ أَوْ زَرٍّ أَوْ عَقْدٍ: كَخَاتَمٍ وَقَبَاءٍ   [منح الجليل] أَنْ تَسْدُلَ رِدَاءَهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا إذَا أَرَادَتْ سَتْرًا، فَإِنْ لَمْ تُرِدْ سَتْرًا فَلَا تَسْدُلُ اهـ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ أَصْلًا. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَمْرَدِ سَتْرُ وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ فَفِي الْإِحْرَامِ أَوْلَى. وَشَرْطُ جَوَازِ سَتْرِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ لِقَصْدِ السَّتْرِ كَوْنُهُ (بِلَا غَرْزٍ) بِنَحْوِ إبْرَةٍ (وَ) بِ (لَا رَبْطٍ) لِطَرَفَيْ السَّاتِرِ عَلَى رَأْسِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَبِسَتْ قُفَّازًا أَوْ سَتَرَتْ وَجْهَهَا لِغَيْرِ قَصْدِ سَتْرٍ عَنْ الرِّجَالِ أَوْ غَرَزَتْ مَا سَتَرَتْهُ بِهِ أَوْ رَبَطَتْهُ (فَ) عَلَيْهَا (فِدْيَةٌ) إنْ انْتَفَعَتْ بِهِ أَوْ بِرَدٍّ أَوْ طَالَ. (وَ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ (عَلَى الرَّجُلِ) أَيْ: الذَّكَرِ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِوَلِيِّهِ (مُحِيطٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِالْبَدَنِ كَقَمِيصٍ أَوْ (بِعُضْوٍ) كَالتَّاسُومَةِ وَالْقَبْقَابِ عَرِيضِ السَّيْرِ لَا الْمَدَاسِ رَقِيقِ السَّيْرِ وَإِنْ كَانَ مُحِيطًا لِلضَّرُورَةِ إنْ كَانَتْ إحَاطَتُهُ بِخِيَاطَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ إحَاطَتُهُ (بِ) سَبَبِ (نَسْجٍ) عَلَى صُورَةِ الْمَخِيطِ كَدِرْعِ حَدِيدٍ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ مَنْسُوجًا. وَشَرَابٌ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْمَنْسُوجُ بِالْإِبْرَةِ عَلَى هَيْئَةِ الرِّجْلِ وَالسَّاقِ أَوْ لَصْقِ لَبَدٍ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ سَلْخِ جِلْدِ حَيَوَانٍ بِلَا شَقٍّ كَالْقِرْبَةِ وَلُبْسِهِ مُحِيطًا بِبَدَنَةِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ. (أَوْ) كَانَتْ إحَاطَتُهُ بِسَبَبِ (زَرٍّ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ: إدْخَالُ زِرٍّ بِكَسْرِ الزَّايِ فِي عُرْوَتِهِ كَاَلَّذِي يَجْعَلُهُ الْعَسْكَرِيُّ عَلَى سَاقِهِ وَيُزَرِّرُهُ (أَوْ) بِسَبَبِ (عَقْدٍ) يُرْبَطُ أَوْ تَخْلِيلٍ يَعُودُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُ بَدَنِهِ بِمَخِيطٍ غَيْرِ مُحِيطٍ كَإِزَارٍ مُرَقَّعٍ بِرِقَاعٍ وَبُرْدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ شُقَّتَيْنِ، وَكَارْتِدَاءٍ أَوْ ائْتِزَارٍ بِنَحْوِ قَمِيصٍ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَالَ (كَخَاتَمٍ) فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ عَلَى الرَّجُلِ وَلَوْ فِضَّةً زِنَةَ دِرْهَمَيْنِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ (وَقَبَاءٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَمْدُودًا وَمَقْصُورًا مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُبُورِ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ سُمِّيَ بِهِ لِانْضِمَامِ أَطْرَافِهِ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 302 وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كُمًّا، وَسَتْرُ وَجْهٍ   [منح الجليل] إنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كُمًّا) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْمِيمِ فِي يَدٍ بِشَرْطِ إدْخَالِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي مَحَلِّهِ الْخَاصِّ الْمُحِيطِ بِهِ، فَإِنْ جَعَلَ أَسْفَلَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ رِجْلَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَا إحْدَاهُمَا فَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ إحَاطَتِهِ حِينَئِذٍ وَفِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ كُمًّا أَوْ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَكُمًّا يَنْزِع الْخَافِضَ أَيْ: يَدَهُ فِي كُمٍّ. (وَ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ (سَتْرُ وَجْهٍ) جَمِيعِهِ وَأَمَّا بَعْضِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْفِدْيَةِ فِيهِ، وَالثَّانِي عَدَمُ وُجُوبِهَا قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: الْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِقَرْنِهِ بِالرَّأْسِ الْوَاجِبِ فِي تَغْطِيَةِ بَعْضِهِ الْفِدْيَةُ وَنَصُّ حَجِّهَا الثَّالِثُ وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ وَالْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَالذَّقَنُ مِنْهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ لَا بَأْسَ بِتَغْطِيَتِهِ لَهُمَا وَإِنْ غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، فَإِنْ نَزَعَهُ مِنْ مَكَانِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَفِي الثَّالِثِ مِنْهَا لَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ الذَّقَنِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَوْ نَامَ فَغَطَّى رَجُلٌ وَجْهَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ انْتَبَهَ فَلْيَنْزِعْ ذَلِكَ وَلْيَغْسِلْ الطِّيبَ عَنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَانْظُرْ كَيْفَ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ بِالنَّائِمِ إذَا غَطَّى وَجْهَهُ وَأَسْقَطَهَا عَنْ الذَّقَنِ وَعَمًّا فَوْقَ الذَّقَنِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ قَوْلَهُ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَغْطِيَةَ جَمِيعِ الْوَجْهِ بَلْ مَا حَوَالِي الذَّقَنِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي مَنْعِ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْرَبُ إلَى لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ اهـ. فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِهَا الْعَامِّ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَتَأَمَّلْهُ. وَنُقِلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقَرَّهُ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ سَتْرُ وَجْهٍ إنْ سَتَرَ مَا أُسْدِلَ مِنْ لِحْيَتِهِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ. وَبِهِ صَرَّحَ سَنَدٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 303 أَوْ رَأْسٍ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا: كَطِينٍ، وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ، وَإِنْ بِلَا عُذْرٍ وَاحْتِزَامٍ، أَوْ اسْتِثْفَارٍ لِعَمَلٍ فَقَطْ. وَجَازَ خُفٌّ قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ   [منح الجليل] وَ) أَيْ: حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُ (رَأْسٍ) وَصِلَةُ سَتْرُ (بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا) عُرْفًا وَلُغَةً بِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ (كَطِينٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْحَرَّ فَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ عِمَامَةٍ وَخِرْقَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا أَوْ لِلتَّمْثِيلِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا فِي هَذَا الْبَابِ. (وَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهِ (فِي) تَقْلِيدِ (سَيْفٍ) بِعُنُقِهِ عَرَبِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ عَلَّاقَةُ الرُّومِيِّ عَرِيضَةٌ وَمُتَعَدِّدَةٌ فَهُوَ حَرَامٌ إنْ تَقَلَّدَ بِهِ لِعُذْرٍ بَلْ (وَإِنْ) تَقَلَّدَهُ (بِلَا عُذْرٍ) وَحَرُمَ وَوَجَبَ نَزْعُهُ فَوْرًا إنْ تَقَلَّدَهُ بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. أَحْمَدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّكِّينَ لَيْسَتْ كَالسَّيْفِ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا. (وَ) لَا فِدْيَةَ فِي (احْتِزَامٍ) بِثَوْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لتت. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ بِثَوْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِهَا الْمُحْرِمُ لَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ أَوْ خَيْطٍ إذَا لَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى، وَإِنْ أَرَادَ الْعَمَلَ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَحْتَزِمَ وَعَلَى ظَاهِرِهَا حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَفِي الْجَوَاهِرِ وَافْتَدَى إنْ احْتَزَمَ بِحَبْلٍ أَوْ خَيْطٍ لِغَيْرِ عَمَلٍ فَإِنْ كَانَ لِعَمَلٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ الِاحْتِزَامَ بِكَوْنِهِ بِلَا عَقْدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُوَضِّحُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) لَا فِدْيَةَ فِي (اسْتِثْفَارٍ) أَيْ لَيُّ طَرَفَيْ الْمِئْزَرِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَغَرْزِهِمَا فِي وَسَطِهِ فَيَصِيرُ الْإِزَارُ كَالسَّرَاوِيلِ بِلَا عَقْدٍ، فَإِنْ عَقَدَهُمَا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ (لِعَمَلٍ فَقَطْ) قَيَّدَ فِي الِاحْتِزَامِ وَالِاسْتِثْفَارِ، فَإِنْ كَانَا لِغَيْرِ عَمَلٍ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ. . (وَجَازَ) لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (خُفٌّ) أَيْ: لُبْسُهُ وَمِثْلُهُ جُرْمُوقٌ وَجَوْرَبٌ (قُطِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ ثَنَى فِيمَا يَظْهَرُ (أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ) لِلرِّجْلَيْنِ سَوَاءٌ قَطَعَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ، وَنَقَلَ ابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ قَطَعَهُ لَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ. وَحَكَى الشَّاذِلِيُّ الثَّانِي يُقْبَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 304 لِفَقْدِ نَعْلٍ أَوْ غُلُوِّهِ فَاحِشًا، وَاتِّقَاءُ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ بِيَدٍ، أَوْ مَطَرٍ بِمُرْتَفِعٍ وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ انْكَسَرَ، وَارْتِدَاءٌ بِقَمِيصٍ، وَفِي كُرْهِ السَّرَاوِيلِ رِوَايَتَانِ   [منح الجليل] وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ، وَشَرْطُ التَّرْخِيصِ فِي لُبْسِ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ كَوْنُ لُبْسِهِ (لِفَقْدِ) أَيْ: عَدَمِ وُجُودِ (نَعْلٍ) بِالْكُلِّيَّةِ (أَوْ) لِ (غُلُوِّهِ) أَيْ: النَّعْلِ غُلُوًّا (فَاحِشًا) بِأَنْ يَزِيدَ ثَمَنُهُ عَلَى قِيمَتِهِ الْمُعْتَادَةِ فَوْقَ ثُلُثِهَا فَلَوْ لَبِسَهُ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ كَشُقُوقٍ بِرِجْلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ الْفَقْدِ أَوْ الْغُلُوِّ حِينَ الْإِحْرَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْدَادُهُ قَبْلَهُ إذَا عَلِمَ فَقْدَهُ عِنْدَهُ، وَقَالَ سَنَدٌ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ إنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ. (وَ) جَازَ لَهُ (اتِّقَاءُ شَمْسٍ) عَنْ وَجْهِهِ (أَوْ رِيحٍ بِيَدٍ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا وَأَوْلَى بِبِنَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَوْ مَحَارَةٍ كَمَا يَأْتِي (أَوْ مَطَرٍ) وَمِثْلُهُ الْبَرْدُ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (بِ) شَيْءٍ (مُرْتَفِعٍ) عَنْ رَأْسِهِ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ. وَأَمَّا الْخَيْمَةُ فَيَجُوزُ الدُّخُولُ تَحْتَهَا بِلَا عُذْرٍ وَلَا يَلْصَقُ الْمُظَلِّلَ بِرَأْسِهِ وَاتِّقَاءٌ بِالْيَدِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَلَا يَلْصَقُهَا بِرَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْيَدُ يَجُوزُ الِاتِّقَاءُ بِهَا مُرْتَفِعَةً وَمُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا فَلَا فِدْيَةَ فِيهَا بِحَالٍ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. سَنَدٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَسُدَّ أَنْفَهُ مِنْ جِيفَةٍ وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا مَرَّ بِطِيبٍ. (وَ) جَازَ (تَقْلِيمُ ظُفْرٍ انْكَسَرَ) نَحْوَهُ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِتَأَذِّيه مِنْ كَسْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَلْمُهُ، وَإِنْ قَلَّمَهُ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ إلَخْ، وَبِالِاقْتِصَارِ فِي تَقْلِيمِهِ عَلَى قَلْمِ مَا يَزُولُ بِقَلْمِهِ الضَّرَرُ كَقَطْعِ الْمُنْكَسِرِ وَمُسَاوَاتِهِ حَتَّى لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى هَذَا ضَمِنَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ انْكَسَرَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فَإِنْ كَانَ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَحَفْنَةٌ كَمَا يَأْتِي هَذَا فِي الْوَاحِدِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا (وَ) جَازَ (ارْتِدَاءٌ) وَائْتِزَارٌ (بِقَمِيصٍ) لِعَدَمِ إحَاطَتِهِ (وَفِي كُرْهِ) ارْتِدَاءِ (السَّرَاوِيلِ) لِقُبْحِ هَيْئَتِهِ وَجَوَازِهِ (رِوَايَتَانِ) وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْكُرْهِ الْمُتَقَدِّمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 305 وَتَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ   [منح الجليل] جَرَيَانُهُمَا فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمُحْرِمٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا. وَبَحَثَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ قَوْلٌ لِغَيْرِ الْإِمَامِ لَا رِوَايَةٌ عَنْهُ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِئْزَرًا فَلَا يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ وَلَوْ افْتَدَى، وَفِيهِ جَاءَ النَّهْيُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ. وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْبَسُهُ وَيَفْتَدِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ» . وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُوَطَّإِ فِي السَّرَاوِيلِ لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نَصَّ الْإِمَامُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ إذَا قَالَ أَهْلُ الصِّنَاعَةِ إنَّهَا صَحَّتْ فَيَجِبُ عَلَى مُقَلِّدِي الْإِمَامِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْعَمَلُ بِهَا كَهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أَذِنَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْعَوَالِي إذَا وَافَقَ الْعِيدُ الْجُمُعَةَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنَ غَازِيٍّ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رِوَايَةِ رَبِيبَةِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى قَالَ سَمِعْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَقُولُ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي فَمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنْ ذَلِكَ فَاتْرُكُوهُ اهـ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ مَعْنٌ أَشَدَّ النَّاسِ مُلَازَمَةً لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ الرَّازِيّ أَوْثَقُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَثْبَتُهُمْ مَعْنٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ وَهْبٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ الْحَمِيدِيُّ حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ وَهُوَ مَعْنٌ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْحُمَيْدِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. (وَ) جَازَ (تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ) كَحَائِطٍ وَسَقْفٍ (وَخِبَاءٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا أَيْ خَيْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَثْبُتُ إلَّا زَمَنَ وُقُوفِ عَرَفَةَ فَيُكْرَهُ التَّظَلُّلُ مِنْ الشَّمْسِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَلَعَلَّهُ لِتَكْثِيرِ الثَّوَابِ كَاسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ بِهِ إلَّا لِتَعِبٍ. الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ فِي الْمَنَاسِكِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ النَّوَادِرِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْمَنْعُ لَا الْكَرَاهَةُ؛ وَنَصُّهُ مِنْ النَّوَادِرِ وَلَا يَسْتَظِلُّ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَوْمَ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا فَيَفْتَدِي. الْمَازِرِيُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 306 وَمَحَارَةٍ لَا فِيهَا:   [منح الجليل] وَابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الرِّيَاشِيِّ قُلْت لِابْنِ الْمُعَدَّلِ ضَاحِيًا فِي شِدَّةِ حَرٍّ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَلَوْ أَخَذْت بِالتَّوْسِعَةِ فَقَالَ: ضَحَّيْت لَهُ كَيْ أَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ إذْ ... الظِّلُّ أَضْحَى فِي الْقِيَامَةِ قَالِصَا فَيَا أَسَفَا إنْ كَانَ سَعْيُك بَاطِلًا ... وَيَا حَسَرَتَا إنْ كَانَ حَجُّك نَاقِصَا (وَ) بِ (مَحَارَةٍ) فِي الْقَامُوسِ الْمَحَارَةُ شِبْهُ الْهَوْدَجِ قَالَ وَالْهَوْدَجُ مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ. عب وَهِيَ الشِّقَّةُ وَمِثْلُهَا الْمُوهِيَةُ تت يَجُوزُ تَظَلُّلُهُ بِالشِّقَّةِ عَلَى الْأَرْضِ وَكَذَا سَائِرَةٌ عب وَكَذَا يَجُوزُ تَحْتَهَا بِأَنْ يَكُونَ دَاخِلَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْبَنَوْفَرِيُّ وَالْقَرَافِيُّ، وَإِنْ قَالَ الْحَطّ إنَّهُ خِلَافُ مَا لِلَّخْمِيِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ أَيْضًا يَجُوزُ التَّظَلُّلُ بِالبَلَالِيجِ وَالدُّخُولُ فِيهَا وَهِيَ بُيُوتٌ تُجْعَلُ فِي الْمَرْكَبِ الْكَبِيرِ وَبِشِرَاعِهَا يُوزَنُ كِتَابٌ أَيْ: قَلْعُهَا اهـ. وَيَجُوزُ دُخُولُ الْمُحْرِمِ فِي الْمِحَفَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَلَالِيجِ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ الْجُوخَ الَّذِي عَلَيْهَا وَعَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ إنْ لَمْ يَكْشِفْ الْمَحَارَةَ افْتَدَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِهَا وَفَهِمَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ آخَرُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا فَوْقَهَا دُونَ كَشْفِ جَوَانِبِهَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الِاسْتِظْلَالِ بِجَانِبِ الْمَحَلِّ وَهُوَ جَائِزٌ. فَقَوْلُهُ (لَا فِيهَا) مَعْنَاهُ عَلَى مَا لِابْنِ فَرْحُونٍ لَا يَجُوزُ التَّظَلُّلُ بِشَيْءٍ زَائِدٍ حَالَ كَوْنِهِ فِيهَا أَيْ: الْمَحَارَةِ وَلَوْ مِنْ مَطَرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَذَلِكَ كَالسَّاتِرِ غَيْرِ الْمُسَمَّرِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِمْلِ الْمُغَطَّى. وَأَمَّا مَا سُمِّرَ أَوْ خِيطَ فَيَجُوزُ التَّظَلُّلُ فِيهَا وَهُوَ عَلَيْهَا وَلَا يُطْلَبُ بِنَزْعِهِ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْخَيْمَةِ. وَنَصُّ ابْنِ فَرْحُونٍ إنَّمَا يَضُرُّ مَا غُطِّيَتْ بِهِ، وَأَمَّا مَا عَلَيْهَا مِنْ لَبَدٍ فَلَا يَضُرُّ، وَيَجُوزُ الرُّكُوبُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْتِ وَالْخَيْمَةِ انْتَهَى، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ دُخُولِ الْمِحَفَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْجُوخَ عَنْهَا وَبَيْنَ الشِّقَّةِ إنْ لَمْ يَرْفَعْ عَنْهَا غَيْرَ الْمُسَمَّرِ أَنَّ الشُّقَّةَ تَقِي الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالْمَطَرَ بِمُجَرَّدِ مَا سُمِّرَ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الْمِحَفَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَقِيهِمَا بِغَيْرِ جَعْلِ الْجُوخِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ مُسَمَّرٌ عَلَيْهَا انْتَهَى عب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 307 كَثَوْبٍ بِعَصَا، فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ خِلَافٌ. وَحَمْلٌ لِحَاجَةٍ أَوْ فَقْرٍ بِلَا تَجْرٍ، وَإِبْدَالُ ثَوْبِهِ   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَهِيَ الشِّقَّةُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ إحْدَى شِقَّتِي الْمَحْمَلِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمَحْمَلُ شُقَّتَانِ عَلَى الْبَعِيرِ يُحْمَلُ فِيهِمَا الْعَدِيلَانِ. قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الِاسْتِظْلَالِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَحْمَلِ وَهُوَ فِيهِ بِأَعْوَادٍ قَوْلَانِ، احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَعْوَادٍ مِمَّا لَوْ كَانَ الْمَحْمَلُ مَقْبِيًّا كَالْمَحَارَةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْبِنَاءِ وَالْأَخْبِيَةِ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ الْحَطّ عَقِبَهُ وَلَهُ وَجْهٌ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَثَوْبٍ) يُرْفَعُ (بِعَصًا) أَيْ: عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَعْوَادٍ فَلَا يَجُوزُ سَاتِرًا اتِّفَاقًا وَلَا نَازِلًا عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْخِبَاءِ. الْحَطّ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَبَطَ الثَّوْبَ بِأَوْتَادٍ وَحِبَالٍ حَتَّى صَارَ كَالْخِبَاءِ الثَّابِتِ فَالِاسْتِظْلَالُ بِهِ جَائِزٌ. (فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ) فِي التَّظَلُّلِ فِي الْمَحَارَةِ أَوْ بِثَوْبٍ بِعَصًا وَنَدْبِهَا (خِلَافٌ) تَعَقَّبَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يُرَ مِنْ شَهْرٍ الْقَوْلَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ. قُلْت ذَكَرَ فِي مَنَاسِكِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُهَا. وَنُقِلَ عَنْ مَنَاسِكِ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ الْأَصَحَّ اسْتِحْبَابُهَا، فَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ هَذَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَالسُّقُوطِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) جَازَ لِمُحْرِمٍ (حَمْلٌ) لِخُرْجِهِ أَوْ جِرَابِهِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ وِقْرِهِ الَّذِي فِيهِ مَتَاعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ مَشْدُودًا حَبْلُهُ عَلَى صَدْرِهِ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمَحْمَلُ (لِحَاجَةٍ) أَيْ احْتِيَاجٍ لِلْحَمْلِ وَلَوْ غَنِيًّا حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ، أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَجِدْ أُجْرَةً (أَوْ فَقْرٍ) يَحْمِلُ لِنَفْسِهِ بِسَبَبِهِ حُزْمَةَ حَطَبٍ مَثَلًا يَتَمَعَّشُ بِثَمَنِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ لِعَيْشِهِ (بِلَا تَجْرٍ) وَلَا يَجُوزُ لِحَمْلِهِ لِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عَيْشِهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَلَا غَنِيٌّ لِنَفْسِهِ بُخْلًا بِأُجْرَتِهِ، فَإِنْ حَمَلَ افْتَدَى. أَشْهَبُ مَا لَمْ يَكُنْ تَجْرُهُ لِعَيْشِهِ كَالْعَطَّارِ الْمُصَنِّفِ فِي مَنْسَكِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَكَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ خِلَافٌ. (وَ) جَازَ (إبْدَالُ) جِنْسِ (ثَوْبِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ مِنْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَلَوْ تَعَدَّدَ أَوْ نَوَى بِذَلِكَ طَرْحَ الدَّوَابِّ الَّتِي فِيهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شُعُوثَةُ لِبَاسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 308 أَوْ بَيْعُهُ، بِخِلَافِ غَسْلِهِ، إلَّا لِنَجَسٍ فَبِالْمَاءِ فَقَطْ، وَبَطُّ جُرْحِهِ، وَحَكُّ مَا خَفِيَ   [منح الجليل] مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " رَأَى نَزْعَ ثَوْبِهِ بِقَمْلِهِ بِمَثَابَةِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ بَيْتٍ وَأَبْقَاهُ بِبَقِّهِ حَتَّى مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ. وَأَمَّا نَقْلُ الدَّوَابِّ إلَى الثَّوْبِ الَّذِي يُرِيدُ طَرْحَهُ مِنْ جَسَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ فَهُوَ كَطَرْحِهَا (أَوْ بَيْعُهُ) أَيْ ثَوْبِ الْمُحْرِمِ وَلَوْ لِإِذَايَةِ قَمْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ كَطَرْدِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ طَرْدَ الصَّيْدِ إخْرَاجٌ لِغَيْرِ مَأْمَنٍ، وَالْقَمْلُ يَجُوزُ قَتْلُهُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ أَنْ يَنْقُلَ الْقَمْلَةَ مِنْ مَكَان مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَى مَكَان آخَرَ مِنْهُ وَإِنْ سَقَطَتْ مِنْ رَأْسِهِ قَمْلَةٌ فَلْيَدَعْهَا وَلَا يَرُدَّهَا فِي مَكَانِهَا. وَسُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ الْمُحْرِمِ يَجِدُ عَلَيْهِ الْبَقَّةَ وَمَا أَشْبَهَهَا فَيَأْخُذُهَا فَتَمُوتُ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هَذَا. (بِخِلَافِ غَسْلِهِ) أَيْ: ثَوْبِ الْمُحْرِمِ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ بَلْ لِتَرَفُّهٍ أَوْ وَسَخٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَيُكْرَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا حَيْثُ شَكَّ فِي قَمْلِهِ، قَالَ قَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ مَا فِيهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ قَمْلُهُ مُنِعَ غَسْلَهُ لِمَا ذُكِرَ فَإِنْ غَسَلَهُ وَقَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ مَا فِيهِ (إلَّا) غَسْلَهُ (لِنَجَسٍ) أَصَابَهُ (فَ) يَجُوزُ (بِالْمَاءِ فَقَطْ) لَا بِنَحْوِ صَابُونٍ. وَلَوْ شَكَّ فِي قَمْلِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَفِي الطِّرَازِ يُنْدَبُ إطْعَامُهُ وَلَا يَجُوزُ بِنَحْوِ صَابُونٍ فَإِنْ غَسَلَهُ بِهِ وَقَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ وَاجِبَهُ. فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُ قَمْلِهِ جَازَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِنَحْوِ صَابُونٍ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ. الْبُنَانِيُّ صَرَّحَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِكَرَاهَةِ غَسْلِهِ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ: إنَّهَا عَلَى بَابِهَا وَتَعَقَّبَا بِذَلِكَ ظَاهِرَ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. الْحَطّ ظَاهِرُ الطِّرَازِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ تَعَقُّبُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَ ب (بَطُّ جُرْحِهِ) أَيْ: فَتْحُهُ وَإِخْرَاجُ مَا فِيهِ بِعَصْرٍ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا وَضْعُ لَزْقَةٍ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الدُّمَّلُ وَنَحْوُهُ لِحَاجَتِهِ لَهُ (وَ) جَازَ (حَكُّ مَا خَفِيَ) عَلَيْهِ مِنْ جَسَدِهِ كَرَأْسِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 309 بِرِفْقٍ، وَفَصْدٌ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ، وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ، وَإِضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ: كَعَصْبِ جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ،   [منح الجليل] وَظَهْرِهِ (بِرِفْقٍ) يَأْمَنُ مَعَهُ قَتْلَ الدَّوَابِّ وَطَرْحَهَا وَكُرِهَ بِشِدَّةٍ وَأَمَّا مَا يَرَاهُ فَلَهُ حَكُّهُ وَإِنْ أَدْمَاهُ (وَ) جَازَ (فَصْدٌ) لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا كُرِهَ (إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ فَإِنْ عَصَبَهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ افْتَدَى. (وَ) جَازَ (شَدُّ مِنْطَقَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْ: هِمْيَانٍ مِثْلِ الْكِيسِ تُجْعَلُ الدَّرَاهِمُ فِيهِ وَشَدُّهَا جَعْلُ سُيُورِهَا فِي ثُقْبِهَا أَوْ فِيمَا يُقَالُ لَهُ إبْزِيمٌ، رَوَى الْبَاجِيَّ مُسَاوَاةَ كَوْنِهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خُرْقٍ فَإِنْ عَقَدَهَا افْتَدَى وَشَرْطُ جَوَازِ شَدِّهَا كَوْنُهُ (لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ تَحْتَ إزَارِهِ، وَالْهِمْيَانُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ. ابْنُ حَجَرٍ يُشْبِهُ تِكَّةَ السَّرَاوِيلِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا بَأْسَ بِرَبْطِ مِنْطَقَتِهِ تَحْتَ إزَارِهِ وَجَعْلِ سُيُورِهَا فِي ثُقْبِهَا. (وَ) جَازَ (إضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ) لِنَفَقَتِهِ الَّتِي فِي مِنْطَقَتِهِ الَّتِي شَدَّهَا عَلَى جِلْدِهِ، بِأَنْ يُودِعَهُ رَجُلٌ نَفَقَتَهُ بَعْدَ شَدِّهَا لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ فَيَجْعَلُهَا مَعَهَا بِلَا مُوَاطَأَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ قَبْلَ شَدِّهَا وَرُبَّمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْمُوَاطَأَةَ عَلَى الْمَمْنُوعِ مَمْنُوعَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَشُدَّهَا لِنَفَقَتِهِ بِأَنْ شَدَّهَا فَارِغَةً أَوْ لِمَالِ تِجَارَةٍ أَوْ لَهُ وَلِنَفَقَتِهِ أَوْ فَوْقَ إزَارِهِ أَوْ لِنَفَقَةِ غَيْرِهِ أَوْ تَجْرِ غَيْرِهِ، أَوْ لِنَفَقَتِهِ وَإِضَافَةُ تَجْرِ غَيْرِهِ أَوْ شَدُّهَا لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ غَيْرِهِ مَعًا ابْتِدَاءً، أَوْ شَدُّهَا مُجَرَّدَةً عَنْ قَصْدِهِ (فَفِدْيَةٌ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ أُمُورًا جَائِزَةً فَقَالَ (كَعَصْبِ جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ) لَعَلَّهُ بِخِرْقَةٍ وَلَوْ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ. وَفَصَلَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْعَصْبِ بَيْنَ الْخِرَقِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ كَمَا فِي اللَّصْقِ. وَفَرَّقَ التُّونُسِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَصْبَ وَالرَّبْطَ أَشَدُّ مِنْ اللَّصْقِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ حُصُولِ شَيْءٍ عَلَى الْجِسْمِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ اللَّصْقِ، وَلِذَا صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّ صَغِيرَ خِرَقِ الْعَصْبِ وَالرَّبْطِ كَكَبِيرِهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 310 أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ: كَدِرْهَمٍ أَوْ لَفِّهَا عَلَى ذَكَرٍ، أَوْ قُطْنَةٍ بِأُذُنَيْهِ، أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ، أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبَ؛ أَوْ رَدِّهَا لَهُ. وَلِمَرْأَةٍ خَزٌّ وَحُلِيٌّ وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ أَوْ فَخِذِهِ،   [منح الجليل] أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ) عَلَى جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ (كَدِرْهَمٍ) بِغَلْيٍ بِمَوْضِعٍ أَوْ مَوَاضِعَ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ قَدْرَهُ. وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي جَمْعِهِ مِنْ مَوَاضِعَ وَلَا فِدْيَةَ فِي لَصْقِ خِرْقَةٍ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ. ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خَاصٌّ بِجِرَاحِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ يَجِبُ كَشْفُهُمَا كَمَا عَلَّلَ بِهِ التُّونُسِيُّ (أَوْ لَفِّهَا) أَيْ: الْخِرْقَةِ (عَلَى ذَكَرٍ) لِمَنْعِ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ بَوْلٍ مِنْ وُصُولِهِ لِثَوْبٍ، بِخِلَافِ جَعْلِ ذَكَرِهِ فِيهَا عِنْدَ نَوْمِهِ بِلَا لَفٍّ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ، فَإِنْ جَعَلَهُ فِي كِيسٍ فَالْفِدْيَةُ بِالْأَوْلَى. (أَوْ) جَعْلِ (قُطْنَةٍ) وَلَوْ بِلَا طِيبٍ أَوْ صَغِيرَةً (بِأُذُنَيْهِ) أَوْ إحْدَاهُمَا، وَعُورِضَ هَذَا بِعَدَمِ الْفِدْيَةِ بِلَصْقِ خِرْقَةٍ دُونَ دِرْهَمٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لِعِظَمِ النَّفْعِ بِهِ أُعْطِيَ حُكْمَ الْكَبِيرِ (أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ) أَوْ بِوَاحِدٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ، وَلَعَلَّ نُكْتَةَ ذِكْرِهِ كَوْنُ حُكْمِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْكِبَرِ لِعِظَمِ نَفْعِهِ (أَوْ تَرْكِ ذِي) أَيْ: صَاحِبِ (نَفَقَةٍ) مُضَافَةٍ لِنَفَقَتِهِ فِي مِنْطَقَتِهِ الْمَشْدُودَةِ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى (ذَهَبَ) بَعْدَ فَرَاغِ نَفَقَتِهِ وَلَمْ يَرُدَّهَا لَهُ عَالِمًا بِإِرَادَتِهِ الذَّهَابَ وَأَبْقَى الْمِنْطَقَةَ مَشْدُودَةً عَلَى جِلْدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَهَابِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ هُنَا أَنَّ عَدَمَ إضَافَتِهَا لِنَفَقَتِهِ مَالًا كَعَدَمِ إضَافَتِهَا لَهَا ابْتِدَاءً (أَوْ) تَرْكِ (رَدِّهَا) أَيْ: نَفَقَةِ الْغَيْرِ (لَهُ) وَإِبْقَائِهَا عَلَى جِلْدِهِ بَعْدَ فَرَاغِ نَفَقَتِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ مَعَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. (وَ) جَازَ (لِلْمَرْأَةِ خَزٌّ) أَيْ لُبْسُهُ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَكَذَا حَرِيرٌ فَحُكْمُهَا فِي اللِّبَاسِ حُكْمُهَا حَلَالًا إلَّا فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا عَلَى مَا سَبَقَ (وَحُلِيٌّ) يَشْمَلُ الْخَوَاتِمَ فَلَهَا لُبْسُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَإِنْ سَتَرَتْ بَعْضَ أَصَابِعِهَا نَقَلَهُ الْحَطّ ضِدُّ قَوْلِهِ كَخَاتَمٍ خِلَافًا لِابْنِ عَاشِرٍ. (وَكُرِهَ) وَبِضَمٍّ فَكَسْرٍ (شَدُّ نَفَقَتِهِ) الَّتِي فِي مِنْطَقَتِهِ (بِعَضُدِهِ أَوْ فَخِذِهِ) أَوْ سَاقِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 311 وَكَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ، وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ، وَشَمٌّ كَرَيْحَانٍ،   [منح الجليل] وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (وَ) كُرِهَ (كَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّرَفُّهِ وَصَوَابُهُ إبْدَالُ رَأْسٍ بِوَجْهٍ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الرَّأْسِ يُطْلَقُ عَلَى الْعُضْوِ بِتَمَامِهِ فَهِيَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ الَّذِي هُوَ الْوَجْهُ بِاسْمِ كُلِّهِ، وَلَا يَخْتَصُّ الْكُرْهُ بِالْمُحْرِمِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيْطَانِ، وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ خَدِّ الْمُحْرِمِ عَلَيْهَا وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ شَاسٍ بِتَوَسُّدِهِ جَائِزٌ. (وَ) كُرِهَ (مَصْبُوغٌ) بِعُصْفُرٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا طِيبَ فِيهِ، وَيُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ (لِ) مُحْرِمٍ (مُقْتَدًى بِهِ) مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ وَحَاكِمٍ غَيْرِ مُقَدَّمٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، فَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا وَهُوَ الَّذِي صُبِغَ بِالْعُصْفُرِ مِرَارًا حَتَّى صَارَ ثَخِينًا قَوِيًّا شَدِيدَ الْحُمْرَةِ فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالْمُطَيَّبِ. وَكُرِهَ الْمَصْبُوغُ بِقَيْدِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجَاهِلُ بِفِعْلِهِ إلَى لُبْسِ الْمُطَيَّبِ تَأَسِّيًا بِالْمُقْتَدَى بِهِ لِظَنِّهِ أَنَّ مَلْبُوسَهُ مُطَيَّبٌ وَأَنَّهُ جَائِزٌ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الطِّيبِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِمُقْتَدًى بِهِ. وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ لِإِخْرَاجِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُورِسِ وَالْمُعَصْفَرِ غَيْرِ الْمُقَدَّمِ. وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ فَصَرَّحَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِكَرَاهَتِهِ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَخَبَرُ نَهْيٍ عَنْ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى تَلْطِيخِ الْجَسَدِ بِزَعْفَرَانٍ. اللَّخْمِيُّ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا وَالْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ. (وَ) كُرِهَ (شَمٌّ كَرَيْحَانٍ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُذَكَّرٍ وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ كَيَاسَمِينٍ وَوَرْدٍ، وَكَذَا شَمُّ مُؤَنَّثِهِ بِلَا مَسٍّ بِالْأَوْلَى وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَيَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ تَعَلَّقَا شَدِيدًا كَالزَّبَدِ وَالْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 312 وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ، وَاسْتِصْحَابُهُ   [منح الجليل] (وَ) كُرِهَ (مُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ) مُؤَنَّثٌ (وَ) كَذَا يُكْرَهُ (اسْتِصْحَابُهُ) أَيْ: الطِّيبُ الْمُؤَنَّثُ وَسَيَذْكُرُ حُرْمَةَ مَسِّهِ بِقَوْلِهِ وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ، وَلَا يُكْرَهُ مُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ مُذَكَّرٌ بِحَيْثُ لَا يَشُمُّهُ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِصْحَابُهُ وَلَا مَسُّهُ بِغَيْرِ شَمٍّ، وَهَذِهِ مَفْهُومُهُ مِنْ قَوْلِهِ شَمٌّ، فَأَقْسَامُ الْمُؤَنَّثِ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَهِيَ شَمُّهُ بِلَا مَسٍّ وَاسْتِصْحَابُهُ وَالْمُكْثُ بِمَكَانِهِ وَوَاحِدٌ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مَسُّهُ. وَأَقْسَامُ الْمُذَكَّرِ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ الْمُكْثُ بِمَكَانِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمَسُّهُ بِلَا شَمٍّ، وَوَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ الْبَيْتُ الشَّرِيفُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ قُرْبَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ قَالَهُ تت هُنَا. وَذَكَرَ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ عِنْدَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَتَجْتَنِبُ أَيْ: الْمُعْتَدَّةُ الطِّيبَ كُلَّهُ مُذَكَّرَهُ وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ كَالْوَرْدِ، وَمُؤَنَّثَهُ وَهُوَ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَته كَالْمِسْكِ انْتَهَى، وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا لتت. وَقَوْلُهُ فِي الْمُذَكَّرِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوَرْدَ لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ. قَوْلُهُ فِي الْمُؤَنَّثِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ أَيْ: الْغَالِبُ خَفَاءُ لَوْنِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ كَالزَّعْفَرَانِ. وَقَوْلُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ظُهُورُهَا كَالْمِسْكِ أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ كَوْنُ شَمِّ الْمُؤَنَّثِ مَكْرُوهًا كَشَمِّ الْمُذَكَّرِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، لَكِنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَرَاهَةِ شَمِّ الْمُذَكَّرِ بِمَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ شَمِّ الْمُؤَنَّثِ، وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِلْمَذْهَبِ. الْقَلْشَانِيُّ اُخْتُلِفَ فِي شَمِّ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ دُونَ مَسٍّ هَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ مَكْرُوهٌ، وَعَنْ الْبَاجِيَّ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ شَمِّهِ أَيْ الْمُؤَنَّثِ دُونَ مَسِّهِ مَمْنُوعًا أَوْ مَكْرُوهًا نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ الْمُذَهَّبِ وَابْنِ الْقَصَّارِ. قُلْت هَذَا نَصُّهَا قَوْلُهُ وَلَا مَسُّهُ بِغَيْرِ شَمٍّ إلَخْ يَعْنِي لَا كَرَاهَةَ فِي مَسِّ الْمُذَكَّرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَشَمِّهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فِي الْحَطّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ الْحِنَّاءِ لِمَا يَأْتِي فِيهَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُذَكَّرُ قِسْمَانِ قِسْمٌ مَكْرُوهٌ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ كَرَيْحَانٍ، وَقِسْمٌ مُحَرَّمٌ وَفِيهِ فِدْيَةٌ وَهُوَ الْحِنَّاءُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 313 وَحِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ، وَغَمْسُ رَأْسٍ   [منح الجليل] قَوْلُهُ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ قَالَهُ تت، هَذَا هُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ كِفَايَةِ الطَّالِبِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى اللُّغَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ ذُكُورَةُ الطِّيبِ مَا لَيْسَ لَهُ رَدْغٌ أَيْ: مَا لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ، وَقَالَ فِيهِ الرَّدْغُ أَثَرُ الطِّيبِ فِي الْجَسَدِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُؤَنَّثَ مَا لَهُ رَدْغٌ أَيْ: أَثَرٌ إلَّا أَنَّ جَعْلَهُمْ الْحِنَّاءَ مِنْ الْمُذَكَّرِ مَعَ أَنَّ لَهَا رَدْغًا فِي الْجَسَدِ يُخَالِفُ اللُّغَةَ. هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ» ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَفَسَّرَ ابْنُ حَجَرٍ طِيبَ الرِّجَالِ بِالْمِسْكِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ قَالَ ابْنُ وَحْشِيٍّ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ طِيبُ الرِّجَالِ كَالْمِسْكِ يَشْتَرِكُ فِي مَنْفَعَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَطِيبُ النِّسَاءِ هُوَ الَّذِي تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مِثْلُ الْكُحْلِ لِلْعَيْنِ وَحُمْرَةِ الْعُصْفُرِ لِلْوَجْهِ وَالسَّوَادِ لِلْحَاجِبَيْنِ، وَهُوَ أَمْرٌ تَنْفَرِدُ بِهِ النِّسَاءُ اهـ. وَفِيهِ إضَافَةُ الْمُؤَنَّثِ لِلرِّجَالِ وَالْمُذَكَّرِ لِلنِّسَاءِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا لِلْفُقَهَاءِ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ بِبَابِ الْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كُرِهَ (حِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ) خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُهَا فَلَا تُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ وَتَقَيُّدُ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ وَإِلَّا حُرِّمَتْ بِلَا عُذْرٍ وَافْتَدَى كَانَتْ لِعُذْرٍ أَمْ لَا انْتَهَى عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي الْحَطّ أَنَّ الْحِجَامَةَ بِلَا عُذْرٍ تُكْرَهُ مُطْلَقًا خَشِيَ قَتْلَ الدَّوَابِّ أَمْ لَا زَالَ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ أَمْ لَا. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا لِعُذْرٍ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَتَجِبُ إنْ أَزَالَ شَعْرًا أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا وَالْقَلِيلُ فِيهِ الْإِطْعَامُ، وَسَوَاءٌ احْتَجَمَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ لُزُومَ الْفِدْيَةِ إذَا احْتَجَمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَزَالَ الشَّعْرُ، فَالْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ مُشْكِلَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كُرِهَ (غَمْسُ رَأْسٍ) فِي الْمَاءِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ إسْقَاطَهُ لِكَلَامِهَا وَمِثْلُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 314 أَوْ تَجْفِيفُهُ، بِشِدَّةٍ، وَنَظَرٌ بِمِرْآةٍ، وَلُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا، وَعَلَيْهِمَا دُهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَإِنْ صَلَعًا وَإِبَانَةُ ظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ   [منح الجليل] وَانْظُرْ هَلْ الْإِطْعَامُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْإِطْعَامَ فِي الْحِجَامَةِ وَلَا فِي تَجْفِيفِ الرَّأْسِ بِشِدَّةٍ، مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا خِيفَةُ قَتْلِ الدَّوَابِّ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْكَرَاهَةَ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَغَمْسُ بِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى. عب قَوْلُهَا فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ إلَخْ اسْتَدَلَّ بِهِ طفي عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا لِلتَّحْرِيمِ، قَالَ إذْ لَا إطْعَامَ فِي كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَقَوْلَ صَاحِبِ الطِّرَازِ بِالِاسْتِحْبَابِ خِلَافُهَا انْتَهَى الْبُنَانِيُّ. قُلْت لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَ الْإِطْعَامَ فِيهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ تَبَعًا لِلطِّرَازِ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى التَّحْرِيمِ. قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ الْإِطْعَامُ إلَخْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ سَنَدًا حَمَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ (أَوْ تَجْفِيفُهُ) أَيْ: الرَّأْسِ بِخِرْقَةٍ بَعْدَ غَمْسِهِ فِي الْمَاءِ (بِشِدَّةٍ) خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ، قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَكِنْ يُحَرِّكُهُ بِيَدِهِ. (وَ) كُرِهَ (نَظَرٌ بِمِرْآةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَمْدُودًا أَيْ: الْآلَةُ الَّتِي يُرَى بِهَا الْوَجْهُ خِيفَةَ أَنْ يَرَى شَعَثًا فَيُزِيلُهُ (وَ) كُرِهَ (لُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا مُحْرِمَةً أَوْ حُرَّةً مَظِنَّةَ أَنْ يَصِفَ عَوْرَتَهَا. (وَ) حَرُمَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ (دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَ) شَعْرِ (الرَّأْسِ) أَيْ تَسْرِيحُهُمَا بِالدُّهْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ إنْ كَانَ الرَّأْسُ تَامَّ الشَّعْرِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الرَّأْسُ (صَلَعًا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ ذَا صَلَعٍ أَيْ: خُلُوُّ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ مِنْ الشَّعْرِ أَوْ بِسُكُونِ اللَّامِ مَمْدُودًا، وَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِهِ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ عَنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ بِتَأْوِيلِهِ بِالْهَامَةِ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (إبَانَةُ) أَيْ إزَالَةُ (ظُفْرٍ) لِغَيْرِ عُذْرٍ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ آنِفًا انْكَسَرَ (أَوْ) إزَالَةُ (شَعْرٍ) وَلَوْ قَلَّ بِنَتْفٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ نَوْرَةٍ أَوْ قَرْضٍ بِأَسْنَانٍ (أَوْ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 315 وَسَخٍ إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ بِمُزِيلِهِ، وَتَسَاقُطُ شَعْرٍ لِوُضُوءٍ أَوْ رُكُوبٍ، وَدَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَلَهَا قَوْلَانِ، اُخْتُصِرَتْ عَلَيْهِمَا،   [منح الجليل] إزَالَةُ (وَسَخٍ) إلَّا مَا تَحْتَ الظُّفْرِ وَلَا فِدْيَةَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ) مِنْ وَسَخٍ (بِمُزِيلِهِ) أَيْ: الْوَسَخِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا مِنْ صَابُونِ غَيْرِهِ مُطَيَّبٍ أَوْ طَفْلٍ أَوْ خِطْمِيٍّ أَيْ: بِزْرِ خُبَّيْزَى أَوْ حُرُضِيٍّ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ: إشْنَانٌ بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِهِ لُغَةً، وَقَالَ سَنَدٌ الْحُرُضُ هُوَ الْغَاسُولُ. (وَ) إلَّا (تَسَاقَطَ شَعْرٌ) وَلَوْ كَثُرَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ (لِوُضُوءٍ) أَوْ غُسْلٍ وَاجِبَيْنِ أَوْ مَنْدُوبَيْنِ أَوْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ وَلَا شَيْءَ فِيمَا قَتَلَهُ فِي وَاجِبٍ، وَكَذَا فِي مَسْنُونٍ أَوْ مَنْدُوبٍ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَوْ كَثُرَ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ لِتَبَرُّدٍ وَلَوْ تَسَاقَطَ فِيهِ شَعْرٌ، فَإِنْ قَتَلَ فِيهِ كَثِيرًا افْتَدَى وَإِنْ قَلَّ فَفِيهِ قَبْصَةٌ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَنَامِلِ مِنْ طَعَامٍ (أَوْ) تَسَاقَطَ شَعْرٌ مِنْ سَاقِهِ ل (رُكُوبٍ) فَحَلَفَهُ الْإِكَافُ أَوْ السَّرْجُ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (دَهْنُ الْجَسَدِ) أَيْ: مَا عَدَا بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مُشَبِّهًا فِي الْمَنْعِ (كَ) دَهْنِ بَطْنِ (كَفٍّ وَرِجْلٍ) وَظَاهِرُهُمَا دَخَلَ فِي الْجَسَدِ، وَنَصَّ عَلَيْهِمَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ التَّرْخِيصِ فِي دَهْنِهِمَا (بِطِيبٍ) رَاجِعٌ لِلْجَسَدِ وَمَا بَعْدَهُ، وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَافْتَدَى فِي دَهْنِهِمَا (بِمُطَيِّبٍ) رَاجِعٌ لِلْجَسَدِ وَمَا بَعْدَهُ، وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: وَافْتَدَى فِي دَهْنِهِمَا بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ (أَوْ) بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (لِغَيْرِ عِلَّةٍ) بَلْ لِلتَّزَيُّنِ فِي الْجَسَدِ وَبَطْنِ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ (وَ) فِي دَهْنِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (لَهَا) أَيْ: الْعِلَّةِ وَالضَّرُورَةِ مِنْ شُقُوقٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ قُوَّةِ عَمَلٍ (قَوْلَانِ) بِالْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا (اُخْتُصِرَتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: الْقَوْلَيْنِ. قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: وَإِنْ دَهَنَ قَدَمَيْهِ وَعَقِبَيْهِ مِنْ شُقُوقٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَهَنَهُمَا لِغَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ دَهَنَ ذِرَاعَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ لِيُحَسِّنَهُمَا لَا لِعِلَّةٍ افْتَدَى فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ لَا لِعِلَّةٍ إنْ دَهَنَ الذِّرَاعَيْنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 316 وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ، أَوْ لِضَرُورَةٍ كُحْلٍ وَلَوْ فِي طَعَامٍ   [منح الجليل] وَالسَّاقَيْنِ لِعِلَّةٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ فَقَالَ لِيُحَسِّنَهُمَا أَوْ مِنْ عِلَّةٍ افْتَدَى، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الذِّرَاعَانِ وَالسَّاقَانِ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ سِوَى بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ، وَأَمَّا دَهْنُ بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ اتِّفَاقًا، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الدَّهْنَ بِمُطَيِّبٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَانَ لِعِلَّةٍ أَمْ لَا بِالْجَسَدِ أَوْ بَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَأَنَّ الدَّهْنَ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ فِي الْجَسَدِ أَوْ بَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ، وَلِعِلَّةٍ لَا شَيْءَ فِيهِ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ، وَفِي الْجَسَدِ فِيهِ قَوْلَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ اخْتِصَارِ الْبَرَادِعِيِّ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي دَهْنِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي دَهْنِ السَّاقَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ لَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ لَفْظُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ الِاخْتِلَافَ اُنْظُرْهُ فِي الْحَطّ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (تَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ وَالْوَرْسُ نَبْتٌ كَالسِّمْسِمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ صَبْغُهُ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ يَبْقَى نَبْتُهُ فِي الْأَرْضِ عِشْرِينَ سَنَةً، وَدَخَلَ بِالْكَافِ زَعْفَرَانٌ وَمِسْكٌ وَكَافُورٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ. وَمَعْنَى تَطَيُّبِهِ بِهِ إلْصَاقُهُ بِالْبَدَنِ عُضْوًا أَوْ بَعْضَهُ أَوْ بِالثَّوْبِ، فَلَوْ عَبَقَ الرِّيحُ دُونَ الْعَيْنِ عَلَى جَالِسٍ بِحَانُوتِ عَطَّارٍ أَوْ بَيْتٍ تَطَيَّبَ أَهْلُهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَيُكْرَهُ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَبَالَغَ عَلَى الْحُرْمَةِ بِدُونِ فِدْيَةٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ) وَعَلَى هَذَا قُلْنَا شَيْءٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَهُوَ الطِّيبُ الْمُؤَنَّثُ ذَاهِبُ الرِّيحِ وَافْتَدَى إنْ تَطَيَّبَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ (أَوْ) تَطَيَّبَ (لِضَرُورَةِ كُحْلٍ) فَفِيهِ الْفِدْيَةُ بِلَا إثْمٍ، هَذَا مُرَادُهُ بِهَاتَيْنِ الْمُبَالَغَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ وَتَطَيَّبَ بِكَوْرَسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى نَاظِرَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ نَاظِرَةٌ لِلثَّانِي (أَوْ) وُضِعَ (فِي طَعَامٍ) أَوْ شَرَابٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 317 أَوْ لَمْ يَعْلَقْ؛ إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ، وَمَطْبُوخًا، وَبَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ،   [منح الجليل] أَوْ) مَسَّهُ وَ (لَمْ يَعْلَقْ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِهِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ (إلَّا) مَنْ مَسَّ أَوْ حَمَلَ (قَارُورَةً) أَوْ خَرِيطَةً أَوْ خُرْجًا بِهَا طِيبٌ (سُدَّتْ) عَلَيْهِ سَدًّا وَثِيقًا مُحْكَمًا بِحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا رِيحُهُ فَلَا فِدْيَةَ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا فِدْيَةَ فِي حَمْلِ قَارُورَةٍ مُصْمَتَةِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّ مُرَادَهُ بِنَحْوِ الْقَارُورَةِ فَارَةُ الْمِسْكِ غَيْرُ مَشْقُوقَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْفَأْرَةَ طِيبٌ. الْحَطّ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ مُرَادَهُ بِنَحْوِهَا الْخَرِيطَةُ وَالْخُرْجُ وَشَبَهُهُمَا كَمَا فِي الطِّرَازِ. (وَ) إلَّا طِيبًا (مَطْبُوخًا) فِي طَعَامٍ بِنَارٍ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَا فِدْيَةَ فِي أَكْلِهِ وَلَوْ صَبَغَ الْفَمَ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِنْ لَمْ يُمِتْهُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ قَالَهُ الْحَطّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاتَتِهِ اسْتِهْلَاكُهُ فِي الطَّعَامِ وَذَهَابُ عَيْنِهِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ غَيْرُ رِيحِهِ كَمِسْكٍ أَوْ وَلَوْنُهُ كَزَعْفَرَانٍ بَارِزٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ، هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْبِسَاطِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الْحَطّ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ. ابْنُ بَشِيرٍ الْمَذْهَبُ نَفْيُ الْفِدْيَةِ أَيْ: فِي الْمَطْبُوخِ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَالْمُخْتَصَرِ الْجَوَازَ فِي الْمَطْبُوخِ وَإِبْقَاءَ الْأَبْهَرِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَيَّدَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِغَلَبَةِ الْمُمَازِحِ وَابْنِ حَبِيبٍ بِغَلَبَتِهِ وَأَنْ لَا يَعْلَقَ بِالْيَدِ وَلَا بِالْفَمِ مِنْهُ شَيْءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا مَسَّهُ نَارٌ فِي إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ اسْتَهْلَكَ ثَالِثَهَا وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُ صَبْغِهِ بِيَدٍ وَلَا فَمٍ الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ، وَالثَّانِي لِلْقَاضِي، وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ. فَقَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا اسْتَهْلَكَ أَمْ لَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ، وَبِهِ اعْتَرَضَ طفى عَلَى الْحَطّ. (وَ) إلَّا طِيبًا يَسِيرًا (بَاقِيًا) أَثَرُهُ أَوْ رِيحُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ (مِمَّا) تَطَيَّبَ بِهِ (قَبْلَ إحْرَامِهِ) فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ اللَّوْنُ مَعَ ذَهَابِ الْجُرْمِ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سَنَدٍ إذَا قُلْنَا لَا فِدْيَةَ فِي الْبَاقِي مَعَ كَرَاهَتِهِ فَيُؤْمَرُ بِغُسْلِهِ، فَإِنْ ذَهَبَ بِصَبِّ الْمَاءِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهِ غَسَلَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 318 وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ خَلُوقِ كَعْبَةٍ، وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى:   [منح الجليل] بِيَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِفِعْلِهِ مَا أُمِرَ بِهِ اهـ. فَأُمِرَ بِغَسْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ مِمَّا يُغْسَلُ، لَكِنْ لَمَّا شَمَلَ كَلَامُهُ الْجُرْمَ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ فَتَجِبُ بِذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَهُوَ بَيِّنٌ اهـ. إذْ الَّذِي تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ هُوَ جُرْمُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ. وَنَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " سُقُوطَ الْفِدْيَةِ فِي بَقَاءِ لَوْنِهِ وَرَائِحَتِهِ، قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ تَجِبُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ، أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا فِي بَقَاءِ الرَّائِحَةِ دُونَ الْأَثَرِ، وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَتَطَيَّبُ قَبْلَهُ بِمَا تَبْقَى بَعْدَهُ رَائِحَتُهُ طفي. الْبَاجِيَّ إنْ تَطَيَّبَ لِإِحْرَامِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِ الطِّيبِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، وَهَذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَهُ الرَّائِحَةُ، ثُمَّ قَالَ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِ الطِّيبِ أَوْ لَمْسِهِ. وَأَمَّا الِانْتِفَاعُ بِرِيحِهِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ فِدْيَةٌ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ. وَلَا يَتَطَيَّبُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِمَا يَبْقَى رِيحُهُ بَعْدَهُ. الْبَاجِيَّ إنْ فَعَلَ فَلَا فِدْيَةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِهِ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا يُوجِبُهَا. وَقَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مَا يَبْقَى بَعْدَهُ رِيحُهُ كَفِعْلِهِ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ فِي الْمَنْعِ فَقَطْ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادَ فِي الْفِدْيَةِ فَلَا. (وَ) إلَّا (مُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ) شَخْصٍ (غَيْرِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ نَائِمًا أَوْ يَقْظَانَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ (أَوْ) مُصِيبًا مِنْ (خَلُوقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طِيبِ (كَعْبَةٍ) فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ لِطَلَبِ الْقُرْبِ مِنْهَا. (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُثَقَّلَةً (فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ) أَيْ الْخَلُوقِ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُصِيبُ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ نَزْعُ يَسِيرِهِ فَوْرًا كَكَثِيرِهِ فَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى فَلَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْخَلُوقُ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ يَسِيرًا (افْتَدَى إنْ تَرَاخَى) فِي نَزْعِ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَيَفْتَدِي فِي كَثِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي عج وَالْحَطّ، فَيَخُصُّ قَوْلُهُ فِي نَزْعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 319 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَسِيرِهِ بِشَيْئَيْنِ وَيَخُصُّ التَّرَاخِي بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ وُجُوبِ نَزْعِهِ فَوْرًا لِلْكَثِيرِ قَالَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَيْ الْخَلُوقِ وَالْبَاقِي إلَخْ تَبِعَ فِيهِ عج وَأَحْمَدُ وَجَعَلَهُ سَالِمٌ رَاجِعًا لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ وَمَا بَعْدَهُ وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ، وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْخَلُوقِ كَمَا قَالَ الْحَطّ وتت وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفى؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَ مِنْ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ الْغَيْرِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَوْرًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْحَطّ، وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ لَوْنًا أَوْ رَائِحَةً لَمْ يَتَأَتَّ نَزْعُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ وَهُوَ جُرْمُ الطِّيبِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَوْ لَا كَمَا أُخِذَ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى هَذَا أَيْضًا خَاصٌّ بِالْخَلُوقِ كَمَا فِي الْحَطّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاقِي مِنْ جُرْمِ الطِّيبِ مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ يَجِبُ نَزْعُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَمْ لَا، نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ الْغَيْرِ أَنَّهُ إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ افْتَدَى وَإِنْ قَلَّ، وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ وَإِلَّا افْتَدَى لَهُمَا كَانَ حَسَنًا لَكِنْ يَأْبَاهُ كَلَامُهُ، وَقَدْ تَكَلَّفَ ابْنُ عَاشِرٍ رُجُوعَهُ لَهُمَا وَهُوَ بَعِيدٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْفِدْيَةِ إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِ كَثِيرِ الْخَلُوقِ قَدْ تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ طفي بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا لَصَقَ بِهِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ إذْ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْهُ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلْيَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ بِيَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ تَرْكُهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اجْتَمَعَ مِمَّا فِيهَا وَكِتَابُ مُحَمَّدٍ إنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ، وَزَادَ مُحَمَّدٌ غَسَلَ الْكَثِيرَ وَصَرَّحَ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْغَسْلَ عَلَى وَجْهِ الْأَحْبِيَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا وَلَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْفِدْيَةَ فِي الْكَثِيرِ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ فَقَطْ، وَلَا قَائِلَ بِالْفِدْيَةِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ وَهْبٍ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ، ثُمَّ قَالَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ وُجُوبَهَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 320 كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ نَائِمًا. وَلَا تُخْلَقُ أَيَّامَ الْحَجِّ، وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ فِيهَا مِنْ الْمَسْعَى، وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ بِلَا صَوْمٍ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ، وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ.   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ مَعَ التَّرَاخِي فَقَالَ (كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ (نَائِمًا) فَإِنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ افْتَدَى، وَإِنْ نَزَعَهُ عَاجِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ فِعْلَ غَيْرِهِ وَنَزَعَهُ عَاجِلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُغَطَّى. (وَلَا تُخْلَقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامُ مُثَقَّلَةً أَيْ: لَا تُطَيَّبُ (الْكَعْبَةُ أَيَّامَ الْحَجِّ) أَيْ: يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يُصِيبَ الطَّائِفِينَ (وَيُقَامُ) أَيْ: يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ نَدْبًا (الْعَطَّارُونَ) أَيْ: الَّذِينَ يَبِيعُونَ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ (فِيهَا) أَيْ: أَيَّامِ الْحَجِّ (مِنْ الْمَسْعَى وَافْتَدَى) أَيْ: أَخْرَجَ الْفِدْيَةَ وُجُوبًا نِيَابَةً عَنْ الْمُحْرِمِ (الْمُلْقِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ (الْحِلُّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ: غَيْرُ الْمُحْرِمِ طِيبًا مُؤَنَّثًا عَلَى مُحْرِمٍ نَائِمٍ أَوْ ثَوْبًا عَلَى رَأْسِهِ (إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ لِنَزْعِهِ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ وَصِلَةُ افْتَدَى (بِلَا صَوْمٍ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَكُونُ عَنْ الْغَيْرِ فَيُطْعِمُ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ يَذْبَحُ شَاةً فَأَعْلَى. (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُلْقِي مَا يَفْتَدِي بِهِ (فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ) الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِصَوْمٍ أَوْ إطْعَامٍ أَوْ نُسُكٍ؛ لِأَنَّهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْفِدْيَةِ عَلَى الْفَاعِلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ فَقَالَ (كَأَنْ حَلَقَ) الْحِلُّ (رَأْسَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمِ النَّائِمِ فَالْفِدْيَةُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَالِقِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ (وَرَجَعَ) الْمُحْرِمُ الْمُفْتَدِي إنْ شَاءَ عَلَى الْفَاعِلِ (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ أَوْ مِثْلِ كَيْلِ الطَّعَامِ إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدَهُ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَاهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 321 إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْتَقِي فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ. وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ فَعَلَى الْمُحْرِمِ؛ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ أَطْعَمَ، وَهَلْ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ   [منح الجليل] وَذَكَرَ شَرْطَ الرُّجُوعِ فَقَالَ (إنْ لَمْ يَفْتَدِ) الْمُحْرِمُ (بِصَوْمٍ) بِأَنْ افْتَدَى بِإِطْعَامٍ أَوْ نُسُكٍ بِشَاةٍ فَإِنْ افْتَدَى بِصَوْمٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ (وَعَلَى الْمُحْرِمِ) بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ (الْمُلْقِي) طِيبًا عَلَى مُحْرِمٍ نَائِمٍ وَنَزَعَهُ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ (فِدْيَتَانِ) فِدْيَةٌ لِمَسِّهِ الطِّيبَ وَفِدْيَةٌ لِتَطْيِيبِهِ النَّائِمَ، فَإِنْ تَرَاخَى النَّائِمُ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ فِي نَزْعِهِ فَفِدْيَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْمُلْقِي الطِّيبَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِإِلْقَائِهِ إنْ بَادَرَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَاخَى فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي (عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. (وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا) أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ أَوْ طَيَّبَهُ (بِإِذْنٍ) مِنْ الْمُحْرِمِ فِي الْحَلْقِ أَوْ التَّقْلِيمِ أَوْ التَّطْيِيبِ وَلَوْ حُكْمًا كَرِضَاهُ بِفِعْلِهِ (فَعَلَى الْمُحْرِمِ) الْفِدْيَةُ وَلَوْ أَعْسَرَ وَلَا تَلْزَمُ الْحِلَّ، وَقَدْ يُقَالُ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ بِإِذْنِهِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُحْرِمِ إنْ أَيْسَرَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُحْرِمُ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا (فَ) الْفِدْيَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْحِلِّ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ كَأَنْ حَلَقَ حِلٌّ رَأْسَهُ أَعَادَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِمَفْهُومٍ بِإِذْنٍ وَدَفَعَهُ الْحَطّ بِأَنَّ مَا هُنَا بَيَانٌ لِمَوْضِعِ لُزُومِهَا لِلْحِلِّ وَمَا مَرَّ بَيَانٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَالِقِ إذَا لَزِمَتْهُ حُكْمُ الْمُلْقِي طِيبًا. ابْنُ عَاشِرٍ هَذِهِ مُحَاوَلَةٌ لَا تَتِمُّ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا حَتَّى يُسْتَفَادَ مِنْهُ الْمَعْنَى الْمُفَادُ هُنَا. (وَإِنْ حَلَقَ) شَخْصٌ (مُحْرِمٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (رَأْسَ) شَخْصٍ (حِلٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ: غَيْرِ مُحْرِمٍ (أَطْعَمَ) الْمُحْرِمُ وُجُوبًا لِاحْتِمَالِ قَتْلِهِ دَوَابَّ، فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهَا فَلَا يُطْعِمُ. (وَهَلْ) إطْعَامُهُ (حَفْنَةٌ) أَيْ: مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مِنْ طَعَامٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ (أَوْ) إطْعَامُهُ (فِدْيَةٌ) أَيْ: صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 322 تَأْوِيلَانِ، فِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ، لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ:   [منح الجليل] مَسَاكِينَ أَوْ نُسُكٌ بِشَاةٍ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِ الْإِمَامِ يَفْتَدِي، وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - "، فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي بِالْخِلَافِ لِلْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ، وَالْأَوَّلُ بِالْوِفَاقِ لِغَيْرِهِمَا. وَتَرَدَّدَ ابْنُ يُونُسَ فِيهِمَا فَلَوْ قَالَ افْتَدَى وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ حَفْنَةٌ لَكَانَ أَوْلَى. سَنَدٌ إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمُذَهَّبِ، وَإِنْ قَتَلَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَكَثِيرًا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَلَمْ يُدْرَ مَأْثَمٌ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَفْتَدِي، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ اهـ. وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْلِيلِ الْفِدْيَةِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَسَنَدٍ وَاللَّخْمِيِّ. وَعَلَّلَهَا الْبَغْدَادِيُّونَ بِالْحَلْقِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُهُ. وَعَلَى الْإِطْلَاقِ حَمَلَ سَالِمٌ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْحَلْقِ وَصَوَّبَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ لِتَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ. وَلِقَوْلِ سَنَدٍ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلِقَوْلِهِمْ فِي تَقْلِيمِ الْمُحْرِمِ ظُفْرَ حَلَالٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ يُرَجِّحُ أَنَّ الْفِدْيَةَ لِلْقَمْلِ لَا لِلْحَلْقِ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْحَلْقِ لَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ هُنَا اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَفِي) قَلْمِ (الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى) وَلَا لِانْكِسَارِهِ بِأَنْ قَلَّمَ الْمُحْرِمُ ظُفْرَ نَفْسِهِ عَبَثًا وَتَرَفُّهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَطّ (حَفْنَةٌ) أَيْ: مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مِنْ طَعَامٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ وَالْقَبْضَةُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِلْؤُهَا مَقْبُوضَةً فَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ، وَالْقَبْصَةُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ فَهِيَ، دُونَ الْقَبْضَةِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ، وَمَفْهُومُ الْوَاحِدِ أَنَّ فِي قَصِّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فِدْيَةً سَوَاءٌ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَمْ لَا إنْ أَبَانَهُمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَبَانَ الثَّانِي قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لِلْأَوَّلِ وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ حَفْنَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَلْمِ ظُفْرِ الْحَلَالِ أَوْ الْمُحْرِمِ بِإِذْنِهِ وَالْحَفْنَةُ أَوْ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَقْلُومِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالذَّخِيرَةِ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ أَوْ قَلَّمَهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَعَلَى الْقَالِمِ الْمُحْرِمِ أَوْ الْحَلَالِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 323 كَشَعْرَةٍ أَوْ شَعَرَاتٍ، أَوْ قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ، وَطَرْحِهَا كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ؛ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ، وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ، لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ أَوْ بُرْغُوثٍ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْحَفْنَةِ فَقَالَ (كَ) إزَالَةِ (شَعْرَةٍ) وَاحِدَةٍ مِنْ جَسَدِهِ فَفِيهَا حَفْنَةٌ (أَوْ) إزَالَةِ (شَعَرَاتٍ) عَشْرَةٍ لِغَيْرِ إمَاطَةِ أَذًى فَفِيهَا حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَلِإِمَاطَتِهِ فِيهَا فِدْيَةٌ كَإِزَالَةِ الْكَثِيرِ الزَّائِدِ عَلَى عَشَرَةٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ. (وَ) قَتْلِ (قَمْلَةٍ) وَاحِدَةٍ فِيهَا حَفْنَةٌ (وَقَمَلَاتٍ) عَشْرَةٍ فِيهَا حَفْنَةٌ وَلَوْ لِإِمَاطَتِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ نَعْلَمْ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلًا بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ (وَطَرْحِهَا) أَيْ: الْقَمْلَةِ أَوْ الْقَمَلَاتِ بِالْأَرْضِ فِيهِ حَفْنَةٌ كَقَتْلِهَا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَتْلِ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ قَمْلَةٍ، أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: كَقَتْلِهَا فِي إيجَابِ الْحَفْنَةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الْعَطْفِ، إنْ أُمِنَ اللُّبْسُ كَمَا قَالَ الرَّضِيُّ لِتَأْدِيَتِهِ لِمَوْتِهَا لِخَلْقِهَا مِنْ جَسَدِ الْآدَمِيِّ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ أَيْضًا فَقَالَ (كَحَلْقِ) شَخْصٍ (مُحْرِمٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (لَ) شَخْصٍ (مِثْلِهِ) فِي كَوْنِهِ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِإِذْنِهِ (مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ) فَيَلْزَمُ الْحَالِقَ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) الْحَالِقُ (نَفْيَ الْقَمْلِ) عَنْ مَوْضِعِ الْحَلْقِ فَلَا حَفْنَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَعَلَى الْمَحْلُوقِ شَعْرُهُ فِي الْحَالَيْنِ الْفِدْيَةُ. (وَ) كَ (تَقْرِيدِ) أَيْ إزَالَةِ الْقُرَادِ عَنْ (بَعِيرِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ فِيهِ حَفْنَةٌ إنْ لَمْ يَقْتُلْهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَتَلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ. وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ عَنْهَا أَنَّهُ يُطْعِمُ فِي طَرْحِهِ، وَلَمَّا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي تَقْرِيدِ بَعِيرِهِ يُطْعِمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الَّذِي حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَتَلَ الْقُرَادَ (لَا) شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي (كَطَرْحِ عَلَقَةٍ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعِيرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ النَّمْلَ وَالدُّودَ وَالذُّبَابَ وَالسُّوسَ وَغَيْرَهَا سِوَى الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِهَا. (أَوْ) طَرْحِ (بُرْغُوثٍ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ فِي الشَّامِلِ وَلَهُ طَرْحُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 324 وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ أَوْ يُزِيلُ أَذًى: كَقَصِّ الشَّارِبِ أَوْ ظُفْرٍ وَقَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ، وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ، وَإِنْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ وَمُجَرَّدُ   [منح الجليل] بُرْغُوثٍ. وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَقِيلَ يُطْعِمُ (وَالْفِدْيَةُ) وَاجِبَةٌ (فِيمَا) أَيْ: الْفِعْلِ الَّذِي (يُتَرَفَّهُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالرَّاءُ وَالْفَاءُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ: يَتَنَعَّمُ (بِهِ أَوْ) فِيمَا يُزِيلُ بِهِ (أَذَى) الْحَطّ لَمْ يُبَيِّنْ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا هِيَ إمَاطَةُ الْأَذَى، وَجَعَلَهَا الْبَاجِيَّ قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْلَقَ مِنْ طُولِ ظُفْرِهِ فَيُقَلِّمُهُ وَهَذَا أَذًى مُعْتَادٌ، وَالثَّانِي أَنْ يُرِيدَ مُدَاوَاةَ جُرْحٍ بِأُصْبُعِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ إلَّا بِهِ (كَقَصِّ الشَّارِبِ) جَعَلَهُ ابْنُ شَاسٍ مِثَالًا لِمَا يُزَالُ بِهِ أَذًى وتت مِثَالًا لِمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ وَهُوَ صَالِحٌ لَهُمَا. (أَوْ) قَصِّ (ظُفْرٍ) وَاحِدٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ آنِفًا لَا لِإِمَاطَةِ أَذًى أَوْ مُتَعَدِّدٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى أَوْ لَا، فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِقَلْمِ الظُّفْرِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ قَلَّمَهُ مُنْكَسِرًا لَا شَيْءَ فِيهِ قَلَّمَهُ لَا لِإِمَاطَةِ أَذًى فِيهِ حَفْنَةٌ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ أَذًى فِيهِ فِدْيَةٌ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ حَلْقَ الْعَانَةِ وَنَتْفَ الْإِبْطِ وَالْأَنْفِ. (وَقَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ) بِأَنْ زَادَ عَلَى اثْنَيْ عَشْرَ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ فِي الْبَيَانِ رَآهُ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ كِسْرَةً اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَمِثْلُ قَتْلِهِ طَرْحُهُ (وَخَضْبٍ) لِرَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا (بِكَحِنَّاءٍ) بِالْمَدِّ وَالصَّرْفِ مِثَالٌ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ الرَّأْسَ وَيُفَوِّحُهُ وَيَقْتُلُ دَوَابَّهُ وَيُرَجِّلُ شَعْرَهُ وَيُزَيِّنُهُ، وَبِدُونِ هَذَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ قَالَهُ سَنَدٌ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْوَسِمَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا لُغَةً نَبْتُ شَجَرَةٍ كَالْكُزْبَرَةِ يُدَقُّ وَيُخْلَطُ مَعَ الْحِنَّاءِ مِنْ الْوَسَامَةِ أَيْ: الْحُسْنِ؛ لِأَنَّهَا تُحَسِّنُ الشَّعْرَ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ. وَلَوْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ مَثَلًا بِالْخَضْبِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَخْضُوبُ (رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ) بِأَنْ كَانَتْ قَدْرَ الدِّرْهَمِ فَإِنْ صَغَرَتْ فَلَا فِدْيَةَ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ خَضْبٍ أَنَّهُ إنْ جَعَلَهَا فِي فَمِ جُرْحٍ أَوْ حَشَى بِهَا شُقُوقًا أَوْ شَرِبَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَمُجَرَّدُ) بِضَمِّ الْمِيمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 325 حَمَّامٍ عَلَى الْمُخْتَارِ. وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ، أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا بِفَوْرٍ،   [منح الجليل] وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً صَبُّ مَاءٍ حَارٍّ عَلَى جَسَدِهِ فِي (حَمَّامٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَشَدِّ الْمِيمِ عَنْ تَدَلُّكٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَلَوْ لِرَفْعِ جَنَابَةٍ وَأَسْقَطَ مِنْ كَلَامِهِ تَقْيِيدَهُ بِجُلُوسٍ فِيهِ حَتَّى يَعْرَقَ وَأَوْلَى إنْ دَلَّكَ أَوْ أَزَالَ وَسَخًا، وَأَمَّا صَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِيهِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَدُخُولُهُ التَّدَفِّي بِلَا غُسْلٍ جَائِزٌ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى دَاخِلِهِ إلَّا إذَا تَدَلَّكَ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَاقْتَصَرَ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ لِاخْتِيَارِهِ الْأَشْيَاخَ لَا مَا فِيهَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (وَاتَّحَدَتْ) الْفِدْيَةُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَتَتَعَدَّدُ فِي غَيْرِهَا بِتَعَدُّدِ سَبَبِهَا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا فَتَتَّحِدُ مَعَ تَعَدُّدِ سَبَبِهَا (إنْ ظَنَّ) الشَّخْصُ (الْإِبَاحَةَ) لِأَسْبَابِ الْفِدْيَةِ كَمَنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ وَسَعَى وَتَحَلَّلَ وَفَعَلَ أَسْبَابًا لِلْفِدْيَةِ مِنْ لُبْسِ مُحِيطٍ وَتَطَيُّبٍ وَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُ طَوَافِهِ أَوْ سَعْيِهِ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِتِلْكَ الْأَسْبَابِ. وَكَمَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ وَظَنَّ خُرُوجَهُ مِنْهُ وَإِبَاحَةَ مَمْنُوعَاتِهِ بِرَفْضِهِ وَفِعْلَ أَسْبَابِهَا كَذَلِكَ فَفِيهَا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَمَنْ وَطِئَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَظَنَّ خُرُوجَهُ مِنْهُ وَإِبَاحَةَ مَمْنُوعَاتِهِ فَفَعَلَ أَشْيَاءَ مِنْ مُوجِبَاتِهَا فَفِيهَا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ إبَاحَةَ مَمْنُوعَاتِ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ فِي ظَنِّهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَفَعَلَ أَسْبَابًا فِي أَوْقَاتٍ مُتَبَاعِدَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ سَبَبٍ فِدْيَةٌ، وَكَذَا مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ لِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا وَفَعَلَ أَسْبَابًا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَيْ: فِي صُوَرٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ. (أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: سَبَبُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ كَلُبْسٍ وَتَطَيُّبٍ وَحَلْقٍ وَقَلْمٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ (بِفَوْرٍ) وَاحِدٍ فَفِيهَا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِصَيْرُورَتِهَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ فِعْلِ الثَّانِي وَإِلَّا فَتَتَعَدَّدُ وَالْفَوْرُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهُوَ اتِّصَالُ الْأَسْبَابِ وَفِعْلُهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، كَذَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ تت مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ فَوْرٌ وَأَنَّ التَّرَاخِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا أَقَلُّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 326 أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ، أَوْ قَدَّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ، وَفِي صَلَاةٍ قَوْلَانِ.   [منح الجليل] أَوْ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ (وَنَوَى) عِنْدَ فِعْلِ الْأَوَّلِ (التَّكْرَارَ) لِأَسْبَابِ الْفِدْيَةِ وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَ السَّبَبَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَا كَاللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ إذَا لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ نِيَّةَ فِعْلِ جَمِيعِ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ وَفِعْلَهَا كُلَّهَا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْهَا. وَنِيَّةُ فِعْلِ كُلِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا، وَفَعَلَ مُتَعَدِّدًا مِنْهَا، وَنِيَّةُ فِعْلِ مُعَيَّنِهِ وَفَعَلَهَا كُلَّهَا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ فِعْلِ أَوَّلِ مُوجِبٍ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ. (أَوْ قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَا نَفْعُهُ عَامٌّ عَلَى مَا نَفْعُهُ خَاصٌّ كَأَنْ قَدَّمَ فِي لُبْسِهِ (الثَّوْبَ) الطَّوِيلَ إلَى أَسْفَلَ مِنْ الرُّكْبَةِ أَوْ الْقَلَنْسُوَةَ (عَلَى السَّرَاوِيلِ) أَوْ الْعِمَامَةَ أَوْ الْجُبَّةَ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْعَامِّ نَفْعُهُ، وَلَا فِدْيَةَ لِلْخَاصِّ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالسَّرَاوِيلِ زِيَادَةً عَنْ انْتِفَاعِهِ بِالثَّوْبِ لِطُولِهِ طُولًا لَهُ بَالٌ أَوْ لِدَفْعِهِ حَرًّا أَوْ بَرْدًا فَتَلْزَمُ بِلُبْسِهِ فِدْيَةٌ أُخْرَى لِانْتِفَاعِهِ ثَانِيًا بِغَيْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوَّلًا مُحَمَّدٌ مَنْ ائْتَزَرَ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ مِئْزَرٍ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَأْتَزِرُ بِهِمَا كَرِدَاءٍ فَوْقَ رِدَاءٍ. ابْنِ عَرَفَةَ الشَّيْخُ إنْ احْتَزَمَ فَوْقَ إزَارِهِ وَلَوْ بِحَبْلٍ أَوْ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ آخَرَ افْتَدَى إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا فَيَأْتَزِرَ بِهِمَا. وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَائِلًا لَا بَأْسَ بِرِدَاءٍ فَوْقَ رِدَاءٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّدَاءَ فَوْقَ الرِّدَاءِ لَيْسَ احْتِرَامًا بِخِلَافِ الِائْتِزَارِ فَوْقَ الْإِزَارِ حَيْثُ لَمْ يَبْسُطْهُمَا قَبْلَهُ فَهُوَ كَالِاحْتِزَامِ عَلَى الْمِئْزَرِ. (وَشَرْطُ) وُجُوبِ (هَا) أَيْ: الْفِدْيَةِ (فِي اللُّبْسِ) لِمُحِيطٍ مَمْنُوعٍ لُبْسُهُ بِالْإِحْرَامِ (انْتِفَاعٌ) بِالْمَلْبُوسِ (مِنْ) دَفْعِ (حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) أَيْ شَأْنًا، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالْفِعْلِ فَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا شَفَّافًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا وَتَرَاخَى زَمَنًا طَوِيلًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. فَفِي الْجَوَاهِرِ الْفِدْيَةُ إذَا انْتَفَعَ بِاللُّبْسِ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ دَامَ عَلَيْهِ كَالْيَوْمِ (لَا) فِدْيَةَ عَلَيْهِ (إنْ) لَبِسَ مُحِيطًا مَمْنُوعًا وَ (نَزَعَ) هـ (مَكَانَهُ) أَيْ: فَوْرًا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ مِنْ حَرٍّ وَلَا بَرْدٍ (وَفِي) الْفِدْيَةِ بِانْتِفَاعِهِ بِالْمَلْبُوسِ فِي (صَلَاةٍ) وَلَوْ رَبَاعِيَةً طَوَّلَ فِيهَا وَعَدَمُهَا (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 327 وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ، وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى، أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ: كَالْكَفَّارَةِ   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُعَدُّ طُولًا أَمْ لَا، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ. وَفِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " قَالَ فَمَرَّةً نَظَرَ إلَى حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ. الْحَطّ هَذَا هُوَ التَّوْجِيهُ الظَّاهِرُ لَا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِطُولٍ لِمَا عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ اهـ. وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ الطُّولَ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ طُولٌ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي عب عَنْ الشَّارِحِ. . (وَلَمْ يَأْثَمْ) الْمُحْرِمُ (إنْ فَعَلَ) مُوجِبَ الْفِدْيَةِ (لِعُذْرٍ) حَاصِلٍ أَوْ خِيفَ حُصُولُهُ هَذَا قَوْلُ التَّاجُورِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عب، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ. وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ وَمَفْهُومٌ لِعُذْرِ إثْمِهِ إنْ فَعَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا تَرْفَعُ الْفِدْيَةُ إثْمَهُ كَمَا أَنَّ الْعُذْرَ لَا يَرْفَعُ الْفِدْيَةَ (وَهِيَ) أَيْ: الْفِدْيَةُ (نُسُكٌ) بِضَمِّ النُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: عِبَادَةٌ مُضَافٌ أَوْ مُنَوَّنٌ مُبْدَلٌ مِنْهُ (شَاةٍ) بِالْجَرِّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالرَّفْعِ عَلَى الثَّانِي، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِشَاةٍ الْبَدْرِ يُشْتَرَطُ فِيهَا سِنٌّ وَسَلَامَةُ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ ذَبْحِهَا وَأَنَّهُ لَا يُجْزِي إعْطَاؤُهَا لِلْمَسَاكِينِ حَيَّةً (فَأَعْلَى) أَيْ: أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ وَهِيَ الْبَقَرَةُ، وَأَعْلَى مِنْ الْبَقَرَةِ الْبَدَنَةُ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَالْآبِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَارْتَضَى أَبُو الْحَسَنِ فِي مَنْسَكِهِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ فَالْبَقَرَةُ فَالْبَدَنَةُ، فَعَلَى هَذَا مَعْنَى أَعْلَى أَكْثَرُ لَحْمًا وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا. (أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ) أَيْ: لَا يَمْلِكُونَ قُوتَ عَامٍ فَشَمِلَ الْفُقَرَاءَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (مُدَّانِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُثَنَّى مُدٍّ نَبَوِيٍّ مِلْءُ جِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ لَا مَقْبُوضٍ وَلَا مَبْسُوطٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ (كَالْكَفَّارَةِ) لِلْيَمِينِ فِي كَوْنِهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا غَالِبِ قُوتِهِ، وَكَوْنُهَا بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذْ بِهِ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ سِوَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْبَدْرُ الظَّاهِرُ، أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ فَلَا تُجْزِئُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 328 أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى، وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان؛ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذَّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ، وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ. وَالْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا:   [منح الجليل] مُلَفَّقَةٌ وَلَا مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ لَا الصَّوْمُ وَلَا الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ. (أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) إنْ كَانَتْ غَيْرَ أَيَّامِ مِنًى بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (أَيَّامَ مِنًى) الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ (وَلَمْ يَخْتَصَّ) النُّسُكُ ذَبْحًا أَوْ نَحْرًا أَوْ إطْعَامًا أَوْ صِيَامًا (بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان) قَالَهُ تت، وَمُقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ وَالْآيَةِ اخْتِصَاصُهُ بِالشَّاةِ فَأَعْلَى (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الْمُفْتَدِي (بِالذِّبْحِ) بِكَسْرِ الذَّالِ أَيْ الْمَذْبُوحُ وَمِثْلُهُ الْمَنْحُورُ (الْهَدْيَ) أَوْ يُقَلِّدَ وَيُشْعِرَ مَا يُقَلِّدُ وَيُشْعِرُ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْهَدْيَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ (فَ) يَصِيرُ حُكْمُهُ (كَحُكْمِهِ) أَيْ: الْهَدْيِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُ مِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ فِي عَرَفَةَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَسَاقَهُ فِي حَجٍّ وَبَقِيَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِي مَكَّةَ، وَشُرِطَ جَمْعُهُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (طفى) نِيَّةُ الْهَدْيِ كَافِيَةٌ فِي كَوْنِ حُكْمِهِ كَالْهَدْيِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا. (وَلَا يُجْزِئُ) عَنْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينِ لِكُلٍّ مُدَّانِ (غَدَاءً وَعَشَاءً) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَإِهْمَالِ الدَّالِ وَلَا غَدَاءَانِ وَلَا عَشَاءَانِ (إنْ لَمْ يَبْلُغْ) مَا ذَكَرَ (مُدَّيْنِ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَإِنْ بَلَغَهُمَا أَجْزَأَ وَالْأَفْضَلُ الْأَمْدَادُ كَمَا يُفِيدُهُ فِي الظِّهَارِ وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ كَفِدْيَةِ الْأَذَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِدْيَةِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنَّهَا مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي أَكْلِ شَخْصٍ فِي يَوْمِ الْفِدْيَةِ لِكُلٍّ مُدَّانِ فَهُمَا قَدْرُ أَكْلِهِ فِي يَوْمَيْنِ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا (الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ) وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ (وَأَفْسَدَ) الْجِمَاعُ الْإِحْرَامَ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ إكْرَاهًا فِي قُبُلٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 329 كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ، وَإِنْ بِنَظَرٍ، وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ مُطْلَقًا، أَوْ بَعْدَهُ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةٍ وَعَقَبَةٍ: يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ: كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً   [منح الجليل] أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ بَالِغٍ وَمُوجِبًا لِلْغُسْلِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ. وَيُفْسِدُ الْحَجَّ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْجِمَاعُ وَالْمَنِيُّ فِي الْإِفْسَادِ عَلَى نَحْوٍ مُوجِبٍ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ التَّوْضِيحُ كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ الْفَسَادَ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُوجِبَ الْكَفَّارَةِ فِي الصَّوْمِ هُوَ الْجِمَاعُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِفْسَادِ فَقَالَ (كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ) بِقُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بَلْ (وَإِنْ) اسْتَدْعَاهُ فَخَرَجَ (بِنَظَرٍ) أَيْ: إدَامَتِهِ وَكَذَا بِإِدَامَةِ فِكْرٍ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَلَا يَفْسُدُ وَيُنْدَبُ الْهَدْيُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ وَفِي الْحَطّ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبٍ لِهَدْيٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَيَّدَ الْإِفْسَادَ بِقَوْلِهِ (إنْ وَقَعَ) الْجِمَاعُ (قَبْلَ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ فَيُفْسِدُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ: فَعَلَا شَيْئًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ أَمْ لَا. الْحَطّ بَعْدَمَا فَسَّرَ الْإِطْلَاقَ بِمَا ذَكَرَ لَمَّا كَانَ طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ شَبِيهَيْنِ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَاجِبًا وَرُكْنًا. وَفَصَّلَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ حَسُنَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ. (أَوْ) وَقَعَ الْجِمَاعُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْوُقُوفِ فَيَفْسُدُ (إنْ وَقَعَ) الْجِمَاعُ (قَبْلَ) طَوَافِ (إفَاضَةٍ وَ) رَمْيِ جَمْرَةِ (عَقَبَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ) لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ. الْحَطّ لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ اللَّفْظَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْفَسَادِ بِيَوْمِ النَّحْرِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقَعْ قَبْلَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ وَقَعَ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا يَوْمَ النَّحْرِ (فَهَدْيٌ) وَاجِبٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ إفْسَادٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا مَا وَقَعَ بَعْدَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَحُلَّ بِهِ مَا بَقِيَ. وَشَبَّهَ فِي الْهَدْيِ فَقَالَ (كَإِنْزَالِ) الْمَنِيِّ (ابْتِدَاءً) أَيْ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ وَلَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 330 وَإِمْذَائِهِ، وَقُبْلَتِهِ، وَوُقُوعِهِ بَعْدَ سَعْيٍ فِي عُمْرَتِهِ، وَإِلَّا فَسَدَتْ. وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَحْرَمَ،   [منح الجليل] قَصَدَ بِهِمَا لَذَّةً، فَإِنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (وَإِمْذَائِهِ) فِيهِ الْهَدْيُ سَوَاءٌ خَرَجَ ابْتِدَاءً أَوْ بِإِدَامَةِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَقُبْلَتِهِ) بِدُونِ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ فِيهَا هَدْيٌ إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَمِ لِغَيْرِ وَدَاعٍ وَرَحْمَةٍ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَحُكْمُهُ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْجَسَدِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُلَامَسَةِ إنْ خَرَجَ بِهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ أَوْ كَثُرَتْ فَهَدْيٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا. (وَوُقُوعِهِ) أَيْ: الْجِمَاعِ مِنْ مُعْتَمِرٍ (بَعْدَ) فَرَاغِ (سَعْيٍ فِي عُمْرَتِهِ) قَبْلَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا فَلَا يُفْسِدُهَا لِتَمَامِ أَرْكَانِهَا وَفِيهِ هَدْيٌ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَعْدَ سَعْيٍ فِيهَا بِأَنْ وَقَعَ فِي السَّعْيِ أَوْ قَبْلَهُ (فَسَدَتْ) عُمْرَتُهُ فَاَلَّذِي يُفْسِدُ الْحَجَّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَيُوجِبُ الْهَدْيَ فِي بَعْضٍ آخَرَ وَهُوَ الْجِمَاعُ، وَالْإِنْزَالُ يُفْسِدُ الْعُمْرَةَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَيُوجِبُ الْهَدْيَ فِي بَعْضٍ آخَرَ. وَأَمَّا مَا لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَيُوجِبُ الْهَدْيَ فَقَطْ فَلَا يُوجِبُهُ فِي الْعُمْرَةِ إذْ هِيَ أَخَفُّ، هَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَظْهَرَ س إيجَابَ الْهَدْيِ فِيهَا. أَيْضًا الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ عُمُومُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ الَّذِي فِي الْحَطّ وَالتَّوْضِيحِ. (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُكَلَّفِ (إتْمَامُ) النُّسُكِ (الْمُفْسَدِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ أَدْرَكَ وُقُوفَهُ وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ قَبْلَهُ فَيُتِمُّهُ بِالْوُقُوفِ وَنُزُولِ مُزْدَلِفَةَ وَمَبِيتِهَا وَوُقُوفِ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ عَقِبَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ، وَمَبِيتِ مِنًى وَرَمْيِهَا وَالتَّحْصِيبِ فَإِنْ فَاتَهُ وُقُوفُهُ وَجَبَ تَحَلُّلُهُ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ الْفَاسِدِ لِعَامٍ قَابِلٍ فَإِنَّهُ تَمَادَى عَلَى فَاسِدٍ يُمْكِنُ التَّحَلُّلُ مِنْهُ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا هُنَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ سَوَاءٌ ظَنَّ إبَاحَةَ قَطْعِهِ أَمْ لَا (فَهُوَ) أَيْ: الْإِحْرَامُ الْفَاسِدُ بَاقٍ (عَلَيْهِ) إنْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْقَضَاءِ بَلْ. (وَإِنْ أَحْرَمَ) بِغَيْرِهِ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ قَضَاءَ الْمُفْسَدِ فَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 331 وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثِهِ، وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَطَوُّعًا، وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ، وَنَحْرُ هَدْيٍ فِي الْقَضَاءِ   [منح الجليل] عَنْهُ عِنْدَ إمَامِنَا مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ وَإِتْمَامُهُ إتْمَامٌ لِلْمُفْسَدِ (وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يَقَعْ قَضَاؤُهُ) أَيْ: الْمُفْسَدَ (إلَّا فِي) سَنَةٍ (ثَالِثَةٍ) إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ وُقُوفِ الثَّانِي وَإِلَّا أُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَوْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَقْضِيهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَهُوَ عَلَى مَا أَفْسَدَ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ. (وَ) وَجَبَ (فَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ) لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ فَاسِدِهِمَا وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِتَرَاخِي الْحَجِّ وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ فَرْضًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (تَطَوُّعًا) ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ النَّفْلِ الَّذِي يَجِبُ تَكْمِيلُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَالْقَضَاءُ مِنْ جُمْلَةِ التَّكْمِيلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ تَقْدِيمُ قَضَاءِ التَّطَوُّعِ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. (وَ) وَجَبَ (قَضَاءُ الْقَضَاءِ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ أَفْسَدَهُ فَيَأْتِي بِحَجَّتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الْحَجَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ قَضَاءٌ عَنْ قَضَائِهَا الَّذِي أَفْسَدَهُ، وَيُهْدِي مَعَ كُلِّ حَجَّةٍ هَدْيًا. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَثُرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ الْمُفْسَدِ مَعَ الْأَوَّلِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا قَضَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ. قَالَ التَّوْضِيحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا قَضَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ هُنَا الْقَضَاءُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجَّ لَمَّا كَانَتْ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةً شَدَّدَ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ بِهِ، وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ صَارَتْ حَجَّةُ الْقَضَاءِ كَأَنَّهَا حَجَّةٌ مُعَيَّنَةٌ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ، فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ إنْ أَفْسَدَهَا كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا زَمَانُ قَضَاءِ الصَّوْمِ فَلَيْسَ بِمُعَيَّنٍ. (وَ) وَجَبَ (نَحْرُ هَدْيٍ فِي) زَمَنِ (الْقَضَاءِ) حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَا يُقَدِّمُهُ زَمَنَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ فَيُؤَخِّرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِيَجْتَمِعَ الْجَابِرُ وَالنُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ وَالْوُجُوبُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْهَدْيِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 332 وَاتَّحَدَ، وَإِنْ تَكَرَّرَ لِنِسَاءٍ، بِخِلَافِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ، وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ، وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى، وَعُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ،   [منح الجليل] وَعَلَى كَوْنِ نَحْرِهِ فِي الْقَضَاءِ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ. وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وُجُوبُهُ لِلْقَضَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لِلْفَسَادِ. فَلَوْ قَالَ: وَنَحَرَ هَدْيَهُ فِيهِ وَيَكُونُ ضَمِيرُ هَدْيِهِ لِلْفَسَادِ وَفِيهِ لِلْقَضَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ (وَاتَّحَدَ) هَدْيُ الْفَسَادِ إنْ اتَّحَدَ مُوجِبُ الْفَسَادِ بَلْ (وَإِنْ تَكَرَّرَ) مُوجِبُهُ بِوَطْءٍ (لِنِسَاءٍ) أَيْ: فِيهِنَّ (بِخِلَافِ صَيْدٍ) فَيَتَعَدَّدُ جَزَاؤُهُ بِتَعَدُّدِهِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْهُ وَالْعِوَضُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُعَوَّضِ (وَ) بِخِلَافِ (فِدْيَةٍ) فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ سَبَبِهَا إلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ إلَخْ. (وَأَجْزَأَ) هَدْيُ الْفَسَادِ (إنْ عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَعَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ (وَ) وَجَبَ هَدَايَا (ثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ) الْحَجَّ حَالَ كَوْنِهِ (قَارِنًا) أَوْ مُتَمَتِّعًا (ثُمَّ) بَعْدَ أَخْذِهِ فِي إتْمَامِهِ (فَاتَهُ) وُقُوفُهُ أَوْ فَاتَهُ وُقُوفُهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ (وَقَضَى) قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا بِهَدْيٍ لِلْإِفْسَادِ وَهَدْيٍ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٍ لِلْقُرْآنِ أَوْ التَّمَتُّعِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَعَلَهُ قَضَاءً، وَسَقَطَ هَدْيُ الْقُرْآنِ أَوْ التَّمَتُّعِ الَّذِي فَسَدَ وَفَاتَ لِانْقِلَابِهِ عُمْرَةً فَلَمْ يَحُجَّ الْقَارِنُ بِإِحْرَامِهِ وَلَا الْمُتَمَتِّعُ مِنْ عَامِهِ، وَسَيُفِيدُ هَذَا بِقَوْلِهِ لَا دَمَ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ. فَإِنْ قُلْت: قَوْلُهُ وَقَضَى صَادِقٌ بِقَضَائِهِ قَارِنًا وَبِقَضَائِهِ مُفْرِدًا فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ. قُلْت مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لَا قِرَانَ عَنْ إفْرَادٍ إلَخْ (وَعُمْرَةٌ) عَطْفٌ عَلَى هَدْيٌ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَهَدْيٌ فَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ ذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ اتِّصَالَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، أَيْ: حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَسَادِ فَهَدْيٌ وَيَجِبُ مَعَهُ عُمْرَةٌ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى (إنْ وَقَعَ) الْوَطْءُ غَيْرُ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ (قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) لِلْإِفَاضَةِ صَادِقٌ بِهِ بِوُقُوعِهِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبِوُقُوعِهِ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْهِ، وَكَذَا إنْ وَقَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَقَبْلَ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَسْعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 333 وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَةٍ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ،   [منح الجليل] عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ، فَفِي مَفْهُومِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَفْصِيلٌ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا خَلَلَ فِيهِمَا. فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ لِسَلَامَةِ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ مِنْ الْخَلَلِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا لَمْ نَقُلْ بِالْإِفْسَادِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا. وَاخْتُلِفَ فِي الْعُمْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ. أَنَّ عَلَيْهِ عُمْرَةً كَانَ وَطْؤُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ. الثَّالِثُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَهَا بِأَنْ نَسِيَ شَوْطًا مِنْهَا أَوْ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَضْعِيفُهُ إسْمَاعِيلَ بِأَنَّ عُمْرَتَهُ تُوجِبُ طَوَافَهَا فَلَا يَصِحُّ لَهَا. وَلِلْإِفَاضَةِ مَعًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إتْيَانُهُ بِطَوَافٍ فِي إحْرَامٍ لَا ثَلَمَ فِيهِ لَا يُقَيِّدُ أَنَّهُ إفَاضَةٌ. وَرَدَّهُ أَيْضًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ جَبْرَ الْأَوَّلِ فَلَا نُسَلِّمُ إيجَابَهَا طَوَافًا غَيْرَ الْأَوَّلِ. (وَ) وَجَبَ عَلَى مَنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى جِمَاعِهِ إيَّاهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً أَذِنَ لَهَا فِي الْإِحْرَامِ أَمْ لَا (إحْجَاجُ مُكْرَهَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ وَهَدْيٌ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ، وَمَفْهُومُ وَمُكْرَهَةٍ أَنَّ الطَّائِعَةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إحْجَاجُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَالْهَدْيُ مِنْ مَالِهَا، وَطَوْعُ أَمَتِهِ إكْرَاهٌ إلَّا أَنْ تَطْلُبَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَيْ: أَوْ تَتَزَيَّنَ لَهُ إنْ كَانَتْ الْمُكْرَهَةُ بَاقِيَةً فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مِلْكِهِ. بَلْ (وَإِنْ) طَلَّقَهَا وَ (نَكَحَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُكْرَهَةُ (غَيْرَهُ) أَيْ: الْمُكْرِهِ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى إذْنِهِ لَهَا فِي قَضَاءِ الْمُفْسَدِ أَوْ بَاعَ الْأَمَةَ الَّتِي أَكْرَهَهَا وَبَيْعُهَا جَائِزٌ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَيَجِبُ بَيَانُ وُجُوبِ قَضَاءِ الْمُفْسَدِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِهِ. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ فَلِسَ الزَّوْجُ الْمُكْرَهُ حَاصَّتْ زَوْجَتُهُ الْمُكْرَهَةُ غُرَمَاءَهُ بِمُؤْنَةِ حَجِّهَا وَهَدْيِهَا وَوَقْفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 334 وَعَلَيْهَا إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ: كَالْمُتَقَدِّمِ وَفَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ   [منح الجليل] مَا يَصِيرُ لَهَا حَتَّى تَحُجَّ بِهِ وَتُهْدِيَ مِنْهُ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ مَا نَابَهَا لِمُؤْنَةِ الْحَجِّ لِغُرَمَائِهِ وَنَفَذَ الْهَدْيُ، وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ مُكْرَهَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَّا الْإِثْمُ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ، وَعَلَى الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إحْجَاجُهَا؛ لِأَنَّ انْتِشَارَهُ دَلِيلٌ اخْتِيَارِهِ قَرَّرَهُ عج الْبُنَانِيُّ يُمْكِنُ إدْخَالُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكْرَهَةٍ بِأَنْ يُقَالَ مُكْرَهَةٌ لَهُ سَوَاءٌ أَكْرَهَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، وَفِي قَوْلِهِ وَعَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إحْجَاجُهَا إلَخْ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ. (وَ) يَجِبُ الْحَجُّ وَالْهَدْيُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْمُكْرَهَةِ بِالْفَتْحِ مِنْ مَالِهَا (إنْ أَعْدَمَ) مُكْرِهُهَا بِالْكَسْرِ (وَرَجَعَتْ) الْمُكْرَهَةُ بِالْفَتْحِ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا فِي حَجِّهَا وَهَدْيِهَا عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إنْ أَيْسَرَ (كَ) الرُّجُوعِ (الْمُتَقَدِّمِ) فِي رُجُوعِ مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ طِيبٌ أَوْ عَلَى رَأْسِهِ سَاتِرٌ وَهُوَ نَائِمٌ وَلَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي شَيْئًا يَفْتَدِي بِهِ عَنْهُ فَافْتَدَى الْمُحْرِمُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ الْمُلْقِي فِي كَوْنِهِ بِالْأَقَلِّ فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ إنْ اكْتَرَتْ، وَبِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ، وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ بِلَا إسْرَافٍ وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ اشْتَرَتْهُ وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهَا. وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ مِثْلِ كَيْلِ الطَّعَامِ وَقِيمَةِ الشَّاةِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ هَذَا إنْ افْتَدَتْ بِطَعَامٍ، وَإِنْ افْتَدَتْ بِشَاةٍ مِنْ عِنْدِهَا فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَتْ اشْتَرَتْهَا فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْأَقَلِّيَّةِ يَوْمُ الرُّجُوعِ لَا يَوْمُ الْإِخْرَاجِ فِي التَّوْضِيحِ التُّونُسِيُّ لَوْ كَانَ النُّسُكُ بِالشَّاةِ أَرْفَقَ لَهَا حِينَ نَسَكَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ وَقَدْ غَلَا النُّسُكُ وَرَخُصَ الطَّعَامُ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الطَّعَامُ إذْ هُوَ الْآنَ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ الَّذِي نَسَكَتْ بِهِ. (وَفَارَقَ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا (مَنْ) أَيْ الْمَرْأَةَ الَّتِي (أَفْسَدَ) الْوَاطِئُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ (مَعَهُ) أَيْ: الْمَرْأَةِ الْمَوْطُوءَةِ، وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَنْ، وَأَجْرَى الصِّلَةَ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 335 مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ، وَلَا يُرَاعَى زَمَنُ إحْرَامِهِ، بِخِلَافِ مِيقَاتٍ إنْ شُرِعَ، وَإِنْ تَعَدَّاهُ؛ فَدَمٌ.   [منح الجليل] غَيْرِ مَا هِيَ لَهُ وَلَمْ يُبْرِزْ لَا مِنْ اللَّبْسِ، وَصِلَةُ فَارَقَ (مِنْ) حِينِ (إحْرَامِهِ) بِالْقَضَاءِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً (لِتَحَلُّلِهِ) مِنْهُ بِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَرَكْعَتَيْهِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَسْعَ عَقِبَ الْقُدُومِ وَحَلْقِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِ مَا كَانَ مِنْهُ وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ بِأَنَّهَا فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا إتْمَامُ الْمُفْسَدِ فَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَتُفِيدُهُ عِلَّتُهَا فِي الْقَضَاءِ بَلْ تُفِيدُ أَنَّهَا فِي الْإِتْمَامِ أَوْلَى لِمَظِنَّةِ التَّسَاهُلِ فِيهِ. وَظَاهِرُ الطِّرَازِ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْفَسَادُ حَصَلَ فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِرَاسِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ يُوجِبُ كَوْنَهُ بِصُورَةٍ لَيْسَ فِيهَا إفْسَادٌ آخَرُ، وَمَفْهُومُ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ عَدَمُ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ غَيْرِهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا زَرُّوقٌ. (وَلَا يُرَاعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ إحْرَامُهُ بِقَضَاءِ الْمُفْسَدِ (زَمَنَ إحْرَامِهِ) بِالْمُفْسَدِ أَيْ: لَا يَلْزَمُهُ إنْ تَحَرَّمَ بِقَضَاءِ الْمُفْسَدِ مِنْ مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ فِيهِ بِالْمُفْسَدِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ فِي مِثْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَلَوْ أَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ وَأَفْسَدَهُ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِقَضَائِهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ الْحِجَّةِ. (بِخِلَافِ مِيقَاتٍ) مَكَانِيٍّ أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْمُفْسَدِ (إنْ شُرِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ طُلِبَ الْإِحْرَامُ مِنْهُ شَرْعًا كَالْحُلَيْفَةِ لِمَدَنِيٍّ وَالْحُجْفَةِ لِمِصْرِيٍّ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ. وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ لِلْقَابِلِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهَا لَزِمَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ (وَإِنْ تَعَدَّاهُ) أَيْ: الْمُحْرِمُ بِقَضَاءٍ لِمُفْسَدِ الْمِيقَاتِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْمُفْسَدِ وَأَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ بَعْدَهُ (فَ) عَلَيْهِ (دَمٌ) وَلَوْ تَعَدَّاهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَإِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ لِقَابِلٍ، وَهَذَا يُخَصِّصُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَمَكَانُهُ لَهُ أَيْ: لِمَنْ بِمَكَّةَ مَكَّةُ. وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ كَخُرُوجِ ذِي النَّفْسِ لِمِيقَاتِهِ. وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ شُرِعَ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْمُفْسَدِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ كَمِصْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِقَضَائِهِ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ كَالْجُحْفَةِ وَمِنْ تَعَدِّيهِ بِإِحْرَامِ الْمُفْسَدِ وَالْإِحْرَامِ بِهِ بَعْدَهُ فَلَا يَتَعَدَّاهُ فِي الْقَضَاءِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ الشَّرْعِيِّ. وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الجزء: 2 ¦ الصفحة: 336 وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ وَعَكْسِهِ، وَلَا قِرَانَ عَنْ إفْرَادٍ أَوْ تَمَتُّعٍ وَعَكْسِهِمَا. وَلَمْ يَنُبْ قَضَاءُ   [منح الجليل] أَنَّهُ يُحْرِمُ بِقَضَاءِ الْمُفْسَدِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْمُفْسَدِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمِيقَاتَ الشَّرْعِيَّ أَوْ بَعْدَهُ وَتَأَوَّلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ مَكَّةَ حِينَ مُرُورِهِ بِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ دُخُولُهَا. وَأَمَّا مَنْ تَعَدَّاهُ أَوَّلًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَتَعَدَّاهُ ثَانِيًا إلَّا مُحْرِمًا وَنَحْوَهُ لِلْبَاجِيِّ وَالتُّونُسِيِّ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ شُرِعَ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِالْعُذْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا يُحْرِمُ مُفْسِدُ عُمْرَتِهِ أَوْ حَجِّهِ لِلْقَضَاءِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا إلَّا إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَمِنْهُ فَإِنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ فِي الْقَضَاءِ فَدَمٌ. التُّونُسِيُّ إنْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ مِيقَاتِهِ جَهْلًا فَيَكُونُ قَضَاؤُهُ مِنْهُ صَوَابًا وَإِنْ كَانَ تَقَرُّبًا فَالصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا. اللَّخْمِيُّ مَحْمَلُ قَوْلِ مَالِكٍ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا عَلَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَوَّلًا غَيْرَ مُتَعَدٍّ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ الْقَضَاءُ مِنْ الْمِيقَاتِ مُطْلَقًا. (وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ) قَضَاءً (عَنْ إفْرَادِ) مُفْسَدٍ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ إفْرَادٌ وَزِيَادَةٌ (وَ) أَجْزَأَ (عَكْسُهُ) أَيْضًا وَهُوَ إفْرَادُ قَضَاءٍ عَنْ تَمَتُّعِ مُفْسِدٍ إذْ الْمُفْسَدُ إنَّمَا هُوَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ قَدْ تَمَّتْ قَبْلَهُ صَحِيحَةً، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، خِلَافُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ بَشِيرٍ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ (لَا) يُجْزِئُ (قِرَانٌ) قَضَاءً (عَنْ إفْرَادٍ) مُفْسَدٍ لِنَقْصِ الْقِرَانِ عَنْ الْإِفْرَادِ فِي الْفَضْلِ. (أَوْ) أَيْ: وَلَا يُجْزِئُ قِرَانٌ قَضَاءً عَنْ (تَمَتُّعٍ) مُفْسَدٍ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ عَمَلٌ وَاحِدٌ وَالتَّمَتُّعَ عَمَلَانِ (وَ) لَا يُجْزِئُ (عَكْسُهُمَا) أَيْ الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ وَهُوَ إفْرَادٌ عَنْ قِرَانٍ وَتَمَتُّعٌ عَنْ قِرَانٍ، فَالصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ سِتٌّ الْإِجْزَاءُ فِي اثْنَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي أَرْبَعٍ وَأَصْلُهَا تِسْعٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ وَالتَّمَتُّعُ فِي مِثْلِهَا أَسْقَطَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ صُوَرٍ الْمَائِلَةَ لِظُهُورِهَا وَتَعْبِيرُهُ بِأَجْزَأَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَنَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَلَمْ يَنُبْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ لِمَنْ أَحْرَمَ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ قَبْلَ حَجَّةِ الْفَرْضِ وَأَفْسَدَهُ وَقَضَاهُ (قَضَاءُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 337 تَطَوُّعٍ عَنْ وَاجِبٍ، وَكُرِهَ حَمْلُهَا لِلْمَحْمَلِ، وَلِذَلِكَ اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ، وَرُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا لَا شَعْرِهَا، وَالْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ   [منح الجليل] حَجِّ (تَطَوُّعٍ) مُفْسَدٍ (عَنْ) حَجِّ (وَاجِبٍ) عَلَيْهِ أَصَالَةً وَهِيَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ بِالنَّذْرِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ بِوَاجِبٍ دُونَ فَرْضٍ، سَوَاءٌ نَوَى عِنْدَ إحْرَامِ الْقَضَاءِ الْقَضَاءَ وَالْوَاجِبَ أَوْ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَنَوَى نِيَابَتَهُ عَنْ الْوَاجِبِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَنْ وَاجِبٍ، وَنَظَرَ فِيهِ تت، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْقَضَاءِ أَيْضًا. وَيُؤَيِّدُ الْبِسَاطِيَّ قَوْلُهُ وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى الْوَاجِبَ فَقَطْ أَجْزَأَ عَنْهُ وَبَقِيَ عَلَيْهِ قَضَاءُ مُفْسَدِ التَّطَوُّعِ وَمَفْهُومُ تَطَوُّعٍ أَنَّ مَنْ نَذَرَ حَجًّا وَأَفْسَدَهُ وَقَضَاهُ يَنُوبُ لَهُ عَنْ الْوَاجِبِ إذَا نَوَاهُمَا مَعًا، وَلَكِنَّ تَعْلِيلَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ، وَصَرَّحَ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ إلَخْ، وَأَنَّ قَضَاءَ النَّذْرِ مُسَاوٍ لِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ أَصَالَةً. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجُ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (حَمْلُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ مُحْرِمَةً أَمْ لَا (لِلْمَحْمِلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا مَحْرَمُهَا كَأَبِيهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ حَمْلُهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْجَوَاهِرِ مِنْ اخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ بِالزَّوْجِ وَظَاهِرٌ وَلَوْ مِنْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ يُكْرَهُ لَهُ كَالزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ حَمْلُهُ لَهَا مَمْنُوعٌ حَلَالًا أَكَانَ أَوْ مُحْرِمًا (وَلِذَلِكَ) أَيْ: كُرِهَ حَمْلُ الْمَرْأَةِ لِلْمَحْمِلِ (اُتُّخِذَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (السَّلَالِمُ) الَّتِي تَرْقَى النِّسَاءُ عَلَيْهَا لِلْمَحَامِلِ فِي الْأَسْفَارِ (وَ) كُرِهَ لَهُ (رُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ مَسِّهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي مَظِنَّةِ اللَّذَّةِ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا (لَا) يُكْرَهُ رُؤْيَةُ (شَعْرِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ مَسِّهِ. (وَ) لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (الْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ) وَلَوْ الْمُتَعَلِّقَةَ بِفُرُوجِهِنَّ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِ الْجَوَاهِرِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْمِلَهَا لِلْمَحْمِلِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفْتِيَ الْمُفْتِي فِي أُمُورِ النِّسَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. طفى الْمُرَادُ بِلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 338 وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ خَمْسَةٌ لِلتَّنْعِيمِ، وَمِنْ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ لِلْمَقْطَعِ، وَمِنْ عَرَفَةَ تِسْعَةٌ، وَمِنْ جُدَّةَ   [منح الجليل] بَأْسَ الْإِبَاحَةُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَةِ الْأَئِمَّةِ بِالْمَكْرُوهِ، وَمَا فِي الْجَوَاهِرِ هـ هُوَ لَفْظُ الْمَوَّازِيَّةِ كَمَا فِي مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ. (وَحَرُمَ بِ) سَبَبِ (هـ) أَيْ: الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْحَرَمِ أَوْ خَارِجَهُ (وَبِالْحَرَمِ) أَيْ: فِيهِ وَلَوْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَفَاعِلُ حَرُمَ تَعَرُّضُ الْآتِي، وَلَمَّا كَانَ لِلْحَرَمِ حُدُودٌ حَدَّدَهَا سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُرَيْشٌ بَعْدَ قَلْعِهَا، ثُمَّ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ مُحَدِّدًا لَهَا بِالْمَوَاضِعِ وَالْأَمْيَالِ فَقَالَ وَحَدُّهُ (مِنْ نَحْوِ) أَيْ جِهَةِ (الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ خَمْسَةٌ) مِنْ الْأَمْيَالِ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ (لِ) مَبْدَأِ (التَّنْعِيمِ) مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ الْمُسَمَّى بِمَسْجِدِ عَائِشَةَ الْآنَ، فَمَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَالتَّنْعِيمِ حَرَمٌ. وَاخْتُلِفَ فِي مِسَاحَتِهِ فَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ، وَقِيلَ خَمْسَةٌ فَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَالتَّنْعِيمِ مِنْ الْحِلِّ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَالْقِرَانِ مِنْهُ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الْمِيلِ وَفِي الذِّرَاعِ هَلْ هُوَ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ أَوْ الْبَزِّ الْمِصْرِيِّ. (وَ) حَدُّهُ (مِنْ) نَحْوِ (الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ) مِنْ الْأَمْيَالِ (لِلْمَقْطَعِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالطَّاءِ بَيْنَهُمَا قَافٌ سَاكِنَةٌ وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ: ثَنِيَّةُ جَبَلٍ بِمَكَانٍ يُسَمَّى الْمَقْطَعُ. (وَ) حَدُّهُ مِنْ نَحْوِ (عَرَفَةَ تِسْعَةٌ) مِنْ الْأَمْيَالِ لِطَرْفِ نَمِرَةَ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ وَتُسَمَّى عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَادٍ بَيْنَ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ بِالْفَاءِ. وَحَدُّهُ مِنْ جِهَةِ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ إلَى شِعْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ. وَحَدُّهُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ إلَى أَضَاةَ بِوَزْنِ نَوَاةٍ. (وَ) مِنْ نَحْوِ (جُدَّةَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ بِسَاحِلٍ الْبَحْرِ غَرْبِيِّ مَكَّةَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 339 عَشْرَةٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ، وَإِنْ تَأَنَّسَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ، أَوْ طَيْرَ مَاءٍ. وَجُزْأَهُ وَبَيْضَهُ،   [منح الجليل] بَيْنَهُمَا مَرْحَلَتَانِ (عَشَرَةٌ) مِنْ الْأَمْيَالِ (لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ) بِشَدِّ التَّحْتِيَّةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِالتَّخْفِيفِ، وَالْمُرَادُ لِآخِرِهَا مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ، فَهِيَ مِنْ الْحَرَمِ قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَ) أَشَارَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحْدِيدُ الْحَرَمِ بِأَنَّهُ (يَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ) أَيْ السَّيْلِ الْجَارِي مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ لَا يَدْخُلُهُ وَأَمَّا السَّيْلُ الْجَارِي مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَيَخْرُجُ إلَيْهِ وَهَذَا أَغْلَبِيٌّ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْأَزْرَقِيِّ يَدْخُلُهُ مِنْ جِهَةِ التَّنْعِيمِ، وَكَذَا قَوْلُ الْفَاكِهِيِّ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ وَفَاعِلُ حَرُمَ (تَعَرُّضُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ حَيَوَانٍ (بَرِّيٍّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: مَنْسُوبٍ لِلْبَرِّ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْبَحْرِيِّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ التَّعَرُّضُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وَفِيهِ حُذِفَ النَّعْتُ أَيْ: وَحْشِيٍّ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ إنْ اسْتَمَرَّ وَحْشِيًّا. بَلْ (وَإِنْ تَأَنَّسَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: تَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْإِنْسِيِّ وَشَمِلَ الْبَرِّيُّ الْجَرَادَ وَالضُّفْدَعَ الْبَرِّيَّ وَالسُّلَحْفَاةَ الْبَرِّيَّةَ الَّتِي مَقَرُّهَا فِي الْبَرِّ، وَإِنْ عَاشَتْ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الْبَحْرِ يَأْتِ الَّتِي مَقَرُّهَا الْبَحْرُ، وَإِنْ عَاشَتْ فِي الْبَرِّ قَالَهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَيْسَ مِنْ الصَّيْدِ الْكَلْبُ الْبَرِّيُّ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَسَوَاءٌ أُكِلَ لَحْمُ الْبَرِّيِّ (أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ كَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا (أَوْ) كَانَ الْبَرِّيُّ (طَيْرَ مَاءٍ) أَيْ طَيْرًا بَرِّيًّا يُلَازِمُ الْمَاءَ لِأَكْلِهِ السَّمَكَ الصَّغِيرَ، وَلِذَا أُضِيفَ لِلْمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَطِيرُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ لِإِبَاحَتِهِ لِلْمُحْرِمِ. (وَ) حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ تَعَرُّضُ (بَيْضِهِ) أَيْ: الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ. (وَ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ وَفِي الْحَرَمِ (جُزْؤُهُ) أَيْ: الْبَرْيِ الْوَحْشِيِّ بِالزَّايِ، أَيْ: يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِبَعْضِهِ أَيْضًا، وَضَبَطَهُ ابْن غَازِيٍّ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ، غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَبَيْضَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِبَيْضِهِ فَأَوْلَى لِجَرْوِهِ وَلِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ بَرِّيٍّ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 340 وَلِيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ، وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ   [منح الجليل] وَلِأَنَّهُ سَيَنُصُّ عَلَى الْجَرْوِ فِي قَوْلِهِ وَالصَّغِيرُ كَغَيْرِهِ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ شُرْبُ لَبَنِ صَيْدٍ وَحْدَهُ مَحْلُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ حَلْبُهُ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ إمْسَاكُهُ، فَإِنْ حَلَبَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ مَلَكَ حِلٌّ صَيْدًا فِي الْحِلِّ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ شِرَائِهِ أَوْ قَبُولِ عَطِيَّتِهِ مِنْ صَائِدِهِ الْحِلِّ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَ (لْيُرْسِلْهُ) أَيْ: يُطْلِقْ الْمَالِكُ الصَّيْدَ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ إنْ كَانَ (بِيَدِهِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ بِقَفَصٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (أَوْ) كَانَ مَعَ (رُفْقَتِهِ) فِي قَفَصٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَتَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ (وَزَالَ مِلْكُهُ) أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَالصَّيْدُ بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ (عَنْهُ) أَيْ لِلصَّيْدِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ فَلَوْ أَرْسَلَهُ أَحَدٌ فَلَا يَضْمَنُهُ أَوْ أَطْلَقَهُ الْمُحْرِمُ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِالْوَحْشِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَ. فَإِذَا تَحَلَّلَ الْمُحْرِمُ مِنْ إحْرَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَبْقَاهُ الْمُحْرِمُ بِيَدِهِ وَرُفْقَتِهِ حَتَّى تَحَلَّلَ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ. فَإِنْ ذَبَحَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ. وَأَمَّا مَنْ اصْطَادَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ الْحَرَمُ فَلَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يُقَالَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَأَمَّا الْحَلَالُ إذَا اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ حَيًّا، فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ الْحَرَمَ، وَلَوْ كَانَ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً قَاطِعَةً حُكْمَ السَّفَرِ قَبْلَ اصْطِيَادِهِ. فَإِنْ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَمَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ. وَإِنْ كَانَ مِنْ سَاكِنِي الْحَرَمِ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَهُ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَأَكْلُهُ، وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ آفَاقِيٌّ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ. وَفِي تت أَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ زَمَنًا طَوِيلًا صَارَ كَأَهْلِهَا فِي هَذَا وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ فَقَالَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 341 لَا بِبَيْتِهِ، وَهَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ؟ تَأْوِيلَانِ، فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكَهُ وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ،   [منح الجليل] لَا) يَزُولُ مِلْكُ مَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ اصْطِيَادِهِ صَيْدًا أَوْ شِرَائِهِ أَوْ قَبُولِ عَطِيَّتِهِ حَلَّ فِي حِلٍّ عَنْ الصَّيْدِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ إنْ كَانَ الصَّيْدُ (بِبَيْتِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ. (وَهَلْ) عَدَمُ وُجُوبِ إرْسَالِهِ وَعَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ مُطْلَقٌ إنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ (وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ) أَيْ: الْبَيْتِ كَأَهْلِ الْمِيقَاتِ وَمَنْ مَنْزِلُهُ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ أَوْ مُقَيَّدٌ بِإِحْرَامِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ زَالَ مِلْكُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ: فَهْمَانِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ، الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ، وَالثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ مَا بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ وَبَيْنَ مَا بِبَيْتِهِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْتَ يُرْتَحَلُ عَنْهُ وَلَا يُصَاحِبُهُ وَغَيْرَهُ مُنْتَقِلٌ بِانْتِقَالِهِ وَمُصَاحِبٌ لَهُ (فَلَا يَسْتَجِدُّ) الْمُحْرِمُ أَوْ الْآفَاقِيُّ فِي الْحَرَمِ (مِلْكَهُ) أَيْ: الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ عَطِيَّةٍ أَوْ إقَالَةٍ، فَإِنْ وَرِثَهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ زَالَ مِلْكُهُ وَأَرْسَلَهُ إذَا كَانَ الصَّيْدُ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَقَبُولُ عَطِيَّتِهِ. (وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ) أَيْ: الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ، أَيْ: لَا يَقْبَلُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَدِيعَةً لَا مِنْ مُحْرِمٍ وَلَا مِنْ حَلَالٍ، قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْخُذَ صَيْدًا وَدِيعَةً فَإِنْ فَعَلَ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ، فَإِنْ غَابَ فَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ أَنْ يُطْلِقَهُ وَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ. وَمَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ يُودِعُهُ عِنْدَهُ فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا يُرْسِلُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ: لَا يَجْعَلُهُ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 342 وَرُدَّ إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ وَإِلَّا بَقِيَ، وَفِي صِحَّةِ شِرَائِهِ قَوْلَانِ؛ إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مُطْلَقًا، وَغُرَابًا، وَحِدَأَةً،   [منح الجليل] وَ) مَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ وَدِيعَةً مِنْ حَلَالٍ فِي الْحِلِّ (رَدَّهُ) لِمُودِعِهِ وُجُوبًا (إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْحَلَالَ أَوْ الَّذِي أَحْرَمَ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا وَلَمْ يَجِدْ حَاكِمًا يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِهِ أَرْسَلَهُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَلَا يَضْمَنُهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُودِعَهُ وَلَا حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ (بُقِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: الصَّيْدُ بِيَدِ مُودَعِهِ بِالْفَتْحِ، وَلَا يُرْسِلُهُ لِقَبُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، فَإِنْ مَاتَ عِنْدَهُ ضَمِنَ جَزَاءَهُ لَا قِيمَتَهُ قَالَهُ عج. فَإِنْ قَبِلَهُ مُحْرِمٌ مِنْ حَلَالٍ وَلَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ إيدَاعُهُ عِنْدَ حَلَالٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَرْسَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِمُودِعِهِ الْحَلَالِ وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ إيدَاعِهِ وَمُفَارَقَتِهِ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ. وَإِنْ قَبِلَهُ مُحْرِمٌ مِنْ مُحْرِمٍ أَرْسَلَهُ وَلَوْ حَضَرَ الْمُودِعُ وَلَا يَرُدُّهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَصُوَرُهَا تِسْعٌ ذَكَرَهَا عج؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُودِعَهُ حَلَالٌ عِنْدَ حَلَالٍ ثُمَّ يُحْرِمُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ، أَوْ حَلَالٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ أَوْ مُحْرِمٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَجِدَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ رَبَّ الصَّيْدِ أَوْ حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ أَوْ لَا يَجِدُ أَحَدَهُمَا. (وَفِي صِحَّةِ اشْتِرَائِهِ) أَيْ: الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ مِنْ حَلَالِ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ مِنْ سَاكِنِهِ الصَّائِدِ فِي الْحِلِّ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ فَإِنْ رَدَّهُ لَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَفَسَادُهُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى الصِّحَّةِ لِلْبَائِعِ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي وَضْعِ يَدِ الْمُحْرِمِ عَلَيْهِ وَإِرْسَالِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِي عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي مَالِيَّتِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ قَالَهُ سَنَدٌ فَيُلْغِزُ بِهِ بَيْعٌ صَحِيحٌ مَضَى بِالْقِيمَةِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطّ رُجُوعَهُ بِثَمَنِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْبَرِّيِّ فَقَالَ (إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ) تَاؤُهُمَا لِلْوَحْدَةِ (وَالْعَقْرَبَ مُطْلَقًا) صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (وَغُرَابًا) أَسْوَدَ أَوْ أَبْقَعَ (وَحِدَأَةً) كَعِنَبَةٍ فَيَجُوزُ قَتْلُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ لَا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا، فَإِنْ نَوَى ذَكَاتَهَا فَلَا يَجُوزُ نَقَلَهُ سَنَدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَفِيهَا الْجَزَاءُ. تت وَأَلْحَقَ بِالْفَأْرِ بِنْتَ عُرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنْ الدَّوَابِّ، وَدَخَلَ فِيهِ الْحَيَّةُ الْأَفْعَى وَأَلْحَقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 343 وَفِي صَغِيرِهِمَا خِلَافٌ: كَعَادِي سَبُعٍ كَذِئْبٍ إنْ كَبُرَ: كَطَيْرٍ خِيفَ؛ إلَّا بِقَتْلِهِ، وَوَزَغًا لِحِلٍّ بِحَرَمٍ: كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ وَاجْتَهَدَ،   [منح الجليل] بِالْعَقْرَبِ الرُّتَيْلَى دَابَّةً صَغِيرَةً سَوْدَاءَ وَالزُّنْبُورَ. وَفِي جَوَازِ قَتْلِ (صَغِيرِهِمَا) أَيْ: الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ الْإِيذَاءِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ، وَمَنَعَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ انْتِفَاءُ الْإِيذَاءِ. وَعَلَى هَذَا الْإِجْزَاءُ مُرَاعَاةً لِلْأَوَّلِ (خِلَافٌ) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَعَادِي سَبُعٍ) كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ وَبِهِ فَسَّرَ حَدِيثَ «اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَعَدَا عَلَيْهِ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ وَهُوَ عُتَيْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ» (كَذِئْبٍ) مِثَالٌ لِعَادِي السَّبُعِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لَا تَذْكِيَتُهُ (إنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ قَتْلِ كُلِّ عَادٍ وَلَا يُقَالُ قَاعِدَتُهُ إرْجَاعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا فِي كَافِ التَّشْبِيهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا فِي كَافِ التَّمْثِيلِ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ، فَإِنْ صَغُرَ كُرِهَ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ أَيْضًا فَقَالَ (كَطَيْرٍ) غَيْرِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ (خِيفَ) مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ لَهُ بَالٌ وَلَا يَنْدَفِعُ وَلَا يُؤْمَنُ مِنْهُ (إلَّا بِقَتْلِهِ) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ (وَ) إلَّا (وَزَغَا) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ (لِحِلٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: غَيْرِ مُحْرِمٍ (بِحَرَمٍ) أَيْ: فِيهِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْإِيذَاءُ، وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مُطْلَقًا وَيُطْعِمُ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الْإِضْرَارُ بِإِفْسَادِ مَا تَصِلُ إلَيْهِ، وَمُدَّةُ الْإِحْرَامِ قَصِيرَةٌ قَالَهُ فِي مَنْسَكِهِ. وَفِي الشَّارِحِ يُمْنَعُ قَتْلَهَا الْمُحْرِمُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ. وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بِالْمَنْعِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ. طفى الْمُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْإِطْعَامِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ) أَيْ: كَثُرَ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ فِعْلًا جَزَاءً وَلَا حُرْمَةَ فِي قَتْلِهِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ (وَاجْتَهَدَ) الْمُحْرِمُ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 344 وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ. أَصَابَ جَرَادَةً فَعَلَيْهِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَفِي الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ، وَإِنْ فِي نَوْمٍ: كَدُودٍ. وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ   [منح الجليل] التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ وَاوُهُ لِلْحَالِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ أَوْ لَمْ يَجْتَهِدْ وَقَتَلَهُ مُفَرِّطًا (فَقِيمَتُهُ) أَيْ الْجَرَادِ طَعَامًا تَلْزَمُ قَاتِلَهُ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ بِلَا حُكُومَةٍ. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ بِحُكُومَةٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ لِلْوَزَغِ أَيْضًا إذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَطْعِمْ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ. وَعَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ الْمُرَادُ قِيمَتُهُ بِنَظَرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَعَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَخْرَجَ بِلَا حُكُومَةٍ فَلَا يُجْزِئُ. (وَفِي) الْجَرَادَةِ (الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ) أَيْ: مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ، وَمَفْهُومُ الْوَاحِدَةِ أَنَّ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا قِيمَتَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَلَّابِ، وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ فِي الْعَشَرَةِ فَمَا دُونَهَا إلَى الْوَاحِدَةِ حَفْنَةً، وَأَنَّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا قِيمَتَهُ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَعَيُّنُ الْحَفْنَةِ وَالْقِيمَةِ مِنْ الطَّعَامِ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ مَنْ أَصَابَ جَرَادَةً فَعَلَيْهِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ شَاءَ الصِّيَامَ لَحُكِمَ عَلَيْهِ بِصَوْمِ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ هَذَا إجْمَاعٌ، وَإِنَّمَا تَسَارُعُ الْفُقَهَاءِ إلَى إيجَابِ قَبْضَةٍ مِنْ طَعَامٍ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى مَنْ أَصَابَ الْجَرَادَةَ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ الْإِعْلَانِ بِالتَّخْيِيرِ وَالْقَبْضَةُ دُونَ الْحَفْنَةِ، لَكِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ. وَمِثْلُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِحُكْمِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَحَيْثُ كَانَتْ الْقَبْضَةُ هِيَ الْحَفْنَةُ أَوْ قُرْبُهَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ عج عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ كَدُودٍ بِأَنَّ الَّذِي فِيهِ قَبْضَةٌ لَا حَفْنَةٌ إنْ قَتَلَهَا يَقَظَةً عَمْدًا بَلْ (وَإِنْ) قَتَلَهَا (فِي نَوْمٍ) أَوْ نِسْيَانٍ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ فَقَالَ (كَدُودٍ) وَذَكَرٍ وَنَمْلٍ وَذُبَابٍ فَفِي قَتْلِهَا حَفْنَةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهَا، وَتَعْبِيرُهُ بِاسْمِ الْجِنْسِ. يُوهِمُ أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا شَيْءَ فِيهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا مَا فِي الْكَثِيرِ وَلَوْ جِدًّا مِنْ الْحَفْنَةِ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْحَفْنَةِ، مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَبْضَةٌ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ كَمَا مَرَّ وَلَكِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْجَرَادَ وَالدُّودَ لَيْسَا كَالْقَمْلَةِ وَالْقَمَلَاتِ. (وَالْجَزَاءُ) وَاجِبٌ (بِقَتْلِهِ) أَيْ: الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ إنْ قَتَلَهُ لِغَيْرِ مَخْمَصَةٍ بَلْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 345 وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ، وَتَكَرَّرَ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ، وَكَلْبٍ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ،   [منح الجليل] وَإِنْ) قَتَلَهُ (لِمَخْمَصَةٍ) أَيْ شِدَّةِ جُوعٍ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً تُبِيحُ الْمَيْتَةَ وَتُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْقَاضِي. وَهَلْ يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ. (وَ) يَجِبُ الْجَزَاءُ وَيَنْتَفِي الْإِثْمُ لِأَجْلِ (جَهْلٍ) لِعَيْنِ الصَّيْدِ أَوْ حُكْمِ قَتْلِهِ لِحَدَاثَةِ إسْلَامٍ (وَنِسْيَانٍ) وَسَوَاءٌ كَانَ لِاتِّحَادِ قَتْلِ الصَّيْدِ أ (وَتَكَرَّرَ) فَيَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ قَتْلِهِ، وَلَوْ نَوَى التَّكَرُّرَ أَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ أَوْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ فَلَيْسَ كَالْفِدْيَةِ فَفِيهَا وَمَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بِعَدَدِهَا كَفَّارَاتٌ. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ فَقَالَ (كَسَهْمٍ) رَمَاهُ فِي حِلٍّ عَلَى صَيْدٍ فِي حِلٍّ وَالْحَرَمُ بَيْنَهُمَا فَ (مَرَّ) السَّهْمُ (بِالْحَرَمِ) وَأَصَابَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَمَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ (وَكَلْبٍ) أَرْسَلَهُ حِلٌّ فِي حِلٍّ عَلَى صَيْدٍ فِي حِلٍّ وَمَرَّ الْكَلْبُ بِالْحَرَمِ وَقَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَمَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ إنْ (تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ) أَيْ: الْكَلْبِ إلَى الصَّيْدِ مِنْ الْحَرَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 346 أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ، أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ فَقَتَلَ خَارِجَهُ،   [منح الجليل] فَطَرِيقُهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ وَمَفْهُومُ تَعَيَّنَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقُهُ مِنْ الْحَرَمِ يُؤْكَلُ، وَلَا جَزَاءَ فِيهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ غَازِيٍّ سَوَّى اللَّخْمِيُّ مَسْأَلَتَيْ السَّهْمِ وَالْكَلْبِ فِي الْخِلَافِ وَاخْتَارَ فِيهِمَا جَوَازَ الْأَكْلِ وَعَدَمَ الْجَزَاءِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الْكَلْبِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. (أَوْ قَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: فَرَّطَ الْمُحْرِمُ أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ (فِي رَبْطِهِ) أَيْ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُصَادُ بِهِ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ فَانْفَلَتَ وَقَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَلَا يُؤْكَلُ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ أَرْسَلَ) الصَّائِدُ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ (بِقُرْبِهِ) أَيْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُدْرِكُهُ فِي الْحَرَمِ (فَقَتَلَ) الْجَارِحُ الصَّيْدَ (خَارِجَهُ) أَيْ الْحَرَمِ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِيهِ فَمَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَأَوْلَى إنْ قَتَلَهُ فِيهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ، وَيُؤْكَلُ حَيْثُ كَانَ الصَّائِدُ حَلَالًا. وَمَفْهُومُ بِقُرْبِهِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ فِي بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إدْرَاكُهُ قَبْلَ دُخُولِ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ. أَبُو إبْرَاهِيمَ لَوْ أَجْرَى الشَّخْصُ أَوْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَتَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْكَلَ كَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ. وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الِاصْطِيَادِ قُرْبَ الْحَرَمِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّهُ مُبَاحٌ إذَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إمَّا مَنْعًا أَوْ كَرَاهَةً بِحَسَبِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَالرَّاتِعِ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» . الْحَطَّابُ الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ، ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِقُرْبِهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. التُّونُسِيُّ وَيُؤْكَلُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ لَكِنْ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْجَزَاءِ فِيهَا تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 347 وَطَرْدِهِ مِنْ حَرَمٍ، وَرَمْيٍ مِنْهُ أَوْلَهُ، وَتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ، وَجَرْحِهِ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ، وَلَوْ بِنَقْصٍ،   [منح الجليل] (وَ) يَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِ (طَرْدِهِ) أَيْ: الصَّيْدِ (مِنْ حَرَمٍ) إلَى حِلٍّ فَصَادَهُ صَائِدٌ فِيهِ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ عَوْدِهِ لِلْحَرَمِ أَوْ شَكَّ فِي اصْطِيَادِهِ أَوْ هَلَاكِهِ، وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ. وَلَوْ تَلِفَ أَوْ صِيدَ؛ لِأَنَّ طَرْدَهُ حِينَئِذٍ لَا أَثَرَ لَهُ، وَمَفْهُومُ مِنْ حَرَمٍ أَنَّ طَرْدَهُ عَنْ الرَّحْلِ وَالطَّعَامِ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِهِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ. (وَ) فِي (رَمْيٍ مِنْهُ) أَيْ: الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ، وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ نَظَرًا لِانْتِهَائِهَا (أَوْ) رَمْيٍ مِنْ الْحِلِّ (لَهُ) أَيْ: الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِيهِ فَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ اتِّفَاقًا، وَمِثْلُ الرَّمْيِ فِي الْحَالَيْنِ إرْسَالُ الْكَلْبِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا أَرَادَ صَيْدًا بِالْحِلِّ فَذَهَبَ لَهُ عَازِمًا عَلَى اصْطِيَادِهِ فَرَآهُ فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَرْمِهِ وَلَمْ يُرْسِلْ لَهُ كَلْبَهُ وَنَحْوَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ فَصَادَهُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ سَنَدٍ مَا يُفِيدُهُ اُنْظُرْ الْحَطّ. وَعَطَفَ عَلَى قَتْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ أَيْضًا فَقَالَ (وَتَعْرِيضِهِ) أَيْ: الصَّيْدِ (لِلتَّلَفِ) كَنَتْفِ رِيشِهِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّيَرَانِ بِدُونِهِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ، كَذَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ نَتَفَ رِيشَهُ وَأَمْسَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى نَبَتَ رِيشُهُ الَّذِي يَطِيرُ بِهِ وَأَطْلَقَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ تَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ أَخْذُهُ مِنْ مَكَّةَ وَإِرْسَالُهُ بِالْأَنْدَلُسِ حَيْثُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ وَإِرْسَالُهُ أَيْ: إطْلَاقُهُ وَتَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ. (وَ) يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي (جَرْحِهِ) أَيْ الصَّيْدِ جُرْحًا لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلَهُ وَغَابَ مَجْرُوحًا (وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ) قَيَّدَ فِي تَعْرِيضِهِ وَجَرْحِهِ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ أَوْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ بِلَا نَقْصٍ بَلْ (وَلَوْ بِنَقْصٍ) فَلَا جَزَاءَ فِيهِ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ سَلِمَ نَاقِصًا لَزِمَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتَيْهِ مَثَلًا قِيمَتُهُ سَالِمًا ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ، وَمَعِيبًا مُدَّانِ فَيَلْزَمُهُ مُدٌّ وَهَذَا ضَعِيفٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 348 وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ لِشَكٍّ ثُمَّ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ: كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ، وَبِإِرْسَالٍ لِسَبُعٍ، أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ. وَبِقَتْلِ غُلَامٍ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ الْقَتْلَ،   [منح الجليل] وَكَرَّرَ) الْجَزَاءَ (إنْ أَخْرَجَ) الْجَزَاءَ (لِشَكٍّ) أَيْ: مُطْلَقٍ تَرَدَّدَ فِي سَلَامَةِ الصَّيْدِ فِي صُورَتَيْ تَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ وَجَرْحِهِ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ إخْرَاجِهِ (تَحَقَّقَ) أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ (مَوْتَهُ) أَيْ: الصَّيْدِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ. التِّلِمْسَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَيْ: فِي الْوَاقِعِ، وَمَفْهُومُ تَحَقَّقَ مَوْتَهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لَا يُكَرِّرْهُ وَأَوْلَى إنْ تَحَقَّقَ مَوْتَهُ قَبْلَهُ أَوْ ظَنَّهُ. وَشَبَّهَ فِي تَكَرُّرِ الْجَزَاءِ فَقَالَ (كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرَكِينَ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا فِي قَتْلٍ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانُوا مُحْرِمِينَ أَمْ لَا أَوْ فِي الْحِلِّ وَهُمْ مُحْرِمُونَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ، وَمَفْهُومُ الْمُشْتَرَكِينَ أَنَّهُ لَوْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ وَقَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ جَزَاؤُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِي الْمُشْتَرَكِينَ فِي قَتْلِهِ لِمَنْ فِعْلُهُ أَقْوَى فِي تَسَبُّبِ الْمَوْتِ عَنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ أَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ إلَخْ. وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُهُمْ وَعُلِمَ مَوْتُهُ مِنْ فِعْلٍ مُعَيَّنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِقَتْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ عَنْ النَّجَاةِ، وَلَوْ اشْتَرَكَ حِلٌّ وَمُحْرِمٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَحْدَهُ. (وَ) الْجَزَاءُ (بِإِرْسَالٍ) مِنْ مُحْرِمٍ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِلٍّ فِي الْحَرَمِ لِكَلْبٍ أَوْ بَازٍ (لِسَبُعٍ) أَيْ: عَلَيْهِ فِي ظَنِّ الصَّائِدِ وَقَتَلَهُ الْكَلْبُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَقَرُ وَحْشٍ مَثَلًا (أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ) أَيْ: السَّبُعِ الَّذِي يَفْتَرِسُ غَنَمَهُ أَوْ طَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ فَعَطِبَ فِيهِ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ فَالْجَزَاءُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِسَبُعٍ فَوَقَعَ فِيهَا غَيْرُهُ فَيَضْمَنُ دِيَتَهُ أَوْ قِيمَتَهُ. (وَ) يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى سَيِّدٍ مُحْرِمٍ (بِقَتْلِ غُلَامٍ) أَيْ رَقِيقٍ الصَّيْدَ الَّذِي (أُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْغُلَامُ مِنْ سَيِّدِهِ (بِإِفْلَاتِهِ) أَيْ إطْلَاقِ الصَّيْدِ (فَظَنَّ) الْغُلَامُ أَنَّ (الْقَتْلَ) هُوَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 349 وَهَلْ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ أَوْ لَا؟ تَأْوِيلَانِ، وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ: كَفَزَعِهِ فَمَاتَ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ: كَفُسْطَاطِهِ وَبِئْرٍ لِمَاءٍ   [منح الجليل] الَّذِي أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ أَيْضًا إنْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ وَلَا يَنْفَعُهُ خَطَأُ ظَنِّهِ أَوْ وَلِيٌّ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ أَيْضًا إنْ قَتَلَهُ طَائِعًا، فَإِنْ أَكْرَهَهُ فَقَالَ أَبُو عُمَرَ إنَّ عَلَى السَّيِّدِ الْجَزَاءَيْنِ قَالَ سَالِمٌ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ طَوْعُ الرَّقِيقِ إكْرَاهٌ. وَمِثْلُ الْأَمْرِ بِالذَّبْحِ الْأَمْرُ بِالِاصْطِيَادِ وَمِثْلُ الْغُلَامِ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَمَفْهُومُ ظَنَّ الْقَتْلَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ لَكَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ فَقَطْ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ. (وَهَلْ) لُزُومُ الْجَزَاءِ لِلسَّيِّدِ بِقَتْلِ غُلَامِهِ (إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ) أَيْ: الصَّيْدِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي اصْطِيَادِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَسَبَّبْ السَّيِّدُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَمْ يَفْعَلْ خَيْرًا (أَوْ لَا) يُقَيَّدُ بِذَلِكَ وَالْجَزَاءُ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ فَقَوْلُهُ أَوْ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ نَفْيٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَسَبَّبَ أَيْ: أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَبُّبُ السَّيِّدِ. وَجَوَّزَ ابْنُ غَازِيٍّ شَدَّ الْوَاوِ وَالتَّنْوِينِ فَهُوَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَسَبَّبَ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ حُذِفَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ. (وَ) يَجِبُ الْجَزَاءُ (بِسَبَبٍ) أَيْ: فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْحِلِّ مِنْ مُحْرِمٍ إنْ قَصَدَ السَّبَبَ بَلْ (وَلَوْ اتَّفَقَ) كَوْنُهُ سَبَبًا بِلَا قَصْدٍ (كَفَزَعِهِ) أَيْ الصَّيْدِ مِنْ رُؤْيَةِ مُحْرِمٍ مُطْلَقًا أَوْ حِلٍّ فِي الْحَرَمِ (فَمَاتَ) الصَّيْدُ فَالْجَزَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ لَا ابْنُ رُشْدٍ كَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالتُّونُسِيِّ (خِلَافُهُ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَهُوَ مَيْتَةٌ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ فَقَالَ (كَفُسْطَاطِهِ) أَيْ: خَيْمَةِ الْمُحْرِمِ أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا تَعَلَّقَ الصَّيْدُ بِهَا بَاطِنًا فَمَاتَ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلِلْجَلَّابِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ كَجَوَازِهِ عَلَى رُمْحِهِ الْمَرْكُوزِ فَعَطِبَ بِهِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (وَ) حَفْرِ (بِئْرٍ لِمَاءٍ) فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ، وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى عَدَمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 350 وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ، وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعٍ أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ، أَوْ بِحِلٍّ وَتَحَامَلَ فَمَاتَ بِهِ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، وَكَذَا إنْ حَلَّ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمُخْتَارِ، أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ،   [منح الجليل] الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ، وَقَالَ بِالْجَزَاءِ فِي فَزَعِهِ فَمَاتَ قِيلَ وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي الْبِئْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَطْفٌ عَلَى فُسْطَاطٍ فَقَالَ (وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ الْمَحْذُوفُ مُحْرِمٌ أَيْ: دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ وَقَدْ أَثِمَ وَمِثْلُهَا الْإِعَانَةُ. (وَ) لَا جَزَاءَ فِي (رَمْيِهِ) أَيْ الصَّيْدِ حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَقِرًّا (عَلَى فَرْعٍ) مُمْتَدٍّ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ وَ (أَصْلُهُ) أَيْ: الْفَرْعِ نَابِتٌ (بِالْحَرَمِ) وَالْفَرْعُ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْحَرَمِ وَيُؤْكَلُ فَإِنْ كَانَ مُسَامِتًا لِحَدِّ الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ الَّذِي عَلَى فَرْعٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ وَعَدَمُ الْجَزَاءِ فِيهِ جَوَازُ قَطْعِ ذَلِكَ الْفَرْعِ، فَإِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ صَرَّحَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّجَرِ أَصْلُهُ وَفِي الصَّيْدِ مَحَلُّهُ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّجَرَ الْمَغْرُوسَ فِي الْحِلِّ يَجُوزُ قَطْعُ فَرْعِهِ الَّذِي فِي الْحَرَمِ وَاَلَّذِي غُرِسَ فِي الْحَرَمِ يَحْرُمُ قَطْعُ فَرْعِهِ الَّذِي فِي الْحِلِّ (أَوْ) رَمَى الْحَلَالُ صَيْدًا (بِحِلٍّ) فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْحِلِّ (وَتَحَامَلَ) الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ وَدَخَلَ الْحَرَمَ (فَمَاتَ) الصَّيْدُ (بِهِ) أَيْ: فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ عَلَى الرَّامِي (إنْ) كَانَ (أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ) أَيْ: الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ. (وَكَذَا) أَيْ: الصَّيْدُ الَّذِي أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ فِي الْحِلِّ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمُ الْجَزَاءِ الصَّيْدُ الْمُصَابُ بِسَهْمٍ فِي الْحِلِّ الْمُتَحَامِلُ لِلْحَرَمِ الْمَيِّتُ بِهِ (وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ) السَّهْمُ مَقْتَلَهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْمَوْتِ وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا لِلتُّونُسِيِّ بِالْجَزَاءِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ وَلَا يُؤْكَلُ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ وَيُؤْكَلُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. (أَوْ أَمْسَكَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ (لِيُرْسِلَهُ) أَيْ: الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ (فَقَتَلَهُ) أَيْ: الصَّيْدَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ (مُحْرِمٌ) آخَرُ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ عَلَى مُمْسِكِهِ وَجَزَاؤُهُ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 351 وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَغَرِمَ الْحِلُّ لَهُ الْأَقَلَّ، وَلِلْقَتْلِ شَرِيكَانِ، وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مَيْتَةٌ:   [منح الجليل] قَاتِلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ مُحْرِمٌ وَقَتَلَهُ حِلٌّ فِي الْحِلِّ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُمْسِكِ الْجَزَاءُ (وَغَرِمَ الْحِلُّ) الْقَاتِلُ (لَهُ) أَيْ الْمُمْسِكُ (الْأَقَلَّ) مِنْ قِيمَةِ الصَّيْدِ وَجَزَائِهِ لِتَسَبُّبِهِ بِقَتْلِهِ فِي وُجُوبِ جَزَائِهِ عَلَى مُمْسِكِهِ لِإِرْسَالِهِ (وَ) إنْ أَمْسَكَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ (لِلْقَتْلِ) فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ فَهُمَا (شَرِيكَانِ) فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَعَلَى وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ. فِي التَّوْضِيحِ إذَا أَمْسَكَ الْهَرِمُ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَهُ لِيُرْسِلَهُ أَوْ لِيَقْتُلَهُ وَالْأَوَّلُ إنْ قَتَلَهُ حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا فِي الْحَرَمِ وَجَبَ الْجَزَاءُ فِيهِ عَلَى الْقَاتِلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُمْسِكَ لَمْ يُمْسِكْهُ لِلْقَتْلِ وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ. (وَمَا) أَيْ: الْبَرِّيُّ الَّذِي (صَادَهُ) شَخْصٌ (مُحْرِمٌ) مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ وَمَاتَ أَوْ نَفَذَ مَقْتَلَهُ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّى بَعْدَهُ أَوْ حِلٌّ فِي الْحِلِّ بِأَمْرِ الْمُحْرِمِ، أَوْ إعَانَتِهِ، أَوْ دَلَالَتِهِ، أَوْ إشَارَتِهِ، أَوْ مُنَاوَلَتِهِ نَحْوَ سَوْطٍ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّى بَعْدَهُ، أَوْ حِلٌّ فِي الْحِلِّ بِدُونِ مَدْخَلِيَّةِ الْمُحْرِمِ ثُمَّ ذَكَّاهُ الْمُحْرِمُ، أَوْ أَمَرَ بِهَا (أَوْ صِيدَ لَهُ) أَيْ الْمُحْرِمِ مُعِينًا أَوْ لَا بِلَا أَمْرِهِ لِيُبَاعَ، أَوْ يُهْدِيَ لَهُ، أَوْ يُضَيِّفَ بِهِ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ بِذَكَاةٍ بَعْدَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَخَبَرُ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ (مَيْتَةٌ) لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَا يَأْكُلُهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ، فَإِنْ صِيدَ لَهُ وَذَكَّى بَعْدَ تَحَلُّلِهِ كُرِهَ أَكْلُهُ قَالَهُ الْحَطّ وَنَحْوَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. وَأَمَّا مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ فَمَيْتَةٌ وَلَوْ ذَكَّى بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكَّى حَالَ إحْرَامِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنُوقِضَ الْمَشْهُورُ بِهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ إرَاقَةِ خَمْرٍ خَلَّلَهَا مَنْ أُمِرَ بِإِرَاقَتِهَا أَوْ حَبْسِهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ، وَيُجَابُ بِأَنَّ حُكْمَ التَّخْلِيلِ حُرْمَةُ الْإِرَاقَةِ فَرَفَعَتْ وُجُوبَهَا لِمُنَاقَضَةِ مُتَعَلِّقِهَا مُتَعَلِّقَهُ ضَرُورَةَ مُنَاقَضَةِ عَدَمِ الشَّيْءِ وُجُودَهُ، وَحُكْمُ التَّحَلُّلِ جَوَازُ الْإِمْسَاكِ وَالْإِرْسَالِ فَلَمْ يَرْفَعْ وُجُوبَ الْإِرْسَالِ لِعَدَمِ مُنَافَاةِ مُتَعَلِّقِهِ مُتَعَلِّقَهُ، وَلِذَا قِيلَ الْجَوَازُ جُزْءُ الْوُجُوبِ وَإِذَا نُسِخَ بَقِيَ الْجَوَازُ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّوَامُ كَالْإِنْشَاءِ فَلَا يُرْسِلُهُ بَعْدَ إحْلَالِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 352 كَبَيْضِهِ وَفِيهِ الْجَزَاءُ، إنْ عَلِمَ وَأَكَلَ،   [منح الجليل] كَإِنْشَاءِ صَيْدٍ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ إرْسَالُ مَا صِيدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. وَيُجَابُ بِمَا مَرَّ مَعَ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ إنْشَاءِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ وُجُوبُ إرْسَالِهِ وَلِلْحَلَالِ جَوَازُ إمْسَاكِهِ وَإِرْسَالِهِ فَلَا يُرْفَعُ وُجُوبُهُ كَمَا مَرَّ. الْبُنَانِيُّ جَوَابُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إرْسَالَ مَا صِيدَ وَقْتَ الْإِحْلَالِ جَائِزٌ لَا مَمْنُوعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِصَيْدِهِ صَارَ مَالًا، وَفِي إرْسَالِهِ إضَاعَتُهُ اهـ. قُلْت الْإِضَاعَةُ الْمُحَرَّمَةُ الْإِتْلَافُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِإِحْرَاقٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ إغْرَاقٍ فِي عَمِيقِ بَحْرٍ وَالْإِرْسَالُ لَيْسَ إتْلَافًا لِإِمْكَانِ اصْطِيَادِهِ بَعْدَهُ. وَشَبَّهَ فِي التَّحْرِيمِ فَقَالَ (كَبَيْضِهِ) أَيْ: الصَّيْدِ وَهُوَ جَمِيعُ الطَّيْرِ إلَّا الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ إذَا كَسَرَهُ أَوْ شَوَاهُ مُحْرِمٌ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ أَوْ حِلٌّ فِي الْحِلِّ الْمُحَرَّمِ فَمَيْتَةٌ لَا يَأْكُلُهُ حِلٌّ وَلَا مُحْرِمٌ، وَظَاهِرُهُ نَجَاسَتُهُ لَهُمَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ سَنَدٌ أَمَّا مَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْهُ فَبَيِّنٌ، وَأَمَّا مَنْعُ غَيْرِ الْمُحْرِمِ مِنْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ حَتَّى يَكُونَ بِفِعْلِ الْمُحْرِمِ مَيْتَةً عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَزِيدُ فِعْلُ الْمُحْرِمِ فِيهِ عَلَى فِعْلِ الْمَجُوسِيِّ فِيهِ، وَالْمَجُوسِيُّ إذَا شَوَى بَيْضَ الصَّيْدِ أَوْ كَسَرَهُ فَلَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَالْمَجُوسِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. الْحَطّ وَهُوَ بَيِّنٌ. وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ، وَبِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَنِينٌ. وَيُرَشِّحُ هَذَا أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ وَكْرَ طَيْرٍ فِيهِ فِرَاخٌ وَبَيْضٌ فَعَلَيْهِ فِي الْبَيْضِ الدِّيَةُ وَقِشْرُهُ طَاهِرٌ عَلَى بَحْثِ سَنَدٍ وَنَجِسٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُفِيدُ إلَّا مَنْعًا مِنْ الْأَكْلِ مُطْلَقًا وَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَيْتَةٌ، وَنَصُّهَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ شَوَى بَيْضَ نَعَامٍ فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ لَمْ يَصْلُحْ أَكْلُهُ وَلَا لِحَلَالٍ. اهـ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إذْ كَوْنُهُ مَيْتَةً بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِيهِ) أَيْ: مَا صَادَهُ حَلَالٌ لِمُحْرِمٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ (الْجَزَاءُ) عَلَى الْمُحْرِمِ الْآكِلِ مِنْهُ (إنْ عَلِمَ) الْمُحْرِمُ بِأَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ هُوَ الْآكِلُ أَوْ غَيْرُهُ (وَأَكَلَ) الْمُحْرِمُ مِنْهُ فَالْجَزَاءُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَكْلُهُ عَالِمًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً. الْبَاجِيَّ اخْتَلَفَ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 353 لَا فِي أَكْلِهَا. وَجَازَ مَصِيدُ حِلٍّ لِحِلٍّ، وَإِنْ سَيُحْرِمُ) ، وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ،   [منح الجليل] هَلْ يُجْزِي كُلُّ الصَّيْدِ أَوْ قَدْرُ مَا أَكَلَ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ وَأَمَّا مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ سَوَاءٌ أَكَلَ مِنْهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى غَيْرِهِ الْآكِلِ وَلَوْ مُحْرِمًا عَالِمًا بِأَنَّهُ صَيْدٌ مُحَرَّمٌ وَأَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ (لَا) جَزَاءَ (فِي أَكْلِهَا) أَيْ: مَيْتَةِ الصَّيْدِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَكْلِ الْمُحْرِمِ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ غَيْرُهُ وتَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ إذْ لَا يَتَعَدَّدُ وَيَرْجِعُ أَيْضًا لِلْمُحْرِمِ الصَّائِدِ نَفْسِهِ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِاصْطِيَادِهِ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِأَكْلِهِ مِنْهُ إذْ لَا يَتَعَدَّدُ، وَيَرْجِعُ أَيْضًا لِمَفْهُومِ إنْ عَلِمَ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِأَكْلِهِ مِنْهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَافْتَرَقَ صَيْدُ الْمُحْرِمِ مِمَّا صِيدَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ بِاصْطِيَادِهِ وَمَا صِيدَ لَهُ لَمْ يَجِبْ جَزَاؤُهُ عَلَى صَائِدِ الْحَلَالِ. (وَجَازَ مَصِيدُ) شَخْصٍ وَمَكَانٍ (حِلٍّ لِ) أَجْلِ شَخْصٍ (حِلٍّ) سَوَاءٌ كَانَ الصَّائِدَ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ: أَكْلُهُ لِمُحْرِمٍ إنْ كَانَ الْحِلُّ الصَّائِدُ وَالْحِلُّ الْمَصِيدُ لَهُ لَيْسَا نَاوِيَيْنِ الْإِحْرَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْحِلُّ الصَّائِدُ أَوْ الْحِلُّ الْمَصِيدُ لَهُ أَوْ هُمَا مَعًا (سَيُحْرِمُ) مَنْ ذَكَرَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَمَيْتَةٌ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِإِحْرَامِهِ وَوُجُوبِ إرْسَالِهِ وَدُخُولِهِ فِي عُمُومِ مَا ذُبِحَ لِمُحْرِمٍ، فَهَذَا مَفْهُومُ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ. (وَ) جَازَ لِحَلَالٍ سَاكِنٍ بِالْحَرَمِ (ذَبْحُهُ بِحَرَمٍ) أَيْ: فِيهِ (مَا) أَيْ: بَرِّيًّا وَحْشِيًّا (صِيدَ بِحِلٍّ) أَيْ: فِيهِ صَادَهُ حِلٌّ لِحِلٍّ كَانَ الصَّائِدَ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ الْحِلُّ إذَا اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذٍ مَقْتَلُهُ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَإِنَّهُ يَزُولُ مَالِكُهُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ بِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَإِنْ ذَكَّاهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ. وَلَوْ أَقَامَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْحَرَمِ إقَامَةً قَطَعَتْ حُكْمَ السَّفَرِ فَجَوَازُ ذَبْحِ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ رُخْصَةٌ لِخُصُوصِ أَهْلِهِ السَّاكِنِينَ بِهِ، وَالرُّخْصَةُ لَا يُقَاسَ عَلَيْهَا نَعَمْ أُلْحِقَ بِالسُّكْنَى طُولُ الْإِقَامَةِ وَمَفْهُومُ بِحِلٍّ أَنَّ مَا صِيدَ بِحَرَمٍ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ بِهِ وَلَا يَحِلُّ وَيَجِبُ إرْسَالُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ، وَكَذَا مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 354 وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ، بِخِلَافِ الْحَمَامِ. وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ، إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَا:   [منح الجليل] وَلَيْسَ الْإِوَزُّ) الْإِنْسِيُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ (وَالدَّجَاجُ) الَّذِي لَا يَطِيرُ وَإِلَّا فَهُوَ صَيْدٌ قَالَهُ سَنَدٌ (بِصَيْدٍ) فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ بِالْحَرَمِ ذَبْحُهُ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْإِنْسِيِّ وَالْغَنَمِ، وَأَمَّا الْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ فَصَيْدٌ كَالْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ (بِخِلَافِ الْحَمَامِ) الْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَلَوْ رُومِيًّا مُتَّخَذًا لِلْفِرَاخِ فَهُوَ صَيْدٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ مُطْلَقًا وَالْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلِبَيْضِهِ. (وَحَرُمَ) عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (بِهِ) أَيْ: فِي الْحَرَمِ (قَطْعُ مَا) أَيْ: الَّذِي (يَنْبُتُ) جِنْسُهُ (بِنَفْسِهِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ مِنْ آدَمِيٍّ كَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَالطَّرْفَاءِ وَأُمِّ غِيلَانٍ وَلَوْ زَرَعَهُ شَخْصٌ نَظَرًا لِجِنْسِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْضَرِهِ وَيُسَمَّى عُشْبًا وَخَلَى بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورًا، وَيَابِسُهُ وَيُسَمَّى كَلَأً بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مَهْمُوزًا مَقْصُورًا. وَيَحْرُمُ قَطْعُ مَا ذَكَرَ وَلَوْ لِاحْتِشَاشِ الْبَهَائِمِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْكَافِي وَابْنِ رُشْدٍ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَهَا يُكْرَهُ الِاحْتِشَاشُ، وَحَمَلَهَا سَنَدٌ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ. (إلَّا الْإِذْخِرَ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نَبْتٌ كَالْحَلْفَاءِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَاحِدُهُ إذْخِرَةٌ وَجَمْعُهُ أَذَاخِرُ بِفَتْحِ الْهَمْزِ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَهُوَ مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَثْنَاهُ لَمَّا قَالَ لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا الْإِذْخِرَ (وَ) إلَّا (السَّنَا) بِالْقَصْرِ نَبْتٌ مُسَهِّلٌ يُتَدَاوَى بِهِ قَاسَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْإِذْخِرِ فِي جَوَازِ قَطْعِهِ، وَهُوَ مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَرَأَوْهُ مِنْ، قِيَاسِ الْأَوْلَى بِالْحُكْمِ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَةِ. وَفِي الْقَامُوسِ السَّنَا ضَوْءُ الْبَرْقِ وَنَبْتٌ مُسَهِّلٌ لِلصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ وَالسَّوْدَاءِ وَيَمُدُّ. اهـ. وَهُوَ أَحَدُ الْمُلْحَقَاتِ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ اسْتِثْنَاؤُهُ وَهُوَ الْإِذْخِرُ فَقَطْ وَهِيَ السَّنَا وَالْهَشُّ أَيْ: قَطْعُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِالْمِحْجَنِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَصًا مُعْوَجَّ الرَّأْسِ كَالْخُطَّافِ، فَيُجْعَلُ عَلَى الْغُصْنِ وَيُسْحَبُ فَيَسْقُطُ وَرَقُهُ، فَهَذَا جَائِزٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 355 كَمَا يُسْتَنْبَتُ، وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ، وَلَا جَزَاءَ كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ   [منح الجليل] وَأَمَّا ضَرْبُهُ بِالْعَصَا لِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ، وَالْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ. وَسَادِسُهَا قَطْعُهُ لِاصْطِلَاحِ الْحَوَائِطِ وَالْبَسَاتِينِ فَجُمْلَةُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ سَبْعَةٌ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى السَّنَا لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتَثْنَى الْإِذْخِرَ فِي الْحَدِيثِ وَزَادَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ السَّنَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَرَأَوْهُ مِنْ قِيَاسِ الْأَحْرَى؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ إلَيْهِ فِي الْأَوْدِيَةِ لِكُثْرٍ وَأَشَدُّ مِنْ حَاجَةِ أَهْلِ مَكَّةَ إلَى الْإِذْخِرِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ إجَازَةِ بَعْضِهِمْ اجْتِنَاءَ الْكُمَاةِ. وَإِجَازَةِ الشَّافِعِيِّ قَطْعَ الْمَسَاوِيكِ. زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَائِزٌ الرَّعْيُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي الْحَشِيشِ وَالشَّجَرِ وَأَكْرَهُ أَنْ يَحْتَشَّ فِي الْحَرَمِ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ، وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنْ يَسْلَمَا مِنْ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ وَنَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخَبْطِ وَقَالَ هُشُّوا وَارْعَوْا، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْهَشُّ، تَحْرِيكُ الشَّجَرِ بِالْمِجَنِّ لِيَقَعَ وَرَقُهُ وَلَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ وَالْعَضْدُ الْكَسْرُ اهـ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَمَا) أَيْ: الَّذِي (يُسْتَنْبَتُ) جِنْسُهُ كَخَسٍّ وَبَقْلٍ وَسَلْقٍ وَكُرَّاثٍ وَحِنْطَةٍ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَفَقُّوسٍ وَكَخَوْخٍ وَعُنَّابٍ وَعِنَبٍ وَنَخْلٍ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ إنْ اسْتُنِبْتَ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ) بِأَنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ بِمَثَابَةِ مَا تَوَحَّشَ مِنْ الْإِنْسِيِّ (وَلَا جَزَاءَ) عَلَى قَاطِعِ مَا حَرُمَ قَطْعُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ. وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ فَقَالَ (كَصَيْدِ) حَرَمِ (الْمَدِينَةِ) الشَّرِيفَةِ الْمُنَوَّرَة بِأَنْوَارِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، فَيَحْرُمُ. وَلَا جَزَاءَ فِيهِ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُحَرِّمَ لِحَرَمِ الْمَدِينَةِ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمُحْرِمُ لِحَرَمٍ مَكَّةَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَبِيُّنَا أَعْظَمُ مِنْهُ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ، أَفَادَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، مَا نَصُّهُ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 356 بَيْنَ الْحِرَارِ، وَشَجَرِهَا بَرِيدًا فِي بَرِيدٍ.   [منح الجليل] لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ بَرِيدًا فِي بَرِيدٍ، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمُ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» . وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَادَ فِيهَا صَيْدًا فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الْجَزَاءَ كَحَرَمِ مَكَّةَ سَوَاءٌ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدِ الْوَهَّابِ. وَذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى أَنَّ الصَّيْدَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ أَخَفُّ مِنْ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ. فَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ صَادَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارَ وَالزَّجْرَ مِنْ الْإِمَامِ قِيلَ لَهُ فَهَلْ يُؤْكَلُ الصَّيْدُ الَّذِي يُصَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ مَا هُوَ مِثْلُ مَا يُصَادُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَإِنِّي لَأَكْرَهَهُ، فَرُوجِعَ فِيهِ فَقَالَ لَا أَدْرِي وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ. وَحَرَّمَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ مَا (بَيْنَ الْحِرَارِ) الْمُحِيطَةِ بِهَا جَمْعُ حَرَّةٍ أَيْ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كَأَنَّهَا أُحْرِقَتْ بِنَارٍ فَالْمَدِينَةُ دَاخِلَةٌ فِي حَرَمِ الصَّيْدِ وَالْجَمْعُ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ إذْ لَيْسَ ثَمَّ إلَّا حَرَّتَانِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِكُلِّ حَرَّةٍ طَرَفَيْنِ وَهُمَا الْمُرَادُ بِلَابَتَيْهَا (وَ) كَقَطْعِ (شَجَرِهَا) أَيْ الْمَدِينَةِ (بَرِيدًا) طُولًا مِنْ طَرَفِ بُيُوتِهَا (فِي بَرِيدٍ) أَيْ مَعَ بَرِيدٍ آخَرَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ مِنْ طَرَفِ الْبُيُوتِ أَيْضًا. قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَسَافَةُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْهَا مِنْ طَرَفِ دُورِهَا فَفِي بِمَعْنَى مَعَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] ، أَيْ: مَعَ أُمَمٍ فَالْمَدِينَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ لَيْسَتْ مِنْ الْحَرَمِ وَهُوَ مُحِيطٌ بِهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ يُرِيدُ وَالْمُعْتَبَرُ الْبُيُوتُ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُوَرُهَا الْآنَ الدَّاخِلُ هُوَ طَرَفُهَا فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَمَا بَيْنَ سُورَيْهَا مِنْ حَرَمِ الشَّجَرِ أَيْضًا. وَالْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ، وَيُسْتَثْنَى مَا اسْتَثْنَى مِنْ شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ اتِّكَالًا عَلَى الْقِيَاسِ بِالْأَوْلَى. ابْنُ حَبِيبٍ تَحْرِيمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّيْدِ، وَأَمَّا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ فَبَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ، وَحَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْحِرَارِ مِنْ الدُّورِ كُلُّهُ مُحَرَّمٌ أَنْ يُصَادَ فِيهِ صَيْدٌ، وَحَرُمَ قَطْعُ الشَّجَرِ مِنْهَا يُرِيدُ مِنْ كُلِّ شِقٍّ حَوْلَهَا كُلِّهَا اهـ. وَفِي مُخْتَصَرِهَا لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَحَرَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ وَهُمَا حَرَّتَانِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُصَادُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 357 وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ   [منح الجليل] الْجَرَادُ بِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يُطْرَدَ عَنْ النَّخْلِ. وَقِيلَ إنَّ حَرَّمَهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مِنْ جَانِبِهَا كُلِّهَا. وَفِي الْإِكْمَالِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّيْدِ خَاصَّةً، وَأَمَّا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ فَبَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ كُلِّهَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ وَهْبٍ وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ «إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا» . وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى» ، وَهَذَا تَفْسِيرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. (وَالْجَزَاءُ) سَوَاءٌ كَانَ مِثْلًا مِنْ النَّعَمِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا مَشْرُوطٌ (بِحُكْمِ) رَجُلَيْنِ (عَدْلَيْنِ) عَدَالَةَ شَهَادَةٍ فَتَتَضَمَّنُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَالْعِلْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ مُحَرَّمًا كَخِنْزِيرٍ. وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ بِلَا حُكْمٍ أَعَادَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى وَلَا الْإِشَارَةُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنْشَاءٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا غَيْرَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مِثْلًا بِكَسْرِ الْمِيمِ إلَخْ هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الْحَطّ مَا عَلِمْت خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ. وَذَكَرَ سَنَدٌ فِيهِ خِلَافًا بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي نَدْبِهِ قَالَ قَالَ الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي اسْتِئْنَافُ الْحُكْمِ فِي الصَّوْمِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْأَيَّامِ بِالْأَمْدَادِ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ فَقَدْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ فَقَالَ صَوْمُ يَوْمٍ يَعْدِلُ مُدَّيْنِ، وَبِالْحُكْمِ يُتَخَلَّصُ مِنْ الْخِلَافِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ. الرَّمَاصِيُّ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّهِ الْفَاكِهَانِيُّ إنْ أَرَادَ ابْتِدَاءَ أَنْ يَصُومَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ فَيَنْظُرَا لَقِيمَةِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الصَّوْمِ إلَّا بِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الطَّعَامِ، وَلَا يَكُونُ الطَّعَامُ إلَّا بِحُكْمٍ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 358 فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ   [منح الجليل] وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الطَّعَامَ فَلَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَرَادَ الصِّيَامَ، فَهَا هُنَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِهِمَا بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الطَّعَامِ لَا مِنْ الصَّيْدِ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] ، وَكَأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالطَّعَامِ بِتَقْدِيرِ الشَّرْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحُكْمِ. اهـ. فَيَنْزِلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَحْوِهِمَا قَوْلُهَا وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِجَزَاءِ مَا أَصَابَ مِنْ النَّعَمِ أَوْ بِالصِّيَامِ أَوْ بِالطَّعَامِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ فَالْجَزَاءُ مِنْ النَّعَمِ، فَحَكَمَا بِهِ وَأَصَابَا فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الصِّيَامِ أَوْ الطَّعَامِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا فَلِذَلِكَ لَهُ اهـ. وَكَلَامُ سَنَدٍ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ عَلَى الثَّانِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهَا وَإِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ الْيَرْبُوعَ وَالضَّبَّ وَالْأَرْنَبَ وَشَبَهُهُ حُكِمَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا، وَخُيِّرَ الْمُحْرِمُ فَإِمَّا أَطْعَمَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا عَدَمُ احْتِيَاجِ الصَّوْمِ لِلْحُكْمِ فِي الثَّانِي. قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ عِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ، وَمِثْلُهَا فِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَأْمُرُهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ، أَيْ: بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ الْجَزَاءِ. وَاَلَّذِي فِي تت قَالَ فِي الشَّامِلِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْجَزَاءِ. طفي هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ، وَهَكَذَا عِبَارَةُ سَنَدٍ الَّتِي نَقَلَهَا الْحَطّ وعج، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْجَزَاءِ بَلْ الْحُكْمِ، فَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِرَجُلٍ بِجَنْبِهِ تَعَالَ أَحْكُمُ أَنَا وَأَنْتَ، فَحَكَمَا عَلَيْهِ وَفِيهِ أَيْضًا فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ تَعَالَ نَحْكُمْ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ الْجَزَاءِ فَفِيهَا فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ بِالْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ فَحَكَمَا بِهِ وَأَصَابَا إلَخْ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ اُحْكُمَا فَحَكَمَا عَلَيْهِ. (فَقِيهَيْنِ) أَيْ: عَالِمَيْنِ (بِذَلِكَ) أَيْ حُكْمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ لَا بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، وَخَبَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 359 مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ يَوْمَ التَّلَفِ بِمَحَلِّهِ. وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ. وَلَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ، وَلَا زَائِدَ عَلَى مُدٍّ لِمِسْكِينٍ؛ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] الْجَزَاءِ (مِثْلُهُ) أَيْ مُقَارِبُ الصَّيْدِ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا كَفَى مُقَارِبُهُ فِي الْقَدْرِ وَبَيَّنَ الْمِثْلَ فَقَالَ (مِنْ النَّعَمِ) أَيْ: الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ) نَفْسِهِ حَيًّا كَبِيرًا وَلَا يُقَوِّمُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا، لَكِنْ إنْ فَعَلَ أَجْزَأَ، وَلَا يُقَوِّمُ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ بَلْ يُقَوِّمُ نَفْسَ، الصَّيْدِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ التَّلَفِ) لَا يَوْمَ تَقْوِيمِ الْحَكَمَيْنِ وَلَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا يَوْمَ الْأَكْثَرِ مِنْ طَعَامِ جُلِّ عَيْشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالتَّقْوِيمِ (بِمَحَلِّهِ) أَيْ التَّلَفِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ فِيهِ وَوَجَدَ بِهِ مَسَاكِينَ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ بِمَحَلِّهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَسَاكِينُ (فَ) يُقَوِّمُ أَوْ يُطْعِمُ (بِقُرْبِهِ) أَيْ: مَحَلِّ التَّلَفِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا بِقُرْبِهِ أَيْضًا فَإِذَا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ حَكَّمَ اثْنَيْنِ وَوَصَفَ لَهُمَا الصَّيْدَ وَذَكَرَ لَهُمَا سِعْرَ الطَّعَامِ بِمَحَلِّ التَّلَفِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِطَعَامٍ قَوَّمَاهُ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَبَعَثَهُ إلَى مَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ. (وَلَا يُجْزِئُ) الْإِطْعَامُ (بِغَيْرِهِ) أَيْ: مَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِهِ. سَنَدٌ جُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ هَدْيًا اخْتَصَّ بِالْحَرَمِ أَوْ صِيَامًا فَحَيْثُ شَاءَ أَوْ طَعَامًا اخْتَصَرَ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ (وَلَا) يُجْزِئُ (زَائِدٌ عَلَى مُدٍّ) مِنْ الطَّعَامِ الْمُقَوَّمِ بِهِ الصَّيْدُ أَيْ: دَفْعُهُ (لِمِسْكِينٍ) وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَقِيَ، وَبَيْنَ وَلَا يُجْزِئُ نَاقِصٌ عَنْ مُدٍّ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ، وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِي بِغَيْرِهِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ) أَيْ: الطَّعَامِ فِي مَحَلِّ الْإِطْعَامِ سِعْرَهُ فِي مَحَلِّ التَّلَفِ (فَتَأْوِيلَانِ) بِالْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ ابْتِدَاءً أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ فِي غَيْرِهِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَصَابَ صَيْدًا بِمِصْرَ وَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 360 أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ، وَالْفِيلُ بِذَاتِ سِنَامَيْنِ،   [منح الجليل] أَجْزَأَ؛ لِأَنَّ سِعْرَهَا أَغْلَى، وَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ بِمِصْرَ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا لَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ خِلَافًا لَهَا وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ وَفِي مَكَانِهِ أَيْ: الْإِطْعَامُ ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَمُحَمَّدٍ، حَيْثُ يُقَوَّمُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقٌّ، وَيُجْزِئُ حَيْثُ شَاءَ إنْ أَخْرَجَ عَلَى سِعْرِهِ، وَيُجْزِئُ إنْ تَسَاوَى السِّعْرَانِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ يُطْعِمُ حَيْثُ أَحَبَّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْفَرْقُ بَيْنَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ أَنَّ الَّذِي شَرَطَهُ مُحَمَّدٌ هُوَ تَسَاوِي السِّعْرَيْنِ وَاَلَّذِي شَرَطَهُ أَصْبَغُ اعْتِبَارُ سِعْرِ بَلَدِ التَّقْوِيمِ لَا بَلَدِ الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ سِعْرُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُحَمَّدًا شَرَطَ مُسَاوَاةَ السِّعْرَيْنِ وَأَنَّ أَصْبَغَ لَمْ يَنْظُرْ إلَّا إلَى قِيمَةِ الصَّيْدِ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهِمَا طَعَامًا عَلَى سِعْرِ بَلَدِ الْإِخْرَاجِ أَجْزَأَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ وَهْبٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إنْ اخْتَلَفَ السِّعْرَانِ أَخْرَجَ قِيمَةَ الطَّعَامِ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ عَيْنًا حَيْثُ أَصَابَ الصَّيْدَ فَيَشْتَرِي بِمِثْلِ تِلْكَ الْقِيمَةِ طَعَامًا حَيْثُ أُحِبُّ أَنْ يُخْرِجَهُ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ غَلَا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ رَخُصَ فَاعْتَبَرَ قِيمَةَ الطَّعَامِ، وَاعْتَبَرَ أَصْبَغُ قِيمَةَ الصَّيْدِ وَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا فِي بَلَدِ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مُسَاوَاةِ الطَّعَامَيْنِ اهـ. (أَوْ) صِيَامُ أَيَّامٍ بِعَدَدِ الْأَمْدَادِ (لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ) وَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةً قَالَهُ فِيهَا (وَكَمَّلَ) بِشَدِّ الْمِيمِ الْيَوْمَ أَوْ الْمُدَّ (لِكَسْرِهِ) أَيْ الْمُدِّ وُجُوبًا فِي الصَّوْمِ وَنَدْبًا فِي الْمُدِّ قَالَهُ الْبَاجِيَّ (فَالنَّعَامَةُ) جَزَاؤُهَا (بَدَنَةٌ) لِمُقَارَبَتِهَا لَهَا فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ (وَالْفِيلُ) جَزَاؤُهُ بَدَنَةٌ (بِذَاتِ سَنَامَيْنِ) لِقُرْبِهَا مِنْهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا نَصَّ فِي الْفِيلِ. ابْنُ مُيَسِّرٍ بَدَنَةٌ خُرَاسَانِيَّةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ، وَقَالَ الْقَرَوِيُّونَ الْقِيمَةُ. وَقِيلَ قَدْرُ وَزْنِهِ لِغَلَاءِ عَظْمِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَصِفَةُ وَزْنِهِ أَنْ يَجْعَلَ فِي مَرْكَبٍ وَيَنْظُرَ إلَى حَيْثُ يَنْزِلُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُزَالُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 361 وَحِمَارُ الْوَحْشِ، وَبَقَرُهُ بَقَرَةٌ، وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ: شَاةٌ   [منح الجليل] فِيهِ طَعَامٌ حَتَّى يَنْزِلَ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ. ابْنُ رَاشِدٍ وَيَتَوَصَّلُ إلَى وَزْنِهِ بِالْقَبَّانِ قِيلَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ أَوْ ذَاتِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاتَ صِفَةُ مَحْذُوفٍ أَيْ بِبَدَنَةٍ ذَاتِ الْبَدْرِ قَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ إلَخْ أَيْ إنْ أَرَادَ إخْرَاجَ الْمِثْلِ إذْ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَصُومَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ عج فِيهِ نَظَرٌ إذْ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي النَّعَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَوْلُهُ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ إلَخْ، فِيمَا يَرِدُ فِيهِ النَّصُّ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ عب. طفي مَا قَالَهُ عج خَطَأٌ فَاحِشٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ كُلِّهِمْ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ بِمَا تَمُجُّهُ الْأَسْمَاعُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ، وَمَا أَدْرِي أَيْنَ هَذَا النَّقْلُ الَّذِي يُفِيدُ مَا زَعَمَهُ. وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُهُ الْبَدْرُ إذْ كُتُبُ الْمَالِكِيَّةِ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْبَدَنَةَ الَّتِي فِي النَّعَامَةِ وَالْبَقَرَةَ الَّتِي فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْعَنْزَ الَّذِي فِي الظَّبْيِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا حَكَمَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بَيَانٌ لِلْمِثْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا، وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَجَلَبْنَا مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُثْلِجُ لَهُ الصَّدْرَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَاجِيَّ مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَكَمَا عَلَى رَجُلٍ أَصَابَ ظَبْيًا بِعَنْزٍ، قَالَ يُرِيدُ أَنَّهُ اخْتَارَ الْمِثْلَ وَلِذَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ، وَمَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ ظَهَرَ لَهُ مَا قُلْنَاهُ {فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا} [الإسراء: 84] . (وَحِمَارُ الْوَحْشِ) وَيُقَالُ لَهُ الْعَيْرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَلِأُنْثَاهُ حِمَارَةٌ وَأَتَانٌ (وَبَقَرُهُ) أَيْ: الْوَحْشِ وَالْإِيَّلِ بِكَسْرِ الْهَمْزِ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ قَرِيبٌ مِنْ الْبَقَرِ طَوِيلُ الْعُنُقِ جَزَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا (بَقَرَةٌ) بِتَاءِ الْوَحْدَةِ لَا التَّأْنِيثِ فَتَشْمَلُ الذَّكَرَ أَيْضًا وَجَمْعُهُمَا بَقَرٌ وَبُقْرَانٌ وَبُقُرٌ بِضَمَّتَيْنِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَالضَّبُعُ) الْجَوْهَرِيُّ الضَّبُعُ مَعْرُوفَةٌ وَلَا يُقَالُ ضَبِعَةٌ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ ضَبُعَانُ (وَالثَّعْلَبُ) مَعْرُوفٌ. الْكِسَائِيُّ الْأُنْثَى ثَعْلَبَةٌ وَالذَّكَرُ ثُعْلُبَانُ فِي كُلٍّ (شَاةٌ) أَيْ: وَاحِدَةٌ مِنْ غَنَمٍ فَذَكَرٌ وَتُؤَنَّثُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خِيفَ مِنْهُمَا وَلَا يَنْدَفِعَانِ إلَّا بِقَتْلِهِمَا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الطَّيْرِ الْمَخُوفِ مِنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ. وَفَرَّقَ بِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُمَا بِصُعُودِ نَخْلَةٍ مَثَلًا بِخِلَافِ الطَّيْرِ. الْبُنَانِيُّ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 362 كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهَا بِلَا حُكْمٍ،   [منح الجليل] كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ الْمَخُوفِ مِنْهَا إلَّا بِقَتْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ. وَشَبَّهَ فِي الشَّاةِ فَقَالَ (كَحَمَامِ مَكَّةَ) أَيْ: الْمَصِيدِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ طَارِئًا عَلَيْهَا مِنْ الْحِلِّ (وَالْحَرَمِ) عَطْفٌ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ إلْحَاقًا لِغَيْرِهَا مِنْهُ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ حُكُومَةٌ كَحَمَامِ الْحِلِّ الَّذِي صَادَهُ مُحْرِمٌ (وَيَمَامِهَا) أَيْ الْمَصِيدِ فِي الْحَرَمِ وَمِنْهُ مَكَّةُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ بِهِ، وَالدُّبْسِيُّ وَالْفَاخِتُ وَالْقُمَرِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَاتُ الْأَطْوَاقِ كُلُّهَا حَمَامٌ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَفِيهَا أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهِ وَتَجِبُ الشَّاةُ فِي حَمَامٍ وَيَمَامٍ الْحَرَمِ (بِلَا حُكْمٍ) كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ فَشَاةٌ بِلَا حُكْمٍ لِخُرُوجِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ لِتَقَرُّرِهِ بِالدَّلِيلِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي النَّعَامَةِ إلَخْ، فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالصَّيْدِ بَوْنٌ عَظِيمٌ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى تَفَاوُتِ أَفْرَادِ الصَّيْدِ وَبِأَنَّ تَفَاوُتَ أَفْرَادِ الْحَمَامِ يَسِيرٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَكَانَ حَسَنًا، وَقَدْ خَالَفَ حَمَامُ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامُهُمَا سَائِرَ الصَّيْدِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مِثْلٌ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ، وَأَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الشَّاةِ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَكَانَ فِيهِ شَاةٌ؛ لِأَنَّهُ يَأْلَفُ النَّاسَ فَشَدَّدَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى قَتْلِهِ، فَإِنْ اصْطَادَهُ حِلٌّ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّاهُ بَعْدَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا أَفَادَهُ عبق. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدِّيَاتِ الَّتِي تَقَرَّرَتْ بِالدَّلِيلِ أَيْ لِتَعَيُّنِهَا وَعَدَمِ التَّخْيِيرِ فِيهَا وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا فِيهِ تَخْيِيرٌ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا فِيهَا التَّخْيِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا شَيْءٌ. وَقَوْلُهُ فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ، قَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فِي كُلِّ جَزَاءٍ حَتَّى جَزَاءِ الْجَرَادِ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ مَا اُتُّفِقَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 363 وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا، وَالصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْجَمِيلُ كَغَيْرِهِ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ مِنْ الشَّاةِ فِيهِ لَيْسَ بِمِثْلٍ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَحْقِيقِ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ فَإِنْ اصْطَادَهُ حِلٌّ فِي حِلٍّ إلَخْ أَيْ: فَيَجُوزُ اصْطِيَادُهُ أَبُو الْحَسَنِ. ظَاهِرُ الْكِتَابِ جَوَازُ اصْطِيَادِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِرَاخٌ فِي الْحَرَمِ. ابْنُ نَاجِي إنْ كَانَ لَهُ فِرَاخٌ فِي الْحَرَمِ فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ صَيْدِهِ لِتَعْذِيبِ فِرَاخِهِ حَتَّى يَمُوتُوا. (وَ) فِي الْحَمَامِ (لِلْحِلِّ) أَيْ الْمَصِيدِ فِيهِ وَإِنْ وُلِدَ بِالْحَرَمِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ} [الأعراف: 187] . وَقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] . (وَ) فِي (ضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ) الْمَصِيدِ فِي حِلٍّ لِمُحْرِمٍ أَوْ حَرُمَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِمَكَّةَ غَيْرَ حَمَامِ الْحَرَمِ وَيَمَامِهِ وَغَيْرَ مَا أَلْحَقَ بِهِمَا، وَلَوْ قَالَ وَبَاقِي كَانَ أَحْسَنَ (الْقِيمَةُ) مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ الْإِتْلَافِ (طَعَامًا) أَوْ عَدْلُهَا صِيَامًا، فَإِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ لِصِغَرِهِ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ، وَمَا لَهُ مِثْلٌ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ بَيْنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ، قَالَهُ فِيهَا لَا بَأْسَ بِصَيْدِ حَمَامِ مَكَّةَ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ صَادَهُ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الشَّاةُ إذَا صَادَهُ فِي الْحَرَمِ. (وَالصَّغِيرُ) مِنْ الصَّيْدِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ صِيَامٍ بَدَلًا عَنْ الْأَمْدَادِ قِلَّةً وَكَثْرَةً (وَالْمَرِيضُ) مِنْهُ (وَالْجَمِيلُ) فِي صُورَتِهِ وَالْأُنْثَى وَالْمُعَلَّمُ وَلَوْ مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً (كَغَيْرِهِ) مِنْ كَبِيرٍ وَسَلِيمٍ وَقَبِيحٍ، وَذَكَرُوا مَا لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَتَسَاوِي الْمَذْكُورَاتِ مُقَابِلَاتُهَا فِي الْوَاجِبِ كَالدِّيَاتِ وَلَمْ يَقُلْ وَالْقَبِيحُ مَعَ أَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ مِنْ أَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ لَا الْعَكْسُ. الْقَرَافِيُّ الْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا يُعْتَدُّ بِهِمَا فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِأَكْلِهِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ فَالْمَعِيبُ عَيْبًا لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ كَالسَّلِيمِ فَيُقَوِّمُ ذَاتَ الصَّيْدِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 364 وَقُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ مَعَهَا، وَاجْتَهَدَ، وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ فَبِهِ.   [منح الجليل] بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ، وَلَا تُقَوَّمُ الْأُنْثَى عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ وَلَا الذَّكَرُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ تِلْكَ الصِّفَاتِ فِي الْجَزَاءِ إذَا كَانَ هَدْيًا فَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرُوهَا فِي أَحَدِ أَنْوَاعِ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ مِثْلًا مِنْ النَّعَمِ أَلْحَقُوا بِهِ بَقِيَّةَ أَنْوَاعِهِ هَذَا فِي الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. (وَ) لَوْ كَانَ الصَّيْدُ الْمَوْصُوفُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ مَمْلُوكًا لِشَخْصٍ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّمًا مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً أَوْ صَغِيرًا أَوْ جَمِيلًا أَوْ مَرِيضًا قُوِّمَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ مُعْتَبَرٍ وَصْفُهُ وَ (قُوِّمَ لِرَبِّهِ بِ) اعْتِبَارِ (ذَلِكَ) الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِهِ مِنْ التَّعَلُّمِ أَوْ الصِّغَرِ أَوْ الْجَمَالِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ ضِدِّهَا (مَعَهَا) أَيْ: الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ لَحِقَ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ: مَعَ إخْرَاجِهَا فَيُعْطِي رَبُّهُ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّمٌ مَثَلًا وَيُخْرِجُ قِيمَتَهُ أَيْ: جَزَاءَهُ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَقِيمَةٌ مَعَ اعْتِبَارِهَا. (وَاجْتَهَدَا) أَيْ: الْحَكَمَانِ وُجُوبًا (وَإِنْ رُوِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (فِيهِ) أَيْ: الصَّيْدِ شَيْءٌ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِخُصُوصِهِ كَبَدَنَةٍ فِي نَعَامَةٍ وَذَاتِ سَنَامَيْنِ فِي فِيلٍ وَصِلَةٍ اجْتَهَدَا (فِيهِ) أَيْ الْجَزَاءِ الَّذِي يَحْكُمَانِ بِهِ إنْ لَمْ يُرْوَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ الصَّحَابَةِ، بَلْ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْهُمْ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَلَوْ حُذِفَ أَحَدُهُمَا كَانَ أَحْسَنَ وَكَانَ مِنْ التَّنَازُعِ. وَمَعْنَى اجْتِهَادِهِمَا فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ اجْتِهَادُهُمَا فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ وَالسِّنِّ، فَمَصَبُّ الرِّوَايَةِ النَّوْعُ وَمَصَبُّ الِاجْتِهَادِ الصِّفَاتُ كَالسِّمَنِ وَالسِّنِّ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا لِسِمَنِ النَّعَامَةِ أَوْ هُزَالِهَا وَكَأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ نَاقَةً سِنُّهَا خَمْسُ سِنِينَ لِصِغَرِهَا، وَفِي هَذِهِ النَّعَامَةِ نَاقَةً سِنُّهَا سَبْعُ سِنِينَ لِكِبَرِهَا. عَبْدِ الْوَهَّابِ لَمْ يَكْتَفِ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] أَفَادَهُ عب. الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَا إلَخْ أَمْرٌ لِلْحَكَمَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَزَمَانُهُ زَمَنُ اجْتِهَادٍ، قَالَ فِيهَا وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلِيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَا بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى. اهـ. أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 365 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرِجَ مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ لِصِغَرِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رَوَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، أَيْ: عَنْ السَّلَفِ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ فَلَا يَصِحُّ الْعُدُولُ عَنْهُ كَمَا فِي الضَّبُعِ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِكَبْشٍ. فَإِنْ قُلْت تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فَلِمَ لَا يَكْتَفِي الْحَكَمَانِ بِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ. قُلْت لَمْ يَخْرُجْ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ أَصْلِهِ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رُوِيَ إذَا وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافٌ. وَأَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَحِلُّ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهَا وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلِيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَانِ عَنْ أَثَرِ مَنْ مَضَى، وَكَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يَكْتَفِي فِي الْجَرَادِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَوْ النَّعَامَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ فَمَا دُونَهَا بِاَلَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْتَنِفَا الْحُكْمَ فِيهِ وَلَا يَخْرُجَا عَمَّا مَضَى اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اجْتِهَادَهُمَا فِي الْوَاجِبِ لَا فِي سِمَنِهِ وَهُزَالِهِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا لَا يَتَعَرَّضَانِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَأْتِيَا بِمَا يُجْزِئُ ضَحِيَّةً، وَهُنَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا: الْحُكْمُ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ الَّذِي اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: 95] فَأَتَى بِالْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَوَقَعَ فِي الْآيَةِ جَوَابُ الشَّرْطِ فَخَلَّصَهُ لِلِاسْتِقْبَالِ. ثَانِيهِمَا: إذَا حَكَمَا لَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ، فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ فِي النَّعَامَةِ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ قَدِيمٌ تَكَرَّرَ حُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِهِ وَفَتْوَى الْعُلَمَاءِ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 366 وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ؛ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ: فَتَأْوِيلَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا اُبْتُدِئَ، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا بِمَجْلِسٍ، وَنُقِضَ إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ، وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ: عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ وَلَوْ تَحَرَّكَ،   [منح الجليل] بِهَا وَتَكَرَّرَ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ. أَقُولُ حَيْثُ كَانَ الِاجْتِهَادُ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْخُرُوجِ عَمَّا رُوِيَ عَنْ السَّلَفِ لَمْ يَبْقَ مُتَعَلِّقٌ إلَّا الصِّفَاتِ مِنْ السِّنِّ وَالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُؤَيِّدُهُ مُخَالَفَةُ مَالِكٍ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَلَهُ) أَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِجَزَاءِ صَيْدٍ (أَنْ يَنْتَقِلَ) عَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ بِأَنْ يُرِيدَ حُكْمًا آخَرَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ الِانْتِقَالَ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ) مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ، وَمَحَلُّهُمَا إذَا عَرَفَ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ وَالْتَزَمَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ لَا إنْ الْتَزَمَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ، وَالتَّأْوِيلُ بِعَدَمِ الِانْتِقَالِ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَالتَّأْوِيلُ بِالِانْتِقَالِ لِلْأَكْثَرِ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ: الْحَكَمَانِ فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ أَصْلِ الْحُكْمِ (اُبْتُدِئَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْحُكْمُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ (وَالْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ (كَوْنُهُمَا) أَيْ: الْحَكَمَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ (بِمَجْلِسٍ) وَاحِدٍ لِيَطَّلِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى رَأْيِ الْآخَرِ (وَنُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكْمُهُمَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ) تَبَيُّنًا وَاضِحًا كَحُكْمٍ بِشَاةٍ فِيمَا فِيهِ بَقَرَةٌ أَوْ بَدَنَةٌ أَوْ بِبَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ فِيمَا فِيهِ شَاةٌ أَوْ إطْعَامٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. (وَفِي) التَّسَبُّبِ فِي إسْقَاطِ (الْجَنِينِ) مَيِّتًا وَأُمُّهُ حَيَّةٌ مِنْ مُحْرِمٍ مُطْلَقًا أَوْ حِلٍّ فِي الْحَرَمِ أَيْ: كُلُّ جَنِينٍ لِوَحْشِيَّةٍ (وَ) فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ (الْبَيْضِ) لِغَيْرِ إوَزٍّ وَدَجَاجٍ غَيْرَ الْمَذَرِ إذَا كَسَرَهَا مُحْرِمٌ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ وَخَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ كَسْرِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَرْخٌ (عُشْرُ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (دِيَةِ) أَيْ: جَزَاءُ (الْأُمِّ) لِلْجَنِينِ أَوْ الْبَيْضِ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ بَلْ (وَلَوْ تَحَرَّكَ) الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ عَقِبَ انْفِصَالِهِ حَرَكَةً ضَعِيفَةً لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 367 وَدِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ. وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ مُرَتَّبٌ   [منح الجليل] تَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ مَوْتُ الْجَنِينِ أَوْ الْفَرْخِ قَبْلَ التَّسَبُّبِ فِي إسْقَاطِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ. (وَ) فِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ (دِيَتُهَا) أَيْ: جَزَاءُ الْأُمِّ (إنْ) مَاتَ بَعْدَ أَنْ (اسْتَهَلَّ) الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ صَارِخًا عَقِبَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ حَيَّةً أَوْ عَنْ بَيْضَتِهِ أَيْ: جَزَاءٌ كَجَزَاءِ أُمِّهِ فِي كَوْنِهِ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالصَّغِيرُ كَغَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ: دِيَتُهَا وَلَمْ يَقُلْ دِيَتُهُ، وَلِمُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ اسْتِهْلَالِهِ سَائِرُ مَا تَتَحَقَّقُ حَيَاتُهُ بِهِ كَكَثْرَةِ رَضَاعٍ فِيمَا يُرْضَعُ، فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ وَمَاتَتْ فَجَزَاءَانِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَمَاتَتْ انْدَرَجَ فِي جَزَائِهَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَا فَدِيَتَانِ، وَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ فَقَطْ كَمَا إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ وَمَاتَتْ الْأُمُّ، فَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَلَا شَيْءَ فِي الْمَذَرِ. وَكَذَا الْمَمْرُوقُ الَّذِي اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ أَوْ مَا وُجِدَ فِيهِ نُقْطَةُ دَمٍ عَلَى الظَّاهِرِ إذْ لَا يَتَخَلَّقُ مِنْهُمَا فَرْخٌ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْبَيْضُ وَلَوْ أَتْلَفَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي فَوْرٍ وَلَوْ وَصَلَ لِعَشْرٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ، لَوْ كَسَرَ عَشْرَ بَيْضَاتٍ لَكَانَ فِي كُلِّ بَيْضَةٍ عُشْرٌ لَا شَاةٌ عَنْ مَجْمُوعِهَا؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَنْ قَتَلَ مِنْ الْيَرَابِيعِ مَا يَبْلُغُ قَدْرَ شَاةٍ فَلَا تُجْمَعُ فِيهَا، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْبَيْضِ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي فِي الْعَشْرِ بَيْضَاتٍ شَاةٌ. وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَرَابِيعِ بِأَنَّ الْعَشْرَ بَيْضَاتٍ أَجْزَاءُ كُلٍّ بِخِلَافِ الْيَرَابِيعِ، فَإِنَّهَا جُزْئِيَّاتٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَجِنَّةِ، وَيُخَيَّرُ فِي الْجَنِينِ أَوْ الْبَيْضِ بَيْنَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ مِنْ الطَّعَامِ وَعُدَّ لَهُ صِيَامًا يَوْمًا مَكَانَ مُدٍّ أَوْ كَسْرِهِ إلَّا بَيْضَ حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ يَوْمًا، وَلَمَّا كَانَتْ دِمَاءُ الْحَجِّ ثَلَاثَةً فِدْيَةٌ وَجَزَاءٌ وَهَدْيٌ، وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ. شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْهَدْيِ فَقَالَ (وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ) الْوَاجِبَةِ فِيمَا يُتَرَفَّهُ أَوْ يُزِيلُ أَذًى (وَ) غَيْرُ جَزَاءِ (الصَّيْدِ) وَهُوَ مَا يَجِبُ لِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (مُرَتَّبٌ) مَرْتَبَتَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا لَا يَنْتَقِلُ عَنْ أُولَاهُمَا إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا دَمٌ ثُمَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 368 هَدْيٌ، وَنُدِبَ إبِلٌ فَبَقَرٌ، ثُمَّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ إحْرَامِهِ، وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى   [منح الجليل] صِيَامُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَيُقَالُ لَهُ (هَدْيٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْوَاعِ النَّعَمِ (إبِلٌ) فَهُوَ أَفْضَلُ الْهَدَايَا (فَبَقَرٌ) يَلِي الْإِبِلَ فِي الْفَضْلِ فَضَأْنٌ فَمَعْزٌ فَحَذَفَ مَرْتَبَةً لَهَا نَوْعَانِ أَوَّلُهُمَا مُقَدَّمٌ نَدْبًا؛ لِأَنَّهَا لَا أَفْضَلِيَّةَ لَهَا؛ إذْ لَا مَرْتَبَةَ بَعْدَهَا. (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) أَوَّلَ وَقْتِهَا (مِنْ إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْعِيدِ (وَ) إنْ فَاتَهُ صَوْمُهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا (صَامَ أَيَّامَ مِنًى) الثَّلَاثَةَ الَّتِي تَلِي يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا إلَّا لِعُذْرٍ، وَلَعَلَّ هَذَا حُكْمُهُ قَوْلُهُ وَصَامَ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى كَمَا قَالَهُ سَابِقًا. وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْمُعَلَّى وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي صَوْمِهَا أَيَّامَ مِنًى هَلْ هُوَ أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَنْعِ تَأْخِيرِهِ إلَيْهَا وَكَوْنِهِ أَدَّاهُ، إذْ هُوَ كَالصَّلَاةِ فِي الضَّرُورِيِّ قَالَ فِيهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَالْكُلُّ أَدَاءٌ أَفَادَهُ عب. طفي وَهُوَ قُصُورٌ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ نَقَلَهُ عَنْهُمَا فَفِي الْمُنْتَقَى، قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنَّ صِيَامَ أَيَّامِ مِنًى عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ، وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ قَبْلَهَا أَفْضَلَ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي فِيهِ سَعَةٌ لِلْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ أَفْضَلُ مِنْ آخِرِهِ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِ الْهَدْيِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بِثَلَاثَةٍ لَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُ صَوْمِهِ عَنْهَا، فَقَوْلُ عب وعج يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ لِأَيَّامِ مِنًى لِغَيْرِ عُذْرٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِبَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الِاسْتِحْبَابُ كَمَالُ صَوْمِهَا قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ وَصَامَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. اهـ. فَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَاجِبًا وَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ مَا قَالَتْ وَلَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَالٌ قَالَ الْبَاجِيَّ إنَّ صِيَامَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ مُفَضَّلٌ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 369 بِنَقْضٍ بِحَجٍّ   [منح الجليل] وَاجِبٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاغْتُفِرَ صَوْمُهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةٍ فِي الْحَجِّ هَلْ هُوَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ فَقَطْ أَوْ هُمَا، وَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ أَوْ هُمْ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ حَجِّهِ مِنْ يَوْمِ إحْرَامِهِ إلَى حِينِ وُقُوفِهِ رَابِعَهَا أَوْ لِتَرْكِ ذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ وُجُوبُ صَوْمِ مَنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ أَيَّامَ مِنًى وَمَنَعَهُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَقَرَّاهُ. (بِنَقْصٍ بِحَجٍّ) تَنَازَعَ فِيهِ صِيَامٌ وَصَامَ فَأَعْمَلَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ لِقُرْبِهِ وَالْأَوَّلَ فِي ضَمِيرِهِ وَحَذَفَهُ؛ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ فَمُرَادُهُ أَنَّ كَوْنَ النَّقْصِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ شَرْطٌ فِي أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَوْنُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ. وَالثَّانِي: كَوْنُهُ إنْ فَاتَهُ ذَلِكَ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِصَامَ فَقَطْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَصِيَامُ ثَلَاثَةٍ مِنْ إحْرَامِهِ فَبَيَّنَ بِهِ الْمَبْدَأَ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَأَيْنَ الْغَايَةُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِنَقْصٍ بِحَجٍّ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ. وَيُرَجِّحُ هَذَا أَنَّ مَنْ نَقَصَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ مَا بَعْدَهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَصُومَ لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بِحَجٍّ يَكُونُ فِيهِ عَلَى هَذَا قَلَقٌ. وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَمَا أَبَيْنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْوُقُوفِ كَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَتَعَدَّى الْمِيقَاتَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنْ أَخَّرَهَا إلَيْهِ فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ بَعْدَ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ مَبِيتِ مِنًى أَوْ وَطِئَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 370 إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ، وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى وَلَمْ تَجُزْ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ:   [منح الجليل] الْحَلْقِ صَامَ مَتَى شَاءَ، وَكَذَلِكَ صِيَامُ وَهَدْيُ الْعُمْرَةِ كَذَلِكَ مَنْ مَشَى فِي نَذْرٍ إلَى مَكَّةَ فَعَجَزَ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ كَمَا ذَكَرْنَا الْمُتَمَتِّعَ وَالْقَارِنَ مَنْ تَعَدَّى مِيقَاتَهُ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ. وَأَمَّا مَنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِ جَمْرَةٍ أَوْ لِتَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَلْيَصُمْ مَتَى شَاءَ. وَكَذَلِكَ الَّذِي وَطِئَ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصُومُ إذَا اعْتَمَرَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى. وَمَنْ مَشَى فِي نَذْرٍ إلَى مَكَّةَ فَعَجَزَ فَلْيَصُمْ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي فِي غَيْرِ حَجٍّ فَكَيْفَ لَا يَصُومُ فِي غَيْرِ حَجٍّ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ: يَقْضِي مَشْيَهُ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ يَقْضِي مَشْيَهُ فِي عُمْرَةٍ إذَا أَبْهَمَ يَمِينَهُ أَوْ نَذْرَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ النَّذْرِ. اهـ. وَمَا سَلَكَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إحْدَى طُرُقٍ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ حَصَّلَهَا فِي التَّوْضِيحِ فَتَأَمَّلْهَا فِيهِ لَعَلَّك تَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَا عَقَدَهُ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. (إنْ تَقَدَّمَ) النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَتَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَتَعَدِّي مِيقَاتٍ وَتَرْكِ طَوَافِ قُدُومٍ (وَسَبْعَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيْ: عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الدَّمِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ (إذَا رَجَعَ) وَلَوْ أَخَّرَ صَوْمَهَا عَنْ رُجُوعِهِ (مِنْ مِنًى) لَمْ يَقُلْ لِمَكَّةَ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ شُمُولُهُ لِرُجُوعِهِ لَهَا يَوْمَ النَّحْرِ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَأَنَّهُ يَصُومُ أَيَّامَ مِنًى الثَّلَاثَةَ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصُومُهَا إنْ كَانَ قَدْ صَامَ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ أَيَّامِ مِنًى، وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى وَمَنْ أَقَامَ بِهَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ النَّقْصَ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ تَرْكِ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ كَانَ وَقْتُهُ كَهَدْيِ الْمَارِّ بِعَرَفَةَ النَّاوِي بِهِ الْوُقُوفَ، وَكَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً وَإِمْذَائِهِ حِينَ وُقُوفِهِ أَوْ أَخَّرَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ مِنًى فَإِنَّهُ يَصُومُهَا مَعَ السَّبْعَةِ مَتَى شَاءَ. (وَلَمْ تُجْزِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ لَا تَكْفِي السَّبْعَةُ (إنْ قُدِّمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: السَّبْعَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا (عَلَى وُقُوفِهِ) وَكَذَا الْمُقَدَّمُ مِنْهَا عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى قَالَهُ سَنَدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 371 كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ، أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا لِمَالٍ بِبَلَدِهِ، وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ.   [منح الجليل] {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ الَّتِي صَامَهَا قَبْلَ وُقُوفِهِ بِثَلَاثَةٍ قَالَهُ تت مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَقَالَ عج فِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ صَامَ الْعَشَرَةَ كُلَّهَا قَبْلَ وُقُوفِهِ فَقَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ اكْتِفَاؤُهُ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا، وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ تت لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُ صَوْمِ السَّبْعَةِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى وَطَنِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] هَلْ الْمَعْنَى لِلْأَهْلِ قَالَهُ غَيْرُ مَالِكٍ، أَوْ لِمَكَّةَ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. فَإِنْ اسْتَوْطَنَ مَكَّةَ صَامَ بِهَا اتِّفَاقًا. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمٍ فَلَا يُجْزِئُهُ فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ لِلدَّمِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِدَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ صَوْمِ الْيَوْمِ الَّذِي أَيْسَرَ فِيهِ (أَوْ وَجَدَ) مَنْ عَلَيْهِ الْهَدْيُ (مُسَلِّفًا لِمَالٍ) يَهْدِي بِهِ وَيُنْظِرُهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالٍ لَهُ (بِبَلَدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوسِرًا حُكْمًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَذَلِكَ فَيَصُومُ وَلَا يُؤَخِّرُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ وَلَا لِمَالٍ يَرْجُوهُ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ مِنًى؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّوْمِ فِي الْحَجِّ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الرُّجُوعُ) مِنْ الصَّوْمِ (لَهُ) أَيْ: الدَّمِ إنْ أَيْسَرَ بِهِ (بَعْدَ) صَوْمِ (يَوْمَيْنِ) بِأَنْ أَيْسَرَ فِي لَيْلَةِ الثَّالِثِ، وَكَذَا إنْ أَيْسَرَ فِيهِ، وَكَذَا فِي لَيْلَةِ الثَّانِي أَوْ فِيهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ الرُّجُوعِ فِيهِمَا، فَاَلَّذِي يَجِبُ رُجُوعُهُ وَلَا يَكْفِيهِ صَوْمُهُ هُوَ الَّذِي أَيْسَرَ قَبْلَ إكْمَالِ يَوْمٍ، فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الرُّجُوعُ بَعْدَ إكْمَالِ يَوْمٍ وَقَبْلَ إكْمَالِ الثَّالِثِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ إكْمَالِهِ فَلَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ قَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فَكَأَنَّهَا نِصْفُ الْعَشَرَةِ أَفَادَهُ تت. وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الرُّجُوعِ لِلدَّمِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ. وَفِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اهـ عب. طفي قَوْلُهُ وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَلِابْنِ شَاسٍ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِمَنْ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ، قَالَ وَهَذَا يَحْسُنُ فِيمَنْ قَدَّمَ الصَّوْمَ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 372 وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ كُلِّهَا، وَالنَّحْرُ بِمِنًى   [منح الجليل] الْوَقْتِ الْمُضَيَّقِ اهـ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهَا فِي كِتَابِ الظِّهَارِ وَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ثُمَّ وَجَدَ ثَمَنَ الْهَدْيِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلْيَمْضِ عَلَى صَوْمِهِ، وَإِنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَإِنْ شَاءَ أَهْدَى أَوْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ فَأَمَرَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِالتَّمَادِي وَخَيَّرَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ، وَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا اهـ الْبُنَانِيُّ. قَدْ يُقَالُ يَصِحُّ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ عَلَى مَا فِيهَا بِأَنْ يُرَادَ بِاسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَيْ: وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثِ كَمَا نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ نَاجِي خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، وَالْمُرَادُ بِالتَّخْيِيرِ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ وَبِمَا ذَكَرَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ز بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْهَدْيِ قَبْلَ كَمَالِ الْيَوْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ. (وَ) نُدِبَ (وُقُوفُهُ) أَيْ: الْمُهْدَى (بِهِ) أَيْ: الْهَدْيِ (الْمَوَاقِفَ) كُلَّهَا فَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ إيقَافَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ شَرْطٌ، وَهَذَا فِيمَا يُنْحَرُ بِمِنًى. وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ بِمَكَّةَ فَشَرْطُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَكْفِي وُقُوفُهُ بِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ فِي أَيِّ وَقْتٍ. وَأَرَادَ بِالْمَوَاقِفِ عَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَمِنًى، وَعُدَّتْ مَوْقِفًا لِوُقُوفِهِ بِهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَمُزْدَلِفَةَ مَبِيتٌ لَا مَوْقِفٌ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ نَحْوُهُ فِي الْحَطّ وتت، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفي بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَوْقِفٍ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِنَحْرِهِ بِمِنًى وَلَيْسَ شَرْطًا فِي نَفْسِ الْهَدْيِ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ بَطَلَ كَوْنُهُ هَدْيًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ نَدْبِ إيقَافِهِ بِعَرَفَةَ وَكَوْنِهِ شَرْطًا فِي نَحْرِهِ بِمِنًى، وَالنَّحْرُ بِمِنًى غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ إنْ شَاءَ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَهُ بِمِنًى، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَهُ بِمَكَّةَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) نُدِبَ (النَّحْرُ) لِلْهَدْيِ وَمِنْهُ جَزَاءُ الصَّيْدِ (بِمِنًى) مَعَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَهَارًا فَلَا يُجْزِئُ لَيْلًا، وَالْفِدْيَةُ لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ. وَلَوْ عَبَّرَ بِذَكَاةٍ كَانَ أَشْمَلَ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ نَدْبِهِ مَعَ الشُّرُوطِ نَحْوُهُ فِي الْحَطّ، فَإِنْ ذَكَّى بِمَكَّةَ مَعَهَا أَجْزَأَ وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ، قَالَ وَهُوَ الْآتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَّرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْسَكِهِ اهـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 373 إنْ كَانَ فِي حَجٍّ، وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ: كَهُوَ بِأَيَّامِهَا، وَإِلَّا فَمَكَّةُ،   [منح الجليل] وَجَعَلَهُ تت مَعَهَا وَاجِبًا وَنَحْوَهُ لِلشَّارِحِ أَيْضًا وَعَزَيَا عَنْ عِيَاضٍ الْوُجُوبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى إجْزَائِهِ بِمَكَّةَ مَعَهَا أَفَادَهُ عب. وَصَوَّبَ الرَّمَاصِيُّ الْوُجُوبَ لِتَصْرِيحِ عِيَاضٍ فِي إكْمَالِهِ بِهِ. وَمَا قَالَهُ الْحَطّ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي قَوْلِهَا وَمَنْ وَقَفَ بِهَدْيٍ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ مُتْعَةٍ أَوْ غَيْرِهِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَحَرَهُ بِهَا جَاهِلًا أَوْ تَرَكَ مِنًى مُتَعَمِّدًا أَجْزَأَهُ. اهـ.؛ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ. وَذَكَرَ شُرُوطَ نَحْرِهِ بِمِنًى فَقَالَ (إنْ كَانَ) الْهَدْيُ سَبَقَ (فِي) إحْرَامِ (حَجٍّ) فَرْضٍ أَوْ مَنْذُورٍ أَوْ تَطَوُّعٍ، وَشَمِلَ الْمَسْبُوقُ بِحَجٍّ مَا كَانَ عَنْ نَقْصٍ فِي عُمْرَةٍ (وَوَقَفَ بِهِ) أَيْ: الْهَدْيِ (هُوَ) أَيْ: الْمُهْدِي، فَصَلَ بِهِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي وَقَفَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ} [البقرة: 35] (أَوْ نَائِبُهُ) أَيْ: الْمُهْدِي كَنَاحِرِهِ وَهُوَ ضَالٌّ مِنْ مُهْدِيهِ وُقُوفًا (كَهُوَ) أَيْ: كَوُقُوفِهِ الرُّكْنِيِّ فِي كَوْنِهِ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ، فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوْ نَائِبُهُ عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ بِنَعَمِهِمْ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنُوبُوا عَنْهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ بِعَرَفَةَ وَيَتْرُكَهُ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَأْتُوا بِهِ مِنًى، وَبِقَوْلِهِ كَهُوَ عَنْ وَقَوْفِهِ بِهِ بِهَا نَهَارًا فَقَطْ وَنَحَرَ (بِأَيَّامِهَا) أَيْ: مِنًى هَذَا ظَاهِرُ سِيَاقِهِ وَقَرَّرَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وتت. وَقَالَ عج وَأَحْمَدُ الْمُعْتَمَدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ فَقَطْ إذْ الْيَوْمُ الرَّابِعُ لَيْسَ وَقْتًا لِنَحْرٍ وَلَا ذَبْحٍ فَتَجَوَّزَ فِي التَّعْبِيرِ، وَلَوْ قَالَ بِأَيَّامِ النَّحْرِ لَكَانَ أَوْلَى. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ انْتَفَتْ كُلُّهَا بِأَنْ سَاقَهُ فِي عُمْرَةٍ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ سَبَقَ أَوْ عُمْرَةٍ كَذَلِكَ أَوْ سَاقَهُ لَا فِي إحْرَامٍ كَذَلِكَ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا بِأَنْ فَاتَهُ وُقُوفُ عَرَفَةَ أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ (فَمَكَّةُ) مَحَلُّهُ وُجُوبًا وَلَا يُجْزِئُ بِمِنًى وَلَا بِغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] . ابْنُ عَطِيَّةَ ذُكِرَتْ الْكَعْبَةُ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْحَرَمِ وَأُسُّهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 374 وَأَجْزَأَ إنْ أُخْرِجَ لِحِلٍّ: كَأَنْ وَقَفَ بِهِ فَضَلَّ مُقَلَّدًا، وَنُحِرَ وَفِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ   [منح الجليل] وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ كُلِّ هَدْيٍ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَكَانَ مَا يُذَكَّى بِمِنًى مَجْمُوعًا فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ إذْ شَرْطُهُ وُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي الْمُذَكَّى بِمَكَّةَ الَّذِي مِنْ صُوَرِهِ مَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَقَالَ (وَأَجْزَأَ) كُلُّ هَدْيٍ يُذَكَّى بِمَكَّةَ (إنْ أُخْرِجَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (لِحِلٍّ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ وَلَوْ بِشِرَائِهِ مِنْهُ وَاسْتِصْحَابِهِ لِمَكَّةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرِجُ لَهُ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا. قَالَ سَنَدٌ: وَالْأَحْسَنُ إذَا كَانَ الْهَدْيُ مِمَّا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ أَنْ يُؤَخَّرَ إلَى الْحِلِّ فَإِنْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِالْحَرَمِ وَأَخْرَجَهُ أَجْزَأَهُ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُبَاشِرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُحْرِمَ إذَا دَخَلَهُ، قَالَ فِيهَا: فَإِنْ دَخَلَ بِهِ حَلَالًا أَوْ أَرْسَلَهُ مَعَ حَلَالٍ أَجْزَأَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ وَقَفَ) رَبُّ الْهَدْيِ (بِهِ) أَيْ: الْهَدْيِ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ (فَضَلَّ) الْهَدْيُ مِنْ رَبِّهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُقَلَّدًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً (وَنُحِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْهَدْيُ، أَيْ نَحَرَهُ مَنْ وَجَدَهُ بِمِنًى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا فَقَدْ أَجْزَأَ رَبَّهُ. ابْنُ غَازِيٍّ أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِهِ فِيهَا وَمَنْ أَوْقَفَ هَدْيَهُ. بِعَرَفَةَ ثُمَّ ضَلَّ مِنْهُ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا فَوَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا أَجْزَأَهُ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَقَفَ بِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمِنًى لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَقِفَ بِهِ مَنْ وَجَدَهُ بِعَرَفَةَ، كَمَا إذَا ضَلَّ قَبْلَ الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَوَجَدَهُ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا بَعْدَ جَمْعِهِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَيُجْزِئُ فِيهَا مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ ثُمَّ ضَلَّ مِنْهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ فَأَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ التَّوْقِيفُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ هَدْيًا. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. (وَ) الْهَدْيُ الْمَسُوقُ (فِي) إحْرَامِ (الْعُمْرَةِ) لِنَقْصٍ فِيهَا كَتَعَدِّي مِيقَاتٍ وَتَرْكِ تَلْبِيَةٍ أَوْ إصَابَةِ صَيْدٍ أَوْ فِي حَجٍّ سَابِقٍ أَوْ فِي عُمْرَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ لِنَذْرٍ يُذَكِّي (بِمَكَّةَ) وَصَرَّحَ بِهَذَا مَعَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 375 بَعْدَ سَعْيِهَا ثُمَّ حَلَقَ. إنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ حَتَّى يُتِمَّهَا لِقُرْبٍ وَقْتَ الْوُقُوفِ فَصَارَ قَارِنًا وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتِ أَوْ لِحَيْضٍ؛ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ:   [منح الجليل] دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِلَّا فَمَكَّةُ لِقَوْلِهِ (بَعْدَ سَعْيِهَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ فَلَا تُجْزِئُ تَذْكِيَتُهُ قَبْلَهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْوُقُوفِ فِي هَدْيِ الْحَجِّ فِي أَنَّهُ لَا يُذَكِّي إلَّا بَعْدَهُ. (ثُمَّ حَلَقَ) الْمُعْتَمِرُ رَأْسَهُ أَوْ قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ. الْأَبْهَرِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ نَحْرَهُ أَيْ: عَنْ الْحَلْقِ فَأَتَى بِثُمَّ الْمُرَتِّبَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْحَلْقَ فِي الْعُمْرَةِ بَعْدَ تَذْكِيَةِ الْهَدْيِ كَالْحَجِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] ، وَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَكَذَا قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ نَحْرَهُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ تَقْدِيمَ النَّحْرِ عَلَى الْحَلْقِ مَنْدُوبٌ. (وَإِنْ) أَحْرَمَ شَخْصٌ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا وَقَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ ثُمَّ (أَرْدَفَ) حَجًّا عَلَيْهَا (لِخَوْفِ فَوَاتِ) لِلْحَجِّ إنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ حَتَّى يُتِمَّهَا لِقُرْبِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَصَارَ قَارِنًا (أَوْ) أَرْدَفَتْ امْرَأَةٌ مُحْرِمَةٌ بِعُمْرَةِ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَمَعَهَا هَدْيُ تَطَوُّعٍ (لِحَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ نَزَلَ بِهَا فَمَنَعَهَا مِنْ إتْمَامِ عُمْرَتِهَا وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ إنْ أَخَّرَتْ إحْرَامَهُ إلَى إتْمَامِهَا بَعْدَ طُهْرِهَا لِقُرْبِ وَقْتِ وُقُوفِهِ فَصَارَتْ قَارِنَةً (أَجْزَأَ) الْهَدْيُ (التَّطَوُّعُ) أَيْ: الَّذِي لَمْ يُسَقْ لِشَيْءٍ وَجَبَ أَوْ يَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ (لِقِرَانِهِ) أَيْ: الْمُرْدِفِ مِنْ الشَّخْصَيْنِ. ابْنُ غَازِيٍّ أَشَارَ بِمَسْأَلَةِ الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي امْرَأَةٍ دَخَلَتْ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ وَمَعَهَا هَدْيٌ فَحَاضَتْ بَعْدَ دُخُولِهَا مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ أَنَّهُ لَا يُنْحَرُ هَدْيُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفَ وَتَسْعَى وَتَنْحَرَهُ وَتُقَصِّرَ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ وَخَافَتْ الْفَوَاتَ وَلَمْ تَسْتَطِعْ الطَّوَافَ بِحَيْضِهَا أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ وَسَاقَتْ هَدْيَهَا وَأَوْقَفَتْهُ بِعَرَفَةَ وَلَا تَنْحَرُهُ إلَّا بِمِنًى وَأَجْزَأَهَا لِقِرَانِهَا وَسَبِيلُهَا سَبِيلُ مَنْ قَرَنَ اهـ. قَالَ فِي الْمَعُونَةِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُرْدِفَةِ لِحَيْضٍ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَمَفْهُومُ لِخَوْفِ فَوَاتٍ أَوْ لِحَيْضٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ الْهَدْيَ تَطَوَّعَ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ أَجْزَأَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 376 كَأَنْ سَاقَهُ فِيهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ، وَالْمَنْدُوبُ بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ،   [منح الجليل] هَدْيُ التَّطَوُّعِ لِقِرَانِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ أَيْضًا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبِسَاطِيِّ الْإِجْزَاءُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ وَيُشْعِرْ لِلْعُمْرَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ) أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَ (سَاقَهُ) أَيْ: الْهَدْيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ تَطَوُّعًا (فِي) إحْرَامٍ (فِيهَا) أَيْ: الْعُمْرَةِ وَأَتَمَّهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتَحَلَّلَ مِنْهَا وَلَمْ يُذَكِّ الْهَدْيَ الَّذِي سَاقَهُ فِيهَا (ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ) وَصَارَ مُتَمَتِّعًا فَيُجْزِئُهُ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ فِي الْعُمْرَةِ لِتَمَتُّعِهِ سَوَاءٌ سَاقَهُ لَهُ أَوْ لَا (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ (أَيْضًا) أَيْ: كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِإِجْزَائِهِ مُطْلَقًا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ أَمْ لَا (بِمَا إذَا سِيقَ) الْهَدْيُ فِي الْعُمْرَةِ (لِلتَّمَتُّعِ) أَيْ: لِيَجْعَلَهُ هَدْيًا عَنْ تَمَتُّعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا سَاقَهُ وَقَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ سَمَّاهُ تَطَوُّعًا لِذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ حُكْمًا، فَلِذَا أَجْزَأَهُ تَمَتُّعُهُ، فَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ لَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ لَهُ. وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِهِ فِي قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا، فَسَقَطَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ وَهَلْ يُجْزِئُ إنْ سَاقَهُ فِيهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْ لَا إلَّا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ تَأْوِيلَانِ، كَأَنْ أَجْرَى عَلَى غَالِبِ عَادَتِهِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ الْمَحْضُ عَنْ الْقِرَانِ وَلَمْ يُجْزِ عَنْ التَّمَتُّعِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إذَا لَمْ يُسَقْ لَهُ. قُلْت الْقِرَانُ تَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِيهِ فِي الْحَجِّ فَتَعَلُّقُهَا بِهِ قَوِيٌّ صَارَ الْمَسُوقُ فِيهَا كَالْمَسُوقِ فِيهِ وَالتَّمَتُّعُ لَا تَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِيهِ فِي الْحَجِّ فَضَعُفَ تَعَلُّقُهَا بِهِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَسُوقُ فِيهَا كَالْمَسُوقِ فِيهِ (وَالْمَنْدُوبُ) فِيمَا يُنْحَرُ بِمِنًى الثَّابِتُ بِالسُّنَّةِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَلَا يُجْزِئُ النَّحْرُ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى وَفِيمَا يُنْحَرُ (بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ) لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بِمِنًى هَذَا الْمَنْحَرُ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ، وَفِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ» . وَالْمُرَادُ الْقَرْيَةُ نَفْسُهَا فَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ فِي طُوَى بَلْ يَدْخُلُ دُورَ مَكَّةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَدَلَّ قَوْلُهُ وَكُلُّ فِجَاجِ إلَخْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الْمَنْحَرُ أَيْ: الْمَنْدُوبُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 377 وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ. وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ.   [منح الجليل] (وَكُرِهَ) بِضَمِّ الْكَافِ لِمَنْ لَهُ هَدْيٌ (نَحْرُ غَيْرِهِ) أَيْ: اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ فِي نَحْرِ هَدْيِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْحَرُ أَوْ ذَبْحِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُذْبَحُ إنْ كَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ، وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ قَالَهُ فِيهَا، فَإِنْ ذَكَّاهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ اسْتِنَابَةٍ فَلَا تَتَعَلَّقُ الْكَرَاهَةُ بِرَبِّهِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَالْأُضْحِيَّةِ) فَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى ذَكَاتِهَا فَالسُّنَّةُ تَوَلِّيهَا بِنَفْسِهِ تَوَاضُعًا فِي الْعِبَادَةِ وَاقْتِدَاءً بِسَيِّدِ الْعَالَمِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَإِنْ مَاتَ) شَخْصٌ (مُتَمَتِّعٌ) عَنْ غَيْرِ هَدْيٍ أَوْ عَنْ هَدْيٍ غَيْرِ مُقَلَّدٍ (فَالْهَدْيُ) لِتَمَتُّعِهِ وَاجِبٌ عَلَى وَارِثِهِ إخْرَاجُهُ (مِنْ رَأْسِ) أَيْ: جُمْلَةِ (مَالِهِ) أَيْ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي مَاتَ عَنْهُ وَلَوْ اسْتَغْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ كَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ الَّتِي مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْعَيْنِ لِاحْتِمَالِ إخْرَاجِهَا سِرًّا وَالْهَدْيُ يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ وَيُسَاقُ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ فَلَا يَخْفَى، لَكِنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الدَّيْنِ لِآدَمِيٍّ (إنْ) مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ (رَمَى الْعَقَبَةَ) يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ فَاتَ وَقْتُ أَدَاءِ رَمْيِهَا بِغُرُوبٍ يَوْمَ الْعِيدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَ رَمْيِهَا ثُمَّ مَاتَ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ رَمْيِهَا فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِحُصُولِ مُعْظَمِ الْأَرْكَانِ مَعَ حُصُولِ أَحَدِ التَّحَلُّلَيْنِ، فَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْفَرَاغِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ قَلَّدَ هَدْيًا تَعَيَّنَتْ تَذْكِيَتُهُ وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ. فَإِنْ انْتَفَتْ الثَّلَاثَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَلَا مِنْ ثُلُثٍ، وَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْوُجُوبُ الْمُوَسَّعُ الْمُعَرِّضُ لِلسُّقُوطِ، وَإِنَّمَا يَتَحَتَّمُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا قَالَ هُنَا. وَنَظِيرُهُ مَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ مِنْ وُجُوبِ كَفَّارَتِهِ بِالْعَوْدِ وَتَحَتُّمِهَا بِالْوَطْءِ. وَمَفْهُومُ مُتَمَتِّعٌ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَارِنٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ حَيْثُ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ إرْدَافًا صَحِيحًا ثُمَّ مَاتَ تَقْرِيرُ. اهـ. عب وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ شَرْطَ دَمِ الْقِرَانِ الْحَجُّ بِإِحْرَامِهِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَمْ يَحُجَّ بِإِحْرَامِهِ، وَأَيْضًا لَمْ يَكْتَفُوا فِي تَحَتُّمِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ بِالْوُقُوفِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 378 وَسِنُّ الْجَمِيعِ وَعَيْبُهُ: كَالضَّحِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرِ حِينَ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ، فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ   [منح الجليل] فَكَيْفَ يُكْتَفَى فِي تَحَتُّمِ دَمِ الْقِرَانِ بِمُجَرَّدِ الْإِرْدَافِ، مَعَ أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ وَأَيْضًا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ لَا دَمَ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ. (وَسِنُّ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ: عُمْرُ (الْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيعِ دِمَاءِ الْحَجِّ مِنْ هَدْيٍ وَجَزَاءٍ وَفِدْيَةٍ (وَعَيْبُهُ) أَيْ: الْجَمِيعِ الْمَانِعُ مِنْ إجْزَائِهِ أَوْ كَمَالِهِ (كَ) سِنِّ وَعَيْبِ (الضَّحِيَّةِ وَ) الْوَقْتُ (الْمُعْتَبَرُ) فِيهِ السِّنُّ وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْإِجْزَاءِ أَوْ الْكَمَالِ (حِينَ وُجُوبِهِ) أَيْ: تَعْيِينُ النَّعَمِ وَتَمْيِيزُهُ عَنْ غَيْرِهِ لِلْإِهْدَاءِ بِهِ إنْ كَانَ لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ (وَ) حِينَ (تَقْلِيدِهِ) إنْ كَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ كَبَدَنَةٍ وَبَقَرَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِهِ كَوْنَهُ وَاجِبًا، وَكَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ يُفِيدُ أَنَّ التَّعْيِينَ وَالتَّمْيِيزَ لِلْإِهْدَاءِ كَافٍ فِيمَا يُقَلَّدُ أَيْضًا. الْبُنَانِيُّ مَا فِي الْمَنَاسِكِ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ عَقِبَ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّتِي هِيَ كَعِبَارَتِهِ هُنَا مَا نَصُّهُ الْمُرَادُ بِالتَّقْلِيدِ هُنَا تَهْيِئَةُ الْهَدْيِ وَإِخْرَاجُهُ إلَى مَكَّةَ. وَقَالَ سَنَدٌ الْهَدْيُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبِسَوْقِهِ وَبِنَذْرِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَبْحُهُ. وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ إلَخْ فَقَالَ (فَلَا يُجْزِئُ) هَدْيٌ وَاجِبٌ لِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لِوَفَاءِ نَذْرٍ مَضْمُونٍ (مُقَلَّدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا (بِعَيْبٍ) مَانِعٍ مِنْ الْإِجْزَاءِ كَشِدَّةِ عَرَجٍ أَوْ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْإِجْزَاءِ إنْ اسْتَمَرَّ مَعِيبًا أَوْ صَغِيرًا إلَى حِينِ تَذْكِيَتِهِ بَلْ (وَلَوْ سَلِمَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ: بَرِئَ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ الْمُجْزِئَ قَبْلَ تَذْكِيَتِهِ بِخِلَافِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَخَفِيفِ مَرَضٍ، فَيُجْزِئُ مَعَهُ أَوْ يَمْنَعُهُ فِي مُتَطَوَّعٍ بِهِ أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ وَيَجِبُ إنْقَاذُ مَا قَلَّدَهُ مَعِيبًا أَوْ صَغِيرًا لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ؛ وَإِنْ لَمْ يُجْزِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَيْبُهُ مَانِعًا أَوْ لَا. (بِخِلَافِ عَكْسِهِ) أَيْ: مُقَلَّدٍ بِعَيْبٍ سَلِمَ وَهُوَ مُقَلَّدٌ سَلِيمًا تَعَيَّبَ فَيُجْزِئُ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَالَهُ سَنَدٌ وَلَمْ يَمْنَعْ التَّعَيُّبُ بُلُوغَ الْمَحَلِّ فَلَوْ مَنَعَهُ كَمَوْتِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ ضَمِنَ بَدَلَهُ فِي الْوَاجِبِ وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 379 إنْ تَطَوَّعَ، وَأَرْشُهُ وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ، وَفِي الْفَرْضِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ. وَسُنَّ إشْعَارُ   [منح الجليل] إنْ تَطَوَّعَ بِهِ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إجْزَاؤُهُ فِي الْوَاجِبِ أَيْضًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَاتِبَ حَذَفَ وَاوًا قَبْلَ إنْ وَأَبْدَلَ فَاءً بِوَاوٍ فِي قَوْلِهِ وَأَرْشُهُ، وَالصَّوَابُ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَأَرْشُهُ إلَخْ، فَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ قَدَّمَهُ الْكَاتِبُ عَنْ مَحَلِّهِ وَمَحَلُّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى إجْزَاءِ التَّطَوُّعِ. قِيلَ مَعْنَاهُ صِحَّتُهُ وَسُقُوطُ تَعَلُّقِ النَّدْبِ بِهِ (وَأَرْشُهُ) أَيْ عِوَضُ عَيْبِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ مُنِعَ الْإِجْزَاءُ (وَثَمَنُهُ) إذَا اُسْتُحِقَّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ الْهَدْيِ يُجْعَلُ (فِي هَدْيٍ) آخَرَ بِهَدْيٍ بِهِ عِوَضًا عَنْ الْمَعِيبِ وَالْمُسْتَحَقِّ (إنْ بَلَغَ) الْأَرْشُ أَوْ الثَّمَنُ عَنْ هَدْيٍ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْأَرْشُ أَوْ الثَّمَنُ ثَمَنَ هَدْيٍ آخَرَ (تَصَدَّقَ بِهِ) أَيْ: الْأَرْشِ أَوْ الثَّمَنِ وُجُوبًا. وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِأَرْشٍ، أَوْ ثَمَنِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ بِأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَبِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَوَهَبَهُ فَاسْتُحِقَّ فَثَمَنُهُ لِوَاهِبِهِ. وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ هُنَا نَذَرَ الثَّمَنَ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ تَطَوَّعَ بِالْهَدْيِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ. الْغِرْيَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ فِقْهًا بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ. (وَ) أَرْشُهُ وَثَمَنُهُ الْمَأْخُوذُ (فِي) عَيْبِ أَوْ عَيْنِ الْهَدْيِ (الْفَرْضِ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الْمَنْذُورِ الْمَضْمُونِ (يَسْتَعِينُ بِهِ فِي) هَدْيِ (غَيْرٍ) إنْ كَانَ الْعَيْبُ مَانِعًا الْإِجْزَاءَ، وَإِلَّا فَيَجْعَلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ، وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ إمَّا تَطَوُّعٌ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ، وَإِمَّا فَرْضٌ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمَضْمُونُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَمْنَعَ الْعَيْبُ الْإِجْزَاءَ أَوْ لَا، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَيْبِ الْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى التَّقْلِيدِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ كَالْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُهَا. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ يَسْتَعِينُ فِي الْهَدْيِ إنْ شَاءَ. (وَسُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ فِي الْبَدَنِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بَعْدُ لِمَنْ يَصِحُّ نَحْرُهُ (إشْعَارُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 380 سَنَمِهَا مِنْ الْأَيْسَرِ لِلرَّقَبَةِ.   [منح الجليل] أَيْ: شَقُّ (سَنَمَهَا) بِضَمِّ السِّينِ وَالنُّونِ جَمْعُ سَنَامٍ بِفَتْحِ السِّينِ إنْ كَانَ لَهَا سَنَامٌ، وَكَذَا مَا لَا سَنَامَ لَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ لَا تُشْعَرُ وَشَهَّرَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ شَدِيدٌ وَخَفِيفٌ فِي السَّنَامِ فَإِنْ أَشْعَرَ مَنْ لَا يَصِحُّ نَحْرُهُ لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ. وَهَلْ يُعَادُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ شَدِيدٌ وَمَا لَهَا سَنَامَانِ تُشْعَرُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَفَادَهُ عب. ابْنُ عَرَفَةَ الْإِشْعَارُ شَقٌّ يُسِيلُ دِمَاءً وَالسُّنُمُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ سَنَامٍ كَقَذَالٍ وَقُذُلٍ فَلَا يَتَعَدَّى الْإِشْعَارُ السَّنَامَ مِنْ الْعَجْزِ لِجِهَةِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ هُوَ الْعَرْضُ (مِنْ) الْجَنْبِ (الْأَيْسَرِ) . الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: 9] وقَوْله تَعَالَى {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} [فاطر: 40] . وَقَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ لِلْبَيَانِ بَعِيدٌ وَعَلَى أَنَّهَا لِلْبَيَانِ فَالْمَعْنَى سَنَمُهَا الَّذِي هُوَ أَيْسَرُ وَوَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّ الْبَيَانَ بَعْضُ الْمَبِينِ بِالْفَتْحِ قَالَهُ عب (لِلرَّقَبَةِ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ عَلَى الْمُعْتَمَدُ هُنَا، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَشُقُّ فِي السَّنَامِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ مُبْتَدِئًا مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ إلَى جِهَةِ الْمُؤَخَّرِ فَلَا يَبْدَأُ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ وَلَا مِنْ الْمُقَدَّمِ إلَى جِهَةِ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ، وَلَا بُدَّ فِي النَّدْبِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ وَلَوْ شَقَّ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ، كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ فِي مَنْسَكِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ بَعْدَهُ مَا نَصُّهُ، وَقُبِلَ قَدْرُ أُنْمُلَتَيْنِ، وَأَقْصَرَ تت عَلَيْهِ وَابْن الْحَطّ فِي مَنَاسِكِهِ. قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَاهُ بِقِيلَ وَصَدَّرَ بِالْقَوْلِ بِالِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ الْإِسَالَةِ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ فِي مَنْسَكِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ بَعْدَهُ إلَخْ تَحْرِيفٌ لِكَلَامِ الْمَنَاسِكِ وَلَفْظِهَا وَالْإِشْعَارُ أَنْ يَشُقَّ مِنْ سَنَمِهَا الْأَيْسَرِ، وَقِيلَ الْأَيْمَنِ مِنْ نَحْوِ الرَّقَبَةِ إلَى الْمُؤَخَّرِ، وَقِيلَ طُولًا قَدْرَ أُنْمُلَتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ اهـ، فَلَيْسَ فِيهَا قَدْرُ أُنْمُلَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا قَدْرُ أُنْمُلَتَيْنِ مُقَابِلًا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا زَعَمَهُ ز فِيهِمَا، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ وَقِيلَ دَاخِلٌ عَلَى قَوْلِهِ طُولًا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ إلَى الْمُؤَخَّرِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَدْرِ قُصُورٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّوَابُ مَا لابن الْحَطّ وتت. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي أَوْلَوِيَّتِهِ أَيْ الْإِشْعَارِ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ. ثَالِثُهَا: أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْأَيْسَرِ. وَرَابِعُهَا: هُمَا سَوَاءٌ وَفِي النُّكَتِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إنَّمَا كَانَ الْإِشْعَارُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 381 مُسَمِّيًا. وَتَقْلِيدٌ،   [منح الجليل] يَجِبُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ ثُمَّ يُشْعِرَهَا، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ وَجْهُهُ مَتَى أَشْعَرَهَا فِي شِقِّهَا الْأَيْسَرِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَإِذَا أَشْعَرَهَا فِي الْأَيْمَنِ لَمْ يَكُنْ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ اهـ. وَلَعَلَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ إذْ عَزَاهُ لِمَنْ دُونَ الْأَبْهَرِيِّ فَقَالَ وَجَّهَ الْبَاجِيَّ كَوْنَهُ فِي الْأَيْسَرِ بِأَنَّهَا تُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ وَمَشْعَرَهَا كَذَلِكَ فَلَا يَلِيهِ مِنْهَا إلَّا الْأَيْسَرُ. وَابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُشْعِرِ مُسْتَقْبِلًا يُشْعِرُ بِيَمِينِهِ وَخِطَامُهَا بِشِمَالِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَعَ فِي الْأَيْسَرِ، وَلَا يَكُونُ فِي الْأَيْمَنِ إلَّا أَنْ يَسْتَدِيرَ الْقِبْلَةَ أَوْ يُشْعِرَ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْسِكَ لَهُ غَيْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا يَصِحُّ مَا قَالَا إنْ أَرَادَا تَوَجُّهَهَا لِلْقِبْلَةِ كَالذَّبْحِ لَا رَأْسِهَا لِلْقِبْلَةِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ آخِذًا زِمَامَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى. (مُسَمِّيًا) نَدْبًا كَذَا بِطُرَّةٍ عَنْ سَيِّدِي أَحْمَدَ بَابَا عَازِيًا لَهُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْ: قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَرْضًا وَابْنُ حَبِيبٍ طُولًا. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ لُغَوِيًّا إلَّا فَسَّرَ الطُّولَ بِضِدِّ الْعَرْضِ وَلَا الْعَرْضَ إلَّا بِضِدِّ الطُّولِ. وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَلَامِيِّ الطُّولُ الْبَعْضُ الْمَفْرُوضُ أَوَّلًا قِيلَ أَطْوَلُ الِامْتِدَادَيْنِ الْمُتَقَاطِعَيْنِ فِي السَّطْحِ وَالْأَخْذُ مِنْ رَأْسِ الْإِنْسَانِ لِقَدَمِهِ وَمِنْ ظَهْرِ ذَاتِ الْأَرْبَعِ لِأَسْفَلِهَا، وَالْعَرْضُ الْمَفْرُوضُ ثَانِيًا، وَالِامْتِدَادُ الْأَقْصَرُ، وَالْأَخْذُ مِنْ يَمِينِ الْإِنْسَانِ لِيَسَارِهِ، وَمِنْ رَأْسِ الْحَيَوَانِ لِذَنَبِهِ، وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ كَمِّيَّتَانِ مَأْخُوذَتَانِ مَعَ إضَافَتَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَلَعَلَّ الْعَرْضَ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَنَقْلِ الْبَيْضَاوِيِّ وَهُوَ الطُّولُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَيَتَّفِقَانِ. (وَ) سُنَّ (تَقْلِيدٌ) أَيْ: جَعْلُ قِلَادَةٍ فِي رَقَبَةِ الْهَدْيِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ فِي الذِّكْرِ عَلَى الْإِشْعَارِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ خَوْفًا مِنْ نِفَارِهَا بِالْإِشْعَارِ لِإِيلَامِهَا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَقْلِيدِهَا. وَلَعَلَّهُ اتَّكَلَ عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَتَقْلِيدِ هَدْيٍ ثُمَّ إشْعَارِهِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا تَقَدَّمَ لِإِجْمَالِهِ وَزَمَنُهُمَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ إنْ سَبَقَ الْهَدْيُ عِنْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ وَابْنُ رُشْدٍ يُسْتَحَبُّ لِسَائِقِهِ فِعْلُهُمَا مِنْ مِيقَاتِهِ وَلِبَاعِثِهِ مِنْ حَيْثُ بَعْثُهُ، وَفِي كَرَاهَةِ فِعْلِهِمَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ مُؤَخَّرًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 382 وَنُدِبَ نَعْلَانِ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ، وَتَجْلِيلُهَا وَشَقُّهَا إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ وَقُلِّدَتْ الْبَقَرُ فَقَطْ؛ إلَّا   [منح الجليل] إحْرَامُهُ لِلْجُحْفَةِ نَقْلًا لِلْبَاجِيِّ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَرِوَايَةُ دَاوُد بْنِ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِعْلُهُمَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إلَيَّ. (وَنُدِبَ) فِي الْمُقَلَّدِ بِهِ (نَعْلَانِ) وَيَكْفِي وَاحِدٌ (بِنَبَاتِ الْأَرْضِ) فَلَا يُجْعَلُ مِنْ وَتَرٍ وَلَا شَعْرٍ وَنَحْوِهِمَا مَخَافَةَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِغُصْنٍ أَوْ جَبَلٍ فَيَخْنُقُهَا، وَنَبَاتُ الْأَرْضِ يَسْهُلُ قُطْعُهُ. وَحِكْمَةُ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ إعْلَامُ الْمَسَاكِينِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَتَّبِعُونَهُ وَوَاجِدُهُ ضَالًّا فَيَرُدُّهُ وَلَمْ يَكْتَفِ بِالتَّقْلِيدِ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ. (وَ) نُدِبَ (تَجْلِيلُهَا) أَيْ: الْبُدْنِ فَقَطْ قَالَهُ تت وَالْحَطّ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ وَأَفْضَلُهَا الْأَبْيَضُ وَنَحْوُ مَا لِلْمُصَنِّفِ فِي الْبَيَانِ، وَفِيهَا تُجَلِّلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ (وَ) نُدِبَ (شَقُّهَا) أَيْ: الْجِلَالِ عَنْ الْأَسْنِمَةِ لِيَظْهَرَ الْإِشْعَارُ وَتُمْسَكُ بِالسَّنَامِ فَلَا تَسْقُطُ (إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ) قِيمَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ دِرْهَمَيْنِ، فَإِنْ ارْتَفَعَتْ بِأَنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا اُسْتُحِبَّ عَدَمُ شَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي الْبَيَانِ، وَيُؤَخَّرُ تَجْلِيلُهَا حِينَئِذٍ إلَى حِينِ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَمَرَ النَّاسِ أَنْ يُشَقَّ الْجِلَالُ عَنْ أَسْنِمَتِهَا وَذَلِكَ يَحْبِسُهُ عَنْ أَنْ يَسْقُطَ، وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا كَانَ يَدَعُ ذَلِكَ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشُقُّ وَلَمْ يَكُنْ يُجَلِّلُ حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَاتٍ فَيُجَلِّلُهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُ الْجِلَالَ الْمُرْتَفِعَةَ وَالْأَنْمَاطَ الْمُرْتَفِعَةَ، قَبْلُ أَوْ إنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ اسْتِبْقَاءً لِلثِّيَابِ، قَالَ: نَعَمْ فَأَحَبُّ إلَيَّ إذَا كَانَتْ الْجِلَالُ مُرْتَفِعَةً أَنْ لَا يَشُقَّ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابًا دُونًا فَشَقُّهَا أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَبُّ إلَيْنَا شَقُّ الْجِلَالِ عَنْ الْأَسْنِمَةِ إنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الثَّمَنِ كَدِرْهَمَيْنِ وَأَنْ لَا يَشُقَّ الْمُرْتَفِعَةَ اسْتِبْقَاءً لَهَا. (وَقُلِّدَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْبَقَرُ فَقَطْ) أَيْ: بِدُونِ إشْعَارٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 383 بِأَسْنِمَةٍ لَا الْغَنَمُ. وَلَمْ يُؤْكَلْ مِنْ نَذْرِ مَسَاكِينَ عُيِّنَ مُطْلَقًا عَكْسُ الْجَمِيعِ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ وَكُرِهَ لِذِمِّيٍّ   [منح الجليل] حَالَ كَوْنِهَا (بِأَسْنِمَةٍ) فَتُشْعَرُ أَيْضًا وَفِيهَا تُقَلَّدُ الْبَقَرُ وَلَا تُشْعَرُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَتُشْعَرُ. وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تُجَلِّلُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ تُجَلِّلُ فَهُمَا قَوْلَانِ (لَا) تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ (الْغَنَمُ) وَإِشْعَارُهَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالتَّرْخِيصِ، وَتَقْلِيدَهَا مَكْرُوهٌ. (وَلَمْ يُؤْكَلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُهْدِي أَنْ يَأْكُلَ (مِنْ نَذَرَ) أَيْ: مَنْذُورٍ لِ (مَسَاكِينِ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لَهُمْ بِاللَّفْظِ كَهَذَا نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ بِالنِّيَّةِ كَهَذَا نَذْرٌ نَاوِيًا لِلْمَسَاكِينِ فَيُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ (مُطْلَقًا) بَلَغَ مَحَلَّهُ وَهُوَ مِنًى بِشُرُوطِهَا أَوْ مَكَّةَ عِنْدَ انْتِفَائِهَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا. أَمَّا عَدَمُ أَكْلِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَيُتَّهَمُ بِتَعْطِيبِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ أَكْلَهُ وَهُمْ الْمَسَاكِينُ (عَكْسُ) أَيْ: خِلَافُ حُكْمِ (الْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيعِ الْهَدَايَا مُتَطَوِّعًا بِهَا أَوْ وَاجِبَةً مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ وَاجِبٍ لِنَقْصٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فَوَاتٍ أَوْ تَعَدِّي مِيقَاتٍ أَوْ تَرْكِ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ نَهَارًا أَوْ نُزُولٍ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلًا أَوْ مَبِيتٍ بِمِنًى أَوْ رَمْيِ جِمَارٍ أَوْ طَوَافِ قُدُومٍ أَوْ تَأْخِيرِ حَلْقٍ، وَكَهَدْيِ فَسَادٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ كَنَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ مَحَلَّهَا أَمْ لَا، وَيَتَزَوَّدُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] ، فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْقَانِعَ بِالسَّائِلِ لِعَطْفِ الْمُعْتَرِّ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ يُعَرِّضُ بِالسُّؤَالِ وَلَا يَسْأَلُ. وَإِذَا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ فِي الْجَمِيعِ (فَلَهُ) أَيْ: الْمُهْدِي (إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ) وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ وَلَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ بِلَا حَدٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ سَنَدٌ (وَكَرِهَ) لَهُ الْإِطْعَامُ مِنْهَا (لِذِمِّيٍّ) أَوْ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْجَمِيعِ مَا يُؤْكَلُ فِي حَالٍ دُونَ آخَرَ وَتَحْتَهُ نَوْعَانِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ لَا بَعْدَهُ وَعَكْسُهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 384 إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ، وَالْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ بَعْدَ الْمَحَلِّ، وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَتُلْقَى قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ:   [منح الجليل] وَأَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إلَّا نَذْرًا) لِلْمَسَاكِينِ (لَمْ يُعَيَّنْ) كَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ بَدَنَةٌ نَاوِيًا لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُمْ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ مُطْلَقًا قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إلَّا (الْفِدْيَةَ) الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا وَإِلَّا فَيُمْنَعُ الْأَكْلَ مِنْهَا مُطْلَقًا (وَ) إلَّا (الْجَزَاءَ) لِصَيْدٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (بَعْدَ) بُلُوغِ (الْمَحَلِّ) وَهِيَ مِنًى مَعَ الشُّرُوطِ وَمَكَّةُ مَعَ عَدَمِهَا. وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِوُصُولِهِ لَهُمْ، وَمِنْ الْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ التَّرَفُّهِ أَوْ إزَالَةِ الْأَذَى، وَمِنْ الْجَزَاءِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الصَّيْدِ وَمَفْهُومُ بَعْدَ الْمَحَلِّ جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْهَا إذَا عَطِبَتْ قَبْلَ مَحَلِّهَا لِوُجُوبِ بَدَلِهَا عَلَيْهِ وَبَعْثِهِ إلَى الْمَحَلِّ، فَلَا يَلْزَمُ الْأَكْلُ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ. وَأَشَارَ لِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَ) إلَّا (هَدْيَ تَطَوُّعٍ) لَمْ يَجِبْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ (إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ عِوَضُهُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ تَذْكِيَتُهُ وَيَتْرُكَهَا حَتَّى مَاتَ فَيَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا وَمُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ قَالَهُ سَنَدٌ. وَمَنَعَ أَكْلَهُ مِنْهُ قَبْلَهُ لِإِتْهَامِهِ عَلَى تَعْطِيبِهِ. وَقِيلَ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ فَإِنْ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ (فَتُلْقَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَيْ: تُطْرَحُ (قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ) بَعْدَ نَحْرِهِ عَلَامَةُ كَوْنِهِ هَدْيًا فَلَا يُؤْكَلُ وَلَا يُبَاعُ (وَيُخَلَّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ: يُتْرَكُ (لِلنَّاسِ) مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ فَقِيرِهِمْ وَغَنِيِّهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَنَحْوِهَا. قَوْلُهَا وَيُخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضَّحُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ مُخْتَصٌّ بِالْفَقِيرِ، وَنَقَلَهُ بِالْفَقِيرِ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ، وَأَفَادَ قَوْلُهُ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَيْنِ إجْزَاءَهُ مَعَ تَوَهُّمِ طَلَبٍ بِبَدَلِهِ وَمَنْعَ أَكْلِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُ أَكْلِهِ مِنْهُ بَعْدَهُ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْهَدَايَا ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ أَقْسَامُ النَّذْرِ الْأَرْبَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَضْمُونِ وَكُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُجْعَلَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لَا، وَهَدْيُ النَّقْصِ وَالْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 385 كَرَسُولِهِ، وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ، بِأَخْذِ شَيْءٍ: كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ بَدَلَهُ،   [منح الجليل] وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الْأَكْلِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: مَا يُمْنَعُ أَكْلُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَمَا يُمْنَعُ أَكْلُهُ مِنْهُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ وَعَكْسُهُ كَمَا أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ، وَنَظَمَهَا ابْنُ غَازِيٍّ بِإِحْكَامِهَا فِي نَظَائِرِ الرِّسَالَةِ فَقَالَ: كُلُّ هَدْيٍ نَقْصٌ وَاَلَّذِي ضَمِنْتَا ... إنْ لَمْ تَكُنْ سَمَّيْت أَوْ قَصَدْتَا وَدَعْ مُعَيَّنًا إذَا فَعَلْتَا ... وَقَبْلَ كُلِّ جَزَاءِ صَيْدٍ نِلْتَا وَهَدْيِ فِدْيَةِ الْأَذَى إنْ شِئْتَا ... وَمَا ضَمِنْت قَصْدًا وَصَرَّحْتَا وَبَعْدَ كُلٍّ طَوْعًا وَمَا عَيَّنْتَا ... إنْ لَمْ تَكُنْ سَمَّيْت أَوْ أَضْمَرْتَا وَشَبَّهَ فِي تَذْكِيَةِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِلْقَاءِ قِلَادَتِهِ بِدَمِهِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ (كَرَسُولِهِ) أَيْ: رَبِّ الْهَدْيِ الَّذِي أَرْسَلَهُ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ فَعَطِبَ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَيُذَكِّيهِ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّيهِ لِلنَّاسِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ. قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهَا وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا مِنْ الْجَزَاءِ أَوْ الْفِدْيَةِ أَوْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكَيْنَا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ. وَقَالَ فِي هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِنْ بَعَثَ بِهِمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ. (وَضَمِنَ) رَبُّ الْهَدْيِ (فِي غَيْرِ) مَسْأَلَةِ (الرَّسُولِ بِ) سَبَبِ (أَمْرِهِ) أَيْ: رَبِّ الْهَدْيِ شَخْصًا (بِأَخْذِ شَيْءٍ) مِنْ هَدْيٍ مَمْنُوعٍ أَكْلُهُ مِنْهُ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَكْلِهِ) أَيْ: رَبِّهِ (مِنْ) هَدْيٍ (مَمْنُوعٍ) أَكْلُهُ مِنْهُ وَمَفْعُولُ ضَمِنَ قَوْلُهُ (بَدَلَهُ) أَيْ الْهَدْيِ هَدْيًا كَامِلًا لَا قَدْرَ أَكْلِهِ أَوْ مَا أَخَذَهُ مَأْمُورُهُ فَقَطْ، سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَوْ غَيْرَهُ إنْ كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا كَغَيْرِهِ إنْ أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُهْدِي إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ تَعَدَّى، وَلَا عَلَى الرَّسُولِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَمَرَ مَنْ يَأْكُلُ أَوْ يَأْخُذُ شَيْئًا إنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا وَمَأْمُورُهُ مُسْتَحِقٌّ، وَإِلَّا ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ وَقَدْرَ مَأْخُوذِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 386 وَهَلْ إلَّا نَذْرَ مَسَاكِينَ عُيِّنَ، فَقَدْ أَكَلَهُ؟ خِلَافٌ، وَالْخِطَامُ وَالْجَلَالُ: كَاللَّحْمِ. وَإِنْ سُرِقَ بَعْدَ ذَبْحِهِ؛ أَجْزَأَ؛   [منح الجليل] وَإِنْ أَبْدَلَهُ رَبُّ الْهَدْيِ صَارَ كَحُكْمِ مُبْدَلِهِ فِي مَنْعِ الْأَكْلِ مِنْهُ وَضَمَانِ الْبَدَلِ إنْ أَكَلَ مِنْهُ. (وَهَلْ) عَلَى رَبِّهِ الْبَدَلُ كَامِلًا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ كَالْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا. وَشَهَّرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي أَوْ (إلَّا نَذْرَ مَسَاكِينَ عُيِّنَ فَقَدْرُ أَكْلِهِ) لَحْمًا إنْ عَرَفَ وَزْنَهُ وَقِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَاصِبِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَدْرَ أَكْلِهِ أَنَّ الْخِلَافَ غَيْرُ جَارٍ فِيمَا أَمَرَ بِأَخْذِهِ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ عج. قَالَ الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ ز هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْفِقْهِ (وَالْخِطَامُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: الزِّمَامُ لِلْهَدَايَا سُمِّيَ بِهِ لِوُقُوعِهِ عَلَى مِخْطَمِهِ أَيْ: أَنْفِهِ (وَالْجِلَالُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جُلٍّ بِضَمِّهَا (كَاللَّحْمِ) فِي الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ غَيْرُ تَامٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ هَذَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ أَمَرَ بِأَخْذِهَا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ فَقَطْ لِلْفُقَرَاءِ إنْ فَاتَتْ وَإِلَّا رَدَّهُ. فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَطْلُوبُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْهَدْيَ إلَّا بَعْدَ نَحْرِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ حَيًّا لِلْمَسَاكِينِ وَنَحَرُوهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا. أَمَّا الْوَاجِبُ فَظَاهِرٌ لِعَدَمِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ. (وَإِنْ سُرِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْهَدْيُ الْوَاجِبُ كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ وَنَذْرٍ مَضْمُونٍ لِمَسَاكِين وَمَا وَجَبَ لِقِرَانٍ وَنَحْوَهُ مِنْ صَاحِبِهِ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) أَوْ نَحْرِهِ (أَجْزَأَ) فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَ مَحَلَّهُ وَوَقَعَ التَّعَدِّي عَلَى مَحْضِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ، وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 387 لَا قَبْلَهُ، وَحُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرٍ ثُمَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا   [منح الجليل] وَصَرْفُهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ كَالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَأَمَّا مَا لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَيَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ قَالَهُ سَنَدٌ. (لَا) يُجْزِئُهُ إنْ سُرِقَ (قَبْلَهُ) أَيْ: الذَّبْحِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إذَا سُرِقَ قَبْلَهُ. الْبِسَاطِيُّ لَفْظُ أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى كَلَامِهِ فِي الْوَاجِبِ وَمِثْلُ السَّرِقَةِ الضَّلَالُ وَالْمَوْتُ قَبْلَ نَحْرِهِ كَمَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يُجْزِ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ مَنْذُورًا مُعَيَّنًا أَجْزَأَ. (وَحُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْوَلَدُ) الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ لِلْهَدْيِ وُجُوبًا إلَى مَكَّةَ وَحَمَلَهُ (عَلَى غَيْرٍ) أَيْ: غَيْرِ أُمِّهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ كَمَا يُحْمَلُ رَحْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَيْهَا، فَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ وَأَمَّا الْمَوْلُودُ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَيُنْدَبُ ذَبْحُهُ وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ، وَهَلْ يُنْدَبُ وَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْحَرَهُ مَعَهَا إنْ نَوَى ذَلِكَ، قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي نَوَى بِأُمِّهِ الْهَدْيَ (ثُمَّ) حَمَلَ (عَلَيْهَا) أَيْ الْأُمِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا وَلَهَا قُوَّةٌ عَلَى حَمْلِهِ وَإِنْ نَحَرَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَبْلِيغِهِ بِوَجْهٍ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ هَدْيٌ كَبِيرٌ تَامٌّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى أُمِّهِ لِضَعْفِهَا أَوْ خَوْفِ هَلَاكِهَا وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهَا بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 388 فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ لِيَشْتَدَّ فَكَالتَّطَوُّعِ. وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ وَإِنْ فَضَلَ   [منح الجليل] فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ) لِكَوْنِهِ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِهَا ثِقَةٌ عِنْدَ ثِقَةٍ (لِيَشْتَدَّ) ثُمَّ يُرْسَلَ إلَى مَحَلِّهِ (فَكَ) هَدْيِ (التَّطَوُّعِ) الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ، فَإِنْ كَانَ فِي مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: أَمِنَ نَحْرَهُ بِمَحَلِّهِ وَخَلَّاهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْهُ كَانَتْ أُمُّهُ مُتَطَوَّعًا بِهَا أَوْ عَنْ وَاجِبٍ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ، وَكَذَا إنْ أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُسْتَعْتَبٍ كَطَرِيقٍ فَيُبَدِّلُهُ بِهَدْيٍ كَبِيرٍ وَلَا يُجْزِيهِ بَقَرَةٌ فِي نِتَاجِ بَدَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَدَلُهُ ذَكَّاهُ وَتَرَكَهُ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ أَنَّهُ يُنْحَرُ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ. (وَلَا يُشْرِبُ) الْمُهْدِي بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ لِهَدْيٍ يُمْنَعُ الْأَكْلَ مِنْهُ (مِنْ اللَّبَنِ) إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا بَلْ (وَإِنْ فَضَلَ) اللَّبَنُ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا أَيْ يُكْرَهُ إنْ فَضَلَ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا وَلَمْ يَضُرَّ شُرْبُهُ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ، وَلْيَتَصَدَّقْ بِالْفَاضِلِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 389 وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجِبَ فِعْلِهِ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ، وَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ وَنَحْرِهَا قَائِمَةً أَوْ مَعْقُولَةً.   [منح الجليل] عَنْ فَصِيلِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ أَوْ أَضَرَّ أَحَدَهُمَا مُنِعَ. وَأَمَّا الْجَائِزُ أَكْلُهُ فَيَجُوزُ شُرْبُ لَبَنِهِ أَفَادَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ أَيْضًا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ هَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةُ وَغَيْرُهَا، وَتَعْلِيلُهُمْ النَّهْيَ بِخُرُوجِ الْهَدْيِ عَنْ مِلْكِهِ بِتَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ وَبِخُرُوجِهِ خَرَجَتْ مَنَافِعُهُ فَشُرْبُهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الصَّدَقَةِ وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُهَا وَيُضْعِفُ وَلَدَهَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ قَالَهُ طفي. (وَ) لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الشُّرْبِ الْمَمْنُوعِ أَوْ الْمَكْرُوهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ، فَإِنْ حَصَلَ (غَرِمَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ) أَوْ حَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بَقَائِهِ بِضَرْعِهَا (الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ) وَمَفْعُولُ غَرِمَ قَوْلُهُ (مُوجَبَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ: مُسَبَّبِ بِفَتْحِ الْبَاءِ (فِعْلِهِ) أَيْ شُرْبِهِ أَوْ حَلْبِهِ أَوْ إبْقَائِهِ مِنْ نَقْصٍ فَيَغْرَمُ الْأَرْشَ أَوْ تَلِفَ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ (وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا) أَيْ: الْبَدَنَةِ وَعَدَمُ الْحَمْلِ عَلَيْهَا (بِلَا عُذْرٍ) فَيُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَإِنْ احْتَمَلَ كَلَامُهُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا يُكْرَهُ وَإِنْ رَكِبَهَا لِعُذْرٍ (فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ) وَيُنْدَبُ وَإِنْ نَزَلَ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا لِعُذْرٍ كَالْأَوَّلِ وَإِنْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا. وَإِنْ رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا إنْ تَعَدَّى فِي هَيْئَةِ رُكُوبِهَا قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ سَنَدٍ هَذَا مُقَيَّدٌ بِسَلَامَتِهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ بِرُكُوبِهِ ضَمِنَهَا. (وَ) نُدِبَ (نَحْرُهَا) أَيْ الْبَدَنَةِ حَالَ كَوْنِهَا (قَائِمَةً) عَلَى قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ مُقَيَّدَةً أَيْ مَقْرُونَةَ الْيَدَيْنِ بِقَيْدٍ بِلَا عَقْلٍ (أَوْ) قَائِمَةً (مَعْقُولَةً) أَيْ: مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا فَتَبْقَى قَائِمَةً عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ النَّصَّ نَحْرُهَا قَائِمَةً مُقَيَّدَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا وَعَدَمَ صَبْرِهَا فَيَعْقِلُهَا، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَيُفِيدُ الثَّانِي بِالْعُذْرِ. وَالْأَصْلُ فِي الصِّفَتَيْنِ الْقِرَاءَتَانِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36] الجزء: 2 ¦ الصفحة: 390 وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ مُقَلَّدًا، وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ، وَلَا يَشْتَرِكُ فِي هَدْيٍ، وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ، إنْ قُلِّدَ وَقَبْلَ نَحْرِهِ نُحِرَ مَعًا، وَإِنْ قُلِّدَ وَإِلَّا بِيعَ وَاحِدٌ.   [منح الجليل] الْحَجَّ، وَقُرِئَ صَوَافِنْ. ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَى صَوَافَّ صَفُّ يَدَيْهَا بِقَيْدٍ حِينَ نَحْرِهَا. ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - صَوَافِنْ مَعْقُولَةٌ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ يَدٌ وَاحِدَةٌ فَتَقِفُ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. سَنَدٌ تُنْحَرُ الْبَقَرُ قَائِمَةً أَيْضًا. (وَأَجْزَأَ) الْهَدْيُ الْمُقَلَّدُ أَوْ الْمُشْعَرُ (إنْ ذَبَحَ) شَخْصٌ مُسْلِمٌ (غَيْرُهُ) أَيْ: الْمُهْدَى (عَنْهُ) أَيْ الْمُهْدِي صِلَةً أَجْزَأَ لَا كَافِرٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَعَلَى صَاحِبِهِ بَدَلُهُ، وَقَوْلُهُ أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ وَمَفْعُولُ ذَبَحَ قَوْلُهُ (مُقَلَّدًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا أَنَابَهُ أَمْ لَا إنْ نَوَى الذَّابِحُ عَنْ رَبِّهِ بَلْ (وَلَوْ نَوَى) الذَّابِحُ الْهَدْيَ (عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ) الذَّابِحُ فِي هَدْيِ غَيْرِهِ وَظَنَّهُ هَدْيَهُ، فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْمَالِكِ أَنَابَهُ أَمْ لَا وَلَا عَنْ الذَّابِحِ أَيْضًا وَلِرَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْهُ قَالَهُ سَنَدٌ بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ فَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ ذَبَحَهَا النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا بِشَرْطِ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ فَتُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ. (وَلَا يُشْتَرَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ (فِي هَدْيِ) تَطَوُّعٍ أَوْ وَاجِبٍ وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَالْأَجَانِبُ سَوَاءٌ كَمَا فِيهَا. وَلَوْ قَالَ دَمٌ لَشَمِلَ الْفِدْيَةَ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي أَجْرِهِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي هَذَا أَيْضًا لِلضَّحِيَّةِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي هَدْيٍ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. (وَإِنْ) ضَلَّ أَوْ سُرِقَ هَدْيٌ وَأُبْدِلَ ثُمَّ (وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْهَدْيُ الضَّالُّ أَوْ الْمَسْرُوقُ (بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْهَدْيُ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ ضَلَالِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ (إنْ) كَانَ (قُلِّدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِتَعَيُّنِهِ هَدْيًا بِتَقْلِيدِهِ (وَ) إنْ وُجِدَ (قَبْلَ نَحْرِهِ) أَيْ: الْبَدَلِ (نُحِرَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: الْهَدْيَانِ الْأَصْلُ وَالْبَدَلُ مَعًا (إنْ) كَانَا (قُلِّدَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِتَعَيُّنِهِمَا لِلْهَدْيِ بِتَقْلِيدِهِمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَلَّدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِيعَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ: الْهَدْيَيْنِ غَيْرِ الْمُقَلَّدَيْنِ الَّذِي وُجِدَ أَوْ بَدَلُهُ إنْ شَاءَ الْمُهْدِي، وَإِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 391 (فَصْلٌ) وَإِنْ مَنَعَهُ: عَدُوٌّ، أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ: لَا بِحَقٍّ: بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَلَهُ التَّحَلُّلُ؛   [منح الجليل] شَاءَ نَحَرَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ نَحَرَ أَحَدَهُمَا وَأَبْقَى الْآخَرَ، وَإِنْ شَاءَ نَحَرَ غَيْرَهُمَا وَأَبْقَاهُمَا وَإِنْ قُلِّدَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ نَحْرُهُ لِتَعَيُّنِهِ لِلْهَدْيِ بِتَقْلِيدِهِ. [فَصْلٌ فِي مَوَانِع الْحَجّ وَالْعُمْرَة] (فَصْلٌ) فِي مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الطَّارِئَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ وَيُقَال لِلْمَمْنُوعِ مُحْصَرٌ وَالْحَصْرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: حَصْرٌ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا، وَحَصْرٌ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ، وَحَصْرٌ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (وَإِنْ مَنَعَهُ) أَيْ الْمُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (عَدُوٌّ) أَيْ: كَافِرٌ (أَوْ فِتْنَةٌ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (أَوْ حَبْسٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَاضٍ مَجْهُولٍ عُطِفَ عَلَى مَنَعَهُ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُحْرِمِ (لَا بِحَقٍّ) بَلْ ظُلْمًا كَحَبْسِ مَدِينٍ ثَابِتِ الْعُسْرِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يَتَحَلَّلُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَالْخُرُوجِ لِتَكْمِيلِ حَجِّهِ أَوْ عُمْرَتِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ بِحَقٍّ ظَاهِرُ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى إنَّهُ إنْ حُبِسَ بِتُهْمَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُحَالَ الْمَرْءُ عَلَى مَا عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَظَاهِرُ الطِّرَازِ يُوَافِقُهُ وَتَنَازَعَ مَنَعَ وَحَبَسَ (بِحَجٍّ) أَيْ: فِيهِ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا (أَوْ عُمْرَةٍ) أَيْ: فِيهَا عَنْ الْبَيْتِ. وَجَوَابُ إنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ (فَلَهُ) أَيْ: الْمَمْنُوعُ بِمَا تَقَدَّمَ (التَّحَلُّلُ) بَلْ هُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَوْ دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 392 إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ، وَلَا دَم   [منح الجليل] وَأَفَادَ شَرْطَ التَّحَلُّلِ فَقَالَ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمُحْرِمُ حِينَ أَنْشَأَ إحْرَامَهُ (بِهِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ عَدُوٍّ وَفِتْنَةٍ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلِمَهُ حِينَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ كَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «أَحْرَمَ عَالِمًا بِالْعَدُوِّ بِمَكَّةَ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا مَنَعَهُ تَحَلَّلَ» فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. وَعَطَفَ عَلَى لَمْ يَعْلَمْ فَقَالَ (وَأَيِسَ) الْمَمْنُوعُ حِينَ الْمَنْعِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا (مِنْ زَوَالِهِ) أَيْ: الْمَنْعِ (قَبْلَ فَوْتِهِ) أَيْ: الْحَجِّ. وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ لَوْلَا الْمَانِعُ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ لَا يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ فَلَا يَتَحَلَّلُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ قَبْلَ فَوْتِهِ بِالتَّحَلُّلِ رَدًّا لِقَوْلِ أَشْهَبَ إنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بَعْدَ فَوْتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَحْتَمِلُ تَعَلُّقَهُ بِزَوَالِهِ وَعَلَيْهِمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَوْ زَالَ الْمَانِعُ أَدْرَكَ الْحَجَّ. وَهُوَ ظَاهِرُ أَوَّلِ كَلَامِهَا وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ مَا فِي آخِرِ كَلَامِهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَبْقَى زَمَنٌ يَخْشَى فِيهِ فَوَاتَ الْحَجِّ، وَقَالَا إنَّ كَلَامَهَا الثَّانِيَ يُفَسِّرُ الْأَوَّلَ. الْحَطَّابُ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، فَمَعْنَى وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ إلَخْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَيْلَةِ النَّحْرِ زَمَانُ يُمَكِّنُهُ السَّيْرُ فِيهِ إلَى عَرَفَةَ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ إلَخْ خَاصٌّ بِالْحَجِّ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلْعُمْرَةِ حَدٌّ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ الْفَوْتُ لِقَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقِيمُ مَا رَجَا إدْرَاكَهَا مَا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ. (وَ) إنْ تَحَلَّلَ فَ (لَا دَمَ) عَلَيْهِ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَوْجَبَهُ عَلَيْهِ أَشْهَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] ، وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِنُزُولِ الْآيَةِ فِي قَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَ حَصْرُهَا بِعَدُوٍّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196] ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ عَدُوٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 393 بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ،   [منح الجليل] وَأَجَابَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ وَإِنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا فَأُمِرُوا بِتَذْكِيَتِهِ وَاسْتُضْعِفَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] ، وَالْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَحْلِقُ أَيْنَ كَانَ كَذَا قَالُوا، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الرَّدِّ بِالْآيَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى أَشْهَبَ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ أَشْهَبَ اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْهَدْيِ بِآيَةِ (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) . وَأُجِيبَ عَنْ اسْتِدْلَالِهِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ إنَّمَا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ تَطَوُّعًا فَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ. الثَّانِي أَنَّ الْإِحْصَارَ فِي الْآيَةِ بِالْمَرَضِ لَا بِالْعَدُوِّ وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ لِعَلْقَمَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَالَ وَالْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أُحْصِرَ بِالْمَرَضِ وَحُصِرَ بِالْعَدُوِّ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} [البقرة: 196] قَالَ عَلْقَمَةُ وَغَيْرُهُ الْمَعْنَى فَإِذَا بَرِئْتُمْ مِنْ مَرَضِكُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا إذَا أَمِنْتُمْ مِنْ خَوْفِكُمْ مِنْ الْعَدُوِّ. اهـ. وَكَوْنُ الْآيَةِ نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَا يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ، بَلْ يَقْوَى تَأْوِيلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} [البقرة: 196] . وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الرَّدِّ بِالْآيَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى أَشْهَبَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّدُّ بِهَا عَلَيْهِ قَوِيٌّ ظَاهِرٌ. وَالتَّحَلُّلُ يَكُونُ (بِنَحْرِ هَدْيِهِ) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ سَاقَهُ عَنْ سَبَبٍ مَضَى أَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا جَرَى عَلَى حُكْمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الْهَدْيُ أَيْضًا (وَحَلْقِهِ) رَأْسَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ، فَفِي الشَّامِلِ وَكَفَتْ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ نَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَنْوِ التَّحَلُّلَ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ يَنْحَرُ إلَخْ بِمَعْنَى مَعَ، فَيُفِيدُ كَلَامُهُ أَنَّ التَّحَلُّلَ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الأكملية لَا الشَّرْطِيَّةِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ فِي الطِّرَازِ أَيْضًا وَمِثْلُ مَنْ حُصِرَ عَنْهُمَا مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَهُوَ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ فِي التَّحَلُّلِ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ وَبَعُدَ عَنْ مَكَّةَ فَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ حَلَّ مَكَانَهُ صَوَابٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 394 وَلَا دَمَ إنْ أَخَّرَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مَخُوفٌ وَكُرِهَ إبْقَاءُ، إحْرَامِهِ، وَإِنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا. وَلَا يَتَحَلَّلُ، إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ،   [منح الجليل] وَلَا دَمَ) عَلَى الْمُحْصَرِ عَنْهُمَا (إنْ أَخَّرَهُ) أَيْ التَّحَلُّلَ أَوْ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلٌ فَقَطْ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُحْصَرَ مُطْلَقًا (طَرِيقٌ مَخُوفٌ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرٍ يَمْكُثُ آخِذُهُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْحَجَّ لَوْلَا الْمَخُوفُ فَلَيْسَ خَاصًّا بِالْمُحْصَرِ عَنْهُمَا مَعًا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَمَفْهُومُ مَخُوفٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ مَأْمُونٍ وَإِنْ بَعُدَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ الْحَجِّ وَلَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] . وَقَوْلُهُ مَخُوفٌ كَذَا فِي نُسَخٍ أَيْ: طَرِيقٌ يَحْصُلُ فِيهِ الْخَوْفُ، وَأَمَّا الَّذِي يُخِيفُ مِنْ نَظَرِهِ فَيُقَالُ لَهُ مُخِيفٌ فِيمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُخِيفٍ يَصِحُّ بِارْتِكَابِ مَجَازٍ فِي الْإِسْنَادِ مِنْ إسْنَادِ مَا لِلْحَالِّ لِلْمَحَلِّ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِأَمْرٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَحَبَسَهُ ظُلْمًا وَنَائِبُ فَاعِلِ كُرِهَ (إبْقَاءُ إحْرَامِهِ) بِالْحَجِّ لِعَامٍ قَابِلٍ بِلَا تَحَلُّلٍ بِعُمْرَةٍ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ فِيهِ (إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُقَارَبَةِ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ فَتَحَلُّلُهُ أَسْلَمُ فَالْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ. وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَهُوَ الْمُحْصَرُ عَنْهُمَا الَّذِي كَلَامُهُ الْآنَ فِيهِ فَتَحَلُّلُهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ. ابْنُ غَازِيٍّ زَادَ أَوْ دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَ أَحْرَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَحْرِيمُ إبْقَائِهِ إنْ دَخَلَهَا. (وَلَا يَتَحَلَّلُ) مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ بِعُمْرَةٍ (إنْ) بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى (دَخَلَ وَقْتُهُ) أَيْ الْحَجِّ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي لِيَسَارِهِ الْبَاقِي مِنْ الزَّمَانِ أَيْ: يُكْرَهُ تَحَلُّلُهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مِنْ مُضِيِّ تَحَلُّلِهِ وَصَيْرُورَتِهِ مُتَمَتِّعًا، وَلِلْقَوْلِ بِمُضِيِّهِ وَلَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا وَالْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ مُضِيِّ تَحَلُّلِهِ مَنْعُهُ فَهَذَا أَيْضًا فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 395 وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ. وَلَمْ يَفْسُدْ بِوَطْءٍ، إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ.   [منح الجليل] بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَحَبْسِهِ ظُلْمًا. وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ خَالَفَ وَتَحَلَّلَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ (فَ) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَحَدُهَا: يَمْضِي تَحَلُّلُهُ وَلَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ، وَهَذَا تَمَتَّعَ مِنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ كَلَا عُمْرَةٍ لِعَدَمِ إنْشَائِهِ إحْرَامَهَا، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، ثَانِيهَا: لَا يُمْضِي تَحَلُّلَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ. (ثَالِثُهَا) أَيْ: الْأَقْوَالِ (يَمْضِي) تَحَلُّلُهُ (وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ) فَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَسْأَلَةٍ إلَّا فِي هَذِهِ (وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ: الْمَمْنُوعِ مِنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْحَلْقِ، وَكَذَا الْمَمْنُوعُ مِنْ عَرَفَةَ فَقَطْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ (الْفَرْضُ) الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّتِهِ مِنْ حِجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ وَلَا عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ، وَسُمِّيَتْ عُمْرَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي بَعْدَ عُمْرَةِ الصَّدِّ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَاضَى قُرَيْشًا فِيهَا لَا أَنَّهَا قَضَاءٌ عَنْ عُمْرَةِ الْحَصْرِ الْمَاضِيَةِ. قَالَ بَعْضٌ وَلَوْ قُلْنَا بِهِ لَا يَلْزَمُنَا مَحْظُورٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ دَلَّ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ لَا عَلَى وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ صُدُّوا مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَلَمْ يَعْتَمِرْ مَعَهُ إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ الْبَاقِينَ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ وَجَبَ لَبَيَّنَهُ لَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِهِ قَالَهُ سَنَدٌ. (وَ) مَنْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ لِصَدِّهِ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا (لَمْ يَفْسُدْ) حَجُّهُ (بِوَطْءٍ) قَبْلَ تَحَلُّلِهِ (إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ) عَلَى إحْرَامِهِ لِعَامٍ قَابِلٍ بِأَنْ نَوَى التَّحَلُّلَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا هَذَا ظَاهِرُهُ، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَمَنْ نَوَى الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ فَالْمُنَاسِبُ إنْ نَوَى التَّحَلُّلَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْبَقَاءَ فَسَدَ حَجُّهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 396 وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ، فَحَجُّهُ تَمَّ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ. وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتُ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ: هَدْيٌ: كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ   [منح الجليل] وَإِنْ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ (وَحُصِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَنْ الْبَيْتِ) بِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ (فَحَجُّهُ تَمَّ) أَيْ: أَمِنَ مِنْ فَوَاتِهِ لِإِدْرَاكِهِ الرُّكْنَ الَّذِي يُدْرَكُ بِهِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ التَّمَامِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَقَوْلُهُ (وَلَا يَحِلُّ) مِنْ إحْرَامِهِ التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ (إلَّا بِ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ) فَيَبْقَى مُحْرِمًا وَلَوْ أَخَّرَهُ سِنِينَ. قَالَ أَحْمَدُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الْمُحْصَرِ عَنْ الْبَيْتِ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ (لِ) تَرْكٍ ا (لِرَمْيٍ) لِلْجَمَرَاتِ الْمُحْصَرُ عَنْهُ (وَ) لِتَرْكِ (مَبِيتِ) لَيَالِيِ (مِنًى وَ) نُزُولِ (مُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ) وَاحِدٌ. وَشَبَّهَ فِي اتِّحَادِ الْهَدْيِ فَقَالَ (كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ) مِمَّا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَا يَتَعَدَّدُ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْجَمِيعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنَّ هَذَا إثْمٌ. وَأَوْرَدَ أَنَّ قَوْلَهُ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُحْصَرْ عَمَّا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ لِلرَّمْيِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حُصِرَ عَمَّا بَعْدَهُ أَيْضًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ مُرَادُهُ بِهِ سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْضًا مِمَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ كَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ لِلرَّمْيِ إلَخْ مَعْنَاهُ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا. ابْنُ غَازِيٍّ كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ كَذَا اخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُدَوَّنَةَ وَسَلَّمَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ عَقِبَهُ قَوْلَ ابْنِ رَاشِدٍ، وَلَوْ قِيلَ: إذَا أُنْسِيَ الرَّمْيَ وَالنُّزُولَ بِمُزْدَلِفَةَ بِالتَّعَدُّدِ مَا بَعُدَ لِتَعَدُّدِ الْمُوجِبَاتِ كَمَا فِي الْعَمْدِ وَكَأَنَّهُمْ لَاحَظُوا أَنَّ الْمُوجِبَ وَاحِدٌ لَا سِيَّمَا وَهُوَ مَعْذُورٌ وَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ كَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ كُلِّهَا نَاسِيًا حَتَّى زَالَتْ أَيَّامُ مِنًى، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ وَعَلَيْهِ لِجَمِيعِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ وَالْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَمِنًى هَدْيٌ كَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَاسِيًا حَتَّى زَالَتْ أَيَّامُ مِنًى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 397 وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ: كَعَرْضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ. وَحُبِسَ هَدْيُهُ مَعَهُ، إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْزِهِ   [منح الجليل] وَإِنْ) تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَ (حُصِرَ) بِمَا سَبَقَ مِنْ أَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (عَنْ الْإِفَاضَةِ) أَيْ: عَرَفَةَ وَسَمَّاهَا إفَاضَةً قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: 198] قَالَهُ تت أَيْ: فَلَمَّا كَانَتْ مَبْدَأَ الْإِفَاضَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا بَعْدَ عَرَفَةَ سُمِّيَتْ عَرَفَةُ إفَاضَةً مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ تَسَبَّبَ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ (أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ (بِغَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ عَدُوٍّ وَفِتْنَةٍ وَحَبْسٍ لَا بِحَقٍّ (كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ) وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِعَاشِرٍ أَوْ خَفَاءِ هِلَالٍ لِغَيْرِ الْجَمِّ بِعَاشِرٍ (أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ) وَمِنْهُ حَبْسُ مَدِينٍ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ (لَمْ يَحِلَّ) فِي ذَلِكَ كُلُّهُ إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ (إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ) بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا فَإِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ. (وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ) وَسَعْيُهُ عَقِبَهُ الَّذِي فَعَلَهُ يَوْمَ دُخُولِهِ مَكَّةَ عَنْ طَوَافِهِ الْعُمْرَةَ وَسَعْيَهَا الْمَطْلُوبَيْنِ لِلتَّحِلَّةِ بَعْدَ الْفَوَاتِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِهِ بَلْ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ. (وَحُبِسَ) الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ (هَدْيُهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْهَدْيِ الْعَطَبَ، وَأَمَّا الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالَهُ أَرْسَلَهُ وَإِلَّا ذَكَّاهُ بِأَيِّ مَحَلٍّ كَانَ، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ خَافَ عَلَيْهِ أَرْسَلَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا ذَكَّاهُ بِمَوْضِعِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: حَبْسُ الْوَاجِبِ مَعَهُ وَاجِبٌ وَالتَّطَوُّعُ مَنْدُوبٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ حَبْسُ التَّطَوُّعِ وَاجِبٌ أَيْضًا (وَلَمْ يُجْزِهِ) أَيْ: هَذَا الْهَدْيَ الْمُحْصَرَ الَّذِي قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 398 عَنْ فَوَاتٍ. وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ، أَوْ أَرْدَفَ، وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ، وَأَجْزَأَ إنْ قَدِمَ. وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ،   [منح الجليل] الْفَوَاتِ سَوَاءٌ حَبَسَهُ مَعَهُ أَوْ أَرْسَلَهُ عَنْ هَدْيٍ تَرَتَّبَ (عَنْ فَوَاتٍ) لِلْحَجِّ؛ لِأَنَّ هَذَا أَوْجَبَ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارُ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَيَلْزَمُهُ هَدْيُ الْفَوَاتِ مَعَ حِجَّةِ الْقَضَاءِ. فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ أَرْدَافِهِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا كَأَنْ سَاقَهُ فِيهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ إحْرَامِ الْحَجِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَمَّا كَانَا مُنْدَرِجَيْنِ تَحْتَ مُطْلَقِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ كَاَلَّتِي بَيْنَ الْحَجِّ وَفَوَاتِهِ، وَبِأَنَّ مَا سَبَقَ فِي الْحَجِّ الْفَائِتِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُسَقْ فِي نُسُكٍ، بِخِلَافِ الْمَسُوقِ فِي عُمْرَةٍ. (وَخَرَجَ) وُجُوبًا مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَأَرَادَ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةٍ (لِلْحِلِّ) لِيَجْمَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيُلَبِّي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ (إنْ) كَانَ (أَحْرَمَ) بِالْحَجِّ الَّذِي فَاتَ (يُحْرِمُ) أَيْ: فِيهِ لِإِقَامَتِهِ بِهِ (أَوْ) كَانَ (أَرْدَفَ) الْحَجَّ فِي الْحَرَمِ عَلَى عُمْرَةٍ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحِلِّ وَيَقْضِي الْحَجَّ الَّذِي فَاتَ فِي عَامِ قَابِلٍ وَيُهْدِي لِلْفَوَاتِ. (وَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (دَمَ الْفَوَاتِ) أَيْ: الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ (لِ) عَامِ ا (لْقَضَاءِ) لِيَقْتَرِنَ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَلَا يُقَدِّمُهُ عَامَ الْفَوَاتِ وَلَوْ خَافَ الْمَوْتَ وَفُهِمَ مِنْهُ وُجُوبُ قَضَاءِ الْفَائِتِ فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَصِّ النَّوَادِرِ وَالْجَلَّابِ وَغَيْرِهِمَا لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ، وَجَاءَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا قَضَاءَ لِلنَّفْلِ فِي حَصْرِ الْعَدُوِّ وَبَقِيَ عَلَى عُمُومِ الْآيَةِ (وَأَجْزَأَ) هَدْيُ الْفَوَاتِ (إنْ قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَعَ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ عَامَ الْفَوَاتِ مَعَ الْإِثْمِ. (وَإِنْ أَفْسَدَ) الْحَجَّ وَتَمَادَى عَلَيْهِ لِإِتْمَامِهِ (ثُمَّ فَاتَ) الْحَجُّ الْمُفْسَدُ بِفَوَاتِ وُقُوفِهِ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وُجُوبًا وَقَضَاهُ (أَوْ) اجْتَمَعَ الْفَوَاتُ وَالْإِفْسَادُ (بِالْعَكْسِ) لِلتَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنْ فَاتَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 399 وَإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا، وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ، لَا دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ. وَلَا يُفِيدُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ: نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ   [منح الجليل] الْحَجُّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَلْ (وَإِنْ) أَفْسَدَهُ (بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ) أَيْ: فِيهَا (تَحَلَّلَ) وُجُوبًا فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّهُ تَمَادَى عَلَى فَاسِدٍ، وَالْمُرَادُ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ بِالْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ وَاَلَّتِي فَسَدَتْ بِوَطْئِهِ فِيهَا فَلَا يَبْتَدِئُهَا وَيُتِمُّ طَوَافَهَا وَسَعْيَهَا وَكَفَتْ فِي التَّحَلُّلِ (وَقَضَاهُ) أَيْ: الْحَجَّ الَّذِي فَسَدَ وَفَاتَ (دُونَهَا) أَيْ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ فَلَا يَقْضِيهَا؛ لِأَنَّهَا تَحَلُّلٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَا عُمْرَةٌ (وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ) هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ إنْ قَضَاهُ مُفْرَدًا سَوَاءٌ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ مُفْرَدًا أَوْ تَمَتُّعًا وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا وَأَفْسَدَهُ وَفَاتَهُ وَقَضَاهُ مُتَمَتِّعًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ قَارِنًا وَأَفْسَدَهُ وَفَاتَهُ وَقَضَاهُ قَارِنًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ مُفْرِدًا وَأَفْسَدَهُ وَفَاتَهُ وَقَضَى مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ هَدَايَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْقَضَاءِ. (لَا) يَلْزَمُهُ (دَمُ قِرَانٍ وَ) دَمُ (مُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ) أَيْ: لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الَّذِي فَاتَ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَفِي هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى. (وَلَا يُفِيدُ لِمَرَضٍ) حَاصِلٍ أَوْ مُتَرَقَّبٍ صِلَةُ التَّحَلُّلِ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ مِنْ الْمَوَانِعِ كَحَيْضٍ أَوْ حَصْرِ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ وَفَاعِلُ لَا يُفِيدُ (نِيَّةُ التَّحَلُّلِ) مِنْ الْإِحْرَامِ (بِ) مُجَرَّدِ (حُصُولِهِ) أَيْ: الْمَانِعِ يَعْنِي إذَا نَوَى حِينَ إحْرَامِهِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ إتْمَامِهِ يَصِيرُ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ تَحَلُّلٍ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ بِالْوَجْهِ السَّابِقِ لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَحَلُّلِهِ بَعْدَ الْمَانِعِ بِمَا سَبَقَ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ، وَكَذَا شَرْطُهُ بِاللَّفْظِ قَبْلَ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ فَهُوَ عِنْدَ وُجُودِهِ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ السَّابِقَةُ. (وَلَا يَجُوزُ) أَيْ: يَحْرُمُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَنَدٍ (دَفْعُ مَالٍ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 400 لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ. وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (لَحَاصِرٍ) طَلَبَهُ لِأَجْلِ تَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ (إنْ كَفَرَ) أَيْ: كَانَ الْحَاصِرُ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ وَوَهْنٌ لِلْإِسْلَامِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ دَفْعِهِ لَهُ قَائِلًا وَهْنُ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ وَهْنِ إعْطَائِهِ الْحَطّ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَحْثُهُ. عج بَلْ الظَّاهِرُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرٌ إنْ قَدَّمَ أَخَفَّهُمَا وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ إذْ أَخَفُّهُمَا هُنَا الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ فَالرُّجُوعُ لَا يُوهِنُ الدِّينَ وَدَفْعُ الْمَالِ رِضًا بِالذُّلِّ وَتَقْوِيَةٌ لِلْكَافِرِ وَتَسْلِيطٌ لَهُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ «رَجَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَدْفَعْ مَالًا» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ امْتِنَاعِ دَفْعِ مَالٍ لِحَاصِرٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنْ قَلَّ الْمَالُ وَلَا يَنْكُثُ وَجَبَ وَإِلَّا جَازَ. (وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ) لِلْحَاصِرِ غَيْرِ الْبَادِي (مُطْلَقًا) كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَوْ أَهْلَ مَكَّةَ إذَا بَغَوْا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُمْ إلَّا بِقِتَالِهِمْ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ؛ لِأَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظُ حَقِّهِ فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُضَاعَ وَمَنَعَهُ، وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ قِتَالُ الْحَاصِرِ الْبَادِيَ بِهِ جِهَادٌ وَلَوْ مُسْلِمًا وَفِي قِتَالِهِ غَيْرَ بَادٍ نَقْلَا سَنَدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ. وَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ لِحَدِيثِ «إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ الصَّوَابُ جَوَازُ قِتَالِ الْحَاصِرِ وَأَظُنُّنِي رَأَيْته لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا نَصًّا، وَقَدْ قَاتَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْحَجَّاجَ، وَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عُقْبَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَجَّاجَ وَعُقْبَةَ بَدَآ بِهِ وَكَانُوا يَطْلُبُونَ النَّفْسَ، وَنَقْلُهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا أَعْرِفُهُ إلَّا قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إنْ ثَارَ أَحَدٌ فِيهَا وَاعْتَدَى عَلَى اللَّهِ قُوتِلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ} [البقرة: 191] . وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أُلْجِئَ الْمُحْرِمُ لِتَقْلِيدِ السَّيْفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَحَمَلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْقِتَالِ بِمَكَّةَ عَلَى الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِهِ، وَإِلَّا جَازَ. وَفِي الْإِكْمَالِ وَخَبَرُ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ السِّلَاحَ بِمَكَّةَ» مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى حَمْلِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ وَإِلَّا جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 401 وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ: كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ. وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ:   [منح الجليل] وَغَيْرِهِمَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَيَجُوزُ دُخُولُهَا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَرْبٍ فِي قِتَالِ جَائِزٍ وَبِغَيْرِ إحْرَامٍ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ «أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ» أَيْ: أُحِلَّ الْقِتَالُ فِيهَا لَا الصَّيْدُ وَالسَّاعَةُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ. (وَلِلْوَلِيِّ) أَيْ: الْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمِ الْقَاضِي أَوْ نَفْسِ الْقَاضِي (مَنْعُ) شَخْصٍ (سَفِيهٍ) أَيْ: بَالِغٍ عَاقِلٍ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مِنْ حَجٍّ وَلَوْ فَرْضًا. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَزَوْجٍ) لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ (فِي تَطَوُّعٍ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا فِي فَرْضٍ وَلَوْ عَلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَأَدَائِهَا الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا فِي الْفَرْضِ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ فِي تَطَوُّعٍ رَاجِعٌ لِلزَّوْجِ فَقَطْ، وَأَمَّا وَلِيُّ السَّفِيهِ فَلَهُ مَنْعُهُ حَتَّى فِي الْفَرْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ. لِلْبُنَانِيِّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَرْعَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يَحُجُّ السَّفِيهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ رَأَى وَلِيُّهُ ذَلِكَ نَظَرًا أَذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا. ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا مُشْكِلٌ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهِ. الرُّشْدَ وَكَيْفَ يَصِحُّ مَنْعُ الْوَلِيِّ مِنْهُ إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ وَأَسْبَابُهُ وَانْتَفَتْ مَوَانِعُهُ. ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ اتَّفَقَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ، اُنْظُرْهُ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَهُ الْمَنْعُ فِي الْفَرْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَةَ يَمْنَعُهَا وَلِيُّهَا لَا زَوْجُهَا نَعَمْ إنْ كَانَ وَلِيُّهَا زَوَّجَهَا فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْوِلَايَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ. (وَإِنْ) أَحْرَمَ السَّفِيهُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَ (لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ) لِلسَّفِيهِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ (فَلَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ (التَّحَلُّلُ) أَيْ: التَّحْلِيلُ لَهُمَا مِمَّا أَحْرَمَا بِهِ كَتَحْلِيلِ الْمُحْصَرِ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ لِلسَّفِيهِ وَالتَّقْصِيرُ لِلزَّوْجَةِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ بَلْ يَصْحَبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يَصْحَبَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ (وَ) إنْ حَلَّلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فَ (عَلَيْهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ (الْقَضَاءُ) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 402 كَعَبْدٍ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ،   [منح الجليل] لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهَا وَلِيُّهُمَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ، وَمِثْلُ التَّطَوُّعِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَتَقْتَضِيهِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْمَضْمُونُ أَوْلَى. وَشَبَّهَ فِي التَّحْلِيلِ وَالْقَضَاءِ فَقَالَ (كَالْعَبْدِ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ أَوْ مُكَاتَبًا إنْ أَضَرَّ إحْرَامُهُ بِنُجُومِ كِتَابَتِهِ إنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ أُعْتِقَ. قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ لَا يَكُونُ التَّحْلِيلُ بِإِلْبَاسِهِ الْمِخْيَطَ لَكِنْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ هَذَا الْإِحْرَامِ فَيَتَحَلَّلُ بِنِيَّتِهِ وَبِحِلَاقِ رَأْسِهِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْلِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بِهَذَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشْهَادَ كَافٍ سَوَاءٌ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْ التَّحَلُّلِ أَمْ لَا كَمَا أَنَّ تَحْلِيلَهُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ كَافٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا ذَكَرَ فِي تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ وَالسَّفِيهِ وَيَقُومُ التَّقْصِيرُ فِي حَقِّهَا مَقَامَ الْحَلْقِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ (وَأَثِمَ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ: عَصَى (مَنْ لَمْ يَقْبَلْ) مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ مِنْ سَفِيهٍ وَزَوْجَةٍ وَعَبْدٍ (وَلَهُ) أَيْ: الزَّوْجِ (مُبَاشَرَتُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ التَّحَلُّلِ وَإِفْسَادُهُ عَلَيْهَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا دُونَهُ لِتَعَدِّيهَا عَلَى حَقِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِذَلِكَ تَحْلِيلَهَا كَانَ كَافِيًا وَإِلَّا فَسَدَ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَكْفِي وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُحْرِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ وَأَثِمَ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ: إنْ لَمْ تَقْبَلْ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ أَثِمَتْ لِمَنْعِهَا حَقَّهُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمُحْرِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي، جَوَازِ تَحْلِيلِهَا فَقَالَ (كَ) إحْرَامِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا بِ (فَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ) الزَّمَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِيِّ بِبُعْدٍ وَاحْتَاجَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحْرِمْ وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّلْهُمَا ثُمَّ إنْ حَلَّلَهَا بِالشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهَا غَيْرُ حِجَّةِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا إنْ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهَا تَتَمَادَى عَلَيْهِ وَتَقْضِيهِ أَوْ تَحُجُّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَتَقْضِيهِ وَتَحُجُّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهَا حِجَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: قَضَاءٌ وَالْأُخْرَى حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ، عَلَيْهَا أَنْ تَقْتَضِيَ غَيْرَ حِجَّةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 403 وَإِلَّا فَلَا: إنْ دَخَلَ. وَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ: رَدُّهُ لَا تَحْلِيلُهُ. وَإِنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَإٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ،   [منح الجليل] الْإِسْلَامِ، صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَنَحْوُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلسَّفِيهِ وَالسَّيِّدُ لِلْعَبْدِ وَالزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ (فَلَا) مَنْعَ لَهُ (إنْ دَخَلَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي النَّذْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. (وَ) مَنْ بَاعَ رَقِيقًا مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ لِلْمُشْتَرِي فَ (لِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ) حِينَ شِرَائِهِ بِإِحْرَامِهِ (رَدُّهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ كَتَمَهُ الْبَائِعُ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْرُبْ زَمَنُ الْإِحْلَالِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي (لَا) يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي (تَحْلِيلُهُ) أَيْ: الرَّقِيقِ مِنْ الْإِحْرَامِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى شِرَائِهِ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ إنْ تَحَلَّلَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُ الرَّقِيقِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَمْ لَا، وَإِنْ رَدَّهُ فَلِلْبَائِعِ تَحْلِيلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَلَوْ قَرُبَ زَمَنُ إحْلَالِهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. (وَإِنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَحْرَمَ (فَأَفْسَدَ) الْعَبْدُ مَا أَحْرَمَ بِهِ بِنَحْوِ جِمَاعٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: السَّيِّدَ (إذْنٌ) ثَانٍ (لِلْقَضَاءِ) عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا لِأَصْبَغَ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلَيْهِمَا، قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَوَاتَ كَالْإِفْسَادِ سَنَدٌ وَإِنْ أَرَادَ لِمَا فَاتَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ لِيَحِلَّ وَأَرَادَ سَيِّدُهُ مَنْعَهُ وَإِحْلَالَهُ مَكَانَهُ، فَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَلَا يَمْنَعُهُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَلَهُ مَنْعُهُ. فَإِمَّا أَنْ يُبْقِيَهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي فَسْخِهِ فِي عُمْرَةٍ (وَمَا لَزِمَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ (عَنْ خَطَأٍ) صَدَرَ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ هِلَالٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ فِي قَتْلِ صَيْدٍ (أَوْ) عَنْ (ضَرُورَةٍ) كَلُبْسٍ أَوْ تَطَيُّبٍ لِتَدَاوٍ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ) لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 404 وَإِلَّا صَامَ بِلَا مَنْعٍ، وَإِنْ تَعَمَّدَ: فَلَهُ مَنْعُهُ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ   [منح الجليل] هَدْيٍ أَوْ فِدْيَةٍ فَعَلَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ فَقَدْ أَفَادَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَحْتَاجُ فِي الْإِخْرَاجِ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِهَا لَا يَحْتَاجُ فِي مَالِهِ لِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ فِي الْإِخْرَاجِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِخْرَاجِ (صَامَ بِلَا مَنْعٍ) مِنْ السَّيِّدِ أَيْ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الصِّيَامِ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ (وَإِنْ تَعَمَّدَ) الرَّقِيقُ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ (فَلَهُ) أَيْ: السَّيِّدِ (مَنْعُهُ) مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِهِ) أَيْ: السَّيِّدِ (فِي عَمَلِهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَبَقِيَ مِنْ مَوَانِعِ الْحَجِّ الدَّيْنُ الْحَالُّ أَوْ الَّذِي يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْحَجِّ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ بِعَدَمِ عَوْدِهِ حَلَّفَهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إنْ أَحْرَمَ وَلَا لَهُ هُوَ التَّحَلُّلُ وَالْأُبُوَّةُ فَلِلْأَبَوَيْنِ الْمَنْعُ مِنْ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الْفَرْضِ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ وَهُوَ يُفِيدُ الْمَنْعَ مِنْ التَّطَوُّعِ لَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 405 (بَابٌ) الذَّكَاةُ قَطْعٌ مُمَيَّزٌ يُنَاكِحُ تَمَامَ الْحُلْقُومِ   [منح الجليل] [بَابٌ الذَّكَاة] ِ) لُغَةً التَّتْمِيمُ يُقَالُ ذَكَّيْت الذَّبِيحَةَ أَتْمَمْت ذَبْحَهَا وَالنَّارَ أَتْمَمْت إيقَادَهَا وَإِنْسَانٌ ذَكِيٌّ تَامُّ الْفَهْمِ. وَشَرْعًا السَّبَبُ لِإِبَاحَةِ أَكْلِ لَحْمِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَأَقْسَامُهَا: أَرْبَعَةٌ ذَبْحٌ وَنَحْرٌ وَعَقْرٌ وَمَا يَمُوتُ بِهِ نَحْرُ الْجَرَادِ فَالذَّبْحُ. (قَطْعُ) جِنْسٍ خَرَجَ عَنْهُ الْخَنْقُ وَالنَّهْشُ وَإِضَافَتُهُ لِشَخْصٍ (مُمَيِّزٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: مُدْرِكٍ بِحَيْثُ يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ، فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِصِغَرٍ أَوْ عَتَهٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ نَحْوِهَا (يُنَاكِحُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ وَطْءُ الْأُنْثَى الْمُتَدَيِّنَةِ بِدِينِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ، فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ قَطْعَ مُمَيِّزٍ مَجُوسِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ فَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا، وَالنِّكَاحُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ فَشَمِلَ قَطْعَ مُمَيِّزٍ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. وَمَفْعُولُ قَطْعُ قَوْلُهُ (تَمَامَ) أَيْ: جَمِيعَ (الْحُلْقُومِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ، أَيْ: الْقَصَبَةِ الْبَارِزَةِ أَمَامَ الرَّقَبَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا النَّفَسُ، فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ مُمَيِّزٍ يَجُوزُ وَطْءُ أُنْثَاهُ مَا فَوْقَ الْحُلْقُومِ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي وَصَلَ الْحُلْقُومَ بِالرَّأْسِ وَقَطْعُهُ بَعْضَ الْحُلْقُومِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْحَازَ إلَى الرَّأْسِ دَائِرَةً مِنْ الْحُلْقُومِ وَلَوْ رَقِيقَةً. فَإِنْ انْحَازَ كُلُّهُ إلَى الْبَدَنِ فَلَا يُؤْكَلُ وَهُوَ مُغَلْصَمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُؤْكَلُ. ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْفَتْوَى عِنْدَنَا بِتُونُسَ مُنْذُ مِائَةِ عَامٍ مَعَ الْبَيَانِ عِنْدَ الْبَيْعِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَأْكُلُهَا الْفَقِيرُ دُونَ الْغَنِيِّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 406 وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ بِلَا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ،   [منح الجليل] وَ) قَطْعُ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ جَمِيعَ (الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ أَيْ: الْعِرْقَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي جَانِبَيْ الْعُنُقِ يَتَّصِلُ بِهِمَا أَكْثَرُ عُرُوقِ الْبَدَنِ وَيَتَّصِلَانِ بِالدِّمَاغِ، فَصْلٌ رَابِعٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضَهُمَا. وَفُهِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ قَطْعُ غَيْرِهَا كَالْمَرِيءِ بِهَمْزِ آخِرِهِ كَأَمِيرٍ أَوْ بِشَدِّ الْيَاءِ وَهُوَ عِرْقٌ أَحْمَرُ بَيْنَ الْحُلْقُومِ وَالرَّقَبَةِ مُتَّصِلٌ بِالْفَمِ وَرَأْسِ الْمَعِدَةِ يَجْرِي مِنْهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ، وَيُسَمَّى الْبُلْعُومَ أَيْضًا. هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَصِلَةُ قَطْعُ (مِنْ الْمُقَدَّمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً فَصْلٌ خَامِسٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقَفَا أَوْ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْ الْعُنُقِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِلنُّخَاعِ وَهُوَ مَقْتَلٌ قَبْلَ الذَّبْحِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً فِي ضَوْءٍ أَوْ ظَلَامٍ، وَمُخْرِجٌ أَيْضًا قَطْعَهُمَا مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ إلَى خَارِجٍ. سَحْنُونٌ لَوْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَلَمْ تُسَاعِدْهُ السِّكِّينُ فِي مَرِّهَا عَلَى الْوَدَجَيْنِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ حَادَّةٍ فَأَدْخَلَهَا بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَالْوَدَجَيْنِ وَجَعَلَ حَدَّهَا إلَيْهِمَا وَقَطَعَ الْوَدَجَيْنِ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ، فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ زَادَ الشَّاذِلِيُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ قَبْلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَالْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَقَطَعَهَا بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ فَلَا تُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمُخَالَفَةِ كَيْفِيَّةِ الذَّبْحِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الشَّارِعِ، قَالَ نَاظِمُ مُقَدَّمَةِ ابْنِ رُشْدٍ: وَالْقَطْعُ مِنْ فَوْقِ الْعُرُوقِ بَتُّهُ ... وَإِنْ يَكُنْ مِنْ تَحْتِهَا فَمَيْتُهُ قَالَ شَارِحُهَا أَيْ: صِفَةُ الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوْقِ الْعُرُوقِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ تَحْتِهَا بِأَنْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ مِنْ تَحْتِ الْعُرُوقِ وَقَطَعَهَا فَهِيَ مَيْتَةٌ فَلَا تُؤْكَلُ. اهـ. وَبِهِ بَطَلَ قَوْلُ عج قَوْلُهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ قَطْعُهَا وَفَوْقَ الرَّقَبَةِ بِإِدْخَالِ السِّكِّينِ بَيْنَهُمَا وَالْقَطْعُ بِهَا إلَى خَارِجٍ فَتُؤْكَلُ لِعَدَمِ قَطْعِ النُّخَاعِ قَبْلَ الذَّبْحِ أَفَادَهُ عب. وَصِلَةُ قَطْعُ أَيْضًا (بِلَا رَفْعٍ) لِلسِّكِّينِ عَنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (قَبْلَ التَّمَامِ) لِقَطْعِهَا، فَصْلٌ سَادِسٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ جَمِيعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ مَعَ الرَّفْعِ قَبْلَ التَّمَامِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقْتَلِ بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ ثُمَّ ذَبَحَ فَإِنَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 407 وَفِي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلَبَّةٍ،   [منح الجليل] تُؤْكَلُ سَوَاءٌ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا عَادَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. وَإِنْ كَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَا تَعِيشُ لِإِنْفَاذِ مَقْتَلِهَا فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ سَوَاءٌ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا، وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهِ فَهُوَ فِي مَنْفُوذِهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ أَوْ بِهَا مَعَ الْبُعْدِ، وَإِنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَلَا تُؤْكَلُ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ، كَالْقُرْبِ فِيمَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سِرَاجٍ وَنَصُّهُ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ رَجَعَ فِي فَوْرِ الذَّبْحِ وَأَجْهَزَ صَحَّتْ الذَّكَاةُ كَمَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا وَرَجَعَ بِالْقُرْبِ وَأَصْلَحَ، فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ تُؤْكَلُ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا دُونَ اثْنَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّاجِحِ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ إنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ أَوْ قُرْبٍ، وَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ. وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّابِحِ الِاتِّحَادُ فَيَجُوزُ وَضْعُ شَخْصَيْنِ آلَتَيْنِ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَذَبْحُهُمَا مَعًا بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَذَا وَضْعُ شَخْصٍ آلَةً عَلَى وَدَجٍ وَآخَرَ آلَةً عَلَى الْوَدَجِ الْآخَرِ وَقَطْعُهُمَا مَعًا الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّفْعِ اخْتِيَارًا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَكْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا تُؤْكَلُ لِتَلَاعُبِهِ، وَمِثْلُ الرَّفْعِ إبْقَاءُ السِّكِّينِ فِي الْمَحَلِّ بِلَا قَطْعٍ بِهَا وَيَجْرِي تَفْصِيلُ الرَّفْعِ فِي النَّحْرِ وَالْعَقْرِ أَيْضًا، وَقَدْ يُشِيرُ لَهُ فِي الْعَقْرِ بِقَوْلِهِ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ سِرَاجٍ، فَلِذَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ، وَقِيلَ تُكْرَهُ، وَقِيلَ إنْ رَفَعَ مُعْتَقِدَ التَّمَامِ فَلَا تُؤْكَلُ وَإِنْ رَفَعَ مُخْتَبِرًا فَتُؤْكَلُ خَامِسُهَا عَكْسُهُ. (وَ) الذَّكَاةُ (فِي النَّحْرِ طَعْنٌ) مِنْ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ (بِلَبَّةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: تَرْقُوَةٍ ابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ تَصِلُ الْآلَةُ لِلْقَلْبِ مِنْهُ فَيَمُوتُ بِسُرْعَةٍ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ. ابْنُ غَازِيٍّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَقْتَصِرُ فِي النَّحْرِ عَلَى اللَّبَّةِ دُونَ مَا عَدَاهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَمْ لَا، وَيَصِحُّ النَّحْرُ فِيمَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا وَالثَّانِي مَذْهَبُ ابْنُ لُبَابَةَ وَاللَّخْمِيِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 408 وَشَهَرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ، وَالْوَدَجَيْنِ   [منح الجليل] وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ مَذْبَحٌ وَمَنْحَرٌ فَإِنْ ذَبَحَ فِيهِ جَائِزٌ، وَإِنْ نَحَرَ فِيهِ فَجَائِزٌ فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ النَّحْرَ لَا يَخْتَصُّ بِاللَّبَّةِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالْوَاقِعِ فِي مُهْوَاةٍ إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْحَرَهُ إلَّا فِي مَحَلِّ ذَبْحِهِ نَحَرَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَذْبَحَهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ النَّحْرِ ذَبَحَهُ فِيهِ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاللَّبَّةُ مَحَلُّ الْقِلَادَةِ مِنْ الصَّدْرِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. اللَّخْمِيُّ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي النَّحْرِ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ. ثُمَّ أَشَارَ بَعْدُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ جَمِيعًا، وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا أَرَادَ اللَّخْمِيُّ التَّفْصِيلَ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ كَفَى قَطْعُ وَدَجٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّبَّةِ قَطَعَهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُهُمَا. (وَشُهِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا تَشْهِيرًا لَا يُسَاوِي تَشْهِيرَ اشْتِرَاطِ قَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ (أَيْضًا) أَيْ: كَمَا شُهِرَ قَوْلُنَا تَمَامُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ (الِاكْتِفَاءُ) فِي الذَّبْحِ (بِ) قَطْعِ (نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَ) جَمِيعِ (الْوَدَجَيْنِ) فَالْوَدَجَيْنِ عَطْفٌ عَلَى نِصْفٍ لَا عَلَى الْحُلْقُومِ، وَالْمُرَادُ الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ مَعَ قَطْعِ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قَطَعَ الْوَدَجَيْنِ وَنِصْفَ الْحُلْقُومِ أُكِلَتْ، وَإِنْ قَطَعَ مِنْهُ أَقَلَّ فَلَا تُؤْكَلُ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّجَاجَةِ أَوْ الْعُصْفُورِ إذَا أَجْهَزَ عَلَى وَدَجَيْهِ وَنِصْفِ حَلْقِهِ أَوْ ثُلُثَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحِلُّ حَتَّى يُجْهِزَ عَلَى جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ مُتَّفِقَانِ عَلَى اغْتِفَارِ بَقَاءِ النِّصْفِ وَسَحْنُونٌ لَمْ يُغْتَفَرْ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ أَلْبَتَّةَ وَإِلَّا كَانَ الْمَعْنَى وَنِصْفِ الْوَدَجَيْنِ، وَهَذَا إنْ كَانَ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُشْهَرْ كَتَشْهِيرِ قَطْعِ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَجَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَيْضًا وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ بِقَوْلِهِ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ فَلَوْ قَطَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْحُلْقُومِ مَعَ قَطْعِ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ لَمْ يَكْفِ عَلَى هَذَا أَيْضًا، وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ أَيْ: أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَبْلُغْ التَّمَامَ فَمَا زَادَ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 409 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] النِّصْفِ وَلَمْ يَبْلُغْ التَّمَامَ لَا يَكْفِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلِانْحِطَاطِ تَشْهِيرِ الثَّانِي عَنْ تَشْهِيرِ الْأَوَّلِ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَ هَذَا أَيْ: غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ اغْتِفَارُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْهُ» لَمْ يَقُلْ خِلَافٌ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا يَلْزَمُ ابْنَ الْقَاسِمِ الَّذِي يَغْتَفِرُ بَقَاءُ نِصْفِ الْحُلْقُومِ مِنْ الطَّيْرِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ فِي غَيْرِ الطَّيْرِ لِمَا عُلِمَ عَادَةً مِنْ صُعُوبَةِ اسْتِئْصَالِ قَطْعِ الْحُلْقُومِ مِنْ الطَّيْرِ وَسُهُولَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَفَادَ عب. الْبُنَانِيُّ تَبِعَ ابْنَ غَازِيٍّ فِي جَعْلِ الْكَلَامِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَتَبِعَهُ فِي هَذَا أَيْضًا طفي وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّ الْحَطَّابَ اعْتَرَضَ عَزْوَهُ لِلْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هَذَا فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرِّسَالَةِ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ اهـ. وَنَصُّ التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صُورَةَ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَصُورَةَ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ وَصُورَةَ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا، قَالَ وَمُقْتَضَى الرِّسَالَةِ عَدَمُ الْأَكْلِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ وَالذَّكَاةُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، قِيلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اهـ فَكَلَامُهُ لَا يُفِيدُ التَّشْهِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُ نَعَمْ التَّشْهِيرُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ، وَنَصُّهُ إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثِ صُوَرٍ، إمَّا أَنْ يَقْطَعَهَا الذَّابِحُ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَوْ لَا يَقْطَعُ مِنْهَا شَيْئًا. فَإِنْ قَطَعَ جَمِيعَهَا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ قَطَعَ أَقَلَّهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا فَهَلْ تُؤْكَلُ أَمْ لَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ قَطْعَ الْكُلِّ لَا يُشْتَرَطُ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ قَطْعُ النِّصْفِ فَأَكْثَرَ، وَمِثْلُهُ لِصَاحِبِ الْمُعِينِ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ، وَنَصُّهُ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ الْحُلْقُومِ وَبَعْضَ الْوَدَجَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَلَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ النِّصْفَ فَمَا فَوْقَ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُؤْكَلُ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ التَّشْهِيرَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فِي نِصْفِ الْحُلْقُومِ فَقَطْ، وَفِي نِصْفِ كُلِّ وَدَجٍ وَفِي نِصْفِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ. وَأَمَّا قَطْعُ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا يَشْمَلُهَا كَلَامُهُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 410 وَإِنْ سَامِرِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ. وَذَبَحَ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلَّهُ   [منح الجليل] هُوَ الصَّوَابُ فِي جَعْلِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطّ، فَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ مَسْأَلَةٌ يَعْنِي مَعَ تَمَامِ الْوَدَجَيْنِ. وَقَوْلُهُ وَالْوَدَجَيْنِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى أَيْ نِصْفُ الْوَدَجَيْنِ يَعْنِي مَعَ تَمَامِ الْحُلْقُومِ، وَجَعَلَ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ هَذِهِ مُحْتَمِلَةٌ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْطَعَ نِصْفَ كُلِّ وَدَجٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ الْإِجْزَاءُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَعَدَمُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَالثَّانِي أَنْ يَقْطَعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَفِيهَا رِوَايَتَانِ، قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْأَكْلِ لِعَدَمِ إنْهَارِ الدَّمِ إلَّا أَنَّ الصُّورَةَ الْأَخِيرَةَ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّشْهِيرَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَيَصِحُّ ذَبْحُ وَنَحْرُ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَامِرِيًّا وَلَا مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَهُودِيًّا (سَامِرِيًّا) وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِي يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ مَا عَدَا مُوسَى وَهَارُونَ وَيُوشَعَ بْنَ نُونٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ بِيَدِهِمْ تَوْرَاةً فِيهَا أُمُورٌ بَدَّلَهَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَلَا يَرَوْنَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حُرْمَةً كَالْيَهُودِ، وَيُحَرِّمُونَ الْخُرُوجَ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ، وَيُنْكِرُونَ الْمِيعَادَ الْجُسْمَانِيَّ قَالَهُ تت، وَمُبَالَغَتُهُ عَلَى السَّامِرِيِّ فَقَطْ تُفِيدُ أَنَّ الصَّابِئِيَّ لَا تَصِحُّ تَذْكِيَتُهُ حَتَّى يَتَنَصَّرَ. فَإِنْ قُلْت السَّامِرِيُّ أَخَذَ بَعْضَ الْيَهُودِيَّةِ وَالصَّابِئِيُّ بِبَعْضِ النَّصْرَانِيَّةِ فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. قُلْت هُوَ أَنَّ مُخَالَفَةَ الصَّابِئِي لِلنَّصْرَانِيَّةِ أَشَدُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السَّامِرِيِّ لِلْيَهُودِيَّةِ، وَذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الصَّابِئِي تَنَصُّرَهُ. (أَوْ) كَانَ (مَجُوسِيًّا) وَهُمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ، وَقَالُوا إنَّ لِلْعَالَمِ إلَهَيْنِ نُورًا وَظُلْمَةً فَالنُّورُ إلَهُ الْخَيْرِ، وَالظُّلْمَةُ إلَهُ الشَّرِّ وَاعْتَقَدُوا تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ (تَنَصَّرَ) بِفَتَحَاتِ. مُثَقَّلًا أَيْ: انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ يَعْنِي أَوْ تَهَوَّدَ فَيَصِحُّ ذَبْحُهُ وَنَحْرُهُ لِصَيْرُورَتِهِ. كِتَابِيًّا تُوطَأُ أُنْثَاهُ. وَعَطَفَ عَلَى يُنَاكِحُ فَقَالَ (وَذَبْحُ) الْكِتَابِيُّ أَصَالَةً أَوْ انْتِقَالًا وَلَوْ رَقِيقًا (لِنَفْسِهِ) شَرْطٌ أَوَّلُ، اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ ذَبْحِهِ لِمُسْلِمٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ سَيَأْتِيَانِ فِي قَوْلِهِ وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ وَمَفْعُولُ ذَبَحَ قَوْلُهُ (مُسْتَحَلَّةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 411 وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ، وَإِنْ لَمْ يَغِبْ لَا صَبِيٌّ ارْتَدَّ. وَذِبْحٍ لِصَنَمٍ.   [منح الجليل] الَّذِي يَعْتَقِدُ حِلَّهُ لَهُ شَرْطٌ ثَانٍ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ ذَبْحِهِ مَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ عَلَيْهِ كَذِي الظُّفُرِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَذْبَحَهُ لِمَعْبُودٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَذِبْحٍ لِصَنَمٍ فَيَصِحُّ ذَبْحُهُ وَنَحْوُهُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَيْتَةِ. بَلْ (وَإِنْ أَكَلَ) أَيْ اسْتَحَلَّ الْكِتَابِيُّ فِي اعْتِقَادِهِ أَنْ يَأْكُلَ (الْمَيْتَةَ) بِلَا ذَبْحٍ وَلَا نَحْرٍ فَيَصِحُّ ذَبْحُهُ وَنَحْرُهُ (إنْ لَمْ يَغِبْ) عَلَى مَذْبُوحِهِ أَوْ مَنْحُورِهِ بِأَنْ ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ عَارِفٍ كَيْفِيَّةَ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ ثِقَةٍ لَا يُتَّهَمُ بِمُوَافَقَتِهِ عَلَى خِلَافِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ فِي تَعْلِيلِ حُرْمَةِ مَا حَرُمَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ. وَإِذَا اسْتَحَلَّ الْمَيْتَةَ فَكَيْفَ يَنْوِي الذَّكَاةَ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَاهَا فَكَيْفَ يَصْدُقُ اهـ. وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ عُرِفَ أَكْلُ الْكِتَابِيِّ الْمَيْتَةَ فَلَا يُؤْكَلُ مَا غَابَ عَلَيْهِ. قُلْت كَذَا نَقَلُوهُ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ أَكْلِهِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ عَدَمِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَجْهَ الْمَشْهُورِ الْوُقُوفُ مَعَ النَّصِّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَهُمْ وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ مِنْ قَصْدِ الذَّكَاةِ وَعَدَمِهِ وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَغِبْ أَنَّ مَا غَابَ عَلَيْهِ لَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ قَتْلِهِ بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ الشَّرْعِيَّيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَذَكَرَ بَعْضَ مَفْهُومِ يُنَاكِحُ فَقَالَ (لَا) يَصِحُّ ذَبْحُ وَلَا نَحْرُ شَخْصٍ (صَبِيٍّ) مُمَيِّزٍ (ارْتَدَّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ بِوِلَادَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ طَائِعًا لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَأَوْلَى الْبَالِغُ الْمُرْتَدُّ. (وَ) لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِ (ذِبْحٍ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: مَذْبُوحٍ (لِ) مَعْبُودٍ غَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَ (صَنَمٍ) أَيْ: حَجَرٍ مُصَوَّرٍ بِصُورَةِ آدَمِيٍّ أَوْ مَلَكٍ أَوْ صَلِيبٍ أَوْ الْمَسِيحُ، وَاللَّامُ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لَا يُؤْكَلُ مَا ذَبَحَهُ كِتَابِيٌّ لِصَنَمٍ يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ مَثَلًا بَدَلَ بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَيْضًا فَيُؤْكَلُ تَغْلِيبًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ قَصْدُهُ اخْتِصَاصُهُ بِالصَّنَمِ مَعَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عِنْدَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 412 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ ذَبَحَ لِصَنَمٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ، وَلَامُ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُ الِاسْتِحْقَاقَ وَلِذَا كَانَتْ لَامُ لِصَلِيبٍ الْآتِيَةُ تَعْلِيلَةً قَالَهُ عب الرَّمَاصِيِّ ذَكَرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَذْكُرَ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ مَعَ الْكَرَاهَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا ذَكَرُوا عَلَيْهِ اسْمَ الْمَسِيحِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَقَوْلُهُ قَائِلًا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا ذَبَائِحَهُمْ وَعَلِمَ مَا يَفْعَلُونَ اهـ. وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يُكْرَهُ وَذُبِحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَلَيْسَ تَحْرِيمُ الْمَذْبُوحِ لِلصَّنَمِ لِكَوْنِهِ ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُهُ بَلْ لِكَوْنِهِ لَمْ تُقْصَدْ ذَكَاتُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلِيبِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَهُمْ دِينٌ شَرَعَ. وَقَالَ قَوْمٌ نُسِخَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ حِلُّ ذِبْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَأُهِلَّ مَعْنَاهُ صِيحَ وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الْمَوْلُودِ، وَجَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِالصِّيَاحِ بِاسْمِ الْمَقْصُودِ بِالذَّبِيحَةِ وَغَلَبَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى عُبِّرَ بِهِ عَنْ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ التَّحْلِيلِ، ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ غَيْرِ اللَّهِ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَذِبْحٍ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُحَرَّمٌ اهـ. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّنَمِ كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى بِحَيْثُ يَشْمَلُ الصَّلِيبَ وَالْمَسِيحَ وَغَيْرَهُمَا، وَأَنَّ هَذَا شَرْطٌ ثَالِثٌ فِي أَكْلِ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي تت وز وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الذَّبَائِحِ، وَنَصُّهُ كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا ذَبَحَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِكَنَائِسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ مُضَاهِيًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وَلَمْ يُحَرِّمْهُ إذَا لَمْ يَرَ الْآيَةَ مُتَنَاوَلَةً لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 413 أَوْ غَيْرُ حِلٍّ لَهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا،   [منح الجليل] وَإِنَّمَا رَآهَا مُضَاهِيَةً لَهُ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا فِيمَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِمَّا لَا يَأْكُلُونَهُ. قَالَ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا، وَقَالَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَشْهَبَ وَسَأَلَتْهُ عَمَّا ذُبِحَ لِلْكَنَائِسِ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلَ مَا ذَبَحُوهُ لِأَعْيَادِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّ مَا ذَبَحُوهُ لِكَنَائِسِهِمْ لَمَّا كَانُوا يَأْكُلُونَهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَنَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] فِيمَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِمَّا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَيْهَا وَلَا يَأْكُلُونَهُ فَهَذَا حَرَامٌ عَلَيْنَا بِدَلِيلِ الْآيَتَيْنِ جَمِيعًا اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ ذِبْحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَلَمْ يَقْصِدُوا بِذَكَاتِهِ إبَاحَتَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا. وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ الْمَكْرُوهِ فِي ذِبْحٍ لِصَلِيبٍ إلَخْ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا ذَبَحُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَسَمَّوْا عَلَيْهِ اسْمَ آلِهَتِهِمْ فَهَذَا يُؤْكَلُ بِكُرْهٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِهِمْ. وَفِي ابْنِ نَاجِي عَلَى الرِّسَالَةِ مَا نَصُّهُ. وَأَمَّا مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. ابْنُ هَارُونَ وَكَذَا عِنْدِي مَا ذُبِحَ لِلْمَسِيحِ بِخِلَافِ مَا سَمَّوْا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ يَعْنِي فَلَا يَحْرُمُ اهـ. وَقَدْ غَابَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ طفي فَاعْتَرَضَ عَلَى تت وَمَنْ تَبِعَهُ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَى ذِبْحِ الْمَجُوسِيِّ وَمَا يَأْتِي عَلَى ذِبْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الصَّنَمَ لِلْمَجُوسِ وَالصَّلِيبَ لِلنَّصَارَى، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّ الْحَمْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَبْحَ الْمَجُوسِيِّ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ يُنَاكِحُ وَلِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُفِيدِ لِلشَّرْطِ الثَّالِثِ فِي أَكْلِ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ وَكَانَ حَقُّهُ لَوْ قَالَ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ الِاسْمِ عَلَيْهِ فَلَا يُحَرِّمُهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمَا يَأْتِي ذَكَرَ مَعَهُ اسْمَ اللَّهِ أَمْ لَا. وَلَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ مُسْتَحِلِّهِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) مَا ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ الْكِتَابِيُّ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ (غَيْرِ حِلٍّ لَهُ) أَيْ الْيَهُودِيِّ فِي زَعْمِهِ (إنْ ثَبَتَ) تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ الْمَنْسُوخُ (بِشَرْعِنَا) الجزء: 2 ¦ الصفحة: 414 وَإِلَّا كُرِهَ كَجِزَارَتِهِ، وَبَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ لِعَبْدِهِ، وَشِرَاءِ ذِبْحِهِ،   [منح الجليل] وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] الْأَنْعَامُ، فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْكُلَ مَا ذَبَحَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ شَرْعُنَا أَخْبَرَ عَنْ شَرْعِهِمْ بِأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَهِيَ الْإِبِلُ، وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالنَّعَامُ وَالْإِوَزُّ لَا الدَّجَاجُ وَكُلُّ مَا لَيْسَ مَشْقُوقَ الظِّلْفِ وَلَا مُنْفَرِجَ الْقَوَائِمِ، بِخِلَافِ مَشْقُوقِهَا كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] أَيْ: حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ فِي شَرِيعَةِ نَبِيِّهِمْ. (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا أَيْ: وَلَمْ يُخْبِرْ شَرْعُنَا بِأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا هُمْ الَّذِينَ أَخْبَرُوا أَنَّ شَرْعَهُمْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كَالطَّرِيقَةِ وَهِيَ فَاسِدَةُ الرِّئَةِ أَيْ: مُلْتَصِقَتُهَا بِظَهْرِ الْحَيَوَانِ (كُرِهَ) لَنَا أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ فَإِخْبَارُ شَرْعِنَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّنَا فِي حُرْمَةِ مُذَكَّاةٍ عَلَيْنَا. وَلَيْسَ الدَّجَاجُ مِنْ ذِي الظُّفُرِ؛ لِأَنَّهُ مَشْقُوقُ الْأَصَابِعِ فَيُبَاحُ لَنَا أَكْلُهُ بِذَبْحِ الْيَهُودِيِّ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَجِزَارَتِهِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ: يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْكَافِرَ جَزَّارًا أَيْ: ذَبَّاحًا لِلْمُسْلِمِينَ مَا يَسْتَحِلُّهُ يَبِيعُهُ لِعَدَمِ نُصْحِهِ لَهُمْ، وَالْجَزَّارُ الذَّابِحُ وَاللَّحَّامُ بَائِعُ اللَّحْمِ وَالْقَصَّابُ كَاسِرُ الْعَظْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ هُنَا مَا يَعُمُّ الْجَمِيعَ، وَإِمَّا مَا بِضَمِّ الْجِيمِ فَأَطْرَافُ الْحَيَوَانِ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَرَأْسُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ جِزَارَتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ أَوْ الْبُيُوتِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِنَابَتِهِ فِي الذِّبْحِ، وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالشِّرَاءُ مِنْهُ وَكَوْنُهُ صَيْرَفِيًّا لِذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (بَيْعٌ) لِلْكَافِرِ شَيْئًا (وَإِجَارَةٌ) لِلْكَافِرِ شَيْئًا (لِعَبْدِهِ) أَيْ الْكَافِرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَظْهَرُ بِهِ دِينُهُ (وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (شِرَاءُ ذِبْحِهِ) أَيْ الْكَافِرِ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلُّهُ لَا أَكْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] الْمَائِدَةُ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى تَفْسِيرِ الطَّعَامِ بِالذَّبِيحَةِ سَوَاءٌ كَانَ يُبَاحُ بِشَرْعِهِ، أَمْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ كَالطَّرِيقَةِ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ لِلْيَهُودِيِّ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 415 وَتَسَلُّفِ ثَمَنِ خَمْرٍ، وَبَيْعٍ بِهِ، لِأَخْذِهِ قَضَاءً، وَشَحْمِ يَهُودِيٍّ،   [منح الجليل] (وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (تَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ) مِنْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ بَاعَهَا الذِّمِّيُّ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ لَكِنْ ثَمَنُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِ كَانَ لَهُ وَلِسَحْنُونٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ مِنْ كَافِرٍ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَبَاعَهَا فَيَحْرُمُ تَسَلُّفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا لِيَمْلِكَهَا إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهَا وَإِرَاقَتُهَا. (وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ (بَيْعٌ) لِكَافِرٍ شَيْئًا (بِهِ) أَيْ: ثَمَنِ الْخَمْرِ (لَا) يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ (أَخْذُهُ) أَيْ: ثَمَنُ الْخَمْرِ مِنْ كَافِرٍ (قَضَاءً) عَنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ أَوْ عَنْ جِزْيَةٍ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَشَارَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُكْرَهُ قَبُولُ هِبَةٍ وَالصَّدَقَةُ بِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ حَرَامٍ كَرِبًا وَمُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ إذَا مَاتَ مُكْتَسِبُهُ عَنْهُ فَهَلْ يَحِلُّ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا، وَأَمَّا عَيْنُ الْحَرَامِ الْمَعْلُومِ مُسْتَحَقَّةٌ كَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ، وَوَارِثُهُ إنْ عَلِمَ كَهُوَ وَقَوْلُهُمْ الْحَرَامُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتَيْنِ لَيْسَ مَذْهَبَنَا. (وَ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ أَكْلُ (شَحْمِ يَهُودِيٍّ) مِنْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} [الأنعام: 146] . فَإِنْ عَزَلَهُ كُرِهَ لَنَا أَكْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا مَعَ ثُبُوتِ تَحْرِيمِهِ بِكِتَابِنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكًّى وَالْمُذَكَّى حَلَالٌ لَهُمْ فَقَدْ ذَبَحَ مُسْتَحِلَّهُ، لَكِنْ لِحُرْمَةِ شَحْمِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ لَنَا أَكْلُهُ وَهُوَ الشَّحْمُ الْخَالِصُ كَالثَّرَبِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثِ وَالرَّاءِ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ، وَالْأَمْعَاءَ وَالْقِطْنَةَ بِكَسْرِ الطَّاءِ كَمَعِدَةٍ الَّتِي مَعَ الْكَرِشِ وَهِيَ ذَاتُ الْأَطْبَاقِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ رُمَّانَةً لَا مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ أَوْ لَحْمٍ وَلَا الْحَوَايَا وَهِيَ الْأَمْعَاءُ وَالْمَبَاعِرُ بَنَاتُ اللِّينِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ هَكَذَا بِالْإِثْبَاتِ فِيمَا رَأَيْته مِنْ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ لَا تَتَبَعَّضُ بِالنَّفْيِ، وَلِمَا ذَكَرَ فِي الْبَيَانِ فِي شُحُومِ الْيَهُودِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْإِجَازَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْمَنْعَ وَأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى قَوْلَيْنِ: الْمَنْعُ وَالْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ قَبِيلِ الْإِجَازَةِ قَالَ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] ، هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ أَوْ مَا يَأْكُلُونَ فَمَنْ ذَهَبَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 416 وَذَبْحٍ لِصَلِيبٍ، أَوْ عِيسَى وَقَبُولِ مُتَصَدِّقٍ بِهِ لِذَلِكَ،   [منح الجليل] إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذَبَائِحُهُمْ أَجَازَ أَكْلَ شُحُومِهِمْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ وَمُحَالٌ أَنْ تَقَعَ الذَّكَاةُ عَلَى بَعْضِ الشَّاةِ مَثَلًا دُونَ بَعْضٍ. وَمَنْ قَالَ الْمُرَادُ مَا يَأْكُلُونَ لَمْ يُجِزْ أَكْلَ، شُحُومِهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَيْسَتْ مِمَّا يَأْكُلُونَ. قَوْلُهُ وَالْقَطِنَةُ بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ: وَبِالنُّونِ بَعْدَهَا كَمَا، فِي الْقَامُوسِ. قَوْلُهُ وَالْمَبَاعِرُ بَنَاتُ اللَّبْنِ. هَكَذَا فِي نُسَخِ تت وز مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ فَاللَّبْنُ بِسُكُونِ الْبَاءِ بِمَعْنَى الْأَكْلِ وَبَنَاتِ اللَّبْنِ الْإِمْعَاءُ الَّتِي يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْأَكْلُ، وَهِيَ الْمَبَاعِرُ جَمْعُ مَبْعَرٍ مَوْضِعِ الْبَعْرِ، وَهُوَ رَجِيعُ ذَاتِ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ، فَإِنْ ضَبَطْنَا بَنَاتِ اللَّبَنِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهِيَ الْأَمْعَاءُ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا اللَّبَنُ تَعَيَّنَ تَقْدِيرُ الْعَاطِفِ. (وَ) كُرِهَ (ذِبْحٌ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: مَذْبُوحٌ (لِصَلِيبٍ) أَيْ لِلتَّقَرُّبِ لَهُ (أَوْ) لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ إلَى (عِيسَى) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلِذَا كُرِهَ أَكْلُهَا بِخِلَافِ لَامِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الصَّنَمِ الْمُفِيدَةِ لِلِاخْتِصَاصِ، فَإِنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَلِذَا مُنِعَ أَكْلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الِاسْتِحْقَاقَ فَكَالذَّبْحِ لِصَنَمٍ فِي مَنْعِ الْأَكْلِ كَعَكْسِهِ، وَمِثْلُ مَا ذُبِحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى مَا ذَبَحُوهُ لِكَنَائِسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ وَمَنْ مَضَى مِنْ أَحْبَارِهِمْ وَلِجِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَمِيعِ قَصْدُهُمْ بِهِ تَعْظِيمَ شِرْكِهِمْ مَعَ قَصْدِ الذَّكَاةِ. ابْنُ سِرَاجٍ وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْمَحْمُومُ مِنْ طَعَامٍ وَيَضَعُهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَيُسَمِّيهِ ضِيَافَةَ الْجَانِّ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ لَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى كَمَا تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ. (وَ) كُرِهَ لَنَا (قَبُولُ مُتَصَدَّقٍ بِهِ) مِنْ الْكَافِرِ (لِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى وَكَذَا لِأَمْوَاتِهِمْ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ تَعْظِيمٌ لِشِرْكِهِمْ. تت وَكَذَا قَبُولُ مَا يُهْدُونَهُ فِي أَعْيَادِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ رُقَاقٍ وَبَيْضٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُ جُبْنَ الْمَجُوسِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَنَافِحِ الْمَيْتَةِ اهـ. أَيْ: فَإِنْ تَحَقَّقَ وَضْعَهُمْ أَنَافِحَهَا فِيهِ حَرُمَ قَطْعًا وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وَضْعِهَا فِيهِ أُبِيحَ قَطْعًا، وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ لِمُجَرَّدِ الْإِشَاعَةِ وَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 417 وَذَكَاةِ خُنْثَى، وَخَصِيٍّ، وَفَاسِقٍ.   [منح الجليل] صَنَائِعَ الْكُفَّارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ كَنَسْجِهِمْ كَمَا اخْتَارَهُ الْبِسَاطُ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ. وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ أَنَّ جُبْنَ الْمَجُوسِ حَرَامٌ لِعَدَمِ تَوَقِّيهِمْ النَّجَاسَةَ قَطْعًا وَجُبْنُ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ وَمِثْلُهُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُ الْبُنَانِيُّ أَنَافِحُ جَمْعُ إنْفَحَةٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَشَدِّ الْحَاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ الْفَاءُ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ الْجَدْيِ الرَّاضِعِ أَصْفَرُ فَيُعْصَرُ فِي صُوفِهِ فَيُغَلِّظُ اللَّبَنَ لِلْجُبْنِ، (وَ) كُرِهَ (ذَكَاةُ) أَيْ: ذَبْحُ أَوْ نَحْرُ شَخْصٍ (خُنْثَى) مُشْكِلٍ (وَخَصِيٍّ) وَأَوْلَى مَجْبُوبٍ (وَفَاسِقٍ) لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِضَعْفِ الْأَوَّلَيْنِ وَنَقْصِ دِينِ الثَّالِثِ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ لِنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْأَوَّلَيْنِ بِالضَّعَفَةِ فَنُقِضَ بِالْمَرْأَةِ وَالثَّالِثُ بِالْكَافِرِ قَالَهُ تت، قَدْ يُقَالُ الْمَرْأَةُ أَقْوَى مِنْ الْخَصِيِّ لِبَقَائِهَا عَلَى خِلْقَتِهَا، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ مُذَكَّاهَا الْأَغْلَفُ وَالْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْأَخْرَسُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ بِأَنَّ لِلْكَافِرِ دِينًا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ، بِخِلَافِ الْفَاسِقِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ جَوَازَ الْخِطْبَةِ عَلَى الْفَاسِقِ دُونَ الْكَافِرِ سَالِمٌ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ مُذَكَّى الْكَافِرِ لِنَفْسِهِ لَا يُكْرَهُ لَنَا أَكْلُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ كَوْنُهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَا تَذْكِيَتُهُ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلَّةً. وَشَمِلَ الْفَاسِقُ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَأَهْلَ الْبِدَعِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِمْ، وَلَا تُكْرَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ عَرَبِيٍّ أَوْ عَجَمِيٍّ أَجَابَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ سِتَّةٌ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُمْ وَسِتَّةٌ تُكْرَهُ وَسِتَّةٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ، فَالسِّتَّةُ الَّذِينَ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُمْ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونُ حَالَ جُنُونِهِ، وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزِّنْدِيقُ. وَالسِّتَّةُ الَّذِينَ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُمْ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْأَغْلَفُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِمْ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالسَّكْرَانُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَالْبِدْعِيُّ الْمُخْتَلَفُ فِي كُفْرِهِ، وَالْعَرَبِيُّ النَّصْرَانِيُّ، وَالنَّصْرَانِيُّ يَذْبَحُ لِلْمُسْلِمِ بِإِذْنِهِ وَالْأَعْجَمِيُّ يُجِيبُ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ اهـ. وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 418 وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ. . وَجَرْحُ مُسْلِمٍ   [منح الجليل] ذَكَاةُ مَجُوسِيٍّ وَمُغْمًى وَطَافِحٍ ... وَطِفْلٍ وَمُرْتَدٍّ وَمَنْ قَدْ تَزَنْدَقَا حَرَامٌ وَزَادَ أُنْثَى وَخُنْثَى وَأَغْلَفَا ... خَصِيًّا وَطِفْلًا عَاقِلًا وَفُوَيْسِقًا وَلَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَتَنَازَعُوا بِنَشْوَانَ ... أَوْ مَنْ كُفْرُهُ مَا تَحَقَّقَا وَفِي كَافِرٍ ذَكَّى بِإِذْنٍ لِمُسْلِمٍ ... وَفِي عَرَبِيٍّ بِالنَّصَارَى تَعَلَّقَا (وَفِي) صِحَّةِ كَرَاهَةِ أَوْ إبَاحَةِ (ذَبْحِ) وَنَحَرَ شَخْصٍ (كِتَابِيٍّ) يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ (لِ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ) مَا مَلَكَهُ الْمُسْلِمُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَالْبَاقِي لِلْكِتَابِيِّ، وَوَكَّلَهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ وَعَدَمِهَا مَعَ الْحُرْمَةِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، وَمَفْهُومُ لِمُسْلِمٍ أَنَّ ذَبْحَهُ لِكَافِرٍ لَيْسَ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ ذَبَحَ مَا لَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَاتَّفَقَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَحُرْمَتِهِ، إنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَإِبَاحَتِهِ، وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ اُعْتُبِرَ الذَّابِحُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ فِي اسْتِبَاحَةِ مَا ذَبَحَهُ لِمُسْلِمٍ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ وَالتَّوْضِيحُ، فَفِي جَوَازِ أَكْلِهَا وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ. وَابْنُ عَرَفَةَ وَفِي حِلِّ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ لِمُسْلِمٍ مَلَكَهُ بِإِذْنِهِ وَحُرْمَتِهَا ثَالِثُهَا تُكْرَهُ اهـ. (وَ) الذَّكَاةُ فِي الْعَقْرِ (جَرْحِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ إدْمَاءِ جِنْسٍ وَإِضَافَتُهُ لِشَخْصٍ (مُسْلِمٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَالِغٍ أَوْ صَبِيٍّ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ، فَصْلٌ مُخْرِجٌ جَرْحَ الْكَافِرِ وَلَوْ فِي إذْنٍ سَوَاءٌ شَقَّ الْجِلْدَ أَمْ لَا وَخَرَجَ عَنْهُ شَقُّ الْجِلْدِ بِالْآلَةِ بِدُونِ إدْمَاءٍ فِي وَحْشِيٍّ صَحِيحٍ فَلَا يَكْفِي، وَيَكْفِي فِي مَرِيضٍ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَالْمُرَادُ مُسْلِمٌ حَالَ الْإِرْسَالِ فَلَا يُؤْكَلُ بِجَرْحِ كَافِرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4] وَافْتَرَقَ صَيْدُ الْكِتَابِيِّ مِنْ ذَبْحِهِ وَنَحْرِهِ؛ لِأَنَّ فِي الصَّيْدِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ وَوُقُوفًا مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ لِتَخْصِيصِهَا بِالْآيَةِ الْأُخْرَى جَمْعًا بَيْنَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 419 مُمَيِّزٍ وَحْشِيًّا، وَإِنْ تَأَنَّسَ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِعُسْرٍ، لَا نَعَمٍ شَرَدَ، أَوْ تَرَدَّى بِكُوَّةٍ   [منح الجليل] الدَّلِيلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَالْمُرَادُ بِجُرْحِ الْكَافِرِ مَا مَاتَ بِجُرْحِهِ أَوْ نَفَذَ مَقْتَلُهُ بِهِ فَإِنْ خَرَجَ صَيْدًا وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ فَيُؤْكَلُ بِذَبْحِهِ كَمَا فِي تت، وَبِذَبْحِ مُسْلِمٍ أَوْلَى. الْبَدْرُ وَتَوَهَّمَ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ عَدَمَ أَكْلِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَاسِدٌ. قَالَ بَعْضٌ: وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ صَيْدِ مَنْ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ (مُمَيِّزٍ) لَا صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَادَّعَى الصَّيْدَ حَالَ الْإِفَاقَةِ وَمَفْعُولُ جَرْحِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ حَيَوَانًا (وَحْشِيًّا) إنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (تَأَنَّسَ) ثُمَّ تَوَحَّشَ وَ (عَجَزَ عَنْهُ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فِي حَالٍ (إلَّا بِعُسْرٍ) أَيْ: مَعَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا يُؤْكَلُ بِعَقْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَفِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَفِرَّ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ. ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ أَسِيرًا كَالشَّاةِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ إلَّا بِذَبْحٍ، وَيَضْمَنُ الرَّامِي الثَّانِي الَّذِي قَتَلَهُ لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا (لَا) جُرْحَ (نَعَمٍ) أَيْ: حَيَوَانٍ إنْسِيٍّ وَلَوْ غَيْرَ نَعَمٍ كَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَحَمَامِ بَيْتٍ (شَرَدَ) وَتَوَحَّشَ فَلَا يُؤْكَلُ بِعَقْرِهِ مُنْظَرًا لِأَصْلِهِ كَمَا نُظِرَ لِأَصْلِ الْوَحْشِيِّ الَّذِي تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِعُسْرٍ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ الْأَصْلِيَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ فَالْوَحْشِيُّ دَائِمًا وَالْمُتَأَنِّسُ مِنْهُ تَوَحَّشَ يُؤْكَلَانِ بِالْجَرْحِ، وَالْمُتَأَنَّسُ مِنْهُ الْمُسْتَمِرُّ عَلَى تَأَنُّسِهِ كَالنَّعَامَةِ فِي الْقَرْيَةِ لَا يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ. النَّوْعُ الثَّانِي الْإِنْسِيُّ دَائِمًا وَالْمُتَوَحِّشُ مِنْهُ ثُمَّ تَأَنَّسَ وَالْمُتَوَحِّشُ مِنْهُ الْمُسْتَمِرُّ عَلَى وَحْشِيَّتِهِ لَا يُؤْكَلُ وَاحِدٌ مِنْهَا بِالْجَرْحِ. (أَوْ) حَيَوَانٍ نَعَمٍ أَوْ وَحْشٍ (تَرَدَّى) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ: سَقَطَ (بِكُوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا مُثَقَّلًا أَيْ طَاقَةٍ فِي نَحْوِ حَائِطٍ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ التَّرَدِّي السُّقُوطُ مِنْ عَالٍ إلَى سَافِلٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَوْ تَرَدَّى بِكَهُوَّةٍ أَيْ: فِي هُوَّةٍ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ وَالْهُوَّةُ بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْهُوَّةُ الْوَهْدَةُ الْعَمِيقَةُ وَجَمْعُهَا هُوًى بِالضَّمِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 420 بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ،   [منح الجليل] قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَكُودِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ: وَأَنْتِ يَا نَفْسُ شُغِلْت بِالْهَوَى ... حَتَّى وَقَعْت فِي قُعُورٍ لِلْهُوَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَحُفْرَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغُ مَا اضْطَرَّهُ الْجَارِحُ لِحُفْرَةٍ لَا خُرُوجَ لَهُ مِنْهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَكَنَعَمٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ فِي مُهْوَاةٍ جَازَ فِيهِ مَا أَمْكَنَ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِطَعْنِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِمَا. وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا شَرَدَ الْإِنْسِيُّ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَقَرَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْبَقَرَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ، قَالَ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْوَحْشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَأُلْزِمَ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ ابْنَ حَبِيبٍ أَنْ يَقُولَ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إذَا شَرَدَتْ أَنْ تُؤْكَلَ بِالْعَقْرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا إذَا وَقَعَتْ فِي مُهْوَاةٍ أَنَّهَا تُطْعَنُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَيَكُونُ ذَلِكَ ذَكَاةً لَهَا، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْعَجْزُ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الذَّكَاةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ، وَفَرَّقَ صَاحِبُ الْمُعَلِّمِ وَابْنُ بَشِيرٍ بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي مُهْوَاةٍ يَتَحَقَّقُ تَلَفُهُ لَوْ تُرِكَ فَلَعَلَّ ابْنَ حَبِيبٍ أَبَاحَ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْمَالِ اهـ فَابْنُ حَبِيبٍ فَصَّلَ فِي النَّعَمِ الشَّارِدِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُتَرَدِّي. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجَرْحِ (بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ: شَيْءٌ لَهُ حَدٌّ وَلَوْ كَحَجَرٍ حَادٍّ أَوْ لَهُ حَدٌّ وَعَرْضٌ وَعُلِمَ إصَابَتُهُ الصَّيْدَ بِحَدِّهِ لَا بِعَرْضِهِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ بِهِ هُنَا خُصُوصَ الْحَدِيدِ لِنَدْبِهِ كَمَا يَأْتِي، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الْمُحَدَّدِ كَالْعِصِيِّ وَالْبُنْدُقِ وَالشَّرَكِ وَالشَّبَّةِ إذَا قَتَلَ الْحَيَوَانَ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، فَإِنْ عَطَّلَهُ وَلَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ بِتَسْمِيَةٍ وَنِيَّةٍ الْقَرَافِيِّ وَالْحَطّ ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا حُرْمَةُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ وَكُلِّ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ كَاصْطِيَادِ مَأْكُولٍ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ وَيُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِهِ بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ لِأَنْوَاعِ الذَّكَاةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ كَالْعِصِيِّ وَالْبُنْدُقِ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرَحُ وَإِنَّمَا يَرُضُّ وَيَكْسِرُ وَالْمُرَادُ الْبُنْدُقُ الْمُسْتَعْمَلُ مِنْ الطِّينِ الْمُحَرَّقِ كَمَا فِي الْمَشَارِقِ زَادَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَبِغَيْرِ طَبْخٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَأَمَّا الصَّيْدُ بِالْبُنْدُقِ وَمِنْ الرَّصَاصِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 421 وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ   [منح الجليل] مِنْ الْفَاسِيِّينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ وَاسْتَخْرَجَهُ حَكِيمٌ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْكِيمْيَاءَ فَفَرْقَعَ لَهُ فَأَعَادَهُ فَأَعْجَبَهُ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْبَارُودَ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وَأَفْتَى فِيهِ بِجَوَازِ الْأَكْلِ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ هَارُونَ وَالْمَنْجُورُ وَالْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الشُّيُوخِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ لِإِنْهَارِهِ وَإِجْهَازِهِ بِسُرْعَةٍ اللَّذَيْنِ شُرِعَتْ الذَّكَاةُ مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ بَلْ الْإِنْهَارُ بِهِ أَبْلَغُ وَأَسْهَلُ مِنْ كُلِّ آلَةٍ يَقَعُ الْجُرْحُ بِهَا. وَكَوْنُ الْجُرْحِ الْمُرَادُ بِهِ الشَّقُّ كَمَا قِيلَ وَصَفَهُ طَرْدِيٌّ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهِ إذْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْجَرْحِ سَوَاءٌ كَانَ شَقًّا أَوْ خَرْقًا كَمَا فِي مُحَدَّدِ الْمِعْرَاضِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْبُنْدُقَةِ الطِّينِيَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُجُودِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ وُجُودُ الْخَرْقِ وَالنُّفُوذِ فِي الرَّصَاصِ تَحْقِيقًا وَعَدَمُ ذَلِكَ فِي الْبُنْدُقَةِ الطِّينِيَّةِ، وَإِنَّمَا شَأْنُهَا الرَّضُّ وَالدَّمْغُ وَالْكَسْرُ وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَقْذِ الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ اهـ، مُخْتَصَرًا مِنْ خَطِّ عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ فِي جَوَابٍ لَهُ طَوِيلٍ. (أَوْ) بِ (حَيَوَانٍ عُلِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَلَوْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنَسْرٍ وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ وَبَازٍ وَسِنَّوْرٍ وَابْن عِرْسٍ وَذِئْبٍ، وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ بِالْفِعْلِ الْغَدْرُ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يَمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ، قَالَ فِيهَا وَالْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ، أَيْ: إلَّا الْبَازَ فَإِنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ، وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ (بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ) مَعَ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ تَعَبُّدًا فَلَوْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ صَيْدًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ انْبَعَثَ قَبْلَ رُؤْيَةِ رَبِّهِ الصَّيْدَ وَلَوْ أَشْلَاهُ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهُ وَهُوَ بِقُرْبِهِ، أَوْ رَآهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ، أَوْ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ لَا يُؤْكَلُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا إلَّا بِزَكَاةٍ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِأَمْرِهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَتُهَا، وَمِثْلُهَا إرْسَالُهُ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ إلَّا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَالْمِلْكَ وَيَدُ خَادِمِهِ كَيَدِهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي رَجَعَ لَهُ، وَقَالَ قَبْلَهُ يُؤْكَلُ إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُمَا فِيهَا وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ مَا أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ لِقُوَّتِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 422 بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ. . وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ، أَوْ أَكَلَ، أَوْ لَمْ يُرَ بِغَارٍ، أَوْ غَيْضَةٍ، أَوْ لَمْ يَظُنُّ نَوْعَهُ مِنْ الْمُبَاحِ، أَوْ ظَهَرَ خِلَافُهُ لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا،   [منح الجليل] بِ) شَرْطِ (لَا) أَيْ: عَدَمِ (ظُهُورِ تَرْكٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَيْ: يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ مَصِيدِهِ إذَا قَتَلَهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ انْبِعَاثُهُ إلَيْهِ مِنْ حِينِ إرْسَالِهِ إلَيْهِ إلَى حِينِ أَخْذِهِ، وَأَمَّا السَّهْمُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي رَمْيِ حَصَى الْجِمَارِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إصَابَتُهَا غَيْرَهَا إنْ ذَهَبَتْ إلَيْهَا بِقُوَّةِ الرَّمْيِ وَلَيْسَ اشْتِغَالُهُ بِإِفْرَادِ. مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِ تَرْكًا فَيُؤْكَلُ مَا صَادَهُ مِمَّا أَرْسَلَ عَلَيْهِ. (وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ) وَنَوَى الصَّائِدُ الْجَمِيعَ فَلَوْ صَادَ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ الصَّائِدُ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْغَارِ وَالْغَيْضَةِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ. وَأَشَارَ بِوَ لَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، قَالَ عج: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا يَأْكُلْ شَيْئًا. وَقَالَ جَدُّ عج: يَأْكُلُ الْجَمِيعَ فِي هَذَا أَيْضًا وَأَدْخَلَهَا فِي تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ، فَلَوْ نَوَى وَاحِدًا مُعَيَّنًا فَلَا يَأْكُلْ غَيْرَهُ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَيَأْكُلُ الْأَوَّلَ فَقَطْ لِصُوَرٍ أَرْبَعٍ، فَإِنْ شَكَّ فِي الْأَوَّلِ فَلَا يَأْكُلْ شَيْئًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (أَوْ أَكَلَ) الْجَارِحُ بَعْضَ الصَّيْدِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ (أَوْ لَمْ يُرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ: لَمْ يُعْلَمْ الْمَصِيدُ حَالَ كَوْنِهِ (بِغَارٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ: بَيْتٍ فِي الْجَبَلِ (أَوْ غَيْضَةٍ) بِإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَالضَّادِ أَيْ: شَجَرٍ مُلْتَفٌّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيُسَمَّى أَجَمَةً أَيْضًا وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَلَمْ يُبْصِرْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَذٌ آخَرُ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ أَخْذِهِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ. (أَوْ لَمْ يَظُنَّ) الْمُرْسِلُ (نَوْعَهُ) أَيْ: الْمَصِيدِ أَظَبْيٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ (مِنْ الْمُبَاحِ) فَهُوَ صِلَةُ مَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ يَظُنُّ وَيَحْتَمِلُ مِنْ مَفْعُولِهِ (أَوْ) أَرْسَلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ ظَنَّهُ ظَبْيًا ثُمَّ (ظَهَرَ خِلَافُهُ) وَأَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ مُبَاحٌ فَيُؤْكَلُ (لَا) يُؤْكَلُ (إنْ ظَنَّهُ) أَيْ: الْمُرْسِلُ الْوَحْشِيَّ حَالَ إرْسَالِهِ أَوْ رَمْيِهِ عَلَيْهِ (حَرَامًا) كَخِنْزِيرٍ، فَإِذَا هُوَ حَلَالٌ مَيِّتٌ أَوْ مَنْفُوذُ الْمَقْتَلِ وَأَوْلَى إنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ وَكَذَا إنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَ لِعَدَمِ النِّيَّةِ أَوْ جَزْمِهَا أَحْمَدُ لَوْ قَالَ لَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إبَاحَتَهُ لَشَمِلَ مُتَيَقِّنَ الْحُرْمَةِ وَظَانَّهَا وَشَاكَّهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 423 أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةِ غَيْرٍ كَمَاءٍ،   [منح الجليل] وَمُتَوَهِّمَهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الظَّنَّ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ أَنَاطُوا الْإِبَاحَةَ بِتَحَقُّقِهَا وَالْحُرْمَةَ بِعَدَمِهِ فَإِنْ أَدْرَكَ مَا ظَنَّهُ حَرَامًا حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَذَكَّاهُ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُبَاحٌ فَيُؤْكَلُ، فَإِنْ اعْتَقَدَ حُرْمَتَهُ وَأَنَّهَا تَعْمَلُ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَتْ إبَاحَتُهُ فَلَا يُؤْكَلُ وَالْمَكْرُوهُ إنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ نَوَى تَذْكِيَتَهُ فَيُؤْكَلُ، وَإِنْ نَوَى تَذْكِيَتَهُ لِجِلْدِهِ فَقَطْ فَيُؤْكَلُ لَحْمُهُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَلَا يُؤْكَلُ عَلَى أَنَّهَا تَتَبَعَّضُ، وَإِنْ نَوَاهَا لِلَحْمِهِ طَهُرَ جِلْدُهُ عَلَيْهِمَا لِتَبَعِيَّتِهِ لِلَّحْمِ. (أَوْ أَخَذَ) الْجَارِحُ أَوْ أَصَابَ السَّهْمُ حَيَوَانًا وَحْشِيًّا (غَيْرَ مُرْسَلٍ) بِفَتْحِ السِّينِ أَوْ مَرْمِيٍّ (عَلَيْهِ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا إلَّا أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَيَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَأْتِي بِهِ مَعَهُ مِمَّا لَمْ يَرَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَيُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُعَيَّنِ الَّذِي نَوَاهُ فَلَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ أَوْ قَصَدَ مَا وَجَدَ، فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِحُ مَا لَمْ يُرْسَلْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْ فَلَا يُؤْكَلُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَقْصِدَ مَا يَجِدُهُ وَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَلَا يُؤْكَلُ. الثَّالِثَةُ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَمَا مَعَهُ إنْ كَانَ فَيُؤْكَلُ، وَظَاهِرُهَا وَلَوْ أَتَى بِمَا مَعَهُ دُونَ مَا عَيَّنَهُ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ وَهَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ؛ لِأَنَّهُ نِيَّةُ الْجَمِيعِ مَعَ رُؤْيَتِهِ. (أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ) الْمُذَكَّى صَائِدًا أَوْ ذَابِحًا أَوْ نَاحِرًا السَّبَبُ (الْمُبِيحُ) لِأَكْلِ مُذَكَّاهُ (فِي) أَيْ: بِسَبَبِ (شَرِكَةِ) سَبَبٍ (غَيْرِ) أَيْ: لِلْمُبِيحِ فِي قَتْلِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْفَاذُ مَقْتَلِهِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُذْكَرُ أَوْ غَيْرُهَا فَلَا يُؤْكَلُ مُذَكَّاهُ لَدَوْرَانِ أَمْرِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالْقَاعِدَةُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْحُرْمَةِ (كَ) إجْمَاعِ ذَكَاةٍ مَعَ غَمْرِ مَاءٍ فِي صَيْدٍ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي مَاءٍ وَرَفَعَتْ رَأْسَهَا مِنْهُ وَذُبِحَتْ أَوْ نُحِرَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْمَاءِ أُكِلَتْ قَالَهُ تت وَالشَّارِحُ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ذُبِحَتْ أَوْ نُحِرَتْ وَرَأْسُهَا فِي الْمَاءِ أُكِلَتْ لِحُصُولِ ذَبْحِهَا أَوْ نَحْرِهَا مَعَ تَحَقُّقِ حَيَاتِهَا لَكِنْ يُكْرَهُ هَذِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تَعِيشُ، فِي الْمَاءِ أَمْ لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 424 أَوْ ضُرِبَ بِمَسْمُومٍ، أَوْ كَلْبِ مَجُوسِيٍّ، أَوْ بِنَهْشِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ،   [منح الجليل] أَوْ) شَرِكَةٍ ثُمَّ أَسْهَمَ بِسَبَبِ (ضَرْبٍ بِ) سَهْمٍ (مَسْمُومٍ) وَلَمْ يُنْفِذْ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ وَلَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ بَعْدَ إصَابَتِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ السَّهْمِ فَإِنْ أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ أُكِلَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ مَخَافَةَ أَذَى السُّمِّ، وَإِنْ أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ وَلَمْ يُنْفِذْ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ أُكِلَ؛ لِأَنَّهُ ذُكِّيَ وَحَيَاتُهُ مُحَقَّقَةٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. الْحَطّ وَانْظُرْ ذَبْحَ الدِّيَكَةِ عِنْدَ خَنْقِهَا بِالْعَجِينِ أَيْ: بَلْعِهَا الْعَجِينَ هَلْ هُوَ مِنْ هَذَا اهـ عب حَيْثُ تَحَقَّقَ أَنَّ الْعَجِينَ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ لِقَوْلِهِ وَأُكِلَ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ. (أَوْ) شَرِكَةِ (كَلْبِ مَجُوسِيٍّ) أَيْ: أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ مُسْلِمٍ كَلْبًا أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ مَجُوسِيٍّ فِي قَتْلٍ أَوْ إنْفَاذِ مَقْتَلِ صَيْدٍ فَلَا يُؤْكَلُ وَمِثْلُ الْمَجُوسِيِّ الْكِتَابِيُّ فَالْمُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ الْأَكْلِ مُشَارَكَةُ مَا أَرْسَلَهُ كَافِرٌ سَوَاءٌ كَانَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِلْكًا لَهُ أَوْ لِمُسْلِمٍ مَجُوسِيًّا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَلْبَ مَجُوسِيٍّ اشْتِرَاكَهُ مَعَ كَلْبِ مُسْلِمٍ فِي قَتْلٍ أَوْ إنْفَاذِ مَقْتَلِ الصَّيْدِ وَإِمْسَاكَهُ أَحَدَهُمَا وَقَتْلَهُ الْآخَرَ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ كَلْبَ الْمُسْلِمِ، وَمِثْلُ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ كَلْبُ مُسْلِمٍ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ غَيْرُ مُرْسَلٍ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ وَإِنْ أُرْسِلَ أَوْ رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا وَاحِدًا كَانَ مَمْسُوكًا لَهُمَا وَنَوَى الْمُسْلِمُ وَسَمَّى وَقَتَلَ الصَّيْدَ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ لِشَرِكَةِ الْمَجُوسِيِّ فِي الِاصْطِيَادِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَا سَهْمَاهُمَا إلَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّ سَهْمَ الْمُسْلِمِ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ دُونَ سَهْمِ الْكَافِرِ بِأَنْ يُوجَدَ سَهْمُ الْمُسْلِمِ فِي مَقْتَلِهِ وَسَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَخَذَاهُ حَيًّا قُضِيَ لِلْمُسْلِمِ بِذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ وَأَخْذِ نِصْفِهِ، فَإِنْ قَالَ الْمَجُوسِيُّ: هُوَ لَا يَأْكُلُ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ أَوْ مَنْحُورَهُ بِيعَ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهِ مُكِّنَ الْمُسْلِمُ مِنْ. ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ إنْ شَاءَ لِخَبَرِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» . (أَوْ) لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ وَهُوَ الذَّكَاةُ (بِ) سَبَبِ (نَهْشِهِ) أَيْ: الْجَارِحِ (مَا) أَيْ: صَيْدًا حَالَ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ (قَدْرَ) الصَّائِدِ (عَلَى خَلَاصِهِ) أَيْ الصَّيْدِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْجَارِحِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 425 أَوْ أَغْرَى فِي الْوَسَطِ أَوْ تَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ، إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ، أَوْ حَمَلَ الْآلَةَ مَعَ غَيْرٍ أَوْ بِخُرْجٍ، أَوْ بَاتَ   [منح الجليل] وَتَرَكَ الْجَارِحَ يَنْهَشُهُ وَهُوَ يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ وَهُوَ مُحَقَّقُ الْحَيَاةِ غَيْرُ مَنْفُوذِ الْمَقْتَلِ فَلَا يُؤْكَلُ فِيهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهَا فَذَكَّاهُ وَهُوَ فِي أَفْوَاهِهَا تَنْهَشُهُ فَلَا يُؤْكَلُ، إذْ لَعَلَّهُ مِنْ نَهْشِهَا مَاتَ إلَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّهُ ذَكَّاهُ وَهُوَ مُجْتَمِعُ الْحَيَاةِ قَبْلَ أَنْ تُنْفِذَ هِيَ مَقَاتِلَهُ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ. (أَوْ أَغْرَى) أَيْ: حَضَّ وَقَوَّى الصَّائِدُ الْجَارِحَ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ لِلصَّيْدِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ (فِي الْوَسَطِ) أَيْ: أَثْنَاءِ ذَهَابِهِ لِلصَّيْدِ وَلَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ عُطِفَ عَلَى ظَنَّهُ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِكَةِ (أَوْ تَرَاخِي) الصَّائِدِ (فِي اتِّبَاعِهِ) أَيْ الْجَارِحِ أَوْ السَّهْمِ بَعْدَ إرْسَالِهِ أَوْ رَمْيِهِ ثُمَّ وُجِدَ الصَّيْدُ مَيِّتًا فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ جَدَّ لَأَدْرَكَهُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ بِسُرْعَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) الصَّائِدُ حِينَ الْإِرْسَالِ أَوْ الرَّمْيِ (أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ) أَيْ الصَّائِدُ الصَّيْدَ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَلَوْ جَدَّ فِي اتِّبَاعِهِ فَيُؤْكَلُ، وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ لُحُوقُهُ وَتَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ تَبِعَهُ لَا يَلْحَقُهُ فَالْعِبْرَةُ فِي الْأَكْلِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ لَحَاقِهِ. (أَوْ حَمَلَ) الصَّائِدُ (الْآلَةَ) لِلذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ (مَعَ) شَخْصٍ (غَيْرِ) وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ إلَى الصَّيْدِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِهِ بِنَفْسِهِ وَسَبَقَ الصَّائِدَ إلَى الصَّيْدِ، وَوَجَدَهُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْآلَةُ مَعَهُ لَذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ بِهَا وَمَاتَ الصَّيْدُ حَتْفَ أَنْفِهِ قَبْلَ إتْيَانِ مَنْ مَعَهُ الْآلَةُ فَلَا يُؤْكَلُ. (أَوْ) وَضَعَهَا (بِخُرْجٍ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَدْعِي طُولًا فِي إخْرَاجِهَا مِنْهُ وَمَاتَ الصَّيْدُ وَلَوْ كَانَتْ الْآلَةُ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ لَأَدْرَكَ ذَكَاتَهُ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ لِسُرْعَةِ مَوْتِهِ فَيُؤْكَلُ فِيهِمَا (أَوْ بَاتَ) الصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ مَيِّتًا هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ لَيْلَةً أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ وَجَدَ السَّهْمَ فِي مَقْتَلِهِ وَقَدْ أَنْفَذَهُ وَلَوْ جَدَّ فِي اتِّبَاعِهِ إلَّا أَنْ يُعَايِنَ إنْفَاذَ السَّهْمِ مَقْتَلَهُ قَبْلَ خَفَائِهِ عَلَيْهِ فَيُؤْكَلُ اهـ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 426 أَوْ صَدَمَ، أَوْ عَضَّ بِلَا جَرْحٍ أَوْ قَصَدَ مَا وَجَدَ، أَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ أَوَّلَ، وَقَتَلَ،   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ عَلَّلُوا عَدَمَ أَكْلِهِ بِاحْتِمَالِ كَوْنِ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ السَّهْمِ أَوْ الْجَارِحِ فَالْأَحْسَنُ تَقْدِيمُهُ وَجَعْلُهُ مِنْ أَفْرَادٍ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدَ السَّهْمَ فِي مَقْتَلِهِ إلَخْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُهَا عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَإِنْ بَاتَ فَلَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ جَارِحُهُ أَوْ سَهْمُهُ وَهُوَ فِيهِ اهـ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَمَّا السَّهْمُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَإِنْ بَاتَ قَالَ أَصْبَغُ. قَالَ وَقَدْ أَمِنَ عَلَيْهِ مِمَّا يَخَافُ الْفُقَهَاءُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ مِنْ غَيْرِ السَّهْمِ وَلَمْ نَجِدْ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، هَذَا عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذِكْرًا وَلَا رَوَاهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ تَشُكَّ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَهَّمَ فِيهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِنَا فَالْأَوْلَى الْإِشَارَةُ لِهَذَا الْقَوْلِ لِقُوَّتِهِ. (أَوْ صَدَمَ) أَيْ: لَطَمَ الْجَارِحُ الصَّيْدَ بِلَا جُرْحٍ فَلَا يُؤْكَلُ (أَوْ عَضَّ) الْجَارِحُ الصَّيْدَ (بِلَا جُرْحٍ) أَيْ: إدْمَاءٍ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ كَدَمَهُ أَوْ نَيَّبَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مَرِيضًا وَشَقَّ جِلْدَهُ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ دَمٌ فَيَكْفِي وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ مَرِيضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَالْأَوْلَى بِلَا جُرْحِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جُرْحُ الْمَصِيدِ بِهِ وَلَا جُرْحُ الصَّيْدِ مِنْ جَرْيِهِ مَثَلًا. وَالْكَدْمُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْعَضُّ بِسُهُولَةٍ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ. (أَوْ) أَرْسَلَ الصَّائِدُ الْجَارِحَ عَلَى غَيْرِ مَرْأًى وَلَا بِمَكَانٍ مَحْصُورٍ وَ (قَصَدَ) الصَّائِدُ (مَا) أَيْ: الصَّيْدَ الَّذِي (وَجَدَهُ) الْجَارِحُ فَلَا يُؤْكَلُ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ (أَوْ) أَرْسَلَ جَارِحًا أَوَّلَ فَمَسَكَ الصَّيْدَ ثُمَّ (أَرْسَلَ) جَارِحًا (ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ أَوَّلَ، وَقَتَلَ) الثَّانِي الصَّيْدَ وَحْدَهُ أَوْ قَتَلَاهُ جَمِيعًا فَلَا يُؤْكَلُ لِصَيْرُورَةِ الصَّيْدِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِلَا عُسْرٍ بِمَسْكِهِ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلَ وَقَتَلَهُ الثَّانِي، أَوْ الْأَوَّلُ أَوْ قَتَلَاهُ جَمِيعًا يُؤْكَلُ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ. وَيَنْدَرِجُ فِي هَذَا مَا لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلَ فَمَسْكُهُ الْأَوَّلُ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي ثُمَّ قَتَلَهُ الثَّانِي فَيُؤْكَلُ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ عَنْ الْجَوَاهِرِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الْإِرْسَالِ وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَالَهُ عج، وَمَفْهُومُ مَسْكٍ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا بَعْدَ قَتْلِ أَوَّلَ يُؤْكَلُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 427 أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يُرَ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرِبَ، وَغَيْرَهُ: فَتَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] أَوْ اضْطَرَبَ) الْجَارِحُ عَلَى صَيْدٍ رَآهُ (فَأَرْسَلَ) الصَّائِدُ الْجَارِحَ عَلَى مَا اضْطَرَبَ هُوَ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَرَ) الصَّائِدُ الصَّيْدَ الَّذِي اضْطَرَبَ الْجَارِحُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا كَغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ الْجَارِحُ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ صَيْدًا أَوْ يَضْطَرِبُ عَلَى صَيْدٍ، وَيَأْخُذُ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِ لَهُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الصَّائِدُ (الْمُضْطَرَبَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ: عَلَيْهِ فَحَذَفَ الْجَارَ، وَأَوْصَلَ الْمَفْعُولَ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ عَلَى مَا فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ حَذْفُ نَائِبِ الْفَاعِلِ الْعُمْدَةِ (وَغَيْرَهُ) أَيْ: الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ (فَ) فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) أَحَدُهُمَا يُؤْكَلُ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ إلَّا فِي غَارٍ وَغَيْضَةٍ بِأَنْ يُقَالَ وَإِلَّا فِيمَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ الْحَيَوَانُ الْمُعَلَّمُ وَنَوَى الصَّائِدُ الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ فَيُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقِّقِ. وَالثَّانِي لَا يُؤْكَلُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ لَيْسَ كَالْمُحَقَّقِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا أُحِبُّ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَلَامُ الْعُتْبِيَّةِ هَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ حَمَلَهُ عَلَى نِيَّةِ الْمُضْطَرَبِ عَلَيْهِ فَقَطْ، قَالَ: فَإِنْ نَوَاهُ وَغَيْرَهُ أَكَلَ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ نَوَى جَمَاعَةً وَمَا وَرَاءَهَا مِمَّا لَمْ يَرَهُ أَكَلَ الْجَمِيعَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ لَيْسَا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا هُمَا عَلَى قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَكُونُ خِلَافًا لَهَا أَوْ مُقَيَّدٌ، فَيَكُونُ وِفَاقًا وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ لَيْسَ لِلتَّأْوِيلَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْخِلَافِ الَّذِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ أَوَّلًا إذَا اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ: جَوَازُ الْأَكْلِ وَعَدَمُهُ وَهُمَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَالثَّانِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ رَأَى الْجَارِحَ يَضْطَرِبُ وَلَمْ يَرَ الصَّائِدُ شَيْئًا فَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 428 وَوَجَبَ نِيَّتُهَا، وَتَسْمِيَةٌ إنْ ذَكَرَ.   [منح الجليل] مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَرَّةً وَكَرِهَهُ أُخْرَى، وَقَالَ: لَعَلَّهُ غَيْرُ الَّذِي اضْطَرَبَ عَلَيْهِ الْجَارِحُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ وَقَدْ بَنَى مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ جَائِزَةٌ أَوْ غَيْرُ جَائِزَةٍ عَلَى أَصْلٍ ثَانٍ هَلْ يُحْكَمُ بِالْغَالِبِ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ إذْ الْغَالِبُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُبَاحُ إلَّا مَعَ الْيَقِينِ اهـ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَيْنِ وَالتَّأْوِيلَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِلرَّمَاصِيِّ. (وَوَجَبَ) شَرْطًا فِي صِحَّةِ الذَّكَاةِ بِأَقْسَامِهَا الْأَرْبَعَةِ (نِيَّتُهَا) أَيْ: الذَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا سَبَبًا لِحِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وُجُوبًا مُطْلَقًا فَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا تَهَاوُنًا أَمْ لَا أَوْ جَهْلًا بِالْحُكْمِ أَوْ نِسْيَانًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ رَمَى سَهْمًا أَوْ أَرْسَلَ جَارِحًا غَيْرَ قَاصِدٍ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا أَوْ ضَرَبَ حَيَوَانًا إنْسِيًّا بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ فَذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ فَلَا يُؤْكَلُ. (وَ) وَجَبَ شَرْطًا فِيهَا (تَسْمِيَةٌ) لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَيِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى عِنْدَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَالْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ وَفِعْلِ مَا يَمُوتُ بِهِ نَحْوُ الْجَرَادِ لَا خُصُوصُ بِسْمِ اللَّهِ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَطْ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَجْزَأَ وَلَكِنْ مَا مَضَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَحْسَنُ وَهُوَ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. اهـ. وَلَا يَزِيدُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَلَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتُكْرَهُ. الْبَاجِيَّ لَوْ سَمَّى عِنْدَ الرَّمْيِ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ سَمَّى لِذَكَاتِهِ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ لَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الذَّكَاةِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] مَعْنَاهُ لَا تَأْكُلُوا الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ يُقْصَدْ إلَى ذَكَاتِهَا؛ لِأَنَّهَا فِسْقٌ، وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 118] كُلُوا مِمَّا قَصَدْتُمْ إلَى ذَكَاتِهِ فَكَنَّى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ التَّذْكِيَةِ بِالتَّسْمِيَةِ كَمَا كَنَّى عَنْ رَمْيِ الْجِمَارِ بِذِكْرِهِ تَعَالَى حَيْثُ يَقُولُ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] . وَمَحِلُّ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ (إنْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ التَّسْمِيَةَ وَقَدَرَ عَلَيْهَا فَلَا تَجِبُ عَلَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 429 وَنَحْرُ إبِلٍ، وَذَبْحُ غَيْرِهِ، إنْ قَدَرَ، وَجَازَ لِلضَّرُورَةِ، إلَّا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ الذَّبْحُ.   [منح الجليل] نَاسٍ وَلَا مَكْرُوهٍ عَلَى تَرْكِهَا وَلَا أَخْرَسَ أَوْ عَاجِزٍ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي التَّسْمِيَةِ فَقَطْ. فَلَوْ قَالَ كَتَسْمِيَةٍ إنْ ذَكَرَ يَجْرِي عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِهِمَا إذَا كَانَ الْمُذَكِّي مُسْلِمًا وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ. وَقَالَ بَعْضٌ النِّيَّةُ قِسْمَانِ نِيَّةُ قُرْبَةٍ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ، وَنِيَّةُ فِعْلٍ وَتَمْيِيزٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِسْلَامُ وَمَعْنَاهَا أَنْ يَنْوِيَ بِالْقَطْعِ أَوْ الطَّعْنِ أَوْ الْإِرْسَالِ التَّذْكِيَةَ لَا الْقَتْلَ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الشَّرْطُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَوَجَبَ نِيَّتُهَا أَيْ: مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ أَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّسْمِيَةِ فَصَحِيحٌ لِقَوْلِ الزَّوَاوِيِّ لَا تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْكِتَابِيِّ بِإِجْمَاعٍ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ خِلَافًا وَنَسَبَ الْكَرَاهَةَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، أَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي، النِّيَّةِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْكِتَابِيِّ أَيْضًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ وَهِيَ مُتَأَتِّيَةٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ نِيَّةُ الْفِعْلِ لَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ وَقَدْ رَجَعَ ز آخِرًا إلَى هَذَا. (وَ) وَجَبَ شَرْطًا (نَحْرُ إبِلٍ) وَقِيلَ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُمْكِنُ لِالْتِصَاقِ رَأْسِهِ بِبَدَنِهِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَزَرَافَةُ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ (وَ) وَجَبَ شَرْطًا (ذَبْحُ غَيْرِهَا) أَيْ الْإِبِلِ مِنْ غَنَمٍ وَطَيْرٍ وَلَوْ نَعَامَةً؛ لِأَنَّهَا لَا لَبَّةَ لَهَا، وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَحْرِ الْإِبِلِ وَذَبْحِ غَيْرِهَا (إنْ قَدَرَ) الْمُذَكِّي عَلَى نَحْرِ الْإِبِلِ وَذَبْحِ غَيْرِهَا فَلَوْ ذَبَحَ الْإِبِلَ أَوْ نَحَرَ الْغَنَمَ اخْتِيَارًا وَلَوْ سَاهِيًا لَا تُؤْكَلُ (وَجَازَا) أَيْ: الذَّبْحُ فِيمَا يُنْحَرُ وَالنَّحْرُ فِيمَا يُذْبَحُ (لِلضَّرُورَةِ) كَوُقُوعٍ فِي مُهْوَاةٍ وَعَدَمِ آلَةِ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ جَهْلِ صِفَةٍ لَا نِسْيَانِهَا أَوْ جَهْلِ حُكْمِهِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَهْلِ الصِّفَةِ وَنِسْيَانِهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ هُوَ عَكْسُ الْأَمْرَيْنِ نِسْيَانًا أَيْ: مَعَ عِلْمِهِ الصِّفَةَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ نَصَّ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ بِالْعَكْسِ نَاسِيًا لَا يُعْذَرُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَقِيلَ: إنَّ عَدَمَ مَا يُنْحَرُ بِهِ ضَرُورَةٌ تُبِيحُ ذَبْحَهُ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْجَهْلَ بِذَلِكَ ضَرُورَةٌ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَذَبَحَ غَيْرَهَا فَقَالَ (إلَّا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ) فِيهِ (الذَّبْحُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى الجزء: 2 ¦ الصفحة: 430 كَالْحَدِيدِ، وَإِحْدَادُهُ. وَقِيَامُ إبِلٍ، وَضَجْعُ ذِبْحٍ عَلَى أَيْسَرَ وَتَوَجُّهُهُ، وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ وَفَرْيُ وَدَجَيْ صَيْدٍ أُنْفِذَ مَقْتَلُهُ. وَفِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ   [منح الجليل] {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: 67] مَعَ دَلِيلٍ آخَرَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي هَذَا الْأَمْرِ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَقَرَ تُذْبَحُ وَتُنْحَرُ، وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ «نَحَرَ عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ» . وَرُوِيَ «ذَبَحَ عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ» وَمِنْهُ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ، حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ مَا يُشْبِهُ الْبَقَرَ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ، وَالتَّيْتَلِ وَنَحْوِهِمَا الْبَاجِيَّ الْخَيْلُ عَلَى جِلِّهَا كَالْبَقَرِ الطُّرْطُوشِيُّ، وَكَذَا الْبِغَالُ وَالْحُمُرُ الْإِنْسِيَّةُ عَلَى كَرَاهَتِهَا. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَالْحَدِيدِ) فَيُنْدَبُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ حَتَّى الْعَقْرِ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ (وَإِحْدَادُهُ) أَيْ: سَنَّهُ لِخَبَرِ «وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ» لِسُرْعَةِ قَطْعِهِ فَيَكُونُ أَسْهَلَ عَلَى الْمُذَكَّى، فَتَخْرُجُ رُوحُهُ بِسُرْعَةٍ فَيَرْتَاحُ. (وَقِيَامُ إبِلٍ) مَقْرُونَةِ الْيَدَيْنِ بِعِقَالٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا كَذَلِكَ عَقَلَ يَدَهَا الْيُسْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَدْيِ. (وَ) نُدِبَ (ضَجْعٌ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ إرْقَادُ ذِبْحٍ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: مَذْبُوحٍ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَطَيْرٍ (عَلَى) شِقِّهِ (الْأَيْسَرِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلذَّابِحِ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَبْحَهَا عَلَى جَانِبِهَا الْأَيْمَنِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُضْجِعُهَا الْأَعْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ فَإِنْ كَانَ أَضْبَطَ جَازَ الْوَجْهَانِ وَذَبْحُهُ بِيُمْنَاهُ أَوْلَى (وَ) نُدِبَ (تَوَجُّهُهُ) أَيْ: مَا يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ لِلْقِبْلَةِ (وَ) نُدِبَ (إيضَاحُ) أَيْ: إظْهَارُ (الْمَحَلِّ) لِلذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ مِنْ الصُّوفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْجِلْدَةُ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلَك عَلَى عُنُقِهَا وَالنَّهْيُ مِنْ السُّنَّةِ، وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ نِسْبَتَهُ لَهَا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» (وَ) نُدِبَ (فَرْيُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ: قَطْعُ (وَدَجَيْ صَيْدٍ أُنْفِذَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (مَقْتَلُهُ) وَأُدْرِكَ حَيًّا لِإِرَاحَتِهِ فَإِنْ تُرِكَ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ وَيَلْزَمُ مِنْ فَرْيِ الْوَدَجَيْنِ فَرْيُ الْحُلْقُومِ لِبُرُوزِهِ عَنْهُمَا. (وَفِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ) أَيْ: الظُّفُرِ كَمَا فِي بَعْضِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 431 وَالسِّنِّ، أَوْ إنْ انْفَصَلَا، أَوْ بِالْعَظْمِ، وَمَنْعِهِمَا، خِلَافٌ. وَحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ، لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ،   [منح الجليل] النُّسَخِ (وَالسِّنِّ) مُتَّصِلَيْنِ أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ (أَوْ) جَوَازُهُ بِهِمَا (إنْ انْفَصِلَا) أَيْ: الْعَظْمُ وَالسِّنُّ فَإِنْ اتَّصَلَا فَلَا يَجُوزُ بِهِمَا (أَوْ) جَوَازُهُ (بِالْعَظْمِ) أَيْ الظُّفُرِ اتَّصَلَ أَوْ انْفَصَلَ لَا بِالسِّنِّ اتَّصَلَ أَوْ انْفَصَلَ، أَيْ: يُكْرَهُ بِهِ عَلَى الْمَنْقُولِ (أَوْ مُنِعَ) الذَّبْحُ بِ (هِمَا) أَيْ: الْعَظْمِ وَالسِّنِّ اتَّصَلَا أَوْ انْفَصَلَا فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِأَحَدِهِمَا، وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ (خِلَافٌ) مَحَلُّهُ إذَا وُجِدَتْ آلَةٌ مَعَهُمَا غَيْرُ الْحَدِيدِ، فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ آلَةٌ غَيْرُهُمَا تَعَيَّنَ الذَّبْحُ بِأَحَدِهِمَا، وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعَظْمِ لِانْفِرَادِهِ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي الْمُصَنِّفِ وَإِنْ خَالَفَ الْوَاجِبَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَ حَيْثُ وُجِدَتْ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَعْنَى أَسَاءَ فَوَّتَ نَفْسَهُ ثَوَابَ مَا طَلَبَ وَلَوْ نَدْبًا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأَوَّلَ وَابْنُ رُشْدٍ الثَّانِيَ وَشَهَرَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ الثَّالِثَ وَصَحَّحَ الْبَاجِيَّ الرَّابِعَ، وَقَوْلُهُ مَحَلُّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ آلَةٌ إلَخْ لَمْ أَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ لِغَيْرِهِ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ الْحَدِيدُ. وَفِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَجُوزُ بِكُلِّ جَارِحٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ عَظْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مَا نَصُّهُ وَفِي الْبَيَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، الْجَوَازُ بِغَيْرِ الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَجِدْهُ، وَنَصَّ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِيمَنْ ذَبَحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ وَهِيَ مَعَهُ عَلَى إسَاءَتِهِ اهـ. فَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ بِالظُّفْرِ وَالسِّنِّ سِوَاهُمَا مَعَ غَيْرِهِمَا عِنْدَ فَقْدِ الْحَدِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَحَرُمَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ (اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ) بِأَنْ اصْطَادَهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ حَبَسَهُ بِقَفَصٍ وَلَوْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَدُرَّةِ وَقُمْرِيٍّ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ اصْطِيَادِهِ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ، وَأُلْحِقَ بِهَا نِيَّةُ قِنْيَتِهِ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَتَعْلِيمِهِ الذَّهَابَ لِبَلَدٍ بِكِتَابٍ مُعَلَّقٍ بِجَنَاحِهِ أَوْ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَفْسَدَةٍ، وَقَالَ لَا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ بَدَلَ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ لَأَفَادَ ذَلِكَ، وَانْظُرْ هَلْ يُمْنَعُ شِرَاءُ دُرَّةٍ أَوْ قُمْرِيٍّ مُعَلَّمَيْنِ لِيَحْبِسَهُمَا لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، كَالِاصْطِيَادِ لِذَلِكَ أَمْ لَا، وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ عِتْقُهُمَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْقُرْآنِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 432 إلَّا بِكَخِنْزِيرٍ، فَيَجُوزُ   [منح الجليل] وَالْإِجْمَاعِ، وَانْظُرْ فِي الْغُرَابِ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ حَقٌّ وَيَتَمَعَّشُ بِهِ صَاحِبُهُ وَالظَّاهِرُ مَنْعُ حَبْسِهِ لِذَلِكَ لِإِمْكَانِ التَّمَعُّشِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ حَبَسَهُ بِقَفَصٍ إلَخْ، حَاصِلُ مَا فِي الْحَطّ أَنَّ هَذَا لَا نَصَّ فِيهِ وَأَنَّ أَبَا مَهْدِيٍّ قَالَ: إنَّ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُ جَوَازَهُ وَهُوَ إذَا حَلَّ رَجُلٌ قَفَصَ طَائِرٍ ضَمِنَ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَخَذَ جَوَازَهُ مِنْ حَدِيثِ «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» . ابْنُ نَاجِي قُلْت لَهُ: لَيْسَ ذَلِكَ كَلَعِبِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُلُوصِهِ مِنْهُ بِقُرْبٍ وَهَذَا يَبْقَى سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَهُوَ تَعْذِيبٌ فَاسْتَحْسَنَهُ، وَذَكَرَ أَنَّ الشُّيُوخَ قَيَّدُوا الْحَدِيثَ بِعَدَمِ التَّعْذِيبِ اهـ. وَحُكْمُ شِرَائِهِ لِذَلِكَ كَحُكْمِ اصْطِيَادِهِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَأَمَّا حَبْسُهُ لِتَعْلِيمِهِ مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً كَالْبَازِ لِلِاصْطِيَادِ بِهِ فَجَائِزٌ، أَمَّا لِتَعْلِيمِهِ تَبْلِيغَ الْكِتَابِ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَيَحْتَاجُ جَوَازُهُ إلَى نَصٍّ عَلَى تَسْلِيمِ إمْكَانِهِ، وَقَوْلُهُ يَحْرُمُ عِتْقُهُمَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ وَقَعَ فِي النَّعَمِ. وَأَمَّا فِي الصَّيْدِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صَيْدٌ لَهُ مَيْتَةٌ عب تَتِمَّةٌ يَحْرُمُ الِاصْطِيَادُ إنْ ضَيَّعَ صَلَاةً وَقْتِيَّةً وَيَجِبُ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ إلَّا بِثَمَنِهِ، وَيُكْرَهُ لِلَّهْوِ وَمِنْ خُنْثَى وَخَصِيٍّ وَفَاسِقٍ، وَيُنْدَبُ لِتَوْسِعَةٍ مُعْتَادَةٍ عَلَى عِيَالٍ وَسَدِّ خَلَّةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ وَكَفِّ وَجْهٍ وَصَدَقَةٍ، وَيُبَاحُ لِتَوْسِعَةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ أَوْ لِشَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ كَأَكْلِ تُفَّاحٍ وَنِكَاحِ مُنَعَّمَةٍ بِتَزَوُّجٍ أَوْ شِرَاءٍ وَقَصْدُ اكْتِسَابٍ وَتَمَعُّشٍ بِهِ اخْتِيَارًا أَوْ انْتِفَاعٍ بِثَمَنِهِ فَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا. (إلَّا) الِاصْطِيَادَ الْمُتَعَلِّقَ (بِكَخِنْزِيرٍ) مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ (فَيَجُوزُ) اصْطِيَادُهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ وَأَمَّا بِنِيَّةِ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ الَّتِي أَذِنَ الشَّارِعُ فِي قَتْلِهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اصْطِيَادِهِ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ لِمُضْطَرٍّ، فَإِنَّهُ تُسْتَحَبُّ ذَكَاتُهُ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الرُّخْصَةُ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَتَذْكِيَةُ الْمَيْتَةِ لَغْوٌ. اهـ. لَا يُقَالُ نُدِبَ تَذْكِيَتُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 433 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَإِنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ فَضَلَاتٍ مُؤْذِيَةٍ. فَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ فَضَلَاتِهِ أَوْ ظُنَّ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا لَكَانَ وَجِيهًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَرُدُّ هَذَا أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا إيرَادُ حِلِّ الْمَيْتَةِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، الثَّانِي أَنَّ مَلْحَظَ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً كَمَا قَالَ فَلِمَ الرُّخْصَةُ وَنَازَعَ فِي نَدْبِ الذَّبْحِ مَعَ أَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً. وَذَكَرَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْخِنْزِيرَ يَفْتَقِرُ لِلذَّكَاةِ وَذَكَاتُهُ عَقْرُهُ وَيَنْوِي بِهِ الذَّكَاةَ. الْفَاكِهَانِيُّ يُنْدَبُ لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا اهـ. قَوْلُهُ ذَكَاتُهُ عَقْرُهُ أَيْ: عِنْدَ نُدُودِهِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَذَكَاتُهُ ذَبْحُهُ وَالْقِرْدُ يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ أَيْ: الْمُتَقَدِّمَةَ فِي قَوْلِهِ إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ إلَخْ، فَتَثْقُلُ لِإِذَايَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا يُمْنَعُ أَكْلُهَا، وَاحْتِيجَ لِإِدْخَالِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تُصْطَادُ إلَّا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ إلَخْ. وَلَوْ قَالَ إلَّا الْفَوَاسِقَ وَحَذَفَ الْخِنْزِيرَ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَأْكُولِ بِخِلَافِ الْفَوَاسِقِ، وَقَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ ذَكَاتُهُ قَالَهُ الْوَقَّارُ إلَخْ. هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ الْوَقَّارُ وُجُوبُ ذَكَاتِهِ لَا نَدْبُهَا وَنَصُّ مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ: وَإِذَا أَصَابَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَكَلَ مَا أَحَبَّ، فَإِنْ أَحَبَّ الْخِنْزِيرَ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا ذَكِيًّا اهـ. فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا ذَكِيًّا تَحَتُّمُ ذَكَاتِهِ، لَكِنْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فِي اسْتِشْكَالِهِ ذَكَاتَهُ بِأَنَّ الْخِنْزِيرَ حَالَ الضَّرُورَةِ مُبَاحٌ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ هُوَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ مُبَاحٌ وَكُلُّ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ تَجِبُ ذَكَاتُهُ الْآيَةُ عَلَى الْمَيْتَةِ يُفِيدُ أَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً عَكْسُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا إيرَادُ الْمَيْتَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هَذَا لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْمَيْتَةِ لَا تُمْكِنُ. وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخِنْزِيرِ الْحَيِّ الَّذِي تُمْكِنُ ذَكَاتُهُ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي مَلْحَظُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ لَا يَنْزِلُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا يُلَائِمُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 434 كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ إنْ أَيِسَ مِنْهُ. وَكُرِهَ ذَبْحٌ بِدَوْرِ حُفْرَةٍ، وَسَلْخٌ أَوْ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ، كَقَوْلِ مُضَحٍّ، اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ) مِنْ الْحَيَوَانِ كَخَيْلٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ فَتَجُوزُ تَذْكِيَتُهُ بَلْ تُسْتَحَبُّ إرَاحَةً لَهُ، وَاسْتَعْمَلَهَا بِمَعْنَى الْفَرْيِ لَا بِمَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ (إنْ أُيِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْ) اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ (لَهُ) حَقِيقَةً لِمَرَضٍ أَوْ عَمًى أَوْ حَكٍّ كَتَعَبِهِ بِمَضْيَعَةٍ لَا عَلَفَ فِيهَا وَلَا يُرْجَى أَخْذُ أَحَدٍ لَهُ، وَكَذَا بَعِيرٌ عَجَزَ فِي السَّفَرِ وَلَا يُنْتَفَعُ بِلَحْمِهِ يَنْحَرُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى مَنْ يَأْكُلُهُ قَالَهُ فِي الْوَاضِحَة أَيْ: فَلَا يَنْحَرْهُ إذَا خَافَ عَلَى مَنْ يَأْكُلُهُ مِمَّنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ بَعْدَ نَحْرِهِ تَقْدِيمًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْآدَمِيِّ عَلَى دَفْعِهِ عَنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ يُعْقَرُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إبَاحَةُ أَكْلِهِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُتْرَكُ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا قَدْ صَحَّتْ عِنْدَ الَّذِي قَامَ بِهَا فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لِلَّذِي قَامَ بِهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ذَبْحٌ) لِحَيَوَانَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (بِدَوْرِ حُفْرَةٍ) لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِ بَعْضِهَا وَلِنَظَرِ بَعْضِهَا بَعْضًا، وَلَهَا الْهَامُّ فَهُوَ تَعْذِيبٌ لَهَا فِيهَا بَلَغَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْجَزَّارِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْحُفْرَةِ يَدُورُونَ بِهَا فَيَذْبَحُونَ حَوْلَهَا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِتَوْجِيهِهَا إلَى الْقِبْلَةِ. (وَ) كُرِهَ (سَلْخٌ) لِجِلْدِ الْحَيَوَانِ عَنْ لَحْمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ (أَوْ قَطْعٌ) لِشَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ حَرْقٌ لِشَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ وَ (قَبْلَ الْمَوْتِ) لِخَبَرِ النَّهْيِ عَنْهُ وَأَنْ تُتْرَكَ حَتَّى تَبْرُدَ أَيْ: تَمُوتَ إلَّا السَّمَكَ فَيَجُوزُ إلْقَاؤُهُ فِي النَّارِ قَبْلَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ تُكْرَهُ عَرْقَبَةُ الْبَقَرِ ثُمَّ تُذْبَحُ وَإِلْقَاءُ الْحُوتِ فِي النَّارِ حَيًّا. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَقَوْلِ) شَخْصٍ (مُضَحٍّ) عِنْدَ تَذْكِيَةِ أُضْحِيَّتِهِ (اللَّهُمَّ) أَيْ: يَا اللَّهَ هَذَا (مِنْ) فَضْلِ (كَ) وَنِعْمَتِك لَا مِنْ حَوْلِي وَقُوَّتِي (وَإِلَيْك) التَّقَرُّبُ بِهِ لَا إلَى غَيْرِك مِمَّنْ سِوَاك وَلَا رِيَاءَ وَلَا سُمْعَةَ إذَا قَالَهُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ الدُّعَاءِ فَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 435 وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ. وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ. إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا.   [منح الجليل] يُكْرَهُ وَيُؤْجَرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا وَرَدَ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا وَجْهَ لِإِبْقَاءِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَجَعْلِهِ مُخَالِفًا. (وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً (إبَانَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ: فَصْلِ (رَأْسٍ) عَنْ بَدَنٍ حَالَ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَمُّدِهَا مَكْرُوهٌ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِيهَا فَلَوْ قَالَ وَإِبَانَةُ رَأْسٍ عَمْدًا لَسَلِمَ مِنْ هَذَا وَوَفَّقَهَا وَالْكَرَاهَةُ وَالْأَكْلُ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ قَصَدَهَا مِنْ أَوَّلِ التَّذْكِيَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ أَيْ: حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْأَكْلِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ) لِلْحَيَوَانِ الَّذِي أُبِينَتْ رَأْسُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَالَ ذَبْحِهِ (إنْ قَصَدَهُ) أَيْ: الذَّابِحُ الْإِبَانَةَ وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْفَصْلِ وَصِلَةُ قَصَدَهُ قَوْلُهُ (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا مُنَوَّنًا أَيْ: ابْتِدَاءً وَإِبَانَةً بِالْفِعْلِ، فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ ذَبْحِهِ، وَلَمَّا أَتَمَّهُ قَصَدَ الْإِبَانَةَ وَأَبَانَهُ فَتَوَكَّلَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا يُفِيدُ أَنَّهَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْأَوَّلِ، قَالَ الْبَدْرُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ وَفِي أَحْمَدَ وتت مَا يَرُدُّ هَذَا، وَلَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ لِرُجْحَانِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُ، وَمَفْهُومُ تَعَمَّدَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ ذَبَحَ فَتَرَامَتْ يَدُهُ إلَى أَنْ أَبَانَ الرَّأْسَ أُكِلَتْ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ تَعَمَّدَ هَذَا وَبَدَأَ فِي قَطْعِهِ بِالْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومِ أُكِلَتْ لِنَخْعِهِ إيَّاهَا بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ وَأَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ فَتَرَامَتْ يَدُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً وَلَمْ يُرِدْ إنْ تَعَمَّدَ التَّرَامِيَ؛ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إذَا نَخَعَهَا فِي ذَبْحِهِ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ جَهْلٍ وَلَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 436 فَصْلٌ مِنْ وَدُونَ نِصْفٍ أُبِينَ مَيْتَةٌ، إلَّا الرَّأْسَ.   [منح الجليل] نِسْيَانٍ فَلَا تُؤْكَلُ، قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ تَعَمَّدَ هَذَا إلَخْ فِي الْأُمَّهَاتِ سَأَلَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ عَمَّا إذَا تَعَمَّدَ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ فَهَلْ تُؤْكَلُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَمْ لَا فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - شَيْئًا ثُمَّ قَالَ مِنْ رَأْيِهِ وَأَرَى إنْ أَضْجَعَهَا وَسَمَّى اللَّهَ وَأَجْهَزَ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ أَنْ تُؤْكَلَ وَهُوَ كَرَجُلٍ ذَبَحَ فَقَطَعَ رَأْسَهَا قَبْلَ أَنْ تَزْهَقَ نَفْسُهَا. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَمْ لَا، فَبَعْضُهُمْ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْخِلَافِ، إذْ مَفْهُومُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ تَعَمَّدَ قَطْعَ رَأْسِهَا لَا تُؤْكَلُ كَقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهَا تُؤْكَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْوِفَاقِ، وَرَدَّ قَوْلَ مَالِكٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَجَعَلَ مَفْهُومَ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُعَطَّلًا. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ الْوِفَاقُ بِوَجْهٍ آخَرَ قَالَ لَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ إنْ تَعَمَّدَ قَطْعَ رَأْسِهَا بَعْدَ الذَّكَاةِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ ابْتِدَاءً اهـ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَتَحَصَّلَ فِي الْمَذْهَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَكْلُهَا سَوَاءٌ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ تَرَامَتْ يَدُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَأَحَدُ التَّأْوِيلَاتِ لِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَمُقَابِلُهُ لَا تُؤْكَلُ فِيهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ تَرَامِي يَدِهِ فَتُؤْكَلُ وَتَعَمُّدِهِ ابْتِدَاءً فَلَا تُؤْكَلُ، وَهَذَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَحَدُ التَّأْوِيلَاتِ لِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ. (وَدُونَ نِصْفٍ) كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جَنَاحٍ (أُبِينَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: فُصِلَ مِنْ صَيْدٍ بِجَارِحٍ أَوْ سَهْمٍ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِجِلْدٍ يَسِيرِ لَحْمٍ وَلَا يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ وَلَمْ يَنْفُذْ بِهِ مَقْتَلُهُ، فَإِنْ بَقِيَ مُعَلَّقًا بِهِ وَعَلِمَ أَنَّهُ يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ أَكَلَ الصَّيْدَ كُلَّهُ بِإِدْمَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ بِهِ مَقْتَلُهُ، وَخَبَرُ دُونَ نِصْفِ (مَيْتَةٍ) فَلَا يُؤْكَلُ وَيُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ بِذَكَاةٍ إنْ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ وَبِدُونِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ، فَإِنْ نَفَذَ بِهِ مَقْتَلٌ أُكِلَ الْجَمِيعُ فَلَوْ قَطَعَ الْجَارِحُ أَوْ السَّهْمُ الصَّيْدَ نِصْفَيْنِ أُكِلَا لِإِنْفَاذِ مَقْتَلِهِ بِقَطْعِ نُخَاعِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ دُونِ النِّصْفِ فَقَالَ (إلَّا الرَّأْسَ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ نِصْفَ الرَّأْسِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 437 وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ. وَإِنْ تَنَازَعَ قَادِرُونَ فَبَيْنَهُمْ. وَإِنْ نَدَّ وَلَوْ مِنْ مُشْتَرٍ فَلِلثَّانِي، لَا إنْ تَأَنَّسَ وَلَمْ يَتَوَحَّشْ. وَاشْتَرَكَ طَارِدٌ مَعَ ذِي   [منح الجليل] كَذَلِكَ فَيُؤْكَلُ الْجَمِيعُ لِنُفُوذِ الْمَقْتَلِ بِقَطْعِ النُّخَاعِ وَالْوَدَجَيْنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَدُونَ وَصْفِ أُبِينَ مَيْتَةٌ سَوَاءٌ كَانَ الْحَيَوَانُ يَعِيشُ بَعْدَ الْمُبَانِ أَمْ لَا بَلَغَ جَوْفَهُ أَمْ لَا وَاعْتَمَدَهُ فِي تَوْضِيحِهِ. (وَمَلَكَ الصَّيْدَ) الَّذِي لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ مِلْكُ الشَّخْصِ (الْمُبَادِرِ) وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُ قَبْلَهُ وَقَالَ هُوَ لِي وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ فَعَلَ بِهِ مَا صَارَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ كَكَسْرِ رِجْلِهِ أَوْ قَفْلِ مَطْمُورَةٍ أَوْ سَدِّ حَجَرِهِ عَلَيْهِ وَذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا يَحْفِرُ بِهِ، فَجَاءَ آخَرُ وَفَتَحَهُ وَأَخَذَهُ فَهُوَ لِمَنْ سَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْوَاقِعُ فِي حِبَالَةٍ بِغَيْرِ طَرْدِ أَحَدٍ وَفِي قُفَّةٍ مُرْخَاةٍ فِي بَحْرٍ أَوْ شَبَكَةٍ. (وَإِنْ تَنَازَعَ) أَيْ: تَدَافَعَ عَلَى الصَّيْدِ أَشْخَاصٌ (قَادِرُونَ) عَلَيْهِ (فَ) هُوَ مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمْ) بِالسَّوِيَّةِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ سَدًّا لَبَابِ الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ قَالَهُ سَحْنُونٌ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّنَازُعَ بِالْقَوْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ نَدَّ إلَخْ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِتَدَافُعٍ، وَقَوْلُهُ وَمَلَكَ الصَّيْدَ الْمُبَادِرُ فِي سَبْقِ بَعْضِهِمْ لِحِيَازَتِهِ. (وَإِنْ) اصْطَادَ شَخْصٌ صَيْدًا وَأَرْسَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَصَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي اتِّفَاقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ (نَدَّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ: هَرَبَ الصَّيْدُ مِنْ صَائِدٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. بَلْ (وَلَوْ مِنْ) شَخْصٍ (مُشْتَرٍ) الصَّيْدَ مِنْ صَائِدِهِ وَغَيْرِهِ فَاصْطَادَهُ آخَرُ (فَ) الصَّيْدُ (لِلْ) صَائِدِ (الثَّانِي) إنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ عِنْدَ الْأَوَّلِ (لَا) يَكُونُ الصَّيْدُ لِلثَّانِي (إنْ) كَانَ (تَأَنَّسَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عِنْدَ الْأَوَّلِ ثُمَّ نَدَّ مِنْهُ (وَلَمْ يَتَوَحَّشْ) الصَّيْدُ بَعْدَ نُدُودِهِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ لِلثَّانِي أُجْرَةُ تَحْصِيلِهِ. وَقِيلَ: إنْ تَأَنَّسَ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَلَهُ مُطْلَقًا. وَأَشَارَ بِوَ لَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ إنَّهُ لِلْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ فَلِلثَّانِي أَيْ: دُونَ مَا عَلَيْهِ مِنْ حُلِيٍّ كَقُرْطٍ وَقِلَادَةٍ فَيَرُدُّهُ لِرَبِّهِ إنْ عَرَفَهُ وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ. (وَاشْتَرَكَ) فِي الصَّيْدِ شَخْصٌ (طَارِدٌ) الصَّيْدَ (مَعَ) شَخْصٍ (ذِي) أَيْ: صَاحِبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 438 حِبَالَةٍ قَصَدَهَا، وَلَوْلَاهُمَا لَمْ يَقَعْ بِحَسَبِ فِعْلِهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَأَيِسَ مِنْهُ فَلِرَبِّهَا، وَعَلَى تَحْقِيقٍ بِغَيْرِهَا فَلَهُ كَالدَّارِ، إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا.   [منح الجليل] حِبَالَةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ شَبَكَةٍ أَوْ فَخٍّ أَوْ شَرَكٍ أَوْ حُفْرَةٍ فِي الْأَرْضِ لِلصَّيْدِ (قَصَدَهَا) أَيْ: الطَّارِدُ الْحِبَالَةَ بِطَرْدِهِ الصَّيْدَ إلَيْهَا لِإِيقَاعِهِ فِيهَا (وَلَوْلَاهُمَا) أَيْ: الطَّارِدُ وَالْحِبَالَةُ مَوْجُودَانِ مَعًا (لَمْ يَقَعْ) الصَّيْدُ فِي الْحِبَالَةِ وَاشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ (بِحَسَبِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالسِّينِ أَيْ: قَدْرِ أُجْرَةِ (فِعْلِهِمَا) أَيْ: نَصْبِ الْحِبَالَةِ وَطَرْدِ الطَّارِدِ الَّتِي يَقُولُهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الطَّارِدِ دِرْهَمَيْنِ، وَأُجْرَةُ الْحِبَالَةِ دِرْهَمًا فَلِلطَّارِدِ الثُّلُثَانِ وَلِذِي الْحِبَالَةِ الثُّلُثُ أَوْ فِعْلُ أَحَدِهِمَا يُسَاوِي دِرْهَمًا وَالْآخَرُ ثَلَاثَةً فَلِلْأَوَّلِ الرُّبْعُ. (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ) الطَّارِدُ إيقَاعَهُ فِي الْحِبَالَةِ أَوْ قَصَدَهُ (وَأَيِسَ) الطَّارِدُ (مِنْهُ) أَيْ الصَّيْدِ بِأَنْ أَعْيَاهُ وَانْقَطَعَ عَنْهُ وَهَرَبَ حَيْثُ شَاءَ فَوَقَعَ فِي الْحِبَالَةِ (فَلِرَبِّهَا) أَيْ: الْحِبَالَةِ الصَّيْدُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلطَّارِدِ وَيَبْعُدُ مَعَ الْيَأْسِ قَصْدُ الْحِبَالَةِ (وَ) إنْ كَانَ الطَّارِدُ (عَلَى تَحْقِيقٍ) مِنْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ (بِغَيْرِهَا) أَيْ: الْحِبَالَةِ (فَلَهُ) أَيْ: الطَّارِدِ الصَّيْدُ خَاصَّةً دُونَ ذِي الْحِبَالَةِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا إنْ قَصَدَ إرَاحَةَ نَفْسِهِ بِإِيقَاعِهِ فِيهَا. وَشَبَّهَ فِي اخْتِصَاصِ الطَّارِدِ فَقَالَ (كَالدَّارِ) لِإِنْسَانٍ طَرَدَ الْآخَرُ صَيْدًا إلَيْهَا فَدَخَلَهَا فَهُوَ لِطَارِدِهِ وَلَوْ قَصَدَهَا، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ أَخْذٌ بِدُونِهَا أَمْ لَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَبِّهَا فِيمَا خَفَّفَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ التَّعَبِ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ لِلصَّيْدِ وَلَمْ يَقْصِدْ بَانِيهَا تَحْصِيلَهُ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ لَا يَطْرُدَهُ) أَيْ: الطَّارِدُ الصَّيْدَ (لَهَا) أَيْ: الدَّارِ (فَلِرَبِّهَا) أَيْ الدَّارِ الصَّيْدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الطَّارِدُ اتَّخَذَ بِغَيْرِهَا فَهُوَ لَهُ كَمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى تَحْقِيقٍ بِغَيْرِهَا بِالْأَوْلَى إذَا كَانَتْ الدَّارُ مَسْكُونَةً، فَإِنْ كَانَتْ خَالِيَةً أَوْ خَرَابًا فَلَمَّا فَرَّخَ فِيهَا أَوْ وَجَدَ بِهَا مِنْ الصَّيْدِ فَلِوَاجِدِهِ، وَكَذَا مَا يُوجَدُ بِالْبَسَاتِينِ الْمَمْلُوكَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ يَقْصِدْ بِهَا ذَلِكَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ النَّحْلَ فِي شَجَرَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْزِعَ عَسَلَهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لِأَحَدٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ عَسَلًا جج نَصَبَهُ غَيْرُهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ عُمْرَانٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 439 وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْ ذَكَاتُهُ، وَتَرَكَ   [منح الجليل] وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ وَالْخَرَابِ لَا يَسْتَحِقُّ مَا فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ، وَالْمُرَادُ بِرَبِّ الدَّارِ مَالِكُ ذَاتِهَا وَلَوْ حُكْمًا كَالْوَاقِفِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ فِي الْبُيُوتِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى عَمَلٍ فَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ أَوْ النَّاظِرِ وَصَرْفُهُ فِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ لَا لِمَنْ أَرْصَدَ عَلَيْهِ الْبَيْتَ قَالَهُ عج وَأَوْلَى غَيْرُ الْمُرْصَدَةِ مِنْ مَوْقُوفَةٍ عَلَى مُطْلَقِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ اهـ عب. الْبُنَانَةُ قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ بَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا وَجَرَّ السَّيْلُ الْحَرْثَ إلَيْهَا أَنَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ دُونَ الْمُكْتَرِي، وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَوَّاقِ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ إلَخْ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّارِ الْمَسْكُونَةِ وَالْخَرَابِ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطْرُدَهُ لَهَا فَلِرَبِّهَا سَقَطَ لَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَهُوَ إفْسَادٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذْ قَالَ فِيهَا وَمَنْ طَرَدَ صَيْدًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ قَوْمٍ فَإِنْ اضْطَرَّهُ هُوَ أَوْ جَارِحُهُ إلَيْهَا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَضْطَرَّهُ وَكَانُوا قَدْ بَعُدُوا عَنْهَا فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ إلَّا أَنْ لَا يَضْطَرَّهُ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الطَّرْدَ يُوهِمُ الِاخْتِصَاصَ بِمَا كَانَ مَقْصُودًا بِخِلَافِ الِاضْطِرَارِ بِدَلِيلِ نِسْبَتِهِ فِيهَا إلَى الْجَارِحِ. (وَضَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا أَيْ: غَرِمَ قِيمَةَ الصَّيْدِ مَجْرُوحًا عَلَى الْمَنْصُوصِ شَخْصٌ (مَارٌّ) بِهِ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ (أَمْكَنَتْهُ) أَيْ: الْمَارَّ (ذَكَاتُهُ) أَيْ الصَّيْدِ بِوُجُودِ آلَتِهَا وَعِلْمِهِ بِصِفَتِهَا وَهُوَ مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ (وَتَرَكَ) الْمَارُّ ذَكَاتَهُ وَمَاتَ الصَّيْدُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ رَبُّهُ لِتَفْوِيتِهِ عَلَى رَبِّهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَارُّ صَبِيًّا؛ لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُذَكًّى، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَكْلِهِ مَيْتَةً لَا قِيمَةَ لَهَا بِخِلَافِ أَكْلِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَالُهُ الْمَغْصُوبُ ضِيَافَةً فَلَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِأَكْلِهِ مُتَمَوَّلًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ قَالَهُ عج بَحْثًا. وَبَحَثَ بَعْضُ شُيُوخِ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَارَّ لَا يَضْمَنُ الصَّيْدَ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ أَخْذًا مِمَّا فِي الْغَصْبِ، قَالَ وَلَا يُقَالُ لَمْ يَأْكُلْ حَلَالًا هُنَا بِخِلَافِ مَا فِي الْغَصْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ حَلَالٌ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَالْمُرَادُ إمْكَانُهَا شَرْعًا وَعَادَةً، فَاحْتَرَزَ بِالْأَوَّلِ عَنْ مُرُورِ مَنْ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ كَمَجُوسِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَمُسْتَحِلِّ بَيِّنَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بَلْ لَوْ ذَكَّاهُ لَضَمِنَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 440 كَتَرْكِ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بِيَدِهِ   [منح الجليل] وَلِلثَّانِي عَنْ مُرُورِ مَنْ لَا آلَةَ مَعَهُ وَالْمَارُّ الْكِتَابِيُّ كَالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ ذَبْحٌ لَا عَقْرٌ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لِحِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ اهـ عبق. قَوْلُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَالْمُسْلِمِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ ذَكَاتِهِ إذْ لَا يَظْهَرُ حِفْظُ مَالِ الْغَيْرِ إلَّا حِينَئِذٍ أَفَادَهُ ابْنُ الْأَمِيرِ مُرَادُ عب أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ عِنْدَ وُجُودِ غَيْرِهِ أَمَّا إنْ وُجِدَ هُوَ فَقَطْ فَالصِّحَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا نَظَرًا لِوَاجِبِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَلَا يَجْتَمِعُ وُجُوبٌ وَفَسَادٌ نَظِيرُ خِلَافِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَسَقَطَ مَا نُوقِشَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ يَكُونُ الْكِتَابِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِمِلْكِ الْمُسْلِمِ كَالْمَجُوسِيِّ فَلَا حِفْظَ بِتَذْكِيَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهَا. اهـ. بِتَصَرُّفٍ وَكَلَامُهُ هُنَا فِي الصَّيْدِ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْمَارُّ عَلَى غَيْرِهِ وَخَافَ مَوْتَهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ أَمَانَةُ رِعَايَةٍ فَسَيَقُولُ، وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ أَيْ: أَوْ ذَبَحَ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَانَتُهُ بِوَدِيعَةٍ ضَمِنَهُ بِذَبْحِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى صِدْقِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ أَمَانَةٌ ضَمِنَهُ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ خَافَ مَوْتَهُ إلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى صِدْقِهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِصَيْدٍ وَأَمْكَنَتْهُ الذَّكَاةُ وَتَرَكَهَا فَالْمَنْصُوصُ لَا يُؤْكَلُ وَفِي ضَمَانِ الْمَارِّ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْكَ كَالْفِعْلِ أَوْ لَا ضَيْح أَيْ الْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَأَجْرَى ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَضْمِينِهِ قَوْلَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّرْكِ هَلْ هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ لَا أَيْ: هَلْ تَرْكُهُ كَفِعْلِ التَّفْوِيتِ أَمْ لَا، قِيلَ وَعَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ فَيَأْكُلُهُ رَبُّهُ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ نَفْيَ الضَّمَانِ قَالَ: وَإِنْ كَانَ جَهِلَ وَظَنَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُذَكِّيَهُ كَانَ أَبْيَنَ فِي نَفْيِ ضَمَانِهِ، وَلَوْ مَرَّ بِشَاةٍ وَخَشِيَ مَوْتَهَا وَلَمْ يَذْبَحْهَا وَمَاتَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ يَخْشَى أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهُ رَبُّهَا فِي خَوْفِهِ مَوْتَهَا وَيُضَمِّنُهُ وَلَيْسَتْ كَالصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِذَبْحِهِ اهـ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَتَرْكِ تَخْلِيصِ) شَيْءٍ (مُسْتَهْلَكٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ: مُعَرَّضٍ لِلْهَلَاكِ (مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) لِغَيْرِ تَارِكِ التَّخْلِيصِ، وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ: قُدْرَتُهُ وَلَوْ بِلِسَانِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ فَيَضْمَنُ فِي النَّفْسِ الْعَاقِلَةِ الْحُرَّةِ دِيَةَ خَطَأٍ وَلَوْ تَرَكَ التَّخْلِيصَ عَمْدًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَفِي الْإِرْشَادِ مَا يَحْتَمِلُ ضَمَانَ دِيَةِ عَمْدٍ فِي التَّرْكِ عَمْدًا وَإِلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 441 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِدْيَةُ خَطَأٍ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَالْمَالِ فِي مَالِهِ، وَإِذَا خَلَّصَ بِمَالٍ ضَمِنَهُ رَبُّ الْمَتَاعِ، وَإِذَا عُدِمَ اُتُّبِعَ بِهِ أَحْمَدُ قَوْلُهُ بِيَدِهِ صِلَةُ تَرَكَ وَبَاؤُهُ سَبَبِيَّةٌ أَوْ مَحْذُوفُ حَالٍ مِنْ تَرَكَ وَعَلَى كُلٍّ فَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ: بِإِمْسَاكِ يَدِهِ عَنْ التَّخْلِيصِ فَيَصِحُّ عَطْفُ أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ عَلَى بِيَدِهِ، وَأَمَّا جَعْلُهُ صِلَةَ تَخْلِيصٍ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ وَقَدَّمْت نَحْوَهُ فِي الْحِلِّ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي بِيَدِهِ لَا يَصِحُّ عَطْفُ بِإِمْسَاكٍ عَلَيْهِ، إذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ التَّخْلِيصُ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ وَالتَّخْلِيصُ إنَّمَا هُوَ بِعَدَمِ إمْسَاكِهَا. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ قَتْلَ زَوْجَةٍ قَبْلَ بِنَاءِ زَوْجِهَا بِهَا فَيَضْمَنُ لَهُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا لِتَكَمُّلِهِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ فِي النَّفْسِ الْعَاقِلَةِ دِيَةَ خَطَأٍ أَيْ: فِي مَالِهِ إنْ تَرَكَهُ عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ تَرَكَهُ خَطَأً وَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ. الْأَبِيُّ مَا زَالَ الشُّيُوخُ يُنْكِرُونَ حِكَايَتَهُ عَنْهُ وَيَقُولُونَ إنَّهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ. قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَافَ التَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا، وَلِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ غَيْرُ مُلَائِمٍ لِلْفُرُوعِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهَا بِالتَّرْكِ وَهَذَا بِالْفِعْلِ، وَلِأَنَّ جَزْمَهُ بِالضَّمَانِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ الَّذِي يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ قَتْلَهَا كَقَتْلِ شَهِيدِ الْحَقِّ، وَنَصُّهُ وَلَوْ قَطَعَهَا أَيْ: الْوَثِيقَةَ فَالضَّمَانُ أَبْيَنُ. ابْنُ بَشِيرٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَتْلُ شَاهِدَيْهَا أَضْعَفُ؛ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ عَلَى سَبَبِ الشَّهَادَةِ لَا عَلَيْهَا. قُلْت وَقَتْلُ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي النِّكَاحِ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ النَّصُّ فِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا كَرَاهَةً فِي زَوْجِهَا لَا يَسْقُطُ صَدَاقُهَا، وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ إذَا قَتَلَ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ عَدَمَ الضَّمَانِ، عَلَى أَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِالضَّمَانِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّفْوِيتُ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ اهـ. الْأَمِيرُ قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ لَهُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا هَذَا إنْ قُلْنَا: إنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا فَإِنْ قُلْنَا: تَمْلِكُ بِهِ النِّصْفَ ضَمِنَهُ فَقَطْ، وَإِنْ قُلْنَا: تَمْلِكُ الْكُلَّ فَكَالْمَدْخُولِ بِهَا لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَوَّتَ الْبُضْعَ وَلَيْسَ مُتَمَوَّلًا عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي لَهُ فِي قَتْلِ شَاهِدَيْ الْحَقِّ مَا يُقَوِّي الْقَوْلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ أَصْلًا، فَإِنَّهُ قَدْ لَا يَقْصِدُ بِقَتْلِهَا إتْلَافَ الصَّدَاقِ. وَقَوْلُ بْن فَلَا يَضْمَنُ إلَّا نِصْفَ الصَّدَاقِ إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْإِرْثَ لَا يُنْظَرُ لَهُ هُنَا، وَإِلَّا فَقَدْ يَزِيدُ مَا يَرِثُهُ مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى جَمِيعِ الصَّدَاقِ، وَقَدْ يَكُونُ هُنَاكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 442 أَوْ شَهَادَتِهِ أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ أَوْ تَقْطِيعِهَا وَفِي قَتْلِ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِلتَّرِكَةِ أَوْ يَكُونُ الزَّوْجُ أَوْ هِيَ رَقِيقًا فَلَا إرْثَ أَصْلًا أَوْ لَهَا وَلَدٌ فَلَا يَرِثُ الزَّوْجُ إلَّا الرُّبْعَ اهـ. (أَوْ بِ) تَرْكِ (شَهَادَتِهِ) بَعْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ أَوْ عِلْمِهِ تَرْكَهَا يُؤَدِّي لِضَيَاعِ الْحَقِّ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْ: بِأَنْ رَأَى فَاسِقَيْنِ يَشْهَدَانِ بِقَتْلٍ أَوْ دَيْنٍ زُورًا فَتَرَكَ التَّجْرِيحَ (أَوْ بِإِمْسَاكِ وَثِيقَةٍ) بِعَفْوٍ عَنْ دَمٍ أَوْ بِدَمٍ أَوْ بِمَالٍ، وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ شَاهِدُهَا لَا يَشْهَدُ إلَّا بِهَا وَبِمَا أَذَا نَسِيَ الشَّاهِدُ مَا شَهِدَ بِهِ، وَكَانَ قَدْ يَتَذَكَّرُهُ بِرُؤْيَتِهَا وَكَانَ لَا يَشْهَدُ بِمَا فِيهَا إلَّا عَلَى خَطِّ شَاهِدِهَا (أَوْ تَقْطِيعِهَا) أَيْ: الْوَثِيقَةِ فَضَاعَ الْحَقُّ فَيَضْمَنُهُ وَثَمَنَ الْوَثِيقَةِ وَهَذَا حَيْثُ لَا سِجِلَّ لَهَا وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يَغْرَمُهُ عَلَى إخْرَاجِهَا مِنْهُ. طفي تَقْطِيعُ الْوَثِيقَةِ وَقَتْلُ شَاهِدَيْ حَقٍّ لَيْسَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا هَلْ التَّرْكُ فِعْلٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُمَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُخَلِّلُ بِهِمَا الْمَسَائِلَ الْجَارِيَةَ عَلَى الْقَانُونِ الْمَذْكُورِ، وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُ ثَمَنَ الْوَرَقَةِ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا إلَّا أَخْذَ الْحَقِّ بِهَا وَقَدْ غَرِمَهُ اهـ. ابْنُ الْأَمِيرِ قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْوَثِيقَةِ أَيْ إنْ كَانَ لِلْكَاغَدِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ قِيمَةٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ. (وَفِي) ضَمَانِ مَالٍ فَوَّتَهُ بِسَبَبِ (قَتْلِ شَاهِدَيْ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُثَنَّى شَاهِدٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ لِ (حَقٍّ) وَلَوْ خَطَأً وَعَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْصِدُ بِقَتْلِهِمَا إبْطَالَ الْحَقِّ بَلْ لِلْعَدَاوَةِ فَهُوَ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السَّبَبِ لَا عَلَى الشَّهَادَةِ (تَرَدُّدٌ) فِي الْحُكْمِ لِلْمُتَأَخِّرِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فَمَحَلَّةُ حَيْثُ لَا يَقْصِدُ بِقَتْلِهِمَا إبْطَالَ الْحَقِّ وَإِلَّا ضَمِنَهُ اتِّفَاقًا. ابْنُ وَهْبٍ يَنْبَغِي أَنَّ الرَّاجِحَ ضَمَانُ الْمَالِ وَلَوْ قَتَلَهُمَا خَطَأً؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، وَمِثْلُ قَتْلِهِمَا قَتْلُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَقَتْلُ أَحَدِهِمَا حَيْثُ كَانَ الْحَقُّ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى شَاهِدَيْنِ، وَيَعْلَمُ كَوْنَ الْمَقْتُولِينَ شَاهِدَيْ حَقٍّ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ بِهِ وَبِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهُمَا شَاهِدَا حَقٍّ حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ الِاثْنَانِ بِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِقَدْرِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 443 وَتَرْكِ مُوَاسَاةٍ وَجَبَتْ بِخَيْطٍ لِجَائِفَةٍ، وَفَضْلٍ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِمُضْطَرٍّ،   [منح الجليل] وَمِنْ نَظَائِرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مِنْ حَلِّ قَيْدِ عَبْدٍ أَوْ فَتْحٍ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ أَوْ أَخْفَى غَرِيمًا مِنْ غَرِيمِهِ أَوْ لَوْ أَطْلَقَ السَّجَّانُ أَوْ الْعُونُ الْغَرِيمَ فَيَضْمَنُ مَا عَلَيْهِ قَالَهُ الْمَشَذَّالِيُّ، وَأَخَذَ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْهَا ضَمَانَ مَنْ سَقَى دَابَّةَ رَجُلٍ وَاقِفَةً عَلَى بِئْرٍ فَذَهَبَتْ. الْمَشَذَّالِيُّ وَهُوَ بَيِّنٌ إنْ كَانَتْ لَوْ لَمْ تَشْرَبْ لَمْ تَذْهَبْ وَلَمْ يُخْشَ مَوْتُهَا مِنْ الْعَطَشِ وَإِنْ خُشِيَ مَوْتُهَا مِنْ الْعَطَشِ فَفِي ضَمَانِهِ نَظَرٌ. (وَ) ضَمِنَ بِسَبَبِ (تَرْكِ مُوَاسَاةٍ وَجَبَتْ) عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ (بِخَيْطٍ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ حَالًا وَمَآلًا أَوْ احْتَاجَ لَهُ لِثَوْبٍ أَوْ جَائِفَةِ دَابَّةٍ لَا يَمُوتُ هُوَ بِمَوْتِهَا (لِجَائِفَةٍ) أَيْ: لِخِيَاطَةِ جُرْحٍ، وَأَصْلُ الْجَوْفِ مِنْ آدَمِيٍّ أَجْنَبِيٍّ إنْ خَاطَهُ بِهِ سَلِمَ فَلَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ وَمَاتَ فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ رَبُّهُ لِخِيَاطَةِ جَائِفَةِ نَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ الَّتِي يَمُوتُ بِمَوْتِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُ الْخَيْطِ الْإِبْرَةُ وَكُلُّ جُرْحٍ يُخْشَى مِنْهُ الْمَوْتُ كَالْجَائِفَةِ (وَفَضْلٍ) أَيْ: فَاضِلٍ عَمَّا يَمْلِكُ الصِّحَّةَ لَا عَنْ عَادَتِهِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ (طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ لِ) شَخْصٍ (مُضْطَرٍّ) خِيفَ مَوْتُهُ بِالْجُوعِ أَوْ الْعَطَشِ فَتَرَكَ دَفْعَهُ لَهُ وَمَاتَ فَيَضْمَنُ دِيَةَ خَطَأٍ إنْ تَأَوَّلَ فِي مَنْعِهِ، وَإِلَّا اقْتَصَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ مِنْ قَوْلِهِ كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ فَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا حَمَلَ الضَّمَانَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَمِيِّ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْقِصَاصَ وَافَقَ الْآتِي، وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بِالتَّقْيِيدِ الْمُتَقَدِّمِ حَسَنٌ وَالْمُرَادُ الْفَضْلُ عَمَّا يَضْطَرُّ إلَيْهِ رَبُّهُ حَالًا وَمَآلًا إلَى مَحَلٍّ يُوجَدُ فِيهِ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ وَكَمَا يُعْتَبَرُ الْفَضْلُ مِنْ نَفْسٍ يُعْتَبَرُ الْفَضْلُ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ وَمِثْلُ فَضْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَضْلُ لِبَاسٍ وَرُكُوبٍ. وَسُئِلَ النَّاصِرُ عَمَّنْ طَلُقَتْ وَمَعَهَا رَضِيعٌ عُمْرُهُ سَنَةٌ وَشَهْرٌ وَفَرَضَ أَبُوهُ لِرَضَاعِهِ فَرْضًا فَفَطَمَتْهُ نَحْوَ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَمْ يَشْعُرْ أَبُوهُ بِهِ فَضَعُفَ الْوَلَدُ مِنْ يَوْمِ فِطَامِهِ وَمَاتَ بَعْدَ نَحْوَ عِشْرِينَ يَوْمًا فَهَلْ عَلَى أُمِّهِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ إنْ كَانَ فِي الْوَلَدِ قُوَّةٌ عَلَى الْفِطَامِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي مِثْلِ هَذَا السِّنِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُخَافُ مَوْتُهُ مِنْهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَعَلَيْهَا الدِّيَةُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 444 وَعُمُدٍ وَخَشَبٍ فَيَقَعُ الْجِدَارُ، وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ. وَأُكِلَ الْمُذَكَّى، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ بِتَحَرُّكٍ قَوِيٍّ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] وَ) ضَمِنَ بِتَرْكِ مُوَاسَاةٍ وَجَبَتْ بِدَفْعِ (عُمُدٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ وَجَمْعُ عَمُودٍ (وَخَشَبٍ) وَجِبْسٍ وَنَحْوِهِ لِإِسْنَادِ كَجِدَارٍ مَائِلٍ (فَيَقَعَ) بِالنَّصْبِ لِعَطْفِهِ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ وَهُوَ تَرْكِ وَفَاعِلُ يَقَعَ (الْجِدَارُ) فَيَضْمَنُ بَيْنَ قِيمَتِهِ مَائِلًا وَقِيمَتِهِ مَهْدُومًا وَمَا أَتْلَفَهُ الْجِدَارُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ لِلْمُصَنِّفِ فِي ضَمَانِ الْمَالِكِ وَهِيَ مَيْلُ الْجِدَارِ وَإِنْذَارُ صَاحِبِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِمْكَانُ تَدَارُكِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ هُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ إنْذَارَ رَبِّ الْجِدَارِ لِرَبِّ الْعُمُدِ كَافٍ فِي ضَمَانِهِ (وَ) لَكِنْ (لَهُ) أَيْ الْمُوَاسِي بِخَيْطٍ أَوْ فَضْلِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ عُمُدٍ أَوْ خَشَبٍ (الثَّمَنُ) أَيْ: الْقِيمَةُ لِمَا وَاسَى بِهِ وَقْتَ الْمُوَاسَاةِ (إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَعَ الْمُضْطَرِّ حَالَ اضْطِرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا يَتْبَعُهُ بِهِ وَلَوْ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَهَا وَأَرَادَ بِالثَّمَنِ مَا يَشْمَلُ أُجْرَةَ الْعُمُدِ وَالْخَشَبِ. (وَأُكِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ: جَازَ أَكْلُ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ (الْمُذَكَّى) بِفَتْحِ الْكَافِ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِهَا إنْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مَرْجُوَّ طُولِ الْحَيَاةِ أَوْ مَشْكُوكَهَا. بَلْ (وَإِنْ أُيِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْ) اسْتِمْرَارِ (حَيَاتِهِ) بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذَكَّ لَمَاتَ بِسَبَبِ: ضَرْبِهِ أَوْ تَرَدِّيه مِنْ شَاهِقٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مِنْهُ مَقْتَلُهُ أَوْ شِدَّةِ مَرَضِهِ أَوْ أَكْلِهِ عُشْبًا فَانْتَفَخَ وَصِلَةُ أُكِلَ (بِتَحَرُّكٍ) كَذَا فِي نُسَخٍ بِالْبَاءِ وَفِي أُخْرَى بِاللَّامِ، وَفِي نُسْخَةِ تت بِخَطِّهِ بِالْكَافِ وَهِيَ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] أَيْ: لِهِدَايَتِهِ إيَّاكُمْ أَيْ: لِلتَّمْثِيلِ لِمُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَقَامُ، أَيْ: إنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى حَيَاتِهِ كَتَحْرِيكٍ (قَوِيٍّ) كَخَبْطٍ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِشِدَّةٍ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ أَيْ: سَوَاءٌ سَالَ مَعَهُ دَمٌ أَمْ لَا كَانَ التَّحَرُّكُ حَالَ ذَبْحِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ مُتَّصِلًا بِهِ صَحِيحًا كَانَ الْحَيَوَانُ أَوْ مَرِيضًا، وَأَمَّا التَّحَرُّكُ غَيْرُ الْقَوِيِّ كَحَرَكَةِ الِارْتِعَاشِ وَمَدِّ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، أَوْ قَبْضِهَا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَيُعْتَبَرُ قَبْضٌ مَعَ مَدٍّ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّحَرُّكِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لِلشَّارِحِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي نَظْمِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 445 وَسَيْلِ دَمٍ، إنْ صَحَّتْ إلَّا الْمَوْقُوذَةَ، وَمَا مَعَهَا لِمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ:   [منح الجليل] قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْحَرَكَةَ لَا تُرَاعَى إلَّا إنْ وُجِدَتْ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تُرَاعَى وَإِنْ وُجِدَتْ مَعَهُ. وَعَطَفَ عَلَى تَحَرَّكَ بِوَاوٍ بِمَعْنَى مَعَ فَقَالَ (وَسَيْلِ دَمٍ) بِلَا شَخْبٍ وَلَا حَرَكَةٍ إنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ كَمَخْنُوقَةٍ لَا تَعِيشُ، وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهَا فَتُؤْكَلُ، لِقَوْلِهِ آنِفًا وَإِنْ آيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا، وَهَذَا (إنْ صَحَّتْ) الْبَهِيمَةُ الْمُذَكَّاةُ أَيْ: لَمْ يُضْنِهَا الْمَرَضُ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً فَسَيْلُ دَمِهَا وَحْدَهُ لَغْوٌ، وَكَذَا مَعَ حَرَكَةٍ ضَعِيفَةٍ وَأَمَّا شَخْبُهُ مِنْ مَرِيضَةٍ فَدَلِيلُ الْحَيَاةِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَخْنُوقَةَ الَّتِي لَا تَعِيشُ مَرِيضَةٌ، وَإِنَّمَا وَجْهُ ذَلِكَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَصُّهَا وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ شَاةٍ وُضِعَتْ لِلذَّبْحِ فَذُبِحَتْ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ مِنْهَا شَيْءٌ هَلْ تُؤْكَلُ قَالَا نَعَمْ إذَا كَانَتْ حِينَ تُذْبَحُ حَيَّةً، فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ ثَقِيلَ الْيَدِ عِنْدَ الذَّبْحِ فَلَا تَتَحَرَّكُ ذَبِيحَتُهُ وَآخَرُ يَذْبَحُ فَتَقُومُ الذَّبِيحَةُ تَمْشِي. ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا إذَا سَالَ دَمُهَا أَوْ اسْتَفَاضَ نَفْسُهَا فِي حَلْقِهَا اسْتِفَاضَةً لَا يَشُكُّ مَعَهَا فِي حَيَاتِهَا، وَهَذَا فِي الصَّحِيحَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُضْنِهَا الْمَرَضُ، لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَذَا مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَةَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَيْئُوسٍ مِنْهَا فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ تُؤْكَلُ بِسَيَلَانِ الدَّمِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ وَإِذَا كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا فَفِيهَا خِلَافٌ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيهَا فَإِنْ تَحَرَّكَتْ وَسَالَ دَمُهَا أُكِلَتْ وَإِنْ كَانَ السَّيَلَانُ فَقَطْ فَلَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ يَسِيلُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَيْئُوسِ مِنْ حَيَاتِهِ فَقَالَ (إلَّا) الْبَهِيمَةَ (الْمَوْقُوذَةَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَضْرُوبَةِ بِنَحْوِ حَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ (وَمَا) أَيْ: الَّذِي ذُكِرَ (مَعَهَا) فِي آيَةِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهَا كَالْمُنْخَنِقَةِ بِنَحْوِ حَبْلٍ وَمُتَأَخِّرًا عَنْهَا كَالْمُتَرَدِّيَةِ أَيْ السَّاقِطَةِ مِنْ نَحْوِ شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ فِي بِئْرٍ أَوْ حُفْرَةٍ النَّطِيحَةُ أَيْ: الَّتِي نَطَحَتْهَا بَهِيمَةٌ أُخْرَى، وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ بَعْضَهَا (الْمَنْفُوذَةَ) جِنْسُ (الْمَقَاتِلِ) فَلَا تُؤْكَلُ بِالذَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا مَيْتَةٌ حُكْمًا وَالذَّكَاةُ لَا تُبِيحُ الْمَيْتَةَ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَنْفُوذَةِ مَقْتَلٍ أُكِلَتْ بِالذَّكَاةِ وَإِنْ أُيِسَ مِنْهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الجزء: 2 ¦ الصفحة: 446 بِقَطْعِ نُخَاعٍ، وَنَثْرِ دِمَاغٍ، وَحَشْوَةٍ، وَفَرْيِ وَدَجٍ، وَثَقْبِ مُصْرَانٍ،   [منح الجليل] قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] يَحْتَمِلُ الِاتِّصَالَ، وَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ مَنْفُوذِ الْمَقْتَلِ مِنْهَا، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالِانْقِطَاعُ وَيُحْمَلُ عَلَى تَذْكِيَةِ غَيْرِهَا إنْ نَفَذَ مَقْتَلُهَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى مُوَافِقٌ لِلْفِقْهِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَنْفُوذَةٍ إلَخْ أَيْ اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ مَرْجُوَّةَ الْحَيَاةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ إنْ كَانَتْ مَيْئُوسًا مِنْهَا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَعْمَلُ فِيهِمَا الذَّكَاةُ ثَالِثُهَا تَعْمَلُ فِي الْمَشْكُوكِ فِيهَا دُونَ الْمَيْئُوسِ مِنْهَا وَهُوَ الَّذِي يَقُومُ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَعُلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: الْمَيْتَةُ، مَفْهُومُ الْمُذَكَّى مُذَكًّى غَيْرُ مَيْئُوسٍ مِنْ حَيَاتِهِ، مُذَكًّى مَيْئُوسٌ مِنْ حَيَاتِهِ عِلْمًا مِنْ الْمُبَالَغَةِ، مَوْقُوذَةٌ وَمَا مَعَهَا مَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ، وَغَيْرَ مَنْفُوذَتِهَا. وَبَيَّنَ الْمَقَاتِلَ بِقَوْلِهِ (بِقَطْعِ نُخَاعٍ) مُثَلَّثِ النُّونِ أَيْ: مُخٍّ أَبْيَضَ كَخَيْطِ النَّوَاةِ سَالِكٌ فِي فَقَارٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ جَمْعِ فِقْرَةِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرُ مَتَى انْقَطَعَ أُيِسَ مِنْ الْحَيَاةِ وَالرِّوَايَاتُ إنَّ كَسْرَ الصُّلْبِ دُونَ قَطْعِ نُخَاعٍ لَيْسَ مَقْتَلًا. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَقْتَلٌ (وَنَثْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ: خُرُوجِ (دِمَاغٍ) أَيْ: مُخٍّ حَوَتْهُ الْجُمْجُمَةُ فَشَدْخُ الرَّأْسِ دُونَ نَثْرِ دِمَاغٍ لَيْسَ مَقْتَلًا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَلَا خَرْقُ خَرِيطَةٍ أَيْ: جِلْدَةٍ سَاتِرَةٍ لِلدِّمَاغِ وَلَا رَضُّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَكَسْرُ عَظْمِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ بَاقِي الْمَتَالِفِ (أَوْ) نَثْرِ (حَشْوَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: مَا حَوَاهُ الْبَطْنُ مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ وَرِئَةٍ وَأَمْعَاءٍ وَكُلًى وَقَلْبٍ وَمَصَارِينَ أَيْ: زَوَالِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا إلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ يَعِيشُ مَعَهُ الْحَيَوَانُ. (وَفَرْيِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ: قَطْعِ (وَدَجٍ) أَيْ إبَانَةِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ (وَثَقْبِ) أَيْ: خَرْقِ (مُصْرَانٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ جَمْعِ مَصِيرٍ كَرَغِيفٍ وَرُغْفَانٍ وَجَمْعُ الْجَمْعِ مَصَارِينُ أَيْ: تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَطْعِ نُخَاعٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا قَدْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 447 وَفِي شَقِّ الْوَدَجِ: قَوْلَانِ.   [منح الجليل] يَخْفَى اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ اهـ الْأَمِيرُ قَوْلُهُ أَوْ وَهُمَا لَا يَسْلَمُ وِفَاقًا لَبَن نَعَمْ رُبَّمَا يُقَالُ فِي الشَّكِّ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ شَكًّا فِي الْمَانِعِ سَرَى لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ فَتَدَبَّرْ وَأَحْرَى قَطْعُهُ وَأَطْلَقَ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ فَشَمِلَ خَرْقَهُ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَمْنَعُ اسْتِحَالَةَ الطَّعَامِ فَيَتَعَذَّرُ الْخُلْفُ فَيَحْصُلُ الْمَوْتُ. وَالثَّانِي يَمْنَعُ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَخْرَجِ فَيَجْتَمِعُ مَا يَعْفِنُ أَوْ مُزَاحِمُ الْأَمْعَاءِ. وَخَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالْأَوَّلِ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ مَعَهُ إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَأَمَّا ثَقْبُهُ مِنْ أَسْفَلِهِ حَيْثُ الرَّجِيعُ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ؛ لِأَنَّا وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ الْحَيَوَانِ وَمِنْ بَنِي آدَمَ يَخْرِقُ مَصِيرَهُ فِي مَجْرَى الرَّجِيعِ، وَيَعِيشُ، مَعَهُ زَمَانًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَيُقْبِلُ وَيُدْبِرُ، وَسَلَّمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ عِيَاضٌ، وَاحْتَرَزَ بِثَقْبِهِ عَنْ شَقِّهِ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ وَبِمُصْرَانٍ عَنْ ثَقْبِ الْكَرِشِ فَلَيْسَ بِمَقْتَلٍ فَتُؤْكَلُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رِزْقٍ شَيْخُ ابْنِ رُشْدٍ فِي كَرِشِ بَهِيمَةٍ صَحِيحَةٍ وُجِدَ بَعْدَ ذَبْحِهَا مَثْقُوبًا خِلَافًا لِحُكْمِ ابْنِ مَكِّيٍّ الْقَاضِي شَيْخِ ابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا بِفَتْوَى ابْنِ حَمْدِينَ بِطَرْحِهَا بِالْوَادِي وَغَلَبَتْ الْعَامَّةُ أَعْوَانَ الْقَاضِي لِعَظَمَةِ قَدْرِ ابْنِ رِزْقٍ عِنْدَهُمْ فَأَخَذُوهَا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَأَكَلُوهَا وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ مِنْ كَاسِبِي الْبَقَرِ بِأَفْرِيقِيَّةَ أَنَّهُمْ يَثْقُبُونَ كَرِشَ الثَّوْرِ لِبَعْضِ الْأَدْوَاءِ فَيَزُولُ عَنْهُ بِهِ اهـ. وَحَمْدِينُ بِنُونٍ بِخَطِّ تت اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مِنْ أَعْلَاهُ ابْنُ لُبٍّ الْمَصِيرُ الْأَعْلَى هُوَ الْمَرِيءُ الَّذِي تَحْتَ الْحُلْقُومِ الْمُنْتَهِي إلَى رَأْسِ الْمَعِدَةِ النَّافِذِ فِيهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ. ابْنُ سِرَاجٍ هُوَ الْمَعِدَةُ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا. (وَفِي شَقِّ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ (الْوَدَجِ) بِلَا قَطْعِ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ (قَوْلَانِ) عب لَكِنْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي شَقِّ الْوَدَجَيْنِ، وَأَمَّا الْوَاحِدُ فَغَيْرُ مَقْتَلٍ. الْبُنَانِيُّ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْخِلَافُ فِي الْوَاحِدِ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ لُبٍّ الْخِلَافُ فِي شَقِّ الْوَدَجِ، وَالْمَصِيرُ خِلَافٌ فِي حَالٍ قَالَ وَلَمْ يَعُدُّوا جُرْحَ الْقَلْبِ مَعَهَا، وَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِيهِ كَلَامٌ، وَانْفَصَلَ الْبَحْثُ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ مَقْتَلٌ، وَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَعْنَى فِي فَرْيِ الْأَوْدَاجِ وَقَطْعِ الْحُلْقُومِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِمْ عِبَارَةٌ عَنْ قَطْعِ مَحَلِّ الذَّكَاةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّهَا أَيْضًا الْمَنْحَرُ وَمَا كَانَ الْمَنْحَرُ مَقْتَلًا إلَّا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 448 وَفِيهَا أَكْلُ مَا دَقَّ عُنُقُهُ، أَوْ مَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا. وَذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ   [منح الجليل] لِوُصُولِ آلَةِ النَّحْرِ مِنْهُ إلَى الْقَلْبِ فَذَلِكَ وَالذَّبْحُ سَوَاءٌ، وَاكْتَفَوْا بِالْعِبَارَةِ بِالْمَذْبَحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَنْحَرِ وَهُمَا سَوَاءٌ وَالْكُلْيَتَانِ وَالرِّئَةُ فِي مَعْنَى الْقَلْبِ لِلِاتِّصَالِ بِهِ فِي الْجَوْفِ. (وَفِيهَا) أَيْ: الْمُدَوَّنَةِ (أَكْلُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (مَا) أَيْ: حَيَوَانٍ يَرَى (دُقَّ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ: كُسِرَ (عُنُقُهُ) بِتَرَدِّيه مِنْ شَاهِقٍ أَوْ ضَرْبِهِ بِنَحْوِ حَجَرٍ وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ وَهَذَا شَاهِدٌ لِقَوْلِهِ وَأُكِلَ الْمُذَكَّى وَإِنْ أُيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ (أَوْ مَا) أَيْ: حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ (عُلِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (أَنَّهُ لَا يَعِيشُ) بِسَبَبِ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَنْقٍ أَوْ وَقَذَ أَوْ تَرَدَّى أَوْ نُطِحَ أَوْ أَكَلَ سَبُعٌ بَعْضَهُ (إنْ لَمْ يَنْخَعْهَا) أَيْ: يَقْطَعْ نُخَاعَهَا قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا، وَهَذَا شَاهِدٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ الْمَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ. (وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) الَّذِي وَجَدَهُ مَيِّتًا فِي بَطْنِ حَيَوَانٍ مُبَاحٍ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ حَاصِلَةٌ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ) أَيْ: الْجَنِينِ فَتُؤْكَلُ؛ لِأَنَّهُ مُذَكًّى لِخَبَرِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» ، رُوِيَ بِرَفْعِ ذَكَاةٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ النَّوَوِيُّ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ الْمَعْرُوفَةُ تت مِنْ حُصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ النَّوَوِيُّ الْأَوَّلُ خَبَرٌ، وَالثَّانِي مُبْتَدَأٌ أَيْ: ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ مَا تَحْصُلُ الْفَائِدَةُ بِهِ وَهِيَ هُنَا لَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ عَلَى حَدِّ: بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا. وَلِأَنَّ الْمَجْهُولَ هُنَا ذَكَاةُ الْجَنِينِ وَأَمَّا ذَكَاةُ أُمِّهِ فَمُشَاهَدَةٌ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْخَبَرَ هُوَ الْمَجْهُولُ، وَرُوِيَ بِنَصْبِ الثَّانِيَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَنْ يُذَكَّى ذَكَاةً مِثْلِ ذَكَاةِ أُمِّهِ، وَرُجِّحَتْ الْأُولَى بِإِنْكَارِ الثَّانِيَةِ، وَبِأَنَّ فِيهَا حَذْفَ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ وَهُمَا أَنْ وَالْفِعْلُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَبِأَنَّ فِيهَا إضْمَارًا كَثِيرًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَعَلَى فَرْضِ ثُبُوتِهَا فَلَا شَاهِدَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ نَصَّهَا بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ ذَكَاتُهُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ} [الأعراف: 155] ، وَهُوَ أَوْلَى لِقِلَّةِ الْإِضْمَارِ وَجَمْعِهِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمَا هُوَ الْأَوْلَى بِذِكْرِ الْبَاءِ، وَعَبَّرَ بِذَكَاةٍ لِيَشْمَلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَطْنِ مَا يُنْحَرُ كَشَاةٍ فِي بَطْنِ نَاقَةٍ وَعَكْسِهِ كَبَعِيرٍ فِي بَطْنِ شَاةٍ، وَلَا يَشْمَلُ مُبَاحًا فِي بَطْنِ مُحَرَّمٍ كَشَاةٍ فِي بَطْنِ خِنْزِيرَةٍ وَلَا عَكْسُهُ كَخِنْزِيرٍ فِي بَطْنِ بَقَرَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 449 إنْ تَمَّ بِشَعْرٍ. وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُكِّيَ؛ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ فَيَفُوتَ.   [منح الجليل] وَشَرْطُ كَوْنِ ذَكَاةِ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةً لَهُ (إنْ تَمَّ خَلْقُهُ) أَيْ: الْجَنِينِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَلَوْ نَاقِصَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ مَثَلًا قَالَهُ الْبَاجِيَّ (بِشَعْرٍ) أَيْ: مَعَ نَبَاتِ شَعْرِ جَسَدِهِ وَلَوْ بَعْضَهُ لَا شَعْرِ عَيْنَيْهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ حَاجِبَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ شَعْرُهُ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا لِعَارِضٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ لِوَقْتِ تَذْكِيَةِ أُمِّهِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْكَلُ، وَمِنْ عَلَامَاتِ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ غَالِبًا تَمَامُ خَلْقِهِ وَنَبَاتُ شَعْرِهِ، فَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ بِنَحْوِ ضَرْبٍ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ وَإِنْ شَكَّ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ حِينَ تَذْكِيَتِهَا أُكِلَ، وَذَكَرَ الْحَطّ فِي الْمَشِيمَةِ أَيْ وِعَاءِ الْوَلَدِ أَكْلِهَا وَعَدَمِهِ وَتَبَعِيَّتِهَا لِلْجَنِينِ. الصَّائِغُ أُنْثَى الْخَصِيِّ تُؤْكَلُ، إذْ لَوْلَا حَيَاتُهَا لَنَتُنَتْ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ اسْتِثْقَالَ أَكْلِ عَشَرَةٍ دُونَ تَحْرِيمِ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْعَسِيبِ وَالْغُدَّةِ وَالطِّحَالِ وَالْعُرُوقِ وَالْمَرَارَةِ وَالْكُلْيَتَانِ وَالْحَشَا وَالْمَثَانَةِ وَأُذُنَيْ الْقَلْبِ. (وَإِنْ خَرَجَ) الْجَنِينُ الَّذِي تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ بَعْدَ ذَكَاتِهَا حَالَ كَوْنِهِ (حَيًّا) تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهُمَا (ذُكِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ: ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ الْجَنِينُ نَدَبًا فِي الثَّالِثِ وَوُجُوبًا فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَمَا لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ وَيَنْبُتْ شَعْرُهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ خَرَجَ حَيًّا وَذُكِّيَ (إلَّا أَنْ يُبَادَرَ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ الْخَارِجَ حَيًّا تَامَّ الْحَلْقِ نَابِتَ الشَّعْرِ، وَكَسْرِهَا أَيْ يُسَارِعُ صَاحِبُهُ إلَى تَذْكِيَتِهِ (فَيَفُوتُ) أَيْ: يَمُوتُ قَبْلَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ، فَيُؤْكَلُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ. ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ الْحَدِيثِ وَذَلِكَ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا أَوْ بِهِ رَمَقٌ مِنْ الْحَيَاةِ غَيْرَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنَّهُ يُذْبَحُ إنْ خَرَجَ يَتَحَرَّكُ، فَإِنْ سَبَقَهُمْ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يُذْبَحَ أُكِلَ، وَسَوَاءٌ مَاتَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِمَوْتِهَا أَوْ أَبْطَأَ مَوْتُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ وَفِيهِ رُوحٌ تُرْجَى حَيَاتُهُ أَوْ يُشَكُّ فِيهَا فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْحَيَاةِ رَمَقٌ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ، فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْبَابُ أَنْ يُذَكَّى عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهَا تُؤْكَلُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ إنْ خَرَجَ مَيِّتًا، وَأَمَّا إنْ بَقَرَ عَلَيْهِ فَأُخْرِجَ يَتَحَرَّكُ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ. اهـ. فَتَبَيَّنَ مِنْهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَإِلَى الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُكِّيَ أَيْ: وُجُوبًا فِي الْمَرْجُوِّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 450 وَذُكِّيَ الْمُزْلَقُ إنْ حَيِيَ مِثْلُهُ. وَافْتَقَرَ نَحْوُ الْجَرَادِ لَهَا بِمَا يَمُوتُ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ كَقَطْعِ جَنَاحٍ.   [منح الجليل] وَالْمَشْكُوكِ وَاسْتِحْبَابًا فِي الْمَيْئُوسِ مِنْهُ الَّذِي يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ خَاصٌّ بِالْمَيْئُوسِ مِنْهُ أَيْ: إلَّا أَنْ يُبَادِرَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يُذَكَّى فَيَفُوتَ اسْتِحْبَابُ ذَكَاتِهِ وَيُؤْكَلَ بِدُونِهَا، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَذُكِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْجَنِينُ (الْمُزْلَقُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ اللَّامِ آخِرُهُ قَافٌ أَيْ الَّذِي أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِي حَيَاتِهَا قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ حَمْلِهِ لِعَارِضٍ كَعَطَشٍ مِنْ ثَمَّ كَثْرَةُ شُرْبٍ (إنْ حَيِيَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى أَيْ عَاشَ (مِثْلُهُ) أَيْ: الْمُزْلَقُ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا لَا شَكًّا أَوْ وَهْمًا وَتَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ، وَاحْتَرَزَ بِحَيٍّ مِثْلُهُ مِمَّا لَا يَحْيَا مِثْلُهُ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ ذُكِّيَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ الْإِزْلَاقِ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ الْمُزْلَقُ الَّذِي لَمْ تَتَحَقَّقْ حَيَاتُهُ كَمَرِيضٍ أُيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ لِتَقَدُّمِ تَقَرُّرِ حَيَاتِهِ دُونَ الْمُزْلَقِ. (وَافْتَقَرَ) عَلَى الْمَشْهُورِ (نَحْوُ الْجَرَادِ) مِنْ كُلِّ بَرِّيٍّ مُبَاحٍ لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً (لَهَا) أَيْ: الذَّكَاةِ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ (بِمَا) أَيْ: فِعْلٍ (يَمُوتُ) نَحْوُ الْجَرَادِ (بِهِ) أَيْ: الْفِعْلِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمَا عَاجِلًا اتِّفَاقًا كَقَطْعِ رَأْسٍ وَإِلْقَاءٍ فِي نَارٍ أَوْ مَاءٍ حَارٍّ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ) أَيْ: الْفِعْلُ الْمَوْتَ بِحَسَبِ شَأْنِهِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ بِهِ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ تَرَاخَى الْمَوْتُ وَبَعُدَ عَنْهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَيُذَكَّى مَرَّةً أُخْرَى (كَقَطْعِ جَنَاحٍ) أَوْ رِجْلٍ أَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ بَارِدٍ وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْهُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذَا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ اهـ الْأَمِيرُ قَوْلُهُ وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْهُ فِيهِ أَنَّ هَذِهِ ذَكَاتُهُ وَتَقَدَّمَ لِلسَّيِّدِ تَخْصِيصُ. قَوْلِهِ وَدُونَ نِصْفٍ إلَخْ بِمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً،. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 451 بَابٌ) الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِر، وَالْبَحْرِيُّ وَإِنْ مَيْتًا، وَطَيْرٌ وَلَوْ جَلَّالَةً وَذَا مِخْلَبٍ؛ وَنَعَمٌ، وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ:   [منح الجليل] [بَابٌ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِر] بَابٌ) (فِي الْمُبَاحِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمُحَرَّمِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ) (الْمُبَاحُ) تَنَاوُلُهُ فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا (طَعَامٌ طَاهِرٌ) تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ (وَ) الْمُبَاحُ مِنْ الْحَيَوَانِ (الْبَحْرِيِّ) أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْبَحْرِ لِخَلْقِهِ وَحَيَاتِهِ فِيهِ إنْ أُخِذَ مِنْهُ حَيًّا، بَلْ (وَلَوْ) أُخِذَ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (مَيِّتًا) عب لَوْ زَادَ هُنَا وَآدَمِيُّهُ وَكَلْبُهُ وَخِنْزِيرُهُ وَأَسْقَطَ مَا يَذْكُرُهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ مِنْ الْكَرَاهَةِ لَوَافَقَ الرَّاجِحَ مِنْ إبَاحَةِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ (وَطَيْرٌ) إنْ لَمْ يَكُنْ جَلَّالَةً. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (جَلَّالَةً) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً وَهِيَ لُغَةً الْبَقَرُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي كُلِّ حَيَوَانٍ يَسْتَعْمِلُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذَا مِخْلَبٍ بَلْ (وَ) لَوْ كَانَ (ذَا مِخْلَبٍ) كَمُتَبَرٍّ وَهُوَ لِلطَّائِرِ وَالسَّبُعِ كَالظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ كَالْبَازِ وَالرَّخَمِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ إلَّا الْوَطْوَاطَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَجِيعُهُ نَجَسٌ. اهـ عب الْبُنَانِيُّ الرَّخَمُ بِفَتْحَتَيْنِ وَاحِدُهُ رَخَمَةٌ طَائِرٌ مَعْرُوفٌ يَأْكُلُ الْعَذِرَةَ وَيُسَمَّى الْأَنُوقُ أَيْضًا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَلَا يَبِيضُ إلَّا فِي مَحَلٍّ لَا يَصِلُ إلَيْهِ أَحَدٌ، وَفِي الْمَثَلِ أَعَزُّ مِنْ بَيْضِ الْأَنُوقِ. وَقَوْلُهُ إلَّا الْوَطْوَاطَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا نَقَلَهُ الْحَطّ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ التَّحْرِيمَ أَيْضًا. (وَ) الْمُبَاحُ (نَعَمٌ) إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ وَلَوْ جَلَّالَةً وَلَوْ تَغَيَّرَ لَحْمُهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَاتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَوَحْشٌ لَمْ يَفْتَرِسْ) كَغَزَالٍ وَبَقَرِ وَحْشٍ وَحُمُرِهِ وَضَبٍّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 452 كَيَرْبُوعٍ، وَخُلْدٍ وَوَبَرٍ، وَأَرْنَبٍ وَقُنْفُذٍ، وَضُرْبُوبٍ، وَحَيَّةٍ أُمِنَ سَمُّهَا،   [منح الجليل] بِخِلَافِ الْمُفْتَرِسِ لِآدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَيُكْرَهُ، وَعَبَّرَ بِهِ دُونَ لَمْ يَعْدُ لِأَنَّ الْعَدَاءَ خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ (كَيَرْبُوعٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَمُوَحَّدَةٍ آخِرُهُ عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ دَابَّةٌ قَدْرُ بِنْتِ عِرْسٍ رِجْلَاهَا أَطْوَلُ مِنْ يَدْيِهَا عَكْسُ الزَّرَافَةِ تَمْثِيلٌ لِغَيْرِ الْمُفْتَرِسِ (وَخُلْدٍ) مُثَلَّثِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَعَ فَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا، فَأْرٌ أَعْمَى بِالصَّحْرَاءِ وَالْأَجِنَّةِ لَا يَصِلُ لِلنَّجَاسَةِ أُعْطِيَ مِنْ الْحِسِّ مَا أَغْنَاهُ عَنْ الْإِبْصَارِ وَفَأْرُ الْبُيُوتِ يُكْرَهُ أَكْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ تُحُقِّقَ أَوْ ظُنَّ وُصُولُهُ لِلنَّجَاسَةِ فَإِنْ شُكَّ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ وَرَجِيعُ الْمَكْرُوهِ نَجَسٌ، وَرَجِيحُ الْمُبَاحِ طَاهِرٌ، وَأَمَّا بِنْتُ عِرْسٍ فَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ يَحْرُمُ أَكْلُهَا لِأَنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ يُكْرَهُ أَكْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَهُ الْحَطّ، وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ التَّحْرِيمَ أَيْضًا. (وَوَبْرٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ فَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِفَتْحِهَا مِنْ دَوَابِّ الْحِجَازِ فَوْقَ الْيَرْبُوعِ وَدُونَ السِّنَّوْرِ طَحْلَاءُ اللَّوْنِ حَسَنَةُ الْعَيْنَيْنِ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ لَا ذَنْبَ لَهَا تُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ جَمْعُهَا وُبْرٌ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ كَأُسْدٍ وَأَسَدٍ، وَوِبَارٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ، وَطَحْلَاءُ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَوْنُهَا بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْغُبْرَةِ. (وَأَرْنَبٍ) فَوْقَ الْهِرِّ وَدُونَ الثَّعْلَبِ فِي أُذُنَيْهِ طُولٌ وَرِجْلَاهُ أَطْوَلُ مِنْ يَدَيْهِ، وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ غَيْرُ صِفَةٍ كَأَسَدٍ فَهُوَ مُنْصَرِفٌ، فَإِنْ اُسْتُعْمِلَ صِفَةً لِرَجُلٍ بِمَعْنَى ذَلِيلٍ صُرِفَ أَيْضًا لِعُرُوضِ وَصْفِيَّتِهِ. (وَقُنْفُذٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَفَتْحِهِ وَإِعْجَامِ ذَالِهِ أَكْبَرُ مِنْ الْفَأْرِ كُلُّهُ شَوْكٌ إلَّا رَأْسَهُ وَبَطْنَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (وَضُرْبُوبٍ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ كَالْقُنْفُذِ فِي الشَّوْكِ، إلَّا أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ الشَّاةِ. (وَحَيَّةٌ) ذُكِيَتْ بِقَطْعِ حُلْقُومِهَا وَوَدَجَيْهَا مِنْ الْمُقَدَّمِ فَيُبَاحُ أَكْلُهَا إنْ (أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سَمُّهَا) مُثَلَّثُ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحُهَا أَفْصَحُ وَاحْتِيجَ لِأَكْلِهَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 453 وَخَشَاشُ أَرْضٍ، وَعَصِيرٌ، وَفُقَّاعٌ   [منح الجليل] وَلَهُ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَيُعْتَبَرُ أَمْنُ سَمِّهَا بِالنِّسْبَةِ لِمُسْتَعْمَلِهَا فَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِسَمِّهَا لِمَنْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ لِمَرَضِهِ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذَكَاتَهَا مِنْ الْمُقَدَّمِ لِأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ صِفَةُ ذَبْحِهَا أَنْ يَمْسِكَ ذَنَبَهَا وَرَأْسَهَا بِغَيْرِ عُنْفٍ وَتُثْنَى عَلَى مِسْمَارٍ مَضْرُوبٍ فِي لَوْحٍ، وَتُضْرَبُ بِآلَةٍ حَادَّةٍ رَزِينَةٍ فِي حَدِّ الرَّقِيقِ مِنْ رَقَبَتِهَا وَذَنَبِهَا مِنْ الْغَلِيظِ الَّذِي هُوَ وَسَطُهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً تَقْطَعُ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، إذْ مَتَى بَقِيَ جُزْءٌ يَسِيرٌ مُتَّصِلٌ فَسَدَتْ وَسَرَى مِنْهُ السَّمُّ إلَى وَسَطِهَا فَتَقْتُلُ آكِلَهَا بِسَرَيَانِ سَمِّهَا مِنْ رَأْسِهَا وَذَنَبِهَا إلَى وَسَطِهَا بِسَبَبِ غَضَبِهَا، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا. وَقَوْلُ شَيْخِنَا اللَّقَانِيِّ لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ مَا لِلْقَرَافِيِّ لِإِبَاحَةِ أَكْلِهَا وَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ لِطَهَارَتِهَا يَرُدُّهُ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِهَا إذَا ذُكِّيَتْ فِي مَوْضِعِ ذَكَاتِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرَةٌ، وَكَتَبَ اللَّقَانِيُّ عَلَى قَوْلِ الْقَرَافِيِّ وَتُثْنَى عَلَى مِسْمَارٍ اُنْظُرْ هَلْ تُثْنَى عَلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنُهَا أَعْلَى لِتَقَعَ الذَّكَاةُ فِي حَلْقِهَا وَوَدَجَيْهَا مِنْ الْمُقَدَّمِ فَيُثِيرُ غَضَبَهَا أَوْ عَلَى بَطْنِهَا عَلَى هَيْئَتِهَا الْمُعْتَادَةِ فِي مَشْيِهَا، لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَذْكِيَتُهَا مِنْ الْقَفَا، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّ تَذْكِيَتَهَا بِمَارَسْتَانِ مِصْرَ مِنْ الْقَفَا لَا مِنْ الْمُقَدَّمِ، وَبَعْضُهُمْ يَرْبِطُهَا بِخَيْطٍ وَقَالَ: إنَّهُ مَانِعٌ مِنْ سَرَيَانِ سَمِّهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ. قُلْتُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهَا عَلَى ظَهْرِهَا وَجَمْعِ رَأْسِهَا وَذَنَبِهَا بِرِفْقٍ سَرَيَانُ سَمِّهَا لِتَوَهُّمِهَا مُلَاعَبَتَهَا وَفِعْلَ مَا تَأْلَفُهُ بِهَا. (وَ) الْمُبَاحُ (خَشَاشُ أَرْضٍ) فَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفٌ عَلَى طَعَامٍ لَا مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى يَرْبُوعٍ إذْ لَيْسَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْوَحْشِ كَعَقْرَبٍ وَخُنْفُسَاءَ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَجُنْدُبٍ وَنَمْلٍ وَدُودٍ وَسُوسٍ وَحَلَمٍ وَأُضِيفَ لِلْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمُخْرِجٍ، وَيُبَادِرُ بِرُجُوعِهِ إلَيْهَا وَدَخَلَ فِيهِ الْوَزَغُ وَالسِّحْلِيَّةُ وَشَحْمَةُ الْأَرْضِ فَإِنَّهَا مِنْ الْمُبَاحِ وَإِنْ كَانَتْ مَيْتَتُهَا نَجِسَةً لَا تَظْهَرُ إلَّا بِذَكَاتِهَا فَقَوْلُهُمْ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ الْخَشَاشِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ نَجَاسَةِ مَيْتَتِهَا وَإِنْ دَخَلَتْ فِيهِ بِاعْتِبَارِ إبَاحَتِهَا بِذَكَاةٍ، لَكِنْ ذَكَرَ الْحَطّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْوَزَغَ لَا يُؤْكَلُ وَلَعَلَّهُ لِسَمِّهِ. (وَعَصِيرٌ) أَيْ مَاءُ الْعِنَبِ الْمَعْصُورِ أَوَّلَ عَصْرِهِ (وَفُقَّاعٌ) كَرُمَّانٍ شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 454 وَسُوبْيَا وَعَقِيدٌ أُمِنَ سُكْرُهُ. وَلِلضَّرُورَةِ مَا يَسُدُّ،   [منح الجليل] قَمْحٍ وَتَمْرٍ وَقِيلَ مَاءٌ جُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ حَتَّى انْحَلَّ إلَيْهِ (وَسُوبْيَا) شَرَابٌ يُتَّخَذُ مِنْ الْأُرْزِ يَطْبُخُهُ طَبْخًا شَدِيدًا حَتَّى يَذُوبَ فِي الْمَاءِ وَيُصَفَّى بِنَحْوِ مُنْخُلٍ وَيُحَلَّى بِسُكَّرٍ أَوْ عَسَلٍ (وَعَقِيدٌ) أَيْ مَاءُ عِنَبٍ يُغْلَى عَلَى النَّارِ حَتَّى يَنْعَقِدَ وَيَذْهَبَ إسْكَارُهُ الَّذِي حَصَلَ فِي ابْتِدَاءِ غَلَيَانِهِ وَيُسَمَّى الرُّبَّ الصَّامِتَ، وَلَا يُحَدُّ غَلَيَانُهُ بِذَهَابِ ثُلُثَيْهِ مَثَلًا وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ زَوَالُ إسْكَارِهِ، وَلِذَا قَالَ (أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سُكْرُهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ قَالَ سُكْرُهَا كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا عَدَا الْعَصِيرَ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إسْكَارٌ إلَّا بِإِضَافَةِ شَيْءٍ إلَيْهِ. (وَ) الْمُبَاحُ أَيْ الْمَأْذُونُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ وَاجِبٌ (لِلضَّرُورَةِ) أَيْ خَوْفِ هَلَاكِ النَّفْسِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا (مَا) أَيْ كُلُّ شَيْءٍ (يَسُدُّ) أَيْ يَحْفَظُ الْحَيَاةَ وَلَا يُشْتَرَطُ وُصُولُهُ إلَى حَالٍ يُشْرِفُ مَعَهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَإِنَّ الْأَكْلَ فِيهِ لَا يُفِيدُ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ يَسُدُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشِّبَعُ، وَهِيَ رِوَايَةُ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعَزَاهُ ابْنُ زَرْقُونٍ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الشِّبَعِ وَالتَّزَوُّدُ إلَى أَنْ يَجِدَ غَيْرَهَا وَنَصُّ الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْت فِي الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إلَى الْمَيِّتَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ مِنْهَا، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا. وَفِي الرِّسَالَةِ وَلَا بَأْسَ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ وَيَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ، فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا طَرَحَهَا. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ يَسُدُّ عَلَى سَدِّ الْجُوعِ لَا الرَّمَقِ، وَأَوْرَدَ لميه أَنَّهُ يَبْقَى عَلَيْهِ تَمَامُ الْقَوْلِ الرَّاجِحِ وَهُوَ التَّزَوُّدُ وَإِنْ تَزَوَّدَ مِنْ خِنْزِيرٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ ثُمَّ وَجَدَ مَيْتَةً تُقَدَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا طَرَحَهُ وَأَخَذَهَا، وَتَنَاوَلَ كَلَامُهُ الْمُتَلَبِّسَ بِمَعْصِيَةٍ وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ يُونُسَ وَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنُ جُزَيٍّ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَوَجْهُهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَصْرِ وَالْفِطْرِ أَنَّ مَنْعَهُ يُفْضِي إلَى الْقَتْلِ وَهُوَ لَيْسَ عُقُوبَةَ جِنَايَتِهِ بِخِلَافِهِمَا، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْمُتَلَبِّسَ بِمَعْصِيَةِ الْمُحَارَبَةِ عُقُوبَتُهُ الْقَتْلُ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْقَتْلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ بِالْجُوعِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: الجزء: 2 ¦ الصفحة: 455 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: 173] الْآيَةَ 12 البقرة، قَالَ وَلَهُ سَبِيلٌ إلَى أَنْ لَا يَقْتُلَ نَفْسَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَتُوبَ ثُمَّ يَتَنَاوَلَ لَحْمَ الْمَيْتَةِ بَعْدَ تَوْبَتِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} [البقرة: 173] غَيْرَ {مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} [المائدة: 3] وَلِلْمَشْهُورِ أَنْ يَقُولَ غَيْرَ بَاغٍ إلَخْ أَيْ فِي نَفْسِ الضَّرُورَةِ بِأَنْ يَتَجَانَفَ وَيَمِيلَ فِي الْبَاطِنِ لِشَهْوَتِهِ وَيَتَمَسَّكَ فِي الظَّاهِرِ بِالضَّرُورَةِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ اضْطِرَارًا صَادِقًا كَمَا قَالُوا كُلُّ رُخْصَةٍ لَا تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ يَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَلَوْ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، وَكُلُّ رُخْصَةٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ لَا يَفْعَلُهَا مَنْ عَصَى بِسَفَرِهِ وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا، فَإِذَا عَصَى بِسَفَرِهِ كَانَ السَّفَرُ كَالْعَدَمِ فَلَا مُبِيحَ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُبِيحُ غَيْرَ السَّفَرِ كَالضَّرُورَةِ بِحَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فَالْعِصْيَانُ فِي السَّفَرِ خَارِجٌ عَنْ الْمَعْنَى الْمُبِيحِ وَكَذَا كُلُّ مَعْصِيَةٍ فِي غَيْرِ الضَّرُورَةِ خَارِجَةٌ عَنْ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، فَإِنْ عَصَى فِي نَفْسِ السَّبَبِ الْمُبِيحِ كَأَنْ كَذَبَ فِي الضَّرُورَةِ وَبَغَى وَتَعَدَّى فِيهَا وَتَجَانَفَ لِلْإِثْمِ كَانَتْ كَالْعَدَمِ وَأَضَرَّ، لَكِنْ رُبَّمَا أُيِّدَ هَذَا الِاقْتِصَارُ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِبَاحَةِ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ يَحْرُمُ وَلَكِنْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ اهـ تت. الْمَشَذَّالِيُّ أَكْلُ الْمُضْطَرِّ الْمَيِّتَةَ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْإِبَاحَةِ أَوْ مِنْ بَابِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ، وَلَعَلَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ أَنَّهَا عَلَى الثَّانِي بَاقِيَةٌ عَلَى النَّجَاسَةِ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْهَا لِلْأَكْلِ فَيَغْسِلُ فَمَه وَيَدَهُ لِلصَّلَاةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَغْسِلُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ مُفْرَدَاتِ قَوْلِهِ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ. الْبِسَاطِيُّ اُخْتُلِفَ فِي تَنَاوُلِ الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ هَلْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ لَا وَالْأَوَّلُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْأَحَادِيثِ، وَالثَّانِي هُوَ التَّحْقِيقُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْمَيْتَةِ فَلَا تَنْفَكُّ عَنْهَا وَهِيَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ التَّحْرِيمِ، لَكِنْ هَذَا التَّحْرِيمُ لَا إثْمَ فِيهِ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ بِهِ اهـ عب وطفي وبن، لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْإِبَاحَةِ وَالطَّهَارَةِ وَلَا بَيْنَ الْمَنْعِ وَالنَّجَاسَةِ، بَلْ الْمُقَرَّرُ أَنَّ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالطَّاهِرِ الْعُمُومُ الْوَجْهِيُّ فَيَنْفَرِدُ الْمُبَاحُ عَنْ الطَّاهِرِ فِي نَجَسِ الْمَيْتَةِ لِمُضْطَرٍّ فَهِيَ لَهُ مُبَاحَةٌ مَعَ نَجَاسَتِهَا، وَقَوْلُهُ الْمُبَاحُ طَعَامٌ طَاهِرٌ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهَا صَارَتْ مِنْ مُفْرَدَاتِ قَوْلِهِ الْمُبَاحُ إلَخْ مَمْنُوعٌ وَكَذَا بَيْنَ النَّجَسِ وَالْمُحَرَّمِ الْعُمُومُ الْوَجْهِيُّ فَيَنْفَرِدُ النَّجَسُ عَنْ الْمُحَرَّمِ وَيَكُونُ مُبَاحًا فِي الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ فَمَا ذُكِرَ مِنْ وَهِيَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ التَّحْرِيمِ مَمْنُوعٌ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 456 غَيْرَ آدَمِيٍّ وَخَمْرٍ، إلَّا لِغُصَّةٍ. وَقَدَّمَ الْمَيِّتَ   [منح الجليل] الْأَمِيرُ قَوْلُ الْمَشَذَّالِيِّ أَوْ مِنْ بَابِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُبَاحًا عَلَى هَذَا، وَلَعَلَّ مُرَادُهُ كَالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا نَافَى مَا يُقَرِّرُونَهُ مِنْ الْعُمُومِ الْوَجْهِيِّ بَيْنَ مُبَاحٍ وَطَاهِرٍ وَنَجَسٍ وَمَمْنُوعٍ، وَمُحَصَّلُ التَّنْظِيرِ هَلْ التَّرْخِيصُ يَتَعَدَّى الْأَكْلَ أَمْ لَا وَالْأَنْسَبُ بِجَوَازِ الشِّبَعِ وَالتَّزَوُّدِ وَالتَّعَدِّي اهـ. وَتَدَبَّرْهُ مَعَ تَصْرِيحِ تت وَالْبِسَاطِيِّ بِالتَّحْرِيمِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَقَدْ نَصَّ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَغْسِلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ، وَإِذَا أُبِيحَتْ لَهُ لِلضَّرُورَةِ سَاغَ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهَا مِمَّا يَحِلُّ لَهُ وَلَوْ مُحَرَّمًا عَلَى غَيْرِهِ حَالَ كَوْنِ مَا يَسُدُّ. (غَيْرَ) مَيْتَةِ (آدَمِيٍّ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ فِي الْجَنَائِزِ ثُمَّ ذَكَرَ مُقَابِلَهُ وَنَصُّهُ وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ، وَصَحَّحَ أَكْلَهُ وَهَلْ حُرْمَتُهُ تَعَبُّدِيَّةٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ مُعَلَّلَةٌ بِإِيذَائِهِ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ إذَا جَافَ صَارَ سُمًّا (وَ) غَيْرَ (خَمْرٍ) فِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْخَمْرِ إذَا اُضْطُرَّ إلَيْهَا أَيَشْرَبُهَا قَالَ لَا وَلَنْ تَزِيدَهُ إلَّا شَرًّا. ابْنُ رُشْدٍ تَعْلِيلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَنَّهَا لَا تَزِيدُهُ إلَّا شَرًّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِي شُرْبِهَا مَنْفَعَةٌ لَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْرَبَهَا وَإِنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنِ الْمَيِّتَةِ وَالْخَمْرِ فِي إبَاحَتِهَا لِلْمُضْطَرِّ (إلَّا لِغُصَّةٍ) بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ إزَالَتُهَا بِالْخَمْرِ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُسِيغُهَا بِهِ غَيْرَهَا بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ ضَمِّهَا، وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ شَرِبَهَا لِغُصَّةٍ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَأَوْلَى مَعَ قَرِينَةِ صِدْقِهِ. (وَقَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُضْطَرُّ وُجُوبًا (الْمَيِّتَ) غَيْرَ الْآدَمِيِّ الْمُجْتَمَعِ مَعَ خِنْزِيرٍ حَيٍّ أَوْ مَذْبُوحٍ أَوْ مَعْقُورٍ؛ لِأَنَّ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ حَرَامٌ لِذَاتِهِ وَالْمَيْتَةُ لِوَصْفِهَا وَمَا حَرُمَ لِذَاتِهِ أَشَدُّ مِمَّا حَرُمَ لِوَصْفِهِ، وَهَذَا قَاصِرٌ عَلَى مَيْتَةِ الْمُبَاحِ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهَا تَحِلُّ بِالذَّكَاةِ وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْخِنْزِيرُ لَا يَحِلُّ إجْمَاعًا، وَالْمُحَرَّمُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ أَوْلَى بِالِارْتِكَابِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ مِنْ الْمُحَرَّمِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهِ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى زِنَاهُ بِأُخْتِهِ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَزْنِي بِالْأَجْنَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ بِالتَّزَوُّجِ بِهَا بِخِلَافِ أُخْتِهِ. اهـ. أَيْ عَلَى مُقَابِلِ قَوْلِهِ الْآتِي لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ وَقَطْعُهُ وَأَنْ يَزْنِيَ اهـ عب. الْأَمِيرُ قَوْلُهُ أَيْ عَلَى مُقَابِلِ إلَخْ يَأْتِي أَنَّ الَّذِي لَا يُبَاحُ بِالْقَتْلِ الزِّنَا بِذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 457 عَلَى خِنْزِيرٍ حَالَةَ الضَّرُورَةِ، وَصَيْدٍ لِمُحْرِمٍ، لَا لَحْمِهِ. . وَطَعَامٍ غَيْرٍ.؛   [منح الجليل] فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَنْ لَا مَالِكَ لِبَعْضِهَا اهـ. وَصِلَةُ قَدَّمَ (عَلَى خِنْزِيرٍ) حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ (وَ) قَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى (صَيْدٍ لِمُحْرِمٍ) أَيْ صَادَهُ مُحْرِمٌ حَيًّا. الْبَاجِيَّ مِنْ وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَلَا يُذَكِّي الصَّيْدَ؛ لِأَنَّهُ بِذَكَاتِهِ يَصِيرُ مَيْتَةً. ابْنُ عَاشِرٍ الْمُرَادُ بِالصَّيْدِ هُنَا الْمَصِيدُ الْحَيُّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا لَحْمُهُ، وَأَمَّا الِاصْطِيَادُ فَأَحْرَى (لَا) يُقَدِّمُ مُحْرِمٌ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً عَلَى (لَحْمِهِ) أَيْ صَيْدِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ صِيدَ لَهُ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ، بَلْ يُقَدَّمُ لَحْمُهُ عَلَى الْمَيْتَةِ وَتَقْدِيمُهُ هُوَ الْمُرَادُ وَإِنْ صَدَقَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِتَسَاوِيهِمَا فَلَوْ قَالَ عَكْسُ لَحْمِهِ وَطَعَامِ غَيْرٍ لَأَفَادَهُ صَرِيحًا فَالصُّوَرُ ثَلَاثَةٌ. الْأُولَى: الِاصْطِيَادُ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ وَحُرْمَةِ ذَبْحِ الصَّيْدِ. الثَّانِيَةُ: الصَّيْدُ الْحَيُّ الَّذِي صَادَهُ الْمُحْرِمُ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا ذَبَحَهُ صَارَ مَيْتَةً فَلَا فَائِدَةَ فِي ارْتِكَابِ هَذَا الْمُحَرَّمِ. الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ عِنْدَهُ صَيْدٌ صَادَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ لِمُحْرِمٍ وَذَبَحَ قَبْلَ اضْطِرَارِهِ فَهَذَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَيْتَةِ وَلَا تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَحْمَ صَيْدِ الْمُحْرِمِ حُرْمَتُهُ عَارِضَةٌ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْإِحْرَامِ، بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ فَحُرْمَتُهَا أَصْلِيَّةٌ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ لَا لَحْمُهُ وَهَلْ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَوَاهِرِ وَالْمُوَافِقُ لِلْمُوَطَّأِ فِي مَسْأَلَةِ طَعَامِ التَّغَيُّرِ أَوْ وَاجِبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ. (وَ) لَا تُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَى (طَعَامِ غَيْرٍ) بَلْ يُقَدَّمُ عَلَيْهَا نَدْبًا، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ وَجَدَ لَحْمَ الصَّيْدِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ خَاصٌّ. وَفِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا الْمَيْتَةُ مَعَ مَا صِيدَ لِأَجْلِ مُحْرِمٍ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْكُلُ الصَّيْدَ وَيُؤَدِّي جَزَاءَهُ أَحَبُّ إلَيْنَا. الْبَاجِيَّ يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ هَذَا مُذَكًّى مُبَاحٌ أَئِمَّةٌ مَشْهُورُونَ، فَكَانَ أَوْلَى مِنْ أَكْلِ مَا اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ مَيْتَةٌ وَكَذَا طَعَامُ الْغَيْرِ بِشَرْطِهِ، فَفِي الْمُوَطَّإِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 2 ¦ الصفحة: 458 إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ   [منح الجليل] عَنْ الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إلَى الْمَيْتَةِ أَيَأْكُلُ مِنْهَا وَهُوَ يَجِدُ ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا أَوْ غَنَمًا بِمَكَانِهِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ ظَنَّ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَنَمِ يُصَدِّقُونَهُ لِضَرُورَتِهِ حَتَّى لَا يُعَدُّ سَارِقًا فَتُقْطَعَ يَدُهُ رَأَيْت أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ وَجَدَ مَا يَرُدُّ بِهِ جَوْعَتَهُ وَلَا يَحْمِلْ مِنْهُ شَيْئًا وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ، وَإِنْ خَشِيَ أَنْ لَا يُصَدِّقُوهُ وَأَنْ يَعُدُّوهُ سَارِقًا إنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ فَأَكْلُ الْمَيْتَةِ خَيْرٌ لَهُ عِنْدِي وَلَهُ فِي أَكْلِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ سَعَةٌ. اهـ. إلَّا ضَالَّةَ الْإِبِلِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْتِقَاطِهَا. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا أَكَلَ مَالَ مُسْلِمٍ اقْتَصَرَ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ طُولَ طَرِيقِهِ فَيَتَزَوَّدَ مِنْهُ لِوُجُوبِ مُوَاسَاتِهِ إذَا جَاعَ. وَفِي الْمَوَّاقِ إذَا أَكَلَ الْمُضْطَرُّ مَالَ غَيْرِهِ فَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يَضْمَنُ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَجَدَ مَيْتَةً أَمْ لَا. وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ طَعَامِ الْغَيْرِ عَلَى الْمَيْتَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ) الْمُضْطَرُّ (الْقَطْعَ) لِيَدِهِ فِيمَا فِي سَرِقَتِهِ الْقَطْعُ كَتَمْرِ الْجَرِينِ وَغَنَمِ الْمُرَاحِ وَالضَّرْبَ فِيمَا لَا قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، فَلَوْ قَالَ كَالضَّرْبِ وَالْأَذَى فِيمَا لَا قَطْعَ فِيهِ لَشَمِلَ ذَلِكَ، فَإِنْ خَافَ الْقَطْعَ أَوْ الضَّرْبَ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ وَمَا سَيَأْتِي فِي السَّرِقَةِ مِنْ أَنَّ مَنْ سَرَقَ لِجُوعٍ لَا يُقْطَعُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ ثَبَتَ أَنَّ سَرِقَتَهُ لِجُوعٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَدَ مَيْتَةً، وَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَالَهُ عب. الْبَاجِيَّ فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الْمُوَطَّإِ السَّابِقَةِ وَهَذَا كَمَا قَالَ: إنَّ مَنْ اُضْطُرَّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ فَوَجَدَهَا وَوَجَدَ مَا لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا قَطْعَ فِيهِ كَالثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ وَنَحْوِهِ، أَوْ يَكُونُ مِمَّا فِيهِ الْقَطْعُ إذَا أُخِذَ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ كَالْمَالِ فِي الْحِرْزِ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا قَطْعَ فِيهِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ: إنْ خَفِيَ فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ وَإِنْ وَجَدَ ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا أَوْ غَنَمًا لِقَوْمٍ فَظَنَّ أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَلَا يَعُدُّوهُ سَارِقًا فَلْيَأْكُلْ مِنْ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمَيْتَةِ، فَشَرَطَ فِي الْأُولَى وَهِيَ الثَّمَرُ الْمُعَلَّقُ أَنْ يَخْفَى لَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 459 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِزَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ لِنَفْسِهِ فَرُبَّمَا أُوذِيَ أَوْ ضُرِبَ لَوْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يُعْذَرْ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الضَّرُورَةِ، وَشُرِطَ فِي الْأُخْرَى أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَهُوَ فِي الثَّمَرِ الَّذِي أَوَاهُ إلَى حِرْزِهِ، وَالزَّرْعِ الَّذِي حَصَدَ وَأُوِيَ إلَى حِرْزِهِ، وَالْغَنَمِ الَّتِي فِي حِرْزِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ رُبَّمَا تُقْطَعُ يَدُهُ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ يَخْفَى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ عَلَى وَجْهِ السِّرِّ هُوَ الَّذِي يُعَاقَبُ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مُعْلِنًا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَتَعَرَّضْ لِأَخْذِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْرَارِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ يَدِهِ اهـ كَلَامُ الْبَاجِيَّ. طفي قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مُعْلِنًا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ مُعْلِنًا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِمْ التَّصْدِيقَ، وَأَنْ لَا يَنْسُبُوهُ لِلسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ النِّسْبَةَ لِلسَّرِقَةِ الْمَنْفِيَّةِ بِالتَّصْدِيقِ فِيمَا أَخَذَهُ خِفْيَةً فَالْمَدَارُ عَلَى التَّصْدِيقِ، فَإِنْ عَلِمَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ خُفْيَةً وَجِهَارًا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا. أَمَّا الَّذِي لَا قَطْعَ فِيهِ فَلَهُ أَخْذُهُ خُفْيَةً كَمَا رَوَى مُحَمَّدٌ وَكَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُوَطَّإِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يُصَدِّقُونَهُ وَيَضْرِبُونَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا قَطْعَ فِيهِ، وَلِذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ أَيْ وَإِنْ خَافَ الضَّرْبَ. وَمَعْنَى إنْ لَمْ يَخَفْ الْقَطْعَ أَنْ يُصَدِّقُوهُ، فَقَوْلُ عج كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْكُلُ طَعَامَ الْغَيْرِ الَّذِي فِي سَرِقَتِهِ قَطْعٌ، وَإِنْ خَافَ بِسَرِقَتِهِ الضَّرْبَ وَالْإِذَايَةَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ. وَغَرَّهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ؛ لِأَنَّهُ نَقَلَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ اهـ الْبُنَانِيُّ. قُلْت وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَجَدْته مُوَافِقًا لَهُ فِي الْمَعْنَى، وَحَاصِلُهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ الْقَطْعُ يُشْتَرَطُ فِي أَخْذِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُقْطَعَ إنْ لَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَخْفَى لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ خِفْيَةً هُوَ مَحَلُّ الْقَطْعِ، وَأَمَّا مَا لَا قَطْعَ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ فِي أَخْذِهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَخْفَى لَهُ ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمَ أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُضْرَبَ وَيُؤْذَى، وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَبَيَّنَ لَك أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْإِذَايَةِ وَالضَّرْبِ فِيمَا لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 460 وَقَاتَلَ عَلَيْهِ. وَالْمُحَرَّمُ النَّجَسُ وَخِنْزِيرٌ.   [منح الجليل] قَطْعَ فِيهِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاحْتِرَازُ مِنْ الْقَطْعِ فِيمَا فِيهِ الْقَطْعُ، وَهَذَا عَيْنُ مَا قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَتَبِعَهُ عج وز فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ سَاقِطٌ لَا وَجْهَ لَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَ) إذَا امْتَنَعَ مَنْ لَهُ فَضْلُ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ مِنْ دَفْعِهِ لِيُضْطَرَّ إلَيْهِ (قَاتَلَ) الْمُضْطَرُّ وَلَوْ كَافِرًا جَوَازًا صَاحِبَ الطَّعَامِ (عَلَيْهِ) أَيْ الطَّعَامِ بَعْدَ أَنْ يُعْلِمَهُ بِاضْطِرَارِهِ وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِهِ مُخْتَارًا قَاتَلَهُ، فَإِنْ قَتَلَ الْمُضْطَرُّ صَاحِبَ الطَّعَامِ فَهَدَرٌ، وَإِنْ قَتَلَ رَبُّ الطَّعَامِ الْمُضْطَرَّ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُكَاتَبًا لَهُ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا مَثَلًا وَرَبُّ الطَّعَامِ مُسْلِمٌ فَلَا يُقْتَلْ بِهِ، وَمَحَلُّ مُقَاتَلَتِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَيْتَةٌ يُسْتَغْنَى بِهَا عَنْهُ وَيُرْشَدُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا خَافَ الضَّرْبَ بِأَخْذِهِ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ. (وَ) الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ (الْمُحَرَّمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً فِي الِاخْتِيَارِ (النَّجَسُ) أَصَالَةً أَوْ عُرُوضًا مِنْ جَامِدٍ أَوْ مَائِعٍ (وَخِنْزِيرٌ) بَرِّيٌّ (وَبَغْلٌ وَفَرَسٌ) وَلَوْ بِرْذَوْنًا (وَحِمَارٌ) إنْسِيٌّ أَصَالَةً بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (وَحْشِيًّا دَجَنَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ أَيْ تَأَنَّسَ، فَإِنْ تَوَحَّشَ صَارَ مُبَاحًا نَظَرًا لِرُجُوعِهِ لِأَصْلِهِ وَالْإِنْسِيُّ إذَا تَوَحَّشَ لَا يُبَاحُ اتِّفَاقًا نَظَرًا لِأَصْلِهِ، أَيْ مِنْ الْقَائِلِينَ بِحُرْمَتِهِ قَبْلَ تَوَحُّشِهِ إذْ فِيهِ قَبْلَ تَوَحُّشِهِ خِلَافٌ. ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ، وَثَالِثُهَا فِي الْخَيْلِ الْجَوَازُ، وَفِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ يَدْجُنُ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. التَّوْضِيحُ يُرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَأَنُّسُهُ نَاقِلًا لَلَزِمَ فِي الْحِمَارِ الْإِنْسِيِّ إذَا تَوَحَّشَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى الْإِبَاحَةِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُلُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمُرَاعَاةِ الِاحْتِيَاطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَحَصَّلَ الْحَطّ فِي الْكَلْبِ قَوْلَيْنِ التَّحْرِيمَ وَالْكَرَاهَةَ وَصَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ التَّحْرِيمَ. الْحَطّ وَلَمْ أَرَ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ نَقَلَ إبَاحَةَ الْكِلَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَكِنْ نَقَلَ قَبْلَهُ مِنْ الْجَوَاهِرِ الْقَوْلَ بِالْإِبَاحَةِ وَاعْتَرَضَهُ. (وَالْمَكْرُوهُ سَبُعٌ وَضَبُعٌ) شَمِلَ هُنَا الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ اسْمًا لِلْأُنْثَى خَاصَّةً كَمَا فِي الرِّضَى، بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّ الْبَاءِ، وَلَا يُقَالُ فِيهَا ضَبْعَانَةٌ وَيُثَنَّى مُؤَنَّثُهُ فَيُقَالُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 461 وَشَرَابُ خَلِيطَيْنِ..   [منح الجليل] ضَبُعَانِ، وَلَا يُثَنَّى مُفْرَدُهُ الْمُذَكَّرُ وَهُوَ ضِبْعَانٌ بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَسِرْحَانٍ لِاتِّفَاقِ لَفْظِهِ مَعَ لَفْظِ الْمُثَنَّى، وَلَا يُقَالُ فِي مُفْرَدِهِ الْمُذَكَّرِ ضَبُعٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا جَمْعٌ مُخْتَصٌّ وَمُشْتَرَكٌ، فَجَمْعُ الْمُذَكَّرِ الْمُخْتَصِّ بِهِ ضَبَاعِينُ كَسَرْحَانُ وَسَرَاحِينُ، وَجَمْعُ الْمُؤَنَّثِ الْمُخْتَصِّ بِهِ ضُبْعَانَاتٌ وَالْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا ضِبَاعٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ فِي كَرَاهَةِ وَمَنْعِ أَكْلِ السِّبَاعِ ثَالِثُهَا حُرْمَةُ عَادِيهَا كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالذِّئْبِ وَالْكَلْبِ وَكَرَاهَةِ غَيْرِهِ كَالدُّبِّ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ وَالْهِرِّ مُطْلَقًا، وَدَخَلَ فِي السَّبُعِ كُلُّ مَا يَعْدُو وَيَفْتَرِسُ، وَعُطِفَ عَلَيْهِ مَا يَفْتَرِسُ وَلَا يَعْدُو وَالْعَدَاءُ خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ، وَالِافْتِرَاسُ عَامٌّ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، فَالْهِرُّ مُفْتَرِسٌ لِلْفَأْرِ. وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ أَنَّ الضَّبُعَ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ. (وَثَعْلَبٌ وَذِئْبٌ وَهِرٌّ) إنْ كَانَ إنْسِيًّا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (وَحْشِيًّا وَفِيلٌ) تَشْهِيرُهُ الْكَرَاهَةُ فِي الْفِيلِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَيْنِ الْإِبَاحَةَ وَالتَّحْرِيمَ، وَزَادَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْكَرَاهَةَ وَصَحَّحَ فِي التَّوْضِيحِ الْإِبَاحَةَ فِيهِ وَفِي كُلِّ مَا قِيلَ: إنَّهُ مَمْسُوخٌ كَالْقِرْدِ وَالضَّبِّ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَ الْكَرَاهَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ تَشْهِيرُ الْكَرَاهَةِ فِي الْفِيلِ فِي عُهْدَةِ الْمُصَنِّفِ، وَبَقِيَ مِنْ الْمَكْرُوهِ فَهْدٌ وَدُبٌّ وَنَمِرٌ وَنِمْسٌ. ابْنُ شَاسٍ مَا اُخْتُلِفَ فِي مَسْخِهِ كَالْفِيلِ وَالدُّبِّ وَالْقُنْفُذِ وَالضَّبِّ، حَكَى اللَّخْمِيُّ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَتَحْرِيمِهِ خِلَافًا. (وَ) الْمَكْرُوهُ (كَلْبُ مَاءٍ وَخِنْزِيرِهِ) عب هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا مِنْ الْمُبَاحِ. ابْنُ غَازِيٍّ لَعَلَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ وَكَلْبُ مَاءٍ وَخِنْزِيرُهُ بِالْقَافِ مِنْ الْقَوْلِ، وَيَكُونُ إشَارَةً لِتَضْعِيفِهِ وَيَفُوتُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ النَّصُّ عَلَى حُكْمِ الْفِيلِ، وَإِضَافَةُ كَلْبٍ لِمَاءٍ أَخْرَجَتْ الْكَلْبَ الْإِنْسِيَّ وَفِيهِ قَوْلَانِ. قِيلَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ حَرَامٌ وَلَمْ يَرَ الْقَوْلَ بِإِبَاحَتِهِ. الشَّيْخُ دَاوُد شَيْخ تت يُؤَدَّبُ مَنْ نَسَبَهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (وَ) مِنْ الْمَكْرُوهِ شُرْبُ أَوْ اسْتِعْمَالُ (شَرَابِ خَلِيطَيْنِ) خَطَأً عِنْدَ النَّبْذِ أَوْ الشُّرْبِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 462 وَنَبَذَ بِكَدُبَّاءٍ. ، وَفِي كُرْهِ الْقِرْدِ وَالطِّينِ وَمَنْعِهِ: قَوْلَانِ. .   [منح الجليل] كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ أَوْ تِينٍ وَزَهْوٍ أَوْ بُسْرٍ مَعَ رُطَبٍ أَوْ تَمْرٍ وَحِنْطَةٍ مَعَ شَعِيرٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ تِينٍ أَوْ عَسَلٍ، وَأَمَّا طَرْحُ عَسَلٍ فِي نَبِيذِهِ أَوْ تَمْرٍ فِي نَبِيذِهِ أَوْ شَيْءٍ غَيْرُهُمَا فِي نَبِيذِهِ فَجَائِزٌ كَمَا فِيهَا، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ يُمْكِنُ الْإِسْكَارُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ فَإِنْ حَصَلَ حَرُمَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِقِصَرِ الزَّمَنِ فَلَا كَرَاهَةَ. وَمِثْلُ قِصَرِ مُدَّةِ النَّبْذِ مَا لَا يُمْكِنُ الْإِسْكَارُ مِنْهُمَا كَخَلْطِ سَمْنٍ بِعَسَلٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيَّ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّ خَلْطَهُمَا عِنْدَ الشُّرْبِ هُوَ الْمَكْرُوهُ وَهُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ شَرَابُ الْخَلِيطَيْنِ نَبِيذَانِ وَيُخْلَطَانِ عِنْدَ الشُّرْبِ نَهَى عَنْهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ تَعَبُّدٌ لَا لِعِلَّةٍ. (وَ) كُرِهَ (نَبْذٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ بَلْ لِتَمْرٍ وَنَحْوِهِ (بِكَدُبَّاءٍ) بِضَمِّ الدَّالِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ وَيَجُوزُ قَصْرُهُ وَهُوَ الْقَرْعُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: خَاصٌّ بِالْمُسْتَدِيرِ أَيْ يُكْرَهُ أَنْ يُجْعَلَ فِيهِ مَاءٌ وَيُلْقَى فِيهِ تَمْرٌ أَوْ زَبِيبٌ أَوْ تِينٌ وَيُتْرَكَ حَتَّى يَتَحَلَّلَ فِي الْمَاءِ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْحَنْتَمُ أَيْ الْفَخَّارُ الْمَطْلِيُّ بِالزُّجَاجِ وَالنَّقِيرُ مِنْ جِذْعِ نَخْلَةٍ وَالْمُقَيَّرُ أَيْ الْمَطْلِيُّ بِالْقَارِ، أَيْ الزِّفْتِ. وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَمِيعِ خَوْفُ تَعْجِيلِ الْإِسْكَارِ أَفَادَهُ عب. وَقَالَ طفي الصَّوَابُ قَصْرُ مَا دَخَلَ بِالْكَافِ عَلَى الْمُزَفَّتِ فَقَطْ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ، وَعَدَمُ إدْخَالِ الْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ لِيُوَافِقَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَإِدْخَالُهُمَا يُوجِبُ إجْرَاءَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ كَرَاهَتُهُمَا إلَّا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي النَّقِيرِ. وَفِي الْمَوَّاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْبَذُ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَلَا أَكْرَهُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْفَخَّارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الظُّرُوفِ. قِيلَ: أَلَيْسَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الظُّرُوفِ ثُمَّ وَسَّعَ فِيهَا» قَالَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ثَبَتَ «نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ» فَلَا يُنْبَذْ فِيهِمَا، وَقَدْ قَرَّرَهُ الْخَرَشِيُّ عَلَى الصَّوَابِ. (وَفِي كُرْهِ) أَكْلِ (الْقِرْدِ وَالطِّينِ وَمَنْعِهِ) أَيْ الْأَكْلِ أَوْ مَا ذُكِرَ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَعَلَّلَ مَنْعَ أَكْلِ الْقِرْدِ بِأَنَّهُ مَمْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَكَرَاهَتُهُ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] وَعُلِّلَ مَنْعُ أَكْلِ الطِّينِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 463 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِإِذَايَتِهِ وَمِثْلُ الْقِرْدِ النَّسْنَاسُ وَمِثْلُ الطِّينِ التُّرَابُ، وَعَلَى إبَاحَةِ الْقِرْدِ فَالِاكْتِسَابُ بِهِ حَلَالٌ وَكَذَا ثَمَنُهُ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَيَحْرُمُ عَلَى حُرْمَتِهِ وَيُرَدُّ لِمَوْضِعِهِ وَقَدْ جُلِبَ قِرْدٌ مِنْ الشَّامِ إلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِرَدِّهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي جُلِبَ مِنْهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ الطِّينِ الطِّينُ الَّذِي تَشْتَاقُ الْحَامِلُ لَهُ وَتَخَافُ عَلَى جَنِينِهَا فَيُرَخَّصُ لَهَا قَطْعًا فِي أَكْلِهِ، قَالَهُ ابْنُ غَلَّابٍ. وَقَوْلُهُ وَيَخَافُ بِالْوَاوِ وَأَحَدُهُمَا فِيهِ قَوْلَانِ. وَفِي الْإِرْشَادِ وَالنَّبَاتَاتُ كُلُّهَا مُبَاحَةٌ إلَّا مَا فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ تَغْطِيَةُ عَقْلٍ كَالْبَنْجِ وَنَحْوِهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 464 بَابٌ) سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لَا تُجْحِفُ،   [منح الجليل] [بَابٌ فِي الضَّحِيَّة وَالْعَقِيقَة] (سُنَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ عَيْنًا (لِ) شَخْصٍ (حُرٍّ) وَلَوْ أُنْثَى أَوْ مُسَافِرًا فَلَا تُسَنُّ لِرَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ (غَيْرِ حَاجٍّ) فَلَا تُسَنُّ لِحَاجٍّ، سَوَاءٌ كَانَ بِمِنًى أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فَكَذَا الضَّحِيَّةُ، وَدَخَلَ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ الْمُعْتَمِرُ فَتُسَنُّ فِي حَقِّهِ حَالَ كَوْنِ غَيْرِ الْحَاجِّ (بِمِنًى) فَأَوْلَى إنْ كَانَ بِغَيْرِهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمًا بِهَا. طفي كَأَنَّهُ حَوَّمَ عَلَى قَوْلِهَا وَهِيَ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ الْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ إلَّا الْحَاجَّ فَلَيْسَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ سُكَّانِ مِنًى. اهـ. فَاقْتَصَرَ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ فَيُفْهَمُ أَنَّ الْحَاجَّ مِنْ غَيْرِ سُكَّانِ مِنًى مِنْ بَابِ أَوْلَى وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ دَخَلَ فِي غَيْرِ الْحَاجِّ،. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بِمِنًى نَعْتُ حَاجٍّ وَنَائِبُ فَاعِلٍ سُنَّ (ضَحِيَّةٌ) وَيُقَالُ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِهِ وَأَضْحَاةٌ وَأَضْحَى أَيْ تَضْحِيَةٌ وَلَوْ حُكْمًا كَمُشْرَكٍ فِي الْأَجْرِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، فَنِيَّةُ إدْخَالِهِ كَفِعْلِ نَفْسِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ قُوتِلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ وَالِدَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَا عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَا عَنْ رَقِيقِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُضَحِّيَ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَالِدٍ عب لُزُومُهَا الشَّخْصَ عَنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ كَالصَّوْمِ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تُؤَدَّى عَمَّنْ ذُكِرَ كَالزَّوْجَةِ اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ الصَّوْمَ قُرْبَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَالضَّحِيَّةُ قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ تَقْبَلُهَا. وَنَعَتَ ضَحِيَّةً بِجُمْلَةِ (لَا تُجْحِفُ) أَيْ تُتْعِبُ وَلَا تَضُرُّ التَّضْحِيَةُ الْحُرَّ غَيْرَ الْحَاجِّ بِأَنْ لَا يَحْتَاجَ لِثَمَنِهَا لِأَمْرٍ ضَرُورِيٍّ فِي عَامِهِ، فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ فِيهِ فَلَا تُسَنُّ لَهُ. وَهَلْ يُسَنُّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 465 وَإِنْ يَتِيمًا بِجَذَعِ ضَأْنٍ، وَثَنِيِّ مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ: ذِي سَنَةٍ، وَثَلَاثٍ، وَخَمْسٍ. بِلَا شِرْكٍ، إلَّا فِي الْأَجْرِ؛   [منح الجليل] تَسَلُّفُ ثَمَنِهَا لِمَنْ يَرْجُو وَفَاءَهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ نَاجِي أَوَّلًا وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ كَانَ الْحُرُّ غَيْرَ الْحَاجِّ غَيْرَ يَتِيمٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (يَتِيمًا) أَيْ صَغِيرًا مَاتَ أَبُوهُ وَيُخَاطَبُ وَلِيُّهُ بِفِعْلِهَا عَنْهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَلَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ضَحَّى عَنْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ لِقَاضٍ مَالِكِيٍّ إنْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ بِالْأَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ وَصِلَةُ ضَحِيَّةٌ أَيْ تَضْحِيَةٌ (بِجَذَعِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (ضَأْنٍ وَثَنِيِّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَشَدِّ الْيَاءِ (مَعْزٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ ذِي) أَيْ صَاحِبِ (سَنَةٍ) بَيَانٌ لِجَذَعِ الضَّأْنِ وَثَنِيِّ الْمَعْزِ وَعَلَامَتُهُ أَنْ يَرْقُدَ صُوفُ ظُهْرِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْزِ دُخُولُهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا كَمَا تُفِيدُهُ الرِّسَالَةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُلَقِّحُ فِيهِ أَيْ تَحْمِلُ مِنْهُ الْأُنْثَى وَحْدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَشَهْرٍ. (وَ) ذِي (ثَلَاثٍ) بَيَانٌ لِثَنِيِّ الْبَقَرِ (وَ) ذِي (خَمْسٍ) بَيَانٌ لِثَنِيِّ الْإِبِلِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّنَةُ الْقَمَرِيَّةُ، وَلَوْ نَقَصَ بَعْضُ شُهُورِهَا وَيُلْغَى يَوْمُ وِلَادَتِهِ إنْ وُلِدَ بَعْدَ فَجْرِهِ، فَإِنْ وُلِدَ الضَّأْنُ لَيْلَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ صَحَّتْ تَضْحِيَتُهُ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ الْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ، وَيُتَمِّمُ شَهْرَ وِلَادَتِهِ الَّذِي وُلِدَ فِي أَثْنَائِهِ بِالْعَدَدِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا أَنَّ جَذَعَ الْغَنَمِ يَحْمِلُ وَغَيْرُهَا لَا يَحْمِلُ إلَّا ثَنِيَّهُ حَالَ كَوْنِ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ. (بِلَا شِرْكٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ اشْتِرَاكٍ فِي ذَاتِهِ فَلَا تَصِحُّ التَّضْحِيَةُ بِمُشْتَرَكٍ فِي ذَاتِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ إعْطَاءٍ. (إلَّا فِي الْأَجْرِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الثَّوَابِ فَيَجُوزُ التَّشْرِيكُ فِيهِ قَبْلَ التَّضْحِيَةِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ، وَفَائِدَةُ التَّشْرِيكِ فِيهِ سُقُوطُ طَلَبِهَا عَنْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وَلَوْ غَنِيًّا وَإِنْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ الشُّرُوطِ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّشْرِيكُ بَعْدَ التَّضْحِيَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ إجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا وَلَحْمُهَا لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَرَّكَ فِي الْأَجْرِ وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ، الْأُولَى: أَنْ يُدْخِلَهُ مَعَهُ فِي ضَحِيَّتِهِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَدْخُلُ الْمُضَحِّي مَعَهُمْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 466 وَإِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ؛ إنْ سَكَنَ مَعَهُ وَقَرُبَ لَهُ؛ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَبَرُّعًا. وَإِنْ جَمَّاءَ.   [منح الجليل] فِيهَا. وَيُشْتَرَطُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ دُونَ الثَّانِيَةِ أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ. اللَّهُمَّ: هَذَا عَمَّا شَهِدَ لِي بِالْبَلَاغِ وَشَهِدْت لَهُ بِالتَّصْدِيقِ إنْ كَانَ الْمُشْرَكُ فِي الْأَجْرِ سَبْعَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشْرَكُ فِي أَجْرِهَا (أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ) وَيَجُوزُ التَّشْرِيكُ فِي الْأَجْرِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (سَكَنَ مَعَهُ) أَيْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ يُغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابٌ وَاحِدٌ عب. وَالْخَرَشِيُّ هَذَا فِيمَنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا، فَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ سُكْنَاهُ مَعَهُ. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُمَا هَذَا التَّفْصِيلُ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرَ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْعَوْفِيِّ مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ أَصْلًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ السُّكْنَى مَعَهُ شَرْطٌ مُطْلَقًا. (وَ) إنْ (قَرُبَ) الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (لَهُ) أَوْ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ نَسَبًا وَلَوْ حُكْمًا كَزَوْجَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ فَلَهُ إدْخَالُهُمَا مَعَهُ فِي الْأَجْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى عِيَاضٌ لِلزَّوْجَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْقَرِيبِ. ابْنُ حَبِيبٍ ذُو الرِّقِّ كَأُمِّ الْوَلَدِ فِي صِحَّةِ إدْخَالِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُقَابِلًا. وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ قَائِلًا الزَّوْجِيَّةُ آكَدُ مِنْ الْقَرَابَةِ وَنَحْوِهِ لِلْمَازِرِيِّ، وَفِي الْبَيَانِ مَا نَصُّهُ وَأَهْلُ بَيْتِ الرَّجُلِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُدْخِلَهُمْ فِي أُضْحِيَّتِهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَزْوَاجُهُ وَمَنْ فِي عِيَالِهِ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ كَانُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ أَوْ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، غَيْرَ أَنَّ مَنْ كَانَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَزِمَهُ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْهُمْ إنْ لَمْ يُدْخِلْهُمْ فِي أُضْحِيَّتِهِ حَاشَا الزَّوْجَةَ. (وَ) إنْ (أَنْفَقَ) الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وُجُوبًا كَأَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ وَوَلَدِهِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ الصَّغِيرِ أَوْ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ، بَلْ (وَإِنْ) أَنْفَقَ عَلَيْهِ (تَبَرُّعًا) كَأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَجَدِّهِ وَأَبَوَيْهِ وَأَوْلَادِهِ الَّذِينَ لَهُمْ مَالٌ إنْ كَانَ جَذَعُ الْغَنَمِ وَثَنِيُّ الْبَقَرِ ذَا قَرْنَيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ الضَّحِيَّةُ (جَمَّاءَ) أَيْ مَحْلُوقَةً بِلَا قَرْنٍ مِنْ نَوْعٍ مَا لَهُ قَرْنٌ فَتُجْزِئُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 467 وَمُقْعَدَةً لِشَحْمٍ، وَمَكْسُورَةَ قَرْنٍ؛ لَا إنْ أَدْمَى كَبَيِّنِ: مَرَضٍ، وَجَرَبٍ، وَبَشَمٍ، وَجُنُونٍ. وَهُزَالٍ، وَعَرَجٍ، وَعَوَرٍ، وَفَائِتِ جُزْءٍ   [منح الجليل] إجْمَاعًا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُسْتَأْصَلَةَ الْقَرْنَيْنِ عُرُوضًا فَفِيهَا قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إجْزَاءِ مُسْتَأْصَلَةِ الْقَرْنَيْنِ دُونَ إدْمَاءٍ نَقْلَا الشَّيْخِ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ. (وَمُقْعَدَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ عَاجِزَةً عَنْ الْقِيَامِ (لِ) كَثْرَةِ (شَحْمٍ وَمَكْسُورَةً) جِنْسُ (قَرْنٍ) مِنْ طَرَفِهِ أَوْ أَصْلُهُ وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَقْصًا فِي خِلْقَةٍ وَلَا لَحْمٍ إنْ بَرِئَ وَلَمْ يُدْمِ (لَا) تُجْزِئُ مَكْسُورَتُهُ (أَنْ أَدْمَى) أَيْ سَالَ دَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَالْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ بُرْئِهِ لَا خُصُوصُ السَّيَلَانِ، فَلَوْ قَالَ إنْ بَرِئَ كَانَ أَحْسَنَ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَبَيِّنِ) بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً أَيْ ظَاهِرِ (مَرَضٍ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَهُوَ الَّذِي لَا تُتْرَفُ مَعَهُ كَتَصَرُّفِ السَّلِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ اللَّحْمَ وَيَضُرُّ مَنْ يَأْكُلُهُ (وَ) بَيْنَ (جَرَبٍ وَ) بَيِّنُ (بَشَمٍ) أَيْ تُخَمَةٍ مِنْ أَكْلٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ أَوْ كَثِيرٍ وَالْمَرَضُ النَّاشِئُ عَنْهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهِ بَيِّنًا. وَهَذَا مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا إسْهَالٌ. (وَ) بَيِّنُ (جُنُونٍ) أَيْ فَقْدِ إلْهَامٍ وَأَمَّا الثَّوْلَاءُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ الَّتِي تَدُورُ فِي مَوْضِعِهَا وَلَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ فَقَالَ أَبُو عُمَرَ لَا بَأْسَ بِهَا إنْ كَانَتْ سَمِينَةً الْحَطّ الْأَوْلَى، وَدَائِمِ جُنُونٍ؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ غَيْرُ الدَّائِمِ لَا يَضُرُّ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَخْذُهُ مِنْ بَيِّنٍ غَيْرُ وَاضِحٍ. (وَ) بَيْنَ (هُزَالٍ) وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: أَيْ لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا لِشِدَّةِ هُزَالِهَا، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ الَّتِي لَا شَحْمَ فِيهَا، وَفَسَّرَهَا ابْنُ الْجَلَّابِ وَغَيْرُهُ بِالْوَجْهَيْنِ. (وَ) بَيِّنُ (عَرَجٍ) هُوَ الَّذِي يَمْنَعُهَا مِنْ مُسَايَرَةِ أَمْثَالِهَا (وَ) بَيِّنُ (عَوَرٍ) أَيْ ذَهَابُ بَصَرِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْعَيْنِ بَاقِيَةً وَمِثْلُهُ ذَهَابُ أَكْثَرِ بَصَرِ الْعَيْنِ. الْبَاجِيَّ إذَا كَانَ فِي عَيْنِ الْأُضْحِيَّةِ بَيَاضٌ عَلَى النَّاظِرِ، فَإِنْ مَنَعَهَا الرُّؤْيَةَ فَهِيَ الْعَوْرَاءُ وَكَذَا عِنْدِي لَوْ ذَهَبَ أَكْثَرُ بَصَرِهَا (وَفَائِتِ) أَيْ ذَاهِبِ وَنَاقِصِ (جُزْءٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا بَيَّنَ فَالْمَعْنَى لَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 468 غَيْرِ خُصْيَةٍ وَصَمْعَاءَ جِدًّا، وَذِي أُمِّ وَحْشِيَّةٍ. وَبَتْرَاءَ، وَبَكْمَاءَ وَبَخْرَاءَ، وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ،   [منح الجليل] يُجْزِئُ فَائِتُ جُزْءٍ كَيَدٍ أَوْ رِجْلٍ بِقَطْعٍ أَوْ خِلْقَةً كَانَ الْجُزْءُ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا (غَيْرِ خُصْيَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا، أَيْ بَيْضَةٍ، وَأَمَّا نَاقِصُ خُصْيَةٍ خِلْقَةً فَيُجْزِئُ. وَكَذَا بِخَصِيٍّ إنْ لَمْ يُمَرِّضْهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي النَّقْلِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ بَيِّنٍ وَلَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِهِ، فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَدَلَّ قَوْلُهُ خُصْيَةٌ عَلَى أَنَّ مَا خُلِقَ بِلَا خُصْيَةٍ يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِذَا عَبَّرَ بِهَا وَلَمْ يُعَبِّرْ بِخَصِيٍّ لِاقْتِضَائِهِ قَصْرَ الْإِجْزَاءِ عَلَى مَا قُطِعَ مِنْهُ إذْ مَا خُلِقَ بِدُونِهَا لَا يُسَمَّى خَصِيًّا عُرْفًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَصِيِّ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَا لَيْسَ لَهُ أُنْثَيَانِ كَمَا فِي كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَمَا لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ وَمَا لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَصِيُّ مَشْقُوقَ الْجَلْدَتَيْنِ بِإِخْرَاجِ الْبَيْضَتَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ مَقْطُوعَ الْجَلْدَتَيْنِ، وَاغْتُفِرَ نَقْصُ الْخُصْيَةِ لِعَوْدِهِ بِمَنْفَعَةٍ عَلَى اللَّحْمِ. (وَ) كَبَهِيمَةٍ (صَمَّاءَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَعَ الْمَدِّ أَيْ صَغِيرَةِ الْأُذُنَيْنِ (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ بِحَيْثُ تَصِيرُ كَأَنَّهَا بِلَا أُذُنَيْنِ فَلَا تُجْزِئُ (وَذِي) أَيْ صَاحِبُ (أُمٍّ وَحْشِيَّةٍ) أَيْ مَنْسُوبَةٍ لِلْوَحْشِ لِكَوْنِهَا مِنْهُ نِسْبَةُ جُزْئِيٍّ لِكُلِّيَّةٍ وَأَبٌ مِنْ النَّعَمِ بِأَنْ ضَرَبَ فَحْلُ إنْسِيٍّ فِي أُنْثَى وَحْشِيَّةٍ فَأَنْتَجَتْ فَلَا يُجْزِئُ نِتَاجُهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرَ النَّاطِقِ إنَّمَا يَلْحَقُ بِأُمِّهِ وَمَا أُمُّهُ إنْسِيَّةٌ وَأَبُوهُ وَحْشِيٌّ لَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أُمٍّ. (وَبَتْرَاءَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَمْدُودًا أَيْ لَا ذَنَبَ لَهَا خِلْقَةً أَوْ طُرُوءًا مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ ذَنَبٌ لَا تُجْزِئُ (وَبَكْمَاءَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَمْدُودًا أَيْ فَاقِدَةُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ عَادِيٍّ فَلَا تُجْزِئُ، فَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ عَادِيٍّ كَالنَّاقَةِ إذَا مَضَى لَهَا مِنْ حَمْلِهَا أَشْهُرٌ تَبْكَمُ وَلَا تُصَوِّتُ وَلَوْ قُطِّعَتْ فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. (وَبَخْرَاءَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُنْتِنَةِ رَائِحَةِ فَمِهَا فَلَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَيُغَيِّرُ اللَّحْمَ أَوْ بَعْضَهُ إلَّا مَا كَانَ أَصْلِيًّا كَبَعْضِ الْإِبِلِ (وَيَابِسَةِ ضَرْعٍ) أَيْ جَمِيعِهِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 469 وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ، وَمَكْسُورَةِ سِنٍّ، لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ. وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ، لَا أُذُنٍ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ لَآخِرِ الثَّالِثِ وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ. أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ؟ قَوْلَانِ،   [منح الجليل] وَأَمَّا الَّتِي تُرْضِعُ بِبَعْضِهِ فَتُجْزِئُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ يُبْسِهِ خُرُوجُ دَمٍ وَنَحْوِهِ مِنْهُ (وَمَشْقُوقَةِ أُذُنٍ) أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَهَا أَجْزَأَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِإِجْزَائِهَا مَعَ ذَهَابِهِ فَأَوْلَى مَعَ شَقِّهِ. (وَمَكْسُورَةِ) جِنْسِ (سِنٍّ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا كَسْرُ سِنِّ وَاحِدَةٍ فَصَحَّحَ فِي الشَّامِلِ الْإِجْزَاءَ مَعَهُ وَمَقْلُوعُهَا (لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ صِلَةُ مَحْذُوفٍ وَمَفْهُومُ لِغَيْرِ إلَخْ أَنَّ مَا قُلِعَتْ أَسْنَانُهُ لِإِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ يُجْزِئُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ حَفْرُ الْأَسْنَانِ كَمَا رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ. (وَذَاهِبَةِ ثُلُثِ ذَنَبٍ) فَلَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ وَعَظْمٌ (لَا) ثُلُثِ (أُذُنٍ) فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ؛ لِأَنَّهُ جِلْدٌ، وَابْتِدَاءُ وَقْتِهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ الْإِمَامِ (عَنْ) تَمَامِ (ذَبْحِ الْإِمَامِ) وَلِلْإِمَامِ مِنْ فَرَاغِ خُطْبَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ مُضِيِّ قَدْرِهِ إنْ لَمْ يَذْبَحْ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ نَاجِي، وَتَجْرِي هُنَا الصُّوَرُ التِّسْعُ الَّتِي سَبَقَتْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ فَمَتَى ابْتَدَأَ التَّزْكِيَةَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ فَلَا تُجْزِئُ ضَحِيَّةٌ سَوَاءٌ خَتَمَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ وَإِنْ ابْتَدَأَهَا بَعْدَهُ فَإِنْ خَتَمَهَا قَبْلَهُ لَمْ تُجْزِ، وَإِنْ خَتَمَهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَتْ وَيَسْتَمِرُّ وَقْتُهَا (لِآخِرِ) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) لِيَوْمِ الْعِيدِ وَيَفُوتُ بِغُرُوبِهِ وَإِمَامُ الطَّاعَةِ إنْ صَلَّى إمَامًا بِالنَّاسِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَتَذْكِيَتُهُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ اتِّفَاقًا. (وَ) إلَّا فَ (هَلْ) الْإِمَامُ الْمُقْتَدَى بِهِ فِي الذَّبْحِ (هُوَ) إمَامُ الطَّاعَةِ وَهُوَ (الْعَبَّاسِيُّ) فَيَلْزَمُ تَحَرِّي أَهْلِ بِلَادِهِ كُلِّهَا تَذْكِيَتَهُ (أَوْ إمَامُ الصَّلَاةِ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهَا سَوَاءٌ اُسْتُخْلِفَ عَلَى غَيْرِهَا أَيْضًا أَمْ لَا (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يُبْرِزْ الْعَبَّاسِيُّ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا، وَمَنْ لَا خَلِيفَةَ لَهُمْ الْمُعْتَبَرُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 470 وَلَا يُرَاعَى قَدْرُهُ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ وَأَعَادَ سَابِقَهُ، إلَّا الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إمَامٍ: كَأَنْ لَمْ يَبْرُزْهَا، وَتَوَانَى بِلَا عُذْرٍ قَدْرَهُ، وَبِهِ اُنْتُظِرَ   [منح الجليل] إمَامُ صَلَاتِهَا اتِّفَاقًا أَفَادَهُ عب. طفي الْعَبَّاسِيُّ صَوَابُهُ إمَامُ الطَّاعَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْعَبَّاسِيِّ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُمَا عَبَّرَا بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا فِي زَمَانِ وِلَايَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِخِلَافِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ وَهَمَّتْ عِبَارَتُهُ الشَّارِحَ فَقَالَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ يُسْتَحَبُّ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا وَتَبِعَهُ عج، وَقَدْ خَرَجَا بِذَلِكَ عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ زُفَرَ فَيَلْزَمُ تَحَرِّي أَهْلِ بِلَادِهِ كُلِّهَا لِذَبْحِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقُصُورٌ بَلْ عَلَى الْقَوْلِ كُلُّ بَلَدٍ يَعْتَبِرُ عَامِلَهَا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْمُعْتَبَرُ إمَامُ الطَّاعَةِ كَالْعَبَّاسِيِّ الْيَوْمَ، أَوْ مَنْ أَقَامَهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِبَلَدِهِ أَوْ عَمَلِهِ عَلَى بَلَدٍ مِنْ بُلْدَانِهِ، وَالْخِلَافُ جَرَى بَيْنَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ. وَعِبَارَةُ الثَّانِي الْمَرَاغِيُّ الْإِمَامُ الَّذِي يُصَلِّي صَلَاةَ الْعِيدِ بِالنَّاسِ إذَا كَانَ مُسْتَخْلَفًا عَلَيْهَا اهـ، فَشَرَطَ فِي إمَامِ الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَخْلَفًا وَلَا شَكَّ أَنَّ إمَامَ الصَّلَاةِ الْمُسْتَخْلَفِ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَخِلَافُهُمَا لَفْظِيٌّ. (وَلَا يُرَاعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَدْرُهُ) أَيْ ذَبْحِ الْإِمَامِ (فِي غَيْرِ) الْيَوْمِ (الْأَوَّلِ) وَلَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ الذَّبْحَ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْبَحْ فِي الْأَوَّلِ (وَأَعَادَ) اسْتِنَانًا (سَابِقُهُ) أَيْ الْإِمَامِ بِالذَّبْحِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَكَذَا مُسَاوِيهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، هَذَا فِي حَقِّ مَنْ لَهُمْ إمَامٌ لَهُ ضَحِيَّةٌ وَأَبْرَزَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا) الشَّخْصَ (الْمُتَحَرِّيَ أَقْرَبَ إمَامٍ) لِكَوْنِهِ لَا إمَامَ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ سَبْقُهُ فَتُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (لَمْ يُبْرِزْهَا) أَيْ الْإِمَامُ ضَحِيَّتَهُ لِلْمُصَلَّى وَأَتَمَّ خُطْبَتَيْهِ وَرَجَعَ لِبَيْتِهِ لِيَذْبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِيهِ مُرْتَكِبًا لِلْمَكْرُوهِ (وَتَوَانَى) الْإِمَامُ فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ (بِلَا عُذْرٍ) وَأَخَّرَ غَيْرُهُ تَضْحِيَتَهُ (قَدْرَهُ) أَيْ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَضَحَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَبَقَ الْإِمَامَ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ (وَ) إنْ تَوَانَى الْإِمَامُ فِي التَّضْحِيَةِ (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ عُذْرٍ كَاشْتِغَالٍ بِقِتَالِ عَدُوٍّ (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 471 لِلزَّوَالِ. وَالنَّهَارُ شَرْطٌ. وَنُدِبَ إبْرَازُهَا، وَجَيِّدٌ، وَسَالِمٌ، وَغَيْرُ خَرْقَاءَ وَشَرْقَاءَ، وَمُقَابَلَةٌ، وَمُدَابَرَةٌ، وَسَمِينٌ، وَذَكَرٌ، وَأَقْرُنُ، وَأَبْيَضُ   [منح الجليل] وَكَسْرِ الظَّاءِ (لِ) قُرْبِ (الزَّوَالِ) بِحَيْثُ يَبْقَى إلَيْهِ مَا يَسَعُ الذَّبْحَ، فَإِنْ ذَبَحَ الْإِمَامُ قَبْلَ ذَلِكَ ذَبَحُوا بَعْدَهُ وَإِلَّا ذَبَحُوا قَبْلَ الزَّوَالِ لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ. (وَالنَّهَارُ) مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِغُرُوبِ الشَّمْسِ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ فِيهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَحِلِّ النَّفْلِ (شَرْطٌ) فِي صِحَّةِ التَّضْحِيَةِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَذَبْحُ النَّهَارِ فَلَا تَصِحُّ لَيْلًا. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (إبْرَازُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةِ لِلْمُصَلَّى وَيُكْرَهُ عَدَمُهُ لِلْإِمَامِ فَقَطْ (وَ) نُدِبَ (جَيِّدٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مَشْدُودَةً أَيْ حَسَنُ الصُّورَةِ مِنْ أَعْلَى النَّعَمِ وَأَكْمَلِهِ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ (وَ) نُدِبَ (سَالِمٌ) مِنْ عُيُوبٍ يُجْزِئُ مَعَهَا (وَ) نُدِبَ (غَيْرُ خَرْقَاءَ) وَهِيَ الَّتِي فِي أُذُنِهَا خَرْقٌ مُسْتَدِيرٌ أَوْ الْمَقْطُوعُ بَعْضُ أُذُنِهَا (وَ) نُدِبَ غَيْرُ (شَرْقَاءَ) وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ (وَ) نُدِبَ غَيْرُ (مُقَابَلَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ جِهَةِ وَجْهِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا (وَ) نُدِبَ غَيْرُ (مُدَابَرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ خَلْفِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا. (وَ) نُدِبَ نَعَمٌ (سَمِينٌ) وَنُدِبَ تَسْمِينُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ شَعْبَانَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْيَهُودِ أَفَادَهُ عب. بْن الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالْحَطّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ عِيَاضٍ الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ تَسْمِينِهَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ وِفَاقًا لِلْبَدْرِ أَنَّهُ الْإِذْنُ فِي مُقَابَلَةِ كَرَاهَةِ. ابْنِ شَعْبَانَ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ سِيَّمَا الْوَسِيلَةُ تُعْطَى حُكْمَ مَقْصِدِهَا. السَّيِّدُ وَسَمِينٌ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ مُتَعَدِّدٍ غَيْرِهِ اهـ أَمِيرٌ. (وَ) نُدِبَ (ذَكَرٌ وَ) نُدِبَ (أَقْرَنُ) أَيْ ذُو قَرْنَيْنِ (وَ) نُدِبَ (أَبْيَضُ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «ضَحَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ» زَادَ النَّسَائِيّ «وَيَأْكُلُ فِي سَوَادٍ فَأَتَى بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ، يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ ثُمَّ قَالَ اسْتَحِدِّيهَا بِحَجَرٍ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 472 وَفَحْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ، وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ، ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَوْ إبِلٌ؟ خِلَافٌ. وَتَرَكَ حَلْقٍ،   [منح الجليل] فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ» . وَرُوِيَ أَنَّ هَذِهِ صِفَةُ الْكَبْشِ الَّذِي فُدِيَ بِهِ ابْنُ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الذَّبْحِ. وَرُوِيَ «دَمُ عَفْرَاءٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوْدَاوَيْنِ» وَالْعَفْرَاءُ الْبَيْضَاءُ وَبِهَا فُسِّرَ الْأَمْلَحُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقَرْنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ» . ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْأَمْلَحُ النَّقِيُّ الْبَيَاضِ، وَقِيلَ كَلَوْنِ الْمِلْحِ فِيهِ شَامَاتٌ سُودٌ أَوْ الْمُغَبَّرُ الشَّعْرِ بِالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ كَالشُّبْهَةِ أَوْ الْأَسْوَدُ الَّذِي تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ أَوْ خَالَطَ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ أَوْ مَا فِي خِلَالِ بَيَاضِهِ طَبَقَاتٌ سُودٌ أَقْوَالٌ. (وَ) نُدِبَ (فَحْلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ) فَإِنْ كَانَ أَسْمَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ السَّمِينِ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ السَّمِينِ، وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِصِدْقِهِ بِتَسَاوِيهِمَا (وَ) نُدِبَ (ضَأْنٌ مُطْلَقًا) فَحْلُهُ ثُمَّ خَصِيُّهُ ثُمَّ أُنْثَاهُ مَعْزٌ (ثُمَّ) يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ (مَعْزٌ) كَذَلِكَ عَلَى بَقَرٍ (ثُمَّ هَلْ) يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ (بَقَرٌ) كَذَلِكَ عَلَى إبِلٍ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ) يَلِي الْمَعْزَ فِي الْفَضْلِ (إبِلٌ) كَذَلِكَ عَلَى بَقَرٍ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ. ابْنُ غَازِيٍّ صَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ تَقْدِيمَ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْأَظْهَرِ. وَوَجْهُ عَكْسِهِ فِي رَسْمِ مَرِضَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْإِبِلَ أَغْلَى ثَمَنًا وَأَكْثَرُ لَحْمًا إلَّا أَنَّ تَفْضِيلَ الْغَنَمِ خَرَجَ بِدَلِيلِ السُّنَّةِ إثْبَاتًا لِفِدَاءِ الذَّبِيحِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَشْهُورِيَّةِ الْأَوَّلِ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ شَهَرَ الثَّانِيَ اهـ. وَنَقَلَ عَنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِطُرَّةِ نُسْخَتِهِ شَهَّرَ الرَّكْرَاكِيُّ الْأَوَّلَ وَابْنُ بَزِيزَةَ الثَّانِيَ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي فَضْلِ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ وَعَكْسُهُ ثَالِثُهَا لِغَيْرٍ مِنْ يُمْنَى، الْأَوَّلُ لِلْمَشْهُورِ مَعَ رِوَايَةِ الْمُخْتَصَرِ وَالْقَابِسِيِّ، وَالثَّانِي لِابْنِ شَعْبَانَ، وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ عب وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ هَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ لَحْمًا أَوْ الْإِبِلُ. (وَ) نُدِبَ (تَرْكُ حَلْقٍ) لِشَعْرٍ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَقَصِّهِ أَوْ إزَالَتُهُ بِنُورَةٍ كَذَلِكَ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 473 وَقَلْمٍ: لِمُضَحٍّ: عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ. وَضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ   [منح الجليل] (وَ) تَرْكُ (قَلْمٍ) لِظُفُرٍ (لِمُضَحٍّ) أَيْ مَرِيدِ تَضْحِيَةٍ حَيْثُ يُثَابُ عَلَيْهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ الْمَدْخَلَ فِي الضَّحِيَّةِ بِالشُّرُوطِ، فَيُنْدَبُ لَهُ مَا يُنْدَبُ لِمَالِكِهَا مِنْ تَرْكِهِمَا (عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ) ظَرْفٌ لِتَرْكِ وَغَايَتُهُ إلَى أَنْ يُضَحِّيَ أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ أَوْ يُنِيبَ فِي الذَّبْحِ وَيَفْعَلَ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْعَشْرِ بِاعْتِبَارِ اللَّيَالِيِ أَوْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ إذْ الْمُرَادُ تِسْعٌ فَقَطْ إنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الْعِيدِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَالْعَشْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا فِي الثَّالِثِ وَإِنْ نُدِبَ تَرْكُ الْحَلْقِ فِيهِ أَيْضًا وَالْقَلْمُ. وَحِكْمَةُ النَّدْبِ مَا وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ أَنَّهُ يُغْفَرُ لَهُ بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا ذَكَرَهُ الْمُنَاوِيُّ فِي خَبَرِ «إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَيْ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرِهِ شَيْئًا» . وَرَوَى فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا وَحَمَلَ الثَّلَاثَةُ الْإِبْقَاءَ عَلَى النَّدْبِ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْهُمْ بِوُجُوبِ الضَّحِيَّةِ، وَحَمَلَهُ أَحْمَدُ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ مَعَ قَوْلِهِ بِسُنِّيَّتِهَا. اهـ. وَخَبَرُ «خَيْرُ أُضْحِيَّتِك أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا جُزْءًا مِنْ النَّارِ» وَالشَّعْرُ وَالظُّفُرُ أَجْزَاءٌ فَتُتْرَكُ حَتَّى تَدْخُلَ فِي الْعِتْقِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ فَيُنْدَبُ نَتْفُ إبْطِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ إلَى الْجُمُعَةِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ وَغَايَةُ تَرْكِهِ كَالْعَانَةِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا. (وَ) نُدِبَ أَنْ تُقَدَّمَ (ضَحِيَّةٌ عَلَى صَدَقَةٍ) بِثَمَنِهَا قَالَ فِيهَا وَلَا يَدَعُ أَحَدٌ الْأُضْحِيَّةَ لِيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا وَلَا أُحِبُّ تَرْكَهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا. أَبُو الْحَسَنِ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِكَوْنِهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى السُّنَّةِ كَمَا يُطْلِقُهُ عَلَى الْوَاجِبِ. الْبِسَاطِيُّ عَلَى يَسْتَدْعِي مُقَدَّرًا فَأَمَّا أَنْ يُقَدَّرَ وَيُنْدَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى كَذَا، كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ أَوْ يُقَدَّرَ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كَذَا، وَالْأَوَّلُ يُسَاعِدُهُ سِيَاقُ الْكَلَامِ. وَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ، وَالثَّانِي يُسَاعِدُ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ وَيُخَالِفُهُ السِّيَاقُ. طفي بَحْثُهُ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشُّيُوخِ هِيَ فِي أَفْضَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي نَدْبِيَّةَ تَقْدِيمِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ كَمَا يُعْطِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهَا سُنَّةً، وَتَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 474 وَعِتْقٍ. وَذَبْحُهَا بِيَدِهِ، وَلِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا، وَجَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعْطَاءٍ بِلَا حَدٍّ. وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ،،   [منح الجليل] كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَكْسُهُ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهَا سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ اهـ الْبُنَانِيُّ، وَقَدْ يُقَالُ تَسَامَحَ الْمُصَنِّفُ بِإِطْلَاقِ النَّدْبِ عَلَى السُّنِّيَّةِ فَوَافَقَ الرِّوَايَاتِ. (وَ) عَلَى (عِتْقٍ) ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ السُّنَنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ وَذَكَرَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ السُّنَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِهِ هُنَا أَفْضَلَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا وَالْمَنْدُوبُ قَدْ يَكُونَانِ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ كَمَا قَالَ. الْفَرْضُ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ عَابِدٍ ... حَتَّى وَلَوْ قَدْ جَاءَ مِنْهُ بِأَكْثَرِ إلَّا التَّطَهُّرَ قَبْلَ وَقْتِ وَابْتِدَا ... ءً لِلسَّلَامِ كَذَاك إبْرَا الْمُعْسِرِ. (وَ) نُدِبَ (ذَبْحُهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُضَحِّي إنْ أَطَاقَهُ وَلَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا، فَإِنْ لَمْ يَهْتَدِ لَهُ إلَّا بِمُعِينٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَانَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْسِكَ طَرَفَ الْآلَةِ وَيَهْدِيَهُ الْجَزَّارَ بِأَنْ يَمْسِكَ رَأْسَ الْحَرْبَةِ وَيَضَعَهُ عَلَى الْمَنْحَرِ أَوْ الْعَكْسُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد الْمُفِيدِ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئًا اسْتَنَابَ وَنُدِبَ حُضُورُهُ مَعَ نَائِبِهِ وَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ. (وَ) نُدِبَ (لِلْوَارِثِ إنْفَاذُهَا) أَيْ التَّضْحِيَةُ بِهَا إنْ كَانَ عَيَّنَهَا لِلتَّضْحِيَةِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ بِغَيْرِ نَذْرٍ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْوَارِثِ إنْفَاذُهَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا بِهِ (وَ) نُدِبَ (جَمْعُ أَكْلٍ وَصَدَقَةٍ وَإِعْطَاءٍ) مِنْ لَحْمِ الضَّحِيَّةِ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِثُلُثٍ أَوْ غَيْرِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ التَّصَدُّقِ بِجَمِيعِهَا مَعَ أَنَّهُ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ إعْطَاءٍ بِإِهْدَاءٍ. (وَ) فُضِّلَ (الْيَوْمُ الْأَوَّلُ) أَيْ التَّضْحِيَةُ فِيهِ كُلِّهِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ إلَى غُرُوبِهِ عَلَى التَّضْحِيَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي اتِّفَاقًا فِيمَا قَبْلَ زَوَالِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِيمَا بَعْدَهُ، ثُمَّ أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ فَجْرِهِ إلَى زَوَالِهِ (أَفْضَلُ) مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 475 وَفِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي تَرَدُّدٌ. وَذَبْحُ وَلَدٍ خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ وَبَعْدَهُ جُزْءٌ.   [منح الجليل] وَفِي أَفْضَلِيَّةِ الثَّالِثِ) مِنْ فَجْرِهِ إلَى زَوَالِهِ (عَلَى آخِرِ الثَّانِي) مِنْ زَوَالِهِ لِغُرُوبِهِ أَوْ الْعَكْسِ أَيْ أَفْضَلِيَّةِ آخِرِ الثَّانِي عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ (تَرَدُّدٌ) هَذَا مُرَادُهُ وَإِنْ صَدَقَ كَلَامُهُ بِاسْتِوَائِهِمَا فِي شِقِّ التَّرَدُّدِ الْمَطْوِيِّ، فَلَوْ قَالَ أَوْ الْعَكْسُ كَمَا قَرَّرْنَا لَاسْتَقَامَ قَالَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُرَجِّحْ أَفْضَلِيَّةَ آخِرِ الثَّانِي عَلَى أَوَّلِ الثَّالِثِ كَمَا رَجَّحَ أَفْضَلِيَّةَ آخِرِ الْأَوَّلِ عَلَى أَوَّلِ الثَّانِي لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى تَفْضِيلِ أَوَّلِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي: وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِاخْتِلَافِ الْقَابِسِيِّ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ فِي فَهْمِ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ فِيمَا بَيْنَ أَوَّلِ الثَّالِثِ وَآخِرِ الثَّانِي كَمَا هُوَ بَيْنَ أَوَّلِ الثَّانِي وَآخِرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا فَهُوَ مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الثَّانِي عَلَى آخِرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْوَاضِحَةِ أَوْ الْعَكْسُ وَهُوَ لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَعْرُوفُ مَا نَصُّهُ وَرَأْيُ الْقَابِسِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَ آخِرِ الثَّانِي وَأَوَّلِ الثَّالِثِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُخْتَلَفُ فِي رُجْحَانِ أَوَّلِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ عَلَى آخِرِ الثَّانِي. (وَ) نُدِبَ (ذَبْحُ) أَوْ نَحْرُ (وَلَدٍ خَرَجَ) مِنْ الضَّحِيَّةِ (قَبْلَ الذَّبْحِ) أَوْ النَّحْرِ لَهَا وَلَوْ بَعْدَ نَذْرِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَحُكْمُ لَحْمِهِ وَجِلْدِهِ حُكْمُهَا (وَ) الْوَلَدُ الْخَارِجُ مِنْهَا (بَعْدَهُ) أَيْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ أَوْ نَحَرَهَا مَيِّتًا (جُزْءٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ أُمِّهِ إنْ حَلَّ بِتَمَامِ خَلْقِهِ وَنَبَاتِ شَعْرِهِ وَإِنْ خَرَجَ عَقِبَ ذَبْحِهَا حَيًّا حَيَاةً مُسْتَمِرَّةً وَجَبَ ذَبْحُهُ أَوْ نَحْوُهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِحُكْمِ نَفْسِهِ، وَنُدِبَ ذَبْحُ مَا خَرَجَ قَبْلَ الذَّبْحِ إحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ أَوَّلًا يُنْدَبُ ذَبْحُهُ مِنْ غَيْرِ تَأَكُّدٍ ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ يَتَأَكَّدُ نَدْبُ ذَبْحِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَيَأْتِي تَمْلِيَةُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ كَوْنَ كَلَامِهِ فِي الْمَنْدُوبَاتِ فَقَطْ وَالرَّاجِحُ الْمُثْبِتُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الْمَمْحُوَّاتُ وَهِيَ إذَا تَزَوَّجَ مَرِيضٌ قَالَ أَوَّلًا يُفْسَخُ لَوْ صَحَّ ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ صِحَّتِهِ إذَا صَحَّ وَالرَّاجِحُ الْمَمْحُوُّ فِي الِاثْنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 476 وَكُرِهَ جَزُّ صُوفِهَا قَبْلَهُ، إنْ لَمْ يَنْبُتْ لِلذَّبْحِ، وَلَمْ يَنْوِهِ. حِينَ أَخَذَهَا، وَبَيْعُهُ. ، وَشُرْبُ لَبَنٍ،.   [منح الجليل] إحْدَاهُمَا: مَنْ حَلَفَ لَا يَكْسُو زَوْجَتَهُ فَافْتَكَّ ثِيَابَهَا الْمَرْهُونَةَ فَقَالَ أَوَّلًا يَحْنَثُ ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، كَذَا فِي تت، وَرَدَّهُ أَحْمَدُ قَائِلًا النَّصُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِمَحْوِهِ أَبَى أَنْ يُجِيبَ وَمَحَلُّ تَرْجِيحِ الْحِنْثِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَوْلَى إنْ كَانَ نَوَى عَدَمَ نَفْعِهَا، فَإِنْ كَانَ نَوَى خُصُوصَ الْكِسْوَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِفَكِّ الْمَرْهُونِ. الرَّابِعَةُ: مَنْ سَرَقَ وَلَا يُمْنَى لَهُ أَوْ شَلَّاءُ قَالَ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ وَإِثْبَاتِ يَدِهِ الْيُسْرَى، وَالْأَمْرُ بِالْمَحْوِ مُبَالَغَةٌ فِي طَرْحِ الْمَرْجُوعِ وَتَصْوِيبِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَأَبْقَوْهُ مَكْتُوبًا وَعَلَيْهِ صُورَةُ شطب لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ إلَيْهِ يَوْمًا مَا، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ لِتَدْوِينِ الْأَقْوَالِ الَّتِي رَجَعَ الْمُجْتَهِدُ عَنْهَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (جَزُّ صُوفِهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (قَبْلَهُ) أَيْ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ جَمَالَهَا (إنْ لَمْ يَنْبُتْ) مِثْلُهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ (لِلذَّبْحِ وَلَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْجَزَّ (حِينَ أَخَذَهَا) أَيْ الضَّحِيَّةَ مِنْ بَائِعِهَا أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ مِنْ عَطِيَّةٍ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إنْ نَبَتَ مِثْلُهُ قَبْلَهُ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ. وَكَذَا إنْ تَضَرَّرَتْ بِهِ لِحَرٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَالْأَحْسَنُ قَبْلَ الذَّبْحِ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لَهُ. وَظَاهِرُ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْذُورَةً أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُمَا بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ الْمَنْذُورَةِ قَالَ: وَأَمَّا هِيَ فَيَحْرُمُ جَزُّ صُوفِهَا وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ أَخَذَهَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي جَوَازُهُ إنْ نَوَى حِينَ أَخَذَهَا جَزَّهُ قَبْلَ ذَبْحِهَا، فَإِنْ نَوَى حِينَهُ جَزَّهُ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَإِنْ كَانَ مُرِيدًا بَيْعَهُ مَثَلًا فَلَا يُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُنَاقِضَةٌ لِحُكْمِهَا عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِي الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْمَشْرُوطِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ نَوَى حِينَ أَخَذَهَا جَزَّهُ بَعْضَهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ التَّصَرُّفَ الْجَائِزَ جَازَ، وَإِنْ نَوَى حِينَ أَخَذَهَا جَزَّهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِقَبْلَ وَلَا بِبَعْدَ فَلَا يُكْرَهُ. (وَ) كُرِهَ (بَيْعُهُ) أَيْ الصُّوفِ الَّذِي يُكْرَهُ جَزُّهُ، أَمَّا الْمَجْزُورُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ أَخَذَهَا هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) كُرِهَ لِلْمُضَحِّي (شُرْبُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 477 وَإِطْعَامُ كَافِرٍ، وَهَلْ إنْ بَعَثَ أَوْ وَلَوْ فِي عِيَالِهِ؟ تَرَدُّدٌ؛.   [منح الجليل] لَبَنٍ) لِأُضْحِيَّتِهِ نَوَاهُ حِينَ أَخَذَهَا أَمْ لَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَمْ لَا أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ أَمْ لَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً وَإِلَّا جَرَى فِيهَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَدْيِ، مِنْ قَوْلِهِ وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجِبُ فِعْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَأَضَرَّهَا بَقَاؤُهُ حَلَبَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ، وَكُرِهَ لَهُ شُرْبُهُ لِخُرُوجِهَا قُرْبَةً وَفِي شُرْبِهِ عَوْدٌ فِيهَا. (وَ) كُرِهَ لِلْمُضَحِّي (إطْعَامُ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) مِنْ لَحْمِ الضَّحِيَّةِ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (وَهَلْ) مَحَلُّهَا (إنْ بَعَثَ) الْمُضَحِّي (لَهُ) أَيْ الْكَافِرِ فِي بَيْتِهِ فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا فِي بَيْتِ الْمُضَحِّي لِكَوْنِهِ ضَيْفَهُ أَوْ خَادِمَهُ مَثَلًا فَلَا يُكْرَهُ (أَوْ) يُكْرَهُ إطْعَامُهُ مِنْهَا (وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (فِي عِيَالِهِ) أَيْ الْمُضَحِّي كَظِئْرٍ وَضَعِيفٍ وَأَجِيرٍ وَقَرِيبٍ أَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ وَأَكَلَ مَعَهُمْ فِيهِ (تَرَدُّدٌ) الْبُنَانِيُّ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي فَهْمِ هَذَا التَّرَدُّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْإِبَاحَةُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهَا إلَى الْكَرَاهَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَى ابْنِ رُشْدٍ اخْتِلَافُ قَوْلَيْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ، أَمَّا إنْ كَانَ فِيهِمْ أَوْ غَشِيَهُمْ وَهُمْ يَأْكُلُونَ فَلَا بَأْسَ بِهِ دُونَ خِلَافٍ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا خِلَافَ بَيْنَ قَوْلَيْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، بَلْ يُكْرَهُ الْبَعْثُ إلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَكُونُوا فِي عِيَالِهِ وَيَجُوزُ إطْعَامُهُمْ إذَا كَانُوا فِي عِيَالِهِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَيَانِ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ بِلَفْظِهِ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ الْكَرَاهَةُ، وَلِذَا اعْتَمَدَهَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ أَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ هُوَ الْإِبَاحَةُ الْمَرْجُوعُ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَبَيَّنَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ وَابْنَ رُشْدٍ مُتَّفِقَانِ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِمَنْ فِي عِيَالِهِ. فَقَوْلُ طفي أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ تُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ هُوَ مَنْ فِي عِيَالِهِ، وَكَذَا عَزَوْهُ لِلتَّوْضِيحِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا فِي التَّوْضِيحِ نَفْسُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَأَيْضًا ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، فَالْإِشَارَةُ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ خِلَافُ اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ تَقْيِيدُهُ الْخِلَافَ بِالْبَعْثِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 478 وَالتَّغَالِي فِيهَا.   [منح الجليل] إلَيْهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ إطْلَاقُهُ كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ بَعَثَ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ تُكْرَهُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدْ أَشَارَ تت إلَى ذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ (التَّغَالِي فِيهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ بِكَثْرَةِ ثَمَنِهَا عَلَى غَالِبِ شِرَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ مَعَ اتِّحَادِهَا، وَكَوْنِ قِيمَتِهَا مَا بَذَلَهُ فِيهَا لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ وَكَذَا التَّغَالِي فِي عَدَدِهَا إنْ قَصَدَ مُبَاهَاةً وَإِلَّا جَازَ فَإِنْ نَوَى فَضِيلَةً وَزِيَادَةَ ثَوَابٍ بِزِيَادَةِ ثَمَنِهَا أَوْ عَدَدِهَا نُدِبَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِخَبَرِ «أَفْضَلُ الرِّقَابِ أَغْلَاهَا ثَمَنًا» فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُسْتَحَبُّ اسْتِكْثَارُهَا كَمَا عَارَضَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِحَمْلِ الْكَرَاهَةِ عَلَى مُجَرَّدِ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ لِأَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ، وَلَمْ يَحْرُمْ مَعَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا تَعُودُ بِمَنْفَعَةِ طِيبِ اللَّحْمِ وَكَثْرَتِهِ، وَشَأْنُهَا أَنْ يُتَصَدَّقَ مِنْهَا وَلِأَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ فَلَا يُسْقِطُهَا قَصْدُ الْمُبَاهَاةِ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 479 وَفِعْلُهَا عَنْ مَيِّتٍ كَعَتِيرَةٍ. ، وَإِبْدَالَهَا بِدُونٍ،   [منح الجليل] ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ لَا يُمَاكَسُ فِي ثَمَنِ الْأُضْحِيَّةِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الْمُبَاهَاةِ بِهَا عَلَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْكَرَاهَةَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخَافُ قَصْدَهَا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمَهُ نُدِبَ لَهُ لِلْحَدِيثِ وَإِنْ تَحَقَّقَهُ حَرُمَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقَبْرِ، وَفَرْقُ " ز " بَيْنَهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَقْصُودُ بِهَا الرِّيَاءَ حَرَامٌ مُطْلَقًا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَقَوْلُهُ يُكْرَهُ التَّغَالِي فِي عَدَدِهَا إنْ قَصَدَ الْمُبَاهَاةَ صَوَابُهُ إنْ خَافَ قَصْدَهَا. (وَ) كُرِهَ (فِعْلُهَا) أَوْ التَّضْحِيَةُ (عَنْ) شَخْصٍ (مَيِّتٍ) لَمْ يَشْتَرِطْهَا فِي وَقْفٍ وَالْأَوْجَبُ فِعْلُهَا عَنْهُ لِقَوْلِهِ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ أَيْ أَوْ كُرِهَ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِلَّا نُدِبَ إنْفَاذُهَا. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَعَتِيرَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ شَاةٌ كَانَتْ تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ لِآلِهَتِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ بِالضَّحِيَّةِ وَفِي الْكَرْمَانِيِّ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ وَلَمْ يَقُلْ لِآلِهَتِهِمْ. وَفِي تت ذَبِيحَةٌ لِأَوَّلِ رَجَبٍ، وَالْفَرْعُ كَالْعَتِيرَةِ فِي الْكَرَاهَةِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا فَرْعَ وَلَا عَتِيرَةَ» . الْكَرْمَانِيُّ الْفَرْعُ بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ يَلِيهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ أَوَّلُ نِتَاجٍ يُنْتَجُ لَهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي أَمْوَالِهِمْ يَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيُطْعِمُونَ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا فَرْعَ وَلَا عَتِيرَةَ» فَقِيلَ: إنَّهُ نَهَىٌ عَنْهُمَا، وَقِيلَ نَسْخٌ لِوُجُوبِهِمَا فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ النَّهْيُ وَحَمَلَهُ عَلَى التَّنْزِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ فَعَدَّهَا فِي الْمَكْرُوهَاتِ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ نَهْيًا رِوَايَةُ النَّسَائِيّ وَالْإِسْمَاعِيلِيّ بِلَفْظِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْفَرْعِ وَالْعَتِيرَةِ» . (وَ) كُرِهَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا (إبْدَالُهَا) أَيْ الضَّحِيَّةِ (بِدُونٍ) مِنْهَا أَوْ مُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ، وَلَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ ذَبْحُ أُخْرَى وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى الدُّونِ، وَمَفْهُومُ بِدُونٍ أَنَّ إبْدَالَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا لَا يُكْرَهُ، وَفِي تَوْضِيحِهِ يَنْبَغِي كَوْنُهُ مُسْتَحَبًّا. الْحَطّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يُسْتَحَبُّ رَعْيًا لِلْقَوْلِ بِتَعَيُّنِهَا بِشِرَائِهَا، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُوجِبْهَا بِالنَّذْرِ وَإِلَّا فَكَالْهَدْيِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، أَيْ فِي امْتِنَاعِ الْإِبْدَالِ وَجَوَازِ الْأَكْلِ مِنْهَا إنْ لَمْ يُسَمِّهَا لِلْمَسَاكِينِ وَإِلَّا مُنِعَ اهـ عب. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 480 وَإِنْ لِاخْتِلَاطٍ قَبْلَ الذَّبْحِ وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إنْ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ.   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا هَذَا الْقَيْدُ صَحِيحٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَبِهِ قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُنَافِيهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ إنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ لِحَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ وَإِلَّا فَتَعْيِينُهَا بِالنَّذْرِ يَمْنَعُ الْإِبْدَالَ وَالْبَيْعَ كَمَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ أَوْ مُسَاوٍ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ إبْدَالَهَا بِمِثْلِهَا جَائِزٌ وَكَانَ لَفْظُ الْأُمِّ لَا يُبْدِلُهَا إلَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا إذَا كَانَ الْإِبْدَالُ لِغَيْرِ اخْتِلَاطٍ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِاخْتِلَاطٍ) لِلضَّحِيَّةِ بِغَيْرِهَا فَيُكْرَهُ تَرْكُ الْأَفْضَلِ لِغَيْرِهِ وَأَخْذُ الدُّونِ لِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَصِلَةُ إبْدَالٍ (قَبْلَ الذَّبْحِ) فَمَعْنَى الْإِبْدَالِ فِي حَالِ الِاخْتِلَاطِ الْأَخْذُ (وَجَازَ) لِمَالِكِ ضَحِيَّةٍ (أَخْذُ الْعِوَضِ) مِنْهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا كَنَقْدٍ وَعَرْضٍ (إنْ اخْتَلَطَتْ) الضَّحِيَّةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا بِغَيْرِهَا بِأَنْ اسْتَنَابَ رَجُلَانِ رَجُلًا عَلَى الذَّبْحِ عَنْهُمَا فَذَبَحَ وَاخْتَلَطَتَا (بَعْدَهُ) أَيْ الذَّبْحِ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلَّ ضَحِيَّتِهِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا نَقْصِدُ بِهِ الْمُعَاوَضَةَ وَلِأَنَّهَا شَرِكَةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَأَشْبَهَتْ شَرِكَةَ الْوَرَثَةِ فِي لَحْمِ ضَحِيَّةٍ مُوَرِّثِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُقَالُ أَخَذَ الْقِيمَةَ عَنْهَا بِيعَ لَهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ مُتْلَفٍ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ اهـ. فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ وَفِيهِ الْمَنْعُ وَفِيهَا وَالْكَرَاهَةُ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، قَالَ وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ إذْ يَلْزَمُ عَلَى الْإِبْدَالِ بِالْجِنْسِ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ، بِخِلَافِ إبْدَالِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ بِعَرْضٍ وَهُوَ جَائِزٌ، فَلِذَا جَازَ. وَإِذَنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ الْجِنْسِ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَفْعَلُ بِهِ مَا يَفْعَلُ بِالضَّحِيَّةِ غَيْرِ الْمُخْتَلِطَةِ وَأَجْزَأَتْهُ ضَحِيَّتُهُ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ عَلَى الرَّاجِحِ. وَهَلْ كَجُزْئِهِ ضَحِيَّتَهُ أَمْ لَا وَالْأَوَّلُ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَمْلِكُ الْعِوَضَ مَعَ إجْزَائِهَا، وَإِذَا اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةُ شَخْصٍ بِضَحِيَّةِ آخَرَ بَعْدَ ذَبْحِهِمَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدَةً الجزء: 2 ¦ الصفحة: 481 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِالْقُرْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَأَجْزَأَتْهُ ضَحِيَّتُهُ، وَفِيهِ الْإِشْكَالُ الْمُتَقَدِّمُ ثُمَّ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي أَخْذِ عِوَضِهَا مِنْ جِنْسِهَا بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ مَنَعَ الشَّارِعُ مِنْ أَكْلِهَا، أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ إنْ حُمِلَ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ الْجِنْسِ فَالِاخْتِلَاطُ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَطَتْ ضَحِيَّةُ أَحَدِهِمَا بِضَحِيَّةِ الْآخَرِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ إحْدَاهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ اخْتَلَطَتْ أُضْحِيَّتَا رَجُلَيْنِ بَعْدَ ذَبْحِهِمَا أَجْزَأَتَاهُمَا وَفِي وُجُوبِ صَدَقَتِهِمَا بِهِمَا وَجَوَازِ أَكْلِهِمَا إيَّاهُمَا قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَتَخَرُّجُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْجَوَازُ أَقْرَبُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ فَاسْتِحْسَانُهُ إنَّمَا هُوَ فِي أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ الْجِنْسِ وَهُوَ الَّذِي يُطَابِقُ تَعْلِيلَهُ الَّذِي نَقَلَهُ " ز " وَجَعَلَهُ " ز " فِي أَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لَيْسَ بِصَوَابٍ. وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَاطُ عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يُرَادَ بِهِ التَّلَفُ بِعَدَاءٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَفِيهِ أَقْوَالٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا سُرِقَتْ الضَّحِيَّةُ وَاسْتُهْلِكَتْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَغْرَمَ السَّارِقُ، وَقَالَ عِيسَى تُؤْخَذُ الْقِيمَةُ وَيُتَصَدَّقُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ تُؤْخَذُ وَيَصْنَعُ بِهَا رَبُّهَا مَا يَشَاءُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَنَدٌ فِي الْهَدْيِ، وَعَلَى هَذَا الْحَمْلِ فَقَدْ أَنَابَ بِالْأَحْسَنِ إلَى هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا أَخْذُ أَحَدِهِمَا الْقِيمَةَ فِي الِاخْتِلَاطِ الْحَقِيقِيِّ عِوَضًا عَنْ أُضْحِيَّتِهِ وَتَرْكِهَا لِلْآخَرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَظُنُّ أَحَدًا فِي الْمَذْهَبِ أَجَازَهُ وَإِنْ تَوَهَّمَ مِنْ بَعْضِ الظَّوَاهِرِ، وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلٌ بِالْجَوَازِ أَيْ مَنْصُوصٌ فَلَا يُنَافِي تَخْرِيجَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَوْلُهُ يَلْزَمُ عَلَى الْإِبْدَالِ بِالْجِنْسِ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ أَقُولُ بَيْعُ لَحْمٍ بِلَحْمٍ جَائِزٌ لَا مَمْنُوعٌ فَلَا مَعْنَى لِهَذَا التَّفْرِيقِ، ثُمَّ إذَا جُهِلَ الْوَزْنُ كَانَ مُزَابَنَةً وَمَا ذَكَرَهُ " ز " مِنْ أَنَّ الْعِوَضَ مِنْ الْجِنْسِ يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ جَوَازَ أَكْلِهِ اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. وَلَا إشْكَالَ فِي الْإِجْزَاءِ مَعَ أَخْذِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ وَقَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ مَنْعُ الْأَكْلِ هُوَ أَنَّ فِيهِ بَيْعَ الْأُضْحِيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ بَيْعٌ لَا أَنَّ فِيهِ بَيْعَ لَحْمٍ بِلَحْمٍ، وَقَدْ بَنَى ابْنُ رُشْدٍ ضَمَانَ الْعِوَضِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 482 وَصَحَّ إنَابَةٌ بِلَفْظٍ إنْ أَسْلَمَ، وَلَوْ لَمْ يَصِلْ أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ بِعَادَةٍ: كَقَرِيبٍ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ؛   [منح الجليل] أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْ الْمُسْتَهْلِكِ لَيْسَ بِبَيْعٍ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كَلَامِ " ز " تَخْلِيطًا كَثِيرًا وَالتَّحْرِيمُ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَصَحَّ إنَابَةٌ) عَلَى تَذْكِيَةِ الضَّحِيَّةِ (بِلَفْظِ) كَاتَبْتُك أَوْ وَكَّلْتُك عَلَى تَذْكِيَتِهَا وَيَقْبَلُ الْآخَرُ وَتُكْرَهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ كَالْهَدْيِ وَالْفِدْيَةِ وَالْعَقِيقَةِ (إنْ أَسْلَمَ) النَّائِبُ (وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ وَتُكْرَهُ اسْتِنَابَتُهُ وَتُسْتَحَبُّ إعَادَةُ التَّضْحِيَةِ فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَمْ تَجُزْ ضَحِيَّةٌ اتِّفَاقًا فِي الْمَجُوسِيِّ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَيَضْمَنُ إنْ غَرَّ بِإِسْلَامِهِ وَيُعَاقَبُ، وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَلَا تُؤْكَلُ، وَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا جَرَى فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ. (أَوْ نَوَى) النَّائِبُ تَضْحِيَتَهَا (عَنْ نَفْسِهِ) عَمْدًا وَأَوْلَى غَلَطًا وَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا، قِيلَ لَا تُجْزِئُ الْمَالِكَ وَتُجْزِئُ النَّائِبَ وَيَضْمَنُ لَهُ قِيمَتَهَا كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى أُضْحِيَّةِ شَخْصٍ فَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَعَطَفَ عَلَى بِلَفْظِ فَقَالَ (أَوْ بِعَادَةِ كَقَرِيبٍ) بِإِضَافَةِ عَادَةٍ لِلْكَافِ الَّتِي بِمَعْنَى مِثْلِ وَالْمُرَادُ بِمِثْلِ الْقَرِيبِ الصَّدِيقِ الْمُلَاطِفِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا عَادَتُهُ التَّصَرُّفُ لِلْمُضَحِّي بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا لَا عَادَةَ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا لَهُ عَادَةٌ (فَتَرَدُّدٌ) فِي صِحَّةِ كَوْنِهَا ضَحِيَّةً عَنْ مَالِكِهَا وَعَدَمِهَا، وَأَمَّا أَجْنَبِيٌّ لَا عَادَةَ لَهُ فَلَا تُجْزِئُ تَضْحِيَتُهُ قَطْعًا فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّرَدُّدِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَعْنَى إذْ وَجْهُ الصِّحَّةِ فِي الْقَرِيبِ النَّظَرُ لِقَرَابَتِهِ وَفِي الْأَجْنَبِيِّ الْمُعْتَادِ النَّظَرِ لِعَادَتِهِ، وَلَا وَجْهَ لَهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا عَادَةَ لَهُ وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهَا حَيَّةً وَيَتْرُكَهَا لَهُ وَأَخْذِهَا وَأَرْشِ نَقْصِهَا بِالذَّبْحِ وَيَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ أَيْ طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى الْإِجْزَاءِ فِي الْقَرِيبِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَالْأُخْرَى تَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ وَالْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ، وَنَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 483 لَا إنْ غَلِطَ، فَلَا تُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.   [منح الجليل] عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وتت. وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي الِاسْتِنَابَةِ بِالْعَادَةِ طَرِيقَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ الَّتِي عَزَاهَا لِلَّخْمِيِّ وَالْأُخْرَى لِلْبَاجِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا فِي الْقَرِيبِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَأَنَّ مَنَاطَ الْحُكْمِ فِي الْقَرِيبِ وَغَيْرِهِ الْقِيَامُ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ فَمَنْ كَانَ قَائِمًا بِجَمِيعِ الْأُمُورِ أَجْزَأَ ذَبْحُهُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ لَا، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِجَمِيعِ الْأُمُورِ لَمْ يَجُزْ ذَبْحُهُ مُطْلَقًا قَرِيبًا أَوْ لَا وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ إلَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ إلَى جَمِيعِ الطُّرُقِ الْأَرْبَعِ لِجَزْمِهِ بِالْإِجْزَاءِ فِي الْقَرِيبِ، فَلَوْ أَرَادَ الْإِشَارَةَ بِهِ إلَى الْجَمِيعِ لَحَكَى التَّرَدُّدَ فِي الِاسْتِنَابَةِ بِالْعَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِغَيْرِ الْقَرِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا إنْ غَلِطَ) الذَّابِحُ بِأَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّةَ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا ضَحِيَّتُهُ مِنْ غَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْ رَبِّهَا لَهُ عَلَى ذَبْحِهَا فَمُرَادُهُ بِالْغَلَطِ الْخَطَأُ فِي الْفِعْلِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا الْمُتَعَلِّقُ بِاللِّسَانِ لِصِحَّتِهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ (فَلَا تُجْزِئُ) الضَّحِيَّةُ (عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ مَالِكِهَا لِعَدَمِ النِّيَّةِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ قِيمَتَهَا، وَالذَّابِحُ إنْ أَخَذَهَا أَوْ قِيمَتَهَا الْمَالِكُ لِعَدَمِ مِلْكِهَا قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنْ ذَبَحَهَا غَيْرُ مَالِكِهَا عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا فَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَجْزَأَتْهُ وَضَمِنَ لِرَبِّهَا قِيمَتَهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا إنْ غَلِطَ يَنْبَغِي عَلَى التَّقْرِيرِ الْمُتَقَدِّمِ عِوَضٌ لَا إنْ غَلِطَ لَا إنْ فُقِدَ أَثِمَ إنْ أَخَذَ الْمَالِكُ قِيمَتَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى: لَيْسَ لِلذَّابِحِ فِي اللَّحْمِ إلَّا الْأَكْلُ أَوْ الصَّدَقَةُ؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَهَا عَلَى وَجْهِ الضَّحِيَّةِ، وَإِنْ أَخَذَ الْمَالِكُ اللَّحْمَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 484 وَمُنِعَ الْبَيْعُ وَإِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا جَهْلًا وَالْإِجَارَةُ، وَالْبَدَلُ،   [منح الجليل] كَيْفَ يَشَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْهَا هُوَ عَلَى التَّضْحِيَةِ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حَرُمَ (الْبَيْعُ) لِلْأُضْحِيَّةِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا مِنْ لَحْمٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهَا كَخَرَزَةِ بَقَرَةٍ، وَلِذَا لَمْ يَقُلْ بَيْعُهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قَصْرُهُ عَلَى بَيْعِ جُمْلَتِهَا وَكَوَدَكٍ وَلَوْ بِمَاعُونٍ وَلَا يُعْطَى الْجَزَّارُ شَيْئًا مِنْهَا فِي مُقَابَلَةِ جِزَارَتِهِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا إذَا ذُكِّيَتْ وَأَجْزَأَتْ بَلْ (وَإِنْ) لَمْ تَجُزْ كَمَنْ ذَبَحَهَا يَوْمَ التَّاسِعِ يَظُنُّهُ الْعَاشِرَ أَوْ (ذَبَحَهَا) يَوْمَ الْعِيدِ (قَبْلَ) ذَبْحِ (الْإِمَامِ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةَ الذَّبْحِ) بِأَنْ أَضْجَعَهَا فَاضْطَرَبَتْ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهَا أَوْ أَصَابَتْ السِّكِّينُ عَيْنَهَا فَفَقَأَتْهَا وَذَبَحَهَا فِيهِمَا فَيَحْرُمُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْهَا مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تُجْزِ (أَوْ) تَعَيَّبَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ الذَّبْحِ وَذَبَحَهَا ضَحِيَّةً فَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهَا فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ. (أَوْ ذَبَحَ مَعِيبًا) بِعَيْبٍ مَانِعٍ مِنْ الْإِجْزَاءِ (جَهْلًا) بِالْعَيْبِ أَوْ يَمْنَعُهُ الْإِجْزَاءَ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَقَوْلُهُ جَهْلًا يَشْمَلُ جَهْلَ تَعَيُّبِهِ كَذَبْحِهِ مُعْتَقِدًا سَلَامَتَهُ، فَتَبَيَّنَ عَيْبُهُ وَالْجَهْلُ بِحُكْمِهِ كَذَبْحِهِ عَالِمًا بِعَيْبِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَمْنَعُهُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ كَخَرَزَةِ بَقَرَةٍ نَقَلَ ابْنُ نَاجِي مَنْعَ بَيْعِهَا عَنْ فَتْوَى الْغُبْرِينِيُّ وَالْبَرْزَلِيِّ الشَّيْخِ مَيَّارَةَ وَالْخَرَزَةُ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى بِالْوَرْسِ تُوجَدُ فِي مَرَارَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى شَكْلِ أَصْغَرِ الْبَيْضِ تُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ قِيلَ: إنَّهُ يَسْمَنُ عَلَيْهِ النِّسَاءُ. (وَ) مُنِعَتْ (الْإِجَارَةُ) لَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا وَلِجِلْدِهَا وَغَيْرِهِ بَعْدَهُ وَاَلَّذِي لِسَحْنُونٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ جَوَازُ إجَارَتِهَا فِي حَيَاتِهَا وَجِلْدِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا لَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا مَنْعَ فِيهَا وَإِنَّمَا مُرَادُهُ الْأُخْرَى وَهِيَ إجَارَةُ جِلْدِهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَمَنْعُهَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ، وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا. (وَ) مُنِعَ (الْبَدَلُ) لَهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا وَكَذَا بَدَلُ شَيْءٍ مِنْهَا كَجِلْدِهَا بِشَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ مُجَانِسًا لِلْمُبْدَلِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ إبْدَالِهَا بِدُونٍ فِي إبْدَالِهَا قَبْلَهُ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، الجزء: 2 ¦ الصفحة: 485 إلَّا لِمُتَصَدَّقٍ عَلَيْهِ، وَفُسِخَتْ، وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ، إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ، وَصَرْفٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ:.   [منح الجليل] وَمَنَعَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَذَّاءَ أَنْ يَدْهُنَ شِرَاكَ النِّعَالِ الَّتِي يَصْنَعُهَا بِدُهْنِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا بِالدُّهْنِ تَحْسُنُ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (إلَّا لِ) شَخْصٍ (مُتَصَدَّقٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (عَلَيْهِ) بِالضَّحِيَّةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا أَوْ مَوْهُوبٍ لَهُ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ مَا مَلَكَهُ مِنْ لَحْمِهَا وَجِلْدِهَا وَإِجَارَتُهُ وَبَدَلُهُ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ الْمُتَصَدِّقُ بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالْفَتْحِ يَبِيعُ أَوْ يُؤَاجِرُ وَيُبْدِلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْهَدِيَّةُ كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ. وَقَدْ عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْعَطِيَّةِ الشَّامِلَةِ لَهَا فَلَوْ قَالَ إلَّا لِمُعْطًى لَكَانَ أَحْسَنَ وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ أَحْسَنُ وَمُقَابِلُهُ الْمَنْعُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَشَهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ السَّرِقَةِ. (وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْعُقُودُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ مَنَعَهَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَإِبْدَالٌ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ وَالْمُبْدَلِ (وَ) إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُبْدَلِ (تَصَدَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُضَحِّي وُجُوبًا (بِالْعِوَضِ) أَيْ نَفْسِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْبَدَلِ فِي الْإِبْدَالِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَعِوَضِهِ إنْ فَاتَ (فِي الْفَوَاتِ) لِلْمَبِيعِ أَوْ الْمُبْدَلِ مِنْ الضَّحِيَّةِ (إنْ لَمْ يَتَوَلَّ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْبَيْعُ أَوْ الْإِبْدَالُ (غَيْرٌ) بِالتَّنْوِينِ أَيْ غَيْرُ الْمُضَحِّي (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُضَحِّي فِي الْبَيْعِ أَوْ الْإِبْدَالِ بِأَنْ تَوَلَّاهُ الْمُضَحِّي أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ. (وَصَرْفٍ) هُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى مَدْلُولِ الْبَاءِ وَهُوَ مَجْمُوعٌ لَا إذْنٌ وَصِلَتُهُ مَحْذُوفَةٌ أَيْ لِلثَّمَنِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ (فِيمَا) أَيْ شَيْءٌ (لَا يَلْزَمُ) الْمُضَحِّيَ أَيْ مَعَ صَرْفِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَرَفَهُ الْغَيْرُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّي فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ هِيَ مَنْطُوقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ فِيهَا بِنَفْسِ الثَّمَنِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِعِوَضِهِ إنْ فَاتَ، وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تُوَلِّي غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ مَعَ صَرْفِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ، فِي هَذِهِ لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَيَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ التَّصَدُّقُ بِبَدَلِهِ هَذَا الجزء: 2 ¦ الصفحة: 486 كَأَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. ، وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَالذَّبْحِ، فَلَا تُجْزِئُ إنْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَهُ، وَصَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ:   [منح الجليل] عَلَى نُسْخَةِ فِيمَا لَا يَلْزَمُ بِإِثْبَاتِ لَا، أَمَّا عَلَى نُسْخَةِ فِيمَا يَلْزَمُ بِحَذْفِهَا قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ، وَصَرَفَ فِعْلٌ مَاضٍ عَقِبَ عَلَى لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرُ أَيْ أَوْ تَوَلَّاهُ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ وَصَرَفَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ، وَأَوْلَى إنْ بَقِيَ وَلَمْ يُصْرَفْ وَمَفْهُومُ فِيمَا يَلْزَمُ أَنَّهُ إنْ تَوَلَّاهُ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ وَصَرَفَهُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ لَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِشَيْءٍ وَعَلَى الْمُتَوَلِّي التَّصَدُّقُ بِعِوَضِهِ وَهِيَ تَرْجِعُ لِلْأُولَى. (كَأَرْشِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) بِحَذْفِ لَا هَذَا هُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَعَلَيْهِ بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ فَلَا يَلْزَمُ الْمُضَحِّيَ التَّصَدُّقُ بِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ إلَخْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ التَّصَدُّقِ عَلَى الْمُضَحِّي. وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءُ بِإِثْبَاتٍ لَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ إلَخْ فِي وُجُوبِ التَّصَدُّقِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَرْشَ إنْ مَنَعَ عَيْبُهُ الْإِجْزَاءَ صَنَعَ بِهِ مَا يَشَاءُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ. وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ عَيْبُهَا الْإِجْزَاءَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ مَنَعَهُ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَتَقَدَّمَ أَوْ تَعَيَّبَتْ حَالَةُ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ. (وَإِنَّمَا تَجِبُ) الضَّحِيَّةُ وُجُوبًا يَلْقَى الْعَيْبُ الطَّارِئُ بَعْدَهُ (بِالنَّذْرِ وَالذَّبْحِ) أَيْ مَعَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالذَّبْحِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. اهـ. وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ الَّذِي يُلْغِي طُرُوءَ الْعَيْبِ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِذَا نَذَرَهَا ثُمَّ أَصَابَهَا عَيْبٌ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا فَلَا تُجْزِئُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمُكَلَّفِ وَالْتِزَامَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ فِعْلَهُ يَوْمَ الْأَضْحَى مِنْ تَذْكِيَةِ نَعَمٍ سَلِيمٍ مِنْ الْعَيْبِ بِخِلَافِ طُرُوئِهِ فِي الْهَدْيِ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ وُجُوبِ الضَّحِيَّةِ بِالنَّذْرِ مُطْلَقًا بَلْ نَذْرُهَا يُوجِبُ ذَبْحَهَا وَيَمْنَعُ بَيْعَهَا وَإِبْدَالَهَا (فَلَا تُجْزِئُ) الضَّحِيَّةُ فِي حُصُولِ سُنَّةِ الضَّحِيَّةِ (إنْ تَعَيَّبَتْ) عَيْبًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَكَسْرِ رِجْلِهَا أَوْ فَقْءِ عَيْنِهَا (قَبْلَهُ) أَيْ الذَّبْحِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْذُورَةً أَمْ لَا (وَصَنَعَ بِهَا) أَيْ الذَّاتِ الَّتِي تَعَيَّبَتْ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا (مَا شَاءَ) مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ تَعَيَّبَتْ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 487 كَحَبْسِهَا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ إلَّا أَنَّ هَذَا آثِمٌ، وَلِلْوَارِثِ الْقَسْمُ،   [منح الجليل] حَالَةَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ قَدْ ذُبِحَتْ ضَحِيَّةً وَمَا هُنَا لَمْ تُذْبَحْ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ يَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ فَقَالَ (كَحَبْسِهَا) أَيْ تَأْخِيرِ تَذْكِيَةِ الضَّحِيَّةِ (حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ) لِلتَّضْحِيَةِ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَيَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَنْذُورَةً فَإِنْ كَانَتْ مَنْذُورَةً فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْجَلَّابِ وُجُوبَ تَذْكِيَتِهَا وَنَقَلَهُ طفي، وَيُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ بِهِ مِنْ أَنَّ نَذْرَهَا يَمْنَعُ بَيْعَهَا وَإِبْدَالَهَا وَاسْتَدْرَكَ عَلَى التَّشْبِيهِ لِرَفْعِ إيهَامِهِ مُسَاوَاةَ الْمُشَبَّهِ الْمُشَبَّهَ بِهِ فِي عَدَمِ الْإِثْمِ فَقَالَ (إلَّا أَنَّ هَذَا) أَيْ الَّذِي حَبَسَهَا اخْتِيَارًا حَتَّى فَاتَ الْوَقْتُ (آثِمٌ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ. وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ لَيْسَ إثْمًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِثْمِ فَوَاتُ ثَوَابِ السُّنَّةِ وَالْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى إثْمِهِ بِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُعَاقِبُ الْمُذْنِبَ بِحِرْمَانِهِ مِنْ السُّنَّةِ، وَبِأَنَّ التَّأْثِيمَ وَالِاسْتِغْفَارَ فِي كَلَامِهِمْ لَيْسَ خَاصًّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ بَلْ يَسْتَعْمِلُونَهُ كَثِيرًا فِي تَرْكِ السُّنَّةِ، وَرُبَّمَا أَبْطَلُوا الصَّلَاةَ بِتَرْكِهَا وَيَأْمُرُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ مِنْهُ كَالْإِقَامَةِ (وَلِ) جِنْسِ ا (لْوَارِثِ الْقَسْمُ) لِضَحِيَّةِ مُوَرِّثِهِ الَّذِي مَاتَ بَعْدَ تَذْكِيَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا وَأَنْفَذَهَا الْوَارِثُ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بِالتَّرَاضِي؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ، رَوَاهُ الْأَخَوَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُهُ قَسْمُهَا عَلَى حَسَبِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ سَمَاعُ عِيسَى وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقِيلَ: عَلَى قَدْرِ الْأَكْلِ فَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالزَّوْجَةُ سَوَاءٌ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَلَخَصَّهَا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَكْلِهَا أَهْلُ بَيْتِهِ عَلَى نَحْوِ أَكْلِهِمْ فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً وَقَسَمَهَا وَرَثَتُهُ عَلَى الْمِيرَاثِ. ثَالِثُهَا: يُقَسِّمُونَهَا عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعُهُ عِيسَى وَظَاهِرُ الْوَاضِحَةِ اهـ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقَوْلُ " ز " وَظَاهِرُهُ الْقَسْمُ عَلَى الْمِيرَاثِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَسْمِ الْوَارِثِ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى أَنَّهُمْ يَقْسِمُونَهَا عَلَى الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ التُّونُسِيُّ إنَّهُ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ اهـ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 488 وَلَوْ ذُبِحَتْ؛ لَا بَيْعٌ بَعْدَهُ فِي دَيْنٍ.   [منح الجليل] قَالَ طفي هَذَا وَهْمٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي قَالَ التُّونُسِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ أَكْلُهَا بِلَا قَسْمٍ وَنَصُّ التُّونُسِيُّ بَعْدَ عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تُؤْكَلُ وَلَا تُقْسَمُ وَلِأَشْهَبَ الْقَسْمُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ قُرْبَةً بِالذَّبْحِ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَأَشْبَهَتْ الْحَبْسَ يَنْتَفِعُ الْوَرَثَةُ بِهَا غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ مِنْ زَوْجَةٍ وَغَيْرِهَا فِيهَا حَقًّا لِقَصْدِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَزِيدَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي حَظِّهِ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا حَظِّ الْأُنْثَى كَحَظِّ الذَّكَرِ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْأَكْلِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْمُوضِحُ قُلْت: إذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْوَهْمَ مِنْ طفي مِنْ الْحَطّ وَأَنَّ كَلَامَ التُّونُسِيِّ شَاهِدٌ عَلَيْهِ لَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إنَّمَا هُوَ نَفْيُ الْقَسْمِ عَلَى الْمِيرَاثِ لَا نَفْيُهُ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ جَعَلُوا لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ حَقًّا مَعَ قَوْلِهِ وَيَكُونُ حَظُّ الْأُنْثَى كَحَظِّ الذَّكَرِ صَرِيحٌ فِي الْقَسْمِ عَلَى الرُّءُوسِ الَّذِي عَزَاهُ لَهُ الْحَطّ، وَأَيْضًا لَا مَعْنَى لِأَكْلِهِمْ لَهَا وَانْتِفَاعِهِمْ بِهَا إلَّا قَسْمُهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ طفي مِنْ أَكْلِهَا بِلَا قَسْمٍ أَصْلًا لَكَانَ قَوْلًا رَابِعًا وَهَذَا ابْنُ رُشْدٍ حَافِظُ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَحْفَظَا إلَّا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَنَاهِيك بِحِفْظِهِمَا فَلَوْ وَجَدَ مَا أَغْفَلَاهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ ثَالِثُ الْأَقْوَالِ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا تَقَدَّمَ لِظَاهِرِ الْوَاضِحَةِ، وَقَدْ حَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ سَنَّ وَنَصُّ السَّمَاعِ وَلَكِنْ أَرَى فِي لَحْمِ الْأَضَاحِيِّ أَنْ يَقْسِمَهُ وَرَثَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ إذْ خَصَّ الْوَرَثَةَ وَأَنْزَلَهُمْ فِيهِ مَنْزِلَةَ الْمَيِّتِ أَنْ لَا يَقْسِمُوهُ عَلَى الْمِيرَاثِ وَأَنْ يَقْسِمُوهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَأْكُلُونَ فَيَكُونُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَقْسِمُوهُ إذْ قَدْ قِيلَ إنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ اهـ. وَلِلْوَرَثَةِ قَسْمُهَا إنْ لَمْ تُذْبَحْ بَلْ (وَلَوْ ذُبِحَتْ) قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ أَوْ بَعْدَهُ (لَا) يَجُوزُ (بَيْعٌ) لِلضَّحِيَّةِ أَوْ بَعْضِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الذَّبْحِ (فِي دَيْنٍ) عَلَى الْمُوَرِّثِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مِنْ قُوتِهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ مَعَ أَنَّهَا قُرْبَةٌ وَتَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا لَمْ يَقْضِ مِنْهَا دَيْنَهُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 489 وَنُدِبَ ذَبْحُ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُ ضَحِيَّةً فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ نَهَارًا، وَأُلْغِيَ يَوْمُهَا؛ إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ.   [منح الجليل] وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الضَّحِيَّةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ذَبْحُ) أَوْ نَحْرُ ذَاتٍ (وَاحِدَةٍ) مِنْ النَّعَمِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (تُجْزِئُ ضَحِيَّةً) سِنًّا وَسَلَامَةً، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فِي الْأَحَادِيثِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ لِلْأُمَّةِ، وَصِلَةُ ذَبَحَ (فِي سَابِعِ) يَوْمٍ مِنْ يَوْمِ (الْوِلَادَةِ) عَقِيقَةً عَنْ الْمَوْلُودِ مِنْ مَالِ الْأَبِ لَا مِنْ مَالِ الْمَوْلُودِ، فَالْمُخَاطَبُ بِهَا الْأَبُ لَا غَيْرُهُ إلَّا الْوَصِيَّ فَيُخَاطَبُ بِهَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ إذَا لَمْ تُجْحِفْ بِهِ، وَيَرْفَعُ لِمَالِكِيٍّ إنْ كَانَ حَنَفِيٌّ لَا يَرَاهَا عَنْ يَتِيمٍ، وَإِلَّا السَّيِّدَ فَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي عَقِّهِ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا يَعُقُّ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ «عَقَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الْحَسَنِ بِكَبْشٍ» وَنَحْوُهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَقِيَاسًا عَلَى الضَّحِيَّةِ، وَهَذَا مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ «أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْغُلَامِ بِشَاتَيْنِ مُتَكَافِئَتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ بِشَاةٍ» وَهَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمَوْلُودُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ كَتَوْأَمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ وَأَوْلَى تَعَدُّدُهُ مِنْ نِسَاءٍ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَلَا تُنْدَبُ بَعْدَ السَّابِعِ فِي سَابِعٍ ثَانٍ وَلَا ثَالِثٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَشَرْطُهَا اسْتِمْرَارُ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّابِعِ أَوْ فِيهِ قَبْلَ الْعَقِّ عَنْهُ فَلَا تُنْدَبُ. الطُّرْطُوشِيُّ وَلَا تَنْدَرِجُ فِي ضَحِيَّةٍ بِخِلَافِ الْوَلِيمَةِ فَتَنْدَرِجُ فِيهَا عِنْدَ الْقَصْدِ وَشَرْطُهَا ذَبْحُهَا. (نَهَارًا) مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ الْيَوْمِ السَّابِعِ لِغُرُوبِهِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَفِي الرِّسَالَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ ضَحْوَةً (وَأُلْغِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يُحْسَبُ (يَوْمُهَا) أَيْ الْوِلَادَةِ (إنْ سُبِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْيَوْمُ بِمَعْنَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَوْ الْمَوْلُودِ (بِ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) بِأَنْ طَلَعَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَلَوْ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ جِدًّا، فَإِنْ وُلِدَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حُسِبَ يَوْمُهَا. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 490 وَالتَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ. وَجَازَ كَسْرُ عِظَامِهَا. ، وَكُرِهَ عَمَلُهَا وَلِيمَةً. ، وَلَطْخُهُ بِدَمِهَا.   [منح الجليل] وَ) نُدِبَ حَلْقُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَ (التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً عَقَّ عَنْهُ أَمْ لَا قَبْلَ الْعَقِّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ تَحَرَّى وَتَصَدَّقَ بِهِ، وَنُدِبَ أَنْ يَسْبِقَ إلَى جَوْفِ الْمَوْلُودِ حَلَاوَةٌ «لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ مِنْ تَحْنِيكِهِ بِتَمْرَةٍ مَضَغَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَبِيحَةَ وِلَادَتِهِ وَدُعَائِهِ لَهُ وَتَسْمِيَتِهِ» . (وَجَازَ كَسْرُ عِظَامِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ، وَقِيلَ يُنْدَبُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُخَالَفَةً لِلْجَاهِلِيَّةِ فِي امْتِنَاعِهِمْ مِنْ كَسْرِ عِظَامِهَا مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْمَوْلُودَ وَتَقْطِيعِهَا مِنْ الْمَفَاصِلِ، فَجَاءَ الْإِسْلَامُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. الْفَاكِهَانِيُّ يَجِبُ تَرْكُ شِعَارِ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا اتِّبَاعَ الْبَاطِلِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ فَائِدَتُهُ التَّفَاؤُلُ بِسَلَامَةِ الصَّبِيِّ وَبَقَائِهِ، إذْ لَا أَصْلَ لِذَلِكَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا عَمَلٍ. وَقَوْلُهُ يَجِبُ تَرْكُ إلَخْ أَيْ يَتَأَكَّدُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ وَكَانَتْ الْعَقِيقَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأُقِرَّتْ بِالْإِسْلَامِ. (وَكُرِهَ عَمَلُهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (وَلِيمَةً) لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَيْهَا بَلْ تُطْبَخُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ وَالْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، وَيُطْعَمُ النَّاسُ مِنْهَا وَهُمْ فِي مَوَاضِعِهِمْ. الْفَاكِهَانِيُّ وَالْإِطْعَامُ مِنْهَا كَالْإِطْعَامِ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ بِلَا حَدٍّ فَيَأْكُلُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَيَتَصَدَّقُ مِنْهَا بِمَا يَشَاءُ وَيُطْعِمُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الدَّعْوَةِ إلَيْهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَيُدَّخَرُ لَحْمُ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: شَأْنُ النَّاسِ أَكْلُهَا وَمَا بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَتُمْنَعُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهَا وَمَنَعَ غَيْرُ وَاحِدٍ إعْطَاءَ الْقَابِلَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَمِلَهَا إنْ عَمِلَ طَعَامَ غَيْرِهَا وَلِيمَةً مَعَ ذَبْحِهَا أَوْ نَحْرِهَا وَضَعَهُ بِهَا صُنْعَ الْعَقِيقَةِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَقَقْت عَنْ وَلَدِي وَذَبَحْت بِاللَّيْلِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ إلَيْهِ إخْوَانِي وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ ذَبَحْت شَاةً لِعَقِيقَةٍ فَأَهْدَيْت مِنْهَا لِجِيرَانِي فَأَكَلُوا وَأَكَلْنَا فَمَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلْيَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ. (وَ) كُرِهَ (لَطْخُهُ) أَيْ الْمَوْلُودِ (بِدَمِهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَتُهُ الجزء: 2 ¦ الصفحة: 491 وَخِتَانُهُ يَوْمَهَا.   [منح الجليل] فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ، فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا وَبَعْضُهُمْ بِالْحَلْقِ وَالتَّصَدُّقِ بِزِنَةِ الشَّعْرِ. وَفِي الرِّسَالَةِ وَإِنْ خَلَّقَ رَأْسَهُ بِخَلُوقٍ بَدَلًا مِنْ الدَّمِ الَّذِي كَانَتْ تَفْعَلُهُ الْجَاهِلِيَّةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. (وَ) كُرِهَ (خِتَانُهُ) أَيْ الْمَوْلُودِ (يَوْمَهَا) أَيْ الْعَقِيقَةِ وَأَحْرَى يَوْمُ وِلَادَتِهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "؛ لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ لَا مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَيُنْدَبُ زَمَنَ أَمْرِهِ بِالصَّلَاةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُجَاوِزَ بِهِ عَشْرَ سِنِينَ إلَّا وَهُوَ مَخْتُونٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ خَتْنَ الذَّكَرِ سُنَّةٌ وَخَفْضَ الْأُنْثَى مُسْتَحَبٌّ، أَيْ قَطْعُ جُزْءٍ مِنْ الْجَلْدَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ وَلَا تُسْتَأْصَلُ لِخَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ «اخْفِضِي وَلَا تُنْهِكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ» ، أَيْ لَا تُبَالِغِي وَأَسْرَى أَيْ أَشْرَقُ لِلَّوْنِ الْوَجْهِ وَأَحْظَى أَيْ أَلَذُّ عِنْدَ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَةَ تَشْتَدُّ مَعَ الذَّكَرِ مَعَ كَمَالِهَا فَتُقَوِّي الشَّهْوَةَ لِذَلِكَ. (تَتِمَّةٌ) : تَسْمِيَةُ الْمَوْلُودِ حَقُّ أَبِيهِ وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا لِلسَّابِعِ إنْ أَرَادَ الْعَقَّ عَنْهُ وَالْأَسْمَاءُ فِي أَيٍّ وَقْتٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ لَهُ اسْمًا قَبْلَهُ وَيُسَمِّيَهُ بِهِ فِيهِ قَبْلَ الْعَقِّ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ. الْبَاجِيَّ مِنْ أَفْضَلِ الْأَسْمَاءِ ذُو الْعُبُودِيَّةِ لِحَدِيثِ «أَحَبُّ أَسْمَائِكُمْ إلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقَدْ سَمَّى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ» ، وَيُمْنَعُ بِمَا قَبُحَ كَحَرْبٍ وَحُزْنٍ وَمَا فِيهِ تَزْكِيَةٌ وَمَنَعَهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِالْمُهْدِي فَقِيلَ لَهُ فَالْهَادِي قَالَ هَذَا أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْهَادِيَ هَادِي طَرِيقٍ. الْبَاجِيَّ وَتَحْرُمُ بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ لِحَدِيثِ هُوَ أَخْنَعُ الْأَسْمَاءِ عِنْدَ اللَّهِ، بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ فَنُونٍ مَفْتُوحَةٍ أَيْ أَذَلُّ الْأَسْمَاءِ إذَا سُمِّيَ بِهِ مَخْلُوقٌ؛ لِأَنَّ مَلِكَ الْأَمْلَاكِ إنَّمَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. عِيَاضٌ «غَيَّرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَزِيزًا وَحَكِيمًا لِشَبَهِهِمَا بِأَسْمَاءِ صِفَاتِهِ تَعَالَى» ، وَسُمِّيَ بِعَلِيٍّ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ تُكْرَهُ ببس. ابْنُ رُشْدٍ لِلْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ اسْمًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْقُرْآنِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّحْرِيمُ. الجزء: 2 ¦ الصفحة: 492 (بَابٌ) الْيَمِينُ: تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ:   [منح الجليل] [بَابٌ الْيَمِين] (بَابٌ) فِي الْيَمِينِ (الْيَمِينُ) أَيْ حَقِيقَتُهَا شَرْعًا (تَحْقِيقُ) أَيْ تَقْرِيرُ وَتَقْوِيَةُ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (لَمْ يَجِبْ) وُقُوعُهُ عَقْلًا وَلَا عَادَةً بِأَنْ كَانَ مُمْكِنًا فِيهِمَا كَدُخُولِ الدَّارِ، وَلَوْ وَجَبَ شَرْعًا كَصَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ امْتَنَعَ شَرْعًا كَشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ فِي الْعَقْلِ دُونَ الْعَادَةِ كَشُرْبِ الْبَحْرِ وَيَحْنَثُ فِي هَذَا بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إلَّا الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى فِعْلِهِ، أَوْ مُمْتَنِعًا فِيهِمَا كَجَمْعِ الضِّدَّيْنِ، وَيَحْنَثُ فِي هَذَا بِمُجَرَّدِهَا أَيْضًا لِذَلِكَ. وَخَرَجَ الْوَاجِبُ فِيهِمَا كَتَحَيُّزِ الْجُرْمِ أَوْ فِي الْعَادَةِ فَقَطْ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَتَحْقِيقُ جِنْسٍ، وَإِضَافَتُهُ لِمَا لَمْ يَجِبْ فَصْلٌ مُخْرِجٌ تَحْقِيقَ الْوَاجِبِ عَقْلًا وَعَادَةً أَوْ عَادَةً فَقَطْ. وَصِلَةُ تَحْقِيقٍ (بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ) وَإِضَافَةُ اسْمِ اللَّهِ اسْتِغْرَاقِيَّةٌ أَيْ كُلُّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى، سَوَاءٌ وُضِعَ لِمُجَرَّدِ الذَّاتِ كَاَللَّهِ أَوْ لَهَا وَصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَالرَّحْمَنِ وَالْحَيِّ وَالْخَالِقِ (أَوْ) بِذِكْرِ اسْمِ (صِفَتِهِ) النَّفْسِيَّةِ كَوُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ السَّلْبِيَّةِ كَوَحْدَانِيِّتِهِ تَعَالَى. عج وَشَمِلَتْ الْقِدَمَ وَالْوَحْدَانِيَّةَ مِنْ صِفَاتِ السَّلْبِ، وَانْظُرْ هَلْ تَشْمَلُ بَقِيَّةَ صِفَاتِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] السَّلْبِ. اهـ. وَاَلَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، فَفِي سَمَاعِ عِيسَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يَحْلِفُ بِقَوْلِهِ لَعَمْرُ اللَّهِ وَأَيْمُ اللَّهِ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا وَقَالَ أَصْبَغُ هُوَ يَمِينٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْقِدَمِ وَالْبَقَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُمَا صِفَتَيْنِ لَهُ تَعَالَى، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّهُ بَاقٍ لِنَفْسِهِ وَقَدِيمٌ لِنَفْسِهِ لَا لِمَعْنًى مَوْجُودٍ قَائِمٍ بِهِ وَإِنَّ مَعْنَى الْقَدِيمِ الَّذِي لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ، وَمَعْنَى الْبَاقِي الْمُسْتَمِرُّ الْوُجُودِ فَكَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ ذَهَبَ إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَقَالَ أَخَافُ إلَخْ نَظَرًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَذَهَبَ أَصْبَغُ إلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ: إنَّهُ يَمِينٌ، وَمِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ أَوْ الذَّاتِيَّةُ كَحَيَاتِهِ تَعَالَى لَا الْفِعْلِيَّةُ كَالْخَلْقِ، وَهَذَا فَصْلٌ مُخْرِجٌ لِتَحْقِيقِ غَيْرِ الْوَاجِبِ بِتَعْلِيقِ نَحْوِ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِ طَلَاقٍ فَلَا يُسَمَّى يَمِينًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. وَأَرَادَ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ فِيهَا الصِّيَغُ الصَّرِيحَةُ فِي الْقَسَمِ إذَا نَوَاهُ بِهَا كَأَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ إنْ قَدَّرَ عَقِبَهَا كُلِّهَا بِاَللَّهِ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ إلَخْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ: مَعْنَاهَا ضَرُورِيٌّ لَا يُعْرَفُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ فَالْيَمِينُ قَسَمٌ أَوْ الْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ قُرْبَةٌ أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ لَا يَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ. اهـ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ إنَّ التَّعْلِيقَ مِنْ الْيَمِينِ فَهُوَ تَعْرِيفٌ لِلْيَمِينِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ النَّذْرُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ دِينَارٌ صَدَقَةً، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْقُرْبَةُ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ نَحْوُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 4 كَبِاللَّهِ، وَهَاللَّهِ، وَأَيْمُ اللَّهِ، وَحَقِّ اللَّهِ، وَالْعَزِيزِ، وَعَظَمَتِهِ، وَجَلَالِهِ، وَإِرَادَتِهِ، وَكَفَالَتِهِ، وَكَلَامِهِ، وَالْقُرْآنِ، وَالْمُصْحَفِ.   [منح الجليل] فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ، فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ، وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ صِفَةُ الْتِزَامٍ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا يَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ نَحْوُ ثَوْبِي صَدَقَةٌ مَثَلًا عَلَى فُلَانٍ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءِ الْمَنْدُوبِ نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ فَيُقَيَّدُ بِمَا لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ، وَقَوْلُهُ مُعَلَّقٌ إلَخْ بِالرَّفْعِ صِفَةُ مَا يَجِبُ لِأَنَّ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِلْيَمِينِ فَقَالَ (كَبِاللَّهِ) وَاَللَّهِ وَتَاللَّهِ وَمِثْلُهُ الِاسْمُ الْمُجَرَّدُ مِنْ حَرْفِ الْقَسَمِ كَاَللَّهِ لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ (وَهَاللَّهِ) بِحَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ أَيْ الْوَاوِ وَإِقَامَةِ هَا التَّنْبِيهِ مَقَامَهُ (وَأَيْمُ اللَّهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِهِ، وَكَذَا أَمْ وَكَذَا أَصْلُهُمَا وَهُوَ أَيْمُنُ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَمُ وَمُنْ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ فِيهِمَا فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ لُغَةً كُلٌّ مِنْهَا يَمِينٌ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَمَعْنَاهَا الْبَرَكَةُ الْقَدِيمَةُ فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْحَادِثُ لَمْ تَكُنْ يَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يُرَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَفِي كَلَامِ الْآبِي مَا يُفِيدُ أَنَّهَا يَمِينٌ. (وَحَقِّ اللَّهِ) إنْ أَرَادَ عَظَمَتَهُ أَوْ اسْتِحْقَاقَهُ الْأُلُوهِيَّةَ أَوْ حُكْمَهُ أَوْ تَكْلِيفَهُ أَوْ لَمْ يُرَدْ شَيْءٌ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْحُقُوقُ الَّتِي لَهُ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا فَلَيْسَتْ بِيَمِينٍ (وَالْعَزِيزِ) مِنْ عَزَّ يَعَزُّ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمُضَارِعِ أَيْ الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الَّذِي لَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ أَوْ بِكَسْرِهَا أَيْ الَّذِي لَا يَكَادُ يُوجَدُ غَيْرُهُ، كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ وَأَلْ فِيهِ لِلْكَمَالِ أَيْ الْكَامِلِ الْعِزَّةِ، وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْعَهْدِ الْحُضُورِيِّ، وَهَذَا مَا لَمْ يُرِدْ مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ عَزِيزًا مِنْ الْمَخْلُوقِينَ. (وَعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ) إذَا أُرِيدَ بِهِمَا الْمَعْنَى الْقَدِيمُ وَهُوَ وَصْفُهُ تَعَالَى الْقَدِيمُ الْبَاقِي، فَإِنْ أُرِيدَ عَظَمَتُهُ وَجَلَالُهُ اللَّذَانِ خَلَقَهُمَا فِي بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ. فَلَيْسَتَا بِيَمِينٍ (وَإِرَادَتِهِ) تَعَالَى وَلُطْفِهِ وَغَضَبِهِ وَرِضَاهُ وَرَحْمَتِهِ وَمِيثَاقِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْحَادِثَ فِي الْخَلْقِ (وَكَفَالَتِهِ) أَيْ الْتِزَامِهِ تَعَالَى وَيَرْجِعُ لِكَلَامِهِ الْقَدِيمِ وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي. (وَكَلَامِهِ وَالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ) إنْ نَوَى الْمَعْنَى الْقَدِيمَ الَّذِي لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 5 وَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت بِاَللَّهِ، ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَنَّ دُيِّنَ   [منح الجليل] أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَإِنْ نَوَى الْمُنْزَلَ الْمُؤَلَّفَ مِنْ الْحُرُوفِ بِالْكَلَامِ وَالْقُرْآنِ وَبِالْمُصْحَفِ الْأَوْرَاقَ وَالْكِتَابَةَ وَالْجِلْدَ الْجَامِعَ لَهَا فَلَيْسَتْ يَمِينًا، وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ فِي الْحَلِفِ بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى تَسْمِيَةِ الْمُنْزَلِ الْمُؤَلَّفِ قُرْآنًا وَاخْتَلَفُوا فِي تَسْمِيَةِ الْقَدِيمِ بِهِ وَأَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَمَّاهُ مُصْحَفًا (وَإِنْ قَالَ) شَخْصٌ بِاَللَّهِ لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ فَقِيلَ لَهُ انْعَقَدَتْ عَلَيْك الْيَمِينُ وَلَزِمَك التَّرْكُ أَوْ الْفِعْلُ لِلْبِرِّ فَقَالَ لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنِّي (أَرَدْت) بِقَوْلِي بِاَللَّهِ (وَثِقْت) أَوْ اعْتَصَمْت (بِاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت) وَاسْتَأْنَفْت قَوْلِي (لَأَفْعَلَنَّ) أَوْ لَا فَعَلْت وَلَمْ أَجْعَلْهُ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ (دُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ وُكِلَ لِدِينِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَنَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبْتَدِ بِشَيْءٍ بَعْدَ بِاَللَّهِ فَإِنَّهُ يُدَيَّنُ بِالْأَوْلَى حَيْثُ لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَثِقْت بِاَللَّهِ بِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ دُونَ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَهَاللَّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ بِاَللَّهِ بِالرَّحْمَنِ مَثَلًا، وَيُفِيدُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ أَوْ بِالرَّحْمَنِ وَبَحَثَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ جَوَابًا لِقَسَمٍ. أَمَّا فِي مِثْلِ لَأَفْعَلَنَّ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ مَا ادَّعَاهُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ لَأَفْعَلَنَّ جَوَابُ قَسَمٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 6 لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ. وَكَعِزَّةِ اللَّهِ، وَأَمَانَتِهِ، وَعَهْدِهِ، وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ؛ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَخْلُوقَ،   [منح الجليل] مُقَدَّرٍ وَلَيْسَ بِيَمِينٍ كَالْكَعْبَةِ. وَأُخْرِجَ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ دُيِّنَ أَيْ وَلَمْ تَلْزَمْهُ يَمِينٌ فَقَالَ (لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ) إلَى الْيَمِينِ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَلَيْسَ مُخْرَجًا مِنْ قَوْلِهِ دُيِّنَ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْبُولٌ، وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ لَهُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى نِيَّةٍ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ، وَفَائِدَةُ قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ تَعَمَّدْت الْحَلِفَ عَلَى كَذَا فَحَلَفَ أَنَّهُ سَبَقَهُ لِسَانُهُ فَيُصَدَّقُ فِي يَمِينِهِ الثَّانِيَةِ، وَلَا تَلْزَمُهُ لِأَجْلِهَا كَفَّارَةٌ فَالْمُرَادُ بِسَبْقِ لِسَانِهِ غَلَبَتُهُ وَجَرَيَانُهُ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ، فَإِنَّ هَذَا يُعْذَرُ بِهِ كَسَبْقِهِ فِي الطَّلَاقِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ. ابْنُ غَازِيٍّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ أَنْ يَسْبِقَ اللَّفْظُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ كَبَلَى وَاَللَّهِ لَا وَاَللَّهِ وَفِيهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَغْوٍ. وَذَهَبَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَالْأَبْهَرِيُّ إلَى أَنَّهُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَالْعَبْدُوسِيُّ، فَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِرَدِّ النَّفْيِ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِرَدِّ النَّفْيِ لِقَوْلِهِ بِذِكْرِ اللَّهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ بَعْدُ عَلَى تَفْسِيرِ اللَّغْوِ بِمَا يَعْتَقِدُهُ، فَظَهَرَ نَفْيُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) إنْ أَرَادَ بِهَا صِفَتَهُ تَعَالَى الْقَدِيمَةَ الْبَاقِيَةَ الَّتِي هِيَ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ (وَأَمَانَتُهُ) أَيْ تَكْلِيفُهُ الرَّاجِعُ لِكَلَامِهِ الْقَدِيمِ (وَعَهْدِهِ) وَكَلَامُهُ الْقَدِيمُ الَّذِي عَاهَدَ بِهِ خَلْقَهُ، وَمَحَلُّ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ أَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ يَمِينًا إنْ أَتَى مَعَهُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ بِأَنْ قَالَ: وَأَمَانَةِ اللَّهِ، وَعَهْدِ اللَّهِ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهُ لِبَيَانِ الصِّيَغِ الَّتِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا. (وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ أَنْ يُرِيدَ) بِعِزَّةِ اللَّهِ وَمَا بَعْدَهُ الْمَعْنَى (الْمَخْلُوقَ) لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْعِبَادِ الْمُرَادِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: 180] ، وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: 72] الْآيَةَ، وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} [البقرة: 125] ، فَلَا تَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ وَيَكُونُ الْحَلِفُ بِهَا غَيْرَ مَشْرُوعٍ. الْبِسَاطِيُّ لَا يَرْجِعُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 7 وَكَأَحْلِفُ، وَأُقْسِمُ، وَأَشْهَدُ؛ إنْ نَوَى وَأَعْزِمُ؛ إنْ قَالَ بِاَللَّهِ، وَفِي أُعَاهِدُ اللَّهَ: قَوْلَانِ، لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ، أَوْ أُعْطِيك عَهْدًا، وَعَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ   [منح الجليل] الِاسْتِثْنَاءُ لِعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ لِأَنَّ لَفْظَ عَلَيَّ وَإِضَافَةَ الْعَهْدِ إلَى اللَّهِ يَمْنَعَانِ إرَادَةَ الْمَخْلُوقِ، وَيَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَحَقِّ اللَّهِ إلَخْ كَمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ فِيهَا بِعَدَمِ إرَادَةِ الْحَادِثِ. (وَكَأَحْلِفُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (وَأُقْسِمُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (وَأَشْهَدُ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَمَاضِيهَا كَذَلِكَ (إنْ نَوَى) أَيْ قَدَّرَ (بِاَللَّهِ) عَقِبَهَا، وَأَوْلَى إنْ نَطَقَ بِهِ أَوْ بِصِفَتِهِ لِقَصْدِهِ إنْشَاءَ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ. وَمَفْهُومُ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِالنَّبِيِّ مَثَلًا أَوْ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا فِي الْمَاضِي بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَيَفْعَلَنَّهُ، أَوْ قَصَدَ بِمُضَارِعِهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْكُتْ مُخَاطِبُهُ يَحْلِفُ لَا يَفْعَلُ أَوْ لَيَفْعَلَنَّ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ نَطَقَ بِاَللَّهِ. (وَأَعْزِمُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَكَذَا عَزَمْت (إنْ قَالَ بِاَللَّهِ) لَا إنْ نَوَاهُ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَقْصِدُ وَأَهْتَمُّ، وَتَقْيِيدُهُ بِاَللَّهِ يُفِيدُ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْقَسَمِ (وَفِي) انْعِقَادِ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ (أُعَاهِدُ اللَّهَ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. وَجْهُ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ بِهِ مَا قَصَدَ حُصُولَهُ أَوْ عَدَمَهُ دَلَّ عَلَى قَصْدِ الْحَلِفِ بِهِ، وَالثَّانِي بِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْ الْعَبْدِ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، وَخَرَجَ أُبَايِعُ اللَّهَ عَلَى أُعَاهِدُ اللَّهَ (لَا) تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ (بِ) قَوْلِهِ (لَك عَلَيَّ عَهْدٌ) لَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ (أَوْ) قَوْلِهِ (أُعْطِيك) بِضَمِّ الْهَمْزِ (عَهْدًا) عَلَى تَرْكِ كَذَا أَوْ فِعْلِهِ وَهَذَا بَعْضُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ وَمِثْلُهُمَا لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ، أَوْ أُعْطِيكَ عَهْدَ اللَّهِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا لَفُهِمَ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى. (وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ (عَزَمْت) أَوْ أَعْزِمُ (عَلَيْك بِاَللَّهِ) لَا تَفْعَلْ أَوْ لَتَفْعَلَنَّ وَأَعْزِمُ بِاَللَّهِ السَّابِقَةَ الَّتِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِهَا لَيْسَ فِيهَا عَلَيْك وَحَلَفَ بِهَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهَذِهِ سَأَلَ بِهَا غَيْرَهُ وَأَقْسَمْت أَوْ حَلَفْت عَلَيْك بِاَللَّهِ لَا تَفْعَلْ أَوْ لَتَفْعَلَنَّ يَمِينٌ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْقَسَمِ فَلَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 8 وَحَاشَ اللَّهِ، وَمَعَاذَ اللَّهِ، وَاَللَّهُ رَاعٍ أَوْ كَفِيلٌ،   [منح الجليل] يَصْرِفْهُ عَنْهُ، قَوْلُهُ عَلَيْك، بِخِلَافِ عَزَمْت فَإِنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلْقَسَمِ وَلَمْ يُنْقَلْ إلَيْهِ، لَكِنَّهُ يَسْتَدْعِي التَّأْكِيدَ وَهُوَ يَكُونُ بِالْقَسَمِ فَفِيهَا شَائِبَتُهُ، فَإِنْ تَرَكَ مَعَهَا عَلَيْك صَارَتْ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا. (وَ) لَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِقَوْلِهِ (حَاشَا اللَّهَ) مَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ تَنْزِيهًا مِنَّا لَهُ تَعَالَى، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَلَامُ الْقَدِيمُ الدَّالُّ عَلَى تَنَزُّهِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، لَكِنَّهُ مَجَازٌ يَحْتَاجُ لِقَرِينَةٍ وَنِيَّةٍ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ يَمِينًا وَلَوْ أَتَى قَبْلَهُ بِوَاوِ الْقَسَمِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَالْوَاوُ الَّتِي فِي الْمَتْنِ لِلْعَطْفِ. (وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ (مَعَادَ اللَّهِ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَوْدِ أَيْ الرُّجُوعِ مِنَّا لِلَّهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى، أَوْ الْمُعْجَمَةِ أَيْ التَّحَصُّنِ مِنَّا وَالِاعْتِصَامِ بِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِذَلِكَ. وَمَحَلُّ كَوْنِ حَاشَا اللَّهَ وَمَعَادَ اللَّهِ لَيْسَتَا يَمِينًا إنْ أَرَادَ الْحَادِثَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا. فَإِنْ أَرَادَ بِالْأُولَى كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى الْقَدِيمَ الدَّالَّ عَلَى تَنَزُّهِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ أَوْ أَرَادَ بِمَعَادَ الذَّاتَ وَأَضَافَهُ لِلْبَيَانِ فَهُمَا يَمِينٌ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي مَعَادَ اللَّهِ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْيَمِينَ. وَقِيلَ فِي مَعَادَ اللَّهِ وَحَاشَا لِلَّهِ لَيْسَتَا بِيَمِينٍ بِحَالٍ. (وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ (اللَّهُ رَاعٍ) أَيْ حَافِظٌ (أَوْ كَفِيلٌ) أَيْ ضَامِنٌ لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ إنْ رَفَعَ الِاسْمَ الْكَرِيمَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إخْبَارٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْيَمِينَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ التُّونُسِيُّ فِي اللَّهَ لَأَفْعَلَنَّ بِنَصَبِ الْجَلَالَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا نَوَى حَرْفَ الْقَسَمِ، وَنَصَبَ بِحَذْفِهِ فَيَمِينٌ، وَإِنْ كَانَ خَبَرًا فَلَا: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَمِينَ. وَأَمَّا إنْ جَرَّهُ لَحْنًا وَمَا بَعْدَهُ خَبَرُهُ فَغَيْرُ يَمِينٍ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهِ، فَإِنْ قَصَدَ جَرَّهُ بِحَرْفِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ فَيَمِينٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَسَمَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ فَصَّلَ بَيْنَ وَاَللَّهِ وَبَيْنَ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ وَهُوَ لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِجُمْلَةٍ وَهِيَ رَاعٍ أَوْ كَفِيلٌ، وَمُبْتَدَؤُهُ الْمُقَدَّرُ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ يَمِينًا. وَمِثْلُ اللَّهُ كَفِيلٌ عَلِمَ اللَّهُ. الشَّيْخُ سَالِمٌ عَدَّ صَاحِبَ الْخِصَالِ مِمَّا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ يَعْلَمُ اللَّهُ وَفِي الْبَيَانِ إذَا قَالَ يَعْلَمُ اللَّهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 9 وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ، وَكَالْخَلْقِ، وَالْإِمَاتَةِ، أَوْ هُوَ يَهُودِيٌّ   [منح الجليل] الْكَفَّارَةُ احْتِيَاطًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ عِلْمِ اللَّهِ، بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ. سَحْنُونٌ إنْ أَرَادَ الْحَلِفَ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ حُرُوفَ الْقَسَمِ قَدْ تُحْذَفُ. (وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ وَ (النَّبِيِّ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ (وَ) لَا بِقَوْلِهِ وَ (الْكَعْبَةِ) مَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَالْحَجَرِ وَالْبَيْتِ وَالْمَقَامِ وَمَكَّةَ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ، وَخَاتَمِ الصَّوْمِ الَّذِي عَلَى فَمِ الْعِبَادِ، وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ مِنْ كُلِّ مَخْلُوقٍ مُعَظَّمٍ شَرْعًا. وَفِي حُرْمَةِ الْحَلِفِ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَشَهَّرَهُ فِي الشَّامِلِ، وَكَرِهْتُهُ وَشَهَّرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ قَوْلَانِ، مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا. بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ كُفْرًا لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ قَالَهُ الْحَطّ. لَا يُقَالُ تَعْلِيلُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ سَابٌّ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَاهُ يُفِيدُ الِاسْتِهْزَاءَ لَا أَنَّهُ قَصَدَهُ. وَأَمَّا الْحَلِفُ بِمَا لَيْسَ بِمُعَظَّمٍ شَرْعًا كَالدُّمَى وَالْأَنْصَابِ وَحَيَاةِ أَبِي وَرَأْسِ أَبِي وَتُرْبَةِ أَبِي فَلَا شَكَّ تَحْرِيمُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ نَهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ؛ قَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَمِعَ عُمَرَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فِي سَفَرٍ فَمَا حَلَفَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَ) لَا تَنْعَقِدُ بِصِفَةٍ فِعْلِيَّةٍ (كَالْخَلْقِ) وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ (وَالْإِمَاتَةِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَبِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقِيَّتَيْنِ آخِرَهُ ضِدُّ الْإِحْيَاءِ. ابْنُ يُونُسَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ أَفْعَالِهِ تَعَالَى كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ، وَأَمَّا الْقَائِلُ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتِ فَهَذَا حَالِفٌ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ دَلَّتْ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ عَلَى صِفَاتِ أَفْعَالِهِ. (أَوْ) أَيْ لَا تَنْعَقِدُ إنْ قَالَ (هُوَ) أَيْ الْحَالِفُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ دَفْعًا لِشَنَاعَةِ إسْنَادِ الْخَبَرِ الْآتِي لِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ (يَهُودِيٌّ) أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ سَارِقٌ أَوْ زَانٍ أَوْ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ اللَّهِ إنْ فَعَلَ كَذَا، أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ ثُمَّ حَنِثَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وَلَا يَرْتَدُّ وَلَوْ كَذَبَ فِي كَلَامِهِ لِقَصْدِهِ إنْشَاءَ الْيَمِينِ لَا الْإِخْبَارَ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَلِذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَمِينٍ فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ هَازِلًا، وَخَبَرُ «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 10 وَغَمُوسٌ: بِأَنْ شَكَّ، أَوْ ظَنَّ، وَحَلَفَ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ،   [منح الجليل] غَيْرَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَمَا قَالَ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ مُوَاقَعَةِ هَذَا اللَّفْظِ وَلَا يَرْتَدُّ مَنْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ لِيَغْتَرَّ بِهِ يَهُودِيَّةً لِيَتَزَوَّجَهَا مَثَلًا. (وَ) لَا كَفَّارَةَ فِي يَمِينٍ (غَمُوسٍ) مُتَعَلِّقَةٍ بِمَاضٍ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (بِأَنْ شَكَّ) الْحَالِفُ فِيمَا أَرَادَ الْحَلِفَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَمَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ أَوْ لَا (أَوْ ظَنَّ) الْحَالِفُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ كَمَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ وَأَوْلَى إنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ (وَحَلَفَ) عَلَى شَكِّهِ أَوْ ظَنِّهِ الضَّعِيفِ أَوْ تَعَمُّدِهِ الْكَذِبَ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ (بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَوْ ظَنِّهِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ فَلَيْسَتْ غَمُوسًا. وَكَذَا إنْ جَزَمَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا وَسَيَقُولُ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ، وَكَذَا إنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ فِي ظَنِّي فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِحَالٍ أَوْ اسْتِقْبَالٍ كُفِّرَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ مَفْهُومُهُ لَوْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لَمْ تَكُنْ يَمِينٌ غَمُوسٌ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا لَقِيت فُلَانًا أَمْسِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَلَقِيَهُ أَمْ لَا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ بَرَّ، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَثِمَ. وَكَانَ كَتَعَمُّدِ الْكَذِبِ فَهِيَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ، وَعَلَى هَذَا الْمُتَبَادَرِ حَمَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ عَتَّابٍ لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَا يُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ الْبِرَّ فِي الظَّاهِرِ لَا أَنَّ إثْمَ جُرْأَتِهِ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْحَلِفِ شَاكًّا سَقَطَ عَنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا تُزِيلُهُ إلَّا التَّوْبَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ. وَمِمَّنْ حَمَلَهَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْبِرِّ لَا نَفْيِ إثْمِ الْحَلِفِ عَلَى الشَّكِّ وَإِنْ كَانَ دُونَ إثْمِ الْمُتَعَمِّدِ. أَبُو الْفَضْلِ عِيَاضٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْحَالِفِ عَلَى شَكٍّ أَوْ ظَنٍّ إنْ صَادَفَ صِدْقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَدْ خَاطَرَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ آثِمٌ وَسُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي النَّارِ، وَقِيلَ فِي الْإِثْمِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ حَاصِلٌ أَيْ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْغَمْسِ فِي النَّارِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُحَقَّقًا، إذْ فَاعِلُ الذَّنْبِ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا تَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ النَّارُ. وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَغْمِسُهُ فِي النَّارِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 11 وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ، وَإِنْ قَصَدَ بِكَالْعُزَّى: التَّعْظِيمَ، فَكُفْرٌ. وَلَا لَغْوٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ؛   [منح الجليل] بِسَبَبِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهَا دُخُولُهَا. (وَلْيَسْتَغْفِرْ) الْقَائِلُ هُوَ يَهُودِيٌّ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ (اللَّهَ) أَيْ يَتُبْ وُجُوبًا بِأَنْ يَنْدَمَ وَيُقْلِعَ وَيَعْزِمَ عَلَى عَدَمِ عَوْدِهِ لِمِثْلِهِ، هَذِهِ حَقِيقَةُ الِاسْتِغْفَارِ (وَإِنْ قَصَدَ) الْحَالِفُ (بِكَالْعُزَّى) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ مُشَدَّدَةً مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى كَاللَّاتِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْر (التَّعْظِيم) لِلْمَحْلُوفِ بِهِ مِنْهُمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَعْبُودًا أَوْ مَنْسُوبًا إلَيْهِ فِعْلٌ كَالْأَزْلَامِ (فَ) حَلِفُهُ (كُفْرٌ) لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ خَاصٌّ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِشْرَاكٌ فِي الْأُلُوهِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمًا فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا فِي الْأَصْنَامِ، وَعَلَى خِلَافٍ سَبَقَ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَكُلِّ مُعَظَّمٍ شَرْعًا وَالْأَزْلَامُ وَاحِدُهَا زَلَمٌ كَجَمَلٍ خَشَبَةُ السَّهْمِ بِلَا نَصْلٍ كَانُوا إذَا قَصَدُوا أَمْرًا كَتَبُوا عَلَى وَاحِدٍ أَمَرَنِي رَبِّي وَعَلَى آخَرَ نَهَانِي رَبِّي وَعَلَى آخَرَ غَفَلَ، وَخَلَطُوهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَخْرَجُوا وَاحِدًا فَإِنْ خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ أَمَرَنِي رَبِّي فَعَلُوا وَإِنْ خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ نَهَانِي رَبِّي كَفُّوا، وَإِنْ خَرَجَ الَّذِي عَلَيْهِ غَفَلَ أَعَادُوا الضَّرْبَ. عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ يَحْلِفُ (وَلَا) كَفَّارَةَ فِي يَمِينٍ (لَغْوٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَاضٍ أَوْ حَالٍ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ يَحْلِفُ (عَلَى مَا) أَيْ شَيْءٍ (يَعْتَقِدُهُ) أَيْ يَجْزِمُ بِهِ حَالَ حَلِفِهِ (فَظَهَرَ) بَعْدَ حَلِفِهِ (نَفْيُهُ) أَيْ مُخَالَفَتُهُ لِاعْتِقَادِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَاضِيًا اتِّفَاقًا أَوْ حَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمُسْتَقْبَلٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتُهَا فَالْغَمُوسُ وَاللَّغْوُ إنْ تَعَلَّقَتَا بِمَاضٍ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَعَلَّقَتَا بِمُسْتَقْبَلٍ كُفِّرَتَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَعَلَّقَتَا بِحَالٍ كُفِّرَتْ الْغَمُوسُ دُونَ اللَّغْوِ. عج: كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا ... لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا الْبُنَانِيُّ هَذَا مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ فِي اللَّغْوِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ فِي الْغَمُوسِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ لَا لَغْوٌ وَلَا غَمُوسٌ فِي مُسْتَقْبَلٍ، وَتَعْلِيقُ ابْنِ الْحَاجِبِ اللَّغْوَ بِهِ لَا أَعْرِفُهُ وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ يَتَأَتَّى فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَالْمَاضِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 12 وَلَمْ ولَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ:   [منح الجليل] وَالْحَالِ وَأَكْثَرُ كَلَامِ الشُّيُوخِ فِيهِمَا يَرِدُ بِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ الْحَادِثِ تَعَلُّقُهُ بِمَا وَقَعَ لَا بِالْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ غَيْبٌ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْكَفَّارَةِ فِي حَلِفِهِ عَلَى مَا وَقَعَ تَرْكُهَا فِي حَلِفِهِ جَزْمًا عَلَى مَا لَمْ يَقَعْ لِعُذْرِ الْأَوَّلِ وَجُرْأَةِ الثَّانِي. التُّونُسِيُّ الْأَشْبَهُ فِي مُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَوَاللَّهِ لَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ غَدًا أَنَّهُ غَمُوسٌ. قُلْت هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا عَلَى تَعَمُّدِ الْكَذِبِ الصِّقِلِّيُّ مَنْ حَلَفَ مُهَدِّدًا بَعْضَ أَهْلِهِ مُجْمِعًا عَلَى الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِ الْوَفَاءِ بِيَمِينِهِ لَمْ يَأْثَمْ. قُلْت ظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُهَدِّدٍ أَثِمَ اهـ. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْغَمُوسِ وَاللَّغْوِ هُوَ الْمَاضِي لَكِنْ اخْتَارَ التُّونُسِيُّ أَنْ تَكُونَ الْغَمُوسُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْمُمْتَنِعِ عَقْلًا أَوْ عَادَةً اُنْظُرْ الْحَطّ. (وَلَمْ يُفِدْ) لَغْوُ الْيَمِينِ (فِي) الْحَلِفِ بِ (غَيْرِ اللَّهِ) تَعَالَى وَالنَّذْرُ الْمُبْهَمُ وَالْيَمِينُ وَالْكَفَّارَةُ مِنْ عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَحَجٍّ وَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُوجِبُ الْحِنْثَ فِيهِ غَيْرَ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ وَظَهَرَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ لَقَدْ دَفَعَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ لِبَائِعِهَا فَبَانَ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لِأَخِيهِ فَقَالَ: مَا كُنْت ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْته إلَّا لِلْبَائِعِ، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَحْنَثُ اهـ. بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: 225] ، وَهِيَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ. وَأَمَّا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ فَلَيْسَتْ أَيْمَانًا شَرْعِيَّةً وَإِنَّمَا هِيَ الْتِزَامَاتٌ، وَلِذَا لَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا حُرُوفُ الْقَسَمِ وَكَانَ الْحَلِفُ بِهَا مَمْنُوعًا وَمِثْلُهَا النَّذْرُ الْمُبْهَمُ أَيْ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ مَخْرَجُهُ كَحَلِفِهِ بِهِ عَلَى شَخْصٍ مُقْبِلٍ أَنَّهُ زَيْدٌ أَوْ إنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 13 كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ، إنْ قَصَدَهُ: كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، أَوْ يُرِيدَ، أَوْ يَقْضِيَ: عَلَى الْأَظْهَرِ،   [منح الجليل] لَمْ يَكُنْ زَيْدًا فَعَلَيَّ نَذْرٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِفَادَةِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَعَدَمِهَا فِي غَيْرِهَا فَقَالَ (كَالِاسْتِثْنَاءِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَهُ إلَى آخِرِ شُرُوطِهِ ثُمَّ حَنِثَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (إنْ قَصَدَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ حَلَّ الْيَمِينُ فَإِنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَلَا يُفِيدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَيْضًا. وَإِنْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إنْ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَحَنِثَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَإِنْ قَصَدَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْإِفَادَةِ فِي اللَّهِ وَعَدَمِهَا فِي غَيْرِهِ فَقَالَ (كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ أَوْ يَقْضِيَ) فَيُفِيدُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا وَلَا يُفِيدُ فِي غَيْرِهَا (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ فِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَوْ يَقْضِيَ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ خِلَافَ مَا يُوهِمُهُ لَفْظُهُ مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّلَاثَةِ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ كَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ أَوْ يَقْضِيَ عَلَى الْأَظْهَرِ، أَيْ فِي الْأَخِيرَيْنِ، أَشَارَ بِهِ لِمَا فِي رَسْمٍ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ. وَمَنْ حَلَفَ لَا فَعَلَ كَذَا إلَّا أَنْ يَقْضِيَ اللَّهُ أَوْ يُرِيدَ غَيْرَهُ، فَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً. عِيسَى هُوَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى اسْتِثْنَاءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فَحَمَلَهُ ابْنُ حَارِثٍ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَاخْتَارَ قَوْلَ عِيسَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 14 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ حَمْلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَكُونُ خِلَافًا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِسَمَاعِهِ إيَّاهُ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ. مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا إلَّا أَنْ يُقَدَّرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ فَعَلَهُ حَنِثَ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَشْهَبَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالنَّظَرُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ بِقَضَاءِ اللَّهِ أَوْ قَدَرِهِ أَوْ مَشِيئَتِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَى أَنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي الْمَشِيئَةِ فَقَطْ. وَلَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ نَفَعَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ. وَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ. وَهَلْ الِاسْتِثْنَاءُ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ فَقَطْ أَوْ حَلٌّ لِلْيَمِينِ مِنْ أَصْلِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 15 وَأَفَادَ بِكَإِلَّا فِي الْجَمِيعِ، إنْ اتَّصَلَ، إلَّا لِعَارِضٍ، وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ، وَقَصَدَ.   [منح الجليل] مَعَ الْقَاضِي وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ حَلَفَ وَاسْتَثْنَى ثُمَّ حَلَفَ أَنَّهُ مَا حَلَفَ وَفِيمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فَحَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَيَحْنَثُ فِيهِمَا عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَفِّرُ فَحَلَفَ وَاسْتَثْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا. (وَأَفَادَ) الِاسْتِثْنَاءُ (بِكَإِلَّا) وَخَلَا وَعَدَا وَحَاشَا وَلَيْسَ وَلَا يَكُونُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شَرْطٍ وَصْفَةٍ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَغَايَةٍ وَبَدَلِ بَعْضٍ، نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا إلَّا يَوْمَ كَذَا، أَوْ إنْ ضَرَبَنِي أَوْ ابْنُ عَمْرٍو أَوْ إلَى وَقْتِ كَذَا أَوْ لَا أُكَلِّمُ الرَّجُلَ ابْنَ عَمْرٍو (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ. وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ جَمِيعُ مُتَعَلِّقَاتِ الْيَمِينِ مُسْتَقْبَلَةٌ وَمَاضِيَةٌ كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً أَوْ غَمُوسًا، كَذَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَمَنْ حَلَفَ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْبَحْرَ أَوْ يَحْمِلُ الْجَبَلَ أَوْ يُمِيتُ الْمَيِّتَ ثُمَّ اسْتَثْنَى فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ. وَحَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَيْمَانِ مَعْنَاهُ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَّا وَاحِدَةً نَفَعَهُ الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ (إنْ اتَّصَلَ) الِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا وَالْمُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِهِ وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِالْمُقْسَمِ بِهِ أَيْ بِعَدَدِهِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ بِهِ نَحْوُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً لَا يَفْعَلُ، كَذَا أَوْ لَيَفْعَلَنَّهُ أَوْ يَكْتَفِي بِاتِّصَالِهِ بِالْمُقْسَمِ عَلَيْهِ نَحْوُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا لَا يَفْعَلُ كَذَا، أَوْ لَيَفْعَلَنَّهُ إلَّا وَاحِدَةً خِلَافٌ، فَإِنْ انْفَصَلَ لَمْ يُفِدْ كَانَ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْفَصْلُ (لِعَارِضٍ) لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ انْقِطَاعِ نَفَسٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَوْ تَثَاؤُبٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ أَوْ تَكَرَّرَتْ لَا رَدٍّ لِسَلَامٍ وَحَمْدِ عَاطِسٍ وَتَشْمِيتِهِ فَيَضُرُّ (وَنَوَى الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ النُّطْقُ بِهِ لَا إنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ بَلْ سَهْوًا فَلَا يُفِيدُ مَشِيئَةً أَوْ غَيْرَهَا (وَقَصَدَ) بِهِ حَلَّ الْيَمِينِ مِنْ أَوَّلِ النُّطْقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 16 وَنَطَقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانٍ؛ إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا: كَالزَّوْجَةِ فِي: " الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ "   [منح الجليل] بِاَللَّهِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ الْيَمِينِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ بِلَا فَصْلٍ وَلَوْ بِتَذْكِيرٍ، كَقَوْلِ شَخْصٍ لِلْحَالِفِ قُلْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيَقُولُهَا عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِلَا فَصْلٍ امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ احْتِرَازًا مِنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ عَدَمِ الْقَصْدِ لِشَيْءٍ. وَلَيْسَ مَا هُنَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إنْ قَصَدَهُ لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَيَّدَ فِي عَدَمِ الْإِفَادَةِ فِي غَيْرِ اللَّهِ فَمَفْهُومُهُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ أَحْرَى، وَهَذَا قَيْدٌ فِي الْإِفَادَةِ فَمَفْهُومُهُ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَإِنْ أَمْكَنَ الِاكْتِفَاءُ بِأَحَدِهِمَا. (وَنَطَقَ بِهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ جَهْرًا بَلْ (وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ) إنْ لَمْ يَحْلِفْ فِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ شَرْطٍ فِي نِكَاحٍ أَوْ عَقْدِ بَيْعٍ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَعْهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَهُوَ لَا يَرْضَى بِاسْتِثْنَائِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَاسْتَثْنَى مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ وَلَا يَكْفِي فِي الْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ النِّيَّةُ أَوَّلًا الَّتِي لَمْ يَصْحَبْهَا لَفْظُ اسْتِثْنَاءٍ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَعْزِلَ فِي يَمِينِهِ أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ أَيْ ابْتِدَاءً قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ فَتَكْفِي فِيهِ النِّيَّةُ حِينَئِذٍ وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ أَمْ لَا إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ فَلَا يَنْفَعُهُ الْعَزْلُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَمَّا كَانَ الْمُخَصَّصُ اسْتِثْنَاءً يُشْتَرَطُ فِيهِ النُّطْقُ كَمَا مَرَّ وَمُحَاشَاةً لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا النُّطْقُ، بَلْ النِّيَّةُ فِيهَا كَافِيَةٌ أَخْرَجَهَا مِنْ شَرْطِ النُّطْقِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْزِلَ الْحَالِفُ شَيْئًا بِنِيَّتِهِ فِي يَمِينِهِ أَيْ يُخْرِجُهُ ثُمَّ يُصْدِرُهَا عَلَى مَا سِوَاهُ فَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ الْعَزْلُ بِالنِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِأَشَدِّ الْأَشْيَاءِ فَقَالَ (كَ) عَزْلِ (الزَّوْجَةِ) أَوَّلًا (فِي) الْحَلِفِ بِ (الْحَلَالِ) أَوْ كُلِّ حَلَالٍ (عَلَيَّ حَرَامٌ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، ثُمَّ فَعَلَهُ فِي الْأَوَّلِ أَوْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ فِي الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الزَّوْجَةِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ إخْرَاجٌ لِمَا دَخَلَ فِي الْيَمِينِ أَوَّلًا فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ طَرَيَان نِيَّةِ الْعَزْلِ بَعْدَ النُّطْقِ بِالْيَمِينِ فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 17 وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ   [منح الجليل] نُطْقًا مُتَّصِلًا وَقَصْدُ حِلِّ الْيَمِينِ بِهِ وَنِيَّةُ مَا عَدَاهَا لَا تُوجِبُ تَحْرِيمًا لِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا سَيَقُولُ وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ (وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ) أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهِيَ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ لَفْظَ الْحَلَالِ وَأَرَادَ بِهِ مَا عَدَا الزَّوْجَةَ فَلَمْ يُرِدْ عُمُومَهُ لَا تَنَاوُلًا وَلَا حُكْمًا فَهُوَ كُلِّيٌّ اُسْتُعْمِلَ فِي جُزْئِيٍّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهَا مِنْ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَهُوَ الَّذِي عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا لِقَرِينَةِ التَّخْصِيصِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَالْقَوْمُ فِي قَوْلِنَا قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى زَيْدٍ وَالْحُكْمُ بِالْقِيَامِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَاهُ فَلَا يُقَالُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ إخْبَارٌ عَنْ زَيْدٍ بِأَنَّهُ قَامَ وَبِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ. فَإِنْ قُلْت مَا الْمَانِعُ مِنْ انْدِرَاجِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ فَالْحَلَالُ فِي قَوْلِهِ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ مُتَنَاوِلٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ حَتَّى الزَّوْجَةِ، وَالْحُكْمُ بِالتَّحْرِيمِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا عَدَاهَا كَمَا فِي قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا. قُلْت عَدَمُ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا، وَالنِّيَّةُ خَفِيَّةٌ فَلَيْسَتْ قَرِينَةً لَفْظِيَّةً أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْمُحَاشَاةَ أَصْلُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَتَبِعَهُ اللَّخْمِيُّ وَفَسَّرَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ وَقَبِلَهُ ابْنُ نَاجِي عَلَيْهَا وَنَقَلَهُ الْحَطّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَصِّصَةَ إنْ كَانَتْ أَوَّلًا نَفَعَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْأَثْنَاءِ لَمْ تَنْفَعْ وَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ لَفْظًا وَتَعَقَّبَهُ مُصْطَفَى بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا اشْتِرَاطُ الْأَوَّلِيَّةِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا كَالنِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ. الْقَرَافِيُّ الْمُحَاشَاةُ هِيَ التَّخْصِيصُ بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَلَيْسَتْ شَيْئًا غَيْرَ التَّخْصِيصِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ شَرْطُ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ حُصُولُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْيَمِينِ فَهِيَ بَعْدَهَا وَلَوْ وَصَلَتْ بِهَا لَغْوٌ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْصِيلَ ابْنِ مُحْرِزٍ ثَالِثًا مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ، وَنَسَبَهُ ابْنُ هَارُونَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ لَهُمَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُ الْمَشْهُورِ وَإِسْقَاطُ لَفْظِ أَوَّلًا. ثَانِيهِمَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَمَنْ تَبِعَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَاشَاةَ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا خَاصَّةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 18 وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ،   [منح الجليل] بِمَسْأَلَةِ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ لِإِطْلَاقِهِمْ فِي النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ مَعَ الْمُرَافَعَةِ، وَقَالُوا فِي الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ تُقْبَلُ الْمُحَاشَاةُ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ، وَلَفَرَّقَ الْبَاجِيَّ بَيْنَ قَبُولِ الْمُحَاشَاةِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ التَّفْصِيلِ فِي النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ بِأَنَّ مَا يُحْلَفُ بِهِ لَا يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ، لِأَنَّ أَصْلَ الْأَيْمَانِ هِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ الْحَالِفُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَجَازَ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت وَاحِدَةً، وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا كَلَّمْت رَجُلًا حُمِلَ عَلَى الْعُمُومِ، وَأَيْضًا الْبَاجِيَّ أَجْرَى إخْرَاجَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِالنِّيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مُحَاشَاةِ الزَّوْجَةِ مِنْ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ، فَلَوْ كَانَتْ قَاعِدَةً مُطَّرِدَةً مَا احْتَاجَ إلَى هَذَا الْإِجْزَاءِ اهـ. الْبُنَانِيُّ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كَلَامَ الْبَاجِيَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ. طفي مِنْ التَّخْصِيصِ بَلْ عَلَى أَنَّهَا قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي كُلِّ مَحْلُوفٍ بِهِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ دُونَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَالْإِجْزَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ بَلْ يُفِيدُ اسْتِوَاءَ الْحُكْمِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا لَا يَأْبَى ذَلِكَ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ الْقِيَاسُ لَا يُصَدِّقُ الْقَائِلَ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ ادَّعَى مُحَاشَاةَ زَوْجَتِهِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِادِّعَائِهِ خِلَافَ، ظَاهِرِ لَفْظٍ كَحَالِفٍ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا، وَتَصْدِيقُهُ فِي الزَّوْجَةِ اسْتِحْسَانٌ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْيَمِينِ. اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُفِيدُ قَبُولَ النِّيَّةِ فِي أَصْلِ كُلِّ يَمِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا أَفَادَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ الْمُحَاشَاةَ قَاعِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ كَمَا قَالَ لِإِطْلَاقِهِمْ قَبُولَ الْمُحَاشَاةِ وَتَفْصِيلِهِمْ فِي النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ، وَأَنَّ مَا ادَّعَاهُ طفي مِنْ تَخْصِيصِهَا بِ الْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ لَمْ يَقُمْ لَهُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، فَإِنْ ادَّعَى اطِّرَادَهَا فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَاجِيَّ لَمْ يَبْعُدْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي النَّذْرِ) أَيْ الْتِزَامِ الْمَنْدُوبِ (الْمُبْهَمِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُعَيِّنْ النَّاذِرُ فِيهِ نَوْعَ الْعِبَادَةِ الَّذِي يُوَفِّي نَذْرَهُ مِنْهُ كَلِلَّهِ عَلَيْهِ نَذْرًا وَإِنْ فَعَلْت أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 19 الْيَمِينِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالْمُنْعَقِدَةِ عَلَى بِرٍّ بِإِنْ فَعَلْت، وَلَا فَعَلْت، أَوْ حِنْثٍ بِلَأَفْعَلَن أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ؛   [منح الجليل] إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ فَعَلَيْهِ نَذْرٌ، أَوْ إنْ فَعَلَ أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ نَذْرٌ (وَ) فِي الْتِزَامِ (الْيَمِينِ) كَلِلَّهِ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَوْ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَوْ إنْ فَعَلَ أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيْهِ يَمِينٌ أَوْ فَعَلَيْهِ يَمِينٌ. ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَجْرِيَ الْعُرْفُ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنْ جَرَى بِهِ لَزِمَ وَبِهِ جَرَتْ الْفُتْيَا فِي بَلَدِنَا فَاسَ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالطَّلَاقُ اللَّازِمُ بِهَا رَجْعِيٌّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَنْشَرِيسِيُّ وَالْقَصَّارُ وَعَبْدُ الْقَادِرِ وَغَيْرُهُمْ. (وَ) فِي الْتِزَامِ (الْكَفَّارَةِ) كَلِلَّهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَوْ إنْ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِلَّهِ عَلَيْهِ أَوْ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ (وَ) فِي الْيَمِينِ الَّتِي تَقَدَّمَ تَعْرِيفُهَا (الْمُنْعَقِدَةُ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغَمُوسِ الْمَاضِيَةِ وَاللَّغْوِ الْمَاضِيَةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ (عَلَى بِرٍّ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدَّ الرَّاءِ أَيْ عَدَمِ فِعْلِ وَتَرْكِ الْمُصَوَّرَةِ (بِإِنْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ لَا (فَعَلْت) أَيْ أَفْعَلُ (وَ) بِمَعْنَى أَوْ (لَا فَعَلْت) أَيْ أَفْعَلُ وَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّهَا إلَى صِيغَةِ الْحِنْثِ بِتَقْدِيرِ التَّرْكِ كَوَاللَّهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ لَا كَلَّمْتُهُ فَإِنَّهَا تُرَدُّ بِهِ إلَيْهَا بِنَحْوِ لَأَتْرُكَنَّ كَلَامَهُ، وَيُعْتَبَرُ رَدُّهَا إلَيْهَا بِتَقْدِيرِ غَيْرِهِ كَوَاللَّهِ إنْ عَفَوْت أَوْ لَا عَفَوْت عَنْ زَيْدٍ أَوْ إنْ أَقَمْت أَوْ لَا أَقَمْت فِي هَذَا الْبَلَدِ مَثَلًا فَهِيَ صِيغَةُ حِنْثٍ، إذْ مَعْنَاهَا فِي الْأَوَّلِ لَأُطَالِبَنَّهُ، وَفِي الثَّانِي لَأَنْتَقِلَنَّ نَقَلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. فَإِنْ قُلْت يُمْكِنُ تَقْدِيرُ التَّرْكِ فِي هَذَيْنِ أَيْضًا أَيْ لَأَتْرُكَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَلَأَتْرُكَنَّ الْإِقَامَةَ بِهِ فِي الثَّانِي فَمَا الْمُرَجِّحُ لِتَقْدِيرِ غَيْرِهِ. قُلْت الْمُرَجِّحُ أَنَّ دَلَالَةَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَأَنْتَقِمَنَّ فِي الْأَوَّلِ وَلْأَنْتَقِلَنَّ فِي الثَّانِي مُسْتَفَادَةٌ مِنْ لَفْظِ إنْ عَفَوْت وَإِنْ أَقَمْت وَهُوَ أَقْوَى مِمَّا اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمَعْنَى، وَأَيْضًا إمْكَانُ الرَّدِّ بِالتَّرْكِ لَا يُعْتَبَرُ لِعُمُومِهِ فِي كُلِّ صِيغَةِ بِرٍّ، وَالْمُعْتَبَرُ إنَّمَا هُوَ إمْكَانُ الرَّدِّ بِغَيْرِهِ فَحَيْثُ وُجِدَ كَانَتْ الصِّيغَةُ حِنْثًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) الْيَمِينُ الْمُنْعَقِدَةُ عَلَى (حِنْثٍ) أَيْ فِعْلِ الْمُصَوَّرَةِ (بِلَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ) وَلَا يُجْزِئُ فِيهَا رَدُّهَا إلَى صِيغَةِ الْبِرِّ بِتَقْدِيرِ لَفْظِ تَرْكٍ وَغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَإِنْ فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ نَافِيَةٌ إنْ لَمْ يُذْكَرْ لَهَا جَوَابٌ، وَمَعْنَاهَا فِي الْحِنْثِ حِينَئِذٍ لَأَفْعَلَنَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 20 إنْ لَمْ يُؤَجَّلْ: إطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ: لِكُلٍّ مُدٌّ،   [منح الجليل] لِأَنَّهَا نَافِيَةٌ وَلَمْ نَافِيَةٌ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، فَإِنْ ذُكِرَ لَهَا جَوَابٌ فَشَرْطِيَّةٌ فِيهِمَا. وَقَيَّدَ صِيغَتَيْ الْحِنْثِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ) الْحَالِفُ يَمِينَهُ بِأَنْ أَطْلَقَهَا نَحْوُ وَاَللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا أَوْ وَاَللَّهِ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمَوْتِ، فَإِنْ أَجَّلَ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إلَخْ، وَالتَّأْجِيلُ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ فِي هَذَا الْيَوْمِ مَثَلًا بِأَنْ جَعَلَ الْيَوْمَ ظَرْفًا لِلْفِعْلِ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ بِأَنْ جَعَلَ وُقُوعَ الْفِعْلِ بَعْدَهُ، وَتَتَّفِقُ الصُّورَتَانِ عَلَى جَوَازِ وَطْءِ الْمَحْلُوفِ بِهَا فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فِي الْأَجَلِ الَّذِي جَعَلَهُ ظَرْفًا أَوْ جَعَلَ حُصُولَ الْفِعْلِ بَعْدَهُ. وَتَخْتَلِفَانِ فِي أَنَّ فِعْلَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ يَبَرُّ بِهِ وَإِذَا مَضَى وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَنِثَ وَلَا يَبَرُّ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي قَبْلَ وُجُودِ زَمَنِهِ الْمُعَلَّقِ فِعْلُهُ عَلَى وُجُودِهِ، فَإِذَا مَضَى مُنِعَ مِنْ وَطْءِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ هَذَا نَحْوُ تَمْثِيلِ التَّوْضِيحِ الْمُؤَجَّلَةِ بِلَأَضْرِبَنَّ فُلَانًا بَعْدَ شَهْرٍ، وَنَازَعَهُ سَالِمٌ فِي تَمْثِيلِهِ بِهِ وَالصَّوَابُ لِأَضْرِبَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ قَبْلَ شَهْرِ كَذَا، وَهُوَ نِزَاعٌ حَسَنٌ قَالَهُ طفي فِي أَجْوِبَتِهِ، وَمُبْتَدَأٌ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ إلَخْ. (إطْعَامُ) أَيْ تَمْلِيكٌ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ تَبَرُّكًا بِمَادَّةِ الْآيَةِ وَعَدَلَ عَنْهُ فِي الظِّهَارِ إلَى تَمْلِيكٍ تَفَنُّنًا (عَشْرَةِ مَسَاكِينَ) أَيْ لَا يَمْلِكُونَ قُوتَ عَامٍ فَشَمِلُوا الْفُقَرَاءَ أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فَتُدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا الْفَقِيرَيْنِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمُعْتَبَرُ مَسَاكِينُ مَحَلِّ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلُّ الْيَمِينِ وَلَا بَلَدُ الْحَالِفِ (لِكُلِّ) مِنْهُمْ (مُدٌّ) نَبَوِيٌّ مِلْءُ حِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ لَا مَقْبُوضٍ وَلَا مَبْسُوطٍ مِمَّا يُخْرَجُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَلَا تُشْتَرَطُ غَرْبَلَتُهُ إلَّا إذَا زَادَ غَلَّتُهُ عَلَى ثُلُثِهِ وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ بِرِيعِهِ اهـ عب. طفي هَذَا فِي الْبُرِّ أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ أَخْرَجَ الشَّعِيرَ أَوْ التَّمْرَ أَوْ الذُّرَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَلْيُخْرِجْ وَسَطَ الشِّبَعِ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ وَسَطِ الشِّبَعِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالْبَاجِيِّ مَعَ النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَقَوْلُ س ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ صَحِيحٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 21 وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ: زِيَادَةُ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ، أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا بِأُدْمٍ: كَشِبَعِهِمْ   [منح الجليل] وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ شَمِلَ مَكَّةَ إذْ لَيْسَ عِنْدَ أَهْلِهَا قَنَاعَةٌ كَقَنَاعَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَيُفِيدُهُ أَيْضًا وَعَلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا وَنَائِبُ نُدِبَ (زِيَادَةُ ثُلُثِهِ) أَيْ الْمُدِّ عِنْدَ أَشْهَبَ (أَوْ نِصْفِهِ) عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ فَأَوْ لِلْخِلَافِ لَا التَّنْوِيعِ وَعِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالِاجْتِهَادِ. طفي هَذَا كَقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ لَوْ زَادَ عَلَى الْمُدِّ مِثْلَ ثُلُثِ مُدٍّ أَوْ نِصْفِ مُدٍّ وَذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ وَسَطَ عَيْشِهِمْ فِي غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ وَمَنْ أَخْرَجَ مُدًّا عَلَى كُلِّ حَالٍ أَجْزَأَهُ. ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو الْحَسَنِ أَحَبُّ إلَيْنَا يَعْنِي الْمُؤَلِّفَ نَفْسَهُ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَإِنَّ لَهُمْ عَيْشًا غَيْرَ عَيْشِنَا فَلْيُخْرِجُوا وَسَطًا مِنْ عَيْشِهِمْ، وُجُوبُ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُدِّ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ، فَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ ظَاهِرِهَا إلَى اخْتِيَارِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَقَدْ أَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا. وَجَعَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُمَا أَخْرَجَ الْمُدَّ أَجْزَأَهُ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُدِّ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ كَقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَحُدَّ الزِّيَادَةَ، ثُمَّ إنْ كَانَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُلُثُهُ أَوْ نِصْفُهُ لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَوْرَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُمَا يَعْتَبِرَانِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ سِوَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي مِصْرَ وَمَا قَارَبَهَا فِي سَعَةِ الْقُوتِ، وَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ ابْنَ أَبِي زَيْدٍ وَأَوْ فِي كَلَامِهِ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلْخِلَافِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (أَوْ رِطْلَانِ) بَغْدَادِيَّانِ (خُبْزًا) تَمْيِيزٌ لِرِطْلَيْنِ (بِأُدْمٍ) يَكْفِي الرِّطْلَيْنِ عَادَةً وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَكَذَا الْمُدُّ بِإِدَامٍ نَدْبًا وَظَاهِرُهُ أَيْ إدَامٌ فَيَشْمَلُ اللَّحْمَ وَاللَّبَنَ وَالزَّيْتَ وَالْبَقْلَ وَالْقُطْنِيَّةَ وَالتَّمْرَ. وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ (كَشِبَعِهِمْ) مَرَّتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطّ وَلَعَلَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ مَرَّتَيْنِ بِجَعْلِهِ قَسِيمَ الرِّطْلَيْنِ اللَّذَيْنِ يُؤْكَلَانِ فِي مَرَّتَيْنِ غَالِبًا سَوَاءٌ تَوَالَتْ الْمَرَّتَانِ أَمْ لَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا أَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 22 أَوْ كِسْوَتُهُمْ: لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ، وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ، وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ، وَالرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا،   [منح الجليل] لَا مُجْتَمَعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا شِبَعًا مُتَوَسِّطًا، وَيَكْفِي شِبَعُهُمْ مَرَّتَيْنِ وَلَوْ دُونَ الْأَمْدَادِ كَمَا فِي الشَّامِلِ (أَوْ كِسْوَتُهُمْ) أَيْ الْعَشَرَةَ مَسَاكِينَ جَدِيدًا أَوْ لَبِيسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ خِيَاطَتُهُ (لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ) سَاتِرٌ جَمِيعَ جَسَدِهِ كَمَا فِي الْحَطّ فَلَا يَكْفِي عِمَامَةٌ وَحْدَهَا وَلَا إزَارٌ وَحْدَهُ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الِالْتِحَافَ بِهِ وَإِلَّا كَفَى عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَقَوْلُهَا يُجْزِئُ فِي صَلَاتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجْزَاءِ الْكَامِلِ (وَالْمَرْأَةُ دِرْعٌ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ قَمِيصٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَكْفِي مَا يَسْتُرُ بَدَنَهَا كُلَّهُ قَمِيصًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَخِمَارٌ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شَيْءٌ تَسْتُرُ بِهِ رَأْسَهَا وَعُنُقَهَا إنْ كَانَ مَا ذَكَرَ مِنْ وَسَطِ كِسْوَةِ أَهْلِهِ. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (غَيْرَ وَسَطٍ) كِسْوَةُ (أَهْلِهِ) أَيْ الْمُكَفِّرِ لِإِطْلَاقِهَا فِي الْآيَةِ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا مِنْ وَسَطِ كِسْوَةِ الْأَهْلِ. ابْنُ فَرْحُونٍ يُعْطَى الرَّجُلُ ثَوْبًا وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ. اللَّخْمِيُّ وَالْمُرَاعَى فِي الْكِسْوَةِ الْفَقِيرُ نَفْسُهُ فَيُكْسَى الرَّجُلُ ثَوْبًا تَامًّا يَسْتُرُ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَالْمَرْأَةُ ثَوْبًا وَخِمَارًا، ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ الْكِسْوَةَ مِثْلَ كِسْوَةِ الْمُكَفِّرِ وَأَهْلِهِ وَلَا مِثْلَ كِسْوَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ اهـ. (وَ) الشَّخْصُ (الرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا) أَيْ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ بِصِنْفَيْهِ الْمُدِّ وَالرِّطْلَيْنِ بِشَرْطِ أَكْلِهِ الطَّعَامَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ فَيُعْطَى كِسْوَةَ كَبِيرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ مُدًّا أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ إلَّا فِي مَرَّاتٍ وَلَا يَكْفِي إشْبَاعُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي جَعْلِ الصَّغِيرِ كَالْكَبِيرِ فِيمَا يُعْطَاهُ قَوْلَانِ التَّوْضِيحِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَالْكَبِيرِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ، وَالْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الصَّغِيرِ لِأَشْهَبَ، وَكَوْنُ طَعَامِ الرَّضِيعِ كَالْكَبِيرِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنْهَا يُطْعِمُ الرَّضِيعَ مِنْ الْكَفَّارَةِ إذَا كَانَ قَدْ أَكَلَ طَعَامًا وَيُعْطَى مَا يُعْطَى الْكَبِيرُ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 23 أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ: كَالظِّهَارِ، ثُمَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ   [منح الجليل] وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلًا بِأَنَّ الصَّغِيرَ يُعْطَى مَا يَكْفِيهِ خَاصَّةً. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إعْطَاءُ الصَّغِيرِ مَا يَكْفِيهِ لَا أَعْرِفُهُ، بَلْ تَوْجِيهُ الْبَاجِيَّ كَوْنَ كِسْوَتِهِ كَكَبِيرٍ بِالْقِيَاسِ عَلَى كَوْنِ طَعَامِهِ كَذَلِكَ دَلِيلُ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهِ فِي الطَّعَامِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُغَدِّيَ الصِّغَارَ وَيُعَشِّيَهُمْ. (أَوْ عِتْقُ رَقَبَةٍ كَ) الرَّقَبَةِ الَّتِي تُعْتَقُ فِي كَفَّارَةِ (الظِّهَارِ) فِي شُرُوطِهَا الْآتِيَةِ فِي بَابِهِ فِي قَوْلِهِ لَا جَنِينَ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ مُؤْمِنَةً. وَفِي الْأَعْجَمِيِّ تَأْوِيلَانِ: سَلِيمَةٌ عَنْ قَطْعِ إصْبَعٍ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَبَكَمٍ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنٍ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ، وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلَجٍ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ لَا مُشْتَرِي الْمُعْتَقِ مُحَرَّرَةً لَهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَفِي إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي تَأْوِيلَانِ إلَخْ. (ثُمَّ) إذَا عَجَزَ حِينَ الْإِخْرَاجِ عَنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ مَا يُبَاعُ عَلَى مُفْلِسٍ (صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَنُدِبَ تَتَابُعُهَا (وَلَا تُجْزِئُ) كَفَّارَةٌ (مُلَفَّقَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْفَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 24 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْ نَوْعَيْنِ كَعِتْقِ نِصْفِ رَقَبَةٍ وَإِطْعَامِ خَمْسَةٍ أَوْ كِسْوَتِهِمْ وَكَإِطْعَامِ خَمْسَةٍ وَكِسْوَةِ خَمْسَةٍ، وَأَمَّا مِنْ صِنْفَيْ نَوْعٍ فَتُجْزِئُ كَتَمْلِيكِ خَمْسَةِ أَمْدَادٍ لِخَمْسَةٍ وَعَشْرَةِ أَرْطَالٍ لِخَمْسَةٍ، وَكَذَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ أَصْنَافِ الطَّعَامِ الثَّلَاثَةِ: الْأَمْدَادِ وَالْأَرْطَالِ وَالْإِشْبَاعِ، وَهَذَا فِي كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا هُوَ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ. فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ فَأَطْعَمَ عَشْرَةً وَكَسَا عَشْرَةً وَأَعْتَقَ رَقَبَةً وَنَوَى أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهَا عَنْ يَمِينٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، سَوَاءٌ عَيَّنَ كُلَّ كَفَّارَةٍ لِيَمِينٍ أَمْ لَا. وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنَّمَا الْمَانِعُ التَّشْرِيكُ بِجَعْلِ الْعِتْقِ عَنْ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ فَلَا يُجْزِئُهُ شَيْءٌ مِنْهَا قَالَهُ عج وَغَيْرُهُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَلَا يُجْزِئُهُ شَيْءٌ مِنْهَا قَالَهُ عج وَغَيْرُهُ فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَالَهُ عج إذْ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ إنْ شَرَكَ الثَّلَاثَةَ فَالْعِتْقُ لَا يُجْزِئُ اتِّفَاقًا لِكَوْنِهِ لَا يَتَبَعَّضُ، وَأَمَّا الْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ فَعَلَى التَّلْفِيقِ يُبْنَى عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ قَدْ نَابَ كُلَّ كَفَّارَةٍ ثَلَاثَةُ وَثُلُثٌ مِنْ الطَّعَامِ وَمِثْلُهَا مِنْ الْكِسْوَةِ وَإِلَّا ثَلَاثَ لَا تُجْزِئُ فَتُلْغَى، وَعَلَى عَدَمِ التَّلْفِيقِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَبْنِي عَلَى سِتَّةٍ ثَلَاثَةً مِنْ الطَّعَامِ وَثَلَاثَةً مِنْ الْكِسْوَةِ، ثُمَّ يَكْسُو سَبْعَةً وَيُطْعِمُ سَبْعَةً وَيُكَفِّرُ عَنْ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ بِمَا شَاءَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَبْنِي عَلَى تِسْعَةٍ إمَّا مِنْ الطَّعَامِ أَوْ مِنْ الْكِسْوَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ نَابَهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ مِنْ الطَّعَامِ وَمِنْ الْكِسْوَةِ فَيُلْغِي الثُّلُثَ وَيَبْنِي عَلَى تِسْعَةٍ الْمُوَضِّحُ، وَعَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ جَمِيعُ الشُّيُوخِ، وَكَانَ شَيْخُنَا يُوَجِّهُ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ بِأَنَّ قَاعِدَتَهُ لَا تَبْتَدِئُ كَفَّارَةٌ مِنْ نَوْعِ الْأُولَى قَبْلَ تَكْمِيلِهَا وَلَوْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ مِسْكِينٍ لَمْ يَصِحَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 25 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَهُ شَيْءٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ عج عَلَى هَذَا صَحَّ وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 26 وَمُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٌ: كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ، إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ، وَهَلْ إنْ بَقِيَ؟ تَأْوِيلَانِ، وَلَهُ نَزْعُهُ، إنْ بَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ،   [منح الجليل] وَ) يُجْزِئُ شَيْءٌ (مُكَرَّرٌ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ (لِمِسْكِينٍ) كَإِطْعَامِ خَمْسَةٍ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ أَوْ أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ أَوْ كِسْوَةِ كُلِّ وَاحِدٍ ثَوْبَيْنِ قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لِتَصْرِيحِ الْآيَةِ بِالْعَدَدِ، وَلِتَوَقُّعِ وَلِيٍّ فِيهِمْ تُسْتَجَابُ دَعَوْته وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إعْطَاءَهَا وَاحِدًا قَائِلًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلِّهَا اهـ عب. (وَ) لَا يُجْزِئُ طَعَامٌ (نَاقِصٌ) عَنْ الْمُدِّ أَوْ الرِّطْلَيْنِ (كَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا (لِكُلٍّ نِصْفٌ) مِنْ مُدٍّ أَوْ رِطْلٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُكَفِّرُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَيُكَمِّلُ فِي التَّلْفِيقِ عَلَى نَوْعٍ مُلْغِيًا غَيْرَهُ، وَفِي التَّكْرَارِ بِإِعْطَاءِ مَنْ يُكَمِّلُ الْعَشَرَةَ وَفِي النَّاقِصِ بِالتَّكْمِيلِ عَلَى النِّصْفِ أَوْ الرِّطْلِ لِعَشْرَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ، وَلَا يَصِحُّ التَّكْمِيلُ فِي الْعِتْقِ إذْ شَرْطُهُ عِتْقُ الرَّقَبَةِ كُلِّهَا فِي صِيغَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُ نِصْفِهَا فِي وَقْتٍ ثُمَّ عِتْقُ نِصْفِهَا الْآخَرِ فِي وَقْتٍ آخَرَ. (وَهَلْ) شَرْطُ إجْزَاءِ تَكْمِيلِ النَّاقِصِ (إنْ بَقِيَ) النِّصْفُ أَوْ الرِّطْلُ الْمُكَمِّلُ عَلَيْهِ بِيَدِ الْمِسْكِينِ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْ يَدِهِ فَلَا يُجْزِئُ التَّكْمِيلُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْمُكَمَّلِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ فَيُجْزِئُ التَّكْمِيلُ بَعْدَ ذَهَابِهِ مِنْ يَدِهِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) وَأَمَّا التَّكْمِيلُ فِي التَّلْفِيقِ وَالتَّكْرَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْبَقَاءُ اتِّفَاقًا. عِيَاضٌ الرَّاجِحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ بِيَدِهِ لِوَقْتِ التَّكْمِيلِ كَمَا يُفِيدُهُ إجْزَاءُ الْغَدَاءِ وَالْعِشَاءِ. (وَلَهُ) أَيْ الْمُكَفِّرِ (نَزْعُهُ) أَيْ النَّوْعِ الَّذِي لَمْ يُرِدْ التَّكْمِيلَ عَلَيْهِ فِي التَّلْفِيقِ وَالزَّائِدُ عَلَى مُدٍّ أَوْ رِطْلَيْنِ فِي التَّكْرَارِ وَمَا دَفَعَهُ لِزَائِدٍ عَلَى عَشْرَةٍ فِي النَّقْصِ (إنْ) بَقِيَ مَا أُرِيدَ نَزْعُهُ مِنْ الْمِسْكِينِ بِيَدِهِ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ فَلَا يَغْرَمُ عِوَضَهُ وَكَانَ الْمُكَفِّرُ (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَقْتَ الدَّفْعِ لَهُ أَنَّهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَكُونُ النَّزْعُ فِي مَسْأَلَةِ النَّاقِصِ (بِالْقُرْعَةِ) قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَلَا يَحْتَاجُ لَهَا فِي الْمُكَرَّرِ لِأَخْذِهِ مِنْ الْجَمِيعِ وَلَا فِي التَّلْفِيقِ فِي أَخْذِ مَا لَمْ يُرِدْ الْبِنَاءَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 27 وَجَازَ لِثَانِيَةٍ إنْ أَخْرَجَ، وَإِلَّا كُرِهَ، وَإِنْ كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ، وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ إذْ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا يَبْنِي عَلَيْهِ وَمَحَلُّ الْقُرْعَةِ فِي النَّاقِصِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَخْذَ بَعْدَ الْعَشَرَةِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِلَا قُرْعَةٍ قِيَاسًا عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إذَا أَعْطَاهَا لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا مِنْ قَوْلِهِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ. (وَجَازَ) التَّكْرَارُ لِمِسْكِينٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ (لِ) يَمِينٍ (ثَانِيَةٍ) فَيَدْفَعُهَا لِمَسَاكِينِ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى (إنْ) كَانَ (أَخْرَجَ) الْكَفَّارَةَ الْأُولَى قَبْلَ الْحِنْثِ فِي الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْأُولَى أَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ حِنْثِهِ فِي الثَّانِيَةِ (كُرِهَ) دَفْعُ الثَّانِيَةِ لِمَسَاكِينِ الْأُولَى لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ، فَإِنْ نَوَى كُلًّا عَلَى حِدَتِهَا جَازَ وَصَوَّبَهُ أَبُو عِمْرَانَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظُ ظَاهِرِهَا يَأْبَاهُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَتَانِ لِيَمِينٍ بَلْ (وَإِنْ) اخْتَلَفَ مُوجِبُهُمَا (كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ وَأَجْزَأَتْ) الْكَفَّارَةُ أَيْ إخْرَاجُهَا (قَبْلَ حِنْثِهِ) أَيْ الْحَالِفِ فِي الْيَمِينِ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ بِعِتْقِ مُعَيَّنٍ أَوْ بَتَاتٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِمُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى حِنْثٍ أَوْ بِرٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِمَشْيٍ إلَى مَكَّةَ أَوْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ بِعِتْقٍ كَذَلِكَ أَوْ بِطَلَاقٍ دُونَ غَايَتِهِ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ حِنْثٍ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ لَا إنْ كَانَتْ صِيغَةَ بِرٍّ وَحِنْثٍ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ فَلَا يُجْزِئُ تَكْفِيرُهَا قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُمْكِنُ إخْرَاجُهَا فِي الْحِنْثِ قَبْلَهُ وَإِخْرَاجُهَا عَزْمٌ عَلَى الضِّدِّ وَهُوَ حِنْثٌ؟ . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 28 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قُلْت: يُصَوَّرُ بِإِخْرَاجِهَا مَعَ تَرَدُّدِهِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ يَجْزِمُ بِهِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ قَالَهُ عج. وَأَمَّا إنْ عَيَّنَ زَمَنَ الصَّوْمِ أَوْ الْمَشْيِ فِي أَيَّامٍ وَمَضَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ كَعَلَيْهِ صَوْمُ الْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَجَبٍ أَوْ الْمَشْيِ لِمَكَّةَ فِيهِ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ كَلَّمَهُ فِي شَعْبَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَلَّمَهُ قَبْلَ مَجِيئِهَا لَزِمَهُ صَوْمُهَا وَصُورَةُ الطَّلَاقِ الْبَالِغِ الْغَايَةِ قَوْلُهُ إنْ دَخَلَ الدَّارَ فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ تَمَّمَهَا ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِطْلَاقُ التَّكْفِيرِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِمَعْنَى أَنْ لَا تَعُودَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فِي الْعِصْمَةِ الْجَدِيدَةِ. بِخِلَافِ طَلَاقِهَا دُونَ الْغَايَةِ وَعَادَتْ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ زَوْجٍ فَتَعُودُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ دَخَلَ الدَّارَ حَنِثَ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إلَخْ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ مُقَيَّدٌ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ بِأَنْ لَا تَكُونَ بِصِيغَةِ حِنْثٍ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُهُ الْكَفَّارَةُ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا وَمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 29 وَوَجَبَتْ بِهِ   [منح الجليل] وَقَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُخْرِجُهَا إلَخْ الْمُرَادُ هُنَا بِالْحِنْثِ الَّذِي يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَهُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ هُوَ فَوْتُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ فَلَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُمْ، قَالَ فِيهَا فِي كِتَابِ النُّذُورِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلْيُطَلِّقْهَا وَاحِدَةً ثُمَّ يُرْجِعْهَا فَتَزُولَ يَمِينُهُ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَرْثٍ اتَّفَقُوا فِي ذَاتِ الْحِنْثِ عَلَى جَوَازِهَا قَبْلَهُ إنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْبِرِّ. اهـ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ سُقُوطَ مَا ذَكَرَهُ عب عَنْ عج مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ. (وَوَجَبَتْ) الْكَفَّارَةُ (بِهِ) أَيْ الْحِنْثِ عَلَى الْفَوْرِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُوجِبَهَا الْحِنْثُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ أَنَّ مُوجِبَهَا الْيَمِينُ فَلْيُحَرَّرْ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ إلَخْ فَتُصَوَّرُ لِأَنَّ كَوْنَهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْحِنْثِ طَوْعًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِجْزَاؤُهَا قَبْلَهُ إنَّمَا هُوَ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهَا وَهِيَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 30 إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ   [منح الجليل] الْيَمِينَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقُ وتت كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ قَبْلَ الْمَوْتِ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْجُرْحُ، وَلَهَا نَظَائِرُ. وَوُجُوبُهَا بِالْحِنْثِ (إنْ لَمْ يُكْرَهْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْحَالِفُ عَلَى الْحِنْثِ (بِ) يَمِينِ (بِرٍّ) بِأَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ وَحِنْثٍ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ عَلَى بِرٍّ وَحِنْثٍ طَائِعًا فَتَجِبُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ مَنْطُوقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْحِنْثِ فِي صِيغَةِ بِرٍّ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ حِنْثِهِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ مِنْ غَيْرِ عَاقِلٍ كَدَابَّةٍ جَمَحَتْ بِرَاكِبِهَا حَتَّى أَدْخَلَتْهُ الدَّارَ الْمَحْلُوفَ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهَا غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى رَدِّهَا وَلَا عَنْ النُّزُولِ عَنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِسِتَّةِ قُيُودٍ أَنْ لَا يَعْلَمَ حَالَ الْيَمِينِ أَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الْفِعْلِ وَأَنْ لَا يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِكْرَاهِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْإِكْرَاهُ شَرْعِيًّا، وَأَنْ لَا تَكُونَ يَمِينُهُ لَا أَفْعَلهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا، وَأَنْ لَا يَفْعَلَهُ بَعْدَ زَوَالِ إكْرَاهِهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ عَلَى شَخْصٍ هُوَ الْمُكْرِهَ لَهُ وَإِلَّا حَنِثَ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ عَدَمِ الْحِنْثِ بِالْإِكْرَاهِ فِي يَمِينِ الْبِرِّ وَبَيْنَ الْحِنْثِ بِالْإِكْرَاهِ فِي يَمِينِ الْحِنْثِ أَنَّ حِنْثَهُ فِيهَا بِالتَّرْكِ وَالْبِرِّ حِنْثُهُ فِيهَا بِالْفِعْلِ، وَأَسْبَابُ التَّرْكِ كَثِيرَةٌ فَضَيَّقَ فِيهِ، وَأَسْبَابُ الْفِعْلِ قَلِيلَةٌ ضَعِيفَةٌ فَوَسَّعَ فِيهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى نَقِيضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَبَرُّ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ نَوَى فِعْلَهُ وَلَوْ مُكْرَهًا فَيُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى فَقَطْ، وَكَذَا الْحَالِفُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ كَلَيَقُومَنَّ زَيْدٌ وَأَكْرَهَهُ الْحَالِفُ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا يَبَرُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ لَيُوجَدَنَّ مِنْهُ الْقِيَامُ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا فَيُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى فَقَطْ. (الثَّانِي) مِنْ الْإِكْرَاهِ يَبَرُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهِ لَا خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ الدَّارِ فَأَتَاهَا سَيْلٌ أَوْ هَدْمٌ أَوْ أَمْرٌ لَا قَرَارَ لَهَا مَعَهُ أَوْ أَخْرَجَهَا أَهْلُ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ مُدَّةً انْقَضَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي خُرُوجِهَا وَالْيَمِينُ عَلَيْهِ فِي الدَّارِ الَّتِي انْتَقَلَتْ إلَيْهَا. (الثَّالِثُ) يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ حُكْمُ نَازِلَةٍ وَهِيَ: مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ لَا خَرَجَتْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 31 وَفِي عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ: بَتِّ مَنْ يَمْلِكُ وَعِتْقُهُ، وَصَدَقَةٌ بِثُلُثِهِ، وَمَشْيٌ بِحَجٍّ، وَكَفَّارَةٌ   [منح الجليل] إلَّا بِإِذْنِي وَسَافَرَ وَنُودِيَ بِفَتْحِ كَنِيفٍ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٍ فَخَرَجَتْ لِخَوْفِهَا عَلَى جَنِينِهَا أَوْ وَلَدِهَا أَنَّهُ لَا بِحِنْثِ لِأَنَّهُ لِأَمْرٍ لَا قَرَارَ لَهَا مَعَهُ. ثُمَّ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الِالْتِزَامِ فَقَالَ (وَ) اللَّازِمُ (فِي) قَوْلِ شَخْصٍ (عَلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ (أَشَدُّ) أَيْ أَصْعَبُ وَأَغْلَظُ (مَا) أَيْ يَمِينٌ (أَخَذَ) هَا (أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) لَا فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ مُخْتَارًا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ وَتَرَكَهُ (بَتُّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ: قَطْعُ عِصْمَةٍ (مَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (يَمْلِكُ) هَا الْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ (وَعِتْقُهُ) أَيْ مَنْ يَمْلِكُ رَقَبَتَهُ حِينَ الْيَمِينِ فِيهِمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا أَوْ الَّذِي يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ. ابْنُ غَازِيٍّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ رَقِيقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ خِلَافُ قَوْلِ الْبَاجِيَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ يَلْزَمُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ لِقَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ هُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَقَبِلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ زَرْقُونٍ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَصَدَقَةٌ بِثُلُثِ) مَالِ (هـ) أَيْ الْقَائِلِ عَلَيْهِ أَشَدُّ إلَخْ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فِيمَا بَقِيَ (وَمَشْيٌ بِحَجٍّ) لَا عُمْرَةٍ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَيْمَانِ أَوْ عَبُهَا؛ وَلِذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْحَجَّ مَاشِيًا دُونَ الْعُمْرَةِ، وَالطَّلَاقَ ثَلَاثًا دُونَ الْوَاحِدَةِ، وَنَقَلَ فِي الْبَيَانِ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ الشُّيُوخِ الْمَشْيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (وَكَفَّارَةٍ) لِيَمِينٍ ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَمْ يُخْرِجْ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ، فَإِنْ أَخْرَجَهُمَا وَلَوْ بِالنِّيَّةِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيُصَدَّقُ فِي إخْرَاجِهِمَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ إلَخْ، إذْ فَرَّقَ بَيْنَ كَوْنِ الْيَمِينِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَيُخَصِّصُ مُتَعَلِّقَهَا وَبَيْنَ كَوْنِهَا تَشْمَلُ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ الْمُعَيَّنِ وَتُخَصِّصُ بِغَيْرِهِمَا، وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ صَدَقَةٌ بِثُلُثِهِ وَلَا مَشْيٌ بِحَجٍّ أَيْضًا، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِهِمَا لِلْحَالِفِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ. وَأَشْعَرَ اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا صَوْمُ سَنَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَحَكَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الِاتِّفَاقَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 32 وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ: يَلْزَمنِي صَوْمُ سَنَةٍ إنْ اُعْتِيدَ حِلْفٌ بِهِ، وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ:   [منح الجليل] وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْبَتِّ وَالْعِتْقِ إلَخْ (فِي) قَوْلِهِ (الْأَيْمَانُ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ يَمِينٍ (تَلْزَمُنِي) أَوْ الْأَيْمَانُ اللَّازِمَةُ أَوْ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَنَائِبُ فَاعِلِ زِيدَ (صَوْمُ سَنَةٍ إنْ اُعْتِيدَ) أَيْ غَلَبَ (حَلِفٌ بِهِ) أَيْ صَوْمِ السَّنَةِ كَأَهْلِ الْمَغْرِبِ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ اُعْتِيدَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَادَةُ بِلَادِ الْحَالِفِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا عَادَةُ الْحَالِفِ فَقَطْ كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَأَتْبَاعُهُ وَإِلَّا وَجَبَ طَرْدُهُ فِي بَقِيَّتِهَا. وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ وَمَنْ اعْتَادَ الْحَلِفَ بِصَوْمِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. اهـ. وَهَذَا شَرْطٌ فِيمَا يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ بِتَمَامِهِ لَا فِي صَوْمِ سَنَةٍ فَقَطْ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ مَا قَبْلَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِالْعُرْفِ مَعَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِحَلِفٍ بِعِتْقٍ كَمَا بَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَرِيفِ مِصْرَ وَكَالْحَلِفِ بِمَشْيٍ وَصَدَقَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَدْ بِمِصْرَ فَلَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ وَبَنَى اُعْتِيدَ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ اعْتِيَادَ الْحَالِفِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ وَاعْتِيَادِهِمْ دُونَهُ، سَوَاءٌ اعْتَادَ خِلَافَهُمْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْ شَيْئًا، وَاعْتِيَادُهُ هُوَ الْحَلِفُ بِهِ دُونَهُمْ وَلَا عَادَةَ لَهُمْ بِشَيْءٍ أَصْلًا فَيَلْزَمُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ بِهِ عَادَةٌ لَهُ وَلَا لِأَهْلِ بَلَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَكُلُّ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ لِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَصَدَهُ بِكَاسْقِنِي الْمَاءَ أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ لَزِمَ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهَذِهِ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ وَبِالْمَشْيِ وَلَمْ أُرِدْ بِهَا طَلَاقًا وَعِتْقًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ الْمُرَافَعَةِ وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْمُرَافَعَةِ لِأَنَّ الْآتِيَ تَلَفَّظَ فِيهِ بِالطَّلَاقِ وَادَّعَى التَّخْصِيصَ فِي مُتَعَلِّقِهِ أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عُمُومُهُ عِنْدَهَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ عُمُومَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَمَا هُنَا لَمْ يَلْفِظْ بِهِ وَإِنَّمَا لَفَظَ بِمَا يُشِيرُ لَهُ شَرْعًا فَقُبِلَ قَوْلُهُ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِّ كَالْمُحَاشَاةِ (وَفِي لُزُومِ) صَوْمِ (شَهْرَيْ ظِهَارٍ) لِأَنَّ مَا حَلَفَ بِهِ يُشْبِهُ الْمُنْكَرَ مِنْ الْقَوْلِ، وَيَلْزَمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 33 تَرَدُّدٌ وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ: لَغْوٌ تَكَرَّرَتْ إنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ،   [منح الجليل] إذَنْ أَنْ يَعْتَزِلَ الزَّوْجَةَ وَأَنْ لَا يُكَفِّرَ حَتَّى يَعْزِمَ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ، وَعَدَمُ لُزُومِهِ وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ عَاتٍ وَابْنِ رَاشِدٍ قَائِلًا: إنَّمَا لَزِمَ فِي الظِّهَارِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمُنْكَرٍ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٍ وَهُوَ هُنَا لَمْ يَنْطِقْ بِذَلِكَ (تَرَدُّدٌ) لِهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ مَحَلَّهُ حَيْثُ كَانَ مُعْتَادًا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الطُّرْطُوشِيُّ لَيْسَ لِمَالِكٍ " رَضٍ " فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ كَلَامٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ: يَلْزَمُهُ الِاسْتِغْفَارُ فَقَطْ، وَقِيلَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَقِيلَ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ مَا لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَإِلَّا لَزِمَهُ. وَقِيلَ: بَتُّ مَنْ يَمْلِكُ وَعِتْقُهُ وَصَدَقَةٌ بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَشْيٌ بِحَجٍّ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَصَوْمُ سَنَةٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ كَذَا فِي الْبَدْرِ وَالْمَوَّاقِ. (وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ) كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلَ كَذَا فَالْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ فَالشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيْهِ حَرَامٌ (فِي) كُلِّ شَيْءٍ أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ لِبَاسٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ أَفْرَدَ أَوْ جَمَعَ وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: 59] ، وَقَوْلُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] ، (غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَ) فِي (الْأَمَةِ لَغْوٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَحْرُمُ بِهِ شَيْءٌ عَلَيْهِ مِنْ أَمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحْرِمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَلِأَنَّ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعَبْدِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفًا تَحْرِيمُهُ لَغْوٌ، بِخِلَافِ مَا جُعِلَ لَهُ فِيهِ التَّصَرُّفُ كَالزَّوْجَةِ فَلَا يَكُونُ تَحْرِيمُهَا لَغْوًا بَلْ طَلَاقًا ثَلَاثًا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُحَاشِهَا، فَإِنْ حَاشَاهَا بِأَنْ أَخْرَجَهَا قَبْلَ يَمِينِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ، وَالْأَمَةُ إنْ قَصَدَ بِتَحْرِيمِهَا عِتْقَهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَكَلَامُهُ يُوهِمُ حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَهَذَا عَلَى عَطْفِهَا عَلَى الزَّوْجَةِ وَيَصِحُّ عَطْفُهَا عَلَى غَيْرِ كَمَا قَرَّرْنَا أَيْ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ فِي الْأَمَةِ لَغْوٌ، وَيُقَيَّدُ حِينَئِذٍ بِعَدَمِ قَصْدِ عِتْقِهَا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَغْوًا. (وَتَكَرَّرَتْ) الْكَفَّارَةُ (إنْ قَصَدَ) الْحَالِفُ (تَكَرُّرَ الْحِنْثِ) بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 34 أَوْ كَانَ الْعُرْفُ: كَعَدَمِ تَرْكِ الْوِتْرِ، أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ، أَوْ قَالَ لَا وَلَا،   [منح الجليل] لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَنَوَى أَنَّهُ كُلَّمَا كَلَّمَهُ يَحْنَثُ فَتَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ بِتَكَرُّرِ كَلَامِهِ، وَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَخَرَجَتْ مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِهِ وَطَلُقَتْ وَاحِدَةً وَرَاجَعَهَا وَخَرَجَتْ ثَانِيًا بِغَيْرِ إذْنِهِ طَلُقَتْ أَيْضًا وَاحِدَةً، فَإِنْ رَاجَعَهَا وَخَرَجَتْ بِلَا إذْنِهِ طَلُقَتْ أَيْضًا إنْ كَانَ نَوَى كُلَّمَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِي إلَى تَمَامِ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ غَيْرُ الْأُولَى، قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَكَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ نَاوِيًا تَكَرُّرَ الْحِنْثِ، وَكَلَّمَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَتَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِعَدَدِ التَّكْلِيمِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ فَلَا تَتَعَدَّدُ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (أَوْ كَانَ) تَكَرُّرُ الْحِنْثِ (الْعُرْفَ) أَيْ كَانَتْ دَلَالَةُ يَمِينِهِ عَلَى تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ مُسْتَفَادَةً مِنْ الْعُرْفِ لَا مِنْ اللَّفْظِ وَلَا مِنْ النِّيَّةِ أَيْ أَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُرِيدَ قَصْرَ الْحِنْثِ عَلَى مَرَّةٍ (كَ) عَلَّقَهُ عَلَى (عَدَمِ تَرْكِ) شَيْءٍ مُتَكَرِّرٍ كَ (الْوِتْرِ) وَالْفَجْرِ وَالضُّحَى وَدَرْسِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ حِينَ عِتَابِهِ عَلَى تَرْكِهِ فَكُلَّمَا يَتْرُكُهُ مَرَّةً تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ (أَوْ) كَرَّرَ الْيَمِينَ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَ (نَوَى كَفَّارَاتٍ) بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ الَّتِي كَرَّرَهَا وَحَنِثَ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِهَا. (أَوْ قَالَ) الْحَالِفُ: وَاَللَّهِ (لَا) بَاعَ سِلْعَتَهُ مِنْ فُلَانٍ مَثَلًا فَقَالَ آخَرُ: وَأَنَا فَقَالَ مُكَرَّرَ الْقَسَمِ وَاَللَّهِ (وَلَا) أَنْتَ ثُمَّ بَاعَهَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ثُمَّ أَقَالَهُ وَبَاعَهَا لِلْآخَرِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَبِيعُهَا مِنْ فُلَانٍ وَلَا مِنْ فُلَانٍ فَبَاعَهَا لَهُمَا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السُّؤَالَ لَمَّا وَقَعَ وَسَطًا وَتَعَدَّدَ الْمَحْلُوفُ بِهِ كَانَتَا يَمِينَيْنِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ شُمُولَهَا، وَكَذَا إنْ سَأَلَهُ الثَّانِي وَلَمْ يُكَرِّرْ الْيَمِينَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْنَثُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ الْأَوَّلُ أَوْ الثَّانِي، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي جَوَابٍ وَعَدَمِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ وُقُوعَهُ فِيهِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى تَكَرُّرِ الْقَسَمِ، وَاخْتِلَافِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فَفِيهَا مَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَا أَضْرِبُ فُلَانًا وَفَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 35 أَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ، أَوْ بِالْقُرْآنِ، وَالْمُصْحَفِ، وَالْكِتَابِ، أَوْ دَلَّ، لَفْظُهُ بِجَمْعٍ، أَوْ بِكُلَّمَا، أَوْ مَهْمَا، لَا مَتَى مَا،   [منح الجليل] وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَاَللَّهِ لَا أَضْرِبُ فُلَانًا فَعَلَيْهِ هَا هُنَا لِكُلِّ صِنْفٍ فَعَلَهُ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ هَذِهِ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٌ بِاَللَّهِ عَلَى أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَوْ قَالَ لَا وَاَللَّهِ وَلَا، وَأَمَّا لَا وَلَا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. (أَوْ) حَلَفَ لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَ (حَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ) وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةٌ لِلْيَمِينِ الْأُولَى وَكَفَّارَةٌ لِلْيَمِينِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) حَلَفَ (بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً لِاتِّحَادِ مَدْلُولِ الثَّلَاثَةِ كَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى فَإِنْ حَلَفَ بِهَا كُلِّهَا عَلَى شَيْءٍ وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ قَصَدَ التَّوْكِيدَ أَوْ التَّأْسِيسَ، وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا مَا لَمْ يَقْصِدْ تَكَرُّرَ الْحِنْثِ أَوْ يَنْوِ كَفَّارَاتٍ. (أَوْ دَلَّ لَفْظُهُ) أَيْ الْحَالِفِ عَلَى تَكْرَارِ الْكَفَّارَةِ (بِ) سَبَبِ (جَمْعٍ) لِلْمَحْلُوفِ بِهِ كَقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَلَيَّ أَيْمَانٌ أَوْ كَفَّارَاتٌ أَوْ نُذُورٌ وَحَنِثَ فَتَلْزَمُهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ نَوَيْت بِهَا وَاحِدَةً لِأَنَّ الْجَمْعَ نَصٌّ فِي الْمُتَعَدِّدِ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ بِالْوَاحِدِ (أَوْ) دَلَّ لَفْظُهُ عَلَى التَّكَرُّرِ (بِ) سَبَبِ إتْيَانِهِ فِي الْيَمِينِ بِصِيغَةٍ مَوْضُوعَةٍ لِلتَّكَرُّرِ كَقَوْلِهِ (كُلَّمَا أَوْ مَهْمَا) فَعَلْت كَذَا أَوْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ يَمِينٌ أَوْ نَذْرٌ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ فِعْلٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ (لَا) تَتَكَرَّرُ الْكَفَّارَةُ إنْ عَلَّقَ بِأَدَاةٍ لَمْ تُوضَعْ لَهُ كَإِنْ وَإِذَا وَمَتَى (مَتَى مَا) وَحَنِثَ فَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهَا مَعْنَى كُلَّمَا. إنْ قِيلَ مَا وَجْهُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَتَى مَا مَعَ أَنَّهُ إنْ نَوَى تَكَرُّرَ الْكَفَّارَةِ تَكَرَّرَتْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَدَاةُ " إنْ " أَوْ " إذَا " أَوْ " مَتَى مَا " أَوْ " مَتَى " وَإِلَّا فَلَا قِيلَ وَجْهُهُ أَنَّ مَتَى مَا قَرِيبَةٌ مِنْ كُلَّمَا فَإِذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 36 وَوَاَللَّهِ، ثُمَّ وَاَللَّهِ وَإِنْ قَصَدَهُ، وَالْقُرْآنِ، وَالتَّوْرَاةِ، وَالْإِنْجِيلِ،   [منح الجليل] قَصَدَ بِمَتَى مَا مَعْنَى كُلَّمَا تَكَرَّرَتْ، وَلَيْسَ غَيْرَهَا كَذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ نِيَّةِ التَّكْرَارِ أَشَارَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ قَالَ (وَلِلَّهِ) لَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ (ثُمَّ) قَالَ وَلَوْ بِمَجْلِسٍ آخَرَ (وَاَللَّهِ) لَا أَفْعَلُهُ أَوْ لَا أَفْعَلَنَّهُ وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ قَصَدَ تَأْكِيدَ الْيَمِينِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا بَلْ (وَإِنْ) لَمْ يَقْصِدْهُ وَ (قَصَدَهُ) أَيْ تَكْرِيرَ الْيَمِينِ وَإِنْشَاءَ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ دُونَ نِيَّةِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ قَصْدَ إنْشَائِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ قَصْدَ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ إذْ قَدْ يَقْصِدُ بِهِ تَأْكِيدَ الْأُولَى، بِخِلَافِ قَصْدِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ فَيَسْتَلْزِمُ قَصْدَ الْإِنْشَاءِ فَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ سَابِقًا: أَوْ نَوَى كَفَّارَاتٍ. وَمِثْلُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الظِّهَارُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ إذَا كَرَّرَهُ ثَلَاثًا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ. أَبُو الْحَسَنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ فِي اللَّهِ وَالظِّهَارِ أَوَّلًا هُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ ثَانِيًا، وَالطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ وَاحِدًا مَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ وَالثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا وَالثَّالِثُ يُتِمُّهَا. (أَوْ) حَلَفَ بِ (الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) لَا فَعَلْت أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 37 وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ غَدًا   [منح الجليل] كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ سَحْنُونٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهَا كُلَّهَا أَسْمَاءٌ لِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ الْحَلِفَ بِهَا، وَبِهِ عُلِمَ ضَعْفُ مَا سَبَقَ لَهُ فِي الْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ مِنْ تَعَدُّدِهَا. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ قَطَعَ هُنَا بِتَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ لِاخْتِلَافِ التَّسْمِيَاتِ وَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ بِهِ وَاحِدًا وَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى الْقَدِيمُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِجَمِيعِهَا. قَوْلُهُ وَالْقُرْآنُ وَالتَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ قَطَعَ هُنَا بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ، وَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ سَمَاعِ عِيسَى الَّذِي فَوْقَهُ، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ فِي الْفَرْعَيْنِ إلَّا كَفَّارَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ آخِرَ كَلَامِهِ: لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ، فَكَأَنَّهُ حَلَفَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِاتِّفَاقٍ. فَإِنْ قُلْت: فَمَا وَجْهُ تَفْرِيقِ الْمُصَنِّفِ. قُلْت: كَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى الْمَنْصُوصَ فِي الثَّانِيَةِ الِاتِّحَادَ لَمْ يُمْكِنْهُ الْعُدُولُ عَنْهُ، وَعَوَّلَ فِي الْأُولَى عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ خَالَفَ نَصَّ غَيْرِهِ لِتَقْدِيمِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ مَدْرَكَ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا التَّبَقِّي لِلْفُرُوعِ مَعْرُوضَةٌ لِلنَّظَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ مُتَعَلِّقُ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ جُزْءَ مُتَعَلِّقِ الْيَمِينِ الْأُولَى كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ (لَا كَلَّمَهُ) أَيْ الْحَلِفُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (غَدًا وَبَعْدَهُ) أَيْ الْغَدِ (ثُمَّ) حَلَفَهُ ثَانِيًا لَا كَلَّمَهُ (غَدًا) ثُمَّ كَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمَيْنِ، أَوْ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَوْ عَكْسِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي فِعْلِ الْآخَرِ حَيْثُ يَقْصِدُ تَعَدُّدَهَا، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ حَلِفُهُ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلِفُهُ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ، فَإِنْ كَلَّمَهُ غَدًا فَكَفَّارَتَانِ ثُمَّ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَلَّمَهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ غَدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَلُزُومُ كَفَّارَتَيْنِ فِي غَدٍ فِي هَذِهِ لِوُقُوعِهِ ثَانِيًا مَعَ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ، وَمَسْأَلَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 38 وَخُصِّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ،   [منح الجليل] الْمُصَنِّفِ وَقَعَ فِيهَا الْغَدُ ثَانِيًا وَحْدَهُ فَكَانَ كَالتَّأْكِيدِ لِلْأَوَّلِ. (وَخَصَّصَتْ) أَيْ قَصَرَتْ (نِيَّةُ) الشَّخْصِ (الْحَالِفِ) لَفْظَهُ الْعَامَّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَهُوَ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ بِلَا حَصْرٍ، أَيْ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا يَصْلُحُ هُوَ لَهُ دَفْعَةً وَبِهَذَا خَرَجَ الْأَعْلَامُ وَمِنْهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُطْلَقُ، وَهُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ كَأَسَدٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا حَصْرِ أَسْمَاءِ الْعَدَدِ فَإِنَّهَا تَسْتَغْرِقُ مَا تَصْلُحُ لَهُ دَفْعَةً مَعَ حَصْرِهِ فَهِيَ نَصٌّ فِي مَعْنَاهَا فَلَا تَقْبَلُ التَّخْصِيصَ بِالنِّيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَةً وَقَالَ نَوَيْت تِسْعَةً مَثَلًا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ، وَتَقْبَلُ التَّخْصِيصَ بِالِاسْتِثْنَاءِ نَحْوُ عَشْرَةٍ إلَّا تِسْعَةً مَثَلًا وَطَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَمَعْنَى تَخْصِيصِ النِّيَّةِ الْعَامَّ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ صِفَةً، كَلَا أُكَلِّمُ زَيْدًا نَاوِيًا فِي اللَّيْلِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ حَالَ كَوْنِهِ جَاهِلًا. وَلِلْعَامِّ صِيَغٌ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا الْمَوْصُولَاتُ وَأَسْمَاءُ الشُّرُوطِ وَالِاسْتِفْهَامُ وَالْجَمْعُ الْمُحَلَّى بِأَلْ وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ لِمَعْرِفَةٍ. ابْنِ أَبِي شَرِيفٍ قَيْدٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ يُغْنِي عَنْ قَيْدٍ بِلَا حَصْرٍ، لِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِغْرَاقِ الْمَعْرُوفِ دَلَالَةُ الْكُلِّيِّ عَلَى جُزْئِيَّاتِ مَعْنَاهُ وَدَلَالَةُ اسْمِ الْعَدَدِ عَلَى آحَادِهِ الَّتِي تَأَلَّفَ، هُوَ مِنْهَا دَلَالَةَ كُلٍّ عَلَى أَجْزَائِهِ. الْقَرَافِيُّ: الْأَلْفَاظُ قِسْمَانِ نُصُوصٌ وَظَوَاهِرُ، فَالنُّصُوصُ لَا تَقْبَلُ الْمَجَازَ وَلَا التَّخْصِيصَ، وَالظَّوَاهِرُ تَقْبَلُهُمَا، وَالنُّصُوصُ قِسْمَانِ: أَسْمَاءُ الْأَعْدَادِ كَالْعَشَرَةِ فَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُهَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْدَادِ، فَهَذَا هُوَ الْمَجَازُ. وَأَمَّا التَّخْصِيصُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 39 وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ   [منح الجليل] رَأَيْت عَشْرَةً ثُمَّ تُبَيِّنُ أَنَّك أَرَدْت خَمْسَةً، وَالتَّخْصِيصُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مَعْنَى الْعَامِّ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ فَالْمَجَازُ أَعَمُّ إذْ قَدْ لَا يَبْقَى مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمُسَمَّى كَرَأَيْت بَحْرًا فِي الْجَامِعِ، فَإِذَا قُلْت رَأَيْت إخْوَتَك مُرِيدًا نِصْفَهُمْ فَهُوَ تَخْصِيصٌ وَمَجَازٌ، وَإِنْ أَرَدْت مَسَاكِنَهُمْ فَهُوَ مَجَازٌ لَا تَخْصِيصٌ. الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ النَّصِّ الْأَلْفَاظُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ تَعَالَى نَحْوُ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَفْظِ الرَّحْمَنِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ اللَّهِ إجْمَاعًا. (وَقَيَّدَتْ) أَيْ صَرَفَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ لَفْظَهُ الْمُطْلَقَ إلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ الَّتِي يَحْتَمِلُهَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدِ وُجُودِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ وَهُوَ اسْمُ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ، وَالنَّكِرَةُ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهَا بِقَيْدِ وُجُودِهَا فِي فَرْدٍ مُبْهَمٍ كَرَجُلٍ، فَاللَّفْظُ فِي الْمُطْلَقِ وَالنَّكِرَةِ وَاحِدٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالِاعْتِبَارِ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ سُمِّيَ مُطْلَقًا وَاسْمَ جِنْسٍ، وَإِنْ اُعْتُبِرَتْ مَعَ قَيْدِ الْوَحْدَةِ الشَّائِعَةِ سُمِّيَ نَكِرَةً وَعَدَّ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْآمِدِيُّ الْمُطْلَقَ وَالنَّكِرَةَ وَاحِدًا. ابْنُ السُّبْكِيّ وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا الْمَنَاطِقَةُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَالْفُقَهَاءُ حَيْثُ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ كَانَ حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَانَ ذَكَرَيْنِ فَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ نَظَرًا لِلتَّنْكِيرِ الْمُشْعِرِ بِالْوَحْدَةِ. وَقِيلَ تَطْلُقُ حَمْلًا عَلَى الْجِنْسِ وَالْمُشْتَرَكِ اللَّفْظِيِّ كَعَائِشَةَ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ مِسْمَاتَانِ بِعَائِشَةَ وَكَحَلِفِهِ لَا يَنْظُرُ لِعَيْنٍ مُرِيدًا أَحَدَ مَعَانِيهَا (إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ) . ابْنُ غَازِيٍّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ قَلَقٌ لِأَنَّ النِّيَّةَ الَّتِي تُنِيفُ أَيْ تَزِيدُ وَاَلَّتِي تُسَاوِي أَيْ تُطَابِقُ لَيْسَتْ مُخَصِّصَةً وَلَا مُقَيِّدَةً وَإِنَّمَا الْمُخَصِّصَةُ وَالْمُقَيِّدَةُ الَّتِي تَنْقُصُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: وَاعْتُبِرَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ إنْ نَافَتْ أَوْ سَاوَتْ وَإِلَّا خُصِّصَتْ وَقُيِّدَتْ كَمَا قَالَ الْقَاضِي فِي تَلْقِينِهِ بِعَمَلٍ عَلَى النِّيَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 40 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إذَا كَانَتْ مِمَّا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ مِنْ اللَّفْظِ بِأَنْ كَانَتْ مُطَابِقَةً لَهُ أَوْ زَائِدَةً فِيهِ أَوْ نَاقِصَةً عَنْهُ بِتَقْيِيدِ مُطْلَقِهِ أَوْ تَخْصِيصِ عَامِّهِ، ثُمَّ قَالَ وَذَلِكَ كَالْحَالِفِ لَا آكُلُ رُءُوسًا أَوْ بَيْضًا أَوْ لَا أَسْبَحُ فِي نَهْرٍ أَوْ غَدِيرٍ، فَإِنْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ أَوْ مَعْنًى خَاصًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ حُكِمَ بِنِيَّتِهِ إذَا قَارَنَهَا عُرْفُ التَّخَاطُبِ كَالْحَالِفِ لَا أَشْرَبُ لِفُلَانٍ مَاءً يَقْصِدُ قَطْعَ الْمَنِّ مِنْهُ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ زَوْجَتِهِ بِقَصْدِ قَطْعِ الْمَنِّ دُونَ عَيْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلِحُسْنِ عِبَارَةِ التَّلْقِينِ انْتَحَلَهَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ إعْجَابًا بِهَا وَحَوْلَ دَنِّهَا دَنْدَنَ. ابْنُ عَرَفَةَ إذْ قَالَ: وَالنِّيَّةُ إنْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَوْ خَالَفَتْهُ بِأَشَدَّ اُعْتُبِرَتْ وَإِلَّا فَطُرُقٌ إلَخْ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ كَأَنْ نَافَتْ أَوْ سَاوَتْ بِزِيَادَةِ الْكَافِ وَالْعَطْفِ بِأَوْ لَكَانَ أَمْثَلَ. فَإِنْ قُلْت: لَعَلَّ نَافَتْ مِنْ بَابِ الْمُنَافَاةِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ النَّفْيِ فَيَرْجِعُ لِمَعْنَى النَّقْصِ وَتَكُونُ الزَّائِدَةُ وَالْمُطَابَقَةُ أَحْرَى بِالِاعْتِبَارِ وَالْمُسَاوَاةِ عَلَى هَذَا بِمَعْنَى الْمُعَادَلَةِ فِي الِاحْتِمَالِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، أَيْ أَمْكَنَ أَنْ يَقْصِدَ بِاللَّفْظِ الصَّادِرِ عَنْهُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ نَوَاهُ وَأَمْكَنَ أَنْ لَا يَقْصِدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ وَيَشْفَعُ لَهُ مُحَاذَاةُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا قُبِلَتْ، وَيُنْعِشُهُ عَطْفُ سَاوَتْ بِالْوَاوِ دُونَ أَوْ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ كَأَنْ لَمْ تُسَاوِ. قُلْت لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا مِنْ التَّكَلُّفِ إلَّا اسْتِعْمَالُ نَافٍ فِي الْمُنَافَاةِ الَّتِي هِيَ الْمُضَادَّةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ كَافِيًا فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ السَّآمَةِ لَطَرَقْنَا فِيهِ احْتِمَالًا آخَرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ. عب إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لَخَصَّصَتْ مِنْ الْمُنَافَاةِ أَيْ خَالَفَتْ نِيَّتُهُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ، وَأَصْلُهُ نَافَيَتْ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلْفًا ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ قَالَهُ الْحَطّ، أَيْ شَرْطُ الْمُخَصِّصِ كَوْنُهُ مُنَافِيًا لِلْعَامِّ فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا وَنَوَى سَمْنَ ضَأْنٍ فَإِنَّ نِيَّتَهُ لَا تُخَصِّصُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِلْعَامِّ خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ، وَإِنْ نَوَى إخْرَاجَ سَمْنِ غَيْرِ الضَّأْنِ لِيَأْكُلَهُ نَافَتْ نِيَّتُهُ الْعَامَّ فَخَصَّصَتْهُ، وَعَلَى هَذَا الْقَرَافِيُّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 41 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْمُقْرِي وَابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُمْ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا، وَالْأَقْرَبُ تَوَجُّهُهَا احْتِيَاطًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. فَإِنْ قُلْت: الْحَالِفُ فِي الْحَالَتَيْنِ قَصْدُهُ عَدَمُ أَكْلِ سَمْنِ الضَّأْنِ وَأَكْلِ غَيْرِهِ فَلِمَ افْتَرَقَتْ نِيَّةُ سَمْنِ الضَّأْنِ مِنْ نِيَّةِ إخْرَاجِ سَمْنِ غَيْرِهِ. قُلْت أَشَارَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْفَرْقِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ نِيَّةَ إخْرَاجِ سَمْنِ غَيْرِ الضَّأْنِ نِيَّةٌ مُنَافِيَةٌ وَنِيَّةَ سَمْنِ الضَّأْنِ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ. وَشَرْطُ الْمُخَصِّصِ الْمُنَافَاةُ. الْبُنَانِيُّ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ ز كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَصْلُهُ لِلْقَرَافِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ قَاسُوا التَّخْصِيصَ بِالنِّيَّةِ عَلَى التَّخْصِيصِ بِاللَّفْظِ فِي شَرْطِ الْمُنَافَاةِ، قَالَ الْأُصُولِيُّونَ لَا يُخَصِّصُ كَلَامٌ كَلَامًا إلَّا إذَا كَانَ مُنَافِيًا لَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] مَعَ قَوْله تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] . فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَافٍ لَهُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» ، مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ «هَلَّا أَخَذْتُمْ إهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ» فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُخَصِّصُهُ بِجِلْدِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَلِذَا قَالُوا ذِكْرُ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ فَبَنَى الْقَرَافِيُّ عَلَى هَذَا الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ جَاعِلًا النِّيَّةَ كَاللَّفْظِ فِي تَفْصِيلِهِ زَاعِمًا أَنَّ أَكْثَرَ مُفْتِي عَصْرِهِ جَهِلُوهُ فِيمَنْ قَالَ لَا آكُلُ بَيْضًا وَنَوَى بَيْضَ الدَّجَاجِ، فَإِنْ نَوَى إخْرَاجَ بَيْضِ غَيْرِهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِبَيْضِ الدَّجَاجِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْرَاجَهُ وَنَوَى بِالْبَيْضِ بَيْضَ الدَّجَاجِ حَنِثَ بِالْجَمِيعِ وَهُمْ قَالُوا: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِبَيْضِ الدَّجَاجِ مُطْلَقًا، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَقَدِّمِينَ كَابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ يُونُسَ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمْ، فَفِي التَّلْقِينِ فَإِنْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ أَوْ مَعْنًى خَاصًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ حُكِمَ بِنِيَّتِهِ اهـ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْحَقُّ وَقَدْ رَدَّ شَيْخُنَا أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ مُبَارَكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ قِيَاسَ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ لَا يَصِحُّ لِظُهُورِ الْفَارِقِ وَهُوَ أَنَّ الْمُخَصَّصَ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ لَفْظِيٌّ لَمْ يُقَارِنْ مُخَصِّصَهُ فِي الزَّمَانِ لِاسْتِحَالَةِ النُّطْقِ بِهِمَا دَفْعَةً، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ فَبَقِيَ ذَلِكَ الْعَامُّ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى خَصَّصَهُ الْمُخَصِّصُ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فِي مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ الْمُخَصِّصَ فِيهِ هِيَ النِّيَّةُ وَمُقَارَنَتُهَا مُمْكِنَةٌ بَلْ وَاجِبَةٌ إذْ لَوْ تَأَخَّرَتْ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 42 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَفَادَتْ، وَإِذَا قَارَنَتْ أَوْ تَقَدَّمَتْ لَمْ يَبْقَ الْعَامُّ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يُخَصَّصَ بِهَا فَلَمْ يُرِدْ بِهِ إلَّا الْمَنْوِيَّ فَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خَاصٌّ وَهِيَ الْمُحَاشَاةُ فَبَطَلَ قَوْلُهُ النِّيَّةُ هُنَا مُؤَكِّدَةٌ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ فَلَا تَنْفِي الْحُكْمَ عَنْ غَيْرِهِ اهـ. وَرَدَّ أَيْضًا بِأَنَّ النِّيَّةَ أَوَّلٌ مُعْتَبَرٌ فِي الْيَمِينِ ثُمَّ السَّبَبُ وَالْبِسَاطُ، فَإِذَا اقْتَضَى السَّبَبُ أَوْ الْبِسَاطُ تَقْيِيدَهَا أَوْ تَخْصِيصَهَا لِدَلَالَتِهِمَا عَلَى قَصْدِ التَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ، فَاعْتِبَارُ التَّقْيِيدِ وَالتَّخْصِيصِ الْمَنْوِيَّانِ أَوْلَى. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ وَالصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ أَنَّ النِّيَّةَ تُخَصِّصُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَافِيَةً لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الشَّرْعِيَّةَ أَنْ لَا تُرَتَّبَ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ إلَّا عَلَى النِّيَّاتِ، وَالْمَقْصُودُ وَمَا لَيْسَ مَنْوِيَّا وَلَا مَقْصُودًا فَلَا يُعْتَبَرُ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يَكَادُ يَجْهَلُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الشَّرْعِ. ابْنُ الشَّاطِّ لَمْ يَحْمِلْ شِهَابُ الدِّينِ فِيمَا قَالَهُ فِي هَذَا إلَّا تَوَهُّمَهُ أَنَّ حُكْمَ النِّيَّاتِ كَحُكْمِ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمَدْلُولَاتِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَمَا تَوَهَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ السَّبْتِيُّ فِي اخْتِصَارِ الْفُرُوقِ يَرِدُ عَلَى الْقَرَافِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَلْبَسُ نَاوِيًا لَكَانَ غَافِلًا عَنْ غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا كَتَّانًا غَافِلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا لَا يَحْنَثُ فِيهِ بِغَيْرِ الْكَتَّانِ إجْمَاعًا فَكَذَلِكَ الْأَوَّلُ. ابْنُ مَرْزُوقٍ رَدَّ عَلَى الْقَرَافِيِّ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ أَلَّفَ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُمْ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ أَبُو مُوسَى الْإِمَامُ بِمَا يَطُولُ جَلْبُهُ وَتَأَمَّلْ كَثْرَةَ مَا وَقَعَ مِنْ مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَا نَوَى وَلَمْ يُقَيِّدُوهَا بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ بِأَنْ يَتَعَرَّضَ عِنْدَ نِيَّةِ مَا نَوَى مِنْ الْأَفْرَادِ إلَى إخْرَاجِ غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ، وَيُقَالُ نِيَّةُ الْحَالِفِ بَعْضَ الْأَفْرَادِ عِنْدَ الْيَمِينِ تَسْتَلْزِمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 43 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إخْرَاجَ غَيْرِهِ، كَمَنْ حَلَفَ لَا دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ وَنَوَى شَهْرًا أَوْ لَا أَكَلَتْ سَمْنًا وَنَوَى سَمْنَ بَقَرٍ اهـ. فَتَبَيَّنَ ضَعْفُ طَرِيقَةِ الْقَرَافِيِّ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ الْحَطّ وز، وَلَا سِيَّمَا الْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى فَيُفَسِّرُ نَافَتْ بِخَالَفَتْ، وَهِيَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَخْصِيصُ الْعَامِّ يَلْزَمُ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِصُورَةٍ أَوْ صُوَرٍ وَالنِّيَّةُ الْمُخَصِّصَةُ تَنْفِيهِ عَنْهَا. اهـ. فَالْقَيْدُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ بَلْ كَاشِفٌ لِصُورَةِ التَّخْصِيصِ إذْ مِنْ ضَرُورِيَّاتِهَا ذَلِكَ فَالشَّرْطُ لَيْسَ فِي مَحِلِّهِ وَهَذَا الْحَمْلُ هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ أَبُو زَيْدٍ وَبَابَا وطفي وَغَيْرُهُمْ. طفي هَذَا أَمْثَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِيهِ قُبْحُ اسْتِعْمَالِ الْمُنَافَاةِ وَهِيَ الْمُضَادَّةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى لِقَوْلِ الْحَطّ لَا قُبْحَ فِيهِ لِوُقُوعِهِ فِي عِبَارَةِ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا. قُلْت وَفِي اعْتِرَاضِ الْحَطّ عَلَى ابْنِ غَازِيٍّ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقَرَافِيَّ اسْتَعْمَلَ الْمُنَافَاةَ فِي الْمُضَادَّةِ فِي الْحُكْمِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَشْتَرِطْ إلَّا الْمُخَالَفَةَ الصَّادِقَةَ بِمَا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ مَعَ فَقْدِ الْمُنَافَاةِ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْمُجَارَاةِ وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَيْدًا كَاشِفًا فَهِيَ بِمَعْنَى الْمُضَادَّةِ لِأَنَّهَا حَيْثُ كَانَتْ مُخَصِّصَةً لَزِمَهَا نَفْيُ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَا الْمَنْوِيِّ، وَهَذَا مُضَادٌّ لِحُكْمِ الْعَامِّ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَا انْبَنَى عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عب وَسَاوَتْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقَيَّدَتْ أَيْ مِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُقَيِّدَةِ لِلْمُطْلَقِ أَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً بِأَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْحَالِفِ يَحْتَمِلُ مَا نَوَاهُ وَغَيْرَهُ عَلَى السَّوَاءِ، فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ مُطْلَقًا فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ كَأَحَدِ عَبِيدِي حُرٌّ، وَيُرِيدُ نَاصِحًا مَثَلًا، وَفِي تَعْيِينِ أَحَدِ مَحَامِلِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ كَعَائِشَةَ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ كِلْتَاهُمَا اسْمُهَا عَائِشَةُ، وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَ فُلَانٍ وَكَلَا نَظَرْت عَيْنًا وَأَرَادَ الذَّهَبَ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَقَيَّدَتْ إلَخْ هَذَا ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ، وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّارِحُ وَالتَّحْقِيقُ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ وَأَحْمَدُ، أَصْلُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَطّ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ بِهَذَا الْمَعْنَى مُعْتَبَرَةٌ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ مَعًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إلَخْ وَالْمُرَادُ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَ الْمَنْوِيِّ وَظَاهِرِ اللَّفْظِ إمَّا بِرُجْحَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارَيْ اللُّغَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 44 فِي لِلَّهِ غَيْرِهَا: كَطَلَاقٍ: كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ:   [منح الجليل] وَالْعُرْفِ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ، وَإِمَّا فِي الِاحْتِمَالَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٌ كَمَا فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَبْيِينِ الْمُشْتَرَكِ. وَتَنَازَعَ خَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ (فِي) الْيَمِينِ بِ (اللَّهِ وَغَيْرِهَا) وَمَثَّلَ لِلْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ (كَطَلَاقٍ) وَعِتْقٍ وَمَشْيٍ لِمَكَّةَ وَصَوْمِ سَنَةٍ، وَمَثَّلَ لِتَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ الْمُسَاوِيَةِ فَقَالَ (كَ) نِيَّةِ (كَوْنِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا (مَعَهُ) أَيْ الْحَالِفِ فِي عِصْمَتِهِ (فِي) حَلِفِهِ بِاَللَّهِ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ صَدَقَةٍ بِثُلُثِ مَالِهِ (لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ وَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَقَالَ نَوَيْت حَيَاتَهَا مَعِي فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَكَوْنُ الْمَحْلُوفِ بِهِ طَلَاقُ مَنْ تَزَوَّجَهَا أَوْ عِتْقُ رَقِيقٍ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا زَوْجَةُ غَيْرِ الْحَالِفِ الَّتِي حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا إذَا بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَتَزَوَّجَ الْحَالِفُ وَقَالَ نَوَيْت مَا دَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ إنْ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ، وَرُفِعَ لِلْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ قَالَهُ الْحَطّ أَيْ وَتَعَذَّرَ تَسَرِّيهِ. الْبُنَانِيُّ النِّيَّةُ الْمُخَصِّصَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ اللَّفْظِ الْعَامِّ لَكِنْ إنْ عَضَّدَهَا عُرْفٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ مِنْ الْمُجْمَلِ الَّذِي اسْتَوَى مَحْمِلَاهُ مَثَلًا لِأَنَّهَا دَائِرَةٌ حِينَئِذٍ بَيْنَ مَجَازِ الرَّاجِحِ وَالْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ بِسَبَبِ الْعُرْفِ وَالْمُخْتَارُ فِيهِ أَنَّهُ مُجْمَلٌ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَنَصُّهُ، وَفِي تَعَارُضِ الْمَجَازِ الرَّاجِحِ وَالْحَقِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ. ثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ مُجْمَلٌ. اهـ. لِرُجْحَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَجْهٍ فَتُقْبَلُ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ إلَخْ. وَشَبَّهَ فِي قَبُولِ التَّخْصِيصِ فَقَالَ (كَأَنْ خَالَفَتْ) نِيَّةُ الْحَالِفِ أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي نَوَاهُ بِالْعَامِّ (ظَاهِرَ لَفْظِهِ) أَيْ الْحَالِفُ الْعَامُّ أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ الْعَامُّ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ بِالْمُخَالَفَةِ بَعْدَ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْمَنْوِيِّ مِنْ الْعَامِّ فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَسَاوَتْ. وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَالِفَةَ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ قِسْمَانِ: بَعِيدَةٌ عَنْ الْعُرْفِ، وَلَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا كَمَا سَيَقُولُ لَا إرَادَةً مُعَيَّنَةً إلَخْ وَقَرِيبَةٌ، أَمَّا مُوَافِقَةٌ لِلْعُرْفِ فَتُقْبَلُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ كَكَوْنِهَا مَعَهُ فِي لَا يَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا. وَأَمَّا مُخَالِفَةٌ لَهُ قَرِيبَةٌ فَتُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 45 كَسَمْنِ ضَأْنٍ فِي: لَا آكُلُ سَمْنًا، أَوْ لَا أُكَلِّمُهُ، وَكَتَوْكِيلِهِ فِي: لَا يَبِيعُهُ، أَوْ لَا يَضْرِبُهُ، إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ،   [منح الجليل] وَفِي الْقَضَاءِ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا هُنَا. وَمَثَّلَ لَهَا بِقَوْلِهِ (كَ) نِيَّةِ (سَمْنِ ضَأْنٍ فِي) حَلِفِهِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ غَيْرِهَا (لَا آكُلُ) بِضَمِّ الْكَافِ عَقِبَ الْهَمْزِ الْمَمْدُودِ (سَمْنًا) فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ سَمْنِ الضَّأْنِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ كَابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ يُونُسَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا تَقَدَّمَ. عج إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْمُنَافَاةِ فِي قَوْلِهِ إنْ نَافَتْ مَا يَشْمَلُ الْمُخَالَفَةَ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ لَكِنْ يَكُونُ شَرْطُ الْمُنَافَاةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، أَيْ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ فَرْضِ أَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ يَصِيرُ التَّخَالُفُ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ ضَرُورِيًّا (أَوْ لَا أُكَلِّمُهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَقَالَ نَوَيْت شَهْرًا مَثَلًا أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ فَظَاهِرُ يَمِينِهِ الْعُمُومُ وَادَّعَى مَا يُخَصِّصُهَا فَيُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا وَالْقَضَاءِ إلَّا فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ. (وَكَتَوْكِيلِهِ) أَيْ الْحَالِفِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الضَّرْبِ (فِي) حَلِفِهِ بِاَللَّهِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ غَيْرِهَا (لَا يَبِيعُهُ) أَيْ الْحَالِفُ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَشْتَرِيهِ (أَوْ لَا يَضْرِبُهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْعَبْدَ مَثَلًا ثُمَّ وَكَّلَ مَنْ بَاعَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ ضَرَبَهُ، وَقَالَ نَوَيْت لَا أُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِي فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا مُطْلَقًا وَفِي الْقَضَاءِ (إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) أَيْ رَفْعٍ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ لِلْقَاضِي فَإِنْ ذَهَبَ الْحَالِفُ لِلْقَاضِي بِدُونِ رَفْعِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَهِيَ فَتْوَى كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ. (وَبَيِّنَةٌ) شَهِدَتْ عَلَى الْحَالِفِ بِحَلِفِهِ وَحِنْثِهِ فِيهِ أَيْ مَعَهَا إنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ (أَوْ إقْرَارٌ) بِالْحَلِفِ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى الْمُبَاشَرَةَ بِنَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ الْمُخَالِفَةُ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ (فِي) حَلِفِهِ بِ (طَلَاقٍ وَعِتْقٍ) مُعَيَّنٍ (فَقَطْ) وَأَمَّا الْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَتُقْبَلُ فِيهِ نِيَّتُهُ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الرَّفْعِ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ لَيَعْتِقَنَّ عَبِيدَهُ وَقَالَ أَرَدْت بَعْضَهُمْ أَوْ أَرَدْت بِعَبِيدِي دَوَابِّي، أَوْ أَرَدْت بِالْعِتْقِ الْبَيْعَ، وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ الْمِلْكُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ الْإِخْرَاجُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 46 أَوْ اسْتَحْلَفَ مُطْلَقًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ، لَا إرَادَةِ مَيِّتَةٍ، أَوْ كَذِبٍ فِي:   [منح الجليل] عَنْهُ وَحَلِفُهُ بِاَللَّهِ لَيَعْتِقَنَّ مِنْ عَبِيدِهِ ثَلَاثَةً، وَقَالَ أَرَدْت بَيْعَ ثَلَاثِ دَوَابَّ مِنْ دَوَابِّي وَقَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَالَ أَرَدْت طَلَاقَهَا لِلْوِلَادَةِ وَقَوْلُهُ نِسَاؤُهُ طَوَالِقُ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَقَالَ أَرَدْت ثَلَاثًا مُعَيَّنَةً، فَيَنْوِي فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فِي الْفُتْيَا لَا فِي مُرَافَعَةٍ وَبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ نِسَائِهِ طَوَالِقُ ثُمَّ قَالَ اسْتَثْنَيْت أَوْ حَاشَيْت فُلَانَةَ نَفَعَهُ فِي الْفَتْوَى لَا إنْ قَالَ نَوَيْت مَا عَدَا فُلَانَةَ، وَلَوْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ رَاجَعْتهَا ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَقَالَ نَوَيْت مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ صُدِّقَ فِي الْفَتْوَى، وَلَوْ قَالَ حَلِيمَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَأَمَةٌ تُسَمَّيَانِ بِهِ وَقَالَ نَوَيْت أَمَتِي صُدِّقَ مُسْتَفْتِيًا، وَأَكْثَرُ هَذِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (أَوْ اُسْتُحْلِفَ) حَلِفًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ أَوْ فِي الْقَضَاءِ، أَوْ كَوْنِ الطَّلَاقِ مُنْجَزًا وَكَذَا الْعِتْقُ وَسَوَاءٌ كَانَ كَامِلًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ كَالتَّدْبِيرِ إذَا كَانَ فِي رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَصِلَةُ اُسْتُحْلِفَ (فِي وَثِيقَةٍ) أَيْ تَوَثَّقَ فِي (حَقٍّ) وَلَوْ بِغَيْرِ كِتَابَةٍ عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى إلَّا لِمُرَافَعَةٍ، أَيْ إلَّا إنْ رُفِعَ أَوْ اُسْتُحْلِفَ فِي حَقٍّ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ، وَلَوْ حَذَفَ السِّينَ وَالتَّاءَ وَوَثِيقَةً بِأَنْ قَالَ أَوْ حَلَفَ مُطْلَقًا فِي حَقٍّ لَوَافَقَ الرَّاجِحَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَلَبِ حَلِفِهِ أَوْ طَلَبِ سَبَبِ حَلِفِهِ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي عِنْدَهُ، فَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ حَقٌّ وَمِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِوَثِيقَةِ حَقٍّ أَمْ لَا وَمِنْ أَمْثِلَةِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ وَأَنْكَرَهَا، وَحَلَفَ لَيْسَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَنَوَى حَاضِرَةً، وَنَوَى رَبُّهَا الْإِطْلَاقَ وَحَلِفُهُ لِرَبِّ الْحَقِّ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ مُحَاشِيًا الزَّوْجَةَ الْمَدْخُولَ بِهَا وَلَمْ يُحَاشِهَا رَبُّ الْحَقِّ، وَعَقْدُ نِكَاحٍ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ تَسَرَّى حَبَشِيَّةً وَقَالَ نَوَيْت مِنْ غَيْرِ الْحَبَشِ فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَبِرُ نِيَّةُ الْمَحْلُوفِ لَهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. (لَا) تُقْبَلُ (إرَادَةُ) أَيْ نِيَّةُ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (مَيِّتَةٍ) أَوْ مُطَلَّقَةٍ وَمُعْتَقَةٍ (أَوْ) إرَادَةُ (كَذِبٍ) ضِدِّ الصِّدْقِ أَيْ إخْبَارٌ بِخِلَافِ مَا عَلِمَهُ الْمُتَكَلِّمُ (فِي) قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 47 طَالِقٌ وَحُرَّةٌ، أَوْ حَرَامٌ، وَإِنْ بِفَتْوَى ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ،   [منح الجليل] أَفْعَلْ كَذَا فَفُلَانَةٌ (طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ أَوْ حَرَامٌ) وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ فِي الْحِنْثِ أَوْ أَجَّلَهُ بِزَمَنٍ انْقَضَى بِلَا فِعْلٍ فِيهِ وَقَالَ أَرَدْت فُلَانَةَ الْمَيِّتَةَ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، أَوْ الْمُطَلَّقَةَ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُعْتَقَةَ فِي الثَّانِي وَكَذَّبَهَا فِي حَرَامٍ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ إنْ رُفِعَ لِلْقَاضِي فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِفَتْوَى) حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُهُ فِي دَعْوَاهُ إرَادَةَ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا كَكَوْنِهَا حَيَّةً حِينَ يَمِينِهِ ثُمَّ مَاتَتْ وَادَّعَى أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ بِهَا. (تَكْمِيلٌ) كَمَا تُخَصِّصُ النِّيَّةُ الْعَامَّ وَتُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ تُعَمِّمُ الْخَاصَّ وَالْمُطْلَقَ مِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ إنْ نَوَى الْمَنَّ وَمِنْ الثَّانِي وَاَللَّهِ لَأُكْرِمَنَّ أَخَاكَ نَاوِيًا بِهِ جَمِيعَ إخْوَتِكَ (ثُمَّ) إنْ عُدِمَتْ النِّيَّةُ أَوْ ضَبَطَهَا خَصَّصَ الْعَامَّ أَوْ قَيَّدَ الْمُطْلَقَ (بِسَاطٌ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَقَامُ الْيَمِينِ سَوَاءٌ كَانَ سَبَبًا فِيهَا أَوْ لَا فَيُخَصَّصُ الْعَامُّ مَثَلًا إذَا قِيلَ لِشَخْصٍ: لَحْمُ الْبَقَرِ دَاءٌ كَمَا وَرَدَ فَلَا تَأْكُلْهُ يُؤْذِك فَحَلَفَ لَا آكُلُ لَحْمًا وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْمِيمًا وَلَا تَخْصِيصًا، فَيُخَصَّصُ اللَّحْمُ فِي يَمِينِهِ بِلَحْمِ الْبَقَرِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ فَلَا يَحْنَثُ بِلَحْمِ غَيْرِهِ. وَكَمَنْ قِيلَ لَهُ: أَنْتَ تُزَكِّي الشُّهُودَ بِشَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَحَلَفَ لَا يُزَكِّي وَلَا يَنْقُلُهُ فَتُخَصَّصُ الزَّكَاةُ فِي يَمِينِهِ بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ فَلَا يَحْنَثُ فِيهَا بِتَزْكِيَةِ الْمَالِ. ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ يَبْتَاعُ لِأَهْلِهِ لَحْمًا فَوَجَدَ زِحَامًا عَلَى الْجَزَّارِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَلْبَتَّةَ إنْ اشْتَرَاهُ لَهُمْ فَرَجَعَ إلَيْهِمْ فَعَاتَبُوهُ فَخَرَجَ فَاشْتَرَى كَبْشًا فَذَبَحَهُ وَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَا أَرَاهُ إلَّا وَقَدْ حَنِثَ وَأَرَى هَذَا لَحْمًا. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا إذَا كَانَتْ كَرَاهِيَتُهُ لِلزِّحَامِ عَلَى الْمَجْزَرَةِ وَوَجَدَ لَحْمًا أَوْ كَبْشًا فِي غَيْرِهَا فَاشْتَرَاهُ فَأَرَى أَنْ يَنْوِيَ فِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُرَاعِ الْإِمَامُ الْبِسَاطَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَرَاعَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ حَمْلِ الْيَمِينِ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ إلَّا عِنْدَ الْبِسَاطِ. وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرَى أَنْ يَنْوِيَ فِيهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ كَرَاهِيَةً لِلزِّحَامِ وَلَا يَمِيزُ عَلَيْهِ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ أَوْ اسْتَفْتَى، وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ لَهُمْ لَحْمًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَقَالَ كُنْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 48 ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ ثُمَّ مَقْصِدٌ لُغَوِيٌّ،   [منح الجليل] حَلَفْت لِلزِّحَامِ وَلَمْ تَعْلَمْهُ الْبَيِّنَةُ طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُهُ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ لَكِنْ بِشَرْطِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. (ثُمَّ) بَعْدَ الْبِسَاطِ يُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (عُرْفٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ اصْطِلَاحٌ (قَوْلِيٌّ) أَيْ عَادَةُ عَامَّةِ النَّاسِ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ أَوْ الْمُطْلَقِ، فَيُحْمَلُ الْعَامُّ أَوْ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَرَى عُرْفُهُمْ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْحَالِفِ غَالِبًا. وَلِأَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ بِلُغَةٍ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَسْتَعْمِلُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ فِيهِ ذَلِكَ اللَّفْظَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، كَاخْتِصَاصِ الدَّابَّةِ بِالْحِمَارِ بِمِصْرَ وَبِأُنْثَاهُ فِي قَنْصَةَ وَبِالْفَرَسِ فِي الْعِرَاقِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحِمَارُ مِنْ مَرَاكِبِهِ إذْ الْفَرْضُ عَدَمُ النِّيَّةِ دُونَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَاخْتِصَاصُ الْمَمْلُوكِ بِالْأَبْيَضِ وَالدِّرْهَمِ بِفَلْسِ النُّحَاسِ، وَقُدِّمَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْمَقْصِدِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِخِ اللُّغَوِيِّ وَالنَّاسِخُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْسُوخِ. وَاحْتَرَزَ بِالْقَوْلِيِّ عَنْ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَعْنَاهُ إلَى فِعْلِهِمْ عِنْدَهُمْ كَحَلِفِهِ لَا آكُلُ خُبْزًا وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَخْبُوزٍ فِي عُرْفِهِمْ، فَإِذَا كَانَ أَهْلُ بَلَدِهِ لَا يَصْنَعُونَ الْخُبْزَ إلَّا مِنْ الْقَمْحِ فَلَا يُخَصِّصُ عُرْفُهُمْ الْخُبْزَ فِي الْيَمِينِ بِخُبْزِ الْقَمْحِ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْ كُلِّ مَخْبُوزٍ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَفِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ ظَاهِرَ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ وَإِنْ كَانَ فِعْلِيًّا، وَنَقَلَ الْوَانُّوغِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْعُرْفَ الْفِعْلِيَّ يُعْتَبَرُ مُخَصِّصًا وَمُقَيِّدًا؛ قَالَ وَبِهِ يُرَدُّ مَا زَعَمَهُ الْقَرَافِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا بِاعْتِبَارِهِ. وَفِي الْقَلْشَانِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ فِي ظَاهِرِ مَسَائِلِ الْفُقَهَاءِ. وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ إلَّا الْقَوْلِيُّ. (ثُمَّ) إنْ عُدِمَ مَا ذَكَرَ يُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ (مَقْصَدٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَنَحْوُهُ فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ مَقْصُودٌ (لُغَوِيٌّ) أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي اسْتَعْمَلَتْ الْعَرَبُ اللَّفْظَ فِيهِ كَحَلِفِهِ لَا رَكِبَ دَابَّةً، وَلَيْسَ لِأَهْلِ بَلَدِهِ عُرْفٌ بِإِطْلَاقِهَا عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ فَتُحْمَلُ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 49 ثُمَّ شَرْعِيٌّ وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. وَلَا بِسَاطٌ   [منح الجليل] مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَهُوَ كُلُّ مَا دَبَّ أَيْ مَشَى فَيَحْنَثُ بِرُكُوبِ الْآدَمِيِّ وَالطَّيْرِ وَالتِّمْسَاحِ وَكُلِّ مَا دَبَّ، وَكَحَلِفِهِ لَا يُصَلِّي وَلَا عُرْفَ لَهُمْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَيَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ. فَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لِلَّفْظِ كَالْمُشْتَرَكِ حُمِلَ عَلَى أَظْهَرِ مَعَانِيهِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي مُجْتَهِدٍ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ أَدِلَّةٌ بِلَا تَرْجِيحٍ، فَقِيلَ يَأْخُذُ بِالْأَثْقَلِ وَقِيلَ بِالْأَخَفِّ، وَقِيلَ بِمَا شَاءَ، فَالْمُرَادُ بِالتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ هُنَا مُطْلَقُ الْحَمْلِ لَا الْمَعْنَيَانِ السَّابِقَانِ لِانْتِفَائِهِمَا هُنَا. (ثُمَّ) إنْ عُدِمَ مَا ذَكَرَ خَصَّصَ الْعَامَّ وَقَيَّدَ الْمُطْلَقَ مَقْصَدٌ (شَرْعِيٌّ) ابْنُ فَرْحُونٍ إنْ كَانَ الْحَالِفُ صَاحِبَ شَرْعٍ أَوْ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ شَرْعِيٍّ كَحَلِفِهِ لَيُصَلِّيَنَّ أَوْ لِيَتَوَضَّأَنَّ وَكَحَلِفِهِ لَا أُكَلِّمُ رَجُلًا فَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ صَبِيٍّ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ تَقْدِيمُ الْمَقْصَدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ، بَلْ وَعَلَى الْمَقْصَدِ الْعُرْفِيِّ كَمَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ. وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ نَاسِخٌ لَهُ، وَاسْتَشْكَلَ مَا هُنَا بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ مَعْنًى شَرْعِيٍّ بِدُونِ مَعْنًى لُغَوِيٍّ إذْ الشَّرْعِيُّ فَرْدُ اللُّغَوِيِّ غَالِبًا أَوْ مُسَاوٍ لَهُ كَالظُّلْمِ فَإِنَّهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ لُغَةً وَشَرْعًا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُعَرَّبَ وَهُوَ لَفْظٌ غَيْرُ عَلَمٍ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَ هُوَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ لَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ مَا اسْتَعْمَلَهُ الشَّارِعُ لَا مَا وَضَعَهُ أَهْلُ الشَّرْعِ فَإِذَا حَلَفَ لَا وَزْنَ بِالْقِسْطَاسِ حَنِثَ بِوَزْنِ الْمِيزَانِ إذْ هُوَ مَعْنَى الْقِسْطَاسِ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاهُ لُغَةً لَا يُقَالُ الْمَدْلُولُ الشَّرْعِيُّ مَدْلُولٌ عُرْفِيٌّ فَيَتَكَرَّرُ مَعَهُ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَدْلُولُ الْعُرْفِيُّ يُطْلَقُ عَلَى الْعُرْفِ الْخَاصِّ كَالشَّرْعِيِّ وَالنَّحْوِيِّ وَعَلَى الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الثَّانِي. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا شَرَعَ فِي فُرُوعٍ تَنْبَنِي عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ وَهِيَ فِي نَفْسِهَا أُصُولٌ أَيْضًا، وَقَاعِدَتُهُ غَالِبًا الْإِتْيَانُ بِالْبَاءِ لِلْحِنْثِ وَبِ لَا لِعَدَمِهِ فَقَالَ (وَحَنِثَ) الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ الْحَالِفِ (نِيَّةٌ) تُخَصِّصُ لَفْظَهُ الْعَامَّ وَتُقَيِّدُ لَفْظَهُ الْمُطْلَقَ (وَلَا) لِيَمِينِهِ (بِسَاطٌ) أَيْ قَرِينَةٌ مُخَصِّصَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 50 بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ، لَا بِكَمَوْتِ حَمَامٍ فِي لَيَذْبَحَنَّهُ   [منح الجليل] أَوْ مُقَيِّدَةٌ. وَصِلَةُ حَنِثَ (بِ) سَبَبِ (فَوْتِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مَصْدَرِ فَاتَ أَيْ انْتِفَاءِ (مَا) أَيْ الْفِعْلِ الَّذِي (حَلَفَ) الْمُكَلَّفُ (عَلَيْهِ) لِغَيْرِ مَانِعٍ بَلْ (وَلَوْ) فَاتَ (لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَحَيْضٍ فِي حَلِفِهِ لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا فَيَحْنَثُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَحُمِلَ مِنْهُ فِي لَيَبِيعَنَّ الْأَمَةَ. (أَوْ) فَاتَ لِمَانِعٍ عَادِيٍّ كَ (سَرِقَةِ) حَمَامٍ فِي حَلِفِهِ لَيَذْبَحَنَّهُ (لَا) يَحْنَثُ إنْ فَاتَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِمَانِعٍ عَقْلِيٍّ (كَمَوْتِ حَمَامٍ) فِي حَلِفِهِ (لَيَذْبَحَنَّهُ) إنْ أَقَّتَ أَوْ بَادَرَ فَإِنْ فَرَّطَ حَتَّى حَصَلَ فَيَحْنَثُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَانِعِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْيَمِينِ، وَأَمَّا إنْ تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ شَرْعِيًّا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا، فَأَقْسَامُ الْمَانِعِ ثَلَاثَةٌ قِسْمٌ يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ وَقَّتَ أَوْ لَا فَرَّطَ أَوْ لَا وَهُوَ الشَّرْعِيُّ، وَقِسْمٌ لَا يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْعَقْلِيُّ وَالْعَادِيُّ الْمُتَقَدِّمَانِ عَلَى الْيَمِينِ وَقَّتَ أَوْ لَا فَرَّطَ أَوْ لَا وَقِسْمٌ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ الْعَقْلِيُّ وَالْعَادِيُّ الْمُتَأَخِّرَانِ عَنْهَا فَالْعَادِيُّ يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وَقَّتّ أَوْ لَا فَرَّطَ أَوْ لَا، وَالْعَقْلِيُّ يَحْنَثُ بِهِ إنْ لَمْ يُوَقِّتْ وَفَرَّطَ لَا إنْ وَقَّتَ أَوْ بَادَرَ، وَنَظَمَ هَذَا عج فَقَالَ: إذَا فَاتَ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ لِمَانِعٍ ... فَإِنْ كَانَ شَرْعِيًّا فَحِنْثُهُ مُطْلَقَا كَعَقْلِيِّ أَوْ عَادِيِّ إنْ يَتَأَخَّرَا ... وَفَرَّطَ حَتَّى فَاتَ دَامَ لَكَ الْبَقَا وَإِنْ أَقَّتَ أَوْ قَدْ كَانَ مِنْهُ تَبَادُرٌ ... فَحِنْثُهُ بِالْعَادِيِّ لَا غَيْرُ مُطْلَقَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُمَا ... فَلَا حِنْثَ فِي حَالٍ فَخُذْهُ مُحَقَّقَا وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيْضِ وَسَحْنُونٌ بِعَدَمِهِ فِي حَمْلِ الْأَمَةِ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ عَدَمَهُ فِي الْعَادِيِّ الْمُتَأَخِّرِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَيْضِ إذَا قَيَّدَ بِاللَّيْلَةِ مَثَلًا فَاسْتَغْرَقَهَا الْحَيْضُ، قَالَ طفي لَمْ يَذْكُرُوا الْحَيْضَ إلَّا فِي الْمُوَقَّتَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ غَيْرُ الْمُوَقَّتَةِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِيهَا بِطُرُوئِهِ فِي قَوْلِهِ لَأَطَأَنَّهَا، وَيَنْتَظِرُ رَفْعَهُ إذْ لَا تَعَذُّرَ فَافْهَمْ، وَحَنِثَ بِالشَّرْعِيِّ وَإِنْ تَقَدَّمَ لِإِمْكَانِ الْفِعْلِ مَعَهُ بِخِلَافِهِمَا وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبَرُّ بِفِعْلِهِ مَعَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 51 وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ   [منح الجليل] وَ) حَنِثَ (بِعَزْمِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (عَلَى ضِدِّهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي يَمِينِ الْحِنْثِ لَا فِي يَمِينِ الْبِرِّ خِلَافًا للِشَّارِحِ قَالَهُ عب. طفي لَمْ أَرَ هَذَا الْفَرْعَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلِذَا كُلُّ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ إنَّمَا فَسَّرُوهُ بِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ كَالشَّارِحِ وَابْنِ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ قَالَ فِي مَدَارِكِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ. السَّادِسُ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، وَهِيَ عَلَى حِنْثٍ. اهـ. وَجَرَى عَلَى هَذَا فِي كِفَايَةِ اللَّبِيبِ فِي كَشْفِ غَوَامِضِ التَّهْذِيبِ، فَاسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ فِي كِتَابِ النُّذُورِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَلْقَةً ثُمَّ يَرْتَجِعْهَا فَتَزُولُ يَمِينُهُ. وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ اهـ. قَوْلَهُ فَأَرَادَ إلَخْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَلْزَمُ بِعَدَمِ التَّزْوِيجِ فَالطَّلَاقُ الْمُعَجَّلُ لَا يَحِلَّ الْيَمِينَ، وَإِنَّمَا مَبْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ فَعَزْمُهُ هَذَا هُوَ حِنْثُهُ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ بِحِنْثِهِ لَا أَنَّهُ يُنْشِيهَا، وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ كَعَدَمِ الْفِعْلِ. فَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَ الْيَأْسِ، أَوْ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ التَّزْوِيجِ، فَجَعَلَ الْعَزْمَ يَقُومُ مَقَامَ تَعَذُّرِ الْفِعْلِ، فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ طَلَّقَهَا مَعْنَاهُ تَسَبَّبَ فِي طَلَاقِهَا لِعَزْمِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا مُعْتَمَدَ لَهُ سِوَى كَلَامِ الْجَوَاهِرِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ لَا أَعْرِفُهُ، وَقَدْ تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ فِي بَابِ الظِّهَارِ، وَأَبْقَى ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَجَمِيعُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا أَوْ نَقَلَ كَلَامَهَا عَلَى ظَاهِرِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَزْمَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوجِبُ حِنْثًا، وَلَوْ كَانَ يُوجِبُهُ مَا احْتَاجُوا إلَى تَحْنِيثِهِ بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ فِي حَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا، وَعِبَارَاتُهُمْ كُلُّهُمْ: لَهُ أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ وَيُطَلِّقَهَا فَيَلْزَمُ الْقَرَافِيُّ أَنْ يَسْتَشْكِلَ جَمِيعُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الْقَلْشَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحِنْثُ بِعَزْمِهِ أَوْ لَا عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ أَوْ لَا، نَقَلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 52 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ حِنْثَهُ بِعَزْمِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ فَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةً مَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ حَيْثُ كَانَتْ عِبَارَاتُهُمْ مَا ذُكِرَ فَذَاكَ أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِمْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَحْنِيثِهِ نَفْسَهُ إلَّا عَزْمَهُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، فَالْعَزْمُ حِنْثٌ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي ذَاتِ الْحِنْثِ عَلَى جَوَازِهَا قَبْلَهُ إنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْبِرِّ، وَفِي ذَاتِ الْبِرِّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِهَا عَنْهُ. مُحَمَّدٌ مَعْنَى إجْزَائِهَا قَبْلَهُ أَنَّهُ حِنْثٌ بِعَزْمٍ اهـ طفي. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْحِنْثِ يَجُوزُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُطْلَقًا كَانَتْ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ، وَفِي غَيْرِهَا إنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ لَا إنْ كَانَتْ عَلَى بِرٍّ إلَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ آخِرَ الثَّلَاثِ أَوْ الْعِتْقُ فِي مُعَيَّنٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ قَالَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ يَرْتَجِعُهَا فَتَزُولُ يَمِينُهُ، وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا مَضَى وَلَمْ يَفْعَلْ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى مَذْهَبَهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ جَوَازَ التَّحْنِيثِ قَبْلَ الْفِعْلِ إذَا لَمْ يُؤَجِّلْ وَإِلَّا فَلَا كَصِيغَةِ الْبِرِّ، هَذَا فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَهُ التَّكْفِيرُ فِي الْبِرِّ قَبْلَ الْحِنْثِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ، وَفِي الْحِنْثِ إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ وَإِلَّا فَلَا. وَلَمَّا نَقَلَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ التَّهْذِيبِ الْمُتَقَدِّمَ وَنَقَلَ أَيْضًا قَوْلَهُ مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ اهـ. وَقَالَ قَبْلَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَأَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ فَأَمَّا فِي يَمِينِهِ لَا أَفْعَلُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَفِّرَ بَعْدَ الْحِنْثِ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ وَكَذَا فِي يَمِينِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَقَوْلِهِ لَأَضْرِبَنَّهُ أَوْ لَأُكَلِّمَنَّهُ وَلَمْ يُؤَجِّلْ فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَ، وَإِنْ أَجَّلَ فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ اهـ. قَالَ فَحَصَلَ أَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ إنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ حِنْثِهِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 53 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلْ فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَ، وَإِنْ أَجَّلَ فَلَا حَتَّى يَمْضِيَ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهَا وَأَبْقَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ قَائِلًا فِي قَوْلِهَا مَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ أَجَّلَ فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ. اهـ. الْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَقِيلَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ. اهـ. فَعَلَى هَذَا يُقَيَّدُ الْمَشْهُورُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ بِكَلَامِهَا فَتُوَافِقُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَهُ النَّاقِلُونَ. وَقَدْ لَخَّصَ الْحَطّ مَسَائِلَ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ وَنَظَّمَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْصِيلَهَا وَلَا أَشَارَ إلَيْهِ بِحَالٍ وَقَدْ حَقَّقْنَا لَك الْمَسْأَلَةَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَقَيَّدَ الْحَطّ وَسَالِمٌ وَعِجْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ وَأَبْقَوْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ تَقْلِيدًا مِنْهُمْ لِلْقَرَافِيِّ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ فَلَا تَغْتَرَّ بِمَا قَالُوهُ وَكُنْ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ بِنَفْسِهِ لَا بِتَقْلِيدِ الرِّجَالِ، وَقَدْ تَوَرَّكَ الزَّرْقَانِيُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ وَاَلَّذِي فِيهَا وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ. بَعْضُ شُيُوخِنَا وَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ بِالْعَزْمِ فِي الطَّلَاقِ فَأَوْلَى الْيَمِينُ بِاَللَّهِ اهـ. الْبُنَانِيُّ نَعَمْ الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِالْعَزْمِ لِمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ هُنَا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ: اُنْظُرْ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَالْمَشْيِ وَالصَّدَقَةِ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَرَادَ إذَا حَلَفَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَنْ يُحَنِّثَ نَفْسَهُ فِي الطَّلَاقِ فَقَطْ فَيُطَلِّقَ وَاحِدَةً لِيَرْتَجِعَ وَيَطَأَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ بَرَّ بِالتَّزْوِيجِ قَبْلَ الْمَوْتِ سَقَطَ عَنْهُ الْمَشْيُ وَالصَّدَقَةُ، وَإِنْ لَمْ يَبَرَّ حَتَّى مَاتَ فَالصَّدَقَةُ فِي ثُلُثِهِ لِأَنَّ حِنْثَهُ إنَّمَا وَجَبَ بِمَوْتِهِ اهـ. وَلِمَا فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الظِّهَارِ حَيْثُ قَالَ فِيمَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْكِ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ لِيُحِلَّ الْيَمِينَ فَابْتَدَأَ الْكَفَّارَةَ، فَلَمَّا صَامَ أَيَّامًا أَرَادَ أَنْ يَبَرَّ بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ، هَذَا كَلَامُ السَّمَاعِ وَمِثْلُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ إذْ لَوْ حَنِثَ بِهِ مَا سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ بِالتَّزْوِيجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 54 وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ، وَبِالْبَعْضِ عَكْسُ الْبِرِّ،   [منح الجليل] وَ) إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا وَفَعَلَهُ نَاسِيًا حَنِثَ (بِالنِّسْيَانِ) أَيْ يَفْعَلُهُ نَاسِيًا (إنْ أَطْلَقَ) الْحَالِفُ يَمِينَهُ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِعَدَمِ النِّسْيَانِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِعَدَمِ النِّسْيَانِ بِأَنْ قَالَ: مَا لَمْ أَنْسَ أَوْ إلَّا نَاسِيًا فَلَا يَحْنَثُ بِالنِّسْيَانِ، وَمِثْلُ النِّسْيَانِ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ مِثَالُ الْخَطَأِ فِي الْفِعْلِ حَلِفُهُ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّهَا غَيْرُهَا فَيَحْنَثُ. وَفِي الْقَوْلِ حَلَفَ لَا يَذْكُرُ فُلَانًا فَذَكَرَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ اسْمُ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكَلَّمَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ فَيَحْنَثُ. وَمِثَالُ الْجَهْلِ أَنْ يَعْتَقِدَ مَنْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ وَقْتَ كَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ فِيهِ فَلَا يَدْخُلُهَا حَتَّى يَمْضِيَ الْوَقْتُ. (وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ ذِي أَجْزَاءٍ حَنِثَ (بِ) فِعْلِ (الْبَعْضِ) مِنْهُ كَحَلِفِهِ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَ لُقْمَةً مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَالَ كُلَّهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِ كُلٍّ بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ فَتَتَعَلَّقُ يَمِينُهُ بِالْأَجْزَاءِ وَهَذَا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ شَرْطَ إفَادَةِ كُلٍّ الْكُلِّيَّةَ أَنْ لَا تَكُونَ فِي حَيِّزِ نَفْيٍ وَإِلَّا فَلَا تَسْتَغْرِقُ غَالِبًا كَقَوْلِهِ: مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ ... تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] ، إلَّا أَنْ يُقَالَ رُوعِيَ فِي الْمَشْهُورِ الْوَجْهُ الْقَلِيلُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ لِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى الْوُجُوهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَأَرَادَ بِالْبَعْضِ جُزْءَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ جُزْءَ شَرْطٍ فَفِيهَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا عَتَقَتْ، وَفِيهَا أَيْضًا مَا يُنَاقِضُ هَذَا وَهُوَ إذَا قَالَ لِأَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ أَوْ طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَعْتِقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا. اهـ. وَقَدْ حَصَلَ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهُمَا فِعْلُ جُزْءِ الشَّرْطِ، وَحُمِلَ هَذَا عَلَى كَرَاهَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهَا لِمَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ. وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عِتْقَهُمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ وَحْدَهَا وَقَالَهُ أَشْهَبُ. (عَكْسٌ) أَيْ خِلَافُ (الْبِرِّ) فِي يَمِينِ الْحِنْثِ فَلَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 55 وَبِسَوِيقٍ أَوْ لَبَنٍ فِي لَا آكُلُ، لَا مَاءٍ وَلَا بِتَسَحُّرٍ فِي لَا أَتَعَشَّى، وَذَوَاقٍ لَمْ يَصِلْ جَوْفَهُ، وَبِوُجُودِ أَكْثَرَ فِي لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ لِمُتَسَلِّفٍ لَا أَقَلَّ   [منح الجليل] فِعْلِهِ كَحَلِفِهِ لَآكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ فَلَا يَبَرُّ بِأَكْلِ بَعْضِهِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ كُلَّهُ (وَ) حَنِثَ (بِ) شُرْبِ (سَوِيقٍ أَوْ لَبَنٍ فِي) حَلِفِهِ (لَا آكُلُ) إنْ قَصَدَ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَجْوِيعِهَا لِأَنَّهُمَا يُشْبِعَانِ، فَإِنْ قَصَدَ خُصُوصَ الْأَكْلِ فَلَا يَحْنَثُ. وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَلَوْ حَلَفَ لَا آكُلُ فَشَرِبَ سَوِيقًا أَوْ لَبَنًا حَنِثَ إذَا قَصَدَ التَّضْيِيقَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَرْكِ الْغِذَاءِ وَلَوْ كَانَ قَصْدُهُ الْأَكْلَ دُونَ الشُّرْبِ لَمْ يَحْنَثْ اهـ. وَقَصْدُ التَّضْيِيقِ نِيَّةٌ مُعَمِّمَةٌ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ اعْتِبَارَهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ الْمَذْكُورَةَ إلَى آخِرِ الْبَابِ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا مَا تَقَدَّمَ. وَذِكْرُ بَعْضِ الْقُيُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي بَعْضِهَا تَبَرُّعٌ وَزِيَادَةُ إيضَاحٍ وَتَذْكِيرٌ بِهَا؛ لِأَنَّ فِي تَنْزِيلِ الْكُلِّيِّ عَلَى الْجُزْئِيِّ نَوْعَ خَفَاءٍ وَمَظِنَّةَ نِزَاعٍ (لَا) يَحْنَثُ بِشُرْبِ (مَاءٍ) وَلَوْ مَاءَ زَمْزَمَ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا، وَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ قَصَدَ التَّضْيِيقَ وَشَرِبَ مَاءَ زَمْزَمَ بِنِيَّةِ الشِّبَعِ حَنِثَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا) يَحْنَثُ (بِتَسَحُّرٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ أَكْلٍ آخِرَ اللَّيْلِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَتَعَشَّى) مَا لَمْ يَقْصِدْ التَّضْيِيقَ بِتَرْكِ الْأَكْلِ فِي لَيْلَتِهِ فَيَحْنَثُ بِهِ (وَ) لَا يَحْنَثُ بِ (ذَوَاقٍ) لِطَعَامٍ أَوْ مَاءٍ بِلِسَانِهِ وَ (لَمْ يَصِلْ) الْمَذُوقُ (جَوْفَهُ) أَيْ الذَّائِقِ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ أَوْ لَا أَشْرَبُ كَذَا، وَمَفْهُومُهُ حِنْثُهُ إنْ وَصَلَ جَوْفَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَبِالْبَعْضِ. (وَ) حَنِثَ (بِ) سَبَبِ (وُجُودِ) عَدَدٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا فِي جَيْبِهِ أَوْ كِيسِهِ مَثَلًا (أَكْثَرَ) مِنْ عَدَدٍ ذَكَرَهُ فِي يَمِينِهِ (فِي) حَلِفِهِ بِمَا لَا لَغْوَ فِيهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ عَلَى أَنَّهُ (لَيْسَ مَعِي غَيْرُهُ) أَيْ الْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الطَّالِبُ (لِ) شَخْصٍ (مُتَسَلِّفٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ سَائِلٍ أَوْ مُقْتَضٍ لِحَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بِمَا يُفِيدُ فِيهِ اللَّغْوُ كَاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَالْيَمِينِ وَالْكَفَّارَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ حَلَفَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْيَقِينِ قَرِيبًا (لَا) يَحْنَثْ بِوُجُودِ عَدَدٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 56 وَبِدَوَامِ رُكُوبِهِ وَلُبْسِهِ فِي: لَا أَرْكَبُ وَأَلْبَسُ، لَا فِي كَدُخُولِهِ، وَبِدَابَّةِ عَبْدِهِ فِي دَابَّتِهِ   [منح الجليل] أَقَلَّ) مِنْ الْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي يَمِينِهِ وَلَوْ فِيمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ اللَّغْوُ لِتَخْصِيصِ الْبِسَاطِ غَيْرَهُ بِالْأَكْثَرِ. (وَ) حَنِثَ (بِدَوَامِ) أَيْ إدَامَةِ (رُكُوبِهِ) دَابَّةً (وَ) إدَامَةِ (لُبْسِهِ) ثَوْبًا وَإِدَامَةِ سُكْنَاهُ دَارًا مَعَ إمْكَانِ تَرْكِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَرْكَبُ) هَذِهِ الدَّابَّةَ (وَ) لَا (أَلْبَسُ) هَذَا الثَّوْبَ وَلَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ رَاكِبٌ أَوْ لَابِسٌ أَوْ سَاكِنٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَيَبَرُّ بِهِ فِي الْحِنْثِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي كُلِّ زَمَنٍ بَلْ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِنُزُولِهِ لَيْلًا مَثَلًا وَلَا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَلَا بِنَزْعِ الثَّوْبِ لَيْلًا أَوْ فِي قَائِلَةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (لَا) يَحْنَثُ بِدَوَامِ مُكْثِهِ فِي دَارٍ مَثَلًا (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمٍ (كَدُخُولِهِ) أَيْ الْحَالِفِ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا، فَإِنْ حَلَفَ حَالَ دُخُولِهَا عَلَى عَدَمِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُهَا، وَكَالدَّارِ إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا. وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْحَيْضُ وَالطُّهْرُ وَالْحَمْلُ وَالنَّوْمُ فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِهِ فِي حَلِفِهِ عَلَى حَائِضٍ أَوْ طَاهِرٍ أَوْ حَامِلٍ أَوْ نَائِمَةٍ بِقَوْلِهِ إنْ حِضْت أَوْ طَهُرْت أَوْ حَمَلْت أَوْ نِمْت فَعَلَيَّ صَدَقَةٌ بِدِينَارٍ أَوْ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِمْرَارِهَا عَلَى حَالِهَا، فَلَا يُعَدُّ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ بَلْ بِمُسْتَأْنَفٍ مِنْ أَحَدِهَا بِخِلَافِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنْجَزُ قَالَهُ تت. وَفِي الْمَوَّاقِ وَتَبِعَهُ جَدّ عج لَا يُنْجَزُ وَذَكَرَ الْحَطّ فِيهَا قَوْلَيْنِ. (وَ) حَنِثَ بِانْتِفَاعِهِ (بِدَابَّةِ عَبْدِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْحَالِفَ أَوْ غَيْرَهُ (فِي) حَلِفِهِ لَا يَنْتَفِعُ بِ (دَابَّتِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْحَالِفَ أَوْ غَيْرَهُ فَضَمِيرُ عَبْدِهِ يَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْحَالِفِ وَلَهُ حِينَئِذٍ صُورَتَانِ: حَلِفُهُ لَا أَرْكَبُ دَابَّتِي أَوْ لَا يَرْكَبُهَا فُلَانٌ فَيَرْكَبُ هُوَ أَوْ فُلَانٌ دَابَّةَ عَبْدِ الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ فِيهِمَا لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعَ مَالِهِ وَيَحْتَمِلُ رُجُوعَهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَيْ حَلَفَ لَا أَرْكَبُ دَابَّةَ زَيْدٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِ زَيْدٍ فَيَحْنَثُ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ لَعَتَقَ عَلَيْهِ كَمَا فِيهَا وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 57 وَبِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ فِي لَأَضْرِبَنهُ كَذَا، وَبِلَحْمِ الْحُوتِ، وَبَيْضِهِ، وَعَسَلِ الرُّطَبِ فِي مُطْلَقِهَا وَبِكَعْكٍ، وَخُشْكَنَانٍ،   [منح الجليل] تَلْحَقُهُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ عَبْدِهِ كَمَا تَلْحَقُهُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَقَلِّ الْأَشْيَاءِ، وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ فَالْمُكَاتَبُ كَغَيْرِهِ. وَأَمَّا عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ فَلَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ مُكَاتَبِهِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَشْيَاخُ عج مُرَاعَاةُ كُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ فَيَحْنَثُ بِدَابَّةِ مُكَاتَبِهِ مُرَاعَاةً لِلثَّانِيَةِ وَمُرَاعَاتُهَا كَافِيَةٌ فِي الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ. وَمَفْهُومُ عَبْدِهِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ وَلَدِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِلْوَالِدِ اعْتِصَارُهَا أَفَادَهُ عج، وَقَالَ سَالِمٌ تَخْصِيصُ عَدَمِ الْحِنْثِ بِأَشْهَبَ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ حِنْثُهُ بِدَابَّةِ وَلَدِهِ أَيْ إنْ كَانَ لِوَالِدِهِ اعْتِصَارُهَا. (وَ) لَا يَبَرُّ مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ عَبْدَهُ مَثَلًا مِائَةَ سَوْطٍ (بِجَمْعِ الْأَسْوَاطِ) الْمِائَةِ وَضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَاحِدَةً (فِي) حَلِفِهِ (لَأَضْرِبَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ مَثَلًا (كَذَا) أَيْ مِائَةً مَثَلًا وَلَا يُحْتَسَبُ بِالضَّرْبَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْهَا إنْ لَمْ تُؤْلِمْ كَإِيلَامِ الْمُنْفَرِدِ وَإِلَّا حُسِبَتْ وَاحِدَةً وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ عَدَمِ بِرِّهِ بِجَمْعِهَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ كُلُّ سَوْطٍ مُنْفَرِدًا عَنْ الْآخَرِ فِيمَا عَدَا مَحَلَّ مَسْكِهِ، وَيُؤْلِمُ إيلَامَ الْمُنْفَرِدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَإِلَّا فَيَبَرُّ بِجَمْعِهَا، وَمِثْلُ جَمْعِهَا فِي عَدَمِ الْبِرِّ بِهِ ضَرْبُهُ الْعَدَدَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِخِفَّةٍ، وَكَذَا ضَرْبُهُ نِصْفَ الْعَدَدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِسَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ لَكِنَّهُ يُبْنَى عَلَيْهِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ (لَحْمِ الْحُوتِ) وَالطَّيْرِ لِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ يَشْمَلُهُمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَلَحْمِ طَيْرٍ} [الواقعة: 21] إلَّا لِنِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ (وَ) حَنِثَ بِأَكْلِ (بَيْضِهِ) أَيْ الْحُوتِ كَتُرْسٍ وَتِمْسَاحٍ (وَ) حَنِثَ بِأَكْلِ (عَسَلِ الرُّطَبِ فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ (مُطْلَقِهَا) أَيْ اللَّحْمِ وَالْبَيْضِ وَالْعَسَلِ الْمُطْلَقَةِ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا لِنَعَمٍ وَدَجَاجٍ وَنَحْلٍ وَقَصَبٍ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ، فَإِنْ قُيِّدَتْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِمَا تَقَدَّمَ. (وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ (كَعْكٍ وَخُشْكَنَانٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 58 وَهَرِيسَةٍ وَإِطْرِيَةٍ فِي خُبْزٍ، لَا عَكْسِهِ، وَبِضَأْنٍ وَمَعْزٍ وَدِيَكَةٍ، وَدَجَاجَةٍ فِي غَنَمٍ، وَدَجَاجٍ، لَا بِأَحَدِهِمَا، فِي آخَرَ، وَبِسَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ فِي سَوِيقٍ، وَبِزَعْفَرَانٍ فِي طَعَامٍ لَا بِكَخَلٍّ طُبِخَ،   [منح الجليل] الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مَعْنَاهُ كَعْكٌ مَحْشُوٌّ بِسُكَّرٍ (وَهَرِيسَةٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ طَعَامٌ مُتَّخَذٌ مِنْ قَمْحٍ وَلَحْمٍ بِطَبْخِهِمَا حَتَّى يَمْتَزِجَا ثُمَّ يَعْرُكُونَهُمَا بِعَصًا غَلِيظَةِ الرَّأْسِ حَتَّى يَصِيرَا كَالْعَصِيدَةِ وَيَأْكُلُونَهَا بِالسَّمْنِ وَمَنْ شَبِعَ مِنْهَا يَبْقَى يَوْمًا وَلَيْلَةً لَا يَشْتَهِي طَعَامًا (وَإِطْرِيَةٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ تَلِيهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مُخَفَّفَةٌ طَعَامٌ كَالْخُيُوطِ مِنْ دَقِيقٍ قِيلَ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى فِي زَمَنِنَا بِالشَّعِيرِيَّةِ وَقِيلَ بِالرِّشْتَةِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ (خُبْزٍ) وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحِنْثِ بِلَحْمِ الْحُوتِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَجْرِي عَلَى عُرْفِنَا الْآنَ وَالْجَارِي عَلَيْهِ عَدَمُ حِنْثِهِ بِمَا ذُكِرَ (لَا) يَحْنَثُ فِي (عَكْسِهِ) وَهُوَ حَلِفُهُ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْخَاصَّةِ وَيَأْكُلُ الْخُبْزَ. (وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ لَحْمِ (ضَأْنٍ وَ) لَحْمِ (مَعْزٍ وَ) لَحْمِ (دِيَكَةٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ دِيكٍ ذَكَرُ الدَّجَاجِ (وَ) لَحْمِ (دَجَاجَةٍ) أُنْثَى (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ لَحْمِ (غَنَمٍ) رَاجِعٌ لِضَأْنٍ وَمَعْزٍ (وَ) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ لَحْمِ (دَجَاجٍ) رَاجِعٌ لِدِيَكَةٍ وَدَجَاجٍ (لَا) يَحْنَثُ (بِ) أَكْلِ لَحْمِ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ أَوْ الدِّيَكَةِ وَالدَّجَاجَةِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ (الْآخَرِ وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ (سَمْنٍ اُسْتُهْلِكَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ (فِي سَوِيقٍ) أَيْ دَقِيقِ حَبٍّ مَقْلِيٍّ لُتَّ بِهِ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ سَمْنًا فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَ سَوِيقًا لُتَّ بِسَمْنٍ حَنِثَ وَجَدَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ أَمْ لَا اهـ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلِابْنِ مُيَسِّرٍ لَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ. (وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ (زَعْفَرَانٍ) اُسْتُهْلِكَ (فِي طَعَامٍ) فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ زَعْفَرَانًا لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا كَذَلِكَ (لَا) يَحْنَثُ (بِ) أَكْلِ (كَخَلٍّ) وَلَامُونٍ وَنَارِنْجٍ (طُبِخَ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 59 وَبِاسْتِرْخَاءٍ لَهَا فِي لَا قَبَّلْتُك أَوْ قَبَّلْتنِي، وَبِفِرَارِ غَرِيمِهِ فِي لَا فَارَقْتُك، أَوْ فَارَقْتنِي إلَّا بِحَقِّي، وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَإِنْ أَحَالَهُ، وَبِالشَّحْمِ فِي اللَّحْمِ لَا الْعَكْسِ   [منح الجليل] بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي طَعَامٍ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ خَلًّا أَوْ لَامُونًا أَوْ نَارِنْجًا فَإِنْ كَانَ قَالَ هَذَا الْخَلَّ مَثَلًا حَنِثَ بِأَكْلِهِ مُسْتَهْلَكًا فِي طَعَامٍ (وَ) حَنِثَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ (بِاسْتِرْخَاءٍ) أَيْ تَمْكِينٍ (لَهَا) أَيْ حَلِيلَتِهِ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ تَقْبِيلِهَا مِنْ تَقْبِيلِهَا لَهُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا قَبَّلْتُكِ) وَقَبَّلَتْهُ عَلَى فَمِهِ فَقَطْ فَإِنْ قَبَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ قَبَّلَهَا حَنِثَ سَوَاءٌ قَبَّلَهَا عَلَى فَمِهَا أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِنِيَّةِ الْفَمِ (أَوْ) حَلِفِهِ (لَا قَبَّلْتِنِي) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ حِنْثُهُ بِتَقْبِيلِهَا لَهُ فِي هَذِهِ سَوَاءٌ اسْتَرْخَى لَهَا أَمْ لَا قَبَّلَتْهُ عَلَى فَمِهِ أَوْ غَيْرِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِاسْتِرْخَاءٍ تَفْصِيلًا وَهُوَ عَدَمُ حِنْثِهِ لَا فِي قَبَّلْتُك وَحِنْثُهُ فِي لَا قَبَّلْتِنِي. (وَ) حَنِثَ (بِفِرَارِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ هُرُوبِ (غَرِيمِهِ) أَيْ مَدِينِ الْحَالِفِ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِ حَقِّهِ مِنْهُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا فَارَقْتُك أَوْ) لَا (فَارَقْتنِي إلَّا بِ) دَفْعِ (حَقِّي) أَوْ قَبْضِهِ أَوْ اسْتِيفَائِهِ مِنْك إنْ فَرَّطَ الْحَالِفُ حَتَّى فَرَّ غَرِيمُهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ) الْحَالِفُ وَيَحْنَثُ بِفِرَارِهِ إنْ لَمْ يُحِلْهُ بَلْ (وَإِنْ أَحَالَهُ) أَيْ الْغَرِيمَ الْحَالِفُ بِحَقِّهِ عَلَى مَدِينٍ لِلْغَرِيمِ بِمِثْلِ حَقِّ الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْحَوَالَةِ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَتِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْمُحِيلِ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ إلَّا بِأَخْذِ حَقِّي مِنْك، لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ الْآنَ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا فَارَقْتُك أَوْ فَارَقْتنِي وَلِي عَلَيْك حَقٌّ أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ، فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِالْحَوَالَةِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِحَضْرَتِهِ دُونَ الرَّهْنِ لَا يُقَالُ فِرَارُ إكْرَاهٍ وَهَذِهِ صِيغَةُ بِرٍّ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفِرَارَ إكْرَاهٌ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَاهُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا صِيغَةُ بِرٍّ بَلْ صِيغَةُ حِنْثٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَأَلْزَمَنَّكَ. (وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ (الشَّحْمِ) فِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ (اللَّحْمِ) ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ اللَّحْمِ وَكَالْفَرْعِ لَهُ وَلِدُخُولِ تَحْرِيمِ شَحْمِ الْخِنْزِيرِ فِي تَحْرِيمِ لَحْمِهِ (لَا) يَحْنَثُ بِ (الْعَكْسِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 60 وَبِفَرْعٍ فِي، لَا آكُلُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ، أَوْ هَذَا الطَّلْعَ،   [منح الجليل] بِأَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمًا؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ لَيْسَ جُزْءَ الشَّحْمِ بَلْ أَصْلَهُ الَّذِي انْقَلَبَ إلَيْهِ حَتَّى صَارَ شَحْمًا وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ شَحْمًا وَلَمْ يُحَرِّمْ لَحْمًا. (وَ) حَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ (بِ) أَكْلِ (فَرْعٍ) مُتَأَخِّرٍ عَنْ الْيَمِينِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ أَصْلِهِ إنْ أَتَى فِي يَمِينِهِ بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ كَحَلِفِهِ (لَا آكُلُ مِنْ كَهَذَا الطَّلْعِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَوَّلُ أَطْوَارِ ثَمَرِ النَّخْلِ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ فَرْعٍ نَشَأَ مِنْهُ كَبُسْرِهِ وَرُطَبِهِ وَتَمْرِهِ وَعَجْوَتِهِ وَعَسَلِهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَمْحَ وَاللَّبَنَ وَنَحْوَهُمَا مِنْ كُلِّ أَصْلٍ، فَإِنْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ فَيَحْنَثُ بِدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَخُبْزِهِ وَكَعْكِهِ وَأَطْرَيْته وَخَشْكِنَانِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا تَفَرَّعَ عَنْهُ. وَإِنْ قَالَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ حَنِثَ بِزُبْدِهِ وَسَمْنِهِ وَجُبْنِهِ وَأَقْطِهِ وَنَحْوِهَا مِنْ فُرُوعِهِ. فَإِنْ قَالَ مِنْ طَلْعِ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ لَبَنِ هَذِهِ الشَّاةِ حَنِثَ كُلُّ فَرْعٍ لَهَا مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُتَأَخِّرٌ. (أَوْ) حَلِفِهِ لَا آكُلُ كَ (هَذَا الطَّلْعَ) بِإِسْقَاطِ مِنْ وَالْإِتْيَانِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فَيَحْنَثُ بِكُلِّ فَرْعٍ لَهُ كَإِتْيَانِهِ بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ مَعًا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَرْعِ إلَّا فِي صُورَةِ الْإِتْيَانِ بِهِمَا مَعًا. وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَبِعَهُ هُنَا، وَنَصَّهُ عَقِبَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ هَذَا الطَّلْعَ وَهَذَا الرُّطَبَ وَهَذَا اللَّحْمَ حَنِثَ عَلَى الْمَشْهُورِ مَا شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَّرَهُ غَيْرَ ابْنِ بَشِيرٍ ذَكَرَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ مَعْزُوٌّ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ خِلَافُهُ، لَكِنْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ أَقْيَسُ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَحَاصِلُ تَحْصِيلِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْحِنْثُ فِي مِنْ هَذَا فَقَطْ لَا فِي هَذَا بِدُونِ مِنْ اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا اعْتَمَدَ فِيهِ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَمْ يَعْتَمِدْ بَحْثَهُ لَكِنْ ظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ قَالَ بِالْحِنْثِ مُطْلَقًا مِثْلَ مَا فِيهِ مِنْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا قَالَ بِالْحِنْثِ فِيمَا قَرُبَ مِنْ الْأَصْلِ جِدًّا إلَّا فِيمَا بَعُدَ اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي الْمَوَّاقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 61 أَوْ طَلْعًا إلَّا نَبِيذَ زَبِيبٍ، وَمَرَقَةَ لَحْمٍ، أَوْ شَحْمَهُ، وَخُبْزَ قَمْحٍ وَعَصِيرَ عِنَبٍ وَبِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ إنْ نَوَى الْمَنَّ، لَا لِرَدَاءَةٍ أَوْ لِسُوءِ صَنْعَةِ طَعَامٍ   [منح الجليل] لَا) يَحْنَثُ بِالْفَرْعِ فِي حَلِفِهِ لَا آكُلُ (الطَّلْعَ) بِإِسْقَاطِ مِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ مَعَ التَّعْرِيفِ (وَ) حَلِفِهِ لَا آكُلُ (طَلْعًا) بِحَذْفِهِمَا مَعَ التَّنْكِيرِ، وَكَذَا مِنْ الطَّلْعِ أَوْ مِنْ طَلْعٍ بِالْإِتْيَانِ بِمِنْ وَإِسْقَاطِ اسْمِ الْإِشَارَةِ مُعَرَّفًا وَمُنَكَّرًا، وَأَمَّا حِنْثُهُ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ بِنَفْسِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَظَاهِرٌ، وَاسْتَثْنَى خَمْسَ مَسَائِلَ يَحْنَثُ فِيهَا بِمَا تَوَلَّدَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَعَ حَذْفِ مِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ لِقُرْبِهَا مِنْ أَصْلِهَا قُرْبًا قَوِيًّا فَقَالَ (إلَّا نَبِيذَ زَبِيبٍ) فَيَحْنَثُ بِشُرْبِهِ فِي لَا آكُلُ الزَّبِيبَ أَوْ زَبِيبًا (وَمَرَقَةَ لَحْمٍ) فَيَحْنَثُ بِشُرْبِهَا فِي لَا آكُلُ اللَّحْمَ أَوْ لَحْمًا (أَوْ شَحْمَهُ) فِي لَا آكُلُ اللَّحْمَ أَوْ لَحْمًا فَيَحْنَثُ بِهِ وَأَعَادَ هَذِهِ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ (وَ) إلَّا (خُبْزَ قَمْحٍ) فِي لَا آكُلُ الْقَمْحَ أَوْ قَمْحًا (وَ) إلَّا (عَصِيرَ عِنَبٍ) فِي لَا آكُلُ الْعِنَبَ أَوْ عِنَبًا وَهَذِهِ تُفْهَمُ مِنْ نَبِيذِ الزَّبِيبِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ قُرْبِ النَّبِيذِ إلَى زَبِيبِهِ. (وَ) حَنِثَ (بِ) أَكْلِ (مَا) أَيْ الْقَمْحِ الَّذِي (أَنْبَتَتْ) هـ (الْحِنْطَةُ) الْمَحْلُوفُ عَلَى عَدَمِ أَكْلِهَا سَوَاءٌ أَتَى بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ مَعًا أَوْ أَسْقَطَهُمَا مَعًا، أَوْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا وَأَسْقَطَ الْآخَرَ عَرَّفَ أَوْ نَكَّرَ، وَكَذَا مَا اشْتَرَى بِثَمَنِهَا (إنْ نَوَى) بِيَمِينِهِ أَنْ يَقْطَعَ (الْمَنَّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ النُّونِ عَنْهُ بِذَلِكَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَوْلَا أَنَا أُطْعِمُك مَا عِشْت (لَا) يَحْنَثُ بِمَا أَنْبَتَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ اشْتَرَى بِثَمَنِهَا فِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ أَكْلِهَا (لِرَدَاءَةٍ) فِيهَا (أَوْ) حَلَفَ عَلَى عَدَمِ أَكْلِهَا (لِسُوءِ صَنْعَةِ طَعَامٍ) فَجُوِّدَ لَهُ فَأَكَلَهُ فَلَا يَحْنَثُ، وَكَحَلِفِهِ لِلرَّدَاءَةِ أَوْ سُوءِ الصَّنْعَةِ حَلِفُهُ بِلَا نِيَّةٍ. وَشَمِلَ الثَّلَاثَةَ مَفْهُومُ إنْ نَوَى الْمَنَّ فَلَا يَحْنَثُ فِيهَا بِالنَّابِتِ، وَلَوْ أَتَى بِمِنْ وَاسْمِ الْإِشَارَةِ مَعًا لِأَنَّ النَّابِتَ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِذَهَابِهِ فِي الْأَرْضِ، وَيَدُلُّ قَوْله تَعَالَى {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: 261] ، فَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَبِفَرْعٍ إلَخْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 62 وَبِالْحَمَّامِ فِي الْبَيْت، أَوْ دَارِ جَارِهِ، أَوْ بَيْتِ شَعَرٍ، كَحَبْسٍ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ،   [منح الجليل] وَ) حَنِثَ (بِ) دُخُولِ (الْحَمَّامِ) بِشَدِّ الْمِيمِ أَيْ الْبَيْتِ الْمُعَدِّ لِلْحُمُومِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِ (الْبَيْتِ) أَوْ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْحَمَّامَ لِخَبَرِ «اتَّقُوا بَيْتًا يُقَالُ لَهُ الْحَمَّامُ» . وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ بَيْتُ الْقَهْوَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْحَانُوتِ وَالْفُرْنِ وَالْمَعْصَرَةِ وَالْمَجْبَسَةِ إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِ الْبَيْتِ بِمَوْضِعِ السُّكْنَى بِالزَّوْجَاتِ، وَهَذَا عُرْفُ أَهْلِ مِصْرَ الْآنَ. (أَوْ) بِدُخُولِ الْحَالِفِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي (دَارِ جَارِهِ) أَيْ الْحَالِفِ فِي حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتًا، وَنَصُّ الْأُمَّهَاتُ قَالَ سَحْنُونٌ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ الْحَالِفُ عَلَى جَارٍ لَهُ بَيْتَهُ فَإِذَا فُلَانٌ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي بَيْتِ جَارِهِ ذَلِكَ أَيَحْنَثُ أَمْ لَا؟ قَالَ نَعَمْ يَحْنَثُ. اهـ. وَالْجَارُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ يَحْنَثُ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَهُ فِي ظِلِّ جِدَارٍ أَوْ شَجَرَةٍ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بُغْضًا لَهُ أَوْ لِسُوءِ عِشْرَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَبِوُقُوفِهِ مَعَهُ فِي صَحْرَاءَ إذَا كَانَتْ تِلْكَ نِيَّتَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. قِيلَ وَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُ خِلَافًا فِيمَنْ نَوَى ذَلِكَ وَيَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتَهُ فَدَخَلَ دَارَ جَارِهِ فَوَجَدَهُ عِنْدَهُ لِأَنَّ لِلْجَارِ عَلَى جَارِهِ مِنْ الْحُقُوقِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ فَأَشْبَهَ بَيْتُهُ بَيْتَهُ وَلِأَنَّ الْجَارَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ دَارِ جَارِهِ غَالِبًا. (أَوْ) بِدُخُولٍ أَوْ سُكْنَى (بَيْتِ شَعْرٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فِي حَلِفِهِ لَا دَخَلَ أَوْ سَكَنَ بَيْتًا، بَدْوِيًّا كَانَ الْحَالِفُ أَوْ حَضَرِيًّا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ بَيْتَ شَعْرٍ فَيَحْنَثُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80] إلَّا لِنِيَّةٍ أَوْ بِسَاطٍ يَخُصُّهُ بِبَيْتِ الْبِنَاءِ كَسَمَاعِهِ بِانْهِدَامِ بَيْتٍ عَلَى قَوْمٍ فَقَتَلَهُمْ لَا يَحْنَثُ بِبَيْتِ الشَّعْرِ. وَشَبَّهَ فِي الْحِنْثِ فَقَالَ (كَ) دُخُولِهِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي (حَبْسٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ مَوْضِعٍ مُعَدٍّ لِلسَّجْنِ (أُكْرِهَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الْحَالِفُ (عَلَى) دُخُولِ (هـ بِحَقٍّ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 لَا بِمَسْجِدٍ، وَبِدُخُولِهِ عَلَيْهِ مَيِّتًا فِي بَيْتٍ يَمْلِكُهُ، لَا بِدُخُولِ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَنْوِ الْمُجَامَعَةَ، وَبِتَكْفِينِهِ فِي لَا نَفَعَهُ حَيَاتَهُ   [منح الجليل] عَلَيْهِ امْتَنَعَ مِنْ تَوْفِيَتِهِ فَيَحْنَثُ بِهِ فِي حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا لِأَنَّ إكْرَاهَ الشَّرْعِ طَوْعٌ، وَكَذَا إنْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِ حَبْسٍ بِحَقٍّ (لَا) يَحْنَثُ (بِ) دُخُولِ (مَسْجِدٍ) عَامٍّ فِي حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ بَيْتًا، أَوْ لَا أَدْخُلُ بَيْتًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبًا بِدُخُولِهِ شَرْعًا صَارَ كَأَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِلْحَالِفِ، فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مَحْجُورًا حَنِثَ بِدُخُولِهِ. (وَ) حَنِثَ (بِدُخُولِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (مَيِّتًا) قَبْلَ دَفْنِهِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ عَلَيْهِ فِي (بَيْتٍ يَمْلِكُهُ) ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً، أَوْ حَلِفِهِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْهِ بَيْتًا حَيَاتَهُ أَوْ أَبَدًا أَوْ مَا عَاشَ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا يَجْرِي مَجْرَى الْمِلْكِ وَهُوَ تَجْهِيزُهُ بِهِ إلَّا لِنِيَّةِ الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ، فَإِنْ دُفِنَ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِدُخُولِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ. (لَا) يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا أَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ (بِدُخُولِ) شَخْصٍ (مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ) عَلَى الْحَالِفِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ الْحَالِفُ جَالِسًا مَعَهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ دُخُولًا مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لَا فِي كَدُخُولٍ خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ: يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يَجْلِسَ بَعْدَ دُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَلَسَ وَتَرَاخَى حَنِثَ، وَصَارَ كَابْتِدَاءِ دُخُولِهِ وَهُوَ عَلَيْهِ قِيَاسٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِزَوْجَتِهِ فِي الْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَجَعَلَ عِلْمَهُ وَتَرَكَهَا إذْنًا مِنْهُ. الْحَطّ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِمْرَارِهِ فِي الدَّارِ إذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُهَا وَكَذَلِكَ هُنَا إنَّمَا حَلَفَ عَلَى الدُّخُولِ (إنْ لَمْ يَنْوِ) الْحَالِفُ أَنْ يَقْطَعَ (الْمُجَامَعَةَ) أَيْ الِاجْتِمَاعَ مَعَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي مَحَلٍّ، وَإِلَّا حَنِثَ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِفِ، وَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ عَقِبَ دُخُولِهِ عَلَيْهِ. (وَ) حَنِثَ (بِتَكْفِينِهِ) أَيْ إدْرَاجِ الْحَالِفِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي كَفَنِهِ وَأَوْلَى بِإِتْيَانِهِ لَهُ بِكَفَنٍ مِنْ مَالِهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا نَفَعَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (حَيَاتَهُ) أَيْ الْمَحْلُوفِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وَبِأَكْلٍ مِنْ تَرِكَتِهِ قَبْلَ قَسْمِهَا؛ فِي لَا أَكَلْت طَعَامَهُ إنْ أَوْصَى، أَوْ كَانَ مَدِينًا،   [منح الجليل] عَلَيْهِ أَوْ مَا عَاشَ أَوْ أَبَدًا أَوْ لَا أَدَّى إلَيْهِ حَقًّا مَا عَاشَ. وَمِثْلُ تَكْفِينِهِ تَغْسِيلُهُ وَتَخْلِيصُهُ مِمَّنْ يَشْتُمُهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ فِي خُطْبَةِ نِكَاحٍ أَرَادَ نَفْعَهُ بِهِ، لَا إنْ قَصَدَ إيقَاعَهُ فِيهِ لِضَرَرٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ وَلَا يَحْنَثُ بِبَقِيَّةِ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ غَيْرَ مَا ذَكَرَ وَلَا بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ نَفْعِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْآخِرَةِ. فَإِنْ حَلَفَ لَا نَفَعَهُ وَلَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُ حَنِثَ بِكُلِّ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ بِبَقِيَّةِ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ فِيهِ نَظَرٌ، قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ بَلْ الظَّاهِرُ حِنْثُهُ بِهَا وَأَنَّ جَمِيعَهَا مِنْ تَوَابِعِ الْحَيَاةِ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَيْ حَيْثُ مَثَّلُوا بِالتَّغْسِيلِ وَالتَّكْفِينِ وَسَكَتُوا عَمَّا عَدَاهُمَا، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُتَمَسَّكُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حِنْثِهِ بِتَخْلِيصِهِ مِمَّنْ شَتَمَهُ صَوَابُهُ مِمَّنْ تَشَبَّثَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَوْ نَهَى عَنْهُ شَاتِمَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيَحْنَثُ بِتَخْلِيصِهِ مِمَّنْ وَجَدَهُ مُتَشَبِّثًا بِهِ. (وَ) حَنِثَ (بِأَكْلٍ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَبْلَ قَسْمِهَا) بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَكَلَتْ طَعَامَهُ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (إنْ) كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (أَوْصَى) بِمَعْلُومٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ يَحْتَاجُ فِي إخْرَاجِهِ لِبَيْعِ تَرِكَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَوْ كَانَ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (مَدِينًا) لِوُجُوبِ وَقْفِهَا لِلدَّيْنِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ شَائِعٍ كَرُبُعٍ أَوْ ثُلُثٍ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِبَيْعٍ أَوْ أَكَلَ الْحَالِفُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَقَبْلَ قَسْمِ بَاقِيهَا فَلَا يَحْنَثُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ فِي الشَّائِعِ لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا عَلَى ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، بَلْ مِنْ شَائِعٍ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةِ وَهُمَا حَيَّانِ، وَبَعْدَ تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ لَمْ يَبْقَ لِلْمَيِّتِ تَعَلُّقٌ بِالتَّرِكَةِ وَمَحِلُّ تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ فِي حَلِفِهِ لِغَيْرِ قِطَاعِ مِنْ فَإِنْ كَانَ لِقَطْعِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ لِخُبْثِ مَالِهِ حَنِثَ إنْ كَانَ مَنْصُوبًا مُعَيَّنًا إذْ لَا يَحِلُّهُ إرْثُهُ، فَإِنْ أَحَلَّهُ كَمَا لَوْ نَشَأَ عَنْ مُعَامَلَاتٍ فَاسِدَةٍ فَقَدْ زَالَ عَنْ الْمَالِ خُبْثُهُ بِإِرْثِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْهُ حِينَئِذٍ أَفَادَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 65 وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ أَوْ رَسُولٍ، فِي لَا كَلَّمَهُ، وَلَمْ يَنْوِ فِي الْكِتَابِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ،   [منح الجليل] وَ) حَنِثَ (بِكِتَابٍ) كَتَبَهُ الْحَالِفُ أَوْ أَمْلَاهُ أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهِ ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ بِعَرَبِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِمَنْ شَأْنُهُ فَهْمُهُ (إنْ وَصَلَ) لِلْكِتَابِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الْحَالِفِ وَلَوْ حُكْمًا كَعِلْمِهِ بِذَهَابِهِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَسُكُوتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَتَبَهُ عَازِمًا عَلَى إرْسَالِهِ لَهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ كِتَابَةِ صِيغَتِهِ عَازِمًا عَلَيْهِ لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُكَالَمَةِ، وَكَذَا إنْ وَصَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ قَالَ الْحَالِفُ لِلرَّسُولِ: قَطِّعْ كِتَابِي أَوْ رُدَّهُ إلَيَّ فَعَصَاهُ وَأَعْطَاهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَقَرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ كَمَا لَوْ رَمَاهُ رَاجِعًا عَنْهُ بَعْدَ أَنْ كَتَبَهُ فَقَرَأَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، وَحَيْثُ وَصَلَ بِإِذْنِهِ وَلَوْ حُكْمًا حَنِثَ، وَلَوْ لَمْ يَفْتَحْهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْرَأْهُ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمُذْهَبِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفِ، وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بِاللَّفْظِ قَوْلَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ الْحَالِفِ أَمْ لَا. (أَوْ) بِإِرْسَالِ (رَسُولٍ) بِكَلَامٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا كَلَّمَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَبَلَّغَ الرَّسُولُ الْكَلَامَ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَلَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ بِخِلَافِ الرَّسُولِ. أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَلَوْ لَمْ يُبَلِّغْهُ الرَّسُولُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ حِينَ أَمَرَهُ فَيَحْنَثُ (وَلَمْ يُنَوَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ، وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ لَا تَقْبَلُ نِيَّةُ الْحَالِفِ الْمُشَافَهَةَ بِقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُهُ (فِي) صُورَةِ إرْسَالِ (الْكِتَابِ) لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فِي) حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ كَلَامِهِ بِ (الْعِتْقِ) لِرَقِيقٍ مُعَيَّنٍ (وَ) حَلِفِهِ بِ (الطَّلَاقِ) مَعَ رَفْعِهِ لِلْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ لِمُخَالَفَةِ نِيَّتِهِ ظَاهِرَ لَفْظِهِ مِنْ شُمُولِ كَلَامِهِ لِلْمُشَافَهَةِ وَالْكِتَابَةِ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ الْغَرَضَ مِنْ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ كَلَامِهِ مُجَانَبَتُهُ وَالْكِتَابَةُ تُنَافِيهَا. وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَالطَّلَاقِ فَيُنَوَّى فِي الْقَضَاءِ وَأَمَّا فِي الْفَتْوَى فَيُنْوَى فِي الْجَمِيعِ. وَمَفْهُومٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 66 وَبِالْإِشَارَةِ لَهُ، بِكَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، لَا قِرَاءَتِهِ بِقَلْبِهِ،   [منح الجليل] فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَنْوِي فِي الرَّسُولِ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ مَعَ الرَّفْعِ وَالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ لِمُوَافَقَةِ نِيَّتِهِ ظَاهِرَ لَفْظِهِ، وَيَحْلِفُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ وَالرِّقِّ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَلَمَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ وَلَوْ حَلَفَ لَيُكَلِّمَنَّهُ فَلَا يَبَرُّ بِرَسُولٍ وَلَا كِتَابٍ احْتِيَاطًا لِلْبِرِّ وَالْحِنْثُ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ. (وَ) حَنِثَ (بِالْإِشَارَةِ) مِنْ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ ثُمَّ أَشَارَ الْحَالِفُ (لَهُ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَعَ اعْتِقَادِهِ كَوْنَهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَهُ، فَظَهَرَ أَنَّهُ هُوَ سَوَاءٌ فَهِمَ الْمُشَارُ إلَيْهِ الْإِشَارَةَ أَمْ لَا، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَهُ أَنَّهُ إنْ أَشَارَ إلَى غَيْرِهِ فَقَطْ فَلَا يَحْنَثُ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهَا لَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشَارُ لَهُ سَمِيعًا أَوْ أَصَمَّ وَشَمِلَ الْإِشَارَةَ لَهُ، وَلِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ وَلَا حِنْثَ بِالْإِشَارَةِ لِأَعْمَى حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ. وَاَلَّذِي فِي الْحَطّ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِالْإِشَارَةِ إذْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ إيلَائِهَا. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي حِنْثِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ. ثَالِثُهَا بِاَلَّتِي يُفْهَمُ بِهَا عَنْهُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَلِسَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَعَ سَمَاعِهِ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ إيلَائِهَا وَلِابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَ) حَنِثَ (بِكَلَامِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَسْمَعُهُ عَادَةً وَسَمِعَهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَلَامَ الْحَالِفِ لِمَانِعٍ كَنَوْمٍ أَوْ صَمَمٍ، فَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُهُ عَادَةً لِبُعْدِهِ فَلَا يَحْنَثُ (لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ أَوْ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا أَوْ هَذَا الْكِتَابَ بِ (قِرَاءَتِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (بِقَلْبِهِ) فَلَيْسَ لِهَذِهِ تَعَلُّقٌ بِمَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُهُ إذْ الْحِنْثُ فِيهَا بِمُجَرَّدِ وُصُولِ الْكِتَابِ. اهـ. عب. الْبُنَانِيُّ مَعْنَاهُ الْمُطَابِقُ لِسِيَاقِ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَلَا يَحْنَثُ بِكِتَابٍ وَصَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَقَرَأَ بِقَلْبِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمُذْهَبِ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ، وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ إذْ ظَاهِرُهُ الْحِنْثُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، فَلِذَا عَدَلَ الزَّرْقَانِيُّ عَنْهُ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَنْ حَلَفَ لَا أَقْرَأُ كِتَابًا إلَخْ مَعَ بُعْدِهِ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ وَذَكَرَ غ وح أَنَّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِيمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 67 أَوْ قِرَاءَةِ أَحَدٍ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ، وَلَا بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ بِصَلَاةٍ، وَلَا كِتَابِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَرَأَ عَلَى الْأَصْوَبِ وَالْمُخْتَارِ، وَبِسَلَامِهِ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُهُ،   [منح الجليل] تَقَدَّمَ وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ وَقَرَأَ وَهُوَ يُوَافِقُ ظَاهِرَ مَا هُنَا، لَكِنْ يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الرَّاجِحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ قِرَاءَةُ أَحَدٍ) كِتَابَ الْحَالِفِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهِ وَوَصَلَهُ كِتَابُ الْحَالِفِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْحَالِفِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ وَلَوْ قَرَأَهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ز مِثْلُهُ فِي غ وَهُوَ صَوَابٌ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْأَحْرَى مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبِكِتَابٍ إنْ وَصَلَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ الشَّيْخُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَلَوْ قَرَأَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَقِفْ غ عَلَى هَذَا. (وَلَا) يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا (بِسَلَامِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (بِصَلَاةٍ) إنْ طَلَبَ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَلَى يَسَارِهِ، وَإِلَّا حَنِثَ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَالِفُ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا يُسَلِّمُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَسْمَعَهُ أَوْ لَمْ يُسْمِعْهُ. وَلَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ فِي بَعْضِهَا. عج ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ السَّلَامَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَائِهَا مُعْتَقِدًا إتْمَامَهَا، فَإِنْ قَصَدَ خِطَابَهُ حَاضِرًا حَنِثَ وَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَفَادَهُ عب. (وَلَا) يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا بِوُصُولِ (كِتَابِهِ) أَيْ مَكْتُوبِ (الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) إلَى الْحَالِفِ إنْ لَمْ يَقْرَأْهُ بَلْ (وَلَوْ قَرَأَ) الْحَالِفُ كِتَابَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (عَلَى الْأَصْوَبِ) عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْنَثُ. (وَ) حَنِثَ (بِسَلَامِهِ) أَيْ الْحَالِفِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ الْحَالِفِ (مُعْتَقِدًا) أَيْ جَازِمًا (أَنَّهُ) أَيْ الْمُسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْفَتْحِ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ وَأَوْلَى ظَانًّا أَوْ شَاكًّا أَوْ مُتَوَهِّمًا أَنَّهُ غَيْرُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ هُوَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ اللَّغْوِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 68 أَوْ فِي جَمَاعَةٍ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ، وَبِفَتْحٍ عَلَيْهِ، وَبِلَا إذْنِهِ فِي لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ فِي   [منح الجليل] لِأَنَّهُ الِاعْتِقَادُ حَالَ الْيَمِينِ، وَهَذَا حَالُ فِعْلِ غَيْرِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ الْخَطَأُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْحِنْثِ كَالنِّسْيَانِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فِي صَلَاةٍ مَعَ طَلَبِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا طَلَبٌ لِخُصُوصِ التَّحِيَّةِ وَذَاكَ لَا لِخُصُوصِهَا بَلْ لِلصَّلَاةِ، فَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِخُصُوصِهِ بِالتَّحِيَّةِ. (أَوْ) بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (فِي جَمَاعَةٍ) فَيَحْنَثُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهُ) أَيْ يُخْرِجَ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ أَرَادَ السَّلَامَ عَلَيْهِمْ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، فَإِنْ أَتَمَّ السَّلَامَ قَبْلَ مُحَاشَاتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُحَاشَاتِهِ بِاللَّفْظِ بِشُرُوطِهِ، وَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ فَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ الْأَمْرَيْنِ. (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ لَا كَلَّمَهُ (بِفَتْحٍ) أَيْ إرْشَادٍ مِنْ الْحَالِفِ لِلصَّوَابِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ إذَا وَقَفَ أَوْ انْتَقَلَ مِنْ آيَةٍ لِأُخْرَى بِقِرَاءَةِ الْحَالِفِ مَا غَلِطَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِسْمَاعِهِ لِيَهْتَدِيَ إلَى الصَّوَابِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَبَ الْفَتْحُ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْحَالِفِ بِأَنْ صَلَّى الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إمَامًا لِلْحَالِفِ وَغَلِطَ فِي الْفَاتِحَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مُخَاطَبَتِهِ بِقُلْ أَوْ اقْرَأْ كَذَا. (وَ) حَنِثَ بِخُرُوجِهَا مِنْ الدَّارِ بَعْدَ إذْنِهِ لَهَا فِيهِ (بِلَا عِلْمِ) هَا بِ (إذْنِهِ) أَيْ الْحَالِفِ لَهَا فِيهِ (فِي) حَلِفِهِ (وَلَا تَخْرُجِي) مِنْ الدَّارِ (إلَّا بِإِذْنِي) ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فِيهِ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا، وَلَمْ تَعْلَمْ بِإِذْنِهِ، وَخَرَجَتْ فَيَحْنَثُ وَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَعْنَى إلَّا بِإِذْنِي إلَّا بِسَبَبِ إذْنِي وَقَدْ خَرَجَتْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، فَلَوْ حَلَفَ لَا تَخْرُجِي إلَّا إذَا أَذِنْت وَخَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهَا بِهِ فَلَا يَحْنَثُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ لِوُجُودِ إذْنِهِ قَبْلَ خُرُوجِهَا، وَفِي قَوْلِهِ لَا تَخْرُجِي حَذَفَ نُونَ الرَّفْعِ لِغَيْرِ جَازِمٍ وَلَا نَاصِبٍ عَلَى لُغَةٍ شَاذَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لِكَوْنِهِ جَوَابَ قَسَمٍ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ خَبَرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا يَبَرُّ (بِعَدَمِ) أَيْ تَرْكِ (عِلْمِهِ) أَيْ إعْلَامِ الْحَالِفِ الْمَحْلُوفَ لَهُ بِالْأَمْرِ (فِي) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 69 لَأُعْلِمَنَّهُ، وَإِنْ بِرَسُولٍ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ: تَأْوِيلَانِ. أَوْ عَلِمَ وَالٍ ثَانٍ فِي حَلِفه لِأَوَّلَ فِي نَظَرٍ، وَبِمَرْهُونٍ فِي لَا ثَوْبَ لِي   [منح الجليل] حَلِفِهِ (لَأُعْلِمَنَّهُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمَحْلُوفِ لَهُ بِكَذَا، فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِهِ بَرَّ إنْ أَعْلَمَهُ بِنَفْسِهِ بَلْ (وَإِنْ رَسُولٌ) مِنْ الْحَالِفِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَفْهُومِ وَبَرُّهُ بِالْكِتَابِ أَحْرَى (وَهَلْ) يَحْنَثُ بِتَرْكِ إعْلَامِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُعْلِمَ) الْحَالِفَ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهُ (عَلِمَ) بِالْخَبَرِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَحْنَثُ لِتَنْزِيلِ عِلْمِ الْحَالِفِ بِعِلْمِهِ مِنْ غَيْرِهِ مَنْزِلَةَ إعْلَامِهِ هُوَ أَوْ يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَلِمَ بِعِلْمِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ. (أَوْ) تَرْكُ (عِلْمِ) أَيْ إعْلَامِ (وَالٍ) أَيْ مُتَوَلٍّ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ (ثَانٍ) عَقِبَ عَزْلِ أَوْ مَوْتِ وَالٍ أَوَّلٍ (فِي) حَلِفِهِ طَائِعًا (لِ) وَالٍ (أَوَّلٍ) لَيُعْلِمَنَّهُ بِكَذَا إنْ عَلِمَهُ فَعُزِلَ الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَعَلِمَ الْحَالِفُ بِالْأَمْرِ فَلَا يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ حَتَّى يَعْلَمَ الْوَالِي الثَّانِي الَّذِي تَوَلَّى فِي مَحَلِّ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ الْأَمْرِ إذَا كَانَ حَلِفُهُ (فِي نَظَرٍ) أَيْ مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ خَاصَّةً بِالْوَالِي الْأَوَّلِ بَرَّ بِإِعْلَامِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ وَلَوْ بِرَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ، وَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعْلَامُ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ قَالَهُ أَشْهَبُ. (وَ) حَنِثَ (بِ) مِلْكِ ثَوْبٍ (مَرْهُونٍ) فِي حَقٍّ (فِي) حَلِفِهِ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ إعَارَةَ ثَوْبٍ (لَا ثَوْبٍ لِي) ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ. وَذَكَرَ الْحَطّ أَنَّ الرِّوَايَاتِ وَالْأَجْوِبَةَ اخْتَلَفَتْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ نَقَلَ تَحْصِيلَهَا عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَنَصُّهُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى نِيَّةً أَنَّهُ لَا ثَوْبَ لِي أَقْدِرُ عَلَى إعَارَتِهِ مَثَلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَرْهُونِ فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ أَوْ كَانَ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى فَكِّهِ لِعُسْرِهِ أَوْ كَوْنِ الدَّيْنِ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَقَدَرَ عَلَى فَكِّهِ فَقَوْلَانِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ رِوَايَةُ التَّهْذِيبِ حِنْثُهُ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 70 وَبِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فِي لَا أَعَارَهُ، وَبِالْعَكْسِ، وَنُوِّيَ، إلَّا فِي صَدَقَةٍ عَنْ هِبَةٍ وَبِبَقَاءٍ وَلَوْ لَيْلًا فِي لَا سَكَنْت،   [منح الجليل] وَ) حَنِثَ (بِالْهِبَةِ) لِغَيْرِ ثَوَابٍ (وَالصَّدَقَةِ) وَالنِّحْلَةِ وَالْإِعْمَارِ وَالْإِسْكَانِ وَالتَّحْبِيسِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَعَارَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ شَيْئًا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ يَحْنَثُ بِالْإِعَارَةِ فِي حَلِفِهِ لَا وَهَبَهُ شَيْئًا أَوْ لَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ، لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى حِنْثُهُ بِالصَّدَقَةِ فِي حَلِفِهِ لَا وَهَبَهُ وَبِالْعَكْسِ (وَنُوِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ قُبِلَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ ثَوْبًا غَيْرَ الْمَرْهُونِ مُطْلَقًا، وَنِيَّةُ خُصُوصِ الْإِعَارَةِ فِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِهَا ثُمَّ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ إلَّا لِرَفْعٍ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي إطْلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ (إلَّا فِي صَدَقَةٍ) تَصَدَّقَ بِهَا الْحَالِفُ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عِوَضًا (عَنْ هِبَةٍ) حَلَفَ لَا وَهَبَهَا لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى خُصُوصَ الْهِبَةِ تُقْبَلُ نِيَّتُهُ مُطْلَقًا. وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ أَوْ لَا يَتَصَدَّقُ فَأَعَارَ وَادَّعَى نِيَّةَ خُصُوصِ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ فَوَهَبَ وَادَّعَى نِيَّةَ الصَّدَقَةِ خَاصَّةً فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ. وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَخِيرَةَ بِكَوْنِهِ لَهُ اعْتِصَارُ الْهِبَةِ. (وَ) حَنِثَ (بِبَقَاءٍ) فِي الدَّارِ الَّتِي حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا بَعْدَ يَمِينِهِ مُدَّةً زَائِدَةً عَلَى مَا يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ فِيهِ نَهَارًا بَلْ (وَلَوْ لَيْلًا فِي) حَلِفِهِ (لَا سَكَنْت) هَذِهِ الدَّارَ فَإِنْ بَقِيَ بِهَا وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ لِعَدَمِ مَنْ يَنْقُلُ لَهُ مَتَاعَهُ أَوْ خَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ سَارِقٍ وَأَقَامَ بِهَا يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً وَهُوَ يَنْقُلُ مَتَاعَهُ لِكَثْرَتِهِ وَعَدَمِ إمْكَانِ نَقْلِهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَادَةً لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 71 لَا فِي لَأَنْتَقِلَنَّ، وَلَا بِخَزْنٍ، وَانْتَقَلَ فِي لَا سَاكَنَهُ   [منح الجليل] كَالْمَقْصُودِ بِالْيَمِينِ وَلَيْسَ غُلُوُّ الْكِرَاءِ وَعَدَمُ مُنَاسَبَةِ الْمَسْكَنِ لِحَالِهِ عُذْرًا فَيَنْتَقِلُ وَلَوْ لِبَيْتِ شَعْرٍ، وَإِذَا انْتَقَلَ مِنْهَا فَلَا يَعُودُ لَهَا أَبَدًا لِعُمُومِ يَمِينِهِ السُّكْنَى فِيهَا أَبَدًا بِخِلَافِ حَلِفِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ. وَنُدِبَ كَمَا لَهُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُقِيمَ فِيهَا بَعْدَ يَمِينِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَزِيدَ عَلَيْهِمَا. (لَا) يَحْنَثُ بِالْبَقَاءِ بَعْدَ الْيَمِينِ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَنْتَقِلَنَّ) مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَيُؤْمَرُ بِالِانْتِقَالِ لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ عَلَى حِنْثٍ فَلَا يَطَأُ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا حَتَّى يَنْتَقِلَ، فَإِنْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ حَنِثَ بِمُضِيِّهِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ وَهُوَ عَلَى بِرٍّ إلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي حَمْلِ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَنَّ عَلَى الْفَوْرِ فَيَحْنَثُ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي فَلَا يَحْنَثُ بِهِ قَوْلَانِ ثَانِيهِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَفِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ حَكَى الصَّرْصَرِيُّ فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ إنْ بَقِيت فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ لَا بَقِيتُ أَوْ مَا نَبْقَى هَلْ يُرَدُّ إلَى لَأَنْتَقِلَنَّ فَلَا يَحْنَثُ إذَا رَجَعَ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْبَالُصُوتِيُّ، وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْقَصَّارُ أَوْ يُرَدُّ إلَى لَا سَكَنْت فَيَحْنَثُ مَتَى رَجَعَ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْقَارِي قَالَ: لِأَنَّ تَفْسِيرَ النَّفْيِ بِالنَّفْيِ أَوْلَى. اهـ. وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ السُّكْنَى فِي دَارٍ (بِخَزْنٍ) فِيهَا إذْ لَا يُعَدُّ سُكْنَى إذَا انْفَرَدَ وَإِنَّمَا عَدَّ ابْنُ الْقَاسِمِ بَقَاءَ الْمَتَاعِ سُكْنَى إذَا كَانَ تَبَعًا لِسُكْنَى الْأَهْلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْحِنْثُ بِالْخَزْنِ وَاسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافَهُ، وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ الَّتِي حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا مَطَامِيرَ فَهَلْ يَنْقُلُ مَا فِيهَا نَظَرَ فِيهِ التُّونُسِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي إنْ كَانَتْ الْمَطَامِيرُ لَا تَدْخُلُ فِي كِرَاءِ الدَّارِ إلَّا بِشَرْطٍ وَاكْتَرَاهَا وَحْدَهَا لِخَزْنِ الطَّعَامِ فَلَا تَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ وَلَهُ إبْقَاءُ مَا فِيهَا سَوَاءٌ اكْتَرَاهَا قَبْلَ اكْتِرَاءِ الدَّارِ أَوْ بَعْدَهُ، إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ الْخَزْنُ بِهَا إلَّا وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ فَيَنْبَغِي نَقْلُ مَا فِيهَا. وَفِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا أَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ وَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ خَزَنَ فِيهَا فَلَا يَحْنَثُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مَخْزُونٌ وَأَبْقَاهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (وَانْتَقَلَ) الْحَالِفُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا سَاكَنَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِدَارٍ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 72 عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ، أَوْ ضَرَبَا جِدَارًا، وَلَوْ جَرِيدًا بِهَذِهِ الدَّارِ،   [منح الجليل] حَارَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ وَيَبَرَّ بِانْتِقَالِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا (عَمَّا) أَيْ الْوَجْهِ الَّذِي (كَانَا) أَيْ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سَاكِنَيْنِ (عَلَيْهِ) انْتِقَالًا يَزُولُ مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ سَاحَةً هُمَا بِهَا أَوْ هِيَ بَيْتٌ هُمَا بِهِ أَوْ ذَاتُ بُيُوتٍ كُلٌّ بِبَيْتٍ، وَانْتَقَلَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي لِحَارَةٍ أُخْرَى إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُسَاكِنُهُ أَوْ بِهَذِهِ الْحَارَةِ، وَأَمَّا لَا أُسَاكِنُهُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ بِبَلْدَةٍ فَيَنْتَقِلُ لِأُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ كَالْقِسْمِ الثَّالِثِ إنْ صَغُرَتْ. فَإِنْ كَبُرَتْ كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فَلَا يَتَوَقَّفُ بِرُّهُ عَلَى انْتِقَالِهِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى تَرْكِ مُقَارَبَتِهِ وَسُكْنَاهُ مَعَهُ، هَذَا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُسَاكِنُهُ بِدَارٍ أَوْ حَارَةٍ أَوْ حَارَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ لَا أُسَاكِنُهُ بِهَذِهِ الْبَلْدَةِ أَوْ بِبَلْدَةٍ فَالظَّاهِرُ انْتِقَالُهُ لِأُخْرَى عَلَى فَرْسَخٍ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ وَكُلٌّ بِقَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ فَمَعْنَى انْتِقَالِهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا بِسَاطَ أَنْ لَا يَجْتَمِعَ مَعَهُ فِي مَسْقًى أَوْ مُحْتَطَبٍ أَوْ مَسْرَحٍ بَلْ يَتَبَاعَدَ عَنْهُ، فَإِنْ كَبُرَتْ الْبَلْدَتَانِ وَحَلَفَ لَا أُسَاكِنُهُ فَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ عُرْفًا. وَلَمَّا شَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ أَوْ مَدِينَةٍ أَوْ دَارٍ وَأَفَادَ أَنَّ الِانْتِقَالَ مُخْرِجٌ مِنْ الْحِنْثِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَكَانَ لِلْخُرُوجِ عَنْهُ فِي الدَّارِ وَجْهٌ آخَرُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ ضَرْبًا) أَيْ وَضَعَ الْحَالِفُ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا (جِدَارًا) أَيْ شَرَعَا فِي بِنَائِهِ بِأَثَرِ الْيَمِينِ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ أَحَدُهُمَا حَتَّى يَضْرِبَ فَقَدْ يَكُونُ ضَرْبُهُ أَسْرَعَ مِنْ الِانْتِقَالِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَثِيقًا بِطُوبٍ أَوْ بِحَجَرٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْجِدَارُ (جَرِيدًا) فِي حَلِفِهِ لَا أُسَاكِنُهُ بِدُونِ تَعْيِينِ الدَّارِ بَلْ، وَلَوْ عَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ لَا أُسَاكِنُهُ (بِهَذِهِ الدَّارِ) ابْنُ غَازِيٍّ عَطَفَهُ بِأَوْ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمَا إذَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فِي دَارٍ فَالْحَالِفُ مُخَيَّرٌ فِي الِانْتِقَالِ وَضَرْبِ الْجِدَارِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَأَمَّا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَكَرِهَ الْجِدَارَ فِيهَا. وَأَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ الْحَاجِزِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَثِيقًا بِالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ جَرِيدٍ وَشِبْهِهِ. وَالثَّانِي الْخِلَافُ فِي إجْزَاءِ الْحَاجِزِ إذَا عَيَّنَ الدَّارَ فَقَالَ بِهَذِهِ الدَّارِ مَثَلًا أَمَّا الْجِدَارُ فَبِالْجَرِيدِ فَسَّرَ ابْنُ مُحْرِزٍ الْمُدَوَّنَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 وَبِالزِّيَادَةِ إنْ قَصَدَ التَّنَحِّيَ، لَا لِدُخُولِ عِيَالٍ، إنْ لَمْ يُكْثِرْهَا نَهَارًا، وَمَبِيتٍ بِلَا مَرَضٍ   [منح الجليل] وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ ظَاهِرُ قَوْلِهَا سَمَّاهَا أَمْ لَا إجْزَاءُ الْحَاجِزِ فِي الْمُعَيَّنَةِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ لَوْ عَيَّنَ الدَّارَ وَلَمْ يَبَرَّ بِالْجِدَارِ وَقَدْ سَبَقَهُمَا لِهَذَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَزَادَ إذْ الْمُسَاكَنَةُ يُزِيلُهَا الْجِدَارُ خِلَافُ السُّكْنَى وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَشَرْطُ كِفَايَةِ ضَرْبِ الْجِدَارِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَحَلٍّ مَرْفِقٌ وَمَدْخَلٌ عَلَى حِدَةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحَلِفُ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ فَإِنْ كَانَ لِكَرَاهَةِ جِوَارِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِقَالِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَقَوْلَانِ وَجَمِيعُ مَا مَرَّ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْعَمُودِ، وَأَمَّا هُمْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ نَقْلَةً بَيِّنَةً حَتَّى يَنْقَطِعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ خُلْطَةِ الْعِيَالِ وَالصَّبِيَّانِ وَلَا يَنَالَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْعَارِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِ إلَّا بِكُلْفَةٍ، وَصِيغَةُ الْيَمِينِ لَا يُجَاوِرُهُ أَوْ لَيَنْتَقِلَنَّ عَنْهُ، وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا أُسَاكِنُهُ بِسَفَرِهِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّنَحِّيَ. وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا عَلَى أَنَّهُمَا إنْ كَانَا بِمَحَلٍّ وَفَوْقَهُ مَحَلٌّ فَانْتَقَلَ أَحَدُهُمَا إلَيْهِ كَفَى قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هَذَا إذَا كَانَ سَبَبُ الْيَمِينِ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَجْلِ الْمَاعُونِ، فَإِنْ كَانَ الْعَدَاوَةُ فَلَا يَكْفِي. (وَ) حَنِثَ فِي لَا أُسَاكِنُهُ (وَبِالزِّيَارَةِ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (إنْ قَصَدَ) الْحَالِفُ بِلَا أُسَاكِنُهُ (التَّنَحِّيَ) أَيْ الْبُعْدَ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِذَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاصَلَةٌ وَقُرْبٌ (لَا) إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّنَحِّيَ عَنْهُ لِذَاتِهِ بِأَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ (لِدُخُولِ) شَيْءٍ بَيْنَ (عِيَالٍ) أَيْ نِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ لَهُمَا فَلَا يَحْنَثُ بِهَا. وَكَذَا إنْ كَانَ لَا نِيَّةَ لَهُ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ بِشَرْطَيْنِ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُكْثِرْهَا) أَيْ الزَّائِرُ مِنْهُمَا الزِّيَارَةُ (نَهَارًا وَمَبِيتٍ) عَطْفٌ عَلَى يُكْثِرْ فَهُوَ مَجْزُومٌ وَمَنْفِيٌّ (بِلَا مَرَضٍ) فَمَنْطُوقُهُ صُورَتَانِ وَهُمَا انْتِفَاءُ إكْثَارِهَا نَهَارًا مَعَ انْتِفَاءِ الْبَيَاتِ وَمَعَ الْبَيَاتِ بِمَرَضٍ وَلَا حِنْثَ فِيهِمَا. وَمَفْهُومُهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ إكْثَارُهَا نَهَارًا وَلَمْ يَبِتْ أَوْ بَاتَ لِمَرَضٍ أَوْ بَاتَ بِلَا مَرَضٍ وَعَدَمُ إكْثَارِهَا مَعَ الْبَيَاتِ بِلَا مَرَضٍ فَيَحْنَثُ فِيهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا: الثَّابِتُ فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ عَطْفُ مَبِيتٍ بِأَوْ وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ وَمَكَثَ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ، كَأَنْتَقِلَنَّ   [منح الجليل] لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الطُّولِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الزَّائِرُ فِي مَعْنَى السَّاكِنِ عَلَى قَوْلَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَالثَّانِي أَنَّ الطُّولَ أَنْ يُكْثِرَ الزِّيَارَةَ بِالنَّهَارِ أَوْ يَبِيتَ فِي غَيْرِ مَرَضٍ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ إلَيْهِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ عَلَى غَيْرِ مَرَضٍ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ مَرَضٍ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَأَوْ هُنَا لِكَوْنِهَا وَاقِعَةً بَعْدَ نَفْيٍ تُفِيدُ نَفْيَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا كَمَا فِي الرِّضَى وَالْمَغْنَى. فَإِذَا قُلْت لَمْ يَجِئْ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو فَالْمَعْنَى لَمْ يَجِئْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَمَنْطُوقُ الْمَتْنِ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ نَفْيُهُمَا مَعًا وَهِيَ صُورَةُ عَدَمِ الْحِنْثِ، وَمَفْهُومُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ ثُبُوتُ الْأَمْرَيْنِ وَثُبُوتُ أَحَدِهِمَا وَهِيَ صُوَرِ الْحِنْثِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ عج مُقْتَضَى كَوْنِ الْيَمِينِ لِمَا يَدْخُلُ بَيْنَ الْعِيَالِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِالزِّيَارَةِ وَلَوْ أَكْثَرَهَا نَهَارًا وَبَاتَ بِلَا مَرَضٍ. عب لِعِلَّةِ أَنَّ إكْثَارَهَا نَهَارًا وَبَيَاتَهُ بِلَا مَرَضٍ وَسِيلَةٌ لِمَجِيءِ أَوْلَادِهِ فَيَقَعُ بَيْنَ الْعِيَالِ مَا حَلَفَ لِزَوَالِهِ. (وَسَافَرَ) الْحَالِفُ (الْقَصْرَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الصَّادِ أَيْ الْمَسَافَةَ الَّتِي تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهَا شَرْعًا وَهِيَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ لِيَبَرَّ (فِي) حَلِفِهِ (لَأُسَافِرَنَّ) وَبَرَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ الصَّلَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ قَصْدِهَا دَفْعَةً أَوْ لِعِصْيَانِهِ بِهِ مَثَلًا (وَمَكَثَ) أَيْ لَا يَرْجِعُ الْحَالِفُ بَعْدَ سَفَرِهِ الْقَصْرَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ (نِصْفُ شَهْرٍ) سَوَاءٌ أَقَامَ فِي بَلَدٍ خَارِجٍ عَنْ أَرْبَعَةِ الْبُرُدِ أَوْ اسْتَمَرَّ مُسَافِرًا مِنْ بَلَدٍ لِبَلَدٍ خَارِجَهَا حَتَّى أَتَمَّ نِصْفَ شَهْرٍ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (كَمَالُهُ) أَيْ الشُّهُورِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْهَا وَشَبَّهَ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ وَعَدَمِ الرُّجُوعِ نِصْفَ شَهْرٍ وَنُدِبَ كَمَالُهُ فَقَالَ (كَ) الْحَالِفِ لَ (أَنْتَقِلَنَّ) مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً أَوْ بِسَاطًا، وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْحَارَةِ كَذَلِكَ فَيَكْفِيهِ الِانْتِقَالُ لِأُخْرَى وَمُكْثُهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَنُدِبَ كَمَالُهُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا إذَا قَصَدَ إرْهَابَ جَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ كَرِهَ مُجَاوَرَتَهُ فَلَا يُسَاكِنُهُ أَبَدًا، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي مَسْأَلَةِ الْمِنَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 وَلَوْ بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ لَا بِكَمِسْمَارٍ، وَهَلْ إنْ نَوَى عَدَمَ عَوْدِهِ؟   [منح الجليل] أَنَّهُ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ حَنِثَ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْحَطّ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ. وَبَالَغَ عَلَى الْحِنْثِ بِالْبَقَاءِ فِي لَا سَكَنْت وَعَدَمِ الْبِرِّ بِعَدَمِ الِانْتِقَالِ فِي لَأَنْتَقِلَنَّ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَ بَقَاؤُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ لَا سَكَنْت أَوْ عَدَمِ انْتِقَالِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ لَأَنْتَقِلَنَّ (بِإِبْقَاءِ رَحْلِهِ) أَيْ مَتَاعِ الْحَلِفِ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلَى الرُّجُوعِ لَهُ أَوْ طَلَبِهِ لَوْ تَرَكَهُ، وَالْحِنْثُ فِي الْأُولَى بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ أَنْ لَا يَكُونَ فِي نَقْلِهِ فَسَادٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَسَادٌ كَثَمَرِ شَجَرٍ بِدَارٍ لَمْ يَطِبْ فَلَا يَحْنَثُ بِإِبْقَائِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَحْلًا حَقِيقَةً وَأَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لِقَطْعِ مَنِّهِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ لِمَا يَدْخُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جِيرَانِهِ مِنْ مَشَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْنَثُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَأَنْ يُبْقِيَهُ بِمَحَلِّ السُّكْنَى أَوْ مُلْحَقٍ بِهِ مِمَّا دَخَلَ فِي عَقْدِ إجَارَتِهِ بِلَا شَرْطٍ، وَأَمَّا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ كَالْمَطَامِيرِ فَلَا يَحْنَثُ بِإِبْقَائِهِ مَا خَزَنَ بِهَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ، وَمِثْلُ الْمَطَامِيرِ الصَّهَارِيجُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَإِنْ أَبْقَى رَحْلَهُ فِي الْمَطَامِيرِ أَوْ الصَّهَارِيجِ لَمْ يَحْنَثْ إنْ أَكْرَاهَا مُنْفَرِدَةً عَنْ مَحَلِّ سَكَنِهِ وَكَانَتْ مَأْمُونَةً حَالَ انْتِقَالِهِ عَنْهَا. وَنَصُّ الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ أَوْصَى عَنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَنْتَقِلَنَّ فَانْتَقَلَ وَتَرَكَ مِنْ السَّقْطِ مَا لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا إذَا تَرَكَهُ رَافِضًا لَهُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ، وَاخْتُلِفَ إنْ تَرَكَهُ نَاسِيًا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَفِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ نَاسِيًا، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ عَلَى أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ فَيَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ حَانِثٌ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي قَالَ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ مَتَاعِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ. اهـ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ بِالتَّفْصِيلِ وَمُقَابِلُهَا طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ السَّقْطِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقًا وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ (لَا) يَحْنَثُ (بِ) إبْقَاءِ شَيْءٍ تَافِهٍ لَا يَحْمِلُهُ عَلَى الرُّجُوعِ لَهُ أَوْ طَلَبِهِ لَوْ تَرَكَهُ (كَمِسْمَارٍ) وَوَتِدٍ وَخَشَبَةٍ إهْمَالًا أَوْ نِسْيَانًا (وَهَلْ) عَدَمُ حِنْثِهِ. (إنْ نَوَى عَدَمَ عَوْدِهِ لَهُ) أَيْ الْحَالِفِ أَيْ كَالْمِسْمَارِ، فَإِنْ نَوَى عَوْدَهُ لَهُ حَنِثَ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، أَوْ عَدَمُ حِنْثِهِ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ نَوَى عَوْدَهُ لَهُ أَوْ عَدَمَهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 76 تَرَدُّدٌ وَبِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ، أَوْ عَيْبِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ،   [منح الجليل] تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَأَوْرَدَ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْتَضِي حِنْثَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِأَنَّهُ نَسِيَهُ مَعَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَدَمُ الْحِنْثِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ، فَلَوْ قَالَ: وَهَلْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ عَوْدَهُ لَهُ تَرَدُّدٌ كَانَ أَوْلَى فَمَحَلُّ التَّرَدُّدِ إنْ نَوَى الْعَوْدَ فَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ: التَّرَدُّدُ هُنَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي فَهْمِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ تَرَكَ مِنْ السَّقْطِ مِثْلَ الْوَتِدِ وَالْمِسْمَارِ وَالْخَشَبَةِ مِمَّا لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِ أَوْ تَرَكَ ذَلِكَ نِسْيَانًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ. هَلْ يُفِيدُ بِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ إنْ نَوَى عَوْدَهُ إلَيْهِ حَنِثَ أَوْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ اخْتِلَافُهُمْ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ دُونَ التَّأْوِيلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا فَقَضَاهُ إيَّاهُ فَاسْتَحَقَّ الْمُقْتَضَى كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ يَدِهِ أَوْ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ حَنِثَ (بِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ وَأَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ جَمِيعِهِ وَلَوْ وَفِي الْبَعْضِ الْبَاقِي بِالدَّيْنِ (أَوْ) ظُهُورِ (عَيْبِهِ) الْقَدِيمِ الْمُوجِبِ لِرَدِّهِ وَقَامَ الْمَحْلُوفُ لَهُ بِحَقِّهِ صَرَّحَ بِهِ فِيهَا، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَصِلَةُ اسْتِحْقَاقٍ (بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَجَلِ) الْمَحْلُوفِ عَلَى الدَّفْعِ فِيهِ فَقَدْ حَنِثَ الْحَالِفُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُشْكِلُ التَّوْضِيحِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ لَا يُمَاطِلَ وَقَدْ فَعَلَ اللَّخْمِيُّ، الْحِنْثَ عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ، وَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنْ لَا يَمُدَّ، وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الرَّدَّ أَوْ لَمْ يَقُمْ الْمَحْلُوفُ لَهُ بِحَقِّهِ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ. وَالْقَيْدُ الثَّانِي يَجْرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَلَا يُنَافِيهِ حِنْثُهُ مَعَ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْقِيَامِ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ وَقَدْ يُقَالُ: يَحْنَثُ بِالْعَيْبِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ لِأَنَّهُ كَهِبَةِ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ وَسَيَأْتِي حِنْثُهُ بِهَا، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ نَقْصُ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ فِيمَا يَتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا وَإِلَّا حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْمَحْلُوفُ لَهُ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَهُ وَأَجَازَ فَلَا حِنْثَ أَوْ لَمْ يُجِزْ وَاسْتَوْفَى حَقَّهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَإِلَّا حَنِثَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 77 وَبَيْعٍ فَاسِدٍ فَاتَ قَبْلَهُ، إنْ لَمْ تَفِ، كَأَنْ لَمْ يَفُتْ، عَلَى الْمُخْتَارِ.   [منح الجليل] (وَ) حَنِثَ مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا (بِبَيْعٍ فَاسِدٍ) مُتَّفَقٍ عَلَى فَسَادِهِ بَاعَهُ لَهُ وَقَاصَمَهُ بِثَمَنِهِ مِنْ حَقِّهِ وَ (فَاتَ) الْمَبِيعُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْحَقِّ (قَبْلَهُ) أَيْ الْأَجَلِ الْمَحْلُوفِ إلَيْهِ، وَقِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ الْحَالِفُ لِلْمَحْلُوفِ لَهُ بَقِيَّةَ حَقِّهِ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ فَإِنْ أَكْمَلَ الْحَقَّ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ وَقْتَ الْقِيمَةِ بِالدَّيْنِ فَلَا حِنْثَ فَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ تَفِ) يَصِحُّ ضَبْطُهُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْ الْقِيمَةُ بِالدَّيْنِ وَضَبْطُهُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ أَيْ الْبَائِعُ، وَالْمُرَادُ بِالْحِنْثِ عَدَمُ الْبِرِّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ فَاتَ وَقِيمَتُهُ كَالدَّيْنِ بَرَّ مُطْلَقًا، وَأَنَّهُ إنْ فَاتَ وَهِيَ أَقَلُّ وَوَفَاءُ تَمَامِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بَرَّ، وَخَرَجَ بِالْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَيَبَرُّ بِهِ مُطْلَقًا لِمُضِيِّهِ بِالثَّمَنِ فَكَلَامُهُ فِيمَا يَمْضِي بِالْقِيمَةِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبِرِّ إنْ لَمْ تَفِ وَالْبِرُّ إنْ وَقَّتَ فَقَالَ (كَأَنْ لَمْ يَفُتْ) الْمَبِيعُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَفَاتَ بَعْدَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ لَمْ يَبَرَّ وَإِنْ وَفَّتْ بَرَّ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَهُ فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ، لِأَنَّ سَحْنُونًا قَالَ بِالْحِنْثِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ بِعَدَمِهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بِالثَّانِي إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُسَاوِيَةً نَظَرًا إلَى أَنَّهُ حَصَلَ بِيَدِهِ عِوَضُ حَقِّهِ، فَاخْتِيَارُهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ تَفْصِيلَهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْقَوْلَيْنِ كَانَ مُخْتَارًا مِنْ خِلَافٍ. اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَفَاتَ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ وَالِاخْتِيَارَ فِيمَا إذَا لَمْ يَفُتْ قَبْلَهُ سَوَاءٌ فَاتَ بَعْدَهُ أَوْ لَا. وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ وَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَهُوَ قَائِمٌ فَقَالَ سَحْنُونٌ يَحْنَثُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَحْنَثُ وَأَرَى بِرَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءً نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. وَقَدْ شَرَحَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ مَفْهُومُ قَبْلِهِ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ لَمْ يَفُتْ لِأَنَّ هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَفُتْ أَصْلًا وَمَا فَاتَ بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِنْ فَوْتِهِ وَبَقَائِهِ إنَّمَا هُوَ وَقْتُ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَطْرَأُ بَعْدَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 78 وَبِهِبَتِهِ لَهُ، أَوْ دَفْعِ قَرِيبٍ عَنْهُ، وَإِنْ مِنْ مَالِهِ، أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِالْقَضَاءِ إلَّا بِدَفْعِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ   [منح الجليل] (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا (بِهِبَتِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (لَهُ) أَيْ الْمَدِينِ وَقَبِلَهُ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بِهِ وَسُقُوطِ الْحَقِّ عَنْهُ فَتَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَلَا يَبَرُّ بِدَفْعِهِ لَهُ بَعْدَ قَبُولِهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ وَوَفَّاهُ فِي الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ عب. وَفِي التَّوْضِيحِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِنَفْسِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ أَوْ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ الدَّيْنَ، وَلَوْ قَضَاهُ إيَّاهُ بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بَرَّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اهـ. الْحَطّ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَفِي كَبِيرِ تت عَنْ ابْنِ نَاجِي أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فَالصَّوَابُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ إلَّا بِدَفْعِهِ عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ رُجُوعِهِ لِهَذِهِ أَيْضًا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (أَوْ دَفَعَ قَرِيبٌ) لِلْحَالِفِ غَيْرُ وَكِيلِ قَضَاءٍ وَتَفْوِيضٍ أَوْ سُلْطَانٍ الدَّيْنَ لِلْمَحْلُوفِ لَهُ نِيَابَةً (عَنْهُ) أَيْ الْحَالِفِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْحَالِفِ فَلَا يَبَرُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ قَبْلَ الْأَجَلِ بِدَفْعِهِ عَنْهُ وَيَرْضَى بِهِ فَيَبَرُّ بِهِ سَوَاءٌ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَالِفِ، كَدَفْعِ قَرِيبِهِ وَهُوَ وَكِيلُ قَضَاءٍ أَوْ تَفْوِيضٍ كَوَكِيلِ تَقَاضٍ دَيْنًا أَوْ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ قَالَهُ الْمَوَّاقُ، وَيَنْبَغِي إلَّا أَنْ يَعْلَمَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيَرْضَى وَلَا يَبَرُّ بِقَضَاءِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَيَرْضَى قَبْلَهُ (أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ) لَهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ (بِالْقَضَاءِ) وَلَوْ زُكِّيَتْ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهَا أَوْ تَذَكَّرَ الطَّالِبُ أَنَّهُ كَانَ قَبَضَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَلَا يَبَرُّ الْحَالِفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (إلَّا بِدَفْعِهِ) أَيْ الْحَالِفِ الْحَقَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ أَوْ عِلْمِهِ بِدَفْعِ غَيْرِهِ عَنْهُ رِضَاهُ قَبْلَ الْأَجَلِ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ أَخَذَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَدْفُوعَ مِنْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْهِبَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْحُكْمِ لَا لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ إلَّا بِهِ، وَكَلَامُهُ هُنَا عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ دُونَ الْبِسَاطِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ قَالَهُ عج، وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ كَلَامُهُ فِيمَا هُنَا بِخُصُوصِهِ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءٍ مَشْهُورٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 79 لَا إنْ جُنَّ، وَدَفَعَ الْحَاكِمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ فَقَوْلَانِ. وَبِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ، فِي لَأَقْضِيَنَّك غَدًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ هُوَ. لَا إنْ قَضَى قَبْلَهُ،   [منح الجليل] عَلَى ضَعِيفٍ. وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْحَقُّ الْمَحْلُوفُ عَلَى وَفَائِهِ عِوَضَ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ وَرَدَّهُ فَلَا يَبَرُّ حَتَّى يُوَفِّيَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ. ابْنُ عَاشِرٍ أَيْ إنْ قَبِلَ الْمَحْلُوفُ لَهُ قَبْضَ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ وَيَقَعُ الْحِنْثُ اهـ. الْبُنَانِيُّ قُلْت لَهُ أَنْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَا فِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ لَهُ حَاضِرًا فَالسُّلْطَانُ يُحْضِرُهُ وَيُجْبِرُهُ عَلَى قَبْضِ حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ كَعَارِيَّةٍ غَابَ عَلَيْهَا فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَبْرَأُ مِنْ يَمِينِهِ عَلَى دَفْعِ ذَلِكَ إلَيْهِ بِرَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ. (لَا إنْ جُنَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ الْحَالِفِ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ إلَى أَجَلِ كَذَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ أُسِرَ أَوْ حُبِسَ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الدَّفْعُ، أَوْ سَكِرَ بِحَلَالٍ كَذَا يَظْهَرُ فِي الْجَمِيعِ وَانْظُرْ الْفَقْدَ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (دَفَعَ الْحَاكِمُ) الْحَقَّ عَنْهُ لِرَبِّهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ مِنْ مَالِهِ فَلَا يَحْنَثُ أَوْ مِنْ مَالِ الْحَاكِمِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لِمَنْ جُنَّ، وَإِلَّا لَمْ يَبَرَّ بِدَفْعِ الْحَاكِمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهُ. (وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ) الْحَاكِمُ الْحَقَّ عَنْ الْمَجْنُونِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَدَفَعَهُ بَعْدَهُ (فَقَوْلَانِ) بِالْحِنْثِ وَعَدَمِهِ لِأَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، أَوْ مَاتَ الْمَحْلُوفُ لَهُ وَالْحَالِفُ وَارِثُهُ اُسْتُحْسِنَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامَ فَيَقْضِيَهُ ثُمَّ يَرُدَّ لَهُ وَعَنْهُ الْوِرَاثَةُ كَالْقَضَاءِ. (وَ) حَنِثَ (بِعَدَمِ قَضَاءٍ فِي غَدٍ فِي) حَلِفِهِ (لَأَقْضِيَنَّكَ) حَقَّك (غَدًا) يَوْمَ الْجُمُعَةِ (وَ) الْحَالُ (لَيْسَ هُوَ) أَيْ الْغَدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِلَفْظِ غَدٍ لَا بِتَسْمِيَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَوَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِمُنَافَاةِ نِيَّتِهِ لِقَوْلِهِ غَدًا (لَا) يَحْنَثُ (إنْ قَضَى قَبْلَهُ) أَيْ الْيَوْمَ الَّذِي حَلَفَ عَلَى الْقَضَاءِ فِيهِ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَلِدَ إلَّا لِقَصْدِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 80 بِخِلَافِ لَآكُلَنَّهُ، وَلَا إنْ بَاعَهُ بِهِ عَرَضًا وَبَرّ إنْ غَابَ بِقَضَاءِ وَكِيلِ تَقَاضٍ، أَوْ مُفَوَّضٍ،   [منح الجليل] مَطْلِهِ بِالتَّأْخِيرِ لَهُ إلَى غَدٍ مَثَلًا فَيَحْنَثُ بِقَضَائِهِ قَبْلَهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حُرْمَةُ الْمَطْلِ وَالْحِنْثِ. (بِخِلَافِ) حَلِفِهِ عَلَى طَعَامٍ (لَآكُلَنَّهُ) غَدًا فَأَكَلَهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْيَوْمُ وَالْقَصْدُ فِي الْقَضَاءِ عَدَمُ الْمَطْلِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ مَرِيضًا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ قَبْلَ غَدٍ الْمَحْلُوفِ أَنْ يَأْكُلَهُ فِيهِ لَدَلَالَةِ بِسَاطِ يَمِينِهِ عَلَى قَصْدِ عَدَمِ تَأْخِيرِهِ، فَتَقْدِيمُ أَكْلِهِ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَقْصُودُ وَزِيَادَةٌ. (وَلَا) يَحْنَثُ (إنْ بَاعَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ لَهُ (بِهِ) أَيْ الدَّيْنَ الَّذِي حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ فِي أَجَلِ كَذَا (عَرَضًا) وَهُوَ عَيْنٌ وَقَصَدَ بِحَلِفِهِ مُطْلَقَ التَّوْفِيَةِ لَا دَفْعَ خُصُوصِ الْعَيْنِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ قَدْرَ الْعَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يَبَرَّ وَلَوْ بَاعَهُ لَهُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، وَإِنْ جَازَ الْغَبْنُ احْتِيَاطًا لِلْبِرِّ فَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ عَيْنًا فَلَا يَبَرُّ بِبَيْعِهِ بِهَا عَرَضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى مُطْلَقَ الْقَضَاءِ، وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَأَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ أَوْ دَرَاهِمَهُ وَفِي كُلٍّ، إمَّا أَنْ يَقْصِدَهُ مُطْلَقَ الْوَفَاءِ أَوْ عَيْنَ الدَّرَاهِمِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ، فَإِنْ قَصَدَ مُطْلَقَ الْوَفَاءِ بَرَّ بِبَيْعِ الْعَرَضِ الَّذِي نَفَى قِيمَتَهُ بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ عَبَّرَ بِالْحَقِّ أَوْ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ نَوَى دَفْعَ الْعَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِهِ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بَرَّ بِهِ إنْ كَانَ عَبَّرَ بِالْحَقِّ لَا بِالدَّرَاهِمِ أَفَادَهُ عب. وَقَالَ اللَّقَانِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِي بِرِّهِ مُسَاوَاةُ قِيمَةِ الْعَرَضِ الدَّيْنَ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ، وَتَقْيِيدُ تت لَهُ بِذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَنَقَلَهُ الْعَدَوِيُّ وَأَقَرَّهُ. (وَبَرَّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءُ مُشَدَّدَةٌ الْحَالِفُ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا حَقَّهُ عِنْدَ أَجَلِ كَذَا (إنْ غَابَ) الْمَحْلُوفُ لَهُ أَوْ تَغَيَّبَ وَاجْتَهَدَ الْحَالِفُ فِي طَلَبِهِ لِيَقْضِيَهُ حَقَّهُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَيَبَرُّ (بِقَضَاءِ) أَيْ دَفْعِ الْحَقِّ لِ (وَكِيلِ) الْمَحْلُوفِ لَهُ عَلَى (تَقَاضٍ) أَيْ قَبْضٍ لِدَيْنٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ لِلْمَحْلُوفِ لَهُ (أَوْ) قَضَاءِ وَكِيلٍ (مُفَوَّضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ تَفْوِيضٌ مِنْ الْمَحْلُوفِ لَهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ فَهُوَ مَصْدَرٌ سُمِّيَ كَمَفْتُونٍ فِي قَوْله تَعَالَى {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6] ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 81 وَهَلْ ثُمَّ وَكِيلُ ضَيْعَةٍ أَوْ إنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ: تَأْوِيلَانِ. وَبَرِئَ فِي الْحَاكِمِ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ جَوْرَهُ، وَإِلَّا بَرَّ كَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ   [منح الجليل] أَيْ الْفِتْنَةُ لَا اسْمُ مَفْعُولٍ لِإِضَافَةِ وَكِيلٍ إلَيْهِ لِعَطْفِهِ عَلَى تَقَاضٍ، نَعَمْ إنْ جُعِلَتْ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ، وَكَذَا إنْ عُطِفَ عَلَى وَكِيلٍ وَجُعِلَ مِنْ حَذْفِ الْمَوْصُوفِ وَإِقَامَةِ صِفَتِهِ مَقَامَهُ وَالْأَصْلُ أَوْ وَكِيلٌ مُفَوَّضٌ. (وَهَلْ ثَمَّ) عِنْدَ عَدَمِ وَكِيلِ التَّقَاضِي وَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ يَبَرُّ بِقَضَاءِ (وَكِيلِ ضَيْعَةٍ) أَيْ عَقَارٍ أَوْ نَفَقَةٍ لِلْعِيَالِ مِنْ لَحْمٍ وَخُضَارٍ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ وُجِدَ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ لَمْ يُوجَدْ (أَوْ) مَحَلُّ بِرِّهِ بِقَضَاءِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (إنْ عُدِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يُوجَدْ (الْحَاكِمُ) الشَّرْعِيُّ فَإِنْ وُجِدَ فَلَا يَبَرُّ بِقَضَاءِ وَكِيلِ الضَّيْعَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْحَاكِمِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ لُبَابَةَ فَهُمَا هَلْ الْحَاكِمُ وَوَكِيلُ الضَّيْعَةِ سَوَاءٌ فِي بِرِّ الْحَالِفِ بِالدَّفْعِ لِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ الْحَاكِمِ مُقَدَّمٌ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الرَّاجِحُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا بَرَّ بِدَفْعِهِ لِلسُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَضُ دَيْنٌ غَائِبٌ إلَّا الْمَفْقُودُ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ لِلْحَالِفِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَبِرِّهِ فِي يَمِينِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْبِرُّ مِنْ الْيَمِينِ حَاصِلًا بِقَضَاءِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ حَاصِلَةٌ بِالْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ. وَفِيهَا فِي الرَّابِعِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَبَرِئَ) الْحَالِفُ مِنْ الدَّيْنِ (فِي) دَفْعِهِ إلَى (الْحَاكِمِ) عِنْدَ عَدَمِ وَكِيلِ التَّقَاضِي وَوَكِيلِ التَّفْوِيضِ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ السُّلْطَانَ وَالْقَاضِيَ وَالْوَالِيَ (إنْ لَمْ يُحَقِّقْ) الْحَالِفُ (جَوْرَهُ) أَيْ الْحَاكِمِ بِأَنْ عَلِمَ عَدْلَهُ أَوْ جَهِلَهُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ عِنْدَ النَّاسِ، وَهَذَا عَلَى أَنْ يُحَقِّقَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ، وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَقَّقْ جَوْرُهُ أَوْ يُنْظَرْ لِشُهْرَتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ حُقِّقَ جَوْرُهُ (بَرَّ) فِي يَمِينِهِ وَلَمْ يَبَرَّ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَالدَّفْعِ لِوَكِيلِ الضَّيْعَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْبِرِّ دُونَ الْبَرَاءَةِ فَقَالَ (كَ) الدَّفْعِ لِ (جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) حَيْثُ لَا حَاكِمَ أَوْ جَارٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 82 يُشْهِدُهُمْ، وَلَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فِي رَأْسِ الشَّهْرِ، أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ، أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ أَوْ إلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ:   [منح الجليل] أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ وَكِيلٌ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُهُمْ عَلَى وَكِيلِ الضَّيْعَةِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْحَاكِمِ (يُشْهِدُهُمْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ الْحَالِفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إحْضَارِهِ الدَّيْنَ وَعَلَى عَدَدِهِ، وَوَزْنِهِ إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ وَيُخْبِرُهُمْ بِاجْتِهَادِهِ فِي طَلَبِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَعَدَمُ وُجُودِهِ لِسَفَرِهِ أَوْ تَغَيُّبِهِ وَيَدْفَعُهُ لِعَدْلٍ مِنْهُمْ أَوْ يُبْقِيهِ عِنْدَهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَحْلُوفُ لَهُ، وَلَا يَحْنَثُ بِمَطْلِهِ بِهِ إذَا حَضَرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَظَاهِرُهُ بِرُّهُ بِإِشْهَادِهِمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يُخَافُ الْحِنْثُ بِخُرُوجِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ. وَفِي ابْنِ بَشِيرٍ مَا يُقَيِّدُ اشْتِرَاطَهُ، وَأَرَادَ بِالْجَمَاعَةِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ إنْ كَانُوا عُدُولًا وَإِلَّا فَالْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ جَمَاعَةً أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي وَاَلَّذِي فِي الْحَطّ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْحَقَّ لِرَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَوْقَفَهُ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّهُ يَبَرُّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْحَقِّ وَكِيلٌ وَلَا سُلْطَانٌ، وَمِثْلُهُ فِي الشَّارِحِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ. (وَ) يُوسَعُ (لَهُ) أَيْ الْحَالِفِ (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) مِنْ الشَّهْرِ التَّالِي لِلشَّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ (فِي) حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي (رَأْسِ) أَيْ أَوَّلِ (الشَّهْرِ) الْفُلَانِيِّ كَرَجَبٍ فَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي أَضَافَ الرَّأْسَ إلَيْهِ كَرَجَبٍ، وَالْأَوْلَى لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ لِسَبْقِ اللَّيْلَةِ الْيَوْمَ لِسَبْقِ لَيْلَةِ الْهِلَالِ، وَلِإِبْهَامِ تَقْدِيمِ الْيَوْمِ أَنَّ لَهُ لَيْلَةً بَعْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ) أَيْ أَوَّلِ الشَّهْرِ (أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ) الشَّهْرُ الْفُلَانِيُّ. عج وَكَذَا فِي رَأْسِ الْعَامِ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ إذَا اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ مَا إذَا كَرِهَ الْمُصَنِّفُ لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَمَضَانَ أَوْ إذَا انْسَلَخَ رَمَضَانُ فَلَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ شَوَّالٍ فِي الصِّيغَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الِانْسِلَاخُ لُغَةً: الْفَرَاغُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] . (وَ) إنْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّك حَقَّك (إلَى رَمَضَانَ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ) أَيْ رَمَضَانَ أَوْ إلَى رُؤْيَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 83 شَعْبَانَ وَبِجَعْلِ ثَوْبٍ قَبَاءً، أَوْ عِمَامَةً فِي لَا أَلْبَسُهُ، لَا إنْ كَرِهَهُ لِضِيقِهِ، وَلَا وَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ،   [منح الجليل] هِلَالَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ انْسِلَاخٍ عَقِبَ إلَى فَلَهُ (شَعْبَانَ) فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ لَيْلَةٌ وَيَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ صِيغَتَهُ تَحْتَمِلُ إلَى فَرَاغِ رَمَضَانَ وَإِلَى ابْتِدَائِهِ، فَحُمِلَ عَلَى الثَّانِي احْتِيَاطًا لِلْبِرِّ وَخَوْفًا مِنْ الْحِنْثِ بِأَدْنَى سَبَبٍ، وَلِعَدَمِ دُخُولِ الْمُغَيَّا بِإِلَى فِيمَا قَبْلَهُ، وَمِثْلُهُ إلَى اسْتِهْلَالِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ لِاسْتِهْلَالِهِ فَضَعِيفٌ فَإِنَّ مُفَادَ الشَّارِحِ وَالْأَقْفَهْسِيِّ أَنَّ لَهُ لَيْلَةً وَيَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي إدْخَالِ اللَّامِ عَلَى الِاسْتِهْلَالِ، فَإِنَّ ذِكْرَ لَفْظِ انْسِلَاخِ عَقِبَ إلَى أَوْ اللَّامِ كَقَوْلِهِ إلَى انْسِلَاخِ رَمَضَانَ أَوْ لِانْسِلَاخِهِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِفَرَاغِهِ قَالَهُ عب، وَنَصُّهَا: وَإِنْ قَالَ إلَى رَمَضَانَ أَوْ إلَى اسْتِهْلَالِهِ فَإِذَا انْسَلَخَ شَعْبَانُ اسْتَهَلَّ الشَّهْرُ وَلَمْ يَقْضِهِ حَنِثَ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَذَلِكَ كُلَّمَا ذَكَرَ فِيهِ إلَى فَهُوَ يَحْنَثُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ كَقَوْلِهِ إلَى الْهِلَالِ أَوْ إلَى مَجِيئِهِ أَوْ إلَى رُؤْيَتِهِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَى وَذَكَرَ اللَّامَ أَوْ عِنْدَ أَوْ إذَا فَلَهُ لَيْلَةَ يُهِلُّ الْهِلَالُ وَيَوْمَهَا كَقَوْلِهِ لِرُؤْيَتِهِ لِدُخُولِهِ لِاسْتِهْلَالِهِ أَوْ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، أَوْ إذْ اسْتَهَلَّ أَوْ إذَا دَخَلَ اهـ وَنَحْوِهِ فِي ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَلِذَا اعْتَرَضَ الْحَطّ وَمَنْ تَبِعَهُ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ. (وَ) حَنِثَ (بِجَعْلِ ثَوْبٍ قَبَا) بِفَتْحِ الْقَافِ مَقْصُورًا وَمَمْدُودًا أَيْ مُفْرَجًا مِنْ أَمَامٍ (أَوْ عِمَامَةٍ) أَوْ سَرَاوِيلَ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَلْبَسُهُ) أَيْ الثَّوْبَ وَلَبِسَهُ عَلَى حَالٍ مِنْهَا وَكَذَا إذَا أَدَارَهُ عَلَيْهِ ائْتَزَرَ بِهِ أَوْ لَفَّهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ جَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ أَوْ جَلَسَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ مُجَرَّدَ الْجَعْلِ بِلَا لُبْسٍ (لَا) يَحْنَثُ بِجَعْلِهِ قَبَا أَوْ عِمَامَةً (إنْ كَرِهَهُ) أَيْ الْحَالِفُ الثَّوْبَ الَّذِي حَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ (لِضِيقِهِ) أَوْ لِسُوءِ صَنَعْته إذَا كَانَ الثَّوْبُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِمَّا يُلْبَسُ بِأَنْ كَانَ قَمِيصًا أَوْ قَبَا أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا، فَإِنْ كَانَ لَا يُلْبَسُ بِوَجْهٍ بِأَنْ كَانَ شَقَّةً فَفَصَلَهَا وَلَبِسَهَا حَنِثَ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ أَنَّهُ كَرِهَ ضِيقَهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ. (وَلَا) يَحْنَثُ إنْ (وَضَعَهُ) أَيْ الثَّوْبَ الَّذِي حَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ (عَلَى فَرْجِهِ) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ لَمْ يَلُفَّهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَنِثَ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهَا وَلَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 84 وَبِدُخُولِهِ مِنْ بَابٍ غُيِّرَ، فِي لَا أَدْخُلُهُ إنْ لَمْ يُكْرَهْ ضِيقُهُ، وَبِقِيَامِهِ عَلَى ظَهْرِهِ، وَبِمُكْتَرًى فِي لَا أَدْخُلُ لِفُلَانٍ بَيْتًا، وَبِأَكْلٍ مِنْ وَلَدٍ دَفَعَ لَهُ مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ   [منح الجليل] جَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ عَلَى فَرْجِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَأْتَزِرَ بِهِ. اهـ. لِأَنَّ قَوْلَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا مَفْهُومَ لَهُ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي السُّؤَالِ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ اللُّبْسُ اهـ. (وَ) حَنِثَ (بِدُخُولِهِ) أَيْ الْحَالِفِ الدَّارَ الَّتِي حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا (مِنْ بَابٍ غُيِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْبَابِ عَنْ حَالِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَوْ سُدَّ وَفُتِحَ غَيْرُهُ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَدْخُلُهُ) أَيْ مِنْهُ الدَّارَ نَاوِيًا تَجَنُّبَهَا أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَكْرَهْ) الْحَالِفُ (ضِيقَهُ) أَيْ الْبَابِ وَاطِّلَاعَهُ عَلَى مَا لَا يُحِبُّ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ أَوْ مُرُورَهُ عَلَى مَا لَا يُحِبُّ الْمُرُورَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَرِهَ ضِيقَهُ وَنَحْوَهُ وَغُيِّرَ بِمَا أَرَادَ كَرَاهَتَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مِنْهُ. (وَ) حَنِثَ (بِقِيَامِهِ) أَيْ اسْتِقْرَارِ الْحَالِفِ (عَلَى ظَهْرِهِ) أَيْ الْبَيْتِ الَّذِي حَلَفَ لَا يَدْخُلُهُ (وَ) حَنِثَ (بِ) دُخُولِ بَيْتٍ (مُكْتَرًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا دَخَلَ لِفُلَانٍ بَيْتًا) لِمِلْكِهِ مَنْفَعَتَهُ وَنِسْبَتِهِ إلَيْهِ، وَلِذَا لَوْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ مَنْزِلَ أَوْ بَيْتَ فُلَانٍ فَأَكْرَاهُ فُلَانٌ لِغَيْرِهِ ثُمَّ دَخَلَهُ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ. وَمِثْلُ الْمُكْتَرَى الْمُعَارُ (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ (بِأَكْلِ) شَيْءٍ (مِنْ) يَدِ (وَلَدٍ) لِلْحَالِفِ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامَ فُلَانٍ (دَفَعَ) الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَهُ الْحَالِفُ (لَهُ) أَيْ الْوَلَدِ شَخْصٌ (مَحْلُوفٌ عَلَى) تَرْكِ أَكْلِ طَعَامِ (هـ) وَكَذَا لَوْ دَفَعَهُ لَهُ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، هَذَا عَلَى ضَبْطِ دَفَعَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، فَإِنْ ضُبِطَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَمَحْلُوفٌ نَائِبُ فَاعِلِهِ وَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِلطَّعَامِ شَمِلَ الصُّورَتَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى إنْ عَلِمَ الْحَالِفُ بِدَفْعِ الطَّعَامِ لِلْوَلَدِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) الْحَالِفُ بِأَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي أَكَلَهُ الطَّعَامُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ) أَيْ وَلَدِ الْحَالِفِ وَاجِبَةً (عَلَيْهِ) أَيْ الْحَالِفِ لِيُسْرِهِ وَفَقْرِ وَلَدِهِ مَعَ صِبَاهُ، أَوْ عَجْزِهِ عَنْ الِاكْتِسَابِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 85 وَبِالْكَلَامِ أَبَدًا، فِي لَا كَلَّمَهُ الْأَيَّامَ، أَوْ الشُّهُورَ، وَثَلَاثَةً فِي كَأَيَّامٍ، وَهَلْ كَذَلِكَ فِي لَأَهْجُرَنَّهُ، أَوْ شَهْرٌ: قَوْلَانِ. وَسَنَةٌ فِي حِينٍ، وَزَمَانٍ، وَعَصْرٍ، وَدَهْرٍ   [منح الجليل] إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ لِلْوَلَدِ يَسِيرًا وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ رَدُّ الْكَثِيرِ الْمُعْطَى لِوَلَدِهِ. بِخِلَافِ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْأَبِ رَدُّهُ فَكَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَسِيرُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ فَقَطْ وَعَبْدُهُ كَوَلَدِهِ لَكِنْ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِمَّا دُفِعَ لَهُ وَلَوْ كَثُرَ إذْ لَهُ رَدُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَدِينًا بِمَا لَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا وُهِبَ لَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ، وَأَمَّا وَالِدُهُ الَّذِي تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِمَّا دُفِعَ لَهُ مِنْ الطَّعَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يَسِيرًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا إذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ، وَكَذَا وَلَدُ وَلَدِهِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ. (وَ) حَنِثَ الْحَالِفُ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا مَثَلًا الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ أَوْ السِّنِينَ (بِالْكَلَامِ) مَثَلًا مِنْ الْحَالِفِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَبَدًا) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ الزَّمَانِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أُكَلِّمُهُ) مَثَلًا أَيْ الْحَالِفُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (الْأَيَّامَ أَوْ الشُّهُورَ) أَوْ الْأَشْهُرَ أَوْ السِّنِينَ لِحَمْلِ أَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لِلْحَالِفِ (وَ) لَزِمَ (ثَلَاثَةٌ) أَيْ تَرْكُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِيهَا (فِي) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِهِ (كَأَيَّامٍ) وَشُهُورٍ وَسِنِينَ مُنَكَّرًا؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمُ الْحَلِفِ إنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ، لَكِنْ لَا يَفْعَلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ حَنِثَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُ مَا فِي نُذُورِهَا تَرْجِيحُ عَدَمِ إلْغَاءِ الْمَسْبُوقِ بِهِ وَتَكْمِيلُ الْيَوْمِ مِنْ تَالِي الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ. (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ حَلِفُهُ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ أَيَّامًا فِي لُزُومِ تَرْكِهِ ثَلَاثَةً (فِي) حَلِفِهِ (لَأَهْجُرَنَّهُ) حَمْلًا عَلَى الْهَجْرِ الْجَائِزِ (أَوْ) يَلْزَمُهُ (شَهْرٌ) حَمْلًا عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، الْأَوَّلُ لِلْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (وَ) لَزِمَ الْحَالِفَ (سَنَةٌ) مِنْ يَوْمِ حَلَفَ إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ (فِي حِينٍ) أَوْ الْحِينِ (وَزَمَانٍ وَعَصْرٍ وَدَهْرٍ) فَإِنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَرْكِهِ قَبْلَ تَمَامِهَا حَنِثَ، وَإِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 86 وَبِمَا يُفْسَخُ، أَوْ بِغَيْرِ نِسَائِهِ، فِي لَأَتَزَوَّجَن وَبِضَمَانِ الْوَجْهِ، فِي لَا أَتَكَفَّلُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ الْغُرْمِ، وَبِهِ لِوَكِيلٍ،   [منح الجليل] تَمَّتْ وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَى فِعْلِهِ حَنِثَ، فَإِنْ عَرَفَ الزَّمَانَ وَمَا بَعْدَهُ لَزِمَهُ الْأَبَدُ رَعْيًا لِلْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ الْحِينُ بِمَعْنَى الزَّمَانِ لُغَةً، وَلَعَلَّ هَذَا إذَا اشْتَهَرَ اسْتِعْمَالُهَا عُرْفًا فِي السَّنَةِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ لُغَةً. (وَ) حَنِثَ أَيْ لَا يَبَرُّ (بِمَا) أَيْ عَقْدِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ (يُفْسَخُ) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ (أَوْ) بِتَزَوُّجِهِ (بِ) مَرْأَةٍ (غَيْرِ نِسَائِهِ) أَيْ أَدْنَى مِنْهُنَّ عُرْفًا كَكِتَابِيَّةٍ وَدَنِيَّةٍ (فِي) حَلِفِهِ (لَأَتَزَوَّجَنَّ) وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ، فَإِنْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ وَعَقَدَ فِيهِ مَا يُفْسَخُ أَبَدًا أَوْ عَلَى مَنْ لَا تُشْبِهُ نِسَاءَهُ وَمَضَى حَنِثَ حَقِيقَةً وَلَا يَبَرُّ إلَّا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَوَطْءٍ مُبَاحٍ عَلَى مُشْبِهَةِ نِسَائِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ بِرِّهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ عَلَى لَائِقَةٍ بِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ وَتَزَوَّجَ فِيهِ وَبَنَى بَعْدَهُ حَنِثَ، وَاشْتَرَطَ الْمُغِيرَةُ أَنْ تُشْبِهَهُ وَتُشْبِهَ زَوْجَتَهُ الَّتِي حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَغِيظُهَا وَالْمُشَابَهَةُ فِي الْقَدْرِ وَالرِّفْعَةِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ نِكَاحِهِ نِكَاحَ رَغْبَةٍ وَنَسَبٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ إبْرَارِ يَمِينِهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ. (وَ) حَنِثَ (بِضَمَانِ الْوَجْهِ فِي) حَلِفِهِ (لَا أَتَكَفَّلُ) بِمَالٍ لِأَنَّهُ يَئُولُ لِغُرْمِ الْمَالِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ إحْضَارِ الْمَضْمُونِ، وَقَرِينَةُ تَقْيِيدِهِ بِالْمَالِ قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْحَالِفُ فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ (عَدَمَ الْغُرْمِ) لِلْمَالِ الْمَضْمُونِ فِيهِ إذَا عَجَزَ عَنْ إحْضَارِ الْمَضْمُونِ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ضَمَانَ طَلَبٍ وَهُوَ لَا يَحْنَثُ بِهِ إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَفَّلُ بِمَالٍ أَوْ وَجْهٍ، لِأَنَّهُ لَا يَئُولُ لِغُرْمِ الْمَالِ، وَأَمَّا إنْ أَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ فَيَحْنَثُ بِأَنْوَاعِ الضَّمَانِ كُلِّهَا، وَإِنْ قَيَّدَ بِالْوَجْهِ حَنِثَ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِمَّا سُمِّيَ. (وَ) مَنْ حَلَفَ لَا يَضْمَنُ لِزَيْدٍ حَنِثَ (بِهِ) أَيْ الضَّمَانِ (لِ) شَخْصٍ (وَكِيلٍ) عَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 87 فِي لَا أَضْمَنُ لَهُ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وَهَلْ إنْ عَلِمَ تَأْوِيلَانِ. وَبِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ لِغَيْرِي لِمُخْبِرٍ، فِي لَيُسِرَّنَّهُ وَبِاذْهَبِي الْآنَ   [منح الجليل] زَيْدٍ الْمَحْلُوفِ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ لَهُ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ أَسْلَمَ فِيهِ الْوَكِيلَ لِزَيْدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ بِوَكَالَتِهِ عَنْهُ فِيهِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَضْمَنُ لَهُ) أَيْ زَيْدٍ (إنْ كَانَ) الْوَكِيلُ الَّذِي ضَمِنَ لَهُ الْحَالِفُ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ عَنْ زَيْدٍ (مِنْ نَاحِيَتِهِ) أَيْ مُنَاسَبَةِ زَيْدٍ بِقَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ إجَارَةٍ لِخِدْمَةِ أَوْ رِقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (وَهَلْ) مَحَلُّ حِنْثِ الْحَالِفِ (إنْ عَلِمَ) الْحَالِفُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ يَحْنَثُ مُطْلَقًا فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِي قَوْلِهَا: وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِكَفَالَةٍ فَتَكَفَّلَ لِوَكِيلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِنْ سَبَبِ فُلَانٍ وَنَاحِيَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ الْحَالِفُ. اهـ. وَسَبَبُهُمَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ قَيَّدَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْحِنْثَ بِعِلْمِ الْحَالِفِ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ فَحَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ عَلَيْهِ، وَحَمَلَهَا عِيَاضٌ عَلَى ظَاهِرِهَا عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِوَكِيلٍ وَفِي قَوْلِهِ لَهُ لِلتَّعْدِيَةِ لَا زَائِدَةٍ. (وَ) مَنْ أَعْلَمَ زَيْدًا مَثَلًا بِشَيْءٍ وَحَلَّفَهُ لَيَكْتُمَنَّهُ أَوْ لَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا ثُمَّ أَعْلَمَ بِهِ عَمْرًا مَثَلًا فَحَكَاهُ عَمْرٌو لِزَيْدٍ الْحَالِفِ لَيَكْتُمَنَّهُ فَقَالَ زَيْدُ لِعَمْرٍو مَا ظَنَنْتُهُ قَالَهُ لِغَيْرِي حَنِثَ زَيْدٌ (بِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْتُهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهُ (قَالَهُ) أَيْ الْخَبَرَ أَوْ أَسَرَّهُ (لِغَيْرِي) أَوْ لِأَحَدٍ غَيْرِي أَوْ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَقُلْ غَيْرِي (لِمُخْبِرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ فَتْحِهَا صِلَةَ قَوْلِهِ (فِي) حَلِفِهِ لِمُخْبِرِهِ الْأَوَّلِ (لَيُسِرَّنَّهُ) أَيْ لَيَكْتُمَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ وَلَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا تَنْزِيلًا لِقَوْلِهِ مَا ظَنَنْته قَالَهُ إلَخْ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ قَالَهُ لِي، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ، لِدَلَالَتِهِ عُرْفًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَا أَظُنُّهُ يَقُولُ هَذَا وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى أَنَّهُ أَسَرَّهُ لَهُ فَلَا يَحْنَثُ. (وَ) حَنِثَ (بِ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا (اذْهَبِي) أَوْ افْعَلِي (الْآنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 88 إثْرَ لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَفْعَلِي، وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا أُبَالِي، بَدْءًا لِقَوْلٍ آخَرَ، لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَبْدَأَنِي، وَبِالْإِقَالَةِ، فِي لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ تَفِ، لَا إنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُخْتَارِ   [منح الجليل] اللَّامِ وَمَدِّ الْهَمْزِ الثَّانِي ظَرْفُ اذْهَبِي (إثْرَ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ عَقِبَ ظَرْفٍ لِلْقَوْلِ الْمُقَدَّرِ حَلِفُهُ (لَا كَلَّمْتُكِ حَتَّى تَفْعَلِي) كَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ اذْهَبِي كَلَامٌ قَبْلَ الْفِعْلِ (وَلَيْسَ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ كَلَامِهِ (لَا أُبَالِي) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ لَا أَهْتَمُّ وَلَوْ كَرَّرَهُ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي (بَدْءًا) يُعْتَدُّ بِهِ فِي حِلِّ الْيَمِينِ (لِقَوْلٍ) أَيْ كَلَامِ شَخْصٍ (آخَرَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءُ مَمْدُودًا حَلَفَ (لَا كَلَّمْتُك حَتَّى تَبْدَأَنِي) فَإِنْ كَلَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ لَا أُبَالِي حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْتَدِئَهُ بِالْكَلَامِ احْتِيَاطًا لِلْبِرِّ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ، فَإِنَّهُ فِي الْحِنْثِ وَهُوَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ. فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ حَلَفَ لِآخَرَ بِالطَّلَاقِ لَا كَلَّمْتُكَ حَتَّى تَبْدَأَنِي فَقَالَ الْآخَرُ إذَنْ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي فَلَيْسَ ذَلِكَ تَبْدِئَةً اهـ. (وَ) حَنِثَ بَائِعُ سِلْعَةٍ لِشَخْصٍ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ وَسَأَلَهُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ بَعْضَهُ فَحَلَفَ لَا تَرَكَ مِنْهُ شَيْئًا فَاسْتَقَالَهُ فَأَقَالَهُ فَيَحْنَثُ (بِالْإِقَالَةِ) أَيْ قَبُولِ رَدِّ سِلْعَتِهِ إلَيْهِ بِثَمَنِهَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ تَفِ) قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِثَمَنِهَا بِأَنْ نَقَصَتْ عَنْهُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فَقَدْ أَخَذَ السِّلْعَةَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَأَسْقَطَ الْبَاقِيَ وَهُوَ قَدْ حَلَفَ عَلَى عَدَمِ الْإِسْقَاطِ، فَإِنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِثَمَنِهَا لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَمْ تَفِ الْقِيمَةُ بِهِ وَأَتَمَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا لِعَدَمِ تَرْكِهِ شَيْئًا مِنْ حَقِّهِ فِيهِمَا (لَا) يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ أَخَّرَ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا (الثَّمَنَ) أَيْ أَجَّلَهُ بَعْدَ حُلُولِهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ يُخَفِّفُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَعِدُهُ حُسْنَ مُعَامَلَةٍ وَلَا يَعِدُهُ وَضِيعَةً لِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يُخَفِّفُ عَلَيْهِ تَرْكَ الْيَسِيرِ. الْأَقْفَهْسِيُّ وَالْأَجَلُ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا وَقَعَ ابْتِدَاءً حِينَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا بَعْدَ تَقَرُّرِ الثَّمَنِ فَلَا. ابْنُ رُشْدٍ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُنْظِرَهُ فَوَضَعَ عَنْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِلَا خِلَافٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89 وَلَا إنْ دَفَنَ مَالًا فَلَمْ يَجِدْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَكَانَهُ فِي أَخَذْتِيهِ، وَبِتَرْكِهَا عَالِمًا فِي لَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي، لَا إنْ أَذِنَ لِأَمْرٍ فَزَادَتْ بِلَا عِلْمٍ   [منح الجليل] وَلَا) يَحْنَثُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (إنْ دَفَنَ مَالًا) أَوْ وَضَعَهُ بِلَا دَفْنٍ، عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ ثُمَّ طَلَبَهُ (فَلَمْ يَجِدْهُ) لِنِسْيَانِهِ الْمَكَانَ الَّذِي دَفَنَهُ أَوْ وَضَعَهُ فِيهِ فَاتَّهَمَ زَوْجَتَهُ مَثَلًا بِأَخْذِهِ وَحَلَفَ لَقَدْ أَخَذَتْهُ (ثُمَّ) طَلَبَهُ ثَانِيًا فَ (وَجَدَهُ مَكَانَهُ) فَلَا يَحْنَثُ (فِي) حَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا أَوْ غَيْرِهِ لَقَدْ (أَخَذَتْهُ) جَازِمًا بِأَخْذِهَا إيَّاهُ لِأَنَّ بِسَاطَ يَمِينِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إنْ كَانَ ذَهَبَ فَأَنْتِ أَخَذْته وَأَوْلَى إنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ الَّذِي دَفَنَهُ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ عِنْدَ غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ فَلَغْوٌ وَإِلَّا حَنِثَ. (وَ) حَنِثَ مَنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَرَكَهَا عَالِمًا بِخُرُوجِهَا (بِتَرْكِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ خَارِجَةً بِلَا إذْنِهِ حَالَ كَوْنِهِ (عَالِمًا) بِخُرُوجِهَا (فِي) حَلِفِهِ (لَا خَرَجْت) مِنْ الْبَيْتِ (إلَّا بِإِذْنِي) إذْ لَيْسَ عِلْمُهُ بِخُرُوجِهَا وَتَرْكِهَا إذْنًا احْتِيَاطًا لِلْبِرِّ فَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ، وَمَنَعَهَا فَلَمْ تُطَاوِعْهُ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ قَالَ لَا خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي فَرَآهَا تَخْرُجُ فَلَمْ يَمْنَعْهَا حَنِثَ عَلَى مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ. اهـ. وَمِنْ هُنَا فَتْوَى بَعْضِ الشُّيُوخِ بِحِنْثِ مَنْ حَلَفَ عَلَى غَرِيمِهِ أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَّا بِإِذْنِهِ فَسَافَرَ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ (لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْذَنُ لِزَوْجَتِهِ فِي خُرُوجِهَا إلَّا لِزِيَارَةِ وَالِدِيهَا مَثَلًا (إنْ أَذِنَ) الزَّوْجُ لَهَا فِي الْخُرُوجِ (لِأَمْرٍ) مُعَيَّنٍ كَزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا (فَزَادَتْ) الزَّوْجَةُ حَالَ خُرُوجِهَا عَلَى الْأَمْرِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَذِنَ لَهَا فِيهِ بِأَنْ ذَهَبَتْ لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهَا فِيهِ (بِلَا عِلْمٍ) مِنْ الزَّوْجِ حَالَ الزِّيَادَةِ أَوْ الِاقْتِصَارِ بِهَا، فَإِنْ عَلِمَهَا حَالَهَا حَنِثَ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِ مَنْزِلَهُ إذْنِهِ فِي الْحِنْثِ لِوُقُوعِهِ بِأَدْنَى سَبَبٍ. وَأَمَّا عِلْمُهُ بِهَا بَعْدَ فِعْلِهَا فَلَا يُوجِبُ حِنْثَهُ فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ مُتَمِّمَةً مَا قَبْلَهَا، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ وَأَحْمَدُ وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ نَصُّهَا. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي وَأَذِنَ لَهَا فِي أَمْرٍ مُعَيَّنٍ وَزَادَتْ عَلَيْهِ أَوْ اقْتَصَرَتْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 90 وَبِعَوْدِهِ لَهَا بَعْدُ بِمِلْكٍ آخَرَ فِي لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ أَوْ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ لَهُ، لَا دَارَ فُلَانٍ،   [منح الجليل] عَلَى مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ أَوْ قَدَّمَتْهُ فَيَحْنَثُ سَوَاءٌ عَلِمَ حَالَ فِعْلِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ هَذِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَقْيِيدِهِ الْحِنْثَ بِالْعِلْمِ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ، فَإِنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي ثُمَّ قَالَ اُخْرُجِي حَيْثُ شِئْت فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي انْحَلَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجِي إلَى مَوْضِعٍ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ إلَّا بِإِذْنِي لَمْ تَنْحَلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَالْحَطّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ بِإِلَى مَوْضِعٍ أَوْ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَهَا فِي الْخُرُوجِ إذْنًا خَاصًّا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا كَذَلِكَ الصِّيغَةُ الْأُولَى. (وَ) حَنِثَ (بِعَوْدِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (لِ) سُكْنَا (هَا) أَيْ الدَّارِ الَّتِي حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا وَصِلَةُ عَوْدِهِ (بَعْدُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةُ مَعْنَاهُ أَيْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَخُرُوجُهَا عَنْ مِلْكِهِ وَهِيَ (بِمِلْكِ) شَخْصٍ (آخَرَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيْ غَيْرَ الْحَالِفِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ) وَهِيَ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهَا وَسَكَنَهَا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَحْنَثُ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي قَالَهُ الْعِلْمِيُّ. قِيلَ وَفِي ذِكْرِ الْعَوْدِ نَظَرٌ، إذْ لَا يَتَقَيَّدُ حِنْثُهُ بِتَقَدُّمِ سُكْنَاهُ ثُمَّ عَوْدِهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْعَوْدَ بِمَعْنَى الدُّخُولِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: 13] أَيْ لَتَدْخُلُنَّ أَيْ وَبِدُخُولِهِ عَلَى وَجْهِ السُّكْنَى. (أَوْ) حَلِفِهِ لَا سَكَنْت (دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ) فَبَاعَهَا فُلَانٌ وَسَكَنَهَا الْحَالِفُ وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَحْنَثُ (إنْ لَمْ يَنْوِ) الْحَالِفُ (مَا دَامَتْ) الدَّارُ مِلْكًا (لَهُ) أَيْ فُلَانٍ فَإِنْ كَانَ نَوَى مَا دَامَتْ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى أَيْضًا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِغَيْرِ الْحَالِفِ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ هَذِهِ الدَّارُ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ سُكْنَى تِلْكَ الدَّارِ فَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْيَمِينُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا دَامَتْ لِفُلَانٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِلْحَالِفِ فَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْعِلْمِيِّ إنْ لَمْ يَنْوِ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِي. (لَا) يَحْنَثُ بِسُكْنَى الدَّارِ فِي مِلْكِ آخَرَ فِي حَلِفِهِ لَا سَكَنْت (دَارَ فُلَانٍ) مِنْ غَيْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 91 وَلَا إنْ خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا إنْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ،   [منح الجليل] إشَارَةٍ إلَيْهَا فَبَاعَهَا فُلَانٌ وَسَكَنَهَا الْحَالِفُ فِي مِلْكِ مُشْتَرِيهَا إنْ لَمْ يَنْوِ عَيْنَهَا (وَلَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ (إنْ) دَخَلَهَا بَعْدَ أَنْ (خَرِبَتْ وَصَارَتْ طَرِيقًا) الْعِلْمِيُّ وَالْبِسَاطِيُّ وَلَا يَحْنَثُ بِسُكْنَاهَا بَعْدَ خَرَابِهَا وَصَيْرُورَتِهَا طَرِيقًا فِي حَلِفِهِ لَا سَكَنْت هَذِهِ الدَّارَ، وَالْأَوَّلُ فَرْضُ الْمُدَوَّنَةِ. أَحْمَدُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضَيْنِ وَصُورَةُ سُكْنَاهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا طَرِيقًا بِضَرْبِ خِبَاءٍ أَوْ خُصٍّ فِيهَا، وَظَاهِرُ فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ مِنْ أَجْلِ صَاحِبِهَا أَوْ كَرَاهَةً فِيهَا وَقَصَرَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى الْأَوَّلِ، قَالَ وَإِنْ كَانَ كَرَاهَةً فِي الدَّارِ خَاصَّةً فَلَا يَمُرُّ بِهَا. أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا. اهـ. وَمِثْلُ صَيْرُورَتِهَا طَرِيقًا بِنَاؤُهَا مَسْجِدًا، فَإِنْ بُنِيَتْ بَيْتًا بَعْدَ خَرَابِهَا وَصَيْرُورَتِهَا طَرِيقًا حَنِثَ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (إنْ لَمْ يَأْمُرْ) الْحَالِفُ (بِهِ) أَيْ التَّخْرِيبَ وَتَصْيِيرَهَا طَرِيقًا لِيَدْخُلَهَا وَلَا يَحْنَثُ، فَإِنْ أَمَرَ بِهِ حَنِثَ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَإِلَّا فَاسْمُ الدَّارِ زَالَ عَنْهَا لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلسَّاحَةِ مَعَ الْبُنْيَانِ، هَذَا ظَاهِرُهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ عَلَى أَنَّا لَمْ نَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ دَخَلَهَا مُكْرَهًا بَعْدَ بِنَائِهَا فَقَالَ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ هَذِهِ الدَّارَ فَتَهَدَّمَتْ وَخَرِبَتْ حَتَّى صَارَتْ طَرِيقًا فَدَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ، فَإِنْ بُنِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُهَا وَإِنْ دَخَلَهَا مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ فَيَقُولَ: احْمِلُونِي فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْهَدْمِ وَالتَّخْرِيبِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الشَّيْخَ فَهِمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ اهـ. قُلْت: لَا يَصِحُّ أَنْ يَفْهَمَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلَا يُظَنُّ بِهِ مَعَ قَوْلِهَا فَيَقُولَ احْمِلُونِي فَفُعِلَ بِهِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ بِحَالٍ، وَلِعِلَّةٍ سَقَطَ مِنْ نُسْخَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 92 وَفِي لَا بَاعَ مِنْهُ، أَوْ لَهُ بِالْوَكِيلِ إنْ كَانَ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وَإِنْ قَالَ حِينَ الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت فَقَالَ هُوَ لِي ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ ابْتَاعَ لَهُ حَنِثَ وَلَزِمَ الْبَيْعُ، وَأَجْزَأَ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ فِي إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي،   [منح الجليل] ابْنَ غَازِيٍّ إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) حَنِثَ (فِي) حَلِفِهِ (لَا بَاعَ) أَيْ اشْتَرَى (مِنْهُ) أَيْ زَيْدٍ مَثَلًا (أَوْ) حَلِفِهِ لَا بَاعَ (لَهُ) أَيْ زَيْدٍ فَيَحْنَثُ (بَا) لشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ (لِوَكِيلٍ) لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (إنْ كَانَ) الْوَكِيلُ (مِنْ نَاحِيَتِهِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَقَرِيبِهِ وَصَدِيقِهِ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عَلِمَ الْحَالِفُ أَنَّهُ مِنْ نَاحِيَتِهِ أَمْ لَا. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا عَلِمَ مِنْ نَاحِيَتِهِ، وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ الْوَكَالَةَ وَإِلَّا حَنِثَ إنْ لَمْ يَقُلْ الْحَالِفَ حِين الْبَيْعِ أَنَا حَلَفْت لَا أَبِيعُ لِفُلَانٍ وَأَخَافُ أَنَّك وَكِيلُهُ إلَخْ. بَلْ (وَإِنْ قَالَ) الْحَالِفُ (حِينَ الْبَيْعِ) لِوَكِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (أَنَا حَلَفْت) أَنْ لَا أَبِيعَ لِفُلَانٍ وَأَخْشَى أَنَّك وَكِيلُهُ فِي الشِّرَاءِ لَهُ (فَقَالَ) الْوَكِيلُ (هُوَ) أَيْ الشِّرَاءُ (لِي) لَا لِفُلَانٍ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (ثُمَّ صَحَّ) أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةِ (أَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (ابْتَاعَ) أَيْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ (لَهُ) أَيْ فُلَانٌ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِوَكَالَتِهِ عَنْهُ لَا بِقَوْلِ الْوَكِيلِ لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ (حَنِثَ وَلَزِمَ الْبَيْعُ) الْحَالِفَ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ مَا لَمْ يَقُلْ الْحَالِفُ إنْ ثَبَتَ شِرَاؤُك لِفُلَانٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنِي وَبَيْنَك، فَإِنْ كَانَ قَالَهُ لَهُ وَثَبَتَ شِرَاؤُهُ لِفُلَانٍ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ الْبَيْعِ وَلَا يَحْنَثُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا الَّذِي يَبْطُلُ فِيهِ الشَّرْطُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْعَقِدْ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءً وَانْعَقَدَ ابْتِدَاءً فِي الْآتِيَةِ (وَ) مَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ لِأَجَلِ كَذَا إلَّا أَنْ تُؤَخِّرَنِي وَمَاتَ الْمَحْلُوفُ لَهُ وَأَخَّرَ وَارِثُهُ الْحَالِفَ (أَجْزَأَ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ) الرَّشِيدِ لِلْمَحْلُوفِ لَهُ الْحَالِفَ فَلَا يَحْنَثُ بِعَدَمِ دَفْعِ الْحَقِّ فِي الْأَجَلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ (فِي) حَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ لَأَقْضِيَنَّكَ دَيْنَك إلَى أَجَلِ كَذَا (إلَّا أَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 93 لَا فِي دُخُولِ دَارٍ وَتَأْخِيرِ وَصِيٍّ بِالنَّظَرِ وَلَا دَيْنَ، وَتَأْخِيرَ غَرِيمٍ إنْ أَحَاطَ وَأَبْرَأ   [منح الجليل] تُؤَخِّرَنِي) فَمَاتَ الْمَحْلُوفُ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَأَخَّرَ وَارِثُهُ الْحَالِفَ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَرِثَهُ عَنْ الْمَحْلُوفِ لَهُ. ابْنُ نَاجِي بَعْضُ شُيُوخِنَا ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْوَارِثُ يَحْنَثُ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ لَوْ حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّكَ إلَى أَجَلِ كَذَا فَمَاتَ رَبُّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقَضَى وَرَثَتُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ ظَاهِرَ الْكِتَابِ. (لَا) يُجْزِئُ إذْنُ الْوَارِثِ (فِي دُخُولِهِ دَارًا) حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ وَهُوَ غَيْرُ مَالِكِهَا فَمَاتَ زَيْدٌ فَلَا يَكْفِي إذْنُ وَارِثِهِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ حَقًّا يُورَثُ، فَإِنْ دَخَلَ مُسْتَنِدًا لِإِذْنِ الْوَارِثِ حَنِثَ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ لِزَيْدٍ كَفَى إذْنُ وَارِثِهِ لِانْتِقَالِهِ بِالْإِرْثِ. ابْنُ غَازِيٍّ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ أَوْ لَا يَقْضِيَهُ حَقَّهُ إلَّا بِإِذْنِ مُحَمَّدٍ فَمَاتَ مُحَمَّدٌ لَمْ يُجْزِهِ إذْنُ وَارِثِهِ، إذْ لَيْسَ بِحَقٍّ يُورَثُ فَإِنْ دَخَلَ أَوْ قَضَاهُ حَنِثَ. (وَ) أَجْزَأَ (تَأْخِيرُ) شَخْصٍ (وَصِيٍّ) عَلَى يَتِيمٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ حَالَ كَوْنِ التَّأْخِيرِ (بِالنَّظَرِ) أَيْ الْمَصْلَحَةِ لِلْمَحْجُورِ لِكَوْنِهِ يَسِيرًا أَوْ خَوْفًا مِنْ جَحْدِ الْحَالِفِ أَوْ خِصَامِهِ وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ حُمِلَ عَلَى النَّظَرِ، فَإِنْ أَخَّرَ الْوَصِيُّ الْحَالِفَ بِلَا نَظَرٍ بَرَّ الْحَالِفُ أَيْضًا وَأَجْزَأَهُ. وَإِنْ حَرُمَ عَلَى الْوَصِيِّ وَيَنْبَغِي أَخْذُ الدَّيْنِ حَالًا فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ تَأْخِيرَ الْوَصِيِّ بِالنَّظَرِ لِجَوَازِهِ ابْتِدَاءً لَا لِإِجْزَائِهِ، فَلِذَا قِيلَ لَوْ حَذَفَهُ لَوَافَقَ النَّقْلَ. وَقَيَّدَ إجْزَاءَ تَأْخِيرِ الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ بِقَوْلِهِ (وَ) الْحَالُ (لَا دَيْنَ) مُحِيطَ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ مُحِيطٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَالْحَقُّ لِلْغَرِيمِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) أَجْزَأَ (تَأْخِيرُ غَرِيمٍ) لِلْمَحْلُوفِ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ (إنْ أَحَاطَ) الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَأَبْرَأَ) الْغَرِيمُ ذِمَّةَ الْمَدِينِ الْمَحْلُوفِ لَهُ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي أَخَّرَ الْحَالِفُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْ الْحَالِفِ، وَقَيَّدَهُ أَبُو عِمْرَانَ بِكَوْنِ الْحَقِّ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ الْغَرِيمِ حَتَّى تَكُونَ حَوَالَةً جَائِزَةً وَإِلَّا فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. أَبُو الْحَسَنِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَتَجَانَسْ الدَّيْنَانِ هَلْ هُوَ مِثْلُ تَأْخِيرِ الْوَصِيِّ أَوْ مِثْلُ الْقَضَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 94 وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا، وَفِي لَتَأْكُلَنَّهَا فَخَطِفَتْهَا هِرَّةٌ فَشَقَّ جَوْفَهَا وَأُكِلَتْ، أَوْ بَعْدَ فَسَادِهَا قَوْلَانِ، إلَّا أَنْ تَتَوَانَى،   [منح الجليل] الْفَاسِدِ، وَمَفْهُومُ إنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ أَنَّهُ لَمْ يُحِطْ فَلَا يُجْزِئُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ وَتَقَدَّمَ وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حِينَئِذٍ تَأْخِيرُ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ. (وَفِي بِرِّهِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْحَالِفِ (فِي) حَلِفِهِ بِصِيغَةِ حِنْثٍ نَحْوُ (لَأَطَأَنَّهَا) أَيْ حَلِيلَتَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (فَوَطِئَهَا) وَطْئًا حَرَامًا لِكَوْنِهَا (حَائِضًا) مَثَلًا حَمْلًا لِلَفْظِهِ عَلَى مَعْنَاهُ لُغَةً وَعَدَمِ بِرِّهِ حَمْلًا لَهُ عَلَى مَدْلُولِهِ شَرْعًا قَوْلَانِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ وَلَمْ يَطَأْهَا فِيهِ لِحَيْضِهَا مَثَلًا حَنِثَ، وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُهُمَا، وَلَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى حَصَلَ الْحَيْضُ وَكَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ، وَالْقِيَاسُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْحِنْثِ فِي هَذِهِ، فَإِنْ حَلَفَ لَا وَطِئَهَا وَوَطِئَهَا حَائِضًا حَنِثَ قَالَهُ ابْنُ حَارِثٍ. الْمُصَنِّفُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ. (وَفِي) بِرِّهِ فِي حَلِفِهِ لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا عَلَى قِطْعَةِ لَحْمٍ (لَتَأْكُلَنَّهَا) أَيْ قِطْعَةَ اللَّحْمِ (فَخَطِفَتْهَا) أَيْ قِطْعَةَ اللَّحْمِ بِكَسْرِ الطَّاءِ هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ (هِرَّةٌ) وَبَلَعَتْهَا (فَشُقَّ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْقَافِ (جَوْفُهَا) أَيْ الْهِرَّةِ عَاجِلًا وَأُخْرِجَتْ مِنْهُ الْقِطْعَةُ قَبْلَ تَحَلُّلِهَا شَيْءٌ مِنْهَا فِيهِ (وَأُكِلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَيْ أَكَلَتْ الْمَرْأَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا الْقِطْعَةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَحِنْثُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَانِ إنْ تَوَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ بِأَنْ كَانَ بَيْنَ يَمِينِهِ وَخَطْفِ الْهِرَّةِ قَدْرُ مَا تَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ وَتَحُوزُهَا لِنَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ هَذَا فَهُوَ عَدَمُ التَّوَانِي، هَذَا هُوَ الَّذِي فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَأَرْجَحُهُمَا حِنْثُهُ، فَإِنْ لَمْ تَتَوَانَ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يُشَقَّ جَوْفُ الْهِرَّةِ. (أَوْ) لَمْ تَخْطَفْهَا الْهِرَّةُ وَأَخَّرَتْهَا حَتَّى فَسَدَتْ وَأَكَلَتْهَا (بَعْدَ فَسَادِهَا) فَهَلْ يَبَرُّ بِهِ أَمْ لَا (قَوْلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ تَتَوَانَى) الْمَرْأَةُ فِي أَكْلِ اللَّحْمَةِ حَتَّى فَسَدَتْ فَيَحْنَثُ اتِّفَاقًا، وَلَا يَرْجِعُ لِلْأُولَى لِعَدَمِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 95 وَفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لَا كِسْوَتِهَا وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ، وَاسْتُشْكِلَ.   [منح الجليل] تَأَتِّي رُجُوعِهِ لَهَا، وَلَا لِلثَّانِيَةِ لِتَقْيِيدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا بِتَوَانِيهَا. فَإِنْ قُلْت الْفَسَادُ يَسْتَلْزِمُ التَّوَانِي فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ. قُلْت: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ إذْ قَدْ يَفْسُدُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ فِيهِ حِينَ حَلِفِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَانٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَخِيرَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْأَخِيرَةِ، وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ وَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ فَتَرَكَهُ حَتَّى فَسَدَ ثُمَّ أَكَلَهُ قَوْلَيْنِ. اهـ. فَحَكَى الْقَوْلَيْنِ مَعَ التَّوَانِي لَا مَعَ عَدَمِهِ وَالصَّوَابُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الْهِرَّةِ لَكِنْ لَا بِمَعْنَاهُ الْمُتَقَدِّمِ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ مَعَ عَدَمِ التَّوَانِي بِالتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ عَدَمُ الْحِنْثِ حِينَئِذٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. كَمَا اعْتَرَضَ بِهَذَا عَلَى الْمُصَنِّفِ الشَّارِحُ وَالْحَطّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ هُنَا التَّوَانِي فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِيهَا إذَا لَمْ تَتَوَانَ الْبَضْعَةُ فِي جَوْفِ الْهِرَّةِ حَتَّى تَحَلَّلَ بَعْضُهَا وَإِلَّا حَنِثَ عِنْدَهُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْبَيَانِ وَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهَا إنْ اُسْتُخْرِجَتْ مِنْ بَطْنِ الْهِرَّةِ صَحِيحَةً كَمَا هِيَ بِحَدَثَانِ مَا بَلَعَتْهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَحَلَّلَ فِي جَوْفِهَا شَيْءٌ مِنْهَا فَأَكَلَتْهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ. اهـ. فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ وَالْحَطّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ إنْ لَمْ تَتَوَانَ فِي أَخْذِهَا لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَوَانَتْ فِي أَخْذِهَا وَتَوَانَتْ فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ حَنِثَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَوَانَتْ فِي أَخْذِهَا وَلَمْ تَتَوَانَ فِي شَقِّ جَوْفِ الْهِرَّةِ فَالْقَوْلَانِ. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ طَلَبَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ أَنْ يَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَكْسُوَهَا إيَّاهُمَا وَنَوَى أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَكَسَاهَا إحْدَاهُمَا (الْحِنْثُ) بِكِسْوَتِهَا (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا كَسَوْتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ إيَّاهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَسَوْتُهُمَا بِضَمِيرِ تَثْنِيَةٍ (وَ) الْحَالُ (نِيَّتُهُ) أَيْ الْحَالِفِ (الْجَمْعُ) أَيْ لَا يَكْسُوَهَا الثَّوْبَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ وَلَا مُفْتَرِقَيْنِ. (وَاسْتُشْكِلَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْكَافِ تَحْنِيثُهُ بِكِسْوَةِ أَحَدِهِمَا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنِيَّتِهِ وَقَوْلُهُمْ يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْجَمِيعَ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ بِالْبَعْضِ. وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 96 فَصْلٌ) النَّذْرُ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ كُلِّفَ   [منح الجليل] بِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى يَمِينِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مُعَيَّنٍ، وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَرَفْعٌ، فَإِنْ اسْتَفْتَى فَيَنْبَغِي الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ حِنْثِهِ. فَإِنْ قُلْت نِيَّتُهُ مُسَاوِيَةٌ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ قُلْت: لَمَّا احْتَمَلَ أَنَّ الْمَعْنَى لَا كَسَوْتُهَا الثَّوْبَيْنِ مَعًا وَلَا كَسَوْتُهَا أَحَدَهُمَا كَانَتْ مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ لَفْظِهِ، وَبَقِيَتْ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ فِي كَبِيرِ تت أَفَادَهُ عب. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا حِنْثُ مَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ خُبْزًا وَزَيْتًا بِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمْعَهُمَا ثُمَّ قَالَ: وَفِيهَا مَنْ حَلَفَ لَا كَسَا امْرَأَتَهُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّتُهُ لَا كَسَاهَا إيَّاهُمَا جَمِيعًا حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا. التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ يُرِيدُ جَمِيعًا فِي الْكِسْوَةِ لَا الزَّمَانَ، وَحَمَلَهُ أَشْهَبُ عَلَى مَعِيَّةِ الزَّمَانِ فَلَمْ يُحَنِّثْهُ بِأَحَدِهِمَا حَتَّى يَنْوِيَ الْمَعِيَّةَ فِي الْكِسْوَةِ، وَعَزَا عَبْدُ الْحَقِّ مَا لِلتُّونُسِيِّ لِلشَّيْخِ وَزَادَ عَنْهُ فَارَقَ جَوَابَهُ فِي تَنْوِيَتِهِ فِي لَا آكُلُ خُبْزًا وَزَيْتًا لِأَنَّ الْعُرْفَ جَمَعَهُمَا بِخِلَافِ الثَّوْبَيْنِ لَيْسَ الْعُرْفُ جَمَعَهُمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي النَّذْر] (بَابٌ) فِي النَّذْرِ (النَّذْرُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (الْتِزَامُ) أَيْ إيجَابُ شَخْصٍ (مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ وَنُدِبَ لَهُ وَفَاؤُهُ إنْ أَسْلَمَ (كُلِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لَا صَبِيٍّ، وَنُدِبَ لَهُ وَفَاؤُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَمَفْعُولُ الْمَصْدَرِ مَحْذُوفٌ أَيْ قُرْبَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ تَعْرِيفٌ لِلنَّذْرِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُ الْمَفْعُولِ أَمْرًا فَيَعُمَّ الْمَنْدُوبَ وَغَيْرَهُ بِقَرِينَةِ حَذْفِهِ، وَتَعْقِيبُهُ، بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: النَّذْرُ الْأَعَمُّ مِنْ الْجَائِزِ إيجَابُ امْرِئٍ عَلَى نَفْسِهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْرًا لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» . وَإِطْلَاقُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمُحَرَّمِ نَذْرًا، وَأَخَصُّهُ الْمَأْمُورُ بِأَدَائِهِ الْتِزَامُ طَاعَةٍ بِنِيَّةِ قُرْبَةٍ لَا لِامْتِنَاعٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 97 وَلَوْ غَضْبَانَ،   [منح الجليل] مِنْ أَمْرٍ، فَهَذَا يَمِينٌ حَسْبَمَا مَرَّ وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. اهـ. وَشَمِلَ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفَ الرَّقِيقَ. وَحَاصِلُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَسَدِهِ كَصَوْمٍ وَصَلَاةٍ فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالسَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ تَعْجِيلِ وَفَائِهِ، وَإِنْ ضَرَّ بِهِ فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ. أَبُو عُمَرَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ، وَأَمَّا الْمُؤَقَّتُ فَفِي سُقُوطِهِ عَنْهُ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ وَلُزُومِ قَضَائِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ نَذَرَ مَالًا فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ مَا دَامَ رَقِيقًا، فَإِذَا عَتَقَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ، فَإِنْ رَدَّ سَيِّدُهُ النَّذْرَ وَأَبْطَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ كَمَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ مِنْهَا. وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ هُوَ مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ، وَفَرَّقَ الْقَرَوِيُّونَ بَيْنَهُمَا بِفُرُوقٍ أَحْسَنُهَا مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ: وَالصَّوَابُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ اللُّزُومِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا رَدًّا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ رَدَّ سَيِّدُهُ نَذْرَهُ بَطَلَ، وَلَا يَلْزَمُ وَفَاؤُهُ إنْ عَتَقَ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ بَلْ مَنَعَهُ الْوَفَاءَ فَقَطْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ بِهِ بَعْدَ عِتْقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَمِلَ أَيْضًا السَّفِيهَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَيَلْزَمُهُ نَذْرُ غَيْرِ الْمَالِ لَا الْمَالِ، فَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَعَلَى وَلِيِّهِ رَدُّهُ كُلِّهِ، وَإِنْ رَشَدَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَيُنْدَبُ لَهُ، وَشَمِلَ أَيْضًا بَقِيَّةَ الْمَحَاجِيرِ كَمَرِيضٍ وَزَوْجَةٍ رَشِيدَةٍ، وَلَوْ بِزَائِدِ الثُّلُثِ فِيهِمَا، لَكِنْ إنْ أَجَازَهُ الزَّوْجُ وَالْوَارِثُ وَإِلَّا نَفَذَ ثُلُثُ الْمَرِيضِ، وَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ نَذَرَتْ زَائِدًا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَرُدُّ وَارِثُهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ نَذْرٍ بِثُلُثٍ، وَالزَّوْجَةُ إنْ رَدَّ زَوْجُهَا جَمِيعَ نَذْرِهَا يُمْكِنُهَا إنْشَاءُ نَذْرٍ بِثُلُثِهَا، وَشَمِلَ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَهُ حَالَ سُكْرِهِ لَا بِحَلَالٍ فَكَالْمَجْنُونِ، وَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْمُكَلَّفَ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ غَضْبَانَ. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ النَّاذِرُ (غَضْبَانَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمِثْلُ نَذْرِ الْغَضْبَانِ فِي الْوُجُوبِ نَذْرُ اللَّجَاجِ وَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ مَنْعُ النَّفْسِ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ وَمُعَاقَبَتُهَا وَإِلْزَامُهَا النَّذْرَ كَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، وَكَذَا نَذْرُ كَثِيرٍ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 98 وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ، بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ   [منح الجليل] مِمَّا يُؤَدِّي لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، بِخِلَافِ مَا لَا يُطِيقُهُ فَإِنَّ نَذْرَهُ مَعْصِيَةٌ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَيَلْزَمُ النَّاذِرَ نَذْرُهُ. (وَإِنْ قَالَ) الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ عَلَيَّ كَذَا (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي) أَنْ لَا أَفْعَلَ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَالْمَشِيئَةُ لَا تُفِيدُ فِي النَّذْرِ غَيْرِ الْمُبْهَمِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ قَوْلِهِ: تَنْفَعُهُ الْمَشِيئَةُ، وَأَمَّا الْمُبْهَمُ فَكَالْيَمِينِ فِي الْمَشِيئَةِ بِاَللَّهِ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرُ كَذَا إنْ شِئْت، فَظَاهِرُ كَلَامِ تت أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ أَيْضًا، وَنَصُّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ (أَوْ) : إلَّا أَنْ (أَرَى خَيْرًا مِنْهُ) أَيْ النَّذْرِ خِلَافًا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ فِي قَوْلِهِ: يَنْفَعُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ عَهِدَ التَّعْلِيقَ فِي الطَّلَاقِ، وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ الْبُنَانِيُّ. وَحَاصِلُ مَا لَهُمْ فِي الطَّلَاقِ: أَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَنْفَعُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ شَرْطًا، نَحْوُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ كَانَ اسْتِثْنَاءً، نَحْوُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَأَنَّ التَّقْيِيدَ فِيهِ بِمَشِيئَةِ الْغَيْرِ نَافِعٌ فِيهِ شَرْطًا كَانَ، نَحْوُ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ اسْتِثْنَاءً، نَحْوُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ، وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَشِيئَةِ نَفْسِهِ غَيْرُ نَافِعٍ فِيهِ إنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً، نَحْوُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي وَيَنْفَعُهُ إنْ كَانَ شَرْطًا، نَحْوُ إنْ شِئْت عَلَى مَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَهُ الْحَطّ فِي الطَّلَاقِ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا مُصَرِّحًا بِذَلِكَ فِي بَابِ النَّذْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَمِيعَ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الطَّلَاقِ يَجْرِي هُنَا فِي النَّذْرِ فَالْمَسْأَلَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ. (بِخِلَافِ) عَلَيَّ كَذَا (إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَبِمَشِيئَتِهِ) أَيْ فُلَانٍ مِنْ أَمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ، فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يَشَاءَ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ بِرَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى النَّاذِرِ، وَقَوْلُهُ فُلَانٌ أَيْ الْحَيُّ فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا حَالَ قَوْلِهِ لَزِمَهُ نَذْرُهُ لِتَلَاعُبِهِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ، وَعَلَى نَذْرٍ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ لَزِمَهُ لِهَزْلِهِ. (وَإِنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ) أَيْ النَّذْرِ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ طُلِبَ فِعْلُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 99 ك لِلَّهِ عَلَيَّ، أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ   [منح الجليل] طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ. ابْنُ عَاشِرٍ يَعْنِي مِمَّا لَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ إلَّا قُرْبَةً وَأَمَّا مَا يَصِحُّ وُقُوعُهُ تَارَةً قُرْبَةً وَتَارَةً غَيْرَهَا فَلَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ كَنِكَاحٍ وَهِبَةٍ ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ التِّلِمْسَانِيُّ، فَشَمِلَ الرَّغِيبَةَ وَالسُّنَّةَ أَيْضًا بِدَلِيلِ التَّمْثِيلِ بِقَوْلِهِ (كَ لِلَّهِ) تَعَالَى (عَلَيَّ) ضَحِيَّةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِالنَّذْرِ عَلَى الصَّحِيحِ (أَوْ عَلَى ضَحِيَّةٍ) بِدُونِ لِلَّهِ، وَأَظْهَرَ مِمَّا نَدَبَ قُرْبَةً، وَمِنْهَا صَوْمُ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَعِتْقُ رَقِيقٍ كَذَلِكَ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْقُرْبَةَ تَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَهُوَ لَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ لِقَصْرِ السِّيَاقِ إيَّاهَا عَلَى مَا سِوَاهُ، إذْ فِي شُمُولِهَا إيَّاهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَلَا يَرِدُ عَلَى تَمْثِيلِهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالذَّبْحِ فَإِنَّهُ فِي الْوُجُوبِ الَّذِي يُلْغَى الْعَيْبُ الطَّارِئُ بَعْدَهُ كَتَقْلِيدِ الْهَدْيِ وَمَا هُنَا فِيمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَمِنْ الْمَنْدُوبِ زِيَارَةُ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَتَجِبُ بِالنَّذْرِ، وَإِنْ أَعْمَلَ فِيهَا الْمَطِيَّ وَحَدِيثُ لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ مَخْصُوصٌ بِالصَّلَاةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَكَذَا خَبَرُ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ» لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَنْعِ الزِّيَارَةِ إذْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ الْمَسْجِدُ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَسَاجِدَ وَالْأَصْلُ فِيهِ الِاتِّصَالُ. وَيَرِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَوْمُ رَابِعِ النَّحْرِ وَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ قَبْلَ زَمَانِهِ أَوْ مَكَانِهِ إذْ هُمَا مَكْرُوهَانِ وَيَلْزَمَانِ بِنَذْرِهِمَا. وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّوْمَ وَالْإِحْرَامَ مَنْدُوبَانِ لِذَاتِهِمَا مَكْرُوهَانِ لِوَقْتِهِمَا فَوَجَبَا بِالنَّذْرِ بِاعْتِبَارِ نَدْبِهِمَا لِذَاتِهِمَا، وَأُلْغِيَتْ كَرَاهَتُهُمَا لِوَقْتِهِمَا احْتِيَاطًا لِلنَّذْرِ، وَاحْتُرِزَ بِمَا نُدِبَ عَنْ الْوَاجِبِ فَلَا يَجِبُ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ، وَعَنْ الْمُحَرَّمِ وَالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهَا بِالنَّذْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيَحْرُمُ نَذْرُ الْمُحَرَّمِ وَفِي كَوْنِ نَذْرِ الْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ كَذَلِكَ أَوْ مِثْلُهُمَا قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مَعَ ظَاهِرِ الْمُوَطَّأِ وَالْمُقَدِّمَاتِ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّحْرِيمِ قَلْبُ الْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ. أَفَادَهُ عب. طفى أَتَى بِكَافِ التَّمْثِيلِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ صِيغَتِهِ فِي لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَيَلْزَمُ بِكُلِّ لَفْظٍ دَالٍّ عَلَى الِالْتِزَامِ فَفِيهَا إنْ قَالَ: دَارِي أَوَعَبْدِي أَوْ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ مِمَّا لَا يُهْدَى هَدْيٌ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ وَحَنِثَ فَلْيَبِعْهُ وَيَبْعَثْ ثَمَنَهُ اهـ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ نَجَّانِي مِنْ كَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 100 وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] فَأَصُومُ يَوْمَيْنِ أَوْ أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَتَصَدَّقُ بِكَذَا. اهـ. وَتَأَمَّلْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ آخِرَ الْهِبَةِ، وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَنَبَّهْت عَلَى هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرٌ الْآنَ بَعْضُ النَّاسِ تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاَللَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِقَوْلِ الشَّارِحِينَ وَأَشَارَ لِصِيغَتِهِ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ وَنُصُوصُ الْمَالِكِيَّةِ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ صِيغَةٌ مَخْصُوصَةٌ حَتَّى اخْتَلَفُوا فِي لُزُومِهِ بِالنِّيَّةِ. (وَنُدِبَ) النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ غَيْرُ الْمُكَرَّرِ وَالْمُعَلَّقِ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ بِأَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا حَصَلَ، كَمَنْ نَجَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُرْبَةٍ أَوْ شَفَى مَرِيضَهُ أَوْ رَزَقَهُ عِلْمًا أَوْ مَالًا أَوْ زَوْجَةً صَالِحَةً أَوْ وَلَدًا صَالِحًا فَنَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ حَجًّا أَوْ عِتْقًا، وَأَمَّا مَا لَيْسَ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ حَصَلَ فَيُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَالْتِزَامُهُ بِدُونِ تَعْلِيقٍ، كَذَا فِي الْحَطّ وعب، وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءٌ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّذْرُ (الْمُكَرَّرُ) مُتَعَلِّقَةٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاللَّامِ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ لِنَفْلِ الْوَفَاءِ بِهِ فَيُؤَدِّيهِ مُتَكَرِّهًا وَلِخَوْفِ تَفْرِيطِهِ فِي وَفَائِهِ فَيَأْثَمُ (وَفِي كُرْهِ) بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ كَرَاهَةِ النَّذْرِ (الْمُعَلَّقِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى شَيْءٍ مَحْبُوبٍ آتٍ لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهِ مَدْخَلٌ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ تَعَالَى مَرِيضِي أَوْ رَزَقَنِي كَذَا أَوْ نَجَّانِي مِنْ كَذَا، فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ الْمُعَاوَضَةِ وَلِتَوَهُّمِ أَنَّهُ يَجْلِبُ الْخَيْرَ وَيَرُدُّ الشَّرَّ، وَلِذَا «نَهَى رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِمَا أَيْضًا «أَنَّ النَّذْرَ لَا يُقَرِّبُ مِنْ ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَكِنَّ النَّذْرَ يُوَافِقُ الْقَدَرَ فَيُخْرَجُ بِذَلِكَ مِنْ الْبَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَخِيلُ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ» . اهـ. وَإِبَاحَتُهُ (تَرَدُّدٌ) الْكَرَاهَةُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ شَاسٍ، وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمَحَلُّهُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ عَلَّقَهُ عَلَى مَحْبُوبٍ آتٍ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 101 وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ بِنَذْرِهَا فَإِنْ عَجَزَ فَبَقَرَةٌ ثُمَّ سَبْعُ شِيَاهٍ لَا غَيْرُ   [منح الجليل] نَجَّانِي مِنْ كَذَا أَمَّا مَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَذَا، فَقَدْ وَافَقَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ؛ لِأَنَّهَا وَهِيَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَاتِهِ مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ نَذْرًا مُبْهَمًا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَالْيَمِينَ بِاَللَّهِ سَوَاءٌ، لَا يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي النَّذْرِ لَا فِي الْيَمِينِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا لَمْ يُخْرِجْهَا الْمُصَنِّفُ مِنْ تَعْرِيفِ النَّذْرِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُ نَذْرٌ اُنْظُرْ طفى. عب مَحَلُّهُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ نَفْعَهُ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعًا، وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ إنْ وَقَعَ كَالْمُكَرَّرِ وَيَقْضِي بِهِ إنْ كَانَ عِتْقُ مُعَيَّنٍ أَوْ صَدَقَةٌ لِمُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَا، وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعِتْقِ، وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بَيْتٌ مُعَيَّنٌ، وَفِي الْهِبَةِ وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ وَالتَّرَدُّدُ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَى غَيْرِ الْمُحَرَّمِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَفِي التَّلْقِينِ أَنَّهُ لَازِمٌ إنْ وُجِدَ كَإِنْ زَنَيْت أَوْ إنْ لَمْ أَزْنِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ بِدِينَارٍ. (وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ) أَيْ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْإِبِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِإِطْلَاقِهَا عَلَيْهِمَا فَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ (بِنَذْرِهَا) بِلَفْظِ بَدَنَةٍ، فَإِنْ نَذَرَهَا بِلَفْظِ هَدْيٍ فَإِنْ نَوَى نَوْعًا لَزِمَهُ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الْبَدَنَةُ. (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهَا (فَبَقَرَةٌ ثُمَّ) إذَا عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ لَزِمَهُ (سَبْعُ شِيَاهٍ) وَيُشْتَرَطُ فِي الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ وَالشِّيَاهِ سِنُّ الضَّحِيَّةِ وَسَلَامَتُهَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ حِينَ نَذْرِهِ صَغِيرَةً أَوْ مَعِيبَةً (لَا غَيْرُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ يُحْتَمَلُ لَا غَيْرُ السَّبْعِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا وَيُحْتَمَلُ لَا غَيْرُ السَّبْعِ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهَا مِنْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ مِنْ صِيَامٍ أَوْ إطْعَامٍ فَيَصِيرُ إلَى وُجُودِ الْأَصْلِ أَوْ بَدَلِهِ أَوْ بَدَلِ بَدَلِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَهُمَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ السَّبْعِ أَخْرَجَهُ ثُمَّ كَمَّلَهَا مَتَى أَيْسَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كُلِّهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. اهـ. عب. الْبُنَانِيُّ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلَا أَعْرِفُ فِي هَذَا صَوْمًا إلَّا أَنْ يُحِبَّ الصَّوْمَ فَلْيَصُمْ عَشْرَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ أَيْسَرَ يَوْمًا مَا كَانَ عَلَيْهِ مَا نَذَرَهُ. اهـ. وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ لَوْ زَادَ الْمُصَنِّفُ وَصَامَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 102 وَصِيَامٌ بِثَغْرٍ وَثُلُثُهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَمَا بَقِيَ   [منح الجليل] إنْ أَحَبَّ لِتَنْزِلَ عَلَى مَا فِيهَا، وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ السَّبْعِ أَخْرَجَهُ يُعَارِضُ مَا ذَكَرَهُ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، وَجَعَلَهُمَا الْخَرَشِيُّ مُتَقَابِلَيْنِ فَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَوَّاقِ، وَنَقَلَ الثَّانِي عَنْ بَعْضٍ. وَيُجَابُ عَنْ " ز " بِأَنَّ مُرَادَهُ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَقَلِّ فَلَا يُنَافِي دَفْعَ الْأَقَلِّ مَعَ التَّكْمِيلِ إنْ أَيْسَرَ. (وَ) لَزِمَ (صِيَامُ) نَذْرٍ فَعَلَهُ (بِثَغْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَلَدِ إسْلَامٍ بِسَاحِلِ الْبَحْرِ يُخْشَى هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْهُ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَدِمْيَاطَ، وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ بِمَوْضِعٍ أَفْضَلَ مِنْهُ كَمَكَّةَ كَمَا فِيهَا، وَمِثْلُ الصَّوْمِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ. وَقَالَ تت لَا يَلْزَمُ الْإِتْيَانُ لِلصَّلَاةِ مِنْ مَكَّةَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ كَمَكَّةَ قَالَهُ عج. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا حَقَّقَهُ طفى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ بِثَغْرٍ فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً وَيَعُودُ مِنْ فَوْرِهِ فَلْيُصَلِّهَا بِمَوْضِعِهِ، وَلَا يَأْتِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فِي الْمَكِّيِّ وَالْمَدَنِيِّ. طفي. وَالظَّاهِرُ أَنْ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِهَذَا فَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ وَإِنْ نَذَرَ صَلَوَاتٍ تُمْكِنُ الْحِرَاسَةُ مَعَهَا لَزِمَهُ إتْيَانُهُ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ الْجَوَاهِرِ وَلَوْ ذَكَرَ مَوْضِعًا غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ عِبَادَةٌ تُخَصِّصُهُ لَزِمَهُ إتْيَانُهُ وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَرِبَاطِ وَجِهَادٍ نَاجِزٍ. اهـ. وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّاذِلِيِّ. (وَ) لَزِمَ الْحَالِفَ بِمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّهُ وَحَنِثَ فَيَلْزَمُهُ (ثُلُثُهُ) أَيْ الْمَالِ مِنْ عَيْنٍ وَعَدَدَيْنِ أَوْ قِيمَتُهُ وَعَرَضٌ وَقِيمَةُ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ، فَإِنْ عَجَزَ وَزَادَتْ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ عَنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ أَخْرَجَ ثُلُثَهَا وَأُجْرَةَ خِدْمَةِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمِّ وَلَدِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ مَالُهُ الْمَوْجُودُ (حِينَ يَمِينِهِ) لَا مَا زَادَ بَعْدَهَا بِهِبَةٍ أَوْ نَمَاءٍ أَوْ وِلَادَةٍ خِلَافًا لِقَوْمٍ، فَلَوْ حَلَفَ، وَمَالُهُ أَلْفٌ وَحَنِثَ وَهُوَ أَلْفَانِ لَزِمَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَبِالْعَكْسِ ثُلُثُ الْأَلْفِ رِفْقًا بِهِ، وَأَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَنْقُصَ) قَدْرُ الْمَالِ يَوْمَ حِنْثِهِ عَنْ قَدْرِهِ يَوْمَ يَمِينِهِ (فَ) يَلْزَمُهُ ثُلُثُ (مَا بَقِيَ) بَعْدَ إخْرَاجِ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 103 بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ الْجِهَادُ، وَالرِّبَاطُ بِمَحَلٍّ خِيفَ   [منح الجليل] وَلَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ مَهْرَ زَوْجَتِهِ (بِ) قَوْلِهِ (مَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّه) أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ هَدْيٌ لِلْكَعْبَةِ مِنْ كُلِّ مَا فِيهِ قُرْبَةٌ غَيْرُ يَمِينٍ، أَوْ كَانَ يَمِينًا كَمَالِي صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَإِنْ لَمْ أَفْعَلْهُ وَحَنِثَ. وَالْمَشْهُورُ فِيمَا نَقَصَ قَبْلَ الْحِنْثِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ: وَأَمَّا إنْ نَقَصَ أَيْ قَبْلَ الْحِنْثِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ مِنْ سَبَبِهِ. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا تَلِفَ بَعْدَ حِنْثِهِ دُونَ تَفْرِيطٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَبِتَفْرِيطٍ فِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ وَلُزُومُ ثُلُثِهِ قَوْلَ هِبَاتِهَا مَعَ الْوَاضِحَةِ وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطَةِ، وَعَنْ دَلِيلِ مَا لَهُ فِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ مُقْتَضَى النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ كَالزَّكَاةِ يُفَرِّطُ فِيهَا. قُلْت عَزَاهُ وَقِيَاسُهُ عَلَى الزَّكَاةِ. الْبَاجِيَّ لِسَحْنُونٍ وَمَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ حِنْثِهِ فِي لَغْوِهِ وَلُزُومِ ثُلُثِهِ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَهُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ وَإِنْ لَمْ يُخْرَجْ ثُلُثَ مَالِهِ حَتَّى ضَاعَ مَالُهُ كُلُّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَرَّطَ أَوْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ ذَلِكَ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ فَلَمْ يُخْرَجْ ثُلُثَهُ حَتَّى تَلِفَ جُلُّ مَالِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا إخْرَاجُ ثُلُثِ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ. طفى ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ثُلُثُ مَا أَنْفَقَهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حِينَ يَمِينِهِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ وَتَبِعَهُ عج، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَهُوَ) أَيْ سَبِيلُ اللَّهِ (الْجِهَادُ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُعْطَى لِمَنْ فِي مَوْضِعِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعْطَى مِنْهُ مُقْعَدٌ، وَلَا أَعْمَى، وَلَا امْرَأَةٌ، وَلَا صَبِيٌّ وَلَوْ قَاتَلَ، وَلَا مَرِيضٌ مَيْئُوسٌ مِنْهُ، وَلَا مَفْلُوجٌ وَشِبْهُهُ، وَلَا أَقْطَعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ الْيَدِ الْيُسْرَى. اهـ (وَالرِّبَاطُ) أَيْ الْحِرَاسَةُ (بِمَحَلٍّ خِيفَ) هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْهُ كَجُدَّةِ بِضَمِّ الْجِيمِ. الْبُنَانِيُّ فِي التَّمْثِيلِ بِهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِرِبَاطٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إذَا ارْتَفَعَ الْخَوْفُ عَنْ الثَّغْرِ لِقُوَّةِ الْإِسْلَامِ بِهِ أَوْ بُعْدِهِ عَنْ الْعَدُوِّ وَزَالَ حُكْمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 104 وَأُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِمُتَصَدِّقٍ بِهِ عَلَى مُعَيَّنٍ فَالْجَمِيعُ،   [منح الجليل] الرِّبَاطِ عَنْهُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ جَعَلَ شَيْئًا فِي السَّبِيلِ لَا يَجْعَلُهُ فِي جُدَّةَ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ الَّذِي كَانَ بِهَا قَدْ ذَهَبَ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ. قُلْتُ قَدْ عَادَ الْخَوْفُ الْآنَ أَشَدَّ مِمَّا كَانَ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُقَامَ بِمَحَلٍّ خِيفَ رِبَاطٌ وَإِنْ كَانَ بِالْأَهْلِ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ بِرِبَاطٍ. (وَأَنْفَقَ) مُخْرِجٌ ثُلُثَ مَالِهِ فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ (عَلَيْهِ) أَيْ الثُّلُثَ الَّذِي لَزِمَهُ بِقَوْلِهِ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ لَهُ لَا مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ اتِّفَاقًا. وَفَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مَالِي إخْرَاجُ جَمِيعِهِ فَلَمَّا خُفِّفَ عَنْهُ بِالثُّلُثِ وَجَبَ إخْرَاجُ جَمِيعِ الثُّلُثِ بِخِلَافِ ثُلُثِ مَالِي. وَاسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ أَحْوَالِ لُزُومِ الثُّلُثِ بِمَالِي فِي كَسَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ (إلَّا لِتَصَدُّقٍ بِهِ) أَيْ مَالِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ (عَلَى مُعَيَّنٍ) بِشَخْصِهِ كَزَيْدٍ أَوْ وَصْفِهِ كَبَنِي زَيْدٍ (فَ) يَلْزَمُهُ (الْجَمِيعُ) حِينَ حَلَفَ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَالْبَاقِي وَيَتْرُكُ مَا يُتْرَكُ لِمُفْلِسٍ. ابْنُ غَازِيٍّ الضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلْمَالِ، وَهَذَا الْفَرْعُ فِي النَّوَادِرِ وَالنُّكَتِ، وَلَهُمَا عَزَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَتَصَدُّقٍ بِهِ بِالْكَافِ فَيَدْخُلَ تَحْتَهَا مَنْ نَذَرَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَظَنَّ لُزُومَ جَمِيعِهِ فَأَخْرَجَهُ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي ثُلُثَيْهِ بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ بِيَدِ غَيْرِهِ فَهُوَ شَبِيهُ التَّصَدُّقِ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذَا الْفَرْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا فِي مَشَاهِيرِ الْكُتُبِ فَعَلَيْهِ حَمَلَ ابْنُ رَاشِدٍ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَوْ أَخْرَجَهُ فَفِي مُضِيِّهِ قَوْلَانِ، وَعَضَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ. اهـ. وَلَفْظُ ابْنِ بَشِيرٍ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ هَلْ يَمْضِي فِعْلُهُ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ إذَا أَخْرَجَ جَمِيعَهُ هَلْ يَمْضِي فِعْلُهُ أَمْ لَا، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى الصَّدَقَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ، وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَيْسَ هَذَا شِبْهَ الْمُعَيَّنِ فِي الصُّورَةِ فَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ الْكَافِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 105 وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ {} وَمَا سَمَّى وَإِنْ مُعَيَّنًا أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ وَبَعْثُ فَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِمَحَلِّهِ إنْ وَصَلَ وَإِنْ   [منح الجليل] (وَكَرَّرَ) نَاذِرٌ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ الْحَالِفُ بِذَلِكَ إخْرَاجَ الثُّلُثِ لِكُلِّ يَمِينٍ فَيُخْرِجُ ثُلُثَهُ لِلْيَمِينِ الْأُولَى ثُمَّ ثُلُثَ الْبَاقِي لِلثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا هَذَا (إنْ) كَانَ (أَخْرَجَ) الثُّلُثَ الْأَوَّلَ لِلْيَمِينِ الْأُولَى بَعْدَ لُزُومِهِ وَقَبْلَ إنْشَاءِ الثَّانِي، وَقَوْلُنَا بَعْدَ لُزُومِهِ أَيْ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّذْرَ يَلْزَمُ بِلَفْظِهِ وَالْيَمِينَ بِالْحِنْثِ فِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْأَوَّلَ حَتَّى أَنْشَأَ الثَّانِيَ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا، وَفِيهَا صُورَتَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُخْرِجَ بَعْدَ إنْشَائِهَا وَقَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا أَوْ بَعْدَهُ (فَقَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ بِالتَّكْرَارِ وَالِاكْتِفَاءِ بِثُلُثٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ الْمُنْعَقِدَةِ، نَقَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ، وَسَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ مُحْتَمَلًا كَوْنُهُ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ ابْنِ كِنَانَةَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) لَزِمَ النَّاذِرَ (مَا سَمَّى) بِشَدِّ الْمِيمِ مِنْ مَالِهِ إذَا كَانَ شَائِعًا كَرُبُعِهِ وَتِسْعَةِ أَعْشَارِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُسَمَّى (مُعَيَّنًا) بِفَتْحِ الْيَاءِ كَعَبْدِي أَوْ دَارِي سَوَاءٌ أَبْقَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا أَوْ (أَتَى) ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ (عَلَى الْجَمِيعِ) الْبُنَانِيُّ: الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ فِي كَلَامِهِ مُقَابِلُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ غَازِيٍّ، فَقَوْلُهُ وَمَا سَمَّى يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: الْجُزْءُ الشَّائِعُ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ، وَالْعَدَدُ كَمِائَةٍ وَأَلْفٍ، وَالْمُعَيَّنُ بِالذَّاتِ كَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ، وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ يُمْكِنُ إتْيَانُهُمَا عَلَى الْجَمِيعِ، فَلِذَا بَالَغَ عَلَيْهِمَا. وَتَقْرِيرُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا سَمَّى غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ مُعَيَّنًا لَمْ يَأْتِ عَلَى الْجَمِيعِ، بَلْ وَإِنْ مُعَيَّنًا أَتَى عَلَى الْجَمِيعِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ وَجَعَلَ الْمُعَيَّنَ غَايَةً؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إتْيَانُهُ عَلَى الْجَمِيعِ، فَالْجُزْءُ وَلَوْ كَثُرَ أَحْرَى كَتِسْعَةِ أَعْشَارٍ وَيُتْرَكُ لَهُ فِي هَذَا، وَفِي قَوْلِهِ قَبْلُ فَالْجَمِيعُ قَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَصْرِفُهُ فِي حَجِّ فَرْضٍ بِلَا سَرَفٍ، وَكَفَّارَةٍ وَزَكَاةٍ وَنَذْرٍ سَابِقٍ وَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ. (وَ) لَزِمَ (بَعْثُ فَرَسٍ وَسِلَاحٍ) نَذَرَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ حَلَفَ بِهِمَا فَحَنِثَ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ الْجِهَادِ وَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِنَفْسِهِ وَإِخْرَاجُ قِيمَتِهِ (إنْ وَصَلَ) أَيْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ (وَإِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 106 لَمْ يَصِلْ بِيعَ وَعُوِّضَ كَهَدْيٍ وَلَوْ مَعِيبًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَهُ فِيهِ إذَا بِيعَ الْإِبْدَالُ بِالْأَفْضَلِ، وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ، وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَأُهْدِيَ بِهِ   [منح الجليل] لَمْ يَصِلْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ لِعَارِضٍ أَوْ عَدَمِ مُوَصِّلٍ (بِيعَ وَعُوِّضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِثَمَنِهِ فِي مَحَلِّهِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْ نَوْعِهِ مِنْ كُرَاعٍ وَهُوَ الْخَيْلُ أَوْ سِلَاحٍ مِمَّا فِيهِ إنْكَاءٌ لِلْعَدُوِّ فَإِنْ جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَيْسَ بِفَرَسٍ وَآلَةِ حَرْبٍ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ بِيعَ، وَدُفِعَ ثَمَنُهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ وَشَبَّهَ فِي الْبَعْثِ إنْ وَصَلَ وَالْبَيْعِ وَالتَّعْوِيضِ إنْ لَمْ يَصِلْ فَقَالَ (كَهَدْيٍ) كَقَوْلِهِ هَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ لِمَكَّةَ فَيَلْزَمُهُ بَعْثُهَا لِمِنًى أَوْ مَكَّةَ إنْ كَانَتْ تَصِلُ وَإِلَّا بِيعَتْ وَأُرْسِلَ ثَمَنُهَا إلَى مِنًى أَوْ مَكَّةَ يُشْتَرَى بِهِ فِيهَا بَدَنَةٌ أَوْ بَدَلُهَا، وَيُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَلْزَمُ بَعْثُ الْهَدْيِ الْمُعَيَّنِ إنْ كَانَ سَلِيمًا. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مَعِيبًا) عَيْبًا مَانِعًا مِنْ الْإِجْزَاءِ كَعَلَيَّ هَدْيُ هَذِهِ الْبَدَنَةِ وَهِيَ عَوْرَاءُ أَوْ عَرْجَاءُ أَوْ نَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يُهْدَى؛ لِأَنَّ السَّلَامَةَ إنَّمَا تُطْلَبُ فِي الْوَاجِبِ الْمُطْلَقِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِيعَ وَعُوِّضَ سَلِيمًا (عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. الْحَطّ اُنْظُرْ مَنْ صَحَّحَهُ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ يُبَاعُ الْمُعَيَّنُ الْمَعِيبُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ سَلِيمٌ، وَاتَّفَقَا عَلَى لُزُومِ سَلِيمٍ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ كَعَلَيَّ هَدْيٌ أَعْوَرُ (وَلَهُ) أَيْ النَّاذِرِ (فِيهِ) أَيْ الْهَدْيُ سَلِيمًا أَوْ مَعِيبًا (إذَا بِيعَ) لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِ (الْإِبْدَالُ) بِالنَّوْعِ (الْأَفْضَلِ) كَإِبْدَالِ كَبْشٍ بِبَقَرَةٍ أَوْ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ بِبَدَنَةٍ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ إبْدَالِ الْمَعِيبِ بِسَلِيمٍ (وَإِنْ كَانَ) الْمَنْذُورُ هَدْيُهُ مُعَيَّنًا مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُهْدَى (كَثَوْبٍ) وَعَبْدٍ وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ (بِيعَ) وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ هَدْيٌ. (وَكُرِهَ بَعْثُهُ) إمَّا لِإِيهَامِ تَغْيِيرِ سُنَّةِ الْهَدْيِ؛ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ فِي النَّعَمِ فَبَعْثُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ يُوهِمُ بُطْلَانَ هَذَا الْحَصْرِ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ فِي سِلْعَةٍ تُسَاوِي فِي مَوْضِعِهَا أَكْثَرَ مِمَّا تُسَاوِي بِمَكَّةَ (وَأُهْدِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ لِيَشْمَلَ فِعْلَ رَبِّ نَحْوِ الثَّوْبِ وَنَائِبِهِ، وَيَرْجِعَ لِلصُّورَتَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 107 وَهَلْ اُخْتُلِفَ هَلْ يُقَوِّمُهُ أَوْ لَا أَوْ لَا نَدْبًا، أَوْ التَّقْوِيمُ إذَا كَانَ بِيَمِينٍ؟ تَأْوِيلَاتٌ،   [منح الجليل] قَبْلَهُ أَيْ قَوْلِهِ بِيعَ، وَقَوْلِهِ وَكُرِهَ بَعْثُهُ أَيْ فَإِنْ بَعَثَهُ بِيعَ وَأُهْدِيَ بِهِ، هَذَا ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا وَظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ حَجِّهَا وَمَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ نُذُورِهَا: جَوَازُ تَقْوِيمِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِخْرَاجِ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ. وَإِلَى كَوْنِ مَا فِي حَجِّهَا مَعَ السَّمَاعِ، وَمَا فِيهَا هُنَا مُتَخَالَفَيْنِ أَوْ مُتَوَافِقَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ اُخْتُلِفَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ حُمِلَ مَا فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ، وَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ اُخْتُلِفَ؟ فَقَالَ (هَلْ يُقَوِّمُهُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَوِّمَ مَا أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَبَعْثِ ثَمَنِهِ لِيُهْدَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ وَالْعُتْبِيَّةِ وَيَبْعَثُ قِيمَتَهُ لِيُهْدِيَ بِهَا (أَوْ لَا) يُقَوِّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمَهُ بَيْعُهُ وَبَعْثُ ثَمَنِهِ كَمَا فِيهَا هُنَا؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ عَلَى نَفْسِهِ رُجُوعٌ فِي الصَّدَقَةِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ، وَقَابَلَ قَوْلَهُ اُخْتُلِفَ بِقَوْلِهِ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يُحْمَلُ مَا فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ، بَلْ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إذَا قِيلَ بِالتَّوْفِيقِ فَتَرْكُ التَّقْوِيمِ الْوَاقِعِ فِيهَا هُنَا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ يُحْمَلُ؟ فَقَالَ: عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُقَالَ يُتْرَكُ (نَدْبًا) لَا وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ الْجَوَازِ (أَوْ) يُقَالَ (التَّقْوِيمُ) الْمُجَوَّزُ فِي الْعُتْبِيَّةِ (إنْ كَانَ) الِالْتِزَامُ (بِيَمِينٍ) حَنِثَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قُرْبَةً فَلَمْ يَدْخُلْ فِي حَدِيثِ «الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» وَالْمَنْعُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْ الْتَزَمَ بِنَذْرٍ فَهُوَ مُتَصَدِّقٌ قَاصِدٌ الْقُرْبَةَ، فَدَخَلَ فِي الْحَدِيثِ فِيهِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ بِالِاخْتِلَافِ وَاثْنَانِ بِالتَّوْفِيقِ، وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا، الْأَوْلَى عَدِيلَةُ هَلْ الثَّانِيَةِ وَأَوَّلًا الثَّانِيَةُ عَدِيلَةُ هَلْ الْأُولَى، وَإِنَّهُ لَمْ يَجْرِ فِي التَّوْفِيقِ الثَّانِي عَلَى نَسَقِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَقَالَ أَوْ إنْ كَانَ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَاسْمُ كَانَ عَلَى هَذَا الِالْتِزَامُ لَا التَّقْوِيمُ، وَكَانَ يَحْذِفُ قَوْلَهُ التَّقْوِيمُ. وَلَوْ أَرَادَ التَّسْهِيلَ لَقَالَ: وَإِنْ كَانَ كَثَوْبٍ بِيعَ وَأُهْدِيَ بِهِ وَكُرِهَ بَعْثُهُ وَفِيهَا مَعَ الْعُتْبِيَّةِ لَهُ تَقْوِيمُهُ عَلَى نَفْسِهِ. وَهَلْ خِلَافُ أَوَّلًا فَيُبَاعُ نَدْبًا أَوْ عِنْدَ انْتِفَاءِ يَمِينٍ تَأْوِيلَاتٌ أَفَادَهُ عب تَبَعًا لِابْنِ غَازِيٍّ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 108 فَإِنْ عَجَزَ عُوِّضَ الْأَدْنَى، ثُمَّ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُصْرَفُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ، وَإِلَّا   [منح الجليل] وَنَصُّهُ عَقِبَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَلَامٌ مُعَقَّدٌ كَرَّرَ فِيهِ هَلْ مَرَّتَيْنِ قَابَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَوْ الْعَاطِفَةِ، وَلَا النَّافِيَةِ عَلَى طَرِيقِ التَّلْفِيفِ، كَأَنَّهُ قَالَ وَهَلْ اخْتَلَفَ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ لَهُ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ؟ فَقَالَ هَلْ يُقَوِّمُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إذَا قُلْنَا بِتَرْكِ التَّقْوِيمِ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ؟ فَقَالَ: نَدْبًا ثُمَّ كَمَّلَ التَّأْوِيلَ الثَّالِثَ فَقَالَ: أَوْ التَّقْوِيمُ إنْ كَانَ بِيَمِينٍ. هَذَا مَا انْقَدَحَ لِي فِي تَمْشِيَتِهِ. وَلَعَلَّك يَنْقَدِحُ لَك أَعْلَى مِنْهُ عَلَى أَنَّ اسْتِعْمَالَ أَوْ مُعَادِلَةً لِهَلْ فِيهِ مَا فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ، إلَّا أَنَّهُ شَائِعٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَهَذَا الْمُخْتَصَرُ مَشْحُونٌ بِهِ، وَبَعْدَ فَهْمِك اللَّفْظَ لَا يَخْفَاك تَنْزِيلُ كَلَامِ الشُّيُوخِ عَلَيْهِ. وَجَعَلَ ابْنُ عَاشِرٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَ تَأْوِيلَاتٍ، فَحَمْلُ أَوَّلًا الثَّانِيَةِ إشَارَةٌ إلَى التَّأْوِيلِ بِأَنَّ مَا فِي السَّمَاعِ، وَالْمَوْضِعِ الْآخَرِ تَفْسِيرٌ قَالَ، وَلَوْ أَرَادَ الْجَرْيَ عَلَى مُصْطَلَحِهِ لَقَالَ وَفِيهَا أَيْضًا التَّقْوِيمُ وَهَلْ خِلَافُ أَوْ لِجَوَازِهِمَا. أَوْ نُدِبَ الْبَيْعُ أَوْ التَّقْوِيمُ إنْ كَانَ بِيَمِينٍ. (فَإِنْ عَجَزَ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ الثَّمَنَ الْمَبْعُوثَ لِمَحَلِّ الْجِهَادِ وَالْهَدْيُ ثَمَنَ مِثْلِهِ (عُوِّضَ) بِضَمٍّ فَكَسْر مُثَقَّلًا الْمَبِيعُ بِ (الْأَدْنَى) مِنْهُ كَبَقَرَةٍ بَدَلَ بَدَنَةٍ أَوْ شَاةٍ بَدَلَ أَحَدِهِمَا إنْ أَمْكَنَ (ثُمَّ) إنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدْنَى دَفَعَ ثَمَنَ آلَةِ الْجِهَادِ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَلَا يُشَارِكُ بِهِ فِي جُزْءٍ وَدَفَعَ ثَمَنَ الْهَدْيِ الَّذِي لَا يَصِلُ أَوْ مَا لَا يُهْدَى (لِخَزَنَةٍ بِ) فَتْحِ الزَّايِ جَمْعِ خَازِنٍ أَيْ خَادِمٍ وَهُمْ أُمَنَاءُ (الْكَعْبَةِ) وَأَصْحَابُ حِلِّهَا وَعَقْدِهَا، وَيُقَالُ لَهُمْ حَجَبَةٌ وَسَدَنَةٌ وَهُمْ بَنُو شَيْبَةَ (يُصْرَفُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (فِيهَا) أَيْ مَصَالِحُ الْكَعْبَةِ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ. وَلَمَّا اُسْتُشْكِلَتْ الرِّوَايَةُ بِأَنَّ الْكَعْبَةَ قَدْ لَا تَحْتَاجُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى، وَلَا يَكْسُوهَا إلَّا الْمُلُوكُ وَيَأْتِيهَا مِنْ الطِّيبِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَمَكَانِسُهَا خُوصٌ ثَمَنُهَا لَا بَالَ لَهُ وَبَعْدَ الْكَنْسِ يَزِيدُ عَلَى مَا كَانَ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ تَأْكُلَهُ الْخَزَنَةُ. وَلَيْسَ مِنْ قَصْدِ النَّاذِرِ فِي شَيْءٍ أَشَارَ لِجَوَابِهِ بِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَسَاقَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِقَوْلِهِ (إنْ احْتَاجَتْ) الْكَعْبَةُ لِلصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 109 تُصُدِّقَ بِهِ، وَأَعْظَمَ مَالِكٌ أَنْ يُشْرَكَ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلَوْ لِصَلَاةٍ   [منح الجليل] تُصُدِّقَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ لِيَشْمَلَ تَصَدُّقَ النَّاذِرِ وَنَائِبِهِ حَيْثُ شَاءَ (بِهِ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ قَصُرَ عَنْ التَّعْوِيضِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَفِيهَا أَيْضًا يَبْعَثُهُ لِخَزَنَةِ الْكَعْبَةِ يُنْفَقُ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ يَخْتَصُّ أَهْلُ الْحَرَمِ بِالثَّمَنِ. اهـ. وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَصْبَغَ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِهِ ابْتِدَاءً، لَكِنْ خَالَفَهُ بِتَخْصِيصِهِ الصَّدَقَةَ بِسَاكِنِي مَكَّةَ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتْبَعْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا أَصْبَغَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تَبِعَ الْقَوْلَ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِقَوْلِهِ إنْ احْتَاجَتْ. (وَأَعْظَمَ) أَيْ اسْتَعْظَمَ وَمَنَعَ الْإِمَامُ (مَالِكٌ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَنْ يُشْرَكَ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَالرَّاءِ (مَعَهُمْ) أَيْ خَزَنَةِ الْكَعْبَةِ (غَيْرُهُمْ) فِي خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ (لِأَنَّهَا) أَيْ خِدْمَةَ الْكَعْبَةِ (وِلَايَةٌ) لَهُمْ (مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ هَذَا إذَا حَافَظُوا عَلَى حُرْمَتِهِ، وَلَازَمُوا الْأَدَبَ فِي خِدْمَتِهِ، وَإِلَّا جُعِلَ عَلَيْهِمْ مَشْرِقٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِ أَخْذِهِمْ أُجْرَةً عَلَى فَتْحِ الْبَيْتِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا كَمَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ بِالْبَيْتِ مَا شَاءُوا قَالَهُ الْحَطّ. وَنَسَبَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ التَّشْرِيكَ نَوْعٌ مِنْ الِانْتِزَاعِ الْوَارِدِ فِي خَبَرِ هِيَ لَكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ خَالِدَةً تَالِدَةً لَا يَنْتَزِعُهَا مِنْكُمْ إلَّا ظَالِمٌ. وَعَطَفَ عَلَى الْبَدَنَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْبَدَنَةُ فَقَالَ (وَ) لَزِمَ (الْمَشْيُ لِمَسْجِدِ مَكَّةَ) مَنْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ أَوْ نَذَرَهُ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَلْ (وَلَوْ) حَلَفَ بِهِ أَوْ نَذَرَهُ (لِصَلَاةٍ) فِيهِ فَرْضٌ أَوْ نَفْلٌ. اللَّخْمِيُّ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ التَّضْعِيفَ الْوَارِدَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ فِي الْفَرْضِ فَقَطْ خَارِجُ الْمَذْهَبِ، صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ آخِرَ الشِّفَاءِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ مُحْرِزٍ بِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 110 وَخَرَجَ مَنْ بِهَا وَأَتَى بِعُمْرَةٍ كَمَكَّةَ، أَوْ الْبَيْتِ، أَوْ جُزْئِهِ لَا غَيْرُ،   [منح الجليل] إذَا لَمْ يَلْحَقْهَا ضَرَرٌ يُظَنُّ بِهِ انْكِشَافُهَا وَلَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ بِهَا، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهَا الْمَشْيُ بَلْ رُبَّمَا حَرُمَ عَلَيْهَا، وَارْتَضَاهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ نَذْرِ الْمَشْيِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِلصَّلَاةِ لَا لِلنُّسُكِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، وَيَرْكَبُ إنْ شَاءَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ، وَبِهِ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ. الْمُصَنِّفَ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَلَوْ ذَكَرَ الْمَشْيَ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، فَسَوَّى بَيْنَهَا فِي عَدَمِ اللُّزُومِ لَكِنْ لَمَّا تَعَقَّبَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: كَلَامُ الْإِكْمَالِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ إسْمَاعِيلَ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ. اهـ. تَبِعَ هُنَا مَا لَهُ فِي التَّوْضِيحِ. طفى مَا هُنَا هُوَ الصَّوَابُ لِمَا فِي الْإِكْمَالِ، وَلِنَقْلِ الْآبِي عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ بِأَحَدِهَا مَاشِيًا أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي نَذْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُ إسْمَاعِيلَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَنَصُّ الْآبِي فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا لِثَلَاثٍ» . الْمَازِرِيُّ اخْتَصَّتْ الثَّلَاثَةَ لِفَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا بِأَنَّ مَنْ كَانَ بِغَيْرِهَا وَنَذَرَ الصَّلَاةَ بِأَحَدِهَا أَتَاهَا، فَإِنْ قَالَ مَاشِيًا فَقَالَ إسْمَاعِيلُ لَا يَلْزَمُهُ وَيَأْتِي رَاكِبًا فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْجَمِيعِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَطْ. اهـ. قُلْت تَبَيَّنَ مِمَّا تَقَدَّمَ تَشْهِيرُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرَ بِخِلَافِ. اهـ بُنَانِيٌّ (وَخَرَجَ) إلَى الْحِلِّ (مَنْ) نَذَرَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَهُوَ (بِهَا) أَيْ مَكَّةَ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ خَارِجَهُ، وَكَذَا مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِلْمَسْجِدِ وَهُوَ دَاخِلُهُ اتِّفَاقًا أَوْ نَذَرَ الْمَشْيَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَالَ كَوْنِهِ خَارِجًا عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ يَكْفِيهِ الْمَشْيُ مِنْ مَوْضِعِهِ لِلْمَسْجِدِ، وَعُزِيَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ أَيْضًا (وَأَتَى بِعُمْرَةٍ) مِنْ طَرَفِ الْحِلِّ مَاشِيًا، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ حَالَ خُرُوجِهِ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْمَشْيِ فَقَالَ (كَ) نَاذِرِ الْمَشْيِ (لِمَكَّةَ أَوْ الْبَيْتِ) الْحَرَامِ أَيْ الْكَعْبَةِ (أَوْ جُزْئِهِ) أَيْ الْبَيْتِ الْمُتَّصِلِ بِهِ كَبَابِهِ وَرُكْنِهِ وَمُلْتَزَمِهِ وَشَاذَرْوَانِهِ وَحِجْرِهِ (لَا غَيْرُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 111 إنْ لَمْ يَنْوِ نُسُكًا مِنْ حَيْثُ نَوَى، وَإِلَّا حَلَفَ أَوْ مِثْلِهِ إنْ حَنِثَ بِهِ وَتَعَيَّنَ مَحَلٌّ اُعْتِيدَ وَرَكِبَ فِي الْمَنْهَلِ، وَلِحَاجَةٍ كَطَرِيقٍ قُرْبَى اُعْتِيدَتْ،   [منح الجليل] بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ أَيْ لَا مُلْتَزِمَ الْمَشْيِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ مِمَّا لَيْسَ مُتَّصِلًا بِالْبَيْتِ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَزَمْزَمَ وَالْمَقَامِ وَالْمِنْبَرِ وَقُبَّةِ الشَّرَابِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، أَوْ خَارِجًا عَنْ الْحَرَمِ كَعَرَفَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ (إنْ لَمْ يَنْوِ) الْمُلْتَزِمُ (نُسُكًا) بِضَمِّ النُّونِ وَالسِّينِ أَيْ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ وَيَمْشِي مِنْ لَزِمَهُ الْمَشْيَ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ (مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي (نَوَى) الْمُلْتَزِمُ الْمَشْيَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْضِعَ الْتِزَامِهِ أَوْ غَيْرَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْمَشْيَ مِنْ مَكَان مُعَيَّنٍ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ جَرَى الْعُرْفُ بِالْمَشْيِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْمَشْيِ مِنْ مَحَلٍّ فَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ (حَلَفَ) أَوْ نَذَرَ وَقِيلَ مِنْ حَيْثُ حَنِثَ (أَوْ) مِنْ (مِثْلِهِ) أَيْ مَوْضِعِ الْحَلِفِ فِي الْبُعْدِ لَا فِي الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ (إنْ حَنِثَ) الْحَالِفُ (بِهِ) أَيْ فِي الْمِثْلِ وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ مَشَى مِنْ مِثْلِهِ وَلَمْ يَحْنَثْ بِهِ لَا يُجْزِيهِ، وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ يُجْزِيهِ، وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لِابْتِدَاءِ مَشْيِ مُلْتَزِمِ الْمَشْيِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَفَاعِلُ تَعَيَّنَ (مَحَلٌّ اُعْتِيدَ) الْمَشْيُ مِنْهُ لِلْحَالِفِينَ سَوَاءٌ اُعْتِيدَ الْمَشْيُ مِنْهُ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَمْ لَا كَانَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ نَوَاحِيهَا. (وَرَكِبَ) أَيْ جَاوَزَ رُكُوبَ مُلْتَزِمِ الْمَشْيِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ (فِي) حَالِ إقَامَتِهِ فِي (الْمَنْهَلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ أَيْ مَكَانُ النُّزُولِ كَانَ بِهِ مَاءٌ أَمْ لَا (وَ) رَكِبَ (لِحَاجَةٍ) بِغَيْرِ الْمَنْهَلِ قَبْلَ نُزُولِهِ نَسِيَهَا فَعَادَ إلَيْهَا. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (ك) مَشْيٍ فِي (طَرِيقٍ قُرْبَى اُعْتِيدَتْ) لِلْحَالِفِينَ سَوَاءٌ اُعْتِيدَتْ لِغَيْرِهِمْ أَيْضًا أَمْ لَا، فَإِنْ اُعْتِيدَتْ الْبُعْدَى لِلْحَالِفِينَ وَالْقُرْبَى لِغَيْرِهِمْ تَعَيَّنَتْ الْبُعْدَى وَإِنْ أُعِيدَتَا مَعًا لِلْحَالِفِينَ مَشَى مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا لَهُمْ تَعَيَّنَتْ الْبُعْدَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 112 وَبَحْرًا اُضْطُرَّ لَهُ، لَا اُعْتِيدَ عَلَى الْأَرْجَحِ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَسَعْيِهَا. وَرَجَعَ وَأَهْدَى إنْ رَكِبَ كَثِيرًا بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ، أَوْ الْمَنَاسِكِ وَالْإِفَاضَةِ   [منح الجليل] وَ) رَكِبَ (بَحْرًا اُضْطُرَّ لَهُ) بِأَنْ كَانَ فِي جَزِيرَةٍ فَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى مَكَّةَ إلَّا بِرُكُوبِهِ (لَا اُعْتِيدَ) رَكُوبُهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِلْحَالِفِينَ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَالِفِ رُكُوبُهُ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ. طفى ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ مَنَعَ رُكُوبَ الْبَحْرِ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا اُعْتِيدَ لِلْحَجِّ أَوْ التَّجْرِ أَوْ الْحَلِفِ، وَإِنَّهُ اخْتَارَ هَذَا مِنْ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَيَتَبَيَّنُ لَك ذَلِكَ بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَجَازَ رُكُوبَ الْبَحْرِ الْمُعْتَادِ لِلْحُجَّاجِ مُطْلَقًا الْحَالِفِينَ وَغَيْرَهُمْ وَأَنَّ أَبَا عِمْرَانِ مَنَعَ رُكُوبَ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَيَّدَ الْجَوَازَ بِكَوْنِهِ مُعْتَادًا لِلْحَالِفِينَ، فَإِنْ اُعْتِيدَ لِغَيْرِهِمْ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي نِسْبَةِ إطْلَاقِ الْمَنْعِ لِابْنِ يُونُسَ وَتَعْبِيرِهِ عَنْ تَرْجِيحِهِ بِالِاسْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَمْشِي مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ (لِتَمَامِ) طَوَافِ (الْإِفَاضَةِ) إنْ كَانَ سَعَى عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ (وَ) لِتَمَامِ (سَعْيِهَا) أَيْ السَّعْيِ عَقِبَ الْإِفَاضَةِ إنْ لَمْ يَسْعَ عَقِبَ الْقُدُومِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْعُمْرَةِ وَيَفُوتُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ عَقِبَ الْقُدُومِ. (وَ) إذَا لَزِمَ أَحَدًا الْمَشْيُ لِمَكَّةَ بِنَذْرِهِ أَوْ حِنْثِهِ فَرَكِبَ بَعْضَ الطَّرِيقِ (رَجَعَ) وُجُوبًا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأَ الرُّكُوبَ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ (وَأَهْدَى) وُجُوبًا لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ وَيُؤَخِّرُ هَدْيَهُ لِعَامِ رُجُوعِهِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْجَابِرِ الْمَالِيِّ وَالنُّسُكِيِّ، فَإِنْ قَدَّمَهُ عَامَ مَشْيِهِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَهُ. وَوُجُوبُ رُجُوعِهِ وَهَدْيِهِ (إنْ) كَانَ (رَكِبَ كَثِيرًا) فَإِنْ رَكِبَ قَلِيلًا فَيُهْدِي، وَلَا يَرْجِعُ وَالْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ مُعْتَبَرَةٌ (بِحَسَبِ) جَمِيعِ (الْمَسَافَةِ) الَّتِي لَزِمَهُ مَشْيُهَا صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَمِسَاحَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَثِيرًا بِحَسَبِ أَكْثَرِ جَمِيعَ الْمَسَافَةِ الَّتِي رَكِبَهَا، وَاَلَّتِي مَشَاهَا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ النِّصْفَ يَسِيرٌ مَعَ أَنَّهُ مِنْ الْكَثِيرِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (أَوْ) رَكِبَ (الْمَنَاسِكَ) وَهِيَ مِنْ مَكَّةَ إلَى رُجُوعِهِ إلَى مِنًى يَوْمَ الْعِيدِ (وَالْإِفَاضَةَ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 113 نَحْوُ الْمِصْرِيِّ قَابِلًا فَيَمْشِي مَا رَكِبَ فِي مِثْلِ الْمُعَيَّنِ، وَإِلَّا فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ   [منح الجليل] الرُّجُوعَ مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ لِئَلَّا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ، فَإِنْ رَكِبَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِي رُكُوبِ الْمَنَاسِكِ لَا فِي رُكُوبِ الْإِفَاضَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ بِقَوْلِهِ كَالْإِفَاضَةِ فَقَطْ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ هُنَا. هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا رُجُوعَ عَلَى مَنْ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ وَالْإِفَاضَةَ؛ لِأَنَّهُ بِوُصُولِهِ إلَى مَكَّةَ بَرَّ وَإِلَيْهَا كَانَتْ يَمِينُهُ، اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ. وَفَاعِلُ رَجَعَ وَأَهْدَى (نَحْوُ الْمِصْرِيِّ) مِمَّنْ عَلَى شَهْرٍ مِنْ مَكَّةَ وَأَوْلَى نَحْوُ الْمَدَنِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَعِيدِ جِدًّا فِي قَوْلِهِ وَكَافِرٌ بَقِيَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ بِلَا رُجُوعٍ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ: الْقَرِيبُ وَالْمُتَوَسِّطُ وَالْبَعِيدُ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ وَالْهَدْيُ يَرْجِعُ وَيُهْدِي زَمَنًا (قَابِلًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي عَامِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ وَلِمَنْ قَرُبَ أَوْ فِي عَامٍ آخَرَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَعُدَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَابِلُ وَالِيًا لِلزَّمَنِ الَّذِي رَكِبَ فِيهِ أَوْ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ فَوْرًا كَقَضَاءِ الْمُفْسِدِ (فَيَمْشِي مَا) أَيْ الْمَكَانَ الَّذِي (رَكِبَ) هـ مُلْتَزِمُ الْمَشْيِ إنْ عَلِمَهُ وَإِلَّا فَيَمْشِي جَمِيعَ الْمَسَافَةِ وَيُحْرِمُ فِي حَالِ رُجُوعِهِ (فِي مِثْلِ) النُّسُكِ (الْمُعَيَّنِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ أَيْ الَّذِي عَيَّنَهُ فِي الْتِزَامِهِ بِلَفْظٍ أَوْ نِيَّةٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَرْجِعُ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ إنْ كَانَ عَيَّنَ حَجًّا اتِّفَاقًا لِنَقْصِ أَرْكَانِهَا عَنْ أَرْكَانِهِ، وَلَا بِحَجٍّ إنْ كَانَ عَيَّنَ عُمْرَةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ حِينَ الْتِزَامِهِ حَجًّا، وَلَا عُمْرَةً وَصَرَفَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَرَكِبَ كَثِيرًا (فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ) لِمَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا فِي زَمَانِ رُجُوعِهِ بِأَنْ يُحْرِمَ بِخِلَافِ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي مَنْعِهِ جَعْلَ الثَّانِي فِي عُمْرَةٍ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَجًّا، وَقَيَّدَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ الْمَشْهُورَ بِكَوْنِ رُكُوبِهِ فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْمَنَاسِكِ وَإِلَّا تَعَيَّنَ جَعْلُ الثَّانِي فِي حَجٍّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ إلَيْهَا، وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُمَا عَلَى جَوَازِ جَعْلِهِ فِي عُمْرَةٍ وَلَوْ كَانَ رَكِبَ الْمَنَاسِكَ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 114 إنْ ظَنَّ أَوَّلًا الْقُدْرَةَ، وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ وَرَكِبَ وَأَهْدَى فَقَطْ كَأَنْ قَلَّ وَلَوْ قَادِرًا كَالْإِفَاضَةِ   [منح الجليل] وَذَكَرَ شَرْطَ الرُّجُوعِ فَقَالَ (إنْ ظَنَّ) أَوْ عَلِمَ بِالْأَوْلَى مُلْتَزِمُ الْمَشْيِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ وَمُنَوَّنًا أَيْ حِينَ خُرُوجِهِ الْأَوَّلِ (الْقُدْرَةَ) عَلَى مَشْيِ جَمِيعِ الْمَسَافَةِ وَلَوْ فِي عَامَيْنِ فَخَابَ ظَنُّهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ حِينَ خُرُوجِهِ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ مَعَ ظَنِّهَا حِينَ الْتِزَامِهِ بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ الْعَجْزَ أَوْ شَكَّ لِطُرُوءِ مَرَضٍ أَوْ كِبَرِ سِنٍّ خَرَجَ أَوَّلَ عَامٍ (وَمَشَى مَقْدُورَهُ) وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ (وَرَكِبَ) مَعْجُوزَهُ (وَأَهْدَى فَقَطْ) أَيْ بِلَا رُجُوعٍ لِمَشْيِ مَا رَكِبَهُ فِي زَمَنٍ قَابِلٍ، فَإِنْ كَانَ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ الْتِزَامِهِ أَوْ نَوَى أَنْ يَمْشِيَ مَا يُطِيقُهُ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ أَوَّلَ مَرَّةٍ يَمْشِي مَقْدُورَهُ وَيَرْكَبُ مَعْجُوزَهُ، وَلَا رُجُوعَ، وَلَا هَدْيَ. وَإِنْ ظَنَّ الْعَجْزَ حِينَ خُرُوجِهِ الثَّانِي عَنْ مَشْيِ مَا رَكِبَهُ فِي خُرُوجِهِ الْأَوَّلِ سَقَطَ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، قَالَ فِيهَا لَوْ عَلِمَ أَوَّلَ خُرُوجِهِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ كُلَّ الطَّرِيقِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلَوْ رَاكِبًا وَيَمْشِيَ وَلَوْ نِصْفَ مِيلٍ، ثُمَّ يَرْكَبَ وَيُهْدِيَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمَامِ الْمَشْيِ قَعَدَ وَأَهْدَى وَأَجْزَأَهُ الذَّهَابُ الْأَوَّلُ. وَالْحَاصِلُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ حِينَ الِالْتِزَامِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ فَإِنَّهُ يَمْشِي مَقْدُورَهُ، وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَلَا هَدْيَ، وَإِنْ ظَنَّ حِينَهُ الْقُدْرَةَ فَإِنْ ظَنَّ حِينَ الْخُرُوجِ الْقُدْرَةَ ثُمَّ عَجَزَ رَجَعَ وَأَهْدَى وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ وَأَهْدَى، وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، وَرُجُوعُهُ فِي الثَّانِيَةِ مَشْرُوطٌ بِظَنِّ الْقُدْرَةِ فِيهَا وَإِلَّا قَعَدَ وَأَهْدَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الْهَدْيِ بِلَا رُجُوعٍ فَقَالَ (كَأَنْ قَلَّ رُكُوبُهُ) بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بَالٌ فِي نَفْسِهِ، هَذَا ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا فَيُهْدِي، وَلَا يَرْجِعُ فَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ كَثِيرًا بِحَسَبِ الْمَسَافَةِ إنْ رَكِبَهُ عَاجِزًا عَنْ مَشْيِهِ، بَلْ (وَلَوْ) رَكِبَ الْقَلِيلَ حَالَ كَوْنِهِ (قَادِرًا) عَلَى مَشْيِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِهْدَاءِ لَكِنْ نَدْبًا بِلَا رُجُوعٍ أَيْضًا فَقَالَ (كَ) رُكُوبِ (الْإِفَاضَةِ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 115 فَقَطْ، وَكَعَامٍ عُيِّنَ وَلْيَقْضِهِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ وَكَإِفْرِيقِيٍّ وَكَإِنْ فَرَّقَهُ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ،   [منح الجليل] رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ رُكُوبَهُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمَنَاسِكِ مِنْ مَكَّةَ إلَى رُجُوعِهِ إلَى مِنًى، فَإِنْ رَكِبَ فِيهَا فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ، وَيُنْدَبُ لَهُ الْهَدْيُ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ إلَى التَّشْبِيهِ لِيُفِيدَ الرُّجُوعَ فَقَطْ إلَى مَا بَعْدِ الْكَافِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْهَدْيِ فَقَطْ مُشَبِّهًا فِيهِ فَقَطْ أَيْضًا فَقَالَ (وَكَعَامٍ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْحَجُّ فِيهِ مَاشِيًا، وَخَرَجَ فِيهِ وَأَدْرَكَ الْحَجَّ أَوْ فَاتَهُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَرَكِبَ فِيهِ كَثِيرًا أَوْ مَشَى فِيهِ جَمِيعَ الْمَسَافَةِ، وَفَاتَهُ الْحَجُّ لِعُذْرٍ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهِ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ بِلَا رُجُوعٍ (وَلْيَقْضِهِ) أَيْ الْحَجَّ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ لَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ خَرَجَ لَهُ وَلَوْ مَاشِيًا وَفَاتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَقْضِيهِ وَلَوْ رَاكِبًا؛ لِأَنَّ الْعَامَ الْمُعَيَّنَ لِلْمَشْيِ فِيهِ قَدْ فَاتَ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الرُّجُوعِ ثَانِيًا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ ظَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى مَشْيِ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ، بَلْ يَقْعُدُ وَيُهْدِي قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا لَا رُجُوعَ فِيهِ وَفِيهِ الْهَدْيُ (أَوْ) ظَنَّ فِي الْعَامِ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ خَرَجَ (لَمْ يَقْدِرْ) عَلَى مَشْيِ مَا رَكِبَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَا يَخْرُجُ وَيُهْدِي فَلَيْسَ هَذَا مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَإِلَّا مَشَى مَقْدُورَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ ظَنَّ الْعَجْزَ عِنْدَ الْخُرُوجِ الْأَوَّلِ فَيَخْرُجُ وَيَمْشِي مَقْدُورَهُ وَيُهْدِي وَمَا هُنَا ظَنَّهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ الثَّانِي فَلَا يَخْرُجُ وَيُهْدِي. وَذَكَرَ قَسِيمَ نَحْوِ الْمِصْرِيِّ وَهُوَ مَنْ بَعُدَتْ بَلَدُهُ مِنْ مَكَّةَ جِدًّا مُشَبِّهًا لَهُ فِي الْإِهْدَاءِ فَقَطْ فَقَالَ (وَكَإِفْرِيقِيٍّ) نِسْبَةً لِإِفْرِيقِيَّةَ بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِهَا، فَإِنْ الْتَزَمَ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ وَرَكِبَ كَثِيرًا بِحَسَبِ مَسَافَتِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ بِلَا رُجُوعٍ وَأَوْلَى مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ كَفَاسِيٍّ وَسُوسِيٍّ (وَكَإِنْ فَرَّقَهُ) أَيْ الْمَشْيَ فِي الزَّمَانِ تَفْرِيقًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَمَشَى جَمِيعَ الْمَسَافَةِ لِعُذْرٍ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ) فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَيُهْدِي قَالَ الْحَطّ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِلُزُومِ الْهَدْيِ مَعَ التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَا الْفَرْعُ الَّذِي قَبْلَهُ لَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ فِيهِ عَلَى لُزُومِ الْهَدْيِ غَيْرَ ابْنِ غَازِيٍّ وَلَمْ يُجِزْ الْبُنَانِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 116 وَفِي لُزُومِ الْجَمِيعِ بِمَشْيِ عَقَبَةٍ وَرُكُوبِ أُخْرَى تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] قُلْت نَصَّ عَلَى لُزُومِ الْهَدْيِ فِيهِمَا مَعًا ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْحَجِّ مِنْ الْبَيَانِ، أَمَّا الْفَرْعُ الْأَوَّلُ فَذَكَرَ فِيهِ فِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْحَجِّ الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ وَأَمَّا إنْ كَثُرَ وَلَمْ يَكُنْ جُلَّ الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ ثَانِيَةً لِيَمْشِيَ مَا رَكِبَ بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَ مَوْضِعُهُ قَرِيبًا كَالْمَدِينَةِ. وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَ مَوْضِعُهُ بَعِيدًا كَمِصْرِ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ يَرْجِعُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ لَا يَرْجِعُ. وَأَمَّا إنْ بَعُدَ مَوْضِعُهُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ وَالْأَنْدَلُسِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ وَيُجْزِيَهُ الْهَدْيُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ مِنْ نَحْوِ الْأَنْدَلُسِ أَشَقُّ مِنْ الرُّجُوعِ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ جُلَّ الطَّرِيقِ فَمَا قَرُبَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ ثَانِيَةً رَوَاهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَأَمَّا الْفَرْعُ الثَّانِي فَذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَيْضًا وَإِجْزَاءِ التَّفْرِيقِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَفِي التَّوْضِيحِ صَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ الْإِجْزَاءَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَهُ قَائِلًا؛ لِأَنَّ عُرْفَ النَّاسِ فِي السَّيْرِ إلَى مَكَّةَ تَوَالِيهِ وَعَدَمُ تَفْرِيقِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْإِحْزَاءِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ رَأَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ الْإِجْزَاءَ هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا غَيْرَ مُتَتَابِعَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَشَارَ لِلتَّفْرِيقِ بِالرُّكُوبِ فَقَالَ (وَفِي لُزُومِ) مَشْيِ (الْجَمِيعِ) عِنْدَ رُجُوعِهِ لِبُطْلَانِ مَشْيِهِ (بِمَشْيِ عُقْبَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ (وَرُكُوبِ) عُقْبَةٍ (أُخْرَى) لِحُصُولِ الرَّاحَةِ التَّامَّةِ لَهُ بِمُعَادَلَةِ رُكُوبِهِ لِمَشْيِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَمْشِ أَصْلًا وَعَدَمُ لُزُومِ مَشْيَ الْجَمِيعِ بَلْ يَمْشِي أَمَاكِنَ رُكُوبِهِ فَقَطْ (تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا قَوْلُهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي رُجُوعِهِ ثَانِيَةً وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهُ. اهـ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ مَا رَكِبَ مُتَنَاصِفًا مِثْلُ أَنْ يَمْشِيَ عُقْبَةً وَيَرْكَبَ أُخْرَى فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَمْشِيَ الطَّرِيقَ كُلَّهَا. اهـ. فَجَعَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ تَقْيِيدًا لِلْمُدَوَّنَةِ حَمْلًا لِكَلَامِهَا عَلَى مَنْ رَكِبَ دُونَ النِّصْفِ، وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 117 وَالْهَدْيُ وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ فَنَدْبٌ، وَلَوْ مَشَى الْجَمِيعَ، وَلَوْ أَفْسَدَ أَتَمَّهُ وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ،   [منح الجليل] فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَوَاضِعَ مَشْيِهِ مِنْ رُكُوبِهِ فَهُمَا تَأْوِيلَانِ كِلَاهُمَا بِالْوِفَاقِ الْأَوَّلِ لِأَبِي الْحَسَنِ، وَالثَّانِي لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ. طفى وَالظَّاهِرُ الْخِلَافُ. (وَالْهَدْيُ) حَيْثُ قِيلَ بِهِ وَجَبَ مَعَهُ رُجُوعٌ أَمْ لَا (وَاجِبٌ إلَّا فِيمَنْ شَهِدَ) أَيْ رَكِبَ (الْمَنَاسِكَ) كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الْإِفَاضَةَ أَوْ هُمَا (فَنُدِبَ وَلَوْ مَشَى) فِي رُجُوعِهِ (الْجَمِيعَ) مُبَالَغَةً فِي الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ، وَأَشَارَ بو لَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ مَشَى الطَّرِيقَ كُلَّهُ فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ مَشْيَهُ. ابْنُ بَشِيرٍ تَعَقَّبَهُ الْأَشْيَاخُ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَسْقُطُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْهَدْيِ فِي ذِمَّتِهِ بِمَشْيٍ غَيْرِ وَاجِبٍ وَمَثَّلُوهُ بِمَنْ صَلَّى صَلَاةً فَسَهَا فِيهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَأَعَادَهَا ثَانِيَةً وَلَمْ يَسْجُدْ فَالسُّجُودُ مُتَقَرِّرٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُصَلِّيَ أَخْطَأَ فِي الْإِعَادَةِ، وَإِنَّمَا تَقَرَّرَ فِي ذِمَّتِهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، فَإِنْ أَعَادَهَا فَقَدْ أَتَى بِمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ فَلَمْ تُسْقِطْ إعَادَتُهُ مَا تَقَرَّرَ فِي ذِمَّتِهِ وَفِي الْحَجِّ هُوَ مَأْمُورٌ بِالْعَوْدَةِ، فَإِنْ عَادَ وَمَشَى فَقَدْ وَفَّى مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَشْيِ فِي عَوْدَةٍ مَأْمُورٍ بِهَا فَفَارَقَ مَسْأَلَةَ الصَّلَاةِ. الْمَوَّاقُ فَانْظُرْ اقْتِصَارَ خَلِيلٍ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ مَعَ أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ تَرَدَّدَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَرْتَكِنْ فِيهَا. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ شَهِدَ الْمَنَاسِكَ رَاكِبًا يُهْدِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ وَلَمْ يَرَهُ فِي الْهَدْيِ مِثْلَ مَنْ عَجَزَ فِي الطَّرِيقِ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ عَجْزًا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدَةَ فِيهِ أَمْ لَا. ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ الْعَوْدَةَ فِي الْمَشْيِ إذَا بَلَغَ مَكَّةَ وَطَافَ وَرَأَى أَنَّ مَشْيَهُ قَدْ تَمَّ، وَأَرْخَصَ لَهُ فِي الرُّكُوبِ إلَى عَرَفَةَ فَلِذَلِكَ عِنْدِي لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْهَدْيَ. (وَلَوْ أَفْسَدَ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ مَا أَحْرَمَ بِهِ ابْتِدَاءً مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِوَطْءٍ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا كَوْنَهُ حَاجًّا (أَتَمَّهُ) وُجُوبًا فَاسِدًا وَلَوْ رَاكِبًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ إتْمَامَهُ لَيْسَ مِنْ النَّذْرِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هُوَ لِإِتْمَامِ الْحَجِّ الْمُفْسَدِ (وَمَشَى فِي قَضَائِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ إنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 118 وَإِنْ فَاتَهُ جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ وَرَكِبَ فِي قَضَائِهِ وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ،   [منح الجليل] كَأَنْ أَحْرَمَ مِنْهُ قَبْلَ الْفَسَادِ، فَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ فِيهِ قَبْلَهُ مَشَى مِنْ مَوْضِعِ إحْرَامِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَتَسَلَّطْ الْفَسَادُ إلَّا عَلَى مَا بَعْدَ إحْرَامِهِ وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ: هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِتَفْرِيقِ الْمَشْيِ فِي عَامَيْنِ؛ لِأَنَّ مَشْيَهُ فِي الْأَوَّلِ بَعْدَ الْفَسَادِ مُلْغًى، وَمَشْيَهُ قَبْلَهُ مُعْتَبَرٌ. (وَإِنْ فَاتَهُ) أَيْ الْحَجُّ مَنْ لَزِمَهُ الْمَشْيُ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ بِنَذْرٍ مَشْيٍ مُبْهَمٍ أَوْ حِنْثِهِ فِي حَلِفِهِ بِهِ (جَعَلَهُ) أَيْ الْمَشْيَ (فِي عُمْرَةٍ) أَيْ تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِهَا وَمَشَى فِيهَا التَّمَامَ سَعْيَهَا لِيَخْلُصَ مِنْ نَذْرِ الْمَشْيِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ وَجَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ فِيهَا ابْتِدَاءً وَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ يَقْضِي الْحَجَّ الَّذِي فَاتَهُ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاتِ (وَرَكِبَ) أَيْ جَازَ لَهُ الرُّكُوبُ (فِي قَضَائِهِ) فَهَذَا فِيمَنْ نَذَرَ مَشْيًا مُبْهَمًا وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ وَفَاتَهُ كَمَا فِيهَا. وَأَمَّا مَنْ نَذَرَ حَجًّا مَاشِيًا وَفَاتَهُ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ إذَا قَضَاهُ يَرْكَبُ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْمَنَاسِكِ وَهِيَ مَا زَادَ عَلَى السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَيَمْشِي فِيهَا لِيَخْلُصَ مِنْ نَذْرِ الْمَشْيِ بِذَلِكَ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّعْلِيلُ السَّابِقُ فِيمَنْ نَذَرَ مَشْيًا مُبْهَمًا. وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ نَحْوَ مَا لِعَبْدِ الْحَقِّ قَائِلًا: وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. اهـ عب. الْبُنَانِيُّ سِيَاقُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَنْ نَذَرَ مَشْيًا مُبْهَمًا وَلَوْ فَاتَهُ حَجُّهُ حَلَّ بِعُمْرَةٍ مَاشِيًا وَكَفَتْ وَحَجَّ قَابِلًا رَاكِبًا، وَفِي لُزُومِهِ مَشْيُ الْمَنَاسِكِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ سَحْنُونٍ وَمَالِكٍ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا فِي الثَّانِيَةِ وَالظَّاهِرُ لُزُومُ مَشْيِ الْمَنَاسِكِ فِيهَا بِلَا خِلَافٍ. (وَإِنْ حَجَّ) مُلْتَزِمُ الْمَشْيِ لِمَكَّةَ مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ أَوْ مُلْتَزِمُ الْحَجِّ مَاشِيًا وَهُوَ ضَرُورَةٌ فِيهِمَا حَالَ كَوْنِهِ (نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ) مَعًا حَالَ كَوْنِهِ (مُفْرِدًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ (أَوْ) حَالَ كَوْنِهِ (قَارِنًا) الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فِي إحْرَامٍ وَاحِدٍ وَنَوَى الْقَارِنُ بِالْحَجِّ الَّذِي فِي ضِمْنِ قِرَانِهِ فَرْضَهُ وَنَذْرَهُ مَعًا أَوْ نَوَى بِهِ فَرْضَهُ فَقَطْ وَبِالْعُمْرَةِ نَذْرَهُ (أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 119 وَهَلْ إنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجًّا تَأْوِيلَانِ، وَعَلَى الصَّرُورَةِ جَعَلَهُ فِي عُمْرَةٍ ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى الْفَوْرِ   [منح الجليل] فَقَطْ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَرْضِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (وَهَلْ) مَحَلُّ إجْزَائِهِ عَنْ النَّذْرِ (إنْ لَمْ يَنْذُرْ حَجًّا) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فِي الْتِزَامِهِ بِأَنْ الْتَزَمَ مَشْيًا مُطْلَقًا وَجَعَلَهُ فِي حَجٍّ وَهُوَ ضَرُورَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْتَزَمَ الْحَجَّ مَاشِيًا فَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ أَيْضًا لِلتَّشْرِيكِ أَوْ يُجْزِئُ عَنْ النَّذْرِ وَلَوْ نَذَرَ حَجًّا مَاشِيًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) : الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَهُمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ الْقَارِنِ، وَلَا يَأْتِيَانِ فِي ثَانِيَتِهِمَا إذْ لَا يُمْكِنُ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يَقُولَ إذَا عَيَّنَ الْحَجَّ فِي نَذْرِهِ وَجَعَلَ الْعُمْرَةَ فِي الْقِرَانِ لِنَذْرِهِ تُجْزِئُهُ عَنْ نَذْرِهِ وَقَدْ فَرَضَهَا عَبْدُ الْحَقِّ وَالْبَاجِيِّ وَغَيْرُهُمَا فِي الْأُولَى فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَكِنْ رَأَيْت ابْنَ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِيَةِ وَحَكَى التَّأْوِيلَيْنِ عَقِبَهَا وَهُوَ مُشْكِلٌ. (وَعَلَى) مُلْتَزِمِ الْمَشْيِ مُبْهَمًا (الصَّرُورَةِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ (جَعْلُهُ) أَيْ الْمَشْيِ الَّذِي الْتَزَمَهُ (فِي عُمْرَةٍ) يُوَفِّي بِهَا مَا الْتَزَمَهُ (ثُمَّ يَحُجُّ) بَعْدَ تَمَامِهَا (مِنْ مَكَّةَ) حِجَّةَ الْإِسْلَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا (عَلَى الْفَوْرِ) وَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَتْ الْعُمْرَةُ أَوْ بَعْضُهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَعْضَ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَكَذَا عَلَى التَّرَاخِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ أَصَالَةً لَا يَجُوزُ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَحْرَمَ حِينَ أَتَى الْمِيقَاتَ لِحِجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ ثُمَّ يُوَفِّي الْتِزَامَهُ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ وَيَمْشِي مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا، وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَمْ يُعَيِّنْ فَرْضًا، وَلَا نَذْرًا انْصَرَفَ لِلْفَرْضِ انْتَهَى. الْبُنَانِيُّ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهَا وَإِنْ جَعَلَ مَشْيَهُ فِي عُمْرَةٍ فَلَهُ إذَا حَلَّ مِنْهَا أَنْ يَحُجَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ مَكَّةَ. اهـ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ التَّخْيِيرَ. أَبُو الْحَسَنِ يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ الْحَجَّ عَلَى التَّرَاخِي إذْ قَوْلُهُ لَهُ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ. اهـ طفى، فَلَا يَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ تَرْكُ النَّصِّ وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَنْهُ. اهـ. وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِ الصَّرُورَةِ لِقَوْلِهَا بِحَجِّ الْفَرِيضَةِ، وَلَا فَرِيضَةَ عَلَى غَيْرِ الصَّرُورَةِ. قَوْلُهُ قَالَ بَعْضٌ أَيْ الْبِسَاطِيُّ، وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120 وَعَجَّلَ الْإِحْرَامَ فِي أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ إنْ قَيَّدَ بِيَوْمٍ كَذَا كَالْعُمْرَةِ   [منح الجليل] كَلَامِهِمْ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَا أَدْرِي مَا كَلَامُهُمْ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ مَا قَالَ اُنْظُرْ طفى. (وَ) مَنْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ أَوْ حَلَفَ بِهِ وَحَنِثَ فَإِنْ صَرَّحَ أَوْ نَوَى فَوْرًا أَوْ تَرَاخِيًا عَمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا (عَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَنْشَأَ الْمُلْتَزِمُ (الْإِحْرَامَ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (فِي) قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَ (أَنَا مُحْرِمٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (أَوْ) فَأَنَا (أُحْرِمُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ (إنْ قَيَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُلْتَزِمُ إحْرَامَهُ (بِيَوْمِ كَذَا) كَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ أَوْ مَكَانِ كَذَا كَمِصْرِ وَحَنِثَ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي الْبِرِّ أَوْ تَرْكِهِ فِي الْحِنْثِ أَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ بَرَكَةِ الْحَاجِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ فِي الْيَوْمِ أَوْ الْمَكَانِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ سَحْنُونٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَصِيرُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ حِنْثِهِ أَوْ نَذْرِهِ فِي الْيَوْمِ أَوْ الْمَكَان الَّذِي قَيَّدَ بِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ إحْرَامٍ فِي أَنَا مُحْرِمٌ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ فَقَدْ اتَّفَقَ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْإِحْرَامَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَغَيْرُهُمْ، هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ لَا مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُهُ مِنْ تَعْجِيلِهِ الْإِحْرَامَ فِي وَقْتِ الْتِزَامِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ وَقَبْلَ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ الَّذِي قَيَّدَ بِهِ، وَدَلِيلُ الْمُرَادِ كَلَامُ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ الْإِحْرَامِ فَقَالَ (كَ) نَاذِرِ الْإِحْرَامِ بِ (الْعُمْرَةِ) أَوْ الْحَالِفِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121 مُطْلَقًا،   [منح الجليل] بِهِ وَحَنِثَ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيِّدِ الْإِحْرَامِ بِهَا بِزَمَانٍ، وَلَا مَكَان كَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ أَوْ إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَأَنَا مُحْرِمٌ أَوْ أُحْرِمُ بِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ إنْشَاءُ الْإِحْرَامِ بِهَا. طفى قَوْلُهُ كَالْعُمْرَةِ مُطْلَقًا أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِيَوْمٍ كَذَا مَعَ كَوْنِهَا مُقَيَّدَةً بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ كَمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالْإِحْرَامِ بَلْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ عُمْرَةٌ، أَوْ قَالَهُ ابْتِدَاءً فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَكَذَا الْحَجُّ الْمُطْلَقُ أَيْ غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِيَوْمِ كَذَا مَعَ كَوْنِهِ مُقَيَّدًا بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنَا مُحْرِمٌ بِحَجٍّ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ قَالَ عَلَيَّ حَجٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ وَلَوْ فِي أَشْهُرِهِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ، وَكَذَا فَرْضُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ كَالْعُمْرَةِ، وَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرَ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يَحُومُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّذْرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَكُلُّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ كَيَوْمِ كَذَا يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمُقَيَّدٌ بِالْإِحْرَامِ فَقَطْ يَلْزَمُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ فِي الْعُمْرَةِ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً وَفِي الْحَجِّ لِأَشْهُرِهِ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ. وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْإِحْرَامِ، وَلَا الزَّمَانِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ، بَلْ يُسْتَحَبُّ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً وَجَدَ صَحَابَةً أَمْ لَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ غَيْرِهَا، هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَتَلَقَّهُ بِالْيَمِينِ، وَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ، وَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّا فِي كَلَامِ الشُّرُوحِ،، وَلَا يَصِحُّ فَتْحُ اللَّامِ مِنْ مُطْلِقًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ أَمْ لَا، وَالتَّشْبِيهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهَا بِغَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ لِدُخُولِ الْمُقَيَّدَةِ فِيمَا قَبْلَهُ. وَأَيْضًا الْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً يَجْرِي فِي الْعُمْرَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالزَّمَانِ، وَمَا قَبْلَ الْكَافِ يَقْتَضِي عَدَمَ جَرَيَانِهِ فِيهَا لِشُمُولِهِ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَيَتَنَاقَضَانِ، وَلَا يَصِحُّ الْإِطْلَاقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَ الْكَافِ خَاصًّا بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً إنَّمَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ دُونَ الْمُقَيَّدَةِ وَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ كَسْرُ اللَّامِ. اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 122 إنْ لَمْ يَعْدَمْ صَحَابَةً لَا الْحَجِّ وَالْمَشْيَ فَلِأَشْهُرِهِ إنْ وَصَلَ وَإِلَّا فَمِنْ حَيْثُ يَصِلُ عَلَى الْأَظْهَرِ   [منح الجليل] بُنَانِيُّ، فَيَجِبُ تَعْجِيلُ إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ (إنْ لَمْ يَعْدَمْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالدَّالِ مُلْتَزِمُ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ الْمُطْلَقَةِ (صَحَابَةً) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ رُفْقَةً يُسَافِرُ مَعَهُمْ، فَإِنْ عَدِمَ صَحَابَةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهَا، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالزَّمَانِ فَيَجِبُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهَا وَلَوْ عَدِمَ صُحْبَةً كَالْحَجِّ الْمُقَيَّدِ بِهِ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا مِنْ الْإِحْرَامِ. وَعَطَفَ بِلَا عَلَى الْعُمْرَةِ فَقَالَ (لَا) مُلْتَزِمُ (الْحَجِّ) الْمُطْلَقِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ بِهِ قَبْلَهَا (وَ) لَا مُلْتَزِمُ (الْمَشْيِ) لِمَكَّةَ الْمُطْلِقِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ وَعَنْ التَّقْيِيدِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّعْجِيلِ فِي الصُّورَتَيْنِ (فَ) يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِيهِمَا (لِأَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ أَيْ عِنْدَ اسْتِهْلَالِهَا (إنْ وَصَلَ) أَيْ إنْ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يَصِلُ إلَى مَكَّةَ وَيُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ، لَكِنْ فِي الْتِزَامِ الْحَجِّ يُحْرِمُ بِهِ مِنْ مَكَانِهِ، وَفِي الْتِزَامِ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ يُحْرِمُ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَهُ أَجْزَأَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ لِمَكَّةَ إنْ اسْتَمَرَّ فِي بَلَدِهِ إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ الْحَجِّ وَيَفُوتُهُ الْحَجُّ فِي عَامِهِ (فَ) يُحْرِمُ (مِنْ حَيْثُ) أَيْ الزَّمَانُ الَّذِي (يَصِلُ) فِيهِ لِمَكَّةَ وَيُدْرِكُ الْحَجَّ فِي عَامِهِ، فَاسْتَعْمَلَ حَيْثُ فِي الزَّمَانِ عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ، وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا ظَرْفُ مَكَان دَائِمًا (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِابْنِ رُشْدٍ بَلْ لِابْنِ يُونُسَ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ قَالَ قَيَّدَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَلْزَمُهُ إحْرَامُ الْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِهِ بِمَا إذَا أَمْكَنَ وُصُولُهُ إلَى مَكَّةَ مِنْ مَوْضِعِ الْحَلِفِ إنْ خَرَجَ فِي أَشْهُرِهِ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَهُ التَّأْخِيرُ لِلْإِحْرَامِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَصِلُ إلَى مَكَّةَ إذَا خَرَجَ مِنْ مَوْضِعِ الْحَلِفِ فِي أَشْهُرِهِ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مُحْرِمًا قَبْلَ أَشْهُرِهِ أَوْ يَخْرُجُ حَلَالًا، فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَشْهُرُهُ أَحْرَمَ سَوَاءٌ وَصَلَ لِلْمِيقَاتِ أَمْ لَا وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْقَابِسِيِّ. وَالظَّاهِرُ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 123 ، وَلَا يَلْزَمُ فِي: مَالِي فِي الْكَعْبَةِ، أَوْ بَابهَا، أَوْ كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ   [منح الجليل] هُوَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ لَا الْخُرُوجُ إلَيْهِمَا، فَإِذَا وَجَبَ تَعْجِيلُ الْمَنْذُورِ وَجَبَ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ. طفى وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمَشْيُ فَمُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِي أَشْهُرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ قَوْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْمَشْيُ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُقَيَّدِ بِالْإِحْرَامِ وَالزَّمَانِ لَا يَجِبُ تَعْجِيلُهُ مُطْلَقًا، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْمَشْيَ غَيْرَهُ، وَالْعَجَبُ مِنْ تت كَيْفَ أَقَرَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ لَا يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ، وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعْجِيلُ فَلِأَشْهُرِهِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ فِي أَشْهُرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَالَ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ التَّرَاخِي. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْفَوْرُ فِي الْمَشْيِ عَلَى الْمَنْصُوصِ. اهـ. وَحَمَلَ ابْنُ عَاشِرٍ الْمَشْيَ عَلَى مَعْنَى الْخُرُوجِ وَجَعَلَهُ مِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَأَطْلَقَ فَلَا يَلْزَمُهُ تَعْجِيلُ الْإِحْرَامِ وَالْخُرُوجُ بَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُمَا إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهُوَ بَعِيدٌ. (وَلَا يَلْزَمُ) الْوَفَاءُ (فِي) قَوْلِهِ (مَالِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا) إنْ كَانَ أَرَادَ صَرْفَهُ فِي بِنَائِهَا إنْ نَقَضَتْ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، فَإِنْ أَرَادَ كِسْوَتَهَا وَطِيبَهَا وَنَحْوَهُمَا لَزِمَهُ ثُلُثُ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ بِهَا إنْ احْتَاجَتْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمِثْلُ الْبَابِ الْحَطِيمُ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْمَقَامِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ إلَى الْبَابِ إلَى الْمَقَامِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحَطْمِهِ الذُّنُوبَ كَحَطْمِ النَّارِ الْحَطَبَ، وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ نَذْرُ مَا ذَكَرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَدَلَهُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. (أَوْ) قَالَ إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَ (كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ) فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا أَوْ صَدَقَةٌ لِلْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان وَحَنِثَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، فَإِنْ قَيَّدَ بِأَحَدِهِمَا لَزِمَهُ كُلُّ مَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقِيَاسُ فَإِنْ كَانَ فِي نَذْرٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزَمَانٍ، وَلَا بَلَدٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ نَذْرِهِ وَكُلُّ مَا أُفِيدَهُ مِثْلَ مَا اكْتَسَبَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 124 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَيَّنَهُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ لِمَنْ عَيَّنَهُ لَهُ، وَسَوَاءٌ قَيَّدَ فِي النَّذْرِ بِمُدَّةٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ لَا وَسَكَتَ عَنْ كُلِّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ، فَإِنْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ ثُلُثُ مَا عِنْدَهُ كَمَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ فِي النَّذْرِ. وَأَمَّا فِي الْيَمِينِ كَكُلِّ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ وَحَنِثَ لَزِمَهُ ثُلُثُهُ إنْ أَطْلَقَ لِصِدْقِ مَا أَمْلِكُهُ عَلَى مَا مَلَكَهُ حَالَ الْيَمِينِ، وَإِنْ قَيَّدَ بِوَقْتٍ أَوْ بَلَدٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَا يُفِيدُهُ أَوْ يَكْسِبُهُ إلَى مُدَّةٍ مَا أَوْ فِي بَلَدٍ فَقَوْلَانِ. وَأَمَّا إذَا قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ إلَى كَذَا صَدَقَةٌ إنْ فَعَلْت كَذَا فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ لَفْظَةَ أَمْلِكُ تَصْلُحُ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، فَعَلَى تَخْلِيصِهِ لِلِاسْتِقْبَالِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ. وَعَلَى حَمْلِهِ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ مَعًا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ ثُلُثِهِ السَّاعَةَ وَجَمِيعُ مَا يُفِيدُ إلَى الْأَجَلِ، وَالثَّانِي ثُلُثُهُمَا، وَالثَّالِثُ ثُلُثُ مَالِهِ السَّاعَةَ فَقَطْ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْيَمِينِ. وَأَمَّا إذَا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يُفِيدُهُ أَبَدًا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يُفِيدُهُ إلَى أَجَلٍ أَوْ فِي بَلَدٍ لَزِمَهُ إخْرَاجُ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: 34] {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} [النحل: 91] {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: 75] {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: 7] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنُصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ فِي هَذَا بَيْنَ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ، وَالْوَجْهُ حَمْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْيَمِينِ دُونَ النَّذْرِ، وَإِنَّمَا يَسْتَوِيَانِ فِي صَدَقَةِ الرَّجُلِ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ مِنْ الْمَالِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي لُبَابَةَ وَقَدْ نَذَرَ أَنْ يَنْخَلِعَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ يُجْزِيك الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ» انْتَهَى، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَبِهِ يُفَسَّرُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125 أَوْ هَدْيٌ لِغَيْرِ مَكَّةَ   [منح الجليل] أَوْ) نَذَرَ (هَدْيٍ) بِلَفْظِهِ أَوْ بَدَنَةٍ بِلَفْظِهَا (لِغَيْرِ مَكَّةَ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيهِمَا لَا بَعْثُهُ لِمَنْ عَيَّنَهُ لَهُ، وَلَا ذَكَاتُهُ بِمَوْضِعِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ، وَقَالَ فِي الصَّغِيرِ يُذَكِّيهِ بِمَوْضِعِهِ وَعَزَاهُ لَهَا فَفِي جَزْمِ الْبَدْرِ بِأَنَّهُ خَطَأٌ شَيْءٌ، فَإِنْ عَبَّرَ بِغَيْرِ هَدْيٍ وَبَدَنَةٍ فَإِنْ جَعَلَهُ لِمَكَّةَ فَكَالْفِدْيَةِ، وَإِنْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهَا كَقَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُهْدَى وَعَبَّرَ عَنْهُ بِبَعِيرٍ أَوْ خَرُوفٍ أَوْ جَزُورٍ نَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ بِمَوْضِعِهِ وَفَرَّقَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ وَأَخْرَجَ مِثْلَ مَا فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ وَمَنَعَ بَعْثَهُ وَلَوْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لَهُ لِقَوْلِهَا سَوْقُ الْهَدَايَا لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُهْدَى كَثَوْبٍ وَدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْمُلَازِمِينَ لِلْقَبْرِ الشَّرِيفِ أَرْسَلَهُ إلَيْهِمْ وَلَوْ أَغْنِيَاءَ وَإِنْ قَصَدَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ الثَّوَابَ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ بِمَوْضِعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ فَيُنْظَرُ لِعَادَتِهِمْ اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ وعج، وَلَا يَلْزَمُ بَعْثُ سُتُرٍ، وَلَا شَمْعٍ، وَلَا زَيْتٍ يُوقَدُ عَلَى الْقَبْرِ الشَّرِيفِ، وَلَوْ نَذَرَ فَإِنْ بَعَثَهُ مَعَ شَخْصٍ فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ فِعْلِهِ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَكْرُوهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ مَالِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْقُرْبَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا يُبَاحُ لِغَيْرِهِ تَنَاوُلُهُ كَوَضْعِ شَيْءٍ بِصُنْدُوقِ شَيْخٍ أَوْ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ عُلِمَ رَبُّهُ رُدَّ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَخْ صَحِيحٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْحَطّ لَكِنْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَحْرُهُ بِغَيْرِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَيُسْتَحَبُّ نَحْرُهُ فِيهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ نَذَرَهُ لِغَيْرِهَا بِلَفْظِ الْهَدْيِ أَوْ الْبَدَنَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُذَكِّيهِ بِمَوْضِعِهِ، وَعَزْوُهُ لَهَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا حُمِلَ عَلَى مَنْ نَذَرَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْهَدْيِ وَالْبَدَنَةِ إذْ هُوَ الَّذِي فِيهَا، وَقَوْلُهُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْفِدْيَةِ أَيْ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان بَعْدَ بَعْثِهِ لِمَكَّةَ، بِخِلَافِ الْفِدْيَةِ فَلَا يَجِبُ صَرْفُهَا لِمَكَّةَ، وَلِذَا قَالَ عج يَنْحَرُ بِمَكَّةَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126 أَوْ مَالُ غَيْرٍ؛ إنْ لَمْ يُرِدْ إنْ مَلَكَهُ، أَوْ عَلَى نَحْرِ فُلَانٍ وَلَوْ قَرِيبًا؛ إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ، أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ   [منح الجليل] قَوْلُهُ وَمَنَعَ بَعْثَهُ عِنْدَ الْقَبْرِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ فِي بَعْثِهِ إلَيْهِ شَبَهًا بِسَوْقِ الْهَدْيِ وَفِيهَا سَوْقُ الْهَدْيِ لِغَيْرِهَا مِنْ الضَّلَالِ، وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ مَسَاكِينِ أَيِّ بَلَدٍ طَاعَةٌ. «وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ تَعَالَى فَلْيُطِعْهُ» . ابْنُ عَرَفَةَ وَنَذْرُ شَيْءٍ لِمَيِّتٍ صَالِحٍ مُعَظَّمٍ فِي نَفْسِ النَّاذِرِ لَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصًّا، وَأَرَى أَنَّ قَصْدَ مُجَرَّدِ كَوْنِ الثَّوَابِ لِلْمَيِّتِ تَصَدَّقَ بِهِ بِمَوْضِعِ النَّاذِرِ وَإِنْ قَصَدَ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ لِقَبْرِهِ أَوْ زَاوِيَتَهُ تَعَيَّنَ لَهُمْ إنْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ لَهُمْ. (أَوْ) نَذَرَ (مَالَ غَيْرِهِ) كَعَبْدِهِ وَدَارِهِ وَبَعِيرِهِ صَدَقَةً أَوْ هَدْيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» (إنْ لَمْ يُرِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ يَنْوِي النَّاذِرُ (إنْ مَلَكَهُ) أَيْ النَّاذِرُ الشَّيْءَ الَّذِي نَذَرَهُ وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ وَمَلَكَهُ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِهِ، عَبَّرَ بِلَفْظِ جَمِيعِ مَالِ الْغَيْرِ أَمْ لَا فَلَيْسَ كَنَذْرِهِ جَمِيعَ مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ نَاذِرَ مَالِ غَيْرِهِ أَبْقَى مَالَ نَفْسِهِ. (أَوْ) قَالَ لِلَّهِ (عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ) أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ وَحَنِثَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي النَّذْرِ، وَلَا فِي الْيَمِينِ إنْ كَانَ فُلَانٌ أَجْنَبِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (قَرِيبًا) لَلْمُلْتَزِمِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَعْصِيَةً، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ يَمْلِكُ شَرْعًا بِشِرَائِهِ مَثَلًا فَكَأَنَّهُ أَهْدَى ثَمَنَهُ بِخِلَافِ فُلَانٍ الْحُرِّ فَلَا يَمْلِكُ فَيُخَصُّ فُلَانٌ بِالْحُرِّ قَالَهُ سَالِمٌ، فَإِنْ كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَرُدَّ إنْ مَلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ (إنْ لَمْ يَلْفِظْ) نَاذِرٌ نَحْرَ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ الْقَرِيبِ (بِالْهَدْيِ) فَإِنْ لَفَظَ بِهِ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ نَحْرُهُ هَدْيًا فَعَلَيْهِ هَدْيٌ. (أَوْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ الْمُلْتَزِمُ نَحَرَ فُلَانٌ الْهَدْيَ فَإِنْ نَوَاهُ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ (أَوْ) لَمْ (يَذْكُرْ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) خَلِيلِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرْ مَكَانًا مِنْ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي فِيهَا الْهَدْيُ وَهِيَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنًى وَمَكَّةَ وَأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ كَالْوَاوِ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ نَفْيُ أَحَدِهَا الْمُبْهَمِ إلَّا بِنَفْيِهَا فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَعَدَمُ نِيَّةِ الْهَدْيِ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ نِيَّةُ حَقِيقَةِ النَّحْرِ وَعَدَمُ النِّيَّةِ وَالْمَشْهُورُ فِي الثَّانِيَةِ لُزُومُ الْهَدْيِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ قَضِيَّتُهُ مَعَ وَلَدِهِ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ ثُمَّ فُدِيَ لَا مَقَامُهُ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ الْمُتَّخَذِ مُصَلًّى، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِذِكْرِهِ أَوْ نِيَّتِهِ شَيْءٌ كَمَا إذَا نَوَى قَتْلَهُ وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ أَوْ مَحَلِّ ذَكَاةِ الْهَدْيِ فِيمَا يَظْهَرُ. فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ إنْ قَصَدَ الْهَدْيَ وَالْقُرْبَةَ لَزِمَهُ ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِاتِّفَاقٍ، وَاخْتُلِفَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَالْمَشْهُورُ عَلَيْهِ هَدْيٌ؛ لِأَنَّ صِيغَتَهُ حَقِيقِيَّةٌ عُرْفِيَّةٌ فِي الْتِزَامِ هَدْيٍ. اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ إلَخْ هَذَا الْفَرْقُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ بَلْ هُوَ كَلَامٌ مُخْتَلٌّ مُنْزَلٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَأَصْلُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ ذَكَرَهُ عَلَى قَوْلِهَا وَمَنْ قَالَ لِحُرٍّ إنْ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أُهْدِيك إلَى بَيْتِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَمَنْ قَالَ فَعَبْدُ فُلَانٍ أَوْ دَارُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ هَدْيٌ فَحَنِثَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ. وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِحُرٍّ أَنَا أُهْدِيك وَقَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ هُوَ هَدْيٌ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصِحُّ مِلْكُهُ فَيَخْرُجُ عِوَضُهُ وَهُوَ قِيمَتُهُ، وَأَمَّا الْحُرُّ فَلَيْسَ مِمَّا يَصِحُّ مِلْكُهُ، وَلَا يَخْرُجُ عِوَضُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَدْيَ إذَا قَصَدَ الْقُرْبَةَ. . اهـ. وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِلتُّونُسِيِّ فَكَانَ عَلَى " ز " ذَكَرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ بِأَنْ يَقُولَ فَإِنْ لَفَظَ بِالْهَدْيِ فِي الْحُرِّ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، بِخِلَافِ إنْ لَفَظَ بِهِ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ، وَمَعَ هَذَا فَفِي عِبَارَتِهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْنَاهُ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ لَزِمَهُ الْهَدْيُ فِي الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيُّ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَاجِيَّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَأَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ، وَخَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَلِكَ بِالْقَرِيبِ لَكِنْ إنَّمَا فَصَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي ذِكْرِ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا إذَا تَلَفَّظَ بِالْهَدْيِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128 وَالْأَحَبُّ حِينَئِذٍ كَنَذْرِ الْهَدْيِ بَدَنَةٌ ثُمَّ بَقَرَةٌ:   [منح الجليل] وَالْأَجْنَبِيِّ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ اُنْظُرْ طفى، وَقَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْهَدْيَ تَبِعَ سَالِمٌ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِيمَا إذَا لَفَظَ بِالْهَدْيِ لَا فِيمَا إذَا لَمْ يَلْفِظْ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ " ز ". وَنَصُّ التَّوْضِيحِ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ فُلَانًا فَالْمَشْهُورُ عَلَيْهِ هَدْيٌ. ابْنِ بَشِيرٍ إنْ قَصَدَ بِنَذْرِهِ الْمَعْصِيَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي عِمَارَةِ الذِّمَّةِ بِالْأَقَلِّ أَوْ بِالْأَكْثَرِ. خَلِيلٌ فَعَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ قَصَدَ الْهَدْيَ وَالْقُرْبَةَ لَزِمَهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ قَصَدَ الْمَعْصِيَةَ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَاخْتُلِفَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَالْمَشْهُورُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ. اهـ. وَكَلَامُ " ز " آخِرًا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَالَ الْحَطّ قَيَّدَ ابْنُ بَشِيرٍ مَسْأَلَةَ مَا إذَا ذَكَرَ الْهَدْيَ بِأَنْ لَا يَقْصِدَ الْمَعْصِيَةَ يَعْنِي ذَبْحَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ شَيْءٌ، وَتُقَيَّدُ بِهِ مَسْأَلَةُ نِيَّةِ الْهَدْيِ وَذِكْرُ الْمَقَامِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَارْتَضَى الْقَيْدَ فِي الشَّامِلِ وَأَتَى بِهِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ إلَخْ هَذَا لِابْنِ هَارُونَ. ابْنُ فَرْحُونٍ هَذَا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَقَامُ الصَّلَاةِ. (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَفْضَلُ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ يَلْفِظُ بِالْهَدْيِ أَوْ يَنْوِيهِ أَوْ يَذْكُرُ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ أَوْ يَنْوِيهِ. وَشَبَّهَ فِي الْأَحَبِّيَّةِ فَقَالَ (كَنَذْرِ الْهَدْيِ) الْمُطْلَقِ وَخَبَرُ الْأَحَبُّ (بَدَنَةٌ ثُمَّ) يَلِيهَا (بَقَرَةٌ) وَالْأَحَبُّ الَّذِي هُوَ النَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَأَمَّا الْهَدْيُ فَوَاجِبٌ بِقَيْدِهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَقَرَةِ فَشَاةٌ وَاحِدَةٌ لَا سَبْعُ شِيَاهٍ لِأَنَّ هَذَا نَذَرَ هَدْيًا مُطْلَقًا أَوْ مَا يُفِيدُهُ مِنْ نَحْرِ فُلَانٍ وَمِنْ إفْرَادِهِ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ وَمَا سَبَقَ نَذْرُ بَدَنَةٍ بِلَفْظِهَا، فَإِذَا عَجَزَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129 كَنَذْرِ الْحَفَاءِ أَوْ حَمْلَ فُلَانٍ إنْ نَوَى التَّعَبَ، وَإِلَّا رَكِبَ وَحَجّ بِهِ بِلَا هَدْيٍ   [منح الجليل] عَنْهَا لَزِمَهُ مَا يُقَارِبُهَا مِنْ الْبَقَرَةِ، أَوْ السَّبْعِ شِيَاهٍ. وَشَبَّهَ فِي صِفَةِ الْهَدْيِ لَا فِي حُكْمِهِ فَقَالَ (كَنَذْرِ الْحَفَاءِ) بِالْمَدِّ وَإِهْمَالِ الْحَاءِ أَيْ الْمَشْيِ لِمَكَّةَ بِلَا نَعْلٍ إذْ الْأَوَّلُ وَاجِبٌ بِقَيْدِهِ، وَالِاسْتِحْبَابُ فِي تَرْتِيبِهِ، وَأَمَّا فِي نَذْرِ الْحَفَاءِ فَالْهَدْيُ مُسْتَحَبٌّ فَقَطْ، وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ إنْ شَاءَ مُنْتَعِلًا وَإِنْ شَاءَ حَافِيًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِي. . . إلَخْ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ الْمُقَدَّرِ دُخُولَهَا عَلَى الْحَفَاءِ الْحَبْوَ وَالزَّحْفَ وَالْقَهْقَرَى، وَحَيْثُ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذَكَرَ فَيَمْشِي فِي نَذْرِ الْحَفَاءِ مُنْتَعِلًا إنْ شَاءَ وَفِي نَذْرِ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ، وَقَدْ «نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ الْقَهْقَرَى فَقَالَ مُرُوهُ لِيَمْشِ إلَى وَجْهِهِ» . (أَوْ) نَذَرَ (حَمْلَ فُلَانٍ) عَلَى عُنُقِهِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ (إنْ نَوَى التَّعَبَ) لِنَفْسِهِ بِحَمْلِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ هُوَ مَاشِيًا وَيُهْدِيَ نَدْبًا. وَقِيلَ وُجُوبًا، فَقَوْلُهُ الْآتِي بِلَا هَدْيٍ لَا يَرْجِعُ لِهَذَا، وَكَلَامُهُ لَا يُفِيدُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّعَبَ بِأَنْ نَوَى بِحَمْلِهِ إحْجَاجَهُ مَعَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ عَلَى مَا لِابْنِ يُونُسَ وَتَأَوَّلَ الْبَاجِيَّ الْمُوَطَّأَ عَلَيْهِ (رَكِبَ وَحَجَّ بِهِ) أَيْ فُلَانٌ إنْ رَضِيَ فَإِنْ أَبَى فَلَا شَيْءَ لَهُ وَحَجَّ هُوَ وَحْدَهُ (بِلَا هَدْيٍ) عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَهَذَا مَا لَمْ يَقُلْ أُحِجُّهُ بِضَمِّ الْهَمْزِ وَإِلَّا لَزِمَهُ إحْجَاجُهُ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا كَمَا فِي الشَّامِلِ. وَكَذَا فِي نَذْرٍ كَمَا لِابْنِ الْمُنِيرِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَنَصُّ الشَّامِلِ إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أُحِجُّهُ فَحَنِثَ أَحَجَّهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَأْبَى فَلَا شَيْءٍ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ بِهِ حَجَّ رَاكِبًا وَأَخَذَهُ فَلَوْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. وَإِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ حَمْلُ هَذَا الْعَمُودِ وَنَحْوُ لِمَلِكَةٍ قَاصِدًا بِهِ الْمَشَقَّةَ مَشَى فِي نُسُكٍ غَيْرَ حَامِلٍ شَيْئًا وَأَهْدَى، فَإِنْ رَكِبَ لِعَجْزِهِ فَهَدْيٌ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهِ رَكِبَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ فَلَوْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ أَيْ وَمِنْ غَيْرِ نَذْرٍ إذْ لَوْ قَالَهُ فِي نَذْرٍ لَزِمَهُ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمُنِيرِ أَفَادَهُ عب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130 وَلَغَا: عَلَيَّ الْمَسِيرُ، وَالذَّهَابُ، وَالرُّكُوبُ لِمَكَّةَ، وَمُطْلَقُ الْمَشْيِ، وَمَشْيٌ لِمَسْجِدٍ، وَإِنْ لِاعْتِكَافٍ؛   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا رَكِبَ وَحَجَّ بِهِ إنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَمَّا إذَا نَوَى إحْجَاجَهُ، فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يَلْزَمُهُ حَجٌّ بَلْ يَدْفَعُ فَقَطْ إلَى الرَّحْلِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مُؤْنَةِ الْحَجِّ كَمَا لِأَبِي الْحَسَنِ. وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ تَارَةً يَحُجُّ الْحَالِفُ وَحْدَهُ وَهَذَا إذَا أَرَادَ الْمَشَقَّةَ عَلَى نَفْسِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى عُنُقِهِ، وَتَارَةً يَحُجُّ الْمَحْلُوفُ بِهِ وَحْدَهُ إذَا أَرَادَ حَمْلَهُ مِنْ مَالِهِ، وَتَارَةً يَحُجَّانِ جَمِيعًا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. ابْنُ عَاشِرٍ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ قَالَ عَنْهُ عَلِيٌّ إنْ نَوَى إحْجَاجَهُ مِنْ مَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا إحْجَاجُ الرَّجُلِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَقَدْ حَمَلَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ رِوَايَةَ عَلِيٍّ عَلَى الْوِفَاقِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَبِهِ نَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ " ز " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَغَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَ قَوْلُ الشَّخْصِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ (عَلَيَّ الْمَسِيرُ) إلَى مَكَّةَ إنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا (وَالذَّهَابُ وَالرُّكُوبُ) وَالْإِتْيَانُ وَالِانْطِلَاقُ (لِمَكَّةَ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إتْيَانَهَا حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَيَأْتِيهَا رَاكِبًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَاشِيًا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إنْ قُلْت مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَيْهَا لَزِمَهُ وَالْمَسِيرُ وَالذَّهَابُ مُسَاوِيَانِ لَهُ فَمَا الْفَرْقُ؟ . قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا جَرَى بِلَفْظِ الْمَشْيِ وَإِنَّهُ الْوَارِدُ فِي السُّنَّةِ وَلَمْ يَرِدْ غَيْرُهُ فِيهَا. (وَ) لَغَا (مُطْلَقُ الْمَشْيِ) أَيْ الْمَشْيِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِمَكَّةَ، وَلَا الْكَعْبَةِ بِلَفْظٍ، وَلَا نِيَّةٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ (وَ) لَغَا قَوْلُهُ عَلَيَّ (مَشْيٌ لِمَسْجِدٍ) غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ لِجُلُوسٍ فِيهِ أَوْ قِرَاءَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِاعْتِكَافٍ) أَوْ صَلَاةٍ فِيهِ لِخَبَرِ «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى» ، وَلَا يُعَارِضُهُ خَبَرُ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ فَيُخَصُّ بِهَذَا. قَالَ الشَّارِحُ لَوْ قَالَ إتْيَانٌ أَيْ لَغَا إتْيَانٌ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُ إتْيَانِهِ رَاكِبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَمَ اللُّزُومِ فِيمَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ اللُّزُومُ وَهُوَ الْمَشْيُ، فَيُعْلَمُ عَدَمُ لُزُومِ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131 إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا: فَقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا، وَمَشْيٌ لِلْمَدِينَةِ، أَوْ إيلْيَاءَ: إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً بِمَسْجِدَيْهِمَا، أَمْ يُسَمِّهِمَا؛ فَيَرْكَبُ. وَهَلْ إنْ كَانَ بِبَعْضِهَا، أَوْ إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ؟ خِلَافٌ،   [منح الجليل] وَبِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمَشْيِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (إلَّا) الْمَسْجِدَ (الْقَرِيبَ جِدًّا) مِنْ النَّاذِرِ بِأَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَقِيلَ مَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ لِإِعْمَالِ الْمَطِيِّ وَشَدِّ الرَّحْلِ (فَقَوْلَانِ تَحْتَمِلُهُمَا) الْمُدَوَّنَةِ فِي نَذْرِ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ أَحَدُهُمَا لُزُومُ إتْيَانِهِ مَاشِيًا كَمَا فِي الشَّارِحِ وتت. الثَّانِي عَدَمُ لُزُومُ الْإِتْيَانِ وَيَلْزَمُهُ فِعْلُ مَا نَذَرَ بِمَوْضِعِهِ كَنَاذِرِهِمَا بِمَسْجِدٍ بَعِيدٍ. (وَ) لَغَا (مَشْيٌ) وَأَوْلَى ذَهَابٌ وَمَسِيرٌ (لِلْمَدِينَةِ) عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (أَوْ) لِمَسْجِدِ (إيلْيَاءَ) فَلَا يَلْزَمُهُ ذَهَابُهُ لَهُمَا لَا مَاشِيًا، وَلَا رَاكِبًا وَهُوَ مَمْدُودٌ بِوَزْنِ كِبْرِيَاءَ مَعْنَاهُ بَيْتُ الْمَقْدِسِ مُعَرَّبٌ، وَحُكِيَ قَصْرُهُ (إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً) فَإِنْ نَوَاهَا لَزِمَهُ إتْيَانُهُمَا وَلَوْ نَفْلًا وَإِنْ اخْتَصَّتْ الْمُضَاعَفَةُ بِالْفَرْضِ لِنِيَّتِهِ إقَامَتَهُ أَيَّامًا يَنْتَفِلُ فِيهَا فَيَتَضَمَّنُ الْفَرْضَ أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا (بِمَسْجِدَيْهِمَا) أَيْ الْمَدِينَةِ وَإِيلْيَاءَ (أَوْ يُسَمِّيهِمَا) أَيْ الْمَسْجِدَيْنِ لَا الْبَلَدَيْنِ، فَإِنْ نَوَى صَلَاةً فِيهِمَا أَوْ سَمَّاهُمَا لَزِمَهُ إتْيَانُهُمَا (فَيَرْكَبُ) إنْ شَاءَ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّاهُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ فِيهِمَا، أَوْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَفْلًا. إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَشْيِ لِهَذَيْنِ وَالْمَشْيِ لِمَكَّةَ؟ . فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَشْيَ لِلْمَدِينَةِ مَثَلًا لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَالْمَشْيَ لِمَكَّةَ فِيهِ قُرْبَةٌ لِإِحْرَامِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَأَنَّهُ فِيهِ مُنَاسِبٌ لِعِبَادَةِ الْحَجِّ لِمَشْيِهِ فِي الْمَنَاسِكِ وَالصَّلَاةُ مُنَافِيَةٌ لِلْمَشْيِ. (وَهَلْ) لُزُومُ إتْيَانِ أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ بِغَيْرِهَا بَلْ (وَإِنْ كَانَ) الْمُلْتَزِمُ (بِبَعْضِهَا) فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا (أَوْ) يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِكَوْنِهِ بِأَفْضَلَ) مِمَّا الْتَزَمَ الْمَشْيَ إلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُ الْمَفْضُولِ فِيهِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ. ابْنُ بَشِيرٍ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لُزُومُ إتْيَانِهِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُهُ أَفْضَلَ مِمَّا الْتَزَمَ الْمَشْيَ إلَيْهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132 وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ ثُمَّ مَكَّةُ.   [منح الجليل] فِي أَحَدِهَا وَالْتَزَمَ الْآخَرَ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مَفْضُولًا. الْمَازِرِيُّ لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ مَدَنِيٌّ أَوْ مَكِّيٌّ بِمَسْجِدِ إيلْيَاءَ صَلَّى بِمَوْضِعِهِ وَالْعَكْسُ لَازِمٌ. وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَلْزَمُ الْمَكِّيَّ مَا نَذَرَهُ بِمَسْجِدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا الْعَكْسُ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: الْأَوْلَى إتْيَانُهُ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا عَزَاهُ لِبَعْضِ شُيُوخِهِ هُوَ نَصُّ اللَّخْمِيِّ وَذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. (وَالْمَدِينَةُ) الْمُنَوَّرَةُ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَفْضَلُ) مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» نَقَلَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ مَكَّةُ أَفْضَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَسْجِدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدِ إيلْيَاءَ، وَفِي أَفْضَلِيَّةِ مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الْعَكْسُ الْمَشْهُورُ. وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ وَوَقَفَ الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي ضَمَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْكَعْبَةِ وَالسَّمَاءِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَاللَّوْحِ وَالْقَلَمِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَيَلِيهِ الْكَعْبَةُ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا، وَبَاقِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي مَسْجِدِ مَكَّةَ، وَبَاقِي الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِي مَكَّةَ، وَلِمَا زِيدَ فِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُكْمُ مَسْجِدِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُمْ عَلَى تَفْضِيلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ، وَقِيلَ الْأَرْضُ أَفْضَلُ لِخَلْقِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهَا وَدَفْنِهِمْ بِهَا. (ثُمَّ) يَلِي الْمَدِينَةَ فِي الْفَضْلِ (مَكَّةُ) الْمُشَرَّفَةُ ثُمَّ يَلِي مَكَّةَ فِي الْفَضْلِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ مِنْ الْمَسَاجِدِ الْمَنْسُوبَةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَسْجِدِ قُبَاءَ وَمَسْجِدِ الْفَتْحِ وَمَسْجِدِ الْعِيدِ وَمَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ. (تَتِمَّةٌ) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْمَدِينَةِ «مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا كُنْت لَهُ شَهِيدًا وَشَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ «لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَفِيهِ بُشْرَى لِلصَّابِرِ بِهَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَزِيَّةٌ عَظِيمَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 133 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] زَائِدَةٌ عَلَى شَفَاعَتِهِ وَشَهَادَتِهِ الْعَامَّتَيْنِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ «مَنْ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ كُنْت لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَخَبَرُ مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَمُتْ فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ بِهَا أَشْفَعُ لَهُ وَأَشْهَدُ لَهُ» . وَسُئِلَ عج هَلْ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ أَمْ تَرْكُهَا، وَهَلْ الْأَفْضَلُ دُخُولُ مَكَّةَ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا فَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عَدَمَ الْمُجَاوَرَةِ أَفْضَلُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَقَفْلٌ أَيْ الرُّجُوعُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِوَارِ، وَكَانَ الْإِمَامُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقُفُولِ بَعْدَ الْحَجِّ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا اسْتِوَاءُ دُخُولِ مَكَّةَ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا فِي الْفَضْلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 134 بَابُ الْجِهَادِ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ كُلَّ سَنَةٍ وَإِنْ خَافَ مُحَارِبًا:   [منح الجليل] [بَابُ الْجِهَادِ] بَابٌ فِي الْجِهَادِ (الْجِهَادُ) أَيْ قِتَالُ مُسْلِمٍ كَافِرًا غَيْرَ ذِي عَهْدٍ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حُضُورِهِ لَهُ أَوْ دُخُولِهِ أَرْضَهُ لَهُ فَخَرَجَ قِتَالُ ذِمِّيٍّ مُحَارِبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ غَيْرُ نَقْضٍ لِلْعَهْدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَقْتَضِي أَنَّ الْقِتَالَ لِلْغَنِيمَةِ وَإِظْهَارِ الشَّجَاعَةِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ جِهَادًا فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ غَنِيمَةً وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا أَفَادَهُ عج أَنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِالْقِتَالِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْإِعْلَاءِ شَهَادَةُ الْآخِرَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيَدْخُلُ فِي إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ قِتَالُ الْعَوَامّ الْكَافِرَ لِكُفْرِهِ، وَمَحَلُّ نِيَّتِهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ لَهُ لِلْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَلِأَنَّ سَاعَةَ الْقِتَالِ سَاعَةُ دَهْشَةٍ وَغَفْلَةٍ وَيَكُونُ (فِي أَهَمِّ جِهَةٍ) فَإِنْ اسْتَوَتْ الْجِهَاتُ فِي الْخَوْفِ فَالنَّظَرُ لِلْإِمَامِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي يَذْهَبُ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةٌ لِجَمِيعِ الْجِهَاتِ وَإِلَّا وَجَبَ جِهَادُ الْجَمِيعِ (كُلَّ سَنَةٍ) إنْ لَمْ يَخَفْ مُحَارِبًا بَلْ (وَإِنْ خَافَ) الْمُجَاهِدُ (مُحَارِبًا) أَيْ مُسْلِمًا قَاطِعَ طَرِيقٍ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ لَا يُسْقِطُ فَرْضِيَّةَ الْجِهَادِ خَوْفُ مُحَارِبٍ أَوْ لِصٍّ فِي طَرِيقِ الْجِهَادِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْمُحَارِبُ فِي جِهَةٍ وَالْعَدُوُّ فِي جِهَةٍ وَخِيفَ مِنْ الْمُحَارِبِ عِنْدَ الِاشْتِغَالِ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْكُفْرِ لَا يَعْدِلُهُ فَسَادٌ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ ذِكْرِ مُسْقِطَاتِ الْوُجُوبِ، وَلَا يَسْقُطُ بِالْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ الْمُتَلَصِّصِينَ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ أَهَمُّ، قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَقَطَعَةُ الطَّرِيقِ مُخِيفُوا السَّبِيلِ أَحَقُّ بِالْجِهَادِ مِنْ الرُّومِ، أَيْ فَإِذَا كَانَ قِتَالُهُمْ نَفْسَ الْجِهَادِ لَمْ يُتَصَوَّرْ أَنْ يَكُونَ مُسْقِطًا لَهُ فَمُقَاتِلُهُمْ مُؤَدٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 135 كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَوْ مَعَ وَالٍ جَائِرٍ: عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ:   [منح الجليل] مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَادِ، وَنَسَجَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مِنْوَالِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْقَزْوِينِيِّ الشَّافِعِيِّ إذَا قَالَ فِي كِتَابِهِ الْحَاوِي فِي الْفَتَاوَى: الْجِهَادُ فِي أَهَمِّ جِهَةٍ وَإِنْ خَافَ مِنْ الْمُتَلَصِّصِينَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّظَائِرَ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِيهَا جِهَادُ الْمُحَارِبِينَ جِهَادٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قِتَالُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ. ابْنُ نَاجِي الْمَشْهُورُ لَيْسَ أَفْضَلَ. وَشَبَّهَ الْفَرْضِيَّةَ كُلَّ سَنَةٍ فَقَالَ (كَزِيَارَةِ الْكَعْبَةِ) أَيْ إقَامَةِ مَوْسِمِ الْحَجِّ لَا بِطَوَافٍ فَقَطْ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَفْرَدَ هَذَا عَنْ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ لِمُشَارَكَتِهِ الْجِهَادَ فِي وُجُوبِهِ كُلَّ سَنَةٍ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا خَوْفُ الْمُحَارِبِينَ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمْنٌ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْعَيْنِيّ، وَمَا هُنَا فَرْضُ الْكِفَايَةِ أَيْ يُخَاطَبُ كُلُّ النَّاسِ بِقِتَالِ الْمُحَارِبِ وَإِقَامَةِ الْمَوْسِمِ لَا أَهْلُ قُطْرٍ فَقَطْ كَحِجَازٍ، فَإِنْ أَقَامَهُ جَمْعٌ وَلَحِقَهُمْ شَخْصٌ بِعَرَفَةَ فَقَدْ دَخَلَ مَعَهُمْ قِيَاسًا عَلَى مُدْرِكِ تَكْبِيرَةٍ مِنْ الْجِنَازَةِ، فَإِنَّهُ يَنْوِي الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الْقِيَامُ بِفَرْضِ كِفَايَتِهَا إلَّا بِسَلَامِهَا. وَخَبَرُ الْجِهَادِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) نَقَلَ الْجُزُولِيُّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُطْلَقًا. وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ نَافِلَةٌ مَعَ الْأَمْنِ. الْمِسْنَاوِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَلَوْ مَعَ الْأَمْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ إنْ كَانَ مَعَ وَالٍ عَدْلٍ بَلْ (وَلَوْ مَعَ وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ (جَائِرٍ) لَا يَضَعُ الْخُمُسَ مَوْضِعَهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَزْوَ مَعَهُ إعَانَةٌ لَهُ عَلَى جَوْرِهِ وَتَرْكَهُ مَعَهُ خِذْلَانٌ لِلْإِسْلَامِ، وَنُصْرَةُ الدَّيْنِ وَاجِبَةٌ، وَكَذَا مَعَ ظَالِمٍ فِي أَحْكَامِهِ أَوْ فَاسِقٍ بِجَارِحَةٍ لَا مَعَ غَادِرٍ يَنْقُضُ الْعَهْدَ عَلَى الْأَصَحِّ وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُغَازِي مَعَهُ وَصِلَةُ فَرْضٍ (عَلَى كُلِّ حُرٍّ ذَكَرٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ) شَمِلَ الْكَافِرَ بِنَاءً عَلَى خِطَابِهِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ حَتَّى الْجِهَادِ، وَقِيلَ إلَّا الْجِهَادَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 136 كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ   [منح الجليل] وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي ذِمِّيٍّ فَيَجِبُ جِهَادُهُ الْحَرْبِيَّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إسْلَامِهِ كَأَدَاءِ دَيْنٍ وَرَدِّ وَدِيعَةٍ، وَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ عَلَيْهِ حُرْمَةُ اسْتِعَانَتِنَا بِهِ، لَكِنْ عَدَّ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهِ الْإِسْلَامَ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَقَدْ يُقَالُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ رُشْدٍ الْوُجُوبُ الَّذِي يُطَالِبُ الْإِمَامُ بِسَبَبِهِ وَوُلَاةُ الْأُمُورِ الْكُفَّارَ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَإِنْ قُلْنَا بِخِطَابِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَأَنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ عَلَيْهَا عَذَابًا زَائِدًا عَلَى عَذَابِ الْكُفْرِ قَالَهُ الشَّيْخُ الدُّسُوقِيُّ. وَشَبَّهَ فِي فَرْضِيَّةِ الْكِفَايَةِ لَا بِقَيْدِ كُلِّ سَنَةٍ فَقَالَ (كَالْقِيَامِ بِعُلُومِ الشَّرْعِ) مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ غَيْرَ مَا يَجِبُ عَيْنًا وَهُوَ مَا يَحْتَاجُهُ الشَّخْصُ فِي نَفْسِهِ وَمُعَامَلَتِهِ مِنْ فِقْهٍ وَأُصُولِهِ وَحَدِيثٍ وَتَفْسِيرٍ وَعَقَائِدَ وَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَنَحْوٍ وَلُغَةٍ وَصَرْفٍ وَبَيَانٍ وَمَعَانٍ وَمِمَّا يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ غَيْرِ الْمَالِكِيَّةِ الْمَنْطِقُ لِقَوْلِ شَارِحِ الْمَطَالِعِ وَلِأَمْرٍ مَا أَصْبَحَ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ الَّذِينَ تَلَأْلَأَتْ فِي ظُلُمَاتِ اللَّيَالِي قَرَائِحُهُمْ الْوَقَّادَةُ وَاسْتَنَارَ عَلَى صَفَحَاتِ الْأَيَّامِ آثَارُ خَوَاطِرِهِمْ الْمُنْقَادَةِ يَحْكُمُونَ بِوُجُوبِ مَعْرِفَةِ عِلْمِ الْمَنْطِقِ، بَلْ قَالَ السَّيِّدُ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَإِمَّا فَرْضُ كِفَايَةٍ؛ لِأَنَّ إقَامَةَ شَعَائِرِ الدَّيْنِ بِحِفْظِ عَقَائِدِهِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ آخَرُونَ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ مَنْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِهِ لَا ثِقَةَ بِعِلْمِهِ وَسَمَّاهُ مِعْيَارَ الْعُلُومِ، وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ بِهَا حِفْظُهَا وَإِقْرَاؤُهَا وَقِرَاءَتُهَا وَتَحْقِيقُهَا وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْمِيمُهَا إنْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَتَخْصِيصُهَا كَذَلِكَ، وَتَعْبِيرُهُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْعُلُومَ الشَّرْعِيَّةَ قَاصِرَةٌ عَلَى الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَعَمُّ لِزِيَادَةِ الْعَقَائِدِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النِّسَاءُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُنَاهَلَةِ مِنْهُنَّ الْقِيَامُ بِعُلُومِ الشَّرْعِ كَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَنِسَاءٌ تَابِعِيَّاتٌ، وَغَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ التَّقْصِيرَ ظَهَرَ فِي أَكْثَرِهِنَّ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ غَيْرَ مَا يَجِبُ عَيْنًا إلَخْ الْوَاجِبُ عَيْنًا لَا يَنْحَصِرُ فِي بَابٍ مُعَيَّنٍ فَيَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى أَمْرٍ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ، وَقَوْلُهُ مِمَّا يَتَوَقَّفُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 137 وَالْفَتْوَى وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ عِنْدَ بَعْضِ غَيْرِ الْمَالِكِيَّةِ أَيْ؛ لِأَنَّ شَارِحَ الْمَطَالِعِ وَهُوَ الْقُطْبُ الرَّازِيّ وَمُحْشِيَةُ السَّيِّدِ لَيْسَا مَالِكِيَّيْنِ، بَلْ، وَلَا مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَجُّ عَلَى وُجُوبِهِ بِكَلَامِهِمَا. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَوَقُّفِ الْعَقَائِدِ عَلَيْهِ وَتَوَقُّفِ إقَامَةِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمِيعُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إلَى أَنَّ عِلْمَ الْكَلَامِ وَالْجَدَلِ بِدْعَةٌ وَحَرَامٌ، وَأَنَّ الْعَبْدَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ بِكُلِّ ذَنْبٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ اهـ. وَنَهَى عَنْ قِرَاءَةِ الْمَنْطِقِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعِيَاضٌ وَقَالَ الشَّاطِبِيُّ فِي الْمُوَافَقَاتِ فِي الْقَضَايَا الشَّرْعِيَّةِ إنَّ عِلْمَ الْمَنْطِقِ مُنَافٍ لَهَا؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ لَمْ تُوضَعْ إلَّا عَلَى الشَّرِيعَةِ الْأُمِّيَّةِ اهـ. وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ مَعْرِفَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا تَحْصُلُ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ بَلْ يَكَادُ الْكَلَامُ يَكُونُ حِجَابًا عَنْهَا وَمَانِعًا مِنْهَا، وَقَالَ أَيْضًا لَيْسَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ عَقَائِدِ الدَّيْنِ إلَّا الْعَقِيدَةُ الَّتِي يُشَارِكُ فِيهَا الْعَوَامَّ، وَإِنَّمَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُمْ بِصَنْعَةِ الْمُجَادَلَةِ اُنْظُرْ سُنَنَ الْمُهْتَدِينَ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْطِقُ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَلَا أَقَلَّ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْوُجُوبُ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعٌ لِلْإِمَامَةِ وَالِاجْتِهَادِ فَطَلَبُ الْعِلْمِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ ظَهَرَتْ فِيهِ الْقَابِلِيَّةُ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ. ابْنُ نَاجِي وَالنَّفْسُ إلَيْهِ أَمْيَلُ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ الْمَذْهَبَ قَائِلًا: لَا أَعْرِفُ خِلَافَهُ. (وَ) الْقِيَامُ بِ (الْفَتْوَى) أَيْ الْإِخْبَارِ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَفْظًا أَوْ كَتْبًا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ (وَ) الْقِيَامُ بِدَفْعِ (الضَّرَرِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ) وَنُسْخَةُ " غ " وَالدَّرْءُ مَصْدَرُ دَرَأَ أَيْ الدَّفْعُ أَوْلَى لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا لِتَقْدِيرٍ وَيَلْحَقُ بِالْمُسْلِمِينَ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالدَّفْعُ بِإِطْعَامِ جَائِعٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَفِ الصَّدَقَاتُ، وَلَا بَيْتُ الْمَالِ بِذَلِكَ، وَإِذَا أَخَذَ لِصٌّ مَالَ غَيْرِك وَسَلَّمَ مَالَك فَعَلَيْك مُعَاوَنَتُهُ وَوَرَدَ فِي مُنْتَقَمٍ مِنْهُ، «قَالَ: لَعَلَّهُ رَأَى مَظْلُومًا فَلَمْ يَنْصُرْهُ» ، وَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ مَضَرَّةٍ ابْنُ عَرَفَةَ خَوْفُ الْعَزْلِ مِنْ الْخِطَّةِ لَيْسَ مَضَرَّةً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 138 وَالْقَضَاءِ، وَالشَّهَادَةِ، وَالْإِمَامَةِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ،   [منح الجليل] وَ) الْقِيَامُ بِ (الْقَضَاءِ) أَيْ الْحُكْمِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ (وَ) الْقِيَامُ بِ (الشَّهَادَةِ) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً إنْ اُحْتِيجَ لَهُ إنْ وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ نِصَابٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ عَلَى النِّصَابِ (وَ) الْقِيَامُ بِ (الْإِمَامَةِ) بِالصَّلَاةِ حَيْثُ كَانَتْ إقَامَتُهَا بِالْبَلَدِ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَكَذَا الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ وَاحِدًا. الْمَازِرِيُّ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ النَّظَرُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إرْسَالُ نَائِبٍ عَنْهُ فَيَجُوزُ تَعَدُّدٌ. (وَ) الْقِيَامُ بِ (الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ) وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ كُلٍّ، وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ مَفْسَدَةً، وَأَنْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ وَإِلَّا وَلِأَنَّ شَرْطَانِ لِلْجَوَازِ أَيْضًا فَيَحْرُمُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا. وَالثَّالِثُ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَظُنَّ الْإِفَادَةَ فَلَا يَجِبُ، وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ فِي بَدَنِهِ أَوْ عِرْضِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ الثَّانِي وَشَرْطُ الْمُنْكَرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ ضَعْفُ مُدْرَكِ الْقَائِلِ بِحِلِّهِ، فَيَجِبُ نَهْيُ الْحَنَفِيِّ عَنْ شُرْبِ النَّبِيذِ وَإِنْ قَالَ بِحِلِّهِ أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِضَعْفِ مُدْرَكِهِ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ إنْ عُلِمَ أَنَّ مُرْتَكِبَهُ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ بِتَقْلِيدِهِ مَنْ قَالَ بِهَا فَلَا يُنْهَى عَنْهُ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُعْتَقِدٌ تَحْرِيمَهُ فَيُنْهَى عَنْهُ لِانْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. زَرُّوقٌ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ الْحِلَّ وَلَا الْحُرْمَةَ وَمُدْرَكُهُمَا مُتَوَازٍ أُرْشِدَ لِلتَّرْكِ بِرِفْقٍ بِلَا إنْكَارٍ، وَلَا تَوْبِيخٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَرَعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ، وَلَا عَدَالَةُ الْآمِرِ أَوْ النَّاهِي عَلَى الْمَشْهُورِ لِخَبَرِ عَامِرٍ «مُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ لَمْ تَأْتِهِ وَانْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ تَجْتَنِبْهُ» وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] ، فَخَرَجَ مَخْرَجَ الزَّجْرِ عَنْ نِسْيَانِ النَّفْسِ لَا أَنَّهُ لَا يَأْمُرُ، وَشَرْطُهُ ظُهُورُ الْمُنْكَرِ بِلَا تَجَسُّسٍ وَلَا اسْتِرَاقِ سَمْعٍ، وَلَا اسْتِنْشَاقِ رِيحٍ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ لِمُنْكَرٍ، وَلَا يَبْحَثُ عَمَّا أُخْفِيَ بِيَدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ دَارٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُرْمَةَ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ لَا تَمْنَعُ وُجُوبَ النَّهْيِ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقْوَى مَرَاتِبِهِ الْيَدُ ثُمَّ اللِّسَانُ بِرِفْقٍ وَلِينٍ ثُمَّ بِقَلْبِهِ وَهُوَ أَضْعَفُهَا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ ضَلَّ، قِيلَ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِشَيْءٍ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 139 وَالْحِرَفِ الْمُهِمَّةِ وَرَدِّ السَّلَامِ،   [منح الجليل] اللَّفْظِيَّيْنِ بِدَلِيلِ تَعَلُّقِهِمَا بِاللِّسَانِ وَنَحْوِهِ كَالْيَدِ لَا النَّفْسِيَّيْنِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْأَمْرَ اللَّفْظِيَّ لَيْسَ هُوَ النَّهْيَ اللَّفْظِيَّ قَطْعًا، وَلَا يَتَضَمَّنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ، أَوْ اقْتِضَاءُ كَفٍّ بِلَفْظِ كَفٍّ وَالنَّهْيُ اقْتِضَاءُ الْكَفِّ عَنْ فِعْلٍ بِغَيْرِ لَفْظِ كَفٍّ. وَقِيلَ يَتَضَمَّنُهُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ اُسْكُنْ فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَا تَتَحَرَّك أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ السُّكُونُ بِدُونِ الْكَفِّ عَنْ التَّحَرُّكِ. وَحَمْلُ الْأَمْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ النَّهْيَ بِأَنْ يُعْرَفَ بِأَنَّهُ اقْتِضَاءُ فِعْلٍ وَلَوْ كَفًّا بِلَفْظِ كَفٍّ أَوْ بِغَيْرِ لَفْظِ كَفٍّ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ، وَلَا قَرِينَةَ فِي كَلَامِهِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ اللَّفْظِيَّيْنِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْمُرَادُ هُنَا النَّفْسِيَّانِ فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ اقْتِضَاءُ فِعْلِهِ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ أَمْرًا اصْطِلَاحِيًّا أَوْ نَهْيًا، فَنَحْوُ لَا تَفْعَلْ أَمْرٌ بِالْكَفِّ عَنْ الْفِعْلِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ خِلَافًا لِقَوْلِهِ يَسْتَلْزِمُهُ، وَهُوَ وَالْبَحْثُ فِيهِ خُرُوجٌ عَنْ الْمَقْصُودِ. (وَ) الْقِيَامُ بِ (الْحِرَفِ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ جَمْعُ حِرْفَةٍ أَيْ الصَّنَائِعُ (الْمُهِمَّةُ) الَّتِي لَا يَسْتَقِيمُ صَلَاحُ مَعَاشِ النَّاسِ إلَّا بِهَا كَخِيَاطَةٍ وَحِيَاكَةٍ وَغَزْلٍ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ لَا غَيْرِهَا كَقَصْرِ قُمَاشٍ وَنَقْشٍ (وَ) الْقِيَامُ بِ (رَدِّ السَّلَامِ) وَلَوْ عَلَى قَارِئِ قُرْآنٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِدَلِيلِ سُنِّيَّةِ السَّلَامِ عَلَيْهِ أَوْ مُصَلٍّ، لَكِنْ بِإِشَارَةٍ وَلَعَلَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ بَصِيرًا مَعَ الضَّوْءِ، وَلَا يُطْلَبُ بِرَدِّهِ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ، ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ بَقِيَ الْمُسْلِمُ، وَعَلَى آكِلٍ لَا عَلَى مُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَسَامِعِ خُطْبَةٍ وَقَاضِي حَاجَةٍ وَوَاطِئٍ حَالَ تَلَبُّسِ كُلٍّ وَبَعْدَ فَرَاغِهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ. وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ إنْ اسْتَمَرَّ الْمُسْلِمُ حَاضِرًا إلَى فَرَاغِهِمْ، وَيَجِبُ إسْمَاعُهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ لَمْ يُنْهَ عَنْ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَنَّ حَالَ الْأَخِيرَيْنِ يُنَافِي الذِّكْرَ الَّذِي مِنْهُ رَدُّ السَّلَامِ، وَيُشْتَرَطُ إسْمَاعُ الْمُسْلِمِ الْحَاضِرِ السَّمِيعِ وَإِلَّا فَلَا كَرَدِّ سَلَامٍ مَكْتُوبٍ، وَيَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ عَنْ جَمَاعَةٍ قُصِدُوا بِالسَّلَامِ بِرَدِّ أَحَدِهِمْ وَالْأَوْلَى رَدُّ جَمِيعِهِمْ، وَهَلْ لِغَيْرِ الرَّادِّ ثَوَابٌ أَمْ؟ لَا، تَرَدُّدٌ. ثَالِثُهَا إنْ نَوَاهُ وَتَرَكَهُ لِرَدِّ غَيْرِهِ. وَفِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 140 وَتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، وَفَكِّ الْأَسِيرِ، وَتَعَيَّنَ بِفَجْئِ الْعَدُوِّ   [منح الجليل] أَنَّ ثَوَابَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ يَحْصُلُ لِغَيْرِ فَاعِلِهِ مِنْ حَيْثُ سُقُوطُ الطَّلَبِ عَنْهُ وَثَوَابُ نَفْسِ الْفِعْلِ لِفَاعِلِهِ فَقَطْ وَإِنْ قُصِدَ وَاحِدٌ مِنْ جَمَاعَةٍ بِالسَّلَامِ تَعَيَّنَ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلَّمَ جَمَاعَةٌ دَفْعَةً عَلَى وَاحِدٍ كَفَاهُمْ رَدٌّ وَاحِدٌ. وَيَجِبُ رَدُّ سَلَامِ صَبِيٍّ وَلَا يَكْفِي رَدُّهُ عَنْ بَالِغِينَ لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِالْفَرْضِ. وَلَا تُسَلِّمُ شَابَّةٌ عَلَى مُحَرَّمِهَا، وَلَا هُوَ عَلَيْهَا. وَهَلْ يَجِبُ رَدُّ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ مِنْهُمَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا لَا يَحِلُّ، وَهَلْ الرَّدُّ أَفْضَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَوْ الِابْتِدَاءُ؟ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فَتَكُونُ السُّنَّةُ أَفْضَلَ مِنْ الْفَرْضِ، كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ الَّذِي هُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ، وَكَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَإِذَا عَلِمَ اسْتِثْقَالَ سَلَامِهِ عَلَى إنْسَانٍ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ. وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ السَّلَامَ جَازَ لَهُ تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ الْأَوْلَى. وَفِي الْأَذْكَارِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى آكِلٍ تَقَدَّمَ عَنْ الْحَطّ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْآكِلِ، وَلَا يَرُدُّ، وَقَوْلُهُ لَمْ يُنْهَ عَنْ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَسَلَامٌ عَلَيْهِ كَمُلَبٍّ عَطْفٌ عَلَى الْمَكْرُوهِ لَا عَلَى الْجَائِزِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ التَّنْقِيحِ لَا مَعْنَى لَهُ وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ عَلَى النِّيَّةِ إذَا نَوَى الرَّدَّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْقَرَافِيُّ نَصُّهُ: الْفَاعِلُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إنَّمَا يُسَاوِي غَيْرَ الْفَاعِلِ فِي سُقُوطِ التَّكْلِيفِ لَا فِي الثَّوَابِ وَعَدَمِهِ، فَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ " ز " مُحَرَّفٌ. وَقَوْلُهُ كَمَا أَنَّ إبْرَاءَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْمُعْسِرِ وَالْوُضُوءَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ مَعًا فَلَيْسَ فِيهِمَا فَضْلُ مَنْدُوبٍ عَلَى وَاجِبٍ. (وَ) الْقِيَامُ بِ (تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ) الْمُسْلِمِ بِالتَّغْسِيلِ وَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ وَغَيْرِهَا، وَالْكَافِرُ يُتْرَكُ لِلْكُفَّارِ إلَّا أَنْ يُخَافَ ضَيْعَتُهُ فَيُوَارَى فَقَطْ (وَ) الْقِيَامُ بِ (فَكِّ الْأَسِيرِ) إنْ كَانَ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ كَانَ بِمَالِهِ أَوْ بِالْفَيْءِ فَلَيْسَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَإِنْ احْتَاجَ فَكُّهُ لِقِتَالٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَيْهِمْ. الْقَرَافِيُّ يَكْفِي فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ ظَنُّ الْفِعْلِ (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ (بِفَجْئِ) أَيْ هُجُومِ (الْعَدُوِّ) أَيْ الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ عَلَى قَوْمٍ بَغْتَةً وَلَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 141 وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ، وَعَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ إنْ عَجَزُوا، وَبِتَعْيِينِ الْإِمَامِ. وَسَقَطَ: بِمَرَضٍ، وَصِبًا، وَجُنُونٍ، وَعَمًى، وَعَرَجٍ،   [منح الجليل] دَفْعِهِ أَوْ عَلَى قَرِيبٍ مِنْ دَارِهِمْ فَيَلْزَمُ كُلَّ قَادِرٍ عَلَى الْقِتَالِ الْخُرُوجُ لَهُ وَقِتَالُهُ إنْ تَوَقَّفَ دَفْعُهُ عَلَى الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ. بَلْ (وَأَيْ عَلَى امْرَأَةٍ) وَرَقِيقٍ وَصَبِيٍّ مُطِيقٍ لِلْقِتَالِ. الْجُزُولِيُّ وَيُسْهَمُ حِينَئِذٍ لِلرَّقِيقِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِبًا عَلَيْهِمْ (وَ) تَعَيَّنَ الْجِهَادُ (عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِمْ) أَيْ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ (إنْ عَجَزُوا) أَيْ مَنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ عَنْ دَفْعِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ غَيْرُ الْمَفْجُوئِينَ مَعَرَّةً عَلَى نِسَائِهِمْ وَعِيَالِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ مِنْ عَدُوٍّ بِتَشَاغُلِهِمْ بِالدَّفْعِ عَمَّنْ فَجَأَهُمْ الْعَدُوُّ، وَإِلَّا تَرَكُوا إعَانَتَهُمْ (وَ) تَعَيَّنَ الْجِهَادُ (بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ) عَبَّ وَلَوْ لِصَبِيٍّ مُطِيقٍ لِلْقِتَالِ كَمَا فِي النَّوَادِرِ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ مَدِينٍ فَيَخْرُجُونَ وَلَوْ مَنَعَهُمْ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ وَالْأَبَوَانِ وَرَبُّ الدَّيْنِ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لِصَبِيٍّ إلَخْ إنَّمَا عَزَاهُ الْمَوَّاقُ لِلنَّوَادِرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مُفَاجَأَةِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ، نَعَمْ لَمَّا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ أَمْ لَا كَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُمَا يَلْزَمُهُمَا حِينَئِذٍ الْجِهَادُ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ اهـ. قُلْتُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ابْنَ شَاسٍ إنَّمَا ذَكَرَ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ فِي نُزُولِ الْعَدُوِّ، وَلَا فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ هُنَا فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ عَلَى أَنَّ تَوَجُّهَ الْوُجُوبِ إلَى الصَّبِيِّ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ، قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الدُّسُوقِيُّ الْمُرَادُ بِتَعَيُّنِهِ عَلَى الصَّبِيِّ بِفَجْئِ الْعَدُوِّ، وَتَعْيِينُ الْإِمَامِ إلْجَاؤُهُ إلَيْهِ وَجَبْرُهُ عَلَيْهِ كَمَا يُلْزَمُ بِمَا فِيهِ صَلَاحُ حَالِهِ لَا بِمَعْنَى عِقَابِهِ عَلَى تَرْكِهِ، كَذَا ذَكَرَ طفي، فَلَا يُقَالُ: إنَّ تَوَجُّهَ الْوُجُوبِ لِلصَّبِيِّ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. مُسْقِطَاتُ الْجِهَادِ (وَسَقَطَ) الْجِهَادُ (بِمَرَضٍ) شَدِيدٍ مَانِعٍ بَعْدَ التَّعَيُّنِ بِفَجْئِ عَدُوٍّ أَوْ تَعْيِينِ إمَامٍ (وَصِبًا) مَانِعٍ مِنْ إطَاقَتِهِ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ (وَجُنُونٍ وَعَمًى وَعَرَجٍ) وَفِي تَعَلُّقِ السُّقُوطِ بِالصَّبِيِّ وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَجْنُونِ الَّذِينَ بَلَغُوا كَذَلِكَ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهُمْ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 142 وَأُنُوثَةٍ، وَعَجْزٍ عَنْ مُحْتَاجٍ لَهُ، وَرِقٍّ، وَدَيْنٍ حَلَّ كَوَالِدِينَ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ:   [منح الجليل] فَاسْتَعْمَلَ سَقَطَ فِي حَقِيقَتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَمَجَازِهِ فِيمَا بَعْدَهُ بِمَعْنَى عَدَمِ لُزُومِهِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ فَاعِلُ سَقَطَ عَائِدٌ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَأَمَّا فَرْضُ الْعَيْنِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْأُنُوثَةِ، وَلَا بِالرِّقِّ، وَلَا بِالصِّبَا وَإِنْ سَقَطَ بِغَيْرِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ وَإِنْ عَلَى امْرَأَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَأُنُوثَةٍ وَعَجْزٍ عَنْ مُحْتَاجٍ لَهُ) مِنْ سِلَاحٍ وَمَرْكُوبٍ وَنَفَقَةٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا فَيُعْتَبَرُ مَا يُرَدُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ ضَيَاعًا لِشِدَّةِ الْإِقَامَةِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ (وَرِقٍّ) وَلَوْ فِيهِ شَائِبَةَ حُرِّيَّةٍ إنْ لَمْ يُعَيَّنْ (وَدَيْنٍ حَلَّ) وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ فَلَوْ كَانَ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَكَّلَ مَنْ يَقْضِيه عَنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، فَلَوْ لَمْ يُوَكِّلْ لِعَدَمِ مَا يَقْضِيهِ بِهِ الْآنَ وَحُصُولِهِ بِبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ لَكَانَ لَهُ مَنْعُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَسَيَأْتِي أَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْعَ مَدِينِهِ مِنْ سَفَرِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ، وَقُيِّدَ بِمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُشْكِلَ سُقُوطُهُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ بِأَنَّهُ إنْ تَرَكَ وَفَاءَهُ مَطْلًا تَرَكَ فَرْضَ الْجِهَادِ وَفَرْضَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ وَفَاءً فَلَا وَجْهَ لِسُقُوطِ الْجِهَادِ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى غَيْبَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِ لِعَدَمِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ وَحَاكِمٍ عَدْلٍ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى احْتِيَاجِهِ لِبَيْعِ عُرُوضِهِ وَقَبْضِ دُيُونِهِ مَثَلًا. وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ (كَ) مَنْعِ (وَالِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ مَاتَ أَوْ أَجَازَ (فِي) كُلٍّ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) جِهَادًا أَوْ عِلْمًا كِفَائِيًّا أَوْ غَيْرَهُمَا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا إنْ كَانَ فِي بَلَدِهِ مَنْ يُفِيدُهُ وَإِلَّا خَرَجَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا إنْ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ: لَوْ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْفِقْهِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وَمَرَاتِبِهِ وَمَرَاتِبِ الْقِيَاسِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا بِبَلَدِهِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَإِلَّا خَرَجَ، وَلَا طَاعَةَ لَهُمَا فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ تَحْصِيلَ دَرَجَاتِ الْمُجْتَهِدِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَاعْتَرَضَهُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ طَاعَةَ الْأَبَوَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ فَلَا تَسْقُطُ لِأَجْلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ غَازِيٍّ: وَسَفَرُ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ لَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ فَإِنْ كَانَ فَرْضَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 143 بِبَحْرٍ، أَوْ خَطَرٍ؛ لَا جَدٍّ، وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِ فِي غَيْرِهِ. وَدُعُوا لِلْإِسْلَامِ،   [منح الجليل] كِفَايَةٍ فَلْيَتْرُكْهُ فِي طَاعَتِهِمَا (بِبَحْرٍ) ابْنُ غَازِيٍّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ بِبَحْرٍ أَوْ خَطَرٍ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ كَتَجْرٍ بِبَحْرٍ أَوْ خَطَرٍ بِالْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى تَجْرٍ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَالْجِيمِ مِنْ التِّجَارَةِ ثُمَّ الْبَاءُ الدَّاخِلَةُ عَلَى بَحْرٍ ضِدِّ الْبَرِّ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَلِلْوَالِدَيْنِ الْمَنْعُ مِنْ رُكُوبِ الْبِحَارِ وَالْبَرَارِي الْمُخْطِرَةِ لِلتِّجَارَةِ وَحَيْثُ لَا خَطَرَ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الْمَنْعُ (أَوْ) بَرٍّ (خَطِرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَخُوفٍ عَلَى النَّفْسِ لِعَدَمِ أَمْنِهِ أَيْ لَهُمَا الْمَنْعُ مِنْ رُكُوبِ بَحْرٍ وَمِنْ سَفَرٍ فِي بَرٍّ خَطِرٍ لِلتِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْجِهَادِ. فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَهُمَا مَنْعُهُ مُطْلَقًا، وَبَيْنَ التِّجَارَةِ لِمَعَاشِهِ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهَا بِبَحْرٍ أَوْ بَرٍّ خَطِرٍ. أَجَابَ عج بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَمَّا كَانَ يَقُومُ بِهِ الْغَيْرُ كَانَ لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ التِّجَارَةِ، لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ الَّذِي لَهُمَا مَنْعُهُ مِنْهُ حَتَّى فِي الْبَرِّ إلَّا مِنْ خُصُوصِ الْجِهَادِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ فِي الْبَرِّ الْآمِنِ، وَهَذَا وَارِدٌ عَلَى تَصْوِيبِ " غ "، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ إنْ كَانَ جِهَادَ عَدُوٍّ وَأَنْ يَبْرَأَ مَنْ لَا غَيْرُهُ بِهِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا اهـ. (لَا) يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِمَنْعِ (جَدٍّ) وَلَوْ الْأَقْرَبَ (وَ) الشَّخْصُ (الْكَافِرُ) أَبًا أَوْ أُمًّا (كَغَيْرِهِ) أَيْ الْوَالِدِ الْمُسْلِمِ (فِي) تَرْكِ كُلِّ فَرْضِ كِفَايَةٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْجِهَادِ لَا فِي تَرْكِ الْجِهَادِ لِاتِّهَامِهِ بِقَصْدِهِ بِمَنْعِ وَلَدِهِ مِنْهُ تَوْهِينَ الْإِسْلَامِ. وَفِي الْمَوَّاقِ تَقْيِيدُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِعِلْمِهِ أَنَّ مَنْعَهُمَا لِكَرَاهَةِ إعَانَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لِشَفَقَتِهِمَا عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ، لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْجِهَادِ مُطْلَقًا، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ لَهُ الْمَنْعَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَنْعَهُ لِتَوْهِينِ الْإِسْلَامِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ تَفْصِيلَ سَحْنُونٍ مُقَابَلٌ وَمِثْلُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. (وَدُعُوا) بِضَمِّ الدَّالِ وَالْعَيْنِ أَيْ الْكُفَّارُ قَبْلَ الْقِتَالِ (لِلْإِسْلَامِ) إجْمَالًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ الشَّرَائِعِ إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْهَا فَتُبَيَّنَ لَهُمْ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ بِلُغَتِهِمْ الدَّعْوَةُ أَمْ لَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 144 ثُمَّ جِزْيَةٍ بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ، وَإِلَّا قُوتِلُوا وَقُتِلُوا؛ إلَّا الْمَرْأَةَ؛ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا، وَالصَّبِيَّ   [منح الجليل] الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَتُكَرَّرُ الدَّعْوَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ. وَقِيلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ وَيُقَاتَلُونَ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِلَا دَعْوَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالْإِسْلَامِ مَا يُخْرَجُ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ كَالشَّهَادَتَيْنِ لِمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِمَضْمُونِهِمَا وَعُمُومِ رِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُنْكِرِ عُمُومِهَا، فَتُدْعَى كُلُّ فِرْقَةٍ لِلْخُرُوجِ عَمَّا كَفَرَتْ بِهِ. (ثُمَّ) إنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْإِسْلَامِ دُعُوا إلَى أَدَاءِ (جِزْيَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الزَّايِ مُجْمَلَةً إلَّا أَنْ يَسْأَلُوا عَنْ تَفْصِيلِهَا فَتُبَيَّنَ لَهُمْ (بِمَحَلٍّ يُؤْمَنُ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ غَدْرِ الْكُفَّارِ فِيهِ رَاجِعٌ لِدُعَائِهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَلِدُعَائِهِمْ لِلْجِزْيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا لِلْجِزْيَةِ أَوْ أَجَابُوا لَهَا لَكِنْ بِمَحَلٍّ لَا تَنَالُهُمْ فِيهِ أَحْكَامُنَا وَلَمْ يَرْتَحِلُوا إلَى بِلَادِنَا أَوْ خِيفَ مِنْ دُعَائِهِمْ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ الْجِزْيَةِ أَنْ يُعَاجِلُونَا بِالْقِتَالِ (قُوتِلُوا) أَيْ أُخِذَ فِي قِتَالِهِمْ (وَ) إذَا قُدِرَ عَلَيْهِمْ (قُتِلُوا) أَيْ جَازَ قَتْلُهُمْ (إلَّا) سَبْعَةً فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ (الْمَرْأَةَ) فَلَا تُقْتَلُ فِي حَالٍ (إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا) فَتُقْتَلُ إنْ قَتَلَتْ بِسِلَاحٍ أَوْ حِجَارَةٍ أُسِرَتْ أَمْ لَا. وَتُقْتَلُ أَيْضًا إنْ قَاتَلَتْ بِسِلَاحٍ وَنَحْوِهِ كَالرِّجَالِ أُسِرَتْ أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنْ قَاتَلَتْ بِرَمْيِ حِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تُقْتَلُ بَعْدَ أَسْرِهَا اتِّفَاقًا، وَلَا فِي حَالِ مُقَاتَلَتِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، فَالْأَقْسَامُ غَانِيَّةٌ فَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا فِي مُقَاتَلَتِهَا هَذَانِ الْأَخِيرَانِ فَقَطْ. وَتَجْرِي الْأَقْسَامُ الثَّمَانِيَةُ فِي قَوْلِهِ (وَ) إلَّا (الصَّبِيَّ) الْمُطِيقَ لِلْقِتَالِ فَيُقَالُ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ فَكَالْمَرْأَةِ ابْنُ عَرَفَةَ يُقْتَلُ كُلُّ مُقَاتِلٍ حِينَ قِتَالِهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ وَلَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا وَسَمِعَ يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ الْمَوَّاقُ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَّا الْمَرْأَةَ وَالصَّبِيَّ إلَّا فِي قِتَالِهِمَا لَأَجَادَ. الرَّجْرَاجِيُّ الصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ كَالنِّسَاءِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرُوا اهـ. وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُرَاهِقِ هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فِي الْعُتْبِيَّةِ، قَالَ يَحْيَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ وَالْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ الْعَدُوِّ يُقَاتِلَانِ مَعَ الْعَدُوِّ ثُمَّ يُؤْسَرَانِ أَنَّ قَتْلَهُمَا بَعْدَ أَسْرِهِمَا حَلَالٌ جَائِزٌ كَمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْقِتَالِ وَالْمُكَابَرَةِ قَبْلَ الْأَسْرِ، وَلَا يُتْرَكَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 145 وَالْمَعْتُوهَ: كَشَيْخٍ فَانٍ، وَزَمِنٍ، وَأَعْمَى، وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ بِلَا رَأْيٍ   [منح الجليل] «لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اسْتَوْجَبَا الْقَتْلَ بِقِتَالِهِمَا. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ لَا يُتْرَكَانِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ لَا يُتْرَكُ قَتْلُهُمَا تَحَرُّجًا إذْ لَا تُؤْمَنُ غَائِلَتُهُمَا. لَا أَنَّ قَتْلَهُمَا وَاجِبٌ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ إنَّ قَتْلَهُمَا حَلَالٌ جَائِزٌ اهـ (وَ) إلَّا (الْمَعْتُوهَ) أَيْ ضَعِيفَ الْعَقْلِ. سَحْنُونٌ وَالْمَجْنُونَ وَالْمُخْتَلَّ الْعَقْلِ وَشِبْهَهُمْ، وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الْقَتْلِ فَقَالَ (كَشَيْخٍ فَانٍ) أَيْ لَا بَقِيَّةَ فِيهِ لِلْقِتَالِ، وَلَا لِلتَّدْبِيرِ (وَزَمِنٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مُقْعَدٍ أَوْ أَشَلَّ أَوْ مَفْلُوجٍ أَوْ مُجَزَّمٍ أَوْ نَحْوِهِمْ (وَأَعْمَى) وَأَعْرَجَ (وَرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ) عَنْ الْكُفَّارِ (بِدَيْرٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ (أَوْ صَوْمَعَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لِاعْتِزَالِهِمْ أَهْلَ دِينِهِمْ وَتَرْكِهِمْ مَعُونَتَهُمْ بِيَدٍ أَوْ رَأْيٍ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ لِاعْتِزَالِهِمْ أَهْلَ دِينِهِمْ عَنْ مُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ لَا لِفَضْلِ تَبَتُّلِهِمْ بَلْ هُمْ أَبْعَدُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لِشِدَّةِ كُفْرِهِمْ وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَتْلِ الرَّاهِبَةُ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الِاسْتِذْكَارِ كَانَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ إتْلَافِ النُّفُوسِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي دَفْعَ الْمَفْسَدَةِ وَمَنْ لَا يُقَاتِلُ، وَلَا هُوَ أَهْلٌ لَهُ فِي الْعَادَةِ لَيْسَ فِي إحْدَاثِ الْمَفْسَدَةِ كَالْمُقَاتِلِينَ فَرَجَعَ الْحُكْمُ فِيهِمْ إلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ. (بِلَا رَأْيٍ) قَيْدٌ فِي مَنْعِ قَتْلِ الشَّيْخِ وَمَنْ بَعْدَهُ، وَلِذَا فَصَلَهُ بِالْكَافِ عَمَّا قَبْلَهُ. وَمَفْهُومُ بِدَيْرٍ إلَخْ أَنَّ الرَّاهِبَ الْمُنْعَزِلَ بِكَنِيسَةٍ يُقْتَلُ كَمُنْعَزِلٍ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ وَلَهُ رَأْيٌ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ السَّبْعَةِ يُفِيدُ قَتْلَ أُجَرَائِهِمْ وَزُرَّاعِهِمْ وَأَهْلِ صِنَاعَاتِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ يُؤْسَرُونَ، وَلَا يُقْتَلُونَ، وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ فِي دِينِهِمْ كَالْمُسْتَضْعَفِينَ. وَصَرَّحَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ قَائِلًا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَلِذَا أَدْخَلَهُمْ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَلْحَقُ بِهِمْ الزَّمْنَى وَالشَّيْخُ الْفَانِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 146 وَتُرِكَ لَهُمْ الْكِفَايَةُ فَقَطْ، وَاسْتَغْفَرَ قَاتِلُهُمْ: كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ، وَإِنْ حِيزُوا فَقِيمَتُهُمْ، وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ حُرَّانِ.   [منح الجليل] وَنَحْوُهُمْ، قَالَ مُرَادُهُ بِنَحْوِهِمْ الْفَلَّاحُونَ وَأَهْلُ الصِّنَاعَاتِ. (وَتُرِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُمْ) أَيْ مَنْ لَا يُقْتَلُونَ (الْكِفَايَةُ فَقَطْ) مِنْ مَالِ الْكُفَّارِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِمْ وَيُقَدَّمُ مَالُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكُفَّارِ مَالٌ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَاسَاتُهُمْ قَالَ فِيهَا وَيُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا يَعِيشُونَ بِهِ، وَلَا تُؤْخَذُ كُلُّهَا فَيَمُوتُونَ (وَاسْتَغْفَرَ) أَيْ تَابَ (قَاتِلُهُمْ) أَيْ الشَّيْخُ وَمَنْ بَعْدَهُ قَبْلَ صَيْرُورَتِهِمْ غَنِيمَةً، وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ، وَلَا كَفَّارَةَ وَكُلُّ مَنْ لَا يُقْتَلُ يُسْبَى إلَّا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ. وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِغْفَارِ فَقَالَ (كَ) قَاتِلِ (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ) وَلَوْ مُتَمَسِّكًا بِكِتَابِ نَبِيِّهِ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ فَإِنْ قُوتِلَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ قَبْلَهَا فَقَتَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ فَلَا دِيَةَ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُمْ. وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْمَقْتُولَ كَانَ مُتَمَسِّكًا بِكِتَابِهِ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بَعْثَةَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِيهِ الدِّيَةُ اهـ. (وَإِنْ) قُتِلَ مَنْ يُؤْسَرُ وَهُوَ مَنْ عَدَا الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ بَعْدَ أَنْ (حِيزُوا) وَصَارُوا مَغْنَمًا (فَ) عَلَى قَاتِلِهِمْ (قِيمَتُهُمْ) يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ فِي الْغَنِيمَةِ (وَالرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ) الْمُنْعَزِلَانِ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ بِلَا رَأْيٍ (حُرَّانِ) فَلَا يُؤْسَرَانِ وَلَا يُسْتَرَقَّانِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ سَحْنُونٌ تُسْتَرَقُّ الرَّاهِبَةُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَرَهَّبَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَذَهَبَ لِأَرْضِ الْحَرْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُسْتَصْحَبُ لَهُ ذَلِكَ الْحُكْمِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَعَلَى قَاتِلِهِمَا دِيَتُهُمَا إذَا قُتِلَا بَعْدَ أَنْ صَارَا فِي الْغَنِيمَةِ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِي قَتْلِ مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرُوا فِي الْمَغْنَمِ. سَحْنُونٌ وَمَنْ قَتَلَ مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ تَعَالَى، وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَجْعَلُهَا الْإِمَامُ فِي الْمَغْنَمِ يَعْنِي فِي غَيْرِ الرَّاهِبِ وَالرَّاهِبَةِ؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّانِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ فِيهِمَا الدِّيَةَ لَكِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا لِأَحَدٍ، وَمَا ذَكَرَهُ عج مِنْ أَنَّ عَلَى قَاتِلِهِمَا قَبْلَ صَيْرُورَتِهِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 147 بِقَطْعِ مَاءٍ وَآلَةٍ وَبِنَارٍ؛ إنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ،   [منح الجليل] فِي الْمَغْنَمِ الدِّيَةَ. قَالَ طفي لَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا، وَلَا وَجْهَ لَهُ وَاَلَّذِي رَأَيْته لِلْبَاجِيِّ خِلَافَهُ وَذَكَرَ نَصَّ الْمُنْتَقَى فَانْظُرْهُ. وَصْلَةُ قُوتِلُوا (بِقَطْعِ مَاءٍ) عَنْهُمَا لِيَمُوتُوا عَطَشًا أَوْ عَلَيْهِمْ لِيَمُوتُوا غَرَقًا (وَ) بِ (آلَةٍ) لِقَتْلٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنَبْلٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ وَلَوْ خِيفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ كَمَا «فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَهْلِ الطَّائِفِ» (وَ) قُوتِلُوا (بِنَارٍ) تُرْسَلُ عَلَيْهِمْ لِتُحْرِقَهُمْ (إنْ) خِيفَ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّفَاقًا وَ (لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) أَيْ النَّارُ لِتَحَصُّنِهِمْ بِمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُقَاتَلُونَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُهُمْ إذَا انْفَرَدَ الْمُقَاتِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُمْ إلَّا بِهَا، فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ. ابْنُ رُشْدٍ الْحُصُونُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ. (وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ) فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ فَلَا يُقَاتَلُونَ بِهَا اتِّفَاقًا بَرًّا أَوْ بَحْرًا وَلَوْ خِيفَ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ اهـ تَوْضِيحٌ. وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ قِتَالِهِمْ بِالنَّارِ بِالشَّرْطَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 148 وَإِنْ بِسُفُنٍ، وَبِالْحِصْنِ   [منح الجليل] الْمَذْكُورَيْنِ فَقَالَ (وَإِنْ) كُنَّا وَإِيَّاهُمْ أَوْ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ (بِسُفُنٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهَا لِلْمَفْهُومِ لَكِنَّهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَغَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ قِتَالِهِمْ بِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُسْلِمٌ، وَكُنَّ وَإِيَّاهُمْ بِسُفُنٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ غَيْرُهَا أَمْ لَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ رُجُوعُهَا لِلْمَنْطُوقِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ بِهَا فِي السُّفُنِ مَعَ اجْتِمَاعِ الشَّرْطَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِصْنِ فَلَا مَحَلَّ لِلْمُبَالَغَةِ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَهَا الشَّارِحُ فَالصَّوَابُ رُجُوعُهَا لِلْمَفْهُومِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ. وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِيمَا يَجُوزُ بِهِ قَتْلُ الْعَدُوِّ وَمَا لَا يَجُوزُ وَتَلْخِيصُهُ أَنَّ الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ فَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْحَضْرَمِيِّ، وَلَا خِلَافَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَغْرِيقِهِمْ بِالْمَاءِ وَرَمْيِهِمْ بِالْمَجَانِيقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا الْمُقَاتِلَةُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ وَيُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَيُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَرَّقُوا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْحِصْنِ مَعَ الْمُقَاتِلَةِ أَسِيرٌ فَلَا يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَلَا يُغَرَّقُوا بِالْمَاءِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَطْعِهِ عَنْهُمْ وَرَمْيِهِمْ بِالْمَجَانِيقِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ حَاكِيًا عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ. وَأَمَّا السُّفُنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسْلِمٌ فَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسْلِمٌ أَسِيرٌ فَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (وَ) قُوتِلُوا (بِالْحِصْنِ) أَتَى بِهِ مُعَرَّفًا تَنْبِيهًا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَعَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 149 بِغَيْرِ تَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ مَعَ ذُرِّيَّةٍ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا؛ إلَّا لِخَوْفٍ، وَبِمُسْلِمٍ لَمْ يُقْصَدْ التُّرْسُ؛ إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ.   [منح الجليل] احْتِرَامِ الذُّرِّيَّةِ فِيهِ، وَلِذَا قَالَ (بِغَيْرِ تَغْرِيقٍ وَتَحْرِيقٍ) أَمْكَنَ غَيْرُهُمَا أَمْ لَا وَهَذَا كَالتَّخْصِيصِ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ بِقَطْعِ مَاءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ عَلَيْهِمْ حَالَ كَوْنِهِمْ (مَعَ ذُرِّيَّةٍ) أَوْ نِسَاءٍ وَأَوْلَى مَعَ مُسْلِمٍ فَيُتْرَكُونَ إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمْ يُرْمَوْنَ بِالْمَنْجَنِيقِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِ الْجِيمِ وَلَوْ مَعَ ذُرِّيَّةٍ أَوْ نِسَاءٍ أَوْ مُسْلِمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَإِنْ تَتَرَّسُوا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْحَرْبِيُّونَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ بِحِصْنٍ (بِذُرِّيَّةٍ) لَهُمْ أَوْ نِسَائِهِمْ أَيْ جَعَلُوهَا تُرْسًا يَتَوَقَّوْنَ بِهِ (تُرِكُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بِلَا قِتَالٍ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِخَوْفٍ) مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ بَشِيرٍ وَإِنْ قَلَّ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ خِيفَ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ (وَ) إنْ تَتَرَّسُوا (بِمُسْلِمٍ) قُوتِلُوا وَ (لَمْ يُقْصَدْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ (التُّرْسُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بِالرَّمْيِ وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا؛ لِأَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ (إنْ لَمْ يُخَفْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ (عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) شَرْطٌ لِلْأَخِيرَةِ وَلِقَوْلِهِ وَبِنَارٍ، وَلِقَوْلِهِ وَبِالْحِصْنِ إلَخْ فَإِنْ خِيفَ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ جَازَ قِتَالُهُمْ وَسَقَطَتْ حُرْمَةُ التُّرْسِ، سَوَاءٌ كَانَ ذُرِّيَّتَهُمْ أَوْ مُسْلِمًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَتَرُّسِهِمْ بِمُسْلِمٍ وَتَتَرُّسِهِمْ بِذُرِّيَّتِهِمْ أَنَّ نُفُوسَ الْمُسْلِمِينَ مَجْبُولَةٌ عَلَى بُغْضِ الْكَافِرِينَ، فَلَوْ أُبِيحَ قِتَالُهُمْ حَالَ تَتَرُّسِهِمْ بِذُرِّيَّتِهِمْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ لَأَدَّى لِقَتْلِ ذُرِّيَّتِهِمْ لِعَدَمِ تَحَرُّزِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ لِبُغْضِهِمْ، وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَ قِتَالِهِمْ حَالَ تَتَرُّسِهِمْ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَوَاهِرِ إذْ قَوْلُهُ وَبِمُسْلِمٍ إلَخْ صَادِقٌ بِعَدَمِ الْخَوْفِ أَصْلًا وَبِخَوْفٍ يَسِيرٍ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ وَالِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ. وَحُمِلَ أَحَدُ قَوْلِهِ وَبِمُسْلِمٍ عَلَى الْخَوْفِ مِنْهُمْ. أَيْ وَإِنْ تَتَرَّسُوا وَخِيفَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُمْ يُرْمَوْنَ، وَلَا يُقْصَدْ التُّرْسُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى أَكْثَرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 وَحَرُمَ نَبْلٌ سُمَّ وَاسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ إلَّا لِخِدْمَةٍ،   [منح الجليل] الْمُسْلِمِينَ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ وَالْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا الْخَوْفُ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ أَوْ بِذُرِّيَّةٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ قَصْدِ التُّرْسِ، ثَانِيًا الْخَوْفُ مِنْهُمْ عَلَى أَقَلِّ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ إنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ فَيُقَاتَلُونَ، وَلَا يُعْتَبَرُ التُّرْسُ، ثَالِثُهَا أَنْ لَا يُخَافَ مِنْهُمْ، فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ قُوتِلُوا أَوْ لَا يُقْصَدُ التُّرْسُ وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا عَلَى الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى تَقْرِيرِ أَحْمَدَ يُتْرَكُونَ فِيهِمَا. (وَحَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ الرَّاءِ (نَبْلٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مَعْنَاهُ السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ مُؤَنَّثٌ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ (سُمَّ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ الْمِيمِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرُ النَّبْلِ، فَالْمُنَاسِبُ سُمَّتْ أَيْ جُعِلَ فِيهَا السُّمُّ الْقَاتِلُ أَيْ حَرُمَ عَلَيْنَا رَمْيُهُمْ بِهَا، وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُسَمَّ النَّبْلُ وَالرِّمَاحُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، فَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْحُرْمَةِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْعَدُوِّ نَبْلٌ مَسْمُومٌ وَإِلَّا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَكَرِهَ سَحْنُونٌ جَعْلَ سُمٍّ فِي قِلَالِ خَمْرٍ لِيَشْرَبَهَا الْعَدُوُّ وَهِيَ عَلَى بَابِهَا وَلَوْ كَانَ فِي الْقَتْلِ بِهَا مُثْلَةٌ وَتَعْذِيبٌ لِجَوَازِهَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ بِأَيِّ قِتْلَةٍ وَحُرْمَةُ الْمُثْلَةِ الْآتِيَةِ خَاصَّةٌ بِمَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ. (وَ) حَرُمَ عَلَيْنَا (اسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ) أَيْ كَافِرٍ فِي الصَّفِّ وَالزَّحْفِ وَالسِّينُ وَالتَّاءُ. لِلطَّلَبِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا يُمْنَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُمْنَعُ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَدَلِيلُ الْأَوَّلِ غَزْوُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ قَبْلَ إسْلَامِهِ. عج وَفِيهِ شَيْءٌ. عب لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ صَفْوَانَ كَانَ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَجَازَهُ لِلتَّأَلُّفِ لَا لِخُرُوجِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ. وَيَدُلُّ لِأَصْبَغَ ظَاهِرُ خَبَرِ مُسْلِمٍ «ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ قَالَهُ لِيَهُودِيٍّ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ» . وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ النَّهْيَ كَانَ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ وَهُوَ بَدْرٌ بِدَلِيلِ غَزْوِ صَفْوَانَ مَعَهُ فِي حُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْبِيرِهِ بِمُشْرِكٍ الْحَدِيثَ، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْكِتَابِيَّ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِ الْمُصْطَفَى بِهِ لِرَدِّ الْكِتَابِيِّ فَلَا يُقَالُ عِبَارَتُهُ تَقْتَضِي جَوَازَهَا بِكِتَابِيٍّ مَعَ مَنْعِهَا أَيْضًا (إلَّا لِخِدْمَةٍ) مِنْهُ لَنَا كَحَفْرٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ رَمْيٍ بِمَنْجَنِيقٍ أَوْ صَنْعَةٍ فَلَا تَحْرُمُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ فِيهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 وَإِرْسَالُ مُصْحَفٍ لَهُمْ، وَسَفَرٌ بِهِ لِأَرْضِهِمْ: كَمَرْأَةٍ إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ وَفِرَارٌ؛ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا   [منح الجليل] (وَ) حَرُمَ (إرْسَالُ مُصْحَفٍ) وَلَوْ طَلَبَهُ الطَّاغِيَةُ لِيَتَدَبَّرَهُ خَشْيَةَ إهَانَتِهِمْ (لَهُ) أَوْ إصَابَةِ نَجَاسَةٍ، وَأَرَادَ بِهِ مَا قَابَلَ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ كَآيَةٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ بَعْدُ فَلَا يُقَالُ مَفْهُومُ مُصْحَفٍ أَنَّ مَا دُونَهُ وَلَوْ الْجُلُّ لَا يَحْرُمُ إرْسَالُهُ وَهُوَ يُعَارِضُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ الْآتِي فِيمَا يَجُوزُ وَبُعِثَ كِتَابٌ فِيهِ كَآيَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ طَلَبَك كَافِرٌ أَنْ تُعَلِّمَهُ قُرْآنًا فَلَا تَفْعَلْ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُ الْفِقْهَ. وَكَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إعْطَاءَهُمْ دِرْهَمًا فِيهِ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ فِيهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى اُنْظُرْ الْحَطّ. (وَ) حَرُمَ (سَفَرٌ بِهِ) أَيْ الْمُصْحَفِ (لِأَرْضِهِمْ) أَيْ بِلَادِ الْكُفَّارِ تَنَازَعَ فِيهِ إرْسَالٌ وَسَفَرٌ وَلَوْ مَعَ جَيْشٍ كَثِيرٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُتُبَ الْحَدِيثِ كَالْقُرْآنِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْهُ. وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ فَقَالَ (كَ) سَفَرٍ بِ (امْرَأَةٍ) لِأَرْضِهِمْ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ زَوْجَةٍ لِمُسْلِمٍ فَيَحْرُمُ (إلَّا فِي جَيْشٍ آمِنٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فَيَجُوزُ السَّفَرُ بِالْمَرْأَةِ خَاصَّةً، وَلِذَا فَصَلَ بِالْكَافِ؛ لِأَنَّهَا تُنَبِّهُ عَلَى نَفْسِهَا وَالْمُصْحَفُ قَدْ يَسْقُطُ، وَلَا يُشْعَرُ بِهِ، وَقَدْ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِعُ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي سَفَرِ الْغَزْوِ؛ لِأَنَّ جَيْشَهُ آمِنٌ» . (وَ) حَرُمَ (فِرَارٌ) مِنْ عَدُوٍّ عَلَى مُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْجِهَادُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مَنْدُوبًا (إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ) الَّذِينَ مَعَهُمْ سِلَاحٌ (النِّصْفَ) مِنْ عَدَدِ الْكُفَّارِ كَمِائَةٍ مِنْ مِائَتَيْنِ وَلَوْ فَرَّ الْأَمِيرُ فَالْمُعْتَبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجُمْهُورِ الْعَدَدُ لَا الْقُوَّةُ وَالْجَلَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَتَخْتَصُّ الْحُرْمَةُ بِمَنْ فَرَّ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ سِلَاحٌ أَوْ لَمْ يَبْلُغُوا النِّصْفَ فَلَا يَحْرُمُ (وَلَمْ يَبْلُغُوا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) عَطْفٌ عَلَى مَفْهُومٍ إنْ بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ، وَقَيَّدَ فِيهِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا النِّصْفَ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا جَازَ الْفِرَارُ أَوْ الْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 إلَّا تَحَرُّفًا   [منح الجليل] عَشَرَ أَلْفًا، فَإِنْ بَلَغُوهَا حَرُمَ وَلَوْ كَثُرَ الْكُفَّارُ جِدًّا مَا لَمْ تَخْتَلِفْ كَلِمَتُهُمْ وَإِلَّا جَازَ لِخَبَرِ «لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ كَلِمَتُهُمْ» ، وَمَا لَمْ يَكُنْ الْعَدُوُّ بِمَحَلِّ مَدَدِهِ وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا جَازَ. وَفِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ مَحَلُّ الْحُرْمَةِ أَيْضًا إذَا كَانَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا نِكَايَةٌ لِلْعَدُوِّ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ ذَلِكَ وَظَنَّ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقْتُلُونَهُمْ جَازَ الْفِرَارُ انْتَهَى. فَإِنْ كَانَ ظَنُّ الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْكُفَّارِ رُجِعَ لِلتَّقْيِيدِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ لِشَجَاعَتِهِمْ لَمْ يُغْنِ عَنْهُ، وَالْفِرَارُ الْمُحَرَّمُ مِنْ الْكَبَائِرِ فَتَسْقُطُ الْعَدَالَةُ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَارِّ إلَّا أَنْ يَتُوبَ. ابْنُ عَرَفَةَ تَظْهَرُ تَوْبَتُهُ بِثُبُوتِهِ فِي زَحْفٍ آخَرَ، وَنَازَعَهُ الْآبِي قَائِلًا: بَلْ هِيَ بِالنَّدَمِ وَالْإِقْلَاعِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَسَبَهُ لِأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَسَلَّمَهُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِهِ وَأَقَرَّاهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِمَادِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَنَسَبَهُ لِلْعِرَاقِيِّينَ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ عَوَّلَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ «لَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ. وَقَوْلُ " ز " مَا لَمْ يَكُنْ الْعَدُوُّ بِمَحَلِّ مَدَدِهِ، وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ إلَخْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَا إذَا بَلَغَ الْمُسْلِمُونَ النِّصْفَ وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا وَنَصُّهُ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَحِلُّ فِرَارُ مِائَةٍ مِنْ ضَعْفِهَا وَلَوْ كَانَ أَشَدَّ سِلَاحًا وَقُوَّةً وَجَلَدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ بِمَحَلِّ مَدَدِهِ وَلَا مَدَدَ لِلْمُسْلِمِينَ فَفِي التَّوْلِيَةِ سِعَةٌ اهـ. وَأَمَّا الِاثْنَا عَشَرَ أَلْفًا فَلَا يَفِرُّونَ وَلَوْ كَانَ الْعَدُوُّ أَضْعَافَ أَضْعَافِهِمْ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ بِمَحَلِّ مَدَدِهِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. وَقَوْلُ " ز " وَنَازَعَهُ الْآبِي إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَقُلْ إنَّ حَقِيقَةَ التَّوْبَةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ثُبُوتِهِ فِي زَحْفٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا قَالَ ظُهُورُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ. (إلَّا تَحَرُّفًا) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً لِقِتَالٍ بِأَنْ يُظْهِرَ الْهَزِيمَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 وَتَحَيُّزًا إنْ خِيفَ وَالْمُثْلَةُ، وَحَمْلُ رَأْسٍ لِبَلَدٍ أَوْ وَالٍ وَخِيَانَةُ أَسِيرٍ ائْتُمِنَ طَائِعًا وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ،   [منح الجليل] لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ فَيَرْجِعَ عَلَيْهِ فَيَقْتُلَهُ وَهُوَ مِنْ مَكَايِدِ الْحَرْبِ. (وَ) إلَّا تَحَيُّزًا إلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ أَوْ إلَى فِئَةٍ فَيَتَقَوَّى بِهِمْ، وَشَرْطُ جَوَازِهِمَا كَوْنُ الْمُتَحَرِّفِ وَالْمُتَحَيِّزِ غَيْرَ أَمِيرِ الْجَيْشِ وَالْإِمَامِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَيْسَ لَهُمَا التَّحَرُّفُ، وَلَا التَّحَيُّزُ لِحُصُولِ الْخَلَلِ وَالْمَفْسَدَةِ بِهِ وَاَلَّذِي مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وُجُوبُ مُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ وَالْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ مَا هُنَا (إنْ خِيفَ) الْعَدُوُّ أَيْ خَافَ مِنْهُ الْمُتَحَيِّزُ أَنْ يَقْتُلَهُ خَوْفًا بَيِّنًا إنْ كَانَ انْحِيَازُهُ إلَى فِئَةٍ خَرَجُوا مَعَهُمْ، أَمَّا لَوْ كَانُوا خَرَجُوا مِنْ بَلَدِ الْأَمِيرِ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي بَلَدِهِ فَلَا يَكُونُ فِئَةً لَهُمْ يَنْحَازُونَ إلَيْهِ قَالَهُ الْحَطّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَحِلُّ الْفِرَارُ مِنْ الضَّعْفِ إلَّا انْحِرَافًا لِلْقِتَالِ أَوْ مُتَحَيِّزًا لِفِئَةٍ كَالِانْحِيَازِ لِلْجَيْشِ الْعَظِيمِ أَوْ سَرِيَّةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لِمُتَأَخِّرَةٍ عَنْهَا وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ رِوَايَةً لَا يَنْحَازُ إلَّا لِخَوْفٍ بَيِّنٍ. (وَ) حَرُمَ (الْمُثْلَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ التَّمْثِيلُ بِالْكُفَّارِ بِقَطْعِ أَطْرَافِهِمْ وَقَلْعِ أَعْيُنِهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُمَثِّلُوا بِمُسْلِمٍ فَيَجُوزُ حَالَ الْقِتَالِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ أَوْ بَعْدَ تَمْثِيلِهِمْ بِمُسْلِمٍ قَالَهُ الْبَاجِيَّ فِي أَسِيرٍ كَافِرٍ عِنْدَنَا وَقَدْ مَثَّلُوا بِأَسِيرٍ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ. (وَ) حَرُمَ (حَمْلُ رَأْسٍ) مِنْ عَدُوٍّ وَمِنْ بَلَدِ قَتْلِهِ (لِبَلَدٍ) آخَرَ (أَوْ) لِ (وَالٍ) أَيْ أَمِيرِ جَيْشٍ فِي بَلَدِ الْقِتَالِ وَيَجُوزُ حَمْلُهَا فِي بَلَدِ الْقِتَالِ لِغَيْرِ وَالٍ وَاسْتُظْهِرَ جَوَازُ حَمْلِهَا لِبَلَدٍ آخَرَ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَاطْمِئْنَانِ الْقُلُوبِ بِالْجَزْمِ بِمَوْتِهِ، وَقَدْ حُمِلَ رَأْسُ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ مِنْ خَيْبَرَ إلَى الْمَدِينَةِ. (وَ) حَرُمَ (خِيَانَةُ) مُسْلِمٍ (أَسِيرٍ) فِي بَلَدِ الْعَدُوِّ (ائْتُمِنَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ ائْتَمَنَهُ كَافِرٌ صَرَاحَةً نَحْوُ أَمَّنَّاك عَلَى أَمْوَالِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَنِسَائِنَا أَوْ ضِمْنًا كَإِعْطَائِهِ شَيْئًا يَصْنَعُهُ حَالَ كَوْنِ الْأَسِيرِ (طَائِعًا) فِي ائْتِمَانِهِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ بَلْ (وَلَوْ) ائْتُمِنَ (عَلَى نَفْسِهِ) بِعَهْدٍ مِنْهُ أَنْ لَا يَهْرُبَ، وَلَا يَخُونَهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ بِغَيْرِ عَهْدٍ بِيَمِينٍ فِيهِمَا أَوْ بِغَيْرِهَا وَمَفْهُومُ ائْتُمِنَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ تَجُوزُ خِيَانَتُهُ، وَمَفْهُومُ طَائِعًا أَنَّهُ إنْ ائْتُمِنَ مُكْرَهًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 وَالْغُلُولُ، وَأُدِّبَ إنْ ظُهِرَ عَلَيْهِ وَجَازَ أَخْذُ مُحْتَاجٍ: نَعْلًا، وَحَرَامًا، وَإِبْرَةً، وَطَعَامًا وَإِنْ نَعَمًا، وَعَلَفًا:   [منح الجليل] تَجُوزُ خِيَانَتُهُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ حَلَّفُوهُ يَمِينًا عَلَى عَدَمِهَا. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ طَوْعُهُ وَهُوَ أَسِيرٌ. قُلْت يُتَصَوَّرُ فِيمَنْ أَحَبُّوهُ وَظَنُّوا فِيهِ الْأَمَانَةَ وَأَطْلَقُوهُ يَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَ فِي بِلَادِهِمْ فَأَعْجَبَتْهُ لِكَثْرَةِ زِينَةِ الدُّنْيَا مَثَلًا. (وَ) حَرُمَ (الْغُلُولُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَأَصْلُهُ الْمَاءُ الْجَارِي بَيْنَ الشَّجَرِ، ثُمَّ نُقِلَ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا لِإِدْخَالِ الْغَالِّ مَا يَأْخُذُهُ بَيْنَ مَتَاعِهِ لِيُخْفِيَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ أَخْذُ مَا لَمْ يُبَحْ الِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا أَيْ إنْ كَانَ الْإِمَامُ يَقْسِمُ الْغَنِيمَةَ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً وَإِلَّا جَازَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ أَيْ إنْ أَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً. (وَأُدِّبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ الْغَالُّ (إنْ ظُهِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اُطُّلِعَ (عَلَيْهِ) ، وَلَا يَمْنَعُهُ سَهْمُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَمَفْهُومُ إنْ ظُهِرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ جَاءَ تَائِبًا فَلَا يُؤَدَّبُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ وَإِلَّا أُدِّبَ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ تَابَ بَعْدَ الْقَسْمِ، وَافْتِرَاقِ الْجَيْشِ أُدِّبَ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الشَّاهِدِ يَرْجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْجَيْشِ كَنُفُوذِ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْغُرْمِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَعَجْزِهِ عَنْهُ فِي الْجَيْشِ، وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْهَا بَعْدَ حَوْزِهَا فَسَرِقَةٌ وَسَتَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ. (وَجَازَ أَخْذُ) شَخْصٍ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ الَّذِينَ يُسْهَمُ لَهُمْ مِنْ الْغَنِيمَةِ (مُحْتَاجٍ) ظَاهِرُهُ وَلَمْ يَبْلُغْ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ لِلْمَيْتَةِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُسْهَمُ لَهُ فَفِي جَوَازِ أَخْذِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ وَمَفْعُولُ أَخْذٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (نَعْلًا وَحِزَامًا وَإِبْرَةً وَطَعَامًا) إنْ لَمْ يَكُنْ نَعَمًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (نَعَمًا) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ أَيْ إبِلًا أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا يُذَكِّيهِ وَيَأْكُلُ لَحْمَهُ وَيَرُدُّ جِلْدَهُ لِلْغَنِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَلَوْ نَهَاهُمْ الْإِمَامُ ثُمَّ اضْطَرُّوا إلَيْهِ جَازَ لَهُمْ أَكْلُهُ. أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذْ ذَاكَ عَاصٍ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ (وَعَلَفًا) لِدَابَّتِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155 كَثَوْبٍ، وَسِلَاحٍ، وَدَابَّةٍ لِيَرُدَّ، وَرَدَّ الْفَضْلَ إنْ كَثُرَ؛ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ، وَمَضَتْ الْمُبَادَلَةُ بَيْنَهُمْ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ فَقَالَ (كَثَوْبٍ وَسِلَاحٍ وَدَابَّةٍ لِيَرُدَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ الثَّوْبَ وَالسِّلَاحَ وَالدَّابَّةَ لِلْغَنِيمَةِ بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَلِذَا فَصَلَهُ بِهَا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ نَحْوِ الثَّوْبِ بِلَا نِيَّةٍ وَظَاهِرُهَا جَوَازُهُ فَالْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ أَخْذُهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ (وَرَدَّ) الْآخِذُ لِلْغَنِيمَةِ (الْفَضْلَ) أَيْ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ مِمَّا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا (إنْ كَثُرَ) أَيْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَنْ دِرْهَمٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْيَسِيرَ وَهُوَ مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا لَا يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهَا، وَهَذَا فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ دُونَ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّهُ بِعَيْنِهِ كَالدَّابَّةِ وَالسِّلَاحِ فَلَا مَعْنَى لِلْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ فِيمَا يُرَدُّ بِعَيْنِهِ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ، فَإِنْ أَقْرَضَ الْكَثِيرَ أَوْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عِوَضِهِ مِنْ الْمُقْتَرِضِ، وَلَا ثَمَنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى الْجَيْشِ إنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ فَلَا يَرُدُّهُ إنْ احْتَاجَ لَهُ وَإِلَّا يَرُدَّهُ. (فَإِنْ تَعَذَّرَ) رَدَّ مَا وَجَبَ رَدُّهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا قَبْلَ الْكَافِ أَوْ مِمَّا بَعْدَهَا لِسَفَرِ الْإِمَامِ وَتَفَرُّقِ الْجَيْشِ (تَصَدَّقَ) مَنْ هُوَ بِيَدِهِ (بِهِ) كُلِّهِ بِلَا تَخْمِيسٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّوْضِيحِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يُتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّى يَبْقَى الْيَسِيرُ فَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِنَفْسِهِ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْيَسِيرَ يُغْتَفَرُ مُنْفَرِدًا لَا مُجْتَمِعًا مَعَ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَا فَضَلَ مِنْ طَعَامٍ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ يَتَصَدَّقُ بِكَثِيرِهِ، وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ يَسِيرَهُ. اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ إنَّمَا يَتَصَدَّقُ بِهِ إذَا افْتَرَقَ الْجَيْشُ وَإِلَّا رَدَّهُ لِلْقَسْمِ. ابْنُ بَشِيرٍ هُوَ كَمَالٍ مَجْهُولٍ مَالِكُهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. (وَ) إنْ أَخَذَ شَخْصَانِ مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُمَا مُحْتَاجَانِ صِنْفَيْ طَعَامٍ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَفَضَلَ عَنْ حَاجَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَثِيرٌ مِمَّا أَخَذَهُ، وَاحْتَاجَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِمَا فَضَلَ بِيَدِ الْآخَرِ فَتَبَادَلَا بِتَفَاضُلٍ كَصَاعٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (مَضَتْ الْمُبَادَلَةُ) قَبْلَ الْقَسْمِ الْوَاقِعَةُ (بَيْنَهُمْ) أَيْ الْمُجَاهِدِينَ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَأَنَّهُ رَدَّ مَا فَضَلَ عَنْهُ لِلْغَنِيمَةِ وَأَخَذَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156 وَبِبَلَدِهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ وَتَخْرِيبٌ وَقَطْعُ نَخْلٍ، وَحَرْقٌ: إنْ أَنْكَى،   [منح الجليل] الْآخَرُ مِنْهَا فَلَا مُبَادَلَةَ فِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنْ تَبَادَلَا بَعْدَ الْقَسْمِ بِتَفَاضُلٍ فُسِخَ. وَكَذَا إنْ تَبَادَلَا بِهِ مَعَ عَدَمِ احْتِيَاجِ كُلٍّ لِفَاضِلِ الْآخَرِ لِوُجُوبِ رَدِّهِ لِلْغَنِيمَةِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي تَعْبِيرِهِ بِمَضَتْ وَوَجَّهَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِإِفَادَتِهِ عَدَمَ جَبْرِهِ عَلَى دَفْعِ الْعِوَضِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ كَعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهِ إنْ اقْتَرَضَهُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَنَّهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ رَدُّ الْعِوَضِ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ مِثْلُهُ فِي الْآخَرِ لَكِنْ إنْ لَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى رَدَّ الْعِوَضَ فِي الْمُبَادَلَةِ فَإِنَّهُ يُمْضَى كَرَدِّهِ فِي الْقَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَى مُقْتَرِضِ طَعَامٍ مِمَّنْ أَصَابَهُ بِبَلَدِ الْحَرْبِ لِمُقْرِضِهِ. اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَ الطَّعَامُ قَدْرَ حَاجَتِهِ أَيَّامًا فَأَقْرَضَهُ بَعْضَهُ لِيَأْخُذَهُ وَقْتَ حَاجَتِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى الْمَعْرُوفِ لَوْ رَدَّهُ مُقْتَرِضُهُ لِظَنِّ لُزُومِهِ مِنْ طَعَامٍ يَمْلِكُهُ، فَفِي رُجُوعِهِ بِهِ بِشَرْطِ قِيَامِهِ أَوْ مُطْلَقًا نَقْلًا. عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ الْجَارِي بِمَجَالِسِ بَلَدِهِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهَا مَنْ أَثَابَ مِنْ صَدَقَتِهِ لِظَنِّ لُزُومِهِ، وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مُفَرِّقًا بِأَنَّ رَدَّ الطَّعَامِ بِالْجَبْرِ لِمَكَانِ شَرْطِهِ وَعَدَمَ الْجَبْرِ فِي الصَّدَقَةِ لِعَدَمِهِ وَصَوَّبَ الصِّقِلِّيُّ الْأَوَّلَ وَعَبْدُ الْحَقِّ الثَّانِي وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ طَعَامِ أَهْلِ الْجَيْشِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ مُطْلَقًا. وَفِي جَوَازِ بَدَلِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ بَيْنَ أَهْلِ الْجَيْشِ مُتَفَاضِلًا نَقْلَا اللَّخْمِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ أَبِي الْعُمَرِيِّ. الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ مَنَعَ الرِّبَا، وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِمَنْعِ مَنْ بِيَدِهِ قَمْحٌ أَوْ لَحْمٌ أَوْ عَسَلٌ مَا بِيَدِهِ آخَرَ بِيَدِهِ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِيَدِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُعْطِيَهُ ذَلِكَ مُبَادَلَةً، وَمَفْهُومٌ بَيْنَهُمْ امْتِنَاعُهَا بَيْنَ بَعْضِ الْجَيْشِ وَآخَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهَا رِبًا وَإِلَّا جَازَتْ. (وَ) جَازَ أَيْ أُذِنَ لِلْإِمَامِ (بِبَلَدِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (إقَامَةُ الْحَدِّ) الشَّرْعِيِّ لِزِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ حِرَابَةٍ عَلَى مَنْ فَعَلَ مُوجِبَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَيُشْعِرُ بِهِ تَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ الْمُفِيدِ لِلِاخْتِصَاصِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يُقِيمُهُ إلَّا بِبَلَدِهِمْ فَلَا يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ. (وَ) جَازَ (تَخْرِيبٌ) لِدِيَارِهِمْ (وَقَطْعُ نَخْلٍ وَحَرْقٌ) لِزَرْعِهِمْ وَشَجَرِهِمْ (إنْ أَنْكَى) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157 أَوْ لَمْ تُرْجَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ: كَعَكْسِهِ، وَوَطْءُ أَسِيرٍ: زَوْجَةً، أَوْ أَمَةً سَلِمَتَا، وَذَبْحُ حَيَوَانٍ، وَعَرْقَبَتُهُ وَأُجْهِزَ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] أَيْ مَا ذُكِرَ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ لِلْكُفَّارِ وَرُجِيَتْ لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) لَمْ يُنْكِ وَ (لَمْ تُرْجَ) لَهُمْ فَالْجَوَازُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، فَإِنْ أَنْكَى وَلَمْ تُرْجُ تَعَيَّنَ التَّخْرِيبُ أَوْ الْقَطْعُ أَوْ الْحَرْقُ وَإِنْ لَمْ يُنْكِ وَرُجِيَتْ وَجَبَ الْإِبْقَاءُ فَلَا تَدْخُلُ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ فِي كَلَامِهِ. (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخْرِيبِ وَالْقَطْعِ (مَنْدُوبٌ) إنْ لَمْ يُرْجَ لِنِكَايَتِهِمْ. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) وَهُوَ الْإِبْقَاءُ مَنْدُوبٌ إنْ رُجِيَ لِلْمُسْلِمِينَ. الْبُنَانِيُّ إنَّمَا تَكَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى صُورَتَيْنِ إذَا أَنْكَى وَلَمْ تُرْجَ فُضِّلَ الْقَطْعُ، وَإِنْ رُجِيَتْ فُضِّلَ الْإِبْقَاءُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا سِوَاهُمَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا مُنْكِيًا. (وَ) جَازَ (وَطْءُ) مُسْلِمٍ (أَسِيرٍ) فِي بَلَدِ الْعَدُوِّ (زَوْجَةً وَأَمَةً) لَهُ مَسْبِيَّتَيْنِ مَعَهُ إنْ أَيْقَنَ أَنَّهُمَا (سَلِمَتَا) مِنْ وَطْءِ سَابِيهِمَا؛ لِأَنَّ سَبْيَهُمْ الْمُسْلِمَةَ لَا يَهْدِمُ نِكَاحَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَةً، وَلَا يُبْطِلُ مِلْكَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً. وَقَوْلُهُ وَهَدَمَ السَّبْيُ النِّكَاحَ فِي سَبْيِ الْمُسْلِمِينَ نِسَاءَ الْكَافِرِينَ وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ عَدَمَ حُرْمَتِهِ إذْ هُوَ مَكْرُوهٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَكْرَهُ ذَلِكَ لِمَا أَخَافُ مِنْ بَقَاءِ ذُرِّيَّتِهِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ. وَمَفْهُومُ سَلِمَتَا يَقِينًا حُرْمَتُهُ إنْ تَيَقَّنَ وَطْأَهَا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ، وَتَيَقُّنُ السَّلَامَةِ بِعَدَمِ غَيْبَةِ الْكَافِرِ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَلَا تُصَدَّقُ فِي عَدَمِهِ (وَ) جَازَ (ذَبْحُ حَيَوَانٍ) مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَيْ قَطْعِ حُلْقُومِهِ وَوَدَجَيْهِ (وَعَرْقَبَتُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ قَطْعُ عُرْقُوبَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَا نِكَايَةَ فِيهِ وَيُرْجَى لِلْمُسْلِمِينَ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ أَنَّ هَذَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ بَعْدَ فِعْلِ مَا ذُكِرَ بِهِ بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالتَّخْرِيبِ (وَأُجْهِزَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ (عَلَيْهِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158 وَفِي النَّحْلِ إنْ كَثُرَتْ وَلَمْ يُقْصَدْ عَسَلُهَا: رِوَايَتَانِ، وَحُرِقَ إنْ أَكَلُوا الْمَيْتَةَ   [منح الجليل] أَيْ الْحَيَوَانِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَيْ أَوْ فُعِلَ بِهِ مَا يُعَجِّلُ مَوْتَهُ وَلَوْ غَيْرَ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ. فِي التَّوْضِيحِ إذَا عَجَزَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ حَمْلِ مَالِ الْكُفَّارِ أَوْ عَنْ حَمْلِ بَعْضِ مَتَاعِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتْلِفُونَهُ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِهِ الْعَدُوُّ، وَسَوَاءٌ الْحَيَوَانُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ. اُخْتُلِفَ بِمَاذَا يُتْلَفُ الْحَيَوَانُ قَالَ الْمِصْرِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يُعَرْقَبُ أَوْ يُذْبَحُ أَوْ يُجْهَزُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ مِنْهُمْ يُجْهَزُ عَلَيْهِ وَكَرِهُوا عَرْقَبَتَهُ وَذَبْحَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ لِأَنَّ الذَّبْحَ مُثْلَةٌ وَالْعَرْقَبَةَ تَعْذِيبٌ. اهـ وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ دَرَجَ عَلَى قَوْلِ الْمِصْرِيِّينَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ الْوَاوَ فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى أَوْ أَوَّلًا وَثَانِيًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ اجْتِمَاعَ الثَّلَاثَةِ، وَلَا اثْنَيْنِ مِنْهَا إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَلَا مَعْنَى لَهُ فَقَوْلُ الشُّرَّاحِ وَأُجْهِزَ عَلَيْهِ عَقِبَ عَرْقَبَتِهِ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ. طفي مَا هُوَ إلَّا تَهَافُتٌ إذْ لَوْ كَانَ يُجْهَزُ عَلَيْهِ فَمَا فَائِدَةُ عَرْقَبَتِهِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَبَثٌ فَالصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ وَيَجُوزُ الْإِجْهَازُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى ذَبْحٍ وَإِنْ كَانَ تَغْيِيرُهُ الْأُسْلُوبَ يُشْعِرْ بِمَا قَالُوهُ، لَكِنْ يَتَعَيَّنُ مَا قُلْنَا لِيُطَابِقَ النَّقْلَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي إتْلَافِهَا بِالْعَقْرِ دُونَ ذَبْحٍ، وَلَا نَحْرٍ أَوْ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ تَسْرِيحِهَا سَالِمَةً. رَابِعُهَا ذَبْحُهَا أَحْسَنُ. وَخَامِسُهَا يُكْرَهُ كَعَرْقَبَتِهَا مِنْ الْجَهْدِ عَلَيْهَا. وَفِي الشَّامِلِ فَيُجْهَزُ عَلَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ ذَبْحُهُ وَعَرْقَبَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَفِي) جَوَازِ إتْلَافِ (النَّحْلِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ بِحَرْقٍ وَنَحْوِهِ (إنْ كَثُرَتْ) لِنِكَايَتِهِمْ بِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يُقْصَدْ) بِإِتْلَافِهَا (عَسَلُهَا) أَيْ أَخْذُهُ وَكَرَاهَتُهُ (رِوَايَتَانِ) وَمَفْهُومُ إنْ كَثُرَتْ إنْ كَانَتْ قَلِيلَةً وَلَمْ يُقْصَدْ عَسَلُهَا كُرِهَ إتْلَافُهَا، وَمَفْهُومُ لَمْ يُقْصَدْ عَسَلُهَا أَنَّهُ إنْ قُصِدَ عَسَلُهَا فَلَا يُكْرَهُ إتْلَافُهَا قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ (وَحُرِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَذْبُوحُ وَالْمُعَرْقَبُ وَالْمُجْهَزُ عَلَيْهِ وُجُوبًا (إنْ أَكَلُوا) أَيْ اسْتَحَلَّ الْكُفَّارُ فِي دِينِهِمْ أَنْ يَأْكُلُوا (الْمَيْتَةَ) وَلَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 159 كَمَتَاعٍ عُجِزَ عَنْ حَمْلِهِ وَجَعْلُ الدِّيوَانِ،   [منح الجليل] ظَنًّا لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ. تت وَالْأَظْهَرُ حَرْقُهُ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَكْلِهِمْ إيَّاهُ حَالَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ. وَشَبَّهَ فِي الْحَرْقِ فَقَالَ (كَمَتَاعٍ) لَهُمْ أَوْ لِمُسْلِمٍ (عُجِزَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَنْ حَمْلِهِ) لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيُحْرَقُ لِئَلَّا يَنْتَفِعُوا بِهِ (وَ) جَازَ (جَعْلٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ اتِّخَاذٌ وَوَضْعٌ وَضَمُّهَا أَيْ مَالِ (الدِّيوَانِ) بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفَتْحِهَا عَلَى خِلَافِهِ أَيْ الدَّفْتَرِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ دِيوَانًا أَيْ دَفْتَرًا يَجْمَعُ فِيهِ أَسْمَاءَ الْجُنْدِ وَعَطَاءَهُمْ. وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَأْخُذَ الْجُعْلَ الَّذِي رَتَّبَهُ لَهُ الْإِمَامُ عَلَى خُرُوجِهِ لِلْجِهَادِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَكَتَبَهُ لَهُ فِي الدِّيوَانِ. أَبُو الْحَسَنِ إذَا كَانَ الْعَطَاءُ حَلَالًا وَيُزَادُ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا لَهُ وَكَوْنُهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ الْمُعْتَادَةِ لِأَمْثَالِهِ لَا أَزْيَدَ مِنْهَا فَيَحْرُمُ، بِخِلَافِ مُرَتَّبِ تَدْرِيسٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ لِمَنْ هُوَ عَالَمٌ وَقَامَ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَخْذُهُ وَلَوْ غَنِيًّا لِقَصْدِ الْوَاقِفِ إعْطَاءَهُ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا دُونَ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا مُحْتَاجٌ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُرَتَّبًا لِغَيْرِهِ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ إنَّمَا هُوَ فِي مُقَابَلَةِ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ هَذَا مُطْلَقًا قَرَّرَهُ عج أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَيُزَادُ إلَخْ، لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ فَانْظُرْهُمَا، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصُّهُ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا أَرَى قَبُولَ سِلَاحٍ أَوْ فَرَسٍ أُعْطِيَهُ فِي الْجِهَادِ وَلَا بَأْسَ بِهِ لِلْمُحْتَاجِ. ابْنُ رُشْدٍ قَبُولُ الْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ إعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُوَّةِ عَلَى الْجِهَادِ. اهـ. وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْغَنِيِّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ عَلَى الْجِهَادِ بِمَالِ غَيْرِهِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَإِنْ أَرَادَ " ز " أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي الْكَمَالِ ظَهَرَ كَلَامُهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي الْجَوَازِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت فَرَضَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ الْجِهَادَ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ فَقَالَ {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 41] وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَكُلُّ مُحْتَاجٍ لَهُ فِيهِ حَقٌّ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمُحْتَاجِينَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ بَيْنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 160 وَجُعَلٌ مِنْ قَاعِدٍ لِمَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ، إنْ كَانَا بِدِيوَانٍ،   [منح الجليل] الْفُقَهَاءِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ مَا يَشْتَرِي مُطْلَقًا قَرَّرَهُ عج. . . إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ شِرَاءَهُ حَرَامٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ فِي اسْمٍ مَكْتُوبٍ فِي الْعَطَاءِ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا إلَى آخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يَبْرَأَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الِاسْمِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى الدَّرَاهِمَ إنْ كَانَ صَاحِبَ الِاسْمِ فَقَدْ أَخَذَ الْآخَرُ مَا يَحِلُّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَ الدَّرَاهِمَ هُوَ صَاحِبُ الِاسْمِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَلَا يَدْرِي مَا تَبْلُغُ حَيَاةُ صَاحِبِهِ فَهَذَا غَرَرٌ، وَلَا يَجُوزُ اهـ. قُلْت إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِنَقْدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمُرَتَّبِ فَفِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ وَإِلَّا فَالثَّانِي فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَجُعَلٌ مِنْ قَاعِدٍ لِمَنْ يَخْرُجُ عَنْهُ الْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْجِهَادِ (وَ) جَازَ (جُعَلٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ أَيْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ أَيْ إعْطَاؤُهُ (مِنْ) شَخْصٍ (قَاعِدٍ) أَيْ مُتَخَلِّفٍ عَنْ الْجِهَادِ (لِمَنْ يَخْرُجُ) لِلْجِهَادِ نَائِبًا (عَنْهُ) أَيْ الْقَاعِدِ فِي الْخُرُوجِ لَهُ (إنْ كَانَا) أَيْ الْقَاعِدُ وَالْخَارِجُ (بِدِيوَانٍ) وَاحِدٍ. فِي التَّوْضِيحِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ سَدَّ الثُّغُورِ وَرُبَّمَا خَرَجَ لَهُمْ وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ، وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُجْعَلَ لِمَنْ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي دِيوَانٍ لِيَغْزُوَ عَنْهُ وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِمَنْ فِي السَّبِيلِ إجَارَةَ فَرَسِهِ لِمَنْ يُرَابِطُ عَلَيْهِ أَوْ يَغْزُو عَلَيْهِ، فَهَذَا إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَكَأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ لِلْجَهْلِ وَأُجِيزَتْ إذَا كَانَا بِدِيوَانٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ فَلَيْسَ إجَارَةً حَقِيقِيَّةً اهـ. اللَّقَانِيُّ، أَيْ مَجْهُولَةَ الْعَمَلِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَقَعُ لِقَاءٌ أَمْ لَا وَلَا كَمْ مَرَّةً اللِّقَاءُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجُعَلِ مِنْ الْعَطَاءِ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّ جَهْلَ الْعَمَلِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَوْنُ الْخُرُوجِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً. احْتِرَازًا عَنْ الِاتِّفَاقِ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ خَرَجَ نَائِبًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرُورِ وَأَنْ لَا يُعَيِّنَ الْإِمَامُ الْجَاعِلَ بِشَخْصِهِ بِأَنْ عَيَّنَهُ بِوَصْفِهِ بِأَنْ قَالَ أَصْحَابُ فُلَانٍ أَوْ أَهْلُ النَّوْبَةِ الصَّيْفِيَّةِ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 وَرَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ. وَكُرِهَ التَّطْرِيبُ، وَقَتْلُ عَيْنٍ،   [منح الجليل] الشِّتْوِيَّةِ مَثَلًا وَهُوَ مِنْهُمْ، فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ، فَإِنْ عَيَّنَهُ بِشَخْصِهِ كَزَيْدٍ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهَا. وَقَالَ التُّونُسِيُّ إنَّمَا تَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَجُنْدُ مِصْرَ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَجُنْدُ الشَّامِ أَهْلُ دِيوَانٍ آخَرَ وَاحِدٍ فَلَا يَنُوبُ مِصْرِيٌّ عَنْ شَامِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ، وَأَنْ تَكُونَ النِّيَابَةُ إذَا خَافَ الْخُرُوجَ وَسَهْمُ الْغَنِيمَةِ لِلْقَاعِدِ لَا لِلْخَارِجِ. الصِّقِلِّيُّ بِذَا أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَيُنْدَبُ لِلْخَارِجِ أَنْ لَا يَنْوِيَ بِغَزْوِهِ الْجُعَلَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ سَدَّ الثُّغُورِ إيهَامَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ عَلَى الْجِهَادِ فَكَيْفَ تَجُوزُ فَأَبْطَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ سَدَّ الثُّغُورِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسُدُّ مَسَدَّ الْآخَرِ كَالْإِمَامِ إذَا أَحْدَثَ، فَإِنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ. وَالثَّانِي أَنْ يُقَالَ كَيْفَ جَازَ الْجُعَلُ فِي الْبُعُوثِ وَهُوَ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ لَهُ الْعَطَاءُ أَمْ لَا وَإِذَا خَرَجَ هَلْ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ فَأَبْطَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ قَالَ مَالِكٌ رُبَّمَا خَرَجَ الْعَطَاءُ وَرُبَّمَا لَمْ يَخْرُجْ، مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَطَاءَ الَّذِي يَخْرُجُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً هُوَ مَا أَعْطَاهُ الْقَاعِدُ لِلْخَارِجِ، فَإِنْ كَانَ الْعَطَاءُ الْمَكْتُوبُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ تَبَعٌ فَلَا غَرَرَ اهـ. وَرَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ بِالتَّكْبِيرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ (وَ) جَازَ بِرَاجِحِيَّةٍ (رَفْعُ صَوْتِ مُرَابِطٍ) وَحَارِسِ بَحْرٍ (بِالتَّكْبِيرِ) فِي حَرَسِهِمْ؛ لِأَنَّهُ شِعَارُهُمْ لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَذَا رَفْعُهُ بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ وَالتَّلْبِيَةِ وَالسِّرُّ فِي غَيْرِ هَذِهِ أَفْضَلُ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَافِعِي أَصْوَاتِهِمْ بِالدُّعَاءِ إنَّ الَّذِي تَدْعُونَ بَيْنَ أَكْنَافِكُمْ» قَالَ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِالتَّكْبِيرِ فِي الرِّبَاطِ وَالْحَرَسِ عَلَى الْبَحْرِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. اهـ. وَفِي الْمَدْخَلِ يُسْتَحَبُّ، وَكِلَاهُمَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُؤْذِيَ النَّاسَ فِي قِرَاءَةٍ أَوْ صَلَاةٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (التَّطْرِيبُ) أَيْ التَّغَنِّي بِالتَّكْبِيرِ (وَقُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ شَخْصٍ (عَيْنٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ جَاسُوسٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يُطْلِعُ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْقُلُ أَخْبَارَهُمْ إلَيْهِمْ وَهُوَ رَسُولُ الشَّرِّ وَالنَّامُوسُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 وَإِنْ أُمِّنَ وَالْمُسْلِمُ كَالزِّنْدِيقِ، وَقَبُولُ الْإِمَامِ هَدِيَّتَهُمْ، وَهِيَ لَهُ إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ لِكَقَرَابَةٍ، وَفَيْءٌ إنْ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ، إنْ لَمْ يَدْخُلْ بَلَدَهُ   [منح الجليل] رَسُولُ الْخَيْرِ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْجَاسُوسُ ذِمِّيًّا عِنْدَنَا أَوْ حَرْبِيًّا (أُمِّنَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ عَيْنًا، وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهُ عَلَيْهِ وَيَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ: وَنُقِلَ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ اسْتِرْقَاقَهُ فَهُوَ لَهُ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ شَرَّهُ (وَالْمُسْلِمُ) الْعَيْنُ (كَالزِّنْدِيقِ) أَيْ الَّذِي أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَخْفَى الْكُفْرَ فِي تَعَيُّنِ قَتْلِهِ وَإِنْ أَظْهَرَ التَّوْبَةَ بَعْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ وَقَبُولِ تَوْبَتِهِ إنْ أَظْهَرَهَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ وَقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا. (وَ) جَازَ (قَبُولُ الْإِمَامِ) حَقِيقَةً أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ إنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ (هَدِيَّتَهُمْ) إنْ كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَقُوَّةٌ لَا إنْ ضَعُفُوا وَأَشْرَفَ الْإِمَامُ عَلَى أَخْذِهِمْ فَقَصَدُوا التَّوْهِينَ بِهَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (وَهِيَ) أَيْ الْهَدِيَّةُ (لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ خَاصَّةً (إنْ كَانَتْ) الْهَدِيَّةُ (مِنْ بَعْضٍ) مِنْ الْحَرْبِيِّينَ لِلْإِمَامِ (لِكَقَرَابَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أَوْ مُكَافَأَةٍ لَهُ أَوْ لِرَجَاءِ بَدَلِهَا أَوْ نَحْوِهَا، وَسَوَاءٌ دَخَلَ بَلَدَ الْعَدُوِّ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ لِلْإِمَامِ لَا لِكَقَرَابَةٍ فَفَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا تَخْمِيسٍ إنْ كَانَتْ قَبْلَ دُخُولِ بَلَدِهِمْ وَإِلَّا فَغَنِيمَةٌ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَهُ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ لِغَيْرِهِ لِكَقَرَابَةٍ فَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُسْلِمُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْإِمَامِ دَخَلَ بَلَدَهُمْ أَمْ لَا، وَيَبْعُدُ كَوْنُهَا مِنْ بَعْضٍ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ الْإِمَامِ لَا لِكَقَرَابَةٍ وَانْظُرْ مَا حُكْمُهَا إنْ اتَّفَقَتْ. (وَ) هِيَ (فَيْءٌ) أَيْ لِمَصَالِحِ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ (إنْ كَانَتْ) الْهَدِيَّةُ (مِنْ الطَّاغِيَةِ) أَيْ مَلِكِهِمْ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ قَبْلُ وَلِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الْإِمَامُ (بَلَدَهُ) أَيْ الْعَدُوِّ كَانَتْ لِقَرَابَةٍ أَمْ لَا، فَإِنْ دَخَلَ بَلَدَهُ فَغَنِيمَةٌ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ أَمْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَ عَدَمِ مُرَاعَاةِ كَوْنِ هَدِيَّةِ الطَّاغِيَةِ لِكَقَرَابَةٍ كَوْنُ الْغَالِبِ فِيهَا الْخَوْفَ مِنْ الْمَلِكِ وَجَيْشِهِ، فَلِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ قَالَهُ أَحْمَدُ وَعَوَّلَ عَلَيْهِ عج دُونَ مَا لِجَدِّهِ، وَأَرَادَ بِالطَّاغِيَةِ هُنَا مَلِكُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 163 وقِتَالُ رُومٍ وَتُرْكٍ كُفَّارٍ وَقِتَالُ رُومٍ وَتُرْكٍ، وَاحْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ بِقُرْآنٍ وَبَعْثُ كِتَابٍ فِيهِ كَالْآيَةِ وَإِقْدَامُ الرَّجُلِ عَلَى كَثِيرٍ،   [منح الجليل] الْكُفَّارِ مُطْلَقًا. وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَلِكَ الرُّومِ خَاصَّةً، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَدِيَّةِ الطَّاغِيَةِ لِبَعْضِ الْجَيْشِ وَهِيَ لَهُ إنْ كَانَتْ لِكَقَرَابَةٍ دَخَلَ الْإِمَامُ بَلَدَ الْعَدُوِّ أَمْ لَا. فَإِنْ كَانَتْ لِوَجَاهَةٍ وَنَفَاذِ كَلِمَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ فَيُفَصَّلُ فِيهَا تَفْصِيلُ الْهَدِيَّةِ لِلْإِمَامِ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَفَادَهُ عب. وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَةِ جَدَّ عج وَارْتَضَاهُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ إنَّمَا فَرَّقَ فِي الْبَيَانِ بَيْنَ كَوْنِهَا لِقَرَابَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا إذَا دَخَلَ بَلَدَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَهِيَ فَيْءٌ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ أَوْ غَيْرِهِ. فَلَوْ قَالَ وَهِيَ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بَلَدَهُ وَإِلَّا فَهِيَ لَهُ إنْ كَانَتْ مِنْ بَعْضٍ لِكَقَرَابَةٍ وَغَنِيمَةٌ إنْ كَانَتْ مِنْ الطَّاغِيَةِ لَوَفَى بِهَذَا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ. (وَ) جَازَ (قِتَالُ رُومٍ وَتُرْكٍ) كُفَّارٍ أَيْ أُذِنَ فِيهِ فَيَصْدُقُ بِوُجُوبِهِ وَفِي نُسْخَةٍ نُوَبٍ بَدَلَ رُومٍ وَيُرَادُ بِهِمْ الْحَبَشَةُ وَإِنْ كَانَ النُّوَبُ فِي الْأَصْلِ غَيْرَهُمْ وَهِيَ صَوَابٌ كَمَا فِي الْحَطّ، وَقَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِهَا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ حَدِيثَيْ «اُتْرُكُوا الْحَبَشَةَ حَيْثُمَا تَرَكُوكُمْ» «وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ» لَيْسَ مَعْمُولًا بِهِمَا عَلَى ظَاهِرِهِمَا مِنْ وُجُوبِ التَّرْكِ، وَحُرْمَةِ الْقِتَالِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ فِيهِمَا الْإِرْشَادُ فَقَطْ فَلَا يُنَافِي الْجَوَازَ، فَلِذَا نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّ قِتَالَ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْلَى أَوْ لَمْ تَصِحَّ عِنْدَهُ تِلْكَ الْآثَارُ، وَأَمَّا الرُّومُ فَلَمْ يَرِدْ النَّهْيُ عَنْ قِتَالِهِمْ حَتَّى يُعْتَنَى بِالنَّصِّ عَلَى جَوَازِ قِتَالِهِمْ. (وَ) جَازَ (احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (بِقُرْآنٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَثُرَ إنْ أَمِنَ سَبَّهُمْ لَهُ وَلِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حَرُمَ، وَالْمُرَادُ بِالِاحْتِجَاجِ تِلَاوَتُهُ عَلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لَا الْمُحَاجَّةُ الَّتِي يَقُولُ الْخَصْمُ بِالْحُجِّيَّةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ قَائِلِينَ بِهِ حَالَ تِلَاوَتِهِ عَلَيْهِمْ. (وَ) جَازَ (بَعْثُ كِتَابٍ) لِلْعَدُوِّ (فِيهِ كَالْآيَةِ) وَالْآيَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ. وَعَبَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْآيَاتِ فَيَشْمَلُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، وَكَذَا فِيهِ حَدِيثٌ شَاهِدٌ عَلَيْهِمْ إنْ أُمِنَ سَبُّهُمْ وَامْتِهَانُهُمْ لَهُ (وَ) جَازَ (إقْدَامُ الرَّجُلِ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ (عَلَى) قِتَالٍ عَدَدٍ (كَثِيرٍ) مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 164 إنْ لَمْ يَكُنْ لِيُظْهِرَ شَجَاعَةً عَلَى الْأَظْهَرِ وَانْتِقَالٌ مِنْ مَوْتٍ لِآخَرَ، وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً أَوْ طُولَهَا: كَالنَّظَرِ فِي الْأَسْرَى: بِقَتْلٍ، أَوْ مَنٍّ، أَوْ فِدَاءٍ، أَوْ جِزْيَةٍ،   [منح الجليل] الْكَافِرِينَ (إنْ لَمْ يَكُنْ) إقْدَامُهُ (لِيُظْهِرَ) بِهِ (شَجَاعَةً) بِأَنْ كَانَ يَقْصِدُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ رَاجِعٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ لَا إلَى الشَّرْطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. فَشَرْطُ الْجَوَازِ قَصْدُ الْإِعْلَاءِ وَالتَّقَرُّبِ لَا مَا يُعْطِيهِ لَفْظُهُ الشَّامِلُ لِعَدَمِ الْقَصْدِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ تَأْثِيرَهُ فِيهِمْ فَيَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ وَلَوْ عَلِمَ ذَهَابَ نَفْسِهِ. (وَ) جَازَ لِمَنْ تَيَقَّنَ الْمَوْتَ وَتَعَارَضَتْ عَلَيْهِ أَسْبَابُهُ (انْتِقَالٌ مِنْ) سَبَبِ (مَوْتٍ) كَحَرْقِ مَرْكَبٍ هُوَ بِهَا (لِ) سَبَبٍ (آخَرَ) كَطَرْحِ نَفْسِهِ فِي بَحْرٍ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ عَوْمٍ (وَوَجَبَ) الِانْتِقَالُ (إنْ رَجَا) بِهِ وَلَوْ شَكًّا (حَيَاةً) مُسْتَمِرَّةً (أَوْ طُولَهَا) أَيْ الْحَيَاةِ وَلَوْ يَحْصُلُ لَهُ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْمَوْتِ الْمُعَجَّلِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ أَوْ كَانَ مَنْفُوذَ مَقْتَلٍ، وَأَقَامَ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ هَذِهِ مَا فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ قَطْعِ مَنْ أَكَلَتْ الْأَكَلَةُ بَعْضَ كَفِّهِ خَوْفَ أَكْلِهَا جَمِيعَهُ مَا لَمْ يَخَفْ الْمَوْتَ مِنْ قَطْعِهِ. أَحْمَدُ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا أَيْضًا أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِهِ مَا لَا يَعِيشُ مَعَهُ لَا يَجُوزُ سَقْيُهُ مَا يُعَجِّلُ مَوْتَهُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ وَمِثْلُ سَقْيِهِ ضَرْبُهُ بِنَحْوِ مُدْيَةٍ فِي لِيَّتِهِ كَمَا يُفْعَلُ بِالْمُخَوْزَقِ وَالْمُكَسَّرِ مَا لَمْ يَكُنْ قَتْلُهُمْ قِصَاصًا وَحَدُّهُمْ السَّيْفُ، فَفُعِلَ بِهِمْ مَا ذُكِرَ ظُلْمًا فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ. اهـ. عب. وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ فَقَالَ (كَالنَّظَرِ) مِنْ الْإِمَامِ بِالْمَصْلَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ (فِي الْأَسْرَى) الصَّالِحِينَ لِلْقِتَالِ مِنْ الْكُفَّارِ قَبْلَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ (بِقَتْلٍ) لِمَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ (أَوْ مَنٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ عِتْقٍ وَتَخْلِيَةِ سَبِيلٍ لِمَنْ قَلَّتْ قِيمَتُهُ وَتُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ (أَوْ فِدَاءً) بِمَالٍ مِنْ الْكُفَّارِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَسِيرٍ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ وَتُحْسَبُ قِيمَتُهُ مِنْ الْخُمُسِ، وَيُجْعَلُ الْفِدَاءُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يُفْدَى بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ. (أَوْ) ضَرْبِ (جِزْيَةٍ) عَلَى مَنْ يَصِحُّ ضَرْبُهَا عَلَيْهِ وَتُحْسَبُ قِيمَتُهُ مِنْ الْخُمُسِ هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 165 أَوْ اسْتِرْقَاقٍ، وَلَا يَمْنَعُهُ حَمْلٌ بِمُسْلِمٍ، وَرُقَّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ، وَالْوَفَاءُ بِمَا فَتَحَ لَنَا بِهِ بَعْضُهُمْ، وَبِأَمَانِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا   [منح الجليل] هُوَ الَّذِي صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ فِي الثَّلَاثَةِ بِهِ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ، وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الثَّلَاثَةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَيُجْعَلُ الْفِدَاءُ فِي الْغَنِيمَةِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (أَوْ اسْتِرْقَاقٍ) فِيمَنْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الْخَمْسَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلِينَ، وَأَمَّا الذَّرَارِيُّ وَالنِّسَاءُ فَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ وَالْمُفَادَاةُ، فَمَنْ قُتِلَ فَمِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَنْ رُقَّ يُقْسَمْ، وَمَنْ فُدِيَ أَوْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ مُنَّ عَلَيْهِ فَمِنْ الْخُمُسِ أَفَادَهُ الْحَطّ. عج مَعْنَى قَوْلِهِ مِنْ الْخُمُسِ أَنَّ قِيمَةَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ تُحْسَبُ مِنْ الْخُمُسِ الْمُعَدِّ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُحْسَبُ مِنْهُ وَتَكُونُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَأَنَّ الْفِدَاءَ يُجْعَلُ فِي الْغَنِيمَةِ فَيُخَمَّسُ (وَلَا يَمْنَعُهُ) أَيْ اسْتِرْقَاقُ الْأَسِيرَةِ الْكَافِرَةِ (حَمْلٌ) مِنْهَا (بِ) جَنِينٍ (مُسْلِمٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا كِتَابِيَّةً مُسْلِمٌ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ حَامِلًا مِنْهُ أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُهَا الْكَافِرُ وَسُبِيَتْ حَامِلًا، وَقَدْ أَحْبَلَهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْجَنِينُ مُسْلِمٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَتُرَقُّ فِي جَمِيعِهَا (وَرُقَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ الْحَمْلُ (إنْ حَمَلَتْ) أُمُّهُ (بِهِ بِكُفْرٍ) مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ أَسْلَمَ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْوُسْطَى لَا إنْ حَمَلَتْ بِهِ حَالَ إسْلَامِ أَبِيهِ كَمَا فِي الطَّرَفَيْنِ. (وَ) وَجَبَ (الْوَفَاءُ بِمَا) أَيْ الشَّرْطِ الَّذِي (فُتِحَ لَنَا) الْحِصْنُ أَوْ الْبَلَدُ (بِ) سَبَبِ اشْتِرَاطِ (هـ بَعْضُهُمْ) أَيْ الْمُحَارِبِينَ كَأَفْتَحَ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى فُلَانٍ رَأْسِ الْحِصْنِ، فَالرَّأْسُ مَعَ الْقَائِلِ آمِنَانِ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُ الْأَمَانَ لِغَيْرِهِ إلَّا مَعَ طَلَبِهِ لِنَفْسِهِ، وَكَذَا عَلَى أَهْلِي أَوْ عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِي فَإِنْ قَالَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي أَخَذَهَا مِنْ مَالِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ قَالَ مِنْ دَرَاهِمِي، وَلَا دَرَاهِمَ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمَالُهُ فَيْءٌ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ. (وَ) وَجَبَ الْوَفَاءُ (بِأَمَانِ الْإِمَامِ) وَفَاءً (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَلَدِ السُّلْطَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 166 كَالْمُبَارِزِ مَعَ قِرْنِهِ، وَإِنْ أُعِينَ بِإِذْنِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ،   [منح الجليل] الْمُؤَمِّنِ فَيَكُونُ مُؤَمَّنًا فِي بِلَادِ جَمِيعِ سَلَاطِينِ الْمُسْلِمِينَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَخْتَصُّ بِبِلَادِ الْمُؤَمِّنِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ حُكْمِهِ مَعَ سُلْطَانٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي أَمَّنَهُ كَاَلَّذِي أَمَّنَهُ، وَكَوْنُهُ حَلَالًا لَهُ مُطْلَقًا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ مَعَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَسَوَاءٌ قَيَّدَ الْإِمَامُ صُلْحَهُ أَوْ أَطْلَقَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَالْمَوَّاقَ، وَيَكْفِي إخْبَارُ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ آمِنٌ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُشْتَرَطُ شَهَادَةُ بَيِّنَةٍ عَلَى تَأْمِينِهِ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ فَقَالَ (كَ) الْمُسْلِمِ (الْمُبَارِزِ) لِكَافِرٍ عَلَى شُرُوطٍ فَيَجِبُ وَفَاؤُهُ بِالشُّرُوطِ (مَعَ قِرْنِهِ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مِثْلِهِ فِي الْقُوَّةِ وَتَجُوزُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ قَالَ لِي مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ دَعَا الْعَدُوُّ لِلْمُبَارَزَةِ فَأَكْرَهُ أَنْ يُبَارِزَهُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ ابْنُ حَبِيبٍ. قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا بَأْسَ بِالْمُبَارَزَةِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ رُبَّ رَجُلٍ ضَعِيفٍ يُقْتَلُ فَيَهُدُّ النَّاسَ. الْحَطّ ابْنُ وَهْبٍ فِي سَمَاعِ زُونَانَ وُجُوبُ اسْتِئْذَانِ الْإِمَامِ فِي الْمُبَارَزَةِ وَالْقِتَالِ إذَا كَانَ عَدْلًا وَارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ، وَلَا يَقْتُلُهُ غَيْرُ مَنْ بَارَزَهُ لِأَنَّ مُبَارَزَتَهُ كَالْعَهْدِ عَلَى أَنْ لَا يَقْتُلَهُ إلَّا مَنْ بَارَزَهُ، لَكِنْ لَوْ سَقَطَ الْمُسْلِمُ وَأَرَادَ الْحَرْبِيُّ الْإِجْهَازَ عَلَيْهِ مَنَعَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ بِغَيْرِ قَتْلِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فِيهِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَالشَّارِحُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعَانُ بِحَالٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُعَضَّدَ الْمُبَارِزُ إنْ خِيفَ قَتْلُهُ. وَقِيلَ لَا لِأَجْلِ الشَّرْطِ، وَلَا يُعْجِبُنَا؛ لِأَنَّ الْعِلْجَ إنْ أَسَرَهُ وَجَبَ عَلَيْنَا أَنَّ نَسْتَنْقِذَهُ مِنْهُ. الْمَوَّاقُ هَذَا مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى فِي الْمَشَارِقِ، الْقِرْنُ بِكَسْرِ الْقَافِ جَمْعُهُ أَقْرَانٌ الَّذِي يُقَارِنُك فِي بَطْشٍ أَوْ شِدَّةٍ أَوْ قِتَالٍ أَوْ عِلْمٍ، فَأَمَّا الَّذِي فِي السِّنِّ فَقَرْنٌ بِالْفَتْحِ وَقَرِينٌ وَجَمْعُهُ قُرَنَاءُ. (وَإِنْ أُعِينَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْكَافِرُ الْمُبَارِزُ لِمُسْلِمٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْكَافِرِ الْمُبَارِزِ (قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمُعَانُ (مَعَهُ) أَيْ مُعِينُهُ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قُتِلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 167 وَلِمَنْ خَرَجَ فِي جَمَاعَةٍ لِمِثْلِهَا، إذَا فَرَغَ مِنْ قِرْنِهِ: الْإِعَانَةُ وَأُجْبِرُوا   [منح الجليل] الْمُعِينُ وَحْدَهُ وَتُرِكَ الْمُعَانُ مَعَ قِرْنِهِ عَلَى مَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَيْهِ (وَلِمَنْ) أَيْ الْمُسْلِمِ الَّذِي (خَرَجَ) لِلْمُبَارَزَةِ حَالَ كَوْنِهِ (فِي جَمَاعَةٍ) مُسْلِمِينَ (لِمِثْلِهَا) مِنْ الْحَرْبِيِّينَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَخْصٍ لِآخَرَ وَبَرَزَ عِنْدَ مُنَاشَبَةِ الْقِتَالِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَافِرِينَ. (فَإِذَا فَرَغَ) أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ (مِنْ قِرْنِهِ) بِقَتْلِهِ فَتَجُوزُ لَهُ (الْإِعَانَةُ) لِمُسْلِمٍ آخَرَ عَلَى قِرْنِهِ نَظَرًا لِخُرُوجِ الْجَمَاعَةِ لِلْجَمَاعَةِ فَكَانَتْ كُلُّ جَمَاعَةٍ بِمَنْزِلَةِ قِرْنٍ وَاحِدٍ وَلِقَضِيَّةِ عَلِيٍّ وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقَتَلَ عَلِيٌّ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَقَتَلَ حَمْزَةُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَأَمَّا شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ فَضَرَبَ عُبَيْدَةَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَكَّرَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ وَحَمْزَةُ فَاسْتَنْقَذَاهُ مِنْ شَيْبَةَ وَقَتَلَاهُ قَالَهُ تت وَسَالِمٌ، وَاَلَّذِي فِي السِّيرَةِ أَنَّ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَالْمُطَّلِبُ عَمُّ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَاجِعْ غَزْوَةَ بَدْرٍ فَلَوْ عُيِّنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمْ إعَانَةُ غَيْرِهِ بَلْ يَمْنَعُهُ مِنْ قَتْلِهِ فَقَطْ، وَهَذِهِ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ كَالْمُبَارِزِ مَعَ قِرْنِهِ لِشُمُولِهِ مُبَارَزَةَ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ فَقَطْ، وَجَمَاعَةٍ لِجَمَاعَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ ابْنُ حَجَرٍ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ أَيُّهُمَا لِعُبَيْدَةَ وَحَمْزَةَ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ شَيْبَةَ لِعُبَيْدَةَ وَعُتْبَةَ لِحَمْزَةَ وَعَكْسُهُ لِابْنِ إِسْحَاقَ، وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ رِوَايَةِ الْبَزَّارِ أَنَّ عَلِيًّا بَارَزَ شَيْبَةَ وَعُبَيْدَةَ بَارَزَ الْوَلِيدَ خِلَافُ مَا لِلْأَكْثَرِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ السِّيرَةِ مِنْ أَنَّ عُبَيْدَةَ مُطَّلِبِيٌّ لَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ فِي الِاسْتِيعَابِ وَابْنُ حَجَرٍ فِي الْإِصَابَةِ وَالْفَتْحِ، قَالَ فَالثَّلَاثَةُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَالثَّلَاثَةُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ؛ لِأَنَّ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَعُتْبَةَ هُوَ أَخُوهُ وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَأُجْبِرُوا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْكُفَّارُ الْمُتَحَصِّنُونَ بِحِصْنٍ وَمَدِينَةٍ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 168 عَلَى حُكْمِ مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ: كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ إقْلِيمًا،   [منح الجليل] الْقَادِمُونَ أَرْضَ الْإِسْلَامِ بِنَحْوِ تِجَارَةٍ إذَا نَزَلُوا بِأَمَانٍ عَلَى حُكْمِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَحَكَمَ فِيهِمْ بِحُكْمٍ فَأَبَوْهُ فَيُجْبَرُونَ (عَلَى) تَنْفِيذِ (حُكْمِ مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (نَزَلُوا) أَيْ الْكُفَّارُ مِنْ حِصْنِهِمْ أَوْ بَلَدِهِمْ أَوْ سَفِينَتِهِمْ (عَلَى حُكْمِهِ) فِيهِمْ إذَا أَنْزَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى حُكْمِ أَحَدٍ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً «وَإِنْزَالُ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانَ عَلَى حُكْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ حُكِّمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خُصُوصِيَّةً لِتَطْيِيبِ قُلُوبِ الْأَنْصَارِ الْأَوْسِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَوَالِيَهُمْ» عَلَى أَنَّ الْحَطّ نَقَلَ عَنْ عِيَاضٍ جَوَازَ إنْزَالِهِمْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ نَقْلِهِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُنْزِلُهُمْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ. (إنْ كَانَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهَا شَرْطٌ فِي كُلِّ حَاكِمٍ عَامًّا كَانَ أَوْ خَاصًّا. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ حَكَّمُوا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا عَاقِلِينَ عَالَمِينَ بِهِمْ لَمْ يَجُزْ وَحُكِّمَ الْإِمَامُ. وَقَالَ عِيَاضٌ مَنْ يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَالدِّيَانَةِ (وَعَرَفَ) مَنْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ (الْمَصْلَحَةَ) لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا عَارِفًا الْمَصْلَحَةَ، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ جَاهِلًا الْمَصْلَحَةَ صَحَّ حُكْمُهُ وَ (نَظَرَ الْإِمَامُ) فِيهِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ، وَيُحَكَّمُ الْإِمَامُ فَالْعَدَالَةُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْفِسْقِ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الصِّحَّةِ، وَبِمَعْنَى الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ وَالصِّحَّةِ مَعًا، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُجْمَلٌ. وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ حَكَّمُوا فَاسِقًا صَحَّ ثُمَّ يَنْظُرُ الْإِمَامُ، وَإِنْ حَكَّمُوا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ. وَشَبَّهَ فِي نَظَرِ الْإِمَامِ فَقَالَ (كَتَأْمِينِ غَيْرِهِ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (إقْلِيمًا) أَيْ عَدَدًا كَثِيرًا لَا يَنْحَصِرُ إلَّا بِعُسْرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ وَهِيَ الْهِنْدُ وَالْحِجَازُ وَمِصْرُ، وَمِنْهَا الشَّامُ وَالْمَغْرِبُ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الْمِيقَاتِ وَالدِّيَةِ وَبَابِلَ وَالرُّومِ وَالتُّرْكِ وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَالصِّينِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 169 وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ؟ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، أَوْ يَمْضِي   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْ غَيْرُ الْإِمَامِ إقْلِيمًا بِأَنْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا (فَهَلْ يَجُوزُ) تَأْمِينُهُ ابْتِدَاءً وَيَمْضِي، وَلَا نَظَرَ لِلْإِمَامِ فِيهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً (الْأَكْثَرُ) مِنْ شَارِحِيهَا (أَوْ) لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَكِنْ (يُمْضَى) إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ. طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا فِيمَنْ سِوَى الْإِمَامِ وَلَوْ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِ التَّأْمِينِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا ذَكَرًا، وَذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ فِيهِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَأْمِينَهُ لَازِمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى تَأْمِينِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَنَصَّهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا عِنْدِي أَمَانُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا عَقَلَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ اهـ أَبُو الْحَسَنِ. ابْنُ يُونُسَ أَصْحَابُنَا حَمَلُوا قَوْلَ الْغَيْرِ وَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى وِفَاقِ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَا ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فَبَانَ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَامَّيْنِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا فِي خُصُوصِ مُسْتَوْفِي الشُّرُوطِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَأَنَّ مَعْنَاهُمَا هَلْ يَمْضِي ابْتِدَاءً وَيَلْزَمُ، أَوْ يَمْضِي إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ وَلَيْسَ مَعْنَاهُمَا هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً، أَوْ لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يَمْضِي إنْ وَقَعَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَقَدْ عَزَا الْبَاجِيَّ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ لُزُومَ أَمَانِ الْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَصَرَّحُوا فِي تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ بِأَنَّهُ بِالتَّخْيِيرِ. فَإِنْ قُلْت فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ لَا. قُلْت عَبَّرَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِالْجَوَازِ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُهَا مُحْتَمَلٌ لِإِرَادَةِ الْجَوَازِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا إبَاحَةِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَكَذَا قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مُحْتَمَلٌ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَنْبَغِي لِغَيْرِ الْإِمَامِ التَّأْمِينُ ابْتِدَاءً وَإِنْ وَقَعَ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِاقْتِضَاءِ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ جَوَازُهُ ابْتِدَاءً وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا: وَيَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَمْضِي إنْ وَقَعَ وَاخْتُلِفَ فِي كَلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 170 مِنْ مُؤْمِنٍ مُمَيِّزٍ وَلَوْ صَغِيرًا، أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا، أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ   [منح الجليل] ابْنُ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ أَوْ مُخَالِفٌ لَهَا اهـ، وَبِهَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ وَصَدَّرَ بِهِ الْحَطّ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَهُوَ ظَاهِرُهَا أَوْ لَا تَأْوِيلَانِ. اهـ. وَهَذَا أَمْثَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ أَرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لِغَيْرِهِ. اهـ. الْبُنَانِيُّ. كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ تَقْرِيرَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْحَطّ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إشَارَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَا عِنْدِي أَمَانُ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا كَانَ يَعْقِلُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ. ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَوْلَ الْغَيْرِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ غَيْرُهُ وِفَاقًا، وَيَرِدُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ أَمْرَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا فِي تَأْمِينِ مَنْ سِوَى الْإِمَامِ وَلَوْ مُسْتَوْفِيًا لِشُرُوطِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ. وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ مِنْ كَمُلَتْ فِيهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورِيَّةُ، فَتَأْمِينُهُ كَتَأْمِينِ الْإِمَامِ. اهـ. الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُمَا هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا يَجُوزُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مَعْنَاهُمَا هَلْ يَمْضِي ابْتِدَاءً أَوْ لَا يَمْضِي إلَّا بِإِمْضَاءِ الْإِمَامِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ فِيهِمَا تَعَرُّضٌ لِجَوَازِهِ وَعَدَمِهِ. وَأَمَّا تَعْبِيرُهَا بِالْجَوَازِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْمُضِيَّ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا إبَاحَةَ الْإِقْدَامِ ابْتِدَاءً، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَقْبَلُ هَذَا. وَالتَّقْرِيرُ الثَّانِي أَنَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّأْمِينُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً أَوْ هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهَا يَجُوزُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ إنْ عَقَلَ الْأَمَانَ، وَيُحْتَمَلُ يَجُوزُ إنْ وَقَعَ، وَلِذَا اُخْتُلِفَ فِي كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لَهَا أَوْ خِلَافٌ. وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَوَازُ التَّأْمِينِ أَوْ مُضِيُّهُ إذَا كَانَ (مِنْ مُؤَمِّنٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ مَكْسُورَةً (مُمَيِّزٍ) كَذَلِكَ أَيْ عَاقِلِ الْأَمَانِ إنْ كَانَ بَالِغًا ذَكَرًا حُرًّا مُطِيعًا الْإِمَامَ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (صَغِيرًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رِقًّا أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ) الْعَدْلِ وَكَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 171 لَا ذِمِّيًّا خَائِفًا مِنْهُمْ؟ تَأْوِيلَانِ وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ: بِلَفْظٍ، أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ،   [منح الجليل] مُسْلِمًا وَغَيْرَ خَائِفٍ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (لَا) إنْ كَانَ (ذِمِّيًّا) ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ نَظَرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ (وَ) لَا إنْ كَانَ (خَائِفًا مِنْهُمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ (تَأْوِيلَانِ) فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ لَا فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهَا لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ فِيهِ الْخِلَافُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، كَذَا الْخَارِجُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَعَرَفَ الْمَصْلَحَةَ، وَإِلَّا نَظَرَ الْإِمَامُ. وَأَمَّا الْحُرُّ الْبَالِغُ الْمُسْلِمُ وَلَوْ خَارِجًا فَيَجُوزُ تَأْمِينُهُ وَيَمْضِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ خَسِيسًا لَا يُسْأَلُ عَنْهُ إنْ غَابَ، وَلَا يُشَاوَرُ إنْ حَضَرَ (وَسَقَطَ الْقَتْلُ) عَنْ الْحَرْبِيِّ بِتَأْمِينِهِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَمْضَاهُ قَبْلَ الْفَتْحِ بَلْ (وَلَوْ بَعْدَ الْفَتْحِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِمُؤَمِّنِهِ قَتْلُهُ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ، فَالْخِلَافُ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ بِالتَّأْمِينِ بَعْدَ الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُؤَمِّنِ. وَأَمَّا هُوَ فَلَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ، وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَأْمِينِ غَيْرِ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَكَذَا غَيْرُ الْقَتْلِ إنْ كَانَ التَّأْمِينُ قَبْلَ الْفَتْحِ لَا بَعْدَهُ فَيَسْقُطُ الْقَتْلُ فَقَطْ لَا الْفِدَاءُ أَوْ الْجِزْيَةُ أَوْ الِاسْتِرْقَاقُ فَيَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِيهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ حَيْثُ وَقَعَ التَّأْمِينُ قَبْلَ الْفَتْحِ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ، إذْ لَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ إلَّا هُوَ دُونَ غَيْرِهِ. ثُمَّ الْأَمَانُ يَكُونُ (بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) أَيْ شَأْنُهَا فَهْمُ الْعَدُوِّ الْأَمَانَ مِنْهَا وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا ضِدَّهُ كَفَتْحِنَا الْمُصْحَفَ، وَحَلِفِنَا أَنْ نَقْتُلَهُمْ فَظَنُّوهُ تَأْمِينًا فَهُوَ صِلَةُ تَأْمِينٍ فَيُفِيدُ فَائِدَتَيْنِ كَوْنَهُ بِلَفْظٍ إلَخْ، وَسُقُوطُ الْقَتْلِ بِهِ وَتَعْلِيقُهُ بِسُقُوطٍ لَا يُفِيدُ الْأُولَى، وَيُحْتَمَلُ تَنَازُعُهُمَا فِيهِ وَإِعْمَالُ الثَّانِي فِي لَفْظِهِ لِقُرْبِهِ، وَالْأَوَّلُ فِي ضَمِيرِهِ وَحَذْفِهِ؛ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُونَ ضِدَّهُ إلَخْ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيٌّ إلَخْ، وَمَعْنَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 172 إنْ لَمْ يَضُرَّ. وَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيٌّ فَجَاءَ أَوْ نَهَى النَّاسَ عَنْهُ فَعَصَوْا أَوْ نَسُوا أَوْ جَهِلُوا، أَوْ جَهِلَ إسْلَامَهُ   [منح الجليل] كَوْنِهِ تَأْمِينًا أَنَّهُ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ لَكِنْ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لِمَأْمَنِهِ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ اشْتِرَاطِ قَصْدِهِ، وَمَا فِي الْمَوَّاقِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ بِحَمْلِ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى التَّأْمِينِ الْمُنْعَقِدِ الَّذِي لَا يُرَدُّ، وَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَلَى مَا يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَتَعْلِيقُهُ يَسْقُطُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ يُفِيدُ الْأَوْلَى أَيْضًا؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ الْمَذْكُورَ ثَمَرَةُ التَّأْمِينِ وَنَتِيجَتُهُ. وَشَرْطُ جَوَازِ التَّأْمِينِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مُضِيِّهِ (إنْ لَمْ يَضُرُّ) التَّأْمِينُ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ مَصْلَحَةٌ، وَلَا مَضَرَّةٌ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِأَمَانِ الْإِمَامِ إلَخْ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَشَرْطُ الْأَمَانِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ضَرَرًا فَلَوْ أَمَّنَ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً أَوْ مَنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَلَا تُشْتَرَطُ الْمَصْلَحَةُ بَلْ عَدَمُ الْمَضَرَّةِ، ثُمَّ قَالَ فَلَوْ فُقِدَ الشَّرْطُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ جَاسُوسًا أَوْ طَلِيعَةً أَوْ مَنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ لَمْ يَنْعَقِدْ. وَأَمَّا تَمْثِيلُ الشَّارِحِينَ الْمَضَرَّةَ بِقَوْلِهِمْ كَإِشْرَافِهِمْ عَلَى فَتْحِ حِصْنٍ إلَخْ، فَهُوَ لِسَحْنُونٍ عَزَاهُ جَمِيعُ مَنْ وَقَفْنَا عَلَيْهِ لَهُ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّ التَّأْمِينَ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ صِحَّتِهِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ بَعْدَهُ فَأَحْرَى قَبْلَهُ، لَكِنْ يَبْقَى النَّظَرُ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ الْإِشْرَافِ هَلْ هُوَ كَمَا بَعْدَ الْفَتْحِ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ فَقَطْ أَوْ تَأْمِينًا مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ الثَّانِي. ابْنُ بَشِيرٍ لَمَّا ذَكَرَ الْأَمَانَ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْأَمَانُ قَبْلَ الْفَتْحِ وَمَا دَامَ الَّذِي أُمِّنَ مُتَمَنِّعًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي شُرُوطِهِ وَكَوْنُهُ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ أَفَادَهُ طفي. (وَإِنْ ظَنَّهُ) أَيْ التَّأْمِينَ (حَرْبِيٌّ) مِنْ غَيْرِ إشَارَةٍ مِنَّا وَلَمْ نَقْصِدْهُ كَقَوْلِنَا لِرَئِيسِ مَرْكَبِ الْعَدُوِّ أَرْخِ قَلْعَك أَوْ مَتَرْسْ أَيْ لَا تَخَفْ فَظَنَّهُ تَأْمِينًا (فَجَاءَ) الْحَرْبِيُّ إلَيْنَا مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ (أَوْ نَهَى) الْإِمَامُ (النَّاسَ عَنْهُ) أَيْ التَّأْمِينِ (فَعَصَوْا) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ خَالَفُوا نَهْيَ الْإِمَامِ وَأَمَّنُوا (أَوْ نَسُوا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ النَّاسُ نَهْيَ الْإِمَامِ وَأَمَّنُوا (أَوْ جَهِلُوا) أَيْ لَمْ يَعْلَمُوا نَهْيَهُ أَوْ وُجُوبَ امْتِثَالِهِ وَحُرْمَةَ مُخَالِفَتِهِ فَأَمَّنُوا. (وَ) أَمَّنَ ذِمِّيٌّ حَرْبِيًّا وَ (جَهِلَ) الْحَرْبِيُّ (إسْلَامَهُ) أَيْ اعْتَقَدَ إسْلَامَ الذِّمِّيِّ الَّذِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 173 لَا إمْضَاءَهُ: أُمْضِيَ أَوْ رُدَّ لِمَحَلِّهِ وَإِنْ أُخِذَ مُقْبِلًا بِأَرْضِهِمْ، وَقَالَ: جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ، أَوْ بِأَرْضِنَا، وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّكُمْ لَا تَعْرِضُونَ لِتَاجِرٍ، أَوْ بَيْنَهُمَا، رُدَّ لِمَأْمَنِهِ،   [منح الجليل] أَمَّنَهُ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُمْ فَيْءٌ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (لَا) إنْ عَلِمَ الْحَرْبِيُّ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ وَجَهِلَ أَيْ اعْتَقَدَ (إمْضَاءَهُ) أَيْ تَأْمِينَ الذِّمِّيِّ فَلَا يَمْضِي وَيَكُونُ فَيْئًا. وَجَوَابُ إنْ ظَنَّهُ حَرْبِيٌّ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (أُمْضِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ التَّأْمِينُ أَيْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ الْحَرْبِيُّ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ التَّأْمِينِ الَّذِي كَانَ بِهِ حَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَلَا اسْتِرْقَاقُهُ. ابْنُ رَاشِدٍ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ لَا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمَأْمَنِهِ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ التَّأْمِينِ بِمَحَلِّ خَوْفٍ، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ لِحَيْثُ يَأْمَنُ بَلْ لِمَحَلِّهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ. طفى نُصُوصُ الْمَذْهَبِ كُلُّهَا عَلَى الرَّدِّ لِمَأْمَنِهِ مِثْلُ نَصِّ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ إلَّا الْبَاجِيَّ حَيْثُ قَالَ لَعَلَّ هَذَا تَجَوُّزٌ مِمَّنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنْ يُرَدَّ إلَى مِثْلِ حَالِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّأْمِينِ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَهُ وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ خَالَفَ فِيهِ قَوْلَ الْأَصْحَابِ اهـ الْبُنَانِيُّ. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْبَاجِيَّ فَهِمَ عِبَارَةَ الْأَئِمَّةِ عَلَى التَّجَوُّزِ وَهُوَ مُتَّبَعٌ فِي فَهْمِهِ. (وَإِنْ أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْحَرْبِيُّ حَالَ كَوْنِهِ (مُقْبِلًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ حَالَةَ إقْبَالِهِ إلَيْنَا وَصِلَةُ أُخِذَ (بِأَرْضِهِمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (وَقَالَ) الْحَرْبِيُّ الْمَأْخُوذُ بِأَرْضِهِمْ (جِئْت) لَكُمْ (أَطْلُبُ الْأَمَانَ) مِنْكُمْ (أَوْ) أُخِذَ (بِأَرْضِنَا) وَمَعَهُ سِلَعٌ وَدَخَلَهَا بِلَا تَأْمِينٍ (وَقَالَ) الْحَرْبِيُّ الْمَأْخُوذُ بِأَرْضِنَا جِئْت لِأَتَّجِرَ وَ (ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَعَرَّضُونَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حُذِفَتْ مِنْهُ إحْدَى التَّاءَيْنِ لِلتَّخْفِيفِ (لِتَاجِرٍ أَوْ) أُخِذَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ أَرْضَيْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ. وَقَالَ جِئْت أَطْلُبُ الْأَمَانَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً الْحَرْبِيُّ (لِمَأْمَنِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا هَمْزٌ سَاكِنٌ أَيْ مَحَلٍّ يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي الْمَسَائِلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 174 وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ، فَعَلَيْهَا، وَإِنْ رُدَّ بِرِيحٍ، فَعَلَى أَمَانِهِ حَتَّى يَصِلَ، وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا؛ فَمَالُهُ فَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ،   [منح الجليل] الثَّلَاثَةِ. وَكَذَا إنْ أُخِذَ بِأَرْضِهِمْ مُقْبِلًا إلَيْنَا بِسِلَعٍ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ بِالْأَوْلَى. وَلَوْ أُخِذَ بِأَرْضِنَا وَقَالَ: جِئْت لِلْأَمَانِ أَوْ لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِلْفِدَاءِ فَقِيلَ يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ إنْ أُخِذَ بَحَدَثَانِ مَجِيئِهِ وَإِلَّا فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عج اُنْظُرْ مَا وَجْهُ رَدِّهِ لِمَأْمَنِهِ إذَا قَالَ جِئْت لِلْإِسْلَامِ وَلِمَ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ فَإِنْ أَبَاهُ خُيِّرَ فِيهِ الْإِمَامُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى لِعَرْضِ أَحْكَامِهِ عَلَيْهِ فَيُنْظَرُ هَلْ يُسْلِمُ أَمْ لَا. (وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ) عَلَى صِدْقِهِ كَوُجُودِ سِلَعٍ دُونَ سِلَاحٍ مَعَهُ أَوْ عَلَى كَذَا كَعَكْسِهِ (فَعَلَيْهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ يُعْمَلُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ رُدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْحَرْبِيُّ الْمُؤَمَّنُ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ لِبَلَدِهِ وَقَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ (بِرِيحٍ) وَكَذَا إنْ رَجَعَ مُخْتَارًا عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ (فَ) هُوَ (عَلَى أَمَانِهِ) السَّابِقِ (حَتَّى يَصِلَ) لِبَلَدِهِ أَوْ لِمَأْمَنِهِ وَلَهُ نُزُولُهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ بِهِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إلْزَامُهُ الذَّهَابَ. وَقِيلَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَنْزَلَهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، فَإِنْ رُدَّ بَعْدَ وُصُولِهِ لِمَأْمَنِهِ فَقِيلَ يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ، وَقِيلَ هُوَ فَيْءٌ، وَقِيلَ إنْ رُدَّ غَلَبَةً خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ. وَإِنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا فَهُوَ حِلٌّ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ رَجَعَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مَأْمَنَهُ فَفِي قَوْلِهِ حِلًّا لِمَنْ أَخَذَهُ أَوْ تَخْيِيرُ الْإِمَامِ فِي إنْزَالِهِ أَمْنًا وَرَدِّهِ ثَالِثًا إنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا اهـ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ الْأَمَانِ شَرَعَ فِي مُتَعَلَّقَاتِ الِاسْتِئْمَانِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَأْمِينُ حَرْبِيٍّ يَنْزِلُ لِأَمْرٍ يَنْصَرِفُ بِانْقِضَائِهِ فَقَالَ (فَإِنْ مَاتَ) الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ، وَلَا أَسْرٍ (عِنْدَنَا فَمَالُهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّ وَدِيَتُهُ إنْ قُتِلَ (فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّ (وَارِثٌ) لَهُ بِبَلَدِنَا فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ لَهُ عِنْدَهُمْ بِقَوْلِ أَسَاقِفَتِهِمْ وَلَوْ زَوْجَةً أَوْ بِنْتًا أَوْ ذَا رَحِمٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَهُمَا لَهُ سَوَاءٌ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ أَمْ لَا (وَلَمْ يَدْخُلْ) الْحَرْبِيُّ بَلَدَنَا (عَلَى التَّجْهِيزِ) أَيْ شِرَاءِ أَمْتِعَةٍ بِأَنْ دَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ كَانَتْ مُعْتَادَةً لَهُمْ، أَوْ جَهِلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 175 وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ   [منح الجليل] مَا دَخَلَ عَلَيْهِ، وَلَا عَادَةَ لَهُمْ أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ بِالْعُرْفِ بَعْدَ دُخُولِهِ عَلَى التَّجْهِيزِ، أَوْ اعْتِيَادِهِ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ عَلَيْهَا، فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسَةِ مَالُهُ وَدِيَتُهُ فَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ لِئَلَّا يُخْبِرَهُمْ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا يَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا فِيهَا إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ بِلَا أَسْرٍ. فَإِنْ حَارَبَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِنَا وَأُسِرَ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَحَارَبَ فَقَتَلُوهُ فَمَالُهُ (لِقَاتِلَهُ إنْ أُسِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْحَرْبِيُّ حَيًّا (ثُمَّ قُتِلَ) وَلَمْ يُقْتَلْ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِآسِرِهِ، وَحَذْفُ لَفْظِ قَاتِلِهِ ثُمَّ قُتِلَ لِمِلْكِهِ بِأَسْرِهِ رَقَبَتَهُ " غ " وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ عَنْ قَوْلِهِ قَوْلَانِ، لِأَنَّهَا فِي قَوْلِهِ وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ، وَفِي قَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ وَفِي قَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَحَلَّاتِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ أَنَّهَا مَحْذُوفَةٌ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لِقَاتِلِهِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ وَغَيْرُ الْمُسْتَنَدِ لَهُ وَإِلَّا فَيُخَمَّسُ كَسَائِرِ الْقَسِيمَةِ اهـ عب. وَنَصَّ " غ " وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ كَوَدِيعَتِهِ وَهَلْ وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ أَوْ فَيْءٍ قَوْلَانِ، وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ ثُمَّ قُتِلَ يَقَعُ هَذَا الْكَلَامُ فِي النُّسَخِ بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ عَلَى خِلَافِ هَذَا التَّرْتِيبِ وَالصَّوَابُ مَا رَسَمْت لَك يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ اهـ الْبُنَانِيُّ. الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَمُوتَ عِنْدَنَا وَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ فِي بَلَدِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْسَرَ وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ فِي مَعْرَكَةٍ. أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ وَإِنْ مَاتَ عِنْدَنَا إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ إلَخْ وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ، فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ كَمَا فِي س وخش يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ الْآتِي خِلَافًا لز وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ وَلِقَاتِلِهِ إنْ أُسِرَ فَهُوَ قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لَهُمَا كَمَا تَوَهَّمَهُ " ز " وَشَيْخُهُ. وَأَشَارَ إلَى الرَّابِعَةِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ قَوْلَانِ هَذَا تَحْقِيقُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 176 وَإِلَّا أُرْسِلَ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ: كَوَدِيعَتِهِ، وَهَلْ وَإِنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ، أَوْ فَيْءٌ قَوْلَانِ وَكُرِهَ لِغَيْرِ الْمَالِكِ: اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ،   [منح الجليل] إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ تَعْلَمُ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ ز مِنْ الْخَلَلِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ حُكْمُ مَالِهِ عِنْدَنَا فِي مَوْتِهِ بِبَلَدِهِ كَمَوْتِهِ عِنْدَنَا وَمَالُهُ فِي مَوْتِهِ بَعْدَ أَسْرِهِ لِمَنْ أَسَرَهُ. وَلَوْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَفِي كَوْنِهِ لِوَارِثِهِ أَوْ فَيْئًا لَا يُخَمَّسُ نَقْلُ الصِّقِلِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ مَعَ نَقْلِهِ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَوَدِيعَتِهِ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ لَا خُصُوصُ الْوَدِيعَةِ الْعُرْفِيَّةِ، وَلِذَا عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِلَفْظِ مَالٍ وَعَمَّمَ فِي الْقَوْلَيْنِ، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحَانِ فَقَوْلُ " ز ". وَكَذَا يَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْآتِيَانِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ بِنَصٍّ أَوْ عَادَةٍ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيهِمَا (أُرْسِلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ السِّينِ مَالُهُ الَّذِي عِنْدَنَا (مَعَ دِيَتِهِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ الْمَقْتُولِ ظُلْمًا فِي غَيْرِ مَعْرَكَةٍ (لِوَارِثِهِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ فِي دِيَتِهِ فَهَذَا مَفْهُومٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى التَّجْهِيزِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِرْسَالِ لِلْوَارِثِ فَقَالَ (كَوَدِيعَتِهِ) أَيْ مَالِ الْحَرْبِيِّ الْمَتْرُوكِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَ وَدِيعَةً عُرْفِيَّةً أَمْ لَا وَقَدْ مَاتَ بِبَلَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ عِنْدَنَا فَيُرْسَلُ لِوَارِثِهِ بِبَلَدِهِ (وَهَلْ) تُرْسَلُ وَدِيعَتُهُ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ بِبَلَدِنَا أَوْ قُتِلَ ظُلْمًا بَلْ (وَإِنْ قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْحَرْبِيُّ (فِي مَعْرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا أَسْرٍ (أَوْ) إنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةٍ فَهِيَ (فَيْءٌ) لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَا تُرْسَلُ لِوَارِثِهِ، وَلَا تُخَمَّسُ فِيهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، الثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْمَوَّازِ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ. (وَ) إنْ نَهَبَ حَرْبِيٌّ سِلَعًا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَذَهَبَ بِهَا لِأَرْضِهِ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا لِبِلَادِنَا بِأَمَانٍ (كُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَبُو الْحَسَنِ تَنْزِيهًا (لِغَيْرِ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ (الْمَالِكِ) لِلسِّلَعِ الَّتِي قَدِمَ الْحَرْبِيُّ بِهَا بِأَمَانٍ (اشْتِرَاءُ سِلَعِهِ) أَيْ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ وَتَقْوِيَةٌ لَهُمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُهَا عَلَى مَالِكِهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 177 وَفَاتَتْ بِهِ وَبِهِبَتِهِمْ لَهَا، وَانْتُزِعَ مَا سُرِقَ، ثُمَّ عِيدَ بِهِ لِبَلَدِنَا عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لَا أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ قَدِمُوا بِهِمْ، وَمَلَكَ بِإِسْلَامِهِ غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ،   [منح الجليل] (وَ) إنْ اشْتَرَاهَا غَيْرُ مَالِكِهَا (فَاتَتْ) السِّلَعُ عَلَى مَالِكِهَا (بِهِ) أَيْ شِرَاءُ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا جَبْرًا بِالثَّمَنِ، وَلَا بِغَيْرِهِ (وَ) فَاتَتْ أَيْضًا (بِهِبَتِهِمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ بِأَرْضِنَا بَعْدَ دُخُولِهَا بِأَمَانٍ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ قَبُولِ هِبَتِهِمْ، وَعِلَّةُ التَّفْوِيتِ تَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ فِيهِ أَقُولُ (لَهَا) أَيْ سِلَعِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ سَوَاءٌ وَهَبُوهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، إمَّا؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ يُحَقِّقُ مِلْكَهُمْ أَوْ؛ لِأَنَّهُ بِهِ صَارَتْ لَهُ حُرْمَةٌ لَيْسَتْ لَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِي الْمُقَاسِمِ، أَوْ بَاعُوهُ أَوْ وَهَبُوهُ بِدَارِهِمْ فَلَا يَفُوتُ عَلَى رَبِّهِ فَيَأْخُذُ الْمَوْهُوبَ مَجَّانًا وَالْمَبِيعَ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ (وَانْتُزِعَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الزَّاي مِنْ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ أَوْ الَّذِي ضُرِبَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ (مَا) أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي (سُرِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فِي زَمَنِ الْعَهْدِ أَوْ غُصِبَ وَلَوْ رَقِيقًا وَذُهِبَ بِهِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ. (ثُمَّ عِيدَ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ رُجِعَ (بِهِ) لِبَلَدِنَا فَيُنْتَزَعُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ سَوَاءٌ عَادَ بِهِ سَارِقُهُ أَوْ غَيْرُهُ وَتُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إنْ عَادَ بِهِ كَقَتْلِ مَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا حَالَ تَأْمِينِهِ ثُمَّ هَرَبَ إلَى أَرْضِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْنَا، وَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ تَأْمِينَهُ (لَا) يُنْزَعُ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ (أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ) أَسَرُوهُمْ ثُمَّ (قَدِمُوا بِهِمْ) بِأَمَانٍ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ وَطْءِ الْإِنَاثِ وَالرُّجُوعِ بِهِمْ إلَى بِلَادِهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ هَكَذَا إنَاثُهُمْ لَا إمَاؤُهُمْ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ: إنَّهُ تُنْزَعُ الْإِنَاثُ مِنْهُمْ بِقِيمَتِهِنَّ دُونَ الذُّكُورِ. وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُمْ يُنْزَعُونَ مِنْهُمْ بِقِيمَتِهِمْ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَبِهِ الْعَمَلُ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ. (وَمَلَكَ) الْحَرْبِيُّ سَوَاءٌ قَدِمَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ حَالَ كُفْرِهِ أَمْ لَا (بِإِسْلَامِهِ) بِأَرْضِنَا أَوْ بِأَرْضِهِمْ، ثُمَّ قَدِمَ بِلَادَنَا وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّ مَالَهُ وَوَلَدَهُ فَيْءٌ جَمِيعُ مَا غَصَبَهُ أَوْ نَهَبَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ (غَيْرَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) مِنْ رَقِيقٍ وَلَوْ مُسْلِمًا وَذِمِّيٍّ وَأَمَتِهِ لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ وَلَا مَسْرُوقٍ، وَلَا حَبْسٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 178 وَفُدِيَتْ أُمُّ الْوَلَدِ، وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ سَيِّدِهِ، وَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ بَعْدَهُ، وَلَا يُتَّبَعُونَ بِشَيْءٍ، وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ.   [منح الجليل] مُحَقَّقٍ كَوْنُهُ حَبْسًا وَفِي مِلْكِهِ مَا احْتَمَلَهُ كَفَرَسٍ فِي فَخِذِهِ لِلسَّبِيلِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ الرَّجُلُ ذَلِكَ لِيَمْنَعَهُ مِنْ النَّاسِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ، وَلَا مَا تَسَلَّفَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ لَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ مِنْهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَوْ تَعَامَلَا بِأَرْضِ الْحَرْبِ، كَمَا يُفِيدُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ لَزِمَهُ كُلُّ مَا رَضِيَ بِهِ حَالَ كُفْرِهِ. (وَفُدِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أُمُّ الْوَلَدِ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَسَرَهَا حَرْبِيٌّ ثُمَّ قَدِمَ بِهَا أَوْ أَسْلَمَ فَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا فِدَاؤُهَا مِنْهُ بِقِيمَتِهَا لِقُرْبِهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ إذْ لَمْ يَبْقَ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَيَدْفَعُهَا حَالَّةً إنْ كَانَ مَلِيئًا وَيُتْبَعُ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَتُقَوَّمُ قِنًّا، فَإِنْ مَاتَتْ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا سَقَطَتْ قِيمَتُهَا. (وَ) إنْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ وَبِيَدِهِ مُدَبَّرٌ لِمُسْلِمٍ بَقِيَ بِيَدِهِ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ فَإِنْ مَاتَ (عَتَقَ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِ) مَالِ (سَيِّدِهِ) إنْ حَمَلَهُ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ رَقَّ بَاقِيهِ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ (وَ) إنْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ وَبِيَدِهِ (مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ) لِمُسْلِمٍ بَقِيَ بِيَدِهِ إلَى غَايَةِ الْأَجَلِ وَعَتَقَ (بَعْدَهُ) أَيْ الْأَجَلِ (وَلَا يُتَّبَعُونَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَفَتْحٍ ثَانٍ أَيْ الْمُدَبَّرُ الَّذِي عَتَقَ جَمِيعُهُ أَوْ بَعْضُهُ، وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ الَّذِي عَتَقَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَيْ لَا يَتْبَعُهُمْ مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِمْ (بِشَيْءٍ) مِنْ قِيمَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا خِدْمَتُهُمْ إلَى مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ تَمَامِ الْأَجَلِ كَمَالِكِهِمْ الْأَصْلِيِّ، وَجُمِعَ الضَّمِيرُ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ أَوْ اُسْتُعْمِلَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ بِاعْتِبَارِ رُجُوعِهِ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَيْضًا. (وَ) إنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَبَّرَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ رُقَّ مُقَابِلَ الدَّيْنِ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَعَتَقَ ثُلُثُ بَاقِيهِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ أَرْبَابِ الدُّيُونِ فِيمَا تَسْتَغْرِقُهُ دُيُونُهُمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ و (لَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ) لِلسَّيِّدِ فِيمَا رُقَّ مِنْ الْمُدَبَّرِ بَيْنَ إسْلَامِهِ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ كَمَالِهِ، هَذَا فِي الْمُدَبَّرِ الْجَانِي لِأَنَّ السَّيِّدَ هُنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ، فَكَذَا وَارِثُهُ وَسَكَتَ عَنْ الْمُكَاتَبِ لِوُضُوحِ حُكْمِهِ وَهُوَ أَنَّهُ يُؤَدِّي النُّجُومَ لِمَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَيَخْرُجُ حُرًّا وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الْأَصْلِيِّ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا رُقَّ لِلَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ وَإِنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ:   [منح الجليل] وَحُدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (زَانٍ) مِنْ الْجَيْشِ بِحَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (وَ) قُطِعَ (سَارِقٌ) نِصَابًا فَمَا فَوْقَهُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَمْ تَدْرَأْ الْحَدَّ. وَقِيلَ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ الزَّانِي بِذَاتِ الْمَغْنَمِ لِلشُّبْهَةِ، وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ حَتَّى يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَظِّهِ قف عَلَى الْحَطّ (إنْ حِيزَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ أَيْ جُمِعَ (الْمَغْنَمُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالنُّونِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْغَنِيمَةُ فِي مَكَان بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُعَيَّنًا بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ قَبْلَ حَوْزِهِ فَلَا يُقْطَعُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلسَّارِقِ فَقَطْ، وَأَمَّا الزَّانِي فَيُحَدُّ مُطْلَقًا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِ الزِّنَا. (وَوُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُبِسَتْ (الْأَرْضُ) غَيْرُ الْمَوَاتِ وَهِيَ الْأَرْضُ الصَّالِحَةُ لِزِرَاعَةِ الْحَبِّ وَالْمَبْنِيَّةُ دُورًا وَنَحْوُهَا أَيْ صَارَتْ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا بِلَا صِيغَةٍ مِنْ الْإِمَامِ، فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ بِحُبِسَتْ وَوُقِفَتْ إلَخْ، وَأَمَّا الْمَوَاتُ فَلِلْإِمَامِ تَمْلِيكُهَا لِمَنْ يَشَاءُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ أَرْضُ الدُّورِ لِلْغَانِمِينَ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي وَقْفِهَا وَقَسْمِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُؤْخَذُ لَهَا كِرَاءٌ، بِخِلَافِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي كِرَاءِ دُورِ مَكَّةَ الْمَشْهُورُ مَنْعُ كِرَائِهَا لِفَتْحِهَا عَنْوَةً وَمَا يَقَعُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي إثْبَاتِ الْأَمْلَاكِ وَعُقُودِ الْإِيجَارَاتِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفُعَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْإِمَامِ قَسْمَهَا كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي ذَلِكَ. وَالْقَاعِدَةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا أَنَّ مَسَائِلَ الْخِلَافِ إنْ اتَّصَلَ بِبَعْضِ أَقْوَالِهَا قَضَاءُ حَاكِمٍ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ، فَإِذَا قَضَى حَاكِمٌ بِثُبُوتِ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ ثَبَتَ الْمِلْكُ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَتَعَيَّنَ مَا حَكَمَ بِهِ، وَهَذَا يَطَّرِدُ عَنْ مَكَّةَ وَمِصْرَ وَغَيْرِهِمَا، وَالدُّورُ الْمَوْقُوفَةُ هِيَ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ وَبَقِيَتْ مَبْنِيَّةً فَإِنْ تَهَدَّمَتْ وَبُنِيَتْ مُلِكَتْ وَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَنَحْوِهِمَا، فَقَوْلُ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تُكْرَى دُورُ مَكَّةَ أَرَادَ بِهِ مَا كَانَ فِي زَمَانِهِ بَاقِيًا مِنْ دُورِ الْكُفَّارِ الَّتِي صَادَفَهَا الْفَتْحُ وَالْيَوْمَ ذَهَبَتْ تِلْكَ الْأَبْنِيَةُ فَلَا يَكُونُ قَضَاءُ الْحُكَّامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِيهَا بِذَلِكَ خَطَأً. نَعَمْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَرْضِينَ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا إلَى الْأَبَدِ، وَإِذَا جُهِلَ الْأَمْرُ انْتَفَعَ الْحَائِزُ بِحِيَازَتِهِ إذَا جُهِلَ أَصْلُ مَدْخَلِهِ فِيهَا. وَهَلْ يُطَالَبُ بِبَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَا يُطَالَبُ، وَقَالَ غَيْرُهُ يُطَالَبُ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلٌ لِمِلْكِ الْمُدَّعِي فَلَا يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَنْ بَيَانِ أَصْلِ مِلْكِهِ وَإِلَّا سُئِلَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ عَتَّابٍ لَا يُطَالَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْغَصْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) لَا تُقْسَمُ الْأَرْضُ كَغَيْرِهَا لِتَكُونَ فِي أُعْطِيَاتِ الْمُقَاتِلَةِ وَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ قَسَمَهَا بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ مَضَى، وَلَا يُنْقَضُ. اللَّخْمِيُّ بِلَا خِلَافٍ اهـ عب. طفي قَوْلُ تت وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا صَارَتْ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ إنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، لِأَنَّ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِهَا هَلْ يَقْسِمُهَا كَغَيْرِهَا، أَوْ يَتْرُكُهَا لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ فَمَعْنَى وَقْفِهَا تَرْكُهَا غَيْرَ مَقْسُومَةٍ لَا الْوَقْفُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ وَهُوَ التَّحْبِيسُ، وَسَرَى لَهُ مَا قَالَ مِنْ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ أَيْ كَمَا حَكَمَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي أَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْسِمْهَا. وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِأَنَّهَا وَقْفٌ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَوْ طِيبِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ. اهـ. وَذَا حَسَنٌ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ هَلْ أَوْقَفَهَا عُمَرُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ تَطْيِيبِ نُفُوسِ الْمُجَاهِدِينَ فِي الْبَيَانِ، قِيلَ إنَّ عُمَرَ فَعَلَهُ بَعْدَ تَطْيِيبِ نُفُوسِ الْغَانِمِينَ فَمَنْ سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِخُرُوجِهِ عَنْ نَصِيبِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يَسْمَحْ أَعْطَاهُ الْعِوَضَ. اهـ. فَفُهِمَ مِنْهُ تت غَيْرُ مُرَادِهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى كَلَامَهُ فِي كَبِيرِهِ قَالَ مَا قَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. قَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَوُقِفَتْ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى تُوقَفَ. اهـ. فَفُهِمَ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ عِنْدَهُ هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنَّهُ الَّذِي شَهَرَهُ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَلَمْ يَنْتَبِهْ لِقَوْلِهِ هَلْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ إلَخْ فَلَفْظُ الْحُكْمِ يَنْفِي مَا قَالَ فَافْهَمْ. اهـ. وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ. وَخُمِّسَ غَيْرُهَا إنْ أُوجِفَ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] شَيْخُ مَشَايِخِنَا الدُّسُوقِيُّ هَذَا الْمَعْنَى مُرَادُ تت بِوَقْفِهَا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا تُتْرَكُ لِلْمَصَالِحِ، وَلَا مَعْنَى لِلْوَقْفِ وَالتَّحْبِيسِ إلَّا ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ مَا كَانَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ إنَّ هَذَا الْوَقْفَ لَا يَحْتَاجُ لِصِيغَةٍ. (كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ) عج وَأَمَّا مَا يَقَعُ بِمِصْرَ مِنْ شِرَاءِ بَعْضِ سَلَاطِينِهَا وَكُبَرَائِهَا بِلَادًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَجْعَلُونَهَا وَقْفًا عَلَى مَا يَبْنُونَهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ مَثَلًا، فَإِنَّمَا يُحَكِّمُونَ فِيهَا مَنْ يَرَى ذَلِكَ لَا أَهْلَ مَذْهَبِنَا (وَخُمِّسَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ قُسِمَ (غَيْرُهَا) أَيْ الْأَرْضِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ مِثْلِيَّاتٍ أَوْ مُقَوَّمَاتٍ يُجْعَلُ خُمُسٌ مِنْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ لِلْغَانِمِينَ (إنْ أُوجِفَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ قُوتِلَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ أَيْ إبِلٍ، وَيُعَبَّرُ عَنْ الْخَيْلِ بِالْكُرَاعِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَهُرُوبِهِمْ قِيلَ مُقَاتَلَتُهُمْ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ بِلَادَهُمْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ. وَأَمَّا لَوْ هَرَبُوا قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَمَا انْجَلَوْا عَنْهُ فَيْءٌ مَحَلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا يُخَمَّسُ، وَأَمَّا لَوْ هَرَبُوا بَعْدَ خُرُوجِ الْجَيْشِ وَقَبْلَ نُزُولِهِ بِلَادَهُمْ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ فَيْءٌ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَتَوَقَّفَ فِي هَذَا الْقِسْمِ قَائِلًا تَعَارَضَ فِيهِ مَفْهُومَا نَقْلِ اللَّخْمِيِّ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَذْهَبُ لَا يُخَمَّسُ إلَّا مَا أُوجِفَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ الْمَازِرِيُّ لَا خِلَافَ أَنَّ الْغَنِيمَةَ تُخَمَّسُ، وَأَمَّا مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ دُونَ قِتَالٍ فَعِنْدَنَا لَا يُخَمَّسُ وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُخَمَّسُ كَالْغَنِيمَةِ. اهـ. وَأَقَرَّهُ الْآبِي فَأَنْتَ تَرَى الْمَازِرِيَّ لَمْ يَعْزُ التَّخْمِيسَ إلَّا لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ سَعَةِ حِفْظِهِ. وَأَمَّا حِكَايَةُ اللَّخْمِيِّ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ حَيْثُ قَالَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْهُ مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ فِي كَوْنِهِ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ قَوْلَانِ، وَلَمْ يَعْزُهُمَا فَلَعَلَّهُ أَرَادَ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ إنْ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ فَمُرَادُهُمْ فِي الْمَذْهَبِ وَإِنْ كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 فَخَرَاجُهَا، وَالْخُمُسُ، وَالْجِزْيَةُ، لِآلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ؛ وَبُدِئَ بِمَنْ   [منح الجليل] فِي غَيْرِهِ نَبَّهُوا عَلَيْهِ، لَكِنَّ اللَّخْمِيُّ خَالَفَهُمْ فِي، حِكَايَةِ الْخِلَافِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: احْذَرُوا أَحَادِيثَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَإِجْمَاعَاتِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَاتِّفَاقَاتِ ابْنِ رُشْدٍ وَخِلَافَاتِ اللَّخْمِيِّ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ كَانَ مُسْتَقِيمًا حَتَّى أَدْخَلَ الْبَاجِيَّ فِيهِ يَحْتَمِلُ وَيَحْتَمِلُ، حَتَّى جَعَلَ اللَّخْمِيُّ ذَلِكَ كُلَّهُ خِلَافًا قَالَهُ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الْغَنِيمَةِ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهِ، وَلَازِمُهُ تَخْمِيسُهُ. اهـ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ يُقَاتَلُ عَلَيْهِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ حَيْثُ قَالَ وَرَوَى مُحَمَّدٌ مَا أُخِذَ مِنْ، حَيْثُ يُقَاتَلُ كَمَا يَقْرُبُ مِنْ قُرَاهُمْ كَمَا قُوتِلَ عَلَيْهِ. اهـ. فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهِ أَيْ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُ الْقِتَالُ فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ خِلَافًا لِلرَّصَّاعِ حَيْثُ أَدْخَلَ فِي التَّعْرِيفِ نُزُولَ الْجَيْشِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي مَسْأَلَةِ بَنِي النَّضِيرِ قَالَهُ طفي فِي أَجْوِبَتِهِ. (فَخَرَاجُهَا) أَيْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا الْمُسْلِمُونَ أَوْ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ الْإِمَامِ، أَوْ جُزْءُ الْخَارِجِ مِنْهَا إنْ سَاقَى عَلَيْهَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا (وَالْخُمُسُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ رِكَازٍ (وَالْجِزْيَةُ) الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ وَالْفَيْءُ وَعُشُورُ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُسْتَأْمَنِينَ وَخَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ وَمَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيِّينَ وَمَالُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَمَالٌ جُهِلَ مَالِكُهُ مَحَلُّهَا بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَالنَّاظِرُ عَلَيْهَا الْإِمَامُ بِصَرْفِهَا بِاجْتِهَادِهِ فِي مَصَالِحِهِمْ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَالْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْأَسْوَارِ وَالْحُصُونِ وَالْمَرَاكِبِ، وَالْخَاصَّةِ كَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ وَفِدَاءِ أَسِيرٍ وَقَضَاءِ دَيْنِ مُعْسِرٍ وَتَزْوِيجِ عَازِبٍ وَنَفَقَةِ فَقِيرٍ وَنُدِبَ بَدْؤُهُ بِالصَّرْفِ (لِآلِهِ) أَيْ النَّبِيِّ (- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) الَّذِينَ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ. (ثُمَّ لِلْمَصَالِحِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَصْلَحَةٍ وَمِنْهَا نَفْسُ الْإِمَامِ وَعِيَالُهُ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَلَوْ اُسْتُغْرِقَ جَمِيعُهُ بِالْمَعْرُوفِ (وَبُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وُجُوبًا مِنْ الْمَصَالِحِ الَّتِي بَعْدَ آلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْبَدْءُ هُنَا إضَافِيٌّ، وَالْمُتَقَدِّمُ حَقِيقِيٌّ (بِمَنْ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 فِيهِمْ الْمَالُ، وَنُقِلَ لِلْأَحْوَجِ الْأَكْثَرِ،   [منح الجليل] مَصَالِحَ مَنْ جُمِعَ (فِيهِمْ الْمَالُ) كَبِنَاءِ مَسَاجِدِهِمْ وَقَنَاطِرِهِمْ وَعِمَارَةِ ثُغُورِهِمْ وَأَرْزَاقِ قُضَاتِهِمْ وَمُؤَذِّنِيهِمْ وَقَضَاءِ دُيُونِهِمْ وَعَقْلِ جِنَايَاتِهِمْ وَتَزْوِيجِ عُزَّابِهِمْ وَيُعْطَوْنَ كِفَايَةَ سَنَةٍ. (وَنُقِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وُجُوبًا (لِلْأَحْوَجِ) مِمَّنْ جُبِيَ الْمَالُ فِيهِمْ (الْأَكْثَرِ) وَأُبْقِيَ الْأَقَلُّ لِمَنْ جُبِيَ فِيهِمْ الْمَالُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمْ لِسَنَةٍ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِيهَا أَيُسَوِّي بَيْنَ النَّاسِ فِيهِ قَالَ، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُفَضِّلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَبْدَأُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ حَتَّى يُغْنَوْا وَأَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ افْتَتَحُوهَا عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا أَحَقُّ بِهِ، إلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِقَوْمٍ حَاجَةٌ فَيُنْقَلُ إلَيْهِمْ مِنْهَا بَعْدَ إعْطَاءِ أَهْلِهَا مَا يُغْنِيهِمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ. ابْنُ حَبِيبٍ مَالُ اللَّهِ الَّذِي جَعَلَهُ رِزْقًا لِعِبَادِهِ مَالَانِ: زَكَاةٌ لِأَصْنَافٍ مُعَيَّنَةٍ، وَفَيْءٌ سَاوَى فِيهِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ. قُلْت فِي مُجَرَّدِ الْأَخْذِ فِي مُعَيَّنَةٍ قَالَ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَرَوَى مُطَرِّفٌ يُعْطِي الْإِمَامُ مِنْهُ أَقْرِبَاءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْرَ مَا يَرَى مِنْ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَخُصُّ وَلَدَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - كُلَّ عَامٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِينَارٍ سِوَى مَا يُعْطِي غَيْرَهُمْ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى. ابْنُ حَبِيبٍ سِيرَةُ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ فِي الْفَيْءِ وَشِبْهِهِ أَنْ يَبْدَءُوا بِسَدِّ خَلَلِ الْبَلَدِ الَّذِي جُبِيَ مِنْهُ أَوْ فِيءَ مِنْهُ وَسَدِّ حُصُونِهِ وَالزِّيَادَةِ فِي كُرَاعِهِ وَسِلَاحِهِ وَيَقْطَعَ مِنْهُ رِزْقَ عُمَّالِهِ وَقُضَاتِهِ وَمُؤَذِّنِيهِ وَمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ يُخْرِجَ عَطَاءَ الْمُقَاتِلَةِ ثُمَّ لِلْعِيَالِ وَالذُّرِّيَّةِ. قُلْتُ ظَاهِرُهُ تَبْدِئَةُ الْعُمَّالِ عَلَى الْمُقَاتِلَةِ وَيَأْتِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَكْسُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ حَبِيبٍ ثُمَّ سَائِرُ الْمُسْلِمِينَ وَيَبْدَأُ بِالْفَقِيرِ عَلَى الْغَنِيِّ فَمَا فَضَلَ رَفَعَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ يَقْسِمُهُ فَيَبْدَأُ فِيهِ بِمِثْلِ مَا بَدَأَ بِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أُخِذَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْفُقَرَاءَ وَالْأَغْنِيَاءَ آثَرَ الْفُقَرَاءَ إلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِبَلَدٍ شِدَّةٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يُذْهِبُهَا فَلْيَعْطِفْ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِهَا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ وَإِنْ اتَّسَعَ الْمَالُ أَبْقَى مِنْهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَا يَعْزُو مِنْ نَوَّائِهِمْ وَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَالْمَسَاجِدِ وَفَكِّ أَسِيرٍ وَغَزْوٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَمُؤْنَةٍ فِي عَقْلِ حَرَجٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِعَانَةِ حَاجٍّ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْمَالُ مِنْ أَرْضِ صُلْحٍ فَلَا يُصْرَفُ فِي إصْلَاحِ ذَلِكَ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْكُفَّارِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وَنَفَّلَ مِنْهُ السَّلَبَ لِمَصْلَحَةٍ، وَلَمْ يَجُزْ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ السَّلَبُ»   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مُسْلِمُونَ فُقَرَاءُ أُعْطُوا مِنْهُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَبْدَأُ فِي الْفَيْءِ الَّذِي يَصِيرُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِإِعْطَاءِ الْمُقَاتِلِينَ مِنْ جَمِيعِ الْبُلْدَانِ يَعُدُّ فِيهِمْ مَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مَا يَحْتَاجُونَ فِي الْعَامِ، وَيُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ التَّفَرُّقِ بَعْدَهُ ثُمَّ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ وَأَلْزَمْنَا لِقِوَامِ عَامِهِمْ وَالْأَعْرَابُ وَالْبَوَادِي كَالذُّرِّيَّةِ، وَمَا فَضَلَ عَمَّ بِهِ الْمُسْلِمِينَ فَقِيرَهُمْ وَغَنِيَّهُمْ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ وَإِنْ قَلَّ آثَرَ الْفُقَرَاءَ بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَبْدَأُ فِي الْفَيْءِ بِالْفُقَرَاءِ فَمَا بَقِيَ كَانَ بَيْنَ النَّاسِ بِالسَّوِيَّةِ إلَّا أَنْ يَرَى الْإِمَامُ حَبْسَهُ لِنَوَائِبِ الْإِسْلَامِ. ابْنُ الْقَاسِمِ عِرِّيفُهُمْ وَمَوْلَاهُمْ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " حَدَّثَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " خَطَبَ فَقَالَ إنِّي عَمِلْت عَمَلًا وَعَمِلَ صَاحِبِي عَمَلًا وَإِنْ بَقِيت لِقَابِلٍ لَأُلْحِقَنَّ أَسْفَلَ النَّاسِ بِأَعْلَاهُمْ مَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ حَقٌّ أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ، وَلَوْ كَانَ رَاعِيًا أَوْ رَاعِيَةً بِعَدَنَ فَأَعْجَبَ مَالِكًا هَذَا الْحَدِيثَ وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَلْيُرَاجِعْهُ مَنْ أَحَبَّ. (وَنَفَّلَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلَةً أَيْ زَادَ الْإِمَامُ (مِنْهُ) أَيْ خَمَّسَ الْغَنِيمَةَ (السَّلَبَ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَهُوَ مَا يُسْلَبُ مِنْ الْقَتِيلِ وَيُسَمَّى نَفْلًا كُلِّيًّا، وَأَمَّا النَّفَلُ الْجُزْئِيُّ فَشَيْءٌ مُعَيَّنٌ كَفَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ سِلَاحٍ يُعْطِيهِ الْإِمَامُ لِبَعْضِ الْمُجَاهِدِينَ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا، فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ السَّلَبَ لَشَمِلَهُمَا مَعَ الِاخْتِصَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى جَوَازِ تَنْفِيلِ السَّلَبِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْعِهِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ تَنْفِيلِ الْجُزْئِيِّ بِالْأَوْلَى وَشَرْطُ جَوَازِ التَّنْفِيلِ كَوْنُهُ (لِمَصْلَحَةِ) الْمُسْلِمِينَ كَشَجَاعَةِ الْمُنَفِّلِ وَتَدْبِيرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ النَّفَلُ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحِقَّهَا لِمَصْلَحَةٍ وَهُوَ جُزْئِيٌّ وَكُلِّيٌّ، فَالْأَوَّلُ مَا يَثْبُتُ بِإِعْطَائِهِ بِالْفِعْلِ، وَالثَّانِي مَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» . (وَلَمْ يَجُزْ) لِلْإِمَامِ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ فَأَبْقَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَمَلَهُ غَيْرُهُ عَلَى الْمَنْعِ (إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ) صَادِقٌ بِأَثْنَائِهِ وَقَبْلَهُ، وَفَاعِلُ لَمْ يَجُزْ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 وَمَضَى إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ قَبْلَ الْمَغْنَمِ؟ وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ سَلَبٌ اُعْتِيدَ؛ لَا سِرَارٌ، وَصَلِيبٌ، وَعَيْنٌ، وَدَابَّةٌ،   [منح الجليل] أَيْ هَذَا اللَّفْظُ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ مَنْ جَاءَنِي بِشَيْءٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ خَيْلٍ فَلَهُ رُبُعُهُ مَثَلًا، أَوْ مَنْ صَعِدَ مَوْضِعَ كَذَا أَوْ قَلْعَةَ كَذَا، أَوْ وَقَفَ فِي مَكَانِ كَذَا فَلَهُ كَذَا، لِإِفْسَادِ نِيَّاتِهِمْ بِالْقِتَالِ لِلْمَالِ وَلِتَأْدِيَتِهِ إلَى تَحَامُلِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تُقَدِّمُوا جَمَاجِمَ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْحُصُونِ فَلَمُسْلِمٌ أَسْتَبْقِيهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حِصْنٍ أَفْتَحُهُ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَمَّا الْجُعَلُ مِنْ السُّلْطَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مِنْ غَيْرِ السَّلَبِ، وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ. (وَمَضَى) أَيْ نَفَذَ قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا إلَخْ، وَعُمِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا؛ لِأَنَّهُ كَحُكْمٍ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ لِإِجَازَتِهِ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ) أَيْ الْإِمَامُ قَوْلُهُ مَنْ قَتَلَ إلَخْ (قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ) بِأَنْ لَمْ يُبْطِلْهُ أَصْلًا أَوْ أَبْطَلَهُ بَعْدَهُ، فَإِنْ أَبْطَلَهُ قَبْلَهُ أَيْ أَظْهَرَ الرُّجُوعَ عَنْهُ قَبْلَهُ اُعْتُبِرَ إبْطَالُهُ فِيمَا يَقْتُلُ بَعْدَهُ لَا فِيمَا قَتَلَ قَبْلَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ إبْطَالُهُ بَعْدَهُ فَيَسْتَحِقُّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْأَسْبَابِ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ حَيْثُ نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ أَطْلَقَ فَمِنْهُ فَفِي الْمَوَّاقِ سَحْنُونٌ كُلُّ شَيْءٍ يَبْذُلُهُ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقِتَالِ فَلَا يَنْبَغِي عِنْدَنَا إلَّا أَنَّهُ إنْ نَزَلَ وَقَالَ ذَلِكَ أَمْضَيْنَاهُ، وَإِنْ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كُلُّ قَاتِلٍ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بَيَّنَ الْمُصَنِّفِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَقَالَ (وَلِلْمُسْلِمِ فَقَطْ) أَيْ لَا لِلذِّمِّيِّ. ابْنُ يُونُسَ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهُ لَهُ الْإِمَامُ (سَلَبٌ) مِنْ حَرْبِيٍّ (اُعْتِيدَ) وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ حَالَ الْحَرْبِ كَسِلَاحِهِ وَثِيَابِهِ وَدَابَّتِهِ الْمَرْكُوبَةِ لَهُ أَوْ الْمَمْسُوكَةِ بِيَدِهِ، أَوْ يَدِ غُلَامِهِ لِلْقِتَالِ (لَا سِرَارٌ) بِيَدِ الْحَرْبِيِّ أَوْ مَعَهُ وَطَوْقٌ بِرَقَبَتِهِ أَوْ مَعَهُ (وَصَلِيبٌ) مِنْ عَيْنٍ (وَعَيْنٌ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَتَاجٍ وَقُرْطٍ وَنَحْوِهَا مِنْ عَيْنٍ أَوْ جَوْهَرٍ (وَدَابَّةٌ) جَنِيبٌ أَمَامَهُ لِلزِّينَةِ، وَهَذِهِ مَفْهُومُ اُعْتِيدَ ابْنُ حَبِيبٍ فَرَسُهُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ أَوْ الْمَمْسُوكُ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ مِنْ السَّلَبِ لَا مَا تَجَنَّبَ أَوْ أَفْلَتَ مِنْهُ إنْ سَمِعَ الْمُسْلِمُ قَوْلَ الْإِمَامِ مَنْ قَتَلَ إلَخْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَوْ تَعَدَّدَ؛ إنْ لَمْ يَقُلْ قَتِيلًا، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ. وَلَمْ يَكُنْ لِكَمَرْأَةٍ، إنْ لَمْ تُقَاتِلْ: كَالْإِمَامِ، إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ، أَوْ يَخُصَّ نَفْسَهُ، وَلَهُ الْبَغْلَةُ؛ إنْ قَالَ عَلَى بَغْلٍ؛   [منح الجليل] بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) قَوْلَ الْإِمَامِ لِبُعْدٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ صَمَمٍ إذَا سَمِعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْجَيْشِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ أَحَدٌ فَلَغْوٌ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْقَتِيلُ (أَوْ تَعَدَّدَ) الْقَتِيلُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الْإِمَامُ (قَتِيلًا) وَاحِدًا، وَصَوَابُهُ، إنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَاتِلًا؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ. مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تُقَدَّرْ صِفَتُهُ الْمَحْذُوفَةُ فَالتَّعْيِينُ إمَّا لِلْقَاتِلِ أَوْ لِلْمَقْتُولِ بِالْوَحْدَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَيَّنَ قَاتِلًا بِأَنْ قَالَ إنْ قَتَلْت يَا زَيْدُ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ (فَالْأَوَّلُ) مِنْ الْمَقْتُولِينَ لَهُ سَلَبُهُ دُونَ غَيْرِهِ حَيْثُ تَعَدَّدَ مَقْتُولُهُ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ: أَنْ لَا يَأْتِيَ الْإِمَامُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الشُّمُولِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ بِأَنْ قَالَ مَنْ قَتَلْته يَا زَيْدُ فَلَكَ سَلَبُهُ فَلَهُ سَلَبُ جَمِيعِ مَقْتُولِيهِ، وَأَنْ يَعْلَمَ الْأَوَّلَ مِنْ مَقْتُولِيهِ فَإِنْ جَهِلَ فَلَهُ نِصْفُ كُلٍّ وَقِيلَ لَهُ أَقَلُّهُمَا. ثَالِثُهَا أَنْ يَقْتُلَهُمَا مُرَتَّبَيْنِ، فَإِنْ قَتَلَهُمَا مَعًا فَقِيلَ لَهُ سَلَبُهُمَا. وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا وَإِنْ قَالَ إذَا أَصَبْت أَسِيرًا فَهُوَ لَك فَأَصَابَ اثْنَيْنِ فَلَهُ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ قِيلَ أَكْثَرُهُمَا، وَقِيلَ لَهُ الْجَمِيعُ. (وَلَمْ يَكُنْ) السَّلَبُ (لِكَمَرْأَةٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ، كَسَمِعْت لَهُ صُرَاخًا، أَيْ مَنْ قَتَلَ امْرَأَةً فَلَا يَسْتَحِقُّ سَلَبَهَا (إنْ لَمْ تُقَاتِلْ) بِسِلَاحٍ كَالرِّجَالِ وَلَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، فَإِنْ قَاتَلَتْ بِسِلَاحٍ أَوْ قَتَلَتْ أَحَدًا فَسَلَبُهَا لِقَاتِلِهَا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّبِيَّ وَالشَّيْخَ الْفَانِي وَالزَّمِنَ وَالْأَعْمَى وَالرَّاهِبَ الْمُنْعَزِلَ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ بِلَا رَأْيٍ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ السَّلَبِ فَقَالَ (كَالْإِمَامِ) إذَا قَتَلَ قَتِيلًا فَيَسْتَحِقُّ سَلَبَهُ الْمُعْتَادَ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا (مِنْكُمْ) بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْمُتَكَلِّمِ فِي كَلَامِهِ الْعَامِّ إنْ كَانَ خَبَرًا لَا أَمْرًا (أَوْ) إنْ لَمْ (يَخُصَّ) الْإِمَامُ (نَفْسَهُ) فَإِنْ قَالَ مِنْكُمْ أَوْ خَصَّ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِإِخْرَاجِ نَفْسِهِ فِي الْأَوَّلِ وَمُحَابَاتِهَا فِي الثَّانِي (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْقَاتِلِ حَرْبِيًّا (الْبَغْلَةُ) الَّتِي رَكِبَهَا الْحَرْبِيُّ أَوْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ أَمْسَكَهَا لَهُ غُلَامُهُ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهَا (إنْ قَالَ) الْإِمَامُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا (عَلَى بَغْلٍ) فَهُوَ لَهُ وَالْحِمَارَةُ إنْ قَالَ عَلَى حِمَارٍ وَالنَّاقَةُ إنْ قَالَ عَلَى جَمَلٍ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 لَا إنْ كَانَتْ بِيَدِ غُلَامِهِ وَقَسَمَ الْأَرْبَعَةَ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ حَاضِرٍ: كَتَاجِرٍ وَأَجِيرٍ إنْ قَاتَلَا، أَوْ خَرَجَ بِنِيَّةِ غَزْوٍ؛   [منح الجليل] بَعِيرٍ لِإِطْلَاقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَالْجَمَلِ وَالْبَعِيرِ عَلَى الْأُنْثَى، وَهَذَا عُرْفٌ قَدِيمٌ تُنُوسِيَ، وَالْعُرْفُ الْآنَ قَصْرُهُمَا عَلَى الذَّكَرِ، وَقَدْ قَرَّرُوا أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى الْعُرْفِ لَا يُفْتَى بِهَا بَعْدَ تَنَاسِيهِ، وَتَجَدُّدِ غَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُفْتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ الْمُتَجَدِّدُ فِي كُلِّ بَلَدٍ وَزَمَنٍ وَلَوْ قَالَ عَلَى بَغْلَةٍ أَوْ حِمَارَةٍ أَوْ نَاقَةٍ فَلَا تَشْمَلُ الذَّكَرَ فَلَوْ قَالَ عَلَى كَبَغْلٍ لَكَانَ أَشْمَلَ. (لَا) يَسْتَحِقُّ الْمُسْلِمُ الْقَاتِلُ دَابَّةَ مَقْتُولِهِ (إنْ كَانَتْ) الدَّابَّةُ مَمْسُوكَةً (بِيَدِ غُلَامِهِ) أَيْ الْحَرْبِيِّ لِغَيْرِ الْقِتَالِ عَلَيْهَا وَقَتَلَهُ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا غَيْرَهَا فَلَا حَقَّ لِقَاتِلِهِ فِيهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَمْسُوكَةً لِيُقَاتِلَ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بِيَدِ الْمَقْتُولِ أَوْ رُبِطَ بِمِنْطَقَتِهِ (وَقَسَمَ) الْإِمَامُ الْأَخْمَاسَ (الْأَرْبَعَةَ) الْبَاقِيَةَ بَعْدَ الْخُمُسِ الْمَعْدُودِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ حَاضِرٍ) الْقِتَالَ ذَكَرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ذِكْرِ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ مُذَكَّرَةً صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ شَهِدَ الْقِتَالَ أَوْ ذِي رَأْيٍ وَتَدْبِيرٍ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَهُ رُبُعُ سَهْمٍ وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ نِصْفُ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَلَهُ سَهْمٌ فَيُعْطَى كَمِيرَاثِهِ وَشَبَّهَ فِي الْإِسْهَامِ فَقَالَ (كَتَاجِرٍ) تِجَارَةً مُتَعَلِّقَةً بِالْجَيْشِ أَمْ لَا (وَأَجِيرٍ) لِمَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ كَرَفْعِ الصُّوَارِ وَالْأَحْبُلِ وَتَسْوِيَةِ الطُّرُقِ أَوْ خَاصَّةٍ بِمُعَيَّنٍ كَخِدْمَةِ شَخْصٍ (إنْ قَاتَلَا) أَيْ الْأَجِيرُ وَالتَّاجِرُ فَلَا يَكْفِي شُهُودُهُمَا صَفَّ الْقِتَالِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. وَقِيلَ يَكْفِي فِيهِمَا شُهُودُ الْقِتَالِ كَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ لَا يُسْهَمُ لِلْأَجِيرِ وَلَوْ قَاتَلَ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَفِي التَّاجِرِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُهُ الْإِسْهَامُ لَهُمَا فِي جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ. وَلَوْ قَاتَلَا مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ مِرَارٍ وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ. وَقِيلَ إنْ قَاتَلَا الْأَكْثَرَ أُسْهِمَ لَهُمَا فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا فَفِيمَا حَضَرَاهُ فَقَطْ قَالَهُ يَحْيَى وَهُوَ أَحْسَنُ. (أَوْ) لَمْ يُقَاتِلَا (خَرَجَا) أَيْ التَّاجِرُ وَالْأَجِيرُ مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ (بِنِيَّةِ غَزْوٍ) ، سَوَاءٌ اسْتَوَتْ النِّيَّتَانِ أَوْ تَبِعَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى لِتَكْثِيرِهِمَا عَدَدَ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 188 لَا ضِدِّهِمْ وَلَوْ قَاتَلُوا، إلَّا الصَّبِيَّ فَفِيهِ إنْ أُجِيزَ وَقَاتَلَ خِلَافٌ ، وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ: كَمَيِّتٍ قَبْلَ اللِّقَاءِ وَأَعْمَى، وَأَعْرَجَ، وَأَشَلَّ، وَمُتَخَلِّفٍ لِحَاجَةٍ، إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْجَيْشِ،   [منح الجليل] فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي تَبَعِيَّةِ نِيَّةِ الْغَزْوِ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُمَا فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِاسْتِوَائِهِمَا أَوْ كَوْنِ نِيَّةِ الْغَزْوِ وَمَتْبُوعِهِ (لَا) يُسْهَمُ لِ (ضِدِّهِمْ) أَيْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ الْحَاضِرِ الذَّكَرِ مِنْ عَبْدٍ وَكَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ وَغَائِبٍ عَنْ الْقِتَالِ وَمَرْأَةٍ إنْ لَمْ يُقَاتِلُوا. بَلْ (وَلَوْ قَاتَلُوا) إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ الْجِهَادُ بِفَجْئِ الْعَدُوِّ فَيُسْهَمُ لَهُمْ، وَهَلْ يُسْهَمُ لَهُمْ إنْ عَيَّنَهُمْ الْإِمَامُ أَمْ لَا وَهَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ (إلَّا الصَّبِيَّ فَفِي) إسْهَامِ (هـ إنْ أُجِيزَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ أَذِنَ الْإِمَامُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ (وَقَاتَلَ) الْكُفَّارَ بِالْفِعْلِ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) الْبُنَانِيُّ أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إنْ أُجِيزَ وَقَاتَلَ فَلَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ لَكِنَّهَا لَمْ تَتَقَيَّدْ بِالْمَشْهُورِ. نَعَمْ شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ إنْ حَضَرَ صَفَّ الْقِتَالِ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ تَشْهِيرِهِ تَشْهِيرُ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يُرْضَخُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَإِعْجَامِ الضَّادِ وَالْخَاءِ أَيْ لَا يُعْطَى لِمَنْ لَا يُسْهَمُ (لَهُ) شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ مَوْكُولٌ تَقْدِيرُهُ لِلْإِمَامِ مِنْ الْخُمُسِ كَالنَّفْلِ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِسْهَامِ وَعَدَمِ الرَّضْخِ فَقَالَ (كَمَيِّتٍ) آدَمِيٍّ أَوْ فَرَسٍ (قَبْلَ اللِّقَاءِ) أَيْ الْقِتَالِ فَلَا يُسْهَمُ وَيُرْضَخُ لَهُ (وَأَعْمَى وَأَعْرَجَ) إلَّا أَنْ يُقَاتِلَا رَاكِبَيْنِ أَوْ رَاجِلَيْنِ (وَأَشَلَّ) كَذَلِكَ وَالْفَرَسُ كَذَلِكَ وَأَقْطَعَ يَدًا وَرَجِلٍ وَمَقْعَدٍ وَيَابِسِ شِقٍّ، فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمْ مَنْفَعَةٌ اتِّفَاقًا أَوْ كَانَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) كَ (مُتَخَلِّفٍ) بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (لِحَاجَةٍ إنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْجَيْشِ) بِأَنْ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِمْ مِنْهَا نَفْعٌ وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْلِمِينَ فَإِنْ عَادَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَمِيرِ الْجَيْشِ مِنْهَا نَفْعٌ أُسْهِمَ لَهُ فَالْأَوَّلُ كَإِقَامَةِ سُوقٍ وَحَشْرٍ وَإِصْلَاحِ طَرِيقٍ «لِقَسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُمَا بِالشَّامِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَا إلَى بَلَدِ الْعَدُوِّ لِمَصْلَحَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْجَيْشِ» . وَالثَّانِي «كَقَسْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ وَقَدْ خَلَفَهُ عَلَى ابْنَتِهِ لِتَجْهِيزِهَا وَدَفْنِهَا» . الجزء: 3 ¦ الصفحة: 189 وَضَالٍّ بِبَلَدِنَا، وَإِنْ بِرِيحٍ، بِخِلَافِ بَلَدِهِمْ، وَمَرِيضٍ شَهِدَ:   [منح الجليل] (وَ) كَ (ضَالَّ) أَيْ تَائِهِ عَنْ الْجَيْشِ (بِبَلَدِنَا) وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ حَتَّى غَنِمُوا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ لِلْجَيْشِ مِنْ تَكْثِيرِ سَوَادِ الْمُسْلِمِينَ إنْ ضَلَّ بِغَيْرِ رِيحٍ بَلْ (وَإِنْ) رُدَّ (بِرِيحٍ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلضَّالِّ بِبَلَدِنَا وَالْمَرْدُودِ بِرِيحٍ، فَإِنْ رَجَعَ اخْتِيَارًا فَلَا يُسْهَمُ لَهُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُمْ يُسْهَمُ لَهُمْ مَعَ أَصْحَابِهِمْ الَّذِينَ وَصَلُوا وَاغْتَنَمُوا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى غَنِمُوا فَلَهُ سَهْمُهُ، كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِسْهَامُ لَهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ خِلَافَ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. وَقَدْ تَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ بِذَلِكَ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَلَكِنْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا ذَكَرْنَا. (بِخِلَافِ) ضَالٍّ (بِبَلَدِهِمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ فَيُسْهَمُ لَهُ وَكَذَا يُسْهَمُ لِأَسَارَى مُسْلِمِينَ ظَفِرْنَا بِهِمْ، وَلَوْ كَانُوا فِي الْحَدِيدِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا دَخَلُوا أَوَّلًا لِلْقِتَالِ وَغُلِبُوا عَلَيْهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. (وَ) بِخِلَافِ (مَرِيضٍ شَهِدَ) أَيْ حَضَرَ ابْتِدَاءَ الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ وَاسْتَمَرَّ يُقَاتِلُ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ عَنْ الْقِتَالِ فَيُسْهَمُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ كَمُقْعَدٍ أَوْ أَعْرَجَ أَوْ أَشَلَّ أَوْ أَعْمَى لَهُ رَأْيٌ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَرِيضُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا. وَكَذَا مَنْ شَهِدَ اللِّقَاءَ مَرِيضًا اهـ. وَشَرَحَ الثَّانِيَةَ فِي التَّوْضِيحِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا يُسْهَمُ لِمَنْ ابْتَدَأَ الْقِتَالَ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إلَى أَنْ هُزِمَ الْعَدُوُّ. اهـ. وَبِهَذَا يَنْبَغِي تَقْرِيرُ كَلَامِهِ هُنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ، فَيَشْمَلُ الصُّوَرَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي جَعَلَهَا " ز " مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ وَتَكُونُ الصُّورَةُ الَّتِي قَرَّرَهُ بِهَا " ز " تَبَعًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 190 كَفَرَسٍ رَهِيصٍ، أَوْ مَرِضَ بَعْدَ أَنْ أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ   [منح الجليل] لِلْحَطِّ مَأْخُوذَةً مِنْهُ بِالْأَحْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَا رَأْيٍ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الَّذِي مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَشَبَّهَ فِي الْإِسْهَامِ فَقَالَ (كَفَرَسٍ رَهِيصٍ) أَيْ مَرِيضٍ فِي بَاطِنِ حَافِرِهِ مِنْ مَشْيِهِ عَلَى حَجَرٍ أَوْ شِبْهِهِ كَوَقْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِصِفَةِ الصَّحِيحِ فَيُرْهِبُ الْعَدُوَّ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِكَرٍّ عَلَيْهِ، وَلَا فِرَارٍ مِنْهُ (أَوْ مَرِضَ) الْفَرَسُ، أَوْ الْفَارِسُ أَوْ الرَّاجِلُ (بَعْدَ أَنْ) قَاتَلَ حَتَّى (أَشْرَفَ عَلَى الْغَنِيمَةِ) هَذَا مُسْتَفَادُ الْإِسْهَامِ لَهُ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْرَضْ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَيْهَا بِأَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا أَوْ مَرِضَ قَبْلَ دُخُولِ أَرْضِ الْعَدُوِّ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقِتَالِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ، وَاسْتَمَرَّ مَرِيضًا فِي الثَّلَاثِ لَكِنَّهُ قَاتَلَ فِيهَا حَتَّى انْقَضَى الْقِتَالُ. (فَقَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِي الْإِسْهَامِ لَهُ نَظَرًا لِقِتَالِهِ وَعَدَمِهِ نَظَرًا إلَى مَرَضِهِ فَكَانَ حُضُورُهُ كَعَدَمِهِ، هَذَا عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْحَطّ، وَأَمَّا عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْقَلْشَانِيُّ مِنْ أَنَّ مَرَضَهُ مَنَعَهُ مِنْ حُضُورِ الْقِتَالِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَمَرِيضٍ شَهِدَ ظَاهِرٌ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَلْشَانِيُّ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِالْإِسْهَامِ لَهُ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا مَنْ حَضَرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 191 وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ،   [منح الجليل] الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ قَبْلَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْإِسْهَامَ لَهُ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمَرِيضٍ شَهِدَ بِالْأَوْلَى، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا صُوَرُ زَوَالِ الْمَانِعِ بِأَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ مَرِيضًا ثُمَّ صَحَّ قَبْلَ دُخُولِ بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْقِتَالِ أَوْ بَعْدَهُمَا، وَقَبْلَ الْإِشْرَافِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ فِيهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي حُصُولِ الْمَانِعِ لَا فِي زَوَالِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ جَارٍ فِي مَرَضِ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى إلَخْ نَحْوُهُ فِي الْحَطّ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْقَلْشَانِيُّ إلَخْ مَا أَفَادَهُ الْقَلْشَانِيُّ نَحْوُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ. فَقَوْلُهُ أَوْ مَرِضَ عَطْفٌ بِأَوْ عَلَى شَهِدَ فَهُوَ فِي مَوْضِعِ صِفَةٍ لِمَرِيضٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ حَضَرَ الْقِتَالَ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَرَضٌ أَوْ وَجَبَ مَغِيبُهُ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى التَّمَامِ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَتْ هَذِهِ أَحْرَوِيَّةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَطّ، بَلْ هِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ الْأُولَى. وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الْمَرِيضُ الْقِتَالَ، وَلَا مَرِضَ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ فَقَوْلَانِ كَمَا قَرَّرَهُ " غ " فَهُوَ فِي صُوَرِ الْخِلَافِ لَمْ يَشْهَدْ الْقِتَالَ بَلْ حَضَرَ بَلَدَ الْحَرْبِ فَقَطْ. وَأَمَّا إنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مَعَ مَرَضِهِ فَيُسْهَمُ لَهُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَتَدْخُلُ أَيْضًا تَحْتَ قَوْلِهِ وَمَرِيضٍ شَهِدَ إلَخْ. وَقَوْلُهُ، وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ إلَّا مَعَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ، وَتَوَهُّمُهُ أَنَّ الْإِسْهَامَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْأُولَى غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَمْ يَشْهَدْ فِيهَا الْقِتَالَ بَعْدَ مَرَضِهِ وَالْأُولَى شَهِدَ الْقِتَالَ فِيهَا مَرِيضًا نَعَمْ لَوْ صَحَّ مَا قَرَّرَهُ " ز " أَوَّلًا تَبَعًا لل " ح "، لَكَانَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا ظَاهِرًا، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ (وَ) يُسْهَمُ (لِلْفَرَسِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْمِصْبَاحِ فَحْلٌ أَوْ خَصِيٌّ (مِثْلَا) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُثَنًّى مِثْلُ كَذَلِكَ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ سَهْمَ (فَارِسِهِ) إمَّا لِعِظَمِ مُؤْنَتِهِ أَوْ لِقُوَّةِ مَنْفَعَتِهِ، وَلِذَا لَا يُسْهَمُ لِبَغْلٍ وَنَحْوِهِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْمُعْتَبَرُ فِي كَوْنِ الْفَارِسِ فَارِسًا كَوْنُهُ كَذَلِكَ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْقِتَالِ وَلَوْ أَوْجَفَ رَاجِلًا. ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 192 وَإِنْ بِسَفِينَةٍ، أَوْ بِرْذَوْنًا، وَهَجِينًا وَصَغِيرًا يُقْدَرُ بِهَا عَلَى الْكَرِّ وَالْفَرِّ وَمَرِيضٍ رُجِيَ،   [منح الجليل] يُسْهَمُ لِخَيْلٍ غُزَاةٍ قَاتَلُوا عَلَى أَرْجُلِهِمْ وَخَيْلِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ لِاسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهَا. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، وَجَعْلُهُ السَّهْمَيْنِ لِلْفَرَسِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا وَلَوْ كَانَ رَاكِبُهُ عَبْدًا أَوْ يَكُونَانِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَحَدُ التَّرَدُّدَيْنِ وَالْآخَرُ هُمَا لِلْفَارِسِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ فِي هَذِهِ وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ إنْ كَانَ بِبَرٍّ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْفَرَسُ أَوْ الْقِتَالُ (بِسَفِينَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ حَمْلِ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ إرْهَابُ الْعَدُوِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] وَهَلْ يُقَيَّدُ الْإِسْهَامُ لَهَا فِي السَّفِينَةِ بِمَا إذَا اُحْتُمِلَ قِتَالُهُمْ بِبَرٍّ وَلَوْ بِبَعْضِ مَكَان كَمَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ أَوَّلًا كَمُسَافِرٍ مَالْطَاةَ عَالِمًا بِعَدَمِ قِتَالِهِمْ بِبَرٍّ أَصْلًا، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِاحْتِمَالِ احْتِيَاجِهِمْ لِلْقِتَالِ عَلَيْهَا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يَنْتَفِي الْحُكْمُ بِانْتِفَائِهِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ (أَوْ) كَانَ الْفَرَسُ (بِرْذَوْنًا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَظِيمَ الْخِلْقَةِ غَلِيظَ الْأَعْضَاءِ إنْ أَجَازَهُ الْإِمَامُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعِرَابُ ضُمَّرٌ رَقِيقَةُ الْأَعْضَاءِ (وَهَجِينًا) مِنْ الْخَيْلِ أَيْ أَبُوهُ عَرَبِيٌّ وَأُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ لَا مِنْ الْإِبِلِ إذْ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَعَكْسُ الْهَجِينِ اسْمُهُ مُقْرِفٌ اسْمُ فَاعِلِ أَقْرَفَ وَهُوَ مَا أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ أَيْ رَدِيءٌ (صَغِيرًا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُمَا الْإِمَامُ (يُقْدَرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (بِهَا) أَيْ الْبِرْذَوْنُ وَالْهَجِينُ وَالصَّغِيرُ (عَلَى الْكَرِّ) عَلَى الْعَدُوِّ (وَالْفَرِّ) مِنْهُ وَقْتَ الْقِتَالِ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ وَقْتَ دُخُولِ أَرْضِهِمْ. (وَ) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (مَرِيضٍ رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (بُرْؤُهُ) وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا أَعْجَفَ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ ابْتِدَائِهِ مَرِيضًا أَوْ مَرِضَ عِنْدَ ابْتِدَائِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ، وَأَمَّا إنْ مَرِضَ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ إلَى انْقِضَائِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهُودُ الْقِتَالِ بَلْ الْفَرَسُ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ يُسْهَمُ لَهُ عِنْدَ مَالِكٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 193 وَمُحَبِّسٍ وَمَغْصُوبٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ، وَمِنْهُ لِرَبِّهِ، لَا أَعْجَفَ، أَوْ كَبِيرٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبَغْلٍ، وَبَعِيرٍ، وَأَتَانٍ   [منح الجليل] قَالَ الْبَاجِيَّ فَأَمَّا الْفَرَسُ الْمَرِيضُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي سَهْمِهِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُسْهَمُ لَهُ. أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُسْهَمُ لَهُ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ شَهِدَ الْقِتَالَ مَعَ أَنَّهُ عَلَى حَالَةٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ وَيُتَرَقَّبُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَاَلَّذِي يُصِيبُهُ الشَّيْنُ الْخَفِيفُ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ الْآنَ فَأَشْبَهَ الْكَبِيرَ. اهـ. فَهُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يُرْجَى بُرْؤُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ الْقِتَالُ عَلَيْهِ، أَوْ قُوتِلَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ يُسْهَمُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فِي الْإِنْسَانِ، وَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ. وَحَمَلَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَعَلَيْهِ فَالْإِسْهَامُ لَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى فَرَسٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى بِرْذَوْنًا وَهُوَ أَوْلَى وَكَذَا مَا بَعْدَهُ. (وَ) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (مُحَبَّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةُ مُثَقَّلَةٌ أَيْ مَوْقُوفٍ لِلْجِهَادِ عَلَيْهِ وَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ لَا لِمُحَبِّسِهِ وَلَا فِي مَصَالِحِهِ كَعَلَفِهِ وَسَهْمَا الْفَرَسِ الْمُعَارِ، قِيلَ لِلْمُسْتَعِيرِ وَقِيلَ لِلْمُعِيرِ (وَ) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (مَغْصُوبٍ) وَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ إنْ غُصِبَ (مِنْ الْغَنِيمَةِ) وَقُوتِلَ عَلَيْهِ فِي غَنِيمَةٍ أُخْرَى وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِلْجَيْشِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَخَذَ فَرَسًا لِعَدُوٍّ قَبْلَ الْقِتَالِ فَقَاتَلَ عَلَيْهِ فَلَهُ سَهْمَاهُ وَعَلَيْهِ لِلْجَيْشِ أُجْرَتُهُ (أَوْ) غَصَبَهُ (مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ) فَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِرَبِّهِ (وَ) سَهْمَا الْفَرَسِ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْهَارِبِ (مِنْهُ) أَيْ الْجَيْشِ (لِرَبِّهِ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى رَاكِبِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ رَبِّهِ غَيْرُهُ فَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ لِرَبِّهِ وَالْمُكْتَرِي فَرَسَهُ سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ (لَا) يُسْهَمُ لِفَرَسٍ (أَعْجَفَ) أَيْ شَدِيدِ الْهُزَالِ (أَوْ) فَرَسٍ (كَبِيرٍ) فِي السِّنِّ جِدًّا إذَا كَانَ (لَا يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ الْأَعْجَفِ وَالْكَبِيرِ. وَأَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَذَكَّرَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرَسَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. (وَبَغْلٍ) وَحِمَارٍ (وَبَعِيرٍ) وَفِيلٍ (وَ) فَرَسٍ (أَتَانٍ) لِمَنْ مَعَهُ فَرَسَانِ وَأَوْلَى أَكْثَرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 194 وَالْمُشْتَرَكُ لِلْمُقَاتِلِ. وَدَفَعَ أَجْرَ شَرِيكِهِ وَالْمُسْتَنَدُ لِلْجَيْشِ: كَهُوَ، وَإِلَّا فَلَهُ: كَمُتَلَصِّصٍ؛ وَخَمَّسَ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا عَلَى الْأَصَحِّ لَا ذِمِّيٌّ، وَمَنْ عَمِلَ سَرْجًا، أَوْ سَهْمًا   [منح الجليل] (وَ) الْفَرَسُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (وَدَفَعَ) الْمُقَاتِلُ عَلَيْهِ (أَجْرَ) حِصَّةِ (شَرِيكِهِ) وَإِنْ تَدَاوَلَا الْقِتَالَ، وَعَلَيْهِ فَبَيْنَهُمَا إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَلِكُلٍّ مَا حَضَرَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ أُجْرَتِهِ (وَ) الْمُسْلِمُ الْغَائِبُ عَنْ الْجَيْشِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا (الْمُسْتَنَدُ لِلْجَيْشِ) فِي دُخُولِهِ أَرْضَ الْعَدُوِّ (كَهُوَ) أَيْ الْجَيْشِ فِي الْقَسْمِ فَيَقْسِمُ الْجَيْشُ عَلَيْهِ مَا غَنِمُوهُ فِي غَيْبَتِهِ وَيَقْسِمُ الْجَيْشُ مَا غَنِمَهُ فِي غَيْبَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَوَصَّلَ لَهُ بِسَبَبِهِ وَقُوَّتِهِ وَلِخَبَرِ «يَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ» . وَأَفَادَ التَّشْبِيهُ أَنَّهُ مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُ فَإِنْ كَانَ لَا يُسْهَمُ لَهُ كَعَبْدٍ وَذِمِّيٍّ فَلِلْجَيْشِ، مَا غَنِمَهُ الْمُسْتَنَدُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ غَنِيمَةِ الْجَيْشِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَافِئًا لِلْجَيْشِ فِي الْقُوَّةِ أَوْ هُوَ الْأَقْوَى فَتُقْسَمُ الْغَنِيمَةُ نِصْفَيْنِ قَبْلَ تَخْمِيسِهَا نِصْفٌ لِلْجَيْشِ وَيُخَمَّسُ وَنِصْفٌ لِلْمُسْتَنَدِ يُخَمَّسُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَإِلَّا فَلَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِلْجَيْشِ الْغَائِبِ عَنْهُ وَلَمْ يَتَقَوَّ بِهِ بِأَنْ دَخَلَ أَرْضَ الْحَرْبِ وَحْدَهُ (فَلَهُ) مَا غَنِمَهُ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ الْجَيْشِ فَلَا يُنَافِي تَخْمِيسَهُ. وَشَبَّهَ فِي الِاخْتِصَاصِ فَقَالَ (كَمُتَلَصِّصٍ) أَيْ دَاخِلٍ أَرْضَ الْحَرْبِ خِفْيَةً وَأَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنِسَائِهِمْ شَيْئًا فَيَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْجَيْشِ (وَخَمَّسَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَسَّمَ (مُسْلِمٌ) مَا غَنِمَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ وَوَضَعَ أَحَدَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاخْتَصَّ بِالْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ إنْ كَانَ حُرًّا. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُ (عَبْدًا عَلَى الْأَصَحِّ) ابْنُ عَاشِرٍ لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ، وَلَعَلَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لِلْغَزْوِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِخُرُوجِهِ لَهُ (لَا) يُخَمِّسُ (ذِمِّيٌّ) اسْتَنَدَ لِلْجَيْشِ أَمْ لَا مَا أَخَذَهُ فَيَخْتَصُّ بِهِ (وَ) لَا يُخَمِّسُ (مَنْ عَمِلَ) مِنْ الْجَيْشِ (سَرْجًا أَوْ سَهْمًا) مِنْ الْغَنِيمَةِ مَا عَمِلَهُ فَيَخْتَصُّ بِهِ لَفْظُ التَّهْذِيبِ مَنْ نَحَتَ سَرْجًا أَوْ بَرَى سَهْمًا أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 195 وَالشَّأْنُ الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ، وَهَلْ يَبِيعُ لِيَقْسِمَ؟ قَوْلَانِ: وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ إنْ أَمْكَنَ   [منح الجليل] صَنَعَ مِشْجَبًا بِبَلَدِ الْعَدُوِّ فَهُوَ لَهُ، وَلَا يُخَمَّسُ إذَا كَانَ يَسِيرًا. أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ إذْ كَانَ يَسِيرًا وَإِنَّمَا فِيهَا لَا يُخَمَّسُ، قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ، وَلِذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَالْمِشْجَبُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ آلَةٌ مِنْ أَعْوَادِ ثَلَاثَةٍ مَقْرُونَةٍ مِنْ أَعْلَاهَا مُفَرَّجَةٍ مِنْ أَسْفَلِهَا تُنْشَرُ عَلَيْهَا الثِّيَابُ وَتُعَلَّقُ فِيهَا الْقِرَبُ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَمِلَ أَنَّ مَا يَكُونُ مَعْمُولًا وَأَصْلَحَهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ. (وَالشَّأْنُ) أَيْ السُّنَّةُ الَّتِي فَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمِلَ السَّلَفُ بِهَا (الْقَسْمُ) لِغَنَائِمِ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ (بِبَلَدِهِمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ تَعْجِيلًا لِمَسَرَّةِ الْغَانِمِينَ وَذَهَابِهِمْ لِأَوْطَانِهِمْ وَنِكَايَةً لِلْعَدُوِّ فَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ «؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَرْجِعْ مِنْ غَزْوَةٍ فِيهَا مَغْنَمٌ إلَّا خَمَّسَهُ، وَقَسَّمَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ كَبَنِي الْمُصْطَلِقِ وَحُنَيْنٍ وَخَيْبَرَ» ثُمَّ لَمْ يَزَلْ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ عَلَى ذَلِكَ. (وَهَلْ) يَنْبَغِي أَنْ (يَبِيعَ) الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ الْغَنِيمَةَ (لِيَقْسِمَ) ثَمَنَهَا خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَيَجْعَلَ أَحَدَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَقْسِمَ الْأَرْبَعَةَ عَلَى الْجَيْشِ بِالسَّوِيَّةِ لِلرَّجُلِ سَهْمٌ وَلِلْفَرَسِ سَهْمَانِ قَالَهُ سَحْنُونٌ، أَوْ يُخَيَّرَ فِيهِ وَفِي قَسْمِ الْأَعْيَانِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) فَهُمَا جَارِيَانِ فِي الْخُمُسِ أَيْضًا، وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَبَحَثَ فِي بَيْعِهَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ بِأَنَّهُ ضَيَاعٌ؛ لِرُخْصِهَا بِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْغَانِمِينَ لِأَنَّهُمْ الْمُشْتَرُونَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَسْنُونٌ يَنْبَغِي بَيْعُ الْإِمَامِ عُرُوضَ الْغَنِيمَةِ بِالْعَيْنِ ثُمَّ يَقْسِمُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي الْعُرُوضَ قَسَمَهَا أَخْمَاسًا ثَمَّ عَلَى الْغَانِمِينَ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَقْسِمُ الْإِمَامُ كُلَّ صِنْفٍ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ يُسْهِمُ عَلَيْهَا فَيَبِيعُ لِلنَّاسِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ أَوْ يَبِيعُ الْجَمِيعَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَيُخْرِجُ خُمُسَ الثَّمَنِ اهـ. وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ رَأَى أَنْ يَقْسِمَهَا خَمْسَةَ أَقْسَامٍ وَإِنْ رَأَى أَنْ يَبِيعَ الْجَمِيعَ ثُمَّ يَقْسِمَ الْأَثْمَانَ فَذَلِكَ. (وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ) مِنْ الْغَنِيمَةِ وُجُوبًا وَقُسِمَ أَخْمَاسًا (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ شَرْعًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 196 عَلَى الْأَرْجَحِ وَأَخَذَ مُعَيَّنٌ وَإِنْ ذِمِّيًّا: مَا عُرِفَ لَهُ قَبْلَهُ مَجَّانًا،   [منح الجليل] وَحِسًّا بِأَنْ اتَّسَعَ وَجَازَ تَفْرِيقُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ حِسًّا لِضِيقِهِ أَوْ شَرْعًا لِحُرْمَةِ تَفْرِيقِهِ كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا دُونَ إثْغَارٍ وَحُلِيٍّ فِي قَسْمِهِ إضَاعَةُ مَا ضُمَّ لِغَيْرِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ وَنَصُّهُ لَمْ يُرَجِّحْ ابْنُ يُونُسَ هُنَا شَيْئًا وَإِنَّمَا رَجَّحَ هَذَا الْبَاجِيَّ غ الَّذِي اخْتَارَ هَذَا هُوَ اللَّخْمِيُّ لَا ابْنُ يُونُسَ مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ فِي السِّلَعِ فَقِيلَ تَجْمَعُ فِي الْقَسْمِ ابْتِدَاءً. وَقِيلَ إنْ حَمَلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقَسَمَ بِانْفِرَادِهِ فَلَا يُجْمَعُ وَإِلَّا جُمِعَ وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقَلُّ غَرَرًا. اهـ. فَمَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا. وَفِي التَّوْضِيحِ وَهْمٌ أَوْ تَصْحِيفٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نُسْخَتِهِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. طفي وَهُوَ صَوَابٌ إذْ ابْنُ يُونُسَ نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ شَيْئًا. (وَأَخَذَ) شَخْصٌ (مُعَيَّنٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً أَيْ مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ حَاضِرٌ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (ذِمِّيًّا) لِعِصْمَةِ مَالِهِ فَيَأْخُذُ (مَا) أَيْ الشَّيْءَ الَّذِي (عُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنَّهُ (لَهُ) أَيْ الْمَعْصُومُ وَلَوْ ذِمِّيًّا (قَبْلَهُ) أَيْ الْقَسْمِ صِلَةُ عُرِفَ فَيَأْخُذُهُ (مَجَّانًا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَضَبْطُ مُعَيَّنٍ اسْمُ مَفْعُولٍ أَوْلَى مِنْ ضَبْطِهِ بِكَسْرِ الْيَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ، أَيْ أَخَذَ مَنْ عَيَّنَ شَيْئًا مَا عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْغَائِبَ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَهُ قِسْمًا مِمَّا هُنَا، وَأَعَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ عُرِفَ الَّذِي تَبِعَ فِيهِ الْمُدَوَّنَةَ، وَعَدَلَ إلَيْهِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثَبَتَ مَا عُرِفَ بِبَيِّنَةٍ وَبِغَيْرِهَا كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَسْكَرِ كَمَا قَالَ الْبَرْقِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ لَا يُقْسَمُ مَا عَرَفَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ أَنَّهُ لِمُعَيَّنٍ مَعْصُومٍ، قَالَا: وَإِنْ وُجِدَ أَحْمَالُ مَتَاعٍ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا هَذَا لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَعُرِفَ بَلَدُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ وَوُقِفَ حَتَّى يُبْعَثَ لِذَلِكَ الْبَلَدِ وَيُكْشَفَ عَنْ اسْمِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عُرِفَ فَلَا قَسْمَ وَإِلَّا قُسِمَ. وَنَصُّ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قَبْلَ الْقَسْمِ فَإِنْ عُلِمَ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا رُدَّ مَجَّانًا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِعَيْنِهِ قُسِمَ وَلَمْ يُوقَفْ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 197 وَحَلَفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا، وَإِلَّا بِيعَ لَهُ، وَلَمْ يُمْضَ قَسْمُهُ إلَّا لِتَأَوُّلٍ عَلَى الْأَحْسَنِ، لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ،   [منح الجليل] هَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِعِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَهِيَ إنْ عُرِفَ رَبُّهُ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الثُّبُوتِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا هُوَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ كَالْبَيِّنَةِ، وَلَفْظُ الْمَعْرِفَةِ وَالِاعْتِرَافِ فِيمَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَا أَدْرَكَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ قَسْمِهِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَهَذَا يُبَيِّنُ لَك الْحَقَّ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ فِي الْغَنِيمَةِ إلَخْ مُخَالِفَةً لِعِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إنْ عُرِفَ رَبُّهُ إلَخْ، وَشَمِلَ أَيْضًا الْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ وَالْمُكَاتَبَ فَيَأْخُذُ كُلًّا رَبُّهُ الْمُعَيَّنُ، وَلَا تَسَلُّطَ لِلْجَيْشِ عَلَى خِدْمَةِ الْأَوَّلَيْنِ، وَلَا عَلَى كِتَابَةِ الثَّالِثِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. (وَحَلَفَ) الْمُعَيَّنُ (أَنَّهُ) أَيْ مَا عَرَفَ لَهُ (مِلْكَهُ) لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ إلَى حِينِ إرَادَةِ أَخْذِهِ (وَ) إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَائِبًا عَنْ مَحَلِّ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ (حُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مَا عُرِفَ (أَنَّهُ إنْ كَانَ) حَمْلُهُ (خَيْرًا) لَهُ مِنْ بَيْعِهِ بِمَحَلِّ الْقَسْمِ لِرُخْصِهِ بِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُ خَيْرًا مِنْ بَيْعِهِ بِأَنْ كَانَ بَيْعُهُ خَيْرًا أَوْ اسْتَوَيَا (بِيعَ) مَا عُرِفَ لِمُعَيَّنٍ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَحُمِلَ (لَهُ) أَيْ الْمُعَيَّنُ ثَمَنُهُ (وَ) إنْ قَسَمَ الْإِمَامُ مَا عُرِفَ لِمُعَيَّنٍ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ غَائِبٍ عَنْ الْجَيْشِ (لَمْ يُمْضَ قَسْمُهُ) فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مِمَّنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِلَا عِوَضٍ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا) قَسْمُهُ (لِتَأَوُّلٍ) أَيْ تَقْلِيدٍ لِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَالْأَوْزَاعِيِّ: إنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهِ قَهْرًا فَيُمْضِي قَسْمَهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ إلَّا بِثَمَنِهِ أَنْ يَبِيعَ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يُمْضَ قَسْمُهُ تَعَمُّدًا لِلْبَاطِلِ أَوْ جَهْلًا مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِلْقَوْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ جَهْلًا أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ بَاطِلٌ إجْمَاعًا وَإِنْ وَافَقَ قَوْلًا فَيَجِبُ نَقْضُهُ قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَسَيُشِيرُ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَضَاءِ بِقَوْلِهِ وَنُبِذَ حُكْمُ جَائِرٍ وَجَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ. (لَا) يُوقَفُ مَا عُرِفَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ) رَبُّهُ أَيْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ، وَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 198 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَاحِيَتِهِ كَمُصْحَفٍ وَكِتَابِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ فَيُقْسَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَغْلِيبًا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ، وَالنَّقْلُ جَوَازُ قَسْمِهِ ابْتِدَاءً. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا تُفِيدُهُ سَوَاءٌ أَخْرَجْته مِنْ قَوْلِهِ أَخَذَ مُعَيَّنٌ أَمْ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يُمْضَ قَسْمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا غُنِمَ مِمَّا مَلَكَهُ كَافِرٌ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ كُرْهًا إنْ حَضَرَ رَبُّهُ قَبْلَ قَسْمِهِ أَخَذَهُ مَجَّانًا. ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ عُرِفَ وَغَابَ فَطُرُقُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٌ يُوقَفُ لَهُ وَلَوْ كَانَ بِالصِّينِ. مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ خَيْرًا لِرَبِّهِ بَعْثُهُ بِكِرَاءٍ وَنَفَقَةٍ فَعَلَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا وَقَفَ لَهُ ثَمَنَهُ وَلَزِمَهُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ بِيعَ نَظَرًا. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ نُقِلَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَإِنْ أَتَى أَجْرُ حَمْلِهِ عَلَى أَكْثَرِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحْمِلُهُ بَعَثَ لَهُ بِثَمَنِهِ وَإِلَّا أَكْرَى لَهُ عَلَيْهِ. ابْنُ بَشِيرٍ فِي بَيْعِهِ وَبَعْثِهِ فِي الرِّوَايَاتِ إشَارَةٌ إلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَنْظُرُ الْإِمَامُ لِرَبِّهِ الْأَصْلَحَ. الْبَاجِيَّ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِيمَا غَابَ رَبُّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ قُسِمَ. اللَّخْمِيُّ لَوْ عُلِمَ الْبَلَدُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَسْمُهُ الْبَرْقِيُّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ إنْ وُجِدَ عَلَيْهِ هَذَا لِفُلَانٍ ابْنِ فُلَانٍ كَكَتَّانِ مِصْرَ وُقِفَ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ بِبَلَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ رَبُّهُ قُسِمَ وَلَوْ عَرَفَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَا يُقْسَمُ. قُلْت عَزَا الشَّيْخُ الْأَوَّلَ لِنَصِّ سَحْنُونٍ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ وَلَوْ جُهِلَ عَيْنُ رَبِّهِ فَفِي قَسْمِهِ وَوَقْفِهِ رَجَاءَ أَنْ يُعْرَفَ كَاللُّقَطَةِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ قُسِمَ ثَالِثُهَا حَتَّى يَأْتِيَ رَبُّهُ، ثُمَّ قَالَ، وَفِي أَخْذِهِ رَبُّهُ إنْ حَضَرَ بِمُوجِبِ الِاسْتِحْقَاقِ طُرُقُ مُقْتَضًى. نَقْلِ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَمُحَمَّدٌ بَعْثُهُ لِرَبِّهِ الْغَائِبِ عَدَمُ يَمِينِهِ. الْمَازِرِيُّ كَالِاسْتِحْقَاقِ فِي إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَيَمِينِهِ. ابْنُ بَشِيرٍ فِي وَقْفِهِ عَلَيْهِ وَأَخْذِهِ إيَّاهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ مَعَ يَمِينِهِ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى مِلْكِ الْغَنِيمَةِ بِالْقَسْمِ لَا قَبْلَهُ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ بَاعَ الْإِمَامُ مَا عُرِفَ رَبُّهُ فَقَالَ الشَّيْخُ إنْ بَاعَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا فَفِي أَخْذِهِ مَجَّانًا أَوْ بِثَمَنِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ قَضَاهُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ بَاعَهُ جَهْلًا أَوْ تَأَوُّلًا فَفِي أَخْذِهِ رَبُّهُ مَجَّانًا أَوْ بِثَمَنِهِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مُحْتَجًّا بِمَا تَقَدَّمَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ جَهْلًا أَوْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ يُوجِبُ نَقْضَهُ وَإِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 199 بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ   [منح الجليل] وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ إجْمَاعًا. الصِّقِلِّيُّ عَنْ أَشْهَبَ مَا عُلِمَ رَبُّهُ وَقُدِرَ عَلَى إيصَالِهِ دُونَ كَثِيرِ مُؤْنَةٍ كَعَبْدٍ وَسَيْفِ فَبَاعُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ لَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا. وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَا بِيعَ وَرَبُّهُ مَعْرُوفٌ لِغَيْبَةٍ أَخَذَهُ مَجَّانًا وَمَا أَدْرَكَهُ بَيْعٌ أَوْ قَسْمٌ لِجَهْلِهِ، فَفِي أَوْلَوِيَّةِ رَبِّهِ بِهِ بِعِوَضِهِ وَفَوْتِهِ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَ ابْنُ زَرْقُونٍ رِوَايَةَ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَوْهَرِيِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْبَاجِيَّ مَا قُسِمَ دُونَ بَيْعٍ أَخَذَهُ رَبُّهُ بِقِيمَتِهِ. قُلْت يَوْمَ قَسْمِهِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَالُ الذِّمِّيِّ فِي ذَلِكَ كَالْمُسْلِمِ (بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ) تُوجَدُ عِنْدَهُمْ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا ذَلِكَ أَوْ يَجِدُهَا أَحَدٌ مِنْ الْجَيْشِ بِبَلَدِهِمْ فَلَا تُقْسَمُ، وَتُوقَفُ اتِّفَاقًا. ثُمَّ إنْ عُرِفَ رَبُّهَا بِعَيْنِهِ حُمِلَتْ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ. طفي وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ مَا أَخَذَهُ الْحَرْبِيُّونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ حَصَلَ لَهُمْ، سَوَاءٌ أَخَذُوهُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فِي بَابِهَا فَإِنَّهَا تُوقَفُ، فَالْمُرَادُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ، فَإِنَّ الْمَالِكَ غَيْرُهُ مُعَيَّنٌ فِيهِمَا. وَقَالُوا بِالْقَسْمِ وَعَدَمِ الْإِيقَافِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الْإِيقَافِ فِي اللُّقَطَةِ الْآتِيَةِ فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ عَلَى الْجُمْلَةِ فَهَلْ يُقْسَمُ أَوْ يُوقَفُ لِصَاحِبِهِ كَاللُّقَطَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقْسَمُ بِنَاءً عَلَى مِلْكِ الْغَانِمِينَ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ فِي الْمُنْتَقَى أَخْذُ أَهْلِ الشِّرْكِ لِشَيْءٍ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ شُبْهَةُ مِلْكٍ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَمْلِكُونَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَصِحُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَمْلِكَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَهُ وَيُصَحِّحُهُ إسْلَامُهُ عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللُّقَطَةَ الَّتِي الْتَقَطُوهَا تَدْخُلُ فِي هَذَا، فَإِذَا غَنِمْنَا أَمْوَالَهُمْ فَهِيَ مِنْ جُمْلَتِهَا، فَإِنْ عُلِمَتْ لِمُسْلِمٍ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ قُسِمَتْ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا أَحْرَزَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مِنْ عَبْدٍ أَوْ عَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَوْ أَبِقَ إلَيْهِمْ ثُمَّ غَنِمْنَاهُ فَإِنْ عُرِفَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ كَانَ أَحَقَّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَا يُقْسَمُ وَيُوقَفُ لَهُ إنْ غَابَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ رَبُّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 200 وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ،   [منح الجليل] بِعَيْنِهِ وَعُرِفَ أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ قُسِمَ. اهـ. فَالْآبِقُ لَمْ يَأْخُذْهُ الْحَرْبِيُّ بِالْقَهْرِ وَجُعِلَ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ مَالِكًا بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبِقَ وَأَنَّ فَرَسًا لَهُ عَارَ فَأَصَابَهُمَا الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ غَنِمَهُمَا الْمُسْلِمُونَ فَرُدَّا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُصِيبَهُمَا الْمَقَاسِمُ. اهـ. وَعَارَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ انْطَلَقَ مِنْ مَرْبِطِهِ وَذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ، هَذَا حُكْمُ اللُّقَطَةِ بِأَيْدِي الْحَرْبِيِّينَ أَمَّا مَا الْتَقَطَهُ أَحَدُ الْجَيْشِ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ وَلَمْ يُعْلَمْ اسْتِقْرَارُ أَيْدِي الْكُفَّارِ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِثْلُهَا الْحَبْسُ الثَّابِتُ تَحْبِيسُهُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَقَطْ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ قَسْمِهِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَكْتُبُ ذَلِكَ عَلَى شَيْئِهِ لِمَنْعِهِ مِمَّنْ يُرِيدُ غَصْبَهُ مِنْهُ وَلِمَنْ فَعَلَ هَذَا بِشَيْئِهِ بَيْعُهُ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَحْبِيسَهُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَاللَّخْمِيِّ. (وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ (لِأَجَلٍ وَ) خِدْمَةُ (مُدَبَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وُجِدَا فِي الْغَنِيمَةِ وَعُرِفَا لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ قُسِمَ تَأْوِيلًا أَوْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَمْلُهُمَا خَيْرًا لَهُ ثُمَّ إنْ قَدِمَ بِهِمَا الْمُشْتَرِي فَلِسَيِّدِهِمَا فِدَاؤُهُمَا فِي الْأُولَيَيْنِ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَهُ فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ إلَخْ، فَهُوَ كَالْمُفَرَّعِ عَلَى مَا هُنَا وَلَيْسَ لَهُ فِدَاؤُهُمَا فِي الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ لَهُ وَإِذَا بِيعَتْ خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَإِنْ اسْتَخْدَمَهُ مُشْتَرِيهِ لِلْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمُعْتِقِهِ، وَإِنْ ظَهَرَ مُعْتِقُهُ بَعْدَ خِدْمَتِهِ نِصْفَ الْأَجَلِ مَثَلًا خَيْرٌ فِي فِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ لِلُزُومِهِ لَهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ خِدْمَةُ أَنَّ رَقَبَتَهُ لَا تُبَاعُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَلَوْ بِيعَتْ رَقَبَتُهُ ثُمَّ ظَهَرَ بِهِ فَلَهُ فِدَاؤُهُ، فَإِنْ تَرَكَهُ صَارَ حَقُّ مُشْتَرِيهِ فِي خِدْمَتِهِ بِحِسَابِهِ بِهَا مِنْ ثَمَنِهِ وَيَخْرُجُ حُرًّا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ هَذَا بِقَوْلِهِ وَتَرْكُهُمَا مُسَلِّمًا لِخِدْمَتِهِمَا وَلَوْ حَلَّ أَجَلُ عِتْقِهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ مِنْ خِدْمَتِهِ خَرَجَ حُرًّا، وَلَا يَتْبَعُهُ مُشْتَرِيهِ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ مِنْهَا قَبْلَ أَجَلِهِ بَقِيَتْ خِدْمَتُهُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ إلَيْهِ، وَلَا تَرْجِعُ لِمُعْتِقِهِ عَلَى الرَّاجِحِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201 وَكِتَابَةٌ لَا أُمِّ وَلَدٍ، وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ،   [منح الجليل] وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْعَ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بَيْعُ جَمِيعِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ؛ لِأَنَّهَا مَحْدُودَةٌ بِحَيَاةِ سَيِّدِهِ، وَهِيَ مَجْهُولَةُ الْغَايَةِ. وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاجِرَ زَمَنًا مَحْدُودًا بِمَا تُظَنُّ حَيَاةُ سَيِّدِهِ إلَيْهِ بِدُونِ زِيَادَةٍ عَلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا، ثُمَّ مَا زَادَ مِنْ خِدْمَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ عَاشَ الْمُدَبَّرُ وَسَيِّدُهُ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَكَاللُّقَطَةِ لِتَفَرُّقِ الْجَيْشِ وَعَدَمِ تَعَيُّنِ مُسْتَحَقِّهَا فَيُوضَعُ خَرَاجُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ. (وَ) بِيعَتْ (كِتَابَةٌ) لِمُكَاتَبٍ فَإِنْ أَدَّى نُجُومَهَا لِمُشْتَرِيهَا عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ عِلْمِ عَيْنِ سَيِّدِهِ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمُشْتَرِيهَا وَإِنْ عُلِمَ سَيِّدُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ عَادَ، وَلَاؤُهُ لَهُ (لَا) تُبَاعُ خِدْمَةُ (أُمِّ وَلَدٍ) لِمُسْلِمٍ لَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ وُجِدَتْ فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهَا فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ، وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَالِاسْتِمْتَاعُ لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ لَغْوٌ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا قَالَهُ سَالِمٌ وَتَبِعَهُ عب. الْبُنَانِيُّ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَهُوَ يُفَوِّتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا إنْ ظَهَرَ فَالظَّاهِرُ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهَا عَلَى حَالِهَا. اهـ. وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرُ وَالْإِيلَادُ بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدَانِ أَشْهَدَنَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَنَّ سَيِّدَهُ دَبَّرَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ لِأَجَلٍ أَوْ أَوْلَدَهَا، وَلَمْ نَسْأَلْهُمَا عَنْ اسْمِهِ أَوْ سَمَّيَاهُ وَنَسِينَاهُ. (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الَّذِي عُرِفَ بِعَيْنِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَيْعُ مَا عُرِفَ لَهُ أَوْ قَسْمُهُ تَأَوُّلًا أَوْ جَهْلًا بِأَنَّهُ لِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ أَوْ عَلِمَا بِأَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَقْسُومِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ جَبْرًا عَلَيْهِ (بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ، وَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَسْمِهِ إنْ قُسِمَ بِلَا بَيْعٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. خَلِيلٌ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا الْمَبِيعُ أَوْ الْمَقْسُومُ مَعَ مَعْرِفَةِ رَبِّهِ بِعَيْنِهِ جَهْلًا أَوْ تَعَمُّدًا لِلْبَاطِلِ فَلَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا (وَ) لَهُ أَخْذُهُ (بِ) الْعِوَضِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي بِيعَ أَوْ قُوِّمَ بِهِ فِي حَالِ الْقَسْمِ (إنْ تَعَدَّدَ) الْعَقْدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ سَقَطَ حَقُّهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ بِالْأَوَّلِ فَقَدْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202 وَأُجْبِرَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الثَّمَنِ، وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أَعْدَمَ، إلَّا أَنْ تَمُوتَ هِيَ أَوْ سَيِّدُهَا، وَلَهُ فِدَاءُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَمُدَبَّرٍ لِحَالِهِمَا،   [منح الجليل] سَلِمَ صِحَّةُ مِلْكِ آخِذِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَلَزِمَهُ صِحَّةُ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ وَالشَّفِيعُ إذَا سَلَّمَ لِلْأَوَّلِ صَارَ شَرِيكَهُ، فَاسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ. (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ السَّيِّدُ (فِي أُمِّ الْوَلَدِ) لَهُ إذَا بِيعَتْ أَوْ قُوِّمَتْ جَهْلًا بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لِمُسْلِمٍ فَيُجْبَرُ (عَلَى) فِدَائِهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ بِ (الثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ مَلِيًّا (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ السَّيِّدُ (بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (إنْ أُعْدِمَ) السَّيِّدُ أَيْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ أَوْ قُسِمَتْ بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ مُسْلِمٍ فَيَأْخُذُهَا مَجَّانًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَمُوتَ هِيَ) أَيْ أُمُّ الْوَلَدِ قَبْلَ عِلْمِ سَيِّدِهَا كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَالنَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ، أَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لَهُ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ سَحْنُونٍ أَيْضًا فَيَسْقُطُ عَنْ سَيِّدِهَا إذْ الْقَصْدُ تَخْلِيصُهَا وَقَدْ تَعَذَّرَ بِمَوْتِهَا. (أَوْ) يَمُوتُ (سَيِّدُهَا) قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى تَرِكَتِهِ، وَلَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً بِمَوْتِهِ، وَلَيْسَ فِدَاؤُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيصٌ لَهَا وَقَدْ خَلَصَتْ بِمَوْتِهِ (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (فِدَاءُ) رِقِّ (مُعْتَقٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ (لِأَجَلٍ وَ) فِدَاءُ رِقِّ (مُدَبَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِيعَتْ رَقَبَتُهَا جَهْلًا بِحَالِهِمَا، عَلَى هَذَا حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي يَتَأَتَّى عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي مِنْ الِاتِّبَاعِ بِمَا بَقِيَ، وَالْخِلَافُ فِي تَسْلِيمِ الْخِدْمَةِ تَمْلِيكًا أَوْ عَلَى التَّقَاضِي، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي بَيْعِ رَقَبَتِهِمَا جَهْلًا بِحَالِهِمَا وَعَلَيْهِ يَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَايَةِ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ. الْبُنَانِيُّ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا يَشْمَلُ بَيْعَ خِدْمَتِهِمَا أَيْضًا، وَهَذِهِ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَهُ بَعْدَهُ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهَا ثَانِيًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَإِذَا فُدِيَا رَجَعَا (لِحَالِهِمَا) الْأَوَّلِ وَهُوَ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 203 وَتَرْكُهُمَا مُسَلِّمًا لِخِدْمَتِهِمَا، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ، فَحُرٌّ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ: كَمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُسِمَا وَلَمْ يُعْذَرْ فِي سُكُوتِهِمَا بِأَمْرٍ، وَإِنْ حَمَلَ بَعْضُهُ رُقَّ بَاقِيهِ،   [منح الجليل] الْمُعْتَقِ لَهُ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْمُدَبَّرِ. (وَ) لَهُ (تَرْكُهُمَا) أَيْ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالْمُدَبَّرِ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْلِمًا لِخِدْمَتِهِمَا) لِمَنْ هُمَا بِيَدِهِ إلَى الْأَجَلِ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَإِلَى مَوْتِ السَّيِّدِ فِي الْمُدَبَّرِ تَمْلِيكًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَوْفَى ثَمَنَهُ مِنْ خِدْمَتِهِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَمَوْتِ السَّيِّدِ فَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ فَيَمْلِكُ خِدْمَتَهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَثُرَتْ وَإِنْ انْقَضَى الْأَجَلُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَلَا يَتْبَعُ الْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ بِشَيْءٍ بَعْدَهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَتَقَاضَيَا عِنْدَ سَحْنُونٍ وَعَلَيْهِ فَتَرْجِعُ الْخِدْمَةُ لِلسَّيِّدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، وَالْأَجَلُ بَاقٍ أَوْ السَّيِّدُ حَيٌّ وَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ خَرَجَ حُرًّا وَأَتْبِعَ بِمَا بَقِيَ. (فَإِنْ مَاتَ) السَّيِّدُ (الْمُدَبِّرُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ (قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) لِلثَّمَنِ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ (فَ) هُوَ (حُرٌّ إنْ حَمَلَ) قِيمَتْ (هـ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (الثُّلُثُ) لِتَرِكَةِ سَيِّدِهِ (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُدَبَّرِ (بِمَا بَقِيَ) مِنْ ثَمَنِهِ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ بِتَسْلِيمِهِ تَقَاضِيًا، وَلَكِنَّ اتِّبَاعَ الْمُدَبَّرِ بِمَا بَقِيَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. وَشَبَّهَ فِي الْإِتْبَاعِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُسِمَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي الْغَنِيمَةِ جَهْلًا بِحَالِهِمَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُمَا (لَمْ يُعْذَرَا) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ (فِي سُكُوتِهِمَا) حَالَ قَسْمِهِمَا عَنْ بَيَانِ حَالِهِمَا أَوْ صِلَةُ يُعْذَرَا (بِأَمْرٍ) كَصِغَرٍ وَبَلَهٍ وَعُجْمَةٍ فَيُتْبَعَانِ بِمَا وَقَعَا بِهِ فِي الْقَسْمِ مَعَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهِمَا اتِّفَاقًا، فَإِنْ عُذِرَا فِيهِ بِأَمْرٍ فَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ. (وَإِنْ حَمَلَ) الثُّلُثُ (بَعْضَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (عَتَقَ) الْبَعْضُ الَّذِي حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ (وَرُقَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ (بَاقِيهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَهَلْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 204 وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ أَدَّى الْمَكَاتِبُ ثَمَنَهُ، فَعَلَى حَالِهِ، وَإِلَّا فَقِنٌّ أُسْلِمَ أَوْ فُدِيَ. وَعَلَى الْآخِذِ إنْ عَلِمَ بِمِلْكٍ مُعَيَّنٍ: تَرْكُ تَصَرُّفٍ لِيُخَيِّرَهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ مَضَى   [منح الجليل] يَتْبَعُهُ بِمَا يَنُوبُ الْبَعْضَ الَّذِي عَتَقَ أَوْ لَا قَوْلَانِ (وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ) لِلسَّيِّدِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ لِتَرْكِهِ سَيِّدَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ شَيْئًا مِنْهُ رُقَّ جَمِيعُهُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ. (بِخِلَافِ) حُصُولِ (الْجِنَايَةِ) مِنْ الْمُدَبَّرِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ فِي أَرْشِهَا وَمَاتَ وَثُلُثُهُ يَحْمِلُ بَعْضَهُ فَيُخَيَّرُ وَارِثُهُ فِيمَا رُقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ رِقًّا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْشِهَا؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ فَخُيِّرَ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ آلَ إلَى خِلَافِ مَا أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ (وَإِنْ أَدَّى) الشَّخْصُ (الْمُكَاتَبُ) الَّذِي بِيعَتْ رَقَبَتُهُ جَهْلًا بِحَالِهِ (ثَمَنَهُ) لِمَنْ اشْتَرَاهُ (فَ) يَرْجِعُ مُكَاتَبًا (عَلَى حَالِهِ) وَأَمَّا إنْ بِيعَتْ كِتَابَتُهُ فَأَدَّاهَا فَيَخْرُجُ حُرًّا، وَأَمَّا لَوْ بِيعَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مُكَاتَبٌ فَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْمُكَاتَبُ ثَمَنَهُ وَعَجَزَ (فَ) هُوَ (قِنٌّ) أَيْ رِقٌّ خَالِصٌ مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ سَوَاءٌ (أُسْلِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ (أَوْ فُدِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِسَيِّدِهِ الْخِيَارُ ابْتِدَاءً فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ بِالْكِتَابَةِ. (وَعَلَى الْآخِذِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ (إنْ عَلِمَ) الْآخِذُ بَعْدَ أَخْذِهِ أَنَّهُ جَارٌ (بِمِلْكٍ) مَالِكٍ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، وَالْمُثَنَّاةُ تَحْتُ مُشَدَّدَةٌ فَعَلَيْهِ (تَرْكُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (تَصَرُّفٍ) فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهَا بِوَجْهٍ مُسَوِّغٍ لِأَخْذِهِ كَعَدَمِ تَعَيُّنِ رَبِّهِ عِنْدَ أَمِيرِ الْجَيْشِ فَيَتْرُكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ (لِيُخَيِّرَهُ) أَيْ الْأَخْذُ الْمُعَيَّنُ فِي أَخْذِهِ بِثَمَنِهِ أَوْ تَرْكِهِ لَهُ (وَإِنْ تَصَرَّفَ) الْآخِذُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ (مَضَى) تَصَرُّفُهُ فَلَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 205 كَالْمُشْتَرِي مِنْ حَرْبِيٍّ بِاسْتِيلَادٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ لِلتَّخْيِيرِ وَمُضِيِّهِ إنْ وَقَعَ فَقَالَ (كَالْمُشْتَرِي) مِلْكَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مُعَيَّنٍ (مِنْ حَرْبِيٍّ) فِي بِلَادِ الْحَرْبِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ حَتَّى يُخَيَّرَ، فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ مَضَى تَصَرُّفُهُ وَصِلَةُ تَصَرَّفَ (بِاسْتِيلَادٍ) وَأَحْرَى بِعِتْقٍ نَاجِزٍ، وَمِثْلُ الِاسْتِيلَادِ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ لِأَجَلٍ، وَمَفْهُومُ بِاسْتِيلَادٍ أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ الْآخِذُ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِبَيْعٍ فَلَا يَمْضِي وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي مِنْ حَرْبِيٍّ فَيَمْضِي تَصَرُّفُهُ وَلَوْ بِالْبَيْعِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَسَيُشِيرُ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَبِعِوَضٍ بِهِ إنْ لَمْ يُبَعْ فَيَمْضِي. وَفَرَّقَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ قَهْرًا عَنْهُ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ دَارِ الْحَرْبِ دَفَعَهُ الْحَرْبِيُّ طَوْعًا. وَلَوْ شَاءَ مَا دَفَعَهُ فَهُوَ أَقْوَى فِي إمْضَاءِ مَا فُعِلَ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ، فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْمُضِيِّ فِيهَا وَمَا وَجَدَهُ السَّيِّدُ قَدْ فَاتَ بِعِتْقٍ أَوْ وِلَادَةٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ، وَلَا إلَى رِقِّهِ أَخَذَهُمْ مَنْ كَانُوا بِيَدِهِ فِي مَغْنَمٍ، أَوْ بِابْتِيَاعٍ مِنْ حَرْبِيٍّ أَغَارَ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَبْقَوْا إلَيْهِ وَيَمْضِي عِتْقُهُمْ وَتَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِمَنْ وَلَدَتْ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ تَعَدَّدَ بَيْعُ مَارٍّ بِهِ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ فَطُرُقُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَالشَّيْخِ فِي أَخْذِهِ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ أَوْ بِالْأَوَّلِ قَوْلَا سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ سَحْنُونٌ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشُّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ فِيمَا غَنِمَ مَنَعَهُ اللَّخْمِيُّ يَتَخَرَّجُ فَوْتُهُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي عَلَى فَوْتِهِ بِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَرْبِيٍّ بِبَلَدِهِ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ. قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّهُ قَبْلَ الْبَيْعِ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا غَنِمَ، ثُمَّ رَأَيْت لِعَبْدِ الْحَقِّ فَرَّقَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَنَّ مَا بِيعَ فِي الْمَقَاسِمِ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ قَهْرًا فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ لِرَبِّهِ، بِخِلَافِ مَا أُخِذَ مِنْهُ طَوْعًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ بَشِيرٍ ابْنِ رُشْدٍ فِي قَصْرِ حَقِّ رَبِّهِ عَلَى فَضْلِ مَا بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ وَأَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الْأَخِيرِ أَوْ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ. رَابِعُهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَطَالَ، وَإِنَّمَا يَمْضِي تَصَرُّفُ الْآخِذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِاسْتِيلَادٍ وَنَحْوِهِ. (إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ الْآخِذُ مِنْ الْغَنِيمَةِ الْمَتَاعَ الْمَعْرُوفَ لِمُعَيَّنٍ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (عَلَى) نِيَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 206 رَدِّهِ لِرَبِّهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَفِي الْمُؤَجَّلِ: تَرَدُّدٌ وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ: أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِدَارِهِمْ مَجَّانًا، وَبِعِوَضٍ بِهِ، إنْ لَمْ يُبَعْ فَيَمْضِي،   [منح الجليل] رَدِّهِ) أَيْ الْمَتَاعِ (لِرَبِّهِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَطْ. الَّذِي قَبْلَ الْكَلَفِ لَا لِلْمُشْتَرِي مِنْ حَرْبِيٍّ الَّذِي بَعْدَهَا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قُوَّةُ تَسَلُّطِ الْمَالِكِ فِي الْأَوَّلِ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ قَبْلَ قَسْمِهِ مَجَّانًا بِخِلَافِ الثَّانِي. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِبَيَانِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةٍ وَرَدَّهُ لِرَبِّهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنَحْوِ اسْتِيلَادٍ (فَ) فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) أَرْجَحُهُمَا عَدَمُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَالْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (وَفِي) إمْضَاءِ (الْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ) مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ الرَّاجِحُ مِنْهُ الْأَوَّلُ بِالْأَوْلَى مِنْ التَّدْبِيرِ، وَهَذَا إذَا أَخَذَهُ لِيَتَمَلَّكَهُ لَا لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ فَحَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ وَقَدْ قَدَّمَهُ خش عَلَيْهِ وَهُوَ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّهُ خِلَافُ النُّسَخِ. (وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (بِدَارِهِمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ أَوْ بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ إذَا قَدِمَ بِهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَيْنَا (مَجَّانًا) تَنَازَعَ فِيهِ أَخَذَ وَوَهَبَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَقَالَ أَحْمَدُ الْأَوْلَى كَوْنُهُ مَعْمُولًا لِأَخَذَ لَا مُتَنَازَعًا فِيهِ إذْ يُبْعِدُهُ عَطْفُ قَوْلِهِ (وَ) مَا وَهَبُوهُ أَوْ بَاعُوهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِدَارِهِمْ (بِعِوَضٍ) مِثْلِيٍّ أَوْ مُقَوَّمٍ يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ (بِهِ) أَيْ مِثْلِ الْعِوَضِ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا كَمَنْ أَسْلَفَ مُقَوَّمًا فَلَهُ مِثْلُهُ فِي بَلَدِ السَّلَفِ، وَنَصُّ التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا دَفَعَ مِثْلَهُ حَيْثُ لَقِيَهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا غَيْرَ الْعَيْنِ أَوْ عَرَضًا دَفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ إنْ أَمْكَنَ الْوُصُولُ إلَيْهِ كَمَنْ أَسْلَفَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ، إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ فِي بَلَدِنَا قِيمَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ. (إنْ لَمْ يُبَعْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ بِبَلَدِهِمْ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ أَيْ لَمْ يَبِعْهُ آخِذُهُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ فَإِنْ بِيعَ لِغَيْرِهِ (فَيَمْضِي) بَيْعُهُ فَلَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 207 وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ: أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ. وَإِنْ أُسْلِمَ لِمُعَاوِضٍ مُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُ اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ،   [منح الجليل] مِمَّنْ اشْتَرَاهُ (وَلِمَالِكِهِ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ (الثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَ بِهِ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مَجَّانًا (أَوْ الزَّائِدُ) عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ إنْ أَخَذَ مِنْهُ بِعِوَضٍ، فَإِنْ بِيعَ بِأَنْقَصَ مِمَّا أَخَذَ بِهِ مِنْ الْحَرْبِيِّ أَوْ بِمُسَاوٍ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لِمَالِكِهِ عَلَى آخِذِهِ بِشَيْءٍ (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ مَنْ يَرْضَى مِنْ شُيُوخِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مَجَّانًا نَسُدُّ هَذَا الْبَابَ مَعَ كَثْرَةِ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ أَخْذِ اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِمْ. ابْنُ نَاجِي وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ (فِي) الْمَالِ (الْمَفْدِيِّ مِنْ يَدِ لِصٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَشَدِّ الْيَاءِ (مِنْ) يَدِ (لِصٍّ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ الصَّادِ أَيْ سَارِقٍ أَوْ مُحَارِبٍ أَوْ غَاصِبٍ وَنَحْوِهِمْ مِنْ كُلِّ آخِذٍ مَالًا بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَفْدِيِّ مِنْ فَادِيهِ (بِ) مِثْلِ (الْفِدَاءِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ خَلَاصُهُ بِدُونِهِ وَلَمْ يَفْدِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ مَجَّانًا أَوْ بِمَا يَتَوَقَّفُ خَلَاصُهُ عَلَيْهِ إنْ فَدَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. وَقَيَّدَ وَلَمْ يَفْدِهِ لِتَمَلُّكِهِ لِابْنِ هَارُونَ وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ لَفْظِ الْمَفْدِيِّ. ابْنُ نَاجِي الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَالَ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا أَرَادَ مِمَّنْ تَمَلَّكَهُ فَيُوَافِقُ الْأَحْسَنَ وَهَلْ يَجُوزُ الْأُجْرَةُ لِلْفَادِي فِي التَّوْضِيحِ لَا شَكَّ فِي مَنْعِهَا إنْ دَفَعَ الْفِدَاءَ مِنْ عِنْدِهِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ غَيْرَهُ فَفِيهَا مَجَالٌ لِلنَّظَرِ. (وَإِنْ أُسْلِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ (لِمُعَاوِضٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا عَلَى عَبْدٍ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَنَائِبُ فَاعِلِ أُسْلِمَ (مُدَبَّرٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (وَنَحْوُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ فِي كَوْنِهِ ذَا شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مَا عَاوَضَ بِهِ عَلَيْهِ (اُسْتُوْفِيَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقٍ وَكَسْرِ الْفَاءِ (خِدْمَتُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ أَوْ نَحْوِهِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِهِ أَنَّ الْمُعَاوَضَ يَمْلِكُ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ إلَى مَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ أَجَلِ الْعِتْقِ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي عَاوَضَ بِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَرْجِعُ الزَّائِدُ لِلسَّيِّدِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 208 ثُمَّ هَلْ يُتَّبَعُ إنْ عَتَقَ بِالثَّمَنِ أَوْ بِمَا بَقِيَ؟ قَوْلَانِ وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ: حُرٌّ إنْ فَرَّ، أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ، لَا إنْ خَرَجَ   [منح الجليل] (ثُمَّ) إنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ حَلَّ أَجَلُ الْعِتْقِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ مِنْ الْخِدْمَةِ تَحَرَّرَ الْمُدَبَّرُ إنْ حَمَلَهُ ثُلُثُ مَالِ سَيِّدِهِ وَعَتَقَ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَاخْتُلِفَ (هَلْ يُتْبَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْعَبْدُ الَّذِي كَانَ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ (إنْ عَتَقَ) الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ وَحَمَلَ قِيمَتَهُ ثُلُثَ مَالِ سَيِّدِهِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ بِحُلُولِ أَجَلِ عِتْقِهِ وَصِلَةُ يُتْبَعُ (بِالثَّمَنِ) كُلِّهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ مِلْكًا فَلَا يُحَاسَبُ بِمَا اسْتَوْفَاهُ؛ لِأَنَّهَا غَلَّةٌ وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ. (أَوْ) يُتْبَعُ (بِمَا بَقِيَ) مِنْ ثَمَنِهِ بَعْدَ مُحَاسَبَةِ مُسْتَلِمِهِ بِمَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ خِدْمَتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ تَقَاضِيًا فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، وَمُقْتَضَى ابْنِ الْحَاجِبِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ، وَحِكَايَةُ الثَّانِي بِقِيلِ، وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ الثَّانِي. الدَّمِيرِيُّ وَالطِّخِّيخِيُّ اُنْظُرْ الْفَرْقَ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ مُدَبَّرٌ أَوْ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ وَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ وَمَاتَ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ مِنْ خِدْمَتِهِ، فَإِنَّهُ يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ فَقَطْ قَوْلًا وَاحِدًا، فَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ السَّابِقَ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ، وَهَذَا عَاوَضَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَشَدُّ فَلِذَا جَرَى فِيهِ قَوْلٌ بِاتِّبَاعِهِ بِالْجَمِيعِ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَيْسَ خَاصًّا بِمَنْ وَقَعَ فِي السَّهْمِ إذْ هُوَ شَامِلٌ لِلْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَتِمُّ الْفَرْقُ، فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُشْتَرِي بِدَارِ الْحَرْبِ أَتَمُّ رُبَّمَا كَانَ أَسْلَمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفَرَّقَ الْحَطّ بِأَنَّ الْمُعَاوَضَ بِدَارِ الْحَرْبِ دَخَلَ عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَاَلَّذِي عَاوَضَ فِي الْمَقَاسِمِ دَخَلَ عَلَى الْخِدْمَةِ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا دَخَلَ عَلَى الرَّقَبَةِ لِجَهْلِ حَالِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ عَاوَضَ لِيَتَمَلَّكَ لَا شَيْءَ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُسْلِمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (حُرٌّ إنْ فَرَّ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الرَّاء أَيْ هَرَبَ مِنْ بَلَدِ الْحَرْبِ إلَيْنَا قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ وَلَوْ اسْتَمَرَّ كَافِرًا عِنْدَنَا وَأَسْلَمَ سَيِّدُهُ بَعْدَهُ، وَإِنْ قَدِمَ إلَيْنَا بِمَالٍ فَهُوَ لَهُ، وَلَا يُخَمَّسُ (أَوْ) لَمْ يَفِرَّ إلَيْنَا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَ (بَقِيَ) الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ (حَتَّى غُنِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ وَسَيِّدُهُ كَافِرٌ فَحُرٌّ أَيْضًا (لَا) يَكُونُ الْعَبْدُ الَّذِي أَسْلَمَ حُرًّا (إنْ خَرَجَ) الْعَبْدُ الَّذِي أَسْلَمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 209 بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ   [منح الجليل] مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَيْنَا فَارًّا مُسْلِمًا (بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ) بِمُدَّةٍ فَهُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِهِ. (أَوْ) خَرَجَ الْعَبْدُ إلَيْنَا مُسْلِمًا (بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ) أَيْ السَّيِّدِ فَلَا يَكُونُ حُرًّا، فَقَوْلُهُ إنْ فَرَّ شَامِلٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ فِرَارِهِ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ بِمُدَّةٍ، وَفِرَارِهِ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، وَفِرَارِهِ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، أَخْرَجَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ لَا إنْ خَرَجَ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ، وَالثَّانِيَ بِقَوْلِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُجَرَّدِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ أَفَادَهُ عب تَبَعًا لتت. طفي لَا تَخْفَى رَكَاكَتُهُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْعَبْدِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَحَرَّرُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِ فِرَارٍ، وَلَا غَنِيمَةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا يَزُولُ مِلْكُ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ، بَلْ حَتَّى يَفِرَّ أَوْ يُغْنَمَ، فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ اخْتِصَارَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ حُرًّا خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ. وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَا مَعًا وَخَرَجَ الْعَبْدُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ خَرَجَ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ شَمِلَ تَقَدُّمَ إسْلَامِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ وَإِسْلَامَهُمَا مَعًا، فَهُوَ كَقَوْلِهَا وَإِنْ خَرَجَ الْعَبْدُ إلَيْنَا مُسْلِمًا وَتَرَكَ سَيِّدَهُ مُسْلِمًا فَهُوَ رِقٌّ لَهُ إنْ أَتَى، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ " ظ " تَقَدَّمَ إسْلَامُ الْعَبْدِ عَلَى إسْلَامِ السَّيِّدِ أَمْ لَا، هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي يَرَى أَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ لَا يُزِيلُ مِلْكَ سَيِّدِهِ حَتَّى يَخْرُجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الَّذِي يَرَى أَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ يُزِيلُ مِلْكَ سَيِّدِهِ عَنْهُ، فَإِنَّمَا يَكُونُ رِقًّا إذَا تَقَدَّمَ إسْلَامُ السَّيِّدِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُ الْعَبْدِ فَهُوَ حُرٌّ بِنَفْسِ إسْلَامِهِ اهـ. الْبُنَانِيُّ فَقَوْلُهُ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ خَرَجَ لَا عَلَى بَعْدُ أَيْ لَا بِخُرُوجِهِ، وَلَا بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ فَرَّ إلَيْنَا إلَخْ، لَكِنْ أَتَى بِهِ لِنُكْتَةِ خِلَافِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَوْ بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ فَعَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ صَادَفَ مَحَلًّا وَصَحَّ بَيْعُهُ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ، وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ. وَدَلِيلُ الْمَشْهُورِ عِتْقُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِلَالًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ مَوَالِيهِ مُسْلِمًا وَهُمْ يُعَذِّبُونَهُ فِي إسْلَامِهِ، وَكَانَ، وَلَاؤُهُ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 210 وَهَدَمَ السَّبْيُ النِّكَاحَ إلَّا أَنْ تُسْبَى وَتُسْلِمَ بَعْدَهُ وَوَلَدُهُ وَمَالُهُ   [منح الجليل] (وَهَدَمَ) بِإِهْمَالِ الدَّالِ أَيْ أَسْقَطَ وَنَقَضَ وَإِعْجَامُهَا أَيْ قَطَعَ بِسُرْعَةٍ قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ (السَّبْيُ) مِنَّا لِزَوْجَيْنِ كَافِرَيْنِ (النِّكَاحَ) بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبَيْنِ وَهَذَا قِسْمٌ، أَوْ سُبِيَتْ هِيَ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَقُدُومِهِ بِأَمَانٍ أَوْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ أَوْ سُبِيَ هُوَ فَقَطْ، فَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ يَنْهَدِمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا. وَعَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ لَا عِدَّةٍ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً تَحِلُّ لِسَابِيهَا بِحَيْضَةٍ، وَسَوَاءٌ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ حَصَلَ إسْلَامُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا بَيْنَ سَبْيِهِمَا إذَا تَرَتَّبَ أَوْ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ فِي الثَّانِيَةِ بَقِيَا عَلَى كُفْرِهِمَا أَوْ أَسْلَمَا بَعْدَ سَبْيِهِمَا وَلَوْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ عَلَى إسْلَامِهَا، وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ مِلْكٌ لِلسَّابِي، وَيُقَرُّ عَلَيْهَا فِي الثَّالِثِ إنْ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَتْ فِي عِدَّتِهَا وَأَقَرَّ عَلَيْهَا فِي الرَّابِعِ إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهَا إنْ لَمْ تُسْلِمْ، وَلَهَا الْخِيَارُ فِيهِمَا إذْ هِيَ حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدِ السَّابِي، وَبَقِيَ قِسْمٌ خَامِسٌ وَهُوَ سَبْيُهَا وَإِسْلَامُهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ. وَلَمَّا دَخَلَ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ السَّابِقِ اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تُسْبَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ زَوْجَةُ الْحَرْبِيِّ (وَتُسْلِمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ زَوْجَةُ الْحَرْبِيِّ (بَعْدَ) الْإِسْلَامِ مِنْهُ أَيْ زَوْجِهَا الْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُسْتَأْمَنِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِهِ صَرِيحًا مَا يَدُلُّ عَلَى مَرْجِعِ هَذَا الضَّمِيرِ وَتَنَازَعَ فِي بَعْدِ تُسْبَى وَتُسْلِمَ فَلَا يَهْدِمُ سَبْيُنَا نِكَاحَهُمَا، وَيُقَرَّانِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ، لَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سَبْيٌ وَبِإِسْلَامِهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ وَبِعَدَمِ الْبُعْدِ بَيْنَ إسْلَامِهِمَا، وَمِثْلُ إسْلَامِهَا عِتْقُهَا، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ ضَمِيرِ بَعْدَهُ عَلَى السَّبْيِ مُرَادًا بِهِ سَبْيُ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا سُبِيَا انْهَدَمَ النِّكَاحُ بِلَا تَفْصِيلٍ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَوْدُهُ لِقُدُومِهِ بِأَمَانٍ لِمَا عَلِمْت أَيْضًا أَنَّهَا إذَا سُبِيَتْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِحَالٍ اهـ عب. (وَوَلَدُهُ) أَيْ الْحَرْبِيِّ، الَّذِي أَسْلَمَ وَفَرَّ إلَيْنَا أَوْ بَقِيَ فِي بَلَدِهِ حَتَّى غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ فَغَنِمُوا وَلَدَهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَرُقَّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ (وَمَالُهُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 211 فَيْءٌ مُطْلَقًا، لَا وَلَدٌ صَغِيرٌ لِكِتَابِيَّةٍ سُبِيَتْ، أَوْ مُسْلِمَةٍ وَهَلْ كِبَارُ الْمُسْلِمَةِ فَيْءٌ، أَوْ إنْ قَاتَلُوا " تَأْوِيلَانِ، وَوَلَدُ الْأَمَةِ لِمَالِكِهَا.   [منح الجليل] أَيْ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ كَذَلِكَ (فَيْءٌ) أَيْ غَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ الَّذِي دَخَلَ بَلَدَهُ فَالْأَوْلَى غَنِيمَةٌ وَاَلَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ حُرٌّ اتِّفَاقًا وَزَوْجَتُهُ غَنِيمَةٌ اتِّفَاقًا. وَكَذَا مَهْرُهَا فَقِيلَ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لِمِلْكِهِ جُزْأَهَا، وَقِيلَ لَا (مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا جَاءَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْنَا وَتَرَكَ وَلَدَهُ بِبَلَدِهِ أَمْ لَمْ يَجِئْ (لَا) يَكُونُ فَيْئًا (وَلَدٌ صَغِيرٌ) وُلِدَ بِدَارِ الْحَرْبِ (لِكِتَابِيَّةٍ) أَوْ مَجُوسِيَّةٍ فَالْأَوْلَى ذِمِّيَّةٌ حُرَّةٌ (سُبِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ سَبَاهَا حَرْبِيٌّ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ إلَى بَلَدِهِ وَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ (أَوْ) وَلَدٌ صَغِيرٌ (لِمُسْلِمَةٍ) حُرَّةٍ سُبِيَتْ وَوَطِئَهَا سَابِيهَا فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ الْحَرْبِيَّ وَالْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ أَوْ الْمُسْلِمَةَ وَأَوْلَادَهُمَا الصِّغَارَ فَهُمْ أَحْرَارٌ تَبَعًا لِأُمِّهِمْ، وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّ الْكَبِيرَ لِكِتَابِيَّةٍ فَيْءٌ. (وَهَلْ كِبَارُ) الْحُرَّةِ (الْمُسْلِمَةِ فَيْءٌ) وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا (أَوْ) فَيْءٌ (إنْ قَاتَلُوا) الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْحَرْبِيِّينَ فَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا فَهُمْ أَحْرَارٌ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِهَا وَأَمَّا الْكِبَارُ إذَا بَلَغُوا وَقَاتَلُوا فَهُمْ فَيْءٌ، فَحَمَلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا وَرَأَى ابْنُ شَبْلُونَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُهُمْ بِحَالٍ يُمْكِنُهُمْ فِيهِ الْقِتَالُ (وَوَلَدُ الْأَمَةِ) الَّتِي سَبَاهَا حَرْبِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَأَوْلَدَهَا غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَ وَلَدِهَا (لِمَالِكِهَا) صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَفِي شَرْحِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَابْنِ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 212 (فَصْلٌ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ: إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ:   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي عَقْدُ الْجِزْيَةِ] (فَصْلٌ) فِي الْجِزْيَةِ وَأَحْكَامِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّةُ مَا لَزِمَ الْكَافِرَ مِنْ مَالٍ لَا مِنْهُ بِاسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِ اهـ. وَفِي الْجَوَاهِرِ عَقْدُ الذِّمَّةِ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ مِنْهُمْ. (عَقَدَ الْجِزْيَة) الرَّمَاصِيُّ صَوَابُهُ الذِّمَّةُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ اصْطِلَاحًا هِيَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ فَلَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَأْذُونَ فِيهِ، فَفِي الْحَدِّ خَفَاءٌ وَتَعْمِيَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ عَقْدُ الذِّمَّةِ وَالنَّظَرُ فِي أَرْكَانِهِ وَأَحْكَامِهِ. الرُّكْنُ الْأَوَّلُ نَفْسُ الْعَقْدِ وَهُوَ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ مِنْ جِهَتِهِمْ. ثُمَّ قَالَ الرُّكْنُ الثَّانِي الْعَاقِدُ وَهُوَ الْإِمَامُ فَانْظُرْ كَيْفَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الذِّمَّةِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَوَّمَ عَلَى عِبَارَتِهِ فَلَمْ يُسَاعِدْهُ الْمَرَامُ، فَقَوْلُهُ إذْنُ الْإِمَامِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ إذْ الِالْتِزَامُ وَالْإِذْنُ مُتَلَازِمَانِ، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ تَقْرِيرُهُمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتُهُمْ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ إلَّا أَنَّ الْحِمَايَةَ وَالذَّبَّ الْمُطَابِقَ لَهُمَا الِالْتِزَامُ لَا الْإِذْنُ، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاصِرَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ الْجِزْيَةُ الْمَالُ الَّذِي يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْكِتَابِيُّ الذِّمَّةَ (إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ) وَلَوْ قُرَشِيًّا فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا لِلشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ اتِّفَاقًا طَرِيقَةٌ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةٌ أُخْرَى لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ إجْمَاعًا، إمَّا لِمَكَانَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِأَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، فَإِنْ وُجِدَ كَافِرٌ فَمُرْتَدٌّ الْمَازِرِيُّ وَإِنْ ثَبَتَتْ الرِّدَّةُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي عَدَمِ أَخْذِهَا مِنْهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 صَحَّ سِبَاؤُهُ، مُكَلَّفٍ حُرٍّ قَادِرٍ   [منح الجليل] صَحَّ سِبَاؤُهُ) بِالْمَدِّ أَيْ أَسْرُهُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَاحْتُرِزَ بِالْإِمَامِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ عَقَدَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ، لَكِنْ يَمْنَعُ الِاغْتِيَالَ أَيْ الْقَتْلَ الْأَسْرُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا بَذَلُوهُ وَرَآهُ مَصْلَحَةً إمْضَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ غَائِلَتَهُمْ. اهـ. وَشَمِلَ قَوْلُهُ لِكَافِرٍ كُلَّ كَافِرٍ شُمُولًا بَدَلِيًّا لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِغَرَضِهِ هُنَا، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْجَهْمِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ كَمَا مَرَّ وَأَتَى بِقَوْلِهِ كَافِرٍ لَا لِإِخْرَاجِ الْمُسْلِمِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ ضَرْبُهَا عَلَيْهِ، بَلْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ لِيَخْرُجَ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَصِحُّ سَبْيُهُ، إذْ لَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ، وَالْمُعَاهَدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عَهْدِهِ وَلَوْ طَالَ مُقَامَهُ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَضْرِبَهَا الْإِمَامُ عَلَيْهِ حِينَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ فَيَصِيرُ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ قَدِمَ حَرْبِيٌّ وَأَرَادَ الْإِقَامَةَ نَظَرَ السُّلْطَانُ فَإِنْ ضَرَبَهَا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَفِي تَمْكِينِهِ قَوْلَانِ صَحَّ الْقَوْلُ بِتَمْكِينِهِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلِيَخْرُجَ بِهِ أَيْضًا الرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ الْحَرْبِيَّيْنِ، وَيَخْرُجَانِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ الْآتِي " مُخَالِطٍ ". (مُكَلَّفٍ) فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ صَغِيرٍ فَإِنْ بَلَغَ أُخِذَتْ مِنْهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِهِ، وَلَعَلَّهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تُؤْخَذُ أَوَّلَ السَّنَةِ أَوْ لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ (حُرٍّ) وَمَحَلُّ أَخْذِهَا عِنْدَ حُدُوثِ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ إذَا تَقَدَّمَ لِضَرْبِهَا عَلَى كِبَارِهِمْ الْأَحْرَارِ حَوْلٌ، وَتَقَدَّمَ لَهُ هُوَ عِنْدَنَا حَوْلٌ صَبِيًّا أَوْ رَقِيقًا وَإِلَّا فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ حِينَئِذٍ، وَإِذَا أُخِذَتْ عِنْدَ بُلُوغِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهَا مِنْهُ وَالْعَاجِزُ عَنْهَا إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا لَا يُطَالَبُ بِمَا مَضَى قَبْلَ قُدْرَتِهِ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ حَالَ قُدْرَتِهِ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ (قَادِرٍ) وَلَوْ عَلَى بَعْضِهَا فَاَلَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 مُخَالِطٍ، لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ سُكْنَى غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ.   [منح الجليل] مُخَالِطٍ) لِأَهْلِ دِينِهِ وَلَوْ رَاهِبَ كَنِيسَةٍ أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ زَمِنًا، أَوْ أَعْمَى، وَلَا رَأْيَ لَهُمْ فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ إلَّا رَاهِبَ الْكَنِيسَةِ، وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُخَالِطِ كَرَاهِبِ دَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ أَوْ غَارٍ بِلَا رَأْيٍ وَمَنْ لَهُ رَأْيٌ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبِ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ مُخَالَفَةَ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ وُجُوهِ الِاجْتِهَادِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ (لَمْ يُعْتِقْهُ) أَيْ الْكَافِرَ الْمَوْصُوفَ بِمَا تَقَدَّمَ (مُسْلِمٌ) بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِمُسْلِمٍ وَلَا لِذِمِّيٍّ أَوْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ ذِمِّيٌّ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ. الْبُنَانِيُّ الْعَبْدُ الْكَافِرُ إذَا أُعْتِقَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْتَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَهَذَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ سَوَاءً أَعْتَقَهُ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي مُعْتَقِ بَلَدِ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا مُعْتَقُ بَلَدِ الْحَرْبِ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ بِكُلِّ حَالٍ اهـ. وَإِمَّا أَنْ يُعْتَقَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا حَارَبَ وَأُسِرَ، وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ ذِمِّيٌّ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ تَبَعًا لِسَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، فَلَوْ قَالَ صَحَّ سَبْيُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ذِمِّيٌّ لَوَفَّى بِهِ، إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ صَحَّ سَبْيُهُ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مُعْتَقَ الْمُسْلِمِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ لَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ، كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصِلَةُ إذْنُ فِي (سُكْنَى غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ (وَالْيَمَنِ) وَهِيَ جَزِيرَةُ الْعَرَب الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْقِيَنَّ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَب» . أَبُو عُبَيْدَةَ مَا بَيْنَ حَفِيرِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ آخِرُ الْعِرَاقِ وَأَوَّلُ الشَّامِ إلَى أَقْصَى الْيَمَنِ طُولًا، وَفِي الْعَرْضِ مَا بَيْنَ تَبْرِيزَ وَهِيَ آخِرُ الْيَمَنِ إلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ وَهُوَ آخِرُ حَدِّ الشَّامِ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ وَهِيَ آخِرُ بِلَادِ سَبَأٍ، وَكَانَ يَخْرُجُ الْمُسَافِرُ مِنْ سَبَأٍ لِهَذِهِ بِلَا زَادٍ وَهِيَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِكَثْرَةِ الْقُرَى بَيْنَهُمَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 وَلَهُمْ الِاجْتِيَازُ بِمَالٍ لِلْعَنَوِيِّ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي سَنَةٍ وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا، وَنُقِّصَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ، وَلَا يُزَادُ، وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شُرِطَ، وَإِنْ أُطْلِقَ فَكَالْأَوَّلِ وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ   [منح الجليل] (ولَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ عَنَوِيِّينَ أَوْ صُلْحِيَّيْنِ (الِاجْتِيَازُ) أَيْ الْمُرُورُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَظَاهِرٌ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَهُمْ إقَامَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ احْتَاجُوا لَهَا لِدُخُولِهِمْ أَيَّامَ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِجَلْبِهِمْ طَعَامًا مِنْ الشَّامِ إلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِنُورِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضَرَبَهُ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَمَامٍ يَسْتَوْفُونَ ثَمَنَهُ وَيَنْظُرُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَمُنِعَ سُكْنَى أَحْرَارِهِمْ بِالْجَزِيرَةِ ظَاهِرٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا عَبِيدُهُمْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ (بِمَالٍ لِلْعَنَوِيِّ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي فُتِحَتْ بَلَدُهُ بِالْعَنْوَةِ أَيْ الْقَهْرِ وَالْقِتَالِ (أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ) شَرْعِيَّةً إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ (أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا) شَرْعِيًّا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِضَّةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِمَا اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا خُيِّرَ الْإِمَامُ (فِي) كُلِّ (سَنَةٍ) قَمَرِيَّةٍ. (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَخْذُهَا (آخِرُهَا) أَيْ السَّنَةِ إنْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ أَوَّلَهَا أُخِذَتْ فِيهِ لِتَأْدِيَةِ تَأْخِيرِهَا لِآخِرِهَا لِسُقُوطِهَا (وَنُقِّصَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَإِهْمَالِ الصَّادِ (الْفَقِيرُ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَأُخِذَ مِنْهُ (بِوُسْعِهِ) وَلَوْ دِرْهَمًا وَسَقَطَ عَنْهُ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ (وَلَا يُزَادُ) عَلَى الْأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِكَثْرَةِ يَسَارِ الذِّمِّيِّ (وَلِلصُّلْحِيِّ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي مُنِعَ نَفْسُهُ وَبَلَدُهُ مِنْ اسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمَا وَصَالَحَهُمْ (مَا شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ سَوَاءً كَانَ قَدْرَ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ (وَإِنْ أُطْلِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الصُّلْحِ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ قَدْرَ الْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ (فَ) الصُّلْحِيُّ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ الْعَنْوِيِّ فِي أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (إنْ بَذَلَ) أَيْ دَفَعَ الصُّلْحِيُّ لِلْإِمَامِ الْقَدْرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 216 الْأَوَّلَ حَرُمَ قِتَالُهُ مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا   [منح الجليل] الْأَوَّلَ) أَيْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا بَعْدَ وُقُوعِ الصُّلْحِ مُطْلَقًا وَجَبَ قَبُولُهُ مِنْهُ وَ (حَرُمَ) رَدُّهُ عَلَيْهِ وَ (قِتَالُهُ) ابْنُ رُشْدٍ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ لَا حَدَّ لَهَا إلَّا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَهُوَ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ، أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلَّ مَا يَلْزَمُ أَهْلَ الْحَرْبِ الرِّضَا بِهِ لِأَنَّهُمْ مَالِكُونَ لِأَمْرِهِمْ وَإِنَّ لِأَقَلِّهَا حَدًّا إذَا بَذَلُوهُ لَزِمَ الْإِمَامَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ حَدًّا. وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَقَلُّهَا مَا فَرَضَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَهْلِ الْعَنْوَةِ فَإِذَا بَذَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَرْبِ فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوهُ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ لَزِمَ الْإِمَامَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ، وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ فِي الصُّلْحِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ. اهـ. فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ رُشْدٍ ابْنَ حَبِيبٍ فِي قَوْلِهِ لَا حَدَّ لَهَا إلَّا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ إذَا بَذَلُوا لَهُ قَدْرَ الْعَنْوِيَّةِ فَلَهُ أَنْ لَا يُصَالِحَهُمْ، وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَلْزَمُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ الْأَوَّلَ إلَخْ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ تَعْلِيقُ قَوْلِهِ مَعَ الْإِهَانَةِ بِبَذْلٍ لِيُحْرَزَ قَيْدُ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا يُقَالُ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لَهُ كَمَا قِيلَ إذْ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ يُمْكِنُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَإِنْ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ تت تَنْكِيتُ إتْيَانِهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ غَيْرُ بَيِّنٍ (مَعَ الْإِهَانَةِ) لَهُمْ (عِنْدَ أَخْذِهَا) مِنْهُمْ بِالْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّقِ وَالرِّفْقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] أَيْ اسْتِعْلَاءً مِنْكُمْ عَلَيْهِمْ أَوْ نَقْدًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يُرْسِلُونَ بِهَا {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] مَاشُونَ كَارِهُونَ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَلْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَذْمُومُونَ غَيْرُ مَحْمُودِينَ وَلَا مَأْجُورِينَ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهَا صُفِعَ عَلَى قَفَاهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ نَائِبٍ إذْ الْمَقْصُودُ حُصُولُ الْإِهَانَةِ وَالْإِذْلَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا لِرَغْبَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 217 وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ: كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ: وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا لِلظُّلْمِ   [منح الجليل] وَسَقَطَتَا) أَيْ الْجِزْيَتَانِ الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ (بِالْإِسْلَامِ) وَبِالْمَوْتِ وَالتَّرَهُّبِ الطَّارِئِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ مُتَجَمِّدَةً عَنْ سِنِينَ وَلَوْ مُوسِرًا فِي الْأَوَّلِ وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ التَّحَيُّلُ عَلَى إسْقَاطِهَا فِي السِّنِينَ الْمُنْكَسِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ وَالتَّرَهُّبِ فَانْظُرْ هَلْ تَسْقُطُ الْمُتَجَمِّدَةُ مَعَ الْيُسْرِ أَوْ لَا وَسَقَطَتَا أَيْضًا بِالْفَقْرِ وَالْجُنُونِ، وَانْظُرْ هَلْ حَتَّى الْمُتَجَمِّدَةُ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا إنْ عَقَلَ أَوْ اسْتَغْنَى أَوْ يُطَالَبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَمْ يَعُدُّوهُمَا فِيمَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ مِنْهَا وَسُقُوطُهَا بِالتَّرَهُّبِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ لَا جِزْيَةَ مَعَهُ بِأَنْ يَنْعَزِلَ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ، وَبِأَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ إسْقَاطَهَا. الْبَاجِيَّ مَنْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سِنِينَ إنْ كَانَ فَرَّ مِنْهَا أُخِذَتْ مِنْهُ لِمَا مَضَى وَإِنْ كَانَ لِعُسْرٍ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ (كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ) الَّتِي قَدَّرَهَا سَيِّدُنَا عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَيْهِمْ مَعَ الْجِزْيَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى مَنْ بِالشَّامِ وَالْحِيرَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ مَدِينَةٌ قُرْبَ الْكُوفَةِ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مُدْيَانِ بِضَمِّ فَسُكُونٍ مُثَنَّى مُدْيٍ، كَذَلِكَ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَكُّوكًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الْكَافِ وَالْمَكُّوكُ صَاعٌ وَنِصْفٌ، وَقِيلَ أَكْثَرُ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ وَعَلَى مَنْ بِمِصْرَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إرْدَبُّ حِنْطَةٍ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَالْكِسْوَةِ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ التَّمْرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ كِسْوَةٍ كَانَ عُمَرُ يَكْسُوهَا النَّاسَ لَا أَدْرِي مَا هِيَ. (وَإِضَافَةِ) أَيْ تَضْيِيفِ (الْمُجْتَازِ) أَيْ الْمَارِّ عَلَيْهِمْ فِي مِصْرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ وَحَذَفَ التَّاءَ مَعَ أَنَّ الْمَعْدُودَ مُذَكَّرٌ لِجَوَازِ حَذْفِهَا مَعَ حَذْفِهِ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى إثْبَاتُهَا حِينَئِذٍ (لِلظُّلْمِ) مِنْ الْوُلَاةِ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ عِلَّةً لِسُقُوطِ الْأَرْزَاقِ وَالضِّيَافَةِ عَنْهُمْ. (تَتِمَّةٌ) يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّينَ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْ أُفُقٍ لِآخَرَ لِلتِّجَارَةِ عُشْرُ الثَّمَنِ إنْ بَاعُوا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عُشْرُ مَا قَدِمُوا بِهِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ وَإِنْ قَدِمُوا بِعَيْنٍ وَاشْتَرَوْا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218 وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ؛ فَالْأَرْضُ فَقَطْ لِلْمُسْلِمِينَ.   [منح الجليل] بِهَا عَرْضًا فَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْعَرْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ قَدِمُوا بِعَرْضٍ وَاشْتَرَوْا بِهِ عَرْضًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ عُشْرُ مَا اشْتَرَوْا وَلَا يَتَكَرَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ بِتَكَرُّرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأُفُقٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، فَإِنْ بَاعُوا بِأُفُقٍ كَالشَّامِ وَاشْتَرَوْا بِآخَرَ كَمِصْرِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْأَوَّلِ عُشْرُ الثَّمَنِ وَعُشْرُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي وَيَتَكَرَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ إنْ قَدِمُوا بَعْدَ ذَهَابِهِمْ لِأُفُقِهِمْ وَلَوْ مِرَارًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُؤْخَذُ كُلَّمَا يَقْدُمُونَ وَيَبِيعُونَ أَوْ يَشْتَرُونَ، وَوُجُوبُ الْعُشْرِ فِي غَيْرِ حَمْلِهِمْ الطَّعَامَ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِمَا مِنْ الْقُرَى، وَفِيهِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ جَمِيعُ أَنْوَاعِهِ أَوْ مَا عَدَا الْقَطَانِيِّ، فَمُقْتَضَى ابْنِ نَاجِي الْأَوَّلُ، وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ قَصْرِهِ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ وَالْحَرْبِيِّ الْمُؤَمَّنِ فِي الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ كَالذِّمِّيِّ، لَكِنْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَرْبِيَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ بَعْدَ وُصُولِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ثَانِيهِمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا بَاعَ بِأُفُقٍ وَاشْتَرَى بِآخَرَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْعُشْرُ، وَالْمُؤَمَّنُ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ أَمَانَ الْحَرْبِيِّ عَامٌّ فِي كُلِّ أُفُقٍ مِنْ بِلَادِ الْإِمَامِ الَّذِي أَمَّنَهُ وَغَيْرِهَا فَجَمِيعُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَبَلَدٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِتَأْمِينٍ بِكَوْنِهِ تَحْتَ ذِمَّتِنَا وَالْإِمَامُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي سُكْنَى أُفُقٍ خَاصٍّ وَهُوَ الَّذِي تُؤْخَذُ مِنْهُ فِيهِ الْجِزْيَةُ. ابْنُ نَاجِي مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ أُفُقَهُ مَحَلُّ أَخْذِ جِزْيَتِهِ وَعِمَالَاتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَدِينَةُ وَالشَّامُ أُفُقَانِ. (وَالْعَنَوِيُّ) الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْإِمَامُ الذِّمَّةَ بِالْجِزْيَةِ (حُرٌّ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْأَرْضِ لِعِمَارَتِهَا مِنْ الْمَنِّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} [محمد: 4] وَالْمَنُّ الْإِعْتَاقُ فَلَهُمْ هِبَةُ أَمْوَالِهِمْ وَصَدَقَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فِي دِينِهِمْ. (وَإِنْ مَاتَ) الْعَنْوِيُّ (أَوْ أَسْلَمَ) الْعَنْوِيُّ (فَالْأَرْضُ فَقَطْ لِلْمُسْلِمِينَ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219 وَفِي الصُّلْحِ إنْ أُجْمِلَتْ، فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ، وَالْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ، وَوَرِثُوهَا، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ   [منح الجليل] فَقَطْ أَنَّ مَالَهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءً اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَيَحْيَى وَابْنِ حَبِيبٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ لِوَارِثِهِ فِي دِينِهِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قِيَاسٍ قَائِلًا لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ إنْ كَانَ عِتْقًا فَمَا بِأَيْدِيهِمْ لَهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إسْلَامُهُمْ عِتْقًا فَلَا تَكُونُ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ، وَلَكِنْ نَقَلَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَقَرَّهُ وَجَعَلَهُ ابْنُ يُونُسَ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ. وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي التَّجْرِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. وَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا وَقْفَ الْأَرْضِ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا لِأَنَّهَا تُرِكَتْ لَهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْجِزْيَةِ وَيَدْفَعُ خَرَاجَهَا لِلْإِمَامِ، فَإِنْ مَاتَ خَرَجَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِوَارِثِهِ فَمُرَادُهُ الْأَرْضُ الَّتِي وُقِفَتْ بِفَتْحِهَا، وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهَا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَكَمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَنَوِيِّ وَارِثٌ فِي دِينِهِ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي الْفَرَائِضِ وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ فَفِي غَيْرِ الْعَنْوِيِّ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ. (وَ) الْحُكْمُ (فِي) أَرْضِ وَمَالِ أَهْلِ (الصُّلْحِ إنْ أُجْمِلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْجِزْيَةِ عَلَى الْبَلَدِ بِمَا حَوَتْ مِنْ أَرْضٍ وَرِقَابٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مَا يَخُصُّ الرِّقَابَ وَلَا مَا يَخُصُّ الْأَرْضَ (فَلَهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ الصَّالِحِينَ (أَرْضُهُمْ) يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا أَوْ لَا يُزَادُ فِي الْجِزْيَةِ بِزِيَادَتِهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا بِنُقْصَانِهِمْ وَلَا يَبْرَأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْهَا إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِهَا لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ. (وَ) لَهُمْ (الْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ) كُلِّهِ لِأَنَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ (وَ) إنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ (وَرِثُوهَا) أَيْ وَرَثَتُهُ أَوْ أَهْلُ دِينِهِ الْأَرْضَ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ، وَكَذَا مَالُهُ فَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا لِلْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ فُرِّقَتْ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً الْجِزْيَةُ (عَلَى الرِّقَابِ) كَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ كَذَا وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا، وَكَذَا إنْ فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220 فَهِيَ لَهُمْ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ بِلَا وَارِثٍ، فَلِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِمَا فَلَهُمْ بَيْعُهَا، وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَلِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ،   [منح الجليل] وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ فُرِّقَتْ عَلَيْهِمَا (فَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ (لَهُمْ) يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا وَيَرِثُونَهَا، وَكَذَا مَا لَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَمُوتَ) أَحَدُهُمْ (بِلَا وَارِثٍ) لَهُ فِي دِينِهِمْ (فَلِلْمُسْلِمِينَ) أَرْضُهُ وَمَالُهُ (وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ) وَمَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ. (وَإِنْ فُرِّقَتْ) الْجِزْيَةُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْأَرْضِ كَعَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا (أَوْ) فُرِّقَتْ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الرِّقَابِ وَالْأَرْضِ كَكُلِّ رَأْسٍ كَذَا، وَكُلِّ فَدَّانٍ كَذَا (فَلَهُمْ) أَيْ الْمُصَالِحِينَ (بَيْعُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ) فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِخَرَاجِهَا الْمَضْرُوبِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ فَيَسْقُطَ عَنْهُ وَعَنْ الْمُشْتَرِي وَمَفْهُومُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِمَا أَنَّهَا إنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا، أَوْ أُجْمِلَتْ عَلَيْهِمَا فَخَرَاجُهَا عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الصُّلْحِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الصُّلْحِيُّ فَلَهُ أَرْضُهُ وَمَالُهُ سَوَاءً أُجْمِلَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تُجْمَلَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَرْضِ وَإِمَّا أَنْ تُفَرَّقَ عَلَيْهِمَا، وَإِمَّا أَنْ تُفَرَّقَ عَلَى الرِّقَابِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ الرِّقَابِ، وَفِي الْجَمِيعِ لَهُمْ أَرْضُهُمْ وَمَالُهُمْ يَهَبُونَ وَيَقْسِمُونَ وَيَبِيعُونَ وَيَرِثُونَ إلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ يُفَارِقُ غَيْرَهُ فِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِلَا وَارِثٍ فَأَرْضُهُ وَمَالُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ، وَلَهُ حِينَئِذٍ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَفِي غَيْرِهِ مَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَمَالُهُ وَأَرْضُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِهِ وَإِذَا فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ الرِّقَابِ، فَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَشْهُورُهَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَخَرَاجُهَا عَلَى بَائِعِهَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِلْعَنَوِيِّ) أَيْ الَّذِي فُتِحَتْ بَلَدُهُ بِقِتَالٍ (إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ) بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ الَّتِي أُقِرَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221 إنْ شُرِطَ، وَإِلَّا فَلَا: كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ.   [منح الجليل] عَلَى سُكْنَاهَا (إنْ شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْإِحْدَاثُ أَيْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِيهِ حِينَ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي الْعَنْوَةَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِيهِ حِينَهُ بِأَنْ مَنَعَهُ أَوْ سَكَتَ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا كَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهَا فَيْءٌ لَيْسَتْ لَهُمْ وَلَا تُورَثُ عَنْهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ، وَمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ فَتْحِهِمْ وَسَكَنُوا مَعَهُمْ فِيهِ كَالْفُسْطَاطِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَشَبَهِهَا مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ فَلَيْسَ لَهُمْ إحْدَاثُ ذَلِكَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُوفَى بِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ كُلُّ بَلَدٍ اُفْتُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرُّوا فِيهِ وَوَقَفَتْ أَرْضُهُ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَإِعْطَاءَاتِهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الَّتِي فِيهَا وَلَا أَنْ يُحْدِثُوا فِيهَا كَنَائِسَ. اهـ. أَبُو الْحَسَنِ. أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ إنْ شَرَطُوا ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ فَاخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْغَيْرُ فَابْنُ الْقَاسِمِ جَذَبَهَا لِأَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَغَيْرُهُ جَذَبَهَا لِأَرْضِ الصُّلْحِ اهـ. وَهَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي جَوَازِ إحْدَاثِ ذَوِي الذِّمَّةِ الْكَنَائِسَ بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ الْمُقَرِّ بِهَا أَهْلُهَا وَفِيمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ فَسَكَنُوهُ مَعَهُمْ وَتَرَكَهَا إنْ كَانَتْ ثَالِثُهَا تُتْرَكُ وَلَا تَحْدُثُ لِلَّخْمِيِّ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَائِلًا وَلَوْ كَانُوا مُنْعَزِلِينَ عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَائِلًا إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَعْطَوْا ذَلِكَ اهـ. (كَرَمِّ) أَيْ إصْلَاحِ (الْمُنْهَدِمِ) مِنْ الْكَنَائِسِ الْقَدِيمَةِ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ جَوَازُهُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهَا فَيْءٌ وَلَا تُورَثُ عَنْهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ. وَمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ فَتْحهمْ وَسَكَنُوهُ مَعَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ إحْدَاثُ ذَلِكَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُوفَى بِهِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرُمُّوا مَا كَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222 وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ، وَبَيْعُ عَرْصَتِهَا أَوْ حَائِطٍ؛ لَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ وَمُنِعَ: رُكُوبَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ، وَالسُّرُوجِ، وَجَادَّةَ الطَّرِيقِ، وَأُلْزِمَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ، وَعُزِّرَ لِتَرْكِ الزُّنَّارِ،   [منح الجليل] قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْجَوَازُ فِي الصُّلْحِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَجُوزُ لَهُمْ بِأَرْضِ الصُّلْحِ أَيْ إحْدَاثُ الْكَنَائِسِ وَتَرْكُ قَدِيمِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ بِهَا مُسْلِمُونَ وَإِلَّا فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَائِلًا وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّ قَدِيمِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَيُوفَى لَهُمْ بِهِ. الْمَوَّاقُ بَعْدَ نَقْلِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ لِلصُّلْحِيِّ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلَعَلَّ الْمُخْرَجَ قُدِّمَ وَأُخِّرَ اهـ، أَيْ قُدِّمَ كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ وَأَصْلُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ. طفي وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ. (وَلِلصُّلْحِيِّ) أَيْ الْمَنْسُوبُ لِلصُّلْحِ لِفَتْحِ بَلَدِهِ بِهِ (الْإِحْدَاثُ) لِكَنِيسَةٍ بِبَلَدٍ لَمْ يَسْكُنْهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ شَرَطَهُ أَوْ لَا وَإِلَّا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ بِمَنْعِهِ (وَ) لِلصُّلْحِيِّ (بَيْعُ عَرْصَتِهَا) أَيْ أَرْضِ كَنِيسَتِهِ (أَوْ حَائِطٍ) لِكَنِيسَتِهِ. وَأَمَّا الْعَنْوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ عَرْصَتِهَا لِأَنَّهَا وُقِفَتْ بِفَتْحِهَا (لَا) يَجُوزُ لِلصُّلْحِيِّ وَلَا لِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ (بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ) الَّتِي نُقِلُوا إلَيْهَا أَوْ الَّتِي انْفَرَدَ بِاخْتِطَاطِهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) خَوْفِ تَرْتِيبِ (مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ) مِنْ الْإِحْدَاثِ عَلَى عَدَمِهِ فَيُمَكَّنُونَ مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الذِّمِّيُّ (رُكُوبَ الْخَيْلِ) وَلَوْ غَيْرَ نَفِيسَة (وَالْبِغَالِ) النَّفِيسَةِ وَالْجِمَالِ فِي عُرْفِ قَوْمٍ كَالْخَيْلِ وَفِي عُرْفِ آخَرِينَ كَالْحَمِيرِ. (وَ) مِنْهُ رُكُوبُ (السُّرُوجِ) وَلَوْ عَلَى الْحَمِيرِ، وَمِنْ الرُّكُوبِ الْمُعْتَادِ وَإِنَّمَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْحَمِيرِ عَلَى أُكُفٍ أَيْ بَرَاذِعَ صَغِيرَةٍ عَرْضًا أَيْ جَاعِلًا رِجْلَيْهِ لِجَانِبٍ وَاحِدٍ (وَ) مُنِعَ (جَادَّةَ) أَيْ وَسَطِ (الطَّرِيقِ) إذَا لَمْ يَكُنْ خَالِيًا (وَأُلْزِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الزَّايِ (بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ) عَنْ هَيْئَةِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِهِمْ (وَعُزِّرَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُثَقَّلَةٍ أَيْ أُدِّبَ الذِّمِّيُّ (لِتَرْكِ) شَدِّ (الزُّنَّارِ) بِضَمِّ الزَّايِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223 وَظُهُورِ السُّكْرِ، وَمُعْتَقَدِهِ، وَبَسْطِ لِسَانِهِ، وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ، وَكُسِرَ النَّاقُوسُ. وَيَنْتَقِضُ بِقِتَالٍ،   [منح الجليل] مَا يُشَدُّ بِهِ وَسَطُهُ عَلَامَةً عَلَى ذُلِّهِ وَنَحْوِهِ كَالْبُرْنِيطَةِ وَالطُّرْطُورِ فِي الْإِرْشَادِ لَا يُكَنُّونَ وَلَا تُشَيَّعُ جَنَائِزُهُمْ. زَرُّوقٌ لِأَنَّ التَّكْنِيَةَ تَعْظِيمٌ وَإِكْرَامٌ، وَكَذَا تَشْيِيعُ جَنَائِزِهِمْ وَلَوْ قَرِيبًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَلْقِيبِهِ بِفُلَانِ الدِّينِ وَالْأَشْبَهُ مَنْعُهُ. تت تَجُوزُ تَكْنِيَةُ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهَا أَوْ خِيفَ مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ فِتْنَةً. وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ مَا يُفِيدُ جَوَازَ مُخَاطَبَتِهِ بِمُعَلِّمٍ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُقْصَدْ تَعْظِيمُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَفْتَى يَاسِينُ الْمَالِكِيُّ بِحُرْمَةِ تَعْظِيمِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بِمُعَلِّمٍ أَوْ غَيْرِهِ. (وَ) عَزَّرَهُ لِ (ظُهُورِ) أَيْ إظْهَارِ (السُّكْرِ) فِي مَجْلِسٍ غَيْرِ خَاصٍّ بِهِمْ فَيَشْمَلُ الْأَسْوَاقَ وَحَارَاتِهِمْ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ لِبَيْعٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَأَمَّا لَوْ أَظْهَرُوهُ فِي بُيُوتِهِمْ وَعَلِمْنَاهُ بِرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ أَوْ بِرُؤْيَتِهِمْ مِنْ دَارِنَا الْمُقَابِلَةِ لَهُمْ فَلَا (وَ) إظْهَارِ (مُعْتَقَدِهِ) فِي الْمَسِيحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ كَتَغْيِيرِ مُعْتَقَدِهِمْ فَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِإِظْهَارِهِ، وَكَإِظْهَارِ سُكْرِهِ وَمُعْتَقَدِهِ إظْهَارُ قِرَاءَتِهِمْ بِكَنَائِسِهِمْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ (وَبَسْطِ لِسَانِهِ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بِحَضْرَتِهِ لِانْتِهَاكِهِ حُرْمَتِهِ أَيْ تَكَلُّمِهِ وَعَدَمِ احْتِرَامِهِ الْمُسْلِمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبًّا وَلَا شَتْمًا. (وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ) إنْ أَظْهَرَهَا وَحَمَلَهَا مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ وَإِلَّا ضَمِنَهَا وَمَنْ أَرَاقَهَا لِتَعَدِّيهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْحَاكِمِ، وَيُؤَدَّبُ مَنْ أَظْهَرَ خِنْزِيرًا أَوْ صَلِيبًا فِي أَعْيَادِهِمْ أَوْ اسْتِسْقَائِهِمْ وَيُكْسَرُ. وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالشَّرْحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ تُكْسَرُ آنِيَةُ الْخَمْرِ إذَا ظَهَرَتْ (وَكُسِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (النَّاقُوسُ) آلَةٌ مِنْ خَشَبٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ يَضْرِبُونَ بِهَا لِاجْتِمَاعِهِمْ لِصَلَاتِهِمْ إنْ أَظْهَرُوهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ كَسَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَإِنْ أَظْهَرُوا نَاقُوسًا كَسَرْنَاهُ. (وَيُنْتَقَضُ) عَقْدُ الذِّمَّةِ (بِقِتَالٍ) أَيْ إظْهَارِ الْخُرُوجِ عَنْ الذِّمَّةِ عَلَى وَجْهِ الْمُحَارَبَةِ لَا دَفْعِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224 وَمَنْعِ جِزْيَةٍ، وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ، وَبِغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ، وَغُرُورِهَا وَتَطَلُّعِهِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَسَبِّ نَبِيٍّ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ، قَالُوا: كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ،   [منح الجليل] عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ (وَمَنْعِ جِزْيَةٍ وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ) الشَّرْعِيَّةِ بِإِظْهَارِهِ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِهَا مُسْتَعِينًا عَلَى ذَلِكَ بِجَارِهِ أَوْ اسْتِمَالَةِ ذِي جَرَاءَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَخْشَاهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ. (وَغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ) عَلَى الزِّنَا بِهَا وَزَنَى بِهَا بِالْفِعْلِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ رَأَوْهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقِيلَ يَكْفِي اثْنَانِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ وَهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالرَّاجِحُ الْأُولَى لِأَنَّهُ الَّذِي رُجِعَ إلَيْهِ وَلِأَنَّ النَّقْضَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الزِّنَا. تت وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ مَالِهِ وَوَلَدُهَا مِنْهُ عَلَى دِينِهَا لَا أَبَ لَهُ، وَكَذَا إنْ زَنَى بِهَا طَائِعَةً كَمَا فِي الشَّاذِلِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَابْنِ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. وَقَوْلُهُمْ الْوَلَدُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ مَحَلُّهُ فِي الْمَنْسُوبِ لِأَبِيهِ وَوَلَدُ الزِّنَا مَقْطُوعٌ عَنْ الزَّانِي (وَغُرُورِهَا) أَيْ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَيْ إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَالِمَةً بِهِ وَوَطِئَهَا فَلَيْسَ نَاقِضًا، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَزِنَاهُ بِهَا طَائِعَةً وَزِنَاهُ بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ مُكْرَهَةً إلَّا أَنْ يُعَاهَدَ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ. (وَتَطَلُّعِهِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَاطِّلَاعِ الْحَرْبِيِّينَ عَلَيْهَا بِكِتَابَتِهَا وَإِرْسَالِهَا لَهُمْ بِأَنْ كَتَبَ لَهُمْ أَنَّ الْمَوْضِعَ الْفُلَانِيَّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا حَارِسَ بِهِ لِيَأْتُوا مِنْهُ. وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ وَجَدْنَا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا كَاتِبًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ لِيَكُونَ نَكَالًا لِغَيْرِهِ (وَسَبِّ نَبِيٍّ) مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا وَإِنْ أَنْكَرَهَا الْيَهُودُ كَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ، بِخِلَافِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ عِنْدَنَا كَالْخَضِرِ (بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ) أَيْ بِمَا لَمْ يُقَرَّ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ، فَإِنْ سَبَّ بِمَا أَقَرَّ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ كَلَمْ يُرْسَلْ إلَيْهِمْ أَوْ عِيسَى إلَهٌ فَلَا يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ لِهَذَا الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ نَعَمْ يُؤَدَّبُ لِإِظْهَارِهِ. (قَالُوا) أَيْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِثَالُ مَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ (كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِمَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225 أَوْ لَمْ يُرْسَلْ، أَوْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ، أَوْ تَقَوَّلَهُ، أَوْ عِيسَى خَلَقَ مُحَمَّدًا، أَوْ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَا لَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ حِينَ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ، وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ.   [منح الجليل] كَفَرُوا بِهِ قَالَهُ تت. وَقَالَ أَحْمَدُ نِسْبَتُهُ لِغَيْرِهِ لَيْسَتْ لِلتَّبَرُّؤِ مِنْ التَّمْثِيلِ بِهِ بَلْ لِقُبْحِهِ فَالضَّمِيرُ لِلْكَافِرِينَ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ، وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ كَقَوْلِهِمْ لَيْسَ إلَخْ (أَوْ لَمْ يُرْسَلْ) بِفَتْحِ السِّينِ (أَوْ لَمْ يُنَزَّلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالزَّايِ مُثَقَّلًا أَوْ سُكُونِ النُّونِ مُخَفَّفًا أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قُرْآنٌ أَوْ تَقَوَّلَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَالَ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (أَوْ عِيسَى) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (خَلَقَ مُحَمَّدًا) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْتَحْيِ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ الْكَذِبِ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلُوا عِيسَى قَبْلَ وِلَادَةِ مُحَمَّدٍ بِقُرُونٍ عَدِيدَةٍ (أَوْ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (يُخْبِركُمْ أَنَّهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي الْجَنَّةِ مَا لَهُ) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حِينَ أَكَلَتْهُ) - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْ عَضَّتْ سَاقَهُ (الْكِلَابُ) الْبِسَاطِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَهُمْ مِسْكِينٌ إلَخْ لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ التَّبَرُّؤِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا كَفَرُوا بِهِ. (وَقُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّابُّ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ وُجُوبًا وَغَاصِبٌ وَغَارُّ الْمُسْلِمَةِ (إنْ لَمْ يُسْلِمْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، وَأَمَّا الْمُطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ بِقَتْلٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ وَالْمُقَاتِلُ كَذَلِكَ بِزِيَادَةِ الْجِزْيَةِ وَالْفِدَاءِ وَالْمَنِّ، وَكَذَا مَانِعُ الْجِزْيَةِ وَالْمُتَمَرِّدُ عَلَى الْأَحْكَامِ. وَمَفْهُومٌ إنْ لَمْ يُسْلِمْ أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ إسْلَامًا غَيْرَ فَارٍّ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ فَلَا يُقْتَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] تت لَا يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ وَلَا يُقْتَلُ إذَا أَسْلَمَ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمَ السَّابَّ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ، لِأَنَّا عَلِمْنَا بُغْضَ الْكَافِرِ النَّبِيَّ وَتَنْقِيصَهُ إيَّاهُ بِقَلْبِهِ، وَمَنَعْنَاهُ مِنْ إظْهَارِهِ فَلَمْ يَزِدْنَا سَبُّهُ إلَّا مُخَالَفَتَهُ الْأَمْرَ وَنَقْضَهُ الْعَهْدَ. فَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّا ظَنَنَّا بَاطِنَهُ كَظَاهِرِهِ فَأَبْدَى لَنَا خِلَافَ ذَلِكَ أَفَادَهُ عب. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226 وَإِنْ خَرَجَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَأُخِذَ: اُسْتُرِقَّ؛   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ أَمَّا وُجُوبُ الْقَتْلِ فِي السَّبِّ فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَحَكَى عَلَيْهِ عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ الِاتِّفَاقَ، وَأَمَّا فِي غَصْبِ الْمُسْلِمَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، إلَّا إنَّهُمَا عَلَّلَا وُجُوبَ قَتْلِهِ بِالنَّقْضِ وَهُوَ لَا يُوجِبُهُ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَبَاعَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِتُونُسَ وَلَدًا مُسْلِمًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ النَّازِلِينَ بِهَا بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ فَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِصَلْبِهِ وَقَتْلِهِ، وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِنَقْضِ عَهْدِهِ، وَنَظَرَ الْإِمَام فِيهِ بِرَأْيِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ السَّبِّ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ خَرَجَ) الذِّمِّيُّ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ (لِدَارِ الْحَرْبِ) نَاقِضًا الْعَهْدَ بِخُرُوجِهِ (وَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ (اُسْتُرِقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ وَفِي بَقِيَّةِ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْأَسِيرِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُسْتَرَقُّ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَصِيرُ رِقًّا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ بِإِعْتَاقِ مِنْ رَقٍّ سَابِقٍ حَتَّى لَا تُنْقَضَ وَإِنَّمَا تُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا آمَنِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُسْلِمِينَ بِمَا بَذَلُوهُ، فَلَمَّا امْتَنَعُوا وَخَرَجُوا لِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ الرُّجُوعُ. ابْنُ رُشْدٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى اتِّبَاعِ قَوْلِهِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ وَمَنَعُوا الْجِزْيَةَ وَخَرَجُوا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ حَرْبًا وَعَدُوًّا يُسْبَوْنَ وَيُقْتَلُونَ إلَّا أَشْهَبُ قَائِلًا لَا يَعُودُ الْحُرُّ إلَى الرِّقِّ، وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ مَعَهُ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ بِإِعْتَاقِ مِنْ رَقٍّ مُتَقَدِّمٍ فَلَا يُنْقَضُ، وَإِنَّمَا تُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا آمَنِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَدِمَائِهِمْ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا بَذَلُوهُ مِنْ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، فَإِذَا مَنَعُوا لَمْ يَصِحَّ الْعِوَضُ وَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ الرُّجُوعُ فِيهِ وَذَلِكَ أَيْضًا كَالصُّلْحِ يَنْعَقِدُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى شُرُوطٍ، فَإِذَا لَمْ يُوفُوا بِهَا انْتَقَضَ الصُّلْحُ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227 إنْ لَمْ يُظْلَمْ، وَإِلَّا فَلَا: كَمُحَارَبَتِهِ. وَإِنْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ وَحَارَبُوا فَكَالْمُرْتَدِّينَ. وَلِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ لِمَصْلَحَةٍ ؛ إنْ خَلَا   [منح الجليل] إنْ لَمْ يُظْلَمْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الذِّمِّيُّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ لِظُلْمٍ لَحِقَهُ وَأُخِذَ (فَلَا) يُسْتَرَقُّ وَيُرَدُّ لِجِزْيَتِهِ وَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ خَرَجَ لِظُلْمٍ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ وَصُرِّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبَّهَ بِهِ فِي عَدَمِ الِاسْتِرْقَاقِ بِقَوْلِهِ (كَمُحَارَبَتِهِ) أَيْ قَطْعُ الذِّمِّيِّ الطَّرِيقَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ مَنْعِ سُلُوكٍ غَيْرِ مُظْهِرٍ الْخُرُوجَ عَنْ الذِّمَّةِ فَلَا يُسْتَرَقُّ وَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُحَارِبِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ صَلْبٍ أَوْ قَطْعٍ مِنْ خِلَافٍ أَوْ نَفْيٍ، وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْضِ عَهْدِهِ بِقِتَالِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ أَظْهَرَهُ، وَهَذَا فِيمَنْ تَلَصَّصَ. (وَإِنْ ارْتَدَّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَام (جَمَاعَةٌ) بَعْدَ تَقَرُّرِ إسْلَامِهِمْ (وَحَارَبُوا) بَعْدَ ارْتِدَادِهِمْ الْمُسْلِمِينَ كَمُحَارَبَةِ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أُسِرُوا (فَكَالْمُرْتَدِّينَ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْأَصْلِيِّينَ فَيُحْكَمُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِحُكْمِ الْكُفَّارِ النَّاقِضِينَ لِلْعَهْدِ فَيُسْتَتَابُ كِبَارُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا وَمَالُهُمْ فَيْءٌ، وَيُجْبَرُ صِغَارُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ، وَلَا بِحُكْمِ الْحَرْبِيِّينَ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ. أَمَّا إذَا حَارَبُوا كَمُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُخَيَّرُ فِيهِمْ الْإِمَامُ لِلْحِرَابَةِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِيهِمْ كَمَا يَنْظُرُ فِي الْمُرْتَدِّينَ وَكَانُوا فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ كَالْمُرْتَدِّينَ نَظَرًا لِسَبْقِ الِارْتِدَادِ الْحِرَابَةَ وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَقِيلَ كَالْمُحَارِبِينَ نَظَرًا لِلْحِرَابَةِ الطَّارِئَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ فَأُخِذُوا فَفِي الْحُكْمِ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْحَرْبِيِّينَ نَقْلًا ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ. (وَ) تَجُوزُ (لِلْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ فَقَطْ (الْمُهَادَنَةُ) أَيْ صُلْحُ الْحَرْبِيِّ عَلَى تَرْكِ قِتَالِهِ مُدَّةً لَيْسَ هُوَ فِيهَا تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ ( لِمَصْلَحَةٍ ) مُسْتَوِيَةٍ فِيهَا وَفِي عَدَمِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا فَقَطْ تَعَيَّنَتْ وَفِي عَدَمِهَا فَقَطْ امْتَنَعَتْ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ (إنْ خَلَا) أَيْ الْمُهَادَنَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228 عَنْ: كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ وَإِنْ بِمَالٍ، إلَّا لِخَوْفٍ، وَلَا حَدَّ وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ اسْتَشْعَرَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ وَأَنْذَرَهُمْ   [منح الجليل] وَذُكِّرَ نَظَرًا لِعِنْوَانِ الصُّلْحِ أَوْ الْعَقْدِ (عَنْ) شَرْطٍ فَاسِدٍ، فَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ (كَشَرْطِ بَقَاءِ) أَسِيرٍ (مُسْلِمٍ) بِأَيْدِيهِمْ أَوْ قَرْيَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ خَالِيَةٍ لَهُمْ أَوْ حُكْمٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِحُكْمِهِمْ فَلَا تَجُوزُ بِغَيْرِ مَالٍ بَلْ (وَإِنْ بِمَالٍ) يَدْفَعُهُ الْكُفَّارُ لِلْإِمَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} [محمد: 35] وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ مُصَوَّرًا بِمَالٍ يَدْفَعُهُ الْإِمَامُ لِلْحَرْبِيِّينَ. الْمَازِرِيُّ لَا يُهَادِنُ الْإِمَامُ الْحَرْبِيَّ بِإِعْطَائِهِ مَالًا لِأَنَّهُ عَكْسُ مَصْلَحَةِ شَرْعِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ إلَّا لِضَرُورَةِ التَّخَلُّصِ مِنْهُمْ خَوْفَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ «شَاوَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَحَاطَ الْقَبَائِلُ بِالْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي أَنْ يَبْذُلَ لِلْمُشْرِكِينَ ثُلُثَ الثِّمَارِ لَمَّا خَافَ أَنْ تَكُونَ الْأَنْصَارُ مَلَّتْ الْقِتَالَ، فَقَالَا إنْ كَانَ هَذَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَإِنْ كَانَ رَأْيًا فَمَا أَكَلُوا مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَمْرَةً إلَّا بِشِرَاءٍ أَوْ قَرْيٍ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَزْمَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ تَرَكَهُ» ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْطَاءُ جَائِزًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ مَا شَاوَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (إلَّا لِخَوْفٍ) مِمَّا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (وَلَا حَدَّ) لِمُدَّةِ الْمُهَادَنَةِ وَاجِبٌ وَالرَّأْيُ فِيهَا لِلْإِمَامِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ (وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ) مُدَّتُهَا (عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ قُوَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَفِي غَيْرِهَا (وَإِنْ اسْتَشْعَرَ) أَيْ ظَنَّ الْإِمَامُ ظَنًّا قَوِيًّا (خِيَانَتَهُمْ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ بِظُهُورِ أَمَارَاتِهَا فِي مُدَّةِ الْمُهَادَنَةِ (نَبَذَهُ) أَيْ نَقَضَ الْإِمَامُ الصُّلْحَ وُجُوبًا خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَهْلَكَةِ بِالتَّمَادِي عَلَى الْمُهَادَنَةِ، فَيَسْقُطُ الْيَقِينُ بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ لِلضَّرُورَةِ. (وَأَنْذَرَهُمْ) وُجُوبًا أَيْ أَعْلَمَ الْإِمَامُ الْحَرْبِيِّينَ بِنَقْضِهِ عَهْدَهُمْ وَأَنَّهُ يُقَاتِلُهُمْ، فَإِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229 وَوَجَبَ الْوَفَاءُ وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ، وَلَوْ أَسْلَمُوا كَمَنْ أَسْلَمَ، وَإِنْ رَسُولًا؛ إنْ كَانَ ذَكَرًا. وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ، ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ بِمَالِهِ،   [منح الجليل] تَحَقَّقَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ بِلَا إنْذَارٍ. (وَوَجَبَ) عَلَى الْإِمَامِ (الْوَفَاءُ) لَهُمْ بِمَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ رَدِّ رَهَائِنِهِمْ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ عَهْدُنَا لَهُمْ مُتَلَبِّسًا (بِرَدِّ رَهَائِنَ) كُفَّارٍ عِنْدَنَا بَاقِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ، بَلْ (وَلَوْ أَسْلَمُوا) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - رَأَى أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرُّسُلِ وَالرَّهَائِنِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونًا رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَسْلَمَ رَسُولُ أَهْلِ الْحَرْبِ رُدَّ إلَيْهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ وَلَوْ شَرَطُوهُ وَثَالِثُهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوهُ اهـ. فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَشَبَّهَ فِي الْوَفَاءِ بِالرَّدِّ فَقَالَ (كَمَنْ أَسْلَمَ) مِنْهُمْ عِنْدَنَا وَلَيْسَ رَهْنًا فَيُرَدُّ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (رَسُولًا) مِنْهُمْ إلَيْنَا بَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَرْطَهُمْ قَاصِرٌ عَلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ هَارِبًا لَا طَائِعًا وَرَسُولًا، وَهَذَا كُلُّهُ (إنْ كَانَ) مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرَّهَائِنِ أَوْ الرُّسُلِ أَوْ غَيْرِهِمْ (ذَكَرًا) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِمْ، وَلَوْ شَرَطُوا رَدَّهَا صَرِيحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 10] . (وَفُدِيَ) . بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنْ أَسْلَمَ وَرُدَّ إلَى الْكُفَّارِ مِنْ الرَّهَائِنِ وَالرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ وَأَوْلَى الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ الْمَأْسُورُ عِنْدَهُمْ (بِالْفَيْءِ) أَيْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وُجُوبًا عَلَى الْإِمَامِ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ الذِّمِّيُّ فَلَا يُفْدَى بِفَيْءٍ وَلَا بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي مَالِهِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِدَاؤُهُ بِالْفَيْءِ فُدِيَ (بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ) الَّذِينَ يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ قُطْرِهِ لَا مَنْ بَعُدَ وَاجِدًا. رَوَى أَشْهَبُ وَلَوْ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَمْ يَخْشَ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِدَاؤُهُ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ فُدِيَ (بِمَالِهِ) أَيْ الْأَسِيرِ، وَقُدِّمَ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَتَخْلِيصُهُ بِهِ بِلَا مَالٍ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230 وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ عَلَى الْمَلِيِّ وَالْمُعْدِمِ؛   [منح الجليل] وَطَرِيقَةُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ تَقْدِيمُ مَالِهِ عَلَى الْفَيْءِ، وَاخْتَارَهَا اللَّخْمِيُّ. (وَرَجَعَ) الْفَادِي الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا بِغَيْرِ عِلْمِ الْإِمَامِ عَلَى الْمُفْدِي الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ وَفِدَاءُ هَذَا كَجِنَايَتِهِ، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِيهِ وَفِدَائِهِ (بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فِيهِمَا يُدْفَعُ لِلْفَادِي بِمَحَلِّ الْفِدَاءِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَقِيمَتُهُ فِيهِ (وَقِيمَةُ غَيْرِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ، وَمِثْلُ مَا قَالَهُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الرُّجُوعُ يَقُولُ الْمُفْدِي افْدِنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ فَالْمِثْلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ الْمُفْدَى بِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ تَقَرُّرٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْدِي وَلَا الْتَزَمَهُ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْفِدَاءِ، فَصَارَ دَفْعُهُ كَهَلَاكِهِ. وَاسْتَشْكَلَ الرُّجُوعُ بِأَنَّ كَوْنَ فِدَائِهِ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُفْدِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَهُ، كَدِيَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُمْ بِالرُّجُوعِ لَكَانَ فِدَاؤُهُ بِمَالِهِ الْمَوْجُودِ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ مُقَدَّمًا عَلَى مَالِهِمْ. وَلَمَّا كَانَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ فَائِدَةٌ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِيمَا إذَا فَدَاهُ مُعَيَّنٌ عَالِمًا أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُفْدِيهِ بِالْفَيْءِ وَلَا بِمَا يَجْمَعُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ جَاهِلًا وُجُوبَهُ عَلَى الْإِمَامِ قَاصِدًا الرُّجُوعَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مَالِ الْمُفْدِي عَلَى الْفَيْءِ فَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاس أَنْ لَا يُتَّبَعَ الْمُفْدَيْ بِشَيْءٍ. وَصِلَةُ رَجَعَ (عَلَى الْمَلِيءِ) يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْآنَ (وَ) عَلَى (الْمُعْدِمِ) بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ. طفي هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مَا افْتَدَاهُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ فَيُرْجَعُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ. اهـ. وَهَذَا اخْتِيَارٌ لَهُ، فَقَوْلُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَيْ مُقْتَضَاهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ إنْ فَدَى أَسِيرًا لَا مَالَ لَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَهُ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ هَذَا وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231 إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ؛ إلَّا مَحْرَمًا أَوْ زَوْجًا إنْ عَرَفَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَيَلْتَزِمَهُ، وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ،   [منح الجليل] وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْفَادِي الْمُعَيَّنِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ) الْفَادِي بِفِدَائِهِ (صَدَقَةً) بِأَنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَصْدِ الصَّدَقَةِ وَعَدَمِهِ إذْ هَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ (وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ بِدُونِ شَيْءٍ فَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَمْكَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا فَدَاهُ بِهِ فَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ خَلَاصُهُ بِهِ فَقَطْ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمُفْدَى (مَحْرَمًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ لِلْفَادِي مِنْ النَّسَبِ فَقَطْ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ (أَوْ زَوْجًا) لَهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْفَادِي عَلَيْهِ (إنْ) كَانَ (عَرَفَهُ) أَيْ الْفَادِي الْمُفْدَى بِالْمَحْرَمِيَّةِ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ (أَوْ) لَمْ يَعْرِفْهُ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَ (عَتَقَ) الْمُفْدَى (عَلَيْهِ) أَيْ الْفَادِي عَلَى تَقْدِيرِ مِلْكِهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ التَّبَرُّعِ فَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ) أَيْ الْمُفْدَى الْفَادِيَ (بِهِ) أَيْ الْفِدَاءِ (وَيَلْتَزِمُ) الْمُفْدَيْ الْفِدَاءَ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَا رُجُوعَ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ مُلْتَزِمًا وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَنَسَبَهُ لِنَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ سَحْنُونٍ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَرَّهُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا خِلَافًا هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامٍ مَعَ الْأَمْرِ أَوْ يَكْفِي الْأَمْرُ وَحْدَهُ وَنَصُّهُ بَعْدَ أَنَّ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي يَفْدِي امْرَأَتَهُ لَا يَتَّبِعُهَا وَنِسْبَتُهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، إلَّا أَنْ يَكُونَ فَدَاهَا بِأَمْرِهَا وَطَلَبِهَا فَيُرْجَعُ عَلَيْهَا. قَالَ فَضْلٌ مَعْنَاهُ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ أَفِدْنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ فَيَكُونُ مِنْ السَّلَفِ. وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ رُجُوعُهُ عَلَيْهَا بِمَا فَدَاهَا بِهِ بِأَمْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَضْلٌ. اهـ. فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الْوَاوَ عَلَى بَابِهَا، وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى قَوْلِ فَضْلٍ. (وَقُدِّمَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْفَادِي فِي رُجُوعِهِ بِالْفِدَاءِ (عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232 وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ عَلَى الْعَدَدِ، إنْ جَهِلُوا قَدْرَهُمْ وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ فِي الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ. وَجَازَ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتَلَةُ وَالْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ عَلَى الْأَحْسَنِ.   [منح الجليل] غَيْرِهِ) أَيْ الْفَادِي مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْدَيْ لِأَنَّ الْفِدَاءَ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَذِمَّتِهِ وَبِالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَالدَّيْنُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ، وَيُقَدَّمُ فِيمَا بِيَدِهِ بَلْ (وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ) أَيْ الْمُفْدِي كَمَالِهِ الَّذِي بِبَلَدِهِ وَدَارِهِ وَعَلَى غُرَمَائِهِ وَيُقْسَمُ الْفِدَاءُ (عَلَى الْعَدَدِ) لِرُءُوسِ الْمَفْدِيِّينَ (إنْ جَهِلُوا) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ (قَدْرَهُمْ) أَيْ الْمَفْدِيِّينَ رِفْعَةً وَخِسَّةً وَغِنًى وَفَقْرًا فَإِنْ عَلِمُوهُ قُسِمَ عَلَى قَدْرِ مَا يُفْدَى بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ كَثَلَاثَةٍ يُفْدَى أَحَدُهُمْ عَادَةً بِعَشْرَةٍ وَآخَرُ بِعِشْرِينَ وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ سُبْعَا الْفِدَاءِ، وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ وَعَلَى الثَّالِثِ سُبْعُهُ. (وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ) الْمُفْدَى مِنْ مُعَيَّنٍ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ بِيَمِينٍ سَوَاءً أَشْبَهَ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ لِلْفَادِي عَلَى دَفْعِ الْفِدَاءِ لِلْحَرْبِيِّ (فِي) إنْكَارِ أَصْلِ (الْفِدَاءِ) بِأَنْ قَالَ خَلَّصْتَنِي بِلَا مَالٍ (أَوْ) إنْكَارِ (بَعْضِهِ) أَيْ الْفِدَاءِ بِأَنْ قَالَ فَدَيْتَنِي بِعَشَرَةٍ وَالْفَادِي بِأَكْثَرَ مِنْهَا إنْ كَانَ الْمُفْدَى بِيَدِ الْفَادِي. بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ) الْمُفْدَى (فِي يَدِهِ) أَيْ الْفَادِي وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ قَالَ " غ " وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ اخْتِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَقَالَ الْأَوَّلُ الْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْفَادِي وَجَعَلَ سَحْنُونٌ الْقَوْلَ لِلْفَادِي إنْ كَانَ الْمُفْدَى بِيَدِهِ. (وَجَازَ) فِدَاءُ أَسِرْ الْمُسْلِمِينَ (بِ) الْكُفَّارِ (الْأَسْرَى) فِي أَيْدِينَا (الْمُقَاتِلَةِ) أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْقِتَالُ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مُتَرَقِّبٌ، وَخَلَاصُ الْمُسْلِمِ مُحَقَّقٌ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُمْ وَإِلَّا مُنِعَ (وَبِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 233 وَلَا يُرْجَعُ عَلَى مُسْلِمٍ. وَفِي الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ: قَوْلَانِ.   [منح الجليل] وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَصِفَةُ مَا يُفْعَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَى الْعَدُوِّ وَيُحَاسِبُهُمْ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ ابْتِيَاعُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الْفِدَاءِ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَيْضًا وَيُفْهَمُ الْجَوَازُ بِالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى. الْبُنَانِيُّ كَيْفَ يَكُونُ ظَاهِرُ النَّقْلِ ذَلِكَ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ الْجَوَازَ بِالضَّرُورَةِ. (وَلَا يَرْجِعُ) فَادٍ مُسْلِمٌ (بِهِ) أَيْ بِعِوَضِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ الَّذِي فَدَى بِهِ الْأَسِيرَ سَوَاءً كَانَ عِنْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ (عَلَى) مُفْدًى (مُسْلِمٍ) وَلَا عَلَى كَافِرٍ أَيْضًا لِوُجُوبِ إرَاقَةِ الْخَمْرِ وَتَسْرِيحِ الْخِنْزِيرِ أَوْ قَتْلِهِ عَلَيْهِ، فَلَوْ حَذَفَ عَلَى لَوَافَقَ ذَلِكَ لَكِنْ فِي الطِّخِّيخِيِّ تَبَعًا لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يَرْجِعُ الْفَادِي الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ، وَمَفْهُومُ فَادِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَادِي بِهِمَا كَافِرًا فَيَرْجِعُ عَلَى مُسْلِمٍ مُفْدًى بِقِيمَتِهِمَا عِنْدَهُمْ لَا بِثَمَنِهِ سَوَاءً اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ، فَإِنْ فَدَى بِهِ كَافِرًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ إنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ سَوَاءً اشْتَرَاهُ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ دُونَ مَا نَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ الطِّخِّيخِيِّ، وَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ لَا بِثَمَنِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ حَيْثُ اشْتَرَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ لَا بِقِيمَتِهِ اُنْظُرْ الْحَطّ وَالْمَوَّاقَ. (وَفِي) جَوَازِ فِدَاءِ الْمُسْلِمِ الْأَسِيرِ بِ (الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ) وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ جَوَازُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ مَا لَمْ تَكُنْ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ أَمْرًا كَثِيرًا تَكُونُ لَهُمْ بِهِ الْقُدْرَةُ الظَّاهِرَةُ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُفَادَاةَ بِالْخَمْرِ أَخَفُّ مِنْهَا بِالْخَيْلِ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْمُفَادَاةِ بِالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ. اهـ. وَجَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفًا أَيْضًا. طفي وَلَمْ أَرَ مَنْ جَعَلَهُ تَقْيِيدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْظُرْ حُكْمَ الْفِدَاءِ بِالطَّعَامِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا. وَفِي الْمُنْتَقَى ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى أَنَّهُ يُفْدَى مِنْ الْأَمْوَالِ بِمَا يَجُوزُ أَنْ نُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ وَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 234 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَتَقَوَّوْنَ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ نُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ مِنْ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ فَلَا يُفْدَوْنَ بِهِ لِأَنَّهُ فِدَاءُ مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ وَحَقُّهُمَا وَاحِدٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِنْقَاذِ مِنْهُمْ، وَكَذَا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ نُمَلِّكَهُمْ شَيْئًا مِنْهُ، وَكَذَا مَا يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ يُفْدَوْنَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَالِ مِمَّا يُمْكِنُنَا أَنْ نَمْلِكَهُ وَنُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ فَأَجَازَ إفْدَاءَهُمْ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُفْدَوْنَ بِكُلِّ شَيْءٍ حَاشَا الْمُسْلِمِينَ فَجَوَّزَهُ بِالْخَمْرِ اهـ فَهَذِهِ ضَوَابِطُهُمْ تُخَرَّجُ عَلَيْهَا الْمَسْأَلَةُ اهـ كَلَامُ طفي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 235 بَابٌ) الْمُسَابَقَةُ: بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، وَبَيْنَهُمَا. وَالسَّهْمِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ. وَعُيِّنَ الْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ وَالْمَرْكَبُ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي أَحْكَام المسابقة] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَابَقَةِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْجِهَادِ (الْمُسَابَقَةُ) جَائِزَةٌ (بِجُعْلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ مَالٍ يُجْعَلُ بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ أَوْ مَنْ حَضَرَ (فِي الْخَيْلِ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَالْإِبِلِ) كَذَلِكَ (وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْخَيْلِ مِنْ جَانِبٍ وَالْإِبِلِ مِنْ جَانِبٍ، وَأَوْلَى بِغَيْرِ جُعْلٍ. الْقَرَافِيُّ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ لِلْمَنْعِ الْقِمَارِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ أَكْلِهِ وَحُصُولِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ إنْ تَوَقَّفَ أَصْلُ الْجِهَادِ عَلَيْهَا وَالنَّدْبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الْبَرَاعَةُ فِيهِ عَلَيْهَا وَالْإِبَاحَةُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهَا شَيْءٌ. (وَ) الْمُسَابَقَةُ جَائِزَةٌ فِي رَمْيِ جِنْسِ (السَّهْمِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ الْجُعْلُ فَلَا تَصِحُّ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ وَلَا بِمَجْهُولٍ وَلَا خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ حُرٍّ وَتَجُوزُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ عَمَلٍ مَعْرُوفٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِبَيْعِهِ مُطْلَقُ الْمُعَاوَضَةِ بِهِ. (وَعُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي الْمُسَابَقَةِ بِدَوَابَّ أَوْ سِهَامٍ (الْمَبْدَأُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ (وَالْغَايَةُ) أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يُنْتَهَى إلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمَسَافَتَيْنِ (وَ) عُيِّنَ (الْمَرْكَبُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ بِالْأَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ. فَفِي الْجَوَاهِرِ مِنْ شُرُوطِ الْمُسَابَقَةِ مَعْرِفَةُ أَعْيَانِ مَا يَتَسَابَقُ عَلَيْهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 236 وَالرَّامِي وَعَدَدُ الْإِصَابَةِ وَنَوْعُهَا مِنْ خَزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ؛ أَخَذَهُ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ، فَلِمَنْ حَضَرَ   [منح الجليل] وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ تَرَاهَنَا بِثَنِيَّتَيْنِ فَأَدْخَلَ أَحَدُهُمَا رُبَاعِيًّا أَوْ قَارِحًا فَلَا يُعَدُّ سَبْقُهُ سَبْقًا، وَلَوْ أَدْخَلَ بَدَلَ الرُّبَاعِيِّ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا أَوْ حَوْلِيًّا أَوْ هَجِينًا بَدَلَ عَرَبِيٍّ كَانَ سَبْقُهُ سَبْقًا. اهـ. يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا عَلَى جَوَازِهِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ، وَيُشْتَرَطُ تَقَارُبُهُمَا فِي الْجَرْيِ وَجَهْلُهُمَا سَبْقَ أَحَدِهِمَا. (وَ) عُيِّنَ (الرَّامِي) وَإِنْ جُهِلَ رَمْيُهُ (وَ) عُيِّنَ (عَدَدُ الْإِصَابَةِ) لِلْغَرَضِ فِي مُسَابَقَةِ السِّهَامِ (وَنَوْعُهَا) أَيْ الْإِصَابَةِ (مِنْ خَزْقٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ آخِرُهُ قَافٌ وَهُوَ ثَقْبُهُ بِلَا ثُبُوتٍ فِيهِ (أَوْ غَيْرِهِ كَخَسْقٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ وَهُوَ ثَقْبُهُ وَالثُّبُوتُ فِيهِ وَخَرْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ خَدْشُ طَرَفِهِ وَسَطْحٍ وَحَوَابِيٍّ وَهُوَ الْوُقُوعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْوَثْبِ إلَيْهِ وَخَاصِرِيٍّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَصَادٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ إصَابَةُ جَانِبِهِ بِدُونِ خَدْشٍ (وَأَخْرَجَهُ) أَيْ الْجُعْلَ شَخْصٌ (مُتَبَرِّعٌ) غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ مِنْهُمَا (أَوْ) أَخْرَجَهُ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ (فَإِنْ) كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ (سَبَقَ غَيْرُهُ) أَيْ مُخْرِجُ الْجُعْلِ (أَخَذَهُ) أَيْ السَّابِقُ الْجُعْلَ (وَإِنْ سَبَقَ هُوَ) إي مُخْرِجُ الْجُعْلَ (فَ) هُوَ (لِمَنْ حَضَرَ) الْمُسَابَقَةَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ فِيهِ بِهَذَا فَيَصِحُّ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَيُحْمَلَانِ عَلَيْهِ، وَأَشْعَرَ فَرْضُهُ فِي اثْنَيْنِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَخْرَجَ الْجُعْلَ أَحَدُهُمْ لَا يَكُونُ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَحُكْمُهُ إنْ سَبَقَ غَيْرُهُ أَخَذَهُ وَإِنْ سَبَقَ هُوَ كَانَ لِلَّذِي يَلِيهِ فِي السَّبْقِ سَوَاءً شَرَطُوا هَذَا أَوْ أَطْلَقُوا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ الْجَوَاهِرِ. فَإِنْ شَرَطَ مُخْرِجُهُ رُجُوعَهُ إلَيْهِ إنْ سَبَقَ بَطَلَ وَهَلْ لَهُ الْأَكْلُ مَعَهُمْ مِنْهُ أَمْ لَا كَالصَّدَقَةِ تَعُودُ لِلْمُتَصَدِّقِ بِهَا قَوْلَانِ، وَيُعْتَبَرُ فِي السَّبْقِ الْعُرْفُ، فَإِنْ كَانَ بِمُجَاوَزَةِ دَابَّةِ أَحَدِهِمَا لِبَعْضِ دَابَّةِ الْآخَرِ أَوْ لِجُمْلَتِهَا أَوْ سَبَقَا بِبَاعٍ مَثَلًا عُمِلَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237 لَا إنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ، وَلَوْ بِمُحَلِّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ،   [منح الجليل] فَقِيلَ بِسَبْقِ الْأُذُنَيْنِ وَقِيلَ بِالصَّدْرِ وَقِيلَ بِكَوْنِ رَأْسِ الثَّانِي عِنْدَ مُؤَخَّرِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا فِي السِّهَامِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُعْلَ لِمَنْ حَضَرَ. (لَا) تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ (إنْ أَخْرَجَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَانِ جُعْلَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَيْنِ (لِيَأْخُذَهُ) أَيْ الْمُخْرَجَ بِالْفَتْحِ كُلِّهِ (السَّابِقُ) مِنْهُمَا بِالدَّابَّةِ أَوْ السَّهْمِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ فَرَجَعَ إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ. فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ وَرُدَّ كُلُّ جُعْلٍ لِمُخْرِجِهِ فَإِنْ سَكَتَا عَمَّنْ يَأْخُذُ مَا أَخْرَجَاهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ. وَهَلْ يُرَدُّ كُلُّ جُعْلٍ لِرَبِّهِ؟ أَوْ يَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ، فَإِنْ أَخْرَجَاهُ لِيَأْخُذَهُ الْمَسْبُوقُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ، وَيُمْنَعُ إخْرَاجُهُمَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا مُحَلِّلٌ. بَلْ (وَلَوْ) كَانَا (بِمُحَلِّلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ مَعَ شَخْصٍ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا (يُمْكِنُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (سَبْقُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمُحَلِّلُ الْمُخْرِجَيْنِ لِقُوَّةِ دَابَّتِهِ وَوُفُورِ قُوَّةِ سَاعِدِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمْ أَخَذَ الْجَمِيعَ فَلَا تَجُوزُ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ أَحَدِ الْمُخْرِجَيْنِ وَأَخْذِهِ الْجُعْلَيْنِ. وَمَفْهُومُ يُمْكِنُ سَبْقُهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ بِمَسْبُوقِيَّتِهِ فَيَمْتَنِعُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَعَدَمِهِ، وَإِنْ قُطِعَ بِسَابِقِيَّتِهِ جَازَ قَطْعًا قَالَهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهَا جَهْلُ كُلِّ جَرْيِ دَابَّةِ صَاحِبِهِ لَا يُقَالُ الشَّرْطُ فِي دَابَّتَيْ الْمُخْرِجَيْنِ لَا فِي دَابَّةِ الْمُحَلِّلِ، لِأَنَّا نَقُولُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُهُمَا فَهُوَ قِمَارٌ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً بِجَوَازِهِ مَعَ الْمُحَلِّلِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَاثْنَيْنِ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238 وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتَرِ. وَلَهُ مَا شَاءَ، وَلَا مَعْرِفَةُ الْجَرْيِ، وَالرَّاكِبُ، وَلَمْ يُحْمَلْ صَبِيٌّ، وَلَا اسْتِوَاءُ الْجُعْلِ، أَوْ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ، أَوْ تَسَاوِيهِمَا: وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ أَوْ انْكَسَرَ،   [منح الجليل] وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي مُسَابَقَةِ السِّهَامِ (تَعْيِينُ السَّهْمِ) الَّذِي يُرْمَى بِهِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ (وَ) لَا تَعْيِينُ (الْوَتَرِ) بِرِقَّةٍ أَوْ طُولٍ أَوْ ضِدِّهِمَا وَلَا تَعْيِينُ الْقَوْسِ فَتَجُوزُ بِعَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ فَارِسِيَّتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا تَبْدِيلُ عَرَبِيَّةٍ بِفَارِسِيَّةٍ وَلَا عَكْسُهُ، وَإِنْ تَنَاضَلَا بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ جَازَ ذَلِكَ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ دُخُولَهُمَا عَلَى الْمُخْتَلِفَيْنِ يُؤْذِنُ بِعَدَمِ قَصْدِ صِنْفِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا عَلَى الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَجَوَازِهَا بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ عَلَى إصَابَةِ الْغَرَضِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بَعْدَ الرَّمْيَةِ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّ رَمْيَ الْفَارِسِيَّةِ أَبْعَدُ لِخِفَّتِهَا كَالْمُسَابَقَةِ بِدَابَّتَيْنِ مَقْطُوعٍ بِسَبْقِ إحْدَاهُمَا (وَلَهُ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ بِالسِّهَامِ (مَا شَاءَ) الْمُسَابَقَةُ بِهِ مِنْ السِّهَامِ وَالْأَوْتَارِ وَالْقِسِيِّ (وَلَا) يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَابَقَةِ بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ (مَعْرِفَةُ) كُلِّ وَاحِدٍ حَالَ (الْجَرْيِ) لِفَرَسِ مُسَابِقِهِ، بَلْ يُشْتَرَطُ جَهْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ الْأُخْرَى وَإِلَّا كَانَ قِمَارًا مَمْنُوعًا عَلَى أَصْلِهِ. (وَلَا) يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ (الرَّاكِبِ وَلَمْ يُحْمَلْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُتَسَابَقِ بِهَا (صَبِيٌّ) أَيْ تُكْرَهُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ وَبَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ (وَلَا) يُشْتَرَطُ (اسْتِوَاءُ) أَيْ تَسَاوِي فَرْدَيْ (الْجُعْلِ) فَيَجُوزُ قَوْلُ الْمُتَبَرِّعِ إنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ سَبَقَ فُلَانٌ الْآخَرَ فَلَهُ أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ (أَوْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ (مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ) فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ مِنْ الْغَرَضِ وَالْآخَرُ خِلَافَهُ (أَوْ تَسَاوِيهِمَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ وَلَا فِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ. (وَإِنْ عَرَضَ لِسَهْمٍ) فِي طَرِيقِهِ (عَارِضٌ) فَعَطَّلَ سَيْرَهُ لِلْغَرَضِ (أَوْ انْكَسَرَ) السَّهْمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 239 أَوْ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ، أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ: لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا، بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ. وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ.   [منح الجليل] أَوْ الْقَوْسُ (أَوْ) عَرَضَ (لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ أَوْ) لِصَاحِبِهِ (نَزْعُ سَوْطٍ) فَقَلَّ جَرْيُ فَرَسِهِ (لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا) بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ (بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ) أَوْ نُفُورِهِ عَنْ دُخُولِ السُّرَادِقِ أَيْ الْخَيْمَةِ أَوْ سُقُوطِهِ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ قَطْعِ اللِّجَامِ (وَجَازَ) التَّسَابُقُ (فِيمَا عَدَاهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَبَيْنَ الْإِبِلِ وَبَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالسِّهَامِ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ وَالْجَرْيِ بِالْإِقْدَامِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَالصِّرَاعِ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ حَالَ كَوْنِهِ (مَجَّانًا) بِلَا جُعْلٍ لِقَصْدِ الِانْتِفَاعِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ كَفِعْلِ الْفُسَّاقِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَنَصُّهَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ فِيهِ لِلنَّفْعِ بِهِ، وَأَمَّا لِطَلَبِ الْمُغَالَبَةِ فَقِمَارٌ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَفِي رَمْيِ الْحِجَارَة، وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ كُلُّ ذَلِكَ إذَا قُصِدَ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِيَاضُ لِلْحَرْبِ اهـ. (وَ) جَازَ (الِافْتِخَارُ) أَيْ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ (عِنْدَ الرَّمْيِ) بِالسَّهْمِ لِأَنَّهُ أَغْرَى لِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ» وَالْعَوَاتِكُ جَمْعُ عَاتِكَة وَهُنَّ جَدَّاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَنَزَلَ فِيهِ عَنْ بَغْلَتِهِ، وَقَالَ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» ، وَهُنَّ تِسْعُ عَوَاتِكَ عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلَالٍ أُمُّ جَدِّ هَاشِمٍ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلَالٍ أُمُّ هَاشِمٍ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ الْأَرْقَسِ بْنِ مُرَّةَ أُمُّ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ آمِنَةِ بِنْتِ وَهْبٍ، وَسَائِرُ الْعَوَاتِكِ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ بَنِي سُلَيْمٍ اهـ. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِ الْعَرَبِيَّيْنِ الْعَوَاتِكُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ وَزَادَ الْعُلْيَا عَمَّةَ الْوُسْطَى وَالْوُسْطَى عَمَّةَ السُّفْلَى وَبَنُو سُلَيْمٍ يَفْتَخِرُونَ بِهَذِهِ الْوِلَادَةِ. وَيَجُوزُ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ فِي الْحَرْبِ «لِفِعْلِ أَبِي دُجَانَةَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ» الجزء: 3 ¦ الصفحة: 240 وَالرَّجْزُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ، وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، لَا حَدِيثُ الرَّامِي وَلَزِمَ الْعَقْدُ كَالْإِجَارَةِ.   [منح الجليل] وَ) جَازَ (الرَّجْزُ) فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْحَرْبِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَرَجْت فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ: أَنَا أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعْ ... الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ. (وَ) جَازَتْ (التَّسْمِيَةُ) لِلنَّفْسِ كَأَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ. (وَ) جَازَ (الصِّيَاحُ) عِنْدَ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ وَإِرَاحَةِ النَّفْسِ مِنْ التَّعَبِ (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (ذِكْرُ اللَّهِ) تَعَالَى بِالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ (لَا حَدِيثُ) أَيْ تَكَلُّمُ (الرَّامِي) بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ فُحْشًا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ. وَقَالَ " غ " بَعْدَ ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا حَدِيثُ الرَّمْيِ فَلَامَهُ جَارَّةٌ تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَازِ، وَجُمْلَةُ وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُمَا هَذَا الَّذِي انْقَدَحَ لِي فِي فَهْمِهِ بَعْدَ أَنْ ظَفِرْت بِنُسَخٍ هُوَ فِيهَا هَكَذَا فَاللَّامُ جَرٍّ دَاخِلَةٍ عَلَى أَحَادِيثَ جَمْعِ حَدِيثٍ، وَالْوَاقِعُ فِي سَائِرِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتهَا لَا حَدِيثُ بِلَا النَّافِيَةِ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ حَدِيثَ بِمَعْنَى تَكَلُّمِ الرَّامِي بِغَيْرِ أَحَادِيثِ الرَّمْيِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَكَأَنَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ نُسْخَةَ لَا حَدِيثُ لَا يَجُوزُ حَدِيثٌ بِمَعْنَى أَحَادِيثِ الرَّمْيِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ قَبْلُ وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ فَادَّعَى التَّصْحِيفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَزِمَ الْعَقْدُ) بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا حَلُّهُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ حَالَ كَوْنِهِ (كَ) عَقْدِ (الْإِجَارَةِ) فِي شَرْطِ تَكْلِيفِ الْعَاقِدِ وَرُشْدِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 241 (بَابٌ)   [منح الجليل] [بَاب مَا خَصَّ بِهِ النَّبِيّ بِوُجُوبِ الضُّحَى وَالْأَضْحَى وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ] (بَابٌ) فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ وَابْتَدَأَهُ بِخَصَائِصِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ مُعْتَمِدًا نَقْلَ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَلَهُ وَلِلْمُصَنِّفِ بَعْضُ زِيَادَاتٍ عَلَى مَا فِي الْأَحْكَامِ قَالَهُ " غ " عب ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَعَ أَنَّهُمْ بِصَدَدِ بَيَانِ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَأَحْكَامِ الْخَصَائِصِ قَدْ مَضَتْ بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلتَّنْوِيهِ بِعَظِيمِ قَدْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا فَذِكْرُهَا مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ. وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِي وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ وَمُحَرَّمٌ وَمُبَاحٌ. وَالْأَوَّلُ: قِسْمَانِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْثِيرًا لِثَوَابِهِ، فَإِنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ التَّطَوُّعِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَإِنْ ضَعَّفَهُ ابْنُ حَجَرٍ. وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ الْقُدْسِيُّ «وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْءٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْت عَلَيْهِ» . وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَشْرِيفًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَالثَّانِي: قِسْمَانِ أَيْضًا حَرَامٌ عَلَيْهِ وَحَرَامٌ عَلَيْنَا لَهُ. (فَرْعٌ) لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جُنُونٌ وَلَوْ قَلَّ زَمَنُهُ وَلَا إغْمَاءٌ طَوِيلٌ جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا عَمًى كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، فَلَمْ يَعْمَ نَبِيٌّ قَطُّ، وَمَا رُوِيَ فِي شُعَيْبٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَثْبُتْ وَيَعْقُوبُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَتْ بِهِ غِشَاوَةٌ وَزَالَتْ، أَوْ إنَّهُ اسْتَحَالَ السَّوَادُ بَيَاضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ} [يوسف: 84] ، وَكَانَ يُبْصِرُ بِهِمَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى {فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96] ، أَيْ مِنْ حَالَةِ الْبَيَاضِ وَقِيلَ عَمِيَ سِتَّ سِنِينَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 242 خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ: الضُّحَى وَالْأَضْحَى، وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ، وَالسِّوَاكِ وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ   [منح الجليل] خُصَّ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (النَّبِيُّ) مُحَمَّدٌ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ وَمِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ أَنَّهُ خُصَّ بِمَجْمُوعِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ شَارَكُوهُ فِي بَعْضِهَا (بِوُجُوبِ) صَلَاةِ (الضُّحِي) عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ لِخَبَرِ «كُتِبَ عَلَيَّ رَكْعَتَا الضُّحَى وَهُمَا لَكُمْ سُنَّةٌ» ، وَخَبَرُ الْبَيْهَقِيّ كَمَا فِي الْأُنْمُوذَجِ «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ الْفَجْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى» ، وَكَذَا فِي الْحَطّ. وَفِي تت التَّهَجُّدُ بَدَلُ الْفَجْرِ، وَالضُّحَى بَدَلُ رَكْعَتَا الضُّحَى، وَهَذَا شَاذٌّ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَنَّهُ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ» ، وَرُوِيَ «أَنَّهُ صَلَّاهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ» ، وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ صَلَّاهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلَكِنَّهُ رَغَّبَ فِيهَا بِقَوْلِهِ «مَنْ صَلَّاهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» كَمَا فِي الْبُدُورِ السَّافِرَةِ وَالْمَوَاهِبِ اللَّدُنْيَّةِ، وَمِنْ فَوَائِدِهَا إجْزَاؤُهَا عَنْ الصَّدَقَاتِ الَّتِي تُصْبِحُ عَلَى الْمَفَاصِلِ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَيُجْزِي عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى الْقَرَافِيُّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ مَا اشْتَهَرَ بَيْنَ الْعَوَامّ أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا ثُمَّ قَطَعَهَا يَعْمَى فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِتَرْكِهَا أَصْلًا لَا أَصْلَ لَهُ، بَلْ هُوَ مِمَّا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لِيُحَرِّمَهُمْ. (وَ) بِوُجُوبِ (الْأَضْحَى) أَيْ الضَّحِيَّةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ بِالْهَدْيِ كَغَيْرِهِ (وَ) بِوُجُوبِ (التَّهَجُّدِ) أَيْ نَفْلِ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] الْإِسْرَاءُ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ وَهُوَ صَلَاةٌ بَعْدَ نَوْمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ (وَ) بِوُجُوبِ (الْوِتْرِ بِحَضَرٍ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَدَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ عَلَيْهِ بِسَفَرٍ فِعْلُهُ فِيهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ (وَ) بِوُجُوبِ (السِّوَاكِ) لِكُلِّ صَلَاةٍ حَضَرًا وَسَفَرًا (وَ) بِوُجُوبِ (تَخْيِيرِ نِسَائِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِيهِ) أَيْ الْمَقَامِ مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبًا لِلْآخِرَةِ وَمُفَارَقَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَلَبًا لِلدُّنْيَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّخْيِيرَ الَّذِي يُوقِعُ فِيهِ الثَّلَاثَ كَمَا ظَنَّ قَوْمٌ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 243 وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ   [منح الجليل] أَبُو الْحَسَنِ هَذَا سُوءُ ظَنٍّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخَيَّرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ. وَرَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حِينَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَدَأَ بِهَا فَاخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَبِعَهَا بَقِيَّتُهُنَّ عَلَى ذَلِكَ» ، وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ وَفِي عِصْمَتِهِ التِّسْعُ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ. (تَتِمَّةٌ) بَقِيَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا، وَإِتْمَامُ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ وَدَفْعُهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَتَكْلِيفُهُ وَحْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا كُلِّفَ النَّاسُ جَمِيعهَا وَمُطَالَبَتُهُ بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْخَلْقِ بِالنَّفْسِ وَالْكَلَامِ وَاسْتِغْفَارِهِ سَبْعِينَ لِلْغَيْنِ عَلَى قَلْبِهِ، وَوُضُوءُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِرَدِّ السَّلَامِ، وَالْكَلَامُ وَهَذَانِ نُسِخَا (وَ) خُصَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِوُجُوبِ (طَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ) عَلَيْنَا أَيْ طَلَاقُنَا الزَّوْجَةَ الَّتِي رَغِبَ فِي نِكَاحِهَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ وَقَعَ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَغِبَ فِي تَزَوُّجِ زَوْجَةِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمَا عَامًّا لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ. وَأَمَّا تَزَوُّجُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوْجَةَ غَيْرِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ وَقَعَ فِي زَيْنَبَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] وَإِنَّمَا كَانَتْ رَغْبَتُهُ فِي بَقَائِهَا زَوْجَةً لِزَيْدٍ تَحَاشِيًا مِنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ، وَقَدْ مَنَعَ النَّاسُ مِنْهُ لِتَبَنِّيه زَيْدًا. وَاَلَّذِي أَخْفَاهُ إنَّمَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِتَزَوُّجِهَا بَعْدَ زَيْدٍ فَأَخْفَاهُ خَشْيَةَ تَطَرُّقِ الْأَلْسُنِ إلَيْهِ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ، لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَبَنَّى زَيْدًا فَكَانَ لِهَذَا الْمُوجِبِ يَقُولُ لَهُ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك خَشْيَةَ وُجُوبِ تَزَوُّجِهَا عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وقَوْله تَعَالَى {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} [الأحزاب: 37] مَعْنَاهُ لِئَلَّا يَجِبَ عَلَيْك زَوَاجُهَا إذَا طَلَّقَهَا لَا مَحَبَّتُهَا مَعَ قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ حِينَ شَكَا زَيْدٌ لَهُ مِنْهَا وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا أُمِرْت بِهِ مِنْ تَزَوُّجِهَا بَعْدَ طَلَاقِ زَيْدٍ لَا حُبُّهَا مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ أَيْ مُظْهِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ تَزَوُّجِك إيَّاهَا، وَتَخْشَى النَّاسَ أَنْ يَقُولُوا تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ لِمَا أَرَادَ مِنْ إبْطَالِ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ حُرْمَةِ تَزَوُّجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 244 وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي، وَالْمُشَاوَرَةِ   [منح الجليل] زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَفَادَهُ السَّنُوسِيُّ وَنَحْوُهُ لِلسَّيِّدِ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَزَادَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ إخْفَاءَهُ عَزِيمَةَ تَزَوُّجِ زَيْنَبَ أَمْرٌ دُنْيَوِيٌّ خَوْفًا مِنْ أَعْدَاءِ الدِّينِ لَيْسَ مِنْ الصَّغَائِرِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ غَايَتُهُ تَرْكُ الْأَوْلَى بَلْ وَكَذَا مَيَلَانُ الْقَلْبِ. اهـ. أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنْ لَوْ وَقَعَ. (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (إجَابَةِ الْمُصَلِّي) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إجَابَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا دَعَاهُ وَهُوَ فِيهَا وَأَحْرَى غَيْرُ الْمُصَلِّي. وَعُمُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى يَقْضِي بِبُطْلَانِ صَلَاةٍ مُجِيبَةٍ، لِمَنْ قَالَ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهَا وَعَزَاهُ السَّفَاقِسِيُّ لِابْنِ كِنَانَةَ. قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَهَذِهِ الْخِصِّيصَةُ يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. الْعَجْمَاوِيُّ مِثْلُ الْإِجَابَةِ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ ابْتِدَاءُ الْمُصَلِّي النَّبِيَّ بِالْخِطَابِ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك قَالَهُ النَّوَوِيُّ. عج وَالظَّاهِرُ قَصْرُهُ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ كَمِثَالِهِ لَا مَا كَانَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا. وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِإِجَابَتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَابَتِهِ بِنَحْوِ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. أَوْ بِنَحْوِ مَا فَعَلْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ جَوَابًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهُ عَلَى فِعْلَتِهِ، هَذَا فِي حَيَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا وَقَعَ لِأُبَيٍّ. وَانْظُرْ إنْ وَقَعَتْ بَعْدَهَا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ خُصُوصِيَّةِ الْحَيَاةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَيَاتِهِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ عب. (وَ) مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (الْمُشَاوَرَةِ) لِذَوِي الْأَحْلَامِ مِنْ أَصْحَابِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ تَطْبِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ عِلْمًا، فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَامِلَ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُشَاوَرَةُ. قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ إنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشَاوِرُ فِي الْحُرُوبِ وَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ الْأَحْكَامُ فَلَا يُشَاوِرُ فِيهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا إنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] الْآيَةَ. وَأَمَّا غَيْرُ الْأَحْكَامِ فَرُبَّمَا رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ أَوْ سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ، وَيَجِبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 245 وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ، وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ   [منح الجليل] عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِيمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَوُجُوهِ الْكِتَابِ، وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَعِمَارَتِهَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ ابْنِ عَطِيَّةَ الشُّورَى مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ وَعَزَائِمِ الْأَحْكَامِ وَمَنْ لَا يَسْتَشِيرُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ. (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ) الْمُسْلِمِ مِنْ مَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَاصِّ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيُشَارِكُهُ فِيهِ جَمِيعُ الْوُلَاةِ إذَا عَجَزَ عَنْ وَفَائِهِ وَتَدَايُنِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَوْ تَابَ، وَأَحَادِيثُ الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ بِالدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ اتِّفَاقًا لِوُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ قَبْلَ الْفُتُوحَاتِ. (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (إثْبَاتِ عَمَلِهِ) أَيْ عَدَمِ تَرْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَسْخِهِ لَا أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا وَيَدَعَهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا، وَكَذَا فِي الصَّوْمِ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ فَيُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ فَيَصُومُ. (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (مُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ) الزَّائِدُ عَلَى الضَّعْفِ وَلَوْ أَهْلَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] أَيْ مِنْ قَتْلِهِمْ لَك فَلَا يُنَافِي شَجَّ وَجْهِهِ وَكَسْرَ رُبَاعِيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ) عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَيْنًا بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّ سُكُونَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ لَهُ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (وَ) خُصَّ (بِحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ) الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ (عَلَيْهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ عَنْ أَوْسَاخِ الْمُتَصَدِّقِينَ، وَكَوْنُ يَدِهِمْ هِيَ الْعُلْيَا وَيَدُهُ السُّفْلَى، وَقَدْ أَبْدَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا الْفَيْءَ الْمَأْخُوذَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ الدَّالِّ عَلَى عِزِّ آخِذِهِ وَذُلِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (وَعَلَى آلِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ فَقَطْ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ. ابْن عَبْدَ الْبَرِّ زَوْجَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَآلِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 246 وَأَكْلِهِ كَثُومٍ، أَوْ مُتَّكِئًا، وَإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ، وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ، وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ،   [منح الجليل] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالرَّاجِحُ جَوَازُهُمَا لِمَوَالِيهِ وَعَدَمُ حُرْمَةِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى آلِهِ. وَشَرْطُ حُرْمَةِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ غِنَاهُمْ أَوْ إعْطَاؤُهُمْ كِفَايَتَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَهِيَ مُبَاحَةٌ لَهُمْ أَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أَوْ بَلَغُوا إبَاحَةَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَإِعْطَاؤُهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ، وَمِمَّا حَرُمَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَطَلُّعُهُ إلَى مَا مُنِعَ بِهِ النَّاسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: 131] الْآيَةَ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (أَكْلِ كَثُومٍ) وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَسَائِرِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ إذَا كَانَ نِيئًا لِمُنَاجَاتِهِ الْمَلَائِكَةَ وَالرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ تُؤْذِيهِمْ، فَإِنْ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ (أَوْ) أَكْلُهُ حَالَ كَوْنِهِ (مُتَّكِئًا) أَيْ مُتَرَبِّعًا قَالَهُ عِيَاضٌ وَالْخَطَّابِيُّ أَوْ مَائِلًا عَلَى جَنْبِهِ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ أَوْ مُسْتَنِدًا بِلَا مَيْلٍ قَالَهُ أَحْمَدُ (وَ) خُصَّ حُرْمَةُ (إمْسَاكِ كَارِهَتِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْرَتِهَا مِنْ زَوْجَاتِهِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى تَرْكِهَا لَا لِذَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عِصْمَتِهِ لِخَبَرِ «الْعَائِذَةِ الْقَائِلَةِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ، وَقِيلَ مُلَيْكَةُ اللَّيْثِيَّةُ فَإِنْ كَرِهَتْهُ لِذَاتِهِ كَفَرَتْ فَبَانَتْ، قَوْلُهُ مَعَاذٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَكَان قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ، أَيْ تَحَصَّنَتْ بِمَلَاذٍ وَمَلْجَأٍ. وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ بِضَمِّهَا أَيْ الَّذِي يُسْتَعَاذُ بِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقِي هَمْزَةٌ لِلْوَصْلِ مِنْ لَحِقَ كَفَرِحَ وَأَجَازَ الْقَسْطَلَّانِيُّ قَطْعَهَا مِنْ أَلْحَقَ لُغَةً فِي لَحِقَ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (تَبَدُّلِ) أَيْ تَبْدِيلِ (أَزْوَاجِهِ) اللَّاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52] الْآيَةَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَيْ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِك وَتَنْكِحَ غَيْرَهَا وَهَذَا لَمْ يُنْسَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (نِكَاحِ) الْحُرَّةِ (الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ) الْمُسْلِمَةِ أَحْمَدُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ جَوَازَهُ لِغَيْرِهِ مَشْرُوطٌ بِخَوْفِ الْعَنَتِ وَعَدَمِ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةٌ وَهُمَا مَنْفِيَّانِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 3 ¦ الصفحة: 247 وَمَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ وَنَزْعِ لَأْمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ، وَالْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ   [منح الجليل] لِعِصْمَتِهِ وَإِبَاحَةِ تَزَوُّجِهِ بِلَا مَهْرٍ وَتَسَرِّيهِ بِكِتَابِيَّةٍ مُبَاحٌ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (مَدْخُولَتِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّتِي مَاتَ عَنْهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ عَلَيْهِ إجْمَاعًا. وَكَذَا الَّتِي مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا فَلَا مَفْهُومَ لِمَدْخُولَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْتِ، وَأَمَّا مُطَلَّقَتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَهُمْ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِرَجْمِ الْمُسْتَعِيذَةِ إذْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ وَتَرَكَهَا لَمَّا أُخْبِرَ بِمُفَارِقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَا تَحْرُمُ مُطَلَّقَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ بِنَائِهِ وَقَبْلَ مَسِّهِ الَّتِي وَجَدَ بَيَاضًا بِكَشْحِهَا وَتَحْرُمُ سَرِيَّتُهُ وَأُمُّ وَلَدٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ زَوْجَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْعَ عَشْرَةَ عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ وَبَنَى بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ، وَفِي بَقَاءِ نِكَاحِهِنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَانْقِطَاعِهِ خِلَافٌ، وَفِي وُجُوبِ عِدَّتِهِنَّ خِلَافٌ. وَجْهُ الثُّبُوتِ أَنَّهُنَّ مُتَوَفًّى عَنْهُنَّ وَهِيَ عِبَادَةٌ. وَوَجْهُ النَّفْيِ أَنَّهُنَّ لَا يَنْتَظِرْنَ إبَاحَةً فَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَمُتْ، وَقَدْ وَرَدَ: الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ وَنَظَمَ تت أَسْمَاءَ اللَّاتِي مَاتَ عَنْهُنَّ بِقَوْلِهِ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ ... إلَيْهِنَّ تُعْزَى الْمَكْرُمَاتُ تُنْسَبُ فَعَائِشَةُ مَيْمُونَةُ وَصَفِيَّةُ ... وَحَفْصَةُ تَتْلُوهُنَّ هِنْدُ وَزَيْنَبُ جُوَيْرِيَةُ مَعَ رَمْلَةَ ثُمَّ سَوْدَةَ ... ثَلَاثٌ وَسِتٌّ نَظْمُهُنَّ مُهَذَّبُ (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (نَزْعِ لَأْمَتِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ جَمْعُهَا لَأْمٍ بِسُكُونِهَا أَيْ آلَةِ حَرْبِهِ كَخُوذَةٍ وَدِرْعٍ (حَتَّى يُقَاتِلَ) فِيهِ مُسَامَحَةً، وَالْأَوْلَى حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ اُحْتِيجَ لَهُ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (الْمَنِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ إعْطَائِهِ شَيْئًا (لِيَسْتَكْثِرَ) أَيْ يَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] أَيْ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً لِتَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ لَا تُعْطِ الْأَغْنِيَاءَ فَتُصِيبَ مِنْهُمْ أَضْعَافَهَا، أَوْ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً تَنْتَظِرُ ثَوَابَهَا، أَوْ لَا تَمْنُنْ بِعَمَلِك أَوْ لَا تَمْنُنْ عَلَى النَّاسِ بِنُبُوَّتِك فَتَأْخُذَ مِنْهُمْ أَجْرًا، أَوْ لَا تَضْعُفْ عَنْ الْخَيْرِ أَنْ تَسْتَكْثِرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 248 وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ   [منح الجليل] مِنْهُ، أَوْ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً مُسْتَكْثِرًا لَهَا بِأَنْ تَعُدَّهَا كَثِيرَةً أَيْ لَا تَسْتَكْثِرْ مَا تَمُنُّ بِهِ أَقْوَالٌ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ) أَيْ إظْهَارِ خِلَافِ مَا فِي ضَمِيرِهِ، فَشُبِّهَ بِالْخِيَانَةِ فِي الْإِخْفَاءِ أَوْ الِانْخِدَاعِ عَمَّا وَجَبَ وَالْأَوَّلُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ الْحُرُوبِ، وَحَدِيثُ «إنَّا لَنَبَشُّ فِي وُجُوهِ قَوْمٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ» مِنْ قَبِيلِ الْحَرْبِ مَعْنَى وَنَبَشُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ إذَا أَرَادَ سَفَرَ الْغَزْوِ التَّوْرِيَةُ بِغَيْرِهِ حَذَرًا مِنْ إفْسَادِ الْمُنَافِقِينَ، فَكَانَ يَسْأَلُ عَنْ حَالِ جِهَةِ غَيْرِ الَّتِي أَرَادَ غَزْوَهَا لِيُخْفِيَ عَنْهُمْ الَّتِي أَرَادَهَا حَتَّى لَا يَتَمَكَّنُوا مِنْ إفْسَادِ مَا نَوَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (الْحُكْمِ بَيْنَهُ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ) - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1] . (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2] وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ عَلَى حَدِيثِهِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَإِذَا قُرِئَ كَلَامُهُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرِضُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ} [الأعراف: 204] الْآيَةَ وَكَلَامُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْوَحْيِ وَلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مِثْلُ مَا لِلْقُرْآنِ إلَّا فِي مَعَانٍ مُسْتَثْنَاةٍ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَعِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ. وَقِيَامُ قَارِئِ حَدِيثِهِ لِأَحَدٍ وَقِيلَ تُكْتَبُ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ. (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ (نِدَائِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مِنْ وَرَاءِ) أَيْ خَلْفِ (الْحُجْرَةِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُحْتَجِبِ بِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَائِطٍ وَنَحْوِهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَحْتَجِبُ فِي شُغْلِهِ الْمُهِمِّ فَحَرُمَ إزْعَاجُهُ وَقَطْعُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ، وَهَذَا يُقَيِّدُ أَنَّ نِدَاءَهُ مِنْ وَرَائِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْرُمُ كَأَنْ يُنَادِيَهُ مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِنِدَائِهِ إزْعَاجٌ كَخَادِمِهِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} [الحجرات: 4] {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} [الحجرات: 5] الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 وَبِاسْمِهِ وَإِبَاحَةِ الْوِصَالِ وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَبِقِتَالٍ وَصَفِيِّ   [منح الجليل] (وَ) خُصَّ بِحُرْمَةِ نِدَائِهِ (بِاسْمِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ أَمْ لَا غَيْرَ مَقْرُونٍ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ، فَفِي خَبَرِ ابْنِ فُدَيْكٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَدْرَكَ قَالَ «بَلَغَنَا أَنَّ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّدُ سَبْعِينَ مَرَّةً نَادَاهُ مَلَكٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا فُلَانُ لَا تَسْقُطُ لَك الْيَوْمَ حَاجَةٌ» ، وَكَنِدَائِهِ بِاسْمِهِ نِدَاؤُهُ بِكُنْيَتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] قَالَ تِلْمِيذُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَنَّ النِّدَاءَ بِالْكُنْيَةِ لَا تَعْظِيمَ فِيهِ مَمْنُوعٌ إذْ هِيَ تَعْظِيمٌ بِاتِّفَاقٍ، وَلِهَذَا امْتَنَعَتْ تَكْنِيَةُ الْكَافِرِ. وَاحْتِيجَ لِلْجَوَابِ عَنْ حِكْمَةِ تَكْنِيَةِ عَبْدِ الْعُزَّى بِأَبِي لَهَبٍ فِي قَوْله تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] الْمَسَدُ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا لِأَنَّهَا تَعْظِيمٌ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ نِدَائِهِ بِكُنْيَتِهِ وَإِنْ كَانَ نِدَاؤُهُ بِوَصْفِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ أَعْظَمُ. وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى آيَةِ النُّورِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا يُنَادَى بِكُنْيَتِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ بِهَا بَعْضَهُمْ. وَالْحَافِظُ لَمْ يُعَلِّلْ الْحُرْمَةَ بِتَرْكِ التَّعْظِيمِ حَتَّى يُتَّجَهَ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ زَكَرِيَّا قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ عَلَى الْخَصَائِصِ. (وَ) خُصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ) فِي الصِّيَامِ بِأَنْ يَصُومَ أَيَّامًا بِلَا فِطْرٍ بَيْنَهَا لَيْلًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا لَسْت كَأَحَدِكُمْ، أَنَا أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي» ، قِيلَ مِنْ طَعَامِ وَشَرَابِ الْجَنَّةِ وَهُمَا لَا يُفْطِرَانِ، وَقِيلَ كِنَايَةٌ عَنْ التَّقْوِيَةِ وَالْإِعَانَةِ. (وَ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ (دُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ) مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَحَصْرِ عَدُوٍّ (وَ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ دُخُولِهَا (بِقِتَالٍ) ثُمَّ نُسِخَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ (وَ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ (صَفِيِّ) بِفَتْحِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 الْمَغْنَمِ وَالْخُمُسِ وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ   [منح الجليل] الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ مُخْتَارِ (الْمَغْنَمِ) لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَسْمِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ، وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - (وَ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ (الْخُمُسِ) مِنْ الْمَغْنَمِ صَوَابُهُ خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَنَصُّهُ مِنْ خَوَاصِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ الْخُمُسِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا الِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ وَالثَّانِي الِاسْتِبْدَادُ بِجَمِيعِ الْخُمُسِ، فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي، وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ. وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إنَّمَا وَالَى الْجَيْشَ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ لَهُ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّفِيُّ مَخْصُوصٌ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ رَآهُ لِكُلِّ إمَامٍ وَكَذَا لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ إلَّا الِاجْتِهَادُ فِي قَسْمِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَا مِثْلُ هَذَا إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ» . (وَ) خُصَّ بِأَنَّهُ (يُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ) وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ وَلَوْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا وَلَكِنْ إذَا كَرِهَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِقَامَةَ حَرُمَ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا فِي عِصْمَتِهِ (وَ) يُزَوِّجُ (مَنْ شَاءَ) مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ بِغَيْرِ إذْنٍ (وَ) يُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ (بِلَفْظِ الْهِبَةِ) بِلَا ذِكْرِ صَدَاقٍ (وَ) خُصَّ بِجَوَازِ أَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ (بِزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسْوَةِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 251 وَبِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ وَبِلَا قَسْمٍ وَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَحْمِي لَهُ وَلَا يُورَثُ.   [منح الجليل] وَ) خُصَّ بِأَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ وَمَنْ شَاءَ (بِلَا مَهْرٍ) يُدْفَعُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (وَ) بِلَا (وَلِيٍّ) لِلْمَرْأَةِ (وَ) بِلَا (شُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ «نَكَحَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَهُوَ مُحْرِمٌ» ، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهُوَ حَلَالٌ، وَعَنْهَا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " فِي مُسْلِمٍ «تَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ» (وَبِلَا) وُجُوبِ (قَسْمٍ) عَلَيْهِ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ. وَخُصَّ بِإِبَاحَةِ مُكْثِهِ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا وَعَدَمِ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِنَوْمِهِ وَلَا بِلَمْسَةٍ (وَيَحْكُمُ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِنَفْسِهِ) عَلَى خَصْمِهِ لِعِصْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْجَوْرِ (وَ) يَحْكُمُ (لِوَلَدِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى خَصْمِهِ لِذَلِكَ وَيَشْهَدُ عَلَى خَصْمِهِ وَخَصْمِ وَلَدِهِ لِذَلِكَ (وَيَحْمِي) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ يَمْنَعُ النَّبِيُّ غَيْرَهُ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ فِي الْمَوَاتِ (لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأُنْمُوذَجِ وَيَحْمِي الْمَوَاتَ وَلَا يُنْقَضُ مَا حَمَاهُ. (وَلَا يُورَثُ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» بِرَفْعِ صَدَقَةٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مَا. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَرِثُ وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ وَبَعْضَ غَنَمٍ» وَغَيْرَهُمَا وَبَحَثَ بِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى إرْثًا لِأَنَّهُ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّتِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَصَمَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ نُبُوَّتِهِ فَمَا حَصَلَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَهَا مُوَافِقٌ لِمَا حَصَلَ بَعْدَهَا، وَفِي الذَّخِيرَةِ رَأَيْت كَلَامًا لِلْعُلَمَاءِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ أَيْضًا. اهـ. وَهَذَا لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ فِي الْجَوَاهِرِ. الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ذَكَرْته فِي قِسْمِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَارَبَ الْمَوْتَ فَقَدَ أَكْثَرَ مَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا الثُّلُثُ وَبَقِيَ مِلْكُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 252 (بَابٌ) نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ   [منح الجليل] [بَابٌ النِّكَاح] فَصْلٌ فِي النِّكَاحِ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِ) رَجُلٍ (مُحْتَاجٍ) أَيْ رَاغِبٍ تَائِقٍ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَوْ لَا أَوْ غَيْرِ رَاغِبٍ وَرَجَا النَّسْلَ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لَهُ حُكْمًا، وَمَحَلُّ هَذَا إنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَإِلَّا وَجَبَ وَلَوْ مَعَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ أَوْ مَعَ وُجُودِ بَعْضِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرِ هَذَا. قَالَ فِي الشَّامِلِ يَتَعَيَّنُ لِخَوْفِ عَنَتٍ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَسَرٍّ نِكَاحُ مَنْ لَمْ يَكْفِهِ الصَّوْمُ، وَخُيِّرَ فِيهِ وَفِي تَسَرٍّ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَفَّهُ الصَّوْمُ وَجَبَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَالنِّكَاحُ أَوْلَى. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ النِّكَاحُ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ مَنْدُوبٌ أَوْ لِلْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ حَصُورًا أَوْ عَقِيمًا فَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ. وَالْمُحْتَاجُ لَهُ وَلَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَتَسَرَّرُ بِهِ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَخَشِيَ أَنْ لَا يَقُومَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَهُ وَكَذَا الْمَرْأَةُ اهـ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ. ابْنُ بَشِيرٍ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَعَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ أَوْ النَّفَقَةِ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ، وَفِي الشَّامِلِ وَمُنِعَ لِمُضِرٍّ بِامْرَأَةٍ لِعَدَمِ وَطْءٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ لِكَسْبٍ حَرُمَ وَلَمْ يَخَفْ عَنَتًا. وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ خَائِفُ الْعَنَتِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ الزِّنَا لِأَنَّهُ فِي طَوْقِهِ، وَبِتَرْكِ التَّزَوُّجِ الْحَرَامِ فَلَا يَحِلُّ فِعْلُ مُحَرَّمٍ لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ وَإِنَّمَا يُصَارُ لِهَذَا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا بِالزِّنَا، وَإِنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِعَجْزِهِ عَنْ الْوَطْءِ وَرَضِيَتْ جَازَ، وَكَذَا إنْ عَلِمَتْ الرَّشِيدَةُ بِعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ وَرَضِيَتْ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الِاكْتِسَابِ الْحَرَامِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ. (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (أُهْبَةٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ قُدْرَةٍ عَلَى صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 253 نِكَاحُ   [منح الجليل] وَوَطْءٍ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِيهِ أَوْ لَا، وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَوْ لَا، فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَعَجَزَ عَنْ التَّسَرِّي وَلَمْ يَكْفِهِ الصَّوْمُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجُ وَلَوْ أَدَّى لِلْإِنْفَاقِ مِنْ كَسْبٍ حَرَامٍ أَوْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَهُ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا وَلَوْ عَطَّلَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ، وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ عَطَّلَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ كُرِهَ لَهُ وَلَوْ رَجَا النَّسْلَ وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ إنْ رَجَا النَّسْلَ، وَإِلَّا أُبِيحَ لَهُ. وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْمَنْدُوبُ وَالْجَائِزُ وَالْمَكْرُوهُ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ مُوجِبِ التَّحْرِيمِ وَإِلَّا حَرُمَ وَيَجْرِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ أَيْضًا. وَزَادَ ابْنُ رَحَّالٍ وَجْهًا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَهُوَ عَجْزُهَا عَنْ قُوتِهَا وَعَدَمُ سِتْرِهَا بِغَيْرِهِ. وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (نِكَاحُ) ابْنُ حَجَرٍ النِّكَاحُ لُغَةً الضَّمُّ وَالتَّدَاخُلُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَطْءِ، وَيُسَمَّى بِهِ الْعَقْدُ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَشَرْعًا حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الْعَقْدِ حَتَّى قِيلَ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا لَهُ، وَلَا يَرِدُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] لِأَنَّ شَرْطَ الْوَطْءِ فِي التَّحْلِيلِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالْعَقْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ} [البقرة: 230] حَتَّى تَتَزَوَّجَ أَيْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ هَذَا كَافٍ بِمُجَرَّدِهِ لَكِنْ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ. وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا الَّذِي تَرَجَّحَ فِي نَظَرِي وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْعَقْدِ اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لُغَةً حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَشَرْعًا بِالْعَكْسِ. ابْنُ عَرَفَةَ النِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مُجَرَّدِ مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ بِآدَمِيَّةٍ غَيْرُ مُوجِبٍ قِيمَتَهَا بِبَيِّنَةٍ قَبْلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ عَاقِدُهُ حُرْمَتَهَا إنْ حَرَّمَهَا الْكِتَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْآخَرِ فَيَخْرُجُ عَقْدُ تَحْلِيلِ الْأَمَةِ إنْ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ، وَيَدْخُلُ نِكَاحُ الْخَصِيِّ وَالطَّارِئَيْنِ لِأَنَّهُ بِبَيِّنَةٍ صَدَقَا فِيهَا وَلَا يَبْطُلُ عَكْسُهُ نِكَاحُ مُدَّعِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ وَطْئِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ فُشُوِّ بِنَائِهِ بِاسْمِ النِّكَاحِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُ حَدِّهِ لِلشُّبْهَةِ لَا لِثُبُوتِ نِكَاحِهِ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 254 بِكْرٍ وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ   [منح الجليل] قَوْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ مُتْعَةٍ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَالْأَصْلُ مُتْعَةُ التَّلَذُّذِ الْمُجَرَّدَةِ فَخَرَجَ بِالْمُتْعَةِ الْبَيْعُ وَالْكِرَاءُ، وَبِالتَّلَذُّذِ الْمُتْعَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ كَالْجَاهِ وَالْوِلَايَةِ، وَبِالْمُجَرَّدَةِ شِرَاءُ أَمَةٍ لِوَطْئِهَا. وَقَوْلُهُ بِآدَمِيَّةٍ قَالَ الرَّصَّاعُ أَخْرَجَ التَّلَذُّذَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، قَالَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى جِنِّيَّةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّ الْإِنْسَ جَائِزٌ عَقْلًا فَإِنْ صَحَّ نَقْلًا فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ. وَقَوْلُهُ بِبِيتَةِ الرَّصَّاعُ حَالٌ مِنْ التَّلَذُّذِ أَخْرَجَ بِهِ صُوَرَ الزِّنَا وَأُورِدَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَبْطُلُ عَكْسُهُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِيهِ الدُّخُولُ دُونَ إشْهَادٍ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ وَهُوَ فَرْعُ النِّكَاحِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِإِقْرَارِهِمَا بِالْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْإِجْمَاعِ صَوَابُهُ أَوْ بِتَكْرِيرٍ أَوْ إلَّا أَنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى وَفَرَّ مِنْ رَكَاكَةِ اللَّفْظِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ صَوَابُهُ وَالْإِجْمَاعُ بِالْوَاوِ فَاسِدٌ، وَكَذَا قَوْلٌ آخَرُ صَوَابُهُ أَوْ وَالْإِجْمَاعُ بِوَاوٍ عَقِبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ بُنَانِيٌّ. (بِكْرٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَرْأَةٌ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَالْأَوْلَى وَبِكْرٍ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِجَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُك» . وَنُدِبَ لِمُرِيدِ تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ (نَظَرُ وَجْهِهَا) لِيَعْلَمَ هَلْ هِيَ جَمِيلَةٌ أَمْ لَا (وَ) نَظَرُ (كَفَّيْهَا) لِيَعْلَمَ هَلْ بَدَنُهَا مُخْصِبٌ أَوْ لَا ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا إلَى كُوعَيْهَا بِلَا قَصْدِ تَلَذُّذٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ إجَابَتِهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَوَلِيِّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً، وَإِلَّا حَرُمَ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً، وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ جَازَ نَظَرُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا مَعَ الْأَمْنِ وَعَدَمِ قَصْدِ التَّلَذُّذِ لِأَنَّ فِعْلَ هَذَا مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ (فَقَطْ) أَيْ لَا غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا نَفْيُ النَّدْبِ الصَّادِقِ بِالْجَوَازِ. وَمَحَلُّ النَّدْبِ إنْ كَانَ نَظَرَ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا (بِعِلْمٍ) مِنْهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَمِنْ وَلِيِّهَا وَإِلَّا كُرِهَ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْفُسَّاقُ لِنَظَرِ وُجُوهِ النِّسَاءِ وَكُفُوفِهِنَّ وَيَقُولُوا نَحْنُ خُطَّابٌ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ نَظَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْمَسِّ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255 بِعِلْمٍ وَحَلَّ لَهُمَا حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ   [منح الجليل] زِيَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهَا نَظَرُ وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ. الْحَطّ لَا نَصَّ فِيهِ عِنْدَنَا وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي جَمَالِهِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَيَجُوزُ لَهُ تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ عَلَى نَظَرِهِمَا، وَيُنْدَبُ لَهَا. وَأَمَّا نَظَرُهَا مَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَمُبَاحٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَرْأَةً لَا مَنْدُوبٌ مِنْ حَيْثُ وَكَالَتُهَا عَنْ الْخَاطِبِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى الْخِطْبَةِ فَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ أَنْظُرُ هَلْ يُفَوِّضُ لَهُ فِي النَّظَرِ إلَيْهِمَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِمَا. وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ نَظَرَ الْخَاطِبِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِوَكِيلِهِ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّمَاصِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عُطِفَ عَلَى نِكَاحٍ وَبِهِ قَرَّرُوهُ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ وَبِهِ عَبَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ. وَفِي الرِّسَالَةِ لَا بَأْسَ، وَفِي مَوْضِعٍ أُرَخِّصُ. وَحَمَلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا» عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ إرْشَادٍ، وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ. وَقَالَ عَقِبَهُ وَقِيلَ إنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ لِلْأَحَادِيثِ الْآمِرَةِ بِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ سُمِحَ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُرِيدِ تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ نَظَرُهُ إلَيْهَا بِإِذْنِهَا. ابْنُ رُشْدٍ إلَى وَجْهِهَا. الْمَازِرِيُّ وَيَدَيْهَا ثُمَّ قَالَ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَطَّانِ كَوْنَ النَّظَرِ إلَيْهِمَا مَنْدُوبًا إلَيْهِ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِهِ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى الْأَبِيَّ حَكَى النَّدْبَ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، وَابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَنْسُبْهُ إلَّا لِابْنِ الْقَطَّانِ. (وَحَلَّ) أَيْ جَازَ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ مُبِيحٍ لِلْوَطْءِ نَظَرُ جَمِيعِ جَسَدِ صَاحِبِهِ (حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ) وَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ «إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى فَرْجِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى» . قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إنَّهُ مَوْضُوعٌ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ عَنْ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ هَذَا مَوْضُوعٌ وَأَقَرَّهُ غَيْرُهُ. زَرُّوقٌ جَوَازُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنْ كَرِهُوهُ لِلطِّبِّ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْبَصَرَ وَيُورِثُ قِلَّةَ الْحَيَاءِ فِي الْوَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي النَّصِيحَةِ يُكْرَهُ نَظَرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِفَرْجِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْبَصَرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256 كَالْمِلْكِ. وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ. وَخُطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ وَعَقْدٍ وَتَقْلِيلُهَا وَإِعْلَانُهُ.   [منح الجليل] وَيُذْهِبُ الْحَيَاءَ وَقَدْ يَرَى مَا يَكْرَهُ فَيُؤَدِّي إلَى الْبِغَاءِ. وَقَالَتْ «عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا رَأَيْت ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا رَأَى مِنِّي وَإِنْ كُنَّا لَنَغْتَسِلُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ» . وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ حَتَّى لِلْفَرْجِ فَقَالَ (كَالْمِلْكِ) التَّامِّ الْمُسْتَقِلِّ بِهِ بِلَا مَانِعِ مَحْرَمِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَيَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكَةِ نَظَرُ جَمِيعِ الْآخَرِ حَتَّى الْفَرْجِ لَا مُبَعَّضَةٍ وَمُشْتَرَكَةٍ، وَمُحَرَّمِ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُتَزَوِّجَةٍ. . (وَ) حَلَّ لَهُمَا (تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ) وَطْءِ (دُبُرٍ) فَيَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ. الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ وَأَمَّا التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ فَقَدْ فَاوَضْتُ فِيهِ بَعْضَ أَصْحَابِنَا لَا شُيُوخِنَا لِعَدَمِ الْجَسَارَةِ عَلَيْهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا، فَأَجَابَ بِإِبَاحَتِهِ وَلَمْ يُبْدِ لَهُ وَجْهًا، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ كَسَائِرِ جَسَدِهَا وَجَمِيعُهُ مُبَاحٌ إذْ لَمْ يَرِدْ مَا يَخُصُّ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ بَاطِنِهِ، وَالْأَمْرُ عِنْدِي فِيهِ اشْتِبَاهٌ فَإِنْ تَرَكَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَاعْتَمَدَهُ الْحَطّ وَاللَّقَانِيُّ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ فَرْحُونٍ وَلَوْ بِاسْتِمْنَاءٍ. (وَ) نُدِبَ (خُطْبَةٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ كَلَامٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَاةٍ وَسَلَامٍ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَحَدِيثٍ مُتَعَلِّقَيْنِ بِالنِّكَاحِ وَالِانْتِقَالِ بِأَمَّا بَعْدُ لِالْتِمَاسِ النِّكَاحِ (بِخِطْبَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عِنْدَ الْتِمَاسِ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ مِنْ الْوَلِيِّ لِإِجَابَتِهِ أَوْ الِاعْتِذَارِ لَهُ. (وَ) نُدِبَ خُطْبَةٌ بِ (عَقْدٍ) لِلنِّكَاحِ مِنْ الْوَلِيِّ بِالْإِيجَابِ ثُمَّ مِنْ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ فَهِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ، وَيُمْكِنُ ضَبْطُ خُطَبِهِ بِصِيغَةِ جَمْعٍ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مُضَافًا لِضَمِيرِ النِّكَاحِ فَالْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِخُطْبَةِ الزَّوْجِ مُغْتَفَرٌ، وَكَذَا بِسُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ قَدْرَهَا (وَ) نُدِبَ (تَقْلِيلُهَا) أَيْ الْخُطْبَةِ. (وَ) نُدِبَ (إعْلَانُهُ) أَيْ إظْهَارُ عَقْدِ النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَأَمَّا الْخِطْبَةُ بِالْكَسْرِ فَيُنْدَبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257 وَتَهْنِئَتُهُ وَالدُّعَاءُ لَهُ. وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ غَيْرِ الْوَلِيِّ بِعَقْدِهِ وَفُسِخَ إنْ دَخَلَا بِلَاهُ.   [منح الجليل] إخْفَاؤُهَا كَالْخِتَانِ قَالَهُ الْحَطّ. (وَ) نُدِبَ (تَهْنِئَتُهُ) أَيْ الْعَرُوسِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَيْ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ نَحْوَ سَرَّنَا مَا فَعَلْت وَهُوَ مِنْ خَيْرِ الْأَفْعَالِ وَفِيهِ الْبَرَكَةُ (وَ) نُدِبَ (الدُّعَاءُ لَهُ) أَيْ الْعَرُوسِ كَذَلِكَ كَبَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ. (وَ) نُدِبَ لِلْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ (إشْهَادُ عَدْلَيْنِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَدْلَانِ كَفَى مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَذِبِ وَاسْتُحْسِنَ الْإِكْثَارُ مِنْ الشُّهُودِ حِينَئِذٍ (غَيْرِ الْوَلِيِّ) أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ عَقْدِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ تَوَلَّى غَيْرُهُ الْعَقْدَ لِاتِّهَامِهِ بِالسَّتْرِ عَلَيْهَا وَدَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ نَفْسَهُ (بِعَقْدِهِ) أَيْ عِنْدَ النِّكَاحِ صِلَةُ إشْهَادٍ وَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى كَوْنِ الْإِشْهَادِ عِنْدَ عَقْدِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَوَاجِبٌ شُرِطَ فِي دَوَامِهِ وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِدُونِ إشْهَادٍ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ (إنْ دَخَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ خَلْوَةً بِنَاءً (بِلَاهُ) أَيْ الْإِشْهَادِ بِطَلْقَةٍ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ بَائِنَةٍ لِأَنَّهَا جَبْرِيَّةٌ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ إذْ لَا يَشَاءُ اثْنَانِ الِاجْتِمَاعَ عَلَى فَسَادٍ فِي خَلْوَةٍ إلَّا فَعَلَا وَادَّعَيَا سَبْقَ عَقْدٍ بِلَا إشْهَادٍ فَيَرْتَفِعُ حَدُّ الزِّنَا وَالتَّعْزِيرُ، فَإِنْ أَرَادَ مُعَاشَرَتَهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَقْدٍ جَدِيدٍ شَرْعِيٍّ وَتَبْقَى لَهُ طَلْقَتَانِ. وَمَحَلُّ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِعَدَمِهِ مَنْ يَرَاهُ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا أَحَدًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَقِيَا مَعًا رَجُلَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَشْهَدَاهُمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا كَفَى فِي الْوَاجِبِ وَفَاتَ الْمَنْدُوبُ لِأَنَّهُ كَحُضُورِهِمَا الْعَقْدَ فِي الْجُمْلَةِ. وَإِنْ أَشْهَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ بَعْدَهُ كَفَى أَيْضًا وَسَمَّاهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ شَهَادَةَ الْأَبْدَادِ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ التَّفَرُّقِ إنْ كَانَ شَاهِدَا أَحَدِهِمَا غَيْرَ شَاهِدَيْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا تُسَمَّى بِهَذَا خِلَافًا لعج لِصِحَّةِ نَقْلِ شَاهِدَيْنِ عَنْ شَاهِدٍ ثُمَّ عَنْ آخَرَ فَأَحْرَى هَذِهِ هَذَا الَّذِي أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَنَصُّ التَّهْذِيبِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبْدَادِ فِي النِّكَاحِ وَالْعِتْقِ. أَبُو الْحَسَنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا وَلَوْ عَلِمَ. وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ   [منح الجليل] عِيَاضٌ الْأَبْدَادُ الْمُفْتَرِقُونَ بِأَنْ لَا يَجْتَمِعَ الشُّهُودُ عَلَى إشْهَادِ الْوَلِيِّ وَالْمُتَنَاكِحِينَ بِأَنْ عَقَدُوا النِّكَاحَ وَتَفَرَّقُوا وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ أَشْهِدْ مَنْ لَقِيت بِهَذَا فَسَّرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُخْتَصَرِ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ، وَشَاهِدَانِ عَلَى الْوَلِيِّ، وَشَاهِدَانِ عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ فِي حُكْمِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا ذَاتَ أَبٍ كَانُوا أَرْبَعَةً، وَإِنْ أَشْهَدَ أَحَدُهُمَا شَاهِدَيْنِ ثُمَّ لَقِيَهُمَا الْآخَرُ فَأَشْهَدَهُمَا أَيْضًا فَلَيْسَتْ شَهَادَةَ أَبْدَادٍ. عِيَاضٌ وَهَذَا عَلَى أَصْلِنَا وَمَشْهُورُ مَذْهَبِنَا أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ اهـ. قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ شَهَادَةَ أَبْدَادٍ أَيْ لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ التَّبَدُّدِ أَيْ التَّفَرُّقِ وَلَا تَفَرُّقَ هُنَا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا فَهِمَهُ عج قَائِلًا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ التَّبْصِرَةِ، وَنَصُّهَا لِابْنِ فَرْحُونٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ الزِّنَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَيُلْحَقُ بِهَذَا اللِّعَانُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ أَقَلَّ شُهُودِهِ أَرْبَعَةٌ وَشَهَادَةُ الْأَبْدَادِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ شَاهِدَانِ عَلَى الْأَبِ وَشَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنْ أَشْهَدَ أَحَدُهُمَا الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشْهَدَهُمَا الْآخَرُ فَلَا تُسَمَّى شَهَادَةَ أَبْدَادٍ. اهـ. أَيْ مَعَ قَبُولِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا كَمَا فَهِمَهُ عج. (وَ) إنْ ثَبَتَ الْوَطْءُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَ (لَا حَدَّ) عَلَيْهِمَا (إنْ فَشَا) أَيْ شَاعَ وَاشْتَهَرَ الدُّخُولُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ أَوْ النِّكَاحُ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ. طفي وَكُلٌّ صَحِيحٌ إذْ الْمَقْصُودُ نَفْيُ الِاسْتِتَارِ بِوَلِيمَةٍ وَضَرْبِ دُفٍّ وَدُخَانٍ، أَوْ كَانَ عَلَى الْعَقْدِ أَوْ عَلَى ابْتِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ غَيْرُ الْوَلِيِّ لَا هُوَ، وَلَوْ تَوَلَّى الْعَقْدَ غَيْرُهُ أَوْ جَاءَا مُسْتَفْتِيَيْنِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ جَهِلَا وُجُوبَ الْإِشْهَادِ قَبْلَ الدُّخُولِ. بَلْ (وَلَوْ عَلِمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا وُجُوبَ الْإِشْهَادِ قَبْلَهُ نَظَرًا لِلْفُشُوِّ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْحَدُّ عِنْدَ عَدَمِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَهِلَا وُجُوبَ الشَّهَادَةِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْفُشُوُّ مَعَ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ. (وَحَرُمَ خِطْبَةُ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْتِمَاسُ نِكَاحِ امْرَأَةٍ (رَاكِنَةٍ) أَيْ مَائِلَةٍ وَرَاضِيَةٍ لِخَاطِبٍ سَابِقٍ (غَيْرِ فَاسِقٍ) عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورِ حَالٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ.   [منح الجليل] فَالْمُعْتَبَرُ رُكُونُ مُجْبِرِهَا إنْ قُدِّرَ صَدَاقٌ مِنْ الْخَاطِبِ السَّابِقِ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ (صَدَاقٌ) مِنْ السَّابِقِ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ قَبْلَ تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ. فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ. وَفِي الْمَوَّاقِ مُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَشْهُورٌ، فَالْمُنَاسِبُ وَهَلْ لَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ رَدَّ وَلِيُّ الْمُجْبَرَةِ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا كَخِطْبَةِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ الَّتِي رُدَّتْ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي فَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رُكُونِ وَلِيِّهَا، وَلَا رُكُونُهَا مَعَ رَدِّهِ، وَلَا رُكُونُ أُمِّ أَوْ وَلِيِّ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رَدِّهَا، وَلَا رَدُّ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا مَعَ رُكُونِهَا. وَشَرْطُ الرَّدِّ النَّافِي لِلْحُرْمَةِ كَوْنُهُ لَيْسَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا يَنْفِيهَا. وَمَفْهُومُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِفَاسِقٍ، وَهَذَا كَذَلِكَ إنْ كَانَ الثَّانِي عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا كَالْأَوَّلِ حَرُمَ عَلَيْهِ. فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. وَالصُّوَرُ تِسْعٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إمَّا عَدْلٌ وَإِمَّا مَسْتُورٌ وَإِمَّا فَاسِقٌ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ، فَتَحْرُمُ فِي سَبْعٍ وَتَجُوزُ فِي اثْنَتَيْنِ، أَفَادَ الْمُصَنِّفُ سِتَّةً بِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ، وَثَلَاثَةً بِمَفْهُومِهِ لِصِدْقِ غَيْرِ الْفَاسِقِ بِالْعَدْلِ وَالْمَسْتُورِ فَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ لِأَحَدِهِمَا مِنْ عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورٍ أَوْ فَاسِقٍ. وَمَفْهُومُ جَوَازِ خِطْبَةِ الرَّاكِنَةِ لِفَاسِقٍ مِنْ عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورٍ وَمَنْعِهَا مِنْ فَاسِقٍ وَالذِّمِّيَّةُ الرَّاكِنَةُ لِذِمِّيٍّ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا وَلَوْ مِنْ عَدْلٍ لِإِقْرَارِهِ عَلَى دِينِهِ وَعَدَمِ إقْرَارِ الْفَاسِقِ عَلَى فِسْقِهِ، وَخَبَرُ «لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. زَرُّوقٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرُّكُونَ التَّقَارُبُ بِوَجْهٍ يُفْهِمُ إذْعَانَ كُلِّ وَاحِدٍ لِشَرْطِ صَاحِبِهِ وَإِرَادَةِ عَقْدِهِ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَقْدُ الثَّانِي عَلَى رَاكِنَةٍ لِلْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ وُجُوبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ (إنْ لَمْ يَبْنِ) الثَّانِي حَيْثُ اسْتِمْرَارُ الرُّكُونِ أَوْ رَجَعَتْ لِخِطْبَةِ الثَّانِي، فَإِنْ رَجَعَتْ لِغَيْرِهَا فَلَا يُفْسَخُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 وَصَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ وَمُوَاعَدَتُهَا كَوَلِيِّهَا كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا   [منح الجليل] يَحْكُمْ بِعَدَمِ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا يُفْسَخْ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ أَبُو عُمَرَ فِي فَسْخِهِ ثَالِثَ الرِّوَايَاتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيحًا أَصْلًا مَعَ أَنَّ أَبَا عُمَرَ شَهَّرَ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ تَشْهِيرَهُ هُنَا. وَفِي التَّوْضِيحِ وَحَذَفَ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابَ فِيهِمَا. وَنَصُّ أَبِي عُمَرَ فِي كَافِيهِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ تَعَدَّى مَا نُدِبَ إلَيْهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا مَضَى النِّكَاحُ فَلَا يُفْسَخُ. اهـ. وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِهِ الْآتِي وَنُدِبَ عَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ. (وَ) حَرُمَ (صَرِيحُ خِطْبَةٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ الْتِمَاسُ نِكَاحِ مَرْأَةٍ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقِ غَيْرِهِ وَلَوْ رَجْعِيًّا أَوْ مَوْتِهِ لَا مِنْ طَلَاقِهِ هُوَ إذْ لَهُ تَزَوُّجُهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالثَّلَاثِ وَالتَّصْرِيحُ التَّنْصِيصُ وَالْإِفْصَاحُ. (وَ) حَرُمَ (مُوَاعَدَتُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ بِأَنْ يَعِدَهَا وَتَعِدَهُ بِالتَّزَوُّجِ وَشَبَّهَ فِي التَّحْرِيمِ فَقَالَ (كَ) صَرِيحِ خِطْبَةٍ وَمُوَاعَدَةِ (وَلِيِّهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ الْمُجْبِرِ ابْنُ حَبِيبٍ، وَكَذَا غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ، لَكِنْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مُوَاعَدَةَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَكْرُوهَةٌ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ، فَيُفِيدُ مُسَاوَاتَهُ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، بَلْ أَرْجَحِيَّتَهُ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ زَرُّوقٍ وَمُوَاعَدَتُهَا حَرَامٌ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنًا وَوَلِيُّهَا الْمُجْبِرُ مِثْلُهَا وَغَيْرُهُ تُكْرَهُ مُوَاعَدَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ أَيْضًا فَقَالَ (كَ) خِطْبَةِ وَمُوَاعَدَةِ (مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا) وَلَوْ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّقَ مِنْ مَائِهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى وَإِنْ مِنْ زِنًا لِيَشْمَلَ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ وَلَا يُقَالُ دَخَلَتْ بِالْكَافِ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْمُدْخِلُ كَافُ التَّمْثِيلِ نَعَمْ يُقَالُ إذَا حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ وَالْمُوَاعَدَةُ فِي اسْتِبْرَاءِ الزِّنَا عَلِمَتْ حُرْمَتَهُمَا فِي اسْتِبْرَاءِ غَيْرِهِ بِالْأَحْرَى، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الزِّنَا أَخَفُّهَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْوِيبِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ وَلَوْ بَعْدَهَا وَبِمُقَدِّمَتِهِ فِيهَا   [منح الجليل] (وَتَأَبَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (تَحْرِيمُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ بَائِنًا وَمِثْلُهَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ غَيْرِهِ (بِوَطْءٍ) بِنِكَاحٍ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فِيهَا، بَلْ (وَإِنْ بِشُبْهَةٍ) لِنِكَاحٍ بِأَنْ وَطِئَهَا فِيهَا بِلَا عَقْدٍ لِظَنِّهَا زَوْجَتَهُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ ثَمَانِ صُوَرٍ لِأَنَّ مَنْ وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ إمَّا مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبِ غَيْرِهِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ لِإِتْيَانِهِمَا فِي قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ. وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْهُ لَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مَبْتُوتَةٌ قَبْلَ زَوْجٍ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ صَرِيحُ خِطْبَةِ الْمُسْتَبْرَأَةِ. وَبَالَغَ عَلَى تَأْيِيدِ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ فَهِيَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ بِوَطْءٍ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَهَا مُسْتَنِدًا لِعَقْدِهِ عَلَيْهَا فِيهَا وَلَا تَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لِأَنَّ وَطْأَهَا بِشُبْهَةٍ بَعْدَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا بِدُونِ عَقْدٍ لَا يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ صَرَّحَ لَهَا بِخِطْبَتِهَا فِي عِدَّتِهَا وَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا رَجْعِيًّا مِنْ غَيْرِهِ وَوَطِئَهَا فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلِذَا قَيَّدْنَا طَلَاقَ غَيْرِهِ بِالْبَائِنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَأَبَّدُ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا إلَخْ، وَصَدَّرَ تت بِالثَّانِي وَاقْتَصَرَ أَحْمَدُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ تَرْجِيحُ عَدَمِ التَّأْبِيدِ. وَفِي الشَّامِلِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّ وَطْأَهَا كَوَطْءِ الَّتِي لَمْ تَطْلُقْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُمْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَالَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ فِي الرَّجْعِيَّةِ التَّحْرِيمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) تَأَبَّدَ (بِمُقَدِّمَتِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ، وَكَذَا فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِالْمُقَدِّمَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدِ نِكَاحٍ دُونَ الْمُسْتَنِدَةِ لِشُبْهَتِهِ، فَمَنْ قَبَّلَ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ بِالْمُقَدِّمَةِ الْمُسْتَنِدَةِ لِلْمِلْكِ الْوَاقِعَةِ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ دُونَ الْمُسْتَنِدَةِ لِشُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 أَوْ بِمِلْكٍ كَعَكْسِهِ لَا بِعَقْدٍ أَوْ بِزِنًا أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ. أَوْ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ كَالْمَحْرَمِ   [منح الجليل] وَعَطَفَ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَالَ (أَوْ) كَانَ وَطْؤُهُ (بِمِلْكٍ) أَوْ شُبْهَتِهِ لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَوْ شُبْهَتِهِ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا بِالْوَطْءِ وَشَبَّهَ فِي التَّأْبِيدِ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ وَطْئِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَهِيَ مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ يُؤَيِّدُ تَحْرِيمَهَا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا، فَصُوَرُ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ بِوَطْءٍ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ وَالثَّمَانِيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ (لَا) يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ (بِعَقْدٍ) عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ تُوطَأْ فَفِي التَّأْبِيدِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ عَدَمُهُ فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا (أَوْ) بِوَطْءٍ (بِزِنًا) أَوْ غَصْبٍ لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِنْ زِنَا غَصْبٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً. (أَوْ) وَطْءٍ (بِمِلْكٍ) أَوْ شُبْهَتِهِ فِي اسْتِبْرَاءٍ (عَنْ مِلْكٍ) أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ عَنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ، فَهَذِهِ ثَمَانٍ تُضَافُ لِلِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَتَتِمُّ عِشْرُونَ صُورَةً لَا تَأْبِيدَ فِيهَا لِلتَّحْرِيمِ بِالْوَطْءِ، فَالصُّوَرُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ سِتٍّ فِي مِثْلِهَا وَهِيَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ، وَكُلُّهَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ قِيَاسِ الْغَصْبِ عَلَى الزِّنَا أَوْ شُمُولِهِ لَهُ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَصُوَرُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْعَقْدِ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا. (أَوْ) وَطْءِ (مَبْتُوتَةٍ) بِعَقْدٍ مِنْ مُطَلِّقِهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ (قَبْلَ زَوْجٍ) غَيْرِهِ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَلِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهَا لَيْسَ لِعِدَّتِهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِبَتِّهَا وَعَدَمِ تَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ وَلِذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ وَطَلَّقَهَا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا مُطْلَقًا وَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي وَوَطِئَهَا وَلَوْ بَعْدَهَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، وَهَذِهِ مَفْهُومُ قَبْلَ زَوْجٍ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّأْبِيدِ فَقَالَ (كَ) وَطْءِ (الْمَحْرَمِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الَّذِي لَا تَدُومُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 وَجَازَ تَعْرِيضٌ كَفِيكِ رَاغِبٌ وَالْإِهْدَاءِ.   [منح الجليل] مَحْرَمِيَّتُهُ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا وَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا، وَإِمَّا دَائِمُ الْمَحْرَمِيَّةِ كَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ هُنَا لِأَنَّهُ فِيمَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِالْوَطْءِ وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ، وَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، وَجَمْعٍ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ بِوَطْءٍ، أَوْ هَارِبٍ بِامْرَأَةٍ، أَوْ مُفْسِدِهَا عَلَى زَوْجِهَا فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَقِيلَ يَتَأَبَّدُ فِيهِمَا. ابْنُ عُمَرَ الْهَارِبُ بِالْمَرْأَةِ قِيلَ يَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ تَزَوُّجِهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ. وَكَذَا الْمُخَلَّفُ الَّذِي يُفْسِدُ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا فَقِيلَ يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَالْمَشْهُورُ لَا يَتَأَبَّدُ. اهـ. لَكِنْ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْفَاسِيِّينَ بِالتَّأْبِيدِ فِيهِمَا، وَلِذَا قَالَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ: وَأَبَّدُوا التَّحْرِيمَ فِي مُخَلَّفٍ ... وَهَارِبٍ سِيَّانَ فِي مُحَقَّفٍ وَذَكَرَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ سَعَى فِي فِرَاقِ امْرَأَةٍ مِنْ زَوْجِهَا لِيَتَزَوَّجَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّزَوُّجِ بِهَا وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فُسِخَ قَبْلُ وَبَعْدُ (وَجَازَ تَعْرِيضٌ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةَ غَيْرِهِ بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ لَهَا إجْمَاعًا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَجَوَازُهُ فِي غَيْرِهَا لِمَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ وَالْأَقْفَهْسِيُّ. فِي التَّوْضِيحِ التَّعْرِيضُ ضِدُّ التَّصْرِيحِ مَأْخُوذٌ مِنْ عُرْضِ الشَّيْءِ بِالضَّمِّ وَهُوَ جَانِبُهُ وَضَابِطُهُ أَنْ يَذْكُرَ فِي كَلَامِهِ مَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ إشْعَارَهُ بِالْمَقْصُودِ أَتَمُّ وَيُسَمَّى تَلْوِيحًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْكِنَايَةَ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ كَقَوْلِنَا فِي طُولِ الْقَامَةِ وَالْكَرَمِ طَوِيلُ النِّجَادِ وَكَثِيرُ الرَّمَادِ (كَفِيك رَاغِبٌ وَ) جَازَ (الْإِهْدَاءُ) لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ لَا الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَيَحْرُمُ كَالْمُوَاعَدَةِ، فَإِنْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وتت. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 264 وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ وَذِكْرُ الْمَسَاوِي وَكُرِهَ عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَتَزَوُّجُ امْرَأَةً زَانِيَةٍ أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا وَنُدِبَ فِرَاقُهَا،   [منح الجليل] وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَدَّةِ مِثْلُهَا. وَذَكَرَ اللَّقَانِيُّ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِعْرَاضُ مِنْهُ، فَإِنْ أَعْرَضَتْ عَنْهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ، وَفِي الْمِعْيَارِ لِلرَّجُلِ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ بِمَا أَعْطَى فِي اخْتِلَاعِهَا مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ إذَا جَاءَ التَّعَذُّرُ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ قِبَلِهَا لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ التَّمْكِينَ كَالِاسْتِيفَاءِ اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا كُلَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عُرْفٌ بِالرُّجُوعِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ اتِّفَاقًا. (وَ) نُدِبَ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِ الْوَاضِحَةِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ. (تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ) وَالزَّوْجِ (الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ) لِرَجَاءِ بَرَكَتِهِ وَلِلِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ، وَمَفْهُومُ لِفَاضِلٍ أَنَّ تَفْوِيضَهُ لِغَيْرِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى (وَ) جَازَ (ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ) أَيْ الْعُيُوبِ الَّتِي لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمُسْتَشَارِ إذَا عَرَفَهَا غَيْرُهُ، وَإِلَّا وَجَبَ لِأَنَّهُ نُصْحٌ لِلْمُسْتَشِيرِ، وَهَذِهِ لِلْجُزُولِيِّ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إذَا اسْتَشَارَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُهَا وَلَوْ عَرَفَهَا غَيْرُهُ وَإِلَّا نُدِبَ. وَقَالَ عج يَجُوزُ إنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهَا وَإِلَّا وَجَبَ لِأَنَّهُ نُصْحٌ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عِدَةٌ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَعْدٌ بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ الرَّجُلِ وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ لِلْآخَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَحْصُلُ مَا وَعَدَ بِهِ، فَيَكُونُ مِنْ خُلْفِ الْوَعْدِ أَوْ لِخَشْيَةِ عِدَةِ الْآخَرِ فَيَقَعُ الْحَرَامُ. (وَ) كُرِهَ (تَزْوِيجُ) مَرْأَةٍ (زَانِيَةٍ) أَيْ مُتَجَاهِرَةٍ بِالزِّنَا مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِهِ عَلَيْهَا قَالَهُ عج، أَيْ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهَا تُحَدُّ فَتَطْهُرُ وَإِلَّا فَهِيَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ، أَوْ أَنَّهَا تَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَتُبْ وَلَمْ تُحَدَّ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (أَوْ) تَزَوُّجُ امْرَأَةٍ (مُصَرَّحٍ لَهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلَةً، أَيْ بِالْخِطْبَةِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِهِ فَيُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ تَزَوُّجُهَا (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ فَبَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِتَزَوُّجِ الْمُقَدَّرِ لَا بِمُصَرِّحٍ. (وَ) نُدِبَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (فِرَاقُهَا) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا بِهَا فِيهَا إذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 265 وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ. وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ بِأَنْكَحْتُ   [منح الجليل] تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا (وَ) نُدِبَ (عَرْضُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ مَرْأَةٍ (رَاكِنَةٍ) قَبْلَ خِطْبَتِهِ (لِ) خَاطِبٍ (غَيْرٍ) أَيْ مُغَايِرٍ لِلْخَاطِبِ الثَّانِي وَهُوَ عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورٌ مُطْلَقًا أَوْ فَاسِقٌ وَالثَّانِي مِثْلُهُ، وَصِلَةُ عَرْضٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَيْرِ الَّذِي كَانَ رَكَنَ إلَيْهَا وَرَكَنَتْ إلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ اسْتِحْبَابٌ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْكَافِي وَإِنْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا وَالتَّوْضِيحِ. (وَرُكْنُهُ) أَيْ النِّكَاحِ عَامٌّ لِلْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الْخَمْسَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ رُكْنَيْنِ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ، أَيْ الَّتِي يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً فِي مَاهِيَّتِهِ (وَلِيٌّ) لِلْمَرْأَةِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحٌ بِدُونِهِ (وَصَدَاقٌ) بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ أَيْضًا فَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحٌ بِإِسْقَاطِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ لِصِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ (وَمَحَلٌّ) أَيْ زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ مَعْلُومَانِ خَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْمَرَضِ (وَصِيغَةٌ) الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ وَالصِّيغَةَ وَالْوَلِيَّ شَرْطَانِ، وَأَمَّا الصَّدَاقُ وَالشُّهُودُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُمَا مِنْ أَرْكَانِهِ وَلَا مِنْ شُرُوطِهِ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِمَا لِأَنَّ الْمُضِرَّ إسْقَاطُ الصَّدَاقِ، وَالدُّخُولُ بِلَا إشْهَادٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ ذَاتَانِ وَالنِّكَاحَ مَعْنًى فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُمَا رُكْنَيْنِ لَهُ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ جَعَلَا أَرْكَانَ الطَّلَاقِ الْأَهْلَ وَالْمَحَلَّ وَالْقَصْدَ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَجَعْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعَيْنِ لِلْغَزَالِيِّ الْكُلَّ أَرْكَانًا لَهُ يُرَدُّ بِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَكُلُّ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَةِ شَيْءٍ غَيْرُ رُكْنٍ لَهُ اهـ. وَلَا يُجَابُ عَنْ الْحَطّ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الرُّكْنَ مَجَازًا عَلَى مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَاهِيَةُ لِأَنَّا نَقُولُ تَفْصِيلُهُ يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُجَابُ بِذَلِكَ عَمَّنْ لَمْ يُفَصِّلْ كَابْنِ شَاسٍ وَابْن الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ. وَالْحَقُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكْنِ مَا لَا تُوجَدُ الْمَاهِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إلَّا بِهِ، فَتَدْخُلُ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كُلُّهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ عَاقِدَيْنِ وَهُمَا شَرْعًا الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 266 وَزَوَّجْتُ وَبِصَدَاقٍ وَهَبْتُ وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ كَذَلِكَ تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] وَعَلَى مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَهِيَ الزَّوْجَةُ وَالصَّدَاقُ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَقْدُ إلَّا بِصِيغَةٍ وَقَدْ خَصَّهَا الشَّارِعُ بِمَا ذَكَرَهُ، وَكَلَامُ الْحَطّ إنَّمَا يَتَنَزَّلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا. وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّتِهِ فَقَالَ (بِأَنْكَحْتُ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ الْوَلِيِّ (وَزَوَّجْتُ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَأَحَدُ اللَّفْظَيْنِ كَافٍ وَلَوْ بِدُونِ ذِكْرِ صَدَاقٍ (وَبِصَدَاقٍ وَهَبْت) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مُقَدَّرٍ أَيْ ذِكْرِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ مِنْ وَهَبْت الْمَقْصُودُ لَفْظُهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى أَنْكَحْت، أَيْ وَبِلَفْظِ وَهَبْت مَعَ ذِكْرِ صَدَاقٍ حَقِيقَةً بِأَنْ قَالَ وَهَبْتهَا لَك بِرُبْعِ دِينَارٍ مَثَلًا، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ قَالَ وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا. فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَهَبْت وَلَمْ يَذْكُرْ صَدَاقًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّرَدُّدُ الْآتِي ضَعِيفٌ كَمَا فِي الشَّامِلِ، وَيُشْتَرَطُ اللَّفْظُ مِنْ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَتَقُومُ مَقَامُهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ أَوْ كِتَابَتُهُ. (وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ) لِمِلْكِ الزَّوْجِ عِصْمَةَ الزَّوْجَةِ (مُدَّةَ الْحَيَاةِ) لَهُمَا (كَبِعْتُ) وَتَصَدَّقْتُ وَمَنَحْتُ وَأَعْطَيْتُ وَمَلَكْتُ وَأَحْلَلْت وَأَبَحْت، وَقُصِدَ بِهِ النِّكَاحُ مَعَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (كَذَلِكَ) أَيْ أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت مُطْلَقًا، وَوَهَبْتُ مَعَ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِكُلٍّ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ الشَّامِلِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ لَمْ يُسَمَّى صَدَاقًا فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ اتِّفَاقًا. ابْنُ عَرَفَةَ صِيغَتُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ وَفِي قَصْرِهَا عَلَيْهِمَا نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ مَعَ الْمُغِيرَةِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَتْ طُرُقُ الشُّيُوخِ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَا عَدَاهُمَا، أَيْ أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ فَذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْأَشْرَافِ وَاللُّبَابِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ إلَى أَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 267 وَكَقَبِلْتُ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ.   [منح الجليل] يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ دُونَ التَّوْقِيتِ. وَذَهَبَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ إلَّا لَفْظَ الْهِبَةِ. فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَوَهَبْت بِصَدَاقٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ وَلَغْوِهَا قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَوَهَبْت بِصَدَاقٍ. اهـ. فَذَكَرَ التَّرَدُّدَ الْمَذْكُورَ فِي لَفْظِ الصَّدَقَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَطُّ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ دَاخِلَةٌ فِي التَّرَدُّدِ، قَالَ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ. (وَكَقَبِلْتُ) مِنْ الزَّوْجِ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ مُدْخِلَةٌ لِمَا أَشْبَهَ قَبِلْتُ كَرَضِيتُ وَنَفَّذْتُ وَأَتْمَمْتُ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ نِكَاحِهَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ (وَ) يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ (بِ) قَوْلِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءً لِلْوَلِيِّ (زَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ) الْوَلِيُّ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ زَوَّجْتُك أَوْ فَعَلْت فَمَتَى تَلَفَّظَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ فَيَكْفِي أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ بِأَيِّ صِيغَةٍ، وَمَتَى خَلَا لَفْظُهُمَا مَعًا عَنْهُمَا لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا لَفْظُ الْهِبَةِ مَعَ الصَّدَاقِ، وَدَلَّ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَنَصُّهُ: وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ، وَيَلْزَمُ فِيهِ الْفَوْرُ فِي الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ يَسِيرًا جَازَ اهـ. وَتَقَدَّمَ اغْتِفَارُهُ بِالْخِطْبَةِ وَلَا يُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ إلَّا فِي الْإِيصَاءِ بِالتَّزْوِيجِ فَيُغْتَفَرُ لِلْإِجْمَاعِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ مِتُّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي إلَخْ. وَفِي النِّهَايَةِ لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا تَرَاخِي الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ فِي الْعَقْدِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَ يَسِيرًا، وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَأَجَازَهُ مُطْلَقًا أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَمَدِ الطَّوِيلِ وَالْيَسِيرِ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْيَارِ مِنْ جَوَابِ الْبَرْجِينِيِّ. الْحَطُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا عَنْ الْبَاجِيَّ مَا يَقْتَضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ مَعَ تَأَخُّرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ مِنْ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ زَوَّجْت ابْنَتِي فُلَانًا إنْ رَضِيَ أَنَّ لَهُ الرِّضَا بِإِجْمَاعٍ. ابْنِ غَازِيٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 268 وَلَزِمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَجَبَرَ الْمَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلَا إضْرَارٍ لَا عَكْسُهُ.   [منح الجليل] بَعْدَ نَقْلِهِ وَقَدْ قَبِلَ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ. اهـ. وَبِهَذَا أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَالْقُورِيُّ قَائِلًا لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ هَذَا إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ مَا فِي الْقَوَانِينَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْفَوْرُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَعِلْمِ الْإِيجَابِ، أَيْ الْعِلْمِ بِهِ فَيَرْجِعُ لِمَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. قُلْت الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ فِي الْإِيصَاءِ بِالتَّزْوِيجِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْقَوَانِينَ وَالنِّهَايَةِ لِأَنَّهُ فِي الْعَقْدِ فِي الطَّرَفَيْنِ أَيْ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ الْحَاضِرَيْنِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَمَا أَفَادَهُ عب وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَزِمَ) النِّكَاحُ بِتَمَامِ صِيغَتِهِ إنْ اسْتَمَرَّ رِضَاهُمَا بِهِ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ) أَحَدُهُمَا بِهِ أَوْ هُمَا بِهِ بَعْدَ تَمَامِهَا بِأَنْ ذَكَرَاهَا بِقَصْدِ الْهَزْلِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ لِأَنَّ هَزْلَ النِّكَاحِ جَدٌّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالرَّجْعَةِ فَمَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إذَا عُلِمَ الْهَزْلُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِعَدَمِ قَصْدِ النِّكَاحِ حِينَ الْهَزْلِ فَقِيلَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا. وَقِيلَ لَا يُمَكَّنُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَهُ الْحَطُّ، وَتَمْكِينُهُ مِنْهَا مُشْكِلٌ مَعَ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ النِّكَاحَ إلَّا أَنْ يُرَادَ تَمْكِينُهُ ظَاهِرًا وَفِيهِ شَيْءٌ اهـ. بَلْ لَا شَيْءَ فِيهِ مَعَ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مِنْ لُزُومِهِ الْهَازِلَ كَمَنْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ بِأَنْ كَانَ لَا قَصْدَ لَهُ أَوْ قَصَدَ بِهِ الْهَزْلَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ وَرَدَّ بِلَوْ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْهَازِلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَجَبَرَ) الشَّخْصُ (الْمَالِكُ) الْمُسْلِمُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (أَمَةً وَعَبْدًا) عَلَى النِّكَاحِ (بِلَا إضْرَارٍ) فَلَا يُجْبِرُهُمَا مَعَهُ كَتَزْوِيجِ رَفِيعَةٍ بِعَبْدٍ أَسْوَدَ غَيْرِ صَالِحٍ أَوْ عَبْدِهِ بِمَنْ لَا خَيْرَ فِيهَا، أَوْ تَزْوِيجُ أَحَدِهِمَا بِذِي عَاهَةٍ كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يُجْبِرُ الرَّقِيقُ مَالِكَهُ عَلَى تَزْوِيجِهِ وَلَوْ تَضَرَّرَ الرَّقِيقُ مِنْ عَدَمِ التَّزَوُّجِ، وَلَوْ قَصَدَ الْمَالِكُ بِمَنْعِهِ مِنْهُ إضْرَارَهُ إذْ لَا حَقَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 269 وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ وَلَهُ الْوِلَايَةُ وَالرَّدُّ.   [منح الجليل] لِلرَّقِيقِ فِي الْوَطْءِ، نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْمَالِكِ تَزْوِيجُهُ إلَّا أَنْ يُخْشَى الزِّنَا فَيُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِهِ أَوْ بَيْعِهِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ. (وَلَا) يُجْبِرُ (مَالِكُ بَعْضٍ) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ رِقٌّ لِآخَرَ مُبَعَّضَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَلَهُ) أَيْ مَالِكِ الْبَعْضِ (الْوِلَايَةُ) عَلَى الْأَمَةِ الَّتِي بَعْضُهَا رِقٌّ لَهُ وَبَعْضُهَا الْآخَرُ حُرٌّ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ (وَ) لَهُ (الرَّدُّ) لِنِكَاحِ الْعَبْدِ الْمُبَعَّضِ الَّذِي عَقَدَهُ بِلَا إذْنِهِ لِإِدْخَالِهِ عَيْبًا فِي الْبَعْضِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْهُ، وَيَتَحَتَّمُ رَدُّهُ نِكَاحَ الْمُبَعَّضَةِ بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ عَقَدَ لَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ فِيهَا، نَقَلَهُ أَحْمَدُ عَنْهَا، قَالَ وَلَمْ يَلْزَمْ مَعَ أَنَّ الْعَاقِدَ وَلِيٌّ مُسَاوٍ غَيْرُ مُجْبِرٍ لِأَنَّ الْقَائِمَ هُنَا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ بَعْضَهَا. وَإِنْ اتَّفَقَ الشُّرَكَاءُ عَلَى تَزْوِيجِ رَقِيقِهِمْ فَلَهُمْ جَبْرُهُ عَلَيْهِ لِصَيْرُورَتِهِمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ. عج لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ قَسِيمًا لِلْوِلَايَةِ بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْهَا، وَقِسْمُهَا الْآخَرُ الْإِجَازَةُ وَلَمْ يَكْتَفِ بِهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ لَا يَفْسَخُ تَزْوِيجَ الْأَبْعَدِ. الرَّمَاصِيُّ الْحَطُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ إلَخْ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنَّهُ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ فِي الْوِلَايَةِ وَالرَّدِّ، وَذَكَرَ تَقْرِيرَ التَّوْضِيحِ لِقَوْلِهِ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُمَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ الْبَعْضُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ غَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُشْتَرَكَةُ فِيهَا الْجَبْرُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرَكَاءِ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا لَا جَبْرَ فِيهَا أَصْلًا قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا رِقٌّ فَلَا تَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ يُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ نِكَاحِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَدِّهِ لَا تَحَتُّمَ رَدِّهِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى هَذَا فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَحْرَى هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَحَتُّمَ الرَّدِّ إلَّا فِي الْمُشْتَرَكَةِ إنْ زَوَّجَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، وَقَدْ تَبِعَ " س " الْحَطُّ عَلَى مَقَالَتِهِ هَذِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا حَتَّى قَالَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ نِكَاحِ كُلِّ أُنْثَى بِشَائِبَةٍ تَزَوَّجَتْ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 270 وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ.   [منح الجليل] زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَلَوْ أَجَازَهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الذُّكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَائِبَةِ التَّبْعِيضِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَائِبَةٍ وَشَائِبَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَهَا فِي الْمُكَاتَبَةِ وَقَالَ يُوهِمُ الصِّحَّةَ وَالْخِيَارُ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الذُّكُورِ قَالَ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ اهـ. وَلَمَّا لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ شَيْءٌ أَحَالَ النَّاظِرَ عَلَى التَّأَمُّلِ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْهُ بِمَا قُلْنَا، وَلَوْ حَمَلَ الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ مَا احْتَاجَ لِلتَّأَمُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ الْحَطُّ لِأَنَّ مَالِكَ الْجَمِيعِ مُجْبِرٌ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَمَتُهُ أَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَبَ فَسْخُهُ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَلَا نُسَلِّمُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأَحْرَوِيَّةِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْمُبَعَّضَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ وَاخْتَارَ (وَلَا) يُجْبِرُ السَّيِّدُ (أُنْثَى بِشَائِبَةِ) مِنْ حُرِّيَّةٍ غَيْرِ التَّبْعِيضِ السَّابِقِ كَأُمِّ وَلَدٍ وَيَتَحَتَّمُ رَدُّ نِكَاحِهَا بِتَزْوِيجِهِ لَهَا جَبْرًا أَوْ تَزْوِيجِهَا غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقَوْلُهُ فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ بِرِضَاهَا وَاوُهُ لِلْحَالِ وَإِنْ مُؤَكِّدَةٌ قَالَهُ عج. طفي هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهَا لِسَيِّدِهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا إنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إذْ لَوْ كَانَ لَهُ جَبْرُهَا لَتَحَتَّمَ فَسْخُهُ كَنِكَاحِ الْقِنِّ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَصَدَّرَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ وَنَصُّهُ، وَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي إجْبَارِهِ أُمَّ وَلَدِهِ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا وُجُوبُهُ وَنَحْوُهُ فِيهَا، وَالْأُخْرَى نَفْيُهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفُتْيَا أَنَّهُ إنْ وَقَعَ إنْكَاحُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ نَفَذَ وَلَا يُفْسَخُ، وَنَحْوُهُ لِصَاحِبِ الْمُعِينِ. وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي جَبْرِهَا رُجُوعُ مَالِكٍ إلَى سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَفْيُهُ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ ثُبُوتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ ظَاهِرُهَا فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ. اهـ. وَأَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِهِ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ. وَأَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَفْسَخُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرٌ بَيِّنٌ مِنْ الضَّرَرِ فَيَفْسَخُ فَقَدْ بَانَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ جَبْرُهَا بِكَرَاهَةٍ، وَأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَجَعْلُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ بِرِضَاهَا لِلْحَالِ غَيْرُ صَحِيحٍ. وَنَصُّ تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271 وَمُكَاتَبٍ بِخِلَافِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ ثُمَّ أَبٌ وَجَبَرَ الْمَجْنُونَةَ   [منح الجليل] أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ، فَقِيلَ لَهُ إجْبَارُهُمْ، وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمْ، وَقِيلَ يُنْظَرُ إلَى مَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَلَهُ جَبْرُهُ وَمَا لَا فَلَا، وَقِيلَ لَهُ إجْبَارُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَالصَّوَابُ مَنْعُهُ مِنْ إجْبَارِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُكَاتَبِ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرُبَ الْأَجَلُ، وَيُمْنَعُ مِنْ إجْبَارِ الْإِنَاثِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَفْصِيلَهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالِاسْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَحْمَدُ الْمُخْتَارُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ، أَيْ مَا يُذْكَرُ وَقَوْلُهُ وَلَا أُنْثَى عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وَلَا مَالِكُ عُطِفَ عَلَى مَالِكِ الْبَعْضِ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكُ أُنْثَى إلَخْ. (وَ) لَا يُجْبِرُ مَالِكُ (مُكَاتَبٍ) الِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ (بِخِلَافِ مُدَبَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَلِمَالِكِهِ جَبْرُهُ عَلَى النِّكَاحِ (وَمُعْتَقٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ (لِأَجَلٍ) فَلِمَالِكِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ) مَرَضًا مَخُوفًا شَرْطٌ فِي جَبْرِ الْمُدَبَّرِ (وَ) إنْ لَمْ (يَقْرُبْ الْأَجَلُ) شَرْطٌ فِي جَبْرِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِالْعُرْفِ كَشَهْرٍ قَالَهُ أَحْمَدُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَدِّهِ أَيْ قُرْبِ الْأَجَلِ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الشَّهْرِ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَصْبَغَ. اهـ. وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِتَصْدِيرِهِ وَعَزْوِهِ وَالْمُخْدَمَةُ لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا وَرِضَا مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ إنْ كَانَ مَرْجِعُهَا لِحُرِّيَّةٍ وَإِلَّا كَفَى رِضَا مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ. (ثُمَّ) يُجْبِرُ (أَبٌ) رَشِيدٌ وَالسَّفِيهُ إنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ فَلَهُ جَبْرُ ابْنَتِهِ وَإِلَّا نَظَرَ وَلِيُّهُ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتَزَوُّجِ بِنْتِهِ كَيَتِيمَةٍ، وَهَلْ يَلِي عَقْدَهَا السَّفِيهُ أَوْ وَلِيُّهُ قَوْلَانِ، وَإِنْ عَقَدَ قَبْلَ نَظَرِ وَلِيِّهِ نَظَرَ وَلِيُّهُ فِيهِ، فَإِنْ حَسُنَ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَلِلْأَبِ الرَّشِيدِ الْجَبْرُ وَلَوْ لِقَبِيحِ مَنْظَرٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقَلَّ حَالًا وَمَالًا أَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِينَارٍ وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (وَجَبَرَ) الْأَبُ الرَّشِيدُ بِنْتَهُ (الْمَجْنُونَةَ) الْمُطْبَقَةَ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَاَلَّتِي تُفِيقُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً ثَيِّبًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ فَالْقَاضِي (وَ) جَبَرَ الْأَبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272 وَالْبِكْرَ وَلَوْ عَانِسًا إلَّا لِكَخَصِيٍّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالثَّيِّبَ إنْ صَغُرَتْ أَوْ بِعَارِضٍ أَوْ بِحَرَامٍ وَهَلْ إنْ لَمْ تُكَرِّرْ الزِّنَا تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] الرَّشِيدُ بِنْتَهُ (الْبِكْرَ) الَّتِي لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ عَانِسًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (عَانِسًا) أَيْ مُقِيمَةً عِنْدَ أَبِيهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً عَرَفَتْ فِيهَا مَصَالِحَ نَفْسِهَا قَبْلَ خِطْبَتِهَا، وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ، أَوْ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ، أَوْ أَرْبَعُونَ، أَوْ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ، أَوْ مِنْهَا إلَى السِّتِّينَ؟ أَقْوَالٌ. وَيُجْبِرُهَا وَلَوْ زَادَ عَلَى سِنِّ التَّعْنِيسِ لِكُلِّ وَاحِدٍ غَيْرِ كَخَصِيٍّ وَلَوْلَا يَلِيقُ بِهَا لِأَنَّ شَأْنَ الْأَبِ الْحَنَانُ وَالشَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدَا بِالْفِعْلِ. (إلَّا لِكَخَصِيٍّ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ فَقَطْ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ، حَيْثُ كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا لَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ الْبَاجِيَّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي لِتَحَقُّقِ ضَرَرِهَا بِهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى النَّظَرِ عَلِمَتْ بِهِ أَمْ لَا، وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَجْنُونٌ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَأَبْرَصُ مُتَسَلِّخٌ، وَأَجْذَمُ مُتَقَطِّعٌ مُنِعَ الْكَلَامَ وَتَغَيَّرَ رِيحُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَهُ لِأَنَّهَا قَدْ تَبْرَأُ قَبْلَهُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ وَسَائِرُ الْمَعِيبِينَ بِعَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الزَّوْجُ أَفَادَهُ تت. وَقَوْلُهُ مُتَسَلِّخٌ وَمُتَقَطِّعٌ مُنِعَ الْكَلَامَ إلَخْ، لَيْسَ بِقَيْدٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَرَصَ الْمُحَقَّقَ وَالْجُذَامَ الْبَيِّنَ مُسْقِطَانِ جَبْرَهُ مُطْلَقًا وَالْفَاسِقُ الشِّرِّيبُ إنْ كَرِهَتْهُ. (وَ) جَبَرَ أَبِ (الثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ) عَنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ بَلَغَتْ بَعْدَ تَأَيُّمِهَا صَغِيرَةً فَلَا يُجْبِرُهَا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُجْبِرُهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا (أَوْ) بَلَغَتْ وَثُيِّبَتْ (بِعَارِضٍ) كَوَثْبَةٍ أَوْ عُودٍ (أَوْ بِحَرَامٍ) مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ أَبُوهَا عَلَى ابْنِهَا مِنْهُ. (وَهَلْ) يُجْبِرْهَا (إنْ لَمْ تُكَرِّرْ الزِّنَا) فَإِنْ كَرَّرَتْهُ حَتَّى اشْتَهَرَتْ بِهِ وَحُدَّتْ فِيهِ فَلَا يُجْبِرُهَا أَوْ يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا (تَأْوِيلَانِ) وَظَاهِرُهَا جَبْرُهَا مُطْلَقًا. وَصَرَّحَ الْقُشْتَالِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَالتَّقْيِيدُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَنْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَتَأَيَّمَتْ بَالِغَةً وَظَهَرَ فَسَادُهَا وَعَجَزَ وَلِيُّهَا عَنْ صَوْنِهَا فَيُجْبِرُهَا أَبُوهَا عَلَى النِّكَاحِ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، لَكِنَّ الْأَحْسَنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 273 لَا بِفَاسِدٍ وَإِنْ سَفِيهَةً وَبِكْرًا رُشِّدَتْ أَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً وَأَنْكَرَتْ وَجَبَرَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَإِلَّا   [منح الجليل] رَفْعُ غَيْرِ الْأَبِ لِلْحَاكِمِ، فَإِنْ زَوَّجَهَا بِلَا رَفْعٍ مَضَى اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ (لَا) إنْ ثُيِّبَتْ بَالِغَةٌ (بِ) نِكَاحٍ (فَاسِدٍ) مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ دَرَأَ الْحَدَّ دَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا ثُمَّ زَالَتْ عِصْمَتُهُ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَا يُجْبِرُهَا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ فِيهِ وَدَرْئِهِ الْحَدَّ وَعِدَّتُهَا بِبَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وِلَايَةِ الْمَالِ وِلَايَةُ الْبُضْعِ، وَأَمَّا مَا لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ فَكَالْحَرَامِ فَلَهُ جَبْرُهَا فِيهِ قَالَهُ تت. (وَ) يُجْبِرُ (بِكْرًا رُشِّدَتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا بِقَوْلِهِ لَهَا بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ رَشَّدْتُك وَرَفَعْت الْحَجْرَ عَنْك، أَوْ أَنْتِ مُرَشَّدَةٌ أَوْ أَطْلَقْت يَدَك فِي التَّصَرُّفِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ رُشْدِهَا عِنْدَهُ بِالتَّجْرِبَةِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَهِيَ بَالِغَةٌ، فَتَصَرُّفُهَا فِي الْمَالِ مَاضٍ، وَلَا تُزَوَّجُ إلَّا إذَا رَضِيَتْ بِالْقَوْلِ (أَوْ) أَيْ وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا (أَقَامَتْ) مَعَ زَوْجِهَا (بِبَيْتِهَا) السَّاكِنَةِ مَعَهُ فِيهِ (سَنَةً) مِنْ حِينِ دُخُولِهَا ثُمَّ تَأَيَّمَتْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ (وَأَنْكَرَتْ) مَسَّ زَوْجِهَا لَهَا وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ، وَمَفْهُومُ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا أَنَّهُ إنْ عَلِمَ عَدَمَ خَلَوْتِهِ بِهَا وَعَدَمَ وُصُولِهِ إلَيْهَا فَلَا يَرْتَفِعُ إجْبَارُهُ عَنْهَا وَلَوْ أَقَامَتْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا سِنِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَجَبَرَ وَصِيٌّ) وَلَوْ بَعُدَ كَوَصِيِّ وَصِيِّ مَنْ يُجْبِرُهَا الْأَبُ (أَمَرَهُ) أَيْ الْوَصِيَّ (أَبٌ) مُجْبِرٌ (بِهِ) أَيْ الْجَبْرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِجَبَرَ صَرِيحًا كَأَجْبِرْهَا أَوْ ضِمْنًا كَزَوِّجْهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (أَوْ عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَبُ لِلْوَصِيِّ (الزَّوْجَ) وَلَوْ ذَا زَوْجَاتٍ أَوْ سَرَارٍ، وَلَوْ طَرَأَ لَهُ هَذَا وَكَانَ حِينَ الْإِيصَاءِ أَعْزَبَ، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ إنْ فَرَضَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَكَانَ غَيْرَ فَاسِقٍ قَالَهُ أَصْبَغُ فَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنْ عَيَّنَ فَاسِقًا شِرِّيبًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ جَبْرُهَا عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ طَرَأَ فِسْقُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِجَبْرِهَا وَلَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 274 فَخِلَافٌ وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ وَصَحَّ إنْ مِتُّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي: بِمَرَضٍ   [منح الجليل] يُعَيِّنْ لَهُ الزَّوْجَ بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت (فَ) فِي جَبْرِهِ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْوَاضِحَةِ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا بِخِلَافِ وَصِيٍّ فَقَطْ أَوْ وَصِيٍّ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ فَلَا يُجْبِرُ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُزَوِّجَ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي سَائِرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ. اهـ. فَقَدْ رَجَّحَ عَدَمَ الْجَبْرِ. وَفِي الْقَلْشَانِيِّ تَرْجِيحُ الْجَبْرِ، وَنَصُّهُ وَإِنْ قَالَ الْأَبُ لِلْوَصِيِّ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْتَ فَ الْمَشْهُورُ لَهُ الْجَبْرُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ وَالْقَاضِي وَابْنُ الْقَصَّارِ لَا يُجْبِرُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هُنَا فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْجِيحَ يَكُونُ بِهِ التَّشْهِيرُ ذَكَرَهُ الْحَطُّ فِي الْخِطْبَةِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا فِي قَوْلِهِ أَنْتَ وَصِيٌّ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِي وَنَصُّهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَلَوْ قَالَ أَنْتَ وَصِيٌّ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِي فَفِي جَبْرِهِنَّ قَوْلَانِ لِمُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ. اهـ. لَكِنْ لِعَدَمِ التَّشْهِيرِ لَا يَصِحُّ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِمَا ذُكِرَ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الرَّمَاصِيِّ الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ أَوْ إبْدَالُهُ بِإِلَّا فَقَوْلَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الثَّيِّبِ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ دَارِئٍ الْحَدَّ الْبَالِغَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ الْمُوصَى عَلَى تَزْوِيجِهَا (وَلِيٌّ) مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا بِرِضَاهَا فِي مَرْتَبَةِ أَبِيهَا فِيهَا، وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيُّ الثَّيِّبِ جَازَ عَلَى الْوَصِيِّ كَجَوَازِهِ لِلْأَخِ عَلَى الْأَبِ. وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَصِيُّ جَازَ عَلَى الْوَلِيِّ. (وَصَحَّ) النِّكَاحُ فِي قَوْلِ الْأَبِ (إنْ مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ (فَقَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي) لِفُلَانٍ، وَكَانَ قَوْلُهُ (بِمَرَضٍ) مَخُوفٍ أَمْ لَا طَالَ أَمْ لَا إذَا مَاتَ بِهِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ. الْمُصَنِّفُ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَكَانَ الْقِيَاسُ بُطْلَانَهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَطُولُ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ سَنَةً وَنَحْوَهَا. وَمَفْهُومُ بِمَرَضٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ بِصِحَّةٍ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَرِيضِ خَرَجَتْ عَنْ الْأَصْلِ لِلْإِجْمَاعِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ، فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَلَا يُقَاسُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ عَلَى الْأَبِ فِي بِنْتِهِ لِذَلِكَ وَلِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 275 وَهَلْ إنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ؟ تَأْوِيلَانِ. ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا،   [منح الجليل] (وَهَلْ) صِحَّتُهُ (إنْ قَبِلَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ النِّكَاحَ (بِقُرْبِ مَوْتِهِ) أَيْ عَقِبَ مَوْتِ الْأَبِ وَلَا يَشْمَلُ قَبُولَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقُرْبٍ لِدَفْعِهِ بِقَوْلِهِ إنْ مِتُّ أَوْ يَصِحُّ، وَإِنْ قَبْلُ مَعَ بُعْدٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ، وَقِيلَ سَنَةً. الْبَرْمُونِيُّ لَعَلَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ حَتَّى طَالَ وَقَبِلَ حِينَ عِلْمِهِ بِهِ، فَإِنْ تَرَاخَى قَبُولُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَيَنْبَغِي الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ. (ثُمَّ) بَعْدَ السَّيِّدِ وَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ (لَا جَبْرَ) لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِيَتِيمَةٍ لَا وَصِيَّ لَهَا (فَالْبَالِغُ) تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي بُلُوغِهَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِيمَنْ غَابَ أَبُوهَا غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَلَا يُرْجَى قُدُومُهُ أَوْ عَلَى كَشَهْرَيْنِ وَيُزَوِّجُهَا الْقَاضِي وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ وَيَأْتِي لَهُ أَيْضًا فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَصُدِّقَ أَيْ الشَّخْصُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ إنْ لَمْ يَرِبْ أَيْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ، فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ، وَبِهَذَا يُقَيَّدُ كَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ الْبَالِغِ فَقَالَ (إلَّا يَتِيمَةً) أَيْ صَغِيرَةً مَاتَ أَبُوهَا وَلَا وَصِيَّ لَهَا فَتُزَوَّجُ إذَا (خِيفَ فَسَادُهَا) بِفَقْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ نَحْوِهِ، وَذَكَرُوا الشُّرُوطَ مَيْلُهَا لِلرِّجَالِ وَاحْتِيَاجُهَا. وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغَةِ وَلَيْسَتْ يَتِيمَةً لَا تُزَوَّجُ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ لَا خِلَافَ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا قَطَعَ أَبُوهَا النَّفَقَةَ عَنْهَا وَخُشِيَ ضَيْعَتُهَا أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً. وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَلَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ قَالَهُ عج، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ " يَتِيمَةً ". (وَبَلَغَتْ) الْيَتِيمَةُ (عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ تَامَّةً، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهَا لَا تُزَوَّجُ حَتَّى تَبْلُغَ لَكِنَّ الْعَمَلَ بِمَا فِي الْمَتْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا بِشَرْطِ بُلُوغِهَا عَشْرَ سِنِينَ وَمُشَاوِرَةِ الْقَاضِي، وَزَادَ غَيْرُهُ: وَإِذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَمَيْلِهَا إلَى الرِّجَالِ. الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ جَرَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 276 وَشُووِرَ الْقَاضِي وَإِلَّا صَحَّ،   [منح الجليل] الْعَمَلُ. اهـ. لَكِنْ قَوْلُهُ الْمُتَيْطِيُّ إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ خَوْفِ الْفَسَادِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ بَشِيرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيمَنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً وَبَلَغَتْ عَشْرًا وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادُ. وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ تَحْتَ حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ وَهِيَ فِي سِنِّ مَنْ تُوطَأُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ نِكَاحِهَا بِإِذْنِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي بِنْتِ عَشْرِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْفُتْيَا اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَاَلَّتِي خِيفَ فَسَادُهَا مَسْأَلَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَصَّ عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْمُحْتَاجَةُ هِيَ الَّتِي نَصَّ عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا. الْمُتَيْطِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ بِالْأَحْرَى أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، عَلَى أَنَّ الشَّارِحِينَ أَدْرَجُوا الْحَاجَةَ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ. (وَشُووِرَ) بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَضَمِّ الشِّينِ مِنْ الْمُشَاوَرَةِ أَيْ اسْتَأْذَنَ (الْقَاضِي) فِي تَزْوِيجِهَا لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُهَا وَفَقْرُهَا، وَخُلُوُّهَا مِنْ وَصِيٍّ وَزَوْجٍ وَعِدَّةٍ، وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ، وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحَالِ، وَأَنَّ الصَّدَاقَ مَهْرُ مِثْلِهِ، وَأَنَّ الْجَهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ لَهَا فَيَأْذَنُ لِوَلِيٍّ فِي تَزْوِيجِهَا، وَبَقِيَ شَرْطُ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَيَأْتِي فِي الْأَبْكَارِ الَّتِي تَأْذَنُ بِالْقَوْلِ أَوْ يَتِيمَةٍ. وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ وَظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ جَبْرُهَا وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ اشْتِرَاطِ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ. وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهَا تُزَوَّجُ بِعَشْرَةِ شُرُوطٍ خَشْيَةِ فَسَادِهَا، وَفَقْرِهَا، وَبُلُوغِهَا عَشْرًا، وَمَيْلِهَا لِلرِّجَالِ، وَمُكَافَئَةِ الزَّوْجِ، وَصَدَاقِ مِثْلِهَا، وَجِهَازِ مِثْلِهَا، وَثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي، وَرِضَاهَا بِهِ، وَإِذْنِهَا بِالْقَوْلِ فِي الْعَقْدِ لِمَنْ يَتَوَلَّاهُ. الْبُنَانِيُّ لَمْ يَذْكُرْ مُشَاوَرَةَ الْقَاضِي. ابْنُ رُشْدٍ وَلَا الْمُتَيْطِيُّ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الرَّفْعَ لَهُ لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ الْمُوجِبَاتُ كَمَا قَالَ عج وَتَلَامِذَتُهُ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكْمُلْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَزُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (صَحَّ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 277 إنْ دَخَلَ وَطَالَ وَقُدِّمَ ابْنٌ، فَابْنُهُ، فَأَبٌ، فَابْنُهُ، فَجَدٌّ، فَعَمٌّ فَابْنُهُ. وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ   [منح الجليل] تَزْوِيجُهَا (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) الزَّمَانُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ تَلِدُ فِيهَا وَلَدَيْنِ غَيْرَهُ تَوْأَمَيْنِ وَلَدَتْهُمَا بِالْفِعْلِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ. الْبُنَانِيُّ عُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا تَشْهِيرُ الْمُتَيْطِيِّ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِرْهُ إلَّا فِي الْغُنْيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأَى غَيْرَهَا أَحْرَى بِذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَشْهُورُ هُوَ الْفَسْخُ، أَبَدًا مَهْمَا اخْتَلَّ وَاحِدٌ مِنْ الشُّرُوطِ اُنْظُرْ الْحَطُّ. (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي تَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ (ابْنٌ) لِلْمَخْطُوبَةِ وَلَوْ مِنْ زِنًا إنْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ دَارِءٍ الْحَدَّ ثُمَّ زَنَتْ فَأَتَتْ بِهِ مِنْهُ، فَإِنْ ثُيِّبَتْ بِزِنًا وَأَتَتْ بِهِ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً قُدِّمَ أَبُوهَا وَوَصِيُّهَا عَلَى ابْنِهَا (فَابْنُهُ) أَيْ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى النَّمَطِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ عُصُوبَةٌ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ دُونَ الْأَبِ (فَأَبٌ) شَرْعِيٌّ لَا مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَاءِ زِنَاهُ لِأَنَّ الزَّانِيَ لَا وَلَدَ لَهُ (فَأَخٌ) لِغَيْرِ أُمٍّ (فَابْنُهُ) أَيْ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ (فَجَدٌّ) عَلَى الْمَشْهُورِ دَنِيَّةٌ (فَعَمٌّ) لِغَيْرِ أُمٍّ (فَابْنُهُ) أَيْ الْعَمِّ وَإِنْ سَفَلَ. (وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ) عَلَى الَّذِي لِأَبٍ فِي الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ (وَالْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَالْأَخَ لِأَبٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُزَوِّجَانِ مَعًا أَوْ يَقْتَرِعَانِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا، فَالْخِلَافُ مَنْصُوصٌ فِي الْأَخَوَيْنِ فَقَطْ. قَالَ وَتَقْدِيمُ الشَّقِيقِ أَحْسَنُ، وَشَهَرَهُ فِي الْمُعْتَمَدِ، وَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ، وَالْأَخُ لِلْأُمِّ لَيْسَ وَلِيًّا كَالْجَدِّ لَهَا (فَمَوْلًى) لَهَا أَعْلَى بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلَى مَا مَرَّ، أَيْ فِي تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ. أَحْمَدُ اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا كُلِّهِ بِقَوْلِهِ فَمَوْلًى لِشُمُولِهِ مَنْ ذُكِرَ بِالْجَرِّ، فَإِنْ قُلْت فَاتَهُ التَّرْتِيبُ قُلْت لَا يَتَّصِفُونَ بِكَوْنِهِمْ مَوَالِيَ حَقِيقَةً إلَّا بِهَذَا التَّرْتِيبِ، فَمُعْتِقُ الْمُعْتِقِ مَثَلًا لَيْسَ مَوْلًى مَعَ وُجُودِ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278 فَمَوْلًى ثُمَّ هَلْ الْأَسْفَلُ وَبِهِ فُسِّرَتْ؟ أَوْ لَا وَصُحِّحَ فَكَافِلٌ، وَهَلْ إنْ كَفَلَ عَشْرًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا يُشْفِقُ؟ تَرَدُّدٌ وَظَاهِرُهَا شَرْطُ الدَّنَاءَةِ، فَحَاكِمٌ، فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ   [منح الجليل] (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَوْلًى أَعْلَى (هَلْ) تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْعَتِيقِ وَهُوَ الْمَوْلَى (الْأَسْفَلُ) الذَّكَرُ فَقَطْ أَيْ تَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَتْهُ (وَبِهِ) أَيْ كَوْنُ الْأَسْفَلِ وَلِيًّا (فُسِّرَتْ) الْمُدَوَّنَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةً. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِهِ فَسَّرَ جَمِيعُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْوِلَايَةِ (أَوْ لَا) وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَتْهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالْكَافِي (وَصُحِّحَ) أَيْ صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّعْصِيبِ (فَكَافِلٌ) ذَكَرٌ أَيْ مَنْ قَامَ بِأُمُورِهَا حَتَّى بَلَغَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ. (وَهَلْ إنْ كَفَلَ) هَا (عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ (أَوْ أَرْبَعًا أَوْ) لَا حَدَّ بِأَعْوَامٍ بَلْ كَفَلَهَا (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُشْفِقُ) فِيهِ عَلَيْهَا بِالْفِعْلِ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَقَلُّ ذَلِكَ أَرْبَعُ سِنِينَ، وَقِيلَ عَشْرُ سِنِينَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا حَدَّ إلَّا مَا يُوجِبُ الْحَنَانَةَ وَالشَّفَقَةَ. (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (شَرْطُ الدَّنَاءَةِ) لِلْمَكْفُولَةِ فِي وِلَايَةِ كَافِلِهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا وَلِيُّهَا أَوْ السُّلْطَانُ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ كَالنَّصِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَيْضًا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ. وَقَالَ اللَّقَانِيُّ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ (فَحَاكِمٌ) يُقِيمُ السُّنَّةَ وَيَعْتَنِي بِمَا يَجُوزُ بِهِ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ فَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ صِحَّتُهَا وَإِهْمَالُهَا وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ، وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا دِينًا وَحُرِّيَّةً وَنَسَبًا وَحَالًا وَمَالًا، وَمَهْرُ مِثْلِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَبَكَارَتُهَا أَوْ ثُيُوبَتُهَا (فَوِلَايَةٌ عَامَّةٌ) أَيْ كُلُّ رَجُلٍ (مُسْلِمٍ) وَيَدْخُلُ فِيهَا الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَابْنِ عَمِّهَا وَنَحْوِهِ، وَوَجْهُ عُمُومِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279 وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ كَشَرِيفَةٍ وَدَخَلَ وَطَالَ، وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الرَّدُّ،   [منح الجليل] أَنَّهَا حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي عَلَى حَدِّ فَرْضِ الْكِفَايَةِ. (وَصَحَّ) النِّكَاحُ (بِهَا) أَوْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (فِي) مَرْأَةٍ (دَنِيئَةٍ) كَمَسْلَمَانِيَّةٍ وَعَتِيقَةٍ وَسَوْدَاءَ مِنْ قِبْطِ مِصْرَ الْقَادِمِينَ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَيْسَ لَهَا مَالٌ وَلَا جَمَالٌ (مَعَ) وَلَيْسَ (خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ) ذِي نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا أَمْ لَا، وَتَعْبِيرُهُ بِصَحَّ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ الْآتِي وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ وَلَمْ يَجُزْ بِالْأَحْرَى إذْ مَا هُنَا أَشَدُّ مِمَّا يَأْتِي. وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ ابْتِدَاءً. وَفِي الْحَطُّ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً. الْبُنَانِيُّ الْجَوَازُ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ رِوَايَةُ عَلِيٍّ مَعَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ إنْكَاحٌ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ سُلْطَانٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالصِّحَّةِ لِلتَّشْبِيهِ، وَلَوْ مَشَى عَلَى الْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَ) تَزْوِيجِ مَرْأَةٍ (شَرِيفَةٍ) بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ أَوْ بِعَاصِبٍ أَبْعَدَ مَعَ خَاصٍّ أَقْرَبَ غَيْرِ مُجْبِرٍ أَيْ ذَاتِ قَدْرٍ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) الزَّمَنُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنْ مَضَى مَا تَلِدُ فِيهِ وَلَدَيْنِ غَيْرَ تَوْأَمَيْنِ كَثَلَاثِ سِنِينَ (وَإِنْ قَرُبَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الزَّمَنُ فِي الشَّرِيفَةِ بَعْدِ الدُّخُول (فَ) لِلْوَلِيِّ (الْأَقْرَبِ) مِنْ الَّذِي تَوَلَّى الْعَقْدَ بِعُصُوبَةٍ أَوْ وِلَايَةِ إسْلَامٍ (أَوْ الْحَاكِمِ إنْ) عُدِمَ الْأَقْرَبُ أَوْ (غَابَ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ (الرَّدُّ) أَيْ فَسْخُ النِّكَاحِ، فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً وُقِفَ الزَّوْجُ عَنْهَا وَكَتَبَ لِلْغَائِبِ. وَمَفْهُومُ إنْ غَابَ أَنَّهُ إنْ حَضَرَ وَلَمْ يُدْخِلْ نَفْسَهُ فِيهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَتَكَلَّمُ فِيهِ بِرَدٍّ وَلَا إمْضَاءٍ فَالْخِيَارُ لِلْحَاكِمِ. وَكَذَا إنْ سَكَتَ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِرِضَا الْأَقْرَبِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَا قَدَّمَ مَنْ يَتَوَلَّاهُ، ذَكَرَهُ فِي نَوَازِلِهِ فِي نِكَاحِ عَقْدٍ خَالٍ مَعَ حُضُورِ أَخٍ شَقِيقٍ وَرِضَاهُ دُونَ تَقْدِيمٍ مِنْهُ فَلَيْسَ حُضُورُ الْأَخِ عَقْدَ النِّكَاحِ وَرِضَاهُ بِعَقْدِ الْخَالِ بِشَيْءٍ، فَحُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مَنْ يَتَوَلَّاهُ. اهـ. وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ. اهـ. بُنَانِيٌّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280 وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ: تَأْوِيلَانِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ، وَلَمْ يَجُزْ كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ. وَرِضَاءُ الْبِكْرِ صَمْتٌ: كَتَفْوِيضِهَا.   [منح الجليل] (وَفِي تَحَتُّمِهِ) أَيْ الرَّدِّ (إنْ طَالَ) الزَّمَنُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَ (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَهُ، وَعَدَمِ تَحَتُّمِهِ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إجَازَتُهُ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ التَّبَّانِ، وَالثَّانِي لِابْنِ سَعْدُونٍ، يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَهَذَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِ أَحْمَدَ تَحَتُّمَ الْفَسْخِ بِشُبْهَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَفْسَخُ وَقْتَ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا دَخَلَا عَلَى تَقْيِيدِهِ بِمُدَّةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ قَبْلَهُ قَالَهُ عب. (وَ) صَحَّ النِّكَاحُ (بِ) تَوَلِّي وَلِيٍّ (أَبْعَدَ مَعَ) وُجُودِ وَلِيٍّ (أَقْرَبَ) كَعَقْدِ عَمٍّ مَعَ وُجُودِ أَخٍ أَوْ أَبٍ مَعَ ابْنٍ أَوْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ أَخٍ شَقِيقٍ (إنْ لَمْ يُجْبِرْ) الْأَقْرَبُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ مُجْبِرًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ إلَخْ (وَلَمْ يَجُزْ) الْقُدُومُ عَلَى الْعَقْدِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ وَمَا بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُهُ. وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ فَقَالَ (كَ) عَقْدِ (أَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ) لِأَمَةٍ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْآخَرِ فَيَصِحُّ دُونَ عَدَمِ الْجَوَازِ إذْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً. وَمِثْلُ الْمُعْتِقَيْنِ كُلُّ وَلِيَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ كَوَصِيَّيْنِ وَأَبَوَيْنِ غَيْرِ مُجْبِرَيْنِ أَلْحَقَتْهَا الْقَافَةُ بِهِمَا، وَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَعَمَّيْنِ كَذَلِكَ. وَأَمَّا عَقْدُ أَحَدِ الْمُجْبِرَيْنِ كَشَرِيكَيْنِ فِي أَمَةٍ أَوْ وَصِيَّيْنِ عَلَى يَتِيمَةٍ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُهُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْآخَرُ. (وَرِضَاءُ الْبِكْرِ) غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ (صَمْتٌ) لِامْتِنَاعِهَا غَالِبًا مِنْ الْإِعْرَابِ بِالْقَوْلِ لِحَيَائِهَا وَمَعَرَّتِهَا بِمَيْلِهَا لِلرِّجَالِ، وَأَصْلُ الْمَعْنَى وَصَمْتُ الْبِكْرِ رِضًا إذْ الْقَصْدُ الْإِخْبَارُ عَنْ الصَّمْتِ بِأَنَّهُ رِضًا لَا عَكْسُهُ، فَقُلِبَ مُبَالَغَةً، كَخَبَرِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» . وَلَمَّا كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ صَمْتِهَا رِضًا بِالزَّوْجِ وَالْمَهْرِ كَوْنُهُ رِضًا بِتَوَلِّي وَلِيِّهَا عَقْدَهَا شَبَّهَهُ بِهِ فِيهِ فَقَالَ (كَتَفْوِيضِهَا) أَيْ الْبِكْرِ الْغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ الْعَقْدَ لِوَلِيِّهَا فَصَمْتُهَا رِضًا بِهِ، فَإِذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281 وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا دَعْوَى جَهْلِهِ فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ، وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ، لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ   [منح الجليل] قِيلَ لَهَا نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك فَوَّضْت الْعَقْدَ عَلَيْك لِوَلِيِّك فُلَانٍ أَوْ هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ الْعَقْدَ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا غَابَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ حَضَرَتْ. وَأَمَّا إنْ لَمْ تُسْأَلْ وَأَرَادَتْ التَّفْوِيضَ لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِهِ، وَهَذَا فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ مَعَ التَّعَدُّدِ وَالتَّسَاوِي كَشَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْعَقْدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا خَاصًّا وَاحِدًا وَرَضِيَتْ بِالزَّوْجِ وَالْمَهْرِ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ عَقْدِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِتَفْوِيضِهَا لَهُ أَفَادَهُ عب. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إعْلَامُهَا) أَيْ الْبِكْرِ (بِهِ) أَيْ بِأَنَّ صَمْتَهَا رِضًا بِأَنْ يُقَالَ لَهَا خَطَبَك فُلَانٌ بِصَدَاقٍ مِنْ نَوْعِ كَذَا قَدْرُهُ كَذَا حَالُّهُ وَمُؤَجَّلُهُ كَذَا، فَإِنْ صَمَتَتْ قِيلَ لَهَا صَمْتُك رِضًا وَسَنُنْفِذُ لَك ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَرْضِ فَتَكَلَّمِي، وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ وَلِابْنِ شَعْبَانَ ثَلَاثًا. (وَ) إنْ اُسْتُؤْذِنَتْ الْبِكْرُ فِي ذَلِكَ فَصَمَتَتْ فَعَقَدَ عَلَيْهَا فَأَنْكَرَتْ وَادَّعَتْ عَدَمَ الرِّضَا، وَأَنَّهَا جَهِلَتْ كَوْنَ صَمْتِهَا رِضًا فَ (لَا يُقْبَلُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (مِنْهَا) أَيْ الْبِكْرِ (دَعْوَى جَهْلِهِ) أَيْ كَوْنِ صَمْتِهَا رِضًا لِشُهْرَتِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَتُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ وَتَحَيُّلِهَا عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ لِعَارِضٍ عَرَضَ لَهَا بَعْدَ الرِّضَا (فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ) الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ. وَقِيلَ إنْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ قُبِلَ مِنْهَا دَعْوَى جَهْلِهِ. وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَأْوِيلَ الْأَقَلِّ قَبُولُ دَعْوَاهَا جَهْلَهُ مُطْلَقًا. الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّهُ عَلَى أَنَّ إعْلَامَهَا بِهِ وَاجِبٌ. (وَإِنْ مَنَعَتْ) الْبِكْرُ حِينَ اسْتِئْذَانِهَا بِنُطْقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ (أَوْ نَفَرَتْ) أَيْ غَضِبَتْ وَكَرِهَتْ ذَلِكَ (لَمْ تُزَوَّجْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ لِعَدَمِ رِضَاهَا وَإِلَّا فَاتَتْ فَائِدَةُ اسْتِئْذَانِهَا، فَإِنْ زُوِّجَتْ فَيُفْسَخُ وَلَوْ دَخَلَ وَطَالَ وَلَوْ أَجَازَتْهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا بَعْدَ مَنْعِهَا (لَا) يُمْنَعُ تَزْوِيجُهَا (إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا لِدَلَالَةِ ضَحِكِهَا عَلَى رِضَاهَا بِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282 وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ: كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ، أَوْ عُضِلَتْ، أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ   [منح الجليل] اُسْتُؤْذِنَتْ فِيهِ صَرِيحًا، وَبُكَاهَا عَلَيْهِ ضِمْنًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِئْذَانِهَا، فَإِنْ أَتَتْ بِمُتَنَافِيَيْنِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْأَخِيرِ، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ ضَحِكَهَا اسْتِهْزَاءٌ وَبُكَاهَا مَنْعٌ فَلَا تُزَوَّجُ، وَيَنْبَغِي إطَالَةُ الْجُلُوسِ مَعَهَا حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهَا. (وَالثَّيِّبُ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ (تُعْرِبُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ تُبَيِّنُ مُرَادَهَا بِصَرِيحِ اللَّفْظِ مِنْ تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَتَفْوِيضِ الْعَقْدِ لِوَلِيِّهَا إنْ غَابَتْ عَنْ مَجْلِسِهِ، فَإِنْ حَضَرَتْهُ كَفَى صَمْتُهَا فِي هَذَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ. وَعَنْ الْكَافِي لَا يَكُونُ سُكُوتُ الثَّيِّبِ إذْنًا مِنْهَا فِي نِكَاحِهَا وَلَا تُنْكَحُ إلَّا بِإِذْنِهَا قَوْلًا وَاحِدًا. وَعَبَّرَ بِتُعْرِبُ تَبَرُّكًا بِحَدِيثِ «الْبِكْرِ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا بِلِسَانِهَا» وَشَبَّهَ فِي الْإِعْرَابِ فَقَالَ (كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا أَوْ وَصِيُّهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بَعْدَ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ (أَوْ) بِكْرٍ (عُضِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مَنَعَهَا أَبُوهَا مِنْ النِّكَاحِ لَا لِمَصْلَحَتِهَا بَلْ لِإِضْرَارِهَا فَرَفَعَتْ شَأْنَهَا لِلْحَاكِمِ فَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا لِامْتِنَاعِ أَبِيهَا مِنْهُ وَعَدَمِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا، فَإِنْ أَرَادَ أَبُوهَا تَزْوِيجَهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهَا (أَوْ زُوِّجَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَرَادَ وَلِيُّهَا غَيْرُ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ تَزْوِيجُهَا (بِ) صَدَاقٍ (عَرْضٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ غَيْرِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوِّجُونَ بِهِ فَيُشْتَرَطُ إعْرَابُهَا بِالْقَوْلِ، فَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ وَصِيُّهُ بِهِ أَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يُزَوِّجُونَ بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا، فَقَوْلُهُ أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ فِي الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْغَرْنَاطِيِّ فِي عَدِّ النَّظَائِرِ الَّتِي تُعْرِبُ بِالنُّطْقِ الْمُرَشَّدَةُ وَالْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ غَيْرُ الْمُعَنَّسَةِ إذَا أَصُدِقَتْ عَرْضًا، وَلِقَوْلِ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ كُلُّ بِكْرٍ تُسْتَأْمَرُ فَإِذْنُهَا صَمْتُهَا إلَّا الْمُرَشَّدَةُ وَالْمُعَنَّسَةُ وَالْمُصْدَقَةُ عَرْضًا، وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ لَكِنْ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْبَاجِيَّ وُالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ الْيَتِيمَةُ الَّتِي يُسَاقُ لَهَا مَالٌ نُسِبَتْ مَعْرِفَتُهُ لَهَا وَلَيْسَ لَهَا وَصِيٌّ فَلَمْ يَخُصُّوهُ بِالْعَرْضِ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِيهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283 أَوْ بِرِقٍّ، أَوْ بِعَيْبٍ أَوْ يَتِيمَةٍ أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا وَصَحَّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ   [منح الجليل] وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ وَتَقْيِيدُهَا بِكَوْنِ تَزْوِيجِهَا بِعَرْضٍ مُوَافِقٌ لِلْغِرْنَاطِيُّ وَالْمُقْرِي وَابْنِ سَلْمُونٍ، وَعَبَّرَ غَيْرُهُمْ بِاَلَّتِي يُسَاقُ لَهَا مَالٌ نُسِبَتْ مَعْرِفَتُهُ لَهَا وَهَذَا يَشْمَلُ الْعَرْضَ وَالْعَيْنَ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَلَا تَكْفِي إشَارَتُهَا وَإِنْ كَفَتْ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ تَابِعٌ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ وَالنِّكَاحُ لَا تَكْفِي فِيهِ الْإِشَارَةُ. (أَوْ) بِكْرٌ زُوِّجَتْ (بِ) زَوْجٍ (رِقٍّ) وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، فَيُشْتَرَطُ نُطْقُهَا بِالْقَوْلِ وَلَوْ مُجْبَرَةً وَلَوْ عَلَى أَنَّهُ كُفُؤٌ لِلْحُرَّةِ فِي عَبْدِ أَبِيهَا لِزِيَادَةِ مَعَرَّتِهَا بِهِ، وَهَلْ كَذَا عَبْدُ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ غَيْرُ كُفْئِهَا لَا عَلَى أَنَّهُ كُفْؤُهَا احْتِمَالَانِ. (أَوْ) زُوِّجَتْ بِذِي (عَيْبٍ) مُوجِبٍ لِخِيَارِهَا كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَلَوْ مُجْبَرَةً (أَوْ يَتِيمَةٍ) خِيفَ فَسَادُهَا مُهْمَلَةً فَشَرْطُ تَزْوِيجِهَا إذْنُهَا بِالْقَوْلِ وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شُرُوطِ تَزْوِيجِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ (أَوْ) بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ (اُفْتِيتَ) أَيْ تُعُدِّيَ (عَلَيْهَا) وَعُقِدَ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ اُسْتُؤْذِنَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ. (وَصَحَّ) عَقْدُ الْمُفْتَاتِ (إنْ قَرُبَ رِضَاهَا) بِهِ مِنْهُ. عِيسَى بِأَنْ يُعْقَدَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمُ طُولٌ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُغْتَفَرُ الْفَضْلُ بِالْيَوْمَيْنِ وَالْخَمْسَةُ كَثِيرَةٌ. وَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ حَدَّ قَوْمٌ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَكَانَ الْعَقْدُ (بِالْبَلَدِ) الَّذِي بِهِ الْمُفْتَاتُ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا عُقِدَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ وَالْمَرْأَةُ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ تَقَارَبَا (وَلَمْ يُقِرَّ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلَ الرَّاءِ الْوَلِيُّ بِالِافْتِيَاتِ (حَالَ الْعَقْدِ) بِأَنْ سَكَتَ حِينَهُ أَوْ ادَّعَى إذْنَهَا فِيهِ وَخَالَفَتْهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيُفْسَخُ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. 1 - ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَاجِيَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ وَنَصُّهُ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الَّذِي عَقَدَهُ الْوَلِيُّ عَلَى وَلِيَّتِهِ بِشَرْطِ إجَازَتِهَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 284 حَالَ الْعَقْدِ وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ: فَوَّضَ لَهُ أُمُورُهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ، وَهَلْ إنْ قَرُبَ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] يَسْتَأْذِنْهَا بَعْدُ وَأَنَّهُ قَدْ أَمْضَى مَا بِيَدِهِ وَأَنَّهَا إنْ أَجَازَتْهُ فَالنِّكَاحُ قَدْ نَفَذَ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ، قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُعْقَدَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ وَإِذْنِ الْمَرْأَةِ فِيهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا صِفَةَ وَقْفِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ أَصْحَابُنَا جَوَازَهُ، فَإِنْ ادَّعَى الْإِذْنَ وَوَافَقَتْهُ عَلَيْهِ صَحَّ مُطْلَقًا قَرُبَتْ مُوَافَقَتُهَا أَوْ بَعُدَتْ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا، وَأَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا. وَالِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ كَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا. (وَإِنْ) عَقَدَ نِكَاحَ مُجْبَرَةٍ ابْنُ مُجْبِرِهَا أَوْ أَخُوهُ أَوْ أَبَوَاهُ بِلَا إذْنِهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْمُجْبِرَ فَوَّضَ لِلْعَاقِدِ أُمُورَهُ وَ (أَجَازَ مُجْبِرٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مَالِكُ الْعَقْدِ عَلَى مُجْبَرَتِهِ بِلَا إذْنِهِ (فِي) حَالِ صُدُورِهِ مِنْ (ابْنٍ) لِلْمُجْبِرِ (وَأَخٍ لَهُ وَجَدٍّ) وَأَوْلَى أَبٌ لَهُ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَلْحَقَ ابْنُ حَبِيبٍ بِهِمْ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ إذَا قَامُوا هَذَا الْمَقَامَ. الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَفْوِيضُ الْأَبِ فَلَا فَرْقَ، وَكَلَامُهَا مُحْتَمِلٌ لِمُوَافَقَتِهِمَا وَمُخَالَفَتِهِمَا وَمُوَافَقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ خَاصَّةً قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (فَوَّضَ) الْمُجْبِرُ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا بِنَصٍّ أَوْ عَادَةٍ (لَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الِابْنِ وَالْأَخِ وَالْجَدِّ (أُمُورَهُ) أَيْ الْمُجْبِرِ وَثَبَتَ تَفْوِيضُهُ لَهُ (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ فَوَّضْت إلَيْك جَمِيعَ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ إذْ لَوْ صَرَّحَ لَهُ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَحْتَجْ لِإِجَازَةٍ بَعْدُ أَوْ بِأَنَّهَا رَأَتْهُ يَتَصَرَّفُ لَهُ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِتَصَرُّفِهِ لَهُ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ فَلَا تَكْفِي وَجَوَابُ إنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ (جَازَ) أَيْ مَضَى النِّكَاحُ وَنَفَذَ فَلَا يُفْسَخُ. (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِهِ بِإِجَازَتِهِ (إنْ قَرُبَ) مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ قَالَهُ حَمْدِيسٌ، أَوْ مُطْلَقًا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - زَوَّجَتْ بِنْتَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ ثُمَّ كُلِّمَ فِيهِ فَأَمْضَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَظُنُّ أَنَّهَا وُكِّلَتْ عَلَى الْعَقْدِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 285 وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي: كَعَشْرٍ، وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي:   [منح الجليل] وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظُنُّ أَنَّهَا وُكِّلَتْ عَلَى الْعَقْدِ. أَنَّ الْحُكْمَ فِي تَزْوِيجِ الثَّلَاثَةِ مَا تَقَدَّمَ عَقَدُوا بِأَنْفُسِهِمْ، أَوْ وَلَّوْا غَيْرَهُمْ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - صَحَّ تَوْكِيلُ أَخِيهَا إيَّاهَا عَلَى أَنْ تُوَكِّلَ عَلَى عَقْدِ بِنْتِهِ لَا عَلَى مُبَاشَرَتِهِ فَلَهَا وِلَايَةٌ بِالتَّوْكِيلِ كَالْوَصِيَّةِ وَمَفْهُومُ " فِي ابْنٍ " إلَخْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ إذَا زَوَّجَ بِنْتَ مُوَكِّلِهِ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَمْضِ وَيُفْسَخُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ فَوَّضَ لَهُ إلَخْ أَنَّ عَقْدَ الِابْنِ وَنَحْوِهِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ تَفْوِيضَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا يُعْتَبَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ إنْ أَجَازَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ لَا يَمْضِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ لَا يُزَوِّجُ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ وَلَا يَبِيعُ دَارَ السُّكْنَى وَلَا عَبْدَ الْخِدْمَةِ، وَلَا يُطَلِّقُ الزَّوْجَةَ لِمُوَكِّلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ لِعَدَمِ دُخُولِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي تَفْوِيضِ التَّوْكِيلِ عُرْفًا إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، وَعَلَيْهِ الْحَطُّ وَسَالِمٌ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ بِالنَّصِّ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لَهُ فِعْلُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَمْضِي وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ أَجْنَبِيٌّ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ (ابْنَتَهُ) أَيْ الْمُجْبِرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَفْوِيضِهِ، وَكَذَا أَمَتُهُ وَلَوْ أَجَازَهُ وَلَمْ يَقُلْ مُجْبَرَتَهُ لِاخْتِصَاصِ التَّقْسِيمِ الْآتِي بِالْحُرَّةِ، وَصِلَةِ تَزْوِيجٍ (فِي) غَيْبَتِهِ الْقَرِيبَةِ الَّتِي عَلَى مَسَافَةٍ (كَعَشْرٍ) مِنْ الْأَيَّامِ ذَهَابًا فَقَطْ وَإِنْ أَجَازَهُ الْأَبُ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إضْرَارُهُ بِغَيْبَتِهِ، وَإِلَّا كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَفْسَخُ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ، وَإِلَّا إذَا عَدِمَتْ النَّفَقَةَ وَخِيفَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ وَلَا يُفْسَخُ قَالَهُ سَالِمٌ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ. (وَزَوَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فَاعِلُهُ (الْحَاكِمُ) مُجْبَرَةَ أَبٍ غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ (فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 286 كَإِفْرِيقِيَّةَ، وَظُهِّرَ مِنْ مِصْرَ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ: كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ،   [منح الجليل] كَإِفْرِيقِيَّةَ) أَيْ الْقَيْرَوَانِ كَانَتْ مَحَلَّ الْحَاكِمِ سَابِقًا وَمَحَلُّهُ الْآنَ تُونُسُ وَهُمَا عِمَالَةٌ وَاحِدَةٌ، وَطَالَتْ إقَامَتُهُ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةٌ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَهُ الْحَطُّ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ إلَّا إذَا عَدِمَتْ النَّفَقَةَ وَخِيفَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ وَاعْتَمَدَهُ الرَّمَاصِيُّ. (وَظُهِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا كَوْنُ مَبْدَأِ الْمَسَافَةِ إلَى إفْرِيقِيَّةَ (مِنْ مِصْرَ) الْعَتِيقَةِ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ بِهَا حِينَ التَّمْثِيلِ بِإِفْرِيقِيَّةَ حَالَ إقْرَائِهِ بِجَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ بِهَا حِينَ ذَلِكَ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِلْإِمَامِ لَا لِابْنِ الْقَاسِمِ. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِمَا تَقَدَّمَ (بِ) شَرْطِ (الِاسْتِيطَانِ) بِنَحْوِ إفْرِيقِيَّةَ بِالْفِعْلِ، فَلَا تَكْفِي مَظِنَّتُهُ. وَأَخَّرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ضَعَّفَهُ وَقَالَ لَا وَجْهَ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِنَحْوِ تِجَارَةٍ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ نَاوِيًا عَوْدَهُ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَلَا تُزَوَّجُ ابْنَتُهُ. (تَنْبِيهٌ) تَعَارَضَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَعَشْرٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَإِفْرِيقِيَّةَ فِي غَيْبَتِهِ فَوْقَ كَعَشْرٍ وَدُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ الثَّانِي فَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ، فَإِنْ زَوَّجَهَا فَلَا يُفْسَخُ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ عج قَائِلِينَ كَلَامُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُهُ. وَشَبَّهَ فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ فَقَالَ (كَغَيْبَةِ) الْوَلِيِّ (الْأَقْرَبِ) غَيْرِ الْمُجْبِرِ (الثَّلَاثَ) مِنْ الْأَيَّامِ فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغَائِبِ غَالِبًا وَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَبْعَدُ، فَإِنْ زَوَّجَهَا صَحَّ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ لَمْ يُجْبِرْ، وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ كَالثَّلَاثِ، وَمَا نَقَصَ عَنْهَا يُنْتَقَلُ فِيهِ لِلْأَبْعَدِ بَعْدَ الْكَتْبِ لِلْأَقْرَبِ بِأَنَّهُ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 287 وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ، فَالْأَبْعَدُ: كَذِي رِقٍّ، وَصِغَرٍ وَعَتَهٍ، وَأُنُوثَةٍ،   [منح الجليل] تَزْوِيجُ الْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَضْلُ الْغَائِبِ تَنْزِيلًا لِغَيْبَتِهِ مَنْزِلَةَ عَضَلِهِ. (وَإِنْ أُسِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْوَلِيُّ كَانَ مُجْبِرًا أَوْ لَا (أَوْ فُقِدَ) كَذَلِكَ (فَ) الْوَلِيُّ (الْأَبْعَدُ) يُزَوِّجُهَا وَلَوْ جَرَتْ عَلَيْهَا النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةٌ. الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ لَا الْحَاكِمُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْأَسِيرَ وَالْمَفْقُودَ كَذِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدِ فَلَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُمَا إلَّا الْحَاكِمُ وَلَا يُنْتَقَلُ لِلْأَبْعَدِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُتَيْطِيَّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمَفْقُودِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْأَسِيرِ، وَنَصُّهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَبُ مَفْقُودًا قَدْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ فَيَجُوزُ إنْكَاحُ الْأَوْلِيَاءِ وَظَاهِرُهُ بِرِضَاهَا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِهِ الْقَضَاءُ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الثَّمَانِيَةِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ فَقْدِهِ. وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهَا لَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ. اهـ. وَقِيَاسُ الْأَسِيرِ عَلَى الْمَفْقُودِ لَا يَصِحُّ لِعِلْمِ حَيَاةِ الْأَسِيرِ وَعَدَمِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ مَعَ النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَسَكَتَ عَنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْبُوسِ وَالْحُكْمُ لَا تُزَوَّجُ بِنْتُهُمَا لِرَجَاءِ بُرْءِ الْأَوَّلِ وَخُرُوجِ الثَّانِي. وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّ هَذَا فِيمَنْ يُفِيقُ، وَأَمَّا الْمُطْبَقُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ. وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ إنَّ وَصِيَّ الْمَجْنُونِ يُزَوِّجُ بِنْتَه كَيَتِيمَةٍ وَلِمُحَمَّدٍ انْتِقَالُ الْحَقِّ لِلْأَبْعَدِ اُنْظُرْ الْحَطُّ. وَشَبَّهَ فِي تَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ فَقَالَ (كَ) وَلِيٍّ (ذِي رِقٍّ) أَيْ رَقِيقٍ (وَ) ذِي (صِغَرٍ) أَيْ صَغِيرٍ (وَ) ذِي (عَتَهٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ أَيْ ضَعِيفِ الْعَقْلِ وَنَاقِصِ التَّمْيِيزِ (وَ) ذِي (أُنُوثَةٍ) أَيْ أُنْثَى. الشَّارِحُ يَعْنِي أَنَّ الْأَقْرَبَ إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ عَنْهُ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَعَ مَا يَأْتِي إشَارَةٌ لِشُرُوطِ الْوَلِيِّ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ، وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ، وَعَدَمُ الْكُفْرِ لِلْمُسْلِمَةِ، وَعَدَمُ السَّفَهِ مَعَ عَدَمِ الرَّأْيِ، وَعَدَمُ الْفِسْقِ. وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْأُنْثَى لَا تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهَا لِلْأَبْعَدِ بَلْ تُوَكِّلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ. الْحَطُّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذِكْرُ شُرُوطِ الْوَلِيِّ بِنَفْيِ الْوِلَايَةِ عَمَّنْ اتَّصَفَ بِضِدِّهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 288 لَا فِسْقٍ وَسَلَبَ الْكَمَالَ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ، وَوَصِيَّةٌ، وَمُعْتِقَةٌ وَإِنْ أَجْنَبِيًّا: كَعَبْدٍ أُوصِيَ،   [منح الجليل] فَهُوَ مُشَبَّهٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي سُقُوطِ الْوِلَايَةِ لَا فِي الِانْتِقَالِ، فَقَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَيُشْكِلُ ذِكْرُهُ الْأُنُوثَةَ سَوَاءٌ قُلْنَا التَّشْبِيهُ فِي الِانْتِقَالِ أَوْ فِي السُّقُوطِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً وَلَا مَالِكَةً وَلَا مُعْتِقَةً لَا يُمْكِنُ وَصْفُهَا بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّ أُنُوثَتَهَا لَا تُفَارِقُهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ فَإِنَّ الْمَانِعَ لَهُمْ عَارِضٌ غَيْرُ ذَاتِيٌّ يُرْتَجَى زَوَالُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يُزَوَّجُ الْأَبْعَدُ فِي ذِي (فِسْقٍ وَسَلَبَ) الْفِسْقُ (الْكَمَالَ) عَنْ تَوَلِّيهِ الْعَقْدَ وَصَيَّرَهُ مَكْرُوهًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَدْلٌ فِي دَرَجَتِهِ. الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَسْلُبُهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَتِرًا أَوْ مُنْتَهِكًا. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْفَاسِقِ الْمُتَسَتِّرِ الَّذِي عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَنَفَةِ، وَأَمَّا الْمُنْتَهِكُ الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا تَنْسُبُ إلَيْهِ وَلِيَّتُهُ فَإِنَّهُ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ اتِّفَاقًا. (وَوَكَّلَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (مَالِكَةُ) أَمَةٍ (وَوَصِيَّةٌ) عَلَى يَتِيمَةٍ حُرَّةٍ (وَمُعْتِقَةٌ) لِأَمَةٍ ذَكَرًا مُسْتَوْفِيًا شُرُوطَ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَالْيَتِيمَةِ وَالْعَتِيقَةِ لِأَنَّ لَهُنَّ حَقًّا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ لَكِنْ مَنَعَتْهُنَّ الْأُنُوثَةُ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا إنْ كَانَ الذَّكَرُ قَرِيبًا لِلْمُوَكِّلَةِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَجْنَبِيًّا) مِنْهَا فِي الثَّلَاثِ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا أَوْ مِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّ وَلِيَّ النَّسَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُعْتِقَةِ، وَأَمَّا الذَّكَرُ الْمَمْلُوكُ أَوْ الْمَحْجُورُ أَوْ الْعَتِيقُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ وَيَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْعَبْدِ وَالْمَحْجُورِ وَالْعَتِيقِ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ، إنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ التَّوْكِيلَ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا يَصْلُحُ مُبَاشَرَةُ الْمُوَكِّلِ لَهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. قُلْت مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُوَكِّلِ الْأَصْلِيِّ، وَالْمُوَكِّلُ هُنَا وَكِيلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَوَكِيلُهُ وَكِيلٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلْمُبَاشَرَةِ. وَشَبَّهَ فِي التَّوْكِيلِ فَقَالَ (كَعَبْدٍ أُوصِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الصَّادِ عَلَى يَتِيمَةٍ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، فَوَكِيلُهُ نَائِبُ نَائِبٍ وَلَا يَضُرُّهُ رَقَبَتُهُ السَّالِبَةُ لِوِلَايَتِهِ عَلَى ابْنَتِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 289 وَمُكَاتَبٍ فِي أَمَةٍ طَلَبَ فَضْلًا وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ وَمَنَعَ إحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ   [منح الجليل] مَثَلًا إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً، وَلَوْ وَكَّلَ فِيهَا كَانَ وَكِيلُهُ نَائِبَ وَلِيٍّ أَصْلِيٍّ، وَالْأَصَالَةُ مَسْلُوبَةٌ إلَّا الْمُكَاتَبُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَمُكَاتَبٌ) فَيُوَكِّلُ (فِي) تَزْوِيجِ (أَمَةٍ) لَهُ إذَا (طَلَبَ) الْمُكَاتَبُ (فَضْلًا) أَيْ زَائِدًا عَلَى مَا يَجْبُرُ عَيْبَ تَزْوِيجِهَا وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا مَعًا، كَأَنْ يَكُونَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَشْرَةً وَقِيمَتُهَا غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ خَمْسِينَ وَمُتَزَوِّجَةٍ أَرْبَعِينَ، وَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ أَحَبَّ سَيِّدُهُ بَلْ (وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ) أَيْ الْمُكَاتِبِ ذَلِكَ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ مَعَ عَدَمِ تَبْذِيرِهِ فِيهِ وَإِنْ تَوَلَّى الْعَبْدُ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فُسِخَ، وَلَوْ أَجَازَهُ عَاصِبُ الْمَحْجُورَةِ أَوْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ. (وَمَنَعَ إحْرَامٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا وَالزَّوْجِ عَقْدَ النِّكَاحَ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَلَا يُوَكِّلُونَ وَلَا يُجِيزُونَ، وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ فِي الْحَجِّ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ إنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ وَإِلَّا فَلِتَمَامِ سَعْيِهِ كَالْعُمْرَةِ، وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ حَلْقِهَا أَوْ تَقْصِيرِهَا، فَإِنْ عَقَدَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْهِ فُسِخَ إنْ قَرُبَ الْعَقْدُ مِنْ الطَّوَافِ وَإِلَّا فَلَا يُفْسَخُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَفَاضَ وَنَسِيَ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ نَكَحَ بِالْقُرْبِ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ، وَإِنْ تَبَاعَدَ جَازَ نِكَاحُهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ: الْقُرْبُ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْتَدِئَ طَوَافَهُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدِهِمْ، فَإِنْ وَكَّلَ حِلًّا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَأَحَدُهُمْ مُحْرِمٌ فَسَدَ، وَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمًا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَالْجَمِيعُ حِلٌّ صَحَّ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ السُّلْطَانِ الْمُحْرِمُ يَسْتَنِيبُ حِلًّا وَلَوْ قَاضِيًا فَيَصِحُّ عَقْدُهُ حَالَ إحْرَامِ السُّلْطَانِ لِضَرُورَةِ عُمُومِ مَصَالِحِ النَّاسِ. وَكَذَا الْقَاضِي خِلَافًا لِفَتْوَى ابْنِ السُّبْكِيّ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، وَيَمْنَعُ الْإِحْرَامُ الْخِطْبَةَ أَيْضًا لَا شِرَاءَ جَارِيَةٍ وَلَوْ لِوَطْئِهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَنْعِهِ وَرُدَّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا مَنْ يَحِلُّ وَطْؤُهُ وَيَشْتَرِي مَنْ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهُ وَيَمْنَعُ الْإِحْرَامُ حُضُورَ الْعَقْدِ، وَانْظُرْ هَلْ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 290 كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ وَعَكْسِهِ، إلَّا لِأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ، وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ. وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَكُفْرٍ) فَيَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ (لِمُسْلِمَةٍ) وَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا عَلَى مُسْلِمَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ أَبَدًا (وَعَكْسِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِلْكَافِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] ، فِي التَّهْذِيبِ لَا يَجُوزُ لِنَصْرَانِيٍّ عَقْدُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ وَيَعْقِدُ نِكَاحَ وَلِيَّتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ لِمُسْلِمٍ إنْ شَاءَ، وَلَا يَعْقِدُ وَلِيُّهَا الْمُسْلِمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْكُفْرِ {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: 72] وَتَعَقَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ، وَالْآيَةُ إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَالْكَافِرُ أَوْلَى، وَكَانَتْ الْهِجْرَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ اُنْظُرْ كَيْفَ اسْتَدَلَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] . وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ " عَكْسِهِ " فَقَالَ (إلَّا) وِلَايَةَ مُسْلِمٍ (لِأَمَةٍ) لَهُ كَافِرَةٍ فَلَا تُمْنَعُ فَيُزَوِّجُهَا لِكَافِرٍ فَقَطْ سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ (وَ) كَافِرَةٍ (مُعْتَقَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ مُسْلِمٍ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ (مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ) أَهْلِ (الْجِزْيَةِ) بِأَنْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِأَنْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِهِمْ أَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَنْ تُسْلِمَ هِيَ (وَزَوَّجَ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا (الْكَافِرُ) كَافِرَةً لَهُ وِلَايَةُ نِكَاحِهَا (لِمُسْلِمٍ) مَعَ اجْتِمَاعِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ إسْلَامِ وَلِيِّهَا، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُهُ، فَتَزْوِيجُهُ لِكَافِرٍ أَحْرَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرَةِ وَلِيٌّ كَافِرٌ فَأُسْقُفُهُمْ فَإِنْ امْتَنَعَ وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلسُّلْطَانِ جَبَرَهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ الظُّلْمِ الَّذِي لَهُ نَظَرُهُ. (وَإِنْ عَقَدَهُ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ) عَلَى كَافِرَةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ مُعْتَقَةٍ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُ (تُرِكَ) بِضَمٍّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 291 وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ الْجَمِيعَ لَا وَلِيٍّ إلَّا كَهُوَ، وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ،   [منح الجليل] فَكَسْرٍ عَقْدُهُ وَلَا يُفْسَخُ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ فِي الزِّنَا إذَا لَمْ يُعْلِنُوهُ فَأَوْلَى النِّكَاحُ الْفَاسِدُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِإِعَانَتِهِ إيَّاهُمْ عَلَى نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَإِنْ عُقِدَ لِمُسْلِمٍ فُسِخَ أَبَدًا وَلَوْ أُخْتَ الْعَاقِدِ إلَّا مُعْتَقَتَهُ وَأَمَتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ) أَيْ الدِّينِ وَالْعَقْلِ عَلَى وَلِيَّتِهِ إذْ سَفَهُهُ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ وَلِيًّا وَلَوْ مُجْبِرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ السَّفَهِ وَالرَّأْيِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّأْيِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ. وَصِلَةُ عَقَدَ (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) أَيْ السَّفِيهِ لَكِنْ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ عَقْدِهِ، فَإِنْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَنَظَرَ وَلِيُّهُ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ مَضَى وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ عَقْدُهُ مَاضٍ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيُفْسَخُ عَقْدُهُ. فِي الْمَوَّاقِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَصِيُّهُ وَتُزَوَّجُ بِنْتُهُ كَيَتِيمَةٍ. وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَلِي عَقْدَهَا هَلْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ مُنِعَ مِنْهُ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ نَظَرًا مَضَى وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَعَقْدِ غَيْرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ. (وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ) فِي الْعَقْدِ لَهُ عَلَى أُنْثَى (الْجَمِيعَ) أَيْ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِمَانِعٍ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ عَلَى الْأُنْثَى فَفِي سَمَاعِ عِيسَى لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ. اهـ. إلَّا الْمُحْرِمَ وَالْمَعْتُوهَ وَغَيْرَ الْمُمَيِّزِ. ابْنُ حَبِيبٍ: الصَّبِيُّ إذَا عَقِلَ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ الزَّوْجَ، قَالَهُ مَنْ كَاشَفْته عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا ابْتِدَاءً أَيْضًا لِأَجَلٍ. قَوْلُهُ (لَا) يَصِحُّ تَوْكِيلُ رَجُلٍ حُرٍّ (وَلِيٍّ) لِامْرَأَةٍ عَلَى عَقْدِهَا (إلَّا) شَخْصًا (كَهُوَ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ فِي الِاتِّصَافِ بِالذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِ الْكُفْرِ لِلْمُسْلِمَةِ وَإِدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ قَلِيلٌ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ أَوْ الْمُجْبِرِ الَّذِي تَبَيَّنَ عَضْلُهُ (الْإِجَابَةُ لِ) خَاطِبٍ (كُفْءٍ) رَضِيَتْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ بِهِ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ دُونَهَا فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا إنْ لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 292 وَكُفْؤُهَا أَوْلَى، فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ، ثُمَّ زَوَّجَ وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتَكَرِّرٍ حَتَّى يُتَحَقَّقَ،   [منح الجليل] يَكُنْ مُجْبِرًا. (وَ) إنْ رَضِيَتْ بِكُفْءٍ وَوَلِيُّهَا بِكُفْءٍ آخَرَ فَ (كُفْؤُهَا أَوْلَى) أَيْ مُقَدَّمٌ وُجُوبًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً أَوْ مُجْبَرَةً وَتَبَيَّنَ ضَرَرُهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ (فَيَأْمُرُهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (الْحَاكِمُ) أَنْ يُزَوِّجَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَنْ رَضِيَتْ بِهِ. (ثُمَّ) إنْ امْتَنَعَ سَأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا زَجَرَهَا وَرَدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا عَدَّهُ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ خَاطِبٍ كُفْءٍ وَ (زَوَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْحَاكِمُ الْمَرْأَةَ لِخَاطِبِهَا الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ زَوَّجَهَا عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ عَلَى هَذَا عَمَلُ النَّاسِ فِي غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِنْتِ الْبِكْرِ، وَوَقَفُوهُ فِي الْبِكْرِ عَلَى ثُبُوتِ بَكَارَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَكَفَاءَةِ الْخَاطِبِ وَرِضَاهَا بِهِ وَبِالْمَهْرِ، وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ، وَأَنْ لَا وَلِيَّ غَيْرَهُ. وَفِي الثَّيِّبِ عَلَى ثُبُوتِ ثُيُوبَتَهَا وَمِلْكِهَا أَمْرَ نَفْسِهَا وَمَا بَعْدَ الْكَفَاءَةِ سِوَى أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا. وَفِي الْكَفَاءَةِ قَوْلَانِ قَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَيَعْقِدُ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ إلَى غَيْرِ الْعَاضِلِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَصَرَّحَ بِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ لَا إلَى الْأَبْعَدِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. ثُمَّ قَالَ: وَالْمُزَوِّجُ مَعَ عَضْلِ الْأَبِ الْحَاكِمُ بِلَا إشْكَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى الْأَبْعَدِ. (وَلَا يَعْضُلُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يُعَدُّ عَاضِلًا (أَبٌ بِكْرًا) مُجْبَرَةً لَهُ (بِرَدٍّ) بِالتَّنْوِينِ (مُتَكَرِّرٍ) لِخَاطِبَيْنِ وَخَاطِبٍ وَاحِدٍ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِمَصَالِحِهَا مِنْهَا فَيُحْمَلُ عَلَى عِلْمِهِ مِنْ حَالِهَا أَوْ حَالِ خَاطِبِهَا مَا لَا يُوَافِقُ فَلَا يُحْكَمُ بِعَضْلِهِ بِالرَّدِّ الْمُتَكَرِّرِ (حَتَّى يُتَحَقَّقَ) بِضَمٍّ فَفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عَضْلُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ وَلَوْ بِرَدِّ مَرَّةٍ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ. وَتَقَدَّمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 293 وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عَيَّنَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْإِجَازَةُ، وَلَوْ بَعُدَ لَا الْعَكْسُ. وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ، إنْ عَيَّنَ بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا   [منح الجليل] أَنَّ الْمَعْضُولَةَ تُعْرِبُ بِالْقَوْلِ، وَمَفْهُومُ بِكْرٍ أَنَّ مَنْ لَا تُجْبَرُ يُعَدُّ عَاضِلًا لَهَا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ كَالْوَصِيِّ الْمُجْبِرِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَيْسَ كَالْأَبِ فِي هَذَا فَإِنْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ تَحَقُّقِ عَضْلِهِ فُسِخَ أَبَدًا. لِخَاطِبَيْنِ وَخَاطِبٍ وَاحِدٍ (وَإِنْ وَكَّلَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى تَزْوِيجِهَا (مِمَّنْ) أَيْ رَجُلٍ أَوْ الرَّجُلِ الَّذِي (أَحَبَّ) هـ الْوَكِيلُ أَوْ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَحَبَّ الْوَكِيلُ رَجُلًا (عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْوَكِيلُ الرَّجُلَ الَّذِي أَحَبَّهُ لِمُوَكِّلَتِهِ لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النِّسَاءِ فِي أَعْيَانِ وَصِفَاتِ الرِّجَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَعَقَدَ لَهَا عَلَيْهِ (فَلَهَا) أَيْ الْمُوَكِّلَةِ (الْإِجَازَةُ) أَيْ الْإِمْضَاءُ لِعَقْدِ وَكِيلِهَا إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ عَقْدِهِ وَعِلْمِهَا بِهِ، بَلْ (وَلَوْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ تَعْيِينِهِ وَأَنَّهُ لَازِمٌ، وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا الْوَكِيلُ لِغَيْرِهِ أَوْ لِنَفْسِهِ. هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ زَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ لَزِمَهَا وَلِنَفْسِهِ خُيِّرَتْ. وَإِنْ وَكَّلَتْهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ عَيَّنَ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ (لَا) يَرُدُّ الزَّوْجُ النِّكَاحَ فِي (الْعَكْسِ) لِلصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ تَوْكِيلُ الرَّجُلِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى تَزْوِيجِهِ مِمَّنْ أَحَبَّهَا الْوَكِيلُ فَزَوَّجَهُ بِلَا تَعْيِينٍ فَقَدْ لَزِمَهُ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ لَائِقَةً بِحَالِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ لِإِمْكَانِ تَخَلُّصِهِ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفْوِيضِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا زَوَّجَتْهُ الْوَكِيلَةُ نَفْسَهَا فَلَهُ رَدُّهُ، لِأَنَّ مَنْ وُكِّلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ نَفْسِهِ إلَّا بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ، فَإِنْ وَكَّلَ الرَّجُلُ مَنْ يُزَوِّجُهُ مِمَّنْ أَحَبَّهَا الْمُوَكِّلُ فَزَوَّجَهُ بِلَا تَعْيِينٍ فَلَهُ الرَّدُّ. (وَلِابْنِ عَمٍّ) لِمَرْأَةٍ وَكَّلَتْهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا (وَنَحْوِهِ) أَيْ ابْنِ الْعَمِّ فِي جَوَازِ تَزَوُّجِ وَلِيَّتِهِ كَمُعْتِقٍ وَحَاكِمٍ وَوَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ وَكَافِلٍ وَوَلِيِّ إسْلَامٍ (إنْ عَيَّنَ) ابْنُ الْعَمِّ أَوْ نَحْوُهُ نَفْسَهُ لِمُوَكِّلَتِهِ وَرَضِيَتْ بِهِ (تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ) تَزْوِيجًا مُصَوَّرًا (بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا) مِنْ الْمَهْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 294 وَتَرْضَى وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْعَقْدَ، صُدِّقَ الْوَكِيلُ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ الزَّوْجِ، نَظَرَ الْحَاكِمُ وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَعَقَدَا، فَلِلْأَوَّلِ   [منح الجليل] وَلَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ بَعْدَ هَذَا (وَتَرْضَى) الزَّوْجَةُ بِالْمَهْرِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا وَيُشْهِدُ عَدْلَيْنِ عَلَى تَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهِ وَرِضَاهَا (وَتَوَلَّى) ابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوُهُ (الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ، ذَكَرَهُ وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ. (وَإِنْ) أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِإِذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَ (أَنْكَرَتْ الْعَقْدَ) أَيْ حُصُولَهُ وَأَرَادَتْ عَزْلَ الْوَكِيلِ عَنْهُ وَادَّعَى حُصُولَهُ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْوَكِيلُ) فِي إخْبَارِهِ بِحُصُولِ الْعَقْدِ بِلَا يَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْعَقْدَ (الزَّوْجُ) لِإِقْرَارِهَا بِالْإِذْنِ، وَالْوَكِيلُ قَامَ مَقَامَهَا. فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ فِي نَفْيِهِ فَإِنْ وَافَقَتْهُ عَلَى حُصُولِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ عَنْهُ قَبْلَهُ وَخَالَفَهَا الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ عَقَدَهُ قَبْلَ عَزْلِهَا صُدِّقَ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ مَا بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالتَّنَازُعِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مِنْهَا صُدِّقَتْ قَالَهُ عج. (وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ) لِمَرْأَةٍ (الْمُتَسَاوُونَ) فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ كَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَالْأَعْمَامُ كَذَلِكَ (فِي) تَوَلِّي (الْعَقْدِ) مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَيْنِ الزَّوْجِ (أَوْ) تَنَازَعُوا فِي تَعْيِينِ (الزَّوْجِ) وَلَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَةُ وَاحِدًا أَوْ عَيَّنَتْ غَيْرَ كُفْءٍ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ مِنْهُمْ فِي الْأُولَى وَفِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ، فَإِنْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا أَوْ عَيَّنَ لَهَا فَرَضِيَتْ بِهِ تَعَيَّنَ بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَظَرِ الْحَاكِمِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ فِي الْعَقْدِ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَجَعَلَهُ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْفَضْلِ فَأَسَنُّهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِيهِ أَيْضًا زَوَّجَ الْجَمِيعُ. (وَإِنْ أَذِنَتْ) غَيْرُ مُجْبَرَةٍ (لِوَلِيَّيْنِ) مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ أَوْ أَذِنَ مُجْبِرٌ لِاثْنَيْنِ يَعْقِدَانِ عَلَى مُجْبَرَتِهِ (فَعَقَدَا) أَيْ الْوَلِيَّانِ فِي وَقْتَيْنِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَ) هِيَ (لِلْأَوَّلِ) أَيْ الزَّوْجِ الَّذِي تَقَدَّمَ الْعَقْدُ لَهُ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 295 إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ، وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ،   [منح الجليل] وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ. وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ (إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ) الزَّوْجُ (الثَّانِي) بِالزَّوْجَةِ حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا عِلْمٍ) مِنْهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ، بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ فِي التَّوْضِيحِ، وَبِطَلَاقٍ لِلْقُورِيِّ، وَلَا يُحَدُّ بِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ قَالَهُ الْقُورِيُّ. فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ فَهِيَ لَهُ قَضَى بِهِ عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمُعَاوِيَةُ لِلْحَسَنِ عَلَى ابْنِهِ يَزِيدَ إنْ تَقَدَّمَ تَفْوِيضُهَا لِوَلِيِّهَا الَّذِي عَقَدَ لِلثَّانِي. بَلْ (وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ) أَيْ الثَّانِي أَيْ الْإِذْنُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ، أَيْ إذَا تَلَذَّذَ الثَّانِي بِلَا عِلْمِ الْأَوَّلِ كَانَتْ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِذْنِ لِعَاقِدِ الْأَوَّلِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَالنِّكَاحُ لِلْأَوَّلِ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَلَوْ دَخَلَ، وَعَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ يُفْسَخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي الْمُتَلَذِّذِ بِلَا عِلْمٍ (إنْ لَمْ تَكُنْ) الْمَرْأَةُ حَالَ عَقْدِ أَوْ تَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا (فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهِ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّتِهِ فُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي، وَرُدَّتْ لِتَكْمِيلِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ وَرِثَتْهُ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا وَقَدْ عَقَدَ فِيهَا، وَالصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ عَشْرٌ لِأَنَّ عَقْدَ الثَّانِي إمَّا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ أَوْ بَعْدَهَا. فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فَفِي الْأُولَيَيْنِ وَالْأَخِيرَتَيْنِ هِيَ لِلثَّانِي وَفِي الْوُسْطَيَيْنِ لِلْأَوَّلِ. وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 296 وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ   [منح الجليل] بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ هِيَ فِيهَا لِلْأَوَّلِ، وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي فِيهَا إلَّا إذَا تَلَذَّذَ بِهَا بَعْدَهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ وَبَالَغَ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي إذَا كَانَ عَقَدَهُ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ. بَلْ (وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ) مِنْ الثَّانِي عَلَى عِدَّةِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ فِي حَيَاتِهِ فَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. الْحَطُّ اللَّائِقُ بِقَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ لِابْنِ رُشْدٍ هُنَا بِصِيغَةِ فَعَلَ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ خِلَافٍ خَرَّجَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ عَقَدَ الثَّانِي عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّتِهِ فَهِيَ لِلثَّانِي وَلَا تَرِثُ الْأَوَّلَ بِمَنْزِلَةِ عَقْدِهِ وَتَلَذُّذِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ فِي كَوْنِهَا لِلثَّانِي وَهُوَ أَنْ لَا يَتَلَذَّذَ الْأَوَّلُ بِهَا قَبْلَهُ. وَاسْتُشْكِلَتْ مَسْأَلَةُ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ تَصْوِيرِهَا بِأَنَّهَا إنْ أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ الزَّوْجَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ الَّذِي أَرَادَهُ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا الثَّانِي لِأَنَّ عِلْمَهَا وَعِلْمَ الْوَلِيِّ الثَّانِي كَعِلْمِ الزَّوْجِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ أَرَادَهُ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مَنْ تُرِيدُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهَا عَلَى تَعْيِينِهِمَا وَنِسْيَانِهَا إذْنَهَا لِلْأَوَّلِ حِينَ إذْنِهَا لِلثَّانِي أَوْ اتِّفَاقُهُمَا فِي الِاسْمِ فَظَنَّتْهُمَا وَاحِدًا أَوْ عَقَدَا لَهَا بِالْبَلَدِ وَعَرَضَا عَلَيْهَا الْعَقْدَيْنِ بِالْقُرْبِ، وَرَضِيَتْ بِأَحَدِهِمَا لَا مُعَيَّنًا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا الْمُتَأَخِّرَ بِحَيْثُ تَعْلَمُ ذَلِكَ وَتَعْمَلُ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهَا أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْآخَرَ بَعْدَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي كَيْفَ يَحْكُمُ بِهَا لِلثَّانِي بِشُرُوطِهِ مَعَ تَزَوُّجِهِ زَوْجَةَ غَيْرِهِ، وَجَوَابُهُ اتِّبَاعُ الْإِجْمَاعِ. وَحُمِلَ خَبَرُ أَبِي دَاوُد «أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ» عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الثَّانِي بِشُرُوطِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَقْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِلَا طَلَاقٍ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِمَا (إنْ عَقَدَا) أَيْ الْوَلِيَّانِ عَلَى الْمَرْأَةِ لِزَوْجَيْنِ (بِزَمَنٍ) وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، سَوَاءٌ دَخَلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ الشَّارِحُ إنْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فَهِيَ لَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 297 أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ، لَا إنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ، وَعَلَى الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ، وَإِلَّا فَزَائِدُهُ،   [منح الجليل] (أَوْ) عَقَدَا بِزَمَنَيْنِ وَفُسِخَ عَقْدُ الثَّانِي (لِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ (بِعِلْمِهِ) أَيْ الثَّانِي قَبْلَ تَلَذُّذِهِ (أَنَّهُ ثَانٍ) بِلَا طَلَاقٍ وَلَا يُحَدُّ قَالَهُ الْقُورِيُّ، وَتَسْتَبْرِئُ مِنْهُ. ثُمَّ تُرَدُّ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا عِلْمُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ ثَانٍ (لَا) تُرَدُّ لِلْأَوَّلِ (إنْ أَقَرَّ) الثَّانِي بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ قَبْلَهُ. وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ وَتُكْمِلُ عَلَيْهِ الْمَهْرَ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِلَا طَلَاقٍ وَلَا يُحَدُّ بِالْأُولَى مِمَّنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ قَبْلَهُ (أَوْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الزَّمَنُ) الَّذِي عُقِدَ فِيهِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ الْمُتَقَدِّمُ وَلَا الْمُتَأَخِّرُ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ فَيُفْسَخَانِ بِطَلَاقٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ أَحَدُهُمَا، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَنِكَاحُهُ ثَابِتٌ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِيهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نَقَلَهُ الْحَطُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخَانِ بِطَلَاقٍ دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالْأَوْضَحُ السَّابِقُ. (وَإِنْ مَاتَتْ) ذَاتُ الْوَلِيَّيْنِ (وَجُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجُ (الْأَحَقُّ) بِهَا مِنْ الزَّوْجَيْنِ (فَفِي) ثُبُوتِ (الْإِرْثِ) لَهُمَا مَعًا فَلَهُمَا مَعًا مِيرَاثُ زَوْجٍ وَاحِدٍ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ تَعَيُّنِ مُسْتَحِقِّهَا لَا يَضُرُّ وَعَدَمُ إرْثِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي عَيْنِ الْمُسْتَحَقِّ كَالشَّكِّ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالثَّانِي لِلتُّونُسِيِّ، وَمَحَلُّهُمَا فِي جَهْلِ السَّابِقِ وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ (وَعَلَى) الْقَوْلِ بِثُبُوتِ (الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ) وَاجِبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلًا لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا أَقَرَّ بِهِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالْإِرْثِ بَلْ بِعَدَمِهِ (فَزَائِدُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ عَلَى الْمِيرَاثِ أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ فَمَنْ لَمْ يَزِدْ صَدَاقُهُ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 298 وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ فَلَا إرْثَ، وَلَا صَدَاقَ،   [منح الجليل] إرْثِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَأْخُذُ مَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهِ مِنْ الْإِرْثِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ وَهَذَا مَحَلُّ اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ. فَإِنْ زَادَ مَا يَرِثُهُ عَلَى صَدَاقِهِ فَعَلَى الْإِرْثِ لَهُ الزَّائِدُ، وَعَلَى عَدَمِهِ لَا شَيْءَ لَهُ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ إنْ كَانَ إرْثُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِهِ أَوْ قَدْرَهُ. وَاخْتَلَفَا إنْ زَادَ إرْثُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَدَاقِهِ. التُّونُسِيُّ هَذَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ شَكَّا فَلَا غُرْمَ فَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ شَيْئًا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ صَدَاقَهُ كَامِلًا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مِنْ حَيْثُ الصَّدَاقُ بَلْ فِي الْإِرْثِ خَاصَّةً، فَانْظُرْ مَا وَجْهُ مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَزَائِدُهُ مَعَ قَوْلِهِ فَالصَّدَاقُ، وَمَا أَحْسَنَ عِبَارَةَ أَبِي الْحَسَنِ وَصَاحِبِ اللُّبَابِ وَنَصُّهُمَا مَنْ كَانَ صَدَاقُهُ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ مِيرَاثُهُ أَقَلَّ غَرِمَ مَا زَادَ عَلَى مِيرَاثِهِ لِإِقْرَارِهِ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ. لَكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي زَائِدِ الْإِرْثِ عَلَى الصَّدَاقِ، وَمِثَالُهُ تَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِينَ، وَخَلَّفَتْ زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ وَلَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا، فَصَاحِبُ الْمِائَةِ يَدْفَعُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ مِنْ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ نِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ، وَعَلَيْهِ مِائَةٌ فَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَا شَيْءَ عَلَى ذِي الْخَمْسِينَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَهُ مِنْ الْمِائَةِ خَمْسُونَ وَعَلَيْهِ خَمْسُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ شَيْئًا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ صَدَاقًا كَامِلًا فِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَغْرَمُ مَا زَادَ مَنْ الصَّدَاقُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ يَغْرَمُهُ كَامِلًا وَيَرِثُ فِيهِ. (وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ) الْمُتَزَوِّجَانِ ذَاتَ الْوَلِيَّيْنِ عِنْدَ جَهْلِ الْأَحَقِّ مِنْهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَوْتُ أَحَدِهِمَا كَمَوْتِهِمَا (فَلَا إرْثَ وَلَا صَدَاقَ) لَهَا مِنْهُمَا إنْ مَاتَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا إنْ مَاتَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَوْتِهَا وَمَوْتِهِمَا أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مَوْتِهَا مُحَقَّقَةٌ وَكُلٌّ يَدَّعِيهَا وَفِي مَوْتِهِمَا لَا يُمْكِنُهَا تَحْقِيقُ دَعْوَاهَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُقِرَّ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ الْأَوَّلُ وَتُصَدِّقُهُ وَإِلَّا فَلَهَا الصَّدَاقُ عَلَيْهَا. وَفِي إرْثِهَا لَهُ إنْ مَاتَ قَوْلَانِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى لِإِقْرَارِهِ أَوْ لَا لِفَسَادِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 299 وَأَعْدَلِيَّةُ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ وَفُسِخَ مُوصًى، وَإِنْ بِكَتْمِ شُهُودٍ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مَنْزِلٍ   [منح الجليل] فَإِنْ قِيلَ يَأْتِي أَنَّ الْفَاسِدَ لِعَقْدِهِ وَلَا خَلَلَ فِي صَدَاقِهِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَهَا فِيهِ الْإِرْثُ. قُلْت مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَشُكَّ فِي السَّبَبِ وَسَكَتَ عَنْ الْعِدَّةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ إنْ كَانَ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ بِأَنْ حَصَلَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ وَعُقِدَا فِي زَمَنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ لِعَقْدِهِمَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ دَخَلَا بِهَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَتُسْتَبْرَأُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى الْفَسَادِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا أَفَادَهُ عج. (وَأَعْدَلِيَّةُ) أَيْ زِيَادَةُ عَدَالَةِ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ (مُتَنَاقِضَتَيْنِ) فِي شَهَادَتِهِمَا بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِسَبْقِ عَقْدِ زَيْدٍ، وَالْأُخْرَى بِسَبْقِ عَقْدِ عَمْرٍو وَإِحْدَاهُمَا أَعْدَلُ مِنْ الْأُخْرَى فَزِيَادَةُ عَدَالَتِهَا (مُلْغَاةٌ) أَيْ غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْأُخْرَى إنْ لَمْ تُصَدِّقْهَا الْمَرْأَةُ، بَلْ (وَلَوْ صَدَّقَتْهَا) أَيْ الْبَيِّنَةَ الزَّائِدَةَ فِي الْعَدَالَةِ (الْمَرْأَةُ) وَكَذَّبَتْ الْأُخْرَى لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يُفِيدُ فِي النِّكَاحِ، وَتَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ لِتَنَاقُضِهِمَا وَعَدَمِ مُرَجِّحٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ بِغَيْرِ هَذَا. وكالأعدلية بَاقِي الْمُرَجِّحَاتِ. وَعَارَضَ أَبُو إبْرَاهِيمَ قَوْلَهَا هُنَا وَلَا قَوْلَ لَهَا بِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ إذَا أَقَامَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ فُلَانًا مَوْلَاهُ وَأَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا فَإِقْرَارُهُ لَهُ عَامِلٌ. وَفَرَّقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّا إذَا أَلْغَيْنَا الْبَيِّنَتَيْنِ تَجَرَّدَتْ الدَّعْوَى فَلَا تُفِيدُ فِي النِّكَاحِ لِافْتِقَارِهِ إلَى الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارُ بِالْوَلَاءِ اسْتِلْحَاقٌ فَكَفَى الِاعْتِرَافُ بِهِ وَارْتَضَاهُ الْغُبْرِينِيُّ. ابْنُ عَاشِرٍ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِ وَلَوْ هُنَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَخِلَافُهُ فِي كُلِّ بَيِّنَةٍ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفِيدُ قَصْرَهُ عَلَى كَوْنِ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ، فَلَوْ قَالَ وَتَسَاقَطَتْ الْمُتَنَاقِضَتَانِ وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ أَوْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلُ لَحُرِّرَ وَأَفَادَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نِكَاحٌ (مُوصًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بِكَتْمِهِ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَسَائِرِ الْحَاضِرِينَ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ أَبَدًا، بَلْ (وَإِنْ) أَوْصَى الزَّوْجُ (بِكَتْمِ شُهُودٍ) فَقَطْ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ أَوْ (مِنْ امْرَأَةٍ) لِلزَّوْجِ (أَوْ) مِنْ أَهْلِ (مَنْزِلٍ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 300 أَوْ أَيَّامٍ، إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَيَطُلْ وَعُوقِبَا، وَالشُّهُودُ،   [منح الجليل] فَقَطْ أَبَدًا (أَوْ) فِي (أَيَّامٍ) ثَلَاثَةٍ فَقَطْ. الْبَاجِيَّ إنْ اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ وَالْوَلِيُّ عَلَى كَتْمِهِ وَلَمْ يُعْلِمُوا الْبَيِّنَةَ بِذَلِكَ فَهُوَ نِكَاحُ سِرٍّ اهـ. وَفِي الْمَعُونَةِ وَإِذَا تَوَاصَوْا بِكِتْمَانِ النِّكَاحِ بَطَلَ الْعَقْدُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اهـ. وَصَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي نِكَاحِ السِّرِّ هُوَ مَا تَوَاصَوْا فِيهِ بِالْكِتْمَانِ، فَلَعَلَّ مَنْ فَرَضَهُ فِي الشُّهُودِ أَرَادَ التَّنْصِيصَ عَلَى مَحَلِّ الْخِلَافِ. ابْنُ عَرَفَةَ نِكَاحُ السِّرِّ بَاطِلٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَا أُمِرَ الشُّهُودُ حِينَ الْعَقْدِ بِكَتْمِهِ، وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ كَانَ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ الزَّوْجَ سَوَاءٌ وَافَقَتْهُ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا أَوْ لَا، وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ الْإِيصَاءُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ لَا بَعْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِخَوْفٍ مِنْ ظَالِمٍ مُغَرِّمٍ مَالًا أَوْ سَاحِرٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَيَّامٍ نَحْوُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَجَعَلَ الْيَوْمَيْنِ كَالْأَيَّامِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُقَابَلٌ. وَمَحَلُّ الْفَسْخِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ (وَيَطُلْ) بِأَنْ انْتَفَيَا مَعًا أَوْ دَخَلَ وَلَمْ يَطُلْ أَوْ طَالَ وَلَمْ يَدْخُلْ وَمَفْهُومُهُ إنْ دَخَلَ وَطَالَ فَلَا يُفْسَخُ. وَهَلْ الطُّولُ هُنَا كَالطُّولِ الْمُتَقَدِّمِ فِي نِكَاحِ الْيَتِيمَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ بِمَا يَحْصُلُ فِيهِ الْفُشُوُّ. وَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ إلَّا أَنْ يَطُولَ بَعْدَهُ فَلَا يُفْسَخُ، وَهَكَذَا نَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْحَابُهُ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَالَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالطُّولِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَاَلَّذِي لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَبْسُوطِ يُفْسَخُ وَإِنْ دَخَلَا وَلَمْ يَقُلْ وَإِنْ طَالَ. ابْنُ رَاشِدٍ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَ مَا فِيهِمَا عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَكِنْ نَصَّ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَنَصَّ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْمَبْسُوطِ يُقَيِّدُ أَيْضًا بِعَدَمِ الطُّولِ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (وَعُوقِبَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ أُدِّبَ الزَّوْجَانِ إنْ لَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ وَدَخَلَا وَإِلَّا فُسِخَ، وَلَا يُعَاقَبَانِ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي. وَقَدْ يُقَالُ بِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلَا لِارْتِكَابِهِمَا مَعْصِيَةً حَيْثُ لَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ وَإِلَّا عُوقِبَ مُجْبِرُهَا وَالزَّوْجُ. (وَ) عُوقِبَ (الشُّهُودُ) عَلَى نِكَاحِ السِّرِّ إنْ لَمْ يُعْذَرُوا بِجَهْلٍ وَحَصَلَ دُخُولٌ وَإِلَّا فَلَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 301 وَقَبْلَ الدُّخُولِ وُجُبًا عَلَى أَنْ لَا تَأْتِيَهُ إلَّا نَهَارًا أَوْ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرٍ، أَوْ عَلَى إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ، وَجَاءَ بِهِ   [منح الجليل] فَفِيهَا لَا يُعَاقَبُ الشَّاهِدَانِ إنْ جَهِلَا ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ يُعَاقَبُ عَامِدُ فِعْلِهِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ يُعَاقَبُ الزَّوْجَانِ لِدُخُولِهِمَا فِيمَا ضَارَعَ السِّفَاحَ وَالْبَيِّنَةُ لِإِعَانَتِهَا عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ اهـ. (وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ (قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا) إنْ عُقِدَ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ لَا تَأْتِيَهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ أَوْ يَأْتِيَهَا (إلَّا نَهَارًا) أَوْ لَيْلًا أَوْ بَعْضَ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ قَبْلَ الدُّخُولِ مُضِيُّهُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ فَاسِدَ الْعُقْدَةِ لِتَأْثِيرِهِ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ بِالنَّقْصِ أَوْ الزِّيَادَةِ، وَثَبَتَ بِالدُّخُولِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى دَوَامِ النِّكَاحِ، وَتَبْعِيضُ الزَّمَنِ لَا أَثَرَ لَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ لِإِلْغَائِهِ، بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ وُجُوبًا عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا خَيْرَ فِيهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ، وَعَلَى الرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي الْمَعْطُوفِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ فَسْخَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَنْدُوبٌ، وَمَذْهَبَ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَعَلَيْهِ مَرَّ الْمُصَنِّفُ. الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ مُقْحَمٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مِنْ الْمُبَيَّضَةِ أَيْ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْعَقْدَ. (أَوْ) عُقِدَ النِّكَاحُ (بِ) شَرْطِ (خِيَارٍ) فِي عَقْدِهِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا مَعًا (أَوْ) بِخِيَارٍ لِ (غَيْرٍ) أَيْ غَيْرِهِمَا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وُجُوبًا إلَّا خِيَارَ الْمَجْلِسِ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَوَازِهِ أَيْضًا وَيَثْبُتُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِالدُّخُولِ بِالْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَهُوَ حَلَالٌ، وَإِلَّا فَبِصَدَاقِ الْمِثْلِ (أَوْ) عُقِدَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (عَلَى) شَرْطٍ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الزَّوْجُ (بِالصَّدَاقِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ الَّذِي عُقِدَ النِّكَاحُ عَلَيْهِ (لِكَذَا) أَيْ أَجَلٍ مُسَمًّى (فَلَا نِكَاحَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (جَاءَ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ أَوْ عِنْدَ انْتِهَائِهِ فَلَا يُصَيِّرُهُ مَجِيئُهُ بِهِ صَحِيحًا، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 302 وَمَا فَسَدَ لِصَدَاقِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ: كَأَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا أَوْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا، وَأُلْغِيَ وَمُطْلَقًا كَالنِّكَاحِ لِأَجَلٍ،   [منح الجليل] أَصْلًا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، قَالَ فِي الْبَيَانِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا أَتَى بِالصَّدَاقِ إلَى الْأَجَلِ أَوْ اخْتَارَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ اخْتَارَتْهُ الْمَرْأَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ الْخِيَارِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْتِ الزَّوْجُ بِالصَّدَاقِ إلَى الْأَجَلِ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى انْقَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَفَادَهُ طفي وَالْبَنَّانِيُّ. (وَ) فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا (مَا) أَيْ نِكَاحٌ (فَسَدَ لِ) فَسَادِ (صَدَاقِهِ) لِكَوْنِهِ لَا يُمْلَكُ شَرْعًا كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ أَوْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَكَلْبٍ وَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَجُزْءِ ضَحِيَّةٍ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (أَوْ) عُقِدَ (عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ) مُقْتَضَى الْعَقْدِ (كَ) شَرْطِ (أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا) فِي الْمَبِيتِ مَعَ زَوْجَتِهِ السَّابِقَةِ عَلَيْهَا (أَوْ) شَرْطِ أَنْ (يُؤْثِرَ) أَيْ يُفَضِّلَ زَوْجَتَهُ السَّابِقَةَ (عَلَيْهَا) فِي قِسْمَةِ الْمَبِيتِ بِأَنْ يَجْعَلَ لَيْلَةً وَلِلسَّابِقَةِ لَيْلَتَيْنِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيُلْغَى الشَّرْطُ، فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ لَا يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَ يَقْتَضِيهِ كَشَرْطِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا وَقَسْمِهِ لَهَا فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ أَوْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ، كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَمَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ وَيُسْتَحَبُّ الْوَفَاءُ بِهِ لِخَبَرِ «أَحَقُّ الشُّرُوطِ، أَنْ تُوفُوا بِهَا مَا أَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ» . (وَأُلْغِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا أُلْغِيَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ مُنَاقِضًا لِلْعَقْدِ أَوْ كَانَ مُنَاقِضًا لَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ أُلْغِيَ، وَهَذَا أَحْسَنُ لِشُمُولِهِ الْقِسْمَيْنِ. (وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَيُفْسَخُ بَعْدَهُ أَيْضًا (كَالنِّكَاحِ) الْمَعْقُودِ (لِأَجَلٍ) مُسَمًّى وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ بَعُدَ الْأَجَلُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَعِيشُ أَحَدُهُمَا إلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ أَنَّ الْمَانِعَ الْمُقَارِنَ الْعَقْدَ أَشَدُّ تَأْثِيرًا فِيهِ مِنْ الْوَاقِعِ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الْأَجَلَ الْبَعِيدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 303 أَوْ إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك،   [منح الجليل] الَّذِي لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُ أَحَدِهِمَا لَا يَضُرُّ، وَحَقِيقَةُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ الَّذِي يُفْسَخُ مُطْلَقًا النِّكَاحُ الَّذِي ذُكِرَ الْأَجَلُ عِنْدَ عَقْدِهِ لِلْوَلِيِّ أَوْ لِلْمَرْأَةِ أَوْ لَهُمَا مَعًا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُذْكَرْ ذَلِكَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ وَقَصَدَهُ الزَّوْجُ فِي نَفْسِهِ وَفَهِمَتْ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا مِنْهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهِيَ فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ تَنْفَعُ الْمُتَغَرِّبَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عج تَبَعًا لِجَدِّهِ وَصَدَّرَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَشَامِلِهِ بِفَسَادِهِ أَيْضًا ثُمَّ حَكَى عَنْ الْإِمَامِ الصِّحَّةَ فَإِنْ لَمْ تَفْهَمْ الْمَرْأَةُ مَا أَرَادَ الزَّوْجُ صَحَّ اتِّفَاقًا. الْمَازِرِيُّ تَقَرَّرَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إلَّا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ. أَبُو الْحَسَنِ ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رُجُوعُهُ عَنْهُ. ابْنُ عُمَرَ الْمَشْهُورُ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَا عِنْدَ النَّاسِ وَالْمَذْهَبُ لَا حَدَّ فِيهِ وَلَوْ عَلَى الْعَالِمِ، وَيُعَاقَبُ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَهَلْ فِيهِ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قِيلَ بِالْمِثْلِ عَلَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ لِأَجَلٍ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ اللَّخْمِيِّ الْأَحْسَنُ الْمُسَمَّى لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ أَثَّرَ خَلَلًا فِي مَهْرِهِ. (أَوْ) أَيْ وَفُسِخَ إنْ عُقِدَ بِقَوْلِ الزَّوْجِ (إنْ مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك) وَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا وَقَصَدَا انْبِرَامَ الْعَقْدِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ فَيُفْسَخُ لِأَنَّهُ نِكَاحُ مُتْعَةٍ تَقَدَّمَ فِيهِ الْأَجَلُ عَلَى الْمُعَاشَرَةِ، فَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْهُمَا وَعْدًا فَلَا يَضُرُّ فِيهَا. وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَأَنَا أَتَزَوَّجُك فَرَضِيَتْ هِيَ وَوَلِيُّهَا فَهَذَا نِكَاحٌ بَاطِلٌ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَهِمَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّ الْمَنْعَ لِتَوْقِيتِ الْإِبَاحَةِ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ فَكَانَ كَالْمُتْعَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَفَهِمَهَا صَاحِبُ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ عَقْدٌ مُنْبَرِمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ عَقْدٌ فِيهِ خِيَارٌ، فَالْبُطْلَانُ فِيهِ مِنْ أَجْلِ الْخِيَارِ، وَيُقَوِّي هَذَا قَوْلَهَا فَأَنَا أَتَزَوَّجُك وَالْعُقُودُ إذَا وَقَعَتْ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ لَا يَلْزَمُ بِهَا حُكْمٌ. وَغَايَتُهُ أَنَّهُ وَعْدٌ وَلَوْ كَانَ عَقْدًا مُنْبَرِمًا لَقَالَ فَقَدْ تَزَوَّجْتُك. وَلِلْأَوَّلِينَ أَنْ يَقُولُوا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ لِأَنَّهُمَا وَاقِعَانِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ وَهُوَ وَجَوَابُهُ لَا يَكُونَانِ إلَّا مُسْتَقْبَلَيْ الْمَعْنَى اهـ. وَقَوْلُهُ عَقْدٌ فِيهِ خِيَارٌ أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ هِيَ وَوَلِيُّهَا انْبَرَمَ الْعَقْدُ مِنْ جِهَتِهِمَا وَبَقِيَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ وَنَحْوِهِ اللَّخْمِيُّ قَائِلًا فَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمَا، بَلْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 304 وَهُوَ طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ وَالتَّحْرِيمُ بِعَقْدِهِ   [منح الجليل] قَالَتْ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَأَنَا أَتَزَوَّجُك كَانَ مُوَاعَدَةً مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهِيَ جَائِزَةٌ. وَقَوْلُهُ وَلِلْأَوَّلِينَ أَنْ يَقُولُوا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صِيغَةِ الْمَاضِي اللُّزُومُ دُونَ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ، لَكِنْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا فَأَنَا أَتَزَوَّجُك أَنَّ لَفْظَ الْمُضَارِعِ فِي النِّكَاحِ كَالْمَاضِي، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَهَذَا عَلَى تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَهُوَ) أَيْ الْفَسْخُ (طَلَاقٌ إنْ اُخْتُلِفَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ (فِي صِحَّتِهِ) أَيْ النِّكَاح الْمَفْسُوحِ وَعَدَمِهَا فِي الْمَذْهَبِ أَوْ خَارِجِهِ خِلَافًا مُعْتَبَرًا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا عِنْدَنَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ فَسَخْته بِلَا طَلَاقٍ الْحَطُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَيْ فَسْخَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ قَالَ فِيهَا فِي النِّكَاحِ الَّذِي عَقَدَهُ الْأَجْنَبِيُّ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَأَرَادَ الْوَلِيُّ فَسْخَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ دُونَهُ اهـ. ثُمَّ نَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ تَفَاسُخَهُمَا يَكْفِي، ثُمَّ قَالَ وَمِنْ وَقْتِ الْمُفَاسَخَةِ تَكُونُ الْعِدَّةُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. فَإِنْ امْتَنَعَا أَوْ الزَّوْجُ مِنْ الْفَسْخِ رَفَعَا إلَى الْحَاكِمِ وَفَسَخَهُ حِينَئِذٍ الْحَاكِمُ اهـ. فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ قَبْلَ الْفَسْخِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ. وَمَثَّلَ لِلْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِقَوْلِهِ (كَ) عَقْدِ (مُحْرِمٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَانَ وَلِيًّا أَوْ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً (وَ) صَرِيحِ (شِغَارٍ) أَيْ بُضْعٍ بِبُضْعٍ بِلَا مَهْرٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَزَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك فَفِيهِ خِلَافٌ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِهِ ابْتِدَاءً. وَلَمَّا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْخِلَافَ فِيهِ قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَنُزُولِهِ، وَأَمَّا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي مَنْعِهِ. وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ الشِّغَارَ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي فَسْخِهِ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا أَتَّفِقُ عَلَى فَسَادِهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى تَحْرِيمِهِ. (وَالتَّحْرِيمُ) بِالْمُصَاهَرَةِ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ حَاصِلٌ تَارَةً (بِعَقْدِهِ) أَيْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فِيمَا يَحْرُمُ بِالْعَقْدِ كَالْأُمِّ بِالْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ بِنُسُكٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَيَحْرُمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 305 وَوَطْئِهِ، وَفِيهِ الْإِرْثُ، إلَّا نِكَاحَ الْمَرِيضِ، وَإِنْكَاحَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّهَا وَتَحْرُمُ الْمَفْسُوخُ نِكَاحُهَا عَلَى أُصُولِ الزَّوْجِ وَفُصُولِهِ (وَ) تَارَةً بِ (وَطْئِهِ) أَيْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فِيمَا يَحْرُمُ بِالْوَطْءِ. كَمُقَدِّمَاتِهِ كَبِنْتٍ فَتَحْرُمُ بِوَطْءِ أُمِّهَا، فَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ بِنُسُكٍ وَبَنَى بِهَا وَفُسِخَ حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ بِنْتِهَا وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَهُ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ. (وَفِيهِ) أَيْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ (الْإِرْثُ) لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ فَسْخِهِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا إرْثَ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ (إلَّا نِكَاحَ) الشَّخْصِ (الْمَرِيضِ) زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً فَلَا إرْثَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ سَوَاءٌ مَاتَ الْمَرِيضُ أَوْ الصَّحِيحُ. الْعَصْنُونِيُّ لَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ الصَّحِيحُ فَلَا يَرِثُهُ الْمَرِيضُ (وَ) إلَّا (إنْكَاحَ الْعَبْدِ) بِنْتَهُ أَوْ أَمَتَهُ مَثَلًا (وَ) إلَّا إنْكَاحَ (الْمَرْأَةِ) نَفْسَهَا أَوْ أَمَتَهَا أَوْ مَحْجُورَتَهَا مَثَلًا فَلَا إرْثَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ الَّذِي فَسْخُهُ طَلَاقٌ هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَنَصُّهُ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَا عَقَدَهُ الْعَبْدُ عَلَى بِنْتِهِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ فِيمَا عَقَدَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي ابْنَتِهَا أَوْ بِنْتِ غَيْرِهَا أَوْ عَلَى نَفْسِهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَطَالَ زَمَنُهَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا كَانَ لَهَا خَطَبَ أَوْ لَا. وَيُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ دَخَلَ. أَصْبَغُ وَلَا إرْثَ فِيمَا عَقَدَتْهُ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَإِنْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ أَصْبَغُ وَلَا مِيرَاثَ فِي النِّكَاحِ الَّذِي تَوَلَّى الْعَبْدُ عُقْدَتَهُ وَإِنْ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ. اهـ. فَقَدْ اعْتَمَدَ قَوْلَ أَصْبَغَ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ بِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ اضْطَرَبَ قَوْلُهُ فِيهَا فِي إنْكَاحِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا أَوْ غَيْرَهَا وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ فَقَالَ مَرَّةً لَا طَلَاقَ وَلَا إرْثَ، وَقَالَ مَرَّةً فِيهِ الطَّلَاقُ وَالْإِرْثُ. وَتَوَسَّطَ أَصْبَغُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَالتَّابِعُ لَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَذْهَبِهَا، وَقَدْ وَجَّهَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِالِاحْتِيَاطِ وَنَصُّهُ قَوْلُ أَصْبَغَ مُشْكِلٌ حَيْثُ أَلْزَمَ الطَّلَاقَ وَنَفَى الْمِيرَاثَ إلَّا أَنْ يُقَالَ سَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الِاحْتِيَاطِ لِأَنَّ مِنْهُ أَنَّ الْفَسْخَ طَلَاقٌ وَأَنْ لَا مِيرَاثَ بِشَكٍّ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 306 لَا اُتُّفِقَ عَلَى فَسَادِهِ، فَلَا طَلَاقَ وَلَا إرْثَ: كَخَامِسَةٍ. وَحَرَّمَ وَطْؤُهُ فَقَطْ، وَمَا فُسِخَ بَعْدَهُ فَالْمُسَمَّى وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ، وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ   [منح الجليل] وَبَقِيَ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ الَّذِي لَا مِيرَاثَ فِيهِ نِكَاحُ الْخِيَارِ قَالَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ لِانْحِلَالِهِ فَمَوْتُ أَحَدِهِمَا كَتَلَفِ سِلْعَةٍ بِيعَتْ بِخِيَارِ زَمَنِهِ (لَا) إنْ (اُتُّفِقَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (عَلَى فَسَادِهِ) أَيْ النِّكَاحِ فِي الْمَذْهَبِ وَخَارِجِهِ (فَلَا طَلَاقَ) فِي فَسْخِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ مَنْ فَسَخَهُ (وَلَا إرْثَ) فِيهِ إنْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ فَسْخِهِ (كَخَامِسَةٍ) مِثَالٌ لِلْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ وَكَمَرْأَةٍ عَلَى مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا. الْحَطُّ الْمُجْمَعُ عَلَى فَسَادِهِ لَا يَحْتَاجُ لِفَسْخٍ أَصْلًا. الْبُرْزُلِيُّ إنْ وَقَعَ عَقْدٌ صَحِيحٌ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ صَحَّ الثَّانِي وَلَا يُفْتَقَرُ لِفَسْخِ الْأَوَّلِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ، فَفِي، ثَالِثٍ نِكَاحُهَا مَنْ تَزَوَّجَ مُعْتَدَّةً وَلَمْ يَبْنِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُمَّهَا أَوْ أُخْتَهَا أَقَامَ عَلَى الثَّانِيَةِ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ اهـ. (وَحَرَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَطْؤُهُ) أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا عَقْدُهُ فَلَا يُنَافِي تَحْرِيمَ مُقَدِّمَاتِهِ أَيْضًا مِنْ بَالِغٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِجَهْلِهِ مَثَلًا (وَمَا) أَيْ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ سَوَاءٌ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ لِعَقْدِهِ أَوْ لَهُ وَلِصَدَاقِهِ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَعْدَهُ) أَيْ الْوَطْءِ (فَ) فِيهِ الصَّدَاقُ (الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْحَلَالُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى أَصْلًا كَصَرِيحِ الشِّغَارِ أَوْ كَانَ حَرَامًا كَخَمْرٍ (فَ) فِيهِ (صَدَاقُ الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ (وَسَقَطَ) الصَّدَاقُ (بِالْفَسْخِ) لِلنِّكَاحِ الْفَاسِدِ سَوَاءٌ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْوَطْءِ فَلَيْسَ فَسْخُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ قَبْلَهُ فِي تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ، وَيَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَهُ إنْ فَسَدَ لِصَدَاقِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، أَوْ لِعَقْدِهِ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي مَهْرِهِ كَنِكَاحِ مُحَلِّلٍ أَوْ عَلَى أَنْ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ كَنِكَاحِ مُحْرِمٍ بِنُسُكٍ فَيَتَكَمَّلُ صَدَاقُهُ بِالْمَوْتِ. (إلَّا نِكَاحُ الدِّرْهَمَيْنِ) مَثَلًا أَيْ مَا فَسَدَ لِوُقُوعِ أَقَلَّ مِنْ الصَّدَاقِ الشَّرْعِيِّ وَامْتَنَعَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 307 فَنِصْفُهُمَا كَطَلَاقِهِ؛ وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا.   [منح الجليل] الزَّوْجُ مِنْ إتْمَامِهِ (فَ) فِيهِ (نِصْفُهُمَا) أَيْ الدِّرْهَمَيْنِ بِفَسْخِهِ قَبْلَهُ كَدَعْوَى الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ رَضَاعًا مُحَرِّمًا بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَذَّبَتْهُ الزَّوْجَةُ فَيُفْسَخُ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ، أَوْ قَذْفِهِ زَوْجَتَهُ بِرُؤْيَتِهَا تَزْنِي قَبْلَهُ فَيُلَاعِنُهَا وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ لِاتِّهَامِهِ فِيهِمَا بِالْكَذِبِ لِإِسْقَاطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لُزُومِ نِصْفِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي فَسْخِهِ نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْجَلَّابِ مَعَ الْإِبْيَانِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَابْنُ مُحْرِزٍ، وَصَوَّبَ أَبُو الْقَاسِمِ الْأَوَّلَ وَابْنُ الْكَاتِبِ الثَّانِيَ اهـ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوثَقِينَ. وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْمُسَمَّى بَعْدَ الْوَطْءِ وَالْإِسْقَاطِ قَبْلَهُ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفُهُمَا فَقَالَ (كَطَلَاقِهِ) أَيْ النِّكَاحِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْفَسْخِ، فَإِذَا طَلَّقَ (فِيهِ) الزَّوْجُ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُخْتَارًا فَفِيهِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ، وَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ إلَّا نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ. وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ كَوْنَ طَلَاقِهِ قَبْلَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ بِالْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ أَوْ لِعَقْدِهِ وَلَهُ تَأْثِيرٌ فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحٍ مُحَلِّلٍ، فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ كَمُحَرَّمٍ فَلَهَا نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ وَجَمِيعُهُ بِالْمَوْتِ. وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهَذَا فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ. وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا شَيْءَ فِي طَلَاقِهِ قَبْلَهُ. (وَتُعَاضُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ تُعَوَّضُ وُجُوبًا الْمَرْأَةُ (الْمُتَلَذَّذُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَاللَّامِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى أَيْ الَّتِي تَلَذَّذَ الزَّوْجُ (بِهَا) بِغَيْرِ الْوَطْءِ ثُمَّ فُسِخَ نِكَاحُهُ فَيُعْطِيهَا شَيْئًا فِي نَظِيرِ تَلَذُّذِهِ بِهَا بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ وَلَوْ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ فِيهَا إذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ فَلَا تَسْقُطُ الْعِدَّةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلَدٌ لَثَبَتَ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ صَدَاقٌ وَلَا نِصْفُهُ، وَتُعَاضُ مَنْ تَلَذَّذَ بِهَا إنْ كَانَ تَلَذَّذَ بِهَا بِشَيْءٍ، وَقِيلَ لَا تُعَاضُ اهـ. وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ إذَا تَلَذَّذَ النَّاكِحُ فِيهِ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ وَلَمْ يَطَأْ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ، وَتُعَوَّضُ الْمَرْأَةُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 308 وَلِوَلِيِّ صَغِيرٍ فَسْخُ عَقْدِهِ، فَلَا مَهْرَ وَلَا عِدَّةَ وَإِنْ زُوِّجَ بِشُرُوطٍ أَوْ أُجِيزَتْ، وَبَلَغَ وَكَرِهَ فَلَهُ التَّطْلِيقُ،   [منح الجليل] وَكَذَا الْخَصِيُّ إذَا تَلَذَّذَ بِالْمَرْأَةِ وَلَمْ تَعْلَمُ أَنَّهُ خَصِيٌّ فَتُفَارِقُهُ فَتُعَوَّضُ مِنْ تَلَذُّذِهِ بِهَا. (وَلِوَلِيِّ صَغِيرٍ) حُرٍّ عَقَدَ لِنَفْسِهِ عَلَى زَوْجَةٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَسْخُ عَقْدِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ إنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِمَا، فَإِنْ تَعَيَّنَتْ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ وَفَسْخُهُ طَلَاقٌ لِصِحَّتِهِ قَالَهُ الْحَطُّ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا لَمْ يَرُدَّ نِكَاحَ الصَّبِيِّ حَتَّى كَبُرَ وَخَرَجَ مِنْ الْوِلَايَةِ جَازَ النِّكَاحُ. ابْنُ رُشْدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِ النَّظَرُ فَيُمْضِيَ أَوْ يَرُدَّ. إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ نِكَاحِ الصَّبِيِّ يَصِحُّ وَيُخَيَّرُ فِيهِ وَلِيِّهِ وَطَلَاقُهُ لَا يَصِحُّ. قِيلَ فَرَّقَ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ النِّكَاحَ سَبَبٌ لِلْإِبَاحَةِ وَالصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهَا، وَالطَّلَاقُ سَبَبٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. وَفَرَّقَ الْمَشَذَّالِيُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ حَدٌّ وَلَا حَدَّ عَلَى الصَّبِيِّ، وَلِذَا تَشَطَّرَ طَلَاقُ الْعَبْدِ، وَالنِّكَاحُ مُعَاوَضَةٌ فَلِذَا خُيِّرَ فِيهِ وَلِيُّهُ. وَإِذَا فُسِخَ نِكَاحُ الصَّغِيرِ (فَلَا مَهْرَ) عَلَى الصَّغِيرِ وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ أَوْ وَلِيُّهَا عَلَى نَفْسِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا مَا شَأْنُهَا حِينَئِذٍ وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فَلَمْ يَقُلْ يَنْبَغِي، وَمِثْلُهُ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً (وَلَا عِدَّةَ) عَلَى زَوْجَةِ الصَّغِيرِ لِفَسْخِ نِكَاحِهِ وَلَوْ وَطِئَهَا، وَإِنْ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ فَسْخِهِ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا (وَإِنْ زُوِّجَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ زَوَّجَ الصَّغِيرَ وَلِيِّهِ (بِشُرُوطٍ) تَلْزَمُ الْبَالِغَ كَإِنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ (أَوْ) زَوَّجَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ بِهَا وَ (أُجِيزَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ أَجَازَ وَلِيُّهُ عَقْدَهُ بِشُرُوطِهِ (وَبَلَغَ) الصَّغِيرُ وَخَرَجَ مِنْ الْحَجْرِ قَبْلَ دُخُولِهِ بِالزَّوْجَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَعْدَهُ عَالِمًا بِهَا (وَكَرِهَ) بِفَتْحِ الْكَافِ الصَّبِيُّ الشُّرُوطَ وَلَمْ تُسْقِطْهَا الزَّوْجَةُ فِيمَا لَهَا إسْقَاطُهُ كَكَوْنِ أَمْرِهَا أَوْ أَمْرِ الطَّارِئَةِ بِيَدِهَا (فَلَهُ) أَيْ الصَّغِيرِ (التَّطْلِيقُ) وَتَسْقُطُ عَنْهُ الشُّرُوطُ وَنِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ، وَلَا تَعُودُ عَلَيْهِ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْأُولَى شَيْءٌ، وَهَذِهِ فَائِدَةُ التَّطْلِيقِ، بِخِلَافِ مَنْ تَزَوَّجَ بَالِغًا بِشُرُوطٍ وَطَلَّقَهَا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَتَعُودُ بِشُرُوطِهَا إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 309 وَفِي نِصْفِ الصَّدَاقِ قَوْلَانِ عُمِلَ بِهِمَا، وَالْقَوْلُ لَهَا إنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ كَبِيرٌ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ بِطَلْقَةٍ فَقَطْ بَائِنَةٍ،   [منح الجليل] الْأُولَى شَيْءٌ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ الشُّرُوطُ لِتَمْكِينِهَا مَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ عَالِمًا بِهَا لَزِمَتْهُ الشُّرُوطُ. (وَ) إذَا طَلَّقَهَا فَ (فِي) لُزُومِ (نِصْفِ الصَّدَاقِ) وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ عُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْفَسْخِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ تَابِعٌ فِيهِ لِلْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ حَارِثٍ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَاتٍ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَغَيْرِهِمْ. وَذَكَرَ الْبُنَانِيُّ نُصُوصَهُمْ فَاعْتِرَاضُ طفي عَلَيْهِ وَعَلَى شُرَّاحِهِ سَاقِطٌ وَإِنْ قَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَلِخَفَاءِ مَا قُلْنَاهُ عَلَى الشُّرَّاحِ خَبَطُوا هُنَا خَبْطَ عَشْوَاءَ وَأَجَابُوا بِأَجْوِبَةٍ لَيْسَ لَهَا جَدْوَى اغْتِرَارًا مِنْهُمْ بِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (وَ) لَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ بُلُوغِهِ إنَّ الْعَقْدَ عَلَى الشُّرُوطِ وَأَنَا صَغِيرٌ وَخَالَفَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ وَلِيُّهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (الْقَوْلُ لَهَا إنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ كَبِيرٌ) بِيَمِينِهَا وَلَوْ سَفِيهَةً وَعَلَى الصَّبِيِّ أَوْ وَلِيِّهِ إثْبَاتُ أَنَّ الْعَقْدَ وَهُوَ صَغِيرٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى انْعِقَادِهِ وَهِيَ تَدَّعِي اللُّزُومَ وَهُوَ أَوْ وَلِيُّهُ يَدَّعِي عَدَمَهُ، وَيُرِيدُ حَلَّهُ وَيُؤَخَّرُ يَمِينُ الصَّغِيرَةِ لِبُلُوغِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ وَلِيِّهَا حَلَفَ أَبًا كَانَ أَوْ وَصِيًّا عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ فِي حَالِ الصِّغَرِ وَاخْتَلَفَا فِي الْتِزَامِ الشُّرُوطِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَهُوَ كَمَا أَشْعَرَ إذْ الْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَلَهُ رَدُّهَا عَلَى صِهْرِهِ قَالَهُ فِي الطُّرَرِ. (وَلِلسَّيِّدِ) أَيْ الْمَالِكِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (رَدُّ نِكَاحِ عَبْدِهِ) الذَّكَرِ الْقِنِّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةٌ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَمُبَعَّضٍ، الَّذِي عَقَدَهُ بِلَا إذْنِهِ، وَلَهُ إجَازَتُهُ، وَلَوْ طَالَ بَعْدَ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهَا قَبْلُ وَإِلَّا فَلَهُ إجَازَةٌ إنْ قَرُبَ كَمَا يَأْتِي وَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إبْقَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَبْدِهِ. وَأَمَّا الْأُنْثَى، فَيَتَحَتَّمُ رَدُّ نِكَاحِهَا بِلَا إذْنِهِ (بِطَلْقَةٍ) لِصِحَّتِهِ (فَقَطْ) لَا أَزْيَدَ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ أَوْقَعَ طَلْقَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ إلَّا وَاحِدَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ (بَائِنَةٍ) لِأَنَّهَا جَبْرِيَّةٌ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 310 إنْ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا أَنْ يُرَدّ بِهِ أَوْ يُعْتِقْهُ، وَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إنْ دَخَلَ، وَاتُّبِعَ عَبْدٌ وَمُكَاتَبٌ بِمَا بَقِيَ، إنْ غَرَّا،   [منح الجليل] إنَّمَا يَكُونُ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ حَلَّ وَطْؤُهُ، وَهَذَا لَيْسَ لَازِمًا وَطْؤُهُ مَمْنُوعٌ. وَلَفْظُ بَائِنَةٍ لَيْسَ مِنْ مَقُولِ السَّيِّدِ عِنْدَ الرَّدِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِبَيَانِ الْحُكْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَقَطْ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً بَائِنَةً اهـ. وَيَتَعَيَّنُ جَرُّهُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِطَلْقَةٍ لِامْتِنَاعِ قَطْعِ نَعْتِ النَّكِرَةِ الَّتِي لَمْ تُنْعَتْ بِنَعْتٍ مُتْبِعٍ قَبْلَهُ، وَمَحَلُّ رَدَّ السَّيِّد نِكَاحَ عَبْدِهِ بِلَا إذْنِهِ (إنْ لَمْ يَبِعْهُ) أَيْ السَّيِّدُ الْعَبْدَ، فَإِنْ بَاعَهُ فَإِنَّ لَهُ رَدَّ نِكَاحِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ أَيْضًا لِسَبْقِ نِكَاحِهِ مِلْكَهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ إنْ لَمْ يَبِعْهُ أَيْ فَإِنْ بَاعَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُرَدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ الْعَبْدُ لِبَائِعِهِ (بِهِ) أَيْ التَّرْوِيجِ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ بَاعَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ التَّزْوِيجِ رَجَعَ بِأَرْشِهِ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ الَّذِي مَكَّنَهُ مِنْ عِتْقِهِ بِبَيْعِهِ لَهُ. وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِ الْبَائِعِ لَهُ عِتْقُك مَنَعَنِي مِنْ فَسْخِهِ. وَمَفْهُومٌ بِهِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِتَزَوُّجِهِ وَرَضِيَهُ وَرَدَّهُ بِغَيْرِهِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ رَدُّ نِكَاحِهِ لِأَخْذِهِ أَرْشَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ وَلَهُ رَدُّ نِكَاحِهِ. (أَوْ يُعْتِقْهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ السَّيِّدُ الْعَبْدَ عُطِفَ عَلَى يَبِعْهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَلَا يَرُدُّ نِكَاحَهُ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِعِتْقِهِ (وَلَهَا) أَيْ زَوْجَةِ الْعَبْدِ الْمَرْدُودِ نِكَاحُهُ (رُبْعُ دِينَارٍ) مِنْ مَالِ الْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَتْبَعَتْهُ فِي ذِمَّتِهِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الْعَبْدُ بِزَوْجَتِهِ وَهُوَ بَالِغٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ قَوْلُهُ (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (عَبْدٌ) قِنٌّ (وَمُكَاتَبٌ) بَعْدَ عِتْقِهِمَا (بِمَا بَقِيَ) مِنْ الْمُسَمَّى بَعْدَ رُبْعِ الدِّينَارِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ فِي الْبَالِغِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ دُخُولَ الْحُرِّ الصَّغِيرِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَلَوْ افْتَضَّهَا فَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ أَحْرَى (إنْ غَرَّا) أَيْ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ الزَّوْجَةَ بِأَنَّهُمَا حُرَّانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 311 إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ سَيِّدٌ أَوْ سُلْطَانٌ، وَلَهُ الْإِجَازَةُ إنْ قَرُبَ وَلَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ أَوْ يَشُكَّ فِي قَصْدِهِ، وَلِوَلِيِّ سَفِيهٍ فَسْخُ عَقْدِهِ.   [منح الجليل] كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَالْبَرَادِعِيُّ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ إتْبَاعِهِمَا إنْ لَمْ يَغُرَّا بِأَنْ أَخْبَرَاهَا بِحَالِهِمَا أَوْ سَكَتَا. وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ لَمْ يَغُرَّا مُبَالَغَةً فِي إتْبَاعِهِمَا بِهِ. وَفِي نُسْخَةٍ إنْ لَمْ يَغُرَّا بِإِسْقَاطِ الْوَاوِ. الْأَقْفَهْسِيُّ وَهَذِهِ خَطُّ الْمُصَنِّفِ، وَالنُّسْخَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ جَارِيَتَانِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِمَا بِإِتْبَاعِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ غَرَّ أَوْ لَمْ يَغُرَّ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ السَّيِّدُ مِنْ ذِمَّتِهِ (إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ) أَيْ مَا بَقِيَ عَنْ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ (سَيِّدٌ) قَبْلَ عِتْقِهِ (أَوْ سُلْطَانٌ) نِيَابَةً عَنْ السَّيِّدِ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ يَذُبُّ عَنْ مَالِ الْغَائِبِ، أَوْ رَفَعَ لَهُ السَّيِّدُ الْحَاضِرُ وَطَلَبَ مِنْهُ إسْقَاطَهُ عَنْ عَبْدِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُكَاتَبُهُ إنْ لَمْ يَغُرَّ، أَوْ غَرَّ وَرَجَعَ رَقِيقًا لِعَجْزِهِ فَلِلسَّيِّدِ إبْطَالُهُ عَنْ الْعَبْدِ مُطْلَقًا، وَعَنْ الْمُكَاتَبِ إنْ لَمْ يَغُرَّ أَوْ غَرَّ وَرَجَعَ رِقًّا لِعَجْزِهِ. فَإِنْ غَرَّ وَخَرَجَ حُرًّا فَلَا يُعْتَبَرُ إسْقَاطُهُ عَنْهُ (وَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (الْإِجَازَةُ) عَبْدَهُ بِلَا إذْنِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْهَا (إنْ قَرُبَ) كَيَوْمَيْنِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ بَعُدَ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَصِّ عِيَاضٍ. (وَ) إنْ (لَمْ يُرِدْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ بِامْتِنَاعِهِ (الْفَسْخَ) لِنِكَاحِ الْعَبْدِ بِلَا إذْنِهِ (أَوْ) لَمْ (يَشُكَّ) السَّيِّدُ (فِي قَصْدِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِامْتِنَاعِهِ هَلْ قَصَدَ بِهِ الْفَسْخَ أَوْ مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ، فَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَامْتِنَاعُهُ فَسْخٌ لَا إجَازَةَ لَهُ بَعْدَهُ، وَيُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الْفَسْخِ وَعَدَمِ الشَّكِّ فِيهِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ (وَلِوَلِيِّ) أَيْ أَبِ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمِ (سَفِيهٍ) أَيْ ذَكَرٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (فَسْخُ عَقْدِهِ) أَيْ السَّفِيهِ النِّكَاحَ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجَةِ مِنْ الْمَهْرِ إنْ فَسَخَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا بِفَسْخِهِ بَعْدَهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَقَطْ، وَلَا يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ إنْ فَكَّ حَجْرَهُ لِأَنَّ حَجْرَ الْوَلِيِّ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَهُوَ بَاقٍ لَمْ يَزُلْ. وَحَجَرَ عَلَى الْعَبْدِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ وَقَدْ زَالَ عَنْهُ بِعِتْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ وَلِيُّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 312 مَاتَتْ زَوْجَة السَّفِيه الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِلَا إذْن وَلِيِّهِ وَلَوْ مَاتَتْ وَتَعَيَّنَ بِمَوْتِهِ وَلِمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ تَسَرٍّ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ.   [منح الجليل] عَلَى عَقْدِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَجْرِهِ لَزِمَهُ النِّكَاحُ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ. وَقِيلَ يَنْتَقِلُ لَهُ النَّظَرُ الَّذِي كَانَ لِوَلِيِّهِ، وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، فَإِنْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فِيهِمَا إنْ اسْتَمَرَّتْ الْمَرْأَةُ حَيَّةً. بَلْ وَ (وَلَوْ مَاتَتْ) زَوْجَةُ السَّفِيهِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ إذْ قَدْ يَكُونُ صَدَاقُهَا أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا، وَيَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ فَإِنْ أَمْضَى الْوَلِيُّ تَمَّ، وَإِنْ رَدَّهُ رَدَّ مَا وَرِثَهُ لِوَرَثَتِهَا (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ (بِمَوْتِهِ) أَيْ السَّفِيهِ قَبْلَ فَسْخِ وَلِيِّهِ لِأَنَّ فِي إمْضَائِهِ تَرَتَّبَ الصَّدَاقِ وَالْمِيرَاثِ، وَلَا مَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ لِأَمْنِ وَلِيِّهِ لِزَوَالِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ فَلَا تَرِثُهُ، وَلَا يَتَكَمَّلُ لَهَا الْمَهْرُ بَلْ يَسْقُطُ لِفَسْخِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ، وَبَحَثَ فِيهِ بِتَحَقُّقِ حَيَاةِ الْوَارِثِ حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَتَحَقُّقُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا حِينَهُ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا وَتَوَقُّفُهُ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ وَانْقِطَاعُهَا بِمَوْتِهِ لَا يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ، لَمَّا تَحَتَّمَ فَسْخُهُ بِمَوْتِهِ أَشْبَهَ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ وَبِأَنَّهُ لَمَّا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ أَشْبَهَ نِكَاحَ الْخِيَارِ وَهُوَ مُنْحَلٌّ، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ زَوْجَانِ أَحَدُهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ وَالْآخَرُ لَا يَرِثُهُ، وَهُمَا حُرَّانِ لَا مَانِعَ بِهِمَا مِنْ الْمِيرَاثِ. (وَلِمُكَاتَبٍ) أَيْ مُعْتَقٍ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ (وَ) لِقِنٍّ (مَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِمَالِ نَفْسِهِ (تَسَرٍّ) مِنْ مَالِهِمَا إنْ كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا، بَلْ (وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِمَا بِأَنْ مَنَعَهُمَا أَوْ سَكَتَ، وَأَمَّا تَسَرِّيهمَا مِنْ مَالِ السَّيِّدِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ إسْلَافِهِ ثَمَنَهَا لَهُمَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّسَرِّي مِمَّا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي لِسَيِّدِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُسَلِّفَهُ أَوْ يَهَبَهُ ثَمَنَهَا فَهِبَةُ السَّيِّدِ الثَّمَنَ وَإِسْلَافُهُ جَائِزٌ لِمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ وَغَيْرِهِمَا، وَإِذْنُهُ فِي شِرَائِهَا مِنْ مَالِهِ بِلَا هِبَةٍ وَلَا إسْلَافٍ جَائِزٌ لِلْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لِأَنَّ لَهُمَا مِلْكًا فِي الْجُمْلَةِ دُونَ الْقِنِّ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ التَّحْلِيلَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 313 وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ: كَالْمَهْرِ وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ.   [منح الجليل] وَأَمَّا تَسَرِّي الْقِنِّ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَجَائِزٌ وَيُمْنَعُ هِبَتَهُ ذَاتَهَا لَهُ لِأَنَّهُ تَحْلِيلٌ وَتَجُوزُ هِبَةُ ذَاتِهَا لِمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ لِذَلِكَ، فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ لِأَنَّ السَّيِّدَ إمَّا أَنْ يَهَبَ ثَمَنَهَا أَوْ يُسَلِّفَهُ أَوْ يَأْذَنَ فِي شِرَائِهَا مِنْ مَالِهِ الَّذِي بِيَدِ الْعَبْدِ أَوْ يَهَبَ ذَاتَهَا، وَفِي كُلٍّ الْعَبْدُ إمَّا مُكَاتَبٌ أَوْ مَأْذُونٌ أَوْ غَيْرُهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَحْكَامُهَا. (وَنَفَقَةُ) زَوْجَةِ (الْعَبْدِ) الْقِنِّ أَوْ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لَا مُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ أَيْ إنْفَاقُ الْعَبْدِ عَلَى زَوْجَتِهِ (فِي غَيْرِ خَرَاجٍ) أَيْ مَالٍ مَلَكَهُ الْعَبْدُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ كَأُجْرَةِ خِيَاطَتِهِ وَحِيَاكَتِهِ وَبِنَائِهِ وَتِجَارَتِهِ وَصِيَاغَتِهِ وَحَمْلِهِ وَحِرَاسَتِهِ وَنَحْوِهَا (وَ) غَيْرِ (كَسْبٍ) أَيْ رِبْحِ تِجَارَةِ الْعَبْدِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ فَهُوَ فِي هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَالْمُبَعَّضُ فِي زَمَنِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ، وَفِي زَمَنِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ فَكَالْحُرِّ. اللَّخْمِيُّ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ كَالْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لِأَنَّهُ بَانَ عَنْ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ فَإِنْ عَجَزَ طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَخُصُّهُ كَالْحُرِّ وَفِي الْيَوْمِ الَّذِي يَخُصُّ سَيِّدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ وَذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ وَابْنُ رَحَّالٍ أَنَّ إخْرَاجَ الْعَبْدِ مَا الْتَزَمَهُ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ مَثَلًا، وَكَسْبُهُ مَا نَشَأَ عَنْ عَمَلِهِ وَقَدْ يَتَفَاوَتَانِ، فَمَعْنَى كَوْنِ نَفَقَتِهِ فِي غَيْرِ خَرَاجِهِ أَنَّ إذْنَ سَيِّدِهِ فِي تَزْوِيجِهِ لَا يُنْقِصُ خَرَاجَهُ فَهُوَ فِي مَعْنَى وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ. (إلَّا لِعُرْفٍ) بِأَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ فِي خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ طَلُقَتْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ، أَوْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِغَيْرِ إنْفَاقٍ وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ يَتَطَوَّعُ بِهَا مُتَطَوِّعٌ. وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ فَقَالَ (كَالْمَهْرِ) لِزَوْجَةِ الْعَبْدِ (وَلَا يَضْمَنُهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَهْرٍ (سَيِّدٌ) لِلْعَبْدِ (بِإِذْنِ التَّزْوِيجِ) وَلَوْ بَاشَرَ الْعَقْدَ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 314 وَجَبَرَ أَبٌ وَوَصِيٌّ وَحَاكِمٌ مَجْنُونًا احْتَاجَ، وَصَغِيرًا،   [منح الجليل] أَوْ جَبَرَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ عَلَى السَّيِّدِ، فَلَيْسَ هُوَ كَالْأَبِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَصَدَاقُهُمْ إنْ أُعْدِمُوا عَلَى الْأَبِ، بَلْ كَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُعْدِمِ لِقُوَّةِ تَسَلُّطِ سَيِّدِهِ عَلَى انْتِزَاعِهِ. (وَجَبَرَ أَبٌ وَوَصِيٌّ) أَمَرَهُ الْأَبُ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَةَ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ الْحَطُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ. طفى لَمْ أَرَ التَّقْيِيدَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ الْمُوثَقِينَ كِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَغَيْرِهِمَا أَنْكَحَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يَتِيمَهُ الصَّغِيرَ الَّذِي إلَيَّ نَظَرُهُ بِإِيصَاءٍ، كَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ التَّقْيِيدِ، وَكَذَا إلْحَاقُهُمْ مُقَدَّمَ الْقَاضِي بِالْوَصِيِّ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ، وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ الْوَصِيَّةِ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرِ كَالْوَصِيِّ وَتُبَاشِرُ عَقْدَهُ. الْمُتَيْطِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَهُوَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَصُّ الْمُتَيْطِيِّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَ الصَّغِيرُ وَصِيَّهُ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ قَاضٍ. فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوثَقِينَ، فَإِلْحَاقُهُمْ مُقَدَّمَ الْقَاضِي بِالْوَصِيِّ، دَلِيلٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ إذْ مُقَدَّمُ الْقَاضِي لَا يُجْبِرُ الْأُنْثَى، وَكَذَا قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهُ نَصٌّ فِي أَنَّ غَيْرَ الْمُجْبِرِ لِلْأُنْثَى مُجْبِرٌ لِلذَّكَرِ وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مَا جَبَرَ الْحَاكِمُ مَعَ أَنَّهُ يُجْبِرُهَا هُنَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) جَبَرَ (حَاكِمٌ مَجْنُونًا) مُطْبَقًا، فَإِنْ كَانَ يُفِيقُ فِي وَقْتٍ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ وَكَانَ جُنُونُهُ قَبْلَ رُشْدِهِ فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ رُشْدِهِ جَبَرَهُ الْحَاكِمُ فَقَطْ لَا أَبُوهُ وَلَا وَصِيُّهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (احْتَاجَ) الْمَجْنُونُ لِلنِّكَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غِبْطَةٌ أَوْ لِمَنْ يَخْدُمُهُ وَيُعَانِيهِ إنْ تَعَيَّنَ النِّكَاحُ طَرِيقًا لِصِيَانَتِهِ مِنْ الزِّنَا وَالضَّيَاعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحَدُّ لَهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَصَغِيرًا) فِي تَزْوِيجِهِ غِبْطَةٌ وَمَصْلَحَةٌ كَتَزْوِيجِهِ شَرِيفَةً أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ أَوْ غَنِيَّةً لَا بَالِغًا رَشِيدًا. ابْنُ رَحَّالٍ قَيَّدَ الْغِبْطَةَ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ وَإِلَّا فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَلَا غَيْرَ أَبٍ وَوَصِيٍّ وَحَاكِمٍ كَأَخٍ فَلَا يُجْبِرُ مَجْنُونًا وَلَا صَغِيرًا عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ جَبَرَ فَفِي فَسْخِهِ وَثُبُوتِهِ إنْ بَنَى وَطَالَ قَوْلَانِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 315 وَفِي السَّفِيهِ خِلَافٌ، وَصَدَاقُهُمْ إنْ أُعْدِمُوا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ مَاتَ، أَوْ أَيْسَرُوا بَعْدُ، وَلَوْ شَرَطَ ضِدَّهُ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ إلَّا لِشَرْطٍ، وَإِنْ تَطَارَحَهُ   [منح الجليل] وَفِي) جَبْرِ (السَّفِيهِ) إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى تَزْوِيجِهِ مَفْسَدَةٌ وَلَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَعَدَمِ جَبْرِهِ لِلُزُومِ طَلَاقِهِ وَالصَّدَاقِ أَوْ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ (خِلَافٌ) جَبْرُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَصَرَّحَ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَعَدَمُهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَعَلَى جَبْرِهِ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْغِبْطَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الصَّغِيرِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ شَأْنَ الْبَالِغِ الِاحْتِيَاجُ إلَى النِّكَاحِ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ تَعَيَّنَ تَرْكُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ الزِّنَا جُبِرَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غِبْطَةٌ (وَصَدَاقُهُمْ) أَيْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ فِي نِكَاحِ تَسْمِيَةٍ أَوْ تَفْوِيضٍ (إنْ) كَانُوا (أُعْدِمُوا) أَيْ مُعْدَمِينَ حِينَ جَبَرَهُمْ الْأَبُ وَخَبَرُ صَدَاقِهِمْ (عَلَى الْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ وَلَوْ أُعْدِمَ. فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ كَانَا مَعًا مُعْدَمَيْنِ فَعَنْ أَصْبَغَ لَا شَيْءَ مِنْهُ عَلَى الْأَبِ. الْبَاجِيَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَعَ الْإِبْهَامِ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ الَّذِي تَوَلَّى الْعَقْدَ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ حَيًّا بَلْ (وَإِنْ مَاتَ) الْأَبُ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ ذِمَّتَهُ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا بِمَوْتِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ فِي مَالِهِمْ إنْ أَيْسَرُوا، وَمَفْهُومُ الْأَبِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْحَاكِمِ وَالْوَصِيِّ وَهُوَ عَلَى الْأَبِ إنْ كَانُوا مُعْدَمِينَ سَوَاءٌ اسْتَمَرُّوا مُعْدَمِينَ (أَوْ أَيْسَرُوا) أَيْ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ (بَعْدُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَنِيَّةِ مَعْنَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ بَعْدَ جَبْرِهِمْ وَلَوْ قَبْلَ تَسْمِيَةِ الْمَهْرَ فِي التَّفْوِيضِ إنْ شُرِطَ عَلَى الْأَبِ أَوْ سَكَتَ. بَلْ (وَلَوْ شَرَطَ) الْأَبُ حَالَ عَقْدِهِ (ضِدَّهُ) أَيْ كَوْنَ الصَّدَاقِ عَلَيْهِمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعْدَمِينَ حِينَ جَبَرَهُمْ الْأَبُ بِأَنْ كَانُوا أَمْلِيَاءَ وَلَوْ بِبَعْضِهِ (فَعَلَيْهِمْ) الصَّدَاقُ وَإِنْ أُعْدِمُوا بَعْدُ دُونَ الْأَبِ إنْ شَرَطَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ سَكَتَ (إلَّا لِشَرْطٍ) بِأَنَّهُ عَلَى الْأَبِ فَيَلْزَمُهُ كَالْحَاكِمِ وَالْوَصِيِّ، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ (وَإِنْ تَطَارَحَهُ) أَيْ الْمَهْرَ زَوْجٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 316 رَشِيدٌ، وَأَبٌ فُسِخَ، وَلَا مَهْرَ، وَهَلْ إنْ حَلَفَا وَإِلَّا لَزِمَ النَّاكِلَ؟ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] رَشِيدٌ وَأَبٌ) أَيْ أَرَادَ كُلُّ مِنْهُمَا إلْزَامَ ذِمَّةِ الْآخَرِ بِهِ إذَا بَاشَرَ الْأَبُ عَقْدَ ابْنِهِ الرَّشِيدِ بِإِذْنِهِ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ عَلَى أَيِّهِمَا فَقَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا أَرَدْت أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ، وَقَالَ الْأَبُ إنَّمَا أَرَدْت أَنَّهُ عَلَى الزَّوْجِ الرَّشِيدِ قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ. (وَلَا مَهْرَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّشِيدُ بِالزَّوْجَةِ وَفَسَّرَ الْبِسَاطِيُّ التَّطَارُحَ بِقَوْلِ الْأَبِ شَرَطْتُهُ عَلَى الِابْنِ، وَقَوْلِ الِابْنِ شَرَطْتُهُ عَلَى الْأَبِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ أَوْ مَاتَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ غَابَتْ أَوْ نَسِيَتْ وَإِلَّا قَضَى بِهِ عَلَى مَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ. (وَهَلْ) مَحَلُّ الْفَسْخِ وَسُقُوطُ الْمَهْرِ (إنْ حَلَفَا) أَيْ الْأَبُ وَالرَّشِيدُ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ، وَيَبْدَأُ الْأَبُ بِالْحَلِفِ لِأَنَّهُ الَّذِي بَاشَرَ الْعَقْدَ وَقِيلَ يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا لِمَنْ يَبْدَأُ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا بِأَنْ نَكَلَا مَعًا أَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَ (لَزِمَ) الصَّدَاقُ (النَّاكِلَ) مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ عَلَى الْحَالِفِ، وَإِنْ نَكَلَا مَعًا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ أَوْ الْفَسْخُ وَعَدَمُ الْمَهْرِ مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِحَلِفِهِمَا (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إنْ تَطَارَحَاهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ حَلَفَ الْأَبُ وَبَرِئَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ غَرِمَ الزَّوْجُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ كَتَسَاوِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ حَلَفَ وَغَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَغَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْهُ مَعَ صِحَّةِ النِّكَاحِ لِإِلْغَاءِ الْمُسَمَّى بِتَطَارُحِهِمَا، وَصَارَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ مَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ فَلَا يُقَالُ لِمَ يَدْفَعُ لَهَا أَكْثَرَ مِمَّا تَدَّعِيهِ. فَإِنْ قِيلَ إذَا أُلْغِيَ فَلِمَ يَحْلِفْ حَيْثُ كَانَ أَكْثَرَ. أُجِيبَ بِأَنَّ أَمْرَ الزَّوْجِ الْأَبَ بِهِ مُحْتَمَلٌ لِرِضَاهُ بَعْدُ فَيَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى فَيَحْلِفُ لِإِسْقَاطِ زِيَادَتِهِ، وَبِأَنَّهُ أَشْبَهَ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لِصَدَاقِهِ بِتَطَارُحِهِ. وَقَالَ السُّودَانِيُّ عَلَى الزَّوْجِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَدْعَمْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 317 وَحَلَفَ رَشِيدٌ، وَأَجْنَبِيٌّ، وَامْرَأَةٌ أَنْكَرُوا الرِّضَا، وَالْأَمْرَ حُضُورًا، إنْ لَمْ يُنْكِرُوا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ وَإِنْ طَالَ كَثِيرًا لَزِمَ   [منح الجليل] بِنَقْلٍ. فِي التَّوْضِيحِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. مُحَمَّدٌ بَعْدَ حَلِفِهِمَا وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا كَانَ الصَّدَاقُ عَلَيْهِ. ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَنَّهُ خِلَافٌ اهـ. فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ ابْنِ بَشِيرٍ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ هَلْ هُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَلَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا قَوْلٌ وَاحِدٌ، أَوْ هُوَ خِلَافٌ فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّرَدُّدَ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ وَلَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) إنْ عَقَدَ شَخْصٌ النِّكَاحَ لِابْنِهِ الرَّشِيدِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ كَذَلِكَ أَوْ لِامْرَأَةٍ كَذَلِكَ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ وَأَنْكَرَ الْمَعْقُودُ لَهُ الْأَمْرَ بِهِ وَالرِّضَا بِهِ (حَلَفَ) ابْنٌ بَالِغٌ (رَشِيدٌ وَأَجْنَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ أَنْكَرُوا) أَيْ الرَّشِيدُ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْمَرْأَةُ عَقِبَ فَرَاغِ الْعَقْدِ (الرِّضَا) بِهِ (وَالْأَمْرَ) بِالْعَقْدِ وَالتَّوْكِيلَ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِمْ (حُضُورًا) لِلْعَقْدِ سَاكِتِينَ وَلَمْ يُبَادِرُوا بِإِنْكَارِهِ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ بِهِ بِأَنْ سَكَتُوا يَسِيرًا بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ، فَيَحْلِفُ الْمَعْقُودُ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْكُتْ رَاضِيًا بِهِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ إذْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عِلْمِهِ بِهِ لِحُضُورِهِ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ الْعَقْدُ وَالْمَهْرُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ وَمَحَلُّ حَلِفِهِمْ (إنْ لَمْ يُنْكِرُوا) حَالَ الْعَقْدِ الرِّضَا بِهِ (بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِمْ) أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَنْكَرُوا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْعَاقِدَ لَمْ يَدَّعِ الْوَكَالَةَ حَالَ عَقْدِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمَعْقُودِ لَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ. (وَإِنْ طَالَ) الزَّمَنُ طُولًا (كَثِيرًا) بَعْدَ عِلْمِهِمْ بِهِ بِأَنْ أَنْكَرُوا بَعْدَ تَهْنِئَتِهِمْ وَالدُّعَاءِ لَهُمْ أَوْ بِالْعُرْفِ، بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لَا يَسْكُتُ فِيهَا إلَّا مَنْ رَضِيَ (لَزِمَ) النِّكَاحَ الْمَعْقُودُ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ الطُّولُ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ وَضُعِّفَ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ فِي التَّهْذِيبِ مَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمَالِكَ وَلِأَمْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ صَامَتْ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ النِّكَاحِ قَالَ الِابْنُ مَا أَمَرْتُهُ وَلَمْ أَرْضِ صُدِّقَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 318 وَرَجَعَ لِأَبٍ وَذِي قَدْرٍ زَوَّجَ غَيْرَهُ، وَضَامِنٍ لِابْنَتِهِ النِّصْفُ   [منح الجليل] بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ غَائِبًا فَأَنْكَرَ حِينَ بَلَغَهُ سَقَطَ النِّكَاحُ وَالصَّدَاقُ عَنْهُ وَعَنْ الْأَبِ وَابْنُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ اهـ. اللَّخْمِيُّ لَا يَخْلُو إنْكَارُ الِابْنِ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، إمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَمَا فَهِمَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ وَسُكُوتِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ وَتَهْنِئَتِهِ مَنْ حَضَرَ وَانْصِرَافِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ إنْكَارُهُ عِنْدَمَا فَهِمَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْأَبَ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِوَكَالَةٍ مِنْ الِابْنِ، وَلَا أَتَى مِنْ الِابْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ نِكَاحٌ بِعَقْدٍ عَلَيْهِ وَسَكَتَ، ثُمَّ أَنْكَرَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ حَلَفَ كَمَا قَالَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُ عَلَى الرِّضَا بِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ وَانْصِرَافِهِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ حَسَبِ عَادَاتِ النَّاسِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهُ الرِّضَا، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ وَإِنَّهُ لَا عِصْمَةَ لَهُ عَلَيْهَا اهـ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، ثُمَّ قَالَ وَالْأُنْثَى فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الذَّكَرِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا النِّكَاحُ إلَّا بِالنُّطْقِ إذَا عُقِدَ عَلَيْهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ ثُمَّ اُسْتُؤْذِنَتْ. وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ اهـ فِي التَّوْضِيحِ، وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّ الْغَائِبَ إنْ أَنْكَرَ بِمُجَرَّدِ حُضُورِهِ تَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ، وَإِنْ عَلِمَ وَطَالَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ الْإِنْكَارُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لِأَنَّهُ بَعْدَ حُضُورِهِ كَالْحَاضِرِ اهـ. قُلْت قِيَاسُ الْحَاضِرِ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَجْرِي فِي الْأُنْثَى لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ. (وَ) إنْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَهُ الْبَالِغَ الرَّشِيدَ أَوْ السَّفِيهَ أَوْ الصَّغِيرَ وَضَمِنَ صَدَاقَهُ أَوْ ذُو قَدْرٍ غَيْرُهُ كَذَلِكَ أَوْ أَبٌ بِنْتَهُ وَضَمِنَ لَهَا الصَّدَاقَ فَ طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ لِأَبٍ) ضَمِنَ صَدَاقَ ابْنِهِ (وَ) رَجَعَ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (قَدْرٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ شَرَفٍ فَأَوْلَى غَيْرُهُ (زَوَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ذُو الْقَدْرِ ذَكَرًا (غَيْرَهُ) وَضَمِنَ الْمَهْرَ عَنْهُ (وَ) رَجَعَ لِأَبٍ (ضَامِنٍ لِابْنَتِهِ) صَدَاقَهَا عَمَّنْ زَوَّجَهَا لَهُ فَاعِلُ رَجَعَ (النِّصْفُ) مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 319 بِالطَّلَاقِ وَالْجَمِيعُ بِالْفَسَادِ، وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْحَمَالَةِ، أَوْ يَكُونَ بَعْدَ الْعَقْدِ،   [منح الجليل] سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ (بِالطَّلَاقِ) قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ الِابْنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَمِمَّنْ زَوَّجَهُ غَيْرُهُ وَمَنْ زَوْجِ بِنْتِ الضَّامِنِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا الْتَزَمُوهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ، وَقَدْ تَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، هَذَا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فَالْقِيَاسُ رُجُوعُ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَهُ فَفِي كَوْنِ النِّصْفِ لِلْحَامِلِ أَوْ لِلزَّوْجِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مَعَ سَمَاعِهِ سَحْنُونٌ وَتَخْرِيجُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى وُجُوبِ كُلِّهِ لِلزَّوْجَةِ بِالْعَقْدِ. (وَ) رَجَعَ (الْجَمِيعُ) أَيْ الْمَهْرُ كُلُّهُ لِلْأَبِ أَوْ ذِي الْقَدْرِ أَوْ الضَّامِنِ إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ (بِ) سَبَبِ (الْفَسَادِ) لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الزَّوْجَةِ شَيْئًا مِنْهُ حِينَئِذٍ وَمِثْلُ الْفَسَادِ مُخَالَعَتُهَا بِهِ قَبْلَهُ وَفَسْخُ سَيِّدٍ أَوْ وَلِيٍّ نِكَاحَ عَبْدٍ أَوْ مَحْجُورٍ تَحَمَّلَ صَدَاقُهُ شَخْصٌ بِلَا إذْنِهِ، فَإِنْ فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَهُوَ لَهَا وَإِنْ خَالَعَتْهُ بَعْدَهُ فَهُوَ لِلزَّوْجِ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ النِّصْفِ أَوْ الْكُلِّ لِلْمُتَحَمِّلِ إنْ تَحَمَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقٌ أَوْ بِلَا قَصْدٍ، فَإِنْ تَحَمَّلَهُ مُتَصَدِّقًا بِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ شَيْءٌ. (وَلَا يَرْجِعُ أَحَدٌ مِنْهُمْ) أَيْ الْأَبِ وَذِي الْقَدْرِ وَالضَّامِنِ لِابْنَتِهِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِالنِّصْفِ الَّذِي أَخَذَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الَّذِي دَخَلَ بِالْجَمِيعِ الَّذِي أَخَذَتْهُ بِالدُّخُولِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الْمُتَحَمِّلُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ أَوْ بَعْدَهُ (بِالْحَمَالَةِ) أَيْ الضَّمَانِ لِلزَّوْجِ فِي الْمَهْرِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى حَمَالَةِ الْمَهْرِ عَنْ فُلَانٍ (أَوْ يَكُونَ) أَيْ ضَمَانُ مَنْ ذَكَرَ الصَّدَاقَ (بَعْدَ الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الزَّوْجِ فَيَرْجِعُ الْمُلْتَزِمُ عَلَى الزَّوْجِ بِالْجَمِيعِ إنْ دَخَلَ وَبِالنِّصْفِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ بِالرُّجُوعِ، وَيُعْمَلُ بِهَا أَيْضًا فِي عَدَمِهِ. وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً. تَصْرِيحٌ بِلَفْظِ حَمْلٍ أَوْ حَمَالَةٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ دَفْعٍ، وَدَفَعَ بِلَا لَفْظٍ، وَكُلُّهَا إمَّا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ صَرَّحَ بِالْحَمْلِ فَلَا يَرْجِعُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 320 وَلَهَا الِامْتِنَاعُ إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ، حَتَّى يُقَدَّرَ   [منح الجليل] مُطْلَقًا، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْحَمَالَةِ فَلَهُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ صَرَّحَ بِالضَّمَانِ أَوْ الدَّفْعِ أَوْ دَفَعَ بِلَا لَفْظٍ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا رُجُوعَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ فَلَهُ الرُّجُوعُ. وَنَظَمَ أَبُو عَلِيٍّ أَقْسَامَ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: أَنِفَ رُجُوعًا عِنْدَ حَمْلٍ مُطْلَقًا ... حَمَالَةٌ بِعَكْسِ ذَا فَحَقِّقَا لَفْظَ ضَمَانٍ عِنْدَ عَقْدٍ لَا ارْتِجَاعَ ... وَبَعْدَهُ حَمَالَةٌ بِلَا نِزَاعٍ وَكُلُّ مَا اُلْتُزِمَ بَعْدَ عَقْدٍ ... فَشَرْطُهُ الْحَوْزُ فَافْهَمْ قَصْدِي طفي قَوْلُ تت وَمَنْ تَبِعَهُ الدَّفْعُ عَلَى السُّكُوتِ حُكْمُهُ كَالتَّصْرِيحِ بِالضَّمَانِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الَّتِي الْتَزَمَ صَدَاقَهَا عَنْ زَوْجِهَا غَيْرُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا (الِامْتِنَاعُ) مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ (إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ مِمَّنْ الْتَزَمَهُ (حَتَّى يُقَرَّرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ الْأُولَى. وَفِي نُسْخَةٍ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يُعَيِّنَ لَهَا قَدْرَ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ، وَقِيلَ حَتَّى تَقْبِضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ الْقَصَّارِ إنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ وَأَبَى دَفْعَهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا إلَيْهِ، وَأَبَتْ أَنْ تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ فَاَلَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنْ يُوقِفَ الْحَاكِمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ بِتَسْلِيمِهِ لَهَا إذَا بَذَلَتْ. ابْنُ شَاسٍ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِلْفَرْضِ لَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ. قُلْت اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ فِي تَعْجِيلِ دَفْعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَتَهَيَّأَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي النَّقْدِ لَا فِي كُلِّ الْمَهْرِ. اللَّخْمِيُّ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ فَلَا تَمْتَنِعُ إذَا فَرَضَ الزَّوْجُ وَقَدَّمَ النَّقْدَ الْمُعْتَادَ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِتَمْكِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ شَيْئًا جَازَ إنْ دَفَعَ رُبْعَ دِينَارٍ، وَلَمْ أَرَ لَفْظَ التَّقْرِيرِ أَوْ التَّقْدِيرِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ لَا ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى صَاحِبِ الشَّامِلِ الَّذِي يَتَّبِعُ لَفْظَ الْمُصَنِّفِ غَالِبًا، نَصُّهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ الْحَامِلِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تَقْبِضَهُ. فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ حَتَّى يُقَرَّرَ يُنَافِي قَوْلَهُ إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَبْلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 321 وَتَأْخُذَ الْحَالَّ وَلَهُ التَّرْكُ. وَبَطَلَ إنْ ضَمِنَ   [منح الجليل] تَعْيِينِهِ، فَقَوْلُهُ أَخْذُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُعَيَّنٌ، وَقَوْلُهُ حَتَّى يُقَرَّرَ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. قُلْت لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الْأَخْذِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ، بِخِلَافِ الْأَخْذِ فَلَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِالْمُعَيَّنِ. فَإِنْ مَاتَ الْحَامِلُ أُتْبِعَتْ تَرِكَتُهُ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَمَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ إذْ لَمْ يَبْقَ مَنْ تَأْخُذُ هِيَ مِنْهُ. اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَ صَدَاقُهَا مِائَةً نِصْفُهَا نَقْدٌ وَنِصْفُهَا مُؤَخَّرٌ وَمَاتَ الْحَامِلُ عَنْ مَالٍ أَخَذَتْ الْمِائَةَ مِنْهُ لِحُلُولِهَا بِمَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا فَلِلزَّوْجِ إنْ أَتَى بِالْمُعَجَّلِ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَإِنْ خَلَّفَ خَمْسِينَ أَخَذَتْهَا وَلِلزَّوْجِ الْبِنَاءُ بِهَا إنْ دَفَعَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَتْهَا نِصْفُهَا لِلْخَمْسِينَ الْمُعَجَّلَةِ وَنِصْفُهَا لِلْخَمْسِينَ الْمُؤَخَّرَةِ. ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ مُؤَجَّلًا فَلِلزَّوْجِ الْبِنَاءُ بِهَا وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا لِدُخُولِهَا عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا وَاتِّبَاعِ ذِمَّةٍ أُخْرَى نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ فَلِسَ الْحَمِيلُ أَوْ مَاتَ عَدِيمًا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ وَقَبْلَهُ فِيهَا فِي مَوْتِهِ، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي عُدْمِهِ لَهَا مَنْعُهُ حَتَّى يُقَبِّضَ مُعَجَّلَهُ أَوْ يُطَلِّقَ. (وَ) حَتَّى (تَأْخُذَ الْحَالَّ) أَصَالَةً دُونَ مَا حَلَّ بَعْدَ الْأَجَلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ وَلَهُ الْبِنَاءُ دُونَ دَفْعِ مُؤَجَّلِهِ وَلَوْ حَلَّ لِدُخُولِهَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لَهُ وَاتِّبَاعِ غَيْرِهِ، كَقَائِلٍ بِعْ فَرَسَك لِفُلَانٍ وَثَمَنُهَا عَلَى السَّنَةِ فَفَلِسَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ قَرِيبًا. (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ إنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا لِأَجْلِ دَفْعِهِ الصَّدَاقَ لَهَا وَاتِّبَاعِهِ الْحَامِلَ بِهِ (التَّرْكُ) لِلنِّكَاحِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ وَلَوْ كَانَ مَلِيًّا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى غُرْمِ شَيْءٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَامِلُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ لِتَصْرِيحِهِ بِالْحَمَالَةِ مُطْلَقًا أَوْ الضَّمَانِ أَوْ الدَّفْعِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ طَلَّقَ غَرِمَ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ. وَإِنْ دَخَلَ غَرِمَ لَهَا جَمِيعَهُ. (وَبَطَلَ) الْحَمْلُ أَيْ الْتِزَامُ عَطِيَّةِ الْمَهْرِ وَصَحَّ النِّكَاحُ (إنْ ضَمِنَ) الْحَامِلُ بِلَفْظِ الْحَمْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 322 فِي مَرَضِهِ عَنْ وَارِثٍ، لَا زَوْجِ ابْنَتِهِ وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ، وَالْحَالُ   [منح الجليل] فِي مَرَضِهِ) أَيْ الْحَامِلِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ (عَنْ) زَوْجٍ (وَارِثٍ) لِلْحَامِلِ ابْنَهُ كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ أَوْ عَطِيَّةٌ لِوَارِثٍ فِي الْمَرَضِ، وَأَمَّا إنْ صَرَّحَ بِالْحَمَالَةِ مُطْلَقًا فِي الْمَرَضِ عَنْ وَارِثٍ أَوْ بِالضَّمَانِ عَنْهُ فِيهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَبْطُلُ، لَا يُقَالُ الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا وَإِنْ بِكَفَالَةٍ. وَقَوْلُهُ فِي الضَّمَانِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا هُوَ مِثْلُهُ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ إذَا تَعَلَّقَا بِوَارِثٍ فِي الْمَرَضِ فَكَفَالَتُهُ صَحِيحَةٌ وَالتَّبَرُّعُ لَهُ بَاطِلٌ (لَا) يَبْطُلُ حَمْلُ الصَّدَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَنْ (زَوْجِ ابْنَتِهِ) أَيْ الْحَامِلِ غَيْرِ الْوَارِثِ لَهُ أَجْنَبِيًّا كَانَ أَوْ قَرِيبًا إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَيَبْطُلُ اتِّفَاقًا، إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ خُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ وَتَرْكِ النِّكَاحِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَالْكَفَاءَةُ) الْمَطْلُوبَةُ فِي النِّكَاحِ لِكَوْنِهَا مَنْشَأً لِدَوَامِ الْمُدَّةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. وَمَعْنَاهَا لُغَةً الْمُمَاثَلَةُ وَالْمُقَارَبَةُ وَخَبَرُ الْكَفَاءَةُ (الدِّينُ) أَيْ الْمُمَاثَلَةُ أَوْ الْمُقَارَبَةُ فِي التَّدَيُّنِ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ لَا فِي مُجَرَّدِ أَصْلِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ وَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا، وَلَيْسَ لَهَا وَلَا لِوَلِيِّهَا تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ فِي الْأَصْلِ وَالرِّضَا بِكَافِرٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَوَانِعِ الْوَلِيِّ كَكُفْرِ الْمُسْلِمَةِ بِالْأَوْلَى. (وَالْحَالُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمُمَاثَلَةُ أَوْ الْمُقَارَبَةُ فِي السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْخِيَارِ لَا الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ، وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ. الْبُنَانِيُّ الصِّفَاتُ الَّتِي تُعْتَبَرُ الْمُكَافَأَةُ فِيهَا سِتَّةٌ نَظَمَهَا الْقَصَّارُ فَقَالَ: شَرْطُ الْكَفَاءَةِ سِتَّةٌ قَدْ حُرِّرَتْ ... يُنْبِيكَ عَنْهَا بَيْتُ شَعْرٍ مُفْرَدِ نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ ... فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْكُلِّ إلَّا الْإِسْلَامَ. ضَيْح فَإِنْ سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِي جَمِيعِ السِّتَّةِ فَلَا خِلَافَ فِي كَفَاءَتِهِ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِيمَا عَدَا الدِّينَ فَانْظُرْهُ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى الدِّينِ وَالْحَالِ لِقَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا فِي الدِّينِ وَالْحَالِ. ضَيْح وَالنَّسَبُ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْحَسَبِ فَلَيْسَ الْمَوْلَى كُفُؤًا لِلْحُرَّةِ أَصَالَةً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 323 وَلَهَا، وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ فَطَلَّقَ امْتِنَاعٌ بِلَا حَادِثٍ   [منح الجليل] وَلَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الْمَخْطُوبَةِ (وَلِلْوَلِيِّ) مَعًا (تَرْكُهَا) أَيْ الْكَفَاءَةِ فِي الدِّينِ وَالرِّضَا بِفَاسِقٍ، وَفِي الْحَالِ وَالرِّضَا بِمَعِيبٍ بِمُوجَبِ الْخِيَارِ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ أَمِنَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَاسِقِ وَإِلَّا رَدَّهُ الْإِمَامُ وَإِنْ رَضِيَتْ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِوُجُوبِ حِفْظِ النَّفْسِ، وَفَاسِقُ الِاعْتِقَادِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ تَفْسِيقِهِ كَفَاسِقِ الْجَارِحَةِ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا أَنْ يُغَيِّرَ اعْتِقَادَهَا إلَى مُعْتَقَدِهِ فَهَلْ يَرُدُّهُ الْحَاكِمُ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ أَنَّهُ عَلَى تَفْسِيقِهِ أَشَدُّ مِنْ فَاسِقِ الْجَارِحَةِ، لِأَنَّهُ يَجُرُّهَا لِمَذْهَبِهِ وَاعْتِقَادِهِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى تَكْفِيرِهِ فَيُفْسَخُ مُطْلَقًا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ نَقَلَهُ الْحَطّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رَحَّالٍ مَنْعَ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلَا لِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِامْتِنَاعِ مُخَالَطَةِ الْفَاسِقِ وَوُجُوبِ هَجْرِهِ شَرْعًا فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا لُزُومُ فَسْخِهِ لِفَسَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ. ثَانِيهَا صِحَّتُهُ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. ثَالِثُهَا لِأَصْبَغَ إنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ رَدَّهُ الْإِمَامُ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ. وَظَاهِرُ الْحَطُّ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ إعَادَةُ ضَمِيرِ تَرْكِهَا لِلْكَفَاءَةِ فِي الْحَالِ فَقَطْ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ لَا خِلَافَ مَنْصُوصٌ أَنَّ تَزْوِيجَ الْأَبِ الْفَاسِقَ لَا يَصِحُّ وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. اهـ. سَلَّمَهُ ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ، وَمَا رَأَيْت لِأَبِي الْحَسَنِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، فَانْظُرْهُ مَعَ نَقْلِ " ز " عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي كَوْنِهَا حَقًّا لِلْوَلِيِّ وَالزَّوْجَةِ أَوْ الزَّوْجَةِ الثَّيِّبِ دُونَ وَلِيِّهَا فَيَصِحُّ إسْقَاطُهَا. ثَالِثُهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَفِي كَوْنِهَا فِي الْمَالِ أَوْ الْمَالِ أَوْ فِيهِمَا، وَفِي الدِّينِ أَوْ فِي الدِّينِ فَقَطْ، خَامِسُهَا فِي النَّسَبِ لَا الْمَالِ ثُمَّ عَزَاهَا لِقَائِلَيْهَا فَانْظُرْهُ. (وَلَيْسَ لِوَلِيٍّ رَضِيَ) بِتَزْوِيجِ وَلِيَّتِهِ غَيْرَ كُفْءٍ وَزَوَّجَهُ إيَّاهَا (فَطَلَّقَ) هَا طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا الَّذِي زَوَّجَهَا لَهُ أَوَّلًا (امْتِنَاعٌ) مِنْ تَزْوِيجِهَا لَهُ ثَانِيًا (بِلَا) عَيْبٍ (حَادِثٍ) فِي الزَّوْجِ بَعْدَ التَّزْوِيجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 324 وَلِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ الْمُوسِرَةَ الْمَرْغُوبَ فِيهَا مِنْ فَقِيرٍ وَرُوِيَتْ بِالنَّفْيِ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ، وَهَلْ وِفَاقٌ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] الْأَوَّلِ مُقْتَضٍ لِلِامْتِنَاعِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ فِي الْكَفَاءَةِ بِرِضَاهُ بِهَا أَوَّلًا، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ عُدَّ عَاضِلًا وَمَفْهُومُ بِلَا حَادِثٍ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِحَادِثٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمُطْلَقٍ. (وَلِلْأُمِّ) لِلزَّوْجَةِ (التَّكَلُّمُ فِي) رَدِّ (تَزْوِيجِ الْأَبِ) ابْنَتَهُمَا (الْمُوسِرَةِ) أَيْ الْغَنِيَّةِ (الْمَرْغُوبِ فِي) تَزْوِيجِ (هَا) لِمَالِهَا وَجَمَالِهَا وَنَسَبِهَا وَحَسَبِهَا (مِنْ) رَجُلٍ (فَقِيرٍ) فِيهَا أَتَتْ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ إلَى مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، فَقَالَتْ إنَّ لِي ابْنَةً فِي حِجْرِي مُوسِرَةً مَرْغُوبًا فِيهَا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ ابْنِ أَخٍ فَقِيرٍ، وَفِي الْأُمَّهَاتِ مُعْدِمٍ لَا مَالَ لَهُ فَتَرَى لِي فِي ذَلِكَ تَكَلُّمًا قَالَ نَعَمْ، إنِّي لَأَرَى لَك تَكَلُّمًا. (وَرُوِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا (بِالنَّفْيِ) أَيْ نَعَمْ لَا أَرَى لَك تَكَلُّمًا فَصَدَّرَ الْإِمَامُ بِنَعَمْ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فَأُورِدَ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ أَنَّهُ تَنَاقُضٌ. فَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى نَعَمْ أُجِيبُك عَنْ سُؤَالِك فَلَا يُنَافِيهِ النَّفْيُ عَقِبَهُ، وَفِي سُؤَالِ الْأُمِّ أُمُورٌ مِنْهَا كَوْنُ التَّزْوِيجِ مِنْ ابْنِ أَخٍ لِلْأَبِ فَقِيرٍ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْفَقْرِ لِأَنَّهُ سَبَبُ تَكَلُّمِهَا، وَلَا نُغَيِّرُ ابْنِ الْأَخِ بِالْأَوْلَى وَمِنْهَا كَوْنُهَا مُطَلَّقَةً، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ يُحْتَمَلُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ مَفْهُومَهُ (ابْنُ الْقَاسِمِ) لَا أَرَى لَهَا تَكَلُّمًا وَأَرَاهُ مَاضِيًا (إلَّا لِضَرَرٍ بَيِّنٍ) بِشَدِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ ظَاهِرٍ فَلَهَا التَّكَلُّمُ. (وَهَلْ) قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وِفَاقٌ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ بِحَمْلِ رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ عَلَى ثُبُوتِ الضَّرَرِ، وَرِوَايَةِ النَّفْيِ عَلَى عَدَمِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَوَفَّقَ أَبُو عِمْرَانَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الِابْتِدَاءِ لَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ، أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ إطْلَاقُ الْكَلَامِ عَلَى رِوَايَةِ الْإِثْبَاتِ، وَإِطْلَاقُ عَدَمِهِ عَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَمْ لَا، وَقَدْ فَصَّلَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ الضَّرَرِ وَعَدَمِهِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْخِلَافُ لِابْنِ حَبِيبٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 325 وَالْمُوَلِّي وَغَيْرُ الشَّرِيفِ، وَالْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ وَفِي الْعَبْدِ تَأْوِيلَانِ: وَحَرُمَ أُصُولُهُ، وَفُصُولُهُ، وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ.   [منح الجليل] وَ) الرَّجُلُ (الْمَوْلَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ أَيْ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ (وَ) الرَّجُلُ (غَيْرُ الشَّرِيفِ) نَسَبًا (وَ) الرَّجُلُ (الْأَقَلُّ جَاهًا كُفْءٌ) لِلْحُرَّةِ أَصَالَةً وَالشَّرِيفَةِ نَسَبًا وَذَاتِ الْجَاهِ الزَّائِدِ. (وَفِي) كَفَاءَةِ (الْعَبْدِ) لِلْحُرَّةِ وَعَدَمِهَا (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِهَا قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ رَضِيَتْ بِعَبْدٍ وَهِيَ ثَيِّبٌ مِنْ الْعَرَبِ وَأَبَى أَبُوهَا أَوْ وَلِيُّهَا تَزْوِيجَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُك مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي فِي الْعَرَبِ وَأَعْظَمَ إعْظَامًا شَدِيدًا لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ عَرَبِيَّةٍ وَمَوْلًى. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَسَحْنُونٌ لَيْسَ الْعَبْدُ كُفْئًا لِلْحُرَّةِ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَسَحْنُونٍ لَيْسَ الْعَبْدُ كُفْئًا لِلْحُرَّةِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ سَعْدُونٍ وَغَيْرُهُ هُوَ وِفَاقٌ. وَفِي ضَيْح عَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِهِ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ بَرِيرَةَ فِي زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ» وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لِنَقْصِهِ عَنْهَا، وَلَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا وَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا كَانَ حُرًّا، وَبِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ وَهِيَ لَا تَعْلَمُ، فَإِنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً وَلِذَا قَالَ ابْنُ رَحَّالٍ الْمَذْهَبُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِكُفْءٍ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ الْمُقَابِلَ، وَذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْجُوحٌ غَايَةِ. (وَحَرُمَ) عَلَى الذَّكَرِ (أُصُولُهُ) الْإِنَاثُ وَإِنْ عَلَيْنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] (وَفُصُولُهُ) الْإِنَاثُ وَإِنْ سَفَلْنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] إنْ كَانَتْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ الْمُسْتَنِدِ لِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ، بَلْ (وَلَوْ خُلِقَتْ) الْفُصُولُ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْ مَائِهِ) الْمُجَرَّدِ عَنْ عَقْدٍ وَشُبْهَتِهِ، فَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْ مَائِهِ بِبِنْتٍ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ، وَعَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا تَحْرُمُ. سَحْنُونٌ هَذَا خَطَأٌ صُرَاحٌ. خَلِيلٌ لَيْسَ بِظَاهِرٍ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُرْمَةِ أُمِّهِ عَلَيْهِ أَنْ تَحْرُمَ عَلَيْهِ بِنْتُهُ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِنْتًا لَوَرِثَتْهُ وَوَرِثَهَا، وَجَازَ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَإِجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مُنْتَفٍ عِنْدَنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 326 وَزَوْجَتُهُمَا، وَفُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ،   [منح الجليل] وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِي تَخْطِئَتِهِ نَظَرٌ لِمَنْ أَنْصَفَ وَكَالْمَخْلُوقَةِ مِنْ مَائِهِ بِنْتُ ذَكَرٍ خُلِقَ مِنْ مَائِهِ عِنْدَهُ مِنْ جَعْلِهِ كَابْنِهِ، وَمِثْلُهَا أَيْضًا مَنْ رَضَعَتْ لَبَنَ امْرَأَةٍ زَنَى بِهَا حَالَ وَطْئِهِ لِأَنَّهَا بِنْتُهُ رَضَاعًا هَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَقَلَهُ فِي ضَيْح. وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ وَكَمَا لَا تَحِلُّ ابْنَتُهُ مِنْ الزِّنَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مَنْ أَرْضَعَتْهَا الْمَزْنِيُّ بِهَا لِأَنَّ لَبَنَهَا لَهُ وَتَحْرُمُ بِنْتُ الزَّانِي عَلَى ذَكَرٍ خُلِقَ مِنْ مَاءِ زِنَاهُ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ، وَتَحْرُمُ الْبِنْتُ الْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ زِنَا الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ زِنَا الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ الْقُرْطُبِيِّ تَرْجِيحُهُ، وَتَجُوزُ الْمَخْلُوقَةُ مِنْ مَاءِ زِنَا الْأَخِ ذَكَرَهُ الْبُحَيْرِيُّ عَلَى الْإِرْشَادِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ تَرْجِيحُهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ أَنَّ مَنْ زَنَى بِحَامِلٍ فَوَلَدَتْ بِنْتًا فَتَجُوزُ لَهُ الْبِنْتُ الَّتِي وَلَدَتْهَا بَعْدَ زِنَاهُ، وَلَكِنْ صَرَّحَ فِي الْقَبَسِ بِحُرْمَتِهَا كَبِنْتِهِ لِسَقْيِهَا بِمَائِهِ. (وَ) حَرُمَ (زَوْجَتُهُمَا) أَيْ الْأُصُولِ الذُّكُورِ، عَلَى الْفُرُوعِ الذُّكُورِ وَزَوْجَةُ الْفُرُوعِ الذُّكُورِ عَلَى الْأُصُولِ الذُّكُورِ، وَكَذَا يَحْرُمُ زَوْجُ الْأُصُولِ الْإِنَاثِ عَلَى الْفُرُوعِ الْإِنَاثِ وَزَوْجُ الْفُرُوعِ الْإِنَاثِ عَلَى الْأُصُولِ الْإِنَاثِ، فَلَوْ حَذَفَ التَّاءَ لَأَفَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ زَوْجُ أَصْلِهَا وَزَوْجُ فَرْعِهَا إذْ الزَّوْجُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالزَّوْجَةُ خَاصَّةٌ بِالْأُنْثَى قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ حَذَفَهَا وَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ لَكَانَ قَوْلُهُ الْآتِي وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ وَبِتَلَذُّذِهِ إلَخْ، تَكْرَارًا مَعَ هَذَا وَأَوْهَمَ كَلَامُهُ هُنَا أَنَّ فُصُولَ الزَّوْجَةِ تَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ. (تَنْبِيهٌ) ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ بِنْتُ زَوْجَةِ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَهُ حِلٌّ لَهُ إجْمَاعًا وَبَعْدَهُ فِي حِلِّهَا وَحُرْمَتِهَا ثَالِثُهَا تُكْرَهُ. اهـ. وَمَحَلُّهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ لَبَنِ أَبِيهِ وَإِلَّا فَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا أُخْتُهُ رَضَاعًا. (و) حَرُمَ عَلَى الشَّخْصِ (فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ) الَّذِي هُوَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَفُصُولُهَا الْإِخْوَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 327 وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ، وَأُصُولُ زَوْجَتِهِ، وَبِتَلَذُّذٍ وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَإِنْ بِنَظَرٍ فُصُولُهَا:   [منح الجليل] وَالْأَخَوَاتُ مُطْلَقًا وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا كَذَلِكَ (وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ) غَيْرِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ لِتَقَدُّمِهِ فِي كَلَامِهِ وَإِنَّ فُصُولَهُ حَرَامٌ وَإِنْ سَفَلُوا، فَالْأَصْلُ الَّذِي يَلِي الْأَصْلَ الْأَوَّلَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْجَدَّةُ الْقُرْبَى وَابْنُ الْأَوَّلِ عَمٌّ أَوْ خَالٌ وَبِنْتُهُ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ وَابْنُ الْجَدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِنْتُهَا كَذَلِكَ. وَأَمَّا فَصْلُ فَصْلِهِمَا كَبِنْتِ الْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْخَالَةِ فَحَلَالٌ. ابْنُ الْفَخَّارِ إنْ تَرَكَّبَ لَفْظُ التَّسْمِيَةِ الْعُرْفِيَّةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَلَّتْ وَإِلَّا حَرُمَتْ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ تَأَمَّلْته فَوَجَدْته كَمَا قَالَ لِأَنَّ أَقْسَامَ هَذَا الضَّابِطِ أَرْبَعَةٌ: التَّرْكِيبُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَابْنِ عَمٍّ وَبِنْتِ عَمٍّ وَعَدَمُهُ مِنْهُمَا كَأَبٍ وَبِنْتٍ، وَالتَّرْكِيبُ مِنْ قِبَلِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَبِنْتِ أَخٍ وَعَمِّهَا وَابْنِ أُخْتٍ وَخَالَتِهِ اهـ. (وَ) حَرُمَ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ (أُصُولُ زَوْجَتِهِ) أَيْ أُمَّهَاتُهَا وَإِنْ عَلَيْنَ مِمَّنْ لَهَا عَلَيْهَا وِلَادَةٌ مُبَاشَرَةٌ أَوْ بِوَاسِطَةٍ مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] (وَ) حَرُمَ عَلَى الزَّوْجِ (بِ) سَبَبِ (تَلَذُّذِهِ) أَيْ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِي حَيَاتِهَا بَلْ (وَإِنْ) تَلَذَّذَ بِهَا (بَعْدَ مَوْتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بِوَطْءٍ، بَلْ (وَلَوْ بِنَظَرٍ فُصُولُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْ بَنَاتُهَا وَإِنْ سَفُلْنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنَّ فِي حِجْرِهِ وقَوْله تَعَالَى {اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَلَا تَحْرُمُ فُصُولُ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ أُصُولِهَا، وَالسِّرُّ فِي هَذَا أَنَّ حُبَّ الْأُمِّ بِنْتَهَا أَشَدُّ مِنْ حُبِّ الْبِنْتِ أُمَّهَا، وَأَنَّ مَيْلَ الْأُمِّ إلَى الزَّوْجِ ضَعِيفٌ، وَمَيْلُ الْبِنْتِ إلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَا تَبْغُضُ الْأُمُّ بِنْتَهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَتَبْغُضُ الْبِنْتُ أُمَّهَا بِمُجَرَّدِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحُرْمَةُ بِالتَّلَذُّذِ وَلَوْ بِلَا قَصْدٍ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ وَسَلَّمَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَأَفَادَ قُوَّتَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَوَجَدَهَا وَلَوْ بِنَظَرٍ حَرُمَتْ الْبِنْتُ وَإِنْ قَصَدَهَا فَقَطْ فَقَوْلَانِ أَقْوَاهُمَا فِي الثَّانِي التَّحْرِيمُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَاطِنِ الْجَسَدِ وَظَاهِرِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ إنْ كَانَ التَّلَذُّذُ بِغَيْرِ النَّظَرِ، فَإِنْ كَانَ بِهِ فَشَرْطُ كَوْنِهِ بِبَاطِنِ الْجَسَدِ. ابْنُ شَاسٍ وَفِي مَعْنَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 328 كَالْمِلْكِ. وَحَرَّمَ الْعَقْدُ وَإِنْ فَسَدَ إنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَوَطْؤُهُ   [منح الجليل] الْوَطْءِ مُقَدِّمَاتُهُ مِنْ نَحْوِ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ إذَا كَانَتْ لِلَذَّةٍ، وَكَذَا النَّظَرُ إلَى بَاطِنِ الْجَسَدِ بِشَهْوَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ابْنُ بَشِيرٍ النَّظَرُ إلَى الْوَجْهِ لَغْوٌ اتِّفَاقًا وَلِغَيْرِهِ يُحَرِّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَشَبَّهَ فِي التَّحْرِيمِ فَقَالَ (كَ) التَّلَذُّذِ بِأَمَةٍ بِ (الْمِلْكِ) وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَوْ بِالنَّظَرِ لِبَاطِنِ جَسَدِهَا فَيَحْرُمُ أُصُولُهَا وَفُصُولُهَا، وَيُحَرِّمُهَا عَلَى أُصُولِ سَيِّدِهَا وَفُصُولِهِ، وَعَقْدُ الْمِلْكِ لَا يُحَرِّمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَنَّ هَذَا لَا يُرَادُ إلَّا لِلْوَطْءِ فَقَامَ عَقْدُهُ مَقَامَ الْوَطْءِ. وَأَمَّا عَقْدُ الْمِلْكِ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الْوَطْءِ كَالْخِدْمَةِ، وَلِذَا يَجُوزُ فِيمَنْ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا كَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَمِثْلُ الْمِلْكِ شُبْهَتُهُ وَشَرْطُ انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ بِتَلَذُّذِ الْمِلْكِ بُلُوغُ الْمَالِكِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي لَغْوِ وَطْءِ الصَّغِيرِ وَإِيجَابِ قُبْلَتِهِ وَمُبَاشَرَتِهِ الْحُرْمَةُ إنْ بَلَغَ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِالْجَارِيَةِ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. (وَحَرَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْعَقْدُ) أَيْ لِلنِّكَاحِ عَلَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فِي التَّهْذِيبِ فَإِنْ فَسَخَ السَّيِّدُ نِكَاحَ عَبْدِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَحِلُّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا ثُمَّ قَالَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ الْمَالِكَ لِأَمْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ غَائِبٌ فَرَدَّ ذَلِكَ الِابْنُ، قَالَ لَا يَنْبَغِي لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَإِنْ زَوَّجَ أَجْنَبِيًّا غَائِبًا فَأَجَازَ إذَا بَلَغَهُ لَمْ يَجُزْ إنْ طَالَ ذَلِكَ، وَلَا يَتَزَوَّجُهَا آبَاؤُهُ وَلَا أَبْنَاؤُهُ وَلَا يَنْكِحُ هُوَ أُمَّهَا وَيَنْكِحُ بِنْتَهَا إنْ لَمْ يَبْنِ بِالْأُمِّ اهـ. وَعِبَارَةُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَتَقَعُ الْحُرْمَةُ بِنِكَاحِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ثُمَّ يَفْسَخُهُ السَّيِّدُ أَوْ غَائِبٍ زُوِّجَ فَرَضِيَ بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ فَفَسَخَ، قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَمْ يَرْضَ فَفَسَخَ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ أَوْ ابْنٌ كَبِيرٌ بَائِنٌ مِنْهُ إنْ صَحَّ. بَلْ (وَإِنْ فَسَدَ) الْعَقْدُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا فَسَادَهُ كَمُحْرِمٍ وَشِغَارٍ وَإِنْكَاحِ عَبْدٍ وَمَرْأَةٍ فَعَقْدُهُ يَنْشُرُ الْمُصَاهَرَةَ كَمَا يَنْشُرُهَا الصَّحِيحُ اتِّفَاقًا (إنْ لَمْ يُجْمَعْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْفَسَادِ وَمِثْلُ عَقْدِ النِّكَاحِ عَقْدُ الْبَيْعِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ الْمُخْتَلَفِ فِي فَسَادِهِ فَيُحَرِّمُ تَلَذُّذُهُ وَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فَيُحَرِّمُ وَطْؤُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَإِلَّا فَلَا يُحَرِّمُ، وَالْمُقَدِّمَاتُ كَالْوَطْءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى فَسَادِهِ (فَوَطْؤُهُ) يُحَرِّمُ وَكَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 329 إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَفِي الزِّنَا: خِلَافٌ وَإِنْ حَاوَلَ تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ فَتَلَذَّذَ بِابْنَتِهَا فَتَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] مُقَدِّمَاتُهُ (إنْ دَرَأَ) أَيْ دَفَعَ الْفَاسِدُ (الْحَدَّ) عَنْ الْوَاطِئِ كَنِكَاحِ مُعْتَدَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ غَيْرِ عَالِمٍ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا حُدَّ فِي ذَاتِ الْمُحْرِمِ وَالرَّضَاعِ، وَفِي حَدِّهِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ قَوْلَانِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ يَدْرَأْ الْحَدَّ فَلَا يَنْشُرُ وَطْؤُهُ الْحُرْمَةَ لِشُبْهَةِ الزِّنَا. (وَفِي) نَشْرِ الْحُرْمَةِ بِوَطْءِ (الزِّنَا) وَعَدَمِهِ فَلِلزَّانِي تَزَوُّجُ بِنْتِهَا أَوْ أُمِّهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ تَزَوُّجُهَا (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مُشْهَرَانِ، وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَنْشُرُ الْكَرَاهَةَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ نَاجِي اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي وَطْءِ الزِّنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقِيلَ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّأِ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ يَنْشُرُهَا كَالصَّحِيحِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ.، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَمَّا فِي الْمُوَطَّإِ وَأَفْتَى بِهِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقِيلَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ مَحَوْت مَا فِي الْمُوَطَّإِ، قَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَنْشُرُ الْكَرَاهَةَ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَتَأَوَّلَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى الْحُرْمَةِ. عِيَاضٌ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْكَرَاهَةِ. أَبُو عُمَرَ فِي الْكَافِي عَدَمُ التَّحْرِيمِ هُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ حَاوَلَ) أَيْ أَرَادَ الزَّوْجُ (تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ وَطْءٍ فِي ظَلَامٍ مَثَلًا ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ (فَ) فِي تَأْيِيدِ حُرْمَةِ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِرَاقُهَا وَعَدَمُهُ (تَرَدُّدٌ) لِلْأَشْيَاخِ فَذَهَبَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي جَمَاعَةٍ إلَى أَنَّهُ يُفَارِقُهَا لِنَشْرِهِ الْحُرْمَةَ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وُجُوبًا، وَنَزَلَتْ بِابْنِ التَّبَّانِ فَفَارَقَ زَوْجَتَهُ، وَذَهَبَ الْقَابِسِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ إلَى أَنَّهُ يُفَارِقُهَا اسْتِحْبَابًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَأَلَّفَ فِيهَا تَأْلِيفًا، وَأَلَّفَ الْمَازِرِيُّ فِيهَا كَشْفَ الْغِطَاءِ عَنْ لَمْسِ الْخَطَأِ قَالَهُ تت. عب مُسْتَوْفَى تَلَذُّذِهِ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ وَأَمَّا بِهِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ حُرْمَةُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَرْجِيحُ تَحْرِيمِهَا فِي التَّلَذُّذِ بِغَيْرِهِ أَيْضًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 330 وَإِنْ قَالَ أَبٌ نَكَحْتُهَا أَوْ وَطِئْتُ الْأَمَةَ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ: نُدِبَ التَّنَزُّهُ، وَفِي وُجُوبِهِ إنْ فَشَا:   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ مِثْلُ هَذَا تت و " س " وعج وَالصَّوَابُ أَنَّهُ فِي التَّلَذُّذِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا إذْ لَا يُقَالُ فِي الْوَطْءِ الْتَذَّ. وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ فَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ بِالِاشْتِبَاهِ بِلَا عَقْدِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكٍ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ مَدَّ يَدَهُ إلَى زَوْجَتِهِ فِي لَيْلٍ فَوَقَعَتْ عَلَى ابْنَتِهِ مِنْهَا فَوَطِئَهَا غَلَطًا فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ. وَفَرَّعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ فَرْعًا اخْتَلَفُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا حَتَّى أَلَّفَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَهُوَ إذَا حَاوَلَ وَطْءَ زَوْجَتِهِ أَوْ التَّلَذُّذَ بِهَا فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهِ مِنْهَا فَالْتَذَّ بِهَا. اهـ. وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ وَطِئَ بِاشْتِبَاهٍ حَرَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَلَوْ حَاوَلَ التَّلَذُّذَ بِزَوْجَتِهِ فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهَا فَالْتَذَّ فَجُمْهُورُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَاخْتَارَ الْمَازِرِيُّ خِلَافَهُ اهـ، وَنَحْوُهُ لِلْفَاكِهَانِيِّ. طفي فَهَذِهِ النُّقُولُ كَمَا تَرَى مُتَضَافِرَةٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْوَطْءِ وَالْأَوْلَى ذِكْرُهَا وَتَفْرِيعَ مَسْأَلَةِ التَّلَذُّذِ عَلَيْهَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِنَصِّ الْجَوَاهِرِ ظَهَرَ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ يَتَرَدَّدُ عَلَى اصْطِلَاحِهِ. وَسَقَطَ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ وَهُمْ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَالتَّرَدُّدُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاللِّوَاطُ بِابْنِ الزَّوْجَةِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ يَنْشُرُهَا. (وَإِنْ قَالَ أَبٌ) عِنْدَ قَصْدِ ابْنِهِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ كُنْتُ (نَكَحْتُهَا) أَيْ عَقَدْتُ عَلَيْهَا (أَوْ) قَالَ أَبٌ كُنْت (وَطِئْت الْأَمَةَ) الَّتِي أَرَادَ ابْنُهُ وَطْأَهَا بِالْمِلْكِ أَوْ تَلَذَّذْتُ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ (عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ) أَيْ نِكَاحَ الْمَرْأَةِ وَالتَّلَذُّذَ بِالْأَمَةِ بِالْمِلْكِ (وَأَنْكَرَ) الِابْنُ مَا قَالَهُ الْأَبُ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلِابْنِ (التَّنَزُّهُ) عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَالتَّلَذُّذِ بِالْأَمَةِ وَلَا يَجِبُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ صِدْقَ أَبِيهِ. (وَفِي وُجُوبِهِ) أَيْ التَّنَزُّهِ (إنْ فَشَا) قَوْلُ الْأَبِ بِتَكْرَارِهِ فِيهِمَا، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 تَأْوِيلَانِ وَجَمْعُ خَمْسٍ، وَلِلْعَبْدِ: الرَّابِعَةُ أَوْ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةَ ذَكَرًا حَرُمَ كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ.   [منح الجليل] وَيُفْسَخُ عَقْدُ الِابْنِ إنْ وَقَعَ وَعَدَمُ وُجُوبِهِ لَكِنْ يَتَأَكَّدُ نَدْبُهُ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعِيَاضٍ وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ، وَظَاهِرُهُمَا أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ لِقَوْلِ الْأَمَةِ وَإِنْ مَلَكَ ابْنٌ أَمَةً بَعْدَ مِلْكِهَا أَبُوهُ أَوْ عَكْسُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا هَلْ تَلَذَّذَ بِهَا الْمُتَقَدِّمُ أَمْ لَا، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ لَهُ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْعِلِّيَّةِ قَالَ وَيُنْدَبُ فِي الْوَخْشِ أَنْ لَا يُصِيبَ. (وَ) حَرُمَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ (جَمْعُ خَمْسٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ فِي عِصْمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِعَقْدٍ (وَ) تَجُوزُ (لِلْعَبْدِ) الزَّوْجَةُ (الرَّابِعَةُ) هَذَا مُرَادُهُ لَا مَا يُوهِمُهُ الْعَطْفُ مِنْ الْحُرْمَةِ فَهِيَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ، وَسَاوَى الْعَبْدُ الْحُرَّ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقُ مِنْ الْحُدُودِ فَلَمْ يُسَاوِهْ فِيهِ (أَوْ) جَمْعُ (ثِنْتَيْنِ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (لَوْ قُدِّرَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ فُرِضَتْ (أَيَّةٌ) بِشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ وَاحِدَةٌ مُبْهَمَةٌ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقْدِيرِهِمَا مَعًا. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهَا هُنَا مَوْصُولَةٌ حُذِفَ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ وَصِلَتُهَا وَالتَّقْدِيرُ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّتُهُمَا أَرَدْت إلَخْ، أَيْ لَوْ قُدِّرَتْ الَّتِي أَرَدْت مِنْهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (ذَكَرًا حَرُمَ) وَطْؤُهُ الْأُخْرَى فَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا فَيُبَاحُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَالِكَةُ ذَكَرًا جَازَ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ وَالْمَرْأَةُ بِنْتُ زَوْجِهَا أَوْ أُمُّهُ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا فَلَا يُمْتَنَعُ وَطْؤُهَا أُمَّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتَهُ لِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَصَيْرُورَتِهَا أُمَّ أَوْ بِنْتَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. وَنَظَمَ عج مَنْ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا مِمَّنْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ مَنْعُهُ فَقَالَ: وَجَمْعُ مَرْأَةٍ وَأُمِّ الْبَعْلِ ... أَوْ بِنْتِهِ أَوْ رِقِّهَا ذُو حِلٍّ فَضَابِطُ امْتِنَاعِ الْجَمْعِ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ. وَشَبَّهَ فِي حُرْمَةِ الْجَمْعِ فَقَالَ (كَوَطْئِهِمَا) أَيْ الثِّنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّتُهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ وَطْءُ الْأُخْرَى (بِالْمِلْكِ) فَيَحْرُمُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] وَآيَةِ {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] مُخَصَّصَةٌ بِآيَةِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَخْ، وَهَذِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صَدَّقَتْ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ   [منح الجليل] لَمْ تُخَصَّصْ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِلْأَحْكَامِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ كَوَطْئِهِمَا بِحِلٍّ جَمْعُهُمَا بِالْمِلْكِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا لَهَا وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا (فُسِخَ) بِلَا طَلَاقٍ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نِكَاحُ) زَوْجَةٍ (ثَانِيَةٍ صَدَّقَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الثَّانِيَةُ عَلَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ بِبَيِّنَةٍ بِالْأُولَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْ الثَّانِيَةُ عَلَى أَنَّهَا ثَانِيَةٌ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي، وَلَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهَا ثَانِيَةً بِبَيِّنَةٍ، فُسِخَ نِكَاحُهَا بِطَلَاقٍ وَ (حَلَفَ) الزَّوْجُ عَلَى أَنَّهَا الثَّانِيَةُ (لِ) لِإِسْقَاطِ نِصْفِ (الْمَهْرِ) عَنْهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَا يَحْلِفُ، وَتُكْمِلُ عَلَيْهِ الْمَهْرَ بِالدُّخُولِ وَيُفَارِقُهَا وَيَبْقَى عَلَى الْأُولَى بِدَعْوَاهُ بِدُونِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهَا الْأُولَى عِنْدَ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَظَاهِرُهُ حَلَفَ لِلْأُخْرَى أَمْ لَا، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَهُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ، وَبَعْدَ حَلِفِهَا إنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَدَمِ قَبُولِ تَعْيِينِ الْمَرْأَةِ الْأَوَّلَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيَّيْنِ عَدَمُ قَبُولِهِ، وَفَرَّقَ ابْنُ بَشِيرٍ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ تُتَّهَمُ. الثَّانِي أَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ وَابْتِدَائِهِ وَرَدِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ خَوْفِ عَدَمِ إصَابَتِهِ مَنْ يُرِيدُ نِكَاحَهَا مِنْهُمَا بَعْدَ الْفَسْخِ، وَبِأَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى الْفَسْخِ بَعْدَ تَعْيِينِهَا فَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ جَهْلَ الْأُولَى مِنْهُمَا فَارَقَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ صَدَاقِهَا لِأَنَّ لَهُمَا نِصْفَ صَدَاقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَلِكُلٍّ مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةٍ. الْحَاصِلُ مِنْ قَسْمِ النِّصْفِ عَلَيْهِمَا إنْ ادَّعَتْ كِلْتَاهُمَا الْجَهْلَ مِثْلَهُ، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا إنْ حَلَفَتْ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَتْ مِنْهُمَا عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَقَالَتْ الْأُخْرَى لَمْ أَدْرِ حَلَفَتْ الْمُدَّعِيَةُ وَأَخَذَتْ نِصْفَ مَهْرِهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلِكُلٍّ رُبْعُ مَهْرِهَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَكَمَا إذَا قِيَمَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 بِلَا طَلَاقٍ: كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ، وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا إنْ دَخَلَ وَلَا إرْثَ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا،   [منح الجليل] وَتَجَاهَلَ، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى حَلَفَتْ وَأَخَذَتْ جَمِيعَ صَدَاقِهَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا. وَمَنْ نَكَلَتْ لَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا الْأَوَّلِيَّةَ وَقَالَتْ الْأُخْرَى لَا أَدْرِي حَلَفَتْ مُدَّعِيَةُ الْأَوَّلِيَّةِ وَاسْتَحَقَّتْ الْمِيرَاثَ وَالصَّدَاقَ، فَإِنْ نَكَلَتْ قُسِمَا بَيْنَهُمَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا إلَخْ هَذَا خِلَافُ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ فَالْإِرْثُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَالْجَارِي عَلَيْهَا أَنْ يَكُونَ هُنَا فِي الْحَيَاةِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعَ صَدَاقِهَا وَهُمَا قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ لِجَهْلِ أُولَاهُمَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ مَهْرِهَا وَفِي مَوْتِهِ كُلُّهُ، وَالْإِرْثُ بَيْنَهُمَا. وَقِيلَ نِصْفٌ فِي حَيَاتِهِ وَصَدَاقٌ فِي مَوْتِهِ يَقْتَسِمَانِهِ وَتَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدَةٍ لِلْأُخْرَى وَإِنْ نَكَلَتْ إحْدَاهُمَا فَالصَّدَاقُ لِلْحَالِفَةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي ضَيْح وَمَشَى الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ نِصْفَ مَهْرِهَا. (بِلَا طَلَاقٍ) صِلَةُ فُسِخَ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ وَأَخَّرَهُ لِيُشْبِهَ فِيهِ قَوْلَهُ (كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا) تَزَوَّجَهُمَا (بِعَقْدٍ) وَاحِدَةٍ فَيُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ كَتَزَوُّجِ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ (وَتَأَبَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (تَحْرِيمُهُمَا) أَيْ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا عَلَى مَنْ تَزَوَّجَهُمَا (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهِمَا جَاهِلًا بِأَنَّهُمَا أُمٌّ وَبِنْتُهَا أَوْ عَالِمًا بِهَذَا وَدَرَأَ الْحَدَّ بِجَهْلِهِ التَّحْرِيمَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْكُفْرِ، وَإِلَّا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي وَطْءِ الزِّنَا وَعَلَيْهِ صَدَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِبْرَاءُ كَعِدَّتِهَا (وَلَا إرْثَ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ مَاتَ وَلَوْ قَبْلَ الْفَسْخِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ. (وَإِنْ تَرَتَّبَتَا) أَيْ الْأُمُّ وَبِنْتُهَا فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِأَنْ عَقَدَ عَلَى بِنْتٍ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُمِّهَا أَوْ بِالْعَكْسِ شَرْطٌ حُذِفَ جَوَابُهُ، أَيْ فَكَذَلِكَ فِي الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدُ حُرْمَتِهِمَا إنْ دَخَلَ بِهِمَا وَلُزُومُ الصَّدَاقِ وَعَدَمُ الْمِيرَاثِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ مُبَالَغَةً فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ جَمَعَهُمَا بِعَقْدٍ، وَهَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 334 وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ: حَلَّتْ الْأُمُّ،   [منح الجليل] بِعَقْدَيْنِ فَلَوْ قَالَ كَأَنْ تَرَتَّبَتَا لَكَانَ أَحْسَنَ. (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْ أُمٍّ وَبِنْتِهَا الْمَجْمُوعَتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فُسِخَ النِّكَاحُ فِيهِمَا بِلَا طَلَاقٍ وَ (حَلَّتْ الْأُمُّ) لِلزَّوْجِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، وَلَا يُحَرِّمُ عَقْدُهُ عَلَى الْبِنْتِ الْأُمَّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُحَرِّمُ الْأُمَّ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الصَّحِيحِ وَإِذَا حَلَّتْ الْأُمُّ فَالْبِنْتُ أَوْلَى لِأَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ عَلَى الْأُمِّ لَا يُحَرِّمُ الْبِنْتَ، فَالْفَاسِدُ أَوْلَى، وَسَكَتَ عَنْ دُخُولِهِ بِوَاحِدَةٍ وَقَدْ جَمَعَهُمَا بِعَقْدٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَتَحِلُّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أُمًّا أَوْ بِنْتًا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فَذَكَرَ حُكْمَ دُخُولِهِ بِهِمَا وَسَكَتَ عَنْ دُخُولِهِ بِإِحْدَاهُمَا وَعَدَمِ دُخُولِهِ بِوَاحِدَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَيَبْقَى عَلَى الْأُولَى أُمًّا أَوْ بِنْتًا. وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا إنْ كَانَتْ أُمًّا فَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا فَلَهُ أَخْذُهَا بَعْدَ طَلَاقِ أُمِّهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى ثَبَتَ نِكَاحُهَا بِنْتًا أَوْ أُمًّا فُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا. وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَحَرُمَتْ الْأُولَى بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ. وَكَذَا الثَّانِيَةُ إنْ كَانَتْ أُمًّا لِعَقْدِهِ عَلَى بِنْتِهَا عَقْدًا صَحِيحًا لَا إنْ كَانَتْ بِنْتًا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَالْحَطُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْحَطُّ لِعِلْمِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَدُخُولِهِ بِإِحْدَاهُمَا وَجُهِلَتْ وَهُمَا بِعَقْدَيْنِ وَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ فِي تَعْيِينِهَا لِغُرْمِهِ. فَإِنْ جَهِلَ فَلَهَا أَقَلُّ الْمَهْرَيْنِ كَمَوْتِهِ بِلَا تَعْيِينٍ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ قَالَهُ عج. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِعِلْمِ الْأُولَى إلَى وَالظَّاهِرُ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ فِيهَا عَلَى نَصٍّ، وَالْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ بَنَى بِوَاحِدَةٍ وَجُهِلَتْ وَادَّعَتَاهَا صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي تَعْيِينِهَا لِغُرْمِ مَهْرِهَا، فَإِنْ مَاتَ دُونَ تَعْيِينٍ فَأَقَلُّ الْمَهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا وَلَا إرْثَ فِي الْجَمِيعِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَوْضُوعِ جَمْعِهِمَا بِعَقْدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَهُ أَنَّ تَرَتُّبَهُمَا كَذَلِكَ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَا إذَا تَرَتَّبَتَا. وَالْوَجْهُ السَّادِسُ وَهُوَ أَنْ لَا يَعْثُرَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غَيْرِ مَعْرُوفَةٍ وَالْأُولَى مَعْرُوفَةٌ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَحِلُّ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَبَدًا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 335 وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ، وَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا: كَأَنْ لَمْ تُعْلَمْ الْخَامِسَةُ.   [منح الجليل] الَّتِي دَخَلَ بِهَا مِنْهُمَا وَيُعْطِيهَا صَدَاقَهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَاسْتَحَقَّتْ جَمِيعَ صَدَاقِهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَقَالَ سَحْنُونٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ صَدَاقِهَا. وَالْقِيَاسُ أَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مُهُورِهِمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، وَتَعْتَدُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ بَيْنَهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَلَا شَيْءَ لَهُمَا مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا إنْ كَانَتْ هِيَ الْأَخِيرَةَ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِيرَاثٌ وَلَا يَجِبُ مِيرَاثٌ إلَّا بِيَقِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَرْتَبَتَيْنِ وَمَاتَ وَلَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ وَ (لَمْ تُعْلَمْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (السَّابِقَةُ) مِنْهُمَا (فَالْإِرْثُ) بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ سَبَبِهِ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ مُسْتَحَقِّهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ صَدَاقِهَا) تَسَاوَى الصَّدَاقَانِ أَوْ اخْتَلَفَا لِأَنَّ الْمَوْتَ كَمَّلَهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا تَدَّعِيهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا. وَشَبَّهَ فِي الْإِرْثِ وَالصَّدَاقِ فِي الْجُمْلَةِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ تَزَوَّجَ خَمْسَ نِسْوَةٍ فِي خَمْسَةِ عُقُودٍ مُتَعَاقِبَةٍ، وَأَرْبَعَةً بِعَقْدٍ وَالْخَامِسَةُ بِعَقْدٍ وَ (لَمْ تُعْلَمْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ اللَّامِ الزَّوْجَةُ (الْخَامِسَةُ) وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، لَكِنْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَلَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ يَقْتَسِمْنَهَا عَلَى قَدْرِ أَصْدِقَتِهِنَّ فَلِكُلِّ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ صَدَاقُهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِالْجَمِيعِ فَخَمْسَةُ أَصْدِقَةٍ، وَبِأَرْبَعٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ، وَلِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا لِأَنَّهَا تَدَّعِي أَنَّهَا غَيْرُ الْخَامِسَةِ وَأَنَّهَا إحْدَى الْأَرْبَعِ، وَيَدَّعِي الْوَارِثُ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ فَلَا صَدَاقَ لَهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا صَدَاقُهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ فَلِلْمَدْخُولِ بِهِنَّ أَصْدِقَتُهُنَّ وَلِلْبَاقِيَتَيْنِ صَدَاقٌ وَنِصْفٌ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا رَابِعَةٌ قَطْعًا. وَيُنَازِعُ الْوَارِثُ فِي الْأُخْرَى فَيُقْسَمُ الصَّدَاقُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ فَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ صَدَاقَانِ وَنِصْفٌ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 336 وَحَلَّتْ الْأُخْتُ: بِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ،   [منح الجليل] وَبِوَاحِدَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ غَيْرِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ إلَخْ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الْخَامِسَةُ وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَارٍ عَلَيْهِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ إنَّمَا هُوَ قِسْمَةُ الْمُحَقَّقِ وُجُوبُهُ وَهُوَ صَدَاقٌ وَاحِدٌ فِي الْأُولَى يُقْسَمُ عَلَى امْرَأَتَيْنِ فَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَالْمُحَقَّقُ وُجُوبُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ تُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةٍ، هَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ ضَيْح وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ وَبِوَاحِدَةٍ فَلِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ الصَّوَابُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ صَدَاقِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ بَنَى بِبَعْضِهِنَّ فَلِمَنْ بَنَى بِهَا مَهْرُهَا، وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ لِلْأُخْرَى نِصْفُ مَهْرِهَا أَوْ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، ثَالِثُهَا جَمِيعُ مَا يَجِبُ إلَّا نِصْفُ مَهْرٍ لِابْنِ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَعَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِهَا أَوْ اثْنَتَيْنِ مَهْرٌ وَنِصْفٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا أَوْ ثَلَاثَةٌ مَهْرَانِ وَنِصْفٌ لِكُلٍّ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ وَلِأَرْبَعٍ ثَلَاثَةُ أَمْهُرٍ وَنِصْفٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ سَبْعَةُ أَثْمَانِهِ اهـ. (وَ) مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَرَادَ وَطْءَ مَنْ يَحْرُمُ جَمَعَهَا مَعًا بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ (حَلَّتْ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ جَازَ لَهُ (الْأُخْتُ) وَنَحْوُهَا الَّتِي أَرَادَ وَطْأَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ (بِ) سَبَبِ (بَيْنُونَةِ) الْمَرْأَةِ (السَّابِقَةِ) فِي نِكَاحِهِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ بِالْأَقْرَاءِ وَادَّعَتْ تَأَخُّرَ حَيْضِهَا فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا إلَى تَمَامِ سَنَةٍ، فَإِنْ ادَّعَتْ بَعْدَهَا حَرَكَةَ حَمْلٍ فَيَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، فَإِنْ صَدَّقْنَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ الْأُخْرَى حَتَّى تَضَعَهُ وَإِلَّا حَلَّتْ أَحْمَدُ لَوْ قَالَ وَحَلَّ كَالْأُخْتِ لَشَمِلَ كُلَّ مَنْ مُنِعَ جَمْعُهَا مَعَهَا وَمَفْهُومُ بَيْنُونَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُحِلُّ كَالْأُخْتِ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ التَّرَبُّصُ إلَى انْتِهَاءِ عِدَّتِهِ. وَهَلْ يُسَمَّى مُعْتَدًّا قِيلَ نَعَمْ، وَعَلَيْهَا فَهَذِهِ إحْدَى ثَلَاثٍ يَعْتَدُّ فِيهَا الزَّوْجُ. وَالثَّانِيَةُ مَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رَابِعَةً بَدَلَهَا فَيَتَرَبَّصُ حَتَّى تَخْرُجَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ عِدَّتِهَا، وَالثَّالِثَةُ مَنْ مَاتَ رَبِيبُهُ وَادَّعَى حَمْلَ زَوْجَتِهِ لِيَرِثَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 337 أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ بِعِتْقٍ وَإِنْ لِأَجَلٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ إنْكَاحٍ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ،   [منح الجليل] أَخَاهُ لِأُمِّهِ فَيَجْتَنِبُهَا حَتَّى يَظْهَرَ حَمْلُهَا أَوْ تَحِيضَ، وَلَا يُقَالُ قَدْ يَجْتَنِبُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافِهِ أَوْ إيلَاءٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ تَجَنُّبُهَا لِغَيْرِ مَعْنًى طَرَأَ عَلَى بُضْعِهَا أَوْ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَا. (أَوْ زَوَالِ مِلْكٍ) عَنْ السَّابِقَةِ (بِعِتْقٍ) لَهَا نَاجِزٍ بَلْ (وَإِنْ لِأَجَلٍ) فَتَحِلُّ بِهِ الثَّانِيَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتًا وَلَا أُمًّا بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِيهِمَا وَيُؤْخَذُ مَنْعُ وَطْءِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرِّسَالَةِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ فَإِنْ وَطِئَهَا وَحَمَلَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَنُجِّزَ عِتْقُهَا لِأَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا يُنَجَّزُ عِتْقُهَا، وَقِيلَ لَا يُعَجَّلُ لِبَقَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَهُ إنْ جُرِحَتْ وَقِيمَتُهَا إنْ قُتِلَتْ. وَمِثْلُ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ عِتْقُ الْبَعْضِ لِتَحْرِيمِهِ الْوَطْءَ. (أَوْ كِتَابَةٍ) عُطِفَ عَلَى بَيْنُونَةٍ أَوْ زَوَالٍ لَا عَلَى عِتْقٍ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يَزُولُ بِهَا الْمِلْكُ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَلَا تَحْرُمُ الْأُخْرَى كَرُجُوعِ مَبِيعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ طَلَاقِ مُزَوَّجَةٍ أَوْ مَسْبِيَّةٍ أَوْ آبِقَةٍ، إذْ يَكْفِي حُصُولُ التَّحْرِيمِ ابْتِدَاءً فَلَا يَضُرُّ زَوَالُهُ بِعَجْزٍ أَوْ تَأَيُّمٍ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الرَّاجِعَةُ الْمَذْكُورَةُ مَا دَامَ يَطَأُ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا. (أَوْ إنْكَاحٍ) أَيْ تَزْوِيجِ السَّابِقَةِ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ لِغَيْرِهِ (يُحِلُّ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ يُجَوِّزُ وَطْؤُهُ (الْمَبْتُوتَةَ) لِبَاتِّهَا بِأَنْ يَكُون عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا أَوْ فَاسِدًا مَضَى بِالدُّخُولِ أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ. وَأُجِيزَ كَنِكَاحِ عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ بِغَيْرِ إذْنٍ أَوْ مَعِيبٍ بِمُوجِبِ خِيَارٍ. وَاعْتَرَضَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ، بِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ غَيْرُ كَافٍ هُنَا وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ فَمُرَادُهُ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ، وَتَبِعَهُ الْبِسَاطِيُّ. وَأَجَابَ " غ " بِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ نِكَاحِ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ الصَّالِحِ لَأَنْ يُرَادَ بِهِ الدُّخُولُ إلَى إنْكَاحِ الرُّبَاعِيِّ الَّذِي لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ بِهِ إلَّا الْعَقْدُ دَلِيلُ إرَادَتِهِ فَقَطْ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ وَصْفَهُ بِقَوْلِهِ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ يُبْعِدُ هَذَا أَوْ يَمْنَعُهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يُحِلُّ وَطْؤُهُ لِكَوْنِهِ لَازِمًا وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ، أَوْ شَأْنُهُ أَنَّهُ يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ لَوْ وَطِئَ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا الْجَوَابُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَقْدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 338 أَوْ أَسْرٍ، أَوْ إبَاقِ إيَاسٍ، أَوْ بَيْعٍ دَلَّسَ فِيهِ، لَا فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ،   [منح الجليل] الْفَاسِدَ يُحِلُّ الثَّانِيَةَ بِمُجَرَّدِهِ إذَا كَانَ يَمْضِي بِالدُّخُولِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَقْدٌ يُحِلُّ وَطْؤُهُ الْمَبْتُوتَةَ. (أَوْ أَسْرٍ) لِلسَّابِقَةِ (أَوْ إبَاقِ) السَّابِقَةِ إبَاقَ (إيَاسٍ) مِنْ رُجُوعِهَا إنْ كَانَ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْأَسْرَ بِالْإِيَاسِ لِأَنَّهُ مَظِنَّتُهُ، فَإِنْ كَانَ وَطِئَ السَّابِقَةَ بِنِكَاحٍ وَأُسِرَتْ أَوْ أَبَقَتْ إبَاقَ إيَاسٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا إلَّا إنْ طَلَّقَ السَّابِقَةَ طَلَاقًا بَائِنًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَإِنْ كَانَتْ أُسِرَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِفَوْرِ وِلَادَتِهَا حَلَّتْ الثَّانِيَةُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِهَا، إلَّا إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا الْحَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الْحَيْضَ فِي سَنَتَيْنِ أَوْ خَمْسٍ مَثَلًا مَرَّةً فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ حَتَّى تُتِمَّ الْمُدَّةَ الَّتِي تَحِيضُ فِيهَا السَّابِقَةُ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَإِنْ شَكَّ فِي حَمْلِ السَّابِقَةِ فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ إلَّا بِالْأَقْصَى مِنْ خَمْسِ سِنِينَ مِنْ تَرْكِ وَطْئِهَا وَأَطْوَلِ عِدَّتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ أَصْبَغُ مَنْ أُسِرَتْ زَوْجَتُهُ وَعَمِيَ خَبَرُهَا مُنِعَ مِنْ تَزْوِيجِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعًا حَتَّى يَبُتَّ طَلَاقَ الْأَسِيرَةِ أَوْ يَمْضِيَ لِطَلَاقِهَا غَيْرَ بَتَاتٍ خَمْسُ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ سَبْيِهَا وَثَلَاثٌ مِنْ يَوْمِ طَلَاقِهَا لِاحْتِمَالِ رِيبَةِ الْبَطْنِ وَتَأَخُّرِ الْحَيْضِ وَلَوْ سُبِيَتْ وَهِيَ نُفَسَاءُ وَطَلَّقَهَا بِحِدْثَانِهِ تَرَبَّصَ سَنَةٍ لِأَنَّهَا عِدَّةُ الَّتِي تَرْتَفِعُ الْحَيْضَةُ لِنِفَاسِهَا. الشَّيْخُ كَأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى تَمَادِي الدَّمِ بِهَا وَقَدْ تَطْهُرُ مِنْ نِفَاسِهَا ثُمَّ تُسْتَرَابُ فَيَجِبُ تَرَبُّصُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، وَأَمَّا رِيبَةُ الْحَمْلِ فَلَا لِتَيَقُّنِ أَنْ لَا حَمْلَ بِهَا لِعَدَمِ وَطْئِهِ إيَّاهَا بَعْدَ نِفَاسِهَا اهـ. (أَوْ بَيْعٍ دَلَّسَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ كَتَمَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ الَّذِي عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فَيَحِلُّ بِهِ وَطْءُ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَ السَّابِقَةِ وَأَوْلَى الَّذِي لَمْ يُدَلَّسْ فِيهِ إلَّا مَا فِيهِ مُوَاضَعَةٌ أَوْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ أَوْ خِيَارٌ فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ إلَّا بِرُؤْيَةِ السَّابِقَةِ الدَّمَ وَمُضِيِّ الثَّلَاثِ وَانْبِرَامِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي جَمِيعِهَا لِلْبَائِعِ وَالضَّمَانَ مِنْهُ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتِبْرَاءٍ أَوْ خِيَارٍ أَوْ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْمُوَاضَعَةُ (لَا) تَحِلُّ كَالْأُخْتِ بِنِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ (فَاسِدٍ) لِلسَّابِقَةِ (لَمْ يَفُتْ) بِدُخُولٍ فِي الْمُزَوَّجَةِ فَاسِدًا وَلَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فِي الْمَبِيعَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 339 وَحَيْضٍ وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ، وَرِدَّةٍ، وَإِحْرَامٍ، وَظِهَارٍ وَاسْتِبْرَاءٍ، وَخِيَارٍ، وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَإِخْدَامِ سَنَةٍ، وَهِبَةٍ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ، وَإِنْ بِبَيْعٍ،   [منح الجليل] فَاسِدًا فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ الْأُولَى، فَإِنْ فَاتَ حَلَّتْ. (وَ) لَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ بِحُرْمَةِ وَطْءِ السَّابِقَةِ بِ (حَيْضٍ) وَنِفَاسٍ وَإِحْرَامٍ وَاعْتِكَافٍ (وَعِدَّةِ) أَيْ اسْتِبْرَاءِ وَطْءِ (شُبْهَةٍ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَقْيِيدُهُ الْعِدَّةَ بِالشُّبْهَةِ حَسَنٌ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ لَكَانَ النِّكَاحُ وَحْدَهُ مُحَرِّمًا وَالْعِدَّةُ مِنْ تَوَابِعِهِ. (وَ) لَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ بِحُرْمَةِ السَّابِقَةِ بِ (رِدَّةٍ) إنْ كَانَتْ أَمَةً مَمْلُوكَةً فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً حَلَّتْ الثَّانِيَةُ لِبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ بِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (وَ) لَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ بِحُرْمَةِ وَطْءِ السَّابِقَةِ بِ (إحْرَامٍ) مِنْهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً (وَ) لَا (ظِهَارٍ) أَيْ تَشْبِيهَ الزَّوْجَةِ السَّابِقَةِ بِمُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا وَمِثْلُهُ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا (وَاسْتِبْرَاءٍ) مِنْ نَحْوِ زِنًا وَمُوَاضَعَةٍ مِنْ مَائِهِ أَوْ فِي رَابِعَةٍ (وَ) بَيْعِ (خِيَارٍ وَ) بَيْعِ (عُهْدَةِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ أَيْ ضَمَانِ (ثَلَاثٍ) مِنْ كُلِّ حَادِثٍ فَلَا تَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ حَتَّى تَرَى السَّابِقَةُ الدَّمَ وَيَثْبُتَ بَيْعُهَا وَتُتِمَّ الثَّلَاثَ بِلَا حَادِثٍ. عج احْتَرَزَ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ عَنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ فَتَحِلُّ بِهَا مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ. تت الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَعُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَقِيَاسًا عَلَى إخْدَامِ سَنَةٍ عب يُفَرَّقُ بِأَنَّهَا فِي إخْدَامِ السَّنَةِ عَلَى مِلْكِهِ لَا فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ. طفي لَا وَجْهَ لِلِاسْتِظْهَارِ لِأَنَّ إخْدَامَ السَّنَةِ يُخَالِفُ عُهْدَةَ السَّنَةِ لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْإِخْدَامِ وَحِلِّيَّةِ الْوَطْءِ دُونَهَا مَعَ أَنَّ الْقَيْدَ بِالثَّلَاثِ لِمُحَمَّدٍ وَأَقَرُّوهُ، وَقَوْلُنَا وَحِلِّيَّةُ الْوَطْءِ فِي إخْدَامِ سَنَةٍ لَا فِي أَكْثَرَ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) لَا (إخْدَامِ سَنَةٍ) أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ (وَ) لَا (هِبَةَ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا) أَيْ يَأْخُذُ الْوَاهِبُ الْهِبَةَ قَهْرًا بِلَا عِوَضٍ (مِنْهُ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، كَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ إنْ كَانَ رُجُوعُهُ فِي هِبَتِهِ بِاعْتِصَارٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِبَيْعٍ) لِنَفْسِهِ مَا وَهَبَهُ لِمَحْجُورِهِ الْيَتِيمِ بِإِيصَائِهِ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340 بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ، وَإِخْدَامِ سِنِينَ وَوُقِفَ، إنْ وَطِئَهُمَا   [منح الجليل] تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فَلَا تَحِلُّ بِهَا مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ ظَاهِرًا، وَتَحِلُّ بِهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى قَالَهُ الْحَطُّ. وَمَفْهُومٌ لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ أَنَّ هِبَتَهَا لِمَنْ لَا يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ تَحِلُّ لِلْوَاهِبِ مُحَرَّمَةَ الْجَمْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لِغَيْرِ ثَوَابٍ أَوْ لَهُ وَعُوِّضَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ تَفُتْ لِأَنَّهَا كَبَيْعِهَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ فَاتَتْ، إنْ قُلْت شِرَاءُ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ مُمْتَنِعٌ. قُلْت مَنْعُهُ فِيمَا لَمْ يَهَبْهُ لَهُ، وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَاعْتَرَضَ قَوْلَ فَضْلٍ بِمَنْعِهِ. (بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ نَحْوِ الْوَلَدِ (إنْ حِيزَتْ) الصَّدَقَةُ عَنْ الْمُتَصَدِّقِ وَلَوْ حُكْمًا كَعِتْقِهَا أَوْ هِبَتِهَا الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ لِمُضِيِّهِ فَتَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ لِأَنَّهَا لَا تُعْتَصَرُ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهَا إنْ لَمْ تُحَزْ لَا تَحِلُّ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) بِخِلَافِ (إخْدَامٍ) أَيْ هِبَةِ خِدْمَةٍ السَّابِقَةِ (سِنِينَ) كَثِيرَةٍ كَأَرْبَعَةٍ فَإِنَّهُ يُحِلُّ مُحَرَّمَةَ الْجَمْعِ وَمِثْلُهُ إخْدَامُهَا حَيَاةَ الْمُخْدِمِ وَالْمُعْتَمَدُ هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ كَمَا فِي النَّصِّ لَا مَفْهُومَ سَنَةٍ السَّابِقِ. وَأَفَادَ كَلَامُهُ مَنْعَ وَطْءِ الْمُخْدَمَةِ مُطْلَقًا، وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي لِأَنَّهُ يُبْطِلُ حَوْزَ الْهِبَةِ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَحْمِلُ فَيَلْزَمُ إخْدَامُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ اعْتَمَدَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِجَوَازِ وَطْءِ الْمُخْدَمَةِ سَنَةً. فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُؤَجَّرَةِ الَّتِي يَجُوزُ وَطْؤُهَا قَالَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَظَاهِرٌ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَا يَكْفِي الْإِيجَارُ فِي حِلِّيَّةٌ وَطْءِ مُحَرَّمَةِ الْجَمْعِ. قُلْت لَعَلَّهُ أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ إنْ حَمَلَتْ انْفَسَخَتْ إجَارَتُهَا وَسَقَطَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَاقِي الْأُجْرَةِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الْمُخْدَمِ فَيَبْطُلُ مِنْ خِدْمَتِهَا بِحَمْلِهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إخْدَامُهُ مِثْلَهَا إنْ أَيْسَرَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُخْدَمِ بِالْفَتْحِ وَطْؤُهَا وَيُحَدُّ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ. فَإِنْ قُلْت حَيْثُ حَرُمَ وَطْءُ الْمُخْدَمَةِ مُطْلَقًا فَلِمَ لَا تَحِلُّ بِهِ إذَا كَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ. قُلْت لَعَلَّهُ لِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِجَوَازِ وَطْئِهَا إنْ قَصُرَتْ مُدَّتُهُ. (وَوُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالِكُ عَنْ وَطْءِ أَمَتَيْهِ اللَّتَيْنِ يَحْرُمُ جَمْعُهَا (إنْ وَطِئَهُمَا) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341 لِيُحَرِّمَ، فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا، وَإِنْ عَقَدَ فَاشْتَرَى فَالْأُولَى، فَإِنْ وَطِئَ أَوْ عَقَدَ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ: فَكَالْأَوَّلِ.   [منح الجليل] الْأَمَتَيْنِ (لِيُحَرِّمَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عَلَى نَفْسِهِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، وَكَذَا مَنْ تَلَذَّذَ بِهِمَا بِدُونِ وَطْءٍ. وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْوَطْءَ لِتَفْرِيعِ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ، وَكَذَا مَنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا بِمِلْكٍ وَالْأُخْرَى بِنِكَاحٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ عَلَى الْمِلْكِ أَوْ تَأَخَّرَ، وَلَا يُوَكَّلُ وَاطِئُ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ لِأَمَانَتِهِ فِي إيقَافِهِ لِاتِّهَامِهِ بِخِلَافِ مَنْ مَلَكَهُمَا، وَأَرَادَ وَطْءَ إحْدَاهُمَا وَاسْتِخْدَامَ الْأُخْرَى فَيُوَكَّلُ لَهَا لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ. (فَإِنْ أَبْقَى) وَاطِئُ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ (الثَّانِيَةَ) وَطْئًا لِنَفْسِهِ وَحَرَّمَ الْأُولَى (اسْتَبْرَأَهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ مِنْ مَائِهِ وَإِنْ كَانَ حَمْلُهَا مِنْهُ لَاحِقًا بِهِ. وَمَفْهُومُ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا إلَّا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا إذَا وَطِئَهُمَا بِمِلْكٍ، فَإِنْ وَطِئَهُمَا بِنِكَاحٍ فَلَا يَسْتَبْرِئُ الْأُولَى وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ وَيَفْسَخُ نِكَاحَ الثَّانِيَةِ (وَإِنْ عَقَدَ) رَجُلٌ النِّكَاحَ عَلَى إحْدَى مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ (فَاشْتَرَى) مُحَرَّمَةَ الْجَمْعِ مَعَهَا (فَالْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ الزَّوْجَةُ هِيَ الَّتِي يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا عَلَيْهَا. (فَإِنْ وَطِئَ) الْمُشْتَرَاةَ أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا بِدُونِ وَطْءٍ وَقَفَ عَنْهُمَا وَحَرُمَ إحْدَاهُمَا، فَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا (أَوْ عَقَدَ) النِّكَاحَ عَلَى الْأُخْتِ مَثَلًا (بَعْدَ تَلَذُّذِهِ) بِمُقَدِّمَةِ جِمَاعٍ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا (بِأُخْتِهَا) أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا النِّكَاحُ وَهَذِهِ لِلتَّعَدِّيَةِ (بِ) سَبَبِ (مِلْكٍ) لِلْأُخْتِ السَّابِقَةِ (فَ) حُكْمُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ (كَ) حُكْمِ (الْأَوَّلِ) أَيْ وَاطِئِ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ بِمِلْكٍ مِنْ إيقَافِهِ عَنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا وَاسْتَبْرَأَ الثَّانِيَةَ إنْ أَبْقَاهَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتٍ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ فَلَيْسَ كَالْأَوَّلِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ أَبْقَى الْأُولَى لِلْوَطْءِ أَبَانَ الثَّانِيَةَ، وَإِنْ أَبْقَى الثَّانِيَةَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُولَى وَوُكِّلَ فِيهِ لِأَمَانَتِهِ قَالَهُ الْحَطُّ. وَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى لِلْوَطْءِ وَأَبَانَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ صَدَاقِهَا أَمْ لَا تَرَدَّدَ فِيهِ أَبُو الْحَسَنِ، وَبَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا لَهَا الْمُسَمَّى كَامِلًا وَعَقْدُهُ عَلَى الْأُخْتِ بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِأُخْتِهَا بِمِلْكٍ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً لِقَوْلِهَا لَا يُعْجِبُنِي، وَحُمِلَ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَنَصُّهَا مَنْ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342 وَالْمَبْتُوتَةُ حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ بِلَا مَنْعٍ، وَلَا نُكْرَةٍ فِيهِ بِانْتِشَارٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ   [منح الجليل] يَطَؤُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْجِبُنِي نِكَاحُهُ وَلَا أَفْسَخُهُ، وَيُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يُحَرِّمَ الْأَمَةَ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهُوَ بَائِنٌ وَهُوَ مُحَلِّلٌ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) حُرِّمَتْ (الْمَبْتُوتَةُ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا مِنْ حُرٍّ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ عَبْدٍ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا عَلَى فِعْلِهَا وَفَعَلَتْهُ بِلَا قَصْدِهَا تَحْنِيثُهُ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا اتِّفَاقًا أَوْ بِقَصْدِهِ، فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَطْلُقُ. أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ شَاذٌّ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ الْآتِي أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ، وَإِنْ صَدَّرَ تت بِقَوْلِ أَشْهَبَ قَائِلًا خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَحَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ بِلَا تَرْجِيحٍ عَلَى بَاتِّهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ، فَإِنْ أَبَتَّ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ زَوْجَةً أَمَةً لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا بِهِ. (حَتَّى يُولِجَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ يُدْخِلَ زَوْجٌ (بَالِغٌ) حِينَ الْإِيلَاجِ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا حِينَ الْعَقْدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حُرِّيَّتُهُ وَعُلِمَ شَرْطُ إسْلَامِهِ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لَازِمٌ فَلَا تَحِلُّ كِتَابِيَّةٌ بَتَّهَا مُسْلِمٌ بِإِيلَاجِ زَوْجٍ كِتَابِيٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ فَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ، وَمَفْعُولُ يُولِجُ قَوْلُهُ (قَدْرَ الْحَشَفَةِ) مِمَّنْ لَا حَشَفَةَ لَهُ خِلْقَةً أَوْ لِقَطْعِهَا، وَالْحَشَفَةُ مِمَّنْ هِيَ لَهُ إيلَاجًا (بِلَا مَنْعٍ) فَلَا تَحِلُّ بِإِيلَاجٍ مَمْنُوعٍ كَفِي دُبُرٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ فِي قَضَاءٍ مَعَ اسْتِقْبَالٍ أَوْ اسْتِدْبَارٍ أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ صَوْمٍ مُطْلَقًا أَوْ إحْرَامٍ أَوْ فِي غَيْرِ مُطِيقَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوْ كُلُّ وَطْءٍ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ وَالصِّيَامِ وَالْإِحْرَامِ يُحِلُّهَا، وَقِيلَ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ فِي غَيْرِ صِيَامِ التَّطَوُّعِ وَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْوَطْءُ فِي هَذِهِ يُحِلُّهَا اتِّفَاقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (وَ) الْحَالُ (لَا نُكْرَةَ فِيهِ) أَيْ الْإِيلَاجِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ أَوْ سَكَتَا فَإِنْ نَفَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا تَحِلُّ (بِانْتِشَارٍ) لِلذَّكَرِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ إذْ لَا تَحْصُلُ الْعُسَيْلَةُ إلَّا بِهِ، وَلَا يَشْتَرِطُ كَوْنُهُ تَامًّا، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي الْفَرْجِ بِلَا حَائِلٍ كَثِيفٍ (فِي نِكَاحٍ) فَلَا تَحِلُّ بِوَطْءِ مَالِكٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] (لَازِمٍ) ابْتِدَاءً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 343 وَعِلْمِ خَلْوَةٍ وَزَوْجَةٍ فَقَطْ وَلَوْ خَصِيًّا: كَتَزْوِيجِ غَيْرِ مُشْبِهَةٍ لِيَمِينٍ لَا بِفَاسِدٍ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ بِوَطْءٍ ثَانٍ، وَفِي الْأَوَّلِ: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] أَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لِنِكَاحِ مَحْجُورٍ بِلَا إذْنٍ وَالرِّضَا بِمَعِيبٍ وَحَصَلَ وَطْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَحِلُّ. (وَ) بِشَرْطِ (عِلْمِ) أَيْ ثُبُوتِ (خَلْوَةٍ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُحَلِّلِهَا بِامْرَأَتَيْنِ لَا بِتَصَادُقِهِمَا لِاتِّهَامِهِمَا بِالتَّحَيُّلِ عَلَى رُجُوعِهَا لِبَاتِّهَا (وَ) عِلْمِ (زَوْجَةٍ) بِالْوَطْءِ فَإِنْ وُطِئَتْ نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا فَلَا تَحِلُّ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُحَلِّلِ، فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِهِ فَتَحِلُّ بِوَطْءِ مَجْنُونٍ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمٍ مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُولِجُ خَصِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْمُولِجُ (خَصِيًّا) أَيْ مَقْطُوعَ الْأُنْثَيَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ وَأَوْلَجَ فِيهَا بَعْدَ عِلْمِهَا وَرِضَاهَا بِخِصَائِهِ وَشَبَّهَ فِي التَّحْلِيلِ فَقَالَ (كَتَزْوِيجِ) ذِي قَدْرٍ لِدَنِيَّةٍ مَبْتُوتَةٍ مِنْ شَخْصٍ غَيْرِهِ (غَيْرِ مُشْبِهَةٍ) نِسَاءَ ذِي الْقَدْرِ الَّذِي تَزَوَّجَهَا (لِ) حَلِّ (يَمِينٍ) حَلَفَهَا لَيَتَزَوَّجَنَّ، وَأَوْلَجَ فِيهَا مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَقَدْ حَلَّتْ لِبَاتِّهَا، وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُ ذِي الْقَدْرِ بِتَزَوُّجِهَا فَإِنْ كَانَتْ مُشْبِهَةً لَهُ فَقَدْ حَلَّتْ بِالْأَوْلَى (لَا تَحِلُّ بِ) وَطْءٍ مُسْتَنِدٍ لِنِكَاحٍ (فَاسِدٍ إنْ لَمْ يَثْبُتْ) النِّكَاحُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ، فَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ حَلَّتْ لِبَاتِّهَا (بِوَطْءٍ ثَانٍ) زَائِدٍ عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي فَاتَ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ. (وَفِي) حِلِّهَا بِالْوَطْءِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي أَفَاتَ فَسْخَ الْفَاسِدِ، وَصَحَّ النِّكَاحُ بِهَا إنْ طَلَّقَهَا الثَّانِي أَوْ مَاتَ عَقِبَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ وَعَدَمُهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ إيَّاهُ (تَرَدُّدٌ) لِلْبَاجِيِّ قَائِلًا لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ الْإِحْلَالَ وَعَدَمَهُ. قَوْلُهُ بِوَطْءِ صِلَةُ مُقَدَّرٍ مِنْ الْمَفْهُومِ لَا يَثْبُتُ لِاقْتِضَائِهِ تَوَقُّفَهُ عَلَى وَطْءٍ ثَانٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِحُصُولِهِ بِالْأَوَّلِ. وَفِي الْحِلْيَةِ بِهِ تَرَدُّدٌ وَأَفَادَ قَوْلُهُ حَتَّى يُولِجَ إلَخْ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ لِحِلِّهَا بِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ قَصْدِ التَّحْلِيلِ، ثُمَّ تَوَاتَرَ رُجُوعُ الثَّانِي لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، وَنَقَلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ رُجُوعَ الْأَوَّلِ لَهُ أَيْضًا فَلَا تَحِلُّ الْفَتْوَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 344 كَمُحَلِّلٍ، وَإِنْ مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا مَعَ الْإِعْجَابِ وَنِيَّةُ الْمُطَلِّقِ وَنِيَّتُهَا لَغْوٌ.   [منح الجليل] وَلَا الْعَمَلُ بِمَذْهَبِهِمَا الْأَوَّلِ لِشُذُوذِهِ وَرُجُوعِهِمَا عَنْهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ، وَلِعَدَمِ عِلْمِ مَا يُعْتَبَرُ عِنْدَهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ لِعَدَمِ تَدْوِينِ مَذْهَبِهِمَا، فَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى التَّلْفِيقِ الْمُؤَدِّي لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَهِيَ، هَفْوَةٌ مِمَّنْ حَكَمَ بِهَا. وَمَثَّلَ لِلْفَاسِدِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ فَقَالَ (كَ) نِكَاحِ زَوْجٍ (مُحَلِّلٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَاصِدٍ تَحْلِيلَ الْمَبْتُوتَةِ لِبَاتِّهَا فَقَطْ، بَلْ (وَإِنْ) نَوَى تَحْلِيلَهَا (مَعَ نِيَّةِ إمْسَاكِهَا) أَيْ الْمَبْتُوتَةِ لِنَفْسِهِ (مَعَ الْإِعْجَابِ) أَيْ إنْ أَعْجَبَتْهُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، وَلَا تَحِلُّ بِهِ لِبَاتِّهَا وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالْبِنَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ الْمُتَيْطِيُّ وَيُعَاقَبُ الْمُحَلِّلُ وَالزَّوْجَةُ وَالشُّهُودُ وَالْوَلِيُّ إنْ عَلِمُوا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ، وَإِلَّا فَلَا يُفْسَخُ وَتَحِلُّ بِهِ لِرَفْعِ الْخِلَافِ بِهِ حُلُولُ الْعَمَلِ عِنْدَ قُضَاةِ تُونُسَ تَكْلِيفُ مَنْ أَرَادَ تَزَوُّجَ مَبْتُوتَةٍ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ بِنِيَّةِ تَحْلِيلِهَا وَبَعْدَ تَأَيُّمِهَا تَكْلِيفُهَا بِإِثْبَاتِ بِنَائِهِ بِهَا، وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ فَسَادِ الزَّمَانِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ تَحْلِيلِهَا أَوْ بِدُونِهِ لَكِنْ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ فَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ ابْنُ عَرَفَةَ مَالِكٌ وَيُفْسَخُ إنْ كَانَ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ثَبَتَ قَبْلَ نِكَاحِهَا فَلَيْسَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ يَعْنِي فَسْخُهُ بِلَا طَلَاقٍ. الْبَاجِيَّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ هَلْ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ بَنَى بِهَا فَلَهَا الْمُسَمَّى عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الصَّدَاقِ إذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ إحْلَالِهَا وَلَوْ نَوَاهُ دُونَ شَرْطٍ لَكَانَ لَهَا الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى قَوْلًا وَاحِدًا. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَبْنِ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بَعْدَهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى. (وَنِيَّةُ) الزَّوْجِ (الْمُطَلِّقِ) تَحْلِيلُهَا لَهُ بِوَطْءِ الزَّوْجِ الثَّانِي (وَنِيَّتُهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ ذَلِكَ (لَغْوٌ) أَيْ مُلْغَاةٌ وَغَيْرُ مُضِرَّةٍ فِي التَّحْلِيلِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِهِ الثَّانِي لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ، فَإِنْ نَوَاهُ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى نِكَاحِ مُتْعَةٍ، وَلِذَا فُسِخَ مُطْلَقًا فَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ تَحْلِيلُهَا وَقَبِلَهُ ظَاهِرًا وَنَوَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 345 دَعْوَى مَرْأَة مَبْتُوتَة طَارِئَة وَقُبِلَ دَعْوَى طَارِئَةٍ التَّزْوِيجَ كَحَاضِرَةٍ أُمِنَتْ، إنْ بَعُدَ، وَفِي غَيْرِهَا: قَوْلَانِ. وَمِلْكُهُ   [منح الجليل] إمْسَاكَهَا مُطْلَقًا فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ نِكَاحِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ طَلَّقَهَا وَمَاتَ عَنْهَا حَلَّتْ لِبَاتِّهَا. (وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (دَعْوَى) مَرْأَةٍ مَبْتُوتَةٍ (طَارِئَةٍ) مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ يَعْسُرُ عَلَيْهَا جَلْبُ الْبَيِّنَةِ مِنْهُ إلَى بَلَدِ قُدُومِهَا فَيُقْبِلُ دَعْوَاهَا (التَّزْوِيجَ) فِي الْبَلَدِ الَّذِي قَدِمَتْ مِنْهُ وَبِنَاءِ الزَّوْجِ بِهَا فِيهِ وَوَطْئِهِ إيَّاهَا وَأَنَّهُ مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا، فَتَحِلُّ لِبَاتِّهَا وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِي الْإِحْلَالِ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى التَّزْوِيجِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَذَلِكَ لِمَشَقَّةِ إثْبَاتِهَا. وَشَبَّهَ فِي الْقَبُولِ، فَقَالَ (كَ) دَعْوَى مَرْأَةٍ (حَاضِرَةٍ) أَيْ مُقِيمَةٍ بِالْبَلَدِ مَبْتُوتَةٍ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَوُطِئَتْ بِلَا مَنْعٍ، وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا فَتُقْبَلُ وَتَحِلُّ لِبَاتِّهَا إنْ (أُمِنَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ كَانَتْ مَأْمُونَةً فِي دِينِهَا مُجَرَّبَةً بِالصِّدْقِ وَالتَّدَيُّنِ فَتُصَدَّقُ (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَ بَتِّهَا وَدَعْوَاهَا الْمَذْكُورَةِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَوْتُ شُهُودِهَا وَانْدِرَاسُ الْعِلْمِ. (وَفِي) قَبُولِ دَعْوَى (غَيْرِهَا) أَيْ الْمَأْمُونَةِ الْحَاضِرَةِ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ مَعَ طُولِ الزَّمَنِ كَذَلِكَ وَعَدَمُهُ (قَوْلَانِ) لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. (وَ) حَرُمَ عَلَى الْمَالِكِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (مِلْكُهُ) أَيْ تَزَوُّجُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ تَزَوُّجُ أَمَتِهِ وَعَلَى الْأُنْثَى تَزَوُّجُ عَبْدِهَا لِمُنَافَاةِ أَحْكَامِ الْمِلْكِ أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ، وَشَمِلَ الْمِلْكُ الْقِنَّ، وَذَا الشَّائِبَةِ كَأُمِّ وَلَدٍ، وَمُكَاتَبٍ، وَمُبَعَّضٍ، وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا تَزَوَّجَ أَمَتَهُ فَمُقْتَضَى الزَّوْجِيَّةِ اسْتِحْقَاقُهَا الْوَطْء وَالرِّقِّيَّةِ عَدَمُهُ فَإِنْ طَالَبَتْهُ بِهِ بِالزَّوْجِيَّةِ طَالَبَهَا بِعَدَمِهِ بِالرِّقِّيَّةِ وَإِنْ آلَى مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ لَهَا رَفْعُهُ فَيُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَمَحَلُّهُ لِأَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالتَّنَافِي فِي تَزَوُّجِ الْأُنْثَى عَبْدَهَا ظَاهِرٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 346 أَوْ لِوَلَدِهِ، وَفُسِخَ، وَإِنْ طَرَأَ بِلَا طَلَاقٍ: كَمَرْأَةٍ فِي زَوْجِهَا وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ لِيُعْتَقَ عَنْهَا. لَا إنْ رَدَّ سَيِّدٌ شِرَاءَ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا   [منح الجليل] أَوْ) مِلْكٌ (لِوَلَدِهِ) أَيْ مَنْ لِلزَّوْجِ عَلَيْهِ وِلَادَةٌ ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى، مُبَاشِرًا أَوْ نَازِلًا بِوَاسِطَةِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ، فَيَحْرُمُ عَلَى الذَّكَرِ تَزَوُّجُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَأَمَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ وَعَلَى الْأُنْثَى عَبْدُ وَلَدِهَا وَعَبْدُ وَلَدِ وَلَدِهَا لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْوَالِدِ فِي مَالِ وَلَدِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَالِدُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نِكَاحُ مَنْ تَزَوَّجَ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ وَلَدِهِ إنْ طَرَأَ نِكَاحُهُ عَلَى الْمِلْكِ. بَلْ (وَإِنْ طَرَأَ) مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ وَلَدِهِ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى التَّزَوُّجِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَفَسْخُهُ (بِلَا طَلَاقٍ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَسَادِهِ وَهَلْ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ فَقَالَ (كَمَرْأَةٍ) طَرَأَ لَهَا أَوْ لِوَلَدِهَا مِلْكٌ (فِي زَوْجِهَا) فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا بِلَا طَلَاقٍ وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمِلْكُهُ إلَخْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ هَذَا إذَا كَانَ طُرُوءُ مِلْكِهَا عَلَى زَوْجِهَا بِشِرَاءٍ، بَلْ (وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ) مِنْ الزَّوْجَةِ لِسَيِّدِ زَوْجِهَا (لِيُعْتِقَ) سَيِّدُ زَوْجِهَا زَوْجَهَا (عَنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فَأَعْتَقَهُ عَنْهَا فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا تَقْدِيرًا إذْ يُقَدَّرُ أَنَّهَا اشْتَرَتْهُ وَأَعْتَقَتْهُ. وَكَذَا سُؤَالُهَا سَيِّدَهُ فِي عِتْقِهِ عَنْهَا عَنْهَا فَفَعَلَ، وَتَرْغِيبُهُ فِيهِ إذْ يُقَدَّرُ أَنَّهَا قَبِلَتْ هِبَتَهُ لَهَا. وَمَفْهُومُ لِيُعْتِقَ عَنْهَا أَنَّهَا لَوْ دَفَعَتْ لَهُ مَالًا لِيُعْتِقَهُ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ غَيْرِهَا أَوْ دَفَعَتْ لَهُ مَالًا لِيُعْتِقَهُ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمُعْتَقَ عَنْهُ أَوْ سَأَلَتْهُ أَوْ رَغَّبَتْهُ فِي مُجَرَّدِ عِتْقِهِ بِلَا تَعْيِينٍ فَفَعَلَ، فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ عَنْهَا مَجَّانًا بِلَا سُؤَالٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ وَوَلَاؤُهُ لَهَا بِالسُّنَّةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً وَهُوَ صَحِيحٌ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهَا وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا وَلَاءَ لَهَا إذْ لَمْ يَسْتَقِرَّ لَهَا مِلْكُهُ. (لَا) يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ (إنْ) اشْتَرَتْ أَمَةٌ زَوْجَهَا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا (رَدَّ سَيِّدٌ) لِلْأَمَةِ (شِرَاءَ مَنْ) أَيْ أَمَةٍ زَوْجَهَا (لَمْ يَأْذَنْ) السَّيِّدُ (لَهَا) أَيْ الْأَمَةِ فِيهِ لِأَنَّ شِرَاءَهَا عَلَى هَذَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 347 أَوْ قَصَدَا بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ: كَهِبَتِهَا لِلْعَبْدِ لِيَنْتَزِعَهَا   [منح الجليل] الْوَجْهِ كَلَا شِرَاءٍ، وَمَفْهُومُ لَمْ يَأْذَنْ أَنَّ الْمَأْذُونَ لَهَا فِي شِرَائِهِ وَلَوْ فِي عُمُومِ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ أَوْ فِي ضِمْنِ الْكِتَابَةِ يُفْسَخُ فِيهِ النِّكَاحُ. (أَوْ) أَيْ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِشِرَاءِ الْأَمَةِ زَوْجَهَا مِنْ سَيِّدِهِ إنْ (قَصَدَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالزَّوْجَةُ الْأَمَةُ أَوْ الْحُرَّةُ الَّتِي اشْتَرَتْ زَوْجَهَا مِنْ سَيِّدِهِ (بِالْبَيْعِ) أَيْ بَيْعِ زَوْجِهَا لَهَا (الْفَسْخَ) لِنِكَاحِ الزَّوْجِ فَلَا يَنْفَسِخُ مُعَامَلَةً لَهُمَا بِنَقِيضِ قَصْدِهِمَا. وَاحْتَرَزَ عَنْ قَصْدِ السَّيِّدِ وَحْدَهُ ذَلِكَ فَيُوجِبُ الْفَسْخَ عَلَى بَحْثِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ نَعَمْ لَوْ تَعَمَّدَتْ هِيَ ذَلِكَ دُونَ سَيِّدِهَا الْبَائِعِ لَكَانَ لَهُ أَيْ عَدَمِ الْفَسْخِ وَجْهٌ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَاصِدَةً بِذَلِكَ فَسْخَ النِّكَاحِ فَلَا يُفْسَخُ وَتُسْتَتَابُ، فَفِي مَفْهُومِ قَصَدَا تَفْصِيلٌ، فَقَصْدُ السَّيِّدِ وَحْدَهُ يُوجِبُ الْفَسْخَ، وَقَصْدُهَا وَحْدَهَا لَا يُوجِبُهُ، وَنَازَعَهُ الْحَطُّ بِقَوْلِهِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيمَا إذَا قَصَدَتْ وَحْدَهَا ظَاهِرٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا قَصَدَ السَّيِّدُ وَحْدَهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ الْحَقُّ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ كَمَا فِي الْهِبَةِ الْآتِيَةِ، وَعَلَى هَذَا فَيُقْرَأُ قَوْلُهُ قُصِدَ بِلَا أَلِفٍ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَعُمَّ كُلَّ قَصْدٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي وَقَدْ يُقَالُ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا دَلِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ طَائِعَةٍ فِيهَا فَلَمْ يُلْتَفَتْ لِقَصْدِهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الصَّوَابُ مَا فِي الْحَطُّ أَنَّ مَسْأَلَةَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَسْأَلَةَ الْهِبَةِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا قَصْدُ السَّيِّدِ وَحْدَهُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ قَصَدَا فَسْخَ نِكَاحِهَا بِالْبَيْعِ فَلَا يُفْسَخُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي إنْ تَعَمَّدَا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَرَى أَنَّهَا وَسَيِّدَهَا اغْتَرَيَا فَسْخَ النِّكَاحِ، فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَبَقِيَتْ زَوْجَةً، وَالْوَاقِعُ فِيمَا رَأَيْته مِنْ نُسَخِ هَذَا الْكِتَابِ بِدُونِ أَلِفٍ وَلَا مَعْنَى لَهُ، نَعَمْ لَوْ تَعَمَّدَتْ هِيَ ذَلِكَ دُونَ السَّيِّدِ الْبَائِعِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَاصِدَةً بِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ فَلَا يُفْسَخُ وَتُسْتَتَابُ اهـ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ فَقَالَ (كَهِبَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِلسَّيِّدِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَهَبَهَا سَيِّدُهَا (لِ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ) الْمَمْلُوكِ لَهُ أَيْضًا (لِيَنْتَزِعَهَا) أَيْ السَّيِّدُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 348 فَأُخِذَ جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ، وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ.   [منح الجليل] الْأَمَةَ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ، أَيْ قَصَدَ بِالْهِبَةِ فَسْخَ النِّكَاحِ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ الْهِبَةَ، بَلْ رَدَّهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ وَلَا تَتِمُّ كَرَدِّ الْبَيْعِ، وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ لِقَصْدِ السَّيِّدِ الْإِضْرَارَ، فَلَوْ قَبِلَ الْعَبْدُ الْهِبَةَ لَفُسِخَ نِكَاحُهُ وَلَوْ أَرَادَهُ السَّيِّدُ بِهَا، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ إرَادَةُ السَّيِّدِ وَعَدَمُهَا إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ الْهِبَةَ. وَبِهِ يَتِمُّ قَوْلُهُ: (فَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ (جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ) مِنْ السَّيِّدِ فَالْأَخْذُ مِنْ مَفْهُومِ لِيَنْتَزِعَهَا أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ بِالْهِبَةِ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ فُسِخَ النِّكَاحُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ الْهِبَةَ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَبْرُهُ عَلَى قَبُولِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْحَقِّ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنْ قَبِلَ الْعَبْدُ هِبَتَهَا فُسِخَ نِكَاحُهُ وَلَوْ اغْتَرَّاهُ سَيِّدُهُ وَلَا حُجَّةَ لَهُ إنْ قَالَ لَمْ أَظُنَّهُ أَنَّهُ اغْتَرَّاهُ، إنَّمَا يَفْتَرِقُ اغْتِرَاؤُهُ وَعَدَمُهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْعَبْدُ الْهِبَةَ (وَمَلَكَ أَبٌ) أَيْ أَصْلُ ذَكَرٍ وَإِنْ عَبْدٌ أَوْ هِيَ جِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ، وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهَا إنْ أُعْتِقَ، وَمَفْعُولُ مَلَكَ قَوْلُهُ (جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ فَرْعِهِ وَإِنْ لِبِنْتٍ وَخُصَّ الِابْنُ لِقَوْلِهِ وَحُرِّمَتْ عَلَيْهِمَا إنْ وَطِئَاهَا لَا لِإِخْرَاجِ الْبِنْتِ (بِ) سَبَبِ (تَلَذُّذِهِ) أَيْ الْأَبِ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ (بِ) عِوَضِ (الْقِيمَةِ) مُعْتَبَرَةً يَوْمَ التَّلَذُّذِ يَدْفَعُهَا الْأَبُ لِابْنِهِ وَلَوْ لَمْ تَحْمِلْ، وَيَتْبَعُهُ بِهَا إنْ عُدِمَ، وَتُبَاعُ فِيهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ، وَعَلَيْهِ النَّقْصُ، وَلَهُ الزِّيَادَةُ، وَلِلِابْنِ التَّمَاسُكُ بِهَا لِلْخِدْمَةِ أَوْ التَّجْرُ فِي عُدْمِ الْأَبِ. وَقِيلَ وَلَوْ فِي يُسْرِهِ إنْ أُمِنَ، فَإِنْ حَمَلَتْ فَلَا تُبَاعُ وَتَبْقَى أُمَّ وَلَدٍ لِلْأَبِ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ مَائِهِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا سَيَأْتِي عَطْفًا عَلَى مَا لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهِ. أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا وَلَا يُحَدُّ لِشُبْهَتِهِ فِي مَالِ وَلَدِهِ، لِحَدِيثِ «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» ، وَلَوْ عَلِمَ بِوَطْئِهَا ابْنَهُ قَبْلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِنَفْسِ تَلَذُّذِهِ بِهَا نَعَمْ يُؤَدَّبُ فِيهِمَا إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يُحَدُّ الِابْنُ بِوَطْئِهَا عَالِمًا بِوَطْءِ أَبِيهِ إيَّاهَا لِلشُّبْهَةِ بِالْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِهَا وَلَوْ أَيْسَرَ الْأَبُ قَالَهُ ابْنُ رَحَّالٍ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 349 وَحَرُمَتْ عَلَيْهِمَا، إنْ وَطِئَاهَا وَعَتَقَتْ عَلَى مُولِدِهَا وَلِعَبْدٍ تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ بِثِقَلٍ،   [منح الجليل] وَحَرُمَتْ) الْجَارِيَةُ أَبَدًا (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْأَبِ وَابْنِهِ (إنْ وَطِئَاهَا) أَيْ جَارِيَةَ الِابْنِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ وَطْءُ الِابْنِ عَلَى وَطْءِ الْأَبِ أَوْ تَأَخَّرَ إنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ (وَعَتَقَتْ) جَارِيَةُ الِابْنِ الَّتِي وَطِئَهَا الْأَبُ وَابْنُهُ وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ أَحَدِهِمَا (عَلَى مُولِدِهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِنْهُمَا عِتْقًا نَاجِزًا لِأَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا، فَإِنْ أَوْلَدَهَا الِابْنُ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهَا وَغَرِمَ الْأَبُ لَهُ قِيمَتَهَا عَلَى أَنَّهَا قِنٌّ، هَكَذَا فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ، خِلَافُ مَا فِي الشَّارِحِ وتت وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْهَا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا عَلَى أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا أُمَّ وَلَدٍ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهَا لِابْنِهِ، وَيُنَاقِضُهَا قَوْلُ جِنَايَتِهَا إنَّمَا يُقَوَّمُ مَنْ فِيهِ عُلْقَةُ رِقٍّ فِي الْجِنَايَةِ قِيمَتُهُ عَبْدٌ. وَالتَّفْرِيقُ بِبَقَاءِ مُتْعَةِ الْوَلَاءِ فِي وَطْءِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ يُرَدُّ بِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الْبَعْضِ اهـ. وَفِي الْمِعْيَارِ إذَا وَطِئَ الْأَبُ أُمَّ وَلَدِ ابْنِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا خِلَافًا لِلتُّونُسِيِّ. ثُمَّ هَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا قِيمَةَ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ أَمَةٍ قَوْلَانِ لِلْكِتَابِ، وَإِنْ أَوْلَدَاهَا وَلَدَيْنِ عَتَقَتْ عَلَى السَّابِقِ إنْ عُلِمَ وَلَاؤُهَا لَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا وَوَلَاؤُهَا لَهُمَا. وَإِنْ وَلَدَتْ وَاحِدًا وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُمَا بِطُهْرٍ فَالْقَافَةُ، وَإِنْ كَانَا بِطُهْرَيْنِ أُلْحِقَ بِالْأَوَّلِ إلَّا إنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا الثَّانِي مِنْ مَاءِ الْأَوَّلِ وَوَلَدَتْ بَعْدَ وَطْئِهِ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَيُلْحَقُ بِهِ، فَإِنْ لَحِقَ بِأَحَدِهِمَا عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَإِلَّا كَأَنْ أَشْرَكَتْهُمَا الْقَافَةُ عَتَقَتْ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْقَافَةُ أُخِذَ بِقَوْلِ الْأَعْرَفِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا بَيْنَهُمَا كَمَا إذَا لَمْ تُوجَدْ. (وَ) جَازَ (لِعَبْدٍ) وَلَوْ مُكَاتَبًا (تَزَوُّجُ ابْنَةِ سَيِّدِهِ) أَوْ سَيِّدَتِهِ بِرِضَاهُ وَرِضَاهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُجْبَرَةٍ، وَعَلَى أَنَّهُ غَيْرُ كُفْءٍ (بِثِقَلٍ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهَا أَيْ بِكَرَاهَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَسَبَبٌ لِلتَّنَافُرِ وَالتَّقَاطُعِ لِأَنَّ نَفْسَ الشَّرِيفَةِ تَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالزَّوْجَةِ وَوَالِدِهَا دُونَ الْعَبْدِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا أَفَادَتْهُ اللَّامُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 350 وَمِلْكِ غَيْرِهِ كَحُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ، وَكَأَمَةِ الْجَدِّ، وَإِلَّا   [منح الجليل] مِنْ الْجَوَازِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِثِقَلٍ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ وَجَدْت بِخَطِّ الْمِسْنَاوِيِّ عَنْ خَطِّ التِّنِّيسِيِّ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ مِنْهُ وَمَاتَ عَنْ مَالٍ كَانَ مِيرَاثُهُ لِأُمِّهِ وَبَيْتِ الْمَالِ لَا لِأَبِيهِ لِرِقِّهِ وَلَا لِجَدِّهِ لِأُمِّهِ لِأَنَّهُ ذُو رَحِمٍ. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَجَائِزٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ ابْنَةَ سَيِّدِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ضَيْح اسْتَثْقَلَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى الْكَرَاهَةِ. ابْنُ مُحْرِزٍ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمُؤَدٍّ إلَى التَّنَافُرِ لِأَنَّ الطِّبَاعَ مَجْبُولَةٌ عَلَى الْأَنَفَةِ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ خَوْفَ أَنْ تَرِثَهُ فَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ، وَهَذَانِ التَّعْلِيلَانِ يُفِيدَانِ تَعَلُّقَهَا بِالْعَبْدِ أَيْضًا. (وَ) لِعَبْدٍ تَزَوُّجُ (مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ الْعَبْدِ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً سَوَاءٌ خَشِيَ الْعَنَتَ أَمْ لَا، وَجَدَ طَوْلًا لِحُرَّةٍ أَمْ لَا لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ وَلِأَنَّهُ لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّيَّةِ لَا عَارَ عَلَيْهِ فِي رُقْيَةِ وَلَدِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِأَحَطَّ لَهُ مِنْ رُقْيَةِ نَفْسِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) تَزَوُّجِ (حُرٍّ لَا يُولَدُ لَهُ) أَيْ الْحُرِّ مِنْ جِهَتِهِ كَخَصِيٍّ وَمَجْبُوبٍ وَشَيْخٍ فَانٍ وَعَقِيمٍ أَوْ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ كَعَقِيمَةٍ وَآيِسَةٍ أَمَةَ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ إرْقَاقِ وَلَدِهِ الْمَانِعِ مِنْ تَزَوُّجِهِ أَمَةَ غَيْرِهِ، عَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْجَوَازِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ قَالَ (وَكَ) تَزَوُّجِ (أَمَةِ الْجَدِّ) أَيْ الْأَصْلِ غَيْرِ الْمُبَاشِرِ بِالْوِلَادَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَشَمِلَ الْجَدَّةَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَا، فَيَجُوزُ لِلْحُرِّ بِشَرْطِ حُرِّيَّةِ الْمَالِكِ وَكَذَا أَمَةُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَإِنْ وَجَدَ طَوْلَ حُرَّةٍ وَلَمْ يَخْشَ عَنَتًا وَإِسْلَامِ الْأَمَةِ لِانْتِفَاءِ رُقْيَةِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ شَرْطَ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ لِعِلْمِهِ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ انْتِفَاءَ الرِّقِّيَّةِ الَّذِي لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ، إذْ لَوْ كَانَ رِقًّا كَانَ وَلَدُ أَمَتِهِ رِقًّا لِسَيِّدِهِ وَلَا شَرْطَ إسْلَامِهَا لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَتُهُمْ بِالْمِلْكِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ نِكَاحُ كُلِّ أَمَةٍ وَلَدُهَا بِهِ حُرٌّ جَائِزٌ كَأَمَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ وَلَوْ بَعُدَ أَوْ أَمَةِ الِابْنِ عَلَى إجَازَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ نِكَاحَهَا وَالْمَالِكُ حُرٌّ فِي الْجَمِيعِ (وَإِلَّا) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 351 فَإِنْ خَافَ زِنًا وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ.   [منح الجليل] وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحُرُّ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ مِلْكًا لِمَنْ يُعْتَقُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ كَأَجْنَبِيٍّ وَأَصْلِ رَقِيقٍ (فَ) يَجُوزُ تَزَوُّجُهُ الْأَمَةَ (إنْ خَافَ) الْحُرُّ الَّذِي يُولَدُ لَهُ (زِنًا) فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (وَ) إنْ (عَدِمَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يَجِدْ الْحُرُّ (مَا) أَيْ مَالًا (يَتَزَوَّجُ) الْحُرُّ (بِهِ حُرَّةً) مِنْ نَقْدٍ وَعَرَضٍ وَدَيْنٍ عَلَى مَلِيءٍ وَسَائِرِ مَا يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ كَكِتَابَةٍ وَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ إجَارَتِهِ كَمُدَبَّرِ أُمِّ وَلَدٍ، وَلَوْ رَقِيقَ خِدْمَتِهِ وَدَابَّةَ رُكُوبِهِ وَكُتُبَ فِقْهٍ مُحْتَاجٍ لَهَا لِإِمْكَانِ اسْتِعَارَةِ غَيْرِهَا لَا دَارَ سُكْنَاهُ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا غَالِبًا. وَظَاهِرُ هَذَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ عَنْ حَاجَتِهِ. وَنَعَتَ حُرَّةً بِقَوْلِهِ (غَيْرَ مُغَالِيَةٍ) فِي مَهْرِهَا أَيْ غَيْرَ طَالِبَةٍ مِنْهُ مَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعَادَةِ إلَى السَّرَفِ، فَالْمُغَالِيَةُ لَا تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَوُجُودُ الْمُغَالِيَةِ كَعَدَمِهَا، وَإِنْ خَشِيَ زِنًا فِي أَمَةٍ بِعَيْنِهَا فَيَتَزَوَّجُهَا بِلَا شَرْطٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَتَزَوَّجُ حُرَّةً إنْ كَانَ خَالِيًا مِنْ النِّسَاءِ وَيُكْثِرُ مِنْ وَطْئِهَا، فَقَدْ يُذْهِبُ مَا فِي نَفْسِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْمَرْأَةُ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ مَا عِنْدَهُ تَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَ ذَا زَوْجَةٍ وَعَلِمَ أَنَّهَا لَا تَكْفِهِ تَزَوَّجَ أُخْرَى، فَإِنْ لَمْ تَكْفِهِ تَزَوَّجَهَا» . وَمَفْهُومُ عَدَمِ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرُ مُغَالِيَةٍ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً غَيْرَ مُغَالِيَةٍ حَرُمَ عَلَيْهِ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَزَوُّجُ الْحُرَّةِ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً. بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (كِتَابِيَّةً) لِأَنَّ وَلَدَهَا حُرٌّ مُسْلِمٌ فَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ. وَعُطِفَ عَلَيْهَا مُبَالَغَةً لَكِنْ فِي الْمَنْطُوقِ فَقَالَ (أَوْ كَانَ تَحْتَهُ) أَيْ فِي عِصْمَةِ خَائِفِ الزِّنَا الَّذِي لَمْ يَجِدْ طَوْلًا لِحُرَّةٍ غَيْرِ مُغَالِيَةٍ يَعِفُّ بِهَا نَفْسَهُ (حُرَّةٌ) لَمْ تُعِفَّهُ إذْ لَيْسَ وُجُودُهَا حِينَئِذٍ طَوْلًا، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ، وَنَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ هَكَذَا وَهُوَ فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا بِأَوْ الْعَاطِفَةِ، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ وَلَوْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ بِوَاوِ النِّكَايَةِ وَلَوْ الْإِغْيَائِيَّةِ فَيَكُونُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 352 وَلِعَبْدٍ بِلَا اشْتِرَاكٍ وَمُكَاتَبٍ وَغْدَيْنِ: نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ   [منح الجليل] الْإِغْيَاءُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَعَدِمَ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةً، وَلَا يَحْسُنُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كِتَابِيَّةً الَّذِي هُوَ إغْيَاءٌ فِي الْحُرَّةِ لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِ الْإِغْيَاءَيْنِ وَتَعَاكُسِ الْمَشْهُورِينَ، فَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحُرَّةَ تَحْتَهُ لَيْسَتْ طَوْلًا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَيْهِ فَرَّعَ قَوْلَهُ بَعْدُ كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَفْهُوم إنْ خَافَ زِنًا إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَخَفْهُ أَوْ خَافَهُ وَوَجَدَ طَوْلًا لِحُرَّةٍ غَيْرِ مُغَالِيَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْمَنْعُ تَحْرِيمٌ أَوْ كَرَاهَةٌ. الْبَاجِيَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلَيْنِ وَهَلْ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ الْحُرَّةَ خُصُوصُ الصَّدَاقِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَصْبَغُ الطَّوْلُ مَا يَصْلُحُ لِنِكَاحِ الْحُرَّةِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَمُؤْنَةٍ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَبْيَنُ وَإِنْ تَزَوَّجَ الْحُرُّ الَّذِي يُولَدُ لَهُ أَمَةَ مَنْ لَا يُعْتَقُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ بِشَرْطَيْهِ ثُمَّ زَالَ الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَفِي فَسْخِهِ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ عَلَى عَدَمِهِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَيُفْسَخُ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهَلْ قَبْلُ فَقَطْ أَوْ وَبَعْدُ إنْ لَمْ يَطُلْ أَوْ وَإِنْ طَالَ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ لِعَقْدِهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَنَفِيٌّ بِصِحَّتِهِ. (وَ) يَجُوزُ (لِعَبْدٍ) غَيْرِ مُكَاتَبٍ (بِلَا شِرْكٍ) لِسَيِّدَتِهِ فِيهِ (وَمُكَاتَبٍ) أَيْ مُعْتَقٍ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ بِلَا شِرْكٍ أَيْضًا (وَغْدَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَبِيحَيْ الْمَنْظَرِ (نَظَرُ شَعْرِ السَّيِّدَةِ) الْمَالِكَةِ لَهُمَا وَبَقِيَّةُ أَطْرَافِهَا الَّتِي يَنْظُرُهَا مَحْرَمُهَا مِنْهَا وَالْخَلْوَةُ بِهَا. ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَنَعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَلَا يَخْلُو بِهَا فِي بَيْتٍ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ. عج عِبَارَةُ ابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرَى شَعْرَ سَيِّدَتِهِ إنْ كَانَ وَغْدًا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَرَى شَعْرَهَا وَلَا يَخْلُو مَعَهَا فِي بَيْتٍ. اهـ. وَمَفْهُومُ بِلَا شِرْكٍ مَنْعُ نَظَرِ مَالَهَا فِيهِ شِرْكٌ وَلَوْ لِزَوْجِهَا وَأَحْرَى مَا لَا شَيْءَ لَهَا فِيهِ. الْبُنَانِيُّ مِثْلُ مَا لِابْنِ نَاجِي لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي رُؤْيَةِ شَعْرِهَا، أَمَّا خَلْوَتُهُ بِهَا فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْمَنْعُ خِلَافًا لِسَالِمٍ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الشَّعْرَ تَبَعًا لِغَيْرِ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ، وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَيَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرَى مِنْ سَيِّدَتِهِ مَا يَرَاهُ الْمَحْرَمُ مِنْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353 كَخَصِيٍّ وَغْدٍ لِزَوْجٍ، وَرُوِيَ جَوَازُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا. وَخُيِّرَتْ الْحُرَّةُ مَعَ الْحُرِّ فِي نَفْسِهَا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ: كَتَزْوِيجِ أَمَةٍ عَلَيْهَا   [منح الجليل] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدٌ لَهُ مَنْظَرٌ فَيُكْرَهُ أَنْ يَنْظُرَ مَا عَدَا وَجْهَهَا. اهـ. فَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرَهُ سَالِمٌ فِي الْأَطْرَافِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) نَظَرِ (خَصِيٍّ وَغْدٍ) مَمْلُوكٍ (لِزَوْجٍ) شَعْرَ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ فَيَجُوزُ وَمَفْهُومُ لِزَوْجٍ أَنَّ الْخَصِيَّ الْحُرَّ أَوْ الْمَمْلُوكَ لِغَيْرِهِمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَفْهُومُ وَغْدٍ أَنَّ خَصِيَّ الزَّوْجِ الْجَمِيلِ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَرُوِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (جَوَازُهُ) أَيْ نَظَرِ الْخَصِيِّ الْوَغْدِ شَعْرَ الْحُرَّةِ إنْ كَانَ مِلْكًا لَهَا أَوْ لِزَوْجِهَا، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْخَصِيُّ مِلْكًا (لَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ كَانَ لِغَيْرِهِمَا، وَلَفْظُ الرِّوَايَةِ لَا بَأْسَ لِلْعَبْدِ الْخَصِيِّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى النِّسَاءِ وَيَرَى شُعُورَهُنَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْظَرٌ. (وَخُيِّرَتْ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ الزَّوْجَةُ (الْحُرَّةُ مَعَ) الزَّوْجِ (الْحُرِّ) تَتَزَوَّجُهُ فَتَجِدُ مَعَهُ زَوْجَةً أَمَةً لَمْ تَعْلَمْهَا حَالَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا فَتُخَيَّرُ الْحُرَّةُ (فِي نَفْسِهَا) لِأَنَّ عَلَيْهَا مَعَرَّةً فِي مُعَادَلَتِهَا أَمَةً، وَمَفْهُومُ فِي نَفْسِهَا أَنَّهَا لَا تُخَيَّرُ فِي الْأَمَةِ، وَمَفْهُومُ مَعَ الْحُرِّ أَنَّهَا لَا تُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا مَعَ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْأَمَةَ مِنْ نِسَائِهِ، فَكَأَنَّ الْحُرَّةَ عَلِمَتْ بِهَا وَدَخَلَتْ عَلَيْهَا. وَمَفْهُومُ زَوْجَةٍ أَنَّهَا لَا تُخَيَّرُ مَعَ الْحُرِّ إنْ وَجَدَتْ عِنْدَهُ أَمَةٍ لَهُ إذْ لَا يَلْحَقُهَا عَارٌ بِهَا، وَمِنْ شَأْنِ الْأَزْوَاجِ التَّسَرِّي مَعَ الزَّوْجَاتِ وَتَخْتَارُ نَفْسَهَا (بِطَلْقَةٍ) فَقَطْ، فَإِنْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ أَوْقَعَتْ ثَلَاثًا لَزِمَتْهُ وَأَسَاءَتْ (بَائِنَةٍ) نَعْتٌ كَاشِفٌ إذْ كُلُّ طَلَاقٍ جَبْرِيٍّ بَائِنٌ إلَّا عَلَى مُولٍ أَوْ مُعْسِرٍ بِنَفَقَةٍ، وَإِذَا كَانَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ أَوْ لَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَاقْتَصَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الثَّانِي. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ (كَتَزْوِيجِ) الْحُرِّ بِ (أَمَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ الْحُرَّةِ فَتُخَيَّرُ الْحُرَّةُ فِي نَفْسِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354 أَوْ ثَانِيَةٍ أَوْ عَلِمَهَا بِوَاحِدَةٍ فَأَلْفَتْ أَكْثَرَ وَلَا تُبَوَّأُ أَمَةٌ بِلَا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ لَمْ تُبَوَّأْ، وَأَنْ يَضَعَ مِنْ صَدَاقِهَا، إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ دِينُهَا، إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ،   [منح الجليل] بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، وَفِي نُسْخَةٍ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ، وَفِي أُخْرَى بِبَاءِ السَّبَبِيَّةِ، وَعَلَيْهِمَا فَهَذَا تَتْمِيمٌ لِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَجْمُوعُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ فَنُسْخَةُ الْكَافِ أَوْلَى لِاشْتِمَالِهَا عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ) تَزَوَّجَ الْحُرُّ بِأَمَةٍ (ثَانِيَةٍ) عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي رَضِيَتْ بِتَزَوُّجِهِ أَمَةً عَلَيْهَا أَوْ قَبْلَهَا فَتَخَيُّرُ الْحُرَّةُ أَيْضًا، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَ ثَالِثَةً (أَوْ عِلْمِهَا) أَيْ الْحُرَّةَ (بِ) زَوْجَةِ أَمَةٍ (وَاحِدَةٍ) لِخَاطِبِهَا الْحُرِّ وَتَزَوَّجَتْهُ عَلَيْهَا (فَأَلْفَتْ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ أَيْ وَجَدَتْ مَعَ الْحُرِّ الَّذِي تَزَوَّجَتْهُ (أَكْثَرَ) مِنْ زَوْجَةٍ أَمَةٍ وَاحِدَةٍ فَتُخَيَّرُ فِي نَفْسِهَا كَذَلِكَ. (وَ) إنْ زَوَّجَ الْمَالِكُ أَمَتَهُ لِحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَأَرَادَ تَبْوِئَتَهَا عَنْ مَالِكِهَا فَ (لَا تُبَوَّأُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ لَا تُفْرَدُ بِبَيْتٍ (أَمَةٌ) مُتَزَوِّجَةٌ جَبْرًا عَلَى مَالِكِهَا (بِلَا شَرْطٍ) مِنْ خَاطِبِهَا عَلَى سَيِّدِهَا تَبْوِيئَهَا (أَوْ) جَرَيَانِ (عُرْفٍ) بِهِ لِأَنَّهُ يُعَطِّلُ أَوْ يُنْقِصُ خِدْمَتَهَا سَيِّدَهَا فَيُقْضَى لَهُ بِبَقَائِهَا فِي بَيْتِهِ وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا مَتَى شَاءَ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ شَرَطَ أَوْ اُعْتِيدَ جَبْرُ السَّيِّدِ عَلَيْهِ، وَلِسَيِّدِهَا مِنْ خِدْمَتِهَا مَا لَا يُعَطِّلُ حَقَّ زَوْجِهَا وَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا بُوِّئَتْ أَوْ لَمْ تُبَوَّأْ إلَّا الْمُكَاتَبَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَتُبَوَّآنِ جَبْرًا بِلَا شَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، وَالْمُبَعَّضَةُ فِي يَوْمِهَا كَالْحُرَّةِ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهَا كَالْقِنِّ. (وَلِلسَّيِّدِ السَّفَرُ بِمَنْ) أَيْ أَمَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ (لَمْ تُبَوَّأْ) وَلَوْ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَبَيْعُهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا كَذَلِكَ، وَيُقْضَى لِزَوْجِهَا بِسَفَرِهِ مَعَهَا فِيهِمَا إلَّا لِعُرْفٍ بِعَدَمِهِ، وَمَفْهُومُ لَمْ تُبَوَّأْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِمَنْ بُوِّئْت وَلَا بَيْعُهَا لِمَنْ يُسَافِرُ بِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ (وَ) لِلسَّيِّدِ (أَنْ يَضَعَ) أَيْ يُسْقِطَ عَنْ زَوْجِ أَمَتِهِ (مِنْ صَدَاقِهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ سَوَاءٌ بُوِّئَتْ أَمْ لَا، بَنَى بِهَا أَمْ لَا (إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ الْوَضْعَ مِنْ صَدَاقِهَا (دَيْنُهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُحِيطِ بِمَالِهَا الَّذِي لَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ لِتَدَايُنِهَا إيَّاهُ بِإِذْنِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ مَنَعَهُ دَيْنُهَا فَلَيْسَ لَهُ الْوَضْعُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا بَعْدَهُ وَدَيْنُهُ كَدَيْنِهَا فِي مَنْعِهِ كُلَّ مَا أَرَادَ وَضْعَهُ (إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355 وَمَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَأَخْذُهُ وَإِنْ قَتَلَهَا أَوْ بَاعَهُمَا بِمَكَانٍ بَعِيدٍ إلَّا لِظَالِمٍ، وَفِيهَا يَلْزَمُهُ تَجْهِيزُهَا بِهِ، وَهَلْ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ أَوْ الْأَوَّلُ   [منح الجليل] فَلَيْسَ لَهُ وَضْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِحَقِّ اللَّهِ فِي شَرْطِهِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَلَهُ وَضْعُهُ بَعْدَهُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِهِ وَصَيْرُورَتِهِ حَقًّا لِلسَّيِّدِ، وَهَذَا إذَا كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهَا وَإِلَّا كَمُدَبَّرَةٍ وَقَدْ مَرِضَ السَّيِّدُ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ قَرُبَ فَلَا وَضْعَ لَهُ، وَمِنْ التَّبْعِيضِيَّةِ لَا تُغْنِي عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِصِدْقِهِ بِمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِينَارٍ. (وَ) لِلسَّيِّدِ (مَنْعُهَا) أَيْ الْأَمَةِ مِنْ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَمِنْ وَطْئِهَا بَعْدَهُ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا (حَتَّى يَقْبِضَهُ) أَيْ السَّيِّدُ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ (وَ) لَهُ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَهْرِ كُلِّهِ لِنَفْسِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَنْصُوصَ، وَعَزَاهُ بَعْضُهُمْ لَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُضِرَّ فِي رُبْعِ الدِّينَارِ إسْقَاطُهُ لِلزَّوْجِ لَا أَخْذُهُ السَّيِّدَ وَلَهُ أَخْذُهُ. (وَإِنْ قَتَلَهَا) أَيْ السَّيِّدُ أَمَتَهُ وَلَوْ قَبْلَ بِنَاءِ الزَّوْجِ بِهَا وَيَكْتَمِلُ عَلَيْهِ بِهِ إذْ لَا يُتَّهَمُ بِقَتْلِهَا لَهُ إذْ الْغَالِبُ نَقْصُهُ عَنْ قِيمَتِهَا (أَوْ بَاعَهَا) أَيْ لِلسَّيِّدِ أَمَتَهُ لِمَنْ يَذْهَبُ بِهَا (بِمَكَانٍ بَعِيدِ) يَشُقُّ عَلَى زَوْجِهَا الْوُصُولُ إلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (لِظَالِمٍ) يَمْنَعُ زَوْجَهَا مِنْ وُصُولِهِ إلَيْهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ الصَّدَاقَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِلزَّوْجِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ وَمَتَى تَمَكَّنَ الزَّوْجُ مِنْ وُصُولِهِ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِبَائِعِهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ، فَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ لِظَالِمٍ فَلَهُ أَخْذُهُ لِتَقَرُّرِهِ عَلَى الزَّوْجِ بِالْبِنَاءِ وَمَا سَبَقَ كُلُّهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ تَجْهِيزُهَا بِهِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ السَّيِّدَ (تَجْهِيزُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (بِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ زَوْجِهَا. (وَهَلْ) مَا فِي الْكِتَابَيْنِ (خِلَافٌ وَعَلَيْهِ) أَيْ كَوْنِهِمَا مُخْتَلِفَيْنِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شَارِحِيهَا (أَوْ) وِفَاقٌ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْهُمْ، وَاخْتَلَفَ الْمُوَفِّقُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ (الْأَوَّلُ) أَيْ الَّذِي فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356 لَمْ تُبَوَّأْ؟ أَوْ جَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ؟ تَأْوِيلَانِ: وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ: مَنْعُ تَسْلِيمِهَا لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ وَالْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ إذَا أَعْتَقَ عَلَيْهِ وَصَدَاقُهَا،   [منح الجليل] نِكَاحِهَا مِنْ أَخْذِهِ صَدَاقَهَا فِي أَمَةٍ مُقِيمَةٍ فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا (لَمْ تُبَوَّأْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا مَهْمُوزًا، أَيْ لَمْ تُفْرَدْ مَعَ زَوْجِهَا بِبَيْتٍ، وَالثَّانِي الَّذِي فِي رُهُونِهَا مِنْ لُزُومِ تَجْهِيزِهَا بِهِ فِيمَنْ بُوِّئَتْ (أَوْ) أَيْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْأَوَّلُ فِي أَمَةٍ (جَهَّزَهَا) سَيِّدُهَا (مِنْ عِنْدِهِ) بِمِثْلِ مَا تُجَهَّزُ بِهِ مِنْ مَقْبُوضِ صَدَاقِهَا عَادَةً، وَالثَّانِي فِيمَنْ لَمْ يُجَهِّزْهَا مَنْ عِنْدَهُ الْجِهَازُ الْمُعْتَادُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَوَفَّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَنْ بِيعَتْ فَقُدِّمَ حَقُّ الْبَائِعِ، وَالثَّانِي فِيمَنْ لَمْ تُبَعْ فَقُدِّمَ حَقُّ الزَّوْجِ، وَبِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَنْ زُوِّجَتْ بِعَبْدِ سَيِّدِهَا، وَالثَّانِي فِيمَنْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِهِ (وَسَقَطَ بِبَيْعِهَا) أَيْ الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ لِغَيْرِ زَوْجِهَا (قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَقَبْلَ قَبْضِ صَدَاقِهَا. وَفَاعِلُ سَقَطَ (مَنْعُ تَسْلِيمُهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِزَوْجِهَا إلَى دَفْعِ صَدَاقِهَا لِبَائِعِهَا، أَمَّا عَدَمُ مَنْعِ مُشْتَرِيهَا تَسْلِيمَهَا لِزَوْجِهَا فَلِأَنَّ صَدَاقَهَا لَيْسَ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ مَالِهَا وَهُوَ لِبَائِعِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْبَائِعُ فَ (لِسُقُوطِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ) فِيهَا لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ لَهُ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا أَيْضًا إذْ الصَّدَاقُ لِبَائِعِهَا، فَإِنْ أُعْتِقَتْ فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ مُعْتِقُهَا مَالَهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَهُ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَوْ أَعْتَقَتْ السَّيِّدَةُ عَبْدَهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا سَقَطَ عَنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، أَيْ لَا يَلْزَمُهُ (الْوَفَاءُ بِالتَّزْوِيجِ) بِسَيِّدَتِهِ الَّذِي اشْتَرَطَتْهُ عَلَيْهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَرَضِيَ بِهِ أَوْ بِسَيِّدِهَا كَذَلِكَ (إذَا أَعْتَقَ) الْعَبْدَ أَوْ الْأَمَةَ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّزْوِيجِ إذْ طَوْعُ الرَّقِيقِ كُرْهٌ، وَكَذَا مَنْ أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنْ تَنْكِحَ فُلَانًا غَيْرَهُ أَوْ مَنْ أَعْطَى سَيِّدَهَا مَالًا عَلَى أَنْ يُعْتِقَهَا وَيُزَوِّجَهَا لَهُ فَأَعْتَقَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ، وَلَهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَهُ، وَلَزِمَ الْمَالُ الدَّافِعَ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَقِ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (وَ) سَقَطَ نِصْفُ (صَدَاقِهَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357 وَهَلْ وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ لِفَلَسٍ أَوْ لَا وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] أَيْ الْأَمَةِ عَنْ زَوْجِهَا بِبَيْعِهَا لَهُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهِ قَالَهُ فِيهَا. (وَهَلْ) يَسْقُطُ الصَّدَاقُ عَنْ الزَّوْجِ (وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ) الْأَمَةَ لِزَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (لِفَلَسٍ) لِلسَّيِّدِ وَكَبَيْعِ السُّلْطَانِ بَيْعُ غَيْرِهِ (أَوْ لَا) يَسْقُطُ بِبَيْعِهَا لِزَوْجِهَا لِفَلَسٍ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْأَمَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَفَسْخَ إنْكَاحِهَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ، وَلَمَّا أَوْهَمَ الْحُكْمُ بِسُقُوطِهِ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ لِفَلَسِ السَّيِّدِ رُجُوعُ الزَّوْجِ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مُحَاصَّةَ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ لِرَفْعِ هَذَا فَقَالَ (وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ) الزَّوْجُ الْمُشْتَرِي زَوْجَتَهُ مِنْ السُّلْطَانِ لِفَلَسِ سَيِّدِهَا (بِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ لَهُ مُقَاصِصًا لَهُ بِهِ (مِنْ الثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ وَلَا يُحَاصِصُ بِهِ غُرَمَاءَهُ فِيهِ وَيَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ السَّيِّدِ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ تَجَدَّدَ عَلَى السَّيِّدِ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ، فَالْمَنْفِيُّ عِنْدَ الْمُوَفِّقِ إنَّمَا هُوَ الرُّجُوعُ بِهِ فِي الثَّمَنِ بِحَيْثُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، أَوْ يَكُونُ فِيهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصِصُهُمْ فِيهِ بِدَيْنِهِ لِأَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَأَنَّهُ دَيْنٌ طَرَأَ أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ عَاشِرٍ، فَهُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ لِفَلَسٍ، فَلَعَلَّ مُخَرِّجَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ عَنْ مَحَلِّهِ، فَمَعْنَى سُقُوطِهِ عَنْهُ بِبَيْعِهَا لَهُ مِنْ السُّلْطَانِ لِفَلَسِ السَّيِّدِ اتِّبَاعُهُ ذِمَّةَ سَيِّدِهَا بِهِ لَا حَبْسُهُ مِنْ الثَّمَنِ. وَأَمَّا عَلَى عَدَمِ سُقُوطِهِ عَنْهُ بِذَلِكَ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ مَعَ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ وَلَا يَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ السَّيِّدِ بِحَالٍ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) لِكَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ لَا لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَهُمَا عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ ابْتَاعَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَإِنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ رَدَّهُ لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سَمِعَ أَبُو زَيْدِ بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَبَضَ مَهْرَ أَمَتِهِ فَبَاعَهَا السُّلْطَانُ فِي فَلَسِهِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ فَلَا يَرْجِعُ زَوْجُهَا بِمَهْرِهَا عَلَى رَبِّهَا لِأَنَّ السُّلْطَانَ هُوَ الَّذِي بَاعَهَا مِنْهُ، فَاخْتُلِفَ هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358 كَمَالِهَا. وَبَطَلَ فِي الْأَمَةِ إنْ جَمَعَهَا مَعَ حُرَّةٍ فَقَطْ بِخِلَافِ الْخَمْسِ   [منح الجليل] وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ، وَرَأَى أَنَّ بَيْعَ السُّلْطَانِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ، وَضَعُفَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ أَوْ وِفَاقٌ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يَرْجِعُ بِهِ النَّفْيُ الْمُقَيَّدُ أَيْ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْآنَ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا تَأْوِيلُ بَعْضِهِمْ، فَقَوْلُهُ وَلَوْ بِبَيْعِ سُلْطَانٍ إشَارَةٌ لِلْوِفَاقِ، وَقَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ هُوَ وَجْهُ الْوِفَاقِ، وَقَوْلُهُ أَوْ لَا إشَارَةٌ لِلْخِلَافِ، أَيْ أَوْ لَا يَسْقُطُ بِبَيْعِ السُّلْطَانِ لِلْفَلَسِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا لَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وتت. (وَ) إنْ بِيعَتْ الْأَمَةُ لِزَوْجِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ فَصَدَاقُهَا (كَمَالِهَا) أَيْ الْأَمَةِ فِي جَوَازِ انْتِزَاعِهِ سَيِّدَهَا وَتَبَعِيَّتِهَا إنْ عَتَقَتْ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ سَيِّدُهَا لَا إنْ بِيعَتْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُشْتَرِي، فَلَا يَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا بِبَيْعِهِ لَهُ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ سُلْطَانٍ إلَى غَيْرِ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ مَالِهَا. (وَبَطَلَ) النِّكَاحُ (فِي الْأَمَةِ) الَّتِي حَرُمَ تَزَوُّجُهَا لِفَقْدِ شَرْطِهِ (إنْ جَمَعَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الْأَمَةَ (مَعَ حُرَّةٍ) فِي عَقْدٍ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْحُرَّةِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُمْ الْعَقْدُ عَلَى حَلَالٍ وَحَرَامٍ بَاطِلٌ فِيهِمَا فِي الْحَرَامِ بِكُلِّ حَالٍ كَبَيْعِ خَلٍّ وَخَمْرٍ وَشَاةٍ وَخِنْزِيرٍ، وَتَزَوُّجُ الْأَمَةِ جَائِزٌ بِشُرُوطِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ بَطَلَ فِي الْحُرَّةِ أَيْضًا لِهَذَا، وَقَيَّدَ الْمَشْهُورَ بِكَوْنِ الْأَمَةِ مِلْكًا لِغَيْرِ الْحُرَّةِ وَإِلَّا بَطَلَ فِيهِمَا لِمِلْكِ الْحُرَّةِ الصَّدَاقَيْنِ، فَلَمْ يَتَمَيَّزْ الْحَلَالُ مِنْ الْحَرَامِ، وَالْعَقْدُ عَلَى الْأَمَةِ الَّتِي يَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ حُرَّةِ صَحِيحٌ فِيهِمَا وَلَوْ سَيِّدَتَهَا. (بِخِلَافِ) جَمْعِ (الْخَمْسِ) مِنْ الزَّوْجَاتِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَيَبْطُلُ فِي جَمِيعِهِنَّ وَيُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدْنَ أَوْلَادًا سَوَاءٌ كُنَّ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءً، أَوْ بَعْضُهُنَّ حَرَائِرَ وَبَعْضُهُنَّ إمَاءً، وَسَوَاءٌ جَمَعَهُنَّ فِي صَدَاقٍ أَمْ لَا إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُنَّ أَمَةً يَحْرُمُ نِكَاحُهَا وَإِلَّا بَطَلَ فِيهَا فَقَطْ. وَقَدْ شَمِلَ هَذَا قَوْلُهُ وَبَطَلَ فِي الْأَمَةِ إلَخْ إذْ الْمُرَادُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْمُتَعَدِّدِ أَيْضًا أَفَادَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 359 وَالْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا، وَلِزَوْجِهَا الْعَزْلُ إذَا أَذِنَتْ، وَسَيِّدُهَا: كَالْحُرَّةِ إذَا أَذِنَتْ.   [منح الجليل] عب. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ فَسْخُ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْجَمِيعِ وَكَذَا فِي مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ وَإِحْدَاهُمَا أَمَةٌ مُحَرَّمَةٌ. لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهِمَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الْأَمَةِ، بَلْ مِنْ جِهَةِ جَمْعِ الْخَمْسِ الْمُحَرَّمِ بِالْإِجْمَاعِ، وَجَمْعُ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ كَذَلِكَ لِتَحْرِيمِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، فَقَدْ جَمَعَ الْعَقْدُ تَحْرِيمَ الْأَمَةِ وَتَحْرِيمَ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ فِي الْجَمِيعِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ الْأَمَةُ. (وَ) بِخِلَافِ جَمْعِ (الْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا) أَيْ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا كَأُخْتِهَا فِي عَقْدٍ فَيُفْسَخُ فِيهِمَا وَلَوْ طَالَ بَعْدَ بِنَاءٍ، وَلِلْمَبْنِيِّ بِهَا صَدَاقُهَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ مِثْلِهَا، وَفُسِخَ فِي الْجَمِيعِ فِيهِمَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْحَرَامِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ مَعَ حُرَّةٍ. (وَلِزَوْجِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (الْعَزْلُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ أَيْ عَدَمُ إنْزَالِهِ فِيهَا عِنْدَ جِمَاعِهَا، وَكَذَا جَعْلُ خِرْقَةٍ فِي فَرْجِهَا تَمْنَعُ وُصُولَ مَائِهِ لِرَحِمِهَا (إنْ أَذِنَتْ) الْأَمَةُ لِزَوْجِهَا فِيهِ هِيَ (وَسَيِّدُهَا) أَيْ مَالِكُهَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِحَقِّهَا فِي كَمَالِ الْتِذَاذِهَا وَحَقِّهِ فِي وَلَدِهَا إنْ كَانَتْ تَحْمِلُ، وَإِلَّا كَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ وَبَعْلَةٍ وَحَامِلٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ سَيِّدِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا إنْ أَصَابَهَا مَرَّةً بِإِنْزَالٍ إلَى تَمَامِ طُهْرِهَا. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) عَزْلِهِ عَنْ (الْحُرَّةِ إذَا أَذِنَتْ) الْحُرَّةُ لَهُ فِيهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ أَوْ صَغِيرَةٍ تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ لَوْ تَأَيَّمَتْ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ وَلِيِّهَا فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي وَلَدِهَا، وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِجَوَازِ عَزْلِ الْمَالِكِ عَنْ أَمَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَرُبَّمَا أَشْعَرَ جَوَازُ الْعَزْلِ بِأَنَّ الْمَنِيَّ إذَا صَارَ دَاخِلَ الرَّحِمِ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَشَدُّ مِنْهُ إذَا تَخَلَّقَ، وَأَشَدُّ مِنْ ذَا إذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ فَيَحْرُمُ إجْمَاعًا قَالَهُ ابْنُ جُزَيٍّ. وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ. وَحَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ قَبْلَهُ وَظَاهِرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 360 وَالْكَافِرَةُ، إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ بِكُرْهٍ، وَتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ، وَبِالْعَكْسِ،   [منح الجليل] وَلَوْ فِي زَوْجَةٍ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَلَوْ مَاءَ زِنًا، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِهِ خُصُوصًا إنْ خَافَتْ قَتْلَهَا بِظُهُورِهِ وَهِيَ بِكْرٌ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ اسْتِعْمَالُ مَا يَقْطَعُ الْمَاءَ أَوْ يُبَرِّدُ الرَّحِمَ أَوْ يُقَلِّلُ النَّسْلَ. (وَ) حَرُمَ (الْكَافِرَةُ) أَيْ وَطْؤُهَا بِمِلْكٍ أَوْ نِكَاحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ (إلَّا الْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ) فَيَجُوزُ تَزَوُّجُهَا (بِكُرْهٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ كَرَاهَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِمُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ لِأَنَّهَا تَتَغَذَّى بِالْخِنْزِيرِ وَالْخَمْرِ، وَتَغَذَّى وَلَدُهَا بِهِ وَيُقَبِّلُهَا وَيُضَاجِعُهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا لِدُخُولِهِ عَلَيْهِمَا وَخَوْفًا مِنْ مَوْتِهَا حَامِلًا مِنْهُ فَتُدْفَنُ فِي مَقْبَرَتِهِمْ وَهِيَ حُفْرَةٌ مِنْ النَّارِ وَلِأَنَّهُ سُكُونٌ إلَى الْكَوَافِرِ وَمَوَدَّةٌ لَهُنَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الْآيَةُ، وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِلَا كَرَاهَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] ، أَيْ الْحَرَائِرِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ التَّغَذِّي بِالْخِنْزِيرِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَلَا مِنْ نَحْوِ الْكَنِيسَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَا مِنْ صَلَاتِهَا وَصَوْمِهَا، وَلَا يَطَأهَا صَائِمَةً إنْ كَانَ مَمْنُوعًا فِي دِينِهَا لِإِقْرَارِهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا. (وَتَأَكَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ اشْتَدَّ وَتَقَوَّى الْكُرْهُ فِي تَزْوِيجِهَا (بِدَارِ الْحَرْبِ) أَيْ الْكُفْرِ عَلَى كُرْهِ تَزَوُّجِهَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لِتَقَوِّيهَا بِأَهْلِ دِينِهَا فَيُخْشَى تَرْبِيَتُهَا وَلَدَهَا عَلَى دِينِهَا وَعَدَمُ مُبَالَاتِهَا بِاطِّلَاعِ أَبِيهِ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا إنْ كَانَتْ الْكِتَابِيَّةُ عَلَى دِينِهَا الْأَصْلِيِّ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (يَهُودِيَّةً تَنَصَّرَتْ) أَيْ ارْتَدَّتْ عَنْ دِينِ الْيَهُودِيَّةِ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ سَوَاءٌ أَظْهَرَتْ ذَلِكَ أَوْ أَخْفَتْهُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ نَصْرَانِيَّةٌ تَهَوَّدَتْ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الصَّابِئِيَّةَ إنْ ارْتَدَّتْ إلَى الدَّهْرِيَّةِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ تَحْرُمُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ الدَّهْرِيَّةَ إذَا تَهَوَّدَتْ أَوْ تَنَصَّرَتْ تَحِلُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 361 وَأَمَتَهُمْ بِالْمِلْكِ، وَقُرِّرَ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَأَنْكِحَتُهُمْ فَاسِدَةٌ، وَعَلَى الْأَمَةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ   [منح الجليل] (وَ) إلَّا (أَمَتَهُمْ) فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى الْحُرَّةِ أَيْ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا (بِالْمِلْكِ) وَظَاهِرُهُ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَمَفْهُومُ بِالْمِلْكِ مَنْعُهُ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا تَحِلُّ لِمُسْلِمٍ وَلَوْ عَبْدًا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لِمُسْلِمٍ لِتَأْدِيَتِهِ لِإِرْقَاقِ وَلَدِهَا الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ الَّذِي مَلَكَهَا، أَوْ يَمْلِكُهَا لِجَوَازِ بَيْعِهَا لِكَافِرٍ عَلَى دِينِهَا. (وَقُرِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا أَيْ أُبْقِيَ وَأُدِيمَ الزَّوْجُ الْكَافِرُ (عَلَى) نِكَاحِ (هَا) أَيْ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ (إنْ أَسْلَمَ) الزَّوْجُ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ بِهَا وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَهَلْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَالِابْتِدَاءِ، وَعَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ وَعَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ تَرَدُّدٌ، وَشَرْطُ إقْرَارِهِ عَلَيْهَا عَدَمُ الْمَانِعِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا الْمَحْرَمَ وَحُصُولُ مَا يَعْتَقِدُونَهُ نِكَاحًا بَيْنَهُمَا قَبْلَ إسْلَامِهِ. (وَأَنْكِحَتُهُمْ) أَيْ الْكُفَّارِ (فَاسِدَةٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَ صِحَّةِ النِّكَاحِ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ فِيمَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ. الْمَشْهُورُ أَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ فَاسِدَةٌ، وَاَلَّذِي أَفَادَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَغَيْرُهُمْ الِاتِّفَاقُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَتُحْمَلُ عَلَى الْفَسَادِ عِنْدَ الْجَهْلِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فَغَيْرُ الْمُسْتَوْفَى الشُّرُوطِ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا، وَمُسْتَوْفِيهَا فِي فَسَادِهِ وَعَدَمِهِ طَرِيقَتَانِ. وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ بِفَسَادِهَا وَإِنْ كُنَّا لَا نَفْسَخُهَا وَنُقِرُّهُمْ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمُوا مُنِعَ تَوَلِّيهَا الْمُسْلِمَ وَحُضُورُهَا وَشَهَادَتُهُ عَلَيْهَا. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ اخْتِلَافَ فَتْوَى شُيُوخِهِ فِي جَوَازِ شَهَادَةِ الْمُتَنَصِّبِينَ لِلشَّهَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ لِلْيَهُودِ عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ بِوَلِيٍّ وَمَهْرٍ شَرْعِيٍّ وَمَنْعِهَا، وَأَلَّفَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى الْآخَرِ. وَالصَّوَابُ تَرْجِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْعَهَا وَفَرْضُ الْخِلَافِ فِي الْمُتَنَصِّبِينَ وَارِدٌ عَلَى سُؤَالٍ وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ كَذَلِكَ، وَعَلَى صِحَّتِهَا، فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالذَّهَابُ مَعَهُمْ إلَى دِيَارِهِمْ. الْبُرْزُلِيُّ الصَّوَابُ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ أَعَزُّ لِلْإِسْلَامِ إلَّا لِيَدٍ سَلَفَتْ أَوْ ضَرُورَةٍ. (وَ) قُرِّرَ الَّذِي أَسْلَمَ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ أَمَةً كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ حُرَّةً مَجُوسِيَّةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 362 إنْ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَتْ وَلَمْ يَبْعُدْ: كَالشَّهْرِ وَهَلْ إنْ غُفِلَ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] إنْ عَتَقَتْ) الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةِ (وَأَسْلَمَتْ) الْمَجُوسِيَّةُ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَمِثْلُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ تَهَوُّدُهَا أَوْ تَنَصُّرُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَوْ سُبِيَتْ بَعْدَ قُدُومِهِ وَإِسْلَامِهِ وَأَسْلَمَتْ وَلَمْ تُعْتَقْ احْتَمَلَ فَسْخُ نِكَاحِهَا لِأَنَّ شَرْطَ عَدَمِ فَسْخِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عَدَمُ الطَّوْلِ وَخَوْفُ الْعَنَتِ وَالْأَرْجَحُ عَدَمُ فَسْخِهِ كَمُتَزَوِّجٍ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ وَجَدَ طَوْلًا لَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُ (وَلَمْ يَبْعُدْ) عِتْقُهَا أَوْ إسْلَامُهَا مِنْ إسْلَامِهِ، وَمَثَّلَ لِنَفْيِ الْبُعْدِ فَقَالَ (كَالشَّهْرِ) فَهُوَ مِثَالُ الْقُرْبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَرُبَ كَالشَّهْرِ. (وَهَلْ) إقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِشَرْطِهِ (إنْ غُفِلَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ عَنْ إيقَافِهَا هَذِهِ الْمُدَّةَ، فَلَمْ تُوقَفْ حَتَّى أَسْلَمَتْ بِانْشِرَاحِ صَدْرِهَا لَهُ، فَإِنْ وُقِفَتْ وَقْتَ إسْلَامِهِ وَطَلَبَ مِنْهَا الْإِسْلَامَ فَأَبَتْهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ بِكَشَهْرٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا (أَوْ يُقَرُّ) عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ بِكَشَهْرٍ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْغَفْلَةِ عَنْهَا فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) هَذَا ظَاهِرُهُ، وَبِهِ قَرَّرَهُ عج وَهُوَ الصَّوَابُ. فَفِي التَّهْذِيبِ وَإِنْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ، فَإِنْ أَبَتْهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ تَعَيَّنَتْ زَوْجَةً مَا لَمْ يُبْعِدْهَا مَا بَيْنَ إسْلَامِهِمَا وَلَمْ يُحَدَّ الْبُعْدُ بِحَدٍّ وَأَرَى الشَّهْرَ وَأَكْثَرَ مِنْهُ قَلِيلًا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُؤَخَّرُ. ابْنُ يُونُسَ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُحَدَّ الْبُعْدُ بِحَدِّ إلَخْ. ابْنُ يُونُسَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الشَّهْرَيْنِ. ابْنُ اللَّبَّادِ إذَا غَفَلَ عَنْهَا وَحَمَلَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَلَى ظَاهِرِهَا قَائِلًا الْمَعْرُوفُ إذَا وُقِفَتْ إلَى شَهْرٍ أَوْ بَعْدَهُ فَأَسْلَمَتْ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ. عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُوقَفُ خِلَافُ مَا تَأَوَّلَهُ الْقَرَوِيُّونَ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وِفَاقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ اهـ. كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَعَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهَا زَوْجَةٌ إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ بِشَهْرٍ وَلَوْ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ قَبْلُ وَأَبَتْهُ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافٌ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 363 وَلَا نَفَقَةَ أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا. وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ. وَقَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ مَكَانَهَا أَوْ أَسْلَمَا،   [منح الجليل] (وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا عَلَى الزَّوْجِ فِيمَا بَيْنَ إسْلَامَيْهِمَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْهَا بِتَأْخِيرِهَا الْإِسْلَامَ إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا وَإِلَّا فَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ (أَوْ أَسْلَمَتْ) الزَّوْجَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا أَوَّلًا (ثُمَّ أَسْلَمَ) زَوْجُهَا (فِي) زَمَنِ (عِدَّتِهَا) أَيْ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ فَيُقَرُّ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا بَانَتْ مِنْهُ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَأَفَادَ قَوْلُهُ فِي عِدَّتِهَا أَنَّهَا مَدْخُولٌ بِهَا وَيَأْتِي مَفْهُومُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أُقِرَّ عَلَيْهَا غَائِبًا كَانَ أَوْ حَاضِرًا وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ غَيْرِهِ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي الشَّامِلِ لِأَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ إلَّا إذَا حَضَرَ عَقْدَ غَيْرِهِ عَلَيْهَا وَسَكَتَ فَتَفُوتُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهِ، أَفَادَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيُقَرُّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا حَالَ كُفْرِهِ. بَلْ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) بَعْدَ إسْلَامِهَا أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يُفَارِقْهَا إذْ هُوَ لَغْوٌ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ، فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ عِدَّتِهَا عَقَدَ عَلَيْهَا بِعِصْمَةٍ كَامِلَةٍ أَفَادَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا نَفَقَةَ) لِلَّتِي أَسْلَمَتْ قَبْلَ زَوْجِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فِي أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا الَّتِي مَنَعَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا بِإِسْلَامِهَا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَلِذَا قَالَ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَحْسَنِ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَهَا النَّفَقَةُ، وَبِهِ أَفْتَى أَصْبَغُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا. وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا فَهِيَ لَهَا اتِّفَاقًا فِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلَانِ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ. (وَ) إنْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ الْكَافِرَةُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) مِنْ الْكَافِرِ (بَانَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا (مَكَانَهَا) ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْحَاجِبِ اتِّفَاقًا، وَظَاهِرُهُمَا قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ إنْ قَرُبَ إسْلَامُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ عَلَى أَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمَهُ أَوْ لَا. ضَيْح وَعَلَى هَذَا فَالِاتِّفَاقُ فِي الْبُعْدِ وَالرَّاجِحُ فِي الْقُرْبِ الْبَيْنُونَةُ لِحِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ (أَوْ أَسْلَمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ مَعًا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَكَذَا إنْ أَسْلَمَا مُتَعَاقِبَيْنِ وَاطَّلَعْنَا عَلَى إسْلَامِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ وَقْتُ ثُبُوتِ إسْلَامِهِمَا عِنْدَنَا، فَلَا عِبْرَةَ بِالتَّعَاقُبِ قَبْلَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 364 إلَّا الْمَحْرَمَ، وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْأَجَلِ وَتَمَادَيَا لَهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَعَقَدَ إنْ أَبَانَهَا بِلَا مُحَلِّلٍ،   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَقَالَ (إلَّا الْمَحْرَمَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ لِزَوْجِهَا الْكَافِرِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا فِيهَا (وَ) إلَّا إنْ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجٍ غَيْرِهِ وَأَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا (قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا فِيهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَوْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ فَارَقَهَا وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ إنْ كَانَ مَسَّهَا. اهـ. وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ دُونَهُ وَوَطْؤُهُ إيَّاهَا فِي عِدَّتِهَا فِي كُفْرِهِ لَغْوٌ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ يُحَرِّمُهَا، وَكَذَا إسْلَامُهَا. وَمَفْهُومُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهُمَا إنْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَهُ يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ لَوْ أَسْلَمَا عَلَى نِكَاحٍ عَقَدَاهُ فِي الْعِدَّةِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ أَسْلَمَا بَعْدَهَا وَلَوْ وَطِئَ فِيهَا (وَ) إلَّا إنْ تَزَوَّجَهَا إلَى أَجَلٍ وَأَسْلَمَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ (الْأَجَلِ وَتَمَادَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ (لَهُ) أَيْ الْأَجَلِ فَلَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَحَّالٍ أَنَّهُمَا إذَا تَزَوَّجَا لِأَجَلٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فَلَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا إلَّا إذَا قَالَا فِي حَالِ كُفْرِهِمَا نَتَمَادَى عَلَى النِّكَاحِ أَبَدًا، سَوَاءٌ أَسْلَمَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا أَسْلَمَا بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ قَالَا ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا قَالَا ذَلِكَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَذَلِكَ لَا يُفِيدُهُمَا لِأَنَّهُمَا إنْ أَسْلَمَا قَبْلَ الْأَجَلِ فَقَدْ قَارَنَ الْمُفْسِدَ الْإِسْلَامُ فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ، وَإِنْ أَسْلَمَا بَعْدَ الْأَجَلِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ وَهُمَا لَا يُقَرَّانِ إلَّا عَلَى مَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدًا كَانَ أَوْ لَا. وَبَالَغَ عَلَى إقْرَارِهِمَا عَلَى النِّكَاحِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَ (طَلَّقَهَا) وَهُوَ كَافِرٌ (ثَلَاثًا) ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَوْ أَسْلَمَا مَعًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ جَاءَا مُسْلِمَيْنِ وَأَعَادَ الْمُبَالَغَةَ لِقَوْلِهِ ثَلَاثًا، وَلِقَوْلِهِ (وَعَقَدَ) أَيْ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بَعْدَ إسْلَامِهِ عَلَى مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا (إنْ) كَانَ (أَبَانَهَا) أَيْ فَارَقَهَا وَأَخْرَجَهَا مِنْ حَوْزِهِ (بِلَا) شَرْطِ (مُحَلِّلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ زَوْجٍ غَيْرِهِ لِلَغْوِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 365 وَفُسِخَ لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا بِلَا طَلَاقٍ، لَا رِدَّتِهِ فَبَائِنَةٌ   [منح الجليل] طَلَاقِهِ ثَلَاثًا لِكُفْرِهِ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِاشْتِرَاطِ الْمُحَلِّلِ وَلَزِمَ الْعَقْدُ لِإِبَانَتِهَا وَاعْتِقَادِهِ قَطْعَهَا النِّكَاحَ، وَلِذَا لَوْ أَبَانَهَا بِلَا طَلَاقٍ وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَعْقِدُ عَلَيْهَا، وَمَفْهُومُ إنْ أَبَانَهَا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يُبِنْهَا فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا بِلَا عَقْدٍ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ (لِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ فِي غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنْ أَسْلَمَ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى كُفْرِهَا مَجُوسِيَّةً مُطْلَقًا أَوْ أَمَةً كِتَابِيَّةً لَمْ تُعْتَقْ أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ بَعْدَهُ بِبُعْدٍ أَوْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا فَيُفْسَخُ (بِلَا طَلَاقٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى بِطَلَاقٍ لِلْخِلَافِ فِي أَنْكِحَتِهِمْ. وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ بِلَا طَلَاقٍ فَقَالَ (لَا رِدَّتِهِ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ (فَ) هِيَ طَلْقَةٌ (بَائِنَةٌ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ. وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا إنْ تَابَ فِي عِدَّتِهَا، وَعَلَى الثَّالِثِ لَهُ رَجْعَتُهَا فِيهَا وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ إنْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى الثَّانِي، وَهَلْ كَذَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَبُو الْحَسَنِ وَجْهُهُ أَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى طَلَاقِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الطَّلَاقِ وُجُودُ نِصْفِ الصَّدَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إنْ رَدَّهَا بِمُوجِبِ خِيَارِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَعَ مِلْكِهِ الْإِقَامَةَ فَكَيْفَ مَعَ جَبْرِهِ عَلَى الْفِرَاقِ. الْجَلَّابِ لَوْ ارْتَدَّتْ لَسَقَطَ صَدَاقُهَا وَكَذَا إنْ ارْتَدَّ الزَّوْجُ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِأَنَّ لَهَا نِصْفَهُ. وَفُرِّقَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ إسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ رِدَّتِهِ بِأَنَّهَا طَرَأَتْ عَلَى نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَكَانَتْ طَلَاقًا، وَالْإِسْلَامُ طَرَأَ عَلَى فَاسِدٍ فَكَانَ فَسْخًا، وَبِأَنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ وَالْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. وَشَرْطُ كَوْنِ رِدَّتِهَا طَلَاقًا عَدَمُ قَصْدِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يَنْفَسِخُ، اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا تت عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَصَدَ بِالْبَيْعِ الْفَسْخَ وَالْحَطُّ هُنَا وَالشَّامِلِ إذْ قَالَ فِي الرِّدَّةِ لَوْ قَصَدَتْ بِرِدَّتِهَا فَسْخَ نِكَاحِهَا فَلَا يَنْفَسِخُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْقَلْشَانِيُّ قَائِلًا أَقَامَهُ الْأَشْيَاخُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا تُسْقِطُهُ الرِّدَّةُ اُسْتُحِبَّ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 366 وَلَوْ لِدِينِ زَوْجَتِهِ، وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا، أَوْ إنْ كَانَ صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا،   [منح الجليل] أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ ارْتَدَّ لِإِسْقَاطِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ ارْتَدَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ سَقَطَ. وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ ارْتَدَّتْ الزَّوْجَةُ تُرِيدُ فَسْخَ نِكَاحِهَا فَلَا تَكُونُ طَلَاقًا وَتَبْقَى عَلَى عِصْمَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَالَ كَاشْتِرَائِهَا زَوْجَهَا تَبْتَغِي فَسْخَ نِكَاحِهَا، وَلَمَّا تَوَقَّفَ فِيهَا ابْنُ زَرْبٍ قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ نَزَلْتُ بِبِجَايَةَ فَأَفْتَى فِيهَا بِأَنَّ ارْتِدَادَهَا لَا يَكُونُ طَلَاقًا. وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَمَنْ فَعَلَتْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لِتَحْنِيثِهِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ مِنْ الزَّوْجِ بِخِلَافِ رِدَّتِهَا لِذَلِكَ، وَذَكَرَ السَّعْدُ فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ كُفْرَ مَنْ يُفْتِي امْرَأَةً بِالْكُفْرِ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا، وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْقَرَافِيِّ بِكُفْرِ خَطِيبٍ طَلَبَ كَافِرٌ الْإِسْلَامَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ بِالصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ خُطْبَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَلْشَانِيُّ لَا يَكْفُرُ الْخَطِيبُ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ لَا يَكْفُرُ الْمُفْتِي أَوْ يَكْفُرُ لِأَنَّ الرِّضَا بِكُفْرِ الْمُسْلِمِ الْأَصْلِيِّ أَشَدُّ مِنْ الرِّضَا بِبَقَاءِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ عَلَى كُفْرِهِ إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ، وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ رِدَّةَ الزَّوْجِ طَلَاقٌ بَائِنٌ فَقَالَ إنْ ارْتَدَّ لِغَيْرِ دِينِ زَوْجَتِهِ. بَلْ (وَلَوْ) ارْتَدَّ الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ (لِدِينِ زَوْجَتِهِ) الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ فَتَطْلُقُ مِنْهُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا تَطْلُقُ مِنْهُ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْمُرْتَدِّ اسْتِيلَاءُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ (وَفِي لُزُومِ) الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا أَوْ الثَّلَاثَ وَلَمْ يُبِنْهَا (وَتَرَافَعَا إلَيْنَا) رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ بِشُرُوطِهِ، سَوَاءٌ كَانَ نِكَاحُهُمَا صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ بِاسْتِيفَاءِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ أَمْ لَا، قَالَهُ ابْنُ عَيْشُونٍ. (أَوْ) تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (إنْ كَانَ) نِكَاحُهُمَا (صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ) بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِيهِ بِانْتِفَاءِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ فَلَا تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (أَوْ) تَلْزَمُهُ (بِالْفِرَاقِ مُجْمَلًا) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ عَدَدٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 367 أَوْ لَا: تَأْوِيلَاتٌ. وَمَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ أَوْ الْإِسْقَاطُ إنْ قُبِضَ وَدَخَلَ،   [منح الجليل] قَالَهُ الْقَابِسِيُّ (أَوْ لَا) تَلْزَمُهُ شَيْئًا قَالَهُ ابْنُ أَخِي هِشَامٍ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَاسْتَظْهَرَهُ عِيَاضٌ (تَأْوِيلَاتٍ) فِي قَوْلِهَا وَإِذَا طَلَّقَ الذِّمِّيُّ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَلَمْ يُفَارِقْهَا فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْإِمَامِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُمَا وَلَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ حَكَمَ أَوْ تَرَكَ، وَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ وَطَلَاقُ الشِّرْكِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ. عِيَاضٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا أَسَاقِفَتِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ " وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ اشْتِرَاطُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ تَفْسِيرَهَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى وَقَوْلُهَا وَلَمْ يُفَارِقْهَا مَفْهُومُهُ لَوْ فَارَقَهَا لَقَضَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَوْزَهَا نَفْسَهَا وَمَفْهُومُ تَرَافَعَا أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ لِأَنَّ طَلَاقَ الْكُفْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَاتِ إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا وَقَالَا اُحْكُمْ بَيْنَنَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي الْكُفَّارِ أَوْ اقْتَصَرَا عَلَى قَوْلِهِمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا إنْ قَالَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي الْكُفَّارِ أَوْ اقْتَصَرَا عَلَى قَوْلِهِمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا إنْ قَالَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، فَظَاهِرُهُ خُرُوجُ هَذِهِ عَنْ مَحَلِّ التَّأْوِيلَاتِ فَفَرَّقَ بَيْنَ فِي وَعَلَى، فَإِنْ قَالَا بِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْكَافِرِ عِنْدَكُمْ حَكَمَ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ. وَلَوْ قَالَا بِمَا يَجِبُ فِي دِينِهِمْ أَوْ فِي التَّوْرَاةِ فَلَا يَحْكُمُ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَ كَافِرٌ كَافِرَةً بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَسْلَمَا (مَضَى صَدَاقُهُمْ الْفَاسِدُ أَوْ) عَقَدَاهُ بِشَرْطِ عَدَمِ الصَّدَاقِ ثُمَّ أَسْلَمَا مَضَى (الْإِسْقَاطُ) أَيْضًا (إنْ) كَانَ (قُبِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْفَاسِدُ، أَيْ قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ وَلِيُّهَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا (وَ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ كَذَلِكَ فِي صُورَةِ الْفَاسِدِ أَوْ فِي صُورَةِ الْإِسْقَاطِ فَيُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَبَضَ مَا عَاوَضَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ فِيهِ ذَلِكَ بِزَعْمِهِ، وَأَمَّا الْأَخِيرَتَيْنِ فَلِأَنَّ الزَّوْجَةَ مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهَا فِيهِ ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 368 وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ، وَهَلْ إنْ اسْتَحَلُّوهُ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] بِزَعْمِهَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَضَى الْإِسْقَاطُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ. عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْفَاسِدَ وَلَمْ يَدْخُلْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقَبَضَتْ الْفَاسِدَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ وَدَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْقَاطِ (فَكَ) نِكَاحِ (التَّفْوِيضِ) فِي تَخْيِيرِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فَيُقَرَّ عَلَيْهَا وَيَلْزَمُهَا، وَأَنْ يَفْسَخَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَلَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي الثَّالِثَةِ وَهِيَ دُخُولُهُ بِلَا قَبْضِ الْفَاسِدِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَفِيهَا أَيْضًا لِغَيْرِهِ إنْ قَبَضَتْهُ مَضَى وَلَا شَيْءَ لَهَا غَيْرُهُ بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ. ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَخَيْرٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ اللَّخْمِيِّ إنْ دَفَعَ الْخَمْرَ فَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ قَبْضَ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ ثَمَنٍ ثَانٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ خَمْرًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ أَسْلَمَا فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ وَقِيلَ إنَّهُ وِفَاقٌ يَحْمِلُهُ عَلَى اسْتِهْلَاكِهَا الْفَاسِدِ، وَلَوْ كَانَ قَائِمًا لَأُجِيبَ بِجَوَابِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَالْأَوْلَى التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَهَلْ) مَحَلُّ مُضِيُّ صَدَاقِهِمْ الْفَاسِدِ أَوْ الْإِسْقَاطُ (إنْ اسْتَحَلُّوهُ) فِي دِينِهِمْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ شَرْطٌ مَقْصُودٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ عِنْدَ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ إذْ لَوْ عَقَدُوا بِهِ وَهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَهُ لَكَانَ زِنًا لَا نِكَاحًا فَلَا يَثْبُتُ بِالْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَا تَمَادَوْا عَلَيْهِ قَبْلَهُ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ أَوْ يَمْضِي مُطْلَقًا اسْتَحَلُّوهُ أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ) الْبِسَاطِيُّ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهَا وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ قَيْدٌ فِي الْإِسْقَاطِ لَا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى نِكَاحِ النَّصَارَى وَهُمْ يَتَقَرَّبُونَ بِالْخَمْرِ فَضْلًا عَنْ التَّعَامُلِ بِهِ، وَلَا يَخْفَى حَالُهُمْ عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَنَصُّهَا وَإِنْ نَكَحَ نَصْرَانِيٌّ نَصْرَانِيَّةً بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ أَوْ شَرَطَا ذَلِكَ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَبَتَ النِّكَاحُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَرَطَ فِيهَا كَوْنَهُمَا يَسْتَحِلَّانِ النِّكَاحَ بِذَلِكَ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَقْصُودٌ، وَرَأَى غَيْرُهُ أَنَّهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَشُكُّ مَنْ نَظَرَ وَأَنْصَفَ أَنَّ ذِكْرَ يَسْتَحِلُّونَهُ فِيهَا لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ عَدَمَ اسْتِحْلَالِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 369 وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا وَإِنْ أَوَاخِرَ وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا وَأُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا، وَإِنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا،   [منح الجليل] لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ زِنًا فِي الْإِسْلَامِ فَضْلًا عَنْ الْكُفْرِ. قُلْت رَدُّ الشَّرْطِ لِلنِّكَاحِ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَعِيدٌ لِشُهْرَةِ تَمَوُّلِهِمْ إيَّاهُمَا، بَلْ ظَاهِرُهُ رَدُّهُ لِلنِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ وَشَرْطُ إسْقَاطِهِ وَالْأَمْرُ فِي كُلِّ ذَلِكَ سَوَاءٌ. (وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ) أَيْ الَّذِي أَسْلَمَ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَيَخْتَارُ (أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعٍ، وَإِنْ شَاءَ لَا يَخْتَارُ شَيْئًا مِنْهُنَّ، وَشَرْطُ الْمُخْتَارَةِ إسْلَامُهَا مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، أَوْ كَوْنُهَا كِتَابِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً أُعْتِقَتْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَقْدٍ أَوْ جَمَعَهُنَّ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ مُحْرِمًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ وَاجِدًا طَوْلَ حُرَّةٍ وَلَمْ يَخْشَ زِنًا يَخْتَارُ أَمَةً مُسْلِمَةً كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، لِأَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ فَهُوَ كَالرَّجْعَةِ. وَقِيلَ بِامْتِنَاعِهِ كَالِابْتِدَاءِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُوَضِّحُ إنْ كَانَتْ الْمُخْتَارَاتُ أَوَائِلَ فِي الْعَقْدِ. بَلْ (وَإِنْ) كُنَّ (أَوَاخِرَ) فِيهِ بَنَى بِهِنَّ أَوْ بِبَعْضِهِنَّ أَوْ لَا «لِمَا اُشْتُهِرَ أَنَّ غَيْلَانَ الثَّقَفِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَسْلَمَ عَلَى عَشْرٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُمْسِكَ أَرْبَعًا وَيُفَارِقَ سَائِرَهُنَّ فَفَعَلَ» ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ أَوَائِلَ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ أَيْضًا الرَّدُّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ فِي إلْزَامِهِ الْأَوَائِلَ وَعَدَمِ صِحَّةِ اخْتِيَارِ الْأَوَاخِرِ. (وَ) اخْتَارَ الْمُسْلِمُ (إحْدَى) كَ (أُخْتَيْنِ) مِنْ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ إنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا كَفَيْرُوزِ الدِّيلِيِّ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا بِعَقْدَيْنِ مَعَ اخْتِيَارِ أُولَاهُمَا وَعَدَمِ الدُّخُولِ بِهِمَا وَإِحْدَاهُمَا (وَ) اخْتَارَ الْمُسْلِمُ (أُمًّا وَ) أَيْ أَوْ (ابْنَتَهَا) أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا بِعَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ مُقَدَّمًا عَقْدَ الْأُمِّ أَوْ مُؤَخَّرًا (لَمْ يَمَسَّهُمَا) أَيْ الْكَافِرُ الْأُمَّ وَابْنَتَهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ وَإِلَّا لَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُ الْأُمِّ مُطْلَقًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْأَصْلَ وَإِحْدَى أُمٍّ إلَخْ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَنَصَبَهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأُمٍّ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أُخْتَيْنِ قَالُوا وَعَلَى بَابِهَا عَلَى هَذَيْنِ. (وَإِنْ) كَانَ (مَسَّهُمَا) أَيْ الْكَافِرُ الْأُمَّ وَبِنْتَهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ (حَرُمَتَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 370 وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ، وَلَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا،   [منح الجليل] عَلَيْهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مُعْتَدَّةً وَوَطِئَهَا وَتَمَّتْ ثُمَّ أَسْلَمَا يُقَرُّ عَلَيْهَا فَمَا الْفَرْقُ. قُلْت هُوَ الْخِلَافُ فِي التَّأْبِيدِ بِالْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ وَالِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ بِوَطْءِ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا. (وَ) إنْ مَسَّ الْكَافِرُ (إحْدَاهُمَا) أَيْ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ (تَعَيَّنَتْ) الْمَمْسُوسَةُ لِلْبَقَاءِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُ الْأُخْرَى لَكِنْ اتِّفَاقًا إنْ مَسَّ الْبِنْتَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ مَسَّ الْأُمَّ، وَقِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ إبْقَاءُ الْأُمِّ فَلَهُ فِرَاقُهَا وَإِبْقَاءُ الْبِنْتِ (وَ) إنْ فَارَقَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ عَلَى مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ أَوْ أُمٍّ وَابْنَتِهَا جَمِيعِهِنَّ أَوْ بَعْضِهِنَّ فَ (لَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ) أَيْ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ عَلَى مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ أَوْ أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَفَارَقَ بَعْضَهُنَّ أَوْ جَمِيعَهُنَّ (أَوْ أَبُوهُ) وَالْمُرَادُ فَرْعُهُ أَوْ أَصْلُهُ الذَّكَرُ فَلَا يَتَزَوَّجُ (مَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (فَارَقَهَا) مَنْ أَسْلَمَ ظَاهِرُهُ تَحْرِيمًا، وَعَلَيْهِ حَمَلَ عِيَاضٌ قَوْلَهَا لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ الَّتِي أَرْسَلَهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَبْعُدُ حَمْلُهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ أَفَادَهُ تت وَتَبِعَهُ " س " فَقَالَ وَكُلُّ مَنْ فَارَقَهَا اخْتِيَارًا أَوْ وُجُوبًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْمَسِّ حَرُمَتْ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. الرَّمَاصِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ حَبَسَ الْأُمَّ فَأَرَادَ ابْنُهُ نِكَاحَ بِنْتِهَا الَّتِي خَلَاهَا فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ اهـ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا عَامٌّ فِي الْبِنْتِ وَالْأُمِّ تَرَكَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا، فَإِنْ أَرَادَ الْكَرَاهَةَ فَهُوَ مَا فِيهَا وَظَاهِرُهُ الْحُرْمَةُ وَلَا أَعْرِفُهَا. وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهَا، وَبِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ زَوْجَةٍ لَمْ يَمَسَّهَا أَوْ فَارَقَهَا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنِكَاحٍ حَتَّى يُسْلِمَ. قُلْت وَمِثْلُهُ قَوْلُهَا قِيلَ فَذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ تَزَوَّجَ امْرَأَهُ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتَزَوَّجَ أُمَّهَا ثُمَّ أَسْلَمَا جَمِيعًا فَلَمْ يَذْكُرْ جَوَابًا، وَأَتَى بِنَظِيرٍ دَالٍّ عَلَى جَوَازِ النِّكَاحِ وَثَبَاتِهِ وَهُوَ إسْلَامُ مَجُوسِيٍّ عَلَى أُمٍّ وَبِنْتِهَا، وَفِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِهَذِهِ، وَمَسْأَلَةُ مُحَمَّدٍ تَعَقُّبٌ لِأَنَّ مَا أَسْلَمَ عَنْهُ أَقْرَبُ لِلصِّحَّةِ. اهـ. فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِ خِلَافًا لِتَقْرِيرِ " س " قَاعِدَةً كُلِّيَّةً، وَتَصْرِيحُهُ فِيهَا بِالْحُرْمَةِ وَاقْتِصَارُهُ عَلَى ذَلِكَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ اهـ الْبُنَانِيُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 371 وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ   [منح الجليل] حَمَلَ عِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهَا لَا يُعْجِبُنِي عَلَى التَّحْرِيمِ، وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَا يُعْجِبُنِي هُوَ هُنَا عَلَى التَّحْرِيمِ. عِيَاضٌ جَعَلَ لَهُ هُنَا تَأْثِيرًا فِي الْحُرْمَةِ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَاَلَّذِي فِيهَا لَا يُعْجِبُنِي، وَفَهِمَ عِيَاضٌ التَّحْرِيمَ مِنْهُ، وَفِي الشَّامِلِ وَفِيهَا لَا يُعْجِبُنِي وَهَلْ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ لَا تَأْوِيلَانِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَقِبَ مَا سَبَقَ عَنْهُ وَاَلَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ بِعَقْدِ الشِّرْكِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَبْعُدُ حَمْلُ لَا يُعْجِبُنِي عَلَى الْكَرَاهَةِ لِيُوَافِقَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ انْتَشَرَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بَيْنَ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَبَيْنَ هَذِهِ لَانْتَشَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهَا. وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ عَلَى الْأُمِّ وَالْبِنْتِ أَقْرَبُ لِلصِّحَّةِ لِتَخْيِيرِهِ فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ هَذَا الْجَوَابُ يَقْتَضِي طَرْدَ التَّحْرِيمِ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ كَمَا شَرَحَ بِهِ تت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عب إنْ كَانَتْ الَّتِي فَارَقَهَا مَسَّهَا حَرُمَتْ عَلَى فَرْعِهِ وَأَصْلِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَقْدٍ صَحِيحٍ، فَيُصَوِّرُ الْمُصَنِّفُ بِمَسِّهِ أُخْتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مَا عَدَا الْأُمَّ وَبِنْتَهَا، أَوْ مَسِّ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَفَارَقَهَا فَتَحْرُمُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ، وَيَصِحُّ تَصْوِيرُهُ بِالْأُمِّ وَبِنْتِهَا، إذَا مَسَّهُمَا وَحَرُمَتَا عَلَيْهِ فَتَحْرُمَانِ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ أَيْضًا، فَإِنْ لَمْ يَمَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَاخْتَارَ إحْدَاهُمَا وَفَارَقَ الْأُخْرَى فَلِأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ تَزَوُّجُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْعَقْدُ وَهُوَ غَيْرُ مُحَرِّمٍ، وَإِنْ مَسَّ إحْدَاهُمَا فَاَلَّتِي فَارَقَهَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا عَقْدُ الْأَكْثَرِ أَيْضًا فَلَا تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ بِالْأَوْلَى مِنْ أَنَّ وَطْءَ الْبِنْتِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا يُحَرِّمُ أُمَّهَا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. وَلَمَّا كَانَ الِاخْتِيَارُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ وَاضِحًا لَمْ يَذْكُرْهُ، وَذَكَرَ مَا يَسْتَلْزِمُهُ مِمَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِرَاقٌ لَا اخْتِيَارٌ فَقَالَ (وَاخْتَارَ) أَيْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اخْتَارَ الزَّوْجَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْهَا (بِ) سَبَبِ إيقَاعِ (طَلَاقٍ) مِنْهُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ لَا يُوقِعُ إلَّا عَلَى زَوْجَةٍ إذْ الْعِصْمَةُ مِنْ أَرْكَانِهِ (أَوْ) اخْتَارَ بِ (ظِهَارٍ) أَيْ تَشْبِيهٍ لِزَوْجَتِهِ بِمُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ لِذَلِكَ (أَوْ) اخْتَارَ بِ (إيلَاءٍ) أَيْ حَلِفٍ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 372 أَوْ وَطْءٍ، وَالْغَيْرَ إنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا، أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ،   [منح الجليل] وَهُوَ عَبْدٌ لِذَلِكَ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ أَوْ الظِّهَارُ أَوْ الْإِيلَاءُ. وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُخْتَارٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعَةٍ سِوَى الَّتِي طَلَّقَهَا، أَوَظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْهَا وَهَلْ يَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ رَجْعِيًّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَتَاتًا وَلَا خُلْعًا، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ صَحَّحَ عَقْدَهُ وَوَطْأَهُ وَلِلْخِلَافِ فِي فَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ وَلِقَوْلِهِمْ الْإِسْلَامُ رَجْعَةٌ أَوْ كَرَجْعَةٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ اسْتِبْرَاءٌ، فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً اخْتَارَ ثَلَاثًا سِوَاهَا وَاحِدَةٌ مُبْهَمَةٌ فَهُوَ كَمَنْ طَلَّقَ أَرْبَعًا فَلَا يَخْتَارُ شَيْئًا مِنْ الزَّوْجَاتِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْإِيلَاءَ اخْتِيَارٌ مُطْلَقًا. وَقِيلَ إنَّمَا يَكُونُ اخْتِيَارًا إذَا قُيِّدَ بِزَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ أُطْلِقَ وَجَرَى الْعُرْفُ وَتَقَرَّرَ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى زَوْجَةٍ. (أَوْ وَطْءٍ) أَوْ مُقَدِّمَتِهِ جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِذَا وَطِئَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَاحِدَةً مِنْ زَوْجَاتِهِ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً عُدَّ مُخْتَارًا لَهَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا إذْ لَوْ لَمْ يُصْرَفْ لِلِاخْتِيَارِ انْصَرَفَ لِلزِّنَا، كَيْفَ وَالْحَدِيثُ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ (وَ) اخْتَارَ (الْغَيْرَ) أَيْ غَيْرَ الزَّوْجَةِ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا (إنْ فَسَخَ) الَّذِي أَسْلَمَ (نِكَاحَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فَلَيْسَ الْفَسْخُ اخْتِيَارًا فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعَةٍ سِوَى الَّتِي فَسَخَ نِكَاحَهَا لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ (أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ) أَيْ الْمُخْتَارَاتِ (أَخَوَاتٌ) أَوْ نَحْوُهُنَّ مِنْ مُحَرَّمَاتِ الْجَمْعِ، فَلَهُ اخْتِيَارُ غَيْرِهِنَّ، وَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَثَلَاثٌ مِنْ الْبَوَاقِي، فَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرْنَ كَأَخَوَاتٍ لَكَانَ أَحْسَنَ وَيَخْتَارُ مِمَّنْ سِوَاهُنَّ (مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) أَيْ مَا سِوَى الْمُخْتَارَاتِ اللَّاتِي ظَهَرْنَ أَخَوَاتٍ زَوْجًا غَيْرَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ تَزَوَّجْنَ غَيْرَهُ فُتْنَ عَلَيْهِ تت، تَنْكِيتُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ مُجَرَّدَ تَزَوُّجِهِنَّ مُفِيتٌ الِاخْتِيَارَ وَفِي تَوْضِيحِهِ جَعَلَهَا نَظِيرَ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُفِيتُهُنَّ إلَّا الدُّخُولُ، وَصَرَّحَ ابْنُ فَرْحُونٍ بِتَشْهِيرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 373 وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ: كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَضِيعَاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ. وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ.   [منح الجليل] طفي لَا تَنْكِيتَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إذْ بِهَذَا عَبَّرَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَنَسَبُوهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَمْ يُقَابِلُوهُ إلَّا بِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ اخْتِيَارُهُنَّ وَلَوْ دَخَلْنَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّزَوُّجِ فَوْتٌ إذْ لَوْ كَانَ الدُّخُولُ شَرْطًا مَا أَغْفَلَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي النَّظَائِرِ لِاحْتِمَالِ ذِكْرِهَا هُنَاكَ بِاعْتِبَارِ مُقَابَلَتِهَا لِلْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُفِيتُهَا الدُّخُولُ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُفِيتُهَا إلَّا الدُّخُولُ، وَلَا تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِتَشْهِيرِ ابْنِ فَرْحُونٍ، وَتَبِعَ تت " س " وعج وَغَيْرُهُمَا اهـ. الْبُنَانِيُّ وَقَوْلُ تت جَعَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ نَظَائِرِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُفِيتُهَا إلَّا الدُّخُولُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذِكْرَهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الدُّخُولَ يُفِيتُهَا لَا يَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَا يُفِيتُهَا إلَّا هُوَ. (وَ) إنْ اخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا مِنْ الْأَكْثَرِ وَفَارَقَ بَاقِيَهُنَّ فَ (لَا شَيْءَ) مِنْ الصَّدَاقِ (لِغَيْرِهِنَّ) أَيْ الْمُخْتَارَاتِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ فَلَهَا صَدَاقُهَا. وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ صَدَاقِ غَيْرِ الْمُخْتَارَةِ فَقَالَ (كَاخْتِيَارِهِ) أَيْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ، أَوْ مُسْلِمًا أَصْلِيًّا (وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَضِيعَاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَ) بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهِنَّ (أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ) تَحِلُّ لَهُ بَنَاتُهَا فَصِرْنَ أَخَوَاتٍ مِنْ الرَّضَاعِ، فَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهَا مِنْ الصَّدَاقِ، لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَطَلَّقَهُنَّ فَلِكُلٍّ ثَمَنُ مَهْرِهَا إذْ هُوَ الْخَارِجُ مِنْ قِسْمَةِ نِصْفِ صَدَاقٍ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فَلِكُلٍّ رُبْعُ صَدَاقِهَا إذْ هُوَ الْخَارِجُ مِنْ قِسْمَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بَنَاتُهَا حَرُمْنَ كُلُّهُنَّ عَلَيْهِ فَلَا يَخْتَارُ مِنْهُنَّ شَيْئًا، وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ مِنْ الصَّدَاقِ لِذَلِكَ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ (أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ جَمْعُ صَدَاقٍ غَيْرُ مُعَيَّنَاتٍ لِجَمِيعِهِنَّ تُقْسَمُ عِدَّتُهَا عَلَى عِدَّةِ جَمِيعِهِنَّ (إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ) الزَّوْجُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 374 وَلَا إرْثَ إنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ عَنْ الْإِسْلَامِ.   [منح الجليل] الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا مِنْهُنَّ إذْ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ شَرْعًا إلَّا أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ غَيْرُ مُعَيَّنَاتٍ تَكْمُلُ لَهُنَّ بِمَوْتِهِ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ، فَتُقْسَمُ عِدَّةُ الْأَصْدِقَةِ عَلَى عِدَّتِهِنَّ، فَإِنْ كُنَّ عَشْرًا فَلِكُلٍّ خُمُسَا صَدَاقِهَا، وَإِنْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَلِكُلٍّ نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ كُنَّ سِتًّا فَلِكُلٍّ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كُنَّ خَمْسًا فَلِكُلٍّ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ، هَذَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُنَّ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَلَهَا صَدَاقُهَا وَلِغَيْرِهَا مِثْلُ الْحَاصِلِ مِنْ قِسْمَةِ أَرْبَعَةِ أَصْدِقَةٍ عَلَى عِدَّتِهِنَّ، وَكَذَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِأَكْثَرَ إلَى تِسْعٍ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْعَشْرِ فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا بِتَمَامِهِ هَذَا إنْ دَخَلَ قَبْلَ إسْلَامِهِ. فَإِنْ دَخَلَ بَعْدَهُ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا وَلِغَيْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا مِثْلُ الْخَارِجِ مِنْ قِسْمَةِ ثَلَاثَةِ أَصْدِقَةٍ عَلَى عَدَدِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِاثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا صَدَاقَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَاقِيَاتِ مِنْ صَدَاقِهَا مِثْلُ الْخَارِجِ مِنْ قِسْمَةِ صَدَاقَيْنِ عَلَيْهِنَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ تَكَمَّلَتْ لَهُنَّ أَصْدِقَتُهُنَّ وَلِلْبَاقِيَاتِ مِثْلُ الْخَارِجِ مِنْ قِسْمَةِ صَدَاقٍ عَلَيْهِنَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِأَرْبَعٍ تَكَمَّلَتْ لَهُنَّ أَصْدِقَتُهُنَّ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ لِأَنَّ الدُّخُولَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اخْتِيَارٌ، وَهَذَا مَفْهُومُ، وَلَمْ يَخْتَرْ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ فِي مَفْهُومِ لَمْ يَخْتَرْ أَنَّهُ إنْ اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ دَلَّ عَلَى فِرَاقِ الْبَاقِي لِقَوْلِ الْمُوَضِّحِ بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ تَبِينُ الْبَوَاقِي، وَكَذَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، قَالَهُ ابْنُ رَحَّالٍ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ عب. (وَ) إنْ مَاتَ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَبَعْدَ إسْلَامِ بَعْضِهِنَّ فَ (لَا إرْثَ) لِلْمُسْلِمَاتِ مِنْهُنَّ (إنْ تَخَلَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عَنْ الْإِسْلَامِ (أَرْبَعُ) زَوْجَاتٍ (كِتَابِيَّاتٍ) حَرَائِرَ (عَنْ الْإِسْلَامِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ طَالَتْ حَيَاتُهُ يَخْتَارُهُنَّ دُونَ الْمُسْلِمَاتِ فَفِي سَبَبِ إرْثِ الْمُسْلِمَاتِ شَكٌّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَمَفْهُومُ أَرْبَعَةٍ أَنَّهُ إنْ تَخَلَّفَ دُونَهُنَّ فَالْإِرْثُ لِلْمُسْلِمَاتِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ اعْتَادَ الْأَرْبَعَ عَدَمُ اقْتِصَارِهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُنَّ، فَلَا يُقَالُ قَدْ يَخْتَارُ الْمُتَخَلِّفَاتِ فَقَطْ فَلَا إرْثَ لِلْمُسْلِمَاتِ أَيْضًا، فَإِنْ كُنَّ عَشْرًا وَأَسْلَمْنَ إلَّا وَاحِدَةً قُسِمَ الْمِيرَاثُ عَلَى تِسْعٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْمُتَخَلِّفَةِ، وَيَجْرِي الصَّدَاقُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَكَمُّلِهِ لِلْمَدْخُولِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 أَوْ الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ، لَا إنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَجُهِلَتْ، وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ، وَلِغَيْرِهَا رُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ   [منح الجليل] بِهَا وَلَوْ الْجَمِيعُ وَاسْتِحْقَاقُ غَيْرِهَا مِنْ صَدَاقِهَا مِثْلُ الْخَارِجِ مِنْ قِسْمَةِ أَرْبَعَةٍ عَلَى جَمِيعِهِنَّ وَهُوَ خُمُسَانِ. (أَوْ) مَاتَ مُسْلِمٌ لَهُ زَوْجَتَانِ مُسْلِمَةٌ وَكِتَابِيَّةٌ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا بَائِنًا أَصَالَةً أَوْ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ وَ (الْتَبَسَتْ) الزَّوْجَةُ (الْمُطَلَّقَةُ) بِاَلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ (مِنْ) زَوْجَتَيْنِ (مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ) فَلَا إرْثَ لِلْمُسْلِمَةِ لِلشَّكِّ فِي زَوْجِيَّتِهَا (لَا) يَنْتَفِي إرْثُ الزَّوْجَةِ (إنْ طَلَّقَ) زَوْجُ (إحْدَى زَوْجَتَيْهِ) الْمُسْلِمَتَيْنِ طَلَاقًا لَيْسَ بَتَاتًا وَلَا خُلْعًا (وَجُهِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ (وَدَخَلَ) الزَّوْجُ (بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ وَعُلِمَتْ (وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ) قَبْلَ مَوْتِهِ (فَلِ) زَوْجَةِ (الْمَدْخُولِ بِهَا) الْمَعْلُومَةِ (الصَّدَاقُ) كَامِلًا إذْ لَا مُنَازِعَ لَهَا فِيهِ (وَ) لَهَا أَيْضًا (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ) لِأَنَّهَا تَدَّعِيهِ كُلَّهُ وَتَقُولُ الْمُطَلَّقَةُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا إرْثَ لَهَا، وَتُنَازِعُهَا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي نِصْفِهِ بِدَعْوَاهَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا، وَأَنَّ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا فَيَصِيرُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ. طفي مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ نَحْوُهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَدَرَجَ فِي آخِرِ الشَّهَادَاتِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الدَّعْوَى كَالْعَوْلِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ أَيْضًا. (وَلِغَيْرِهَا) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا (رُبْعُهُ) أَيْ الْمِيرَاثِ (وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ) لِأَنَّ الْوَارِثَ يُنَازِعُهَا فِي نِصْفِهِ بِدَعْوَاهُ أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ وَهِيَ تَدَّعِيهِ كُلَّهُ بِدَعْوَاهَا أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا فَيُقْسَمُ نِصْفُهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ فَيَصِيرُ لَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَلِلْوَارِثِ رُبْعُهُ بَعْدَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 376 وَهَلْ يَمْنَعُ مَرَضُ أَحَدِهِمَا الْمَخُوفُ، وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ أَوْ إنْ لَمْ يَحْتَجْ؟ خِلَافٌ،   [منح الجليل] حَلِفِ كُلٍّ عَلَى ثُبُوتِ مَا ادَّعَاهُ وَنَفْيِ مَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ، وَمَفْهُومٌ وَجُهِلَتْ أَنَّهَا إنْ عُلِمَتْ فَلَا الْتِبَاسَ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَدْخُولَ بِهَا فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِكُلٍّ صَدَاقِهَا كَامِلًا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَمَفْهُومُ وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ انْقَضَتْ فَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا، وَلِغَيْرِهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا، وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَكَذَا إنْ كَانَ بَائِنًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَلِكُلٍّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلِكُلٍّ صَدَاقُهَا كَامِلًا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ عُلِمَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَجُهِلَتْ الْمَدْخُولُ بِهَا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ صَدَاقُهَا كَامِلًا وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ، وَلِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَرُبْعُ الْمِيرَاثِ، فَإِنْ انْقَضَتْ أَوْ كَانَ بَائِنًا فَلِلَّتِي لَمْ تَطْلُقْ جَمِيعُ صَدَاقِهَا وَالْمِيرَاثُ، وَلِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ صَدَاقِهَا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا. وَإِنْ جُهِلَتْ الْمُطَلَّقَةُ وَالْمَدْخُولُ بِهَا فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةٌ، وَلِكُلٍّ سَبْعَةُ أَثْمَانِ صَدَاقِهَا تَسْلِيمُ الْوَارِثِ لَهُمَا صَدَاقًا وَنِصْفًا، وَيُنَازِعُهُمَا فِي نِصْفٍ، وَالزَّوْجَتَانِ تَدَّعِيَانِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَهُمَا صَدَاقَانِ كَامِلَانِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْوَارِثِ، فَيَصِيرُ لَهُمَا صَدَاقٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَيَصِيرُ لِكُلٍّ سَبْعَةُ أَثْمَانِ صَدَاقِهَا. (وَهَلْ يَمْنَعُ) النِّكَاحَ (مَرَضُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (الْمَخُوفُ) الْمَوْتُ مِنْهُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ عَلَيْهِ، وَاحْتَاجَ لِمَنْ يَخْدُمُهُ أَوْ لِلْجِمَاعِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَارِثُهُ، بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ الْوَارِثُ) الرَّشِيدُ لَهُ فِي النِّكَاحِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْوَارِثِ قَبْلَ الْمَرِيضِ وَصَيْرُورَةِ وَارِثِهِ غَيْرَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ لِلنَّهْيِ عَنْ إدْخَالِ وَارِثٍ مُحَقَّقٍ، وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ تَرَتُّبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ (أَوْ) الْمَنْعُ (إنْ لَمْ يَحْتَجْ) الْمَرِيضُ لِلنِّكَاحِ وَلَا لِمَنْ يَخْدُمُهُ، فَإِنْ احْتَاجَ فَلَا يُمْنَعُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَارِثُ وَشَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ فِيهِ (خِلَافٌ) وَأُلْحِقَ بِالْمَرِيضِ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ كُلُّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مِنْ حَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ خُشِيَ مَوْتُهُ مِنْهُ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ وَحَامِلٍ سِتَّةً، فَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهَا مَنْ خَالَعَهَا حَامِلًا مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 377 وَلِلْمَرِيضَةِ بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى، وَعَلَى الْمَرِيضِ مِنْ ثُلُثِهِ الْأَقَلُّ مِنْهُ، وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَعُجِّلَ بِالْفَسْخِ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا، وَمُنِعَ نِكَاحُهُ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْأَمَةَ   [منح الجليل] وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَحَدِهِمَا أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَرِيضَيْنِ لَمُنِعَ اتِّفَاقًا، وَيُرْشِدُ لَهُ الْمَعْنَى إذْ الْمَرِيضَةُ لَا تَنْفَعُ الْمَرِيضَ وَلَا عَكْسُهُ غَالِبًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ صَحِيحٌ طَلَّقَ حَامِلًا مِنْهُ طَلَاقَ خُلْعٍ ثُمَّ مَرِضَ، فَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا قَبْلَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حَمْلِهَا وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَلَوْ أَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيهَا وَغَيْرَهَا فِيمَنْ طَلَّقَ قَبْلَ بِنَائِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مَرِيضًا أَفَادَهُ عب تَبَعًا لتت و " س " ابْنُ رَحَّالٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَقَدْ رَدَّهُ الْفِيشِيُّ وَأَصَابَ لِأَنَّ فِيهِ إدْخَالَ وَارِثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِلْمَرِيضَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ فِيهِ (بِالدُّخُولِ) بِهَا الصَّدَاقُ (الْمُسَمَّى) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا سَاوَى صَدَاقَهَا أَمْ لَا وَمِثْلُ الدُّخُولِ مَوْتُ أَحَدِهِمَا قَبْلَهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَفَسَادُهُ لِعَقْدِهِ بِدُونِ تَأْثِيرِ خَلَلٍ فِي صَدَاقِهِ. (وَعَلَى الْمَرِيضِ) الْمُتَزَوِّجِ فِي مَرَضِهِ بِتَسْمِيَةٍ وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ تَفْوِيضًا الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ دَخَلَ أَمْ لَا (مِنْ ثُلُثِ) مَالِهِ (الْأَقَلُّ مِنْهُ) أَيْ الْمُسَمَّى الْمُتَقَدِّمِ (وَمِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ) فَعَلَيْهِ أَقَلُّ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ ثُلُثُهُ وَالْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ ثُمَّ مَاتَ فَفِي الْعَصَنُوتِيِّ لَهَا الْمُسَمَّى وَلَوْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ ثُلُثِهِ مُبَدَّأً. (وَعُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بِالْفَسْخِ) لِنِكَاحِ الزَّوْجَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مَرِيضٌ وَقْتَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ صِحَّةً بَيِّنَةً فَلَا يُفْسَخُ هَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا، وَقَالَ قَبْلَهَا يُفْسَخُ وَلَوْ صَحَّ الْمَرِيضُ مِنْهُمَا ثُمَّ أَمَرَ بِمَحْوِهِ فَهَذِهِ إحْدَى الْمَمْحُوَّاتِ الْأَرْبَعِ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نِكَاحُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ الْحُرَّةَ (النَّصْرَانِيَّةِ) أَوْ الْيَهُودِيَّةِ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، فَفِيهِ إدْخَالُ وَارِثٍ احْتِمَالًا (وَ) مُنِعَ نِكَاحُهُ (الْأَمَةَ) الْمُسْلِمَةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 378 عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ. (فَصْلٌ) الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْبِقْ الْعِلْمُ أَوْ لَمْ يَرْضَ أَوْ يَتَلَذَّذْ   [منح الجليل] لِاحْتِمَالِ عِتْقِهَا كَذَلِكَ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ بَعْضِ الْبَغْدَادِيِّينَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ (خِلَافُهُ) أَيْ جَوَازِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ كِتَابِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُصْعَبٍ لِأَنَّ إسْلَامَ الْكِتَابِيَّةِ وَعِتْقَ الْأَمَةِ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَالْغَالِبُ عَدَمُهُ وَمِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ عَدَمُ اتِّضَاحِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِنُدُورِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فَصْلٌ الْخِيَارُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْخِيَارِ وَأَحْكَامِهِ (الْخِيَارُ) فِي إبْقَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ لَهُمَا مَعًا (إنْ لَمْ يَسْبِقْ الْعِلْمُ) بِسَبَبِهِ عَقْدَ النِّكَاحِ (أَوْ لَمْ يَرْضَ) مُرِيدُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ صَرِيحًا وَلَا الْتِزَامًا (أَوْ) لَمْ (يَتَلَذَّذْ) مُرِيدُ الرَّدِّ بِصَاحِبِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَذَلِكَ، فَشَرْطُ الْخِيَارِ انْتِفَاءُ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ سَبْقِ الْعِلْمِ الْعَقْدَ وَالرِّضَا وَالتَّلَذُّذِ بَعْدَهُ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهَا فَلَا خِيَارَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا. ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَرْضَ بِقَوْلٍ أَوْ تَلَذُّذٍ أَوْ تَمْكِينٍ أَوْ سَبْقِ عِلْمٍ بِالْعَيْبِ. اهـ. فَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّمْكِينُ وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ التَّلَذُّذُ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَالتَّحْقِيقُ مَا سَلَكَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ مُسْقِطَ الْخِيَارِ وَهُوَ الرِّضَا، وَمَا عَدَاهُ إنَّمَا هِيَ دَلَائِلُ عَلَيْهِ وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَهُ قَسِيمًا لَهَا، وَأَوْرَدَ أَنَّ عَطْفَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ثُبُوتَ الْخِيَارِ عِنْدَ انْتِفَاءِ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَوُجُودِ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِأَنَّ أَوْ بَعْدَ النَّفْيِ أَوْ النَّهْيِ لِلْأَحَدِ الْمُبْهَمِ الدَّائِرِ، وَهُوَ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِانْتِفَاءِ الْجَمِيعِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 379 وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ: بِبَرَصٍ،   [منح الجليل] يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَقُلْ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اخْتَرْ» ، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ مَفْهُومِ إنْ لَمْ يَسْبِقْ الْعِلْمُ سَبْقُ عِلْمِ الزَّوْجَةِ بِالِاعْتِرَاضِ وَتَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا رَاجِيَةً بُرْأَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ فَلَهَا الْخِيَارُ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهِ الْمُدَوَّنَةَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي. (وَ) إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا الرَّدَّ فَادَّعَى الْمَرْدُودُ مُسْقِطًا لِلْخِيَارِ مِنْ سَبْقِ عِلْمٍ أَوْ رِضًا أَوْ تَلَذُّذٍ أَوْ تَمْكِينٍ وَأَنْكَرَهُ الرَّادُّ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي (حَلَفَ) الرَّادُّ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ مُسْقِطِ الْخِيَارِ، وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَسَقَطَ الْخِيَارُ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا ثَبَتَ الْخِيَارُ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ النُّكُولَ بَعْدَ النُّكُولِ تَصْدِيقٌ لِلنَّاكِلِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ ظَاهِرًا وَادَّعَى عِلْمَهُ بِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ. الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ إنْ قَالَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِكَشَهْرٍ عَلَى عَيْبِي حِينَ الْبِنَاءِ وَأَكْذَبَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ خَفِيًّا كَبَرَصٍ بِبَاطِنِ جَسَدِهَا وَنَحْوِهِ، فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِبَرَصٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ أَبْيَضُ أَوْ أَسْوَدُ، وَهَذَا أَرْدَأُ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لِلْجُذَامِ، وَيُشْبِهُهُ فِي اللَّوْنِ الْبَهَقُ وَلَا يُوجِبُ الْخِيَارَ إلَّا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثَّابِتَ عَلَى الْبَرَصِ شَعْرٌ أَبْيَضُ وَعَلَى الْبَهَقِ شَعْرٌ أَسْوَدُ وَأَنَّ الْبَرَصَ إذَا نُخِسَ بِإِبْرَةٍ خَرَجَ مِنْهُ مَاءٌ، وَالْخَارِجُ مِنْ الْبَهَقِ دَمٌ، وَعَلَامَةُ الْأَسْوَدِ التَّقْشِيرُ وَالتَّفْلِيسُ وَالْمُتَزَايِدُ مِنْهُ يُسَمَّى الطَّيَّارُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمَرْأَةِ بَيْنَ كَثِيرِهِ وَيَسِيرِهِ، وَفِي يَسِيرِ الرَّجُلِ قَوْلَانِ، وَهَذَا فِي بَرَصٍ قَبْلَ الْعَقْدِ. وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَهُ فَلَا رَدَّ بِيَسِيرِهِ اتِّفَاقًا، وَفِي كَثِيرِهِ خِلَافٌ، وَلِذَا أَطْلَقَهُ هُنَا. وَقَيَّدَ الْحَادِثَ بَعْدَهُ بِالْمُضِرِّ، وَالْجُذَامُ الْمُحَقَّقُ يُرَدُّ بِهِ وَإِنْ قَلَّ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، فَتَقْيِيدُ الْجُذَامِ الْحَادِثِ بَعْدَهُ بِالْيَمِينِ فِيهِ بَحْثٌ. وَحَاصِلُ الْعُيُوبِ فِيهِمَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، أَرْبَعَةٌ مُشْتَرَكَةٌ وَهِيَ الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْجُنُونُ وَالْعَذْيَطَةُ، وَأَرْبَعَةٌ خَاصَّةٌ بِالرَّجُلِ وَهِيَ الْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالْعُنَّةُ وَالِاعْتِرَاضُ، وَخَمْسَةٌ خَاصَّةٌ بِالْمَرْأَةِ وَهِيَ الْقَرَنُ وَالرَّتَقُ وَالْعَفَلُ وَالْإِفْضَاءُ وَالْبَخَرُ، وَالْمُشْتَرَكُ لَا يُضَافُ، وَالْمُخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا يُضَافُ لِضَمِيرِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 380 وَعَذْيَطَةٍ وَجُذَامٍ لَا جُذَامٍ لِأَبٍ، وَبِخِصَائِهِ، وَجَبِّهِ،   [منح الجليل] الرَّجْرَاجِيُّ إنْ كَانَا مَعِيبَيْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ فِي صَاحِبِهِ اتَّحَدَ جِنْسُ الْعَيْبَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَقَالًا كَمُتَبَايِعَيْ عَرَضَيْنِ ظَهَرَ لِكُلٍّ عَيْبٌ فِي عَرَضِ صَاحِبِهِ اللَّخْمِيُّ إنْ اطَّلَعَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبٍ بِصَاحِبِهِ مُخَالِفٍ لِعَيْبِهِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِيَامُ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَهُ الْقِيَامُ دُونَهَا لِبَذْلِهِ صَدَاقَ سَالِمَةٍ فَوَجَدَ مَنْ صَدَاقُهُ دُونَهُ. (وَعَذْيَطَةٍ) الْمُلَائِمُ لِعَطْفِهِ عَلَى بَرَصٍ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ دُونَ الْوَاوِ مَصْدَرُ عَذْيَطَ إذَا أَحْدَثَ حَدَثَ الْغَائِطِ عِنْدَ الْجِمَاعِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ تُرَدُّ بِكَوْنِهَا عِذْيَوْطَةً أَيْ تُحْدِثُ عِنْدَ الْجِمَاعِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَامُوسِ وَغَيْرِهِمَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِلْبَوْلِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْعَفَلِ، وَلَا رَدَّ بِالرِّيحِ قَوْلًا وَاحِدًا. الْجُزُولِيُّ وَفِي الرَّدِّ بِالْبَوْلِ فِي النَّوْمِ قَوْلَانِ. الْحَطُّ رَدٌّ بِكَثْرَةِ الْقِيَامِ لِلْبَوْلِ إلَّا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْهُ. (وَجُذَامٍ) مُحَقَّقٍ وَلَوْ قَلَّ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ يُعْرَفُ الْجُذَامُ وَالْبَرَصُ بِالرُّؤْيَةِ إلَّا الَّذِي بِالْعَوَرِ فَلَا يُرَى وَعَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ يَرَى الرِّجَالُ مَا بِعَوْرَتِهِ وَالنِّسَاءُ مَا بِعَوْرَتِهَا، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَلْوَانَ فِيمَنْ ادَّعَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّ بِحَلْقَةِ دُبُرِهِ بَرَصًا (لَا) خِيَارَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِ (جُذَامٍ لِأَبٍ) أَيْ أَصْلٍ لِلْآخَرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ مُبَاشِرًا الْوِلَادَةَ وَإِنْ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ لِمُشْتَرِي الرَّقِيقِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَالْبَيْعِ عَلَى الْمُشَاحَّةِ (وَبِخِصَائِهِ) أَيْ قَطْعِ الذَّكَرِ مُطْلَقًا وَالْأُنْثَيَيْنِ إنْ كَانَ لَا يُمْنِي وَإِلَّا فَلَا رَدَّ بِهِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِتَمَامِ لَذَّتِهَا بِإِمْنَائِهِ، وَكَقَطْعِ الذَّكَرِ قَطْعُ حَشَفَتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَحَرُمَ خِصَاءُ آدَمِيٍّ إجْمَاعًا، وَكَذَا جَبُّهُ وَجَازَ خِصَاءُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ إذْ لَا يُجَاهَدُ عَلَيْهِمَا وَفَرَسٌ مَكْلُوبٌ. وَفِي الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ خِصَاءِ الْخَيْلِ فَحُمِلَ عَلَى تَحْرِيمِهِ لِتَنْقِيصِهِ قُوَّتَهَا وَإِذْهَابِهِ نَسْلَهَا، وَهَذَا خِلَافُ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60] . (وَجَبِّهِ) أَيْ قَطْعِ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ مَعًا أَوْ خَلْقِهِ بِدُونِهِمَا وَذَكَرِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ الْخِصَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 381 وَعُنَّتِهِ، وَاعْتِرَاضِهِ. وَبِقَرَنِهَا، وَرَتَقِهَا، وَبَخَرِهَا، وَعَفَلِهَا، وَإِفْضَائِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ. وَلَهَا فَقَطْ: الرَّدُّ: بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ، وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ، الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ   [منح الجليل] بِالْأَوْلَى لِلنَّصِّ عَلَى عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ وَاتِّبَاعِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (وَعُنَّتِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ النُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ صِغَرُ الذَّكَرِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى بِهِ جِمَاعٌ، وَالْعِنِّينُ لُغَةً مَنْ لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَالْعِنِّينَةُ مَنْ لَا تَشْتَهِي الرِّجَالَ (وَاعْتِرَاضِهِ) أَيْ عَدَمِ انْتِشَارِ الذَّكَرِ (وَبِقَرَنِهَا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ بُرُوزِ شَيْءٍ فِي الْفَرْجِ، كَقَرْنِ شَاةٍ مِنْ عَظْمٍ أَوْ لَحْمٍ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ (وَرَتَقِهَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُثَنَّاةِ أَيْ انْسِدَادِ مَسْلَكِ الذَّكَرِ بِعَظْمٍ أَوْ لَحْمٍ (وَبَخَرِهَا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نَتْنِ فَرْجِهَا (وَعَفَلِهَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ أَيْ بُرُوزِ شَيْءٍ فِي الْقُبُلِ يُشْبِهُ أُدْرَةَ الرَّجُلِ يَرْشَحُ غَالِبًا، وَقِيلَ حُدُوثُ رَغْوَةٍ فِيهِ عِنْدَ الْجِمَاعِ (وَإِفْضَائِهَا) أَيْ اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ بِمَسْلَكِ الْجِمَاعِ وَصَيْرُورَتُهُمَا مَسْلَكًا وَاحِدًا. وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِمَا ذُكِرَ وُجُودُهُ (قَبْلَ) تَمَامِ (الْعَقْدِ) فَشَمِلَ الْحَادِثَ حِينَهُ، وَأَمَّا الْحَادِثُ بَعْدَهُ بِالْمَرْأَةِ فَمُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجِ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الزَّوْجِ (الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ) أَيْ الْمُحَقَّقِ وَإِنْ قَلَّ (وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ) أَيْ الْفَاحِشِ لَا الْيَسِيرِ وَنَعْتُ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ بِ (الْحَادِثَيْنِ) بِالرَّجُلِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا الْجُذَامُ فَيُفَرَّقُ مِنْ قَدِيمِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا. ابْنُ وَهْبٍ إذَا لَمْ يَشُكَّ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا أَوْ مُؤْذِيًا لِأَنَّهُ لَا تُؤْمَنُ زِيَادَتُهُ وَإِنْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَإِذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيُفَرَّقُ مِنْ قَلِيلِهِ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَيُفَرَّقُ مِنْ كَثِيرِهِ، وَلَا يُفَرَّقُ مِنْ قَلِيلِهِ حَتَّى يُشَاهَدَ وَيَتَفَاحَشَ لِاطِّلَاعِهِ عَلَيْهَا فَلَا يُعَجَّلُ بِالْفِرَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ كَشْفِهَا بِشَيْءٍ مَآلُهُ إلَى الْفِرَاقِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْبَرَصِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ كُلُّ مَا كَانَ قَبْلَ الْعَقْدِ رُدَّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا مُؤْذِيًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 382 لَا بِكَاعْتِرَاضٍ وَبِجُنُونِهِمَا وَإِنْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ   [منح الجليل] وَمَا حَدَثَ مِنْهُ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا مُؤْذِيًا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَثُبُوتُ الرَّدِّ لَهَا إمَّا حَالًّا أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا كَمَا يَأْتِي، وَمِثْلُهُمَا الْجُنُونُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَذْيَطَةَ كَذَلِكَ. (لَا) رَدَّ لَهَا (بِكَاعْتِرَاضٍ) حَدَثَ بَعْدَ وَطْئِهِ بِانْتِشَارٍ وَلَوْ مَرَّةً وَأَمَّا قَبْلَهُ فَسَيَذْكُرُ أَنَّ لَهَا الرَّدَّ بِهِ بَعْدَ سَنَةٍ لِلْحُرِّ وَنِصْفِهَا لِلْعَبْدِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَتَسَبَّبْ فِيهِ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ بِالْحَادِثِ بَعْدَ الْوَطْءِ، كَالْحَادِثِ قَبْلَهُ وَبَعْدَ الْعَقْدِ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالْكِبَرُ الْمَانِعُ مِنْ الْجِمَاعِ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْوَطْءِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَكِبْرُ الْأُدْرَةِ الْمَانِعُ مِنْهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ فَوَجَدَتْهُ كَبِيرَ الْأُدْرَةِ كِبَرًا مَانِعًا مِنْهُ فَلَهَا رَدُّهُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ بِهِ. (وَبِجُنُونِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ وَأَوْلَى هُمَا مَعًا الْمُسْتَمِرِّ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَحْصُلُ (مَرَّةً فِي الشَّهْرِ) وَيَزُولُ فِي بَاقِيهِ الْقَدِيمِ قَبْلَ الْعَقْدِ، بَلْ وَإِنْ حَدَثَ بِالزَّوْجِ بَعْدَهُ وَ (قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ (وَبَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَالْجُنُونُ الْحَادِثُ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَهَبَ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ إلَى إلْغَاءِ مَا حَدَثَ بِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَابْنُ وَهْبٍ إلَى إلْغَاءِ الْحَادِثِ مُطْلَقًا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ تَأْمَنُ زَوْجَتُهُ أَذَاهُ وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ اتِّفَاقًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي جُنُونِ مَنْ تَأْمَنُ زَوْجَتُهُ أَذَاهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: إلْغَاؤُهُ لِابْنِ رُشْدٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 383 أُجِّلَا فِيهِ. وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ رُجِيَ بُرْؤُهُمَا سَنَةً   [منح الجليل] عَنْ سَمَاعِ زُونَانَ مِنْ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ. وَالثَّانِي: اعْتِبَارُهُ لِسَمَاعِ عِيسَى رَأْيَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتَهُ. وَالثَّالِثُ: إنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أُلْغِيَ وَإِلَّا فَلَا لِلَّخْمِيِّ قَائِلًا اُخْتُلِفَ إنْ حَدَثَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ فِي خَلَوَاتِهِ أُلْغِيَ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ أُلْغِيَ وَإِنْ كَانَ لَا يُفِيقُ يُرِيدُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ بَقَاءَهُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا دُونَ مَنْفَعَةٍ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ قَدْ يُغْتَفَرُ، لَكِنْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْإِغْبَاءَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مُتَنَاوِلٌ لِوَجْهَيْنِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ ثَابِتٌ وَإِنْ كَانَ الْجُنُونُ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ وَإِنْ طَرَأَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِتْقِ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ نَازِلَةٌ بِالزَّوْجِ، وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ الْجُنُونُ إذَا حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا رَدَّ بِهِ. الْبُنَانِيُّ رَأَيْت لِابْنِ رَحَّالٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ حُدُوثَهُ بِالْمَرْأَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَحُدُوثِهِ بِالرَّجُلِ. وَنَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَهُ (أُجِّلَا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْجِيمِ أَيْ الزَّوْجَانِ بِدُونِ وَاوٍ وَهُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ وَإِذَا قِيلَ بِالْخِيَارِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُلِ، وَفِي الْقَدِيمِ فَقَطْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ أُجِّلَا (فِيهِ) أَيْ الْجُنُونِ، وَفِي نُسْخَةٍ وَأُجِّلَا بِزِيَادَةِ وَاوٍ اسْتِئْنَافِيَّةٍ وَهِيَ أَوْلَى لِإِيهَامِ الْأُولَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَ الْعَقْدِ مَعَ أَنَّهُ فِيمَا قَبْلَهُ أَيْضًا حَيْثُ رُجِيَ بُرْؤُهُ، أَيْ وَأُجِّلَا فِي الْجُنُونِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ. (وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ) مُحَقَّقَيْنِ قَدِيمَيْنِ بِهِمَا وَحَادِثَيْنِ بِهِ لَا بِهَا إذْ لَا خِيَارَ لَهُ، وَالتَّأْجِيلُ فَرْعُ الْخِيَارِ، وَقَدْ عُلِمَ عَدَمُ خِيَارِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا فَقَطْ إلَخْ، وَمَحَلُّ التَّأْخِيرِ فِيهَا إنْ (رُجِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بُرْؤُهَا) أَيْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ، هَذَا الَّذِي يَجِبُ اعْتِمَادُهُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَاتٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ تَأْجِيلُ الْمَجْنُونِ وَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَافَقَ ظَاهِرَ مَا فِي نُسْخَةِ بُرْؤُهُمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ. وَيُمْكِنُ إرْجَاعُهُ لِلزَّوْجَيْنِ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إسْنَادَ الْبُرْءِ لِلزَّوْجَيْنِ حَقِيقَةٌ، وَإِلَى الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ مَجَازٌ، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ. وَصِلَةُ أُجِّلَا (سَنَةً) قَمَرِيَّةً لِلْحُرِّ وَنِصْفُهَا لِلرِّقِّ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ دَاءٍ غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ فِيهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ وَأُجِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ سَنَةً إنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بِجُنُونِهِ أَوْ جُذَامِهِ أَوْ بَرَصِهِ، وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بِالرَّجُلِ قَالَ فِيهِ فِي ثَانِي أَنْكِحَتِهَا، وَإِذَا حَدَثَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ بَعْدَ النِّكَاحِ عُزِلَ عَنْهَا وَأُجِّلَ سَنَةً لِعِلَاجِهِ، فَإِنْ صَحَّ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَجْذَمِ الْبَيِّنِ الْجُذَامِ إنْ كَانَ مِمَّا يُرْجَى بُرْؤُهُ فِي الْعِلَاجِ وَقَدَرَ عَلَى عِلَاجِهِ فَلْيُضْرَبْ لَهُ الْأَجَلُ. وَفِي كِتَابِ بَيْعِ الْخِيَارِ وَيُتَلَوَّمُ لِلْمَجْنُونِ سَنَةً وَيُنْفَقُ عَلَى امْرَأَتِهِ مِنْ مَالِهِ فِيهَا فَإِنْ بَرِئَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. الثَّانِي: الْعَيْبُ الْقَدِيمُ فِي الرَّجُلِ، قَالَ فِي جَامِعِ الطُّرَرِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي النَّصِّ السَّابِقِ، وَإِذَا حَدَثَ أَنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ فِي الْقَدِيمِ وَتُخَيَّرُ الْمَرْأَةُ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي آخِرِ الْجُزْءِ فِي الْأَوَّلِ خِلَافُ مَا فِي خِصَالِ ابْنِ زَرْبٍ أَنَّهُ يُؤَجَّلُ فِي الْجُنُونِ كَانَ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ. اهـ. وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَقَطَعَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا نَسَبَ لِابْنِ زَرِبٍ فِي رَسْمِ نَقَدَهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَقَبِلَهُ ابْنُ عَاتٍ. الثَّالِثُ: الْعَيْبُ الْقَدِيمُ فِي الْمَرْأَةِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ فِي وَثَائِقِ ابْنِ فَتْحُونٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ إلَّا بَعْدَ النِّكَاحِ ضَرَبَ لَهُ الْأَجَلَ فِي مُعَانَاةِ نَفْسِهَا مِنْ الْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ سَنَةً، وَفِي دَاءِ الْفَرْجِ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَقَبِلَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ عَاتٍ، وَأَجَّلَ ابْنُ فَتْحُونٍ فِي دَاءِ الْفَرْجِ شَهْرَيْنِ فِي وَثِيقَةٍ لَهُ. الرَّابِعُ: الْعَيْبُ الْحَادِثُ بِالْمَرْأَةِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَأْجِيلٌ، إذْ لَا خِيَارَ لِلرَّجُلِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُمَا إنْ شَاءَ فَارَقَهَا وَلَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالدُّخُولِ، وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ يُؤَجَّلُ فِي الْحَادِثِ وَالْمَرْأَةَ فِي الْقَدِيمِ، وَفِي تَأْجِيلِ الرَّجُلِ فِي الْقَدِيمِ اضْطَرَبَ وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ لِلتَّأْجِيلِ فِي الْحَادِثِ. فَإِنْ قُلْت فَعَلَامَ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قُلْت إنَّ التَّأْجِيلَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ دُونَ الرَّابِعِ. فَإِنْ قُلْت وَبِمَ يُخَرَّجُ الرَّابِعُ مِنْ كَلَامِهِ. قُلْتُ لَا تَأْجِيلَ إلَّا حَيْثُ الرَّدُّ، وَقَدْ فَهِمْنَا مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 385 وَبِغَيْرِهَا إنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ،   [منح الجليل] قَوْلِهِ وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ الْحَادِثَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَرُدُّهَا بِالْحَادِثِ مِنْهُمَا وَأَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ. فَإِنْ قُلْت اسْتِنْبَاطُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ بَيِّنٌ دُونَ الْجُنُونِ قُلْتُ الْمَلْزُومُ كَاللَّازِمِ. فَإِنْ قُلْت قَدْ فَاتَ الْمُصَنِّفَ التَّنْبِيهُ عَلَى خِيَارِ الزَّوْجَةِ لِلْجُنُونِ الْحَادِثِ بِالزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ. قُلْت أَغْنَاهُ عَنْ ذِكْرِ خِيَارِهَا ذِكْرُ تَأْجِيلِ زَوْجِهَا وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا أَسْلَفْنَاك أَنَّ تَأْجِيلَهُ فَرْعُ خِيَارِهَا. فَإِنْ قُلْت هَذَا دَوْرٌ وَتَوَقُّفٌ. قُلْتُ هَبْهُ كَذَلِكَ أَلَيْسَ يَشْفَعُ لَهُ قَصْدُ إيثَارِ الِاخْتِصَارِ، وَتَقْرِيبُ الْأَقْصَى بِاللَّفْظِ الْوَجِيزِ، قَالَ الشَّارِحُ: مَا يَعْرِفُ الشَّوْقَ إلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ ... وَلَا الصَّبَابَةَ إلَّا مَنْ يُعَانِيهَا وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ يُؤَجَّلَانِ سَنَةً لِعِلَاجِ زَوَالِ عَيْبِهِمَا إنْ رُجِيَ أَنَّ رَجَاءَ الْبُرْءِ شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجُنُونِ اتِّبَاعًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بُرْءَ الْجُنُونِ أَرْجَى مِنْ بُرْءِ أَخَوَيْهِ، وَلَوْ قُرِئَ رُجِيَ بُرْؤُهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ شَمِلَ الثَّلَاثَةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَ) الْخِيَارُ يَثْبُتُ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْعُيُوبِ السَّابِقَةِ مِمَّا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا كَسَوَادٍ وَقَرَعٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَصِغَرٍ وَكِبَرٍ (إنْ شَرَطَ) أَحَدُهُمَا (السَّلَامَةَ) مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ، سَوَاءٌ عَيَّنَ مَا شَرَطَ السَّلَامَةَ مِنْهُ أَوْ قَالَ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ أَوْ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، فَلَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعُيُوبِ السَّابِقَةِ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةَ مِنْهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّابِقَةَ تَعَافُهَا النُّفُوسُ وَتُنْقِصُ الِاسْتِمْتَاعَ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ وَمِنْهَا مَا يَسْرِي فِي الْوَلَدِ مَعَ شِدَّتِهِ، وَعَدَمِ اسْتِطَاعَةِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ كَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ وَغَيْرُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَشَأْنُهُ الظُّهُورُ وَعَدَمُ الْخَفَاءِ فَغَيْرُ الْمُشْتَرِطِ مُقَصِّرٌ فِي عَدَمِ اسْتِعْلَامِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الرَّدِّ بِهَا إنْ لَمْ تُشْتَرَطْ السَّلَامَةُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْقَوْلُ لَهَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 386 وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ عِنْدَ الْخِطْبَةِ، وَفِي الرَّدِّ إنْ شَرَطَ الصِّحَّةَ: تَرَدُّدٌ:   [منح الجليل] إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ كَالشَّرْطِ وَلَعَلَّهُ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ صَرِيحًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (بِوَصْفِ الْوَلِيِّ) لِلزَّوْجَةِ بِأَنَّهَا بَيْضَاءُ ذَاتُ شَعْرٍ سَلِيمَةُ الْعَيْنَيْنِ أَوْ بِوَصْفِ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ (عِنْدَ الْخِطْبَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْتِمَاسِ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ فَتُوجَدُ سَوْدَاءُ أَوْ قَرْعَاءُ أَوْ عَوْرَاءُ فَلِلزَّوْجِ رَدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِبْقَاؤُهَا وَعَلَيْهِ جَمِيعُ صَدَاقِهَا إنْ عَلِمَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بَعْدَهُ رَجَعَ بِزَائِدِ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ كَالْعَيْبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ بِلَا شَرْطٍ، هَذَا قَوْلُ عِيسَى وَابْنِ وَهْبٍ. وَرَدَّ بِوَلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا صَدَرَ الْوَصْفُ ابْتِدَاءً. وَأَمَّا إنْ صَدَرَ بَعْدَ السُّؤَالِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مُوجِبٌ الْخِيَارَ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِهِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا، وَالْإِشَارَةُ بِوَلَوْ لِلْخِلَافِ غَالِبًا إلَّا إنْ كَانَتْ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ. وَمُقْتَضَى الشَّارِحِ وتت قَصْرُهُ عَلَى غَيْرِهَا إذْ قَالَا إنْ لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ بِأَنْ قَالَ الْخَاطِبُ قِيلَ لِي إنَّهَا سَوْدَاءُ مَثَلًا، فَقَالَ كَذَبَ الْقَائِلُ بَلْ هِيَ بَيْضَاءُ، أَوْ وَصَفَهَا غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ وَسَكَتَ، بَلْ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ إلَخْ. (وَفِي) ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ بَيْنَ (الرَّدِّ) لِلزَّوْجَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا وَالْإِبْقَاءِ وَعَلَيْهِ جَمِيعِهِ (إنْ شَرَطَ) أَيْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ فِي وَثِيقَةِ عَقْدِ النِّكَاحِ (الصِّحَّةَ) لِلزَّوْجَةِ فِي عَقْلِهَا أَوْ بَدَنِهَا بِأَنْ كَتَبَ تَزَوَّجَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ الصَّحِيحَةَ فِي عَقْلِهَا وَبَدَنِهَا بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا مِنْ كَذَا إلَخْ، فَتُوجَدُ بِخِلَافِ ذَلِكَ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا كَتَبَهَا لِشَرْطِهَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ زَادَهَا مِنْ عِنْدِهِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِهَا، وَنَازَعَ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ بِأَنَّهُ شَرَطَهَا وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (تَرَدُّدٌ) لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَكَلَامُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 387 لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ: كَالْقَرَعِ، وَالسَّوَادِ مِنْ بَيْضٍ، وَنَتْنِ الْفَمِ وَالثُّيُوبَةِ؛ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَذْرَاءُ. وَفِي بِكْرٍ: تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] الْمُتَيْطِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الرَّدِّ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْفَتْوَى، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ. الْحَطُّ فَإِنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ سَلِيمَةَ الْبَدَنِ فَتُوجَدُ بِخِلَافِهِ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِعَدَمِ تَلْفِيقِهِ عَادَةً وَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ الصِّحَّةَ فَلَهُ الرَّدُّ اتِّفَاقًا وَعَطَفَ عَلَى بِبَرَصٍ فَقَالَ (لَا) يَثْبُتُ الْخِيَارُ (بِخُلْفِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ تَخَلُّفِ (الظَّنِّ) أَيْ الْمَظْنُونِ، وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْنَى إنْ شَرَطَ السَّلَامَةَ أَيْ وَبِغَيْرِهَا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ لَا بِخُلْفِ الظَّنِّ (كَ) الِاطِّلَاعِ عَلَى (الْقَرَعِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ عَدَمِ نَبَاتِ شَعْرِ الرَّأْسِ مِنْ عِلَّةٍ وَهِيَ مِنْ نِسَاءٍ ذَوَاتِ شَعْرٍ فَظَنَّهَا مِثْلَهُنَّ (وَالسَّوَادِ) وَهِيَ (مِنْ) نِسَاءٍ (بِيضٍ) فَظَنَّهَا مِثْلَهُنَّ (وَنَتْنِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ، أَيْ خُبْثُ رَائِحَةِ الْفَمِ وَهِيَ الْبَخْرَاءُ أَوْ الْأَنْفِ وَهِيَ الْخَشْمَاءُ مِنْ نِسَاءٍ سَالِمَاتٍ مِنْهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ الْخِيَارُ فِيهِمَا قِيَاسًا عَلَى نَتْنِ الْفَرْجِ بِالْأَحْرَى بِجَامِعِ التَّنْفِيرِ وَتَنْقِيصِ اللَّذَّةِ. وَفَرَّقَ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَهَمَّ مِنْ الزَّوْجَةِ وِقَاعُهَا فِي الْفَرْجِ وَنَتْنُهُ مَانِعٌ مِنْهُ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَوُّلُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ نَتْنُ الْفَمِ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ أَوْ قُلْحٍ أَيْ وَسَخِ الْأَسْنَانِ. (وَ) لَا خِيَارَ بِ (الثُّيُوبَةِ) فِيمَنْ ظَنَّهَا بِكْرًا (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الزَّوْجُ أَتَزَوَّجُهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا (عَذْرَاءَ) أَيْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا بِمُزِيلٍ فَيَجِدُهَا ثَيِّبًا فَلَهُ رَدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا، وَلَهُ إمْسَاكُهَا وَعَلَيْهِ جَمِيعُ مَهْرِهَا سَوَاءٌ عَلِمَ وَلِيُّهَا ثُيُوبَتَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْهَا، كَانَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ. (وَفِي) الْخِيَارِ بِشَرْطِ (بِكْرٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَيَجِدُهَا ثَيِّبًا وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) لِابْنِ الْعَطَّارِ مَعَ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ إنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ نِكَاحٍ كَوَثْبَةٍ وَتَكَرُّرِ حَيْضٍ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ، فَإِنْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 388 وَإِلَّا تَزَوَّجَ الْحُرُّ: الْأَمَةَ، وَالْحُرَّةُ: الْعَبْدَ. بِخِلَافِ الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ، وَالْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ؛ إلَّا أَنْ يَغُرَّا. وَأُجِّلَ الْمُعْتَرِضُ سَنَةً بَعْدَ الصِّحَّةِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، وَإِنْ مَرِضَ،   [منح الجليل] فَلَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا قَطْعًا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَبُوهَا ثُيُوبَتَهَا وَيَكْتُمُهَا وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِمُسَاوَاةِ الْبِكْرِ الْعَذْرَاءَ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ قَطْعًا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ، وَوَافَقَتْ الزَّوْجَ عَلَى أَنَّهُ وَجَدَهَا غَيْرَ بِكْرٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إنَّهُ وَجَدَهَا بِكْرًا، سَوَاءٌ ادَّعَتْ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا أَوْ إنَّهُ أَزَالَهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِيَمِينِهَا وَسَيَأْتِي. وَعَطَفَ عَلَى إلَّا أَنْ يَقُولَ عَذْرَاءُ فَقَالَ (وَإِلَّا تَزَوَّجَ الْحُرُّ الْأَمَةَ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ يَظُنُّهَا حُرَّةً فَيَجِدُهَا أَمَةً فَلَهُ الْخِيَارُ (وَ) إلَّا تَزَوَّجَ (الْحُرَّةُ) أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ دَنِيئَةً (الْعَبْدَ) وَلَوْ بِشَائِبَتِهَا تَظُنُّهُ حُرًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ فَلَهَا الْخِيَارُ (بِخِلَافِ الْعَبْدِ مَعَ الْأَمَةِ) يَظُنُّ أَحَدُهُمَا حُرِّيَّةَ الْآخَرِ حَالَ عَقْدِ النِّكَاحِ ثُمَّ تَتَبَيَّنُ رِقِّيَّتُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ إذْ الْأَمَةُ مِنْ نِسَائِهِ وَهُوَ مِنْ رِجَالِهَا. (وَ) بِخِلَافِ (الْمُسْلِمِ مَعَ النَّصْرَانِيَّةِ) أَوْ الْيَهُودِيَّةِ يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً أَوْ تَظُنُّهُ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا حَالَ الْعَقْدِ، ثُمَّ تَتَبَيَّنُ كِتَابِيَّةً أَوْ يَتَبَيَّنُ مُسْلِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَا لَهَا لِذَلِكَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَغُرَّا) أَيْ الْأَمَةُ الْعَبْدَ بِأَنَّهَا حُرَّةٌ، أَوْ الْعَبْدُ الْأَمَةَ بِأَنَّهُ حُرٌّ أَوْ الْكِتَابِيَّةُ الْمُسْلِمَ بِأَنَّهَا مُسْلِمَةٌ، أَوْ الْمُسْلِمُ الْكِتَابِيَّةَ بِأَنَّهُ الْكِتَابِيُّ، وَلَا يُحْكَمُ بِرِدَّتِهِ بِهَذَا فَلِلْمَغْرُورِ الْخِيَارُ. (وَأُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ (الْمُعْتَرَضُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْحُرُّ الَّذِي ثَبَتَ لِزَوْجَتِهِ الْخِيَارُ فِيهِ بِأَنْ لَمْ يَطَأْهَا، سَوَاءٌ سَبَقَ اعْتِرَاضُهُ الْعَقْدَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَيُؤَجَّلُ (سَنَةً) هِلَالِيَّةً لِلتَّدَاوِي فِيهَا وَابْتِدَاؤُهَا (بَعْدَ) حُصُولِ (الصِّحَّةِ) لِلْمُعْتَرَضِ مِنْ مَرَضٍ غَيْرِ الِاعْتِرَاضِ إنْ كَانَ وَ (مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) بِتَأْجِيلِهِ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى التَّأْجِيلِ فَمِنْ يَوْمِهِ. ابْنُ رُشْدٍ تَعَبُّدًا. اللَّخْمِيُّ لِتَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ إذْ التَّدَاوِي قَدْ يُفِيدُ فِي فَصْلٍ دُونَ غَيْرِهِ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَمْرَضْ فِيهَا، بَلْ (وَإِنْ مَرِضَ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 389 وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا   [منح الجليل] فِيهَا كُلِّهَا بَعْدَ ابْتِدَائِهَا سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى التَّدَاوِي فِيهَا أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ اسْتَغْرَقَ الْمَرَضُ السَّنَةَ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا فَتُسْتَأْنَفُ لَهُ سَنَةٌ أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ مَرِضَ فِيهَا مَرَضًا شَدِيدًا مَنَعَهُ مِنْ التَّدَاوِي زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِهِ فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ إنْ بِلَوْ. (وَ) أُجِّلَ (الْعَبْدُ) الْمُعْتَرَضُ كَذَلِكَ (نِصْفَهَا) أَيْ السَّنَةِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَبِهِ الْحُكْمُ، وَقِيلَ سَنَةً كَالْحُرِّ وَاسْتُظْهِرَ، وَمَالَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَنُسِبَ لِمَالِكٍ أَيْضًا. الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ فِي أَجَلِ الْعَبْدِ فَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ كَأَجَلِ الْحُرِّ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقِيلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبِهِ الْحُكْمُ. اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ لِأَنَّ السَّنَةَ جُعِلَتْ لِيُخْتَبَرَ فِي الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَقَدْ يَنْفَعُ الدَّوَاءُ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ، وَهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّهُ (لَا نَفَقَةَ لَهَا) أَيْ زَوْجَةِ الْمُعْتَرَضِ (فِيهَا) أَيْ السَّنَةِ الَّتِي أُجِّلَ بِهَا لِلتَّدَاوِي. ابْنُ غَازِيٍّ هَذَا وَهْمٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا ... كَفَى الْمَرْءَ نُبْلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ إنَّمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَانْظُرْ إذَا ضُرِبَ لِلْمَجْنُونِ أَجَلُ سَنَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ إذَا دَعَتْهُ إلَى الدُّخُولِ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ بِجُنُونِهِ كَمَا إذَا أَعْسَرَ بِالصَّدَاقِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِجْرَاءِ نَفَقَتِهَا مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ صَدَاقِهَا فَأَجَالَ النَّظَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِيهِ شَيْئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا لِسَبَبٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى رَفْعِهِ فَهُوَ مَعْذُورٌ. بِخِلَافِ الَّذِي مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهَا صَدَاقَهَا إذْ لَعَلَّ لَهُ مَالًا كَتَمَهُ اهـ. وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْمُعْتَرَضِ عَلَى الْمَجْنُونِ يَعْزِلُ عَنْهَا، وَالْمُعْتَرَضُ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا. الرَّمَاصِيُّ فِي جَوَابِ تت بِأَنَّ مُرَادَهُ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ اعْتِمَادُهُ هُنَا عَلَى. اسْتِظْهَارِهِ، وَلَوْ سَلِمَ فَلَا يُشِيرُ لَهُ بِالظَّاهِرِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ وَمُلْبِسٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي تَوْضِيحِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 390 وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ؛ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ، وَإِلَّا بَقِيَتْ؛ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ طَلَّقَهَا؛ وَإِلَّا فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ؟   [منح الجليل] (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُعْتَرَضُ (إنْ ادَّعَى فِيهَا) أَيْ السَّنَةِ (الْوَطْءَ) بَعْدَ إقْرَارِهِ بِاعْتِرَاضِهِ وَتَأْجِيلِهِ سَنَةً أَوْ نِصْفَهَا فَيُصَدَّقُ (بِيَمِينِهِ) فَإِنْ ادَّعَى الْوَطْءَ بَعْدَهَا فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِتَقْدِيمِهِ فِيهَا عَلَى الْوَطْءِ. وَعُلِّلَ بِاتِّهَامِهِ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْفِرَاقِ، وَفِي ابْنِ هَارُونَ مَا يُفِيدُ تَصْدِيقَهُ فِيهَا بِيَمِينِهِ. وَعَلَى هَذَا فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ (فَإِنْ نَكَلَ) الْمُعْتَرَضُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى وَطْئِهِ فِيهَا (حَلَفَتْ) الزَّوْجَةُ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِيهَا، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِتَصْدِيقِهَا عَلَى عَدَمِهِ بِنُكُولِهِ فَسَقَطَ حَقُّهُ فِي الْأَجَلِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْقَى لِتَمَامِ الْأَجَلِ ثُمَّ يَطْلُبُ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ الزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا فِيهَا (بَقِيَتْ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ حَالَ كَوْنِهَا زَوْجَةً وَلَا كَلَامَ لَهَا لِتَصْدِيقِهِ عَلَى وَطْئِهَا فِيهَا بِنُكُولِهَا. (وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَطْءَ فِيهَا بِأَنْ أَقَرَّ بِعَدَمِهِ أَوْ سَكَتَ (طَلَّقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ إنْ شَاءَتْهُ الزَّوْجَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ طَلَاقِهَا (فَهَلْ يُطَلِّقُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْحَاكِمُ) الزَّوْجَةَ (أَوْ يَأْمُرُهَا) أَيْ الْحَاكِمُ الزَّوْجَةَ (بِهِ) أَيْ طَلَاقِهَا نَفْسَهَا بِأَنْ تَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي مِنْك أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْك وَهُوَ بَائِنٌ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ (ثُمَّ يَحْكُمُ) الْحَاكِمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِيَرْتَفِعَ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الْحَاكِمِ بِطَلَاقِهَا نَفْسَهَا لَيْسَ حُكْمًا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ بَعْضُهُمْ أَيْ يَشْهَدُ قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ فَلَيْسَ مُرَادُهُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ. ابْنُ عَتَّابٍ يَقُولُ الْحَاكِمُ لَهَا بَعْدَ كَمَالِ نَظَرِهِ فِيمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 391 قَوْلَانِ. وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ، وَالصَّدَاقُ بَعْدَهَا: كَدُخُولِ الْعِنِّينِ، وَالْمَجْبُوبِ.   [منح الجليل] يَجِبُ إنْ شِئْت أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك، وَإِنْ شِئْت التَّرَبُّصَ عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ. الْمُتَيْطِيُّ لَا أَعْذَارَ فِي هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ إذْ لَا أَعْذَارَ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْ الْإِمَامِ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَإِشْهَادٍ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيِّ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ بِالْعَيْبِ يُوقِعُهُ الْإِمَامُ أَوْ يُفَوِّضُهُ إلَيْهَا قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ الْحَطُّ، وَأَفْتَى بِالثَّانِي ابْنُ عَاتٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ سَهْلٍ. (وَلَهَا) أَيْ زَوْجَةُ الْمُعْتَرَضِ بَعْدَ رِضَاهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَتَخْيِيرِهَا (فِرَاقُهُ) أَيْ الْمُعْتَرَضِ بِطَلَاقِهَا مِنْهُ (بَعْدَ الرِّضَا) مِنْهَا بِإِقَامَتِهَا مَعَهُ لِأَجَلٍ آخَرَ رَوَاهُ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَفْهُومُ لِأَجَلٍ أَنَّهَا لَوْ رَضِيَتْ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ أَبَدًا أَوْ أَطْلَقَتْ فَلَيْسَ لَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَلَمْ يَرْضَ. ابْنُ رَحَّالٍ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ فِي التَّوْضِيحِ إنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَ الْمُجْذَمِ ثُمَّ أَرَادَتْ فِرَاقَهُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ زَادَ فِي الْبَيَانِ لَهَا رَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) ثَانٍ وَبِلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ (وَ) لَهَا (الصَّدَاقُ) كُلُّهُ (بَعْدَهَا) أَيْ السَّنَةِ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَطَالَ مُقَامُهَا مَعَهُ وَتَلَذَّذَ بِهَا وَأَخْلَقَ شَوْرَتَهَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. أَبُو عِمْرَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَتَكَمَّلُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ فَلَهَا النِّصْفُ إنْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ مَعَهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ كُلٍّ الصَّدَاقَ فَقَالَ (كَدُخُولِ) الزَّوْجِ (الْعِنِّينِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُثَقَّلَةً أَيْ صَغِيرِ الذَّكَرِ جِدًّا ثُمَّ طَلَاقِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ (وَ) دُخُولِ الزَّوْجِ (الْمَجْبُوبِ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ ثُمَّ طَلَاقِهِ مُخْتَارًا فَعَلَيْهِ الصَّدَاقُ كُلُّهُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُعْتَرَضِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّلَذُّذِ بِدُونِ وَطْءٍ وَقَدْ حَصَلَ، وَدُخُولِ الْمُعْتَرَضِ عَلَى الْوَطْءِ وَلَمْ يَحْصُلْ وَلِذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِيهِمَا دُونَهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392 وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ فِيهَا: قَوْلَانِ. وَأُجِّلَتْ الرَّتْقَاءُ لِلدَّوَاءِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ خِلْقَةً وَجُسَّ عَلَى ثَوْبِ مُنْكِرِ الْجَبِّ وَنَحْوِهِ   [منح الجليل] (وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ) عَلَى الْمُعْتَرَضِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ (إنْ قُطِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ذَكَرُهُ) أَيْ الْمُعْتَرَضِ (فِيهَا) أَيْ السَّنَةِ إنْ طَلَبَتْهُ زَوْجَتُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِهِ إلَى تَمَامِهَا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَعَدَمُ تَعْجِيلِهِ فَيُؤَخَّرُ إلَى تَمَامِهَا لَعَلَّهَا تَرْضَى بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقِيلَ تَبْقَى زَوْجَةً أَبَدًا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا، فَإِنْ تَعَمَّدَ قَطْعَهُ عُجِّلَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَقَطْعُ ذَكَرِ الْمَوْلَى فِي أَجَلِهِ يُبْطِلُهُ وَتَبْقَى زَوْجَةً اتِّفَاقًا، وَكَذَا غَيْرُهُ بَعْدَ وَطْئِهِ (وَأُجِّلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ (الرَّتْقَاءُ) أَيْ الْمَسْدُودُ مَسْلَكُ جِمَاعِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ ذَوَاتِ دَاءِ الْفَرْجِ فَتُؤَجَّلُ (لِ) لِاسْتِعْمَالِ (الدَّوَاءِ) بِاجْتِهَادِ الْعَارِفِينَ، وَأَجَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِشَهْرَيْنِ وَكُلْفَةُ التَّدَاوِي عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ مَعَ اسْتِرْسَالِهِ عَلَيْهَا. (وَلَا تُجْبَرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الرَّتْقَاءُ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّدَاوِي إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ (إنْ كَانَ) الرَّتَقُ (خِلْقَةً) لِشِدَّةِ تَأَلُّمِهَا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ بِهِ عَيْبٌ فِي الْإِصَابَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ أَرَادَتْهُ وَأَبَاهُ الزَّوْجُ فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ بِهِ عَيْبٌ فِيهَا جُبِرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِهَا، وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِهِ عَيْبٌ فِيهَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ خِلْقَةً أَنَّهُ إنْ كَانَ طَارِئًا بِالْخِتَانِ كَبَنَاتِ بَعْضِ السُّودَانِ فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ بِهِ عَيْبٌ فِيهَا جُبِرَ عَلَيْهِ الْآبِي مِنْهُمَا وَإِلَّا جُبِرَتْ إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ وَلَا يُجْبَرُ إنْ طَلَبَتْهُ أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ. (وَ) إنْ ادَّعَتْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ مَجْبُوبٌ أَوْ خَصِيٌّ أَوْ عِنِّينٌ وَأَنْكَرَ (جُسَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلًا أَيْ مُسَّ بِظَهْرِ الْيَدِ (عَلَى ثَوْبِ مُنْكِرِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (الْجَبِّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْجَبِّ مِنْ خِصَاءٍ وَعُنَّةٍ وَلَا يَنْظُرُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393 وَصُدِّقَ فِي الِاعْتِرَاضِ: كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا أَوْ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ، أَوْ بَكَارَتِهَا   [منح الجليل] الشُّهُودُ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ يَنْظُرُونَهُ لِاسْتِوَاءِ النَّظَرِ وَالْجَسِّ فِي الْمَنْعِ وَالنَّظَرُ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ الْقَوِيُّ. وَأُجِيبَ بِأَخَفِّيَّةِ الْجَسِّ مَعَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ. (وَ) إنْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهُ مُعْتَرَضٌ وَأَنْكَرَهُ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ بِيَمِينٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (فِي) نَفْيِ (الِاعْتِرَاضِ) وَهَذَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَلِلنَّصِّ عَلَى عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ. سَالِمٌ وَيُصَدَّقُ فِي نَفْيِ دَاءِ فَرْجِهِ مِنْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ. وَشَبَّهَ فِي التَّصْدِيقِ فَقَالَ (كَالْمَرْأَةِ) فَتُصَدَّقُ (فِي) نَفْيِ (دَاءِ) فَرْجِ (هَا) مِنْ إفْضَاءٍ وَنَحْوَهُ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ بِيَمِينِهَا. أَبُو إبْرَاهِيمَ وَلَهَا رَدُّهَا عَلَى الزَّوْجِ. ابْنُ الْهِنْدِيِّ لَيْسَ لَهَا رَدُّهَا عَلَيْهِ فَلَا يَنْظُرُهُ النِّسَاءُ وَلَا بَقِيَّةُ السَّوْأَتَيْنِ كَبَرَصٍ بِدُبْرِهَا، وَأَمَّا دَاءُ غَيْرِ الْفَرْجِ مِمَّا يَنْظُرُهُ النِّسَاءُ فَيُقْبَلُ فِيهِ امْرَأَتَانِ وَمَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ نَظَرُهُ كَالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ (أَوْ) نَفْيِ (وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ) بِأَنْ قَالَتْ حَدَثَ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ بِسَبَبِهِ، وَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ الْخِيَارُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إنْ تَنَازَعَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مُقَيِّدًا بِهِ إطْلَاقَ الْمُدَوَّنَةِ، وَفَرَضْتُهُ فِي جُذَامٍ وَنَحْوِهِ، وَيُمْكِنُ فَرْضُهُ فِي عَيْبِ الْفَرْجِ بِأَنْ اعْتَمَدَ الزَّوْجُ عَلَى إخْبَارِ الْمَرْأَتَيْنِ بِوُجُودِهِ قَبْلَهُ وَادَّعَتْ حُدُوثَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَوْلُهَا بَعْدَهُ. (أَوْ) وُجُودُ (بَكَارَتِهَا) عِنْدَ قَوْلِهِ لَمْ أَجِدْهَا بِكْرًا، وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهَا عَذْرَاءَ، وَلَا يُحَدُّ بِهَذَا فَإِنْ قَالَ مُفْتَضَّةً حُدَّ لِأَنَّهُ بِفِعْلٍ فَهُوَ قَذْفٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الْبُنَانِيُّ يَعْنِي سَوَاءً ادَّعَتْ أَنَّهَا الْآنَ بِكْرٌ أَوْ أَنَّهَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَزَالَهَا الزَّوْجُ فَتُصَدَّقُ فِيهِمَا أَفَادَهُ نَقْلُ الْحَطُّ خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ هُنَا، وَفِي " ز " عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي بِكْرٍ تَرَدُّدٌ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَنَظَرِهَا النِّسَاءَ، فَإِنْ قُلْنَ بِهَا أَثَرٌ قَرِيبٌ فَالْقَوْلُ لَهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَهُوَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394 وَحَلَفَتْ هِيَ، أَوْ أَبُوهَا إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً   [منح الجليل] خِلَافُ الْمَشْهُورِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا بِالْفَرْجِ فِي تَصْدِيقِهَا وَعَدَمُ نَظَرِ النِّسَاءِ إلَيْهِ وَإِثْبَاتُهُ بِنَظَرِهِنَّ إلَيْهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ وَبَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكُلُّ أَصْحَابِهِ غَيْرَ سَحْنُونٍ. وَالثَّانِي: لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ وَأَبِي عِمْرَانَ عَنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ لُبَابَةَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَصْحَابِهِ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ أَكْذَبَتْهُ فِي وُجُودِهَا ثَيِّبًا فَلَهَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ كَانَتْ مَلَكَتْ أَمْرَهَا أَوْ لِأَبِيهَا إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ وَلَا تَكْشِفُ الْحُرَّةُ فِي مِثْلِ هَذَا. ابْنُ لُبَابَةَ هَذَا خَطَأٌ وَكُلُّ مَنْ يَرُدُّهَا بِالْعَيْبِ يُوجِبُ امْتِحَانَهَا بِالنِّسَاءِ، فَإِنْ زَعَمَتْ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا عَرَضَتْ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ شَهِدْنَ أَنَّ الْأَثَرَ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ دُيِّنَتْ وَحَلَفَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا رُدَّتْ بِهِ قِيلَ دُونَ يَمِينِ الزَّوْجِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ بِيَمِينِهِ. اهـ. فَكَلَامُ ابْنِ لُبَابَةَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ. (وَحَلَفَتْ) الزَّوْجَةُ أَنَّهُ وَجَدَهَا بِكْرًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ (هِيَ) فَصَلَ بِهِ لِعَطْفِ (أَوْ أَبُوهَا) عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ فِي حَلَفَ (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (سَفِيهَةً) أَيْ مُجْبَرَةً فَشَمِلَ الصَّغِيرَةَ وَالْمَجْنُونَةَ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ. فَإِنْ قِيلَ سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدِهِ فَلِمَ لَمْ تَحْلِفْ السَّفِيهَةُ هُنَا، وَحَلَفَ أَبُوهَا قِيلَ لِعَدَمِ غُرْمِهَا وَتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ إشْهَادِهِ عَلَى سَلَامَتِهَا، فَتَوَجَّهَ الْغُرْمُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ لِيَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَخُ كَالْأَبِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ بَلْ عَلَيْهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَيَنْبَغِي كَوْنُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ يَوْمَ الْعَقْدِ إلَّا ظَاهِرًا فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى نَحْوِ مَا وَجَبَتْ عَلَى الْأَبِ هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ كَمَّلَ الْأَيْمَانَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَتِّ اهـ. الْمُتَيْطِيُّ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا فَالْيَمِينُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395 وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ قُبِلَتَا، وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ بِثُيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ وَكَتَمَ؛ فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ عَلَى الْأَصَحِّ،   [منح الجليل] وَلِيِّهَا، وَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ لِأَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا بِحَيْثُ يَجِبُ الْغُرْمُ عَلَى وَلِيِّهَا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا. (وَلَا يَنْظُرُهَا) أَيْ الْعُيُوبَ الَّتِي بِفَرْجِهَا (النِّسَاءِ) جَبْرًا عَلَيْهَا، وَهَذَا كَالتَّأْكِيدِ لِقَوْلِهِ كَالْمَرْأَةِ فِي دَائِهَا فَإِنْ رَضِيَتْ فَلَهُنَّ النَّظَرُ (وَإِنْ أَتَى) الزَّوْجُ (بِامْرَأَتَيْنِ) مَكَّنَتْهُمَا مِنْ نَظَرِهَا (تَشْهَدَانِ لَهُ) بِعَيْبِ فَرْجِهَا (قُبِلَتَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، فَلَيْسَ نَظَرُهُمَا فَرْجَهَا جُرْحَةً فِي عَدَالَتِهِمَا لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ، وَمُرَاعَاةً لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِجَوَازِهِ جَبْرًا عَلَيْهَا. الْبُنَانِيُّ الَّذِي تَلَقَّيْته مِنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْمُفْتِينَ أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِفَاسَ بِقَوْلِ سَحْنُونٍ وَابْنِ غَازِي الْمُتَيْطِيِّ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ شَهِدَتَا بِرُؤْيَةِ دَاءِ فَرْجِهَا وَلَمْ يَكُنْ عَنْ إذْنِ الْإِمَامِ قُضِيَ بِشَهَادَتِهِمَا. فَإِنْ قِيلَ مَنْعُهَا مِنْ النَّظَرِ يُوجِبُ كَوْنَ تَعَمُّدِهِ جُرْحَةً، قِيلَ هَذَا مِمَّا يُعْذَرَانِ فِيهِ بِالْجَهْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَعَلَّ الْمَانِعَ مِنْ نَظَرِهِمَا حَقُّهَا فِي عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَتِهَا وَاطِّلَاعُهُمَا عَلَيْهَا بِتَمْكِينِهَا فِي الْغَالِبِ، فَلَا يَكُونُ جُرْحَةً، وَفِي تَكْلِيفِ الْخَصْمِ أَمْرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى حُصُولِهِ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ يُبَيِّنُ بِهِ صِدْقَهُ أَوْ كَذِبَهُ خِلَافٌ كَمَنْ أَنْكَرَ خَطَأً نُسِبَ لَهُ فَهَلْ يُكَلَّفُ الْكَتْبَ لِيَتَبَيَّنَ صِدْقُهُ أَوْ كَذِبُهُ. (وَإِنْ عَلِمَ الْأَبُ) كَغَيْرِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهَا (بِثُيُوبَتِهَا بِلَا وَطْءٍ) بِنِكَاحٍ بِأَنْ كَانَ بِوَثْبَةٍ أَوْ تَكَرُّرِ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (وَكَتَمَ) الْأَبُ ثُيُوبَتَهَا عَنْ الزَّوْجِ حَالَ الْعَقْدِ (فَلِلزَّوْجِ الرَّدُّ) لِلزَّوْجَةِ (عَلَى الْأَصَحِّ) الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا رَدَّ لَهُ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُهُ سَابِقًا وَلَا رَدَّ بِالثُّيُوبَةِ فِيمَنْ ظَنَّهَا بِكْرًا لِتَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ عِلْمِ الْأَبِ بِهَا. وَهَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ الزَّوْجِ الْبَكَارَةَ قَرَّرَهُ بِالْأَوَّلِ الشَّارِحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ، فَهَذَا مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ وَبِالثُّيُوبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِالثَّانِي الْحَطُّ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 396 وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ: كَغُرُورٍ بِحُرِّيَّةٍ، وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى، وَمَعَهَا   [منح الجليل] فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ أَنَّهُ إنْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا فَلَهُ خَمْسَةُ أَحْوَالٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ شَرْطٌ فَلَا رَدَّ مُطْلَقًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالثُّيُوبَةِ. الثَّانِي: شَرْطُهُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ فَلَهُ رَدُّهَا مُطْلَقًا، وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَذْرَاءُ. الثَّالِثُ: شَرْطُهُ بَكَارَتَهَا فَيَجِدُهَا ثَيِّبًا بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَمْ يَعْلَمْهَا الْأَبُ، فَفِيهَا تَرَدُّدٌ، أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي بِكْرٍ تَرَدُّدٌ. الرَّابِعُ: شَرْطُهُ بَكَارَتَهَا فَيَجِدُهَا ثَيِّبًا بِلَا نِكَاحٍ وَعَلِمَهَا الْأَبُ وَكَتَمَ فَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الَّذِي هُنَا. الْخَامِسُ: شَرْطُهُ بَكَارَتَهَا فَيَجِدُهَا ثَيِّبًا بِنِكَاحٍ وَسَوَاءٌ عَلِمَهَا الْأَبُ أَمْ لَا فَلَهُ رَدُّهَا، وَهَذَا مَفْهُومٌ بِلَا وَطْءٍ. (وَمَعَ الرَّدِّ) مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِعَيْبٍ مِمَّا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ تَوَقَّفَ عَلَى شَرْطِ السَّلَامَةِ أَمْ لَا (قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ) لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَعِيبَةً فَقَدْ غَرَّتْ الزَّوْجَ وَدَلَّسَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ سَلِيمَةً فَقَدْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، وَسَوَاءٌ رَدَّتْهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَشَرْطُ رَدِّهِ كَوْنُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِهَا. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصَّدَاقِ فَقَالَ (كَ) رَدِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ بِ (غُرُورٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَلَوْ رَقِيقًا بِإِخْبَارٍ (بِحُرِّيَّةٍ) تَبَيَّنَ عَدَمُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ الْغَارَّةَ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهِيَ الْمُفَارِقَةُ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، وَكَذَا الرَّدُّ بِغُرُورٍ بِإِسْلَامٍ أَوْ كِتَابِيَّةٍ (وَ) مَعَ الرَّدِّ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْخَلْوَةِ مِمَّنْ يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهُ كَأَبْرَصَ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ فِي الْوَطْءِ (فَمَعَ) الرَّدِّ بِسَبَبِ (عَيْبِهِ) أَيْ الزَّوْجِ يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ (الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ تَفْوِيضًا وَلَمْ يُسَمِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَصَدَاقُ مِثْلِهَا لِتَدْلِيسِهِ مَعَ اسْتِيفَائِهِ سِلْعَتَهَا وَلَا صَدَاقَ عَلَى مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ وَطْؤُهُ كَمَجْبُوبٍ وَعِنِّينٍ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُهُ سَابِقًا كَدُخُولِ الْعِنِّينِ لِأَنَّهُ فِيمَنْ طَلَّقَ بِاخْتِيَارِهِ. (وَمَعَ) الرَّدِّ بِسَبَبِ عَيْبِ (هَا) الَّذِي تُرَدُّ بِهِ بِلَا شَرْطٍ كَإِفْضَائِهَا وَبَرَصِهَا وَبَعْدَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 397 رَجَعَ بِجَمِيعِهِ، لَا قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ كَابْنٍ وَأَخٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا،   [منح الجليل] رَجَعَ) الزَّوْجُ إنْ شَاءَ (بِجَمِيعِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهَا أَوْ لِوَكِيلِهَا، وَأَمَّا إنْ رَدَّهَا بِعَيْبِهَا الَّذِي تُرَدُّ بِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْهُ فَيَرْجِعُ بِمَا زَادَهُ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا، كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنَّ لَهَا مِنْ الْجِهَازِ كَذَا فَلَمْ يُوجَدْ قَالَهُ عج وَالشَّيْخُ سَالِمٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحُرَّةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَلَى وَلِيٍّ لَمْ يَغِبْ كَابْنٍ وَأَخٍ إلَخْ، لَا فِي الْأَمَةِ إذْ لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ قَرَابَتِهَا مَعَ سَيِّدِهَا فَقَوْلُهُ (لَا قِيمَةِ الْوَلَدِ) فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَمَحَلُّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ فَيَقُولُ عَقِبَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إنْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةٍ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا غَرَّهُ أَجْنَبِيٌّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ تَوَلَّى عَقْدَهَا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ وَوَلَدَتْ وَغَرِمَ الزَّوْجُ قِيمَةَ وَلَدِهَا لِسَيِّدِهَا لِحُرِّيَّتِهِ وَالْمُسَمَّى فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ بِالْمُسَمَّى لَا بِقِيمَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي غُرْمِهِ الصَّدَاقَ، وَهُوَ وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي الْوَطْءِ أَيْضًا لَكِنَّهُ قَدْ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَلَدٌ، وَأَيْضًا الْغُرُورُ سَبَبٌ بَعِيدٌ فِي تَلَفِ الْوَلَدِ عَلَى السَّيِّدِ، وَالْوَطْءُ سَبَبُهُ الْقَرِيبُ فَقُدِّمَ فَاعِلُهُ، فَإِنْ تَوَلَّى الْأَجْنَبِيُّ عَقْدَهَا بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهَا غَرِمَ الزَّوْجُ لِسَيِّدِهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَارِّ وَتَحَتَّمَ فَسْخُ النِّكَاحِ، فَإِنْ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ بِالصَّدَاقِ كَمَا إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ، وَإِنْ كَانَ الْغَارُّ الْأَمَةَ أَوْ سَيِّدَهَا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى إلَخْ. (عَلَى وَلِيٍّ) لِلزَّوْجَةِ صِلَةُ رَجَعَ (لَمْ يَغِبْ) الْوَلِيُّ عَنْهَا بِأَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا لَهَا وَمُطَّلِعًا عَلَى عَيْبِهَا الظَّاهِرِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَجُذَامٍ، فَإِنْ غَابَ عَنْهَا أَيْ لَمْ يُخَالِطْهَا وَخَفَى عَلَيْهِ عَيْبُهَا فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ، وَمَثَّلَ لِلْوَلِيِّ الَّذِي لَمْ يَغِبْ فَقَالَ (كَابْنٍ وَأَخٍ) وَأَبٍ وَعَمٍّ، وَأَمَّا الْعَيْبُ الَّذِي لَا يَظْهَرُ إلَّا بِالْبِنَاءِ كَالْعَذْيَطَةِ وَالْعَفَلِ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ عَلَى الْوَلِيِّ الَّذِي لَمْ يَغِبْ أَيْضًا. (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ إذَا لَمْ تَحْضُرْ مَحَلَّ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا لَوْ حَضَرَتْ لَبَيَّنَتْ الْعَيْبَ فَلَا يَرْجِعُ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا وَلَا الزَّوْجُ وَلَوْ فَلِسَ الْوَلِيُّ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 398 وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ، ثُمَّ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا إنْ أَخَذَهُ مِنْهُ لَا الْعَكْسُ وَعَلَيْهَا فِي: كَابْنِ الْعَمِّ، إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ، فَإِنْ عَلِمَ فَكَالْقَرِيبِ، وَحَلَّفَهُ إنْ ادَّعَى عِلْمَهُ:   [منح الجليل] مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَرْجِعُ عَلَيْهَا فِي عَدَمِ الْوَلِيِّ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَيَأْتِي قَرِيبًا. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ حَيْثُ وَجَبَ غُرْمُ الْوَلِيِّ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمَهْرِ مُؤَجَّلًا فَلَا يَغْرَمُهُ لِلزَّوْجِ إلَّا بَعْدَ غُرْمِهِ لَهَا. قُلْت هَذَا بَيِّنٌ إنْ لَمْ يَخْشَ فَلَسَهُ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى الْأُصُولِ كَذَلِكَ. (وَ) رَجَعَ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ الْقَرِيبِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ (وَ) إنْ شَاءَ رَجَعَ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ (إنْ زَوَّجَهَا) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ الْوَلِيُّ الزَّوْجَةَ أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا (بِحُضُورِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مَحَلَّ الْعَقْدِ حَالَ كَوْنِهِمَا (كَاتِمَيْنِ) عَيْبَهَا لِأَنَّهُمَا غَارَّانِ (ثُمَّ) إنْ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْوَلِيِّ يَرْجِعُ (الْوَلِيُّ عَلَيْهَا) بِمَا زَادَ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ (إنْ أَخَذَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (الزَّوْجُ مِنْهُ) أَيْ الْوَلِيِّ إذْ لَا حُجَّةَ لَهَا حِينَئِذٍ (لَا) يَثْبُتُ (الْعَكْسُ) وَهُوَ رُجُوعُهَا عَلَى وَلِيِّهَا إنْ أَخَذَهُ الزَّوْجُ مِنْهَا لِأَنَّهَا بَاشَرَتْ إتْلَافَهُ أَوْ بَقِيَ بِيَدِهِ مَعَ انْتِفَاءِ حُجَّتِهَا. (وَ) رَجَعَ الزَّوْجُ إنْ شَاءَ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فَقَطْ بِالصَّدَاقِ (فِي) تَزْوِيجِهَا بِوِلَايَةٍ (كَابْنِ الْعَمِّ) وَالْمُعْتَقِ وَالسُّلْطَانِ مِنْ كُلِّ وَلِيٍّ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا خَفِيَ عَلَيْهِ عَيْبُهَا (إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ) لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَنْعِ عُرُوِّ الْبُضْعِ عَنْ الصَّدَاقِ، وَيَرْجِعُ هَذَا لِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِمَا إنْ زَوَّجَهَا إلَخْ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا إلَخْ أَيْضًا. (فَإِنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ بِعَيْبِهَا وَكَتَمَهُ عَنْ الزَّوْجِ (فَكَا) لْوَلِيِّ (الْقَرِيبِ) الَّذِي لَمْ يَغِبْ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فَقَطْ إنْ غَابَتْ عَنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ، وَتَخْيِيرُ الزَّوْجِ بَيْنَ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا إنْ زَوَّجَهَا بِحُضُورِهَا كَاتِمَيْنِ (وَحَلَّفَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ (إنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ (عِلْمَهُ) أَيْ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ عَيْبَهَا وَكَتَمَهُ وَحَقَّقَ الزَّوْجُ دَعْوَاهُ. وَشَبَّهَ فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 399 كَاتِّهَامِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ غَرَّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ   [منح الجليل] تَحْلِيفِهِ فَقَالَ (كَإِتْهَامِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْوَلِيَّ بِعِلْمِهِ عَيْبَهَا وَكَتْمِهِ لَهُ تَحْلِيفُهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) ابْنُ غَازِيٍّ كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ إذْ لَيْسَ لِلَّخْمِيِّ فِي هَذَا اخْتِيَارٌ. الرَّمَاصِيِّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَفِي بَعْضِهَا كَاتِّهَامِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَكِلَاهُمَا لَمْ يَصِحَّ إذْ لَيْسَ لِلَّخْمِيِّ هُنَا اخْتِيَارٌ. (فَإِنْ نَكَلَ) الْوَلِيُّ عَنْ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ عَيْبَهَا وَكَتْمِهِ (حَلَفَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (غَرَّهُ) أَيْ الْوَلِيُّ الزَّوْجَ بِعِلْمِهِ الْعَيْبَ وَكَتْمِهِ إنْ كَانَ حَقَّقَ دَعْوَاهُ، فَإِنْ كَانَ اتَّهَمَهُ فَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ (وَرَجَعَ) الزَّوْجُ إنْ شَاءَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ (فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الزَّوْجُ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَصَوَابُهُ فَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ (رَجَعَ) الزَّوْجُ بِمَا زَادَ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ (عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ) إذْ هَذَا هُوَ الَّذِي فِيهِ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ، ثُمَّ هُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْبَعِيدَ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّ الزَّوْجَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي غَرَّهُ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ عَلَى الزَّوْجَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ، هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ اللَّخْمِيُّ هَكَذَا، نَعَمْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا إنْ وُجِدَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبُ عَدِيمًا أَوْ حَلَفَ لَهُ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْفَرْعَيْنِ، وَعَبَّرَ عَنْ اخْتِيَارِهِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ أَصْوَبُ فِي السُّؤَالَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ فِي تَبْصِرَتِهِ تَجِدْهُ كَمَا ذَكَرْت لَك، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ أَعْسَرَ الْقَرِيبُ أَوْ حَلَفَ الْبَعِيدُ رَجَعَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُخْتَارِ لَكَانَ جَيِّدًا. اهـ. الرَّمَاصِيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. الْبُنَانِيُّ لِتَصْرِيحِ اللَّخْمِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ نُكُولُ الزَّوْجِ بِعَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا وَنَصُّ تَبْصِرَتِهِ اخْتَلَفَ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ عَدِيمًا هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا فَمَنَعَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ فَتُخْبِرَهُ بِعَيْبِهَا وَلَا أَنْ تُرْسِلَ إلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ وَجَبَ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَلِيِّ وَكَانَ عَدِيمًا وَهِيَ مُوسِرَةٌ رَجَعَ عَلَيْهَا وَلَا تَرْجِعُ هِيَ بِهِ. وَاخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ عَمًّا أَوْ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مِنْ الْعَشِيرَةِ أَوْ السُّلْطَانِ فَادَّعَى أَنَّهُ عَلِمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 400 وَعَلَى غَارٍّ غَيْرِ وَلِيٍّ تَوَلَّى الْعَقْدَ؛ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ غَيْرُ وَلِيٍّ؛ لَا إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ، وَوَلَدُ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ فَقَطْ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ   [منح الجليل] وَغَرَّهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ عَلِمَ وَغَرَّهُ فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقَدْ سَقَطَتْ تِبَاعَتُهُ عَنْهَا بِدَعْوَاهُ عَلَى الْوَلِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ حَلَفَ الْوَلِيُّ رَجَعَ عَلَيْهَا وَهُوَ أَصْوَبُ فِي السُّؤَالَيْنِ جَمِيعًا. اهـ. وَمُرَادُهُ بِالسُّؤَالَيْنِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ إذَا وُجِدَ الْوَلِيُّ الْقَرِيبُ عَدِيمًا أَوْ حَلَفَ لَهُ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ كَمَا فِي " غ " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) رَجَعَ الزَّوْجُ (عَلَى) رَجُلٍ (غَارٍّ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ لِلزَّوْجِ بِإِخْبَارِهِ بِسَلَامَتِهَا مِنْ عَيْبٍ أَوْ بِحُرِّيَّةِ أَمَةِ (غَيْرِ وَلِيٍّ) خَاصٍّ (تَوَلَّى) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلِ اللَّامِ أَيْ بَاشَرَ الْغَارُّ (الْعَقْدَ) لِلنِّكَاحِ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ الَّذِي أَخَذَتْهُ الزَّوْجَةُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ غَرَّهُ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُخْبِرَ) الْغَارُّ الْعَاقِدُ الزَّوْجَ (أَنَّهُ) أَيْ الْغَارَّ (غَيْرُ وَلِيٍّ) خَاصٍّ لِلْمَرْأَةِ، وَإِنَّمَا يَعْقِدُ لَهَا بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ وَالتَّوْكِيلُ مِنْهَا لَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا، وَمِثْلُ إخْبَارِهِ عِلْمُ الزَّوْجِ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ أَنَا أَضْمَنُ لَك أَنَّهَا لَيْسَتْ سَوْدَاءَ مَثَلًا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ (لَا) يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْغَارِّ (إنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ) أَيْ الْغَارُّ الْعَقْدَ لِأَنَّهُ غُرُورٌ قَوْلِيٌّ، وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنَا أَضْمَنُ لَك كَذَا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا إذَا لَمْ يَجِدْهَا عَلَى مَا ضَمِنَ وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، نَقَلَهُ الْحَطُّ عَنْ التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ، فَإِنْ كَانَ الْغَارُّ وَلِيًّا خَاصًّا مُجْبَرًا رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَوَلَّاهُ وَلَوْ غَيْرَ الْوَلِيِّ حَيْثُ عَلِمَ غُرُورَ الْوَلِيِّ وَسَكَتَ. (وَوَلَدُ) الزَّوْجِ (الْمَغْرُورِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لِمُخْبِرٍ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا حَالَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا (الْحُرُّ فَقَطْ) أَيْ لَا الرَّقِيقُ وَخَبَرُ وَلَدٍ (حُرٌّ) تَبَعًا لِأَبِيهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَاعِدَةِ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَغْرُورِ إنْ رَدَّهَا بَعْدَ وَطْئِهَا (الْأَقَلُّ مِنْ) الصَّدَاقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 401 الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ   [منح الجليل] الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةٌ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ تَفْوِيضًا (وَ) مِنْ (صَدَاقِ الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْمُمَاثِلِ لِلْأَمَةِ لِاحْتِجَاجِ الزَّوْجِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ فَقَدْ رَضِيت بِهِ هِيَ وَسَيِّدُهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَأَوْلَى عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ. وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ يَقُولُ إنَّمَا الْتَزَمْته عَلَى حُرِّيَّتِهَا وَقَدْ ظَهَرَتْ رِقِّيَّتُهَا فَلَا يَلْزَمُنِي إلَّا صَدَاقُ مِثْلِهَا، فَإِنْ أَمْسَكَهَا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَلَوْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا. وَشَرْطُ جَوَازِهِ خَوْفُ الْعَنَتِ، وَعَدَمُ طَوْلِ حُرَّةٍ، وَكَوْنُ الْعَقْدِ مِنْ سَيِّدِهَا أَوْ وَكِيلِهِ، وَإِلَّا فُسِخَ أَبَدًا، وَفِيهِ بَعْدَ الْوَطْءِ صَدَاقُ الْمِثْلِ لِإِدْخَالِهِ ضَرَرًا عَلَى سَيِّدِهَا بِتَزَوُّجِهَا بِدُونِ إذْنِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَرَادَ إمْسَاكَهَا فَلِيَسْتَبْرِئهَا. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِيُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى رِقِّيَّتِهَا الْوَلَدُ مِنْهُ حُرٌّ، وَمَا بَعْدَهُ رِقٌّ. وَمَفْهُومُ الْحُرِّ فَقَطْ إنَّ وَلَدَ الْمَغْرُورِ الْعَبْدِ رِقٌّ لِسَيِّدِ أُمِّهِ إذْ لَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ لَمْ يَجْزِمْ الْحَطُّ هُنَا بِشَرْطِ خَوْفِ الْعَنَتِ وَعَدَمِ الطَّوْلِ، بَلْ نَقَلَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ تَرَدُّدَهُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ شَرْطِهِمَا لِقَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ الْأَرْجَحُ عَدَمُ فَسْخِ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَمَةٍ أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ كَمُتَزَوِّجٍ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ وَجَدَ طَوْلَ حُرَّةٍ وَلِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا حَيْثُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْفِرَاقِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ خَوْفَ عَنَتٍ وَلَا عَدَمَ طَوْلٍ بِنَاءً فِيهَا، عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْحُرِّ وَفِي كَوْنِ وَلَدِ الْعَبْدِ كَذَلِكَ طَرِيقَانِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ قَالَ فِيهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِقِّهِ مَعَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ فَجَعَلُوهُ تَبَعًا لِأُمِّهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. أَبُو الْحَسَنِ كَأَنَّهُ قَالَ سَوَاءٌ تَبِعَ أُمَّهُ أَوْ أَبَاهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَصِيرُ رَقِيقًا مَعَهُ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطُّ وَأَمَّا الْمَغْرُورُ الْعَبْدُ فَالْمَنْصُوصُ فِيهِ إذَا غَرَّتْهُ الْأَمَةُ بِحُرِّيَّتِهَا أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِفَضْلِ الْمُسَمَّى عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، كَمَا فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهَا. اهـ. الْبُنَانِيُّ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ. قُلْتُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 402 وَقِيمَةُ الْوَلَدِ دُونَ مَالِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ؛ إلَّا لِكَجَدَّةٍ، وَلَا وَلَاءَ لَهُ، وَعَلَى الْغَرَرِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ   [منح الجليل] وَ) عَلَى الْمَغْرُورِ الْحُرِّ الَّذِي أَوْلَدَ الْأَمَةَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِرُقْيَتِهَا (قِيمَةُ الْوَلَدِ) لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَهُ عَلَى سَيِّدِهَا إنْ غَرَّهُ غَيْرُ سَيِّدِهَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَإِنْ غَرَّهُ سَيِّدُهَا أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي غُرُورِ السَّيِّدِ قَوْلَانِ فِي غُرْمِهِ لَهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ (دُونَ مَالِهِ) أَيْ الْوَلَدِ فَهُوَ لِأَبِيهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) بِهَا عَلَى الْمَغْرُورِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْأَبِ سَبَبُهُ مَنْعُ السَّيِّدِ مِنْ رُقْيَةِ الْوَلَدِ، وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا يَوْمَهُ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَيَوْمَهَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ كَاسْتِحْقَاقِهَا حَامِلًا اتِّفَاقًا. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ (لِكَجَدَّةٍ) أَيْ الْمَغْرُورِ الْحُرِّ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ بَاقِيَ مَنْ يُعْتَقُ وَلَدُهَا عَلَيْهِ كَأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَابْنِهِ فَلَا قِيمَةَ عَلَى الْأَبِ لِمَالِكِهَا (وَلَا وَلَاءَ لَهُ) أَيْ كَالْجَدِّ عَلَى الْوَلَدِ لِتَخَلُّفِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يُعْتَقْ بِمِلْكِهِ. وَفَائِدَةُ نَفْيِ الْوَلَاءِ عَمَّنْ ذُكِرَ مَعَ إرْثِهِمْ بِالنَّسَبِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى إرْثِ الْوَلَاءِ تَظْهَرُ فِي جَدِّهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ الَّذِي لَا يَرِثُ بِالنَّسَبِ، وَفِي النِّسَاءِ ذَوَاتِ الْفَرْضِ فَلَا يَرِثْنَ مَعَهُ بِالتَّعْصِيبِ. سَحْنُونٌ إذَا غَرَّتْ أَمَةُ الِابْنِ وَالِدَهُ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا كَوَطْئِهَا بِمِلْكِهِ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَيْسَ لِابْنِهِ أَخْذُهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتَزْوِيجُهَا فَاسِدٌ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ فِيهَا وَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ وَلَا مَهْرَ مِثْلٍ وَلَا مُسَمًّى وَنِكَاحُهُ لَغْوٌ وَذَلِكَ كَوَطْئِهِ إيَّاهَا يَظُنُّهَا أَمَتَهُ أَوْ عَمْدًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ سَحْنُونٍ وَأَمَّا الِابْنُ الَّذِي غَرَّتْهُ أَمَةُ وَالِدِهِ فَكَالْأَجْنَبِيِّ فَيَغْرَمُ صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَيَأْخُذُهَا الْأَبُ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ، وَفَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ بِكَلَامِ الْمَجْمُوعَةِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (وَ) إنْ غَرَّ الْحُرُّ بِحُرِّيَّةِ أُمِّ وَلَدٍ وَلِوَلَدِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا (عَلَى الْغَرَرِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْأُولَى أَيْ التَّرَدُّدِ (فِي) وَلَدِ (أُمِّ الْوَلَدِ) بَيْنَ مَوْتِ سَيِّدِهِ قَبْلَهُ فَيَتَحَرَّرُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ سَيِّدِهِ عَلَى الرِّقِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا نَصُّهُ لَوْ كَانَتْ الْغَارَّةُ أُمَّ وَلَدٍ، فَلِلْمُسْتَحِقِّ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 403 وَالْمُدَبَّرَةِ، وَسَقَطَتْ بِمَوْتِهِ، وَالْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ إنْ قُتِلَ،   [منح الجليل] عَلَى رَجَاءِ عِتْقِهِمْ بِمَوْتِ سَيِّدِ أُمِّهِمْ وَخَوْفِ أَنْ يَمُوتُوا فِي الرِّقِّ قَبْلَهُ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُمْ، وَهَذَا الرَّجَاءُ إنَّمَا هُوَ فِي خِدْمَتِهِمْ إذْ هِيَ الَّتِي يَمْلِكُهَا السَّيِّدُ فِي وَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الثَّمَانِيَةِ وَابْنُ حَبِيبٍ لَا قِيمَةَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْعَمَلَ مِنْهُمْ. اهـ. وَظَاهِرُ حَمْلِهِ عَلَى التَّفْسِيرِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ عِيَاضٍ وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ خِلَافٌ. (وَ) فِي وَلَدِ الْأَمَةِ (الْمُدَبَّرَةِ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْمُوَحَّدَةُ مُثَقَّلَةٌ أَيْ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا الَّتِي غُرَّ حُرٌّ بِحُرِّيَّتِهَا وَأَوْلَدَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ رُقْيَتهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ وَلَدِهَا عَلَى الْغَرَرِ بَيْنَ مَوْتِهِ قَبْلَ سَيِّدِهِ رَقِيقًا، وَمَوْتِ سَيِّدِهِ قَبْلَهُ وَحَمَلَ ثُلُثُهُ قِيمَتَهُ فَيُعْتِقُ جَمِيعَهُ أَوْ بَعْضَهَا فَيُعْتِقُ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَيَرِقُّ بَاقِيهِ وَاسْتِغْرَاقُهُ الدَّيْنَ فَيَرِقُّ جَمِيعُهُ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَغْرَمُ قِيمَةَ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ. الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَوَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ فِي كَوْنِ قِيمَتِهِ عَلَى رَجَاءِ حُرِّيَّتِهِ بِعِتْقِ التَّدْبِيرِ أَوْ عَبْدًا قَوْلُهَا وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ وَوَلَدُ الْمُبَعَّضَةِ مُبَعَّضٌ فَيَغْرَمُ الْمَغْرُورُ قِيْمَةَ بَعْضِهِ الرِّقِّ وَوَلَدُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ، كَذَلِكَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ عَلَى احْتِمَالِ حُرِّيَّتِهِ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ. (وَسَقَطَتْ) قِيمَةُ الْوَلَدِ عَنْ الْمَغْرُورِ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ (قَبْلَ الْحُكْمِ) بِهَا عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ اعْتِبَارِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَصَرَّحَ بِهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ مَوْتِهِ لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ بِهِ بِشَرْطِ حَمْلِهِ الثُّلُثَ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ (وَ) عَلَى الْمَغْرُورِ (الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ يَوْمَ قَتْلِهِ (أَوْ دِيَتِهِ إنْ قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْوَلَدُ وَأَخَذَ الْمَغْرُورُ دِيَتَهُ مِنْ قَاتِلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ عَيْنِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَزَائِدُ الدِّيَةِ إرْثٌ، وَإِنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَقَلَّ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَغْرُورُ مِنْ الْقَاتِلِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ عَيْنِ الْوَلَدِ، فَإِنْ اقْتَصَّ الْأَبُ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ عَجَزَ عَنْ أَخْذِ الدِّيَةِ مِنْ الْقَاتِلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِنْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ فَهَلْ يَتْبَعُ السَّيِّدُ الْقَاتِلَ أَمْ لَا قَوْلَانِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 أَوْ مِنْ غُرَّتِهِ أَوْ مَا نَقَصَهَا إنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا: كَجُرْحِهِ،   [منح الجليل] وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْأَبُ الدِّيَةَ ثُمَّ أُعْدِمَ فَلَا يُتْبِعُ السَّيِّدُ الْقَاتِلَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهَا بِحُكْمٍ قَالَهُ أَصْبَغُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ أَدَّاهَا الْأَبُ مِنْ أَوَّلِ نُجُومِ دِيَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ فَمِنْ الثَّانِي وَهَكَذَا وَلَوْ صَالَحَ الْأَبُ بِأَقَلَّ مِنْ دِيَتِهِ فَلِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ قِيمَتِهِ أَوْ دِيَتِهِ، وَيَخْتَصُّ الْأَبُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَاقِي الْوَرَثَةِ عَلَى الْفَرَائِضِ. (أَوْ) الْأَقَلُّ مِنْ (غُرَّتِهِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ الْجَنِينِ الَّتِي أَخَذَهَا أَبُوهُ الْمَغْرُورُ مِنْ الْجَانِي عَلَى أُمِّهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ (أَوْ مِمَّا نَقَصَ) قِيمَتْ (هَا) أَيْ الْأَمَةِ. ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَعْرِفْ اعْتِبَارَ مَا نَقَصَهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، إنَّمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَلِلْأَبِ عَلَيْهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ لِأَنَّهُ حُرٌّ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْأَبِ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ ضُرِبَتْ، وَلَعَلَّ حِرْصَهُ عَلَى الِاخْتِصَارِ حَمَلَهُ عَلَى تَعْبِيرِهِ عَنْ عُشْرِ قِيمَتِهَا بِمَا نَقَصَهَا وَفِيهِ بُعْدٌ، وَلَيْسَ بِكَثِيرِ اخْتِصَارٍ، وَيُمْكِنُ أَنَّ نَاقِلَ الْمُبَيَّضَةِ صَحَّفَ عُشْرَ قِيمَتِهَا بِمَا نَقَصَهَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَقَدْ نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ كَمَا هُوَ هُنَا جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَقْلِيدِ الْمُصَنِّفِ فِي نَقْلِ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ فَهْمًا وَلَمْ يُحِطْ بِهِ عِلْمًا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ وَجَبَتْ فِيهِ الْغُرَّةُ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْهَا وَمِنْ عُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْغُرَّةَ فِي السِّقْطِ بِمَنْزِلَةِ الدِّيَةِ وَعُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ قِيمَتِهِ فَيَلْزَمُهُ أَقَلُّهُمَا. ابْنُ وَضَّاحٍ كَانَ فِي الْمُخْتَلِطَةِ عُشْرُ قِيمَتِهَا يَوْمَ اُسْتُحِقَّتْ فَلَمْ يُعْجِبْ سَحْنُونًا فَأَمَرْنَا أَنْ نَكْتُبَهُ يَوْمَ ضُرِبَتْ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تَجِبُ فِيهِ إذَا قُتِلَ يَوْمَ قَتْلِهِ فَتُقَوَّمُ الْأَمَةُ الْآنَ لِتُعْرَفَ بِهِ قِيمَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (إنْ أَلْقَتْهُ) أَيْ أَسْقَطَتْ الْأَمَةُ الْجَنِينَ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا حَالَ كَوْنِهِ (مَيِّتًا) وَهِيَ حَيَّةٌ فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا فَفِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَدِيَتِهِ، وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْأَقَلِّ فَقَالَ (كَجُرْحِهِ) أَيْ وَلَدِ الْمَغْرُورِ جُرْحًا بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَأَخَذَ الْأَبُ أَرْشَهُ مِنْ جَارِحِهِ فَعَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ قِيمَتُهُ نَاقِصًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 وَلِعَدَمِهِ تُؤْخَذُ مِنْ الِابْنِ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ وَلَدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ إلَّا قِسْطُهُ وَوُقِفَتْ قِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ؛ فَإِنْ ادَّعَتْ رَجَعَتْ إلَى الْأَبِ،   [منح الجليل] يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَقَلُّ مِمَّا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ نَاقِصًا عَنْ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمِنْ الْأَرْشِ. ابْنُ غَازِيٍّ هَذَا كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْوَلَدِ خَطَأً فَأَخَذَ الْأَبُ دِيَتَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أُمُّهُ فَعَلَى الْأَبِ لِلْمُسْتَحِقِّ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَقْطَعَ الْيَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ فِيهِ، وَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَةُ الْوَلَدِ صَحِيحًا وَقِيمَتُهُ أَقْطَعَ الْيَدِ يَوْمَ جَنَى عَلَيْهِ، فَيَغْرَمُ الْأَبُ الْأَقَلَّ مِمَّا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَمَا قَبَضَ فِي دِيَةِ الْيَدِ فَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا أَقَلَّ فَمَا فَضَلَ مِنْ دِيَتِهَا لِلْأَبِ. (وَلِعَدَمِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ مَالِ (هـ) أَيْ الْمَغْرُورِ لِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَا تَرِكَةَ لَهُ صِلَةٌ (تُؤْخَذُ) الْقِيمَةُ (مِنْ الِابْنِ) الْمُوسِرِ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى فِدَائِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِدَفْعِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَنْ أَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ، وَلَا يَرْجِعُ الْأَبُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ دَفَعَهَا وَيَأْتِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهُمَا إنْ أَعْسَرَا أُتْبِعَ بِهَا أَوَّلُهُمَا يُسْرًا أَوْ الْأَحْسَنُ ضَبْطُ يُؤْخَذُ بِالتَّحْتِيَّةِ أَيْ الْوَاجِبُ عَلَى الْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ قِيمَةً أَوْ الْأَقَلَّ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ وَلَدُ الْمَغْرُورِ وَالْمُعْسِرِ وَهُمْ مُوسِرُونَ فَ (لَا يُؤْخَذُ مِنْ) كُلِّ (وَلَدٍ إلَّا قِسْطُهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ نَصِيبُهُ جَمْعُهُ أَقْسَاطٌ كَحَمْلٍ وَأَحْمَالٍ، أَيْ قِيمَةُ نَفْسِهِ فَقَطْ الَّتِي لَزِمَتْهُ لِعَدَمِ أَبِيهِ فَلَا يُؤَدِّي عَنْ أَخِيهِ الْمُعْدِمِ بِكُلِّ قِيمَتِهِ وَبَعْضِهَا. الْبِسَاطِيُّ فِي تَعْبِيرِهِ بِقِسْطِهِ مُسَامَحَةً عب لِإِيهَامِهِ أَنَّ عَلَى الْجَمِيعِ قِيمَةً وَاحِدَةً تَسْقُطُ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَوَجَّهَ ابْنُ عَاشِرٍ تَعْبِيرَهُ بِالْقِسْطِ بِشُمُولِهِ مَا إذَا دَفَعَ الْأَبُ بَعْضًا مِنْ قِيَمِهِمْ وَعَجَزَ عَنْ الْبَاقِي فَلَا شَكَّ فِي قَسْمِهِ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ قِيَمِهِمْ (وَ) إنْ غُرَّ الْحُرُّ بِحُرِّيَّةِ مُكَاتَبَةٍ وَلَّدَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَتْ مُكَاتَبَةٌ غَرِمَ لِسَيِّدِهَا قِيمَةَ وَلَدِهَا قِنًّا وَ (وُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (قِيمَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ) عِنْدَ عَدْلٍ. (فَإِنْ أَدَّتْ) الْمُكَاتَبَةُ الْمَالَ الَّذِي كُوتِبَتْ بِهِ لِسَيِّدِهَا وَخَرَجَتْ حُرَّةً هِيَ وَوَلَدُهَا (رَجَعَتْ) قِيمَةُ الْوَلَدِ الْمَوْقُوفَةُ عِنْدَ الْعَدْلِ (لِلْأَبِ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ إنَّهَا كَانَتْ حُرَّةً وَقْتَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 وَقُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهُ غُرَّ، وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ؛ فَكَالْعَدِمِ. .   [منح الجليل] الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا أَوْ عَنْ بَعْضِهَا أَخَذَهَا السَّيِّدُ لِتَبَيُّنِ رِقِّيَّتِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ رَجَعَ بِالرِّقِّ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا بِرِقٍّ آخَرَ فَلَا قَالَهُ تت عج قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ يُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى بَيْعِ كِتَابَةِ أُمِّهِ لِآخَرَ، ثُمَّ عَجَزَتْ وَرُقَّتْ لِلْآخَرِ فَقِيمَةُ وَلَدِهَا لَهُ إنْ كَانَ اشْتَرَطَ مَالَهَا، وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا مِمَّنْ كَاتَبَهَا فَقِيمَةُ وَلَدِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا، وَانْظُرْ لِمَ ذَكَّرَ ضَمِيرَ رَجَعَ وَلَمْ يَقُلْ رَجَعَتْ. اهـ. وَقُوِّمَ وَلَدُهَا قِنًّا لَا عَلَى غَرَرِهِ كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِي الرِّقِّ مِنْهُمَا، أَلَا تَرَى قَوْلَهُمْ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ قَالَهُ " د " أَفَادَهُ عب. (وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (قَوْلُ الزَّوْجِ) الْحُرِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (أَنَّهُ غُرَّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ وَشَدِّ الرَّاءِ (بِحُرِّيَّةٍ) لِلْآخَرِ بِيَمِينٍ قَالَهُ شَارِحُ الشَّامِلِ، وَنَظَرَ الْحَطُّ فِيهِ (وَلَوْ طَلَّقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِاخْتِيَارِهِ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهَا الْمُوجِبِ لِخِيَارِهِ وَقَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَغَرِمَ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ (أَوْ مَاتَا) أَيْ الزَّوْجَاتُ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ (ثُمَّ اُطُّلِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَشَمِلَ اطِّلَاعَ الزَّوْجِ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَاطِّلَاعَ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ (عَلَى مُوجِبٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبِ ثُبُوتِ (خِيَارٍ) فِي الزَّوْجِيَّةِ (فَ) الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ (كَالْعَدَمِ) فَإِنْ اطَّلَعَ الزَّوْجُ عَلَى عَيْبِهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالنِّصْفِ الَّذِي غَرِمَهُ لَهَا، وَإِنْ اطَّلَعَ وَرَثَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى عَيْبٍ فِي الْآخَرِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فَلَيْسَ لَهُمْ فَسْخُ النِّكَاحِ وَإِسْقَاطُ الْإِرْثِ وَتَكْمِيلُ الْمَهْرِ بِهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ الْآخَرِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ إنْ خَالَعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بِمَالٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهَا بِهِ عَيْبُ خِيَارٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ الَّذِي أُخِذَ مِنْهَا وَهُوَ مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، لَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْخُلْعِ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ بِهِ بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا يُرَدُّ بِهِ الْمَالُ إلَيْهَا أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ تَبَعًا لِإِرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ عج وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا هُنَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ كُلُّ نِكَاحٍ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 وَلِلْوَلِيِّ كَتْمُ الْعَمَى وَنَحْوِهِ، وَعَلَيْهِ كَتْمُ الْخَنَا   [منح الجليل] إمْضَاؤُهُ وَفَسْخُهُ، فَخَالَعَهَا الزَّوْجُ فِيهِ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهَا فَالطَّلَاقُ يَلْزَمُ وَيَحِلُّ لَهُ مَا أَخَذَهُ. اهـ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا، وَفِي إرْخَاءِ السُّتُورِ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ انْكَشَفَ أَنَّ بِالزَّوْجِ جُنُونًا أَوْ جُذَامًا، قَالَ يَرُدُّ مَا أَخَذَ لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمْلَكَ لِفِرَاقِهِ. عَبْدُ الْحَقِّ لَيْسَ هَذَا جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَأَمَّا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ أَوْ بِالزَّوْجَةِ فَالْخُلْعُ مَاضٍ فِي الْوَجْهَيْنِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ، وَنَقَلَ الْعَدَوِيُّ اعْتِمَادَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَلِلْوَلِيِّ) لِمَرْأَةٍ خُطِبَتْ مِنْهُ (كَتْمُ الْعَمَى) الْقَائِمِ بِهَا عَنْ خَاطِبِهَا (وَنَحْوَهُ) أَيْ الْعَمَى مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يُرَدُّ بِهَا إلَّا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْهَا كَالسَّوَادِ وَالْقَرَعِ وَالْإِقْعَادِ وَلَا فَحُشَ فِيهِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَلِذَا وَجَبَ فِيهِ تَبَيُّنُ مَا يُكْرَهُ. وَاسْتُشْكِلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْمُكَارَمَةَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ إنَّمَا هِيَ فِي الصَّدَاقِ قَالَهُ (تت وَعَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وُجُوبًا (كَتْمُ الْخَنَا) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ أَيْ الْفُحْشِ الَّذِي فِي وَلِيَّتِهِ مِنْ زِنًا وَسَرِقَةٍ وَنَحْوِهِمَا، فَفِي الْبَيَانِ يَجِبُ سِتْرُ الْفَوَاحِشِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ لِخَبَرِ «مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ الْحَدَّ» ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ السَّلَامَةَ مِنْهُ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي حِينَئِذٍ كَتْمُهُ لِلسِّتْرِ وَمَنْعُ الْخَاطِبِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِأَنْ يُقَالَ لَهُ هِيَ لَا تَصْلُحُ لَك لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَإِذَا هِيَ لِغَيَّةٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى نَسَبٍ فَلْيَرُدَّهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ فَإِنْ رَدَّهَا فَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ بِهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ صَدَاقُهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ تَرَكَ لَهَا رُبْعَ دِينَارٍ وَرَدَّتْ مَا بَقِيَ. اهـ. قَوْلُهُ لِغَيَّةٍ بِكَسْرِ اللَّامِ الْجَارَّةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ لِغَيْرِ نِكَاحٍ وَحَكَى بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ كَسْرَ الْغَيْنِ أَيْضًا وَضِدُّهُ لِرَشْدَةٍ أَيْ لِنِكَاحٍ حَلَالٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحٌ أَشْهَرُ قَالَهُ عِيَاضٌ. أَبُو الْحَسَنِ وَاللَّامُ فِي لِغَيَّةٍ لَامُ جَرٍّ لَيْسَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ. اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ وَلَدُ غَيَّةٍ وَبِكَسْرٍ زِينَةٌ، وَفِي التَّوْضِيحِ مَعْنَى لِغَيَّةٍ أَيْ لِزِينَةٍ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 408 وَالْأَصَحُّ مَنْعُ الْأَجْذَمِ مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ وَلِلْعَرَبِيَّةِ: رَدُّ الْمَوْلَى الْمُنْتَسِبِ؛ لَا الْعَرَبِيِّ إلَّا الْقُرَشِيَّةَ تَتَزَوَّجُهُ عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ   [منح الجليل] (وَالْأَصَحُّ مَنْعُ) الرَّجُلِ (الْأَجْذَمِ) أَيْ شَدِيدِ الْجُذَامِ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَنْعِ شَدِيدِ الْجُذَامِ وَطْءَ إمَائِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ. الْحَطُّ فَالْمُوَافِقُ لِاصْطِلَاحِهِ وَالْأَظْهَرُ مَنْعُ الْأَجْذَمِ (مِنْ وَطْءِ إمَائِهِ) لِأَنَّهُ يَضُرُّهُنَّ، أَرَادَ بِالْمَنْعِ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ، وَكَذَا الْأَبْرَصُ كَمَا فِي الطُّرَرِ (وَلِلْعَرَبِيَّةِ) أَيْ الْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ أَعْجَمِيَّةً (رَدُّ) الزَّوْجِ (الْمَوْلَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ أَيْ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ (الْمُنْتَسِبِ) لِلْعَرَبِ حَالَ خِطْبَتِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَتِيقًا لَهُمْ لِأَنَّهُ بِانْتِسَابِهِ كَأَنَّهُ شَرَطَ كَوْنَهُ حُرًّا أَصْلِيًّا فَقَدْ غَرَّهَا، وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمَوْلَى كُفُؤٌ لَمْ يَقَعْ فِيهِ انْتِسَابٌ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا (لَا) رَدُّ (الْعَرَبِيِّ) الَّذِي تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَوَجَدَتْهُ مِنْ غَيْرِهَا مِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا. الْبُنَانِيُّ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَرْطٌ صَرِيحٌ وَإِلَّا رَدَّتْهُ بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيمَنْ شَرَطَتْ فِي عَقْدِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ وُجِدَ مِنْ مَوَالِيهِمْ فَأَجَبْت أَنَا وَجَمِيعُ أَصْحَابِي لَهَا الْقِيَامُ بِشَرْطِهَا وَفَسْخُ نِكَاحِهَا، بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا هَلْ هِيَ عَرَبِيَّةٌ أَوْ مَوْلَاةٌ وَالْأَمْرُ عِنْدِي، سَوَاءٌ صَحَّ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. عب تَعَارَضَ مَفْهُومَا أَوَّلِ كَلَامِهِ وَآخِرِهِ فِي الْفَارِسِيِّ مَثَلًا الْمُنْتَسِبِ لِلْعَرَبِ، فَمَفْهُومُ أَوَّلِهِ أَنَّهَا لَا تَرُدُّهُ، وَمَفْهُومُ آخِرِهِ أَنَّهَا تَرُدُّهُ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ (إلَّا) الْمَرْأَةَ (الْقُرَشِيَّةَ) أَيْ الَّتِي مِنْ نَسْلِ قُرَيْشٍ (تَتَزَوَّجُهُ) أَيْ الْعَرَبِيَّ (عَلَى أَنَّهُ قُرَشِيٌّ) أَيْ مِنْ نَسْلِ قُرَيْشٍ فَتَجِدُهُ عَرَبِيًّا غَيْرَ قُرَشِيٍّ فَلَهَا رَدُّهُ، لِأَنَّ قُرَيْشًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرَبِ كَالْعَرَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوَالِي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 409 فَصْلٌ) وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا: فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَطْ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ؛ أَوْ اثْنَتَيْنِ   [منح الجليل] [فَصْلٌ خِيَار الْأَمَة بِكَمَالِ عِتْقهَا تَحْت الْعَبْد] فَصْلٌ) فِي خِيَارِ الْأَمَةِ بِكَمَالِ عِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ (وَلِمَنْ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي (كَمُلَ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ وَالْأَفْصَحُ فَتْحُهَا أَيْ ثُمَّ (عِتْقُهَا) بِتَنْجِيزٍ فِي مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِأَدَائِهَا مَا كُوتِبَتْ بِهِ، أَوْ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرَةٌ حَمَلَهَا ثُلُثُهُ أَوْ بِانْقِضَاءِ أَجَلِ عِتْقِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (فِرَاقُ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَخْتَارَ بِلَا حُكْمٍ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً وَبَادَرَتْ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ سَفِيهَةً لَمْ تُبَادِرْ فَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ لَهَا، فَإِنْ رَأَى فِرَاقَهَا أَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ فَهَلْ يُطَلِّقُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يُشْهِدُ عَلَيْهِ قَوْلَانِ (فَقَطْ) أَيْ لَا الْحُرُّ إذْ عِلَّةُ خِيَارِهَا نَقْصُ الْعَبْدِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ عِلَّتُهُ جَبْرُهَا عَلَى النِّكَاحِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْحُرِّ أَيْضًا، وَمَفْهُومُ كَمُلَ عِتْقُهَا أَنَّهَا لَا تُخَيَّرُ بِعِتْقِ بَعْضِهَا أَوْ تَدْبِيرِهَا أَوْ كِتَابَتِهَا أَوْ عِتْقِهَا لِأَجَلٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، أَوْ إيلَادِهَا سَيِّدَهَا بِوَطْئِهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَاءِ زَوْجِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَتُفَارِقُهُ (بِطَلْقَةٍ) بِأَنْ تَقُولَ طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ أَنَا وَأَنْتَ طَالِقٌ، أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ الْفِرَاقُ (بَائِنَةٍ) بَيَانٌ لِحُكْمِهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا وَلَيْسَ مِنْ صِيغَتِهَا وَإِنْ كَانَ بَتَاتًا. وَسَاوَى قَوْلَهُ (أَوْ اثْنَتَيْنِ) وَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ، وَالثَّانِي قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَلَوْ قَالَ وَهَلْ بِطَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ لَكَانَ أَبْيَنَ قَالَهُ تت، وَهُوَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَمُتَّفَقٌ عَلَى أَمْرِهَا بِإِيقَاعِ وَاحِدَةٍ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ. طفى صَرَّحَ الشُّرَّاحُ بِمِثْلِ هَذَا وَهُوَ إخْرَاجٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِلَا دَاعٍ مِنْ كَوْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَكَوْنِهِ عَلَى الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فَفِيهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلْأَمَةِ إذَا عَتَقَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا بِالْبَتَاتِ عَلَى حَدِيثِ زَيْدٍ، وَكَانَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 410 وَسَقَطَ صَدَاقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ وَالْفِرَاقُ إنْ قَبَضَهُ السَّيِّدُ وَكَانَ عَدِيمًا   [منح الجليل] لَا تَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ. وَفِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ أُوِّلَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهَا. اهـ. فَقَوْلُهُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ إشَارَةٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ لَهَا. فَإِنْ قُلْت هَذَا إنْ فُهِمَ مِنْهَا التَّخْيِيرُ كَمَا قُلْت وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا يَأْتِي التَّخْيِيرُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ. قُلْت فَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا بَعْدَ الْوُقُوعِ فَلَا يَتَأَتَّى التَّنْوِيعُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ أَيْضًا، فَكَذَا يَتَكَلَّفُ لِلتَّخْيِيرِ مَعَ بَقَاءِ كَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَا تَحَمَّلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرَ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ اخْتِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَأَبِي عِمْرَانَ وَأَوَّلُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ قَبْلَ الْوُقُوعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَرَادِعِيِّ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ. (وَسَقَطَ) عَنْ الزَّوْجِ الْعَبْدِ (صَدَاقُهَا) كُلُّهُ أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا بِاخْتِيَارِهَا فِرَاقَهُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) لِأَنَّ الْفِرَاقَ جَاءَ مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ. ضَيْح يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا نِصْفُهُ وَفِيهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) سَقَطَ (الْفِرَاقُ) وَتَعَيَّنَ بَقَاؤُهَا زَوْجَةً (إنْ) أُعْتِقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ (قَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (السَّيِّدُ) قَبْلَ عِتْقِهَا وَأَنْفَقَهُ (وَكَانَ) السَّيِّدُ (عَدِيمًا) يَوْمَ عِتْقِهَا كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَاسْتَمَرَّ عَدَمُهُ إلَى وَقْتِ الْحُكْمِ لِأَنَّهَا إنْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ رَجَعَ زَوْجُهَا عَلَى سَيِّدِهَا بِصَدَاقِهَا وَلَا مَالَ لَهُ إلَّا هِيَ فَيُرَدُّ عِتْقُهَا لِدَيْنِ صَدَاقِهَا، فَتَرْجِعُ رَقِيقَةً فَيَسْقُطُ خِيَارُهَا فَقَدْ أَدَّى ثُبُوتُهُ لِنَفْيِهِ، وَكُلُّ مَا أَدَّى ثُبُوتُهُ لِنَفْيِهِ مُنْتَفٍ، وَمَفْهُومُ عَدِيمًا أَنَّهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا يَوْمَ عِتْقِهَا أَوْ بَقِيَ صَدَاقُهَا بِيَدِهِ فَلَهَا الْخِيَارُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ أُعْدِمَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُتْبِعُهُ الزَّوْجُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِطَرَيَانِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُبْطِلُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 411 وَبَعْدَهُ لَهَا كَمَا لَوْ رَضِيَتْ وَهِيَ مُفَوَّضَةٌ بِمَا فَرَضَهُ بَعْدَ عِتْقِهَا لَهَا إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ السَّيِّدُ أَوْ يَشْتَرِطَهُ وَصُدِّقَتْ إنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ وَإِنْ بَعْدَ سَنَةٍ،   [منح الجليل] (وَ) إنْ أُعْتِقَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ وَلَوْ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ فَهُوَ (لَهَا) لِاسْتِحْقَاقِهَا إيَّاهُ بِالْبِنَاءِ فَهُوَ مِنْ مَالِهَا، وَمَالُ الرَّقِيقِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ، وَشَبَّهَ فِي كَوْنِهِ لَهَا فَقَالَ (كَمَا لَوْ) تَمَّ عِتْقُهَا وَفَرَضَ زَوْجُهَا لَهَا صَدَاقَهَا وَ (رَضِيَتْ) الْأَمَةُ (وَ) الْحَالُ (هِيَ مُفَوَّضَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْوَاوُ مُثَقَّلَةٌ، أَيْ مَعْقُودٌ نِكَاحُهَا بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ، وَصِلَةُ رَضِيَتْ (بِمَا) أَيْ الصَّدَاقِ الَّذِي (فَرَضَهُ) الزَّوْجُ (بَعْدَ عِتْقِهَا لَهَا) وَقَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَهُوَ لَهَا وَلَوْ اشْتَرَطَهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالَهَا حِينَ عِتْقِهَا، أَوْ شَرْطُهَا إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهَا حِينَهُ، وَهَذَا تَجَدَّدَ لَهَا بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ بَنَى بِهَا قَبْلَ الْفَرْضِ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ. وَمَفْهُومُ بَعْدَ عِتْقِهَا أَنَّ مَا فَرَضَهُ قَبْلَ عِتْقِهَا فَهُوَ لَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ السَّيِّدُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ لَهَا فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ (السَّيِّدُ) مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ عِتْقِهَا فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهُ كَاشْتِرَاطِهِ وَانْتِزَاعِهِ أَفَادَهُ الْعَوْفِيُّ (أَوْ يَشْتَرِطُ) السَّيِّدُ أَخْذَ (هـ) حِينَ عِتْقِهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا فَهُوَ لَهُ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْبِنَاءِ بِهَا فَصَارَ مِنْ مَالِهَا قَبْلَ عِتْقِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ اسْتَثْنَى مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَهْرَهَا صَحَّ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَبَطَلَ فِي التَّفْوِيضِ قَبْلَ فَرْضِهِ إذْ لَيْسَ بِمَالِهَا فَيَشْتَرِطُهُ. (وَ) إنْ كَمُلَ عِتْقُ الْأَمَةِ وَهِيَ تَحْتَ عَبْدٍ وَأَقَامَتْ مَعَهُ ثُمَّ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ فَادَّعَى أَنَّ إقَامَتَهَا مَعَهُ بَعْدَ كَمَالِ عِتْقِهَا رَضِيَ بِهِ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ (صُدِّقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِلَا يَمِينٍ (إنْ لَمْ تُمَكِّنْهُ) أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا زَوْجَهَا الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهَا، وَصِلَةُ صُدِّقَتْ فِي (أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ) بِالْبَقَاءِ مَعَهُ فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهَا رِضًا بِهِ وَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ، بَلْ (وَإِنْ بَعْدَ) تَمَامِ (سَنَةٍ) مِنْ يَوْمِ عِتْقِهَا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ سُقُوطُ خِيَارِهَا إنْ مَكَّنَتْهُ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 412 إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ أَوْ تُمَكِّنَهُ، وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ لَا الْعِتْقَ، وَلَهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ،   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلِمَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا فِرَاقُ الْعَبْدِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ تُسْقِطَهُ) أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا خِيَارَهَا بِأَنْ قَالَتْ أَسْقَطْته، أَوْ اخْتَرْت الْمُقَامَ مَعَهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَعْدَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ صَغِيرَةً لَكِنْ قَيَّدَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِكَوْنِهِ أَحْسَنَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهَا، وَيَنْظُرُ لَهَا الْإِمَامُ وَأَطْلَقَهُ أَشْهَبُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (تُمَكِّنَهُ) طَائِعَةً أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا زَوْجَهَا الْعَبْدَ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بَعْدَ كَمَالِ عِتْقِهَا، فَيُسْقِطُ خِيَارَهَا وَلَوْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا إنْ عَلِمَتْ الْحُكْمَ، بَلْ (وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ) بِأَنَّ لَهَا الْخِيَارَ أَوْ بِأَنَّ تَمْكِينَهَا طَائِعَةً يُسْقِطُهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ إنَّمَا أَسْقَطَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْمَدِينَةِ حَيْثُ اشْتَهَرَ الْحُكْمُ وَلَمْ يَخْفَ عَلَى أَحَدٍ بِهَا، وَأَمَّا إنْ أَمْكَنَ جَهْلُهَا فَلَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْرَبُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ تَقْيِيدٌ، وَأَيْضًا وَقَعَ نَصًّا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا كُنَّا نُقَيِّدُ قَوْلَ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِ غَيْرِهِ، فَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِ نَفْسِهِ أَوْلَى لَكِنْ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيِّ الْمَشْهُورُ سُقُوطُ الْخِيَارِ يَقْتَضِي أَنَّهُ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَسْقُطُ خِيَارُهَا إنْ مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً وَقَدْ جَهِلَتْ (الْعِتْقَ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي عِقَابُ الزَّوْجِ إنْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِعِتْقِهَا، وَالْحُكْمُ كَوَطْءِ مُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ وَذَاتِ شَرْطٍ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهَا بِالْعِتْقِ وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا بِلَا يَمِينٍ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَلَا تُعْذَرُ بِنِسْيَانِهِ لِتَفْرِيطِهَا (وَلَهَا) أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إنْ وَطِئَهَا الْعَبْدُ بَعْدَهُ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِهِ (الْأَكْثَرُ مِنْ) شَيْئَيْنِ (الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً لِرِضَاهُ بِهِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ، فَعَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْلَى (وَصَدَاقُ الْمِثْلِ) عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ إنْ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لِذَاتِهِ لَا لِصَدَاقِهِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا اتِّفَاقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَوْ الْبَقَاءَ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْعَبْدُ عِتْقَهَا أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاسْتِيفَائِهِ بُضْعَ حُرَّةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَمِ عِلْمِهِ، وَعَطَفَ عَلَى تُسْقِطَهُ قَوْلَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 413 أَوْ يُبِينَهَا لَا بِرَجْعِيٍّ أَوْ عِتْقٍ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ؛ إلَّا لِتَأْخِيرٍ لِحَيْضٍ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ عِلْمِهَا وَدُخُولِهَا: فَاتَتْ بِدُخُولِ الثَّانِي، وَلَهَا إنْ أَوْقَفَهَا تَأْخِيرٌ تَنْظُرُ فِيهِ.   [منح الجليل] أَوْ) إلَّا أَنْ (يُبِينَهَا) أَيْ الْعَبْدُ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا قَبْلَ اخْتِيَارِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَهِيَ الْعِصْمَةُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، وَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ إنْ أَبَانَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (لَا) يَسْقُطُ خِيَارُهَا (بِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ) بَعْدَ كَمَالِ عِتْقِهَا أَوْ قَبْلَهُ لِعَدَمِ تَفْوِيتِهِ الْعِصْمَةَ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ رَجْعَتِهَا فَلَهَا إيقَاعُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ، فَتَكُونُ مَبْتُوتَةً (أَوْ) إلَّا إنْ (عَتَقَ) زَوْجُهَا الْعَبْدَ بَعْدَ كَمَالِ عِتْقِهَا وَ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) مِنْهَا لِفِرَاقِهِ فَقَدْ سَقَطَ خِيَارُهَا لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَهُوَ رِقُّ زَوْجِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِعِتْقِهَا إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ (إلَّا) عِتْقَهُ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا (لِتَأْخِيرٍ) مِنْهَا الطَّلَاقَ (لِحَيْضٍ) بِهَا مَنَعَهَا مِنْهُ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا لِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِ شَرْعًا. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ طَلَّقَتْهُ حَائِضًا فَلَا رَجْعَةَ لَهَا لِأَنَّهُ بَائِنٌ. (وَإِنْ) عَتَقَ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِ الْأَمَةِ وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ وَ (تَزَوَّجَتْ) غَيْرَهُ (قَبْلَ عِلْمِهَا) بِعِتْقِهِ (وَ) قَبْلَ (دُخُولِ) الْعَبْدِ بِ (هَا فَاتَتْ) عَلَى الْعَبْدِ (بِدُخُولِ) أَيْ تَلَذُّذِ الزَّوْجِ (الثَّانِي) بِهَا وَلَوْ بِدُونِ وَطْءٍ الشَّارِحُ الْمُعْتَمَدُ فَوَاتُهَا بِتَلَذُّذِ الثَّانِي وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِ الْأَوَّلِ. " غ " سَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَدُخُولُهَا وَهُوَ الصَّوَابُ. فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ إنْ شَرَطَ كَوْنُهَا لِلثَّانِي بِدُخُولِهِ غَيْرَ عَالِمٍ كَوْنَهُ قَبْلَ دُخُولِ الْأَوَّلِ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الصَّوَابِ، قِيلَ لَعَلَّهُ أَنَّهُ لَمَّا عَرَضَ مُوجِبُ الْخِيَارِ هُنَا بَعْدَ دُخُولِ الْأَوَّلِ أَثَّرَ فِيهَا خَلَلًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ وَدُخُولُ الْأَوَّلِ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ لَمْ يَعْرِضْ بَعْدَهُ مَا يُخِلُّ بِهِ فَاعْتُبِرَ وَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَهَا) أَيْ مَنْ كَمُلَ عِتْقُهَا تَحْتَ عَبْدٍ (إنْ أَوْقَفَهَا) الْعَبْدُ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ بَعْدَ كَمَالِ عِتْقِهَا لِتَخْتَارَ الْبَقَاءَ أَوْ الْفِرَاقَ (تَأْخِيرٌ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ أَسْتَحْسِنُ تَأْخِيرَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَضَعُفَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُنَافِيًا لِكَوْنِهِ بِالِاجْتِهَادِ إذْ هُوَ اجْتِهَادٌ مِنْ بَعْضِ الْحُكَّامِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهِ وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ فِيهِ سَقَطَ خِيَارُهَا (تَنْظُرُ) الْمَرْأَةُ (فِيهِ) أَيْ التَّأْخِيرِ الْأَحْسَنِ لَهَا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فَتَخْتَارُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 414 فَصْلٌ) الصَّدَاق تَعْرِيفه الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ: كَعَبْدٍ تَخْتَارُهُ هِيَ؛ لَا هُوَ.   [منح الجليل] [فَصْلٌ أَحْكَام الصَّدَاق] فَصْلٌ) (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّدَاقِ) وَأَخَّرَهُ لِيَتَفَرَّغَ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (الصَّدَاقُ) أَيْ الْمَالُ الْمُلْتَزَمُ لِلْمَخْطُوبَةِ لِمِلْكِ عِصْمَتِهَا بِفَتْحِ الصَّادِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا، وَيُقَالُ لَهُ صَدُقَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] مَأْخُوذٌ مِنْ الصِّدْقِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى صِدْقِ الزَّوْجَيْنِ فِي مُوَافَقَةِ الشَّرْعِ، وَيُسَمَّى مَهْرًا وَطَوْلًا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَأُجْرَةً وَنَفَقَةً وَنِحْلَةً بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ رُكْنٍ فِي صَحِيحِ النِّكَاحِ وَإِسْقَاطُهُ مُنَافٍ لَهُ فَإِمْكَانُ لُزُومِهِ شَرْطٌ فِيهِ، وَلَا يُرَدُّ بِلُزُومِهِ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ لِعَارِضٍ فَلَا يُنَافِي الْإِمْكَانَ الْأَصْلِيَّ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ رُكْنٌ يُرَدُّ بِعَدَمِهِ فِي نِكَاحِ تَفْوِيضٍ وَقَعَ فِيهِ طَلَاقٌ أَوْ مَوْتٌ قَبْلَ الْبِنَاء لِأَنَّ رُكْنَ الْعَامِّ رُكْنٌ لِلْخَاصِّ، وَفِيهَا لَوْ اسْتَثْنَى مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَهْرَهَا صَحَّ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَبَطَلَ فِي التَّفْوِيضِ قَبْلَ فَرْضِهِ إذْ لَيْسَ بِمَالٍ لَهَا فَيَشْرِطُهُ. وَخَبَرُ الصَّدَاقُ (كَالثَّمَنِ) فِي شَرْطِ الطَّهَارَةِ وَالِانْتِفَاعِ الشَّرْعِيِّ بِهِ وَعِلْمِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ النَّهْيِ وَالْغَرَرِ فِي الْجُمْلَةِ لِاغْتِفَارِ يَسِيرِ الْغَرَرِ فِي الصَّدَاقِ، كَصَدَاقٍ وَشَوْرَةِ الْمِثْلِ دُونَ الثَّمَنِ، وَمَثَّلَ لِمَا يَجُوزُ صَدَاقًا وَثَمَنًا فَقَالَ (كَعَبْدٍ) مِنْ عَبِيدٍ مَثَلًا لِلْخَاطِبِ أَوْ الْبَائِعِ حَاضِرَيْنِ أَوْ مَوْصُوفَيْنِ (تَخْتَارُهُ) أَيْ الْعَبْدَ (هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ فِي النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ لِدُخُولِ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَحْسَنِ لِأَنَّهُ شَأْنُ مَنْ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلَا غَرَرَ فِيهِ (لَا) يَجُوزُ فِي الصَّدَاقِ وَالثَّمَنِ عَبْدٌ يَخْتَارُهُ (هُوَ) أَيْ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي. الْبُنَانِيُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ اخْتِيَارِهَا وَاخْتِيَارِهِ مُقَيَّدٌ بِالْعَدَدِ الْقَلِيلِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 415 وَضَمَانُهُ وَتَلَفُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ وَتَعْيِيبُهُ   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا الْعَدَدُ الْكَثِيرُ يُخْتَارُ مِنْهُ رَأْسٌ فَيَجُوزُ اخْتِيَارُهَا وَاخْتِيَارُهُ كَالْبَيْعِ، وَنَصُّ نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ مَنْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَحَدِ عَبْدَيْهِ أَيَّهُمَا شَاءَتْ جَازَ، وَعَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ هُوَ لَمْ يَجُزْ كَالْبَيْعِ. اهـ. فَالْمُشْتَرِي لَهُ الِاخْتِيَارُ مُطْلَقًا، وَالْبَائِعُ يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْقَلِيلِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ، ثُمَّ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ اخْتِيَارِهَا وَاخْتِيَاره بَحْثٌ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يَخْتَارُ مِنْهُمَا فَإِنَّمَا يَخْتَارُ الْأَرْفَعَ لِنَفْسِهِ اهـ. (وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الثَّابِتِ تَلَفُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الزَّوْجَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ، وَبِالْقَبْضِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي (وَتَلَفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ بِدَعْوَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَمَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يُصَدَّقُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ، فَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ، فَعُلِمَ حَمْلُ قَوْلِهِ " وَضَمَانُهُ " عَلَى صُورَةِ الثُّبُوتِ، " وَتَلَفُهُ " عَلَى صُورَةِ عَدَمِهِ حَتَّى يَتَغَايَرَا وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ مُسَبَّبًا عَنْ التَّلَفِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُول وَإِلَّا فَسَيَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِنَّ الْبَائِعَ إنْ ادَّعَى تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ غَيَّبَ أَوْ عَيَّبَ، وَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجَةِ هُنَا فِي الْفَسْخِ، بَلْ تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ فَهُوَ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ، وَقَوْلُهُ وَتَلَفُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ لِتَسَبُّبِهِ عَنْهُ فَحَقُّهُ وَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ كَالْمَبِيعِ. وَجَوَابُ " ز " وَغَيْرِهِ بِحَمْلِ ضَمَانِهِ عَلَى ثُبُوتِ تَلَفِهِ وَتَلَفِهِ عَلَى عَدَمِهِ عَمَلٌ بِالْيَدِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ غَازِيٍّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ الْفِقْهُ ظَاهِرٌ وَكَلَامُ خَلِيلٍ لَا يُمَسُّ. (وَاسْتِحْقَاقُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ الْعَقْدِ يُوجِبُ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ مُطْلَقًا وَالْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ فَتَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ وَالْمُقَوَّمُ الْمُعَيَّنُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ بِقَوْلِهِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إلَّا نِكَاحًا، فَتَرْجِعُ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا وَهُوَ الْبُضْعُ فَتَشْبِيهُ الصَّدَاقِ بِالْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ (وَتَعْيِيبُهُ) أَيْ اطِّلَاعُ الزَّوْجَةِ عَلَى عَيْبٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 416 أَوْ بَعْضِهِ: كَالْبَيْعِ وَإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ؛ فَمِثْلُهُ   [منح الجليل] قَدِيمٍ فِي الصَّدَاقِ يُوجِبُ خِيَارَهَا فِي التَّمَسُّكِ بِهِ، وَرَدِّهِ عَلَى الزَّوْجِ بِهِ وَرُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ. ابْنُ يُونُسَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ عَقْدِ النِّكَاحِ. عَبْدُ الْحَقِّ لَمْ يَجْعَلُوا النِّكَاحَ كَالْبَيْعِ فِي الْفَسْخِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَلَمْ يَفُتْ لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاح قَدْ تَقَرَّرَتْ بِهِ الْمُوَارَثَةُ وَانْتَشَرَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فَلَمْ يَنْبَغِ فَسْخُهُ وَالْبَيْعُ لَا ضَرَرَ فِي فَسْخِهِ فِي قِيَام الْمَبِيعِ فَافْتَرَقَا. (أَوْ) اسْتِحْقَاقُ أَوْ تَعْيِيبُ (بَعْضِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ، فَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي أَوْ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ عَيْبُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَكْثَرُ، وَفِي رَدِّ الْبَاقِي أَوْ السَّالِمِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مَوْصُوفًا فَلَهَا الرُّجُوعُ بِمِثْلِ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ الْمَعِيبِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ الْمَهْرُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ فَلَهَا حَبْسُهَا. وَأَخْذُ قِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَرَدُّ بَقِيَّتِهَا، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا وَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَيْسَرُهَا كَبَيْتٍ أَوْ تَافِهٍ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ، وَكَذَا الْعُرُوض وَالْأَرْضُ وَيَسِيرُ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ كَكَثِيرِهِ اهـ. قُلْتُ وَكَذَا يَسِيرُ مَا يُفْسِدُهُ قَسْمُهُ كَالْحَبَّةِ وَالْقَمِيصِ وَتَمَامُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَلَيْسَ الصَّدَاقُ كَالْمَبِيعِ فِي حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ مَا اُسْتُحِقَّ أَوْ تَعَيَّبَ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِهِ فِي الصَّدَاقِ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ لَا فِي نَظِيرِ بَعْضِ الثَّمَنِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ وَالنِّسْبَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَخَبَرُ ضَمَانُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (كَالْبَيْعِ) يُتَسَامَحُ فِي بَعْضِهَا كَمَا تَبَيَّنَ مِمَّا تَقَرَّرَ. (وَإِنْ وَقَعَ) النِّكَاحُ (بِقُلَّةِ خَلٍّ) مُعَيَّنَةٍ حَاضِرَةٍ مُطَيَّنَةٍ (فَإِذَا هِيَ خَمْرَةٌ فَمِثْلُهُ) أَيْ الْخَلِّ يَلْزَمُ الزَّوْجَ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ كَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِمَهْرٍ فَوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَلَهَا مِثْلُهُ غَيْرُ مَعِيبٍ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَالْبَيْعُ يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ، وَعَكْسُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ إنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَمْرٍ، فَإِذَا هِيَ خَلٌّ يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَيْضًا إنْ رَضِيَاهُ، بِخِلَافِ نَاكِحِ مُعْتَدَّةٍ ظَهَرَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا قَبْلَ عَقْدِهِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُمَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ ذَاتَ الْمُعْتَدَّةِ هِيَ الْعَيْنُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا ظُنَّ تَعَلُّقُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِهَا فَظَهَرَ عَدَمُهُ، وَفِي الْأَوَّلِ تُقَوَّمُ إنْ كَرِهَتْ لَمْ تُصْدِقْنِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 417 وَجَازَ: بِشَوْرَةِ، أَوْ عَدَدٍ، مِنْ: كَإِبِلٍ، أَوْ رَقِيقٍ، أَوْ صَدَاقِ مِثْلٍ وَلَهَا الْوَسَطُ حَالًّا.   [منح الجليل] خَلًّا، وَكَذَا هُوَ إنْ كَرِهَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ تَزَوَّجَتْ عَلَى قِلَالِ خَلٍّ بِأَعْيَانِهَا فَوَجَدَتْهَا خَمْرًا كَمَنْ تَزَوَّجَتْ عَلَى مَهْرٍ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا تَرُدُّهُ، وَتَأْخُذُ مِثْلَهُ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ. أَبُو حَفْصٍ وَعَبْدُ الْحَقِّ لَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِثُبُوتِ أَثَرِ الْعَقْدِ بِحُرْمَةِ الْمَهْرِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ كَالْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِ كَالثَّمَنِ إذْ لَا يَصِحُّ كَوْنُ شَيْءٍ مِنْهَا ثَمَنًا فَقَالَ (وَجَازَ) النِّكَاحُ (بِشَوْرَةِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مَتَاعِ بَيْتٍ مَعْرُوفٍ بِعَادَةٍ لِحَضَرِيَّةٍ أَوْ بَدْوِيَّةٍ، وَأَمَّا بِضَمِّهَا فَالْجِمَاعُ بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَ) بِ (عَدَدٍ) مَحْصُورٍ كَثَلَاثَةٍ (مِنْ كَإِبِلٍ) وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (أَوْ رَقِيقٍ) وَثِيَابٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَوْصُوفٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ لِتَوَهُّمِ الْمَنْعِ فِيهِ لِكَثْرَةِ غَرَرِهِ، فَالْوَاحِدُ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. طفي الْمُتَوَهَّمُ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ فَرْضُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، أَمَّا الْمَوْصُوفُ فَلَا تَوَهُّمَ فِيهِ. الْبُنَانِيُّ الْمَوْصُوفُ يُتَوَهَّمُ مِنْ حَيْثُ فِيهِ السَّلَمُ الْحَالُّ، وَأَمَّا بِعَدَدٍ مِنْ شَجَرٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا وَمَوْضِعُهُ بِمِلْكِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَ) جَازَ النِّكَاحُ بِ (صَدَاقِ مِثْلٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ نَظِيرٍ لِلزَّوْجَةِ. الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ النِّكَاحُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ فَيَجِبُ بِالْعَقْدِ وَنِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَمِيعُهُ بِالْمَوْتِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ فَيَرْجِعُ الْحُكْمُ لَهُ اهـ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لَا الْأَخِيرَةِ فَقَطْ (الْوَسَطُ) أَيْ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى مِنْ شَوْرَةِ مِثْلِهَا فِي حَضَرٍ أَوْ بَدْوٍ وَعَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ فِي سِنٍّ يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ، وَلَا يُنْظَرُ لِكَسْبِ الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْ صَدَاقِ مِثْلٍ يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِي مِثْلِهَا وَيَكُونُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (حَالًّا) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فِي التَّهْذِيبِ وَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ الْأَسْنَانِ الْمُوَضَّحِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ مَعْنَاهُ وَسَطُ مَا يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ فَلَا يُنْظَرُ إلَى كَسْبِ الْبَلَدِ. وَقِيلَ وَسَطُ الْأَسْنَانِ مِنْ كَسْبِ الْبَلَدِ اهـ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا، وَعَلَى الثَّانِي حَمَلَهُ جَدّ عج فِي حَاشِيَتِهِ وَتَصْحِيحُ " ز " الجزء: 3 ¦ الصفحة: 418 وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ الرَّقِيقِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] الْأَوَّلُ يُنْظَرُ مِنْ أَيْنَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ إذْ كُلُّ صَدَاقٍ وَقَعَ عَلَى السُّكُوتِ حُمِلَ عَلَى الْحُلُولِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأَجَلَ، وَفَائِدَتُهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ الْفَسَادِ لَوْ وَقَعَ عَلَى السُّكُوتِ بُنَانِيٌّ. (وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ) أَرَادَ الْجِنْسَ اللُّغَوِيَّ أَيْ الْأَمْرَ الْكُلِّيَّ الشَّامِلَ لِلْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّنْفِ الْمَنْطِقِيَّاتِ بِقَرِينَةِ إضَافَتِهِ إلَى (الرَّقِيقِ) الَّذِي هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ جِنْسُ الْوَاقِعِ صَدَاقًا مِنْ كَوْنِهِ حَبَشِيًّا أَوْ زِنْجِيًّا أَوْ رُومِيًّا تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ قَالَهُ سَحْنُونٌ، فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فَسَدَ النِّكَاحُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَعَدَمُ شَرْطِ ذِكْرِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَهَا الصِّنْفُ الْغَالِبُ بِالْبَلَدِ، فَإِنْ اسْتَوَى صِنْفَانِ فَلَهَا النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ اسْتَوَتْ ثَلَاثَةٌ فَلَهَا مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثٌ وَهَكَذَا (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. الْبُنَانِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ ظَاهِرَ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، بَلْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلنِّكَاحِ جِنْسٌ مُعْتَادٌ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلرَّقِيقِ بِذَلِكَ، وَقَدْ أَتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِعِبَارَةٍ عَامَّةٍ اُنْظُرْ طفي. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 419 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِهِ بِمُطْلَقٍ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ جَائِزًا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ وُقُوعِهِ، أَوْ إنْ خُصِّصَ بِجِنْسٍ لَهُ رَابِعُهَا لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ يَجُوزُ عَلَى وَصِيفٍ أَوْ عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وَجَهَازِ بَيْتٍ مَعَ ظَاهِرِ نَقْلِ عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ كَنِكَاحِ تَفْوِيضٍ وَظَاهِرُهَا وَالصَّقَلِّيُّ مَعَ ابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَفِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ إنْ كَانَ لِلنِّكَاحِ جِنْسٌ مُعْتَادٌ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَ خَامِسًا نَظَرٌ وَكَوْنُهُ بِمُطْلَقٍ مِنْ جِنْسٍ أَعَمَّ مَمْنُوعٍ لِنَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدٍ نِكَاحٌ بِعَرْضٍ لَمْ يُوصَفْ بِأَيِّ عَرْضٍ مِنْ الْعُرُوضِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، حَتَّى يَقُولَ بِثَوْبِ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ، وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ فَلَهَا الْوَسَطُ، وَكَذَا فِي اللُّؤْلُؤِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. قُلْتُ يُرِيدُ أَنَّهُ يُمْنَعُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ مُطْلَقًا لِقَوْلِهَا إنْ كَاتِبَةً بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لَمْ يَجُزْ لِتَفَاوُتِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ وَالْكِتَابَةُ أَخَفُّ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْغَرَرِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ أَنَّ لَهَا عَبْدًا وَسَطًا خِلَافُ نَقْلِهِمْ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. اهـ. طفي فَلَا دَلِيلَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعُرُوضِ لِلرَّقِيقِ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الصِّنْفِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْجِنْسِ لِإِضَافَتِهِ لِلرَّقِيقِ، فَهِيَ تُبَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُ الصِّنْفُ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَبَّرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 420 وَالْإِنَاثُ مِنْهُ إنْ أَطْلَقَ وَلَا عُهْدَةَ وَإِلَى الدُّخُولِ إنْ عُلِمَ، أَوْ الْمَيْسَرَةِ إنْ كَانَ مَلِيًّا،   [منح الجليل] فِيهِ بِالصِّنْفِ وَأَتَى بِعِبَارَةٍ تَعُمُّ الرَّقِيقَ وَغَيْرَهُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ أَتَى بِالْجِنْسِ الْعَامِّ مُعَبِّرًا فِيهِ بِعِبَارَةٍ تَعُمُّ الرَّقِيقَ وَغَيْرَهُ أَيْضًا كَمَا تَرَى، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، فَوُقُوعُهُ بِثَوْبٍ عَامٌّ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَوُقُوعِهِ بِحَيَوَانٍ عَامٍّ وَوُقُوعِهِ بِثَوْبِ صُوفٍ أَوْ كَتَّانٍ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ كَوُقُوعِهِ بِرَقِيقٍ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَهَا بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِإِنَاثٍ وَلَا ذُكُورَةٍ فَلِلزَّوْجَةِ (الْإِنَاثُ مِنْهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي سَمَّاهُ صَدَاقًا (إنْ أَطْلَقَ) هـ الزَّوْجُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ لِأَنَّ لِلنِّسَاءِ غَرَضًا فِي الِاخْتِلَاءِ بِهِنَّ وَخِدْمَتِهِنَّ. طفي الرِّوَايَةُ فِي الرَّقِيقِ وَبِنْت ذَلِكَ عُرْفٌ فَيُعْمَلُ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ بِهِ أَيْضًا، وَنَصُّ الرِّوَايَةِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ نُكِحَتْ بِأَرْؤُسٍ اشْتَرَى لَهَا الْإِمَاءَ لَا الْعَبِيدَ لَيْسَ فِيهِ سَنَةٌ إلَّا مَا جَرَى بِهِ عَمَلُ النَّاسِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قُيِّدَ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ عُمِلَ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَا عُهْدَةَ) أَيْ ضَمَانَ لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ فِي الرَّقِيقِ الصَّدَاقِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ حَادِثٍ وَلَا سُنَّةَ مِنْ جُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ إنْ لَمْ تَشْتَرِطْهَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَأَمَّا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَمَانُ الصَّدَاقِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ. (وَ) جَازَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (إلَى الدُّخُولِ) مِنْ الزَّوْجِ بِالزَّوْجَةِ (إنْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَقْتُهُ بِعَادَتِهِمْ كَأَيَّامِ النِّيلِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ قُرَى مِصْرَ، وَالرَّبِيعِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي، وَجَذِّ الثِّمَارِ عِنْدَ أَرْبَابِهَا. فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُهُ كَأَهْلِ الْأَمْصَارِ فَلَا يَجُوزُ لِجَهْلِ الْأَجَلِ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. (أَوْ) إلَى (الْمَيْسَرَةِ) أَيْ تَيْسِيرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِلزَّوْجِ فَيَجُوزُ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مَلِيئًا) بِغَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ كَعَقَارٍ وَعُرُوضٍ فَلَا تَنَافِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَلِيئًا فَلَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ بِمَيْسَرَتِهِ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ وَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَضَى بَعْدَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 421 وَعَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ، أَوْ يَعْتِقُ أَبَاهَا عَنْهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ. وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ   [منح الجليل] بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَفِي كَوْنِ تَأْجِيلِهِ بِطَلَبِهِ كَتَأْجِيلِهِ بِالْمَيْسَرَةِ أَوْ كَتَأْجِيلِهِ بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (وَ) جَازَ (عَلَى هِبَةِ الْعَبْدِ) مَثَلًا الَّذِي فِي مِلْكِهِ (لِفُلَانٍ) كَزَيْدٍ أَبِيهَا أَوْ ابْنِهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ أَجْنَبِيٍّ مِنْهَا أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا سِوَاهُ، لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَنَّهَا مَلَكَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ ابْنُ عَرَفَةَ. الْبَاجِيَّ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ، وَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ تَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ (أَوْ) عَلَى أَنْ (يَعْتِقَ) الزَّوْجُ (أَبَاهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مَثَلًا أَوْ ابْنَهَا أَوْ أَخَاهَا أَوْ أُمَّهَا مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا (عَنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَاءُ لَهَا (أَوْ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ. الْبِسَاطِيُّ عِتْقُهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي نَظِيرِ مِلْكِ عِصْمَتِهَا يَسْتَلْزِمُ تَمْلِيكَهَا إيَّاهُ قَبْلَهُ، فَلِذَا صَحَّ وُقُوعُهُ صَدَاقًا فَلَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ فَرُوعِيَ أَمْرُ أَنَّ تَقْدِيرَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا، فَصَحَّ كَوْنُهُ صَدَاقًا وَتَقْدِيرُ مِلْكِهِ إيَّاهُ بَعْدَ مِلْكِهَا فَعَتَقَ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت إذَا اسْتَلْزَمَ الْعِتْقُ التَّمْلِيكَ فَقَدْ اسْتَلْزَمَ عِتْقُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَجِدُ إعْتَاقُ الزَّوْجِ مَحَلًّا فَلَا وَلَاءَ لَهُ. قُلْتُ الْأُمُورُ الْعَقْلِيَّةُ تَقَعُ مَعًا فَعِتْقُهُ عَنْهُ وَتَمْلِيكُهُ لَهَا وَعِتْقُهُ عَلَيْهَا وَقَعَتْ مَعًا، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ تَقْدِيرَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا لَا يَسْتَلْزِمُ عِتْقَهُ عَلَيْهَا إنَّمَا الْمُسْتَلْزِمُ لَهُ مِلْكُهَا لَهُ بِالْفِعْلِ فَلَمْ يُؤَدِّ إعْتَاقُ الزَّوْجِ إلَى عَدَمِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ. (وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجِ الْمُكَلَّفِ وَوَلِيِّ غَيْرِهِ (تَسْلِيمُهُ) أَيْ الْمَهْرِ مُعَجَّلًا بِلَا تَأْخِيرٍ لِلزَّوْجَةِ الرَّشِيدَةِ وَوَلِيِّ غَيْرِهَا (إنْ تَعَيَّنَ) الصَّدَاقُ كَعَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ مُعَيَّنٍ، سَوَاءٌ أَطَاقَتْ الزَّوْجَةُ أَمْ لَا بَلَغَ الزَّوْجُ أَمْ لَا، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَسْتَمِرُّ بِحَالِهِ أَوْ يَتَغَيَّرُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ تَعْجِيلَهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ بِتَأْخِيرِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 422 وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا وَإِنْ مَعِيبَةً مِنْ الدُّخُولِ، وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ،   [منح الجليل] مُطْلَقًا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ شَاسٍ فَسَادُهُ إنْ شُرِطَ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَتَعْجِيلُهُ حَقٌّ لَهَا فَلَهَا إسْقَاطُهُ إذْ لَا مَحْظُورَ فِيهِ لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهَا بِالْعَقْدِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَنَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ وَمَا أَصْدَقَهَا مِنْ مُعَيَّنِ الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ، فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ أَوْ مَنْ يَلِي عَلَيْهَا تَعْجِيلَ قَبْضِهِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ بِاشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ فِيهِ كَمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ اهـ. فَقَوْلُهُ فَإِنَّ لِلْمَرْأَةِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهَا وَلَهَا التَّأْخِيرُ إذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لِلَّهِ تَعَالَى لَقَالَ عَلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا شَرْطَ وَحُكْمُ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، هَذَا سَبِيلُهُ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ وَتَفْصِيلٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا كَدَارٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا طَلَبُ تَعْجِيلِهِ، وَإِنْ لَمْ تُؤْخَذْ بِتَعْجِيلِ الدُّخُولِ لِأَنَّ ضَمَانَ مَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْهَا. اهـ. فَجَعَلَ الْحَقَّ لَهَا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهَا فَتُمَكَّنُ مَنْ أَخْذِ مَا ضَمِنَتْهُ لِتَصُونَهُ فَلَمْ يُعَلِّلُوهُ بِالْغَرَرِ كَمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَوْلَا كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَحُمِلَ قَوْلُهُ وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِهِ إنْ طَلَبَتْهُ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ، كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُ حَالِهِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ بِإِطَاقَةِ الزَّوْجَةِ. وَبُلُوغِ الزَّوْجِ. اهـ. لَكِنَّ تَغْيِيرَهُ الْأُسْلُوبَ بِقَوْلِهِ وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ تَعَيَّنَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ كَلَامَهُ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَهُ طفي. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا وَتَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ (فَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَنْعُ نَفْسِهَا) مِنْ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا الصَّدَاقَ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَهَا تَمْكِينَهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إنْ كَانَتْ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِخِيَارِ الزَّوْجِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ لَا قِيَامَ لَهُ بِهِ لِرِضَاهُ بِهِ أَوْ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَصِلَةُ مَنْعُ (مِنْ الدُّخُولِ) أَيْ اخْتِلَاءِ الزَّوْجِ بِهَا (وَ) إنْ كَانَتْ مَكَّنَتْهُ مِنْهُ فَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ (الْوَطْءِ بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ امْتِنَاعٌ مِنْ دَفْعِهِ وَلَوْ بَلَغَتْ السِّيَاقُ إذْ غَايَتُهُ مَوْتُهَا وَهُوَ يُكْمِلُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، فَلَا تَجِبُ لِمَنْ بَلَغَتْهُ لِأَنَّهَا فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 423 وَالسَّفَرِ إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ؛ لَا بَعْدَ الْوَطْءِ   [منح الجليل] مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ بِمَنْ بَلَغَتْهُ. (وَ) لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ (السَّفَرِ) مَعَ الزَّوْجِ إنْ طَلَبَهُ مِنْهَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَوَطِئَهَا. الْبِسَاطِيُّ نَظَرْت فِي كَلَامِهِمْ فَوَجَدْته يُعْطِي أَنَّ لَهَا الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ وَإِنْ دَخَلَ وَوَطِئَ اهـ. طفى مَا قَالَهُ صَوَابٌ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا لَمْ يَحُمْ حَوْلَهُ، فَفِيهَا فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَظْعَنَ بِزَوْجَتِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ وَإِنْ كَرِهَتْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَتْ حَتَّى آخُذَ صَدَاقِي، فَإِنْ كَانَ بَنَى بِهَا فَلَهُ الْخُرُوجُ وَتَبِيعُهُ بِهِ دَيْنًا. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي عَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَلَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ بِهَا حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَهَا، وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ أَبِي عِمْرَانَ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا إنْ كَانَ يَخْرُجُ بِهَا إلَى بَلَدٍ تَجْرِي فِيهَا الْأَحْكَامُ فَلَا كَلَامَ لَهَا، وَإِلَّا فَلَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ حَتَّى تَأْخُذَ صَدَاقَهَا، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ السَّفَرِ قَبْلَ قَبْضِ صَدَاقِهَا إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا، وَتَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ. وَغَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (إلَى تَسْلِيمِ مَا حَلَّ) مِنْ الْمَهْرِ بِالْأَصَالَةِ أَوْ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ، وَالْبَائِعُ لَهُ مَنْعُ سِلْعَتِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهَا (لَا) تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ (بَعْدَ الْوَطْءِ) أَوْ التَّمْكِينِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ مُعْسِرًا كَانَ أَوْ مُوسِرًا، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِتَقْيِيدِ بَعْضٍ عَدَمَ مَنْعِهَا نَفْسَهَا مِنْ وَطْءٍ بِمَا إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَلَا مَنْعَ لَهَا أَيْضًا مِنْ سَفَرِهِ بِهَا إنْ وَطِئَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا إنْ مَكَّنَتْهُ وَلَمْ يَفْعَلْ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَحْمَدُ وَجَمْعٌ، وَفِي الْحَطّ عَنْ التَّوْضِيحِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ كَالْوَطْءِ ثُمَّ إنَّمَا يُسَافِرُ بِهَا لِبَلَدٍ تَجْرِي فِيهَا الْأَحْكَامُ وَهُوَ حُرٌّ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا، وَالطَّرِيقُ مَأْمُونَةٌ وَالْبَلَدُ قَرِيبٌ لَا يَنْقَطِعُ خَبَرُهَا عَنْ أَهْلِهَا وَلَا خَبَرُ أَهْلِهَا عَنْهَا. فَالْعَبْدُ لَا سَفَرَ لَهُ بِزَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً، وَتَجْرِي هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي سَفَرِهِ بِهَا حَالَ يُسْرِهِ أَيْضًا فَلَهَا الِامْتِنَاعُ قَبْلَ الْوَطْءِ حَتَّى تَقْبِضَ حَالَّ صَدَاقِهَا، قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، إلَّا أَنْ يُسَافِرَ لِبَلَدٍ تَأْخُذُهُ فِيهَا الْأَحْكَامُ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ أَجْحَفَ " ز " هُنَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا امْتِنَاعُهَا مِنْ السَّفَرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 424 إلَّا أَنْ يُسْتَحَقَّ، وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَمَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ، إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا،   [منح الجليل] مَعَهُ قَبْلَ قَبْضِ صَدَاقِهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ. اهـ. فَجَعَلَ الدُّخُولَ مُسْقِطًا فَأَحْرَى الْوَطْءُ قَالَهُ الْحَطّ. وَقَالَ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَظْعَنَ إلَى آخِرِ مَا سَبَقَ عَنْهَا. وَعَنْ ابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُهُ بَعْدَ الْوَطْءِ يَرْجِعُ لِلسَّفَرِ كَمَا يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ، لَكِنْ هَلْ لَهُ بَعْدَ الْوَطْءِ السَّفَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، أَوْ يُقَيَّدُ بِكَوْنِهِ عَدِيمًا وَهُوَ مَا لِابْنِ يُونُسَ، أَوْ يُقَيَّدُ بِكَوْنِ السَّفَرِ إلَى بَلَدٍ تَجْرِي فِيهِ الْأَحْكَامُ وَهُوَ مَا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا لِلْبِسَاطِيِّ وَقَرَّرَ بِهِ الْخَرَشِيُّ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ بَعْدَ الْوَطْءِ لِمَا قَبْلَ السَّفَرِ فَقَطْ، وَأَنَّ لَهَا الِامْتِنَاعَ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا بَعْدَ وَطْئِهَا فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُسْتَحَقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ الصَّدَاقُ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى تَقْبِضَ عِوَضَهُ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهَا مَكَّنْته حَتَّى يَتِمَّ لِي فَلَمْ يَتِمَّ إنْ غَرَّهَا الزَّوْجُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَغُرَّهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. ابْنُ غَازِيٍّ كَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ الْوَطْءِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ أَوْ لَا غَرَّهَا أَوْ لَا، وَقِيلَ إنْ غَرَّهَا فَلَهَا الْمَنْعُ وَإِلَّا فَلَا وَهُمَا ضَعِيفَانِ عَدَوِيٌّ. (وَمَنْ بَادَرَ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِتَمْكِينِ صَاحِبِهِ مِمَّا فِي جِهَتِهِ صَدَاقًا كَانَ أَوْ دُخُولًا وَطَلَبَ مِنْ الْآخَرِ تَمْكِينَهُ مِمَّا فِي جِهَتِهِ فَامْتَنَعَ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (لَهُ) أَيْ الْمُبَادِرُ، وَنَائِبُ فَاعِلِ أُجْبِرَ الزَّوْجُ (الْآخَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى تَمْكِينِهِ مِمَّا فِي جِهَتِهِ صَدَاقًا كَانَ أَوْ دُخُولًا بِشَرْطَيْنِ، أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ بَلَغَ الزَّوْجُ) الْحُلُمَ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مُجَرَّدُ إطَاقَةِ الْوَطْءِ لِعَدَمِ كَمَالِ لَذَّتِهَا بِهِ وَعَكْسُهُ (وَأَمْكَنَ وَطْؤُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ لَهُ سِنٌّ مُعَيَّنٌ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْبَنَاتِ مِنْ وُفُورِ الْجِسْمِ وَنَحَافَتِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 425 وَتُمْهَلُ سَنَةً إنْ اُشْتُرِطَتْ لِتَغْرِبَةٍ أَوْ صِغَرٍ، وَإِلَّا بَطَلَ؛ لَا أَكْثَرَ،   [منح الجليل] الْحُلُمَ لِكَمَالِ اللَّذَّةِ بِهَا بِدُونِهِ مَتَى أَمْكَنَ وَطْؤُهَا وَبُلُوغُ الزَّوْجِ شَرْطٌ فِي الْجَبْرِ، سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا، وَإِمْكَانُ وَطْئِهَا شَرْطٌ فِيهِ طَالِبَةً كَانَتْ أَوْ مَطْلُوبَةً، وَفِي مَفْهُومِ هَذَا تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ عَدَمُ إمْكَانِهِ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ بَلَغَتْ بِهِ السِّيَاقَ فَلَا جَبْرَ، وَإِنْ كَانَ لِمَرَضٍ لَمْ تَبْلُغْ بِهِ السِّيَاقَ فَالْجَبْرُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ. وَهَذَا فِي الصَّدَاقِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ. أَبُو الْحَسَنِ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ مَضْمُونًا فَلَا تَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ بَالِغًا وَهِيَ فِي سِنِّ مَنْ يُبْنَى بِهَا، وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ قَبْضُ الثَّمَنِ عِنْدَ قَبْضِ الْمَثْمُونِ إلَّا تَعْجِيلُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِقَدْرِ مَا تَتَشَوَّرُ فِيهِ بِهِ. (وَتُمْهَلُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ الزَّوْجَةُ أَيْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ الَّذِي بَادَرَ بِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ وَطَلَبَ الدُّخُولَ وَهُوَ بَالِغٌ وَهِيَ مُطِيقَةٌ عَلَى إمْهَالِهَا (سَنَةً إنْ اُشْتُرِطَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ السَّنَةُ فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِهَا (لِتَغْرِبَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ إرَادَةِ الزَّوْجِ الِانْتِقَالَ بِهَا لِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهَا (أَوْ) لِ (صِغَرٍ) يُمْكِنُ وَطْؤُهَا مَعَهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَالظَّاهِرُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ السَّنَةُ فِي الْعَقْدِ وَذُكِرَتْ بَعْدَهُ أَوْ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ لِغَيْرِ تَغْرِبَةٍ وَصِغَرٍ (بَطَلَ) الشَّرْطُ فَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى التَّوْفِيَةِ بِهِ، وَعَطَفَ عَلَى سَنَةٍ بِلَا فَقَالَ (لَا أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ فَيَبْطُلُ جَمِيعُ مَا اُشْتُرِطَ لَا الزَّائِدَةُ عَنْ السَّنَةِ فَقَطْ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ قَطْعًا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الَّتِي شَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ بِهَا إلَى سَنَةٍ إنْ كَانَ لِصِغَرٍ أَوْ لِاسْتِمْتَاعِ أَهْلِهَا مِنْهَا لِتَغْرِبَةٍ بِهَا، فَذَلِكَ لَازِمٌ وَإِلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ اهـ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ تَزَوَّجَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَدْخُلَ خَمْسَ سِنِينَ قَالَ بِئْسَمَا صَنَعُوا وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ وَلَهُ الْبِنَاءُ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَاسْتُشْكِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يُعَلَّقْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ إذْ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَشَرْطِ أَنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 426 وَلِلْمَرَضِ وَالصِّغَرِ الْمَانِعَيْنِ مِنْ الْجِمَاعِ   [منح الجليل] لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا مَثَلًا، وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إشَارَةٌ إلَى جَوَابِهِ وَنَصُّهُ لِمَا كَانَ الْبِنَاءُ قَدْ يُحْكَمُ بِتَأْخِيرِهِ إذَا دَعَتْ الزَّوْجَةُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ أَلْزَمَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الشَّرْطَ فِيمَا قَرُبَ كَالسَّنَةِ لِأَنَّهَا حَدٌّ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ الْعِلْمِ كَالْعَيْبِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُهْدَةِ. (وَ) تُمْهَلُ (لِلْمَرَضِ) بِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَالصِّغَرِ) بِهَا (الْمَانِعَيْنِ عَنْ الْجِمَاعِ) لِانْقِضَائِهِمَا وَإِنْ زَادَ عَلَى سَنَةٍ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِمَا وَتَبِعَ فِي الْمَرَضِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُمْهَلُ لِلْمَرَضِ إلَّا إذَا بَلَغَتْ السِّيَاقَ، وَقَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا وَمَرَضُهُ الْبَالِغُ حَدَّهُ كَمَرَضِهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ تَبِعَ فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْحَطّ وَنَصُّهُ وَأَمَّا إمْهَالُ الزَّوْجَةِ لِلْمَرَضِ إذَا طَلَبَتْهُ فَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا نَصَّ فِيهَا عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَةَ مَرَضًا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ إذَا دَعَتْ الزَّوْجَ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، قَالَ وَمَنْ دَعَتْهُ زَوْجَتُهُ إلَى الْبِنَاءِ وَالنَّفَقَةِ وَأَحَدُهُمَا مَرِيضٌ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْجِمَاعِ لَزِمَهُ أَنْ يُنْفِقَ أَوْ يَدْخُلَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرَضًا بَلَغَ حَدَّ السِّيَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ اهـ ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَلَمْ أَطَّلِعْ الْآنَ عَلَى مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ اهـ. وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قُصُورٌ لِنَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ إذَا كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا مَعَهُ، وَهِيَ حِينَئِذٍ كَالصَّغِيرَةِ أَبُو الْحَسَنِ. اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْحَطّ هُوَ إمْهَالُ الزَّوْجَةِ إذَا طَلَبَتْهُ لِمَرَضِهَا وَلَيْسَ مَسْأَلَةَ الْمُتَيْطِيِّ، فَلَا قُصُورَ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْهَلُ فِيهِ أَحَدُهُمَا يُمْهَلُ فِيهِ الْآخَرُ. الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ اعْتِرَاضَهُ بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ اغْتِرَارٌ مِنْهُ بِلَفْظِ التَّهْذِيبِ، وَنَصُّ الْأُمِّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْجِمَاعِ فِيهِ لَزِمَتْ النَّفَقَةُ. قُلْتُ إنْ مَرِضَتْ مَرَضًا لَا يَقْدِرُ فِيهِ الزَّوْجُ عَلَى وَطْئِهَا، قَالَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ لَهَا دُعَاؤُهُ لِلْبِنَاءِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي السِّيَاقِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 427 وَقَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهَا أَمْرَهَا إلَّا أَنْ يَحْلِفَ لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ   [منح الجليل] عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ الْخِلَافُ لِشَرْطِهِ أَوَّلًا إمْكَانَ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ ثَانِيًا. وَعَلَيْهِ حَمَلَ اللَّخْمِيُّ، وَحَمَلَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُخْتَصِرِينَ عَلَى الْوِفَاقِ. اهـ. فَالْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ لَمْ يُخَالِفُوا الْمُدَوَّنَةَ بَلْ تَبِعُوا اللَّخْمِيَّ فِي حَمْلِ الْكَلَامِ الَّذِي بَلَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ عَلَى الْخِلَافِ اهـ. قُلْتُ هُوَ وَإِنْ تَبِعَ اللَّخْمِيَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ الْمُقَيَّدَ بِحَدِّ السِّيَاقِ أَرْجَحُ لِصَرَاحَتِهِ وَلِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ زَادَ بَعْدَهُ فِي الْأُمَّهَاتِ وَهُوَ رَأْيِي كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْكٌ فِي مُخَالَفَتِهِ. (وَ) تُمْهَلُ (قَدْرَ مَا) أَيْ زَمَنَ أَوْ الزَّمَنَ الَّذِي (يُهَيِّئُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ فَهَمْزٌ أَيْ يُجَهِّزُ وَيُحَضِّرُ (مِثْلُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فَاعِلُ يُهَيِّئُ (أَمْرَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مَفْعُولُ يُهَيِّئُ بِشِرَاءِ وَعَمَلِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَحَضَرٍ وَبَدْوٍ، وَكَذَا يُمْهَلُ هُوَ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ مِثْلُهُ أَمْرَهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي زَمَنِ التَّهْيِئَةِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، فَمَا يُكْتَبُ فِي وَثِيقَةِ النِّكَاحِ مِنْ نَحْوِ وَفُرِضَ لَهَا كَذَا فِي نَظِيرِ نَفَقَتِهَا مِنْ يَوْمِ تَارِيخِهِ لَا يُعْتَبَرُ إذْ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ إلَّا بِدُعَائِهِ لِلدُّخُولِ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَتُمْهَلُ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ فِيهِ مَثَلُهَا أَمْرَهَا فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الزَّوْجُ (لَيَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ) فَيُقْضَى لَهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْإِمْهَالِ بِقَدْرِ التَّهْيِئَةِ وَسَوَاءٌ مَطَلَهُ وَلِيُّهَا بِالدُّخُولِ أَمْ لَا كَانَ حَلِفُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ، إذْ حَذْفُ الْمَعْمُولِ يُؤْذِنُ بِعُمُومِهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِحَلِفِهِ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَبِمَطْلِ الْوَلِيِّ نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ غَازِيٍّ، وَلَا يُعْتَبَرُ حَلِفُ الزَّوْجَةِ عَلَى الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الزَّوْجِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى وَمَنْ بَادَرَ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ جَبْرَهُ عَلَى الدُّخُولِ إنْ حَلَفْت لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْهَا اللَّيْلَةَ لِأَنَّا نَقُولُ مَعْنَى جَبْرِهِ لَهَا إذَا بَادَرَتْ جَبْرَهُ عَلَى دَفْعِ حَالِّ الصَّدَاقِ لَا عَلَى الدُّخُولِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 428 لَا لِحَيْضٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أُجِّلَ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ،   [منح الجليل] وَلَا يُعَارِضُ مَا فِي أَحْمَدَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الدُّخُولِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمُضِيِّ قَدْرِ مَا يُهَيِّئُ فِيهِ مِثْلُهُ أَمْرَهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الدُّخُولِ قَبْلَهُ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إمْهَالَهُ قَدْرَ مَا يُهَيِّئُ أَمْرَهُ إنَّمَا هُوَ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ، وَأَمَّا الدُّخُولُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا دَعَتْهُ لَهُ إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى إجْرَاءِ النَّفَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّصُّ، فَكَلَامُ أَحْمَدَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ عَلَى دُخُولِهِ اللَّيْلَةَ لَيَطَأَهَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُمَكَّنْ مِنْ دُخُولِهِ عَلَيْهَا لِحِنْثِهِ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا تُجْبَرُ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْهُ إذْ لَا يُجْبَرُ أَحَدٌ عَلَى مُحَرَّمٍ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَفِي بِرِّهِ فِي لَأَطَأَنَّهَا فَوَطِئَهَا حَائِضًا قَوْلَانِ فِيمَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ. (لَا) تُمْهَلُ (لِحَيْضٍ) بِهَا أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ بِأَنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَمَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ، وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ أَوْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ جَنَابَتِهَا فَلَا تُمْهَلُ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةُ لَا تَمْنَعُ الْوَطْءَ. (وَإِنْ) دَعَتْ زَوْجَهَا لِلدُّخُولِ بِهَا وَطَلَبَتْ حَالَّ الصَّدَاقِ فَ (لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، وَادَّعَى الْعَدَمَ، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ (أُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ الزَّوْجُ أَيْ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ (لِإِثْبَاتِ عُسْرَتِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ فَقْرِ الزَّوْجِ فَيُؤَجَّلُ (ثَلَاثَةَ أَسَابِيعَ) ظَاهِرُهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَاَلَّذِي فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ يُؤَجَّلُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِأَرْبَعَةٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَيْسَ هَذَا التَّحْدِيدُ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْسَانٌ لِاتِّفَاقِ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَوْكُولٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا فَسَيَأْتِي، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أُخِذَ الْمَهْرُ مِنْهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، وَأُمِرَ بِالْبِنَاءِ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُطَالَبَةُ، وَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِإِعْسَارِهِ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلِتَأْجِيلِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلِ وَجْهٍ خَشْيَةَ تَغَيُّبِهِ وَإِلَّا سُجِنَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 429 ثُمَّ تُلُوِّمَ بِالنَّظَرِ، وَعُمِلَ بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ   [منح الجليل] حَمِيلٌ بِالْمَالِ وَإِنْ طَلَبَتْهُ بِلَا تَأْجِيلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ وَتَتْرُكُ، وَقَعَتْ الْفَتْوَى بِهَذَا، وَوَافَقَ عَلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عُسْرُهُ. الثَّالِثُ: أَنْ يُجْرِيَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ دُعَائِهِ لِلدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ بِلَا تَأْجِيلٍ عَلَى الرَّاجِحِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ الْأَجَلُ. الْمُصَنِّفُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ كَالْعُهْدَةِ وَالْكِرَاءِ. (ثُمَّ) إذَا ثَبَتَ عُسْرُهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ فِيهِ (تُلُوِّمَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَاللَّامِ وَكَسْرِ الْوَاو مُشَدَّدَةً أَيْ زِيدَ لَهُ فِي الْأَجَلِ (بِالنَّظَرِ) أَيْ الِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ فِي الْأَسَابِيعِ الثَّلَاثَةِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ فَقَدْ سَكَتُوا عَنْ حُكْمِهِ وَالظَّاهِرُ حَبْسُهُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ لِيُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ قَالَهُ الْحَطّ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَلَسِ، وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يُسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ سَجْنُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ. اهـ. فَيَجْرِي مِثْلُهُ هُنَا بَلْ أَوْلَى، لَكِنْ يَتَّجِهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ مَا وَجْهُ تَحْدِيدِهِمْ مُدَّةَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ بِثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا حَبْسٌ إلَى أَنْ يُسْتَبْرَأَ أَمْرُهُ وَعَدَمُ جَرَيَانِ مِثْلِهِ فِي الْمَدِينِ اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ فَيُكَارَمُ الزَّوْجُ بِتَأْجِيلِهِ بِثَلَاثَةِ أَسَابِيعَ قَبْلَ حَبْسِهِ مَعَ جَهْلِ حَالِهِ، وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَلَأِ فَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِعُسْرِهِ حَيْثُ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ لَهَا ضَرَرٌ بِذَلِكَ وَإِلَّا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا، وَمَعْلُومُ الْمَلَأِ يُعْطِيهَا أَوْ تَطْلُقُ عَلَيْهَا لِبَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَا كَانَ بِيَدِهِ فَيُهْمَلُ مُدَّةً لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِيهَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ فِي جَوَابِهِ نَظَرٌ فَقَدْ مَرَّ لَهُ نَفْسُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْطِ حَمِيلًا بِالْوَجْهِ يُحْبَسُ فِي الْأَسَابِيعِ الثَّلَاثَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَدِينِ. (وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عِنْدَ الْمُوَثَّقِينَ فِي التَّلَوُّمِ (بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ يُؤَجَّلُ أَوَّلًا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَرْبَعَةً، ثُمَّ شَهْرَيْنِ، ثُمَّ يُتَلَوَّمُ لَهُ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَإِنْ أَتَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 430 وَفِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَا يُرْجَى وَصُحِّحَ وَعَدَمِهِ: تَأْوِيلَانِ، ثُمَّ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَوَجَبَ نِصْفُهُ، لَا فِي عَيْبٍ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ، وَإِنْ حَرُمَ   [منح الجليل] بِشَيْءٍ وَإِلَّا عَجَّزَهُ، وَإِنَّمَا حَدَّدْنَا التَّأْجِيلَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا اسْتِحْسَانًا (وَفِي) وُجُوبِ (التَّلَوُّمِ لِمَنْ) ثَبَتَ عُسْرُهُ وَ (لَا يُرْجَى) يَسَارُهُ لِأَنَّ الْغَيْبَ قَدْ يَكْشِفُ عَنْ الْعَجَائِبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ التَّلَوُّمُ لِمَنْ لَا يُرْجَى يُسْرُهُ بِهِ أَيْ صَوَّبَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَعِيَاضٌ. (وَعَدَمِهِ) أَيْ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَا يُرْجَى فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا وَتَأَوَّلَ فَضْلٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ (تَأْوِيلَانِ ثُمَّ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَظُهُورِ الْعَجْزِ (طُلِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ بِأَنْ يُطَلِّقَ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِلُزُومِهِ، فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِلَا تَلَوُّمٍ فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ. (وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَهْرِ أَوْ الَّذِي طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ (نِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ يَدْفَعُهُ إنْ أَيْسَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] (لَا) يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ طُلِّقَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فِي) أَيْ بِسَبَبِ (عَيْبٍ) مُوجِبٍ لِلْخِيَارِ بِهِ أَوْ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ اطِّلَاعِهَا عَلَى عَيْبِهِ وَإِرَادَتِهَا رَدَّهُ بِهِ، وَأَمَّا إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْخِيَارِ وَمَعَ الرِّدَّةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ، وَنُكْتَتُهُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْعَجْزِ عَنْ الْمَهْرِ وَالْعَيْبِ وَحِكْمَتُهَا اتِّهَامُهُ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ. (وَتَقَرَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ثَبَتَ كُلُّ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (بِوَطْءٍ) مِنْ بَالِغٍ فِي مُطِيقَةٍ إنْ جَازَ بَلْ (وَإِنْ حَرُمَ) الْوَطْءُ كَفِي حَيْضٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ دُبُرٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُعَرَّضًا لِسُقُوطِهِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ لِاسْتِيفَائِهِ سِلْعَتَهَا، وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّقَرُّرِ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ بِالْعَقْدِ شَيْئًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 431 وَمَوْتِ وَاحِدٍ، وَإِقَامَةِ سَنَةٍ وَصُدِّقَتْ   [منح الجليل] مِنْ الْمَهْرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَلَكَتْ بِهِ نِصْفَهُ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَلَكَتْ بِهِ جَمِيعَهُ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ مُتَزَلْزِلٌ مُتَعَرِّضٌ لِسُقُوطِهِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ، وَمُرَادُهُ الْوَطْءُ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَلَوْ بِدُونِ انْتِشَارٍ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي. وَفِي النَّوَادِرِ فِي الَّذِي افْتَضَّ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَهُوَ كَالْخَطَأِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَعَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَدَبُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ فِي الْكَبِيرَةِ وَدِيَةُ الصَّغِيرَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيُؤَدَّبُ فِي الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا. وَإِنْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِأُصْبُعِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ، أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَفِي إلْزَامِهِ بِافْتِضَاضِهِ إيَّاهَا بِأُصْبُعِهِ كُلَّ الْمَهْرِ أَوْ مَا شَأْنُهَا مَعَ نِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا ثَالِثُهَا إنْ رُئِيَ أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَهُ إلَّا بِمَهْرِ ثَيِّبٍ، الْأَوَّلُ: لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْهُ، وَالثَّانِي: لِسَمَاعِ أَصْبَغَ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْهُ، وَالثَّالِثُ: لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ. (وَ) تَقَرَّرَ بِ (مَوْتِ وَاحِدٍ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ مَوْتِهِمَا وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ بَالِغٍ وَهِيَ غَيْرَ مُطِيقَةٍ إنْ كَانَ النِّكَاحُ بِتَسَمِّيهِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضًا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ فِي التَّفْوِيضِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَطَلَاقِهِ قَبْلَهَا، وَشَمِلَ قَوْلُهُ مَوْتِ وَاحِدٍ قَتْلَهَا نَفْسَهَا كَرَاهَةً فِي زَوْجِهَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِي قَتْلٍ شَاهِدَيْ حَقٍّ تَرَدُّدٌ وَقَتْلُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ بِقَوَدٍ عَلَيْهَا وَتَقَدَّمَ وَأَخَذَهُ وَإِنْ قَتَلَهَا، وَالْمَوْتُ الْحُكْمِيُّ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَفْقُودِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي صَدَاقِهِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَحْرَمٍ وَبِلَا وَلِيٍّ، فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي الْمُسَمَّى بِالْمَوْتِ وَنِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ. (وَ) تَقَرَّرَ بِسَبَبِ (إقَامَةِ سَنَةٍ) مِنْ الزَّوْجَةِ بِبَيْتِ زَوْجِهَا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا بِلَا وَطْءٍ مَعَ بُلُوغِهِ وَإِطَاقَتِهَا لِتَنْزِيلِهَا مَنْزِلَتَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا (وَ) إنْ اخْتَلَى الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا فِيهَا وَأَنْكَرَهُ (صُدِّقَتْ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 432 فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ، وَإِنْ بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ. وَفِي نَفْيِهِ وَإِنْ سَفِيهَةً وَأَمَةً وَالزَّائِرُ مِنْهُمَا   [منح الجليل] الدَّالِ مُشَدَّدًا أَيْ الزَّوْجَةُ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ (فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) مِنْ الْهَدْءِ أَيْ السُّكُونِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَهْدَى لِلْآخَرِ وَسَكَنَ لَهُ وَاطْمَأَنَّ لَهُ وَعُرِفَتْ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ، سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ إرْخَاءُ سُتُورٍ أَوْ غَلْقُ بَابٍ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْكَارُ الزَّوْجِ بِيَمِينٍ إنْ بَلَغَتْ وَلَوْ سَفِيهَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْوَةِ أَوْ ثَبَتَتْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَتْ اسْتَحَقَّتْ جَمِيعَهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَالِحًا، وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ وَلَزِمَهُ نِصْفُهُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ جَمِيعُهُ. وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً حَلَفَ الزَّوْجُ وَغَرِمَ نِصْفَهُ وَوَقَفَ النِّصْفَ الْآخَرَ لِبُلُوغِهَا، فَإِنْ حَلَفَتْ بَعْدَهُ اسْتَحَقَّتْهُ، وَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا وَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ ثَانِيَةً، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ بُلُوغِهَا حَلَفَ وَارِثُهَا وَاسْتَحَقَّهُ وَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَتُصَدَّقُ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً (بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) مِنْ الْوَطْءِ كَحَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا خَلَا بِزَوْجَتِهِ أَوَّلَ خَلْوَةٍ لَا يُفَارِقُهَا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لِصَلَاحِهِ. وَقِيلَ لَا تُصَدَّقُ إلَّا عَلَى مَنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ (وَ) إنْ اخْتَلَى الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَتَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَطْءِ فِيهَا صُدِّقَتْ (فِي نَفْيِهِ) أَيْ الْوَطْءِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً رَشِيدَةً. بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (سَفِيهَةً) أَيْ بَالِغَةً لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (أَوْ أَمَةً) أَوْ صَغِيرَةً بِلَا يَمِينٍ عَلَى إحْدَاهُنَّ وَوَافَقَهَا الزَّوْجَ عَلَى نَفْيِهِ، فَإِنْ خَالَفَهَا فِيهِ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ، لَوْ قَالَ وَلَوْ سَفِيهَةً أَوْ أَمَةً لَكَانَ أَوْلَى لِرَدِّ قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا تُصَدَّقُ السَّفِيهَةُ وَالْأَمَةُ (وَ) صُدِّقَ الشَّخْصُ (الزَّائِرُ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ فِي شَأْنِ الْوَطْءِ فِي الْخَلْوَةِ ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا، إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا، عَلَى الْبَدَلِيَّةِ، فَإِنْ زَارَتْهُ صُدِّقَتْ فِي دَعْوَى وَطْئِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ نَفْيُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ نَشَاطِهِ لَهُ فِي بَيْتِهِ وَإِنْ زَارَهَا صُدِّقَ فِي نَفْيِهِ، وَلَا تُعْتَبَرُ دَعْوَاهَا ثُبُوتَهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ نَشَاطِهِ لَهُ فِي بَيْتِهَا بِيَمِينٍ فِيهَا، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 433 وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ أُخِذَ، إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً، وَهَلْ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ الرَّشِيدُ كَذَلِكَ؟ أَوْ إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] وَإِنْ صُدِّقَ قَوْلُهُ وَالزَّائِرُ مِنْهُمَا بِدَعْوَاهَا عَدَمُ الْوَطْءِ وَدَعْوَاهُ الْوَطْءَ أَيْضًا وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، بَلْ الْمُرَادُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الزَّائِرُ صُدِّقَ فِي عَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الزَّائِرَةُ صُدِّقَتْ فِي الْإِثْبَاتِ. وَإِنْ زَارَهَا وَادَّعَى وَطْأَهَا وَكَذَّبَتْهُ فَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ إلَخْ، وَكَذَا إنْ زَارَتْهُ وَادَّعَتْ عَدَمَهُ وَكَذَّبَهَا، فَإِنْ كَانَا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ الزَّوْجُ فِي عَدَمِهِ لِأَنَّ الشَّأْنَ عَدَمُ نَشَاطِهِ لَهُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ، فَالْأَقْسَامُ سِتَّةٌ، لِأَنَّ الزَّائِرَ إمَّا هُوَ وَإِمَّا هِيَ وَإِمَّا هُمَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الزَّائِرُ الْوَطْءَ أَوْ عَدَمَهُ وَإِنْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ لَيْسَ بِهِ أَحَدٌ وَلَيْسَ بَيْتَ أَحَدِهِمَا فَتُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّ الشَّأْنَ نَشَاطُهُ لَهُ فِيهِ. (وَإِنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (فَقَطْ) أَيْ لَا الزَّوْجَةُ فَأَنْكَرَتْهُ (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الزَّوْجُ بِإِقْرَارِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ لَمْ تَثْبُتْ خَلْوَةٌ بَيْنَهُمَا فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كُلُّهُ (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (سَفِيهَةً) حُرَّةً أَوْ أَمَةً بَالِغَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً. (وَهَلْ إنْ أَدَامَ) الزَّوْجُ (الْإِقْرَارَ) بِالْوَطْءِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ تَكُونُ الزَّوْجَةُ (الرَّشِيدَةُ) أَيْ الْبَالِغَةُ الْحُرَّةُ الَّتِي تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (كَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ السَّفِيهَةِ فِي أَخْذِ الزَّوْجِ بِإِقْرَارِهِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَهْرِهَا، سَوَاءٌ كَذَّبَتْهُ أَوْ سَكَتَتْ لِاحْتِمَالِ وَطْئِهَا نَائِمَةً أَوْ غَائِبَةَ الْعَقْلِ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ، وَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَخْذِهِ بِإِقْرَارِهِ عَدَمُ تَكْذِيبِهَا كَشَرْطِهِ فِي إقْرَارِهِ لِغَيْرِهَا، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ سَكَتَتْ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ كَذَّبَتْهُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ، فَفِي مَفْهُومِ إنْ أَدَامَ الْإِقْرَارَ تَفْصِيلٌ. (أَوْ) إنَّمَا يُؤْخَذُ بِهِ (إنْ كَذَّبَتْ) الرَّشِيدَةُ (نَفْسَهَا) فِي نَفْيِهَا الْوَطْءَ وَرَجَعَتْ لِإِثْبَاتِهِ قَبْلَ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَنْهُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَأَمَّا إنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا النِّصْفُ كَاسْتِمْرَارِهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 434 وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ، أَوْ مُقَوَّمٍ بِهِمَا،   [منح الجليل] طَرَفَيْنِ وَوَاسِطَةٍ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَكَذَّبَتْهُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَّبَتْهُ فَهُوَ مَحَلُّهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا بِرُجُوعِهَا لِدَعْوَاهُ وَهُوَ مُدِيمٌ لِإِقْرَارِهِ فَيُؤَاخَذُ بِاتِّفَاقِهِمَا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَكَذَّبَتْهُ فَلَهَا أَخْذُهُ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ نِصْفِهِ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ رَجَعَتْ إلَى قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهَا أَخْذُ جَمِيعِ الصَّدَاقِ حَتَّى تُصَدِّقَهُ، فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى الْوِفَاقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الْخِلَافِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ صَاحِبِهِ صُدِّقَ إنْ سَبَقَتْ بِالرُّجُوعِ لِقَوْلِهِ وَجَبَ لَهَا كُلُّ الْمَهْرِ دُونَ يَمِينٍ أَقَامَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ نَزَعَ عَنْهُ، وَإِنْ سَبَقَ بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِهَا سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَقَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا أَوْ نَزَعَتْ. وَقِيلَ لَهَا أَخْذُ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ وَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى إنْكَارِهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ. اهـ. وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفَسَدَ) النِّكَاحُ (إنْ نَقَصَ) صَدَاقُهُ (عَنْ رُبْعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ وَزْنُهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً مِنْ وَسَطِ الشَّعِيرِ (أَوْ) عَنْ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ وَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْهُ (خَالِصَةٍ) مِنْ خَلْطِهَا بِغَيْرِ الْفِضَّةِ، وَكَذَا رُبْعُ الدِّينَارِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ خُلُوصُهُ (أَوْ) عَنْ عَرْضٍ (مُقَوَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً (بِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ رُبْعِ الدِّينَارِ أَوْ ثَلَاثَةِ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ أَحَدَهُمَا يَوْمَ الْعَقْدِ صَحَّ النِّكَاحُ بِهِ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْآخِرَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَأَكْثَرُ الْمَهْرِ لَا حَدَّ لَهُ وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرُجُوعُهُ عَنْهُ لِإِنْصَافِهِ قِصَّةٌ مَشْهُورَةٌ. أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَكْثَرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] الْآيَةَ الْبَاجِيَّ عَنْ الْجَلَّابِ لَا أُحِبُّ الْإِغْرَاقَ فِي كَثْرَتِهِ. قُلْت لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ تَسْهِيلُ أَمْرِهَا أَوْ تَيْسِيرُ أَمْرِهَا وَقِلَّةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 435 وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ: فُسِخَ،   [منح الجليل] صَدَاقِهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَأَنَا أَقُولُ مِنْ عِنْدِي وَمِنْ شُؤْمِهَا تَعْسِيرُ أَمْرِهَا وَكَثْرَةُ صَدَاقِهَا» ، أَخْرَجَهُ الْحَافِظَانِ الْحَاكِمُ وَابْنُ حِبَّانَ وَاللَّفْظُ لَهُ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَأَقَلُّهُ الْمَشْهُورُ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا، وَقِيلَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَقَطْ. اللَّخْمِيُّ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نِصَابِ السَّرِقَةِ قَالَ وَلِابْنِ وَهْبٍ يَجُوزُ بِالدِّرْهَمِ وَالسَّوْطِ وَالنَّعْلَيْنِ، وَعَزَى الْمُتَيْطِيُّ الثَّانِيَ لِابْنِ شَعْبَانَ، وَزَادَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْوَاضِحَةِ يَجُوزُ بِأَدْنَى دِرْهَمَيْنِ وَبِمَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ، وَفِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ وَلَا يُزَوِّجُ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَصَدَاقٍ، وَمَنْ نَكَحَ بِأَقَلِّ أَقَلِّهِ أَتَمَّهُ وَإِلَّا فُسِخَ فِيهَا إنْ نَكَحَ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ مَا يُسَاوِيهِمَا، وَلَمْ يَبْنِ أَتَمَّ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَإِلَّا فُسِخَ. قُلْت لِمَ أَجَزْته، قَالَ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَجَازَ هَذَا الصَّدَاقَ. (وَأَتَمَّهُ) أَيْ كَمَّلَ الزَّوْجُ مَا ذُكِرَ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمًا بِأَحَدِهِمَا (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) بِالزَّوْجَةِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى نَقْصِ صَدَاقِهِ عَمَّا ذُكِرَ وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ خُيِّرَ بَيْنَ إتْمَامِهِ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمًا بِأَحَدِهِمَا وَعَدَمِهِ، فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا يُفْسَخُ (فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ) أَيْ الزَّوْجُ الْمَهْرَ رُبْعَ دِينَارٍ إلَخْ (فُسِخَ) النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَزِمَهُ نِصْفُ مَا سَمَّاهُ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ بِالْفَسْخِ قَبْلَهُ الْإِنْكَاحُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فَنِصْفِهِمَا، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِسَائِرِ مَا يُحْكَمُ بِفَسْخِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ مُنَاقِضٌ لِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَفَسَدَ إنْ نَقَصَ إلَخْ، إذْ مُقْتَضَاهُ فَسَادُهُ قَطْعًا ابْتِدَاءً. وَجَوَابُ الْمُنَاقَضَةِ أَنَّ آخِرَهُ مُقَيِّدٌ لِأَوَّلِهِ، أَيْ مَحَلُّ فَسَادِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ يَنْقُصُهُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ إتْمَامِهِ، فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا فَسَادَ، وَإِنْ كَانَ لَا نَظِيرَ لَهُ فِيمَا فَسَدَ قَبْلَهُ فَإِطْلَاقُ الْفَسَادِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ. وَأَمَّا وُجُوبُ إتْمَامِهِ بَعْدَهُ فَظَاهِرٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إنْ بَنَى لَزِمَهُ إتْمَامُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ إنْ أَرَادَ الْبِنَاءَ، فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 436 أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَحُرٍّ، أَوْ بِإِسْقَاطِهِ، أَوْ كَقِصَاصٍ،   [منح الجليل] فُسِخَ إنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ إتْمَامِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ، إلَّا أَنْ تَقُومَ الزَّوْجَةُ بِحَقِّهَا لِتَضَرُّرِهَا بِبَقَائِهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لُزُومِ نِصْفِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي فَسْخِهِ نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالْجَلَّابُ مَعَ التِّلِمْسَانِيِّ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. ابْنُ مُحْرِزٍ صَوَّبَ الْقَابِسِيُّ الْأَوَّلَ وَابْنُ الْكَاتِبِ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ يُجْبَرُ بِخِلَافِ لَوْ طَلَّقَ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ الَّذِي (لَا يُمْلَكُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ شَرْعًا (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ وَلَوْ لِذِمِّيَّةٍ تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهَا شَرْعًا لِخِطَابِهَا بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ لَمْ نَمْنَعْهَا مِنْهَا فَلَوْ قَبَضَتْهَا وَاسْتَهْلَكَتْهَا فَلَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا فِيمَا قَبَضَتْهُ وَاسْتَهْلَكَتْهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ وَهُوَ أَحْسَنُ لِقَبْضِهَا حَقَّهَا مُسْتَحِلَّةً لَهُ، وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. (وَحُرٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ ضِدُّ الرِّقِّ، فَإِنْ أَنْفَقَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ رَجَعَتْ بِعِوَضِهَا عَلَى الزَّوْجِ كَمَنْ بَاعَ دَارًا بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، وَمِثْلُ مَا لَا يُمْلَكُ مَا لَا يُبَاعُ كَجِلْدِ ضَحِيَّةٍ وَمَيْتَةِ مَدْبُوغٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ، وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ أَوْ بِمَا لَا يُبَاعُ. طفي وَهِيَ أَشَدُّ مِنْ عِبَارَةِ أَوْ بِمَا لَا يُمْلَكُ لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الْجَوَازَ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (بِ) شَرْطِ (إسْقَاطِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَفِيهِ بَعْدَهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ بِصَدَاقٍ صَحِيحٍ ثُمَّ أُسْقِطَ فَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَسَيَأْتِي، وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ مَا يُصْدِقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ، ثُمَّ تَهَبُهُ لَهُ وَبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ، فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِمَا لَيْسَ مَالًا (كَ) إسْقَاطِ (قِصَاصٍ) ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ بَنَى أَمْ لَا، وَيَرْجِعُ بِالدِّيَةِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ قِرَاءَتَهُ لَهَا قُرْآنًا بَعْدَ الْعَقْدِ تَسْمَعُهُ أَوْ يُهْدِي ثَوَابَهُ لَهَا أَوْ لِنَحْوِ أُمِّهَا. وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَتْهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 437 أَوْ آبِقٍ، أَوْ دَارِ فُلَانٍ، أَوْ سَمْسَرَتِهَا أَوْ بَعْضُهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ   [منح الجليل] قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمٍ بِأَحَدِهِمَا وَقَرَأَ وَتَرَتَّبَ لَهُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهَا فَتَزَوَّجَهَا بِهِ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ وَعِتْقُهُ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ صَدَاقَهَا وَيَعْقِدَ عَلَيْهَا، فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَضَى بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِمَا فِيهِ غَرَرٌ شَدِيدٌ كَرَقِيقٍ (آبِقٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ جَنِينٍ أَوْ ثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ (أَوْ دَارِ فُلَانٍ) أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ عَرْضِهِ يَشْتَرِيهِ مِنْ فُلَانٍ وَيُسَلِّمُهُ لَهَا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِلْغَرَرِ الشَّدِيدِ، إذْ قَدْ لَا يَرْضَى فُلَانٌ بِبَيْعِ شَيْئِهِ وَلَوْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ (أَوْ) يَتَزَوَّجُهَا بِ (سَمْسَرَتِهَا) أَيْ الدَّارِ فِي بَيْعِهَا إنْ كَانَتْ لَهَا أَوْ شِرَائِهَا إنْ كَانَتْ لِغَيْرِهَا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِلْغَرَرِ، إذْ قَدْ يُسَمْسِرُ عَلَيْهَا وَلَا تُبَاعُ. وَأَمَّا إنْ سَمْسَرَ لَهَا عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ أَوْ شِرَائِهِ وَلَزِمَتْهَا أُجْرَتُهُ وَكَانَتْ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مُقَوَّمًا بِأَحَدِهِمَا فَتَزَوَّجَهَا بِهَا فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ (بَعْضُهُ) وَأَوْلَى كُلُّهُ (لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) كَمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ افْتِرَاقِهِمَا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِاتِّفَاقِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَلَوْ رَضِيَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِسْقَاطِ الْمُؤَجَّلِ بِالْمَجْهُولِ أَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِتَعْجِيلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ بِمَعْلُومٍ وَصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَعُلِمَ دُخُولُهُمَا عَلَيْهِ بِنَصٍّ أَوْ عَادَةٍ، أَوْ اُحْتُمِلَ دُخُولُهُمَا عَلَيْهِ وَعَدَمُهُ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةٌ بِهِ وَبِعَدَمِهِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَعُلِمَ عَدَمُ دُخُولِهِمَا عَلَيْهِ بِالنَّصِّ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَ (لَمْ يُقَيَّدْ) بِضَمِّ الْيَاءِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ (الْأَجَلُ) كَمَتَى شِئْت وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ جَرَى بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ يَدْفَعُ الصَّدَاقَ فِيهِ فَلَا يَفْسُدُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ زَمَنَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَيْضًا. تت تُغْنِي الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ إذَا فَسَدَ لِجَهْلِ أَجَلِ بَعْضِهِ فَفَسَادُهُ لِجَهْلِ أَجَلِ كُلِّهِ بِالْأَوْلَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 438 أَوْ زَادَ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً   [منح الجليل] وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لَمْ يُقَيَّدْ الْأَجَلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مُطْلَقًا كَأَتَزَوَّجُكِ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ كَوْنَهَا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَيَصِحُّ النِّكَاحُ، وَتُعَجَّلُ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَشَرْحِهِ أَفَادَهُ عب. طفي قَوْلُهُ كَمَتَى شِئْت لَيْسَ هَذَا الْمُرَادَ، بَلْ الْمُرَادُ لَمْ يُؤَرِّخْ الْأَجَلَ الْكَالِئَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا مَتَى شِئْت فَيَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِلَى مَيْسَرَةٍ أَوْ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ الْمَرْأَةُ بِهِ وَهُوَ الْآنَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدِمٌ لَا يَجُوزُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ مَلِيئًا جَازَ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَوْنُهُ إلَى أَنْ تَطْلُبَهُ كَكَوْنِهِ إلَى مَيْسَرَةٍ. اهـ. وَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَهُ هُوَ الَّذِي تُعْطِيهِ عِبَارَتُهُ وَلَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْأَوْلَى وَلَا يُحْتَاجُ لِتَكَلُّفِ جَوَابٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا إذَا تَرَكَ تَعْيِينَ قَدْرِ تَأْخِيرِهِ قَصْدًا. أَمَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ بِحَسَبِ عُرْفِ الْبَلَدِ فِي الْكَوَالِئِ قِيَاسًا عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا لَمْ يُضْرَبْ لَهُ أَجَلٌ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُهُ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ بِخِيَارٍ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَقَدْ نَقَلَهُ " ق " عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ إلَخْ نَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إنْ اتَّفَقَ هَذَا فِي زَمَنِنَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْكَالِئِ فَيَكُونُ الزَّوْجَانِ قَدْ دَخَلَا عَلَى الْكَالِئِ وَلَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا. اهـ. وَانْظُرْ الْفَائِقَ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مُؤَجَّلٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَ (زَادَ) أَجَلُهُ (عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً) صَوَابُهُ إسْقَاطُ زَادَ وَأَنْ يَقُولَ أَوْ بِخَمْسِينَ سَنَةً فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا هَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ " ق " خِلَافُ مَا فِي الشَّارِحِ وتت أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَرْبَعِينَ. وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُرَادَهُ زَادَ عَلَى الدُّخُولِ فِي خَمْسِينَ بِأَنْ حَصَلَ تَمَامُهَا وَالظَّاهِرُ الْفَسْخُ فِي الْمُؤَجَّلِ بِخَمْسِينَ سَنَةً، وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَبْلُغُهَا عُمْرُهَا عَادَةً وَعَدَمُ فَسْخِ الْمُؤَجَّلِ بِأَقَلَّ مِنْهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِيَسِيرٍ جِدًّا وَطَعَنَا فِي السِّنِّ جِدًّا. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ كُلَّهُ أَوْ عَجَّلَ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، أَمَّا إذَا عَجَّلَ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 439 أَوْ بِمُعَيَّنٍ بَعِيدٍ: كَخُرَاسَانَ مِنْ الْأَنْدَلُسِ. وَجَازَ كَمِصْرِ مِنْ الْمَدِينَةِ لَا بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ؛ إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا وَضَمِنْته بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ فَاتَ   [منح الجليل] وَأَجَّلَ الْبَاقِيَ بِخَمْسِينَ سَنَةً فَالْمَأْخُوذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ الْفَسَادَ هُنَا بِمَظِنَّةِ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِ) صَدَاقٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ مُشَدَّدَةً عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ غَائِبٍ عَنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (بَعِيدٍ) جِدًّا (كَخُرَاسَانَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِرَاءٍ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونٍ اسْمُ بَلَدٍ بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ (مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلْغَرَرِ، إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يُدْرَكُ عَلَى صِفَتِهِ أَوْ لَا. (وَجَازَ) النِّكَاحُ بِمُعَيَّنٍ غَائِبٍ غَيْبَةً مُتَوَسِّطَةً (كَمِصْرِ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ إذْ الْمُرَادُ الْبَلْدَةُ الْمُعَيَّنَةُ (مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ أَشْرَفِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بَعْدَ قَبْضِهِ (لَا) يَصِحُّ إنْ وَقَعَ (بِشَرْطِ الدُّخُولِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْضِ الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ الْغَائِبِ غَيْبَةً مُتَوَسِّطَةً إذَا كَانَ غَيْرَ عَقَارٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (إلَّا) الْمُعَيَّنَ الْغَائِبَ (الْقَرِيبَ) قُرْبًا (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، كَيَوْمَيْنِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِهِ وَلَوْ شَرَطَ الدُّخُولَ قَبْلَهُ، وَهَذَا إنْ وَصَفَ أَوْ سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي فَسَادِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَلَمَّا لَمْ يُمَثِّلْ لِلْقَرِيبِ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ جِدًّا، وَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْيِيدِ الْبَعِيدِ بِهِ بِالْمِثَالِ. (وَضَمِنَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ، فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةُ الْفَاسِدَةُ (بَعْدَ الْقَبْضِ) فَيُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَرُدُّ الصَّدَاقَ إنْ لَمْ يَفُتْ وَعِوَضَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ (إنْ فَاتَ) الصَّدَاقُ بِيَدِهَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى، وَإِنْ بَنَى بِهَا رَدَّتْ الصَّدَاقَ الْمَمْنُوعَ أَوْ عِوَضَهُ وَرَجَعَتْ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَضَى النِّكَاحُ، وَهَذَا فِي الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ أَوْ عَقْدِهِ وَأَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ، وَأَمَّا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 440 أَوْ بِمَغْصُوبٍ عَلِمَاهُ لَا أَحَدُهُمَا أَوْ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ: كَدَارٍ دَفَعَهَا   [منح الجليل] الْفَاسِدُ لِعَقْدِهِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ كَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَإِنْكَاحِهَا نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ فَضَمَانُ صَدَاقِهِ مِنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ كَالصَّحِيحِ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ. طفي لَيْسَ الْفَوَاتُ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ بَلْ الْقَبْضُ كَافٍ فِيهِ، وَالْفَوَاتُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، أَيْ وَتُرَدُّ قِيمَتُهُ إنْ فَاتَ فَقَوْلُهُ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ أَحْسَنُ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَضْمَنُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ كَالسِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَلِذَا لَوْ فَاتَ فِي بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ كَانَ لَهَا وَتَغْرَمُ الْقِيمَةَ اهـ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِ) شَيْءٍ (مَغْصُوبٍ) مِنْ مَالِكِهِ (عَلِمَاهُ) أَيْ الزَّوْجَانِ الْمَغْصُوبَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ وَهُمَا رَشِيدَانِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ وَلِيِّ غَيْرِ الرَّشِيدِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا (لَا) يَفْسُدُ النِّكَاحُ إنْ تَزَوَّجَهَا بِمَغْصُوبٍ عَلِمَهُ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَالِمُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دُخُولٌ عَلَى إسْقَاطِ الْمَهْرِ، وَإِذَا أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الصَّدَاقَ فَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ. (أَوْ) وَقَعَ النِّكَاحُ (بِاجْتِمَاعِهِ) أَيْ النِّكَاحِ (مَعَ) عَقْدِ (بَيْعٍ) أَوْ قَرْضٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ فَاسِدٌ لِصَدَاقِهِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا، وَعُلِّلَ الْفَسَادُ بِالْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ الْبُضْعَ، وَبِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا فَإِنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَغَيْرَهُ عَلَى الْمُشَاحَّةِ، وَسَوَاءٌ سَمَّى لِلنِّكَاحِ مَا يَخُصُّهُ أَمْ لَا وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَقَطْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ غَيْرِهَا فَفِيهِ الْقِيمَةُ، فَإِنْ بَنَى ثَبَتَ النِّكَاحُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْبَيْعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ لِتَبَعِيَّتِهِ لِلنِّكَاحِ الْمَقْصُودِ، وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ بَيْعٌ فَاسِدٌ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ بِلَا مُفَوِّتٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِهِ مَعَ الْبَيْعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فَوْتُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ الْجُلُّ فَوْتًا لِلسِّلْعَةِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَفَوَّتَهَا وَهِيَ الْجُلُّ لَيْسَ فَوْتًا لَهُ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَمَثَّلَ لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ الْبَيْعِ بِقَوْلِهِ (كَدَارٍ دَفَعَهَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 441 هُوَ أَوْ أَبُوهَا، وَجَازَ مِنْ الْأَبِ فِي التَّفْوِيضِ   [منح الجليل] أَيْ الدَّارَ (هُوَ) تَوْكِيدٌ لِلْمُسْتَتِرِ فِي دَفَعَ لِإِرَادَتِهِ الْعَطْفَ عَلَيْهِ الزَّوْجَةَ فِي نَظِيرِ عِصْمَتِهَا، وَمِائَةُ دِينَارٍ مَثَلًا مِنْ مَالِهَا فَبَعْضُ الدَّارِ مُقَابِلٌ لِلْعِصْمَةِ وَعَقْدُهُ نِكَاحٌ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمِائَةِ، وَعَقْدُهَا بَيْعٌ فَقَدْ اجْتَمَعَ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَفَسَدَا. (أَوْ) دَفَعَهَا (أَبُوهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَوْ هِيَ لِلزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مِائَةٍ مِنْ مَالِهِ لِلدَّارِ وَالْعِصْمَةِ فَبَعْضُ الْمِائَةِ لِلْعِصْمَةِ وَعَقْدُهُ نِكَاحٌ وَبَعْضُهَا لِلدَّارِ وَعَقْدُهُ بَيْعٌ فَقَدْ اجْتَمَعَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. (وَجَازَ) اجْتِمَاعُ النِّكَاحِ مَعَ الْبَيْعِ (مِنْ الْأَبِ) أَيْ أَبِ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهَا لِلزَّوْجِ أَوْ مِنْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ أَوْ أَبِيهَا (فِي) نِكَاحِ (التَّفْوِيضِ) كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ، وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا، أَقَامَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ تَزَوَّجْ بِنْتِي وَلَك هَذِهِ الدَّارُ فَجَائِزٌ، فَهَذِهِ لَيْسَتْ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَلَوْ لَمْ يُصْدِقْهَا الزَّوْجُ إلَّا هَذِهِ الدَّارَ. ابْنُ مُحْرِزٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِمَا أَعْطَاهُ مَعُونَتَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صُورَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَيْعٌ، وَلَوْ قَالَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَهَا الدَّارَ بِمِائَةٍ جَازَ لِأَنَّ الْمِائَةَ تُقَابِلُ الْمِائَةَ وَالدَّارُ صَدَاقُهَا، وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ قَالَ لِلزَّوْجِ أُزَوِّجُك وَلِيَّتِي بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي دَارَك بِمِائَةٍ لَكَانَ فَاسِدًا لِأَنَّهُ بَيْعُ دَارٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ بِبُضْعٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَجَازَ مِنْ الْأَبِ فِي التَّفْوِيضِ صَوَّرَهُ تت بِمَا نَصُّهُ بِأَنْ عَقَدَاهُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ، وَقَالَ الْأَبُ تَزَوَّجْ ابْنَتِي وَلَك هَذِهِ الدَّارُ، قَالَ طفي تَصْوِيرُ تت هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَنْكَحَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى إنْ أَعْطَاهُ دَارًا جَازَ نِكَاحُهُ، وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْ ابْنَتِي بِخَمْسِينَ وَأُعْطِيك هَذِهِ الدَّارَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ. ابْنُ رُشْدٍ يَقُومُ مِنْهَا مَعْنًى خَفِيٌّ صَحِيحٌ وَهُوَ جَوَازُ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ مَعَ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِخِلَافِ نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ اهـ. قَالَ طفي وَهَذَا هُوَ الَّذِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك دَارِي بِمِائَةٍ، وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي تَفْوِيضًا فَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ بِجَوَازِهَا لِأَنَّهَا أَشَدُّ مِمَّا فِي السَّمَاعِ لِلتَّصْرِيحِ بِالْبَيْعِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 442 وَجَمْعُ امْرَأَتَيْنِ سَمَّى لَهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا. وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى، أَوْ إنْ سَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ؟   [منح الجليل] فِيهَا، بِخِلَافِ مَا فِي السَّمَاعِ فَإِنَّهُ تَلَفَّظَ بِالْعَطِيَّةِ وَعَلَيْهِ يَأْتِي تَفْرِيقُ ابْنِ مُحْرِزٍ اهـ الْبُنَانِيُّ. قُلْت مَا صَوَّرَ بِهِ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ هُوَ الصَّوَابُ نَقْلًا وَعَقْلًا، أَمَّا نَقْلًا فَلِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ صَرَّحَ بِهِ بِنَفْسِهِ مُفَرِّعًا لَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ، وَيَقُومُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْنًى خَفِيٌّ وَصَحِيحٌ، وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ وَالنِّكَاحَ يَجُوزُ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ لَمْ يُسَمَّ فِيهِ صَدَاقٌ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أُزَوِّجُك ابْنَتِي نِكَاحَ تَفْوِيضٍ عَلَى أَنْ أَبِيعَ مِنْك دَارِي بِكَذَا وَكَذَا. اهـ. مِنْ الْبَيَانِ فَقَوْلُ طفي يَحْتَاجُ إلَخْ، قُصُورٌ وَقَدْ غَرَّهُ فِي هَذَا اخْتِصَارُ ابْنِ عَرَفَةَ. وَأَمَّا عَقْلًا فَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُ ابْنِ رُشْدٍ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَعَيْنُهَا أَنْكَحَهُ ابْنَتَهُ وَأَعْطَاهُ دَارًا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَقُومُ مِنْهَا، أَلَيْسَ جَعْلُ ابْنِ رُشْدٍ مَسْأَلَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْلًا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْفَرْعِ وَلَيْسَ إلَّا مَا صَوَّرَ بِهِ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَوْلُ " ز " ابْنُ مُحْرِزٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا إلَخْ تَفْرِيقُ ابْنِ مُحْرِزٍ يَمْنَعُ قِيَاسَ ابْنِ رُشْدٍ فَهُوَ مُقَابِلُهُ، وَقَدْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَلَى مَا لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ. (وَ) جَازَ (جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ) أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (سَمَّى) الزَّوْجُ الْمَهْرَ (لَهُمَا) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ تَسَاوَى الْمَهْرَانِ أَوْ لَا (أَوْ) سَمَّى (لِإِحْدَاهُمَا) أَيْ الْمَرْأَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى، أَوْ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَقُلْ أَوَّلًا بَدَلٌ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا لِيَشْمَلَ هَذِهِ الصُّورَةَ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا الْقَوْلَانِ الْمُشَارُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) جَوَازُ جَمْعِهِمَا مُطْلَقٌ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُ الْأُخْرَى، بَلْ (وَإِنْ شَرَطَ) الزَّوْجُ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا (تَزَوُّجَ الْأُخْرَى) حَيْثُ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ دُونَ صَدَاقِ مِثْلِهَا، أَوْ سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا دُونَهُ وَلِلْأُخْرَى صَدَاقُ مِثْلِهَا أَوْ نَكَحَهَا تَفْوِيضًا فَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ مَحَلُّ الْخِلَافِ. (أَوْ) جَوَازُهُ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ حَصَلَتْ التَّسْمِيَةُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ (إنْ سَمَّى) الزَّوْجُ (صَدَاقَ الْمِثْلِ) لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 443 قَوْلَانِ. وَلَا يُعْجِبُ جَمْعُهُمَا، وَالْأَكْثَرُ عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ وَالْفَسْخِ قَبْلَهُ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَهُ؛ لَا الْكَرَاهَةِ أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ رَفْعَهُ: كَدَفْعِ الْعَبْدِ فِي صَدَاقِهِ،   [منح الجليل] وَالْأُخْرَى تَفْوِيضًا، أَوْ إنْ نَكَحَهُمَا مَعًا تَفْوِيضًا فَإِنْ سَمَّى لِكُلٍّ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لِوَاحِدَةٍ أَقَلَّ مِنْهُ وَالْأُخْرَى صَدَاقَ مِثْلِهَا أَوْ تَفْوِيضًا فَلَا يَجُوزُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَيَتَّفِقُ عَلَى الْجَوَازِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ تَسْمِيَتُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَعَدَمُ تَسْمِيَتِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَتَسْمِيَتُهُ لِإِحْدَاهُمَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَعَدَمُهَا لِلْأُخْرَى. وَمَوْضُوعُ الْقِسْمَيْنِ فِي شَرْطِهِ تَزَوُّجَ إحْدَاهُمَا بِتَزَوُّجِ الْأُخْرَى فَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ سَمَّى إلَخْ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ إنْ شَرَطَ إلَخْ، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ لِإِحْدَاهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَزَوُّجَ الْأُخْرَى وَإِلَّا فَهَلْ يَجُوزُ مُطْلَقًا أَوْ إنْ سَمَّى وَلَوْ حُكْمًا صَدَاقَ الْمِثْلِ قَوْلَانِ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ الْحُكْمِيَّةِ التَّفْوِيضُ، وَصَوَابُ قَوْلَانِ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُمَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ، الْأَوَّلُ لِابْنِ سَعْدُونٍ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ فَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ عَزْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) فِي الْمُدَوَّنَةِ (لَا يُعْجِبُ) أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ (جَمْعُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ فِي مَهْرٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَتَا حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ أَوْ لِمَالِكَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا حُرَّةً وَالْأُخْرَى أَمَةً لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ (عَلَى التَّأْوِيلِ) لِقَوْلِهِ لَا يُعْجِبُنِي (بِالْمَنْعِ) أَيْ التَّحْرِيمِ (وَالْفَسْخِ) لِلنِّكَاحِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (وَصَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ صَدَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَجَمْعِ رَجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي بَيْعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِذَلِكَ كَمَا يَأْتِي (لَا) عَلَى تَأْوِيلِهِ بِ (الْكَرَاهَةِ) التَّنْزِيهِيَّةِ الَّتِي أَوَّلَهُ بِهَا الْأَقَلَّ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ وَيُقْسَمُ الْمُسَمَّى عَلَى صَدَاقَيْ مِثْلِهِمَا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ (تَضَمَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (إثْبَاتُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (رَفْعَهُ) أَيْ فَسْخَ النِّكَاحِ (كَدَفْعِ الْعَبْدِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ بِأَنْ يُزَوِّجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ مَعْلُومٍ وَيَدْفَعُهُ (فِي صَدَاقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ وَأَوْلَى جَعْلُهُ صَدَاقًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 444 وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ، أَوْ بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ، أَوْ بِأَلْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ: فَأَلْفَانِ بِخِلَافِ أَلْفٍ. وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَأَلْفَانِ.   [منح الجليل] فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا النِّكَاحُ وَمَلَكَتْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ إذْ مِنْ مَوَانِعِهِ الْمِلْكُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ لَهَا (وَبَعْدَ الْبِنَاءِ تَمْلِكُهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْضًا لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ لَا لِصَدَاقِهِ لِوُجُوبِ الْمُسَمَّى فِيهِ بِالدُّخُولِ، وَلَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِصَدَاقِهِ لَمْ يُفْسَخْ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَوَجَبَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ. أَبُو الْحَسَنِ وَيَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، إذْ هُوَ ضَامِنٌ عَنْهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ وَبَاعَهُ لِمَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ كَجِنَايَتِهِ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَلَهَا إبْقَاؤُهُ فِي مِلْكِهَا. وَفِي الْمَعُونَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا إخْرَاجُهُ عَنْهُ لِئَلَّا يَتَلَذَّذَ بِهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَبَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ إنْ كَانَ وَطِئَهَا. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِدَارٍ) مَثَلًا (مَضْمُونَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَهِيَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَصَفَهَا أَوْ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَصِفْهَا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَوَصَفَهَا وَصْفًا شَافِيًا وَعَيَّنَ مَوْضِعَهَا جَازَ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا بِدَارٍ مَضْمُونَةٍ يَصِفُهَا إذْ بِذِكْرِ مَوْضِعِهَا تَتَعَيَّنُ، وَالْمُعَيَّنُ لَا تَقْبَلُهُ الذِّمَّةُ وَنَحْوُهُ يُفْهَمُ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. (أَوْ) تَزَوَّجَهَا (بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا عَلَى أَنَّهُ لَا زَوْجَةَ لَهُ (وَإِنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ) غَيْرُهَا حَالَ الْعَقْدِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِلشَّكِّ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ حَالَ الْعَقْدِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بِغَرَرٍ (بِخِلَافِ) تَزَوُّجِهَا بِ (أَلْفٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا. (وَإِنْ) خَالَفَ الشَّرْطَ وَ (أَخْرَجَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (مِنْ بَلَدِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَوْ تَزَوَّجَ) أَوْ تَسَرَّى الزَّوْجُ (عَلَيْهَا فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ لِعَدَمِ الشَّكِّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 445 وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ. وَكُرِهَ، وَلَا الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ؛ إنْ خَالَفَ: كَإِنْ أَخْرَجْتُك: فَلَكَ أَلْفٌ. أَوْ أَسْقَطَتْ أَلْفًا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ؛ إلَّا أَنْ تُسْقِطَ   [منح الجليل] فِي قَدْرِ الْمَهْرِ حَالَ عَقْدِهِ، وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَهُ وَعَدَمِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَالتَّوْفِيَةُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَالشَّكُّ فِي قَدْرِهِ حَالَ عَقْدِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى رَفْعِهِ بِالْبَحْثِ هَلْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ لَا، بِهَذَا فَرَّقَ فَضْلٌ بَيْنَهُمَا. وَعِبَارَةُ أَبِي الْحَسَنِ لِأَنَّهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا نَدْرِي مَا صَدَاقُهَا أَعِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَلَهَا أَلْفَانِ أَوْ لَا فَلَهَا أَلْفٌ، وَهَذِهِ لَا غَرَرَ فِيهَا، وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ صَدَاقَهَا أَلْفٌ، وَإِنَّمَا شَرَطَ لَهَا إنْ فَعَلَ فِعْلًا زَادَهَا أَلْفًا فِي صَدَاقِهَا اهـ. (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الشَّرْطُ) أَيْ التَّوْفِيَةُ بِهِ وَتُسْتَحَبُّ وَمِنْهُ مِنْ تَزَوُّجِ مَاشِطَةٍ أَوْ قَابِلَةٍ بِشَرْطِ خُرُوجِهَا لِصَنْعَتِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَيُنْدَبُ وَقَدْ أُفْتِي بِهَذَا (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْقُدُومُ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الَّذِي لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ وَعَدَمُ الْوَفَاءِ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ. (وَلَا) تَلْزَمُ الزَّوْجَ (الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ) الَّتِي عَلَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى مُخَالَفَةِ الشَّرْطِ (إنْ خَالَفَ) الزَّوْجُ الشَّرْطَ بِأَنْ أَخْرَجَهَا أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا. فِي الْقَامُوسِ الْأَلْفُ مِنْ الْعَدَدِ مُذَكَّرٌ، وَلَوْ أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ الدَّرَاهِمِ لَجَازَ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِمَنْ فِي عِصْمَتِهِ (إنْ أَخْرَجْتُك) مِنْ بَلَدِك أَوْ بَيْتِك أَوْ تَزَوَّجْتُ أَوْ تَسَرَّيْتُ عَلَيْكِ (فَلَكِ) عَلَيَّ (أَلْفٌ) فَإِنْ أَخْرَجَهَا فَلَا تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ، وَهَذَا لَيْسَ مَكْرُوهًا لِأَنَّهُ لَيْسَ شَرْطًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَعَطَفَ عَلَى أَخْرَجْتُك فَقَالَ (أَوْ) إنْ سَمَّى لَهَا أَلْفَيْنِ حَالَ خِطْبَتِهَا وَ (أَسْقَطَتْ) الْمَخْطُوبَةُ الرَّشِيدَةُ عَنْ خَاطِبِهَا (أَلْفًا) مِنْهُمَا (قَبْلَ الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ (عَلَى) شَرْطِ (ذَلِكَ) أَيْ عَدَمِ إخْرَاجِهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا أَوْ تَزَوُّجِهِ أَوْ تَسَرِّيهِ عَلَيْهَا وَخَالَفَ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِهَا أَوْ تَزَوُّجِهِ أَوْ تَسَرِّيهِ عَلَيْهَا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ الَّذِي أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ. (إلَّا أَنْ تُسْقِطَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ الزَّوْجَةُ عَنْ زَوْجِهَا (مَا) أَيْ شَيْئًا مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 446 بَعْدَ الْعَقْدِ بِلَا يَمِينٍ مِنْهُ أَوْ كَزَوِّجْنِي أُخْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي بِمِائَةٍ، وَهُوَ وَجْهُ الشِّغَارِ،   [منح الجليل] صَدَاقِهَا الَّذِي (تَقَرَّرَ) لَهَا عَلَى زَوْجِهَا بِعَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا بِأَلْفَيْنِ مَثَلًا فَأَسْقَطَتْ عَنْهُ أَلْفًا مِنْهُمَا (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَإِنْ خَالَفَ بِإِخْرَاجِهَا أَوْ التَّزَوُّجِ أَوْ التَّسَرِّي عَلَيْهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَسْقَطَتْهُ عَنْهُ إنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ (بِلَا يَمِينٍ) بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ صَوْمِ شَهْرٍ، لَا بِمَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِسُهُولَتِهَا (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى أَنَّهَا لَا يُخْرِجُهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا، فَإِنْ أَسْقَطَتْ بِيَمِينٍ بِذَلِكَ وَخَالَفَ فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ حَلِفِهِ، وَقَدْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فَيَلْزَمُهُ مُوجِبُهَا مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَوْمٍ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ مَثَلًا مِمَّا فِيهِ كَفَّارَةٌ وَحَنِثَ بِالْمُخَالَفَةِ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لِسُهُولَتِهَا. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَزَوَّجَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْقُرْبِ كَمَنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا، وَاعْتَرَضَهُ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ بِأَنَّ اللَّخْمِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ تَزَوَّجَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَغَيْرِهِمْ. (أَوْ كَزَوِّجْنِي) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاعِلِ فَسَدَ، وَأَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ فِعْلُ الشَّرْطِ وَهُوَ نَقْصٌ أَيْ فَسَدَ إنْ نَقَصَ، أَيْ أَوْ كَانَ نِكَاحَ شِغَارٍ كَزَوِّجْنِي (أُخْتَك) وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا جَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا، وَأَوْلَى مَنْ لَهُ جَبْرُهَا كَبِنْتِك وَأَمَتِك (بِمِائَةٍ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ أُزَوِّجَك أُخْتِي) مَثَلًا أَوْ بِنْتِي أَوْ أَمَتِي (بِمِائَةٍ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا النِّكَاحُ (وَجْهُ الشِّغَارِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَيْنِ، أَيْ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَهُوَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَاسْتِوَاءُ قَدْرِ الْمَهْرَيْنِ لَيْسَ شَرْطًا، وَلِذَا قَالَ فِيهَا وَإِنْ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي بِمِائَةٍ أَوْ بِخَمْسِينَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ وَجْهِ الشِّغَارِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَقَدَاهُ بِمَهْرٍ مُسَمًّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فَفِيهَا هَذَا وَجْهُ الشِّغَارِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ عَلَى إلَخْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 447 وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فَصَرِيحُهُ، وَفُسِخَ فِيهِ، وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ، وَعَلَى حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ أَبَدًا، وَلَهَا فِي الْوَجْهِ، وَمِائَةٍ وَخَمْرٍ، أَوْ مِائَةٍ وَمِائَةٍ:   [منح الجليل] الْمُكَافَأَةِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى لَجَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ، وَشُرِطَ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُ الْأُخْرَى وَجَعَلَ تَزْوِيجَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرًا لِلْأُخْرَى كَزَوِّجْنِي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك بِنْتِي (فَ) هَذَا النِّكَاحُ (صَرِيحُهُ) أَيْ الشِّغَارِ، أَيْ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَهُوَ فَاسِدٌ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ أَبَدًا (فِيهِ) أَيْ الصَّرِيحِ الَّذِي لَا صَدَاقَ فِيهِ، وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ مِثْلِهَا إنْ كَانَ عَدَمُ الْمَهْرِ فِي الْمَرْأَتَيْنِ، بَلْ (وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ) كَزَوِّجْنِي بِنْتَك بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك بِنْتِي، وَهَذَا يُسَمَّى مُرَكَّبَ الشِّغَارِ، فَالْمُسَمَّى لَهَا يُفْسَخُ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا يُفْسَخُ نِكَاحُهَا أَبَدًا وَلَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ صَدَاقُ مِثْلِهَا. (وَ) فُسِخَ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ (عَلَى) شَرْطِ (حُرِّيَّةِ وَلَدِ الْأَمَةِ) الْمُزَوَّجَةِ فَيُفْسَخُ (أَبَدًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ طَالَ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَهْرِ فِي مُقَابَلَةِ حُرِّيَّةِ وَلَدِهَا فَأَشْبَهَ بَيْعَهُ قَبْلَ وُجُودِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِلْغَرَرِ، وَإِنْ وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبَحَثَ فِيهِ الْمُوَضِّحُ بِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ لَمْ يَحْصُلْ وَهُوَ بَقَاؤُهَا فِي عِصْمَتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ مِثْلِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَصْدَهُ حُرِّيَّةُ وَلَدِهِ وَقَدْ حَصَلَ وَالنِّكَاحُ تَبَعٌ وَقَدْ اسْتَوْفَاهُ وَدَوَامُهُ أَوْ عَدَمُهُ مُحْتَمَلٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ عَلَى حُرِّيَّةِ أَنَّ الْفَسْخَ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْعِتْقُ فَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَأَنَّهُ إنْ تَطَوَّعَ سَيِّدُ الْأَمَةِ بِالْتِزَامِ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا يُفْسَخُ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ أَيْضًا. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي الْوَجْهِ) أَيْ وَجْهِ الشِّغَارِ وَإِنْ فِي وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ (وَ) لَهَا فِي تَزَوُّجِهَا بِ (مِائَةٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ (وَ) نَحْوِ (خَمْرٍ أَوْ) بِ (مِائَةٍ) حَالَّةٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ (وَمِائَةٍ) كَذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 448 لِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَلَوْ زَادَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَقُدِّرَ بِالتَّأْجِيلِ الْمَعْلُومِ إنْ كَانَ فِيهِ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا:   [منح الجليل] مُؤَجَّلَةٍ بِمَجْهُولٍ كَمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ (الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً الْحَلَالِ (وَ) مِنْ (صَدَاقِ) الْمِثْلِ، وَلَا يُنْظَرُ لِنَحْوِ الْخَمْرِ وَلَا لِلْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ إنْ لَمْ يَزِدْ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْمَجْمُوعِ، بَلْ (وَلَوْ زَادَ) صَدَاقُ الْمِثْلِ (عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ الْمِائَةِ الْحَالَّةِ وَالْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ بِمَجْهُولٍ بِأَنْ كَانَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ مَثَلًا فَتَأْخُذُهُ حَالًّا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُزَادُ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَتَأْخُذُهُمَا حَالَّتَيْنِ وَلَا تُعْطَى الزَّائِدَ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْمِائَةِ لِأَجَلٍ مَجْهُول، فَأَخْذُهَا حَالَّةً أَحْسَنُ لَهَا، فَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَخَذَتْهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَهِيَ الْمِائَةُ الْحَالَّةُ، فَلَوْ أَرَادَ بِالْمُسَمَّى مَا يَشْمَلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ فَلَا يَكُونُ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَكْبَرَ مِنْهُ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى الْجَمِيعِ، فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ. وَلَوْ كَانَ صَدَاقُ مِثْلِهَا تِسْعِينَ أَخَذَتْ الْمِائَةَ الْحَالَّةَ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا. (وَقُدِّرَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً أَيْ صَدَاقُ الْمِثْلِ أَيْ اُعْتُبِرَ قَدْرُهُ الَّذِي يُقَابَلُ بِالْمُسَمَّى (بِالتَّأْجِيلِ) بِالْأَجَلِ (الْمَعْلُومِ) لِبَعْضِهِ (إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا تَأْجِيلٌ مَعْلُومٌ قُدِّرَ صَدَاقُ الْمِثْلِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً مُؤَجَّلَةً بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمِائَةً مَجْهُولَةَ الْأَصْلِ قِيلَ مَا صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى أَنَّ فِيهِ مِائَةً مُؤَجَّلَةً بِذَلِكَ الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ. فَإِنْ قِيلَ مِائَتَانِ فَقَدْ سَاوَى الْمُسَمَّى الْحَلَالُ صَدَاقَ مِثْلِهَا، فَتَأْخُذُ مِائَةً حَالَّةً وَمِائَةً إلَى الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ، وَكَذَا إنْ قِيلَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَإِنْ قِيلَ ثَلَاثُمِائَةٍ أَخَذَتْ مِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَمِائَةً إلَى الْأَجَلِ الْمَعْلُومِ. وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ لَهَا فِي وَجْهِ الشِّغَارِ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ مِثْلِهَا وَظَاهِرُهُ كَانَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا. وَلَكِنْ تَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ بِحَمْلِهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُسِّرَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُسِّرَتْ بِحَمْلِهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 449 فِيمَا إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا، وَدَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَفِي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ، وَتَعْلِيمِهَا قُرْآنًا، وَإِحْجَاجِهَا،   [منح الجليل] عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ عُمُومِ التَّسْمِيَةِ لَهُمَا، وَلِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ (فِيمَا إذَا سَمَّى) الزَّوْجُ الصَّدَاقَ (لِإِحْدَاهُمَا) وَلَمْ يُسَمِّ لِلْأُخْرَى صَدَاقًا، وَشُرِطَ فِي تَزَوُّجِ إحْدَاهُمَا تَزَوُّجُ الْأُخْرَى وَهُوَ مُرَكَّبُ الشِّغَارِ. (وَدَخَلَ) الزَّوْجُ (بِالْمُسَمَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ (لَهَا) وَصِلَةُ تُؤُوِّلَتْ (بِصَدَاقِ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ لَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ لِإِحْدَاهُمَا أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَمْ يَجْرِ فِي التَّسْمِيَةِ لَهُمَا مَعًا مَعَ جَرَيَانِهِ فِيهَا كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، فَلَوْ قَالَ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَخَلَ بِالْمُسَمَّى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لَشَمِلَهُمَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَعْنِي إذَا سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ إنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الْأَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ إذَا سَمَّى لِإِحْدَاهُمَا فَقَطْ فَإِنْ دَخَلَ بِاَلَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا، وَإِنْ دَخَلَ بِاَلَّتِي سَمَّى لَهَا فَتَأَوَّلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ لَهَا الْأَكْثَرَ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ لُبَابَةَ عَلَى أَنَّ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا مُطْلَقًا، نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَمْ يُسَوِّ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ إلَّا فِي الْمُرَكَّبَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَهِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا التَّأْوِيلَانِ أَيْضًا لَكِنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهَا لُزُومُ الْأَكْثَرِ، فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ هُنَا، وَخَصَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ بِالْمُرَكَّبَةِ. فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَذْكُرْ التَّأْوِيلَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ فِي الْمُرَكَّبَةِ حَيْثُ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِيهَا. قُلْتُ لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ الْمُرَكَّبَةَ وَغَيْرَهَا لَمْ يَتَأَتَّ لَهُ جَمْعُ الثَّانِي مَعَهُ، فَلِذَا أَفْرَدَهُ وَحْدَهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمُرَكَّبَةِ، فَلَا يَكُونُ إفْرَادُهُ مُفِيدًا لِضَعْفِهِ. (وَفِي مَنْعِهِ) أَيْ النِّكَاحِ أَوْ الصَّدَاقِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لَقَوْلَانِ الْآتِي (بِمَنَافِعَ) لِدَارٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ رِقٍّ فِي عَقْدِ إجَارَةٍ لَا فِي عَقْدِ جُعْلٍ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ، لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَهُوَ نِكَاحٌ بِخِيَارٍ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ (وَ) فِي مَنْعِهِ بِ (تَعْلِيمِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قُرْآنًا) مَحْدُودًا بِحِفْظٍ أَوْ نَظَرٍ (وَ) فِي مَنْعِهِ بِ (إحْجَاجِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْ السَّفَرِ مَعَهَا لِلْحَجِّ فَيُفْسَخُ فِيهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 450 وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ وَكَرَاهَتِهِ: كَالْمُغَالَاةِ فِيهِ، وَالْأَجَلِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بِهِ، وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ (بِقِيمَةِ) أَيْ أُجْرَةِ مِثْلِ (عَمَلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ مِنْ مَنَافِعَ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَإِحْجَاجٍ مِنْ ابْتِدَائِهِ (لِلْفَسْخِ) أَيْ لِلْإِجَارَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. وَأَمَّا النِّكَاحُ فَلَا يُفْسَخُ بَعْدَهُ، هَذَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ قَبْلَهُ أَيْضًا وَيَمْضِي بِالْمَنَافِعِ، وَإِنْ مُنِعَ ابْتِدَاءً لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالٌ، وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ لِلْفَسْخِ بِقَوْلِهِ وَيَمْضِي بِهَا بَعْدَ وُقُوعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ بِمَنَافِعَ كَخِدْمَتِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا مَنَعَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ، وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا نَسَبَهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْمَنْعِ، وَأَمَّا عَلَى الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْإِمْضَاءِ، وَمَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمَا شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْإِمْضَاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي حُكْمِهِ ابْتِدَاءً الْكَرَاهَةُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءَ الْمَنْعِ عُ. وَإِذَا وَقَعَ صَحَّ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْمَنْعَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ. اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ، فَيُقَالُ حَيْثُ كَانَ الْمَشْهُورُ الْمَنْعَ ابْتِدَاءً وَالْمُضِيَّ بَعْدَهُ فَلِمَ عَدَلَ عَنْهُ هُنَا إلَى ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ لَهُ مَعَ أَنَّ عَادَتَهُ اتِّبَاعُ الْمَشْهُورِ حَيْثُ وَجَدَهُ وَابْنُ عَرَفَةَ مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ اطِّلَاعِهِ وَحِفْظِهِ لَمْ يَحْكِ هَذَا الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا عَرَّجَ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذَا. وَقَدْ حَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: الْكَرَاهَةُ فَيَمْضِي بِالْعَقْدِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. الثَّالِثُ: إنْ كَانَ مَعَ الْمَنَافِعِ نَقْدٌ جَازَ وَإِلَّا فَالثَّانِي. الرَّابِعُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فَالثَّانِي وَإِلَّا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَضَى بَعْدَهُ بِالنَّقْدِ وَقِيمَةِ الْعَمَلِ. الْخَامِسُ: بِالنَّقْدِ وَالْعَمَلِ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 451 وَإِنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ عَيَّنَهَا أَوَّلًا فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ، فَإِنْ دَخَلَ فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَلْفًا إنْ تَعَدَّى   [منح الجليل] فَأَنْتَ تَرَاهُ لَمْ يَنْقُلْ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَفَسَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ ظَهَرَ لَهُ هُنَا أَنَّ الصَّوَابَ مَا فَهِمَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا مَا فَهِمَهُ هُوَ فِي التَّوْضِيحِ، فَلِذَا عَدَلَ عَنْهُ هُنَا لِحِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ لَهُ، فَسَقَطَ قَوْلُ " ز " أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَعَ الْمَنْعِ الْمُضِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ. (وَكَرَاهَتِهِ) أَيْ النِّكَاحِ بِمَنَافِعَ عَطْفٌ عَلَى مَنْعِهِ، وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَالْمُغَالَاةِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (فِيهِ) أَيْ الصَّدَاقِ فَتُكْرَهُ، وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ، فَرُبَّ امْرَأَةٍ يَكُونُ الْمَهْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فِي نَفْسِهِ، وَكَذَا الرِّجَالُ فَالرُّخْصُ فِيهِ وَالْغُلُوُّ بِاعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ، وَالْمُغَالَاةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا فَهِيَ مَثَلٌ سَافِرٌ وَعَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ الزَّوْجُ بَلْ الزَّوْجَةُ وَوَلِيُّهَا. (وَالْأَجَلِ) فِي الصَّدَاقِ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي الْكَرَاهَةِ أَيْضًا فَيُكْرَهُ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ. وَلَوْ إلَى سَنَةٍ لِئَلَّا يَتَذَرَّعَ النَّاسُ إلَى النِّكَاحِ بِلَا صَدَاقٍ، وَيُظْهِرُونَ أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ ثُمَّ تُسْقِطُهُ الزَّوْجَةُ وَلِمُخَالَفَتِهِ أَنْكِحَةَ السَّلَفِ. وَلِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَيْهِ الْمُغَالَاةُ إذْ لَوْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يُؤَجَّلْ غَالِبًا (قَوْلَانِ) فِي النِّكَاحِ بِمَنَافِعَ. (وَإِنْ أَمَرَهُ) أَيْ الزَّوْجُ وَكِيلُهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ (بِأَلْفٍ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ (عَيَّنَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ لِوَكِيلِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْنِي امْرَأَةً بِأَلْفٍ (فَزَوَّجَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ (بِأَلْفَيْنِ) مَثَلًا مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا (فَإِنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ قَبْلَ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتَعَدِّيهِ (فَعَلَى الزَّوْجِ أَلْفٌ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ) لِلزَّوْجَةِ (أَلْفًا إنْ تَعَدَّى) أَيْ ثَبَتَ تَعَدِّي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 452 بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَتُحَلَّفُ هِيَ إنْ حَلَفَ، الزَّوْجُ، وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ إنْ نَكَلَ وَغَرِمَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ قَوْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا: لَزِمَ الْآخَرَ،   [منح الجليل] الْوَكِيلِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ (أَوْ بَيِّنَةٍ) حَضَرَتْ تَوْكِيلَ الزَّوْجِ لَهُ بِأَلْفٍ لِأَنَّهُ غُرُورٌ فِعْلِيٌّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ وَلَا بَيِّنَةٍ. (فَتَحْلِفُ هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ بِأَلْفَيْنِ (إنْ حَلَفَ الزَّوْجُ) أَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْ إلَّا بِأَلْفٍ فَهُوَ الْمَبْدَأُ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ دَعْوَى الْوَكِيلِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِأَلْفَيْنِ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ وَغَرَّمَتْ الْوَكِيلَ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ، فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ سَقَطَتْ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ، وَهَذَا إنْ حَقَّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا غَرَّمَتْهُ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ. (وَفِي تَحْلِيفِ الزَّوْجِ لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (إنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ (وَغَرِمَ) الزَّوْجُ لَهَا بِنُكُولِهِ (الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ) فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ اسْتَقَرَّ الْغُرْمُ عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ غَرِمَ لِلزَّوْجِ الْأَلْفَ الثَّانِيَةَ الَّتِي غَرِمَهَا لِلزَّوْجَةِ حِينَ نَكَلَ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَائِلًا قَوْلُ أَصْبَغَ غَلَطٌ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ نَكَلَ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِ الزَّوْجِ، وَالزَّوْجُ قَدْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَكَيْفَ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُحَلِّفُهُ لِاحْتِمَالِ رَهْبَتِهِ مِنْ الْيَمِينِ وَإِقْرَارِهِ، وَرُدَّ بِاقْتِضَائِهِ أَنَّ أَصْبَغَ لَمْ يَقُلْ بِغُرْمِ الْوَكِيلِ إنْ نَكَلَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِ (قَوْلَانِ) سَبَبُهُمَا هَلْ يَمِينُ الزَّوْجِ لِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِإِبْطَالِ قَوْلِ وَكِيلِهِ، فَتَحْلِيفُهُ الْوَكِيلَ إذَا نَكَلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَدَمُهُ عَلَى الثَّانِي. وَذَكَرَ مَفْهُومَ إنْ دَخَلَ فَقَالَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا بِالتَّعَدِّي حَالَ الْعَقْدِ (وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِقَوْلِ الْآخَرِ (لَزِمَ) النِّكَاحُ الزَّوْجَ (الْآخَرَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِأَلْفَيْنِ لَزِمَ الزَّوْجَةَ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِأَلْفٍ لَزِمَ الزَّوْجَ سَوَاءٌ ثَبَتَ تَعَدِّي الْوَكِيلِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِتَعَدِّيهِ تَفْوِيتٌ (لَا يَلْزَمُ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 453 لَا إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ؛ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ، إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَا تُرَدُّ إنْ اتَّهَمَهُ،   [منح الجليل] النِّكَاحُ الزَّوْجَ (إنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ) الْأَلْفَ الثَّانِيَ وَلَوْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ لِتَضَرُّرِهِ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ، وَلُحُوقِ الْمِنَّةِ وَلِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الْأَلْفَ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهِ بِفَسْخِ عَقْدٍ تَوَلَّاهُ أَوْ لِدَفْعِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّوْجَةِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ بِزِيَادَةِ النَّفَقَةِ فَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ. (وَ) إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فَ (لِكُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (تَحْلِيفُ) الزَّوْجِ (الْآخَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا مَا رَضِيَتْ إلَّا بِأَلْفَيْنِ (فِيمَا) أَيْ حَالَ أَوْ الْحَالَ الَّذِي (يُفِيدُ إقْرَارُهُ) أَيْ مَنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ التَّكْلِيفُ وَالرُّشْدُ، فَلَا يَحْلِفُ صَبِيٌّ وَلَا سَفِيهٌ وَلَا رَقِيقٌ إذْ لَا يُؤَاخَذُونَ بِإِقْرَارِهِمْ. وَقِيلَ الْحَالُ الَّذِي يُفِيدُ إقْرَارُهُ فِيهِ عَدَمَ الْبَيِّنَةِ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ عَدَمُهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا. وَعَدَمُهَا إمَّا لَهُ وَإِمَّا لَهَا. وَلَوْ قَالَ إنْ أَفَادَ إقْرَارُهُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (إنْ لَمْ تَقُمْ) أَيْ تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ) لِلزَّوْجِ أَنَّهُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ، وَلَا لِلزَّوْجَةِ أَنَّهَا مَا رَضِيَتْ إلَّا بِأَلْفَيْنِ أَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ وَقَامَتْ لَهَا أَوْ عَكْسُهُ، فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِي الْأُولَى، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فُسِخَ النِّكَاحُ. وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَلَهَا تَحْلِيفُهُ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ حَلَفَ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِالْأَلْفَيْنِ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا فِي الثَّالِثَةِ، فَإِنْ حَلَفَتْ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَتْ لَزِمَهَا النِّكَاحُ بِأَلْفٍ. (وَلَا تُرَدُّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ نَكَلَ عَنْهَا، وَيَلْزَمُهُ النِّكَاحُ بِمَا قَالَهُ الْآخَرُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (إنْ اتَّهَمَهُ) أَيْ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ، فَإِنْ حَقَّقَ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَنَكَلَ الْمَطْلُوبُ فَتُرَدُّ عَلَى الطَّالِبِ، فَإِنْ حَلَفَ قُضِيَ لَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 454 وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ، وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ.   [منح الجليل] وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَكَحَلِفِ الْأَوَّلِ (وَرَجَّحَ) ابْنُ يُونُسَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (بُدَاءَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ) عَلَى أَنَّهُ (مَا أَمَرَهُ) أَيْ الزَّوْجُ وَكِيلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُ (إلَّا بِأَلْفٍ ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ) لِلنِّكَاحِ أَوْ الرِّضَا بِهِ بِأَلْفٍ (إنْ قَامَتْ) أَيْ شَهِدَتْ لَهَا (بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ) مِنْ الْوَكِيلِ (بِأَلْفَيْنِ) وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِالْأَلْفَيْنِ، وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ بُدَاءَةَ حَلِفِ الزَّوْجِ بِإِيهَامِهِ حَلِفَهَا بَعْدَهُ مَعَ بَيِّنَتِهَا وَلَا صِحَّةَ لَهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بُدَاءَةُ حَلِفِهِ عَلَى تَخْيِيرِهَا وَتَرْجِيحِ ابْنِ يُونُسَ لَيْسَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَرْجِيحٌ لِأَحَدِ الشِّقَّيْنِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِأَلْفَيْنِ كَمَا لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ إلَّا بِأَلْفٍ أَوْ أَقَامَ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ (فَ) الْحُكْمُ هُنَا (كَ) الْحُكْمِ فِي (الِاخْتِلَافِ فِي) قَدْرِ (الصَّدَاقِ) مِنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبُدَاءَةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ فَتَحْلِفُ أَنَّ الْعَقْدَ بِأَلْفَيْنِ ثُمَّ لِلزَّوْجِ الرِّضَا بِهِمَا، أَوْ الْحَلِفُ مَا أَمَرَ إلَّا بِأَلْفٍ فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ تَرْضَ فُسِخَ النِّكَاحُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا فِي الْفَسْخِ، وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فِيمَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، هَذَا نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْنَعْ بِهِ حَتَّى زَادَ بَعْدَهُ مَا يُدَاخِلُهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، فَقَالَ وَرَجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ مَا أَمَرَهُ إلَّا بِأَلْفٍ ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّزْوِيجِ بِالْأَلْفَيْنِ، وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ، وَالْمَقْصُودُ الْأَهَمُّ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَاقِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْبَيَانِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَأْبَاهُ وَلَا يُنَافِيهِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَمَا ذَكَرَ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ فَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَنَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَتَحْلِفُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 455 وَإِنْ عَلِمَتْ بِالتَّعَدِّي   [منح الجليل] الزَّوْجَةُ أَنَّ الْعَقْدَ كَانَ بِأَلْفَيْنِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلزَّوْجِ ارْضَ بِذَلِكَ أَوْ احْلِفْ أَنَّك مَا أَمَرْته إلَّا بِأَلْفٍ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِالْأَلْفِ. وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَّا لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَنْ يُحَلِّفَ صَاحِبَهُ أَوَّلًا. اهـ. زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ قُصَارَى الْأَمْرِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَصِيرَا كَالزَّوْجَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي قَدْرِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَبْدَأَ هُنَاكَ الزَّوْجَةُ. فَإِنْ قُلْت فَمَا الْمُرَادُ بِالْبُدَاءَةِ فِي قَوْلِهِ وَرُجِّحَ بُدَاءَةُ حَلِفِ الزَّوْجِ. قُلْتُ تَبْدِئَةُ يَمِينِ الزَّوْجِ عَلَى تَخْيِيرِ الْمَرْأَةِ يَظْهَرُ هَذَا بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَنَصِّهِ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ زَوِّجْنِي فُلَانَةَ بِأَلْفٍ فَذَهَبَ الْمَأْمُورُ فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا بِأَلْفَيْنِ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. قِيلَ لِلزَّوْجِ إنْ رَضِيت بِأَلْفَيْنِ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَكُمَا إلَّا أَنْ تَرْضَى الْمَرْأَةُ بِأَلْفٍ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ أَرَاهُ يُرِيدُ أَنَّ هَذَا بَعْدَ حَلِفِ الزَّوْجِ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ الرَّسُولَ بِأَلْفٍ، فَإِذَا حَلَفَ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ إنْ رَضِيت بِأَلْفٍ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَكُمَا، وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ النِّكَاحُ بِأَلْفَيْنِ، وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى عَقْدِ الرَّسُولِ بِأَلْفَيْنِ بَيِّنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَقْدِهِ بِهِمَا بَيِّنَةٌ إلَّا قَوْلُ الرَّسُولِ، فَهَذَا حُكْمُهُ كَاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ أَنَّ الْعَقْدَ كَانَ بِأَلْفَيْنِ. ثُمَّ يُقَالُ لِلزَّوْجِ إمَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ أَوْ فَاحْلِفْ بِاَللَّهِ إنَّك مَا أَمَرْته إلَّا بِأَلْفٍ، وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِأَلْفٍ. اهـ. وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ يَتَشَوَّشُ الذِّهْنُ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَا يَتَبَادَرُ لِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ يُونُسَ مُخَالِفَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، إذْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِجَمْعِ النُّقُولِ الْمُتَدَاخِلَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُنَا تَنَفَّسَ، وَخَالَفَ عَادَتَهُ. وَثَانِيهِمَا مَا نُسِبَ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ بُدَاءَةِ حَلِفِ الزَّوْجِ، وَقَدْ عَلِمْت مَعْنَاهُ وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ تَعَالَى. (وَإِنْ عَلِمَتْ) الزَّوْجَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ الْبِنَاءِ (بِالتَّعَدِّي) مِنْ الْوَكِيلِ فِي عَقْدِهِ بِأَلْفَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 456 فَأَلْفٌ، وَبِالْعَكْسِ أَلْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ، وَعَلِمَ بِعِلْمِ الْآخَرِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ: فَأَلْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ بِعِلْمِهَا فَقَطْ: فَأَلْفٌ، وَبِالْعَكْسِ: فَأَلْفَانِ وَلَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ آذِنَةٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ،   [منح الجليل] وَمَكَّنَتْ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ الْبِنَاءِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفٌ) وَيَثْبُتُ النِّكَاحُ لِرِضَاهَا بِهِ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِتَعَدِّي وَكِيلِهِ وَعَقْدِهِ بِأَلْفَيْنِ وَدَخَلَ بِهَا فَالصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) لِرِضَاهُ بِهِمَا (وَإِنْ عَلِمَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فِي عَقْدِهِ بِأَلْفَيْنِ (وَعَلِمَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِعِلْمِ الْآخَرِ) بِالتَّعَدِّي (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَحَدُهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) تَغْلِيبًا لِعِلْمِهِ عَلَى عِلْمِهَا. (وَإِنْ عَلِمَ) الزَّوْجُ (بِعِلْمِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بِالتَّعَدِّي (فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ تَعْلَمْ الزَّوْجَةُ بِعِلْمِهِ بِهِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفٌ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ عَلِمَتْ بِعِلْمِ الزَّوْجِ بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يَعْلَمْ بِعِلْمِهَا بِهِ (فَ) الصَّدَاقُ (أَلْفَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ بَنَى مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا بِعِلْمِ الْعَدَاءِ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَلَوْ عَلِمَاهُ مَعَ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ أَوْ عَلِمَتْ عِلْمَهُ وَلَوْ يَعْلَمْ عِلْمَهَا لَزِمَهُ أَلْفَانِ، وَعَكْسُهُ أَلْفٌ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا عِلْمَ الْآخَرِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُهَا أَلْفَانِ وَالْقِيَاسُ أَلْفٌ وَنِصْفٌ لِإِيجَابِ تَعَارُضِ عِلْمَيْهِمَا قُسِمَ مَا زَادَ عَلَى أَلْفٍ . (وَ) إنْ أَذِنَتْ مَرْأَةٌ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا وَلَمْ تُسَمِّ لَهُ قَدْرَ مَهْرِهَا فَزَوَّجَهَا بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا (لَمْ يَلْزَمْ تَزْوِيجُ) امْرَأَةٍ (آذِنَةٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الَّتِي أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا وَلَمْ تُسَمِّ قَدْرَ الصَّدَاقِ (غَيْرَ مُجْبَرَةٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَلَى التَّزَوُّجِ وَصِلَةُ تَزْوِيجٍ (بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّوْجُ تَعَدِّي الْوَكِيلِ أَوْ لَا، وَذَكَرَ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ إذْ هُوَ لَازِمٌ لِكَوْنِهَا آذِنَةً أَوْ لِإِخْرَاجِ الْمُجْبَرَةِ الْمُسْتَأْذَنَةِ نَدْبًا، وَمَفْهُومُ بِدُونِ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهَا بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَيَّنَتْ الزَّوْجَ أَوْ عَيَّنَهُ الْوَكِيلُ، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي السِّرِّ عَلَى قَدْرٍ مِنْ الصَّدَاقِ وَعَقَدَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ فِي الْعَلَانِيَةِ ثُمَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 457 وَعُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ إذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ، وَحَلَّفَتْهُ إنْ ادَّعَتْ الرُّجُوعَ عَنْهُ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْمُعْلَنَ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ: عَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ وَسَكَتَا عَنْ عَشَرَةٍ سَقَطَتْ،   [منح الجليل] تَنَازَعَا فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّمَا يَلْزَمُنِي مَا اتَّفَقْنَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ، وَقَالَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجَةُ لَزِمَك مَا عَقَدْنَا عَلَيْهِ فِي الْعَلَانِيَةِ (عُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِصَدَاقِ السِّرِّ) الْقَلِيلِ (إذَا أَعْلَنَا) أَيْ أَظْهَرَ الزَّوْجَانِ أَوْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ صَدَاقًا (غَيْرَهُ) زَائِدًا عَلَيْهِ تَفَاخُرًا وَتَبَاهِيًا. وَكَذَا يُعْمَلُ بِصَدَاقِ السِّرِّ الزَّائِدِ عَلَى صَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ لِخَوْفٍ مِنْ ظَالِمٍ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فَيَظْلِمُ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ أَوْ أَهْلَهَا أَوْ كَثْرَةِ مَحْصُولِ حُجَّةٍ مَثَلًا، وَحَمَلَهُ الشَّارِحُونَ عَلَى الْأَوَّلِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَابْنِ شَاسٍ إذَا أَعْلَنَا غَيْرَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إعْلَامِ شُهُودِ الْعَلَانِيَةِ بِمَا فِي السِّرِّ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ قَالَهُ أَحْمَدُ. (وَحَلَّفَتْهُ) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ عَنْ صَدَاقِ السِّرِّ (إنْ ادَّعَتْ) الزَّوْجَةُ عَلَى الزَّوْجِ (الرُّجُوعَ عَنْهُ) أَيْ صَدَاقِ السِّرِّ الْقَلِيلِ إلَى صَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ حَلَفَ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ عَلَى الرُّجُوعِ وَعُمِلَ بِصَدَاقِ الْعَلَانِيَةِ، فَإِنْ نَكَلَتْ عُمِلَ بِصَدَاقِ السِّرِّ وَتُحَلِّفُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّ) الصَّدَاقَ (الْمُعْلَنَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ الْمُظْهَرِ عِنْدَ الْعَقْدِ (لَا أَصْلَ) أَيْ صِحَّةَ (لَهُ) وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِلْأُبَّهَةِ وَالْفَخْرِ فَلَا تُحَلِّفُهُ، وَيُعْمَلُ بِصَدَاقِ السِّرِّ عِيَاضٌ سَوَاءٌ كَانَ شُهُودُ السِّرِّ شُهُودَ الْعَلَانِيَةِ أَوْ غَيْرَهُمْ، وَحَلَّفَهَا الزَّوْجُ إنْ ادَّعَى الرُّجُوعَ عَنْ الصَّدَاقِ الْكَثِيرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ الْمُعْلَنَ الْيَسِيرَ لَا أَصْلَ لَهُ. (وَإِنْ تَزَوَّجَ بِثَلَاثِينَ) دِينَارًا مَثَلًا (عَشَرَةً نَقْدًا أَوْ عَشَرَةً إلَى أَجَلٍ) مَعْلُومٍ غَيْرِ بَعِيدٍ جِدًّا (وَسَكَتَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ (عَنْ عَشَرَةٍ) أَيْ كَوْنِهَا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً (سَقَطَتْ) الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ بِالْبَعْضِ نَسَخَ إجْمَالَهُ الْكَثِيرَ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 458 وَنَقَدَهَا كَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ وَجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ بِلَا وَهَبْتُ   [منح الجليل] وَكَذَا فِي كِتَابَةِ الْمُوَثِّقِ. وَتَلْزَمُ الْعَشَرَةُ الْمَسْكُوتُ عَنْهَا فِي الْبَيْعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يَظْهَرُ فِيهِ قَدْرٌ لِلْمُفَاخَرَةِ وَهُوَ فِي السِّرِّ دُونَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ (وَ) كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِ فِي وَثِيقَةِ النِّكَاحِ (نَقَدَهَا) بِفَتَحَاتٍ أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (كَذَا) مِنْ صَدَاقِهَا كَعَشَرَةٍ (مُقْتَضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُفْهِمٍ (لِقَبْضِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الزَّوْجِ فَهُوَ شَاهِدٌ لِلزَّوْجِ فِي دَعْوَاهُ دَفَعَهُ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا. فَإِنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ نَقْدَهُ بِسُكُونِ الْقَافِ فَلَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ حَالُّهُ الْمُقَابِلُ لِمُؤَجَّلِهِ. وَقِيلَ يَقْتَضِيهِ كَالْمَاضِي وَإِنْ كَتَبَ: النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ مِنْهُ كَذَا فَلَا يَقْتَضِي الْقَبْضَ لِذَلِكَ قَالَهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ، وَإِنْ احْتَمَلَ مَا كَتَبَهُ الْمَاضِيَ وَالْمَصْدَرَ وَلَا قَرِينَةَ تُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ فَيَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَإِنْ جَرَى عُرْفُهُمْ فِي الْكِتَابَةِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عُمِلَ بِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَا يَأْتِي. (وَجَازَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ) وَفَسَّرَهُمَا بِقَوْلِهِ (عَقْدٌ) النِّكَاحِ (بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا جَمَعَهُمَا فَسَّرَهُمَا بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَدَمُ ذِكْرِ الْمَهْرِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَصْلٌ يُمَيِّزُهُ عَنْ الْآخَرِ، فَيَمْتَازُ التَّفْوِيضُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصْرَفْ قَدْرُ مَهْرِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ، وَالتَّحْكِيمُ بِصَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ فَنِكَاحُ التَّفْوِيضِ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ وَلَا صَرْفِهِ، لِحُكْمِ أَحَدٍ. الْبَاجِيَّ هُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَصِفَتُهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ يَسْكُتَا عَنْ الْمَهْرِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنِكَاحُ التَّحْكِيمِ عَقْدُ نِكَاحٍ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ وَلَا إسْقَاطِهِ مَعَ صَرْفِهِ لِحُكْمِ أَحَدٍ، وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَرَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (بِلَا وَهَبْتُ) أَيْ بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ لَا بِوَهَبْت بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، فَهُوَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ عَقَدَ بِوَهَبْتُ مَعَ ذِكْرِ مَهْرٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالتَّفْوِيضِ صَحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ إسْقَاطِ الْمَهْرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 459 وَفُسِخَ إنْ وُهِبَتْ نَفْسُهَا قَبْلَهُ وَصُحِّحَ أَنَّهُ زِنًا   [منح الجليل] وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ النِّكَاحُ (إنْ وُهِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَرْأَةُ (نَفْسُهَا) أَيْ وَهَبَهَا وَلِيُّهَا لِلزَّوْجِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهَا إسْقَاطَ الْمَهْرِ وَلَا عَقْدَ النِّكَاحِ، بَلْ تَمْلِيكَ ذَاتِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ فَهُوَ فَاسِدٌ فَيُفْسَخُ (قَبْلَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا، فَهَذِهِ غَيْرُ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ تِلْكَ قَصَدَ الْوَلِيُّ بِهَا هِبَةَ الصَّدَاقِ، وَقَصَدَ بِهَذِهِ هِبَةَ نَفْسِ الْمَرْأَةِ لَا إسْقَاطَ الْمَهْرِ وَلَا النِّكَاحِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَالْحُكْمُ فِيهَا أَيْضًا الْفَسْخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَاعْتَرَضَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ زِنًا يَجِبُ الْحَدُّ بِهِ، وَلَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَنَّهُ) أَيْ الْعَقْدَ بِهِبَةِ نَفْسِ الْمَرْأَةِ (زِنًا) مُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَرَادَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ بَنَى بِلَا بَيِّنَةٍ عَلَى الْعَقْدِ لَا مُقَارِنَةٍ وَلَا وَلَاحِقَةٍ فَكَوْنُهُ سِفَاحًا لَا يَخْتَصُّ بِعَقْدِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، بَلْ بِعَمِّهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَنَى بَعْدَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَكَوْنُهُ سِفَاحًا بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَلَنَا أَنْ نَخْتَارَ الثَّانِيَ وَنَمْنَعَ بَعْدَ كَوْنِهِ سِفَاحًا عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَسَنَدُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى النِّكَاحِ، بَلْ عَلَى تَمْلِيكِ الذَّاتِ الْمُنَافِي لَهُ فَلِذَا كَانَ سِفَاحًا. وَفِي قَوْلِهِ نَفْسُهَا إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ قَصْدِ هِبَةِ الصَّدَاقِ وَالنِّكَاحِ وَإِنَّمَا قَصَدَ تَمْلِيكَ نَفْسِ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا لَوْ وَهَبَهَا وَلِيُّهَا لَهُ وَقَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ وَهِبَةَ الصَّدَاقِ فَهِيَ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا فَسْخُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثُبُوتُهُ بَعْدَهُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَيْسَ كَلَامُ الْبَاجِيَّ فِي هَذِهِ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ عَنَى بِنِكَاحِ الْهِبَةِ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَغَيْرُ جَائِزٍ، فَإِنْ أَمْهَرَهَا رُبْعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ صَحَّ وَجُبِرَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ عَنَى بِالْهِبَةِ غَيْرَ النِّكَاحِ وَغَيْرَ هِبَةِ الْمَهْرِ، بَلْ هِبَةَ نَفْسِهَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اللَّخْمِيُّ جَعَلَهُ فِي الْأَوَّلِ بِالْخِيَارِ فِي إتْمَامِهِ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ تَرَكَهَا دُونَ غُرْمٍ. وَلِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهَا رُبْعُ دِينَارٍ إنْ بَنَى بِهَا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ وَهْبَتُهُ. قُلْتُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِتَصْرِيحِ ابْنِ حَبِيبٍ بِرُبْعِ دِينَارٍ، وَلَا يُمْكِنُ سُقُوطُهُ فِي بِنَائِهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 460 وَاسْتَحَقَّتْهُ بِالْوَطْءِ؛ لَا بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ؛ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ وَتَرْضَى، وَلَا تُصَدَّقُ فِيهِ بَعْدَهُمَا،   [منح الجليل] الْبَاجِيَّ عَنْهُ إنْ عَنَى بِهِ غَيْرَ النِّكَاحِ لَا هِبَةَ الْمَهْرِ بَلْ هِبَةَ نَفْسِهَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَنَى بِهِ نِكَاحًا دُونَ مَهْرٍ لَمْ يَجُزْ، وَمَا أَصْدَقهَا وَلَوْ رُبْعَ دِينَارٍ لَزِمَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ. الْبَاجِيَّ فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَالْوَاجِبُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ كَوْنُهُ سِفَاحًا يُحَدُّ بِهِ وَلَمْ يُلْحَقْ بِهِ نَسَبٌ. قُلْتُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَنَى بِهَا دُونَ بَيِّنَةٍ عَلَى عَقْدِهِمَا لَا مُقَارِنَةٍ وَلَا لَاحِقَةٍ، فَكَوْنُهُ سِفَاحًا غَيْرُ خَاصٍّ بِهَذَا الْعَقْدِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بَنَى بَعْدَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ فَكَوْنُهُ سِفَاحًا بَعِيدٌ عَنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَفِيهَا لِابْنِ وَهْبٍ هِبَةُ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ لَا تَحِلُّ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أَصَابَهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ قَبُولُهُمَا الْمَهْرَ بِجَهَالَتِهِمَا رَبِيعَةُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَتُعَاضُ اهـ. (وَاسْتَحَقَّتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ مَهْرَ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (بِالْوَطْءِ) مِنْ زَوْجِهَا الْبَالِغِ وَهِيَ مُطِيقَةٌ حَيَّةٌ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ وَلَوْ حَرَامًا كَفِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ، وَانْظُرْ نِكَاحَ التَّحْكِيمِ هَلْ تَسْتَحِقُّ فِيهِ صَدَاقَ مِثْلِهَا بِوَطْئِهَا أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَا يَحْكُمُ بِهِ الْمُحَكَّمُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ حُكْمُهُ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بِالدُّخُولِ (لَا) تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ مَهْرَ مِثْلِهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (بِمَوْتٍ) لِلزَّوْجِ أَوْ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ وَرِثَ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمَيِّتَ (أَوْ طَلَاقٍ) قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَفْرِضَ) أَيْ يُقَدِّرَ الزَّوْجُ صَدَاقًا دُونَ صَدَاقِ مِثْلِهَا. (وَتَرْضَى) الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ بِمَا فَرَضَهُ الزَّوْجُ ثُمَّ يَمُوتَ فَتَسْتَحِقَّهُ كُلَّهُ أَوْ يُطَلِّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُهُ، فَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِهِ وَتَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ بِمَوْتِهِ وَنِصْفَهُ بِطَلَاقِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا دُونَ الْمِثْلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَادَّعَتْ أَنَّهَا كَانَتْ رَضِيَتْ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَطَلَاقِهِ فَإِنَّهَا يُتَّهَمْ وَ (لَا تُصَدَّقُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ مُشَدَّدًا أَيْ الزَّوْجَةُ (فِيهِ) أَيْ الرِّضَا بِمَا فَرَضَهُ (بَعْدَ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 461 وَلَهَا طَلَبُ التَّقْدِيرِ، وَلَزِمَهَا فِيهِ، وَتَحْكِيمِ الرَّجُلِ إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَهَلْ تَحْكِيمُهَا وَتَحْكِيمُ الْغَيْرِ كَذَلِكَ؟ أَوْ إنْ فُرِضَ الْمِثْلُ لَزِمَهُمَا   [منح الجليل] (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (طَلَبُ التَّقْدِيرِ) أَيْ بَيَانُ قَدْرٍ لِلْمَهْرِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيُكْرَهُ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْلَهُ وَإِنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ وَرَضِيَتْ، فَهَلْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْ الْبِنَاءِ حَتَّى تَقْبِضَهُ أَوْ لَا خِلَافُ ابْنِ عَرَفَةَ. ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ إنْ فَرَضَ الزَّوْجُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَأَبَى دَفْعَهُ حَتَّى يَأْخُذَهَا إلَيْهِ، وَأَبَتْ أَنْ تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ، فَاَلَّذِي يَقْوَى فِي نَفْسِي أَنْ يُوقِفَ الْحَاكِمُ الْمَهْرَ حَتَّى تُسَلِّمَ نَفْسَهَا إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ بِتَسْلِيمِهِ لَهَا إذَا بَذَلَتْ. ابْنُ شَاسٍ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِلْفَرْضِ لَا لِتَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ. قُلْتُ اُنْظُرْ هَلْ الْخِلَافُ فِي تَعْجِيلِ دَفْعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَ أَنْ تَتَهَيَّأَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي النَّقْدِ لَا فِي كُلِّ الْمَهْرِ. اللَّخْمِيُّ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ أَنَّ الْمَهْرَ مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ فَلَا تَمْنَعُ إذَا فَرَضَ الزَّوْجُ وَقَدَّمَ النَّقْدَ الْمُعْتَادَ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِتَمْكِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ شَيْئًا جَازَ إنْ دَفَعَ رُبْعَ دِينَارٍ. (وَلَزِمَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ الْمَفْرُوضُ أَيْ الرِّضَى بِهِ (فِيهِ) أَيْ التَّفْوِيضِ (وَ) فِي (تَحْكِيمِ الرَّجُلِ) أَيْ الزَّوْجِ (إنْ فَرَضَ) الزَّوْجُ فِيهِمَا لَهَا (الْمِثْلُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا تَنَازَعَ فِيهِ لَزِمَ وَفَرَضَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ فَرْضُ الْمِثْلِ الزَّوْجَ فَلَهُ تَطْلِيقُهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفَرَضَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَا يَلْزَمُهُ مَا فَرَضَهُ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِمُجَرَّدِ فَرْضِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمِثْلُ لَزِمَهَا أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا يَلْزَمُهَا. (وَهَلْ تَحْكِيمُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي تَقْدِيرِ الْمَهْرِ (أَوْ تَحْكِيمُ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ وَلِيًّا أَوْ أَجْنَبِيًّا (كَذَلِكَ) أَيْ تَحْكِيمُ الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ إنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا وَلَا يَلْزَمُهُ فَرْضُهُ ابْتِدَاءً (أَوْ إنْ فَرَضَ) الْمُحَكَّمُ (الْمِثْلَ لَزِمَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 462 وَأَقَلُّ لَزِمَهُ فَقَطْ وَأَكْثَرُ فَالْعَكْسُ؟ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؟ تَأْوِيلَاتٌ وَالرِّضَا بِدُونِهِ لِلْمُرَشَّدَةِ وَلِلْأَبِ؛ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ وَلِلْوَصِيِّ قَبْلَهُ، لَا الْمُهْمَلَةِ   [منح الجليل] الرِّضَا بِهِ (وَ) إنْ فُرِضَ صَدَاقًا (الْمِثْلُ) مِنْ أَقَلَّ (لَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الزَّوْجَةِ فَلَا يَلْزَمُهَا وَتُخَيَّرُ فِي الرِّضَا بِهِ وَعَدَمِهِ. (وَ) إنْ فُرِضَ (أَكْثَرُ) مِنْهُ (فَالْعَكْسُ) أَيْ يَلْزَمُهَا فَقَطْ وَيُخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ (أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَى الزَّوْجِ وَالْمُحَكَّمِ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا فَيَلْزَمُهَا مَا رَضِيَا بِهِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الْمِثْلِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ الصَّقَلِّيِّينَ، وَحَكَاهُ فِي الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ، وَالثَّالِثُ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا. (وَ) جَازَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (الرِّضَى بِدُونِهِ) أَيْ صَدَاقِ الْمِثْلِ (لِ) لِمَرْأَةٍ (الْمُرَشَّدَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ الَّتِي رُشْدُهَا مُجْبَرُهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا وَتَجْرِبَتِهَا بِحُسْنِ تَصَرُّفِهَا فِي الْمَالِ بِإِشْهَادِهِ عَدْلَيْنِ عَلَى رَفْعِ حَجْرِهِ عَنْهَا وَإِطْلَاقِهِ لَهَا فِي التَّصَرُّفِ. (وَ) جَازَ الرِّضَى بِدُونِهِ (لِلْأَبِ) فِي مُجْبَرَتِهِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، بَلْ (وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) بِهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَ) جَازَ الرِّضَى بِدُونِهِ (لِ) لِشَخْصٍ (الْوَصِيِّ) فِي مَحْجُورَتِهِ بِشَرْطِ كَوْنِ رِضَاهُ (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولِ حَيْثُ كَانَ صَلَاحًا لَهَا كَرَجَاءِ حُسْنِ عِشْرَةِ زَوْجِهَا لَهَا وَدَوَامِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا مَعَ رِضَى وَصِيِّهَا. عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ شُيُوخِنَا عَلَى مَنْهَجِ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا مَعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا بَعْدَهُ وَلَوْ مُجْبَرًا لِتَقَرُّرِ صَدَاقِ الْمِثْلِ عَلَى الزَّوْجِ بِدُخُولِهِ بِهَا، فَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لَهَا وَمِثْلُ الْوَصِيِّ مُقَدَّمُ الْقَاضِي (لَا) يَجُوزُ الرِّضَى بِدُونِهِ لِلْبِكْرِ (الْمُهْمَلَةِ) الَّتِي مَاتَ أَبُوهَا وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهَا وَلَمْ يُقَدِّمْ الْقَاضِي عَلَيْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 463 وَإِنْ فَرَضَ فِي مَرَضِهِ فَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَفِي الذِّمِّيَّةِ وَالْأَمَةِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] مُقَدَّمًا يَتَصَرَّفُ لَهَا فِي مَالِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ رُشْدَهَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ وَطَرَحَهُ سَحْنُونٌ. (وَإِنْ) تَزَوَّجَ صَحِيحٌ امْرَأَةً مُسْلِمَةً حُرَّةً تَفْوِيضًا وَ (فَرَضَ) لَهَا صَدَاقًا (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَبْلَ وَطْئِهَا (فَ) الَّذِي فَرَضَهُ (وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) وَكُلُّ وَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا تَرِثُهُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَلَا تَسْتَحِقُّ صَدَاقًا بِمَوْتِهِ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَهِيَ مَحْضُ عَطِيَّةٍ لِوَارِثٍ، فَإِنْ أَجَازَهَا بَاقِي الْوَرَثَةِ تُعْطِيهِ مِنْهُمْ وَتَرِثُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ تَفْوِيضًا وَسَمَّى لَهَا صَدَاقًا فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ، فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ وَالثُّلُثِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا لَا تَرِثُهُ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لِفَسَادِ نِكَاحِهَا وَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا تَفْوِيضًا وَهُوَ مَرِيضٌ، وَمَاتَ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالدُّخُولِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَالثُّلُثِ. (وَفِي) عَقْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ تَفْوِيضًا عَلَى الْمَرْأَةِ (الذِّمِّيَّةِ) أَيْ الْكِتَابِيَّةِ الْحُرَّةِ (وَالْأَمَةِ) الْمُسْلِمَةِ وَفَرَضَ لَهَا صَدَاقًا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا لَا شَيْءَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا فُرِضَ لِلْوَطْءِ، وَلَمْ يَحْصُلْ فَلَمْ يَفْرِضْهُ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ صَدَاقًا وَهِيَ لَا تَسْتَحِقُّهُ بِمَوْتِهِ ثَانِيهِمَا لَهَا مَا فَرَضَهُ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ وَارِثَةٍ مِنْ الثُّلُثِ، نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَانَتْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَهَا مَا فَرَضَ مِنْ الثُّلُثِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا عَلَى سَبِيلِ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ دَخَلَ فَإِنَّ الْمُسَمَّى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ صَدَاقَ مِثْلِهَا بِلَا اخْتِلَافٍ، وَإِنْ فَرَضَ لَهَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ. اهـ. وَعَادَلَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِتَصْوِيبِ اللَّخْمِيِّ الثَّانِيَ وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا مَنْصُوصَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 464 وَرَدَّتْ زَائِدًا لِمِثْلٍ إنْ وَطِئَ، وَلَزِمَ إنْ صَحَّ لَا إنْ أَبْرَأَتْ   [منح الجليل] وَصَرَّحَ بِهِ الشَّارِحَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا وَنَصُّهَا ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ سَمَّى لِلذِّمِّيَّةِ أَوْ الْأَمَةِ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا فَلَهَا ذَلِكَ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ تُحَاصِصُ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا شَيْءَ لِهَذِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهَا إلَّا عَلَى الْمُصَابِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ. اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُمَا مَنْصُوصَانِ فَصَحَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحَانِ وَلِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةٌ بِأَنَّهُمَا مُخَرَّجَانِ، وَنَصُّهُ عَنْهُ إنْ فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ وَرَضِيَتْ وَمَاتَ بَعْدَ بِنَائِهِ وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فَرَضَ لَهَا أَكْثَرَ وَصَحَّ مِنْ مَرَضِهِ فَلَهَا جَمِيعُ مَا فَرَضَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ سَقَطَ مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَارِثُهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً، فَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ لَهَا فِي ثُلُثِهِ وَسُقُوطِهِ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَرِوَايَتُهُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ قُبِلَ بِنَمَائِهِ سَقَطَ مَا فَرَضَهُ، إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً فَفِي ثُبُوتِهِ فِي ثُلُثِهِ الْقَوْلَانِ تَخْرِيجًا اهـ. (وَ) إنْ عَقَدَ فِي صِحَّتِهِ تَفْوِيضًا عَلَى حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ عَلَى أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ، وَفَرَضَ لِكُلٍّ أَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِهِ (رَدَّتْ زَائِدًا لِمِثْلٍ) فَقَطْ لُزُومًا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ بَاقِي الْوَرَثَةِ (إنْ وَطِئَ) وَمَاتَ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَدَلَّ قَوْلُهُ زَائِدًا لِمِثْلٍ عَلَى أَنَّ لَهَا الْأَقَلَّ مِنْهُ وَمِنْ الْمُسَمَّى لِأَنَّهَا إذَا رَدَّتْ مِنْ الْمُسَمَّى مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَأَوْلَى أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ زَائِدَ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى، وَكَوْنُ لَهَا أَقَلُّهُمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ مَاتَ مَنْ عَقَدَ فِي صِحَّتِهِ بَعْدَ وَطْئِهِ وَلَمْ يُسَمِّ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. (وَلَزِمَ) الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (إنْ صَحَّ) مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي سَمَّى فِيهِ صِحَّةً بَيِّنَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى الرَّاجِحِ، فَيَسْتَحِقُّهُ وَارِثُهَا (لَا) يَلْزَمُ الرَّشِيدَةَ إبْرَاؤُهَا الزَّوْجَ مِنْ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (إنْ أَبْرَأَتْ) الرَّشِيدَةُ زَوْجَهَا مِنْ جَمِيعِ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْضِهِ (قَبْلَ الْفَرْضِ) ثُمَّ فَرَضَ لَهَا لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ قَبْلَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 465 قَبْلَ الْفَرْضِ، أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا قَبْلَ وُجُوبِهِ   [منح الجليل] الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ لَيْسَ إبْرَاءً قَبْلَ الْفَرْضِ إذْ بِالْبِنَاءِ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا (أَوْ أَسْقَطَتْ) الرَّشِيدَةُ عَنْ زَوْجِهَا (شَرْطًا) شَرَطَهُ لَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لَهَا إسْقَاطُهُ كَأَنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا أَوْ بَيْتِهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَأَسْقَطَتْهُ (قَبْلَ وُجُوبِهِ) لَهَا بِتَزَوُّجِهِ أَوْ تَسَرِّيهِ عَلَيْهَا أَوْ إخْرَاجِهَا وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ عَقْدُهُ عَلَيْهَا، فَلَا يَلْزَمُهَا إسْقَاطٌ. فَإِنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ مِنْ لُزُومِهِ لَهَا فِي قَوْلِهِ وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلْت فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا، بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته، وَفِي الْمَفْقُودِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا. ابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا الَّتِي أَبْرَأَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا يُخَرَّجُ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِمَّا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ دُونَهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ نَظَرُ التَّقَدُّمِ سَبَبَ الْوُجُوبِ وَهُوَ هُنَا الْعَقْدُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ كَالشَّفِيعِ يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، فِيهِ قَوْلَانِ وَكَالْمَرْأَةِ تُسْقِطُ نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ زَوْجِهَا هَلْ يَلْزَمُهَا لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهَا قَدْ وُجِدَ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ رَاشِدٍ وَكَعَفْوِ الْمَجْرُوحِ عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ الْجُرْحُ وَكَإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَأَمْثِلَةُ هَذَا كَثِيرَةٌ. أَمَّا إنْ لَمْ يَجْرِ سَبَبُ الْوُجُوبِ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا، حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ. وَأَمَّا الَّتِي أَسْقَطَتْ فَرْضًا قَبْلَ وُجُوبِهِ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِهَا لِمُسْقِطَةِ النَّفَقَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ أَسْقَطَتْ شَرْطًا قَبْلَ وُجُوبِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ النَّظَائِرِ الْمُنْخَرِطَةِ فِي هَذَا السِّلْكِ، وَقَدْ عَدَّهُ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْهَا، وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي ذَاتِ الشَّرْطِ أَنَّ إسْقَاطَهَا إيَّاهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ يَلْزَمُهَا، وَبِهَذَا قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّجْعَةِ إذْ قَالَ وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا، بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته، وَبِسَبَبِ السُّؤَالِ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 466 وَمَهْرُ الْمِثْلِ مَا يَرْغَبُ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا: بِاعْتِبَارِ دِينٍ، وَجَمَالٍ، وَحَسَبٍ، وَمَالٍ، وَبَلَدٍ، وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ؛ لَا الْأُمِّ، وَالْعَمَّةِ   [منح الجليل] قَالَ مَالِكٌ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ بَعْضَ نَظَائِرِ هَذَا الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ. (وَمَهْرُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ صَدَاقُ (الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي أَوْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ (يَرْغَبُ) أَيْ يَرْضَى (بِ) دَفْعِ (هـ مِثْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالتَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَالْقَرَابَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ وَالشَّرَفِ وَالْخِسَّةِ وَالْحَسَبِ وَالنَّسَبِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُنْظَرُ نَاحِيَةَ الرَّجُلِ فَقَدْ يُزَوَّجُ فَقِيرٌ لِقَرَابَتِهِ وَأَجْنَبِيٌّ لِمَالِهِ فَلَيْسَ صَدَاقُهُمَا سَوَاءٌ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ (فِي) تَزَوُّجِهِ مِثْلَ (هَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِاعْتِبَارِ) أَيْ النَّظَرِ إلَى (دِينٍ) كَإِسْلَامٍ وَيَهُودِيَّةٍ وَنَصْرَانِيَّةٍ وَمُحَافَظَةٍ عَلَى امْتِثَالِ الْمَأْمُورَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَنْهِيَّاتِ وَعَدَمِهَا (وَجَمَالٍ) ظَاهِرِيٍّ وَبَاطِنِيٍّ كَحُسْنِ خُلُقٍ وَعَدَمِهِ (وَحَسَبٍ) أَيْ مَا يُحْسَبُ فِي الْمُفَاخَرَةِ مِنْ صِفَاتِ الْأُصُولِ كَعِلْمٍ وَكَرَمٍ وَشُجَاعَةٍ وَمُرُوءَةٍ، وَهَذَا فِي الْمُسْلِمَةِ. وَأَمَّا الْكِتَابِيَّةُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْمَالُ وَالْجَمَالُ لَا التَّدَيُّنُ أَوْ الْحَسَبُ، حَيْثُ كَانَ أُصُولُهَا كُفَّارًا، وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ (وَمَالٍ) لَهَا (وَبَلَدٍ) لَهَا لَا لِعَقْدٍ عَلَيْهَا مِنْ مِصْرٍ وَرِيفٍ وَبَدْوٍ زَادَ الْبَاجِيَّ وَزَمَنٍ. (وَ) مَهْرُ (أُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ) مُوَافِقَةٍ لَهَا فِي الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا أُخْتٍ لِأُمٍّ مِنْ نَسَبٍ آخَرَ (لَا) بِاعْتِبَارِ مَهْرِ (الْأُمِّ وَ) لَا مَهْرُ (الْعَمَّةِ) أَيْ أُخْتِ أَبِيهَا مِنْ أُمِّهِ، وَأَمَّا شَقِيقَتُهُ وَأُخْتُهُ مِنْ أَبِيهِ فَيُعْتَبَرُ مَهْرُهُمَا. ابْنُ غَازِيٍّ لَفْظُ الْعَمَّةِ مَعْطُوفٌ عَلَى أُخْتٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَمَّةٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ، فَإِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ بِخِلَافِ الْأُمِّ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ نَسَبِ الْأَبِ، وَبِهَذَا يُوَافِقُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ الْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ اهـ. إنْ قِيلَ إنْ كَانَتْ أُخْتُهَا مِثْلَهَا أَغْنَى عَنْهَا مَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا نَاقَضَهُ، قِيلَ هَذَا كَالْقَيْدِ فِيمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْتَبَرُ بِهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، إذْ قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 467 وَفِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ   [منح الجليل] الْمُعْتَبَرُ أُخْتُهَا وَعَمَّتُهَا إذَا كَانَ صَدَاقُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهِمَا مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ. اهـ. أَيْ إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَمْثَالٌ فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبِيلَتِهَا وَأَمْثَالٌ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا اُعْتُبِرَ فِيهَا مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ أَمْثَالُهَا مِنْ قَبِيلَتِهَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا أَوْ نَقَصَ، اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ. وَفِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُعْتَبَرَ فِي فَرْضِ صَدَاقِ الْمِثْلِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِصَدَقَاتِ نِسَائِهَا إذَا كُنَّ مِثْلَ حَالِهَا مِنْ الْعَقْلِ وَالْجَمَالِ وَالْمَالِ. وَلَا يَكُونُ لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَلَا مِثْلُ صَدَاقِ مَنْ لَهَا مِثْلُ حَالِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ لَهَا مِثْلَ نَسَبِهَا. وَدَلِيلُ هَذَا مِنْ مَذْهَبِهِ قَوْلُهُ فِيهَا وَيُنْظَرُ إلَى أَشْبَاهِهَا فِي قَدْرِهَا وَجَمَالِهَا وَمَوْضِعِهَا، أَيْ مِنْ النَّسَبِ فَاشْتِرَاطُهُ الْمَوْضِعَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فِيهَا لَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى نِسَاءِ قَوْمِهَا أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لَهَا مِثْلُ صَدَقَاتِ نِسَاءِ قَوْمِهَا إذَا لَمْ يَكُنَّ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا مِنْ الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالْعَقْلِ، فَالِاعْتِبَارُ عِنْدَهُ بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا إذْ قَدْ تَفْتَرِقُ الْأُخْتَانِ فِي الصَّدَاقِ كَمَا قَالَ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ لِإِحْدَاهُمَا الْجَمَالُ وَالْمَالُ وَالشَّطَاطُ، وَالْأُخْرَى لَيْسَ لَهَا مِنْ هَذَا، فَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْضَى لَهَا بِصَدَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُرِيدُ بِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى مِثْلِ حَالِهَا وَفِي زَمَنِهَا أَيْضًا إذْ قَدْ يَخْتَلِفُ الصَّدَاقُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ عَلَى مَا قَالَ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى أَمْثَالِهَا مِنْ النِّسَاءِ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا وَعَقْلِهَا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى نِسَاءِ قَوْمِهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِيهَا مِنْ رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي. (وَ) اُعْتُبِرَ فِي تَقْدِيرِ مَهْرِ الْمِثْلِ (فِي) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) سَوَاءٌ كَانَ نِكَاحَ تَفْوِيضٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ (يَوْمَ الْوَطْءِ) لَا يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا ابْنُ غَازِيٍّ شَامِلٌ لِكُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَقَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَالْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ يُوجِبُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْوَطْءِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ، وَهَذَا مُقْتَضَى تَقْرِيرِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 468 وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ، إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ: كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ،   [منح الجليل] فِي الْفَاسِدِ يَوْمَ الْوَطْءِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ خَصَّصَهُ بِنِكَاحِ التَّفْوِيضِ، فَقَالَ يَعْنِي أَنَّ نِكَاحَ التَّفْوِيضِ الْفَاسِدِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ يَوْمَ عَقْدِهِ وَالْفَاسِدُ يُعْتَبَرُ فِيهِ يَوْمَ وَطْئِهِ، وَاسْتَغْنَى ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ ذِكْرِ حُكْمِ الصَّحِيحِ بِالْمَفْهُومِ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَفْهُومِ كَلَامِهِ. وَقِيلَ فِي الصَّحِيحِ يَوْمَ الْبِنَاءِ إنْ دَخَلَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَبَنَوْا هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إذَا فَاتَتْ، فَهَلْ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ يَوْمَ الْهِبَةِ، وَفَرَّقُوا هُنَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فَرَّقُوا بَيْنَ صَحِيحِ الْبَيْعِ وَفَاسِدِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ اضْطَرَبَ الشُّيُوخُ فِي وَقْتِ فَرْضِ الْمَهْرِ أَوْ يَوْمَ الْعَقْدِ إذْ بِهِ يَجِبُ الْمِيرَاثُ أَمْ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ النَّظَرُ قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ لَوْ شَاءَ طَلَّقَ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَوْمَ الدُّخُولِ، وَأَمَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ فَيُفْرَضُ يَوْمَ الْوَطْءِ اتِّفَاقًا. (وَ) إنْ وَطِئَ غَيْرَ حَلِيلَتِهِ مِرَارًا يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ لَزِمَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا يَوْمَ وَطِئَهَا وَ (اتَّحَدَ) أَيْ انْفَرَدَ وَلَا يَتَعَدَّدُ (الْمَهْرُ) بِعَدَدِ الْوَطْءِ فِي مَرْأَةٍ وَاحِدَةٍ (إنْ اتَّحَدَتْ الشُّبْهَةُ) بِالنَّوْعِ بِأَنْ ظَنَّهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِالشَّخْصِ بِأَنْ وَطِئَهَا مَرَّةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتَهُ هِنْدٌ وَوَطِئَهَا أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ دَعْدَ وَوَطِئَهَا أُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ وَأُخْرَى يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ عَائِشَةَ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَكَذَا إنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ مِرَارًا بِإِمَائِهِ وَلَوْ كَثُرْنَ، وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْغَالِطِ بِ) وَطْءِ مَرْأَةٍ غَيْرِ حَلِيلَةٍ لَهُ وَ (غَيْرِ عَالِمَةٍ) بِأَنَّهُ غَيْرُ حَلِيلِهَا لِغَلَطِهَا أَيْضًا، أَوْ غَيْبُوبَةِ عَقْلِهَا بِنَحْوِ نَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الَّتِي ظَنَّهَا إيَّاهَا أَوْ تَعَدَّدَتْ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وَحُلُولُو وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَدُّدَهُ بِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ أَوْ الْإِمَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَسَائِلِ الْفِدْيَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ تَعَدُّدُهُ بِتَعَدُّدِ نَوْعِ الشُّبْهَةِ بِأَنْ ظَنَّهَا مَرَّةً زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أَمَتَهُ فَشُبْهَةُ النِّكَاحِ نَوْعٌ، وَشُبْهَةُ الْمِلْكِ نَوْعٌ آخَرُ، وَشَرْطُ الِاتِّحَادِ مَعَ اتِّحَادِ الشُّبْهَةِ أَنْ لَا يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ بَعْدَ غَلَطِهِ فِيهَا، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَطَلَّقَهَا ثُمَّ وَطِئَهَا غَلَطًا تَعَدَّدَ مَهْرُهَا عَلَيْهِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 469 وَإِلَّا تَعَدَّدَ: كَالزِّنَا بِهَا أَوْ بِالْمُكْرَهَةِ.   [منح الجليل] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي التَّعَدُّدُ إذَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ عَقْدٌ مُبَاحٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَإِذَا وَطِئَهَا غَالِطًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا أَوْ لَمْ يَطَأْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَوَطِئَهَا غَالِطًا تَعَدَّدَ مَهْرُهَا مَا لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِشُبْهَةٍ مُسْتَنِدَةٍ كَمَا قَالُوا إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. إلَّا صَدَاقٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. اهـ. فَلِلِاتِّحَادِ شَرْطَانِ اتِّحَادُ نَوْعِ الشُّبْهَةِ وَعَدَمُ تَخَلُّلِ عَقْدٍ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبِّهَ بِهِ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ نَوْعُ الشُّبْهَةِ كَأَنْ يَطَأَ غَيْرَ عَالِمَةٍ مَرَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَمَرَّةً أُخْرَى يَظُنُّهَا أَمَتَهُ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ حُرَّةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (تَعَدَّدَ) الْمَهْرُ عَلَيْهِ بِعَدَدِ الظَّنِّ وَمِمَّا فِيهِ التَّعَدُّدُ وَطْؤُهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ، ثُمَّ طَلَّقَ فَاطِمَةَ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ وَطِئَ مَوْطُوءَتَهُ الْأُولَى يَظُنُّهَا فَاطِمَةَ زَوْجَتَهُ أَيْضًا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ تَعَدَّدَتْ الشُّبْهَةُ تَعَدُّدَ الْمَهْرِ، كَمَا لَوْ وَطِئَهَا أَوَّلَ الْيَوْمِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَآخِرَهُ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ. قُلْتُ وَكَذَا لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى إيجَابِ اخْتِلَافِ سَبَبِ الْفِدْيَةِ تَعَدُّدُهَا حَسْبَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ. فَإِنْ قُلْت لَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فُلَانَةَ ثُمَّ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى، أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَطِئَ الْمَغْلُوطَ بِهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ هَلْ يَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ أَمْ لَا. قُلْت إنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي وَحْدَةِ الشُّبْهَةِ وَحْدَتَهَا مِنْ حَيْثُ وَحْدَةُ سَبَبِهَا بِالشَّخْصِ تَعَدَّدَ الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ وَحْدَتُهُ بِالنَّوْعِ الْحَقِيقِيِّ فَلَا يَتَعَدَّدُ وَالْأَظْهَرُ مِنْ مَسَائِلِ تَعَدُّدِ الْفِدْيَةِ الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي التَّعَدُّدِ فَقَالَ (كَالزِّنَا بِهَا) أَيْ غَيْرِ الْعَالِمَةِ الْحُرَّةِ وَلَوْ ظَنَّهَا أَمَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً أَوْ مُعْتَقِدَةً فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا فَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِعَدَدِ وَطْئِهَا، وَدَلَّ قَوْلُهُ كَالزِّنَا أَنَّهُ لَا غَلَطَ عِنْدَهُ بَلْ مَحْضُ تَعَدٍّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِذَا كَانَ تَشْبِيهًا وَتَسْمِيَتُهُ زِنًا بِاعْتِبَارِ حَالِ الرَّجُلِ لَا بِاعْتِبَارِ حَالِهَا (أَوْ) الزِّنَى (بِ) الْحُرَّةِ (الْمُكْرَهَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى وَطْئِهَا فَيَتَعَدَّدُ مَهْرُهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 470 وَجَازَ: شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ، أَوْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا   [منح الجليل] عَلَى وَاطِئِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْرِهَ أَوْ غَيْرَهُ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا بِالْفَتْحِ لِأَنَّ انْتِشَارَهُ دَلِيلُ اخْتِيَارِهِ وَطَوْعِهِ بَاطِنًا، فَلَا يُعْذَرُ وَيُحَدُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، فَإِنْ أَعْدَمَ وَاطِئُهَا وَكَانَ مُكْرَهًا بِالْفَتْحِ أَخَذَتْهُ مِنْ مُكْرِهِهَا، وَلَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى وَاطِئِهَا إنْ أَيْسَرَ. وَمَفْهُومُ الْمُكْرَهَةِ أَنَّ الزِّنَا بِطَائِعَةٍ عَالِمَةٍ لَا يُوجِبُ لَهَا مَهْرًا وَهُوَ: ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ كَانَ وَاطِئُهَا ذَا شُبْهَةٍ فَعُلِمَ مِنْ مَنْطُوقِ كَلَامِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، أَحَدُهَا: عِلْمُهُمَا مَعًا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَهُوَ زِنًا مَحْضٌ. ثَانِيهَا: عِلْمُهَا دُونَهُ فَهِيَ زَانِيَةٌ لَا مَهْرَ لَهَا، وَهَذَانِ مَفْهُومَا غَيْرِ عَالِمَةٍ. ثَالِثُهَا: جَهْلُهُمَا مَعًا وَهُوَ مَنْطُوقُ كَالْغَالِطِ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ. رَابِعُهَا: عِلْمُهُ دُونَهَا فَهُوَ زَانٍ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَهُوَ قَوْلُهُ كَالزِّنَا بِغَيْرِ عَالِمَةٍ. عب وَالظَّاهِرُ تَبَعًا لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ مَا فِيهِ إنْزَالٌ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ الْإِيلَاجُ يُوجِبُ سِتِّينَ حُكْمًا مِنْهَا تَكْمِيلُ الصَّدَاقِ لِأَنَّ هَذَا فِي إيجَابِ أَصْلِ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ، وَأَمَّا تَعَدُّدُهُ عَلَى وَاطِئِ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ التَّعَرُّضُ لَهُ قَالَهُ عج. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيلَاجِ وَطْءٌ يُوجِبُ الصَّدَاقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَاتَّحَدَ الْمَهْرُ إلَخْ إذَا كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً، وَالْمَهْرُ الْمُتَّحِدُ أَوْ الْمُتَعَدِّدُ لَهَا وَلَا حَقَّ فِيهِ لِزَوْجِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ بِنَفْسِهِ لَا مَنْفَعَتَهَا. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَعَلَى وَاطِئِهَا مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ، فَإِنْ كَانَ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ طَاوَعَتْهُ وَلَوْ بِكْرًا وَإِنَّمَا يُعْلَمُ اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ وَتَعَدُّدُهَا مِنْ قَوْلِ الْوَاطِئِ فَيُصَدَّقُ فِيهِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْوَطْئَاتِ. وَاخْتَلَفَ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ كُلِّ وَطْئَةٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا اُعْتُبِرَ مَهْرُ كُلِّ وَطْئَةٍ فِي وَقْتِهَا وَإِنْ اتَّحَدَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ الْأَخِيرَةِ أَوْ الْوُسْطَى تَرَدُّدٌ. (وَجَازَ) فِي عَقْدِ النِّكَاحِ (شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ إضْرَارٌ لَهَا (فِي عِشْرَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ مُعَاشَرَةٍ (أَوْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 471 وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً: لَزِمَ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ، لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لَا أَتَسَرَّى   [منح الجليل] مِنْ كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ حَرُمَ إنْ نَافَاهُ وَإِلَّا كُرِهَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمَكْرُوهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ، وَكُرِهَ وَلِلْحَرَامِ بِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ، وَيَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَضُرَّ بِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لِمَوْلَاهَا فَمَاتَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَمَاتَ انْتَقَلَ لَهَا، وَلَوْ شَرَطَ تَصْدِيقَهَا فِي دَعْوَى الضَّرَرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ فَرَوَى سَحْنُونٌ أَخَافُ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ دَخَلَ مَضَى وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّرَرِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ابْنُ دَحُونٍ. (وَلَوْ شَرَطَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (أَنْ لَا يَطَأَ) مَعَهَا (أُمَّ وَلَدٍ) لَهُ (أَوْ سُرِّيَّةً) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ السِّرِّ، لِأَنَّهَا تُسَرُّ أَوْ بِضَمِّهَا مِنْ السُّرُورِ وَشَدِّ الرَّاءِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ طَالِقًا أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً (لَزِمَ) الشَّرْطُ الزَّوْجَ (فِي) أُمِّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةِ (السَّابِقَةِ) عَلَى الشَّرْطِ مِنْهُمَا (عَلَى الْأَصَحِّ) وَأَوْلَى فِي اللَّاحِقَةِ وَالسُّرِّيَّةُ اللَّاحِقَةُ ظَاهِرَةٌ، وَيُصَوَّرُ بِتَكَلُّفِ كَوْنِ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً بِإِبَانَةِ الزَّوْجَةِ الْمَشْرُوطِ لَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ عَقَدَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ، فَإِنْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ لَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (فِي) وَطْءِ (أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي) حَلِفِهِ لِزَوْجَتِهِ (لَا أَتَسَرَّى) . عب فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِأُمِّ وَلَدٍ إذْ السُّرِّيَّةُ كَذَلِكَ، فَيَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ مِنْهُمَا لَا فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. الثَّانِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا وَاللَّاحِقَةِ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ الْوَطْءُ، فَحُكْمُ شَرْطِهِ عَدَمَهُ حُكْمُ شَرْطِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ. وَأَمَّا إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ عَلَيْهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً فَلَا يَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الِاتِّخَاذَ التَّجْدِيدُ وَالْإِحْدَاثُ. ابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا مَسْأَلَةُ لَا أَتَسَرَّى فَمَعْرُوفَةٌ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِيهَا قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَنَحَا إلَيْهِ ابْنُ لُبَابَةَ وَلَمْ يُتَابَعَا عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ أَنْ لَا يَطَأَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَحَدٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 472 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَعْدَ مُطَالَعَةِ مَظَانِّ ذَلِكَ مِنْ النَّوَادِرِ وَأَسْمِعَةِ الْعُتْبِيَّةِ وَنَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَطُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَاَلَّذِي قَوِيَ فِي نَفْسِي أَنَّ لَفْظَ يَطَأُ مُصَحَّفٌ مِنْ لَفْظِ يُتَّخَذُ إذْ الْيَاءُ فِي أَوَّلِهِمَا وَالتَّاءُ وَالْخَاءُ قَدْ يَلْتَبِسَانِ بِالطَّاءِ وَقَرِينِهَا، وَالذَّالُ إذَا عُلِّقَتْ تَلْتَبِسُ بِالْأَلْفِ، وَأَنَّ لَفْظَ لَزِمَ صَوَابُهُ لَمْ يَلْزَمْ فَسَقَطَ لَمْ وَحَرْفُ الْمُضَارَعَةِ، فَصَوَابُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً لَمْ يَلْزَمْ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةً فِي أَنْ لَا أَتَسَرَّى إثْبَاتًا لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا نُفِيَ عَادَ إثْبَاتًا وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ، وَيُوَافِقُ الْمَشْهُورَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا سَتَرَاهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى. فَفِي النَّوَادِرِ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ أَنَّ كُلَّ جَارِيَةٍ يَتَسَرَّرُهَا عَلَيْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلِلرَّجُلِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ فَيَطَأهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُنَّ يُعْتَقْنَ لِأَنَّ وَطْئَهُ تَسَرُّرٌ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَأَبُو زَيْدٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ مِثْلَ مَا رَوَى يَحْيَى وَقَالَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ أَتَّخِذُهَا عَلَيْكِ حُرَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ قَبْلَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُسْتَقْبَلُ اتِّخَاذُهُنَّ، قَالَ: وَسَوَاءٌ عَلِمَتْ مَنْ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ لِأَنَّ الِاتِّخَاذَ فِعْلٌ وَاحِدٌ إذَا اتَّخَذَ جَارِيَةً فَقَدْ اتَّخَذَهَا وَلَيْسَ عَوْدَتُهُ لِوَطْئِهَا اتِّخَاذًا، أَوْ الْعَوْدَةُ إلَى الْمَسِيسِ تَسَرُّرًا لِأَنَّ التَّسَرُّرَ الْوَطْءُ فَهُوَ يَتَكَرَّرُ، وَالِاتِّخَاذُ كَالنِّكَاحِ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَنْكِحَ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَعَلَيْهِ فِيمَنْ يَنْكِحُ مِنْ ذِي قَبْلُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ اهـ. وَقَدْ تَضَمَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّسَرِّي وَالِاتِّخَاذِ وَعَلَيْهِ يَحُومُ الْمُصَنِّفُ، إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ وَأَخَّرَ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَكِنْ تَعَاكَسَ بَيْنَهُمَا الْمَشْهُورُ عَلَى حَسَبِ مَا صَوَّبْنَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِنَقْلِ ذَلِكَ تَتِمُّ الْفَائِدَةُ، قَالَ فِيمَنْ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى اُخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ لَهُ سُرِّيَّةٌ قَبْلَ النِّكَاحِ هَلْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا أَمْ لَا فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ لَهُ وَطْأَهَا، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا، فَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ سُرِّيَّةً فِيمَا يُسْتَقْبَلُ. وَوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى لَا يَتَسَرَّرُ لَا يَمَسُّ سُرَرُهُ سُرَرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 473 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَمَةٍ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ، فَهَذَا إنْ وَطِئَهَا فَقَدْ مَسَّ سُرَرُهُ سُرَرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ قَبْلَ تَارِيخِ النِّكَاحِ. ثُمَّ قَالَ فِي الَّذِي الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَيْضًا إذَا كَانَ لَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ تَقَدَّمَ اتِّخَاذُهُ إيَّاهُنَّ قَبْلَ نِكَاحِهِ فَوَطِئَهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ، هَلْ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ أَمْ لَا، فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ لِأَنَّ التَّسَرُّرَ هُوَ الْوَطْءُ وَلِأَنَّ الَّتِي اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى مَعَهَا إنَّمَا أَرَادَتْ أَنْ لَا يَمَسَّ مَعَهَا غَيْرَهَا وَقَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ. قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ قَوْلُ سَحْنُونٍ جَيِّدٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ، وَقَالَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَلَمْ يَرَ قَوْلَ سَحْنُونٍ شَيْئًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ، قَالَ فَضْلٌ وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ إذَا هُوَ لَمْ يَقُلْ وَلَا يَتَسَرَّى ثُمَّ تَظْهَرُ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ قَدِيمَةٌ مِنْ قَبْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا كَالزَّوْجَةِ الْقَدِيمَةِ فِي هَذَا إلَّا قِيَامٌ لِلزَّوْجَةِ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا، وَلَا حُجَّةَ لَهَا فِي مَنْعِهِ، وَإِنَّمَا لَهَا ذَلِكَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَأَفْتَى فِيهَا الْبَاجِيَّ بِهَذَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الشَّرْطُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً. ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا هُوَ الْآتِي عَلَى تَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالشَّرْطِ أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا، فَإِنْ قُلْت نَوَّعَ الْمُصَنِّفُ الِاتِّخَاذَ إلَى اتِّخَاذِ أُمِّ وَلَدٍ وَسُرِّيَّةٍ عَلَى مَا صَوَّبْت وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي التَّسَرِّي إلَّا عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ السَّابِقَةِ عَكْسُ مَا نَقَلْت عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ. قُلْتُ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الِاتِّخَاذِ وَالتَّسَرِّي، فَظَهَرَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَشَدَّ مِنْ لَا يَتَّخِذَ لِتَعَاكُسِ الْمَشْهُورِ فِيهِمَا. وَأَمَّا لَا يَطَأُ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ لَا يَتَسَرَّى بِاعْتِبَارِ مَا فُقِدَ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنَّمَا التَّسَرُّرُ عِنْدَنَا الِاتِّخَاذُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ، فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لَا يُرِيدُ اتِّخَاذَهَا لِلْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ إنْ وَطِئَ جَارِيَةً فَيَلْزَمُهُ، وَنَحْوُهُ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادَةَ وَأَنْكَرَهُ الْمَدَنِيُّونَ. طَخِّيخِيٌّ فِيمَا زَعَمَهُ " غ " نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ فِي السَّابِقَةِ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 474 وَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ، وَلَوْ لَمْ يُقَلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا.   [منح الجليل] أَوْ سُرِّيَّةٍ فِي لَا أَطَؤُكُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي لَا أَتَسَرَّى، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَطْءِ فَأَلْزَمَهُ فِي السَّابِقَةِ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الِاتِّخَاذِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي السَّابِقَةِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ. فَإِنْ قُلْت الِاتِّفَاقُ الَّذِي ذَكَرْته يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْتُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ عَلَى قَوْلٍ لِغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى " غ " أَيْضًا. وَاعْتَرَضَ الْحَطّ عَلَى " غ " بِأَنَّهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عَاتٍ أَنَّ الْوَطْءَ أَشَدُّ مِنْ التَّسَرِّي فَهُوَ أَوْلَى بِاللُّزُومِ فِي السَّابِقَةِ. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى وَخَالَفَ لَزِمَهُ فِي السَّابِقَةِ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فِي لَا يَطَأُ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَطْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي لَا يَتَسَرَّى، وَأَحْرَى فِي اللَّاحِقَةِ فِيهِمَا وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ لَزِمَهُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ بِاتِّفَاقٍ، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَهُمَا لَا يَطَأُ وَلَا يَتَّخِذُ، وَوَاسِطَةٍ وَهِيَ لَا يَتَسَرَّى. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ كَلَا يَطَأُ، وَقَالَ: سَحْنُونٌ كَلَا يَتَّخِذُ، وَقَدْ نَظَمَ فَقِيلَ: وَطْءٌ تَسَرٍّ مُطْلَقًا قَدْ لَزِمَا ... كَلَاحِقٍ مَعَ اتِّخَاذٍ عُلِمَا تَلْخِيصُهُ لُزُومُ كُلِّ مَا عَدَا ... مَنْ سَبَقَتْ مَعَ اتِّخَاذٍ وُجِدَا (وَ) إنْ شُرِطَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا يُخْرِجُهَا وَإِنْ خَالَفَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَفَعَلَ بَعْضَ ذَلِكَ فَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْخِيَارُ) فِي فِرَاقِهِ وَعَدَمِهِ (بِ) سَبَبِ مُخَالَفَتِهِ فِي (بَعْضِ شُرُوطٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا إنْ قِيلَ حَالَ الِاشْتِرَاطِ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، بَلْ (وَلَمْ يُقَلْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ (إنْ فَعَلَ) الزَّوْجُ (شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ فِعْلِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ بِفِعْلِهِ بَعْضَهَا فِي صُورَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا عَطْفُهَا بِالْوَاوِ، ثُمَّ يَقُولُ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا فَأَمْرُك بِيَدِك. وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَنْ قَالَ مَتَى تَسَرَّيْتُ وَتَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ وَأَخْرَجْتُك فَأَمْرُك بِيَدِك، وَمِثْلُ هَذَا كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شُرُوطًا مُعَيَّنَةً وَشَرَطَ لَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 475 وَهَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَزِيَادَتُهُ كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ وَنُقْصَانُهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا؟   [منح الجليل] الْخِيَارَ بِمُخَالَفَتِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي بَعْضِهَا، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ وَبِالْبَعْضِ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا فِي الشُّرُوطِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْوَاوِ وَلَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْهَا إلَّا بِفِعْلِهِ جَمِيعِهَا، وَعَلَى هَذَا الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ وَالْوَانُّوغِيُّ وَبِهِ أَفْتَى صر قَائِلًا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ بِبَعْضِهَا جَمَعَهَا بِالْوَاوِ وَلَا يَقُولُ إنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَلَوْ كَتَبَ لَهَا بِهَا وَثِيقَةً عِنْدَ مَالِكِيٍّ، فَإِنْ عَطَفَهَا بِأَوْ فَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِهَا، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْلِيقِ خِيَارِهَا أَوْ كَوْنِ أَمْرِهَا بِيَدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا وَقَعَ بِفِعْلِ بَعْضِهَا بِدُونِ خِيَارِهَا. (وَهَلْ تَمْلِكُ) الزَّوْجَةُ (بِالْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ (النِّصْفَ) مِنْ الْمَهْرِ وَلَا تَمْلِكُ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِدُخُولٍ أَوْ مَوْتٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشَطَّرَ الْمَهْرُ (فَزِيَادَتُهُ) أَيْ الْمَهْرِ (كَنِتَاجٍ) أَيْ أَوْلَادٍ لِلصَّدَاقِ (وَغَلَّةٍ) لِلصَّدَاقِ (وَنُقْصَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ (لَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ رَاجِعٌ لِلزِّيَادَةِ (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ رَاجِعٌ لِلنَّقْصِ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا مَحَلُّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الصَّوَابُ وَضْعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَشَطَّرَ إلَخْ، كَصَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا إنْ فُسِخَ قَبْلَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلزَّوْجِ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَخَلَ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالزِّيَادَةُ لَهَا وَالنَّقْصُ عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي التَّلَفِ إذَا كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ أَيًّا كَانَ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَأَمَّا مَا بَنَوْهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَضَعِيفٌ، وَقَدْ كَرَّرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الضَّمَانِ هُنَا وَفِي مَوَاضِعَ، وَمُحَصَّلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَقَوْلُهُ كَنِتَاجٍ ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْوَلَدُ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ، وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لِحُكْمِهِ بِأَنَّهُ كَالْمَهْرِ، ثُمَّ ذِكْرُهُ الْخِلَافَ فِيهَا وَبِنَائِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَقَدْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 476 أَوْ لَا؟ خِلَافٌ.   [منح الجليل] نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ وَنَسْلَ الْحَيَوَانِ يَكُونُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَيْنَهُمَا. (أَوْ لَا) تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَيْ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَبِهِ قَرَّرَ تت لِأَنَّهُ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ فَزِيَادَتُهُ لَهُ وَنَقْصُهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ تَلِفَ فَيَدْفَعُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ زَادَ فَهِيَ لَهُ أَوْ تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فِيهِمَا لَهَا وَعَلَيْهَا وَجَعَلَهُ تت زَائِدًا بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) طفي ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ، وَفَرَّعُوا عَلَيْهِمَا هَلْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهَا وَشَهَرَ ابْنُ شَاسٍ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَلَمْ يُفَرِّعْ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلزَّوْجِ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى التَّشْطِيرِ فَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا كَوْنَ الْغَلَّةِ لِلزَّوْجِ سِوَى الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَوْلَا مَا قَالُوهُ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ أَوْ لَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَوْ لَا تَمْلِكُ النِّصْفَ بَلْ الْجَمِيعَ، فَيَكُونُ أَوْفَقَ بِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَيَأْتِي التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَمُخَالَفَةُ اصْطِلَاحِهِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ. اهـ. يَعْنِي فِي تَشْهِيرِهِ كَوْنَ الْغَلَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا بَيْنَهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ تَكُونُ لَهَا وَلَا يَلْزَمُ هَذَا. ابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّعْهُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ وَبِهِ صَرَّحَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ، وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِلْوَلَدِ بِحُكْمِ الْمَهْرِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْغَلَّةِ وَالْبِنَاءَ فِيهَا عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ، وَنَصُّهُ وَمَا حَدَثَ بِالْمَهْرِ مِنْ زِيَادَةٍ بِوِلَادَةِ مِثْلِهِ وَفِي كَوْنِ غَلَّتِهِ ثَمَرَةً أَوْ غَيْرَهَا أَوْ هِبَةَ مَالٍ لَهُ وَهُوَ رَقِيقٌ لَهَا أَوْ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا كُلُّ مَا أَصْدَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَحَالَ سَوْقُهُ أَوْ نَقَصَ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَمَا أَوْ تَوَالَدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ مَا أَدْرَكَ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 477 وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا وَنِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ، إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ   [منح الجليل] هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ طَلَّقَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ نَمَاءٍ، وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَضَاءِ قَاضٍ لِأَنَّهُ شَرِيكُهَا. وَكَذَا إنْ نَكَحَهَا بِحَائِطٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَمَا أَغْلَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَانَ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِهِ، وَكَذَا الْأَمَةُ تَلِدُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَهَا أَوْ كَسَبَتْ مَالًا أَوْ اغْتَلَّتْ غَلَّةً أَوْ وُهِبَ لَهَا أَوْ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَهَذَا كُلُّهُ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَهُ بَيْنَهُمَا، وَكُلُّ مَا غَلَّ أَوْ تَنَاسَلَ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ ثَمَرِ شَجَرٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَقِيلَ إنَّ كُلَّ غَلَّةٍ أَوْ قَمَرَةٍ لَهَا خَاصَّةً بِضَمَانِهَا. اهـ. فَقَدْ رَأَيْت أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْبِنَاءَ إلَّا فِي الْغَلَّةِ، وَالْحَقُّ هُوَ الْمُتَّبَعُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) إنْ وَهَبَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِبَتُهَا وَإِعْتَاقُهَا مَاضِيَانِ فَ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ هِبَةِ الصَّدَاقِ أَوْ عِتْقِهِ (نِصْفُ قِيمَةِ) الصَّدَاقِ (الْمَوْهُوبِ) مِنْهَا لِغَيْرِ زَوْجَهَا (أَوْ الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مُعْتَبَرَةً (يَوْمَهُمَا) أَيْ الْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّفْوِيتِ وَالْإِخْدَامُ كَالْهِبَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُعْسِرَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا يَوْمَ أَفَاتَتْهُ. وَقِيلَ يَوْمَ قَبَضَتْهُ بِنَاءً عَلَيْهِمَا وَنِصْفُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوْ التَّعْلِيلَيْنِ، أَيْ هَلْ مَلَكَتْ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. فَالْأَوَّلُ وَهُوَ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْإِفَاتَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْإِفَاتَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) إنْ بَاعَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهَا (نِصْفُ الثَّمَنِ) الَّذِي بَاعَتْ بِهِ الصَّدَاقَ (فِي الْبَيْعِ) بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا، وَمَضَى الْبَيْعُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ (وَلَا يُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْعِتْقُ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجَةِ كُلَّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ) قَبْلَ طَلَاقِهَا أَوْ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بَعْدَهُ وَاسْتَمَرَّ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 478 لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا عَتَقَ النِّصْفُ بِلَا قَضَاءٍ وَتَشَطَّرَ، وَمَزِيدٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا قَبْلَهُ.   [منح الجليل] عُسْرُهَا إلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (لِعُسْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مُعْتَبَرًا (يَوْمَ الْعِتْقِ) فَلَا يُعْتَبَرُ عُسْرُهَا قَبْلَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْعُسْرِ مَعَ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا وَلَوْ أَيْسَرَتْ لِمَا سَيُرَتِّبُهُ عَلَيْهِ. (ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ بَيْنَهُمَا (عَتَقَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ (النِّصْفُ) الَّذِي ثَبَتَ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِزَوَالِ حَجْرِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِهِ أَيْ أُمِرَتْ بِعِتْقِهِ (بِلَا قَضَاءٍ) عَلَيْهَا بِهِ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ فَرَدَّ الزَّوْجُ تَصَرُّفَ زَوْجَتِهِ رَدَّ إيقَافٍ، هَذَا مَذْهَبُ الْكِتَابِ، وَقِيلَ إبْطَالٍ فَلَا تُؤْمَرُ بِعِتْقِ النِّصْفِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ أُمِرَتْ بِعِتْقِ جَمِيعِهِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَهُ رَدُّ هِبَتهَا وَصَدَقَتِهَا بِالْأَوْلَى إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَهُمَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَلَا تُؤْمَرُ بِهِبَتِهِ وَلَا صَدَقَتِهِ (وَتَشَطَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْقَسَمَ الصَّدَاقُ شَطْرَيْنِ، أَيْ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلزَّوْجِ وَنِصْفٌ لِلزَّوْجَةِ وَهُوَ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا مِنْهُ بِالْعَقْدِ، وَمِنْ مِلْكِهَا عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ الْجَمِيعَ بِهِ، وَعَلَى مِلْكِهَا النِّصْفَ بِهِ فَمَعْنَى تَشَطَّرَ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُهُ بَعْدَ تَهَيُّئِهِ لِلتَّكْمِيلِ بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ. (وَ) تَشَطَّرَ (مَزِيدٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ مَا زَادَهُ الزَّوْجُ لَهَا (بَعْدَ الْعَقْدِ) عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا اتَّصَفَ بِصِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ أَمْ لَا قَبَضَتْهُ أَمْ لَا، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ فَلَّسَ قَبْلَ قَبْضِهِ سَقَطَ فَلَهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمَفْهُومٌ بَعْدَهُ أَنَّ الْمَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ صَدَاقٌ، وَالْمَزِيدُ لِلْوَلِيِّ بَعْدَهُ لَهُ وَلَا يَتَشَطَّرُ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ. (وَ) تَشَطَّرَتْ (هَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْهَدِيَّةُ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَوْ لِوَلِيِّهَا) أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَصِلَةُ اُشْتُرِطَتْ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَقْدِ أَوْ، وَكَذَا الْهَدِيَّةُ قَبْلَهُ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 479 وَلَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا،   [منح الجليل] بِلَا شَرْطٍ صَرِيحٍ لِأَنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ حُكْمًا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَمَفْهُومُ قَبْلَهُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا لَا تَتَشَطَّرُ وَيَفُوزُ بِهَا مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ» وَأَقْسَامُهَا تِسْعَةٌ لِأَنَّهَا إمَّا لَهَا وَإِمَّا لِوَلِيِّهَا وَإِمَّا لِغَيْرِهِمَا. وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَاَلَّتِي قَبْلَهُ وَاَلَّتِي مَعَهُ تَتَشَطَّرَانِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَتَا لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَاَلَّتِي بَعْدَهُ لَا تَتَشَطَّرُ وَيَفُوزُ بِهَا الْمُهْدَى لَهُ إنْ كَانَ وَلِيَّهَا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهَا فَفِيهَا خِلَافٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمُشْتَرَطِ مِنْ مَزِيدٍ أَوْ مُشْتَرَطٍ أَيْ أَخْذُ نِصْفِهِ (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَرَطُوهُ جَعَلُوا لَهَا فِيهِ مَدْخَلًا إلَيْهِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ الْآخَرَ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَيْسَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَتَنَازَعَ تَشَطَّرَ وَأَخَذَهُ فِي قَوْلِهِ (بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِّ) أَيْ الْوَطْءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِقَامَتِهَا سَنَةً بِبَيْتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا. (وَضَمَانُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ (إنْ هَلَكَ) أَيْ تَلِفَ فِي مَحَلٍّ يَرْجِعُ نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ بِهَلَاكِهِ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (أَوْ) لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ وَ (كَانَ) أَيْ الصَّدَاقُ (مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَتَخْبِيَتُهُ، وَدَعْوَى هَلَاكِهِ مَعَ سَلَامَتِهِ أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ وَهُوَ بِيَدِ أَمِينٍ، وَخَبَرُ " ضَمَانُهُ " (مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ بَنَى بِهَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ فَسَخَ الْفَاسِدُ قَبْلَهُ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عَدَمِ الْغَيْبَةِ أَوْ كَوْنُهُ بِيَدِ الْأَمِينِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَتَكَمَّلَ لَهَا بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَتَلَفٍ فَضَمَانُهُ مِنْهَا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَسَادِهِ أَوْ عِتْقِ الْأَمَةِ تَحْتَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 480 وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَهَلْ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] عَبْدٍ أَوْ لِعَدَمِ إذْنِ وَلِيِّ السَّفِيهِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ؛ وَإِنْ تَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِمَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِهَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَمِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِيَدِ أَمِينٍ (فَ) ضَمَانُهُ مِنْ الشَّخْصِ (الَّذِي) هُوَ (فِي يَدِهِ) أَوْ حَوْزُهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ عِوَضِهِ وَبِيَدِهِ غَرِمَ لَهَا ذَلِكَ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ عِوَضَهُ كُلَّهُ وَأَنْ تَكْمُلَ لَهَا بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَهُوَ بِيَدِهِ غَرِمَ لَهَا عِوَضَهُ كُلَّهُ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ الَّذِي لَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ. (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ لِلتَّشْطِيرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (مَا) أَيْ عَرَضَ أَوْ الْعَرْضُ الَّذِي (اشْتَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ (مِنْ الزَّوْجِ) سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا لِجَهَازِهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَهَلْ) يَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ لِلتَّشْطِيرِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقَيُّدِ بِقَصْدِ التَّخْفِيفِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ شَارِحِيهَا (أَوْ) يَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ (إنْ قَصَدَتْ) الزَّوْجَةُ بِشِرَائِهِ مِنْهُ (التَّخْفِيفَ) عَلَيْهِ بِأَخْذِ الْعَرْضِ بَدَلَ الْعَيْنِ الْمُسَمَّاةِ صَدَاقًا لِعِزَّتِهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِيمَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ صَلُحَ لِجَهَازِهَا أَمْ لَا وَقَصَرَهُمَا تت وَ " د " وَ " س " تَبَعًا لِلشَّارِحِ عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَا بَعْدَهُ مَعَهُ، وَفَائِدَةُ تَعَيُّنِ تَشْطِيرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا جَبْرًا لِآخَرَ عَلَى تَشْطِيرِ الْأَصْلِ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ، وَحَمَلَهَا إسْمَاعِيلُ وَالْمُتَيْطِيُّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَابْنُ شَاسٍ عَلَى عَدَمِهِ إنْ جَهِلَ حَالَهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَصَرَهُمَا عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي نَسَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مِنْوَالِهِ غَالِبًا، وَنَصُّهُ وَيَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ نَمَا أَوْ نَقَصَ أَوْ تَلِفَ وَكَأَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ، وَلِذَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَ الْأَصْلِ إلَّا بِرِضَاهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَكَذَا مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جَهَازِ مِثْلِهَا وَشَرَحَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَوَّلَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 481 وَمَا اشْتَرَتْهُ مِنْ جِهَازِهَا وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ، وَسَقَطَ الْمَزِيدُ فَقَطْ بِالْمَوْتِ، وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ   [منح الجليل] بِقَوْلِهِ يَعْنِي إذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا فَاشْتَرَتْ بِهَا مِنْ الزَّوْجِ شَيْئًا لَا يَصْلُحُ لِجَهَازِهَا مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ وَقَالَ فِي الثَّانِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْ مَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِنِصْفِهِ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ. اهـ. فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَا اشْتَرَتْهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَقَطْ، وَبِنَحْوِ شَرْحِ الْحَطَّابِ فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ فِي " ق " مَا يُوَافِقُ مُخْتَارَ " ز ". (وَ) تَعَيَّنَ (مَا اشْتَرَتْهُ) مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ (مِنْ جَهَازٍ) مِثْلِ (هَا) إنْ اشْتَرَتْهُ بِالصَّدَاقِ، بَلْ (وَإِنْ) اشْتَرَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ الَّذِي قَبَضَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ اشْتَرَتْهُ بِمَالِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلزَّوْجِ وَالْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِنْ صِلَةٌ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا تَكْرَارَ (وَسَقَطَ) عَنْ الزَّوْجِ الْمَالُ (الْمَزِيدُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ، وَصِلَةُ سَقَطَ (بِ) سَبَبِ (الْمَوْتِ) أَوْ الْفَلَسِ لِلزَّوْجِ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَقَبَضَهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُحَزْ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبَضَ الْمَزِيدَ فَالْجَارِي عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ لِقَبُولِهَا إيَّاهُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَهُ " د "، وَبَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ مَوْتَهَا كَمَوْتِهِ وَلَمْ يَدْعَمْهُ بِنَقْلٍ. (وَفِي تَشَطُّرِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَنَصُّفِ (هَدِيَّةٍ) أَهْدَاهَا الزَّوْجُ لَهَا تَطَوُّعًا (بَعْدَ الْعَقْدِ) وَقَبَضَتْهَا (وَ) طَلَّقَهَا (قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا إنْ لَمْ تَفُتْ، وَنِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا إنْ فَاتَتْ إنْ شَاءَ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ تَفُتْ (أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ فَاتَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ. بَلْ (وَإِنْ لَمْ تَفُتْ) الْهَدِيَّةُ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِاقْتِصَارِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 482 إلَّا أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذَ الْقَائِمَ مِنْهَا، لَا إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ: رِوَايَتَانِ. وَفِي الْقَضَاءِ بِمَا يُهْدَى عُرْفًا؛ قَوْلَانِ وَصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ   [منح الجليل] إلَّا أَنْ يُفْسَخَ) بِضَمِّ الْيَاءِ النِّكَاحُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) مِنْ الزَّوْجِ بِهَا (فَيَأْخُذَ) الزَّوْجُ (الْقَائِمَ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَفُتْ فِي مِلْكِهَا (مِنْهَا) أَيْ الْهَدِيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِعِوَضِ الْفَائِتِ مِنْهَا، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ (لَا) يَأْخُذُ الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ الْهَدِيَّةِ (إنْ فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ وَلَوْ لَمْ تَفُتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ (رِوَايَتَانِ) فِيمَا قَبْلَ إلَّا أَنْ يُفْسَخَ. (وَفِي الْقَضَاءِ) عَلَى الزَّوْجِ (بِمَا يُهْدَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (عُرْفًا) وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَعَدَمِهِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ (قَوْلَانِ) فِي الْمَوَّاقِ الْأَحْسَنُ فِي هَذِهِ رِوَايَتَانِ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلَانِ، وَعَلَى الْقَضَاءِ بِهِ قِيلَ يَتَكَمَّلُ بِالْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ، وَقِيلَ يَسْقُطُ بِهِمَا، وَعَلَى عَدَمِهِ فَهِيَ هِبَةٌ تَحْتَاجُ لِحَوْزٍ وَهُوَ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا مَا يُهْدَى عُرْفًا فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ كَالصَّدَاقِ، وَمَا شُرِطَ إهْدَاؤُهُ فَيُقْضَى بِهِ اتِّفَاقًا، وَأَجْرَى الْمُوَضِّحُ الْقَوْلَيْنِ بِمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِهْدَائِهِ فِي الْمَوَاسِمِ كَالْعِيدَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ الْقَضَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ. وَذَكَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الزَّوْجَةِ بِكِسْوَةٍ إنْ شَرَطَتْ أَوْ جَرَى بِهَا الْعُرْفُ، وَنَقَلَ فِي الْفَائِقِ نَحْوَهُ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ، لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَشَرْطُ كِسْوَةٍ مِنْ الْمَحْظُورِ لِلزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَّلُوهُ بِجَمْعِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ. ابْنُ النَّاظِمِ فِي شَرْحِهَا مَا لِابْنِ سَلْمُونٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَكِنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْقَضَاءُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِالْوَلِيمَةِ) أَيْ طَعَامِ الْعُرْسِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَأَشَارَ بِصُحِّحَ لِقَوْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَالرَّاجِحُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 483 دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ ، وَفِي أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ: قَوْلَانِ وَعَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ   [منح الجليل] نَدْبُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِهِ الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّدْبِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُقْضَى بِهَا (دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ) وَضَارِبِ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْحَمَّامِ وَالْجِلْوَةِ الْمُتَعَارَفَةِ عِنْدَهُمْ وَثَمَنِ وَثِيقَةِ الْعَقْدِ وَمَحْصُولِهَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (وَ) إنْ أَصْدَقَهَا ثَمَرَةً أَوْ عَبْدًا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ فَ (تَرْجِعُ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ) الَّتِي أَصْدَقَهَا الزَّوْجُ إيَّاهَا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالطَّلَاقِ (وَ) نِصْفِ نَفَقَةِ (الْعَبْدِ) الَّذِي أَصْدَقَهَا الزَّوْجُ إيَّاهُ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا بَيْنَهُمَا، وَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بِيَدِهِ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ وَرَجَعَ الْمُنْفِقُ مِنْهُمَا بِنِصْفِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لِأَنَّهُ فِي فَاسِدٍ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. تت هَذَا عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ نِصْفَهُ بِالْعَقْدِ، وَأَمَّا عَلَى مِلْكِهَا جَمِيعَهُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ الطَّلَاقِ وَعَلَى أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا بِهِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ طَلَاقِهَا. (وَ) إنْ كَانَ الصَّدَاقُ رَقِيقًا وَاسْتَأْجَرَتْ مِنْ عِلْمِهِ صَنْعَةً شَرْعِيَّةً كَخِيَاطَةٍ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ (تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ) ارْتَفَعَ ثَمَنُهُ بِهَا وَعَدَمُ رُجُوعِهَا بِهَا (قَوْلَانِ) لَا غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَضَرْبِ عُودٍ وَلَا إنْ عَلَّمَتْهُ بِنَفْسِهَا وَلَا إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ ثَمَنُهُ بِهَا وَخَرَجَ بِصَنْعَةٍ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا، وَمِنْهُ الْحِسَابُ فَلَا تَرْجِعُ بِنِصْفِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا فِي اسْتِئْجَارِ الزَّوْجِ عَلَى تَعْلِيمِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا. (وَعَلَى الْوَلِيِّ) لِصَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (أَوْ) الزَّوْجَةِ (الرَّشِيدَةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الْمُحْسِنَةِ لِلتَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا (مُؤْنَةُ الْحَمْلِ) لِجَهَازِ الزَّوْجَةِ وَذَاتِهَا لِلْبَيْتِ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 484 لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ، إلَّا لِشَرْطٍ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ؛ إنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ وَقُضِيَ لَهُ إنْ دَعَاهُ لِقَبْضِ مَا حَلَّ،   [منح الجليل] اشْتَرَطَ الزَّوْجُ الْبِنَاءَ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا الْوَلِيُّ أَوْ الرَّشِيدَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَصِلَةُ الْحَمْلِ (لِبَلَدِ) أَوْ بَيْتِ (الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْبِنَاءُ بِهِ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ الْمُغَايِرِ لِبَلَدِ أَوْ بَيْتِ الْعَقْدِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ عَلَى الزَّوْجِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ (وَلَزِمَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ (التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ) فِي جَهَازِ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ (بِمَا قَبَضَتْهُ) مِنْ زَوْجِهَا مِنْ صَدَاقِهَا (إنْ سَبَقَ) الْقَبْضُ (الْبِنَاءَ) كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً، أَوْ حَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ شَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ فَتْحُونٍ. وَلِابْنِ عَرَفَةَ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَنَصُّهُ وَمَا أَجَّلَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ، فَإِنْ حَلَّ قَبْلَهُ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُعْتَادِ وَقْتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلِغُرَمَائِهَا إنْ قَامُوا قَبْلَهُ أَخْذُهُ فِي دُيُونِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَلَهُمْ بَيْعُهُ لِاقْتِضَاءِ ثَمَنِهِ فِي دُيُونِهِمْ وَمَا أَجَّلَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَكَالنَّقْدِ وَإِنْ تَعَجَّلَ الْبِنَاءَ قَبْلَ حُلُولِهِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِعَدَمِ التَّجْهِيزِ بِهِ بِدُخُولِهِ قَبْلَهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. الْبُرْزُلِيُّ لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ إلَّا بِمَا قَبَضَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ الثَّانِي، وَنَحْوُهُ لِسَنَدٍ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ دَارًا أَوْ خَادِمًا فَلَيْسَ عَلَيْهَا بَيْعُهُ لِلتَّجْهِيزِ بِثَمَنِهِ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَاللَّخْمِيُّ، وَكَذَا مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ. وَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْمُوَثَّقِينَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ قَالَهُ أَحْمَدُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَرْضًا أَوْ ثِيَابًا مِنْ غَيْرِ زِينَتِهَا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا أَوْ كَتَّانًا فَفِي وُجُوبِ بَيْعِهِ لِلتَّجْهِيزِ بِهِ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَوْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ خَادِمًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ. ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا أَصْلًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَبْدًا أَوْ طَعَامًا فَلَا يَلْزَمُهَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ. (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إنْ دَعَاهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (لِقَبْضِ مَا حَلَّ) مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا لِتَتَجَهَّزَ بِهِ الْجَهَازَ الْمُعْتَادَ لِمِثْلِهِمَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 485 إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا فَيَلْزَمَ، وَلَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَلَا تَقْضِي دَيْنًا، إلَّا الْمُحْتَاجَةُ، وَكَالدِّينَارِ.   [منح الجليل] أَرَادَتْ بِنَاءَهُ بِهَا قَبْلَهُ لِيَسْقُطَ عَنْهَا التَّجْهِيزُ بِهِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِذَلِكَ، مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا، أَوْ عِتْقَ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا عَلَى إبْرَائِهَا لَهَا مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ صَدَاقِهَا الْحَالِّ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى إبْرَائِهِ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِبَقَائِهِ عَلَيْهِ، وَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ مَا زَادَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ. وَمَفْهُومُ حَلَّ أَنَّهُ إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ الْمُؤَجَّلِ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ فَامْتَنَعَتْ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِعَدَمِ جَوَازِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَوْ كَانَ عَيْنًا. ابْنُ فَتْحُونٍ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَجَهَّزَ بِكَالِئِهَا وَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ دَفْعَهُ وَكَانَ عَيْنًا فَيَلْزَمُهَا قَبُولُهُ دُونَ التَّجْهِيزِ بِهِ، وَقُيِّدَ بِالْعَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا قَبُولُهُ لِأَنَّهَا إنْ قَبِلَتْهُ لَزِمَهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مُسَلَّفٌ فَقَدْ سُلِّفَ لِيُنْتَفَعَ بِالْجَهَازِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ) الزَّوْجُ (شَيْئًا) أَزْيَدَ مِمَّا قَبَضَتْهُ أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ (فَيَلْزَمَ) الْمُسَمَّى أَوْ الْمُتَعَارَفُ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ وَوَلِيَّ غَيْرِهَا (وَلَا تُنْفِقُ) الزَّوْجَةُ شَيْئًا (مِنْهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الْحَالِّ الَّذِي قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا (وَ) لَا (تَقْضِي) الزَّوْجَةُ مِنْهُ (دَيْنًا) عَلَيْهَا (إلَّا الْمُحْتَاجَةُ) لِلْإِنْفَاقِ مِنْهُ لِعَدَمِ وِجْدَانِهَا غَيْرَهُ، فَتُنْفِقُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا تَسْتَغْرِقُهُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا (وَ) إلَّا (كَالدِّينَارِ) مِنْ صَدَاقٍ كَثِيرٍ تَقْضِيهِ عَنْ دَيْنِهَا وَإِلَّا فَبِحَسَبِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَقْضِيَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهَا مِنْ نَقْدِهَا إلَّا التَّافِهَ الْيَسِيرَ مَا لَا خَطْبَ لَهُ. وَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ إلَّا الدِّينَارُ وَنَحْوُهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا تَقْضِي مِنْهُ إلَّا الدِّينَارَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ مَا فِي دِيَاتِهَا. وَرَوَى مُحَمَّدٌ مِثْلَ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ عَلَى قِلَّةِ الْمَهْرِ وَكَثْرَتِهِ، فَقَدْ يَكُونُ صَدَاقُهَا الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، فَالدِّينَارُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 486 وَلَوْ طُولِبَ بِصَدَاقِهَا لِمَوْتِهَا، فَطَالَبَهُمْ بِإِبْرَازِ جِهَازِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ،   [منح الجليل] الْوَاحِدُ مِنْهَا كَثِيرٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَلْفَ دِينَارٍ فَالْعَشَرَةُ وَأَكْثَرُ مِنْهَا قَلِيلٌ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي وُجُوبِ تَجْهِيزِهَا بِهِ اهـ. (وَلَوْ) تَزَوَّجَ مَرْأَةً بِشَرْطِ تَجْهِيزِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِهَا وَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَ (طُولِبَ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الزَّوْجُ أَيْ طَالَبَهُ وَرَثَةُ زَوْجَتِهِ (بِصَدَاقِهَا) أَيْ بِمِيرَاثِهِمْ مِنْهُ (لِمَوْتِهَا) وَقَدْ شَرَطَ تَجْهِيزَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ (فَطَالَبَهُمْ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَرَثَةَ (بِإِبْرَازِ) أَيْ إحْضَارِ (جَهَازِهَا) الزَّائِدِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ أَوْ بِإِبْرَازِ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَ مِيرَاثَهُ مِنْهُ أَوْ بِإِبْرَازِ مِيرَاثِهِ مِنْهُ فَقَطْ وَهُوَ نِصْفُهُ أَوْ رُبْعُهُ (لَمْ يَلْزَمْهُمْ) أَيْ إبْرَازُ الْجَهَازِ الْمَشْرُوطِ أَوْ الْمَعْرُوفِ الْوَرَثَةُ قَالَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ، قَائِلًا لِأَنَّ الْأَبَ يَقُولُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يُجَهِّزُونَ بَنَاتِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ الصَّدَاقِ فِي حَيَاتِهِنَّ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى حُظْوَتِهِنَّ عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَعِنْدَ مَوْتِ الْبِنْتِ يَنْتَفِي ذَلِكَ كُلُّهُ، وَاخْتَارَهُ تِلْمِيذُهُ الْمَازِرِيُّ وَلِذَا قَالَ (عَلَى الْمَقُولِ) مُخَالِفًا لِخَالِهِ وَشَيْخِهِ اللَّخْمِيِّ فِي لُزُومِ إبْرَازِهِمْ جَهَازَهَا الْمَشْرُوطَ أَوْ الْمَعْرُوفَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى تَجْهِيزِهَا بِمَا قُبِضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ الَّذِي سَمَّاهُ، إذْ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا جَعَلْت الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى لِمَا شَرَطْته مِنْ الْجَهَازِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ، وَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَنْ حَازَهَا بِهِ فَقَطْ. الْمَازِرِيُّ نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ فَاخْتَلَفَ فِيهَا شَيْخَايَ وَهِيَ مَاتَتْ زَوْجَةٌ بِكْرٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَمَّا طَلَبَ أَبُوهَا الصَّدَاقَ طَلَبَ زَوْجُهَا مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَهَازِ الَّذِي تَتَجَهَّزُ بِهِ، فَأَفْتَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْأَبِ، وَأَفْتَى اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْأَوَّلُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ بَنَاتِهِمْ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى حُظْوَتِهِنَّ عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ، فَإِذَا مَاتَتْ الْبِنْتُ فَعَلَى مَنْ يُجَهَّزُ، وَلَا تُقَاسُ عَادَةً بِعَادَةٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ مَعَ اللَّخْمِيِّ لَمَّا خَاطَبَنِي فِيهَا وَسَأَلَنِي عَنْ وَجْهِهَا فَأَجَبْته بِمَا تَقَدَّمَ وَجَرَى بَيْنَنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 487 وَلِأَبِيهَا بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا لِلتَّجْهِيزِ، وَفِي بَيْعِهِ الْأَصْلَ: قَوْلَانِ،   [منح الجليل] وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَطَلَبَ وَالِدُهَا أَخْذَ مِيرَاثِهَا مِنْ صَدَاقِهَا نَقْدَهُ وَكَالَئَهُ وَمِنْ السِّيَاقَاتِ الَّتِي سَاقَهَا الزَّوْجُ إلَيْهَا وَأَبَى أَنْ يُبْرِزَ مِنْ مَالِهِ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يُبْرِزُهُ لَهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً، فَأَجَابَ إذَا أَبَى الْأَبُ أَنْ يُبْرِزَ لَهَا مِنْ مَالِهِ مَا يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهَا الَّذِي يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا إلَى مِثْلِهِ عَلَى مَا نَقَدَهَا وَسَاقَ إلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا صَدَاقُ مِثْلِهَا، عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا جَهَازٌ إلَّا بِقِيمَةِ نَقْدِهَا اهـ. وَقَالَ فِي أَجْوِبَتِهِ فِيمَنْ سَاقَ لِزَوْجَتِهِ سِيَاقَهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَطَلَبَ مِنْ أَبِيهَا تَشْوِيرَهَا بِشَوْرَةٍ تُقَاوِمُ سِيَاقَتَهُ إذْ الْعُرْفُ جَارٍ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ فَأَبَى الْأَبُ مَا نَصُّهُ إذَا أَبَى الْأَبُ أَنْ يُجَهِّزَهَا إلَيْهِ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ أَنْ يُجَهَّزَ بِهِ مِثْلُهَا إلَى مِثْلِهِ عَلَى مَا نَقَدَهُ وَسَاقَهُ إلَيْهَا كَانَ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْتِزَامِ النِّكَاحِ وَرَدِّهِ عَنْ نَفْسِهِ، فَيَسْتَرِدُّ مَا نَقَدَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَكَلَا وَسَاقَ اهـ " ع ". وَفِي فَتَاوَى الْعَبْدُوسِيِّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي أَغْنِيَاءِ الْحَاضِرَةِ إجْبَارُ الْأَبِ أَنْ يُجَهِّزَ بِنْتَه بِمِثْلِيِّ نَقْدِهَا فَإِذَا نَقَدَهَا الزَّوْجُ عِشْرِينَ جَهَّزَهَا الْأَبُ بِأَرْبَعِينَ، فَيَزِيدُ عِشْرِينَ مِنْ عِنْدِهِ، وَهَذَا إذَا فَاتَ بِالدُّخُولِ، وَأَمَّا إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ، وَيُقَالُ إمَّا أَنْ تَرْضَى أَنْ يُجَهِّزَهَا لَك بِنَقْدِهَا خَاصَّةً، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْك وَبِهَذَا الْقَضَاءُ وَالْعَمَلُ اهـ. (وَلِأَبِيهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُجْبِرِ (بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَصِلَةُ بَيْعُ (لِلتَّجْهِيزِ) بِثَمَنِهِ وَلَهُ عَدَمُ بَيْعِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، فَيَأْتِي الزَّوْجُ عِنْدَ الْبِنَاءِ بِالْجَهَازِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ سَاقَهُ الزَّوْجُ لِلْجَهَازِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَذَا جُبِرَ الْأَبُ عَلَى بَيْعِهِ لَهُ (وَفِي) جَوَازِ (بَيْعِهِ) أَيْ الْأَبِ الْمُجْبِرِ (الْأَصْلَ) أَيْ الْعَقَارَ الْمَسُوقَ فِي صَدَاقِهَا لِلتَّجْهِيزِ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَنْعِهِ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ (قَوْلَانِ) إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْبَيْعِ وَلَا بِعَدَمِهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، وَعَلَى الْمَنْعِ فَيَأْتِي الزَّوْجُ بِمَا يُنَاسِبُهُمَا مِنْ الْجَهَازِ. الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا مَا سَاقَهُ الزَّوْجُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 488 وَقُبِلَ دَعْوَى الْأَبِ فَقَطْ فِي إعَارَتِهِ لَهَا فِي السَّنَةِ بِيَمِينٍ وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ لَا إنْ بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ،   [منح الجليل] إلَيْهَا مِنْ الْأُصُولِ فَهَلْ لِأَبِيهَا بَيْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَمْ لَا؟ حَكَمَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لِلزَّوْجِ فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا يَشَاءُ بِوَجْهِ النَّظَرِ وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا نِصْفُ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ تُحَابِ، وَإِنْ أُدْخِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِجَهَازٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّ بَعْضَهُ لَهُ أَعَارَهُ لَهَا وَخَالَفَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَافَقَتْهُ وَهِيَ سَفِيهَةٌ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى غَيْرِ الْأَبِ. (وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (دَعْوَى الْأَبِ) وَكَذَا وَصِيُّهُ وَلَوْ أُمًّا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَصِلَةُ دَعْوَى (فِي إعَارَتِهِ) أَيْ الْأَبِ (لَهَا) أَيْ بِنْتَه حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً شَيْئًا مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: كَوْنُ دَعْوَاهُ (فِي السَّنَةِ) مُعْتَبَرَةً مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ. ثَانِيهَا: كَوْنُهَا مَحْجُورَةً. ثَالِثُهَا: أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْعَارِيَّةِ مَا يَفِي بِجَهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَاقِي وَفَاءٌ بِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ وَيُطَالِبُ بِإِحْضَارِ مَا يُوفِي بِالصَّدَاقِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُهُ لَهُ فَيَحْلِفَ وَيَتْبَعَ بِالْوَفَاءِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ لَهُ سَوَاءٌ: فِي التَّوْضِيحِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا قَضَاءَ لَهُ فِي مَالِهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا. وَصِلَةُ قُبِلَ (بِيَمِينٍ) هَذَا تَلْفِيقٌ مِنْ قَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي السَّنَةِ فَقَطْ، قَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَمَنْ اشْتَرَطَ الْيَمِينَ قَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي السَّنَةِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَقِبَهَا أَفَادَهُ الْحَطّ، وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْأَبِ الْإِعَارَةَ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إنْ وَافَقَتْهُ. بَلْ (وَإِنْ خَالَفَتْهُ) أَيْ الْأَبَ (الِابْنَةُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ فِي دَعْوَاهُ الْإِعَارَةَ (لَا) تُقْبَلُ دَعْوَى الْأَبِ إعَارَتَهُ لَهَا (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ تَأَخَّرَ طَلَبُهُ عَنْ السَّنَةِ (وَ) الْحَال أَنَّهُ (لَمْ يُشْهِدْ) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 489 فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي ثُلُثَيْهَا وَاخْتَصَّتْ بِهِ إنْ أُورِدَ بِبَيْتِهَا، أَوْ أَشْهَدَ لَهَا، أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ لَهَا، وَوَضَعَهُ عِنْدَ: كَأُمِّهَا.   [منح الجليل] بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْأَبُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ عَارِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ قَوْلُهُ بَعْدَهَا وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ، لَكِنْ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ أَشْهَدَ بَعْدَهُ فِي السَّنَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ بَعْدُ بِيَمِينٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَصْلِ الْإِعَارَةِ وَدَفْعِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ لَهَا أَوْ عَلَى الْإِخْبَارِ بِهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا عَلِمَتْ بِهِ أَمْ لَا، وَغَيْرُ الْأَبِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى أَصْلِ الْإِعَارَةِ نَفَعَهُ لَا عَلَى الْإِخْبَارِ بِهَا بَعْدَهُ. الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ أَتْلَفَتْهُ وَقَدْ أَشْهَدَ فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً ضَمِنَتْهُ. (فَإِنْ صَدَّقَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ أَبَاهَا فِي دَعْوَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُشْهِدْ (فَفِي ثُلُثِهَا) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَلِزَوْجِهَا رَدُّ إقْرَارِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا عِنْدَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ زَادَ الشَّارِحُ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ كَتَبَرُّعِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ قَالَهُ عج. قُلْتُ قَدْ يُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي خَاصِّ مَالِهَا وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِلْكَهَا لِمُنَازَعَةِ أَبِيهَا فِيهِ. (وَاخْتَصَّتْ) الْبِنْتُ عَنْ بَقِيَّةِ وَرَثَةِ أَبِيهَا (بِهِ) أَيْ الْجَهَازِ الزَّائِدُ عَلَى صَدَاقِهَا لَا بِقَدْرِهِ فَقَطْ إذْ لَا تُنَازِعُ فِيهِ الْوَرَثَةُ (إنْ أُورِدَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ وُضِعَ الْجَهَازُ (بِبَيْتِهَا) أَيْ الْبِنْتِ الَّذِي بَنَى الزَّوْجُ بِهَا فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْحِيَازَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ (أَوْ) لَمْ يُورِدْ بِبَيْتِهَا وَاسْتَمَرَّتْ تَحْتَ يَدِ أَبِيهَا إلَى مَوْتِهِ وَقَدْ (أَشْهَدَ) الْأَبُ بِأَنَّ الْجَهَازَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ (لَهَا) أَيْ الْبِنْتِ الْمَحْجُورَةِ لَهُ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ وَلَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ تَحْتَ يَدِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ لَهَا (أَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْأَبُ الْجَهَازَ (لَهَا) أَيْ الْبِنْتِ الْمَحْجُورَةِ (وَوَضَعَهُ) أَيْ الْأَبُ الْجَهَازَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهَا (عِنْدَ كَأُمِّهَا) وَخَالَتِهَا وَعَمَّتِهَا مَعَ إشْهَادِهِ أَنَّهُ لَهَا أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ، وَهَذَا الْإِشْهَادُ غَيْرُ الْإِشْهَادِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى تَمْلِيكِهِ لَهَا وَهَذَا عَلَى تَسْمِيَتِهِ لَهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ مُزَيْنٍ الَّذِي فِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 490 وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ مَا يَصْدُقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ: جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ،   [منح الجليل] التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَصُّهُ أَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ قَدْ سَمَّاهُ لَهَا فَأَشْهَدَ أَنَّهُ شَوْرَةٌ لِابْنَتِهِ، إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ أَنَّ ذَلِكَ لِابْنَتِهِ مُسَمًّى وَمَنْسُوبًا إلَيْهَا فَلَا دُخُولَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ، وَحَوْزُ مِثْلِ هَذَا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهَا أَوْ يَدِ أُمِّهَا اهـ. قَوْلُهُ وَحَوْزُ مِثْلِ هَذَا إلَخْ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ إلَخْ. النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ لَعَلَّ مَا هُنَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّسْمِيَةِ مَخْصُوصٌ بِالشَّوْرَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ إنَّمَا تُشْتَرَى وَتُسَمَّى لِلْبِنْتِ بِقَصْدِ هِبَتِهَا لَهَا وَتَمْلِيكِهَا إيَّاهَا، وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ فِي الْهِبَةِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِوَلَدِهِ اجْعَلْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَرْمًا أَوْ جِنَانًا أَوْ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الِابْنُ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَالْأَبُ، يَقُولُ كَرْمُ أَوْ جِنَانُ أَوْ دَارُ ابْنِي أَنَّ الْقَاعَةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ بِذَلِكَ وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا قِيمَةُ مَا عَمِلَهُ مَنْقُوضًا. قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَقَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يُعْرَفُ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الِابْنُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا بِالْإِشْهَادِ بِهِبَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَهُ صَغِيرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ. اهـ. وَيُوَافِقُ مَسْأَلَةَ الشَّوْرَةِ هَذِهِ مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ الصَّبِيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْهِبَةِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ التَّمْلِيكِ. (وَإِنْ وَهَبَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ (لَهُ) أَيْ زَوْجِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ (الصَّدَاقَ) الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ (أَوْ) وَهَبَتْ مِنْ خَالِصِ مَالِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (مَا) أَيْ مُتَمَوَّلًا (يَصْدُقُهَا) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَجْعَلُهُ صَدَاقًا لَهَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ، أَوْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَدْفَعُهُ لَهَا صَدَاقًا يَتَزَوَّجُهَا (بِهِ) وَصِلَةُ وَهَبَتْ (قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ (عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ) أَيْ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ فِي الْأُولَى ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَوْهُوبِ بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَقَلُّ الَّذِي يَدْفَعُهُ لَهَا مِمَّا وَهَبَتْهُ لَهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ مَالُهُ مَلَّكَهُ لَهَا بِالْعَقْدِ، وَصَارَ مِلْكُهُ بِالْهِبَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 491 وَبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ، فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ، إلَّا أَنْ تَهَبَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ: كَعَطِيَّتِهِ لِذَلِكَ   [منح الجليل] غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَالُهَا دَفَعَتْهُ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ لَهَا، فَخُرُوجُهُ مِنْ يَدِهَا وَعَوْدُهُ لَهَا لَا يُعْتَبَرُ. وَمَحَلُّ جَبْرِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ حَيْثُ أَرَادَ الْبِنَاءَ، فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأُولَى وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ زَوْجٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحٍ تَسْمِيَةٍ صَحِيحٍ، وَلَا عَيْبَ بِأَحَدِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ. الْمُتَيْطِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحِيَازَةِ فِيهِ إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمَ وَبِهِ الْعَمَلُ. اهـ. وَيَرُدُّهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَبِهَا يُلْغَزُ، فَيُقَالُ زَوْجٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَفِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سُئِلَ عَنْ بِكْرٍ أَوْ غَيْرِهَا أَعْطَتْ رَجُلًا دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِهَا، قَالَ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَزَادَهَا عَلَى مَا أَعْطَتْهُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَلَا بَأْسَ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا وَهَبَتْهُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ. التَّوْضِيحُ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ تَرْجِعُ بِالْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) إنْ وَهَبَتْ رَشِيدَةٌ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (أَوْ) وَهَبَتْ لَهُ قَبْلَهُ (بَعْضَهُ) أَيْ الصَّدَاقِ الزَّائِدُ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ وَأَبْقَتْ لِنَفْسِهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ (فَالْمَوْهُوبُ) وَهُوَ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى وَالْبَعْضُ فِي الثَّانِيَةِ (كَالْعَدَمِ) أَيْ لَا تُؤَثِّرُ هِبَتُهُ خَلَلًا فِي النِّكَاحِ لِتَقَرُّرِهِ فِي الْأُولَى بِالدُّخُولِ فِي مُقَابَلَةِ الصَّدَاقِ وَصَيْرُورَةِ الْبَاقِي صَدَاقًا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَوَجَبَ تَكْمِيلُهُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَبَ نِصْفُهُ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تَهَبَهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الزَّوْجَ جَمِيعَ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْضَهُ (عَلَى) غَرَضٍ (دَوَامَ الْعِشْرَةِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُعَاشَرَتِهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ حُصُولِ غَرَضِهَا الَّذِي وَهَبَتْ لِأَجْلِهِ. وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ (كَعَطِيَّتِهِ) أَيْ إعْطَاءِ الرَّشِيدَةِ زَوْجَهَا مَالًا (لِذَلِكَ) أَيْ دَوَامِ الْعِشْرَةِ (فَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ جَبْرًا عَلَى الزَّوْجِ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ لَهُ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 492 فَفُسِخَ وَإِنْ أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَيُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ وَإِنْ وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ   [منح الجليل] وَأَحْرَى إنْ طَلَّقَهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَسْخُهُ لِعَيْبٍ بِهَا تَعْلَمُهُ إذَا فَارَقَهَا بِالْقُرْبِ، فَإِنْ بَعُدَ كَسَنَتَيْنِ بِحَيْثُ إنَّ غَرَضَهَا حَصَلَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا تَرْجِعُ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُفَارِقْهَا الْيَمِينُ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا، وَإِلَّا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَهُ أَصْبَغُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ أَفَادَهُ " ز ". الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إذَا فَارَقَهَا بِالْقُرْبِ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا وَأَسْقَطَتْ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا فَفَارَقَهَا أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا بِالْقُرْبِ فَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْ أَوْ أَسْقَطَتْ. وَأَمَّا إنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، وَصَرَّحَ بِهَذَا اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا إلَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُوَضِّحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاقِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا الْيَمِينَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ قُصَارَى أَمْرِهِ كَوْنُهُ كَالْفَسْخِ بِجَامِعِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ الرُّجُوعَ فَالظَّاهِرُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا أَصْبَغَ. (وَإِنْ أَعْطَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَ زَوْجَةٌ (سَفِيهَةٌ) أَيْ بَالِغَةٌ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (مَا يَنْكِحُهَا بِهِ) قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ (ثَبَتَ النِّكَاحُ) وَيَرُدُّ لَهَا مَا أَعْطَتْهُ (وَيُعْطِيهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ) وُجُوبًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا رَدَّهُ لَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ مَالِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا بِدُونِهِ لِسَفَهِهَا. (وَإِنْ وَهَبَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى وَإِنْ خَالَفَ السِّيَاقَ إذْ هُوَ فِي إعْطَاءِ السَّفِيهَةِ، وَصِلَةُ وَهَبَتْهُ (لِ) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 493 وَقَبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا اتَّبَعَهَا   [منح الجليل] غَيْرِ زَوْجِهَا وَلَوْ وَلِيَّهَا (وَقَبَضَهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ (ثُمَّ طَلَّقَهَا) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْوَاهِبَةَ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (اتَّبَعَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِنِصْفِهِ وَهِبَتُهَا مَاضِيَةٌ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدُّهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ حِجْرِهِ بِطَلَاقِهَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ جَمِيعَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ دَفْعَهُ إلَيْهِ إجَازَةُ لِفِعْلِهَا. أَبُو الْحَسَنِ فَرَضَ الْأُمَّهَاتِ الْمَسْأَلَةَ فِي هِبَتِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إيَّاهُ فَدَفَعَهُ الزَّوْجُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَالَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ فِي رَأْيِي، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ حِينَ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ وَهَبَتْهُ هَذَا الصَّدَاقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَتَكُونُ مُعْسِرَةً فَأَنْفَذَ ذَلِكَ الزَّوْجُ حِينَ دَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا كُلِّهِ فَأَجَازَهُ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ قَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ وَدَفَعَتْهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ هَلْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْجَوَابِ، أَوْ عَلَى الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ يَعْنِي مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مُوسِرَةٍ أَوْ مُعْسِرَةٍ يَوْمَ الطَّلَاقِ، عَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ، قَالَ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ وَذَكَرَ الْجَوَابَ إلَخْ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَاعَى عُسْرُهَا وَيُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ حَمْلِ الثُّلُثِ الْهِبَةِ، قَالَ لِأَنَّهَا زَالَتْ عَنْ عِصْمَةِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ، فَلَا يُرَاعَى الثُّلُثُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِحَمْلِ الثُّلُثِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، نَعَمْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ لَكِنْ فِيمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُنَا، وَنَصُّهَا فَإِنْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهَا وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ جَازَ، وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 494 وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، أُجْبِرَتْ هِيَ، وَالْمُطَلِّقُ، إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ،   [منح الجليل] أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الرَّدِّ. الشَّيْخُ مَعْنَاهُ إذَا أَبْطَلَهُ لِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ بَيَّنَهُ مَا فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ هُوَ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجِيزَهُ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ مَا قَالَهُ عج. (وَ) إنْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَدَفَعَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَغَرِمَتْ لِلزَّوْجِ عِوَضَ نِصْفِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تَرْجِعْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ، وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تُبَيِّنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ تُظْهِرَ الزَّوْجَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حِينَ الْهِبَةِ (أَنَّ) الْمَالَ (الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ) أَوْ يَعْلَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ سَالِمٌ، فَإِنْ بَيَّنَتْهُ أَوْ عَلِمَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَقَطْ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الَّذِي مَلَكَتْهُ وَلَوْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ صَدَاقٌ. أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى مَا فِيهَا وَهَبَتْهُ هِبَةً مُطْلَقَةً وَقَالَتْ لِلْمَوْهُوبِ اقْبِضْهَا مِنْ زَوْجِي، وَلَوْ صَرَّحَتْ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الصَّدَاقِ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ كَمَا حَكَى مُحَمَّدٌ، وَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَ (لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ الْمَوْهُوبَ حَتَّى طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (أُجْبِرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (هِيَ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الْوَاهِبَةُ فَصَّلَ بِهِ لِإِرَادَةِ الْعَطْفِ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ مُوسِرَةً كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ مُعْسِرَةً لِمِلْكِهَا التَّصَرُّفَ فِي الصَّدَاقِ يُوهِمُ هِبَتَهَا (وَ) أُجْبِرَ الزَّوْجُ (الْمُطَلِّقُ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً قَبْلَ بِنَائِهِ بِالْوَاهِبَةِ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ فِي النِّصْفِ الَّذِي رَجَعَ لَهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ (إنْ أَيْسَرَتْ) الزَّوْجَةُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي لِلزَّوْجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، فَلَا يُشْتَرَطُ يُسْرُهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ (يَوْمَ الطَّلَاقِ) أَيْسَرَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 495 وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى: كَعَبْدٍ، أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي، فَلَا نِصْفَ لَهَا، وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لَا إنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ، أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي، فَنِصْفُ مَا بَقِيَ وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ   [منح الجليل] أَيْضًا أَمْ لَا، فَهَذَا شَرْطٌ فِي جَبْرِهِ فَقَطْ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ تَبْيِينِهَا أَنَّهُ صَدَاقٌ. فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَلَا يَتْبَعُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهِ قَالَهُ عج. وَقَالَ أَحْمَدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَتْبَعُهَا بِهِ، فَلَوْ قَالَ كَالْمُطَلِّقِ كَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ رُجُوعَ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ. (وَإِنْ خَالَعَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ زَوْجَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ) هَذَا الْمُخَالَعَ بِهِ (مِنْ صَدَاقِي) وَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ (فَلَا نِصْفَ لَهَا) مِنْ صَدَاقِهَا وَتَدْفَعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا فِي الْأُولَى بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَفِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا لَهَا النِّصْفُ (وَلَوْ قَبَضَتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا (رَدَّتْهُ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ. (لَا) لَا نِصْفَ لَهَا فَلَهَا النِّصْفُ (إنْ قَالَتْ) الرَّشِيدَةُ (طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ) وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي وَتَدْفَعُ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي خُلْعَ مَا لَهَا عَلَيْهِ وَزِيَادَتُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مَالِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي) صَوَابُهُ أَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي عَقِبَ قَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ وَأَوْلَى عَقِبَ قَوْلِهَا طَلِّقْنِي عَلَيْهَا (فَ) لَهَا (نِصْفُ مَا بَقِيَ) بَعْدَ إسْقَاطِ الْعَشَرَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ (وَتَقَرَّرَ) جَمِيعُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ (بِالْوَطْءِ) فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَشَرَةٍ بَعْدَهُ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَتَدْفَعُ الْعَشَرَةَ فَقَطْ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا هُنَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ سُقُوطِهِ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 496 وَيَرْجِعُ إنْ أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا، وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ وَصُوِّبَ، أَوْ مُطْلَقًا   [منح الجليل] وَ) إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأَصْدَقَهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَ (يَرْجِعُ) الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّدَاقِ (إنْ أَصْدَقَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (مَنْ يَعْلَمُ) الزَّوْجُ (بِعِتْقِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الصَّدَاقِ (عَلَيْهَا) بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا لِكَوْنِهِ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا أَوْ حَاشِيَةً قَرِيبَةً لَهَا، أَيْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِهِ أَيْضًا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهِيَ عَالِمَةٌ، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا، فَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، وَفِي رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَعَدَمِهِ خِلَافٌ فِيهَا إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اسْتِحْسَانُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ، فَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ لَهُ أَخْذَ نِصْفِهِ وَمَضَى عِتْقُ نِصْفِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اتِّبَاعَهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَمَضَى عِتْقُهُ كُلُّهُ، وَقَالَهُ عَمَّنْ كَاشَفَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اتِّبَاعُهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا دُونَهَا لَعَتَقَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَتَهُ، فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ. اهـ. وَقَدْ وَقَعَ فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ نُسَخٍ الْأُولَى بِالتَّحْتِيَّةِ فِي يَرْجِعُ وَيَعْلَمُ، وَالثَّانِيَةُ بِالْفَوْقِيَّةِ فِي تَعْلَمُ وَالتَّحْتِيَّةُ فِي يَرْجِعُ الثَّالِثَةُ عَكْسُهَا، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْأُولَى تَقَيَّدَ بِعِلْمِهَا وَالْأَخِيرَةَ بِعَدَمِ عِلْمِهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَهَلْ) الْعِتْقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ (إنْ رَشَدَتْ) أَيْ كَانَتْ بَالِغَةً مُحْسِنَةً لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَهِيَ ثَيِّبٌ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ (وَصُوِّبَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَقْيِيدُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بِرُشْدِهَا أَيْ صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ قَالُوا تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ خَيْرٌ مِنْ تَأْوِيلِ فَضْلٍ بِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الْآتِي. (أَوْ) يُعْتَقُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِرُشْدِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ كَاشَفَهُ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 497 إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ؟ تَأْوِيلَانِ، وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا، وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ،   [منح الجليل] أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَأَوَّلَهَا فَضْلٌ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ عِلْمِ الْوَلِيِّ بِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ) أَيْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عِتْقَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ رُشْدٍ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً، وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ كَمُعْسِرٍ أُعْتِقَ بِعِلْمِ غَرِيمِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ، وَالزَّوْجُ حِينَ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ أَرُدَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ، وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ عَدَمَ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ، وَقَوْلِي وَهِيَ ثَيِّبٌ احْتِرَازًا عَنْ الْبِكْرِ وَالسَّفِيهَةِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَيُعْطِيهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ رَشَدَتْ سَوَاءٌ عَلِمَ وَلِيُّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا إذْنُهَا. (وَإِنْ عَلِمَ) الْوَلِيُّ بِعِتْقِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا (دُونَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (لَمْ يُعْتَقْ) الصَّدَاقُ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَوْ عَلِمَتْ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ دُونِهَا (وَفِي عِتْقِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) فَعَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَى عَدَمِهِ هَلْ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ يَكُونُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ وَعَلَيْهِ لَهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ سَفِيهَةً، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً عَتَقَ عَلَيْهَا وَلَوْ عَلِمَ وَلِيُّهَا. " غ " الضَّمِيرُ فِي عَلِمَ وَفِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْوَلِيِّ، وَهَذَا قَسِيمُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَشَارَ بِهِ كُلِّهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَصِرًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فِي أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا، أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 498 وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، إلَّا أَنْ تُحَابِيَ فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ، وَالشَّرِكَةُ فِيهِ، وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا فَأَقَلَّ: لَمْ يَأْخُذْهُ   [منح الجليل] دُونَ الْآخَرِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ هُوَ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ. اهـ. إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اشْتَرَطَ انْفِرَادَهُ بِالْعِلْمِ دُونَهَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ. (وَإِنْ) أَصْدَقَهَا عَبْدٌ أَوْ (جَنَى الْعَبْدُ) الصَّدَاقَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ وَهُوَ (فِي يَدِهِ) أَيْ حَوْزُ الزَّوْجِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلزَّوْجَةِ، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَأَحْرَى إذَا جَنَى وَهُوَ فِي يَدِهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَهَا (فَلَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي فِدَاءِ الْعَبْدِ وَإِسْلَامِهِ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا لِلزَّوْجَةِ. (وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ الْجَانِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي جِنَايَتِهِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْعَبْدِ كَهَلَاكِهِ بِسَمَاوِيٍّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تُحَابِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَسَاهُلٍ وَتَسَامُحِ الزَّوْجَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي إسْلَامِ الْعَبْدِ الَّذِي تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى أَرْشِ جِنَايَتِهِ فِيهِ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ (وَالشَّرِكَةُ فِيهِ) أَيْ الْعَبْدِ بِنِصْفِهِ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ، وَلَهُ إجَازَةُ إسْلَامِهَا، وَهَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ الْعَبْدُ، فَإِنْ فَاتَ غَرِمَتْ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الْمُحَابَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ بَاعَتْهُ بِمُحَابَاةٍ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا نِصْفُ الْمُحَابَاةِ، وَفَرَّقُوا بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَلَكِنَّهَا تَبَرَّعَتْ بِبَعْضِ ثَمَنِهِ فَلَزِمَهَا نِصْفُ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ كَتَبَرُّعِهَا بِجَمِيعِهِ، وَفِدَاءُ الْجَانِي كَاشْتِرَائِهِ وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا، فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ فَدَى نِصْفَهُ. (وَإِنْ فَدَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْجَانِي (بِأَرْشِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (فَأَقَلُّ لَمْ يَأْخُذْ) الزَّوْجُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 499 إلَّا بِذَلِكَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَبِأَكْثَرَ: فَكَالْمُحَابَاةِ، وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ. وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ؟ تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] نِصْفَ (هـ) أَيْ الْجَانِي مِنْ الزَّوْجَةِ (إلَّا بِ) نِصْفِ (ذَلِكَ) الْفِدَاءِ إنْ كَانَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بَلْ (وَإِنْ زَادَ) الْفِدَاءُ (عَلَى قِيمَتِهِ) أَيْ الْجَانِي (وَ) إنْ فَدَتْهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ أَرْشِهَا (فَكَالْمُحَابَاةِ) فِي إسْلَامِهِ فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَدَفْعِهِ لَهَا نِصْفَ الْأَرْشِ وَمُشَارَكَتِهَا بِالنِّصْفِ (وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ) إنْ شَاءَتْ (بِ) جَمِيعِ (مَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمٍ (أَوْ ثَمَرَةٍ) جُعِلَتْ صَدَاقًا فِي نِكَاحٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ مَهْرٌ كَنِكَاحِ تَفْوِيضٍ طَلُقَتْ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ فُسِخَ قَبْلَهُ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ، وَتَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ. (وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ) الْمُجْبَرَةِ كَثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَصِيًّا مُجْبِرًا (عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ) أَيْ مُسَامَحَةُ الزَّوْجِ مِنْهُ (قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] لَا قَبْلَهُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ (ابْنُ الْقَاسِمِ وَ) يَجُوزُ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَ (قَبْلَهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (لِمَصْلَحَةٍ، وَهَلْ) قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وِفَاقٌ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَوْ خِلَافٌ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِهَا لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِوَجْهٍ كَعُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفِّفُ عَنْهُ وَيُنْظِرُهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا رَضِيَتْ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ نَظَرًا وَبِهَذَا يَتَّجِهُ كَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلَانِ لِأَشْيَاخِنَا اهـ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 500 وَقَبَضَهُ: مُجْبِرٌ، وَوَصِيٌّ،   [منح الجليل] وَنَحْوُ مَا فِيهَا لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَقْلُ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي جَوَازِ التَّخْفِيفِ قَبْلَ الطَّلَاقِ إذَا ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ كَمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ. وَمَفْهُومُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ بَعْدَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَلَّابِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ. وَوَجْهُهُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّشِيدَةِ وَغَيْرِهَا فَفِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَافْتَضَّهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا لَا مِنْ الْأَبِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إذْ دَخَلَ بِهَا وَافْتَضَّهَا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالْمَسِيسِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ حَقًّا قَدْ وَجَبَ لَهَا إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَسِيسِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] . وَإِذَا مُنِعَ الْعَفْوُ فِي الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي السَّفِيهَةِ أَحْرَى. (وَقَبَضَهُ) أَيْ الصَّدَاقَ وَلِيٌّ (مُجْبِرٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ شَمِلَ الْأَبَ وَوَصِيَّهُ الَّذِي أَمَرَهُ بِالْجَبْرِ (وَ) شَخْصٌ (وَصِيٍّ) مِنْ الْأَبِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْبِنْتِ وَمِثْلُهُمَا الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ عَلَى يَتِيمَةٍ مُهْمَلَةٍ، وَإِنْ أَوْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُجْبِرِ وَالْوَصِيِّ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ الْحَصْرَ فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّ وَلِيَّ النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ إلَّا الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ الْمُهْمَلَةَ لَا تَقْبِضُ صَدَاقَهَا، قَالَ وَالْخَلَاصُ فِي ذَلِكَ بِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَحْضُرَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ وَيَشْتَرِي بِنَقْدِهَا جَهَازَهَا وَيُدْخِلُونَهُ بَيْتَهَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ مَعْزُوًّا لِبَعْضِهِمْ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. قُلْت أَوْ بِتَعْيِينِ الْحَاكِمِ مَنْ يَقْبِضُهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ مِمَّا يَجِبُ وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُجْبِرِ وَالْوَصِيِّ، وَفِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ لَا يَقْبِضُ الصَّدَاقَ إلَّا أَحَدُ سَبْعَةٍ: الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْقَاضِي لِمَنْ إلَى نَظَرِهِ وَالسَّيِّدُ لِأَمَتِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 501 وَصُدِّقَا، وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَا، وَرَجَعَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ،   [منح الجليل] وَالْمَالِكَةُ أَمْرَ نَفْسِهَا وَوَكِيلُهُمْ وَالْحَاضِنُ لِلْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي وِلَايَةٍ إذَا كَانَ صَدَاقُهَا مِمَّا تُجَهَّزُ بِهِ اهـ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ. (وَ) إنْ قَبَضَ الْأَبُ الْمُجْبِرُ أَوْ وَصِيُّهُ الصَّدَاقَ وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ (صُدِّقَا) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا، أَيْ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَاهُمَا قَبْضَهُ وَتَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَبَرِئَ الزَّوْجُ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لِلْمُجْبِرِ أَوْ الْوَصِيِّ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَقُمْ) أَيْ تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ) لِلزَّوْجِ بِدَفْعِهِ لِأَحَدِهِمَا. ابْنُ الْحَاجِّ إنْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْقَبْضَ وَالتَّلَفَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْقَبْضِ فَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ قَوْلَانِ. اهـ. وَمَحَلُّهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي بَرَاءَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِإِقْرَارِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بِقَبْضِهِ إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ. اهـ. وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّصْدِيقُ فِي قَبْضِهِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقَانِ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا، وَإِنَّ الَّذِي لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ هُوَ الْقَبْضُ لَا التَّلَفُ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فَإِنْ قَالَ الْأَبُ قَبَضْتُهُ وَضَاعَ مِنِّي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزَّوْجِ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ إلَّا إقْرَارُ الْأَبِ وَكَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا لَزِمَهَا ذَلِكَ، وَكَانَ قَبْضُهُ لَهَا قَبْضًا وَضَيَاعُهُ مِنْهُ ضَيَاعٌ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْأَبَ الَّذِي لَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْرَأَ بِذَلِكَ الزَّوْجُ. (وَحَلَفَا) أَيْ الْمُجْبِرُ وَالْوَصِيُّ عَلَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ وَيَحْلِفُ السَّيِّدُ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ تَجْهِيزِ الْأَمَةِ بِهِ صَرَّحَ بِهِ حُلُولُو وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بَابًا (وَرَجَعَ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ (إنْ طَلَّقَهَا) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ (فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ) أَيْ دَفَعَ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَلَوْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 502 وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ شِرَاءُ جِهَازٍ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا، أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ، أَوْ تَوْجِيهِهِ إلَيْهِ. وَإِلَّا؛ فَالْمَرْأَةُ. وَإِنْ قُبِضَ اتَّبَعَتْهُ، أَوْ الزَّوْجَ.   [منح الجليل] الْقِيَامِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا، فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ. (وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُجْبِرُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ (شِرَاءُ جَهَازٍ) صَالِحٍ لِمِثْلِهِمَا (تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ) أَيْ الْجَهَازِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (أَوْ) بِ (إحْضَارِهِ) أَيْ الْجَهَازِ (بَيْتَ الْبِنَاءِ أَوْ تَوْجِيهِهِ) أَيْ الْجَهَازِ (إلَيْهِ) أَيْ بَيْتِ الْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَصْحَبُوهُ إلَيْهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ. ابْنُ حَبِيبٍ لِلزَّوْجِ سُؤَالُ الْوَلِيِّ فِيمَا صَرَفَ نَقْدَهُ فِيهِ مِنْ جَهَازٍ وَعَلَى الْوَلِيِّ تَفْسِيرُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ (فَالْمَرْأَةُ) الرَّشِيدَةُ تَقْبِضُ صَدَاقَهَا، فَإِنْ قَبَضَتْهُ وَغَابَتْ وَادَّعَتْ تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ فَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزٌ بِغَيْرِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُخْلِفُهُ مِنْ مَالِهَا وَتَتَجَهَّزُ بِهِ، وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَتْهُ بِالْقَبْضِ إلَخْ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِلتَّجْهِيزِ بِهِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً فَالْمُخَلِّصُ اجْتِمَاعُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَشِرَاءُ الْجَهَازِ اللَّائِقِ بِهِمَا بِحَالِ الصَّدَاقِ وَوَضْعِهِ فِي بَيْتِ الْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ قُبِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قَبَضَ الصَّدَاقَ مَنْ لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهَا لَهُ وَتَلِفَ مِنْهُ فَقَدْ تَعَدَّى فِي قَبْضِهِ وَالزَّوْجُ فِي دَفْعِهِ، فَإِنْ شَاءَتْ (اتَّبَعَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْقَابِضَ (أَوْ) اتَّبَعَتْ (الزَّوْجَ) فَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الْقَابِضِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ وَهَذَا عَلَى نَصْبِ الزَّوْجِ بِعَطْفِهِ عَلَى هَاءِ اتَّبَعَتْهُ، وَيَصِحُّ رَفْعُهُ بِعَطْفِهِ عَلَى فَاعِلِ اتَّبَعَ الْمُسْتَتِرُ فِيهِ لِوُجُودِ الْفَصْلِ بِالْهَاءِ، وَالْمَعْنَى أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 503 وَلَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بِالْقَبْضِ: لَمْ أَقْبِضْهُ، حَلَفَ الزَّوْجُ فِي: كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ.   [منح الجليل] اتَّبَعَ الزَّوْجُ الْقَابِضَ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ وَهَذَأ أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ اتِّبَاعَ الْقَابِضِ أَيْضًا. (وَلَوْ قَالَ الْأَبُ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ كَوَصِيٍّ وَرَشِيدَةٍ (بَعْدَ الْإِشْهَادِ) عَلَى نَفْسِهِ (بِالْقَبْضِ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ، وَمَفْعُولُ قَالَ (لَمْ أَقْبِضْهُ) أَيْ الصَّدَاقَ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا أَشْهَدْتُ عَلَى نَفْسِي بِقَبْضِهِ لِحُسْنِ ظَنِّي فِيهِ وَلِتَشْرِيفِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا الْقَوْلُ وَ (حَلَفَ الزَّوْجُ) لَقَدْ أَقَبَضْته إيَّاهُ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ (فِي) زَمَنٍ قَرِيبٍ مِنْ الْإِشْهَادِ (كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ خَمْسَةً زَائِدَةً عَلَى الْعَشَرَةِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْهَدُ وَاسْتَحَقَّ أَخْذَ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ، وَتَعْرِيفُ الْمُتَضَايِفَيْنِ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَعْرِيفِ الثَّانِي فَقَطْ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ. وَفِي أَكْثَرِهَا تَعْرِيفُ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَهَذَا لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 504 (فَصْلٌ) إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّة، ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ،   [منح الجليل] [فَصْلٌ أَحْكَام تَنَازَعَ الزَّوْجَيْنِ] فَصْلٌ) (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُنَاسِبُهُ) (إذَا تَنَازَعَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَانِ اللَّازِمَانِ لِلتَّنَازُعِ أَوْ الزَّوْجَانِ بِاعْتِبَارِ دَعْوَى أَحَدِهِمَا ثُبُوتَ الزَّوْجِيَّةِ، وَصِلَةُ تَنَازَعَا (فِي) ثُبُوتِ (الزَّوْجِيَّةِ) أَيْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا زَوْجًا لِلْآخَرِ وَنَفْيِهِ بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ، وَجَوَابُ إذَا تَنَازَعَا فِيهِ (ثَبَتَتْ) الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا (بِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) لِمُدَّعِيهَا إنْ شَهِدَتْ بِمُعَايَنَةِ الْعَقْدِ بَلْ (وَلَوْ) شَهِدَتْ (بِالسَّمَاعِ) الْفَاشِيِّ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا نَقْدُهُ كَذَا وَمُؤَجَّلُهُ كَذَا عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا وَلِيُّهَا فُلَانٌ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ، فَلَا يَكْفِي فِيهَا الْإِجْمَالُ كَمَا لَا يَكْفِي فِي بَيِّنَةِ الْقَطْعِ (بِالدُّفِّ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْفَاءِ أَيْ الطَّبْلِ سَوَاءٌ كَانَ بِغِرْبَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آلَاتِهِ (وَالدُّخَانِ) أَيْ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ مَعَ مُعَايَنَةِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ لَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ مَعَ سَمَاعِهَا بِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَالْمَعْنَى يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَطْعِ الْمُسْتَنِدَةِ لِمُعَايَنَةِ الْعَقْدِ أَوْ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ عَايَنَهُمَا بِالنِّكَاحِ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادِهِ إلَى سَمَاعٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ. وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ مِنْ نَاحِيَةِ السَّمَاعِ إذَا حَصَلَ عِلْمُهُمَا بِذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ وَتَوَاتُرِهِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَنَوَازِلِ سَحْنُونٍ اهـ. بَعْضُ الشَّارِحِينَ هَذَا أَحْسَنُ مَحَامِلِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ، وَفِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ مَا يُفِيدُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةِ قَطْعٍ وَلَوْ مُعْتَمَدَةً عَلَى السَّمَاعِ بِسَبَبِ مُعَايَنَةِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ، فَالْبَاءُ الْأُولَى بِمَعْنَى عَلَى، وَالثَّانِيَةُ سَبَبِيَّةٌ وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، أَيْ بِسَبَبِ مُعَايَنَةِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَاخْتَارَ هَذَا طفي، وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ سَمَاعًا فَاشِيًّا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّكَاحِ وَعَايَنْت الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَحَصَلَ لَهُمْ الْيَقِينُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 505 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ، هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ جُلُّ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ فِي النِّكَاحِ إذَا انْتَشَرَ خَبَرُهُ فِي الْجِيرَانِ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَسُمِعَ الدِّفَافُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجُ فُلَانٍ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ النِّكَاحَ اهـ. فَقَوْلُهُ أَنْ يَشْهَدَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهَا بِالْقَطْعِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرُوا طُولَ الْمُدَّةِ هُنَا مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةُ قَطْعٍ وَالدِّفَافُ وَالدُّخَانُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى انْتِشَارِهِ وَكَثْرَتِهِ وَوُجُودِ الْأَمَارَاتِ الْمُفِيدَةِ لِلْقَطْعِ بِالشَّهَادَةِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ إذَا أَفَاضَ بِاسْتِفَاضَتِهِ اهـ. الْمِسْنَاوِيُّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ كَافِيَةٌ كَشَهَادَةِ الْقَطْعِ، وَأَنَّ شُهُودَ السَّمَاعِ شَاهَدُوا الدُّفَّ وَالدُّخَانَ أَوْ سَمِعُوهُمَا وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَقْصُودُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إلَّا أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ كَافِيَةٌ فِي النِّكَاحِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دُفٌّ وَلَا دُخَانٌ، لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَلَامَ الْمُتَيْطِيِّ كَمَا هُوَ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ لَانْتَفَى الْإِيهَامُ. وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ بِحَمْلِهِ عَلَى شَهَادَةِ الْقَطْعِ الْمُسْتَنِدَةِ لِذَلِكَ فَبَعِيدٌ مِنْ قَصْدِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْقَطْعِ هِيَ قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَا عَلَيْنَا فِي مُسْتَنِدِ الْقَطْعِ مَا هُوَ. اهـ. وَأَيْضًا صَنِيعُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُتَيْطِيِّ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ لِنَقْلِهِ عَقِبَهُ قَوْلَ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ حَيْثُ يَتَّفِقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ اهـ. قُلْت قَوْلُهُ أَبِي عِمْرَانَ يُعَيِّنُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ الَّذِي عَيَّنَ الْحَمْلَ عَلَيْهِ. طفي الْبُرْزُلِيُّ مَحَلُّ ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ حَيْثُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي حَوْزِ مُقِيمِهَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدٍ بِزَوْجِيَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ لِأَنَّهَا لَا يُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ اهـ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ دُفٌّ وَدُخَانٌ قَالَهُ أَحْمَدُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 506 وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ. وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَحَلَفَتْ مَعَهُ وَوَرِثَتْ   [منح الجليل] وَإِلَّا) تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِيهَا عَلَى مُنْكِرِهَا (فَلَا يَمِينَ) عَلَى مُنْكِرِهَا مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَلِعَدَمِ ثَمَرَةِ تَوَجُّهِهَا لِعَدَمِ انْقِلَابِهَا إذَا نَكَلَ عَنْهَا إذْ لَا يُقْضَى بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَدَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى مُنْكِرِهِ دُونَ شَاهِدٍ، فَفِي سُقُوطِهَا وَلُزُومِ يَمِينِ الْمُنْكِرِ كَغَيْرِ النِّكَاحِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ بَيْنَ طَارِئَيْنِ. اهـ. وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ زَوْجٍ وَادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا وَهُمَا طَارِئَانِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ لَلَزِمَتْهَا الْيَمِينُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ كَانَا زَوْجَيْنِ. وَقِيلَ لَا يَمِينَ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ عَنْهَا لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي شَاهِدًا. بَلْ (وَلَوْ أَقَامَ) الشَّخْصُ (الْمُدَّعِي) لِلزَّوْجِيَّةِ مِنْهُمَا (شَاهِدًا) لَهُ بِهَا الْحَطّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ طَارِئَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ أَيْضًا. وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ، فَإِنْ نَكَلَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَلَا تُحْبَسُ، وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ غَرِمَ الصَّدَاقَ نَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدًا فَاسْتُحْلِفَتْ الْمَرْأَةُ فَنَكَلَتْ فَلَا يَلْزَمُهَا وَلَا تُسْجَنُ كَمَا يُسْجَنُ الزَّوْجُ فِي الطَّلَاقِ. (وَ) إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا عَلَى مَيِّتٍ بِزَوْجِيَّتِهِ لَهَا (حَلَفَتْ) الْمَرْأَةُ (مَعَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَتْهُ عَلَى زَوْجِيَّتِهَا لِلْمَيِّتِ إنْ شَهِدَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لَا بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ بِهِ، وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ قَالَهُ أَحْمَدُ (وَوَرِثَتْ) الْمَرْأَةُ الْمَيِّتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا آلَتْ إلَى مَالٍ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَارِثٌ ثَابِتٌ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لَا وَارِثَ لَهُ ثَابِتٌ قَالَهُ تت، وَمَشَى الْحَطّ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِهِ، وَتَبِعَهُ سَالِمٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَأَقَرَّهُ النَّاصِرُ قَائِلًا سَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَغَيْرِهِ. اهـ. فَحَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا فِي تَوْضِيحِهِ أَوْلَى وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالظَّاهِرُ حُرْمَتُهَا عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لِدَعْوَاهَا وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ تَزَوُّجُ خَامِسَةٍ إلَخْ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَحَثَهُ تت وَتَبِعَهُ د. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 507 وَأُمِرَ الزَّوْجُ بِاعْتِزَالِهَا لِشَاهِدٍ ثَانٍ زَعَمَ قُرْبَهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ: فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ   [منح الجليل] وَقَالَ الْحَطّ هُوَ ظَاهِرُ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ، وَنِكَاحٌ بَعْدَ مَوْتٍ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَيَرِثُهَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ لَهَا فَالْأَوْلَى وَحَلَفَ مَعَهُ وَوَرِثَ لِيَشْمَلَ الصُّورَتَيْنِ، وَلَمْ يُؤْخَذْ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِاعْتِبَارِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ، وَلَا يَرِدُ الْإِرْثُ لِتَسَبُّبِهِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ أَيْضًا بِخِلَافِ الصَّدَاقِ وَأَيْضًا ثُبُوتُ النِّكَاحِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ غَيْرُ الْمَالِ كَلُحُوقِ النَّسَبِ، فَلَوْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِمَّا أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ تَثْبُتَ الْمَالِيَّةُ خَاصَّةً وَهُوَ تَحَكُّمٌ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا زَوْجِيَّةَ الْآخَرِ وَهُوَ حَيٌّ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا لِأَنَّهَا دَعْوَى نِكَاحٍ، وَاَلَّتِي بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى مَالٍ. (وَ) مَنْ ادَّعَى عَلَى مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِهَذَا عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ، وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا غَائِبًا (أُمِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (الزَّوْجُ) الْحَائِزُ لَهَا أَمْرَ إيجَابٍ (بِاعْتِزَالِهَا) أَيْ تَرْكِ اسْتِمْتَاعِهِ بِالزَّوْجَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا وَإِنْ خِيفَ تَغَيُّبُهَا فَتُحْبَسُ عِنْدَ أَمِينَةٍ إنْ لَمْ تَأْتِ بِكَفِيلٍ (لِ) إتْيَانِ الْمُدَّعِي بِ (شَاهِدٍ) يَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى الْقَطْعِ (زَعَمَ) الْمُدَّعِي (قُرْبَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ الْحَائِزِ لَهَا فِي اعْتِزَالِهَا لِمَجِيئِهِ وَنَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ اعْتِزَالِهَا عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهَا، فَإِنْ ثَبَتَتْ لِمُقِيمِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ اعْتِزَالِهَا وَاسْتِبْرَائِهَا، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْحَائِزِ وَتُرَدُّ إلَى عِصْمَةِ مُقِيمِهَا وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ وَطِئَهَا الْحَائِزُ. (فَإِنْ لَمْ يَأْتِ) الْمُدَّعِي (بِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ الثَّانِي (فَلَا يَمِينَ عَلَى) وَاحِدٍ مِنْ (الزَّوْجَيْنِ) لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ، كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ وق، وَفِي نُسْخَةِ تت وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَشْمَلُ لِشُمُولِهَا زَعْمَهُ بَعْدَ الشَّاهِدِ الثَّانِي. قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي دَعْوَى الثَّانِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْحَائِزِ لَهَا، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 508 وَأُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ لِبَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ، ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِيَ حُجَّةٍ، وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ   [منح الجليل] وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَبْلَهُ فَقَدْ فَاتَتْ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي غَيْرِ عَالِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ. وَقِيلَ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْحَمْلِ لِفَرْضِهَا فِي ذَاتِ وَلِيٍّ وَاحِدٍ وَدُخُولِ الثَّانِي لَا يُفِيتُهَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَلِعِلْمِ الْمَرْأَةِ بِالثَّانِي الْمَانِعِ مِنْ فَوَاتِهَا بِدُخُولِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَوْ ذَاتَ وَلِيَّيْنِ. (وَ) إنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَرْأَةٍ خَلِيَّةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ (أُمِرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمَرْأَةُ (بِانْتِظَارِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي وَعَدَمِ التَّزَوُّجِ بِغَيْرِهِ (لِ) حُضُورِ (بَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ) غَيْبَتُهَا بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي انْتِظَارِهَا رَوَاهُ أَصْبَغُ، زَادَ وَيَرَى الْإِمَامُ لِدَعْوَاهُ وَجْهًا بِأَنْ تُشْبِهَ نِسَاءَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةَ قَطْعٍ أَوْ سَمَاعٍ، فَإِنْ أَتَى بِهَا وَشَهِدَتْ لَهُ وَسَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ شَهَادَتَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهَا فَلَا تُؤْمَرُ بِانْتِظَارِهِ، وَتَتَزَوَّجُ مَتَى شَاءَتْ فِي التَّوْضِيحِ وَحَيْثُ أُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ فَطَلَبُهَا بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهَا لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا، فَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ الْعَطَّارِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ. الْمُتَيْطِيُّ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي هَذَا عِنْدَ شُيُوخِنَا وَانْعَقَدَتْ الْأَحْكَامُ عَلَيْهِ جَعْلُهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ صَالِحَةٍ تَتَحَفَّظُ عَلَيْهَا. (ثُمَّ) إذَا انْتَظَرَتْهُ وَمَضَى الْأَجَلُ وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِبَيِّنَةٍ جَازَ لِلْحَاكِمِ تَعْجِيزُهُ وَ (لَمْ تُسْمَعْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (بَيِّنَتُهُ) الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ (إنْ) كَانَ (عَجَّزَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُدَّعِي (قَاضٍ) حَالَ كَوْنِهِ (مُدَّعِيَ حُجَّةٍ) وَذَكَرَ مَفْهُومَ مُدَّعِيَ حُجَّةٍ لَا مُقَابِلَ قَوْلِهِ وَلَمْ تُسْمَعْ إلَخْ فَقَالَ (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (الْقَبُولُ) لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي الَّتِي أَقَامَهَا بَعْدَ تَعْجِيزِهِ (إنْ) كَانَ (أَقَرَّ) الْمُدَّعِي (عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ) عَنْ إقَامَتِهَا حِينَ تَعْجِيزِهِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَهَذَا عَلَى أَنَّ التَّعْجِيزَ هُوَ الْحُكْمُ بِعَجْزِهِ أَوْ بِرَدِّ دَعْوَاهُ بَعْدَ تَبَيُّنِ لَدَدِهِ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ الْحُكْمُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 509 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَيِّنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بَعْدُ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَجْزِهِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ. وَالْفَرْقُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا هُنَا بَيْنَ ادِّعَائِهِ حُجَّةً وَإِقْرَارِهِ بِعَجْزِهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَوَّلِ بِبُطْلَانِ مَا يَأْتِي بِهِ لِادِّعَائِهِ، وَفِي الثَّانِي بِعَجْزِهِ أَفَادَهُ عب. طفي لَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ تَقْيِيدُ الْعَجْزِ بِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا حُجَّةً، وَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ مِنْ تَمَامِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِي الرِّوَايَةِ سَمِعَ أَصْبَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَنْكَرَتْهُ وَادَّعَى بَيِّنَةً بَعِيدَةً فَلَا تَنْتَظِرُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةً قَرِيبَةً لَا يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ انْتِظَارُهَا، وَيَرَى الْإِمَامُ لِمَا ادَّعَاهُ وَجْهًا، فَإِنْ عَجَّزَهُ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ نَكَحَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ لَا مَضَى الْحُكْمُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، وَقَالَ يَقْبَلُ مِنْهُ الْقَاضِي وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ. وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ تَعْجِيزِهِ فِي أَوَّلِ قِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَمَلٌ، وَبَيْنَ تَعْجِيزِهِ بَعْدَ وُجُوبِ عَمَلٍ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ عَلَيْهِ، فَفِي تَعْجِيزِ الْمَطْلُوبِ قَوْلَانِ، وَفِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ ثَلَاثَةٌ. قِيلَ هَذَا فِي الْقَاضِي الْحَاكِمُ لَا فِيمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْحُكَّامِ. وَقِيلَ فِيهِمَا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إنْ عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، وَإِنْ عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْأَعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي حُجَّةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حُجَّةٍ لِأَنَّهُ رُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ نُفُوذِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ. اهـ. فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْقَيْدَيْنِ لِتَقْيِيدِ ابْنِ رُشْدٍ مَحَلَّ الْخِلَافِ، لَكِنْ حَرَّفَ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ لِشِدَّةِ الِاخْتِصَارِ، فَأَشْكَلَ بِاقْتِضَاءِ مَا ذَكَرَهُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ السَّمَاعِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ هَلْ تُقْبَلُ مِنْهُ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: تُقْبَلُ مِنْهُ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. الثَّانِي: لَا تُقْبَلُ مِنْهُ كَانَ الطَّالِبَ أَوْ الْمَطْلُوبَ. الثَّالِثُ: تُقْبَلُ مِنْ الطَّالِبِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَمَّا كُلُّ شَيْءٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 510 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا يُكَلَّفُ فِيهِ الْمَطْلُوبُ تَحْقِيقَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا كَلَّفَهُ الطَّالِبُ فَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِقَطْعِ دَعْوَاهُ وَيُتْرَكُ وَتَحْقِيقُ مَطْلَبِهِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ، وَلَوْ أَتَى الطَّالِبُ بِشَيْءٍ أَوْجَبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَمَلًا فَأَثْبَتَ الْمَطْلُوبُ مَا يُنْقِضُ ذَلِكَ عَنْهُ فَادَّعَى الطَّالِبُ دَعْوَى، وَاحْتَجَّ بِحُجَّةٍ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهَا بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لَهُ فَإِنَّهُ يُسَجِّلُ بِعَجْزِهِ وَيُحْكَمُ بِقَطْعِ حُجَّتِهِ عَنْ الْمَطْلُوبِ، ثُمَّ لَا يُنْظَرُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُجَّةً وَلَا بَيِّنَةَ لَا ذَلِكَ الْقَاضِي وَلَا غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ تَرْكُ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَأَنَّهُ مَتَى حُقِّقَ حَقُّهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ كَمَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ فِي الْمَطْلُوبِ مَتَى حَكَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْصَاءِ حُجَّتِهِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَهُ حُجَّةٌ وَلَا بَيِّنَةٌ إذَا لَا تُقْطَعُ حُجَّةُ أَحَدٍ أَبَدًا فَلِمَ ضُرِبَتْ لَهُ الْآجَالُ وَوُسِّعَ عَلَيْهِ إلَّا لِتَقَطُّعِ حُجَّتِهِ، وَقَالَ وَلَا أَقُولُ فِيهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. أَبُو الْأَصْبَغِ أَرَادَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي أَقْضِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَتَى بِمَا لَهُ وَجْهٌ قُبِلَ مِنْهُ مِثْلُ إتْيَانِهِ أَوَّلًا بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَرَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ، فَوَجَدَ بَعْدَ الْحُكْمِ شَاهِدًا آخَرَ. وَفِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِثْلُ أَنْ يَظْفَرَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا، وَفِي كِتَابِ الصُّبْرَةِ أَوْ يَجِدُ مَنْ يُجَرِّحُ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِمْ فَيَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ التَّعْجِيزُ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهِ، وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِهِ وَعَدَمِهِ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ التَّعْجِيزُ وَيُكْتَبُ لِمَنْ سَأَلَهُ تَأْكِيدًا لِلْحُكْمِ لَا إنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا ذَكَرَ لَهُ حُجَّةً وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ فَهُوَ التَّعْجِيزُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَالْحُجَّةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ مَا فِي رِسَالَةِ الْقَضَاءِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ لِلْمُدَّعِي أَجَلًا يَنْتَهِي إلَيْهِ، فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أَخَذَ بِحَقِّهِ وَإِلَّا وَجَّهَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْلَى لِلْعَمَارِ وَأَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ. الْبُنَانِيُّ قَدْ بَانَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ أَوَّلًا بِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَطْ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَسَاكِتًا عَمَّا فِي الرِّوَايَةِ وَنَبَّهَ بِنِسْبَتِهِ لِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 511 وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ: تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا وَلَوْ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ فَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ: فُسِخَا: كَالْوَلِيَّيْنِ   [منح الجليل] (وَلَيْسَ لِ) زَوْجٍ (ذِي) صَاحِبِ (ثَلَاثٍ) مِنْ الزَّوْجَاتِ فِي عِصْمَتِهِ ادَّعَى نِكَاحَ رَابِعَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (تَزْوِيجُ) مَرْأَةٍ (خَامِسَةٍ) بِالنِّسْبَةِ لِلَّتِي ادَّعَاهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا) أَيْ الَّتِي ادَّعَاهَا الرَّجُلُ وَأَوْلَى طَلَاقُ إحْدَى الثَّلَاثِ، وَيَصِحُّ طَلَاقُهَا مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ زَوْجِيَّتِهَا وَهُوَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى عِصْمَةٍ مَمْلُوكَةٍ قِبَلَهُ تَحْقِيقًا أَوْ تَعْلِيقًا لِدَعْوَاهُ إنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَإِنَّهَا ظَلَمَتْهُ فِي إنْكَارِهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ. ابْنُ رَاشِدٍ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ وَأَنْكَرَهَا أَنَّهَا لَا تُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهِ لِاعْتِرَافِهَا أَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي حِلِّ الْخَامِسَةِ رُجُوعُهُ عَنْ دَعْوَاهُ وَتَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ. (وَ) إنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَهَا فَأَثْبَتَتْهَا بِشَاهِدَيْنِ فَ (لَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ) زَوْجِيَّتَهَا (طَلَاقًا) لِأَنَّهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ فَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى بِإِنْكَارِهِ طَلَاقَهَا فَيَلْزَمُهُ لِمِلْكِهِ عِصْمَتَهَا، وَلُزُومُهُ بِكُلِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ تُثْبِتْهَا فَلَيْسَ طَلَاقًا وَلَوْ نَوَاهُ بِهِ إذْ لَمْ يَمْلِكْ عِصْمَتَهَا قَبْلَهُ لَا تَحْقِيقًا وَلَا تَعْلِيقًا، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَهِيَ مَعَهُ بِعِصْمَةٍ تَامَّةٍ. (وَلَوْ ادَّعَاهَا) أَيْ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ (رَجُلَانِ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هِيَ زَوْجَتُهُ (فَأَنْكَرَتْهُمَا) أَيْ الْمَرْأَةُ زَوْجِيَّةَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا (أَوْ) أَنْكَرَتْ (أَحَدَهُمَا) وَصَدَّقَتْ الْآخَرَ أَوْ سَكَتَتْ وَلَمْ تُجِبْ بِشَيْءٍ (وَأَقَامَ) أَيْ أَشْهَدَ (كُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (الْبَيِّنَةَ) عَلَى زَوْجِيَّتِهَا لَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَاسْتَوَتْ الْبَيِّنَتَانِ (فُسِخَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ النِّكَاحَانِ الْمَشْهُودُ بِهِمَا بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا (كَ) نِكَاحَيْ (ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ) اللَّذَيْنِ جُهِلَ زَمَنُهُمَا وَلَا يُنْظَرُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ لِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ كَمَا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ وَلَا يُنْظَرُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 512 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِعَدْلِيَّةِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. وَقُيِّدَ الْأَوَّلُ بِاسْتِوَاءِ التَّارِيخَيْنِ أَوْ عَدَمِهِمَا، فَإِنْ وُجِدَا مُتَفَاوِتَيْنِ قُضِيَ بِالسَّابِقِ، وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ قُضِيَ بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ. وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا بِشَهْرٍ وَالْأُخْرَى بِيَوْمٍ مِنْهُ قُضِيَ بِالثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ تَقْطَعَ الْأُولَى بِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَانْظُرْ هَلْ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ لَا يُرَجَّحُ بِتَارِيخٍ وَلَا غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ يَحْلِفُ مَعَ كُلِّ مُرَجِّحٍ وَهُوَ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَالِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا يُنْظَرُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا إلَخْ أَبُو الْحَسَنِ. ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ وَلِيدٍ وَابْنُ غَالِبٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا فَهُوَ أَوْلَى بِهَا، وَفِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي هَذِهِ أَنَّهُ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ الدَّاخِلُ أَوْلَى بِهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ. قَوْلُهُ أَوْ وُرِّخَتَا جَمِيعًا إلَخْ، لَا يَخْفَى فَسَادُهُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا إذَا وُرِّخَتَا مَعًا قُضِيَ بِالسَّابِقَةِ. وَإِنْ وُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بَطَلَتَا مَعًا. الْمُتَيْطِيُّ لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَقَرَّتْ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فُسِخَ نِكَاحُهُمَا بِطَلَاقٍ اهـ نَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وق. قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أُرِّخَتَا وَسَبَقَ تَارِيخُ إحْدَاهُمَا يُعْمَلُ بِالسَّابِقَةِ، وَإِذَا وُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا أُلْغِيَتْ إذْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِ مِنْهُمَا. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا ادَّعَى رَجُلَانِ امْرَأَةً وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا أَوْ مُنْكِرَةٌ لَهُمَا، فَإِنْ عَدَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ فُسِخَ نِكَاحُهُمَا وَكَانَ طَلْقَةً. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ إذَا كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ فَلَا تَهَاتُرَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، فَإِنْ وُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ قُضِيَ بِأَقْدَمِ التَّارِيخِ وَإِنْ لَمْ تُوَرَّخَا فُسِخَ النِّكَاحَانِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ أَوْ تَسَاوَتَا فِي الْعَدَالَةِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ مَا نَقَلَهُ " ز " عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ، وَسَكَتَ عَنْ تَوْرِيخِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ يُفِيدُ الْقَضَاءَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 513 وَفِي التَّوْرِيثِ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ   [منح الجليل] بِالْمُوَرَّخَةِ وَكَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَيْدِ هُوَ الْمَذْهَبُ لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَ التَّارِيخِ وَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي التَّوْرِيثِ) لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ (بِ) سَبَبِ (إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ) مَعًا بِالزَّوْجِيَّةِ (غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ) بِأَنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ تَصَادَقَا عَلَى زَوْجِيَّتِهِمَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا لِمُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ وَعَدَمِهِ خِلَافُ مَحَلِّهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ تَقَارُرُهُمَا مَعًا. وَفِي صِحَّتِهِمَا وَلَا وَلَدَ مَعَهَا اسْتَلْحَقَهُ وَأَشْعَرَ جَعْلَهُ الْخِلَافَ فِي التَّوْرِيثِ بِعَدَمِ ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَثْبُتُ بِتَقَارُرِ بَلَدِيَّيْنِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَهُ أَحْمَدُ وَاحْتُرِزَ بِإِقْرَارِهِمَا عَنْ إقْرَارِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ فَلَا تَوَارُثَ بِهِ اتِّفَاقًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ. بَلْ إنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ تُقِرَّ بِهِ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ وَرِثَتْهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ وَحْدَهَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا وَسَكَتَ وَرِثَهَا وَاحْتَرَزْت بِقَوْلِي فِي الصِّحَّةِ عَمَّا إذَا تَقَارَرَا فِي الْمَرَضِ فَلَا تَوَارُثَ قَطْعًا، إذْ الْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَهُوَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلَوْ طَارِئَيْنِ، وَبِقَوْلِي وَلَا وَلَدَ مَعَهَا اسْتَلْحَقَهُ عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ وَاسْتَلْحَقَهُ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنَّهُ يَرِثُ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمَرْأَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ فِي الْمَرَضِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " ثَلَاثَةُ أُمُورٍ إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُ تَقَارُرِهِمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُهُ قَرِيبًا، وَكَذَا قَوْلُهُ وَفِي الصِّحَّةِ. طفي فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَوَاهِرِ بِكَوْنِ الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ وَإِلَّا فَالْإِرْثُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَقْيِيدِ الْخِلَافِ بِعَدَمِ الْوَلَدِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِرْثُ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ غَيْرُ الْمُقَرِّ بِهَا فَتَرِثُ مَعَهَا إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْوَلَدِ قَطَعَ التُّهْمَةَ، ثُمَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَنْ اخْتَصَرَ فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ بِمَكَّةَ سَمَّاهَا ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ لَهَا. وَكَذَا لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ زَوْجِي فُلَانٌ بِمَكَّةَ فَأَتَى بَعْدَ مَوْتِهَا وَرِثَهَا بِإِقْرَارِهَا بِهِ اهـ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ بِأَثَرِهِ ابْنُ رَاشِدٍ، وَعَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ إنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا لَمْ تَرِثْهُ لِأَنَّ هَذِهِ قَدْ حَازَتْ الْمِيرَاثَ. اهـ. فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ الْخِلَافُ إذَا تَقَارَرَا فِي الصِّحَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 514 وَالْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ. خِلَافٌ؛   [منح الجليل] إذْ الْإِقْرَارُ بِهِ فِي الْمَرَضِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَهُوَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ قَطْعًا. وَكَذَا قَالَ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ قَائِلًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاقْتِصَادِهِ عَلَى نَقْلِ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ فِي فَرْضِهَا فِي الصِّحَّةِ، فَفُهِمَ أَنَّهُ فِي غَيْرِهَا لَا مِيرَاثَ فَقَالَ مَا قَالَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ فِي الْمُحْتَضَرِ، إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ الْمَوَّاقُ. الْبُنَانِيُّ قُلْت لَعَلَّ قَوْلَهُ مَنْ اُحْتُضِرَ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِغَيْبَةِ الزَّوْجَةِ كَفَرْضِهِ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ حَاضِرَةٍ قَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْجَوَاهِرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى رَدِّ كَلَامِ عج لِاحْتِمَالِ كَوْنِ التَّقْيِيدِ بِالصِّحَّةِ مَقْصُودًا أَوَّلًا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَيَكُونُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ تَفْصِيلٌ، أَشَارَ إلَيْهِ آخِرًا. أَوْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الْمُحْتَضَرِ أَخَصُّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَرِيضِ الَّتِي اُحْتُرِزَ عَنْهَا عج لِأَنَّ وَقْتَ الِاحْتِضَارِ يَبْعُدُ فِيهِ الْكَذِبُ. وَقَوْلُ " ز " فَإِنَّهُ يَرِثُ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمَرْأَةَ إلَخْ يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِنَصْبِ الْمُسْتَلْحِقِ مَفْعُولًا، وَرَفْعِ الْمَرْأَةِ فَاعِلًا. وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَرِثُهُ مَعَ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحِقِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ الْخِلَافَ حَيْثُ لَا وَلَدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَتَرِثُهُ، أَيْ الْمُقِرُّ مَعَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَى لُحُوقِ النَّسَبِ جَعَلَ اسْتِلْحَاقَهُ قَاطِعًا لِلتُّهْمَةِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي " ق "، وَأَمَّا إرْثُهُ لَهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَلَدٌ وَانْظُرْ النَّصَّ فِيهِ. (وَ) فِي التَّوْرِيثِ (بِ) سَبَبِ (الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ) غَيْرِ زَوْجٍ وَغَيْرِ وَلَدٍ وَلَوْ أُنْثَى وَغَيْرِ مُعْتِقٍ كَأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ (وَ) الْحَالُ (لَيْسَ ثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ظَرْفُ مَكَان أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ (وَارِثٌ) لِلْمُقِرِّ (ثَابِتٌ) نَسَبُهُ لِلْمُقِرِّ يَجُوزُ جَمِيعُ مَالِهِ أَوْ بَاقِيهِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ وَارِثٌ يَجُوزُ بَعْضُهُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ، وَفِي إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ لِاعْتِمَادِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) فَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَارِثٌ يَجُوزُ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ بَاقِيهِ كَابْنٍ أَوْ أَخٍ فَلَا تَوْرِيثَ بِإِقْرَارِهِ بِاتِّفَاقٍ، وَسَبَبُهُ الْخِلَافُ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَلْ هُوَ وَارِثٌ أَوْ حَائِزٌ، وَخَصَّهُ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ طُولِ زَمَنِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِزَوْجٍ فَهُوَ مَا قَبْلَهُ وَالْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ لَا يُسَمَّى إقْرَارًا عُرْفًا، بَلْ يُسَمَّى اسْتِلْحَاقًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 515 بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ وَإِقْرَارِ أَبَوَيْ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ وَقَوْلِهِ تَزَوَّجْتُك، فَقَالَتْ   [منح الجليل] لَا خِلَافَ فِي الْإِرْثِ بِسَبَبِهِ، وَالْإِقْرَارُ بِمُعْتِقٍ بِالْكَسْرِ وَارِدٌ عَلَى كَلَامِهِ فَالْأَوْلَى اسْتِثْنَاؤُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِي الْإِرْثِ بِهِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُصَدَّقْ الْمُقِرَّ بِالْكَسْرِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا. وَإِنْ صَدَّقَهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِالْآخَرِ، وَفِي إرْثِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ الْخِلَافُ فَالصَّوَابُ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ التَّكْذِيبِ فَقَطْ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ رُجُوعِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ لَهُمَا قَالَهُ الْبَدْرُ وَبَعْضُ الشَّارِحِينَ، قَالَ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَيْ مَفْهُومُهُ فِي أُولَاهُمَا فَقَطْ كَوْنُ الْوَارِثِ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ، بَلْ كَوْنُهُ يُشَارِكُ الْمُقَرَّ بِهِ فِي نَصِيبِهِ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِبَحْثِ ابْنِ رَاشِدٍ، وَنَصُّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ زَوْجَةً بِمَكَّةَ فَإِنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا فَلَا تَرِثُهُ الْمُقَرُّ بِهَا لِحِيَازَةِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ جَمِيعَ مِيرَاثِ الزَّوْجَةِ مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ. قُلْت وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ فَتَعْلِيلُ ابْنِ رَاشِدٍ أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سُقُوطِ مِيرَاثِ الْمُقَرِّ بِهِ وُجُودُ وَارِثٍ ثَابِتٍ يَسْتَحِقُّ النَّصِيبَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ، فَلَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَمْنَع الزَّوْجَةُ الْمُقَرَّ بِهَا مِنْ مِيرَاثِهَا. (بِخِلَافِ) إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ (الطَّارِئَيْنِ) عَلَى بَلْدَةٍ بِزَوْجِيَّتِهِمَا فَيَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ النِّكَاحِ بِهِ، وَسَوَاءٌ قَدِمَا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُمَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ. " غ " لَمْ يَذْكُرْ ثُبُوتَ زَوْجِيَّتِهِمَا اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَقِيلَ دَعْوَى طَارِئَةِ التَّزْوِيجِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَعْوَى التَّزْوِيجِ لِلْإِحْلَالِ وَدَعْوَى كَوْنِهِمَا زَوْجَيْنِ وَقَدْ قِيلَ قَوْلُهَا هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا (وَ) بِخِلَافِ (إقْرَارِ أَبَوَيْ) الزَّوْجَيْنِ (غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ) بِزَوْجِيَّتِهِمَا فَتَثْبُتُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَا حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَيًّا وَالْآخَرُ مَيِّتًا فَيَرِثُ الْحَيُّ الْمَيِّتَ بِهِ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَى إنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى حَيَاتِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَا طَارِئَيْنِ أَمْ لَا. (وَ) بِخِلَافِ (قَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الطَّارِئِ لِلزَّوْجَةِ الطَّارِئَةِ (تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ) الْمَرْأَةُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 516 بَلَى أَوْ قَالَتْ. طَلَّقْتَنِي، أَوْ خَالَعْتَنِي أَوْ قَالَ. اخْتَلَعْت مِنِّي، أَوْ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ، أَوْ حَرَامٌ، أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ. طَلِّقْنِي؛ لَا إنْ لَمْ يَجِبْ، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ أَقَرَّ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ فَأَنْكَرَ وَفِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ   [منح الجليل] مُجِيبَةً لَهُ (بَلَى) أَوْ نَعَمْ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لُغَةً وَعُرْفًا فَيَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُهُمَا وَتَوَارُثُهُمَا، فَإِنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ، وَفِي التَّوَارُثِ الْخِلَافُ (أَوْ قَالَتْ) الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا تَزَوَّجْتُك (طَلِّقْنِي أَوْ خَالِعْنِي) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَوْ طَلَّقْتنِي أَوْ خَالَعْتَنِي بِصِيغَةِ الْمَاضِي، فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهَا يَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُ الطَّارِئَيْنِ وَتَوَارُثُهُمَا وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُ الْبَلَدِيَّيْنِ، وَفِي تَوَارُثِهِمَا الْخِلَافُ. (أَوْ قَالَ) الرَّجُلُ (اخْتَلَعْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ (مِنِّي) أَوْ اخْتَلَعْت أَنَا مِنْك (أَوْ أَنَا مِنْك) بِكَسْرِ الْكَافِ (مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ) قَوْلِهَا لَهُ وَهُمَا طَارِئَانِ (طَلِّقْنِي) فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَالتَّوَارُثُ، فَإِنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ، وَفِي التَّوَارُثِ الْخِلَافُ (لَا) يَثْبُتُ النِّكَاحُ (إنْ) قَالَ تَزَوَّجْتُك أَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي أَوْ خَالِعْنِي وَ (لَمْ يُجَبْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْبَادِئُ مِنْهُمَا زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً بِأَنْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُك فَلَمْ تُجِبْهُ، أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَلَمْ يُجِبْهَا فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ، وَيَصِحُّ ضَبْطُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْمَسْئُولُ السَّائِلَ (أَوْ) قَوْلُهُ (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فِي جَوَابِ قَوْلِهَا تَزَوَّجْتُك أَوَّلًا فِي جَوَابِهِ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ، بِخِلَافِ أَنْتِ عَلَيَّ إلَخْ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً. (أَوْ أَقَرَّ) رَجُلٌ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ (فَأَنْكَرَتْ) الْمَرْأَةُ زَوْجِيَّتَهُ (ثُمَّ قَالَتْ) الْمَرْأَةُ (نَعَمْ) أَنَا زَوْجَتُك (فَأَنْكَرَ) الرَّجُلُ زَوْجِيَّتَهُمَا فَلَا تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهَا بِذَلِكَ وَلَوْ طَارِئَيْنِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ زَمَنِ إقْرَارِهِمَا (وَ) إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ (فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) بِأَنْ قَالَتْ ثَلَاثِينَ وَقَالَ عِشْرِينَ (أَوْ) تَنَازَعَا فِي (صِفَتِهِ) أَيْ الْمَهْرِ بِأَنْ قَالَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَزِيدِيَّةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 517 أَوْ جِنْسِهِ: حَلَفَا. وَفُسِخَ، وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ، وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ، وَغَيْرُهُ: كَالْبَيْعِ؛   [منح الجليل] وَقَالَتْ مُحَمَّدِيَّةٍ مَثَلًا (أَوْ) تَنَازَعَا فِي (جِنْسِهِ) أَيْ الْمَهْرِ بِأَنْ قَالَتْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَقَالَ بِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ وَصْفُهُ كَذَا وَكَذَا، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّوْعَ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَالنِّصْفُ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ (حَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الرَّشِيدَانِ وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهَا كَبَائِعٍ وَيَقُومُ وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدِ مَقَامَهُ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ بِحُكْمٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ بِقَوْلِ الْحَالِفِ وَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ، وَسَوَاءٌ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ. (وَالرُّجُوعُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (لِلْأَشْبَهِ) أَيْ مُوَافِقُ الْمُعْتَادِ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدِهِمَا إنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ لَا فِي الْجِنْسِ، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ وَفُسِخَ مَا نَصُّهُ فِي الْجِنْسِ مُطْلَقًا وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ إلَّا أَنْ يُشْبِهَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ، فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَأَسْقَطَ وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ لَأَفَادَ أَحْكَامَ تَنَازُعِهِمَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بِسُهُولَةٍ (وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ) مُبْتَدَأٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ (بِتَمَامِ التَّحَالُفِ) أَوْ التَّنَاكُلِ أَيْ بِدُونِ احْتِيَاجٍ إلَى حُكْمٍ بِهِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَبَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَجَمَاعَةٌ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِحُكْمٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ (وَغَيْرُهُ) أَيْ الِانْفِسَاخَ كَالْمُبْتَدِئَةِ بِالْيَمِينِ (كَالْبَيْعِ) أَيْ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ صِفَتِهِ الَّذِي سَيَقُولُ فِيهِ وَبُدِئَ الْبَائِعُ فَتَبْدَأُ الْمَرْأَةُ هُنَا لِأَنَّهَا كَالْبَائِعِ أَفَادَهُ تت وعب. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَالْبَيْعِ خَبَرُ الرُّجُوعِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْبَيْعِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلشَّبَهِ هُنَا مُعْتَبَرٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَهُ وَفِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْفَوَاتِ لَا قَبْلَهُ، فَمَحَلُّ الِاعْتِبَارِ مُخْتَلِفٌ، هَذَا مَدْلُولُ كَلَامِ الْمُوَضِّحِ إذْ ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ التَّنَازُعِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَا نَصُّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ، فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ أَوْ يَتَحَالَفَانِ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهِ قَوْلَانِ. اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 518 إلَّا بَعْدَ بِنَاءٍ، أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ، فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ ، وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا عِنْدَ مُعْتَادِيهِ فِي الْقُدْرَةِ وَالصِّفَةِ   [منح الجليل] هُوَ الصَّوَابُ. اهـ. فَدَرَجَ هُنَا عَلَى مَا صَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَفِيهِ أَيْضًا وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَتَنَزَّلَ عَقْدُ النِّكَاحِ مَنْزِلَةَ الْفَوَاتِ فِي الْبَيْعِ لِتَرَتُّبِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ فِرَاشًا وَغَيْرَهُمَا، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فِيمَا رَأَيْت اهـ. وَأَمَّا التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَ فِيهِ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ أَكْثَرِ إطْلَاقِ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، أَوْ مُقَيَّدٌ بِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ، وَدَلِيلُ تَقْيِيدِ مَا تَقَدَّمَ بِكَوْنِ التَّنَازُعِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ قَوْلُهُ (إلَّا) تَنَازُعُهُمَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ) تَنَازَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ وَرَثَةِ الْآخَرِ بَعْدَ (مَوْتٍ) لَهُ أَوْ لَهَا أَوْ لَهُمَا وَتَنَازَعَ فِي ذَلِكَ وَارِثُهُ مَعَ وَارِثِهَا (فَقَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ (بِيَمِينٍ) هُوَ الْمَعْمُولَةُ بِهِ لِأَنَّهُ كَفَوَاتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِقَوْلِهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا قُضِيَ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ تَنَازُعُهَا فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُتَيْطِيِّ لِتَرَجُّحِ قَوْلِهِ بِتَمْكِينِهَا لَهُ نَفْسِهَا، وَلِأَنَّهُ غَارِمٌ. وَتَقْيِيدُ " غ " بِمَا إذَا أَشْبَهَ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيُّ وَتُفِيدُهُ الْإِحَالَةُ عَلَى الْبَيْعِ، لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَهُ وَبَالَغَ عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ وَرِثَتْهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَقَالَ (وَلَوْ ادَّعَى) الزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ أَنَّهُ نَكَحَهَا (تَفْوِيضًا) وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَكَحَهَا بِصَدَاقٍ مُسَمًّى فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ (عِنْدَ مُعْتَادِيهِ) أَيْ التَّفْوِيضِ بِكَسْرِ الدَّالِ جَمْعُ مُعْتَادٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إنْ اعْتَادُوهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَغَلَبَهُ عَلَيْهَا أَوْ سَاوَاهَا، فَإِنْ غَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ اُعْتِيدَتْ وَحْدَهَا فَالْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينِهَا وَوَارِثُ كُلٍّ مِثْلُهُ، وَصِلَةُ قَوْلِهِ (فِي) تَنَازُعِهِمَا فِي (الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ) وَفِي قَوْلِهِ وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا أُمُورٌ، أَحَدُهَا: أَنَّ مَا قِيلَ الْمُبَالَغَةُ يَجِبُ صِدْقُهُ عَلَيْهَا، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ التَّنَازُعُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لَا يَصْدُقُ عَلَى التَّنَازُعِ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَئُولُ إلَى ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ شَرْطٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 519 وَرَدَّ الْمِثْلَ فِي جِنْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ؛ وَثَبَتَ النِّكَاحُ؛ وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ. وَلَوْ   [منح الجليل] حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ فَكَذَلِكَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ. الثَّانِي: إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّفْوِيضَ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّسْمِيَةَ، فَإِنْ عَقَدَ فِي مَوْضِعِ قَوْمٍ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَهَلْ يُغَلَّبُ الزَّوْجُ. الثَّالِثُ: لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فُسِخَ مُطْلَقًا. الرَّابِعُ: إنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَوْ غَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَنَصُّهُ مَحْمَلُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَهُمْ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالتَّفْوِيضِ، وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّسْمِيَةَ خَاصَّةً فَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ. (وَرَدَّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ الزَّوْجُ (الْمِثْلَ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي تَنَازُعِهِمَا بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ (فِي جِنْسِهِ) أَيْ الصَّدَاقِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ فَيَكْتَمِلُ بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَيَتَشَطَّرُ بِطَلَاقٍ قَبْلَ بِنَاءٍ (مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) أَيْ الْمِثْلُ (فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ) الزَّوْجَةُ فَلَا تُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْ (أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ فَيُعْطِيهَا مَا ادَّعَاهُ بِلَا نَقْصٍ (وَ) إذَا رَدَّتْ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ فِي تَنَازُعِهِمَا فِي جِنْسِهِ، أَوْ حَلَفَ فِي تَنَازُعِهِمَا فِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ تَفْوِيضٍ وَتَسْمِيَةٍ (ثَبَتَ النِّكَاحُ) حِسًّا فِي الْبِنَاءِ وَحُكْمًا فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، أَيْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَفِي الْجَلَّابِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ. (وَلَا كَلَامَ) فِي التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ أَوْ قَدْرَ أَوْ صِفَةَ أَوْ جِنْسَ الْمَهْرِ (لِمَرْأَةٍ سَفِيهَةٍ) أَيْ بَالِغَةٍ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَأَوْلَى صَغِيرَةٌ وَكَذَا سَفِيهٌ وَصَغِيرٌ وَالْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ. (وَلَوْ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِتَسْمِيَةٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 520 قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى صَدَاقَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ: لَزِمَا؛ وَقُدِّرَ طَلَاقٌ بَيْنَهُمَا، وَكُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ؛   [منح الجليل] بِتَسْمِيَةٍ فَأَنْكَرَ وَ (أَقَامَتْ) أَيْ أَشْهَدَتْ الزَّوْجَةُ (بِبَيِّنَةٍ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَالْمُتَعَدِّدَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ (عَلَى صَدَاقَيْنِ) عَلَى زَوْجٍ وَاحِدٍ تَزَوَّجَهَا بِهِمَا مَرَّتَيْنِ (فِي عَقْدَيْنِ) وَأَعْذَرَ الْحَاكِمُ لِلزَّوْجِ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَلَمْ يَدْفَعْهُمَا (لَزِمَا) أَيْ الصَّدَاقَانِ الزَّوْجَ إنْ أَثْبَتَتْ أَنَّ إبَانَتَهَا مِنْ الْأَوَّلِ كَانَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا الْآنَ قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذِهِ شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ وَوَسَطِهِ وَاسْتَظْهَرَهَا تَبَعًا لِلْجَوَاهِرِ. وَفِي نُسْخَةٍ قَامَتْ بِدُونِ هَمْزٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهَا أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى صَدَاقٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى عَلَى صَدَاقٍ آخَرَ وَزَمَنُ الْعَقْدَيْنِ مُخْتَلِفٌ، وَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ دَعْوَى الزَّوْجِ وَبَيِّنَتَهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ، وَأَنَّهُ أَبَانَهَا بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا تَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، إذْ لَا يَدْخُلُ مَالُ شَخْصٍ فِي مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ جَبْرًا إلَّا بِالْمِيرَاثِ. (وَقُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (طَلَاقٌ) مِنْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْعَقْدَيْنِ (وَكُلِّفَتْ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ أُلْزِمَتْ الزَّوْجَةُ (بَيَانَ) أَيْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ (أَنَّهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بَعْدَ الْبِنَاءِ) بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِيَكْمُلَ لَهَا الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ وَلَوْ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُقَدَّرَ يَشْطُرُهُ وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِمُحَقَّقٍ، وَالْمُحَقَّقُ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ النِّصْفُ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَهُ لِيَتَحَقَّقَ النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. الْحَطّ ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ قَوْلَيْنِ فِي تَكْلِيفِهَا أَنَّهُ بَعْدَهُ أَوْ تَكْلِيفِ الزَّوْجِ أَنَّهُ قَبْلَهُ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوَّلِ. الشَّارِحُ اُنْظُرْ لِمَ جَزَمَ بِهِ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَأَفْتَى بِهِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِمُقَابِلِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ ادَّعَتْ أَلْفَيْنِ بِعَقْدَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِمَا لَزِمَا وَقُدِّرَ تَخَلُّلُ طَلَاقٍ، فِي تَقْدِيرِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَعَلَى الزَّوْجِ إثْبَاتُهُ قَبْلَهُ لِيَسْقُطَ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ أَوْ قَبْلَهُ، فَعَلَى الْمَرْأَةِ إثْبَاتُهُ بَعْدَهُ لِيَثْبُتَ لَهَا كُلُّهُ خِلَافُ سَبَبِهِ هَلْ الْمُسْتَقِرُّ كُلُّهُ أَوْ نِصْفُهُ، قُلْت مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ بَعْدَ الطَّلَاقِ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْبِنَاءِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 521 وَإِنْ قَالَ: أَصْدَقْتُكِ أَبَاك. فَقَالَتْ: أُمِّي؛ حَلَفَا؛ وَعَتَقَ الْأَبُ؛ وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا؛ وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا؛ وَفِي قَبْضِ مَا حَلَّ؛ فَقَبْلَ الْبِنَاءِ قَوْلُهَا، وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ، بِيَمِينٍ فِيهِمَا:   [منح الجليل] فِيهِمَا بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ كُلِّهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُنْضَمًّا لِمَا ذَكَرْنَاهُ يُبْطِلُهُ وَبِهِ يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ. (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ الَّذِي مَلَكَ أَبَوَيْ زَوْجَتِهِ الرَّقِيقَيْنِ (أَصْدَقْتُك أَبَاك) بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا (فَقَالَتْ) الزَّوْجَةُ أَصْدَقْتنِي (أُمِّي حَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَفُسِخَ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَتَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَعَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ أَيْ تَحَرَّرَ (الْأَبُ) لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهَا وَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ فَكَذَلِكَ لَكِنْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ. (وَإِنْ حَلَفَتْ) الزَّوْجَةُ (دُونَهُ) أَيْ الزَّوْجِ فَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ (عَتَقَا) أَيْ أُمُّ وَأَبُ الزَّوْجَةِ الْأَبُ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِحُرِّيَّتِهِ وَالْأُمُّ لِحَلِفِهَا وَنُكُولِهِ (وَوَلَاؤُهُمَا) أَيْ أَبَوَيْ الزَّوْجَةِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَثَبَتَ النِّكَاحُ بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ فُسِخَ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ أُمِّهَا فِي الْفَسْخِ وَنِصْفِهَا فِي الطَّلَاقِ، وَإِنْ حَلَفَ بَعْدَهُ دُونَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَعَتَقَ الْأَبُ وَلَا يَتَأَتَّى بَعْدَ الْبِنَاءِ حَلِفُهُمَا وَلَا نُكُولُهُمَا، أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ بِالْبِنَاءِ، فَعُلِمَ أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ قَبْلَهُ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا مَعَ عِتْقِ الْأَبِ، وَيَثْبُتُ قَبْلَهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا، وَكَذَا بَعْدَهُ وَذَكَرَهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ السَّابِقِ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَنْ يُعْتَقُ وَمَنْ لَهُ وَلَاؤُهُ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ حَلَفَا إنْ تَنَازَعَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ بَعْدَهُ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينٍ. (وَ) إنْ تَنَازَعَا (فِي قَبْضِ مَا حَلَّ) مِنْ الصَّدَاقِ بِأَنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ وَأَنْكَرَتْهُ (فَ) يُقْبَلُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ قَوْلُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَ) يُقْبَلُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (بِيَمِينٍ فِيهِمَا) أَيْ الزَّوْجِ بَعْدَهُ وَالزَّوْجَةِ قَبْلَهُ لَكِنْ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 522 عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ وَإِسْمَاعِيلُ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا وَفِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِيَمِينٍ، وَإِلَّا   [منح الجليل] عَلَى الْمَذْهَبِ، أَحَدُهَا قَوْلُهُ قَالَ (عَبْدُ الْوَهَّابِ) الْبَغْدَادِيُّ الْقَاضِي يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهَا قَبَضَتْ مَا حَلَّ إذَا تَنَازَعَا فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الصَّدَاقُ مَكْتُوبًا (بِكِتَابٍ) وَهُوَ بِيَدِهَا غَيْرُ مَخْصُومٍ عَلَيْهِ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا بِلَا يَمِينٍ. وَثَانِيهِمَا: قَوْلُهُ (وَ) قَالَ (إسْمَاعِيلُ) الْبَغْدَادِيُّ الْقَاضِي قَبُولُ قَوْلِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُقَيَّدٌ (بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ) دَفْعُ حَالِّ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ (عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا) بِأَنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ فَقَوْلُهَا بِيَمِينٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَشَاهِدٍ. وَبَقِيَ قَيْدَانِ أَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِهَا رَهْنٌ عَلَيْهِ، وَأَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا قَبْلَهُ قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا رَهْنٌ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ قَالَهُ يَحْيَى وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ، قَالَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةٍ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِهَيِّنَةٍ عَلَى دَفْعِهِ. وَمَفْهُومُ مَا حَلَّ أَنَّهُمَا إنْ تَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُؤَجَّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا سَوَاءٌ تَنَازَعَا فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. (وَ) إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ كَافِرَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا فِي الْعِصْمَةِ، وَبَعْدَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ فَسْخٍ. ابْنُ عَرَفَةَ يَكْفِي رَفْعُ أَحَدِ الْكَافِرَيْنِ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ (فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ) الْكَائِنِ فِيهِ (فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ) كَحُلِيٍّ وَمَلْبُوسِ امْرَأَةٍ (بِيَمِينٍ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَوْزِ الرَّجُلِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَلَمْ تَكُنْ فَقِيرَةً، فَإِنْ كَانَ فِي حَوْزِهِ الْخَاصِّ بِهِ كَصُنْدُوقِهِ وَخَزَنَتِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِغَلْقٍ، أَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَادَّعَتْ مَا زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مُعْتَادًا لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِأَنْ كَانَ مُعْتَادًا لِلرِّجَالِ فَقَطْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 523 فَلَهُ بِيَمِينٍ   [منح الجليل] أَوْ مُعْتَادًا لَهُمَا وَلَوْ مُحَرَّمًا عَلَى الرِّجَالِ، كَخَاتَمِ ذَهَبٍ جَرَى الْعُرْفُ بِاِتِّخَاذِهِ الرِّجَالَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ الْمَتَاعُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بِيَمِينٍ) إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَوْزِهَا الْخَاصِّ بِهَا أَوْ الرَّجُلِ مَعْرُوفًا بِالْفَقْرِ وَيَدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ عَادَةً. ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فِيهَا إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ بَعْدَ الْفِرَاقِ قُضِيَ بِمَا يُعْرَفُ لِلنِّسَاءِ لِلْمَرْأَةِ وَبِغَيْرِهِ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا. ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا فِيمَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِ صِنْفَيْهِمَا وَفِي غَيْرِهِ فِي كَوْنِهِ لِلزَّوْجِ أَوْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ إيمَانِهِمَا قَوْلَانِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ وَالْبَقَرُ لِلرِّجَالِ إلَّا مَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ، أَوْ كَانَ الرَّجُلُ مَعَهَا مَعْرُوفًا بِالْفَقْرِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِالْغِنَى فَيُنْسَبُ مِلْكُ ذَلِكَ إلَيْهَا، وَيُذْكَرُ أَنَّهُ لَهَا فَاشِيًا بِالسَّمَاعِ. وَقَوْلُ عُدُولِ الْجِيرَانِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةٌ قَاطِعَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الزَّوْجِ فِيمَا ادَّعَيَاهُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ مُطْلَقًا وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا، ثَالِثُهَا مَا هُوَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ خَاصَّةً لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرُهُ لِلرَّجُلِ، وَرَابِعُهَا مَا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا فِي الْجَمِيعِ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا الْمَعْرُوفُ لِلنِّسَاءِ مِثْلُ التَّوْرِ وَالطَّسْتِ أَوْ الْقِبَابِ وَالْحِجَالِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْفُرُشِ وَالْوَسَائِدِ وَالْمَرَافِقِ، وَجَمِيعِ الْحُلِيِّ وَالْمَعْرُوفُ لِلرِّجَالِ السَّيْفُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالرَّقِيقُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَالْخَاتَمُ الصِّقِلِّيُّ يُرِيدُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ. قُلْت مَا لَمْ يُعْلَمُ مِنْ الرَّجُلِ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ فِي تَخَتُّمِهِ بِالذَّهَبِ، فَإِنْ كَانَ شَكْلُ الْخَاتَمِ لِلْمُصَنِّفِينَ مُخْتَلِفًا كَعُرْفِنَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا كَانَ مُشْتَرِكًا. وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَاثُ الْعَبِيدِ مُشَبَّهٌ كَوْنُهُنَّ لَهُمَا جَمِيعًا خِلَافُ نَصِّهَا وَوِفَاقُ عُرْفِنَا. وَفِي الْوَاضِحَةِ الْمُصَلَّيَاتُ مِنْ مَالِ النِّسَاءِ وَالْمُصْحَفُ مَالُهُمَا، وَكَذَا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالرَّمَكُ وَجَمِيعُ الْحَيَوَانِ وَالْأَطْعِمَةِ، وَالْأُدْمُ وَالثِّمَارُ وَجَمِيعُ مَا يُدَّخَرُ مِنْ الْمَعَاشِ. الشَّيْخُ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالدَّوَابِّ وَالرَّمَكِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا كَانَتْ سَائِمَةً غَيْرَ الْمَرَاكِبِ مِمَّا يَأْوِي لِدُورِ الْبَوَادِي. ابْنُ رُشْدٍ الْمُعْتَبَرُ عُرْفُ كُلِّ بَلَدٍ ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا الدَّارُ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَ الْمَرْأَةَ. ابْنُ رُشْدٍ عُرْفُنَا فِي ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُخْرِجُ الدَّارَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 524 وَلَهَا الْغَزْلُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ، فَشَرِيكَانِ ؛ وَإِنْ نَسَجَتْ وَإِلَّا كُلِّفَتْ   [منح الجليل] الْحُصْرُ لِلرِّجَالِ كَالدَّارِ، ثُمَّ قَالَ لَوْ ادَّعَتْ دِرْعًا وَنَحْوَهُ فَقَالَ هُوَ لِفُلَانٍ وَدِيعَةً عِنْدِي، وَصُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ لِأَنَّهُ حَائِزُهُ لِقَوْلِهَا إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ. وَمِثْلُ الزَّوْجَيْنِ رَجُلٌ سَاكِنٌ مَعَ مَحْرَمِهِ تَنَازَعَ مَعَهَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَأُمِّ وَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا نَازَعَهَا وَارِثُهُ فَلَهَا الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ بِشَرْطِ الْيَسَارَةِ لَا فِي الْكَثِيرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِبَتِهِ سَيِّدِهَا لَهَا، وَلَوْ جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِهَا حَائِزَةٌ لَهُ وَلَوْ مُجْمَلًا، فَيُعْمَلُ بِهَا، فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَلَفَتْ يَمِينًا وَبَقِيَتْ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِهِ، وَلَهَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي د عَنْ الْمُفِيدِ وَلِلْبَدْرِ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا الْأَجْوِبَةُ الْمُحَرَّرَةُ فِي هِبَةِ السَّيِّدِ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَالْمُدَبَّرَةِ أَفَادَهُ عب. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الْغَزْلُ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ بِيَمِينِهَا إذْ هُوَ فِعْلُ النِّسَاءِ غَالِبًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَثْبُتَ) بِإِقْرَارِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ (أَنَّ الْكَتَّانَ) مَثَلًا (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فَ) هُمَا (شَرِيكَانِ) فِي الْغَزْلِ هُوَ بِقِيمَةِ نَحْوِ كَتَّانِهِ، وَهِيَ بِقِيمَةِ غَزْلِهَا ابْنُ عَرَفَةَ. الْمُتَيْطِيُّ لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ تَدَاعَيَا فِي غَزْلٍ فَهُوَ لَهَا بَعْدَ حَلِفِهَا قُلْت إنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ الْحَاكَّةِ وَأَشْبَهَ غَزْلُهُ غَزْلَهَا فَمُشْتَرَكٌ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ أَشْبَهَ غَزْلَهُ مِنْهُمَا، وَنَقَلَهُ مَعَ النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ فِي الطَّسْتِ وَالْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْآنِيَةِ إنْ كَانَ شَأْنُ النِّسَاءِ أَنْ لَا يُخْرِجْنَهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَاخْتَلَفَا قُرْبَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ بِالْبِكْرِ بَعِيدًا وَأَمْكَنَ أَنْ تَتَّخِذَ ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهَا، وَقَدْ تُخْرَجُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا دُونَ شَيْءٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهَا تَكْتَسِبُهُ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ فِي جِهَازِهَا خِلَافَ عُرْفِ كَسْبِهَا بَعْدَهُ وَإِلَّا نَاقَضَ أَوَّلُ الْكَلَامِ آخِرَهُ. (وَإِنْ نَسَجَتْ) الْمَرْأَةُ بِيَدِهَا شُقَّةً وَصَنْعَتُهَا النَّسْجُ فَقَطْ دُونَ الْغَزْلِ وَادَّعَتْ أَنَّ غَزْلَهَا لَهَا،، وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ غَزْلَهَا لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَ (كُلِّفَتْ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 525 بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا؛ وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَا لَهَا: حَلَفَ، وَقُضِيَ لَهُ بِهِ: كَالْعَكْسِ، وَفِي حَلِفِهَا تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] أُلْزِمَتْ الزَّوْجَةُ (بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا) فَإِنْ شَهِدَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ لَهَا قُضِيَ لَهَا بِالشُّقَّةِ بِتَمَامِهَا، وَإِلَّا قُضِيَ بِهَا لِلزَّوْجِ وَدَفَعَ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَنْعَتُهَا الْغَزْلَ وَالنَّسْجَ مَعًا فَالشُّقَّةُ لَهَا دُونَ بَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ، وَإِلَّا أَنْ تَكُونَ صَنْعَتُهُ الْغَزْلَ وَالنَّسْجَ مَعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، حَيْثُ أَشْبَهَتْ صَنْعَتُهُ فِيهِمَا صَنْعَتَهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ، وَيُحْمَلُ هَذِهِ عَلَى مَنْ صَنْعَتُهَا النَّسْجُ فَقَطْ انْدَفَعَتْ مُخَالَفَتُهَا لِمَا تَقَدَّمَ، وَدُفِعَتْ أَيْضًا بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَا هُنَا قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ قُضِيَ بِهَا لِلزَّوْجِ وَدَفَعَ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا إلَخْ، مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي الْغَزْلِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَهُوَ الَّذِي فِي نَقْلِ " ق " عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ النَّسْجِ تَنْسِجُهُ الْمَرْأَةُ فَيَدَّعِي زَوْجُهَا أَنَّ الشُّقَّةَ لَهُ، قَالَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْغَزْلَ كَانَ لَهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ النَّسْجُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْكَتَّانَ وَالْغَزْلَ كَانَ لَهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِيهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ نَسْجِهَا وَهُوَ بِقَدْرِ قِيمَةِ كَتَّانِهِ وَغَزْلِهِ. الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَوْنِ الْغَزْلِ لَهَا، وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ نَسْجَهَا لِلشُّقَّةِ لِبَاسُ الرِّجَالِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْغَزْلَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهَا فِيهِ النَّسْجُ خَاصَّةً. (وَإِنْ أَقَامَ) أَيْ أَشْهَدَ (الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَا) أَيْ مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ مُعْتَادٌ (لَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ كَحُلِيِّ النِّسَاءِ (حَلَفَ) الرَّجُلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ ثَمَنَهُ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (بِهِ) أَيْ الْحُلِيِّ مَثَلًا. وَشُبِّهَ فِي مُطْلَقِ الْقَضَاءِ فَقَالَ (كَالْعَكْسِ) أَيْ إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى شِرَاءِ مَالِهِ قُضِيَ لَهَا بِهِ (وَفِي حَلِفِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لَهَا بِالشِّرَاءِ وَعَدَمِهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِشِرَاءِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ (تَأْوِيلَانِ) مَنْشَؤُهُمَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا الْيَمِينَ فِي الرَّجُلِ، وَسَكَتَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 526 (فَصْلٌ) الْوَلِيمَةُ مَنْدُوبَةٌ   [منح الجليل] عَنْهَا فِي الْمَرْأَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ سَكَتَ عَنْهَا اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الرَّجُلِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ الْعَكْسِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَقَامَ بِبَيِّنَةٍ فِيمَا يُعْرَفُ لِلْآخَرِ أَنَّهُ لَهُ بِهِ وَمَا وَلِيَ الرَّجُلُ شِرَاءَهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِبَيِّنَةٍ أَخَذَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا لِنَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَوْ لِوَارِثِهَا بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهَا، وَمَا وَلِيَتْ شِرَاءَهُ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ لَهَا وَوَرِثَتْهَا فِي الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةُ بِمَنْزِلَتِهَا إلَّا أَنَّهُمْ إنَّمَا يَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الزَّوْجَ اشْتَرَى هَذَا الْمَتَاعَ الَّذِي يَدَّعِي مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ، وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَتَاتِ وَوَرَثَةُ الرَّجُلِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. عَبْدُ الْحَقِّ فِي لُزُومِ حَلِفِ الْمَرْأَةِ فِي اسْتِحْقَاقِهَا مَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ بِشِرَائِهَا إيَّاهُ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ قَوْلًا بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّهَا كَالرَّجُلِ قَائِلًا إنَّمَا سَكَتَ فِيهَا عَنْ يَمِينِهَا لِذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ، وَبَعْضُ شُيُوخِنَا فَرَّقَ بِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ لَا الْعَكْسُ. اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ إنَّمَا يَخْتَصُّ الرَّجُلُ بِمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ لَا عَلَى مُطْلَقِ شِرَائِهِ إنَّمَا يَشْتَرِي لِلنِّسَاءِ الرِّجَالُ. قُلْت وَمُقْتَضَاهُ سُقُوطُ يَمِينِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ. [فَصْلٌ وَلِيمَةُ النِّكَاح] (فَصْلٌ) (الْوَلِيمَةُ) الْبَاجِيَّ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ الْوَلِيمَةُ طَعَامُ النِّكَاحِ. عِيَاضٌ عَنْ الْخَطَّابِيِّ هِيَ طَعَامُ الْأَمْلَاكِ، وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْأَمْلَاكُ فَقَطْ (مَنْدُوبَةٌ) وَلَوْ فِي السَّفَرِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْهَبِ مُسْتَحَبَّةٌ. ابْنُ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» مَعَ الْعَمَلِ بِهِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ الطَّعَامُ فِي الْوَلِيمَةِ لِإِظْهَارِ النِّكَاحِ وَمَعْرِفَتِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَهْلَكُونَ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 527 بَعْدَ الْبِنَاءِ يَوْمًا وَتُجِبُ إجَابَةُ مَنْ عُيِّنَ، وَإِنْ صَائِمًا إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ   [منح الجليل] عب الْمَذْهَبُ نَدْبُهَا وَقَوْلُهُ وَصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَطْعَمَهُ وَلَوْ بِمُدَّيْ شَعِيرٍ. لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَوْلَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَعَلَى بَعْضٍ بِخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَعَلَى زَيْنَبَ بِشَاةٍ» ، وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهَا وَأَنَّهُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ حَصَلَتْ السُّنَّةُ. وَتُنْدَبُ (بَعْدَ الْبِنَاءِ) فَإِنْ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ حَصَلَ مَنْدُوبٌ وَفَاتَ آخَرُ فَالْأَوْلَى وَبَعْدَ الْبِنَاءِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَوَقْتُهَا رَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَوْمٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ. الْبَاجِيَّ رَوَى أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يُولِمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ. ابْنُ حَبِيبٍ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَسْتَحِبُّ الْإِطْعَامَ عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَ عَقْدِهِ» ، وَلَفْظَةُ عِنْدَ تَحْتَمِلُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، وَتَقْدِيمُ إشْهَارِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ كَالْإِشْهَادِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ فَاتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ أَنَّهُ اخْتَارَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَى بِمَا رَأَى مِنْ حَالِ الزَّوْجَةِ. عِيَاضٌ وَاسْتَحَبَّهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا قَبْلَ الْبِنَاءِ (يَوْمًا) أَيْ قِطْعَةً مِنْ الزَّمَنِ يَحْصُلُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِأَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَدْعُوِّ أَوَّلًا. (يَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِحُضُورِهَا بِشَخْصِهِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا وَلَوْ بِكِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ ثِقَةٍ وَلَوْ صَبِيًّا. قِيلَ لَهُ اُدْعُ فُلَانًا أَوْ أَهْلَ مَحَلِّ كَذَا، وَهُمْ مَحْصُورُونَ، فَتَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ ضِمْنًا لَا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَادْعُ مَنْ لَقِيت أَوْ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ مُفْطِرًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (صَائِمًا) إلَّا أَنْ يُخْبِرَ الدَّاعِيَ بِصَوْمِهِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالِانْصِرَافِ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَشَرْطُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْجَزْمُ بِالْحُضُورِ لَا إنْ شِئْت إلَّا لِقَرِينَةِ تَأَدُّبٍ أَوْ اسْتِعْطَافٍ مَعَ رَغْبَتِهِ فِي حُضُورِهِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَهُ خَمْسَةَ شُرُوطٍ أَوَّلُهَا قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَحْضُرْ) مَجْلِسَ الْوَلِيمَةِ (مَنْ يَتَأَذَّى) الْمُعَيَّنُ (بِ) حُضُورِ (هـ) تَأَذِّيًا شَرْعِيًّا مِنْ الْأَرَاذِلِ السَّفَلَةِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، إذْ لَا يَأْمَنُ مَعَهُمْ عَلَى الدِّينِ، وَتَزْوِي مُجَالَسَتُهُمْ وَمُخَاطَبَتُهُمْ وَرُؤْيَتُهُمْ، لَا إنْ كَانَ التَّأَذِّي لِحَظِّ نَفْسِي فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ إلَّا أَنْ يُخْشَى بِمُجَالَسَتِهِ أَوْ خِطَابِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ اغْتِيَابُهُ أَوْ أَذِيَّتُهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 528 وَمُنْكِرٌ: كَفُرُشٍ حَرِيرٍ وَصُوَر عَلَى كَجِدَارٍ،   [منح الجليل] وَثَانِيهَا قَوْلُهُ (وَ) إنْ لَمْ يَحْضُرْ شَيْءٌ شَيْءٌ (مُنْكَرٌ) بِضَمٍّ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ مُحَرَّمٌ شَرْعًا (كَفَرْشِ حَرِيرٍ) يَجْلِسُ الْمُعَيَّنُ عَلَيْهِ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ، وَلَوْ فَرَّقَ حَائِلٌ كَمَسَانِدِ الْحَرِيرِ، وَآنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمِبْخَرَةٍ وَقُمْقُمٍ وَظُرُوفٍ، وَمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ وَصَلَهُ صَوْتُهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ مِنْهُ. نَعَمْ يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِي حُضُورِ وَلِيمَةِ الْمُنْكَرِ إذَا خِيفَ سَطْوَةُ صَاحِبِهَا لِسُلْطَانِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ دَارِ الْوَلِيمَةِ فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ حَيْثُ لَمْ يُسْمَعْ وَإِلَّا أَبَاحَهُ لِأَنَّ سَمَاعَ الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ كَنَظَرِهَا. وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ (وَ) إنْ لَمْ يَحْضُرْ (صُوَرٍ) مُجَسَّدَةٍ لِحَيَوَانٍ عَاقِلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَامِلِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرُ الَّتِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهَا وَلَهَا ظِلٌّ (عَلَى كَجِدَارٍ) لَا مَبْنِيَّةٍ فِي وَسَطِهِ لِأَنَّهَا لَا ظِلَّ لَهَا كَالنَّقْشِ، وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ مَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ إنْ كَانَ يَدُومُ كَخَشَبٍ وَطِينٍ وَسُكَّرٍ وَعَجِينٍ إجْمَاعًا. وَكَذَا إنْ كَانَ لَا يَدُومُ كَقِشْرِ بِطِّيخٍ خِلَافًا لِأَصْبَغَ، وَغَيْرُ ذِي الظِّلِّ يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ مُمْتَهَنٍ كَحَائِطٍ وَوَرَقٍ، فَإِنْ كَانَ فِي مُمْتَهَنٍ كَحَصِيرٍ وَبِسَاطٍ فَخِلَافُ الْأَوْلَى. وَأَمَّا تَصْوِيرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَشَجَرَةٍ وَسَفِينَةٍ وَجَامِعٍ وَمَنَارَةٍ فَجَائِزٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ ظِلٌّ وَيَدُومُ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْمُحَرَّمِ لُعْبَةٌ بِهَيْئَةِ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ لِتَلْعَبَ بِهَا الْبَنَاتُ الصِّغَارُ فَيَجُوزُ تَصْوِيرُهَا وَبَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا لِتَدْرِيبِهِنَّ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ. وَفِي كِتَابِ الْبَرَكَةِ يَجُوزُ نَصْبُ الْأُرْجُوحَةِ وَاللَّعِبُ بِهَا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. الْعِرَاقِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا تَنْفَعُ لِوَجَعِ الظَّهْرِ. ابْنُ شَاسٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى جُدْرَانِ الدَّارِ صُوَرٌ أَوْ سَتَائِرُ وَلَا بَأْسَ بِصُوَرِ الْأَشْجَارِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ عَنْ الْمَذْهَبِ هُنَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَرَادَ الصُّوَرَ الْمُجَسَّدَةَ فَصَوَابٌ وَإِلَّا فَلَا، وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ عَنْ غَيْرِ الْمَذْهَبِ مُحْتَجًّا «بِرُجُوعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْتِ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - الْفِرَاشُ رَآهُ فِي نَاحِيَتِهِ» ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَيْسَ لِي أَنْ أَدْخُلَ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ» ، أَوْ قَالَ مُزَوَّقًا وَبِرُجُوعِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أَيُّوبَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي فِي الْمَذْهَبِ مَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلُ وَهُوَ تُكْرَهُ التَّمَاثِيلُ الَّتِي فِي الْأَسِرَّةِ وَالْقِبَابِ وَالْمَنَابِرِ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 529 لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ، وَلَوْ فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَثْرَةِ زِحَامٍ وَإِغْلَاقِ بَابٍ دُونَهُ   [منح الجليل] وَلَيْسَ كَالثِّيَابِ وَالْبُسُطِ الَّتِي تُمْتَهَنُ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا كَانَ يُمْتَهَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا. ابْنُ رُشْدٍ تَحَصَّلَ فِيهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ تَحْرِيمِ مَا لَهُ ظِلٌّ قَائِمٌ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: إبَاحَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ وَلَوْ فِي جُدْرَانٍ أَوْ ثَوْبٍ مَنْصُوبٍ. وَالثَّانِي: تَحْرِيمُ جَمِيعِ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ: تَحْرِيمُ مَا فِي جِدَارٍ أَوْ ثَوْبٍ مَنْصُوبٍ وَإِبَاحَةُ مَا فِي ثَوْبٍ مَبْسُوطٍ. وَالرَّابِعُ: تَحْرِيمُ مَا بِالْجِدَارِ وَإِبَاحَةُ مَا بِالثَّوْبِ الْمَبْسُوطِ وَالْمَنْصُوبِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ فِي صُوَرِ الثِّيَابِ قَوْلَيْنِ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْإِبَاحَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ، وَأَيَّامًا كَانَ فَلَا يَصِلُ ذَلِكَ لِرَفْعِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ أَوْ سَتَائِرَ إنْ أَرَادَ بِغَيْرِ ثِيَابِ الْحَرِيرِ. فَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ فِي الْمَذْهَبِ. وَإِنْ أَرَادَ بِالْحَرِيرِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فَصَوَابٌ، وَأَمَّا مَا لَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ وَمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ فَالْأَظْهَرُ خِفَّتُهُ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ. (لَا) يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ (مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ) خَفِيفٍ كَدُفٍّ وَكَبَرٍ يَلْعَبُ بِهِ رِجَالٌ أَوْ نِسَاءٌ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ لَيْسَ ذَا هَيْئَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ) وَاحْتُرِزَ عَنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَمَشْيٍ عَلَى حَبْلٍ أَوْ عُكَّازَيْنِ قَدْرَ قَامَةٍ، وَجَعَلَ خَشَبَةً عَلَى جَبْهَةِ إنْسَانٍ وَصُعُودُ آخَرَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَمَلَهُ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَّا أَنَّهُ كُرِهَ لِذِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ اهـ. وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ (وَ) إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ (كَثْرَةُ زِحَامٍ) فَإِنْ كَانَتْ فَقَدْ رَخَّصَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي التَّخَلُّفِ لِأَجْلِهَا. وَخَامِسُهَا: قَوْلُهُ (وَ) لَمْ يَكُنْ (إغْلَاقُ بَابٍ) لِبَيْتِ الْوَلِيمَةِ (دُونَهُ) أَيْ عِنْدَ وُصُولِ الْمُعَيَّنِ لَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُغْلَقُ عِنْدَ حُضُورِهِ وَلَوْ لِلْمُشَاوَرَةِ عَلَيْهِ فَيُبَاحُ تَخَلُّفُهُ، فَإِنْ أُغْلِقَ لَا لِحُضُورِهِ بَلْ لِمَنْعِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يُبَاحُ التَّخَلُّفُ لِأَنَّهُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 530 وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] لِضَرُورَةٍ، وَعَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِغَلْقٍ وَنَصُّهُ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْكَرٌ، وَلَا فَرْشُ حَرِيرٍ وَلَا فِي الْجَمِيعِ مَنْ يَتَأَذَّى بِمُجَالَسَتِهِ وَحُضُورِهِ مِنْ السَّفَلَةِ وَالْأَرَاذِلِ وَلَا زِحَامٌ وَلَا غَلْقُ بَابٍ دُونَهُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ سَعَةَ التَّخَلُّفِ لِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَلْقٍ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا لَفْظَهُ وَالصَّوَابُ إغْلَاقُ اهـ " غ ". قُلْت أَنْكَرَ فِقْهَهُ وَلَفْظَهُ وَلَيْسَا بِمُنْكَرَيْنِ، أَمَّا الْفِقْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ زِحَامًا أَوْ غُلِقَ دُونَهُ الْبَابُ رَجَعَ أَيْضًا، وَأَمَّا لَفْظُهُ فَالِاسْمُ الثُّلَاثِيُّ مَسْمُوعٌ بِاتِّفَاقٍ، وَالْفِعْلُ مَهْجُورٌ فِي الْفُصْحَى، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ: وَلَا أَقُولُ لِقَدْرِ الْقَوْمِ قَدْ غَلَيَتْ ... وَلَا أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ أَيْ فَإِنَّهُ فَصِيحٌ لَا يُنْطَقُ إلَّا بِالْمُسْتَعْمَلِ. وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُ عَفِيفٌ لَا يَتَطَفَّلُ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَتَحْلِيلِ التَّعْقِيدِ، وَلِذَا عَدَلَ عَنْ الثُّلَاثِيِّ الْأَخْصَرِ إلَى الرُّبَاعِيِّ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ كَوْنُ الْوَلِيمَةِ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ لِكَافِرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَصْوَبُ أَوْ الْوَاجِبُ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِأَنَّ فِيهَا إعْزَازًا لَهُ، وَالْمَطْلُوبُ إذْلَالُهُ. وَمِنْ شُرُوطِهَا أَيْضًا أَنْ لَا يَبْعُدَ مَكَانُهَا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْمَدْعُوِّ الْحُضُورُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَأَوْلَى مَرَضٌ أَوْ حِفْظُ مَالٍ أَوْ خَوْفُ عَدُوٍّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ شِدَّةُ وَحْلٍ أَوْ مَرَضٌ، وَأَنْ لَا يَخُصَّ بِالدَّعْوَةِ الْأَغْنِيَاءَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى رُءُوسِ الْآكِلِينَ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَأَنْ لَا تُفْعَلَ لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ الدَّاعِيَةُ مَرْأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ وَلَا أَمْرَدَ تُخْشَى مِنْهُ رِيبَةٌ أَوْ تُهْمَةٌ، وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ دَاعٍ إلَى وَلِيمَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَذُو الرَّحِمِ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ رَحِمًا، ثُمَّ الْأَقْرَبُ دَارًا، ثُمَّ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ تَقْدِيمِهِ. (وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ) الشَّخْصِ (الْمُفْطِرِ) مِنْ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ قَدْرًا يُسِرُّ قَلْبَ صَاحِبِهَا فِيمَا عُرِفَ وَعَدَمِهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرِّسَالَةِ، قَالَ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 531 وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ مَدْعُوٍّ؛ إلَّا بِإِذْنٍ وَكُرِهَ: نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ؛   [منح الجليل] لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ الْبَاجِيَّ لَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا جَلِيًّا، وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي قَوْلِي عُلَمَاءَ خَارِجَ الْمَذْهَبِ قَالَهُ تت. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا فِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُجِيبِ، وَفِي الْمَذْهَبِ مَا يَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ رَوَى مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ، أَوْ كَانَ صَائِمًا. قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ ذَلِكَ بِالْوَكِيدِ وَهُوَ خَفِيفٌ، فَقَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَنَّ الْأَكْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ عَلَى وُجُوبِهِ قُلْت رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ نَصٌّ فِقْهِيٌّ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْأَكْلِ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ، فَكَيْفَ يَقُولُ لَا نَصَّ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُ مَالِكٍ لَا يَطْعَمُ خِلَافُ الْحَدِيثِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى صِلَةِ الْمَدْعُوِّ كَانَ حَسَنًا، فَالرَّجُلُ الْجَلِيلُ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يَطْعَمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشَرُّفُ بِمَجِيئِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِي أَكْلِهِ وَتَحْدُثُ وَحْشَةٌ بِتَرْكِهِ فَاتِّبَاعُ الْحَدِيثِ أَوْلَى لَهُ. وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ فَمَنْ شَاءَ طَعِمَ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ» ، وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِعَدَمِ كِفَايَةِ الْحُضُورِ وَالِانْصِرَافِ قَبْلَ وَقْتِ الطَّعَامِ لِغَيْرِ مَانِعٍ. (وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْوَلِيمَةِ إنْسَانٌ (غَيْرُ مَدْعُوٍّ) لِحُضُورِهَا بِكُلِّ وَجْهٍ (إلَّا) دُخُولُهُ (بِإِذْنٍ) مِنْ صَاحِبِ الْوَلِيمَةِ فِي الدُّخُولِ فَيَجُوزُ دُخُولُهُ مَعَ حُرْمَةِ مَجِيئِهِ. تت ظَاهِرُهُ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ دُخُولَهُ مُؤَدٍّ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ نِسْبَتُهُ لِلْخَسَّةِ وَالسُّقَاطَةِ أَوْ الْوُقُوعِ فِي عِرْضِهِ وَحِفْظُهُ وَاجِبٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَابِعًا لِذِي قَدْرٍ قَدْ عُرِفَ عَدَمُ مَجِيئِهِ وَحْدَهُ لِوَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ. قُلْت بَلْ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دُعِيَ لِوَلِيمَةٍ فَتَبِعَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِلَا دَعْوَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَاحِبِ الْوَلِيمَةِ أَتَأْذَنُ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ تَبِعَنِي بِلَا دَعْوَةٍ فَقَالَ أَذِنْت لَهُ» . (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ) فِي الْوَلِيمَةِ أَوْ عِنْدَ الْعَقْدِ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أَحْضَرَهُ رَبُّهُ لِلنُّهْبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ شَيْئًا مِمَّا حَصَلَ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَإِلَّا حَرُمَ. أَبُو عِمْرَانَ اُخْتُلِفَ فِي نَهْبِ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ وَسَائِرِ مَا يُنْثَرُ فِي الْأَعْرَاسِ، وَالْخِتَانِ وَإِخْرَاسِ الصِّبْيَانِ، وَكَرِهَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 532 لَا الْغِرْبَالُ وَلَوْ لِرَجُلٍ، وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ابْنُ كِنَانَةَ وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ.   [منح الجليل] مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَكْلَ شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَلِسُهُ الصِّبْيَانُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ أَذِنَ أَهْلُهُ فِيهِ (لَا) يُكْرَهُ (الْغِرْبَالُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الطَّارُّ الْمُغَشَّى بِجِلْدٍ مِنْ وَجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، أَيْ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ إنْ خَلَا عَنْ الصَّرَاصِيرِ وَإِلَّا حَرُمَ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَدْخَلِ وَالْحَطّ، وَيُرَادِفُهُ الدُّفُّ وَالْبُنْدِيرُ إنْ كَانَ طَبْلُ الْغِرْبَالِ لِمَرْأَةٍ بَلْ (وَلَوْ لِرَجُلٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ إنَّمَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ هَذَا ظَاهِرٌ، وَالنَّصُّ وَالْحَدِيثُ يَدُلَّانِ عَلَى نَدْبِهِ فِيهَا. (وَفِي) جَوَازِ (الْكَبَرِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ الشَّارِحُ كَأَنَّهُ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُدَوَّرُ الْمُغَشَّى بِجِلْدٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَقَالَ الْأُدْفُوِيُّ لَعَلَّهُ الطَّبْلُ خَانَاهْ. الْبُنَانِيُّ هُوَ طَبْلَانِ مُتَلَاصِقَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ يُحْمَلَانِ عَلَى جَمَلٍ فِي الزِّفَافِ مَيَّارَةُ الْكَبَرُ طَبْلٌ صَغِيرٌ طَوِيلٌ مُجَلَّدٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) جَوَازُ (الْمِزْهَرِ) كَمِنْبَرٍ أَيْ الطَّبْلُ الْمُرَبَّعُ الْمَغْشِيُّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى الْغِرْبَالِ، وَمَنَعَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَفَسَّرَهُ سَالِمٌ بِالْكَرَاهَةِ. (ثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ (يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ) وَيُمْنَعُ فِي الْمِزْهَرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ (ابْنُ كِنَانَةَ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ وِعَاءِ السِّهَامِ (وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ) أَيْ النَّفِيرُ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إنْ كَانَ اسْتِعْمَالُهُمَا يَسِيرًا. الْأَيْلَهِيُّ كُلُّ اللَّهْوِ وَيُمْنَعُ الْكَثِيرُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَهُمَا مَكْرُوهَانِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ، وَالْمِعْزَفُ آلَةُ اللَّهْوِ مُطْلَقًا. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 533 (فَصْلٌ) إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ   [منح الجليل] [فَصْلٌ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ وَالنُّشُوز] فَصْلٌ) (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالنُّشُوزِ وَمَا يُنَاسِبُهُمَا) (إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ) عَلَى زَوْجٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حَاضِرٍ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ ذِي آلَةٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ مَجْبُوبٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ (لِلزَّوْجَاتِ) الْمُطِيقَاتِ كُنَّ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ إجْمَاعًا، وَصِلَةُ الْقَسْمِ (فِي الْمَبِيتِ) عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً وَالْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهَا وَيَجُوزُ بِأَكْثَرَ إنْ رَضِيَا بِهِ كَمَا يَأْتِي، وَاحْتُرِزَ بِالزَّوْجَاتِ عَنْ السَّرَارِي وَعَنْ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالزَّوْجَةِ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ شَاسٍ لَا يَجِبُ بَيْنَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ وَلَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى الْعَدْلُ وَكَفُّ الْأَذَى وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كَفَّ الْأَذَى وَاجِبٌ فِيهَا لَيْسَ لِأُمِّ وَلَدٍ مَعَ حُرَّةٍ قَسْمٌ، فَجَائِزٌ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يُضَارَّ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى مَجْمُوعُ الْعَدْلِ وَكَفُّ الْأَذَى لَا مُجَرَّدُ كَفِّ الْأَذَى، وَبِأَنَّ الْأَذَى غَيْرُ الضَّرَرِ وَأَخَفُّ مِنْهُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِ تَرْكِ الْأَذَى أَوْلَى، وَكَوْنِ تَرْكِ الضَّرَرِ وَاجِبًا. وَدَلِيلُ كَوْنِهِ غَيْرَهُ وَأَخَفَّ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلا أَذًى} [آل عمران: 111] آلِ عِمْرَانَ. اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبُ لَا مَقَالَ لِلْحُرَّةِ فِي إقَامَتِهِ عِنْدَ الْأَمَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ إجْمَاعٌ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا. قُلْت الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبْيِيتُهُ مَعَهَا مَرْأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ، وَرُبَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ زَمَنَ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ، وَلَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْمَبِيتِ عِنْدَ الزَّوْجَةِ الْأُنْسَ وَإِذْهَابَ الْوَحْشَةِ وَجَبَ الْقَسْمُ فِيهِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوَطْءُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 534 وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا: كَمُحْرِمَةٍ، وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا، وَرَتْقَاءَ؛ لَا فِي الْوَطْءِ إلَّا لِإِضْرَارٍ كَكَفِّهِ لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِأُخْرَى   [منح الجليل] بَلْ (وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا) أَوْ عَادَةً (أَوْ طَبْعًا) الْأَوَّلُ (كَمُحْرِمَةٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ (وَمُظَاهَرٍ) وَمُولًى (مِنْهَا وَ) الثَّانِي كَ (رَتْقَاءَ) وَالثَّالِثُ كَمُجْذَمَةٍ وَمَجْنُونَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَسْمُ لِصَغِيرَةٍ جُومِعَتْ وَمَجْنُونَةٍ وَرَتْقَاءَ وَمَرِيضَةٍ لَا تُجَامَعُ وَحَائِضٍ وَكِتَابِيَّةٍ وَأَمَةٍ كَكَبِيرَةٍ صَحِيحَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ، زَادَ اللَّخْمِيُّ النُّفَسَاءُ وَالْمُحْرِمَةُ وَمَنْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَهُمَا عَلَى حَقّهَا فِي الْكَوْنِ عِنْدَهُمَا، وَأَنْ لَا يُصِيبَ الْبَوَاقِيَ اللَّاتِي لَمْ يُولِ وَلَمْ يُظَاهِرْ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَنْحَلَّ مِنْ الْإِيلَاءِ أَوْ الظِّهَارِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْحَلَّ مِنْهُمَا الْآنَ إنْ أَقَامَتْ بِحَقِّهَا الَّتِي لَمْ يُولِ وَلَمْ يُظَاهِرْ مِنْهَا، وَمَحْمَلُ الْآيَةِ عَلَى مَنْ كَانَ خُلُوًّا مِنْ غَيْرِ الْمُولَى مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْعَدْلِ فِي تَرْكِ الْإِصَابَةِ لِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَزِلَ جَمِيعَهُنَّ وَقَدْ «غَاضَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضَ نِسَائِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ - فَاعْتَزَلَ جَمِيعَهُنَّ شَهْرًا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. (لَا) يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (فِي الْوَطْءِ) فَيُتْرَكُ فِيهِ لِسَجِيَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) قَصْدِ (إضْرَارٍ) لِإِحْدَى الزَّوْجَاتِ بِعَدَمِ وَطْئِهَا سَوَاءٌ تَضَرَّرَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا (كَكَفِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ نَفْسَهُ عَنْ وَطْءِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مَعَ مَيْلِ طَبْعِهِ إلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهَا (لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِ) زَوْجَتِهِ (الْأُخْرَى) فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْكَفِّ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْوَطْءِ وَلَا بِالْقَلْبِ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْشَطَ لِلْجِمَاعِ فِي يَوْمِ هَذِهِ دُونَ يَوْمِ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ ضَرَرًا أَوْ يَكُفَّ عَنْ هَذِهِ لِلَذَّتِهِ فِي الْأُخْرَى فَلَا يَحِلُّ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْسُوَ إحْدَاهُمَا الْخَزَّ وَيُحَلِّيَهَا دُونَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَكُنْ مَيْلًا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَعْرُوفُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إنْ قَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا بِقَدْرِ حَالِهَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ بِمَا شَاءَ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُنَّ فِي مَالِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ. قُلْت قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ حَكَاهُ الْمُتَيْطِيُّ رِوَايَةً وَأُخِذَ مِنْ هَذَا وُجُوبُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 535 وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ إطَاقَتُهُ وَعَلَى الْمَرِيضِ إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ؛ فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ. وَفَاتَ إنْ ظَلَمَ فِيهِ:   [منح الجليل] وَطْءِ الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ حَيْثُ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِهِ، فَإِنْ شَكَتْ قِلَّتَهُ قُضِيَ لَهَا بِلَيْلَةٍ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ لَهُ تَزَوُّجَ ثَلَاثٍ سِوَاهَا، وَإِنْ شَكَا الزَّوْجُ قِلَّتَهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهَا بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْأَجِيرِ عَلَى الْخِدْمَةِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا قَالَهُ عج. أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ أَبُو عِمْرَانَ اُخْتُلِفَ فِي أَقَلَّ مَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ الْوَطْءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ أَخَذَهُ مِنْ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ. وَقِيلَ لَيْلَةً مِنْ ثَلَاثٍ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] النِّسَاءِ وَقَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَرَّةٍ فِي الطُّهْرِ لِيُحْبِلَهَا. (وَ) يَجِبُ (عَلَى وَلِيِّ) الزَّوْجِ الْبَالِغِ (الْمَجْنُونِ) الَّذِي لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ (إطَاقَتُهُ) عَلَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ عَلَى إحْدَاهُمَا عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَيُبْقِيَهُ عِنْدَهَا إلَى غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهَا فَيُخْرِجَهُ مِنْ عِنْدِهَا وَيُدْخِلَهُ عَلَى أُخْرَى كَذَلِكَ، وَهَكَذَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ لِأَنَّهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي يَتَوَلَّى وَلِيُّهُ اسْتِيفَاءَهَا لَهُ أَوْ تَمْكِينَهُ مِنْهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ إطَاقَتُهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِوَطْئِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ. (وَ) يَجِبُ الْقَسْمُ فِي الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (عَلَى) الزَّوْجِ (الْمَرِيضِ) الَّذِي يَسْتَطِيعُ الِانْتِقَالَ مِنْ مَحَلِّ إحْدَاهُمَا إلَى مَحَلِّ الْأُخْرَى فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ) الْمَرِيضُ الطَّوَافَ عَلَيْهِنَّ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ (فَ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ وَيُقِيمُ (عِنْدَ مَنْ شَاءَ) الْمَرِيضُ الْإِقَامَةَ عِنْدَهَا مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ لِرَأْفَتِهَا بِهِ فِي مَرَضِهِ، وَإِذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ وَفِيهَا يَقْسِمُ الْمَرِيضُ بَيْنَ نِسَائِهِ بِالْعَدْلِ إنْ قَدَرَ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَقَامَ عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ شَاءَ لِإِفَاقَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا، فَإِذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ (وَفَاتَ) الْمَبِيتُ أَيْ لَا يُقْضَى (إنْ ظَلَمَ) الزَّوْجُ إحْدَى زَوْجَاتِهِ (فِيهِ) أَيْ الْمَبِيتِ بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ لَيْلَتَيْنِ أَوْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 536 كَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ يَأْبَقُ.   [منح الجليل] أَكْثَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِنَّ كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ إنْ ظَلَمَ فِيهِ أُخْرَى بِفَوَاتِهِ كَفَّرَهُ وَبَيَاتُهُ عِنْدَ غَيْرِهِنَّ لِعُذْرٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْمَبِيتِ دَفْعُ الضَّرَرِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ فَلَا يَجْعَلُ لِمَنْ فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةً عِوَضًا عَنْهَا لِأَنَّهُ يَظْلِمُ حِينَئِذٍ صَاحِبَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي جَعَلَهَا عِوَضًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ قَسْمِهِ لِتَالِيَةِ الْمَظْلُومَةِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ لَيْلَةٌ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمِهِ لِلتَّالِيَةِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ لِأَنَّ ظُلْمَهُ بِبَيَاتِهِ عِنْدَ غَيْرِ الثَّانِيَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا فِيمَا يَلِيهَا، وَهَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ ابْنِ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ، إنْ عَدَا بِتَرْكِ يَوْمِ إحْدَاهُمَا لَا عِنْدَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ لِمَنْ ذَهَبَ يَوْمُهَا الْمُحَاسَبَةُ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ حَاسَبَتْ بِهِ لَأَخَذَتْ يَوْمَ صَاحِبَتِهَا وَهِيَ لَمْ يَصِلْهَا إلَّا حَقُّهَا، قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عِدَاهُ إلَّا بَعْدَ الْقِيمَةِ التَّالِيَةِ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَزِمَهُ يَوْمُ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمَتِهِ لِلتَّالِيَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ اهـ. وَشَبَّهَ فِي الْفَوَاتِ فَقَالَ (كَخِدْمَةِ) رَقِيقٍ (مُعْتَقٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ (بَعْضُهُ يَأْبَقُ) شَهْرًا مَثَلًا يَجِيءُ لِمَالِكِ بَعْضِهِ فَلَا يُحَاسِبُهُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ مَا يَخُصُّهُ مِنْ عَمَلِهِ وَكَذَا رَقِيقٌ مُشْتَرَكٌ قُسِمَتْ خِدْمَتُهُ مُهَايَأَةً يَخْدُمُ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ وَيَأْبَقُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَلَيْسَ لِمَنْ أَبَقَ الرَّقِيقُ فِي زَمَنِ خِدْمَتِهِ مُحَاسَبَةُ شَرِيكِهِ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تُقْسَمْ فَمَا عُمِلَ لَهُمَا وَمَا فَاتَ بِالْإِبَاقِ عَلَيْهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ تَعَمَّدَ الْمُقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَهْرًا حَيْفًا فَلَا تُحَاسَبُ بِهِ وَيُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَابْتَدَأَ الْقَسْمَ، فَإِنْ عَادَ نَكَلَ كَالْمُعْتَقِ نِصْفُهُ يَأْبَقُ لَا يُحَاسَبُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْكَرَ هَذَا التَّشْبِيهَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ فَلَيْسَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الزَّوْجَتَيْنِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَخْتَلِفُ فِيهَا الرَّقَبَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لَا فِي الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ فِي جِنَايَاتِهَا إذَا جَنَى الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ، وَلِلْعَبْدِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 537 وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّيْلِ وَالْمَبِيتُ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ، وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ وَقُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ، وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ   [منح الجليل] وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ) فِي قَسْمِ الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (بِاللَّيْلِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ لِلزَّوْجَةِ، وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّدْبِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَالْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَبْدَأَ بِاللَّيْلِ. اهـ. وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي نُصُوصِهِمْ إلَّا التَّخْيِيرُ وَيُقِيمُ الْقَادِمُ مِنْ سَفَرٍ نَهَارًا عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ أَحَبَّ، وَلَا يُحْسَبُ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ. وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لِيُكْمِلَ لَهَا يَوْمَهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. (وَ) نُدِبَ (الْمَبِيتُ عِنْدَ) الزَّوْجَةِ (الْوَاحِدَةِ) سَوَاءٌ كَانَ لَهُ إمَاءٌ أَمْ لَا. ابْنُ شَاسٍ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبْيِيتُهُ مَعَهَا مَرْأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ، وَرُبَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ. (وَ) الزَّوْجَةُ (الْأَمَةُ) الْمُسْلِمَةُ (كَالْحُرَّةِ) فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ فِي الْمَبِيتِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ (وَ) مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وَتَزَوَّجَ أُخْرَى (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الزَّوْجِ (لِ) الزَّوْجَةِ (الْبِكْرِ) وَلَوْ أَمَةً تَزَوَّجَهَا عَلَى زَوْجَةٍ حُرَّةٍ (بِسَبْعٍ) مِنْ اللَّيَالِي يَبِيتُهَا عِنْدَهَا مُتَوَالِيَةً لِأَنَّهَا حَقُّهَا (وَ) قُضِيَ (لِ) الزَّوْجَةِ (الثَّيِّبِ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَوْ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ (بِثَلَاثٍ) مِنْ اللَّيَالِي مُتَوَالِيَاتٍ يَبِيتُهَا عِنْدَهَا وَيُخَيَّرُ بَعْدَ تَمَامِ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ فِي الْبَدْءِ فِي الْقَسْمِ بِمَنْ شَاءَ. وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَوَّازِ الْقُرْعَةَ كَمَنْ قَدِمَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِذِي زَوْجَةٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ مَنْ تَزَوَّجَهَا بِكْرًا سَبْعًا وَثَيِّبًا ثَلَاثًا، وَفِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا أَوْ لَهُ نَقَلَ الصِّقِلِّيُّ رِوَايَتَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا لَازِمًا لَهَا أَوْ لَهُ ثَالِثُهَا هُوَ حَقٌّ لَهَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ لِرِوَايَتَيْنِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ. الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ لُزُومَهُ. ابْنُ شَاسٍ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا أَوْ لَهُ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ هُوَ حَقٌّ لَهُمَا، قُلْت حَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ. ابْنُ شَاسٍ ثُمَّ فِي وُجُوبِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ رِوَايَتَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَوْ لَهُمَا فَهَلْ يُقْضَى لَهَا بِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا. أَصْبَغُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي. أَبُو بَكْرٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 538 وَلَا قَضَاءَ، وَلَا تُجَابُ لِسَبْعٍ   [منح الجليل] الصَّحِيحُ الْقَضَاءُ بِهِ وَلِلصَّقَلِّيِّ عَنْ أَشْهَبَ كَأَصْبَغَ، وَلَهُ وَلِلْبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى بِهِ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ مَنْ تَزَوَّجَهَا فِي سُقُوطِ حَقِّهَا فِي السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ وَثُبُوتِهِ طَرِيقًا. الصِّقِلِّيُّ عَنْ نَصِّ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ. الْمُتَيْطِيُّ وَالذِّمِّيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَخَلَّفُ الْعَرُوسُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا عَنْ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ. سَحْنُونٌ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ حَقٌّ لَهَا بِالسُّنَّةِ. الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا يُرِيدُ لَا يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ لَا يَدَعُهَا فِي هَذَا الْقَوْلِ. اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَتَصَرَّفُ فِي حَوَائِجِهِ وَإِلَى الْمَسْجِدِ وَالْعَادَةُ الْيَوْمُ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَلَا لِصَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ خُلُوًّا مِنْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهَا بِخُرُوجِهِ وَهْمٌ، وَأَرَى أَنْ يَلْزَمَ الْعَادَةَ. (وَ) إنْ طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ الْقَدِيمَةُ أَنْ يَقْضِيَهَا وَيَبِيتَ عِنْدَهَا سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا قَضَاءً عَنْ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ الَّتِي بَاتَهَا عِنْدَ الْجَدِيدَةِ فَ (لَا قَضَاءَ) لَهَا أَيْ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَلَا تُجَابُ لَهُ (وَ) إنْ طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الْجَدِيدَةُ إقَامَتَهُ عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ كَالْبِكْرِ فَ (لَا تُجَابُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (لِسَبْعٍ) وَلَوْ قَالَ لِأَكْثَرَ أَوْ لِزَائِدٍ لَشَمِلَ الْبِكْرَ الَّتِي طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَبِّعَ لِلثَّيِّبِ وَيُتِمَّ لِنِسَائِهِ سَبْعًا سَبْعًا فَفِي مَنْعِهِ وَتَمْكِينِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ بِلَفْظِ إنْ اخْتَارَتْ التَّسْبِيعَ سَبَّعَ ثُمَّ سَبَّعَ لِغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِأُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ الْتَمَسَتْ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ، وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت عَلَيْهِنَّ» . الْقَرَافِيُّ فَالتَّسْبِيعُ يُبْطِلُ حَقَّهَا فِي التَّثْلِيثِ. قُلْت فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِاخْتِيَارِهَا كَنَقْلِ ابْنِ شَاسٍ لَا بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ كَظَاهِرِ لَفْظِ اللَّخْمِيِّ، قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ زُفَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَانِ فِي لَيْلَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَقَبِلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ، وَقَالَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ الْحَقَّ لَهُ دُونَ قُرْعَةٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 539 وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ ، وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِشَيْءٍ أَوْ لَا: كَإِعْطَائِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا   [منح الجليل] فَيُخَيَّرُ. قُلْت الْأَظْهَرُ إنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالدُّعَاءِ لِلْبِنَاءِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا فَسَابِقَةُ الْعَقْدِ وَإِنْ عَقَدَا مَعًا فَالْقُرْعَةُ. (وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ (عَلَى ضَرَّتِهَا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَالضَّمِيرُ لِصَاحِبَةِ الْيَوْمِ، وَصِلَةُ يَدْخُلُ (فِي يَوْمِهَا) فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) دُخُولَهُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا (لِحَاجَةٍ) غَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ كَأَخْذِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ أَمْكَنَتْهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ. وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَرْطُ عُسْرِ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا، وَعَمَّمَ ابْنُ نَاجِي دُخُولَهُ لَهَا فِي النَّهَارِ وَاللَّيْلِ مُخَالِفًا لِشَيْخِهِ فِي تَخْصِيصِهِ بِالنَّهَارِ. مُحَمَّدٌ لَا يُقِيمُ عِنْدَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا لِحَاجَةٍ إلَّا لِعُذْرٍ كَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَجْرٍ، وَلَهُ وَضْعُ ثِيَابِهِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى لِغَيْرِ مَيْلٍ وَلَا إضْرَارٍ. (وَجَازَ) لِلزَّوْجِ (الْأَثَرَةُ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْ الْإِيثَارُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيتِ لِإِحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْأُخْرَى (بِرِضَاهَا) أَيْ الْمُؤْثَرِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِيثَارُ (بِشَيْءٍ) أَيْ مَالٍ تَأْخُذُهُ الْمُؤْثَرُ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا (أَوْ) رَضِيَتْ بِ (لَا) شَيْءَ بِأَنْ رَضِيَتْ مَجَّانًا. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَإِعْطَائِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولَاهُ مَحْذُوفَانِ أَيْ زَوْجُهَا مَالًا (عَلَى إمْسَاكِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ فِي عِصْمَتِهِ وَلَا يُطَلِّقَهَا، وَيُحْتَمَلُ إضَافَةُ الْإِعْطَاءِ لِمَفْعُولِهِ وَالْإِمْسَاكِ لِفَاعِلِهِ، أَيْ أَنْ يُعْطِيَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مَالًا لِتُمْسِكَهُ وَلَا تَطْلُبْ مِنْهُ تَطْلِيقَهَا. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلنَّوْبَةِ وَأَنَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَوْ طَلَبَ إذْنَهَا فِي إيثَارِ غَيْرِهَا فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَخَيَّرَهَا بَيْنَ طَلَاقِهَا وَإِيثَارِهِ غَيْرَهَا عَلَيْهَا فَأَذِنَتْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَفِي هَذَا قَوْلَانِ. اهـ. فَلَعَلَّهُ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْجَوَازُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا، وَهَذَا الْحَمْلُ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 3 ¦ الصفحة: 540 وَشِرَاءِ يَوْمِهَا مِنْهَا وَوَطْءُ ضَرَّتِهَا بِإِذْنِهَا ، وَالسَّلَامُ بِالْبَابِ وَالْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا إذَا أَغْلَقَتْ بَابَهَا دُونَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ يَبِيتُ بِحُجْرَتِهَا   [منح الجليل] وَ) جَازَ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلضَّرَّةِ (شِرَاءُ يَوْمِهَا) أَيْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَاتِ أَوْ يَوْمَيْهَا أَوْ أَيَّامَهَا (مِنْهَا) كَانَ الْعِوَضُ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَتَخْتَصُّ الضَّرَّةُ بِمَا اشْتَرَتْهُ، وَيَخُصُّ الزَّوْجُ مَنْ اشْتَرَاهُ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَوْلَى لَمْ يَدْخُلَا فِيهَا عَلَى شِرَاءٍ، وَهُنَا دَخَلَا عَلَيْهِ أَوْ هُنَاكَ الْمُسْقِطُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهُوَ إسْقَاطُ مَا لَا يَنْحَصِرُ، وَمَا هُنَا فِي شِرَاءِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ. وَفِي تَسْمِيَتِهِ شِرَاءً مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَاتًا، وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطُ حَقٍّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ لِضَعْفِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكَرَاهَتِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا شِرَاءُ الْمَرْأَةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ صَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ شِرَاءِ الرَّجُلِ ذَلِكَ مِنْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا قَدْ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا مِنْ الْوَطْءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ، وَالرَّجُلُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَقْصُودِهِ، وَتُكْرَهُ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ مِنْهُمَا لِلْغَرَرِ. اهـ. وَأُخِذَ مِنْ هُنَا جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظِيفَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَتَسْتَمِرُّ لِلْأَوَّلِ. (وَ) جَازَ (وَطْءُ ضَرَّتِهَا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ فِيهَا (بِإِذْنِهَا) وَلَوْ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مِنْ وَطْءِ ذَاتِ النَّوْبَةِ (وَ) جَازَ (السَّلَامُ) الشَّرْعِيُّ وَالْعُرْفِيُّ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى غَيْرِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ وَهُوَ وَاقِفٌ (بِالْبَابِ) مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَيْهَا. ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ مَا بَعَثَتْ إلَيْهِ أَيْ بِبَابِهَا لَا فِي بَيْتِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ لِتَأَذِّيهَا بِهِ. (وَ) يَجُوزُ (الْبَيَاتُ) مِنْ الزَّوْجِ (عِنْدَ ضَرَّتِهَا) أَيْ ذَاتِ النَّوْبَةِ. عج وَوَطْؤُهَا، وَقِيلَ لَا يَسْتَمْتِعُ اقْتِصَارًا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ (إنْ أَغْلَقَتْ) ذَاتُ النَّوْبَةِ (بَابَهَا دُونَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (وَلَمْ يَقْدِرْ) الزَّوْجُ عَلَى أَنْ (يَبِيتَ) الزَّوْجُ (بِحُجْرَتِهَا) أَيْ خَارِجَهَا أَمَامَ الْبَابِ الْمَغْلُوقِ لِبَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ ظَالِمٍ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَيَاتِ بِحُجْرَتِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيَاتُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 541 وَبِرِضَاهُنَّ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ وَاسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ   [منح الجليل] عِنْدَ ضَرَّتِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ ظَالِمَةً وَكَثُرَ مِنْهَا وَلَهُ تَأْدِيبُهَا. أَصْبَغُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ مِنْهَا وَلَا مَأْوًى لَهُ سِوَاهُمَا. (وَ) يَجُوزُ (بِ) شَرْطِ (رِضَاهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ (جَمْعُهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ (بِمَنْزِلَيْنِ) مُسْتَقِلٌّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِمِرْحَاضِهِ وَمَطْبَخِهِ (مِنْ دَارٍ) وَاحِدَةٍ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ مَنْزِلِ إحْدَاهُمَا عَنْ مَنْزِلِ الْأُخْرَى. قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا يَجُوزُ إسْكَانُهُمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ. سَيِّدِي أَحْمَدُ بَابًا لَا نَصَّ فِي الْمَذْهَبِ يُوَافِقُ مَا هُنَا وَلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهُمَا عَلَى إسْكَانِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ، وَعَلَى جَوَازِ إسْكَانِهِمَا بِمَنْزِلٍ وَاحِدٍ بِرِضَاهُمَا. الْبُنَانِيُّ وَقَدْ بَحَثْت كَثِيرًا عَلَى النَّصِّ فَلَمْ أَجِدْ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ إلَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ اسْتِقْلَالُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَسْكَنِهَا، وَفِي كَيْفِيَّتِهِ عِبَارَتَانِ الْجَلَّابِ وَالْمُتَيْطِيِّ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُنَّ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ. ابْنُ شَعْبَانَ مِنْ حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ انْفِرَادُهَا بِمَنْزِلٍ مُنْفَرِدِ الْمِرْحَاضِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ الدَّارِ بَيْنَهُنَّ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ يُقْضَى عَلَى الرَّجُل أَنْ يُسْكِنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بَيْتًا، وَيُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَأْتِينَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لَهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ وَطِئْتُك إلَّا أَنْ تَأْتِيَنِي أَنَّهُ مُولٍ إذْ لَيْسَ عَلَيْهَا إتْيَانُهُ. اللَّخْمِيُّ لَا يَطَأُ زَوْجَةً وَلَا أَمَةً وَمَعَهُ أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ وَلَوْ نَائِمًا، وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي، قَالَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرَجُ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ، وَكُرِهَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ بَهِيمَةٌ. قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَمُنِعَ الْوَطْءُ وَفِي الْبَيْتِ نَائِمٌ غَيْرُ زَائِرٍ وَنَحْوُهُ عَسِيرٌ إلَّا لِبَعْضِ أَهْلِ السَّعَةِ. (وَ) جَازَ بِرِضَاهُنَّ (اسْتِدْعَاؤُهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَاتِ أَيْ طَلَبُهُ مِنْهُنَّ إتْيَانَهُنَّ لِلْبَيَاتِ مَعَهُ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي هَذَا لَهُ إذْ السُّنَّةُ دَوَرَانُهُ هُوَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ لِفِعْلِهِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 542 وَالزِّيَادَةُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لَا إنْ لَمْ تَرْضَيَا. وَدُخُولُ حَمَّامٍ بِهِمَا وَجَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ وَفِي مَنْعِ الْأَمَتَيْنِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ   [منح الجليل] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَرْضَيْنَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِدَوَرَانِهِ عَلَيْهِنَّ. (وَ) جَازَ بِرِضَاهُنَّ (الزِّيَادَةُ) فِي قَسْمِ الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ (عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا) يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ وَلَا اسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ (إنْ لَمْ تَرْضَيَا) أَيْ الزَّوْجَتَانِ بِذَلِكَ الشَّارِحُ ثَنَّى الضَّمِيرَ مَرَّةً وَجَمَعَهُ أُخْرَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ وَمُتَعَدٍّ إلَى مَا زَادَ عَلَيْهِمَا، وَتَقَدَّمَ مَا فِي جَمْعِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ. (وَ) لَا يَجُوزُ (دُخُولُ حَمَّامٍ) بِشَدِّ الْمِيمِ (بِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ وَلَوْ رَضِيَتَا لِلُزُومِ إطْلَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى عَوْرَةِ الْأُخْرَى وَالْأَمَتَانِ كَالزَّوْجَتَيْنِ وَفَتْوَى ابْنِ الْفُرَاتِ الْأَمِيرِ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامِ بِجِوَارِ رَبِّهِ خَطَّأَهُ فِيهَا ابْنُ مُحْرِزٍ لِحُرْمَةِ الْكَشْفِ بَيْنَهُنَّ، فَلَوْ اسْتَتَرْنَ أَوْ عَمِينَ جَازَ، وَلَوْ أَدْخَلَ كَافَ التَّشْبِيهِ لَكَانَ أَبْيَنَ (وَلَا) يَجُوزُ (جَمْعُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ (فِي فِرَاشٍ) وَاحِدٍ إنْ كَانَ بِوَطْءٍ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي الْكَافِي يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَامَ بَيْنَ أَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ وَأَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَسْمَعُ الْأُخْرَى، وَأَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ حَلِيلَتَهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَحَدٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ، وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا يَخْلُو بِهِ مَعَ أَهْلِهِ. وَيُكْرَهُ لَهَا حَدِيثُهَا بِمَا تَخْلُو بِهِ مَعَ بَعْلِهَا. (وَفِي مَنْعِ) جَمْعِ (الْأَمَتَيْنِ) بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ بِلَا وَطْءٍ (وَكَرَاهَتِهِ) لِقِلَّةِ غَيْرَتِهِنَّ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ لِأَصْلِ الْغَيْرَةِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ كَانَ بِوَطْءٍ حَرُمَ بِاتِّفَاقِهِمَا. تت بَقِيَ جَمْعُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فِي فِرَاشٍ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ. عب أَيْ بِلَا وَطْءٍ وَأَمَّا بِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي مَنْعِ جَمْعِ الْحُرَّتَيْنِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ دُونَ وَطْءٍ وَكَرَاهَتُهُ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَفِي جَمْعِ الْإِمَاءِ كَذَلِكَ الْقَوْلَانِ. وَثَالِثُهَا الْجَوَازُ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. الْمُتَيْطِيُّ مَنَعَ ابْنُ سَحْنُونٍ دُخُولَهُ الْحَمَّامَ بِزَوْجَتَيْهِ مَعًا وَأَجَازَهُ بِإِحْدَاهُمَا. قُلْت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 543 وَإِنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ؛ فَلَهُ الْمَنْعُ لَا لَهَا، وَتَخْتَصُّ ضَرَّتُهَا بِخِلَافٍ مِنْهُ، وَلَهَا الرُّجُوعُ وَإِنْ سَافَرَ اخْتَارَ إلَّا فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ، فَيُقْرِعُ. وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا   [منح الجليل] ذَكَرَ ابْنُ الرَّقِيقِ أَنَّ أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ أَجَابَ الْأَمِيرَ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِجَوَارِيهِ وَخَطَّأَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لِحُرْمَةِ الْكَشْفِ بَيْنَهُنَّ. (وَإِنْ وَهَبَتْ) إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ أَوْ الضَّرَائِرِ أَوْ أَسْقَطَتْ (نَوْبَتَهَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ قَسْمَهَا مِنْ مَبِيتِ الزَّوْجِ بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ (مِنْ ضَرَّةٍ) فَ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (الْمَنْعُ) أَيْ رَدُّ الْهِبَةِ وَالْإِسْقَاطِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَيْنِ الْوَاهِبَةِ (لَا لَهَا) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهَا، فَلَيْسَ لَهَا رَدُّ الْهِبَةِ إنْ أَمْضَاهَا الزَّوْجُ، وَلَا إمْضَاؤُهَا إنْ رَدَّهَا الزَّوْجُ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ كَالْهِبَةِ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ (وَ) إنْ أَمْضَى الزَّوْجُ الْهِبَةَ (تَخْتَصُّ) الْمَوْهُوبُ لَهَا بِمَا وُهِبَ لَهَا، وَيَصِيرُ لَهَا نَوْبَتَانِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ جَعْلُهَا لِغَيْرِهَا. (بِخِلَافِ) هِبَةِ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَاتِ نَوْبَتِهَا (مِنْهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا بِحَيْثُ يَخُصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ، بَلْ تُقَدَّرُ الْوَاهِبَةُ كَالْعَدَمِ فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا قَسَمَ الْمَبِيتَ بَيْنَ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ نَوْبَتِهَا لَيْسَ كَهِبَتِهَا لَهُ لِمَكَانِ الْمُعَاوَضَةِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ سُئِلَ عَمَّنْ يُرْضِي إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَطِيَّةٍ فِي يَوْمِهَا لِيَكُونَ فِيهِ عِنْدَ الْأُخْرَى قَالَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ (وَلَهَا) أَيْ الْوَاهِبَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا أَوْ لِلزَّوْجِ (الرُّجُوعُ) فِي نَوْبَتِهَا لِعَجْزِهَا عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا بِسَبَبِ غَيْرَتِهَا وَكَذَا الْبَائِعَةُ لِمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا إنْ سَكْنَتَا مَعًا بِاخْتِيَارِهِمَا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ مِنْهُمَا. (وَإِنْ سَافَرَ) أَيْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (اخْتَارَ) الزَّوْجُ مَنْ تَصْلُحُ لِإِطَاقَتِهَا السَّفَرَ أَوْ لِخِفَّةِ جِسْمِهَا أَوْ نَحْوِهَا لَا لِمَيْلِهِ لَهَا (إلَّا فِي) سَفَرِ (الْحَجِّ وَالْغَزْوِ) وَزِيَارَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَيُقْرِعُ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُنَّ لِعِظَمِ الْمُشَاحَّةِ فِي سَفَرِ الْقُرْبَةِ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ سَفَرِ الْقُرْبَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، الجزء: 3 ¦ الصفحة: 544 وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ   [منح الجليل] وَشَرْطُ الْقُرْعَةِ صَلَاحِيَّةُ كُلٍّ لِلسَّفَرِ. وَمَنْ اخْتَارَ سَفَرَهَا أَوْ تَعَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ فَتُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعِرْهَا، فَإِنْ امْتَنَعَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ. (وَوَعَظَ) أَيْ ذَكَّرَ بِشَدِّ الْكَافِ الزَّوْجُ (مَنْ) أَيْ زَوْجَةً أَوْ زَوْجَتَهُ الَّتِي (نَشَزَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ، أَيْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَوْ خُرُوجِهَا بِلَا إذْنِهِ أَوْ تَرَكَتْ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالصَّلَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانِ بِمَا يُلَيِّنُ قَلْبَهَا لِلرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِ الطَّاعَةِ وَالْخَوْفِ مِنْ عِقَابِ الْمَعْصِيَةِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْوَعْظُ (هَجَرَهَا) أَيْ تَرَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَالنَّوْمَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ شَهْرًا وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْهَجْرُ (ضَرَبَهَا) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً شَيْنًا كَالْكَسْرِ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ اللَّكْزَةُ وَالصَّفْعُ وَلَا يَضْرِبُهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ (إنْ ظَنَّ) الزَّوْجُ (إفَادَتَهُ) أَيْ الضَّرْبِ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إفَادَتِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلَا يَضْرِبُهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى إصْلَاحِ حَالِهَا وَالْوَسِيلَةُ لَا تُشْرَعُ عِنْدَ ظَنِّ عَدَمِ تَرَتُّبِ الْمَقْصُودِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الْوَعْظُ وَالْهَجْرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ظَنَّ الْإِفَادَةَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الذَّاتِ. فَإِنْ قِيلَ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَشَرْطُهُمَا ظَنُّهَا. قِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِمَا لَا فِي جَوَازِهِمَا، فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِمَا لَا عَدَمُ جَوَازِهِمَا، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ نُشُوزُهَا الْإِمَامَ، أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا صَلَاحَ حَالِهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَالْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ هُوَ الَّذِي يَعِظُهَا وَيَضْرِبُهَا. ابْنُ شَاسٍ إنْ نَشَزَتْ وَعَظَهَا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ هَجَرَهَا، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُهُ إلَّا بِضَرْبِهَا الْمَخُوف فَلَا يَجُوزُ. وَفِي الزَّاهِيِّ ضَرَبَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَصَاحِبَتَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 545 وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ   [منح الجليل] وَعَقَدَ شَعْرَ إحْدَاهُمَا بِشَعْرِ الْأُخْرَى، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ لَا تَتَّقِي الضَّرْبَ فَكَانَ ضَرْبُهَا أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ، فَشَكَتْهُ إلَى أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَأَمَرَهَا بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ. ابْنُ شَعْبَانَ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّهَا إنْ فَحَشَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَخَالَفَتْ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا وَعَظَهَا مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً، فَإِنْ لَمْ تَنْتَهِ هَجَرَ مَضْجَعَهَا ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ تَنْتَهِ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى النُّشُوزِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ. بَعْضُ الشَّارِحِينَ إنْ ادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الْأَدَبَ لِلنُّشُوزِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَكَذَا الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَأَحْمَدُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ، وَنَقَلَ الْحَطّ الْأَوَّلَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَمِثْلُهُ فِي مَجَالِسِ الْمِكْنَاسِيِّ، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ النَّاشِزِ خِلَافٌ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَوَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى رَدِّهَا بِالْحُكْمِ مِنْ الْقَاضِي وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ بِحَمِيَّةِ قَوْمِهَا وَكَانُوا مِمَّنْ لَا تَنْفُذُ فِيهِمْ الْأَحْكَامُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَبِتَعَدِّيهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَثُبُوتِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُرِدْ فِرَاقَهُ (زَجَرَهُ) أَيْ الزَّوْجَ (الْحَاكِمُ) بِاجْتِهَادِهِ بِوَعْظٍ فَضَرْبٍ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ زَجَرَهُ بِوَعْظٍ فَقَطْ وَلَا يَأْمُرْهَا فِيهِمَا بِهَجْرِهِ وَيَزْجُرُهَا أَيْضًا إنْ ثَبَتَ ضَرَرُهَا بِوَعْظٍ فَضَرْبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشِقَاقُ الزَّوْجَيْنِ إنْ ثَبَتَ فِيهِ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ حَكَمَ الْقَاضِي بِدَرْءِ ظُلْمِ الظَّالِمِ مِنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ اضْطِرَابٌ. ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ الْوَلِيدِ قَاضِيًا اشْتَكَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ ضَرَرَ زَوْجِهَا وَوَكَّلَتْ عَلَى مُطَالَبَتِهِ وَعَاوَدَتْ الشَّكْوَى بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ إلَيْهِمَا وَقَالَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بَعْدَ تَلَوُّمٍ وَاسْتِقْصَاءِ نَظَرٍ، وَكَذَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ، وَفِيهَا إذَا أَشْكَلَ عَلَى الْقَاضِي أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَعْرِفَةِ الضَّارِّ مِنْهُمَا أَرْسَلَ الْحَكَمَيْنِ قَالَهُ أَيُّوبُ وَابْنُ وَلِيدٍ، وَفِيهَا أَيْضًا تَرَدَّدَتْ شَكْوَى امْرَأَةٍ بِإِضْرَارِ زَوْجِهَا فَهَلْ أُرْسِلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 546 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَكَمَيْنِ أَوْ أُرْسِلُهُمَا إلَى دَارِ أَمِينٍ حَتَّى أَفْهَمَ كَمَا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُ، فَهِمْنَا سُؤَالَك وَنَرَى أَنْ تُرْسِلَ الْحَكَمَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ. وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا كَشَفَ الْحَاكِمُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِهِمَا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ بَيَانًا أَرْسَلَ الْحَكَمَيْنِ وَفِيهَا أَيْضًا كَتَبَ إلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى. قُلْت إنَّ أَبِي وَعَمِّي لَمْ يَحْكُمَا بِإِرْسَالِ الْحَكَمَيْنِ وَلَمْ يَجْرِ بِهِ عَمَلٌ هَاهُنَا، إنَّمَا كَانَ الَّذِي يَنْظُرُ بِهِ الْقُضَاةُ إخْرَاجُ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ إلَى دَارِ أَمِينٍ حَتَّى يُفْهَمَ بِهِ الْحَالُ، فَهَلْ أَمْضِي إلَى الْحَكَمَيْنِ أَوْ بِمَا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُهُ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى لَا أَرَى أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ لِأَنَّك تَحْكُمُ بِمَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَك مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ كَعَمِّك وَوَالِدِك وَأَخْرِجْهُمَا إلَى دَارِ أَمِينٍ أَوْ أَسْكِنْ مَعَهُمَا أَمِينًا، وَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُهُ. ابْنُ سَهْلٍ أَجْوِبَتُهُمْ هَذِهِ مُضْطَرِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُحَصَّلَةٍ عُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا فِي جَوَابِهِ وَأَنْكَرَ أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ، وَقَالَ لِلْقَاضِي الَّذِي سَأَلَهُ لَا أَرَى أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ، وَعَنَى قَوْلُهُ بِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ أَبِي تَمَّامٍ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِانْفِرَادِهِ بِحُكْمٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ، وَجَهِلَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَكَمَ بِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي خِلَافَتِهِ، وَلَوْ تَدَبَّرَ السُّؤَالَ وَأَتْقَنَ فَهْمَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إنْكَارِ مَا لَا يَجُوزُ إنْكَارُهُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سُئِلَ عَمَّنْ شَكَتْ ضَرَرًا فَقَطْ فَكَانَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 547 وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ وَإِنْ أَشْكَلَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ،   [منح الجليل] جَوَابُهُ أَنْ يَسْأَلَهَا بَيَانَ ضَرَرِهَا، فَلَعَلَّهُ مَنَعَهَا مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ أَدَّبَهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ بَيَّنَتْ ضَرَرًا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِهَا أُوقِفَ عَلَيْهِ زَوْجُهَا، فَإِنْ أَنْكَرَهَا أَمَرَهَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَتْ وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا كَشَفَ الْقَاضِي عَنْ أَمْرِهَا جِيرَانَهَا إنْ كَانَ فِيهِمْ عُدُولٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِيهِمْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِإِسْكَانِهَا فِي مَوْضِعٍ لَهُ جِيرَانٌ عُدُولٌ، فَإِنْ بَانَ مِنْ ضَرَرِهِ مَا يُوجِبُ تَأْدِيبَهُ أَدَّبَهُ. وَإِنْ كَانَ لَهَا شَرْطٌ أَبَاحَ لَهَا الْأَخْذَ بِهِ، وَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْهِ خَبَرُهَا وَرَأَى إسْكَانَهُمَا مَعَ ثِقَةٍ يَتَفَقَّدُ أَمْرَهُمَا فَعَلَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَسَحْنُونٌ فِيمَنْ ادَّعَتْ ضَرَرَ زَوْجِهَا وَادَّعَى هُوَ إضْرَارَهَا وَسُوءَ عِشْرَتِهَا وَجُهِلَ صِدْقُهُمَا اخْتَبَرَ الْحَاكِمُ أَمْرَهُمَا بِأَنْ يَجْعَلَ مَعَهُمَا، أَوْ يَجْعَلَهُمَا مَعَ مَنْ يَتَبَيَّنُ لَهُ بِهِ أَمْرَهُمَا فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ إنَّمَا يُبْعَثَانِ عِنْدَ إشْكَالِ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ. قُلْت هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَالَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتْحُونٍ. (وَسَكَّنَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا مِنْهُ الْإِضْرَارَ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ (بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ) أَيْ عُدُولٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ (إنْ لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ سَاكِنَةً (بَيْنَهُمْ) (وَإِنْ أَشْكَلَ) أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ أَيْ دَامَ إشْكَالُهُ إذْ إسْكَانُهَا بَيْنَهُمْ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِشْكَالِ وَلَمْ يَقْدِرْ الْحَاكِمُ عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا (بَعَثَ) الْقَاضِي (حَكَمَيْنِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَافِ وَالْمِيمِ مُثَنَّى حَكَمٍ كَذَلِكَ، أَيْ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ يَحْكُمَانِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ آيَةُ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، فَالْعَمَلُ بِهَا وَاجِبٌ لَمْ يَتْرُكْ الْقَوْلَ بِهَا عَالِمٌ حَاشَا يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كَانَ لَا يَرَى بَعْثَ الْحَكَمَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَنْكَرَ بَعْثَهُمَا عَلَى مَا اسْتَفْتَاهُ. ابْنُ فَتُّوحٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ لَمْ يَقْضِ عِنْدَنَا فِيمَا أَدْرَكْنَا وَسَمِعْنَا بِالْحَكَمَيْنِ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 548 وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا إنْ أَمْكَنَ ، وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ، وَسَفِيهٍ، وَامْرَأَةٍ، وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ، وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ   [منح الجليل] يَبْلُغُ أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ بِمُجَرَّدِ تَشَاجُرِ الزَّوْجَيْنِ وَشَكْوَى أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَبَيِّنَةٍ وَتَرْكِهِ مُطْلَقًا لِإِسْكَانِهِمَا مَعَ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَى تَبَيُّنِ الظَّالِمِ مِنْهُمَا ثَالِثُهَا الْوَاجِبُ إسْكَانُهُمَا مَعَهُ إنْ لَمْ يُفِدْ مَعَ جِيرَانٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ طَالَ أَمْرُهُمَا وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهُمَا بَعَثَهُمَا لَهُمَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا. بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ (بِهَا) لِعُمُومِ الْآيَةِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ جَارِيَانِ فَيَتَنَازَعَانِ فَيَحْكُمُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا وَيَدْخُلَانِ عَلَيْهِمَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ. وَلَا يُلَازِمَانِهِمَا، وَنَعَتَ حَكَمَيْنِ بِقَوْلِهِ (مِنْ أَهْلِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (إنْ أَمْكَنَ) كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا وَتَرَدَّدَ اللَّخْمِيُّ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ إذَا حَكَّمَ الْقَاضِي أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأَهْلَيْنِ، وَفِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ الْأَهْلِ مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبٌ شَرْطٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُمَا مِنْ الْأَهْلَيْنِ وَأَمْكَنَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا مِنْ أَهْلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُضَمُّ لَهُ أَجْنَبِيٌّ. وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ. (وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْأَهْلَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّيْنِ (جَارَيْنِ) لِلزَّوْجَيْنِ وَتَأَكَّدَ النَّدْبُ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ (وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ) فِي الشَّهَادَةِ (وَ) بَطَلَ حُكْمُ (سَفِيهٍ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " غَيْرِ " عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، أَيْ مُبَذِّرٍ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً (وَ) بَطَلَ حُكْمُ (امْرَأَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ عَدْلًا (وَ) بَطَلَ حُكْمُ (غَيْرِ فَقِيهٍ) أَيْ عَالِمٍ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ (بِذَلِكَ) أَيْ بِالنُّشُوزِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ حُكْمِ مَنْ وَلِيَ الْحُكْمَ فِي أَمْرٍ عَلِمَهُ بِأَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْعُلَمَاءِ (وَنَفَذَ) أَيْ مَضَى وَلَزِمَ، بَلْ وَجَازَ ابْتِدَاءً (طَلَاقُهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ الَّذِي حَكَمَا بِهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ بَائِنٌ إنْ رَضِيَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ بِهِ. بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ) بِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ وَلَوْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ لِرَفْعِ حُكْمِهِمَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 549 وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا؛ لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا، وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ الْبَيِّنِ، وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ،   [منح الجليل] خِلَافَهُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ بَعَثَهُمَا، بَلْ (وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْحَكَمَانِ مُقَامَيْنِ (مِنْ جِهَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا حَكَمَانِ لَا وَكِيلَانِ عَمَّنْ بَعَثَهُمَا وَلَا شَاهِدَانِ (لَا) يَلْزَمُ طَلَاقُ (أَكْثَرَ مِنْ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا) أَيْ الْحَكَمَانِ الْأَكْثَرَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إيقَاعُ الْأَكْثَرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْإِصْلَاحِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا فِيهَا وَلَا يُفَرِّقَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَهِيَ بَائِنَةٌ، فَإِنْ حَكَمَا بِهِ سَقَطَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ (وَتَلْزَمُ) الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ (إنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (فِي الْعَدَدِ) لِلطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَاهُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَوْقَعْت وَاحِدَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْت اثْنَتَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ أَوْقَعْنَا مَعًا وَاحِدَةً، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْنَا مَعًا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (التَّطْلِيقُ) جَبْرًا عَلَى الزَّوْجِ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَبِينُ بِهَا (بِ) سَبَبِ (الضَّرَرِ) مِنْ الزَّوْجِ لَهَا كَقَطْعِ كَلَامِهِ عَنْهَا وَتَوْلِيَةِ وَجْهِهِ عَنْهَا فِي الْفِرَاشِ، لَا مَنْعِهَا مِنْ حَمَّامٍ، وَتَفَرُّجٍ عَلَى قِطَعِ الْخَلِيجِ، وَالْمَحْمَلِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَوْكِبِ، أَوْ تَأْدِيبِهَا عَلَى تَرْكِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلَاةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالتَّسَرِّي وَالتَّزَوُّجِ عَلَيْهَا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالضَّرَرِ وَتَكَرُّرِهِ. بَلْ (وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَكَرُّرِهِ) أَيْ الضَّرَرِ بِأَنْ شَهِدَتْ بِحُصُولِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَهَا التَّطْلِيقُ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ، وَيَجْرِي هُنَا هَلْ يُطَلِّقُهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ، وَدَلَّ قَوْلُهُ لَهَا أَنَّ لَهَا الرِّضَا بِهِ وَلَوْ مَحْجُورَةً، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ وَلِيُّهَا هُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ شُرِطَ فِيهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا قِيَامٌ بِهِ إنْ رَضِيَتْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ (الْإِصْلَاحُ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى الجزء: 3 ¦ الصفحة: 550 فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ وَبِالْعَكْسِ: ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا، وَإِنْ أَسَاءَا مَعًا؛ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ، أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] النِّسَاءِ. ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ يُرِيدَا أَيْ الْحَكَمَانِ، إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. وَقِيلَ إنْ يُرِيدَا أَيْ الزَّوْجَانِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْحَكَمَيْنِ (فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ) الزَّوْجَةَ وَلَمْ تُسِئْهُ وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ (طَلَّقَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ (بِلَا خُلْعٍ) يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ فِي نَظِيرِ حِلِّ عِصْمَتِهَا مِنْهُ (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ أَسَاءَتْ الزَّوْجَ الزَّوْجَةُ وَلَمْ يُسِئْهَا (ائْتَمَنَاهُ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَ (عَلَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَأَوْصَيَاهُ بِالصَّبْرِ عَلَى إسَاءَتِهَا وَأَبْقَيَاهَا فِي عِصْمَتِهِ إنْ تَحَقَّقَا أَوْ ظَنَّا أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِيهَا بَعْدَ ائْتِمَانِهِ عَلَيْهَا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْفِرَادِهَا بِالْإِسَاءَةِ فِي الْمَاضِي عَدَمُ إسَاءَتِهِ إيَّاهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ خَالَعَا لَهُ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ لِلزَّوْجِ أَيْ طَلَّقَاهَا عَلَيْهِ بِمَالٍ مِنْهَا لَهُ تَقْدِيرُهُ (بِنَظَرِهِمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا إنْ أَرَادَ الزَّوْجُ فِرَاقَهَا أَوْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ، وَفِي إبْقَائِهَا وَائْتِمَانِهِ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ (وَإِنْ أَسَاءَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَيْ ثَبَتَتْ إسَاءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ تَسَاوَتْ إسَاءَتُهُمَا أَوْ لَا أَوْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ (فَهَلْ يَتَعَيَّنُ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ (الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ) أَيْ مَالٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ، هَذَا مَحَلُّ التَّعَيُّنِ قَالَهُ الشَّارِحُ. (أَوْ لَهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ (أَنْ يُخَالِعَا) أَوْ يُطَلِّقَا بِمَالٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ قَدَّرَهُ (بِالنَّظَرِ) مِنْ الْحَكَمَيْنِ وَلَكِنْ لَا يُسْقِطَانِ عَنْهُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْخُلْعِ بِالنَّظَرِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ إذَا تَوَجَّهَ الْحَكَمَانِ اسْتِقْرَاء أُمُورَهُمَا وَسَأَلَا عَنْ بِطَانَتِهِمَا، فَإِذَا وَقَفَا عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهِمَا أَصْلَحَا بَيْنَهُمَا إنْ قَدَرَا وَإِلَّا فَرَّقَا زَادَ فِيهَا وَتَجُوزُ فُرْقَتُهُمَا دُونَ الْإِمَامِ، وَفِي كَيْفِيَّتِهَا عِبَارَاتٌ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 551 وَأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ فَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا:   [منح الجليل] الزَّوْجِ فَرَّقَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَرْأَةِ تَرَكَاهُمَا وَائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا فَرَّقَا عَلَى بَعْضِ الصَّدَاقِ فَلَا يَسْتَوْعِبَاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ. مُحَمَّدٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] الْبَقَرَةِ. ابْنُ فَتْحُونٍ إنْ لَمْ يَقْدِرَا عَلَى الصُّلْحِ فَرَّقَا بِشَيْءٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لَهُ أَوْ أَسْقَطَاهُ عَنْهُ أَوْ عَلَى الْمُتَارَكَةِ دُونَ أَخْذٍ وَإِسْقَاطٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ الْمُتَيْطِيُّ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُ فَقَطْ فَرَّقَا دُونَ إسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ، وَعَكْسُهُ إنْ كَانَ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِيهَا عِنْدَ ظُلْمِهَا ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا وَأَقَرَّتْ إلَّا أَنْ يَجِبَ فِرَاقُهَا فَيُفَرِّقَا، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ. وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ جَازَ إنْ كَانَ سَدَادًا وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُمَا فَرَّقَا وَقَسَمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَجَمِيعَهُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ، وَفِيهَا لِرَبِيعَةَ إنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُ فَرَّقَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أُعْطِيَ الزَّوْجُ بَعْضَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا فَقَطْ جَازِمًا أُخِذَ لَهُ مِنْهَا. أَبُو عِمْرَانَ هُوَ وِفَاقٌ أَنْ تُؤَوَّلَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَضَرَّ بِهَا فِي دَعْوَاهَا. الصِّقِلِّيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ ضَرَرُهُ بِهَا فَلَا يُؤْخَذُ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَقَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ إفْرِيقِيَّةَ لَا يَجُوزُ خُلْعُ الزَّوْجِ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا إنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهُمَا مَعًا قَالَهُ مُتَقَدِّمُو عُلَمَائِنَا، وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحَكَمَيْنِ إنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهُمَا مَعًا لِأَنَّ النَّظَرَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ إنْ رَأَى الْحَكَمَانِ بِاجْتِهَادِهِمَا إعْطَاءَ الزَّوْجِ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ عِصْمَتِهِ جَارنَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَا شَيْئًا مِنْ مَالِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُمَا مَعًا. أَبُو حَفْصٍ إنْ كَانَ خَلَعَهَا إذَا كَانَ الظُّلْمُ مِنْهَا مِائَةً فَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا جَمِيعًا أُخِذَ لَهُ النِّصْفُ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَانِ مِنْ قِبَلِهَا وَالثُّلُثُ مِنْ قِبَلِهِ أُخِذَ لَهُ الثُّلُثَانِ، وَفِي الْعَكْسِ الْعَكْسُ. اللَّخْمِيُّ لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَمْ يَنْفُذْ وَلَوْ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْخُلْعِ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمَا وَلَوْ أَمْضَتْ الزَّوْجَةُ الْمَالَ فَفِي لُزُومِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ خِلَافٌ. (وَأَتَيَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (الْحَاكِمَ) الَّذِي بَعَثَهُمَا (فَأَخْبَرَاهُ) أَيْ الْحَكَمَانِ الْحَاكِمَ بِمَا حَكَمَا بِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ أَوْ التَّطْلِيقِ (فَنَفَّذَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَمْضَى الْحَاكِمُ (حُكْمَهُمَا) الجزء: 3 ¦ الصفحة: 552 وَلِلزَّوْجَيْنِ: إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ،   [منح الجليل] أَيْ الْحَكَمَيْنِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَهُ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ وَخَالَفَ مَذْهَبَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. طفي فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا وَجَّهَ الْحَكَمَيْنِ وَحَكَمَا بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ الْحَاكِمَ وَيُخْبِرَانِهِ بِمَا حَكَمَا بِهِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُمَا. اهـ. وَلِذَا قَالَ هُنَا وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُمَا وَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ يُنَفِّذَانِ الْحُكْمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِذَا عَارَضَهَا الشَّارِحُ بِهِ وَلَعَلَّهُ وَقَعَ تَحْرِيفٌ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَنَصُّهَا إذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ حُكْمَهُمَا أَتَيَا السُّلْطَانَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَحْضَرِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَمَا أَنْفَذَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا. وَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ وَإِنْفَاذِهِ. اهـ. هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ جَوَابَ " س " عَنْ مُعَارَضَةِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَتَيَا الْحَاكِمَ إنْ شَاءَا فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِإِتْيَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُعَارَضَةُ وَجَوَابُهَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. اهـ. كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ فِي اعْتِرَاضِهِ نَقْلَ الْمُوَضِّحِ وَتَسْلِيمَهُ مُعَارَضَةَ الشَّارِحِ نَظَرٌ، وَأَمَّا نَقْلُ الْمُوَضِّحِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ هُنَا فَهُوَ الَّذِي فِي نَصِّ وَثِيقَةِ الْمُتَيْطِيِّ إذْ قَالَ فِيهَا فَأَمْضَى الْقَاضِي حُكْمَ الْحَكَمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الزَّوْجَيْنِ وَأَنْفَذَهُ نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ وَيُنَفِّذَهُ السُّلْطَانُ. وَقَالَ فِي وَثِيقَتِهِ وَأَعْلَمَ الْحَكَمَانِ الْمَذْكُورَانِ الْقَاضِيَ بِمَا ظَهَرَ لَهُمَا وَمَا حَكَمَا بِهِ وَثَبَتَ حُكْمُهُمَا لَدَيْهِ بِذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَأَنْفَذَهُ. اهـ. وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ فَالْحَقُّ فِي دَفْعِهَا مَا ذَكَرَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا مَعْنَاهُ أَمْضَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنَفِّذُهُ، وَلَا بُدَّ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنَفِّذُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِلزَّوْجَيْنِ) مَعًا (إقَامَةُ) حَكَمٍ (وَاحِدٍ) عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ مُتَّصِفٍ بِصِفَةِ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْفِقْهِ بِأَحْكَامِ ضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ جَازَ إقَامَةُ وَاحِدٍ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا اثْنَانِ مَعَ وُرُودِ نَصِّ الْقُرْآنِ بِاثْنَيْنِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 553 وَفِي الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ: تَرَدُّدٌ، وَلَهُمَا إنْ أَقَامَهُمَا الْإِقْلَاعُ، مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ: وَإِنْ طَلَّقَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ؛ فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلَا طَلَاقَ.   [منح الجليل] فِيهِمَا لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَهَذَا حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهُ. الْبُنَانِيُّ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ بِصُلْحٍ أَوْ طَلَاقٍ. (وَفِي) جَوَازِ إقَامَةِ (الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَاحِدًا عَلَى الصِّفَةِ وَجَوَازِ إقَامَةِ (الْحَاكِمِ) أَيْ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي وَاحِدًا بِالصِّفَةِ عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَنْعِهَا لِمُخَالَفَتِهَا التَّنْزِيلَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَا وَاحِدًا وَحَكَمَ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ (تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ قَرِيبًا لَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ فِي السُّلْطَانِ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوَلِيِّ، وَالثَّانِي لِلْبَاجِيِّ. (وَلَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (إنْ أَقَامَاهُمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْحَكَمَيْنِ (الْإِقْلَاعُ) أَيْ عَزْلُ الْحَكَمَيْنِ وَالرُّجُوعُ عَنْ تَحْكِيمِهِمَا (مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ اسْتِيعَابِ الْحَكَمَيْنِ (الْكَشْفَ) عَنْ حَالِ الزَّوْجَيْنِ (وَيَعْزِمَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (عَلَى الْحُكْمِ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ اسْتَوْعَبَا الْكَشْفَ وَعَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَزَمَا عَلَى الطَّلَاقِ وَرَضِيَ الزَّوْجَانِ بِالْبَقَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ عَزَمَا عَلَى الْبَقَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَمَفْهُومُ إنْ أَقَامَا هُمَا أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ. (وَإِنْ طَلَّقَا) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ (وَاخْتَلَفَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (فِي) كَوْنِ الطَّلَاقِ بِ (الْمَالِ) مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ وَكَوْنِهِ بِلَا مَالٍ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْتهَا بِمَالٍ، وَقَالَ الْآخَرُ طَلَّقْتهَا بِلَا مَالٍ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَاهُمَا مَعًا بِمَالٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِلَا مَالٍ (فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْمَالَ (فَلَا طَلَاقَ) وَاقِعٌ وَعَادَ الْحَالُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ الْمَالِ، فَإِنْ الْتَزَمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ رُدَّ إلَى خُلْعِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ قَوْلِ أَقَلِّهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 554 (بَابٌ) : جَازَ الْخُلْعُ، وَهُوَ: الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ،   [منح الجليل] [بَابٌ الطَّلَاق] [فَصَلِّ فِي الْخُلْعُ] فَصْلٌ) فِي الْخُلْعِ: (جَازَ الْخُلْعُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَجَعَلَهُ بِدْعَةً (وَهُوَ) أَيْ الْخُلْعُ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (الطَّلَاقُ) جِنْسٌ شَمِلَ الْخُلْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَقْسَامِ الطَّلَاقِ (بِعِوَضٍ) لِلزَّوْجِ مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ غَيْرِهَا، فَصْلٌ مُخْرِجٌ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَلِلْخُلْعِ نَوْعٌ آخَرُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ، فَقِيلَ تَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَشْمَلْهُ لِإِرَادَتِهِ تَعْرِيفَ الْأَصْلِ الْمَشْهُورَ. وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: بَلْ شَمِلَهُ؛ لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِهِ خُلْعًا جَرَيَانَ أَحْكَامِ الْخُلْعِ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا سُقُوطُ نَفَقَتِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا، وَهَذَا عِوَضٌ مُحَقَّقٌ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ، فَهَذَا طَلَاقٌ بِعِوَضٍ أَيْضًا. وَالْخُلْعُ لُغَةً الْإِزَالَةُ، يُقَالُ خَلَعَ ثَوْبَهُ إذَا نَزَعَهُ وَأَزَالَهُ، وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ كَلِبَاسٍ لِلزَّوْجِ فِي السَّتْرِ وَالتَّوْقِيَةِ مِمَّا يَضُرُّ، سُمِّيَ فِرَاقُهَا خُلْعًا، قَالَ تَعَالَى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} [البقرة: 187] . وَالطَّلَاقُ لُغَةً الْإِرْسَالُ وَالتَّرْكُ، وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ مَعْنًى جَاهِلِيٌّ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبٌ تَكَرُّرَهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ، وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ، وَعَرَّفَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ الْخُلْعَ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْبُضْعِ تَمْلِكُ بِهِ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الْعِوَضَ بِهِ، وَالرَّضَاعَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِعِوَضٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 3 وَبِلَا حَاكِمٍ، وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا؛ إنْ تَأَهَّلَ؛ لَا مِنْ: صَغِيرَةٍ، وَسَفِيهَةٍ، وَذِي رِقٍّ،   [منح الجليل] وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِلَا) حُكْمِ (حَاكِمٍ) فَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِعِوَضٍ لِإِيهَامِهِ تَوَقُّفَ كَوْنِهِ خُلْعًا عَلَى عَدَمِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) جَازَ الطَّلَاقُ (بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ قَصَدَ مَصْلَحَةً، أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ، أَوْ مُجَرَّدَ إسْقَاطِ نَفَقَتِهَا عَنْ زَوْجِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا الْبُرْزُلِيُّ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نَاجِي، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ تَقْيِيدُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إسْقَاطَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ لَزِمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ ابْنُ نَاجِي حَمَلَهَا شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَفْتَيْت بِهِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَجْنَبِيِّ بِكَوْنِهِ لِمَصْلَحَةٍ، أَوْ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ إضْرَارَ الْمَرْأَةِ، وَأَمَّا مَا يَجْعَلُهُ بَعْضُهُمْ لِقَصْدِ مُجَرَّدِ إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ، وَفِي انْتِفَاعِ الْمُطَلِّقِ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ نَظَرٌ ابْنُ عَرَفَةَ: بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مُسْتَقِلًّا. قُلْت مَا لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ ضَرَرِهَا بِإِسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَيَنْبَغِي رَدُّهُ كَشِرَاءِ دَيْنٍ لِلْعَدُوِّ اهـ. وَذَكَرَ شَرْطَ مُلْتَزِمِ الْعِوَضِ زَوْجَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا فَقَالَ (إنْ تَأَهَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ كَانَ أَهْلًا لِالْتِزَامِهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بَاذِلُ الْعِوَضِ مَنْ يَصِحُّ مَعْرُوفُهُ؛ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ. اهـ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ إنْ تَأَهَّلَ فَقَالَ (لَا) يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ الْعِوَضُ (مِنْ) زَوْجَةٍ (صَغِيرَةٍ وَ) زَوْجَةٍ (سَفِيهَةٍ) أَيْ بَالِغَةٍ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مُهْمِلَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا وَلِيُّهَا صَحَّ وَجَازَ (وَ) لَا مِنْ شَخْصٍ (ذِي رِقٍّ) أَيْ رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَيَمْضِي مِنْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ قَرُبَ أَجَلُهُ، وَيُوقَفُ مِنْ مُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ فِي مَرَضِهِ، فَإِنْ مَاتَ مَضَى مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ، وَإِنْ صَحَّ فَلَهُ رَدُّهُ وَيَرُدُّ خُلْعَ الْمُكَاتَبَةِ بِكَثِيرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 4 وَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَتْ. وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ؛ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ: خِلَافٌ ،   [منح الجليل] وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِعَجْزِهَا وَبِيَسِيرٍ بِإِذْنِهِ مَضَى، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ يُوقَفُ، فَإِنْ أَدَّتْ مَضَى. وَإِنْ عَجَزَتْ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِيهِ كَالصَّدَاقِ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ (الْمَالَ) الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ صَغِيرَةٌ، أَوْ سَفِيهَةٌ، أَوْ رَقِيقٌ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهِ. (وَبَانَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ وَلَا يَتْبَعُ الْأَمَةَ بِشَيْءٍ بَعْدَ عِتْقِهَا فَإِنْ ارْتَجَعَهَا لِظَنِّهِ رَجْعِيًّا، أَوْ تَقْلِيدِهِ مَنْ رَآهُ رَجْعِيًّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا، وَإِلَّا فَلَا لِرَفْعِهِ الْخِلَافَ، وَظَاهِرِ قَوْلِهِ: وَبَانَتْ. وَلَوْ قَالَ: بَعْدَ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَتِمَّ لِي مَا خَالَعَتْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُنِي طَلَاقٌ فَلَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعْقِيبٌ بِرَافِعٍ. وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى تَمَامِ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَهُ، بِإِنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَالُ، أَوْ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ أَمْضَى الْوَلِيُّ فِعْلَهَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ رَدَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِدُونِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَالَ لِرَشِيدَةٍ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَزِمَتْهَا الْبَرَاءَةُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ، فَالتَّعْلِيقُ فِي مُخَالَعَتِهَا كَعَدَمِهِ. (وَجَازَ) الْخُلْعُ (مِنْ الْأَبِ عَنْ) بِنْتِهِ (الْمُجْبَرَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ لَجَبَرَهَا عَلَى الزَّوَاجِ لِكَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً، أَوْ مَجْنُونَةً مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا حَيْثُ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَتُهَا، وَكَالْأَبِ سَيِّدُ الْأَمَةِ (بِخِلَافِ) الشَّخْصِ (الْوَصِيِّ) فَلَا يَجُوزُ خُلْعُهُ عَنْ الْمُجْبَرَةِ إلَّا بِرِضَاهَا فَفِيهَا يَجُوزُ خُلْعُ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا نَقَلَهُ ق: الْحَطُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ خُلْعِهِ عَنْهَا بِرِضَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيُّ لِلْمَحْجُورَةِ أَنْ تُخَالِعَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، أَوْ وَصِيِّهَا وَيَقُولُ بَعْدَ إذْنِهِ مَا رَآهُ مِنْ الْغِبْطَةِ وَفِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ فَضَّلَ الْقَاسِمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَجَوُّزَ مُبَارَأَةِ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا. (وَفِي) جَوَازِ (خُلْعِ الْأَبِ عَنْ) بِنْتِهِ (السَّفِيهَةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الثَّيِّبِ الَّتِي لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَمَنْعِهِ (خِلَافٌ) فَإِنْ كَانَ مَالَهُ، أَوْ بِرِضَاهَا فَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 5 وَبِالْغَرَرِ: كَجَنِينٍ، وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ. وَلَهُ الْوَسَطُ. وَعَلَى نَفَقَةِ حَمْلٍ، إنْ كَانَ. وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا.   [منح الجليل] خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَنَصُّ التَّوْضِيحِ فِي صُلْحِ الْأَبِ عَنْ الْبِنْتِ السَّفِيهَةِ قَوْلَانِ، الْأَوَّلُ: لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا الْمُوَثَّقِينَ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ: جَرَتْ الْفُتْيَا مِنْ الشُّيُوخِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَرَوَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِكْرِ مَا دَامَتْ فِي وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رَاشِدٍ: الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ فِي حَجْرِهِ كَالْبِكْرِ وَوَقْفُهُ عَلَى إذْنِهَا اخْتِيَارُ الْمُتَيْطِيِّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ قَائِلًا عَلَيْهِ جَرَتْ فَتْوَى شُيُوخِنَا وَفُقَهَائِنَا وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ. وَقَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ مَعَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ. (وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِ) ذِي (الْغَرَرِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ التَّحَيُّرِ وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ مَا يُوَافِقُ الْغَرَضَ وَمَا لَا يُوَافِقُهُ لِجَوَازِهِ بِلَا شَيْءٍ (كَجَنِينٍ) لِأَمَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ فِي مِلْكِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ انْفَشَّ، أَوْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ لَهُ لِدُخُولِهِ مُجَوِّزًا لِهَذَا (وَ) جَازَ الْخُلْعُ بِحَيَوَانٍ، أَوْ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ (غَيْرِ مَوْصُوفٍ) بِصِفَاتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الرَّغْبَةُ فِيهِ بِاعْتِبَارِهَا (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ الَّتِي خَالَعَتْهُ بِغَيْرِ مَوْصُوفِ النَّوْعِ (الْوَسَطُ) أَيْ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ لَا مِمَّا يُخَالِعُ النَّاسُ بِهِ عَادَةً، وَلَا يُرْعَى فِيهِ حَالُ الْمَرْأَةِ وَكَالْخُلْعِ فِي جَوَازِ الْغَرَرِ الْهِبَةُ وَالرَّهْنُ إلَّا الْجَنِينَ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَظَمَ عج الْمَسَائِلَ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ فَقَالَ: عَطِيَّةُ إبْرَاءٍ وَرَهْنٌ كِتَابَةٌ ... وَخُلْعٌ ضَمَانٌ جَازَ فِي كُلِّهَا الْغَرَرْ وَفِي الرَّهْنِ يُسْتَثْنَى الْجَنِينُ وَخُلْعُهَا ... بِهِ جَائِزٌ إنْ مِلْكُ أُمٍّ لَهَا اسْتَقَرْ. (وَ) جَازَ الْخُلْعُ بِ (نَفَقَةِ حَمْلٍ) أَيْ عَلَى أَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا (إنْ كَانَ) بِهَا حَمْلٌ. وَأَوْلَى بِنَفَقَةٍ: الْحَمْلُ الظَّاهِرُ، فَإِنْ أَعْسَرَتْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا وَرَجَعَ عَلَيْهَا إنْ أَيْسَرَتْ (وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِإِسْقَاطِ) الزَّوْجَةِ حَقَّهَا فِي (حَضَانَتِهَا) أَيْ حِفْظِهَا وَلَدَهَا وَتَرْبِيَتِهِ لِزَوْجِهَا أَبِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 6 وَمَعَ الْبَيْعِ، وَرَدَّتْ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ مَعَهُ نِصْفَهُ،   [منح الجليل] وَلَدِهَا فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا قَبْلَهُ كَأُمِّ الْأُمِّ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْأُمِّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا بَعْدَ الْأُمِّ قَبْلَ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: هَذَا الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَجَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَشَمِلَ كَلَامُهُ خُلْعَهَا بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِحَمْلٍ بِهَا بَعْدَ وِلَادَتِهِ. الْحَطُّ وَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ لِجَرَيَانِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ. (وَ) جَازَ الْخُلْعُ (مَعَ الْبَيْعِ) كَأَنْ تَدْفَعَ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيَدْفَعَ لَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَالْعَبْدُ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ خُلْعٌ، وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعَقْدُ عَلَيْهِ بَيْعٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ زَائِدَةً عَلَى الدَّنَانِيرِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا، أَوْ نَاقِصَةً عَنْهَا عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي تَرَاضِيهِمَا، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَضَى بِهِ الْقُضَاةُ لِجَوَازِ الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ: رَجْعِيٌّ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَكَأَنْ تَدْفَعَ عَشْرَ دَنَانِيرَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّلَاقِ، وَأُمُّهُ تَأْخُذُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَبِيعِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ دُونَ الْخُلْعِ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَيَرُدُّ مَا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَةَ، أَوْ الزَّوْجَ. وَيَرُدُّ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ لِمُشْتَرِيهِ وَيَمْضِي الْخُلْعُ بِمَا يُقَابِلُ الْعِصْمَةَ مِنْهُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّتْ) الزَّوْجَةُ (لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ) الَّذِي دَفَعَتْهُ لِلزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ عِصْمَتِهَا وَمَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (مَعَهُ) أَيْ الْبَيْعِ أَيْ مَعَ رَدِّ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ فَتَرُدُّ لِلزَّوْجِ مَا أَخَذَتْهُ مِنْهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْعَبْدِ، وَمَفْعُولُ رَدَّتْ (نِصْفَهُ) أَيْ الْعَبْدِ مِنْ الزَّوْجِ لِنَفْسِهَا وَيَمْضِي الْخُلْعُ بِنِصْفِهِ فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مَعَ بَيْنُونَتِهَا، فَلَوْ قَالَ: وَرُدَّ لِكَإِبَاقِ الْعَبْدِ بَيْعُ نِصْفِهِ لَكَانَ أَوْضَحَ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمَبِيعِ نِصْفَهُ إنْ عَيَّنَا ذَلِكَ وَقْتَ الْخُلْعِ، أَوْ دَفَعَتْهُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالْعِصْمَةِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ لِلْمَعْلُومِ النِّصْفَ، وَلِلْمَجْهُولِ النِّصْفَ، فَإِنْ كَانَا عَيَّنَا قَدْرًا مِنْ الْعَبْدِ لِلْبَيْعِ غَيْرَ النِّصْفِ عُمِلَ بِهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ: الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا تَرُدُّ نِصْفَ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَهُ، بَلْ تَرُدُّهُ كُلَّهُ وَيَرُدُّ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفَ الْعَبْدِ، وَتَمَّ الْخُلْعُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَلَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 7 وَعُجِّلَ الْمُؤَجَّلُ بِمَجْهُولٍ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِقِيمَتِهِ، وَرُدَّتْ دَرَاهِمُ رَدِيئَةٌ، إلَّا لِشَرْطٍ؛ وَقِيمَةٌ: كَعَبْدٍ اُسْتُحِقَّ.   [منح الجليل] قَالَ: وَرُدَّ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْعِوَضُ وَلَهُ نِصْفُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى آبِقٍ، أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ زَادَهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فُسِخَ مِنْ الْغَرَرِ مَنَابُ الْعَشَرَةِ وَرَدَّتْ لِلزَّوْجِ وَتَمَّ لَهُ مَنَابُ الْعِصْمَةِ مِنْهُ. (وَ) إنْ خَالَعَتْهُ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَإِمْطَارِ السَّمَاءِ وَقُدُومِ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ وَقْتُ قُدُومِهِ (عُجِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا لِلزَّوْجِ الْعَدَدُ الْمُخَالَعُ بِهِ (الْمُؤَجَّلُ بِ) أَجَلٍ (مَجْهُولٍ) فَهُوَ كَقَوْلِهَا، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ أَيْ مَعْلُومِ الْقَدْرِ لَكِنْ أُجِّلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَانَ حَالًّا كَمَنْ بَاعَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَالْقِيمَةُ فِيهِ حَالَّةٌ مَعَ فَوَاتِ السَّلَمَةِ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ بِتَعْجِيلِ عَدَدِهِ تُؤُوِّلَتْ (بِ) تَعْجِيلِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ بِمَجْهُولٍ يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى غَرَرِهِ حَالَّةً. أَحْمَدُ اُنْظُرْ كَيْفَ يُقَوَّمُ مَعَ جَهْلِ أَجَلِهِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَالَ نَفْسَهُ حَلَالٌ، وَالْحَرَامَ تَأْجِيلُهُ بِمَجْهُولٍ فَأُلْغِيَ. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي فَاسِدِ الْبَيْعِ الَّذِي فَاتَ. (وَرُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (دَرَاهِمُ) مَثَلًا ظَهَرَتْ وَهِيَ (رَدِيئَةٌ) خَالَعَتْهُ بِهَا أَيْ يَرُدُّهَا الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا دَرَاهِمَ جَيِّدَةً إنْ شَاءَ سَوَاءٌ أَرَتْهُ إيَّاهَا حِينَ الْخُلْعِ أَمْ لَا لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا بِالْإِرَادَةِ وَلَا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا كَمَا لَا تَتَعَيَّنُ بِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْهَا أَنَّهَا رَدِيئَةٌ فَلَا تُرَدُّ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ خُذْهَا دُونَ تَقْلِيبٍ أَوْ لَا أَعْرِفُ هَلْ هِيَ رَدِيئَةٌ، أَوْ جَيِّدَةٌ، وَلَوْ قَالَ وَرُدَّ رَدِيءٌ مُخَالَعٌ بِهِ لَشَمِلَ الدَّرَاهِمَ وَغَيْرَهَا. (وَ) رُدَّ لِلزَّوْجِ مِنْ الزَّوْجَةِ (قِيمَةُ كَعَبْدٍ) وَعَرَضٍ وَحَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ خَالَعَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ زَوْجَهَا وَ (اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، أَيْ نَحْوُ الْعَبْدِ أَيْ رُفِعَ مِلْكُ الزَّوْجِ عَنْهُ بِثُبُوتِ مِلْكِهِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ، أَوْ حُرِّيَّتِهِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْخُلْعُ، وَتَرُدُّ الزَّوْجَةُ لِلزَّوْجِ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفَتْحِ يَوْمَ الْخُلْعِ إنْ عَلِمَا مَعًا بِاسْتِحْقَاقِهِ، فَإِنْ عَلِمَا مَعًا بِهِ، أَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِهِ وَحْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ، وَإِنْ عَلِمَتْ بِهِ وَحْدَهَا فَلَا خُلْعَ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ وَالْمِثْلِيُّ فَتَدْفَعُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 8 وَالْحَرَامُ: كَخَمْرٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ بَعْضًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ: كَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا، وَتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ   [منح الجليل] الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ. (وَ) رُدَّ (الْحَرَامُ) حُرْمَةً أَصْلِيَّةً الَّذِي خَالَعَتْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا بِهِ (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ (وَ) شَيْءٍ (مَغْصُوبٍ) وَعَارِضَةٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَأُمِّ وَلَدٍ إنْ كَانَ كُلَّ الْمُخَالَعِ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بَعْضًا) مِنْ الْمُخَالَعِ بِهِ أَيْ حُكِمَ بِفَسْخِهِ شَرْعًا (وَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ عِوَضًا عَنْهُ إنْ عَلِمَهُ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ الزَّوْجَةِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا، نَحْوُ الْخَمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا الْمَغْصُوبَ فَعَلَيْهَا مِثْلُهُ، وَإِنْ عَلِمَتْ وَحْدَهَا فَلَا طَلَاقَ فِي نَحْوِ الْخَمْرِ إنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِلَّا بَانَتْ، وَعَلَيْهَا مِثْلُهُ مِنْ الْحَلَالِ كَخَلٍّ وَشَاةٍ وَهَلْ يُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ أَوْ يُسَرَّحُ؟ قَوْلَانِ، وَتُرَاقُ الْخَمْرُ، وَهَلْ تُكْسَرُ أَوَانِيهَا وَتُشَقُّ زِقَاقُهَا، أَوْ لَا؟ خِلَافٌ، فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فَلِلزَّوْجِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا مُشِيرًا لِحُرٍّ عَالِمًا حُرِّيَّتَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، فَعُلِمَ أَنَّ " رُدَّتْ " مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ. وَأَنَّ الرَّادَّ لِلدَّرَاهِمِ الزَّوْجُ، وَلِلْقِيمَةِ الزَّوْجَةُ، وَلِلْحَرَامِ الشَّرْعُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ؛ إذْ الْأَوَّلُ رَدٌّ لِلْمَقْبُوضِ لِأَخْذِ بَدَلِهِ، وَالثَّانِي دَفْعُ الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ فَسْخُ الْعَقْدِ قَالَهُ " غ ". وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ (كَتَأْخِيرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (دَيْنًا) لَهَا حَالًّا (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ جَرَّ لَهَا نَفْعًا بِحَلِّ عِصْمَتِهَا وَتَحَصُّلِهَا مِنْ سُوءِ عِشْرَتِهِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَالِّ تَسْلِيفٌ فَيُرَدُّ التَّأْخِيرُ وَتَسْتَحِقُّ دِينَهَا حَالًا وَبَانَتْ مِنْهُ، وَكَذَا تَسْلِيفُهَا لَهُ ابْتِدَاءً وَتَعْجِيلُهَا دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا مُؤَجَّلًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ (وَ) كَخُلْعِهَا عَلَى (خُرُوجِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مِنْ مَسْكَنِهَا) الَّذِي كَانَتْ سَاكِنَةً مَعَهُ فِيهِ وَاعْتِدَادِهَا خَارِجَهُ فَلَا يَجُوزُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِمَا سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ خَالَعَتْهُ عَلَى أَنَّهَا تَدْفَعُ أُجْرَتَهُ مِنْ مَالِهَا مَعَ سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا فَهُوَ جَائِزٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا فَلَهَا إسْقَاطُهُ. (وَ) كَخُلْعِهَا بِ (تَعْجِيلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مَا) أَيْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ لَهَا (لَا يَجِبُ) عَلَيْهَا (قَبُولُهُ) مِنْهُ قَبْلَ حُلُولِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 9 وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ، أَوْ لَا؟ تَأْوِيلَانِ. وَبَانَتْ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نُصَّ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ:   [منح الجليل] أَجَلِهِ كَطَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ مِنْ سَلَمٍ فَيَبْطُلُ التَّعْجِيلُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ: حُطَّ الضَّمَانَ، وَأَزِيدُكَ؛ إذْ الزَّوْجَةُ حَطَّتْ عَنْهُ ضَمَانَ الدَّيْنِ إلَى الْأَجَلِ وَزَادَهَا عِصْمَتَهَا وَيَبْقَى الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْعِصْمَةِ (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ الْخُلْعُ بِمَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ فِي الْفَسْخِ الْخُلْعُ بِتَعْجِيلِ مَا لَهَا عَلَيْهِ (إنْ وَجَبَ) عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ كَعَيْنٍ مُطْلَقًا وَطَعَامٍ وَعَرَضٍ مِنْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَهُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ نَفَقَةَ عِدَّتِهَا. وَقِيلَ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَاعْتُرِضَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى إسْقَاطِهَا بِطَلَاقِهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ (أَوْ لَا) يَكُونُ الْخُلْعُ بِتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَخُلْعِهَا بِتَعْجِيلِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهُ فِي الْمَنْعِ، بَلْ هُوَ جَائِزٌ، وَطَلَاقُهُ رَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى فِي الْجَوَابِ. (تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِهَا عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَتَخَالَعَا عَلَى تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ الْخُلْعُ وَرُدَّ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ فَمِنْهُ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ أَوْ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَحَمَلَهَا بَعْضٌ عَلَى خِلَافِهِ، وَفَصَّلَ فَقَالَ: الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ، وَاَلَّذِي يَجِبُ قَبُولُهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ لَهَا وَلَا يُرَدُّ إلَى أَجَلِهِ وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ وَلَيْسَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خُلْعِهَا بِلَا مَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ. (وَبَانَتْ) مَنْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِعِوَضٍ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ) حَيْثُ (نُصَّ) بِضَمِّ النُّونِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ لَفْظِ الْخُلْعِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّصِّ عَلَى الرَّجْعَةِ بَائِنٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ أَيْ وَبَانَتْ إنْ طَلَّقَهَا بِعِوَضٍ وَلَوْ نُصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ بِأَنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا، وَقَالَتْ لَهُ: طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَخَذَهُ مِنْهَا وَطَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَقَعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 10 كَإِعْطَاءِ مَالٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى نَفْيِهَا:   [منح الجليل] بَائِنًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ الْبَيْنُونَةُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ النَّصِّ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَكَذَا طَلَاقُهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّصِّ عَلَيْهَا. وَشَبَّهَ فِي الْبَيْنُونَةِ فَقَالَ (كَ) طَلَاقِهَا رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ وَلَا لَفْظِ خُلْعٍ وَ (إعْطَاءِ مَالٍ) لِلزَّوْجِ (فِي الْعِدَّةِ) مِنْ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (عَلَى) شَرْطِ (نَفْيِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ، وَبَانَتْ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ مِنْ انْقِلَابِ الطَّلْقَةِ الرَّجْعِيَّةِ بَائِنَةً، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنَّهُ خُلْعٌ فَيَلْزَمُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الرَّجْعَةِ لَازِمٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَاَلَّذِي أَنْشَأَهُ الْآنَ غَيْرُ الطَّلْقَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، أَوْ ظَاهِرٌ إنْ قَبِلَ بِلَفْظٍ، وَإِنْ قَبِلَ بِغَيْرِهِ فَمُشْكِلٌ بِأَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ اللَّفْظَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى قَبُولِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ كَالْحَفْرِ وَالرَّدْمِ الْآتِي أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَ، وَأَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ فَخَلَعَ بِثَانِيَةٍ اتِّفَاقًا، هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَنَصُّ السَّمَاعِ: سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً، ثُمَّ أَعْطَتْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ أَرَاهُ خُلْعًا. قُلْت: أَفَتَرَاهُ تَطْلِيقَةً أُخْرَى مَعَ الْأُولَى الَّتِي طَلَّقَ، قَالَ نَعَمْ أَرَاهُمَا تَطْلِيقَتَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا فَخُلْعٌ يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى. وَأَمَّا إذَا أَعْطَتْهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ خُلْعٌ أَيْضًا يَقَعُ بِهِ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الْعَشَرَةَ، أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ شَاءَ رَاجَعَهَا فَإِنْ رَاجَعَهَا رَدَّ عَلَيْهَا الْعَشَرَةَ أَيْ تَرَكَهَا لَهَا وَلَا يَأْخُذُهَا مِنْهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتَأَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ الْعَشَرَةَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ اخْتِلَافًا مِنْ الْقَوْلِ. وَقَالَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ: وَلَوْ قَالَتْ: خُذْ مِنِّي عَشْرَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَك عَلَيَّ لَكَانَ صُلْحًا بِاتِّفَاقٍ، وَبِذَلِكَ كُلِّهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ أَخْذُهُ مَالًا مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ فِي كَوْنِهِ خُلْعًا بِالْأُولَى، أَوْ بِالْأُخْرَى. ثَالِثُهَا إنْ ارْتَجَعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 11 كَبَيْعِهَا، أَوْ تَزْوِيجِهَا. وَالْمُخْتَارُ: نَفْيُ اللُّزُومِ فِيهِمَا، وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ؛ إلَّا لِإِيلَاءٍ وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ؛   [منح الجليل] رَدَّ الْمَالَ الْأَوَّلَ. اهـ. فَقَدْ حُكِيَ الْخِلَافُ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ. وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ خُلْعٌ وَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ، وَقَدْ رَأَيْت لِابْنِ يُونُسَ مِثْلَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَعَلَّهُمَا طَرِيقَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الْبَيْنُونَةِ أَيْضًا فَقَالَ (كَبَيْعِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ إذَا بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِمَسْغَبَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ (أَوْ تَزْوِيجِهَا) كَذَلِكَ أَيْ إذَا زَوَّجَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ، وَكَذَا بَيْعُهَا وَتَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ إذَا لَمْ يَكُنْ هَازِلًا فِيهِمَا، وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِهَا وَلَا مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهَا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ بَيْعِهَا، أَوْ تَزْوِيجِهَا ثَانِيَةً، قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْبَيْعِ وَقِيسَ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ الْمُتَيْطِيُّ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ امْرَأَتَهُ، أَوْ زَوَّجَهَا هَازِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَحْلِفُ فِي التَّزْوِيجِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا، وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ زُوِّجَتْ، أَوْ بِيعَتْ بِحَضْرَتِهِ فَأَنْكَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ (اللُّزُومِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ الزَّوْجَ (فِيهِمَا) أَيْ بَيْعِ الزَّوْجَةِ وَتَزْوِيجِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَ) بَانَتْ بِكُلِّ (طَلَاقٍ حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ بِكَعَيْبٍ، أَوْ نُشُوزٍ، أَوْ إضْرَارٍ، أَوْ فَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ، أَوْ كَمَالِ عِتْقٍ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ الزَّوْجُ مُخْتَارًا وَتَنَازَعَا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ لُزُومِهِ فَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ كَوْنِهِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا (إلَّا) الطَّلَاقَ الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ (لِإِيلَاءٍ) أَيْ حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ رِقٌّ فَرَجْعِيٌّ. (وَ) إلَّا الطَّلَاقَ الْمَحْكُومَ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ لِ (عُسْرٍ) مِنْ الزَّوْجِ (بِنَفَقَةٍ) لِلزَّوْجَةِ فَرَجْعِيٌّ وَالْأَوْلَى: وَعَدَمِ نَفَقَةٍ لِيَشْمَلَ صَرِيحًا عَدَمَهَا لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ مُوسِرًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَا مَالَ لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 12 لَا إنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ بِلَا عِوَضٍ، أَوْ طَلَّقَ، أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى. وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ؟   [منح الجليل] بِبَلَدِهَا وَلَمْ تَجِدْ مَنْ يُسْلِفُهَا إلَى قُدُومِهِ فَطَلَّقَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا. (لَا) تَبِينُ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا (إنْ) طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَ (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ (الرَّجْعَةِ) حَالَ كَوْنِ شَرْطِهَا (بِلَا عِوَضٍ) سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهَا، أَوْ مِنْ وَلِيِّهَا، أَوْ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ فَرَجَّحَ الْقَرَافِيُّ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَأَفْتَى جَدُّ عج بِهِ، قَالَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَقِيلَ بَائِنَةٌ، وَقِيلَ ثَلَاثٌ (أَوْ طَلَّقَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَأَعْطَاهَا مَالًا فَرَجْعِيٌّ (أَوْ صَالَحَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى مَالٍ لَهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِهِ، أَوْ أَنْكَرَهُ (وَأَعْطَى) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مَالًا وَطَلَّقَهَا فَرَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. ابْنُ عَاشِرٍ لَمْ أَرَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا فِي غَيْرِهِ مَا قَرَّرَهُ بِهِ تت مِنْ أَنَّهُ صَالَحَ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ بِبَعْضِهِ، بَلْ الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنْ صَالَحَهَا عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْهُ لَهَا جَهْلًا وَظَنَّ أَنَّهُ وَجْهُ الصُّلْحِ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهَا طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هُوَ خُلْعٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ، وَحَمَلَ الْحَطُّ الْمُصَنِّفَ عَلَى الصُّورَتَيْنِ. (وَهَلْ) يَكُونُ رَجْعِيًّا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ قَصْدِ الْخُلْعِ (أَوْ) هُوَ رَجْعِيٌّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَقْصِدَ) الزَّوْجُ (الْخُلْعَ) فَبَائِنٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ قَدْ يَكُونُ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لَهَا عَلَيْهِ؟ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَيْسَ مَعْنَى قَصْدِ الْخُلْعِ إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، بَلْ مَعْنَاهُ جَرَيَانُ ذِكْرِهِ بَيْنَهُمَا؛ إذْ لَوْ قَصَدَ بِاللَّفْظِ لَمْ يَكُنْ نِزَاعٌ فِي أَنَّهُ بَائِنٌ قَالَهُ أَحْمَدُ، وَهُمَا فِيمَا إذَا صَالَحَ وَأَعْطَى. وَأَمَّا إذَا طَلَّقَ وَأَعْطَى فَرَجْعِيٌّ اتِّفَاقًا، ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَفِيهَا فِيمَنْ طَلَّقَ، وَأَعْطَى أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ: رَجْعِيَّةٌ ضَيْح؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى لِزَوْجَتِهِ الْمُتْعَةَ. قَالَ فِي التَّهْذِيبِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ فَهِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ فَلَهُ الرَّجْعَةُ. وَتَأَوَّلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 13 تَأْوِيلَانِ، وَمُوجِبُهُ: زَوْجٌ مُكَلَّفٌ وَلَوْ سَفِيهًا،، أَوْ وَلِيَّ صَغِيرٍ: أَبًا، أَوْ سَيِّدًا، أَوْ غَيْرَهُمَا؛   [منح الجليل] ابْنُ الْكَاتِبِ الْقَوْلَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْبَيْنُونَةِ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُوَطَّإِ ابْنِ وَهْبٍ وَالْأَسَدِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ صَالَحَ وَأَعْطَى، لَا فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى، قَالَ فِي النُّكَتِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَالنَّقْلُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَا خِلَافَ فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى أَنَّهُ لَهُ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّهُ وَهَبَ لَهَا هِبَةً وَطَلَّقَهَا وَلَيْسَتْ مِنْ الْخُلْعِ فِي شَيْءٍ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ صَحَّحُوا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ إذَا طَلَّقَ وَأَعْطَى، وَإِذَا صَالَحَ وَأَعْطَى، وَإِذَا طَلَّقَ طَلَاقَ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَحَلَّهُمَا فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى لَا فِيمَنْ صَالَحَ وَأَعْطَى؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ وَاعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهِ، قَالَ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى إنْ جَرَى الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ فَهِيَ بَائِنَةٌ، وَإِلَّا فَرَجْعِيَّةٌ. اهـ. هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَمُوجِبُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مَوْقِعُ طَلَاقِ الْخُلْعِ بِعِوَضٍ وَمُثْبِتُهُ (زَوْجٌ) أَوْ نَائِبُهُ مِنْ وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ (مُكَلَّفٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مُلْزَمٌ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ أَيْ مَصِيرُهُ وَاجِبًا عَلَى مُلْتَزِمِهِ زَوْجَةً وَغَيْرَهَا فَلَا يَجِبُ بِطَلَاقِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ إنْ كَانَ الْمُكَلَّفُ رَشِيدًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (سَفِيهًا) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِلَا عِوَضٍ فِيهِ أَوْلَى. اللَّخْمِيُّ وَيُكَمَّلُ لَهُ خُلْعُ الْمِثْلِ إنْ خَالَعَ بِدُونِهِ. ضَيْح: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ الْمُخَالِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ الْمُخَالِعِ بِدَفْعِ الْخُلْعِ لَهُ. قُلْت؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ غَيْرِ مُتَمَوَّلٍ يَسْتَقِلُّ السَّفِيهُ بِهِ فَهُوَ كَهِبَةٍ، وَالْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ أَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ " اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ خُلْعِ السَّفِيهِ " لَا أَعْرِفُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ لِتَكْمِيلِ خُلْعِ الْمِثْلِ. (أَوْ) مُوجِبُهُ (وَلِيُّ) زَوْجٍ (صَغِيرٍ) وَمَجْنُونٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ (أَبًا، أَوْ سَيِّدًا، أَوْ غَيْرَهُمَا) مِنْ وَصِيٍّ، وَحَاكِمٍ، وَمُقَدَّمِهِ إذَا كَانَ خُلْعُ مَنْ ذُكِرَ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 14 لَا أَبَ سَفِيهٍ، وَسَيِّدَ بَالِغٍ. وَنَفَذَ خُلْعُ الْمَرِيضِ وَوَرِثَتْهُ دُونَهَا كَمُخَيَّرَةٍ وَمُمَلَّكَةٍ فِيهِ، وَمُولًى مِنْهَا،   [منح الجليل] لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَحَكَى عَلَيْهِ الرَّجْرَاجِيُّ الِاتِّفَاقَ وَيَرُدُّهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُطَلَّقَ عَلَى السَّفِيهِ الْبَالِغِ وَالصَّغِيرِ دُونَ شَيْءٍ يُؤْخَذُ لَهُ وَقَدْ يَكُونُ بَقَاءُ عِصْمَتِهِ فَسَادَ الْأَمْرِ، جَهِلَ قَبْلَ نِكَاحِهِ، أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ مِنْ كَوْنِ زَوْجَتِهِ غَيْرَ مَحْمُودَةِ الطَّرِيقِ. اهـ. وَوَلِيُّ الْمَجْنُونِ: الْحَاكِمُ، أَوْ مُقَدَّمُهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ، وَالْأَبُ، ثُمَّ وَصِيُّهُ إنْ جُنَّ قَبْلَهُ وَاتَّصَلَ. (لَا أَبُ) زَوْجٍ (سَفِيهٍ) أَيْ بَالِغٍ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ (وَ) لَا (سَيِّدُ) عَبْدٍ (بَالِغٍ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَلَوْ جَبَرَاهُمَا عَلَى النِّكَاحِ. (وَنَفَذَ) أَيْ مَضَى وَلَزِمَ (خُلْعُ) الزَّوْجِ (الْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا، وَلَا يَجُوزُ الْقُدُومُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لِوَارِثٍ وَلَوْ كَافِرَةً، أَوْ أَمَةً لِاحْتِمَالِ إسْلَامِ الْأُولَى وَتَحَرُّرِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَيَجُوزُ طَلَاقُ الْمَرِيضِ مَرَضًا غَيْرَ مَخُوفٍ وَلَوْ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ (وَ) إنْ مَاتَ الْمَرِيضُ بِمَرَضِهِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (وَرِثَتْهُ) أَيْ الْمَرِيضَ زَوْجَتُهُ الَّتِي طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ حَتَّى مِمَّا خَالَعَتْهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ (دُونَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ فِي مَرَضِ الزَّوْجِ الْمَخُوفِ فَلَا يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ مَرَضًا مَخُوفًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَ نَفْسَهُ وَأَسْقَطَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ كَانَتْ بِيَدِهِ. وَشَبَّهَ فِي إرْثِهَا دُونَهُ فَقَالَ (كَ) زَوْجَةٍ (مُخَيَّرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا فِي الْبَقَاءِ فِي عِصْمَتِهِ وَفِرَاقِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، أَوْ مَرِيضٌ فَاخْتَارَتْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فِرَاقَهُ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (وَ) زَوْجَةٍ (مُمَلَّكَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا، أَيْ مَلَّكَهَا زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا (فِيهِ) أَيْ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ فَتَرِثُهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (وَ) زَوْجَةٍ (مُولًى مِنْهَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَلَفَ زَوْجُهَا عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ، أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ فَضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 15 وَمُلَاعَنَةٍ، أَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ، أَوْ أَسْلَمَتْ، أَوْ عَتَقَتْ، أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا، وَإِنْ فِي عِصْمَةٍ. وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ بِصِحَّةٍ بَيِّنَةٍ. وَلَوْ صَحَّ، ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا ثَانِيَةً: لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ.   [منح الجليل] شَهْرَيْنِ، وَتَمَّ وَلَمْ يَفِ وَلَا وَعَدَ بِهَا فَطُلِّقَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَتَرِثُهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا. (أَوْ) زَوْجَةٍ (مُلَاعَنَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، أَوْ كَسْرِهَا أَيْ لَاعَنَهَا زَوْجُهَا لِقَذْفِهَا بِنَفْيِ حَمْلِهَا عَنْهُ، أَوْ بِالزِّنَا وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فِي صِحَّتِهِ، أَوْ مَرَضِهِ (وَأَحْنَثَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا (فِيهِ) أَيْ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ) تَزَوَّجَ فِي صِحَّتِهِ كِتَابِيَّةً، أَوْ أَمَةً، ثُمَّ طَلَّقَهَا وَلَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ، ثُمَّ (أَسْلَمَتْ) الْكِتَابِيَّةُ (أَوْ عَتَقَتْ) الْأَمَةُ فِي مَرَضِهِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ) طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا وَ (تَزَوَّجَتْ) زَوْجًا (غَيْرَهُ) فَإِنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا يَرِثُهَا. الْبُنَانِيُّ: وَالْأَوْلَى وَإِنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مُبَايِنًا لِلْخُلْعِ فِي الْمَرَضِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ. (وَوَرِثَتْ) الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ (أَزْوَاجًا) تَزَوَّجَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ فِي صِحَّتِهِ وَطَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (فِي عِصْمَةٍ) لِزَوْجٍ حَيٍّ (وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ) إرْثُ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا، أَوْ بَائِنًا (بِ) حُصُولِ (صِحَّةٍ) لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ (بَيِّنَةٍ) أَيْ ظَاهِرَةٍ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. (وَلَوْ) طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ، ثُمَّ (صَحَّ) مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا (ثُمَّ مَرِضَ) مَرَضًا مَخُوفًا (فَطَلَّقَهَا) فِي هَذَا الْمَرَضِ الثَّانِي، ثُمَّ مَاتَ مِنْهُ (لَمْ تَرِثْ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَمُوتَ (فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) الرَّجْعِيِّ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي مَرَضِهِ الْأَوَّلِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 16 وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ: كَإِنْشَائِهِ. وَالْعِدَّةُ: مِنْ الْإِقْرَارِ   [منح الجليل] وَكَذَا إذَا طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ رَجْعِيًّا، ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا وَطَلَّقَهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا عِدَّةَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي. وَعِبَارَةُ التَّوْضِيحِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا قَدْ انْقَطَعَ بِصِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ قَبْلَ عِدَّةِ الْأَوَّلِ يُوهِمُ أَنَّ ثَمَّ عِدَّةً أُخْرَى. وَمَفْهُومُ " ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا " أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ، وَفِي عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ الْأَوَّلِ يَنْقَطِعُ إرْثُهَا مِنْهُ إنْ كَانَ الثَّانِي بَائِنًا، وَلَوْ مَاتَ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَكَمَنْ طَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ رَجْعِيًّا. (وَالْإِقْرَارُ) مِنْ الزَّوْجِ (بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ (فِيهِ) أَيْ الْمَرَضِ بِأَنْ قَالَ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا مَخُوفًا طَلَّقْتُهَا وَأَنَا صَحِيحٌ قَبْلَ مَرَضِي هَذَا (كَإِنْشَائِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فِي أَنَّهَا تَرِثُهُ دُونَهَا وَلَا يَقْطَعُ إرْثَهَا إلَّا صِحَّتُهُ الْبَيِّنَةُ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ لِيُخْرِجَهَا مِنْ الْإِرْثِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُ وَرِثَتْهُ وَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ وَرِثَهَا، وَإِلَّا فَلَا (وَالْعِدَّةُ) لِلطَّلَاقِ الَّذِي أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ السَّابِقَةِ ابْتِدَاؤُهَا (مِنْ) يَوْمِ (الْإِقْرَارِ) بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ يَقْتَضِي انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا لِاتِّهَامِهِ فِيهِ، وَالْعِدَّةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهَا كُلَّهَا وَلَا بَعْضَهَا إقْرَارُهُ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ " إقْرَارُهُ " أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ بِهَا، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَحَاضَتْ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ، قَالَ عِدَّتُهَا مِنْ الطَّلَاقِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَرِيضُ الطَّلَاقَ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَمِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ،، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَمِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَمَفْهُومٌ فِيهِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ إذْ الْعِدَّةُ فِيهِ مِنْ الْإِقْرَارِ أَيْضًا إلَّا لِبَيِّنَةٍ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا فِي بَابِ الْعِدَّةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَيْ الصَّحِيحُ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرِثْهَا أَنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا، أَيْ الْعِدَّةِ الْمُبْتَدَأَةِ مِنْ إقْرَارِهِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 17 وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقٍ فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ. وَإِنْ أَشْهَدَ بِهِ فِي سَفَرٍ، ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فُرِّقَ   [منح الجليل] فَإِنْ تَمَّتْ، ثُمَّ مَاتَ فَلَا تَرِثُهُ، وَهَذَا مَحَلُّ افْتِرَاقِ إقْرَارِ الصَّحِيحِ مِنْ إقْرَارِ الْمَرِيضِ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرِثُ الْمَرِيضَ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً. وَقَوْلُهُ تَشْهَدُ لَهُ، وَكَذَا عَلَيْهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُنْكِرٌ، فَالْعِدَّةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَهُوَ إقْرَارُهُ بِهِ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا، وَإِنْكَارُهُ إيَّاهُ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، أَوْ لَهُ. وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ الصَّحِيحُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ فَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ. (وَلَوْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ) الْبَائِنِ، أَوْ الرَّجْعِيِّ فِي مَرَضِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِحَسَبِ تَارِيخِهِمْ وَمَاتَ وَهُوَ مُعَاشِرٌ لَهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ، وَكَانَ تَأْخِيرُهُمْ رَفْعَ الشَّهَادَةِ لِلْحَاكِمِ لِعُذْرٍ كَغَيْبَتِهِمْ (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ (الطَّلَاقِ) الْوَاقِعِ مِنْ الزَّوْجِ (فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ لَهُ مِنْ أَنَّهَا تَرِثُهُ أَبَدًا وَتَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ وَفَاتِهِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا عِدَّةَ وَفَاةٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ نَقَلَهَا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، وَعِدَّةَ طَلَاقٍ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمَشْهُودُ بِهِ بَائِنًا. وَقَالَ عج ظَاهِرُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَوْ كَانَ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي الشَّهَادَةِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَبِهَذَا يُوَجَّهُ إرْثُهَا إيَّاهُ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ حَيْثُ أَسْنَدَتْهُ لَهَا، وَبِأَنَّ مُعَاشَرَتَهُ إيَّاهَا لِمَوْتِهِ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ تَكْذِيبِهِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ لَمْ تُعْذَرْ الْبَيِّنَةُ فِي تَأْخِيرِ الرَّفْعِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهَا وَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ. وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى زَوْجِ مَيِّتَةٍ بِأَنَّهَا بَائِنٌ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا وَعَجَزَ عَنْ تَجْرِيحِهَا فَلَا يَرِثُهَا. (وَإِنْ أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ إنْشَاءِ الطَّلَاقِ، أَوْ الْإِقْرَارِ بِهِ ثَلَاثًا، أَوْ بَائِنًا دُونَهَا، وَصِلَةُ " أَشْهَدَ " (فِي سَفَرٍ) مَثَلًا أَيْ، أَوْ حَضَرٍ (ثُمَّ قَدِمَ) الزَّوْجُ مِنْ السَّفَرِ (وَوَطِئَ) الزَّوْجَةَ الَّتِي أَشْهَدَ بِطَلَاقِهَا أَيْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ (وَأَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الشَّهَادَةَ) أَيْ الْإِشْهَادَ وَكَذَّبَ الْبَيِّنَةَ فِيهِ (فُرِّقَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً بَيْنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الَّتِي أَشْهَدَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 18 وَلَا حَدَّ. وَلَوْ أَبَانَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ. وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ وَهَلْ يُرَدُّ، أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا   [منح الجليل] بِطَلَاقِهَا، أَوْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالتَّفْرِيقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ حَدِّهِ مَعَ الْحُكْمِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ. وَأَجَابَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ كَانَ كَمَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَالْأَبْهَرِيُّ بِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمٍ لِزَوْجَتِهِ إلَى الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ اعْتِدَادِهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ كَمَنْ أَقَرَّ بِزِنًا وَرَجَعَ عَنْهُ، وَبِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ الْإِشْهَادَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا بَلَغَهَا مَوْتُ زَوْجِهَا الْغَائِبِ فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا وَقَدْ حَلَّتْ اهـ. (وَلَوْ أَبَانَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ الَّتِي أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ (قَبْلَ صِحَّتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي أَبَانَهَا فِيهِ (فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ) الْمَخُوفِ فِي الْفَسَادِ وَاسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ قَبْلُ وَبَعْدُ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ لِعَقْدِهِ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقُ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَيُعَجَّلُ فَسْخُهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً، وَلَكِنْ لَهَا مِيرَاثُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ قُلْتَ: عِلَّةُ مَنْعِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ إدْخَالُ وَارِثٍ وَقَدْ انْتَفَتْ هُنَا؛ لِأَنَّهَا تَرِثُهُ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا. قُلْتُ: بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا اُحْتُمِلَ انْقِطَاعُ إرْثِهَا بِصِحَّتِهِ الْبَيِّنَةِ، وَلَمَّا تَزَوَّجَهَا صَارَتْ تَرِثُهُ وَلَوْ صَحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً فَقَدْ نَقَلَهَا مِنْ إرْثٍ مُعَرَّضٍ لِلِانْقِطَاعِ لِإِرْثٍ لَا يَنْقَطِعُ. (وَلَمْ يَجُزْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْجِيمِ أَيْ يَحْرُمُ (خُلْعُ) الزَّوْجَةِ (الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجُ وَارِثٍ، وَعَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَ الطَّلَاقُ وَانْتَفَى التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي عِدَّتِهَا اتِّفَاقًا. (وَهَلْ يُرَدُّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْخُلْعُ أَيْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا. وَظَاهِرٌ وَلَوْ صَحَّتْ صِحَّةً بَيِّنَةً وَهَذَا تَأْوِيلُ الْخِلَافِ (أَوْ) الَّذِي يُرَدُّ (الْمُجَاوِزُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ آخِرَهُ زَايٌ أَيْ الزَّائِدُ (لِإِرْثِهِ) أَيْ الزَّوْجِ أَنْ لَوْ كَانَ وَارِثًا (يَوْمَ مَوْتِهَا) صِلَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 19 وَوُقِفَ إلَيْهِ؟ تَأْوِيلَانِ. وَإِنْ نَقَصَ وَكِيلُهُ عَنْ مُسَمَّاهُ: لَمْ يَلْزَمْ، أَوْ أَطْلَقَ لَهُ، أَوْ لَهَا حَلَفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ،   [منح الجليل] الْمُجَاوِزِ " (وَ) إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ يَوْمَ مَوْتِهَا (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ (إلَيْهِ) أَيْ يَوْمِ مَوْتِهَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنَا أَرَى لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا. وَأَمَّا عَلَى مِثْلِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَأَقَلَّ فَجَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ. عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَفْسِيرًا، أَوْ اخْتِلَافًا قَوْلَانِ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيُوقَفُ الْمَالُ حَتَّى تَصِحَّ أَوْ تَمُوتَ، فَقَوْلُهُ وَهَلْ يُرَدُّ أَيْ الْمُخَالَعُ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا، وَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا هُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ لِلْأَقَلِّ، وَقَوْلُهُ، أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ إلَخْ، هُوَ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَبَرُ فِي قَدْرِ الْمِيرَاثِ يَوْمُ الْخُلْعِ فَيَتَعَجَّلُ الزَّوْجُ الْخُلْعَ إنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ، أَوْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ مَوْتِهَا فَيُوقَفُ الْمُخَالَعُ بِهِ كُلُّهُ إلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، فَقَالَ ابْن رُشْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ وَلَا إرْثَ بِحَالٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ مِنْهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ، وَإِنْ صَحَّتْ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ مَا خَالَعَ بِهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ هُمَا فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَإِنْ) وَكَّلَ الزَّوْجُ مَنْ يُخَالِعُ لَهُ زَوْجَتَهُ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَحْوِ الدَّنَانِيرِ فَ (نَقَصَ وَكِيلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الْخُلْعِ (عَنْ مُسَمَّاهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الزَّوْجُ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ خَالَعَهَا بِأَقَلَّ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ (لَمْ يَلْزَمْ) الزَّوْجَ طَلَاقٌ، وَزَوْجَتُهُ بَاقِيَةٌ عَلَى عِصْمَتِهِ إلَّا أَنْ تُتِمَّ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَكِيلُ الْمُسَمَّى، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ الِامْتِنَاعُ عَنْ قَبُولِ إتْمَامِ الْوَكِيلِ؛ إذْ لَا تَلْحَقُهُ بِهِ مِنَّةٌ (أَوْ أَطْلَقَ) الزَّوْجُ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْخُلْعِ (أَوْ) أَطْلَقَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ (حَلَفَ) الزَّوْجُ (أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ إلَّا أَنْ تُتِمَّهُ الزَّوْجَةُ، أَوْ الْوَكِيلُ إنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 20 وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا، فَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ، وَرَدُّ الْمَالِ بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ عَلَى الضَّرَرِ، وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ   [منح الجليل] لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ كَانَ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ، أَوْ إنْ دَعَوْتِنِي إلَى الصُّلْحِ بِالتَّعْرِيفِ، فَإِنْ كَانَ قَالَ إلَى صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ، أَوْ إنْ خَالَعْتِنِي عَلَى مَالٍ لَزِمَهُ مَا دَفَعَتْهُ لَهُ وَلَوْ تَافِهًا. (وَإِنْ) وَكَّلَتْ مَنْ يُخَالِعُ لَهَا زَوْجَهَا وَبَيَّنَتْ قَدْرًا مَعْلُومًا كَعَشَرَةٍ، أَوْ أَطْلَقَتْ فَ (زَادَ وَكِيلُهَا) عَلَى مَا سَمَّتْهُ لَهُ، أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَتْ (فَعَلَيْهِ) أَيْ وَكِيلِهَا (الزِّيَادَةُ) عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ خُلْعِ الْمِثْلِ، وَلَزِمَ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا مَا سَمَّتْ، أَوْ خُلْعُ الْمِثْلِ، وَسَوَاءٌ أَضَافَ الْمُخَالَعَةَ لَهَا، أَوْ لَهُ، أَوْ لَمْ يُضِفْهَا. وَإِنْ أَطْلَقَتْ حَلَفَتْ عَلَى إرَادَتِهَا خُلْعَ الْمِثْلِ. (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْمَالُ) الْمُخَالَعُ بِهِ لِلزَّوْجَةِ وَسَقَطَ عَنْهَا مَا الْتَزَمَتْهُ مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا، أَوْ نَفَقَةِ حَمْلٍ، أَوْ إسْقَاطِ حَضَانَةٍ (بِشَهَادَةِ سَمَاعٍ) بِلَا يَمِينٍ وَأَوْلَى بِشَهَادَةِ قَطْعٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ بِيَمِينٍ وَصَوَّبَ (عَلَى الضَّرَرِ) مِنْ الزَّوْجِ لَهَا الَّذِي لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَزِمَتْ الْبَيْنُونَةُ. وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ، فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمْ إنْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ لِلزَّوْجَيْنِ. عج إنْ كَانَ مُلْتَزِمُ الْمَالِ غَيْرَهَا فَإِنْ قَصَدَ فِدَاءَهَا مِنْ ضَرَرِهِ رُدَّ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا (وَ) رُدَّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ لَهَا (بِيَمِينِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ (مَعَ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) وَاحِدٍ قَاطِعٍ بِضَرَرِهِ لَهَا بِضَرْبٍ، أَوْ دَوَامِ شَتْمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ أَخْذِ مَالٍ، أَوْ مُشَارَرَةٍ، أَوْ إيثَارِ ضَرَّةٍ عَلَيْهَا فِي مَبِيتٍ لَا يُبْغِضُهُ لَهَا، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (أَوْ) بِيَمِينِهَا مَعَ شَهَادَةِ (امْرَأَتَيْنِ) قَاطِعَتَيْنِ بِالضَّرَرِ وَعُمِلَ فِيهِ بِشَاهِدٍ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ آلَ لِلْمَالِ وَمِثْلُهُ خُلْعُهَا بِإِسْقَاطِ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ لِثُبُوتِهِ فِي الْجَرْحِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. فَإِنْ لَمْ يُؤَوَّلْ لِلْمَالِ كَخُلْعِهَا بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا فَلَا يَسْقُطُ الْتِزَامُهَا بِشَاهِدٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ مَعَ يَمِينٍ عَلَى الضَّرَرِ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ، أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ بِالسَّمَاعِ فَقَوْلَانِ فِي الشَّامِلِ وَالْحَطِّ، وَلَيْسَ مِنْ الضَّرَرِ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ، أَوْ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَدَّبَهَا، وَإِنْ شَاءَ خَالَعَهَا وَيَتِمُّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ مُضَارَرَتُهَا إنْ عَلِمَ زِنَاهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 21 وَلَا يَضُرُّهَا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ   [منح الجليل] مِنْهُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيُنْدَبُ لَهُ فِرَاقُهَا، وَإِنْ ضَارَرَهَا حَتَّى افْتَدَتْ مِنْهُ بِمَالٍ فَلَا يَتِمُّ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَشْتُمَهُ، أَوْ تُخَالِفَ أَمْرَهُ. (وَ) مَنْ ضَارِرْهَا زَوْجُهَا ضَرَرًا لَهَا التَّطْلِيقُ بِهِ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْ إثْبَاتِهِ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَأَرَادَتْ مُخَالَعَتَهُ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً بِضَرَرِ زَوْجِهَا لَهَا وَأَنَّهَا تُخَالِعُهُ وَتُسْقِطُ حَقَّهَا فِي الضَّرَرِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ وَأَنَّهَا غَيْرُ مُلْتَزِمَةٍ لِهَذَا الْإِسْقَاطِ، وَإِنَّمَا تَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى خَلَاصِهَا مِنْهُ وَتَمَكُّنِهَا مِنْ إثْبَاتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ خَالَعَتْهُ مُعْتَرِفَةً بِالطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ، وَأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِيهِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ، وَفِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَرْعَتْهَا أَيْ أَشْهَدَتْهَا سِرًّا بِمَا تَقَدَّمَ فَ (لَا يَضُرُّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ؛ إذْ عَقِبَهَا أَلِفٌ وَكُتِبَتْ بِصُورَةِ الْيَاءِ لِتَجَاوُزِهَا خَمْسَةَ أَحْرُفٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ حَاكِيًا لَهُ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ ضَرَرَهَا يَحْمِلُهَا عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّوْعِ. الْبُنَانِيُّ مَعْنَى الِاسْتِرْعَاءِ إشْهَادُهَا قَبْلَ الْخُلْعِ أَنَّهَا مَتَى افْتَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ فَلَيْسَ طَوْعًا مِنْهَا وَلَا الْتِزَامًا، وَإِنَّمَا يَحْمِلُهَا عَلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَالرَّغْبَةُ فِي الرَّاحَةِ مِنْ ضَرَرِهِ بِهَا، وَأَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ لَهَا النَّجَاةُ مِنْهُ تَرْجِعُ عَلَيْهِ قَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُ، وَهُنَا ثَلَاثُ صُوَرٍ صَرَّحَ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَنَصُّهُ: وَإِنْ اعْتَرَفَتْ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ بِالطَّوْعِ وَكَانَتْ اسْتَرْعَتْ فَلَهَا الرُّجُوعُ بِاتِّفَاقٍ، وَكَذَا إنْ لَمْ تَسْتَرْعِ فَقَامَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ بِهَا. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَلِمَتْهَا فَفِيهِ نَظَرٌ. وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَلَا يَضُرُّهَا أَيْضًا إسْقَاطُ الْبَيِّنَةِ الْمُسْتَرْعِيَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَهُوَ أَصْوَبُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ بِهَا يَحْمِلُهَا عَلَى أَنْ تَعْتَرِفَ بِالطَّوْعِ. وَمَنْ اُبْتُلِيَ بِالْأَحْكَامِ يَكَادُ يَقْطَعُ بِذَلِكَ. اهـ. وَالْأَوْلَى بِحَقِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ حَمْلُهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ الْإِسْقَاطُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رَاشِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَوْ كَتَبَ فِي الْوَثِيقَةِ طَائِعَةً غَيْرَ مُشْتَكِيَةٍ ضَرَرًا وَأَسْقَطَتْ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ إلَى أَبْعَدِ غَايَتِهِ وَأَقْصَى حُدُودِهِ وَنِهَايَتِهِ فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ حَقَّهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ لَوْ لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ لَمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 22 وَبِكَوْنِهَا بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا، أَوْ لِكَوْنِهِ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ، أَوْ لِعَيْبِ خِيَارٍ بِهِ. أَوْ قَالَ: إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا،.   [منح الجليل] تَخَلَّصْتُ مِنْهُ. عج يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّهَا لَوْ أَسْقَطَتْ كُلَّ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِمَا يُنَافِي مَا أَقَرَّتْ بِهِ مِنْ الطَّوْعِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا. (تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ " الْمُسْتَرْعِيَةِ " هُوَ فِي النُّسَخِ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، وَقَاعِدَةُ الْخَطِّ أَنَّ الْأَلِفَ الْمُتَجَاوِزَةَ ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ وَلَيْسَ قَبْلَهَا يَاءٌ تُرْسَمُ يَاءً مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ وَاوٍ، أَوْ يَاءٍ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَتُقْرَأُ أَلِفًا وَقِرَاءَتُهَا يَاءً لَحْنٌ فَاحِشٌ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ. (وَ) رُدَّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ (بَ) تَبَيُّنِ (كَوْنِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُخَالَعَةِ (بَائِنًا) مِنْ مُخَالِعِهَا وَقْتَ خُلْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا (لَا) يُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْخُلْعِ أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً) لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ مَمْلُوكَةُ الْعِصْمَةِ فَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ (أَوْ لِكَوْنِهِ) أَيْ النِّكَاحِ فَاسِدًا مَعًا عَلَى فَسَادِهِ (يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (بِلَا طَلَاقٍ) كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ وَمَحْرَمٍ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ صِهْرٍ فَيُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَةِ خُلْعِهِ مَحَلًّا. وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ ظُهُورُهُ رَدَّ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلًّا عِنْدَ الْقَائِلِ بِصِحَّتِهِ وَخُلْعُ الْمُمَلَّكَةِ صَحِيحٌ وَهُوَ رَدٌّ لِتَمْلِيكِهَا وَلَا تُعْذَرُ بِجَهْلِهَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (أَوْ لِ) ظُهُورِ (عَيْبِ خِيَارٍ بِهِ) أَيْ الزَّوْجِ كَعُنَّتِهِ وَاعْتِرَاضِهِ وَخِصَائِهِ وَجَبِّهِ وَجُنُونِهِ وَجُذَامِهِ وَبَرَصِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ، فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَوْلُهُ السَّابِقُ وَلَوْ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ خِيَارٍ فَكَالْعَدَمِ اهـ ضَعِيفٌ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِ خِيَارٍ بِهَا فَقَطْ. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ رَاجِعْ مَا كَتَبْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ عَيْبِهِ عَيْبُهُمَا. (أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) ، أَوْ اثْنَتَيْنِ وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدَةً وَكَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ خَالَعَهَا بِمَالٍ فَيَرُدُّهُ لَهَا لِعَدَمِ وُجُودِ الْخُلْعِ مَحَلًّا لِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ مَعَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23 لَا إنْ لَمْ يَقُلْ ثَلَاثًا، وَلَزِمَهُ طَلْقَتَانِ. وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ،   [منح الجليل] أَشْهَبُ: لَا يَرُدُّ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَهُ فِي الصُّلْحِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ صَالَحْتُكِ فَصَالَحَهَا إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْمُصَالَحَةِ الَّتِي جَعَلَهَا شَرْطًا لِوُقُوعِهِ، فَالْمُصَالَحَةُ هِيَ السَّابِقَةُ لِلطَّلَاقِ؛ إذْ لَا يَكُونُ الْمَشْرُوطُ إلَّا تَبَعًا لِلشَّرْطِ. فَإِذَا سَبَقَتْ الْمُصَالَحَةُ الطَّلَاقَ صَحَّتْ وَمَضَتْ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ رَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا. وَبَطَلَ الطَّلَاقُ وَاحِدَةً كَانَ، أَوْ ثَلَاثًا لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ. وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ عِيسَى أَنَّهُ جَعَلَ الطَّلَاقَ سَابِقًا لِلْمُصَالَحَةِ، وَهَذَا مُنَكَّسٌ مِنْ قَوْلِهِ: إذْ لَوْ تَقَدَّمَ الطَّلَاقُ الْمُصَالَحَةَ لَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ بِالْمُصَالَحَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ. وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْطَ تَابِعًا لِلْمَشْرُوطِ إنَّمَا بَنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ أَنَّهُ حُرٌّ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ فِيهَا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِلْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ اهـ ابْنُ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَالَحْتُكِ فَصَالَحَهَا حَنِثَ بِطَلْقَةِ الْيَمِينِ، ثُمَّ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةُ الصُّلْحِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا. اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ قَالَ إنْ خَالَعْتكِ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ. (لَا) يُرَدُّ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الزَّوْجُ (ثَلَاثًا) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِوَاحِدَةٍ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ ذَلِكَ اثْنَتَيْنِ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الزَّوْجَ الَّذِي قَالَ إنْ خَالَعْتكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (طَلْقَتَانِ) وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَوَاحِدَةٌ بِالتَّعْلِيقِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ بِالْخُلْعِ وَاثْنَتَانِ بِالتَّعْلِيقِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَجَازَ) لِلْمُخَالِعِ (شَرْطُ نَفَقَةِ وَلَدِهَا) أَيْ مَا تَلِدُهُ الزَّوْجَةُ لِمُخَالَعَةٍ مِنْ زَوْجِهَا الْمُخَالِعِ لَهَا عَلَيْهَا وَهُوَ حَمْلٌ فِي بَطْنِهَا حِينَ الْخُلْعِ، أَيْ مَا يَحْتَاجُهُ الْوَلَدُ (مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24 وَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الزَّوْجِ، أَوْ غَيْرِهِ، وَزَائِدٌ شُرِطَ:   [منح الجليل] بِهِ أَيْ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا حَالَ حَمْلِهَا بِهِ تَبَعًا لِسُقُوطِ مُؤْنَةِ رَضَاعِهِ مُدَّتَهُ، فَلَوْ قَالَ وَجَازَ شَرْطُ نَفَقَةِ مَا تَلِدُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِهِ لَكَانَ أَظْهَرَ، فَلَيْسَ مُرَادٌ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِهِ مِنْ أَنَّهَا حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ فَخَالَعَهَا بِنَفَقَةِ الرَّضِيعِ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اتِّفَاقًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ الْمَخْزُومِيُّ لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا فَيَبْقَى الْآخَرُ. الصِّقِلِّيُّ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ الصَّوَابُ. (وَ) إنْ خَالَعَهَا بِرَضَاعِ وَلَدِهَا وَنَفَقَةِ زَوْجِهَا، أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةَ رَضَاعِهِ (سَقَطَ نَفَقَةُ الزَّوْجِ) الْمَشْرُوطَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ مَعَ نَفَقَةِ الرَّضَاعِ (أَوْ) نَفَقَةُ (غَيْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ كَشَرْطِهِ إنْفَاقَهَا عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ وتت. د: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا تَلْزَمُهَا إذَا لَمْ تُضَفْ لِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ بِأَنْ خَالَعَهَا بِأَنَّهَا تُنْفِقُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ، أَوْ أَبِيهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ سُقُوطُ الْمُضَافَةِ بِدَلِيلِ مَا فِي كَبِيرِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُضَافَةِ فَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ النَّقْلِ سُقُوطُهَا، وَإِنْ ادَّعَاهُ عج. (وَ) سَقَطَ (زَائِدٌ) عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ كَنَفَقَتِهَا عَلَى وَلَدِهَا سَنَةً بَعْدَ مُدَّةِ رَضَاعِهِ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا نَفَقَتُهُ مُدَّةَ رَضَاعِهِ، وَلَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَجَازَ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ، وَلَزِمَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْغَرَرُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ قَدْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهَا وَلِأَنَّ إرْضَاعَهُ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِأَبِيهِ مَالٌ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ الْأَكْثَرُ لَا يَسْقُطُ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ مُدَّةَ رَضَاعِهِ، وَصَوَّبَهُ الْأَشْيَاخُ وَبِهِ الْعَمَلُ، حَتَّى قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَلَى خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ. الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الزَّوْجُ نَفَقَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ عَاشَ الْوَلَدُ، أَوْ مَاتَ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي ضَيْح، وَفِي التُّحْفَةِ: وَجَازَ قَوْلًا وَاحِدًا حَيْثُ الْتَزَمْ ... ذَاكَ وَإِنْ مُخَالِعٌ بِهِ عُدِمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25 كَمَوْتِهِ. وَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا، أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ: فَعَلَيْهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ، إلَّا لِشَرْطٍ، لَا نَفَقَةُ جَنِينٍ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ أُمِّهِ،   [منح الجليل] وَيَصِحُّ حَمْلُ قَوْلِهِ وَزَائِدٌ شُرِطَ عَلَى مَا يَعُمُّ غَيْرَ النَّفَقَةِ كَشَرْطِهِ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنَّهُ لَغْوٌ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إلَى مُدَّةِ فِطَامِهِ فَثَالِثُهَا إنْ كَانَ يَضُرُّ الْوَلَدَ، وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ. وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ عَنْ الزَّوْجَةِ فَقَالَ (كَمَوْتِهِ) أَيْ الْوَلَدِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ رَضَاعِهِ فَيَسْقُطُ عَنْ أُمِّهِ مَا بَقِيَ حَيْثُ كَانَتْ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ النَّفَقَةِ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. وَمِثْلُ مَوْتِهِ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْ الرَّضَاعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ. (وَإِنْ مَاتَتْ) الْمُخَالَعَةُ بِنَفَقَةِ الرَّضَاعِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ فَعَلَيْهَا التَّمَامُ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا مَا يُتَمِّمُ الْحَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَلَا يَدْفَعُ لِأَبِيهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَيُوقَفُ بِيَدِ عَدْلٍ، وَكُلَّمَا يَمْضِي أُسْبُوعٌ، أَوْ شَهْرٌ يَدْفَعُ مِنْهُ نَفَقَتَهُ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ أُمِّهِ يَوْمَ مَوْتِهَا، فَإِنْ لَمْ تُخَلِّفْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا فَإِنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَأُجْرَةَ رَضَاعِهِ عَلَى أَبِيهِ. (أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا) أَيْ الْمُخَالَعَةِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَعَلَيْهَا نَفَقَةُ التَّمَامِ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا فَعَلَى الْأَبِ (أَوْ وَلَدَتْ) الْمُخَالَعَةُ بِنَفَقَةِ رَضَاعِ حَمْلِهَا (وَلَدَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (فَعَلَيْهَا) نَفَقَةُ جَمِيعِ مَا وَلَدَتْ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَعَلَى الْأَبِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ أَيْسَرَتْ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (نَفَقَةُ) الْعَبْدِ (الْآبِقِ وَ) الْبَعِيرِ (الشَّارِدِ) الْمُخَالَعِ بِهِمَا أَيْ أُجْرَةُ أَوْ جُعْلُ تَحْصِيلِهِمَا وَطَعَامِهِمَا وَشَرَابِهِمَا مِنْ وَقْتِ وِجْدَانِهِمَا إلَى وُصُولِهِمَا لَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهَا قَدْ زَالَ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْخُلْعِ وَدَخَلَا فِي مِلْكِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الزَّوْجِ حَالَ عَقْدِ الْخُلْعِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَيُعْمَلُ بِهِ وَمِثْلُهُ الْعُرْفُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَتْ وَمَا بَعْدَهُ، وَتَقْدِيمُ الشَّرْطِ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا (لَا) يَلْزَمُ الزَّوْجَ (نَفَقَةُ) أُمِّ (جَنِينٍ) مُخَالَعٍ بِهِ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (بَعْدَ وَضْعِهِ) أَيْ الْجَنِينِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُتَخَالِعَانِ بِجَنِينٍ (عَلَى جَمْعِهِ) أَيْ الْجَنِينِ بَعْدَ وَضْعِهِ (مَعَ أُمِّهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 26 وَفِي نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا: قَوْلَانِ، وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ. ، وَإِنْ عُلِّقَ بِالْإِقْبَاضِ، أَوْ الْأَدَاءِ: لَمْ يَخْتَصَّ بِالْمَجْلِسِ   [منح الجليل] فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ إمَّا بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا مَا يَمْلِكُهُ الْآخَرُ، أَوْ بَيْعِهِمَا مَعًا لِوَاحِدٍ، وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا بِعِوَضٍ، فَالْأَوْلَى وَأُجْبِرَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِجَعْلِ: عَلَى جَمْعِهِ إلَخْ نَائِبَ فَاعِلِ " أُجْبِرَ " وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ جَبْرَهُمَا مَعًا. (وَفِي) كَوْنِ (نَفَقَةِ ثَمَرَةٍ) مُخَالَعٍ بِهَا (لَمْ يَبْدُ) أَيْ يَظْهَرُ (صَلَاحُهَا) قَبْلَ ظُهُورِهَا، أَوْ بَعْدَهُ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ عَلَى الزَّوْجَةِ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا شَرْعًا أَوْ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ تَمَّ وَلَا جَائِحَةَ فِيهَا (قَوْلَانِ) لِشُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ قِيلَ فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ تَرَدُّدٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَعْنَى وَبِالتَّرَدُّدِ إلَخْ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي فَقَدْ أَشَرْت بِهِ إلَخْ، وَأَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ ذَكَرْت قَوْلَيْنِ إلَخْ، فَإِنْ كَانَ بَدَا صَلَاحُهَا وَلَمْ تَحْتَجْ لِكَبِيرِ كُلْفَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ جَذِّهَا إلَّا لِشَرْطٍ. (وَكَفَتْ) فِي عَقْدِ الْخُلْعِ (الْمُعَاطَاةُ) إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا فِي الْخُلْعِ، أَوْ اقْتَرَنَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ بِهَا، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ قَصَدَ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ أَخَذَ مَتَاعَهُ وَسَلَّمَ لَهَا مَتَاعَهَا فَهُوَ خُلْعٌ لَازِمٌ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ، وَرَوَى الْبَاجِيَّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ مَنْ نَدِمَ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ أَهْلُهَا نَرُدُّ لَك مَا أَخَذْنَا مِنْك وَتَرُدُّ لَنَا أُخْتَنَا وَلَمْ يَكُنْ طَلَاقٌ وَلَا كَلِمَةٌ فَهِيَ تَطْلِيقَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فَيَتَقَرَّرُ بِالْفِعْلِ دُونَ قَوْلٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا وَانْقَلَبَتْ وَقَالَتْ: هَذَا بِذَاكَ وَلَمْ يُسَمِّيَا طَلَاقًا فَهُوَ طَلَاقُ الْخُلْعِ. اهـ. وَكَمَنْ عَرَّفَهُمْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مَا يُغْضِبُهَا وَأَخْرَجَتْ سِوَارَهَا مِنْ يَدِهَا وَدَفَعَتْهَا إلَيْهِ وَخَرَجَتْ مِنْ الدَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا فَهُوَ طَلَاقٌ. (وَإِنْ عُلِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الطَّلَاقُ (بِالْإِقْبَاضِ، أَوْ الْأَدَاءِ) بِأَنْ قَالَ الزَّوْجُ إنْ أَقَبَضْتِنِي، أَوْ أَدَّيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَمْ يَخْتَصَّ) الْإِقْبَاضُ، أَوْ الْأَدَاءُ (بِالْمَجْلِسِ) الَّذِي عُلِّقَ فِيهِ، فَمَتَى أَقَبَضَتْهُ، أَوْ أَدَّتْهُ مَا قَالَهُ طَلُقَتْ مِنْهُ سَوَاءٌ قَبِلَتْ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ لَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَطُلْ جِدًّا بِحَيْثُ يُرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَجْعَلْ التَّمْلِيكَ إلَيْهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27 إلَّا لِقَرِينَةٍ. وَلَزِمَ فِي أَلْفٍ الْغَالِبُ وَالْبَيْنُونَةُ إنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا: فَارَقْتُكِ، أَوْ أُفَارِقُكِ إنْ فُهِمَ   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِالْمَجْلِسِ فَقَالَ (إلَّا لِقَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْإِقْبَاضَ، أَوْ الْأَدَاءَ فِي الْمَجْلِسِ خَاصَّةً فَيَخْتَصُّ بِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِهِ. (وَلَزِمَ فِي) الْخُلْعِ بِ (أَلْفِ) دِرْهَمٍ مَثَلًا، وَفِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا مِنْهَا فَيَلْزَمُهَا (الْغَالِبُ) فِي التَّعَامُلِ بِهِ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَيَلْزَمُ فِي الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَمِنْ الثَّلَاثَةِ الثُّلُثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا، وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ وَهَكَذَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَ الْأَلْفِ حُمِلَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا قُبِلَ تَفْسِيرُهَا إنْ وَافَقَهَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَبِيَمِينٍ وَلَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ إنْ نَكَلَتْ أَفَادَهُ عب. تت، وَحُكْمُ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَذَلِكَ كَالْمُخَالَعَةِ بِعَدَدٍ مِنْ شِيَاهٍ مَثَلًا وَهُنَاكَ نَوْعَانِ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَلْزَمُ فَإِنْ أَتَتْ بِغَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ (وَ) لَزِمَ (الْبَيْنُونَةُ) أَيْ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِمُجَرَّدِ تَحَقُّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا) مِنْ الدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الضَّأْنِ، أَوْ الْغَنَمِ، أَوْ النَّعَمِ (فَارَقْتُكِ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي (أَوْ أُفَارِقُكِ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ غَالِبِ مَا سَمَّى فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ تُخَصِّصُهُ بَانَتْ مِنْهُ بِلَا إنْشَاءِ طَلَاقٍ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِيهَا: إنْ قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتِنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهَا ذَلِكَ إنْ أَعْطَتْهُ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: فِي: أَمْرُكِ بِيَدِكِ، أَوْ إلَى أَجَلٍ لَهَا ذَلِكَ مَا لَمْ تُوقَفْ، أَوْ تُوطَأْ فَيَبْطُلْ مَا بِيَدِهَا اهـ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اقْضِنِي دَيْنِي وَأُفَارِقُكِ، فَقَبَضَهُ، ثُمَّ قَالَ لَا أُفَارِقُكِ حَتَّى كَانَ لِي عَلَيْك فَأَعْطَيْتِنِيهِ قَالَ أَرَى ذَلِكَ طَلَاقًا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْفِدْيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا أُحْلِفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِهَا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِهَا بِبِسَاطٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مِثْلُ أَنْ تَسْأَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى شَيْءٍ تُعْطِيهِ إيَّاهُ فَقَالَ لَهَا اقْضِنِي دَيْنِي أُفَارِقُكِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ خُلْعًا ثَابِتًا (إنْ فُهِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28 الِالْتِزَامُ، أَوْ الْوَعْدُ إنْ وَرَّطَهَا، أَوْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً   [منح الجليل] بِقَرِينَةِ حَالٍ، أَوْ مَقَالٍ كَمَتَى شِئْت، أَوْ إلَى أَجَلِ كَذَا، وَنَائِبُ فَاعِلِ " فُهِمَ " (الِالْتِزَامُ) لِلْفِرَاقِ وَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى إعْطَائِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ (أَوْ) لَمْ يُفْهَمْ الِالْتِزَامُ بَلْ فُهِمَ (الْوَعْدُ) بِأَنَّهُ يُطَلِّقُهَا إنْ أَعْطَتْهُ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا فَإِنْ أَعْطَتْهُ مِمَّا ذَكَرَهُ فَيَلْزَمُهُ تَطْلِيقُهَا (إنْ) كَانَ (وَرَّطَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَدْخَلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فِي وَرْطَةٍ، أَيْ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ بِسَبَبِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ بَاعَتْ مَتَاعَهَا لِتَدْفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الِالْتِزَامُ لَزِمَ، وَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْوَعْدُ وَدَخَلَتْ فِي شَيْءٍ بِسَبَبِهِ فَقَوْلَانِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ اللُّزُومِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ، وَنَظَمَ عج الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَعْدِ وَالِالْتِزَامِ فَقَالَ: قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ أَوْ سَوْقُ الْكَلَامِ ... مَوْرِدُ فَرْقٍ بَيْنَ وَعْدٍ وَالْتِزَامِ (أَوْ) قَالَتْ (طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ) هَا طَلْقَةً (وَاحِدَةً) فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهَا الْبَيْنُونَةَ وَقَدْ حَصَلَتْ بِالْوَاحِدَةِ فِي مُقَابَلَةِ الْعِوَضِ، وَكَوْنُهَا بِالثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقْ بِهِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَّا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَلْفِ فِي نَظِيرِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا بَائِنَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ. وَقِيلَ يَلْزَمُهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ وَاسْتُشْكِلَ مَذْهَبُهَا بِأَنَّ شَرْطَهَا الثَّلَاثَ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِبَيْنُونَتِهَا بِوَاحِدَةٍ. وَأَجَابَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهَا غَرَضٌ وَهُوَ عَدَمُ رُجُوعِهَا إلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ إنْ صَالَحَهَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّنُّ أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَفِي إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِلْوَنْشَرِيسِيِّ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهَا، وَصَحَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ تَخْرِيجَ اللَّخْمِيِّ عَلَى الْقَاعِدَةِ يَعْنِي قَاعِدَةَ اشْتِرَاطِ مَا لَا يُفِيدُ هَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا، وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُفِيدُ تَقِيَّةَ غَلَبَةِ الشَّفَاعَةِ لَهَا فِي مُرَاجَعَتِهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى طَلَاقِهَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً صَحَّ لَهُ وَلَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29 وَبِالْعَكْسِ، أَوْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ، أَوْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَفَعَلَ، أَوْ قَالَ بِأَلْفٍ غَدًا فَقَبِلَتْ فِي الْحَالِ،   [منح الجليل] حُجَّةَ لَهَا لِنَيْلِهَا بِالْوَاحِدَةِ مَا تَنَالُ بِالثَّلَاثِ، وَأَرَى إنْ كَانَ عَازِمًا عَلَى طَلَاقِهَا وَاحِدَةً فَلَهَا الرُّجُوعُ بِكُلِّ مَا أَعْطَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لِلِاثْنَتَيْنِ أَعْطَتْهُ، وَإِنْ كَانَ رَاغِبًا فِي إمْسَاكِهَا فَرَغِبَتْ فِي الطَّلَاقِ فَلَا قَوْلَ لَهَا. (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا بِهَا ثَلَاثًا فَتَلْزَمُهَا الْأَلْفُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا لِحُصُولِ غَرَضِهَا وَزِيَادَةٍ قَالَهُ تت، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ رُجُوعَهَا عَلَيْهِ فِي هَذِهِ بِالْأَلْفِ مَعَ لُزُومِ الثَّلَاثِ وَنَصُّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ: وَإِنْ كَانَ رَغِبَ فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَزِمَ، وَلَا قَوْلَ لَهَا، وَأَرَى إنْ كَانَ رَاغِبًا فِي طَلَاقِهَا فَأَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً أَنْ تَرْجِعَ بِجَمِيعِ مَا أَعْطَتْهُ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَعْطَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يُوقِعَ الِاثْنَتَيْنِ لِتَحِلَّ لَهُ مِنْ قَبْلِ زَوْجٍ إنْ بَدَا لَهُمَا. قُلْت: الْأَظْهَرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ثَلَاثًا يَعِيبُهَا لِامْتِنَاعِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ تَزْوِيجِهَا خَوْفَ جَعْلِهَا إيَّاهُ مُحَلَّلًا فَتُسِيءُ عِشْرَتَهُ لِيُطَلِّقَهَا فَتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ. (أَوْ) قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا (أَبِنِّي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدًا أَيْ طَلِّقْنِي طَلَاقًا بَائِنًا (بِأَلْفٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ بِهَا لَزِمَهَا الْأَلْفُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ (أَوْ) قَالَتْ لَهُ (طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ) مَثَلًا بِأَلْفٍ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ بِهَا لَزِمَهُ طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ (أَوْ) قَالَتْ لَهُ أَبِنِّي (فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ) بِأَلْفٍ أَيْ اجْعَلْهُ ظَرْفًا لَهُ (فَفَعَلَ) الزَّوْجُ مَا طَلَبَتْهُ وَمِنْهُ إبَانَتُهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ فَقَدْ لَزِمَتْهَا الْأَلْفُ الَّتِي عَيَّنَتْهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ لَزِمَهُ بَائِنًا وَلَا شَيْءَ لَهُ. (أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (بِأَلْفٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ (غَدًا فَقَبِلَتْ) الزَّوْجَةُ طَلَاقَهَا بِالْأَلْفِ (فِي الْحَالِ) لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، وَلَزِمَهَا الْمُسَمَّى كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ غَدًا فَطَلَّقَهَا فِي الْحَالِ فَيَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ إنْ فُهِمَ مِنْهَا قَصْدُ تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ، أَوْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهَا شَيْءٌ، فَإِنْ فُهِمَ تَخْصِيصُ الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ إذَا قَدَّمَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ، أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30 أَوْ بِهَذَا الْهَرَوِيِّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ، أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَفِيهِ مُتَمَوَّلٌ، أَوْ لَا عَلَى الْأَحْسَنِ، لَا إنْ خَالَعَتْهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ   [منح الجليل] أَخَّرَهُ عَنْهُ، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ) رَأَى فِي يَدِهَا ثَوْبًا ظَنَّهُ هَرَوِيًّا فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (بِهَذَا) الثَّوْبِ الَّذِي فِي يَدِكِ (الْهَرَوِيِّ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ نِسْبَةً إلَى هَرَاةَ إحْدَى مَدَائِنِ خُرَاسَانَ تُصْنَعُ بِهَا الثِّيَابُ، وَكَانَتْ سَادَةُ الْعَرَبِ تُعَمَّمُ بِعَمَائِمِهَا فَأَعْطَتْهُ مَا فِي يَدِهَا (فَإِذَا هُوَ) ثَوْبٌ (مَرْوِيٌّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ نِسْبَةً إلَى مَرْوَ كَذَلِكَ بَلَدٌ بِخُرَاسَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَهَا خَاصَّةُ النَّاسِ، وَيُقَالُ فِي نِسْبَةِ الْآدَمِيِّ إلَيْهَا مَرْوَزِيٌّ بِزِيَادَةِ الزَّايِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسُ، فَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِالْمَرْوِيِّ الَّذِي أَعْطَتْهُ لَهُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ قَصَّرَ فِي عَدَمِ تَثَبُّتِهِ. وَكَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، أَوْ الدَّنَانِيرِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَإِذَا هِيَ يَزِيدِيَّةٌ، وَأَمَّا إنْ خَالَعَهَا بِثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَوْصُوفٍ فَدَفَعَتْ لَهُ ثَوْبًا فَظَهَرَ مَرْوِيًّا فَعَلَيْهَا إبْدَالُهُ بِهَرَوِيٍّ، وَالْخُلْعُ لَازِمٌ. وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتِنِي ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ. (أَوْ) خَالَعَتْهُ (بِمَا فِي يَدِهَا) مَقْبُوضَةً (وَفِيهِ) أَيْ يَدِهَا وَذَكَرَهَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا عُضْوًا شَيْءٌ (مُتَمَوَّلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ التَّاءِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَوْ يَسِيرًا كَدِرْهَمٍ فَتَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ بِمَا فِي يَدِهَا فَقَطْ (أَوْ لَا) بِسُكُونِ الْوَاوِ وَمُخَفَّفًا أَيْ أَوْ لَيْسَ فِيهَا مُتَمَوَّلٌ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْءٌ، أَوْ فِيهَا نَحْوُ حَصَاةٍ فَتَبِينُ مِنْهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ؛ لِأَنَّهُ أَبَانَهَا مُجَوِّزًا لِذَلِكَ. وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْأَكْثَرِ لَا تَلْزَمُهُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَنْ مُشَارَّةٍ، وَعِنْدَ الْجَدِّ قَالَ، وَإِنَّمَا تَسَامَحَ النَّاسُ فِي هَذَا عِنْدَ الْهَزْلِ وَاللَّعِبِ. (لَا) تَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ (إنْ خَالَعَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا (بِمَا) أَيْ مُتَمَوَّلٍ مُعَيَّنٍ (لَا شُبْهَةَ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي) مِلْكِ (هـ) عَالِمَةً بِذَلِكَ دُونَهُ كَمَسْرُوقٍ وَمَغْصُوبٍ الْوَدِيعَةٍ وَمِلْكِ غَيْرِهَا مُدَّعِيَةً إيصَاءَهُ بِهِ لَهَا، أَوْ هِبَتَهُ لَهَا كَاذِبَةً، فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَوْصُوفٍ لَا شُبْهَةَ لَهَا فِيهِ، أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَهَا فِيهِ شُبْهَةٌ بِأَنْ أَوْصَى لَهَا، ثُمَّ رَجَعَ الْمُوصِي بَعْدَ الْخُلْعِ، أَوْ لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31 أَوْ بِتَافِهٍ فِي: إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ. ، وَإِنْ ادَّعَى: الْخُلْعَ، أَوْ قَدْرًا، أَوْ جِنْسًا: حَلَفَتْ وَبَانَتْ،   [منح الجليل] يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَوْ وَهَبَهُ لَهَا أَبُوهَا، ثُمَّ اعْتَصَرَهُ مِنْهَا، أَوْ اشْتَرَتْهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَانَتْ وَرَجَعَ عَلَيْهَا بِعِوَضِهِ، وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ. (أَوْ) خَالَعَتْهُ (بِتَافِهٍ) أَيْ قَلِيلٍ جِدًّا هَذَا مَعْنَاهُ فِي الْأَصْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا نَقَصَ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ (فِي) قَوْلِهِ (إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا) أَيْ مُتَمَوَّلًا (أُخَالِعُكِ بِهِ) فَلَا تَبِينُ مِنْهُ وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى، وَيَحْلِفُ فِي الْمُرَافَعَةِ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (أَوْ) قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (طَلَّقْتُكِ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (فَقَبِلَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْهَا طَلْقَةً (وَاحِدَةً بِالثُّلُثِ) مِنْ الْأَلْفِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْبَيْنُونَةُ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَرْضَ بِخَلَاصِهَا مِنِّي إلَّا بِأَلْفٍ، وَلِذَا لَوْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ لَزِمَتْهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِحُصُولِ مَقْصُودِهِ، وَهُوَ حُصُولُ الْأَلْفِ لَهُ. وَوُقُوعُ الثَّلَاثِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ شَرْعِيٌّ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ فَاسِدٌ وَهُوَ تَنْفِيرُ الْأَزْوَاجِ مِنْهَا إذَا سَمِعُوا أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّلَاثُ مَعَ تَلَفُّظِهِ بِهَا نَظَرًا لِتَعْلِيقِهَا فِي الْمَعْنَى عَلَى شَيْئَيْنِ قَبُولِهَا وَالْأَلْفِ، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَلْفُ. وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهَا وَالطَّلَاقُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ، وَهَكَذَا كَانَ يَقُولُ الشَّيْخُ بَحْثًا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعَلَّقًا عَلَى شَيْئَيْنِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِهِمَا وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا أَحَدُهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَ (ادَّعَى) الزَّوْجُ (قَدْرًا) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ قَدْرًا دُونَهُ (أَوْ) اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى الزَّوْجُ (جِنْسًا) مِنْ الْمَالِ كَنَقْدٍ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ جِنْسًا غَيْرَهُ كَعِوَضٍ (حَلَفَتْ) الزَّوْجَةُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِاَللَّهِ عَلَى نَفْيِ دَعْوَاهُ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهَا (وَبَانَتْ) مِنْ زَوْجِهَا وَلَا تَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا فِي الْأُولَى نَظَرًا لِإِقْرَارِهِ، وَتَدْفَعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 32 وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ: كَدَعْوَاهُ مَوْتَ عَبْدٍ، أَوْ عَيْبَهُ قَبْلَهُ.   [منح الجليل] لَهُ مَا ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَى فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأُولَى وَلَهُ مَا قَالَتْ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (إذَا) اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ أَوْ لَا وَ (اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي الْعَدَدِ) لِلطَّلَاقِ بِيَمِينٍ، هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ. وَقَالَ شَيْخُنَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ هِيَ تَدَّعِيهِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ بَيَانٍ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ نَكَلَ يُحْبَسُ، فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ فَيُطْلَقُ، وَلَا تَحْلِفُ لِإِثْبَاتِ مَا ادَّعَتْ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ، وَبَانَتْ مِنْهُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْخُلْعِ، وَإِلَّا فَهُوَ رَجْعِيٌّ. الْبُنَانِيُّ أَصْلُ هَذَا لِابْنِ شَاسٍ وَنَقَلَهُ الْحَطُّ وَلَمْ أَجِدْهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا لِغَيْرِهِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ، مَعَ أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ " جَاعَ فَبَاعَ امْرَأَتَهُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ النِّكَاحِ الثَّالِثِ "، وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَرَّتْ بِالثَّلَاثِ وَهِيَ بَائِنٌ فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ قَبْلَ زَوْجٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ فَلَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، ثُمَّ أَبَانَهَا فَأَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ قَبْلَ زَوْجٍ وَقَالَتْ كُنْت كَاذِبَةً وَأَرَدْتُ الرَّاحَةَ مِنْهُ صُدِّقَتْ فِي ذَلِكَ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَزَوُّجِهِ مَا لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَانَتْ مِنْهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ عَلَى مَا لِابْنِ شَاسٍ تَظْهَرُ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَتَكُونُ مَعَهُ عَلَى طَلْقَتَيْنِ بَقِيَتَا لَهُ فَقَطْ اعْتِبَارًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِبَقَاءِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى عَلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فَقَالَ (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (مَوْتَ عَبْدٍ) غَائِبٍ غَيْرِ آبِقٍ مُخَالَعٍ بِهِ مَاتَ فَادَّعَى الزَّوْجُ مَوْتَهُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ مَوْتَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (أَوْ) لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَادَّعَى الزَّوْجُ (عَيْبَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْخُلْعِ فَنَازَعَهُ مَوْتٌ وَعَيْبٌ وَادَّعَتْ أَنَّ عَيْبَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهَا فَهِيَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 33 وَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ، فَلَا عُهْدَةَ. (فَصْلٌ) . طَلَاقُ السُّنَّةِ: وَاحِدَةٌ بِطُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ بِلَا عِدَّةٍ   [منح الجليل] الْمُدَّعِيَةُ، فَعَلَيْهَا الْبَيَانُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِيهِمَا. (وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْغَائِبِ الْمُخَالَعِ بِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْخُلْعِ (فَلَا عُهْدَةَ) أَيْ ضَمَانَ عَلَيْهَا وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ غَائِبًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَوْ الصِّفَةِ، أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ يَمُوتُ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ، فَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ ضَمَانُ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْغَائِبِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ النَّاصِرُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا الْآبِقُ الْمُخَالَعُ بِهِ فَعُهْدَتُهُ وَضَمَانُهُ عَلَى الزَّوْجِ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ مَوْتُهُ قَبْلَ الْخُلْعِ بِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً بِهِ قَبْلَهُ فَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ آبِقًا وَبَانَتْ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فَصْلٌ طَلَاقُ السُّنَّةِ] (فَصْلٌ) (فِي بَيَانِ شُرُوطِ طَلَاقِ السُّنَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) . (طَلَاقُ السُّنَّةِ) أَيْ الَّذِي عُلِمَتْ شُرُوطُهُ تَفْصِيلًا مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْكِتَابِ مُجْمَلَةً، سَوَاءٌ كَانَ رَاجِحًا، أَوْ مَرْجُوحًا، أَوْ مُسَاوِيًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَرْجُوحِيَّةُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» ، أَيْ أَقْرَبُ أَفْرَادِ الْحَلَالِ أَيْ مَا لَيْسَ مُحَرَّمًا وَلَا مَكْرُوهًا إلَى الْبُغْضِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا قَابَلَ طَلَاقَ الْبِدْعَةِ الْمُحَرَّمَ أَوْ الْمَكْرُوهَ لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ، وَإِنْ كُرِهَ، أَوْ حَرُمَ لِعَارِضٍ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، أَوْ الَّتِي سُرِقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا فِيهَا (وَاحِدَةٌ) فَالزَّائِدُ عَلَيْهَا بِدْعِيٌّ (بِطُهْرٍ) فَالطَّلَاقُ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ بِدْعِيٌّ (لَمْ يَمَسَّ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ يَطَأْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ (فِيهِ) أَيْ الطُّهْرِ فَالطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ بِدْعِيٌّ (بِلَا) إرْدَافٍ فِي (عِدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَالطَّلَاقُ الْمُرْدَفُ فِيهَا بِدْعِيٌّ، وَبَقِيَ شَرْطَانِ كَوْنُ الطَّلْقَةِ كَامِلَةً وَكَوْنُهَا عَلَى كُلِّ الزَّوْجَةِ فَالطَّلَاقُ الْمَكْسُورُ كَنِصْفٍ وَطَلَاقُ جُزْءِ الزَّوْجَةِ كَنِصْفِهَا بِدْعِيَّانِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ كَمُطَلِّقِ جُزْءٍ كَيَدٍ، وَزَادَ فِي التَّلْقِينِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 34 وَإِلَّا فَبِدْعِيٌّ. وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ، وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الرَّجْعَةِ:.   [منح الجليل] كَوْنَهَا مِمَّنْ تَحِيضُ احْتِرَازًا عَنْ طَلَاقِ صَغِيرَةٍ، أَوْ يَائِسَةٍ فَلَيْسَ سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا مِنْ حَيْثُ الزَّمَنُ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ. فَفِي ضَيْح نَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ يَجُوزُ طَلَاقُهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ كَالصَّغِيرَةِ لَا يُوصَفُ طَلَاقُهَا بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ اهـ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَأَمَّا غَيْرُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ فَإِنَّمَا يَكُونُ طَلَاقُهَا بِدْعَةً بِالنَّظَرِ إلَى الْعَدَدِ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَوْنُهُ تَالِيًا حَيْضًا لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ احْتِرَازًا عَمَّنْ طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ فَرَاجَعَهَا وَطَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ فَهُوَ بِدْعِيٌّ إذْ السُّنَّةُ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا كَمَا يَأْتِي. (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي طُهْرٍ، أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ مَسَّ فِيهِ، أَوْ كَانَ مُرْدَفًا فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ (فَ) هُوَ طَلَاقٌ (بِدْعِيٌّ) وَكَانَ الطَّلَاقُ فِي الطُّهْرِ الَّذِي مَسَّ فِيهِ بِدْعِيًّا لِتَلْبِيسِهِ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ؛ إذْ لَا تَدْرِي هَلْ هِيَ حَامِلٌ فَتَعْتَدَّ بِوَضْعِهِ، أَوْ لَا فَتَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ، وَلِخَوْفِ تَنَدُّمِهِ إنْ ظَهَرَتْ حَامِلًا، وَلِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ نَفْيَ الْحَمْلِ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَأَرَادَ نَفْيَهُ. (وَكُرِهَ) الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ (فِي غَيْرِ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، أَوْ فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ، أَوْ مُرْدَفًا فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إيقَاعُ اثْنَتَيْنِ مَكْرُوهٌ وَثَلَاثَةٍ مَمْنُوعٌ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاللُّبَابِ. وَعَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنْ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: مُرَادُهُ بِهَا التَّحْرِيمُ. وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ الثَّلَاثِ لِمَنْ أَوْقَعَهَا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَا ذَبَحْتُ دِيكًا بِيَدِي قَطُّ وَلَوْ وَجَدْتُ مَنْ يَرُدُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَذَبَحْتُهُ بِيَدِي (وَلَمْ يُجْبَرْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الزَّوْجُ الْمُطَلِّقُ طَلَاقًا بِدْعِيًّا فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ (عَلَى الرَّجْعَةِ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا لِعَدَمِ وُرُودِ جَبْرِهِ عَلَيْهَا فِي السُّنَّةِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهَا فَقَالَ (كَ) طَلَاقِهَا بَعْدَ رُؤْيَتِهَا عَلَامَةَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 35 كَقَبْلِ الْغُسْلِ مِنْهُ، أَوْ التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ، وَمُنِعَ فِيهِ. وَوَقَعَ، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَوْ لِمُعْتَادَةِ الدَّمِ لِمَا يُضَافُ فِيهِ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَحْسَنُ عَدَمُهُ لِآخِرِ الْعِدَّةِ   [منح الجليل] بِقَصَّةٍ، أَوْ جُفُوفٍ وَ (قَبْلَ الْغُسْلِ مِنْهُ) أَيْ الْحَيْضِ (أَوْ) قَبْلَ (التَّيَمُّمِ الْجَائِزِ) بِهِ الْوَطْءُ لِمَرَضِهَا، أَوْ عَدَمِ مَاءٍ، وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبِدْعِيُّ الْوَاقِعُ (فِيهِ) أَيْ الْحَيْضِ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ وَلَمْ تَتَيَمَّمْ تَيَمُّمًا جَائِزًا بِهِ الْوَطْءُ، وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا فَأُعْطِيَ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ وَحُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَمِثْلُ الْحَائِضِ النُّفَسَاءُ، وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا غَيْرِ الْحَامِلِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي. (وَوَقَعَ) أَيْ لَزِمَ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِنْشَاءٍ فِيهِ، أَوْ بِحِنْثٍ فِي تَعْلِيقٍ فِيهِ، أَوْ قَبْلَهُ وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِهِ أَيْضًا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُحْنِثُهُ فِيهِ، وَإِلَّا فِيهَا فَقَطْ إنْ عَلِمَتْ بِتَعْلِيقِهِ (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا حَائِضًا إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ حَالَ نُزُولِ الدَّمِ، بَلْ (وَلَوْ) وَقَعَ فِي يَوْمِ ارْتِفَاعِ الدَّمِ (لِ) زَوْجَةٍ (مُعْتَادَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ اعْتَادَتْ عَوْدَ (الدَّمِ) قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (لِمَا) أَيْ فِي زَمَنٍ (يُضَافُ) أَيْ يُضَمُّ الدَّمُ النَّازِلُ (فِيهِ) أَيْ الزَّمَنِ فَالْجُمْلَةُ جَارِيَةٌ عَلَى غَيْرِ مَا وَلَمْ يُبْرِزْ الضَّمِيرَ لِأَمْنِ اللَّبْسِ، وَصِلَةُ يُضَافُ (لِ) الدَّمِ (الْأَوَّلِ) النَّاقِصِ عَنْ أَكْثَرِ حَيْضِهَا، وَإِتْيَانِ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ فَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ لِتَنْزِيلِ أَيَّامِ الطُّهْرِ مَنْزِلَةَ أَيَّامِ الدَّمِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَا فِي الطُّهْرِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ هَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ. (وَالْأَحْسَنُ) أَيْ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ الْبَاجِيَّ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ (عَدَمُهُ) أَيْ الْجَبْرِ عَلَى الرَّجْعَةِ مِنْ الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي أَيَّامِ انْقِطَاعِ الدَّمِ قَبْلَ تَمَامِ أَكْثَرِ حَيْضِهَا وَأَقَلِّ طُهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا طَاهِرًا فَلَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْتَمِرُّ الْجَبْرُ (لِآخِرِ الْعِدَّةِ) إذَا غَفَلَ عَنْهُ حِينَ طَلَّقَهَا حَائِضًا إلَى أَنْ طَهُرَتْ، ثُمَّ حَاضَتْ، ثُمَّ طَهُرَتْ، ثُمَّ حَاضَتْ فَعَلِمَ ذَلِكَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 وَإِنْ أَبَى: هُدِّدَ، ثُمَّ سُجِنَ، ثُمَّ ضُرِبَ بِمَجْلِسٍ، وَإِلَّا ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ. وَجَازَ: الْوَطْءُ بِهِ، وَالتَّوَارُثُ. وَالْأَحَبُّ: أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ.   [منح الجليل] فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ فِي هَذَا الْحَيْضِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَا لَمْ تَطْهُرْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ طَلَاقَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيهَا فَلَا وَجْهَ لِإِجْبَارِهِ عَلَيْهَا فِيهِ. (وَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْمُطَلِّقُ فِي الْحَيْضِ مِنْ الرَّجْعَةِ (هُدِّدَ) أَيْ خُوِّفَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِالسَّجْنِ إنْ لَمْ يَرْتَجِعْ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ آبِيًا الرَّجْعَةَ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ مُمْتَنِعًا مِنْهَا هُدِّدَ بِالضَّرْبِ، ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ كَذَلِكَ (ضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بِالسَّوْطِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ (بِمَجْلِسٍ) وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْصِيَةٍ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ عَنْهَا فَوْرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ (ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ) بِأَنْ يَقُولَ ارْتَجَعْتُ لَهُ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَلْزَمْتُهُ بِهَا، أَوْ حَكَمْتُ عَلَيْهِ بِهَا، وَذَكَرَ الْحَطُّ أَنَّ شَرْطَ التَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ ظَنُّ إفَادَتِهِ فَأَوْلَى الضَّرْبُ، فَإِنْ ارْتَجَعَ الْحَاكِمُ قَبْلَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ صَحَّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ مَعَ فِعْلِهَا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ تَرْتِيبِهَا، فَإِنْ فَعَلَهَا كُلَّهَا بِلَا تَرْتِيبٍ، ثُمَّ ارْتَجَعَ مَعَ إبَايَتِهِ صَحَّ. (وَجَازَ) لِلزَّوْجِ (الْوَطْءُ) لِلزَّوْجَةِ الَّتِي ارْتَجَعَهَا الْحَاكِمُ لَهُ (بِهِ) أَيْ ارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِيَّةِ الزَّوْجِ لِقِيَامِ نِيَّةِ الْحَاكِمِ مَقَامَهَا (وَ) جَازَ (التَّوَارُثُ) أَيْ إرْثُ الْحَيِّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْمَيِّتَ مِنْهُمَا بِارْتِجَاعِ الْحَاكِمِ. (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ فِي الْحَيْضِ مُخْتَارًا، أَوْ مَجْبُورًا، أَوْ ارْتَجَعَهَا الْحَاكِمُ لَهُ وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَالْمَنْدُوبُ (أَنْ يُمْسِكَهَا) فِي عِصْمَتِهِ بِلَا طَلَاقٍ، وَيُعَاشِرَهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ (حَتَّى تَطْهُرَ) مِنْ الْحَيْضِ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ، وَهَذَا الْإِمْسَاكُ وَاجِبٌ (ثُمَّ) إذَا طَهُرَتْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُمْسِكَهَا مَا دَامَتْ فِي هَذَا الطُّهْرِ حَتَّى (تَحِيضَ) فَيَجِبَ إمْسَاكُهَا مَا دَامَتْ حَائِضًا (ثُمَّ تَطْهُرَ) مِنْ هَذِهِ الْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا إنْ شَاءَ أَنْ يَمَسَّهَا فَالِاسْتِحْبَابُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 وَفِي مَنْعِهِ فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ تَعَبُّدًا لِمَنْعِ الْخُلْعِ وَعَدَمِ الْجَوَازِ، وَإِنْ رَضِيَتْ، وَجَبْرِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ:   [منح الجليل] مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَائِضًا فَذَكَرَهُ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَغَيَّظَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ قَالَ: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا» فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّطْلِيقِ لَهَا، وَبِهَذَا أَخَذَ أَهْلُ الْحِجَازِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ كُرِهَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الرَّجْعَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَأَنَّ الْبَائِنَ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الِارْتِجَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَيْهِ وَكُرِهَ طَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ لِتَوَقُّفِ تَمَامِ الرَّجْعَةِ عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِكَرَاهَةِ طَلَاقِهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ارْتَجَعَهَا وَلَمْ يُصِبْهَا كَانَ مُضِرًّا بِهَا آثِمًا. (وَفِي) كَوْنِ (مَنْعِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (فِي الْحَيْضِ لِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ) إذْ زَمَنُ الْحَيْضِ لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ وَأَوَّلُهَا أَوَّلُ الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ، وَعَلَّلَ كَوْنَ مَنْعِهِ فِيهِ لِتَطْوِيلِهَا فَقَالَ (لِأَنَّ فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (جَوَازَ طَلَاقِ الْحَامِلِ) فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا وَضْعُ حَمْلِهَا فَطَلَاقُهَا فِيهِ لَا يُطَوِّلُهَا (وَ) فِيهَا أَيْضًا جَوَازَ طَلَاقِ (غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِيهِ) أَيْ فِي الْحَيْضِ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا (أَوْ) مَنْعُهُ فِيهِ (لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَنْعِ (تَعَبُّدًا) أَيْ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ تَظْهَرْ لَنَا حِكْمَتُهُ. وَعَلَّلَ كَوْنَهُ تَعَبُّدًا فَقَالَ (لِمَنْعِ الْخُلْعِ) أَيْ الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ مِنْ الزَّوْجَةِ وَهِيَ حَائِضٌ، وَلَوْ كَانَ مُعَلَّلًا بِتَطْوِيلِهَا لَجَازَ الْخُلْعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِهِ وَطَلَبَتْهُ وَعَاوَضَتْ عَلَيْهِ (وَ) لِ (عَدَمِ الْجَوَازِ) لِلطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ (وَإِنْ رَضِيَتْ) الزَّوْجَةُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مُعَلِّلًا بِهِ لَجَازَ إذَا رَضِيَتْ بِهِ (وَ) لِ (جَبْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ فِي الْحَيْضِ (عَلَى الرَّجْعَةِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ) الزَّوْجَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 خِلَافٌ. . وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ، وَرُجِّحَ: إدْخَالُ خِرْقَةٍ وَتَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا. فَقَوْلُهُ:   [منح الجليل] عَلَى الزَّوْجِ بِطَلَبِ الرَّجْعَةِ (خِلَافٌ) شَهَّرَ الْأَوَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ الْعِلَّةَ هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ لِبَيَانِ رَدِّ الْأَحْكَامِ لِتَرَتُّبِ أَحْكَامٍ عَلَيْهَا قَالَهُ الْمُوَضِّحُ. (وَصُدِّقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ إنْ ادَّعَتْ (أَنَّهَا حَائِضٌ) وَقْتَ طَلَاقِهَا وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَتَرَافَعَا وَهِيَ حَائِضٌ وَالظَّاهِرُ بِيَمِينٍ لِدَعْوَاهَا عَلَيْهِ الْعَدَاءَ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِائْتِمَانِهَا عَلَى فَرْجِهَا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَرُجِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (إدْخَالُ خِرْقَةٍ) فِي فَرْجِهَا (وَيَنْظُرُهَا) أَيْ الْخِرْقَةَ عَقِبَ إخْرَاجِهَا مِنْ فَرْجِهَا (النِّسَاءُ) أَيْ مَا فَوْقَ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلزَّوْجِ كَعَيْبِ الْفَرْجِ، فَإِنْ رَأَيْنَ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ صُدِّقَتْ، وَإِلَّا فَلَا لِاتِّهَامِهَا عَلَى عُقُوبَتِهِ بِجَبْرِهِ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ وَلَا يَنْظُرْنَ لِفَرْجِهَا، وَهَذَا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ فَالْمُنَاسِبُ وَالْأَرْجَحُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَصُدِّقَتْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ إلَى الْحَاكِمِ حَالَ كَوْنِهَا (طَاهِرًا) مِنْ الْحَيْضِ. (فَقَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ حِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ: إنْ ادَّعَتْ طَلَاقَهُ إيَّاهَا وَهِيَ حَائِضٌ، وَقَالَ بَلْ وَهِيَ طَاهِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. ابْنُ رُشْدٍ وَعَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا وَيُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ الصِّقِلِّيُّ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ بِإِدْخَالِ خِرْقَةٍ لَرَأَيْته صَوَابًا. قُلْتُ: وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مَا نَصُّهُ حَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ النِّسَاءَ يَنْظُرْنَ إلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ كَانَتْ حِينَ تَدَاعَيَا حَائِضًا قُبِلَ قَوْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرًا قُبِلَ قَوْلُهُ. اهـ. طفي فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشْكَالٌ،؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِإِدْخَالِ الْخِرْقَةِ حِينَئِذٍ اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فَهِمَهُ مَنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 وَعُجِّلَ فَسْخُ الْفَاسِدِ فِي الْحَيْضِ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمُولِي، وَأُجْبِرَ عَلَى الرَّجْعَةِ لَا لِعَيْبٍ،   [منح الجليل] بَلْ قَوْلُهُ وَصُدِّقَتْ أَنَّهَا حَائِضٌ يُحْمَلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ وَقَعَ التَّرَافُعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ، وَقَوْلُهُ وَرُجِّحَ إدْخَالُ خِرْقَةٍ مُقَابِلٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّرَافُعُ وَقْتَ الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا طَاهِرًا " اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْعُمُومِ السَّابِقِ أَشَارَ بِهِ إلَى جَعْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ تَقْيِيدًا كَمَا جَعَلَهُ كَذَلِكَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَأَمَّا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ فَجَعَلُوهُ خِلَافًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ: تُصَدَّقُ مُطْلَقًا تَرَافَعَا وَقْتَ الطَّلَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُدَّةٍ فَاسْتَثْنَى مِنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ صُورَةً وَهِيَ تَرَافُعُهُمَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَهِيَ طَاهِرٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَنُسَلِّمُ أَنَّهَا تُصَدَّقُ إذَا تَرَافَعَا وَقْتَهُ وَابْنُ يُونُسَ رَجَّحَ أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ وَقْتَهُ بَلْ تُدْخِلُ خِرْقَةً، وَسَكَتَ عَنْ التَّرَافُعِ بَعْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ. (عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (فَسْخُ) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) الَّذِي يُفْسَخُ أَبَدًا كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ وَالْمُتْعَةِ وَمَحْرَمٍ (فِي) حَالِ (الْحَيْضِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ فَسْخِهِ فِيهِ فَارْتُكِبَ أَخَفُّ الْمَفْسَدَتَيْنِ حَيْثُ تَعَارَضَتَا (وَ) عُجِّلَ فِي الْحَيْضِ (الطَّلَاقُ عَلَى) الزَّوْجِ (الْمُولِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ رِقٌّ وَانْتَهَى أَجَلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْوَعْدِ بِهَا فَيُجْعَلُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى. (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الزَّوْجُ (عَلَى الرَّجْعَةِ) عَمَلًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عُمَرَ السَّابِقِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ طَلَبِ الْفَيْئَةِ وَالْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْهُ. وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى طَلَبِهَا قَبْلَ الْحَيْضِ لِانْتِهَاءِ الْأَجَلِ قَبْلَهُ وَتَأَخُّرِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ حَتَّى حَاضَتْ (وَ) لَا يُعَجَّلُ فِي الْحَيْضِ الْفَسْخُ (لِ) ظُهُورِ (عَيْبٍ) فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مُقْتَضٍ لِلْخِيَارِ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَعَذْيَطَةٍ وَرَتَقٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 وَمَا لِلْوَلِيِّ فَسْخُهُ، أَوْ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ: كَاللِّعَانِ وَنُجِّزَتْ الثَّلَاثُ فِي شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَفِي: طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ إنْ دَخَلَ بِهَا، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ: كَخَيْرِهِ   [منح الجليل] وَعُنَّةٍ، وَلَا لِكَمَالِ عِتْقِ أَمَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ فَيُؤَخَّرُ حَتَّى تَطْهُرَ. (وَلَا) يُعَجَّلُ فِيهِ فَسْخُ (مَا) أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ (لِلْوَلِيِّ) لِعَاقِدِهِ الْمَحْجُورِ لِرِقٍّ أَوْ صِبًا، أَوْ سَفَهٍ (فَسْخُهُ) وَإِبْقَاؤُهُ، فَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَظَهَرَتْ حَائِضًا أَخَّرَهُ حَتَّى تَطْهُرَ. ابْنُ الْمَوَّازِ، وَأَمَّا مَا لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ فَإِنْ بَنَى فَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ إلَّا فِي الطُّهْرِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ يُؤَخِّرُهُ وَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ وَلَوْ عَتَقَ، أَوْ رَشَدَ السَّفِيهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ. (أَوْ) الطَّلَاقُ عَلَى الزَّوْجِ (لِعُسْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِالنَّفَقَةِ) إذَا حَلَّ أَجَلُ تَلَوُّمِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فَلَا يُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى تَطْهُرَ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّعْجِيلِ فِيهِ فَقَالَ (كَاللِّعَانِ) إذَا قَذَفَهَا بِزِنًا، أَوْ نَفْيِ حَمْلِهَا فَلَا يُلَاعِنُهَا وَهِيَ حَائِضٌ فَيُؤَخِّرُ حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِنْ لَاعَنَهَا فِيهِ أَثِمَ وَلَزِمَ. (وَنُجِّزَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَزِمَتْ الزَّوْجَ بِمُجَرَّدِ نُطْقِهِ بِمَا يَأْتِي فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَبِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْمُعَلَّقِ الطَّلَقَاتُ (الثَّلَاثُ فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ طَالِقٌ بِ (شَرِّ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ) كَأَسْمَجِهِ بِالْجِيمِ وَأَقْذَرِهِ وَأَنْتَنِهِ وَأَبْغَضِهِ وَأَكْثَرِهِ وَأَكْمَلِهِ وَأَعْظَمِهِ وَأَقْبَحِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا (وَ) نُجِّزَتْ الثَّلَاثُ (فِي) قَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ الْمَقُولِ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالًا حَامِلًا كَانَتْ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَوْ حَائِضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (فَ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) تَلْزَمُهُ لِبَيْنُونَتِهَا بِهَا فَلَا يَجِدُ الزَّائِدُ عَلَيْهَا مَحَلًّا يَقَعُ فِيهِ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ وَاحِدٌ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَاحِدِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِ (خَيْرِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ، أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 أَوْ وَاحِدَةً عَظِيمَةً، أَوْ قَبِيحَةً، أَوْ كَالْقَصْرِ، وَثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ، أَوْ بَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ، وَبَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ، فَثَلَاثٌ فِيهِمَا. (فَصْلٌ) وَرُكْنُهُ: أَهْلٌ،   [منح الجليل] أَحْسَنِهِ، أَوْ أَجْمَلِهِ أَوْ أَفْضَلِهِ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ أَكْثَرَ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (وَاحِدَةً عَظِيمَةً، أَوْ قَبِيحَةً) أَوْ خَبِيثَةً أَوْ مُنْكَرَةً، أَوْ شَدِيدَةً، أَوْ طَوِيلَةً (أَوْ) كَبِيرَةً (كَالْقَصْرِ) أَوْ الْجَبَلِ، أَوْ الْبَلَدِ، أَوْ الْمِصْرِ، أَوْ إلَى الْبَصْرَةِ، أَوْ تَمْلَأُ الْأَرْضَ، أَوْ مَا بَيْنَهُمَا وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَلَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ. سَحْنُونٌ: لَوْ قَالَ: وَاحِدَةً لِلْبِدْعَةِ، أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ أَوْ السُّنَّةِ، أَوْ لَا لِلْبِدْعَةِ وَلَا لِلسُّنَّةِ لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَ) لَوْ قَالَ (ثَلَاثًا لِلْبِدْعَةِ، أَوْ بَعْضُهُنَّ لِلْبِدْعَةِ وَبَعْضُهُنَّ لِلسُّنَّةِ فَثَلَاثٌ فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. [فَصَلِّ فِي بَيَان أَرْكَان الطَّلَاق وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] (وَرُكْنُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ سُنِّيًّا كَانَ أَوْ بِدْعِيًّا بِعِوَضٍ أَوْ لَا (أَهْلٌ) أَيْ زَوْجٌ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ زَوْجَةٍ مُخَيَّرَةٍ أَوْ مُمَلَّكَةٍ أَوْ مُوَكَّلَةٍ. وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَدَّهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَرْكَانًا لِلطَّلَاقِ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ تَمَتُّعِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبٌ تَكْرَارُهَا مَرَّتَيْنِ مِنْ الرِّقِّ، حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ وَالْأَهْلُ جِسْمٌ مَحْسُوسٌ وَالْقَصْدُ عَرَضٌ كَالْمَحَلِّ وَالصِّيغَةِ فَهِيَ خَارِجَةٌ عَنْ مَاهِيَّتِهِ. وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الطَّلَاقِ وَمَحَلٌّ، وَالْقَصْدُ مَعَ اللَّفْظِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ فِعْلٍ أَوْ إشَارَةٍ سَبَبٌ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعَيْنِ لِلْغَزَالِيِّ الْكُلُّ أَرْكَانٌ لَهُ يُرَدُّ بِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَكُلُّ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ غَيْرُ رُكْنٍ لَهُ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 وَقَصْدٌ، وَمَحَلٌّ، وَلَفْظٌ. وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ،   [منح الجليل] وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالرُّكْنِ مَا تَتَوَقَّفُ الْمَاهِيَّةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا تَوَسُّعًا ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، وَقَوْلُهُ تَكْرَارُهَا مَرَّتَيْنِ أَيْ بَعْدَ وَاحِدَةٍ إذْ التَّكْرَارُ يَسْتَلْزِمُ سَابِقًا، وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا لَاقْتَضَى أَنَّهَا تَحِلُّ بَعْدَ ثَلَاثٍ بِدُونِ مُحَلِّلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَمَرَّةً لِلرِّقِّ وَالْمُفْرَدُ الْمُضَافُ لِمَعْرِفَةٍ مِنْ صِيَغِ الْعَامِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَأَرْكَانُهُ فَلِذَا عَطَفَ عَلَى أَهْلٍ قَوْلَهُ (وَقَصْدٌ) أَيْ إرَادَةُ النُّطْقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ وَإِرَادَةَ حَلِّهَا بِالْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ وَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ سَبْقُ اللِّسَانِ بِلَا قَصْدٍ لِلنُّطْقِ وَفِي الْأَخِيرِ عَدَمُ قَصْدِ الْحِلِّ وَإِنْ قَصَدَ النُّطْقَ بِهِ. (وَمَحَلٌّ) أَيْ عِصْمَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِلزَّوْجِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَ إلَخْ (وَلَفْظٌ) دَالٌّ عَلَى فَكِّ الْعِصْمَةِ وَضْعًا كَطَالِقٍ أَوْ عُرْفًا كَبَرِيَّةٍ أَوْ قَصْدًا كَالنَّفْسِيِّ فَلَا طَلَاقَ بِفِعْلٍ إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَلَا بِمُجَرَّدِ نِيَّةٍ وَكَلَامٍ نَفْسِيٍّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَيَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ الْإِشَارَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالْكَلَامُ النَّفْسِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَالْفِعْلُ مَعَ الْعُرْفِ أَوْ الْقَرِينَةِ. (وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِكَافِرَةٍ إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَيْنَا فَيَجْرِيَ فِيهِ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ، وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ لِذِمِّيٍّ طَلَّقَهَا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا إلَخْ وَلَا لِمُسْلِمَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْكَافِرُ بَعْدَ إسْلَامِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَسْلَمَتْ النَّصْرَانِيَّةُ وَزَوْجُهَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا فَلَا يُعَدُّ طَلَاقُهُ طَلَاقًا، وَيَكُونُ عَلَى نِكَاحِهِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَنَكَحَهَا بَعْدَهَا جَازَ وَبَطَلَ طَلَاقُهُ فِي شِرْكِهِ. اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إنْ تَرَكَتْ حَقَّهَا فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ قَامَتْ بِهِ يَمْنَعُ مِنْ رَجْعَتِهَا لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقًّا لَهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (الْمُكَلَّفُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ أَيْ الْمُلْزَمُ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ لِبُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْبِقٍ طَلَاقٌ حَالَ جُنُونِهِ، وَلَا مِنْ صَبِيٍّ وَلَوْ مُرَاهِقًا، وَوُقُوعُهُ عَلَيْهِ إنْ ارْتَدَّ بِحُكْمِ الشَّارِعِ لَا أَنَّهُ هُوَ الْمُوقِعُ لَهُ، وَهَذَا إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ وَالْفُضُولِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا إسْلَامٌ وَلَا ذُكُورَةٌ وَلَا تَكْلِيفٌ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا التَّمْيِيزُ لِأَنَّ الْمُوقِعَ حَقِيقَةً الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ وَالْمُجِيزُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 43 وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ، أَوْ مُطْلَقًا؟ تَرَدُّدٌ وَطَلَاقُ الْفُضُولِيِّ:   [منح الجليل] وَيَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ إنْ لَمْ يَسْكَرْ بَلْ (وَلَوْ سَكِرَ) سُكْرًا (حَرَامًا) بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ عَالِمًا بِتَغْيِيبِهِ عَقْلَهُ أَوْ شَاكًّا فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُسْكِرُ جِنْسُهُ كَخَمْرٍ أَمْ لَا كَلَبَنٍ حَامِضٍ، وَلِذَا قَالَ حَرَامًا وَلَمْ يَقُلْ بِحَرَامٍ. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْكِرٍ وَأَنَّهُ لَا يُغَيِّبُ عَقْلَهُ فَغَابَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَطَلَّقَ وَعَقْلُهُ غَائِبٌ فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَإِنْ نُوزِعَ فِي سُكْرِهِ حَرَامًا وَغَيْرَهُ، فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ حَرَامٍ أَوْ حَرَامٌ عُمِلَ بِهَا بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ السُّكْرُ الْحَلَالُ لِأَنَّهُ كَالْجُنُونِ. (وَهَلْ) طَلَاقُ السَّكْرَانِ سُكْرًا حَرَامًا لَازِمٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ (أَنْ لَا يُمَيِّزَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً بِأَنْ لَا يَفْهَمَ الْخِطَابَ وَلَا يُحْسِنَ رَدَّ الْجَوَابِ، وَلَا يَعْرِفَ السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ (أَوْ) طَلَاقُهُ لَازِمٌ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مُمَيِّزًا فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طُرُقٌ، فَطَرِيقُ ابْنِ يُونُسَ يَلْزَمُهُ اتِّفَاقًا إنْ مَيَّزَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يُمَيِّزْ، وَطَرِيقُ الْمَازِرِيِّ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَيَّزَ أَمْ لَا، وَطَرِيقُ الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ إنْ مَيَّزَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي نُسْخَةٍ وَهَلْ إنْ مَيَّزَ وَفِي أُخْرَى وَهَلْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا، أَيْ وَهَلْ الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ إلَّا أَنْ يُمَيِّزَ فَيَلْزَمُ بِلَا خِلَافٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَطَلَاقُ السَّكْرَانِ أَطْلَقَ الصِّقِلِّيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الرِّوَايَاتِ بِلُزُومِهِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ لَا يُمَيِّزُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْبَاجِيَّ إنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ عَقْلٌ جُمْلَةً لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ نُطْقٌ وَلَا قَصْدٌ لِفِعْلٍ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِغْمَاءِ لَكَانَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا السَّكْرَانُ الْمُخْتَلِطُ فَطَلَاقُهُ لَازِمٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ طَلَاقُهُ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً. (وَطَلَاقُ) الشَّخْصِ (الْفُضُولِيِّ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَسْتَنِبْهُ الزَّوْجُ وَلَيْسَ وَلِيًّا لَهُ وَلَا حَاكِمًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 44 كَبَيْعِهِ وَلَزِمَ، وَلَوْ هَزِلَ لَا إنْ سَبَقَ لِسَانُهُ فِي الْفَتْوَى،   [منح الجليل] كَبَيْعِهِ) أَيْ الْفُضُولِيِّ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الزَّوْجُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ هُنَا عَلَى امْتِنَاعِ قُدُومِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي جَرَى فِي الْقُدُومِ عَلَى بَيْعِهِ، لِأَنَّ الْعَادَةَ طَلَبُ الرِّبْحِ بِالسِّلَعِ لَا بِالزَّوْجَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَجَازَ الزَّوْجُ وَاحِدَةً فَقَطْ أَوْ بَائِنًا فَأَجَازَ الزَّوْجُ رَجْعِيًّا، فَالْمُعْتَبَرُ مَا أَجَازَهُ الزَّوْجُ لَا مَا أَوْقَعَهُ الْفُضُولِيُّ، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ، فَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَوَضَعَتْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِهَا. (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ الْمُسْلِمَ الْمُكَلَّفَ إنْ لَمْ يَهْزِلْ بِهِ، بَلْ (وَلَوْ هَزَلَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِهَا أَيْ قَصَدَ اللَّعِبَ وَالْمَزْحَ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» ، وَفِي رِوَايَةٍ الْعِتْقُ بَدَلَ الرَّجْعَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَوَاءٌ هَزَلَ بِإِيقَاعِهِ أَوْ بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ، وَنَصُّهُ وَهَزْلُ إيقَاعِ الطَّلَاقِ لَازِمٌ اتِّفَاقًا وَهَزْلُ إطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ الْمَعْرُوفُ لُزُومُهُ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَدْ وَلَّيْتُك أَمْرَك إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَتْ فَارَقْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهُمَا لَاعِبَانِ لَا يُرِيدَانِ طَلَاقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا. وَيَحْلِفُ وَإِنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ عَلَى اللَّعِبِ لَزِمَهُ اهـ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ الْقَاسِمِ هَزْلُ الطَّلَاقِ لَازِمٌ وَأَرَى إنْ قَامَ دَلِيلُ الْهَزْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَفِي الْهَزْلِ بِالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالْعِتْقِ ثَالِثُهَا إنْ قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ لَمْ يَلْزَمْ. اهـ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقْلُ الْخِلَافِ فِيهِ مُطْلَقًا دُونَ تَفْصِيلِ كَوْنِ الْهَزْلِ فِي إيقَاعِهِ أَوْ إطْلَاقِ لَفْظِهِ عَلَيْهِ تَصَوُّرٌ لِمَا مَرَّ فِي نَقْلِ الشَّيْخِ. اهـ. فَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِ الْهَزْلِ مُطْلَقًا وَالْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ إنْ دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ. (لَا) يَلْزَمُ الزَّوْجَ الطَّلَاقُ (إنْ سَبَقَ) هـ (لِسَانُهُ) إلَيْهِ بِلَا قَصْدِ التَّلَفُّظِ بِهِ بِأَنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِغَيْرِهِ فَلَفَظَ بِهِ وَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ سَبَقَنِي لِسَانِي (فِي الْفَتْوَى) وَيَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا يَنْفَعُهُ فِيهِ دَعْوَاهُ سَبْقَ لِسَانِهِ إلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ سَبْقَهُ بِبَيِّنَةٍ فَتَنْفَعَهُ فِيهِ أَيْضًا. ابْنُ عَرَفَةَ فَسَبْقُ اللِّسَانِ لَغْوٌ إنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَفِي الْفُتْيَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 45 أَوْ لُقِّنَ بِلَا فَهْمٍ، أَوْ هَذَى لِمَرَضٍ   [منح الجليل] فَقَطْ. اهـ. وَلَوْ نُوزِعَ فِي سَبْقِ لِسَانِهِ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةُ صِدْقِهِ أَوْ كَذِبِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ (أَوْ لُقِّنَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً أَيْ الزَّوْجُ الْأَعْجَمِيَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ الْعَرَبِيِّ أَوْ الْعَرَبِيُّ لَفْظَهُ الْأَعْجَمِيَّ فَنَطَقَ بِهِ (بِلَا فَهْمٍ) لِمَعْنَاهُ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لَا فِي الْقَضَاءِ وَلَا فِي الْفُتْيَا ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ شَاسٍ إنْ لُقِّنَ الْأَعْجَمِيُّ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَفْهَمُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَثَرَ لِلَّفْظِ بِجَهْلِ مَعْنَاهُ كَأَعْجَمِيٍّ لُقِّنَ أَوْ عَرَبِيٍّ لُقِّنَ. (أَوْ هَذَى) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَكَلَّمَ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهَا (لِمَرَضٍ) قَامَ بِهِ وَغُيِّبَ عَقْلُهُ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَلَمَّا أَفَاقَ أَنْكَرَ وُقُوعَهُ مِنْهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ وَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ أَوْ لَا بَيِّنَةَ وَلَا قَرِينَةَ، وَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ بِشَيْءٍ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، لَا فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ، وَيَحْلِفُ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْعَقْلِ أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَقَوْلِهِ وَقَعَ شَيْءٌ وَلَمْ أَعْقِلْهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي. ابْنُ عَرَفَةَ طَلَاقُ فَاقِدِ الْعَقْلِ وَلَوْ بِنَوْمٍ لَغْوٌ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَابَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ مَرِيضٍ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَفَاقَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ مَا صَنَعَ وَلَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنْهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا كَانَ يَعْقِلُ وَيُتْرَكُ أَهْلُهُ فَأَطْلَقَهُ الْبَاجِيَّ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا شَهِدَ الْعُدُولُ أَنَّهُ يَهْذِي وَيَخْتَلُّ عَقْلُهُ، وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يُسْتَنْكَرْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعِشْرَةِ، وَفِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْهَا مَا طَلَّقَ الْمُبَرْسَمُ فِي هَذَيَانِهِ وَعَدَمِ عَقْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سَقَى السَّكْرَانَ فَحَلَفَ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ شَيْئًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَالْبُرْسَامِ وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يُدْخِلْهُ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَانَ إنَّمَا يُسْقَاهُ وَلَا يَعْلَمُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ، وَلَوْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَشَرِبَهُ عَلَى وَجْهِ الدَّوَاءِ فَأَصَابَهُ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ صَحِيحٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ، وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ إنَّمَا يُسْقَاهُ وَلَا يَعْلَمُهُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَرِبَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُغَيِّبُ عَقْلَهُ لَزِمَهُ الْعِتْقُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 46 أَوْ قَالَ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ: يَا طَالِقُ وَقُبِلَ مِنْهُ فِي طَارِقٍ: الْتِفَاتُ لِسَانِهِ   [منح الجليل] أَوْ الطَّلَاقُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ وَإِنَّمَا أَلْزَمَ مَنْ أَلْزَمَ السَّكْرَانَ طَلَاقَهُ وَعِتْقَهُ إذَا كَانَ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ لَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنْ كَانَ سُكْرُ شَارِبِ السَّكَرَانِ كَسُكْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَيَخْتَلِطُ بِهِ عَقْلُهُ كَالسَّكْرَانِ مِنْ الْخَمْرِ فَلَهُ حُكْمُهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِيَسْكَرَ بِهِ أَوْ يُسْقَاهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَهُوَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ السَّكْرَانَ إنَّمَا أُلْزِمَ الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ. (أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ (لِمَنْ) أَيْ زَوْجَتِهِ الَّتِي (اسْمُهَا طَالِقٌ) بِاللَّامِ (يَا طَالِقُ) قَاصِدًا بِهِ نِدَاءَهَا فَلَا تَطْلُقُ فِي الْفُتْيَا، وَلَا فِي الْقَضَاءِ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ فَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ أَوْ عَلَى الطَّلَاقِ عُمِلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَادَّعَى قَصْدَ النِّدَاءِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَثَرَ لِقَصْدِ لَفْظٍ يَظْهَرُ مِنْهُ غَيْرُ الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ يَا طَالِقُ. (وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ (فِي) نِدَاءِ مَنْ اسْمُهَا (طَارِقٌ) بِالرَّاءِ بِيَا طَالِقٌ بِاللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ (الْتِفَاتُ لِسَانِهِ) مِنْ الرَّاءِ لِلَّامِ بِلَا قَصْدٍ فِي الْفُتْيَا فَقَطْ بِدَلِيلِ تَغْيِيرِهِ أُسْلُوبَ مَا قَبْلَهُ، فَإِنْ أَسْقَطَ حَرْفَ النِّدَاءِ مَعَ إبْدَالِ الرَّاءِ لَامَا وَادَّعَى الْتِفَافَ لِسَانِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. ابْنُ غَازِيٍّ وَقُبِلَ مِنْهُ الْتِفَافُ لِسَانِهِ الْتِوَاؤُهُ وَهُوَ بِفَاءَيْنِ مُكْتَنِفَيْنِ الْأَلِفَ وَمَنْ جَعَلَ بَعْدَ الْأَلْفِ تَاءً مُثَنَّاةً مِنْ فَوْقٍ فَقَدْ صَحَّفَ اهـ تت. هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ فَفِي الْقَامُوسِ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ لَوَاهُ وَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ اهـ طفي. قِيلَ لَا دَلَالَةَ فِي كَلَامِ الْقَامُوسِ لِأَنَّ لَفَتَ مَصْحُوبٌ بِالْقَصْدِ وَكَلَامُنَا فِي غَيْرِهِ، لِأَنَّ لَفَتَهُ إذَا صَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ بِقَصْدٍ مِنْهُ وَتَحَيُّلٍ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [يونس: 78] اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِيهِ دَلَالَةٌ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي لَفَتَ لَا فِي الْتَفَتَ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ فَالْتَفَتَ أَيْ صَرَفَهُ فَانْصَرَفَ، أَيْ قَبِلَ انْصِرَافَهُ عَنْ الْمَقْصُودِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 47 أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ، وَطَلَقَتَا مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ أُكْرِهَ، وَلَوْ   [منح الجليل] وَرُدَّ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ بِأَنَّ فِي الصِّحَاحِ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: اللَّفْتُ بِالْفَتْحِ اللَّيُّ، وَفِي الْحَدِيثِ فِي قُرَّاءِ الْمُنَافِقِينَ «يَلْفِتُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ» كَمَا تَلْفِتُ الدَّابَّةُ الْخَلَا الْحَشِيشَ، وَيُقَالُ الْتَفَتُّ مَلْفَتًا وَتَلَفُّتًا وَهُوَ الْأَكْثَرُ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ الْتِفَاتٌ وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي هَذَا. الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّنْظِيرِ، لِأَنَّهُ مَصْدَرُ غَيْرِ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ قِيَاسِيٌّ وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ كَمَا فِي الْأَلْفِيَّةِ وَالْمُرَادِيِّ وَغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْقَامُوسِ، وَنَصُّهُ لَفَتَهُ يَلْفِتُهُ لَوَاهُ وَصَرَفَهُ عَنْ رَأْيِهِ وَمِنْهُ الِالْتِفَاتُ وَاللَّفْتُ. (أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ وَلَهُ زَوْجَتَانِ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ (يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَ (عَمْرَةُ) لِظَنِّهَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا أَوْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا (فَطَلَّقَهَا) أَيْ خَاطَبَ الزَّوْجُ عَمْرَةَ الَّتِي أَجَابَتْهُ بِصِيغَةِ الطَّلَاقِ ظَانًّا أَنَّهَا حَفْصَةُ الَّتِي نَادَاهَا (فَالْمَدْعُوَّةُ) أَيْ حَفْصَةُ الَّتِي دَعَاهَا الزَّوْجُ هِيَ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْفُتْيَا لَا عَمْرَةُ الْمُجِيبَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَهَا. (وَطَلَقَتَا) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ حَفْصَةُ الْمَدْعُوَّةُ بِقَصْدِهِ طَلَاقَهَا بِالصِّيغَةِ الَّتِي خَاطَبَ بِهَا عَمْرَةَ وَعَمْرَةُ بِخِطَابِهَا (مَعَ) شَهَادَةِ (الْبَيِّنَةِ) عَلَيْهِ أَوْ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، فَلَوْ قَالَ فِي الْقَضَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَيُحْتَمَلُ إنْ أَلِفَ طَلَقَتَا لِطَارِقٍ الَّتِي الْتَفَتَ فِيهَا لِسَانُهُ إلَى طَالِقٍ وَحَفْصَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ وَزِيَادَةِ فَائِدَتِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ يَا عَمْرَةُ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَحْسِبُهَا عَمْرَةَ فَأَرْبَعَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ، هَذَا يَقْتَضِي وُجُودَ الْقَوْلِ بِطَلَاقِهِمَا وَبَقَائِهِمَا وَطَلَاقِ عَمْرَةَ دُونَ حَفْصَةَ وَعَكْسِهِ، وَلَا أَعْرِفُهَا إلَّا مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ مَنْ قَالَ يَا عَمْرَةُ فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَحْسِبُهَا عَمْرَةَ طَلَقَتْ، وَفِي طَلَاقِ حَفْصَةَ خِلَافٌ. وَعَطَفَ عَلَى سَبَقَ أَيْضًا فَقَالَ (أَوْ أُكْرِهَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الزَّوْجُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا طَلَاقَ فِي إغْلَاقٍ» أَيْ إكْرَاهٍ، وَلِخَبَرِ «حُمِلَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، إنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ لَيْسَ شَرْعِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ، أَوْ فِي فِعْلٍ   [منح الجليل] أُكْرِهَ إكْرَاهًا شَرْعِيًّا (بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ) الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ، وَقَدْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِيهِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ لَا يَبِيعُهُ لَهُ فَأَعْتَقَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ، أَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُ الْحَالِفِ الْمُوسِرِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَقُوِّمَ نَصِيبُ الْحَالِفِ لِذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ، هَذَا قَوْلُ الْمُغِيرَةِ. وَأَشَارَ بِوَ " لَوْ " إلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْحِنْثِ لِأَنَّ إكْرَاهَ الشَّرْعِ طَوْعٌ، فَالصَّوَابُ الْعَكْسُ. وَلَوْلَا مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. وَقَالَ تت ثُمَّ بَالَغَ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ الَّذِي حَلَفَ لَا اشْتَرَاهُ فَأُكْرِهَ عَلَى عِتْقِ نَصِيبِهِ مِنْهُ وَقَوَّمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بَقِيَّتَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَصْلُ. وَلَا الْفَرْعُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ فِيهِمَا وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ وَلَا يُلَائِمُ الْمُبَالَغَةَ الْمُثِيرَةَ لِلْخِلَافِ، إذْ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. ابْنُ عَاشِرٍ ظَهَرَ لِي أَنَّ صَوَابَ وَضْعِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إثْرَ قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لِأَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْفِعْلِ لَا الْقَوْلِ فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ وَأُكْرِهَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ عَلَّقَ هُوَ عَلَيْهِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فَتَتَحَرَّرُ الْعِبَارَةُ وَتُفِيدُ الْمَشْهُورَ. وَعُطِفَ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ أُكْرِهَ (فِي فِعْلٍ) أَيْ عَلَيْهِ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِهَا فَلَا يَحْنَثُ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِفِعْلٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَسُجُودٍ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَزِنًا بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، وَيَمِينِ الْبِرِّ وَبِكَوْنِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ غَيْرَ الْحَالِفِ، وَبِعَدَمِ عِلْمِهِ حَالَ الْيَمِينِ بِالْإِكْرَاهِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ لَا أَفْعَلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا وَبِعَدَمِ فِعْلِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ، فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْ هَذِهِ السِّتَّةِ حَنِثَ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْنَثُ لِعَدَمِ نَفْعِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ، وَفَرَّقَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى هَذَا بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَوْلِ وَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْفِعْلِ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ مَثَلًا مُعَظِّمٌ لِرَبِّهِ بِقَلْبِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] ، بِخِلَافِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْفِعْلُ كَشُرْبِ الْحُمْرِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا فَمَفْسَدَتُهُ مُحَقَّقَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ قَوْلُهُ أَوْ فِي فِعْلٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ، وَهَذَا مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْفِعْلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إكْرَاهٌ، وَهَذَا صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى تَحْرِيرٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَفْعَالَ الَّتِي ذَكَرُوا فِي الْبَابِ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا الْفِعْلُ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ وَفِيهِ طُرُقٌ، الْأُولَى طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ قَالَ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا فَأُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ، فَحُمِلَ حَتَّى أُدْخِلَهَا أَوْ أُكْرِهَ حَتَّى دَخَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّهَا فِي وَقْتِ كَذَا، فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ الْوَقْتُ، فَهُوَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ غَيْرُ حَانِثٍ، فَأَمَّا إنْ حُمِلَ حَتَّى أُدْخِلَ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ، فَلَا يُقَالُ فُلَانٌ دَخَلَ الدَّارَ وَاخْتُلِفَ إذَا أُكْرِهَ حَتَّى دَخَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدُّخُولِ إذَا حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ فَمَنْ حَمَلَ الْأَيْمَانَ عَلَى الْمَقَاصِدِ لَمْ يُحَنِّثْهُ، وَمَنْ حَمَلَهَا عَلَى مُجَرَّدِ اللَّفْظِ حَنَّثَهُ لِأَنَّ هَذَا دَخَلَ وَوُجِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَالْآخَرُ حَلَفَ لَيَفْعَلَن فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْفِعْلُ. الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: لِابْنِ حَارِثٍ قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا أَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ لَوْ حُمِلَ فَأُدْخِلَهَا مُكْرَهًا دُونَ تَرَاخٍ مِنْهُ وَلَا مُكْثٍ فِيهَا بَعْدَ إمْكَانِ خُرُوجِهِ مِنْهَا لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَتْهُ دَابَّةٌ هُوَ رَاكِبُهَا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا، زَادَ عِيسَى وَلَا النُّزُولِ عَنْهَا. الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ قَالَ لَا يَحْنَثُ بِالْإِكْرَاهِ فِي لَا أَفْعَلُ اتِّفَاقًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي لَا أَفْعَلَنَّ وَالْمَشْهُورُ حِنْثُهُ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَحْنَثُ. الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ: لِابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا قَالَ فِي حِنْثِهِ ثَالِثُهَا فِي يَمِينِ الْحِنْثِ لَا الْبِرِّ لِرِوَايَةِ عِيسَى وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ وَالْمَشْهُورِ، وَهَذَا الْمَشْهُورُ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ، إذْ قَالَ وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ وَهَذَا فِي الْحَالِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لَا غَيْرِهِ. الضَّرْبُ الثَّانِي: الْأَفْعَالُ الْمَحْظُورَةُ شَرْعًا. ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْأَفْعَالِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ سَحْنُونٌ هُوَ إكْرَاهٌ وَهُوَ فِي نِكَاحِ الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا   [منح الجليل] الثَّالِثُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ إكْرَاهًا كَشُرْبِ خَمْرٍ، وَأَكْلِ لَحْمِ خِنْزِيرٍ، وَسُجُودٍ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَزِنًا بِطَائِعَةٍ أَوْ مُكْرَهَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ وَأَمَّا مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ كَقَتْلٍ وَغَصْبٍ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ غَيْرُ نَافِعٍ، زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ أَنَّ الْمَفَاسِدَ لَا تُحَقَّقُ فِي الْأَقْوَالِ لِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى كَلِمَةِ الْكُفْرِ مُعَظِّمٌ لِرَبِّهِ بِقَلْبِهِ، وَالْأَلْفَاظُ سَاقِطَةُ الِاعْتِبَارِ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ الْمَفَاسِدَ مُتَحَقِّقَةٌ فِيهَا. وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْقَوْلَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْمَعَانِي وَلَا الذَّوَاتِ، بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ مُؤَثِّرٌ وَاَلَّذِي فِي نِكَاحِهَا الثَّالِثُ قَوْلُهُ فِي الْأَسِيرَانِ ثَبَتَ إكْرَاهُهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الطُّرَرِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ كَمَا أَقَامَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ فَقَدْ أُكْرِهَ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا وَأَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الضَّرْبَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ بِنَوْعِ تَجَوُّزٍ أَوْ تَغْلِيبٍ، وَرُبَّمَا يُسْتَرْوَحُ مِنْ كَلَامِنَا عَلَى الْأَلْفَاظِ بَعْدَ هَذَا مَا يَزِيدُك بَيَانًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى أَسْتَعِينُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِالْإِكْرَاهِ عَلَى الْقَوْلِ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتْرُكَ) الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْقَوْلِ (التَّوْرِيَةَ) أَصْلُهَا إرَادَةُ الْمَعْنَى الْبَعِيدِ لِقَرِينَةٍ، كَقَوْلِهِ طَالِقٌ مُرِيدًا مِنْ وِثَاقٍ أَوْ وَجَعٍ بِالطَّلْقِ قُرْبَ وَضْعِ الْحَمْلِ. وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُخَلَّصُ سَوَاءٌ كَانَ بِهَذَا أَوْ بِغَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ جَوْزَتِي طَالِقٌ مَرِيدًا: جَوْزَةَ حَلْقِهِ خَالِيَةً مِنْ لُقْمَةٍ مَثَلًا (مَعَ مَعْرِفَتِهَا) أَيْ اسْتِحْضَارِهَا لِعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ تَرَكَهَا مَعَ مَعْرِفَتِهَا. تت لَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْقَوْلِ لَكَانَ أَوْضَحَ، لِأَنَّ التَّوْرِيَةَ لَا تَكُونُ فِي الْفِعْلِ. " غ " لَا مِرْيَةَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ كَقَوْلِ الْمُكْرَهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَيُرِيدُ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ رَجْعَةٍ بِالطَّلْقِ. وَأَمَّا الْفِعْلُ بِضَرْبَيْهِ فَلَا تُمْكِنُ التَّوْرِيَةُ فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51 بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ: مِنْ قَتْلٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ، أَوْ صَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ، أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ   [منح الجليل] الْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. عج مَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثَلَاثًا، أَوْ زَوْجَةً فَطَلَّقَ جَمِيعَ زَوْجَاتِهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا فَأَعْتَقَ أَكْثَرَ أَوْ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ عَكْسُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ. وَالْإِكْرَاهُ يَتَحَقَّقُ (بِخَوْفٍ) أَيْ غَلَبَةِ ظَنِّ حُصُولِ شَيْءٍ (مُؤْلِمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ مُوجِعٍ حَالًا أَوْ مَآلًا سَوَاءٌ هُدِّدَ أَوْ لَمْ يُهَدَّدْ، وَطُلِبَ مِنْهُ الْحَلِفُ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ قَبْلَ الطَّلَبِ وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إكْرَاهٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ يُهَدَّدْ وَإِلَّا فَلَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ إكْرَاهًا مُطْلَقًا، وَبَيَّنَ الْمُؤْلِمَ فَقَالَ (مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ) بِغَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَلَيْسَ إكْرَاهًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ قَلَّ الضَّرْبُ أَوْ السَّجْنُ وَبِهِ جَزَمَ تت فَقَالَ عَقِبَ أَوْ ضَرْبٍ وَلَوْ قَالَ (أَوْ قَيْدٍ) أَيْ تَقْيِيدٍ بِحَدِيدٍ فِي رِجْلَيْهِ مَثَلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ (أَوْ صَفْعٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ ضَرْبٍ بِبَاطِنِ كَفٍّ عَلَى قَفًا (لِ) شَخْصٍ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ هِمَّةٍ عَالِيَةٍ وَنَفْسٍ كَامِلَةٍ (بِ) حَضْرَةِ (مَلَإٍ) بِالْقَصْرِ وَالْهَمْزِ أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَشْرَافًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْفِقْهِ هُنَا. وَكَذَا فِي اللُّغَةِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ صَفْعِهِ فِي خَلْوَةٍ فَلَيْسَ إكْرَاهًا وَلَوْ لِذِي مُرُوءَةٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْيَسِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ إكْرَاهٌ مُطْلَقًا. وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ إنَّمَا يَكُونُ بِحُصُولِ الضَّرْبِ أَوْ الصَّفْعِ لَا بِخَوْفِ وُقُوعِهِمَا، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ذِي مُرُوءَةٍ أَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ صَفْعُهُ بِمَلَإٍ إكْرَاهًا، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. (أَوْ) بِخَوْفِ (قَتْلِ وَلَدِهِ) وَلَوْ عَاقًّا وَكَذَا بِعُقُوبَةِ الْبَارِّ إنْ تَأَلَّمَ بِهَا كَمَا يَتَأَلَّمُ بِنَفْسِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ مَنْ حَلَفَ دَرْءَةً عَنْ وَلَدِهِ لَزِمَتْهُ يَمِينُهُ إنَّمَا يُعْذَرُ فِي الدَّرْأَة عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ اللَّبِيدِيِّ إنْكَارُ قَوْلِ أَصْبَغَ قَائِلًا أَيُّ إكْرَاهٍ أَشَدُّ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52 أَوْ لِمَالِهِ. وَهَلْ إنْ كَثُرَ؟ تَرَدُّدٌ لَا أَجْنَبِيٍّ، وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ   [منح الجليل] رُؤْيَةِ الْإِنْسَانِ وَلَدَهُ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَنْوَاعُ الْعَذَابِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ التَّخْوِيفُ بِقَتْلِ الْوَلَدِ إكْرَاهٌ فَحَمَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى خِلَافِ الْمَنْقُولِ فِي الْمَذْهَبِ فَذَكَرَ قَوْلَ أَصْبَغَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ لِأَنَّ الْأَمْرَ النَّازِلَ بِالْوَلَدِ قَدْ يَكُونُ أَلَمُهُ مَقْصُورًا عَلَيْهِ، وَقَدْ يَتَعَدَّى لِلْأَبِ فَهُوَ فِي غَيْرِ قَتْلِهِ مَعْرُوضٌ لِلْأَمْرَيْنِ، فَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْقَاصِرِ عَلَى الْوَلَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ دَرْءَةً عَنْ وَلَدِهِ لَا فِي الْمُتَعَدِّي لِلْأَبِ، لِقَوْلِهِ إنَّمَا يُعْذَرُ فِي الدَّرْأَة عَنْ نَفْسِهِ، وَقَوْلُ اللَّبِيدِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَدِّي لِلْأَبِ. أَمَّا فِي قَتْلِهِ فَلَا يُشَكُّ فِي لُحُوقِهِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْوَلَدِ، وَالْأَخِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ. اهـ. وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ابْنَ شَاسٍ قَصَدَ قَتْلَ النَّفْسِ لَا دُونَهُ أَيْ وَأَصْبَغُ قَصَدَ مَا دُونَهُ (أَوْ) يُخَوَّفُ الْأَخْذَ (لِمَالِهِ) أَوْ إتْلَافَهُ بِكَحَرْقِهِ. (وَهَلْ إنْ كَثُرَ) الْمَالُ الَّذِي خَافَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَلَّ فَلَيْسَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ إكْرَاهًا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ أَوْ وَلَوْ قَلَّ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْهُ لَوْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أُخِذَ بَعْضُ مَالِهِ فَهُوَ كَالْخَوْفِ عَلَى الْبَدَنِ، وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ إكْرَاهًا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي جَعْلِ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ تَفْسِيرًا لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَالثَّانِي عَلَى الْقَلِيلِ، فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهَذَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَجَعَلَهُ خِلَافًا لَهُمَا فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَهَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّخْوِيفِ بِالْمَالِ. ثَالِثُهَا إنْ كَثُرَ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ (لَا) يَكُونُ الْمُكَلَّفُ مُكْرَهًا بِخَوْفِ قَتْلِ شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَوْ أَخَذَ مَالَهُ بِالْأَوْلَى وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ خَوْفَ قَتْلِ الْوَالِدِ وَالْأَخِ إكْرَاهٌ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيُؤْخَذُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ وَالْأَخَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ. (وَأُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْخَائِفُ قَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ نَدْبًا (بِالْحَلِفِ) كَاذِبًا (لِيَسْلَمَ) الْأَجْنَبِيُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53 وَكَذَا الْعِتْقُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْإِقْرَارُ، وَالْيَمِينُ، وَنَحْوُهُ. وَأَمَّا الْكُفْرُ، وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ: فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَتْلِ: كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا، إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا   [منح الجليل] مِنْ الْقَتْلِ، وَتَجِبُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَنَحْوِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَمُوسًا لِتَعَلُّقِهَا بِالْحَالِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهَا أَنَّهَا تُكَفَّرُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْحَالِ أَوْ الْمُسْتَقْبِلِ وَأَنَّ اللَّغْوَ لَا تُكَفَّرُ إلَّا إنْ تَعَلَّقَتْ بِمُسْتَقْبَلٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ لِمَكَّةَ أَوْ نَحْوِهَا لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقُتِلَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ طَلَبَ حَلِفِهِ نُدِبَ فَقَطْ. وَوُجُوبُ تَخْلِيصِ الْمُسْتَهْلِكِ شَرْطُهُ عَدَمُ تَوَقُّفِهِ عَلَى يَمِينٍ غَمُوسٍ لِخَطَرِهَا. ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ. (وَكَذَا) أَيْ الطَّلَاقُ فِي كَوْنِ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ (الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ) ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَطْءُ فِي نِكَاحِ الْإِكْرَاهِ إكْرَاهًا زِنًا مِنْ الْوَاطِئِ الْمُكْرَهِ لَا الْمُكْرَهَةِ وَإِجَازَتُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ اخْتِيَارًا كَنِكَاحٍ مَوْقُوفٍ (وَالْإِقْرَارُ) عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ أَوْ جِنَايَةٍ (وَالْيَمِينُ) بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِمَا (وَنَحْوُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَرَهْنٍ وَنَحْوِهَا. (وَأَمَّا الْكُفْرُ) أَيْ الْإِنْصَافُ بِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (وَسَبُّهُ) أَيْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِأَشَدِّيَّتِهِ بِعَدَمِ قَبُولِهِ التَّوْبَةَ. وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ سَائِرِ النَّبِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِمْ وَالْحُورِ الْعِينِ (وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ) الْعَفِيفِ الْحُرِّ وَسَبُّ الصَّحَابَةِ بِغَيْرِهِ (فَإِنَّمَا يَجُوزُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْكُفْرِ وَسَبُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ (لِ) خَوْفِ (الْقَتْلِ) لِنَفْسِهِ. وَأَمَّا سَبُّ مُسْلِمٍ غَيْرِ صَحَابِيٍّ بِغَيْرِ قَذْفِهِ وَقَذْفِ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَيَجُوزُ إنْ بِخَوْفِ غَيْرِ الْقَتْلِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ بِخَوْفِ الْقَتْلِ فَقَالَ (كَالْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَجِدُ مَا) أَيْ طَعَامًا (يَسُدُّ) أَيْ يَحْفَظُ (رَمَقَهَا) أَيْ حَيَاتَهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ تَمْكِينِهَا نَفْسَهَا (لِمَنْ) أَيْ رَجُلٍ (يَزْنِي بِهَا) فَيَجُوزُ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا بِقَدْرِ مَا يُشْبِعُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ سَدِّ رَمَقِهَا سَدُّ رَمَقِ صِبْيَانِهَا إنْ لَمْ تَجِدْهُ إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ. وَمَفْهُومُ لَا تَجِدُ إلَخْ عَدَمُ جَوَازِهِ مَعَ وُجُودِ مَيْتَةٍ تَسُدُّ رَمَقَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِإِبَاحَتِهَا لِلْمُضْطَرِّ. وَمَفْهُومُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54 وَصَبْرُهُ أَجْمَلُ، لَا قَتْلُ الْمُسْلِمِ وَقَطْعُهُ، وَأَنْ يَزْنِيَ، وَفِي لُزُومِ طَاعَةٍ أُكْرِهَ عَلَيْهَا:   [منح الجليل] الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا أَنْ يَزْنِيَ بِمَرْأَةٍ تُعْطِيهِ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ نَظَرًا لِانْتِشَارِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَالْأَمْرَدُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلَّا لِمَنْ يَلُوطُ بِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَمْكِينُهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يُبَاحُ الْفِعْلُ فِيهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِهِ، وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ تَقْدِيمِ الزِّنَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ عَلَى الزِّنَا بِمَحْرَمٍ عِنْدَ تَحَتُّمِ أَحَدِهِمَا. (وَصَبْرُهُ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْقَتْلِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَوْتِ مَنْ لَمْ تَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا. وَخَبَرُ " صَبْرُهُ ": (أَجْمَلُ) أَيْ أَفْضَلُ لَهُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ إقْدَامِهِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا (لَا) يَجُوزُ (قَتْلُ) الشَّخْصِ (الْمُسْلِمِ) وَلَوْ رَقِيقًا لِلْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ بِخَوْفِ الْقَتْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ. وَمَفْهُومُ الْمُسْلِمِ جَوَازُ قَتْلِ الْكَافِرِ الذِّمِّيَّ بِخَوْفِ الْقَتْلِ. (وَ) لَا يَجُوزُ (قَطْعُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ بِخَوْفِ الْقَتْلِ وَلَوْ أُنْمُلَةً فَيُمَكِّنُ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ وَلَا يَقْطَعُ أُنْمُلَةَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا قَطْعُهُ عُضْوًا مِنْ نَفْسِهِ فَيَجُوزُ خَوْفَ قَتْلِهِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ (وَ) لَا يَجُوزُ لَهُ (أَنْ يَزْنِيَ) بِمُكْرَهَةٍ أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ بِخَوْفِ قَتْلِهِ، وَأَمَّا بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ وَلَا سَيِّدَ لَهَا فَيَجُوزُ بِهِ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْحَابِنَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى كُفْرٍ أَوْ شَتْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ قَذْفِ مُسْلِمٍ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَوْ ضَرْبٍ يَخَافُ تَلَفَ بَعْضِ أَعْضَائِهِ بِهِ لَا تَلَفَ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إنَّمَا يَسَعُهُ ذَلِكَ لِخَوْفِ قَتْلِهِ لَا لِغَيْرِهِ، وَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يُقْتَلَ وَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ. سَحْنُونٌ وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِ مَيْتَةٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَشُرْبِ خَمْرٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ. قَالَ وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا قَطْعُهُ بِالْإِكْرَاهِ وَلَا عَلَى أَنْ يَزْنِيَ، وَأَمَّا عَلَى قَطْعِ يَدِ نَفْسِهِ فَيَسَعُهُ ذَلِكَ اهـ. (وَفِي لُزُومِ) يَمِينٍ حَلَفَهَا عَلَى فِعْلِ (طَاعَةٍ أُكْرِهَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْحَالِفُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْيَمِينِ بِأَنْ أُكْرِهَ بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ طَلَاقَ زَوْجَاتِهِ ثَلَاثًا، أَوْ عِتْقَ رَقِيقِهِ أَوْ صَوْمَهُ عَامًا، أَوْ حَجَّهُ مَاشِيًا، أَوْ صَدَقَتَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55 قَوْلَانِ: كَإِجَازَتِهِ كَالطَّلَاقِ طَائِعًا وَالْأَحْسَنُ الْمُضِيُّ وَمَحَلُّهُ مَا مُلِكَ قِبَلَهُ   [منح الجليل] بِثُلُثِ مَالِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ مُخْتَارِ وَقْتِهَا، أَوْ لَا يَشْرَبُ مُسْكِرًا، أَوْ لَا يَسْرِقُ أَوْ لَا يَزْنِي، أَوْ لَا يَغُشُّ الْمُسْلِمِينَ فَحَلَفَ خَائِفًا فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، أَوْ لَا تَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ؟ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبِلٍ كَمَا مَثَّلْنَا، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ مُكْرَهًا لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا كَإِكْرَاهِهِ عَلَى الْحَلِفِ بِأَنَّهُ صَلَّى أَوْ زَكَّى، أَوْ صَامَ رَمَضَانَ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَقْبِلَ يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ، بِخِلَافِ الْمَاضِي فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْبِرُّ فِيهِ. وَمَفْهُومُ طَاعَةٍ إنْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينِ مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ زِنًا أَوْ قَتْلٍ أَوْ مُبَاحٍ كَدُخُولِ دَارٍ أَوْ سُوقٍ لَمْ تَلْزَمْهُ اتِّفَاقًا. وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَإِجَازَتِهِ) أَيْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ عَلَى طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ وَلِفَاعِلِهِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ (كَالطَّلَاقِ) وَالْعِتْقِ الْوَاقِعِ مِنْهُ حَالَ إكْرَاهِهِ عَلَيْهِ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مَفْعُولُ إجَازَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (طَائِعًا) بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ مَا أَجَازَهُ نَظَرًا لِطَوْعِهِ حَالَهَا، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلِأَنَّ الْوَاقِعَ فَاسِدًا لَا يُصَحَّحُ بَعْدَ وُقُوعِهِ قَوْلَانِ لِسَحْنُونٍ، قَالَ أَوَّلًا بِعَدَمِ اللُّزُومِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى اللُّزُومِ. (وَالْأَحْسَنُ) مِنْهُمَا عِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ (الْمُضِيُّ) أَيْ اللُّزُومُ وَعَلَى هَذَا فَأَحْكَامُ الطَّلَاقِ كَالْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الْإِيقَاعِ لَا مِنْ يَوْمِ الْإِجَازَةِ، وَلَا يَدْخُلُ النِّكَاحُ تَحْتَ الْكَافِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ، فَفِي التَّوْضِيحِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى بُطْلَانِ نِكَاحِ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرَهَةِ، وَلَا يَجُوزُ الْمُقَامُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ. سَحْنُونٌ وَلَوْ انْعَقَدَ لَبَطَلَ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ فِيهِ خِيَارٌ، وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنْ لِلْمُكْرَهِ إمْضَاءَ ذَلِكَ النِّكَاحِ إذَا أَمِنَ، وَكَذَا لِأَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ. وَفِي قِيَاسِ بَعْضِ مَذَاهِبِهِمْ إنَّمَا تَجُوزُ إجَازَةُ الْمُكْرَهِ بِحَدَثَانِ ذَلِكَ. (وَمَحَلُّهُ) أَيْ الطَّلَاقِ (مَا) أَيْ عِصْمَةٌ قَائِمَةٌ بِالزَّوْجَةِ شَرْعًا (مُلِكَ) ضَمٌّ فَكَسْرٌ وَذَكَرَ الْعَائِدَ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَا (قَبْلَهُ) أَيْ نُفُوذِ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56 وَإِنْ تَعْلِيقًا: كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا، أَوْ إنْ دَخَلْتِ، وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا وَتَطْلُقُ عَقِبَهُ، وَعَلَيْهِ النِّصْفُ،   [منح الجليل] حَالَ النُّفُوذِ إنْ مَلَكَهَا تَحْقِيقًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (تَعْلِيقًا) أَيْ مُعَلَّقًا عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَوْلُ مَالِكٍ الرُّجُوعُ عَنْهُ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ صَرِيحًا كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، بَلْ وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ الْبِسَاطُ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الْخَاطِبِ (لِأَجْنَبِيَّةٍ) حَالَ خِطْبَتِهَا (هِيَ) أَيْ الْمَخْطُوبَةُ (طَالِقٌ) وَصِلَةُ قَوْلِهِ (عِنْدَ خِطْبَتِهَا) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْتِمَاسِ نِكَاحِهَا مِنْ وَلِيِّهَا بِسَبَبِ تَغْلِيَةِ مَهْرِهَا مَثَلًا. (أَوْ إنْ دَخَلْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَضَرَتْ وَخَاطَبَهَا أَوْ بِسُكُونِهَا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً، وَمَفْعُولُ دَخَلْت مَحْذُوفٌ لِيَعُمَّ الدَّارَ وَغَيْرَهَا أَيْ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَ) قَدْ (نَوَى) أَيْ إنْ دَخَلَتْ فَهِيَ طَالِقٌ (بَعْدَ نِكَاحِهَا) وَأَمَّا الْأَوْلَى فَوُقُوعُ التَّطْلِيقِ عِنْدَ الْخِطْبَةِ بِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى التَّعْلِيقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّتِهِ إذْ لَوْ نَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا قَالَهُ " غ "، فَأَقْسَامُ التَّعْلِيقِ ثَلَاثَةٌ، أَحَدُهَا: بِاللَّفْظِ كَإِنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ. الثَّانِي: فُلَانَةُ طَالِقٌ، وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا. الثَّالِثُ: تَعْلِيقٌ بِالْبِسَاطِ كَقَوْلِهِ عِنْدَ خِطْبَتِهَا هِيَ طَالِقٌ لِمَا سَمِعَهُ مِنْ شُرُوطِهَا وَشُرُوطِ أَهْلِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِي أَيْ مِنْ شُرُوطِ الطَّلَاقِ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ بِالْأَرْكَانِ الْمَحَلُّ وَهِيَ الْعِصْمَةُ، وَشَرْطُهُ مُقَارَنَةُ إنْشَائِهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا لِامْتِنَاعِ وُجُودِ حَالٍ بِدُونِ مَحَلٍّ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَالِقٌ غَدًا فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ تَزَوَّجْتُك، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَكَلَّمَهُ بَعْدَ تَزْوِيجِهَا. (وَ) إنْ تَزَوَّجَ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزَوُّجِهَا بِاللَّفْظِ أَوْ الْبِسَاطِ أَوْ عَلَى دُخُولِهَا وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا (تَطْلُقُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَضَمِّ اللَّامِ أَيْ تَصِيرُ طَالِقًا (عَقِبَهُ) أَيْ الْعَقْدِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالدُّخُولِ فِي الثَّالِثَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ (النِّصْفُ) مِنْ صَدَاقِهَا إنْ دَخَلَتْ الثَّالِثَةُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ جَمِيعُ صَدَاقِهَا وَهَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّفْوِيضِ حَيْثُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْبِنَاءِ، وَكُلَّمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57 إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَصْوَبِ وَلَوْ دَخَلَ، فَالْمُسَمَّى فَقَطْ كَوَاطِئٍ بَعْدَ حِنْثِهِ   [منح الجليل] يَعْقِدُ عَلَى مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزَوُّجِهَا تَطْلُقُ وَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ (إلَّا) عَقْدَهُ عَلَيْهَا (بَعْدَ ثَلَاثٍ) مِنْ الْمَرَّاتِ وَقَبْلَ زَوْجٍ فَلَا تَطْلُقُ وَلَا نِصْفَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ وَفَسَادِ الْعَقْدِ إجْمَاعًا (عَلَى الْأَصْوَبِ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ وَغَيْرِهِمَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ لُزُومُ النِّصْفِ. " غ " ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ التَّوْضِيحِ فَقَالَ لَوْ أَتَى فِي لَفْظِهِ بِمَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَقَالَ قَبْلَ النِّكَاحِ كُلَّمَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَوْ بَعْدَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ. وَقَالَ التُّونُسِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ وَغَيْرُهُمَا الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ. اهـ. وَاَلَّذِي لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي شَرْحِ الْمَوَّازِيَّةِ إذَا عَيَّنَ قَبْلَهُ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ كُلَّمَا تَزَوَّجَ مِنْهَا، أَوْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ كُلَّمَا عَقَدَ النِّكَاحَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ نِكَاحُهُ فِي وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَتَزَوَّجَهَا رَابِعَةً قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ زَوْجًا فَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا صَدَاقٌ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَفَارَقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا. اهـ. قَالَ صَاحِبُ الْمِنْهَاجِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ كُلَّمَا تَزَوَّجَهَا، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَثْبُتُ مَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ الثَّلَاثَ أَوْ بَعْدَ اسْتِكْمَالِهَا، وَبَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ الثَّلَاثِ، فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعَقْدُ فَلَا يَجِبُ الصَّدَاقُ. (وَلَوْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا (فَ) الصَّدَاقُ (الْمُسَمَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ يَلْزَمُهُ (فَقَطْ) وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى وَمِثْلُ نِصْفِهِ النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ عَقِبَ الْعَقْدِ وَالْمُسَمَّى بِالْوَطْءِ. وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ اسْتَنَدَ لِعَقْدٍ فَلَا يُوجِبُ زَائِدًا عَمَّا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ. ثُمَّ شَبَّهَهَا لِلتَّقَوِّي بِهِ فَقَالَ (كَ) زَوْجٍ (وَاطِئٍ) زَوْجَتَهُ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى شَيْءٍ (بَعْدَ حِنْثِهِ) فِي تَعْلِيقِهِ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَ) الْحَالُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 58 وَلَمْ يَعْلَمْ   [منح الجليل] أَنَّهُ (لَمْ يَعْلَمْ) بِالْحِنْثِ قَبْلَ وَطْئِهِ فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى فَقَطْ. وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْؤُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِحِنْثِهِ فِيهَا تَعَدَّدَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ الْحَرَامِ الَّذِي لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ إنْ لَمْ تَعْلَمْ بِحِنْثِهِ أَوْ أَكْرَهَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَانِيَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنِصْفٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا، وَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ لَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ كَمَنْ وَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ إنْ مَاتَ إنَّمَا عَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ. وَسُمِعَ أَبُو زَيْدٍ كَتَبَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ دَخَلَ بِامْرَأَةٍ حَلَفَ طَلَاقَهَا أَلْبَتَّةَ إنْ تَزَوَّجَهَا فَكَتَبَ إلَيْهِ لَا تُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا بَلَغَنِي عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ إنْ تَزَوَّجْتُهَا فَقَالَ تَزَوَّجْهَا وَإِثْمُكُمَا فِي رَقَبَتِي، وَزَعَمَ أَنَّ الْمَخْزُومِيَّ مِمَّنْ حَلَفَ عَلَى أُمِّهِ بِمِثْلِ هَذَا. ابْنُ رُشْدٍ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ دَخَلَا وَمُرَاعَاةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخِلَافَ فِيهِ شُذُوذٌ. أَبُو عُمَرَ بِمِثْلِ رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفْتَى ابْنُ وَهْبٍ. وَقَالَ نَزَلْت بِالْمَخْزُومِيِّ فَأَفْتَاهُ مَالِكٌ بِذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، وَقَالَ كَأَنَّ عَامَّةَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَحْوِ هَذَا الْقَوْلِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ إلَّا أَنَّهَا مَعْلُولَةٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَ بَعْضَهَا وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُخَالِفُهَا أَحْسَنُهَا مَا خَرَّجَ قَاسِمٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا طَلَاقَ إلَّا مِنْ بَعْدِ نِكَاحٍ» ، وَرُوِيَ «لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ» ، وَرُوِيَ «لَا طَلَاقَ فِيمَا لَا تَمْلِكُ» . قُلْت فِي أَحْكَامِ عَبْدِ الْحَقِّ أَبُو دَاوُد عَنْ مُطَرِّفٍ الْوَرَّاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا طَلَاقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا وَفَاءَ نَذْرٍ إلَّا فِيمَا تَمْلِكُ» . قَالَ الْبُخَارِيُّ هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي جَوَازِ نِكَاحِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا عَلَى تَزْوِيجِهَا لِلْحَالِفِ وَمَنْعِهِ مَعَ مُضِيِّهِ بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْبِنَاءِ، رَابِعُهَا يُفْسَخُ أَبَدًا. وَخَامِسُهَا الْوَقْفُ، وَعَزَاهَا لِقَائِلَيْهَا فَانْظُرْ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 59 كَأَنْ أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا، لَا فِيمَنْ تَحْتَهُ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ فَقَالَ (كَأَنْ) طَلَّقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهُنَّ وَ (أَبْقَى) الْمُطَلِّقُ لِنَفْسِهِ (كَثِيرًا) مِنْ النِّسَاءِ لَمْ يُطَلِّقْهُنَّ، سَوَاءٌ كَانَ طَلَاقُهُ بِتَعْلِيقٍ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، إلَّا مِنْ إقْلِيمِ كَذَا، أَوْ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ بِدُونِهِ؛ نَحْوُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا مِنْ إقْلِيمِ كَذَا، أَوْ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ. وَسَوَاءٌ كَانَ مَا أَبْقَاهُ مُسَاوِيًا لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ لَا. وَبَيْنَ إبْقَاءِ الْكَثِيرِ بِقَوْلِهِ (بِذِكْرِ جِنْسٍ) لُغَوِيٍّ وَإِنْ كَانَ صِنْفًا مَنْطِقِيًّا كَكُلِّ تُرْكِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (أَوْ) بِذِكْرِ (بَلَدٍ) كَكُلِّ مِصْرِيَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقَةٌ (أَوْ) بِذِكْرِ (زَمَانٍ يَبْلُغُهُ) أَيْ يَصِلُ إلَيْهِ (عُمُرُهُ ظَاهِرًا) أَيْ يُشْبِهُ حَيَاتَهُ إلَيْهِ غَالِبًا. وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ عُمُرِ الْحَالِفِ مِنْ شُبُوبِيَّةٍ وَكُهُولَةٍ وَشَيْخُوخَةٍ، كَكُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فِي هَذَا الْعَامِ طَالِقٌ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا عَنْ نَحْوِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا إلَى تِسْعِينَ سَنَةً طَالِقٌ، فَلَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْيَمِينُ، وَيُشْتَرَطُ فِي اللُّزُومِ أَيْضًا أَنْ يَبْقَى مُدَّةً بَعْدَ مَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا يُنْتَفَعُ بِالزَّوَاجِ فِيهَا عَادَةً وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ عَمَّ النِّسَاءَ دُونَ قَيْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ لِلْحَرَجِ. ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا نَصُّ الْمَذْهَبِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ لُزُومَهُ مَعَ رِوَايَةِ عُمُومِ اللُّزُومِ فِيمَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا حَرَامٌ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلُّ بِكْرٍ كَذَلِكَ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْعُمُومَ الْمَقْصُودَ أَشَدُّ مِنْ الْعُمُومِ الَّذِي آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ. قُلْت هَذَا اعْتِرَافٌ بِتَصَوُّرِ الْعُمُومِ فِي صُورَةِ التَّفْصِيلِ وَالْحَقُّ مَنْعُهُ. أَمَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَكَذَلِكَ ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاوُلِهِ بَعْضَ الْجِنْسِ وَهُوَ مُتَعَلَّقُ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ. وَعِلَّةُ الْإِسْقَاطِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، إنَّمَا هِيَ الْمَشَقَّةُ النَّاشِئَةُ عَنْ اللَّفْظِ الْعَامِّ، وَهِيَ هُنَا عَنْ لَفْظٍ خَاصٍّ فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ بِحَالٍ، وَإِذَا أَبْقَى كَثِيرًا بِذِكْرِ جِنْسٍ أَوْ بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرًا وَكَانَ مُتَزَوِّجًا فَ (لَا) تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ (فِيمَنْ تَحْتَهُ) أَيْ فِي عِصْمَةِ الْحَالِفِ مِنْ الزَّوْجَاتِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْيَمِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 60 إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا. وَلَهُ نِكَاحُهَا وَنِكَاحُ الْإِمَاءِ فِي كُلِّ حُرَّةٍ، وَلَزِمَ فِي الْمِصْرِيَّةِ   [منح الجليل] حَلَفَ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَلْبَسُ وَهُوَ رَاكِبٌ أَوْ لَابِسٌ وَدَامَ رَاكِبًا أَوْ لَابِسًا فَحَنِثَ بِهِ أَنَّ حَقِيقَةَ التَّزَوُّجِ إنْشَاءُ عَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَذَا فِيمَنْ تَحْتَهُ، وَلَيْسَتْ حَقِيقَةُ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ قَاصِرَةً عَلَى إنْشَائِهِمَا، فَإِنْ كَانَ نَوَى إنْشَاءَهُمَا فَلَا يَحْنَثُ بِدَوَامِهِمَا، وَفَرَّقَ تت بِضَعْفِ الِالْتِزَامِ فِي النِّكَاحِ بِقَوْلِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَا يَلْزَمُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ فِيمَنْ تَحْتَهُ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا إذَا) أَبَانَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ ثُمَّ (تَزَوَّجَهَا) فَتَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ إنْ شَمَلَهَا لَفْظُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَلَّقَ التَّحْرِيمَ بِمَا يَبْقَى كَثِيرًا لَزِمَ، وَلَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ إلَّا إذَا بَانَتْ وَشَمَلَهَا لَفْظُهُ (وَلَهُ) أَيْ مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَةٍ عَلَى تَزَوُّجِهَا (نِكَاحُهَا) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَطْلُقُ عَقِبَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفَائِدَتُهُ حَلُّ يَمِينِهِ فَيَتَزَوَّجَهَا عَقِبَ طَلَاقِهَا وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الْأَدَاةُ الَّتِي عَلَّقَ بِهَا لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَإِلَّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُهَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ حِينَئِذٍ " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ عَقِبَهُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا لِلْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ أَنَّ مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ، وَالْمَقْصُودُ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِهَذَا الْعَقْدِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ، قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ أَتَزَوَّجُك عَلَى أَنِّي طَالِقٌ عَقِبَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ صَدَاقًا إنْ تَزَوَّجَتْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّرْطِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ، قُلْنَا لَهُ هُنَا فَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا عَقِبَ طَلَاقِهِ إنْ شَاءَ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ ذَلِكَ بِلَفْظٍ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ مِثْلُ كُلَّمَا فَلَا يُبَاحُ لَهُ زَوَاجُهَا. اهـ. وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) لَهُ أَيْ الْحُرِّ الَّذِي يُولَدُ لَهُ وَهُوَ وَاجِدٌ لِطَوْلِ الْحُرَّةِ (نِكَاحُ) أَيْ تَزَوُّجُ النِّسَاءَ (الْإِمَاءِ) الْمَمْلُوكَاتِ لِمَنْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ (فِي) أَيْ بِسَبَبِ قَوْلِهِ (كُلُّ حُرَّةٍ) أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ إذْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ تَنْزِيلًا لِيَمِينِهِ مَنْزِلَةَ عَدَمِ الطَّوْلِ لِلْحُرَّةِ لِلُزُومِ يَمِينِهِ فِي الْحَرَائِرِ بِإِبْقَائِهِ الْإِمَاءَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ (وَلَزِمَ) التَّعْلِيقُ (فِي) الْمَرْأَةِ (الْمِصْرِيَّةِ) مَثَلًا " غ " لَيْسَ صُورَتُهَا " كُلُّ مِصْرِيَّةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ". اهـ. أَيْ لَا تُقْصَرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 61 فِيمَنْ أَبُوهَا كَذَلِكَ، وَالطَّارِئَةُ إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ وَفِي مِصْرَ يَلْزَمُ فِي عَمَلِهَا، إنْ نَوَى، وَإِلَّا فَلِمَحَلِّ لُزُومِ الْجُمُعَةِ، وَلَهُ الْمُوَاعَدَةُ بِهَا،   [منح الجليل] صُورَتُهَا عَلَى ذَلِكَ فَتُصَوَّرُ بِذَلِكَ وَبِمَنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِصْرِيَّةً أَوْ مِنْ مِصْرَ مَثَلًا لِاسْتِفَادَةِ التَّكْرَارِ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ، وَصِلَةُ لَزِمَ (فِيمَنْ) أَيْ مَرْأَةٍ (أَبُوهَا كَذَلِكَ) أَيْ مِصْرِيٌّ وَلَوْ كَانَتْ أُمُّهَا غَيْرَ مِصْرِيَّةٍ وَوُلِدَتْ فِي غَيْرِ مِصْرَ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ لِأَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْأُولَى سَبَبِيَّةٌ. (وَ) لَزِمَ فِي الْمَرْأَةِ (الطَّارِئَةِ) عَلَى مِصْرَ (إنْ تَخَلَّقَتْ) أَيْ اتَّصَفَتْ غَيْرُ الْمِصْرِيَّةِ الطَّارِئَةِ عَلَى مِصْرَ (بِخُلُقِهِنَّ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ أَيْ بِصِفَاتِ الْمِصْرِيَّاتِ إذْ لَا دَخْلَ لِمِصْرِ فِي الذَّاتِ، وَإِنَّمَا دَخْلُهَا فِي الصِّفَاتِ، فَمَنْ تَخَلَّقَ بِخُلُقِ أَهْلِهَا كَمَنْ وُلِدَ بِهَا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَتَخَلَّقْ بِخُلُقِهِنَّ لَا تَدْخُلُ فِي الْمِصْرِيَّاتِ، وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا بِهَا، وَاَلَّذِي فِي نَصِّ سَحْنُونٍ انْقَطَعَتْ عَنْ الْبَادِيَةِ بَدَلَ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِهِنَّ، فَإِنْ فُسِّرَ الِانْقِطَاعُ عَنْ الْبَادِيَةِ بِتَخَلُّقِهَا بِأَخْلَاقِ الْمُنْقَطِعَةِ إلَيْهِمْ سَاوَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَا. وَهَلْ الْمُرَادُ الْأَخْلَاقُ الَّتِي تُمِيلُ الْمِصْرِيَّةُ بِهَا قُلُوبَ الرِّجَالِ، أَوْ الْأَخْلَاقُ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَى الِاجْتِنَابِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا يَبْعُدُ إرَادَتُهُمَا مَعًا. (وَ) إنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ (فِي) نَحْوِ (مِصْرَ يَلْزَمُ) التَّعْلِيقُ (فِيمَنْ) يَتَزَوَّجُهَا فِي (عَمَلِهَا) أَيْ الْبِلَادِ الدَّاخِلَةِ فِي حُكْمِهَا (إنْ نَوَى) بِمِصْرَ مَا يَعُمُّ عَمَلَهَا أَوْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ بِسَاطٌ وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَ فِيهَا بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَا يَعُمُّ عَمَلَهَا وَلَمْ يَجْرِ بِهِ عُرْفٌ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ بِسَاطٌ بِأَنْ نَوَى خُصُوصَهَا أَوْ لِآنِيَةٍ لَهُ (فَلِمَحَلِّ لُزُومِ) السَّعْيِ إلَى (الْجُمُعَةِ) ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَرُبُعُ مِيلٍ فِي الصُّورَتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ كِنَانَةَ يَلْزَمُهُ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ لِحَدِّ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مِيلًا. أَصْبَغُ وَهُوَ الْقِيَاسُ. (وَلَهُ) أَيْ الْحَالِفِ لَا يَتَزَوَّجُ فِي مِصْرَ (الْمُوَاعَدَةُ بِهَا) عَلَى الزَّوَاجِ فِي غَيْرِهَا لِمِصْرِيَّةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 62 إلَّا إنْ عَمَّ النِّسَاءَ أَوْ أَبْقَى قَلِيلًا: كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، إلَّا تَفْوِيضًا أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ أَوْ حَتَّى أَنْظُرَهَا فَعَمِيَ أَوْ الْأَبْكَارِ بَعْدَ كُلِّ ثَيِّبٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ   [منح الجليل] أَوْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْمُرَاعَى عَقْدُ النِّكَاحِ وَالْمُوَاعَدَةُ لَيْسَتْ عَقْدًا (لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (إنْ عَمَّ النِّسَاءَ) الْحَرَائِرَ وَالْإِمَاءَ وَالثَّيِّبَاتِ وَالْأَبْكَارَ الْحَضَرِيَّاتِ وَالْبَدْوِيَّاتِ بِأَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، وَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِرَفْعِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَلَمْ يَعْتَبِرُوا إمْكَانَ التَّسَرِّي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ فِي التَّحْصِينِ وَالضَّبْطِ، وَلِأَنَفَةِ بَعْضِ النُّفُوسِ مِنْهَا. فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك طَالِقٌ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّهُ عَمَّ النِّسَاءَ. قُلْت لَزِمَهُ وَإِنْ عَمَّ النِّسَاءَ لِأَنَّ لَهُ مَنْدُوحَةً بِطَلَاقِ الْمَحْلُوفِ لَهَا طَلَاقًا بَائِنًا. (أَوْ أَبْقَى) الْحَالِفُ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَدَدًا (قَلِيلًا) فِي نَفْسِهِ كَكُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا فُلَانَةَ أَوْ بَنَاتِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ جِدًّا، وَمَثَّلَ لِإِبْقَاءِ الْقَلِيلِ فَقَالَ (كَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَّا تَفْوِيضًا) طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَ لَهُ التَّفْوِيضُ وَلَوْ عِنْدَ مُعْتَادٍ بِهِ لِقِلَّتِهِ. وَأَمَّا إنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا تَفْوِيضًا طَالِقٌ فَيَلْزَمُهُ لِإِبْقَائِهِ كَثِيرًا وَهِيَ التَّسْمِيَةُ (أَوْ) كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ إلَّا (مِنْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) دُونَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِحَيْثُ لَا يَجِدُ فِيهَا مَنْ تَلِيقُ بِهِ (أَوْ) قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (حَتَّى أَنْظُرَهَا) أَيْ إلَّا أَنْ أَنْظُرَهَا (فَعَمِيَ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ شَاءَ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ النِّسَاءَ. (أَوْ) انْقَلَبَتْ يَمِينُهُ مِنْ الْخُصُوصِ لِلْعُمُومِ وَكَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ (الْأَبْكَارِ) عَلَى تَزَوُّجِهِنَّ بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ (بَعْدَ) تَعْلِيقِ طَلَاقِ (كُلِّ ثَيِّبٍ) عَلَى تَزَوُّجِهِنَّ بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا (أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ بِكْرٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَكُلُّ ثَيِّبٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الثَّانِي مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الْحَرَجُ وَيَلْزَمُهُ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 63 أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ، وَتَعَذَّرَ التَّسَرِّي أَوْ آخِرُ امْرَأَةٍ، وَصُوِّبَ وُقُوفُهُ عَنْ   [منح الجليل] فِيهِمَا، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِدَوَرَانِ الْحَرَجِ مَعَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَلَوْ حَرَّمَ الثَّيِّبَاتِ وَأَبْقَى الْأَبْكَارَ فَعَجَزَ عَنْهُنَّ لِعُلُوِّ سِنِّهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّسَرِّي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ ثَيِّبٍ. (أَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فِي أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ ظَاهِرٌ أَوْ (خَشِيَ) الْحَالِفُ عَلَى نَفْسِهِ فِي (الْمُؤَجَّلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً بِأَنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فِي هَذَا الْعَامِ طَالِقٌ، وَمَفْعُولُ خَشِيَ قَوْلُهُ (الْعَنَتَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ أَيْ الزِّنَا فِي الْعَامِّ (وَتَعَذَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ لَمْ يُمْكِنْهُ (التَّسَرِّي) فَلَهُ تَزَوُّجُ حُرَّةٍ لِشِدَّةِ خَطَرِ الزِّنَا وَخِفَّةِ أَمْرِ التَّعْلِيقِ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ، كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا إلَى ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَهِيَ طَالِقٌ لَزِمَهُ إنْ أَمْكَنَتْ حَيَاتُهُ لِمَا ذَكَرَ، فَإِنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَتَسَرَّى بِهِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُهُ أَوْ قَالَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ. الْبَاجِيَّ التَّعْمِيرُ فِي ذَلِكَ تِسْعُونَ عَامًا. وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْعِشْرُونَ عَامًا كَثِيرٌ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَصْبَغُ بَعْدَ تَصَبُّرٍ وَتَعَفُّفٍ. ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ لَا يَتَزَوَّجُ فِي ثَلَاثِينَ وَإِنْ خَافَ الْعَنَتَ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَتَزَوَّجُ فِيهَا إنْ خَافَ الْعَنَتَ. أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَدَرَ فِيهَا عَلَى التَّسَرِّي فَلَا يَتَزَوَّجُ. وَكَذَا إنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ اُنْظُرْ تَمَامَهُ. (أَوْ) قَالَ (آخِرُ امْرَأَةٍ) أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ كَمَنْ عَمَّ جَمِيعَ النِّسَاءِ لِأَنَّهُ كُلَّمَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ آخِرًا، فَلَوْ فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَى امْرَأَةٍ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَمَا بَعْدَهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ قَوْلُهُ (وَصُوِّبَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً (وُقُوفُهُ) أَيْ مَنْعُ الْحَالِفِ (عَنْ) وَطْءِ الزَّوْجَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 64 الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَانِيَةً، ثُمَّ كَذَلِكَ، وَهُوَ فِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمُولِي وَاخْتَارَهُ إلَّا الْأُولَى   [منح الجليل] (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ الَّتِي تَزَوَّجَهَا أَوَّلًا (حَتَّى يَنْكِحَ) أَيْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَةً (ثَانِيَةً) فَيَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى (ثُمَّ) يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الثَّانِيَةِ (كَذَلِكَ) أَيْ مَنْعِهِ مِنْ وَطْءِ الْأُولَى حَتَّى يَنْكِحَ ثَالِثَةً فَيَحِلَّ لَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رَاشِدٍ، وَظَاهِرُهُ إيقَافُهُ. وَلَوْ قَالَ أَنَا لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَمِلَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهَا. (وَ) إنْ تَضَرَّرَتْ الْمَرْأَةُ الْمَوْقُوفُ عَنْهَا مِنْ تَرْكِ وَطْئِهَا وَرِفْعَتِهِ فَ (هُوَ) أَيْ الْقَائِلُ آخَرُ امْرَأَةٍ إلَخْ (فِي) الْمَرْأَةِ (الْمَوْقُوفَةِ) عَنْ الْقَائِلِ صِلَةُ كَافِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ (كَالْمُوَلِّي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ فِي ضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، فَإِذَا انْقَضَى وَلَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِدُونِ وَطْءٍ طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْآتِي لِيُفِيدَ رُجُوعَهُ إلَيْهِ أَيْضًا. وَإِذْ مَاتَ زَمَنَ الْإِيقَافِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ وَلَا تَرِثُهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ مَاتَ زَوْجٌ عَنْ زَوْجَةٍ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ بِصَدَاقٍ مُسَمًّى وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ وَلَا تَرِثُهُ وَلَا تَعْتَدُّ مِنْهُ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَتْ وَقَفَ إرْثُهُ مِنْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أَخَذَهُ وَتُكَمِّلُ صَدَاقَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيُلْغَزُ بِهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. (وَاخْتَارَهُ) أَيْ اللَّخْمِيُّ الْإِيقَافَ عَنْ السَّابِقَةِ حَتَّى يَتَزَوَّجَ بَعْدَهَا فِي كُلِّ سَابِقَةٍ (إلَّا فِي) الزَّوْجَةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ فَلَا يُوقَفُ عَنْهَا لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ آخَرُ امْرَأَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ طَلَاقَ الْأُولَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ قَالَ آخَرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَفِي لَغْوِهِ وَلُزُومِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ مَعَ سَحْنُونٍ، وَعَلَيْهِ يُوقَفُ عَنْ الْأُولَى حَتَّى يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا فَتَحِلَّ لَهُ، وَكَذَا الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ. زَادَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَلِمَ وَقَفَ عَنْهَا رَفْعَهُ لِعَدَمِ وَطْئِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِتَزَوُّجِ ثَانِيَةٍ وَلَهَا بِثَالِثَةٍ وَلَهَا رَابِعَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ نَحْوُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ وَإِنْ مَاتَتْ مَنْ وَقَفَ عَنْهَا وَقَفَ مِيرَاثُهُ مِنْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَ ثَانِيَةً أَخَذَهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ رُدَّ لِوَرَثَتِهَا وَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِعَدَمِ بِنَائِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الشَّيْخُ إنْ مَاتَ فِي الْوَقْفِ قَبْلَ بِنَائِهِ فَلَا تَرِثُهُ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فَقَطْ وَلَا عِدَّةَ لِوَفَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ وَاعْتَرَضَ ابْنُ دَحُونٍ قَوْل سَحْنُونٍ بِأَنْ قَالَ إذَا وَقَفَ عَنْ وَطْءِ الْأُولَى ثُمَّ تَزَوَّجَ لَمْ يُبَحْ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى حَتَّى يَطَأَ الثَّانِيَةَ، كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَيُمْنَعُ مِنْهَا حَنَى يَتَزَوَّجَ غَيْرَهَا وَيَطَأَ لِيَبَرَّ فِي يَمِينِهِ، وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا آخِرُ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْءِ الثَّانِيَةِ حَنَى يَتَزَوَّجَ ثَالِثَةً، وَكَذَا يَلْزَمُ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، فَلَا يَتِمُّ لَهُ وَطْءٌ أَلْبَتَّةَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا اعْتِرَاضٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَهَلْ فِيهِ الشَّيْخُ عَلَى رُسُوخِ عِلْمِهِ وَثَاقِبِ ذِهْنِهِ، وَلَا مَعْصُومَ مِنْ الْخَطَإِ إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا الثَّانِيَةَ لَا الْأُولَى فَوَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ بِأَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَى اسْمِ زَوَاجٍ وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَى قَوْلِهِمْ الْحِنْثُ يَدْخُلُ بِأَقَلِّ الْوُجُوهِ، وَالْبِرُّ إنَّمَا يَكْمُلُ بِأَكْمَلِ الْوُجُوهِ. قُلْت الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَبَيَانُهُ إنْ تَزَوَّجَ الثَّانِيَةَ، أَمَّا أَنْ يُوجِبَ طَلَاقًا أَوْ عَدَمَ وُقُوعِهِ بِيَمِينٍ بِهِ وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا فَتَعَيَّنَ الثَّانِي، وَكُلُّ تَزْوِيجٍ يُوجِبُ عَدَمَ وُقُوعِ طَلَاقٍ بِيَمِينٍ بِهِ مَشْرُوطٌ بِالْبِنَاءِ فِيهِ أَصْلُهُ الْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ لَيَتَزَوَّجَنَّ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فَوَجَبَ أَنْ تَطْلُقَ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زَوَاجٍ وَهْمٌ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ التَّزَوُّجَ فِي الْمَسْأَلَةِ لَا يُوجِبُ طَلَاقًا مَا لَمْ يُتَيَقَّنْ كَوْنُهُ آخِرًا، وَالْفَرْضُ عَدَمُ تَيَقُّنِهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ بِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بَحْثُ ابْنِ دَحُونٍ بِأَنَّ التَّزَوُّجَ فِي مَسْأَلَةِ سَحْنُونٍ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَ مُوجِبًا لِعَدَمِ الطَّلَاقِ فِي الْأُولَى كَمَسْأَلَةِ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك إلَخْ، لَكِنَّ الْقِيَاسَ عَلَيْهَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ يَمِينٌ مَقْصُودٌ بِهَا إغَاظَةُ الْمُخَاطَبَةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِوَطْءِ الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا تَبَيُّنُ أَنَّ الزَّوْجَةَ السَّابِقَةَ لَيْسَتْ آخِرَ امْرَأَةٍ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى أُخْرَى بَعْدَهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْوَطْءِ، وَلَيْسَ فِيهَا يَمِينٌ حَتَّى يُقَالَ الْبِرُّ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِأَكْمَلِ الْوُجُوهِ، وَإِنْ قَالَ أَوَّلُ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 66 وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْمَدِينَةِ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا: نُجِّزَ طَلَاقَهَا، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَهَا،   [منح الجليل] وَآخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَزِمَهُ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ لَا اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ. (وَلَوْ قَالَ) الْمُكَلَّفُ (إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ) امْرَأَةً (مِنْ) نِسَاءِ (الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَثَلًا (فَهِيَ) أَيْ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا (طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ) الْحَالِفُ (مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الْمَدِينَةِ (نُجِّزَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا أَيْ حَصَلَ (طَلَاقُهَا) بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَضِيَّةٌ حَمْلِيَّةٌ فِي قُوَّةِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ طَالِقٌ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً، أَيْ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (إنَّمَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ) فِيمَنْ تَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهَا (إذَا تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ الْمَدِينَةِ (قَبْلَ) تَزَوُّجِهِ مِنْ (هَا) أَيْ الْمَدِينَةِ. عج هَذَا مَدْلُولُ لَفْظِهِ لِتَعْلِيقِهِ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى عَدَمِ تَزَوُّجِهِ مِنْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَ مِنْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ. " ق " بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ فِي قُوَّةِ إنْ تَزَوَّجْت مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَزَوَّجَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ فَهِيَ حَمْلِيَّةٌ وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَنَّ وَالتَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِهَا. اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يَحْنَثُ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُ مِنْ غَيْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 67 وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ   [منح الجليل] الْفُسْطَاطِ، وَتَوَقَّفَ عَنْهَا كَمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّ قَصْدَ الْحَالِفِ بِمِثْلِ هَذَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ الْفُسْطَاطِ طَالِقٌ. ابْنُ مُحْرِزٍ أَحْسِبُ لِمُحَمَّدٍ مِثْلَ مَا فِيهَا. ابْنُ بَشِيرٍ هُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ فَيَكُونُ مُسْتَثْنِيًا، أَوْ بِالْأَكْثَرِ فَيَكُونُ مُولِيًا. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى مِنْ غَيْرِهَا أَوْ تَعْلِيقٌ مُحَقَّقٌ يُرِيدُ أَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ حَمْلِيَّةٌ، وَعَلَى الثَّانِي شَرْطِيَّةٌ، وَتَقْرِيرُهُمَا مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ لَفْظِ اللَّخْمِيِّ وَاضِحٌ وَقَوْلُ " ز " عَنْ " ق " بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٍ، بَلْ التَّأْوِيلَانِ مَعًا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا حَمْلِيَّةٌ، أَيْ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ طَالِقٌ، ثُمَّ هَلْ مُطْلَقًا وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ رَاشِدٍ، أَوْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَهُوَ فَهْمُ اللَّخْمِيِّ، تَأْوِيلَانِ وَإِنَّمَا الْمَبْنِيُّ عَلَى أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِسَحْنُونٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيمَا يَتَزَوَّجُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَدِينَةِ قَبْلَ تَزَوُّجِهِ مِنْهَا، بَلْ يُوقَفُ عَنْهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَ مِنْ الْمَدِينَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. وَقَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْإِطْلَاقُ وَالتَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ تَبِعَ فِيهِ مَا فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ رَاشِدٍ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ. " غ " وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَفْهَمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ، وَكَذَا ابْنُ مُحْرِزٍ وَمَا عَوَّلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا عَلَى كَلَامِهِمَا وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الثَّانِي. (وَاعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (فِي وِلَايَتِهِ) أَيْ اسْتِيلَاءِ الزَّوْجِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَحَلِّ وَهِيَ الْعِصْمَةُ وَنَائِبُ فَاعِلِ اُعْتُبِرَ (حَالُ النُّفُوذِ) أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَوْ الظِّهَارِ الَّذِي عَلَّقَهُ الزَّوْجُ تَبَعًا لِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَا حَالُ التَّعْلِيقِ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ، فَيَشْمَلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدًا لِثَلَاثٍ إلَخْ، فَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ حَالَ التَّعْلِيقِ لَصِبًا أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ النُّفُوذِ، فَإِنْ عَلَّقَ الصَّبِيُّ أَوْ مُكْرَهٌ أَوْ مَجْنُونٌ ثُمَّ بَلَغَ أَوْ زَالَ الْإِكْرَاهُ أَوْ أَفَاقَ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ، وَفِيهَا وَالنَّوَادِرِ مَنْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ الْعِتْقُ لَأَفْعَلُ كَذَا، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ زَوْجَةٌ وَلَا رَقِيقٌ وَلَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى تَزَوَّجَ أَوْ مَلَكَهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ يَمِينٍ عَلَيْهِ حَالَ النُّطْقِ بِهَا، فَلَا تَلْزَمُهُ فِيمَا تَجَدَّدَ لَهُ بَعْدَهَا مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ رَقِيقٍ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 68 فَلَوْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا: لَمْ يَلْزَمْ وَلَوْ نَكَحَهَا فَفَعَلَتْهُ: حَنِثَ، إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ:   [منح الجليل] فَلَوْ فَعَلَتْ) الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى أَنْ لَا تَفْعَلَ كَذَا الشَّيْءَ (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا) وَلَوْ وَاحِدَةً بِخُلْعٍ أَوْ رَجْعِيَّةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا (لَمْ يَلْزَمْ) الزَّوْجَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى عِصْمَتِهَا حَالَ النُّفُوذِ، فَالْمَحَلُّ مَعْدُومٌ وَكَذَا إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَفَعَلَهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا فَالْأَوْلَى فَلَوْ فُعِلَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَأْتِيَنَّهُ أَوْ لَيَقْضِيَنَّهُ وَقْتَ كَذَا وَطَلَّقَهَا طَلَاقَ الْخُلْعِ قَبْلَ مَجِيءِ الْوَقْتِ لِخَوْفِهِ مِنْ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَهُوَ مُعْدِمٌ أَوْ قَصَدَ عَدَمَ الذَّهَابِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الثَّلَاثِ، وَيَعْقِدُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ بِرُبُعِ دِينَارٍ بِرِضًا وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَتَبْقَى لَهُ فِيهَا طَلْقَتَانِ أَوْ طَلْقَةٌ إنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا أَحْسَنُ لَهُ مِنْ أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا بِعَدَمِ مَجِيئِهِ أَوْ قَضَائِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيُكْرَهُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ. (وَلَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى فِعْلِهَا أَوْ فِعْلِهِ غَيْرَ مُقَيِّدٍ بِزَمَنٍ ثُمَّ بَانَتْ مِنْهُ بِخُلْعٍ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ طَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ (نَكَحَهَا) أَيْ تَزَوَّجَهَا رَاضِيَةً بِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدٍ (فَفَعَلَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ الْمُعَلَّقَ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ فَعَلَتْهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا أَمْ لَا (حَنِثَ) الزَّوْجُ فِي تَعْلِيقِهِ (إنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ) بَيَانٌ لِشَيْءٍ الْآتِي (الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ) أَيْ طَلْقَتَانِ أَوْ طَلْقَةٌ لِعَوْدِهَا مُعَلِّقًا طَلَاقَهَا إلَى تَمَامِ عِصْمَتِهَا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ عَقْدَ الثَّانِي لَا يَهْدِمُ عِصْمَةَ الْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ بِأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا بَيْنَهَا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَتْ إلَيْهِ غَيْرَ مُعَلَّقٍ طَلَاقُهَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى، فَإِنْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ انْقَضَى وَأَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِانْحِلَالِ يَمِينِهِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ لَمْ يُبِنْهَا وَلَوْ أَتَى بِأَدَاةِ تَكْرَارٍ كَكُلَّمَا فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ اخْتَصَّتْ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى الْمُعَلَّقِ فِيهَا. وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى، فَكُلَّمَا تَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ عَقِبَهُ. وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ الطَّلَاقَ مِنْ عِصْمَةٍ مَمْلُوكَةٍ حَالَ التَّعْلِيقِ فَاخْتَصَّ بِهَا، وَفِي الثَّانِي عَلَّقَهُ عَلَى عِصْمَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَعَمَّ سَائِرَ الْعِصَمِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 69 كَالظِّهَارِ، لَا مَحْلُوفٍ لِمَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي اعْتِبَارِ حَالِ النُّفُوذِ فِي مِلْكِ الْعِصْمَةِ وَمَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ وَاخْتِصَاصِ التَّعْلِيقِ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَقَالَ (كَالظِّهَارِ) فَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَفَعَلَ حَالَ بَيْنُونَتِهَا فَلَا يَلْزَمُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا فَفَعَلَ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا شَيْءٌ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَأَخْرَجَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى فَقَالَ (لَا) تَخْتَصُّ الْيَمِينُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِزَوْجَةٍ (مَحْلُوفٍ لَهَا) عَلَى عَدَمِ التَّزَوُّجِ أَوْ التَّسَرِّي عَلَيْهَا بِطَلَاقِ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا أَوْ عِتْقِ الَّتِي يَتَسَرَّاهَا عَلَيْهَا (فَ) يَلْزَمُهُ التَّعْلِيقُ (فِيهَا) أَيْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا (وَغَيْرِهَا) مِنْ الْعِصَمِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، فَإِنْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ لَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ عَادَ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ فَتَطْلُقُ الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا وَتَعْتِقُ الَّتِي يَتَسَرَّاهَا عَلَيْهَا وَهَكَذَا أَبَدًا، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ اخْتِصَاصُهُ بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا. وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا فَلَا يَخْتَصُّ التَّعْلِيقَ بِالنِّسْبَةِ لَهَا بِالْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا فَيَعُمَّهَا وَغَيْرَهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ عَزَّةُ وَزَيْنَبُ وَقَالَ إنْ وَطِئْت عَزَّةَ فَزَيْنَبُ طَالِقٌ، فَزَيْنَبُ مَحْلُوفٌ بِطَلَاقِهَا، وَعَزَّةُ مَحْلُوفٌ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا، فَيَلْزَمُهُ التَّعْلِيقُ فِيهَا. وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ مَا دَامَتْ زَيْنَبُ فِي الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ اللَّازِمَ فِي عَزَّةَ الْإِيلَاءُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا الطَّلَاقُ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَقَالَ كَمَحْلُوفٍ لَهَا لَا عَلَيْهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَ فِيهِ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْحَقُّ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَحَاصِلُ مَا لَهُمْ هُنَا أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَلُّقِ الْيَمِينِ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا، وَأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا اتَّفَقُوا عَلَى اخْتِصَاصِ الْيَمِينِ فِيهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى. وَأَمَّا الْمَحْلُوفُ لَهَا فَفِيهَا الْخِلَافُ فَاَلَّذِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْهَا أَنَّهَا كَالْمَحْلُوفِ بِهَا فِي الِاخْتِصَاصِ بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى، وَعَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 70 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنْكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُحَقِّقِينَ وَرَأَوْا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي الْمَحْلُوفِ لَهَا. ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِظَاهِرِ مَا فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا حَيْثُ فَرَّقَ فِي مَسْأَلَةِ زَيْنَبَ وَعَزَّةَ بَيْنَ الْمَحْلُوفِ بِهَا فَخَصَّهَا بِالْعِصْمَةِ الْأُولَى، وَبَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا فَجَعَلَ حُكْمَهَا مُسْتَمِرًّا فِي الْعِصْمَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا. قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ سَبَقَهُ إلَيْهِ عِيَاضٌ فَذَكَرَهُ مَرَّتَيْنِ وَصَحَّحَ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُخَالِفًا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِمَا كَانَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْهَا. لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ تَضْعِيفُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رِوَايَةَ مَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِظَاهِرِ مَا فِي الْإِيلَاءِ مِنْهَا نَقَلَهُ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ مُخَالِفٌ لِلطَّلَاقِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَزِمَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا يَزُولُ بِالْمِلْكِ، وَالطَّلَاقُ لَا يَلْزَمُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَيَزُولُ بِالْمِلْكِ، وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ. وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الْإِيلَاءِ قُصَارَاهُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَالْإِيلَاءُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ لَازِمٌ. وَالضَّابِطُ أَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي عَقَدَ فِيهِ الْيَمِينَ إمَّا بِالظِّهَارِ أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالتَّزْوِيجِ عَلَيْهَا مَتَى طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ظِهَارًا مُجَرَّدًا، أَوْ بِشَرْطٍ وَقَدْ وَقَعَ الشَّرْطُ، أَوْ يَكُونَ إيلَاءً فَيَلْزَمَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ فَرْقِ بَعْضِ الْفَاسِيِّينَ وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَا مُخَالَفَةَ فِيهَا بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَنْ شَرَطَ لِامْرَأَتِهِ طَلَاقَ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهَا تَنْحَلُّ عَنْهُ الْيَمِينُ بِخُرُوجِ زَوْجَتِهِ عَنْ عِصْمَتِهِ بِالثَّلَاثِ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْحَلُّ عَنْهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الْيَمِينِ فِي الدَّاخِلَةِ وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ خِلَافًا لَقَالَ وَمِثْلُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ وَهُوَ أَذْكَرُ النَّاسِ لِمَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ اهـ طفي فَظَهَرَ لَك أَنْ لَا تَخَافِيَ فِي كَلَامِهَا وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِيلَاءِ مُبَايِنَةٌ لِمَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ، وَأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الصَّوَابُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 71 وَلَوْ طَلَّقَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا: طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا، وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا وَهَلْ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ؟ تَأْوِيلَانِ، وَفِي مَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا،   [منح الجليل] وَلَوْ طَلَّقَهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَ لَهَا بِطَلَاقِ كُلِّ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ أَوْ رَجْعِيًّا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ (ثُمَّ تَزَوَّجَ) أَجْنَبِيَّةً (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةَ الْمَحْلُوفَ لَهَا أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا صَحِيحًا بِصَدَاقٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ (طَلُقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا حَالَ بَيْنُونَةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا (وَلَا حُجَّةَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ مُعْتَبَرَةً فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ) الْأَجْنَبِيَّةَ (عَلَيْهَا) أَيْ الْمَحْلُوفِ لَهَا، وَإِنَّمَا تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا قَالَ فِيهَا لَا أَنْوِيهِ، وَبَالَغَ عَلَى طَلَاقِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَدَمُ قَبُولِ حُجَّتِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ فَقَالَ إنْ لَمْ يَدَّعِ نِيَّةً. بَلْ (وَإِنْ ادَّعَى) الزَّوْجُ (نِيَّةً لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى هَذَا فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَإِنْ ادَّعَى نِيَّةً (وَهَلْ) عَدَمُ قَبُولِ نِيَّتِهِ (لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهَا) وَنِيَّتُهَا أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا، وَظَاهِرُ هَذَا التَّأْوِيلِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ ذَلِكَ أَوْ تَطَوَّعَ لَهَا بِهِ لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهَا. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ (أَوْ) حَمْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ (قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) وَأَسَرَّتْهُ وَلَوْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا لَقُبِلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؟ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ، وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ. فَإِنْ قِيلَ النِّيَّةُ هُنَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهَا مَعَ الْبَيِّنَةِ. فَجَوَابُهُ أَنَّهَا وَإِنْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ لُغَةً فَهِيَ مُخَالِفَةٌ لَهُ عُرْفًا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أَمَتَهُ وَنَوَى بِقَدَمِهِ. (وَ) لَزِمَهُ (فِي) قَوْلِهِ كُلُّ زَوْجَةٍ يَتَزَوَّجُهَا (مَا عَاشَتْ) فُلَانَةُ طَالِقٌ التَّعْلِيقُ (مُدَّةَ حَيَاتِهَا) أَيْ الْمَحْلُوفَةِ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَتَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ أَمْ لَا. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ حَيَاتُهَا لِأَنَّهُ ضِيقٌ عَلَيْهِ وَحَرَجٌ، وَنَحْوُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا، وَزَادَ مَا لَمْ يَخْشَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 72 إلَّا لِنِيَّةِ كَوْنِهَا تَحْتَهُ وَلَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ الثَّلَاثَ عَلَى الدُّخُولِ فَعَتَقَ وَدَخَلَتْ: لَزِمَتْ وَاثْنَتَيْنِ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ: لَمْ يَنْفُذْ   [منح الجليل] الْعَنَتَ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ خَشِيَ فِي الْمُؤَجَّلِ الْعَنَتَ، وَيَلْزَمُهُ فِيمَا عَاشَتْ مُدَّةَ حَيَاتِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِنِيَّةِ) الْحَالِفِ بِمَا عَاشَتْ مُدَّةَ (كَوْنِهَا) أَيْ الْمَحْلُوفِ لَهَا (تَحْتَهُ) أَيْ زَوْجَةِ الْحَالِفِ، فَإِنْ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَ وَقَالَ نَوَيْت مَا دَامَتْ زَوْجَةً لِي قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ لِمُوَافَقَةِ نِيَّتِهِ الْعُرْفَ. (وَلَوْ عَلَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (عَبْدٌ) الطَّلَاقَ (الثَّلَاثَ) لِزَوْجَتِهِ (عَلَى الدُّخُولِ) لِدَارٍ مَثَلًا مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (فَعَتَقَ) الْعَبْدُ أَيْ صَارَ حُرًّا بَعْدَ التَّعْلِيقِ (وَدُخِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الدَّارُ بَعْدَ عِتْقِهِ (لَزِمَتْ) الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ الْعَبْدَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ النُّفُوذِ، فَإِنْ دُخِلَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ عَتَقَ بَعْدَهُ. ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ الْفُرُوعِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى اعْتِبَارِ حَالِ النُّفُوذِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فِيهِ فِرَاقٌ، أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ حَالَ النُّفُوذِ وَاعْتُبِرَ حَالَ التَّعْلِيقِ اثْنَتَانِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَيْضًا. نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَاثْنَتَيْنِ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَلَيْسَ مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى اعْتِبَارِ حَالَةِ النُّفُوذِ اهـ (وَ) لَوْ عَلَّقَ عَبْدٌ (اثْنَتَيْنِ) عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ عَتَقَ فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ وَ (بَقِيَتْ) لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ النُّفُوذِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ وَقْتُ التَّعْلِيقِ لَمْ تَبْقَ لَهُ وَاحِدَةٌ. وَلَوْ عَلَّقَ وَاحِدَةً فَعَتَقَ فَفَعَلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ بَقِيَتْ لَهُ اثْنَتَانِ. وَشَبَّهَ فِي بَقَاءِ وَاحِدَةٍ فَقَالَ (كَمَا لَوْ طَلَّقَ) الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً (وَاحِدَةً ثُمَّ عَتَقَ) فَتَبْقَى لَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ طَلَّقَ نِصْفَ طَلَاقِهِ فَصَارَ كَحُرٍّ طَلَّقَ طَلْقَةً وَنِصْفَ طَلْقَةٍ. (وَلَوْ عَلَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حُرٌّ مُسْلِمٌ (طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَصِلَةُ عَلَّقَ (عَلَى مَوْتِهِ) أَيْ الْأَبِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا وَمَاتَ أَبُوهُ (لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 73 وَلَفْظُهُ طَلَّقْت، وَأَنَا طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ، أَوْ مُطَلَّقَةٌ أَوْ الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ، لَا مُنْطَلِقَةٌ. وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ،   [منح الجليل] يَنْفُذْ) الطَّلَاقُ الَّذِي عَلَّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ لِمِلْكِهِ زَوْجَتَهُ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا بِمُجَرَّدِ مَوْتِ أَبِيهِ وَانْفِسَاخِ النِّكَاحِ، فَلَا يَجِدُ الطَّلَاقُ مَحَلًّا يَقَعُ فِيهِ، وَفَائِدَةُ عَدَمِ النُّفُوذِ مَعَ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ الثَّلَاثَ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا قَبْلَ زَوْجٍ إنْ عَتَقَتْ. (وَلَفْظُهُ) أَيْ الطَّلَاقِ الْمَعْدُودِ مِنْ أَرْكَانِهِ أَوْ شُرُوطِهِ الصَّرِيحُ مَا اشْتَمَلَ عَلَى الطَّاءِ وَاللَّامِ وَالْقَافِ وَجَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي حَلِّ الْعِصْمَةِ وَهُوَ (طَلَّقْت) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَأَنَا طَالِقٌ) مِنْك (أَوْ أَنْتِ) طَالِقٌ مِنِّي (أَوْ) أَنْتِ (مُطَلَّقَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ (أَوْ الطَّلَاقُ لِي) صِلَةٌ (لَازِمٌ) وَعَطَفَ عَلَى طَلَّقْت بِلَا لِلْإِخْرَاجِ مِنْ لَفْظِهِ فَقَالَ (لَا) مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي حَلِّهَا وَهُوَ (مُنْطَلِقَةٌ) وَمَطْلُوقَةٌ وَمُطْلَقَةٌ بِسُكُونِ الطَّاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ وَهُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ وَكِنَايَتُهُ: ظَاهِرٌ، وَهُوَ مَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِهَا، وَخَفِيَّةٌ وَهُوَ مَا تَتَوَقَّفُ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ عَلَيْهَا، وَفِي كَوْنِ الصَّرِيحِ لَفْظَ طَالِقٍ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ خَلِيَّةٍ وَبَرِيَّةٍ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَشَبَهِهِمَا. نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْقَاضِي وَابْنِ الْقَصَّارِ. زَادَ الْبَاجِيَّ عَنْهُ السَّرَاحَ وَالْفِرَاقَ وَالْحَرَامَ قَائِلًا بَعْضُهَا أَبْيَنُ مِنْ بَعْضٍ، وَخَرَّجَهُمَا عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِ لُغَةً الْخَالِصَ، وَاعْتِبَارُ كَوْنِهِ لُغَةً الْبَيْنَ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي عُيُونِ الْمَجَالِسِ تِسْعَةَ أَلْفَاظٍ، فَزَادَ عَلَى مَا سَمَّيْنَاهُ بَتَّةً وَبَتْلَةً وَبَائِنًا وَإِلَيْهَا أَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَزَادَ ابْنُ الْقَصَّارِ خَمْسَةً فِي غَيْرِ الْحُكْمِ. ابْنُ هَارُونَ يُرِيدُ فِي الْفَتْوَى فَالْحُكْمُ أَحْرَى، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَخَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ الظَّاهِرَةَ بِمَا لَا يَنْصَرِفُ وَجَعَلَ مَا يَنْصَرِفُ كِنَايَةً مُحْتَمَلَةً. (وَتَلْزَمُ) طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) بِكُلِّ لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَبِحَلِفِ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ مِنْهَا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مَا نَوَى، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ وَاحِدَةٌ وَفِي حَلِفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى يَمِينِ التُّهْمَةِ اهـ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 74 إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ: كَاعْتَدِّي وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ، إنْ دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى الْعَدِّ، أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً فَقَالَتْ: أَطْلِقْنِي وَإِنْ لَمْ تَسْأَلْهُ: فَتَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ فِي الْقَضَاءِ. وَأَمَّا الْفَتْوَى فَلَا يَمِينَ اهـ. وَتَلْزَمُ وَاحِدَةٌ بِالصَّرِيحِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ، وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ وَاحِدَةٍ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَقَالَ (كَاعْتَدِّي) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ اعْتَدِّي، فَإِنْ نَوَى إخْبَارَهَا وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ، عَطَفَهَا بِوَاوٍ، وَلَا نَوَى حِينَئِذٍ أَفَادَهُ الْحَطّ، وَنَوَى فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الطَّلَاقِ كَتَرَتُّبِ جَوَابِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ، وَالْعَطْفُ يُنَافِي ذَلِكَ. (وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ اعْتَدِّي وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الْمُتَكَلِّمُ لَفْظَ الصَّرِيحِ أَوْ بِاعْتَدِّي (فِي) دَعْوَى (نَفْيِهِ) أَيْ عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِهِ (إنْ دَلَّ بِسَاطٌ) أَيْ حَالٌ مُقَارِنٌ لِلْكَلَامِ (عَلَى) إرَادَةِ الْأَمْرِ بِ (الْعَدِّ) لِنَحْوِ الدَّرَاهِمِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ فَمَا بَعْدَهُ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مَعْطُوفَةٌ بِأَوْ عَلَى مَا يَصْدُقُ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْعَدَاءِ بِأَلِفٍ عَقِبَ الدَّالِ، أَيْ التَّعَدِّي وَالظُّلْمِ. عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ (وَكَانَتْ) الْمَرْأَةُ (مُوثَقَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ مُقَيَّدَةً بِقَيْدٍ أَوْ كِتَافٍ لِلْحَالِ فَلَيْسَ فِي الْمَتْنِ إلَّا أَلِفٌ وَاحِدَةٌ فَاحْتَمَلَتْ الْوَجْهَيْنِ كَوْنُهَا مِمَّا قَبْلَهَا أَوْ مِمَّا بَعْدَهَا (فَقَالَتْ أَطْلِقْنِي) مِنْ وِثَاقِي فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوَثَاقِ فَيُصَدَّقُ بِلَا خِلَافٍ إنْ سَأَلَتْهُ وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ، وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى فَإِمَّا مَقْدِرَةٌ فِي الْأَوَّلِ، وَالْأَصْلُ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ إمَّا عَلَى الْعَدِّ أَوْ كَانَتْ مُوثَقَةً إلَخْ، إذْ كَوْنُهَا مُوثَقَةً مِنْ الْبِسَاطِ وَعَطْفُهُ بِدُونِ تَقْدِيرٍ إمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ ضَرُورَةُ اقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ. (وَإِنْ) كَانَتْ مُوثَقَةً وَ (لَمْ تَسْأَلْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ أَنْ يُطْلِقَهَا مِنْ وِثَاقِهَا، وَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ أَرَدْت مِنْ الْوِثَاقِ (فَ) فِي تَصْدِيقِهِ بِيَمِينٍ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 75 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَصْلُهُمَا قَوْلَانِ، قَالَ مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقُ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الثَّانِي، وَمَحَلُّهُمَا فِي الْقِصَاءِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى تَصْدِيقِهِ فِي الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُوثَقَةً فَلَا يُصَدَّقُ اتِّفَاقًا. قَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي نَفْيِهِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اللُّزُومَ فِي الصَّرِيحِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِسَاطٌ دَالٌّ عَلَى نَفْيِ إرَادَتِهِ، فَإِنْ كَانَ قُبِلَ مِنْهُ، فَإِنْ قِيلَ الظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَلَوْ سَأَلَتْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَمَا قَالَ، بَلْ مُوثَقَةٌ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ كَوْنُهُ إخْبَارًا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ أَيْ: سَتَطْلُقِينَ. فَإِنْ قِيلَ سَبَقَ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَبْيِينِ الْمُجْمَلِ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الْبِسَاطِ، وَأَنَّهُ تَحْوِيمٌ عَلَيْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي صَرْفَ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحَةِ أَوْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ عَنْهُ بِهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الْبِسَاطِ، وَقَدْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهَا لَا تَصْرِفُهَا عَنْهُ، وَأَنَّ الْبِسَاطَ يَصْرِفُهَا عَنْهُ قَبْلَ شَرْطِ تَقْدِيمِ النِّيَّةِ مُسَاوَاتُهَا عُرْفًا لِلْمَوْضُوعِ لَهُ، وَهِيَ هُنَا بَعِيدَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَانْضَمَّ لِهَذَا خَفَاؤُهَا فَاحْتِيطَ لِلْفُرُوجِ بِإِلْغَائِهَا، وَاعْتُبِرَ الْبِسَاطُ لِظُهُورِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " مَحَلُّهُمَا فِي الْقَضَاءِ إلَخْ هَذَا الْقَيْدُ حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ بِقِيلٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ وَقِيلَ إنْ أَتَى مُسْتَفْتِيًا صُدِّقَ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى أَنَّ مُجَرَّدَ لَفْظِ الطَّلَاقِ دُونَ نِيَّتِهِ يُوجِبُهُ. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّهَا. فَفِي ابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت مِنْ وَثَاقٍ وَلَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَجَاءَ مُسْتَفْتِيًا، قَالَ أَرَى الطَّلَاقَ يَلْزَمُهُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ كَلَامًا مُبْتَدَأً أَنْتِ بَرِيَّةٌ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَلَا يَنْفَعُهُ مَا أَرَادَ مِنْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُؤْخَذُ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ بِأَلْفَاظِهِمْ وَلَا تَنْفَعُهُمْ نِيَّاتُهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِكَلَامٍ كَانَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ مُطَرِّفٌ إذَا كَانَتْ فِي وَثَاقٍ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَعْنِي مِنْ الْوَثَاقِ دَيَّنْتُهُ وَنَوَيْته. ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَعْلِ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمُسْتَفْتِي فَكَيْفَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُمَا بِالْقَضَاءِ وَقَدْ سَلَّمَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 76 وَالثَّلَاثُ فِي: " بَتَّةٌ، وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك، أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً،   [منح الجليل] كَلَامَهَا. ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ، وَبَحَثَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ فَقَالَ إلْزَامُ الطَّلَاقِ فِيهَا لَوْ قِيلَ أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ مَا صَنَعْت فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ وَأَرَادَ الْإِخْبَارَ، فَقَالَ أَبُو الطَّاهِرِ لَا يَلْزَمُهُ فِي الْفَتْوَى إجْمَاعًا، ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ مَسْأَلَةُ الْوَثَاقِ عَلَى اللُّزُومِ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى. اهـ. وَاعْتَمَدَ طفي كَلَامَ الْقَرَافِيِّ وَمَالَ إلَى تَقْيِيدِ عج كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْقَضَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ كَيْفَ يَعْدِلُ عَنْ كَلَامِهَا مَعَ تَسْلِيمِهِ الشُّيُوخَ إلَى مُجَرَّدِ بَحْثِ الْقَرَافِيِّ، وَقَدْ قَدَّمَ طفي قَرِيبًا وَمَا بِالْعَهْدِ مَنْ قَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا مَحْلُوفَ لَهَا فَفِيهَا وَغَيْرِهَا أَنَّ كَلَامَهَا حُجَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، كَيْفَ وَقَدْ سَلَّمَهُ هُنَا الشُّيُوخُ. نَعَمْ بَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا لَيْسَ فِيهَا نِيَّةُ مُخَالَفَةٍ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، وَلَمْ يَقُلْ وَنَوَى بِهِ غَيْرَ الطَّلَاقِ، وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا نِيَّةٌ تَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ الْحُكْمُ بِهِ مَعَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ دَعْوَاهُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ بَرِيَّةٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِيَّةٌ مُزَاحِمَةٌ لِلطَّلَاقِ بَاطِلَةٌ، لِقَوْلِهِ فِيهَا لَا يَنْفَعُهُ مَا أَرَادَهُ مِنْ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ، فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَلْبِهِ شَيْئًا غَيْرَ الطَّلَاقِ وَحَكَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهِ إيَّاهُ. فَإِنْ قُلْت الْمُزَاحِمُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَيِّنٌ وَهُوَ إطْلَاقُهَا مِنْ الْوَثَاقِ فِيمَا هُوَ فِي أَنْتِ بَرِيَّةٌ. قُلْنَا هُوَ كَثِيرٌ كَكَوْنِهَا بَرِيَّةً مِنْ الْفُجُورِ، أَوْ الْخَيْرِ، أَوْ غَيْرِهِمَا، قَالَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ. (وَ) تَلْزَمُ (الثَّلَاثُ فِي) قَوْلِهِ لَهَا أَحَدَ أَلْفَاظٍ خَمْسَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ (بَتَّةٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً لِأَنَّ الْبَتَّ هُوَ الْقَطْعُ، فَقَدْ قَطَعَ الْعِصْمَةَ وَلَمْ يُبْقِ شَيْئًا مِنْهَا بِيَدِهِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ الْأَقَلِّ وَلَوْ لَمْ يَبْنِ بِهَا. (وَ) كَذَا (حَبْلُك) أَيْ عِصْمَتُك (عَلَى غَارِبِك) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ كَتِفِك فَلَمْ يَبْقَ شَيْئًا مِنْهَا بِيَدِهِ (أَوْ) قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (وَاحِدَةً بَائِنَةً) فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ نَظَرًا لِلَفْظِ بَائِنَةٍ وَإِلْغَاءً لِوَاحِدَةٍ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ أَوْ تَقْدِيرُ وَاحِدَةٍ صِفَةً لِمَرَّةٍ أَيْ دَفْعَةٍ لَا لِطَلْقَةٍ (أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 77 أَوْ نَوَاهَا: بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك، أَوْ اُدْخُلِي وَالثَّلَاثُ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَوَهَبْتُك وَرَدَدْتُك   [منح الجليل] نَوَاهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ الْبَائِنَةَ (بِ) قَوْلِهِ (خَلَّيْت) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَرَّغْت (سَبِيلَك) أَيْ طَرِيقَك فَاذْهَبِي حَيْثُ شِئْت فَلَا مِلْكَ لِي عَلَيْك (أَوْ) نَوَاهَا بِقَوْلِهِ (اُدْخُلِي) وَنَحْوِهِ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ. غ لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ سَوَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ. أَمَّا بَتَّةٌ فَثَلَاثٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا حَبْلُك عَلَى غَارِبِك فَفِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ هِيَ ثَلَاثٌ وَلَا يَنْوِي لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ وَقَدْ أَبْقَى مِنْ الطَّلَاقِ شَيْئًا. اللَّخْمِيُّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَنْوِي قَبْلُ وَلَا بَعْدُ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَنْوِي قَبْلُ وَإِمَّا وَاحِدَةً بَائِنَةً وَادْخُلِي فَفِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ مِنْهَا وَإِنْ قَالَ لَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ، أَوْ قَالَ لَهَا الْحَقِي بِأَهْلِك أَوْ اسْتَتِرِي أَوْ اُدْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي يُرِيدُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ، فَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ سَكَتَ عَنْ هَذَا الْقَيْدَ لِوُضُوحِهِ وَقَدْ بَانَ لَك أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَوَاهَا عَائِدٌ عَلَى وَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى لَفْظِ اُدْخُلِي دُونَ مَا مَعَهُ فِيهَا لِأَنَّهُ أَخْفَاهَا فَهِيَ أَحْرَى، وَكَذَلِكَ أَلْحَقَ، بِهَا خَلَّيْت سَبِيلَك إذَا نَوَى بِهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ ذَلِكَ فَسَيَقُولُ فِيهِ وَثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا فِي خَلَّيْت سَبِيلَك، هَذَا أَمْثَلُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عب، وَهَذِهِ الثَّلَاثُ مَسَائِلُ يَلْزَمُ فِيهَا ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ كَمَا يُفِيدُهُ سَالِمٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَ) تَلْزَمُ (الثَّلَاثُ) فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الْمُطَلِّقُ (أَقَلَّ) مِنْهَا كَوَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ (كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ وَلَوْ نَوَى بِهَا أَقَلَّ مِنْهَا وَوَاوُ وَالدَّمِ بِمَعْنَى أَوْ (وَ) تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي قَوْلِهِ (وَهَبْتُك) نَفْسَك أَوْ عِصْمَتَك أَوْ لِأَبِيك أَوْ لِأَهْلِك (أَوْ رَدَدْتُك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 78 لِأَهْلِك، أَوْ أَنْتِ، أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِي: حَرَامٌ، أَوْ خَلِيَّةٌ، أَوْ بَائِنَةٌ، أَوْ أَنَا   [منح الجليل] لِأَهْلِك وَ) قَوْلُهُ (أَنْتِ حَرَامٌ) قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَمِثْلُهُ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْك (أَوْ مَا انْقَلَبَ) أَيْ رَجَعَ (إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ) أَيْ زَوْجَةٍ بَيَانٌ لِمَا (حَرَامٌ) خَبَرُ مَا. " غ الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَأَمَّا أَنْتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَقَالَ فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمَلُّكِ هِيَ ثَلَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهَا الطَّلَاقَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً نَوَى. وَأَمَّا وَهَبْتُك وَرَدَدْتُك لِأَهْلِك وَخَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ وَبَائِنٌ قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ فَصَرَّحَ فِيهَا فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بِمِثْلِ مَا هُنَا. اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَمَّا أَنْتِ حَرَامٌ فَكَذَلِكَ قَالَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي. وَأَمَّا مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ، أَوْ قَالَ مَا انْقَلَبَ إلَيْهِ حَرَامٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَهْلَ فَهُوَ طَلَاقٌ فَإِنْ قَالَ حَاشَيْت الزَّوْجَةَ فَلَا يُصَدَّقُ إذَا سَمَّى الْأَهْلَ وَيُصَدَّقُ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْأَهْلَ. (أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتِ (خَلِيَّةٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ، أَوْ بَرِيَّةٌ كَذَلِكَ، أَوْ أَنَا خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ مِنْك (أَوْ) أَنْتِ (بَائِنَةٌ) قَالَ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ (أَوْ أَنَا) خَلِيٌّ أَوْ بَرِيٌّ أَوْ بَائِنٌ مِنْك تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ بِكُلِّ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا أَقَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. الْقَرَافِيُّ نَحْوُ " خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ وَحَبْلُك عَلَى غَارِبِك وَرَدَدْتُك الْحُكْمُ فِيهَا بِمَا سَبَقَ لِعُرْفٍ كَانَ وَتُنُوسِيَ، فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِهِ إلَّا لِمَنْ عَرَفَهُ لِصَيْرُورَتِهَا مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فَلَا تَجِدُ أَحَدًا يُطَلِّقُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُقْرِي وَابْنُ رَاشِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ، وَاعْتَبَرُوهُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ أَيْضًا، وَقَالُوا لَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى يَعْلَمَ عُرْفَ الْبَلَدِ فِيهِ، وَكَذَا جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْعَوَائِدِ وَالْعُرْفِ كَالنُّقُودِ وَالسِّكَكِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْمَنَافِعِ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَالْوَصَايَا وَالنُّذُورِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 79 وَحَلَفَ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ، وَدُيِّنَ فِي نَفْيِهِ إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ وَثَلَاثٌ فِي: لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك، أَوْ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ، إلَّا لِفِدَاءٍ، وَثَلَاثٌ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُطْلَقًا فِي خَلَّيْتُ سَبِيلَك   [منح الجليل] وَ) إنْ طَلَّقَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ وَقَالَ نَوَيْت بِهَا وَاحِدَةً وَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا الثَّلَاثَ (عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ) أَيْ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِمَهْرٍ أَقَلُّهُ رُبُعُ دِينَارٍ وَوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ مُكِّنَ مِنْهُ، وَإِنْ نَكَلَ مُنِعَ مِنْهُ وَلَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ إرَادَةِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَبْلَهَا إذْ لَعَلَّهُ لَا يَتَزَوَّجُهَا (وَدُيِّنَ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ أَيْ وُكِّلَ الزَّوْجُ إلَى دِينِهِ وَصُدِّقَ (فِي نَفْيِ) أَرَادَتْ (هـ) أَيْ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى هُنَا بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى (إنْ دَلَّ بِسَاطٌ عَلَيْهِ) أَيْ نَفْيِهِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ فِي حُسْنِ رَائِحَتِهَا وَعَدَمِهِ وَنَظَافَتِهَا وَعَدَمِهَا، أَوْ فِي اشْتِمَالِهَا عَلَى صِفَةٍ وَعَدَمِهِ، أَوْ فِي كَوْنِهَا مُتَّهَمَةً بِأَمْرٍ وَعَدَمِهِ، أَوْ فِي كَوْنِهَا مُتَّصِلَةً بِهِ وَعَدَمِهِ فَيَقُولُ لَهَا مَا ذُكِرَ وَيَقُولُ أَرَدْت بِقَوْلِي كَالْمَيْتَةِ فِي النَّتْنِ وَخُبْثِ الرَّائِحَةِ، وَبِقَوْلِي كَالدَّمِ فِي الْقَذَارَةِ، وَبِقَوْلِي كَالْخِنْزِيرِ فِي الِاتِّسَاخِ، وَبِقَوْلِي خَلِيَّةٌ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ وَبَرِيَّةٌ أَيْ مِنْ التُّهْمَةِ، وَبَائِنٌ أَيْ بَيْنِي وَبَيْنَك فُرْجَةٌ فَيُصَدَّقُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. أَحْمَدُ بَابَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي خَلِيَّةٍ وَبَائِنَةٍ وَبَرِيَّةٍ وَانْظُرْ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْبَاقِي. (وَ) تَلْزَمُ (ثَلَاثٌ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا (فِي لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك أَوْ اشْتَرَتْهَا) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعِصْمَةَ (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ فَتَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا (إلَّا لِفِدَاءٍ) أَيْ خُلْعٍ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الثَّلَاثَ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا عِصْمَةَ لِي عَلَيْك، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ بِلَصْقِهِ لَا لِقَوْلِهِ أَوْ اشْتَرَتْهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ عَيْنُهُ. (وَ) تَلْزَمُهُ (ثَلَاثٌ) فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ) مِنْهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالدُّخُولِ، أَوْ عَدَمِهِ (فِي) قَوْلِهِ (خَلَّيْت) بِشَدِّ اللَّامِ (سَبِيلَك) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 وَوَاحِدَةٌ فِي: فَارَقْتُك وَنَوَى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي، اذْهَبِي، وَانْصَرِفِي، أَوْ لَمْ أَتَزَوَّجْك، أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَلَكَ امْرَأَةٌ، فَقَالَ: لَا،   [منح الجليل] وَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَمُ نِيَّةِ عَدَدٍ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِيهِمَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا، إذْ مَوْضُوعُ مَا تَقَدَّمَ نِيَّةُ الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ بِخَلَّيْتُ سَبِيلَك، وَمَوْضُوعُ مَا هُنَا نِيَّةُ الطَّلَاقِ بِهِ لَا الْوَاحِدَةِ الْبَائِنَةِ. (وَ) تَلْزَمُ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ فِي) قَوْلِهِ (فَارَقْتُك) دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَبَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْهَا. وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاحِدَةٌ فِي الَّتِي لَمْ يَبْنِ بِهَا، وَثَلَاثٌ فِي الَّتِي بَنَى بِهَا، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا لَزِمَهُ ثَلَاثٌ (وَنُوِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ تُقْبَلُ نِيَّةُ الزَّوْجِ (فِي) إرَادَةِ الطَّلَاقِ وَإِرَادَةِ عَدَمِ (هـ وَ) إنْ نَوَاهُ نَوَى (فِي عَدَدِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، وَصِلَةُ نُوِّيَ (فِي) قَوْلِهِ (اذْهَبِي وَانْصَرِفِي أَوْ) قَوْلُهُ (لَمْ أَتَزَوَّجْك أَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (رَجُلٌ أَلَكَ امْرَأَةٌ) أَيْ زَوْجَةٌ (فَقَالَ) الزَّوْجُ (لَا) وَيَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ وَلَمْ أُرِدْ عَدَدَهُ فَقَالَ أَصْبَغُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِوَاحِدَةٍ إلَى أَنْ مَاتَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بَائِنَةٌ فِي غَيْرِهَا، وَنَصُّهُ وَالْخَفِيَّةُ أَلْفَاظُ الشَّيْخِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ اذْهَبِي لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، أَوْ لَا تَحِلِّينَ لِي، أَوْ احْتَالِي لِنَفْسِك، أَوْ أَنْتِ سَائِبَةٌ، أَوْ اُخْرُجِي، أَوْ انْتَقِلِي عَنِّي وَشَبَهُ ذَلِكَ كُلِّهِ لَا شَيْءَ فِيهِ بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقَيْنِ فَهُوَ مَا نَوَى. أَصْبَغُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ ثَلَاثٌ حَتَّى يَنْوِيَ أَقَلَّ. قُلْت فِي قَبُولِهِمَا إيَّاهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَى الثَّلَاثِ بِذَاتِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ لِنِيَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ إلَّا بِنِيَّتِهِ فَهِيَ كَاللَّفْظِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ بِنَفْسِهِ عَدَدًا. اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ أَصْبَغَ قَالَ أَلْفَاظُ الطَّلَاقِ يَلْزَمُ بِهَا الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ، فَقَوْلُهُ هُنَا جَارٍ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ مُعْتَقَةٌ، أَوْ الْحَقِي بِأَهْلِك، أَوْ لَسْتِ لِي بِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ يُعَلِّقَ فِي الْأَخِيرِ وَإِنْ قَالَ: لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك، أَوْ لَا مِلْكَ عَلَيْك، أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عِتَابًا، وَإِلَّا فَبَتَاتٌ   [منح الجليل] أَوْ) قَوْلُهُ (أَنْتِ حُرَّةٌ) وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَيُنَوَّى فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ عَلَى مَا فِي الثَّمَانِيَةِ وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ طَلَاقًا عَلَى مَا لِابْنِ شِهَابٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ (وَ) كَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتِ (مُعْتَقَةٌ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ (أَوْ) قَوْلُهُ (الْحَقِي) بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَوْ بِفَتْحِ هَمْزَةِ الْقَطْعِ وَالتَّعْدِيَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ نَفْسَك (بِأَهْلٍ أَوْ) قَوْلُهُ (لَسْتِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ التَّاءِ أَصْلُهُ لَيْسَ فَلَمَّا سَكَّنَ آخِرَهُ لِاتِّصَالِهِ بِتَاءِ الْفَاعِلِ حُذِفَتْ الْيَاءُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (لِي بِامْرَأَةٍ) أَيْ زَوْجَةٍ فَيَنْوِي فِيهِ وَفِي عَدَدِهِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُعَلِّقَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً الزَّوْجُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ (فِي) الْقَوْلِ (الْأَخِيرِ) أَيْ لَسْت لِي بِامْرَأَةٍ بِأَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ تَفْعَلِي، كَذَا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَسْت لِي بِامْرَأَةٍ أَوْ مَا أَنْتِ بِامْرَأَةٍ وَيَحْنَثُ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ تَرْكِهِ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ إنْ كَانَ نَوَى الطَّلَاقَ، وَإِنْ كَانَ نَوَى غَيْرَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ لُزُومَ الثَّلَاثِ وَابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ لُزُومِ شَيْءٍ. (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ (لَا نِكَاحَ) أَيْ زَوْجِيَّةَ (بَيْنِي وَبَيْنَك) بِكَسْرِ الْكَافِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (إنْ كَانَ) أَيْ قَوْلُهُ لَا نِكَاحَ إلَخْ (عِتَابًا) أَيْ مُعَاتَبَةً وَتَوْبِيخًا وَلَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ (وَإِلَّا) إي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِتَابًا بِأَنْ قَالَهُ لَهَا ابْتِدَاءً قَاصِدًا بِهِ الطَّلَاقَ (فَبَتَاتٌ) فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 وَهَلْ تُحَرَّمُ. بِوَجْهِي مِنْ وَجْهِكِ حَرَامٌ، أَوْ عَلَيَّ وَجْهُك حَرَامٌ أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ، أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ   [منح الجليل] (وَهَلْ تَحْرُمُ) الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ (بِ) قَوْلِهِ لَهَا (وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ) وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولَ بِهَا وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَهُوَ الرَّاجِحُ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مُسْتَفْتِيًا نَصَّ فِي أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فِي عَدَدِهِ فِي الْفَتْوَى كَنَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِظَاهِرِهَا وَغَيْرِهَا. اهـ. وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَوْلُهُ وَجْهِي (عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ) فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا لَوْ شَدَّدَ يَاءَ عَلَيَّ فَمُطْلَقُ جُزْءٍ بِلَفْظٍ حَرَامٍ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، وَيَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. (أَوْ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ) فَهَلْ تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِمَّا يَعِيشُ فِيهِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي لَفْظِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَتَلْزَمَهُ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا فِي يَمِينِهِ قَوْلَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَحَذْفُهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ، " غ " أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ التَّخْيِيرِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَهُوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَلَاثٌ لَا يَنْوِي فِي أَقَلَّ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مُسْتَفْتِيًا. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّهُ يَنْوِي بَعْدَ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا كَنَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ خِلَافَ ظَاهِرِهَا وَغَيْرِهَا، وَلَكِنَّ قَوْلَهُ اتِّفَاقًا قُصُورٌ لِنَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَذَهَبَ فِي ذَلِكَ إلَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي قَوْلِهِمْ عَيْنِي مِنْ عَيْنِك حَرَامٌ، وَوَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ، يُرِيدُونَ بِهِ الْبَعْضَ وَالْمُبَاعَدَةَ فَاللَّائِقُ الْجَزْمُ بِمَا حَكَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، إذْ هُوَ أَدُلُّ دَلِيلٍ عَلَى شُذُوذِ مُقَابِلِهِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ وَجْهِي عَلَى وَجْهِك حَرَامٌ كَانَ طَلَاقًا، وَقَبِلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَزَعَمَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ اللَّخْمِيَّ نَصَّ فِيهِ عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 كَقَوْلِهِ لَهَا. يَا حَرَامُ، أَوْ الْحَلَالُ حَرَامٌ، أَوْ حَرَامٌ، أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ، أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا   [منح الجليل] بَعْدَ أَنْ أَشَارَ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ بِاللُّزُومِ، فَادَّعَى الْخِلَافَ فِيهِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ هُنَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ وَهْمٌ فَقِفْ عَلَى نُصُوصِ مَنْ ذَكَرْنَا يَتَّضِحْ لَك مَا قَرَّرْنَا، فَالْوَاجِبُ الْقَطْعُ هُنَا بِاللُّزُومِ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَالْقَوْلَانِ فِيهِ مَعْرُوفَانِ اللَّخْمِيُّ. مُحَمَّدٌ فِيمَنْ قَالَ مَا أَعِيشُ فِيهِ حَرَامٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَيْشِ فَلَمْ تَدْخُلْ فِي اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا فَيَلْزَمَهُ. عَبْدُ الْحَقِّ أَعْرِفُ فِيهِ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَأَظُنُّهُ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجِ (يَا حَرَامُ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَبُو عِمْرَانَ وَلَا نَصَّ لِغَيْرِهِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ طَلَاقًا كَأَنْتِ سُحْتٌ. " غ " يُرِيدُ إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يُرِيدُونَ الطَّلَاقَ وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ وَسُحْتٌ وَكَقَوْلِهِ لِمَا لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ (أَوْ) قَوْلِهِ (الْحَلَالُ حَرَامٌ) وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ (أَوْ) قَوْلِهِ (حَرَامٌ عَلَيَّ) وَلَمْ يَقُلْ أَنْتِ " غ ". اللَّخْمِيُّ لَوْ قَالَ الْحَلَالُ حَرَامُ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَمْ يَقُلْ أَنْتَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ. (أَوْ) قَوْلُهُ (جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ وَلَمْ يُرِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يَنْوِ الزَّوْجُ (إدْخَالَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ بِأَنْ نَوَى إخْرَاجَهَا أَوْ لَمْ يَنْوِ إدْخَالَهَا وَلَا إخْرَاجَهَا فَ (لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَبِهِ أَفْتَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَهَذِهِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُحَاشَاةِ وَهِيَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ إخْرَاجِهَا أَوَّلًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً لَهُ لَمْ تَدْخُلْ إلَّا بِنِيَّةِ إدْخَالِهَا فِي قَوْلِهِ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ بِخِلَافِ " الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنَّهُ شَامِلٌ لَهَا، فَاحْتِيجَ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ إدْخَالَهَا خَاصٌّ بِقَوْلِهِ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ قَالَهُ " د " وَجَدُّ عج، وَجَعَلَهُ غَيْرُهُمَا رَاجِعًا لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ " غ " الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 ؟ قَوْلَانِ وَإِنْ قَالَ سَائِبَةً مِنِّي، أَوْ عَتِيقَةٌ، أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ. حَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ، فَإِنْ نَكَلَ نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ   [منح الجليل] الْمُتَيْطِيِّ كَتَبَ مِنْ إشْبِيلِيَّةَ إلَى الْقَيْرَوَانِ فِي رَجُلٍ قَالَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ حَرَامٌ عَلَيَّ هَلْ هُوَ كَالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِي التَّحْرِيمِ إلَّا أَنْ يُحَاشِيَهَا أَوْ لَا تَدْخُلُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا عِنْدَنَا وَلَمْ تُوجَدْ رِوَايَةٌ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُهُ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ، لَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُدْخِلَهَا بِنِيَّةٍ أَوْ قَوْلٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي قَالَ الْأَمْلَاكُ عَلَيَّ حَرَامٌ لَا تَدْخُلُ الزَّوْجَةُ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ نَوَى عُمُومَ الْأَشْيَاءِ دَخَلَتْ الزَّوْجَةُ فِيهَا كَالْقَائِلِ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ: الزَّوْجَةُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ، وَإِنَّمَا الْأَمْلَاكُ الْأَمْوَالُ وَالْإِمَاءُ مِنْ الْأَمْوَالِ، فَإِذَا قَالَ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قَالَ الْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ سَرَى التَّحْرِيمُ إلَى الزَّوْجَاتِ إذَا لَمْ يَعْزِلْهُنَّ بِنِيَّتِهِ. وَأَمَّا الَّذِي لَفَظَ بِتَحْرِيمِ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ فَلَا تَدْخُلُ الزَّوْجَاتُ فِي يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُنَّ فَاسْتَغْنَى عَنْ اسْتِثْنَائِهِنَّ (قَوْلَانِ) رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلَ الْكَافِ. (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ (سَائِبَةٌ مِنِّي أَوْ) قَالَ أَنْتِ (عَتِيقَةٌ) مِنِّي (أَوْ) قَالَ (لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ) وَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْهَا طَلَاقًا (حَلَفَ) الزَّوْجُ (عَلَى نَفْيِ) أَرَادَتْ (هـ) بِإِحْدَى هَذِهِ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (فَإِنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِهِ (نُوِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ قُبِلَتْ نِيَّتُهُ (فِي عَدَدِهِ) مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ. طفى هَذَا الْكَلَامُ نَقَلَهُ عَنْهَا وَهِيَ إنَّمَا ذَكَرْته عَنْ ابْنِ شِهَابٍ فَلَيْسَ هُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فَلِذَا خَالَفَ أَصْلَ مَذْهَبِهِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لِتَنْوِيَتِهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَنُكُولِهِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثَّلَاثَةَ فِي الْكِنَايَةِ مَعَ أَلْفَاظٍ أُخَرَ عَنْ الْأَخَوَيْنِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا بَنَى أَوْ لَمْ يَبْنِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ طَلَاقًا فَهُوَ مَا نَوَى. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَنَوَى الطَّلَاقَ فَهِيَ الثَّلَاثُ حَتَّى يَنْوِيَ أَقَلَّ وَلَمْ يَذْكُرْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 وَعُوقِبَ وَلَا يُنَوِّي فِي الْعَدَدِ إنْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ بَائِنٌ، أَوْ بَرِيَّةٌ، أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَتَّةٌ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك   [منح الجليل] يَمِينًا وَلَا نُكُولًا، وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا بِيَسِيرٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا وَيُدَيَّنُ. وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ بِحَالٍ مَعَ اعْتِنَائِهِ بِالنَّقْلِ عَنْهَا، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِهِ لَيْسَ قَوْلَ مَالِكٍ، وَنَصُّهَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَإِنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ سَائِبَةٌ أَوْ مِنِّي عَتِيقَةٌ أَوْ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ، فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا وَيُدَيَّنُ، فَإِنْ نَكَلَ وَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ طَلَاقًا كَانَ مَا أَرَادَ مِنْ الطَّلَاقِ، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيُنَكَّلُ مَنْ قَالَ هَذَا عُقُوبَةً مُوجِعَةً لِأَنَّهُ لَبَسَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ (وَعُوقِبَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ سَائِبَةٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يَعُدُّهُ عُقُوبَةً مُوجِعَةً لِتَلْبِيسِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ. (وَلَا يُنَوَّى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ (فِي الْعَدَدِ) لِلطَّلَاقِ (إنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (قَصْدَ) أَيْ نِيَّةَ (الطَّلَاقِ) فَتَلْزَمُ الثَّلَاثُ (بَعْدَ قَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ بَائِنَةٌ أَوْ) قَوْلِهِ أَنْتِ (بَرِيَّةٌ أَوْ) أَنْتِ (خَلِيَّةٌ أَوْ) أَنْتِ (بَتَّةٌ) حَالَ كَوْنِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ (جَوَابًا لِقَوْلِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ لَهُ (أَوَدُّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْوَاوِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ أَتَمَنَّى (لَوْ) مَصْدَرِيَّةٌ (فَرَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدِ الرَّاءِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ رَفَعَ الْكَرْبَ (اللَّهُ لِي) أَيْ عَنِّي (مِنْ صُحْبَتِك) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ كَذَلِكَ أَيْ عِشْرَتِك وَزَوْجِيَّتِك لِدَلَالَةِ الْبِسَاطِيِّ عَلَى قَصْدِهِ الطَّلَاقَ وَكَذِبِهِ فِي إنْكَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِقَوْلِهَا أَوَدُّ إلَخْ، وَأَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ بِهِ فَإِنْ تَقَدَّمَ كَلَامٌ دَالٌّ عَلَى عَدَمِ قَصْدِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَإِنْ أَقَرَّ بِقَصْدِ الطَّلَاقِ بِمَا كَانَ جَوَابًا لِذَلِكَ أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ مُطْلَقًا، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ أَقَلَّ مِنْهَا. وَكَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي بَتِّهِ وَيَنْوِي فِي غَيْرِهَا، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. هَذَا وَقَالَ طفى لَيْسَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بَعْدَ إنْكَارِ قَصْدِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 86 وَإِنْ قَصَدَهُ بِ " اسْقِنِي " الْمَاءَ، أَوْ بِكُلِّ كَلَامٍ: لَزِمَ   [منح الجليل] الطَّلَاقِ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ كَمَا قَرَّرَهُ بِهَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ، بَلْ مَعْنَاهَا قَوْلُهَا فِي كِتَابِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، وَإِنْ قَالَتْ أَوَدُّ لَوْ فَرَّجَ اللَّهُ لِي مِنْ صُحْبَتِك فَقَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَاتَّةٌ، أَوْ قَالَ أَنَا مِنْك بَرِيءٌ أَوْ خَلِيٌّ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَاتٌّ، ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ جَوَابُ سُؤَالِهَا. اهـ. فَالْمُصَنِّفُ أَرَادَ تَأْدِيَةَ هَذَا الْمَعْنَى فَقَصَّرَتْ بِهِ الْعِبَارَةُ، فَمَعْنَى قَوْلِهَا لَا يُصَدَّقُ أَيْ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهَا، وَبِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُصَنِّفُ فَهِمَ لَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إحَالَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ الْعَدَدِ لَطَابَقَ نَصَّهَا وَالْمُدَوَّنَةُ مَقْصِدُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ عَدَمِ الطَّلَاقِ. وَأَمَّا مَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ فَأَجْرِهِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهَا وَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِي بَاتَّةٍ الثَّلَاثُ بَنَى أَمْ لَا، وَفِي بَائِنٍ الثَّلَاثُ إنْ بَنَى، وَكَذَا إنْ لَمْ يَبْنِ لِعَدَمِ نِيَّةِ الْأَقَلِّ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُنْكَرٌ وَكَذَا خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْجَمِيعِ عَمَلًا بِمَا تَقَدَّمَ، وَمَفْهُومُ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ هُوَ مَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ مَا أَطَالَ بِهِ الشُّرَّاحُ هُنَا خَبْطٌ وَمِثْلُ مَنْ عَرَفَ الْمُضَارِبَ لَا يُطِيلُ الْهَزَّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ، وَسَلَّمَهُ. أَقُولُ كَلَامُ طفي هَذَا {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39] . وَبِتَحْصِيلِهِ لُزُومَ الثَّلَاثِ فِي الْجَمِيعِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِي الْعَدَدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحِلَّ الْمَسْأَلَةَ إذْ عَدَمُ تَنْوِيَتِهِ فِي الْعَدَدِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ تَنْوِيَتِهِ فِي عَدَمِ قَصْدِ الطَّلَاقِ، فَكَلَامُهُ مُفِيدٌ مَا أَفَادَهُ كَلَامُهَا وَزِيَادَةٌ خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ. (وَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (بِ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (اسْقِنِي الْمَاءَ) خَاطَبَهَا بِصِيغَةِ أَمْرِ الْمُذَكَّرِ لَحْنًا، وَصَوَابُهُ اسْقِينِي بِإِثْبَاتِ يَاءِ الْفَاعِلَةِ أَوْ عَلَى إرَادَةِ الشَّخْصِ أَوْ اسْتِهْزَاءً بِهَا أَوْ تَعْظِيمًا لَهَا أَوْ بِحَذْفِهَا تَخْفِيفًا (أَوْ) قَصَدَهُ (بِكُلِّ كَلَامٍ) كَادْخُلِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ كُلِي أَوْ اشْرَبِي مِمَّا لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ الصَّرِيحِ، وَلَا كِنَايَتِهِ الظَّاهِرَةِ، وَجَوَابُ إنْ قَصَدَهُ (لَزِمَ) الطَّلَاقُ الزَّوْجَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ كَلَامٍ الْكَلَامُ الصَّرِيحُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ كَالظِّهَارِ، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ إذَا نَوَاهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَصَرِيحُهُ يُظْهِرُ مُؤَيَّدَ تَحْرِيمِهَا، وَلَا يَنْصَرِفُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِلطَّلَاقِ إلَخْ، إلَّا الصَّرِيحُ فِي الْعِتْقِ، كَحُرَّةٍ وَمُعْتَقَةٍ. فَيَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بِنَحْوِ اسْقِينِي قَاصِدَهَا بِهِ إلَّا إذَا قَالَ إذَا قُلْت اسْقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا قَالَهُ طَلَقَتْ بِحِنْثِهِ فِي التَّعْلِيقِ لَا بِنَفْسِ لَفْظِ اسْقِينِي، وَهَذَا يُسَمَّى كِنَايَةً خَفِيَّةً عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَقَدْ حَصَرُوا لَفْظَهُ فِي صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَكِنَايَةٍ خَفِيَّةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْكِنَايَةِ لِأَنَّهَا اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِي لَازِمِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ لِلْفُقَهَاءِ وَذَاكَ اصْطِلَاحٌ لِلْبَيَانِيِّينَ وَلَا مُشَاحَةَ فِي الِاصْطِلَاحِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ مَا جَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَسِيمًا لِمُطَلِّقِهَا نَحْوُ اسْقِينِي وَكُلِي وَاشْرَبِي، وَقَوْلُ عِتْقِهَا اُدْخُلِي الدَّارَ الْمَشْهُورُ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ مُطْلَقًا أَوْ عَدَدًا لَزِمَهُ مَنْوِيُّهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قُلْتُ اُدْخُلِي الدَّارَ يُرِيدُ أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَمَا أَقُولُ لَا بِنَفْسِ اللَّفْظِ، وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ إلَّا أَصْحَابُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِأَشْهَبَ خِلَافًا. وَكَذَا الْبَاجِيَّ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، قَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا هَذَا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إنَّمَا يَقَعُ بِاللَّفْظِ الْمُقَارِنِ لَهَا لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ وُجِدَتْ مِنْهُ النِّيَّةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي لُزُومِ الطَّلَاقِ بِإِرَادَتِهِ مِنْ لَفْظٍ لَا يَحْتَمِلُهُ. ثَالِثُهَا إنْ قَصَدَ تَعْلِيقَهُ عَلَى النُّطْقِ بِهِ لِلْمَشْهُورِ وَمُطَرِّفٌ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ قَالَ تَقَنَّعِي أَوْ اسْتَتِرِي يُرِيدُ يه الطَّلَاقَ فَهُوَ طَلَاقٌ وَإِلَّا فَلَا، وَفِيهَا لَهُ كُلُّ كَلَامٍ يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ كَمَا نَوَى. قُلْت ظَاهِرُهَا مَعَ سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ نِيَّةَ الطَّلَاقِ بِمَا لَيْسَ مِنْ لَفْظِهِ بِحَالٍ، إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا يَلْزَمُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ لَا الثَّلَاثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 88 لَا إنْ قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ فَلَفَظَ بِهَذَا غَلَطًا، أَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ الثَّلَاثَ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ، وَسُفِّهَ قَائِلٌ:   [منح الجليل] لَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (إنْ قَصَدَ) الزَّوْجُ (التَّلَفُّظَ) أَيْ النُّطْقَ وَالتَّكَلُّمَ (بِ) لَفْظِ (الطَّلَاقِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ (فَلَفَظَ) أَيْ نَطَقَ الزَّوْجُ وَتَكَلَّمَ (بِهَذَا) اسْقِينِي مَثَلًا (غَلَطًا) أَيْ ذَا غَلَطٍ أَوْ غَالِطًا بِأَنْ سَبَقَهُ لِسَانُهُ إلَى مَا تَكَلَّمَ بِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ التَّطْلِيقَ (أَوْ أَرَادَ) الزَّوْجُ (أَنْ يُنَجِّزَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ زَايٌ، أَيْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ بِأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (فَقَالَ) لِلزَّوْجِ (أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ) الزَّوْجُ عَنْ قَوْلِهِ بِالثَّلَاثِ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ مَعَ اسْتِحْضَارِهِ نَادِمًا عَلَى نِيَّتِهِ وَرَاجِعًا عَنْهَا أَوْ سَاهِيًا عَنْهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الثَّلَاثَ فَتَلْزَمُهُ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُنَجِّزَ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَلْزَمُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ تُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ عَلَى دُخُولِ دَارٍ مَثَلًا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. عج أَيْ فِي الْفَتْوَى. عب اُنْظُرْ هَلْ مَعْنَى لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيقُ الثَّلَاثِ وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِنُطْقِهِ أَوْ مَعْنَاهُ لَا تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ. الْبُنَانِيُّ لَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ كَمَا ذَكَرَهُ، بَلْ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّقَ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَسَكَتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهُوَ قَدْ نَطَقَ بِقَوْلِهِ ثَلَاثًا، فَقَوْلُهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَسَقَطَ تَرَدُّدُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الَّذِي سَمِعْت وَاسْتَحْسَنْت أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، فَقَالَ أَخْزَاك اللَّهُ، أَوْ لَعَنَك اللَّهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ الْمُذَاكِرِينَ مَنْ أَجْرَاهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ، وَأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاهُ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَعْقِدْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ بِنِيَّتِهِ بَلْ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ بِلَفْظِهِ. (وَسُفِّهَ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ نُسِبَ لِلسَّفَهِ زَوْجٌ (قَائِلٌ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 89 يَا أُمِّي، وَيَا أُخْتِي وَلَزِمَ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ   [منح الجليل] لِزَوْجَتِهِ (يَا أُمِّي وَيَا أُخْتِي) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَمِثْلُهُ يَا بُنَيَّتِي أَوْ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَوْلُهُ يَا أُمَّهُ أَوْ يَا أُخَيَّتَهُ أَوْ يَا عَمَّتَهُ أَوْ يَا خَالَتَهُ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ السَّفَهِ. قُلْت كَوْنُهُ مِنْهُ دَلِيلُ حُرْمَتِهِ أَوْ كَرَاهَتِهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخَيَّةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَأُخْتُك هِيَ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ» ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي زَوْجَتِهِ سَارَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنَّهَا أُخْتِي لِأَنَّهُ قَالَهُ لِضَرُورَةٍ دَعَتْهُ إلَيْهِ، وَأَرَادَ أُخْتَهُ فِي الدِّينِ، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ إذْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد مُرْسَلٌ لِأَنَّ أَبَا تَمِيمَةَ تَابِعِيٌّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْهُ عَمَّنْ فَوْقَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ. (وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ يُفْهَمَ مِنْهَا التَّطْلِيقُ، بِأَنْ صَاحَبَهَا قَرِينَةٌ يَقْطَعُ مَنْ عَايَنَهَا بِدَلَالَتِهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تُفْهَمْهُ الزَّوْجَةُ مِنْهَا وَلَوْ مِنْ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهِيَ كَاللَّفْظِ الصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِافْتِقَارِ لِنِيَّةٍ، وَهَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّخْصِيصِ لِقَوْلِهِ وَلَفْظٌ وَغَيْرُ الْمُفْهِمَةِ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ وَلَوْ قَصَدَهُ لِأَنَّهَا فِعْلٌ إلَّا لِعُرْفٍ جَارٍ بِالتَّطْلِيقِ بِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَا عُلِمَ مِنْ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ قَذْفٍ لَزِمَهُ حُكْمُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ. وَرَوَى الْبَاجِيَّ إشَارَةُ الْمُتَكَلِّمِ بِالطَّلَاقِ بِرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ كَلَفْظِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا} [آل عمران: 41] قُلْت إنْ قُلْت يَحْسُنُ هَذَا دَلِيلًا لِلْأَخْرَسِ لِأَنَّهُ آيَةٌ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَكَانَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْكَلَامِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَقِيَاسُ السَّلِيمِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ. ابْنُ شَاسٍ الْإِشَارَةُ الْمُفْهِمَةُ بِالطَّلَاقِ هِيَ مِنْ الْأَخْرَسِ كَالصَّرِيحِ، وَمِنْ الْقَادِرِ كَالْكِنَايَةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا دَلَالَةَ لَهُ مِنْ ذَاتِهِ إلَّا مَا يَنْضَمُّ إلَيْهِ مِنْ الْقَرَائِنِ. فَإِنْ أَفَادَتْ الْقَطْعَ كَانَتْ كَالصَّرِيحِ كَانَتْ مِنْ أَخْرَسَ، أَوْ قَادِرٍ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْكِنَايَةِ مِنْهُمَا. قُلْت ظَاهِرُ نَقْلِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُمَا مِنْهُمَا سَوَاءٌ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 90 وَبِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ بِهِ مَعَ رَسُولٍ وَبِالْكِتَابَةِ عَازِمًا، أَوْ لَا إنْ وَصَلَ لَهَا،   [منح الجليل] وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُرَدُّ بِأَنَّ دَلَالَةَ الْقَرَائِنِ مَعَ الْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ لَا يُزَاحِمُهَا إمْكَانُ مَا هُوَ أَدَلُّ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا، وَهُوَ النُّطْقُ بِحَالٍ، فَكَانَتْ كَالصَّرِيحِ، وَدَلَالَةُ الْقَرَائِنِ مَعَ الْإِشَارَةِ مِنْ الْقَادِرِ يُزَاحِمُهَا إمْكَانُ مَا هُوَ أَدَلُّ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ نَوْعِهَا وَهُوَ النُّطْقُ فَلَمْ تَكُنْ فِي حَقِّهِ كَالصَّرِيحِ. (وَ) لَزِمَ الطَّلَاقُ وَوَقَعَ (بِمُجَرَّدِ إرْسَالِهِ بِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ (مَعَ رَسُولٍ) بِأَنْ قَالَ لَهُ أَخْبِرْهَا بِأَنِّي طَلَّقْتهَا وَنَحْوَهُ فَلَزِمَ الطَّلَاقُ حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ لِلرَّسُولِ سَوَاءٌ أَخْبَرَهَا الرَّسُولُ أَوْ لَمْ يُخْبِرْهَا، وَإِضَافَةُ مُجَرَّدٍ مِنْ إضَافَةٍ مَا كَانَ صِفَةً، وَالْأَصْلُ بِإِرْسَالِهِ الْمُجَرَّدَ عَنْ التَّبْلِيغِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَخْبِرْ زَوْجَتِي بِطَلَاقِهَا، أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهَا رَسُولًا بِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ حِينَ قَوْلِهِ ذَلِكَ بَلَّغَهَا الرَّسُولُ أَوْ كَتَمَهَا. (وَ) لَزِمَ الطَّلَاقُ وَوَقَعَ (بِالْكِتَابَةِ) لِصِيغَتِهِ مِنْ الزَّوْجِ حَالَ كَوْنِهِ (عَازِمًا) أَيْ نَاوِيًا الطَّلَاقَ بِكِتَابَةِ صِيغَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظِهِ بِهَا لِأَنَّ الْقَلَمَ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ فَنُزِّلَتْ الْكِتَابَةُ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ (أَوْ) كَتَبَهُ (لَا) أَيْ غَيْرَ عَازِمٍ وَبَعَثَهُ إلَيْهَا كَذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ (إنْ وَصَلَ) الْكِتَابُ لِلزَّوْجَةِ، فَإِنْ لَمْ يَصِلْ فَلَا يَلْزَمُهُ. ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكْتُبَهُ مُجْمِعًا عَلَيْهِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَخِيرَ فِيهِ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُنْفِذَهُ أَنْفَذَهُ. وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يُنْفِذَهُ لَمْ يُنْفِذْهُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ، فَأَمَّا إذَا كَتَبَهُ مُجْمِعًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. وَأَمَّا إذَا كَتَبَهُ مُسْتَخِيرًا فِي إنْفَاذِهِ فَذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ. قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ وَكِتَابُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيَحْلِفُ عَلَى نِيَّتِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ عَازِمًا عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَجَبَ عَلَيْهِ بِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ وَصَلَهَا أَوْ لَمْ يَصِلْهَا. وَاخْتُلِفَ إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ عَلَى رَدِّهِ إنْ بَدَا لَهُ فَقِيلَ إنَّ خُرُوجَهُ مِنْهَا كَالْإِشْهَادِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ، وَهِيَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 91 وَفِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ: خِلَافٌ وَإِنْ كَرَّرَ الطَّلَاقَ   [منح الجليل] رِوَايَةُ أَشْهَبَ. وَقِيلَ لَهُ رَدُّهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ كَتَبَ إلَيْهَا، فَإِذَا وَصَلَهَا طَلَقَتْ مَكَانَهَا وَأُجْبِرَ عَلَى رَجْعَتِهَا إنْ كَانَتْ حَائِضًا، وَإِنْ كَتَبَ إذَا وَصَلَك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَرْسَلَهُ إلَيْهَا تَخَرَّجَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ كَكَتْبِهِ إنْ وَصَلَك كِتَابِي هَذَا. وَالثَّانِي: وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ مَكَانَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إذَا بَلَغْت مَعِي مَوْضِعَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ حَسْبَمَا فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَسَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْهُ. اهـ. فَفَرَّقَ بَيْنَ إنْ وَإِذَا لِأَنَّ إنْ صَرِيحَةٌ فِي الشَّرْطِ، وَإِذَا مُحْتَمِلَةٌ لَهُ وَلِمُجَرَّدِ الظَّرْفِيَّةِ، فَمَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِهَا الْآنَ حَمَلَهَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ فَقَطْ، فَكَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى زَمَانٍ آتٍ فَيُنَجَّزُ، وَالظَّاهِرُ عَلَى الْمَشْهُورِ عَدَمُ تَنْجِيزِهِ إذْ هِيَ عِنْدَهُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الشَّرْطِ. (وَفِي لُزُومِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ الزَّوْجَ (بِكَلَامِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (النَّفْسِيِّ) بِأَنْ أَجْرَى لَفْظَةَ الطَّلَاقِ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَحْضَرَهَا بِقَلْبِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهَا كَمَا يُجْرِيهَا عَلَى لِسَانِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ، وَالْقَصْدِ لِلتَّطْلِيقِ إذْ لَا يَلْزَمُ بِهَا طَلَاقٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ عَدَمُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إجْمَاعًا، وَكَذَا لَا أَثَرَ لِلْوَسْوَسَةِ وَلَا لِقَوْلِهِ فِي خَاطِرِهِ أَطْلِقْ هَذِهِ وَأَسْتَرِيحُ مِنْ سُوءِ عِشْرَتِهَا مَثَلًا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ، أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْشَأَ الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسَانِيِّ، وَالْقَوْلُ بَعْدَ اللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَنَصَرَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَشَهَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَشَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ حَلَّ الْعِصْمَةَ الَّتِي عُقِدَتْ بِقَوْلٍ وَنِيَّةٍ فَوَجَبَ كَوْنُ حَلِّهَا كَذَلِكَ إنَّمَا يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي التَّكَالِيفِ الْقَلْبِيَّةِ، لَا فِيمَا بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْكَلَامَ النَّفْسِيَّ غَيْرُ النِّيَّةِ فَالتَّطْلِيقُ بِهِ حَلُّ الْعِصْمَةِ بِكَلَامٍ وَنِيَّةٍ فَسَاوَى عَقْدَهَا بِهِمَا وَلِأَنَّ اللُّزُومَ هُنَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذْ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ غَيْرَهُ كَلَامَ النَّفْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَدَمُ لُزُومِهِ بِهِ فِيهِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ (وَإِنْ كَرَّرَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 92 بِعَطْفٍ بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ، فَثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ: كَمَعَ طَلْقَتَيْنِ مُطْلَقًا، وَبِلَا عَطْفٍ: ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا، إنْ نَسَّقَهُ،   [منح الجليل] بِعَطْفٍ) لِبَعْضِ صِيَغِهِ عَلَى بَعْضٍ (بِوَاوٍ أَوْ فَاءٍ أَوْ ثُمَّ) سَوَاءٌ أَعَادَ الْمُبْتَدَأَ مَعَ كُلِّ مَعْطُوفٍ أَمْ لَا (فَ) يَلْزَمُهُ (ثَلَاثٌ) مِنْ الطَّلْقَاتِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ قَبْلَ طَلَاقِهَا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَثَلَاثٌ أَيْضًا إنْ نَسَّقَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا وَإِلَّا فَلَا، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ، وَمَعْنَى النَّسَقِ ذِكْرُ اللَّفْظِ الْمُتَأَخِّرِ عَقِبَ الْمُتَقَدِّمِ بِلَا فَصْلٍ " غ " تَبِعَ فِي هَذَا الشَّرْطِ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ عَرَضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فِي ثُمَّ وَالْوَاوِ ظَاهِرٌ، وَنَصَّ فِيمَنْ بَنَى وَمَنْ لَمْ يَبْنِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا، وَوَجَّهَ فِي التَّوْضِيحِ مَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي ثُمَّ وَالْفَاءِ بِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَبِينُ بِالْوَاحِدَةِ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي التَّرَاخِي، وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُهْلَةَ الْمُسْتَفَادَةَ مِنْهُمَا إنَّمَا هِيَ فِي غَيْرِ الْإِنْشَاءِ كَقَوْلِهِ فِي الْإِخْبَارِ طَلَّقْت فُلَانَةَ ثُمَّ فُلَانَةَ طَلَّقْتهَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْ أَمْرٍ قَدْ وَقَعَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْكَلَامُ إنْشَاءً فَلَا لِاسْتِلْزَامِ الْإِنْشَاءِ الْحَالَ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ هَذَا مَقْصُورٌ عَلَى ثُمَّ دُونَ الْفَاءِ وَالْوَاوِ وَهُوَ التَّحْقِيقُ. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (مَعَ طَلْقَتَيْنِ) فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ كَوْنُهُ دَخَلَ (وَ) إنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا (بِلَا عَطْفٍ) لَزِمَهُ (ثَلَاثٌ فِي) الزَّوْجَةِ (الْمَدْخُولِ بِهَا) وَإِنْ كَرَّرَهُ مَرَّتَيْنِ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ فِيهَا، وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الثَّلَاثِ فَقَالَ (كَغَيْرِهَا) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا (إنْ نَسَّقَهُ) أَيْ وَصَلَ الزَّوْجُ صِيَغَ الطَّلَاقِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَلَا فَصْلَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ فَصَلَ بِأَمْرٍ اضْطِرَارِيٍّ عُطَاسٍ وَسُعَالٍ، وَمَفْهُومُ إنْ نَسَّقَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنَسِّقْهُ فَلَا يَلْزَمْهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا الْأَوَّلَ لِبَيْنُونَتِهَا بِهِ، فَلَا يَجِدُ الثَّانِي مَحَلًّا يَقَعُ فِيهِ، وَالْمُتَأَخِّرُ يَلْزَمُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا مُطْلَقًا، وَفِي غَيْرِهَا مَنْسُوقًا فِي كُلِّ حَالٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93 إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ فِيهِمَا فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ بِمُتَعَدِّدٍ وَلَوْ طَلَّقَ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت؟ فَقَالَ: هِيَ طَالِقٌ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ إخْبَارَهُ، فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ) لِلْأَوَّلِ بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا الْأَوَّلُ (فِيهِمَا) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي الْمُكَرَّرِ بِلَا عَطْفٍ، وَأَمَّا مَعَ الْعَطْفِ فَلَا تَنْفَعُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَنَافِيهِمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَنْفَعُ وَنِيَّةُ التَّأْكِيدِ مَقْبُولَةٌ بِيَمِينٍ فِي الْقَضَاءِ وَبِغَيْرِهَا فِي الْفَتْوَى، وَلَوْ طَالَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَفِي غَيْرِهَا إنْ لَمْ يَطُلْ، وَإِلَّا فَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ قَالَهُ عج. وَقَالَ " د " ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّأْكِيدَ يَنْفَعُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ نَسَقًا أَمْ لَا، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالنَّسَقِ أَيْ وَإِلَّا فَلَا تَنْفَعُهُ لِأَنَّ فَصْلَهُ يَمْنَعُ التَّوْكِيدَ. وَقَيَّدَ قَبُولَ التَّوْكِيدِ بِقَوْلِهِ (فِي غَيْرِ مُعَلَّقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً (بِمُتَعَدِّدٍ) بِأَنْ لَمْ يُعَلِّقْ أَصْلًا أَوْ عَلَّقَ بِمُتَّحِدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ كَلَّمَهُ فَثَلَاثٌ إلَّا لِنِيَّةِ تَأْكِيدٍ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلَتْ كَذَا وَفَعَلَ الْجَمِيعَ فَثَلَاثٌ، وَلَا تُقْبَلُ نِيَّةُ التَّأْكِيدِ لِتَعَدُّدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. (وَلَوْ طَلَّقَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ (فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت) فَأَجَابَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْإِخْبَارَ وَالْإِنْشَاءَ (فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ) وَرُفِعَ لِلْقَاضِي (فَإِنْ لَمْ يَنْوِ) الزَّوْجُ (إخْبَارَهُ) أَيْ الْمُسْتَفْهِمِ وَلَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ آخَرَ (فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ) وَاحِدَةٍ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا أَرَادَ بِهِ إنْشَاءَ طَلَاقٍ آخَرَ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ (أَوْ) لُزُومُ طَلْقَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ) مُحَمَّلًا عَلَى الْإِنْشَاءِ احْتِيَاطًا (قَوْلَانِ) فَهُمَا فِي لُزُومِ ثَانِيَةٍ، فَلَوْ قَالَ فَفِي لُزُومِ ثَانِيَةٍ قَوْلَانِ لَكَفَى، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا تَلْزَمُهُ ثَانِيَةٌ اتِّفَاقًا، كَتَعَيُّنِ جَوَابِهِ لِلْإِخْبَارِ أَوْ مَجِيئِهِ مُسْتَفْتِيًا، وَإِنْ تَمَحَّضَ لِلْإِنْشَاءِ لَزِمَتْهُ ثَانِيَةٌ فِي مَدْخُولٍ بِهَا رَجْعِيَّةٍ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا، فَمَحَلُّهُمَا مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ، الدُّخُولُ وَالرَّجْعِيَّةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 94 وَنِصْفَ طَلْقَةٍ، أَوْ طَلْقَتَيْنِ، أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ   [منح الجليل] وَبَقَاءُ الْعِدَّةِ وَاحْتِمَالُ الْجَوَابِ وَالْقَضَاءُ، وَهُمَا اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ، وَالثَّانِي ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَقِيلَ لَهُ مَا فَعَلْت؟ فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ، وَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت إخْبَارَهُ بِالتَّطْلِيقَةِ الَّتِي طَلَّقْتهَا قَبِلَ قَوْلَهُ الصِّقِلِّيُّ وَيَحْلِفُ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا إنَّمَا يَحْلِفُ إنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهَا طَلْقَةٌ، وَحَيْثُ يَجِبُ حَلِفُهُ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فَإِنْ أَبَى فَلَا رَجْعَةَ لَهُ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي عِدَّتِهَا لِإِقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهَا الثَّالِثَةُ أَوْ يُوقِعَهَا. ابْنُ شَاسٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَفِي لُزُومِ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ قَوْلَا الْمُتَأَخِّرِينَ. قُلْت الْأَوَّلُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَوْ عُلِمَ عَدَمُ نِيَّتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ تَطْلِيقَةٍ لِأَنَّ بِسَاطَ سُؤَالِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا فَعَلَ. وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهَا عَمَلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ طَلَاقًا قُلْتُ فِي حَلِفِهِ فِي هَذِهِ بُعْدٌ ابْنِ مُحْرِزٍ لَوْ أَجَابَ بِطَلَّقْتُهَا لَمْ يَحْلِفْ عِيَاضٌ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إعْلَامَهُ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا فَعَلَ. (وَ) اللَّازِمُ (فِي) قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ (طَلْقَتَيْنِ أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَيْ) مُثَنَّى نِصْفٍ حُذِفَ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ لِ (طَلْقَةٍ أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ (نِصْفَ) بِلَا تَنْوِينٍ لِإِضَافَتِهِ لِطَلْقَةٍ الْآتِي (وَثُلُثَ) بِلَا تَنْوِينٍ لِإِضَافَتِهِ لِطَلْقَةٍ مَحْذُوفَةٍ دَلَّ عَلَيْهَا (طَلْقَةٍ) الْمَذْكُورَةُ، وَالْأَصْلُ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ فَحُذِفَ لَفْظُ طَلْقَةٍ الْمُضَافِ إلَيْهِ ثُلُثٌ، وَاعْتَرَضَ بِ وَثُلُثَ بَيْنَ نِصْفَ الْمُضَافِ وَطَلْقَةٍ الْمُضَافِ إلَيْهِ، هَذَا تَوْجِيهُ التَّرْكِيبِ الْمَشْهُورِ فِي النَّحْوِ وَالْفُقَهَاءُ بَنَوْا فَتْوَاهُمْ عَلَى عَطْفِ ثُلُثٍ عَلَى نِصْفٍ وَإِضَافَةِ مَجْمُوعِهِمَا إلَى طَلْقَةٍ الْمَذْكُورَةِ، وَمَجْمُوعُهُمَا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ طَلْقَةٍ فَيَكْمُلُ الْكَسْرُ، وَتَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا إذَا ذَكَرَ أَجْزَاءً يَنْقُصُ مَجْمُوعُهَا عَنْ طَلْقَةٍ أَوْ يُسَاوِيهَا، فَإِنْ زَادَ فَطَلْقَتَانِ. فَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ قَالَ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ وَقَعَتْ اثْنَتَانِ لِزِيَادَةِ الْأَجْزَاءِ عَلَى وَاحِدَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ طَلَّقَ بَعْضَ طَلْقَةٍ لَزِمَتْهُ طَلْقَةٌ. ابْنُ شِهَابٍ وَيُوجَعُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 95 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ضَرْبًا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ أَوْ سُدُسَ تَطْلِيقَةٍ أَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي عُيُونِ الْأَدِلَّةِ حُكِيَ عَنْ دَاوُد أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَالْفُقَهَاءُ عَلَى خِلَافِهِ. قُلْت تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ نُزُولَ الْمُخَالِفِ مَعَ كَثْرَةِ الْمُجْمِعِينَ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ إجْمَاعِهِمْ حُجَّةً، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي ثُلُثَ وَرُبُعَ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالُوا فِي نِصْفَ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ طَلْقَتَانِ اسْتِشْكَالٌ مِنْهُ وَالْأَظْهَرُ عَوْدُهُ لِلْأُولَى لِجَرَيَانِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَصْلِ تَكْمِيلِ الطَّلْقَةِ، وَتَقْرِيرُ إشْكَالِ الْأُولَى أَنَّ تَقْدِيرَ لَفْظِهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ فَنِصْفٌ مُضَافٌ قَطْعًا فِي النِّيَّةِ وَالْمَنْوِيُّ مَعَ اللَّفْظِ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ، فَسَاوَتْ الْأُولَى الثَّانِيَةَ فَافْتِرَاقُهُمَا فِي الْحُكْمِ مُشْكِلٌ. وَجَوَابُهُ عَلَى أَصْلَيْنِ فِي الْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَاضِحٌ، أَمَّا الْفِقْهِيُّ: فَهُوَ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، لِإِضَافَتِهِ الْجُزْأَيْنِ لِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَزِيدُ مَجْمُوعُهُمَا عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ فِي نِصْفَيْ طَلْقَةٍ. وَأَمَّا أَصْلُ الْعَرَبِيَّةِ: فَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ النَّحْوِيِّينَ إنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ إذَا حُذِفَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْوِينِ الْمُضَافِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُضَافُ بَعْدَ الْحَذْفِ عَلَى هَيْئَتِهِ قَبْلَ الْحَذْفِ، نَحْوُ قَوْلِهِمْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا، قَالُوا التَّقْدِيرُ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ مَنْ قَالَهَا وَرِجْلَهُ، فَحُذِفَ الضَّمِيرُ وَأُقْحِمَ الْمَعْطُوفُ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَحُذِفَ التَّنْوِينُ مِنْ يَدٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَنْ. وَحُذِفَ مِنْ رِجْلٍ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى مَنْ فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي اللَّفْظِ، وَهَذَا الْأَصْلُ يُوجِبُ تَقْدِيرَ تَرْكِيبِ لَفْظِ الْمَسْأَلَةِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَهَا، وَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّ اللَّازِمَ فِي هَذَا اللَّفْظِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ قَالُوا يَقْتَضِي عَزْوَهُ لِغَيْرِ وَاحِدٍ وَلَا أَعْرِفُهُ نَصًّا لِوَاحِدٍ، لَكِنَّ أُصُولَ الْمَذْهَبِ بِمَا قَرَّرْنَاهُ تَقْتَضِيهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 96 أَوْ وَاحِدَةً فِي وَاحِدَةٍ؛ أَوْ مَتَى مَا فَعَلْت، وَكُرِّرَ، أَوْ طَالِقٌ أَبَدًا طَلْقَةً   [منح الجليل] أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (وَاحِدَةً فِي) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) فَتَلْزَمُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَاثْنَتَانِ (أَوْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مُتَّحِدٍ بِأَدَاةٍ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَقَوْلِهِ (مَتَى فَعَلْت) كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ. (وَكُرِّرَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً اللَّفْظُ أَوْ الْفِعْلُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ نَوَى بِتَكَرُّرِ اللَّفْظِ التَّوْكِيدَ. " غ " أَيْ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى فَعَلْت كَذَا، وَكَرَّرَ الْفِعْلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ أَوْ دَلَّ لَفْظٌ يُجْمَعُ أَوْ بِكُلَّمَا أَوْ مَهْمَا لَا مَتَى مَا يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا مَعْنَى كُلَّمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهٌ) قَرَنَ الْمُصَنِّفُ مَتَى فِي بَابِ الْأَيْمَانِ بِمَا وَجَرَّدَهَا مِنْهَا هُنَا كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيَسْتَشْكِلُ قَوْلُهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِمَتَى مَعْنَى كُلَّمَا بِأَنَّ نِيَّةَ التَّكْرَارِ تَوْجِيهٌ بِأَيِّ لَفْظٍ، فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِمَتَى مَا، وَلِذَا لَمْ يَعْتَبِرْ ابْنُ رُشْدٍ اقْتِرَانَهَا بِمَا وَيُجَابُ بِأَنَّ مَتَى مَا قَرِيبَةٌ مِنْ كُلَّمَا فَمُجَرَّدُ إرَادَةِ كَوْنِهَا بِمَعْنَاهَا يَثْبُتُ بِهَا لِتَكْرَارٍ دُونَ اسْتِحْضَارِ نِيَّتِهِ، ثُمَّ قَالَ " غ " فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِنَّ ضَبْطَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَتَى فَعَلْتُ بِضَمِّ التَّاءِ كَإِنْ كَرَّرَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، وَإِنْ ضُبِطَ بِكَسْرِهَا كَإِنْ كُرِّرَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَإِلَّا قِيلَ وَكَرَّرَتْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ. (أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتِ (طَالِقٌ أَبَدًا) فَاللَّازِمُ (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ فِي السَّبْعِ مَسَائِلَ عَلَى فَهْمِ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ فِي السَّابِعَةِ بِجَعْلِ الْأَبَدِيَّةِ لِمُطْلَقِ الْفِرَاقِ الشَّامِلِ لِلسُّنِّيِّ إذْ الْمَعْنَى أَنْتِ طَالِقٌ، وَاسْتَمَرَّ طَلَاقُك أَبَدًا أَوْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَلَمْ يُرَاجِعْهَا فَقَدْ اسْتَمَرَّ طَلَاقُهَا، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ لِجَعْلِ الْأَبَدِيَّةِ لِلْفِرَاقِ فِي أَزْمَانِ الْعِصْمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ، وَذَلِكَ بِالثَّلَاثِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 97 وَاثْنَتَانِ فِي " رُبُعَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ "، وَوَاحِدَةً فِي اثْنَيْنِ، وَالطَّلَاقُ كُلُّهُ، إلَّا نِصْفَهُ   [منح الجليل] وَنَصَّ ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ خَلَعَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَقَالَتْ الْأُخْرَى سَتُرَاجِعُهَا فَقَالَ هِيَ طَالِقٌ أَبَدًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ إنْ تَزَوَّجَهَا طَلَقَتْ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَكَانَ خَاطِبًا، وَمِنْ غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِخِلَافٍ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا وَقَعَ التَّأْبِيدُ عَلَى الرَّجْعَةِ كَأَنَّهُ قَالَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ سَتُرَاجِعُهَا قَالَ إنْ رَاجَعْتهَا أَبَدًا فَهِيَ طَالِقٌ، فَلِذَا أَلْزَمَهُ طَلْقَةً. وَصَوَّبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا الْقَوْلَ. ابْنُ يُونُسَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ التَّأْبِيدَ عَلَى الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ سَتُرَاجِعُهَا قَالَ لَهَا هِيَ طَالِقٌ أَبَدًا يُرِيدُ إنْ رَاجَعَهَا فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ يَصِيرُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَبَدًا قَوْلَانِ، قَوْلٌ إنَّهُ وَاحِدَةٌ وَقَوْلٌ إنَّهُ ثَلَاثٌ. (وَ) اللَّازِمُ (اثْنَتَانِ فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (رُبُعَ طَلْقَةٍ وَنِصْفَ طَلْقَةٍ) لِإِضَافَةِ كُلِّ كَسْرٍ إلَى طَلْقَةٍ صَرِيحًا فَأَخَذَ كُلُّ كَسْرٍ مُمَيِّزَهُ فَاسْتَقَلَّ بِهِ، وَلِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ نَكِرَةً فَالثَّانِيَةُ غَيْرُ الْأُولَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5] {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنَ» . ابْنُ شَاسٍ وَفِي ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ. (وَ) اثْنَتَانِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً (وَاحِدَةً فِي) طَلْقَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ) إنْ عَرَفَ الْحِسَابَ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ (وَ) اثْنَتَانِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (الطَّلَاقَ كُلَّهُ) أَيْ ثَلَاثًا (إلَّا نِصْفَهُ) أَيْ وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَالْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٌ وَنِصْفٌ، وَحُكْمُ كَسْرِ الطَّلَاقِ تَكْمِيلُهُ بِوَاحِدَةٍ تت لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَتَى بِالضَّمِيرِ مَوْضِعَ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَائِقٌ الطَّلَاقَ كُلَّهُ إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ أَوْ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ الطَّلَاقِ لَزِمَتْهُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبْهَمَ وَاحِدَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَاسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ لِتَكْمِيلِ كَسْرِ الْبَاقِي. طفي قَوْلُهُ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98 وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك، ثُمَّ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهِيَ طَالِقٌ وَثَلَاثٌ فِي: إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ؛ أَوْ اثْنَتَيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ، أَوْ كُلَّمَا حِضْت قَالَ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ كُلَّمَا. أَوْ مَتَى مَا،   [منح الجليل] وَ) اثْنَتَانِ فِي قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك ثُمَّ قَالَ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُهَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ) مُشِيرًا إلَى قَرْيَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى تَزَوُّجِهَا (فَهِيَ طَالِقٌ) ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَطَلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِالْخُصُوصِ وَوَاحِدَةٌ بِالْعُمُومِ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيَلْزَمُ فِيهِ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ ذِكْرَهَا بِخُصُوصِهَا بَعْدَ دُخُولِهَا فِي عُمُومِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَزِيدُهَا شَيْئًا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ عَلَّقَ فِيهَا أَوَّلًا بِخُصُوصِهَا، ثُمَّ عَلَّقَ فِيهَا ثَانِيَةً بِالْعُمُومِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذَا فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ لَا أُكَلِّمُهُ غَدًا، وَكَذَا صَوَّبَ شَيْخُ ابْنِ نَاجِي وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ نَاجِي بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ أَيْضًا. (وَ) يَلْزَمُهُ (ثَلَاثٌ فِي) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ (إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) كَذَا قَدَّرَ الشَّارِحُ وتت وَوُجِّهَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى نِصْفَ طَلْقَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ بِالطَّلَاقِ غَيْرَ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا لَقَالَ نِصْفَهُ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ مُسْتَغْرِقٌ حِينَئِذٍ، أَشَارَ إلَى هَذَا الشَّارِحُ. وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَظَاهِرٌ أَيْضًا، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ قَالَهُ " د ". (وَ) يَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ فِي) طَلْقَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ) سَوَاءٌ أَرَادَ مَعْنَى الضَّرْبِ أَوْ مَعْنَى الْمَعِيَّةِ أَوْ لَمْ يُرِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا (أَوْ) قَالَ لِمَنْ تَحِيضُ بِالْفِعْلِ أَوْ لِصَغِيرَةٍ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا أَنْتِ طَالِقٌ (كُلَّمَا حِضْت) أَوْ كُلَّمَا جَاءَ يَوْمُ أَوْ شَهْرُ حَيْضِك فَتَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ مِنْ وَقْتِ قَوْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَالِبُ الْحُصُولِ وَلِأَنَّهُ قَصَدَ التَّكْثِيرَ كَطَالِقٍ مِائَةَ طَلْقَةٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ إذَا قَالَهُ وَهِيَ طَاهِرٌ، فَإِذَا حَاضَتْ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ إذَا حَاضَتْ وَقَعَتْ ثَانِيَةٌ، ثُمَّ إذَا حَاضَتْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ. (أَوْ) قَالَ (كُلَّمَا طَلَّقْتُك) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (مَتَى مَا) طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99 أَوْ إذَا مَا طَلَّقْتُك، أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي، فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً؛ أَوْ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا   [منح الجليل] أَوْ) قَالَ (إذَا مَا طَلَّقْتُك) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ مَتَى أَوْ إذَا مَا (وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً) فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَتَى مَا وَإِذَا مَا مِثْلُ كُلَّمَا فِي اقْتِضَاءِ التَّكْرَارِ نَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ أَوْ مَتَى فَعَلْت وَكَرَّرَ، وَخِلَافُ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ لَا مَتَى مَا. " غ " حَاصِلُ مَا فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ إذَا قَالَ كُلَّمَا أَوْ مَتَى مَا أَوْ إذَا مَا طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَ بِطَلَاقِهَا وَاحِدَةً ثَلَاثٌ، وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك بَدَلَ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَرَجَعَ سَحْنُونٌ إلَى كَوْنِهِ كَذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ اهـ. وَمَبْنَى الْخِلَافِ هَلْ فَاعِلُ السَّبَبِ فَاعِلُ الْمُسَبَّبِ أَمْ لَا. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّ إذَا مَا وَمَتَى مَا مِثْلُ كُلَّمَا دُونَ إرَادَةِ كَوْنِهِمَا مِثْلَهَا خِلَافٌ، نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ بَابُ تَكْرِيرِ الطَّلَاقِ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ مَهْمَا وَمَتَى مَا مِثْلُ إنْ فِي عَدَمِ التَّكْرَارِ. اهـ. وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَا فِي النَّوَادِرِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَتَى فَعَلْت، وَكَرَّرَ وَخِلَافُ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْيَمِينِ لَا مَتَى مَا وَكَأَنَّهُ اسْتَشْعَرَ هَذَا فِي التَّوْضِيحِ إذْ قَالَ وَأَلْحَقَ سَحْنُونٌ بِكُلَّمَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ إذَا مَا وَمَتَى مَا. (أَوْ) قَالَ (إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا) فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ، وَيُلْغَى قَوْلُهُ قَبْلَهُ لِاتِّصَافِهَا بِالْحِلِّ إلَى وَقْتِ التَّطْلِيقِ، وَفِي وَقْتِهِ قَدْ مَضَى مَا قَبْلَهُ وَالْمَاضِي لَا يَعُودُ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ مَنْ قَالَ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا أُلْغِيَ لَفْظُ قَبْلَهُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا لَزِمَهُ تَمَامُ الثَّلَاثِ. قُلْتُ قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ هَذِهِ الْمُتَرْجَمَةُ قَصَصْنَاهُمْ، قَالَ دَهْمَاءُ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَبَدًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَقَعُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاصِّ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَقَعُ مَعَ الْمُنَجَّزِ تَمَامُ الثَّلَاثِ مِنْ الْمُعَلَّقِ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَمِنْ الشَّافِعِيَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِالْحُسْنِيِّ وَغَيْرُهُ وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ مِنْ خِيَارِ مُتَأَخِّرِيهِمْ وَهُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَصْحَابِنَا مَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا دَلَّ عَلَى تَصْحِيحِهَا وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُمَا أَنَّهُ غَصَبَهُمَا مِمَّنْ ادَّعَاهُمَا لِأَنَّ ثُبُوتَهُمَا يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهَا، وَعَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ يُبْطِلُ عِتْقَهُمَا، وَرُفِعَ لَهُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ هَذَا وَهُوَ ثُبُوتُ مَا يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ مِنْهُ قَوْلُهُ مَنْ أَعْتَقَ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا صَحَّ عِتْقُهُ وَوَرِثَ مَعَ أَنَّ إرْثَهُ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ، لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ فِي الْمَرَضِ كَالْوَصِيَّةِ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ فَثُبُوتُ إرْثِهِ يُبْطِلُ الْعَطِيَّةَ لَهُ، وَبُطْلَانُهَا يُبْطِلُ حُرِّيَّتَهُ، وَبُطْلَانُهَا يُبْطِلُ إرْثَهُ. الشَّيْخُ مَنْ شَرَطَ لِامْرَأَتِهِ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ أُخْرَى وَشَرَطَ لَهَا أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَهُ طَالِقٌ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ تَطْلُقَانِ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ وَذَكَرَهَا الطُّرْطُوشِيُّ، وَقَالَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَعْنَى شَرْطِهِ لِلْأُولَى أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ فَهِيَ طَالِقٌ، وَعَقْدُ الثَّانِيَةِ أَوْجَبَ طَلَاقَ الْأُولَى، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ الثَّانِيَةَ عَلَى الْأُولَى، وَلَمْ يَجْمَعْهَا مَعَهَا، وَالْقَصْدُ كَرَاهَةُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَهَا أُخْرَى قَالَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا جَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ قَوْلُ أَصْبَغَ لِأَنَّ شَرْطَ كُلِّ وَاحِدَةٍ أَوْجَبَ طَلَاقَ الْأُخْرَى. الطُّرْطُوشِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ وَقَدْ وَضَّحْنَاهَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ. قُلْت وَالْمَسْأَلَةُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى أَصْلٍ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيهَا، وَهُوَ جَعْلُ أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ سَبَبًا فِي طَلَاقٍ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ مَاضٍ هَلْ يَلْزَمُ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ أَوْ لَا اعْتِبَارًا بِوَقْتِ حُصُولِ السَّبَبِ، سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ غَدًا الْحَمَّامَ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَ وَلَهُ مَسُّهَا فَقَبِلَهَا الشَّيْخُ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا اللَّفْظِ تَجَوُّزٌ مِثْلُهُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنْهَا وَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، بَلْ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَحَقِيقَةُ تَرْكِيبِهِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْيَوْمَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الْحَمَّامَ غَدًا، وَقَوْلُهُ لَهُ مَسُّهَا يُرِيدُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَدٍ. قُلْت وَلِابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101 وَطَلْقَةٌ فِي أَرْبَعٍ قَالَ لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ، مَا لَمْ يَزِدْ الْعَدَدُ عَلَى الرَّابِعَةِ: سَحْنُونٌ، وَإِنْ شَرَّكَ طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا   [منح الجليل] دُخُولِك لَزِمَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا فَكَلَّمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ هَذَا خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، بَلْ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِزَمَنٍ قُلْتُ فَفِي لَغْوِ الْمُعَلَّقِ مُقَيَّدًا بِزَمَنٍ قَبْلَ زَمَنِ سَبَبِهِ طَرِيقَا ابْنِ رُشْدٍ مَعَ نَصِّ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ مُحْرِزٍ مَعَ الشَّيْخِ، وَنَصِّ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى طَرِيقَةِ الشَّيْخِ وَهِيَ أَسْعَدُ بِالرِّوَايَاتِ صِحَّةً مَا فَهِمَهُ الطُّرْطُوشِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ فِي السُّرَيْجِيَّةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَابْنُ شَاسٍ. (وَ) تَلْزَمُ (طَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ (فِي) كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ زَوْجَاتٍ لَهُ (أَرْبَعٍ قَالَ) الزَّوْجُ (لَهُنَّ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ) أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ لِزَوْجَتَيْنِ بَيْنَكُمَا طَلْقَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ وَقَوْلُهُ لِثَلَاثِ زَوْجَاتٍ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ، فَيَلْزَمُ فِي كُلِّ زَوْجَةٍ طَلْقَةٌ (مَا لَمْ يَزِدْ) الْعَدَدُ لِلطَّلَقَاتِ الْمُشْرَكِ فِيهَا (عَلَى) الطَّلْقَةِ (الرَّابِعَةِ) فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى اثْنَيْنِ فِي الزَّوْجَتَيْنِ، وَعَلَى الثَّلَاثِ فِي الثَّلَاثِ زَوْجَاتٍ، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا بِأَنْ قَالَ خَمْسَ طَلَقَاتٍ إلَى ثَمَانِ طَلَقَاتٍ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ تِسْعَ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا. قَالَ (سَحْنُونٌ) فَتْحُ سِينِهِ هُوَ الْكَثِيرُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَضَمُّهَا لَقَبٌ وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَأَصْلُهُ اسْمُ طَائِرٍ حَدِيدِ النَّظَرِ لُقِّبَ بِهِ لِحِدَّةِ فَهْمِهِ (وَإِنْ شَرَّكَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَى الزَّوْجُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى التَّشْرِيكِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فِي كُلِّ طَلْقَةٍ بِأَنْ قَالَ لِلْأَرْبَعِ مَثَلًا شَرِكَتُكُنَّ فِي ثَلَاثِ طَلَقَاتٍ (طَلَقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أَيْ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا لِجَعْلِهِ اشْتِرَاكَهُنَّ فِي كُلِّ طَلْقَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ، فَيَخُصُّ كُلَّ زَوْجَةٍ رُبُعٌ مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ فَيَكْمُلُ كُلُّ رُبُعٍ بِطَلْقَةٍ فَتَصِيرُ ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ فِي كُلِّ زَوْجَةٍ. ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ الْفَرْعَيْنِ سَوَاءٌ لَمْ أَعِبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ لَزِمَتْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102 وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ شَرِيكَةُ مُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا وَلِثَالِثَةٍ، وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا:   [منح الجليل] طَلْقَةٌ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَ خَمْسَةٌ إلَى ثَمَانٍ طَلَقْنَ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ تِسْعٌ إلَى مَا فَوْقَ طَلَقْنَ ثَلَاثًا. ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ قَالَ شَرَّكْتُ بَيْنَكُنَّ فِي ثَلَاثٍ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ وَفِي طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَانِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَشَارَ بَعْضُ الْمُؤَلِّفِينَ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ التَّشْرِيكِ قَوْلًا مِثْلَ قَوْلِ مَسْأَلَةِ بَيْنَكُنَّ إنْ كَانَ نَصًّا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَتَخَرَّجُ مِنْ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ فَقَدْ نَصَّ سَحْنُونٌ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، وَالْفَرْقُ بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى إنَّمَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِمَا تُوجِبُهُ الْقِسْمَةُ وَلَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ قَبْلَهَا شَيْئًا. وَفِي الثَّانِيَةِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَا نَطَقَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ لَا أَعْرِفُهُ. وَنَصُّ الْمُجْتَهِدِ عَلَى حُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي صُورَتَيْنِ مُتَّحِدَتَيْ الْعِلَّةِ لَا يَمْنَعُ تَخْرِيجَ قَوْلِ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ مَرَّةٍ. فَإِنْ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ مُسَمَّى شَرَّكَ وَمُسَمَّى بَيْنَ لِتَلَازُمِهِمَا صِدْقًا وَكَذِبًا مَثَلًا لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عَبْدٌ وَلِعَمْرٍو عَبْدٌ كَذَّبَ قَوْلَهُمَا أَخُو أَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا وَهُمَا شِرْكَةٌ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ وَرِثَاهُمَا مِنْ عَمِّهِمَا مَثَلًا وَأَحَدُهُمَا لِأُمِّهِ وَالْآخَرُ أَخُو الْآخَرِ لِأَبِيهِ صُدِّقَ كَوْنُهُمَا بَيْنَهُمَا وَشِرْكَةً بَيْنَهُمَا. قُلْت إنَّمَا تَلَازَمَا فِيمَا يَمْلِكُهُ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ بَيْنَ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ، وَأَمَّا فِيمَا لَيْسَ كَذَلِكَ مِنْ الْمُؤْلِمِ وَمَا نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ فَلَا كَقَوْلِ السَّيِّدِ لِعَبْدَيْهِ بَيْنَكُمَا سَوْطَانِ أَوْ نِطْعَانِ، فَهَذَا يُصَدَّقُ فِيهِ بَيْنَ دُونَ الشَّرِكَةِ، وَلِلطَّلَاقِ حُكْمُ الْمُؤْلِمِ، وَلِذَا شُطِرَ كَالْحَدِّ فَإِذَا نَصَّ مَعَهُ عَلَى الشَّرِكَةِ صَارَ قَوْلُهُ بَيْنَكُمَا طَلْقَةٌ، وَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَكْسِ وَهُوَ وُجُودُ قَوْلٍ فِي بَيْنَكُنَّ مِثْلُ الْقَوْلِ فِي شَرَّكْتُكُنَّ، نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ نَوَازِلِ أَصْبَغَ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَصَلَ لَهَا جُزْءٌ مِنْ كُلِّ طَلْقَةٍ، قَالَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيمَنْ صَرَفَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِي الدَّرَاهِمِ زَائِفًا هَلْ يُنْتَقَضُ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ كُلِّهَا أَوْ صَرْفُ دِينَارٍ فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي مَسْأَلَةِ لَفْظِ التَّشْرِيكِ خِلَافًا. (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ لِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَالَ لِأُخْرَى (أَنْتِ شَرِيكَةُ) زَوْجَةٍ (مُطَلَّقَةٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا (ثَلَاثًا وَ) قَالَ (لِ) زَوْجَةٍ (ثَالِثَةٍ وَأَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا) أَيْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (طَلَقَتْ) الزَّوْجَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَشْرَكَهَا مَعَ الْأُولَى فِي الثَّلَاثِ طَلْقَتَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103 طَلُقَتْ اثْنَتَيْنِ، وَالطَّرَفَيْنِ ثَلَاثًا، وَأُدِّبَ الْمُجَزِّئُ كَمُطَلَّقِ جُزْءٍ، وَإِنْ كَيَدٍ؛   [منح الجليل] اثْنَتَيْنِ) لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَّكَهَا مَعَ الْأُولَى اقْتَضَى أَنَّ لَهَا وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَكُمِّلَ النِّصْفُ (وَ) طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ (الطَّرَفَيْنِ) أَيْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ (ثَلَاثَةً) أَمَّا الْأُولَى فَوَاضِحٌ. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّهُ شَرَّكَهَا مَعَ الْأُولَى فِي ثَلَاثٍ، فَاقْتَضَى أَنَّ لَهَا طَلْقَةً وَنِصْفًا فَكُمِّلَ النِّصْفُ، وَمَعَ الثَّانِيَةِ فِي اثْنَتَيْنِ فَلَهَا طَلْقَةٌ مَعَ اثْنَتَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَاثٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ وَإِنَّمَا هِيَ لِأَصْبَغَ، وَمُقْتَضَى سَحْنُونٍ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ ثَلَاثًا، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ، وَفِي السَّابِقَةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مَنْ قَالَ لِإِحْدَى نِسَائِهِ الثَّلَاثِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ ثُمَّ لِلْأُخْرَى أَنْتِ شَرِيكَتُهَا، ثُمَّ لِلثَّالِثَةِ أَنْتِ شَرِيكَتُهُمَا فَهُنَّ طَوَالِقُ أَلْبَتَّةَ، لَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا لَغْوٌ مَعَ الْبَتَّةِ قُدِّمَتْ أَوْ أُخِّرَتْ وَهِيَ لَا تَتَبَعَّضُ. وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا فَقَطْ وَقَعَ عَلَى الْأُولَى الثَّلَاثُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ طَلْقَتَانِ، وَعَلَى الثَّالِثَةِ ثَلَاثٌ مِنْ شِرْكَةِ الْأُولَى طَلْقَتَانِ، وَمِنْ شَرِكَةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ تَبْعِيضِ الْبَتَّةِ وَأَنَّهَا مُرَادِفَةُ أَنْتِ طَالِقٌ بِآخِرَةِ الثَّلَاثِ وَفِي تَبْعِيضِهَا نَقَلَ الْبَيَانُ عَنْ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ قَوْلَهُمَا بِضَمِّ الشَّهَادَةِ بِهَا لِلشَّهَادَةِ بِوَاحِدَةٍ وَأَصْبَغُ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ الْمَبْسُوطَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَفِي اخْتِصَارِهِ الْمَبْسُوطَةِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ. (وَأُدِّبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً الزَّوْجُ (الْمُجَزِّئُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُشَدَّدَةً لِلطَّلَاقِ بِتَشْرِيكٍ فِيهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَطَالِقٍ رُبْعَ طَلْقَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ تَحْرِيمَهَا، وَيُؤَدَّبُ مُعَلِّقُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِهِ فَفِي الشَّامِلِ وَهَلْ تَعْلِيقُهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مَمْنُوعٌ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ خِلَافٌ. وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَمُطَلِّقِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (جُزْءٍ) مِنْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَ شَائِعًا كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (كَيَدٍ) وَرِجْلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَطَلَاقُ جُزْءِ الْمَرْأَةِ كَكُلِّهَا. ابْنُ حَارِثٍ يَدُهَا أَوْ رِجْلُهَا كَكُلِّهَا اتِّفَاقًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 104 وَلَزِمَ: بِشَعْرِك طَالِقٌ، أَوْ كَلَامُك عَلَى الْأَحْسَنِ، لَا بِسُعَالٍ وَبُصَاقٍ وَدَمْعٍ. وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ بِإِلَّا؛ إنْ اتَّصَلَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ،   [منح الجليل] وَلَزِمَ) الطَّلَاقُ (بِ) قَوْلِهِ (شَعْرُك طَالِقٌ) حَيْثُ قَصَدَ الْمُتَّصِلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لَا إنْ قَصَدَ الْمُنْفَصِلَ وَكَالشَّعْرِ سَائِرُ مَحَاسِنِهَا الَّتِي يُلْتَذُّ بِهَا عَادَةً كَعَقْلِهَا وَرُوحِهَا (أَوْ) قَوْلُهُ (كَلَامُك) طَالِقٌ (عَلَى الْأَحْسَنِ لَا) يَلْزَمُ الطَّلَاقُ (بِ) قَوْلِهِ (سُعَالٍ) كِ (أَوْ بُصَاقٍ) كِ طَالِقٌ (أَوْ دَمْعٍ) كِ طَالِقٌ وَعِلْمُهَا وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُلْتَذُّ بِهِ عَادَةً كَعِلْمِهَا وَجَنِينِهَا وَشَعْرِ غَيْرِ رَأْسِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَلَامِك أَوْ شَعْرُك طَالِقٌ قَوْلًا أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ بَعْضُهُمْ اُخْتُلِفَ عِنْدَنَا إنْ طَلَّقَ بَعْضَ مَا يَنْفَصِلُ كَالشَّعْرِ وَالْكَلَامِ وَالسُّعَالِ وَالْبُزَاقِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَقِفْ فِي السُّعَالِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ إلَّا عَلَى عَدَمِ اللُّزُومِ. قُلْت ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِدْلَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى لَغْوِ تَحْرِيمِ الشَّعْرِ وَالْكَلَامِ بِلَغْوٍ تَحْرِيمَ السُّعَالِ وَالْبُزَاقِ الِاتِّفَاقُ عَلَى لَغْوِهِمَا. وَلِابْنِ الْقَصَّارِ مَا نَصُّهُ لَا أَعْرِفُ فِي الدَّمْعِ وَالدَّمِ وَالرِّيقِ نَصًّا، قَالَ وَرَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَدْ رَكِبَهُ وَخَالَفَ إذَا قَالَ حَمْلُك طَالِقٌ لِأَنَّهُ فِي وِعَاءٍ لَيْسَ مُتَّصِلًا اتِّصَالَ الْخِلْقَةِ. اهـ. وَتَحْرُمُ بِتَحْرِيمِ الرِّيقِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا فِي الْفَمِ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ وَهُوَ مِمَّا يُلْتَذُّ بِهِ وَهُوَ الرُّضَابُ. (وَصَحَّ اسْتِثْنَاءٌ) لِعَدَدٍ مِنْ الطَّلَاقِ (بِإِلَّا) أَوْ غَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِهِ (إنْ اتَّصَلَ) الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَفَادَهُ تت، وَفِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ هَلْ الْمُرَادُ اتِّصَالُهُ بِالْيَمِينِ أَوْ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ نَحْوُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْت الدَّارَ، إلَّا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ قَوْلَانِ، فَإِنْ انْفَصَلَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا لِعُذْرٍ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوْ نَحْوِهِمَا. (وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ) الْمُسْتَثْنَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَنَوَاهُ وَنَطَقَ بِهِ وَإِنْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَ أَوْ سَاوَى لَمْ يَصِحَّ إجْمَاعًا، وَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، فَلَوْ قَالَ وَلَمْ يُسَاوِ لَفُهِمَ مِنْهُ الْمُسْتَغْرِقُ بِالْأَوْلَى أَوْ أُطْلِقَ الْمُسْتَغْرِقُ عَلَى مَا يَعُمُّ الْمُسَاوِيَ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَغْرِقِ وَالْمُسَاوِي بِذَاتِهِ أَوْ بِتَكْمِيلِهِ كَطَالِقٍ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ وَرُبُعًا أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 105 فَفِي ثَلَاثٍ، إلَّا ثَلَاثًا، إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ أَلْبَتَّةَ، إلَّا اثْنَتَيْنِ، إلَّا وَاحِدَةً: اثْنَتَانِ   [منح الجليل] عَكْسُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِثْنَاءُ شَرْطُهُ الِاتِّصَالُ وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي طَالِقٍ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا ثَلَاثٌ، وَفِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ الْإِجْمَاعُ عَلَى فَسَادِهِ. الْقَرَافِيُّ لِابْنِ طَلْحَةَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَنْفَعُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ. (فَفِي) قَوْلِهِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) اثْنَتَانِ، وَوَجْهُ لُزُومِ الِاثْنَتَيْنِ اعْتِبَارُ اسْتِثْنَاءِ الْوَاحِدِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُولَى اللَّازِمَةِ وَإِلْغَاءُ الثَّلَاثَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ لِاسْتِغْرَاقِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ بِاعْتِبَارِ الْكَلَامِ بِآخِرِهِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الثَّلَاثَ الَّتِي أَخْرَجَ مِنْهَا الْوَاحِدَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الثَّلَاثِ الْأُولَى، فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهَا اثْنَتَانِ فَبَقِيَتْ مِنْهَا وَاحِدَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَعَلَى عَكْسِ الْقَوْلَيْنِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي اثْنَتَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً. ابْنُ شَاسٍ اثْنَتَانِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَوْلَى وَاحِدَةٌ قُلْت وَهُوَ الْحَقُّ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ كَالْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ بِاعْتِبَارِ تَمَامِ حُكْمِهِ وَتَقْرِيرِهِ بِتَمَامِ نُطْقِهِ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي بَيَانِهِ، وَتَعْلِيلُ ابْنِ شَاسٍ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ بِقَوْلِهِ إلَّا وَاحِدَةً يُنْتَجُ لَهُ الْعَكْسُ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ إخْرَاجُ وَاحِدَةٍ مِنْهُ فَيَصِيرُ قَوْلُهُ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ لِوُجُوبِ رَدِّ الثَّانِي لِمُتَعَلَّقِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِ تَعَلُّقِهِ لِاسْتِغْرَاقِهِ أَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ. (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا) إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً فَتَلْزَمُهُ اثْنَتَانِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَمِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَقَوْلُهُ ثَلَاثًا إثْبَاتٌ، وَقَوْلُهُ إلَّا اثْنَتَيْنِ نَفْيٌ أَخْرَجَ بِهِ اثْنَتَيْنِ فَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ إلَّا وَاحِدَةً إثْبَاتٌ لَهَا فَتُضَمُّ لِلْوَاحِدَةِ الْبَاقِيَةِ. (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (أَلْبَتَّةَ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً) لَزِمَهُ (اثْنَتَانِ) وَوَجْهُهُ مَا تَقَدَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ أَشْهَبَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إلَّا وَاحِدَةً اثْنَتَانِ هَذَا عَلَى أَنَّهَا تَتَبَعَّضُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (وَ) إذَا اسْتَثْنَى بَعْدَ الْعَطْفِ مَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا إلَّا مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 106 وَوَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ؛ إلَّا اثْنَتَيْنِ، إنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ: فَوَاحِدَةٌ؛ وَإِلَّا: فَثَلَاثٌ؛   [منح الجليل] أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ) فَ (إنْ كَانَ) نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ (مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ مَجْمُوعِ الْوَاحِدَةِ إلَّا اثْنَتَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ (فَ) تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ) لِاسْتِثْنَائِهِ اثْنَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ أَكْثَرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْجَمِيعِ بِأَنْ نَوَاهُ مِنْ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ الْمَعْطُوفِ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا (فَ) تَلْزَمُهُ طَلَقَاتٌ (ثَلَاثٌ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ بِاسْتِغْرَاقِهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ، وَأَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ بِلُزُومِ ثَلَاثٍ وَلُزُومِ وَاحِدَةٍ، وَنَصُّهُ وَفِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ مَعَ الْقَاضِي عَنْ الْجُمْهُورِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ فِي طَالِقٍ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مَعَ نَقْلِ الْقَاضِي مَنْعَهُ، وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْإِقْرَارِ وَفِي جَوَازِ الْمُسَاوِي كَطَالِقٍ اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً مَعْرُوفَ الْمَذْهَبِ. وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَغَالِبُ قَوْلِهِ يُخْتَلَفُ فِيهِ فِيمَا خِلَافُهُ مُخَرَّجٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا مِنْهُ التَّخْرِيجُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا يُشْتَرَطُ الْأَقَلُّ عَلَى الْمَنْصُوصِ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدٍ وَ " س " وَابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً، إنْ نَوَى بِالتَّكْرِيرِ التَّأْكِيدَ لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ كَقَوْلِهِ وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَهِيَ ثَلَاثٌ اسْتَثْنَى مِنْهَا وَاحِدَةً. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ بِالْوَاوِ بَدَلَ ثُمَّ، فَقَالَ مَرَّةً هِيَ كَاسْتِثْنَاءِ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَقَالَ مَرَّةً هِيَ ثَلَاثَةٌ وَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهُ، وَثُمَّ أَبْيَنُ مِنْ نَسَقِهِ بِالْوَاوِ. قُلْت هُمَا بِنَاءٌ عَلَى اعْتِبَارِ مَدْلُولِ الْمَعْطُوفِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ مَجْمُوعُهُمَا كَمَدْلُولٍ عَلَيْهِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ انْفِرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَاخْتِصَاصُهُ بِلَفْظِهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ رَدِّهِ لِلْجَمِيعِ أَوْ لِبَعْضِهِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ ذِكْرِ شَرْطِ عَدَمِ اسْتِغْرَاقِهِ وَعَدَمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 107 وَفِي إلْغَاءِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ وَاعْتِبَارِهِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] شَرْطِ الْأَقَلِّ، وَلِذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ إلَّا اثْنَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ فَطَلْقَةٌ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ يُرَدُّ بِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْجَمِيعِ فَلَا يَلْزَمُ لَغْوُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِجَوَازِ اعْتِبَارِهِمَا بِالْحَيْثِيَّةِ الثَّانِيَةِ (وَفِي إلْغَاءِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَدَمِ اعْتِبَارِ (مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ) مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ فَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (وَاعْتِبَارُهُ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ لِوُجُودِهِ لَفْظًا وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا شَرْعًا، وَرَجَعَ سَحْنُونٌ إلَى هَذَا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَرْجَحُ فِي النَّظَرِ (قَوْلَانِ) لِسَحْنُونٍ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسًا إلَّا اثْنَتَيْنِ فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَثَلَاثٌ عَلَى الثَّانِي وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالِاحْتِيَاطُ لِلْفُرُوجِ. وَإِنْ قَالَ مِائَةً إلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَتَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَحْوَطُ وَوَاحِدَةٌ عَلَى الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَفِي إجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ عُرْفٌ فَيَجِبُ، وَقَصْرُهُ عَلَى ثَلَاثٍ لِلَّغْوِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا شَرْعًا وَكَذَا فِي الْمُسْتَثْنَى. ثَالِثُ الطُّرُقِ لَغْوُهُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ لِابْنِ رُشْدٍ وَسَحْنُونٍ وَالْمَازِرِيِّ فِي نَازِلَةٍ لِسَحْنُونٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا ثَلَاثٌ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَادِمًا. وَكَذَا طَالِقٌ مِائَةً إلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ هِيَ الْبَتَّةُ لِأَنَّ الثَّلَاثَ دَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ الَّتِي اسْتَثْنَى. ابْنُ رُشْدٍ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا اسْتِثْنَاءٌ لِأَكْثَرِ الْجُمْلَةِ قِيلَ يَمْنَعُهُ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ، وَعَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا تَلْزَمُ وَاحِدَةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ جَازَ لُغَةً فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ عُرْفًا وَإِذَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ عُرْفًا حُمِلَ قَائِلُهُ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ، بَلْ عَلَى النَّدَمِ وَعَلَى مَنْعِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرَ تَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ، هَذَا إجْرَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْأُصُولِ وَلَمْ يَقُلْهُ سَحْنُونٌ، وَنَحَا لِجَعْلِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ كَالْعَدَمِ لِلَغْوِهِ شَرْعًا، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّ الثَّلَاثَ دَخَلَتْ فِي الْعِدَّةِ الَّتِي اسْتَثْنَى، فَعَلَى قَوْلِهِ لَوْ قَالَ طَالِقٌ مِائَةً إلَّا طَلْقَةً كَانَتْ اثْنَتَيْنِ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ عَلَى مَذْهَبِهِ إنَّمَا تَقَعُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الثَّلَاثِ إذْ قَوْلُهُ مِائَةٌ عِنْدَهُ كَقَوْلِهِ ثَلَاثٌ وَالْأَظْهَرُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثًا وَتُجْعَلُ الطَّلْقَةُ الَّتِي اسْتَثْنَى مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْمِائَةِ فَتَبْقَى تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ يَلْزَمُ مِنْهَا ثَلَاثٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108 وَنُجِّزَ إنْ عُلِّقَ بِمَاضٍ مُمْتَنِعٍ عَقْلًا أَوْ عَادَةً أَوْ شَرْعًا، أَوْ جَائِزٍ كَلَوْ جِئْت قَضَيْتُك   [منح الجليل] الْمَازِرِيُّ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا إلَّا ثَلَاثًا لَزِمَهُ ثَلَاثٌ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ كَالْعَدَمِ لِلَغْوِهَا شَرْعًا، فَصَارَ كَالْقَائِلِ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا. وَلَوْ قَالَ مِائَةً إلَّا طَلْقَتَيْنِ لَزِمَهُ ثَلَاثٌ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ كَالْقَائِلِ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ، لَكِنَّ هَذَا لَمَّا أَبْقَى بَعْدَ اسْتِثْنَائِهِ ثَلَاثًا أُخِذَ بِهَا. وَلَوْ قَالَ سِتًّا إلَّا ثَلَاثًا لَزِمَهُ ثَلَاثٌ عَلَى الطَّرِيقِينَ مَعًا إنْ اعْتَبَرَ مَا أَبْقَى فَقَدْ أَبْقَى ثَلَاثًا، وَإِنْ رُوعِيَ كَوْنُ السِّتِّ كَالثَّلَاثِ صَارَ كَقَوْلِهِ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا. (وَنُجِّزَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ حَالَ النُّطْقِ بِصِيغَتِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ بِهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ بِمُحَرَّمٍ كَإِنْ لَمْ يَزْنِ، وَمَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ، وَمَسْأَلَةِ مَا عُلِّقَ عَلَى مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْت (إنْ عُلِّقَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً أَيْ الطَّلَاقُ (بِ) شَيْءٍ (مَاضٍ) أَيْ مُقَدَّرٍ حُصُولُهُ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي (مُمْتَنِعٍ) أَيْ مُسْتَحِيلٍ (عَقْلًا) عَلَى وَجْهِ الْحِنْثِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقٌ عَلَى انْتِفَاءِ وُجُودِ ذَلِكَ الْمُمْتَنِعِ، وَانْتِفَاؤُهُ مُحَقَّقٌ وَاجِبٌ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقٌ عَلَى وَاجِبٍ، فَلِذَا نُجِّزَ، قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ كَزَوْجَتِهِ طَالِقٌ لَوْ جَاءَ فُلَانٌ أَمْسِ لِجَمْعِ عَدَمِهِ مَعَ وُجُودِهِ. (أَوْ) مُمْتَنِعٌ (عَادَةً) كَلَوْ جَاءَهُ أَمْسِ لَخَسَفَ الْأَرْضَ بِهِ أَوْ رَفَعَهُ إلَى السَّمَاءِ (أَوْ) مُمْتَنِعٌ (شَرْعًا) كَلَوْ جَاءَهُ أَمْسِ لَقَتَلَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ (أَوْ جَائِزٌ) شَرْعًا (كَ) قَوْلِهِ (لَوْ جِئْت) ني أَمْسِ لَ (قَضَيْتُك) حَقَّك وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ لِعَدَمِ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ عَمَّا عُلِّقَ بِمَاضٍ وَاجِبٍ عَقْلًا كَلَوْ جَاءَهُ أَمْسِ مَا جَمَعَ عَدَمَهُ وَوُجُودَهُ، أَوْ عَادَةً كَلَوْ جَاءَهُ أَمْسِ مَا خَسَفَ الْأَرْضَ بِهِ وَلَا رَفَعَهُ إلَى السَّمَاءِ، أَوْ شَرْعًا كَلَوْ جَاءَهُ أَمْسِ لِقَضَاءِ حَقِّهِ الْحَالِّ أَجَلُهُ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يَحْنَثُ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِيقَاعُهُ مُعَلَّقًا أَقْسَامٌ لَوْ حَلَفَ بِهِ عَلَى فِعْلٍ مُرَتَّبٍ عَلَى فَرْضٍ مَاضٍ لَمْ يَقَعْ، فَفِي حِنْثِهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ فِعْلُهُ مَمْنُوعًا لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ أَشْهَبَ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109 أَوْ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ، وَيُشْبِهُ بُلُوغُهُمَا عَادَةً: كَبَعْدَ سَنَةٍ   [منح الجليل] اخْتِصَارِ الْمَبْسُوطَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ دَلِيلِ قَوْلِهَا لَوْ كُنْت حَاضِرَ الشِّرْكِ مَعَ أَخِي لَفَقَأْت عَيْنَك حَنِثَ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَبَرُّ فِيهِ وَلَا فِي مِثْلِهِ، فَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِمَنْ نَازَعَهُ وَجَبَذَ ثَوْبَهُ لِيَشُقَّهُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَوْ أَنَّك شَقَقْته لَشَقَقْت جَوْفَك، ثُمَّ كَرَّرَهُ شَقَقْت كَبِدَك إلَّا أَنْ لَا أَقْدِرَ عَلَيْك لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشُقَّ الثَّوْبَ. سَحْنُونٌ هَذِهِ جَبْذَةٌ يُرَدُّ إلَيْهَا مَا يُشْبِهُهَا. وَاخْتُلِفَ فِي مِثْلِ هَذَا قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَإِلَيْهِ نَحَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي التَّفْسِيرِ الثَّالِثِ أَنَّهُ حَانِثٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا. وَقَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ الْمَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فَقْءِ عَيْنِهِ أَوْ شَقِّ كَبِدِهِ أَوْ شَقِّ ثَوْبِهِ. وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ عَنْ الصِّقِلِّيِّ قَوْلَ أَصْبَغَ وَقَوْلَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ أَمْكَنَ الْفِعْلُ شَرْعًا لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ. وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ شَرَطَهُ بِمُمْكِنٍ عَادَةً أَوْ شَرْعًا حَنِثَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَبِمُمْتَنِعٍ عَادَةً وَشَرْعًا وَأَرَادَ حَقِيقَةَ الْفِعْلِ حَنِثَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ لَمْ يَحْنَثْ فَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُ نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ، وَخِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَهْوًا أَوْ ظَفِرَ بِنَقْلٍ غَرِيبٍ وَتَرَكَ الْجَادَّةَ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ رَدِيءٌ، وَمَا قَالَهُ مِنْ إلْزَامِ الْحِنْثِ مَعَ الْإِمْكَانِ الْمُنَاسِبُ عَكْسُهُ. قُلْت وَقَوْلُ أَصْبَغَ لَوْ حَلَفَ لِغَرِيمِهِ لَوْ جِئْتنِي أَمْسِ لَقَضَيْتُك حَقَّك فَهُوَ حَانِثٌ لِأَنَّهُ غَيْبٌ لَا يَدْرِي أَكَانَ فَاعِلًا أَمْ لَا، نَصَّ فِي خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَوْ حَلَفَ عَلَى وَاجِبٍ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ اتِّفَاقًا وَلَمْ أَعْرِفْهُ إلَّا مِنْ نَقْلِهِ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْكَلَامَ هُنَا فَلْيُنْظَرْ. (أَوْ) عَلَّقَ بِشَيْءٍ (مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْقَافِ وُقُوعُهُ (وَيُشْبِهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ يُمْكِنُ (بُلُوغُهُمَا) أَيْ حَيَاةِ الزَّوْجَيْنِ مَعًا (عَادَةً) إلَى حُصُولِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَ سَنَةٍ) فَيُنَجَّزُ وَقْتُ تَعْلِيقِهِ لِشَبَهِهِ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَ يُشْبِهُ بُلُوغُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَلَا يُنَجَّزُ إذْ لَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110 أَوْ يَوْمَ مَوْتِي؛ أَوْ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ، أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا،   [منح الجليل] يَأْتِي الْأَجَلُ إلَّا وَالْفُرْقَةُ حَصَلَتْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، فَلَمْ يُشْبِهْ الْمُتْعَةَ حِينَئِذٍ، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا مَعًا فَهَذَا يَلْزَمُ، أَوْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُمَا، أَوْ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ أَوْ عُمُرُهَا، فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا إذْ لَا تَطْلُقُ مَيِّتَةً وَلَا يُؤْمَرُ مَيِّتٌ بِطَلَاقٍ. ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ أَوْ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا طَلَّقَهَا إلَى وَقْتٍ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهَا أَوْ لَا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ. (أَوْ) قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ مَوْتِي) أَوْ مَوْتِك فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حِينَ قَوْلِهِ وَكَذَا قَبْلَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَقْتَ تَعْلِيقِهِ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ فِي جَعْلِ حِلِّهَا إلَى وَقْتٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهُمَا ظَاهِرًا بِخِلَافِ إنْ أَوْ إذَا أَوْ مَتَى مِتَّ أَوْ مَتَى فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يُنَجَّزُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْيَ الْمَوْتِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ تَنْقَطِعُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَجِدُ الطَّلَاقُ مَحَلًّا. بِخِلَافِ يَوْمِ مَوْتِي أَوْ مَوْتِك لِصِدْقِهِ بِمَا قَبْلَ الْمَوْتِ، فَلِذَا نُجِّزَ. وَأَمَّا إنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَوْتِ غَيْرِهِمَا فَيُنَجَّزُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُوَضِّحُ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ بَيْنَ يَوْمِ مَوْتِهِ أَوْ إنْ أَوْ إذَا أَوْ قَبْلَ أَوْ بَعْدَ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَمُوتُ أَخِي نُجِّزَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَعْلِيقِ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ عَلَى مَوْتِهِ. وَعَطَفَ عَلَى أَمْثِلَةِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ فَقَالَ (أَوْ) قَوْلُهُ (إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِتَعْلِيقِهِ بِمُحَقَّقٍ وَاجِبٍ عَادِيٍّ وَهُوَ انْتِفَاءُ مَسِّ السَّمَاءِ (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِالنَّدَمِ وَتَعْقِيبِ الطَّلَاقِ بِمَا يَرْفَعُهُ. وَكَذَا إنْ أَخَّرَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْهَزْلِ لِاسْتِحَالَةِ انْتِفَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111 أَوْ لِهَزْلِهِ: كَ " طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ: كَإِنْ قُمْت أَوْ غَالِبٍ: كَإِنْ حِضْت   [منح الجليل] حَجَرِيَّةِ الْحَجَرِ (أَوْ لِهَزْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ (طَالِقٌ أَمْسِ) فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَقْتَ قَوْلِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ حُذِفَ أَوْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِلتَّنْجِيزِ فِي إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ كَطَالِقٍ أَمْسِ تَشْبِيهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى مُحَالٍ كَإِنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ فَفِي لُزُومِهِ طَلَاقُهَا نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَهُمَا الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَاضِي رِوَايَتَيْنِ وَلِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَرَّةً كَسَحْنُونٍ اللَّخْمِيُّ وَعَلَيْهِمَا قَوْلُهُ إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ أَصْبَغَ مَنْ قَالَ فِي مُنَازَعَةِ امْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ هَذَا الْعَمُودُ هِيَ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَكُنْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي الْعَمُودِ. اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ يَحْلِفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَيُبَرَّأَ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ نَدَمَهُ فَيَحْلِفَ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى وَاضِحٍ فَقَبَضَهُ مُؤَخَّرًا عَنْهُ كَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمُقَدَّمًا ابْنُ الْحَاجِبِ حَانَثْ كَأَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَإِنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ هَذَا الْعَمُودُ. وَلِابْنِ مُحْرِزٍ فِي طَالِقٍ أَمْسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ فِي السُّرَيْجِيَّةِ نَقَلَ الشَّيْخِ تَقْيِيدَ الطَّلَاقِ بِالْمَاضِي كَإِطْلَاقِهِ، وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى حَالٍ وَاضِحَةٍ يَعُدْ الْمُعَلَّقِ فِيهَا هَازِلًا مِثْلُ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا وَهَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا حَنِثَ لِهَزْلِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ. اهـ. فَمَحَلُّ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْحِنْثِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ مُقَدَّمًا بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْإِنْسَانُ إنْسَانًا لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَادِمًا. (أَوْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (لَا صَبْرَ عَنْهُ) عَادَةً (كَ) قَوْلِهِ (إنْ قُمْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ يَعْسُرُ تَرْكُ الْقِيَامِ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمُحَقَّقِ، وَيَصِحُّ ضَبْطُ تَاءِ قُمْت بِالْحَرَكَاتِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ كَسِيحًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ الْيَمِينِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ (غَالِبٍ) حُصُولُهُ (كَ) قَوْلِهِ لَهَا (إنْ حِضْت) أَوْ إذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112 أَوْ مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ: كَإِنْ صَلَّيْت؛ أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا: كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ؛ أَوْ لَمْ يَكُنْ، أَوْ فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ قَلْبَانِ؛ أَوْ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ   [منح الجليل] فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهَا تَنْزِيلًا لِلْغَالِبِ مَنْزِلَةَ الْمُحَقَّقِ إذَا كَانَتْ تَحِيضُ أَوْ يُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا كَصَغِيرَةٍ لَا آيِسَةٍ وَبِعِلَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى غَالِبِ الْوُجُودِ كَالْحَيْضِ فِي تَعْجِيلِهِ وَتَأْخِيرِهِ إلَيْهِ نَقْلًا اللَّخْمِيِّ مَعَ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ الْمَشْهُورِ وَأَشْهَبُ مَعَ الْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالشَّيْخِ عَنْ رِوَايَتِهِ وَلِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ. (أَوْ) عَلَّقَهُ بِ (مُحْتَمَلٍ وَاجِبٍ كَإِنْ صَلَّيْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ وَلَوْ كَافِرَةً أَوْ صَغِيرَةً وَيَتَوَقَّفُ التَّنْجِيزُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (لَا يُعْلَمُ حَالًا) وَيُعْلَمُ مَآلًا (كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي حِنْثِهِ بِمُجَرَّدِهِ وَلَا بَقَاءَ لِعِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَى فَلَا تَعُودُ لِعِصْمَتِهِ (أَوْ) قَالَ إنْ (لَمْ يَكُنْ) فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حِينَ التَّعْلِيقِ لِلشَّكِّ فِي حِنْثِهِ فِيهِ حِينَئِذٍ وَلَا تَعُودُ لَهُ وَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرًا عَقِبَهُ. فَإِنْ قُلْت الْمُعَلَّقُ عَلَى نَحْوِ دُخُولِ الدَّارِ مَشْكُوكٌ فِيهِ أَيْضًا وَلَا يُنَجَّزُ فَمَا الْفَرْقُ قُلْتُ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَى نَحْوِ الدُّخُولِ لَمْ يُشَكَّ فِي الْحِنْثِ فِيهِ فِي الْحَالِ، بَلْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَأَمَّا الْمُعَلَّقُ عَلَى مَا لَا يُعْلَمُ حَالًا فَالشَّكُّ فِي حِنْثِهِ حِينَ تَعْلِيقِهِ فَالِاسْتِمْرَارُ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارٌ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ. (أَوْ) قَالَ إنْ كَانَ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ (فِي هَذِهِ اللَّوْزَةِ) مَثَلًا (قَلْبَانِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا وَلَوْ كُسِرَتْ حَالًا وَتَبَيَّنَ فِيهَا مَا يُبْرِيهِ وَظَاهِرُهُ التَّنْجِيزِ فِي هَذَيْنِ. لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَتَحْرِيكِهَا قُرْبَ أُذُنِهِ وَظَنِّهِ أَنَّ فِيهَا قَلْبًا أَوْ قَلْبَيْنِ (أَوْ) قَالَ إنْ كَانَ فُلَانٌ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ (فُلَانٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَخِفَّةِ اللَّامِ كِنَايَةٌ عَنْ اسْمِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ (مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) أَوْ النَّارِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ شَرْعِيٌّ وَإِلَّا فَلَا يَحْنَثُ كَالْعَشَرَةِ الَّذِينَ بَشَّرَهُمْ الرَّسُولُ الْأَعْظَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَبِي لَهَبٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الَّذِي وَرَدَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فِي التَّوْضِيحِ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ ثَبَتَ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ وَكُلِّ مَنْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَمَنْ شَهِدَ الْإِجْمَاعُ بِعَدَالَتِهِ وَصَلَاحِهِ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَالَ هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ إمَامُ هُدًى وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَهِيَ طَالِقٌ هِيَ طَالِقٌ سَاعَتَئِذٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُ تَسْوِيَتِهِ بَيْنَهُمَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَبْسُوطَةِ إنْ حَلَفَ عَلَيْهِ حَتْمًا. وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] ، وَقَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ. فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ فَتَعْجِيلُ طَلَاقِهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَسْلَمُ مِنْ الذُّنُوبِ وَلَمْ يُعْصَمْ مِنْهَا إلَّا نَبِيٌّ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى غَيْبٍ، وَإِنْ نَوَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ مِنْ الَّذِينَ لَا يَخْلُدُونَ فِي النَّارِ فَمَعْنَى يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بَعْدَ إيمَانِهِ وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ لِمَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيُقِيمَنَّ بِهَذَا الْبَلَدِ حَتَّى يَمُوتَ لَا يَنْبَغِي فِيهِ خِلَافٌ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَظَاهِرُهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَالْأَظْهَرُ حَمْلُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَلَيْهِ، وَحُمِلَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الْجَنَّةَ عَلَى الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ وَسَمِعَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنُ رُشْدٍ وَسَائِرُ الْعَشَرَةِ، وَكَذَا مَنْ ثَبَتَ بِطَرِيقٍ صَحِيحٍ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَوَقَفَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي تَحْنِيثِ مَنْ حَلَفَ بِذَلِكَ فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ إمَامُ هُدًى وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا لِعَدَمِ وُرُودِ نَصٍّ فِيهِ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ، فَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» . . الْحَدِيثَ وَشَبَهَهُ، وَحَصَلَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْإِجْمَاعُ مَعْصُومٌ، ثُمَّ قَالَ قُلْتُ فَفِي وُقُوعِ طَلَاقِ الْحَالِفِ عَلَى الْجَزْمِ بِمُغَيَّبٍ يَبِينُ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114 أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا، أَوْ لَمْ تَكُونِي. وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ وَاخْتَارَهُ مَعَ الْعَزْلِ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ إطْلَاعُنَا عَلَيْهِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ الْمَلَائِكَةُ؛ أَوْ الْجِنُّ   [منح الجليل] حَلِفِهِ أَوْ بِالْحُكْمِ. ثَالِثُهَا يُؤَخَّرُ لِبَيَانِهِ. وَرَابِعُهَا هَذَا إنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ كَقَوْلِهِ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا فَانْظُرْهُ. (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ (إنْ كُنْت) بِكَسْرِ التَّاءِ (حَامِلًا) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) إنْ (لَمْ تَكُونِي) حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حِينَ قَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي حِنْثِهِ حِينَهُ (وَحُمِلَتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الزَّوْجَةُ (عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُ) إنْ كَانَتْ (فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (فِيهِ) أَيْ الطُّهْرِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ فَلَا إنْزَالَ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ، فِي إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ، وَفِي إنْ كُنْت حَامِلًا وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِك غُلَامٌ وَفِي إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا (وَاخْتَارَهُ) أَيْ اللَّخْمِيُّ الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاءَةِ (مَعَ) مَسِّهَا وَالْإِنْزَالِ وَ (الْعَزْلِ) وَضُعِّفَ بِسَبْقِ الْمَاءِ بِلَا شُعُورٍ بِهِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ بِمَا (لَمْ يُمْكِنْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) ، أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَيُنَجَّزُ فِيهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ رُشْدٍ وَتَعْلِيقُهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَإِطْلَاقِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى وَاقِعٍ لِانْحِصَارِ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي إنْ أَرَادَهُ أَوْ شَرَعَهُ، وَالْأَوَّلُ وَاقِعٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ مَلْزُومٌ لِإِرَادَتِهِ، وَكُلُّ مُرَادٍ لِلْبَشَرِ مُرَادٌ لِلَّهِ تَعَالَى لِعُمُومِ إرَادَتِهِ تَعَالَى كُلَّ حَادِثٍ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ لِشَرْعِ اللَّهِ تَعَالَى لُزُومُهُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَوْلُ بَعْضُهُمْ إنَّمَا أَلْزَمَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِأَنَّ مَشِيئَتَهُ تَعَالَى مَجْهُولَةٌ لَنَا لَا يُمْكِنُنَا عِلْمُهَا فَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِلشَّكِّ فِيهِ مَرْغُوبٌ عَنْهُ لِاقْتِضَائِهِ تَشَابُهَ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى لِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ كَقَوْلِ مَنْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَغَابَ قَبْلَ عِلْمِ مَشِيئَتِهِ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ وَهُوَ مُضَاهٍ لِقَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ بِحُدُوثِ الْإِرَادَةِ. (أَوْ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ (الْمَلَائِكَةُ أَوْ الْجِنُّ) فَيُنَجَّزُ لِلشَّكِّ فِي وُقُوعِهِ حَالًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى مَشِيئَةِ مَلَكٍ أَوْ جِنٍّ. ابْنُ شَاسٍ كَإِنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ، وَمُقْتَضَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115 أَوْ صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ تَمْثِيلُ بَعْضِهِمْ بِإِنْ شَاءَ زَيْدٌ فَغَابَ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ، إذْ لَا مَشِيئَةَ لَهُ، وَلِلْمَلَكِ وَالْجِنِّ مَشِيئَةٌ لَا تُعْلَمُ كَزَيْدٍ الْمَفْقُودِ. (أَوْ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ (صَرَفَ الْمَشِيئَةَ عَلَى مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ) وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ، أَيْ نَوَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ رَاجِعَةٌ لِلدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَوُجِدَ الدُّخُولُ فَيُنَجَّزُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ إذْ التَّنْجِيزُ فِي صَرْفِهَا لِلطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ أَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا إنْ لَمْ يَصْرِفْهَا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ لَا طَلَاقَ وَلَوْ دَخَلَتْ. ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَمُقَابِلُهُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَرَفَ الْمَشِيئَةَ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ إنْ تَرَكْت الدُّخُولَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ، وَكَذَا قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ دُخُولِي فَلَا شَيْءَ عَلَيَّ، وَقَدْ عُلِمَ فِي السُّنَّةِ أَنَّ كُلَّ وَاقِعٍ فِي الْوُجُودِ فَهُوَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي الْتَزَمَهُ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الدُّخُولَ أَوْ عَدَمَهُ وَاقِعٌ بِخِلَافِ الْمَشِيئَةِ وَهُوَ مُحَالٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَأَجَابَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ صَرْفَهُ الْمَشِيئَةَ لِلْفِعْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُحْتَمَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْمَشِيئَةِ بِهِ مُوجِبٌ تَعَلُّقَ الْحَلِفِ بِهِ، أَوْ بِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِهِ يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الْحَلِفِ بِهِ فَابْنُ رُشْدٍ بَنَاهُ عَلَى الثَّانِي فَأَلْزَمَ مَا أَلْزَمَ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مُجِيبًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ بَنَى عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ يَنْعَكِسُ الْأَمْرُ فِي جَرْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ هُوَ الْأَصْلُ وَهُوَ فِيهَا عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. فَابْنُ رُشْدٍ جَعَلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ. وَابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَهُ شَرْطًا عَلَى ظَاهِرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ يَسْقُطُ الِاعْتِرَاضُ. وَإِنْ كَانَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ عَلَّقَ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَفِي لَغْوِ اسْتِثْنَائِهِ مُطْلَقًا أَوْ مَا لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 116 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُرِدْ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ، وَصَوَّبَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. ابْنُ رُشْدٍ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ إعْمَالُهُ لِأَنَّهُ إذَا صَرَفَهُ لِلْفِعْلِ فَقَدْ بَرَّ فَلَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ لَا تُوجَدُ وَهِيَ أَنْ يَفْعَلَ الْفِعْلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يَشَاؤُهُ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ مَجُوسِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَعَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ دَرْكٌ عَظِيمٌ. قُلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّهُ فِيهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَرَدُّهُ لِلْفِعْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُحْتَمَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّ تَعَلُّقَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْفِعْلِ مُوجِبٌ تَعَلُّقَ الْحَلِفِ بِهِ، أَوْ بِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِهِ يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الْحَلِفِ بِهِ فَابْنُ رُشْدٍ بَنَاهُ عَلَى الثَّانِي فَأَلْزَمَ مَا لَزِمَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مُجِيبًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ بَنِي عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَحِينَئِذٍ يَنْعَكِسُ الْأَمْرُ فِي جَرْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَوْلُ غَيْرِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْقَدَرِيَّةِ. فَإِنْ قُلْت الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالْأَصْلُ هُوَ فِيهَا عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ قُلْت بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ تَقْيِيدُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ إنْ شَاءَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَلَّمْنَاهُ فَنَقُولُ إنَّمَا كَانَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْأَوَّلِ مُنَافٍ لِنَصِّ حُكْمِ الشَّرْعِ فِيهِ أَنَّهُ يَرْفَعُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي لِمُوَافَقَتِهِ مُقْتَضَى النَّصِّ فِيهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ هُوَ فِيهِ حَمْلٌ لِلَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ مَعَ السَّلَامَةِ عَنْ مُعَارَضَةِ نَصٍّ فِيهِ. إمَّا إنَّهُ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَبَيَانُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ قِيَامِي، فِيهِ شَرْطٌ تَعَقَّبَ شَرْطًا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ فِعْلًا مُسْنَدًا أَنْ يُؤَثِّرَ فِي وَقْفِ إسْنَادِهِ عَلَى الشَّرْطِ لَا أَنْ يُؤَثِّرَ فِي وَقْفِ نَقِيضِ الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، كَقَوْلِهِ اضْرِبْ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، هَذَا إنْ كَانَ قَذَفَ حُرًّا عَفِيفًا إنْ كَانَ عَبْدًا، فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا مُؤَثِّرٌ فِي إسْنَادِ ضَرْبِ أَرْبَعِينَ بِمَعْنَى وَقْفُهُ عَلَى الشَّرْطِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ إنْ كَانَ عَبْدًا وَحَمَلَهُ عَلَى تَأْثِيرِ الشَّرْطِ فِي وَقْفِ نَقِيضِ الْإِسْنَادِ، وَهُوَ عَدَمُ الضَّرْبِ الْمَذْكُورِ حُمِلَ لَهُ عَلَى غَيْرِ مَدْلُولِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا لِمُعَارِضٍ شَرْعِيٍّ، كَمَا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى. ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 117 بِخِلَافِ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنَ. أَوْ يَحْلِفَ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ   [منح الجليل] صَرْفِهِ لِلْفِعْلِ أَوْ لِلطَّلَاقِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَصَّ رِوَايَةٍ، وَالنَّظَرُ عِنْدِي صَرْفُهُ لِلْفِعْلِ إنْ قَصَدَ بِهِ حَلَّ الْيَمِينِ لِأَنَّ صَرْفَهُ لِلطَّلَاقِ لَغْوٌ لَا مَعْنَى لَهُ، وَصَرْفَهُ لِلْفِعْلِ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَحَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى وَجْهٍ لَهُ مَعْنًى أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا لَا مَعْنَى لَهُ. (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ) أَيْ يَظْهَرَ (لِي) أَنْ لَا أَجْعَلَ دُخُولَ الدَّارِ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ، وَإِلَّا أَنْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ، وَإِلَّا أَنْ يُغَيِّرَ اللَّهُ تَعَالَى مَا فِي خَاطِرِي، وَنَحْوَ ذَلِكَ إذْ كَانَ ذَلِكَ (فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ) فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ، بَلْ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّعْلِيقُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِرَادَتِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنِّي لَمْ أُصَمِّمْ عَلَى جَعْلِ دُخُولِ الدَّارِ سَبَبًا لِطَلَاقِك، بَلْ الْأَمْرُ مَوْقُوفٌ عَلَى إرَادَتِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ شِئْت جَعَلْته سَبَبًا، وَإِنْ شِئْت لَمْ أَجْعَلْهُ سَبَبًا لَهُ، فَلِذَا نَفَعَهُ لِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ وُكِّلَ إلَى إرَادَتِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا إلَّا بِتَصْمِيمِهِ عَلَى جَعْلِهِ سَبَبًا. وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ عَنْ صَرْفِهِ لِلْمُعَلَّقِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ فَيُنَجَّزُ، وَكَذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةُ صَرْفِهِ إلَى أَحَدِهِمَا فَيُنَجَّزُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي عِتْقِهَا الْأَوَّلُ إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَكَلَتْ مَعِي شَهْرًا إلَّا أَنْ أَرَى غَيْرَ ذَلِكَ فَقَعَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَأْكُلَ مَعَهُ فَنَهَاهَا ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَأَكَلَتْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مُرَادَهُ وَرَأَى ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ لَا يَدْرِي أَيُوجَدُ أَمْ لَا (كَإِنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ وَلَا يُنْتَظَرُ وُجُودُهُ، وَإِنْ أَمُطِرْت بَعْدَ كَلَامِهِ غَدًا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْبِ فَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الشَّكِّ وَالْهَزْلِ، وَكِلَاهُمَا يُوجِبُ الْحِنْثَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الزَّمَنَ) الْمُسْتَقْبَلَ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّ إمْطَارَهَا فِيهَا مُحَقَّقٌ وَعَدَمُهُ مُحَالٌ عَادَةً فَهُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى مُحَالٍ. (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَحْلِفَ) عَلَى الْإِمْطَارِ (لِعَادَةٍ) اعْتَادَهَا (فَيُنْتَظَرُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُمَهَّلَ وَلَا يُنَجَّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَمْضِيَ الزَّمَنُ الَّذِي حَلَفَ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 118 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْإِمْطَارِ فِيهِ، فَإِنْ أُمْطِرَتْ فِيهِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ. وَيُمْنَعُ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَتُهُ بِرًّا أَوْ حِنْثًا لِأَنَّ فِي إرْسَالِهِ عَلَيْهَا إرْسَالًا عَلَى مَشْكُوكٍ فِي عِصْمَتِهَا، وَظَاهِرُهُ انْتِظَارُهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ، وَاحْتَرَزَ بِالْعَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَنْ غَيْرِهَا كَكَهَانَةٍ وَتَنْجِيمٍ فَلَا يُنْتَظَرُ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ لَوْ حَلَفَ لِعَادَةٍ جَرَتْ لَهُ وَعَلَامَاتٍ عَرَفَهَا وَاعْتَادَهَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ التَّخَرُّصِ وَتَأْثِيرِ النُّجُومِ عِنْدَ مَنْ زَعَمَهَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَكُونَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ» ، وَبَحْرِيَّةً صِفَةُ سَحَابَةٍ مَحْذُوفَةٍ، أَيْ مَنْسُوبَةٍ لِلْبَحْرِ لِإِتْيَانِهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَمَعْنَى تَشَاءَمَتْ مَالَتْ لِجِهَةِ الشَّامِ، وَغُدَيْقَةٌ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، فَهُوَ تَصْغِيرُ تَعْظِيمٍ، وَالْغَدَقُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالدَّالِ الْمَطَّارُ الْكِبَارُ، وَغَدَقٌ اسْمُ بِئْرٍ مَعْرُوفٍ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَاَلَّذِي فِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُمْطِرْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عُجِّلَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ اسْتِخْبَارُ ذَلِكَ وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ حَقًّا قَبْلَ أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ يَنْقَسِمُ ذَلِكَ إلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْمِيَ بِذَلِكَ مَرْمَى الْغَيْبِ، وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَطْعًا مِنْ جِهَاتِ الْكِهَانَةِ أَوْ التَّنْجِيمِ أَوْ تَقَحُّمًا عَلَى الشَّكِّ دُونَ سَبَبٍ مِنْ تَجْرِبَةٍ، أَوْ تَوَسُّمِ شَيْءٍ ظَنَّهُ فَهَذَا لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ سَاعَةَ حَلَفَ، وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ. فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ وَلَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَ الْأَمْرُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَعِيسَى تَطْلُقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُنَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي أَنْ لَا يَرْمِيَ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الْغَيْبِ وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَنْ تَجْرِبَةٍ أَوْ شَيْءٍ تَوَسَّمَهُ، فَهَذَا يُعَجَّلُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ حَتَّى جَاءَ الْأَمْرُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ عِيسَى وَدَلِيلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ اهـ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا طَرِيقَ لَهُ إلَى مَعْرِفَتِهِ عُجِّلَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ. وَاخْتُلِفَ إنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاءَ الْأَمْرُ عَلَى مَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 119 وَهَلْ يُنْتَظَرُ فِي الْبِرِّ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ أَوْ يُنْجَزُ كَالْحِنْثِ؟ تَأْوِيلَانِ أَوْ بِمُحَرَّمٍ. كَإِنْ لَمْ أَزْنِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ   [منح الجليل] حَلَفَ عَلَيْهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا أَنَّهُ تَطْلُقُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى ظَنِّهِ لِأَمْرٍ تَوَسَّمَهُ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ فِي الشَّرْعِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا ظَهَرَ لِكِهَانَةٍ أَوْ تَنْجِيمٍ أَوْ الشَّكِّ أَوْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ طُلِّقَ عَلَيْهِ اهـ أَفَادَهُ " غ ". (وَهَلْ يُنْتَظَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُمَهَّلُ الْحَالِفُ، وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (فِي) صِيغَةِ (الْبِرِّ) كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الِانْتِظَارِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شَارِحِيهَا (أَوْ يُنَجَّزُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً الطَّلَاقُ فِي الْبِرِّ (كَ) تَنْجِيزِهِ فِي (الْحِنْثِ تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا حَلَفَ لَا لِعَادَةٍ وَقَيَّدَ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ كَدُونِ سَنَةٍ. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ لِعَادَةٍ فَيُنْتَظَرُ، أَوْ قَيَّدَ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ فِي الْأَجَلِ الْبَعِيدِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّنَةَ زَمَنٌ بَعِيدٌ فِي صِيغَتَيْ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ قَيَّدَ بِهَا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ، وَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إنْ قَيَّدَ بِهَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ بَلْ يَسْتَحِيلُ عَادَةً بِبَلَدِنَا، وَنَحْوِهَا أَنْ تَمْضِيَ سَنَةٌ وَلَا يَحْصُلُ مَطَرٌ فِيهَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأَشْهُرُ الَّتِي لَا يَتَخَلَّفُ الْمَطَرُ فِيهَا عَادَةً كَالتَّقْيِيدِ بِزَمَنٍ بَعِيدٍ فَيَفْتَرِقُ فِيهَا صِيغَةُ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ كَانَتْ طَالِقًا السَّاعَةَ لِأَنَّ السَّمَاءَ لَا بُدَّ أَنْ تُمْطِرَ فِي زَمَنٍ مَا وَكَذَا إنْ ضَرَبَ أَجَلًا عَشْرَ أَوْ خَمْسَ سِنِينَ. اهـ. طفى إنَّمَا مَحَلُّ التَّأْوِيلِ إذَا حَلَفَ لَا لِعَادَةٍ وَضَرَبَ الْأَجَلَ الْقَرِيبَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ غَدًا أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ، وَمَنْ تَأَكَّدَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَمَا نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ اتَّضَحَ لَهُ مَا قُلْنَا، وَعَلَيْهِ شَرْحُ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ. (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِ) فِعْلٍ (مُحَرَّمٍ كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ لَمْ أَزْنِ) أَوْ أَشْرَبْ الْخَمْرَ أَوْ أَقْتُلْ فُلَانًا عَمْدًا وَعُدْوَانًا فَيُنَجِّزُهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَا يُنَجِّزُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ) الْفِعْلُ الْمُحَرَّمُ مِنْ الْحَالِفِ بِإِنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ أَوْ قَتَلَ النَّفْسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 120 قَبْلَ التَّنْجِيزِ؛ أَوْ بِمَا لَا يُعْلَمُ حَالًا وَمَآلًا، وَدُيِّنَ إنْ أَمْكَنَ حَالًا، وَادَّعَاهُ، فَلَوْ حَلَفَ اثْنَانِ عَلَى النَّقِيضِ: كَإِنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا، أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ يَقِينًا: طَلَقَتْ   [منح الجليل] قَبْلَ التَّنْجِيزِ) عَلَيْهِ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِمَا لَا يُعْلَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (حَالًا وَلَا مَآلًا) . الشَّارِحُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ بِمَا لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُنَا عَلَيْهِ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ. (وَدُيِّنَ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ وُكِّلَ الزَّوْجُ إلَى دِينِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ (إنْ أَمْكَنَ) اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ (حَالًا وَادَّعَاهُ) كَحَلِفِهِ أَنَّهُ رَأَى الْهِلَالَ وَالسَّمَاءَ مُطْبَقَةً بِالْغَيْمِ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ وَيَحْلِفُ فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى. (فَلَوْ حَلَفَ) زَوْجَانِ (اثْنَانِ) بِطَلَاقِ زَوْجَتَيْهِمَا (عَلَى) جِنْسِ (النَّقِيضِ) الصَّادِقِ بِالنَّقِيضَيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ أَوْ الْمَعْنَى حَلَفَ كُلٌّ عَلَى النَّقِيضِ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْآخَرُ (كَ) قَوْلِ أَحَدِهِمَا (إنْ كَانَ هَذَا) الطَّائِرُ (غُرَابًا) فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ (أَوْ) قَوْلِ الْآخَرِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ وَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُلْزَمُ الْمُكَلَّفُ بِيَقِينِ غَيْرِهِ، وَكَقَوْلِ أَحَدِهِمَا زَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَقَدْ قُلْت لِي كَذَا وَقَالَ الْآخَرُ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ لَمْ أَقُلْهُ لَك وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. (فَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْحَالِفَانِ عَلَى النَّقِيضَيْنِ (يَقِينًا) بِأَنْ شَكَّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (طَلَقَتَا) أَيْ زَوْجَتَا الْحَالِفَيْنِ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ يَقِينًا طَلَقَتْ بِالْإِفْرَادِ فِيهِمَا، أَيْ طَلَقَتْ زَوْجَةُ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الْيَقِينَ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا أَوْ أَحَدُهَا وَأَرَادَ بِالْيَقِينِ الْجَزْمَ إذْ الْيَقِينُ مَا لَا يُمْكِنُ خِلَافُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا، وَشَمَلَ كَلَامُهُ الظَّنَّ وَالشَّكَّ وَالْوَهْمَ، وَسَوَاءٌ تَبَيَّنَ صِدْقُ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ شَيْءٌ وَإِنْ ادَّعَيَا الْيَقِينَ فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَأُ أَحَدِهِمَا فَيَحْنَثُ، إذْ اللَّغْوُ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ يَمِينِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَفْهُومُ اثْنَانِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ عَلَى النَّقِيضَيْنِ بِطَلَاقِ زَوْجَتَيْهِ وَالْتَبَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ وَتَعَذَّرَ التَّحْقِيقُ لَطَلَقَتَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَحَقُّقُ النَّقِيضَيْنِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ صِحَّةُ أَحَدِهِمَا لَمْ تَطْلُقْ الَّتِي تَبَيَّنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 121 وَلَا يَحْنَثُ إنْ عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ:   [منح الجليل] لَهُ بِرُّ يَمِينِهَا وَطَلَقَتْ الْأُخْرَى ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ يَعْرِفُ هَذَا الْحَقَّ لِحَقٍّ يَدَّعِيهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ يَعْرِفُ لَهُ فِيهِ حَقًّا دُيِّنَا جَمِيعًا، وَلَا حِنْثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْهَا وَالْعِتْقُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا. وَرَوَى مُحَمَّدٌ السَّبَائِيُّ أَنَّهُمَا يُدَيَّنَانِ وَلَا يَحْلِفَانِ. وَلِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُدَيَّنَانِ وَيَحْلِفَانِ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي نَحْوِ الْمَسْأَلَةِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إنْ طُولِبَ بِحُكْمِ الطَّلَاقِ وَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ، وَإِنْ أَتَيَا مُسْتَفْتِيَيْنِ فَلَا وَجْهَ لِلْيَمِينِ، وَفِي اخْتِصَارِ الْمَبْسُوطَةِ لِابْنِ رُشْدٍ سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَمَّنْ نَازَعَ رَجُلًا فَقَالَ أَنْتَ قُلْت كَذَا وَكَذَا فَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَقَالَ الْأَوَّلُ يَمِينِي فِي يَمِينِك بِالطَّلَاقِ أَلْبَتَّةَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا قُلْته حَقًّا، وَقَالَ الْآخَرُ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ أَلْبَتَّةَ إنْ كَانَ مَا ذَكَرَ حَقًّا فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " حَنِثَ الْأَوَّلُ وَطَلَقَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ أَلْبَتَّةَ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ فَلَا يَحْنَثُ وَفِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَقَدْ قُلْت لِي كَذَا فَقَالَ الْآخَرُ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كُنْت قُلْته فَلْيُدَيَّنَا وَيُتْرَكَا إنْ ادَّعَيَا يَقِينًا، وَفِي عِتْقِهَا الْأَوَّلَ إنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَمْسِ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ ادَّعَيَا عِلْمَ مَا حَلَفَا عَلَيْهِ دُيِّنَا فِيهِ وَإِنْ قَالَا لَمْ نُوقِنْ أَدَخَلَ أَمْ لَا وَإِنَّمَا حَلَفْنَا ظَنًّا فَلْيُعْتِقَاهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ يُجْبَرَانِ عَلَى عِتْقِهِ، وَعَبَّرَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْغَيْرِ بِأَشْهَبَ وَنَقَلَهَا التُّونُسِيُّ بِلَفْظِ حَلَفَا عَلَى الشَّكِّ بَدَلَ حَلَفَا ظَنًّا، وَلَفْظُ الْأُمِّ إنْ ادَّعَيَا عِلْمَ مَا حَلَفَا عَلَيْهِ دُيِّنَا، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيَا عِلْمَ مَا حَلَفَا عَلَيْهِ وَيُوهِمَانِ أَنَّهُمَا حَلَفَا عَلَى الظَّنِّ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَا يَنْبَغِي لَهُمَا أَنْ يَسْتَرِقَّاهُ بِالشَّكِّ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَقْضِي عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ. سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ. (وَلَا يَحْنَثُ) الزَّوْجُ (إنْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بَ) شَيْءٍ (مُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ) وُجُودُهُ عَقْلًا كَقَوْلِهِ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ شَرْعًا بِصِيغَةِ بِرٍّ كَقَوْلِهِ إنْ زَنَيْت فَأَنْتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 122 كَإِنْ لَمَسْت السَّمَاءَ، أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ، أَوْ لَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَةُ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ، أَوْ لَا يُشْبِهُ الْبُلُوغُ إلَيْهِ، أَوْ طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ، أَوْ إذَا مِتُّ، أَوْ مَتَى، أَوْ إنْ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ   [منح الجليل] طَالِقٌ أَوْ عَادَةٍ (كَ) قَوْلِهِ (إنْ لَمَسْت) بِتَثْلِيثِ التَّاءِ (السَّمَاءَ) فَطَالِقٌ (أَوْ إنْ شَاءَ هَذَا الْحَجَرُ) لِأَنَّ الشَّرْطَ مُحَقَّقٌ عَدَمُهُ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ مَشْرُوطِهِ، وَعُورِضَتْ هَذِهِ بِلُزُومِهِ بِالْهَزْلِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ، فَمَا هُنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ، وَبِهِ قَالَ سَحْنُونٌ وَذَكَرَهُمَا عَبْدُ الْوَهَّابِ رِوَايَتَيْنِ وَأَنَّ لُزُومَهُ أَصَحُّ، فَاسْتَوَى مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ آدَمِيٍّ وَ (لَمْ تُعْلَمْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (مَشِيئَةُ) الشَّخْصِ (الْمُعَلَّقِ) بِفَتْحِ اللَّامِ الطَّلَاقُ (بِمَشِيئَتِهِ) أَيْ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مَشِيئَتُهُ فَلَا يَحْنَثُ، وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا حِينَ التَّعْلِيقِ وَعَلِمَ بِمَوْتِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) عَلَّقَهُ بِمُسْتَقْبَلٍ (لَا يُشْبِهُ) أَيْ يُمْكِنُ (الْبُلُوغُ) أَيْ الْحَيَاةُ مِنْهُمَا مَعًا (إلَيْهِ) عَادَةً كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ، وَإِنْ بَلَغَ الزَّوْجَانِ مَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُشْبِهُ بُلُوغَهُمَا إلَيْهِ فَقَالَ الْحَطّ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ. عب وَالظَّاهِرُ وُقُوعُهُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ التَّعْمِيرُ مِنْ سَبْعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إنْ قَالَ (طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ) أَوْ مَجْنُونٌ وَكَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَأَتَى بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ نَسَقًا بِلَا فَصْلٍ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ تَحْصُلُ بِهِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا كَقَوْلِهِ (إذَا مِتَّ) بِضَمِّ التَّاءِ (أَوْ مُتِّي) بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ لِإِشْبَاعِ الْكِسْرَةِ عَلَى لُغَةٍ قَلِيلَةٍ أَوْ رَدِيئَةٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِهَا وَكَسْرِ التَّاءِ، وَجَوَابُ إذَا مَحْذُوفٌ أَيْ فَأَنْتِ طَالِقٌ. (أَوْ) قَوْلُهُ (إنْ) مِتّ بِضَمِّ التَّاءِ أَوْ مِتَّ بِكَسْرِهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَحْنَثُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ إنْ مِتَّ أَوْ مِتَّ أَوْ إذَا مِتَّ أَوْ مِتَّ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 123 نَفْيَهُ أَوْ إنْ وَلَدْت جَارِيَةً   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تَغْلِيبًا لِلشَّرْطِيَّةِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَمَفْعُولُ يُرِيدُ (نَفْيَهُ) أَيْ الْمَوْتِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ الْمَرَضِ عِنَادًا بِمَثَابَةِ قَوْلِهِ لَا أَمُوتُ وَلَا تَمُوتِينَ فَيُنَجَّزُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَغْوٌ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مِتَّ أَنَا وَأَنْتِ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ فِي إنْ قَالَ، وَكَذَا إذَا، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَرَأَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَسْبِقُ الْمَوْتَ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي إنْ قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّ إنْ حَرْفٌ لَا تَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ فَاخْتَصَّتْ بِوُقُوعِ الْمَوْتِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَإِذَا اسْمٌ يَدُلُّ عَلَى زَمَانِ الْمَوْتِ الصَّادِقِ عَلَى مَا قَارَبَهُ قَبْلَهُ فَصَارَ كَقَوْلِهِ يَوْمَ مَوْتِي. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ، أَنْتِ طَالِقٌ إنْ مِتَّ أَوْ إذَا مِتَّ سَوَاءٌ وَوَقَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي إنْ مِتَّ قَالَ أَصْبَغُ هُمَا سَوَاءٌ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَمَحْمَلُهُمَا وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِبِسَاطٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَمُوتَ عِنَادًا أَوْ مِنْ مَرَضٍ خَاصٍّ فَيُعَجَّلُ طَلَاقُهُ مَكَانَهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَى أَنْ إذَا مِتَّ مِثْلُ إنْ مِتَّ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا فِي قَوْلِهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ أَوْ إذَا شِئْتِ فَذَلِكَ بِيَدِهَا، وَإِنْ افْتَرَقَا حَتَّى تُوقِفَ أَوْ يَتَلَذَّذَ مِنْهَا طَائِعَةً وَكَانَتْ " إذَا " عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَشَدَّ مِنْ " إنْ " ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهُمَا. (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمُحَقَّقِ بَرَاءَتُهَا مِنْ الْحَمْلِ (إنْ وَلَدْت جَارِيَةً) أَيْ بِنْتًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ أَوْ مَسَّهَا فِيهِ وَلَمْ يُنْزِلْ أَوْ عَزَلَ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَوَافَقَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَتْ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّ فِيهِ. طفي هَذَا أَصْلُهُ لِعِيَاضٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِك غُلَامٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ سَاعَتَئِذٍ مَا نَصُّهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ إنْ وَلَدْتِ جَارِيَةً أَوْ إذَا وَلَدْت جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَلِدَ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ، وَكَذَا بَيَّنَهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ أَنَّهُ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى التَّفْسِيرِ، وَكَذَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَظَهَرَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خِلَافٌ اهـ. وَكَذَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَلَدْت غُلَامًا فَلَكَ مِائَةُ دِينَارٍ وَإِنْ وَلَدْت جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالطَّلَاقُ وَقَعَ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ، يُرِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ أَنْ يُعَجَّلَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 124 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَلِذَا حَمَلَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً كَمَا بَعْدَهُ، وَالْغَرَضُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ وَتَبِعَهُ " س " وَتَعَقَّبَ الْحَطّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ جَرَى عَلَى غَيْرِ عَادَتِهِ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَذَكَرَ هُنَا طَرِيقَيْنِ أُولَاهُمَا الَّتِي قَدَّمَهَا فِي قَوْلِهِ كَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ لَمْ تَكُونِي وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يُنَجَّزُ فِي قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَنَصُّ تَبْصِرَتِهِ اخْتَلَفَ فِيمَنْ قَالَ إنْ وَلَدْت جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إنْ لَمْ تَلِدِي غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ نَحْوَ الِاخْتِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَفِي مَالِكٍ أَنَّهَا طَالِقٌ مَكَانَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ. اهـ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْآنَ وَهِيَ طَرِيقَةُ عِيَاضٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. اهـ. قَالَ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ لَمْ تَكُونِي هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ حَالًا، وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ إنْ وَلَدْت جَارِيَةً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفُرُوعِ فَكُلُّهَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ وَلَدْت جَارِيَةً مَعَ الْفُرُوعِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَبْنِيَّةً عَلَى خِلَافِ مَا شَهَرَهُ هُنَاكَ. اهـ. وَمَا قَالَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَا تَخَالُفَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ قُصَارَاهُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ عِيَاضٍ، إذْ لَمْ يُخَالِفْ عِيَاضٌ إلَّا فِي إنْ وَلَدْت جَارِيَةً أَوْ إذَا وَلَدْت جَارِيَةً حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَصِّهِ. وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَوْ إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ لَمْ تَكُونِي فَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ عِيَاضٌ، بَلْ وَافَقَ اللَّخْمِيَّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَيْفَ يُخَالِفُهُ فِيهِ وَالْمُدَوَّنَةُ قَالَتْ فِي إنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَطْنِك غُلَامٌ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا وَأَقَرَّهُ عِيَاضٌ، وَإِنَّمَا قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ إلَخْ وَقَالَ وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت حَامِلًا أَوْ لَمْ يَكُنْ بِك حَمْلٌ أَوْ إذَا وَضَعْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، طَلَقَتْ مَكَانَهَا، وَلَا يُسْتَأْنَى بِهَا لِيَنْظُرَ أَبِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا، فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَتَوَارَثَانِ، فَهَذَا صَرِيحٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ فَخِلَافُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي إنْ وَلَدْت جَارِيَةً وَمَحَلُّهُ إذَا قَالَهُ لِمُحَقَّقَةِ الْحَمْلِ أَوْ لِمَشْكُوكٍ فِي حَمْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ مُحَقَّقَةَ الْبَرَاءَةِ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى عَدَمِ التَّنْجِيزِ، لَكِنْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُنْتَظَرُ إلَى الْوَطْءِ وَعِنْدَ عِيَاضٍ إلَى الْوِلَادَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 125 أَوْ إنْ حَمَلْت، إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً، وَإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ: كَإِنْ حَمَلْت، وَوَضَعْت، أَوْ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبِ، وَانْتُظِرَ إنْ أَثْبَتَ: كَيَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ   [منح الجليل] أَوْ) قَالَ لِغَيْرِ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (إذَا حَمَلْت) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِظُهُورِهِ وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ يَمِينِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إذَا ظَهَرَ بِك حَمْلٌ أَوْ حَدَثَ فَعُمِلَ بِالِاحْتِيَاطِ فَحَنِثَ بِمُجَرَّدِ ظُهُورِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ فَإِنَّ قَصْدَهُ قَطْعًا إذَا حَدَثَ بِك حَمْلٌ غَيْرُ هَذَا فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِحَمْلٍ مُسْتَقْبَلٍ. وَأَمَّا إنْ قَالَ لِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ وَلَا يَحْنَثُ فِي إذَا حَمَلْت فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً) بَعْدَ يَمِينِهِ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْوَطْءُ (قَبْلَ يَمِينِهِ) نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِلشَّكِّ فِي الْعِصْمَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، كَقَوْلِهِ لِأَمَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، ثُمَّ يُمْسِكُ خَوْفَ أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ. وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَهُمَا بِمَنْعِ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ، وَجَوَازُ الْعِتْقِ لَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي الْمَتْنِ رَاجِعْ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ، وَاسْتُشْكِلَ الْحِنْثُ بِوَطْئِهَا قَبْلَ يَمِينِهِ بِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى حُدُوثِ حَمْلٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْيَمِينِ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ، ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ إنْ حَمَلْت إنْ كُنْت حَامِلًا وَظَهَرَ حَمْلُك أَوْ مُرَادُهُ بِهِ الْوَضْعُ، وَلَكِنَّ هَذَا فِيهِ إخْرَاجُ اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ، وَأَوَّلُ الْجَوَابَيْنِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ قُبِلَ يَمِينُهُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّنْجِيزِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَإِنْ قُبِلَ يَمِينُهُ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ (إنْ حَمَلْت وَوَضَعْت) بِكَسْرِ التَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا فِيهِمَا فَطَالِقٌ وَلَيْسَ بِهَا حَمْلٌ ظَاهِرٌ فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وَإِنْ قُبِلَ يَمِينُهُ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ نُجِّزَ عَلَيْهِ نَظَرًا لِلْغَايَةِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ (مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ) وُقُوعُهُ وَيُمْكِنُ عِلْمُهُ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَانْتُظِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أُمْهِلَ الزَّوْجُ بِالْحِنْثِ إلَى وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ أَثْبَتَ) فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنْ عَلَّقَهُ بِصِيغَةِ بِرٍّ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَ (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ) الْغَائِبِ مِنْ سَفَرِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 126 وَتَبَيَّنَ الْوُقُوعُ أَوَّلَهُ: إنْ قَدِمَ فِي نِصْفِهِ وَإِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ مِثْلُ إنْ شَاءَ   [منح الجليل] قَاصِدًا تَعْلِيقَهُ عَلَى نَفْسِ قُدُومِهِ وَالزَّمَنُ تَبَعٌ لَهُ، فَإِنْ قَدِمَ وَلَوْ لَيْلًا حَنِثَ، فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى زَمَنِ قُدُومِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا يُنْتَظَرُ، وَأَنَّهُ لَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ عَلَى نَفْسِ الزَّمَنِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى نَفْسِ فِعْلٍ غَيْرِ غَالِبٍ وُجُودُهُ يُمْكِنُ عِلْمُهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِهِ فِيهَا مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ وَلَهُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ قَصَدَ وَقْتَ الْفِعْلِ وَهُوَ تَبَعٌ فَكَمُعَلَّقٍ عَلَى وَقْتٍ. (وَتَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ (الْوُقُوعُ) لِلطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى قُدُومِ زَيْدٍ (أَوَّلَهُ) أَيْ يَوْمَ قُدُومِهِ (إنْ قَدِمَ) زَيْدٌ (فِي نِصْفِهِ) أَيْ الْيَوْمِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ إذَا حَنِثَ بِنَفْسِ قُدُومِهِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَإِذَا قَدِمَ أَثْنَاءَ أَحَدِهِمَا تَبَيَّنَ أَيْ اُعْتُبِرَ حِنْثُهُ بِأَوَّلِهِ وَثَمَرَتُهُ فِي الْعِدَّةِ، فَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ الْفَجْرِ أَوْ الْغُرُوبِ طَاهِرًا وَحَاضَتْ وَقْتَ قَدِمَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ الْيَوْمُ مِنْ الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا وَوَضَعَتْ وَقْتَ قُدُومِهِ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ، وَفِي التَّوَارُثِ وَرُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ الْغُرُوبِ فِي الْيَوْمِ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْحِنْثَ فِي هَذَا بِنَفْسِ قُدُومِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ تَبَيُّنِ وُقُوعِهِ أَوَّلَ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلِ. (وَ) لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَةِ زَيْدٍ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ) عَدَمَهُ أَوْ إلَّا أَنْ تَشَائِي أَنْتِ فَلَا يَتَنَجَّزُ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ شَاءَ وُقُوعَهُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا (مِثْلُ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ شَاءَ) زَيْدٌ أَوْ أَنْ شِئْت أَنْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ فِي التَّوَقُّفِ عَلَيْهَا، لَكِنْ فِي هَذَا اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مِثْلُ إنْ شَاءَ. وَاخْتُلِفَ فِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ لِاقْتِضَائِهِ وُقُوعَهُ حَتَّى يَشَاءَ زَيْدٌ رَفْعَهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَهُوَ إذَا وَقَعَ لَا يَرْتَفِعُ فَقِيَاسُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَشِيئَتِهِ عَدَمَ وُقُوعِهِ، لَكِنَّهُ نَظَرَ فِيهِ لِلتَّعْلِيقِ مَعْنًى ابْنُ عَرَفَةَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 127 بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي:   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَقِيلَ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ وُقُوعِهِ. وَقَالَ أَصْبَغُ فِي الْمُنْتَخَبَةِ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي أَبِي فَمَنَعَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي فَلَمْ يَشَأْ وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ أَبِي. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مُرْسَلًا بَلْ مَوْقُوفًا عَلَى مَشِيئَةِ أَبِيهِ مِثْلُهُ فِي نَوَازِلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ قِيَاسُهُ الْأَوَّلُ صَحِيحٌ لَا قِيَاسُهُ الثَّانِي أَنَّهُ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ أَبِي لِأَنَّ وَقْفَ الطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَةِ الْأَبِ صَحِيحٌ وَرَفْعَ مَشِيئَةِ الْأَبِ الطَّلَاقَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا يَنْبَغِي جَعْلُ لَفْظِ رَفْعِ الْمَشِيئَةِ الطَّلَاقَ بِمَعْنَى وَقْفِ الطَّلَاقِ عَلَى مَشِيئَتِهِ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ نَوَى ذَلِكَ فَيَنْوِيَ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَلَا يَصِحُّ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَضْلًا أَنْ تُحْمَلَ يَمِينُهُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَوْ إلَّا أَنْ يَمْنَعَنِي لَغْوًا لَا أَثَرَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ حُمِلَ عَلَى إرَادَتِهِ بِهِ إنْ شَاءَ أَبِي لِعَدَمِ تَفْرِقَةِ الْعَوَامّ وَالْجُهَّالِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ، فَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يُفْتَى بِهِ الْجَاهِلُ، عَلَى أَنَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي نَوَازِلِهِ لَيْسَتْ الْجَهَالَةُ بِأَحْسَنَ حَالَةً مِنْ الْعِلْمِ فِي الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ ضَعِيفٌ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى لَفْظِهِ هُوَ أَظْهَرُ مُحْتَمَلَاتِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ امْرَأَتِي طَالِقٌ لَا أُلْزِمُ نَفْسِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَحَا أَصْبَغُ فَجَعَلَهُ كَإِنْ شَاءَ أَبِي، وَيَحْتَمِلُ وَجْهًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ فَعَلَ فُلَانٌ كَذَا، وَكَذَا أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ أَرَادَ الْحَالِفُ أَحَدَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ حُمِلَتْ يَمِينُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَيُخْتَلَفُ عَلَى أَيُّهَا يُحْمَلُ. اهـ. وَأَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا. (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَبْدُوَ) أَيْ يَظْهَرَ (لِي) عَدَمُ طَلَاقِك فَيُنَجَّزُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ، حَيْثُ رَدَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْمُعَلَّقِ، فَإِنْ رَدَّهُ لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ نَفَعَهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهَا فِي النُّذُورِ مَنْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَنْفَعُهُ اسْتِثْنَاؤُهُ. الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ. إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَشْيِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ عَلَيَّ الْمَشْيِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَلَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 128 كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ   [منح الجليل] أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا، وَقَالَ مَا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي إلَّا كَقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ، فَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ فَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ هُوَ. التُّونُسِيُّ لَمْ يَنْفَعْهُ اسْتِثْنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْهُ إلَى فِعْلٍ لَمْ يَقَعْ، بَلْ إلَى وُجُوبِ شَيْءٍ قَدْ أَلْزَمَهُ نَفْسَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَائِلِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي. وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي عَلَى الْأَشْهَرِ خِلَافُ نَصِّ تَسْوِيَتِهِ بَيْنَهُمَا. وَوَجْهُ تَفْرِقَتِهِ أَنَّ الرَّافِعَ فِي إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي هُوَ الْمَوْقِعُ فَكَانَ مِنْهُ تَلَاعُبًا. وَفِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ غَيْرَهُ فَأَشْبَهَ كَوْنَهُ تَفْوِيضًا. وَشَبَّهَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ (كَالنَّذْرِ وَالْعِتْقِ) فَإِذَا قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرُ كَذَا أَوْ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدِي فَرَجٍ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى مَشِيئَتِهِ. وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ شِئْت فَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ أَشَاءَ لَزِمَهُ وَإِنْ قَالَ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي فَإِنْ رَدَّهُ لِيُعَلِّقَ عَلَيْهِ نَفْعَهُ وَإِلَّا فَلَا يَنْفَعُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّ الرِّوَايَاتِ تَسْوِيَةُ الْعِتْقِ وَالنَّذْرِ بِالطَّلَاقِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ. ابْنُ شَاسٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ لِأَصْحَابِنَا طَرِيقَانِ الْأُولَى لَفْظُ الطَّلَاقِ يُوجِبُهُ فَلَا يَرْتَفِعُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُكْمٌ، الثَّانِيَةُ قَوْلُ الْبَغْدَادِيِّينَ تَأَخُّرُ الِاسْتِثْنَاءِ عَنْ الطَّلَاقِ مَعَ وُقُوعِهِ بِلَفْظِهِ كَاسْتِثْنَاءٍ عُلِّقَ بِمَاضٍ يَسْقُطُ كَسُقُوطِهِ فِي تَعَلُّقِهِ بِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ. الْمَازِرِيُّ تَحْقِيقُهُ إنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ إيقَاعَ لَفْظِي لَزِمَهُ الطَّلَاقُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَإِنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ لُزُومَ الطَّلَاقِ لِلْحَالِفِ بِهِ لَزِمَهُ قَوْلًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 129 وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ. كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ مُنِعَ مِنْهَا   [منح الجليل] وَاحِدًا، وَإِنْ أَرَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ، وَإِنْ أَرَادَ إلْزَامَ الطَّلَاقِ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ أَشْكَلُ الْوُجُوهِ، وَالْحَقُّ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى اخْتِلَافِ الْأُصُولِيِّينَ هَلْ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْفُرُوعِ حُكْمٌ مَطْلُوبٌ نَحْنُ غَيْرُ عَالِمِينَ بِهِ فَيَرْجِعُ إلَى تَعْلِيقِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ أَوْ لَيْسَ لَهُ حُكْمٌ بَلْ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ فَيَكُونُ الْحَقُّ مُعَلَّقًا بِاجْتِهَادِ الْمُفْتِي. قُلْت مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ التَّفْرِيقِ، بَلْ هُوَ بَحْثٌ فِي أَعْمَالِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَلَغْوِهِ وَالْأَقْرَبُ فِي التَّفْرِيقِ أَنَّ مَدْلُولَ الطَّلَاقِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَقَطْ، فَاسْتَحَالَ تَعْلِيقُهُ لِقِدَمِهِ وَمَدْلُولُ الْيَمِينِ فِعْلٌ أَوْ كَفٌّ عَنْهُ فَصَحَّ تَعْلِيقُهُ لِحُدُوثِهِ، وَالْأَوْلَى قَوْلُ بَعْضِهِمْ الْأَصْلُ لَغْوُ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي غَيْرِ الْمُعَلَّقِ وَرَدُّ أَعْمَالِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ. وَذَكَرَ قَسِيمٌ إنْ أَثْبَتَ فَقَالَ (وَإِنْ نَفَى) أَيْ حَلَفَ بِصِيغَةِ حِنْثٍ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا (وَلَمْ يُؤَجِّلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَمْ يَذْكُرْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا مُعَيَّنًا بِأَنْ أَطْلَقَهَا (كَ) قَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَقْدَمْ) زَيْدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ (مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الزَّوْجُ (مِنْ) وَطْءِ (هَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى عَدَمِ الْقُدُومِ مَثَلًا حَتَّى يَحْصُلَ لِئَلَّا يَلْزَمَ الِاسْتِرْسَالُ عَلَى فَرْجٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ وَيُنْتَظَرُ فَإِنْ رَفَعَتْهُ بِتَرْكِ وَطْئِهَا ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ وَإِنَّمَا جُبِرَ عَلَى تَرْكِهِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ. وَفِي نُسْخَةٍ كَإِنْ لَمْ أَقْدَمْ بِهَمْزَةِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ حُكْمَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ إلَخْ، وَيُمْكِنُ رَدُّ النُّسْخَةِ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ بِجَعْلِ فَاعِلِ يَقْدَمُ ضَمِيرُ الْحَالِفِ، فَإِنْ أَجَّلَ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ كَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ حَتَّى يَضِيقَ الْأَجَلُ، فَإِنْ فَعَلَ قَبْلَ انْقِضَائِهِ بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّعْلِيقُ عَلَى عَدَمِ فِعْلٍ مُمْكِنٍ لِلْحَالِفِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَلَا مُؤَجَّلٍ يَمْنَعُ الْوَطْءَ حَتَّى يَفْعَلَهُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ وَرِثَتْهُ وَوَرِثَهَا إذْ لَا تَطْلُقُ مَيِّتَةً وَلَا يُؤْمَرُ مَيِّتٌ بِطَلَاقٍ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 130 إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا، أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا وَهَلْ يُمْنَعُ مُطْلَقًا؟ أَوْ إلَّا فِي: كَإِنْ لَمْ أَحُجَّ فِي هَذَا الْعَامِ، وَلَيْسَ وَقْتَ سَفَرٍ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] وَفِي الْأَيْمَانِ مِنْهَا مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ. اللَّخْمِيُّ رَوَى ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَفْعَلَن فَتَرْكُ وَطْئِهِ مُحْدَثٌ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ، يُرِيدُ لَمْ تَكُنْ الْفُتْيَا بِمَنْعِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ يُؤْمَرُ بِالْكَفِّ مَنْ يُتَوَقَّعُ حِنْثُهُ فِي الْحَيَاةِ لَا مَنْ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِمَوْتِهِ أَوْ مَوْتِ زَوْجَتِهِ أَحْسَنُ. الشَّيْخُ إنْ تَعَدَّى وَوَطِئَ فَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاءٌ. الصِّقِلِّيُّ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِمَنْعِهِ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ. قُلْت يَرُدُّهُ وَطْءُ الْمُعْتَكِفَةِ وَالْمُحْرِمَةِ وَالصَّائِمَةِ فَالْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَيْسَ لِخَلَلٍ فِي مُوجِبِ الْوَطْءِ، وَقَوْلُ اسْتِبْرَائِهَا كُلُّ وَطْءٍ فَاسِدٍ لَا يَطَأُ بَعْدَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَ يُرِيدُ مَا فَسَدَ لِسَبَبِ حِلْيَتِهِ وَهُوَ دَلِيلٌ مَا قَبْلَهُ مِنْ وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ مُنِعَ مِنْهَا فَقَالَ (إلَّا) مَنْ كَانَ بِرُّهُ فِي وَطْئِهَا (كَ) قَوْلِهِ (إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا) فَهِيَ طَالِقٌ بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (أَوْ) قَوْلِهِ (إنْ لَمْ أَطَأْهَا) فَهِيَ طَالِقٌ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِأَنَّ بِرَّهُ فِي وَطْئِهَا فَيُرْسِلُ عَلَيْهَا، فَإِنْ تَرَكَ وَطْأَهَا وَرَفَعَتْهُ فَهُوَ مُولٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَمَحَلُّ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا حَيْثُ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ وَلَوْ مِنْ جِهَتِهِ مُنِعَ مِنْهَا وَنُجِّزَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا. (وَهَلْ يُمْنَعُ) مَنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ فِي غَيْرِ صُورَتَيْ الِاسْتِثْنَاءِ مَنْعًا (مُطْلَقًا) غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِ الْفِعْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَى عَدَمِهِ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ (أَوْ) يُمْنَعُ (إلَّا فِي) مَا لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ (كَ) قَوْلِهِ (إنْ لَمْ أَحُجَّ) فِي هَذَا الْعَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (وَلَيْسَ) الْوَقْتُ الَّذِي عَلَّقَ فِيهِ (وَقْتَ سَفَرِ) مُعْتَادِ الْحَجِّ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ قَبْلَ وَقْتِهِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ الثَّانِي إذْ لَا يَقْصِدَ أَحَدٌ الْحَجَّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا لَهُ أَجَلٌ عُرْفًا سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ مَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَحُجَّ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَحُجَّ، فَإِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ زَمَانٌ قِيلَ لَهُ أَحْرِمْ وَاخْرُجْ لِأَنَّهَا إنْ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْمُولِي إنْ لَمْ يُحْرِمْ، وَلَوْ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ دُونَ مَسِيسٍ حَجَّ مَتَى شَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرٌ كَظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا يُمْنَعُ الْوَطْءُ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ إبَّانَ خُرُوجِ النَّاسِ لِلْحَجِّ وَإِنْ رَفَعَتْهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْمُولِي وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إنْ تَبَيَّنَ ضَرَرُهُ بِهَا قِيلَ لَهُ اُخْرُجْ وَأَحْرِمْ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَحْرَمِ وَضَعْنَاهُ عَلَى مَا قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إذَا وَجَدَ صَحَابَةً وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ بِإِحْرَامٍ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ حَتَّى يَأْتِيَ إبَّانَ خُرُوجِ الْحَجِّ، فَإِنْ جَاءَ ضُرِبَ لَهُ فَإِنْ حَجَّ قَبْلَ انْقِضَائِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى انْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ طَلَّقَ عَلَيْهِ عِنْدَ انْقِضَائِهِ. " ر " إذَا انْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ قَبْلَ وَقْتِ الْحَجِّ فَلَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ، فَإِنْ أَتَى وَحَجَّ بَرَّ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلْ لِلْإِيلَاءِ وَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ أُجِّلَ لِلْإِيلَاءِ وَقِيلَ لَهُ اُخْرُجْ وَأَحْرِمْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ إلَى الْوَطْءِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ أَبَدًا وَيُؤَجَّلُ لِلْإِيلَاءِ مَتَى قَامَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ. وَثَالِثُهَا لَا يُمْنَعُ الْوَطْءَ حَتَّى يَخْشَى فَوَاتَ الْحَجِّ فَيُمْنَعَ وَيُؤَجَّلَ لِلْإِيلَاءِ إنْ قَامَتْ امْرَأَتُهُ بِهِ. وَقِيلَ أُخْرِجَ فَإِنْ أَسْرَعَ وَحَجَّ سَقَطَ الْإِيلَاءُ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِهَا إنْ انْقَضَى أَجَلُهَا أَوْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ. وَرَابِعُهَا لَا يُمْنَعُ الْوَطْءَ حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ فَإِنْ فَاتَهُ وَقَامَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ خَرَجَ فَلَا تُطَّلَقُ عَلَيْهِ بِانْقِضَائِهِ حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ الْحَجِّ. فَإِنْ حَجَّ بَرَّ وَسَقَطَ عَنْهُ الْإِيلَاءُ. وَإِنْ لَمْ يَحُجَّ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى انْقَضَى أَجَلُ الْإِيلَاءِ طَلَّقَ عَلَيْهِ بِهَا وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ يَوْمَ حَلَفَ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقْتِ الْحَجِّ مَا يُدْرِكُهُ فِيهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْعَامِ، وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِهِ فِي السَّمَاعِ. فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ وَعَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا يَحُجُّ فِي مِثْلِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ الْخُرُوجِ لِبَلَدٍ وَلَا يُمْكِنُهُ حِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132 إلَّا: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مُطْلَقًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، أَوْ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك بِرَأْسِ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ، أَوْ الْآنَ فَيُنَجَّزُ   [منح الجليل] يُمْكِنُهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِخُرُوجِهِ وَقْتٌ وَمَنَعَهُ فَسَادُ طَرِيقٍ أَوْ غَلَاءُ كِرَاءٍ فَهُوَ عُذْرٌ، وَكَذَا حَلِفُهُ لَيُكَلِّمَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ فَلَا يُوقَفُ حَتَّى يَقْدَمَ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَضَرَ وَطَالَ مِقْدَامُهُ بِمَا يُمْكِنُهُ الْفِعْلُ فِيهِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ فُلَانٌ حَنِثَ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا أَيْ وَيُنْتَظَرُ فَقَالَ (إلَّا) قَوْلُهُ (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك) فَأَنْتِ طَالِقٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ لَهُ بِأَجَلٍ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ مَا لَهَا لِلطَّلَاقِ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ بَرَّ أَوْ حَنِثَ (أَوْ) مُقَيِّدًا تَعْلِيقَهُ (إلَى أَجَلٍ) قَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَجْهُهُ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى التَّعْجِيلِ وَالْفَوْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ. ابْنُ عَاشِرٍ لَمَّا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ مُنِعَ مِنْهَا حُكْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُصَرَّحٌ بِهِ وَهُوَ الْحَيْلُولَةُ وَالْآخَرُ لَازِمٌ وَهُوَ عَدَمُ التَّنْجِيزِ، اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ قَوْلَهُ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا إلَخْ، وَبِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الثَّانِي قَوْلَهُ إلَّا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَخْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فِي هَذِهِ صَرِيحًا احْتَاجَ إلَى بَيَانِهِ بِقَوْلِهِ فَيُنَجَّزُ فَلَوْ قَرَنَ إلَّا الثَّانِيَةَ بِوَاوِ عَطْفٍ لَكَانَ أَصْنَعَ. (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا قَوْلُهُ (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ) أَيْ آخَرَ (الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ) فَتَنَجَّزَ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ وَقْتَ تَعْلِيقِهِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ آخِرَهُ بِإِيقَاعِهِ أَوْ بِحِنْثِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهَا (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا إنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَهُ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (الْآنَ) أَلْبَتَّةَ (فَيُنَجَّزُ) الطَّلَاقُ أَلْبَتَّةَ إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا إمَّا بِإِيقَاعِهِ أَوْ حِنْثِهِ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ بِالتَّنْجِيزِ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ فِيهَا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَاعْتَرَفَ فِي التَّوْضِيحِ بِهَذَا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133 وَيَقَعُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ كَطَالِقٍ الْيَوْمَ، أَوْ كَلَّمَتْ فُلَانًا غَدًا   [منح الجليل] لِأَنَّ الْأُولَى عَجَّلَ فِيهَا الطَّلَاقَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَهَذِهِ لَهُ الْخُرُوجُ فِيهَا مِنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ بِالْمُصَالَحَةِ مَعَ أَنَّ الْأُولَى مَنْصُوصَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَهُ مَكَانَهُ طَلْقَةٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ وَقَفَهُ اهـ. وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ التَّنْجِيزِ فِي الْحَلِفِ بِالْبَتَّةِ قَائِلًا قَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ وَاحِدَةٍ. اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّنْجِيزِ وَهُوَ يَجِدُ مَخْرَجًا بِالْمُصَالَحَةِ، وَلَمْ يَعْرِفْ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ بِالتَّنْجِيزِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مَشْهُورًا، وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ إنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْهِلَالِ ثَلَاثًا لَمْ يُعَجِّلْ أَحَدَ الطَّلَاقَيْنِ. قَالَ مُحَمَّدٌ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ وَاحِدَةٍ. الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ الطَّلْقَةَ الَّتِي إلَى شَهْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا طَلْقَةٌ. مُحَمَّدٌ هَذِهِ جَيِّدَةٌ وَوَقْفٌ عَمَّا قَبْلَهَا وَرَآهَا أَيْمَانًا لَا يَجِبُ فِيهَا طَلَاقٌ وَقَالَ أَرَأَيْت إنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك إلَى سَنَةٍ أَلْبَتَّةَ أَتُعَجَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُصَالِحَ قَبْلَ السَّنَةِ وَيَتَزَوَّجَهَا فَيَسْلَمَ مِنْ الْبَتَّةِ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِ وَطْأَهَا إلَى الْأَجَلِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ لَا أُعْتِقَنَّ جَارِيَتِي إلَى سَنَةٍ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا. قُلْت ظَاهِرُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ التَّعْجِيلِ فِي تَعْلِيقِ " أَلْبَتَّةَ " عَلَى عَدَمِهَا وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَ بِالتَّعْجِيلِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهَا قَوْلًا بِالتَّعْجِيلِ وَكَذَا فَعَلَ ابْنُ بَشِيرٍ. (وَيَقَعُ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدِ بِقَوْلِهِ الْآنَ إذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ (وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ) وَاوُهُ لِلْحَالِ وَلَوْ مُؤَكِّدَةً فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ، وَاسْتَظْهَرَ عَلَى هَذَا بِالْقِيَاسِ فَقَالَ (كَطَالِقٍ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا) قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَصْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ إذَا كَلَّمَهُ غَدًا وَلَيْسَ لِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْيَوْمِ وَجْهٌ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ الْحَمَّامَ غَدًا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فُلَانٌ الْحَمَّامَ غَدًا وَلَهُ وَطْؤُهَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ، وَعَلَى هَذَا تَلْزَمُهُ الْبَتَّةُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُهَا فَسَقَطَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ شَيْءٌ بِوَجْهٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134 وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ، فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ، فَإِنْ عَجَّلَهَا أَجْزَأَتْ، وَإِلَّا قِيلَ لَهُ: إمَّا عَجَّلَتْهَا وَإِلَّا بَانَتْ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ غَيْرِهِ فَفِي الْبِرِّ:   [منح الجليل] لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى إيقَاعِ الْبَتَّةِ رَأْسَ الشَّهْرِ بِوُقُوعِهَا الْآنَ فَلَهُ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَهُوَ إيقَاعُ أَلْبَتَّةَ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ. فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ الطَّلَبِ وَاخْتِيَارُ الْحِنْثِ كَمَا لِكُلِّ حَالِفٍ، فَإِذَا اخْتَارَهُ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوعُ الْحِنْثِ عَلَيْهِ لِانْعِدَامِ زَمَانِ أَلْبَتَّةَ الْمَحْلُوفِ بِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهَا فِي الزَّمَنِ الْحَالِ الَّذِي عَادَ مَاضِيًا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا غَدًا وَكَلَّمَهُ غَدًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَوْمَ مَضَى وَهِيَ زَوْجَتُهُ وَقَدْ انْقَضَى وَقْتُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ غَدٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافُ أَصْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُهُ إذَا كَلَّمَهُ غَدًا، وَأَيْضًا فَالْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ بِإِثْرِ هَذِهِ مِمَّا يَرُدُّ بَحْثَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذْ لَوْ صَحَّ لَلَزِمَ فِيمَنْ قَالَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ لِمَا ذُكِرَ، وَلَكِنْ لَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ فِي تَعْجِيلِ الْوَاحِدَةِ اهـ (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك وَاحِدَةً بَعْدَ شَهْرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ (أَجْزَأَتْ) فِي بِرِّهِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ شَيْءٌ لِفِعْلِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ قَبْلَ الشَّهْرِ لَا يَضُرُّ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُنَجَّزَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَ أَجَلِهِ طَالِقٌ بَعْدَ شَهْرٍ فَيُنَجَّزُ الْآنَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهَا وُقِفَ وَ (قِيلَ لَهُ إمَّا عَجَّلْتهَا) أَيْ الْوَاحِدَةَ الْآنَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعَجِّلْهَا (بَانَتْ) مِنْك بِالثَّلَاثِ وَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى جَاوَزَ الْأَجَلَ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا لِوَاحِدَةٍ طَلَقَتْ أَلْبَتَّةَ وَلَا يَمْنَعُهَا مُضِيُّ زَمَنِهَا. (وَإِنْ حَلَفَ) الزَّوْجُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ عِتْقِ أَمَتِهِ (عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الشَّامِلِ لِلزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا (فَفِي) حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ بِصِيغَةِ (الْبِرِّ) بِأَنْ قَالَ إنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 135 كَنَفْسِهِ، وَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْحِنْثِ؟ أَوْ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَيُتَلَوَّمُ لَهُ؟ قَوْلَانِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ   [منح الجليل] فَعَلَ فُلَانٌ كَذَا فَزَوْجَتُهُ طَالِقٌ فَ (كَ) حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ (نَفْسِهِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَيُنْتَظَرُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ أَمَتِهِ الَّتِي حَلَفَ بِعِتْقِهَا وَلَا مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ الَّتِي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا. وَأَمَّا الْبِرُّ الْمُؤَقَّتُ كَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فُلَانٌ كَذَا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ فَيُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْأَمَةِ لَا مِنْ وَطْئِهَا أَوْ الزَّوْجَةِ. (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ الْحَلِفُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ (فِي) صِيغَةِ (الْحِنْثِ) الْمُطْلَقِ فِي مَنْعِهِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ وَضَرْبِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ إنْ رَفَعَتْهُ (أَوْ لَا) يَكُونُ كَحَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَا (يُضْرَبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (لَهُ) أَيْ الْحَالِفِ (أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَ) لَكِنْ (يُتَلَوَّمُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ يُسْتَأْنَى (لَهُ) بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ أَرَادَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يَحْنَثُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْقَاسِمِ رَجَّحَ الثَّانِيَ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا عَلَيْهِمَا أَمَّا عَلَى ضَرْبِ الْأَجَلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى التَّلَوُّمِ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا مَعَهُ وَنَصُّهَا فِي الْحَطّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعَلَّقُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ غَيْرِ الْحَالِفِ فِي كَوْنِهِ كَعَدَمِ فِعْلِهِ أَوْ التَّلَوُّمُ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَهُ. ثَالِثُهَا إنْ حَلَفَ عَلَى غَائِبٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَقْدَمْ فُلَانٌ أَوْ إنْ لَمْ يَحُجَّ فَالْأَوَّلُ وَإِنْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَهَبْ لِي دِينَارًا أَوْ إنْ لَمْ تَقْضِنِي حَقِّي فَالثَّانِي، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الثَّانِي فِي مَنْعِهِ الْوَطْءَ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ لِيَمِينِهِ سَبَبٌ وَقْتًا أَرَادَهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَرَادَهُ دُونَ حُكْمِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ مَضَى قَدْرُ مَا كَانَ السُّلْطَانُ يَتَلَوَّمُ لَهُ وَقَعَ حِنْثُهُ، فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَهُ فَلَا يَرِثُهَا وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ مَا لَمْ يُفَرِّقْ الْحَاكِمُ. وَقَالَ الْأَخَوَانِ لَا يَقَعُ وَلَوْ طَالَ إلَّا بِالْحُكْمِ وَالْقِيَاسِ الْأَوَّلِ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِفِعْلٍ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُ أَوْ تَسَرَّيْتُ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 136 ثُمَّ حَلَفَ مَا فَعَلْت، صُدِّقَ بِيَمِينٍ،   [منح الجليل] ثُمَّ) كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي إقْرَارِهِ أَوْ الْبَيِّنَةَ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ وَ (حَلَفَ) بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ (مَا فَعَلْت) ذَلِكَ الْفِعْلَ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بِيَمِينٍ) بِاَللَّهِ تَعَالَى إنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ زُوِّرَتْ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَكَلَ نُجِّزَ عَلَيْهِ إنْ رُفِعَ وَإِنْ اسْتَفْتَى صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَقَرَّ بِفِعْلِ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَحْنَثُ، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فَلَا يَنْفَعُهُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِالْقَضَاءِ. قُلْت مِثْلُهُ فِي رَسْمِ الدُّورِ وَالْمَزَارِعِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ وَفِيهِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ بِحَقٍّ أَوْ فِعْلِ شَيْءٍ يُنْكِرُهُ فَحَلَفَ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِزُورٍ حَلَفَ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ وَدُيِّنَ، فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِهِمْ أَوْ شَهِدَ آخَرُونَ بِصِدْقِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِينَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ. وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنْ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ كَذَا وَإِنْ كَانَ كَلَّمَ فُلَانًا الْيَوْمَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ عُدُولٌ بِالْحَقِّ أَوْ بِالْكَلَامِ فَقَدْ حَنِثَ ابْنُ رُشْدٍ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ مِنْهَا وَتَكَرَّرَتْ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَلَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْيَمِينُ عَلَى مَا يُنَاقِضُهُ هُوَ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا تَقَدَّمَ فَقَدْ لَزِمَهُ حُكْمُهُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي إبْطَالِهِ وَإِذَا تَقَدَّمَ الْفِعْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ لَمْ يَثْبُتْ لِلْيَمِينِ بِتَكْذِيبِ ذَلِكَ حُكْمٌ إذْ لَمْ يَقْصِدْ الْحَالِفُ إلَى إيجَابِ حُكْمِ الطَّلَاقِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا قَصَدَ تَحْقِيقَ نَفْيِ ذَلِكَ الْفِعْلِ. قُلْتُ الْأَصْلُ أَنَّ ثَانِيَ الْمُتَنَافِيَيْنِ نَاسِخٌ أَوَّلَهُمَا فِيمَا فِيهِ النَّسْخُ وَرَافِعٌ لَهُ إلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ الْحَلِفُ كَانَ مَا بَعْدَهُ رَافِعًا لِمَدْلُولِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَكَانَ إقْرَارًا بِالْحِنْثِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ كَانَ رَافِعًا مَا قَبْلَهُ فَلَا حِنْثَ. اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ يَشْهَدَانِ عَلَيْك بِكَذَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا شَيْءَ عِنْدَهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ شَهِدَا عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِرِيحِ خَمْرٍ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا شَرِبَ خَمْرًا حُدَّ وَدُيِّنَ فِي يَمِينِهِ، وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. قُلْت ظَاهِرُهُ دُونَ يَمِينٍ وَلَا يَنْقُضُ فَرْعُ الْمَوَّازِيَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْفَرْقِ، لِأَنَّ حَلِفَهُ فِيهِ فِي حُكْمِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ رَدًّا لَهَا لِمَا أَخْبَرَ بِهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 137 بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَيُنَجَّزُ، وَلَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ، إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ وَبَانَتْ؛ وَلَا تَتَزَيَّنُ إلَّا كُرْهًا، وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا لَهُ عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا: قَوْلَانِ   [منح الجليل] بِخِلَافِ إقْرَارِهِ) أَيْ الزَّوْجِ بِفِعْلِ مَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ فَعَلَهُ (بَعْدَ الْيَمِينِ) بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بِفِعْلِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ فِيهِ فَلَا يَنْفَعُهُ (فَيُنَجَّزُ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِإِقْرَارِهِ بِالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا عَلَيْهِ وَالْتِزَامِهِ حُكْمَهَا فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهَا وَلَا الرُّجُوعُ عَنْهَا وَتَقَدَّمَ قَوْلُهَا، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فَلَا يَنْفَعُهُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِالْقَضَاءِ (وَ) إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ أَقَرَّ بِفِعْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ فِيهِ فَ (لَا تُمَكِّنُهُ زَوْجَتُهُ) مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا (إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ) بِحِنْثِهِ فِي الْيَمِينِ وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ (وَبَانَتْ) مِنْهُ وَاوُهُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ وَلَوْ دُونَ الثَّلَاثِ، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَلَيْسَ عَلَيْهَا مَنْعُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا وَيُنْدَبُ لَهَا مَنْعُهُ حَتَّى يُشْهَدَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ وَأَصَابَتْ مَنْ مُنِعَتْ لَهُ فَلَوْ سُمِعَتْ بَيِّنَةُ إقْرَارِهِ نُجِّزَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ سُمِعَتْ أَنَّ لَهَا تَمْكِينَهُ إذَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَلَمْ تَسْمَعْهُ هِيَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا عَلَيْهِ لِنَحْوِ عَدَاوَةٍ فَسَمَاعُهَا أَقْوَى مِنْ شَهَادَتِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا تُمَكِّنُهُ أَيْضًا بِالْأَوْلَى مِنْ سَمَاعِهَا إقْرَارَهُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِيهِ. (وَلَا تَتَزَيَّنُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الَّتِي سَمِعَتْ إقْرَارَ زَوْجِهَا بِحِنْثِهِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ فِيهِ (إلَّا كُرْهًا) أَيْ مُكْرَهَةً فِي تَمْكِينِهَا وَتَزَيُّنِهَا (وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ) وُجُوبًا إذَا سَمِعَتْ إقْرَارَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا (وَفِي جَوَازِ قَتْلِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (لَهُ) أَيْ زَوْجِهَا الَّذِي أَبَانَهَا بِلَا بَيِّنَةٍ (عِنْدَ مُحَاوَرَتِهَا) عَلَى وَطْئِهَا وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ إذَا عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ كَالصَّائِلِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ، وَعَدَمُ جَوَازِهِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ وَلَوْ أَمِنَتْ قَتْلَهَا فِيهِ وَلَكِنْ لَا تُمَكِّنُهُ إلَّا إذَا خَافَتْ قَتْلَهَا وَلَا تُقْتَلُ بِهِ إنْ قَتَلَتْهُ إذَا ثَبَتَتْ مُحَاوَرَتُهَا وَإِلَّا قُتِلَتْ بِهِ، وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ إذْ هُوَ حُكْمٌ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُنَافِي الْقِصَاصَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِمُحَمَّدٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ قَالَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 138 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا سَبِيلَ إلَى قَتْلِهِ لِأَنَّهُ قَبْلَ وَطْئِهَا لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْقَتْلَ بِوَجْهٍ وَبَعْدَهُ صَارَ حَدًّا عَلَى الْإِمَامِ إقَامَتُهُ أَحْمَدُ بَابَا فَيَخْتَصُّ الْمَعْنَى بِمُدَافَعَتِهِ وَإِنْ أَدَّتْ إلَى قَتْلِهِ لَا قَصْدِ قَتْلِهِ ابْتِدَاءً وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَعَلِمَ أَنَّهُ كَذَبَ فِيهِ حَلَّ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَسَعُ امْرَأَتَهُ الْمُقَامُ مَعَهُ إنْ سَمِعَتْ إقْرَارَهُ، هَذَا إلَّا أَنْ لَا تَجِدَ بَيِّنَةً وَلَا سُلْطَانَ لَهَا فَهِيَ كَمَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا. قَالَ فِيهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَتَزَيَّنُ لَهُ وَلَا يَرَى شَعْرَهَا وَلَا وَجْهَهَا إنْ قَدَرَتْ وَلَا يَأْتِيهَا إلَّا كَارِهَةً وَلَا تَنْفَعُهَا مُدَافَعَتُهُ وَلَا يَمِينَ إلَّا بِشَاهِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِبَارَةُ إلَّا كَارِهَةً إذْ لَا تَنْفَعُهَا كَرَاهَةُ إتْيَانِهِ لَهَا إنَّمَا يَنْفَعُهَا كَوْنُهَا مُكْرَهَةً. ابْنُ مُحْرِزٍ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا لِقَصْدِ اللَّذَّةِ كَالْأَجْنَبِيِّ لَا لِغَيْرِ اللَّذَّةِ إذْ وَجْهُ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرِهِ لَيْسَ عَوْرَةً وَقَدْ قَالَ فِي الظِّهَارِ وَقَدْ يَرَى غَيْرُهُ وَجْهَهَا مُحَمَّدٌ وَلْتَفْتَدِ مِنْهُ بِمَا قَدَرَتْ وَلَوْ بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتَقْتُلُهُ إنْ خَفِيَ لَهَا كَغَاصِبِ الْمَالِ أَرَادَ الْعَادِيَ عَلَيْهِ وَالْمُحَارِبَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحِلُّ لَهَا قَتْلُهُ وَلَا قَتْلُ نَفْسِهَا أَكْثَرُ مَا عَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَأَلَّا يَأْتِيَهَا إلَّا مُكْرَهَةً. ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا الصَّوَابُ. ابْنُ بَشِيرٍ اُخْتُلِفَ هَلْ يُبَاحُ لَهَا قَتْلُهُ إنْ أَمْكَنَهَا وَخَفِيَ لَهَا فَقِيلَ لَهَا ذَلِكَ وَرَآهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ. وَقِيلَ لَا وَرَآهُ مِنْ بَابِ إقَامَةِ الْحُدُودِ، وَيُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى إذْنٍ أَمْ لَا، وَقَاسَ مُحَمَّدٌ قَتْلَهُ عَلَى الْمُحَارِبِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّ مَنْ طَلَبَ الْمُحَارِبُ أَخْذَ مَالِهِ مُخَيَّرٌ فِي التَّسْلِيمِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَالْمَرْأَةُ لَا يَجُوزُ لَهَا التَّسْلِيمُ وَلَا سَبِيلَ لَهَا إلَى الْقَتْلِ لِأَنَّهُ قَبْلَ وَطْئِهَا لَا يَسْتَحِقُّ الْقَتْلَ بِوَجْهٍ وَبَعْدَهُ صَارَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَيْسَ لَهَا إقَامَتُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ بِمُدَافَعَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَتْلِهِ قَتَلَتْهُ. قُلْت تَقْرِيرُ ابْنِ مُحْرِزٍ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مُخَيَّرٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ يَنْتِجُ كَوْنُ الْقِيَاسِ أُخْرَوِيًّا فِي الْقَتْلِ. وَالصَّوَابُ إنْ أَمِنَتْ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهَا إنْ قَتَلَتْهُ أَوْ حَاوَلَتْ قَتْلَهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا قَتْلُهُ لَا إبَاحَتُهُ وَإِنْ لَمْ تَأْمَنْ قَتْلَ نَفْسِهَا فِي مُدَافَعَتِهِ بِالْقَتْلِ أَوْ بَعْدَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 139 وَأُمِرَ بِالْفِرَاقِ فِي: إنْ كُنْت تُحِبِّينِي، أَوْ تُبْغِضِينِي، وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ تُجِيبَ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَيُنَجَّزُ؟   [منح الجليل] فَهِيَ فِي سَعَةٍ، وَكَذَا مَنْ رَأَى فَاسِقًا يُحَاوِلُ فِعْلَ ذَلِكَ بِغَيْرِهِ وَفِي جِهَادِهَا إنْ نَزَلَ قَوْمٌ بِآخَرِينَ يُرِيدُونَ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ وَحَرِيمَهُمْ نَاشَدُوهُمْ اللَّهَ فَإِنْ أَبَوْا فَالسَّيْفُ. (وَأُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجُ وُجُوبًا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَقَالَ " د " نَدْبًا، وَلَكِنْ لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ عَصَى بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَبَقِيَتْ عِصْمَتُهُ غَيْرَ مَنْحَلَةٍ (بِالْفِرَاقِ) بِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى أَمْرٍ قَلْبِيٍّ لَا يُعْلَمُ الصِّدْقُ فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ كُنْت تُحِبِّينِي أَوْ تُبْغِضِينِي) بِضَمِّ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ أَبْغَضَ قَالَهُ تت وَأَبُو الْحَسَنِ وَنَحْوُهُ فِي الْقَامُوسِ مَعَ زِيَادَةِ أَنْ تَبْغَضَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ، وَفِي عج عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَبْغَضَهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَهَذَا سَهْوٌ. وَنَصُّ الْقَامُوسِ الْبُغْضُ بِالضَّمِّ ضِدُّ الْحُبِّ وَالْبِغْضَةُ بِالْكَسْرِ وَالْبَغْضَاءُ شِدَّتُهُ وَبَغُضَ كَكَرُمَ وَنَصَرَ وَفَرَحَ بَغَاضَةً فَهُوَ بَغِيضٌ، وَيُقَالُ بَغِضَ جَدُّك كَتَعِسِ جَدُّك وَنَعِمَ اللَّهُ بِك عَيْنًا وَبَغِضَ بِعَدُوِّكَ عَيْنًا وَأَبْغُضُهُ وَيَبْغُضُنِي بِالضَّمِّ، أَيْ ضَمِّ الْغَيْنِ مَعَ فَتْحِ التَّاءِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. اهـ. فَلَيْسَ قَوْلُهُ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَأَبْغُضُهُ وَيَبْغُضُنِي مَعًا، بَلْ لِقَوْلِهِ وَيَبْغُضُنِي فَقَطْ، وَإِلَّا لَقَالَ لُغَتَانِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَبْغُضُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بَغِضَ جَدُّك أَيْ وَيُقَالُ أَبْغُضُهُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْمِصْبَاحِ بَغُضَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ بَغَاضَةً فَهُوَ بَغِيضٌ وَأَبْغَضْته إبْغَاضًا فَهُوَ مُبْغَضٌ وَالِاسْمُ الْبُغْضُ، قَالُوا وَلَا يُقَالُ بَغَضْته بِغَيْرِ أَلْفٍ. اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ اللَّازِمَ بَغُضَ بِالضَّمِّ وَالْمُتَعَدِّي أَبْغَضَ وَأَنَّهُ لَا يُقَالُ تَبْغُضُنِي بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْغَيْنِ أَيْ فِي الْفَصِيحِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَلِيٌّ الشَّمَرْلِسِيُّ أَفَادَهُ عب. (وَهَلْ) الْأَمْرُ بِالْفِرَاقِ بِلَا جَبْرٍ ثَابِتٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِإِجَابَتِهَا بِمَا لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَلَا يُجْبَرُ سَوَاءٌ أَجَابَتْهُ بِمَا يَقْتَضِي بِرَّهُ أَوْ حِنْثَهُ أَوْ سَكَتَتْ (أَوْ) الْأَمْرُ بِلَا جَبْرٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تُجِيبَ) الزَّوْجَةُ (بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَيُنَجَّزَ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 140 تَأْوِيلَانِ. وَفِيهَا مَا يَدُلُّ لَهُمَا وَبِالْأَيْمَانِ. الْمَشْكُوكِ فِيهَا.   [منح الجليل] جَبْرًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيُجْبَرُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) نَقَلَهُمَا عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (مَا يَدُلُّ لَهُمَا) أَيْ التَّأْوِيلَيْنِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ دَخَلْت فَإِنْ صَدَّقَهَا جُبِرَ عَلَى فِرَاقِهَا، وَإِنْ كَذَّبَهَا أُمِرَ بِهِ بِلَا جَبْرٍ، وَسَوَاءٌ فِيهِمَا رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا أَوْ لَمْ تَرْجِعْ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا إنْ كُنْت دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ قَدْ دَخَلْتُ فَكَذَّبَهَا ثُمَّ قَالَتْ كُنْتُ كَاذِبَةً أَوْ لَمْ تَقُلْ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ اهـ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ إجَابَتَهَا بِالْمُوَافَقَةِ وَلَمْ يُوجِبْ طَلَاقَهَا فَقَالَ يُؤْمَرُ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ، وَقَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كُنْت تُحِبِّينَ فِرَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَنَا أُحِبُّهُ قَالَ فَلْيُفَارِقْهَا وَظَهَرَ بِالْقَضَاءِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَحَبَّةِ لَا يُتَوَصَّلُ فِيهَا إلَى تَكْذِيبِهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُتَوَصَّلُ فِيهَا إلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ وَهَذَا الْفَرْقُ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. اهـ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَحَبَّةِ أَنَّ الْمُؤَوَّلَ هُوَ قَوْلُهَا فَلْيُفَارِقْهَا وَأَنَّ الدَّالَّ لِحَمْلِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ هُوَ كَلَامُهَا فِي مَسْأَلَةِ دُخُولِ الدَّارِ وَالدَّالَّ لِحَمْلِهِ عَلَى الْجَبْرِ مَعَ أَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ هُوَ قَوْلُهَا فِيمَنْ شَكَّ كَمْ طَلَّقَ لَا تَحِلُّ لَهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهَا فَظَاهِرُهُ الْجَبْرُ. عِيَاضٌ وَهَذَا كَلَّةُ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِي الْإِجْبَارِ فِي الطَّلَاقِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) أُمِرَ (بِ) تَنْفِيذِ (الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ) فِي حَلِفِهِ بِهَا وَحِنْثِهِ (فِيهَا) أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعَتَاقٍ أَوْ بِمَشْيٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيُعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَيَمْشِ إلَى مَكَّةَ فَيُؤْمَرُ بِذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ قَالَهُ " غ " وَنَحْوُهُ لِ ق وَاسْتَحْسَنَهُ " ح " وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَقَوْلُهَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ إلَخْ ابْنُ نَاجِي فَهِمَهُ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ عَلَى اللُّزُومِ وُجُوبًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ الْقَضَاءِ وَفَهِمَهُ شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ لِقَرِينَةِ قَوْلِهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ عَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ قَامَ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ أَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْحِنْثُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 141 وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا، إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ: كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا شَكَّ فِي كَوْنِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُجْبَرُ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] ابْنُ يُونُسَ ذَكَرَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ هَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ قَالَتْ فِي الَّذِي حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ إنْ كَلَّمَ فُلَانًا ثُمَّ شَكَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَدْرِ أَكَلَّمَهُ أَمْ لَا أَنَّ زَوْجَتَهُ تَطْلُقُ عَلَيْهِ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ عَلَى الْجَبْرِ وَطَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْحِنْثِ وَأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ بِقَضَاءٍ وَلَا فُتْيَا ذَكَرَ الطُّرُقَ الثَّلَاثَةَ فِي التَّوْضِيحِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَلَا يُؤْمَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الزَّوْجُ بِالْفِرَاقِ (إنْ شَكَّ) الزَّوْجُ وَلَمْ يَدْرِ جَوَابَ (هَلْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ) أَيْ هَلْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ (أَمْ لَا) فَيَشْمَلُ شَكَّهُ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْ لَا وَشَكَّهُ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَمْ لَا، وَشَكَّهُ بَعْدَ حَلِفِهِ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ) الزَّوْجُ فِي شَكِّهِ لِشَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الزَّوْجُ وَاوُهُ لِلْحَالِ (سَالِمُ الْخَاطِرِ) مِنْ الْوَسْوَسَةِ وَكَثْرَةِ الشَّكِّ (كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ) حَالَ كَوْنِهِ (دَاخِلًا) دَارِهِ مَثَلًا (شَكَّ) الْحَالِفُ (فِي كَوْنِهِ) أَيْ الشَّخْصِ الدَّاخِلِ (الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ) أَنْ لَا يَدْخُلَ أَوْ غَيْرَهُ وَغَابَ عَنْهُ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْقِيقُهُ فَيُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ. (وَهَلْ يُجْبَرُ) الزَّوْجُ عَلَى الْفِرَاقِ إنْ أَبَاهُ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ (تَأْوِيلَانِ) وَاحْتَرَزَ بِسَالِمِ الْخَاطِرِ مِنْ الْمُوَسْوِسِ أَيْ مُسْتَنْكِحِ الشَّكِّ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْفِرَاقِ اتِّفَاقًا ابْنُ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا، فَعَلَى وُجُوبِ وُضُوءِ مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ هُنَا، وَعَلَى اسْتِحْبَابِ وُضُوئِهِ يُسْتَحَبُّ فِرَاقُهُ وَفِي تَخْرِيجِهِ الْوُجُوبَ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْوُضُوءَ أَيْسَرُ مِنْ الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ أَسْبَابَ نَقْضِ الْوُضُوءِ مُتَكَرِّرَةٌ غَالِبًا، بِخِلَافِ أَسْبَابِ الطَّلَاقِ. وَلَمَّا حَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْفَرْقَ بِمَشَقَّةِ الطَّلَاقِ دُونَ الْوُضُوءِ قَالَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْفِرَاقِ وَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ مِنْ الشَّكِّ فِي الشَّرْطِ، وَالشَّكُّ فِيهِ شَكٌّ فِي مَشْرُوطِهِ وَذَا مَانِعٌ مِنْ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، وَالشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 142 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] شَكٌّ فِي حُصُولِ الْمَانِعِ مِنْ اسْتِصْحَابِ الْعِصْمَةِ، وَالشَّكُّ فِي الْمَانِعِ لَا يُوجِبُ التَّوَقُّفَ بِوَجْهٍ. وَالنُّكْتَةُ أَنَّ الْمَشْكُوكَ فِيهِ مَطْرُوحٌ، فَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ يُوجِبُ طَرْحَهُ وَذَا يَمْنَعُ الْإِقْدَامَ عَلَى الْمَشْرُوطِ، وَالشَّكُّ فِي الْمَانِعِ يُوجِبُ طَرْحَهُ. وَهَذَا مُوجِبٌ لِلتَّمَادِي. قُلْت مَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ الشَّكَّ لَغْوٌ مُطْلَقًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ النُّكْتَةُ إلَخْ، وَالْمَشْكُوكُ فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ إنَّمَا هُوَ الْحَدَثُ لَا الْوُضُوءُ فَيَجِبُ طَرْحُهُ. اهـ. وَتَقَدَّمَ تَوْجِيهُ اعْتِبَارِهِ بِالِاحْتِيَاطِ لِأَعْظَمِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ مَعَ خِفَّةِ الْوُضُوءِ وَتَكَرُّرِ أَسْبَابِ نَقْضِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفى حَادَ عَنْ تَمْثِيلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ لِلِاسْتِنَادِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ اسْتَنَدَ كَمَنْ حَلَفَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْحِنْثِ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ حَنِثَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي مِثَالِهِ نَظَرٌ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْعُلَمَاءِ بِالْمُسْتَنِدِ هَذَا الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْيَمِينِ حُصُولُ الشَّكِّ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُدْخِلَ زَيْدًا دَارِهِ ثُمَّ شَكَّ هَلْ دَخَلَهَا زَيْدٌ أَمْ لَا فَهَذَا مِنْ الشَّكِّ الَّذِي لَا يُؤْمَرُ بِهِ بِطَلَاقٍ وَإِنْ رَأَى إنْسَانًا دَخَلَ تِلْكَ الدَّارَ وَشَبَّهَهُ بِزَيْدٍ ثُمَّ غَابَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ تَحَقُّقُهُ هَلْ هُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَفِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي مُحَمَّدٍ، وَفِي تَنْظِيرِهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَاهُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهَا تَشْبِيهًا فِي الْفِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ. وَكَذَا إنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَلَمْ يَدْرِ أَحَنِثَ أَمْ لَا أُمِرَ بِالْفِرَاقِ وَإِنْ كَانَ ذَا وَسْوَسَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْيَمِينِ حُصُولُ الشَّكِّ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إذْ لَمْ يَقُولَا ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَا الْيَمِينُ أَصْلٌ لِاسْتِنَادِ الشَّكِّ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إلَخْ لَا يُرَادُ أَيْضًا لِأَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَ لَا يُؤْمَرُ فِيهِ بِالطَّلَاقِ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَعَلَّهُمَا لَا يَقُولَانِ فِيهِ بِذَلِكَ أَخْذًا بِعُمُومِ قَوْلِهَا ثُمَّ لَمْ يَدْرِ أَحَنِثَ أَمْ لَا. وَقَوْلُهَا الْمُتَقَدِّمُ وَكُلُّ يَمِينٍ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ، وَلَئِنْ سُلِّمَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَلَامُهُمَا فِي الْحَالِفِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ الشَّكِّ فِي الْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ إلْغَاؤُهُ فِيهِ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ، وَقَدْ فَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ ابْنُ عَرَفَةَ عَارَضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 143 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَا يَرُدُّ عَلَيْهِمَا، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدُلُّ لَهُمَا لِأَنَّ مَنْ يَشُكُّ بِلَا سَبَبٍ مُوَسْوِسٌ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ مَنْ يَشُكُّ لِسَبَبٍ وَبَيْنَ الْمُوَسْوَسِ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ تَقْسِيمُ ابْنِ رُشْدٍ، قَالَ يَنْقَسِمُ الشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ مِنْهَا مَا يُتَّفَقُ عَلَى لَغْوِهِ بِلَا أَمْرٍ وَلَا جَبْرٍ كَحَلِفِهِ عَلَى شَخْصٍ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ يَشُكُّ فِي فِعْلِهِ بِلَا سَبَبٍ يُوجِبُ شَكَّهُ فِيهِ، وَمِنْهُ مَا يُتَّفَقُ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ بِلَا جَبْرٍ كَحَلِفِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا ثُمَّ يَشُكُّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا لِسَبَبٍ اقْتَضَى شَكَّهُ، وَمِنْهُ مَا يُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ بِهِ وَيُخْتَلَفُ فِي الْأَمْرِ بِهِ كَشَكِّهِ هَلْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَمْ لَا أَوْ هَلْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فِيهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُجْبَرُ وَلَا يُؤْمَرُ. وَمِنْهُ مَا اُخْتُلِفَ فِي الْجَبْرِ بِهِ وَعَدَمِهِ كَطَلَاقِهِ ثُمَّ شَكِّهِ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَكَحَلِفِهِ وَحِنْثِهِ وَشَكِّهِ هَلْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ قَوْلُهُ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ فُلَانَةُ حَائِضَةً فَقَالَتْ لَسْت بِحَائِضَةٍ، أَوْ إنْ كَانَ فُلَانٌ يُبْغِضُنِي فَقَالَ أَنَا أُحِبُّك، أَوْ إنْ لَمْ يُخْبِرْنِي بِالصِّدْقِ فَيُخْبِرُهُ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ صَدَقَ وَلَا يَدْرِي حَقِيقَةَ ذَلِكَ. وَمِنْهُ مَا يُتَّفَقُ عَلَى الْجَبْرِ بِهِ كَقَوْلِهِ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ أَمْسِ كَذَا لِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ وَلَا طَرِيقَ إلَى اسْتِعْلَامِهِ. وَكَشَكِّهِ فِي أَيِّ امْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ طَلَّقَهَا فَيُجْبَرُ عَلَى فِرَاقِهِمَا جَمِيعًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. طفى قَوْلُهُ وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا جَازَ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَالْأَوْلَى الْجَرْيُ عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِتَقْدِيمِهِ عِنْدَ الشُّيُوخِ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا تَعَارَضَا. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ وَإِلَّا فَلَا يُؤْمَرُ اتِّفَاقًا كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ فَابْنُ رُشْدٍ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقَيُّدِ فِي هَذَا بِالْقَيْدِ فِيمَا قَبْلَهُ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ انْتَفَى التَّعَارُضُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ أَوْ يَشُكُّ هَلْ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ فِيهَا إلَخْ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَمْ لَا فَهَذَا مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ هَلْ يُؤْمَرُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ ظَاهِرَهُ مِنْ تَحَقُّقِ الْحَلِفِ وَالشَّكِّ فِي الْحِنْثِ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْقِسْمَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144 وَإِنْ شَكَّ: أَهِنْدٌ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا؟ أَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَلْ أَنْتِ: طَلَقَتَا وَإِنْ قَالَ أَوْ أَنْتِ: خُيِّرَ،   [منح الجليل] الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْفِرَاقِ إنْ كَانَ شَكُّهُ لِسَبَبٍ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الْأَمْرِ بِهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ سَبَبٍ. (وَإِنْ) طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ بِعَيْنِهَا وَ (شَكَّ) الزَّوْجُ بَعْدَ طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي جَوَابِ (أَهِنْدٌ هِيَ) الْمُطَلَّقَةُ (أَمْ) الْمُطَلَّقَةُ (غَيْرُهَا) أَيْ هِنْدٌ أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَحَنِثَ وَشَكَّ فِي عَيْنِهَا طَلَقَتَا مَعًا نَاجِزًا مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ. وَقِيلَ يُمْهَلُ لِيَتَذَكَّرَ فَإِنْ تَذَكَّرَهَا فَلَا يُطَلِّقُ غَيْرَهَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَإِنْ تَذَكَّرَهَا فِي الْعِدَّةِ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ قِيَاسًا عَلَى الْآتِيَةِ وَيَكُونُ أَحَقَّ بِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ عَيْنَهَا، وَيَكُونُ فَوَاتُ هَذَا الْغَيْرِ كَفَوَاتِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ. (أَوْ قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (إحْدَاكُمَا) أَوْ إحْدَاكُنَّ (طَالِقٌ) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ زَوْجَةً مُعَيَّنَةً طَلَقَتَا أَوْ طَلَقْنَ مَعًا نَاجِزًا وَلَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلْعِتْقِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ مُعَيَّنَةٍ، هَذَا قَوْلُ الْمِصْرِيِّينَ وَرِوَايَتُهُمْ. وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ وَرَوَوْا يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ. مُحَمَّدٌ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ شُذُوذُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ وَتَفْرِقَةُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْتِحْسَانٌ. وَأَمَّا إنْ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ اتَّفَقَ فِيهَا الْمَدَنِيُّونَ وَالْمِصْرِيُّونَ عَلَى طَلَاقِ الْجَمِيعِ. ابْنُ يُونُسَ لَا خِلَافَ فِي هَذَا وَكَذَا فِي الْعِتْقِ إذَا قَالَ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَنَوَى وَاحِدًا مُعَيَّنًا ثُمَّ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُمْ، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَنْسَهَا صُدِّقَ فِي الْفَتْوَى بِلَا يَمِينٍ وَكَذَا فِي الْقَضَاءِ إنْ كَانَ نَوَى الشَّابَّةَ أَوْ الْجَمِيلَةَ أَوْ مَنْ عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا وَإِلَّا فَيَمِينٌ. (أَوْ) قَالَ لِزَوْجَةٍ (أَنْتِ طَالِقٌ) ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى (بَلْ أَنْتِ) طَالِقٌ (طَلَقَتَا) مَعًا. اللَّخْمِيُّ لِإِيجَابِهِ الطَّلَاقَ فِيهِمَا وَإِضْرَابُهُ عَنْ الْأُولَى لَا يَرْفَعُهُ عَنْهَا. (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَلِأُخْرَى (أَوْ أَنْتِ) طَالِقٌ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145 وَلَا أَنْتِ؛ طَلَقَتْ الْأُولَى، إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ. وَإِنْ شَكَّ: أَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا؟ لَمْ تَحِلَّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ. وَصُدِّقَ، إنْ ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا فَكَذَلِكَ؛   [منح الجليل] الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً أَيْ الزَّوْجُ فِي طَلَاقِ أَيَّتِهِمَا أَحَبَّ. اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُحْدِثَ نِيَّةً بَعْدَ تَمَامِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَتَطْلُقُ الْأُولَى خَاصَّةً لِأَنَّهُ لَا يَصِحَّ رَفْعُ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ جَعَلَ طَلَاقَهَا عَلَى خِيَارٍ وَهُوَ لَا يَخْتَارُهُ لَهُمَا طَلَقَتْ الْأُولَى (وَ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَلِأُخْرَى (لَا أَنْتِ طَلَقَتْ الْأُولَى) فَقَطْ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ نَفَى الطَّلَاقَ عَنْ الثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ لَا نَفْيَهُ عَنْ الْأُولَى ثُمَّ يَلْتَفِتُ لِلثَّانِيَةِ فَيَقُولُ أَنْتِ أَيْ الَّتِي تَطْلُقِي فَيَطْلُقَانِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُرِيدَ) الزَّوْجُ بِلَا (الْإِضْرَابَ) عَنْ طَلَاقِ الْأُولَى وَإِثْبَاتَهُ لِلثَّانِيَةِ، وَصِلَةُ يُرِيدُ مَحْذُوفَةٌ يُحْتَمَلُ بِ " لَا " أَوْ بِ " أَوْ " فَيَطْلُقَانِ وَالْإِضْرَابُ بِأَوْ أَشْهَرُ مِنْهُ بِلَا فَهُوَ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ قَوْلِهِ أَوْ أَنْتِ وَلَا أَنْتِ أَيْ أَنَّ تَخْيِيرَهُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مَحَلُّهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِأَوْ الْإِضْرَابَ فَتَطْلُقَانِ مَعًا، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ فِي قَوْلِهِ لَا أَنْتِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْإِضْرَابَ فَتَطْلُقَانِ مَعًا. (وَإِنْ) طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَ (شَكَّ) الزَّوْجُ فِي جَوَابٍ (أَطَلَّقَ) الْهَمْزُ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ هَلْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً (وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ) الزَّوْجَةُ الْمَشْكُوكُ فِي عَدَدِ طَلَاقِهَا لِلزَّوْجِ الثَّالِثِ (إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ) غَيْرِهِ بِشُرُوطِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الشَّاكُّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ (إنْ ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ (فِي الْعِدَّةِ) فَلَهُ رَجْعَتُهَا فِيهَا بِلَا عَقْدٍ وَبَعْدَهَا بِهِ بِلَا يَمِينٍ فَلَيْسَ كَوْنُ التَّذَكُّرِ فِي الْعِدَّةِ شَرْطًا فِي التَّصْدِيقِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَقَدْ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَانَ خَاطِبًا، وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ. (ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا) أَيْ الزَّوْجُ الشَّاكُّ فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ الزَّوْجَةَ الَّتِي شَكَّ فِي عَدَدِ طَلَاقِهَا بَعْدَ زَوْجٍ (وَطَلَّقَهَا) طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ فَحُكْمُ تَزَوُّجِهَا بَعْدَ هَذَا الطَّلَاقِ كَحُكْمِ تَزَوُّجِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الْمَشْكُوكِ فِي تَوَقُّفِ حِلِّهِ عَلَى تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146 إلَّا أَنْ يَبُتَّ   [منح الجليل] الْمَشْكُوكِ فِيهِ اثْنَتَيْنِ وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَلِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ وَاحِدَةً ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَطَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ثَلَاثًا وَهَكَذَا دَائِمًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بَعْدَ مِائَةِ زَوْجٍ. وَقَالَ عِيَاضٌ وَلَوْ بَعْدَ أَلْفِ زَوْجٍ. (إلَّا أَنْ يَبُتَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ الشَّاكُّ طَلَاقَهَا حَقِيقَةً بِأَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ تَكُونِي مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا فَقَدْ طَلَّقْتُك مَا يُكَمِّلُهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ، وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ تَكُونَ فِي عِدَّةِ رَجْعِيٍّ مِنْهُ فَيَنْقَطِعُ الدَّوَرَانُ وَتَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ بِعِصْمَةٍ كَامِلَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْقَطِعُ الدَّوَرَانُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ تَدَبَّرْته فَوَجَدْته خَطَأً. وَقَالَ الْفُضَيْلُ هُوَ خَطَأٌ وَاضِحٌ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الدُّولَابِيَّةَ. وَقَيَّدَهَا فِي التَّوْضِيحِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ، قَالَ وَلَا يَحْصُلُ الدَّوَرَانُ مَعَ الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ حُصُولَهُ مَعَهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا فِي الثَّانِي طَلْقَتَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ طَلْقَةً وَفِي الرَّابِعِ طَلْقَةً فَإِنْ فُرِضَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ ثَلَاثًا فَالْأَخِيرَةُ أُولَى عِصْمَةً، وَإِنْ فُرِضَ اثْنَتَيْنِ فَهَذِهِ الْأَخِيرَةُ ثَانِيَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ فُرِضَ وَاحِدَةً فَاعْلَمْهُ انْتَهَى " غ " يَعْنِي أَنَّ مَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ يُلْغَى وَيَصِيرُ الْأَمْرُ فِيهِ كَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَرْبَعًا، وَالضَّابِطُ هُوَ مَا يَأْتِي ابْنُ عَرَفَةَ. اللَّخْمِيُّ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا أُمِرَ أَنْ لَا يَرْتَجِعَ وَلَا يُقِرَّ بِهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ طَلَاقُهُ الْأَوَّلُ ثَلَاثًا فَقَدْ أَحَلَّهَا الزَّوْجُ الْآخَرُ وَكَانَتْ هَذِهِ أُولَى عِصْمَةً وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ الْآنَ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ طَلَاقُهُ الْأَوَّلُ وَاحِدَةً كَانَتْ هَذِهِ طَلْقَةً ثَانِيَةً وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ عَلَى وَاحِدَةٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا أُخْرَى فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْأَوَّلِ وَاحِدَةً فَهَذِهِ ثَالِثَةٌ. وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا الْآنَ، فَإِنْ ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَ فَلَا يَرْتَجِعْهَا وَلَا يَقْرَبْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْأَوَّلِ اثْنَتَيْنِ وَهَذِهِ الثَّالِثَةُ وَإِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 147 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] شَكَّ هَلْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا وَلَمْ يَشُكَّ فِي وَاحِدَةٍ أَنَّهُ أَوْقَعَهَا فَلَا يَقْرَبْهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْأَوَّلِ ثَلَاثًا. فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَطَلَّقَهَا فَلَا يَقْرَبْهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِإِمْكَانِ كَوْنِ الْأَوَّلِ اثْنَتَيْنِ وَهَذِهِ ثَالِثَةٌ. فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَهُ رَجْعَتُهَا قَبْلَ زَوْجٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثًا فَهَذِهِ ثَانِيَةٌ وَبَقِيَتْ لَهُ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ كَانَ اثْنَتَيْنِ فَهَذِهِ أَوْلَى وَبَقِيَ لَهُ اثْنَتَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَصُوَرُ شَكِّهِ فِي الْعَدَدِ أَرْبَعٌ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ، وَالشَّكُّ فِي وَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ، وَالشَّكُّ فِي وَاحِدَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ، وَالشَّكُّ فِي اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ. وَضَابِطُ مَا تَحْرُمُ فِيهِ قَبْلَ زَوْجٍ إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ طَلَاقًا دُونَ الْبَتَاتِ كُلُّ مَا لَا يَنْقَسِمُ مَجْمُوعُ طَلَاقِهِ بَعْدَ زَوْجٍ مَعَ عَدَدِ طَلَاقِ كُلِّ شَكٍّ بِانْفِرَادِهِ عَلَى ثَلَاثٍ فَلَا تَحْرُمُ. وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ حَرُمَتْ الطُّرْطُوشِيُّ إنْ شَكَّ فِي عَدَدِ طَلَاقِهِ لَزِمَهُ أَكْثَرُهُ وَلَوْ تَيَقَّنَ وَاحِدَةً وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ شَكٌّ فِي عَدَدِ مَا وَقَعَ وَالثَّانِي شَكٌّ فِي الْوُقُوعِ اهـ كَلَامُ ابْنِ غَازِيٍّ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَفِي حُرْمَتِهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَأَمْرِهِ بِفِرَاقِهَا دُونَ قَضَاءٍ قَوْلُهَا. وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ ابْنِ حَبِيبٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً بَعْدَ نِكَاحِهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ وَلَوْ نَكَحَهَا كَذَلِكَ بَعْدَ مِائَةِ زَوْجٍ مَا لَمْ يَبُتَّ طَلَاقَهَا ثَلَاثًا دَفْعَةً، أَوْ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ. ثَالِثُهَا مَا لَمْ يُطَلِّقْهَا ثَلَاثًا وَلَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ لَهَا، وَلِرِوَايَةِ الصِّقِلِّيِّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ وَابْنِ وَهْبٍ وَتَوْجِيهُهُ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ دَلِيلُ مُغَايِرَتِهَا عِنْدَهُ، وَالْحَقُّ لَا تَغَايُرَ بَيْنَ الْأَخِيرِ وَمَا قَبْلَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا أُمِرَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلَهُ رَجْعَتُهَا اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ الشَّكِّ فِي الثَّلَاثِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِتَقَرُّرِ الشَّكِّ فِي الثَّلَاثِ، وَإِنْ شَكَّ فِي وَاحِدَةٍ وَاثْنَتَيْنِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا، فَإِنْ ارْتَجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا جَاءَ الشَّكُّ فِي الثَّلَاثِ. قُلْتُ صُوَرُ الشَّكِّ فِي الْعَدَدِ أَرْبَعٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 148 وَإِنْ حَلَفَ صَانِعُ طَعَامٍ عَلَى غَيْرِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَدْخُلَ، فَحَلَفَ الْآخَرُ: لَا دَخَلْت: حُنِّثَ الْأَوَّلُ وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت، إنْ دَخَلْت: لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِهِمَا   [منح الجليل] وَإِنْ حَلَفَ) شَخْصٌ (صَانِعُ طَعَامٍ) مَثَلًا (عَلَى) شَخْصٍ مُعَيَّنٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (لَا بُدَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً (أَنْ تَدْخُلَ) الدَّارَ مَثَلًا لِتَأْكُلَ الطَّعَامَ (فَحَلَفَ) الشَّخْصُ (الْآخَرُ) الْمَحْلُوفُ عَلَى دُخُولِهِ (لَا دَخَلْت) هَا وَامْتَنَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْحِنْثِ (حُنِّثَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ جُبِرَ الشَّخْصُ (الْأَوَّلُ) أَيْ صَانِعُ الطَّعَامِ عَلَى الْحِنْثِ فِي يَمِينِهِ لِحَلِفِهِ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ، فَإِنْ رَضِيَ الثَّانِي بِحِنْثِ نَفْسِهِ وَدَخَلَ الدَّارَ مَثَلًا فَلَا يَحْنَثُ الْأَوَّلُ لِبِرِّهِ فِي يَمِينِهِ بِحُصُولِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. وَإِنْ أُكْرِهَ الثَّانِي عَلَى الدُّخُولِ فَلَا يَحْنَثَانِ الْأَوَّلُ لِوُجُودِ الْفِعْلِ، وَالثَّانِي لِإِكْرَاهِهِ فِي يَمِينِ الْبِرِّ. (وَإِنْ) عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى أَمْرَيْنِ مُكَرِّرًا أَدَاةَ الشَّرْطِ بِأَنْ (قَالَ إنْ كَلَّمْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ مُخَاطِبًا زَوْجَتَهُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ زَيْدًا مَثَلًا (وَإِنْ دَخَلْت) بِكَسْرِ التَّاءِ أَيْضًا أَيْ دَارَ زَيْدٍ مَثَلًا (لَمْ تَطْلُقْ) الزَّوْجَةُ (إلَّا بِ) مَجْمُوعِ (هِمَا) أَيْ الْكَلَامِ وَالدُّخُولِ سَوَاءٌ فَعَلَتْهُمَا عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ عَلَى عَكْسِهِ. " غ " هَذَا تَعْلِيقُ تَعْلِيقِ ابْنِ عَرَفَةَ وَتَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 149 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَى مَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ كَإِنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَتْ لِزَيْدٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِدُخُولِهَا وَكَوْنِهَا لِزَيْدٍ وَلَوْ عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ اعْتِبَارًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ اخْتِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي إيلَائِهَا. وَفِي كَوْنِ الْحَلِفِ عَلَى التَّعْلِيقِ حَلِفًا عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ إنْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَيْنَ حِنْثِ الْيَمِينِ وَحِنْثِ التَّعْلِيقِ أَوْ تَأْكِيدًا لِلتَّعْلِيقِ فَيَتَنَجَّزُ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حِنْثُ التَّعْلِيقِ قَوْلًا أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَأَقَلُّهُمْ لِابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَيْمَانُ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ إنْ كُنْت لِي زَوْجَةً فَدَخَلَهَا ثُمَّ بَارَأَهَا فَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ تَحَيَّرَ فِيهَا أَهْلُ بَلَدِنَا فَقَالَ الْقَاضِي قَدْ بَرَّ بِمُبَارَأَتِهَا، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، كَمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَقَالَ لَهُ أَبُو الْأَصْبَغِ الْخُشَنِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَتْ مِثْلَهَا لِأَنَّهُ قَالَ لَهَا كُنْت لِي زَوْجَةً فِيمَا رَأَيْتهَا صَارَتْ لَهُ زَوْجَةً وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ، فَقَالَ الْقَاضِي هِيَ عِنْدِي مِثْلُهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ لَا كُنْت لِي بِزَوْجَةٍ أَبَدًا، فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ الْحِنْثُ مَتَى تَزَوَّجَهَا. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ أَفْتَى فِيهَا بَعْضُ فُقَهَاءِ بَلَدِنَا بِطَلَاقِ الثَّلَاثِ وَأَنَّ الْمُبَارَأَةَ لَا تَنْفَعُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ. وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ نَزَلْت بِقُرْطُبَةَ وَكَتَبَ بِهَا إلَى ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَقِيهِ الْقَيْرَوَانِ فَأَفْتَى فِيهَا بِفُتْيَا الْقَاضِي. قُلْتُ جَوَابُ الْقَاضِي عَنْ إيرَادِ أَبِي الْأَصْبَغِ الْخُشَنِيِّ لَغْوٌ لِأَنَّهُ تَكْرِيرٌ لِعَيْنِ دَعْوَاهُ أَوْ لَا، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لَا يَقَعُ جَوَابًا لَكَانَ جَوَابًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ وَقَوْلُ الْخُشَنِيِّ عَلَى تَعَيُّنِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ وَهُوَ مُقْتَضَى مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَيْمَانِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 150 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ النَّحْوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَلْفِيَّةِ أَنَّ الْفَرَّاءَ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَطْلُقُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا مُرَتَّبَيْنِ كَتَرْتِيبِهِمَا فِي الذِّكْرِ. وَقِيلَ بِشَرْطِ عَكْسِ التَّرْتِيبِ. وَقِيلَ تَطْلُقُ بِهِمَا مَعًا مُطْلَقًا. وَقِيلَ بِوُقُوعِ أَيِّ شَرْطٍ، وَاخْتَارَ الْفَرَّاءُ الثَّانِيَ، وَوَجْهُهُ أَنَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ جَوَابٌ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ إلَى جَانِبِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَجْمُوعُ جَوَابَ الثَّانِي فَيَكُونُ فِي النِّيَّةِ بَعْدَهُ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ الدَّلَالَةَ عَلَى الْجَوَابِ كَمَا فِي أَنْتَ ظَالِمٌ إنْ فَعَلْت لَا أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ نَفْسَهُ هُوَ الْجَوَابُ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي وَابْنِ مَالِكٍ فِي التَّسْهِيلِ عَلَى رَأْيِ الْفَرَّاءِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْضًا. الدَّمَامِينِيُّ دَخَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْقَاضِي ابْنِ خَلِّكَانَ لِأَدَاءِ شَهَادَةٍ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأَجَابَهُ بِجَوَابٍ مُخْتَصَرٍ، ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهِ جَوَابًا حَسَنًا. حَاصِلُهُ أَنَّهُ وُجِدَ فِيهَا شَرْطَانِ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَصْلُحُ لِلْجَوَابِ إلَّا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا لَهُمَا مَعًا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِلُزُومِ اجْتِمَاعِ عَامِلَيْنِ عَلَى مَعْمُولٍ وَاحِدٍ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُجْعَلَ جَوَابًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِلُزُومِ الْإِتْيَانِ بِمَا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَتَرْكِ مَا لَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا لِلثَّانِي فَقَطْ وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ لِلُزُومِ كَوْنِهِ مَعَ جَوَابِهِ جَوَابَ الْأَوَّلِ، وَوُجُوبِ الْفَاءِ الرَّابِطَةِ وَلَا فَاءَ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ جَوَابٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ وَجَوَابُهُ دَلِيلُ جَوَابِ الثَّانِي: الدَّمَامِينِيُّ وَهَذَا وَجْهُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي اشْتِرَاطِ عَكْسِ تَرْتِيبِ الذِّكْرِ، وَوَجْهُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِحَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ كَقَوْلِهِ: الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِحَرَامٍ، وَآخَرُ بِبَتَّةٍ، أَوْ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى دُخُولِ دَارٍ فِي رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ   [منح الجليل] كَيْفَ أَصْبَحْت كَيْفَ أَمْسَيْت مِمَّا ... يَغْرِسُ الْوُدَّ فِي فُؤَادِ اللَّبِيبِ وَضَعُفَ بِاخْتِصَاصِهِ بِالضَّرُورَةِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْحُذَّاقِ أَنَّ تَوْجِيهَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّسْهِيلِ وَالْمُغْنِي تَوْجِيهُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا، وَلَا يَقْتَضِي عَكْسَ التَّرْتِيبِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا لَوْ أَبْقَى الشَّرْطَانِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَوَّلَ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ شَمَلَ الِاسْتِقْبَالَ وَغَيْرَهُ، وَصَارَ مَعْنَى الْمِثَالِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنْ ثَبَتَ كَلَامُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا شَامِلٌ لِوُقُوعِ الْكَلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَبُحِثَ فِيهِ بِاقْتِضَائِهِ الْحِنْثَ بِكَلَامِهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِ الْأَوَّلِ بِالثُّبُوتِ وَأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ الثَّانِي لِتَوَقُّفِهِ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُنَا عَلَى اسْتِقْبَالِ كُلٍّ مِنْ الْفِعْلَيْنِ بِاعْتِبَارِ زَمَنِ التَّكَلُّمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الثَّانِي إنَّمَا هُوَ لُزُومُ حُكْمِ التَّعْلِيقِ لَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَظَهَرَ بِهِ أَنَّ تَوْجِيهَ ابْنِ الْحَاجِبِ يَصْلُحُ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحِنْثِ بِالْبَعْضِ الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا قَوْلُ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلَيْنِ فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا أَوْ لَا يَفْعَلُ فِعْلًا فَفَعَلَ بَعْضَهُ أَنَّهُ حَانِثٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَدْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، إذْ هُوَ بَعْضُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ. اهـ. لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَاحِدٌ وَمَا هُنَا فِيهِ تَعْلِيقُ التَّعْلِيقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُعَلَّقَ لَا يُوجَدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ هُنَا تَوَقُّفَ الطَّلَاقِ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدٌ) عَدْلٌ عَلَى زَوْجٍ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ (بِ) لَفْظٍ (حَرَامٍ وَ) شَهِدَ شَاهِدٌ (آخَرُ) عَدْلٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا (بِ) لَفْظِ (بَتَّةَ) لُفِّقَتْ الشَّهَادَةُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِاتِّفَاقِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَعْنَى وَالْحُكْمِ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدٌ (بِتَعْلِيقِهِ) طَلَاقَهَا (عَلَى دُخُولِ دَارٍ) مَثَلًا، وَصِلَةُ تَعْلِيقِ (فِي رَمَضَانَ وَ) شَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ بِتَعْلِيقِهِ فِي (ذِي الْحِجَّةِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 أَوْ بِدُخُولِهَا فِيهِمَا، أَوْ بِكَلَامِهِ فِي السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ، أَوْ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمًا بِمِصْرَ وَيَوْمًا بِمَكَّةَ. لُفِّقَتْ:   [منح الجليل] وَشَهِدَا هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا بِدُخُولِهَا بَعْدَ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ لُفِّقَتْ وَلَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ. (أَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِ دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَشَهِدَ شَاهِدٌ وَشَهِدَ شَاهِدٌ آخَرُ (بِدُخُولِهَا) أَيْ الدَّارِ الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى دُخُولِهَا (فِيهِمَا) أَيْ رَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ أَيْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِدُخُولِهَا فِي رَمَضَانَ وَالْآخَرُ بِدُخُولِهَا فِي ذِي الْحِجَّةِ وَالتَّعْلِيقُ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ فَتُلَفَّقُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ. (أَوْ) حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا وَشَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ (بِكَلَامِهِ) أَيْ الْحَالِفِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (فِي السُّوقِ وَ) عَدْلٌ آخَرُ بِكَلَامِهِ فِي (الْمَسْجِدِ) فَتُلَفَّقُ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ (أَوْ) شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ (بِأَنَّهُ) أَيْ الزَّوْجَ (طَلَّقَ) زَوْجَتَهُ (يَوْمًا بِمِصْرَ) الْقَاهِرَةِ فِي رَمَضَانَ (وَ) شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ آخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا (يَوْمًا بِمَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ (لُفِّقَتْ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً جَوَابُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ، فَلَقَدْ أَحْسَنَ فِي تَرْتِيبِ أَمْثِلَةِ الْقَوْلَيْنِ وَالْفِعْلَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْمَعْنَى. وَشَرْطُهُ فِي الْأَخِيرَةِ فَصْلُ الْفِعْلَيْنِ بِزَمَنٍ يُمْكِنُ الْوُصُولُ فِيهِ مِنْ أَحَدِ الْمَكَانَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَا تَنْقَضِي فِيهِ الْعِدَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَةُ الثَّانِي. ابْنُ رُشْدٍ تَلْفِيقُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ تُلَفَّقُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَهُوَ إذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَاتَّفَقَ الْمَعْنَى وَمَا يُوَجِّهُ الْحُكْمَ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِالثَّلَاثِ وَالْآخَرُ بِالْبَتَّةِ أَوْ الْبَرِيَّةِ أَوْ الْخَلِيَّةِ، وَالثَّانِي: لَا تُلَفَّقُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَهُوَ إذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا بِالثَّلَاثِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ إنْ دَخَلَ الدَّارَ فَأَمَرَ أَنَّهَا طَالِقٌ. الثَّالِثُ: اُخْتُلِفَ فِي تَلْفِيقِهَا فِيهِ وَالْمَشْهُورُ التَّلْفِيقُ وَهُوَ مَا إذَا اتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى وَمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَاخْتَلَفَتْ الْأَزْمِنَةُ وَالْأَمْكِنَةُ كَمِصْرِ وَمَكَّةَ وَرَمَضَانَ وَذِي الْحِجَّةِ. الرَّابِعُ: اُخْتُلِفَ فِي تَلْفِيقِهَا فِيهِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهُ وَهُوَ أَنْ يَخْتَلِفَ الْمَعْنَى وَاللَّفْظُ وَيَتَّفِقَ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَأَنَّهُ دَخَلَ وَيَشْهَدَ الْآخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا، وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لِابْنِ شِهَابٍ إنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ مُفْتَرِقُونَ أَحَدُهُمْ بِطَلْقَةٍ وَآخَرُ بِاثْنَتَيْنِ وَآخَرُ بِثَلَاثٍ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ. اللَّخْمِيُّ هَذَا يَصِحُّ فِي بَعْضِ وُجُوهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ عُلِمَتْ التَّوَارِيخُ فَكَانَ الثَّانِي فِي ثَانِي يَوْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ فِي ثَالِثِهِمَا لَزِمَتْ الطَّلْقَتَانِ وَاحِدَةٌ بِضَمِّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ فِي وَاحِدَةٍ، وَثَانِيَةٌ بِضَمِّ بَاقِي شَهَادَةِ الثَّانِي لِشَهَادَةِ الثَّالِثِ فِي وَاحِدَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَيُخْتَلَفُ إنْ عَدِمَتْ التَّوَارِيخُ هَلْ تَلْزَمُهُ ثَلَاثٌ أَوْ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمَا مِنْ الطَّلَاقِ بِالشَّكِّ. وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ فِيهَا مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِثَلَاثٍ وَآخَرُ بِاثْنَيْنِ وَآخَرُ بِوَاحِدَةٍ قِيلَ لَهُ وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى وَاحِدٌ بِوَاحِدَةٍ وَآخَرُ بِاثْنَتَيْنِ وَآخَرُ بِثَلَاثَةٍ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ فَأَجَابَ لَا أَثَرَ لِاخْتِلَافِ النُّسَخِ فِيمَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ فِي تَلْفِيقِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لُزُومُ الطَّلْقَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ سَوَاءٌ أَرَّخَ كُلُّ وَاحِدٍ شَهَادَتَهُ أَوْ لَمْ يُؤَرِّخْ اخْتَلَفُوا فِي التَّارِيخِ أَوْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لَا أَثَرَ لِلتَّارِيخِ فِيمَا يَجِبُ مِنْ تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ، إذْ لَوْ قِيلَ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِانْفِرَادٍ فِي تَعْيِينِ يَوْمِهَا لَوَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَحْدَهُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي شَهِدَ بِهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِالتَّوَارِيخِ، إذْ لَا أَثَرَ لَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِدَّةَ فِي ذَلِكَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَإِنْ أَرَّخَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَهَادَتَهُ، وَلَوْ اجْتَمَعَ شَاهِدَانِ عَلَى تَارِيخٍ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِهِ وَمَا فَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ كَوْنِ تَارِيخِ الشَّاهِدِ بِالثَّلَاثِ مُتَأَخِّرًا عَنْ تَارِيخِ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ يَصِحُّ وَكَذَا قَوْلُهُ يَخْتَلِفُ إنْ عَدِمَتْ التَّوَارِيخُ هَلْ تَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمَا مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ بِالشَّكِّ غَلَطٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْمُنْكِرِ بِالشَّكِّ، إنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ. قُلْتُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَوْ وَجَبَ قَبُولُ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فِي تَعْيِينِ يَوْمِهَا لَوَجَبَ قَبُولُ شَهَادَتِهِ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ، يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ زَمَنِ الطَّلْقَةِ فِي كَوْنِهِ قَيْدًا مِنْهَا، وَهَذَا لَا يُخَالِفُ فِيهِ اللَّخْمِيُّ، إذْ لَوْ اعْتَبَرَ ذَلِكَ لَأَبْطَلَ الضَّمَّ مُطْلَقًا لِاخْتِلَافِ مُتَعَلَّقِ الشَّهَادَتَيْنِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ وَآخَرَ بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ اللَّخْمِيُّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُوصِلًا إلَى كَوْنِ أَحَدِ الطَّلَاقَيْنِ مَخْبَرًا بِهِ عَنْ طَلَاقٍ آخَرَ إخْبَارًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 كَشَاهِدٍ بِوَاحِدَةٍ، وَآخَرَ بِأَزْيَدَ، وَحُلِّفَ عَلَى الزَّائِدِ؛ وَإِلَّا سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ، لَا بِفِعْلَيْنِ   [منح الجليل] يَقْصِدُ بِهِ كَمَالَ الطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَلِذَا أَلْزَمَهُ فِي الثَّلَاثِ الَّتِي أَوَّلُهَا الشَّاهِدُ بِوَاحِدَةٍ وَآخِرُهَا الشَّاهِدُ بِالثَّلَاثِ طَلْقَتَيْنِ، وَفِي عَكْسِهِ ثَلَاثًا وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ، وَصُوَرُ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ سِتٌّ ضَابِطُهَا عَلَى مَأْخَذِ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ كَوْنُ الطَّلَاقِ مَخْبَرًا بِهِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ كُلَّمَا تَأَخَّرَتْ بَيِّنَةُ الثَّلَاثِ فَطَلْقَتَانِ وَإِلَّا فَثَلَاثٌ. وَشَبَّهَ فِي التَّلْفِيقِ فَقَالَ (كَشَاهِدٍ) عَدْلٍ عَلَى الزَّوْجِ (بِ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ وَ) شَاهِدٍ (آخَرَ) عَدْلٍ عَلَيْهِ (بِأَزْيَدَ) مِنْ طَلْقَةٍ فَتُلَفَّقُ فِي الْوَاحِدَةِ الَّتِي اتَّفَقَ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ فَتَلْزَمُ الزَّوْجَ (وَحَلَفَ) الزَّوْجُ (عَلَى) فَفِي الطَّلَاقِ (الزَّائِدِ) عَلَى الْوَاحِدَةِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَبُو الْحَسَنِ صُورَةُ يَمِينِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا طَلَّقْت أَلْبَتَّةَ فَتَنْفَعُهُ يَمِينُهُ فِي سُقُوطِ اثْنَتَيْنِ وَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ، أَيْ يَحْلِفُ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً وَلَا أَكْثَرَ لِإِسْقَاطِ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدَةِ اللَّازِمَةِ بِشَهَادَتِهِمَا، فَعَلَى لِلتَّعْلِيلِ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ مِنْهُ الزَّائِدُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَنَكَلَ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُبِسَ الزَّوْجُ وَاسْتَمَرَّ مَسْجُونًا (حَتَّى) أَيْ إلَى أَنْ (يَحْلِفَ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَمِينِ رَجَعَ إلَى هَذَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ طَلَقَتْ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ. وَفِي الْجَلَّابِ فَإِنْ طَالَ زَمَنُ حَبْسِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى عَدَمِ الْحَلِفِ أُطْلِقَ وَتُرِكَ وَوُكِّلَ لِدِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْوَاحِدَةِ. أَبُو إِسْحَاقَ لَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي لُزُومِ الْوَاحِدَةِ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ. الْقَرَافِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اتِّحَادَهُ يُوجِبُ تَكَاذُبَهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ لَفَظَ بِوَاحِدَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِأَكْثَرَ (لَا) تُلَفَّقُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى الزَّوْجِ (بِفِعْلَيْنِ) مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ كَشَهَادَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 أَوْ بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ: كَوَاحِدٍ بِتَعْلِيقِهِ بِالدُّخُولِ، وَآخَرَ بِالدُّخُولِ، وَإِنْ شَهِدَا بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ وَنَسِيَاهَا: لَمْ تُقْبَلْ وَحَلَفَ مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً، وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِيَمِينٍ   [منح الجليل] أَحَدِهِمَا أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ، وَأَنَّهُ دَخَلَهَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَأَنَّهُ رَكِبَهَا قَالَهُ تت، وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ. فَإِنْ قُلْت الشَّهَادَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِفِعْلٍ وَقَوْلٍ. قُلْتُ اُعْتُبِرَ الْفِعْلُ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَيَحْلِفُ عَلَى كَذِبِهِمَا فِي الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ لَا بِفِعْلَيْنِ مَا لَمْ يَسْتَلْزِمْ أَحَدَهُمَا الْآخَرُ وَإِلَّا لُفِّقَتْ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِرِيحِ خَمْرٍ وَالْآخَرِ بِشُرْبِهَا فَيُحَدُّ، وَقَوْلِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ تَحَرُّزٌ عَنْ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ، فَتُلَفَّقُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِدُخُولِهَا فِيهِمَا. (أَوْ) أَيْ وَلَا تُلَفَّقُ شَهَادَةٌ (بِفِعْلٍ وَ) شَهَادَةٌ بِ (قَوْلٍ) وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ (كَوَاحِدٍ) شَهِدَ (بِتَعْلِيقِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ (بِالدُّخُولِ) لِدَارِ زَيْدٍ مَثَلًا (وَآخَرُ) شَهِدَ (بِالدُّخُولِ) لَهَا فَلَا تُلَفَّقُ (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ الْعَدْلَانِ عَلَى الزَّوْجِ (بِطَلَاقِ) زَوْجَةِ (وَاحِدَةٍ) مُعَيَّنَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ (وَنَسِيَاهَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الزَّوْجَةَ الْمُعَيَّنَةَ (لَمْ تُقْبَلْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ شَهَادَتُهُمَا لِعَدَمِ ضَبْطِهِمَا وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ، وَلَوْ تَذَّكَّرَاهَا وَهُمَا مُبْرِزَانِ، وَمُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قَبُولُهُمَا وَهِيَ الَّذِي يَنْبَغِي. (وَحَلَفَ) الزَّوْجُ (مَا طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْ زَوْجَاتِهِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ أَبُو الْحَسَنِ لَوْ نَكَلَ فَتَخَرَّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هَلْ يُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَطْلُقْنَ كُلُّهُنَّ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَيُسْجَنَ حَتَّى يُقِرَّ بِالْمُطَلَّقَةِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَطَعَتْ بِأَنَّ وَاحِدَةً عَلَيْهِ حَرَامٌ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ عَلَى قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ طَلَاقُ جَمِيعِهِنَّ، كَمَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ، فَإِنْ صَدَّقَ الشُّهُودَ وَادَّعَى النِّسْيَانَ طَلَقْنَ كُلُّهُنَّ وَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدَةً صُدِّقَ (وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ) عَلَى زَوْجٍ كُلُّ شَاهِدٍ (بِيَمِينٍ) أَيْ تَنْجِيزِ طَلْقَةٍ أَوْ حِنْثٍ فِيهَا وَلَيْسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 وَنَكَلَ؛ فَالثَّلَاثُ.   [منح الجليل] وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَعَ الْآخَرِ حَلَفَ لِتَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَ رَبِيعَةَ فِي غَيْرِ التَّعْلِيقِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً وَآخَرَ كَذَلِكَ وَآخَرَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَسْمَعْ اثْنَانِ مِنْهُمْ طَلَاقَهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا لَزِمَهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ دُونَ يَمِينٍ، وَفِي التَّعَالِيقِ الْمُتَّفِقَةِ كَشَهَادَةِ وَاحِدٍ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَدَخَلَهَا وَآخَرَ كَذَلِكَ، وَفِي التَّعَالِيقِ الْمُخْتَلِفَةِ كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمْ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الدَّابَّةَ وَأَنَّهُ رَكِبَهَا وَآخَرَ لَا لَبِسَ الثَّوْبَ، وَأَنَّهُ لَبِسَهُ وَآخَرَ أَنَّهُ لَا دَخَلَ الدَّارَ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا. (وَإِنْ نَكَلَ) الزَّوْجُ عَنْ الْحَلِفِ لِتَكْذِيبِ الثَّلَاثَةِ (فَ) الطَّلْقَاتُ (الثَّلَاثُ) تَلْزَمُهُ عِنْدَ رَبِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَذَا عَدَمُ لُزُومِ طَلْقَةٍ مَعَ حَلِفِهِ وَهَذَا قَوْلُ رَبِيعَةَ وَقَوْلُ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَذْهَبُ مَا رَجَعَ إلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا، وَيَحْلِفُ عَلَى الزَّائِدِ فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ وَفِي التَّعَالِيقِ الْمُتَّفِقَةِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلِفَةُ فَيَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ إلَخْ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ لَا يَشْمَلُهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى تَأْوِيلِ الْقَابِسِيِّ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا رَبِيعَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ كُلُّ وَاحِدٌ بِطَلْقَةٍ لَيْسَ مَعَهُ صَاحِبُهُ فَأُمِرَ أَنْ يَحْلِفَ فَأَبَى فَلْيُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا وَتَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ نَكَلَ وَقُضِيَ عَلَيْهِ الْقَابِسِيُّ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ وَاحِدٌ شَهِدَ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا، فَلِذَلِكَ إذَا نَكَلَ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالثَّلَاثِ، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَحْلِفُ لِتَكْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ قَالَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ لَزِمَهُ طَلْقَةٌ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهَا وَيَحْلِفُ مَعَ الْآخَرِ، أَيْ لِرَدِّهِ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ اثْنَتَانِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وِفَاقًا لِلْمَذْهَبِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي التَّطْلِيقِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّ قَوْلَ رَبِيعَةَ خِلَافٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمَالِكٌ يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ لِاجْتِمَاعِ اثْنَيْنِ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغَ. اهـ. فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِيَمِينٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ إلَى تَأْوِيلِ الْقَابِسِيِّ بِالْوِفَاقِ، وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى خُصُوصِ التَّعَالِيقِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ فَالثَّلَاثُ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُسْجَنُ، فَإِنْ طَالَ دُيِّنَ هُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ. وَأَمَّا تَقْرِيرُ " ز " فَيُوَافِقُ التَّأْوِيلَ وَالثَّانِي بِحَمْلِ كَلَامِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 فَصْلٌ) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا تَوْكِيلًا؛ فَلَهُ الْعَزْلُ إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ، لَا تَخْيِيرًا، أَوْ تَمْلِيكًا.   [منح الجليل] رَبِيعَةَ عَلَى الْعُمُومِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ الطَّلْقَاتِ دُونَ تَعْلِيقٍ وَالتَّعَالِيقَ الْمُتَّفِقَةَ وَالْمُخْتَلِفَةَ فَيَكُونُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ فِي التَّلْفِيقِ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ، لَكِنَّ تَعْبِيرَهُ بِيَمِينٍ يَمْنَعُهُ وَيُعَيِّنُ الْحَمْلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ [فَصْلٌ فِي أَحْكَام الِاسْتِنَابَة عَلَى الطَّلَاق] وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ تَوْكِيلٌ وَإِرْسَالٌ وَتَمْلِيكٌ وَتَخْيِيرٌ (إنْ فَوَّضَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (تَوْكِيلًا) أَيْ جُعِلَ إنْشَاءً لَهَا بَاقِيًا لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إنْ شَاءَ فَخَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ الْإِرْسَالُ وَبِبَقَاءِ الْمَنْعِ التَّمْلِيكُ وَالتَّخْيِيرُ (فَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (الْعَزْلُ) أَيْ مَنْعُهَا مِنْ إيقَاعِهِ قَبْلَهُ اتِّفَاقًا عَلَى قَاعِدَةِ التَّوْكِيلِ مِنْ عَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِتَعَلُّقِ حَقٍّ) لَهَا بِإِيقَاعِهِ كَقَوْلِهِ لَهَا: إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَقَدْ وَكَّلْتُكِ عَلَى طَلَاقِك أَوْ طَلَاقِ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِرَفْعِ ضَرَرِ الضَّرَّةِ عَنْهَا. (لَا) إنْ فَوَّضَهُ لَهَا (تَخْيِيرًا) بِأَنْ جَعَلَ لَهَا إنْشَاءَهُ ثَلَاثًا نَصًّا أَوْ حُكْمًا بِلَا مَنْعٍ مِنْهُ، فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ قَبْلَ إنْشَائِهِ، فَخَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ الْإِرْسَالُ وَبِالنَّصِّ عَلَى الثَّلَاثِ إلَخْ التَّمْلِيكُ، وَبِعَدَمِ الْمَنْعِ التَّوْكِيلُ (أَوْ) فَوَّضَهُ لَهَا (تَمْلِيكًا) بِأَنْ جَعَلَ إنْشَاءَهُ لَهَا بِلَا مَنْعٍ رَاجِحًا فِي الثَّلَاثِ يُخَصُّ بِمَا دُونَهَا بِنِيَّتِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهَا أَيْضًا، فَخَرَجَ بِالْإِنْشَاءِ الْإِرْسَالُ، وَبِعَدَمِ الْمَنْعِ التَّوْكِيلُ، وَبِرُجْحَانِ الثَّلَاثِ التَّخْيِيرُ الْحَطّ. الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَكِيلَ يَفْعَلُ عَلَى سَبِيلِ النِّيَابَةِ عَنْ مُوَكِّلِهِ، وَالْمُمَلَّكُ وَالْمُخَيَّرُ يَفْعَلَانِ عَنْ نَفْسِهِمَا لِمِلْكِهِمَا مَا كَانَ الزَّوْجُ يَمْلِكُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 158 وَحِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى تُجِيبَ، وَوُقِفَتْ.   [منح الجليل] قِيلَ عُرْفِيٌّ لَا دَخْلَ لِلُّغَةِ فِيهِ، فَقَوْلُهُمْ فِي الْمَشْهُورِ يُنَاكِرُ الزَّوْجُ الْمُمَلَّكَةَ لَا الْمُخَيَّرَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفٍ فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ بِانْعِكَاسِهِ. وَقِيلَ: لِلُّغَةِ فِيهِ مَدْخَلٌ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ إعْطَاءُ مَا لَمْ يَكُنْ حَاصِلًا فَالْأَصْلُ بَقَاءُ مِلْكِ الزَّوْجِ الْعِصْمَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا اعْتَرَفَ بِإِعْطَائِهِ وَالتَّخْيِيرُ لُغَةً: جَعْلُ الْخِيَارِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لِلْمُخَيَّرِ بِالْفَتْحِ فَمَعْنَى تَخْيِيرِ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ خَيَّرَهَا بَيْنَ بَقَائِهَا عَلَى عِصْمَتِهِ وَذَهَابِهَا عَنْهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الَّذِي لَا يُبْقِي لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا حُكْمًا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ اتِّفَاقِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ كِنَايَةٌ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إلَّا بِنِيَّتِهِ لِاحْتِمَالِهِ التَّخْيِيرَ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الطَّلَاقَ احْتَمَلَ الْوَاحِدَةَ وَغَيْرَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ مَا نَصُّهُ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ لُغَةً لَا مِرْيَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَفْتَى بِالثَّلَاثِ عَلَى عَادَةٍ كَانَتْ فِي زَمَانِهِ أَوْجَبَتْ نَقْلَ اللَّفْظِ عَنْ مُسَمَّاهُ اللُّغَوِيِّ إلَى هَذَا الْمَفْهُومِ، فَصَارَ صَرِيحًا فِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ وَهُوَ سِرُّ الْفَرْقِ بَيْنَ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، غَيْرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بُطْلَانُ هَذَا الْحُكْمِ الْيَوْمَ وَوُجُوبُ الرُّجُوعِ إلَى اللُّغَةِ، وَيَكُونُ كِنَايَةً مَحْضَةً كَمَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ اللَّفْظَ مَتَى كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى نَقْلٍ عَادِيٍّ بَطَلَ ذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ بُطْلَانِ تِلْكَ الْعَادَةِ، وَتَغَيَّرَ إلَى حُكْمٍ آخَرَ إنْ شَهِدَتْ لَهُ عَادَةٌ أُخْرَى، هَذَا هُوَ الْفِقْهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ ابْنُ الشَّاطِّ مَا قَالَهُ إنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَنَى عَلَى عُرْفٍ فِي زَمَانِهِ هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا قَالَهُ مِنْ لُزُومِ تَغَيُّرِ الْحُكْمِ بِتَغَيُّرِ الْعُرْفِ صَحِيحٌ. (وَحِيلَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ أَيِّ فُرِّقَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا (حَتَّى تُجِيبَ) الزَّوْجَةُ بِمَا يَقْتَضِي بَقَاءَهَا عَلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا أَوْ فِرَاقَهُ لَا فِي التَّوْكِيلِ لِأَنَّ لَهُ عَزْلَهَا إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّهَا بِالطَّلَاقِ وَالنَّفَقَةِ زَمَنَ الْحَيْلُولَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَرِثَهُ الْآخَرُ (وَوُقِفَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ إنْ أَطْلَقَ الزَّوْجُ. . الجزء: 4 ¦ الصفحة: 159 وَإِنْ قَالَ إلَى سَنَةٍ مَتَى عُلِمَ فَتَقْضِي، وَإِلَّا أَسْقَطَهُ الْحَاكِمُ. وَعُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيح فِي الطَّلَاق، كَطَلَاقِهِ، وَرَدِّهِ: كَتَمْكِينِهَا طَائِعَةً، وَمُضِيِّ يَوْمِ تَخْيِيرِهَا.   [منح الجليل] بَلْ (وَإِنْ قَالَ) الزَّوْجُ أَمْرُك بِيَدِك (إلَى) تَمَامِ (سَنَةٍ) مَثَلًا، وَصِلَةُ وُقِفَتْ (مَتَى عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ بِأَنَّهُ خَيَّرَهَا أَوْ مَلَّكَهَا فَيُوقِفُهَا حِينَ عِلْمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَا يُمْهِلُهَا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ مَثَلًا (فَتَقْضِي) الزَّوْجَةُ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ أَوْ رَدِّ مَا جَعَلَهُ لَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْضِ بِشَيْءٍ (أَسْقَطَهُ) أَيْ مَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لَهَا (الْحَاكِمُ) وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِبَقَائِهِ بِيَدِهَا إلَى تَمَامِ السَّنَةِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إذْ فِيهِ التَّمَادِي عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكَةٍ. (وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِجَوَابِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الصَّرِيحِ فِي) اخْتِيَارِ (الطَّلَاقِ) سَوَاءٌ كَانَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ أَوْ كِنَايَةً ظَاهِرَةً فِيهِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فَتُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا وَلَوْ نَوَتْ بِهَا الطَّلَاقَ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ يُونُسَ لَوْ أَجَابَتْ الْمَرْأَةُ بِغَيْرِ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ عِنْدَمَا مَلَّكَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا أَنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ جَوَابَهَا فِي التَّمْلِيكِ بِصِيغَةِ الظِّهَارِ إذَا نَوَتْ بِهِ الطَّلَاقَ فَهُوَ لَازِمٌ مَعَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ. وَمَثَّلَ لِلْجَوَابِ الصَّرِيحِ فِي الطَّلَاقِ فَقَالَ (كَطَلَاقِهِ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ تَطْلِيقِهَا لِلزَّوْجِ بِأَنْ قَالَتْ طَلَّقْته أَوْ هُوَ طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْت نَفْسِي مِنْهُ أَوْ أَنَا طَالِقٌ مِنْهُ (وَ) عُمِلَ بِجَوَابِهَا الصَّرِيحِ فِي (رَدِّهِ) أَيْ مَا جَعَلَهُ لَهَا وَبَقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا يَقُولُ بِأَنْ قَالَتْ رَدَدْت إلَيْك مَا مَلَّكْتنِي أَوْ فِعْلٍ (كَتَمْكِينِهَا) أَيْ الْمُمَلَّكَةِ أَوْ الْمُخَيَّرَةِ زَوْجَهَا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا (طَائِعَةً) عَالِمَةً بِمَا جَعَلَهُ مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ وَلَوْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ لَا مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً بِمَا جَعَلَهُ لَهَا فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهَا وَلَوْ وَطِئَهَا، فَإِنْ ادَّعَى التَّمْكِينَ وَأَنْكَرَتْهُ صُدِّقَ إنْ ثَبَتَتْ خَلْوَتُهُ بِهَا بِامْرَأَتَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَتْ الْإِكْرَاهَ صُدِّقَتْ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بِيَمِينٍ وَصُدِّقَ فِي الْوَطْءِ بِيَمِينٍ قَالَهُ الْحَطّ. (وَ) كَ (مُضِيِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ فَرَاغِ (يَوْمِ) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 160 وَرَدِّهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا. وَهَلْ نَقَلَ قُمَاشِهَا وَنَحْوُهُ: طَلَاقٌ؟ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ. وَقُبِلَ تَفْسِيرُ: قَبِلْت، أَوْ قَبِلْتُ أَمْرِي أَوْ مَا مَلَّكْتَنِي بِرَدٍّ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ. . .   [منح الجليل] زَمَنٍ يَوْمًا كَانَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ تَخْتَرْ فِيهِ شَيْئًا فَقَدْ سَقَطَ مَا جَعَلَهُ لَهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِمُضِيِّهِ أَمْ لَا بِأَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ جُنَّتْ حَتَّى فَاتَ (وَ) كَ (رَدِّهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ لِعِصْمَةِ زَوْجِهَا الَّذِي مَلَّكَهَا أَوْ خَيَّرَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ أَوْ بِرَجْعِيٍّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ ثُمَّ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ (بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْهُ فَقَدْ سَقَطَ مَا جَعَلَهُ لَهَا مِنْ تَخْيِيرٍ أَوْ تَمْلِيكٍ إلَّا إذَا كَانَ بِأَدَاةٍ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَرَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ مَا جَعَلَهُ لَهَا. (وَهَلْ نَقْلُ قُمَاشِهَا) أَيْ مَتَاعِهَا وَجِهَازِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (وَنَحْوُهُ) أَيْ النَّقْلِ فَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى نَقْلٍ كَتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا مِنْ زَوْجِهَا (طَلَاقٌ) ثَلَاثٌ فِي التَّخْيِيرِ وَوَاحِدَةٌ فِي التَّمْلِيكِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ شَاسٍ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَيْسَ طَلَاقًا فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ، وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالطَّلَاقِ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ طَلَاقٌ اتِّفَاقًا. (وَقُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا الْمُفَوَّضِ لَهُ أَمْرُهَا (تَفْسِيرُ) الْجَوَابِ الْمُحْتَمِلِ لِلطَّلَاقِ وَالرَّدِّ نَحْوَ (قَبِلْت) بِدُونِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ (أَوْ قَبِلْت أَمْرِي) وَاحِدَ الْأُمُورِ أَيْ شَأْنِي (أَوْ) قَبِلْت (مَا مَلَّكْتنِي) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، وَصِلَةُ تَفْسِيرٍ (بِرَدٍّ) لِمَا جَعَلَهُ لَهَا وَإِبْقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا وَنُظِرَ فِي تَفْسِيرِ الْقَبُولِ بِالرَّدِّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضُوعًا لَهُ وَلَا هُوَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِهِ، بَلْ رَافِعٌ لِمُقْتَضَاهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الرَّدُّ مِنْ آثَارِ قَبُولِ النَّظَرِ فِي الْأَمْرِ صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ لِعَلَاقَةِ السَّبَبِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ. (أَوْ) بِ (طَلَاقٍ أَوْ) بِ (بَقَاءٍ) عَلَى مَا جَعَلَهُ لَهَا حَتَّى تَنْظُرَ فِي أَمْرِهَا مَا هُوَ الْأَحْسَنُ لَهَا وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُ اخْتَرْت أَوْ اخْتَرْت أَمْرِي أَوْ شِئْت أَوْ أَرَدْت أَيْضًا (وَنَاكَرَ) الزَّوْجُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 161 وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ، وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا إنْ زَادَتَا عَلَى الْوَاحِدَةِ إنْ نَوَاهَا، وَبَادَرَ وَحَلَفَ، إنْ دَخَلَ، وَإِلَّا فَعِنْدَ الِارْتِجَاعِ، وَلَمْ يُكَرِّرْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ.   [منح الجليل] زَوْجَةً (مُخَيَّرَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةُ تَحْتَ مُثَقَّلَةٍ (لَمْ تَدْخُلْ) الزَّوْجَةُ بِزَوْجِهَا شَرْطٌ فِي مُنَاكَرَتِهَا فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا (وَ) نَاكَرَ زَوْجَةً (مُمَلَّكَةً) بِضَمٍّ فَفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حَالَ كَوْنِهَا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا مَدْخُولًا بِهَا (إنْ زَادَتَا) أَيْ الْمُخَيَّرَةُ وَالْمُمَلَّكَةُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَتَاهُ (عَلَى) الطَّلْقَةِ (الْوَاحِدَةِ) هَذَا مَوْضُوعُ الْمُنَاكَرَةِ أَيْ رَدِّ الزَّوْجِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ بِتَخْيِيرِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنَاكِرُهَا فِي الْوَاحِدَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُمَلَّكَةِ. وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ فَعَدَمُ مُنَاكَرَتِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَخْيِيرُهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا بِمَنْزِلَةِ الْمُمَلَّكَةِ لِبَيْنُونَتِهَا بِالْوَاحِدَةِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِدَلِيلِ تَصْدِيرِهِ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ بِأَنَّ فِي قَوْلِهِ (إنْ) كَانَ (نَوَاهَا) أَيْ الزَّوْجُ الْوَاحِدَةَ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ فَلَوْ لَمْ يَنْوِهَا بِهِ بَلْ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا أَصْلًا لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ، وَأَوْلَى وَإِنْ نَوَى الْأَكْثَرَ (وَ) إنْ (بَادَرَ) الزَّوْجُ لِلْمُنَاكَرَةِ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (وَ) إنْ (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهُ نَوَى بِهِ الْوَاحِدَةَ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ حِينَ الْمُنَاكَرَةِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ وَأَرَادَ رَجْعَتَهَا (وَإِلَّا) أَيْ أَوْ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ يُرِدْ رَجْعَتَهَا الْآنَ (فَ) يَحْلِفُ (عِنْدَ) إرَادَةِ (الِارْتِجَاعِ وَ) إنْ (لَمْ يُكَرِّرْ) الزَّوْجُ عِنْدَ التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ قَوْلَهُ (أَمْرُهَا) أَيْ حُكْمُ عِصْمَتِهَا (بِيَدِهَا) فِي مِلْكِهَا تَتَصَرَّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ إبْقَاءٍ، فَإِنْ كَرَّرَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ أَتَى بِأَدَاةٍ تُفِيدُ التَّكْرَارَ كَكُلَّمَا شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك فَلَيْسَ لَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الزَّوْجُ بِتَكْرِيرِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا (التَّأْكِيدَ) فَإِنْ كَانَ نَوَاهُ بِهِ فَلَهُ مُنَاكَرَتُهَا فِيمَا زَادَتْهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ، هَذَا وَقَالَ الْحَطّ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ تَكْرَارِ: أَمْرُهَا بِيَدِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 162 كَنَسْقِهَا. وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ. وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ إنْ أَطْلَقَ:.   [منح الجليل] فَإِنَّ تَكْرَارَهُ كَعَدَمِهِ فِي الْحُكْمِ، فَالْمُنَاسِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَرَّرَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا، وَالْمَعْنَى إنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ عُمِلَ بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ كَرَّرَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا مَثَلًا ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَقُولَ: كُلَّمَا شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك وَإِلَّا فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَلَوْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا لَكَانَ أَحْسَنَ مِمَّا ذَكَرَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ كَمَا عَلِمْت. وَشَبَّهَ فِي اعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّأْكِيدِ فَقَالَ (كَنَسْقِهَا) أَيْ تَكْرِيرِ الْمُمَلَّكَةِ أَوْ الْمُخَيَّرَةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا قَوْلَهَا طَلَّقْت نَفْسِي مَثَلًا بِلَا فَصْلٍ فَيَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ بِعَدَدِهِ إلَّا أَنْ تَنْوِيَ التَّوْكِيدَ. وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ تَكْرِيرِهَا نَسْقًا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ مَا بَعْدَ الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ، وَمَفْهُومُ نَسْقِهَا أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ كَرَّرَتْهُ لَا نَسْقًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْأَوَّلُ لِانْقِطَاعِ الْعِصْمَةِ بِهِ فَلَا يَجِدُ بَعْدَهُ مَحَلًّا فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ ضَمِيرِ الزَّوْجَةِ الْمُؤَكَّدِ بِقَوْلِهِ (هِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ عَلَى الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ (وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ لِلْمَرْأَةِ (فِي الْعَقْدِ) لِنِكَاحِهَا فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ لَهَا فِيهِ لَزِمَهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَلَهُ رَجْعَةُ الْمَدْخُولِ بِهَا إنْ كَانَتْ أَبْقَتْ شَيْئًا مِنْ الْعِصْمَةِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا لِرُجُوعِهِ لِلْخُلْعِ لِإِسْقَاطِهَا مِنْ صَدَاقِهَا لِلشَّرْطِ. (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (عَلَى الشَّرْطِ) أَيْ كَوْنِهِ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ فَلَا يُنَاكِرُهَا فِيمَا زَادَتْهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ (إنْ أَطْلَقَ) الْمُوَثِّقُ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِشَرْطٍ وَلَا تَطَوُّعٍ بِأَنْ كَتَبَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حُصُولَ هَذَا الشَّرْطِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ هَارُونَ فِي اخْتِصَارِهِ الْمُتَيْطِيَّةَ وَنَصُّهُ: وَلَوْ كَتَبَ الْعَاقِدُ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ: إنَّهَا كَانَتْ عَلَى الطَّوْعِ، وَقَالَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا: بَلْ فِي الْعَقْدِ فَحَكَى ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ أَنَّهَا عَلَى الطَّوْعِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُقِيلٍ: هِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ انْعَقَدَ عَلَيْهَا، بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ إلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 163 قَوْلَانِ، وَقُبِلَ إرَادَةُ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ: وَلَا نُكْرَةَ لَهُ، إنْ دَخَلَ فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ. .   [منح الجليل] عُرْفٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الطَّوْعِ وَغَيْرِهِ فِي التَّمْلِيكِ خَاصَّةً فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيهِ إنْ أَوْقَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِيمَا طَاعَ بِهِ مِنْ الشُّرُوطِ إنْ ادَّعَى نِيَّةً، وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُنَاكِرُهَا فِيمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ النِّكَاحُ. وَأَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَلَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الطَّوْعُ مِنْ غَيْرِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّائِقَ التَّعْبِيرُ بِتَرَدُّدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ تَبَرَّعَ بِهَذَا الشَّرْطِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ. أَبُو الْحَسَنِ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّبَرُّعَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ كَالشَّرْطِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَهُ حُكْمُ الْمُشْتَرَطِ. اهـ. أَوْ عَلَى التَّطَوُّعِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ. (قَوْلَانِ وَ) إنْ مَلَّكَ زَوْجَتَهُ مُطْلَقًا أَوْ خَيَّرَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ لَمْ أُرِدْ بِالتَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ طَلَاقًا فَقِيلَ: لَزِمَتْك الثَّلَاثُ الَّتِي أَوْقَعَتْهَا فَقَالَ أَرَدْت طَلْقَةً وَاحِدَةً (قُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الزَّوْجِ الْمُمَلِّكِ أَوْ الْمُخَيِّرِ زَوْجَتَهُ فِي الْعِصْمَةِ قَبْل الْبِنَاءَ بِيَمِينٍ بَعْدَ قَضَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ (إرَادَةُ) الطَّلْقَةِ (الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لَمْ أُرِدْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بِالتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (طَلَاقًا) فَقِيلَ لَهُ: إنْ لَمْ تُرِدْهُ فَقَدْ لَزِمَك مَا أَوْقَعْت، فَقَالَ: أَرَدْت وَاحِدَةً فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ ثُمَّ تَذَكُّرِهِ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا نَقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةَ الْوَاحِدَةِ وَيُعَدُّ نَادِمًا وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ الْوَاحِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ أُرِدْ طَلَاقًا. وَصُرِّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ لَمْ تَدْخُلْ فَقَالَ (وَلَا نُكْرَةَ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْكَافِ أَيْ مُنَاكَرَةَ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ وَخَيَّرَهَا فَأَوْقَعَتْ زَائِدًا عَلَى الْوَاحِدَةِ (فِي تَخْيِيرٍ مُطْلَقٍ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِطَلْقَةٍ أَوْ مَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 164 وَإِنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي: سُئِلَتْ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ، فَإِنْ أَرَادَتْ الثَّلَاثَ: لَزِمَتْ فِي التَّخْيِيرِ، وَذَكَرَ فِي التَّمْلِيكِ. . وَإِنْ قَالَتْ وَاحِدَةً بَطَلَتْ فِي التَّخْيِيرِ. وَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ. أَوْ الْوَاحِدَةِ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ؟ .   [منح الجليل] زَادَ عَلَيْهَا، وَعَنْ التَّقْيِيدِ بِصِيغَةٍ مِمَّا يَأْتِي، إذْ مِنْهُ مَا لَا تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُنَاكَرَةُ كَاخْتَارِي فِي تَطْلِيقَتَيْنِ. (وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ (طَلَّقْت نَفْسِي) أَوْ زَوْجِي قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (سُئِلَتْ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْهَمْزِ الزَّوْجَةُ (بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ) عَمَّا أَرَادَتْهُ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي لِاحْتِمَالِهِ الْوَاحِدَةَ وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا (فَإِنْ) كَانَتْ (أَرَادَتْ) الزَّوْجَةُ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي الطَّلَاقَ (الثَّلَاثَ لَزِمَتْ) أَيْ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ الزَّوْجَ فَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ (فِي التَّخْيِيرِ) إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا لِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَلَا نُكْرَةَ لَهُ إنْ دَخَلَ (وَنَاكَرَ) الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ فِيمَا زَادَتْهُ عَلَى الْوَاحِدَةِ (فِي التَّمْلِيكِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، وَفِي التَّخْيِيرِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا لِقَوْلِهِ وَنَاكَرَ مُخَيَّرَةً لَمْ تَدْخُلْ وَمُمَلَّكَةً مُطْلَقًا. (وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ: أَرَدْت بِقَوْلِي طَلَّقْت نَفْسِي طَلْقَةً (وَاحِدَةً بَطَلَتْ) صِفَتُهَا أَيْ كَوْنُهَا مُخَيَّرَةً لِخُرُوجِهَا عَمَّا خَيَّرَهَا فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِإِرَادَتِهِ بَيْنُونَتَهَا مِنْهُ وَإِرَادَتِهَا بَقَاءَهَا فِي عِصْمَتِهِ لَا الْوَاحِدَةَ فَقَطْ، وَهَذَا فِي الْمُخَيَّرَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَأَمَّا الْمُخَيَّرَةُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَالْمُمَلَّكَةُ مُطْلَقًا فَتَلْزَمُهُ الْوَاحِدَةُ فَقَطْ فِيهِمَا. (وَهَلْ يُحْمَلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ قَوْلُهَا طَلَّقْت نَفْسِي (عَلَى) إرَادَةِ الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) مِنْهَا بِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَتَلْزَمُهُ فِي التَّخْيِيرِ إنْ دَخَلَ وَلَهُ الْمُنَاكَرَةُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَفِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا (أَوْ) يُحْمَلُ عَلَى إرَادَةِ (الْوَاحِدَةِ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَتَلْزَمُهُ فِي التَّمْلِيكِ مُطْلَقًا وَالتَّخْيِيرِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَيَبْطُلُ تَخْيِيرُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ، وَصِلَةُ يُحْمَلُ (عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ) مِنْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 165 تَأْوِيلَانِ. وَالظَّاهِرُ سُؤَالُهَا إنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَيْضًا وَفِي جَوَازِ التَّخْيِيرِ: قَوْلَانِ. وَحَلَفَ فِي اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ، أَوْ فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَةً وَاحِدَةً.   [منح الجليل] لِعَدَدٍ بِقَوْلِهَا طَلَّقْت نَفْسِي فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ وَالظَّاهِرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُنَاسِبُ لِتَعْبِيرٍ بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (سُؤَالُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُخَيَّرَةِ أَوْ الْمُمَلَّكَةِ (إنْ قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي) الْمُنَاسِبُ اخْتَرْت الطَّلَاقَ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ اخْتَرْت الطَّلَاقَ وَهُوَ الصَّوَابُ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَأَمَّا إنْ قَالَتْ اخْتَرْت الطَّلَاقَ، فَاَلَّذِي أَرَاهُ فِيهِ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهَا تُسْأَلُ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ لِاحْتِمَالِ أَلْ الِاسْتِغْرَاقَ فَيَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ يُرَادُ بِهَا الْعَهْدُ وَهُوَ الطَّلَاقُ السُّنِّيُّ الْمَشْرُوعُ فَيَكُونُ وَاحِدَةً، وَإِذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْوَجْهَيْنِ وَجَبَ أَنْ تُسْأَلَ أَيُّهُمَا أَرَادَتْ، فَإِنْ قَالَتْ أَرَدْت وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا تَخَرَّجَ فِيهَا التَّأْوِيلَانِ السَّابِقَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ ظَهَرَ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْسِهِ. (وَفِي جَوَازِ) إقْدَامِ الزَّوْجِ عَلَى (التَّخْيِيرِ) لِزَوْجَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ نَقْلُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَائِلًا مَا عَلِمْت مَنْ كَرِهَهُ إنَّمَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ إيقَاعُ الثَّلَاثِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ (قَوْلَانِ) وَيُقَابِلُ الْجَوَازَ فِي كَلَامِهِ يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَيْثُ الْمُقَابَلَةُ لِلْجَوَازِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُمْنَعُ لِمَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ إيقَاعِ الثَّلَاثِ وَتَوْكِيلِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ انْتَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ يَدِهَا مَا لَمْ تُوقِعْ الثَّلَاثَ، وَيُحْتَمَلُ لِكَرَاهَةٍ وَهُوَ نَقْلُ الْبَاجِّي أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ، فَتَتَلَخَّصُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْبِسَاطِيِّ وَالْكَرَاهَةُ وَسَطٌ. (وَ) إنْ قَالَ: اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَأَوْقَعَتْ ثَلَاثًا وَقَالَ: لَمْ أُرِدْ إلَّا طَلْقَةً (حَلَفَ) الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً (فِي) قَوْلِهِ: لِزَوْجَتِهِ (اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ) فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا أَوْ قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ الطَّلَاقَ، فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَتْهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الثَّلَاثُ. (أَوْ) فِي قَوْلِهِ لَهَا اخْتَارِي (فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَةً وَاحِدَةً) أَوْ فِي أَنْ تُقِيمِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 166 لَا اخْتَارِي طَلْقَةً. وَبَطَلَ: إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ فِي   [منح الجليل] فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ: مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى هَذَا. " غ " لَفْظُ الْأُمَّهَاتِ اخْتَارِي فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً وَفِي أَنْ تُقِيمِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنَّهُ يَكُونُ ثَلَاثًا، قَالَ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - آاللَّهُ مَا أَرَدْت بِقَوْلِك ذَلِكَ إلَّا وَاحِدَةً. قَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً قَالَ هِيَ وَاحِدَةٌ. قُلْت مَا الْمَسْأَلَةُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا مَالِكٌ قَالَ هِيَ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ فَأَجَابَ بِمَا أَخْبَرْتُك. عِيَاضٌ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ سَوَّاهَا مَعَ قَوْلِهِ اخْتَارِي فِي وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ إلَّا وَاحِدَةً، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَكَانَ الْمُرَادُ عِنْدَهُمْ مُحْتَمِلٌ لِإِمْضَاءِ الْفِرَاقِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِلْإِعَادَةِ وَالتَّكْرِيرِ، سَوَاءٌ سَمَّى التَّطْلِيقَةَ أَمْ لَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْ تُقِيمِي وَالْوَاحِدَةُ لَا تُبَيِّنُهَا وَهِيَ مَعَهُ فِي حُكْمِ الْمُقِيمَةِ بَعْدُ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَحْلِفُ لِزِيَادَةِ لَفْظَةٍ، وَفِي أَنْ تُقِيمِي لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهَا مَعَ الطَّلْقَةِ مُقِيمَةٌ عَلَى حَالِهَا فِي عِصْمَتِهِ فَلَمَّا زَادَ، وَفِي أَنْ تُقِيمِي اُسْتُظْهِرَ عَلَيْهِ بِالْيَمِينِ لِذَلِكَ، فَأَمَّا إذَا أَسْقَطَ هَذَا اللَّفْظَ وَقَالَ: اخْتَارِي فِي تَطْلِيقَةٍ فَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ أَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: إنَّمَا حَلَّفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ وَفِي أَنْ تُقِيمِي لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ الْبَيْنُونَةَ لِأَنَّ ضِدَّ الْإِقَامَةِ الْبَيْنُونَةُ فَقَدْ تَضَافَرَتْ هَذِهِ النُّقُولُ عَلَى أَنَّ السِّرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ تُقِيمِي فَعَلَى الْمُصَنِّفِ فِي إسْقَاطِهِ الدَّرَكِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ مَا قَضَتْ بِهِ، وَلَوْلَا زِيَادَةُ أَوْ تُقِيمِي لَقِيلَ عَلَيْهِ كَيْفَ يَحْلِفُ فِي اخْتِيَارِيٍّ فِي أَنْ تُطَلِّقِي نَفْسَك طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْلِفُ فِي اخْتِيَارِيٍّ فِي طَلْقَةٍ. (لَا) يَحْلِفُ إنْ قَالَ: (اخْتَارِي طَلْقَةً) فَأَوْقَعَتْ ثَلَاثًا فَقَالَ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَتَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ بِلَا يَمِينٍ " غ " أَشَارَ لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي فِي طَلْقَةٍ فَقَالَتْ قَدْ اخْتَرْتهَا أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَدْ يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدَةً وَلَهُ رَجْعَتُهَا وَلَيْسَتْ فِي الْأُمَّهَاتِ (وَبَطَلَ) مَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لَهَا (إنْ قَضَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ (بِ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ فِي) قَوْلِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 167 اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ، أَوْ فِي تَطْلِيقَتَيْنِ. وَمِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَلَا تَقْضِي إلَّا بِوَاحِدَةٍ وَبَطَلَ فِي الْمُطْلَقِ، إنْ قَضَتْ بِدُونِ الثَّلَاثِ: كَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا.   [منح الجليل] لَهَا (اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ) وَيَبْقَى الزَّوْجُ عَلَى مَا كَانَ لَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ لَهَا (أَوْ فِي قَوْلِهِ) اخْتَارِي (فِي تَطْلِيقَتَيْنِ) بِزِيَادَةٍ فِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ وَبَطَلَ مَا جَعَلَهُ بِيَدِهَا قَالَهُ تت. طفي ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ التَّخْيِيرُ مِنْ أَصْلِهِ، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ فِي غَيْرِ شَرْحِهِ الصَّغِير وَتَبِعَهُ تت وَ " س "، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ عَلَى بُطْلَانِ مَا قَضَتْ بِهِ مَعَ بَقَاءِ التَّخْيِيرِ، وَتَبِعَهُ عج، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ، وَنَظَرَ فِي الْأَوَّلِ وَلَمْ أَرَ هَذَا النَّقْلَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ يُطَابِقُهُ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ خِلَافُ مَا زَعَمَهُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لَهَا: اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ فَاخْتَارَتْ وَاحِدَةً أَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ اهـ. فَتَسْوِيَتُهَا بَيْنَ اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ وَطَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ فِي اخْتَارِي تَطْلِيقَتَيْنِ لَهَا الْقَضَاءُ بِهِمَا فَإِنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَنَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ. (وَإِنْ) قَالَ لَهَا: اخْتَارِي (مِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ فَلَا تَقْضِي) الزَّوْجَةُ (إلَّا بِ) طَلْقَةٍ (وَاحِدَةٍ) فَإِنْ قَضَتْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ نَقَلَهُ الْحَطّ (وَ) إنْ خَيَّرَ الْمَدْخُولَ بِهَا تَخْيِيرًا مُطْلَقًا فَأَوْقَعَتْ طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ (بَطَلَ) التَّخْيِيرُ لَا مَا قَضَتْ بِهِ فَقَطْ (فِي) التَّخْيِيرِ (الْمُطْلَقِ) بِفَتْحِ اللَّامِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَدٍ مِنْ الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ: اخْتَارِي أَوْ خَيَّرْتُك مَثَلًا سَوَاءٌ نَجَّزَهُ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى نَحْوِ دُخُولِ الدَّارِ (إنْ قَضَتْ) الزَّوْجَةُ (بِدُونِ) مُتِمِّ الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) فَإِنْ قَضَتْ بِوَاحِدَةٍ تَكْمِلَةَ الثَّلَاثِ لَمْ يَبْطُلْ مَا قَضَتْ بِهِ، وَهَذَا فِي تَخْيِيرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ يَرْضَ بِمَا أَوْقَعَتْهُ، وَيَصِيرُ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَ تَخْيِيرِهَا لِعُدُولِهَا عَمَّا شُرِعَ لَهَا وَهِيَ الثَّلَاثُ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ. وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ مَا جُعِلَ لَهَا قَالَ (كَ) قَوْلِهِ (طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَشِيئَتِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 168 وَوُقِفَتْ، إنْ اخْتَارَتْ بِدُخُولِهِ عَلَى ضَرَّتِهَا، وَرَجَعَ مَالِكٌ إلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا فِي الْمُطْلَقِ، مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ   [منح الجليل] فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا أَقَلَّ مِنْهَا فَيَبْطُلُ مَا أَوْقَعَتْهُ وَمَا بِيَدِهَا لِمُخَالَفَتِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) إنْ خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ الطَّلَاقَ إنْ دَخَلَ عَلَى ضَرَّتِهَا (وُقِفَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُخَيَّرَةِ أَيْ يُوقِفُهَا الْحَاكِمُ وَيَأْمُرُهَا بِالِاخْتِيَارِ حَالًا وَإِلَّا أُسْقِطَ مَا جُعِلَ لَهَا (إنْ اخْتَارَتْ) نَفْسَهَا (بِ) شَرْطِ (دُخُولِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (عَلَى ضَرَّتِهَا) بِأَنْ قَالَتْ: إنْ دَخَلْت عَلَى ضَرَّتِي فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، وَلَا تُؤَخِّرُ حَتَّى يَدْخُلَ عَلَى ضَرَّتِهَا ابْنُ نَاجِي عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَهُ لَهَا نَاجِزًا إنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِتَعْلِيقِهَا وَإِلَّا انْتَظَرَ دُخُولَهُ عَلَى ضَرَّتِهَا، فَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ بِدُونِ اخْتِيَارِهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. (وَرَجَعَ) الْإِمَامُ (مَالِكٌ) " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ بِبَقَاءِ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ الْمُطْلَقَيْنِ بِيَدِهَا فِي الْمَجْلِسِ فَقَطْ بِقَدْرِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا تَخْتَارُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْهُ أَوْ خَرَجَا عَنْ الْكَلَامِ إلَى كَلَامٍ آخَرَ فَيَبْطُلُ مَا بِيَدِهَا فَرَجَعَ عَنْ هَذَا (إلَى بَقَائِهِمَا) أَيْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (بِيَدِهَا) أَيْ مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَتَصَرُّفِهَا (فِي) التَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (الْمُطْلَقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان (مَا لَمْ تُوقَفْ) أَيْ مُدَّةَ انْتِفَاءِ إيقَافِهَا الْحَاكِمُ فَإِنْ أَوْقَفَهَا فَلَا يَبْقَيَانِ بِيَدِهَا، فَإِمَّا أَنْ تُجِيبَ أَوْ يُسْقِطَهُ الْحَاكِمُ (أَوْ تُوطَأْ) أَوْ تُمَكِّنْهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ عَالِمَةً طَائِعَةً، وَالْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَمُضِيِّ يَوْمِ تَخْيِيرِهَا لِأَنَّهُ قَسِيمُهُ، وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ مَا لَمْ تَقُلْ عِنْدَ التَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ قَبِلْت أَمْرِي أَوْ رَضِيت وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَتْرُكْ مَا بِيَدِهَا، فَإِنْ قَالَتْهُ بَقِيَ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَلَّكَ امْرَأَتَهُ فَقَالَتْ لِي النَّظَرُ فِي أَمْرِي، فَقَالَ لَيْسَ لَك هَذَا، أَوْ قَالَ فَانْظُرِي الْآنَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَك، قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ بِيَدِهَا حَتَّى يُوقِفَهَا السُّلْطَانُ. ابْنُ رُشْدٍ مَضَى لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الْقَضَاءُ إلَّا فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى يُوقِفَهَا السُّلْطَانُ، وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ إذَا قَالَتْهُ بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ أَمْرُك بِيَدِك تَنْظُرِينَ لِنَفْسِك الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَإِنْ انْقَضَى الْمَجْلِسُ، وَلَوْ رَدَّ قَوْلَهَا لَجَرَتْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اهـ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ ظَاهِرَهُ خَرَّجَهَا عَنْ الْخِلَافِ وَلَوْ رَدُّ قَوْلِهَا خِلَافَ مَا فَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170 كَمَتَى شِئْت، وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالسُّقُوطِ. وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْت أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ؟ .   [منح الجليل] وَشُبِّهَ فِي بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ (مَتَى شِئْت) بِكَسْرِ التَّاءِ فَأَمْرُك أَوْ فَاخْتَارِي نَفْسَك فَيَبْقَيَانِ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ أَوْ تُمَكَّنْ (وَأَخَذَ) بِفَتَحَاتٍ أَيْ تَمَسَّكَ الْإِمَامُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (بْنُ الْقَاسِمِ) تِلْمِيذُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (بِالسُّقُوطِ) لِلتَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ أَوْ الْخُرُوجِ عَنْ الْكَلَامِ إلَى غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَرَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ثَانِيًا بَاقِيًا عَلَيْهِ إلَى مَوْتِهِ فَهُوَ الرَّاجِحُ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ. (وَفِي جَعْلِ) قَوْلِهِ (إنْ) شِئْت (أَوْ إذَا) شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك (كَ) قَوْلِهِ (مَتَى) شِئْت فَأَمْرُك بِيَدِك فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى بَقَائِهِمَا بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ أَوْ تُمَكِّنْ (أَوْ) جَعَلَهُمَا (كَ) التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ (الْمُطْلَقِ) فِي جَرَيَانِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ فِيهِمَا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ قَالَ إنْ شِئْت فَالْأَمْرُ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوطَأْ، وَإِنْ قَالَ: إذَا فَيَبْقَى بِيَدِهَا وَلَوْ وُطِئَتْ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ إذَا شِئْت فَذَلِكَ بِيَدِهَا وَإِنْ افْتَرَقَا حَتَّى تُوقَفَ أَوْ تُوطَأَ وَكَانَتْ إذَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَشَدَّ مِنْ إنْ، ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهُمَا. قَالَ بَعْضُ شَارِحِيهَا إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوَّلًا لِأَنَّ " إذَا " ظَرْفٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171 تَرَدُّدٌ:. كَمَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً وَبَلَغَهَا، وَإِنْ عَيَّنَ أَمْرًا تَعَيَّنَ. وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ بِالْعَكْسِ، فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ،.   [منح الجليل] مُسْتَغْرِقٌ لِلزَّمَانِ الْمُسْتَقِلِّ بِلَا حَدٍّ وَلَا حَصْرٍ، فَجَعَلَ الطَّلَاقَ بِيَدِهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَشَاؤُهُ فِيهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يُسْقِطُ مَا بِيَدِهَا قَبْلَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ، فَوَجَبَ كَوْنُهُ بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ، أَوْ يَكُنْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِهِ وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنَى فِي إنْ لِأَنَّ إنْ لَا تَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلشَّرْطِ خَاصَّةً. عِيَاضٌ تَفْرِيقُ إذَا وَإِنْ حَمَلَهُ الشُّيُوخُ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إذَا هَلْ تَقْتَضِي الْمُهْلَةَ فَتَكُونُ كَمَتَى أَوْ الشَّرْطَ الْمُجَرَّدَ فَتَكُونُ مِثْلَ إنْ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهُمَا أَيْ جَعَلَ إنْ مِثْلَ إذَا وَأَنَّ ذَلِكَ بِيَدِهَا مَا لَمْ يُعْتَبَرْ مَوْضُوعُهَا فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ كَلَامُ الْفَقِيهَيْنِ أَحَدُهُمَا نَحْوِيٌّ وَالْآخَرُ غَيْرُ نَحْوِيٍّ، فَفِي الْحَاضِرَةِ يُقَدَّمُ النَّحْوِيُّ، فَإِنْ خُرِجَ إلَى قَيَاطِينِ الْبَرَابِرِ يَكُونَانِ سَوَاءً. وَشَبَّهَ فِي التَّرَدُّدِ فَقَالَ (كَمَا إذَا كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (غَائِبَةً) عَنْ زَوْجِهَا حِينَ تَخْيِيرِهَا أَوْ تَمْلِيكِهَا (وَبَلَغَهَا) أَيْ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ الزَّوْجَةَ فَهَلْ يَبْقَى بِيَدِهَا إنْ لَمْ يَطُلْ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ رِضَاهَا بِإِسْقَاطِهِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَحُكِيَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهَا، أَوْ يَجْرِي فِيهَا خِلَافُ الْحَاضِرَةِ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ طَرِيقُ اللَّخْمِيِّ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ. (وَإِنْ عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ لِلتَّخْيِيرِ أَوْ التَّمْلِيكِ (أَمْرًا) كَتَقْيِيدِهِ اخْتِيَارَهَا بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان (تَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فَإِذَا انْقَضَى مَا عَيَّنَهُ سَقَطَ حَقُّهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي قَوْلِهِ وَمَضَى يَوْمُ تَخْيِيرِهَا، وَالْمَكَانُ مِثْلُ الزَّمَانِ بِدَلِيلِ تَعْمِيمِهِ هُنَا، وَكِلَاهُمَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الْحَاكِمُ وَإِلَّا وُقِفَتْ كَمَا تَقَدَّمَ. وَشَمِلَ كَلَامُهُ: نَحْوَ أَمْرُك بِيَدِك مَتَى شِئْت فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (وَإِنْ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُخَيَّرَةُ أَوْ الْمُمَلَّكَةُ (اخْتَرْت نَفْسِي وَزَوْجِي أَوْ) قَالَتْ كَلَامًا مُتَلَبِّسًا (بِالْعَكْسِ) لِلتَّرْتِيبِ السَّابِقِ بِأَنْ قَالَتْ: اخْتَرْت زَوْجِي وَنَفْسِي (فَالْحُكْمُ لِلْمُتَقَدِّمِ) مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172 وَهُمَا فِي التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِمُنَجِّزٍ وَغَيْرِهِ: كَالطَّلَاقِ. وَلَوْ عَلَّقَهُمَا بِمَغِيبِهِ شَهْرًا فَقَدِمَ وَلَمْ تَعْلَمْ وَتَزَوَّجَتْ فَكَالْوَلِيَّيْنِ.   [منح الجليل] النَّفْسِ وَالزَّوْجِ، وَيُعَدُّ الثَّانِي نَدَمًا فَإِنْ قَدَّمَتْ النَّفْسَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ، وَإِنْ قَدَّمَتْ الزَّوْجَ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَى الْعِصْمَةِ. وَرَدَّتْ مَا جَعَلَهُ لَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ قَالَتْ اخْتَرْتهمَا فَكَتَقْدِيمِ نَفْسِهَا وَلَا يُنْظَرُ لِلتَّقَدُّمِ فِي مَرْجِعِ الضَّمِيرِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الزَّوْجِ احْتِيَاطًا لِلْفُرُوجِ، فَإِنْ شُكَّ فِي الْمُقَدَّمِ فَلَا طَلَاقَ كَمَنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا (وَهُمَا) أَيْ التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ (فِي التَّنْجِيزِ) عَلَى الزَّوْجِ فَيَكُونُ أَمْرُ الزَّوْجَةِ بِيَدِهَا بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ الصِّيغَةِ (لِتَعَلُّقِهِمَا) أَيْ التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ فَاللَّامُ التَّعْلِيلِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالْكَافِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْضًا عَلَى حَدِّهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] وقَوْله تَعَالَى {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: 77] ، أَيْ لِتَعْلِيقِهِمَا (بِ) شَيْءٍ (مُنَجِّزٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُقْتَضٍ لِلتَّنْجِيزِ كَمُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ يَبْلُغَانِهِ عَادَةً كَأَمْرُكِ بِيَدِك بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَأَنْ قُمْت أَوْ مُحْتَمَلٍ غَالِبٍ كَأَنْ حِضْت. (وَ) هُمَا فِي (غَيْرِهِ) أَيْ عَدَمُ التَّنْجِيزِ لِتَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ مُنَجِّزٍ كَمُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ كَأَنْ لَمَسْت السَّمَاءَ، أَوْ شَرِبْت الْبَحْرَ، أَوْ حَمَلْت الْجَبَلَ، أَوْ مُحْتَمَلٍ غَيْرِ غَالِبٍ كَإِنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَخَبَرُهُمَا فِي التَّنْجِيزِ وَغَيْرِهِ (كَالطَّلَاقِ) فَلَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ مُمْتَنِعٍ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الْمُحْتَمَلِ غَيْرِ الْغَالِبِ. (وَلَوْ عَلَّقَهُمَا) أَيْ الزَّوْجُ التَّخْيِيرَ وَالتَّمْلِيكَ (بِمَغِيبِهِ) أَيْ غَيْبَةِ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ (شَهْرًا) بِأَنْ قَالَ: إنْ غِبْت عَنْك شَهْرًا فَأَمْرُك بِيَدِك تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا (فَ) غَابَ وَ (قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ إلَى بَلَدِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ (وَلَمْ تَعْلَمْ) الزَّوْجَةُ بِقُدُومِهِ حَتَّى تَمَّ الشَّهْرُ فَأَثْبَتَتْ تَعْلِيقَهُ وَغَيْبَتَهُ وَحَلَفَتْ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ لَا سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَتْ) غَيْرَهُ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا ثُمَّ أَثْبَتَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ قُدُومَهُ إلَى بَلَدِهَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ (فَ) حُكْمُهَا (كَ) حُكْمِ ذَاتِ (الْوَلِيَّيْنِ) فِي أَنَّهَا إنْ دَخَلَ أَوْ تَلَذَّذَ الثَّانِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173 وَبِحُضُورِهِ وَلَمْ تَعْلَمْ؛ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا. وَاعْتُبِرَ التَّنْجِيزُ قَبْلَ بُلُوغِهَا، وَهَلْ إنْ مَيَّزَتْ أَوْ مَتَى تُوطَأُ؟ قَوْلَانِ. وَلَهُ التَّفْوِيض   [منح الجليل] بِهَا غَيْرَ عَالِمَيْنِ بِقُدُومِ الْأَوَّلِ فَهِيَ لِلثَّانِي، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ. وَمَفْهُومُ وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهَا إنْ عَلِمَتْ بِقُدُومِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا وَتَزَوَّجَتْ فَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي، وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَالظَّاهِرُ حَدُّهَا إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ إقْرَارُهَا بِعِلْمِهَا بِهِ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ قَبْلَ تَلَذُّذِهِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهَا لِاتِّهَامِهَا بِمَحَبَّةِ الْأَوَّلِ وَالتَّحَيُّلِ عَلَى فَسْخِ عَقْدِ الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَ) لَوْ عَلَّقَ الزَّوْجُ تَخْيِيرَ زَوْجَتِهِ أَوْ تَمْلِيكَهَا (بِحُضُورِهِ) أَيْ عَلَى قُدُومِ غَائِبٍ غَيْرِهِ مِنْ سَفَرِهِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ حَضَرَ فُلَانٌ مِنْ سَفَرِهِ فَأَمْرُك بِيَدِك تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا وَحَضَرَ فُلَانٌ (وَلَمْ تَعْلَمْ) الزَّوْجَةُ بِحُضُورِهِ (فَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ (عَلَى خِيَارِهَا) فِي الطَّلَاقِ وَعَدَمِهِ مَتَى عَلِمَتْ وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا طَائِعَةً حَتَّى تُمَكِّنَهُ عَالِمَةً بِحُضُورِهِ طَائِعَةً. " غ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِتَنْكِيرِ حُضُورٍ غَيْرِ مُضَافٍ لِلضَّمِيرِ لِيُطَابِقَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَاخْتَارِي فَلَهَا ذَلِكَ إذَا قَدِمَ وَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَطْئِهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ قُدُومِ فُلَانٍ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِقُدُومِهِ إلَّا بَعْدَ زَمَانٍ فَلَهَا الْخِيَارُ حِينَ تَعْلَمُ. (وَ) إنْ مَلَّكَ أَوْ خَيَّرَ صَغِيرَةً وَنَجَّزَتْ بِاخْتِيَارِ بَقَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْبَاءِ (التَّنْجِيزُ) لِجَوَابِ التَّوْكِيلِ أَوْ التَّخْيِيرُ أَوْ التَّمْلِيكُ سَوَاءٌ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ عَلَى الْعِصْمَةِ مِنْ زَوْجَةٍ مُمَيِّزَةٍ (قَبْلَ بُلُوغِهَا) الْحُلُمَ. (وَهَلْ) يُعْتَبَرُ تَنْجِيزُهَا (إنْ مَيَّزَتْ) سَوَاءٌ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ أَوْ لَمْ تُطِقْهُ وَهُوَ سَمَاعُ عِيسَى إذَا عَرَفَتْ مَا مَلَكَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ مَبْلَغًا يُوطَأُ مِثْلُهَا فِيهِ فَاعْتُبِرَ التَّمْيِيزُ فَقَطْ (أَوْ) يُعْتَبَرُ تَنْجِيزُهَا (مَتَى) تَبْلُغُ سِنًّا (تُوطَأُ) فِيهِ زِيَادَةً عَنْ تَمْيِيزِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ فَلَا يُعْتَبَرُ تَنْجِيزُهَا وَيَسْتَأْنِي بِهَا التَّمْيِيزُ وَحْدَهُ أَوْ وَإِطَاقَةُ الْوَطْءِ، وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إدْخَالُ " هَلْ " عَلَى إنْ مَيَّزَتْ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَتَى تُوطَأُ. (وَ) يَجُوزُ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (التَّفْوِيضُ) فِي عِصْمَةِ زَوْجَتِهِ تَوْكِيلًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174 لِغَيْرِهَا. وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ؟ قَوْلَانِ. .   [منح الجليل] تَخْيِيرًا (لِغَيْرِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَهَا أَوْ لَا، بَالِغًا أَوْ لَا، مُسْلِمًا أَوْ لَا، شَرِكَهَا مَعَهُ أَوْ لَا، عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (وَ) إنْ وَكَّلَ الزَّوْجُ شَخْصًا عَلَى تَفْوِيضِ أَمْرِ زَوْجَتِهِ لَهَا تَوْكِيلًا أَوْ تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا فَ (هَلْ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عَزْلُ وَكِيلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى تَفْوِيضِ أَمْرِ الْعِصْمَةِ لِلزَّوْجَةِ تَوْكِيلًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ تَخْيِيرًا أَوْ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ (قَوْلَانِ) هَذَا الْوَجْهُ ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ وَكِيلِهِ لِلتَّفْوِيضِ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ أَوْ التَّخْيِيرِ. وَأَمَّا تَقْرِيرُهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوَكِيلِ الْحَقِيقِيِّ فَغَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ لِلزَّوْجِ عَزْلَ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ كَمَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَا فِي الْحَطّ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِغَيْرِهِ: طَلِّقْ امْرَأَتِي فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ أَوْ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَهُ عَزْلُهُ، هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ أَبُو الْحَسَنِ وَ " ق " و " غ "، قَالَ وَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا يَحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ هَكَذَا هُوَ فِيمَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ النُّسَخِ. وَهَلْ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْوَكِيلِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ قَسِيمُ الْمُمَلَّكِ وَالْمُخَيَّرِ وَالرَّسُولِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِلَهُ مَا لَمْ يُوقِعْ الطَّلَاقَ كَمَا جَزَمَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ تَجَوَّزَ فِيهِ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْمُمَلَّكِ فَهَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَمْلَكَهَا أَمْرَهَا أَوْ مَلَّكَهُ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَدَا لَهُ عَزْلُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَالْأَمْرُ إلَيْهِمَا وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذَا خِلَافًا. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تُنْكِرُ وُجُودَ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْأَصْلِ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَالَ لِخَتَنَتِهِ إذَا تَكَارَيْتِ لِابْنَتِكِ وَخَرَجْتِ بِهَا مِنْ الْقَرْيَةِ فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَتَكَارَتْ لَهَا لِتُخْرِجَهَا فَأَبَى وَبَدَا لَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قُلْت قَدْ تَأَوَّلَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ عِنْدِي أَنَّ الرُّجُوعَ فِي سَبَبِ التَّمْلِيكِ بِأَنْ يَمْنَعَ أُمَّهَا مِنْ الْخُرُوجِ بِهَا وَلَوْ أَخْرَجَتْهَا لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175 وَلَهُ النَّظَرُ، وَصَارَ كَهِيَ: إنْ حَضَرَ، أَوْ كَانَ غَائِبًا قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ لَا أَكْثَرَ فَلَهَا،.   [منح الجليل] يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي التَّمْلِيكِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَغَيْرُهُ كَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَوْ سَلَّمْنَا كَوْنَهُ خِلَافًا لَكَانَ مِنْ الشُّذُوذِ بِمَكَانٍ، فَكَيْفَ يُعَادِلُهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَلِابْنِ مُحْرِزٍ تَحْرِيرٌ عَجِيبٌ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّخْيِيرُ وَالتَّمْلِيكُ تَوْكِيلٌ مِنْ الْخُرُوجِ عَلَى الطَّلَاقِ وَتَمْلِيكٌ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَزْلَ فِيهِ لِمَا تَعَلَّقَ لِلْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ فِيهِ مِنْ الْحَقِّ وَإِنْ هُوَ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِ رَجُلٍ إرَادَةَ مُوَافَقَتِهَا بِذَلِكَ وَإِدْخَالِ الْمَسَرَّةِ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يُمْنَعَ مِنْ عَزْلِهِ لِحَقِّهَا وَيُؤْمَرَ هَذَا الَّذِي جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِهِ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُوَافِقُهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ مُوَافَقَتَهَا فَهِيَ وَكَالَةٌ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ عَلَى أَنْوَاعِ الْمَمْلُوكَاتِ إنْ شَاءَ أَقَرَّ مَنْ وَكَّلَهُ وَإِنْ شَاءَ عَزَلَهُ اهـ. فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ كَلَامَ ابْنِ مُحْرِزٍ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِالْقَوْلَيْنِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ فِي الْمَعْنَى، نَعَمْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ اُنْظُرْ إذَا مَلَّكَ غَيْرَ الزَّوْجَةِ، وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ أَسْقَطْت حَقِّي فِي التَّمْلِيكِ فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعْزِلَ الْمُمَلَّكَ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا عَدَمَ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ وَهَا هِيَ قَدْ أَسْقَطَتْهُ أَوْ يُقَالُ لِلْوَكِيلِ حَقٌّ فِي الْوَكَالَةِ فَلَا يَعْزِلُهُ. اهـ. فَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَقَالَ وَهَلْ لَهُ عَزْلُ مُمَلَّكِهِ إنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا تَرَدُّدٌ، أَمَّا حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ: طَلِّقْ امْرَأَتِي هَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ وَكَالَةٌ فَيُحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ (وَ) إنْ فَوَّضَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ لِغَيْرِهَا فَ (لَهُ) أَيْ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ الَّذِي فَوَّضَ الزَّوْجُ لَهُ أَمْرَ عِصْمَتِهَا (النَّظَرُ) أَيْ التَّأَمُّلُ فِيمَا تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ تَطْلِيقِهَا أَوْ إبْقَائِهَا فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ لَهَا بِهَا نَظَرَ الْحَاكِمُ لَهَا بِهَا (وَصَارَ) أَيْ غَيْرُ الزَّوْجَةِ الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا (كَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ (إنْ حَضَرَ) الشَّخْصُ الْمُفَوَّضُ لَهُ شَرَطَ فِي قَوْلِهِ: وَلَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا (أَوْ كَانَ) الْمُفَوَّضُ لَهُ (غَائِبًا) غَيْبَةً (قَرِيبَةً كَالْيَوْمَيْنِ) وَالثَّلَاثَةِ ذَهَابًا بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ (لَا) إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ (أَكْثَرَ) مِنْ كَيَوْمَيْنِ (فَلَهَا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 176 إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا. أَوْ يَغِيبَ حَاضِرٌ وَلَمْ يُشْهِدْ بِبَقَائِهِ. فَإِنْ أَشْهَدَ: فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِلزَّوْجَةِ: قَوْلَانِ. وَإِنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ.   [منح الجليل] أَيْ الزَّوْجَةِ النَّظَرُ فِي أَمْرِهَا إذْ فِي انْتِظَارِ قُدُومِهِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا وَجَعْلُهُ لِغَيْرٍ آخَرَ أَوْ إسْقَاطُهُ لَا مُوجِبَ لَهُ (إلَّا أَنْ تُمَكِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ (مِنْ) اسْتِمْتَاعِهِ بِ (نَفْسِهَا) فَيَسْقُطَ نَظَرُ غَيْرِهَا الْمُفَوَّضِ لَهُ وَلَوْ مَكَّنَتْهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَا بِيَدِهِ إلَّا بِتَمْكِينِهَا بِعِلْمِهِ وَرِضَاهُ. (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَغِيبَ) شَخْصٌ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ (حَاضِرٌ) حِينَ التَّفْوِيضِ وَغَابَ بَعْدَهُ فَيَسْقُطَ حَقُّهُ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى تَرْكِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهَا، وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ (إذَا لَمْ يُشْهِدْ) مُضَارِعُ أَشْهَدَ الْمُفَوِّضُ (لَهُ بِبَقَائِهِ) أَيْ أَمْرِ الزَّوْجَةِ بِيَدِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَنْظُرَ فِيهِ (فَإِنْ أَشْهَدَ) الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا حِينَ سَفَرِهِ بِبَقَائِهِ (فَفِي بَقَائِهِ) أَيْ أَمْرِ الزَّوْجَةِ (بِيَدِهِ) أَيْ مِلْكِ الْمُفَوَّضِ لَهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَنْظُرَ فِيهِ سَوَاءٌ قَصُرَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ طَالَتْ، وَإِنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ ضَرَبَ لَهَا أَجَلَ الْإِيلَاءِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ وَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْدَمْ طَلُقَتْ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ تَطْلُقُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلَانِ. (أَوْ يَنْتَقِلُ) النَّظَرُ (لِلزَّوْجَةِ) إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَإِلَّا كَتَبَ لَهُ وَأُمِرَ بِالْإِجَابَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ لَهَا إنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالثَّانِي فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ غَيْرِهِ. (وَإِنْ مَلَّكَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ أَمْرَ زَوْجَتِهِ (رَجُلَيْنِ) بِأَنْ قَالَ: مَلَّكْتُكُمَا أَمْرَهَا أَوْ أَمْرُهَا بِأَيْدِيكُمَا نَقَلَهُ تت عَنْهَا أَوْ طَلِّقَاهَا إنْ شِئْتُمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهَا (فَلَيْسَ لِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الرَّجُلَيْنِ الْمُمَلَّكَيْنِ (الْقَضَاءُ) بِطَلَاقِهَا وَحْدَهُ لِأَنَّهُمَا مُنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ وَكِيلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا قَالَهُ فِيهَا، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 177 إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ.   [منح الجليل] وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا كَلَامَ لِلثَّانِي فِيهَا مَنْ مَلَّكَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ رَجُلَيْنِ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ كَالْوَكِيلَيْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: كَالْوَكِيلَيْنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ طَلَاقُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (إلَّا أَنْ يَكُونَا) أَيْ الرَّجُلَانِ (رَسُولَيْنِ) بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلِّقْهَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِطَلَاقِهَا. فِي الشَّامِلِ حَمَلَ " طَلِّقَاهَا " عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّمْلِيكَ بِأَنْ يَقُولَ: إنْ شِئْتُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِكَوْنِهِمَا رَسُولَيْنِ أَمْرَهُمَا بِتَبْلِيغِهَا طَلَاقَهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقَعُ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِمَا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُبْلِغَاهَا، وَفِيهَا إنْ قَالَ أَعْلِمَاهَا أَنِّي طَلَّقْتهَا فَرَسُولَانِ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا. الْبُنَانِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ " قَوْلُهُ أَمْرُ امْرَأَتِي بِأَيْدِيكُمَا تَمْلِيكٌ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ عَلَى إحْدَاهُمَا اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ أَعْلِمَا امْرَأَتِي بِطَلَاقِهِمَا رِسَالَةٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ: طَلِّقَا امْرَأَتِي يَحْتَمِلُ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ. وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ حَتَّى يُرِيدَ غَيْرَهَا فَيَلْزَمَ الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهُمَا أَوْ الْوَكَالَةُ كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ إلَّا بِتَبْلِيغِ مَنْ بَلَغَهُمَا إيَّاهُ مِنْهُمَا. وَلَهُ مَنْعُهُ ثَالِثُهَا عَلَى التَّمْلِيكِ كَذَلِكَ الْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى، وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ، وَقَوْلُهُ: فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ امْرَأَتِي بِلَفْظِ الْمُثَنَّى، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. أَتَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِفَضْلِهِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ مِنْ شَرْحِ مُخْتَصَرِ سَيِّدِي الشَّيْخِ خَلِيلٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ الْمَوْلِدِ الشَّرِيفِ رَبِيعِ الْأَوَّلِ الْمَنِيفِ مِنْ عَامِ سِتَّةٍ وَثَمَانِينَ بَعْدَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ غَايَةُ الشَّرَفِ سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ عَلَى يَدِ أَفْقَرِ الْعَبِيدِ وَأَحْوَجِهِمْ إلَى الْعَفْوِ وَالتَّسْدِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ تَابَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إلَيْهِ وَإِلَى وَالِدَيْهِ، وَإِلَى الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ وَسَلَامٌ عَلَى النَّبِيِّينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 178 (فَصْلٌ) يَرْتَجِعُ مَنْ يَنْكِحُ، وَإِنْ بِكَإِحْرَامٍ، وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ:.   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي أَحْكَام رَجْعَة الْمُطَلَّقَة طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ رَجْعَةِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الرَّجْعَةُ بِفَتْحِ الرَّاءِ أَفْصَحُ مِنْهَا بِكَسْرِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الرَّجْعَةُ رَفْعُ الزَّوْجِ أَوْ الْحَاكِمِ حُرْمَةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ بِطَلَاقِهَا فَخَرَجَتْ الْمُرَاجَعَةُ، وَعَلَى رَأْيٍ رَفْعُ إيجَابِ الطَّلَاقِ حُرْمَةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. الْحَطّ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فِي حُرْمَةِ التَّمَتُّعِ بِالرَّجْعِيَّةِ زَمَنَ عِدَّتِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِبَاحَتُهُ وَهُوَ الشَّاذُّ، فَالتَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ رَدُّ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ قَاصِرٌ عَنْ الْغَايَةِ ابْتِدَاءً غَيْرِ خُلْعٍ بَعْدَ دُخُولٍ وَوَطْءٍ جَائِزٍ قَبِلُوهُ وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِتَزَوُّجِهَا عَقِبَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً إلَّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ إذًا اسْمُ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا بُطْلَانَ. وَيُبْحَثُ فِيهِ عَنْ أَرْبَعَةِ أُمُورٍ الْمُرْتَجِعُ وَالْمُرْتَجَعَةُ وَصِيغَةُ الرَّجْعَةِ وَالْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا. وَأَمَّا الْمُرَاجَعَةُ فَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُوَثِّقِينَ عَلَى اسْتِعْمَالِهَا فِي تَزَوُّجِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا قَاصِرًا عَنْ الْغَايَةِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى رِضَا الزَّوْجَيْنِ، وَأُورِدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ» إلَخْ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى اللُّغَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ. (يَرْتَجِعُ) أَيْ نَدْبًا أَوْ إبَاحَةً وَعَلَى تَفْصِيلِ النِّكَاحِ الْبَدْرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَفَاعِلُ يَرْتَجِعُ (مَنْ) أَيْ الزَّوْجُ الَّذِي يَجُوزُ أَوْ يَصِحُّ أَنَّهُ (يَنْكِحُ) أَيْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ صَحِيحًا لَيْسَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُتَلَبِّسًا (بِكَإِحْرَامٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ الزَّوْجَةُ مُحْرِمَةٌ بِأَحَدِهِمَا وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ لِلْمَرَضِ الْمَخُوفِ إذْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ وَارِثَةٌ فَلَيْسَ فِي رَجْعَتِهَا إدْخَالُ وَارِثٍ (وَعَدَمِ إذْنِ سَيِّدٍ) لِعَبْدٍ فِي الرَّجْعَةِ لِأَنَّ إذْنَهُ فِي النِّكَاحِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهِ وَمِنْهَا الرَّجْعَةُ وَالسَّفَهُ وَالْفَلَسُ فَهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 179 طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ. حَلَّ وَطْؤُهُ. بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ. كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتهَا، أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَصُحِّحَ خِلَافُهُ،.   [منح الجليل] تَجُوزُ رَجْعَتُهُمْ لِأَنَّ فِيهِمْ أَهْلِيَّةَ النِّكَاحِ الَّتِي مَدَارُهَا عَلَى الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ، وَلِذَا صَحَّتْ الْمُبَالَغَةُ عَلَيْهِمْ الْمُقْتَضِيَةُ دُخُولَ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا وَإِنْ مُنِعُوا مِنْ النِّكَاحِ لِلْعَوَارِضِ الطَّارِئَةِ عَلَيْهِمْ الْمَانِعَةِ مِنْهُ. وَمَفْعُولُ يَرْتَجِعُ زَوْجَةً (طَالِقًا) طَلَاقًا (غَيْرَ بَائِنٍ) بِأَنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا، وَقَصَرَ طَلَاقُهَا عَنْ غَايَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ خُلْعًا، وَاحْتُرِزَ عَنْ الْبَائِنِ بِعَدَمِ دُخُولٍ أَوْ بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا، وَصِلَةُ يَرْتَجِعُ (فِي عِدَّةِ) نِكَاحٍ (صَحِيحٍ) لَازِمٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (حَلَّ) أَيْ جَازَ (وَطْؤُهُ) أَيْ طَلُقَتْ بَعْدَ وَطْءٍ حَلَالٍ، فَاحْتُرِزَ بِالصَّحِيحِ مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ لِأَنَّهَا بَائِنٌ فَذِكْرُ هَذَا بَعْدَ غَيْرِ بَائِنٍ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ. وَاحْتُرِزَ بِحِلِّ وَطْئِهِ عَمَّنْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا كَفِي حَيْضٍ أَوْ دُبُرٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ لَازِمٍ ثُمَّ طَلُقَتْ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهَا بَائِنٌ، وَعَمَّنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِبَيْنُونَتِهَا وَعَمَّنْ تَزَوَّجَهَا رَقِيقٌ أَوْ سَفِيهٌ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَلِيِّهِ وَوَطِئَهَا بِلَا إذْنٍ أَيْضًا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا لِذَلِكَ فَهَذَا إيضَاحٌ أَيْضًا. وَصِلَةُ يَرْتَجِعُ (بِقَوْلٍ) صَرِيحٍ أَوْ مُحْتَمِلٍ (مَعَ نِيَّةٍ) لِارْتِجَاعِهَا بِهِ فَالصَّرِيحُ (كَرَجَعْتُ) زَوْجَتِي وَأَرْتَجِعُهَا وَرَدَدْتهَا لِنِكَاحِي (وَ) الْمُحْتَمِلُ كَ (أَمْسَكْتهَا) إذْ يُحْتَمَلُ لِنِكَاحِي وَيُحْتَمَلُ لِغَيْرِهِ (أَوْ) بِ (نِيَّةٍ) أَيْ كَلَامٍ نَفْسِيٍّ عُطِفَ عَلَى قَوْلٍ فَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِهَا (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ مُخَرَّجٌ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِلُزُومِ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ بِهَا وَهِيَ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا فِي الظَّاهِرِ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَلَهُ مُعَاشَرَتُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ رَفَعَ لِلْقَاضِي مَعَهُ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا حَلَّ لَهُ إرْثُهَا بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا. (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (خِلَافُهُ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِالنِّيَّةِ. ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَرُدَّ تَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ. " غ " وَقَدْ أَوْضَحْت الْكَلَامَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 180 أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ، لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْتُ الْحِلَّ، وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ؛. وَلَا بِفِعْلٍ دُونَهَا. كَوَطْءٍ وَلَا صَدَاقَ. وَإِنْ اسْتَمَرَّ.   [منح الجليل] عَلَى هَذَا فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَتَحْلِيلِ التَّعْقِيدِ (أَوْ بِقَوْلٍ) صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (هَزْلًا) أَيْ مُجَرَّدًا عَنْ النِّيَّةِ فَهُوَ رَجْعَةٌ (فِي الظَّاهِرِ) فَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَكُسْوَتُهَا وَالْقَسْمُ لَهَا (لَا) فِي (الْبَاطِنِ) وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ وَلَا إرْثُهَا إنْ مَاتَتْ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا. ابْنُ عَاشِرٍ الْمَطْوِيُّ فِي وَلَوْ مَا لَيْسَ بِهَزْلٍ وَلَا جَدٍّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْجَدُّ مَعَ فَقْدِ النِّيَّةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ: بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ مَخْصُوصٌ بِالْمُحْتَمَلِ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِأَمْسَكْتُهَا، وَرَجَعْت بِدُونِ زَوْجَتِي فَإِنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا أَيْ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ مَعَ نِيَّةٍ، بَلْ وَلَوْ مُجَرَّدًا عَنْهَا وَهُوَ الْهَزْلُ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الصَّرِيحَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ هُوَ الْهَزْلُ وَبِهَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ فِيهِ (لَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ لَهَا وَلِغَيْرِهَا بِلَا (نِيَّةٍ) لِلرَّجْعَةِ بِهِ (كَأَعَدْتُ الْحِلَّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ إذْ يُحْتَمَلُ لِي وَيُحْتَمَلُ لِغَيْرِي (وَرَفَعْت التَّحْرِيمَ) يُحْتَمَلُ عَنِّي وَيُحْتَمَلُ عَنْ غَيْرِي. (وَلَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (بِفِعْلٍ دُونَهَا) أَيْ النِّيَّةِ (كَوَطْءٍ) بِلَا نِيَّةِ رَجْعَتِهَا بِهِ وَأَوْلَى مُقَدِّمَاتُهُ وَهُوَ حَرَامٌ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا إلَّا فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. فَإِنْ تَمَّتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ فَلَا يَتَزَوَّجُهَا هُوَ وَلَا غَيْرُهُ حَتَّى يَتِمَّ اسْتِبْرَاؤُهَا، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِهِ فُسِخَ وَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ مَائِهِ كَالْعِدَّةِ مِنْهُ إذْ مَنْ عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّتِهِ فَعَقْدُهُ صَحِيحٌ لَا يُفْسَخُ وَهُوَ رَجْعَةٌ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَمُرَاجَعَةٌ إنْ كَانَ بَائِنًا (وَلَا صَدَاقَ) عَلَى الزَّوْجِ لِوَطْئِهِ رَجْعِيَّتَهُ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ وَيُحْتَمَلُ وَلَا صَدَاقَ لِلرَّجْعِيَّةِ إذَا ارْتَجَعَهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ إنْ دَفَعَهُ لَهَا ظَنَّ لُزُومَهُ أَمْ لَا، هَذَا ظَاهِرُ النَّقْلِ وَمُقْتَضَى بَحْثِ الْبُرْزُلِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا ظَنَّ لُزُومَهُ وَيَرْجِعُ بِمَا وَجَدَهُ. (وَإِنْ) وَطِئَ رَجْعِيَّتَهُ فِي عِدَّتِهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ وَ (اسْتَمَرَّ) الزَّوْجُ عَلَى وَطْئِهَا بِلَا نِيَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 181 وَانْقَضَتْ لَحِقَهَا طَلَاقُهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ دُخُولٌ. وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَأُخِذَ.   [منح الجليل] رَجْعَةٍ أَوْ عَلَى عِشْرَتِهَا مُعَاشَرَةَ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ (وَانْقَضَتْ) عِدَّتُهَا بِوَضْعِهَا أَوْ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ حَنِثَ فِيهَا (لَحِقَهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (طَلَاقُهُ) مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِصِحَّةِ رَجْعَتِهِ بِوَطْئِهَا بِلَا نِيَّةٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ كَمُطَلِّقٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا يَلْحَقُهَا لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِلَا رَجْعَةٍ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا، فَإِنْ أَسَرَّتْهُ الْبَيِّنَةُ لَحِقَهَا اتِّفَاقًا لَهُ الْوَنْشَرِيسِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَنَّ التَّلَذُّذَ بِهَا بِدُونِ وَطْءٍ بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ لَيْسَ كَالْوَطْءِ، فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا دُونَ وَطْءٍ فِيهَا بِلَا نِيَّةِ رَجْعَةٍ وَاسْتَمَرَّ حَتَّى انْقَضَتْ وَطَلَّقَهَا فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ. الْبُنَانِيُّ وَيَتَعَيَّنُ كَوْنُ الطَّلَاقِ اللَّاحِقِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَائِنًا لِأَنَّ الْقَائِلَ بِلُحُوقِهِ هُوَ. أَبُو عِمْرَانَ وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهَذَا بَائِنٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَلَزِمَ إقْرَارُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ الْأُولَى وَالْمَشْهُورُ بُطْلَانُهَا فَهُوَ بَائِنٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَمُرَاعَاةُ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ إنَّمَا هِيَ فِي مُجَرَّدِ لُحُوقِهِ لَا فِي تَصْحِيحِ الرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ بِلَا نِيَّةٍ. (وَلَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (دُخُولٌ) مِنْ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِأَنْ عُلِمَ عَدَمُهُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُهَا أَيْ الرَّجْعَةِ ثُبُوتُ بِنَائِهِ بِهَا وَمُثْبِتُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْلَالِ وَهُوَ شَاهِدَانِ عَلَى الْعَقْدِ وَامْرَأَتَانِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَتَقَارُرُهُمَا عَلَى الْإِصَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الدُّخُولُ فَلَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إنْ لَمْ يَتَصَادَقَا قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَطْءِ. بَلْ (وَإِنْ تَصَادَقَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى الْوَطْءِ) وَصِلَةُ تَصَادَقَا (قَبْلَ الطَّلَاقِ) لِاتِّهَامِهَا عَلَى ابْتِدَاءِ عَقْدٍ بِلَا وَلِيٍّ وَصَدَاقٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ لَمْ يَنْفِهِ لِنَفْيِهِ التُّهْمَةَ وَأَوْلَى تَصَادُقُهُمَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الدُّخُولُ بِعَدْلَيْنِ عَلَى الْعَقْدِ وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الْخَلْوَةِ وَتَصَادَقَا عَلَيْهِ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ (وَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ الزَّوْجَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 182 بِإِقْرَارِهِمَا. كَدَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ.   [منح الجليل] بِإِقْرَارِهِمَا) بِالْوَطْءِ أَيْ حُكِمَ عَلَيْهِمَا بِمُقْتَضَاهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ فَيُحْكَمُ عَلَى الزَّوْجِ بِنَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا وَسُكْنَاهَا مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ، وَتَكْمِيلُ صَدَاقِهَا، وَحُرْمَةُ تَزَوُّجِ خَامِسَةٍ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهَا بِالِاعْتِدَادِ، وَمَنْعِ تَزَوُّجِهَا بِغَيْرِهِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ. الْبُنَانِيُّ إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَالْمُؤَاخَذَةُ بِهِ مُخْتَصَّةٌ بِزَمَنِ مُعِدَّةٍ كَمَا لِ تت و " س " وَجَدِّ عج، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَالْأَخْذِ بِإِقْرَارِهِمَا فَقَالَ (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَزِيَادَةِ اللَّامِ فِي مَفْعُولِهِ لِتَقْوِيَتِهِ، وَصِلَتُهُ (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ مُصَدِّقٍ مِمَّا يَأْتِي فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى تَجْدِيدِ نِكَاحٍ بِلَا عَقْدٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا صَدَاقٍ، وَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَذَا هِيَ إنْ صَدَّقَتْهُ (إنْ تَمَادَيَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى التَّصْدِيقِ) الْبُنَانِيُّ إنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ فَقَطْ فَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ: شَرْطٌ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ خَاصَّةً كَمَا لِجَدِّ عج عب وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الشَّرْطِ وَنَحْوِهِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَاسْتَظْهَرَهُ عج قَائِلًا وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ تَمَادِيهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ وَعَدَمِهِ مَا دَامَتْ الْعِدَّةُ، فَإِنْ انْقَضَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَمَادَيَا عَلَيْهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِرُجُوعِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، كَمَسْأَلَةِ دَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا وَلَا يُلْزَمَانِ بِشَيْءٍ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُؤَاخَذَانِ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا قَدْ ارْتَجَعَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 183 عَلَى الْأَصْوَبِ، وَلِلْمُصَدِّقَةِ: النَّفَقَةُ، وَلَا تَطْلُقُ لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ.   [منح الجليل] فَتَصِيرُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ مِثْلَ دَعْوَاهُ لَهَا بَعْدَهَا. وَمَفْهُومُ إنْ تَمَادَيَا. . . إلَخْ أَنَّ مَنْ رَجَعَ مِنْهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَتُهُ بِإِقْرَارِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ عج مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ اُنْظُرْ طفي، وَنَصُّهُ: قَوْلُهُ إنْ تَمَادَيَا عَلَى التَّصْدِيقِ، فَمَنْ رَجَعَ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تت، وَصَرَّحَ بِهِ " س "، وَزَعَمَ عج أَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَائِلًا إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا سَقَطَتْ مُؤَاخَذَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَدَعْوَاهُ رَجْعَتَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَغْوٌ وَلَوْ وَافَقَتْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ فِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَخْلُو بِهَا فِي الْعِدَّةِ وَيَبِيتُ عِنْدَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَوْلُهَا وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ يَبِيتُ عِنْدَهَا فِي بَيْتٍ فِي كَوْنِهِ ثَالِثًا نَظَرٌ، ثُمَّ قَالَ قُلْت وَمُقْتَضَى مَنْعِ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ قَوْلِهِ رَجَعْتُهَا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ تُجْبَرُ لَهُ عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ إذَا أَعْطَاهَا رُبْعَ دِينَارٍ وَعَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهَا عَنْ تَصْدِيقِهِ، وَنَقَلَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ قَبُولَ رُجُوعِهِمَا عَنْ قَوْلِهِمَا كَمَنْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَأَكْذَبَهَا ثُمَّ خَالَعَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ مُرَاجَعَتَهُ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا فَيُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَاخْتَارَهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ: لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا. وَإِلَى اخْتِيَارِ عَبْدِ الْحَقِّ قَوْلَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ يُقْبَلُ الرُّجُوعُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصْوَبِ وَ) إنْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا مُصَدِّقٍ وَصَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهَا (لِ) لزَّوْجَةِ (الْمُصَدِّقَةِ) بِكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً لِزَوْجِهَا فِي دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فِيهَا (النَّفَقَةُ) وَالْكُسْوَةُ عَلَى الزَّوْجِ. وَمَفْهُومُ الْمُصَدِّقَةِ أَنَّ الْمُكَذِّبَةَ لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّ شَرْطَ أَخْذِ الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْفَتْحِ إنْ ادَّعَى بَعْدَ الْعِدَّةِ رَجْعَتَهَا فِيهَا وَصَدَّقَتْهُ ثُمَّ قَامَتْ بِحَقِّهَا (وَ) لَا (تَطْلُقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَاللَّامِ الْمُصَدِّقَةُ عَلَى أَنَّهُ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ (لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِتَرْكِهِ ضَرَرَهَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ فِي حُكْمِ الْوَطْءِ، وَلِتَمَكُّنِهَا مِنْ رُجُوعِهَا فِي الْوَطْءِ عَنْ تَصْدِيقِهِ فَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا لَزِمَهَا بِتَصْدِيقِهِ قَالَهُ تت وَ " س ". الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ رُجُوعُ وَلِلْمُصَدِّقَةِ النَّفَقَةُ وَلَا تَطْلُقُ لِحَقِّهَا فِي الْوَطْءِ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 184 وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ بِرُبْعِ دِينَارٍ. وَلَا إنْ أَقَرَّ بِهِ فَقَطْ فِي زِيَارَةٍ؛ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ. وَفِي إبْطَالِهَا إنْ لَمْ تُنَجَّزْ. كَغَدٍ.   [منح الجليل] وَمَا بَعْدَهَا مَعًا إذْ هُوَ مَنْصُوصٌ فِيهِمَا، وَقَدْ رَدَّ ابْنُ عَاشِرٍ إرْجَاعَهُ جَدّ عج لِمَا بَعْدَهَا فَقَطْ فَانْظُرْهُ. (وَ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ الدُّخُولَ وَتَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلِمَ الدُّخُولَ وَادَّعَى بَعْدَ عِدَّتِهَا رَجْعَتَهَا فِيهَا وَصَدَّقَتْهُ وَأَرَادَ الزَّوْجُ تَجْدِيدَ عَقْدٍ بِصَدَاقٍ وَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَ (لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (جَبْرُهَا) أَيْ الْمُصَدِّقَةِ وَوَلِيِّهَا وَسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَصَدَّقَ السَّيِّدُ الزَّوْجَ فِي دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَجَعَهَا فِيهَا فَلَهُ جَبْرُهُمَا (عَلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ) لِلنِّكَاحِ عَلَى الْمُصَدِّقَةِ (بِرُبْعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ لِأَنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَمُنِعَ مِنْهَا لِاتِّهَامِهِمَا فِي ابْتِدَاءِ نِكَاحٍ بِغَيْرِ أَرْكَانِهِ، وَهَذَا يَزُولُ بِالْعَقْدِ، فَإِنْ أَبَى وَلِيُّهَا أَوْ سَيِّدُهَا عَقَدَهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ أَبَتْ (وَلَا) تَصِحُّ رَجْعَتُهُ (إنْ أَقَرَّ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الزَّوْجَةِ (فِي) خَلْوَةِ (زِيَارَةٍ) مِنْهُ لَهَا وَكَذَّبَتْهُ وَطَلَّقَهَا لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَطْءِ وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَأَمَّا فِي زِيَارَتِهَا إيَّاهُ فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِهِ فَقَطْ كَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ هَذَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ (بِخِلَافِ) خَلْوَةِ (الْبِنَاءِ) إذْ يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِهِ فِيهَا وَحْدَهُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خَلْوَةِ الزِّيَارَةِ وَخَلْوَةِ الْبِنَاءِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إقْرَارِهِمَا مَعًا بِالْوَطْءِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ حَمْلُهَا وَلَمْ يَنْفِهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي الْحَطّ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ فِي تَوْضِيحِهِ هُنَا، وَذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَقَطْ فَلَا رَجْعَةَ، لَهُ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الزِّيَارَةِ وَالْإِهْدَاءِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ الْحَطّ تَرْجِيحًا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَصِحُّ فِي خَلْوَةِ الْبِنَاءِ لَا الزِّيَارَةِ. (وَ) إنْ قَالَ فِي عِدَّةِ رَجْعِيَّةٍ: إنْ جَاءَ وَقْتُ كَذَا فَقَدْ ارْتَجَعْتُك فِيهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا حَتَّى تَمَّتْ عِدَّتُهَا (فِي إبْطَالِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ مُطْلَقًا (إنْ لَمْ تُنَجَّزْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْجِيمُ مُشَدَّدَةٌ بِأَنْ عُلِّقَتْ عَلَى شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ مُحَقَّقٍ (كَغَدٍ) بِأَنْ قَالَ: إنْ جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك فَلَا تَصِحُّ الْآنَ وَلَا غَدًا لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ النِّكَاحِ لِأَجَلٍ وَلِافْتِقَارِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 185 أَوْ الْآنَ فَقَطْ. تَأْوِيلَانِ. وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ، إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا. كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا. بِخِلَافِ ذَاتِ الشَّرْطِ تَقُولُ، إنْ فَعَلَهُ زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته.   [منح الجليل] الْحَطّ وَعَلَى هَذَا إذَا وَطِئَهَا مُعْتَقِدًا صِحَّةَ رَجْعَتِهِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُقَارِنٌ نِيَّةً، وَسِيَاقُ تت يُفِيدُ تَفْرِيعَ هَذَا عَلَى كِلَا التَّأْوِيلَيْنِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَهُمَا. الْبُنَانِيُّ مَا أَفَادَهُ تت هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْحَطّ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ التَّعْلِيلِ. (أَوْ) الْإِبْطَالُ إنَّمَا هُوَ (الْآنَ فَقَطْ) وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ فِي غَدٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَعْلِيقُهُ وَإِنْ تَمَّتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ أَشْهُرٍ قَبْلَ غَدٍ لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ، وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ. (وَلَا) تَصِحُّ الرَّجْعَةُ (إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ) أَيْ يُسَافِرُ عَنْ بَلَدِ زَوْجَتِهِ وَقَدْ كَانَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا شَيْئًا وَخَافَ أَنْ تُحَنِّثَهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ (إنْ دَخَلَتْ) الزَّوْجَةُ (الدَّارَ) الَّتِي عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى دُخُولِهَا مَثَلًا (فَقَدْ رَاجَعْتهَا) وَدَخَلَتْهَا فِي غَيْبَتِهِ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ لِافْتِقَارِ الرَّجْعَةِ لِلنِّيَّةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] ، وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَاخْتِيَارِ الْأَمَةِ) الْمُتَزَوِّجَةِ عَبْدًا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ قَوْلُهُ (نَفْسَهَا أَوْ زَوْجَهَا) أَيْ أَحَدَهُمَا مُعَيَّنًا (بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا) قَبْلَ عِتْقِ زَوْجِهَا فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ أَشْهَدَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ عَتَقَتْ فَلَهَا اخْتِيَارُ خِلَافِ مَا اخْتَارَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا. (بِخِلَافِ) الزَّوْجَةِ (ذَات الشَّرْطِ) أَيْ الَّتِي شَرَطَ لَهَا زَوْجُهَا أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّرَ عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا (تَقُولُ) ذَاتُ الشَّرْطِ (إنْ فَعَلَهُ) أَيْ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (زَوْجِي فَقَدْ فَارَقْته) أَيْ اخْتَرْت فِرَاقَهُ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بَقِيت مَعَهُ فَإِنَّهُ قَدْ لَزِمَهَا مَا اخْتَارَتْهُ مِنْ فِرَاقٍ أَوْ بَقَاءٍ لِأَنَّ الزَّوْجَ أَقَامَهَا مَقَامَهُ، وَهُوَ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَنْهُ فَكَذَلِكَ هِيَ قَالَهُ الصِّقِلِّيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ يَنْتِجُ لُزُومُ الْفِرَاقِ لَا الْبَقَاءُ. الْبُنَانِيُّ فَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ مَعْرُوفٌ. قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ عَرَفَةَ حَصَّلَ ابْنُ زَرْقُونٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 186 وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ، إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ تَصَرُّفِهِ وَمَبِيتِهِ فِيهَا.   [منح الجليل] فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي لُزُومِ مَا الْتَزَمَتَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَعَدَمِهِ، ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمَعْرُوفٌ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ رُشْدٍ حُكِيَتْ هَذِهِ. الْمَسْأَلَةُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ سَأَلَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهَا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يُلْعَبُ فِيهَا بِالْحَمَامِ مُعَرِّضًا لَهُ بِقِلَّةِ التَّحْصِيلِ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ وَمُوَبِّخًا لَهُ عَلَى تَرْكِ أَعْمَالٍ نَظَرَهُ فِيهَا حَتَّى لَا يَسْأَلَ إلَّا عَنْ مُشْكِلٍ وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ أَنْتَ حَتَّى السَّاعَةِ هَاهُنَا تَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا. عِيَاضُ بْنُ حَارِثٍ كَانَتْ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفْسٌ أَبِيَّةٌ كَلَّمَهُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَوْمًا بِكَلِمَةٍ خَشِنَةٍ فَهَجَرَهُ عَامًا كَامِلًا اسْتَعْصَى عَلَيْهِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ: أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يَلْعَبُ فِيهَا الْأَحْدَاثُ بِالْحَمَامِ، وَقِيلَ: بَلْ عَرَّضَ لَهُ بِالْعَجْزِ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ سُؤَالَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ عَنْ أَمْرٍ جَلِيٍّ، وَلِذَا سَوَّى مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَيْنَهُمَا مَرَّةً وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ. (وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ) أَيْ الزَّوْجِ الَّتِي ادَّعَى بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا حَصَلَتْ مِنْهُ فِيهَا (إنْ قَامَتْ) أَيْ شَهِدَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْعِدَّةِ (بَيِّنَةٌ) مُعْتَبَرَةٌ (عَلَى) سَمَاعِ (إقْرَارِهِ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ بِأَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي عِدَّتِهَا نَاوِيًا بِهِ رَجْعَتَهَا، وَقَدْ عُلِمَ دُخُولُهُ بِهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا (أَوْ) قَامَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ بَيِّنَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ (تَصَرُّفِهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ (وَمَبِيتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ مَعَهَا وَتَنَازَعَ تَصَرُّفٌ وَمَبِيتٌ (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ فَقَدْ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الزَّوْجَةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا شَهَادَتُهَا بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ بِلَا مُعَايَنَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا " غ " كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَءُوا وَصِيَّتَهُ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ وَوِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ لَا بِأَوْ خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مُخَالَفَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاسْتَوْفَيْنَاهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ. عب إنْ قُرِئَ " بِأَوْ " فَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ التَّصَرُّفُ الْخَاصُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 187 أَوْ قَالَتْ حِضْت ثَالِثَةً فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَوْلِهَا قَبْلَهُ بِمَا يُكَذِّبُهَا. أَوْ أَشْهَدَ بِرَجْعَتِهَا فَصَمَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ كَانَتْ انْقَضَتْ. أَوْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَرُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ.   [منح الجليل] بِالزَّوْجِ مِنْ أَكْلِهِ مَعَهَا وَاخْتِلَائِهِ بِهَا وَنَحْوِهِمَا، فَيَكْفِي وَحْدَهُ. وَإِنْ قُرِئَ بِالْوَاوِ، فَالْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْخَاصِّ مِمَّا يَفْعَلُهُ غَيْرُ الزَّوْجِ فَلَا يَكْفِي وَحْدَهُ، وَيُشْتَرَطُ انْضِمَامُهُ لِلْمَبِيتِ لَكِنَّهُ يُوهِمُ عَدَمَ كِفَايَةِ الْمَبِيتِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ. (أَوْ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ ارْتَجَعَهَا فَ (قَالَتْ) الزَّوْجَةُ عَقِبَ ارْتِجَاعِهَا: (حِضْت) حَيْضَةً (ثَالِثَةً) تَمَّتْ بِهَا الْعِدَّةُ (فَأَقَامَ) أَيْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ (بَيِّنَةً) أَيْ عَدْلَيْنِ (عَلَى قَوْلِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (قَبْلَهُ) أَوْ قَوْلِهَا حِضْت ثَالِثَةً (بِمَا يُكَذِّبُهَا) بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهَا قَالَتْ لَمْ أَحِضْ أَصْلًا، أَوْ حِضْت حَيْضَةً وَاحِدَةً، أَوْ حِضْت ثَانِيَةً وَلَمْ يَمْضِ مَا يُمْكِنُ أَنْ تَحِيضَ فِيهِ ثَالِثَةً بَيْنَ قَوْلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا لَمْ يَصِحَّ رَجْعَتُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا قَالَهُ أَشْهَبُ. (أَوْ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إذَا (أَشْهَدَ) الزَّوْجُ (بِرَجْعَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (فَصَمَتَتْ) الزَّوْجَةُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (ثُمَّ قَالَتْ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ سُكُوتِهَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَهُ (كَانَتْ) أَيْ عِدَّتُهَا (قَدْ انْقَضَتْ) أَيْ تَمَّتْ وَفَرَغَتْ قَبْلَ إشْهَادِك بِالرَّجْعَةِ، فَيُلْغَى قَوْلُهَا وَتُعَدُّ نَادِمَةً لِأَنَّ سُكُوتَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْإِشْهَادِ عَلَى رَجْعَتِهَا دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ عِدَّتِهَا، وَمَفْهُومُ صَمَتَتْ أَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْ حِينَ الْإِشْهَادِ، وَقَالَتْ: إنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهَا لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهُ. (أَوْ) أَيْ وَصَحَّتْ رَجْعَتُهُ إنْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِيهَا وَكَذَّبَتْهُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَ (وَلَدَتْ) وَلَدًا كَامِلًا (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِ الثَّانِي فَيَلْحَقُ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ لِظُهُورِ كَوْنِهِ مِنْهُ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي (وَرُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ الزَّوْجَةُ إلَى الزَّوْجِ (بِرَجْعَتِهِ) الَّتِي كَذَّبَتْهُ فِيهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الطَّلَاقِ وَعِدَّتُهَا وَضْعُ حَمْلِهَا وَأَخَلَّ بِقَيْدَيْنِ، أَحَدُهُمَا: كَوْنُ الْوَلَدِ عَلَى طَوْرٍ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ الثَّانِي وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ، وَلَمْ تَصِحَّ رَجْعَةُ الْأَوَّلِ. ثَانِيهِمَا: إمْكَانِيَّةُ لُحُوقِهِ بِالْأَوَّلِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لُحُوقُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 188 وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَى الثَّانِي. وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهَا حَتَّى انْقَضَتْ وَتَزَوَّجَتْ أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا فَكَالْوَلِيَّيْنِ. وَالرَّجْعِيَّةُ. كَالزَّوْجَةِ، إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ.   [منح الجليل] بِالْأَوَّلِ أَيْضًا بِأَنْ تَأَخَّرَ عَنْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ طَلَاقِهِ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَلَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي الصَّادِقُ بِتَأَخُّرِهِ عَنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ بِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ. " غ " وَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ كَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ، يَعْنِي أَنَّهُ أَجْوَدُ مِنْ نُسْخَةِ أَوْ وَلَدَتْ لِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ بِهِ. فَقَوْلُهُ: وَرُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ حَشْوٌ ثُمَّ يَصِحُّ تَقْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا بِمَا فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فَادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا وَتَزَوَّجَتْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِمَا تَقَدَّمَ قَرَّرَهَا الْمُوَضِّحُ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ " رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ " مُشْكِلٌ عَلَى هَذَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ " رُدَّتْ بِرَجْعَتِهِ " أَيْ الَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ أَنْشَأَهَا فِي عِدَّتِهَا لِقِيَامِ دَلِيلِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَنْشَأَهَا فِيهَا. (وَلَمْ تَحْرُمْ) الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً (عَلَى) الزَّوْجِ (الثَّانِي) لِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ رَجْعَةِ الْأَوَّلِ وَانْقِطَاعِ عِدَّتِهَا وَصَيْرُورَتِهَا ذَاتَ زَوْجٍ وَخُرُوجِهَا مِنْ حُكْمِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَوَّلُ أَوْ طَلَّقَهَا فَلِلثَّانِي تَزَوُّجُهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا (وَإِنْ) رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا وَ (لَمْ تَعْلَمْ) الزَّوْجَةُ (بِهَا) أَيْ الرَّجْعَةِ (حَتَّى انْقَضَتْ) عِدَّتُهَا (وَتَزَوَّجَتْ) الزَّوْجَةُ غَيْرَهُ (أَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ سَيِّدٌ فَ) حُكْمُهَا (كَ) حُكْمِ ذَاتِ (الْوَلِيَّيْنِ) مِنْ فَوَاتِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِتَلَذُّذِ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ السَّيِّدِ بِلَا عِلْمٍ بِرَجْعَةِ الْأَوَّلِ لَا بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْأَوَّلُ سَاكِتًا فَتَفُوتُ بِهِ أَيْضًا. نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (وَ) الْمُطَلَّقَةُ (الرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ) الَّتِي لَمْ تَطْلُقْ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهَا وَكُسْوَتِهَا وَالتَّوَارُثِ وَغَيْرِهَا (إلَّا فِي تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ) بِالرَّجْعِيَّةِ قَبْلَ رَجْعَتِهَا وَلَوْ بِنَظَرٍ ابْنُ عَرَفَةَ. وَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ مُحَرَّمَةٌ فِي الْعِدَّةِ حَتَّى تَرْتَجِعَ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ لِعِيَاضٍ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 189 وَالدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا. وَصُدِّقَتْ فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ وَالْوَضْعِ بِلَا يَمِينٍ مَا أَمْكَنَ.   [منح الجليل] وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ اللَّخْمِيُّ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى ذَلِكَ بِثُبُوتِ خَوَاصِّ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ يُرَدُّ بِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ بِدَلِيلِ الْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ. (وَ) حُرْمَةِ (الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَالْأَكْلِ مَعَهَا) وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَمِثْلُهُمَا كَلَامُهَا وَلَوْ نَوَى رَجْعَتَهَا بَعْدُ، وَهَذَا تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا كَانَ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُبَاحُ لَهُ كَلَامُ الْأَجْنَبِيَّةِ إلَّا لِقَصْدِ تَلَذُّذٍ أَوْ خَشْيَةِ فِتْنَةٍ، وَأَمَّا نَظَرُ وَجْهِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَفَّيْهِ فَجَائِزٌ، وَكَذَا السُّكْنَى مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهُمَا، وَلِلنَّاسِ وَلَوْ أَعْزَبَ كَمَا أَقَامَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ " وَهَذَا مُنْكَرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ أَهْلِ فَاسَ. ابْنُ نَاجِي وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْعُرْفُ بِاسْتِعْطَافِهِ أَمْ لَا، وَالْوَاجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ أَنْ يُقَدِّمُوا مَنْ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ وَتَفْتَرِقُ الرَّجْعِيَّةُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَيْضًا فِي أَنَّهَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَلَمَّا مَنَعَتْهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِنُشُوزِهَا سَقَطَتْ عَنْهُ، وَهَذِهِ لَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا. وَمِنْ أَحْكَامِ الرَّجْعِيَّةِ أَنَّهُ يَصِحُّ فِيهَا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ وَالطَّلَاقُ وَأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ. (وَ) إنْ ادَّعَتْ الرَّجْعِيَّةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا بَعْدَ زَمَنٍ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ (صُدِّقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّجْعِيَّةُ وَلَوْ أَمَةً وَلَوْ خَالَفَهَا الزَّوْجُ (فِي) إخْبَارِهَا بِ (انْقِضَاءِ) عِدَّتِهَا بِجِنْسِ (الْقَرْءِ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ الطُّهْرِ (وَ) انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِ (الْوَضْعِ) لِحَمْلِهَا اللَّاحِقِ لِزَوْجِهَا أَوْ الَّذِي يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ، وَصِلَةُ صُدِّقَتْ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْهَا عَلَى انْقِضَائِهَا (مَا أَمْكَنَ) أَيْ مُدَّةَ إمْكَانِ الِانْقِضَاءِ عَادَةً فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا بَعْدَ قَوْلِهَا: انْقَضَتْ، وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ وَضَعَتْ سِقْطًا خِلَافًا لِلرَّجْرَاجِيِّ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَالَفَتْ عَادَتَهَا لِأَنَّ النِّسَاءَ مُؤْتَمَنَاتٌ عَلَى فُرُوجِهِنَّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 وَسُئِلَ النِّسَاءُ. وَلَا يُفِيدُهَا تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا. وَلَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ.   [منح الجليل] وَ) إنْ ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّةِ الْقُرْءِ فِيمَا يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ نَادِرًا كَحِضْتُ ثَلَاثًا فِي شَهْرٍ (سُئِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (النِّسَاءُ) بِأَنْ صَدَّقْنَهَا أَيْ شَهِدْنَ أَنَّ النِّسَاءَ تَحِيضُ لِمِثْلِهِ عُمِلَ بِهِ، وَهَلْ تَحْلِفُ مَعَ تَصْدِيقِهِنَّ قَوْلَانِ، وَمَفْهُومُ مَا أَمْكَنَ أَنَّهَا إنْ ادَّعَتْهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ فَلَا تُصَدَّقُ، فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَسُئِلَ النِّسَاءُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ مَا أَمْكَنَ لِأَنَّهَا إنْ ادَّعَتْهُ فِيمَا يُمْكِنُ تُصَدَّقُ بِلَا سُؤَالِ النِّسَاءِ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ انْقِضَاؤُهَا فِي شَهْرٍ وَأَقَلُّ الطُّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. قُلْت: يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يُطَلِّقَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ طَاهِرًا، وَتَحِيضَ عَقِبَهَا إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَطْهُرُ حَتَّى تَغْرُبَ شَمْسُ الْخَامِسَ عَشَرَ، فَتَحِيضُ عَقِبَهُ إلَى قُرْبِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَتَطْهُرُ إلَى غُرُوبِ يَوْمِ ثَلَاثِينَ فَتَحِيضُ عَقِبَهُ إلَى قُرْبِ الْفَجْرِ. (وَ) إنْ أَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِيمَا يُمْكِنُ ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا فَ (لَا يُفِيدُ) هَا (تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا) وَقَدْ بَانَتْ فَتُعَدُّ نَادِمَةً وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا إلَّا بِعَقْدٍ بِوَلِيٍّ وَمَهْرٍ وَإِيجَابٍ وَقَبُولٍ. (وَ) لَا يُفِيدُ قَوْلُهَا (أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَظَنَّتْ دَوَامَهُ فَأَخْبَرَتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (وَانْقَطَعَ) الدَّمُ قَبْلَ دَوَامِهِ يَوْمًا أَوْ بَعْضًا مِنْهُ لَهُ بَالَ، وَقَدْ بَانَتْ بِقَوْلِهَا الْأَوَّلِ وَيُلْغَى قَوْلُهَا الثَّانِي، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهَا أَنَّهَا رَأَتْ أَوَّلَ الدَّمِ وَانْقَطَعَ اهـ أَيْ فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالْكُسْوَةُ وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا. وَقَالَ " د " لَا تَثْبُتُ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَحُمِلَ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى مَا عَدَاهَا، لَكِنْ إنْ عَاوَدَهَا الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ فَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ مَا نَصُّهُ " وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الشُّيُوخِ أَنَّهَا إنْ لَمْ يَتَمَادَ بِهَا الدَّمُ أَنَّهَا لَا تَحْسُبُهُ حَيْضَةً. ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ: وَاخْتَلَفُوا إذَا رَاجَعَهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ هَذَا الدَّمِ وَعَدَمِ تَمَادِيهِ، ثُمَّ رَجَعَ الدَّمُ بِقُرْبٍ هَلْ هِيَ رَجْعَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَبَانَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ثَالِثَةٌ صَحِيحَةٌ وَقَعَتْ الرَّجْعَةُ فِيهَا فَبَطَلَتْ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ رَجَعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 وَلَا رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا. وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدُ: كَسَنَةٍ فَقَالَتْ لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً؛ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا مَرِيضَةٍ: لَمْ تُصَدَّقْ، إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ.   [منح الجليل] الدَّمُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ حَكَى الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ بَعْدَهُمَا: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَعْنِي التَّفْصِيلَ عِنْدِي أَصْوَبُ، وَالْقُرْبُ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ إذَا عَلِمْت هَذَا تَبَيَّنَ لَك الْجَوَابُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ قَوْلَهَا انْقَطَعَ الدَّمُ لَا يُفِيدُ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ مَقْبُولًا لَا إنَّهُمَا نَفَيَا قَبُولَ قَوْلِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَفَادَهُ عب وَالْبَنَّانِيُّ. (وَ) إنْ قَالَتْ رَأَيْت الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ وَأَكْذَبَتْ نَفْسَهَا وَمَكَّنَتْ النِّسَاءَ مِنْ نَظَرِ فَرْجِهَا فَرَأَيْنَهَا وَصَدَّقْنَهَا عَلَى عَدَمِ حَيْضِهَا فَ (لَا) تُفِيدُهَا (رُؤْيَةُ النِّسَاءِ لَهَا) وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِنَّ، وَبَانَتْ حِينَ قَالَتْ ذَلِكَ فِيمَا يُمْكِنُ الِانْقِضَاءُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ عُمُومُ هَذَا فِي الْقُرْءِ وَالْوَضْعِ إنْ قَالَتْ وَضَعْت ثُمَّ قَالَتْ كَذَبْت رَأَيْنَهَا فَلَمْ يَجِدْنَ أَثَرَ الْوِلَادَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ عَقِبَ " وَلَا يُفِيدُ تَكْذِيبُهَا نَفْسَهَا " وَإِنْ رَأَتْهَا النِّسَاءُ نَقِيَّةً لَكَانَ أَحْسَنَ. (وَلَوْ مَاتَ زَوْجُهَا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ (بَعْدَ: كَسَنَةٍ) أَوْ سَنَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ لَكِنَّ نَقْلَ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ أَنَّ " الْكَافَ " اسْتِقْصَائِيَّةٌ (فَقَالَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (لَمْ أَحِضْ) بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (إلَّا) حَيْضَةً (وَاحِدَةً) أَوْ اثْنَتَيْنِ وَلَمْ أَدْخُلْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ لِتَرِثَهُ (فَإِنْ كَانَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (غَيْرَ مُرْضِعٍ وَلَا) غَيْرَ (مَرِيضَةٍ لَمْ تُصَدَّقْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ، وَفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ فِي قَوْلِهَا لَمْ أَحِضْ إلَّا وَاحِدَةً، ظَاهِرُهُ، وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ وَافَقَ قَوْلَهَا عَادَتُهَا. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عج اعْتِبَارُهَا كَالْإِرْضَاعِ وَالْمَرَضِ وَهُوَ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، أَقُولُ وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِأَنَّ الِاعْتِيَادَ دَاخِلٌ فِي الْإِظْهَارِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِ غَيْرِ الْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا إنْ كَانَتْ) الرَّجْعِيَّةُ (تُظْهِرُهُ) أَيْ احْتِبَاسَ دَمِهَا وَتُكَرِّرُ ذَلِكَ حَتَّى ظَهَرَ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 وَحَلَفَتْ فِي: كَالسِّتَّةِ.   [منح الجليل] قَوْلِهَا فِي حَيَاةِ مُطَلِّقِهَا فَتُصَدَّقُ بِيَمِينٍ وَتَرِثُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَلَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ عَامَيْنِ، وَمَفْهُومُ غَيْرِ مُرْضِعٍ وَمَرِيضَةٍ تَصْدِيقُ الْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ مُدَّتَهُمَا بِلَا يَمِينٍ، وَتُصَدَّقُ الْمُرْضِعُ أَيْضًا فِي عَدَمِ انْقِضَائِهَا بَعْدَ الْفِطَامِ بِالْفِعْلِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْفِطَامُ عَنْ مُدَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى عَامٍ بِيَمِينٍ وَلَا تُصَدَّقُ بَعْدَهُ، كَذَا فِي النَّصّ قَالَهُ عج. وَفِي الشَّارِحِ الْوَسَطِ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَرِيضَةَ مَرَضًا شَأْنُهُ مَنْعُ الْحَيْضِ كَالْمُرْضِعِ، وَمَحَلُّ عَدَمِ تَصْدِيقِهِمَا إذَا لَمْ تُظْهِرَا عَدَمَ الِانْقِضَاءِ وَإِلَّا صُدِّقَتَا بِيَمِينٍ. وَمَفْهُومُ مَاتَ أَنَّهَا لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَهُوَ حَيٌّ قَبْلَ سَنَةٍ أَوْ بَعْدَهَا صُدِّقَتْ إنْ كَانَتْ بَائِنًا لِاعْتِرَافِهَا عَلَى نَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ رَجْعَتِهَا مُطْلَقًا، وَلَهَا النَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا إنْ صَدَّقَهَا. وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عِدَّتِهَا الْمُعْتَادَةِ فَادَّعَى بَقَاءَهَا فِيهَا وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِيَرِثَهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهِ، وَإِنْ ادَّعَى حَمْلَهَا وَعَدَمَ وَضْعِهَا صُدِّقَ، وَعَلَى مَنْ خَالَفَهُ إثْبَاتُ عَدَمِ حَمْلِهَا أَوْ وَضْعِهِ إلَّا إذَا اعْتَدَّتْ بِمَسْكَنِهَا ثُمَّ تَحَوَّلَتْ مِنْهُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَذَكَرَتْ ذَلِكَ فَلَا يَرِثُهَا قَالَهُ الشَّارِحُ وتت عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ: لَمْ تُصَدَّقْ إلَّا إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى تُصَدَّقُ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا، وَحَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي دَعْوَاهَا ذَلِكَ فِي السَّنَةِ وَقَرَّبَهَا، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْهُ بَعْدَ فَوْتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَامِ أَوْ الْعَامَيْنِ لَا يَنْبَغِي أَنْ لَا تُصَدَّقَ إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَكَرَتْهُ فِي حَيَاتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا. طفي حَيْثُ جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَيْدِ الْإِظْهَارِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّنَةِ، فَفِي تَقْيِيدِهِ بِهَا دَرَكٌ عَلَيْهِ اهـ. قُلْت يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَيَكُونُ بِمَفْهُومِهِ جَارِيًا عَلَى مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى، فَيَنْتَفِي عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: لَا تُصَدَّقُ بَعْدَ عَامٍّ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الَّذِي فِي " ق " عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ الْمُرْضِعِ مِنْ بَعْدِ الْفِطَامِ كَاَلَّتِي لَمْ تُرْضِعْ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ. اهـ. أَيْ فَتُصَدَّقُ إنْ كَانَتْ تُظْهِرُهُ. (وَحَلَفَتْ) الرَّجْعِيَّةُ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا وَادَّعَتْ عَدَمَ حَيْضِهَا عَلَى احْتِبَاسِ دَمِهَا (فِي كَالسِّتَّةِ) أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا قَبْلَ السَّنَةِ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ وَلَوْ وَافَقَتْ عَادَتُهَا وَوَرِثَتْهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرْضِعًا وَلَا مَرِيضَةً وَلَمْ تَذْكُرْهُ فِي حَيَاتِهِ (لَا) تَحْلِفُ إنْ مَاتَ الْمُطَلِّقُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 لَا كَالْأَرْبَعَةِ وَعَشْرٍ. وَنُدِبَ الْإِشْهَادُ، وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ لَهُ. وَشَهَادَة السَّيِّد كَالْعَدَمِ. وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ.   [منح الجليل] فِي كَالْأَرْبَعَةِ) أَشْهُرٍ (وَعَشْرٍ) وَتُصَدَّقُ فِي بَقَاءِ عِدَّتِهَا وَتَرِثُهُ وَلَوْ خَالَفَتْ عَادَتُهَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ " وَعَشْرٍ " لِإِدْخَالِهِ الْكَافَ، وَتُبِعَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَحْثُ ابْنُ رُشْدٍ وَظَاهِرُ السَّمَاعِ حَلِفُهَا فِيمَا دُونَ الْعَامِ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ لَا فِي " كَالْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ "، وَعَلَيْهَا دَرَكٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْكَافِيَةِ. وَإِنْ تَعْرِفْ ذَا إضَافَةٍ فَمَعَ ... آخَرَ اجْعَلْ أَلْ وَغَيْرِ ذَا امْتَنِعْ وَنَقَلَ السِّيرَافِيُّ عَنْ الْفَرَّاءِ جَوَازَ نَحْوِ الْأَلْفِ دِينَارٍ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْإِشْهَادُ) عَلَى الرَّجْعَةِ وَقِيلَ: يَجِبُ (وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ) الزَّوْجَ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بَعْدَ رَجْعَتِهَا (لَهُ) أَيْ الْإِشْهَادِ أَيْ فَعَلَتْ صَوَابًا وَرُشْدًا وَلَا تَكُونُ بِهِ عَاصِيَةً لِزَوْجِهَا، بَلْ تُؤْجَرُ عَلَى مَنْعِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا خَشْيَةَ أَنْ يُنْكِرَ ارْتِجَاعَهَا وَوَطْأَهَا لَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا لَوَجَبَ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ تَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَيُنْدَبُ إعْلَامُهَا بِهِ. (وَشَهَادَةُ السَّيِّدِ) بِالرَّجْعَةِ لِزَوْجِ أَمَتِهِ (كَالْعَدَمِ) لِلْإِشْهَادِ فِي الْكَرَاهَةِ، وَكَذَا الْوَلِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ لِلتُّهْمَةِ فَالْمَنْدُوبُ إشْهَادُ عَدْلَيْنِ غَيْرِهِ. (وَ) نُدِبَ (الْمُتْعَةُ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَا يُؤْمَرُ الزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا بِإِعْطَائِهِ لِلْمُطَلَّقَةِ لِيَجْبُرَ بِهِ أَلَمَ فِرَاقِهَا فَلَا يُقْضَى بِهَا، وَلَا تُحَاصِصُ بِهَا غُرَمَاءَهُ، وَلَا حَدَّ لَهَا، بَلْ (عَلَى قَدْرِ حَالِهِ) أَيْ الْمُطَلِّقِ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا مَنْدُوبٌ آخَرُ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أُمِرَ بِهَا لَمْ تَكُنْ تَبَرُّعًا لِوَارِثٍ وَلِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا وَرُوعِيَ حَالُهُ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236] وَلِأَنَّ كَسْرَ خَاطِرِهَا جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ. ابْنُ سَعْدُونٍ فِي قَوْلِهِمْ: الْمُتْعَةُ لِلتَّسَلِّي اعْتِرَاضٌ لِأَنَّهَا قَدْ تُزِيدُهَا أَسَفًا بِتَذْكِيرِهَا حُسْنَ عِشْرَتِهِ وَكَرِيمَ صُحْبَتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَبَرُّعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ مَاتَتْ قَبْلَ إمْتَاعِهَا وُرِثَتْ عَنْهَا فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلتَّسَلِّي وَتُعْطَى الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا إثْرَ طَلَاقِهَا لِيَأْسِهَا مِنْ الرَّجْعَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 بَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ أَوْ وَرَثَتِهَا: كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ. لَا فِي فَسْخٍ: كَلِعَانٍ، وَمِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ، أَوْ فُرِضَ لَهَا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ. وَمُخْتَارَةً لِعِتْقِهَا أَوْ لِعَيْبِهِ؛ وَمُخَيَّرَةً، وَمُمَلَّكَةً. .   [منح الجليل] وَ (بَعْدَ) تَمَامِ (الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ) لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الرَّجْعَةَ، وَلِئَلَّا يَرْتَجِعَهَا فَتَضِيعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا كَهِبَةٍ قُبِضَتْ (أَوْ) يَأْخُذُهَا (وَرَثَتُهَا) إنْ مَاتَتْ قَبْلَ إمْتَاعِهَا بَعْدَ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ وَعَقِبَ طَلَاقِ الْبَائِنِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. أَصْبَغُ: لَا تُدْفَعُ لَهُمْ لِأَنَّهَا تَسَلَّتْ عَنْ الطَّلَاقِ، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ رَدَّ الزَّوْجَةَ لِعِصْمَتِهِ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا سَقَطَتْ عَنْهُ. وَشُبِّهَ فِي إعْطَائِهَا لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا فَقَالَ (كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ) أَيْ غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ حُرَّةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَمَةً فَارَقَتْهُ عَنْ مُشَاوَرَةٍ أَمْ لَا. ابْنُ عَاشِرٍ هَذِهِ عِبَارَةٌ قَلِقَةٌ، وَالْعِبَارَةُ السَّلِسَةُ " وَالْمُتْعَةُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ أَوْ وَرَثَتِهَا وَبَعْدَ الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ. . . إلَخْ ". (فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ) صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَزِمَ بِفَوَاتِهِ كَفَاسِدٍ لِصَدَاقِهِ طَلَّقَ بَعْدَ بِنَائِهِ، فَإِنْ كَانَ يَفْسَخُ بَعْدَهُ وَطَلَّقَهَا بِاخْتِيَارِهِ فَلَا تَمَتُّعَ وَاحْتُرِزَ بِلَازِمٍ عَمَّا فِيهِ خِيَارٌ (لَا فِي فَسْخٍ) إلَّا لِرَضَاعٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ مُحْتَرَزُ مُطَلَّقَةٍ (كَلِعَانٍ) لَا مُتْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ (وَ) لَا مُتْعَةَ فِي (مِلْكِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) كُلَّ الْآخَرِ لِأَنَّهُ إنْ مَلَكَهَا الزَّوْجُ فَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ عَوَزِهِ وَإِنْ مَلَكَتْهُ فَهُوَ، وَمَالُهُ لَهَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ مُطَلَّقَةٍ. فَقَالَ (إلَّا مَنْ اخْتَلَعَتْ) مِنْ زَوْجِهَا بِعِوَضٍ دَفَعَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا الْمُخْتَارَةُ لِفِرَاقِهِ وَمُعَاوِضَةٌ عَلَيْهِ فَلَا أَلَمَ بِهِ لَهَا (أَوْ فُرِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهَا) صَدَاقٌ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا تَفْوِيضًا (وَطَلُقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (قَبْلَ الْبِنَاءِ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَخْذِهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ أُمْتِعَتْ. (وَ) إلَّا (مُخْتَارَةً) نَفْسَهَا (لِ) كَمَالِ (عِتْقِهَا) وَزَوْجُهَا رَقِيقٌ (أَوْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 (بَابٌ) الْإِيلَاءُ: يَمِينُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ، وَإِنْ مَرِيضًا.   [منح الجليل] مُخْتَارَةً فِرَاقَهُ (لِعَيْبِهِ) أَيْ الزَّوْجِ فَقَطْ أَوْ لِعَيْبِهَا وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ (وَ) إلَّا زَوْجَةً (مُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً) الْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّ تَمَامَ الطَّلَاقِ جَاءَ مِنْ قِبَلِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي الْإِيلَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (بَابٌ) فِي الْإِيلَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (الْإِيلَاءُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مَمْدُودًا أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (يَمِينٌ) أَيْ حَلِفٌ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ غَيْرِهِ جِنْسٌ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَإِضَافَتُهُ لِزَوْجٍ (مُسْلِمٍ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ غَيْرِ الزَّوْجِ، وَنَعْتُهُ بِمُسْلِمٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ الزَّوْجِ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] إذْ الْغُفْرَانُ وَالرَّحْمَةُ بِالْفَيْئَةِ يَخُصَّانِ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رِقًّا، وَنَعْتُهُ بِ (مُكَلَّفٍ) أَيْ مُلْزَمٍ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ، وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ بِحَلَالٍ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ مُكَلَّفٌ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَا الْأَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَالْأَعْجَمِيُّ بِلُغَتِهِ، وَالسَّفِيهُ وَنَعْتُهُ بِجُمْلَةِ (يُتَصَوَّرُ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ يُمْكِنُ، وَبِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ يُعْقَلُ (وِقَاعُهُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْقَافِ أَيْ وَطْؤُهُ فَصْلٌ مُخْرِجٌ حَلِفَ الْمَجْبُوبِ وَمَقْطُوعِ الذَّكَرِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالْعِنِّينِ إنْ كَانَ صَحِيحًا. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الزَّوْجُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ (مَرِيضًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَنَعَ مَرَضُهُ الْوَطْءَ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُحُوقِ الْإِيلَاءِ الْمَرِيضَ مُطْلَقًا وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ، قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحِيحَ إذَا آلَى ثُمَّ مَرِضَ فَلَا يُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ بِالْجِمَاعِ اهـ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْمَرِيضِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِيلَاءُ الْمَرِيضِ لَازِمٌ أَوْ إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 196 بِمَنْعِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ تَعْلِيقًا، غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ.   [منح الجليل] مَرَضِهِ وَإِلَّا فَلَا الْأَوَّلُ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خَالَفَ فِي إيلَاءِ الْمَرِيضِ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْجِمَاعِ فَلَا مَعْنَى لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ آلَى صَحِيحًا ثُمَّ مَرِضَ لَمَا طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ بِالْجِمَاعِ، ظَاهِرُهُ وُجُودُ الْخِلَافِ فِيهِ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ. وَمَعْنَى قَوْلِ مَنْ أَسْقَطَهُ إنَّمَا هُوَ إذَا قُيِّدَ يَمِينُهُ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ حَسْبَمَا مَرَّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْجَلَّابُ اهـ. وَصِلَةُ يَمِينٍ (بِمَنْعِ) أَيْ عَلَى تَرْكِ (وَطْءِ زَوْجَتِهِ) وَخَرَجَ بِمَنْعِ الْوَطْءِ حَلِفُ الزَّوْجِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي يُمْكِنُ وِقَاعُهُ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ وَبِإِضَافَةِ الْوَطْءِ إلَى الزَّوْجَةِ حَلِفُهُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ أُمِّ وَلَدِهِ وَسُرِّيَّتِهِ إنْ كَانَ حَلِفُهُ تَنْجِيزًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (تَعْلِيقًا) يَصِحُّ كَوْنُهُ مُبَالَغَةً فِي يَمِينٍ وَفِي مَنْعِ الْوَطْءِ، وَفِي زَوْجَتِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَكُونُ مُنَجَّزَةً وَمُعَلَّقَةً، وَمَنْعُ الْوَطْءِ كَذَلِكَ وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ، كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُهَا سَنَةً مَثَلًا. طفي الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ التَّعْلِيقُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى التَّزْوِيجِ ظَاهِرًا أَوْ حُكْمًا كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك، أَوْ قَوْلِهِ لَهَا ابْتِدَاءً: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك فَإِذَا تَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226] اهـ. فَحَقُّ الْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِلَوْ دَفْعًا لِلْخِلَافِ الْمَذْكُورِ وَوَصَفَ زَوْجَتَهُ بِ (غَيْرِ الْمُرْضِعَةِ) فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ بِحَلِفِهِ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ الْمُرْضِعَةَ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خِلَافًا لِأَصْبَغَ. اللَّخْمِيُّ هُوَ أَقْيَسُ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي الْوَطْءِ، وَمَحَلُّ الْأَوَّلِ إنْ قَصَدَ مَصْلَحَةَ الْوَلَدِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، فَإِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ وَطْئِهَا فَمُؤْلٍ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ سَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَتُهُ لَا يَطَؤُهَا مَا دَامَتْ تُرْضِعُ أَوْ حَتَّى تَفْطِمَهُ أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ الْحَوْلَيْنِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ رَضَاعِهِ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا فِي الصِّيغَةِ الْأُولَى لِانْحِلَالِ الْإِيلَاءِ عَنْهُ كَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّمَنَ فِيهِمَا فَكَالرَّابِعَةِ فَعَلَيْهِ الْإِيلَاءُ إنْ بَقِيَتْ مُدَّتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلْحُرِّ أَوْ لِلْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 197 وَإِنْ رَجْعِيَّةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ.   [منح الجليل] بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُطَلَّقَةً (رَجْعِيَّةً) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ غَيْرِ الْمُطَلَّقَةِ، وَرَدُّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهَا لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ وَالْأَجَلُ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ لَهَا حَقٌّ فِيهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ لَا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا لِيَطَأَ أَوْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى. وَأَجَابَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ الْإِيلَاءُ خِيفَةَ أَنْ يَكُونَ ارْتَجَعَهَا وَأَخْفَى اهـ، أَوْ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إبَاحَةِ وَطْءِ الرَّجْعِيَّةِ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ آلَى مِنْ مُطَلَّقَةٍ رَجْعِيَّةٍ وُقِفَ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا. اللَّخْمِيُّ الْوَقْفُ بَعِيدٌ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ. وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لِخَوْفِ كَوْنِهِ ارْتَجَعَهَا وَكَتَمَ وَفِيهَا مَنْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَحَلَّ أَجَلُ إيلَائِهَا فِي الْعِدَّةِ وُقِفَ. اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ عَدَمُ وَقْفِهِ لِحُجَّتِهِ أَنَّهُ إنَّمَا حَقُّهَا فِي طَلَاقِهِ وَقَدْ عَجَّلَهُ (أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِلْحُرِّ صِلَةٌ لِمَنْعِ الْوَطْءِ مُخْرِجَةٌ حَلِفَ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ بِمَنْعِ وَطْئِهِ زَوْجَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ إيلَاءً. وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّهُ إيلَاءٌ تَمَسُّكَ الْمَشْهُورِ بِمَا تُعْطِيهِ الْفَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ فَاءُوا} [البقرة: 226] فَإِنَّهَا تَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا فَتُفِيدُ أَنَّ الْفَيْئَةَ تُطْلَبُ بَعْدَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، وَبِأَنْ أَنْ تُصَيِّرَ الْمَاضِيَ مُسْتَقْبَلًا وَالْمُقَابِلُ بِأَنَّهَا لِمُجَرَّدِ السَّبَبِيَّةِ، وَيُحْذَفُ " كَانَ " بَعْدَ أَنْ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] . وَيُجَابُ بِأَنَّ تَحْدِيدَ التَّرَبُّصِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُفِيدُ أَنَّ الْإِيلَاءَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، إذْ لَا جَائِزَ كَوْنُهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَلَا عَلَيْهَا، وَإِلَّا لَقِيلَ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ تَرَبُّصُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ التَّرْكِ مَشْرُوطًا بِأَنَّ مُدَّتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ بِيَوْمٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ مُؤَثِّرَةٍ ثَالِثُهَا بِمَا زَادَ عَلَى أَجَلِ التَّلَوُّمِ وَرَابِعُهَا بِالْأَرْبَعَةِ فَقَطْ. (وَ) أَكْثَرُ مِنْ (شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ) وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بِيَوْمٍ فِيهِمَا، وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ الَّتِي أَلَّفَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَنْدَلُسِيُّ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 198 وَلَا يَنْتَقِلُ بِعِتْقِهِ بَعْدَهُ. . كَوَاللَّهِ لَا أُرَاجِعُك. أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي أَوْ تَأْتِيَنِي..   [منح الجليل] وَالسَّلَامِ ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى الْمَغْرِبِ فَرَوَاهَا عَنْهُ أَخُوهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ، ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ فَرَدَّ فِيهَا مَسَائِلَ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ " لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَوْ الشَّهْرَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ. وَفِي كَوْنِ أَمَدِهِ لِلْعَبْدِ أَزْيَدَ مِنْ شَهْرَيْنِ أَوْ كَالْحُرِّ، وَصُوِّبَ بِأَنَّ ضَرَرَ تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْعَبْدِ وَالْحُرِّ سَوَاءٌ. وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَدُهُ لِلْعَبْدِ شَهْرَانِ يُوهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ الزِّيَادَةِ، وَمِثْلُهُ لَفْظُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالطُّرْطُوشِيِّ. (وَ) إذَا حَلَفَ الْعَبْدُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ فَ (لَا يَنْتَقِلُ) الْعَبْدُ (بِعِتْقِهِ) لِأَجَلِ الْحُرِّ اعْتِبَارًا بِحَالِهِ وَقْتَ حَلِفِهِ إذَا عَتَقَ (بَعْدَهُ) أَيْ تَقَرَّرَ الْأَجَلُ بِشَهْرَيْنِ بِحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْهُمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْإِيلَاءِ إنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ بِصِيغَةِ حِنْثٍ غَيْرِ مُؤَجِّلٍ. وَمَفْهُومٌ بَعْدَهُ أَنَّهُ إنْ عَتَقَ قَبْلَ تَقَرُّرِ الْأَجَلِ بِشَهْرَيْنِ بِأَنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ بِصِيغَةِ حِنْثٍ مُطْلَقَةٍ وَعَتَقَ ثُمَّ رَفَعَتْهُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِلْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَشَرَعَ فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا الْإِيلَاءُ وَاَلَّتِي لَا يَلْزَمُ مُقَدِّمًا الْأُولَى بِقَوْلِهِ (كَ) قَوْلِهِ أَيْ الزَّوْجِ لِلرَّجْعِيَّةِ: (وَاَللَّهِ لَا أُرَاجِعُك) فَهُوَ مُؤْلٍ إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ، وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفِ وَلَمْ يَرْتَجِعْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ طَلْقَةً أُخْرَى وَأَتَمَّتْ عِدَّتَهَا الْأُولَى وَحَلَّتْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ قَلَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَوْ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً قَالَهُ تت. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ: وَاَللَّهِ لَا رَاجَعْتُك مُؤْلٍ. (أَوْ) قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ (لَا أَطَؤُك حَتَّى تَسْأَلِينِي) وَطْأَك (أَوْ) حَتَّى (تَأْتِيَنِي) لِوَطْئِك فَهُوَ مُؤْلٍ وَلَا يَلْزَمُهَا سُؤَالُهُ وَلَا إتْيَانُهُ لِذَلِكَ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَا يُزْرِي بِهَا وَلَا تَتَكَلَّفُهُ لِمَشَقَّتِهِ عَلَى غَالِبِ النِّسَاءِ وَمَعَرَّتِهِنَّ مِنْهُ، وَلَيْسَ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ سُؤَالًا يَبُرُّ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِخُصُوصِ طَلَبِ الْوَطْءِ بَلْ لِرَفْعِ الضَّرَرِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ، هَذَا قَوْلُ ابْن سَحْنُونٍ لَيْسَ بِمُؤْلٍ وَعَابَ قَوْلَ وَلَدِهِ حِين عَرَضَهُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا وَجْهَ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ فَلِذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْعُتْبِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ حَلَفَ لَا وَطِئَ امْرَأَتَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 199 أَوْ لَا أَلْتَقِي مَعَهَا. أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ. أَوْ لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إذَا.   [منح الجليل] حَتَّى تَطْلُبَهُ فَتَأْبَى طَلَبَهُ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ وَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. ابْنُ رُشْدٍ ابْن سَحْنُونٍ قُلْت هُوَ مُؤْلٍ وَلَيْسَ قِيَامُهَا بِهِ سُؤَالًا حَتَّى تَسْأَلَهُ فَعَابَهُ. وَقَالَ مُنِعَ الْوَطْءُ بِسَبَبِهَا وَهُوَ قَوْلٌ لَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي حَلِفِهِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِي طَلَبَهُ. . (أَوْ) قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ (لَا أَلْتَقِي مَعَهَا) اللَّخْمِيُّ هُوَ مُؤْلٍ بِلَا شَكٍّ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْتِقَائِهِ مَعَهَا عَدَمُ وَطْئِهَا عَقْلًا، هَذَا إذَا قَصَدَ نَفْيَ الِالْتِقَاءِ لِلْوَطْءِ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ، وَيُدَيَّنُ فِي الْفَتْوَى وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَبِلَهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ قَبُولُهَا مُطْلَقًا. (أَوْ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ (لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ) مِنْهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَلِفُهُ عَلَى تَرْكِ الْغُسْلِ مُحْتَمِلٌ لِكَوْنِهِ كِنَايَةً عَنْ تَرْكِ الْجِمَاعِ كَطَوِيلِ النِّجَادِ فَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ، وَلِكَوْنِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَرَادَ نَفْيَ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُسْتَلْزِمًا شَرْعًا لِتَرْكِ الْجِمَاعِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُضْرَبُ أَجَلُهُ قَبْلَ جِمَاعِهَا أَوْ لَا يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ حَتَّى يُجَامِعَهَا عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُؤْلِي إذَا كَانَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ أَنْ يَنْعَقِدَ عَلَيْهِ يَمِينٌ فِيهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ وَطِئْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك. وَمِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَمِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرَيْته مِنْ الْفُسْطَاطِ حُرٌّ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَصْوَبُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ فَاسِقًا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ لِأَنَّ وَطْءَ الْفَاسِقِ غَيْرُ مَلْزُومٍ لِلْغُسْلِ فَلَا يَكُونُ نَفْيُ غُسْلِهِ كِنَايَةً عَنْ نَفْيِ وَطْئِهِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وَطْئِهِ حِنْثُهُ، لَكِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ انْعِقَادُ يَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ الْغُسْلِ. وَلَوْ كَانَ حِينَ حَلِفِهِ جُنُبًا لَمْ يَلْزَمْهُ إيلَاءٌ إذْ لَا أَثَرَ لِوَطْئِهِ فِي عَقْدِ يَمِينِهِ عَلَى الْغُسْلِ لِانْعِقَادِهِ قَبْلَ وَطْئِهِ. (أَوْ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ (لَا أَطَؤُك حَتَّى أَخْرُجَ مِنْ) هَذِهِ (الْبَلْدَةِ) فَهُوَ مُؤْلٍ (إذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 200 تَكَلَّفَهُ. أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَحْسُنْ خُرُوجُهَا لَهُ. أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْك فَأَنْتِ طَالِقٌ. أَوْ إنْ وَطِئْتُك وَنَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ وَإِنْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا. ..   [منح الجليل] تَكَلَّفَهُ) أَيْ خُرُوجَهُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَا يَتَكَلَّفُ فِي خُرُوجِهِ لِأُخْرَى لِقُرْبِهَا أَوْ لِكَوْنِ لَا مَتَاعَ لَهُ، وَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى الْمَشْيِ مَعَهُ بِلَا كُلْفَةٍ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ، لَكِنَّهُ لَا يَتْرُكُ، وَيُقَالُ لَهُ طَأْ إنْ كُنْت صَادِقًا بَعْدَ خُرُوجِك. (أَوْ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك (فِي هَذِهِ الدَّارِ إذَا لَمْ يَحْسُنْ خُرُوجُهَا) أَيْ خُرُوجُهُمَا مِنْ الدَّارِ (لَهُ) أَيْ الْوَطْءِ بِالنِّسْبَةِ لِحَالِهِمَا أَوْ حَالِ أَحَدِهِمَا لِلْمَعَرَّةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ حَسُنَ خُرُوجُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْوَطْءِ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ خُرُوجِهِ لَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ. . (أَوْ) قَوْلُهُ (إنْ لَمْ أَطَأْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ) وَتَرَكَ وَطْأَهَا وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ بُرَّهُ فِي وَطْئِهَا كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا إنْ لَمْ أُحْبِلْهَا أَوْ إنْ لَمْ أَطَأْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِوُقُوفِهِ عَنْ وَطْئِهَا، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ الْإِيلَاءَ وَمَا قَدَّمَهُ آخِرَ الطَّلَاقِ، وَانْظُرْ عَلَى أَنَّهُ مُؤْلٍ مَا الَّذِي يَفْعَلُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ، فَإِنَّ مُطَالَبَتَهَا بِالْفَيْئَةِ وَهُوَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ لَا تَتَأَتَّى، وَعَلَى تَسْلِيمِ كَلَامِهِ تَطْلُقُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ أَوْ عِنْدَ ضَرَرِهَا. (أَوْ) قَوْلُهُ (إنْ وَطِئْتُك) فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَمُؤْلٍ وَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ نَوَى بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ الرَّجْعَةَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ، وَهَلْ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ وَلَوْ بِبَعْضِهَا بِنَاءً عَلَى التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ تَرَدُّدٌ؟ وَمَا زَادَ عَلَى مَا حَنِثَ بِهِ حَرَامٌ وَمُلَخَّصُهُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. (وَنَوَى) الْحَالِفُ إنْ وَطِئَهَا فَهِيَ طَالِقٌ (بِبَقِيَّةِ وَطْئِهِ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى مَغِيبِ حَشَفَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ بِالنَّزْعِ (الرَّجْعَةَ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا) لِأَنَّهَا صَارَتْ مَدْخُولًا بِهَا بِمُجَرَّدِ تَغْيِيبِ جَمِيعِ الْحَشَفَةِ، وَيُلْغَزُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 201 فِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ، وَهُوَ الْأَحْسَنُ، أَوْ ضَرَبَ الْأَجَلَ: قَوْلَانِ فِيهَا. . وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ. .   [منح الجليل] بِهَا، فَيُقَالُ رَجُلٌ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ بِهِ وَحَلَّتْ لَهُ بِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَدَاةُ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ، وَإِلَّا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا وَلَهَا الْقِيَامُ بِالضَّرَرِ. (وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ) الثَّلَاثِ (إنْ حَلَفَ) عَلَى وَطْئِهَا (بِ) الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) بِأَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (وَهُوَ) أَيْ تَعْجِيلُ الثَّلَاثِ (الْأَحْسَنُ) عِنْدَ سَحْنُونٍ وَجَمَاعَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (أَوْ) عَدَمِ تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَ (ضَرْبِ الْأَجَلِ) لِلْإِيلَاءِ لِاحْتِمَالِ رِضَاهَا بِالْبَقَاءِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ (قَوْلَانِ) مَذْكُورَانِ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ. غ هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي كَوْنِهِ مُؤْلِيًا قَوْلَانِ هُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ تت، وَفِيهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ غَيْرَ هَذَيْنِ. (وَ) فِيهَا (لَا يُمَكَّنُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (مِنْهُ) أَيْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى تَخَلُّصُهُ مِنْ الْحُرْمَةِ بِنِيَّةِ الرَّجْعَةِ بِبَقِيَّةِ. وَطْئِهِ طفي جَعَلَ الشَّارِحُ لَفْظَةَ " فِيهَا " خَبَرًا مُقَدَّمًا لِقَوْلِهِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَجَزَمَ غ بِأَنَّهُ نَعْتٌ لِ " قَوْلَانِ " مُعَرِّضًا بِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كِلَاهُمَا فِيهَا، وَلِذَا نَسَبَ تت لَهَا الْأَمْرَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَفِيهَا قَوْلَانِ آخَرَانِ هُمَا أَنَّهُ مُؤْلٍ، وَلَا يَنْتَظِرُ أَجَلَ الْإِيلَاءِ فَمَتَى قَامَتْ طَلَّقَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي تَطْلُقُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ. فِي ضَيْح ذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَتَّابٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ تَضَمَّنَ كَلَامُهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُؤْلٍ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي. أَنَّهُ مُؤْلٍ وَلَا يُنْتَظَرُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ، فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ. وَالرَّابِعُ: تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا قَامَتْ وَلَيْسَ بِمُؤْلٍ. أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَسَائِرِ الْأَيْمَانِ فِي الْإِيلَاءِ، وَيُمَكَّنُ مِنْ الْفَيْئَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ طُلِّقَ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ أَوْ لَا يُمَكَّنُ، وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ. وَاخْتُلِفَ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّمْكِينِ فِي صِفَتِهِ وَمَعْنَى الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْكِلُ مِنْهَا أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ تَطْلِيقَةَ الْإِيلَاءِ إذَا قَامَتْ، وَكَذَلِكَ نَصَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 202 كَالظِّهَارِ،.   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا يُضْرَبُ الْأَجَلُ إذْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْفَيْئَةِ. وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّالِثُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ حَانِثٌ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ سَاعَةَ حَلَفَ كَحَلِفِهِ عَلَى لَمْسِ السَّمَاءِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ جُمْلَةً وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِالْبَتَّةِ. وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ إذْ لَا يُمَكَّنْ مِنْ الْفَيْئَةِ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ وَيُحْتَمَلُ بِالثَّلَاثِ اهـ. وَهَذَا الرَّابِعُ هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ. . إلَخْ. وَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ كُلَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ، وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُؤْلٍ فَفِي تَعْجِيلِ طَلَاقِهِ وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْهُ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ وَوَقْفِهِ عَلَى رَفْعِهَا إيَّاهُ لِلسُّلْطَانِ فَيُوقِعُهُ قَوْلَانِ لِمُطَرِّفٍ وَالْقَائِمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِقَامَةُ بَعْضِهِمْ الْأَوَّلَ مِنْهَا غَيْرُ بَيِّنٍ اهـ. وَلَعَلَّ الْبَعْضَ عَتَّابٌ وَقَدْ قَرَّرْنَا لَك الْمَسْأَلَةَ وَحَرَّرْنَا فِيهَا الْأَقْوَالَ لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الشُّرَّاحِ لَهَا فَشُدَّ يَدَك عَلَيْهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ فَقَالَ (كَ) حَلِفِهِ بِ (الظِّهَارِ) عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا كَقَوْلِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَلَا يَقْرَبُهَا لِأَنَّهُ بِمَغِيبِ حَشَفَتِهِ يَصِيرُ مُظَاهِرًا، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ وَطْءٌ فِي مُظَاهَرٍ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مُؤْلٍ بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ. فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ ضَرْبِ الْأَجَلِ لَهُ مَعَ مَنْعِهِ مِنْهَا. فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَائِدَةَ رَجَاءُ رِضَاهَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَوَطِئَهَا انْحَلَّتْ إيلَاؤُهُ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ، وَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا تَجْرِي إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْعَوْدِ، وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ. وَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ انْعِقَادِهِ وَهُوَ لَمْ يَنْعَقِدْ قَبْلَ وَطْئِهَا فَلَا تُطَالِبُهُ بِمَا لَا تُجْزِئُ، وَإِنَّمَا لَهَا طَلَبُهُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بَقَاؤُهَا مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ. ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ وَأَنَّ الْقَوْلَيْنِ لَمْ يَجْرِيَا هُنَا، وَاَلَّذِي فِي مِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ لِلزَّجَّاجِيِّ التَّصْرِيحُ بِجَرَيَانِهِمَا هُنَا، وَنَصُّهُ " وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا جُمْلَةً هَلْ يُعَجَّلُ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ قَوْلَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 203 لَا كَافِرٍ. وَإِنْ أَسْلَمَ، إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا. وَلَا لَأَهْجُرَنَّهَا، أَوْ لَا كَلَّمْتهَا. أَوْ لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَاجْتَهَدَ وَطَلَّقَ فِي: لَأَعْزِلَنَّ أَوْ لَا أَبِيتَنَّ. أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وَإِنْ غَائِبًا، أَوْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ.   [منح الجليل] قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ، وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ وَابْنَ مُحْرِزٍ حَمَلَا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا مَا نَصُّهُ " وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، قَوْلُ مُحَمَّدٍ يَمْنَعُهُ مِنْهُ جُمْلَةً، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَنَّهُ يُغَيِّبُ الْحَشَفَةَ وَيَنْزِعُ فَوْرًا. وَالثَّالِثُ يَطَأُ بِلَا إنْزَالٍ، وَالرَّابِعُ يَطَأُ وَلَوْ أَنْزَلَ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ الْإِصَابَةَ التَّامَّةَ فَالْمُنَاسِبُ وَهَلْ كَذَا فِي الظِّهَارِ أَمْ لَا تَأْوِيلَانِ. وَعَطَفَ بِلَا عَلَى مُسْلِمٍ فَقَالَ (لَا) يَمِينُ زَوْجٍ (كَافِرٍ) إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى كُفْرِهِ، بَلْ (وَإِنْ أَسْلَمَ) بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ مِنْ شَهْرَيْنِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) رَاضِينَ بِحُكْمِنَا فَنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الْمُؤْلِي كَوْنُهُ زَوْجًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا مُمْكِنًا وَطْؤُهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ حَلَفَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَغْوٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي يَمِينِهِ (وَلَا) تَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ (لَأَهْجُرَنَّهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ (أَوْ) وَاَللَّهِ (لَا كَلَّمْتهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا وَلَا عَلَى مَا يَسْتَلْزِمُهُ إذَا كَانَ يَمِينُهَا، فَإِنْ وُقِفَ عَنْهُ فَهُوَ مُؤْلٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَاللَّخْمِيِّ فِي الْأُولَى. (أَوْ) قَوْلُهُ وَاَللَّهِ (لَا وَطِئْتهَا لَيْلًا) لِإِبْقَائِهِ النَّهَارَ (أَوْ) قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتهَا (نَهَارًا) لِإِبْقَائِهِ اللَّيْلَ (وَاجْتَهَدَ) الْحَاكِمُ فِيمَا يُتَلَوَّمُ بِهِ لِلزَّوْجِ (وَطَلَّقَ) الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ (فِي) قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ (لَأَعْزِلَنَّ) عَنْ الزَّوْجَةِ إذَا وَطِئْتهَا (أَوْ) قَوْلُهُ: وَاَللَّهِ (لَا أَبِيتَنَّ) عِنْدَهَا لِوَحْشَتِهَا وَمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ فِي بَيَاتِهِ عِنْدَهَا. (أَوْ) إنْ (تَرَكَ) الزَّوْجُ (الْوَطْءَ) بِلَا يَمِينٍ عَلَى تَرْكِهِ (ضَرَرًا) بِزَوْجَتِهِ فَيُتَلَوَّمُ لَهُ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (غَائِبًا أَوْ سَرْمَدَ) أَيْ أَدَامَ الزَّوْجُ (الْعِبَادَةَ) بِصَوْمِ النَّهَارِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَلَا يُنْهَى عَنْ سَرْمَدَتِهَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ طَأْهَا أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 204 بِلَا أَجَلٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِيَمِينِهِ حُكْمٌ: كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ، أَوْ خَصَّ بَلَدًا قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا.   [منح الجليل] طَلِّقْهَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى حَالِهِ طُلِّقَ عَلَيْهِ (بِلَا) ضَرْبِ (أَجَلٍ) لِإِيلَاءٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي التَّلَوُّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَهَذَا فِي الْحَاضِرِ. وَأَمَّا الْغَائِبُ فَالثَّلَاثُ سِنِينَ لَيْسَتْ طُولًا عِنْدَ الْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السَّنَةَ طُولٌ وَعَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الْبُرْزُلِيُّ طَلَاقُ زَوْجَةِ الْغَائِبِ الْمَعْلُومِ مَوْضِعُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهَا الْجِمَاعَ، بَلْ حَتَّى تَطُولَ غَيْبَتُهُ جِدًّا بِسَنَةٍ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ بِثَلَاثِ سِنِينَ عِنْدَ الْغِرْيَانِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَيُكْتَبُ لَهُ إنْ كَانَتْ تَبْلُغُهُ الْكِتَابَةُ إمَّا أَنْ يَقْدَمَ أَوْ يَنْقُلَ زَوْجَتَهُ إلَيْهِ أَوْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ تُلُوِّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ إنْ شَاءَتْ طُلِّقَ عَلَيْهِ وَاعْتَدَّتْ، فَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الْمُكَاتَبَةُ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِضَرَرِهَا بِتَرْكِ وَطْئِهَا وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ، وَفِي خَوْفِهَا زِنَاهَا، وَهَذَا إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا مِنْ مَالِهِ بِأَنْ تَرَكَ مَا تُنْفِقُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَهَا وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ. وَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْمَازِرِيِّ لَا يُحْكَمُ بِطَلَاقِهَا لِتَضَرُّرِهَا بِعَدَمِ وَطْئِهَا، وَيُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَمْ تَخْشَ الزِّنَا فَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا) إيلَاءَ (إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الزَّوْجُ (بِيَمِينِهِ) عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ (حُكْمٌ كَ) قَوْلِهِ (كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ) إنْ وَطِئْتُك لِأَنَّهَا يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ (أَوْ) إنْ (خَصَّ) الزَّوْجُ (بَلَدًا) مُعَيَّنًا كَقَوْلِهِ: إنْ وَطِئْتُك فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ بَلَدِ كَذَا حُرٌّ فَلَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ (قَبْلَ مِلْكِهِ) أَيْ الزَّوْجِ رَقِيقًا (مِنْهَا) فَإِنْ مَلَكَ رَقِيقًا مِنْهَا فَهُوَ مُؤْلٍ إلَّا إذَا كَانَ وَطِئَهَا ثُمَّ مَلَكَ مِنْهَا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ، وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يَمْلِكُهُ مِنْهَا بَعْدَ وَطْئِهَا، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ رَقِيقًا مِنْهَا حَالَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا إذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ عَادَلَهُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا كُلُّ يَمِينٍ لَا حِنْثَ فِيهَا بِالْوَطْءِ فَلَيْسَتْ إيلَاءً. وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا هُوَ مُؤْلٍ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْهَا إذْ يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ عَقْدُ يَمِينٍ فِيمَا يَمْلِكُهُ مِنْ رَأْسٍ أَوْ مَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 205 أَوْ لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ، إلَّا مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّةً، حَتَّى يَطَأَ وَتَبْقَى الْمُدَّةُ. وَلَا إنْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ. نَعَمْ إنْ وَطِئَ صَامَ بَقِيَّتَهَا. وَالْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ، إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ صَرِيحَةً فِي تَرْكِ الْوَطْءِ.   [منح الجليل] أَوْ) أَيْ وَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ إنْ قَالَ وَاَللَّهِ (لَا وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا مَرَّتَيْنِ) لِأَنَّ لَهُ تَرْكَ وَطْئِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَؤُهَا ثُمَّ يَتْرُكُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ يَطَؤُهَا فَيَبْقَى مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ أَجَلِ الْإِيلَاءِ (أَوْ) قَالَ: وَاَللَّهِ إنْ وَطِئْتُك فِي هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا (مَرَّةً) فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ (حَتَّى يَطَأَ) هَا (وَتَبْقَى) بَعْدَ وَطْئِهِ مِنْ السَّنَةِ (الْمُدَّةُ) الْمُعْتَبَرَةُ لِلْإِيلَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ، فَتُدْخِلُ الْإِيلَاءَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَطِئَهَا وَبَقِيَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْهَا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ. (وَلَا) إيلَاءَ عَلَيْهِ (إنْ حَلَفَ) الْحُرُّ (عَلَى) تَرْكِ وَطْئِهَا (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) وَالْعَبْدُ عَلَى شَهْرَيْنِ (أَوْ) قَالَ الْحُرُّ: (إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ هَذِهِ) الْأَشْهُرِ (الْأَرْبَعَةِ) وَالْعَبْدُ صَوْمُ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِصَوْمٍ لَمْ يُعَيِّنْ زَمَنَهُ فَهُوَ مُؤْلٍ وَلَوْ يَوْمًا (نَعَمْ إنْ وَطِئَ) هَا فِي الْمُدَّةِ النَّاقِصَةِ عَنْ أَجَلِهِ كَالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الشَّهْرَيْنِ (صَامَ بَقِيَّتُهَا) وُجُوبًا وَإِنْ حَلَفَ عَلَى وَطْئِهَا بِصَوْمِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمُدَّةُ وَوَطِئَهَا قَبْلَهُ صَامَهُ وَإِنْ وَطِئَهَا فِيهِ صَامَ بَقِيَّتَهُ، وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (وَالْأَجَلُ) الَّذِي يَضْرِبُهُ الْحَاكِمُ لِلْإِيلَاءِ الَّذِي لَهَا بَعْدَ تَمَامِهِ طَلَبُ الْفَيْئَةِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ مَبْدَؤُهُ (مِنْ) يَوْمِ (الْيَمِينِ) عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرَاحَةً كَلَا أَطَؤُك أَوْ الْتِزَامًا كَلَا أَلْتَقِي مَعَك (إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (صَرِيحَةً فِي) الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ لِلْإِيلَاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَمِنْ شَهْرَيْنِ لِلْعَبْدِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ، وَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى (تَرْكِ الْوَطْءِ) صَرَاحَةً أَوْ الْتِزَامًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ. طفي مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ الْيَمِينِ بِشَرْطَيْنِ: كَوْنِ يَمِينِهِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرِيحًا أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 206 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْتِزَامًا، وَكَوْنِهَا صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لَكِنَّ عِبَارَتَهُ غَيْرُ وَافِيَةٍ بِهَذَا فَالصَّرِيحَةُ لَيْسَتْ مُنْصَبَّةً عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُنْصَبَّةٌ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَهُ إنْ كَانَتْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ تَعْلِيقٍ عَلَى فِعْلٍ مُمْكِنٍ، فَأَجَلُهُ مِنْ الْيَمِينِ بِقَيْدٍ مُعْتَبَرٍ عِنْد الْمُصَنِّفِ وَهُوَ كَوْنُهَا صَرِيحَةً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَرِيحَةٍ فِيهَا فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ. وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ فَقَدْ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ، فَالْمُرَادُ بِهَا الْحَلِفُ عَلَى غَيْرِ تَرْكِ الْوَطْءِ كَأَنْ لَمْ أَدْخُلْ دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتَ طَالِقٌ، وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ لَهُ فِي الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ مُنِعَ مِنْهَا. هَذَا تَحْرِيرُ كَلَامِهِ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ. ابْنُ رُشْدٍ. الْإِيلَاءُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَكُونُ فِيهِ مُؤْلِيًا مِنْ يَوْمِ حَلَفَ وَذَلِكَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ فَهُوَ مُؤْلٍ مِنْ يَوْمِ حَلِفِهِ. وَقِسْمٌ لَا يَكُونُ فِيهِ مُؤْلِيًا إلَّا مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَإِيقَافِهِ، وَذَلِكَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهَا أَنْ تَفْعَلَ فِعْلًا فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا حَتَّى يُضْرَبَ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ. وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ الْإِيلَاءُ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَى الْمُظَاهِرِ اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَجَلُهُ مِنْ الْيَمِينِ بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِصِيغَةِ الْبِرِّ كَوَاللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَوْ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ مُمْكِنٍ لَيَفْعَلَنَّهُ كَقَوْلِهِ: لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤْلِيًا قِيَاسًا عَلَى الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ فِي حَقِّ هَذَا بَعْدَ الرَّفْعِ حِينَ الْحُكْمِ، وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَوْنُ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ صَحِيحًا كَمَا عَلِمْت. وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي أَشَارَ لِتَخَلُّفِهِ بِقَوْلِهِ: لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَلْحَقُ بِالْمَوْلَى مَنْ احْتَمَلَتْ يَمِينُهُ أَقَلَّ وَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 207 لَا إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ   [منح الجليل] ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ، وَفِيهَا أَيْضًا مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ أَبُوهُ وَأَبُوهُ بِالْيَمَنِ فَهُوَ مُؤْلٍ فَيُمْكِنُ جَعْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِثَالًا لِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. قُلْت تَفْسِيرُهُ بِالثَّانِيَةِ وَهْمٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَالْأَجَلُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ يَوْمِ الْقَوْلِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَتَعَقَّبُ بِإِطْلَاقِهِ الصَّادِقِ بِالصُّورَةِ الثَّانِيَةِ اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَتَعَيَّنُ تَقْرِيرُهُ بِاَلَّذِي جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهْمًا لِنَصِّهِ عَلَى الْآخَرِ بِقَوْلِهِ أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ، وَلِأَنَّهُ فَسَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِذَلِكَ فَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ تت وَغَيْرُهُ. وَفَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي، وَبَيْنَ مَوْتِ زَيْدٍ، وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ قَالَ إثْرَ قَوْلِهِ: وَالْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ فِيمَنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ، وَلِذَا فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي أَوْ يَمُوتَ زَيْدٌ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يُرِيدُ وَيَمِينُهُ فِيهَا عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ لِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ فِيهَا بِطَلَاقٍ عَلَى إيقَاعِ فِعْلٍ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ كَانَ قَوْلُهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَهْمًا حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ. ثُمَّ قَالَ وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهْمٌ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْأَجَلَ فِي قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَمُوتَ زَيْدٌ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَهُوَ غَلَطٌ، بَلْ هُوَ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَسَائِرِ الْمَذْهَبِ اهـ. فَقَدْ بَانَ لَك أَنَّ الْحَلِفَ مَتَى كَانَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَالْأَجَلُ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ، وَلَوْ احْتَمَلَتْ يَمِينُهُ أَقَلَّ فَالشَّرْطُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ صَحِيحٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ نَزَعَ فِي تَوْضِيحِهِ لِهَذَا حَيْثُ قَالَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ لِقَوْلِهَا وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ أَبُوهُ مِنْ السَّفَرِ فَهُوَ مُؤْلٍ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ. (لَا) يَكُونُ الْأَجَلُ مِنْ الْيَمِينِ (إنْ احْتَمَلَتْ مُدَّةُ يَمِينِهِ أَقَلَّ) مِنْ أَجَلِ الْإِيلَاءِ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ حَتَّى يَمُوتَ عَمْرٌو، فَبَدَأَ الْأَجَلُ مِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمُ قَالَهُ تت، وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْيَمِينِ كَالصَّرِيحَةِ فِي الْمُدَّةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 208 أَوْ حَلَفَ عَلَى حِنْثٍ فَمِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ. .   [منح الجليل] أَوْ) كَانَتْ يَمِينُهُ غَيْرَ صَرِيحَةٍ فِي تَرْكِ الْوَطْءِ بِأَنْ (حَلَفَ) بِطَلَاقِهَا (عَلَى حِنْثٍ) بِأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ تَفْعَلِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذِهِ السَّابِقَةُ فِي وَإِنْ نَفَى وَلَمْ يُؤَجِّلْ كَأَنْ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا (فَ) مَبْدَأُ الْأَجَلِ (مِنْ الرَّفْعِ وَالْحُكْمِ) بِالْإِيلَاءِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ الْيَمِينِ فِي: لَا وَطِئْتُك حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ مُقَيَّدٌ بِعِلْمِ تَأَخُّرِ قُدُومِهِ عَنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَإِنْ شَكَّ فِي تَأَخُّرِ قُدُومِهِ عَنْهَا فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا، كَذَا فِي النَّقْلِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ حَتَّى يَدْخُلَ دَارَ زَيْدٍ أَوْ حَتَّى يَقْدَمَ يَكُونُ مُؤْلِيًا الْآنَ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ الْجَوَاهِرُ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا إلَّا بَعْدَ ظُهُورِ كَوْنِ الْأَمَدِ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ وَهُوَ بِمَكَانٍ يُعْلَمُ تَأَخُّرُ قُدُومِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُؤْلٍ، وَلَوْ قَالَ: حَتَّى يَدْخُلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَدْخُلْ فَلَهَا إيقَافُهُ، وَإِنْ قَالَ إلَى أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي فَهُوَ مُؤْلٍ. وَلَوْ قَالَ: إلَى أَنْ يَمُوتَ زَيْدٌ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ صَحِيحٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْقُدُومِ وَعَلَى مَوْتِ الزَّوْجَيْنِ أَنَّهُ إيلَاءٌ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الدُّخُولِ وَعَلَى مَوْتِ زَيْدٍ غَيْرُ إيلَاءٍ، وَيَجِبُ فَهْمُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ إيلَاءٌ بِنَفْسِ الْحَلِفِ، وَالثَّانِيَ إنَّمَا هُوَ إيلَاءٌ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، وَظُهُورِ كَوْنِ ابْتِدَاءِ التَّرْكِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ. فَقَدْ حَصَلَتْ التَّفْرِقَةُ مَعَ اسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي أَنَّ الْأَجَلَ مِنْ الْيَمِينِ، فَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَا احْتَمَلَتْ مُدَّتُهُ أَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَجَلُهُ مِنْ يَوْمِ الْحَلِفِ هُوَ مُؤْلٍ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ حَتَّى يَظْهَرَ كَوْنُ ابْتِدَاءِ التَّرْكِ مِنْ حِينِ يَمِينِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَأَمَّلْهُ. إنَّمَا أَطَلْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الشُّرَّاحِ لَهَا وَجَلَبْنَا فِيهَا كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ التَّحْقِيقِ وَمُطَابَقَةِ الْمَنْقُولِ فَتَلَقَّهُ بِالْيَمِينِ وَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ قَالَهُ طفي. وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْأَجَلِ فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهَا إنْ رَفَعَتْهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 209 وَهَلْ الْمُظَاهِرُ إذَا قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ وَامْتَنَعَ كَالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اُخْتُصِرَتْ أَوْ كَالثَّانِي وَهُوَ الْأَرْجَحُ، أَوْ مِنْ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ، وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ؟ أَقْوَالٌ.   [منح الجليل] أَشْهُرٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ شَهْرَيْنِ وَهُوَ عَبْدٌ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ وَإِنْ رَفَعَتْهُ قَبْلَ تَمَامِ ذَلِكَ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْهُ. وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ فِي الْحِنْثِ غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ اسْتِئْنَافُهُ مِنْ يَوْمِهِ وَإِلْغَاءُ مَا مَضَى قَبْلَهُ، وَلَوْ طَالَ وَعُلِمَ أَنَّ الْأَجَلَ الَّذِي يُضْرَبُ غَيْرُ الْأَجَلِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ مُؤْلِيًا. (وَهَلْ) الزَّوْجُ (الْمُظَاهِرُ) مِنْ زَوْجَتِهِ الَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَبْلَ الْكَفَّارَةِ (إنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْفِيرِ) بِالْإِعْتَاقِ أَوْ بِالصِّيَامِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ (وَامْتَنَعَ) مِنْهُ وَلَزِمَهُ الْإِيلَاءُ حِينَئِذٍ، فَهَلْ يَكُونُ ابْتِدَاءُ أَجَلِهِ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْيَمِينِ وَهُوَ هُنَا الظِّهَارُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ كَوْنِهِ كَالْأَوَّلِ (اُخْتُصِرَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُدَوَّنَةُ أَيْ اخْتَصَرَهَا الْبَرَادِعِيُّ (أَوْ الثَّانِي) أَيْ الْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ يَحْنَثُ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فِي كَوْنِ أَجَلِهِ مِنْ الْحُكْمِ (وَهُوَ الْأَرْجَحُ) مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، قَالَ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ كَالْحَالِفِ بِحِنْثٍ غَيْرِ مُؤَجَّلٍ. " غ " هَذَا كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ. ابْنُ يُونُسَ الْقَوْلُ الثَّانِي أَحْسَنُ، وَلَعَلَّهُ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَمْ يُوجَدْ وَنَحْوُهُ لِلْمَوَّاقِ. الْبُنَانِيُّ لَمْ يَسْتَوْعِبَا كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ وَفِيهِ التَّرْجِيحُ، وَنَصُّهُ بَعْدَ كَلَامٍ فِي الْمَسْأَلَةِ " وَرَوَى غَيْرُهُ إنَّ وَقْفَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ضَرْبِ السُّلْطَانِ لَهُ الْأَجَلَ وَكُلٌّ لِمَالِك، وَالْوَقْفُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ أَحْسَنُ اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي تَهْذِيبِ الْبَرَادِعِيِّ هَذَا الْكَلَامَ بِنَصِّهِ، فَالصَّوَابُ إبْدَالُ الْأَرْجَحِ بِالْأَحْسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَجَلُهُ (مِنْ) يَوْمِ (تَبَيُّنِ الضَّرَرِ) وَهُوَ يَوْمُ الِامْتِنَاعِ مِنْ التَّكْفِيرِ (وَعَلَيْهِ تُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ عَنْ التَّكْفِيرِ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210 كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ، أَوْ يُمْنَعُ الصَّوْمُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ.   [منح الجليل] الْإِيلَاءُ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِقِيَامِ عُذْرِهِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِطُرُقِ عَجْزِهِ عَنْهُ بَعْدَ عَقْدِ الظِّهَارِ وَأَمَّا إنْ عَقَدَهُ عَاجِزًا عَنْهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ لِقَصْدِهِ الضَّرَرَ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يُطَلَّقُ عَلَيْهِ الْآنَ وَيُؤَخَّرُ إلَى فَرَاغِ أَجَلِ الْإِيلَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَحْدُثَ لَهَا رَأْيٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ. وَشُبِّهَ فِي دُخُولِ الْإِيلَاءِ فَقَالَ (كَالْعَبْدِ) يُظَاهِرُ مِنْ زَوْجَتِهِ وَ (لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ) بِالتَّكْفِيرِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ كَدُخُولِهِ عَلَى الْحُرِّ الْمُظَاهِرِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) يُرِيدُهَا وَ (يُمْنَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْعَبْدُ (الصَّوْمَ) عِنْدَ إرَادَتِهِ التَّكْفِيرَ بِهِ أَيْ يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ (بِوَجْهٍ جَائِزٍ) لِإِضْعَافِهِ عَنْ خِدْمَتِهِ الْوَاجِبَةِ لَهُ عَلَيْهِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ قَرَّرَهُ " غ " قَالَ وَقَدْ حَصَّلَ ابْنُ حَارِثٍ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ: لَا يَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُوَطَّإِ. الثَّانِي: أَنَّهُ مُؤْلٍ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الثَّالِثُ: إنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ الصَّوْمَ فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْفَيْئَةَ فَهُوَ مُؤْلٍ. وَعَلَى الْأَوَّلِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَوْجِيهُهُ فِي الْمُنْتَقَى وَالِاسْتِذْكَارِ، وَعَلَى الثَّانِي مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَلَا يَصِحُّ كَلَامُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مُؤْلٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي مَبْدَأِ ضَرْبِ الْأَجَلِ، وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَلْوِيحٌ بِذَلِكَ إنْ كَانَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ بِالذَّاتِ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ كَالْعَبْدِ أَفَادَ فَائِدَتَيْنِ كَوْنَهُ مُؤْلِيًا، وَجَرَيَانَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَبْدَأِ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ اهـ. وَتَبِعَهُ تت فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الشَّارِحُ مُرَادُهُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْحَقُهُ الْإِيلَاءُ إنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يُرِدْ الْفَيْئَةَ أَوْ أَرَادَهَا وَمَنَعَهُ سَيِّدُهُ لِضَرَرِهِ بِهِ فِي عَمَلِهِ، فَالتَّشْبِيهُ وَاقِعٌ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَتَقْدِيرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُظَاهِرُ قَادِرًا عَلَى التَّكْفِيرِ لَمْ يَلْحَقْهُ الْإِيلَاءُ كَالْعَبْدِ لَا يُرِيدُ إلَخْ. قَالَ وَلَا تَجْرِي الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ هُنَا وَمَا قُرِّرَ بِهِ مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ هِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَمِثْلُهُ لِلْبِسَاطِيِّ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَهُوَ تَبَيُّنُ الضَّرَرِ. طفي لَا شَكَّ أَنَّ تَقْرِيرَ تت هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ سَبَقَهُ إلَيْهِ " غ "، إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ التَّشْبِيهَ فِي لُزُومِ الْإِيلَاءِ، وَجَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَأَبَى ذَلِكَ تت فِي كَبِيرِهِ قَائِلًا يَحْتَاجُ جَرَيَانُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ إلَى نَقْلٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُضْرَبُ لَهُ الْإِيلَاءُ إنْ رَفَعَتْهُ اهـ. فَظَاهِرُهُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ جَعْلَ الْبِسَاطِيُّ لَهُ مِنْ يَوْمِ تَبَيُّنِ الضَّرَرِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ أَقَرَّهُ تت. وَأَمَّا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ فَبَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جِدًّا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّابِعِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِيلَاءِ لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ مُطْلَقًا، فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى: ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ، وَلَكِنْ لَمْ يُوجَدْ هَذَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ، ثُمَّ أَوَّلَ عِبَارَةَ الْمُوَطَّإِ اُنْظُرْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 212 وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَعُودَ بِغَيْرِ إرْثٍ:. كَالطَّلَاقِ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا.   [منح الجليل] وَقَدْ قَبِلَاهُ حَتَّى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَتْرُوكٌ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي إبْقَائِهِ كَلَامَ الْمُوَطَّإِ عَلَى ظَاهِرِهِ. ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَمَلَ الْمُوَطَّأَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إيلَاءٌ أَلْبَتَّةَ، وَهَذَا شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى تَقْرِيرِ الشَّارِحِ يَلْزَمُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ عَلَى الْعَبْدِ مُطْلَقًا. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ إذْ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُرِيدُ الْفَيْئَةَ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. (وَانْحَلَّ) : بِهَمْزِ الْوَصْلِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ زَالَ (الْإِيلَاءُ بِ) سَبَبِ (زَوَالِ مِلْكِ مَنْ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي (حَلَفَ) الزَّوْجُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ، زَوْجَتِهِ (بِعِتْقِهِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا: " إنْ وَطِئْتُك فَفُلَانٌ رَقِيقِي حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِفَلَسِهِ أَوْ مَاتَ وَاسْتَمَرَّ الِانْحِلَالُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعُودَ) الرِّقُّ لِمِلْكِ الزَّوْجِ (بِغَيْرِ إرْثٍ) كَاشْتِرَاءٍ وَقَبُولِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، فَتَعُودَ الْإِيلَاءُ إنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَمَفْهُومُ " بِغَيْرِ إرْثٍ " أَنَّهُ إنْ عَادَ لَهُ إرْثُهُ فَلَا تَعُودُ الْإِيلَاءُ. وَشُبِّهَ فِي الْعَوْدِ فَقَالَ (كَ) إعَادَةِ الزَّوْجَةِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَةٍ أُخْرَى بَعْدَ (الطَّلَاقِ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ) أَيْ الثَّلَاثِ لِلْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ الَّذِي انْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَتَعُودُ الْإِيلَاءُ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَتَيْنِ بِزَمَنٍ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فِي الْمَحْلُوفِ بِ) طَلَاقِ (هَا) عَلَى تَرْكِ وَطْءِ غَيْرِهَا بِأَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ زَيْنَبُ وَعَزَّةُ، وَقَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ إنْ وَطِئْت عَزَّةَ وَطَلَّقَ زَيْنَبَ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ، أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَ زَيْنَبَ قَبْلَ زَوْجٍ أَوْ بَعْدَهُ عَادَتْ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ فِي عَزَّةَ إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِزَمَنٍ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. وَمَفْهُومُ الْقَاصِرِ عَنْ الْغَايَةِ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَ زَيْنَبَ ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 213 لَا لَهَا. وَبِتَعْجِيلِ الْحِنْثِ. وَبِتَكْفِيرِ مَا يُكَفِّرُ، وَإِلَّا فَلَهَا وَلِسَيِّدِهَا.   [منح الجليل] زَوْجٍ فَلَا تَعُودُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ فِي عَزَّةَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَحْلُوفِ بِهَا. (لَا) فِي الْمَحْلُوفِ (لَهَا) أَيْ عَلَيْهَا كَعَزَّةِ فِي الْمِثَالِ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [الإسراء: 107] ، أَيْ عَلَيْهَا وَلَا يَصِحُّ بَقَاءُ اللَّامِ عَلَى حَالِهَا إذْ الْمَحْلُوفُ لَهَا كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ لَا يُتَصَوَّرُ تَعَلُّقُ الْإِيلَاءِ بِهَا، فَالْمُرَادُ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا كَعَزَّةِ فِي الْمِثَالِ فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فِيهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَتَعُودُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ مَا دَامَتْ زَيْنَبُ فِي عِصْمَتِهِ وَنَحْوُهُ فِي إيلَاءِ الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ (بِتَعْجِيلِ) الزَّوْجِ الْمُؤْلِي مِنْ زَوْجَتِهِ مُقْتَضَى (الْحِنْثِ) كَعِتْقِ الرَّقِيقِ الْمُعَيَّنِ الْمَحْلُوفِ بِعِتْقِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فَفِيهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ لِأَنَّ الْحِنْثَ مُخَالَفَةُ الْيَمِينِ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ وَطْءُ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِنْثِ كَالْعِتْقِ فِي الْمِثَالِ وَيَنْحَلُّ أَيْضًا بِفَوَاتِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ حَلَفَ بِالصَّدَقَةِ بِهَا وَبِفَوَاتِ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ حَلَفَ بِصَوْمِهِ " غ " قَوْلُهُ: وَبِتَعْجِيلٍ هُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ: وَإِذَا وُقِفَ الْمُؤْلِي فَعُجِّلَ حِنْثُهُ زَالَ إيلَاؤُهُ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَةً بِطَلَاقِ زَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفُ بِهَا أَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ حَنِثَ فِيهِمَا زَالَ الْإِيلَاءُ عَنْهُ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ طَلَاقًا بَاتًّا أَوْ آخِرَ طَلْقَةٍ. الْبُنَانِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَدَاخُلٌ فِي هَذِهِ الْمَعْطُوفَاتِ لِأَنَّ هَذَا يَصْدُقُ عَلَى بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَيَزِيدُ بِصِدْقِهِ عَلَى الصَّوْمِ كَمَا يَزِيدُ الْأَوَّلُ عَلَى هَذَا بِصِدْقِهِ عَلَى الْبَيْعِ. (وَ) انْحَلَّ الْإِيلَاءُ (بِتَكْفِيرِ مَا) أَيْ يَمِينٍ يَصِحُّ أَنَّهُ (يُكَفِّرُ) قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهِ كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِنَذْرِهِ بِمَ لَا يَطَؤُهَا وَأَخْرَجَ الْكَفَّارَةَ قَبْلَ وَطْئِهَا انْحَلَّتْ إيلَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَمْ تَنْحَلَّ لِاحْتِمَالِ تَكْفِيرِهِ عَنْ يَمِينٍ سَبَقَتْ لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ بِسَبَبٍ مِمَّا سَبَقَ (فَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُؤْلَى مِنْهَا الْحُرَّةِ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً مُطْبِقَةً رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً. (وَلِسَيِّدِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ الَّذِي لَهُ حَقٌّ فِي وَلَدِهَا وَلَهَا أَيْضًا. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 214 إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا. الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِالْفَيْئَةِ: وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ.   [منح الجليل] عَنْ أَصْبَغَ لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ وَقْفَهُ فَلَهَا وَقْفُهُ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: لَوْ تَرَكَتْ الْأَمَةُ وَقْفَ زَوْجِهَا الْمُؤْلِي مِنْهَا فَلِسَيِّدِهَا وَقْفُهُ (إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْؤُهَا) لِنَحْوِ رَتَقٍ وَمَرَضٍ وَحَيْضٍ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا، وَتَبِعَ فِي هَذَا الْقَيْدِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَذَكَرَ أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قِسْمِ الْمَبِيتِ اهـ. عب. الْبُنَانِيُّ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: " قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَبُولُهُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ لَا مُطَالَبَةَ لِلْمَرِيضَةِ الْمُتَعَذَّرِ وَطْؤُهَا وَلَا الرَّتْقَاءِ وَلَا الْحَائِضِ لَا أَعْرِفُهُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهَا فِي الْحَائِضِ يُنَافِيهِ اهـ ". وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا: وَإِنْ حَلَّ أَجَلُهُ وَهِيَ حَائِضٌ وُقِفَ، فَإِنْ قَالَ أَنَا أَفِيءُ " أُمْهِلَ، فَإِنْ أَبَى، فَفِي تَعْجِيلِ طَلَاقِهِ رِوَايَتَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي لِعَانِهَا. اهـ. وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَرَى الْمُصَنِّفُ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ، بِقَوْلَةِ وَالطَّلَاقُ عَلَى الْمُؤْلِي. وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِقَوْلِهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْفَيْئَةِ فِي حَالِهِ. قِيلَ لَا يَبْعُدُ كَوْنُ فَيْئَتِهِ عَلَى هَذَا بِالْوَعْدِ كَنَظَائِر الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْفَيْئَةُ بِالْوَطْءِ وَالتَّطْلِيقُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْفَيْئَةِ بِالْوَعْدِ اهـ. فَعَلَى جَوَابِهِ تَنْتَفِي الْمُعَارَضَةُ وَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مُوَافِقِينَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلِمَا تَقَدَّمَ، إذْ عَلَى جَوَابِهِ يَصِيرُ الْمَعْنَى لَهَا الْمُطَالَبَةُ إنْ لَمْ يَمْتَنِع الْوَطْءُ، أَمَّا إنْ امْتَنَعَ فَلَا تُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ " مَعَ مُطَالَبَتِهَا بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَعْدُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ أَبَاهُ، وَالْمُعَارَضَةُ إنَّمَا أَتَتْ عَلَى نَفْيِ الْمُطَالَبَةِ رَأْسًا. طفي وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ " ح " عَقِبَ كَلَامِ التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ " وَمَا قَالَهُ فِي ضَيْح لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ لِأَنَّ كَوْنَ الْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ أَوْ بِالْوَعْدِ، وَإِلْزَامَهُ الطَّلَاقَ إنْ امْتَنَعَ فَرْعُ الْمُطَالَبَةِ بِهَا وَقَدْ نَفَى الْمُطَالَبَةَ بِهَا اهـ. لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا نَفْيَ الْمُطَالَبَةِ رَأْسًا بَلْ نَفْيُ الْمُطَالَبَةِ بِالْوَطْءِ "، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْوَعْدِ، وَعَلَيْهَا يَتَفَرَّعُ الطَّلَاقُ السَّابِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَهَا (الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ) تَمَامِ (الْأَجَلِ) وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ (بِالْفَيْئَةِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ (وَهِيَ) أَيْ الْفَيْئَةُ (تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالشِّينِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 215 فِي الْقُبُلِ وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ إنْ حَلَّ، وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ. لَا بِوَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ، وَحَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ.   [منح الجليل] الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ كُلِّهَا (فِي الْقُبُلِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ فِي غَيْرِ الْمُظَاهِرِ لِأَنَّ فَيْئَتَهُ تَكْفِيرُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَفِي غَيْرِ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ، بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ. وَفِي غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ وَطْؤُهَا لِحَيْضِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِانْتِشَارٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ: وَهِيَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ حَسْبَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عج: يَنْبَغِي اشْتِرَاطُهُ كَالتَّحْلِيلِ لِعَدَمِ تَمَامِ مَقْصُودِهَا وَإِزَالَةِ ضَرَرِهَا بِدُونِهِ (وَافْتِضَاضُ) بِالْفَاءِ وَالْقَافِ أَيْ إزَالَةُ بَكَارَةِ (الْبِكْرِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فَلَا يَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِيهَا مَعَ بَكَارَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ غَوْرَاءَ وَالْحَشَفَةُ صَغِيرَةً (إنْ حَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ جَازَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْقُبُلِ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ كَفَى حَيْضٌ لِمَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِهِ فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ. فَإِنْ قِيلَ الْوَطْءُ الْحَرَامُ يَحْنَثُ بِهِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَ طَلَبِهِ بِالْفَيْئَةِ وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ الْحَلَالِ. (وَلَوْ مَعَ جُنُونٍ) لِلزَّوْجِ لِنَيْلِهَا بِوَطْئِهِ فِي حَالِ جُنُونِهِ مَا تَنَالُهُ بِوَطْئِهِ فِي حَالِ صِحَّةِ عَقْلِهِ بِخِلَافِ جُنُونِهَا فَلَا تَنْحَلُّ مَعَهُ الْإِيلَاءُ وَإِنْ كَانَ يَحْنَثُ بِهِ أَيْ لَا يَسْقُطُ مَعَهُ طَلَبُ الْفَيْئَةِ. (لَا) تَحْصُلُ الْفَيْئَةُ (بِوَطْءٍ) لِلْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا (بَيْنَ فَخِذَيْنِ) وَلَا يَنْحَلُّ إيلَاؤُهُ بِهِ، وَلَا يَقْبَلُهُ وَمُبَاشَرَةٌ وَلَمْسٌ وَوَطْءٌ بِدُبُرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ (وَحَنِثَ) الْمُؤْلِي بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إيلَاؤُهُ بِحِنْثِهِ، فَإِنْ كَفَرَ سَقَطَ بِمُجَرَّدِ تَكْفِيرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ بَقِيَ مُؤْلِيًا بِحَالِهِ. وَإِذَا حَنِثَ ثُمَّ كَفَّرَ فَفِي تَصْدِيقِهِ فِي أَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لَا عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى قَوْلَانِ. الْبَاجِيَّ يُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فِي كَفَّارَةِ يَمِينٍ بِاَللَّهِ. وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ اعْتِمَادُهُ. وَحَنِثَ بِوَطْئِهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَطَأُ (الْفَرْجَ) بِخُصُوصِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِوَطْئِهَا بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِمُطَابَقَةِ نِيَّتِهِ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ إلَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 216 وَطَلَّقَ إنْ قَالَ: لَا أَطَأُ بِلَا تَلَوُّمٍ، وَإِلَّا اُخْتُبِرَ مَرَّةً وَمَرَّةً؛. وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَاهُ، وَإِلَّا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ. وَفَيْئَةُ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ بِمَا يَنْحَلُّ بِهِ.   [منح الجليل] لِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى إرَادَةِ الِاجْتِنَابِ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ قَالَهُ تت، وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ فِيهَا إنْ جَامَعَ الْمُؤْلِي زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا حَنِثَ وَسَقَطَ إيلَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْجَ بِعَيْنِهِ نَقَلَهُ " ق " وَكَانَ كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ مِنْهَا. عِيَاضٌ طَرَحَ سَحْنُونٌ قَوْلَهُ يَسْقُطُ إيلَاؤُهُ بِوَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا وَلَمْ يَقْرَأْهُ ابْنُ عَرَفَةَ طَرْحُهُ " هُوَ الْجَارِي عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ فِي حُرْمَتِهِ. (وَطَلَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ الْمُؤْلِي زَوْجَتَهُ الْمُؤْلَى مِنْهَا (إنْ قَالَ لَا أَطَؤُ) هَا بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَطَلَبِهِ بِالْفَيْئَةِ (بِلَا تَلَوُّمٍ) أَيْ تَأْخِيرٍ مِنْ الْحَاكِمِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ قَدْ ضُرِبَ لَهُ الْأَجَلُ وَتَمَّ أَيْ أُمِرَ بِهِ، فَإِنْ طَلَّقَ وَإِلَّا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَأْتِي هُنَا وَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ بِحُكْمِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقِينَ فِي زَوْجَةِ الْمُعْتَرِضِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَا أَطَأُ وَوَعَدَ بِهِ (اُخْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جُرِّبَ وَأُمْهِلَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (مَرَّةً وَمَرَّةً) وَمَرَّةً ثَالِثَةً كَمَا فِي النَّقْلِ فَالْمُنَاسِبُ ثَلَاثًا مُتَقَارِبَةً فِي الْبَيَانِ الْمَعْلُومِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يُخْتَبَرُ الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ طَلَّقَ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ. (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ الْمُؤْلِي بِيَمِينٍ (إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَطْءَ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَبَقِيَتْ عَلَى حَقِّهَا، فَإِنْ نَكَلَتْ بَقِيَتْ زَوْجَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْوَطْءَ " أَوْ ادَّعَاهُ وَلَمْ يَحْلِفْ وَحَلَفَتْ (أُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الزَّوْجُ الْمُؤْلِي (بِالطَّلَاقِ) فَإِنْ طَلَّقَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ (طُلِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُؤْلِي بِلَا تَلَوُّمٍ. (وَفَيْئَةُ) الْمُؤْلِي (الْمَرِيضِ) مَرَضًا مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ (وَالْمَحْبُوسِ) الْعَاجِزِ عَنْ تَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِمَا لَا يُجْحَفُ بِهِ وَخَبَرُ فَيْئَةٍ (بِمَا يَنْحَلُّ) الْإِيلَاءُ (بِهِ) عَنْهُ مِنْ زَوَالِ مِلْكٍ أَوْ تَكْفِيرٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 217 وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ قَبْلَهُ كَطَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ " فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا. وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ، وَعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْوَعْدُ.   [منح الجليل] أَوْ نَحْوِهِمَا، وَمِثْلُهُمَا بَعِيدُ الْغَيْبَةِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ مُنِعَ مِنْ الْوَطْءِ لِعُذْرٍ بِهِ أَوْ بِهَا كَحَيْضٍ فَإِنْ أَبَى الْمَرِيضُ أَوْ الْمَحْبُوسُ مِنْ فَيْئَتِهِ طَلَّقَ وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ، وَالْمَرِيضُ الْقَادِرُ عَلَى الْوَطْءِ. وَالْمَحْبُوسُ الْقَادِرُ عَلَى خَلَاصِهِ فَيْئَتُهُمَا تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ. (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ) أَيْ الْمَذْكُورَةُ مِنْ الْمَرِيضِ وَالْمَحْبُوسِ (مِمَّا تُكَفَّرُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ يَصِحُّ تَكْفِيرُهَا (قَبْلَهُ) أَيْ الْحِنْثِ (كَ) حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِ (طَلَاقٍ فِيهِ رَجْعَةٌ فِيهَا) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِأَنْ قَالَ لِزَيْنَبِ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ هَذَا (أَوْ) فِي (غَيْرِهَا) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِأَنْ قَالَ لِزَيْنَبِ: إنْ وَطِئْتُك فَعَزَّةُ طَالِقٌ وَلَمْ يُطَلِّقْ عَزَّةَ قُبِلَ وَإِنْ طَلَّقَ الْمَحْلُوفَ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ وَطْءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَلَا تَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِهَا لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا طَلُقَتْ عَلَيْهِ الْمَحْلُوفُ بِطَلَاقِهَا طَلْقَةً أُخْرَى. (وَ) كَحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِ (صَوْمٍ) فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ كَرَجَبٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ رَجَبٍ (لَمْ يَأْتِ) زَمَنُهُ الْمُعَيَّنُ إذْ لَوْ صَامَ شَهْرًا قَبْلَهُ وَوَطِئَهَا وَجَاءَ رَجَبٌ لَزِمَهُ صَوْمُهُ (وَ) كَحَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا بِ (عِتْقٍ) لِرَقِيقٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءُ مُشَدَّدَةٌ إذْ لَوْ أَعْتَقَ وَلَوْ مِائَةً ثُمَّ وَطِئَهَا لَزِمَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ أُخْرَى. وَجَوَابُ إنْ لَمْ تَكُنْ يَمِينُهُ مِمَّا تُكَفَّرُ (فَ) فَيْئَةُ الْمَذْكُورِ (الْوَعْدُ) بِالْوَطْءِ إذَا زَالَ الْمَانِعُ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرَةِ لَا الْوَطْءِ مَعَ الْمَانِعِ لِتَعَذُّرِهِ بِالْمَرَضِ وَالسِّجْنِ وَلَا بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَالصَّوْمِ، إذْ لَوْ فَعَلَهُ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَلَا فَائِدَةَ فِي فِعْلِهِ، وَلَا يَرْتَفِعُ بِالْمَشْيِ وَلَا بِالصَّدَقَةِ قَبْلَهُ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. وَلَا يَحْنَثُ كُلٌّ بِالْوَعْدِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالْوَطْءِ. وَمَفْهُومُ فِيهِ رَجْعَةٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَجْعَةٌ بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَلَغَ الْغَايَةَ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَصَوْمٍ لَمْ يَأْتِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَا يَصُومُ حَتَّى يَطَأَ. وَمَفْهُومُ لَمْ يَأْتِ أَنَّهُ إذَا أَتَى لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا انْقَضَى قَبْلَ وَقْتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَاتَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 218 وَبُعِثَ لِلْغَائِبِ؛ وَإِنْ بِشَهْرَيْنِ، وَلَهَا الْعَوْدُ إنْ رَضِيَتْ، وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ، وَإِلَّا لَغَتْ. وَإِنْ أَبَى الْفَيْئَةَ فِي: إنْ وَطِئْت   [منح الجليل] وَ) إذَا تَمَّ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَالْمُؤْلِي غَائِبٌ وَقَامَتْ الزَّوْجَةُ الْمُؤْلَى مِنْهَا بِحَقِّهَا وَطَلَبَتْ الْفَيْئَةَ (بُعِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُرْسِلَ (لِ) لزَّوْجِ الْمُؤْلِي (الْغَائِبِ) الْمَعْلُومِ مَوْضِعُهُ، وَهَذَا فُهِمَ مِنْ عُنْوَانِ الْبَعْثِ وَقَيَّدَ بِهِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ لِأَجْلِ الْفَيْئَةِ إنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً (بِشَهْرَيْنِ) ذَهَابًا وَنَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفُهِمَ مِنْ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الشَّهْرَيْنِ عَدَمُ الْبَعْثِ لِمَنْ هُوَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُمَا، فَلَهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ بِلَا بَعْثٍ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَا لَهَا ذَلِكَ إذَا جُهِلَ مَوْضِعُهُ لِأَنَّهُ مَفْقُودٌ وَلَا إيلَاءَ مَعَ الْفَقْدِ فَلَهَا الْقِيَامُ بِغَيْرِهِ، أَوْ كَانَتْ رَفَعَتْهُ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ سَفَرِهِ لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ فَخَالَفَهُ وَسَافَرَ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ بِلَا بَعْثٍ وَالشَّهْرَانِ مَعَ الْأَمْنِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَمِثْلُهُمَا اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا مَعَ الْخَوْفِ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مَعَهُ مَقَامُ خَمْسَةٍ مَعَ الْأَمْنِ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْمُطَالِبَةُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ فَحُكْمُهُ كَالْمَفْقُودِ. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُؤْلَى مِنْهَا (الْعَوْدُ) أَيْ الرُّجُوعُ لِلْقِيَامِ بِالْإِيلَاءِ (إنْ) كَانَتْ (رَضِيَتْ) أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مِنْ الْقِيَامِ فَتَعُودُ لِحَقِّهَا، وَتَطْلُبُ الْفَيْئَةَ مَتَى شَاءَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ أَجَلٍ إنْ لَمْ تُقَيِّدْ إسْقَاطَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَإِلَّا لَزِمَهَا الصَّبْرُ لِتَمَامِهَا ثُمَّ لَهَا الْقِيَامُ بِلَا أَجَلٍ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَصْبِرُ النِّسَاءُ عَلَى تَرْكِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ إسْقَاطِهَا نَفَقَتِهَا فَيَلْزَمُهَا لِخِفَّتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِضَرَرِ عَدَمِ الْوَطْءِ. (وَ) إذَا طَلَّقَ الْمُؤْلِي أَوْ طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَهُوَ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ وَإِنْ رَاجَعَهَا فِي عِدَّتِهَا (تَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ) إيلَاؤُهُ بِوَطْئِهَا فِيهَا أَوْ تَكْفِيرِهِ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلٍ أَوْ تَعْجِيلِ مُقْتَضَى الْحِنْثِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ إيلَاؤُهُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (لَغَتْ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَتْ رَجْعَتُهُ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ فَتَتِمُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَإِنْ صَدَرَ بِهِ تت. (وَإِنْ أَبَى) الزَّوْجُ (الْفَيْئَةَ) أَيْ وَطْءَ زَوْجَتَيْهِ (فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتَيْهِ: (إنْ وَطِئْت الجزء: 4 ¦ الصفحة: 219 إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ: طَلَّقَ الْحَاكِمُ إحْدَاهُمَا:. وَفِيهَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ وَاسْتَثْنَى: أَنَّهُ مُولٍ؛ وَحُمِلَتْ.   [منح الجليل] إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ) وَامْتَنَعَ مِنْ وَطْئِهِمَا خَوْفًا مِنْ الطَّلَاقِ (طَلَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْحَاكِمُ) عَلَيْهِ (إحْدَاهُمَا) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَجَبَرَهُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَاهُمَا بِمَشِيئَتِهِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَبِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ مُؤْلٍ مِنْهُمَا قَالَ: إذْ تَطْلِيقُ إحْدَاهُمَا حُكْمٌ بِمُبْهَمٍ، وَكَذَا حُكْمُهُ عَلَى الزَّوْجِ بِهِ دُونَ تَعْيِينِ الْمُطَلَّقَةِ. وَإِنْ أَرَادَ بَعْدَ تَعْيِينِهِ لَا بِالْوَطْءِ لِخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِيمَنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا غَيْرَ نَاوٍ تَعْيِينَهَا، وَإِنْ أَرَادَ بَعْدَ تَعْيِينِهَا بِالْوَطْءِ فَخِلَافُ الْفَرْضِ أَنَّهُ أَبَى الْفَيْئَةَ وَاسْتُدِلَّ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بِمَا لِابْنِ مُحْرِزٍ وَفِي الْكَافِي مَا يُوَافِقُهُ وَفِيمَا مَرَّ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ قَرِيبًا جَوَابُ تَشْكِيكِهِ، وَالْمَذْهَبُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ إنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَإِنْ رَفَعَتَاهُ جَمِيعًا ضُرِبَ لَهُ فِيهِمَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ ثُمَّ وُقِفَ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، فَإِنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى. وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا. وَنَصُّ الْكَافِي وَلَوْ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَهُوَ مُؤْلٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَفَعَتْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَى الْحَاكِمِ ضُرِبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتْهُ، وَإِنْ رَفَعَتَاهُ جَمِيعًا ضُرِبَ لَهُ فِيهِمَا أَجَلُ الْإِيلَاءِ مِنْ يَوْمِ رَفَعَتَاهُ ثُمَّ وُقِفَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ. فَإِنْ فَاءَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَنِثَ فِي الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَفِئْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلُقَتَا جَمِيعًا. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (فِيمَنْ حَلَفَ) بِاَللَّهِ تَعَالَى (لَا يَطَأُ) زَوْجَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (وَاسْتَثْنَى) بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (أَنَّهُ) أَيْ الْحَالِفَ (مُؤْلٍ) مِنْ زَوْجَتِهِ وَلَهُ وَطْؤُهَا بِلَا تَكْفِيرٍ. وَاسْتُشْكِلَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: كَيْفَ يَكُونُ مُؤْلِيًا مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ حَلٌّ لِلْيَمِينِ أَوْ رَافِعٌ لِلْكَفَّارَةِ؟ الثَّانِي: كَيْفَ يَكُونُ مُؤْلِيًا وَيَطَأُ بِلَا تَكْفِيرٍ؟ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِدَفْعِ الْأَوَّلِ لِتَصْرِيحِهِ بِهِ فَقَالَ (وَحُمِلَتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 220 عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ. وَأُورِدَ لَوْ كَفَّرَ عَنْهَا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ، وَفُرِّقَ بِشِدَّةِ الْمَالِ، وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحِلِّ.   [منح الجليل] الْمِيمِ الْمُدَوَّنَةِ لِدَفْعِ اسْتِشْكَالِ كَوْنِهِ مُؤْلِيًا مَعَ اسْتِثْنَائِهِ (عَلَى مَا إذَا رُوفِعَ) الْمُؤْلِي لِلْحَاكِمِ (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) الزَّوْجَةُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِاسْتِثْنَائِهِ حَلَّ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّبَرُّكَ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا أَوْ صَدَّقَتْهُ فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا (وَأُورِدَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ (لَوْ) حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَطَؤُهَا ثُمَّ (كَفَّرَ عَنْهَا) أَيْ يَمِينُ الْإِيلَاءِ بَعْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَاسْتَمَرَّ تَارِكًا وَطْأَهَا (وَلَمْ تُصَدِّقْهُ) الزَّوْجَةُ فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا عَنْ يَمِينٍ أُخْرَى أَنَّ الْإِيلَاءَ تَنْحَلُّ عَنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي انْحِلَالَ الْإِيلَاءِ عَنْهُ فِي السَّابِقَةِ أَيْضًا أَوْ عَدَمَهُ فِي هَذِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (وَفُرِقَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا بَيْنَهُمَا (بِشِدَّةِ) أَيْ صُعُوبَةِ وَعِزَّةِ (الْمَالِ) عَلَى النَّفْسِ إذْ هُوَ شَقِيقُ الرُّوحِ وَبِهِ قِوَامُ الْبَدَنِ (وَبِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْحِلِّ) احْتِمَالًا ظَاهِرًا كَالتَّبَرُّكِ وَاحْتِمَالُ الْكَفَّارَةِ يَمِينًا أُخْرَى غَيْرُ ظَاهِرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُؤْلٍ وَلَهُ الْوَطْءُ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا، وَعَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، وَنُوقِضَتْ بِقَوْلِهَا أَحْسَنُ لِلْمُؤْلِي أَنْ يُكَفِّرَ فِي يَمِينِهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ حِنْثِهِ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ وَسَقَطَ إيلَاؤُهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ حَتَّى يَطَأَ إذْ لَعَلَّهُ كَفَّرَ عَنْ أُخْرَى إلَّا أَنْ يَكُونَ يَمِينُهُ فِي شَيْءٍ " بِعَيْنِهِ. وَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ الْفَرْقُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تُسْقِطُ الْيَمِينَ حَقِيقَةً وَالِاسْتِثْنَاءَ لَا يُحِيلُهَا حَقِيقَةً لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِلتَّبَرُّكِ ضَعِيفٌ. وَلَوْ زَادَ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ صَرْفِ الْكَفَّارَةِ عَنْ يَمِينِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَلِفِهِ فَتَرَجَّحَ كَوْنُهَا لَهَا، وَلَا مُرَجِّحَ بِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْحَلِّ لَتَمَّ. وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمُكَفِّرَ أَتَى بِأَشَدِّ الْأُمُورِ عَلَى النَّفْسِ، وَهُوَ بَذْلُ الْمَالِ أَوْ الصَّوْمِ، فَكَانَ أَقْوَى فِي رَفْعِ التُّهْمَةِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 221 (بَابٌ) تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا   [منح الجليل] وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ تُهْمَتَهُ فِي الْكَفَّارَةِ أَبْعَدُ لِأَنَّهَا تَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ يَمِينٍ أُخْرَى ثُمَّ صَرَفَ الْكَفَّارَةَ إلَيْهَا، وَتُهْمَتُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى مُجَرَّدِ إرَادَةِ التَّبَرُّكِ فَقَطْ، وَمَا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرٍ أَقْرَبُ مِمَّا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرَيْنِ. وَيَلُوحُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ التَّفْرِيقُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنَاقِضٌ لِلْيَمِينِ لِحَلِّهِ إيَّاهَا أَوْ رَفْعُ الْكَفَّارَةِ لَازِمُهَا وَمُنَاقِضُ اللَّازِمِ مُنَاقِضُ مَلْزُومِهِ، وَالْكَفَّارَةُ غَيْرُ مُنَاقِضَةٍ لِلْيَمِينِ لِأَنَّهَا سَبَبُهَا وَالْمُسَبِّبُ لَا يُنَاقِضُ سَبَبَهُ. [بَابٌ فِي الظِّهَار وَأَحْكَامه وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (بَابُ) فِي الظِّهَارِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ لِأَنَّ الْوَطْءَ رُكُوبٌ، وَهُوَ فِي الْغَالِبِ عَلَى الظَّهْرِ، وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (تَشْبِيهٌ) جِنْسٌ شَمِلَ الظِّهَارَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ التَّشْبِيهِ، وَإِضَافَتُهُ إلَى الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ (الْمُسْلِمِ) فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْكَافِرِ، فَفِيهَا إنْ تَظَاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي الشِّرْكِ، وَكُلُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ فَمَوْضُوعٌ عَنْهُ إذَا أَسْلَمَ (الْمُكَلَّفُ) فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَغْمِيِّ عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ بِحَلَالٍ وَالْمُكْرَهِ، وَشَمِلَ تَشْبِيهَ السَّفِيهِ وَالرَّقِيقِ وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ، وَتَذْكِيرِ الْوَصْفَيْنِ مَخْرَجُ تَشْبِيهِ الْمَرْأَةِ فَفِيهَا إنْ تَظَاهَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ زَوْجِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ لَا كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِلزُّهْرِيِّ فِي الْأَوَّلِ، وَلَإِسْحَاقَ فِي الثَّانِي. وَمَفْعُولُ تَشْبِيهٍ (مِنْ تَحِلُّ) زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً كَانَتْ عَلَيَّ كَأُمِّي أَوْ ظَهْرِ أُمِّي فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ (أَوْ جُزْأَهَا) أَيْ مَنْ تَحِلُّ كَيَدِك عَلَيَّ كَأُمِّي، أَوْ كَيَدِ أُمِّي، وَأَرَادَ مَنْ تَحِلُّ أَصَالَةً. وَإِنْ حُرِّمَتْ لِعَارِضِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 222 بِظَهْرِ مَحْرَمٍ أَوْ جُزْئِهِ: ظِهَارٌ. وَتَوَقَّفَ إنْ تَعَلَّقَ بِكَمَشِيئَتِهَا: وَهُوَ   [منح الجليل] اعْتِكَافٍ أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَصْلَهُ تَشْبِيهٌ (بِظَهْرٍ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ شَخْصٌ (مُحَرَّمٌ) الْبُنَانِيَّ إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ صَارَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مَانِعٍ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ أَوْ جُزْئِهِ، لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِجُزْءِ الْأَجْنَبِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ ظِهَارًا بِلَفْظِ ظَهْرٍ، وَإِنْ ضُبِطَ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ صَارَ غَيْرَ جَامِعٍ لِخُرُوجِ التَّشْبِيهِ بِظَهْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ. قَوْلُهُ بِظَهْرٍ مُحَرَّمٍ إلَخْ فَصْلُ مَخْرَجِ تَشْبِيهِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ مَنْ تَحِلُّ أَوْ جُزْأَهَا بِغَيْرِ هَذَا كَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ (أَوْ جُزْئِهِ) أَيْ الْمُحَرَّمِ غَيْرِ الظَّهْرِ كَانَتْ أَوْ وَجْهُك عَلَيَّ كَرَأْسِ أُخْتِي. وَخَبَر تَشْبِيه (ظِهَارٍ) فَشَمِلَ تَشْبِيهَ كُلِّ مَنْ تَحِلُّ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ كَأَنْتِ كَأُمِّي، وَتَشْبِيهُ كُلِّ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ كَانَتْ كَظَهْرِ أُمِّي وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِكُلِّ مَنْ تَحْرُمُ كَظَهْرِ كَأُمِّي، وَتَشْبِيهُ جُزْءِ مَنْ تَحِلُّ بِجُزْءِ مَنْ تَحْرُمُ كَظَهْرُكِ كَظَهْرِ أُمِّي. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الظِّهَار تَشْبِيهُ زَوْجِ زَوْجَتِهِ أَوْ ذِي أُمِّهِ حَلَّ وَطْؤُهُ إيَّاهَا بِمُحَرَّمٍ مِنْهُ أَوْ بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي تَمَتُّعِهِ بِهِمَا، وَالْجُزْءُ كَالْكُلِّ، وَالْمُعَلَّقُ كَالْحَاصِلِ، وَأَصْوَبُ مِنْهُ تَشْبِيهُ ذِي حِلٍّ مُتْعَةً حَاصِلَةً أَوْ مُقَدَّرَةً بِآدَمِيَّةٍ إيَّاهَا أَوْ جُزْئِهَا بِظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ بِمَنْ حُرِّمَ أَبَدًا أَوْ جُزْئِهِ فِي الْحُرْمَةِ. (وَتَوَقَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظِّهَارُ أَيْ لُزُومُهُ عَلَى حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (إنْ تَعَلَّقَ) الظِّهَارُ عَلَى حُصُولِ شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ غَيْرِ مُحَقَّقٍ وَلَا غَالِبٍ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَنْهُ كَتَعْلِيقِهِ (بِكَمَشِيئَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شِئْتِ (وَهُوَ) أَيْ الظِّهَارُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 223 بِيَدِهَا مَا لَمْ تُوقَفْ ، وَبِمُحَقَّقٍ تَنَجَّزَ، وَبِوَقْتٍ تَأَبَّدَ، أَوْ بِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَ الْإِيَاسِ   [منح الجليل] الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهَا (بِيَدِهَا) أَيْ تُصْرَفُ الزَّوْجَةُ بِالْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ (مَا لَمْ تُوقَفْ) عَلَى يَدِ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ وَقَفَتْ فَلَيْسَ لَهَا التَّأْخِيرُ وَإِنَّمَا لَهَا إمْضَاءُ مَا بِيَدِهَا حَالًّا أَوْ تَرْكُهُ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ شَارِحًا بِهِ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُمَاثِلَةَ لِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. فِي التَّوْضِيحِ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي إذَا أَوْ مَتَى شِئْتِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ مَا لَمْ تُوقَفْ أَوْ تُوطَأْ، بِخِلَافِ إنْ شِئْتِ، فَقِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، وَنَحْوَهُ فِي الشَّامِلِ. الْبُنَانِيَّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْوِيضِ فِي قَوْلِهِ وَفِي جَعْلِ إنْ شِئْتَ أَوْ إذَا كَمَتَى أَوْ كَالْمُطْلَقِ تَرَدُّدٌ. (وَ) إنْ عَلَّقَهُ (بِ) شَيْءٍ مُسْتَقْبَلٍ (مُحَقَّقٍ) حُصُولُهُ كَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ مِنْ مَشْرِقِهَا غَدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى زَمَانٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهَا ظَاهِرًا (تَنَجَّزَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْعَقَدَ وَلَزِمَ الظِّهَارُ بِمُجَرَّدِ تَعْلِيقِهِ كَالطَّلَاقِ. وَقِيلَ لَا يَتَنَجَّزُ حَتَّى يَحْصُلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ أَوْ بِمَا لَا صَبْرَ عَنْهُ كَإِنْ قُمْت أَوْ غَالِبٍ كَإِنْ حِضْت قَالَهُ عج، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهُ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ عَلَى الظِّهَارِ الْمُقَيَّدِ فِيمَا وَجَبَ تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ فِيهِ " وَجَبَ تَعْجِيلُ الظِّهَارِ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ الْوَطْءُ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ، وَمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَعْجِيلُ الطَّلَاقِ لَمْ يَجِبْ فِيهِ تَعْجِيلُ الظِّهَارِ اهـ " وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْبَابِ وَبَابِ الطَّلَاقِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَفِي تَنْجِيزِهِ بِمَا يُنَجَّزُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَتَعْمِيمِهِ فِيمَا يُعَمَّمُ فِيهِ قَوْلَانِ اهـ. فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ قَيَّدَهُ (بِوَقْتٍ) كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ شَهْرًا (تَأَبَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا كَالطَّلَاقِ فَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ وَيَصِيرُ مُظَاهِرًا أَبَدًا لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَنْحَلُّ بِغَيْرِهَا، وَرُوِيَ يَصِحُّ مُؤَقَّتًا (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِعَدَمِ زَوَاجٍ) كَإِنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي (فَعِنْدَ الْيَأْسِ) مِنْ الزَّوَاجِ بِمَوْتِ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنهَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ بِتَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ أَوْ انْتِقَالِهَا لِمَكَانٍ لَا يَعْلَمُهُ، وَيَكُونُ الْيَأْسُ أَيْضًا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 224 أَوْ الْعَزِيمَةِ،   [منح الجليل] الَّتِي عَيَّنَهَا لِلزَّوَاجِ فِيهَا، وَبِهَرَمِهِ الْمَانِعِ وَطْأَهُ إذْ يَصِيرُ زَوَاجُهُ حِينَئِذٍ كَعَدَمِهِ، وَيُمْنَعُ مِنْ زَوْجَتِهِ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ هَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ كَالطَّلَاقِ أَوْ لَا وَنَصَّ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى حِنْثٍ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ، وَفَهِمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِجَوَازِ الْوَطْءِ وَلَا عَدَمِهِ. (أَوْ) عِنْدَ (الْعَزِيمَةِ) عَلَى عَدَمِ الزَّوَاجِ يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ وَيَدْخُلُ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ وَيُؤَجَّلُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ. وَاعْتَرَضَ طفي عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ أَوْ الْعَزِيمَةِ فَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْحِنْثَ بِالْعَزِيمَةِ غَيْرَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِي كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِي كِفَايَةِ اللَّبِيبِ، لِأَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ مُقَلِّدًا لَهُ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَفْلَةٌ مِنْهُ عَنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وطفي نَفْسُهُ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَهُ الْوَطْءُ إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ رَفَعَتْهُ أُجِّلَ حِينَئِذٍ وَوُقِفَتْ لِتَمَامِهِ. فَإِنْ فَعَلَ بَرَّ، وَإِنْ قَالَ أَلْتَزِمُ الظِّهَارَ وَأَخَذَ فِي كَفَّارَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ بِالْإِيلَاءِ حِينَ دُعِيَ لِلْفَيْئَةِ كَمَسْجُونٍ أَوْ مَرِيضٍ، فَإِنْ فَرَّطَ فِي الْكَفَّارَةِ صَارَ كَمُؤْلٍ يَقُولُ أَفِيءُ فَيُخْتَبَرُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْإِيلَاءِ اهـ. فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ: أَلْتَزِمُ. . . إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْحِنْثِ بِالْعَزِيمَةِ. وَنَقَلَ الْحَطّ عَنْ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحِنْثِ بِهَا فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك أَنَّهُ إذَا صَامَ أَيَّامًا مِنْ الْكَفَّارَةِ. ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَبَرَّ بِالتَّزْوِيجِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ إذَا تَزَوَّجَ، فَسُقُوطُهَا عَنْهُ بَعْدَ فِعْلِ بَعْضِهَا الْمُفِيدِ لِلْعَزْمِ عَلَى الضِّدِّ يُفِيدُ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِالْعَزْمِ، فَهُمَا حِينَئِذٍ قَوْلَانِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِنْثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 225 وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمُعَلَّقِ: تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ قَبْلَ لُزُومِهِ ، وَصَحَّ مِنْ: رَجْعِيَّةٍ وَمُدَبَّرَةٍ، وَمُحْرِمَةٍ، وَمَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ، وَرَتْقَاءَ   [منح الجليل] وَلَمْ يَصِحَّ فِي) الظِّهَارِ (الْمُعَلَّقِ) بِصِيغَةِ بَرَّ كَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَصِحُّ (تَقْدِيمُ كَفَّارَتِهِ) أَيْ الظِّهَارِ (قَبْلَ لُزُومِهِ) أَيْ الظِّهَارِ وَانْعِقَادِهِ بِكَلَامِ زَيْدٍ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا يَلْزَمُ قَبْلَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ لُزُومِهِ وَانْعِقَادِهِ بِكَلَامِهِ فَيَصِحُّ تَقْدِيمُهَا إنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ، فَفِي مَفْهُومِ الظَّرْفِ تَفْصِيلٌ بِدَلِيلِ كَلَامِهِ الْآتِي، فَلَا اعْتِرَاضَ بِهِ. وَلَوْ قَالَ قَبْلَ لُزُومِهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِمَعْنَى التَّعَلُّقِ لَزِمَ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ تَقْدِيمِ كَفَّارَةِ الْمُطْلَقِ قَبْلَ لُزُومِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْمُطْلَقَ بَعْدُ، فَلَا مَفْهُومَ لِلْمُعَلَّقِ لِمُعَارَضَتِهِ مَنْطُوقَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ " وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ، فَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْمُعَلَّقِ وَتَكَلَّمَ عَلَى الْمُطْلَقِ فِيمَا يَأْتِي، وَعَلَى الْمُعَلَّقِ بَعْدَ لُزُومِهِ لِصَيْرُورَتِهِ بَعْدَهُ مُطْلَقًا، فَالِاعْتِرَاضَانِ مَدْفُوعَانِ، وَجَعَلْنَا كَلَامَهُ فِي يَمِينِ الْبِرِّ لِصِحَّةِ تَقَدُّمِ كَفَّارَةِ يَمِينِ الْحِنْثِ قَبْلَ لُزُومِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ أَفَادَهُ عب. (وَصَحَّ) الظِّهَارُ (مِنْ) مُطَلَّقَةٍ (رَجْعِيَّةٍ) لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ، وَلِذَا لَمْ يَكُنْ التَّشْبِيهُ بِهَا ظِهَارًا (وَ) صَحَّ مِنْ أَمَةٍ (مُدَبَّرَةٍ) لِحِلِّ وَطْئِهَا كَأُمِّ وَلَدٍ لَا مُكَاتَبَةٍ، وَمُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ، وَمُشْتَرَكَةٍ لِحُرْمَةِ وَطْئِهِنَّ (وَ) صَحَّ مِنْ زَوْجَةٍ (مُحْرِمَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةِ إحْرَامِهَا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (وَ) صَحَّ مِنْ (مَجُوسِيٍّ أَسْلَمَ) ثُمَّ ظَاهَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَجُوسِيَّةِ (ثُمَّ أَسْلَمَتْ) الزَّوْجَةُ بَعْدَ ظِهَارِهِ مِنْهَا بِالْقُرْبِ كَشَهْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْبَيَانِ. (وَ) صَحَّ مِنْ زَوْجَةٍ (رَتْقَاءَ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ فِي صِحَّةِ الظِّهَارِ مِنْهَا وَمِنْ نَحْوِهَا الْخِلَافُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ الْمَجْبُوبِ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالرَّتْقَاءِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي فَفِي لُزُومِ الظِّهَارِ اخْتِلَافٌ، فَمَنْ ذَهَبَ إلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 226 لَا مُكَاتَبَةٍ وَلَوْ عَجَزَتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي صِحَّتِهِ مِنْ كَمَجْبُوبٍ: تَأْوِيلَانِ. وَصَرِيحُهُ بِظَهْرٍ مُؤَبَّدٍ تَحْرِيمُهَا أَوْ عُضْوِهَا، أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ.   [منح الجليل] أَنَّهُ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ مُطْلَقًا أَلْزَمَهُ الظِّهَارَ، وَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ فَقَطْ لَمْ يُلْزِمْهُ الظِّهَارَ اهـ. وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ (لَا) يَصِحُّ الظِّهَارُ فِي أَمَةٍ (مُكَاتَبَةٍ) لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا إنْ أَدَّتْ كِتَابَتَهَا، بَلْ (وَلَوْ عَجَزَتْ) بَعْدَ الظِّهَارِ مِنْهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ. (وَفِي صِحَّتِهِ) أَيْ الظِّهَارِ (مِنْ كَمَجْبُوبٍ) وَخَصِيٍّ وَشَيْخٍ فَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ عِنْدَ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ (تَأْوِيلَانِ) فَيَنْبَغِي وَقَوْلَانِ قَالَهُ تت. طفي فِي عَزْوِهِ وَتَفْرِيعِهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوصًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْعِرَاقِيِّينَ وَإِنَّمَا هُوَ إجْرَاءُ ابْنِ عَرَفَةَ ذَكَرَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْبَغْدَادِيِّينَ بِاقْتِضَاءِ الظِّهَارِ مَنْعَ التَّلَذُّذَ بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَوَّلُ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا. قُلْت هَذَا يَقْضِي أَنَّهُ نَصُّهُمْ " وَلَمْ أَعْرِفْهُ إلَّا إجْرَاءً كَمَا تَقَدَّمَ لِابْنِ مُحْرِزٍ، وَعَزَا الثَّانِيَ لِأَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ زِيَادٍ قَائِلًا لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ غَيْرَ قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَكَذَا الْبَاجِيَّ قَائِلًا هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ وَطْءٍ، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَرَتْقَاءَ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّهُ سَوَّى الشَّيْخَ الْفَانِيَ بِالرَّتْقَاءِ وَالْأَوَّلُ فِيهَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (وَصَرِيحُهُ) أَيْ الظِّهَارِ مُصَوَّرٌ (بِ) لَفْظٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى تَشْبِيهِ مَنْ تَحِلُّ (بِظَهْرِ) مَرْأَةٍ (مُؤَبَّدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةُ مُشَدَّدَةٌ (تَحْرِيمُهَا) عَلَى الْمُظَاهِرِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ كَانَتْ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أَوْ أُمَّ زَوْجَتِي (أَوْ عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ) " غ صَوَابُهُ لَا عُضْوِهَا أَوْ ظَهْرِ ذَكَرٍ بِالنَّفْيِ فَلَيْسَا مِنْ الصَّرِيحِ عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 227 وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ، وَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَهُ إذَا نَوَاهُ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ:   [منح الجليل] كِنَايَتِهِ. فَإِنَّ جَعْلَ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْمُؤَبَّدِ تَحْرِيمُهَا فِي الصَّرَاحَةِ كَالظَّهْرِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَمْ نَعْرِفْ مَنْ أَلْحَقَ ظَهْرَ الذَّكَرِ بِالصَّرِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ ظِهَارٌ (وَلَا يَنْصَرِفُ) صَرِيحُ الظِّهَارِ عَنْهُ (لِلطَّلَاقِ) بِحَيْثُ يَصِيرُ طَلَاقًا فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا فِي الْفَتْوَى. (وَهَلْ يُؤْخَذُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الزَّوْجُ (بِالطَّلَاقِ مَعَهُ) أَيْ الظِّهَارِ (إذَا نَوَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ بِصَرِيحِ الظِّهَارِ (مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ فِي الْقَضَاءِ الظِّهَارُ لِلَفْظِهِ وَالطَّلَاقُ لِنِيَّتِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهَا فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ نِيَّةُ مَا دُونَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ. الْبُنَانِيُّ قَرَّرَ " ز " وخش كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ يُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ الِانْصِرَافِ فِي الْفَتْوَى، وَكَلَامُهُ فِي ضَيْح عَكْسُهُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ صَوَابٍ، وَقَدْ حَرَّرَ اللَّقَانِيُّ فِي حَوَاشِيهِ الْمَسْأَلَةَ، وَكَذَا الْحَطّ بِنَقْلِ كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ. اللَّقَانِيُّ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ " فَحَاصِلُهُ أَنَّ رِوَايَةَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي صَرِيحِ الظِّهَارِ إذَا نُوِيَ بِهِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ فِي الْفَتْوَى، وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا فِي الْقَضَاءِ، وَأَنَّ رِوَايَةَ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ ظِهَارٌ فَقَطْ فِيهِمَا، وَأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مُؤَوَّلَةٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُ ضَيْح مِنْ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَتْوَى دُونَ الْقَضَاءِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّهُمَا فِي الْقَضَاءِ دُونَ الْفَتْوَى لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي اهـ. وَقَدْ أَطَالَ الْحَطّ فِي بَيَانِ ذَلِكَ، لَهُ وَأَصْلَحَ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ يَنْصَرِفُ الطَّلَاقُ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ أَوْ لَا يُؤْخَذُ إلَّا بِالظِّهَارِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ. وَأَصْلَحَهَا ابْنُ عَاشِرٍ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَنْصَرِفُ لِلطَّلَاقِ. وَتُؤُوِّلَتْ بِالِانْصِرَافِ لَكِنْ يُؤْخَذُ بِهِمَا فِي الْقَضَاءِ. اهـ. وَهَذَا أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهِ أَنَّ عَدَمَ الِانْصِرَافِ مُطْلَقًا أَرْجَحُ وَقَدْ نُقِلَ فِي ضَيْح عَنْ الْمَازِرِيِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 228 كَأَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ كَأُمِّي؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ: الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الطَّلَاقِ، وَأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَهُ حُكْمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُضْمَرَ بِهِ غَيْرُهُ كَالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَوْ أُضْمِرَ بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ الطَّلَاقِ اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ وَزَادَ عَنْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا حَلَفَ بِهِ وَهِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ لَا بِقَيْدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي ضَيْح أَوْ مَعَ قِيَامِهَا كَمَا فِي تت فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ حَرَامٌ) عَلَيَّ (كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ) أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ (كَأُمِّي) فَهَلْ يُؤْخَذُ بِالطَّلَاقِ مَعَ الظِّهَارِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَقَطْ، أَوْ يُؤْخَذُ بِالظِّهَارِ فَقَطْ (تَأْوِيلَانِ) حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ كَأُمِّي لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الظَّهْرِ. فَإِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلَاقَ بِأَنْ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَظِهَارٌ فَقَطْ بِاتِّفَاقٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا نَوَاهُمَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِنَاءً عَلَى التَّشْبِيهِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ. فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ لُزُومِ الظِّهَارِ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنْتِ حَرَامٌ وَسَيَقُولُ وَسَقَطَ أَيْ الظِّهَارُ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي. اهـ. وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ قَوْلُهُ أَوْ تَأَخَّرَ إلَخْ. قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ عَطَفَ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ فِي الْآتِي فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا، وَلَمْ يَعْطِفْ هُنَا، وَجَعَلَ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأُمِّي قَيْدًا فِيمَا قَبْلَهُ وَبَيَانًا لِوَجْهِ التَّحْرِيمِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَوَامِّ مَخْرَجًا حَيْثُ قَالَ مِثْلُ أُمِّي اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي التَّأْوِيلَيْنِ. . . إلَخْ هُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَرَّرَهُ الْحَطّ قَائِلًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْتِ حَرَامٌ كَظَهْرِ أُمِّي، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ أَنْتِ حَرَامٌ. كَأُمِّي مِنْ بَابِ أَحْرَى، وَقَرَّرَهُ س وَتَبِعَهُ خش عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَيُؤْخَذُ بِهِمَا مَعًا إذَا نَوَاهُمَا، فَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَزِمَهُ الظِّهَارُ وَأَصْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَتَعَقَّبَهُ فِي ضَيْح اُنْظُرْ الْحَطّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 229 وَكِنَايَتُهُ: كَأُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي؛ إلَّا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ، أَوْ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ وَنُوِّيَ فِيهَا فِي الطَّلَاقِ فَالْبَتَاتُ، كَأَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ مُسْتَفْتٍ،   [منح الجليل] (وَكِنَايَتُهُ) أَيْ الظِّهَارِ الظَّاهِرَةُ مَا سَقَطَ مِنْهُ لِظَهْرٍ أَوْ الْمُحَرَّمُ أَبَدًا (كَ) قَوْلِهِ أَنْتِ كَ (أُمِّي أَوْ أَنْتِ أُمِّي) بِحَذْفِ الْكَافِ فَيَلْزَمُهُ الظِّهَارُ فِي كُلِّ حَالٍ (لَا لِقَصْدِ الْكَرَامَةِ) لِزَوْجَتِهِ بِتَشْبِيهِهَا بِأُمِّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّوْقِيرِ وَالْبِرِّ وَالطَّاعَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ، وَمِثْلُ قَصْدِ الْكَرَامَةِ قَصْدُ الْأَمَانَةِ ابْنُ عَرَفَةَ. سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ ثُمَّ دَخَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ فِي رَعْيِ حَالَةِ يَوْمِ الْيَمِينِ أَوْ يَوْمِ الْحِنْثِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ فُلَانَةَ الْيَوْمَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَتَى دَخَلَهَا وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا فِي إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إنَّمَا تَلْزَمُ يَمِينُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ يَوْمَ حَلَفَ. (أَوْ) أَنْتِ عَلَيَّ (كَظَهْرِ) امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ وَنُوِّيَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ قَبِلَتْ نِيَّةَ الزَّوْجِ (فِيهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ الظَّاهِرَةِ بِقِسْمَيْهَا (فِي الطَّلَاقِ) أَيْ أَصْلُهُ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ، فَإِنْ نَوَاهُ بِهَا (فَالْبَتَاتُ) أَيْ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَزِمَهُ بِهَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَوْ نَوَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَفِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْهَا. وَقَالَ سَحْنُونٌ: تُقْبَلُ نِيَّةُ الْأَقَلِّ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَيْضًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَشُبِّهَ فِي لُزُومِ الْبَتَاتِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ كَفُلَانَةَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَخِفَّةِ اللَّامِ كِنَايَةٌ عَنْ اسْمِ امْرَأَةٍ كَهِنْدٍ (الْأَجْنَبِيَّةِ) مِنْ الزَّوْجِ أَيْ لَيْسَتْ مَحْرَمَهُ وَلَا حَلِيلَتَهُ فَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) أَيْ الظِّهَارَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ زَوْجٌ (مُسْتَفْتٍ) فَيَلْزَمُهُ فَقَطْ فِيهِمَا، وَمَفْهُومُ مُسْتَفْتٍ لُزُومُ الظِّهَارِ مَعَ الثَّلَاثِ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَفُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الظَّهْرَ فَهُوَ الْبَتَاتُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا وَقَالَ: أَرَدْت الظِّهَارَ صُدِّقَ، إنَّمَا مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 230 أَوْ كَابْنِي، أَوْ غُلَامِي، كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ.   [منح الجليل] أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَقَالَ: أَرَدْت الظِّهَارَ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا نَوَى فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ: فَظَاهِرُهُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. (أَوْ) قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ (كَابْنِي أَوْ غُلَامِي) ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ غُلَامِي فَهُوَ مُظَاهِرٌ. وَقَالَهُ أَصْبَغُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ، قَالَ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي فَهُوَ تَحْرِيمٌ. ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْغُلَامَ مُحَرَّمَانِ عَلَيْهِ كَالْأُمِّ وَأَشَدَّ، وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ظِهَارٌ وَلَا طَلَاقٌ، وَلَا فِي أَنَّهُ أَلْزَمَهُ التَّحْرِيمَ إذَا لَمْ يُسَمِّ ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ إذَا سَمَّى الظَّهْرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ كَتَشْبِيهِ زَوْجَتِهِ بِزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى أَوْ أَمَةٍ لَهُ اهـ. وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ أَصْبَغُ: سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِي أَوْ غُلَامِي أَنَّهُ ظِهَارٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَالَ كَأَبِي أَوْ غُلَامِي وَلَمْ يُسَمِّ الظَّهْرَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا وَأَنَّهُ لَمُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ. وَالصَّوَابُ إنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ لَا ظِهَارَ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ رَأَى عَلَيْهِ الطَّلَاقَ. اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (أَوْ كَكُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَالْبَتَاتُ) يَلْزَمُهُ بِكُلِّ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْبَتَاتِ وَلَوْ نَوَى الظِّهَارَ وَهُوَ مُسْتَفْتٍ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَتَاتِ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ مَنْ قَالَ: أَنْتِ مِثْلُ كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ. ابْنُ شِهَابٍ وَكَذَا بَعْضُ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ اهـ ابْنُ يُونُسَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، أَوْ وِفَاقٌ وَهُوَ الَّذِي فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ قَائِلًا قَوْلُ رَبِيعَةَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْبَتَاتِ، ثُمَّ إذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 231 وَلَزِمَ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ، لَا بِأَنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي   [منح الجليل] تَزَوَّجَهَا بَعْدُ كَانَ مُظَاهِرًا، وَخَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ لَا يَعُودُ عَلَيْهِ الظِّهَارُ فَرَجَعَ إلَى الْوِفَاقِ. ابْنُ مُحْرِزٍ مَعْنَى قَوْلِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ مِنْ النِّسَاءِ، وَمَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلُهُ عَلَى عُمُومِهِ. قُلْتُ وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مِثْلَ مَنْ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لَزِمَهُ الظِّهَارُ، وَلَوْ قَالَ: مِثْلَ مَا حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْقِلْ وَمَا لِمَا لَا يَعْقِلُ كَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ لُزُومُ الظِّهَارِ أَوْ الثَّلَاثُ ثَالِثُهَا هُمَا. قُلْت هَذَا إذَا كَانَ الْقَائِلُ يُفَرِّقُهُ بَيْنَ مَنْ وَمَا بِمَا ذُكِرَ. وَفِي الزَّاهِيِّ: أَنْتِ كَعَلَيَّ كَبَعْضِ مَا حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ ظِهَارٌ وَقُلْت الْأَحْوَطُ لُزُومُ الظِّهَارِ وَالْبَتَاتِ. ابْنُ يُونُسَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا وَالظِّهَارُ وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَأُمِّي وَالْمَيْتَةِ. (وَلَزِمَ) الظِّهَارُ (بِأَيِّ كَلَامٍ) وَأَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ نَحْوَ كُلِي أَوْ اشْرَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ اسْقِينِي (نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ (بِهِ) وَهَذِهِ هِيَ الْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ تُخْرِجُ بِقَيْدِ أَبِي الْحَسَنِ صَرِيحَ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتَهُ الظَّاهِرَةَ فَلَا يَلْزَمُ بِهِمَا ظِهَارٌ نَوَاهُ بِهِمَا ذَكَرَهُ الْغِرْيَانِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَسَلَّمَهُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ الظِّهَارَ وَلَزِمَهُ الظِّهَارُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ نِيَّتِهِ وَالطَّلَاقُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ لَفْظِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَكِنَايَتُهُ الْخَفِيَّةُ مَا مَعْنَاهُ مُبَايِنٌ لَهُ، وَأُرِيدَ مِنْهُ إنْ لَمْ يُوجِبْ مَعْنَاهُ حُكْمًا اُعْتُبِرَ فِيهِ فَقَطْ كَاسْقِينِي الْمَاءَ وَإِلَّا فِيهِمَا كَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَرَادَ بِهِ الظِّهَارَ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَالطَّلَاقُ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ وَفِيهَا: " كُلُّ كَلَامٍ نُوِيَ بِهِ الظِّهَارُ ظِهَارٌ ". (لَا) يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا ظِهَارٌ (بِ) قَوْلِهِ (إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي) وَلَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا، نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ عَنْ النَّوَادِرِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 232 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَمَتِي أَبَدًا. قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ: إنْ وَطِئْتُك فَقَدْ وَطِئْت أُمِّي، نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ، وَفِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلَةِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ شَكٌّ لِعَدَمِ نَقْلَةِ الشَّيْخِ فِي نَوَادِرِهِ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: أَنْتِ أُمِّي سَمِعَ عِيسَى أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ لَغْوِهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَعْنَى إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي لَا أَطَؤُك حَتَّى أَطَأَ أُمِّي فَهُوَ لَغْوٌ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ وَطْئِي إيَّاكَ كَوَطْءِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ، وَهَذَا أَقْرَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] ، لَيْسَ مَعْنَاهُ لَا يَسْرِقُ حَتَّى يَسْرِقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ، وَإِلَّا لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ يُوسُفُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ مَعْنَاهُ سَرِقَتُهُ كَسَرِقَةِ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَإِذَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ اهـ. الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْبَحْثِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَنَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وضيح وَابْنُ يُونُسَ، وَنَصُّهُ " وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مُتَدَافِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا لَمْ أَجِدْهُ ثُمَّ قَالَ نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَقَوْلُهُ فِي النَّفْسِ مِنْ نَقْلَةِ الصِّقِلِّيُّ شَكٌّ. . . إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّ أَمَانَةَ ابْنِ يُونُسَ وَثِقَتَهُ وَجَلَالَتَهُ مَعْرُوفَةٌ، وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَنْفِ وُجُودَهُ اهـ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ قُصُورٌ، إذْ مَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ مَوْجُودٌ لِغَيْرِهِ، فَفِي تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ مَا نَصُّهُ: " رَوَى ابْنُ ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الَّذِي يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: لَا أَطَؤُك حَتَّى أَطَأَ أُمِّي أَوْ لَا أَعُودُ لِوَطْأَتِك حَتَّى أَعُودَ لِوَطْءِ أُمِّي أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ ". وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ فَتُّوحٍ مَا نَصُّهُ " قَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي فِي يَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ ظِهَارٌ، إنْ قَالَ: وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ " نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ. قُلْت لَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ عِمْرَانَ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ التَّرْدِيدِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الثِّقَاتِ أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوَادِرِ مِثْلَ مَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، وَبِهِ يَبْطُلُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لِعَدَمِ نَقْلَةِ الشَّيْخِ فِي نَوَادِرِهِ، وَنَصُّ مَا نَقَلَهُ عَنْهَا مِنْ آخِرِ ظِهَارِ الْخَصِيِّ وَالشَّيْخِ الْفَانِي: " قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك وَطِئْت أُمِّي: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 233 أَوْ لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي، أَوْ لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ: وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ إنْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ، أَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ مَنْ دَخَلَتْ، أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ، أَوْ أَيَّتُكُنَّ،   [منح الجليل] (أَوْ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ (لَا أَعُودُ لِمَسِّك حَتَّى أَمَسَّ أُمِّي) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ لَا أَمَسُّك أَبَدًا. عب يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ طَلَاقًا وَلَا ظِهَارًا قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا (أَوْ) قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا (لَا أُرَاجِعُك حَتَّى أُرَاجِعَ أُمِّي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلِ فِي الصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهَا ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ. (وَتَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (إنْ عَادَ) بِوَطْءٍ أَوْ تَكْفِيرٍ (ثُمَّ ظَاهَرَ) مِنْ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَهَا أَوْ كَفَّرَ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ وَطِئَهَا، أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ قَالَ لَهَا ذَلِكَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ ثَالِثَةٌ وَهَكَذَا. وَأَمَّا إنْ عَادَ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَلَمْ يَطَأْ وَلَمْ يُكَفِّرْ ثُمَّ ظَاهَرَ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئَ أَوْ كَفَّرَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَكَانَ أَظْهَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ وَطِئَ فِي ظِهَارِهِ ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: لَوْ عَادَ ثُمَّ ظَاهَرَ لَزِمَ ظَاهِرُهُ دُونَ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْبَاجِيَّ وَجَّهَ الْخِلَافَ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْعَوْدَةَ تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ أَوْ صِحَّتَهَا. وَلَوْ قَالَ: لَوْ وَطِئَ ثُمَّ عَادَ لَاسْتَقَامَ اهـ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَتَعَدَّدَانِ ظَاهِرٌ بَعْدَ الْعَوْدِ، بَلْ، وَلَوْ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ عَنْ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا أَتَمَّهَا أَوْ وَوَطِئَ ثُمَّ ظَاهَرَ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الظِّهَارُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ فَتَتَعَدَّدُ كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ. (أَوْ) أَيْ وَتُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ (قَالَ) الزَّوْجُ (لِأَرْبَعِ) زَوْجَاتٍ لَهُ (مَنْ دَخَلَتْ) مِنْكُنَّ (أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ أَوْ أَيَّتُكُنَّ) دَخَلَتْ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُخْتِي، فَكُلُّ مَنْ دَخَلَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 234 لَا إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ، أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ.   [منح الجليل] فَعَلَيْهِ لَهَا كَفَّارَةٌ لِتَعَلُّقِ الظِّهَارِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى عَامٍّ وَهُوَ كُلِّيَّةٌ مَحْكُومٌ فِيهَا عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ فَهِيَ. . . إلَخْ، وَإِنْ دَخَلَتْ فُلَانَةُ الْأُخْرَى فَهِيَ. . . إلَخْ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الدَّارَ فَهِيَ عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ فَدَخَلَتْهَا كُلُّهُنَّ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ أَمْ أَرْبَعٌ، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَأَرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ أَيَّتُكُنَّ كَلَّمْتهَا فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ بِانْفِرَادِهَا ظِهَارٌ وَكَذَا مَنْ تَزَوَّجْت مِنْكُنَّ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ. (لَا) تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ إنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَجْنَبِيَّاتٍ (إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ) فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ كَفَّرَ ثُمَّ تَزَوَّجَ الْبَوَاقِيَ فَلَا شَيْءَ لِانْحِلَالِ ظِهَارِهِ بِالْكَفَّارَةِ الْأُولَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ فَأَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَزِمَهُ الظِّهَارُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُنَّ، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَكَفَّرَ سَقَطَ ظِهَارُهُ فِي جَمِيعِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ فَلَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ ثُمَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَاقِيَاتِ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَإِنْ وَطِئَهَا تَعَيَّنَتْ الْكَفَّارَةُ وَلَا يَسْقُطُ ظِهَارُهُ إلَّا بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فِي جَمِيعِهِنَّ. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ قَالَ: (كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا) فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي أَوَّلِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ الَّذِي عَمَّ النِّسَاءَ فَلَمْ يَلْزَمْ وَالظِّهَارُ أَنَّ لَهُ فِي الثَّانِي مَخْرَجًا بِالْكَفَّارَةِ دُونَ الطَّلَاقِ، وَكَفَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الظِّهَارَ كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي أَنَّ كَفَّارَةً وَاحِدَةً كَفَّارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الْجَلَّابِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ تُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ لِمَ تُعْجِبْ أَبَا إِسْحَاقَ تَفْرِقَتُهُ فِيهَا بَيْنَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْ النِّسَاءِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى. عِيَاضٌ الْفَرْقُ أَنَّ أَصْلَ وَضْعِ مَنْ وَأَيِّ لِلْآحَادِ فَعَرَضَ لَهَا الْعُمُومُ فَعَمَّتْ الْآحَادَ مِنْ حَيْثُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 235 أَوْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ، أَوْ كَرَّرَهُ،   [منح الجليل] أَنَّهَا آحَادٌ. وَأَصْلُ وَضْعِ كُلٍّ لِلِاسْتِغْرَاقِ فَكَانَتْ كَالْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ أَشْيَاءَ تَنْحَلُّ بِفِعْلِ أَحَدِهَا. قُلْت حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ رَأَى لِكُلٍّ فَرْدٍ فَرْدُ لَا بِقَيْدِ الْمَعِيَّةِ. وَمَدْلُولُ كُلِّ كَذَلِكَ بِقَيْدِ الْجَمْعِيَّةِ مُنْضَمًّا إلَى التَّحْنِيثِ بِالْأَقَلِّ عِيَاضٌ وَلَيْسَ كَمَا فَرَّقَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ فِي قَوْلِهِ مِنْ النِّسَاءِ، إذْ لَيْسَتْ لِلتَّبْعِيضِ بَلْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَلَا أَثَرَ لَهَا هُنَا، إذْ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَنْ تَزَوَّجْت مِنْ النِّسَاءِ فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَمَنْ قَالَ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ النِّسَاءِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ (ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ) الْأَرْبَعِ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ جَهْلًا مِنْهُ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ، زَادَ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ إنْ جَهِلَ فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ إلَّا كَفَّارَةٌ كَفَّارَةٌ فَكَفَّرَ عَنْ إحْدَاهُنَّ أَجْزَأَهُ عَنْ جَمِيعِهِنَّ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ (كَرَّرَهُ) أَيْ الظِّهَارَ لِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَلَوْ فِي مَجَالِسَ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ، وَلَمْ يُفْرِدْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ، فَإِنْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ تَعَدَّدَتْ هَذَا هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ وَشَرْحُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا. وَفِي حَاشِيَةِ جَدّ عج تَعَدُّدُهَا حَيْثُ كَرَّرَهُ بِمَجَالِسَ سَوَاءٌ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِخِطَابٍ أَمْ لَا وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُدَوَّنَةَ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ مَا فِي حَاشِيَةِ جَدّ عج هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَنَصُّهَا " وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ أَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَخَاطَبَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِالظِّهَارِ دُونَ الْأُخْرَى حَتَّى أَتَى عَلَى الْأَرْبَعِ، أَوْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى وَأَنْتِ مِثْلُهَا فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةٌ ". ابْنُ يُونُسَ: وَمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي كَلِمَةٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُهُ وَإِنْ تَظَاهَرَ مِنْهُنَّ فِي مَجَالِسَ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لِوَاحِدَةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي حَتَّى عَلَى الْأَرْبَعِ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236 أَوْ عَلَّقَهُ " بِمُتَّحِدٍ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ كَفَّارَاتٍ   [منح الجليل] أَوْ) أَيْ وَلَا تَتَعَدَّدَانِ (عَلَّقَهُ) أَيْ الظِّهَارَ مُكَرَّرًا (بِ) شَيْءٍ (مُتَّحِدٍ) كَقَوْلِهِ: إنْ لَبِسْت هَذَا الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَبِسْته فَأَنْتِ. . . إلَخْ إنْ لَبِسْته فَأَنْتِ. . . إلَخْ، فَإِنْ لَبِسَتْهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ كَرَّرَهُ وَجَمَعَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِهِ وَيُسَمَّى بَسِيطًا كَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَإِنْ لَبِسْت الثَّوْبَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنْ لَبِسَتْهُ تَعَدَّدَتْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَدَّمَ الْبَسِيطَ عَلَى الْمُعَلَّقِ وَأَخَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ، فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ أَوْ جَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَانِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَالثَّانِي بِفِعْلٍ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ أَفَادَهُ النَّاصِرُ. الْبُنَانِيُّ وَلَعَلَّ فِي نَقْلِهِ تَحْرِيفًا، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ الْبَيَانِ نَصُّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ ظِهَارًا بَعْدَ ظِهَارٍ فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا بِغَيْرِ فِعْلٍ وَجَمِيعًا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ، أَوْ الْأَوَّلُ بِفِعْلٍ وَالثَّانِي بِغَيْرِ فِعْلٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِمَا جَمِيعًا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَانِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ ظِهَارٍ كَفَّارَةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّهُمَا إنْ كَانَا جَمِيعًا بِفِعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا بِغَيْرِ فِعْلٍ، وَالثَّانِي بِفِعْلٍ فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ اهـ. وَهَذَا نَفْسُ مَا فِي الْحَطّ وَهُوَ أَحْفَظُ وَأَثْبَتُ مِنْ النَّاصِرِ. وَمَفْهُومُ بِمُتَّحِدٍ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمُتَعَدِّدٍ كَإِنْ دَخَلْت فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ لَبِسْت الثَّوْبَ فَأَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَإِنَّهَا تَتَعَدَّدُ بِحَبْسِهِ، وَاتُّفِقَ عَلَيْهِ إنْ حَنِثَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْرَاجِ الْأُولَى. وَأَمَّا قَبْلَهَا، فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: " ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَذَلِكَ ". وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تُجْزِئُهُ وَاحِدَةٌ وَلَا تُعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي: إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ الْمُظَاهَرَةِ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ تَكْرِيرِهِ بِلَا تَعْلِيقٍ أَوْ تَكْرِيرِهِ مُعَلَّقًا بِمُتَّحِدٍ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) الْمُظَاهِرُ بِالْمُكَرَّرِ الْبَسِيطَ أَوْ الْمُتَعَلِّقَ بِمُتَّحِدٍ أَوْ الظِّهَارَ مِنْ نِسَائِهِ أَوْ الْقَائِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ الْقَائِلُ إنْ تَزَوَّجْتُكُنَّ، وَمَفْعُولُ يَنْوِي (كَفَّارَاتٍ) أَيْ لِكُلِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237 فَتَلْزَمَهُ، وَلَهُ الْمَسُّ بَعْدَ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَحَرُمَ قَبْلَهَا الِاسْتِمْتَاعُ،   [منح الجليل] مُظَاهَرٍ مِنْهَا كَفَّارَةٌ (فَتَلْزَمُهُ) الْكَفَّارَةُ لِكُلِّ زَوْجَةٍ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ الِاسْتِثْنَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي تَكَرُّرِ الظِّهَارِ بَسِيطًا أَوْ مُعَلَّقًا عَلَى مُتَّحِدٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى تَعَدُّدَهُ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَعَدُّدَهَا فَتَتَعَدَّدُ وَعَلَيْهِ فِي كَوْنِ حُكْمِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ حُكْمُ كَفَّارَتِهِ فَلَا يَطَأُ قَبْلَهُ، وَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ حُكْمُ النَّذْرِ فِيهَا وَلَا تُقَدَّمُ نَقْلًا الصِّقِلِّيِّ عَنْ الشَّيْخِ وَأَبِي عِمْرَانَ مَعَ الْقَابِسِيِّ (وَ) مَنْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ يَجُوزُ (لَهُ الْمَسُّ) بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ) إخْرَاجِ كَفَّارَةٍ (وَاحِدَةٍ) عَنْهَا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا اشْتِرَاطُ الْعَوْدَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَعَدَمِهِ، وَأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِهَذِهِ الْكَفَّارَاتِ وَضَاقَ ثُلُثُهُ تُقَدَّمُ وَاحِدَةٌ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَتُقَدَّمُ كَفَّارَتُهَا عَلَى الْبَاقِي ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ رُشْدٍ أَبُو إِسْحَاقَ يَجُوزُ لَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الْكَفَّارَةِ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَ أَنْ يَطَأَ لَمْ تُجْزِهِ الْكَفَّارَةُ إذْ لَيْسَ بِمُظَاهِرٍ، لِأَنَّهُ كَمَنْ قَالَ: إنْ وَطِئْت امْرَأَتِي فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ. قُلْت لَفْظُ اللَّخْمِيِّ كَالتُّونُسِيِّ لَوْ حَدَثَ التَّكْرَارُ بَعْدَ تَمَامِ كَفَّارَةِ الْأَوَّلِ تَعَدَّدَتْ لِمَا بَعْدَهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ حَدَثَ فِي أَثْنَائِهَا فَفِي إجْزَاءِ ابْتِدَائِهَا عَنْهُمَا وَلُزُومِ إتْمَامِ الْأُولَى وَابْتِدَاءِ ثَانِيَةِ ثَالِثُهَا، هَذَا إنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْأُولَى إلَّا الْيَسِيرُ، وَإِنْ مَضَى مِنْهَا يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَجْزَأَ إتْمَامُهَا عَنْهُمَا، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ تَكَرَّرَ مُعَلَّقًا فَفِي تَعَدُّدِهَا وَوَحْدَتِهَا ثَالِثُهَا إنْ اخْتَلَفَ مَا عُلِّقَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ تَكَرَّرَ بَعْدَ حِنْثِهِ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بَسِيطٌ أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَمْ يُكَفَّرْ لِلْأَوَّلِ فِيهِمَا فَفِي تَكَرُّرِهَا ثَالِثُهَا فِي الْعَكْسِ. (وَحَرُمَ) عَلَى الْمُظَاهِرِ (قَبْلَ) تَكْمِيلِ (هَا) أَيْ الْكَفَّارَةِ صِلَةُ (الِاسْتِمْتَاعِ) بِالْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ بِمُقَدِّمَةِ جِمَاعٍ وَمِنْ مَجْبُوبٍ عَلَى انْعِقَادِهِ مِنْهُ حَمْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ، عَلَى عُمُومِهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ جَمِيعِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238 وَعَلَيْهَا مَنْعُهُ، وَوَجَبَ إنْ خَافَتْهُ رَفْعُهَا لِلْحَاكِمِ، وَجَازَ كَوْنُهُ مَعَهَا؛ إنْ أُمِنَ ، وَسَقَطَ إنْ تَعَلَّقَ وَلَمْ يَتَنَجَّزْ بِالطَّلَاقِ. الثَّلَاثِ أَوْ تَأَخَّرَ:   [منح الجليل] أَنْوَاعِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَوَادِرِ الْإِجْمَاعِ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَلَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ حَتَّى يَجِدَ وَاحِدًا مِنْهَا إلَّا الثَّوْرِيِّ وَابْنُ صَالِحٍ، فَإِنَّهُمَا قَالَا يَطَؤُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ (وَعَلَيْهَا) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وُجُوبًا (مَنْعُهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا قَبْلَهَا لِأَنَّ تَمْكِينَهُ مِنْهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ. (وَوَجَبَ) عَلَيْهَا (إنْ خَافَتْهُ) أَيْ اسْتِمْتَاعَ الْمُظَاهِرِ بِهَا قَبْلَهَا وَعَجَزَتْ عَنْ مَنْعِهِ مِنْهُ بِنَفْسِهَا (رَفْعُهَا) أَمْرَهَا (لِلْحَاكِمِ) لِيَمْنَعَهُ مِنْهُ (وَجَازَ كَوْنُهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ (مَعَهَا) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي بَيْتٍ وَدُخُولُهُ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ تَطْلُقْ (إنْ أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عَلَيْهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا قَبْلَهَا، وَلَهُ نَظَرُ وَجْهِهَا وَأَطْرَافِهَا بِلَا قَصْدِ لَذَّةٍ لَا لِصَدْرِهَا، وَفِيهَا وَلَا لِشَعْرِهَا أَيْ بِلَا قَصْدِ لَذَّةٍ. وَقِيلَ يَجُوزُ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَالشَّارِحِ، وَيَلْزَمُهَا خِدْمَتُهُ قَبْلَهَا بِشَرْطِ اسْتِتَارِهَا، وَمَفْهُومٌ إنْ أُمِنَ عَدَمُ جَوَازِ كَيْنُونَتِهِ مَعَهَا فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ خَشْيَةُ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْظُورِ. (وَسَقَطَ) تَعْلِيقُ الظِّهَارِ (إنْ تَعَلَّقَ) الظِّهَارُ بِشَيْءٍ (وَلَمْ يَتَنَجَّزْ) أَيْ يَحْصُلْ مَا عُلِّقَ الظِّهَارُ عَلَيْهِ، وَصِلَةُ سَقَطَ (بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) وَلَوْ حُكْمًا كَوَاحِدَةٍ بَائِنَةٍ، فَإِنْ قَالَ لَهَا: " إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ مَا يُكْمِلُهَا، أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَتَّةٌ أَوْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بَائِنَةً قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ سَقَطَ عَنْهُ تَعْلِيقُ الظِّهَارِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَدَخَلَتْ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا، وَهَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى وَأَوْلَى إنْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَالَ بَيْنُونَتِهَا. وَمَفْهُومُ لَمْ يَتَنَجَّزْ أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّزَ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ قَبْلَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَلَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ بِهِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. (أَوْ تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظِّهَارُ عَنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ لِعَدَمِ وُجُودِهِ مَحَلًّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 239 كَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي: كَقَوْلِهِ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، لَا إنْ تَقَدَّمَ أَوْ صَاحَبَ: كَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي،   [منح الجليل] وَهِيَ الْعِصْمَةُ (كَ) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: (أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) أَوْ مُتِمَّهَا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً (وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ. وَشُبِّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (لِ) زَوْجَةٍ (غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِمُجَرَّدِ تَطْلِيقِهَا فَلَمْ يَجِدْ الظِّهَارُ مَحَلًّا، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَّقَهُ وَأُورِدَ قَوْلُهُ لَهَا: " أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ " إذْ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ عَلَى الْمَشْهُورِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَجُعِلَتْ صِيغَةُ الْمُتَلَاحِقَةِ كَصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ جِنْسَانِ مُتَبَايِنَانِ فَلَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فِي صِيغَةٍ وَاحِدَةٍ (لَا) يَسْقُطُ الظِّهَارُ (إنْ تَقَدَّمَ) عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ. (أَوْ صَاحَبَ) الظِّهَارُ الطَّلَاقَ فِي الْوُقُوعِ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقَتَيْنِ عَلَيْهِ (كَ) قَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: (إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي) فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَصَارَتْ مُظَاهَرًا مِنْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ مُحْرِزٍ لَزِمَاهُ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تُرَتِّبُ، وَلَوْ عُطِفَ الظِّهَارُ بِثُمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ ظِهَارٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ أَبُو الْحَسَنِ لَوْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ هِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَلْزَمْهُ الظِّهَارُ لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ لِمَا وَقَعَ مُرَتَّبًا عَلَى الطَّلَاقِ. الْقَرَافِيُّ إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَعَبْدُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَلَا الْعِتْقُ قَبْلَ الطَّلَاقِ، بَلْ وَقَعَا مَعًا مُرَتَّبَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240 وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ فَقَالَ هِيَ أُمِّي فَظِهَارٌ. وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ، وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ، وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَلَا تُجْزِئُ قَبْلَهُ.   [منح الجليل] هُوَ دُخُولُ الدَّارِ بِلَا تَرْتِيبٍ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا ثُمَّ قَالَ فَلِذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَا نَقُولُ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الظِّهَارِ حَتَّى يَمْنَعَهُ، بَلْ الشَّرْطُ اقْتَضَاهُمَا اقْتِضَاءً وَاحِدًا بِلَا تَرْتِيبٍ بَيْنَهُمَا. (وَإِنْ عُرِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (نِكَاحُ امْرَأَةٍ) لِيَتَزَوَّجَهَا (فَقَالَ) الْمُكَلَّفُ (هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ الْمَعْرُوضَةُ (أُمِّي فَ) قَوْلُهُ هَذَا (ظِهَارٌ) مُعَلَّقٌ عَلَى الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِقَرِينَةِ الْبِسَاطِ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ كَأُمِّي فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، فَإِنْ أَرَادَ وَصْفَهَا بِالْكِبْرِ أَوْ الْكَرَامَةِ أَوْ الْإِهَانَةِ فَلَا ظِهَارَ عَلَيْهِ، وَفُهِمَ مِنْهُ لُزُومُ الظِّهَارِ الْمُصَرَّحِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى الزَّوَاجِ بِالْأَوْلَى وَبِهِ صُرِّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ الصُّورَةُ السَّابِقَةُ عَلَى هَذِهِ. وَمَفْهُومُ إنْ عُرِضَ. . . إلَخْ أَنَّهُ إنْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ بِتَزَوُّجِهَا ظِهَارٌ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَتَجِبُ) كَفَّارَةُ الظِّهَارِ وُجُوبًا مُوسَعًا قَابِلًا لِلسُّقُوطِ (بِالْعَوْدِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا (وَتَتَحَتَّمُ) أَيْ تَتَخَلَّدُ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّةِ الْمُظَاهِرِ (بِالْوَطْءِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَلَوْ نَاسِيًا فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِمَوْتٍ وَلَا فِرَاقٍ (وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ) أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا تُجْزِئُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِهَا أَيْ لَا تَصِحُّ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَوْدِ لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْوَطْءِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ وَتُجْزِئُ قَبْلَهُ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ وَهُوَ أَحْسَنُ. طفي تَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ إذْ كُلُّ مَنْ قَالَ تَجِبُ بِالْعَوْدِ أَرَادَ بِهِ التَّحَتُّمَ وَالتَّعَلُّقَ بِالذِّمَّةِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ لِتَرَادُفِهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّحَتُّمَ بِالْوَطْءِ، هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَب. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ الْعَوْدِ فَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ: تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ فِي الْعَوْدَةِ فِي كَوْنِهَا إرَادَةَ الْوَطْءِ، فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَرَادَتْهُ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ فَإِنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ عُمِلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 241 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَعْضُهَا سَقَطَ سَائِرُهَا ثَالِثُهَا نَفْسُ الْوَطْءِ لِلْمُوطَأِ وَلَهَا وَرِوَايَةِ الْقَاضِي اهـ. فَنُسِبَ لِلْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ وَدَوَامُ الْعِصْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ دَوَامُهَا فِيهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَذْهَبُهَا سُقُوطَهَا بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ أَخَذُوا مِنْهُ أَنَّ الْعَوْدَ عِنْدَهَا الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ دَوَامِ الْعِصْمَةِ إلَى تَمَامِ الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ كَانَتْ تَجِبُ بِالْعَوْدِ بِلَا تَحَتُّمٍ لَمَا احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ وَكَانَ مَذْهَبُهَا الْوُجُوبَ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ، لَكِنَّ الْوُجُودَ مُحَتَّمٌ بِدَلِيلِ سُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، لَكِنَّهُ غَيْرُ اصْطِلَاحِهِمْ، فَلِذَا قَالُوا مَا ذَكَرْنَا. وَنَحْوُ قَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ وَأَجْرَاهَا عَلَى الْقِيَاسِ وَأَتْبَعُهَا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْعَوْدَةَ هِيَ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ، فَمَتَى انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى إمْسَاكِ زَوْجَتِهِ فَصَامَ فَمَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا لَا أَرَى عَلَيْهِ إتْمَامَهَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الْعَوْدَةَ إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ، فَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ، بَلْ لَا تُجْزِيهِ إنْ فَعَلَهَا غَيْرَ عَازِمٍ عَلَى الْوَطْءِ وَلَا مُجْمِعٍ عَلَيْهِ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَصِحُّ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْوَطْءِ، وَعَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ صُرِّحَ بِأَنَّ الْعَوْدَ مُصَحِّحٌ فَقَطْ لِمَا رَأَى مِنْ السُّقُوطِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، تَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ لِقَوْلِهَا فِي مَوْضِعٍ وَالْعَوْدَةُ هَاهُنَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَفِي آخَرَ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ بِالْوَطْءِ فَإِذَا وَطِئَ فَقَدْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ اهـ. فَنِسْبَتُهُمْ لَهَا أَنَّ الْعَوْدَ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ بِاعْتِبَارِ التَّصْحِيحِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُوبِ، وَقَدْ صُرِّحَ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّ وُجُوبَهَا بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ شَرْطُهُ بَقَاؤُهَا فِي عِصْمَتِهِ، وَفُرِّقَ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَالتَّحَتُّمِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمَّا قَالَ الْعَوْدُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ خَاصَّةً وَفِيهَا وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ ثَانِيًا مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِالْوَطْءِ وَجَعَلَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 242 وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ، أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ؟ تَأْوِيلَانِ وَخِلَافٌ.   [منح الجليل] خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ عَنْهَا أَوَّلًا فَلَيْسَ الْمَعْنَى عِنْدَهُمْ عَلَى مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا فِي هَذَا الْبَابِ مَقُولٌ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا. لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ خِبْرَةٌ بِوَجْهٍ مَا، وَهَذَا هُوَ الْوُجُوبُ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَوْدَةُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْعَوْدَ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا. وَإِنْ نَوَى الْعَوْدَةَ خَاصَّةً وَلَمْ يَطَأْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِيَ الْخِيرَةُ الَّتِي قُلْنَا فِي هَذَا الْوَجْهِ وَكَأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ مَشْرُوطٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِنْ مَعْنَى الْوُجُوبِ، وَهُوَ الَّذِي لَا خِيرَةَ لِلْمُظَاهِرِ فِيهِ فَمَحَلُّهُ إذَا ظَاهَرَ ثُمَّ وَطِئَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا فَهَذَا تَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بَقِيَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا، وَهَذَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَمَا حَكَاهُ عَنْهَا ثَانِيًا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي اهـ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُهُ فَهْمُهُ الْمَذْهَبَ عَلَى قَصْرِ مَعْنَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ عَلَى تَحَتُّمِ لُزُومِهَا وَلَوْ مَاتَتْ الْمُظَاهَرُ مِنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَقَصْرُ مَعْنَى وُجُوبِهَا بِالْعَوْدَةِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا وَسُقُوطِهَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَالْأَوَّلُ حَقٌّ، وَالثَّانِي لَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَإِنْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ إنْ أَجْمَعَ عَلَى الْوَطْءِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا وَلَوْ كَانَ عَمِلَ بَعْضَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَوْلُ الْبَاجِيَّ إثْرَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِيمَنْ ظَاهَرَ فِي أَثْنَاءِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ عَلَيْهِ وَالْقَوْلَانِ عِنْدِي عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْعَوْدَةِ أَوْ تَصِحُّ بِهَا طفي وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْعَوْدَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُصَحَّحٌ، وَعَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْعَوْدُ (الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ) لِيُظَاهِرَ مِنْهَا فَقَطْ سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى تَطْلِيقِهَا أَوْ لَمْ يَعْزِمْ عَلَى شَيْءٍ. مِنْهُمَا (أَوْ) هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ (مَعَ) الْعَزْمِ عَلَى (الْإِمْسَاكِ) لِلْمُظَاهَرِ مِنْهَا فِي عِصْمَتِهِ (تَأْوِيلَانِ) لِلْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ (وَخِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 243 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي الْعَوْدِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَشُهِرَ، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ الْإِمْسَاكُ وَحْدَهُ وَالْوَطْءُ نَفْسُهُ وَضَعُفَ اهـ. وَذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَعِيَاضًا شَهَرَا أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَيُطَالِبُ الْمُصَنِّفُ بِمَنْ شَهَرَ الْأَوَّلَ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ، عَلَى أَنَّ فِي عَزْوِ التَّوْضِيحِ نَظَرًا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ وَعِيَاضًا اتَّفَقَا فِي التَّشْهِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ الْعَوْدَ مُجَرَّدُ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِمْسَاكِ، وَعَلَى هَذَا فَهِمَ الْمُوَطَّأَ وَفَهِمَ عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ الْعَزْمَ عَلَى الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَهْمُ الْمُوَطَّأَ وَالْعَزْمُ عَلَى الْإِمْسَاكِ غَيْرُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ عَلَى تَأْوِيلِ عِيَاضٍ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَهُ وَلَوْ لَمْ تَدُمْ الْعِصْمَةُ بِأَنْ مَاتَتْ أَوْ طَلُقَتْ وَعِنْدَ مَنْ اشْتَرَطَ بَقَاءَ الْعِصْمَةِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ عَزَمَ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَالْوَطْءِ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ فَهِمَ تَسَاوِيهِمَا فَرُتِّبَ عَلَيْهِ عَزْوُهُ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْعَوْدُ فِي الْمُوَطَّأِ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِمْسَاكِ مَعًا مَا نَصُّهُ " فَهِمَ الْمُدَوَّنَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ عَلَى مَعْنَى مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُوَطَّإِ وَصَرَّحَا بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَبَدَلٌ لِمَا قُلْنَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ الْمُوَطَّإِ أَنَّ الْعَوْدَةَ مَجْمُوعُ الْعَزْمِ عَلَى إمْسَاكِهَا وَعَلَى الْوَطْءِ. وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا إرَادَةُ الْوَطْءِ وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ فَقَطْ. عِيَاضٌ مَذْهَبُهَا أَنَّهُ إرَادَةُ الْوَطْءِ مَعَ الْإِمْسَاكِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ، وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَعْنَى الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ فَقَطْ، وَقَالَ مَرَّةً فِي الْكِتَابِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ وَنَحَا إلَيْهِ اللَّخْمِيُّ. اهـ. وَأَرَادَ عِيَاضٌ بِبَعْضِ شُيُوخِهِ ابْنَ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا تَجِبُ إلَّا بِالْعَوْدَةِ وَفِي كَوْنِهَا الْعَزْمَ عَلَى إمْسَاكِهَا أَوْ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ عَلَيْهِمَا، رَابِعُهَا الْوَطْءُ لِلْبَاجِيِّ وَعَنْ رِوَايَتَيْ الْجَلَّابِ وَالْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ الْجَلَّابِ، وَعَلَيْهَا يَجُوزُ الْوَطْءُ مَرَّةً ثُمَّ يَحْرُمُ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَخَامِسُهَا مُجَرَّدُ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ فِيهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 244 وَسَقَطَتْ، إنْ لَمْ يَطَأْ بِطَلَاقِهَا وَمَوْتِهَا، وَهَلْ تُجْزِئُ إنْ أَتَمَّهَا؟   [منح الجليل] وَسَقَطَتْ) الْكَفَّارَةُ عَمَّنْ عَادَ بِنِيَّةِ الْوَطْءِ فَقَطْ أَوْ مَعَ نِيَّةِ الْإِمْسَاكِ (إنْ لَمْ يَطَأْ) الْمُظَاهِرُ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا وَصِلَةُ سَقَطَتْ (بِ) سَبَبِ (طَلَاقِهَا) أَيْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ إلَّا أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهُ، وَالْمُرَادُ بِسُقُوطِهَا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا مَا دَامَتْ بَائِنًا مِنْهُ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (وَ) سَقَطَتْ الْكَفَّارَةُ بِ (مَوْتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَوْدِ وَقَبْلَ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ وَكَذَا بِمَوْتِهِ قَبْلَ وَطْئِهَا فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَخْلِيطٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ عَلَى مَا شَرَحُوهُ بِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَكُلُّهَا تَأْوِيلَاتٌ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ: لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَتَجِبُ بِالْعَوْدِ. . . إلَخْ. وَالثَّانِي: لِلَّخْمِيِّ. وَالثَّالِثُ: لِعِيَاضٍ. وَلَهُمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ هُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ. . . إلَخْ، وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الْأَخِيرَيْنِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُمَا مُبَايِنَانِ لَهُ وَتَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَيْهِمَا كَالْوُجُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَعْنَى الصِّحَّةِ، وَعَلَى الْأَخِيرَيْنِ بِمَعْنَى اللُّزُومِ، وَتَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ: وَسَقَطَتْ إنْ لَمْ يَطَأْ. . . إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا السُّقُوطُ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَالْعِبَارَةُ السَّالِمَةُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَهَلْ تَجِبُ بِالْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ بِهِ مَعَ الْإِمْسَاكِ أَوْ تَصِحُّ بِهِ فَقَطْ وَتَتَحَتَّمُ بِالْوَطْءِ فَتَسْقُطُ إنْ لَمْ يَطَأْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ تَأْوِيلَاتٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ شَرَعَ الْمُظَاهِرُ الَّذِي عَادَ فِي الْكَفَّارَةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا طَلَاقًا بَائِنًا فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَتَمَّهَا بَعْدَهُ فَ (هَلْ تُجْزِئُ) الْكَفَّارَةُ الْمُظَاهِرَ (إنْ أَتَمَّهَا) أَيْ الْمُظَاهِرُ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ إبَانَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَإِذَا تَزَوَّجَهَا فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ أُخْرَى، أَوْ لَا تُجْزِئُ، فَإِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 245 تَأْوِيلَانِ وَهِيَ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ   [منح الجليل] تَزَوَّجَهَا فَلَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا انْقَضَتْ عِدَّتُهُ أَوْ لَمْ تَنْقَضِ وَلَمْ يَنْوِ ارْتِجَاعَهَا قَبْلَ إتْمَامِ الْكَفَّارَةِ، فَإِنْ أَتَمَّهَا فِيهَا نَاوِيًا رَجْعَتَهَا وَعَازِمًا عَلَى وَطْئِهَا أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا. وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُمَا إذَا أَتَمَّهَا قَبْلَ مُرَاجَعَتِهَا. وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَقَدْ عَمِلَ فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ إنْ أَرَادَ الْعَوْدَ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ نَافِعٍ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَلَى أَنَّهُ وِفَاقٌ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَعَلَى الْخِلَافِ إذَا كَانَ بَائِنًا. عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ إنَّمَا هُوَ إذَا طَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهَا وَإِنْ أَتَمَّهَا لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّهَا أَجْزَأَهُ. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الشَّيْخُ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوِفَاقِ فِي الْجَمِيعِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ. وَأَمَّا إتْمَامُهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا، فَقَالَ مَا نَصُّهُ ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَهَا يَوْمًا مَا وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ صَوْمًا ابْتَدَأَهَا، وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا بَنَى عَلَى مَا كَانَ أَطْعَمَ إنْ تَبَيَّنَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَفْرِقَةِ الطَّعَامِ. ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إلَيْنَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَرْعًا مُسْتَقِلًّا. وَقَالَ لَا يُبْنَى عَلَى الصَّوْمِ اتِّفَاقًا. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْنِي عَلَى الطَّعَامِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ اهـ. وَكَذَا فِي الْحَطّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ طَلَّقَهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا تُجْزِيهِ إذَا ارْتَجَعَهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَإِلَّا فَلَا. (وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مُرَتَّبَةٌ أَوَّلُهَا (إعْتَاقُ رَقَبَةٍ) أَيْ ذَاتٍ. ابْنُ عَرَفَةَ كَفَّارَتُهُ الْمَعْرُوفُ انْحِصَارُهَا فِي الْعِتْقِ ثُمَّ الصَّوْمِ إنْ تَعَذَّرَ ثُمَّ الْإِطْعَامِ إنْ تَعَذَّرَ. الْبَاجِيَّ فِي النَّوَادِرِ مَنْ كَسَا وَأَطْعَمَ عَنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْأَسَدِيَّةِ لَا يُجْزِيهِ، وَفِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 246 لَا جَنِينٍ وَعَتَقَ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَمُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ مُؤْمِنَةٍ،   [منح الجليل] الْمَجَالِسِ يُجْزِيهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِيهِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَطْعَمَ لِوَاحِدَةٍ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَكَسَا لِأُخْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ وَجَدَ الْعِتْقَ فَأَعْتَقَ عَنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَقَبَةِ الرَّابِعَةِ فَلْيُطْعِمْ أَوْ يَكْسُ وَيُجْزِيهِ. الشَّيْخُ اُنْظُرْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي الْكُسْوَةِ مَا عَرَفْته لِغَيْرِهِ. قُلْت: نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ نَوَادِرِ الْإِجْمَاعَ: أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُظَاهِرَ إذَا لَمْ يَجِدْ الرَّقَبَةَ وَلَمْ يُطِقْ الصَّوْمَ وَلَمْ يَجِدْ الطَّعَامَ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَجِدَ وَاحِدًا مِنْ تِلْكَ الْأَصْنَافِ اهـ. فَظَاهِرُهُ إجْمَاعُهُمْ عَلَى لَغْوِ الْكُسْوَةِ فِيهَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ النَّوَادِرِ أَوَّلًا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنُصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهَا لِلظِّهَارِ، وَلِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ، وَإِنَّمَا نَقَلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَقَطْ (لَا) يُجْزِئُ إعْتَاقُ (جَنِينٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَقَبَةً. وَاسْتَأْنَفَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَقَالَ (وَ) إنْ أَعْتَقَ جَنِينًا (عَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ مُخَفَّفًا، أَيْ صَارَ الْجَنِينُ حُرًّا (بَعْدَ وَضْعِهِ) لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، أَيْ نَفَذَ الْعِتْقُ السَّابِقُ فِيهِ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ عِتْقٍ الْآنَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ أَعْتَقَ جَنِينًا عَتَقَ وَلَمْ يُجْزِهِ أَقْرَبُ مِنْ قَوْلِهَا يُعْتَقُ بَعْدُ إذَا وَضَعَتْهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُعْتَقُ حِينَ عِتْقِهِ، وَعِبَارَتُهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِتْقَهُ حِينَ وَضْعِهِ فَيُقَالُ عَلَى هَذَا إذَا وَضَعَتْهُ صَارَ رَقَبَةً وَعِتْقُهُ حِينَئِذٍ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَيُجْزِيهِ، وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك الْجَوَابَ عَنْ هَذَا. (وَلَا) يُجْزِئُ إعْتَاقُ رَقِيقٍ غَائِبٍ عَنْ الْمُظَاهِرِ (مُنْقَطِعٍ خَبَرُهُ) لَا يَدْرِي أَحَيٌّ هُوَ أَوْ مَيِّتٌ، وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ أَسْلَمَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً مُحَقَّقَةً، فَإِنْ عَلِمَ وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ أَنَّهُ كَانَ بِصِفَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَنْ الظِّهَارِ أَجْزَأَ، بِخِلَافِ الْجَنِينِ فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ وُلِدَ بِصِفَةِ مَنْ بَعُدَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَقَبَةً حِينَ عِتْقِهِ وَوَصْفُ رَقَبَةٍ بِ (مُؤْمِنَةٍ) ابْنُ يُونُسَ لَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ مُؤْمِنَةً كَانَ كَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ حَمْلًا لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ الْقُرْبَةُ وَالْكُفْرُ يُنَافِيهَا. وَفِي حَدِيثِ السَّوْدَاءِ مَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ إذْ قَالَ سَيِّدُهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيَّ رَقَبَةٍ أَفَأَعْتِقُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ إذَا لَزِمَتْهُ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ وَتَرْكُ الِاسْتِفْسَارِ فِي حِكَايَةِ الْأَحْوَالِ مَعَ الِاحْتِمَالِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 247 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمَقَالِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: فَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعِتْقِهَا حَتَّى سَأَلَهَا أَيْنَ اللَّهُ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنَا قَالَتْ: رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ، وَقَوْلُهَا فِي " فِي السَّمَاءِ " أَيْ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ الْمَعْنَوِيِّ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ صِفَاتِ الْحَوَادِثِ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَيْنَ اللَّهُ مِنْ الْمُتَشَابِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِأَيْنَ وَلَهُ تَأْوِيلَاتٌ. وَلِأَبِي الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيِّ عَلَيْهِ كَلَامٌ حَسَنٌ مِنْهُ السُّؤَالُ بِأَيْنَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، اثْنَانِ جَائِزَانِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى وَوَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْأَوَّلُ: السُّؤَالُ بِقَصْدِ اخْتِبَارِ الْمَسْئُولِ لِمَعْرِفَةِ عِلْمِهِ وَإِيمَانِهِ كَسُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَمَةَ. الثَّانِي: السُّؤَالُ عَنْ مُسْتَقَرِّ مَلَكُوتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَوْضِعِ سُلْطَانِهِ كَعَرْشِهِ وَكُرْسِيِّهِ وَمَلَائِكَتِهِ، كَسُؤَالِ الْقَائِلِ لِرَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ خَلْقِهِ الْعَالَمَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ» . فَهَذَا السُّؤَالُ فِيهِ حَذْفٌ، وَإِنَّمَا سَأَلَ عَنْ مُسْتَقَرِّ الْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ خَلْقِهِ وَالْعَمَاءُ هُوَ السَّحَابُ. وَإِذَا جَازَ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ إذَايَةِ أَوْلِيَائِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُحَارِبُونَ اللَّهَ} [المائدة: 33] وَيُؤْذُونَ اللَّهَ، جَازَ أَنْ يُعَبَّرَ بِاسْمِهِ عَنْ مَلَائِكَتِهِ وَعَرْشِهِ وَسُلْطَانِهِ وَمِلْكِهِ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي رَزِينٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ. . . الْحَدِيثَ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: الْعَمَاءُ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ اهـ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ تَأْوِيلِ السُّهَيْلِيِّ. ثُمَّ قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَالثَّالِثُ: السُّؤَالُ بِأَيْنَ عَنْ ذَاتِ رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَهَذَا سُؤَالٌ لَا يَجُوزُ وَهُوَ سُؤَالٌ فَاسِدٌ لَا يُجَابُ عَنْهُ سَائِلُهُ، وَإِنَّمَا سَبِيلُ الْمَسْئُولِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ فَسَادَ السُّؤَالِ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ حِين قِيلَ لَهُ: أَيْنَ اللَّهُ الَّذِي أَيْنَ الْأَيْنُ لَا يُقَالُ فِيهِ أَيْنَ؟ فَبَيَّنَ لِلسَّائِلِ فَسَادَ سُؤَالِهِ بِأَنَّ الْأَيْنِيَّةَ مَخْلُوقَةٌ، وَاَلَّذِي خَلَقَهَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ خَلْقِهَا لَا مَحَالَةَ، وَلَا أَيْنِيَّةَ لَهُ، وَصِفَاتُهُ تَعَالَى لَا تَتَغَيَّرُ فَهُوَ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ الْأَيْنِيَّةَ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ خَلْقِهَا. وَإِنَّمَا مَثَلُ هَذَا السُّؤَالِ كَمَثَلِ مَنْ سَأَلَ عَنْ لَوْنِ الْعِلْمِ أَوْ عَنْ طَعْمِ الظَّنِّ وَالشَّكِّ، فَيُقَالُ مَنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ ثُمَّ سَأَلَ هَذَا السُّؤَالَ فَهُوَ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ اللَّوْنَ وَالطَّعْمَ مِنْ صِفَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 248 وَفِي الْعَجَمِيِّ: تَأْوِيلَانِ. وَفِي الْوَقْفِ حَتَّى يُسْلِمَ: قَوْلَانِ،   [منح الجليل] الْأَجْسَامِ، وَقَدْ سَأَلْت عَنْ جِسْمٍ فَسُؤَالُك مُحَالٌ أَيْ مُتَنَاقِضٌ. (وَفِي) إجْزَاءِ إعْتَاقِ الرَّقِيقِ (الْأَعْجَمِيِّ) أَيْ الْمَجُوسِيِّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيِّ الصَّغِيرِ عَنْ الظِّهَارِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ (تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِهَا وَيُجْزِئُ عِتْقُ الصَّغِيرِ وَالْأَعْجَمِيِّ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ إنْ كَانَ مِنْ قَصْرِ النَّفَقَةِ، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَى هَذَا فِي بَابِ الِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِجْزَاءِ فَيُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ قَصْرِ النَّفَقَةِ. وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ فِي طَرْدِهِ قَوْلَهَا: وَالْأَعْجَمِيُّ ظَاهِرُهُ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا، وَظَاهِرُهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَمْ لَا. وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا فِي غَيْرِهَا، وَبِهِ فَسَّرَهَا ابْنُ اللَّبَّادِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَصَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ بِقَوْلِهِ وَيُجْزِئُ الْأَعْجَمِيُّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَفَسَّرَهُ بِهَذَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَالَ لِأَنَّهُمْ عَلَى دِينِ مَنْ اشْتَرَاهُمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُجْزِئُ حَتَّى يَجِبَ إلَى الْإِسْلَامِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْأَعْجَمِيِّ الَّذِي يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُسْلِمْ فَتَأَوَّلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى إجْزَائِهِ وَغَيْرُهُ عَلَى عَدَمِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ. وَهَلْ الْخِلَافُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَوْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَبِيرِ. وَأَمَّا الصَّغِيرُ يُشْتَرَى مُفْرَدًا عَنْ أَبَوَيْهِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُجْزِئُ طَرِيقَانِ، وَتَعْمِيمُ الْخِلَافِ أَوْلَى اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي " ح " مِنْ التَّعْمِيمِ هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) عَلَى الْقَوْلِ بِإِجْزَاءِ إعْتَاقِ الْأَعْجَمِيِّ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارٍ فَ (فِي الْوَقْفِ) لِلْمُظَاهِرِ عَنْ وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا (حَتَّى يُسْلِمَ) الْأَعْجَمِيُّ بِالْفِعْلِ احْتِيَاطًا لِلْفَرْجِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إسْلَامِهِ لَمْ يَجْزِهِ، حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ بِلَفْظِ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمِهِ لِكَوْنِهِ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَا يَأْبَاهُ غَالِبًا. ابْنُ يُونُسَ أَنَا قُلْته (قَوْلَانِ) وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا غَيْرُ مَنْصُوصَيْنِ، وَعَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ أَفَادَهُ تت. الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ لِأَنَّهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ، وَالْأَوَّلُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فَهَلْ يُوقَفُ عَنْ امْرَأَتِهِ حَتَّى يُسْلِمَ الْأَعْجَمِيُّ، وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُسْلِمْ لَمْ يَجْزِهِ أَوْ لَهُ وَطْؤُهَا وَيُجْزِيهِ إنْ مَاتَ قَوْلَانِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 249 سَلِيمَةٍ عَنْ: قَطْعِ أُصْبُعٍ، وَعَمًى، وَبَكَمٍ، وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ، وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ، وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ، وَصَمَمٍ، وَهَرَمٍ، وَعَرَجٍ: شَدِيدَيْنِ، وَجُذَامٍ، وَبَرَصٍ، وَفَلَجٍ بِلَا شَوْبِ عِوَضٍ   [منح الجليل] سَلِيمَةٍ) أَيْ الرَّقَبَةِ الْمُؤْمِنَةِ (عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) وَأَوْلَى أَكْثَرُ وَلَوْ بِآفَةٍ. وَظَاهِرُهُ أَيُّ أُصْبُعٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا أَحْسَنُ، وَتَصَرُّفُ وَتَعْبِيرُهُ بِقَطْعِ يُفِيدُ أَنَّ نَقْصَهُ خِلْقَةً لَا يَضُرُّ، وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ، وَمَفْهُومُ " أُصْبُعٍ " أَنَّ قَطْعَ بَعْضِهِ لَا يَضُرُّ وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثَةِ، وَيُعَارِضُهُ مَفْهُومُ أُنْمُلَةٍ فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مِنْ أَنَّ قَطْعَ أُنْمُلَةٍ وَبَعْضَ أُخْرَى يَضُرُّ، وَفِي الْحَطّ مَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ مَفْهُومِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ قَالَ وَانْظُرْ إذَا ذَهَبَ أُنْمُلَتَانِ وَالْأَظْهَرُ الْإِجْزَاءُ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأُصْبُعِ. (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (عَمًى) وَغِشَاوَةٍ لَا يُبْصِرُ مَعَهَا إلَّا بِعُسْرٍ لَا خَفِيفَةٍ وَعَشِيٍّ وَجَهْرٍ فَلَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْهَا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (بَكَمٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْكَافِ أَيْ خَرِسَ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (جُنُونٍ) إنْ كَثُرَ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) كَمَرَّةٍ فِي شَهْرٍ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (مَرَضٍ مُشْرِفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ آخِرُهُ فَاءٌ أَيْ مُقَرِّبٍ مِنْ الْمَوْتِ لِشِدَّتِهِ بِأَنْ بَلَغَ صَاحِبُهُ النَّزْعَ أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَأَبُو الْحَسَنِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ مَرَضٍ غَيْرِ مُشْرِفٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (قَطْعِ أُذُنَيْنِ) أَوْ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ أَصْلِهِمَا أَوْ مِنْ أَطْرَافِهِمَا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (صَمَمٍ) أَيْ عَدَمِ سَمْعٍ أَوْ ثِقَلِهِ جِدًّا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (هَرَمٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (عَرَجٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ (شَدِيدَيْنِ) نَعْتُ هَرَمٍ وَعَرَجٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْخَفِيفَيْنِ لَا تُشْتَرَطُ السَّلَامَةُ مِنْهُمَا (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (جُذَامٍ قَلِيلٍ) وَأَوْلَى الْكَثِيرُ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (بَرَصٍ) وَإِنْ قَلَّ (وَ) سَلِيمَةٍ مِنْ (فَلَجٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ يُبْسِ شَقٍّ حَالَ كَوْنِ الرَّقَبَةِ (بِلَا شَوْبِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مَصْدَرُ شَابَ أَيْ خَلَطَ (عِوَضٍ) فِي ذِمَّةِ الرَّقِيقِ بِأَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ وَدِينَارٍ فِي ذِمَّتِهِ يَدْفَعُهُ بَعْدَ نَحْوِ شَهْرٍ، وَأَمَّا عِتْقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ بِشَرْطِ أَخْذِ دِينَارٍ مَثَلًا بِيَدِهِ فَيُجْزِئُ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 250 لَا مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ وَمُحَرَّرَةٍ لَهُ لَا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَفِي إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ عَنْ ظِهَارِي: تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ قَالَهُ تت، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ رَجُلٍ وَعَنْ ظِهَارِهِ عَلَى جُعْلٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَوَلَاؤُهُ الْعِتْقُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ الْجُعَلُ، وَلَا يُجْزِيهِ عَنْ ظِهَارِهِ. وَعُطِفَ عَلَى بِلَا شَوْبِ بَعْضُ مُحْتَرَزِهِ عَلَى عَادَتِهِ فَقَالَ (لَا) يُجْزِئُ عِتْقُ رَقِيقٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِشَرْطِ كَوْنِ شِرَائِهِ (لِلْعِتْقِ) عَنْ ظِهَارِهِ لِشَوْبِ الْعِوَضِ لِتَقْدِيرِ تَرْكِ الْبَائِعِ بَعْضَ ثَمَنِهِ فِي نَظِيرِ رِضَا الْمُشْتَرَى بِشَرْطِ عِتْقِهِ وَنَعْتُ رَقَبَةٍ بِ (مُحَرَّرَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ مُعْتَقَةٍ (لَهُ) أَيْ الظِّهَارِ وَعُطِفَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُحْتَرَزِهِ بِقَوْلِهِ: (لَا) يُجْزِئُ عِتْقُ (مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ أَوْ الرَّقِيقِ الَّذِي (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لِقَرَابَتِهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ، أَوْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ عَلَى شِرَائِهِ نَحْوَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ لِأَنَّ عِتْقَهُ لِلْقَرَابَةِ أَوْ التَّعْلِيقِ لَا لِلظِّهَارِ، (وَ) إنْ قَالَ الْمُظَاهِرُ (إنْ اشْتَرَيْته) أَيْ هَذَا الرَّقِيقَ الْمُعَيَّنَ (فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي) ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ فَفِي إجْزَاءِ عِتْقِهِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) الْبُنَانِيُّ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ مَنْ لَا سَبَبَ فِيهِ لِلْعِتْقِ إلَّا التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا، قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَلَا يُجْزِيهِ اهـ. ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْت فُلَانًا فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَاشْتَرَاهُ فَهُوَ يُجْزِيهِ. اهـ. فَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْعُمُومِ فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ خِلَافٌ، وَحَمَلَهَا الْبَاجِيَّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عَنْ ظِهَارِي فَهُوَ وِفَاقٌ. أَبُو عِمْرَانَ مَحَلُّهُمَا إذَا عَلَّقَ بَعْدَ الظِّهَارِ، وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ وَقَعَ مِنِّي وَنَوَيْت الْعَوْدَ، وَإِنْ لَمْ أَنْوِهِ فَلَا يُعْتَقُ اهـ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ، وَنِيَّةُ الْعَوْدِ فِي مَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ أَمْكَنُ لِحُصُولِ الظِّهَارِ فِيهَا وَكُلُّ مُكَفِّرٍ عَنْ ظِهَارٍ فَإِنَّمَا يُرِيدُ عَنْ الظِّهَارِ الَّذِي مَنَعَهُ الْوَطْءَ لِيَطَأَ، فَهَذِهِ نِيَّةُ الْعَوْدَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 251 وَالْعِتْقِ، لَا مُكَاتَبٍ، وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ أَعْتَقَ نِصْفًا فَكُمِّلَ عَلَيْهِ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ لَا أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعٍ،   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ جَرَى فِي لَفْظِ أَبِي عِمْرَانَ أَوَّلًا الْإِشَارَةَ إلَى وَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ مُحَمَّدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ الْتَزَمَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ بَعْدَ ظِهَارِهِ، وَفِي مَسْأَلَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْتَزَمَ عِتْقَهُ لِلْكَفَّارَةِ فِي وَقْتٍ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لَوْ مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ ظِهَارِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عِمْرَانَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ وَبِنَفْسِ شِرَائِهِ يُعْتَقُ اهـ. وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) بِلَا شَوْبِ (الْعِتْقِ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عِوَضٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعِتْقٌ بِالتَّنْكِيرِ أَيْ خَالِيَةٌ عَنْ مُخَالَطَةِ الْعِتْقِ لِغَيْرِ الظِّهَارِ لِعِتْقِهَا لَهُ، وَذُكِرَ مُحْتَرَزُهُ بِقَوْلِهِ (لَا) يُجْزِئُ عِتْقُ (مُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا) مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ عَنْ الظِّهَارِ لِوُجُودِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْجَمِيعِ، وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ أَوْ الْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُ. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى الْمُظَاهِرُ مُكَاتَبًا أَوْ مُدَبَّرًا وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، وَقُلْنَا بِمُضِيِّ شِرَائِهِ وَعِتْقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ كَالْمُكَاتَبِ فَقِيلَ يُجْزِيهِ وَقِيلَ لَا. (أَوْ) أَيْ وَلَا يُجْزِئُ إنْ (أَعْتَقَ) الْمُظَاهِرُ عَنْ ظِهَارِهِ (نِصْفًا) مَثَلًا مِنْ رَقِيقٍ (فَكُمِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عِتْقُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ مِنْ الْحَاكِمِ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ النِّصْفَ الْآخَرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِاخْتِيَارِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِجْزَاءِ عِتْقُ الرَّقَبَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً (أَوْ أَعْتَقَ) الْمُظَاهِرُ (ثَلَاثًا) مِنْ الرِّقَابِ (عَنْ أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسَاءِ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَيْنِ عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ رَقَبَةً عَنْ اثْنَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يُعْتِقَ عَنْ الْبَاقِي، هَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ رَقَبَةٍ فَلَا يُجْزِئُ وَإِنْ سَاوَى عَدَدُ الرِّقَابِ عَدَدَ النِّسَاءِ كَأَرْبَعٍ عَنْ أَرْبَعٍ، أَوْ زَادَ عَلَيْهِ كَأَرْبَعٍ عَنْ ثَلَاثٍ وَإِنْ بَيَّنَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ رَقَبَةً أَوْ أَطْلَقَ حَلَلْنَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ أَشْهَبَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 252 وَيُجْزِئُ: أَعْوَرُ. وَمَغْصُوبٌ، وَمَرْهُونٌ، وَجَانٍ، إنْ اُفْتُدِيَا، وَمَرَضٍ، وَعَرَجٍ خَفِيفَيْنِ، وَأُنْمُلَةٍ، وَجَدْعٍ فِي أُذُنٍ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ وَصَرْفُ عَدَدِ كَفَّارَاتٍ لِمِثْلِهِ مِنْ ظِهَارٍ مُجْزٍ وَلَوْ دُونَ تَعْيِينٍ إنْ لَمْ يَقْتَضِ شَرِكَةً فِي رَقَبَةٍ أَوْ فِي شَهْرَيْ صَوْمٍ أَوْ فِي مِسْكِينٍ لِلُزُومِ تَتَابُعِ الصَّوْمِ، وَصِحَّةِ تَفْرِيقِ إطْعَامِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ تَسَاوَى الْعَدَدَانِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَلَّ عَدَدُ الْكَفَّارَاتِ مُنِعَ الْوَطْءُ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الظِّهَارِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدَةٌ لِغَلَبَةِ الْحُرْمَةِ فِيمَا احْتَمَلَهَا مُسَاوِيًا. (وَيُجْزِئُ) رَقِيقٌ (أَعْوَرُ) أَيْ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ لِقِيَامِ الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) يُجْزِئُ رَقِيقٌ (مَغْصُوبٌ) مِنْ الْمُظَاهِرِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ غَاصِبِهِ، وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً. ابْنُ شَاسٍ عِتْقُ الْمَغْصُوبِ يُجْزِئُ (وَ) يُجْزِئُ رَقِيقٌ (مَرْهُونٌ) فِي دَيْنٍ عَلَى الْمُظَاهِرِ (وَ) رَقِيقٌ (جَانٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ (إنْ اُفْتُدِيَا) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ خَلَّصَ الْمُظَاهِرُ الْمَرْهُونَ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَالْجَانِيَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ، فَإِنْ لَمْ يُفْتَدَيَا وَأَخَذَ الْمُرْتَهِنُ الرَّقِيقَ فِي دَيْنِهِ أَوْ بِيعَ فِيهِ وَأَخَذَ مُسْتَحِقُّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ الرَّقِيقَ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُمَا لِانْفِسَاخِهِ. طفي وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَرْهُونَ وَالْجَانِيَ أُعْتِقَا عَنْ الظِّهَارِ قَبْلَ افْتِدَائِهِمَا. فَيُجْزِئُ إنْ اُفْتُدِيَا بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُجْزِئُ عِتْقُ الْمَرْهُونِ وَالْجَانِي إنْ نَفَذَ، أَيْ الْعِتْقُ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ اُفْتُدِيَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ شَرْطُ النُّفُوذِ فِي الْإِجْزَاءِ صَحِيحٌ. وَأَمَّا الْفِدَاءُ فَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِجْزَاءِ مُبَاشَرَةً، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْعِتْقِ مُبَاشَرَةً، وَفِي الْإِجْزَاءِ بِوَاسِطَتِهِ. (وَ) يُجْزِئُ ذُو (مَرَضٍ وَعَرَجٍ) خَفِيفَيْنِ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَ) يُجْزِئُ مَقْطُوعُ (أُنْمُلَةٍ) وَلَوْ مِنْ إبْهَامٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِيهِ (وَ) يُجْزِئُ ذُو (جَدْعٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَطْعٍ (فِي أُذُنٍ) لَمْ يُوعِبْهَا بِدَلِيلٍ فِي الْبُنَانِيِّ، الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ وَيُجْزِئُ الْجَدْعُ الْخَفِيفُ كَجَدْعِ أُذُنٍ اهـ. وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِتَعَقُّبِهِ عَبْدَ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ وَقَعَ فِي نَقْلِ ابْنِ سَعِيدٍ كَجَدْعِ أُذُنٍ وَمَجْدُوعُ أُذُنٍ لَا يُجْزِئُ، وَإِنَّمَا فِي الْأُمَّهَاتِ وَالْجَدْعُ فِي أُذُنٍ يُرِيدُ الْجَدْعَ الْيَسِيرَ يَكُونُ فِيهَا لَا قَطْعَ الْأُذُنِ كُلِّهَا كَمَا يَقْتَضِيهِ نَقْلُهُ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ قَالَ طفي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 253 وَعِتْقُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ، إنْ عَادَ وَرَضِيَهُ، وَكُرِهَ الْخَصِيُّ، وَنُدِبَ أَنْ يُصَلِّيَ وَيَصُومَ ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَنْهُ وَقْتَ الْأَدَاءِ،   [منح الجليل] تَعَقُّبُ عَبْدُ الْحَقِّ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِ الْأُمَّهَاتِ الْجَدْعُ فِي الْأُذُنِ عَدَمُ إجْزَاءِ مَجْدُوعِهَا لِأَنَّ قَوْلَهَا أَيْضًا لَا يُجْزِئُ مَقْطُوعُ الْأُذُنَيْنِ يَدُلُّ بِحَسْبِ مَفْهُومِهِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ، وَقَدْ قَالَ فِي الْأُمَّهَاتِ وَقَطْعٌ فِي أُنْمُلَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَى تَعَقُّبِهِ أَنْ يَتَعَقَّبَهُ فِي هَذَا أَيْضًا مَعَ أَنَّ مَقْطُوعَ الْأُنْمُلَةِ يُجْزِئُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ، فَيُحْمَلُ مَا فِي الْأُمَّهَاتِ عَلَى اغْتِفَارِ الْقَطْعِ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ الْأُذُنَ الْوَاحِدَةَ أَوْ الْأُنْمُلَةَ، وَيَكُونُ اخْتِصَارُ أَبِي سَعِيدٍ بَيَانًا لِذَلِكَ الْمُرَادِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ نَصُّهَا عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ مَقْطُوعِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ الْأُصْبُعِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) يُجْزِئُ (عِتْقُ الْغَيْرِ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ رَقِيقًا، أَيْ إعْتَاقُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ رَقِيقًا (عَنْهُ) أَيْ الْمُظَاهِرِ إنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي إعْتَاقِهِ عَنْهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) الْمُظَاهِرُ لَهُ فِيهِ (إنْ) كَانَ الْمُظَاهِرُ قَدْ (عَادَ) بِعَزْمِهِ عَلَى وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ مَعَ إمْسَاكِهَا قَبْلَ عِتْقِ غَيْرِهِ عَنْهُ (وَرَضِيَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ عِتْقَ غَيْرِهِ عَنْهُ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْعَبْدُ (الْخَصِيُّ) أَيْ إعْتَاقُهُ عَنْ الظِّهَارِ وَأَوْلَى الْمَجْبُوبُ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَنْ يُصَلِّي وَيَصُومَ) الرَّقِيقُ الَّذِي أُرِيدَ عِتْقُهُ عَنْ الظِّهَارِ. طفي فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعِتْقُ مَنْ صَلَّى وَصَامَ أَحَبُّ إلَيَّ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ مَنْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ أَوْلَى، وَبِهِ فَسَّرَ الشَّارِحُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إعْتَاقَ الصَّغِيرِ مُجْزٍ وَلَوْ رَضِيعًا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَكَبِرَ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ مُقْعَدًا أَوْ مُطْبَقًا، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ. (ثُمَّ لِ) مُظَاهِرٍ (مُعْسِرٍ عَنْهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَضَمِنَ مُعْسِرًا مَعْنَى عَاجِزٍ فَعَدَّاهُ بِعَنْ وَهُوَ مُتَعَدِّدٌ بِالْبَاءِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ) أَيْ فِعْلِ الْكَفَّارَةِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ وَقْتُ وُجُوبِهَا وَهُوَ وَقْتُ الْعَوْدِ عَلَى ظَاهِرِ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَنْ ظَاهَرَ مُوسِرًا وَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أُعْدِمَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ فَإِنَّهُ يُعْتِقُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 254 لَا قَادِرٍ. وَإِنْ بِمِلْكٍ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ: لِكَمَرَضٍ، أَوْ مَنْصِبٍ، أَوْ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا   [منح الجليل] وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا فَهْمُ اللَّخْمِيِّ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِالنَّدْبِ، وَهَذَا فَهْمُ الْبَاجِيَّ تَأْوِيلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا شَرْطُهُ الْعَجْزُ عَنْ الْعِتْقِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ظَاهَرَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ أَوْ دَارٌ لَا فَضْلَ فِيهَا، أَوْ عَرْضُ ثَمَنِ رَقَبَةٍ لَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْعِتْقِ، وَفِي اعْتِبَارِ عَجْزِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا أَوْ وَقْتَ الْوُجُوبِ إنْ أَيْسَرَ بَعْدَ صَوْمِهِ فِي عُسْرِهِ بَعْدَ يُسْرِهِ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ظَاهَرَ مُوسِرٌ وَلَمْ يُعْتِقْ حَتَّى أُعْدِمَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ يُعْتِقُ الْبَاجِيَّ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ. وَحَمَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَ الِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ. وَقِيلَ: بِوَقْتِ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ فِيهِ مُوسِرًا. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا ذَلِكَ لِمَنْ وَطِئَ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْعِتْقِ لِيُسْرِهِ فَلَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى أَعْسَرَ فَصَامَ ثُمَّ أَيْسَرَ. (لَا) يَصِحُّ الصَّوْمُ لِمُظَاهِرٍ (قَادِرٍ) عَلَى الْإِعْتَاقِ وَقْتَ الْأَدَاءِ بِمِلْكِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهِ (بِمِلْكِ) شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ) الْمُظَاهِرُ (إلَيْهِ) مِنْ رِقٍّ وَغَيْرِهِ احْتَاجَ إلَيْهِ (لِكَمَرَضٍ) وَهَرَمٍ (وَمَنْصِبٍ) وَسُكْنَى وَمُرَاجَعَةٍ وَنَفَقَةٍ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ فَوْتُهُ وَلَا فَوْتُ مَنْ تَلْزَمُهُ. نَفَقَتُهُ لِظَنِّ يُسْرِهِ لِإِتْيَانِهِ بِمُنْكَرٍ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٍ. (أَوْ) كَانَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ (بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ) أَيْ لَمْ يَمْلِكْ إلَّا هِيَ (ظَاهَرَ مِنْهَا) فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا حَتَّى يُعْتِقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ مِنْهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ إعْتَاقِهَا جَازَ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الْعِتْقُ وَأَجْزَأَهُ عَنْ ظِهَارِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الْحَقِّ قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ كَيْفَ يُجْزِئُ عِتْقُهَا وَهُوَ يُحَرِّمُ وَطْأَهَا، قَالَ نِيَّةُ عَوْدَتِهِ الْوَطْءَ تُوجِبُ كَفَّارَتَهُ. قِيلَ بَعْضُ النَّاسِ ضَعَّفَهَا، قَالَ إنَّمَا يُضَعِّفُهَا مَنْ لَا يَعْلَمُ مَا لِلسَّلَفِ. قَالَ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَغَيْرُهُمْ الظِّهَارُ يَكُونُ فِي الْإِمَاءِ وَيُعْتِقْنَ عَنْ ظِهَارِهِنَّ، وَقَالَ غَيْرُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 255 صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ، وَتُمِّمَ الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ،   [منح الجليل] وَاحِدٍ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ إنْ كَانَ وَطِئَ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ إرَادَةَ الْعَوْدَةِ تُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا. وَقَرَّرَ بَعْضُ النَّاسِ تَضْعِيفَهَا بِأَنَّ عِتْقَهَا لَهُ مَشْرُوطٌ بِالْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا، وَوَطْأَهَا مَلْزُومٌ لِمِلْكِهَا، وَمِلْكَهَا مُنَاقِضٌ لِعِتْقِهِ، فَيَلْزَمُ مُنَاقَضَةُ الشَّرْطِ مَشْرُوطَهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُنَاقِضَ لِعِتْقِهَا هُوَ الْمُقَارِنُ لَهُ، وَالْمِلْكَ اللَّازِمَ لِلْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا سَابِقٌ عَلَى عِتْقِهَا ضَرُورَةَ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ الْمَشْرُوطِ وَأَحَدُ شُرُوطِ التَّنَاقُضِ اتِّحَادُ الزَّمَانِ. اللَّخْمِيُّ يُجْزِيهِ عِتْقُهَا عَلَى أَنَّ الْعَوْدَةَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِمْسَاكِ وَأَنَّهُ إنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَتَمَّ الْكَفَّارَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا أَجْزَأَتْهُ، وَلَا تُجْزِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُهَا فِي مَوْضِعٍ يَسْتَبِيحُ بِهِ الْإِصَابَةَ لِأَنَّ عِتْقَهَا خِلَافُ الْعَزْمِ عَلَى الْإِصَابَةِ وَلَا يُجْزِيهِ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ مَالِكُ رَقَبَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَةٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا أَجْزَأَتْهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ نَصٌّ وَلَمْ أَعْرِفْهُ. ابْنُ شَاسٍ تَكَلُّفُ الْمُعْسِرِ الْإِعْتَاقَ أَجْزَأَ عَنْهُ قُلْت بِاسْتِيهَابِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِدَانَتِهِ مَعَ إعْلَامِ رَبِّ الدَّيْنِ عَنْهُ لِأَنَّهُ بِهِمَا يَصِيرُ وَاجِدًا. وَالْمَعْطُوفُ بِثُمَّ (صَوْمُ شَهْرَيْنِ) مُعْتَبَرَيْنِ (بِ) رُؤْيَةِ (الْهِلَالِ) لَيْلَةَ أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ، أَوْ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ إنْ ابْتَدَأَهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ حَالَ كَوْنِهِ (مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ) وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4] أَيْ فِعْلًا وَنِيَّةً، فَلَا يَكْفِي تَتَابُعُهُمَا بِدُونِ نِيَّتِهِ (وَ) مَنْوِيَّ (الْكَفَّارَةِ) عَنْ الظِّهَارِ (وَتُمِّمَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى الشَّهْرُ (الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ) أَيْ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمٍ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَمَفْعُولُ تَمَّمَ الثَّانِي مَحْذُوفٌ أَيْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَصِلَةُ تَمَّمَ (مِنْ) الشَّهْرِ (الثَّالِثِ) مُتَّصِلًا بِآخِرِ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ أَشْهَرُ إنْ تَتَابَعَا إنْ بَدَأَهُمَا لِلْأَهِلَّةِ أَجْزَأَ وَلَوْ قَصَّرَا عَنْ سِتِّينَ يَوْمًا، فَإِنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرٍ لِعُذْرٍ فَفِي إكْمَالِهِ ثَلَاثِينَ أَوْ بِقَدْرِ مَا أَفْطَرَ نَقْلًا عِيَاضٍ عَنْ الْوَاضِحَةِ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 256 وَلِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ، إنْ أَضَرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ خَرَاجَهُ، وَتَعَيَّنَ لِذِي الرِّقِّ، وَلِمَنْ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ، وَقَدْ الْتَزَمَ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُهُ لِعَشْرِ سِنِينَ وَإِنْ أَيْسَرَ فِيهِ: تَمَادَى،   [منح الجليل] ابْتَدَأَ لِغَيْرِ الْأَهِلَّةِ فَفِي إكْمَالِ الْمُبْتَدَأِ ثَلَاثِينَ أَوْ بِقَدْرِ مَا فَاتَ مِنْهُ نَقْلَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَخْرِيجُ عِيَاضٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (وَلِلسَّيِّدِ) لِلْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ (الْمَنْعُ) لَهُ مِنْ الصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِخِدْمَتِهِ) إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ (وَلَمْ يُؤَدِّ) الْعَبْدُ (خَرَاجَهُ) الَّذِي جَعَلَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ لِضَعْفِهِ عَنْ تَحْصِيلِهِ بِالصَّوْمِ إنْ كَانَ عَبْدَ خَرَاجٍ، فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي لِمَنْعِ الْخَلْوَةِ فَقَطْ. فَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْخَرَاجِ مَعًا وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَمَنْ وَافَقَهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِيهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِخِدْمَتِهِ وَلَا خَرَاجِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الصَّوْمُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (لِ) لِمُظَاهِرِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الرِّقِّ) أَيْ الرَّقِيقِ أَيْ عَلَيْهِ وَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْإِعْتَاقِ، وَنَفْيُ اللَّازِمِ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ مَلْزُومِهِ وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَطْعَمَ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ قُدْرَتُهُ عَلَى الصِّيَامِ. (وَ) تَعَيَّنَ الصَّوْمُ (لِمَنْ) أَيْ مُظَاهِرٍ حُرٍّ (طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ) أَيْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (وَقَدْ الْتَزَمَ) قَبْلَ ظِهَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ (عِتْقَ مَنْ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي (يَمْلِكُهُ) الْمُظَاهِرُ (لِ) تَمَامِ (عَشْرِ سِنِينَ) مَثَلًا مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ، ظَاهِرٌ أَوْ مَفْهُومُ طُولِبَ بِالْفَيْئَةِ أَنَّهَا إنْ صَبَرَتْ لِتَمَامِهَا لَا يَصُومُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ سَحْنُونٌ. ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْهُ لَمَا أَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَيَصِيرُ لِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَيُعْتَقُ. (وَإِنْ) شَرَعَ الْمُظَاهِرُ فِي الصَّوْمِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْعِتْقِ وَ (أَيْسَرَ) أَيْ قَدَرَ الْمُظَاهِرُ عَلَى الْعِتْقِ (فِيهِ) أَيْ الصَّوْمِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ أَوْ مَا بَعْدَهُ (تَمَادَى) عَلَى الصَّوْمِ وُجُوبًا فِي كُلِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 257 إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ. وَنُدِبَ الْعِتْقُ فِي: كَالْيَوْمَيْنِ، وَلَوْ تَكَلَّفَهُ الْمُعْسِرُ: جَازَ. وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا أَوْ وَاحِدَةٍ   [منح الجليل] حَالٍ (إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ الصَّوْمَ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ فَيَتَعَيَّنُ تَكْفِيرُهُ بِالْعِتْقِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ إفْسَادَ الصَّوْمِ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْعِتْقُ) أَيْ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ (فِي كَالْيَوْمَيْنِ) وَالثَّلَاثَةِ قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِ الرَّابِعِ وَمَفْهُومُ فِي الْيَوْمَيْنِ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي لَيْلَةِ الثَّانِي قَبْلَ طُلُوعِ فَجْرِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِلتَّكْفِيرِ بِالْعِتْقِ وَهُوَ كَذَلِكَ الْبُنَانِيُّ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا بِعَيْنِهِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي نَقَلَهُ " ق " وَمَفْهُومُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّابِعِ وَجَبَ تَمَادِيهِ فِيهِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنَّمَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ يَوْمَ يُكَفِّرُ لَا إلَى حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَنَحْوِهِمَا أَحْبَبْت رُجُوعُهُ لِلْعِتْقِ وَلَا أُوجِبُهُ، وَإِنْ صَامَ أَيَّامًا لَهَا عَدَدٌ مَضَى عَلَى صَوْمِهِ وَكَذَا الْإِطْعَامُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ. الْبَاجِيَّ رَوَى جَعْفَرُ بْنُ زِيَادٍ: مَنْ صَامَ يَوْمَيْنِ ثُمَّ وَجَدَ رَقَبَةً فَإِنَّهُ يُعْتِقُ وَلَوْ صَامَ أَيَّامًا لَهَا اسْمُ أَتَمَّ " صَوْمَهُ وَلَا يُعْتِقُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ مَنْ صَامَ لِظِهَارِهِ لِعَدَمٍ فَأَفْسَدَ بِوَطْءِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا يَوْمٌ وَاحِدٌ لَزِمَهُ الْعِتْقُ وَلَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ. (وَلَوْ تَكَلَّفَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُظَاهِرُ الْمُعْسِرُ الْإِعْتَاقَ عَنْ ظِهَارِهِ بِأَنْ اسْتَوْهَبَ ثَمَنَهُ أَوْ اسْتَدَانَهُ (جَازَ) وَأَجْزَأَ. طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي تَوْضِيحه: لَوْ قَالَ أَجْزَأَ لَكَانَ أَحْسَنَ ثُمَّ ارْتَكَبَهَا هُنَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ قَالَ. . . إلَخْ تَبَعٌ لَهُ وَاعْتِرَاضُ تت رِضًا مِنْهُ بِعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَالْكُلُّ حَسَنٌ لِأَنَّ التَّكَلُّفَ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا بِاسْتِيهَابِ ثَمَنِهِ أَوْ اسْتِدَانَتِهِ مَعَ إعْلَامِهِ رَبَّ الدَّيْنِ أَنَّهُ أَرَادَ إعْتَاقَهُ، وَقَدْ يَكُونُ مَمْنُوعًا بِأَنْ كَانَ الِاسْتِيهَابُ فِي إلْحَاحٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ " س: " لَوْ قَالَ أَجْزَأَ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ قَدْ يَكُونُ تَكَلُّفُهُ مَمْنُوعًا. (وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) أَيْ الصَّوْمِ (بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا) حَالَ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا بِالصَّوْمِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ (أَوْ) بِوَطْءِ (وَاحِدَةٍ مِمَّنْ) أَيْ زَوْجَاتٍ أَوْ إمَاءٍ مُظَاهَرٍ مِنْهُنَّ تُجْزِئُ (فِيهِنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 258 مِمَّنْ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا. كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ،   [منح الجليل] كَفَّارَةٌ) وَاحِدَةٌ بِأَنْ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُنَّ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ كَانَ الْوَطْءُ الْمَذْكُورُ نَهَارًا عَامِدًا، بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ وَطْؤُهُ الْمَذْكُورُ (لَيْلًا) حَالَ كَوْنِهِ (نَاسِيًا) أَوْ جَاهِلًا أَوْ غَالِطًا ظَانًّا أَنَّهَا غَيْرُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا، وَاحْتُرِزَ عَنْ وَطْئِهِ غَيْرَ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ صِيَامَهُ، وَاحْتُرِزَ أَيْضًا عَنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَاتٌ لَيْلًا فِي الصَّوْمِ لِغَيْرِ الصَّائِمِ عَنْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ صَوْمُهُ. فَإِنْ قُلْت الْوَاحِدَةُ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ مُظَاهَرٌ مِنْهَا فَفِيهِ تَكْرَارٌ. قُلْت نَعَمْ لَكِنَّهُ غَامِضٌ قَدْ لَا يُهْتَدَى إلَيْهِ أَوْ يُنَازَعُ فِيهِ فَلِذَا ذَكَرَهُ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِنُكْتَةٍ. (كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا أَوْ وَوَاحِدَةٍ مِمَّنْ فِيهِنَّ كَفَّارَةٌ فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَطْءُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا أَوْ غَلَطًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَبْطُلُ الْإِطْعَامُ الْمُتَقَدِّمُ مُطْلَقًا وَاسْتِئْنَافُهُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا قَالَ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 4] فِي الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ، وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ. وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَشْهُورِ قِيَاسُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالصِّيَامِ وَالْحَذْفُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ لِدَلَالَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ يُعَارَضُ بِأَنَّ ذِكْرَ الْقَيْدِ فِي شَيْئَيْنِ وَتَرْكَهُ مِنْ ثَالِثٍ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ تَقْيِيدِهِ بِهِ خُصُوصًا فِي مَقَامِ الْبَيَانِ مِنْ الشَّارِعِ. وَمَفْهُومُ وَطْءٍ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَالْمُبَاشَرَةَ لَا يَقْطَعَانِهِ، وَشَهَرَهُ ابْنُ عُمَرَ. وَقِيلَ يَقْطَعَانِهِ وَشَهَرَهُ الزَّنَاتِيُّ، وَعُبِّرَ فِي الصَّوْمِ بِالْقَطْعِ وَفِي الْإِطْعَامِ بِالْبُطْلَانِ لِأَنَّ الْإِطْعَامَ لَا يُوصَفُ بِالتَّتَابُعِ. وَاسْتُشْكِلَ بُطْلَانُهُمَا بِهِ بِأَنَّ سَبْقَ بَعْضِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِهَا كُلِّهَا عَنْهُ، وَقَدْ قَالُوا بِإِجْزَائِهَا مُتَأَخِّرَةً عَنْهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُمَاسَّةَ الْمَطْلُوبَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا هِيَ الْمُمَاسَّةُ الْمُبَاحَةُ وَالْوَاقِعَةُ فِي أَثْنَاءِ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرُ مُبَاحَةٍ فَاسْتُؤْنِفَتْ. قُلْتُ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُمَاسَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْكَفَّارَةِ مُمْتَنِعَةٌ أَيْضًا، وَلِذَا قَالُوا بِالْإِجْزَاءِ وَلَمْ يَقُولُوا بِالْجَوَازِ، فَعَادَ السُّؤَالُ، وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّ الْمُمَاسَّةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْكَفَّارَةِ مَحْضُ عَدَاءٍ وَالْمُمَاسَّةَ فِي أَثْنَائِهَا مُنَافِيَةٌ لَهَا مَعَ الْعَدَاءِ كَالْفِعْلِ الْمُبْطِلِ الصَّلَاةَ فِيهَا، بِخِلَافِ تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْعَدَاءِ أَفَادَهُ عب. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 259 وَبِفِطْرِ السَّفَرِ، بِمَرَضٍ هَاجَهُ، لَا إنْ لَمْ يَهِجْهُ: كَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ، وَإِكْرَاهٍ، وَظَنِّ غُرُوبٍ، وَفِيهَا وَنِسْيَانٍ وَبِالْعِيدِ إنْ تَعَمَّدَهُ لَا جَهِلَهُ.   [منح الجليل] (و) انْقَطَعَ تَتَابُعُ الصَّوْمِ (بِفِطْرِ) الصَّائِمِ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فِي (السَّفَرِ) وَلَا يُقَاسُ عَلَى فِطْرِ رَمَضَانَ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ (أَوْ) بِفِطْرِهِ فِي السَّفَرِ (بِ) سَبَبِ (مَرَضٍ هَاجَهُ) أَيْ السَّفَرَ الْمَرَضُ وَلَوْ وَهْمًا (لَا) يَبْطُلُ بِفِطْرِهِ فِي السَّبَبِ مَرَضٌ (إنْ) تَحَقَّقَ أَنَّ السَّفَرَ (لَمْ يَهِجْهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، وَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى نَفْسِهِ مَرَضًا بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ سَفَرًا وَغَيْرَهُ كَأَكْلِهِ شَيْئًا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يُمْرِضُهُ ثُمَّ أَفْطَرَ فَيُجْعَلُ ضَمِيرُ هَاجَهُ لِلشَّخْصِ فَيَعُمُّ السَّفَرَ وَغَيْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ. فَقَالَ (كَ) فِطْرٍ فِي كَفَّارَةِ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ لَهُ (حَيْضٍ) أَوْ نِفَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا فِطْرُ الْمَرَضِ وَالْحَيْضِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيُوجِبُ اتِّصَالَ قَضَائِهِ تَتَابُعًا، بِخِلَافِ فِطْرِ السَّفَرِ وَمَرَضِهِ لِأَنِّي أَخَافُ أَنَّهُ بِهِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ يُجْزِيهِ (وَ) لَا يَقْطَعُهُ فِطْرٌ لِ (لْإِكْرَاهِ) بِمُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ. . . إلَخْ (وَ) فِطْرٍ لِ (ظَنِّ غُرُوبٍ وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (وَ) لَا يَنْقَطِعُ بِفِطْرٍ لِ (نِسْيَانٍ) وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَحَكَى ابْنُ رَاشِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَطْعِهِ بِالْفِطْرِ نَسِيَانَا أَوْ جَهْلًا ثَالِثُهُمَا بِهِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي قَطْعِهِ بِهِ نِسْيَانًا أَوْ خَطَأً، ثَالِثُهَا خَطَأٌ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ لَا عُذْرَ بِتَفْرِقَةِ النِّسْيَانِ وَعَذَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَوْلُهُ بِتَفْرِقَةِ النِّسْيَانِ أَيْ فَصْلُ قَضَاءِ مَا أَفْطَرَ مِنْهَا لِمَرَضِ أَوْ نِسْيَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ نِسْيَانًا عَنْهَا، وَالْمُرَادُ فِطْرُهُ نَاسِيًا بِغَيْرِ جِمَاعٍ أَوْ بِهِ نَهَارًا فِي غَيْرِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ. (وَ) انْقَطَعَ التَّتَابُعُ (بِ) فِطْرِ يَوْمِ (الْعِيدِ) الْأَكْبَرِ وَهُوَ عَاشِرُ ذِي الْحِجَّةِ (إنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ صَوْمَ ذِي الْحِجَّةِ وَذِي الْقَعْدَةِ أَوْ الْمُحَرَّمِ لِظِهَارِهِ (لَا) تَبْطُلُ الْكَفَّارَةُ بِفِطْرِ الْعِيدِ إنْ (جَهِلَهُ) أَيْ الْمُظَاهِرُ أَيْ إتْيَانُهُ فِي شَهْرَيْ ظِهَارِهِ بِأَنْ ظَنَّ ذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 260 وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ، أَوْ يُفْطِرُهُنَّ وَيَبْنِي؟ تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] الْحِجَّةِ الْمُحَرَّمَ وَنَوَى صَوْمَهُ مَعَ صَفَرٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأَوَّلَ الْحِجَّةُ فَأَفْطَرَ يَوْمَ الْعِيدِ فَلَا يُقْطَعُ تَتَابُعُهُ. (وَهَلْ) مَحَلُّ عَدَمِ قَطْعِ التَّتَابُعِ بِجَهْلِ الْعِيدِ (إنْ صَامَ) أَيْ أَمْسَكَ (الْعِيدَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ) بِالْقَافِ وَقَضَاهَا مُتَّصِلَةً بِصَوْمِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصُمْهَا وَأَفْطَرَهَا بَطَلَ صَوْمُهُ وَ (اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ، وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ الْكَاتِبِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَإِذَا صَامَ ذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ عَنْ ظِهَارٍ عَلَيْهِ أَوْ قَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً لَمْ يَجْزِهِ إلَّا مَنْ فَعَلَهُ بِجَهَالَةٍ وَظَنَّ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، فَعَسَى أَنْ يُجْزِيَهُ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ. (أَوْ) لَا يُشْتَرَطُ صَوْمُ الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَ (يُفْطِرُهُنَّ) أَيْ أَيَّامَ النَّحْرِ (وَيَبْنِي) عَلَى مَا صَامَهُ قَبْلُ وَيَقْضِيهِنَّ مُتَّصِلًا، وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّد فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) عب وَفِيهِ أُمُورٌ أَحَدُهَا أَنَّ قَوْلَهُ: وَهَلْ إنْ صَامَ الْعِيدَ يَقْتَضِي قُوَّةَ هَذَا الْقَوْلِ وَمُسَاوَاتَهُ لِمَا بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، وَالْمُرَادُ بِصَوْمِهِ إمْسَاكُهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي رَابِعِ النَّحْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ فِطْرَهُ يُبْطِلُهُ، وَلِذَا قَالَ " د " التَّعْبِيرُ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ بِهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ وَالْحَجِّ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ عَقَبَهُ الثَّالِثُ، ظَاهِرُ قَوْلُهُ يُفْطِرُهُنَّ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِفِطْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى طَلَبِ صَوْمِهِمَا، وَهَلْ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا إذَا أَفْطَرَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا هَلْ يَبْنِي أَوْ يَسْتَأْنِفُ، فَلَوْ قَالَ: لَا جَهِلَهُ إنْ صَامَ ثَانِيَ النَّحْرِ وَثَالِثَهُ وَإِلَّا فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أَوْ يَبْنِي تَأْوِيلَانِ لِسَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَعَلَى صَوْمِهَا فَهَلْ يَقْضِي يَوْمَ الْعِيدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَفَادَهُ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ أَوْ يَقْضِي الثَّلَاثَةَ وَهُوَ مَا فِي الْوَسَطِ وَالصَّغِيرِ. تت أَطْلَقَ الْجَهَالَةَ هُنَا مَعَ أَنَّ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ عِيَاضٍ اُنْظُرْ هَلْ الْجَهَالَةُ الَّتِي عَذَرَهُ بِهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَهَالَةُ بِالْحُكْمِ أَوْ الْجَهَالَةُ بِالْعَدَدِ وَتَعْيِينُ الشَّهْرِ وَغَفْلَتُهُ عَنْ أَنَّ فِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 261 وَجَهْلُ رَمَضَانَ: كَالْعِيدِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَشُهِرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ،   [منح الجليل] فِطْرًا فَيَكُونُ كَالنَّاسِي. وَفِي الشَّامِلِ تَصْحِيحُ الثَّانِي. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: جَهَالَةُ الْحُكْمِ كَجَهَالَةِ الْعَيْنِ جَدّ عج وَهَذَا أَظْهَرُ. (وَجَهْلُ) أَيْ حُكْمُ جَهْلِ (رَمَضَانَ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (كَ) حُكْمِ جَهْلِ (الْعِيدِ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَيَصُومُهُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ صَوْمُ الشَّهْرِ الثَّانِي مُتَّصِلًا وَيُجْزِيهِ لِعُذْرِهِ بِجَهْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَمَفْهُومُ جَهْلُ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يُجْزِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ صَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ لِظِهَارِهِ عَلَى أَنْ يَقْضِيَ رَمَضَانَ لَمْ يُجْزِهِ لِفَرْضِهِ وَلَا لِظِهَارِهِ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ صَامَ شَعْبَانَ لِظِهَارِهِ وَرَمَضَانَ لِفَرْضِهِ وَأَكْمَلَ ظِهَارَهُ بِصَوْمِ شَوَّالٍ أَجْزَأَهُ الصِّقِلِّيُّ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ كَقَوْلِهَا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: هَذَا تَفْرِيقٌ كَثِيرٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ (وَ) انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ (بِفَصْلِ الْقَضَاءِ) لِمَا أَفْطَرَهُ مِنْ الْكَفَّارَةِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ عَنْهَا بِمَا يُجَوِّزُ صَوْمَهُ وَأَفْطَرَهُ وَأَمَّا فَصْلُهُ بِمَا لَا يُجَوِّزُ صَوْمَهُ كَالْعِيدِ فَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَسَوَاءٌ فَصَلَهُ بِذَلِكَ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَبُو الْحَسَنِ فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَشُهِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَيْضًا الْقَطْعُ) لِتَتَابُعِ الصَّوْمِ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ (بِالنِّسْيَانِ) فَلَيْسَ هَذَا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَفِيهَا نِسْيَانٌ كَيْفَ وَقَدْ حَكَى ابْنُ رَاشِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى مَا فِيهَا، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا مَا ذَكَرَهُ فِي النِّسْيَانِ لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. وَاَلَّذِي شُهِّرَ الْقَطْعُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ " تَتَابُعُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ فَرْضٌ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ، فَلَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِتَفْرِيقِهَا نِسْيَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا يُعْذَرُ فِيهِ بِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ، فَإِنْ مَرِضَ فَأَفْطَرَ فِي شَهْرَيْ صِيَامِهِ أَوْ أَكَلَ فِيهِمَا نَاسِيًا قَضَى ذَلِكَ وَوَصَلَهُ بِصِيَامِهِ، فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَهُ بِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُتَعَمِّدًا اسْتَأْنَفَ صِيَامَهُ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ اهـ. فَلَوْ كَانَ تَشْهِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا زَعَمَ فِي ضَيْح وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَنَبَّهَ عَلَى مَذْهَبِهَا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 262 فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا: صَامَهُمَا وَقَضَى الْأَرْبَعَةَ،   [منح الجليل] وَلَمْ يَعْزِهِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَكَلَامُهَا فِي الْفِطْرِ نِسْيَانًا لَا فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا خِلَافٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ نَاجِي، وَلَمْ يَعْزِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ لَهَا إلَّا الْعُذْرَ بِالنِّسْيَانِ وَإِنَّمَا عَزَوْا عَدَمَ اغْتِفَارِهِ لِغَيْرِهَا أَفَادَهُ طفي. (فَإِنْ) كَانَ عَلَى الْمُظَاهِرِ كَفَّارَتَانِ لِظِهَارَيْنِ، وَصَامَ عَنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَأَفْطَرَ فِي يَوْمَيْنِ مِنْهَا نَاسِيًا وَتَذَكَّرَهُمَا وَ (لَمْ يَدْرِ) الْمُظَاهِرُ (بَعْدَ) فَرَاغِ (صَوْمِ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ (عَنْ ظِهَارَيْنِ) لَزِمَاهُ وَقُبِلَ فِطْرُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهَا وَمَفْعُولُ يَدْرِ، (مَوْضِعَ) الـ (يَوْمَيْنِ) اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا نَاسِيًا هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، أَوْ أَوَّلُهُمَا آخِرُ الْأُولَى وَثَانِيهِمَا آخِرُ الثَّانِيَةِ، وَلَكِنْ عَلِمَ تَوَالِيهِمَا وَاجْتِمَاعَهُمَا، وَجَوَابُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ. . . إلَخْ. (صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِصْلَاحُهَا مُمْكِنٌ (وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا أَوْ كَوْنِ أَوَّلِهِمَا مِنْ الْأُولَى، وَقَدْ بَطَلَتْ بِفَصْلِ قَضَائِهَا بِالثَّانِيَةِ فَصَوْمُ الْيَوْمَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ فِطْرَ النِّسْيَانِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَقَضَاءُ الشَّهْرَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ نِسْيَانًا يَقْطَعُهُ. (وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا) أَيْ تَوَالِي الْيَوْمَيْنِ (صَامَهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بِالْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ لِاحْتِمَالِ اجْتِمَاعِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَإِصْلَاحُهَا مُمْكِنٌ (وَ) قَضَى الْأَشْهُرَ (الْأَرْبَعَةَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ فَرَّعَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَسْأَلَةَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَفَرَّعَهَا عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ إلَّا أَنَّهُمَا أَجْمَلَا وَفَصَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى التَّفْرِيعِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ اجْتِمَاعَهُمَا لَمْ تَبْطُلْ عَلَى كُلِّ احْتِمَالٍ، إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا مِنْ الْأُولَى فِي أَوَّلِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا أَوْ آخِرِهَا، بَطَلَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ وَحْدَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ آخِرَ الْأُولَى وَالثَّانِي أَوَّلَ الثَّانِيَةِ لَمْ تَبْطُلْ إلَّا الْأُولَى، فَلِذَا لَمْ يَقْضِ الْأَرْبَعَةَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعْلَمْ اجْتِمَاعُهُمَا فَيُحْتَمَلُ مَا ذُكِرَ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَ مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلَانِ مَعًا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 263 ثُمَّ تَمْلِيكُ سِتِّينَ مِسْكِينًا أَحْرَارًا مُسْلِمِينَ: لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ بُرًّا، وَإِنْ اقْتَاتُوا تَمْرًا أَوْ مُخْرَجًا فِي الْفِطْرِ: فَعَدْلُهُ، وَلَا أُحِبُّ   [منح الجليل] فَيَقْضِي الْأَرْبَعَةَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّفْصِيلَ بِشِقَّيْهِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ النِّسْيَانَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَأَمَّا إنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْفِطْرَ نِسْيَانًا لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يَقْطَعُهُ فَلَا يَقْضِي إلَّا شَهْرَيْنِ فَقَطْ مَعَ صَوْمِ يَوْمَيْنِ عُلِمَ اجْتِمَاعُهُمَا أَمْ لَا، وَعَلَيْهِ فَرَّعَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَابْنُ عَرَفَةَ مُعْرِضًا عَنْ تَفْرِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ صَوْمُ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ مُقَيَّدٌ بِشَكِّهِ فِي أَمْسِهِ، هَلْ هُوَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَمْ لَا فَإِنْ تَحَقَّقَ سَبْقَهُمَا فَيَحْتَسِبُ بِالْعَدَدِ الَّذِي صَامَهُ وَلَمْ يَتَخَلَّلْهُ فِطْرٌ وَيَبْنِي عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (ثُمَّ) إذَا عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ (تَمْلِيكُ سِتِّينَ) شَخْصًا (مِسْكَيْنَا أَحْرَارًا) بِالْجَرِّ نَعْتُ سِتِّينَ وَبِالنَّصْبِ حَالٌ مِنْهُ لِتَخَصُّصِهِ بِالتَّمْيِيزِ (مُسْلِمِينَ، لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتِّينَ (مُدٌّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ، نَبَوِيٌّ وَهُوَ مِلْءُ حِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ وَوَزْنُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بَغْدَادِيٌّ، وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ شَعِيرَةً مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ (وَثُلُثَانِ) مِنْ مُدٍّ، فَمَجْمُوعُ الْكَفَّارَةِ مِائَةُ مُدٍّ نَبَوِيٍّ (بُرًّا) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ قَمْحًا تَمْيِيزٌ لِلْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ وَبَيَانٌ لِجِنْسِ الطَّعَامِ الْمُخْرَجِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، إنْ اقْتَاتُوا الْبُرَّ (وَإِنْ اقْتَاتُوا) أَيْ أَهْلُ بَلَدِ الْكُفْرِ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ (تَمْرًا أَوْ) اقْتَاتُوا طَعَامًا (مُخْرَجًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ غَيْرُ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ، أَيْ مَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ (فِي) زَكَاةِ (الْفِطْرِ) وَهُوَ شَعِيرٌ وَسُلْتٌ وَأُرْزٌ وَذُرَةٌ وَدُخْنٌ وَزَبِيبٌ وَأَقِطٌ وَبُرٌّ وَتَمْرٌ فَهَذِهِ التِّسْعَةُ الَّتِي تُخْرَجُ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْهَا، (فَعَدْلُهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُسَاوِي الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمُقْتَاتِ غَيْرَ الْبُرِّ عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ إذَا شَبِعَ الشَّخْصُ بِمُدِّ حِنْطَةٍ كَمْ يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا، وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي مِثْلُ مَكِيلَةِ الْقَمْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَرْضٌ وَلَا ثَمَنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَلَا أُحِبُّ الْغَذَاءَ وَالْعَشَاءَ) أَيْ لِلْمِسْكِينِ بَدَلًا عَنْ الْمُدِّ وَالثُّلُثَيْنِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُمَا يَبْلُغَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 264 الْغَذَاءَ وَلَا الْعَشَاءَ: كَفِدْيَةِ الْأَذَى؛ وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ آيَسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ، أَوْ إنْ شَكَّ؟ ؛ قَوْلَانِ فِيهَا وَتُؤُوِّلَتْ   [منح الجليل] الْمُدَّ وَالثُّلُثَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ غَدَّى وَعَشَّى فَلَا يُعِيدُ، فَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ الْإِمَامِ عَلَى النَّدْبِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَلَى التَّحْرِيمِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهَا يُجْزِئُ ذَلِكَ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الْكَفَّارَاتِ، فَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الظِّهَارِ، وَشُبِّهَ فِي نَفْيِ أَحَبِّيَّةِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ فَقَالَ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ لِتَرَفُّهِهِ أَوْ إزَالَتِهِ أَذًى وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى، أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ تَمْلِيكِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مُدَانٍ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ بَدَلًا عَنْ الْمُدَّيْنِ فِيهَا لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُمَا يَبْلُغَانِهِمَا. (وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ) الْمُظَاهِرُ عَنْ الصَّوْمِ الَّذِي عَجَزَ عَنْهُ، إلَى الْإِطْعَامِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا إنْ آيَسَ) الْمُظَاهِرُ عِنْدَ الْعَوْدَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ (مِنْ قُدْرَتِهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ (عَلَى الصَّوْمِ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ، بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا حِينَئِذٍ مَثَلًا وَعَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ اسْتِمْرَارُ عَجْزِهِ عَنْهُ إلَى مَوْتِهِ، (أَوْ) يَنْتَقِلُ (إنْ شَكَّ) الْمُظَاهِرُ حِينَ الْعَوْدِ فِي قُدْرَتِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) مَذْكُورَانِ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ صَامَ عَنْ ظِهَارِهِ شَهْرًا ثُمَّ مَرِضَ، وَهُوَ لَا يَجِدُ رَقَبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ، وَإِنْ تَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَارٍّ، وَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِذَا صَحَّ صَامَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ لَا يُقَوِّي صَاحِبَهُ عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَهُ، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الْإِطْعَامِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ، إلَّا بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِيهَا أَيْضًا مَنْ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ، وَهُوَ مَرِيضٌ بِمِثْلِ الْأَمْرَاضِ الَّتِي يَصِحُّ مِنْهَا فَلْيُنْظَرْ حَتَّى يَصِحَّ، إذَا كَانَ لَا يَجِدُ رَقَبَةً وَكُلُّ مَرَضٍ يَطُولُ بِصَاحِبِهِ، وَلَا يَدْرِي لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَمْ لَا، وَلَعَلَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَهْلِهِ فَلْيُطْعِمْ وَيُصِبْ أَهْلَهُ ثُمَّ إنْ صَحَّ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ الْإِطْعَامُ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ التَّرَدُّدَ لَا يُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ: لَا يَدْرِي لِيَبْرَأَ مِنْهُ أَمْ لَا، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 265 أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَكَالْيَمِينِ وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ إنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ،   [منح الجليل] مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ عَلَى الْخِلَافِ (عَلَى أَنَّ) الْمُظَاهِرَ (الْأَوَّلَ) الَّذِي صَامَ شَهْرًا عَنْ ظِهَارِهِ ثُمَّ مَرِضَ (قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ) بِصَوْمِهِ شَهْرًا مِنْهَا وَالثَّانِيَ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا، وَلِلدُّخُولِ تَأْثِيرٌ فِي الْعَمَلِ بِالتَّمَادِي فَلِذَا لَا يَنْتَقِلُ الْأَوَّلُ، إلَّا إذَا آيَسَ وَلِلثَّانِي الِانْتِقَالُ وَلَوْ لَمْ يَيْأَسْ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ، مِنْهُمْ ابْنُ شَبْلُونَ ابْنُ عَرَفَةَ تَقْرِيرُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَرَضَ أَثْنَاءَ الصَّوْمِ أَضْعَفُ مِنْهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِي أَثْنَائِهِ عَرَضَ بَعْدَ كَوْنِ الْمُكَفِّرِ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ بِالْفِعْلِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يَنْتَقِلُ لِلْإِطْعَامِ إلَّا لِعَجْزِهِ عَنْهُ دَائِمًا كَوْنُهُ كَذَلِكَ فِي الْمَرَضِ الْعَارِضِ قَبْلَ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْمُكَفِّرَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ بِالْقُوَّةِ وَمَا بِالْقُوَّةِ أَضْعَفُ مِمَّا هُوَ بِالْفِعْلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الِانْتِقَالَ عَنْ الْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ إلَى الصَّوْمِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْيَأْسُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (وَإِنْ أَطْعَمَ) أَيْ مَلَّكَ الْمُظَاهِرُ (مِائَةً وَعِشْرِينَ) مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ مُدٍّ وَثُلُثَهُ وَهُوَ نِصْفُ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ تَمْلِيكِ عَشَرَةِ أَمْدَادٍ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفَ مُدٍّ فِي كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَتَّى يُكْمِلَ لِعَشَرَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا، وَلَهُ نَزْعُ مَا دَفَعَهُ لِلْعَشَرَةِ الْأُخْرَى إنْ كَانَ بَيَّنَ لَهُمْ حِينَ الدَّفْعِ أَنَّهَا كَفَّارَةٌ، وَبَقِيَ بِأَيْدِهِمْ مَا أَرَادَ نَزْعَهُ فَلَا يُجْزِئُ هُنَا حَتَّى يُكْمِلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ سِتِّينَ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ وَلَهُ نَزْعُ مَا دَفَعَهُ لِغَيْرِهِمْ بِالْقُرْعَةِ إنْ كَانَ بَيَّنَ وَبَقِيَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ لَا وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الْأَخْذَ بَعْدَ السِّتِّينَ تَعَيَّنَ رَدُّ مَا بِيَدِهِ وَفِي شَرْطِ بَقَاءِ النِّصْفِ الْمُكَمِّلِ عَلَيْهِ بِيَدِ الْمِسْكِينِ إلَى التَّكْمِيلِ وَعَدَمِهِ تَأْوِيلًا أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ وَعِيَاضٍ. (وَلِلْعَبْدِ) الْمُظَاهِرِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الطَّعَامِ كَفَّارَةً عَنْ ظِهَارِهِ، (إنْ) عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَ (أَذِنَ) لَهُ (سَيِّدُهُ) فِي الْإِطْعَامِ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ لِلِاخْتِصَاصِ إذْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 266 وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ، أَوْ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ، أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ، أَوْ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ، أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ فَقَطْ؟ تَأْوِيلَاتٌ، وَفِيهَا إنْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ،   [منح الجليل] الْإِطْعَامُ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَحَبُّ إلَيَّ) (أَنْ يَصُومَ) الْعَبْدُ عَنْ ظِهَارِهِ (وَإِنْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (أَذِنَ لَهُ) سَيِّدُهُ (فِي الْإِطْعَامِ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَى الصَّوْمِ أَوْ عَاجِزًا عَنْهُ، (وَهَلْ هُوَ) أَيْ قَوْلُ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَبُّ (وَهْمٌ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ غَلَطٌ لِسَانِيٌّ وَبِسُكُونِهَا أَيْ سَهْوٌ قَلْبِيٌّ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّوْمَ هُوَ (الْوَاجِبُ) عَلَى الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ (أَوْ) لَيْسَ بِوَهْمٍ وَ (أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ) أَيْ الْمُخْتَارُ إلَى وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ (أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ) لِلْعَبْدِ مِنْ الصَّوْمِ مَعَ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَإِضْرَارِهِ بِهِ فِي عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ (أَوْ) أَحَبُّ لِلْعَبْدِ الصَّوْمُ (لِمَنْعِ السَّيِّدِ) أَيْ عِنْدَ مَنْعِهِ الْعَبْدَ مِنْ الصَّوْمِ، لِإِضْرَارِهِ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ بِحَيْثُ يُؤَخِّرُ الْكَفَّارَةَ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الصَّوْمِ، أَوْ يُعْتَقَ أَوْ يَأْتِيَ زَمَانٌ لَا يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ فِيهِ عَنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ أَوْ خَرَاجِهِ (أَوْ) أَحَبُّ مَحْمُولٌ (عَلَى) الْعَبْدِ (الْعَاجِزِ) عَنْ الصَّوْمِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَوْدِ (فَقَطْ) بِكَمَرَضٍ وَهُوَ رَاجٍ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَعَارَضَ ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا بِالْحُرِّ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ، وَهُوَ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (إنْ أَذِنَ) السَّيِّدُ (لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْحَالِفِ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ (أَنْ يُطْعِمَ) أَوْ يَكْسُوَ الْعَبْدُ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ (فِي) كَفَّارَةِ (الْيَمِينِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَا أُلْحِقَ بِهَا (أَجْزَأَهُ) أَيْ الْعَبْدَ مَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ مِنْ إطْعَامٍ أَوْ كُسْوَةٍ (وَفِي قَلْبِي مِنْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 267 وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ   [منح الجليل] شَيْءٌ) أَيْ كَرَاهَةٌ وَنُفْرَةً، وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي لِلِاخْتِلَافِ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا: لَيْسَ عَلَيْهِ أَيْ الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ لَهُ فَصَوْمُهُ أَحَبُّ إلَيَّ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ قُلْت نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطِ وَزَادَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا أَدْرِي مَا هَذَا، وَلَا يُطْعِمُ مَنْ يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ وَمَا جَوَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا وَهْمٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَحَمَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ الصَّوْمَ وَلِتَرَدُّدِهِ فِي صِحَّةِ مَنْعِهِ، اُسْتُحِبَّ صَوْمُهُ الْبَاجِيَّ حَمَلَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ وَمَعْنَى اسْتِحْبَابِهِ صَوْمَهُ قَصْرُ تَكْفِيرِهِ عَلَيْهِ. قَالَ: لِأَنَّ لِسَيِّدِهِ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لِلْمَسَاكِينِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ إذْنِهِ، فَلَا يُطْعِمُ لِأَنَّ إذْنَ سَيِّدِهِ لَا يُخْرِجُ الطَّعَامَ مِنْ مِلْكِهِ إلَّا لِلْمَسَاكِينِ الشَّيْخُ يُرِيدُ أَنَّ مِلْكَ الْعَبْدِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ عِيَاضٌ مِثْلُ تَوْهِيمِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا طَرَحَ سَحْنُونٌ لَفْظَ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَالَ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ، وَزَادَ اعْتِذَارًا آخَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِرَجْعِ أَحَبُّ إلَى السَّيِّدِ أَيْ إذْنُهُ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْأَبْهَرِيُّ قَالَ الصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْهُ فَأَحَبُّ إلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَقْدِرَ عَلَيْهِ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ عَجْزُهُ وَرُجِيَ بُرْؤُهُ فَفَرْضُهُ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَفَرْضُهُ الْإِطْعَامُ ثُمَّ قَالَ: قَدْ تَكُونُ أَحَبُّ عَلَى بَابِهَا وَلَا وَهْمَ، وَلَا تَجَوُّزَ فِيهَا بِأَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ أَرْجَحَ وَأَوْلَى وَإِنْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ الصِّيَامَ أَجْزَأَهُ وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصِّيَامِ حِينَئِذٍ وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ " إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَكْسُوَ يُجْزِئُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي فَلَمْ يَرَ مِلْكَهُ لِلطَّعَامِ وَالْكُسْوَةِ مِلْكًا مُسْتَقَرًّا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَمْ يُعْطِنَا فِي الْإِطْعَامِ جَوَابًا بَيِّنًا اللَّخْمِيُّ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ سَيِّدُهُ وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّهُ مِلْكٌ مُتَرَقَّبٌ، لَمْ أَرَ لِسَيِّدِهِ رُجُوعًا وَلَا انْتِزَاعًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَبْدِ فِيهِ وَأَدْنَى حَالِهِ أَنَّهُ كَمَنْ أُطْعِمَ عَنْهُ. (وَلَا يُجْزِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ (تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ) لِظِهَارَيْنِ (فِي) حَظِّ كُلِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 268 وَلَا تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ وَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ عَدَدًا، أَوْ عَنْ الْجَمِيعِ كَمَّلَ، وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَتْ وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ، وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ طَلُقَتْ.   [منح الجليل] مِسْكِينٍ) بِأَنْ يُمَلِّكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ ثُلُثَيْنِ عَنْ كَفَّارَتَيْنِ نَاوِيًا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَاهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ لِلْكَفَّارَتَيْنِ مُنَاصَفَةً كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ إجْزَاءِ التَّشْرِيكِ فِي الصَّوْمِ بِالْأَوْلَى لِشَرْطِيَّةِ تَتَابُعِهِ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ إجْزَاءِ مَا فِيهِ التَّشْرِيكُ سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعَ أَوْ الْبَعْضَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلَا) يُجْزِئُ (تَرْكِيبُ) كَفَّارَةٍ مِنْ (صِنْفَيْنِ) كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَاحْتُرِزَ بِصِنْفَيْنِ مِنْ تَرْكِيبِهَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ كَغَدَاءِ وَعَشَاءِ ثَلَاثِينَ وَتَمْلِيكِ ثَلَاثِينَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا أَوْ ثُلُثَيْنِ فَيُجْزِي (وَ) لَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَعَجَزَ عَنْ الْإِعْتَاقِ وَالصَّوْمِ، وَأَطْعَمَ مَسَاكِينَ كُلَّ وَاحِدٍ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ وَمَفْعُولُ نَوَى (لِكُلٍّ) مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ عَدَدًا مِنْ الْمَسَاكِينِ أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ (أَوْ) نَوَى بِمَا أَخْرَجَهُ (عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ مَجْمُوعِ الْكَفَّارَتَيْنِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ وَلَمْ يَنْوِ التَّشْرِيكَ فِي مِسْكِينٍ (كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الظَّاهِرُ لِكُلِّ كَفَّارَةٍ سِتِّينَ عَلَى مَا نَوَاهُ، لِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَلَى مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ قِسْمَةِ الْمَجْمُوعِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (وَ) إنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمُكَفَّرِ عَنْهُنَّ قَبْلَ التَّكْمِيلِ (سَقَطَ حَظُّ) أَيْ نَصِيبُ (مَنْ مَاتَتْ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَمِّلَ لَهَا، وَلَا يُجْزِيهِ مَا أَخْرَجَهُ لَهَا عَنْ كَفَّارَةٍ عَنْ غَيْرِهَا وَمِثْلُ الْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ، وَمَحَلُّ السُّقُوطِ إذَا لَمْ يَطَأْهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ طَلَاقِهَا وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ حَظُّهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ لَهَا سِتِّينَ. (وَلَوْ أَعْتَقَ) الْمُظَاهِرُ (ثَلَاثًا) مِنْ الرِّقَابِ (عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ) مِنْ النِّسَاءِ مُظَاهَرٍ مِنْهُنَّ، وَقَدْ لَزِمَهُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ الثَّلَاثَ الْمُعْتَقَ عَنْهُنَّ (لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً) مِنْ الْأَرْبَعِ (حَتَّى يُخْرِجَ) الْكَفَّارَةَ (الرَّابِعَةَ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الَّتِي أَرَادَ وَطْأَهَا لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا إنْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ أَوْ تَطْلُقْ بَلْ (وَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْ الْأَرْبَعِ (أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 269 (بَابٌ)   [منح الجليل] طَلُقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبَاقِيَاتِ حَتَّى يُخْرِجَ الْكَفَّارَةَ الرَّابِعَةَ، وَلَوْ مَاتَ ثَلَاثٌ أَوْ طَلُقَتْ وَبَقِيَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا حَتَّى يُخْرِجَ الرَّابِعَةَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا الَّتِي لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهَا وَمِثْلُ الْإِعْتَاقِ الصَّوْمُ وَالْإِطْعَامُ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَسَاكِينَ بِبَلَدِهِ يَنْقُلُ الطَّعَامَ لِبَلَدٍ آخَرَ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَفِي الشَّامِلِ إنْ انْتَهَبَ الْمَسَاكِينُ طَعَامَ الْكَفَّارَةِ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ فَلَا يُبْنَى عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَإِلَّا بُنِيَ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ فِي عَدَدٍ أَنَّهُمْ أَخَذُوا مَا يَجِبُ لَهُمْ بُنِيَ عَلَيْهِمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. [بَابٌ فِي أَحْكَام اللِّعَان] (بَابٌ) فِي أَحْكَامِ اللِّعَانِ هُوَ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ مَعْنَاهُ لَعَنَ كُلٌّ مِنْ شَخْصَيْنِ الْآخَرَ، وَأَصْلُ اللَّعْنِ الْإِبْعَادُ وَالطَّرْدُ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تُبْعِدُ الْمُتَمَرِّدَ الشِّرِّيرَ لِئَلَّا تُؤْخَذَ بِجَرَائِرِهِ وَتُسَمِّيهِ لَعِينًا وَعُرْفًا: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حَلِفُ زَوْجٍ عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ أَوْ نَفْيُ حَمْلِهَا اللَّازِمِ لَهُ، وَحَلِفُهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ إنْ أَوْجَبَ نُكُولُهَا حَدَّهَا بِحُكْمِ قَاضٍ وَاحْتَرَزَ بِاللَّازِمِ عَنْ حَمْلِهَا غَيْرِ اللَّازِمِ كَاَلَّذِي أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ وَهُوَ خَصِيٌّ أَوْ مَجْبُوبٌ أَوْ صَبِيٌّ فَلَا لِعَانَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: وَحَلِفُهَا عَنْ حَلِفِهِ وَنُكُولُهَا الَّذِي لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهَا لِثُبُوتِ غَصْبِهَا وَبِقَوْلِهِ بِحُكْمٍ عَنْ تَلَاعُنِهِمَا بِلَا حُكْمٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِعَانًا شَرْعِيًّا ثُمَّ قَالَ: وَلَا نَصَّ فِي حُكْمِهِ ابْنُ عَاتٍ لَاعَنَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ فَعُوتِبَ فَقَالَ: أَرَدْت إحْيَاءَ سُنَّةٍ دَرَسَتْ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ لِنَفْيِ نَسَبٍ وَجَبَ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى تَرْكُهُ بِتَرْكِ سَبَبِهِ فَإِنْ وَقَعَ صِدْقًا وَجَبَ لِوُجُوبِ دَفْعِ مَعَرَّةِ الْقَذْفِ وَحَدِّهِ، ثُمَّ وَجَدْت مِثْلَهُ فِي سِرَاجِ الْعَرَبِيِّ، وَمُنَاسَبَةُ تَسْمِيَةِ هَذَا لِعَانًا تَبَاعُدُهُمَا عَنْ النِّكَاحِ بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ أَوْ ذِكْرِ اللَّعْنَةِ فِي خَامِسَةِ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُسَمَّ غِضَابًا مَعَ ذِكْرِهِ فِي خَامِسَتِهَا تَغْلِيبًا لِلذَّكَرِ وَلِسَبْقِهِ وَتَسَبُّبِهِ فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 270 إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ أَوْ فِسْقًا أَوْ رُقَّا، لَا كُفْرًا إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا   [منح الجليل] لِعَانِهَا (إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ) مُكَلَّفٌ مُسْلِمٌ لَا سَيِّدٌ ابْنُ عَرَفَةَ شُرِطَ لِزَوْجٍ تَكْلِيفُهُ قَالُوا وَكَذَا إسْلَامُهُ وَفِسْقُهُ لَغْوٌ. اللَّخْمِيُّ لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ أَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمَةً عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ غَيْرُ زِنًا فَقَذَفَهَا لَاعَنَ وَلَا تُحَدُّ إنْ نَكَلَتْ لِأَنَّهَا أَيْمَانُ كَافِرٍ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ عِمْرَانَ لَوْ رَضِيَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ بِحُكْمِنَا فَنَكَلَتْ رُجِمَتْ، عَلَى قَوْلِ عِيسَى لَا عَلَى قَوْلِ الْبَغْدَادِيِّينَ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ إنْ صَحَّ نِكَاحُهُ بَلْ (وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَوْ بِإِجْمَاعٍ دَخَلَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ عَدْلًا (أَوْ فِسْقًا) أَيْ الزَّوْجَانِ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا (أَوْ رُقَّا) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ كَانَا رَقِيقَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الْعَبْدُ كَالْحُرِّ وَفِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلُ قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ الَّذِي لَا يُقِرُّ عَلَى حَالٍ لَاعَنَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ. الْمُتَيْطِيُّ أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ بِثُبُوتِهِ فِيمَا دُرِئَ فِيهِ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] مُنْقَطِعٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ غَيْرَ قَوْلِهِمْ فَإِنَّ الشَّخْصَ لَا يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ، عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ: الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ، وَالْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ، وَرُدَّ بِلُزُومِ تَخْرِيجِ الْقُرْآنِ عَلَى لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ إذْ نَصْبُ الْمُسْتَثْنَى الْمُنْقَطِعِ بَعْدَ النَّفْيِ وَشِبْهِهِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ وَرَاجِحٌ عِنْدَ التَّمِيمِيِّينَ فَالْمُتَعَيِّنُ جَعْلُ " إلَّا " بِمَعْنَى " غَيْرُ "، صِفَةُ " شُهَدَاءُ " ظَهَرَ إعْرَابُهَا عَلَى مَا بَعْدَهَا لِكَوْنِهَا عَلَى صُورَةِ الْحَرْفِ وَحَقَّقَ الرَّضِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ س جَوَازُ ذَلِكَ فِي إلَّا سَوَاءٌ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِهَا أَوْ تَعَذَّرَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي اشْتِرَاطِهِ تَعَذُّرَهُ بِهَا. (لَا) يُلَاعِنُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ إنْ (كَفَرَا) أَيْ الزَّوْجَانِ مَعًا إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْهِ رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ (إنْ قَذَفَهَا) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (ب) رُؤْيَةِ (زِنًا) فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ ادَّعَى طَوْعَهَا فِيهِ وَرَفَعَتْهُ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا وَإِلَّا فَلَا لِعَانَ ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبُهُ فِيهَا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِمَا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةَ زِنَاهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ ثُمَّ لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 271 فِي نِكَاحِهِ، وَإِلَّا حُدَّ تَيَقَّنَهُ أَعْمَى   [منح الجليل] يَطَأْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَنْفِيَ حَمْلًا قَبْلَهُ اسْتِبْرَاءٌ، وَلَوْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا دُونَ رُؤْيَةٍ وَلَا نَفْيِ حَمْلٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ دُونَ اسْتِبْرَاءٍ فَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ: يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ ابْنُ نَافِعٍ يُلَاعِنُ وَلَا يُحَدُّ وَقَالَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ الْأُولَى الْبَاجِيَّ هِيَ الْمَشْهُورُ وَفِي لَغْوِ تَعْرِيضِهِ وَلِعَانِهِ بِهِ قَوْلًا الْمَعْرُوفُ، وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ مَعَ عِيَاضٍ عَنْ قَذْفِهَا وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي حَدِّهِ بِهِ كَأَجْنَبِيٍّ أَوْ تَأْدِيبِهِ، نَقَلَ مُحَمَّدٌ قَوْلَ أَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّيْخِ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ صَرَّحَ بَعْد تَعْرِيضِهِ لَاعَنَ. ثُمَّ قَالَ وَكَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ " قَذَفَهَا بِوَطْءِ الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَاضِحٌ، ثُمَّ قَالَ وَفِي شَرْطِ الرُّؤْيَةِ بِكَشْفٍ كَالْبَيِّنَةِ وَالِاكْتِفَاءُ بِرُؤْيَتِهَا تَزْنِي سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ وَالشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ فَقَطْ، وَصِلَةُ قَذَفَهَا (فِي) زَمَنِ (نِكَاحِهِ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الزِّنَا الْمَقْذُوفِ بِهِ فِي زَمَنِ نِكَاحِهِ أَيْضًا فَفِي ق عَنْ الْبَاجِيَّ إنْ قَالَ: " رَأَيْتُك تَزْنِينَ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك حُدَّ اتِّفَاقًا اهـ. وَفِي الْجَوَاهِرِ: إنْ قَذَفَهَا فِي النِّكَاحِ بِزِنًا قَبْلَهُ فَلَا يُلَاعِنُ وَحُدَّ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَنُقِلَ عَلَيْهِ فِي ضَيْح كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَإِذَا قَذَفَهَا بِزِنًا فِي نِكَاحِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا وَقَامَتْ بِحَقِّهَا فَيُلَاعِنُهَا وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، وَزَمَنُ الْعِدَّةِ كَزَمَنِ النِّكَاحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَذْفُ وَالزِّنَا مَعًا فِي نِكَاحِهِ، بِأَنْ قَذَفَهَا بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْهُ بِزِنًا فِي نِكَاحِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحِهِ بِزِنًا قَبْلَهُ (حُدَّ) الزَّوْجُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ، وَلَا يُلَاعِنُ وَنَعَتَ زِنًا بِجُمْلَةِ (تَيَقَّنَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ تَحَقَّقَ الزِّنَا الْمَقْذُوفُ بِهِ زَوْجُ (أَعْمَى) بِلَمْسٍ أَوْ سَمَاعِ صَوْتٍ أَوْ إخْبَارٍ يُفِيدُ ذَلِكَ، وَلَوْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ يُلَاعِنُ الْأَعْمَى، يَقُولُ: سَمِعْت الْحِسَّ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَقَوْلِهَا لِأَنَّ الْعِلْمَ يَقَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقٍ مِنْ حِسٍّ وَجَسٍّ، ثُمَّ قَالَ قُلْت صَوَّبَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَصَّارِ لَا يُلَاعِنُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَمَسْت فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا، وَفِيهَا يُلَاعِنُ الْأَعْمَى فِي الْحَمْلِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَفِي الْقَذْفِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَزْوَاجِ فَيَحْمِلُ مَا تَحْمِلُ قَالَ غَيْرُهُ بِعِلْمٍ يَدُلُّهُ عَلَى الْمَسِيسِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 272 وَرَآهُ غَيْرُهُ، وَانْتَفَى بِهِ مَا وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ،   [منح الجليل] (وَرَآهُ) أَيْ الزِّنَا أَيْ إدْخَالَ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ بِعَيْنِهِ (غَيْرُهُ) أَيْ الْأَعْمَى وَهُوَ الزَّوْجُ الْبَصِيرُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُعْتَمَدُ عَلَى يَقِينِهِ بِالرُّؤْيَةِ وَقُبِلَ كَالشُّهُودِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُورَ اعْتِمَادُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْ كَالشُّهُودِ، وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ حَتَّى يَصِفَ كَالشُّهُودِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْجَلَّابِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْبَاجِيِّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمْ اهـ. طفي اُنْظُرْ مَا حَكَاهُ مِنْ الْمَشْهُورِ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَاللِّعَانُ يَجِبُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَجْهَانِ: مُجْمَعٌ عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَآهَا تَزْنِي كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، ثُمَّ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَنْفِيَ حَمْلًا يَدَّعِي اسْتِبْرَاءً قَبْلَهُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْذِفَهَا بِالزِّنَا وَلَا يَدَّعِي رُؤْيَةً وَلَا نَفْيَ حَمْلٍ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ قَالُوا: يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ اهـ. قَوْلُهَا أَيْضًا، وَمَنْ قَالَ فِي زَوْجَتِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ أَوْ تَجَرَّدَتْ لَهُ أَوْ ضَاجَعَتْهُ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ رُؤْيَةَ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ اهـ. وَرَأَيْت لِلْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَشْهِيرُ هَذَا وَنَصُّهُ " وَهَلْ مِنْ شَرْطِ دَعْوَى الرُّؤْيَةِ أَنْ يَصِفَ كَالْبَيِّنَةِ فَيَقُولُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ أَوْ يَكْفِي قَوْلُهُ: رَأَيْتهَا تَزْنِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ مَشْهُورًا وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ. (وَانْتَفَى) عَنْ الْمَلَاعِنِ (بِهِ) أَيْ لِعَانِ تَيَقُّنِ الْأَعْمَى وَرُؤْيَةِ الْبَصِيرِ نَسَبُ (مَا) أَيْ مَوْلُودٍ أَوْ الْمَوْلُودِ الَّذِي (وُلِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْر كَامِلًا (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَلِدْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بِأَنْ وَلَدَتْهُ كَامِلًا لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ عَلَى الصَّحِيحِ (لَحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِ) أَيْ الْمُلَاعِنِ لِظُهُورِ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِهِ مِنْهُ قَبْلَ زِنَاهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) الْمَلَاعِنُ (الِاسْتِبْرَاءَ) بِحَيْضَةٍ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهَا قَبْلَ: رَأَيْتهَا تَزْنِي فَلَا يَلْحَقُ بِهِ إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِ اسْتِبْرَائِهَا وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ لِظُهُورِ أَنَّهَا حَاضَتْ وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ مِنْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ يَنْتَفِي عَنْهُ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 273 وَبِنَفْيِ حَمْلٍ وَإِنْ مَاتَ أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ أَوْ التَّوْأَمُ بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ: كَالزِّنَا وَالْوَلَدِ، إنْ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ وَضْعٍ، أَوْ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا لِقِلَّةٍ،   [منح الجليل] وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ يَنْفِيهِ بِلِعَانٍ ثَانٍ وَفِيهَا مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلَيْنِ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ عِنْدَ لِعَانِهِ لِلرُّؤْيَةِ انْتَفَى عَنْهُ بِإِجْمَاعٍ وَعَطَفَ عَلَى بِزِنًا فَقَالَ (و) يُلَاعِنُ الزَّوْجُ إنْ قَذَفَهَا (بِنَفْيِ حَمْلٍ) ظَاهِرٍ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِوَضْعِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ قَالَ بِنَفْيِ نَسَبٍ لَشَمِلَ الْوَلَدَ أَيْضًا، وَلَعَلَّهُ اعْتَبَرَ الْغَالِبَ إنْ لَمْ يَمُتْ الْوَلَدُ بَلْ (وَإِنْ مَاتَ) الْوَلَدُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ حَيًّا أَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ لِغَيْبَتِهِ مِنْهَا مَثَلًا، وَفَائِدَةُ لِعَانِهِ سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ (أَوْ تَعَدَّدَ الْوَضْعُ) أَيْ الْوِلَادَةُ لِوَلَدَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَكْفِي فِي نَفْيِ نَسَبِهِمْ لِعَانٌ وَاحِدٌ، فَقَدْ سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَدِمَ مِنْ غَيْبَتِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَأَنْكَرَهُمْ وَقَالَتْ: بَلْ هُمْ مِنْك لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُمْ وَمِنْ الْحَدِّ إلَّا بِلِعَانٍ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا إنْ أَمْكَنَ إتْيَانُهُ إلَيْهَا سِرًّا كَدَعْوَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ اهـ. (أَوْ) وُضِعَ (التَّوْأَمُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ أَيْ وَلَدٌ مُتَعَدِّدٌ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ وَيَنْتَفِي نَسَبُ الْحَمْلِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (بِلِعَانٍ مُعَجَّلٍ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَوْ مَرِيضَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَتُؤَخَّرُ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إلَى الطُّهْرِ لِمَنْعِهِمَا مِنْ دُخُولِ الْجَامِعِ. وَشُبِّهَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ فَقَالَ (ك) قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بِرُؤْيَةِ (الزِّنَا) أَوْ تَيَقُّنِهِ (وَ) بِنَفْيِ نَسَبِ (الْوَلَدِ) سَوَاءٌ كَانَتْ رُؤْيَةُ الزِّنَا سَابِقَةً عَلَى الْوِلَادَةِ أَوْ مُتَأَخِّرَةً عَنْهَا (إنْ لَمْ يَطَأْ) الْمَلَاعِنُ الْمُلَاعِنَةَ (بَعْدَ وَضْعٍ) لِحَمْلٍ مِنْهُ سَابِقٍ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ الْمَنْفِيِّ وَبَيْنَ الْوَضْعَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ شُرِطَ فِي الْمُلَاعَنَةِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ (أَوْ) وَطْئِهَا بَعْدَ وَضْعِهَا بِشَهْرٍ مَثَلًا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ (لِمُدَّةٍ) مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الْوَضْعِ (لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا) أَيْ الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَ وَطْئِهَا وَوَضْعِهَا بِالزَّوْجِ (لِقِلَّةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ لِنَقْصِهَا عَنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، بِأَنْ وَضَعْته كَامِلًا لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 274 أَوْ لِكَثْرَةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ،   [منح الجليل] وَطْئِهَا بَعْدَ وَضْعِهَا فَهَذَا الْوَلَدُ لَيْسَ لِلْوَطْءِ الثَّانِي لِنَقْصِ مَا بَيْنَهُمَا عَنْ السِّتَّةِ إلَّا خَمْسَةً وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ لِقَطْعِهِ عَنْهُ بِالسِّتَّةِ فَيَعْتَمِدُ عَلَى هَذَا وَيُلَاعِنُ (أَوْ) وَطِئَهَا بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَاجْتَنَبَهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةٍ لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ فِيهَا (لِكَثْرَةٍ) عَنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ كَسِتِّ سِنِينَ فَيَعْتَمِدُ عَلَى هَذَا وَيُلَاعِنُ فِيهِ. (أَوْ) وَطِئَهَا ثُمَّ (اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ) وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ كَامِلٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ فَيَعْتَمِدُ فِي نَفْيِهِ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا وَيُلَاعِنُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ رُؤْيَةً عِيَاضٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى عُقْمِهِ وَلَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِغَيْرِ لِعَانٍ إنْ تَنَازَعَا فِي نَفْيِهِ بَلْ (وَلَوْ تَصَادَقَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الْوَلَدِ عَنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ. ابْنُ يُونُسَ فَلَا بُدَّ مِنْ لِعَانِ الزَّوْجِ فَقَطْ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَا يُحَدُّ لِقَذْفِهِ غَيْرَ عَفِيفَةٍ وَتُحَدُّ هِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا فِيهَا إذَا تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى نَفْيِ الْحَمْلِ بِغَيْرِ لِعَانٍ حُدَّتْ الزَّوْجَةُ وَإِنْ كَانَ لَهَا مَعَهُ قَبْلَ ذَلِكَ سِنُونَ قَالَهُ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ: لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَرَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا اهـ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ فَرِوَايَتَانِ، وَالْأَكْثَرُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهُ صُدِّقَ بِغَيْرِ لِعَانٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ لَهُ بِهَا خَلْوَةٌ وَلَمْ تَدَّعِ ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْهُ لَمْ يَنْفِهِ إلَّا بِلِعَانٍ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِهِ فَتُحَدُّ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى نَفْيِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِي انْتِفَائِهِ بِغَيْرِ لِعَانٍ تَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ اهـ. فَالْمُصَنِّفُ دَرَجَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشَارَ " بِلَوْ " لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 275 إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَهُوَ صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ أَوْ مَجْبُوبٌ، أَوْ ادَّعَتْهُ مَغْرِبِيَّةٌ عَلَى مَشْرِقِيٍّ وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ، أَوْ لِعَانِهِ. خِلَافٌ، وَإِنْ لَاعَنَ لِرُؤْيَةٍ وَادَّعَى الْوَطْءَ قَبْلَهَا، وَعَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ   [منح الجليل] طفي. وَاسْتَثْنَى مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ لَا يَنْتَفِي الْحَمْلُ وَالْوَلَدُ بِغَيْرِ لِعَانٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَأْتِيَ) الزَّوْجَةُ (بِهِ) أَيْ الْوَلَدِ الْكَامِلِ (لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَهُ زَائِدَةٌ عَلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ كَسِتَّةِ أَيَّامٍ فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ لِقِيَامِ الْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ مِنْ لُحُوقِهِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ ثَبَتَتْ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَارِيخِ الْعَقْدِ وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ فَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ. (أَوْ) إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ (وَهُوَ) أَيْ الزَّوْجُ (صَبِيٌّ حِينَ) ظُهُورِ (الْحَمْلِ أَوْ مَجْبُوبٌ) حِينَهُ فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِاسْتِحَالَةِ حَمْلِهَا مِنْهُ فِيهِمَا عَادَةً وَمِثْلُ الْمَجْبُوبِ ذَاهِبُ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ أَنْزَلَ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَمَقْطُوعُ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى وَأَمَّا مَقْطُوعُ الذَّكَرِ قَائِمُ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَقْطُوعُ الْيُمْنَى فَقَطْ فَيُلَاعِنَانِ لِأَنَّ الْيُسْرَى تَطْبُخُ الْمَنِيَّ، وَالْيُمْنَى تُنْبِتُ الشَّعْرَ. (أَوْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الْوَلَدَ زَوْجَةٌ (مَغْرِبِيَّةٌ) مَثَلًا (عَلَى) زَوْجٍ لَهَا (مَشْرِقِيٍّ) مَثَلًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِهِ لَمْ يَغِبْ عَنْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ فِيهَا لِلْآخَرِ عَادَةً فَيَنْتَفِي عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ مِنْهُ عَادَةً ابْنُ عَرَفَةَ قَرَّرَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ إمْكَانِ قَوْلِهَا بِأَنْ يَعْقِدَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ غَائِبٌ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ إنْ قَدِمَ مِنْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ سِتَّةٍ وَشَهِدَ مَنْ هُوَ بَيْنَهُمْ بِعَدَمِ غَيْبَتِهِ طُولَ الْمُدَّةِ أَوْ غَيْبَتِهِ مَا لَا يَكُونُ مُدَّةً لِذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ. (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ الزَّوْجِ حَدَّ الْقَذْفِ وَمَنْعُهُ مِنْ اللِّعَانِ (بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ) لِزَوْجَتِهِ أَيْ الْعَارِي عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ تَيَقُّنٍ وَنَفْيِ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ بِأَنْ قَالَ: زَنَتْ (وَلِعَانُهُ) أَيْ تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْهُ فَإِنْ لَاعَنَهَا سَقَطَ حَدُّهُ لِقَذْفِهَا لِعُمُومِ آيَةِ اللِّعَانِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا رُؤْيَةَ زِنًا وَلَا نَفْيَ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مُشْهَرَانِ وَهُمَا فِيهَا. (وَإِنْ لَاعَنَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (لِرُؤْيَةٍ) أَوْ تَيَقُّنٍ مِنْهُ لِلزِّنَا (وَادَّعَى) الزَّوْجُ (الْوَطْءَ) لِلْمُلَاعَنَةِ (قَبْلَهَا) أَيْ رُؤْيَةِ الزِّنَا (وَ) ادَّعَى (عَدَمَ الِاسْتِبْرَاءِ) مِنْ وَطْئِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 276 فَلِمَالِكٍ فِي إلْزَامِهِ بِهِ وَعَدَمِهِ وَنَفْيِهِ: أَقْوَالٌ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَلْحَقُ إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا.   [منح الجليل] مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ رُؤْيَةٍ أَوْ تَيَقُّنِ زِنَاهَا لَحِقَ بِهِ قَطْعًا لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا زَنَتْ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فَإِنْ أَتَتْ فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ زِنَا الرُّؤْيَةِ بِأَنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِهَا (فَلِ) لْإِمَامِ (مَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فِي إلْزَامِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِهِ) أَيْ الْوَلَدِ فَيَلْحَقُهُ وَلَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِهَذَا اللِّعَانِ وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ آخَرَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَفَسَّرَهَا أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ لَا بِهَذَا اللِّعَانِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ لِنَفْيِ الْحَدِّ فَقَطْ وَعُدُولُهُ عَنْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ رِضًا مِنْهُ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَهُوَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ فَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَعَدِمَهُ) أَيْ إلْزَامَهُ بِهِ أَيْ لَا يَنْتَفِي عَنْهُ بِاللِّعَانِ السَّابِقِ لِرُؤْيَةِ أَوْ تَيَقُّنِ زِنَاهَا وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ آخَرَ وَلَهُ اسْتِلْحَاقُهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ حَقٌّ بِنَفْيِهِ بِلِعَانٍ آخَرَ. (وَنَفْيِهِ) أَيْ الْوَلَدِ عَنْ الزَّوْجِ بِاللِّعَانِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِنَفْيِ الْحَدِّ وَالْوَلَدِ مَعًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ فِي التَّوْضِيحِ مُطَلَّقَةٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ أَمْ لَا (وَ) فَصَّلَ (ابْنُ الْقَاسِمِ) فَقَالَ (وَيَلْحَقُ) الْوَلَدُ بِالْمُلَاعِنِ (إنْ ظَهَرَ) حَمْلُهُ (يَوْمَهَا) أَيْ الرُّؤْيَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَتَفْصِيلُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لِعَانِهِ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ نَفْيُهُ الْحَمْلَ الظَّاهِرَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الظُّهُورُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ اهـ. وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الرُّؤْيَةِ وَلِلتَّيَقُّنِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَيْنِ انْتِفَاءُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا وَانْتِفَاؤُهُ إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَعْزِ لُحُوقَهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَنَصَّهَا فِي الْحَطّ. وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ طفي قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ رَأَيْت امْرَأَتِي الْيَوْمَ تَزْنِي وَلَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنِّي كُنْت وَطِئْتهَا قَبْلَهَا فِي يَوْمِهَا أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ أَسْتَبْرِئْهَا فَإِنَّهُ يُلَاعِنُهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا يَلْزَمُهُ مَا تَأْتِي بِهِ مِنْ وَلَدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 277 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِهَا فَيَلْزَمُهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً قَالَ بِنَفْيِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحَبُّ مَا فِيهِ إلَيَّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِهَا يَوْمَ الرُّؤْيَةِ حَمْلٌ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ إذَا الْتَعَنَ عَلَى الرُّؤْيَةِ اهـ. فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَلِمَالِكٍ فِي إلْزَامِهِ بِهِ إلَى قَوْلِهَا فَمَرَّةٌ أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ فَقَالَ تت تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ كَمَا فِي تَنْبِيهَاتِ عِيَاضٍ. وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ وَبِهِ فَسَّرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَذَكَرَهُ عِيَاضٌ أَيْضًا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَعَدِمَهُ " إلَى قَوْلِهَا " وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَفَسَّرَهُ تت تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ أَمْرُهُ إنْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ نَفَاهُ انْتَفَى عَنْهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ أَرَ مَنْ فَسَّرَهَا بِذَلِكَ لَا فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَلَا فِي ابْنِ رُشْدٍ وَلَا ابْنِ مُحْرِزٍ وَلَا أَبِي الْحَسَنِ وَلَا غَيْرِهِمْ وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ فَسَّرُوا قَوْلَهُ " وَمَرَّةً " لَمْ يُلْزِمْهُ بِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ بِلِعَانِ الرُّؤْيَةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ فَهِمَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فَمَرَّةً أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَلَدَ وَمَرَّةً قَالَ يَنْفِيهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا. اهـ. عَلَى قَوْلَيْنِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ لُبَابَةَ جَعَلُوا قَوْلَهَا: وَمَرَّةً قَالَ بِنَفْيِهِ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهَا وَمَرَّةً لَمْ يُلْزِمْهُ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِذَلِكَ اللِّعَانِ أَمْ لَا أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَنْتَفِي بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالثَّانِي مِنْهُمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يُولَدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرَ فَيَلْحَقَ بِهِ وَلِأَكْثَرَ فَيَنْفِي بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَفُسِّرَتْ بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: وَنَفَاهُ مَرَّةً وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا أَيْ بِلِعَانٍ آخَرَ أَيْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ آخَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا كَمَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ بِثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَعَلُوا قَوْلَهُ: وَمَرَّةً قَالَ يَنْفِيهِ أَيْ بِلِعَانٍ آخَرَ أَيْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ آخَرَ، وَهَذَا عَكْسُ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ بَابًا وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ هُوَ الظَّاهِرُ وَقَوْلُهُ: " إنْ ظَهَرَ يَوْمَهَا " الْمُرَادُ ظُهُورُهُ حَقِيقَةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: الْمُرَادُ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 278 وَلَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى عَزْلٍ وَلَا مُشَابَهَةٍ لِغَيْرِهِ. وَإِنْ بِسَوَادٍ وَلَا وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ وَلَا بِغَيْرِ إنْزَالٍ إنْ أَنْزَلَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبُلْ،   [منح الجليل] (وَلَا يَعْتَمِدُ) الزَّوْجُ (فِيهِ) أَيْ نَفْيِ الْوَلَدِ (عَلَى عَزْلٍ) أَيْ نَزْعِ ذَكَرِهِ حِينَ إمْنَائِهِ مِنْ فَرْجِ زَوْجَتِهِ وَإِمْنَائِهِ خَارِجَهُ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ (وَلَا) يَعْتَمِدُ فِيهِ عَلَى (مُشَابَهَةٍ) مِنْ الْوَلَدِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ سَوَادٍ بَلْ (وَإِنْ كَانَتْ) الْمُشَابَهَةُ (بِسَوَادٍ) فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي التَّعْرِيضِ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ: هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ؟ قَالَ أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ قَالَ فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» . ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَفَهِمَ الْأَئِمَّةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُشَابَهَةَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي اللِّعَانِ وَأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ مَظِنَّةً فِي ذَلِكَ وَلَا عِلَّةً، وَأَرَادَ اللَّخْمِيُّ أَنْ يَسْلُكَ بِذَلِكَ مَسْلَكَ التَّعْلِيلِ وَزَادَ فَأَلْزَمَ عَكْسَ الْعِلَّةِ فَقَالَ: لَوْ كَانَ الْأَبَوَانِ أَسْوَدَيْنِ قَدِمَا مِنْ الْحَبَشَةِ فَوَلَدَتْ أَبْيَضَ فَانْظُرْ هَلْ يَنْفِيهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَظُنُّ أَنَّهُ كَانَ فِي آبَائِهِ أَبْيَضَ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الظَّنِّ نَفْيُ مُطْلَقِ الِاحْتِمَالِ وَهُوَ مَدْلُولُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَعَلَّ ابْنَك هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ يَعْنِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُنَا " لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ " وَاضِحُ بُطْلَانِهِ ضَرُورَةُ إمْكَانِهِ (وَلَا) يَعْتَمِدُ عَلَى (وَطْءٍ بَيْنَ الْفَخْذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ) لِأَنَّ الْمَاءَ سَيَّالٌ (وَلَا) يَعْتَمِدُ عَلَى (وَطْءٍ) فِي الْقُبُلِ (بِغَيْرِ إنْزَالٍ إنْ) كَانَ (أَنْزَلَ قَبْلَهُ) أَيْ الْوَطْءِ فِي وَطْءِ أُخْرَى أَوْ احْتِلَامٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ (وَلَمْ يَبُلْ) بَعْدَ الْإِنْزَالِ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ شَيْءٍ مِنْ الْمَنِيِّ فِي الْقَصَبَةِ انْفَصَلَ فِي الْقُبُلِ حَالَ وَطْئِهِ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بَالَ بَعْدَهُ انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ لِأَنَّ الْبَوْلَ يُنَقِّي الْقَصَبَةَ مِنْ الْمَنِيِّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 279 وَلَاعَنَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ مُطْلَقًا، وَفِي الرُّؤْيَةِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ مِنْ بَائِنٍ، وَحُدَّ بَعْدَهَا كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ، إلَّا أَنْ تَزْنِيَ بَعْدَ اللِّعَانِ وَتَسْمِيَةِ الزَّانِي بِهَا   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ نَفْيَهُ لِظَنِّهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ وَطْئِهِ حَمْلٌ. اهـ. وَهُوَ يَجْرِي فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (وَلَاعَنَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (فِي) قَذْفِهَا ب (نَفْيِ الْحَمْلِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعِصْمَةِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً (وَ) لَاعَنَهَا (فِي) قَذْفِهَا ب (الرُّؤْيَةِ) لِلزِّنَا أَوْ تَيَقُّنِهِ وَصِلَةِ الرُّؤْيَةِ (فِي الْعِدَّةِ) وَأَوْلَى الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَيُلَاعِنُهَا فِيهِمَا وَلَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (مِنْ) طَلَاقٍ (بَائِنٍ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنِّكَاحِ (وَحُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ، الزَّوْجُ حَدَّ الْقَذْفِ إنْ قَذَفَهَا (بَعْدَهَا) أَيْ الْعِدَّةِ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا وَلَوْ فِيهَا، أَوْ قَبْلَ طَلَاقِهَا. وَشَبَّهَ فِي الْحَدِّ فَقَالَ (كَاسْتِلْحَاقِ الْوَلَدِ) الْمُلَاعَنِ فِيهِ فَيُحَدُّ لِاعْتِرَافِهِ بِالْقَذْفِ وَلَا يَتَعَدَّدُ حَدُّهُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ الْمُسْتَلْحَقِينَ بَعْدَ لِعَانِهِ فَهُمْ سَوَاءٌ اسْتَلْحَقَهُمْ دَفْعَةً أَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، وَلَوْ بَعْدَ حَدِّهِ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَذْفٌ وَاحِدٌ بَنَانِيٌّ قَالَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا يُحَدُّ الْمُسْتَلْحِقُ إذَا لَاعَنَ لِنَفْيِهِ فَقَطْ أَوْ لَهُ مَعَ الرُّؤْيَةِ وَأَمَّا إذَا لَاعَنَ لِلرُّؤْيَةِ فَقَطْ ثُمَّ اسْتَلْحَقَ مَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةٍ فَلَا يُحَدُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَا يُحَدُّ إلَّا إذَا لَاعَنَ لِنَفْيِهِ فَقَطْ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ بَعْدَ نُقُولٍ: فَالْحَاصِلُ إنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلِهَا فَقَطْ حُدَّ بِاسْتِلْحَاقِهِ وَإِلَّا فَثَالِثُهَا إنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلِهَا مَعَ الرُّؤْيَةِ أَوْ قَذَفَ لِلْجَلَّابِ وَمُحَمَّدٍ وَظَاهِرُهَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ حَدِّهِ بِالِاسْتِلْحَاقِ بَعْدَ اللِّعَانِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ تَزْنِيَ) الْمُلَاعَنَةُ لِنَفْيِ حَمْلِهَا (بَعْدَ اللِّعَانِ) وَقَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ فَلَا يُحَدُّ لِاسْتِلْحَاقِهِ لِزَوَالِ عِفَّتِهَا كَقَاذِفِ عَفِيفٍ لَمْ يُحَدَّ حَتَّى زَنَى الْمَقْذُوفُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَكَذَا قَبْلُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (و) يُحَدُّ الْمُلَاعِنُ لِ (تَسْمِيَةِ الزَّانِي) أَيْ الَّذِي اتَّهَمَهُ بِالزِّنَا (بِهَا) أَيْ الْمُلَاعَنَةِ فَلِعَانُهُ لَا يُسْقِطُ حَدَّهُ لِقَذْفِ غَيْرِ الْمُلَاعَنَةِ، فَإِنْ حُدَّ لَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ اللِّعَانِ وَإِنْ لَاعَنَ قَبْلَهُ حُدَّ لَهُ وَإِنْ حُدَّ لَهَا ابْتِدَاءً سَقَطَ حَدُّهُ لِلرَّجُلِ قَامَ أَوْ لَمْ يَقُمْ قَالَهُ الْبَاجِيَّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 280 وَأُعْلِمَ بِحَدِّهِ، لَا إنْ كَرَّرَ قَذْفَهَا بِهِ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ،   [منح الجليل] (وَأُعْلِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ، نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُسَمَّى بِالْفَتْحِ بِتَسْمِيَةِ الْمُلَاعِنِ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: فُلَانٌ قَذَفَك بِزَوْجَتِهِ فَلَكَ سَبِيلٌ (لِحَدِّهِ) أَيْ الْمُلَاعِنِ حَدَّ الْقَذْفِ فَإِنْ اعْتَرَفَ أَوْ عَفَا لِلسَّتْرِ سَقَطَ حَدُّ الْقَذْفِ وَظَاهِرُ نَقْلِ " ق " أَنَّ إعْلَامَهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحَاكِمِ إنْ عَلِمَ بِالتَّسْمِيَةِ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلِمَهَا مِنْ الْعُدُولِ تت هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ النَّمِيمَةِ. الْبُنَانِيُّ وَعُورِضَ هَذَا بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ «هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ، فَسَمَّى الزَّانِيَ بِهَا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ هِلَالًا حُدَّ مِنْ أَجْلِهِ فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَأَجَابَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمْ يَطْلُبْ حَقَّهُ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ اعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ شَرِيكًا كَانَ يَهُودِيًّا، قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا خِلَافًا فِي شَرِيكٍ، وَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا (لَا) يُحَدُّ الْمُلَاعِنُ (إنْ كَرَّرَ) بَعْدَ اللِّعَانِ (قَذْفَهَا) أَيْ الْمُلَاعَنَةَ (بِهِ) أَيْ مَا لَاعَنَهَا بِسَبَبِهِ فَقَطْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَذَفَهَا بِغَيْرِهِ يُحَدُّ. (وَوَرِثَ) الْأَبُ (الْمُسْتَلْحِقُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (الْمَيِّتَ) الْمُسْتَلْحَقَ بِفَتْحِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْلَى الْمُسْتَلْحَقُ فِي حَيَاتِهِ فَالْمَيِّتُ إمَّا مَفْعُولُ الْمُسْتَلْحِقِ وَمَفْعُولُ وَرِثَ مَحْذُوفٌ أَوْ تَنَازَعَهُ وَرِثَ وَالْمُسْتَلْحِقُ فَأُعْمِلَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ لِقُرْبِهِ، وَالْأَوَّلُ فِي ضَمِيرِهِ وَحَذَفَهُ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالصُّورَتَيْنِ وَلَا يُرَدُّ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ مَوَانِعِ الْإِرْثِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا جَعَلَ لَهُ الِاسْتِلْحَاقَ بَعْدَهُ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْ وَيَرِثُهُ (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ الْمَيِّتِ (وَلَدٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (حُرٌّ مُسْلِمٌ) لِضَعْفِ التُّهْمَةِ بِهِ لَا بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ لِعَدَمِ إرْثِهِ فَهُوَ كَعَدَمِهِ غ لَمْ يَقُلْ إنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا " وَمَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ أَنْ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ فَإِنْ كَانَ لِوَلَدِهِ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي مِيرَاثِهِ وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 281 أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ،   [منح الجليل] وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ بِنْتًا لَمْ يَرِثْ مَعَهَا بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ إنْ تَرَكَ بِنْتًا صَحَّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ قَدْرُ إرْثِهَا وَقَيَّدَ وَلَدَ الْمُسْتَلْحَقِ بِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا بِحَيْثُ يُزَاحِمُ الْمُلَاعِنَ فِي الْمِيرَاثِ فَتَبْعُدُ التُّهْمَةُ احْتِرَازًا مِنْ كَوْنِهِ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا بِحَيْثُ لَا يُزَاحِمُ الْمُسْتَلْحِقَ فِي الْمِيرَاثِ، فَتَقْوَى التُّهْمَةُ عَلَى أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ وَلَحِقَ بِهِ. وَقَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ لَمْ يَتَّهِمْهُ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَإِنْ كَانَ يَرِثُ مَعَهُ السُّدُسَ فَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الْعَبْدُ أَوْ النَّصْرَانِيُّ وَإِنْ كَانَا لَا يَرِثَانِ، وَهُوَ أَيْضًا خِلَافُ مَا فِي النَّوَادِرِ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ وَإِذَا تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا صُدِّقَ وَلَحِقَ وَحُدَّ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَحُدَّ، وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ طفي وَقَدْ ارْتَضَى الْحَطّ تَعَقُّبَ غ، وَنَقَلَ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ عَنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَتَبِعَهُ عج وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عب وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْقُولُ، وَقَدْ يُقَالُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِمْ التَّصْرِيحُ بِهِ لَكِنَّهُ مُرَادُهُمْ لِدَفْعِ تَقْوَى التُّهْمَةِ كَمَا مَرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ (وَقَلَّ الْمَالُ) الَّذِي تَرَكَهُ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ فَيَرِثُهُ الْمُسْتَلْحِقُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ غ ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ الْفَاسِيُّ عَنْ فَضْلٍ وَمِنْ يَدِ أَبِي إبْرَاهِيمَ، أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفُهِمَ مِنْ تَفْصِيلِهِ فِي الْإِرْثِ دُونَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنَّ الْوَلَدَ لَاحِقٌ بِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِلْحَاقَ النَّسَبِ يَنْفِي كُلَّ تُهْمَةٍ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْفَاسِيِّينَ وَلَهُمْ نَسَبَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ لَاعَنَ وَنَفَى الْوَلَدَ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ وَوَلَدِهِ فَأَقَرَّ الْمُلَاعِنُ بِهِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَيُحَدُّ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يَلْحَقْهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِيرَاثِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِتُهْمَتِهِ فِي الْإِرْثِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا قُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَسَبٌ يَلْحَقُ. وَرَوَى الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمِيرَاثَ قَدْ تُرِكَ لِمَنْ تَرَكَ فَلَا يَجِبُ لَهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ اسْتِلْحَاقِهِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا مِثْلَهُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 282 وَإِنْ وَطِئَ أَوْ أَخَّرَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ بِلَا عُذْرٍ: امْتَنَعَ وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا لَرَأَيْتهَا تَزْنِي، أَوْ مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي، وَوَصَلَ خَامِسَةً   [منح الجليل] وَأَصْبَغَ، وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ " إنَّمَا يُتَّهَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فِي مِيرَاثِهِ فَقَطْ وَأَمَّا نَسَبُهُ فَثَابِتٌ بِاعْتِرَافِهِ. (وَإِنْ وَطِئَ) الزَّوْجُ الَّذِي قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِنَفْيِ الْحَمْلِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعِهَا أَوْ حَمْلِهَا امْتَنَعَ لِعَانُهُ (أَوْ أَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الزَّوْجُ الَّذِي قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِعَانَهُ (بَعْدَ عِلْمِهِ بِوَضْعٍ أَوْ حَمْلٍ) مِنْ زَوْجَتِهِ تَنَازَعَ فِيهِ وَطِئَ وَأَخَّرَ (بِلَا عُذْرٍ) يَوْمًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (امْتَنَعَ) لِعَانُهُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَبَقِيَتْ لَهُ زَوْجَةٌ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً، وَحُدَّ لِقَذْفِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ دُونَ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ وَالْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِهِ وَهَذَا فِي نَفْيِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا الرَّمْيُ بِالرُّؤْيَةِ فَلَا يَمْنَعُ لِعَانَهُ إلَّا وَطْؤُهَا بَعْدَهَا. (وَشَهِدَ) أَيْ بِقَوْلِ الزَّوْجِ فِي لِعَانِهِ أَشْهَدُ (بِاَللَّهِ أَرْبَعًا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ (لَرَأَيْتهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (تَزْنِي) لِيَكُونَ التَّكْرَارُ أَرْبَعًا لِلصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا لَا لِأَشْهَد بِاَللَّهِ فَقَطْ، كَمَا يُوهِمُهُ تَقْدِيمُهُ هَذَا فِي الْبَصِيرِ وَيَقُولُ الْأَعْمَى: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَعَلِمْتهَا أَوْ تَيَقَّنْتهَا وَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَلَا عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَلَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَلَا زِيَادَةُ الْبَصِيرُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَوَالِي خَمْسَتِهِ قَبْلَ بُدَاءَتِهَا هَذَا إنْ كَانَ اللِّعَانُ لِلرُّؤْيَةِ أَوْ التَّيَقُّنِ وَإِنْ كَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (مَا هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي) قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَجَمَاعَةٌ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقُولُ فِي اللِّعَانِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ " أَشْهَدُ لَزَنَتْ ". تت كَأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ مَذْهَبِهَا لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ: " اُنْظُرْ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ " زَنَتْ " كَوْنُ حَمْلِهَا لَيْسَ مِنْهُ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْهُ زِنَاهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ غَصْبٍ لَكِنْ وَجْهُ مَا فِيهَا بِالتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ عَسَى أَنْ يَنْكُلَ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ الْمَحْبُوبُ شَرْعًا (وَوَصَلَ) الْمُلَاعِنُ (خَامِسَتَهُ) بِشَهَادَاتِهِ الْأَرْبَعِ حَالَ كَوْنِ خَامِسَتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 283 بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ. أَوْ إنْ كُنْت كَذَبْتهَا،   [منح الجليل] مُصَوَّرَةً (بِلَعْنَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ) فَلَيْسَ فِيهَا: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ هَذَا ظَاهِرُ الْآيَةِ. وَقَوْلُهُ: وَشَهِدَ بِاَللَّهِ أَرْبَعًا خِلَافًا لِأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ضَمِيرِ خَامِسَتِهِ لِيَكُونَ ظَاهِرًا فِي مَذْهَبِ الرِّسَالَةِ وَمُخْتَارِ الْجَلَّابِ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ فِي الْخَامِسَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَلَّابِ وَالْكَافِي عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْإِتْيَانِ " بِأَنَّ " الدَّاخِلَةِ عَلَى " لَعْنَةَ " فِي الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْإِرْشَادِ الْإِتْيَانُ بِهَا فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْأَوْلَى فَلَا خِلَافَ (أَوْ) يَقُولُ (إنْ كُنْت كَذَبْتهَا) أَيْ كَذَبْت عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا يُجْزِئُ وَالْأَحَبُّ إلَيْنَا لَفْظُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَرَفَةَ " وَشَرْطُ اللِّعَانِ ثُبُوتُ الزَّوْجِيَّةِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَاللِّعَانُ بَيْنَ كُلِّ زَوْجَيْنِ ثُمَّ قَالَ الْبَاجِيَّ يَكُونُ اللِّعَانُ مَعَ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ إذَا دُرِئَ الْحَدُّ عَنْهُمَا. الْمُتَيْطِيُّ إذَا ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهُمَا وَمَقَالَتُهُمَا سَجَنَهُ الْإِمَامُ الْبَاجِيَّ اُخْتُلِفَ فِي سَجْنِهِ فَسَأَلْت أَبَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ: يُسْجَنُ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا إنَّهُ قَاذِفٌ فَيُوعَظُ الزَّوْجُ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَفِيهَا يَبْدَأُ فَيَشْهَدُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاَللَّهِ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: الْأَيْمَانُ فِي اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَالْحُقُوقِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَنَحْوِهِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ فِي اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَمَا بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ " بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ. وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَحْيَا وَأَمَاتَ اللَّخْمِيُّ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ فَقَطْ أَوْ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَطْ فَفِي إجْزَائِهِ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَلَوْ فِي الْمَالِ " وَفِي أَشْهَدُ وَيَعْلَمُ اللَّهُ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَأَصْلُ أَشْهَبَ، وَفِي أُقْسِمُ بَدَلَ أَشْهَدُ وَبِالرَّحْمَنِ بَدَلَ بِاَللَّهِ التَّخْرِيجُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَوْلِ الْقَاضِي مُقْتَضَى النَّظَرِ لَا يَجُوزُ إلَّا مَا نَصَّ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَفِيهَا مَا تَحْلِفُ بِهِ الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ الْمَقْسَمُ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فِي لُزُومِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ لِلزَّوْجِ قَوْلَانِ لِلْمَوَّازِيَّةِ وَلَهَا وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ مَعَ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «أَمَرَهُمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَلَاعَنَا بِمَا فِي الْقُرْآنِ» قُلْت وَعَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِسَمَاعِ أَصْبَغَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ فِي الرُّؤْيَةِ رَأَيْتهَا تَزْنِي وَفِي لُزُومِ زِيَادَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ قَوْلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 284 وَأَشَارَ الْأَخْرَسُ أَوْ كَتَبَ وَشَهِدَتْ مَا رَآنِي أَزْنِي، أَوْ مَا زَنَيْت، أَوْ لَقَدْ كَذَبَ فِيهِمَا   [منح الجليل] أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُهَا وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ بِأَنَّ أَيْمَانَهُ كَالْبَيِّنَةِ إنْ نَكَلَتْ وَقَوْلُهَا مَا رَآنِي أَزْنِي، كَافٍ قُلْتُ ظَاهِرُهُ لَوْ زَادَتْ لِمِرْوَدٍ أَجْزَأَهَا، وَالِاقْتِصَارُ أَبْلَغُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَفِيهَا يَقُولُ فِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ ابْنُ عَاتٍ الْبَاجِيَّ يَحْلِفُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَيَزِيدُ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ. وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَتَحْلِفُ خَامِسَةً بِمِثْلِ ذَلِكَ تَزِيدُ فِيهَا أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ وَرِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ ذَلِكَ سَأَلْت عَنْهَا الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْقَابِسِيَّ، قَالَ نَصُّ كِتَابِ اللَّهِ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور: 6] الْآيَةَ وَأَنْتَ تَقُولُ: يَشْهَدُ بِاَللَّهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَيَزِيدُ فِي يَمِينِهِ اللَّعْنَةَ وَالْمَرْأَةُ فِي يَمِينِهَا الْغَضَبَ، فَهَذِهِ سِتُّ أَيْمَانٍ وَأَنْكَرَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ (وَأَشَارَ) الشَّخْصُ (الْأَخْرَسُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ شَهَادَاتُهُ الْأَرْبَعُ وَالْخَامِسَةُ (أَوْ كَتَبَ) مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَيُعْلَمُ قَذْفُهُ بِإِشَارَتِهِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي بَاقِي أَيْمَانِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَرِّرُ الْإِشَارَةَ أَوْ الْكِتَابَةَ بِعَدَدِ تَكْرِيرِ النَّاطِقِ فِي الشَّهَادَاتِ فِي الشَّامِلِ إنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ بَعْدَ لِعَانِهِ، فَقَالَ: لَمْ أُرِدْ اللِّعَانَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْقُرْبِ ابْنُ نَاجِي وَلَا يُعَادُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ، وَمِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ الْقَذْفِ، وَقَبْلَ اللِّعَانِ وَرُجِيَ زَوَالُهُ بِالْقُرْبِ يَنْتَظِرُ. (وَشَهِدَتْ) أَيْ تَقُولُ الزَّوْجَةُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (مَا رَآنِي أَزْنِي) لِرَدِّ لِعَانِهِ لِرُؤْيَةِ الزِّنَى (أَوْ) تَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (مَا زَنَيْت) فِي رَدِّ لِعَانِهِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ (أَوْ) تَقُولُ فِي أَيْمَانِهَا الْأَرْبَعِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (لَقَدْ كَذَبَ) عَلَيَّ (فِيهِمَا) أَيْ قَوْلُهُ: " لَرَأَيْتهَا تَزْنِي " فِي لِعَانِ الرُّؤْيَةِ، وَقَوْلُهُ لَزَنَتْ فِي لِعَانِ نَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ لَقَدْ كَذَبَ ظَاهِرُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ وَفِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا فِي الْجَلَّابِ لِأَنَّ فِيهِ لَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ فِيمَا رَمَانِي بِهِ، وَقَوْلُهُ لَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ صَادِقٌ بِكَذِبِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 285 وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَوَجَبَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ وَوَجَبَ: أَشْهَدُ، وَاللَّعْنُ وَالْغَضَبُ، وَبِأَشْرَفِ الْبَلَدِ، وَبِحُضُورِ جَمَاعَةٍ   [منح الجليل] عَلَيْهَا فِي غَيْرِ مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَى، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ عَنْ هَذَا احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) تَقُولُ (فِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ) زَوْجُهَا (مِنْ الصَّادِقِينَ) فِيمَا رَمَاهَا بِهِ بِغَيْرِ لَفْظِ إنْ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ غَضَبَ وَهُوَ لَفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ غَضَبَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا فَإِنْ قِيلَ لِمَ خُولِفَتْ الْقَاعِدَةُ هُنَا وَفِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالْأَوْلِيَاءَ مُدَّعُونَ وَالْقَاعِدَةُ إنَّمَا يَحْلِفُ أَوَّلًا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، قِيلَ أَمَّا الْمُلَاعِنُ فَإِنَّهُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَلِذَا حَلَفَ الزَّوْجَانِ وَبَدَأَ لِابْتِدَائِهِ بِقَذْفِهَا، وَأَمَّا أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فَاللَّوْثُ قَامَ مَقَامَ شَاهِدٍ لَهُمْ وَالْقَاعِدَةُ حَلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ وَغَلِطَتْ عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ لِعِظَمِ الدَّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَوَجَبَ) عَلَى الزَّوْجَيْنِ فِي أَيْمَانِ اللِّعَانِ لَفْظُ (أَشْهَدُ) شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا فَلَا يُجْزِئُ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ يَعْلَمُ اللَّهُ (وَ) وَجَبَ (اللَّعْنُ) فِي خَامِسَةِ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ مُبْعِدٌ لِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فَإِنْ خَمَّسَ بِالْغَضَبِ فَلَا يُجْزِئُ (وَ) وَجَبَ (الْغَضَبُ) فِي خَامِسَةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهَا أَغْضَبَتْ رَبَّهَا وَزَوْجَهَا وَأَهْلَهَا فَإِنْ خَمَّسَتْ بِاللَّعْنِ فَلَا يَكْفِي. (و) وَجَبَ اللِّعَانُ (بِأَشْرَفِ) مَوْضِعٍ فِي (الْبَلَدِ) وَهُوَ الْجَامِعُ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ مُغَلَّظَةٌ فَإِنْ كَانَ فِي مَكَّةَ فَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي فِيهِ الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَدِينَةِ فَفِي مَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُشْتَمِلِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَفِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا فَفِي جَامِعِ الْجُمُعَةِ (وَ) وَجَبَ (بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ) عُدُولٍ لِوُقُوعِهِ كَذَلِكَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورَهُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ. عِيَاضٌ سُنَّتُهُ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِحُضُورِهِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الْفَقِيهِ الْجَلِيلِ وَيَجْتَمِعُ النَّاسُ لِذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ لِقَوْلِ عِيَاضٍ سُنَّتُهُ أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْإِمَامِ أَوْ مَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 286 أَقَلُّهَا أَرْبَعَةٌ وَنُدِبَ إثْرَ صَلَاةٍ وَتَخْوِيفُهُمَا، وَخُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ وَفِي إعَادَتِهَا إنْ بَدَأَتْ   [منح الجليل] يَسْتَنِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْحُكَّامِ وَهَذَا إجْمَاعٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالسُّلْطَانِ (أَقَلُّهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ (أَرْبَعَةٌ) لِاحْتِمَالِ نُكُولِهَا أَوْ إقْرَارِهَا وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ الشَّارِحُ وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمْ عُدُولًا إذْ لَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِمْ، وَالْأَوْلَى لِأَنَّ الْغَرَضَ إظْهَارُ شَعِيرَةِ الْإِسْلَامِ وَأُبَّهَتِهِ وَأَمَّا النُّكُولُ وَالْإِقْرَارُ فَيَكْفِي فِيهِمَا اثْنَانِ. (وَنُدِبَ) اللِّعَانُ (إثْرَ صَلَاةٍ) مِنْ الْخَمْسِ ابْنُ وَهْبٍ وَبَعْدَ الْعَصْرِ أَحَبُّ إلَيَّ لِخَبَرِ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ كَانَ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنْ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا فَلَمْ يُبَايِعْهُ إلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أَقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ أُعْطِيتُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَصَدَّقَهُ» اهـ. وَالثَّالِثُ شَاهِدُنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعَانًا. (وَ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ (تَخْوِيفُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ اللِّعَانِ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ الشَّدِيدِ الْأَلِيمِ الَّذِي لَا يُطِيقُهُ الْمَخْلُوقُ لِجَزْمِنَا بِكَذِبِ أَحَدِهِمَا، وَأَمَّا عَذَابُ الدُّنْيَا فَخَفِيفٌ زَائِلٌ (وَخُصُوصًا عِنْدَ الْخَامِسَةِ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ كَوْنَهُ عِنْدَهَا آكَدُ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ الْمَذْهَبِ. (وَ) نُدِبَ (الْقَوْلُ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (بِأَنَّهَا) أَيْ الْخَامِسَةَ (مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ) عَلَى الْكَاذِبِ لِخَبَرِ النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فِيهِ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَيَقُولُ لَهُ: إنَّهَا مُوجِبَةٌ الْعَذَابَ، وَظَاهِرُ قَصْرِهِ عَلَى الرَّجُلِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ وتت عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، إمَّا لِدَلِيلٍ آخَرَ فِيهِ تَخْوِيفُهُمَا، وَفِيهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَهَا أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الرَّجُلِ، وَقَوْلُهُ: مُوجِبَةٌ أَيْ هِيَ مَحَلُّ نُزُولِهِ بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ بِمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ يُرَتِّبُ الْعَذَابَ عَلَيْهَا أَوْ بِمَعْنَى مُتَمِّمَةٌ لِلْأَيْمَانِ وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ الرَّجْمُ أَوْ الْجَلْدُ. (وَفِي) وُجُوبِ (إعَادَتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْمَانَ اللِّعَانِ (إنْ بَدَأَتْ) الزَّوْجَةُ أَيْ قُدِّمَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 287 خِلَافٌ: وَلَاعَنَتْ الذِّمِّيَّةُ بِكَنِيسَتِهَا وَلَمْ تُجْبَرْ، وَإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ وَرُدَّتْ لِمِلَّتِهَا   [منح الجليل] أَيْمَانُهَا عَلَى أَيْمَانِ الزَّوْجِ وَعَدَمِهِ (خِلَافٌ) الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ بِمَا إذَا حَلَفَتْ أَوَّلًا كَالرَّجُلِ بِأَنْ قَالَتْ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ وَإِنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ مَا زَنَيْت أَوْ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْهُ، فِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْكَاذِبِينَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ حَلَفَتْ أَوَّلًا عَلَى تَكْذِيبِهِ بِأَنْ قَالَتْ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ أَعَادَتْ اتِّفَاقًا. (وَلَاعَنَتْ) الزَّوْجَةُ (الذِّمِّيَّةُ) يَهُودِيَّةً كَانَتْ أَوْ نَصْرَانِيَّةً وَزَوْجَهَا مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا أَوْ مَجُوسِيَّةٌ تَرَافَعَتْ إلَيْنَا مَعَ زَوْجِهَا الْمَجُوسِيِّ (بِكَنِيسَتِهَا) أَيْ مَعْبَدِهَا كَنِيسَةٌ أَوْ بِيعَةٌ أَوْ بَيْتُ نَارٍ وَلِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ دُخُولُهُ مَعَهَا، وَتُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهَا الْجَامِعَ مَعَ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا تُلَاعِنُ النَّصْرَانِيَّةُ فِي الْكَنِيسَةِ حَيْثُ تُعَظِّمُ وَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهَا أَوْ يَدَعَ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ مَعَهُ الْمَسْجِدَ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْهُ. اهـ. (وَلَمْ) الْأُولَى لَا (تُجْبَرُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الذِّمِّيَّةُ عَلَى اللِّعَانِ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالزِّنَا لَا تُحَدُّ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلذِّمِّيَّةِ بِعَدَمِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ، فَلِمَ خَصَّهَا بِهِ وَلَعَلَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَبْرِهَا عَلَيْهِ لِحَقِّ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ. (وَأُدِّبَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدًا الذِّمِّيَّةُ الْمُمْتَنِعَةُ مِنْ اللِّعَانِ لِإِذَايَتِهَا زَوْجَهَا وَإِدْخَالِهَا اللُّبْسَ فِي نَسَبِهِ (وَرُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الذِّمِّيَّةُ بَعْدَ تَأْدِيبِهَا (لِ) حَاكِمِ (مِلَّتِهَا) لِاحْتِمَالِ حَدِّهِ لَهَا بِنُكُولِهَا أَوْ قَرَارِهَا وَلَا يُمْنَعُ مِنْ رَجْمِهَا إنْ كَانَ شَرْعًا لَهُمْ، وَفِي نُسْخَةٍ وَلَمْ تُجْبَرْ وَإِنْ أَبَتْ أُدِّبَتْ وَمَعْنَاهَا وَلَمْ تُجْبَرْ عَلَى اللِّعَانِ بِكَنِيسَتِهَا وَإِنْ أَبَتْ اللِّعَانَ بِالْكُلِّيَّةِ أُدِّبَتْ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 288 كَقَوْلِهِ وَجَدْتهَا مَعَ رَجُلٍ فِي لِحَافٍ وَتَلَاعَنَا، إنْ رَمَاهَا بِغَصْبٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَلَمْ يَظْهَرْ، وَتَقُولُ: مَا زَنَيْت، وَلَقَدْ غُلِبْت، وَإِلَّا الْتَعَنَ فَقَطْ:   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (وَجَدْتهَا) أَيْ زَوْجَتَهُ مُضْطَجِعَةً أَوْ مُتَجَرِّدَةً (مَعَ رَجُلٍ) أَجْنَبِيٍّ (فِي لِحَافٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ فَيُؤَدَّبُ وَلَا يُلَاعِنُ وَلَا يُحَدُّ وَلَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ لَحُدَّ فَيُعَابُ بِهَا بِأَنْ يُقَالَ أَيْ قَذْفُ الْأَجْنَبِيَّةِ لَا يُلَاعِنُ فِيهِ الزَّوْجُ وَلَا يُحَدُّ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ تَعْرِيضَ الزَّوْجِ بِالْقَذْفِ لَيْسَ كَتَصْرِيحِهِ بِهِ وَسَيَأْتِي أَوَّلَ بَابِ الْقَذْفِ مَا يُفِيدُ خِلَافَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي التَّعْرِيضِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَقْصِدُ الْإِذَايَةَ الْمَحْضَةَ وَالزَّوْجَ يَقْصِدُ صِيَانَةَ نَسَبِهِ وَشَأْنُهُ الْغَيْرَةُ عَلَى زَوْجَتِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لَغْوِ تَعْرِيضِهِ وَلِعَانِهِ بِهِ قَوْلَا الْمَعْرُوفِ، وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ عِيَاضٍ قَذْفَهَا، وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي حَدِّهِ بِهِ كَأَجْنَبِيٍّ أَوْ تَأْدِيبِهِ نَقْلُ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَتَلَاعَنَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (إنْ رَمَاهَا) أَيْ قَذَفَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (بِغَصْبٍ) أَيْ بِوَطْئِهَا مَغْصُوبَةً (أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) مِنْ أَجْنَبِيٍّ اشْتَبَهَ عَلَيْهَا بِهِ فَمَكَّنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا (وَأَنْكَرْته) أَيْ الزَّوْجَةُ مَا ذَكَرَهُ الزَّوْجُ مِنْ وَطْءِ الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ (أَوْ صَدَّقَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي أَنَّهَا وُطِئَتْ غَصْبًا أَوْ بِشُبْهَةٍ (وَلَمْ يَثْبُتْ) وَطْءُ الْغَصْبِ أَوْ الشُّبْهَةِ بِبَيِّنَةٍ (وَلَمْ يَظْهَرْ) لِلْجِيرَانِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ. (وَتَقُولُ) الزَّوْجَةُ إنْ صَدَّقَتْهُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ (مَا زَنَيْت وَلَقَدْ غُلِبْت) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَتْهُ فَتَقُولُ: مَا زَنَيْت وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ (وَإِلَّا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يَظْهَرْ أَيْ وَإِنْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ ظَهَرَ بِقَرِينَةٍ كَاسْتِغَاثَةٍ عِنْدَ النَّازِلَةِ (الْتَعَنَ) الزَّوْجُ فَقَطْ أَيْ دُونَ الزَّوْجَةِ لِعُذْرِهَا، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا يُحَدُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لِعَانُهُ سَوَاءٌ كَانَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَظَاهِرُ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْتَعِنُ إذَا كَانَ بِهَا حَمْلٌ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يُلَاعِنُهَا سَوَاءٌ كَانَ بِهَا حَمْلٌ أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ إنْ فُقِدَ الْحَمْلُ فَلَا لِعَانَ، وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ لِعَانِهِ نَفْيُ الْوَلَدِ وَالْحَدِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 289 كَصَغِيرَةٍ تُوطَأُ وَإِنْ شَهِدَ مَعَ ثَلَاثَةٍ الْتَعَنَ؛ ثُمَّ الْتَعَنَتْ، وَحُدَّ الثَّلَاثَةُ؛ لَا إنْ نَكَلَتْ   [منح الجليل] وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الْقَذْفِ أَوْ مُكْرَهَةً. وَأَمَّا الْتِعَانُهَا فَلِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّتْ بِالْوَطْءِ وَعَقَّبَتْهُ بِرَافِعِ الْحَدِّ، وَنُكُولُهَا فِي صُورَةِ الْإِنْكَارِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ فِي التَّصْدِيقِ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيِّ وَالصَّوَابُ إذَا الْتَعَنَ الزَّوْجُ أَنْ لَا لِعَانَ عَلَيْهَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَا فِي الْإِنْكَارِ لِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا أَثْبَتَ فِي الْتِعَانِهِ اغْتِصَابَهَا، وَمِثْلُهُ فِي نَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ فَلَا يُحَدُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ ثَبَتَ الْغَصْبُ أَوْ صَدَّقَتْهُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا إنْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَصَابَهَا أَحَدٌ فَلَا يُحَدُّ الزَّوْجُ لِأَنَّ مَحْمَلَ قَوْلِهِ الشَّهَادَةُ لَا التَّعْرِيضُ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَقَالَ قَوْلُ ز وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ. . . إلَخْ هُوَ لِمُحَمَّدٍ أَيْضًا. وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ أَنْ لَا لِعَانَ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ قَائِلًا لَمْ أَعْلَمْ لِرَجْمِهَا وَجْهًا لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُثْبِتْ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ زِنًا، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ عَلَيْهَا غَصْبًا فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا كَثُبُوتِ الْغَصْبِ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَوْ لَاعَنَتْهُ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَ بِالْتِعَانِهِ الْغَصْبَ وَتَصْدِيقُ الزَّوْجِ وَهَذَا خَارِجٌ عَمَّا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ فِي النُّكُولِ وَالْفِرَاقِ فِي الْحَلِفِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَ التُّونُسِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَسَاقَهُ مَسَاقَ تَفْسِيرِ الْمَذْهَبِ اهـ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَبِلَ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ كُلَّهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. شَبَّهَ فِي الْتِعَانِ الزَّوْجِ فَقَطْ فَقَالَ (كَ) زَوْجٍ زَوْجَةٍ (صَغِيرَةٍ) عَنْ سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ (تُوطَأُ) أَيْ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَتُطِيقُهُ عَادَةً قَذَفَهَا بِرُؤْيَةِ الزِّنَا فَيُلَاعِنُ دُونَهَا الشَّامِلِ فَإِنْ كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ تَحْمِلُ فَلَهُ الْمُلَاعَنَةُ اتِّفَاقًا إنْ ادَّعَى رُؤْيَةً وَهَلْ تُحَدُّ قَوْلَانِ وَوَقَفْت فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَاعَنَتْ فَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ حَدَّ الْبِكْرِ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ حَتَّى ظَهَرَ حَمْلُهَا وَجَبَ لِعَانُهَا اتِّفَاقًا فَإِنْ نَكَلَ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ وَإِنْ نَكَلَتْ حُدَّتْ كَالْبِكْرِ. (وَإِنْ شَهِدَ) زَوْجٌ بِزِنَا زَوْجَتِهِ (مَعَ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ وَاطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُ زَوْجُهَا قَبْلَ حَدِّهَا (الْتَعَنَ) الزَّوْجُ (ثُمَّ الْتَعَنَتْ) الزَّوْجَةُ (وَحُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الشُّهُودُ (الثَّلَاثَةُ) لِنَقْصِهِمْ عَنْ نِصَابِ شَهَادَةِ الزِّنَا (لَا) تُحَدُّ الثَّلَاثَةُ (إنْ نَكَلَتْ) الزَّوْجَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 290 أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِزَوْجِيَّتِهِ حَتَّى رُجِمَتْ وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَالْأَمَةِ، وَلِأَقَلَّ فَكَالزَّوْجَةِ وَحُكْمُهُ: رَفْعُ.   [منح الجليل] عَنْ اللِّعَانِ وَتُحَدُّ وَتَبْقَى زَوْجَةً إنْ كَانَتْ بِكْرًا رُجِمَتْ يَرِثُهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ الزُّورَ لِيَقْتُلَهَا أَوْ يُقِرَّ بِهِ فَلَا يَرِثُهَا (أَوْ لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (بِزَوْجِيَّتِهِ) أَيْ كَوْنَهَا زَوْجًا لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهَا مَعَ الثَّلَاثَةِ بِالزِّنَا (حَتَّى رُجِمَتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَلَا تُحَدُّ الثَّلَاثَةُ وَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ فَإِنْ نَكَلَ يُحَدُّ دُونَ الثَّلَاثَةِ وَيَرِثُهَا وَلَا تُحَدُّ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَرُجُوعِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ يُوجِبُ حَدَّ الرَّاجِعِ فَقَطْ وَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَلَيْسَ بِخَطَإٍ صَرِيحٍ قَالَهُ الشَّارِحُ. (وَإِنْ اشْتَرَى) الزَّوْجُ (زَوْجَتَهُ) الْأَمَةَ وَلَيْسَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ شِرَائِهَا وَوَطِئَهَا بَعْدَهُ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا كَامِلًا (لِسِتَّةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَهُ وَنَفَاهُ (فَ) الْوَلَدُ (كَ) وَلَدِ (الْأَمَةِ) الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي لُحُوقِهِ بِهِ وَعَدَمِ اللِّعَانِ وَإِنْ كَانَ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ وَطْئِهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَوَلَدَتْ لِسَنَةٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَهُوَ كَوَلَدِ الْأَمَةِ الَّتِي اسْتَبْرَأَهَا سَيِّدُهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي انْتِفَائِهِ بِلَا لِعَانٍ (وَ) إنْ وَلَدَتْهُ (لِأَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ يَطَأَهَا بَعْدَهُ (فَ) وَلَدُهَا (كَ) وَلَدِ (الزَّوْجَةِ) فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ مُعْتَمَدٍ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَفِي امْتِنَاعِ اللِّعَانِ فِيهِ بِالْوَطْءِ أَوْ التَّأْخِيرِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَفْيُ حَمْلِ الْأَمَةِ الْمُقِرِّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا لَغْوٌ فِي اللِّعَانِ وَلَا يُنْفَى إلَّا بِادِّعَائِهِ اسْتِبْرَاءَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهُ فِي حَمْلٍ يُمْكِنُ بَعْدَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ: مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الشِّرَاءِ سَحْنُونٌ أَوْ لِأَكْثَرَ وَأَنْكَرَ وَطْأَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ فَحَمْلُهَا لِلنِّكَاحِ سَحْنُونٌ وَلَوْ لِخَمْسِ سِنِينَ وَإِلَّا فَهُوَ لِلْمِلْكِ. (وَحُكْمُهُ) أَيْ ثَمَرَةُ اللِّعَانِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٌ عَلَى لِعَانِ الزَّوْجِ (رَفْعُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 291 الْحَدِّ أَوْ الْأَدَبُ فِي الْأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ، وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ، إنْ لَمْ تُلَاعِنْ. وَقُطِعَ نَسَبُهُ، وَبِلِعَانِهَا: تَأْبِيدٌ وَحُرْمَتُهَا، وَإِنْ مُلِكَتْ أَوْ انْفَشَّ حَمْلُهَا ، وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ قُبِلَ: كَالْمَرْأَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ،   [منح الجليل] أَيْ عَدَمُ (الْحَدِّ) عَنْ الزَّوْجِ لِقَذْفِهِ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً (أَوْ الْأَدَبِ) لَهُ (فِي) الزَّوْجَةِ (الْأَمَةِ أَوْ الذِّمِّيَّة) الْكِتَابِيَّةِ (وَ) ثَانِيهَا (إيجَابُهُ) أَيْ الْحَدِّ أَوْ الْأَدَبِ (عَلَى الْمَرْأَةِ) الْحَدُّ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَلَوْ أَمَةً وَالْأَدَبُ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ (إنْ لَمْ تُلَاعِنْ وَ) ثَالِثُهَا (قَطْعُ نَسَبِهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَنْ حَمْلٍ ظَاهِرٍ أَوْ سَيَظْهَرُ وَثَلَاثَةٌ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الزَّوْجَةِ أَحَدُهَا رَفْعُ الْحَدِّ عَنْهَا ثَانِيهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا ثَالِثُهَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) يَجِبُ (بِلِعَانِهَا) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ (تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا) عَلَى مُلَاعَنِهَا إنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَأَرَادَ نِكَاحَهَا بَلْ (وَإِنْ مُلِكَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مَلَكَهَا مَلَاعِنُهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا (أَوْ) أَيْ وَإِنْ (انْفَشَّ حَمْلُهَا) بَعْدَ لِعَانِهَا لِنَفْيِهِ فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ خِفْيَةً قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ الِانْفِشَاشُ بِمُلَازَمَةِ بَيِّنَةٍ لَهَا لِغَايَةِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَوَجَبَ رَدُّهَا إلَيْهِ لِتَبَيُّنِ صِدْقِهِمَا مَعًا وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ فَرْضَ مُلَازَمَةِ الْبَيِّنَةِ لَهَا بِحَيْثُ لَا تُفَارِقُهَا لِانْقِضَاءِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةُ أَعْوَامٍ مُحَالٌ عَادَةً وَتَقَدَّمَ فِي الْخُسُوفِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْفُقَهَاءِ التَّكَلُّمُ فِي خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَمَا عَزَاهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبَعْضِ الشُّيُوخِ لَمْ أَعْرِفْهُ اهـ. قُلْتُ مَنْ حَفِظَهُ حُجَّةً اهـ عب الْبُنَانِيُّ قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ انْفِشَاشُهُ بِقُرْبِ اللِّعَانِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ الْقَوَابِلِ بِعَدَمِ حَمْلِهَا فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَوْ) نَكَلَ الزَّوْجُ عَنْ اللِّعَانِ ثُمَّ (عَادَ) أَيْ رَجَعَ الزَّوْجُ (إلَيْهِ) أَيْ اللِّعَانِ بَعْدَ نُكُولِهِ عَنْهُ وَقَبْلَ حَدِّهِ لِلْقَذْفِ (قُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عَوْدُهُ إلَيْهِ وَشَبَّهَ فِي قَبُولِ الْعَوْدِ إلَى اللِّعَانِ بَعْدَ النُّكُولِ عَنْهُ فَقَالَ (كَ) عَوْدِ (الْمَرْأَةِ) إلَيْهِ بَعْدَ نُكُولِهَا عَنْهُ فَيُقْبَلُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهَذَا مُسَلَّمٌ لِأَنَّهُ كَرُجُوعِهَا عَنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَهُوَ مَقْبُولٌ، وَأَمَّا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 292 وَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ: لَحِقَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَبَطْنَانِ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَقَرَّ بِالثَّانِي، وَقَالَ: لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ: سُئِلَ النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ: إنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا لَمْ يُحَدَّ.   [منح الجليل] قَبُولُ عَوْدِهِ إلَيْهِ فَضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ قَبُولِهِ لِاتِّهَامِهِ بِإِسْقَاطِ حَدِّ الْقَذْفِ عَنْهُ، وَهُوَ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْقَذْفِ، فَلَوْ قَالَ: وَقُبِلَ عَوْدُهَا فَقَطْ لَهُ أَوْ وَلَمْ يُقْبَلْ عَوْدُهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لَمَشَى عَلَى الرَّاجِحِ عب الْبُنَانِيُّ الطُّرُقُ ثَلَاثٌ الْأُولَى لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّ رُجُوعَهُ مَقْبُولٌ اتِّفَاقًا وَالْخِلَافُ فِي رُجُوعِ الْمَرْأَةِ. وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ يُونُسَ الْخِلَافُ فِيهِمَا. وَالثَّالِثَةُ لِابْنِ رُشْدٍ الْخِلَافُ فِي الْمَرْأَةِ، وَالرَّجُلُ مُتَّفَقٌ عَلَى عَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهِ وَمَشَى الْمُصَنِّفُ فِي الرَّجُلِ عَلَى الْأُولَى وَفِي الْمَرْأَةِ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَالْمُنَاسِبُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ فِيهِمَا. (وَإِنْ) لَاعَنَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِنَفْيِ حَمْلِهَا فَوَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَ (اسْتَلْحَقَ) الْمُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ (أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ) أَيْ الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ أَمَدِ الْحَمْلِ (لَحِقَاهُ) مَعًا لِأَنَّهُمَا كَوَلَدٍ وَاحِدٍ وَلَوْ لَاعَنَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ انْتَفَيَا مَعًا وَيَتَوَارَثَانِ كَتَوَارُثِ الشَّقِيقَيْنِ كَتَوْأَمَيْ مُسَبَّبَةٍ وَمُسْتَأْمَنَةٍ بِخِلَافِ تَوْأَمَيْ الزَّانِيَةِ وَالْمَغْصُوبَةِ فَأَخَوَانِ لِأُمٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَإِنْ) وَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ فَاسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ أَحَدَهُمَا، وَنَفَى الْآخَرَ (وَكَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ اسْتَلْحَقَ الزَّوْجُ أَحَدَهُمَا وَنَفَى الْآخَرَ (سِتَّةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ (فَ) هُمَا (بَطْنَانِ) أَيْ حَمْلَانِ لَا يَلْحَقُ أَحَدُهُمَا بِاسْتِلْحَاقِ الْآخَرِ وَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ لَكِنْ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَالَ إنْ أَقَرَّ) أَيْ الزَّوْجُ (بِ) الْوَلَدِ (الثَّانِي) الَّذِي تَأَخَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِأَنْ قَالَ: هَذَا وَلَدِي وَالْفَرْضُ أَنَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ الْأَوَّلَ (وَقَالَ) الزَّوْجُ (لَمْ أَطَأْ) هَا (بَعْدَ) وِلَادَةِ الْوَلَدِ (الْأَوَّلِ) وَجَوَابُ: إنْ أَقَرَّ، وَقَالَ: (سُئِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (النِّسَاءُ) الْعَارِفَاتُ بِذَلِكَ. (فَإِنْ قُلْنَ إنَّهُ) أَيْ التَّوْأَمُ (قَدْ يَتَأَخَّرُ) عَنْ الْأَوَّلِ (هَكَذَا) أَيْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ (لَمْ) الْأُولَى فَلَا (يُحَدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ الزَّوْجُ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ نَفْيًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 293 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِلثَّانِي صَرِيحًا لِجَوَازِ كَوْنِهِ بِالْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ عَمَلًا بِقَوْلِهِنَّ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا. قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ قُلْنَ: إنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ هَكَذَا حُدَّ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالثَّانِي وَلَحِقَ بِهِ وَقُلْنَ لَا يَتَأَخَّرُ هَكَذَا صَارَ قَوْلُهُ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ قَدْ قَالَهَا وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ السِّتَّةَ إنْ كَانَتْ قَاطِعَةً فَلَا يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ وَيُحَدُّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً فَيُرْجَعُ إلَيْهِنَّ وَلَا يُحَدُّ وَهُوَ قَدْ قَالَ فِي الْأَوَّلِ إنَّهَا قَاطِعَةٌ وَيُحَدُّ وَفِي الثَّانِي يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ وَلَا يُحَدُّ فَأَشْكَلَ الْفَرْعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا قَاطِعَةٌ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا أَصْلٌ، وَقَدْ عَارَضَهَا هُنَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَفِي الْحَدِيثِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَأَمَّا إنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي، وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ لِاسْتِلْحَاقِهِ الْوَلَدَ الثَّانِي بَعْدَ نَفْيِهِ فَيُحَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ الْحَطّ. غ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ " فَإِنْ وَضَعَتْ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُمَا بَطْنَانِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ وَقَالَ لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ لَاعَنَ وَنَفَى الثَّانِي إذْ هُمَا بَطْنَانِ فَسَكَتَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ هَذَا الْفَرْعِ لِجَرَيَانِهِ عَلَى أَصْلِ كَوْنِهِمَا بَطْنَيْنِ ثُمَّ جَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْفَرْعِ الْمُسْتَشْكِلِ فَقَالَ وَإِنْ قَالَ: لَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ وَهَذَا الثَّانِي وَلَدِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَيُسْأَلُ النِّسَاءُ فَإِنْ قُلْنَ إنَّ الْحَمْلَ يَتَأَخَّرُ هَكَذَا فَلَا يُحَدُّ وَكَانَا بَطْنًا وَاحِدًا وَإِنْ قُلْت لَا يَتَأَخَّرُ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ، وَقَدْ أَشَارَ فِي التَّقْيِيدِ لِهَذَا الْإِشْكَالِ ثُمَّ انْفَصَلَ عَنْهُ أَحْسَنَ الِانْفِصَالِ، فَقَالَ جَزَمَ أَوَّلًا بِجَعْلِهِمَا بَطْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِأَجْلِ حَدِّ الزَّوْجِ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِمَا جَمِيعًا وَقَالَ: لَمْ أُجَامِعْهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ سُئِلَ النِّسَاءُ فَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّانِي يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّنْظِيرُ إذْ كَأَنَّهُ نَفَاهُ وَأَثْبَتَهُ اهـ. وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ مَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّمَا لَمْ يَجِدْ إذَا قَالَ النِّسَاءُ يَتَأَخَّرُ لِعَدَمِ نَفْيِهِ إيَّاهُ بِقَوْلِهِ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ بِالْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ عَمَلًا بِقَوْلِهِنَّ يَتَأَخَّرُ وَحُدَّ بِقَوْلِهِنَّ لَا يَتَأَخَّرُ لِنَفِيَهُ إيَّاهُ بِقَوْلِهِ: لَمْ أَطَأْ بَعْدَ الْأَوَّلِ مُنْضَمًّا لِقَوْلِهِنَّ لَا يَتَأَخَّرُ فَامْتَنَعَ كَوْنُهُ عَنْ الْوَطْءِ الَّذِي كَانَ عَنْهُ الْأَوَّلُ وَإِقْرَارُهُ بِهِ مَعَ ذَلِكَ فَآلَ أَمْرُهُ لِنَفْيِهِ إيَّاهُ وَإِقْرَارِهِ بِهِ فَوَجَبَ لُحُوقُهُ بِهِ وَحَدُّهُ اهـ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 294 (بَابٌ) تَعْتَدُّ حُرَّةٌ، وَإِنْ كِتَابِيَّةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ   [منح الجليل] وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّانِي بَعْدَ أَنْ نَفَى الْأَوَّلَ وَلَاعَنَ فِيهِ وَقَرَّرَ الْإِشْكَالَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ تَحْرِيفٌ لِلْمَسْأَلَةِ بِنَقِيضِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مَعَ وُضُوحِهَا وَشُهْرَتِهَا فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي الْعِدَّة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] (تَعْتَدُّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّتَيْنِ وَشَدِّ الدَّالِ زَوْجَةٌ (حُرَّةٌ) إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (كِتَابِيَّةً) طَلَّقَهَا زَوْجٌ مُسْلِمٌ أَوْ أَرَادَ نِكَاحَهَا مِنْ طَلَاقِ كَافِرٍ لَمْ يَمْضِ مِنْهُ قَدْرُهَا (أَطَاقَتْ) الْحُرَّةُ (الْوَطْءَ) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا وَلَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا إنْ لَمْ تُطَلِّقْهُ وَإِنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ عَلَى مَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا عِدَّةُ طَلَاقٍ وَمِنْهَا قَبْلَهَا عِدَّةُ مَنْ فِيهَا بَقِيَّةُ رِقٍّ فِي الطَّلَاقِ وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ لِصِغَرٍ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ وَبَنَى بِهَا زَوْجُهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ ابْنُ لُبَابَةَ الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي سِنِّ مَنْ تَحِيضُ وَيُؤْمَنُ حَمْلُهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَاذٌّ. قُلْت قَالَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي الْأَمَةِ تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَا تَحْمِلُ غَالِبًا كَبِنْتِ تِسْعٍ وَعَشْرٍ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ وَظَاهِرُ تَرْجِيحِ اللَّخْمِيِّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِقَوْلِهِ قِيَاسًا عَلَى الْحُرَّةِ الْمُعْتَدَّةِ أَنَّ الْحُرَّةَ لَا خِلَافَ فِيهَا، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِثْلَ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِمْ فِي الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ لَا تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَلَوْ أَطَاقَ الْوَطْءَ يَرُدُّ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَاءَ لَهُ قَطْعًا فَلَا وَلَدَ لَهُ قَطْعًا وَنَفْيُ الْوَلَدِ عَنْ الصَّغِيرَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ لَا يَنْهَضُ لِلْقَطْعِ فَجَاءَ الِاحْتِيَاطُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 295 بِخَلْوَةِ بَالِغٍ غَيْرِ مَجْبُوبٍ أَمْكَنَ شَغْلُهَا مِنْهُ وَإِنْ نَفَيَاهُ، وَأُخِذَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا بِغَيْرِهَا،   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ رَأَى جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَعَرَفْت أَنَّ فِي بِلَادِ مَكَّةَ مِثْلَ ذَلِكَ كَثِيرًا كَالْيَمَنِ وَصِلَةُ تَعْتَدُّ (بِ) سَبَبِ (خَلْوَةِ) زَوْجٍ (بَالِغٍ) بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ وَزِيَارَةٍ وَلَوْ مَرِيضًا مُطِيقًا أَوْ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ صَائِمَةٌ لَا بِخَلْوَةِ صَبِيٍّ وَلَوْ قَوِيٍّ عَلَى الْوَطْءِ خَالَعَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَيَقْوَى عَلَى الْوَطْءِ فَظَهَرَ بِامْرَأَتِهِ حَمْلٌ فَلَا يَلْحَقُهُ وَتُحَدُّ وَإِنْ مَاتَ فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لَوْ أَفَاتَهُ بِوَضْعِهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ هُوَ اللَّاحِقُ بِأَبِيهِ إلَّا الْمُلَاعَنَةُ تَحِلُّ بِوَضْعِهَا وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِالزَّوْجِ وَالْمَمْسُوحِ ذَكَرِهِ وَانْتِبَاهُ مِثْلِهِ (غَيْرِ مَجْبُوبٍ) لَا بِخَلْوَةِ بَالِغٍ بِوُجُوبٍ وَلَا بِوَطْئِهِ عِنْدَ جَمْعٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ وَالرَّجْرَاجِيِّ إنْ دَنَا مِنْ النِّسَاءِ وَالْتَذَّ وَعَالَجَ وَأَنْزَلَ ثُمَّ طَلَّقَ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَنَعَتَ " خَلْوَةً " بِجُمْلَةِ (أَمْكَنَ شَغْلُهَا) أَيْ الْخَلْوَةِ (مِنْهُ) أَيْ الْبَالِغِ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ بِالْوَطْءِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ خَلْوَتِهِ بِهَا بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ مُتَّصِفَاتٍ بِالْعَدَالَةِ وَالْعِفَّةِ أَوْ وَاحِدَةً كَذَلِكَ وَعَنْ خَلْوَةِ لَحْظَةٍ قَصِيرَةٍ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ فَلَا تُوجِبُ عِدَّةً قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بِمَا تَقَدَّمَ إنْ تَصَادَقَا عَلَى الْوَطْءِ فِي الْخَلْوَةِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ بَلْ (وَإِنْ نَفَيَاهُ) أَيْ الزَّوْجَانِ الْوَطْءَ فِيهَا لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى نَفْيِهِ (وَأُخِذَا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الزَّوْجَانِ (بِإِقْرَارِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِنَفْيِهِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُمَا فَتُؤَاخَذُ الزَّوْجَةُ بِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مُدَّةَ الْعِدَّةِ وَبِعَدَمِ تَكْمِيلِ الْمَهْرِ وَيُؤَاخَذُ الزَّوْجُ بِعَدَمِ رَجْعَتِهَا وَمَنْعِهِ مِنْ تَزَوُّجِ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا وَرَابِعَةٍ سِوَاهَا وَيُؤَاخَذَانِ مَعًا بِأَنَّ مَنْ تَأَخَّرَتْ حَيَاتُهُ لَا يَرِثُ الْمَيِّتَ قَبْلَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ، وَقَالَ لَمْ أَمَسَّهَا وَصَدَّقَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَكَذَا إنْ تَصَادَقَا أَنَّهُ قَبَّلَ أَوْ جَرَّدَ أَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ إلَّا أَنْ يَطُولَ مُكْثُهُ مَعَهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَرَى لَهَا جَمِيعَ الْمَهْرِ، وَقَالَ قَوْمٌ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ (لَا) تَعْتَدُّ الزَّوْجَةُ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْخَلْوَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 296 إلَّا أَنْ تُقِرَّ بِهِ أَوْ يَظْهَرَ حَمْلٌ، وَلَمْ يَنْفِهِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ وَذِي الرِّقِّ قُرْءَانِ وَالْجَمِيعُ لِلِاسْتِبْرَاءِ، لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَلَوْ اعْتَادَتْهُ فِي: كَالسَّنَةِ   [منح الجليل] فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تُقِرَّ) الزَّوْجَةُ فَقَطْ (بِهِ) أَيْ وَطِئَ الْبَالِغُ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ فَتَعْتَدُّ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَظْهَرَ) بِهَا (حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ) أَيْ الزَّوْجُ الْحَمْلَ بِلِعَانٍ فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ فَإِنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَلَا تَعْتَدُّ وَتَسْتَبْرِئُ بِوَضْعِهِ فَلَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ لَهَا وَلَا يَرِثُ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمَيِّتَ مِنْهُمَا قَبْلَ وَضْعِهِ وَصِلَةُ تَعْتَدُّ (بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَطْهَارٍ) بَيَانٌ أَوْ بَدَلٌ (وَ) عِدَّةُ الشَّخْصِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الرِّقِّ) أَيْ الْأَمَةِ الرَّقِيقَةِ مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ أَوْ الرَّقِيقِ (قُرْءَانِ) بِفَتْحِ الْقَافِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَيْ طُهْرَانِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ الْأُولَى مُعْتَادٌ حَيْضُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ دُونَ دَمٍ غَيْرِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ قَدْرُهُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ لِلْحُرَّةِ وَقُرْءَانِ لِغَيْرِهَا وَالْمَنْصُوصُ الْقُرْءُ الطُّهْرُ، وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ مِنْ إطْلَاقِهِ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى الْحَيْضِ أَنَّهُ الْحَيْضُ وَرَجَّحَهُ وَرَدَّهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ مَجَازٌ قُلْت كَيْفَ هَذَا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ لُغَةً بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ. (وَالْجَمِيعُ) أَيْ الْأَقْرَاءُ الثَّلَاثَةُ لِلْحُرَّةِ وَالْقُرْءَانِ لِلْأَمَةِ (لِلِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ فِي مُطَلَّقَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَلِذَا لَا تَجِبُ عَلَى مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ لِلِاسْتِبْرَاءِ (لَا الْأَوَّلُ فَقَطْ) لِلِاسْتِبْرَاءِ وَالْبَاقِي تَعَبُّدٌ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ وَالثَّانِي لِلْقَاضِي وَرَجَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْكِتَابِيَّةِ فَتَلْزَمُهَا الثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَوَّلِ وَقُرْءُ الطَّلَاقِ فَقَطْ عَلَى الثَّانِي وَتَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ بِالْأَقْرَاءِ إنْ اعْتَادَتْ الْحَيْضَ فِيمَا دُونَ سَنَةٍ بَلْ (وَلَوْ اعْتَادَتْهُ) أَيْ الْحَيْضَ (فِي كَالسَّنَةِ) مَرَّةً وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ مَا زَادَ عَلَيْهَا إلَى تَمَامِ عَشْرِ سِنِينَ عَلَى مَا نَقَلَهُ " د " عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَإِلَى تَمَامِ خَمْسِ سِنِينَ عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالنَّاصِرُ عَنْهُ فَمَنْ اعْتَادَتْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ أَوْ خَمْسٍ مَرَّةً تَنْتَظِرُهُ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ مَجِيئِهِ وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ فَإِنْ جَاءَ وَقْتُهَا وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ انْتَظَرَتْ الثَّالِثَةَ أَوْ وَقْتَهَا وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ اعْتَادَتْهُ فِي السَّنَةِ تَحِلُّ بِتَمَامِهَا وَأَنْكَرَ وُجُودَهُ شَارِحُوهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 297 أَوْ أَرْضَعَتْ، أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ وَلِلزَّوْجِ انْتِزَاعُ وَلَدِ الْمُرْضِعِ فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ رَابِعَةً، إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْوَلَدِ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ حَيْضَتُهَا لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ عِدَّتُهَا سَنَةٌ بَيْضَاءُ إنْ لَمْ تَحِضْ لِوَقْتِهَا وَإِلَّا فَأَقْرَاؤُهَا وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا فَتَعَقَّبَ شَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ نَقْلَهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ انْتِظَارِ الْإِقْرَارِ بِانْفِرَادِهِ بِهِ حَسَنٌ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهَا حَيْضٌ مَرَّةً لَطَلَبَتْ الْحَيْضَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا اعْتَدَّتْ بِسَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ فَإِذَا جَاءَ الْحَيْضُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً انْتَظَرَتْ الْأَقْرَاءَ عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَمَضَى وَقْتُهُ حَلَّتْ وَلَوْ حَاضَتْ مِنْ الْغَدِ مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ بَعْدَ سَنَةٍ انْتَظَرَتْ عَادَتَهَا فَإِنْ حَاضَتْ فِي وَقْتِهِ حَلَّتْ وَإِلَّا فَسَنَةٌ بَعْدَ طُهْرِهَا وَلَا تَزَالُ كَذَا حَتَّى يَتَأَخَّرَ عَنْ عَادَتِهِ أَوْ تُكْمِلَ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ. (أَوْ) أَيْ وَتَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ بِالْأَقْرَاءِ وَلَوْ (أَرْضَعَتْ) وَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِإِرْضَاعِهَا فَلَا تَعْتَدُّ بِالسَّنَةِ وَتَنْتَظِرُ الْأَقْرَاءَ حَتَّى تُتِمَّهَا أَوْ تَفْطِمَ وَلَدَهَا أَوْ يَنْقَطِعَ إرْضَاعُهَا فَتَسْتَقْبِلَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ حَتَّى أَتَمَّتْ سَنَةً مِنْ حِينِ انْقِطَاعِ الْإِرْضَاعِ حَلَّتْ لِظُهُورِ أَنَّ تَأَخُّرَهُ لَيْسَ لِلْإِرْضَاعِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَالْمُبَالَغَةُ عَلَى هَذَا لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ (اُسْتُحِيضَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْمُطَلَّقَةُ (وَ) قَدْ (مَيَّزَتْ) دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الْمَرَضِ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ تَأَلُّمٍ لَا بِكَثْرَةٍ لِتَبَعِيَّتِهَا لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ، فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ لَا بِالسَّنَةِ عَلَى الْمَشْهُور وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِسَنَةِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ. (وَلِلزَّوْجِ) الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا مُرْضِعًا يَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا لِإِرْضَاعِهَا (انْتِزَاعُ وَلَدِ) الْمُطَلَّقَةِ (الْمُرْضِعِ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (فِرَارًا مِنْ أَنْ تَرِثَهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَلَوْ صَحِيحًا لِأَنَّ الْمَوْتَ يَفْجَأُ (أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا) وَنَحْوَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا (أَوْ رَابِعَةً) بَدَلَهَا (إذَا لَمْ يَضُرَّ) الِانْتِزَاعُ (بِالْوَلَدِ) لِوُجُودِ مُرْضِعٍ غَيْرِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 298 وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَ بِلَا سَبَبٍ، أَوْ مَرِضَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ. كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ   [منح الجليل] قَبِلَهَا الْوَلَدُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْوَلَدُ فَلَا يَجُوزُ انْتِزَاعُهُ وَإِذَا جَازَ انْتِزَاعُهُ لِقَطْعِ إرْثِهَا الْعَائِدِ نَفْعُهُ عَلَى وَارِثَةٍ غَيْرِهَا فَأَحْرَى انْتِزَاعُهُ لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهَا عَنْهُ وَمَحِلُّهُ إذَا تَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ لَهَا لِأَوْضَاعِهَا كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ لِتَبَيُّنِ قَصْدِهِ إضْرَارَهَا وَمِثْلُ وَلَدِهَا وَلَدُ غَيْرِهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِجَارَتِهَا وَيُقِرُّهَا قَبْلَ طَلَاقِهَا وَلِلزَّوْجَةِ طَرْحُهُ لِأَبِيهِ لِتَعْجِيلِ حَيْضِهَا وَتَزَوُّجِهَا غَيْرَ مُطَلِّقِهَا إنْ قَبِلَ الْوَلَدُ غَيْرَهَا وَلَهُ أَوْ لِأَبِيهِ مَالٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِشَرَفِهَا فَإِنْ قُلْت هَذِهِ لَهَا رَدُّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَصْلَحَةٌ فِيهِ فَلَا يَتِمُّ هَذَا الْحَمْلُ قُلْت لَيْسَ فِي النَّقْلِ تَقْيِيدُ رَدِّهَا بِمَصْلَحَتِهَا فَلَيْسَتْ كَالْأَبِ وَعُورِضَتْ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ الْآتِي فِي الْحَضَانَةِ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ تَرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ عُذْرَهُ هُنَا أَسْقَطَ حَقَّهَا فِي إرْضَاعِهِ وَحَضَانَتُهَا بَاقِيَةٌ فَيَأْتِي لَهَا بِمَنْ تَرْضِعُهُ عِنْدَهَا فَهَذِهِ مُخَصِّصَةٌ لِلْآتِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ) الْمُسْتَحَاضَةُ دَمَ الْمَرَضِ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ (أَوْ تَأَخَّرَ) الْحَيْضُ (بِلَا سَبَبٍ) ظَاهِرٍ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ (أَوْ مَرِضَتْ) الْمُطَلَّقَةُ فَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِسَبَبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (تَرَبَّصَتْ) أَيْ تَأَخَّرَتْ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (تِسْعَةَ أَشْهُرٍ) اسْتِبْرَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ لِزَوَالِ الرِّيبَةِ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَمْلِ غَالِبًا وَهَلْ تُعْتَبَرُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ يَوْمِ ارْتِفَاعِ حَيْضِهَا قَوْلَانِ (ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ) حُرَّةً كَانَتْ أَمْ أَمَةً وَحَلَّتْ بِتَمَامِ السَّنَةِ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ النِّسَاءِ وَقَبْلَ التِّسْعَةِ عِدَّةٌ أَيْضًا وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: الْمَرِيضَةُ كَالْمُرْضِعِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَهُمَا بِقُدْرَةِ الْمُرْضِعِ عَلَى إزَالَةِ السَّبَبِ فَهِيَ قَادِرَةٌ عَلَى الْأَقْرَاءِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ فَإِنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ ذَلِكَ السَّبَبِ فَأَشْبَهَتْ الْيَائِسَةَ وَشَبَّهُ فِي الِاعْتِدَادِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ (كَعِدَّةِ مَنْ لَمْ تَرَ الْحَيْضَ) لِصِغَرٍ وَهِيَ مُطِيقَةٌ الْوَطْءَ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 299 وَالْيَائِسَةَ وَلَوْ بِرِقٍّ، وَتُمِّمَ مِنْ الرَّابِعِ فِي الْكَسْرِ، وَلَغَا يَوْمُ الطَّلَاقِ، وَإِنْ حَاضَتْ فِي السَّنَةِ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ، ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ، فَالثَّلَاثَةُ وَوَجَبَ إنْ وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ   [منح الجليل] لِطَيْعِهَا وَهِيَ الْبَغْلَةُ (وَ) عِدَّةُ (الْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ لِكِبَرِهَا فِي السِّنِّ فَعِدَّةُ كُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً (بِرِقٍّ) وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى الْخِلَافِ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا شَهْرَانِ وَالْآخَرُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلِذَا سَاوَتْ الْأَمَةُ الْحُرَّةَ قَالَهُ الْمُوَضِّحُ. (وَ) تُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَهِلَّةِ كَامِلَةً كَانَتْ أَوْ نَاقِصَةً إنْ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ وَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِ اعْتَبَرَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِالْهِلَالِ (وَتُمِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّهْرُ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مِنْ) الشَّهْرِ (الرَّابِعِ فِي) صُورَةِ (الْكَسْرِ) لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِالطَّلَاقِ فِي أَثْنَائِهِ (وَلَغَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يَحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ (يَوْمُ الطَّلَاقِ) الَّذِي وَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِهِ فَإِنْ وَقَعَ لَيْلًا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ حُسِبَ الْيَوْمُ مِنْهَا وَكَذَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ. وَقِيلَ لَا يُلْغَى وَتَعْتَدُّ إلَى مِثْلِ السَّاعَةِ الَّتِي طَلَّقَ أَوْ مَاتَ فِيهَا وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجَعَ إلَى أَوَّلِهِمَا (وَلَوْ حَاضَتْ) الْمُعْتَدَّةُ الَّتِي تَتَرَبَّصُ تِسْعَةً وَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةٍ (فِي السَّنَةِ) وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا رَجَعَتْ إلَى اعْتِدَادِهَا بِالْأَقْرَاءِ وَ (انْتَظَرَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ) أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ بَيْضَاءَ فَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةُ وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِنْ حَاضَتْ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهَا انْتَظَرَتْ تَمَامَ سَنَةٍ (وَ) الْحَيْضَةَ (الثَّالِثَةَ) فَتَحِلُّ بِالسَّابِقِ مِنْهُمَا هَذَا فِي الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ تَحِلُّ بِالثَّانِيَةِ أَوْ تَمَامِ سَنَةٍ بَيْضَاءَ قَبْلَهَا. (ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ) مَنْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ وَلَمْ يَأْتِهَا دَمٌ لَا فِيهَا وَلَا بَعْدَهَا (لِعِدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ آخَرَ (فَ) الْأَشْهُرُ (الثَّلَاثَةُ) عِدَّتُهَا ابْتِدَاءً بِلَا تَرَبُّصٍ تِسْعَةً لِصَيْرُورَتِهَا يَائِسَةً، فَإِنْ كَانَ أَتَاهَا دَمٌ ثُمَّ احْتَاجَتْ لِعِدَّةٍ جَرَى فِيهَا مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَوَجَبَ) عَلَى الْحُرَّةِ زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ أَيِّمًا (إنْ وُطِئَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ (بِزِنًا أَوْ) وُطِئَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 300 شُبْهَةٍ، فَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ، وَلَا يَعْقِدُ، أَوْ غَابَ غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَا يُرْجَعُ لَهَا قَدْرُهَا،   [منح الجليل] ب (شُبْهَةٍ) لِنِكَاحٍ كَغَلَطٍ أَوْ عَقْدِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ خَامِسِيَّةٍ مَعَ شُبْهَةٍ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَإِلَّا فَهُوَ زِنًا لَكِنَّ هَذَا عِدَّةٌ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةً فَهُوَ اسْتِبْرَاءٌ (وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ) زَوْجَتَهُ الَّتِي وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ شُبْهَةٍ زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْهُ وَإِلَّا فَقِيلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ وَقِيلَ خِلَافُ الْأُولَى، ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ يُونُسَ وَفِي الْبَيَانِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ التَّحْرِيمُ وَبِهِ أُجِيبَ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَالْمِعْيَارِ عَنْ الْعُقْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يَنْفُشُ الْحَمْلُ فَيَخْلِطُ مَاءَهُ بِمَاءِ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَلَا يَعْقِدُ) أَحَدٌ نِكَاحًا عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ أَيِّمًا زَمَنَ اسْتِبْرَائِهَا سَوَاءٌ كَانَ زَوْجَهَا الَّذِي فَسَخَ نِكَاحَهُ أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ أَجْنَبِيًّا لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ امْتَنَعَ فِيهِ الِاسْتِمْتَاعُ امْتَنَعَ الْعَقْدُ فِيهِ، إلَّا الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالصِّيَامُ وَالِاعْتِكَافُ (أَوْ غَابَ) عَلَى الْحُرَّةِ غَيْبَةً يُمْكِنُ الْوَطْءُ فِيهَا (غَاصِبٌ أَوْ سَابٍ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفَةٌ كَافِرٌ حَرْبِيٌّ (أَوْ مُشْتَرٍ) جَهْلًا أَوْ فِسْقًا ثُمَّ خَلَصَتْ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْوَطْءِ (وَلَا يُرْجَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ (لَهَا) أَيْ لَا تُصَدَّقُ الْحُرَّةُ فِي نَفْيِهَا وَطْءَ مَنْ ذُكِرَ لِاتِّهَامِهَا بِالْحَيَاءِ وَدَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ نَفْسِهَا وَفَاعِلُ وَجَبَ. (قَدْرُهَا) أَيْ الْعِدَّةِ بِالتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَذَاتُ الْحَيْضِ غَيْرُ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ زَمَنِهِ أَوْ الْمُتَأَخِّرِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَالْيَائِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ وَالْبَغْلَةُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالْمُتَأَخِّرُ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ أَوْ لِمَرَضٍ وَالْمُسْتَحَاضَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ سَنَةٌ وَفَائِدَةُ اسْتِبْرَاءِ الْحُرَّةِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَوَلَدُهَا لِفِرَاشِ زَوْجِهَا سُقُوطُ حَدِّ الْقَذْفِ عَمَّنْ رَمَى وَلَدَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نَحْوِ الزِّنَا بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ وَحُدَّ مَنْ رَمَى وَلَدَهَا لِأَقَلَّ مِنْهَا بِذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا يَتَقَرَّرُ بِنَفْيِ النَّسَبِ لَا بِإِثْبَاتِ الشُّبْهَةِ إذْ هِيَ لَا تَسْتَلْزِمُ نَفْيَ النَّسَبِ بِدَلِيلِ لُحُوقِهِ فِي نَفْسِ الْمَسْأَلَةِ اهـ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ رُبَّمَا تَسْلَمُ مِنْ هَذَا الْبَحْثِ وَنَصَّهَا " وَاسْتَشْكَلَ لُزُومَ الِاسْتِبْرَاءِ مَعَ وُجُوبِ لُحُوقِ الْوَلَدِ وَأُجِيبَ بِإِفَادَتِهِ نَفْيَ تَعْرِيضِ مَنْ قَالَ لِذِي نَسَبٍ مِنْهُ يَا ابْنَ الْمَاءِ الْفَاسِدِ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 301 وَفِي إمْضَاءِ الْوَلِيِّ وَفَسْخِهِ: تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] فَإِنَّ الْمَاءَ الْفَاسِدَ فِيهِ تَعْرِيضٌ بِنَفْيِ النَّسَبِ لِإِطْلَاقِهِ عَلَى مَاءِ الزِّنَا أَيْضًا بِخِلَافِ الشُّبْهَةِ وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْحُرَّةِ فَقَطْ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ فِي بَابِهِ، وَلِئَلَّا يَتَعَقَّبَ بِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي عِدَّةِ الْأَمَةِ قُرْآنِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ سَنَةٌ وَاسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ نَحْوِ الزِّنَا حَيْضَةٌ نَقَلَهُ ق عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ: وَفِيهَا لُزُومُ ذَاتِ الرِّقِّ الْعِدَّةَ كَالْحُرَّةِ وَاسْتِبْرَاؤُهَا فِي الزِّنَا وَالِاشْتِبَاهِ حَيْضَةٌ اهـ. وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عِمْرَانَ وَالْجَلَّابِ وَقَوْلُهُ: قَدْرُهَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ كَعِدَّتِهَا وَقَدْ اسْتَثْنَوْا اسْتِبْرَاءَهَا لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا فِي الزِّنَا أَوْ لِقَتْلِهَا بِالرِّدَّةِ وَاَلَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمَلَاعِنُ فَإِنَّهُ بِحَيْضَةٍ وَنَظَمَهَا عج بِقَوْلِهِ: وَالْحُرَّةُ اسْتِبْرَاؤُهَا كَالْعِدَّةِ ... لَا فِي لِعَانٍ وَزِنًا وَرِدَّةٍ فَإِنَّهَا فِي كُلِّ ذَا تَسْتَبْرِئُ ... بِحَيْضَةٍ فَقَطْ وُقِيَتْ الضُّرَّا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ أَنَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ فِي الْفَقْدِ وَالشَّارِحُ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ: وَحُرِّمَ فِي زَمَنِهِ أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ الِاسْتِمْتَاعُ لِأَنَّهُ فِي أَمَةٍ تَجَدَّدَ مِلْكُهَا لَمْ يَسْبِقْ فِيهَا اسْتِمْتَاعٌ، وَمَا هُنَا فِي زَوْجَةٍ سَبَقَ لَهُ فِيهَا اسْتِمْتَاعٌ لَكِنْ نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَنْعَ وَلَعَلَّهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. عب الْبُنَانِيُّ مَا نَقَلَهُ عَنْ عِيَاضٍ لَاعَنَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَنَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ سِيَاقُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ فِي الْأَمَةِ الَّتِي تَجَدَّدَ مِلْكُهَا لَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إذَا زَوَّجَ أَجْنَبِيٌّ شَرِيفَةً بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ وَلَهَا وَلِيٌّ غَيْرُ مُجْبَرٍ وَدَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَلَمْ يُطِلْ وَخَيَّرَ وَلِيَّهَا فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، أَوْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَدَخَلَ أَوْ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَدَخَلَ وَخُيِّرَ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ فِي الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ فَاخْتُلِفَ (فِي) إيجَابِ الِاسْتِبْرَاءِ ب (إمْضَاءِ الْوَلِيِّ) نِكَاحَ الشَّرِيفَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ السَّفِيهِ مِنْ الْمَاءِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ لِأَنَّهُ حَرَامٌ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ مَاؤُهُ وَهُوَ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (أَوْ) إيجَابُهُ ب (فَسْخِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ وَأَرَادَ زَوْجُهَا تَزَوُّجَهَا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ فِي تَزَوُّجِهَا أَوْ وَلِيُّ السَّفِيهِ فِي تَزَوُّجِهَا لِذَلِكَ وَعَدَمُهُ (تَرَدُّدٌ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 302 وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَحْظَةً فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، إنْ طَلُقَتْ لِكَحَيْضٍ. وَهَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] فَإِنْ كَانَ الْإِمْضَاءُ أَوْ الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ، وَإِنْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ تَزَوُّجَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُ اتِّفَاقًا. الْبُنَانِيُّ نَقْلُ التَّوْضِيحِ وق أَنَّهُمَا فِي الْفَسْخِ تَأْوِيلَانِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَسَبَ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَعَدَمَهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ ز وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَاعْتَدَّتْ) أَيْ احْتَسَبَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي طُهْرٍ (بِطُهْرِ الطَّلَاقِ) فَجَعَلَتْهُ قُرْءً أَوَّلَ إنْ طَالَ بَعْدَ الطَّلَاقِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لَحْظَةً) يَسِيرَةً جِدًّا فَإِذَا حَاضَتْ عَقِبَ الطَّلَاقِ فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الْأَوَّلُ فَإِنْ طَهُرَتْ نِصْفَ شَهْرٍ وَحَاضَتْ ثَانِيَةً فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّانِي فَإِنْ طَهُرَتْ كَذَلِكَ وَحَاضَتْ ثَالِثَةً فَقَدْ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّالِثُ (فَتَحِلُّ) لِلْأَزْوَاجِ (بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ عَدَمُ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَوْرًا وَدَوَامُهُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَوْ) أَوَّلِ الْحَيْضَةِ (الرَّابِعَةِ) بِالنِّسْبَةِ لِحَيْضَةِ الطَّلَاقِ (إنْ طَلُقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بِكَحَيْضٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ النِّفَاسَ لِأَنَّهَا بِالْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ تَمَّ قُرْؤُهَا الْأَوَّلُ وَبِالثَّالِثَةِ تَمَّ قُرْؤُهَا الثَّانِي وَبِالرَّابِعَةِ تَمَّ الثَّالِثُ. (وَهَلْ يَنْبَغِي) لِلْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ أَيْ وَهَلْ مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَنْبَغِي (أَنْ لَا تُعَجِّلَ) الْمُعْتَدَّةُ التَّزَوُّجَ (ب) مُجَرَّدِ (رُؤْيَتِهِ) أَيْ دَمِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ إنْ طَلُقَتْ بِطُهْرٍ أَوْ الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِحَيْضِ الْوُجُوبِ فَيَكُونُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ أَوْ مَعْنَاهُ النَّدْبُ فَلَا يُخَالِفُهُ فِي الْجَوَابِ، (تَأْوِيلَانِ) وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَلِأَشْهَبَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِالنِّكَاحِ أَوَّلَ الدَّمِ فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِحَمْلِ يَنْبَغِي عَلَى النَّدْبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَكْثَرِ الشُّيُوخِ أَوْ خِلَافٌ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوُجُوبِ وَهَذَا تَأْوِيلُ غَيْرِ وَاحِدٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ لِقَوْلِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 303 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هُوَ خَيْرٌ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيهَا لِأَشْهَبَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُعَجِّلَ بِرُؤْيَتِهِ وَهَلْ وِفَاقُ تَأْوِيلَانِ لَكَانَ أَوْضَحُ وَاَللَّه أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا طُهْرُ الطَّلَاقِ قُرْءٌ وَلَوْ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْهُ وَفِي انْقِضَائِهَا بِأَوَّلِ جُزْءِ دَمِهَا اضْطِرَابٌ سَمَحَ الْقَرِينَانِ لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ إذَا حَاضَتْ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ قَبْلَ طُهْرِهَا وَلَكِنْ لَا تُعَجِّلُ حَتَّى تُقِيمَ أَيَّامًا فَتَعْلَمَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَا تُعَجِّلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَإِلَّا تَنَاقَضَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ فِيهَا يَنْبَغِي أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُعَجِّلَ لِتَعْلَمَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ بِتَمَادِيهَا يَأْتِي عَلَى سَمَاعِهِ هَذَا وَعَلَى أَنَّ لِأَقَلِّ دَمِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِبْرَاءِ حَدًّا فِي كَوْنِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةً قَوْلَا ابْنِ مَسْلَمَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَيَأْتِي عَلَى أَنَّ لِأَقَلِّهِ حَدًّا قَوْلُهُ إنْ انْقَطَعَ وَجَبَ رُجُوعُهَا لِبَيْتِهَا وَلِزَوْجِهَا رَجْعَتُهَا لِأَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضٌ فِي الظَّاهِرِ يُوجِبُ انْتِقَالَهَا مِنْ مَسْكَنِ الزَّوْجِ وَيُبِيحُ تَزْوِيجَهَا بِكَرَاهَةٍ وَيَمْنَعُ ارْتِجَاعَ زَوْجِهَا إيَّاهَا فَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ يَعُدْ عَنْ قُرْبٍ، وَكَانَتْ تَزَوَّجَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا، وَصَحَّتْ رَجْعَةُ زَوْجِهَا إنْ كَانَ ارْتَجَعَهَا وَلَهُ رَجْعَتُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ارْتَجَعَهَا وَإِنْ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ تَمَّ نِكَاحُهَا وَبَطَلَتْ رَجْعَتُهَا لِإِضَافَةِ الدَّمِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ طُهْرٍ لَغْوٌ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا لَا حَدَّ لَهُ. وَالدَّفْعَةُ حَيْضٌ يُعْتَدُّ بِهَا فِي الطَّلَاقِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَهِيَ رِوَايَتُهُ فِيهَا إذَا دَخَلَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ فِي الدَّمِ بِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ تَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي وَمُصِيبَتُهَا مِنْهُ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِأَوَّلَ مَا تَرَاهُ مِنْ الدَّمِ وَلَا مَعْنَى لِاسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ لِأَنَّ الدَّمَ إنْ انْقَطَعَ فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ فَهُوَ مِنْ الْأَوَّلِ فَكَانَ كَدَوَامِهِ وَإِنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَالْأَوَّلُ حَيْضٌ مُسْتَقِلٌّ وَسَحْنُونٌ أَوْجَبَ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ حَتَّى تُقِيمَ فِي الدَّمِ إقَامَةً يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهَا حَيْضَةٌ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَلَا تَبِينُ مُطَلَّقَةٌ وَلَا تَحِلُّ أَمَةٌ مُسْتَبْرَأَةٌ وَلَا يَضْمَنُهَا مُبْتَاعُهَا بِأَوَّلِ الدَّمِ حَتَّى يَتَمَادَى، وَيَعْلَمَ أَنَّهَا حَيْضَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي اسْتِبْرَائِهَا إنْ رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وَانْقَطَعَ يُرِيدُ وَلَمْ يَعُدْ حَتَّى مَضَى مَا يَكُونُ طُهْرًا يُسْأَلُ النِّسَاءُ إنْ قُلْنَ يَكُونُ هَذَا حَيْضًا يَكُونُ اسْتِبْرَاءً وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ إنْ قُلْنَ لَا يَكُونُ حَيْضًا يَكُونُ فِي حُكْمِهِ عَلَى مَا سَمِعَهُ أَشْهَبُ وَعَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 304 وَرُوجِعَ النِّسَاءُ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ هُنَا هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ، وَفِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرَهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ.   [منح الجليل] فَصْلِ هَذَا الدَّمِ مِمَّا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهِ عِدَّةً لِقِلَّتِهِ فِي عَدَمِ قَضَاءِ صَلَاةِ أَيَّامِهِ وَوُجُوبِهِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ شُذُوذُ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ ابْنِ سَعْدُونٍ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا تَحِلُّ مُطَلَّقَةٌ إلَّا بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ كَقَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ. قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَعَلَيْهِ فَالْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ وَفِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا إذَا رَأَتْ أَوَّلَ قَطْرَةٍ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ تَمَّ قُرْؤُهَا وَحَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ أَشْهَبَ اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا تَجْعَلَ حَتَّى يَتَمَادَى دَمُهَا عِيَاضٌ كُلُّ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَوَّلِهَا عِنْدِي لِأَشْهَبَ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَاخْتَصَرَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ عَلَى أَنَّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ قَوْلَ أَشْهَبَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ خِلَافٌ وَعَلَيْهِ سَحْنُونٌ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ (وَرُجِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِلنِّسَاءِ) الْعَارِفَاتِ (فِي قَدْرِ) أَقَلِّ زَمَنِ (الْحَيْضِ هُنَا) أَيْ فِي الْعِدَّةِ (هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ) الَّذِي لَهُ بَالٌ لِاخْتِلَافِ قَدْرِ زَمَنِ الْحَيْضِ فِي النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى الْبُلْدَانِ فَقَدْ تَعُدُّ الْعَارِفَاتُ الْيَوْمَ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ نِسَاءِ بَلَدِهِنَّ وَقَدْ تَعُدُّ عَارِفَاتٌ أُخَرُ أَقَلَّ مِنْهُ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ عَادَةِ نِسَاءِ بَلَدِهِنَّ أَيْضًا. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ لَا يَرْجِعُ فِيهِمَا لِلنِّسَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَوْمَيْنِ كَالْيَوْمِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ كَافٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ فَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ الْبُنَانِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ تَحِلُّ بِأَوَّلِ الْحَيْضَةِ فَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِمْرَارُ وَإِنْ انْقَطَعَ رُجِعَ فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَعَلَى تَأْوِيلِهِمْ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُمَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَنَّهَا تَحِلُّ بِأَوَّلِ الدَّمِ وَإِنْ انْقَطَعَ وَرَأَوْا أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مِقْدَارِ الْحَيْضِ هُنَا كَالْعِبَادَةِ وَلَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَفْيُ التَّحْدِيدِ وَإِسْنَادُ الْحُكْمِ لِمَا يَقُولُ النِّسَاءُ إنَّهُ حَيْضٌ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) رُجِعَ لِلنِّسَاءِ (فِي أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ) هَلْ (يُولَدُ لَهُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 305 أَوْ لَا وَمَا تَرَاهُ الْيَائِسَةُ، هَلْ هُوَ حَيْضٌ لِلنِّسَاءِ   [منح الجليل] أَوْ لَا) يُولَدُ لَهُ فَلَا تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ عب هَذَانِ ضَعِيفَانِ وَالرَّاجِحُ فِي الْأَوَّلِ سُؤَالُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَفِي الثَّانِي اعْتِدَادُهَا بِلَا سُؤَالٍ الْبُنَانِيُّ تَبِعَ فِي الْأَوَّلِ ق إذْ نَقْلُ نَصِّ عِيَاضٍ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِيمَنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ أَوْ أُنْثَيَاهُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ أَهْلَ الْمَعْرِفَةِ يَرْجِعُونَ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُهُنَّ فَالْمُرَادُ بِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ النِّسَاءُ، وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ وَعِيَاضٍ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ عِيَاضًا جَعَلَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِالرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْكِتَابِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مَعْرِفَةُ الْوِلَادَاتِ وَهَذَا بَابُ النِّسَاءِ وَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَمَدَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَأَمَّا الثَّانِي فَتَبِعَ فِيهِ ح حَيْثُ اعْتَمَدَ قَوْلَ صَاحِبِ النُّكَتِ إذَا كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ وَالْخُصْيَتَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ وَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الْخُصْيَتَيْنِ قَائِمَ الذَّكَرِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ يَطَأُ بِذَكَرِهِ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ قَائِمَ الْخُصْيَتَيْنِ فَهَذَا إنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ حَفِظَتْ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ اهـ. ح وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ الَّذِي يَجْمَعُ مَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ كَلَامُ النُّكَتِ وَإِيَّاهُ اعْتَمَدَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اهـ وَكَلَامُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَنَصُّهُ: " الْخَصِيُّ إنْ كَانَ قَائِمَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضَهُ وَهُوَ مَقْطُوعُ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ بَاقِيهِمَا أَوْ إحْدَاهُمَا فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ إذَا قُطِعَ بَعْضُ ذَكَرِهِ دُونَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ إحْدَاهُمَا دُونَ ذَكَرِهِ هَلْ يَنْسِلُ وَيُنْزِلُ أَمْ لَا اهـ فَنَسَبَ الْمَسْأَلَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَكَانَ ح لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَعَلَى وُقُوفِهِ عَلَيْهِ فَلَا مُوجِبَ لِتَرْجِيحِ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَكَذَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى أَنَّ ح نَقَلَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُهَا " أَوْ الْخَصِيُّ لَا يَلْزَمُهُ وَلَدٌ إنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يُولَدُ لِمِثْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) رُجِعَ لِلنِّسَاءِ فِي (مَا تَرَاهُ الْآيِسَةُ) أَيْ الْمَشْكُوكُ فِي يَأْسِهَا وَهِيَ مَنْ بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً وَلَمْ تَبْلُغْ سَبْعِينَ (هَلْ هُوَ حَيْضٌ) وَصِلَةُ رُجِعَ (لِلنِّسَاءِ) الْعَارِفَاتِ بِأَحْوَالِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 306 بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا، وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ وَالطُّهْرُ كَالْعِبَادَةِ وَإِنْ أَتَتْ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ لَحِقَ بِهِ، إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ وَتَرَبَّصَتْ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ، وَهَلْ خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا؟ خِلَافٌ.   [منح الجليل] الْحَيْضِ فَمَنْ بَلَغَتْ السَّبْعِينَ دَمُهَا غَيْرُ حَيْضٍ قَطْعًا وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْ الْخَمْسِينَ دَمُهَا حَيْضٌ قَطْعًا فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ فِيهِمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَاتِ السَّبْعِينَ الْمُوفِيَةُ لَهَا وَقَوْلُهُ لِلنِّسَاءِ الْجَمْعُ فِيهِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَيُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، بِشَرْطِ سَلَامَتِهَا مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ (بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ) الْمُعْتَدَّةِ مِنْ الطَّلَاقِ بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ تَرَى الدَّمَ أَثْنَاءَ الْأَشْهُرِ فَهُوَ حَيْضٌ (إنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا) لَا نَحْوُ بِنْتِ سَبْعٍ فَمَا تَرَاهُ دَمَ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ (وَانْتَقَلَتْ) الصَّغِيرَةُ الَّتِي يُمْكِنُ حَيْضُهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ أَثْنَاءَ عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ (لِلْأَقْرَاءِ) وَأَلْغَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَشْهُرِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا يَوْمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْحَيْضَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا يَرْجِعُ فِي دَمِهَا لِلنِّسَاءِ (وَالطُّهْرُ) فِي الْعِدَّةِ أَقَلُّهُ (ك) أَقَلِّهِ فِي (الْعِبَادَةِ) نِصْفُ شَهْرٍ. (وَإِنْ أَتَتْ) مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (بَعْدَهَا) أَيْ عِدَّةِ الْأَقْرَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْأَشْهُرِ فِي الْوَفَاةِ (بِوَلَدٍ لِدُونِ أَقْصَى أَمَدٍ) أَيْ مُدَّةِ (الْحَمْلِ) مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ وَطْئِهِ عَنْهَا (لَحِقَ) الْوَلَدُ (بِهِ) أَيْ الْمُطَلِّقِ أَوْ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ قَبْلَ حَيْضَةٍ مِنْ عِدَّتِهَا أَوْ بَعْدَهَا وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَزَوُّجِ الثَّانِي فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ (إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ) أَيْ الْوَلَدَ الزَّوْجُ الْحَيُّ (بِلِعَانٍ) تت وَلَا يَضُرُّهَا إقْرَارُهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ دَلَالَةَ الْقُرْءِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ أَكْثَرِيَّةٌ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْ عِدَّتِهَا وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ تَزَوُّجِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ (وَتَرَبَّصَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَأَخَّرَتْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (إنْ ارْتَابَتْ) أَيْ شَكَّتْ وَتَحَيَّرَتْ (بِهِ) أَيْ الْحَمْلِ إلَى أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (وَهَلْ) تَتَرَبَّصُ (خَمْسًا) مِنْ السِّنِينَ (أَوْ أَرْبَعًا) مِنْ السِّنِينَ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 307 وَفِيهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ الْخَمْسِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةٍ لَمْ يُلْحَقْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَحُدَّتْ وَاسْتُشْكِلَتْ وَعِدَّةُ الْحَامِلِ فِي طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ أَقْصَاهُ أَرْبَعَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا ثَالِثُ رِوَايَاتِ الْقَاضِي سَبْعٌ، وَرَوَى أَبُو عُمَرَ سِتًّا وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُولَى، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي الْمَشْهُورَ وَعَزَا الْبَاجِيَّ الثَّانِيَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ الْمُتَيْطِيِّ بِالْخَمْسِ الْقَضَاءِ، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ إلَى ارْتِفَاعِهَا الْحَطّ فَإِذَا مَضَتْ الْخَمْسَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ حَلَّتْ وَلَوْ بَقِيَتْ الرِّيبَةُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُرْتَابَةُ فِي الْحَمْلِ يُجَسُّ بَطْنُ عِدَّتِهَا بِوَضْعِهِ أَوْ مُضِيُّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِهِ. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (لَوْ تَزَوَّجَتْ) الْمُرْتَابَةُ بِالْحَمْلِ (قَبْلَ) تَمَامِ (الْخَمْسِ) سِنِينَ (بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَوَلَدَتْ لِخَمْسَةِ) أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي (لَمْ يَلْحَقْ) الْوَلَدُ (بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي لِأَنَّهُ نَكَحَ حَامِلًا، وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْأَوَّلِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ بِشَهْرٍ وَلَا بِالثَّانِي لِنَقْصِهِ عَنْ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ شَهْرًا (وَحُدَّتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَرْأَةُ حَدَّ الزِّنَا (وَاسْتَشْكَلَتْ) الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيِّ بِأَنَّ تَحْدِيدَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ بِخَمْسِ سِنِينَ لَيْسَ فَرْضًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا مِنْ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُنْفَى الْوَلَدُ وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ بِمُجَاوَزَتِهِ بِشَهْرٍ وَعَزَا ابْنُ يُونُسَ اسْتِعْظَامَ هَذَا لِلْقَابِسِيِّ، وَنَصُّهُ حَكَى لَنَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ الْقَابِسِيَّ كَانَ يَسْتَعْظِمُ أَنْ يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَأَنْ تُحَدَّ الْمَرْأَةُ حِينَ زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِ سِنِينَ شَهْرًا كَأَنَّ الْخَمْسَ سِنِينَ فَرْضٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرُهُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَقَالَ مَرَّةً يَلْحَقُ إلَى سَبْعِ سِنِينَ وَقَالَ إلَى دُونِ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُنْفَى الْوَلَدُ وَتُرْجَمُ الْمَرْأَةُ وَالْخِلَافُ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ وَفَرَضَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُرْتَابَةِ وَهِيَ مَحَلُّ الْإِشْكَالِ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَتُحَدُّ قَطْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَعِدَّةُ) الزَّوْجَةِ (الْحَامِلِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً مِنْ زَوْجٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ (فِي وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ وَضْعُ حَمْلِهَا) اللَّاحِقِ بِزَوْجِهَا أَوْ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ (كُلِّهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 308 وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ،   [منح الجليل] بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَاحْتَرَزَ بِكُلِّهِ عَنْ وَضْعِ بَعْضِهِ فَلَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ احْتِيَاطًا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ تَخْرُجُ بِوَضْعِ ثُلُثَيْهِ لِتَبَعِيَّةِ الْأَقَلِّ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ وَضْعِ بَعْضِهِ حَلَّتْ بِخُرُوجِ بَاقِيهِ، وَلَوْ الْأَقَلَّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَتِهَا فَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ، أَوْ بَعْدَهُ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ احْتِيَاطًا وَلَهُ رَجْعَتُهَا قَبْلَ خُرُوجِ بَقِيَّتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَاحْتَرَزَ بِاللَّاحِقِ أَوْ الْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ عَنْ الْحَمْلِ الَّذِي لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ لِكَوْنِ الزَّوْجِ صَبِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا مَثَلًا فَلَا تَخْرُجُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَلْ بِأَقْصَى الْأَمْرَيْنِ وَضْعُهُ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ وَعَشَرَةٌ فَتَحِلُّ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَأَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ بَعْدَ وَضْعِهِ وَلَا تُحْتَسَبُ بِحَيْضِهَا، وَهِيَ حَامِلٌ بِهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ تَعُدُّ وَضْعَهُ قُرْءًا أَوْ لَا إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ لِوَطْءٍ صَحِيحٍ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَتَخْرُجُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ تَمَّتْ عِدَّتُهَا مِنْ الْأَوَّلِ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ فَلَا يُعْتَبَرُ طَلَاقُ الْأَوَّلِ وَلَا وَفَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَتِمَّ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَكَيْفَ يَطَؤُهَا الثَّانِي بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مِلْكٍ وَأَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنْ يُتَصَوَّرَ فِي الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا إذَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ وَرُدَّتْ لَهُ. وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ مِنْ الثَّانِي وَلَا يَقْرَبُهَا الْأَوَّلُ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءَ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرَ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ قَبْلَ وَضْعِهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَا تَحِلُّ بِالْوَضْعِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَا بِتَمَامِهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ كَفَاهَا وَضْعُهُ إنْ كَانَ مُضْغَةً أَوْ مَا بَعْدَهَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْحَمْلُ (دَمًا اجْتَمَعَ) بِحَيْثُ إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ حَارٌّ لَا يَذُوبُ وَهِيَ الْعَلَقَةُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَشْكَلَ أَمْرُ الْخَارِجِ مِنْ الدَّمِ هَلْ هُوَ وَلَدٌ أَوْ دَمٌ اُخْتُبِرَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ فَإِنْ كَانَ دَمًا انْحَلَّ وَإِنْ كَانَ وَلَدًا فَلَا يَزِيدُهُ ذَلِكَ إلَّا شِدَّةً وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَضْعُ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَلَوْ بَعْدَ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ إنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ وُجُودُهُ بِبَطْنِهَا حِينَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 309 وَإِلَّا فَكَالْمُطَلَّقَةِ إنْ فَسَدَ: كَالذِّمِّيَّةِ تَحْتَ ذِمِّيٍّ، وَإِلَّا فَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ؛ وَإِنْ رَجْعِيَّةً   [منح الجليل] الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ وَلَوْ مَيِّتًا وَكَذَا إنْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ عِنْدَ جَمْعٍ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: الْمَشْهُورُ الِاكْتِفَاءُ بِمُضِيِّ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ د وَضْعِ حَمْلِهَا كُلِّهِ وَلَوْ مَاتَ فِي بَطْنِهَا قَالَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْ ابْنِ دَحُونٍ وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ لِأَنَّهَا لِلْحَمْلِ وَقَدْ مَاتَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِمَوْتِهِ فِي بَطْنِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا حَامِلًا (فَ) عِدَّتُهَا (كَ) عِدَّةِ (الْمُطَلَّقَةِ) فِي كَوْنِهَا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَبِقُرْأَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً (إنْ فَسَدَ) نِكَاحُهَا بِإِجْمَاعٍ وَهَذَا إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً اُسْتُبْرِئَتْ بِالْأَشْهُرِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَشَبَّهَ فِي اعْتِدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا كَالْمُطَلَّقَةِ فَقَالَ (كَ) الزَّوْجَةِ (الذِّمِّيَّةِ) الْحُرَّةِ غَيْرِ الْحَامِلِ (تَحْتَ) أَيْ زَوْجَةُ زَوْجٍ (ذِمِّيٍّ) مَاتَ عَنْهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَأَرَادَ مُسْلِمٌ تَزَوُّجَهَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ فِيهِمَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ وَمَفْهُومُ " تَحْتَ ذِمِّيٍّ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ لَجُبِرَتْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ مِنْ طَلَاقِهِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَعَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٍ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا فِي وَفَاتِهِ أَرَادَ مُسْلِمٌ تَزَوُّجَهَا أَمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْمَيِّتِ، إمَّا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234] الْآيَةَ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ وَهَذَا يُغَلَّبُ فِيهِ جَانِبُ الْمُسْلِمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ مَجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ بِأَنْ كَانَ صَحِيحًا اتِّفَاقًا أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَوْ نِكَاحَ مَرِيضٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ الشَّارِحُ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا فِي الْوَفَاةِ لِحُرٍّ أَوْ عَبْدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (فَ) عِدَّتُهَا (أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ) مِنْ الْأَيَّامِ لِتَحَرُّكِ الْجَنِينِ غَالِبًا فِي الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ وَزِيدَ الْعَشْرُ لِأَنَّهَا قَدْ تَنْقُصُ أَوْ تَتَأَخَّرُ حَرَكَةُ الْجَنِينِ عَنْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُطَلَّقَةً. بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (رَجْعِيَّةً) فَتَنْتَقِلُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِلْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ وَتَنْهَدِمُ الْأُولَى لِأَنَّهَا لِلتَّعَبُّدِ لَا لِلِاسْتِبْرَاءِ وَلِأَنَّهَا زَوْجَةٌ وَاحْتَرَزَ بِالرَّجْعِيَّةِ عَنْ الْبَائِنِ إذَا مَاتَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 310 إنْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ: لَا رِيبَةَ بِهَا، وَإِلَّا انْتَظَرَتْهَا إنْ دَخَلَ بِهَا وَتَنَصَّفَتْ بِالرِّقِّ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ،   [منح الجليل] مُطَلِّقُهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَلَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاءِ وَتَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْأَقْرَاءِ وَتَكْتَفِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ وَعَشْرٍ (إنْ تَمَّتْ) الْأَرْبَعَةُ وَالْعَشَرَةُ لِلْحُرَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا (قَبْلَ) مَجِيءِ (زَمَنِ حَيْضَتِهَا) بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةٍ وَمَاتَ زَوْجُهَا عَقِبَ حَيْضِهَا أَوْ كَانَتْ عَقِيمَةً أَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِرَضَاعِ سَابِقِ الْمَوْتِ وَأُمِنَ حَمْلُهَا فَإِنْ تَأَخَّرَ لِمَرَضٍ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً إلَّا أَنْ تَحِيضَ قَبْلَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ كَتَأَخُّرِهِ لِرَضَاعٍ وَحَكَى عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ الِاتِّفَاقَ. (وَ) إنْ (قَالَ النِّسَاءُ) عِنْدَ رُؤْيَتِهِنَّ إيَّاهَا (لَا رِيبَةَ) حَمْلٍ (بِهَا) قُبِلَ أَوْ لَمْ يَقُلْنَ شَيْئًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَرْبَعَةَ وَالْعَشَرَةَ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا بِأَنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي أَثْنَائِهَا وَلَمْ تَحِضْ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ أَوْ تَأَخَّرَ لِمَرَضٍ أَوْ قَالَ النِّسَاءُ بِهَا رِيبَةُ حَمْلٍ أَوْ ارْتَابَتْ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا (انْتَظَرَتْهَا) أَيْ الْحَيْضَةَ الْوَاحِدَةَ أَوْ تَمَامَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ رَفْعَهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا أَمْ لَا لِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تَنْتَظِرُ الْحَيْضَةَ خَشْيَةَ الْحَمْلِ. (وَتَنَصَّفَتْ) عِدَّةُ الْوَفَاةِ (بِالرِّقِّ) لِلزَّوْجَةِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَهِيَ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ يَائِسَةً أَوْ عَقِيمَةً أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ حَاضَتْ فِيهَا (وَإِنْ) كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَشَأْنُهَا الْحَيْضُ و (لَمْ تَحِضْ) فِي الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسَةِ أَيَّامٍ لِعَادَتِهَا تَأَخَّرَهُ أَوْ بِلَا سَبَبٍ (ف) عِدَّتُهَا (ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) فَإِنْ تَأَخَّرَ لِرَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ مَكَثَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ لَكِنْ عِدَّتُهَا مِنْهَا شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَالْبَاقِي لِرَفْعِ الرِّيبَةِ لَا عِدَّةَ وَفَائِدَةُ هَذَا سُقُوطُ الْإِحْدَادِ عَنْهَا وَحَقِّهَا فِي السُّكْنَى وَرُفِعَتْ لِلثَّلَاثَةِ وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 311 إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتِسْعَةٌ، وَلِمَنْ وَضَعَتْ غُسْلُ زَوْجِهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ   [منح الجليل] زَمَنِ حَيْضَتِهَا لِقَصْرِ زَمَنِ عِدَّتِهَا فَلَا يَظْهَرُ الْحَمْلُ فِيهَا وَإِنْ تَأَخَّرَ لِغَيْرِهِمَا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةٌ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِنْدَهُ تَمْكُثُ تِسْعَةً إلَّا أَنْ تَحِيضَ قَبْلَهَا. (إلَّا أَنْ تَرْتَابَ) بِجَسِّ بَطْنٍ (ف) عِدَّتُهَا (تِسْعَةٌ) مِنْ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَحِضْ قَبْلَهَا فَإِنْ حَاضَتْ أَثْنَاءَهَا حَلَّتْ، وَإِنْ تَمَّتْ التِّسْعَةُ حَلَّتْ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ فَإِنْ بَقِيَتْ انْتَظَرَتْ زَوَالَهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَإِنْ مَضَى أَقْصَاهُ حَلَّتْ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ وُجُودٌ بِبَطْنِهَا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ فِي الْحُرَّةِ الْمُرْتَابَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ زَوَالَهَا أَوْ أَقْصَاهُ فَقَطْ اهـ عب الْبُنَانِيُّ مَا شَرَحَ بِهِ زَمَنَ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ ارْتَابَتْ فِيهَا إلَى التِّسْعَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي ضَيْح مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ كَلَامُهَا فِيمَنْ طَرَأَ عَلَى عِدَّتِهَا اسْتِبْرَاءٌ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا هُنَا فَرْقٌ فَالصَّوَابُ شَرْحُهُ بِمَا فِي الْحَطّ مِنْ تَخْصِيصِ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ تَحِضْ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ حَيْضُهَا وَلَمْ تَحِضْ وَالْيَائِسَةُ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أَمْ لَا وَأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَرْتَابَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إذْ مَنْ ذَكَرَ لَا يُمْكِنُ فِيهَا رِيبَةٌ، وَالْمَعْنَى لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ فِيهَا وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا لِتَأَخُّرِهِ عَنْ عَادَتِهَا فَإِنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى الثَّلَاثَةِ بَلْ إلَى التِّسْعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ إلَى ثَلَاثَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ مَضَتْ التِّسْعَةُ وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرِّيبَةَ بِرَفْعِ الدَّمِ فَقَطْ لَا بِجَسِّ بَطْنٍ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فَثَلَاثَةٌ مِنْ عَادَتِهَا أَنْ تَحِيضَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَمْ تَحِضْ فِيهَا فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِثَلَاثَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ حَيْضُهَا كَبِنْتِ سِتٍّ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَمْكَنَ حَيْضُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ أَوْ كَانَتْ يَائِسَةً فَقَوْلَانِ هَلْ كَذَلِكَ أَوْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً مِمَّنْ تَحِيضُ بَعْدَ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَثَلَاثَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فِيهَا وَلَمْ تَحِضْ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُ قَوْلَ أَشْهَبَ فِي الَّتِي عَادَتُهَا الْحَيْضُ وَلَمْ تَحِضْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِمَنْ) أَيْ الزَّوْجَةِ الَّتِي (وَضَعَتْ) حَمْلَهَا عَقِبَ مَوْتِ زَوْجِهَا (غُسْلٌ) أَيْ تَغْسِيلُهَا لِ (زَوْجِهَا) وَيُقْضَى لَهَا بِهِ إنْ نَازَعَهَا وَلِيُّهُ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ بَلْ (وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 312 وَلَا يَنْقُلُ الْعِتْقُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ وَلَا مَوْتُ زَوْجِ ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَإِنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ مُتَقَدِّمٍ: اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يَرِثْهَا إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا،   [منح الجليل] لَكِنْ بِكَرَاهَةٍ وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ إنْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ (وَ) إنْ مَاتَ زَوْجُ الْأَمَةِ أَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فِي عِدَّتِهِ ف (لَا يَنْقُلُ الْعِتْقُ) لِأَمَةٍ مُطَلَّقَةٍ رَجْعِيَّةٍ أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْأَمَةَ مِنْ عِدَّتِهَا بِقُرْأَيْنِ فِي الطَّلَاقِ أَوْ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي الْوَفَاةِ (لِعِدَّةِ) الزَّوْجَةِ (الْحُرَّةِ) بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ فِي الطَّلَاقِ وَأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي الْوَفَاةِ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى عِدَّتِهَا لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يُوجِبُ عِدَّةً. وَأَمَّا لَوْ مَاتَ زَوْجُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا وَهِيَ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَهَذَا مَنْقُولٌ وَمَفْهُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ وَإِنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْأَمَةِ فِي الْوَفَاةِ. (وَ) إنْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ وَزَوْجُهَا ذِمِّيٌّ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْهُ ف (لَا) يَنْقُلُ (مَوْتُ) ذِمِّيٍّ (زَوْجُ ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَشَرَعَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مَائِهِ فَمَاتَ فِيهِ عَلَى كُفْرِهِ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْبَائِنِ وَرَدُّهَا لَهُ إنْ أَسْلَمَ فِيهِ تَرْغِيبٌ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ انْتَقَلَتْ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ. (وَإِنْ أَقَرَّ) زَوْجٌ صَحِيحٌ (بِطَلَاقٍ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ (مُتَقَدِّمٍ) عَلَى وَقْتِ إقْرَارِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ (اسْتَأْنَفَتْ) الزَّوْجَةُ (الْعِدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (إقْرَارِهِ) فَيُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ لَا فِي إسْنَادِهِ لِلْوَقْتِ السَّابِقِ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى إسْقَاطِ الْعِدَّةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُمَا إسْقَاطُهَا (وَ) إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى دَعْوَاهُ ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ (لَمْ) الْأُولَى وَلَا (يَرِثْهَا) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ الَّتِي أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا فِي زَمَنٍ مُتَقَدِّمٍ إنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ (إنْ) كَانَتْ عِدَّتُهَا (انْقَضَتْ) أَيْ تَمَّتْ (عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ الزَّوْجِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا عَلَى دَعْوَاهُ. (وَ) إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ رَجْعِيًّا وَمَاتَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ (وَرِثَتْهُ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 313 إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَتْ الْمُطَلَّقَةُ، وَيَغْرَمُ مَا تَسَلَّفَتْ، بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْوَارِثِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ   [منح الجليل] أَيْ: الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ إنْ مَاتَ (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ، إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَمْ تُصَدِّقْهُ فِي إسْنَادِ الطَّلَاقِ لِلزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ الَّذِي انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فِيهِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِيهِ فَلَا تَرِثُهُ أَيْضًا مُؤَاخَذَةً لَهَا بِإِقْرَارِهَا (إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ السَّابِقِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَلَا تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ إقْرَارِهِ وَلَا تَرِثُهُ إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ (وَ) إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا وَلَمْ يُعْلِمْهَا بِهِ وَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهِ بَعْدَهُ أَوْ رَجْعِيًّا وَأَنْفَقَتْ مِنْهُ بَعْد انْقِضَاءِ عِدَّتِهِ فَ (لَا) يَرْجِعُ الزَّوْجُ (بِمَا أَنْفَقَتْ) الزَّوْجَةُ (الْمُطَلَّقَةُ) مِنْ مَالِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا الْبَائِنِ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيِّ قَبْلَ عِلْمِهَا بِهِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِصِدْقِ دَعْوَاهُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهَا بِهِ فَإِنْ كَانَ أَعْلَمَهَا أَوْ عَلِمَتْ بِمَنْ يَثْبُتُ الطَّلَاقُ بِهِ كَشَاهِدَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهَا مِنْ حِينِهِ لَا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَلَا يُنْظَرُ لِثُبُوتِ الْمَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. (وَيَغْرَمُ) الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ عِوَضَ (مَا تَسَلَّفَتْ) الزَّوْجَةُ وَأَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا بَعْدَ طَلَاقِهِ وَقَبْلَ إعْلَامِهَا بِهِ وَكَذَا مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا نَقَلَهُ ح عَنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَغْرَمُ لَهَا عِوَضَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا وَلَا يَلْزَمُ بِعِوَضٍ الْغَبَنُ اتِّفَاقًا مِثْلُ شِرَائِهَا مَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ بِدِينَارَيْنِ (بِخِلَافِ) الزَّوْجَةِ (الْمُتَوَفَّى) بِفَتْحِ الْفَاءِ عَنْهَا زَوْجُهَا تُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا الْوَرَثَةُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَ) بِخِلَافِ الشَّخْصِ (الْوَارِثِ) الَّذِي أَنْفَقَ مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَلِبَاقِي الْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَتْهُ (وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَمَةٌ (مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ) وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ وَلَمْ تُرَتِّبْ فَقَدْ دَخَلَ اسْتِبْرَاءٌ عَلَى عِدَّةٍ فَتَحِلُّ بِقُرْأَيْنِ لِلطَّلَاقِ وَحَيْضَةٍ لِلشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ قَبْلَ حَيْضِهَا شَيْئًا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ انْدَرَجَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الْعِدَّةِ فَتَحِلُّ بِقُرْأَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ حَيْضَةٍ مِنْهَا حَلَّتْ مِنْهُمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 314 فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا: حَلَّتْ إنْ مَضَتْ سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ وَثَلَاثَةٌ لِلشِّرَاءِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ، فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَتُرِكَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَطْ، وَإِنْ صَغُرَتْ وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا التَّزَيُّنَ بِالْمَصْبُوغِ وَلَوْ أَدْكَنَ،   [منح الجليل] بِالْحَيْضَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ فِي الْعِدَّةِ (فَارْتَفَعَتْ) أَيْ تَأَخَّرَتْ (حَيْضَتُهَا) لِغَيْرِ رَضَاعٍ (حَلَّتْ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ لِمُشْتَرِيهَا بِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ مَضَتْ سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ) أَيْ مِنْهُ عِدَّةُ الْمُرْتَابَةِ (وَثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ (لِلشِّرَاءِ) أَيْ مِنْهُ. فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الطَّلَاقِ حَلَّتْ بِتَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَ عَشَرَةٍ حَلَّتْ بِسَنَةٍ وَشَهْرٍ وَبَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا حَلَّتْ بِسَنَةٍ وَشَهْرَيْنِ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ لِرَضَاعٍ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَمَيَّزَتْ حَلَّتْ بِقُرْأَيْنِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَانْدَرَجَ اسْتِبْرَاؤُهَا فِيهَا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِي هَاتَيْنِ تَأَخُّرُ اسْتِبْرَائِهَا عَنْ عِدَّتِهَا فَتُسْتَثْنَى هَاتَانِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً لِلرِّيبَةِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ وَاسْتُبْرِئَتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ أَوْ عُقْمٍ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ كَاسْتِبْرَائِهَا فَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي يَوْمِ الطَّلَاقِ اسْتَوَيَا وَإِلَّا تَأَخَّرَ مُوجِبُ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا (أَوْ) اُشْتُرِيَتْ أَمَةٌ (مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ فَ) عِدَّتُهَا (أَقْصَى) أَيْ أَبْعَدُ (الْأَجَلَيْنِ) أَيْ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَحَيْضَةُ اسْتِبْرَاءِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ انْتَظَرَتْ تَمَامَهَا وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ الْحَيْضَةِ انْتَظَرَتْهَا فَإِنْ ارْتَابَتْ تَرَبَّصَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ زَادَتْ فَلَا تُوطَأُ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ. (وَتُرِكَتْ) الزَّوْجَةُ (الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا بِفَتْحِ الْفَاءِ (فَقَطْ) أَيْ لَا الْمُطَلَّقَةِ إنْ بَلَغَتْ بَلْ (وَإِنْ صَغُرَتْ) وُجُوبًا وَيَتَعَلَّقُ بِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (كِتَابِيَّةً) مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ إنْ تَحَقَّقَ مَوْتُ زَوْجِهَا بَلْ (وَ) لَوْ كَانَ (مَفْقُودًا) أَيْ غَائِبًا مُنْقَطِعَ الْخَبَرِ (زَوْجُهَا) لِتَوَفِّيهِ حُكْمًا وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ وَمَفْعُولُ " تَرَكَتْ " (التَّزَيُّنَ بِالْمَصْبُوغِ) مِنْ ثِيَابٍ حَرِيرٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ إنْ كَانَ وَرْدِيًّا أَوْ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (أَدْكَنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ أَحْمَرَ مَائِلًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 315 إنْ وُجِدَ غَيْرُهُ، إلَّا الْأَسْوَدَ وَالتَّحَلِّيَ، وَالتَّطَيُّبَ، وَعَمَلَهُ وَالتَّجْرَ فِيهِ، وَالتَّزَيُّنَ، فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ أَوْ كَتَمٍ بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ وَالسِّدْرِ، وَاسْتِحْدَادِهَا وَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا وَلَا تَكْتَحِلُ، إلَّا لِضَرُورَةٍ وَإِنْ بِطِيبٍ، وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا.   [منح الجليل] إلَى السَّوَادِ (إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَصْبُوغِ وَلَوْ بِبَيْعِهِ وَشِرَاءِ غَيْرِهِ بِثَمَنِهِ (إلَّا الْأَسْوَدَ) فَيَجُوزُ لُبْسُهُ لِغَيْرِ نَاصِعَةِ الْبَيَاضِ وَغَيْرِ قَوْمٍ هُوَ زِينَتُهُمْ وَيَحْرُمُ عَلَى نَاصِعَتِهِ وَعَلَى مَنْ هُوَ زِينَتُهُمْ كَأَهْلِ مِصْرَ فِي الْحِبْرِ (وَ) تَرَكَتْ وُجُوبًا (التَّحَلِّيَ) بِكَقُرْطٍ وَسِوَارٍ وَخَلْخَالٍ وَخَاتَمٍ وَلَوْ مِنْ حَدِيدٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَلْبَسُ رَقِيقَ الْبَيَاضِ كُلَّهُ وَغَلِيظَهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى الْمَنْعِ مِنْ رَقِيقِ الْبَيَاضِ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ رَجَعَ فِي أَمْرِ اللُّبْسِ لِلْأَحْوَالِ لَكَانَ حَسَنًا قُرْبُ امْرَأَةٍ شَأْنُهَا لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالْخَزِّ فَإِنْ لَبِسَتْ الْكَتَّانَ فَلَا يَكُونُ زِينَةً لَهَا أَيَّ لَوْنٍ كَانَ خَلِيلٌ فَتُمْنَعُ نَاصِعَةُ الْبَيَاضِ مِنْ السَّوَادِ لِأَنَّهُ زِينَتُهَا وَفِي الْكَافِي الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهَا لِشَيْءٍ تَتَزَيَّنُ بِهِ بَيَاضًا أَوْ غَيْرَهُ (وَ) تَرَكَتْ (التَّطَيُّبَ) بِالطِّيبِ فَإِنْ تَطَيَّبَتْ قَبْلَ وَفَاةِ زَوْجِهَا، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَجِبُ عَلَيْهَا نَزْعُهُ وَغَسْلُهُ كَمَا إذَا أَحْرَمَتْ وَلِلْبَاجِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا نَزْعُهُ وَنَقَلُهُ التَّادَلِيُّ عَنْ الْقَرَافِيِّ وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ أَحْرَمَتْ بِإِدْخَالِ الْمُحْرِمَةِ الْإِحْرَامَ عَلَى نَفْسِهَا (وَ) تَرَكَتْ (عَمَلَهُ) أَيْ الطِّيبَ لِتَعَلُّقِ رَائِحَتِهِ بِهَا كَالتَّطَيُّبِ (وَ) تَرَكَتْ (التَّجْرَ فِيهِ) أَيْ الطِّيبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرُهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُ مَسَّهُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُهُ لَهَا غَيْرُهَا بِأَمْرِهَا كَخَادِمِهَا فَلَا تُمْنَعُ مِنْ التَّجْرِ فِيهِ. (وَ) تَرَكَتْ (التَّزَيُّنَ) فِي بَدَنِهَا (فَلَا تَمْتَشِطُ بِحِنَّاءٍ) بِالْمَدِّ وَالتَّنْوِينِ (أَوْ كَتَمٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْفَوْقِيَّةِ صَبْغٌ يُذْهِبُ حُمْرَةَ الشَّعْرِ وَلَا يُسَوِّدُهُ (بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ) الْخَالِي عَنْ الطِّيبِ (وَالسِّدْرِ) وَدَخَلَ بِنَحْوِ دُهْنٍ لَا طِيبٍ فِيهِ كَدُهْنِ السِّمْسِمِ الْمُسَمَّى بالشيرج فَيَجُوزُ امْتِشَاطُهَا بِهِ (وَ) بِخِلَافِ (اسْتِحْدَادِهَا) أَيْ حَلْقِ عَانَتِهَا فَيَجُوزُ (وَلَا تَدْخُلُ) الزَّوْجَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 316 (فَصْلٌ) وَلِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ: الرَّفْعُ: لِلْقَاضِي، وَالْوَالِي، وَوَالِي الْمَاءِ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ   [منح الجليل] الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (الْحَمَّامَ) ابْنُ نَاجِي اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِهَا الْحَمَّامِ فَقِيلَ لَا تَدْخُلُهُ أَصْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ ضَرُورَةٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَدْخُلُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ (وَلَا تُطْلِي جَسَدَهَا) بِنَوْرَةٍ (وَلَا تَكْتَحِلُ) وَلَوْ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ (إلَّا) اكْتِحَالُهَا (لِضَرُورَةٍ) فَيَجُوزُ اكْتِحَالُهَا بِغَيْرِ طِيبٍ بَلْ (وَإِنْ بِطِيبٍ) وَجَوَّزَ الطِّخِّيخِيُّ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ وَطَلْيِ الْجَسَدِ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي السَّابِقِ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ هُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّهُ نَصٌّ وَمُقَابِلُهُ ظَاهِرٌ فَيُؤَيِّدُ تَقْرِيرَ الطِّخِّيخِيِّ أَيْضًا وَتَكْتَحِلُ لِلضَّرُورَةِ لَيْلًا (وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا) إنْ كَانَ بِطِيبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْأَبِيُّ. [فَصَلِّ فِي مَسَائِل زَوْجَة الْمَفْقُود وَمَا يُنَاسِبهَا] (فَصْلٌ) فِي مَسَائِلِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَمَا يُنَاسِبُهَا (وَلِزَوْجَةِ) الزَّوْجِ (الْمَفْقُودِ) أَيْ الَّذِي غَابَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ إمْكَانِ الْكَشْفِ عَنْهُ فَخَرَجَ الْأَسِيرُ وَالْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ غَيْرِهِ فِيمَا يَأْتِي حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (الرَّفْعُ) فِي شَأْنِ زَوْجِهَا (لِلْقَاضِي وَالْوَالِي) أَيْ حَاكِمِ الْبَلَدِ وَحَاكِمِ السِّيَاسَةِ وَهُوَ الشُّرْطِيُّ (وَوَالِي الْمَاءِ) أَيْ السَّاعِي لِخُرُوجِهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْمَوَاشِي عَلَى الْمَاءِ أَوَّلَ الصَّيْفِ وَلَهَا عَدَمُ الرَّفْعِ وَالْبَقَاءُ فِي عِصْمَتِهِ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الرَّفْعِ لِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَالنَّقْلُ أَنَّهَا حَيْثُ أَرَادَتْ الرَّفْعَ وَوُجِدَتْ الثَّلَاثَةُ وَجَبَ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي فَإِنْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ حَرُمَ وَصَحَّ وَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ خُيِّرَتْ فِيهِمَا فَإِنْ رَفَعَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمَا صَحَّ عَلَى الظَّاهِرِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ (فَ) تَرْفَعُ (لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ) مِنْ عُدُولِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 317 فَيُؤَجَّلُ الْحُرُّ أَرْبَعَ سِنِينَ، إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا، وَالْعَبْدُ نِصْفَهَا مِنْ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ: كَالْوَفَاةِ   [منح الجليل] جِيرَانِهَا وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالْإِمَامِ عِنْدَ عَدَمِهِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ بِجَمَاعَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي وَكَذَا الِاثْنَانِ وَبِهِ صَرَّحَ عج (فَيُؤَجَّلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ، الْمَفْقُودُ الْحُرُّ (أَرْبَعَ سِنِينَ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَمْ تَدَعْهُ لِلدُّخُولِ بِهَا قَبْلَ غَيْبَتِهِ حَيْثُ طَلَبَتْهَا الْآنَ وَاشْتِرَاطُ الدُّعَاءِ لَهُ فِي وُجُوبِ إنْفَاق الزَّوْجِ فِي الْحَاضِرِ فَقَطْ وَيَكْفِي فِي وُجُوبِهَا فِي مَالِ الْغَائِبِ أَنْ لَا تُظْهِرَ الِامْتِنَاعَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ تَدُمْ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ فَلَهَا التَّطْلِيقُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ بِلَا تَأْجِيلٍ وَكَذَا إنْ خَشِيَتْ عَلَى نَفْسِهَا الزِّنَا فَيُزَادُ عَلَى دَوَامِ نَفَقَتِهَا عَدَمُ خَشْيَتِهَا الزِّنَا. (وَ) يُؤَجَّلُ الزَّوْجُ (الْعَبْدُ) الْمَفْقُودُ (نِصْفَهَا) أَيْ السِّنِينَ الْأَرْبَعَةِ فَيُؤَجَّلُ الْعَبْدُ سَنَتَيْنِ وَابْتِدَاءُ السِّنِينَ الْأَرْبَعَةِ أَوْ نِصْفِهَا (مِنْ) يَوْمِ (الْعَجْزِ) مِمَّنْ رَفَعَتْ لَهُ الزَّوْجَةُ (عَنْ) عِلْمِ (خَبَرِهِ) أَيْ الْمَفْقُودِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ وَالْمُكَاتَبَةُ فِي أَمْرِهِ لِمَنْ عَسَاهُ أَنْ يَعْرِفَ خَبَرَهُ مِنْ الْقُضَاةِ وَالْوُلَاةِ وَوُلَاةِ الْمَاءِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّاجِحُ أَنَّ تَأْجِيلَ الْحُرِّ بِأَرْبَعِ سِنِينَ تَعَبُّدِيٌّ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ (اعْتَدَّتْ) عِدَّةً (ك) عِدَّةِ (الْوَفَاةِ) فِي كَوْنِ الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَانَتْ مَبْنِيًّا بِهَا أَمْ لَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُهُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَقَدْرُ طَلَاقِ. إلَخْ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ فَقَطْ لِمَا سَيَأْتِي وَقَالَ كَالْوَفَاةِ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَهَلْ يُكْمِلُ لَهَا الصَّدَاقَ وَبِهِ الْقَضَاءُ أَوْ لَا رِوَايَتَانِ وَإِنْ قَدِمَ فَهَلْ تَرُدُّ مَا قَبَضَتْهُ أَمْ لَا وَبِهِ الْقَضَاءُ تَرَدُّدٌ وَإِذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُعَجَّلُ وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوَّلًا وَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَوْلَانِ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْفَلَسِ مِنْ قَوْلِهِ وَعُجِّلَ بِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ فِي نِسْبَةِ الْأَوَّلِ لِمَالِكٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ نَظَرٌ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي صَدَاقِ مَنْ لَمْ يُبْنَ بِهَا فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَهَا جَمِيعُهُ وَابْنُ دِينَارٍ نِصْفُهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ دَفَعَهُ لَهَا فَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا وَإِلَّا أُعْطِيت نِصْفَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ مَالِكٌ: يُعَجَّلُ الْمُعَجَّلُ وَالْمُؤَجَّلُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 318 وَسَقَطَتْ بِهَا النَّفَقَةُ. وَلَا تَحْتَاجُ فِيهَا لِإِذْنٍ، وَلَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَهَا، وَقُدِّرَ طَلَاقٌ يَتَحَقَّقُ بِدُخُولِ الثَّانِي   [منح الجليل] لِأَجَلِهِ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ يُعَجِّلُ نِصْفَهُ وَيُؤَخِّرُ نِصْفَهُ لِمَوْتِهِ بِالتَّعْمِيرِ وَسَحْنُونٌ يُعَجِّلُ جَمِيعَهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي ضَيْح وح. (وَسَقَطَتْ بِهَا) أَيْ الدُّخُولِ فِي الْعِدَّةِ (النَّفَقَةُ) لِلزَّوْجَةِ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ لِأَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَوْ حَامِلًا وَهَذِهِ مُتَوَفًّى عَنْهَا حُكْمًا (وَلَا تَحْتَاجُ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ (فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (لِإِذْنٍ) مِمَّنْ رَفَعَتْ لَهُ وَلَا فِي تَزَوُّجِهَا بَعْدَهَا لِحُصُولِ إذْنِهِ فِيهِمَا بِضَرْبِهِ الْأَجَلَ أَوَّلًا (وَلَيْسَ لَهَا) أَيْ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ (الْبَقَاءُ) فِي عِصْمَتِهِ (بَعْدَ) الشُّرُوعِ فِي (هَا) أَيْ الْعِدَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا وَالْإِحْدَادُ فَلَيْسَ لَهَا إسْقَاطُهُمَا وَلَهَا ذَلِكَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ، قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا كَمَا يُفِيدُهُ الشَّامِلِ، وَلَفْظُهُ ثُمَّ اعْتَدَّتْ إذْ ظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، قَالَ فِي الشَّامِلِ لَهَا الْبَقَاءُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَيْ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ أَبُو عِمْرَانَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَتِهِ فِي خِلَالِ الْأَرْبَعِ سِنِينَ وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إنْ تَمَّتْ الْأَرْبَعُ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ لِلْأَرْبَعِ سِنِينَ إذْ بِمُجَرَّدِ تَمَامِهَا تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَهَا الْبَقَاءُ مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ الضَّمِيرِ لِلْعِدَّةِ وَقَوْلُ ز أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا. . . إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهَا بِنَفْسِ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ تَأْخِيرٌ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَلِذَا قَالَ ح كَلَامُ الشَّامِلِ هُنَا مُشْكِلٌ مَعَ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الشَّامِلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَلَا إشْكَالَ (وَقُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (طَلَاقٌ) مِنْ الْمَفْقُودِ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ يُفِيتُهَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ وَلَكِنْ إنَّمَا (يَتَحَقَّقُ) وُقُوعُهُ حُكْمًا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ (بِدُخُولِ) الزَّوْجِ (الثَّانِي) بِزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ فَإِنْ جَاءَ الْمَفْقُودُ قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي رُدَّتْ لَهُ وَبَعْدَ دُخُولِهِ بَانَتْ مِنْ الْمَفْقُودِ تت وَاسْتَشْكَلَ هَذَا الطَّلَاقُ بِعَدَمِ جَرَيَانِهِ عَلَى الْأُصُولِ لِوُقُوعِهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَهِيَ فِي عِصْمَةِ الْأَوَّلِ وَبِأَنَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 319 فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ، فَإِنْ جَاءَ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيٌّ أَوْ مَاتَ فَكَالْوَلِيَّيْنِ،   [منح الجليل] الْعِدَّةَ قَبْلَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ وَلَا نَظِيرَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِدُخُولِهِ خَلْوَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ التَّلَذُّذَ بِهَا لِأَنَّهَا مَظِنَّتُهُ وَقَائِمَةٌ مَقَامَهُ كَمَا يُفِيدُهُ تت عَنْ ضَيْح، وَبِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ وُقُوعَهُ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دُخُولِ الثَّانِي تَحَقُّقُهُ أَيْ ظُهُورُهُ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ. (فَتَحِلُّ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ (لِلْأَوَّلِ) أَيْ الْمَفْقُودِ (إنْ) جَاءَ وَكَانَ قَدْ (طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ) قَبْلَ فَقْدِهِ وَوَطِئَهَا الثَّانِي وَطْءً يَحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ ثُمَّ تَأَيَّمَتْ مِنْهُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَحِلُّ لِلْمَفْقُودِ بِعِصْمَةٍ تَامَّةٍ لِتَمَامِ الْعِصْمَةِ الْأُولَى بِالطَّلَاقِ الَّذِي قُدِّرَ وُقُوعُهُ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَحَقَّقَهُ دُخُولُ الثَّانِي (فَإِنْ جَاءَ) الْمَفْقُودُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَالِمًا بِمَجِيءِ الْمَفْقُودِ أَوْ بَعْدَ تَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا بِلَا عِلْمٍ فِي فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ فَهِيَ لِلْمَفْقُودِ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ وَلِلثَّانِي فِي صُورَتَيْنِ دُخُولُهُ غَيْرَ عَالِمٍ فِي صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ يُفْسَخُ بِطَلَاقٍ، (أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ) أَيْ الْمَفْقُودَ (حَيٌّ) فَكَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ يَجْرِي فِيهِ الصُّوَرُ السَّبْعُ الْمُتَقَدِّمَةُ (أَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (مَاتَ) فَيَجْرِي فِي الصُّوَرِ السَّبْعِ أَيْضًا وَمَعْنَى كَوْنِ الْأَوَّلِ أَحَقَّ بِهَا إنْ مَاتَ فُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي وَاعْتِدَادُهَا قَاعِدَةُ وَفَاةِ وَارِثِهَا مِنْهُ (فَكُّذَاتِ) (الْوَلِيَّيْنِ) فِي أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِمَجِيءِ الْمَفْقُودِ أَوْ حَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ أَيِّمًا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا أَحَدٌ وَتَبَيَّنَ مَوْتَ الْمَفْقُودِ وَرِثَتْهُ قَطْعًا فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا أَحَدٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ. الْأَوَّلُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْمَفْقُودِ، الثَّانِي أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي عِدَّتِهِ، الثَّالِثُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا بَعْدَهَا وَفِي كُلِّ صُوَرٍ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ دَخَلَ فِي حَيَاتِهِ أَيْضًا عَالِمًا بِحَيَاتِهِ أَوْ دَخَلَ فِي عِدَّتِهِ عَالِمًا بِحَيَاتِهِ أَوْ مَوْتِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَرِثَتْ الْأَوَّلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي فَإِنْ دَخَلَ فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ غَيْرَ عَالِمٍ بِحَيَاتِهِ كَانَتْ لِلدَّاخِلِ وَلَا تَرِثُ الْأَوَّلَ فَإِنْ عَقَدَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَرِثَتْ الْأَوَّلَ وَهَلْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي أَمْ لَا، خِلَافٌ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ، الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 320 وَوَرِثَتْ الْأَوَّلَ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ فَكَغَيْرِهِ وَأَمَّا إنْ نُعِيَ لَهَا،   [منح الجليل] يَعْقِدَ فِي عِدَّةِ الْمَفْقُودِ فَتَرِثُ الْمَفْقُودَ دَخَلَ الثَّانِي بِهَا عَالِمًا أَمْ لَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي فِي هَذِهِ الْخَمْسِ وَيَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُهَا إنْ دَخَلَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا. الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَعْقِدَ بَعْدَ عِدَّةِ الْمَفْقُودِ فَهِيَ لِلثَّانِي دَخَلَ عَالِمًا بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَتَرِثُ الْمَفْقُودَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى قَوْلِهِ (وَوَرِثَتْ الْأَوَّلَ إنْ قُضِيَ لَهُ بِهَا) وَذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ أَنْ يَمُوتَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ خَرَجَتْ مِنْهَا وَلَمْ يَعْقِدْ الثَّانِي أَوْ عَقَدَ وَلَمْ يَدْخُلْ وَيُجَابُ بِأَنَّ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الزَّوْجِ حَقِيقَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا مِنْ يَوْمِ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهَا (وَلَوْ) تَبَيَّنَ أَنَّهُ (تَزَوَّجَهَا الثَّانِي فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ) مِنْ الْأَوَّلِ (فَ) لِلثَّانِي (كَغَيْرِهِ) مِمَّنْ تَزَوَّجَ فِي الْعِدَّةِ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَكَانَ خَاطِبًا إنْ أَحَبَّ فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فِيهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا أَوْ وَطِئَهَا وَلَوْ بَعْدَهَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ. (وَأَمَّا إنْ نُعِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (زَوْجُهَا) أَيْ أُخْبِرَتْ مِنْ غَيْرِ عَدْلَيْنِ بِمَوْتِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ الْأَوْلَادَ وَسَوَاءٌ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ قِيلَ تَفُوتُ بِدُخُولِهِ كَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَقِيلَ تَفُوتُ إنْ حَكَمَ بِهِ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ لَمَّا احْتَاجَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ نِصْفِهَا احْتَاجَتْ لِحُكْمٍ وَتَعْتَدُّ مِنْ الثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ أَوْ أَشْهُرَ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ فِي بَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ مَعَهُ وَيُحَالُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ فَعِدَّةُ وَفَاةٍ. تت وَلَا تُرْجَمُ وَإِنْ لَمْ يَغْشَ مَوْتُهُ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز سَوَاءٌ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا. . . إلَخْ هَذَا لَا يَنْزِلُ عَلَى مَا فَرَضَهُ أَوَّلًا مِنْ تَخْصِيصِ النَّعْي بِخَبَرِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ عَدْلَيْنِ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّعْيَ إنَّمَا هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا كَانَ مِنْ الْعُدُولِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى ذَلِكَ تُنَزَّلُ الْأَقْوَالُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 321 أَوْ قَالَ: عَمْرَةُ طَالِقٌ مُدَّعِيًا غَائِبَةً فَطَلَّقَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَثْبَتَهُ وَذُو ثَلَاثٍ: وَكُلُّ وَكِيلَيْنِ، وَالْمُطَلَّقَةُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا،   [منح الجليل] وَيَكُونُ مَحَلُّ الْحُكْمِ إذَا كَانَ مِنْ عَدْلَيْنِ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ ذَاتِ الْمَفْقُودِ وَهَذِهِ مَا نَصُّهُ " وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَفْقُودِ اسْتَنَدَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ فَقْدِهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ وَالْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا إنْ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ فَقَدْ اسْتَنَدَ إلَى شَهَادَةٍ ظَهَرَ خَطَؤُهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَوَاضِحٌ اهـ. قَوْلُهُ لَمْ يُتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ أَيْ فِي وُجُودِ الْفَقْدِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَفْقُودِ وَهَذَا الْفَرْقُ خَيْرٌ مِمَّا فِي ضَيْح وق (أَوْ قَالَ) زَوْجٌ لَهُ زَوْجَةٌ حَاضِرَةٌ اسْمُهَا عَمْرَةُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا مُسَمَّاةٌ عَمْرَةَ (عَمْرَةُ طَالِقٌ) حَالَ كَوْنِهِ (مُدَّعِيًا) أَنَّ لَهُ زَوْجَةً (غَائِبَةً) اسْمُهَا عَمْرَةُ وَأَنَّهُ قَصَدَهَا بِقَوْلِهِ عَمْرَةُ طَالِقٌ فَلَمْ يُصَدَّقْ (وَطَلَّقَ) الْحَاكِمُ (عَلَيْهِ) الْحَاضِرَةَ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا (ثُمَّ أَثْبَتَهُ) أَيْ الزَّوْجُ نِكَاحَ عَمْرَةَ الْغَائِبَةَ فَتُرَدُّ الْحَاضِرَةُ إلَيْهِ وَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي. (وَ) زَوْجُ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ زَوْجَاتٍ (ثَلَاثٍ) فِي عِصْمَتِهِ (وَكَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَكِيلَيْنِ) مُسْتَقِلَّيْنِ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَاهُ زَوْجَةً رَابِعَةً فَزَوَّجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجَةً فِي وَقْتَيْنِ فَفَسَخَ نِكَاحَ الْأُولَى مِنْهُمَا ظَنًّا أَنَّهَا الثَّانِيَةُ فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهَا الْأُولَى فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي وَتُرَدُّ لِلْأَوَّلِ (وَ) الزَّوْجَةُ (الْمُطَلَّقَةُ) فِي حَالِ غَيْبَةِ زَوْجِهَا مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (لِ) دَعْوَاهَا (عَدَمِ النَّفَقَةِ) مِنْ مَالِهِ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لَهَا مَا تُنْفِقُهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ لَهَا وَلَمْ يُوَكِّلْ مِنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ وَحَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، أَوْ أَمَرَهَا بِتَطْلِيقِ نَفْسِهَا وَحَكَمَ بِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَدَخَلَ بِهَا. (ثُمَّ ظَهَرَ إسْقَاطُهَا) أَيْ النَّفَقَةِ عَنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا نَفَقَتَهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ أَوْ أَنَّهُ أَرْسَلَهَا لَهَا وَوَصَلَتْهَا أَوْ أَنَّهُ وَكَّلَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 322 وَذَاتُ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا فَيُفْسَخُ: أَوْ تَزَوَّجَتْ بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ أَوْ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ فَيُفْسَخُ، ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ، فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ وَالضَّرْبُ لِوَاحِدَةٍ: ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ، وَإِنْ أَبَيْنَ،   [منح الجليل] الثَّانِي وَهَلْ إقَامَتُهُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ مُدَّةَ غَيْبَتِهِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِإِسْقَاطٍ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا لِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَهُوَ مَا لِلْقَرَافِيِّ وَأَقَرَّهُ ابْنُ الشَّاطِّ. (وَ) الزَّوْجَةُ (ذَاتُ) أَيْ صَاحِبَةُ الزَّوْجِ (الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ) بَعْدَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ السَّنَتَيْنِ (فِي عِدَّتِهَا) أَوْ فِي الْأَجَلِ بِالْأَوْلَى (فَيُفْسَخُ) نِكَاحُهَا لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ أَوْ قَبْلَهَا وَاسْتَبْرَأَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثَالِثًا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ثَبَتَ مَوْتُ الْمَفْقُودِ وَانْقِضَاءُ عِدَّتِهِ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي الَّذِي فَسَخَ فَتَرُدُّ إلَيْهِ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّالِثِ (أَوْ تَزَوَّجَتْ) زَوْجَةُ زَوْجٍ غَائِبٍ (بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ) لِزَوْجِهَا الْغَائِبِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَّا مِنْ قَوْلِهَا فَفُسِخَ نِكَاحُهَا فَأَثْبَتَتْ مَوْتَ الْغَائِبِ وَاعْتَدَّتْ مِنْهُ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ دَعْوَاهَا الْأُولَى مُوَافَقَةٌ لِلْوَاقِعِ وَأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِي صَحِيحٌ لِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ قَبْلَهُ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّالِثِ وَلَا تُحَدُّ لِأَنَّ دَعْوَاهَا شُبْهَةٌ تَدْرَأُ عَنْهَا الْحَدَّ. (أَوْ) تَزَوَّجَتْ زَوْجَةُ زَوْجٍ غَائِبٍ غَيْرَهُ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا (بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) عَلَى مَوْتِ الْغَائِبِ (فَيُفْسَخُ) نِكَاحُهَا لِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا ثُمَّ شَهِدَ عَدْلَانِ بِمَوْتِهِ فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثَالِثًا (ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ) أَيْ نِكَاحَ الثَّانِي الَّذِي تَزَوَّجَتْهُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الْعَدْلَيْنِ (كَانَ عَلَى الصِّحَّةِ) لِثُبُوتِ مَوْتِ الْغَائِبِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهِ قَبْلَهُ بِعَدْلَيْنِ (فَلَا تَفُوتُ) وَاحِدَةٌ مِنْ السَّبْعِ (بِدُخُولٍ) مِنْ الزَّوْجِ الثَّالِثِ بِهَا غَيْرُ عَالِمٍ جَوَابُ أَمَّا فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا إنْ نُعِيَ لَهَا. . . إلَخْ. (وَ) إنْ فُقِدَ ذُو زَوْجَاتٍ وَقَامَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَضُرِبَ لَهَا الْأَجَلُ وَسَكَتَ بَاقِيهِنَّ أَوْ امْتَنَعْنَ مِنْ الرَّفْعِ ثُمَّ طَلَبْنَ الرَّفْعَ فِي الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَ (الضَّرْبُ) لِلْأَجَلِ (لِوَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ وَهِيَ الَّتِي قَامَتْ أَوَّلًا (ضَرْبٌ لِبَقِيَّتِهِنَّ) فَلَا يُضْرَبُ لَهُنَّ أَجَلٌ آخَرُ إنْ سَكَتْنَ بَلْ (وَإِنْ أَبَيْنَ) أَيْ امْتَنَعْنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 323 وَبَقِيَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، وَمَالُهُ، وَزَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ،   [منح الجليل] مِنْ الْقِيَامِ مَعَ الْأُولَى فَمَنْ قَامَتْ مِنْهُنَّ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَا تَسْتَأْنِفُهَا وَلَهَا التَّزَوُّجُ بِمُجَرَّدِ قِيَامِهَا قَالَ الْحَطّ بَعْدَ نُقُولٍ مَا نَصُّهُ " وَكَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمُتَيْطِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قَوْلِهِ: إنْ قُمْنَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْزِيهِنَّ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُنَّ لَا يَحْتَجْنَ لِعِدَّةٍ إذَا قُمْنَ بَعْدَهَا. (وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ الْمَفْقُودِ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ عَلَى حَالِهَا وَلَا يُنْجَزُ عِتْقُهَا لِنِهَايَةِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا نَجَزَ عِتْقُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُوَثِّقِينَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ إثْبَاتِ أُمُومَتِهَا وَغَيْبَةِ سَيِّدِهَا وَعَدَمِ إمْكَانِ الْأَعْذَارِ فِيهَا وَعَدَمِ النَّفَقَةِ وَمَا بَعْدِي فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ شَيْئًا وَذَهَبَ ابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْقَطَّانِ إلَى أَنَّهَا لَا يُنْجَزُ عِتْقُهَا وَتَسْعَى فِي مَعَاشِهَا حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ أَوْ تَتِمُّ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ وَزَادَ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثًا أَنَّهَا تُزَوَّجُ. وَنَصُّهُ " وَمَنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ أُمِّ وَلَدِهِ فَقِيلَ تَزَوُّجُ وَلَا تُعْتَقُ وَقِيلَ تُعْتَقُ وَكَذَا إنْ غَابَ سَيِّدُهَا وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً، (وَ) بَقِيَ (مَالُهُ) أَيْ الْمَفْقُودِ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ عَلَى مِلْكِهِ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ لِغَايَةِ مُدَّةِ تَعْمِيرِهِ إذْ لَا مِيرَاثَ بِشَكٍّ فِي مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَإِذَا تَمَّتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ وَيَقْسِمُ مَالَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ يَوْمَئِذٍ لَا يَوْمَ فَقْدِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَوْتُهُ يَوْمَ فَقْدِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَيُعْتَبَرُ وَارِثُهُ يَوْمَ ثُبُوتِ مَوْتِهِ وَيُنْفَقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ لَا عَلَى أَبَوَيْهِ إنْ لَمْ يُقْضَ بِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ فَقْدِهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَقْوَالُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ مُسْتَحِقَّ إرْثِهِ وَارِثُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَمْوِيتِهِ لَا يَوْمَ بُلُوغِهِ سِنَّ تَمْوِيتِهِ (و) بَقِيَتْ (زَوْجَةُ) الزَّوْجِ (الْأَسِيرِ) أَيْ الَّذِي أَسَرَهُ الْحَرْبِيُّونَ وَذَهَبُوا بِهِ لِبِلَادِهِمْ (وَ) بَقِيَتْ زَوْجَةُ زَوْجٍ (مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ الْكُفْرِ أَيْ الَّذِي ذَهَبَ لِأَرْضِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَصِلَةُ بَقِيَ (لِ) تَمَامِ مُدَّةِ (التَّعْمِيرِ) إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهُمَا وَإِلَّا فَلَهُمَا الطَّلَاقُ وَإِذَا ثَبَتَ لَهُمَا الطَّلَاقُ بِذَلِكَ فَبِخَشْيَتِهِمَا الزِّنَا أَوْلَى لِأَنَّ ضَرَرَ تَرْكِ الْوَطْءِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ عَدَمِ النَّفَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ إسْقَاطَ النَّفَقَةِ يَلْزَمُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 324 وَهُوَ سَبْعُونَ وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ: ثَمَانِينَ، وَحُكِمَ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ،   [منح الجليل] وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ فَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهِ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِنَحْوِ تَسَلُّفٍ وَسُؤَالٍ بِخِلَافِ الْوَطْءِ فَإِذَا تَمَّتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَيُحْكَمُ بِمَوْتِهِ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ (وَهُوَ) أَيْ التَّعْمِيرُ نِهَايَةُ مُدَّتِهِ (سَبْعُونَ) سَنَةً مِنْ يَوْمِ الْوِلَادَةِ وَتُسَمَّى دَقَّاقَةُ الْأَعْنَاقِ (وَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ) أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَلِيٌّ الْقَابِسِيُّ (ثَمَانِينَ سَنَةً) وَالْقَرِينَانِ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَالْأَخَوَانِ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْقَاضِيَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَإِسْمَاعِيلُ الْبَغْدَادِيَّانِ وَالْمُحَمَّدَانِ ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ تت ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (وَحُكِمَ) بِضَمِّ فَكَسْرٍ (بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ) سَنَةً لَعَلَّ الرَّاجِحَ عِنْدَهُ الْأَوَّلُ وَلِذَا صَدَرَ بِهِ وَلَمْ يُعَيَّرْ بِأَقْوَالٍ أَوْ خِلَافٍ وَفِيمَنْ فُقِدَ بَعْدَ بُلُوغِ سِنِّ التَّعْمِيرِ خِلَافٌ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ عَاتٍ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ تَعْمِيرِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَرَّةً سَبْعُونَ سَنَةً وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَرَّةً ثَمَانُونَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْقَابِسِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تِسْعُونَ وَعَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا مِائَةٌ وَلِلدَّاوُدِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَفِي نَظَائِرِ أَبِي عِمْرَانَ قِيلَ: سِتِّينَ سَنَةً ذَكَرَهُ ابْنُ عَيْشُونٍ قُلْت هَذَا يُؤَكِّدُ مَا تَقَدَّمَ لِأَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ لَا عَمَلَ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ عَيْشُونٍ وَعَلَى السَّبْعِينَ إنْ فُقِدَ لَهَا زِيدَ لَهُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا ابْنُ ثَمَانِينَ، وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ زِيدَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ مِائَةٍ اُجْتُهِدَ فِيمَا يُزَادُ لَهُ سَحْنُونٌ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا أَنْ يُزَادَ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ، وَقِيلَ الْعَامُ وَالْعَامَانِ وَإِنْ فُقِدَ ابْنُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ تَلَوَّمَ لَهُ الْعَامَ وَنَحْوُهُ اتِّفَاقًا. اللَّخْمِيُّ. إنْ فُقِدَ وَهُوَ شَابٌّ أَوْ كَهْلٌ فَالسَّبْعُونَ أَحْسَنُ وَإِنْ فُقِدَ لَهَا زِيدَ قَدْرٌ مَا يُرَى مِنْ حِلِّهِ يَوْمَ فُقِدَ، وَهَلْ بَلَغَهَا وَهُوَ صَحِيحُ الْبِنْيَةِ أَوْ ضَعِيفُهَا. الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الْبَاجِيَّ فِي سِجِلَّاتِهِ قِيلَ يُعَمَّرُ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَبِهِ قَضَى ابْنُ زَرْبٍ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَكَانَ ابْنُ السَّلِيمِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ قَضَى بِالثَّمَانِينَ وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ قُضَاةِ شُيُوخِنَا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 325 وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ فَالْأَقَلُّ، وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ. وَإِنْ تَنَصَّرَ أَسِيرٌ فَعَلَى الطَّوْعِ، وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ.   [منح الجليل] نَزَلَتْ بِتُونُسَ فِي أَوَاخِرِ أَوْ أَوَاسِطِ الْقَرْنِ السَّابِعِ فَحَكَمَ الْقَاضِي حِينَئِذٍ بِتَمْوِيتِهِ بِخَمْسٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً وَأَشْهَدَ عَلَى حُكْمِهِ بِذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ شَهِيدَيْنِ وَرَفَعَ الرَّسْمَ إلَى سُلْطَانِهَا فَقِيلَ لَهُ هَذَا الْقَاضِي وَالشَّهِيدَانِ كُلٌّ مِنْهُمْ جَاوَزَ هَذَا السِّنَّ فَأَلْغَى الْأَعْمَالَ بِهِ بَعْدَ ضَحِكِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ تَعَجُّبًا مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي وَشَهَادَةِ شَهِيدَيْهِ قُلْتُ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ وَهَذِهِ شُبْهَةٌ نَشَأَتْ عَنْ حِكَايَةٍ عَامِّيَّةٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ) أَيْ الْمَفْقُودِ حِينَ فَقَدَهُ بِأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَأُخْرَى بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَالْأَقَلُّ) مِنْ السِّنِينَ الْمَشْهُودِ بِهَا هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ. (وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى التَّقْدِيرِ) بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لِلضَّرُورَةِ (وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ شَهَادَتِهِمْ عَلَى التَّقْدِيرِ بِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ حَقُّ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ عَلَى الْبَتِّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَخْلُفُ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ الشُّهُودُ فِي سِنِّهِ (وَإِنْ تَنَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ شَخْصٌ (أَسِيرٌ) مُسْلِمٌ (ف) هُوَ مَحْمُولٌ (عَلَى الطَّوْعِ) إذَا جُهِلَ حَالُهُ فَتَبِينُ زَوْجَتُهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ فَهُوَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَسْلَمَ أَخَذَهُ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ أُكْرِهَ فَكَزَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَقِيلَ كَالْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا وَإِنْ عُلِمَ إكْرَاهُهُ بَقِيَتْ زَوْجَتُهُ وَمَالُهُ لِلتَّعْمِيرِ (وَاعْتَدَّتْ) الزَّوْجَةُ (فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَحَلِّ الِاعْتِرَاكِ فِي الْفِتَنِ الْوَاقِعَةِ (بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ) بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ قَرُبَ الْمَحَلُّ أَوْ بَعُدَ وَصِلَةُ اعْتَدَّتْ (بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ) الَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَذَا هُوَ مَا نَصُّهُ فَتَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَيُقْسَمُ مَالُهُ قِيلَ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ قَرِيبَةً كَانَتْ أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقِيلَ بَعْدَ أَنْ يُتَلَوَّمَ لَهُ بِقَدْرِ مَا يَنْصَرِفُ مَنْ هَرَبَ أَوْ انْهَزَمَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بُعْدٍ مِنْ بَلَدِهِ مِثْلُ إفْرِيقِيَةَ مِنْ الْمَدِينَةِ ضُرِبَ لِامْرَأَتِهِ سَنَةٌ ثُمَّ تَعْتَدُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 326 وَهَلْ تُتَلَوَّمُ وَيُجْتَهَدُ؟ تَفْسِيرَانِ. وَوُرِثَ مَالُهُ حِينَئِذٍ كَالْمُنْتَجِعِ لِبَلَدِ الطَّاعُونِ،   [منح الجليل] وَتَتَزَوَّجُ وَيُقْسَمُ مَالُهُ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ وَعَزَا الثَّانِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ وَعَزَا الْمُتَيْطِيُّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالثَّانِيَ لِلْعُتْبِيَّةِ وَوَافَقَهُ فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ قَالَ جَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الثَّانِيَ خِلَافًا لِلْأَوَّلِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَفْسِيرًا لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ هُنَا بِالتَّفْسِيرَيْنِ وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَتُهُمْ فِي الْأَوَّلِ فَعِبَارَةِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ " مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَعَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " انْفِصَالُ الصَّفَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِهِ وَإِنَّمَا تَعَقَّبَهُ اللَّقَانِيُّ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ انْفِصَالِهِمَا وَتَحْسِبُهَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ هِيَ التَّحْقِيقُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الِالْتِقَاءِ وَالِانْفِصَالِ أَيَّامٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا مَاتَ يَوْمَ الِانْفِصَالِ فَلَوْ حُسِبَتْ مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ لَزِمَ كَوْنُ الْعِدَّةِ غَيْرَ كَامِلَةٍ فَيَجِبُ عَدُّهَا مِنْ يَوْمِ الِانْفِصَالِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْعِدَّةِ بِدَلِيلِ إلْغَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَيَشْهَدُ لِهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ لَوْ كَانَ الْقِتَالُ أَيَّامًا أَوْ أَشْهُرًا فِي آخِرِ يَوْمٍ. اهـ. عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مِنْ يَوْمِ الْمَعْرَكَةِ وَكَذَا مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاءِ يَحْتَمِلُ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمَعْرَكَةِ وَيَحْتَمِلُ مِنْ انْتِهَائِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهَا وَكَذَا الِالْتِقَاءُ يُحْمَلُ عَلَى انْتِهَائِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْعِدَّةِ فَمَا فَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَهَلْ يُتَلَوَّمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ يُنْتَظَرُ لِمَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ انْفِصَالِ الصَّفَّيْنِ (وَيُجْتَهَدُ) كَذَلِكَ فِي قَدْرِ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ عَسَى أَنْ يَتَبَيَّنَ ثُمَّ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ أَوْ تَعْتَدُّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ بِلَا تَلَوُّمٍ فِي الْجَوَابِ تَفْسِيرَانِ. (وَوُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قُسِمَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ (مَالُهُ) أَيْ مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِدَادِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ وَقُسِمَ الْمَالُ حِينَهُ فَقَالَ (كَ) الزَّوْجِ (الْمُنْتَجِعِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الذَّاهِبِ (لِبَلَدِ الطَّاعُونِ أَوْ فِي زَمَنِهِ) وَمَا فِي حُكْمِهِ كَحُمَّى فَيُفْقَدُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بَعْدَ ذَهَابِ الطَّاعُونِ وَنَحْوِهِ وَيُورَثُ مَالُهُ حِينَئِذٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 327 أَوْ فِي زَمَنِهِ وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ   [منح الجليل] لِحَمْلِهِ عَلَى مَوْتِهِ فِيهِ. (وَ) اعْتَدَّتْ الزَّوْجَةُ (فِي الْفَقْدِ) لِزَوْجِهَا فِي قِتَالٍ، (بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ) فِي أَمْرِهِ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ وَيُورَثُ مَالُهُ حِينَئِذٍ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِإِضَافَةِ الظَّرْفِ الْأَوَّلِ لِسَنَةٍ وَهُوَ صِلَةُ اعْتَدَّتْ الْمُقَدَّرِ، وَالظَّرْفُ الثَّانِي صِلَةُ مَحْذُوفٍ نَعْتِ سَنَةٍ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِإِسْقَاطِ بَعْدَ الْأَوَّلِ وَالْأُولَى هِيَ الصَّوَابُ وَاعْتَرَضَ طفي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَجَمِيعِ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّنَةَ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ لَا مِنْ بَعْدِ النَّظَرِ قَالَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ " غ " وَلَا غَيْرُهُ لِهَذَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. الْبُنَانِيُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ نَقْلُ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ وَوَقَعَ الْقَضَاءُ بِهِ فِي الْأَنْدَلُسِ وَنَظَمَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ رَادًّا لِلْقَوْلِ الْآخَرِ فَقَالَ: وَإِنْ يَكُنْ فِي الْحَرْبِ فَالْمَشْهُورُ ... فِي مَالِهِ وَلِزَوْجِهِ التَّعْمِيرُ وَقَدْ أَتَى قَوْلٌ بِضَرْبِ عَامٍ ... مِنْ حِينِ بَأْسٍ مِنْهُ لَا الْقِيَامُ وَذَا بِهِ الْقَضَاءُ فِي أَنْدَلُسَ ... لِمَنْ مَضَى فَحَقَّقْته تَأْتَسِ قَالَ وَلَدُهُ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ضَرْبُ السُّلْطَانِ لِلْأَجَلِ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَفْقُودِ لَا مِنْ يَوْمِ قِيَامِ الزَّوْجَةِ عِنْدَهُ عَلَى مَا اُسْتُحْسِنَ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَالَ: وَلَدُ النَّاظِمِ عَقِبَهُ مَا نَصُّهُ " وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلَ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُتَلَوَّمُ مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ، لِأَنَّ مُجْمَلَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ يَوْمِ الْيَأْسِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ فَعَبَّرَ بِالرَّفْعِ عَنْهُ تَجَوُّزًا اهـ. فَتَأَوَّلَ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَرَدَّهَا لِمَا بِهِ الْقَضَاءُ. وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ: السُّكْنَى (وَلِلْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ) طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا السُّكْنَى عَلَى مُطَلِّقِهَا سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ حَيًّا أَوْ مَاتَ عَلَى مَا يَأْتِي. (أَوْ) الْمَرْأَةِ (الْمَحْبُوسَةِ) أَيْ الْمَمْنُوعَةِ عَنْ النِّكَاحِ (بِسَبَبِهِ) أَيْ الرَّجُلِ غَيْرِ الطَّلَاقِ كَوَطْئِهِ غَصْبًا أَوْ غَيْرِ عَالِمَةٍ بِنَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ ظَانَّةٍ أَنَّهُ زَوْجُهَا وَإِعْتَاقُهُ أَوْ فَسْخُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 328 فِي حَيَاتِهِ: السُّكْنَى،   [منح الجليل] نِكَاحِهِ الْفَاسِدِ أَوْ لِعَانٍ لِرُؤْيَةٍ أَوْ نَفْيِ حَمْلٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَصِلَةُ الْمَحْبُوسَةِ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ الرَّجُلِ وَمُبْتَدَأٌ لِلْمُعْتَدَّةِ. . . إلَخْ (السُّكْنَى) عَلَى الزَّوْجِ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَعَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي الْحَبْسِ فِي الْمَحْبُوسَةِ وَالْأَحْسَنُ تَعَلُّقُ فِي حَيَاتِهِ بِمُقَدَّرٍ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ الْفَسْخِ أَوْ فَسِيخٌ أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ فَتَجِبُ السُّكْنَى لَهَا وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ لِحُرْمَةِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ حِفْظِهِ فَلَا يَزُولُ بِالْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا عِوَضُ الِاسْتِمْتَاعِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: فِي حَيَاتِهِ عَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَفْسَخْ حِينَئِذٍ فَلَا سُكْنَى لَهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا وَهَذَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى فَسَادِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ فَسَخَ مَا حَقُّهُ الْفَسْخُ فِي حَيَاتِهِ أَمْ لَا اهـ عب. الْبُنَانِيُّ مُسْتَنَدُهُ فِي هَذَا الِاعْتِمَادِ قَوْلُ الْحَطّ بَعْدَ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِأُمِّ وَلَدٍ تُعْتَقُ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا السُّكْنَى. . . إلَخْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُرَّةَ إذَا فُسِخَ نِكَاحُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَهَا السُّكْنَى فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ اهـ. وَهُوَ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ عَلَى أَنَّ طفي قَالَ عَقِبَهُ لَمْ أَرَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يَشْهَدُ لَهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ نُصُوصَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مُطْلَقَةٌ فِي وُجُوبِ السُّكْنَى لِلْمَحْبُوسَةِ بِسَبَبِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْحَيَاةِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمُعْتَدَّةِ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِلْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنِ السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ خِلَافًا لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ سُقُوطُهَا بِمَوْتِهِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ يُمْكِنُ رُجُوعُهُ لِلصُّورَتَيْنِ عَلَى مُخْتَارِ ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ يُبْعِدُهُ لُزُومُ مُخَالَفَتِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُخَالَفَةِ قَوْلِهِ الْآتِي وَاسْتَمَرَّ إنْ مَاتَ عَلَى تَقْرِيرِ " ح " وَأَنَّهُ لَوْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ لَقَالَ عَلَى الْأَظْهَرِ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلْمُعْتَدَّةِ وَلَا لِلْمَحْبُوسَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِتَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَا نَقْلَ يُسَاعِدُهُ فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ " حَيَاتِهِ " كَمَا قَالَ " ح " الْبُنَانِيُّ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ فِي حَيَاتِهِ مُتَعَلِّقًا بِالْمَحْبُوسَةِ كَمَا قَرَّرَهُ " ز " أَنَّ مَنْ حُبِسَتْ فِي حَيَاتِهِ أَيْ اطَّلَعَ عَلَى مُوجِبِ حَبْسِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي حَيَاتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 329 وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا إنْ دَخَلَ بِهَا، وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ، لَا بِلَا نَقْدٍ، وَهَلْ مُطْلَقًا؟ أَوْ إلَّا الْوَجِيبَةَ؟ تَأْوِيلَانِ. وَلَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ؛ إلَّا أَنْ يُسْكِنَهَا، إلَّا لِيَكُفَّهَا،   [منح الجليل] يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ، صَحَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُوَافِقًا لِمَا يَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِ) لِزَوْجَةِ (الْمُتَوَفَّى) بِفَتْحِ الْفَاءِ زَوْجُهَا (عَنْهَا) وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ (السُّكْنَى) مُدَّةَ عِدَّتِهَا (إنْ) كَانَ الزَّوْجُ (دَخَلَ بِهَا) وَأَطَاقَتْ الْوَطْءَ سَكَنَ مَعَهَا أَمْ لَا (وَ) الْحَالُ (الْمَسْكَنُ لَهُ) أَيْ الزَّوْجِ بِمِلْكٍ (أَوْ) إجَارَةٍ و (نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ (كِرَاءَهُ) كُلَّهُ قَبْلَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً فَإِنْ كَانَ نَقَدَ بَعْضَهُ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِ مَا نَقَدَهُ، فَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ أُجْرَةُ بَقِيَّتِهَا فَتَدْفَعُهَا مِنْ مَالِهَا، (لَا) سُكْنَى لَهَا إنْ اكْتَرَاهُ وَمَاتَ (بِلَا نَقْدٍ) لِأُجْرَةٍ (وَهَلْ) لَا سُكْنَى لَهَا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْوَجِيبَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) لَا سُكْنَى لَهَا (إلَّا) إذَا كَانَ الْكِرَاءُ (الْوَجِيبَةَ) أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَهَا السُّكْنَى فِي تَرِكَتِهِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ النَّقْدِ لِلُزُومِهَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ وَلَا) سُكْنَى لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي مَالِ الْمَيِّتِ وَالْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ، (إنْ لَمْ يَدْخُلْ) بِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا لِعَدَمِ إطَاقَتِهَا أَوْ كَبِيرَةً فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ (يُسْكِنَهَا) مَعَهُ فِي حَيَاتِهِ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا وَيَمُوتُ فَلَهَا السُّكْنَى فِي عِدَّتِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ إسْكَانَهَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ دُخُولِهِ بِهَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ نَاجٍ بِسُكْنَاهُ مَعَهَا، وَإِلَّا فَلَا سُكْنَى لَهَا وَإِنْ أَسْكَنَهَا مَعَهُ فَلَهَا السُّكْنَى فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا مَعَهُ (لِيَكُفَّهَا) أَيْ يَحْفَظَهَا وَيَمْنَعَهَا عَمَّا لَا يَلِيقُ فَلَا سُكْنَى لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِلَا لَامٍ بَعْدَ الْفَاءِ، وَاَلَّذِي فِي بَعْضٍ آخَرَ مِنْ نُسَخِ التَّوْضِيحِ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الصِّقِلِّيِّ عَنْهُ لِيَكْفُلَهَا مِنْ الْكَفَالَةِ أَيْ الْحَضَانَةِ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّوَابُ لِغَرَضِ الْمَسْأَلَةِ فِي صَغِيرَةٍ غَيْرِ مُطِيقَةٍ فَيُعَمِّمُ فِي أَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَيَخُصُّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُدْخَلُ بِمِثْلِهَا، وَأَمَّا الْمُطِيقَةُ الَّتِي لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 330 وَسَكَنَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْكُنُ. وَرَجَعَتْ لَهُ إنْ نَقَلَهَا، وَاتُّهِمَ. أَوْ كَانَتْ بِغَيْرِهِ وَإِنْ بِشَرْطٍ فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ، وَانْفَسَخَتْ وَمَعَ ثِقَةٍ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ، إنْ خَرَجَتْ صَرُورَةً فَمَاتَ، أَوْ طَلَّقَهَا   [منح الجليل] يَدْخُلْ بِهَا وَأَسْكَنَهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَلَوْ قَصَدَ كَفَّهَا. ابْنُ يُونُسَ وَالْكَبِيرَةُ يَمُوتُ عَنْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ فِي مَسْكَنِهَا فَلْتَعْتَدَّ فِيهِ وَلَا سُكْنَى لَهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْكَنَهَا دَارًا لَهُ أَوْ نَقَدَ الْكِرَاءَ فَتَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَسْكَنِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. (وَسَكَنَتْ) الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (عَلَى مَا) أَيْ فِيمَا (كَانَتْ تَسْكُنُ) وَهِيَ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا شِتَاءً وَصَيْفًا (وَرَجَعَتْ) الْمُعْتَدَّةُ (لَهُ) أَيْ مَسْكَنِهَا الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ (إنْ نَقَلَهَا) الزَّوْجُ (مِنْهُ) ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ (وَاتُّهِمَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهَا لِإِسْقَاطِ سُكْنَاهَا بِهِ فِي الْعِدَّةِ بِقَرِينَةٍ وَلَمْ تُطْلَبُ مِنْهُ يَمِينٌ بِأَنْ لَمْ يَنْقُلْهَا لِذَلِكَ احْتِيَاطًا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَإِحْدَادِ الصَّغِيرَةِ (أَوْ) كَانَتْ مُقِيمَةً (بِغَيْرِهِ) أَيْ مَسْكَنِهَا حِينَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فَتَرْجِعُ لَهُ إنْ كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فِي إجَارَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ (بِشَرْطٍ فِي إجَارَتِ) هَا لِ (رَضَاعٍ) لِوَلَدِ غَيْرِهَا اشْتَرَطَ عَلَيْهَا أَهْلُهُ إقَامَتَهَا عِنْدَهُمْ لِإِرْضَاعِهِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَتَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ، كَقَطْعِ يَدِ سَارِقٍ قَاطِعٍ يَدًا عَمْدًا لِلسَّرِقَةِ دُونَ الْقِصَاصِ. (وَانْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ وَرَجَعَ لِلْحِسَابِ إنْ لَمْ يَرْضَ أَهْلُ الرَّضِيعِ بِإِرْضَاعِهَا بِمَسْكَنِهَا فَلَوْ كَانَتْ قَابِلَةً أَوْ مَاشِطَةً فَلَا يَجُوزُ لَهَا الْبَيَاتُ فِي غَيْرِ مَسْكَنِهَا وَلَوْ مُحْتَاجَةً (وَ) إنْ خَرَجَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ لِحَجٍّ أَوْ رِبَاطٍ بِثَغْرٍ ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا وَرَجَعَتْ لِمَسْكَنِهَا (مَعَ) رَقِيقٍ (ثِقَةٍ) مَحْرَمٍ أَوْ غَيْرِهِ (إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْعِدَّةِ) بَعْدَ وُصُولِهَا لِمَسْكَنِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ لَيْلَةً وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا لَهُ بَالٌ وَإِلَّا أَتَمَّتْهُ بِمَوْضِعِهَا إنْ كَانَ مُسْتَعْتَبًا وَإِلَّا فَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ لَا إنْ كَانَتْ تَنْقَضِي قَبْلَ وُصُولِهِ أَوْ عِنْدَهُ (إنْ خَرَجَتْ) الزَّوْجَةُ مَعَ زَوْجِهَا حَالَ كَوْنِهَا (صَرُورَةً) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِي الطَّرِيقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 331 فِي: كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَفِي التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ إنْ خَرَجَ: لِكَرِبَاطٍ: لَا لِمُقَامٍ، وَإِنْ وَصَلَتْ وَالْأَحْسَنُ، وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ وَفِي الِانْتِقَالِ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا،   [منح الجليل] وَقِيسَ عَلَى الصَّرُورَةِ وَفَاءٌ النَّذْرِ وَكَانَتْ (فِي) بُعْدِهَا عَنْ مَسْكَنِهَا (كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) وَلَمْ تُحْرِمْ فَإِنْ كَانَتْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا تَرْجِعُ وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ. . . إلَخْ، مَعَ فَرْضِهِ طَلَاقَهُ أَوْ مَوْتَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَبَقَاءُ شَيْءٍ مِنْهَا حِينَئِذٍ ضَرُورِيٌّ وَأُجِيبَ بِتَصَوُّرِهِ فِي حَامِلٍ مُقَرَّبٍ وَفِيمَنْ مَنَعَهَا مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَزَالَ فِي آخِرِ عِدَّتِهَا. (وَ) تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ (فِي) الْحَجِّ (التَّطَوُّعِ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ النَّوَافِلِ مِثْلُ (إنْ خَرَجَ) زَوْجُهَا (لِكَرِبَاطٍ) أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ فَخَرَجَتْ مَعَهُ ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا (لَا) تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْهُ رَافِضَةً لِسُكْنَاهُ (لِمُقَامٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ إقَامَةٍ وَسُكْنَى مَعَ الزَّوْجِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَإِذَا قُلْنَا تَرْجِعُ فِي التَّطَوُّعِ وَغَيْرِهِ وَالرِّبَاطِ، فَيَجِبُ رُجُوعُهَا إنْ لَمْ تَصِلْ الْمَحِلَّ الْمَقْصُودَ لِلْحَجِّ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَلْ (وَإِنْ وَصَلَتْ) الزَّوْجَةُ الْمَحَلَّ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ وُصُولِهَا مَسْكَنَهَا وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ طُولِ إقَامَتِهَا بِهِ (وَالْأَحْسَنُ) رُجُوعُهَا لِمَسْكَنِهَا (وَلَوْ أَقَامَتْ نَحْوَ السِّتَّةِ أَشْهُرَ) أَوْ سَنَةً بِالْمَحَلِّ الَّذِي انْتَقَلَتْ لَهُ فَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُحَمَّدًا اسْتَحْسَنَ الرُّجُوعَ فِي الْأَشْهُرِ، وَفِي السَّنَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ التُّونُسِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ فَلَعَلَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَحْرِيفٌ وَالْأَصْلُ وَلَوْ أَقَامَتْ السَّنَةَ أَوْ الْأَشْهُرَ (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (خِلَافُهُ) أَيْ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بَعْدَ إقَامَةِ نَحْوِ السَّنَةِ وَتَعْتَدُّ بِمَحَلِّ إقَامَتِهَا. (وَفِي) مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا فِي سَفَرِ (الِانْتِقَالِ) مِنْ الْمَسْكَنِ الْأَصْلِيِّ وَالْإِقَامَةِ بِغَيْرِهِ دَائِمًا (تَعْتَدُّ) الزَّوْجَةُ إنْ شَاءَتْ (بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا) أَيْ الْمَكَانَيْنِ الْمُنْتَقَلِ عَنْهُ وَالْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ لِلْمَكَانِ الَّذِي هِيَ بِهِ حِينَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ (أَوْ) تَعْتَدُّ (بِمَكَانِهَا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 332 وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ رَاجِعًا وَمَضَتْ الْمُحْرِمَةُ أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ أَوْ أَحْرَمَتْ وَعَصَتْ وَلَا سُكْنَى لِأَمَةٍ لَمْ تُبَوَّأْ،   [منح الجليل] الَّذِي هِيَ بِهِ حِينَ أَحَدِهِمَا أَوْ حَيْثُ شَاءَتْ غَيْرَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ قَالَ: أَوْ حَيْثُ شَاءَتْ لَشَمِلَ غَيْرَ الْأَمْكِنَةِ الثَّلَاثَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ (وَ) حَيْثُ لَزِمَهَا الرُّجُوعُ لِعِدَّةِ طَلَاقٍ فَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُطَلِّقِ (الْكِرَاءُ) لِلدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ الَّتِي تَرْجِعُ عَلَيْهَا لِإِدْخَالِهِ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْسِهِ حَالَ كَوْنِهِ (رَاجِعًا) مَعَهَا لِأَنَّهَا تَرْجِعُ لِأَجْلِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يَرْجِعْ مَعَهَا وَلَزِمَهَا الرُّجُوعُ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمَنْزِلِ الَّذِي تَرْجِعُ لَهُ فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِمَحِلِّهَا أَتَمَّتْ وَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ رُجُوعِهَا كَمَا أَنَّهُ فِي مَوْتِهِ لَا كِرَاءَ لَهَا لِرُجُوعِهَا لِلْمَسْكَنِ الَّذِي لَزِمَهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهِ لِانْتِقَالِ تَرِكَتِهِ لِوَرَثَتِهِ وَكَمَا لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ تَعْتَدُّ حَيْثُ تَشَاءُ. (وَ) إنْ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَسْكَنِهَا لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَأَحْرَمَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ خَرَجَتْ لِاعْتِكَافٍ وَشَرَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ (مَضَتْ) أَيْ اسْتَمَرَّتْ فِي سَفَرِهَا الزَّوْجَةُ (الْمُحْرِمَةُ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (أَوْ الْمُعْتَكِفَةُ) عَلَى اعْتِكَافِهَا إنْ مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا إكْمَالُ حَجِّهَا أَوْ عُمْرَتِهَا أَوْ اعْتِكَافِهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ لِمَسْكَنِهَا (أَوْ) الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ (أَحْرَمَتْ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَتَتْرُكُ الْمَبِيتَ فِي مَسْكَنِهَا وَتَمْضِي عَلَى إحْرَامِهَا التَّتْمِيمَةُ (وَعَصَتْ) اللَّهَ تَعَالَى بِإِحْرَامِهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ وَتَمْضِي الْمُحْرِمَةُ إنْ اعْتَكَفَتْ أَيْضًا وَالْمُعْتَكِفَةُ إنْ أَحْرَمَتْ وَالْمُعْتَدَّةُ إنْ اعْتَكَفَتْ فَتَسْتَمِرُّ عَلَى مَبِيتِهَا فِي مَسْكَنِهَا وَلَا تَخْرُجُ لِمُعْتَكَفِهَا الْبُنَانِيُّ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ " أَوْ أَحْرَمَتْ " وَقَالَ عِوَضَهُ: كَالْمُعْتَدَّةِ إنْ اعْتَكَفَتْ لَا إنْ أَحْرَمَتْ لَوَفَّى بِالصُّوَرِ السِّتِّ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَعِدَّةُ عُكُوفٍ أَوْ إحْرَامِ ... سَابِقِهَا قَطْعًا لَهُ التَّمَامُ وَطَارِئٌ لَيْسَ بِدَافِعٍ لَهُ ... لَكِنْ مَبِيتُ ثَالِثٍ أَبْطَلَهُ (وَلَا سُكْنَى) مُسْتَحِقَّةٍ (لِأَمَةٍ) مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا (لَمْ تُبَوَّأْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ لَمْ تُفْرَدْ بِالسُّكْنَى مَعَ زَوْجِهَا عَنْ سَيِّدِهَا (وَلَهَا) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 333 وَلَهَا حِينَئِذٍ الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَتِهَا: كَبَدَوِيَّةٍ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ، أَوْ لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُ الْمُقَامُ مَعَهُ بِمَسْكَنِهَا: كَسُقُوطِهِ أَوْ خَوْفِ جَارٍ سُوءٍ،   [منح الجليل] أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي لَمْ تُبَوَّأْ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَمْ تُبَوَّأْ (الِانْتِقَالُ) مِنْ الْمَسْكَنِ (مَعَ سَادَتِهَا) لِمَسْكَنٍ آخَرَ وَمَفْهُومُ وَلَمْ تُبَوَّأْ أَنَّ لِلْمُبَوَّأَةِ السُّكْنَى وَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ مَعَ سَادَاتِهَا حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا عَلَى هَذَا حَمَلَ أَبُو عِمْرَانَ الْمُدَوَّنَةَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهَا إنْ انْتَجَعَ سَيِّدُهَا لِبَلَدٍ آخَرَ فَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مَعَهُ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ يُجْبَرُ سَيِّدُهَا عَلَى رَدِّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ فَقَالَ (كَ) زَوْجَةٍ (بَدَوِيَّةٍ) طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا (ارْتَحَلَ) أَيْ انْتَقَلَ (أَهْلُهَا) مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ الزَّوْجُ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهَا لُحُوقُهَا بِهِمْ بَعْدَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا فَلَهَا الِانْتِقَالُ مَعَ أَهْلِهِمْ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ. وَمَفْهُومُ بَدَوِيَّةٍ أَنَّ الْحَضَرِيَّةَ لَا تَنْتَقِلُ مِنْ مَسْكَنِهَا مَعَ أَهْلِهَا وَتَعْتَدُّ بِمَسْكَنِهَا، وَمَفْهُومُ أَهْلِهَا أَنَّهُ إنْ ارْتَحَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَلَا تَرْتَحِلُ مَعَهُمْ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّهُ إنْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا وَأَهْلُ زَوْجِهَا مَعًا فَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقُوا ارْتَحَلَتْ مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَمَعَ أَهْلِهَا. اللَّخْمِيُّ إنْ انْتَوَى أَهْلُ زَوْجِهَا خَاصَّةً فَلَا تَنْتَوِي مَعَهُمْ. اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهَا مَشَقَّةٌ فِي عَوْدِهَا لِأَهْلِهَا أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي الْجَلَّابِ إذَا تُوُفِّيَ الْبَدَوِيُّ عَنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ أَهْلُهَا فَلَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مَعَهُمْ وَإِنْ انْتَقَلَ أَهْلُ زَوْجِهَا فَقَطْ فَلَا تَنْتَقِلُ مَعَهُمْ وَإِنْ كَانَتْ فِي حَضَرٍ وَقَرَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا انْتِقَالُهَا مَعَ أَهْلِهَا وَلَا مَعَ أَهْلِ زَوْجِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْكَافِي (أَوْ) أَيْ وَلِلْمُعْتَدَّةِ مُطْلَقًا الِانْتِقَالُ مِنْ مَسْكَنِهَا (لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةُ سَوَاءٌ كَانَتْ بَدَوِيَّةً أَوْ حَضَرِيَّةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُبَوَّأَةً (الْمُقَامُ) بِضَمٍّ أَيْ الْإِقَامَةُ وَالسُّكْنَى (مَعَهُ) أَيْ الْعُذْرِ (بِمَسْكَنِهَا كَ) خَوْفِ (سُقُوطِهِ) أَيْ الْمَسْكَنِ وَأَوْلَى سُقُوطُهُ بِالْفِعْلِ (أَوْ خَوْفِ) ضَرَرٍ (جَارٍ سُوءٍ) بِضَمِّ السِّينِ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَالِهَا فِي حَضَرِيَّةٍ وَبَدَوِيَّةٍ لَا تَرْتَحِلُ لِمَشَقَّةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 334 وَلَزِمَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالْخُرُوجُ فِي حَوَائِجهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ؛ لَا لِضَرَرِ جِوَارٍ لِحَاضِرَةٍ، وَرَفَعَتْ لِلْحَاكِمِ، وَأَقْرَعَ لِمَنْ يَخْرُجُ، وَإِنْ أَشْكَلَ.   [منح الجليل] تَحْوِيلِهَا وَلَا تَقْدِرُ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهِ بِوَجْهٍ لَا فِي عَمُودِيَّةٍ تَرْتَحِلُ بِلَا مَشَقَّةٍ (وَ) حَيْثُ انْتَقَلَتْ لِعُذْرٍ (لَزِمَتْ) الْمُعْتَدَّةُ الْمَسْكَنَ. (الثَّانِيَ) فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُهَا الْإِقَامَةُ مَعَهُ فِيهِ فَتَنْتَقِلُ عَنْهُ (وَ) لَزِمَتْ (الثَّالِثَ) وَهَكَذَا وَإِنْ انْتَقَلَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ رُدَّتْ بِالْقَضَاءِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا الْمُطَلِّقُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى (وَ) لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ (الْخُرُوجُ) مِنْ مَسْكَنِهَا (فِي) قَضَاءِ (حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ) فَتْحُ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَنَّى طَرَفٍ بِفَتْحِهِمَا حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى (النَّهَارِ) أَيْ قُرْبَ الْفَجْرِ وَعَقِبَ الْغُرُوبِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ وَعَبَّرَ عَنْهُمَا بِطَرَفَيْ النَّهَارِ لِلْمُجَاوَرَةِ بِقَرِينَةِ النَّصِّ وَمَفْهُومُ فِي حَوَائِجهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهَا فِي الْوَقْتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِغَيْرِ حَوَائِجِهَا وَيَجُوزُ خُرُوجُهَا نَهَارًا وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَوْ لِعُرْسٍ إنْ دُعِيَتْ إنْ شَاءَتْ وَلَا تَتَزَيَّنُ وَلَا تَبِيتُ إلَّا بِبَيْتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَهَا التَّصَرُّفُ نَهَارًا وَالْخُرُوجُ سَحَرًا قَبْلَ الْفَجْرِ وَتَرْجِعُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ. الْأَخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرَى أَنْ يُحْتَاطَ لِلْأَنْسَابِ فَتُؤَخِّرُ خُرُوجَهَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَأْتِي حِينَ غُرُوبِهَا بَعْضُهُمْ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ هُوَ اللَّائِقُ يُعْرَفُ هَذَا الزَّمَانُ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَنْتَشِرُ فِيهِ النَّاسُ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهَا أَهْلُ الْفَسَادِ (لَا) تَخْرُجُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ مَسْكَنِهَا (لِضَرَرِ جِوَارٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِحَاضِرَةٍ) يُمْكِنُهَا رَفْعُهُ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ خَوْفُ جَارِ سُوءٍ فِيمَنْ لَا يُمْكِنُهَا رَفْعُهُ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا (وَرَفَعَتْ) أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ ظُلْمُ الْجَارِ زَجَرَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْكَفَّ أَخْرَجَهُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَإِنْ ثَبَتَ ظُلْمُهَا زَجَرَهَا فَإِنْ لَمْ تَنْكَفَّ أَخْرَجَهَا (وَأَقْرَعَ) أَيْ ضَرَبَ الْحَاكِمُ الْقُرْعَةَ (لِمَنْ يَخْرُجُ) مِنْ مَسْكَنِهِ مِنْ الْمُعْتَدَّةِ وَجَارِهَا (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ عَلَى الْحَاكِمِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ أَقَامَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 335 وَهَلْ لَا سُكْنَى لِمَنْ سَكَّنَتْ زَوْجَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا؟ قَوْلَانِ وَسَقَطَتْ، إنْ أَقَامَتْ بِغَيْرِهِ: كَنَفَقَةِ وَلَدٍ هَرَبَتْ بِهِ،   [منح الجليل] بَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ مُتَعَادِلَتَيْنِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّوَابُ إخْرَاجُ غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ لِأَنَّ إقَامَتَهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ جَوَازُ إخْرَاجِهَا لِشَرِّهَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَهُ ح الْبُنَانِيُّ هَذَا النَّظَرُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِلَّةِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ إنَّمَا هُوَ إخْرَاجُ مَنْ تَبَيَّنَ شَرُّهَا وَبَحَثَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ أَشْكَلَ أَمْرُهَا وَفِي ح وَتَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ لَسِنَةً عَلَى الْجِيرَانِ وَمَفْهُومُ لِحَاضِرَةٍ أَنَّ الْبَدَوِيَّةَ تَنْتَقِلُ لِضَرَرِ الْجَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّ شَأْنَ الْحَضَرِ وُجُودُ الْحَاكِمِ الْمُنْصِفِ وَالْبَدْوُ عَدَمُهُ فَإِنْ وُجِدَ فِي الْبَادِيَةِ فَلَا تَنْتَقِلُ وَإِنْ عُدِمَ فِي الْحَضَرِ فَلَهَا الِانْتِقَالُ فَالْمَدَارُ عَلَى وُجُودِ الْحَاكِمِ وَعَدَمِهِ فِي الْحَضَرِ وَالْبَدْوِ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ ضَابِطُهُ إنْ قَدَرَتْ عَلَى دَفْعِ ضَرَرِهِمَا بِوَجْهٍ مَا فَلَا تَنْتَقِلُ وَحَمَلَهَا ابْنُ عَاتٍ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ لِأَنَّ بِهَا مَنْ تَرْفَعُ إلَيْهِ أَمْرَهَا بِخِلَافِ الْقَرْيَةِ غَالِبًا. (وَهَلْ لَا سُكْنَى) فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ (لِمَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ (سَكَّنَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (زَوْجَهَا) مَعَهَا بِبَيْتِهَا دُونَ كِرَاءٍ (ثُمَّ طَلَّقَهَا) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلنِّكَاحِ أَوْ لَهَا السُّكْنَى فِيهِ لِانْقِطَاعِ الْمُكَارَمَةِ بِالطَّلَاقِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْمَكْوِيِّ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْمَكْوِيِّ وَهُمْ مَحِلُّهُمَا إذَا أَطْلَقَتْ فَإِنْ تَبَرَّعَتْ لَهُ بِالسُّكْنَى زَمَنَ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ قَيَّدَتْ بِمُدَّةِ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهَا السُّكْنَى فِيهِ اتِّفَاقًا وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا السُّكْنَى فِي الْعَقْدِ فَسَدَ فَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَيُلْغَى الشَّرْطُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَمَحِلُّهُمَا أَيْضًا إذَا اكْتَرَتْ الْمَسْكَنَ أَوْ مَلَكَتْهُ قَبْلَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَهَا السُّكْنَى قَوْلًا وَاحِدًا وَمَفْهُومُ طَلَّقَهَا أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَلَا سُكْنَى لَهَا زَمَنَ عِدَّتِهَا. (وَسَقَطَتْ) سُكْنَاهَا فِيهِ عَنْ الزَّوْجِ (إنْ أَقَامَتْ) الْمُعْتَدَّةُ فِي زَمَنِ عِدَّتِهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ مَسْكَنِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ، فَقَالَ (كَنَفَقَةِ وَلَدٍ) لِلزَّوْجِ (هَرَبَتْ) الْمُطَلَّقَةُ (بِهِ) مُدَّةً بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا مِنْهُ لِمَسْكَنِهَا ثُمَّ طَلَبَتْهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا فَإِنْ عَلِمَ مَوْضِعَهَا وَقَدَرَ عَلَى رَدِّهَا وَتَرَكَهَا مُدَّةً فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ عَنْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 336 وَلِلْغُرَمَاءِ بَيْعُ الدَّارِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا؟ فَإِنْ ارْتَابَتْ: فَهِيَ أَحَقُّ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، وَلِلزَّوْجِ فِي الْأَشْهُرِ،   [منح الجليل] (وَلِلْغُرَمَاءِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ غَرِيمٍ أَيْ أَصْحَابِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ (بَيْعُ الدَّارِ) الْمَمْلُوكَةِ لِلزَّوْجِ وَزَوْجَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ سَاكِنَةٌ فِيهَا لِأَخْذِ ثَمَنِهَا فِي دُيُونِهِمْ وَصِلَةُ بَيْعٍ (فِي) عِدَّةِ الزَّوْجَةِ (الْمُتَوَفَّى) بِفَتْحِ الْفَاءِ (عَنْهَا) وَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّهَا فِي السُّكْنَى وَيَشْتَرِطُ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي سُكْنَاهَا مُدَّةَ عِدَّتِهَا إذْ هِيَ أَحَقُّ مِنْهُمْ بِهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِعَيْنِ الدَّارِ وَحَقِّهِمْ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهَا بِدُونِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَكَتْمُ سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ وَإِنْ وَقَعَ صَحَّ كَبَيْعِ دَارٍ مَكْرِيَّةٍ بِدُونِ بَيَانٍ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ، وَالصَّبْرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعِدَّةِ وَمَفْهُومٌ لِلْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ بَيْعُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ الْبَيَانِ وَاسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ أَبُو الْحَسَنِ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءُ الْعِدَّةِ؟ فَأَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي الْمُشْتَرِي مَتَى يَتَّصِلُ بِقَبْضِهَا وَإِنَّمَا رَخَّصَ فِيهِ فِي الدَّيْنِ. (فَإِنْ) بِيعَتْ بِشَرْطِ سُكْنَاهَا مُدَّةَ الْعِدَّةِ وَ (ارْتَابَتْ) أَيْ شَكَّتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي حَمْلِهَا بِحَرَكَةِ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ (فَهِيَ) أَيْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا (أَحَقُّ) بِسُكْنَى الدَّارِ لِتَمَامِ عِدَّتِهَا إذْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي التَّطْوِيلِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا خِيَارَ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى جَوَازِهَا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ (وَلِلزَّوْجِ) الَّذِي طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا الْمُعْتَدَّةَ فِي دَارِهِ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَمَفْهُومُ (فِي الْأَشْهُرِ) أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْأَقْرَاءِ وَوَضْعِ الْحَمْلِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ مُدَّتِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنَّمَا يَجُوزُ هَذَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِأَنَّهَا أَيَّامٌ مُحَصَّلَةٌ وَذَلِكَ إذَا دَعَا الْغُرَمَاءُ الْوَرَثَةَ لِبَيْعِهَا، وَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ قُلْتُ فِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ ذَكَرَ لِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ، زَادَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَامَ الْغُرَمَاءُ وَالْمَسْكَنُ مِلْكٌ لِلزَّوْجِ بِبَيْعٍ وَاسْتَثْنَى أَمَدَ الْعِدَّةِ كَانَتْ عِدَّةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 337 وَمَعَ تَوَقُّعِ الْحَيْضِ: قَوْلَانِ. وَلَوْ بَاعَ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ: فَسَدَ   [منح الجليل] طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ وَنَقْدٍ فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ ذَلِكَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ عِدَّتِهَا وَبِيعَ الْبَاقِي لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ وَالْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ فَلِلْمُكْرِي أَخْذُ مَسْكَنِهِ أَوْ إسْلَامِهِ فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ أَحَقَّ بِهِ وَيَضْرِبُ الْمُكْرِي مَعَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا سِوَاهُ وَإِنْ كَانَتْ لِوَفَاةٍ لَمْ يَكُنْ الْمُكْرِي أَحَقَّ وَلَا الزَّوْجَةُ وَبِبَيْعٍ لِلْغُرَمَاءِ وَالْمُكْرِي أَحَدُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ غَرِيمٍ بِيعَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَبَيْعُ الْغُرَمَاءِ كَبَيْعِ الزَّوْجِ. (وَ) إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لِصِغَرِهَا أَوْ يَأْسِهَا مَعَ تَوَقُّعِ حَيْضِهَا كَبِنْتِ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ وَأَرَادُوا بَيْعَ الدَّارِ فِي دُيُونِهِمْ فَفِي جَوَازِ بَيْعِهَا فِي الْأَشْهُرِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ (مَعَ تَوَقُّعِ) أَيْ ظَنِّ حُصُولِ (الْحَيْضِ) مِنْ الْمُطَلَّقَةِ كَبِنْتِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَمَنْعُهُ لِلْغَرَرِ (قَوْلَانِ) وَعَلَى الْجَوَازِ لَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إنْ حَاضَتْ وَانْتَقَلَتْ لِلْأَقْرَاءِ لِدُخُولِهِ مُجَوِّزًا ذَلِكَ وَعَلَى الْمَنْعِ إنْ وَقَعَ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْجَوَاهِرِ إنْ تَوَقَّعَ طَرَيَان حَيْضِ ذَاتِ الْأَشْهُرِ فَفِي جَوَازِ الْبَيْعِ إلَى الْبَرَاءَةِ خِلَافُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْمُتَوَقَّعِ حَيْضُهَا إذَا اشْتَرَطَهُ قَوْلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي اُخْتُلِفَ فِيمَنْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ وَيُتَوَقَّعُ حَيْضُهَا فِيهَا وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ فِي الْعِدَّةِ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ بَعْدَ حُصُولِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ هَلْ يُؤَثِّرُ هَذَا الشَّرْطُ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ؟ قَوْلَانِ. (وَلَوْ) طَلَّقَ مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَيُمْكِنُ حَيْضُهَا فِيهَا وَتُوُفِّيَ عَنْهَا وَحَصَلَتْ لَهَا رِيبَةُ حَمْلٍ أَوْ أَمْكَنَ حُصُولُهَا فِيهِمَا وَ (بَاعَ) الْغُرَمَاءُ الدَّارَ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ الزَّوْجُ فِي الْأَشْهُرِ وَقَالَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ (إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ) الْحَاصِلَةُ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ الَّتِي تَحْصُلُ بَعْدَهُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِلْغَرَرِ طفي بِهَذَا قَرَّرَ الْمُوَضِّحُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ فَاسِدٌ قَالَ وَهَكَذَا فِي الْوَاضِحَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَعَلَى هَذَا جَرَى فِي مُخْتَصَرِهِ وَحَادَ عَنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَأَتَى بِعِبَارَةٍ تُطَابِقُ تَقْرِيرَهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ مَعَ أَنَّهُ تَقْرِيرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مَكَثَتْ الْمُعْتَدَّةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 338 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَى زَوَالِ رِيبَتِهَا هَكَذَا فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَلِذَا عَلَّلَ الثَّعَالِبِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَاسِدٌ بِقَوْلِهِ لِغَرَرِ كَوْنِهَا تَتَمَادَى سَنَةً أَوْ خَمْسًا أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ وَعَزْوُهُ لِلْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْمَوَّازِ غَيْرُ صَحِيحٍ. يَتَبَيَّنُ لَك بِنَقْلِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ دَارًا أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ قَالَ: تُبَاعُ الدَّارُ، وَيُشْتَرَطُ لِامْرَأَتِهِ سُكْنَاهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قِيلَ لَهُ: إذَا بِيعَتْ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ ارْتَابَتْ أَتَرَى لَهَا السُّكْنَى حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الرِّيبَةِ قَالَ: نَعَمْ وَإِنَّمَا هِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ قَالَ سَحْنُونٌ: وَإِنْ تَمَادَتْ الرِّيبَةُ إلَى خَمْسِ سِنِينَ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَقْصَى الْعِدَّةِ خَمْسُ سِنِينَ فَكَأَنَّهُ قَدَّمَ عَالِمًا بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَرُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهَا إنْ ارْتَابَتْ الْمَرْأَةُ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يَتَمَاسَكَ عَلَى أَنْ لَا يَرُدَّ الْبَائِعُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَمِثْلُهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَإِيَّاهُ اخْتَارَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ قَالَ: لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْعِدَّةِ الْمَعْرُوفَةِ وَلَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الِاسْتِرَابَةِ كَانَ فَاسِدًا وَاعْتَرَضَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فَقَالَ إذَا كَانَ الْبَيْعُ شَرَطَ الِاسْتِرَابَةَ لَا يَجُوزُ إذْ لَا يَدْرِي أَتَكُونُ سَنَةً أَوْ خَمْسَ سِنِينَ فَإِذَا مَلَكَ الْخِيَارَ فِي الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ كَانَ أَخْذُهُ عَلَى أَنْ تَسْكُنَ الْمَرْأَةُ إلَى انْقِضَاءِ رِيبَتِهَا كَابْتِدَاءِ الشِّرَاءِ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا ابْنُ رُشْدٍ وَلَا أَدْرِي مَعْنَى تَخْرِيجِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَ إذْ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا أَحْفَظُهُ. كَمَا أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ سِلْعَتَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ أَيَّهُمَا شَاءَ وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ جَوَازُ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلَعًا فَاسْتَحَقَّ مِنْهَا جُلَّهَا فَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِمَا بَقِيَ مِنْهَا بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ يَتَمَاسَكَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بِالرَّدِّ مَا لَمْ تَنْقَضِ الرِّيبَةُ لَا عَلَى أَنَّهُ يَتَمَاسَكُ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ لَهُ طَالَتْ الرِّيبَةُ أَوْ قَصُرَتْ وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ اهـ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ تَعَقُّبُهُ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ لِأَنَّهُ لِلْغَرَرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 339 وَأُبْدِلَتْ فِي: الْمُنْهَدِمِ وَالْمُعَارِ، وَالْمُسْتَأْجَرِ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةَ،   [منح الجليل] يَتَعَيَّنُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ لَا لِلِانْتِقَالِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ فَاسِدٌ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ ظَاهِرُهُ أَنْ قَالَ سَحْنُونٌ نُصَّ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ لِلْبَاجِيِّ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ بِلُزُومِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي مَعَ الرِّيبَةِ وَأَنَّهَا مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ يَجُوزُ شَرْطُهُ وَفِيهِ بَحْثٌ تَقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ زَوَالِ الرِّيبَةِ كَانَ فَاسِدًا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَهَذَا عِنْدِي عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُلْزِمُهُ ذَلِكَ فَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّرْطِ. اهـ. وَالْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْبَاجِيَّ طفي فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِمَّا نَقَلْنَاهُ مَا قُلْنَا مِنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَمَحَطُّ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتِرَاضَ التُّونُسِيِّ وَتَخْرِيجَ الْبَاجِيَّ وَلَمْ يَهْتَدِ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ نَازَعَهُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ فِي تَقْرِيرِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَقَالَ: لَوْ فَسَّرَ هُنَا بِأَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي مُكْثَ الْمُعْتَدَّةِ إلَى زَوَالِ الرِّيبَةِ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ آخِرَ كَلَامِهِ لَكَانَ أَوْجَهَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمُرَادَ قَوْلُهُ وَزَادَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُشْتَرِي وَاعْتِرَاضُ التُّونُسِيِّ اهـ وَإِنَّمَا تَنَفَّسْنَا بِشَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ إيضَاحًا لِلْحَقِّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) إنْ انْهَدَمَ مَسْكَنُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ كَانَ مُعَارًا أَوْ مُسْتَأْجَرًا وَانْقَضَتْ مُدَّةُ إعَارَتِهِ أَوْ إجَارَتِهِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَمُطَلِّقُهَا حَيٌّ (أُبْدِلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ، الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ لَمْ يَمُتْ زَوْجُهَا (فِي) الْمَسْكَنِ (الْمُنْهَدِمِ) غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ أَوْ لِغَيْرِهِ، قَالَهُ تت وَكَذَا مُعْتَدَّةُ وَفَاةٍ انْهَدَمَتْ مَقْصُورَتُهَا فَتُبْدَلُ بِمَقْصُورَةٍ أُخْرَى مِنْ مَقَاصِيرِ دَارِ الْمَيِّتِ فَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ بِتَمَامِهَا فَلَا تُبْدَلُ بِغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ أُخْرَى لِانْتِقَالِهَا لِلْوَرَثَةِ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِهَا بِخِلَافِ الدَّارِ الَّتِي كَانَتْ مَقْصُورَتُهَا بِهَا فَإِنَّهَا، وَإِنْ انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ أَيْضًا لَكِنْ لِلْمَرْأَةِ تَعَلُّقٌ بِهَا وَهُوَ اعْتِدَادُهَا فِيهَا كَمَا أَنَّهَا لَا تُبْدَلُ إذَا انْهَدَمَ مَا كَانَ لَهُ بِكِرَاءٍ نَقَدَهُ أَوْ وَجِيبَةٍ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ لِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ (وَ) أُبْدِلَتْ مُطَلَّقَةٌ لَمْ يَمُتْ زَوْجُهَا فِي الْمَسْكَنِ (الْمُعَارِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ لِلزَّوْجِ (الْمُنْقَضِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 340 وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانَيْنِ: أُجِيبَتْ؛ وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوَهُ: لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ وَإِنْ ارْتَابَتْ كَالْحُبُسِ حَيَاتَهُ؛ بِخِلَافِ حُبُسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ،   [منح الجليل] الْمُدَّةِ) لِلْإِعَارَةِ أَوْ الْإِجَارَةِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِمَكَانٍ آخَرَ فَإِنْ أَرَادَتْ الْبَقَاءَ بِهِمَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا فِي الْمَوْتِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِمَا الِامْتِنَاعُ إلَّا لِوَجْهٍ. (وَإِنْ) انْهَدَمَ مَسْكَنُ الْمُعْتَدَّةِ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ وَ (اخْتَلَفَا) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالزَّوْجُ (فِي مَكَانَيْنِ) بِأَنْ طَلَبَتْ مَكَانًا وَالزَّوْجُ غَيْرُهُ (أُجِيبَتْ) لِسُكْنَاهَا فِيمَا طَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجِ بِكَثْرَةِ كِرَائِهِ أَوْ بِجِوَارِهِ لِغَيْرِ مَأْمُونٍ أَوْ بُعْدِهِ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُ خُرُوجَهَا مِنْ الْعِدَّةِ اللَّخْمِيُّ مَا لَمْ تَتَحَمَّلْ بِالزَّائِدِ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا يَلْزَمُهَا الزَّائِدُ فِي الِاكْتِرَاءِ إنْ كَانَ مَا دَعَا إلَيْهِ يَلِيقُ بِهَا (وَامْرَأَةُ الْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ) كَنَائِبِهِ وَالْقَاضِي إذَا طَلُقَتْ ثُمَّ عُزِلَ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي دَارِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَضَاءِ وَقَدِمَ غَيْرُهُ (لَا يُخْرِجُهَا الْقَادِمُ) حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا بِهَا إنْ لَمْ تَرْتَبْ بَلْ. (وَإِنْ ارْتَابَتْ) الْمُطَلَّقَةُ بِجَسِّ بَطْنٍ أَوْ تَأَخُّرِ حَيْضٍ إلَى خَمْسِ سِنِينَ وَلَمْ يَجْعَلُوا مَا اسْتَحَقَّهُ الْأَمِيرُ الْمَعْزُولُ أَوْ الْمُتَوَفَّى مِنْ السُّكْنَى كَالْأُجْرَةِ وَالْأَلَمِ تَسْتَحِقُّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْوِلَايَةِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِخْرَاجِ. فَقَالَ (كَ) الدَّارِ (الْحُبُسِ) عَلَى رَجُلٍ (حَيَاتَهُ) فَيُطَلِّقُ أَوْ يَمُوتُ فَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ بِهَا وَلَا يُخْرِجُهَا مُسْتَحِقُّهَا بَعْدَ زَوْجِهَا بِحُبُسٍ أَوْ غَيْرِهِ، حَتَّى تَتِمَّ عِدَّتُهَا، وَإِنْ ارْتَابَتْ لِخَمْسِ سِنِينَ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الطَّلَاقِ لِبَقَاءِ حَقِّ زَوْجِهَا وَقِيسَ الْمَوْتُ عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي سُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ فِي مَسْكَنِهَا وَظَاهِرُ تَعْلِيلِ الطَّلَاقِ بِبَقَاءِ حَقِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لِغَيْرِهِ فَلَا سُكْنَى لَهَا وَانْظُرْهُ قَالَهُ عج الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إسْقَاطَهُ هِبَةٌ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُطَلِّقِ هِبَةُ مَسْكَنِ الْعِدَّةِ وَإِخْرَاجُهَا مِنْهُ وَمَفْهُومُ حَيَاتِهِ أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَانْقَضَتْ فَلَيْسَ لَهَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ فَيَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ بِمَسْكَنٍ آخَرَ كَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْمُعَارِ الْمُنْقَضِي الْمُدَّةِ (بِخِلَافِ حُبُسِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ) أَيْ تَصَرُّفُ الزَّوْجِ سَكَنَهُ لِإِمَامَتِهِ بِهِ، مَثَلًا مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَةٍ أَوْ أَسْقَطَهَا لِغَيْرِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 341 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا، فَلِلْإِمَامِ الْقَادِمِ أَنْ يُخْرِجَ زَوْجَةَ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُطَلِّقِ إذَا عُزِلَ أَوْ فَرَغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَقَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ دَارَ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَرْأَةُ لَهَا حَقٌّ فِيهِ بِخِلَافِ دَارِ الْإِمَامَةِ مَثَلًا وَنَحْوُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَسْجِدٍ بِيَدِهِ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِكَوْنِهَا حُبُسًا مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَتْ حُبُسًا عَلَى خُصُوصِ إمَامٍ مَثَلًا فَكَدَارِ الْإِمَارَةِ وَارْتِضَاءُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وعج، أَرَادَا بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي ارْتِضَائِهِ الْإِطْلَاقَ اهـ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ز فَلِلْإِمَامِ الْقَادِمِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يَتَوَقَّفُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمَسْجِدِ فَفِي ق وَكَذَا زَوْجَةُ إمَامِ الْمَسْجِدِ السَّاكِنِ فِي دَارِهِ تَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرَى جِيرَانُ الْمَسْجِدِ إخْرَاجَهَا مِنْ النَّظَرِ فَذَلِكَ لَهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي اُخْتُلِفَ إذَا مَاتَ إمَامُ الْمَسْجِدِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ الْمُحْبَسَةِ عَلَيْهِ فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ ابْنُ عَاتٍ وَعَلَيْهِ جَرَى عَمَلُ قُرْطُبَةَ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ غَيْرَهُ، وَقِيلَ تَخْرُجُ مِنْهَا إنْ أَخْرَجَهَا جَمَاعَةُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالْجَوَاهِرِ وَابْنِ فَتُّوحٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ فَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، وَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَنَّ دَارَ الْإِمَارَةِ. . . إلَخْ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ كَعَبْدِ الْحَقِّ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ زَرْقُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمْ، اقْتَصَرُوا عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَمِيرِ فَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بِأَنَّ سُكْنَى الْإِمَامِ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ، بِخِلَافِ الْإِمَارَةِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَالْبَاجِيِّ وَغَيْرُهُمَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إجَارَةُ الْإِمَامِ مَكْرُوهَةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لِأَنَّ امْرَأَةَ الْأَمِيرِ لَهَا حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَدَارُ الْإِمَارَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، بِخِلَافِ دَارِ الْمَسْجِدِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى خُصُوصِ إمَامٍ مَثَلًا. . إلَخْ صَوَابُهُ فَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى أَئِمَّةِ الْمَسْجِدِ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ تَفْصِيلِ ابْنِ زَرْقُونٍ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهَا حَبْسًا عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا إمَّا أَنْ يُوجِبَ حَقًّا لِلْإِمَامِ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 342 وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ عَنْهَا: السُّكْنَى. وَزِيدَ مَعَ الْعِتْقِ:   [منح الجليل] بَيْنَ كَوْنِهَا حَبْسًا عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا إمَّا أَنْ يُوجِبَ حَقًّا لِلْإِمَامِ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا عَلَى الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى إمَامِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ سُكْنَاهَا إلَّا بِإِجَارَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا زَوْجَتُهُ إلَّا لِتَمَامِ أَجَلِهِ كَمُكْتَرَاةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ عَقِبَهُ يُخْتَارُ الْأَوَّل وَفَرَّقَ بَيْنَ دَلَالَةِ الْمُطَابَقَةِ وَدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ وَالثَّانِيَ ظَاهِرٌ يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ وَيُضَعِّفُهُ إذَا كَانَ حَبْسُهُ مُطْلَقًا وَقُوَّتُهُ فِي الْحَبْسِ عَلَى الْإِمَامِ. اهـ. وَوَجْهُهُ مَا فِي الْمِعْيَارِ أَنَّ مَا حُبِسَ عَلَى الْمَسْجِدِ لَا يُؤَجِّرُ مِنْهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ كَالْمُؤَذِّنِ إلَّا بِمَا فَضَلَ عَنْ حُصُرِ الْمَسْجِدِ وَبِنَائِهِ وَنَحْوِهِمَا وَمَا حُبِسَ عَلَى الْإِمَامِ يَأْخُذُهُ وَحْدَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (وَلِأُمِّ وَلَدٍ يَمُوتُ) سَيِّدُهَا (عَنْهَا) أَوْ يُعْتِقُهَا (السُّكْنَى) حَقٌّ وَاجِبٌ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَيْسَ لَهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا الْحَيِّ أَوْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ إسْقَاطُهُ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَكُونُ لَهَا السُّكْنَى حَيْثُ مَاتَ السَّيِّدُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ نَقَدَ كِرَاءَهُ أَوْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَلَا يَلْزَمُهَا مَبِيتٌ فِيهِ اهـ. عب الْبُنَانِيُّ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ يَمُوتُ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ يُعْتِقُهَا هَلْ لَهَا السُّكْنَى؟ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهَا السُّكْنَى وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا سُكْنَى لَهَا وَلَا عَلَيْهَا، وَرَوَى أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهَا وَعَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إيجَابِ وَذَلِكَ أَرَى أَصْبَغَ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ لَهَا وَعَلَيْهِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى غَيْرُهُ قَوْلًا آخَرَ أَنَّ السُّكْنَى حَقٌّ لَهَا إنْ شَاءَتْ تَرَكَتْهُ وَقِيلَ تَرْكُهَا مَكْرُوهٌ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَهَا وَعَلَيْهَا، وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى قَوْلِهَا وَلِأُمِّ وَلَدٍ السُّكْنَى فِي الْحَيْضَةِ إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا مَا نَصُّهُ الشَّيْخُ إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوْ بِكِرَاءٍ نَقَدَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا مَبِيتٌ خِلَافُ قَوْلِهَا مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا أُحِبُّ لَهَا الْمُوَاعَدَةُ فِيهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَهُ قُلْت قَوْلُهُ لَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِهَا، خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ لَهَا الْمَبِيتُ فِي الْحَيْضَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مِنْ عِتْقٍ أَوْ وَفَاةٍ اهـ. وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمَوَّازِ لَهَا أَنْ تَبِيتَ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا. (وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ لِأُمِّ الْوَلَدِ عَلَى السُّكْنَى (مَعَ) تَنْجِيزِ (الْعِتْقِ) مِنْ سَيِّدِهَا لَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 343 نَفَقَةُ الْحَمْلِ: كَالْمُرْتَدَّةِ وَالْمُشْتَبِهَةِ إنْ حَصَلَتْ، وَهَلْ نَفَقَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْوَاطِئِ؟ قَوْلَانِ.   [منح الجليل] وَنَائِبُ فَاعِلِ زِيدَ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ) مِنْ سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا وَمَفْهُومُ مَعَ الْعِتْقِ أَنَّهَا لَا تُزَادُ نَفَقَةُ الْحَمْلِ مَعَ مَوْتِ سَيِّدٍ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ حَمْلَهَا وَارِثٌ مِنْ أَبِيهِ فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا بِهِ مِمَّا يَرِثُهُ مِنْ أَبِيهِ وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ السُّكْنَى وَنَفَقَةِ الْحَمْلِ فَقَالَ (كَ) الزَّوْجَةِ (الْمُرْتَدَّةِ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ زَوْجِهَا وَاسْتُتِيبَتْ فَلَمْ تَتُبْ وَأَخَّرَ قَتْلَهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَى زَوْجِهَا. (وَ) كَالْمَرْأَةِ (الْمُشْتَبِهَةِ) عَلَى وَاطِئَهَا بِحَلِيلَتِهِ وَهِيَ غَيْرُ عَالِمَةٍ بِنَوْمٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَاشْتِبَاهٍ بِحَلِيلِهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَى وَاطِئَهَا (إنْ حَمَلَتْ) مِنْ وَطْئِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ فَلَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ، (وَهَلْ نَفَقَةُ) الْمُشْتَبِهَةِ الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ (ذَاتِ الزَّوْجِ) الَّذِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) وَطْءُ الشُّبْهَةِ وَخَبَرُ نَفَقَةٍ (عَلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ مِنْ مَالِهَا مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، لِلْحُرَّةِ وَقُرْءٍ لِلْأَمَةِ (أَوْ) نَفَقَتُهَا مُدَّتَهُ (عَلَى الْوَاطِئِ) الْغَالِطِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) مَحِلُّهُمَا فِي الَّتِي لَمْ يَبْنِ بِهَا زَوْجُهَا وَأَمَّا الَّتِي بَنَى بِهَا زَوْجُهَا فَنَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا عَلَى زَوْجِهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ أَوْ حَمَلَتْ وَلَمْ يَنْفِهِ بِلِعَانٍ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ أَحْبَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْغَالِطِ بِغَيْرِ الْعَالِمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ قَوْلَانِ غ لِشُرَّاحِهِ فِي صِفَةِ الْقَوْلَيْنِ ثَلَاثُ عِبَارَاتٍ. الْأُولَى كَمَا هُنَا وَهِيَ الَّتِي فِي التَّوْضِيحِ وَمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ نُسَخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا لِغَيْرِهِمَا الثَّانِيَةُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَاطِئِ وَنَسَبَهَا ابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَوَهَّمَهُ فِيهَا الثَّالِثَةُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا وَهِيَ الَّتِي عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْقَوْلَانِ عَلَى الْأَخِيرَةِ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ وَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ فَصَوَابُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ أَوْ أَنْ يَقُولَ تَرَدُّدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ غ إذَا عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ عَلِمْت أَنَّهُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ " وَنَفَقَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَمْ يَبْنِ عَلَيْهَا لَا عَلَى زَوْجِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 344 (فَصْلٌ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ،   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي أَحْكَام وَأَقْسَام الِاسْتِبْرَاء وَمنْ يَلْزَمهُ وَالْمُوَاضَعَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] (بَابٌ) (فِي أَحْكَامِ وَأَقْسَامِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمَنْ يَلْزَمُهُ وَالْمُوَاضَعَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَهُوَ لُغَةً الِاسْتِقْصَاءُ وَالْبَحْثُ وَالْكَشْفُ عَنْ الْأَمْرِ الْعَارِضِ، وَشَرْعًا الْكَشْفُ عَنْ حَالِ الرَّحِمِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ لِحِفْظِ النَّسَبِ وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ سَبَايَا أَوْطَاسٍ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ» ، وَأَوْطَاسُ وَادٍ فِي هَوَازِنَ بِهِ كَانَتْ غَزْوَتُهُ هَوَازِنُ يَوْمَ حُنَيْنٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ) ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِبْرَاءُ مُدَّةً دَلِيلُ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَخْرُجُ الْعِدَّةُ، وَيَدْخُلُ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ وَلَوْ لِلِعَانٍ وَالْمَوْرُوثَةِ؛ لِأَنَّهُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَا لِذَاتِ الْمَوْتِ عج لَوْ أُسْقِطَ، أَوْ طَلَاقٍ لِسَلَمٍ مِنْ جَعْلِ الْقَسْمِ قَسِيمًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَافِعِ الْعِصْمَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ بِمُدَّةِ إقَامَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَوْ عِتْقِهِ مَعَ أَنَّهَا عِدَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. قَوْلُهُ وَالْمَوْرُوثَةُ يَعْنِي إذَا مَاتَ شَخْصٌ عَنْ أَمَةٍ وَانْتَقَلَتْ لِوَارِثِهِ فَلَا يَقْرَبُهَا حَيْثُ يَصِحُّ وَطْؤُهُ لَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَيْسَ هَذَا عِدَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَا لِرَفْعِ عِصْمَةِ النِّكَاحِ بِالْمَوْتِ وَأَرَادَ بِاسْتِبْرَاءِ اللِّعَانِ اسْتِبْرَاءَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بَعْدَ وَطْئِهَا لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهِ فِي لِعَانِهَا لَا مَا يَكُونُ لِفُرْقَةِ اللِّعَانِ فَإِنَّهَا عِدَّةٌ لَا اسْتِبْرَاءٌ (بِ) سَبَبِ (حُصُولِ) أَيْ تَجَدُّدِ (الْمِلْكِ) لِأَمَةٍ بِعِوَضٍ أَوْ لَا كَإِرْثٍ وَهِبَةٍ وَانْتِزَاعٍ مِنْ رَقِيقٍ وَسَبْيٍ ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي الَّتِي يُرَادُ وَطْؤُهَا أَوْ تَزْوِيجُهَا أَوْ تَكُونُ عَلِيَّةً أَوْ أَقَرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ فَفِي الْجَلَّابِ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاسْتِبْرَاءُ الْإِمَاءِ فِي الْبَيْعِ وَاجِبٌ لِحِفْظِ النَّسَبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 345 إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا وَلَمْ تَحْرُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ،   [منح الجليل] ثُمَّ قَالَ فَوَجَبَ عَلَى كُلِّ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُ أَمَةٍ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بِأَيِّ وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَعْلَمْ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا أَنْ لَا يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا رَفِيعَةً كَانَتْ أَوْ وَضِيعَةً وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَمْيِيزِ مَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْ مَاءِ الْبَائِعِ، ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ لَا تَتَوَاضَعُ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا وَهِيَ مِنْ وَخْشِ الرَّقِيقِ فَهَذِهِ لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مُشْتَرِيهَا وَطْأَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ مِمَّا لَعَلَّهَا أَحْدَثَتْهُ وَفِي الْمَعُونَةِ مَنْ وَطِئَ أَمَةً ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ بَيْعِهَا وَعَلَى مُشْتَرِيهَا اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ وَطْئِهَا اهـ. فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ، وَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ إلَّا إذَا وَطِئَ، وَكَذَلِكَ سُوءُ الظَّنِّ لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْمَالِكِ لِأَجْلِهِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَطْءَ أَوْ التَّزْوِيجَ (إنْ لَمْ تُوقَنْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَيْ تَتَيَقَّنُ وَتَعْلَمُ (الْبَرَاءَةَ) لِلْأَمَةِ الَّتِي حَصَلَ مِلْكُهَا مِنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ تَيَقَّنَتْ بَرَاءَتَهَا مِنْهُ أَيْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ وَاعْتَقَدَتْ فَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِأَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ وَحَاضَتْ ثُمَّ مَلَكَهَا، وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا مُودِعُهَا أَوْ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا قَبْلَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهَا (وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مُبَاحًا) لِمَنْ حَصَلَ لَهُ مِلْكُهَا فَإِنْ كَانَ وَطْؤُهَا مُبَاحًا لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا كَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَالْمُرَادُ مُبَاحٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَدْ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَاسْتَحَقَّتْ مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا مِنْ مُسْتَحِقِّهَا فَهَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى وَطْئِهَا أَوْ يَسْتَبْرِئُهَا فَأَجَابَ لَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا. اهـ. أَيْ لِأَنَّ الْوَطْءَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. (وَلَمْ تَحْرُمْ) الْأَمَةُ عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ مِلْكُهَا (فِي الْمُسْتَقْبَلِ) فَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا كَمَنْ مَلَكَ مُحَرَّمَةً بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ فَلَيْسَ لِمَنْ مَلَكَهَا وَطْؤُهَا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهَا فَإِنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا فَلَا يَطَؤُهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 346 وَإِنْ صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ، أَوْ كَبِيرَةً: لَا تَحْمِلَانِ عَادَةً أَوْ وَخْشًا، أَوْ بِكْرًا أَوْ رَجَعَتْ مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ، أَوْ غُنِمَتْ أَوْ اُشْتُرِيَتْ وَلَوْ مُتَزَوِّجَةً وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ:   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ إنَّمَا يَجِبُ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَطْءِ فَإِنْ قِيلَ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِتَزْوِيجِهَا قِيلَ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يُخْبِرَهُ الْبَائِعُ بِاسْتِبْرَائِهَا فَذِكْرُهُمْ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَيَجِبُ اسْتِبْرَاءُ مُسْتَوْفِيَةِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ إنْ كَانَتْ بَالِغَةً تَحْمِلُ عَادَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (صَغِيرَةً أَطَاقَتْ الْوَطْءَ) كَبِنْتِ تِسْعِ سِنِينَ بِتَقْدِيمِ التَّاءِ، وَنَصَّ الْمُتَيْطِيُّ عَلَى أَنَّ بِنْتَ ثَمَانٍ لَا تُطِيقُهُ وَعَقَدَ فِيهَا وَثِيقَةً قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (أَوْ كَبِيرَةً لَا تَحْمِلَانِ) أَيْ الصَّغِيرَةُ الْمُطِيقَةُ وَالْكَبِيرَةُ (عَادَةً) كَبِنْتِ سِتِّينَ سَنَةً (أَوْ) كَانَتْ (وَخْشًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَيْرَ جَمِيلَةٍ شَأْنُهَا تُقْتَنَى لِلْخِدْمَةِ لَا لِلْوَطْءِ (أَوْ) كَانَتْ (بِكْرًا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَذْرَاءَ لِإِمْكَانِ وَطْئِهَا دُونَ الْبَكَارَةِ وَحَمْلِهَا مَعَ بَقَائِهَا (أَوْ رَجَعَتْ) الْأَمَةُ لِمَالِكِهَا (مِنْ غَصْبٍ أَوْ سَبْيٍ) مِنْ بَالِغٍ غَابَ عَلَيْهَا غَيْبَةً يُمْكِنُهُ وَطْؤُهَا فِيهَا فَلَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا. وَفِي نَظْمِ الْمُصَنِّفِ هَاتَيْنِ فِي مِلْكِ حُصُولِ الْمِلْكِ تَجُوزُ إذْ لَمْ تَخْرُجْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ مَالِكِهَا (أَوْ غُنِمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ سُبِيَتْ الْأَمَةُ مِنْ الْكُفَّارِ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى سَابِيهَا (أَوْ اُشْتُرِيَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأَمَةُ، وَذَكَرَهُ وَإِنْ دَخَلَ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَوْ) كَانَتْ وَقْتَ شِرَائِهَا (مُتَزَوِّجَةً) بِغَيْرِ مُشْتَرِيهَا وَوَاوُهُ لِلْحَالِ وَلَوْ صِلَةً (وَطَلُقَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا الْأَمَةُ بَعْدَ شِرَائِهَا وَ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) مِنْ زَوْجِهَا بِهَا فَيَجِبُ عَلَى مُشْتَرِيهَا اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ وَطْئِهَا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَرُجِّحَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ لَحِقَ بِالزَّوْجِ وَبِأَنَّ الزَّوْجَ يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِ سَيِّدِهَا اسْتَبْرَأْتهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 347 كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ وَقُبِلَ قَوْلُ سَيِّدِهَا وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ مُدَّعِيهِ: تَزْوِيجُهَا قَبْلَهُ وَاتِّفَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ، وَكَالْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ   [منح الجليل] وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ وَلَوْ، وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ (كَ) الْأَمَةِ (الْمَوْطُوءَةِ) مِنْ سَيِّدِهَا الْبَالِغِ الْحُرِّ (إنْ بِيعَتْ) أَيْ أَرَادَ سَيِّدُهَا بَيْعَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ مَائِهِ بِحَيْضَةٍ (أَوْ زُوِّجَتْ) بِضَمِّ الزَّايِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ أَرَادَ سَيِّدُهَا تَزْوِيجَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ مَائِهِ بِحَيْضَةٍ وَمَفْهُومُ الْمَوْطُوءَةِ أَنَّ غَيْرَهَا لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِبَيْعِهَا وَلَوْ زَنَتْ وَلَا لِتَزْوِيجِهَا إلَّا أَنْ تَزْنِيَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، (وَقُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُ سَيِّدِهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِزَوْجِهَا عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا لَهُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ وَيَطَؤُهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ (وَجَازَ لِ) لِشَخْصِ (الْمُشْتَرِي) الْأَمَةَ (مِنْ) مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءَ قَبْلَ بَيْعِهَا وَفَاعِلُ جَازَ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِغَيْرِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ اعْتِمَادًا عَلَى أَخْبَارِ الْبَائِعِ، وَكَذَا بَيْعُهَا وَيَجُوزُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) جَازَ (اتِّفَاقُ الْبَائِعِ) لِمَوْطُوءَتِهِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ (وَالْمُشْتَرِي) لَهَا (عَلَى) اسْتِبْرَاءٍ (وَاحِدٍ) لِحُصُولِ غَرَضِهِمَا بِهِ، وَمَعْنَاهُ وَضْعُهَا عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى تَحِيضَ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قُلْت إنْ وَضَعَتْ قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَدْ فَعَلَ الْبَائِعُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ وَضَعَتْ بَعْدَهُ فَالْعَكْسُ. قُلْت لَعَلَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْقَاعِدَتَيْنِ لِوُجُودِ الْمُوَاضَعَةِ فِيهَا اهـ. عب الْبُنَانِيُّ الْمُتَبَادَرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَقَطْ فَلَا تَتَكَرَّرُ مَعَهُ الْمُوَاضَعَةُ الْآتِيَةُ، وَعَطَفَ عَلَى كَالْمَوْطُوءَةِ إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ فَقَالَ (وَكَ) الْأَمَةِ (الْمَوْطُوءَةِ بِاشْتِبَاهٍ) عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهَا بِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ صَبِيٍّ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى سَيِّدِهَا قَبْلَ وَطْئِهِ إيَّاهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا لِغَيْرِهِ بِحَيْضَةٍ، وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُهُ حَيْثُ كَانَ سَيِّدُهَا مُسْتَرْسِلًا عَلَيْهَا بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ وَلَدُهَا لَا حَقَّ فِيهِ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطَأْهَا سَيِّدُهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 348 أَوْ سَاءَ الظَّنُّ: كَمَنْ عِنْدَهُ تَخْرُجُ، أَوْ لِكَغَائِبٍ، أَوْ مَجْبُوبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ عَجَزَتْ أَوْ أَبْضَعَ فِيهَا وَأَرْسَلَهَا مَعَ غَيْرِهِ وَبِمَوْتِ سَيِّدٍ، وَإِنْ اُسْتُبْرِئَتْ   [منح الجليل] وَبِأَنَّ فَائِدَتَهُ تَظْهَرُ فِي رَمْيِهِ بِأَنَّهُ ابْنُ شُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَلْحَقُ بِهِ فَلَا يُحَدُّ رَامِيهِ وَإِلَّا حُدَّ وَمَحَلُّ وُجُوبِ اسْتِبْرَائِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَنَحْوِهِ (أَوْ سُوءِ الظَّنِّ) مِنْ السَّيِّدِ بِأَمَتِهِ بِأَنَّهَا زَنَتْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا عَطَفَ عَلَى مَعْنًى بِحُصُولِ الْمِلْكِ أَيْ حَصَلَ الْمِلْكُ أَوْ سَاءَ الظَّنُّ (كَمَنْ عِنْدَهُ أَمَةٌ) مُودَعَةٌ أَوْ مَرْهُونَةٌ حَالَ كَوْنِهَا (تَخْرُجُ) مِنْ بَيْتِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَاتِ أَوْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مُودِعُهَا ثُمَّ انْتَقَلَ مِلْكُهَا لِمَنْ هِيَ مُودَعَةً أَوْ مَرْهُونَةً عِنْدَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا لَا إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا (أَوْ) كَانَتْ الْأَمَةُ (لِكَغَائِبٍ) عَنْ الْبَلَدِ الَّذِي هِيَ بِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا عَادَةً فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُهَا، (أَوْ) كَانَتْ لِ (مَجْبُوبٍ) فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَى مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ مِلْكُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَتَزْوِيجَهَا لَا بَيْعَهَا، وَكَذَا مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهُمْ عَنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ خَالَفَهُ أَشْهَبُ. (وَ) أَمَةٍ (مُكَاتَبَةٍ) سَعَتْ فِي تَحْصِيلِ نُجُومِ كِتَابَتِهَا (ثُمَّ عَجَزَتْ) فَيَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَتَزْوِيجَهَا لَا إنْ أَرَادَ بَيْعَهَا، (أَوْ أَبْضَعَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ دَفَعَ السَّيِّدُ بِضَاعَةً عَرْضًا أَوْ نَقْدًا لِأَمِينٍ (فِي) شِرَاءِ (هَا) أَيْ الْأَمَةِ مِنْ بَلَدٍ آخَرَ أَرَادَ الْأَمِينُ السَّفَرَ إلَيْهِ لِنَحْوِ تِجَارَةٍ فَاشْتَرَاهَا الْأَمِينُ (وَأَرْسَلَهَا) أَيْ الْأَمِينُ الْأَمَةَ لِمُوَكِّلِهِ (مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ الْأَمِينِ بِلَا إذْنِ الْمُوَكِّلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا، وَلَوْ أَخْبَرَهُ مَنْ أُرْسِلَتْ مَعَهُ بِحَيْضِهَا فِي الطَّرِيقِ كَفَاهُ فِي اسْتِبْرَائِهَا. (وَ) يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ (بِ) سَبَبِ (مَوْتِ سَيِّدٍ) لَهَا بَالِغٍ عَلَى وَارِثِهِ إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَهُ، وَإِنْ أَرَادَ الْوَارِثُ وَطْأَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا وَإِنْ لَمْ تُسْتَبْرَأْ أَوْ تَتِمَّ عِدَّتُهَا فِي حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قَدْ (اُسْتُبْرِئَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 349 أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَبِالْعِتْقِ وَاسْتَأْنَفَتْ إنْ اُسْتُبْرِئَتْ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ   [منح الجليل] قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا (أَوْ) كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً وَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا وَ (انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا، وَحَلَّتْ لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَجِبُ عَلَى وَارِثِهِ اسْتِبْرَاؤُهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَطِئَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ فِي عِصْمَةِ زَوْجِهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا (وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِ) سَبَبِ (الْعِتْقِ) لِأَمَةٍ بِحَيْضَةٍ إنْ أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَ مُعْتِقِهَا إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مُعْتِقُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا، وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ عِدَّةِ زَوْجٍ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ وَلِمُعْتِقِهَا تَزَوُّجُهَا بِدُونِ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا لَا إنْ أَعْتَقَهَا عَقِبَ شِرَائِهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا. (وَ) إنْ وُطِئَتْ أُمُّ وَلَدٍ بِكَاشْتِبَاهٍ وَاسْتُبْرِئَتْ مِنْهُ أَوْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَاعْتَدَّتْ ثُمَّ نُجِزَ عِتْقُهَا أَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا (اسْتَأْنَفَتْ) أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ إنْ نَجَزَ سَيِّدُهَا عِتْقَهَا أَوْ مَاتَ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (إنْ) كَانَتْ (اُسْتُبْرِئَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا فَلَا يَكْفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ وَلَا الْعِدَّةُ قَبْلَهُ، (أَوْ غَابَ) سَيِّدُهَا عَنْهَا فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مُدَّةً تَحِيضُ فِيهَا عَادَةً وَ (عُلِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (أَنَّهُ) أَوْ السَّيِّدُ (لَمْ يَقْدَمْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالدَّالِ بَيْنَهُمَا قَافٌ سَاكِنَةٌ عَلَيْهَا مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ خُفْيَةً أَوْ كَانَ مَسْجُونًا حَتَّى نُجِزَ عِتْقُهَا، أَوْ مَاتَ وَتَنَازَعَ اسْتَأْنَفَ وَاسْتُبْرِئَ فِي قَوْلِهِ (أُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ الْأَمَةُ الْحُرُّ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهَا فَتَكْتَفِي بِالِاسْتِبْرَاءِ أَوْ الِاعْتِدَادِ السَّابِقِ عَلَى عِتْقِهَا فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهَا إذَا أَرْسَلَ بِعِتْقِهَا أَوْ مَاتَ فِيهَا لَا فِي مَوْتِهِ حَاضِرًا فَتَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ لِتُجَدِّدَ الْمِلْكَ كَأُمِّ الْوَلَدِ فَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاسْتَأْنَفَتْ أَيْ الْقِنُّ وَأُمُّ الْوَلَدِ الِاسْتِبْرَاءَ فِي الْمَوْتِ مَعًا وَلَوْ كَانَ غَائِبًا إلَّا غَيْبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ إلَّا غَيْبَةً إلَخْ. وَفِي مَعْنَى الْغَيْبَةِ الَّتِي عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ مِنْهَا إذَا كَانَ مَسْجُونًا وَمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ فِي الْأَمَةِ، وَأَمَّا فِي أُمِّ الْوَلَدِ فَمُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَهِيَ فِي أَوَّلِ دَمِ حَيْضَتِهَا أَوْ غَابَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 350 بِحَيْضَةٍ. وَإِنْ تَأَخَّرَتْ، أَوْ أَرْضَعَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ، فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ: كَالصَّغِيرَةِ،   [منح الجليل] عَنْهَا فَحَاضَتْ بَعْدَهُ كَثِيرًا ثُمَّ مَاتَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ اسْتِئْنَافِ حَيْضَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهَا عِدَّةٌ. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ حَيْضَةِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ عِدَّةً أَوْ اسْتِبْرَاءً قَوْلُ الْمَشْهُورِ. وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ الْقَاضِي وَابْنِ زَرْقُونٍ عَنْ إحْدَى رِوَايَتِهَا لَيْسَ إنْكَاحُهَا فِيهَا نِكَاحَ عِدَّةٍ يَحْرُمُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا الْمَبِيتُ فِيهَا بِغَيْرِ بَيْتِهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أُمِّ الْوَلَدِ وَغَيْرِهَا فِي حَالَةِ الْعِتْقِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ فِرَاشٌ لِسَيِّدِهَا فَالْحَيْضَةُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ لِلْحُرَّةِ فَكَمَا أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةً بَعْدَ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْقِنِّ وَلَوْ زَادَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ فَقَطْ مَا نَصُّهُ كَغَيْرِهَا إنْ مَاتَ عَنْهَا فَقَطْ لَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ وَبِمَوْتِ سَيِّدٍ شَامِلٌ لِلْأَمَةِ أَيْ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِتُسَاوِيهِمَا فِيهِ فِي وُجُوبِ الْحَيْضَةِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْعِتْقِ فَالْقِنُّ إذَا اُسْتُبْرِئَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فِيهِمَا وَصِلَةُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ قَوْلِهِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (بِحَيْضَةٍ) فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ إلَى هُنَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُمْكِنُ حَيْضُهَا، وَأَتَتْ فِي وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لِلنِّسَاءِ كَحَيْضِهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً بَلْ، (وَإِنْ تَأَخَّرَتْ) الْحَيْضَةُ لِقِنٍّ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ بِلَا سَبَبٍ عَنْ وَقْتِهَا الْمُعْتَادِ لِلنِّسَاءِ كَالشَّهْرِ. فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً فَاسْتِبْرَاؤُهَا حَيْضَةٌ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا الْحَيْضَ بَعْدَ ثَلَاثٍ إلَى تِسْعَةٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِالِاكْتِفَاءِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَقَوْلٌ لَا بُدَّ مِنْ الْحَيْضَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا تَأَخُّرَهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَاسْتِبْرَاؤُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَمَنْ لَا تَحِيضُ إلَّا لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ فِي كَوْنِهَا ثَلَاثَةً أَوْ حَيْضَتُهَا سَمَاعَا عِيسَى وَيَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ لَا تَحِيضُ إلَّا لِأَكْثَرِ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَثَلَاثَةٌ فَقَطْ (أَوْ) تَأَخَّرَ لِسَبَبٍ بِأَنْ (أَرْضَعَتْ أَوْ مَرِضَتْ) الْأَمَةُ فَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (أَوْ اُسْتُحِيضَتْ) الْأَمَةُ (وَلَمْ تُمَيِّزْ) الْأَمَةُ دَمَ الْحَيْضِ مِنْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَجَوَابُ وَإِنْ تَأَخَّرَ إلَخْ (فَ) اسْتِبْرَاؤُهَا فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ (ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِ سَبَبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثَةِ الْأَشْهُرِ فَقَالَ (كَ) الْأَمَةِ (الصَّغِيرَةِ) الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 351 وَالْيَائِسَةِ، وَنَظَرَ النِّسَاءُ. فَإِنْ ارْتَبْنَ؛ فَتِسْعَةٌ وَبِالْوَضْعِ: كَالْعِدَّةِ وَحَرُمَ فِي زَمَنِهِ: الِاسْتِمْتَاعُ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ، أَوْ حَاضَتْ تَحْتَ يَدِهِ: كَمُودَعَةٍ   [منح الجليل] وَ) الْأَمَةِ (الْيَائِسَةِ) مِنْ الْحَيْضِ عَادَةً كَبِنْتِ سِتِّينَ سَنَةً فَاسْتِبْرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (وَنَظَرَ النِّسَاءُ) فِيمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَرَضٍ وَفِي الْمُسْتَحَاضَةِ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِمَّنْ تَحِيضُ فَاسْتُحِيضَتْ أَوْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ غَانِمٍ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ تُجْزِئُ إذَا نَظَرَ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَلَمْ يَجِدْنَ بِهَا حَمْلًا (فَإِنْ ارْتَبْنَ) أَيْ شَكَّ النِّسَاءُ فِي حَمْلِهَا (فَ) اسْتِبْرَاؤُهَا (تِسْعَةٌ) مِنْ الْأَشْهُرِ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ ارْتَابَتْ بِحَسِّ بَطْنٍ فَتِسْعَةٌ اتِّفَاقًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهَا إنْ زَالَتْ رَيْبَتُهَا قَبْلَهَا حَلَّتْ وَإِنْ بَقِيَتْ فَلَا تَحِلُّ فَالتِّسْعَةُ لَغْوٌ فَأَجَابَ ابْنُ مَنَاسٍ بِأَنَّ التِّسْعَةَ مَعَ بَقَائِهَا دُونَ زِيَادَةٍ تُحِلُّهَا، وَإِنَّمَا لَغْوُهَا إذَا ذَهَبَتْ الرِّيبَةُ أَوْ زَادَتْ وَقَبِلُوهُ وَابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ إنْ زَادَتْ بَقِيَتْ لِأَقْصَى الْحَمْلِ (وَ) اُسْتُبْرِئَتْ الْحَامِلُ (بِالْوَضْعِ) لِجَمِيعِ حَمْلِهَا وَإِنْ دَمًا اجْتَمَعَ (كَالْعِدَّةِ) فِي اشْتِرَاطِ وَضْعِهِ كُلِّهِ وَالْمُكْثِ لِأَقْصَى أَمَدِهِ إنْ ارْتَابَتْ بِهِ، وَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا لَا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ لَاحِقًا أَوْ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ. (وَحَرُمَ) عَلَى مَنْ مَلَكَ أَمَةً وَوَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا (فِي زَمَنِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ مُتَعَلِّقُهُ (الِاسْتِمْتَاعُ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَطْءٌ وَقُبْلَةٌ وَمُبَاشَرَةٌ وَخَلْوَةٌ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا رَائِعَةً أَوْ وَخْشًا مَسْبِيَّةً أَوْ غَيْرَهَا حَامِلًا مِنْ زِنًا أَوْ غَيْرِهِ شَابًّا أَوْ شَيْخًا هَذَا فِيمَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهَا، وَأَمَّا أَمَتُهُ الْحَامِلُ مِنْهُ حَمْلًا بَيِّنًا إذَا زَنَتْ أَوْ غُصِبَتْ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا. (وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ) الْأَمَةُ الَّتِي انْتَقَلَ مِلْكُهَا (الْوَطْءَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ أَطَاقَتْ الْوَطْءَ (أَوْ) أَطَاقَتْهُ وَ (حَاضَتْ) وَهِيَ (تَحْتَ يَدِهِ) أَيْ مَنْ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ (كَمُودَعَةٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ عِنْدَهُ وَمَرْهُونَةٍ عِنْدَهُ وَأَمَةِ زَوْجَتِهِ وَشَرِيكِهِ وَوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ انْتَقَلَ مِلْكُهَا إلَيْهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا إنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 352 وَمَبِيعَةٍ بِالْخِيَارِ، وَلَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَ وَتَزَوَّجَ   [منح الجليل] لَمْ تَخْرُجْ وَلَمْ يَلِجْ عَلَيْهَا سَيِّدُهَا الْبَالِغُ، وَهَذَا مَفْهُومُ إنْ لَمْ تُوقَنْ الْبَرَاءَةُ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَةَ الْمُودَعَةَ إذَا رُدَّتْ لِمُودِعِهَا بِالْكَسْرِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ وَطْئِهَا، وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ رَهَنَ جَارِيَتَهُ أَوْ أَوْدَعَهَا فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا إذَا ارْتَجَعَهَا، وَلَوْ ابْتَاعَهَا مِنْهُ الْمُودِعُ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ عِنْدَهُ أَجْزَأَهُ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ وَلَوْ كَانَتْ تَخْرُجُ لِلسُّوقِ لَمْ يُجْزِهِ. (وَ) لَا اسْتِبْرَاءَ فِي أَمَةٍ (مَبِيعَةٍ بِ) شَرْطِ (الْخِيَارِ) لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لَهُمَا مَعًا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي وَحَاضَتْ عِنْدَهُ وَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ أَوْ مَضَى زَمَنُهُ وَهِيَ بِيَدِهِ أَوْ مُشْتَرَاةٌ مِنْ فُضُولِيٍّ وَأَمْضَى رَبُّهَا بَيْعَهَا بَعْدَ حَيْضِهَا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا (وَلَمْ تَخْرُجْ) الْأَمَةُ مِنْ بَيْتِ الْمُشْتَرِي لِلسُّوقِ، (وَلَمْ يَلِجْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ لَمْ يَدْخُلْ (عَلَيْهَا سَيِّدُهَا) دُخُولًا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا مِنْهُ فِيهِ فِي أَيَّامِ الْإِيدَاعِ أَوْ الْخِيَارِ فَإِنْ كَانَتْ تَخْرُجُ أَوْ يَلِجُ سَيِّدُهَا عَلَيْهَا فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا لِسُوءِ الظَّنِّ بِهَا. ، وَإِذَا رَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ جَازَ لِبَائِعِهَا وَطْؤُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِبْرَاءُ وَسَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ وَيُسْتَحْسَنُ إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ وَأُطْلِقَ فِي الْمُودَعَةِ وَالْمَرْهُونَةِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْمُودِعُ وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرَ أَمِينٍ وَجَبَ فِي غَيْرِ الْوَخْشِ، وَإِلَّا سَقَطَ إنْ كَانَ ذَا أَهْلٍ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ مَبِيعَةٍ بِخِيَارٍ بِأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ إذَا حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهُوَ كَمَا أَشْعَرَ فَتَأْتَنِفُ حَيْضَةً بَعْدَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ الْإِشْهَادِ فَإِنْ لَمْ يَحْبِسْهَا الْبَائِعُ وَمُكِّنَ الْمُشْتَرِي مِنْهَا فَتَرَكَهَا، وَذَهَبَ لِيَأْتِيَهُ بِثَمَنِهَا فَحَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَيَكْتَفِي الْمُشْتَرِي بِهَا. (أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى السَّيِّدِ إنْ (أَعْتَقَ) أَمَتَهُ الَّتِي كَانَ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَمَا مَلَكَهَا وَوَطِئَهَا (وَتَزَوَّجَ) هَا بَعْدَ عِتْقِهَا، وَهَذَا مُحْتَرَزُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا وَلَكِنْ فِي هَذِهِ لَمْ يَحْصُلْ مِلْكٌ بَلْ زَالَ وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلًا آخَرَ بِالِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ أَرَهُ وَهُوَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 353 أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ، وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنْ بَاعَ الْمُشْتَرَاةَ وَقَدْ دَخَلَ،   [منح الجليل] أَظْهَرُ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ وَلَدِهِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ نَفْيُهُ إلَى لِعَانٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَوَلَدُهُ مَنْ وَطِئَ النِّكَاحَ الْمُتَوَقِّفَ نَفْيُهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا أَبُو الْحَسَنِ لَمَّا عَلَّلَ عَدَمَ اسْتِبْرَاءِ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ مَا نَصُّهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ فَائِدَةٌ فِي تَمْيِيزِهَا النِّكَاحَ مِنْ مَاءِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِي النِّكَاحِ لَا يَنْتَفِي إلَّا بِلِعَانٍ وَفِي الْمِلْكِ يَنْتَفِي بِدُونِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلِأَنَّهُ اخْتَلَفَ إذَا اشْتَرَاهَا حَامِلًا هَلْ تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَمْ لَا وَعَزَاهُ لِبَعْضِ نُسَخِ الْجَلَّابِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَأَمَّا إنْ مَلَكَهَا وَأَعْتَقَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا. (أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ (اشْتَرَى) الزَّوْجُ (زَوْجَتَهُ) الرَّقِيقَةَ لِغَيْرِهِ وَانْفَسَخَ نِكَاحُهُ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْمِلْكِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ وَلَمْ يَكُنْ وَطْؤُهَا مُبَاحًا أَيْضًا، هَذَا إذَا اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ اشْتَرَاهَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) ، وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءُ زَوْجَتِهِ بَعْدَ شِرَائِهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَكِنَّهُ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ تَنْبِيهًا بِالْأَشَدِّ عَلَى الْأَخَفِّ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ فَائِدَتَهُ بَعْدَهُ ظُهُورُ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ الْمِلْكِ فَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ اتِّفَاقًا وَمِنْ وَطْءِ النِّكَاحِ فَتَصِيرُ مُخْتَلَفًا فِي كَوْنِهَا صَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لَا. " غ " فِيهَا مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا عِيَاضٌ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا يَسْتَبْرِئُهَا ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ الْيَوْمَ حَلَالًا وَغَدًا حَرَامًا لَا يَزِيدُ اسْتِبْرَاؤُهَا إلَّا خَيْرًا. أَبُو الْحَسَنِ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ إنَّهَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ حَلَالًا بِالنِّكَاحِ الَّذِي هُوَ أَوْسَعُ مِنْ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ مُصَدَّقَةً وَالْمِلْكُ أَضْيَقُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ فِي حَيْضِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ الْمَدْخُولَ بِهَا. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يَحْسُنُ قَوْلُهُ وَإِنْ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَهُ أَحْرَى عِنْدَ ابْنِ كِنَانَةَ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ إلَخْ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ فَهْمِ ابْنِ عَرَفَةَ. الْبُنَانِيُّ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (فَإِنْ بَاعَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ (الْمُشْتَرَاةَ) لَهُ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (قَدْ دَخَلَ) بِهَا قَبْلَ شِرَائِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 354 أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ مَاتَ، أَوْ عَجَزَ الْمَكَاتِبُ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ، لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدٍ وَلَا زَوْجٍ إلَّا بِقُرْأَيْنِ: عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ وَبَعْدَهُ بِحَيْضَةٍ:   [منح الجليل] وَانْفَسَخَ نِكَاحُهَا وَلَزِمَهَا قُرْءَانِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَتَجَدَّدَ عَلَيْهَا مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي مُوجِبٌ لِاسْتِبْرَائِهَا بِقُرْءٍ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِهِمَا، وَمَفْهُومُ قَدْ دَخَلَ بِهَا أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهَا قَبْلَهُ وَبَاعَهَا فَتَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي بِقُرْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا تَزْوِيجُهَا إذْ فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَهُ لَا يُوجِبُ عِدَّةً (أَوْ أَعْتَقَ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا فَلَا تَحِلُّ لِزَوْجٍ غَيْرِ مُشْتَرِيهَا إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ. (أَوْ مَاتَ) الزَّوْجُ الَّذِي اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا فَلَا تَحِلُّ لِوَارِثِهِ أَوْ مَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ (أَوْ عَجَزَ) الزَّوْجُ (الْمُكَاتَبُ) الَّذِي اشْتَرَى زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَتِهِ وَانْتَزَعَهَا سَيِّدُهُ مِنْهُ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَلَا لِمَنْ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا مِنْهُ إلَّا بِقُرْأَيْنِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَقَدْ تَنَازَعَ بَاعَ وَأَعْتَقَ وَمَاتَ وَعَجَزَ فِي قَوْلٍ (قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَّلَ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ فِي الْجَمِيعِ وَلِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ لِانْهِدَامِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ بِوَطْءِ الْمِلْكِ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَجَوَابُ إنْ بَاعَ إلَخْ (لَمْ تَحِلَّ) الْأَمَةُ الَّتِي بَاعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ انْتَزَعَهَا سَيِّدُهُ (لِسَيِّدٍ) اشْتَرَاهَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ أَوْ وَرِثَهَا فِي الْمَوْتِ أَوْ انْتَزَعَهَا فِي الْعَجْزِ. (وَلَا) تَحِلُّ لِ (زَوْجٍ) أَرَادَ تَزَوُّجَهَا فِي الْجَمِيعِ (إلَّا بِقُرْأَيْنِ) أَيْ طُهْرَيْنِ (عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ) بِشِرَاءِ الزَّوْجِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَقَالَ (وَ) إنْ بَاعَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْمُشْتَرَاةَ الْمَدْخُولَ بِهَا أَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ انْتَزَعَهَا سَيِّدُهُ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ (بَعْدَهُ) أَيْ وَطْءِ الْمِلْكِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالزَّوْجِ فِي الْجَمِيعِ (بِحَيْضَةٍ) وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْمِلْكِ هَدَمَ عِدَّةَ فَسْخِ النِّكَاحِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَأَرَادَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 355 كَحُصُولِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ أَوْ حَصَلَتْ فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ، وَهَلْ إلَّا أَنْ تَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ أَوْ أَكْثَرُهَا؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] بَيْعَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَهُ، وَيَجُوزُ اتِّفَاقُهُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَبَّهَ فِي حِلِّهَا لِمَنْ ذَكَرَ بِحَيْضَةٍ فَقَالَ (كَحُصُولِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالْمَوْتِ وَالِانْتِزَاعِ بَعْدَ الْعَجْزِ (بَعْدَ حَيْضَةٍ) بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فَتَحِلُّ لِمَنْ ذُكِرَ بِحَيْضَةٍ ثَانِيَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَتِمُّ عِدَّةُ فَسْخِ النِّكَاحِ (أَوْ) حُصُولُ مَا ذُكِرَ بَعْدَ (حَيْضَتَيْنِ) بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ وَطْءِ الْمِلْكِ فَتَحِلُّ لِمَنْ ذُكِرَ بِحَيْضَةٍ لِتَمَامِ عِدَّةِ فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْحَيْضَتَيْنِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ، وَأَمَّا فِيهِ بِأَنْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ حَيْضَتَيْنِ فَتَحِلُّ لِلزَّوْجِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ إلَّا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ وَهَذَا فِي الْقِنِّ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ عِتْقَهَا يُوجِبُ اسْتِبْرَاءَهَا مُطْلَقًا فِي قَوْلِهِ وَاسْتَأْنَفَتْ أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ، فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ (حَصَلَتْ) أَسْبَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ حُصُولِ الْمِلْكِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ (فِي أَوَّلِ الْحَيْضِ) لِلْأَمَةِ فَتَكْتَفِي بِهِ غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ (وَهَلْ) اكْتِفَاؤُهَا بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَمْضِيَ) مِنْ الْحَيْضِ قَبْلَ حُصُولِ مُوجِبِ الِاسْتِبْرَاءِ (حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ قَدْرَ مَا يَكْفِي فِيهَا وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ الَّذِي لَهُ بَالٌ (أَوْ) إلَّا أَنْ يَمْضِيَ (أَكْثَرُهَا) أَيْ الْحَيْضَةِ الْمُعْتَادَةِ لِلْأَمَةِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِأَكْثَرِهَا أَكْثَرُهَا انْدِفَاعًا، وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ أَوْ أَكْثَرُهَا أَيَّامًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءِ أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَابَلَهُمَا هَكَذَا، وَإِنَّمَا هَذَا لِمُحَمَّدٍ قَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ خَارِجًا عَنْهُمَا ابْنُ شَاسٍ. وَإِنْ بِيعَتْ وَهِيَ فِي أَوَّلِ حَيْضِهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لَهَا، وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الذَّاهِبُ مِنْ الْحَيْضِ قَدْرَ حَيْضَةٍ يَصِحُّ بِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 356 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الِاسْتِبْرَاءُ، وَصَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي ضَيْح تَفْرِيعًا عَلَى هَذَا الْقَيْدِ بِأَنَّهُ إذَا مَضَى قَدْرُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ لَا يُجْزِي الْبَاقِي وَلَوْ أَكْثَرَ بِأَنْ اعْتَادَتْ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَمَلَكَتْ بَعْدَ خَمْسَةِ أَوْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا تَكْتَفِي بِبَقِيَّةِ هَذَا الدَّمِ لِتَقَدُّمِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ، وَأَمَّا التَّأْوِيلَانِ فَأَشَارَ لَهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ بِقَوْلِهِمَا مَا اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ فَحَكَى ابْنُ الْعَطَّارِ أَنَّ ابْنَ مَنَاسٍ قَالَ عِظَمُ الْحَيْضَةِ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِيهِمَا أَكْثَرُ انْدِفَاعًا وَلَا عِبْرَةَ بِكَثْرَةِ عَدَدِ الْأَيَّامِ وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرَاعَاةُ كَثْرَةِ عَدَدِ الْأَيَّامِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اعْتِبَارِ الْعِظَمِ بِكَثْرَةِ انْدِفَاعِ الدَّمِ وَهُوَ دَمُ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا بِمَا بَعْدَهُمَا، وَإِنْ كَثُرَتْ أَيَّامُهُ أَوْ بِكَثْرَتِهَا قَوْلَا ابْنِ مَنَاسٍ وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اهـ. فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ هَذَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ وَنَصُّهُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْبَيْعِ مَا يَسْتَقِلُّ حَيْضًا كَفَى مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلَا نَصَّ إنْ تَسَاوَيَا، وَمَفْهُومَاهُ مُتَعَارِضَانِ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ لَغْوُهُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ إنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَيْضِهَا إلَّا يَوْمَانِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُ مَا يُعْرَفُ أَنَّهَا حَيْضَةٌ أَجْزَأَهُ اهـ. فَصَرَّحَ مُحَمَّدٌ بِأَنَّ الْيَوْمَيْنِ لَيْسَا بِحَيْضَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ بِأَنَّهَا يَوْمٌ إلَخْ، وَإِنْ أَشَارَ لَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَجَمْعٌ مِنْ الشَّارِحِينَ؛ لِأَنَّ كَوْنَهَا يَوْمًا إلَخْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَهَذَا كَلَامُ مُحَمَّدٍ فَلَا يُفَسَّرُ كَلَامُهُ بِكَلَامِهَا وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِخِلَافِهَا وَبِمَا حَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَابْنِ غَازِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِجَعْلِهِمْ أَحَدَ التَّأْوِيلَيْنِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَالْآخَرِ قَوْلَ ابْنِ مَنَاسٍ وَتَرْكِهِمْ تَأْوِيلَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمُقَابِلُ لِتَأْوِيلِ ابْنِ مَنَاسٍ، كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ الْمُتَقَابِلَانِ اللَّذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ قَوْلُ ابْنِ مَنَاسٍ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَلَامُ مُحَمَّدٍ خَارِجٌ عَنْهُمَا وَإِنْ كَانَ تَأْوِيلًا؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 357 أَوْ اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ ثُمَّ وَطِئَهَا، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ   [منح الجليل] لِلْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ لَمْ يُقَابِلُوهُ بِتَأْوِيلِ ابْنِ مَنَاسٍ إذْ هُوَ يُجَامِعُهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ مُضِيِّ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ مُضِيُّ أَكْثَرِهَا انْدِفَاعًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُضِيِّ أَكْثَرِهَا انْدِفَاعًا وَهُوَ الْيَوْمَانِ الْأَوَّلَانِ مُضِيُّ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا فِي قَوْلِهَا أَوَّلَ الدَّمِ، وَإِنَّمَا هُمَا فِي مُضِيِّ عِظَمِ الْحَيْضَةِ. أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ مَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ طفي وَجَدَهُ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسِبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءَ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَذَلِكَ أَنَّ طفي اعْتَرَفَ آخِرًا بِأَنَّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ تَأْوِيلٌ لَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَمْضِيَ حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ نَصٌّ فِيهِ، وَأَنَّهُ نَفْسَهُ عَلَى نَقْلِ الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَكْثَرُهَا مُقَابِلٌ لَهُ شَامِلٌ لِتَأْوِيلِ ابْنِ مَنَاسٍ بِحَمْلِ الْأَكْثَرِ عَلَى أَكْثَرِهَا انْدِفَاعًا وَتَأْوِيلِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِحَمْلِهِ عَلَى أَكْثَرِهَا مُدَّةً كَمَا شُرِحَتْ بِهِ وَقَوْلُ طفي إذْ هُوَ يُجَامِعُهُ لَا يَنْتِجُ مُدَّعَاهُ إذْ مُجَامَعَتُهُ لَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَا تَمْنَعُ مُقَابَلَتَهُ لَهُ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُجَامَعَتِهِ لَهُ فِي بَعْضٍ آخَرَ وَاتِّفَاقُ الْمُؤَوِّلِينَ فِي شَيْءٍ وَاخْتِلَافُهُمَا فِي غَيْرِهِ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ لَا يُنْكَرُ وَكَوْنُ تَأْوِيلَيْ ابْنِ مَنَاسٍ وَابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي عِظَمِ الْحَيْضَةِ لَا يُنَافِي مُقَابَلَتَهُمَا لِتَأْوِيلِ مُحَمَّدٍ فَتَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ هُوَ الصَّوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ (اسْتَبْرَأَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ) عِنْدَ إرَادَتِهِ وَطْأَهَا تَعَدِّيًا، وَلَمْ يَطَأْهَا ابْنُهُ مِنْ مَاءِ غَيْرِ ابْنِهِ (ثُمَّ وَطِئَهَا) أَيْ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ تَعَدِّيًا فَقَدْ مَلَكَهَا وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِابْنِهِ بِمُجَرَّدِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَقُرْبِهِ مِنْهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ الْفَسَادِ لِمَالِهِ فِي مَالِ ابْنِهِ مِنْ الشُّبْهَةِ الْقَوِيَّةِ لِحَدِيثِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» وَحَصَلَ وَطْؤُهُ فِي مَمْلُوكَتِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَائِهَا ثَانِيًا (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا (عَلَى وُجُوبِهِ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْأَبِ ثَانِيًا مِنْ مَائِهِ الْحَاصِلِ عَقِبَ الِاسْتِبْرَاءِ الْأَوَّلِ لِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ مِلْكِهَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا وَلَا بِتَلَذُّذِهِ بِهَا وَلَوْ بِالْوَطْءِ، وَأَنَّ لِلِابْنِ التَّمَسُّكَ بِهَا لِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي عُسْرِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ التَّأْوِيلِ الثَّانِي (الْأَقَلُّ) فَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْأَبُ قَبْلَ وَطْئِهِ الْأَوَّلِ وَجَبَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 358 وَيُسْتَحْسَنُ إنْ غَابَ عَلَيْهَا مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ. وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْوُجُوبِ أَيْضًا وَتَتَوَاضَعُ الْعَلِيَّةُ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا الِابْنُ قَبْلَ وَطْءِ أَبِيهِ تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِمَا وَلَا تَقُومُ عَلَى الْأَبِ (وَيُسْتَحْسَنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الثَّانِيَةِ أَيْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اسْتِبْرَاءُ الْبَائِعِ أَمَةً بِخِيَارٍ (إنْ غَابَ عَلَيْهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مُشْتَرٍ) لَهَا (بِ) شَرْطِ (خِيَارٍ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الْوُجُوبِ) لِلِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْبَائِعِ. (أَيْضًا) قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الْحَطُّ بَعْدُ نَقُولُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا أَنَّ اسْتِحْسَانَ الِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ، وَظَاهِرُ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ وُجُوبُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. وَظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ اسْتِحْسَانُهُ الْإِطْلَاقَ وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ لِلْبِسَاطِيِّ وَالْأَقْفَهْسِيِّ، وَيُمْكِنُ فَهْمُ الْإِطْلَاقِ مِنْ قَوْلِ التَّوْضِيحِ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْوُجُوبِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ أَيْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَعْضُ الشُّيُوخِ قَوْلُهَا إذْ لَوْ وَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ لَكَانَ مُخْتَارًا بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ لِلِاسْتِبْرَاءِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُهَا أَوْ صَرِيحُهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ إذَا كَانَ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ وَطْئِهَا شَرْعًا وَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهَا إذْ لَوْ وَطِئَهَا إلَخْ إذْ لَا خِيَارَ لَهُ أَصْلًا فَإِنْ لَمْ يُرَاعُوا الْمَانِعَ الشَّرْعِيَّ فَيَلْزَمُهُمْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ أَمِينٍ يُلْزِمُهُمْ الِاسْتِبْرَاءَ، وَلَمْ يَقُولُوهُ بَلْ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ غَيْرِهِ فَلَا يُسْتَحْسَنُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهَا شَرْعًا وَلَا يُفِيدُهُ اخْتِيَارُهُ بِوَطْئِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِخِيَارٍ لَهُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَتُتَوَاضَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى مِنْ بَابِ التَّفَاعُلِ، وَالْأَكْثَرُ لُزُومُهُ فَاسْتِعْمَالُهُ مُتَعَدِّيًا قَلِيلٌ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ الْأَمَةُ (الْعَلِيَّةُ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ قَالَهُ عِيَاضٌ. الْبُنَانِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهُوَ جَمْعُ الثَّانِي كَصِبْيَةٍ وَصَبِيَّةٍ، وَيَجُوزُ الْوَجْهَانِ فِي الْمَتْنِ وَمَعْنَاهَا الْجَمِيلَةُ الَّتِي تُرَادُ لِلْفِرَاشِ ، وَتَجِبُ مُوَاضَعَتُهَا وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 359 أَوْ وَخْشٌ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا عِنْدَ مَنْ يُؤْمَنُ وَالشَّأْنُ النِّسَاءُ، وَإِذَا رَضِيَا بِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ، وَنُهِيَا عَنْ أَحَدِهِمَا:   [منح الجليل] ثُمَّ لَا بُدَّ إنْ بَاعَ الرَّائِعَةَ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا أَمْ لَا اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَخْشِ الَّتِي أَقَرَّ بَائِعُهَا بِوَطْئِهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ وَخْشٌ غَيْرُ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ وَطْءِ رَبِّهَا، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذَا اسْتَبْرَأَ الرَّائِعَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَإِذَا اسْتَبْرَأَهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا أَيْ تُجْعَلُ عِنْدَ شَخْصٍ أَمِينٍ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ (أَوْ) أَمَةٌ (وَخْشٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ شِينٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ غَيْرُ جَمِيلَةٍ تُرَادُ لِلْخِدْمَةِ (أَقَرَّ الْبَائِعُ) لَهَا (بِوَطْئِهَا) ، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهُ وَاسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ بَيْعِهَا مِنْ وَطْئِهِ فَلَا تَجِبُ مُوَاضَعَتُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى مُشْتَرِيهَا اسْتِبْرَاؤُهَا إنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَصِلَةُ تَتَوَاضَعُ (عِنْدَ مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (يُؤْمَنُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ عَلَيْهَا امْرَأَةً كَانَ أَوْ رَجُلًا (وَالشَّأْنُ) أَيْ الْمُسْتَحَبُّ (النِّسَاءُ) فَجَعْلُهَا عِنْدَ رَجُلٍ مَأْمُونٍ ذِي أَهْلٍ خِلَافُ الْأَوْلَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمُوَاضَعَةُ أَنْ تُوضَعَ الْأَمَةُ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ عِدْلَةٍ حَتَّى تَحِيضَ، وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ عَبْدِ الْحَقِّ وَعِيَاضٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُتَيْطِيِّ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُوَاضَعَةُ أَنْ تُجْعَلَ الْأَمَةُ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزِ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي صَغِيرَةٍ وَلَا فِي يَائِسَةٍ مَعَ أَنَّهَا فِيهِمَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَوْ قَالُوا حَتَّى تَظْهَرَ بَرَاءَتُهُمَا لَشَمِلَهُمَا عب قَدْ يُقَالُ مَعْنَى كَلَامِهِمْ جَعَلَهَا عِنْدَ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضِهَا إنْ كَانَ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا، وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْإِمَاءِ بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ مُدَّةُ اسْتِبْرَائِهَا أَوْ أَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلْغَالِبِ، (وَإِذَا رَضِيَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (بِ) وَضْعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ (غَيْرِهِمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْتِقَالُ) عَنْهُ بِنَزْعِهَا مِنْهُ وَجَعْلِهَا عِنْدَ أَمِينٍ غَيْرِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا لِوَجْهٍ وَمَفْهُومٌ بِغَيْرِهِمَا أَنَّهُمَا إذَا رَضِيَا بِأَحَدِهِمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْتِقَالُ، وَمَفْهُومٌ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الِانْتِقَالَ، وَمَفْهُومُ إذَا رَضِيَا أَنَّهُمَا إنْ تَنَازَعَا فِيمَنْ تُوضَعُ عِنْدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 360 وَهَلْ يُكْتَفَى بِوَاحِدَةٍ قَالَ يُخَرَّجُ عَلَى التُّرْجُمَانِ وَلَا مُوَاضَعَةَ فِي: مُتَزَوِّجَةٍ، وَحَامِلٍ، وَمُعْتَدَّةٍ، وَزَانِيَةٍ:   [منح الجليل] وَهَلْ يُكْتَفَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (بِوَاحِدَةٍ) مِنْ النِّسَاءِ تُوضَعُ الْأَمَةُ عِنْدَهَا وَتُصَدَّقُ فِي حَيْضِهَا وَعَدَمِهِ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (يُخَرَّجُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثْقَلًا (عَلَى) الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ وَعَدَمِهِ فِي (التُّرْجُمَانِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَضَمِّهِمَا وَفَتْحِهِمَا فَقِيلَ يَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِيهِ، وَالرَّاجِحُ هُنَا الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَجْرَاهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَائِفِ الْوَاحِدِ وَالتُّرْجُمَانِ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا قَبْلَ الْمَازِرِيِّ فَالتَّخْرِيجُ لَيْسَ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا أَوْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَلَا مُوَاضَعَةَ) مَطْلُوبَةً (فِي) أَمَةٍ عَلِيَّةٍ (مُتَزَوِّجَةٍ) مَبِيعَةٍ لِغَيْرِ زَوْجِهَا لِدُخُولِ مُشْتَرِيهَا عَلَى اسْتِرْسَالِ زَوْجِهَا عَلَيْهَا (وَ) لَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ (حَامِلٍ) مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بِزِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ مَبِيعَةٍ لِعِلْمِ مُشْتَرِيهَا بِشَغْلِ رَحِمِهَا (وَ) لَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ وَلَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا أَوْ ارْتَفَعَتْ بِالرَّضَاعِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضِهَا بَعْدَهُ لِلْعِدَّةِ فَلَا مَعْنَى لِاسْتِبْرَائِهَا وَلَا مُوَاضَعَتِهَا لِدُخُولِهِمَا فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ ارْتَفَعَتْ لِغَيْرِ رَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ سَنَةٍ مِنْ الطَّلَاقِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الشِّرَاءِ أَوْ وَفَاةٍ إذْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ إنْ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ حَيْضِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضِهَا. (وَ) لَا مُوَاضَعَةَ فِي أَمَةٍ (زَانِيَةٍ) أَوْ مُغْتَصَبَةٍ لِدُخُولِ مُشْتَرِيهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْتَبْرَأَةٌ، وَأَنَّهُ إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَا يَلْحَقُ بَائِعَهَا وَلَا غَيْرَهُ، وَبَحَثَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِنَفْيِ الْمُوَاضَعَةِ فِي الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ وَالْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا وَالْمُعْتَدَّةِ وَالْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ الزِّنَا لِعَدَمِ تَوَهُّمِهَا فِيهَا. (تَنْبِيهٌ) الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ ارْتَفَعَتْ حَيْضَةُ الْجَارِيَةِ وَطَالَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَمْرُهَا وَأَرَادَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ شَهْرًا وَلَا شَهْرَيْنِ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَفِيهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَقْوَالِ الْبَاجِيَّ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا أَتَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 361 كَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ، أَوْ فَسَادٍ، أَوْ إقَالَةٍ، إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي   [منح الجليل] مِنْ ارْتِفَاعِ الْحَيْضِ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَهُ رَدُّهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْعُيُوبِ وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الْمُوَاضَعَةِ فَقَالَ (كَا) لْأَمَةِ (الْمَرْدُودَةِ) عَلَى بَائِعِهَا (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ (أَوْ فَسَادٍ) لِبَيْعِهَا (أَوْ إقَالَةٍ) مِنْ أَحَدِ مُبْتَاعَيْهَا الْآخَرَ فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا (إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُشْتَرِي) عَلَيْهَا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا فَفِيهَا الْمُوَاضَعَةُ الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومِهِ إجْمَالًا وَنَصُّهَا وَمَنْ بَاعَ أَمَةً رَائِعَةً ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَقَالَهُ وَقَدْ غَابَ عَلَيْهَا الْمُبْتَاعُ فَإِنْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ أَيَّامًا لَا يُمْكِنُهُ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ فَلَا يَطَؤُهَا الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا إذْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بَعْدُ وَلَوْ كَانَتْ وَخْشًا فَقَبَضَهَا عَلَى بَتَاتِ الْبَيْعِ وَالْحَوْزِ ثُمَّ أَقَالَهُ قَبْلَ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ فَلْيَسْتَبْرِئْ الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَ الرَّائِعَةَ إلَيْهِ إتْقَانًا لَهُ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا فَلَا يَسْتَبْرِئُهَا الْبَائِعُ إذَا ارْتَجَعَهَا قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ أَوْ يَذْهَبَ عِظَمُ حَيْضَتِهَا. وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَ أَمِينٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فِي الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْحَيْضَةِ وَلَا بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ عِنْدَ الْأَمِينِ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ حَيْضَةٍ عِنْدَ الْأَمِينِ أَوْ فِي آخِرِهَا فَلِلْبَائِعِ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لِضَمَانِهِ إيَّاهَا إلَّا أَنْ يُقِيلَهُ فِي أَوَّلِ دَمِهَا أَوْ عِظَمِهِ فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِ وَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا كَبَيْعٍ مُؤْتَنِفٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ فِي بَيْعِ الشِّقْصِ مِنْهَا وَالْإِقَالَةِ فِيهَا اهـ. قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا دَفَعَ الرَّائِعَةَ إلَخْ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا بَعْدُ وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَائْتِمَانَ الْمُبْتَاعِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ حَيْضَةٍ عِنْدَ الْأَمِينِ إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ مُبْتَاعِهَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْمُوَاضَعَةُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا الْمُبْتَاعُ أَبُو الْحَسَنِ قِيلَ لَهُ لِمَ أَوْجَبْت فِيهَا عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ لِنَفْسِهِ، وَجَعَلْت لَهُ الْمُوَاضَعَةَ عَلَى الْمُبْتَاعِ إذَا أَقَالَهُ فِي آخِرِ دَمِهَا وَهِيَ لَمْ تَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ دَمِهَا قَالَ: لِأَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ فِي أَوَّلِ الدَّمِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ وَيَصْنَعَ بِهَا مَا يَصْنَعُهُ الرَّجُلُ بِجَارِيَتِهِ إذَا حَاضَتْ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَحْمِلُ إذَا أُصِيبَتْ فِي آخِرِ دَمِهَا وَفِي الْمُنْتَخَبِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً مُرْتَفِعَةً فَرَدَّهَا بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ مُوَاضَعَتِهَا فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَالْمُوَاضَعَةُ فِيهَا لَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَضَمَانُهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ رَدَّهَا قَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ مُوَاضَعَتِهَا فَلَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِبْرَاؤُهَا اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 362 وَفَسَدَ إنْ نَقَدَ بِشَرْطٍ لَا تَطَوُّعًا. وَفِي الْجَبْرِ عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ وَمُصِيبَتُهُ بِمَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ.   [منح الجليل] فَظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّائِعَةَ يُنْقِصُ حَمْلُهَا ثَمَنَهَا كَثِيرًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ فِي الْمُقَالِ مِنْهَا وَالْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ مَا دَامَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَلَوْ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَغَابَ عَلَيْهَا وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ ضَمَانِهِ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ إلَّا إذَا حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ أَوْ الرَّدُّ فِي أَوَّلِ الدَّمِ فَيَكْفِي عَنْ الْمُوَاضَعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَحَاصِلُ كَلَامِ عج أَنَّ الْمُشْتَرَاةَ شِرَاءً فَاسِدًا لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ. الْأَوَّلُ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَفِيهَا الْمُوَاضَعَةُ وَإِلَّا فَلَا. الثَّانِي الِاخْتِلَافُ فِي دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِقَبْضِهِ أَوْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ وَهِيَ الَّتِي تَتَوَاضَعُ، فَعَلَى الثَّانِي إذَا غَابَ عَلَيْهَا قَبْلَ رُؤْيَةِ الدَّمِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي الْمُقَالِ مِنْهَا وَالْمَعِيبَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْأُولَى فِي التَّفْصِيلِ. الثَّالِثُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَصْلًا كَأُمِّ الْوَلَدِ فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ فِيهَا. (وَفَسَدَ) بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ (إنْ نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا (بِشَرْطٍ) مِنْهُ حِينَ بَيْعِهَا لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ رَأَتْ الدَّمَ وَالسَّلَفِيَّةِ إنْ ظَهَرَتْ حَامِلًا وَشَرْطُ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَتَهُ لِغَلَبَةِ حُصُولِهِ مَعَهُ وَسَدًّا لِلذَّرِيعَةِ (لَا) يَفْسُدُ بَيْعُ الْمُوَاضَعَةِ إنْ نَقَدَ (تَطَوُّعًا) أَيْ بِلَا شَرْطٍ، (وَ) إنْ وَقَفَ ثَمَنُ الْمُوَاضَعَةِ بِيَدِ عَدْلٍ وَتَلِفَ فَ (مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ (لَهُ) بِهِ مِنْ بَائِعٍ إنْ رَأَتْ الدَّمَ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ، وَمُشْتَرٍ إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا أَوْ هَلَكَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا مِنْ غَيْرِ بَائِعِهَا أَوْ تَعَيَّبَتْ قَبْلَ الْحَيْضِ، وَقَدْ هَلَكَ الثَّمَنُ خُيِّرَ مُبْتَاعُهَا بَيْنَ قَبُولِهَا بِحَمْلِهَا أَوْ عَيْبِهَا بِثَمَنِهَا الَّذِي هَلَكَ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهَا وَرَدَّهَا عَلَيْهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ (وَفِي الْجَبْرِ) لِمُشْتَرِي الْمُوَاضَعَةِ (عَلَى إيقَافِ الثَّمَنِ) لِلْمُوَاضَعَةِ بِيَدِ عَدْلٍ حَتَّى يَظْهَرَ حَالُهَا وَعَدَمُ جَبْرِهِ عَلَيْهِ (قَوْلَانِ) وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذَا عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 363 (فَصْلٌ) إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ وَائْتَنَفَتْ:   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام تداخل الْعَدَد وَالِاسْتِبْرَاء] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَدَاخُلِ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ أَيْ طَرَيَان بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ نَوْعٍ أَوْ لَا، وَيُسَمَّى مَبْحَثَ التَّدَاخُلِ وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِامْتِحَانِ بِمَسَائِلِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى اسْتِحْضَارِ مَا سَبَقَ مِنْ أَحْكَامِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَدِقَّتهَا فَلَا يُحْسِنُ الْجَوَابَ عَنْهَا إلَّا ذُو مَلَكَةٍ بِمُمَارَسَةِ مَا تَقَدَّمَ وَأَنْوَاعُهُ الْعَقْلِيَّةُ تِسْعَةٌ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ نَوْعَانِ عِدَّةُ طَلَاقٍ وَعِدَّةُ وَفَاةٍ، وَالِاسْتِبْرَاءُ نَوْعٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ يَطْرَأُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى مِثْلِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي مِثْلِهَا وَالْوَاقِعِيَّةُ سَبْعَةٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ عِدَّةَ طَلَاقٍ تَأَتَّى أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ وَإِنْ كَانَ اسْتِبْرَاءٌ تَأَتَّى أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ، وَإِنْ كَانَ عِدَّةُ وَفَاةٍ تَأَتَّى أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاءٌ وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ عِدَّةُ طَلَاقٍ وَلَا عِدَّةُ وَفَاةٍ. فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ وَوَاحِدٍ فِي وَاحِدٍ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى ضَابِطِ أَحْكَامِهَا فَقَالَ (إنْ طَرَأَ) أَيْ تَجَدَّدَ (مُوجِبٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبٌ لِوُجُوبِ عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ كَوَطْءِ شُبْهَةٍ وَصِلَةُ طَرَأَ (قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ (أَوْ) طَرَأَ مُوجِبٌ لِعِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ قَبْلَ تَمَامِ (اسْتِبْرَاءٍ) فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ تَمَامُ السَّبْعَةِ الْوَاقِعِيَّةِ وَجَوَابُ إنْ طَرَأَ مُوجِبٌ إلَخْ (انْهَدَمَ) بِإِعْجَامِ الدَّالِ وَإِهْمَالِهَا أَيْ أُلْغِيَ وَتُرِكَ الْمُوجِبُ (الْأَوَّلُ) غَالِبًا. (وَائْتَنَفَتْ) أَيْ اسْتَأْنَفَتْ الْمَرْأَةُ عِدَّةً أَوْ اسْتِبْرَاءً لِلْمُوجِبِ الثَّانِي وَقَوْلِي غَالِبًا احْتِرَازٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 364 كَمُتَزَوِّجِ بَائِنَتَهُ، ثُمَّ يُطَلِّقُ، بَعْدَ الْبِنَاءِ، أَوْ يَمُوتُ مُطَلِّقًا   [منح الجليل] عَنْ إرْدَافِ طَلَاقٍ عَلَى رَجْعِيَّةٍ فِي الْعِدَّةِ بِلَا رَجْعَةٍ فَإِنَّهَا تُتِمُّ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَتُلْغِي الثَّانِيَ فَلَا تَأْتَنِفُ لَهُ عِدَّةً لَا عَنْ مَسَائِلِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ بِأَنْ كَانَ الطَّارِئُ أَوْ الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَالْأَقْصَى هُوَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ مَعَ غَيْرِهِ غَيْرُ نَفْسِهِ فَقَدْ صُدِّقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ انْهَدَمَ الْأَوَّلُ وَائْتَنَفَتْ وَمَثَّلَ لِلْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ فَقَالَ (كَ) رَجُلٍ (مُتَزَوِّجٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مُنَوَّنًا أَوْ مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ (بَائِنَتَهُ) أَيْ الَّتِي طَلَّقَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا بِخُلْعٍ لَا بِالثَّلَاثِ إذْ لَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ غَيْرِهِ بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهِ وَلَا الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَتَزَوَّجَ بَائِنَتَهُ بِخُلْعٍ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ (ثُمَّ يُطَلِّقُ) هَا (بَعْدَ الْبِنَاءِ) أَيْضًا فَتَأْتَنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الثَّانِي لِانْهِدَامِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ بِوَطْءِ الثَّانِي فَإِنْ طَلَّقَهَا ثَانِيًا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَحَلَّتْ لِغَيْرِهِ. فَهَذَا مِثَالٌ لِطَرَيَانِ عِدَّةِ طَلَاقٍ عَلَى مِثْلِهَا وَعَطَفَ عَلَى يُطَلِّقُ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَكَمُتَزَوِّجِ بَائِنَتِهِ فِي عِدَّتِهَا ثُمَّ (يَمُوتُ) عَنْهَا (مُطَلِّقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا إذْ الْبِنَاءُ لَيْسَ شَرْطًا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَاتَ عَنْهَا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مَاتَ عَنْهَا قَبْلَهُ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ وَالشَّيْخُ عَلَيْهَا أَقْصَى الْعِدَّتَيْنِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكَالْمُتَزَوِّجِ بَائِنَتَهُ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَضَعَّفَ وَعَزَا فِي التَّوْضِيحِ التَّضْعِيفَ لِأَبِي عِمْرَانَ، وَنَقَلَ جَوَابَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَهْدِمُ عِدَّةَ الْبَائِنِ نِكَاحُهَا زَوْجَهَا بَلْ بِنَاؤُهُ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ فَفِي لُزُومِ الْحَائِلِ أَقْصَى الْعِدَّتَيْنِ وَهَدْمُهَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ قَائِلًا وَالْحَامِلُ وَضْعُهَا لِلْعِدَّتَيْنِ اهـ. وَهَذَا مِثَالٌ لِتَجَدُّدِ عِدَّةِ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا بِأَنَّ الْبِنَاءَ فِيهِ هُوَ الْهَادِمُ لِلْأَوَّلِ لَا مَا طَرَأَ بَعْدَهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ طُرُوُّ الْمُوجِبِ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا قَطْعًا وَلَمْ يُمَثِّلُوا بِهِمَا إلَّا لِهَذَا، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاعْتِرَاضُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 365 وَكَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ فَاسِدٍ ثُمَّ يُطَلِّقُ، وَكَمُرْتَجِعٍ، وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ، طَلَّقَ أَوْ مَاتَ إلَّا أَنْ يُفْهَمَ ضَرَرٌ بِالتَّطْوِيلِ فَتَبْنِي الْمُطَلَّقَةُ؛ إنْ لَمْ تَمَسَّ   [منح الجليل] لَوْ مَثَّلُوا بِهِمَا لِطُرُوِّ الْمُوجِبِ قَبْلَ هَدْمِ الْأَوَّلِ (وَكَ) زَوْجَةٍ (مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ) وَطْءٍ (فَاسِدٍ) بِشُبْهَةٍ مَثَلًا (ثُمَّ يُطَلِّقُ) هَا زَوْجُهَا فِي زَمَنِ اسْتِبْرَائِهَا فَيَنْهَدِمُ الِاسْتِبْرَاءُ وَتَأْتَنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ مَتَى اخْتَلَفَ السَّبَبُ فَالْوَاجِبُ الْأَقْصَى، وَقَدْ اعْتَرَضَ بِهَذَا ق عَلَى الْمُصَنِّفِ لَكِنْ بَنَى الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فِي ضَيْح مِنْ أَنَّ حَقِيقَةَ الْأَقْصَى إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّأَخُّرُ وَالتَّقَدُّمُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ إلَّا مُتَأَخِّرًا فَالْمُصَنِّفُ نَظَرَ إلَى حَقِيقَةِ الْأَقْصَى وَغَيْرُهُ تَجُوزُ فِيهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَهَذَا مَثَلٌ لِطَرَيَانِ طَلَاقٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ (وَكَ) زَوْجٍ (مُرْتَجِعٍ) زَوْجَتَهُ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ إنْ مَسَّهَا بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ) هَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهَا ثُمَّ (طَلَّقَ) هَا وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا (أَوْ مَاتَ) عَنْهَا فِيهَا فَتَأْتَنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُفْهَمَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ بِقَرِينَةٍ (ضَرَرٌ) أَيْ قَصْدُهُ مِنْ الزَّوْجِ مُصَوَّرٌ (بِالتَّطْوِيلِ) لِلْعِدَّةِ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ بِأَنْ يَتْرُكَهَا إلَى قُرْبِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَيُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا (فَتَبْنِي) الزَّوْجَةُ (الْمُطَلَّقَةُ) عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى، وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ بِتَمَامِهَا (إنْ لَمْ يَمَسَّهَا) بَعْدَ ارْتِجَاعِهِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ رَجْعَتِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ الثَّانِي. قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ السَّخَاوِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالرَّجْعَةُ تَهْدِمُ عِدَّةَ الرَّجْعِيَّةِ كَمَوْتِ الزَّوْجِ فِيهَا مُطْلَقًا أَوْ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِرَجْعَتِهِ تَطْوِيلَ عِدَّتِهَا فَلَا وَقَبُولُهُ هُوَ وَالْقَرَافِيُّ وَجَعَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ نَصُّ الْمُوَطَّإِ السُّنَّةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 366 وَكَمُعْتَدَّةٍ وَطِئَهَا الْمُطَلِّقُ، أَوْ غَيْرُهُ فَاسِدًا بِكَاشْتِبَاهٍ، إلَّا مِنْ وَفَاةٍ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ فَاسِدٍ مَاتَ زَوْجُهَا، وَكَمُشْتَرَاةٍ مُعْتَدَّةٍ   [منح الجليل] هَدْمُهَا وَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ إنْ كَانَ ارْتَجَعَهَا وَلَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا وَقَبِلَهُ شُرَّاحُهُ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِطَرَيَانِ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الرَّجْعَةِ هُوَ الْهَادِمُ لِلْأَوَّلِ لَا مَا طَرَأَ بَعْدَهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ طُرُوُّ الْمُوجِبِ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا قَطْعًا وَلَمْ يُمَثِّلُوا بِهِمَا إلَّا لَهُ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ الِاعْتِرَاضُ لَوْ مَثَّلُوا بِهِمَا لِطُرُوِّ الْمُوجِبِ قَبْلَ انْهِدَامِ الْأَوَّلِ. (وَكَ) زَوْجَةٍ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٍّ (وَطِئَهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةَ الزَّوْجُ (الْمُطَلِّقُ أَوْ) رَجُلٌ (غَيْرُهُ) فِي الْعِدَّةِ وَطْئًا (فَاسِدًا بِكَاشْتِبَاهٍ) لَهَا عَلَيْهِ بِحَلِيلَتِهِ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ زِنًا فَتُلْغَى الْعِدَّةُ وَتَأْتَنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ إذَا كَانَتْ حُرَّةً فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً وَوُطِئَتْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَلَا بُدَّ مِنْ قُرْأَيْنِ كَمَالِ عِدَّتِهَا وَلَا يَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ (إلَّا) مُعْتَدَّةً (مِنْ وَفَاةٍ) وُطِئَتْ بِكَاشْتِبَاهٍ (فَ) عَلَيْهَا (أَقْصَى) أَيْ أَبْعَدُ (الْأَجَلَيْنِ) أَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَاسْتِبْرَاءِ وَطْءِ الِاشْتِبَاهِ فَإِنْ تَمَّتْ ثَلَاثَةُ الْأَقْرَاءِ وَلَمْ تَتِمَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ انْتَظَرَتْ تَمَامَهَا وَإِنْ تَمَّتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَمْ تَتِمَّ الْأَقْرَاءُ انْتَظَرَتْ تَمَامَهَا. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْأَقْصَى فَقَالَ (كَ) زَوْجَةٍ (مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ) وَطْءٍ (فَاسِدٍ) بِكَاشْتِبَاهٍ (مَاتَ زَوْجُهَا) فَعَلَيْهَا الْأَقْصَى مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَاسْتِبْرَاءِ الْفَاسِدِ، وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي لُزُومِ الْأَقْصَى فَقَالَ (وَكَ) أَمَةٍ (مُشْتَرَاةٍ) أَوْ مَوْهُوبَةٍ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ وَفَاةٍ فَعَلَيْهَا الْأَقْصَى مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَاسْتِبْرَاءِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ أَوْ مِنْ طَلَاقٍ وَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا فَعَلَيْهَا الْأَقْصَى مِنْ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ حَيْضَتُهَا انْدَرَجَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ غ هَذَا تَكْرِيرٌ لِلنَّظِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ بِأَشْبَعَ مِنْ هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ الْعِدَّةِ وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ فَارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا حَلَّتْ إنْ مَضَتْ سَنَةٌ لِلطَّلَاقِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 367 وَهَدَمَ وَضْعُ حَمْلٍ أُلْحِقَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ غَيْرَهُ، وَبِفَاسِدٍ أَثَرَهُ وَأَثَرُ الطَّلَاقِ: لَا الْوَفَاةِ   [منح الجليل] وَثَلَاثَةٌ لِلشِّرَاءِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ وَفَاةٍ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ. (وَ) إنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، أَوْ مَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ فِيهِمَا ثُمَّ وُطِئَتْ قَبْلَ وَضْعِهَا بِكَاشْتِبَاهٍ (هَدَمَ) بِإِهْمَالِ الدَّالِ وَإِعْجَامِهَا أَيْ أَسْقَطَ (وَضْعُ حَمْلٍ) مِنْ مُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَوُطِئَتْ وَطْئًا فَاسِدًا بِكَاشْتِبَاهٍ فِي عِدَّتِهَا قَبْلَ وَضْعِهِ وَنَعَتَ حَمْلَ بِجُمْلَةِ (أُلْحِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْحَاءِ نَسَبَهُ (بِ) ذِي (نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَهُوَ الزَّوْجُ الَّذِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَقَدْ طَرَأَ عَلَيْهَا مُوجِبُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى مُوجِبِ عِدَّةٍ وَمَفْعُولُ هَدَمَ (غَيْرَهُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ فَتَحِلُّ بِوَضْعِهِ، وَيَسْقُطُ الِاسْتِبْرَاءُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ خَوْفًا مِنْ حَمْلِهَا مِنْهُ وَقَدْ انْتَفَى بِوَضْعِهِ (وَ) إنْ أُلْحِقَ الْحَمْلُ (بِ) ذِي وَطْءٍ (فَاسِدٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا بَعْدَ حَيْضَةٍ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِيهَا بَعْدَهَا، وَحَمَلَتْ مِنْهُ فِيهِمَا فَيُهْدَمُ وَضْعُهُ (أَثَرَهُ) أَيْ الْفَاسِدِ فَيُخْرِجُهَا مِنْ اسْتِبْرَائِهِ. (وَ) يُهْدَمُ (أَثَرُ الطَّلَاقِ) فَيُخْرِجُهَا مِنْ عِدَّتِهِ أَيْضًا الْبُنَانِيُّ الَّذِي عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الطَّلَاقِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفَاسِدِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ وَنَقَلَ مَا يَشْهَدُ لَهُ وَمَفْهُومُ أُلْحِقَ بِصَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا يَهْدِمُ أَثَرَ الطَّلَاقِ، وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ حَمْلَ الزِّنَا لَا يُبْرِئُهَا مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْوَضْعِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ابْنَ عَرَفَةَ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ غُصِبَتْ امْرَأَتُهُ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ فَإِنْ أَبَتَّهَا زَوْجُهَا فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ بَعْدَ الْوَضْعِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا السَّمَاعِ نَصٌّ فِي أَنَّ دَمَ نِفَاسِهَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ حَيْضَةٌ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ ثَلَاثِ حِيَضٍ يَعْنِي وَتَحْسِبُ دَمَ نِفَاسِهَا قُرْءًا، وَجَعَلَهُ عِيَاضٌ مَحَلَّ نَظَرٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ أَصْبَغَ مِثْلَ لَفْظِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمِ. (لَا) يَهْدِمُ وَضْعُ حَمْلٍ أُلْحِقَ بِفَاسِدٍ أَثَرَ (الْوَفَاةِ) فَعَلَيْهَا أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 368 وَعَلَى كُلٍّ الْأَقْصَى مَعَ الِالْتِبَاسِ: كَمَرْأَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ،   [منح الجليل] قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ انْتَظَرَتْ تَمَامَهَا، وَإِنْ تَمَّتْ قَبْلَ وَضْعِهِ انْتَظَرَتْهُ، وَقَدْ يُتَصَوَّرُ هَذَا فِي الْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا قَالَ فِيهَا وَالْمُنْعَى لَهَا زَوْجُهَا إذَا اعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ رُدَّتْ إلَيْهِ وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي إذْ لَا حُجَّةَ لَهَا بِاجْتِهَادِ إمَامٍ أَوْ تَيَقُّنِ طَلَاقٍ وَلَا يَقْرَبُهَا الْقَادِمُ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ إنْ كَانَتْ حَامِلًا فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ قَبْلَ وَضْعِهَا اعْتَدَّتْ مِنْهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَلَا تَحِلُّ بِالْوَضْعِ دُونَ تَمَامِهَا وَلَا بِتَمَامِهَا دُونَ الْوَضْعِ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ وَفَاةَ الْأَوَّلِ كَانَتْ وَهِيَ فِي خَامِسِ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِ حَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي أَمْكَنَ تَأَخُّرُ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَهَا عَنْ وَضْعِ حَمْلِ الثَّانِي اهـ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ تَزَوَّجَ مَنْ يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا وَالْتَبَسَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ طَلَاقًا بَائِنًا وَالْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ بِغَيْرِهَا، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُمَا (الْأَقْصَى) أَيْ الْأَبْعَدُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ (مَعَ الِالْتِبَاسِ) لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا بِالْمُسْتَبْرَأَةِ أَوْ بِالْمُطَلَّقَةِ (كَمَرْأَتَيْنِ) تَزَوَّجَهُمَا رَجُلٌ (إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ) بِإِجْمَاعٍ وَالْأُخْرَى بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، كَأُخْتَيْنِ بِعَقْدَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ وَلَمْ تُعْلَمْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا (أَوْ) كِلْتَيْهِمَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَ (إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ) بِفَتْحِ الطَّاءِ مُثْقَلًا طَلَاقًا بَائِنًا، وَجُهِلَتْ وَالْأُخْرَى غَيْرُ مُطَلَّقَةٍ أَوْ رَجْعِيَّةٌ وَدُخِلَ بِهِمَا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا وَجُهِلَتْ أَيْضًا (ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ) فِي الْمِثَالَيْنِ وَالْتَبَسَتْ ذَاتُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِذَاتِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي الْأَوَّلِ وَالْبَائِنُ بِغَيْرِهَا فِي الثَّانِي فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةَ فَتَمْكُثُ لِلْأَخِيرِ مِنْهُمَا فَإِنْ عُلِمَتْ ذَاتُ الْفَاسِدِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ تَرَبَّصَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَإِنْ لَمْ يُدْخَلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ عِدَّةُ وَفَاةٍ وَإِنْ دُخِلَ بِإِحْدَاهُمَا وَعُلِمَتْ مَعَ جَهْلِ الْبَائِنِ فَعَلَى الْمَدْخُولِ بِهَا أَقْصَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 369 وَكَمُسْتَوْلَدَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ؛ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتِهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ أَوْ جُهِلَ؛ فَعِدَّةُ حُرَّةٍ، وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ، وَفِي الْأَقَلِّ: عِدَّةُ حُرَّةٍ، وَهَلْ قَدْرُهَا كَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ؟ قَوْلَانِ.   [منح الجليل] الْأَجَلَيْنِ وَعَلَى غَيْرِهَا عِدَّةُ وَفَاةٍ (وَكَ) أَمَةٍ (مُسْتَوْلَدَةٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ أُمِّ وَلَدٍ لِسَيِّدِهَا الْحُرِّ (مُتَزَوِّجَةٍ) بِغَيْرِهِ (مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ) فِي وَقْتَيْنِ (وَلَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (السَّابِقُ) مَوْتُهُ مِنْهُمَا فَسَبْقُ مَوْتِ السَّيِّدِ يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةَ وَفَاةِ حُرٍّ لِتَمَامِ حُرِّيَّتِهَا بِمَوْتِهِ وَسَبْقُ مَوْتِ الزَّوْجِ يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةَ وَفَاةِ أَمَةٍ ثُمَّ تَارَةً يَجِبُ عَلَيْهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ وَتَارَةً لَا (فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالزَّوْجِ (أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ) وَفَاةِ (الْأَمَةِ) شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ (أَوْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَمَةِ أَوْ قَدْرُهَا أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا (فَعِدَّةُ) وَفَاةِ (حُرَّةٍ) تَجِبُ عَلَيْهَا فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوَّلًا فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً. (وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ) وَهِيَ حَيْضَةٌ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوَّلًا وَحِلِّهَا لِسَيِّدِهَا بِتَمَامِ عِدَّتِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا تَحِلُّ لِزَوْجٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ غ قَوْلُهُ وَكَمُسْتَوْلَدَةٍ عَطْفٌ عَلَى كَمَرْأَتَيْنِ وَفِيهِ قَلَقٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ إذْ لَيْسَ هُنَا إلَّا وَاحِدَةٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ وَعَلَى كُلِّ مَنْ يُذْكَرُ وَفِيهِ بُعْدٌ (وَ) عَلَيْهَا (فِي) كَوْنِ (الْأَقَلِّ) مِنْ عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَمَةِ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا (عِدَّةُ حُرَّةٍ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوَّلًا وَلَيْسَ عَلَيْهَا حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا عَلَى احْتِمَالِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوَّلًا (وَهَلْ) حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا (قَدْرُهَا) أَيْ عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَمَةِ (كَ) حُكْمِ كَوْنِ (أَقَلَّ) مِنْهَا بَيْنَهُمَا فِي الِاكْتِفَاءِ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ (أَوْ) كَحُكْمِ كَوْنِ (أَكْثَرَ) مِنْهَا بَيْنَهُمَا فِي وُجُوبِ عِدَّةِ حُرَّةٍ وَحَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ ابْنُ شَبْلُونَ وَبِالثَّانِي فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ وَمَفْهُومُ مُسْتَوْلَدَةٍ أَنَّ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ الْمُتَزَوِّجَةِ إنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَزَوْجُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَعَلَيْهَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ عِدَّةُ أَمَةٍ وَحَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ وَفِي الثَّانِي عِدَّةُ وَفَاةِ أَمَةٍ فَقَطْ وَفِي الثَّالِثِ الْقَوْلَانِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 370 (بَابٌ) حُصُولُ لَبَنِ امْرَأَةٍ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي أَحْكَام الرَّضَاع] (بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الرَّضَاعِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ ثُبُوتِ التَّاءِ وَعَدَمِهِ فِي الْمِصْبَاحِ رَضِعَ مِنْ بَابِ تَعِبَ فِي لُغَةِ نَجْدٍ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ فِي لُغَةِ تِهَامَةَ وَتَكَلَّمَ أَهْلُ مَكَّةَ بِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ الرَّضَاعُ وُصُولُ لَبَنٍ آدَمِيٍّ لِمَحَلِّ مَظِنَّةِ غِذَاءِ آخَرَ لِتَحْرِيمِهِمْ بِالسَّعُوطِ وَالْحُقْنَةِ وَلَا دَلِيلَ إلَّا مُسَمَّى الرَّضَاعِ اهـ الْبُنَانِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ مِنْ مَنْفَذٍ وَاسِعٍ لِإِخْرَاجِ الْوَاصِلِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأُذُنِ وَاشْتِرَاطُ حُصُولِ الْغِذَاءِ فِي التَّحْرِيمِ بِالْحُقْنَةِ لَا يُنَافِي تَسْمِيَتَهَا رَضَاعًا مُطْلَقًا، بَلْ يُؤَيِّدُهَا الْجَوْهَرِيُّ اللِّبَانُ بِالْكَسْرِ يُقَالُ هُوَ أَحَقُّ بِلِبَانِ أُمِّهِ وَلَا يُقَالُ بِلَبَنِ أُمِّهِ إنَّمَا اللَّبَنُ الَّذِي يُشْرَبُ مِنْ نَاقَةٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ ابْنُ مَكِّيٍّ قَالُوا تَدَاوَيْت بِلَبَنِ النِّسَاءِ وَشَبِعَ الصَّبِيُّ بِلَبَنِ أُمِّهِ وَذَا غَلَطٌ إنَّمَا يُقَالُ لَبَنُ الشَّاةِ وَلِبَانُ الْمَرْأَةِ اهـ. وَرَدَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ» وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ الِاسْتِعَارَةِ الْمُرَشَّحَةِ فَشَبَّهَ الرَّجُلَ بِالْفَحْلِ وَاسْتَعَارَهُ لَهُ وَرَشَّحَهَا بِمَا يُسْتَعْمَلُ لِأُنْثَى الْفَحْلِ، وَهُوَ اللَّبَنُ وَلَوْ ذَكَرَ اللِّبَانَ لَكَانَتْ اسْتِعَارَةً مُجَرَّدَةً تَأْبَاهَا بَلَاغَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِيَاضٌ أَهْلُ اللُّغَةِ لَا يُطْلَقُ اللَّبَنُ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيِّ، وَإِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لِبَانٌ، وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا إطْلَاقُ اللَّبَنِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ» ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ وَالتَّشْبِيهِ وَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ عِيَاضٍ كَثِيرًا (حُصُولُ) أَيْ وُصُولُ وَحُلُولُ (لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ أُنْثَى آدَمِيَّةٍ إلَى جَوْفِ صَغِيرٍ أَوْ حَلْقِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ فِي التَّحْرِيرِ لِابْنِ بَشِيرٍ وُصُولُ اللَّبَنِ مِنْ الْمُرْضِعَةِ إلَى حَلْقِ الرَّضِيعِ أَوْ جَوْفِهِ وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَخَرَجَ بِاللَّبَنِ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ وَبِالْمَرْأَةِ لَبَنُ غَيْرِهَا مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 371 وَإِنْ مَيِّتَةً وَصَغِيرَةً؛ بِوَجُورٍ، أَوْ سَعُوطٍ أَوْ حُقْنَةٍ   [منح الجليل] الْحَيَوَانَاتِ فَإِنْ رَضِعَ صَبِيٌّ وَصَبِيَّةٌ مِنْ شَاةٍ مَثَلًا فَلَيْسَا أَخَوَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ اتِّفَاقًا وَإِنْ رَضِعَا لَبَنَ رَجُلٍ فَكَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّانِ هُمَا أَخَوَانِ ابْنُ عَرَفَةَ لَبَنُ أُنْثَاهُ أَيْ الْآدَمِيِّ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا وَفِي لَغْوٍ لَبَنُ الرَّجُلِ ثَالِثُهَا يُكْرَهُ لِلْمَشْهُورِ وَابْنُ اللَّبَّانِ الْفَرْضِيُّ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَبَعْضِ شُيُوخِهِ وَابْنِ شَعْبَانَ عَنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ اللَّخْمِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرَادَ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَيَّةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَيِّتَةً) عُلِمَ بِثَدْيِهَا لَبَنٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ شَكَّ فِي وُجُودِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ نَاجِي فَإِنْ عُلِمَ وُجُودُ شَيْءٍ وَشُكَّ فِي كَوْنِهِ لَبَنًا أَوْ مَاءً أَصْفَرَ مَثَلًا فَالْأَحْوَطُ التَّحْرِيمُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَعْرُوفُ لَبَنُ الْمَيِّتَةِ كَالْحَيَّةِ ابْنُ بَشِيرٍ جَرَى فِي الْمُذَاكَرَةِ نَقَلَ لَغْوَهُ عَزَاهُ ابْنُ شَاسٍ لِنَقْلِ ابْنِ شَعْبَانَ وَفِيهَا إنْ رَضِعَ صَبِيٌّ مَيِّتَةً عُلِمَ بِثَدْيِهَا لَبَنٌ حَرُمَ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ كَبِيرَةً بَلْ (وَ) إنْ كَانَتْ (صَغِيرَةً) لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي لَبَنِ مَنْ نَقَصَتْ عَنْ سِنِّ الْمَحِيضِ قَوْلَانِ وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا أَعْرِفُهُ وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَشْيَاخُ الْخِلَافَ فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الْوَطْءِ صَوَابٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ رُشْدٍ لَبَنُ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ مِنْ كِبَرٍ لَغْوٌ لَا أَعْرِفُهُ بَلْ مَا فِي مُقَدِّمَاتِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ وَالْعَجُوزِ الَّتِي لَا تَلِدُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ إنْ كَانَ لَبَنًا لَا مَاءً أَصْفَرَ وَمَفْهُومُ قَوْلِ أَبِي عُمَرَ فِي الْكَافِي لَبَنُ الْعَجُوزِ الَّتِي لَا تَلِدُ إذَا كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ يَحْرُمُ مِثْلُ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ إنْ وَصَلَ اللَّبَنُ بِمَصٍّ بَلْ وَإِنْ وَصَلَ (بِوَجُورٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ مَا يُصَبُّ فِي وَسَطِ الْفَمِ وَقِيلَ مَا يُصَبُّ فِي الْحَلْقِ أَيْ بِآلَةِ وَجُورٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ (أَوْ سَعُوطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَصْبُوبٍ فِي أَنْفٍ وَصَلَ لِلْحَلْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي التَّحْرِيمِ بِالسَّعُوطِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ وَصَلَ لِلْجَوْفِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَهَا وَكَذَا اللَّدُودُ أَيْ الْمَصْبُوبُ مِنْ جَانِبِ الْفَمِ (أَوْ حُقْنَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 372 تَكُونُ غِذَاءً أَوْ خُلِطَ، لَا غُلِبَ   [منح الجليل] وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ مَصْبُوبٍ فِي دُبُرٍ (تَكُونُ) الْحُقْنَةُ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا (غِذَاءً) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ أَيْ مُشْبِعَةً لِلصَّبِيِّ وَمُغْنِيَةً لَهُ عَنْ الرَّضَاعِ وَقْتَ حُصُولِهَا وَإِنْ احْتَاجَ لَهُ بَعْدُ بِالْقُرْبِ، وَمَفْهُومُ تَكُونُ غِذَاءً أَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ غِذَاءً فَلَا تَحْرُمُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ غِذَاءً. طفي هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَعَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ شُرَّاحِهِ وَلَا مَعْنَى لِرُجُوعِ قَوْلِهِ تَكُونُ غِذَاءً لِلثَّلَاثَةِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَصَّةَ الْوَاحِدَةَ فِي غَيْرِ الْحُقْنَةِ تَحْرُمُ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَحْرُمُ الرَّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ مَصَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ قَالَتْ وَالْوَجُورُ يُحَرِّمُ وَالسَّعُوطُ إنْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ وَإِنْ حُقِنَ بِلَبَنٍ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ حَتَّى كَانَ لَهُ غِذَاءٌ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَحْرُمُ الْحُقْنَةُ إلَّا إذَا وَقَعَ لِلطِّفْلِ بِهَا غِذَاءٌ ابْنُ الْمَوَّازِ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْعَيْشُ وَالْحَيَاةُ تَحْصُلُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُطْعَمْ وَلَمْ يُسْقَ ابْنُ مُحْرِزٍ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ حَرُمَتْ الْحُقْنَةُ الْوَاحِدَةُ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تَحْرُمُ عَلَى الْإِطْلَاقِ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَحْرُمُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي التَّحْرِيمِ بِالْحُقْنَةِ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ غِذَاءً ثَالِثُهَا بِشَرْطِهِ إنْ لَمْ يُطْعَمْ وَيُسْقَ إلَّا بِالْحُقْنَةِ عَاشَ، وَرَابِعُهَا لَغْوُهَا لِلْبَاجِيِّ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَهَا وَلَهُمَا عَنْ مُحَمَّدٍ وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ، حَكَى بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْحُقْنَةَ لَا تُحَرِّمُ وَنَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلَ مُحَمَّدٍ تَفْسِيرًا لَهَا وَأَبْعَدَ وُجُودَهُ اهـ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ شَرْطَ الْكَوْنِ غِذَاءً فِي غَيْرِ الْحُقْنَةِ سِوَى الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَدَرَجَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَامِلِهِ فَقَالَ وَفِي السَّعُوطِ وَالْحُقْنَةِ، ثَالِثُهَا الْأَصَحُّ إنْ حَصَلَ مِنْهُمَا غِذَاءٌ وَإِلَّا فَلَا اهـ. إنْ لَمْ يُخْلَطْ لَبَنُ الْمَرْأَةِ (أَوْ) أَيْ وَإِنْ (خُلِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِهِ كَلَبَنِ بَهِيمَةٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ إنْ تَسَاوَيَا أَوْ غَلَبَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ (لَا) إنْ (غُلِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لَبَنُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ اسْتَهْلَكَ فِي مُخَالِطِهِ لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ فَلَا يُحَرِّمُ فَإِنْ خُلِطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ بِلَبَنِ امْرَأَةٍ أُخْرَى، صَارَ ابْنًا لَهُمَا مُطْلَقًا ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَخْلُوطُ بِطَعَامٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 373 وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ، وَبَهِيمَةٍ، وَاكْتِحَالٍ بِهِ: مُحَرِّمٌ إنْ حَصَلَ فِي الْحَوْلَيْنِ، أَوْ بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ، إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ، وَلَوْ فِيهِمَا   [منح الجليل] أَوْ دَوَاءٍ وَاللَّبَنُ غَالِبٌ مُحَرَّمٌ وَعَكْسُهُ فِيهَا لَغْوُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَخَوَانِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الطَّعَامِ وَالدَّوَاءِ غَيْرِ الْمُبْطِلِ غِذَاءَهُ قَالَ وَغَيْرُهُ مُشْكِلٌ وَعَزَا ابْنُ حَارِثٍ الثَّانِيَ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي اعْتِبَارِ لَبَنِ امْرَأَتَيْنِ خُلِطَا مُطْلَقًا، وَإِلْغَاءُ الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا كَالطَّعَامِ تَخْرِيجُ ابْنِ مُحْرِزٍ عَلَى إضَافَةِ لَبَنِ ذَاتِ زَوْجٍ بَعْدَ زَوْجٍ لَهُمَا وَنَقَلَ عِيَاضٌ تَرَدُّدَ بَعْضِهِمْ فِيهِ وَالتَّخْرِيجَ أُخْرَى لِتَحَقُّقِ مُقَارَنَةِ وُجُودِ كُلٍّ مِنْ اللَّبَنَيْنِ الْآخَرُ فِي لَبَنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي لَبَنِ الرَّجُلَيْنِ. (وَلَا) إنْ كَانَ مَا وَصَلَ لِجَوْفِ الطِّفْلِ مِنْ ثَدْيِ (كَمَاءٍ أَصْفَرَ) أَوْ أَحْمَرَ فَلَا يَحْرُمُ (وَ) لَا لَبَنِ (بَهِيمَةٍ) وَصَلَ لِجَوْفِ صَبِيٍّ وَصَبِيَّةٍ فَلَا يُصَيِّرُهُمَا أَخَوَيْنِ (وَ) لَا كَ (اكْتِحَالٍ بِهِ) أَيْ لَبَنِ الْمَرْأَةِ لِطِفْلٍ وَطِفْلَةٍ وَكَذَا وُصُولُهُ مِنْ أُذُنٍ وَمَسَامِّ رَأْسٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْكُحْلِ بِهِ مَخْلُوطًا بِعَقَاقِيرَ تُوصِلُهُ لِلْجَوْفِ وَلَغْوُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَخَبَرُ حُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ (مُحَرِّمٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا (إنْ حَصَلَ) أَيْ وَصَلَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ لِجَوْفِ الطِّفْلِ (فِي الْحَوْلَيْنِ) مِنْ وِلَادَتِهِ (أَوْ) حَصَلَ (بِزِيَادَةِ الشَّهْرَيْنِ) أَيْ فِي الشَّهْرَيْنِ الزَّائِدَيْنِ عَلَى الْحَوْلَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الصَّغِيرُ بِالطَّعَامِ عَنْ اللَّبَنِ اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ اللَّبَنُ إذَا رُدَّ لَهُ فَلَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ هَذَا إذَا اسْتَغْنَى فِي الشَّهْرَيْنِ الزَّائِدَيْنِ بَلْ (وَلَوْ) اسْتَغْنَى (فِيهِمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ وَسَوَاءٌ رَضَعَ فِيهِمَا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ ضَيْح يَعْنِي إذَا فُصِلَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ نَشْرُ الْحُرْمَةِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ اسْتَغْنَى فَإِمَّا بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ فَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ وَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ وَالثَّانِي لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ يُحَرِّمُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ بِإِلْغَاءِ الِاسْتِغْنَاءِ فِيهِمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 374 مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ؛ إلَّا: أُمَّ أَخِيك، وَأُخْتِك، وَأُمَّ وَلَدِ وَلَدِك؛ وَجَدَّةَ وَلَدِك، وَأُخْتَ وَلَدِك،   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فَمَا فِي الْحَوْلَيْنِ لِمُسْتَمِرِّ الرَّضَاعَةِ مُحَرَّمٌ وَفِي لَغْوِهِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا وَتَحْرِيمِهِ فِي يَسِيرِهِ نَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ وَالْمَعْرُوفِ وَعَلَيْهِ فِي قَدْرِهَا لِلَّخْمِيِّ خَمْسَةٌ فِي الْمُخْتَصَرِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ وَلَهُ فِي الْحَاوِي كَسَحْنُونٍ نُقْصَانُ الشُّهُورِ ابْنُ الْقَصَّارِ شَهْرٌ وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَفِيهَا شَهْرَانِ وَرَوَى الْوَلِيدُ ثَلَاثَةً قَالَ وَهَذَا فِي مُسْتَمِرِّ الرَّضَاعِ وَالْأَكْلِ مَعَهُ مَا يَضُرُّ بِهِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ دُونَ رَضَاعٍ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ فُطِمَ ثُمَّ أَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ فِصَالِهِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ لِلَّبَنِ لَكَانَ قُوَّةً فِي غِذَائِهِ قُلْت هُوَ نَصُّهَا لَهُ وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْحَوْلَيْنِ وَبَعْدَهُمَا وَسَادِسُهَا نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ يَوْمَانِ وَلَوْ انْتَقَلَ لِطَعَامٍ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَفِي لَغْوِ رَضَاعِهِ بَعْدَ زِيَادَةٍ عَلَى يَوْمَيْنِ وَتَحْرِيمِهِ قَوْلُهَا وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مَعَ أَصْبَغَ قَائِلًا إنْ كَانَ مَصَّتَيْنِ فَلَا يُحَرَّمُ وَإِنْ رُدَّ لِلرَّضَاعِ دُونَ طَعَامٍ يُحَرَّمُ اهـ. وَأُلْحِقَ فِي تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ لِلْأَبَوَيْنِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى فَطْمِهِ قَبْلَهُ فَلَهُمَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَضُرَّ الرَّضِيعَ وَمَفْعُولُ مُحَرِّمٌ (مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) وَهِيَ الْأَنْوَاعُ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] إلَى قَوْلِهِ {وَبَنَاتُ الأُخْتِ} [النساء: 23] وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا صَرِيحًا فِيهِ إلَّا الْأُمَّ وَالْأُخْتَ وَالْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ إنَّمَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهَا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (إلَّا أُمَّ أَخِيك) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) إلَّا أُمَّ (أُخْتِك) مِنْ الرَّضَاعِ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ فَإِنْ أَرْضَعَتْ امْرَأَةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْك أُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ زَوْجَةُ أَبِيك وَمُرْضِعَةُ أَخِيك وَأُخْتِك لَيْسَتْ كَذَلِكَ (وَ) إلَّا (أُمَّ وَلَدِ وَلَدِك) مِنْ الرَّضَاعِ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْك فَمُرْضِعَةُ وَلَدِ وَلَدِك لَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْك أُمُّهُ نَسَبًا؛ لِأَنَّهَا إمَّا بِنْتُك أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ. (وَ) إلَّا (جَدَّةَ وَلَدِك) مِنْ الرَّضَاعِ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْك جَدَّتُهُ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (وَ) إلَّا (أُخْتُ وَلَدِك) الَّتِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 375 وَأُمَّ عَمِّك، وَعَمَّتِك وَأُمَّ خَالِك وَخَالَتِك، فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ.   [منح الجليل] رَضَعَتْ مَعَهُ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَإِنْ حَرُمَتْ عَلَيْك أُخْتُهُ مِنْ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بِنْتُك أَوْ رَبِيبَتُك وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (وَ) إلَّا (أُمَّ عَمِّك وَعَمَّتِك) مِنْ الرَّضَاعِ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْك فَمُرْضِعَةُ عَمِّك وَعَمَّتِك لَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَتَحْرُمُ عَلَيْك أُمُّهُمَا نَسَبًا؛ لِأَنَّهَا إمَّا جَدَّتُك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (وَ) إلَّا (أُمَّ خَالِك وَخَالَتِك فَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ) أَيْ الْأُمَّهَاتُ الْمَذْكُورَاتُ (مِنْ الرَّضَاعِ) وَقَدْ يَحْرُمْنَ مِنْهُ لِعَارِضٍ كَكَوْنِ أُمِّ أَخِيك وَأُخْتِك أُخْتَك أَوْ بِنْتَك مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ مَا نَصُّهُ اسْتَثْنَى الْفُقَهَاءُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» أَرْبَعَ نِسْوَةٍ يَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَقَدْ لَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ الْأُولَى أُمُّ أَخِيك وَأُمُّ أُخْتِك مِنْ النَّسَبِ هِيَ أُمُّك أَوْ زَوْجَةُ أَبِيك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْك الثَّانِيَةُ أُمُّ نَافِلَتِك إمَّا بِنْتُك أَوْ زَوْجَةُ ابْنِك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ وَفِي الرَّضَاعِ قَدْ لَا تَكُونُ كَذَلِكَ بِأَنْ تُرْضِعَ أَجْنَبِيَّةٌ نَافِلَتَك، الثَّالِثَةُ جَدَّةُ وَلَدِك مِنْ النَّسَبِ أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك كِلْتَاهُمَا حَرَامٌ وَفِي الرَّضَاعِ قَدْ لَا يَكُونُ أُمَّك وَلَا أُمَّ زَوْجَتِك كَمَا إذَا أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَك فَأُمُّهَا جَدَّةُ وَلَدِك وَلَيْسَتْ أُمَّك وَلَا أُمَّ زَوْجَتِك. الرَّابِعَةُ أُخْتُ وَلَدِك مِنْ النَّسَبِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا بِنْتُك أَوْ رَبِيبَتُك وَلَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَك فَبِنْتُهَا أُخْتُ وَلَدِك وَلَيْسَتْ بِبِنْتٍ وَلَا رَبِيبَةٍ قُلْت قَوْلُهُ هَذَا مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَحُلُولِهِ بِالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ غَلَطٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْعَامِّ بِغَيْرِ أَدَاتِهِ وَهُوَ التَّخْصِيصُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا انْدَرَجَ تَحْتَ الْعَامِّ لَا فِيمَا لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي رَسْمِ التَّخْصِيصِ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ قَصْرُ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّيَاتِهِ وَقَوْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْخِطَابُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ التَّعْرِيفَاتِ الْمَلْزُومِ جَمِيعُهَا أَنَّ التَّخْصِيصَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 376 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] انْدَرَجَ تَحْتَ الْعَامِّ وَالْعَامُّ فِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَالْأَرْبَعُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَنْدَرِجْ فِيهِ بِحَالٍ. أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَمَا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالنَّسَبِ إلَّا بِالِانْدِرَاجِ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] وَتَحْتَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] وَبِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الرَّضَاعِ لَا يَصْدُقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا أُمٌّ بِالرَّضَاعِ وَلَا مَنْكُوحَةُ أَبٍ بِهِ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ فِي ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ فِي صُورَتَيْ النَّسَبِ ثَبَتَ فِي الْمَرْأَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ إحْدَاهُمَا أُمَّ أَخِيك وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُ الْأُخْرَى أُمَّ أُخْتِك، وَذَلِكَ وَهْمٌ يُدْرِكُهُ مَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَتَقْرِيرُ هَذَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ وَاضِحٌ فَلَا نُطِيلُ بِهِ وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ انْدِرَاجِهَا تَحْتَ الْعَامِّ الْمَذْكُورِ امْتَنَعَ كَوْنُهُ مُخَصَّصًا بِهَا، وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى أَنَّهَا مُخَصَّصَةٌ لِلْحَدِيثِ كَمَا زَعَمَهُ إنَّمَا أَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ بِهَا إلَى بَيَانِ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ الْإِضَافِيِّ وَهُوَ أُمُّ أَخِيك وَأُمُّ أَبِيك فَإِنَّهُ فِي الْمَعْنَى النِّسْبِيِّ التَّحْرِيمُ وَفِي الرَّضَاعِ لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَا فِي سَائِرِهَا اهـ. وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فَإِذَا قُلْنَا إنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ لَا تَسْرِي مِنْ قِبَلِ الرَّضِيعِ إلَّا إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ مِنْ الذُّكْرَانِ وَالْإِنَاثِ خَاصَّةً فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّ ابْنِهِ وَإِنْ عَلَتْ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ إذْ لَا حُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِخِلَافِ النَّسَبِ اهـ فَالْمُنَاسِبُ لَا أُمَّ أَخِيك بِلَا النَّافِيَةِ عِوَضُ إلَّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بُنَانِيٌّ ابْنُ عَاشِرٍ زِيَادَةٌ مِنْ الرَّضَاعِ مُضِرَّةٌ بَلْ مُخِلَّةٌ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ مُوجِبَ الْحُرْمَةِ اللَّازِمُ لِهَؤُلَاءِ النِّسْوَةِ حَيْثُ يُفْرَضْنَ فِي النَّسَبِ قَدْ يُوجَدُ إذَا فُرِضْنَ فِي الرَّضَاعِ، وَقَدْ يَنْتَفِي فَإِنَّ جَدَّةَ وَلَدِك نَسَبًا حَرَامٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهَا إمَّا أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك وَجَدَّةُ وَلَدِك رَضَاعًا إمَّا أُمُّك مِنْ الرَّضَاعِ فَتَحْرُمُ كَالنَّسَبِ وَإِمَّا أُمُّ أَجْنَبِيَّةٍ أَرْضَعَتْ وَلَدَك فَلَا تَحْرُمُ فَقَدْ جُعِلَ الْمُنْتَفَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ مُوجِبُ الْحُرْمَةِ اللَّازِمُ لَهَا حَيْثُ تُفْرَضُ فِي النَّسَبِ وَلَمْ يُجْعَلْ الْمُنْتَفَى هُوَ الْحُرْمَةُ مِنْ الرَّضَاعِ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 377 وَقُدِّرَ الطِّفْلُ خَاصَّةً وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ، وَلِصَاحِبِهِ مِنْ وَطْئِهِ لِانْقِطَاعِهِ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ. وَاشْتَرَكَ مَعَ الْقَدِيمِ؛ وَلَوْ بِحَرَامٍ   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ جَعْلُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ الرَّضَاعِ ظَرْفِيَّةً بِمَعْنَى فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} [فاطر: 40] أَيْ فِيهَا فَيَنْتَفِي بَحْثُهُ (وَقُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا (الطِّفْلُ) الرَّضِيعُ (خَاصَّةً) أَيْ دُونَ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَأُصُولِهِ، وَأَمَّا فُرُوعُهُ فَهُمْ كَالرَّضِيعِ فِي حُرْمَةِ الْمُرْضِعَةِ وَأُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا وَأَخَوَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَخَالَاتِهَا وَمَفْعُولُ قُدِّرَ الثَّانِي (وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ) سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ وَصِيَّةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً (وَ) قُدِّرَ الطِّفْلُ وَلَدًا (لِصَاحِبِهِ) أَيْ اللَّبَنِ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ سَيِّدًا (مِنْ) حِينِ (وَطْئِهِ) صَاحِبَةَ اللَّبَنِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ لَا مِنْ عَقْدِهِ وَلَا وَطْئِهِ بِلَا إنْزَالٍ يَسْتَمِرُّ تَقْدِيرُ الْوَلَدِيَّةِ لِصَاحِبِهِ (لِانْقِطَاعِهِ) أَيْ اللَّبَنِ إنْ كَانَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الِانْقِطَاعُ (بَعْدَ سِنِينَ) مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَتَمَادَى بِهَا اللَّبَنُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سِنِينَ وَفِي الرِّسَالَةِ وَمَنْ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَبَنَاتُهَا وَبَنَاتُ فَحْلِهَا مَا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ إخْوَةٌ لَهُ وَلِأَخِيهِ نِكَاحُ بَنَاتِهَا أَيْ وَكَذَا لَهُ نِكَاحُهَا نَفْسَهَا وَكَذَا لِأُصُولِهِ لَا فُرُوعِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مِنْ أُصُولِ الْمُرْضِعَةِ وَزَوْجِهَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا مَا يَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِمْ الرَّضِيعِ، وَكَذَا يَحْرُمُ فُرُوعُ الشَّخْصِ رَضَاعًا عَلَى إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ نَسَبًا وَرَضَاعًا كَمَا يَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ رَضَاعًا أُخْتُ أَبِيهِ نَسَبًا وَرَضَاعًا وَهَذَا لَهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ اهـ. عب قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ إلَى قَوْلِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِمْ الرَّضِيعِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِفُرُوعِهَا إذْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُمْ عَلَى فُرُوعِهِ إلَّا الْفُرُوعُ الْقَرِيبَةُ بِخِلَافِهِ هُوَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فُرُوعُهَا مُطْلَقًا أَلَا تَرَى أَنَّ بِنْتَ أُخْتِ الرَّضِيعِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهَا تَحْرُمُ وَلَا تَحْرُمُ عَلَى فُرُوعِهِ (وَ) لَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَبَنُهُ فِي ثَدْيِهَا وَوَطِئَهَا زَوْجٌ ثَانٍ بِإِنْزَالٍ وَلَبَنُ الْأَوَّلِ فِي ثَدْيِهَا (اشْتَرَكَ) الزَّوْجُ الثَّانِي (مَعَ) الزَّوْجِ (الْقَدِيمِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي اللَّبَنِ فَمِنْ رَضْعِهِ قُدِّرَ ابْنًا لَهُمَا وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْأَزْوَاجُ مَا دَامَ لَبَنُ الْأَوَّلِ فِي ثَدْيِهَا وَيُقَدَّرُ الرَّضِيعُ وَلَدًا لِصَاحِبِ اللَّبَنِ إنْ حَصَلَ بِوَطْءٍ حَلَالٍ بَلْ (وَلَوْ) حَصَلَ (بِ) وَطْءٍ (حَرَامٍ) كَمَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ مَحْرَمًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 378 لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ إنْ أَرْضَعَتْ مَنْ كَانَ زَوْجًا لَهَا   [منح الجليل] جَهْلًا وَوَطِئَهَا بِإِنْزَالٍ فَمَنْ رَضِعَ مِنْ لَبَنِهِ قُدِّرَ وَلَدًا لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ) أَيْ الْحَرَامُ (الْوَلَدُ) كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ وَتَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ وَالْمَبْتُوتَةَ وَالْمُلَاعَنَةَ وَالْمَحْرَمَ مَعَ الْعِلْمِ فَمَنْ رَضِعَ مِنْ لَبَنِهِ فَلَا يُقَدَّرُ وَلَدًا لَهُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ وَلَدًا لَهُ وَاعْتَمَدُوهُ. غ فَالصَّوَابُ وَلَوْ بِحَرَامٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ حَبِيبٍ اللَّبَنُ فِي وَطْءٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ زِنًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِيهِ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، وَكَمَا لَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهُ مِنْ الزِّنَا لَا تَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْهَا الْمُزْنَى بِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَبَنُهُ وَالْوَلَدَ وَلَدُهُ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ فِيهِ الْوَلَدُ فَلَا يَحْرُمُ بِلَبَنِهِ مِنْ قِبَلِ فَحْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَهَذَا أَصَحُّ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَقَعُ بِذَلِكَ حُرْمَةٌ حِينَ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ إنْ كَانَ ابْنُهُ سَحْنُونٌ وَهَذَا خَطَأٌ صُرَاحٌ مَا عَلِمْت مَنْ قَالَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَبَنُ وَطْءِ الْحَرَامِ لِلْمُرْضِعَةِ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا وَفِي الرَّجُلِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ حَرُمَ لَهُ كَمُتَزَوِّجِ ذَاتِ مَحْرَمٍ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا عَلَى عَدَمِ حَدِّهِ وَفِيمَا لَا يَلْحَقُ بِهِ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قَائِلًا إلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَأَوَّلُ قَوْلَيْهِ لَا يَحْرُمُ ابْنُ رُشْدٍ بِالثَّانِي قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ مَا عَلِمْت مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا يَحْرُمُ إلَّا عَبْدُ الْمَلِكِ وَهُوَ خَطَأٌ صُرَاحٌ وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ وَلَدٍ أَلْحَقَهُ بِأَبِيهَا لِوِلَادَتِهِ أَمَتَهُ عَلَى فِرَاشِهِ» لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ. (وَ) إنْ زُوِّجَتْ امْرَأَةٌ رَضِيعًا وَطَلُقَتْ عَلَيْهِ وَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا وَوَطِئَهَا بِإِنْزَالٍ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ وَأَرْضَعَتْ بِهِ الرَّضِيعَ الَّذِي كَانَ زَوْجَهَا (حَرُمَتْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ زَوْجِهَا (إنْ أَرْضَعَتْ) الزَّوْجَةُ بِلَبَنِهِ (مَنْ) أَيْ رَضِيعًا (كَانَ) الرَّضِيعُ (زَوْجًا لَهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةِ طَلَّقَهَا وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَتِهِ، صُورَتُهَا تَزَوَّجَتْ طِفْلًا بِوِلَايَةِ أَبِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَتَزَوَّجَتْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 379 ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ: كَمُرْضِعَةِ مُبَانَتِهِ أَوْ مُرْتَضِعٍ مِنْهَا. وَإِنْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتَيْهِ اخْتَارَ، وَإِنْ الْأَخِيرَةَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَنَى بِهَا حَرُمَ الْجَمِيعُ وَأُدِّبَتْ الْمُتَعَمِّدَةُ لِلْإِفْسَادِ. وَفُسِخَ نِكَاحُ الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ:   [منح الجليل] رَجُلًا وَوَطِئَهَا بِإِنْزَالٍ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ الطِّفْلَ الَّذِي كَانَ زَوْجَهَا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا صَاحِبِ اللَّبَنِ (لِأَنَّهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةَ لَمَّا أَرْضَعَتْ الطِّفْلَ بِلَبَنِهِ صَارَ ابْنًا لَهُ وَهِيَ (زَوْجَةُ ابْنِهِ) رَضَاعًا فَالْبُنُوَّةُ الطَّارِئَةُ بَعْدَ وَطْءِ الرَّجُلِ حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ امْرَأَةٌ أَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَحَرُمَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَشَبَّهَ فِي التَّحْرِيمِ فَقَالَ (كَ) زَوْجَةٍ (مُرْضِعَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (مُبَانَتِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ الزَّوْجِ أَيْ الَّتِي طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا صُورَتُهَا تَزَوَّجَ رَضِيعَةً وَطَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ. (أَوْ) شَخْصٍ أُنْثَى (مُرْتَضِعٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (مِنْهَا) أَيْ الْمُبَانَةِ فَالْأُنْثَى الَّتِي رَضَعَتْ مِنْهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا رَبِيبَتُهُ صُورَتُهَا أَبَانَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا وَلَا لَبَنَ لَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَوَطِئَهَا بِإِنْزَالٍ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ بِهِ رَضِيعَةً فَقَدْ حَرُمَتْ الرَّضِيعَةُ عَلَى مَنْ أَبَانَ الْمُرْضِعَةَ (وَإِنْ أَرْضَعَتْ) أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ مُبَانَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا (زَوْجَتَيْهِ) الرَّضِيعَتَيْنِ صَارَتَا أُخْتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ وَحَرُمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَ (اخْتَارَ) الزَّوْجُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَهِيَ أُولَاهُمَا رَضَاعًا وَعَقْدًا بَلْ (وَإِنْ) اخْتَارَ (الْأَخِيرَةَ) أَيْ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْهُمَا إرْضَاعًا وَعَمْدًا (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (قَدْ بَنَى بِهَا) أَيْ مُبَانَتِهِ الَّتِي أَرْضَعَتْ زَوْجَتَيْهِ الرَّضِيعَتَيْنِ (حَرُمَ الْجَمِيعُ) عَلَى الزَّوْجِ الْمُرْضِعَةُ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتَيْهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، وَالرَّضِيعَتَانِ لِأَنَّهُمَا صَارَتَا رَبِيبَتَيْنِ لِزَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا وَالدُّخُولُ بِالْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ. (وَأُدِّبَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً الْمَرْأَةُ (الْمُتَعَمِّدَةُ لِلْإِفْسَادِ) النِّكَاحِ بِإِرْضَاعِهَا مِنْ ذَكَرٍ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (نِكَاحُ) الزَّوْجَيْنِ الْمُكَلَّفَيْنِ (الْمُتَصَادِقَيْنِ عَلَيْهِ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 380 كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ؛ إلَّا أَنْ تَعْلَمَ فَقَطْ فَكَالْكَفَّارَةِ. وَإِنْ ادَّعَاهُ فَأَنْكَرَتْ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ: وَلَهَا النِّصْفُ   [منح الجليل] أَيْ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ سَفِيهَيْنِ وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ فَقَالَ (كَقِيَامِ) أَيْ شَهَادَةٍ (بَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِالرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) صِلَةُ إقْرَارٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ بَعْدَهُ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَمَفْهُومُ قَبْلَ الْعَقْدِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِهِ بَعْدَهُ فَيُفْسَخُ وَإِنْ أَقَرَّتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهَا لِاتِّهَامِهَا بِالْكَذِبِ تَحَيُّلًا عَلَى فِرَاقِهِ لِبُغْضِهِ (وَ) إذَا فُسِخَ النِّكَاحُ فَ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الصَّدَاقُ (الْمُسَمَّى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ أَيْ الْمَذْكُورِ الْمُبَيَّنِ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ تَفْوِيضًا إنْ كَانَ وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ (بِالدُّخُولِ) إنْ عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ (إلَّا أَنْ تَعْلَمَ) الزَّوْجَةُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الزَّوْجِ بِالرَّضَاعِ (فَ) حُكْمُهَا (كَ) حُكْمِ الزَّوْجَةِ (الْغَارَّةِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الَّتِي غَرَّتْ خَاطِبَهَا بِكَتْمِ عَيْبِهَا أَوْ فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِهِ بِانْقِضَائِهَا فَعَقَدَ عَلَيْهَا وَتَبَيَّنَ بَقَاؤُهَا فِي أَنَّ لَهَا رُبْعَ دِينَارٍ فِي نَظِيرِ الْبُضْعِ وَمَفْهُومُ بِالدُّخُولِ أَنَّهُ إنْ فُسِخَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا. (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الزَّوْجُ الرَّضَاعَ الْمُوجِبَ لِلتَّحْرِيمِ بَعْدَ عَقْدِهِ وَقَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا (فَأَنْكَرَتْ) الزَّوْجَةُ الرَّضَاعَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ (أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجُ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الزَّوْجُ بِالرَّضَاعِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (النِّصْفُ) مِنْ الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنْ لَمَّا اُتُّهِمَ هُنَا بِالْكَذِبِ تَحَيُّلًا عَلَى إسْقَاطِ نِصْفِ الْمَهْرِ لَزِمَهُ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِرَضَاعٍ قَبْلَ نِكَاحِهِمَا فُسِخَ اللَّخْمِيُّ إقْرَارُهُ يُوجِبُ فِرَاقَهُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ إنْ بَنَى وَإِلَّا فَلَا إنْ تَقَدَّمَ عَلَى عَقْدِهِ، وَإِلَّا فَكَطَلَاقِهِ إنْ كَذَّبَتْهُ وَإِلَّا سَقَطَ النِّصْفُ وَإِقْرَارُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ يُفَرِّقُ وَبَعْدَهُ إنْ صَدَّقَهَا وَإِلَّا فَلَا وَالْفُرْقَةُ بِإِقْرَارِهَا تُسْقِطُ مَهْرَهَا. اللَّخْمِيُّ وَلَوْ دَخَلَ؛ لِأَنَّهَا غَارَّةٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عَالِمًا بِهِ فَيَجِبُ ابْنُ الْكَاتِبِ إنْ غَرَّتْهُ فَلَهَا رُبْعُ دِينَارٍ وَقَبِلَهُ الصِّقِلِّيُّ اهـ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 381 وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ: لَمْ يَنْدَفِعْ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ قَبْلَهُ. وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ: مَقْبُولٌ قَبْلَ النِّكَاحِ، لَا بَعْدَهُ كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ الِاعْتِذَارَ،   [منح الجليل] وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلُّ نِكَاحٍ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا شَيْءَ فِيهِ (وَإِنْ ادَّعَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّضَاعَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ (فَأَنْكَرَ) الزَّوْجُ الرَّضَاعَ (لَمْ يَنْدَفِعْ) الزَّوْجُ عَنْهَا أَيْ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ لِاتِّهَامِهَا بِالْكَذِبِ تَحَيُّلًا عَلَى فِرَاقِهِ (وَلَا تَقْدِرُ) الزَّوْجَةُ (عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ) وَهِيَ تَدَّعِي الرَّضَاعَ (قَبْلَهُ) أَيْ الدُّخُولَ أَيْ لَا تُمَكَّنُ مِنْهُ لِاقْتِضَاءِ دَعْوَاهَا فَسْخَ النِّكَاحِ قَبْلَهُ، وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْمَهْرِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِذَلِكَ، وَأَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ (وَإِقْرَارُ الْأَبَوَيْنِ) لِلزَّوْجَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ يُزَوِّجُ بِلَا إذْنِهِ بِالرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلْحُرْمَةِ بَيْنَهُمَا وَخَبَرُ إقْرَارِ (مَقْبُولٌ) إنْ أَقَرَّا بِهِ (قَبْلَ) عَقْدِ (النِّكَاحِ) فَيُمْنَعُ وَإِنْ وَقَعَ فَيُفْسَخُ (لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُمَا بِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ النِّكَاحِ فَلَا يُفْسَخُ كَإِقْرَارٍ أَبَوَيْ الْكَبِيرَيْنِ وَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا يَأْتِي فِيهِمَا وَشَمِلَ قَوْلُهُ الْأَبَوَيْنِ أَبَا أَحَدِهِمَا وَأُمَّ الْآخَرِ أَيْضًا لَا أُمَّيْهِمَا. طفي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ يُزَوِّجُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ الِابْنُ الصَّغِيرُ وَالْبِنْتُ الْبِكْرُ كَذَا النَّقْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِ الْبِنْتِ بِالصِّغَرِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ وَشَبَّهَ فِي قَبُولِ الْإِقْرَارِ قَبْلَهُ لَا بَعْدَهُ فَقَالَ (كَقَوْلِ أَبِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى اللَّذَيْنِ يُزَوِّجَانِ بِلَا إذْنِهِمَا أَيْ إخْبَارِهِ بِرَضَاعِهِمَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَهُ لَا بَعْدَهُ (وَ) إنْ أَقَرَّ الْأَبَوَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَاعْتَذَرَ بِعَدَمِ إرَادَتِهِ النِّكَاحَ فَ (لَا يُقْبَلُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (مِنْهُ) أَيْ الْمُقِرِّ بِالرَّضَاعِ مِنْ أَبَوَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا (أَنَّهُ أَرَادَ) بِإِقْرَارِهِ بِهِ (الِاعْتِذَارَ) أَيْ إظْهَارَ الْعُذْرِ لِعَدَمِ التَّزْوِيجِ لِكَرَاهَتِهِ إيَّاهُ لَا حَقِيقَةَ الْإِقْرَارِ بِالرَّضَاعِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فُسِخَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَوَلَّهُ الْمُقِرُّ بِأَنَّ رُشْدَ الْوَلَدِ وَعَقْدَهُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَعَلَى الْآخَرِ مَشَى ابْنُ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ فِي اعْتِذَارِهِ قَرِينَةٌ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ عَلَيْهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 382 بِخِلَافِ أُمِّ أَحَدِهِمَا فَالتَّنَزُّهُ وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ وَبِامْرَأَتَيْنِ إنْ فَشَا قَبْلَ الْعَقْدِ، وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ مَعَ الْفُشُوِّ؟ تَرَدُّدٌ، وَبِرَجُلَيْنِ لَا بِامْرَأَةٍ وَلَوْ فَشَا. وَنُدِبَ التَّنَزُّهُ مُطْلَقًا.   [منح الجليل] بِخِلَافِ قَوْلِ) أَيْ إقْرَارِ (أُمِّ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بِالرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلْحُرْمَةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَهُ (فَالتَّنَزُّهُ) أَيْ تَرْكُ الْعَقْدِ (مُسْتَحَبٌّ) وَلَوْ اسْتَمَرَّتْ عَلَى قَوْلِهَا كَمَا فِي تَكْمِيلِ غ ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَصِيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْوَصِيَّةُ كَالْأَبِ لِجَبْرِهَا عَلَى النِّكَاحِ (وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (بِ) شَهَادَةِ (رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ) بِهِ (وَبِ) شَهَادَةِ (امْرَأَتَيْنِ) بِهِ (إنْ فَشَا) أَيْ شَاعَ الرَّضَاعُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الصُّورَتَيْنِ (قَبْلَ الْعَقْدِ) مِنْ قَوْلِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بِهِ إنْ فَشَا قَوْلُهُمَا بِهِ قَبْلَ نِكَاحِ الرَّضِيعَيْنِ تُثْبِتُهُ اهـ وَهُوَ مِثْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْفُشُوِّ الْمُعْتَبَرِ فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ فُشُوُّ قَوْلِهَا ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا أَوْ فُشُوُّهُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهَا قَوْلَانِ. اهـ. وَشَمِلَ كَلَامُهُ أَبَوَيْ غَيْرِ الْمَجْبُورَيْنِ وَأُمَّ أَحَدِهِمَا مَعَ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ لَمْ يَفْشُ قَبْلَهُ فَلَا يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ (وَهَلْ تُشْتَرَطُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الرَّاءِ (الْعَدَالَةُ) فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِي الْمَرْأَتَيْنِ (مَعَ الْفُشُوِّ) أَوْ لَا تُشْتَرَطُ مَعَهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهَا (تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ إذَا فَشَا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا. وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ فَإِنَّهُ لَمَّا عَزَا لِسَحْنُونٍ قَبُولَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ مَعَ عَدَمِ الْفُشُوِّ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ قَالَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ وَلَا تُشْتَرَطُ مَعَ الْفُشُوِّ عَدَالَتُهُمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ. (وَ) يَثْبُتُ الرَّضَاعُ (بِ) شَهَادَةِ (رَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ بِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِ عَدْلَيْنِ إنْ لَمْ يَفْشُ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ وَالرَّجُلُ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ كَالرَّجُلَيْنِ وَأَخَّرَ هَذَا الدَّفْعَ تَوَهُّمُ تَقْيِيدِهِ بِالْفُشُوِّ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ (لَا) يَثْبُتُ الرَّضَاعُ (بِ) شَهَادَةِ (امْرَأَةٍ) عَدْلَةٌ بِهِ إنْ لَمْ يَفْشُ بَلْ (وَلَوْ فَشَا) مِنْ قَوْلِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَشَمِلَتْ الْمَرْأَةُ أُمَّ أَحَدِهِمَا وَالْأَجْنَبِيَّةَ (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (التَّنَزُّهُ) أَيْ تَرْكُ نِكَاحِ مَنْ شَهِدَ بِرَضَاعِهَا مَنْ لَا يَثْبُتُ الرَّضَاعُ بِشَهَادَتِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الشَّاهِدِ امْرَأَةً فَشَا أَوْ لَا أَوْ رَجُلًا كَذَلِكَ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 383 وَرَضَاعُ الْكُفْرِ: مُعْتَبَرٌ. وَالْغِيلَةُ: وَطْءُ الْمُرْضِعِ وَتَجُوزُ.   [منح الجليل] رَجُلًا وَامْرَأَةً بِلَا فُشُوٍّ أَوْ امْرَأَتَيْنِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ مَنْ اتَّقَاهَا فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى بْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ فِي امْرَأَةٍ أَرَادَ تَزْوِيجَهَا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْهَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَقَالَتْ أُمُّهُ أَرْضَعْتهَا أَرَى أَنْ تَطْلُقَ امْرَأَتُهُ وَلَا يَتَزَوَّجُهَا فَإِنْ اجْتَرَأَ وَتَزَوَّجَهَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي الرَّضَاعِ إلَّا امْرَأَتَانِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقْضَى بِطَلَاقِهَا؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ إيَّاهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَخْبَرَ بِرَضَاعِ امْرَأَةٍ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ، وَقَالَ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» فَنُدِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى اتِّقَاءِ الشُّبُهَاتِ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا وَهَذَا مِنْ الشُّبُهَاتِ إذْ لَا يُوقَنُ بِصِحَّةِ قَوْلِ أُمِّهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَصْدِيقُهَا لِاحْتِمَالِ إرَادَتِهَا مَنْعَهُ نِكَاحَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فَشَا قَوْلُهَا ذَلِكَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا اهـ. (وَرَضَاعُ) الرَّضِيعِ حَالَ (الْكُفْرِ) لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَصَاحِبُهُ (مُعْتَبَرٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَذَا حَالَ الرِّقِّ فَلَوْ أَرْضَعَتْ كَافِرَةٌ صَغِيرًا مُسْلِمًا قُدِّرَ وَلَدًا لَهَا وَلِصَاحِبِ لَبَنِهَا وَلَوْ اسْتَمَرَّا عَلَى دِينِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْمَصَّةُ الْوَاحِدَةُ تُحَرِّمْ وَرَضَاعُ الشِّرْكِ وَالرِّقِّ كَمُقَابِلَيْهِمَا (وَالْغِيلَةُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِهَا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْفَتْحُ إلَّا مَعَ حَذْفِ الْهَاءِ وَحَكَى أَبُو مَرْوَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ الْغِيلَةَ بِالْهَاءِ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ مَعًا هَذَا فِي الرَّضَاعِ وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ فَبِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ وَقِيلَ هُوَ بِالْفَتْحِ مِنْ الرَّضَاعِ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ قَالَهُ فِي الْمَشَارِقِ وَجَزَمَ فِي الْإِكْمَالِ بِأَنَّ الْفَتْحَ لِلْمَرَّةِ وَفِي غَيْرِهَا بِالْكَسْرِ. بُنَانِيٌّ وَخَبَرُ الْغِيلَةِ (وَطْءُ) الْمَرْأَةِ (الْمُرْضِعِ) بِإِنْزَالٍ أَوْ لَا وَقِيلَ بِقَيْدِ الْإِنْزَالِ وَقِيلَ هِيَ إرْضَاعُ الْحَامِلِ (وَتَجُوزُ) الْغِيلَةُ وَالْأَوْلَى تَرْكُهَا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ضَرَرُ الرَّضِيعِ وَإِلَّا مُنِعَتْ وَإِنْ شَكَّ فِيهِ كُرِهَتْ وَفِي الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هَمَمْت أَنْ أَنْهَى النَّاسَ عَنْ الْغِيلَةِ حَتَّى سَمِعْت أَنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ» . ابْنُ عَرَفَةَ وَالْغِيلَةُ فِي كَوْنِهَا وَطْءَ الْمُرْضِعِ أَوْ إرْضَاعَ الْحَامِلِ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَعَزَاهُ أَبُو عُمَرَ لِلْأَخْفَشِ وَفِيهَا عَزَوْهُ لِنَاسٍ وَالْمَذْهَبُ لَا يُكْرَهُ الصِّقِلِّيُّ فِي الْوَاضِحَةِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ الْغِيلَةُ وَطْءُ الْمُرْضِعِ حَمَلَتْ أَمْ لَا الْعَرَبُ تَتَّقِيهِ شَدِيدًا أَبُو عِمْرَانَ مَا أَدْرِي قَوْلَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 384 (بَابٌ) يَجِبُ لِمُمَكِّنَةٍ مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ عَلَى الْبَالِغِ؛   [منح الجليل] أَنْزَلَ أَمْ لَا وَمَا هِيَ إلَّا مَعَ الْإِنْزَالِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ مَاؤُهَا فِي تَضْعِيفِ اللَّبَنِ الْبَاجِيَّ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِإِرْضَاعِهَا بِإِذْنِ زَوْجِهَا فَفِي مَنْعِ وَلِيِّ الرَّضِيعِ زَوْجَهَا وَطْأَهَا مُطْلَقًا أَوْ إنْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بِأَنَّ ضَرَرَهَا الرَّضِيعُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي النَّفَقَة بالنكاح والملك وَالْقَرَابَة] (بَابٌ) فِي النَّفَقَةِ بِالنِّكَاحِ وَالْمِلْكِ وَالْقَرَابَةِ ابْنُ عَرَفَةَ النَّفَقَةُ مَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ فَتَدْخُلُ الْكِسْوَةُ ضَرُورَةً وَانْظُرْهُ فَقَدْ أَطَالَ فِي نَقْلِ الْخِلَافِ فِي دُخُولِهَا فِيهَا، وَخَرَجَ مَا بِهِ قِوَامُ حَالِ الْآدَمِيِّ غَيْرِ الْمُعْتَادِ وَمَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَمَا بِهِ قِوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ وَهُوَ سَرَفٌ فَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نَفَقَةً شَرْعًا (يَجِبُ لِ) زَوْجَةٍ (مُمَكِّنَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُشَدَّدَةً زَوْجَهَا مِنْ اسْتِمْتَاعِهِ بَعْدَ دُعَائِهَا أَوْ دُعَاءِ مُجْبِرِهَا لِلدُّخُولِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَمَضَى زَمَنٌ يَتَجَهَّزُ فِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَادَةً إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ سَأَلَهَا الْحَاكِمُ هَلْ تُمَكِّنِيهِ أَنْ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ قَالَتْ نَعَمْ فَرَضَهَا لَهَا إنْ كَانَتْ مُطِيقَةً وَهُوَ بَالِغٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ عَمَّنْ سَافَرَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَطَلَبَتْ زَوْجَتُهُ بَعْدَ أَشْهُرٍ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِهِ قَالَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا ابْنُ رُشْدٍ قِيلَ لَا نَفَقَةَ لَهَا إنْ كَانَ مَغِيبُهُ قَرِيبًا؛ لِأَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَدْعُوهُ لِلْبِنَاءِ فَإِنْ طَلَبَتْهُ وَهُوَ قَرِيبٌ كَتَبَ لَهُ إمَّا أَنْ يَبْنِيَ أَوْ يُنْفِقَ، وَقِيلَ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ الدُّعَاءِ وَلَيْسَ عَلَيْهَا انْتِظَارُهُ وَهَذَا أَقْيَسُ وَهُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ اهـ. اللَّخْمِيُّ يَحْسُنُ فَرْضُهَا إنْ سَافَرَ دُونَ عِلْمِهَا وَمَضَى أَمَدُ الْبِنَاءِ أَوْ بِعِلْمِهَا وَلَمْ يَعُدْ فِي الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ اهـ (مُطِيقَةٍ لِلْوَطْءِ) فَلَا تَجِبُ لِغَيْرِ مُمَكِّنَةٍ وَلَا لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ لِصِغَرٍ أَوْ رَتَقٍ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ وَيَتَلَذَّذَ بِهَا أَوْ يَطَأَ الصَّغِيرَةَ غَيْرَ الْمُطِيقَةِ، وَصِلَةُ يَجِبُ (عَلَى) الزَّوْجِ (الْبَالِغِ) سَوَاءٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 385 وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مُشْرِفًا: قُوتٌ،   [منح الجليل] كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ابْنُ سَلْمُونٍ وَعَلَى الْعَبْدِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ وَكِسْوَتُهَا طُولَ بَقَائِهَا فِي عِصْمَتِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ سَيِّدُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بَوَّأَهَا سَيِّدُهَا مَعَهُ بَيْتًا أَمْ لَا، وَانْظُرْ قَوْلَهُ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعُرْفٍ جَرَى بِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِلَّا فَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ إلَّا لِعُرْفٍ فَلَا نَفَقَةَ لِزَوْجَةِ صَغِيرٍ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَافْتَضَّهَا (وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (مُشْرِفًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَقِبَهَا فَاءٌ أَيْ بَالِغًا حَدَّ السِّيَاقِ، وَهُوَ الْآخِذُ فِي النَّزْعِ فَلَا نَفَقَةَ لِمُشْرِفَةٍ وَلَا عَلَى مُشْرِفٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَدُخُولُ هَذَا وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْإِشْرَافُ الْعَارِضُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَامَّةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَبِهِ قَرَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاَلَّذِي قَرَّرَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وضيح كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ اخْتِصَاصُهَا بِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ وَنَصَّهُ، وَجَعَلَ فِي ضَيْح السَّلَامَةَ مِنْ الْمَرَضِ وَبُلُوغَ الزَّوْجِ وَإِطَاقَةَ الْوَطْءِ شُرُوطًا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ بِالدُّعَاءِ لِلدُّخُولِ فَإِذَا دُعِيَ إلَيْهِ وَقَدْ اخْتَلَّ أَحَدُهَا فَلَا تَجِبُ أَمَّا إنْ دَخَلَ فَتَجِبُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَجَعَلَهَا اللَّقَانِيُّ شُرُوطًا فِي وُجُوبِهَا بِالدُّخُولِ وَبِالدُّعَاءِ إلَيْهِ وَلَمْ يُعَضِّدْهُ بِنَقْلٍ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَجِبُ بِنِكَاحٍ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا بِدُعَاءِ الزَّوْجِ الْبَالِغِ لِبِنَائِهِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا فِي مَرَضِ السِّيَاقِ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بَعْدَ قَدْرِ التَّرَبُّصِ لِلْبِنَاءِ وَالشُّورَةِ عَادَةً. عِيَاضٌ ظَاهِرُ مَسَائِلِهَا أَنَّ لِأَبِي الْبِكْرِ دُعَاءَ الزَّوْجِ لِلْبِنَاءِ الْمُوجِبِ لِلنَّفَقَةِ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْهُ ابْنَتُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ بَعْضِ شُيُوخِنَا، وَقَالَهُ أَبُو الْمُطَرِّفِ الشَّعْبِيُّ كَجَبْرِهِ إيَّاهَا عَلَى الْعَقْدِ وَبَيْعِ مَالِهَا وَتَسْلِيمِهِ، وَقَالَ الْمَأْمُونِيُّ: لَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِدُعَائِهَا أَوْ تَوْكِيلِهَا إيَّاهُ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَتَّابٍ قُلْت ظَاهِرُهُ كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ عَلَى مَالِهَا وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ، وَالثَّانِي فِي الثَّانِي وَفِي كَوْنِ الْعَقْدِ كَالدُّعَاءِ لِلْبِنَاءِ، ثَالِثُهَا فِي الْيَتِيمَةِ ثُمَّ قَالَ وَالدُّعَاءُ فِي مَرَضِ السِّيَاقِ لَغْوٌ وَفِي مَرَضٍ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا فِيهِمَا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا قَوْلَانِ لَهَا وَلِسَحْنُونٍ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَفَاعِلُ يَجِبُ (قُوتٌ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، أَيْ طَعَامٌ مُقْتَاتٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ بِالْعَادَةِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 386 وَإِدَامٌ وَكِسْوَةٌ، وَمَسْكَنٌ بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا، وَالْبَلَدِ وَالسِّعْرِ، وَإِنْ أَكُولَةً   [منح الجليل] وَإِدَامٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ مَا يُؤْتَدَمُ بِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِالْعَادَةِ (وَكِسْوَةٌ) عَطْفٌ عَلَى قُوتٌ تَقِيهَا الْبَرْدَ وَالْحَرَّ بِالْعَادَةِ (وَمَسْكَنٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ الْكَافِ عَطْفٌ عَلَى قُوتٌ أَيْ مَوْضِعٌ تَسْكُنُ فِيهِ (بِ) حَسَبِ (الْعَادَةِ) الْجَارِيَةِ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدِهِمَا فِي الْأَرْبَعَةِ. ابْنُ عَاشِرٍ إنَّمَا تَجِبُ الْكِسْوَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدَاقِ مَا تَتَشَوَّرُ بِهِ أَوْ كَانَ وَطَالَ الْأَمَدُ حَتَّى خَلَقَتْ كِسْوَةُ الشُّورَةِ. قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَمِنْهَا الْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ اهـ. وَالْقُوتُ وَمَا بَعْدَهُ (بِقَدْرِ وُسْعِهِ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ طَاقَةِ الزَّوْجِ (وَحَالِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَتَوَسُّطٍ بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالِاعْتِبَارُ فِي النَّفَقَةِ بِقَدْرِ حَالِ الْمَرْأَةِ وَحَالِ الزَّوْجِ فِي يُسْرٍ أَوْ إعْسَارٍ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا لَا حَدَّ لِنَفَقَتِهَا هِيَ عَلَى قَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ وَفِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ عَلَى قَدْرِ حَالِهَا مِنْ حَالِهِ. اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْمُعْتَبَرُ حَالُهُمَا وَحَالُ بَلَدِهِمَا وَزَمَنِهِمَا وَسِعْرِهِمَا وَنَحْوُهُ سَمَعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَنَقْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِبَارَ حَالِ الزَّوْجِ فَقَطْ لَا أَعْرِفُهُ، وَوَاجِبُهَا مَا يَضُرُّ بِهَا فَقْدُهُ وَلَا يَضُرُّهُ، وَفِيمَا فَوْقَهُ مُعْتَادًا لِمِثْلِهَا غَيْرَ سَرَفٍ لَا يَضُرُّهُ خِلَافٌ، وَفِي تَعْيِينِهِ بِمُقْتَضَى مَحَلِّ قَائِلِيهِ وَعَادَتِهِ مَقَالَاتٌ فَصِنْفٌ مَأْكُولِهَا جُلُّ قُوتِ مِثْلِهَا بِبَلَدِهَا يُفْرَضُ لَهَا مِنْ الطَّعَامِ مَا يَرَى أَنَّهُ الشِّبَعُ مِمَّا يَقْتَاتُ بِهِ أَهْلُ بَلَدِهِمَا، فَمِنْ الْبِلَادِ مَا لَا يُنْفِقُ أَهْلُهَا شَعِيرًا بِحَالِ غَنِيِّهِمْ وَلَا فَقِيرِهِمْ، وَمِنْهَا مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مُسْتَحَبٌّ وَمُسْتَجَادٌ،. اللَّخْمِيُّ الْمُعْتَبَرُ الصِّنْفُ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَهُمَا بِبَلَدِهِمَا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ ذُرَةً أَوْ تَمْرًا فَلَوْ كَانَ قَمْحًا وَعَجَزَ عَنْ غَيْرِ الشَّعِيرِ فَفِي لُزُومِ الْأَغْلَى نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَدَلِيلُ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَاعَى قَدْرُهَا مِنْ قَدْرِهِ وَغَلَاءُ السِّعْرِ (وَ) يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى (الْبَلَدِ) الَّذِي هُمَا بِهِ (وَالسِّعْرُ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْقِيمَةُ لِلْقُوتِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ رَخَاءٍ وَغَلَاءٍ وَتَوَسُّطٍ بَيْنَهُمَا لِاخْتِلَافِ النَّفَقَةِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ كِفَايَتِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ أَكُولَةً بَلْ (إنْ) كَانَتْ (أَكُولَةً) أَيْ كَثِيرَةَ الْأَكْلِ كَثْرَةً خَارِجَةً عَنْ الْمُعْتَادِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 387 وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَقَوَّى بِهِ، إلَّا الْمَرِيضَةَ وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا تَأْكُلُ عَلَى الْأَصْوَبِ وَلَا يَلْزَمُ الْحَرِيرُ. وَحُمِلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَعَلَى الْمَدَنِيَّةِ لِقَنَاعَتِهَا،   [منح الجليل] لِمِثْلِهَا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا أَوْ طَلَاقُهَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهَا غَيْرَ أَكُولَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْوَسَطِ. (وَتُزَادُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الزَّوْجَةُ (الْمُرْضِعُ) عَلَى النَّفَقَةِ الْمُعْتَادَةِ (مَا تَقْوَى بِهِ) عَلَى إرْضَاعِهَا زَمَنَهُ لِاحْتِيَاجِهَا لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُفْرَضُ لِلْمُرْضِعِ مَا يَقُومُ بِهَا فِي رَضَاعَتِهَا، وَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِالْعَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقُوتِ وَالْإِدَامِ فَقَالَ (إلَّا) الزَّوْجَةَ (الْمَرِيضَةَ) وَلَوْ أَشْرَفَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ (وَقَلِيلَةَ الْأَكْلِ) خِلْقَةً (فَلَا يَلْزَمُ) لِلزَّوْجَةِ (إلَّا مَا تَأْكُلُهُ عَلَى الْأَصْوَبِ) عِنْدَ الْمُتَيْطِيِّ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُقْضَى لِكُلٍّ مِنْ الْمَرِيضَةِ وَقَلِيلَةِ الْأَكْلِ بِالْوَسَطِ وَتَصْرِفُ الْفَاضِلَ فِيمَا تُحِبُّ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَهْلٍ اُنْظُرْ إنْ قَلَّ أَكْلُهَا لِمَرَضٍ وَطَلَبَتْ فَرْضًا كَامِلًا، أَوْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الْأَكْلِ يَكْفِيهَا الْيَسِيرُ وَطَلَبَتْ فَرْضًا كَامِلًا فَهَلْ يُقْضَى لَهَا بِذَلِكَ أَمْ بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَكِفَايَتِهَا وَفِي كِتَابِ الْوَقَارِ إنْ مَرِضَتْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا إلَّا أَزْيَدَ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي صِحَّتِهَا الْمُتَيْطِيُّ الصَّوَابُ أَنْ لَيْسَ لَهَا إلَّا مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَكْلِ، وَذَلِكَ أَحَقُّ فِي الْمَرِيضَةِ إذْ النَّفَقَةُ عِوَضُ الْمُتْعَةِ قُلْت وَلِقَوْلِ الْأَكْثَرِ إنْ كَانَتْ أَكُولَةً فَعَلَيْهِ مَا يُشْبِعُهَا وَإِلَّا طَلَّقَهَا، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَلْزَمُهُ لَهَا إلَّا الْمُعْتَادُ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الْأَكْلِ فَلَهَا الْمُعْتَادُ تَصْنَعُ بِهِ مَا تَشَاءُ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (الْحَرِيرُ) فِي كِسْوَةِ زَوْجَتِهِ وَلَوْ اتَّسَعَ حَالُهُ وَهِيَ غَنِيَّةٌ عَادَتُهَا ذَلِكَ فَهَذَا كَالتَّخْصِيصِ لِقَوْلِهِ بِالْعَادَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهَا وَحَالِهَا فِي الْكِسْوَةِ (وَحُمِلَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ قَوْلُ الْإِمَامِ لَا يَلْزَمُ الْحَرِيرُ (عَلَى الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَدَنِيَّةِ أَيْ أَبْقَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى عُمُومِهِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ (وَ) حَمَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ (عَلَى الْمَدَنِيَّةِ) أَيْ سَاكِنَةِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إنْ تَخَلَّقَتْ بِخُلُقِ أَهْلِهَا (لِقَنَاعَتِهَا) أَيْ الْمَدَنِيَّةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 388 فَيُفْرَضُ الْمَاءُ، وَالزَّيْتُ، وَالْحَطَبُ، وَالْمِلْحُ، وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ،   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ اللِّبَاسُ اللَّخْمِيُّ قَمِيصٌ وَوِقَايَةٌ وَقِنَاعٌ وَهِيَ فِي الْجَوْدَةِ وَالدَّنَاءَةِ عَلَى قَدْرِهِمَا وَيُسْرِ الزَّوْجِ وَيُزَادُ لِبَعْضِ النِّسَاءِ مَا يَكُونُ فِي الْوَسَطِ وَيُزَدْنَ فِي الشِّتَاءِ مَا يَقِي الْبَرْدَ. ابْنُ حَبِيبٍ وَلِبَاسُهَا قَمِيصٌ وَفَرْوٌ لِشِتَائِهَا مِنْ خِرْفَانٍ أَوْ قَلَنْبَاةٌ تَحْتَ قَمِيصٍ وَفَوْقَهُ آخَرُ وَلِفَافَةٍ سَابِغَةٍ لِرَأْسِهَا وَمِقْنَعَةٌ فَوْقَهَا تَجْمَعُ بِهَا رَأْسَهَا وَصَدْرَهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِقْنَعَةٌ فَخِمَارٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَإِزَارٌ تَقْذِفُهُ عَلَى رَأْسِهَا، وَتَجْمَعُ بِهِ ثِيَابَهَا وَخُفَّانِ وَجَوْرَبَانِ الْخُفَّانِ وَالْفَرْوُ لِسَنَتَيْنِ ثُمَّ تُجَدِّدُ وَمَا وَصَفْنَاهُ لِسَنَةٍ ثُمَّ تُجَدِّدُ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ يُفْرَضُ لَهَا لِبَاسُ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ الْجُبَّةِ الْقَرْقَلُ وَالْمِقْنَعُ وَالْإِزَارُ وَالْخِمَارُ وَشِبْهُ ذَلِكَ مِمَّا لَا غِنَى لَهَا عَنْهُ وَمَا يَسْتُرُهَا وَيُدَارِيهَا. اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُفْرَضُ خَزٌّ وَلَا وَشْيٌ وَلَا حَرِيرٌ وَإِنْ كَانَ مُتَّسِعًا. ابْنُ الْقَصَّارِ إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُفْرَضُ الْخَزُّ وَالْوَشْيُ وَالْعَسَلُ لِقَنَاعَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَعَلَى حَسَبِ أَحْوَالِهِمْ كَالنَّفَقَةِ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى الْكِسْوَةُ عَلَى قَدْرِهَا وَقَدْرِهِ لَيْسَ فِيهَا خَزٌّ وَلَا حَرِيرٌ وَلَا وَشْيٌ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ سَعَةً ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الْخَزِّ وَالْحَرِيرِ الْمُرْتَفِعِ الَّذِي لَا يُشْبِهُ أَنْ يَبْتَذِلَهُ مِثْلُهَا إذْ قَدْ يَكُونُ فِي الْخَزِّ وَالْعَصَبِ وَالشَّطَوِيِّ مَا يُشْبِهُ الْعَصَبَ الْغَلِيظَ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ إنْ كَانَتْ مُتَّسِعَةً، وَكَانَتْ لِبْسَةَ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ وَهْبٍ. (فَيُفْرَضُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ يُقَدَّرُ لِلزَّوْجَةِ (الْمَاءُ) لِشُرْبِهَا وَوُضُوئِهَا وَغُسْلِهَا، وَلَوْ مِنْ جَنَابَةٍ مِنْ غَيْرِ وَطْئِهِ وَغُسْلِ عِيدٍ وَدُخُولِ مَكَّةَ وُقُوفِ عَرَفَةَ وَإِحْرَامٍ وَجُمُعَةٍ وَغَسْلِ ثِيَابٍ وَآنِيَةٍ وَرَشٍّ (وَالزَّيْتُ) لِائْتِدَامٍ وَاسْتِصْبَاحٍ وَإِدْهَانٍ (وَالْحَطَبُ) لِطَبْخٍ وَخَبْزٍ (وَالْمِلْحُ) لِائْتِدَامٍ وَإِصْلَاحِ طَعَامٍ (وَاللَّحْمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ) فِي الْجُمُعَةِ لِمُتَّسِعِ الْحَالِ وَمَرَّةً فِيهَا لِمُتَوَسِّطِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يُفْرَضُ كُلَّ يَوْمٍ الشَّارِحُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً. تت لَا يُفْرَضُ عَسَلٌ وَلَا سَمْنٌ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إدَامًا عَادَةً وَلَا حَلْوَى وَلَا حَالُومٌ وَلَا فَاكِهَةٌ لَا رَطْبَةٌ وَلَا يَابِسَةٌ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَا إدَامَيْنِ عَادَةً كَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 389 وَحَصِيرٌ، وَسَرِيرٌ اُحْتِيجَ لَهُ، وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ، وَزِينَةٌ تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا: كَكُحْلٍ، وَدُهْنٍ مُعْتَادَيْنِ، وَحِنَّاءٍ،   [منح الجليل] وَ) يُفْرَضُ (حَصِيرٌ) تَحْتَ الْفِرَاشِ أَوْ هُوَ الْفِرَاشُ مِنْ حَلْفَاءَ أَوْ بَرْدِي أَوْ سَعَفٍ (وَ) يُفْرَضُ (سَرِيرٌ اُحْتِيجَ لَهُ) لِمَنْعِ عَقْرَبٍ أَوْ بُرْغُوثٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ يُفْرَضُ لَهَا اللِّحَافُ لِلَّيْلِ وَالْفِرَاشِ وَالْوِسَادَةِ وَالسَّرِيرِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ لِخَوْفِ الْعَقَارِبِ وَشِبْهِهَا، (وَ) يُفْرَضُ (أُجْرَةُ) امْرَأَةٍ (قَابِلَةٍ) أَيْ الَّتِي تُقَابِلُهَا حَالَ وِلَادَتِهَا لِتُلْقِي الْوَلَدَ وَالْقِيَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَوْ مُطَلَّقَةً، أَوْ أَمَةَ أَصْلِهِ الْحُرِّ، وَأَمَّا الْأَمَةُ الَّتِي وَلَدُهَا رَقِيقٌ فَعَلَى سَيِّدِهَا مُؤْنَةُ وِلَادَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ أُجْرَةِ الْقَابِلَةِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ. ثَالِثُهَا إنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا النِّسَاءُ فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَا يَنْتَفِعَانِ بِهَا مَعًا فَعَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مَنْفَعَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَزَاهَا فَانْظُرْهُ. (وَ) يُفْرَضُ لَهَا (زِينَةٌ تَسْتَضِرُّ) أَيْ تَتَضَرَّرُ الزَّوْجَةُ (بِتَرْكِهَا) أَيْ الزِّينَةِ (كَكُحْلٍ وَدُهْنٍ مُعْتَادَيْنِ) لَهَا (وَحِنَّاءٍ) مُعْتَادَةٍ لَهَا، بِالْمَدِّ مُنْصَرِفًا؛ لِأَنَّ أَلِفَهُ أَصْلِيَّةٌ تت لِرَأْسِهَا لَا لِخَضْبِ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَلَوْ طِيبًا وَلَا جَرَى بِهِ عُرْفٌ. ابْنُ رُشْدٍ الطِّيبُ مِنْ الزِّينَةِ الَّتِي يُتَلَذَّذُ بِهَا وَلَا تَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا الزِّينَةُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ يُفْرَضُ لَهَا مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ كَالْمُشْطِ وَالْكُحْلِ وَالنُّضُوجِ وَدُهْنِهَا وَحِنَّاءِ رَأْسِهَا وَلِابْنِ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالطِّيبُ وَالزَّعْفَرَانُ وَخِضَابُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ لَيْسَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الصَّبْغِ وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى الْغَنِيِّ طِيبُهَا لَا الصِّبَاغُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الشَّرَفِ وَالسَّعَةِ وَامْرَأَتُهُ كَذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالصَّبْغِ صَبْغُ ثِيَابِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهِ نُضُوخٌ وَلَا صِبَاغٌ وَلَا مُشْطٌ وَلَا مُكْحُلَةٌ وَلِيَحْيَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَهَا حِنَّاءُ رَأْسِهَا الْبَاجِيَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ زِينَتِهَا إلَّا مَا تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا كَالْكُحْلِ وَالْمِشْطِ بِالْحِنَّاءِ وَالدُّهْنِ لِمَنْ اعْتَادَتْ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي نَفَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ الْمُكْحُلَةُ لَا الْكُحْلُ نَفْسُهُ فَتَضَمَّنَ الْقَوْلَانِ أَنَّ الْكُحْلَ يَلْزَمُهُ لَا الْمُكْحُلَةُ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا تَمْتَشِطُ بِهِ مِنْ الدُّهْنِ وَالْحِنَّاءِ لَا آلَةُ الْمُشْطِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 390 وَمِشْطٍ. وَإِخْدَامُ أَهْلِهِ، وَإِنْ بِكِرَاءٍ. وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقُضِيَ لَهَا بِخَادِمِهَا، إنْ أَحَبَّتْ إلَّا لِرِيبَةٍ، وَإِلَّا فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ، مِنْ عَجْنٍ، وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ،   [منح الجليل] (وَ) يُفْرَضُ لَهَا (مَشْطٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَا تُخَمِّرُ بِهِ رَأْسَهَا مِنْ دُهْنٍ وَغَيْرِهِ (وَ) يُفْرَضُ (إخْدَامُ أَهْلِهِ) أَيْ الْإِخْدَامُ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْقَدْرِ اللَّاتِي خِدْمَتُهُنَّ فِي الْبَيْتِ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَوْ يَكُونُ هُوَ ذَا قَدْرٍ تُزْرِي خِدْمَةَ زَوْجَتِهِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ خَادِمٌ إلَّا فِي يُسْرِهِ وَيَتَعَاوَنَانِ فِي الْخِدْمَةِ، وَفِي إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا إنْ اتَّسَعَ أَخْدَمَهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ عَلَيْهِ إخْدَامُهَا إنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تُخْدَمُ لِحَالِهَا وَغِنَى زَوْجِهَا إنْ كَانَ الْإِخْدَامُ بِشِرَاءِ رَقِيقٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِكِرَاءٍ) لِخَادِمٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ إنْ كَانَ بِوَاحِدَةٍ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ) إنْ لَمْ تَكْفِ الْوَاحِدَةُ وَتُقَيَّدُ الْكَثْرَةُ بِأَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ فِي مِثْلِ بَنَاتِ السُّلْطَانِ أَوْ الْهَاشِمِيَّاتِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ ذُو السَّعَةِ فِي قَصْرِ وُجُوبِ إنْفَاقِهِ عَلَى خَادِمٍ وَلُزُومُ ثَانِيَةٍ إنْ كَانَا مِمَّنْ لَا تُصْلِحُهُمَا وَاحِدَةٌ. ثَالِثُهَا إنْ ارْتَفَعَ قَدْرُهَا جِدًّا كَابْنَةِ السُّلْطَانِ وَالْهَاشِمِيَّةِ فِي عَدَدِ خَادِمِهَا الْأَرْبَعُ وَالْخَمْسُ. (وَ) إنْ دَعَتْ لِيَخْدُمَهَا خَادِمُهَا وَيَكُونُ عِنْدَهَا وَدَعَا الزَّوْجُ لِيَخْدُمَهَا خَادِمُهُ (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهَا بِخَادِمِهَا) ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ طَلَبَتْ نَفَقَةَ خَادِمِهَا، وَقَالَ أَخْدُمُهَا بِخَادِمِي أَوْ أُكْرِيَ مَنْ يَخْدُمُهَا بِقَدْرِ نَفَقَةِ خَادِمِهَا أَوْ أَكْثَرَ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهَا أَوْ قَوْلِهِ نَقَلَ الْبَاجِيَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ فَتْوَى ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ، وَقَيَّدَ ابْنُ شَاسٍ الْقَضَاءَ بِخَادِمِهَا بِكَوْنِهَا مَأْلُوفَةً مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَكَذَا إنْ أَرَادَ أَنْ يَكْتَرِيَ لَهَا دَارًا وَرَضِيَتْ هِيَ بِالسُّكْنَى فِي دَارِهَا بِمِثْلِ مَا يُكْرَى لَهَا أَوْ دُونَ أُجِيبَتْ (إلَّا لِرِيبَةٍ) ثَابِتَةٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِأَنْ يَعْرِفَ جِيرَانُهَا رِيبَةً فِي دِينِ الْخَادِمِ أَوْ فِي سَرِقَةِ مَالِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ (فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ) أَيْ الَّتِي تُفْعَلُ فِي الْبَيْتِ (مِنْ عَجْنٍ وَكَنْسٍ وَفَرْشٍ) وَطَبْخٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 391 بِخِلَافِ النَّسْجِ وَالْغَزْلِ، لَا مُكْحُلَةٌ، وَدَوَاءٌ وَحِجَامَةٌ، وَثِيَابُ الْمَخْرَجِ.   [منح الجليل] شَرَفٍ وَلَا فِي صَدَاقِهَا ثَمَنُ خَادِمٍ فَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ الْعَجْنُ وَالطَّبْخُ وَالْكَنْسُ وَالْفَرْشُ وَاسْتِقَاءُ الْمَاءِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَلِيًّا لَا أَنَّهُ مِثْلُهَا فِي الْحَالِ وَلَيْسَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ الَّذِينَ لَا يَمْتَهِنُونَ نِسَاءَهُمْ بِخِدْمَةٍ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا خِدْمَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ شَرَفٍ وَعَلَيْهَا الْخِدْمَةُ الْبَاطِنَةُ. ابْنُ مَسْلَمَةَ تَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَةُ دَاخِلِ بَيْتِهَا. ابْنُ نَافِعٍ عَلَيْهَا أَنْ تُنَظِّفَ وَتَفْرِشَ وَتَخْدُمَ. ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَلَيْهَا خِدْمَةُ مِثْلِهَا وَخِدْمَةُ ذَاتِ الْقَدْرِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فِي مَصَالِحِ الْمَنْزِلِ، وَإِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً فَعَلَيْهَا الْكَنْسُ وَالْفَرْشُ وَطَبْخُ الْقِدْرِ وَاسْتِقَاءُ الْمَاءِ إنْ كَانَ عَادَةُ الْبَلَدِ لَعَلَّهُ يُرِيدُ مِنْ بِئْرِ دَارِهَا أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا وَخَفَّ (بِخِلَافِ) الْخِدْمَةِ الظَّاهِرَةِ كَ (النَّسْجِ وَالْغَزْلِ) وَالْخِيَاطَةِ وَالطَّرْزِ لَا تَلْزَمُهَا وَلَوْ جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ تَكَسُّبٌ لِلنَّفَقَةِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لَهَا (لَا) تُفْرَضُ (مُكْحُلَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْحَاءِ أَيْ الْآلَةُ الَّتِي يُجْعَلُ الْكُحْلُ فِيهَا (وَ) لَا يُفْرَضُ (دَوَاءٌ وَلَا حِجَامَةٌ) وَلَا أُجْرَةُ طَبِيبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ لَيْسَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْحِجَامَةِ وَلَا الطَّبِيبِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي حَفْصِ بْنِ الْعَطَّارِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُدَاوِيَهَا بِقَدْرِ مَا كَانَ لَهَا مِنْ نَفَقَةِ صِحَّتِهَا لَا أَزْيَدَ. ابْنُ زَرْقُونٍ فِي نَفَقَاتِ ابْنِ رَشِيقٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَيْهِ أَجْرُ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ. (وَ) لَا يَلْزَمُهُ (ثِيَابُ الْمَخْرَجِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ أَيْ الَّتِي تَتَزَيَّنُ بِهَا عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عُرْسٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ ثَوْبٍ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَلْبَسُهُ فَوْقَ ثِيَابِهَا وَحَبَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا تَلْتَفُّ بِهَا وَغَيْرِهِمَا وَلَوْ غَنِيًّا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَفِي الْمَبْسُوطِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ تَلْزَمُ الْغَنِيَّ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ ثِيَابَ خُرُوجِهَا عَادَةً وَالْمِلْحَفَةَ لَا تَلْزَمُهُ وَفِي الْمَبْسُوطِ يُفْرَضُ عَلَى الْغَنِيِّ ثِيَابُ مَخْرَجِهَا، وَعَزَاهُ ابْنُ زَرْقُونٍ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْحَمَّامِ إلَّا مِنْ سَقَمٍ أَوْ نِفَاسٍ ابْنُ شَعْبَانَ يُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ لَا أُجْرَتَهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 392 وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِشُورَتِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ: كَالثُّومِ لَا أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَدْخُلُوا لَهَا. وَحُنِّثَ إنْ حَلَفَ: كَحَلِفِهِ أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدَيْهَا، إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً،   [منح الجليل] وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فِرَاشِهَا وَغِطَائِهَا وَلِبَاسِهَا فَيَلْبَسُ مَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ مِنْهَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَيْعِهَا وَهِبَتُهَا؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعَ بِهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا تَجَهَّزَتْ بِهِ مِنْ مَقْبُوضِ صَدَاقِهَا، وَأَمَّا مَالُهَا الْمُخْتَصُّ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا مَنْعُهَا مِنْ التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا ابْنُ زَرْبٍ لَا تَبِيعُ الزَّوْجَةُ شَوْرَتَهَا حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا الزَّوْجُ كَأَرْبَعِ سِنِينَ وَهِيَ فِي بَيْتِهِ، (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الزَّوْجَ (بَدَلُهَا) إنْ خَلَقَتْ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ فِرَاشٍ وَغِطَاءٍ وَآنِيَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ حَدِيثَةَ الْبِنَاءِ وَشَوْرَتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا فَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا لَا فِي مَلْبَسٍ وَلَا فِي مِفْرَشٍ وَمِلْحَفٍ بَلْ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِذَلِكَ مَعَهَا بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ صَدَاقُهَا عَنْ ذَلِكَ أَوْ كَانَ عَهْدُ الْبِنَاءِ قَدْ طَالَ فَعَلَيْهِ مَا لَا غِنَى لَهَا عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي الْوَسَطِ فِرَاشٌ وَمِرْفَقَةٌ وَإِزَارٌ وَلِحَافٌ وَكِيسٌ تَفْتَرِشُهُ عَلَى فِرَاشِهَا فِي الشِّتَاءِ. (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (مَنْعُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مِنْ أَكْلِ) هَا مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ (كَالثُّومِ) وَالْبَصَلِ وَالْفُجْلِ وَكَذَا الْمَشْرُوبُ إلَّا أَنْ يَسْتَعْمِلَ ذَلِكَ مَعَهَا أَوْ يَكُونَ لَا شَمَّ لَهُ، وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ فِعْلِ مَا يُوهِنُ جَسَدَهَا مِنْ الصَّنَائِعِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْغَزْلِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَهَا بِهِ (لَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ (أَبَوَيْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (أَنْ يَدْخُلُوا) أَيْ الْأَبَوَانِ وَالْوَلَدُ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَمَفْهُومُ الْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ أَنَّ لَهُ مَنْعَ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ وَسَائِرِ أَقَارِبِهَا مِنْ الدُّخُولِ لَهَا. (وَحُنِّثَ) بِضَمٍّ فَكَسْر مُثْقَلًا الزَّوْجُ أَيْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ (إنْ حَلَفَ) أَنْ لَا يُدْخِلَ لَهَا أَبَوَاهَا وَوَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَشَبَّهَ فِي التَّحْنِيثِ فَقَالَ (كَحَلِفِهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى (أَنْ لَا تَزُورَ) زَوْجَتُهُ (وَالِدَيْهَا) فَتَخْرُجُ لِزِيَارَتِهِمَا (إنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (مَأْمُونَةً) عَلَى نَفْسِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 393 وَلَوْ شَابَّةً، لَا إنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ وَقُضِيَ لِلصِّغَارِ كُلَّ يَوْمٍ، وَلِلْكِبَارِ كُلَّ جُمُعَةٍ: كَالْوَالِدَيْنِ، وَمَعَ أَمِينَةٍ، إنْ اتَّهَمَهُمَا   [منح الجليل] إنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (شَابَّةً) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً فَلَا تَخْرُجُ وَلَوْ مُتَجَالَّةً أَوْ مَعَ أَمِينَةٍ. (لَا) يُحَنَّثُ (إنْ حَلَفَ) الزَّوْجُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ (لَا تَخْرُجُ) زَوْجَتُهُ مِنْ بَيْتِهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزِيَارَةِ وَالِدَيْهَا وَلَا غَيْرِهَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِخُرُوجِهَا لِزِيَارَتِهِمَا لِقَصْدِهِ إعْفَافَهَا وَصِيَانَتَهَا لَا إضْرَارَهَا (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِ) أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِهِ (الصِّغَارِ) بِالدُّخُولِ لَهَا (كُلَّ يَوْمٍ) مَرَّةً لِنَظَرِهَا حَالَهُمْ، (وَ) قُضِيَ (لِ) أَوْلَادِهَا مِنْ غَيْرِهِ (الْكِبَارِ) بِالدُّخُولِ لَهَا (كُلَّ جُمُعَةٍ) مَرَّةً وَشَبَّهَ فِي الْقَضَاءِ بِالدُّخُولِ كُلَّ جُمُعَةٍ فَقَالَ (كَالْوَالِدَيْنِ) فَيُقْضَى لَهُمَا بِالدُّخُولِ لَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً (وَمَعَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ) مِنْ جِهَتِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا (إنْ اتَّهَمَهُمَا) أَيْ الزَّوْجُ وَالِدَيْهَا بِإِفْسَادِهَا عَلَيْهِ اهـ عب الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ فَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْعَبْدُوسِيِّ أَنَّ الْأَبَوَيْنِ مَحْمُولَانِ فِي زِيَارَةِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَعَدَمِ الْإِفْسَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُ ذَلِكَ فَيُمْنَعَانِ مِنْ زِيَارَتِهَا إلَّا مَعَ أَمِينَةٍ اهـ. وَإِذَا ثَبَتَ إفْسَادُهُمَا فَهُمَا ظَالِمَانِ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَوْنِهَا عَلَيْهِمَا، وَأَيْضًا زِيَارَتُهُمَا لِمَنْفَعَتِهِمَا وَقَدْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْأَمِينَةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمَعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ لَيْسَ لِمَنْ سَأَلَتْهُ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى أَبِيهَا وَأَخِيهَا مَنَعَهَا ذَلِكَ مَا لَمْ يَكْثُرْ وَالْأُمُورُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَمْنَعَهَا الْهَنَاءَ وَنَحْوَهُ، وَلَيْسَ كُلُّ النِّسَاءِ سَوَاءً أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ وَرُبَّ امْرَأَةٍ لَا تُؤْمِنُ فِي نَفْسِهَا فَلَهُ ذَلِكَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ سَمَاعِ أَشْهَبَ يُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يَدَعَهَا تَشْهَدُ جِنَازَةَ أَبَوَيْهَا وَتَزُورُهُمْ وَالْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ الصِّلَةُ وَالصَّلَاحُ، فَأَمَّا شُهُودُ الْجَنَائِزِ وَالْعَبَثِ وَاللَّعِبِ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى يَمْنَعَهَا الزَّوْجُ الْخُرُوجَ إلَيْهِمْ وَدُخُولَهُمْ إلَيْهَا فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَا يُحَنَّثُ إذَا حَلَفَ حَتَّى يَحْلِفَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ فَيُحَنَّثُ فِي أَحَدِهِمَا، وَإِنَّمَا هَذَا الْخِلَافُ فِي الشَّابَّةِ الْمَأْمُونَةِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي الْمُتَجَالَّةِ اتِّفَاقًا لِزِيَارَةِ أَبِيهَا وَأَخِيهَا، وَالشَّابَّةُ غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِخُرُوجِهَا إلَى ذَلِكَ وَلَا إلَى الْحَجِّ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 394 وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِهِ إلَّا الْوَضِيعَةَ: كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا، إنْ كَانَ لَهُ حَاضِنٌ، إلَّا أَنْ يَبْنِيَ وَهُوَ مَعَهُ   [منح الجليل] وَالشَّابَّةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا غَيْرُ مَأْمُونَةٍ وَسَمَعُ الْقَرِينَانِ إنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِعِتْقٍ لَا يَدَعُهَا تَخْرُجُ أَبَدًا أَيُقْضَى عَلَيْهِ فِي أَبِيهَا وَأُمِّهَا وَيُحَنَّثُ؟ قَالَ لَا الْمُتَيْطِيُّ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ زِيَارَةِ أَهْلِهَا إلَّا ذَا مَحْرَمٍ مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ إنْ اُتُّهِمَ خَتْنُهُ بِإِفْسَادِ أَهْلِهِ نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ تُهْمَةٌ فَلَهُ مَنْعُهَا بَعْضَ الْمَنْعِ لَا كُلَّ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تُمْنَعُ، وَرَوَى ابْنُ أَشْرَسَ وَابْنُ نَافِعٍ إنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِ امْرَأَتِهِ كَلَامٌ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَهَا أَنْ تَعُودَ أَخَاهَا وَأُخْتَهَا فِي مَرَضِهَا، وَلَوْ كَانَ زَوْجُهَا غَائِبًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا حِينَ خُرُوجِهِ. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِهِ) أَيْ الزَّوْجِ لِتَضَرُّرِهَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى أَحْوَالِهَا وَمَا تُرِيدُ سَتْرَهُ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إضْرَارُهُمْ بِهَا (إلَّا) الزَّوْجَةَ (الْوَضِيعَةَ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الدَّنِيَّةَ الْقَدْرِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ سُكْنَاهَا مَعَ أَقَارِبِهِ الْمُتَيْطِيُّ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ الضَّرَرُ فَيَعْزِلُهَا عَنْهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ هِيَ وَأَهْلُ زَوْجِهَا بِدَارٍ وَاحِدَةٍ تَقُولُ أَهْلُهُ يُؤْذُونَنِي أَفْرِدْنِي عَنْهُمْ رُبَّ امْرَأَةٍ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ لِقِلَّةِ صَدَاقِهَا أَوْ ضِعَةِ قَدْرِهَا وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ تَزَوَّجَهَا وَفِي الْمَنْزِلِ سَعَةٌ، فَأَمَّا ذَاتُ الْقَدْرِ وَالْيَسَارِ فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَعْزِلَهَا حُمِلَ عَلَى الْحَقِّ أَبَرَّهُ ذَلِكَ أَوْ أَحْنَثَهُ وَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ لَا يُشْبِهُ حَالُهَا مِنْ النِّسَاءِ أَنْ يُسْكِنَهَا وَحْدَهَا وَلَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي دَارِ جُمْلَةٍ وَلَيْسَ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُخْرِجَ أَبَوَيْهِ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَثْبُتَ إضْرَارُهُمَا بِهَا. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الِامْتِنَاعِ فَقَالَ (كَ) امْتِنَاعٍ مِنْ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ سُكْنَاهُ مَعَ (وَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَلِلْآخَرِ الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُ (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الصَّغِيرِ (حَاضِنٌ) غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَبْنِيَ) أَحَدُهُمَا (وَهُوَ) أَيْ الصَّغِيرُ (مَعَهُ) ، وَالْآخَرُ عَالِمٌ بِهِ سَاكِتٌ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى إبْقَائِهِ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاضِنٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 395 وَقُدِّرَتْ بِحَالِهِ مِنْ: يَوْمٍ، أَوْ جُمُعَةٍ. أَوْ شَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ.   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَهْلٍ أَجَابَ ابْنُ زَرْبٍ عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ مِنْ غَيْرِهَا فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَبَتْ ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ لِيَحْضُنَهُ لَهُ وَيَكْفُلَهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ وَإِلَّا أُجْبِرَتْ عَلَى بَقَائِهِ وَلَوْ بَنَى بِهَا وَالصَّبِيُّ مَعَهُ ثُمَّ أَرَادَتْ إخْرَاجَهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ مَعَ الزَّوْجِ حَرْفًا بِحَرْفٍ (وَقُدِّرَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ (بِ) حَسَبِ (حَالَهُ) أَيْ الزَّوْجِ فِي الِاكْتِسَابِ (مِنْ يَوْمٍ) إنْ كَانَ مِنْ الصُّنَّاعِ وَنَحْوِهِمْ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ أُجْرَةَ عَمَلِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ (أَوْ جُمُعَةٍ) إنْ كَانَ مِنْ الصُّنَّاعِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ أُجْرَةَ عَمَلِهِمْ كُلَّ جُمُعَةٍ (أَوْ شَهْرٍ) كَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَالْجُنْدِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ مُرَتَّبَاتِهِمْ كُلَّ شَهْرٍ (أَوْ سَنَةٍ) كَأَرْبَابِ الرِّزْقِ وَالْبَسَاتِينِ الَّذِينَ يَقْبِضُونَ مُرَتَّبَاتِهِمْ كُلَّ سَنَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ خَاصَمَتْ زَوْجَهَا فِي النَّفَقَةِ كَمْ يُفْرَضُ لَهَا النَّفَقَةُ سَنَةً أَوْ قَبْلَهَا بِشَهْرٍ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا، وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي فِي عُسْرِ الرَّجُلِ وَيُسْرِهِ لَيْسَ النَّاسُ سَوَاءً اللَّخْمِيُّ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَفْرِضَ سَنَةً وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَفْرِضُ سَنَةً؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تُحَوَّلُ وَأَرَى أَنْ يُوَسَّعَ فِي الْمُدَّةِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَلَمْ يُؤَدِّ إلَى ضَرَرِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الْفَرْضَ عِنْدَ مُقَابَحَةِ الزَّوْجَيْنِ وَقِلَّةِ الْإِنْصَافِ وَفِي قِصَرِ الْمُدَّةِ ضَرَرٌ فِي تَكْرِيرِ الطَّلَبِ عِنْدَ لَدَدِهِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَالْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ حَسَنٌ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ الشَّهْرُ أَوْ الشَّهْرَانِ وَإِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ فَالشَّهْرُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى قَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقَدِّمَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ. هَلْ مُرَادُهُمْ بِالْمُدَّةِ مُدَّةُ دَوَامِ الْقَدْرِ الْمَفْرُوضِ أَوْ مُدَّةُ مَا يُقْضَى بِتَعْجِيلِهِ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ سَحْنُونٍ مَنَعَ السَّنَةَ بِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تُحَوَّلُ، وَالثَّانِي نَصُّ اللَّخْمِيِّ وَتَعْلِيلُهُمْ بِاعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ سُئِلَ عَمَّنْ لَا يَجِدُ مَا يَجْرِي عَلَى امْرَأَتِهِ رِزْقَ شَهْرٍ هَلْ يَجْرِي عَلَيْهَا رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ مِنْ خُبْزِ السُّوقِ قَالَ نَعَمْ يُجْرِي رِزْقَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ قِيلَ فَإِنْ كَانَ لَهُ جِدَةٌ وَلَيْسَ بِالْمَلِيءِ فَطَلَبَهَا أَنْ يَرْزُقَهَا جُمُعَةً بِجُمُعَةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 396 وَالْكِسْوَةُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَضُمِنَتْ بِالْقَبْضِ مُطْلَقًا: كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ، إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّيَاعِ   [منح الجليل] قَالَ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ مِنْ جِدَتِهِ مِنْ النَّاسِ مَنْ يُجْرِي يَوْمًا بِيَوْمٍ وَمِنْهُمْ جُمُعَةً بِجُمُعَةٍ وَمِنْهُمْ شَهْرًا بِشَهْرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ. اُنْظُرْ لَمْ يَقَعْ لَفْظُ الْخُبْزِ إلَّا فِي كَلَامِ السَّائِلِ مَعَ إضْرَابِ سَحْنُونٍ عَنْهُ فِي لَفْظِ جَوَابِهِ وَمُقْتَضَى مُتَقَدِّمِ أَقْوَالِهِمْ عَدَمُ فَرْضِ الْخُبْزِ وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ فَقَدْ يَكُونُ بِالْيَوْمِ أَوْ بِالْجُمُعَةِ أَوْ بِالشَّهْرِ، وَقَدْ يَكُونُ بِخُبْزِ السُّوقِ (وَ) قُدِّرَتْ (الْكِسْوَةُ) مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ فَتُكْسَى (بِالشِّتَاءِ) مَا يُنَاسِبُهُ (وَالصَّيْفِ) مَا يُنَاسِبُهُ إنْ لَمْ تُنَاسِبْ كِسْوَةُ كُلٍّ الْآخَرَ عَادَةً (إنْ خَلَقَتْ) كِسْوَةُ كُلٍّ بِحَيْثُ لَا تَكْفِي الْعَامَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ تَخْلُقْ وَكَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ كَالْعَامِ الْأَوَّلِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَلَا تُفْرَضُ لَهَا كِسْوَةٌ أُخْرَى حَتَّى تَخْلُقَ وَالْغِطَاءُ وَالْوِطَاءُ شِتَاءً وَصَيْفًا كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَخَبِ فَعَلَى الزَّوْجِ كِسْوَتُهَا الشِّتَاءَ وَالصَّيْفَ مِمَّا لَا غِنَى لِلنِّسَاءِ عَنْهُ فِي لَيْلِهِنَّ وَنَهَارِهِنَّ وَصَيْفِهِنَّ وَشِتَائِهِنَّ عَلَى أَقْدَارِهِنَّ وَأَقْدَارِ أَزْوَاجِهِنَّ فَهِيَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِحَسَبِ عُرْفِ أَهْلِهَا وَعَادَتِهِمْ فِي اللِّبَاسِ وَبِحَسَبِ يُسْرِ الزَّوْجِ وَحَالِ الْمَرْأَةِ. (وَضُمِنَتْ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَضْمَنُ الزَّوْجَةُ نَفَقَتَهَا الشَّامِلَةَ لِكِسْوَتِهَا (بِالْقَبْضِ) مِنْ الزَّوْجِ أَوْ وَكِيلِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ حَالَّةٍ أَوْ مُسْتَقْبَلَةٍ وَعَنْ كَوْنِ ضَيَاعِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ وَعَنْ كَوْنِهِ بِسَبَبِهَا وَعَنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهَا الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ بِالْقَبْضِ فَقَالَ (كَنَفَقَةِ الْوَلَدِ) بَعْدَ فَطْمِهِ أَيْ مَا تُنْفِقُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي حَضَانَتِهَا فَتَضْمَنُهَا إذَا قَبَضَتْهَا وَضَاعَتْ مِنْهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) بِضَيَاعِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْهَا فَلَا تَضْمَنُهَا، وَيَخْلُفُهَا الْأَبُ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ فَتَضْمَنُهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهَا لِحَقِّ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَكَذَا نَفَقَةُ الْوَلَدِ لِمُدَّةٍ مَاضِيَةٍ سَوَاءٌ أَنْفَقَتْهَا مِنْ مَالِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا لَهَا أَوْ تَدَايَنَتْهَا مِنْ غَيْرِهَا فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهَا تَتْبَعُ الْأَبَ بِمِثْلِهِ فَمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 397 وَيَجُوزُ إعْطَاءُ الثَّمَنِ عَمَّا لَزِمَهُ   [منح الجليل] قَبَضَتْهُ عَنْ الْمَاضِي إنَّمَا هُوَ مَالُهَا فَتَضْمَنُهُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَبَابَا وَالسُّودَانِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ خِلَافًا لتت وطفي. ابْنُ عَرَفَةَ وَضَيَاعُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكِسْوَتُهَا اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرُهَا قَالَ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا أَنَّهَا مِنْهُ قِيَاسًا عَلَى الصَّدَاقِ إذَا كَانَ عَيْنًا؛ لِأَنَّ مَحْمَلَهَا عَلَى أَنَّهَا تَكْتَسِي نَفْسَ ذَلِكَ يَعْنِي مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا أَمْسَكَتْهُ لِتَلْبَسَ غَيْرَهُ وَتَبِيعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَسَاهَا بِغَيْرِ حُكْمٍ فَلَا تَضْمَنُ، وَإِنَّمَا فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا حَقُّهَا أَنْ تَفْعَلَهُ بِغَيْرِ حُكْمٍ، وَيَخْتَلِفُ إذَا بَلِيَتْ الْكِسْوَةُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي فُرِضَتْ لَهُ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمًا مَضَى أَمْ لَا كَخَارِصٍ يَتَبَيَّنُ خَطَؤُهُ وَمَنْ أَخَذَ دِيَةَ عَيْنِهِ ثُمَّ بَرِئَتْ وَأَرَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَا تَبَيَّنَ؛ لِأَنَّ هَذَا حَقِيقَةٌ وَالْأَوَّلُ ظَنٌّ، وَلِأَنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ إذَا انْقَضَى أَمَدُ فَرْضِهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى تَبْلَى فَكَذَا إذَا بَلِيَتْ قَبْلُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ ادَّعَتْ تَلَفَ نَفَقَةِ وَلَدِهَا فَلَا تُصَدَّقُ، وَلَوْ كَانَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا إلَّا فِي أَجْرِ الرَّضَاعِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ أَخَذَتْهُ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَنَفَقَةُ وَلَدِهَا إنَّمَا قَبَضَتْهَا لِلْوَلَدِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مَحْضُ أَمَانَةٍ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ فَتُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ فَضَارَعَ ذَلِكَ حُكْمَ الْعَوَارِيّ وَالرِّهَانِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى خِيَارٍ فَإِنْ قَامَتْ بِتَلَفِهَا بَيِّنَةٌ لَمْ تَضْمَنْهَا، وَإِلَّا ضَمِنَتْهَا ثُمَّ قَالَ فَفِي ضَمَانِهَا نَفَقَتَهَا لَا لِإِرْضَاعٍ وَنَفَقَةَ وَلَدِهَا ثَالِثُهَا نَفَقَتُهَا فَقَطْ وَعَزَاهَا فَانْظُرْهُ. (وَيَجُوزُ) لِلزَّوْجِ (إعْطَاءُ الثَّمَنِ) لِلزَّوْجَةِ عِوَضًا (عَمَّا لَزِمَهُ) لَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ فَيُفْرَضُ الْمَاءُ إلَخْ الَّذِي هُوَ أَصْلُ مَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ عَنْ الطَّعَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ التَّحَيُّلُ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَقِيلَ إلَّا الطَّعَامَ عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى عَنْ جَمِيعِ لَوَازِمِهَا ثَمَنًا إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ ثَمَنُ مَا فُرِضَ أَوْ نَفْسُهُ ثَالِثُهَا الْخِيَارُ فِيهِمَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 398 وَالْمُقَاصَّةُ بِدِينِهِ إلَّا لِضَرَرٍ. وَسَقَطَتْ إنْ أَكَلَتْ مَعَهُ، وَلَهَا الِامْتِنَاعُ، أَوْ مَنَعَتْ الْوَطْءَ، أَوْ الِاسْتِمْتَاعَ،   [منح الجليل] لِلزَّوْجِ وَرَابِعُهَا لِلْحَاكِمِ وَلَا يَجُوزُ فِي الطَّعَامِ ثَمَنٌ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الثَّانِي تَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي جَوَازِ دَفْعِ الثَّمَنِ عَنْ الْجَمِيعِ وَمَنْعِهِ أَوْ دَفْعِهِ عَنْ غَيْرِ الطَّعَامِ فِي مَجَالِسِ الْمِكْنَاسِيِّ الَّذِي لَا حَيْفَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجَيْنِ مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ فَرْضِ الطَّعَامِ أَيْ الْحَبِّ وَأَثْمَانِ غَيْرِهِ دَرَاهِمَ وَعَلَيْهِ جَرَى الْحُكْمُ عِنْدَنَا الْبُنَانِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ مُنْذُ أَزْمَانٍ. (وَ) تَجُوزُ لَهُ (الْمُقَاصَّةُ) لِلزَّوْجَةِ عَنْ نَفَقَتِهَا (بِدَيْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ إنْ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا ثَمَنَهَا أَوْ كَانَ دَيْنُهُ مِنْ جِنْسِ الْأَعْيَانِ الْمَفْرُوضَةِ لَهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِضَرَرٍ) لَهَا بِسَبَبِ فَقْرِهَا بِحَيْثُ يُخْشَى ضَيَاعُهَا أَوْ مَشَقَّتُهَا فَلَا تَجُوزُ مُقَاصَّتُهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُحَاسِبُهَا مِنْ دَيْنِهِ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَإِلَّا فَلَا (وَسَقَطَتْ) نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ الْمَفْرُوضَةِ (إنْ أَكَلَتْ) الزَّوْجَةُ (مَعَهُ) أَيْ الزَّوْجِ وَمَعْنَى سُقُوطِهَا أَنَّهَا لَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (الِامْتِنَاعُ) مِنْ أَكْلِهَا مَعَهُ وَطَلَبُ الْفَرْضِ وَالْأَوْلَى لَهَا الْأَكْلُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ تَوَدُّدٌ وَحُسْنُ مُعَاشَرَةٍ (أَوْ) أَيْ وَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ إنْ (مَنَعَتْ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا (الْوَطْءَ) لَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ زَمَنًا طَوِيلًا (أَوْ) مَنَعَتْهُ (الِاسْتِمْتَاعَ) بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي التَّوْضِيحِ ابْنِ شَاسٍ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ، وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ الْأَبْهَرِيَّ وَغَيْرَهُ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَيْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الْأَشْهَرُ ثُمَّ قَالَ وَالسُّقُوطُ هُوَ اخْتِيَارُ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَافِي وَغَيْرُهُ. اهـ. وَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا ثَالِثًا وَاعْتَرَضُوهُ وَنَصُّهُ وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِنُشُوزِهَا ثَالِثُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا، وَرَابِعُهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الْمَسْكَنِ، وَخَامِسُهَا إنْ عَجَزَ عَنْ صَرْفِهَا عَنْ نُشُوزِهَا، وَسَادِسُهَا إنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بَغْضَةً لَا لِدَعْوَى طَلَاقٍ اهـ فَإِنْ ادَّعَتْ عُذْرًا وَأَكْذَبَهَا فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ أَثْبَتَتْهُ بِامْرَأَتَيْنِ وَإِلَّا فَبِعَدْلَيْنِ وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْمَنْعِ فَقَوْلُهَا لِاتِّهَامِهِ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا كَخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ قَالَهُ صر. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 399 أَوْ خَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ، أَوْ بَانَتْ وَلَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةِ فِي أَوَّلِهِ، وَفِي الْأَشْهُرِ قِيمَةُ مَنَابِهَا، وَاسْتَمَرَّ، إنْ مَاتَ لَا إنْ مَاتَتْ وَرَدَّتْ النَّفَقَةَ:   [منح الجليل] أَوْ) أَيْ وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ (خَرَجَتْ) مِنْ مَسْكَنِهَا (بِلَا إذْنٍ) مِنْ زَوْجِهَا (وَلَمْ يَقْدِرْ) الزَّوْجُ (عَلَى رَدِّهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ لِمَسْكَنِهَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِرَسُولٍ وَلَا بِحَاكِمٍ مُنْصِفٍ الْبُنَانِيُّ هَذَا الْقَيْدُ يَرْجِعُ لِصُوَرِ النُّشُوزِ الثَّلَاثَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْجُزُولِيِّ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهَا ابْتِدَاءً، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ وَكَانَتْ ظَالِمَةً لَا إنْ كَانَتْ مَظْلُومَةً وَلَا حَاكِمَ يُنْصِفُهَا، وَكَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا وَكَانَتْ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ رَجْعِيًّا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الرَّجْعِيَّةِ بِخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِخُرُوجِهَا بِلَا إذْنٍ (أَوْ) أَيْ وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا إنْ (بَانَتْ) الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِهَا بِخُلْعٍ أَوْ بَتَاتٍ إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَحَذَفَهُ مِنْ هَذَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ. (وَلَهَا) أَيْ النَّاشِزِ أَوْ الْبَائِنِ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ وَالْكِسْوَةِ) بِتَمَامِهَا مَعَ النَّفَقَةِ (فِي أَوَّلِهِ) أَيْ الْحَمْلِ إلَى آخِرِهِ عَلَى عَادَتِهَا وَلَوْ كَانَتْ تَبْقَى بَعْدَ وَضْعِهِ أَشْهُرًا (وَإِنْ) بَانَتْ (فِي) أَثْنَاءِ (الْأَشْهُرِ) لِلْحَمْلِ فَلَهَا (قِيمَةُ مَنَابِ) بَاقِي (هَا) أَيْ الْأَشْهُرِ مِنْ كِسْوَتِهَا فَيُقَدَّرُ أَنَّهَا كُسِيَتْ فِي أَوَّلِهِ، وَأَنَّهَا لَبِسَتْهَا فِي الْأَشْهُرِ الْمَاضِيَةِ مِنْهُ وَتُقَوَّمُ بِحَسَبِ مَا نَقَصَتْهُ بِلُبْسِهَا وَتَدْفَعُ لَهَا الْقِيمَةَ نَقْدًا (وَاسْتَمَرَّ) الْمَسْكَنُ لِلْحَامِلِ (إنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ وَضْعِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ فَلَا يُسْقِطُهُ مَوْتُهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَمْ لَا نَقَدَ كِرَاءَهُ أَمْ لَا، وَتَسْقُطُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ بِهِ لِكَوْنِ الْحَمْلِ وَارِثًا (لَا) يَسْتَمِرُّ مَسْكَنُ الْحَامِلِ (إنْ مَاتَتْ) الْحَامِلُ الْمُطَلَّقَةُ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا مِنْ كِرَاءِ الْمَسْكَنِ (وَرَدَّتْ) الْحَامِلُ (النَّفَقَةَ) أَيْ بَقِيَّتَهَا بِمَوْتِ الزَّوْجِ، وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُ رُدَّتْ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَيَشْمَلُ سَبْعَ صُوَرٍ مَوْتُهُ أَوْ مَوْتُهَا وَهِيَ فِيهِمَا فِي الْعِصْمَةِ أَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا وَهِيَ حَامِلٌ فَهَذِهِ سِتٌّ وَالسَّابِعَةُ طَلَاقُهَا طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ دَفْعِ النَّفَقَةِ لَهَا، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 400 كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ، لَا الْكِسْوَةَ بَعْدَ أَشْهُرٍ، بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ، فَيَرْجِعُ بِكِسْوَتِهِ، وَإِنْ خَلِقَةً.   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي رَدِّ النَّفَقَةِ فَقَالَ (كَانْفِشَاشِ الْحَمْلِ) لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ قَبْضِ نَفَقَتِهِ فَتَرُدُّهَا كُلَّهَا، وَكَذَا كِسْوَتَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ دَفَعَهَا لَهَا بِحُكْمٍ أَمْ لَا بَعْدَ ظُهُورِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبَانَ لَا تَرُدَّ مَا أَنْفَقَتْهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَصُدِّقَتْ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ إنْ أَنْفَقَ بِحُكْمٍ رَجَعَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ انْفَشَّ بَعْدَ النَّفَقَةِ فَفِي رُجُوعِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِحُكْمٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ مَنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدٍ مَا يَجِبُ لَهُ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ، وَالْمُرَادُ بِانْفِشَاشِهِ تَبَيُّنُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَمْلٌ بَلْ كَانَ عِلَّةً أَوْ رِيحًا كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ وَغَيْرُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَسَادَهُ وَاضْمِحْلَالَهُ بَعْدَ تَكَوُّنِهِ بُنَانِيٌّ (لَا) تَرُدُّ (الْكِسْوَةَ) الَّتِي قَبَضَتْهَا وَهِيَ فِي الْعِصْمَةِ ثُمَّ تَمُوتُ هِيَ أَوْ هُوَ (بَعْدَ) مُضِيِّ (أَشْهُرٍ) مِنْ يَوْمِهَا فَلَا يُرَدُّ لِلزَّوْجِ إنْ مَاتَتْ أَوْ وَرِثَتْهُ إنْ مَاتَ شَيْءٌ مِنْهَا وَكَالْمَوْتِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بَعْدَ أَشْهُرٍ فَلَا تَرُدُّهَا وَمَفْهُومُ أَشْهُرٍ رَدُّهَا لَهُ إذَا مَاتَتْ أَوْ طَلُقَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ أَوْ أَقَلَّ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. (بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ) الْمَحْضُونِ بَعْدَ قَبْضِ حَاضِنَتِهِ كِسْوَتَهُ لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، (فَيَرْجِعُ) الْأَبُ (بِكِسْوَتِهِ) إنْ كَانَتْ جَدِيدَةً بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (خَلَقَةً) فَيَأْخُذُ الْأَبُ جَمِيعَهَا وَلَا حَظَّ لِلْأُمِّ مِنْهَا هَذَا مُقْتَضَى عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ فَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى زَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ نَفَقَةً وَكِسْوَةً أَيْ لِبَنِيهِ الَّذِينَ فِي حَضَانَتِهَا فَمَاتَ الْبَنُونَ أَوْ أَحَدُهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَإِنْ رَثَّتْ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُفِيدِ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَمَا فِي ق عَنْ ابْنِ سَلْمُونٍ مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا تَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِسْوَةِ وَوَرِثَتْ تَحْرِيفٌ، وَاَلَّذِي فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ ابْنُ سَلْمُونٍ وَإِنْ رَثَّتْ وَكَذَا هُوَ فِي ابْنِ فَتُّوحٍ وَالْجَزِيرِيِّ وَالْمُفِيدِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ لَا وَرِثَتْ مِنْ الْإِرْثِ وَلِذَا قَالَ طفي مَا فِي عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ يَرْجِعُ فِي الْكِسْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 401 وَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةً فَلَهَا نَفَقَةُ الرَّضَاعِ أَيْضًا وَلَا نَفَقَةَ بِدَعْوَاهَا، بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ وَحَرَكَتِهِ فَتَجِبُ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا نَفَقَةَ لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ   [منح الجليل] مِلْكُهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا يَوْمًا فَيَوْمًا خَطَأٌ صُرَاحٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ عج عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْهِبَةِ. وَذَكَرَهُ ق فَقَالَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا فِي الْهِبَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مَا كَسَا ابْنَهُ مِنْ ثَوْبٍ فَهُوَ لِلِابْنِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَبُ عَلَى أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِامْتِنَاعِ فَالتَّخْطِئَةُ خَطَأٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفَّقَ بِحَمْلِ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْكِسْوَةِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ وَمَا قَبْلَهُ عَلَى الْوَاجِبَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ كَانَتْ) الْبَائِنُ الْحَامِلُ (مُرْضِعَةً) وَلَدًا لِزَوْجِهَا (فَلَهَا نَفَقَةُ) أَيْ أُجْرَةُ (الرَّضَاعِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَالْبَائِنُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ أَبُو الْحَسَنِ وَأُجْرَةُ الرَّضَاعِ نَقْدٌ لَا طَعَامٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَضُرَّ إرْضَاعُهَا الْوَلَدَ، وَإِلَّا فَأُجْرَتُهُ لِمَنْ تُرْضِعُهُ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِأُمِّهِ (وَلَا نَفَقَةَ) لِحَمْلِ بَائِنٍ (بِدَعْوَاهَا) الْحَمْلَ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا فِيهَا وَتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا إنْ ظَهَرَ كَذِبُهَا (بَلْ بِظُهُورِ الْحَمْلِ) بِهَا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَدْلَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (وَحَرَكَتِهِ) أَيْ الْحَمْلِ فِي الْإِرْشَادِ وَق مَا يُفِيدُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى مَعَ وَأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ لَا يَتَحَرَّكُ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حَرَكَتِهِ فِي الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ بِتَحَرُّكِهِ أَوْ بِوَضْعِهِ رِوَايَتَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ شَعْبَانَ ثُمَّ رَجَعَ لِلْأُولَى. الْمُتَيْطِيُّ وَقَعَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي غَيْرِ كِتَابٍ أَنَّ بِظُهُورِهِ تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَتَحَرُّكُهُ فَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هَذَا ثَالِثٌ وَأَيَّدَهُ بِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَا يَتَحَرَّكُ تَحَرُّكًا بَيِّنًا فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ. اهـ. فَالِاعْتِمَادُ عَلَى الظُّهُورِ دُونَ تَحَرُّكٍ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَإِذَا تَحَرَّكَ الْحَمْلُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ (فَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ الْحَمْلِ إنْ كَانَ طَلَّقَهَا مِنْ أَوَّلِهِ وَإِلَّا فَمِنْ حِينِ الطَّلَاقِ فَتُحَاسِبُهُ بِنَفَقَةِ الْمَاضِي فَيَدْفَعُهَا لَهَا. (وَلَا نَفَقَةَ) عَلَى مُلَاعِنٍ (لِحَمْلِ مُلَاعَنَةٍ) لِعَدَمِ لُحُوقِهِ بِهِ إنْ كَانَ رَمَاهَا بِنَفْيِهِ وَلَهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 402 وَأَمَةٍ، وَلَا عَلَى عَبْدٍ: إلَّا الرَّجْعِيَّةَ وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ، لَا إنْ حُبِسَتْ، أَوْ حَبَسَتْهُ، أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ وَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ، وَإِنْ رَتْقَاءَ وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ يُسْرٍ. فَالْمَاضِي فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهُ حَاكِمٌ.   [منح الجليل] السُّكْنَى لِحَبْسِهَا بِسَبَبِهِ فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَوْ رَمَاهَا بِرُؤْيَةِ زِنًا وَأَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَهَا فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مِنْ أَوَّلِهِ (وَ) نَفَقَةٌ لِحَمْلِ (أَمَةٍ) مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا بَائِنًا عَلَى أَبِيهِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بَلْ عَلَى سَيِّدِهَا؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْمِلْكُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقَرَابَةِ فِي إيجَابِ الْإِنْفَاقِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِ الْمَالِكِ بِالتَّزْوِيجِ وَانْتِزَاعِ الْمَالِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَحَوْزِ الْمِيرَاثِ وَلَيْسَ الْأَبُ كَذَلِكَ. (وَلَا) نَفَقَةَ (عَلَى عَبْدٍ) لِحَمْلِ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَشُرُوطُ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ عَلَى أَبِيهِ لُحُوقُهُ بِهِ وَحُرِّيَّتُهُمَا (إلَّا) الْمُطَلَّقَةَ (الرَّجْعِيَّةَ) فَتَجِبُ نَفَقَةُ حَمْلِهَا عَلَى زَوْجِهَا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ حُكْمًا (وَسَقَطَتْ) نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ (بِالْعُسْرِ) لِلزَّوْجِ أَيْ لَا تَلْزَمُهُ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَدَّرَهَا حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ فَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ يُسْرِهِ (لَا) تَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ (إنْ حُبِسَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجَةُ فِي حَقٍّ عَلَيْهَا (أَوْ) أَيْ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ إنْ (حَبَسَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فِي حَقٍّ عَلَيْهِ لَهَا (أَوْ) أَيْ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ إنْ (حَجَّتْ الْفَرْضَ) وَلَوْ بِلَا إذْنِهِ وَمَفْهُومُ الْفَرْضِ أَنَّهَا إنْ حَجَّتْ النَّفَلَ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَا تَسْقُطُ وَإِلَّا فَتَسْقُطُ. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الَّتِي حَجَّتْ الْفَرْضَ مُطْلَقًا أَوْ النَّفَلَ بِأَنَّهُ (نَفَقَةُ حَضَرٍ) إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مَعِيبَةٍ بِعَيْبٍ يُوجِبُ الْخِيَارَ بَلْ (إنْ) كَانَتْ (رَتْقَاءَ) وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَعِيبَةٍ بِمَا يُوجِبُ الْخِيَارَ وَرَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ فَيَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا لَهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلسَّلِيمَةِ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ (وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ فِي رَمَضَانَ مَثَلًا (بَعْدَ يُسْرٍ) لَهُ فِي شَعْبَانَ مَثَلًا وَلَمْ يُنْفِقْ فِيهِ عَلَى الزَّوْجَةِ (فَالْمَاضِي) فِي زَمَنِ يُسْرِهِ وَهِيَ نَفَقَةُ شَعْبَانَ دَيْنٌ (فِي ذِمَّتِهِ) لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِعُسْرِهِ بَعْدَهُ إنْ كَانَ فَرَضَهُ حَاكِمٌ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 403 وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ، وَإِنْ مُعْسِرًا كَمُنْفِقٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، إلَّا لِصِلَةٍ، وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ.   [منح الجليل] حَاكِمٌ) فَلَا يُسْقِطُ الْعُسْرُ إلَّا نَفَقَةَ زَمَنِهِ خَاصَّةً. (وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ إنْ شَاءَتْ عَلَى زَوْجِهَا (بِمَا أَنْفَقَتْ) الزَّوْجَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ مَالِهَا حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ سَرَفٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى زَمَنِ الْإِنْفَاقِ إلَّا أَنْ تَقْصِدَ بِهِ الصِّلَةَ وَإِلَّا أَنْ تَقُولَ أَنْفَقْت عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيُوَافِقَهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ بِالسَّرَفِ إنْ كَانَ حَالَ إنْفَاقِهَا عَلَيْهِ مُوسِرًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مُعْسِرًا) حَالَ إنْفَاقِهَا عَلَيْهِ. (فَائِدَةٌ) قِيلَ السَّرَفُ صَرْفُ الشَّيْءِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالتَّبْذِيرُ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مُنْفِقٍ) مِنْ مَالِهِ (عَلَى) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) كَبِيرٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا حَالَ إنْفَاقِهِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) قَصْدِ (صِلَةٍ) فَفِيهِ احْتِبَاكٌ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْإِنْفَاقِ صِلَةً أَوْ لِلرُّجُوعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُنْفِقِ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَنَّهُ يُنْفِقُ لِيَرْجِعَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ. (وَ) لِمَنْ أَنْفَقَ (عَلَى) الشَّخْصِ (الصَّغِيرِ) الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الصَّغِيرِ (مَالٌ) حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أَوْ أَبٌ مُوسِرٌ (عَلِمَهُ) أَيْ مَالَ الصَّغِيرِ الشَّخْصُ (الْمُنْفِقُ) عَلَيْهِ حَالَ الْإِنْفَاقِ، وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ لَهُ وَاسْتَمَرَّ إلَى حِينِ الرُّجُوعِ (وَحَلَفَ) الْمُنْفِقُ (أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) الْمُنْفِقُ عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ أَوْ أَبِيهِ وَكَانَ الْإِنْفَاقُ غَيْرَ سَرَفٍ الْمُتَيْطِيُّ إنَّمَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يُشْهِدْ عِنْدَهُ عَلَى أَنَّهُ يُنْفِقُ لِيَرْجِعَ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ. ابْنُ يُونُسَ فَيَرْجِعُ فِي مَالِهِ ذَلِكَ فَإِنْ تَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ وَكَبِرَ الصَّغِيرُ وَأَفَادَ مَالًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَيُسْرُ أَبِي الْوَلَدِ كَمَالِهِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إذَا أَنْفَقَ وَهُوَ يَعْلَمُ مَالَ الْيَتِيمِ أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 404 وَلَهَا الْفَسْخُ إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ، لَا مَاضِيَةٍ، وَإِنْ عَبْدَيْنِ، لَا إنْ عَلِمَتْ فَقْرَهُ أَوْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ، إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ أَوْ يَشْتَهِرَ بِالْعَطَاءِ وَيَنْقَطِعَ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، وَإِلَّا تَلَوَّمَ بِالِاجْتِهَادِ.   [منح الجليل] يُسْرَ الْأَبِ وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ لَا مَالَ لِلْيَتِيمِ وَلَا لِأَبِيهِ ثُمَّ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَقِيلَ لَهُ الرُّجُوعُ وَهُمَا قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَوْلَى تَقْيِيدُ مُطْلَقِهَا بِمُقَيَّدِهَا فَيَكُونُ قَوْلًا وَاحِدًا. (وَلَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَوْ مَحْجُورَةً (الْفَسْخُ) لِلنِّكَاحِ بِطَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ وَتَبِعَ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِمْ الطَّلَاقُ (إنْ عَجَزَ) الزَّوْجُ (عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ) سَوَاءٌ أَثْبَتَ عَجْزَهُ أَمْ لَا، وَكَذَا الْكِسْوَةُ (لَا) أَيْ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ (مَاضِيَةٍ) تَرَكَهَا وَهُوَ مُوسِرٌ وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهَا كَالدَّيْنِ إنْ كَانَا حُرَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (عَبْدَيْنِ لَا) أَيْ لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ لِعَجْزِ الزَّوْجِ عَنْ نَفَقَتِهَا الْحَاضِرَةِ (إنْ) كَانَتْ (عَلِمَتْ) الزَّوْجَةُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ (فَقْرَهُ) أَيْ الزَّوْجِ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أَعْسَرَ لِدُخُولِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا. (أَوْ) عَلِمَتْ عِنْدَهُ (أَنَّهُ) أَيْ الزَّوْجَ (مِنْ السُّؤَالِ) بِشَدِّ الْهَمْزِ جَمْعُ سَائِلٍ أَيْ الَّذِينَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ وَيَطُوفُونَ بِالْأَبْوَابِ لِذَلِكَ (إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ) أَيْ الزَّوْجُ السُّؤَالَ (أَوْ يُشْتَهَرُ) الْفَقِيرُ (بِالْعَطَاءِ) أَيْ إعْطَاءِ النَّاسِ إيَّاهُ مَا يُنْفِقُهُ (وَيَنْقَطِعَ) إعْطَاؤُهُ فَلَهَا الْفَسْخُ فِيهِمَا، وَإِذَا رَفَعَتْهُ لِلْحَاكِمِ وَطَلَبَتْ الْفَسْخَ (فَيَأْمُرُهُ) أَيْ الزَّوْجَ (الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ (عُسْرُهُ) أَيْ الزَّوْجِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِهَا، وَصِلَةُ يَأْمُرُهُ (بِالنَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَوْ الطَّلَاقِ) أَيْ يَأْمُرُ بِالْإِنْفَاقِ فَإِنْ امْتَنَعَ أَمَرَهُ بِالطَّلَاقِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ إذْ الْحَاكِمُ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِمُعَيَّنٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ أَمْرِهِ بِالطَّلَاقِ (تَلَوَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا أَيْ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَإِنْ قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا زَمَنَ التَّلَوُّمِ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ ثُمَّ قَامَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ تَلَوُّمٍ آخَرَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 405 وَزِيدَ إنْ مَرِضَ أَوْ سُجِنَ ثُمَّ طُلِّقَ وَإِنْ غَائِبًا، أَوْ وَجَدَ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ، لَا إنْ قَدَرَ عَلَى الْقُوتِ، وَمَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ،   [منح الجليل] (وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ فِي زَمَنِ التَّلَوُّمِ (إنْ مَرِضَ) الزَّوْجُ (أَوْ سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَعْدَ إثْبَاتِ الْعُسْرِ بِقَدْرِ مَا يُرْجَى لَهُ فِيهِ شَيْءٌ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ مِنْ الْمَرَضِ وَخَلَاصُهُ مِنْ السِّجْنِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِلَّا طُلِّقَ عَلَيْهِ بِلَا زِيَادَةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَعَدَمِ وِجْدَانِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ (طُلِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا عَلَيْهِ وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ إنْ كَانَ حَاضِرًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (غَائِبًا) وَمَعْنَى ثُبُوتِ عُسْرِ الْغَائِبِ عَدَمُ وُجُودِ مَا يُقَابِلُ النَّفَقَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ حُكْمُ الْغَائِبِ وَلَا مَالَ لَهُ حَاضِرٌ حُكْمُ الْعَاجِزِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ الْغَائِبَ الْبَعِيدَ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَهُ مَالٌ لَا يُمْكِنُهَا الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاجِزِ الْحَاضِرِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ خِلَافُ ظَاهِرِ أَقْوَالِهِمْ إنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِحَالٍ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يَخْلُو الزَّوْجُ فِي مَغِيبِهِ مِنْ كَوْنِهِ مَعْرُوفَ الْمَلَاءِ أَوْ مَعْرُوفَ الْعَدَمِ أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفَ الْمَلَاءِ فَالنَّفَقَةُ لَهَا عَلَيْهِ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ مَلَائِهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا خِيَارَ لَهَا فِي فِرَاقِهِ كَمَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ فِي الْمَجْهُولِ الْحَالِ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهَا وَلَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ عَنْهَا وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَلَمُونٍ وَنَصُّ ابْنِ فَتْحُونٍ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا مَعْلُومَ الْمَحَلِّ أَوْ أَسِيرًا أَوْ فَقِيدًا فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ عَدَمُهُ أَوْ جَهِلَتْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرًا، وَكَانَ لَهُ مَالٌ وَتَعَسَّرَ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ فِي مَلَائِهِ أَوْ عَدَمِهِ. (أَوْ) أَيْ وَطُلِّقَ عَلَيْهِ وَإِنْ (وَجَدَ) الزَّوْجُ (مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ) فَقَطْ مِنْ الْقُوتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصْبَرُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا إنْ طَالَتْ مُدَّتُهُ (لَا) يُطَلَّقُ عَلَيْهِ (إنْ قَدَرَ عَلَى الْقُوتِ) الْكَامِلِ الْمُشْبِعِ وَلَوْ مِنْ خَشِنِ الْمَأْكُولِ أَوْ خُبْزًا بِلَا إدَامٍ (وَمَا يُوَارِي) أَيْ يَسْتُرُ (الْعَوْرَةَ) أَيْ جَمِيعَ بَدَنِهَا مِنْ صُوفٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ جِلْدٍ وَلَوْ دُونَ مَا يَلْبَسُهُ فُقَرَاءُ بَلَدِهِمْ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً بَلْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 406 وَإِنْ غَنِيَّةً. وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا، وَلَهَا النَّفَقَةُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ وَطَلَبُهُ عِنْدَ سَفَرِهِ بِنَفَقَةِ مُسْتَقْبَلٍ لِيَدْفَعَهَا لَهَا، أَوْ يُقِيمَ لَهَا كَفِيلًا   [منح الجليل] وَإِنْ) كَانَتْ (غَنِيَّةً) وَمُرَاعَاةُ حَالِهَا فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مَحَلُّهَا مَعَ الْقُدْرَةِ وَمَا هُنَا فِي حَالِ الْعَجْزِ الْمُوجِبِ لِلْفِرَاقِ. (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُطَلَّقِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ (الرَّجْعَةُ) لِلزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ ابْنُ عَرَفَةَ وَطَلْقَةُ الْمُعْسِرِ بِهَا رَجْعِيَّةٌ اتِّفَاقًا وَشَرْطُ رَجْعَتِهِ يُسْرُهُ بِنَفَقَتِهَا وَفِي حَدِّهَا شَهْرٌ أَوْ بِمَا كَانَ يُفْرَضُ عَلَيْهِ ثَالِثُهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ وَتَصِحُّ (إنْ وَجَدَ) الزَّوْجُ (فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ مَالًا (يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ لَا دُونَهُ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا الْحَاكِمُ إنَّمَا كَانَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ عَجْزِهِ فَلَا تَصِحُّ رَجْعَتُهُ إلَّا إذَا زَالَ نَعَمْ إنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَهِيَ رَشِيدَةٌ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَصِحُّ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ مَعْنًى. وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الزَّمَنِ الَّذِي إذَا أَيْسَرَ بِنَفَقَتِهِ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ شَهْرٌ وَقِيلَ نِصْفُهُ، وَقِيلَ إذَا وَجَدَ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِظَنِّ قُدْرَتِهِ عَلَى إدَامَتِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبِلَهُ الْمُصَنِّفُ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ يُجْرِيهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ مُشَاهَرَةً وَقَدَرَ بَعْدَهُ عَلَى إجْرَائِهَا مُيَاوَمَةً فَهَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا أَمْ لَا قَوْلَانِ مُسْتَوِيَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ. (وَلَهَا) أَيْ الْمُطَلَّقَةِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ (النَّفَقَةُ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ إذَا وَجَدَ يَسَارًا يَمْلِكُ بِهِ رَجْعَتَهَا إنْ ارْتَجَعَهَا بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ) هَا؛ لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَنَحْوِهِمَا (وَ) لِلزَّوْجَةِ (طَلَبُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (عِنْدَ) إرَادَةِ (سَفَرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (بِنَفَقَةِ) الزَّمَنِ (الْمُسْتَقْبَلِ) الَّذِي أَرَادَ الْغَيْبَةَ فِيهِ عَنْهَا (لِيَدْفَعَهَا) أَيْ نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ قَبْلَ سَفَرِهِ (أَوْ) لِ (يُقِيمَ) الزَّوْجُ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ شَخْصًا (كَفِيلًا) أَيْ ضَامِنًا يَدْفَعُهَا لَهَا بِحَسَبِ مَا كَانَ الزَّوْجُ يَدْفَعُهَا فِيهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَلِلْبَائِنِ الْحَامِلِ طَلَبُهُ بِنَفَقَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 407 وَفُرِضَ فِي: مَالِ الْغَائِبِ وَوَدِيعَتِهِ، وَدَيْنِهِ، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُنْكِرِ بَعْدَ حَلِفِهَا بِاسْتِحْقَاقِهَا،   [منح الجليل] الْأَقَلِّ مِنْ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَوْ السَّفَرِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا وَخَافَتْهُ فَلَمْ يَرَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " طَلَبَهُ بِحَمِيلٍ وَرَآهُ أَصْبَغُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ قَامَتْ قَبْلَ حَيْضَةٍ، وَالْأَوَّلُ إنْ قَامَتْ بَعْدَهَا فَإِنْ اُتُّهِمَ بِإِقَامَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ حَمِيلًا عج فَإِنْ امْتَنَعَ عَنْ دَفْعِ نَفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلِ وَمِنْ إقَامَةِ كَفِيلٍ بِهَا عِنْدَ سَفَرِهِ فَلَهَا التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ عَبَّ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُشْبِهْ لِأَحَدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ وضيح وَابْنُ عَرَفَةَ وَالشَّامِلُ وَابْنُ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا الطَّلَبَ عِنْدَ السَّفَرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّطْلِيقُ بَلْ لَا يَصِحُّ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (وَ) إذَا سَافَرَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَدْفَعْ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَلِ وَلَمْ يُقِمْ لَهَا كَفِيلًا بِهَا وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ وَطَلَبَتْ نَفَقَتَهَا مِنْ مَالِهِ (فُرِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قَدَّرَ الْحَاكِمُ لَهَا النَّفَقَةَ (فِي مَالِ) الزَّوْجِ (الْغَائِبِ) غَيْرِ الْمُودِعِ (وَ) فِي (وَدِيعَتِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الَّتِي أَوْدَعَهَا عِنْدَ أَمِينٍ (وَ) فِي (دَيْنِهِ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَفِي نُسْخَةٍ دِيَتِهِ بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ فَفَوْقِيَّةً أَيْ دِيَةٌ وَجَبَتْ عَلَى جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ، وَمِثْلُهَا الْأَبَوَانِ وَالْوَلَدُ فِي فَرْضِ نَفَقَتِهِمْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَا فِي بَيْعِ دَارِهِ ذَكَرَهُ " صر " وَذَكَرَ " ح " قَوْلَيْنِ فِي بَيْعِهَا لِنَفَقَةِ الْوَلَدِ وَالْأَبَوَيْنِ. (وَ) إنْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ الْغَائِبِ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنٍ لِزَوْجِهَا وَأَنْكَرَ فَلَهَا (إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْمُنْكِرِ بَعْدَ حَلِفِهَا) أَيْ زَوْجَةِ الْغَائِبِ فِي هَذِهِ وَفِي فَرْضِ نَفَقَتِهَا فِي مَالِ الْغَائِبِ وَوَدِيعَتِهِ وَدَيْنِهِ (بِاسْتِحْقَاقِهَا) النَّفَقَةَ عَلَى الْغَائِبِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَدْفَعْهَا لَهَا، وَلَمْ يُقِمْ لَهَا كَفِيلًا بِهَا وَلَمْ تُسْقِطْهَا عَنْهُ " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ هَكَذَا وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي الْمُتَّصِلِ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَنَصْبِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ النُّسَخِ الَّتِي فِيهَا وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالْمَصْدَرِ الْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَعْمُولِ وَهُوَ بَعْدَ حَلِفِهَا وَعَامِلِهِ وَهُوَ فُرِضَ بِأَجْنَبِيٍّ. اهـ. وَالظَّاهِرُ تَنَازُعُ فُرِضَ وَإِقَامَةُ فِي بَعْدِ حَلِفِهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 408 وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا بِهَا: كَفِيلٌ وَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ، وَبِيعَتْ دَارُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ، وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ، ثُمَّ بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ قَائِلَةٌ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هِيَ الَّتِي شُهِدَ بِمِلْكِهَا لِلْغَائِبِ   [منح الجليل] (وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِهَا) أَيْ النَّفَقَةِ الَّتِي تَأْخُذُهَا مِنْ مَالِ الْغَائِبِ وَوَدِيعَتِهِ وَدَيْنِهِ وَنَائِبُ فَاعِلِ يُؤْخَذُ شَخْصٌ (كَفِيلٌ) خَوْفًا مِنْ كَوْنِهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا لِدَفْعِهَا لَهَا أَوْ إقَامَةِ كَفِيلٍ لَهَا بِهَا أَوْ إسْقَاطِهَا عَنْهُ (وَهُوَ) أَيْ الزَّوْجُ (عَلَى حُجَّتِهِ إذَا قَدِمَ) مِنْ سَفَرِهِ وَادَّعَى مُسْقِطًا فَلَهُ إثْبَاتُهُ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْهُ (وَبِيعَتْ دَارُهُ) أَيْ الزَّوْجِ الْغَائِبِ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ الَّتِي طَلَبَتْهَا فِي غَيْبَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَلَوْ احْتَاجَ لِسُكْنَاهَا (بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ) أَيْ الزَّوْجِ الدَّارَ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ (وَأَنَّهَا) أَيْ الدَّارَ (لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (فِي عِلْمِهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا بِعَدَمِ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ عَلَى الْقَطْعِ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِهَا عَنْهُ بِوَجْهٍ لَمْ يَعْلَمُوا. (ثُمَّ) بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِيَّةِ تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ بِالْحِيَازَةِ) لِلدَّارِ بِأَنْ يُرْسِلَ الْحَاكِمُ بَيِّنَةً تَطُوفُ بِهَا مِنْ خَارِجِهَا وَدَاخِلِهَا تُعَايِنُ حُدُودَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ أَوْ غَيْرِهَا (قَائِلَةٌ) لِمَنْ يُوَجِّهُهُ الْحَاكِمُ مَعَهَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْعَقَارَ وَيَحُدُّهُ بِحُدُودِهِ وَالْوَاحِدُ كَافٍ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى (هَذَا) الْعَقَارُ (الَّذِي حُزْنَاهُ) أَيْ طُفْنَا بِهِ وَعَايَنَّا حُدُودَهُ (هِيَ) الدَّارُ (الَّتِي شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِمِلِكِهَا لِلْغَائِبِ) فَإِنْ كَانَ شَاهِدَا الْحِيَازَةِ هُمَا اللَّذَانِ شَهِدَا بِالْمِلْكِ اُحْتِيجَ إلَى أَرْبَعَةٍ فَقَطْ اثْنَانِ يَشْهَدَانِ بِالْمِلْكِ وَبِالْحِيَازَةِ وَاثْنَانِ يُوَجَّهَانِ لِلْحِيَازَةِ وَإِنْ شَهِدَ بِالْحِيَازَةِ غَيْرُ شَاهِدَيْ الْمِلْكِ اُحْتِيجَ إلَى سِتَّةٍ. غ أَيْ ثُمَّ لَا بُدَّ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَاسْتِمْرَارِهِ مِنْ بَيِّنَةٍ بِالْحِيَازَةِ إمَّا الْبَيِّنَةُ الْأُولَى وَإِمَّا غَيْرُهَا تَقُولُ لِلْعَدْلَيْنِ الْمُوَجَّهَيْنِ لِلْحَوْزِ هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي حُزْنَاهَا هِيَ الَّتِي شَهِدْنَا بِمِلْكِهَا لِلْغَائِبِ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ هَذَا إنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْحَوْزِ هِيَ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَإِنَّهَا تَقُولُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 409 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي حُزْنَاهَا هِيَ الَّتِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى بِمِلْكِهَا إلَخْ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ شَهِدْنَا وَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي بَعْضِهَا شَهِدَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِلْوَجْهَيْنِ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ هِيَ الْأَوْلَى فَكَيْفَ عَطَفَهَا عَلَيْهَا وَهَلْ هَذَا إلَّا عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ قُلْت لَمَّا اخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ فَكَانَتْ شَهَادَتُهُمْ أَوَّلًا بِالْمِلْكِ وَاسْتِمْرَارِهِ وَشَهَادَتُهُمْ ثَانِيًا بِالْحَوْزِ حَصَلَتْ الْمُغَايَرَةُ فَجَازَ الْعَطْفُ وَإِنْ اتَّحَدَتْ الْبَيِّنَةُ. فَإِذَا حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى شُمُولِ الْوَجْهَيْنِ كَانَ أَبْيَنَ فِي حُصُولِ الْمُغَايَرَةِ وَرَصَافَةِ الْعَطْفِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الْبَيِّنَةَ هُنَا عَلَى الْعَدْلَيْنِ الْمُوَجَّهَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقُولَانِ لِأَحَدٍ شَيْئًا بَلْ لَهُمَا يُقَالُ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمَا نَائِبَانِ عَنْ الْقَاضِي فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ إذَا ثَبَتَتْ الْحِيَازَةُ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُوَجَّهَيْنِ لِحُضُورِهَا أُعْذِرَ لِلْمَطْلُوبِ فِي مِثْلِ هَذَا الْفَصْلِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْذَرُ إلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحِيَازَةِ أَمْ لَا، وَبِتَرْكِ الْإِعْذَارِ فِيهَا جَرَى الْعَمَلُ؛ لِأَنَّ حِيَازَةَ الشُّهُودِ لِلْمِلْكِ وَتَعْيِينَهُمْ إيَّاهُ إنَّمَا وَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْقَاضِي نَفْسِهِ حَسْبَمَا يَلْزَمُ فِي كُلِّ شَيْءٍ تُعَيِّنُهُ الشُّهُودُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا وَلِمَا يَكُونُ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ اسْتَنَابَ مَكَانَ نَفْسِهِ عَدْلَيْنِ لِيُعَيِّنَ ذَلِكَ لَهُمَا حَسْبَمَا كَانَ يُعَيِّنُ لَهُ وَإِنْ اجْتَزَأَ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ وَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ وَالْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ إنَّمَا يَقُومَانِ مَقَامَهُ فَيَتْرُكُ الْإِعْذَارَ فِيهِمَا كَمَا لَا يُعْذَرُ فِي نَفْسِهِ، وَجَاءَ قَوْلُهُ هِيَ مُطَابِقًا لِلْخَبَرِ دُونَ الْمُفَسَّرِ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ {فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 78] وَفِيهِ {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} [القصص: 32] اهـ عب. وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا إذَا شَهِدَتْ شُهُودُ الْمِلْكِ بِأَنَّ لَهُ دَارًا بِمَحَلِّ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا حُدُودَهَا وَلَا جِيرَانَهَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ بِهِ، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ بَلْ يَزِيدُونَ صِفَةَ جُدْرَانِهَا وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَمَاكِنِ وَالْمَرَافِقِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ ق وَإِذَا قَدِمَ بَعْدَ بَيْعِ دَارِهِ وَأَثْبَتَ بَرَاءَتَهُ مِمَّا بِيعَتْ فِيهِ فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ وَدَفْعِ ثَمَنِهَا قَالَهُ تت وَق وَذَكَرَ ح عَنْ الْبُرْزُلِيُّ فِي قُدُومِهِ بَعْدَ بَيْعِهَا فِي دَيْنٍ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا يُنْقَضُ بِحَالٍ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ق. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 410 وَإِنْ تَنَازَعَا فِي عُسْرِهِ فِي غَيْبَتِهِ اُعْتُبِرَ حَالُ قُدُومِهِ وَفِي إرْسَالِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا إنْ رَفَعَتْ مِنْ يَوْمِئِذٍ لِحَاكِمٍ لَا لِعُدُولٍ وَجِيرَانٍ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ كَالْحَاضِرِ   [منح الجليل] وَإِنْ) طَلَبَتْهُ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ بِنَفَقَتِهَا مُدَّةَ غَيْبَتِهِ وَ (تَنَازَعَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (فِي عُسْرِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَيُسْرِهِ (فِي) مُدَّةِ (غَيْبَتِهِ) فَادَّعَى الْأَوَّلَ وَادَّعَتْ الثَّانِيَ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا (حَالُ قُدُومِهِ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ السَّفَرِ فَإِنْ قَدِمَ مُعْسِرًا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا فَقَوْلُهَا بِيَمِينِهَا، وَمَحَلُّ كَلَامِهِ إنْ جُهِلَ حَالَ خُرُوجِهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَنَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ كَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فِي هَذَا. (وَإِنْ) تَنَازَعَا (فِي إرْسَالِهَا) أَيْ النَّفَقَةِ الشَّامِلَةِ لِلْكِسْوَةِ بِأَنْ ادَّعَى وُصُولَهَا إلَيْهَا وَأَنْكَرَتْ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً بِيَمِينٍ (إنْ) كَانَتْ (رَفَعَتْ) أَمْرَهَا (مِنْ يَوْمَئِذٍ) صِلَةُ قَوْلِهَا وَالتَّنْوِينُ عِوَضٌ عَنْ جُمْلَةِ مُضَافٍ إلَيْهَا أَيْ يَوْمَ رَفَعَتْ (لِحَاكِمٍ) سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا يَفْرِضُ نَفَقَتَهَا فِيهِ فَأَذِنَ لَهَا فِي إنْفَاقِهَا عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ قَرْضٍ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا قَدِمَ وَحُكْمُ أَوْلَادِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ حُكْمُهَا (لَا) يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا إنْ رَفَعَتْ (لِ) شُهُودٍ (عُدُولٍ وَجِيرَانٍ) مَعَ تَيَسُّرِ الرَّفْعِ لِسُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفُتْيَا وَرُوِيَ قَبُولُ قَوْلِهَا أَيْضًا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْوَتَدُ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ لِثِقَلِ الرَّفْعِ لَهُ عَلَى كَثِيرٍ وَلِحِقْدِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِهِ إذَا قَدِمَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ عَمَلَ قُضَاةِ تُونُسَ أَنَّ الرَّفْعَ لِلْعُدُولِ كَالرَّفْعِ لِلسُّلْطَانِ وَالرَّفْعَ لِلْجِيرَانِ لَغْوٌ فَإِنْ تَعَسَّرَ رَفْعُهَا لِلسُّلْطَانِ وَنَائِبِهِ قَامَ مَنْ ذُكِرَ مَقَامَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَرْفَعْ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ مَعَ تَيَسُّرِهِ بِأَنْ لَمْ تَرْفَعْ لِأَحَدٍ أَوْ رَفَعَتْ لِغَيْرِهِ مَعَ تَيَسُّرِهِ (فَقَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ هُوَ الْمَعْمُولِ بِهِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ سَفِيهًا وَمَفْهُومُ يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِهَا فِيمَا قَبْلَ رَفْعِهَا وَيَعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ الزَّوْجِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فَقَالَ (كَ) الزَّوْجِ (الْحَاضِرِ) بِالْبَلَدِ مَعَ زَوْجَتِهِ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 411 وَحَلَفَ لَقَدْ قَبَضَتْهَا لَا بَعَثْتهَا وَفِيمَا فَرَضَهُ فَقَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَقَوْلُهَا إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا ابْتَدَأَ الْفَرْضَ. وَفِي حَلِفِ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ: تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] عَلَيْهَا وَادَّعَتْ عَدَمَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلَوْ سَفِيهًا إذَا لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالدَّيْنِ وَإِذَا تَرَكَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهَا مَا تَجَمَّدَ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَتْهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إجْمَاعًا، وَهَذَا فِيمَنْ فِي عِصْمَتِهِ وَأَمَّا الْبَائِنُ الْحَامِلُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ (وَ) حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ (حَلَفَ) الزَّوْجُ (لَقَدْ قَبَضَتْهَا) أَيْ الزَّوْجَةُ النَّفَقَةَ مِنْهُ أَوْ مِنْ رَسُولِهِ (لَا) يَحْلِفُ لَقَدْ (بَعَثْتهَا) أَيْ النَّفَقَةَ لِلزَّوْجَةِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ وُصُولِ مَا بَعَثَهُ إلَيْهَا وَهُوَ الْأَصْلُ وَيَعْتَمِدُ فِي يَمِينِهِ عَلَى رَسُولٍ أَوْ كِتَابٍ (وَإِنْ) تَنَازَعَا (فِيمَا) أَيْ قَدْرِ النَّفَقَةِ الَّذِي (فَرَضَهُ) الْحَاكِمُ وَنَسِيَ مَا فَرَضَهُ أَوْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُسَجِّلْهُ. (فَقَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ مَعْمُولٌ بِهِ (إنْ أَشْبَهَ) أَيْ وَافَقَ الزَّوْجُ مَا اُعْتِيدَ فَرْضُهُ لِمِثْلِهِ أَشْبَهَتْ هِيَ أَيْضًا أَمْ لَا، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلُهُ (فَقَوْلُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ (إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُشْبِهْ أَيْضًا (ابْتَدَأَ) الْحَاكِمُ (الْفَرْضَ) لِنَفَقَتِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَهَا فِي الْمَاضِي نَفَقَةُ مِثْلِهَا (وَفِي حَلِفِ مُدَّعِي الْأَشْبَهِ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ وَعَدَمِ حَلِفِهِ (تَأْوِيلَانِ) فِي التَّوْضِيحِ قِيلَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ مِنْهُمَا إذْ لَا يَحْلِفُ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ مَعَ شَاهِدٍ وَحَمَلَ غَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عِيَاضٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ حُجَّةٌ لِجَوَازِ الْحَلِفِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ خِلَافَ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ سَحْنُونٍ وَمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ. عِيَاضٌ وَعِنْدِي أَنَّ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ خَارِجَةٌ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ إذْ قَضَاءُ الْقَاضِي ثَابِتٌ بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ، ثُمَّ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي مِقْدَارِ مَا فُرِضَ فَكَانَتْ دَعْوَى مَالٍ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَشْبَهَ مِنْهُمَا مَعَ يَمِينِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْقَضَاءِ كَمَا قِيلَ اهـ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ اهـ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّهَادَاتِ بِقَوْلِهِ أَوْ بِأَنَّهُ حُكْمٌ لَهُ وَبِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 412 (فَصْلٌ) إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ مَرْعَى، وَإِلَّا بِيعَ: كَتَكْلِيفِهِ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ،   [منح الجليل] [فَصْلٌ نَفَقَةُ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَرِيبِ وَخَادِمِهِ وَالْحَضَانَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا] (فَصْلٌ) فِي نَفَقَةِ الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْقَرِيبِ وَخَادِمِهِ وَالْحَضَانَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (إنَّمَا تَجِبُ) عَلَى الْمَالِكِ (نَفَقَةُ رَقِيقِهِ) لَا رَقِيقِ رَقِيقِهِ فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا (وَدَابَّتِهِ) وَالْحَصْرُ فِي هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ يُوجَدْ (مَرْعًى) يَكْفِيهَا وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ رَعْيُهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَصْرَ مُنْصَبٌّ عَلَى جَمِيعِ مَا بَعْدَهُ أَيْ إنَّمَا يَجِبُ النَّفَقَةُ بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَشَمِلَ رَقِيقُهُ الْمُخْدِمَ وَقِيلَ نَفَقَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ خِدْمَتُهُ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ نَفَقَةِ الْمُخْدِمِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ ذِي الْخِدْمَةِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ يَسِيرَةً لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَهُ وَنَقَلَهُ أَيْضًا وَالْمُكَاتَبُ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالْمُسْتَحَقَّةُ بِرِقٍّ وَهِيَ حَامِلٌ نَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ اسْتَحَقَّهَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَلَى مَنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ الْجَيِّدُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَ فِي خِدْمَتِهَا قَدْرُ نَفَقَتِهَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهَا وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا أَوْ مَعَ قِيمَةِ وَلَدِهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى دَابَّتِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مُنْكَرٌ وَإِزَالَتُهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ بِهَا خِلَافًا فَالْقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُؤْمَرُ بِلَا قَضَاءٍ وَالْهِرَّةُ الْعَمْيَاءُ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الِانْصِرَافِ تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى مَنْ انْقَطَعَتْ عِنْدَهُ، وَسَكَتَ عَنْ الْقِيَامِ بِالشَّجَرِ وَهُوَ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ إضَاعَةُ مَالٍ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَى رَقِيقِهِ أَوْ دَابَّتِهِ بُخْلًا أَوْ عَجْزًا (بِيعَ) إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَحَلَّ بَيْعَهُ وَإِلَّا وُهِبَ أَوْ أُخْرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مَا أَوْ ذَكَاةِ مَا يُؤْكَلُ، وَفِي أُمُّ الْوَلَدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ يُنْجَزُ عِتْقُهَا وَقِيلَ تَسْعَى فِي مَعَاشِهَا وَقِيلَ تُزَوَّجُ وَشَبَّهَ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ (كَتَكْلِيفِهِ) أَيْ الْمَمْلُوكِ رَقِيقًا أَوْ دَابَّةً (مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُهُ) إلَّا بِمَشَقَّةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْعَادَةِ زِيَادَةً عَلَى مَرَّتَيْنِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 413 وَيَجُوزُ مِنْ لَبَنِهَا مَا لَا يَضُرُّ بِنَتَاجِهَا وَبِالْقَرَابَةِ عَلَى الْمُوسِرِ: نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْمُعْسِرَيْنِ، وَأَثْبَتَا الْعُدْمَ لَا بِيَمِينٍ، وَهَلْ الِابْنُ إذَا طُولِبَ بِالنَّفَقَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَلَاءِ أَوْ الْعُدْمِ قَوْلَانِ؛   [منح الجليل] وَيَجُوزُ) لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ (مِنْ لَبَنِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ أَوْ الْأَمَةِ (مَا لَا يَضُرُّ بِنَتَاجِهَا) أَيْ وَلَدِهَا (وَ) تَجِبُ (بِالْقَرَابَةِ عَلَى) الْوَلَدِ الْحُرِّ (الْمُوسِرِ) كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ وَضْعٍ، وَالْأَصَحُّ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ أَرْبَعًا لَا عَنْ نَفَقَةِ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ، وَالْوَاجِبُ بِالْقَرَابَةِ (نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ الْأُمِّ وَالْأَبِ الْمُبَاشِرَيْنِ الْحُرَّيْنِ وَلَوْ كَافِرَيْنِ وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ كُفَّارًا اتَّفَقَ دِينُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ (الْمُعْسِرَيْنِ) بِنَفَقَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ لَهُمَا خَادِمٌ وَدَارٌ لَا فَضْلَ فِيهِمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُجْبَرُ عَلَى عَمَلِ صَنْعَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ. الْحَطّ وَهُوَ الظَّاهِرُ قِيَاسًا عَلَى الْوَلَدِ فَإِنَّهُ اُشْتُرِطَ فِي وُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ عَجْزُهُ عَنْ التَّكَسُّبِ بِصَنْعَةٍ لَا تُزْرِي بِهِ بِخِلَافِ صَنْعَةِ الْأَبَوَيْنِ فَيُجْبَرَانِ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ فِيهَا مَعَرَّةٌ عَلَى الْوَلَدِ تَعَافُهُمَا بِهَا قَبْلَ وُجُودِ الْوَلَدِ غَالِبًا وَمَنْ لَهُ وَالِدٌ وَوَلَدٌ فَقِيرَانِ وَقَدَرَ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَقِيلَ يَتَحَاصَّانِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْوَلَدُ وَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَالصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ. (وَأَثْبَتَا) أَيْ الْوَالِدَانِ (الْعُدْمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرَهُمَا بِعَدْلَيْنِ إنْ أَنْكَرَهُ الْوَلَدُ (لَا بِيَمِينٍ) مِنْهُمَا مَعَ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ لَهُمَا (وَهَلْ الِابْنُ إذَا طُولِبَ) مِنْ أَبَوَيْهِ (بِالنَّفَقَةِ) عَلَيْهِمَا وَادَّعَى الْعُدْمَ (مَحْمُولٌ عَلَى الْمَلَاءِ) بِالْمَدِّ أَيْ الْغِنَى فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ عُدْمِهِ بِعَدْلَيْنِ وَيَمِينٍ (أَوْ) مَحْمُولٌ عَلَى (الْعُدْمِ) فَعَلَيْهِمَا إثْبَاتُ مَلَائِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَالثَّانِي لِابْنِ الْفَخَّارِ فَالْأَوْلَى تَرَدُّدُ مَحَلِّهِمَا إذَا كَانَ الِابْنُ مُنْفَرِدًا لَيْسَ لِوَالِدَيْهِ سِوَاهُ أَوْ ادَّعَوْا الْعُسْرَ وَإِلَّا فَعَلَى مُدَّعِي الْعُدْمِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 414 وَخَادِمِهِمَا وَخَادِمِ زَوْجَةِ الْأَبِ، وَإِعْفَافُهُ بِزَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَا تَتَعَدَّدُ إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ عَلَى ظَاهِرِهَا لَا زَوْجُ أُمِّهِ، وَجَدٍّ.   [منح الجليل] إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ سِوَاهُ فَإِنْ كَانَ وَجَبَ عَلَى الِابْنِ الْمُدَّعِي الْعُدْمَ إثْبَاتُهُ لِمُطَالَبَةِ أَخِيهِ بِالنَّفَقَةِ مَعَهُ فَلَا تَرْجِعُ النَّفَقَةُ كُلُّهَا عَلَى الْوَاحِدِ إلَّا بِالْحُكْمِ بِعُدْمِ الْآخَرِ قُلْت تَعْلِيلُ ابْنِ الْفَخَّارِ قَبُولُ قَوْلِ الِابْنِ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ إنَّمَا هِيَ فِي فَاضِلِ مَالِهِ لَا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ يَقْتَضِي أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ انْفِرَادِ الْوَلَدِ وَتَعَدُّدِهِ. (وَ) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ (خَادِمِهِمَا) أَيْ الْوَالِدَيْنِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ وَقَدَرَا عَلَى خِدْمَةِ أَنْفُسِهِمَا لِتَأَكُّدِ حَقِّهِمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْخَادِمُ رَقِيقًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُعَدَّا مُوسِرَيْنِ بِهِ لِحَاجَتِهِمَا إلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْأَبَ نَفَقَةُ خَادِمِ وَلَدِهِ وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ إلَّا فِي حَالِ الْحَضَانَةِ وَمَلَاءِ الْأَبِ وَحَاجَةِ الْوَلَدِ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، (وَ) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ (خَادِمِ زَوْجَةِ الْأَبِ) الْمُتَأَهِّلَةِ لِلْإِخْدَامِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ. (وَ) يَجِبُ بِالْقَرَابَةِ (إعْفَافُهُ) أَيْ الْأَبِ (بِزَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا تَتَعَدَّدُ) نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ (إنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا) أَيْ زَوْجَتَيْ الْأَبِ (أُمَّهُ) أَيْ الْوَلَدِ (عَلَى ظَاهِرِهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فَيُنْفِقُ عَلَى أُمِّهِ لِقَرَابَتِهَا وَزَوْجِيَّتِهَا لِأَبِيهِ وَأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّعَدُّدِ إنْ كَانَتَا أَجْنَبِيَّتَيْنِ وَالْقَوْلُ لِلْأَبِ فِيمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا أَكْثَرَ حَيْثُ كَانَتْ لَائِقَةً بِهِ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أُمَّهُ تَعَيَّنَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَلَوْ غَنِيَّةً؛ لِأَنَّهُ لِلزَّوْجِيَّةِ لَا لِلْقَرَابَةِ (لَا) تَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ (زَوْجِ أُمِّهِ) الْفَقِيرِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجِ أُمِّهِ وَفِي الْكَافِي تَلْزَمُ الْأَبْنَاءَ لِلنَّفَقَةِ عَلَى أُمِّهِمْ وَعَلَى زَوْجِهَا الْفَقِيرِ إنْ كَانَ عَدِيمًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَكَانَ عُدْمُهُ قَدْ لَحِقَهُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا وَلَمْ يَعْتَرِضْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَزَلْ الشُّيُوخُ يَعْتَرِضُونَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَةِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى عَنْهُ شَيْئًا لَزِمَهُ، وَالْأُمُّ لَا يَلْزَمُهَا الْإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجِهَا اهـ وَهُوَ بَيِّنٌ وَاضِحٌ. (وَلَا) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ (جَدٍّ) وَجَدَّةٍ مِنْ جِهَةِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ (وَ) لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 415 وَوَلَدِ ابْنٍ، وَلَا يُسْقِطُهَا تَزْوِيجُهَا بِفَقِيرٍ، وَوُزِّعَتْ عَلَى الْأَوْلَادِ، وَهَلْ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ الْإِرْثِ أَوْ الْيَسَارِ؟ أَقْوَالٌ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ زَوْجُهَا وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ،   [منح الجليل] وَلَدِ ابْنٍ) وَأَوْلَى وَلَدُ بِنْتٍ (وَلَا يُسْقِطُهَا) أَيْ نَفَقَةَ الْأُمِّ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ الْأُمِّ (بِ) زَوْجٍ (فَقِيرٍ) أَوْ غَنِيٍّ افْتَقَرَ وَمِثْلُ الْأُمِّ الْبِنْتُ فَإِنْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ تَمَّمَ الِابْنُ أَوْ الْأَبُ بَاقِيَهَا (وَوُزِّعَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُشَدَّدَةً أَيْ قُسِمَتْ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ (عَلَى الْأَوْلَادِ) الْمُوسِرِينَ اتَّفَقَ يَسَارُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ. (وَهَلْ) تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ (عَلَى) عَدَدِ (الرُّءُوسِ) مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى اخْتِلَافِ الْيَسَارِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (أَوْ) بِحَسَبِ (الْإِرْثِ) فَعَلَى الذَّكَرِ ضِعْفُ مَا عَلَى الْأُنْثَى (أَوْ) بِحَسَبِ (الْيَسَارِ) فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) الْأَوَّلُ نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَمُطَرِّفٍ وَالثَّالِثُ لِمُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَوَّلَ أَيْضًا ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ مُطَرِّفٌ أَقُولُ الْبُرْزُلِيُّ الْمَشْهُورُ الثَّالِثُ (وَ) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ (نَفَقَةُ الْوَلَدِ الذَّكَرِ) الْحُرِّ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ عَلَى أَبِيهِ الْحُرِّ الْمُوسِرِ بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ (حَتَّى يَبْلُغَ) الذَّكَرُ (عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ) وَالرَّقِيقُ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِكِهِ وَالْغَنِيُّ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ وَالْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ إلَّا لِمَعَرَّةٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ فِي حِرْفَتِهِ أَوْ كَسَادِهَا فَعَلَى الْأَبِ وَإِنْ اكْتَسَبَ مَا لَا يَكْفِيهِ وَجَبَ عَلَى أَبِيهِ تَمَامُ كِفَايَتِهِ. (وَ) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ الْبِنْتِ (الْأُنْثَى) الْحُرَّةِ (حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا) الْبَالِغُ وَلَوْ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ يُدْعَى لَهُ وَهِيَ مُطِيقَةٌ فَمُرَادُهُ حَتَّى تَجِبَ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا الْبَالِغِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (وَتَسْقُطُ) نَفَقَةُ الْقَرَابَةِ (عَنْ) الشَّخْصِ (الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ) فَإِذَا تَحَيَّلَ الْوَالِدُ أَوْ الْوَلَدُ الْمُعْسِرُ فِي نَفَقَتِهِ وَأَخَذَهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى مَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 416 إلَّا لِقَضِيَّةٍ أَوْ يُنْفِقُ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ وَاسْتَمَرَّتْ، إنْ دَخَلَ زَمِنَةً   [منح الجليل] وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا لِسَدِّ الْخُلَّةِ وَقَدْ حَصَلَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِقَضِيَّةٍ) أَيْ لِفَرْضِهَا مِنْ حَاكِمٍ فَلَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ كَحُكْمِهِ بِهَا فَصَارَتْ كَالدَّيْنِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا الْحَاكِمُ وَيَتَعَذَّرَ أَخْذُهَا لِغَيْبَةِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَتَعَذَّرْ وَأَنْفَقَ عَلَى الْأَبِ أَوْ عَلَى الْوَلَدِ مَنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَبَّهَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَفَرَضَهَا الْقَاضِي عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهَا فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ إنْ أَنْفَقَ الْأَبَوَانِ وَصَغِيرُ وَلَدِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ طَلَبُوهُ بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَقَوْلُهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي إنْ أَنْفَقَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى نَفْسِهَا وَصِغَارِ وَلَدِهِ وَأَبْكَارِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ سَلَفًا، وَالزَّوْجُ غَائِبٌ فَلَهَا اتِّبَاعُهُ إنْ كَانَ وَقْتَ نَفَقَتِهَا مُوسِرًا فَجَمَعُوا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ مَا فِي الزَّكَاةِ قَبْلَ فَرْضِ الْقَاضِي وَمَا فِي النِّكَاحِ بَعْدَهُ. قُلْت وَفِي زَكَاتِهَا أَيْضًا مِثْلُ مَا فِي نِكَاحِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَيُعْطَى الْوَلَدُ وَالزَّوْجَةُ مَا تَسَلَّفَا فِي يُسْرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا أَوْ يُنْفِقَ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ يَقْتَضِي أَنَّ نَفَقَةَ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ كَحُكْمِ الْقَاضِي بِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يُقْضَى لِلْمُنْفِقِ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِحُكْمٍ فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَفْرِضَهَا الْحَاكِمُ فَيَقْضِي بِهَا لَهُمَا أَوْ لِمَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمَا غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ لَكَانَ أَصْوَبَ. (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ (يُنْفِقَ) عَلَى الْوَالِدِ أَوْ الْوَلَدِ شَخْصٌ (غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ) بَعْدَ فَرْضِهَا فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ إلَّا لِقَضِيَّةٍ لَوَفَى بِالْقَيْدِ فِي إنْفَاقِ غَيْرِ الْمُتَبَرِّعِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْحَطّ مَا قَالَاهُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِنَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِظَاهِرٍ فِيهَا فَلِلْمُنْفِقِ غَيْرِ الْمُتَبَرِّعِ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى أَبِيهِ الْمُوسِرِ وَلَوْ لَمْ تُفْرَضْ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ مُوسِرًا كَوُجُودِ مَالِ الْوَلَدِ وَتَبِعَهُ عب الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَاسْتَمَرَّتْ) نَفَقَةُ الْأُنْثَى عَلَى أَبِيهَا بِمَعْنَى عَادَتْ إذْ حَالَ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا لَيْسَتْ عَلَى أَبِيهَا فَتَجَوَّزَ عَنْ عَادَتْ بِاسْتَمَرَّتْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَالْأُنْثَى حَتَّى يَدْخُلَ زَوْجُهَا بِهَا (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا (زَمِنَةً) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مَرِيضَةً مَرَضًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 417 ثُمَّ طَلَّقَ، لَا إنْ عَادَتْ بَالِغَةً، أَوْ عَادَتْ الزَّمَانَةُ. وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ: نَفَقَةُ وَلَدِهَا، إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَيْسَ عَجْزُهُ   [منح الجليل] مُلَازِمًا وَاسْتَمَرَّتْ زَمِنَةً (ثُمَّ طَلَّقَ) هَا الزَّوْجُ أَوْ مَاتَ وَهِيَ زَمِنَةً وَلَوْ بَالِغَةً، وَكَذَا تَسْتَمِرُّ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَأَ لِلْوَلَدِ مَالٌ وَذَهَبَ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَلَغَ زَمِنًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَالٌ وَذَهَبَ فَتَعُودُ عَلَى أَبِيهِ وَكَذَا إذَا رَشَّدَهَا فَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ. (لَا) تَعُودُ نَفَقَةُ الْبِنْتِ عَلَى أَبِيهَا (إنْ) دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ صَغِيرَةً صَحِيحَةً ثُمَّ (عَادَتْ) لِأَبِيهَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ الزَّوْجِ حَالَ كَوْنِهَا (بَالِغَةً) ثَيِّبًا صَحِيحَةً قَادِرَةً عَلَى الْكَسْبِ بِغَيْرِ سُؤَالٍ (أَوْ) أَيْ وَلَا تَعُودُ عَلَى أَبِيهَا إنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا زَمِنَةً وَصَحَّتْ عِنْدَهُ وَ (عَادَتْ الزَّمَانَةُ) لَهَا عِنْدَ زَوْجِهَا، وَتَأَيَّمَتْ زَمِنَةً بَالِغَةً ثَيِّبًا فَلَوْ عَادَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا صَغِيرَةً أَوْ بِكْرًا عَادَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى أَبِيهَا إلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ لَا إلَى الْبُلُوغِ فَقَطْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالْمُصَنِّفُ مُصَدَّقٌ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مُطَّلِعٌ وَكَوْنُ " ق " لِمَا يَذْكُرُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ عَدَمَ الْعَوْدِ إلَّا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ غَيْرَ مُضِرٍّ. الْبُنَانِيُّ مُقْتَضَى مَا فِي " ق " عَنْ الْمُتَيْطِيِّ تَرْجِيحُ أَنَّ عَوْدَ نَفَقَةِ الصَّغِيرَةِ عَلَى أَبِيهَا إلَى بُلُوغِهَا فَقَطْ، وَالثَّانِيَةُ مَنْصُوصَةٌ لِابْنِ يُونُسَ فِي الذُّكُورِ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ مَنْ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ مَجْنُونًا أَوْ ذَا زَمَانَةٍ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ التَّكَسُّبَ فَإِنْ صَحَّا سَقَطَتْ ثُمَّ لَا تَعُودُ إنْ عَادَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُمْ إنَّمَا تَجِبُ بِاسْتِصْحَابِ الْوُجُوبِ اهـ وَعَلَيْهِ حَمَلَ " ح " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ يَجْرِي فِي الْأُنْثَى مِنْ بَابِ لَا فَرْقَ. (وَعَلَى الْمُكَاتَبَةِ نَفَقَةُ وَلَدِهَا) الرَّقِيقِ لَا عَلَى سَيِّدِهَا إنْ أَدْخَلَتْهُ مَعَهَا فِي كِتَابَتِهَا أَوْ دَخَلَ فِيهَا بِحُكْمِ الشَّرْعِ بِأَنْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ وَقْتَ عَقْدِهَا أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا وَوَلَدَهَا وَمَالَهَا. الْمُصَنِّفُ وَلَيْسَ لَنَا أُنْثَى تَجِبُ عَلَيْهَا نَفَقَةُ وَلَدِهَا غَيْرَهَا، وَهَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَفِي الْحَقِيقَةِ عَلَى السَّيِّدِ لِتَرْكِهِ لَهَا شَيْئًا مِنْ النُّجُومِ فِي نَظِيرِهَا تَقْدِيرًا (إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ) مَعَهَا (فِي الْكِتَابَةِ) فَإِنْ كَانَ فَنَفَقَتُهَا وَنَفَقَةُ وَلَدِهَا عَلَيْهِ، (وَ) إنْ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ عَنْ نَفَقَةِ وَلَدِهَا أَوْ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَفَقَتِهَا وَنَفَقَةِ وَلَدِهَا فَ (لَيْسَ عَجْزُهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 418 عَنْهَا عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ؛ وَعَلَى الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ أَوْ الرَّجْعِيَّةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا بِلَا أَجْرٍ، إلَّا لِعُلُوِّ قَدْرٍ: كَالْبَائِنِ، إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ غَيْرَهَا أَوْ يُعْدِمَ الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ، وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ وَاسْتَأْجَرَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لِبَانٌ:   [منح الجليل] الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْأَبِ (عَنْهَا) أَيْ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَوَلَدِهَا (عَجْزًا عَنْ الْكِتَابَةِ) ؛ لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِالرَّقَبَةِ كَالْجِنَايَةِ وَالنَّفَقَةِ بِالْمَالِ. (وَعَلَى الْأُمِّ الْمُتَزَوِّجَةِ) بِأَبِي الرَّضِيعِ (وَ) الْمُطَلَّقَةِ (الرَّجْعِيَّةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا) مِنْ الزَّوْجِ الَّذِي هِيَ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ الْمُطَلِّقِ (بِلَا أَجْرٍ) أَيْ عِوَضٍ مَالِيٍّ تَأْخُذُهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ عَلَى تَوَالِي الْأَعْصَارِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِعُلُوِّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ ارْتِفَاعِ (قَدْرِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِكَوْنِهَا مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ الَّذِينَ لَيْسَ شَأْنُهُمْ إرْضَاعَ أَوْلَادِهِمْ وَكَعُلُوِّ الْقَدْرِ الْمَرَضُ وَقِلَّةُ اللَّبَنِ، وَإِنْ أَرْضَعَتْ الشَّرِيفَةُ فَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الْأَبِ ثُمَّ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ فَقَالَ (كَ) الْمُطَلَّقَةِ (الْبَائِنِ) بِخُلْعٍ أَوْ بَتٍّ أَوْ انْقِضَاءِ عِدَّةٍ رَجْعِيٍّ فَلَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ وَلَوْ غَيْرَ شَرِيفَةٍ وَإِنْ أَرْضَعَتْ فَلَهَا الْأُجْرَةُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ) الْوَلَدُ (غَيْرَهَا) أَيْ أُمِّهِ الشَّرِيفَةِ أَوْ الْبَائِنِ فَيَلْزَمُهَا إرْضَاعُهُ مَلِيًّا كَانَ أَبُوهُ أَمْ لَا وَلَهَا الْأُجْرَةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَهَا وَ (يُعْدِمَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَفْتَقِرُ (الْأَبُ أَوْ يَمُوتَ) الْأَبُ. (وَلَا مَالَ لِلصَّبِيِّ) فَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ فَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْهُ سَوَاءٌ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أَتَاهُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ مَاتَ الْأَبُ فَالنَّظَرُ إنَّمَا هُوَ لِمَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ وُجِدَ فِي إرْثِ الْأَبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَمِنْهُ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَعَلَى الْأُمِّ (وَ) إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ وَلَا مَالَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَلَدِ وَقَبِلَ غَيْرَهَا (اسْتَأْجَرَتْ) الْأُمُّ مِنْ مَالِهَا مَنْ تُرْضِعُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَالِيَةَ الْقَدْرِ أَوْ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً أَوْ غَيْرَ مُطَلَّقَةٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ الْأُمِّ (لِبَانٌ) أَوْ لَمْ يَكْفِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 419 وَلَهَا إنْ قَبِلَ غَيْرَهَا: أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَوْ وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا عَلَى الْأَرْجَحِ فِي التَّأْوِيلِ وَحَضَانَةُ الذَّكَرِ: لِلْبُلُوغِ،   [منح الجليل] وَلَهَا) أَيْ الْأُمِّ الَّتِي لَا يَلْزَمُهَا الْإِرْضَاعُ (إنْ قَبِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْوَلَدُ (غَيْرَهَا) أَيْ أُمِّهِ قَيَّدَ بِهَذَا لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ الْآتِيَةِ، وَإِلَّا فَلَهَا إذَا لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ مِثْلِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ الْأَبُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا مَجَّانًا بَلْ (وَلَوْ وَجَدَ) أَبُوهُ (مَنْ) أَيْ امْرَأَةً (تُرْضِعُهُ) أَيْ الْوَلَدَ (عِنْدَهَا) أَيْ أُمِّهِ (مَجَّانًا) أَيْ بِلَا أُجْرَةٍ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ (فِي التَّأْوِيلِ) الْمُدَوَّنَةُ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهَا. قُلْت فَإِنْ قَالَتْ بَعْدَمَا طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ لَا أُرْضِعُهُ إلَّا بِمِائَةٍ وَوَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ بِخَمْسِينَ. قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هِيَ أَحَقُّ بِهِ بِمَا يُرْضِعُهُ بِهِ غَيْرُهَا وَنَصَّ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ بِمَا يُرْضِعُهُ بِهِ غَيْرُهَا يُرِيدُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا، وَقَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْكَاتِبِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَوَاءٌ وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَ الْأُمِّ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهَا هِيَ الَّتِي تُبَاشِرُهُ بِالرَّضَاعِ وَالْمَبِيتِ، وَذَلِكَ تَفْرِقَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ الْأُمُّ أَحَقَّ بِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَهَذَا أَبْيَنُ. عِيَاضٌ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ آخِرَ الْكِتَابِ إذَا وَجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا بَاطِلًا وَهُوَ مُوسِرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ وَعَلَيْهَا إرْضَاعُهُ بِمَا يُرْضِعُهُ بِهِ غَيْرُهَا وَيُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. وَقَوْلُهُ بِمَا يُرْضِعُهُ بِهِ غَيْرُهَا هُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَحَضَانَةُ) فَتْحُ الْحَاءِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِضْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهُوَ مَا تَحْتَ الْإِبْطِ لِلْكَشْحِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخَاصِرَةِ وَالضِّلْعِ الْخَلْفِيِّ وَهِيَ لُغَةً الْحِفْظُ وَالصِّيَانَةُ وَشَرْعًا صِيَانَةُ الْعَاجِزِ وَالْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَحْصُولُ قَوْلِ الْبَاجِيَّ حِفْظُ الْوَلَدِ فِي مَبِيتِهِ وَمُؤْنَةِ طَعَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَضْجَعِهِ وَتَنْظِيفِ جِسْمِهِ الْوَلَدِ (الذَّكَرِ) الْمُحَقَّقِ ثَابِتَةٌ مِنْ وِلَادَتِهِ (لِلْبُلُوغِ) وَلَوْ زَمِنًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ أَوْ مَجْنُونًا فَتَسْقُطُ حَضَانَةُ الْأُمِّ وَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ وَلَا يَخْرُجُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ عَنْ حَضَانَتِهَا مَا دَامَ مُشْكِلًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 420 وَالْأُنْثَى: كَالنَّفَقَةِ لِلْأُمِّ، وَلَوْ أَمَةً عَتَقَ وَلَدُهَا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ. ولِلْأَبِ: تَعَاهُدُهُ، وَأَدَبُهُ، وَبَعْثُهُ لِلْمَكْتَبِ.   [منح الجليل] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ فِي غَايَةِ أَمَدِ الْحَضَانَةِ أَنَّهَا الْبُلُوغُ فِي الذُّكُورِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ فِي الْإِثْبَاتِ كَوْنُهُ عَلَامَةً لِلْبُلُوغِ. وَالْحَطّ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. (وَ) حَضَانَةُ (الْأُنْثَى كَالنَّفَقَةِ) فِي الْجُمْلَةِ إذْ حَضَانَتُهَا إلَى الدُّخُولِ فَقَطْ وَالنَّفَقَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى الدُّعَاءِ لَهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالنَّفَقَةِ أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا، وَأَنَّهَا لَوْ دَخَلَتْ زَمِنَةً وَاسْتَمَرَّتْ زَمِنَةً حَتَّى تَأَيَّمَتْ لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا، وَأَنَّ الزَّوْجَ إذَا دَخَلَ بِهَا غَيْرَ مُطِيقَةٍ الْوَطْءَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْأَبُ بِتَزْوِيجِهَا الْفِرَارَ مِنْ الْفَرْضِ وَإِسْقَاطَ الْحَضَانَةِ فَلَا يَسْقُطُ وَلَا الْحَضَانَةُ بِالدُّخُولِ حَتَّى تُطِيقَ قَالَهُ الْوَنْشَرِيسِيُّ وَلَوْ الْتَزَمَتْ الْأُمُّ حَضَانَةَ وَلَدِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِي زَمَنِهَا فُسِخَ نِكَاحُهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ الشَّرْطُ بَاطِلٌ فَإِنْ حَاضَتْ زَمَنَ رَضَاعِهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ فَفِي مَنْعِهَا مِنْ التَّزْوِيجِ مُطْلَقًا مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَجَوَازِهِ مُطْلَقًا وَمَنْعِهِ إنْ شُرِطَ عَدَمُهُ، وَمَنْعِهِ إنْ أَضَرَّ بِالصَّبِيِّ أَقْوَالٌ حَكَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَحَضَانَةُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (لِلْأُمِّ) الْمُطَلَّقَةِ أَوْ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا، وَأَمَّا الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ فَهِيَ لَهَا وَلِلْأَبِ مَعًا، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ الْأُمُّ حُرَّةً بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (أَمَةً) مُتَزَوِّجَةً (عَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ (وَلَدُهَا) وَطَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ فَلَهَا حَضَانَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَتَسَرَّرَهَا السَّيِّدُ فَتَسْقُطَ حَضَانَتُهَا كَالْأُمِّ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ وَفَرْضُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحُرِّ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ وَقَوْلُهُ عَتَقَ وَلَدُهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَحْضُنُ الْحُرَّ (أَوْ) كَانَتْ الْأُمُّ (أُمَّ وَلَدٍ) نَجَّزَ سَيِّدُهَا عِتْقَهَا أَوْ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا مِنْهُ. (وَلِلْأَبِ) وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ (تَعَاهُدُهُ) أَيْ الْمَحْضُونِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَأَدَبُهُ) أَيْ تَأْدِيبُ الْمَحْضُونِ (وَبَعْثُهُ) أَيْ إرْسَالُ الْمَحْضُونِ (لِلْمَكْتَبِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْفَوْقِيَّةِ أَيْ مَحَلِّ تَعَلُّمِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْمُعَلِّمِ أَوْ الْمُعَلِّمَةِ وَخَتْنُهُ وَبَعْثُهُ لِأُمِّهِ وَلَيْسَ لَهُ زِفَافُ الْبِنْتِ مِنْ عِنْدِهِ لِبَيْتِ زَوْجِهَا بَلْ مِنْ عِنْدِ الْأُمِّ فَالْحَقُّ لَهَا فِيهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. الْبُنَانِيُّ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأُمِّ وَإِنْ عَبَّرَ بِهَا أَبُو الْحَسَنِ فَالْحَقُّ لِلْحَاضِنَةِ مُطْلَقًا فِي الزِّفَافِ مِنْ عِنْدِهَا. ابْنُ عُمَرَ إذَا قَالَ تُزَفُّ مِنْ عِنْدِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 421 ثُمَّ أُمِّهَا، ثُمَّ جَدَّةِ الْأُمِّ، إنْ انْفَرَدَتْ بِالسُّكْنَى عَنْ أُمٍّ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا ثُمَّ الْخَالَةِ ثُمَّ خَالَتِهَا، ثُمَّ جَدَّةِ الْأَبِ ثُمَّ الْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتِ ثُمَّ الْعَمَّةِ   [منح الجليل] وَقَالَتْ الْحَاضِنَةُ مِنْ عِنْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَاضِنَةِ. (ثُمَّ) إذَا قَامَ بِالْأُمِّ مَانِعٌ أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فَالْحَضَانَةُ لِ (أُمِّهَا) أَيْ الْأُمِّ (ثُمَّ) لِ (جَدَّةِ الْأُمِّ) أَمْ أُمِّهَا أَوْ أُمِّ أَبِيهَا (إنْ انْفَرَدَتْ) أَوْ الْأُمِّ أَوْ جَدَّتِهَا (بِالسُّكْنَى عَنْ أُمٍّ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا) بِتَزَوُّجِهَا أَوْ غَيْرِهِ، وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ فِي كُلِّ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ وَهَذَا الشَّرْطُ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَاقْتَصَرَ الْمُتَيْطِيُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ سَلْمُونٍ الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْعَوَّادِ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلْجَدَّةِ إذَا سَكَنَتْ مَعَ بِنْتِهَا قَالَ وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَبِهَا الْعَمَلُ وَاخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَتُقَدَّمُ جَدَّةُ الْأُمِّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا عَلَى جَدَّتِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا. (ثُمَّ الْخَالَةِ) أُخْتِ الْأُمِّ شَقِيقَةً أَوْ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ فِي الْجَمِيعِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنِ عَرَفَةَ (ثُمَّ) لِ (خَالَتِهَا) أَيْ الْأُمِّ وَأَسْقَطَ مَرْتَبَةً وَهِيَ عَمَّةُ الْأُمِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ مَا بَعُدَ مِنْ نَسَبِ الْأُمِّ. (ثُمَّ) (جَدَّةِ) الْمَحْضُونِ مِنْ قِبَلِ (الْأَبِ) سَوَاءٌ كَانَتْ أُمَّ الْأَبِ أَوْ أُمَّ أُمِّهِ أَوْ أُمَّ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَتْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ جَدَّةَ الْأَبِ فَقَطْ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ وَجِهَةُ أُمِّهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ أَبِيهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ قَرَابَاتُ الْأُمِّ فَالْجَدَّةُ لِلْأَبِ ثُمَّ أُمُّ جَدَّةِ الْأَبِ ثُمَّ أُمُّ أَبِي الْأَبِ ثُمَّ أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ ثُمَّ أُمُّ أُمِّ أَبِيهِ ثُمَّ الْأَبُ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْأَبِ أُمٌّ أَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَجْنَبِيٌّ كَانَ أُمُّهُ وَأُمُّ أَبِيهِ وَأُمُّ أُمِّهِ أَحَقُّ مِنْ أُمِّ أَبِيهِ، وَقَالَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرَابَاتُ الْأُمِّ فَفِي تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى قَرَابَاتِهِ وَعَكْسِهِ ثَالِثُهَا الْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِهِ أَحَقُّ مِنْهُ وَهُوَ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِهِنَّ النَّقْلِيُّ الصِّقِلِّيُّ وَلَهَا وَعَزَاهُ فِي الْبَيَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَعَلَى الْأَوَّلِ جَرَى فِي التُّحْفَةِ. (ثُمَّ الْأَبِ) تَأْخِيرُهُ عَنْ جَدَّاتِهِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (ثُمَّ الْأُخْتِ) لِلْمَحْضُونِ شَقِيقَةً ثُمَّ لِأُمِّهِ ثُمَّ لِأَبِيهِ (ثُمَّ الْعَمَّةِ) لِلْمَحْضُونِ ثُمَّ عَمَّةِ أَبِيهِ ثُمَّ خَالَةِ أَبِيهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 422 ثُمَّ هَلْ بِنْتُ الْأَخِ أَوْ الْأُخْتِ أَوْ الْأَكْفَأُ مِنْهُنَّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؟ أَقْوَالٌ ثُمَّ الْوَصِيِّ، ثُمَّ الْأَخِ، ثُمَّ ابْنِهِ، ثُمَّ الْعَمِّ، ثُمَّ ابْنِهِ، لَا جَدٍّ لِأُمٍّ. وَاخْتَارَ خِلَافَهُ،   [منح الجليل] ثُمَّ هَلْ بِنْتُ الْأَخِ) الشَّقِيقِ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمُفَادُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ الرَّاجِحُ (أَوْ) بِنْتُ (الْأُخْتِ) كَذَلِكَ وَاخْتَارَهُ الرَّجْرَاجِيُّ (أَوْ) الشَّخْصُ (الْأَكْفَأِ) مِنْ الْكِفَايَةِ أَيْ الْأَشَدِّ فِي الْكِفَايَةِ وَحِفْظُ الْمَحْضُونِ حَالَ كَوْنِهِ (مِنْهُنَّ) أَيْ بَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (أَقْوَالٌ) الْمُنَاسِبُ تَرَدُّدٌ " د " فِيهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْأَوَّلُ أَنَّ اسْمَ التَّفْضِيلِ التَّالِيَ أَلْ حَقُّهُ مُطَابَقَةُ مَوْصُوفِهِ فَالْمُنَاسِبُ الْكَفْأَى. الثَّانِي جَمْعُهُ بَيْنَ مِنْ وَأَلْ وَهُوَ شَاذٌّ. الثَّالِثُ جَمْعُهُ ضَمِيرَ مِنْهُنَّ وَمَرْجِعُهُ اثْنَتَانِ، وَجَوَابُ الْأَوَّلِ اعْتِبَارُ الْمَوْصُوفِ الشَّخْصَ، وَالثَّانِي أَنَّ مِنْ لَيْسَتْ دَاخِلَةً عَلَى الْمَفْضُولِ بَلْ لِلتَّبْعِيضِ وَمُتَعَلِّقُهَا حَالٌ مِنْ الْأَكْفَى، وَالثَّالِثُ أَنَّ الْجَمْعَ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بِالشَّقَّاقَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا أَشَرْت إلَيْهَا فِي الْمَزْجِ. (ثُمَّ) الشَّخْصِ (الْوَصِيِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إنْ كَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى لَا تُطِيقُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مُطِيقَةً وَالْوَصِيُّ ذَكَرٌ فَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مَحْرَمًا لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ، وَرَجَّحَهُ الْمُوَضِّحُ وَغَيْرُهُ وَرَجَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ لَهُ الْحَضَانَةَ وَسَوَاءٌ وَصِيُّ الْأَبِ وَوَصِيُّ وَصِيِّهِ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي (ثُمَّ الْأَخِ) لِلْمَحْضُونِ الشَّقِيقِ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهَلْ الْأَقْرَبُ خَاصَّةً أَوْ وَإِنْ عَلَا احْتِمَالَانِ لِابْنِ رُشْدٍ (ثُمَّ ابْنِهِ) أَيْ الْأَخِ كَذَلِكَ. (ثُمَّ الْعَمِّ) كَذَلِكَ (ثُمَّ ابْنِهِ) أَيْ الْعَمِّ كَذَلِكَ قَرُبَ كُلٌّ أَوْ بَعُدَ إنْ أُرِيدَ بِالْجَدِّ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْأَخِ وَابْنِهِ الْأَقْرَبُ فَقَطْ، وَيَكُونُ أَبُو الْجَدِّ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْعَمِّ وَابْنِهِ وَهَكَذَا كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَكَذَا إنْ أُرِيدَ بِهِ الْأَعَمُّ فِيمَا يَظْهَرُ (لَا) حَضَانَةَ لِ (جَدٍّ) لِلْمَحْضُونِ مُنْتَسِبٍ (لِأُمٍّ) لَهُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (، وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (خِلَافَهُ) أَيْ أَنَّ لِلْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْحَضَانَةَ؛ لِأَنَّ لَهُ حَنَانًا وَشَفَقَةً، وَقَدْ قَدَّمُوا الْأَخَ لِلْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ لِذَلِكَ وَكَذَا الْعَمُّ مَعَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 423 ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى، ثُمَّ الْأَسْفَلِ. وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ، ثُمَّ لِلْأُمِّ، ثُمَّ لِلْأَبِ فِي الْجَمِيعِ وَفِي الْمُتَسَاوِيَيْنِ بِالصِّيَانَةِ وَالشَّفَقَةِ.   [منح الجليل] أَنَّ الَّذِي لِلْأَبِ عَاصِبٌ وَعَلَى هَذَا فَيَلِي الْجَدُّ لِلْأَبِ لِقَوْلِ الْوَثَائِقِ إذَا اجْتَمَعَ الْجَدَّانِ فَالْجَدُّ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ لِلْأُمِّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ قَالَهُ تت عج قَدْ يُقَالُ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ يَلِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ الْأَخُ أَوْلَى مِنْ الْعَمِّ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَرْتَبَتَانِ. (ثُمَّ الْمَوْلَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ (الْأَعْلَى) أَيْ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ الذَّكَرِ وَعَصَبَتِهِ نَسَبًا ثُمَّ وَلَاءً فَلَا حَضَانَةَ لِلْمُعْتِقَةِ بِكَسْرِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا حَضَانَةَ لِمَوْلَاةِ النِّعْمَةِ إذْ لَا تَعْصِيبَ فِيهَا كَالذَّكَرِ، قُلْت الْأَظْهَرُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ (ثُمَّ) الْمَوْلَى (الْأَسْفَلِ) أَيْ الْمُعْتَقِ بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ وَالِدِ الْمَحْضُونِ الَّذِي لَا حَاضِنَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الْعِتْقِ. (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا الشَّخْصُ (الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْأَبِ فِي الْجَمِيعِ) مِنْ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ وَأَوْلَادِهِمْ. ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ الْحَضَانَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَسْقَطَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْأُخْتَ وَالْأَخَ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَبَاغُضُ أَوْلَادِ الضَّرَائِرِ وَقِيلَ لَهُمَا الْحَضَانَةُ وَنَحْوُهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ. (وَ) قُدِّمَ (فِي) الشَّخْصَيْنِ (الْمُتَسَاوِيَيْنِ) فِي الْمَرْتَبَةِ كَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ (بِ) زِيَادَةِ (الصِّيَانَةِ) أَيْ حِفْظِ الْمَحْضُونِ مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ بَدَنًا وَدِينًا (وَ) زِيَادَةِ (الشَّفَقَةِ) أَيْ الْحَنَانِ وَالرَّحْمَةِ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا زِيَادَةُ صِيَانَةٍ وَفِي الْآخَرِ زِيَادَةُ شَفَقَةٍ قُدِّمَ زَائِدُ الشَّفَقَةِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِيهِمَا قُدِّمَ الْأَسَنُّ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الصَّبْرِ وَالرِّفْقِ بِالْمَحْضُونِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي السِّنِّ أَيْضًا فَالْقُرْعَةُ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أُمُّهُ عَمَّهُ وَأَرَادَ عَمٌّ آخَرُ أَخْذَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ مَعَ أُمِّهِ وَعَمِّهِ أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ مَعَ عَمٍ زَوْجَتُهُ أَجْنَبِيَّةٌ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ خَالَتُهُ عَمَّهُ، وَأَرَادَ أَبُوهُ أَخْذَهُ قِيلَ لَهُ كَوْنُهُ مَعَ خَالَتِهِ وَعَمِّهِ أَحْسَنُ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَك وَزَوْجَتُك أَجْنَبِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا الْجَفَاءُ وَالْغَالِبُ مِنْك أَنْ تَكِلَهُ إلَيْهَا وَلَمَّا كَانَتْ الْحَضَانَةُ تَفْتَقِرُ إلَى وُفُورِ الصَّبْرِ عَلَى أَحْوَالِ الطِّفْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَالتَّضَجُّرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْهَيْئَاتِ الْعَارِضَةِ لَهُ وَإِلَى مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَالرِّقَّةِ الْبَاعِثَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 424 وَشَرْطُ الْحَاضِنِ الْعَقْلُ، وَالْكِفَايَةُ، لَا: كَمُسِنَّةٍ. وَحِرْزُ الْمَكَانِ فِي الْبِنْتِ يُخَافُ عَلَيْهَا وَالْأَمَانَةُ وَأَثْبَتَهَا، وَعَدَمُ كَجُذَامٍ مُضِرٍّ،   [منح الجليل] عَلَى الرِّفْقِ بِهِ وَلِذَا خُصَّتْ بِالنِّسَاءِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ عُلُوَّ هِمَّةِ الرَّجُلِ تَمْنَعُهُ الِانْسِلَاكَ فِي أَطْوَارِ الْأَطْفَالِ وَمُلَابَسَةِ الْأَقْذَارِ وَتَحَمُّلِ الدَّنَاءَةِ اُشْتُرِطَ لَهَا شُرُوطٌ شَرَعَ فِيهَا فَقَالَ. (وَشَرْطُ) الشَّخْصِ (الْحَاضِنِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (الْعَقْلُ) فَلَا حَقَّ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِطَائِشٍ فِي الْحَضَانَةِ وَلَوْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ وَعَدَمُ الْقَسْوَةِ فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ عُلِمَتْ قَسْوَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ عُلِمَ جَفَاءُ الْأَحَقِّ لِقَسْوَتِهِ وَرَأْفَةُ الْأَبْعَدِ قُدِّمَ عَلَيْهِ قُلْت إنْ كَانَ قَسْوَةٌ يَنْشَأُ عَنْهَا إضْرَارُ الْوَلَدِ قُدِّمَ الْأَجْنَبِيُّ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحَقُّقِ الْحِكْمَةِ (وَالْكِفَايَةُ) أَيْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَحْضُونُ فَ (لَا) حَضَانَةَ لِذَاتٍ (كَمُسِنَّةٍ) أَيْ كَبِيرَةِ السِّنِّ كِبَرًا مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الزَّمِنَةَ وَالْمُقْعَدَةَ وَالْعَمْيَاءَ وَالْخَرْسَاءَ وَالصَّمَّاءَ ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى. (وَحِرْزُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ صِيَانَةُ (الْمَكَانِ) السَّاكِنِ بِهِ الْحَاضِنُ (فِي الْبِنْتِ) الْمَحْضُونَةِ الَّتِي (يُخَافُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (عَلَيْهَا) الْفَسَادَ وَهِيَ الْمُطِيقَةُ ابْتِدَاءً أَوْ عُرُوضًا، وَمِثْلُهَا الِابْنُ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا اسْتِقْرَاءُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا وَآخِرًا. (وَالْأَمَانَةُ) فِي الدِّينِ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ قَرِيبِ أَبٍ شِرِّيبٍ يَذْهَبُ يَشْرَبُ وَيَتْرُكُ ابْنَتَهُ أَوْ يُدْخِلُ الرَّجُلَ عَلَيْهَا وَلَوْ لِمَصْلَحَتِهِ كَمَا فِي ابْنِ وَهْبَانَ (وَ) إنْ ادَّعَى عَلَى مُسْتَحِقِّ الْحَضَانَةِ عَدَمَ أَمَانَتِهِ (أَثْبَتَهَا) أَيْ الْحَاضِنُ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ الضَّمِيرَ لِلشُّرُوطِ السَّابِقَةِ أَيْ مَا عَدَا الْعَقْلَ وَاخْتَارَهُ الْبَدْرُ وَشَيْخُهُ الْجِيزِيُّ وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ " ق " لَمْ أَرَ هَذَا فِي شُرُوطِ الْحَضَانَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَلِيِّ يُرِيدُ السَّفَرَ بِالْمَحْضُونِ. وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ أَنَّ مَنْ نَفَى الشُّرُوطَ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ دَعْوَاهُ، وَالْحَاضِنُ مَحْمُولٌ عَلَيْهَا حَتَّى يُثْبِتَ عَدَمَهَا. اهـ. وَمَا فِي التَّوْضِيحِ مُعْتَرَضٌ مِثْلُ مَا هُنَا. بُنَانِيٌّ (وَعَدَمُ كَجُذَامٍ مُضِرٍّ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 425 وَرُشْدٌ، لَا إسْلَامٌ، وَضُمَّتْ   [منح الجليل] رِيحُهُ أَوْ رُؤْيَتُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ عَاهَةٍ مُضِرَّةٍ بِالْوَلَدِ كَالْبَرَصِ وَالْجَرَبِ الدَّامِي وَالْحَكَّةِ وَلَوْ كَانَ بِهِ مِثْلُهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَزِيدُ بِانْضِمَامِهَا لِمِثْلِهَا وَاحْتُرِزَ بِمُضِرٍّ عَنْ الْخَفِيفِ فَلَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْحَضَانَةِ (وَرُشْدٌ) أَيْ حِفْظُ الْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلْحَاضِنِ قَبْضَ نَفَقَتِهِ فَلَا حَضَانَةَ لِسَفِيهٍ وَلَا لِسَفِيهَةٍ وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَجَمِيُّ قَاضِي الْأَنْكِحَةِ بِتُونُسَ وَهُوَ مُفَادُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَفَتْوَى ابْنِ هَارُونَ بِأَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ ضَعِيفَةٌ وَلْيَرْجِعْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ فَتْوَاهُ وَإِنَّمَا كَتَبَ لِقَاضِي بَاجَةَ بِأَنَّ لِلسَّفِيهَةِ الْحَضَانَةَ حِينَ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِالْكِتَابَةِ لَهُ بِذَلِكَ خَوْفًا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُوَلَّى مِنْهُ فَلَا تَسَعُهُ مُخَالَفَتُهُ " غ " الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ فِي السَّفِيهَةِ فَقِيلَ لَهَا الْحَضَانَةُ وَقِيلَ لَا حَضَانَةَ لَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ نَزَلْتُ بِبَلَدِ بَاجَةَ فَكَتَبَ قَاضِيهَا لِقَاضِي الْجَمَاعَةِ يَوْمَئِذٍ بِتُونُسَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَكَتَبَ إلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهَا فَرَفَعَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ إلَى سُلْطَانِهَا الْأَمِيرِ أَبِي يَحْيَى بْنِ الْأَمِيرِ أَبِي زَكَرِيَّا فَأَمَرَ بِاجْتِمَاعِ فُقَهَاءِ الْوَقْتِ مَعَ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ لِيَنْظُرُوا فِي ذَلِكَ فَاجْتَمَعُوا بِالْقَصَبَةِ وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ ابْنُ هَارُونَ وَالْأَجَمِيُّ قَاضِي الْأَنْكِحَةِ بِتُونُسَ فَأَفْتَى الْقَاضِيَانِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ بِأَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لَهَا، وَأَفْتَى ابْنُ هَارُونَ وَبَعْضُ أَهْلِ الْمَجْلِسِ بِأَنَّ لَهَا الْحَضَانَةَ وَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ الْمَذْكُورِ فَخَرَجَ الْأَمْرُ بِالْعَمَلِ بِفَتْوَى ابْنِ هَارُونَ وَأَمَرَ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ إلَى قَاضِي بَاجَةَ فَفَعَلَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ عُمُومِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (لَا) يُشْتَرَطُ لِلْحَضَانَةِ (إسْلَامٌ) فِي الْأُمِّ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا حَضَانَةَ لِلْكَافِرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ إذَا أَثْنَى عَلَيْهَا بَشَرٍ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا فَالْكَافِرُ أَوْلَى. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَحْوَطُ لِلْوَلَدِ، وَيُجَابُ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْكَافِرَ الْأَصْلِيَّ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَالْفَاسِقُ لَا يُقَرُّ عَلَى فِسْقِهِ مَعَ مُرَاعَاةِ خَبَرِ «أَلَا لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ عَنْ وَلَدِهَا» وَخَبَرِ «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . (وَضُمَّتْ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ حَاضِنَةٌ أَصَالَةً كَأُمٍّ أَوْ عُرُوضًا كَمَنْ تَحْضُنُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 426 إنْ خِيفَ لِمُسْلِمِينَ، وَإِنْ مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَلِلذَّكَرِ مَنْ يَحْضُنُ وَلِلْأُنْثَى الْخُلُوُّ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ الْعَالِمُ، أَوْ يَكُونَ مَحْرَمًا، وَإِنْ لَا حَضَانَةَ لَهُ:   [منح الجليل] لِذَكَرٍ كَافِرَةٌ (إنْ خِيفَ) عَلَى الْمَحْضُونِ أَنْ تُرَبِّيَهُ عَلَى دِينِهَا أَوْ تُغَذِّيَهُ بِخِنْزِيرٍ أَوْ خَمْرٍ، وَصِلَةُ ضُمَّتْ (لِ) جِيرَانٍ (مُسْلِمِينَ) تَبِعَ فِي الْجَمْعِ الْمُدَوَّنَةَ قَالُوا وَتَكْفِي مُسْلِمَةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ) كَانَتْ الْأُمُّ (مَجُوسِيَّةً أَسْلَمَ زَوْجُهَا) طفي مُبَالَغَةً فِي اسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ لَا فِي الضَّمِّ إذْ لَا تَأْتِي الْمُبَالَغَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً. (وَ) شَرْطُ ثُبُوتِهَا (لِلذَّكَرِ) أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ (مَنْ) أَيْ امْرَأَةٌ (يَحْضُنُ) أَيْ تَصْلُحُ لِلْحَضَانَةِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ أَوْ أَمَةِ خِدْمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِذَلِكَ أَوْ مُتَبَرِّعَةٍ بِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا لِلْمُطِيقَةِ وَلَوْ بِصِهْرٍ كَزَوْجِ أُمِّهَا وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهُ وَلَوْ مَأْمُونًا ذَا أَهْلٍ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَثْبَتَهَا لَهُ أَصْبَغُ. (وَ) شَرْطُ ثُبُوتِهَا (لِلْأُنْثَى) الْحَاضِنَةِ أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً (الْخُلُوُّ عَنْ زَوْجٍ دَخَلَ بِهَا) فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ لَهَا زَوْجٌ دَخَلَ بِهَا وَلَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِاشْتِغَالِهَا بِشُؤُونِهِ عَنْ الْقِيَامِ بِشُؤُونِ الْمَحْضُونِ فَلَيْسَ الدُّعَاءُ لِلدُّخُولِ مِثْلَهُ وَوَطْءُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ الْحَاضِنَةَ وَلَوْ مَرَّةً كَدُخُولِ الزَّوْجِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْمَحْضُونِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ وَكَوْنُهَا ذَاتَ رَحِمٍ وَمَحْرَمٍ فَلَا حَضَانَةَ لِبِنْتِ الْخَالَةِ وَلَا لِبِنْتِ الْعَمِّ لِعَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَلَا لِلْمُحَرَّمَةِ بِالرَّضَاعِ أَوْ الصِّهْرِ لِعَدَمِ الرَّحِمِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجٌ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ بَعْدَهَا بِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا وَسُقُوطِ حَقِّهَا فِيهَا بِهِ (وَيَسْكُتُ) بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ (الْعَالِمُ) مِنْ يَوْمِ عِلْمِهِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ (يَكُونَ) الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِالْحَاضِنَةِ (مَحْرَمًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ بِالْأَصَالَةِ لِلْمَحْضُونِ كَتَزَوُّجِ أُمِّهِ بِعَمِّهِ إنْ كَانَ لَهُ حَضَانَةٌ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَحْرَمُ (لَا حَضَانَةَ لَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 427 كَالْخَالِ، أَوْ وَلِيًّا كَابْنِ الْعَمِّ، أَوْ لَا يَقْبَلُ الْوَلَدُ غَيْرَ أُمِّهِ، أَوْ لَمْ تَرْضِعْهُ الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ أُمِّهِ، أَوْ لَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ، أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ، أَوْ عَاجِزًا، أَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَهِيَ حُرَّةٌ وَفِي الْوَصِيَّةِ: رِوَايَتَانِ   [منح الجليل] كَالْخَالِ) لِلْمَحْضُونِ تَتَزَوَّجُهُ حَاضِنَتُهُ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ كَعَمَّتِهِ (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ الَّذِي دَخَلَ بِالْحَاضِنَةِ (وَلِيًّا) أَيْ عَاصِبًا لِلْمَحْضُونِ (كَابْنِ الْعَمِّ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَحْضُونِ حَاضِنَةٌ فَارِغَةٌ عَنْ زَوْجٍ. (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ (لَا يَقْبَلَ الْوَلَدُ) الْمَحْضُونُ (غَيْرَ أُمِّهِ) وَنَحْوِهَا مِمَّنْ لَهَا الْحَضَانَةُ فَلَا يُسْقِطُهَا دُخُولُ زَوْجٍ بِهَا (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا إنْ (لَمْ تُرْضِعْهُ) أَيْ الْمَحْضُونَ (الْمُرْضِعَةُ عِنْدَ) بَدَلِ (أُمِّهِ) الَّذِي انْتَقَلَتْ لَهُ الْحَضَانَةُ بِدُخُولِ زَوْجٍ بِأُمِّهِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ أُمِّهِ فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ غ صَوَابُهُ بَدَلَ أُمِّهِ أَيْ أَوْ إلَّا عِنْدَ أُمِّهِ. (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ (لَا يَكُونَ لِلْوَلَدِ حَاضِنٌ) غَيْرُ حَاضِنَتِهِ الَّتِي دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا (أَوْ) يَكُونُ لَهُ حَاضِنٌ غَيْرُهَا (غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ) يَكُونَ حَاضِنُهُ غَيْرَهَا (عَاجِزًا) عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمَحْضُونِ لِمَانِعٍ بِهِ أَوْ غَائِبًا (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا إذَا (كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ الَّتِي دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا (حُرَّةً) أَوْ أَمَةً وَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِحُرٍّ سَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا الرَّضِيعُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَالْعَبْدُ أَوْلَى بِعَدَمِ نَزْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ سَيِّدِهَا وَكَلَامُهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِأُمُورِ مَالِكِهِ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِهَا انْتَقَلَتْ حَضَانَةُ وَلَدِهِ لَهُ بِتَزَوُّجِ أُمِّهِ فَلَوْ قَالَ أَوْ الْأَبُ عَبْدٌ غَيْرُ قَائِمٍ بِأُمُورِ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا أَوْ حُرٌّ وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَوَفَّى بِذَلِكَ وَلَفْظَةُ كَانَ غَيْرُ ضَرُورِيَّةِ الذِّكْرِ ثَانِيهِمَا كَوْنُ الْحَضَانَةِ لِلزَّوْجِ الْعَبْدِ بَعْدَ الْأُمِّ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا سِوَاهُ وَإِلَّا انْتَقَلَتْ لَهُ. (وَفِي) سُقُوطِ حَضَانَةِ (الْوَصِيَّةِ) عَلَى الْمَحْضُونِ بِدُخُولِ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ بِهَا وَعَدَمِ سُقُوطِهَا، وَتَجْعَلُ لَهُ بَيْتًا وَمَا يُصْلِحُهُ (رِوَايَتَانِ) عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 428 وَأَنْ لَا يُسَافِرَ وَلِيٌّ حُرٌّ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ وَإِنْ رَضِيعًا، أَوْ تُسَافِرَ هِيَ سَفَرَ نُقْلَةٍ لَا تِجَارَةٍ،   [منح الجليل] الْوَصِيَّةِ فَقَطْ تت جَعَلَهُمَا الشَّارِحُ فِي الْأُمِّ الْوَصِيَّةَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا طفي بَلْ لَهَا خُصُوصِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحِ الْعُمُومَ؛ لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي الْأُمِّ وَعَنْهَا سُئِلَ مَالِكٌ كَمَا فِي رَسْمِ حَلِفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَسْمٍ كُتِبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ حَقٍّ وَفِي رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذِهِ الْمَحَالِّ وَعَلَى ذَلِكَ نَقَلَهَا الْأَئِمَّةُ كَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي مُنْتَخَبِهِ وَاللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ وَصَاحِبِ مُعِينِ الْحُكَّامِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَعَلَى الْمُقَلِّدِ الْوَقْفُ مَعَ نَصِّ مَنْ قَلَّدَهُ وَالْوَقْفُ حَيْثُ وَقَفَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) شَرْطُ ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ لِلْحَاضِنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (أَنْ لَا يُسَافِرَ) أَيْ يُرِيدَ السَّفَرَ (وَلِيٌّ) لِلْمَحْضُونِ وِلَايَةَ مَالٍ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ أَوْ وِلَايَةَ عُصُوبَةِ سَبَبٍ كَمُعْتِقٍ بِكَسْرِ التَّاءِ وَعَصَبَتِهِ أَوْ نَسَبٍ مِنْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا عَدِمَتْ وِلَايَةُ الْمَالِ وَنَعْتُ وَلِيٌّ (حُرٌّ) لَا عَبْدٌ فَلَا يُسْقِطُ سَفَرُهُ حَقَّ الْحَاضِنَةِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ وَلَا سَكَنَ، وَقَدْ يُبَاعُ، وَصِلَةُ يُسَافِرَ (عَنْ) مَوْضِعِ (وَلَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ يُرِيدُ سَفَرًا بِهِ، وَلَيْسَ ثَمَّ وَلِيُّ حَاضِرٌ يُسَاوِيهِ فِي الدَّرَجَةِ فَتَسْقُطُ حَضَانَةُ الْحَاضِنِ فَإِنْ وَجَدَ مُسَاوِيهِ دَرَجَةً كَعَمٍّ ثَانٍ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا بِإِرَادَةِ سَفَرِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (حُرٍّ) نَعْتُ وَلَدٍ فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا أُمًّا أَوْ غَيْرَهَا، وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ رَضِيعًا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (رَضِيعًا) قَبِلَ غَيْرَهَا، وَلَعَلَّ خَبَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا إلَخْ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ هَذَا أَوْ بِغَيْرِ سَائِرِ الْمُسْقِطَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (أَوْ تُسَافِرُ هِيَ) أَيْ الْحَاضِنَةُ أَيْ تُرِيدُ السَّفَرَ وَكَذَا الْحَاضِنُ الذَّكَرُ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْثَى نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَإِنْ سَافَرَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَشَرْطُ سَفَرِ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ أَنْ يَكُونَ (سَفَرَ نُقْلَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ انْتِقَالٍ وَانْقِطَاعٍ (لَا) سَفَرَ (تِجَارَةٍ) أَوْ نَزَاهَةٍ أَوْ طَلَبِ مِيرَاثٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يَأْخُذُهُ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَاضِنَةِ وَتَأْخُذُهُ مَعَهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 429 وَحَلَفَ سِتَّةَ بُرُدٍ، وَظَاهِرُهَا بَرِيدَيْنِ إنْ سَافَرَ لِأَمْنٍ، وَأَمِنَ فِي الطَّرِيقِ، وَلَوْ فِيهِ بَحْرٌ، إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ مَعَهُ، لَا أَقَلَّ. وَلَا تَعُودُ بَعْدَ الطَّلَاقِ،   [منح الجليل] وَحَلَفَ) الْوَلِيُّ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرَ النُّقْلَةِ لِيَنْزِعَهُ وَالْحَاضِنُ أَنَّهُ أَرَادَ سَفَرَ التِّجَارَةِ لِيَأْخُذَهُ مَعَهُ وَحَقُّ الْمَحْضُونِ بَاقٍ حِينَ خُرُوجِ الْحَاضِنَةِ لِلتِّجَارَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَلَوْ طَلَبَتْ الِانْتِقَالَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ بَعِيدٍ فَشَرَطَ الْأَبُ عَلَيْهَا نَفَقَتَهُ وَكِسْوَتَهُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا جَازَ ذَلِكَ وَلَوْ خَافَ خُرُوجَهَا بِهِ بِلَا إذْنِهِ فَشَرَطَ عَلَيْهَا إنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ لَزِمَهَا ذَلِكَ قَالَهُ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ حَلَفَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا وَقِيلَ إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَارْتَضَاهُ ق لَا تت وس وعج، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مَسَافَةَ سَفَرِ كُلِّ (سِتَّةَ بُرُدٍ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَكْفِي مَسَافَةُ (بَرِيدَيْنِ إنْ سَافَرَ) الْوَلِيُّ لِنُقْلَةٍ أَوْ الْحَاضِنَةُ لِكَتِجَارَةٍ (لِأَمْنٍ) أَيْ لِمَوْضِعٍ مَأْمُونٍ (وَأَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالْحَاضِنَةِ (فِي الطَّرِيقِ) عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعَلَى الْمَحْضُونِ أَيْ كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ فِي الطَّرِيقِ وَالْبَلَدِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِهَا قَالَهُ الْبَدْرُ وَإِلَّا فَلَا يَنْزِعُهُ الْوَلِيُّ وَنُزِعَ مِنْ الْحَاضِنَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ وَقَبِلَ غَيْرَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الطَّرِيقِ بَحْرٌ بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (فِيهِ) أَيْ الطَّرِيقِ (بَحْرٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22] إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَطَبُهُ وَيُزَادُ لِسَفَرِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ أَمْنُهُ فِي نَفْسِهِ وَعَدَمُ مَعْرِفَتِهِ بِالْإِسَاءَةِ عَلَيْهَا وَقُرْبُ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى خَبَرُهَا عَنْ أَهْلِهَا وَحُرِّيَّتُهُ فَإِنْ أَرَادَ لِلْوَلِيِّ السَّفَرَ الْمَذْكُورَ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ تُسَافِرَ هِيَ) أَيْ الْحَاضِنَةُ (مَعَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ أَوْ الْمَحْضُونِ فَلَا تَسْقُطُ حَضَانَتُهَا وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ مَنْعُهَا مِنْهُ (لَا) إنْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ (أَقَلَّ) مِنْ سِتَّةِ بُرُدٍ فَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا وَلَا تُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ بِهِ (وَ) إذَا سَقَطَتْ الْحَضَانَةُ بِدُخُولِ زَوْجٍ بِالْحَاضِنَةِ وَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَ (لَا تَعُودُ) الْحَضَانَةُ لِلْحَاضِنَةِ أُمًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (بَعْدَ الطَّلَاقِ) أَوْ الْمَوْتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 430 أَوْ فَسْخِ الْفَاسِدِ عَلَى الْأَرْجَحِ، أَوْ الْإِسْقَاطِ، إلَّا لِكَمَرَضٍ، أَوْ لِمَوْتِ الْجَدَّةِ وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ، أَوْ لِتَأَيُّمِهَا قَبْلَ عِلْمِهِ. وَلِلْحَاضِنَةِ قَبْضُ نَفَقَتِهِ   [منح الجليل] فَتَسْتَمِرُّ لِمَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِرَدِّهِ لِأُمِّهِ فَتَعُودُ لَهَا وَلَا مَقَالَ لِأَبِيهِ فَإِنْ كَانَتْ أُخْتًا فَلِأَبِيهِ مَنْعُهَا مِنْهَا. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَعُودُ بَعْدَ (فَسْخِ) النِّكَاحِ (الْفَاسِدِ) الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَوْ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ وَكَانَ فَسْخُهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَإِلَّا عَادَتْ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ، وَقَالَ غَيْرُهُ تَعُودُ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (أَوْ) أَيْ وَلَا تَعُودُ بَعْدَ (الْإِسْقَاطِ) لَهَا مِنْ الْحَاضِنَةِ لِغَيْرِهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا لَهَا ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَعُودَ لَهَا فَلَا تَعُودُ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لَهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَيَجُوزُ إقْدَامُهَا عَلَيْهِ وَقِيلَ تَعُودُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَحْضُونِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَجُوزُ إقْدَامُهَا عَلَى إسْقَاطِهَا. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ سُقُوطُهَا (لِ) عُذْرٍ (كَمَرَضٍ) لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِالْحَضَانَةِ أَوْ عَدَمِ لَبَنٍ أَوْ حَجِّ فَرْضٍ أَوْ سَفَرِ زَوْجٍ بِهَا غَيْرَ طَائِعَةٍ فَتَعُودُ لَهَا الْحَضَانَةُ بِزَوَالِهِ، وَكَذَا إذَا رَجَعَ بِهِ وَلِيُّهُ مِنْ سَفَرِهِ سَفَرَ نُقْلَةٍ إلَّا أَنْ تَتْرُكَهُ سَنَةً بَعْدَ زَوَالِ مَا مَرَّ بِلَا عُذْرٍ أَوْ يَأْلَفُ الْوَلَدُ مَنْ هُوَ عِنْدَهَا وَيَشُقُّ نَقْلُهُ مِنْهَا فَلَا تَأْخُذُهُ (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا (لِمَوْتِ الْجَدَّةِ) الَّتِي انْتَقَلَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ بِدُخُولِ زَوْجٍ بِالْأُمِّ (وَالْأُمُّ خَالِيَةٌ) مِنْ زَوْجٍ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَتَعُودُ الْحَضَانَةُ لَهَا وَكَالْجَدَّةِ وَالْأُمِّ غَيْرُهُمَا وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَصَدَّرَ بِعَدَمِ عَوْدِهَا لِلْأُمِّ وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. (أَوْ) أَيْ وَتَسْتَمِرُّ الْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ أَوْ غَيْرِهَا الَّتِي دَخَلَ بِهَا زَوْجٌ (لِتَأَيُّمِهَا) أَيْ خُلُوِّهَا عَنْ الزَّوْجِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ (قَبْلَ عِلْمِهِ) أَيْ مَنْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ إلَيْهِ بِدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا وَمَفْهُومُ قَبْلَ عِلْمِهِ أَحْرَوِيٌّ فَإِذَا عَلِمَ بِذَلِكَ مَنْ انْتَقَلَتْ لَهُ وَسَكَتَ حَتَّى تَأَيَّمَتْ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا. (وَلِلْحَاضِنَةِ) أُمٍّ أَوْ غَيْرِهَا (قَبْضُ نَفَقَتِهِ) أَيْ الْمَحْضُونِ مِنْ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَكِسْوَتِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 431 وَالسُّكْنَى بِالِاجْتِهَادِ وَلَا شَيْءَ لِحَاضِنٍ لِأَجْلِهَا.   [منح الجليل] وَغِطَائِهِ وَفِرَاشِهِ وَجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ فِي غِطَاءِ الْوَلَدِ وَوِطَائِهِ وَقْتَ مَبِيتِهِ مَعَ أُمِّهِ قَدْرَ مَا يَنُوبُهُ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْزِلٍ عَنْهَا أَوْ بَلَغَ حَدَّ مَا لَا يَبِيتُ الْوَلَدُ مَعَهَا مُتَعَرِّيًا فَعَلَيْهِ مَا يَكْفِيهِ مُنْفَرِدًا وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَقُولَ لَهَا ابْعَثِيهِ يَأْكُلُ عِنْدِي وَيَعُودُ لَك، وَلَيْسَ لَهَا مُوَافَقَتُهُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ بِالْمَحْضُونِ وَإِخْلَالٌ بِصِيَانَتِهِ إذْ لَا يَنْضَبِطُ وَقْتُ أَكْلِهِ. (وَالسُّكْنَى) تُوَزَّعُ عَلَى أَبِي الْمَحْضُونِ وَالْحَاضِنَةِ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِيمَا يَخُصُّ الْمَحْضُونَ فَهُوَ عَلَى أَبِيهِ وَفِيمَا يَخُصُّ الْحَاضِنَةَ فَهُوَ عَلَيْهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِيمَا يَلْزَمُ الْأَبَ لِلْوَلَدِ مَا نَصُّهُ وَكَذَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ عَنْ مَسْكَنِهِ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ الْمَذْكُورُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا سَحْنُونٌ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ عَلَى قَدْرِ مَا يَجْتَهِدُ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ. وَقَدْ أَفَادَ ق أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ كَمَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَنَصُّهُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَلَى الْأَبِ السُّكْنَى وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ تَكُونُ السُّكْنَى عَلَى حَسَبِ الِاجْتِهَادِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَلَى الْجَمَاجِمِ وَرَوَى لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ مَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا وَقَالَ أَيْضًا: إنَّهَا عَلَى الْمُوسِرِ مِنْ الْأَبِ وَالْحَاضِنَةِ وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلًا بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ السُّكْنَى. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا السُّكْنَى عَلَى الْأَبِ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ السُّكْنَى عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ قَالَ وَرَوَى أَيْضًا لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي يُسْرِ الْأَبِ سَحْنُونٌ السُّكْنَى عَلَيْهِمَا لَيْسَ نِصْفَيْنِ بَلْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى وَيَجْتَهِدُ، وَأَرَى إنْ كَانَ الْوَلَدُ لَا تَزِيدُ سُكْنَاهُ عَلَى مَنْ يَسْكُنُ مَعَهُ مِنْ أَبٍ أَوْ حَاضِنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَبِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِمَّا تَزِيدُ عَلَى أَحَدِهِمَا اهـ. (وَلَا شَيْءَ) أَيْ لَا أُجْرَةَ وَلَا نَفَقَةَ (لِحَاضِنٍ لِأَجْلِهَا) أَيْ الْحَضَانَةِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَوَّلًا يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْمَحْضُونِ، وَالْخِلَافُ إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ غَنِيَّةً أَمَّا الْأُمُّ الْفَقِيرَةُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 432 بَابُ) يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ   [منح الجليل] لِعُسْرِهَا لَا لِلْحَضَانَةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ فِي خِدْمَتِهِ فَفِيهَا إنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ خَادِمٍ لِضَعْفِهِمْ عَنْ خِدْمَةِ أَنْفُسِهِمْ وَالْأَبُ يَقْوَى عَلَى إخْدَامِهَا أَخْدَمَهُمْ وَلِابْنِ وَهْبٍ لَا خِدْمَةَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَضَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَأَرَى أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْخِدْمَةِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْإِسْكَانِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. [بَابُ فِي الْبَيْع] (بَابٌ) فِي الْبَيْعِ الشَّامِلِ لِلصَّرْفِ وَالْمُبَادَلَةِ وَالْمُرَاطَلَةِ (يَنْعَقِدُ) أَيْ يُوجَدُ (الْبَيْعُ) وَهُوَ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ إخْرَاجُ ذَاتٍ عَنْ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ، وَالشِّرَاءُ إدْخَالُهَا فِيهِ بِعِوَضٍ وَهِيَ أَفْصَحُ وَعَلَيْهَا اصْطَلَحَ الْفُقَهَاءُ تَقْرِيبًا لِلْفَهْمِ، وَشَرْعًا عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْبَيْعُ الْأَعَمُّ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ فَتَخْرُجُ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ وَالنِّكَاحُ، وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ وَالصَّرْفِ وَالْمُرَاطَلَةِ وَالسَّلَمِ وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَخَصُّ مِنْهُ بِزِيَادَةِ ذُو مُكَايَسَةٍ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ مُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ وَدُفِعَ عِوَضٌ فِي مَعْلُومِ قَدْرِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَجْلِ سَلَمٍ لَا بَيْعٍ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ فَلَا يَنْفَسِخُ بَيْعُهُ. وَلَوْ بِيعَ مُعَيَّنًا انْفَسَخَ بَيْعُهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ وَحُصُولُ عَارِضِ تَأْجِيلِ عِوَضِهِ الْعَيْنُ وَرُؤْيَةُ عِوَضِهِ غَيْرُ الْعَيْنِ حِينَ عَقَدَهُ وَبَتَّهُ وَعَدَمُ تَرْتِيبِ ثَمَنٍ سَابِقٍ وَصِحَّتُهُ، وَمُقَابِلُ كُلٍّ مِنْهَا يُعَدِّدُهُ لِمُؤَجَّلٍ ونَقْدٍ وَحَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَبَتٍّ وَمُرَابَحَةٍ وَغَيْرِهَا كُلٌّ مِنْهَا لِمُقَابِلِهِ وَأَعَمُّ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ وَجْهٍ اهـ قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ إلَخْ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الْمُبَادَلَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَتَخْرُجُ مِنْ الْأَخَصِّ بِقَوْلِهِ ذُو مُكَايَسَةٍ وَهَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 433 بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ   [منح الجليل] ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَتُرَدُّ عَلَيْهِ كَبَعْضِ مَسَائِلِ الصُّلْحِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْحَطّ عَلَى هَذَا الْحَدِّ وَقَوْلُهُ مُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ إضَافَةُ غَيْرِ لِلْعُمُومِ أَيْ مُعَيَّنٌ فِيهِ كُلُّ مَا غَايَرَ الْمُعَيَّنَ وَأَرَادَ بِالْعَيْنِ الْمَسْكُوكَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَلَا تَرِدُ عَلَيْهِ صُورَةُ سَلَمٍ عَرَضَ فِي آخَرَ وَلَا صُورَةُ دَفْعٍ عَرَضَ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ لِأَجَلٍ وَهِيَ سَلَمٌ لَا بَيْعٌ لِأَجَلٍ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَرَضٌ لَا عَيْنٌ؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْمَسْكُوكِ فَصَدَقَ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ غَيْرُ الْعَيْنِ خِلَافًا لِلْحَطِّ وَقَوْلُهُ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ أَيْ تَخْرُجُ هِبَةُ الثَّوَابِ بِقَوْلِهِ ذُو مُكَايَسَةٍ أَيْ مُغَالَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْوَاهِبِ بِقَبُولِ مَا يُبَاعُ بِهِ الْمَوْهُوبُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَا مُكَايَسَةَ فِيهَا، وَخَرَجَ الصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ وَالْمُبَادَلَةُ بِقَوْلِهِ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ إذْ عِوَضَا الصَّرْفِ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ، وَعِوَضَا الْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ ذَهَبَانِ أَوْ فِضَّتَانِ، وَخَرَجَ السَّلَمُ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنِ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِي السَّلَمِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ. وَمِنْ شُرُوطِهِ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَا لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا فَشَمِلَ بَيْعَ الْمُعَيَّنِ لِلْغَائِبِ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ شَرْطِ خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْجَوَازُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَلِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ «أَفْضَلُ الْكَسْبِ بَيْعٌ مَبْرُورٌ وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ» وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ كَبَيْعِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِمُضْطَرٍّ إلَيْهِ وَنَدَبَهُ لِمُقْسَمٍ عَلَيْهِ فِيمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إبْرَارَ الْقَسَمِ مَنْدُوبٌ وَكَرَاهَتَهُ كَبَيْعِ هِرٍّ أَوْ سَبُعٍ لِلَحْمِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ أَوْ وُجُودِ مَانِعِهِ، وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ التَّوَصُّلُ إلَى مَا فِي يَدِ الْغَيْرِ بِرِضَاهُ فَيَنْسَدُّ أَبْوَابُ الْمُنَازَعَةِ وَالْمُقَاتَلَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالْخِدَاعِ وَالْحِيَلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَصِلَةُ يَنْعَقِدُ (بِمَا) أَيْ كُلِّ شَيْءٍ (يَدُلُّ) دَلَالَةً عَادِيَّةً (عَلَى الرِّضَا) بِخُرُوجِ الْمُثَمَّنِ مِنْ مِلْكِ بَائِعِهِ وَدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مُشْتَرِيهِ فِي نَظِيرِ الثَّمَنِ وَخُرُوجِ الثَّمَنِ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فِي نَظِيرِ الْمُثَمَّنِ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ فِعْلًا كَذَلِكَ أَوْ قَوْلًا مِنْ أَحَدِهِمَا وَفِعْلًا مِنْ الْآخَرِ غَيْرَ مُعَاطَاةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُصَوَّرًا (بِمُعَاطَاةٍ) بِأَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعُ الْمُثَمَّنَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 434 وَبِبِعْنِي فَيَقُولُ بِعْت   [منح الجليل] لِلْمُشْتَرِي وَيُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَيَنْعَقِدُ بِهَا الْبَيْعُ مُطْلَقًا وِفَاقًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرَاتِ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بُدَّ مِنْهُ مُطْلَقًا ابْنُ عَمَّارٍ الْمَالِكِيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَمْعِ يَنْبَغِي لِلْمَالِكِيِّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى عَقْدِهِ بِالْقَوْلِ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرَاتِ فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ قَطُّ بِعَقْدِهِ فِيهَا بِالْمُعَاطَاةِ فِي الْعَقَارَاتِ وَالْجَوَارِي وَنَحْوِهَا الْبُنَانِيُّ مَا وَافَقَ الْعَادَةَ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ هُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ إذْ الْمُعْتَبَرُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا الدَّلَالَةُ الْعَادِيَّةُ فَإِنْ حَصَلَ الْإِعْطَاءُ مِنْ جَانِبٍ فَقَطْ وَمِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا غَيْرَ الْإِعْطَاءِ وَالْقَوْلِ صَحَّ وَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِإِعْطَاءٍ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلِمَنْ أَخَذَ طَعَامًا عَلِمَ ثَمَنَهُ كَرَغِيفٍ وَرَضِيَ بَائِعُهُ وَلَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ لَهُ رَدَّهُ وَأَخَذَ بَدَلَهُ، وَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مَعَ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ لِمَا عَلِمْت مِنْ انْحِلَالِ الْبَيْعِ فَرَدُّهُ فَسْخٌ لَهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ إنْشَاءُ بَيْعٍ آخَرَ فَإِنْ دَفَعَ ثَمَنَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَأَخَذَ بَدَلَهُ لِذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَهُ أَرْكَانٌ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَاطَاةً فِي جَعَالَتِهَا مَا فُهِمَ أَنَّ الْأَخْرَسَ فَهِمَهُ مِنْ كَفَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَزِمَهُ الْبَاجِيَّ كُلُّ إشَارَةٍ فُهِمَ مِنْهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ لَزِمَ بِهَا الْبَيْعُ. ثُمَّ قَالَ بِيَاعَاتُ زَمَانِنَا فِي الْأَسْوَاقِ إنَّمَا هِيَ بِالْمُعَاطَاةِ فَهِيَ مُنْحَلَّةٌ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَلَا يَعْقِدُونَهَا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ اللَّفْظِيَّيْنِ بِحَالٍ. (وَ) يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى إنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ عَلَى الْقَبُولِ بَلْ وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِعْنِي) هَذَا الشَّيْءَ بِكَذَا دِرْهَمًا (فَيَقُولُ) الْبَائِعُ (بِعْتُ) كه بِهِ وَنَحْوُهُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الرِّضَا، وَظَاهِرُهُ لُزُومُ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَلَوْ رَجَعَ وَقَالَ لَمْ أَرْضَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الرِّضَا بِهِ أَوْ رَجَعَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ فَتُسَاوِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ التَّسَوُّقِ الْآتِيَةِ الْحَلِفُ فِيهَا أَوْلَى مِنْ الْحَلِفِ فِي الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمُضَارِعِ عَلَى الرِّضَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ قَوْلِ الْمُشْتَرِي بِعْنِي قَوْلُ الْبَائِعِ اشْتَرِ مِنِّي فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 435 وَبِابْتَعْتُ أَوْ بِعْتُك وَيَرْضَى الْآخَرُ فِيهِمَا وَحَلَفَ، وَإِلَّا لَزِمَ إنْ قَالَ أَبِيعُكهَا بِكَذَا. أَوْ أَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلِ غَيْرِهِ، لَكِنْ لَمَّا اسْتَنَدَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ، وَكَانَ قِيَاسُهُ مَطْعُونًا فِيهِ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ الْبَحْثَ فِيهِ، وَجَزَمَ بِاللُّزُومِ وَلَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي وَحَلَفَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ الْحَلِفُ فِيهِ أَوْلَى مِنْ الْآتِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ دَلَالَةَ الْأَمْرِ عَلَى الرِّضَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا فَهُوَ يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مُحْتَمَلًا. (وَ) يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَإِنْ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي (ابْتَعْت) أَيْ اشْتَرَيْت مِنْك كَذَا بِكَذَا (أَوْ) قَوْلِ الْبَائِعِ (بِعْتُك) كَذَا بِكَذَا (وَيَرْضَى) الشَّخْصُ (الْآخَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَحَلَفَ) الْبَادِي بِصِيغَةِ مُضَارِعٍ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ لَا أَرْضَى وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ (لَزِمَ) هـ الْبَيْعُ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ (إنْ قَالَ) لِلْبَائِعِ ابْتِدَاءً (أَبِيعُهَا) أَيْ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِشِرَائِهَا بِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ أَرْضِ، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْمُسَاوَمَةَ أَوْ الْمَزْحَ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ (أَوْ قَالَ) الْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً (أَنَا أَشْتَرِيهَا) أَيْ السِّلْعَةَ مِنْك (بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ الْمَعْلُومِ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِبَيْعِهَا لَهُ بِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أُرِدْ الشِّرَاءَ، وَإِنَّمَا أَرَدْت الِاخْتِبَارَ أَوْ الْمَزْحَ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ فَإِنْ كَانَ رُجُوعُ الْبَادِي قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ بِلَا يَمِينٍ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بَعْدُ بِالْقَوْلِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةِ الْمَاضِي الَّتِي يَلْزَمُ بِهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَمَا هُنَا فِي صِيغَةِ الْمُضَارِعِ فَإِنْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا بِمَاضٍ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَرَجَعَ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ، وَلَوْ حَلَفَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ وَإِلَّا عَمَلَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 436 أَوْ تَسَوَّقَ بِهَا فَقَالَ بِكَمْ؟ فَقَالَ بِمِائَةٍ، فَقَالَ أَخَذْتهَا. وَشَرْطُ عَاقِدِهِ: تَمْيِيزٌ   [منح الجليل] أَوْ) أَيْ وَحَلَفَ أَنْ (تَسَوَّقَ) أَيْ أَحْضَرَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ فِي سُوقِهَا الْمُعَدِّ لِبَيْعِهَا (فَقَالَ) لَهُ الْمُشْتَرِي (بِكَمْ) تَبِيعُهَا (فَقَالَ) الْبَائِعُ أَبِيعُهَا (بِمِائَةٍ) مِنْ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ، (فَقَالَ) السَّائِلُ (أَخَذْتهَا) أَيْ السِّلْعَةَ بِالْمِائَةِ فَقَالَ الْمُسَوِّقُ: لَمْ أُرِدْ الْبَيْعَ وَإِنَّمَا أَرَدْت الْمُسَاوَمَةَ مَثَلًا فَيَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِتَسَوَّقَ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى إرَادَتِهِ بِأَنْ حَصَلَ تَمَاكُسٌ وَتَرَدُّدٌ فِي السَّوْمِ أَوْ سَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ قَالَ لَمْ أَرْضَ فَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ تَسَوَّقَ بِهَا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ ضَعَّفَهُ. (وَشَرْطُ) صِحَّةِ عَقْدِ (عَاقِدِهِ) أَيْ الْبَيْعِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا (تَمْيِيزٌ) أَيْ فَهْمُ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ بِالْكَلَامِ وَحُسْنُ رَدِّ جَوَابِهِ لَا مُجَرَّدُ الْإِجَابَةِ بِالدَّعْوَةِ وَالِانْصِرَافِ بِالزَّجْرِ لِوُجُودِ هَذَا فِي الْبَهَائِمِ، وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ. وَدَلِيلُ تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ الْمُقَابَلَةُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَلُزُومُهُ، وَدَلِيلُ تَقْدِيرِ عَقْدَانِ الشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ لِعَقْدٍ أَوْ عِبَادَةٍ لَا لِذَاتٍ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَوْمٍ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ رَاشِدٍ وَالْمُصَنِّفِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَقْدُ الْمَجْنُونِ حِينَ جُنُونِهِ يَنْظُرُ لَهُ فِيهِ السُّلْطَانُ بِالْأَصْلَحِ فِي إتْمَامِهِ وَفَسْخِهِ إنْ كَانَ مَعَ مَنْ يَلْزَمُهُ عَقْدُهُ لِقَوْلِهِ مَنْ جُنَّ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ نَظَرَ لَهُ السُّلْطَانُ، وَلِسَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ مَرِيضٌ لَيْسَ فِي عَقْلِهِ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا كَبَيْعِ السَّكْرَانِ، وَاعْتَرَضَ الْحَطَّابُ دَلِيلَهُ الْأَوَّلَ بِطُرُوِّهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ، إذْ الْمَقِيسُ الْجُنُونُ فِيهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ الْجُنُونُ فِيهِ طَارٍ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَعَلَّ دَلِيلَهُ الثَّانِيَ فِيمَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ كَالْمَعْتُوهِ. طفي اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ كَوْنُ عَاقِدِهِ مُمَيِّزًا فَلَا يَصِحُّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 437 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِمَّنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ، تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيِّ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمْ صِحَّتُهُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مُوجِبَ لِفَسْخِهِ شَرْعًا وَالرِّوَايَةُ كَذَلِكَ، سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ مَرِيضٌ لَيْسَ فِي عَقْلِهِ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا فَاسِدًا كَبَيْعِ السَّكْرَانِ عِنْدَ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ شَرْطُ الْعَاقِدِ إطْلَاقُ الْيَدِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ، فَسَوَّى بَيْنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَمُرَادُهُ شَرْطُ اللُّزُومِ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْعِلَلِ الْعَارِضَةِ لِلْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَعِلَّتُهُ فِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالسَّفَهِ وَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالرِّقِّ وَالسُّكْرِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ هَاهُنَا مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ النَّظَرُ وَلَيْسَ بِفَاسِدٍ شَرْعًا اهـ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا لِهَؤُلَاءِ مُعْرِضًا عَنْ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لَهُ بِرَدٍّ وَلَا قَبُولٍ، وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ كَبَيْعِ السَّكْرَانِ تَشْبِيهٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِ اللُّزُومِ وَلَيْسَ تَمْثِيلًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَهُ الْحَطَّابُ. وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ هَؤُلَاءِ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ التَّمْيِيزِ كَالْمَعْتُوهِ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ؛ لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِمَا يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِيهِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ اهـ. الْبُنَانِيُّ بَلْ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ كَلَامَهُمْ هُوَ الصَّوَابُ لِيُوَافِقَ مَا لِلْمُصَنِّفِ وَمَتْبُوعِيهِ، وَيَدُلُّ لَهُ تَشْبِيهُ ابْنِ رُشْدٍ بِالسَّكْرَانِ الْمُخْتَلَفِ فِي بَيْعِهِ، وَيَأْتِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَهُ السَّكْرَانُ الَّذِي مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ التَّمْيِيزِ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ وَفَسَادِ الْبَيْعِ لِوُجُودِهَا مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْمَبِيعِ اهـ. ابْنُ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ أَنَّ بَيْعَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ، وَقَوْلُ الْمُقْرِئ فِي قَوَاعِدِهِ. إنَّ الْعَقْدَ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَاسِدٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِتَوَقُّفِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَلَى الرِّضَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» فَلَا بُدَّ مِنْ رِضًا مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَفْقُودٌ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، فَهَذِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 438 إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ   [منح الجليل] النُّصُوصُ صَرِيحَةٌ فِيمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ طفي عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي الْمُعْلِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ تَمْيِيزٌ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ (بِسُكْرٍ) حَرَامٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَحْوِ خَمْرٍ (فَ) فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ، فَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِهِ اتِّفَاقًا. وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَدَمُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُوهِمُ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَحَلُّهُ فِي الطَّافِحِ الَّذِي لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ بِسُكْرٍ إلَخْ. ابْنُ رُشْدٍ سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ إلَّا فِيمَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَاةِ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَسَكْرَانَ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَالْعُقُودُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ اهـ. فَقَوْلُهُ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَخْ ظَاهِرُهُ وُجُودُ الْخِلَافِ وَقَدْ بَحَثَ مَعَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ يَقْضِيهَا بِلَا خِلَافٍ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ نَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَلَى مَا فِي الْحَطّ خِلَافَ مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ مِنْ إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ فِي النَّوْعَيْنِ. وَأَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ بَيْعِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَبِعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ طَرِيقَةَ ابْنِ شَعْبَانَ عَلَى مَا فَهِمَاهُ مِنْ كَلَامِهِ، وَنَصَّ ابْنُ شَاسٍ الْعَاقِدُ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ فَاقِدِهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ، وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إذَا كَانَ سُكْرُهُ مُتَحَقِّقًا. الشَّيْخُ وَيَحْلِفُ مَعَ ذَلِكَ بِاَللَّهِ مَا عَقَلَ حِينَ فَعَلَ، ثُمَّ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْعَقِدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 439 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْ السَّكْرَانِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى خِلَافِهِ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ بِسُكْرِهِ يَقْصُرُ مَيْزُهُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَصَالِحِ عَنْ السَّفِيهِ وَالسَّفِيهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ اهـ. طفي ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا بِسُكْرٍ فَتَرَدُّدٌ أَنَّهُ فِي الِانْعِقَادِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ، وَاَلَّذِي تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ أَنَّهُ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ وَعِيَاضٌ وَاللَّخْمِيُّ وَنَقَلَ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمَ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ بِيَاعَاتُهُ فِيهَا عِنْدَنَا قَوْلَانِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ، وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى اللُّزُومِ وَلِلْبَاجِيِّ نَحْوُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَأَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ بَيْعِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَعَلَى طَرِيقَتَيْ اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ وَالسُّكْرُ بِغَيْرِ خَمْرٍ مِثْلُهُ أَيْ الْجُنُونِ وَفِيهِ بِهِ طَرِيقَانِ اللَّخْمِيُّ فِي لُزُومِ بَيْعِهِ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَرِوَايَةُ سَحْنُونٍ قَائِلًا وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ، وَلَمْ يَحْكِ أَبُو عُمَرَ غَيْرَهُ، وَزَادَ وَيَحْلِفُ مَا كَانَ حِينَ بَيْعِهِ عَاقِلًا. ابْنُ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَكَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ لَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ فَالْقَوْلَانِ أَيْ اللَّذَانِ فِي طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ هَذِهِ الطُّرُقَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْخِلَافِ فِي اللُّزُومِ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي السَّكْرَانِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ وَعِيَاضٌ، وَعَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ لِغَيْرِ الطَّافِحِ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ بِالْعَكْسِ. الْبُنَانِيُّ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ فِي الطَّافِحِ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمَا كَمَا فِي الْحَطَّابِ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ لَا فِي عَدَمِ اللُّزُومِ كَمَا فَهِمَهُ طفي بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ مَا فِيهِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ أَيْضًا فِي حِكَايَةِ الْمَازِرِيِّ الْخِلَافَ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ لِمَا فِي الْحَطَّابِ، وَسَلَّمَهُ طفي أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُعَلِّمِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى مَنْ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَشُرْبِهِ خَمْرًا لِظَنِّهَا غَيْرَهَا فَكَالْمَجْنُونِ الْمُطِيقِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ أَوْ لَمْ يَلْزَمْ كَإِقْرَارِهِ وَسَائِرِ عُقُودِهِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 440 وَلُزُومِهِ تَكْلِيفٌ ، لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا   [منح الجليل] بِخِلَافِ جِنَايَاتِهِ وَعِتْقِهِ وَطَلَاقِهِ وَحُدُودِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ مَعَ شِدَّةِ حِرْصِ النَّاسِ عَلَى أَخْذِ مَا بِيَدِهِ وَكَثْرَةِ وُقُوعِ بَيْعِهِ وَنَحْوِهِ لَأَدَّى إلَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْجِنَايَاتُ وَنَحْوُهَا لَتَسَاكَرَ النَّاسُ وَأَتْلَفُوا الْأَمْوَالَ وَالْأَنْفُسَ وَغَيْرَهَا. (وَ) شَرْطُ (لُزُومِهِ) أَيْ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (تَكْلِيفٌ) أَيْ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ فِي بَيْعِ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَكَالَةً فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ وَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ أَيْ وَرُشْدٌ وَطَوْعٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ، وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَهُوَ شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ، وَقَوْلُهُ لَا إنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ جَبْرًا حَرَامًا " غ " لَوْ قَالَ وَلُزُومُهُ رُشْدٍ لَكَانَ أَوْلَى أَيْ لِاسْتِلْزَامِ الرُّشْدِ التَّكْلِيفَ (لَا) يَلْزَمُ الْبَيْعُ الْبَائِعَ وَلَا الْمُشْتَرِيَ (إنْ أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَيْعِ (جَبْرًا حَرَامًا) إجْمَاعًا أَبُو عَلِيٍّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَبْرِ عَلَى الشِّرَاءِ وَالْجَبْرِ عَلَى الْبَيْعِ اهـ. قُلْت هُمَا مُتَلَازِمَانِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْجَبْرِ عَلَى بَيْعِ السِّلْعَةِ الْجَبْرُ عَلَى شِرَاءِ ثَمَنِهَا، وَمِنْ الْجَبْرِ عَلَى شِرَائِهَا الْجَبْرُ عَلَى بَيْعِ ثَمَنِهَا فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْقَلْشَانِيِّ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلَعًا يَدْفَعُهَا فِي مَظْلِمَةٍ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِضَغْطِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمَضْغُوطِ. قَالَ وَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهَا بِالثَّمَنِ أَوْ بِأَعْيَانِهَا إنْ وُجِدَتْ عِنْدَ الضَّاغِطِ، قَالَ وَلَمْ أَرَهَا مَنْصُوصَةً. وَأَمَّا إنْ أُجْبِرَ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ طَلَبُ مَالٍ ظُلْمًا فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ لُزُومِهِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَلْزَمُ وَبِهِ أَفْتَى اللَّخْمِيُّ وَلِلسُّيُورِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ حُذَّاقُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ هِلَالٍ وَالْعَقَبَانِيُّ وَالسَّرَقُسْطِيُّ وَالْقِشْتَالِيُّ قَاضِي فَاسَ نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ، وَنَقَلَ الْقَصَّارُ عَنْ الْمَاوِسِيِّ مُفْتِي فَاسَ أَنَّهُ جَرَى بِهِ الْحُكْمُ فِي مَدِينَةِ فَاسَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ. وَفِي الْعَمَلِيَّاتِ وَبَيْعُ مَضْغُوطٍ لَهُ نُفُوذٌ إلَخْ. وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ جَبْرًا حَرَامًا مِنْ الْجَبْرِ الشَّرْعِيِّ كَجَبْرِ الْقَاضِي الْمِدْيَانِ عَلَى الْبَيْعِ لِوَفَاءِ الْغُرَمَاءِ أَوْ الْمُنْفِقِ لِلنَّفَقَةِ أَوْ مُلْتَزِمِ الْإِقْلِيمِ أَوْ الْبَلَدِ بِمَالٍ فَيَعْجِزُ عَنْهُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ لِذَلِكَ أَوْ لِلْجِزْيَةِ أَوْ الْخَرَاجِ الْحَقِّ فَهُوَ لَازِمٌ، وَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَكَالْجَبْرِ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ لِتَوْسِعَةِ الْجَامِعِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ أَوْ الطَّرِيقِ وَالطَّعَامِ الْمُحْتَاجِ لَهُ وَالْكَافِرِ عَلَى بَيْعِ عَبْدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الصَّغِيرِ أَوْ الْمُصْحَفِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 441 وَرُدَّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ ، وَمَضَى فِي جَبْرِ عَامِلٍ   [منح الجليل] وَ) إنْ جُبِرَ الْمَالِكُ عَلَى بَيْعِ شَيْئِهِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ جَبْرًا حَرَامٌ وَزَادَ جَبْرًا (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِّ أَيْ الْمَبِيعُ بِالْجَبْرِ الْحَرَامِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ سَوَاءٌ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ وُهِبَ أَوْ اُسْتُوْلِدَ، وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي جَبْرَ الْبَائِعَ عَلَى بَيْعِ أَمَتِهِ وَوَطِئَهَا حُدَّ وَإِنْ عَلِمَ بِجَبْرِهِ عَلَى سَبَبِهِ فَلَا يُحَدُّ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ (بِلَا) رَدِّ (ثَمَنٍ) مِنْ الْمُكْرَهِ فِي الْجَبْرِ عَلَى سَبَبِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِجَبْرِ الْبَائِعِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا رُدَّ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ أَنَّهُ مُقَابِلٌ، وَأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَلَامُ سَحْنُونٍ إذَا كَانَ الْمَضْغُوطُ هُوَ الَّذِي قَبَضَ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُهُ مُطْلَقًا، هَذَا الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ سَلْمُونٍ، وَقَيَّدَ ابْنُ النَّاظِمِ كَلَامَ وَالِدِهِ فِي التُّحْفَةِ بِكَلَامِ سَحْنُونٍ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ فِي الْمَذْهَبِ، وَنَسَبَهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِالْمُضِيِّ فِي الْجَبْرِ عَلَى السَّبَبِ. وَأَمَّا إنْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ تَلِفَ بِسَبَبِهِ فَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ تَلَفُهُ بِلَا سَبَبِهِ رُدَّ عَلَيْهِ بِلَا ثَمَنٍ. (وَمَضَى) الْبَيْعُ الْمَجْبُورُ عَلَيْهِ مِنْ السُّلْطَانِ (فِي جَبْرِ عَامِلٍ) لِلسُّلْطَانِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ ظُلْمِ النَّاسِ عَلَى بَيْعِ مَا بِيَدِهِ لِيُوَفِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا ظَلَمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ جَبْرٌ شَرْعِيٌّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَازُهُ ابْتِدَاءً، فَلَوْ قَالَ وَجَازَ أَوْ طَلَبِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَمَحَلُّ الْبَيْعِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَعْيَانُ الْمَغْصُوبَةُ بَاقِيَةً بِأَعْيَانِهَا بِيَدِ الْعَامِلِ وَإِلَّا رُدَّتْ بِأَعْيَانِهَا. ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقَضَاءِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ لِلسُّلْطَانِ فِي أَخْذِ الْمَالِ وإعْطَائِهِ أَنَّهُ إذَا ضُغِطَ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي هَذَا الْمَالِ وَلَا إعْطَائِهِ فَلَا. يَشْتَرِي مِنْهُ إذَا ضُغِطَ. فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ فَلَهُ الْقِيَامُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضُغِطَ فِيمَا خَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ أَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ فَلَمْ يُضْغَطْ إلَّا فِيمَا صَارَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ حَقٌّ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُ عَلَى الْعَامِلِ مَا زَادَ عَلَى مَا كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ مِنْ كَسْبِهِ وَحَقِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَهَذَا إذَا أُحْصِيَ مَا كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَهَا وَعُلِمَ، فَإِنْ لَمْ يُحْصَ وَلَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 442 وَمُنِعَ بَيْعُ: مُسْلِمٍ، وَمُصْحَفٍ، وَصَغِيرٍ لِكَافِرٍ وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ   [منح الجليل] يُعْلَمْ فَلَهُ أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى شَطْرِ مَا بِيَدِهِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُوَضِّحُ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَمَحَلُّ أَخْذِ الشَّطْرِ إنْ وَفَّى مَا ظُلِمَ فِيهِ وَإِلَّا أَخَذَ جَمِيعَ مَا بِيَدِهِ إنْ تَوَقَّفَتْ التَّوْفِيَةُ عَلَيْهِ وَلَا يَتْرُكُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَيْعُ) رَقِيقٍ (مُسْلِمٍ) صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ (وَمُصْحَفٍ) وَجُزْئِهِ وَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَعِلْمٍ شَرْعِيٍّ (وَ) رَقِيقٍ (صَغِيرٍ) كَافِرٍ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ اتِّفَاقًا وَالْكِتَابِيُّ عَلَى الرَّاجِحِ، وَصِلَةُ بَيْعُ (لِ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا فَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا جَازَ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ وَإِلَّا فَلَا وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَقَوْلُهَا هِبَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ جَائِزَةٌ مَعْنَاهُ مَاضِيَةٌ بَعْدَ وُقُوعِهَا ثُمَّ يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَيُمْنَعُ بَيْعُ آلَةِ الْحَرْبِ لِلْحَرْبِيِّينَ مِنْ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ وَسُرُوجٍ وَنَحْوِهَا كَنُحَاسٍ وَخِبَاءٍ وَآلَةِ سَفَرٍ وَمَاعُونِهِ، وَيُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِهِ إنْ وَقَعَ فِي التَّوْضِيحِ، وَيُمْنَعُ بَيْعُ الدَّارِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً، وَالْخَشَبَةِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا صَلِيبًا، وَالْعِنَبِ لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا، وَالنُّحَاسِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ نَاقُوسًا، وَكُلِّ شَيْءٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِهِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ جَارِيَةٍ لِأَهْلِ الْفَاسِدِ الَّذِينَ لَا غِيرَةَ لَهُمْ، أَوْ يُطْعِمُونَهَا مِنْ حَرَامٍ وَمَمْلُوكٍ لِمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ بِهِ. الْحَطَّابُ وَأَمَّا بَيْعُ الطَّعَامِ لِلْحَرْبِيِّينَ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَجُوزُ فِي الْهُدْنَةِ وَيُمْنَعُ فِي غَيْرِهَا. وَكَلَامُ الشَّاطِبِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ مَنْعُهُ مُطْلَقًا، وَعَزَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَابْنُ جُزَيٍّ لِابْنِ الْقَاسِمِ. الشَّاطِبِيُّ يَمْنَعُ بَيْعَ الشَّمْعِ لَهُمْ إذَا كَانُوا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى إضْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ لِأَعْيَادِهِمْ فَيُكْرَهُ. (وَ) إنْ بِيعَ مُسْلِمٌ أَوْ مُصْحَفٌ أَوْ صَغِيرٌ لِكَافِرٍ مَضَى بَيْعُهُ فَلَا يُفْسَخُ وَ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْكَافِرُ الَّذِي اشْتَرَى مُصْحَفًا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ صَغِيرًا (عَلَى إخْرَاجِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا يُفْسَخُ شِرَاؤُهُ، وَلَوْ مَعَ الْقِيَامِ، وَمُقْتَضَى ابْنِ عَرَفَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 443 بِعِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَوْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ عَلَى الْأَرْجَحِ ، لَا بِكِتَابَةٍ   [منح الجليل] أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِفَسْخِهِ مَعَ الْقِيَامِ ضَعِيفٌ، وَيُعَاقَبُ الْمُتَبَايِعَانِ إنْ لَمْ يُعْذَرَا بِجَهْلٍ، وَصِلَةُ إخْرَاجِهِ (بِعِتْقٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي الْكَافِرِ لِلرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ أَوْ الصَّغِيرِ أَوْ بِبَيْعٍ وَيَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ لَا الْكَافِرُ؛ لِأَنَّهَا إهَانَةٌ لِلْمُسْلِمِ (أَوْ) بِ (هِبَةٍ) لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِوَلَدٍ كَبِيرٍ مُسْلِمٍ بَلْ (وَلَوْ لِوَلَدِهَا) أَيْ الْكَافِرَةِ الْمُشْتَرِيَةِ مَا ذَكَرَ (الصَّغِيرِ) الْمُسْلِمِ بِأَنْ كَانَ مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَوْ أَسْلَمَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ وَقُدْرَتِهَا عَلَى اعْتِصَارِ مَا وَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ لَا تُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي الْإِخْرَاجِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ مَنَاسٍ لَا تَكْفِي فِيهِ هِبَتُهَا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مُحْتَجًّا بِعَدَمِ كِفَايَتِهَا فِي حَلَبَةِ الْأُخْتِ. وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ مَالِكَ الْأُخْتَيْنِ لَهُ الِاعْتِصَارُ وَالْكَافِرَةَ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ، فَإِنْ اعْتَصَرَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِخْرَاجِ. الْحَطّ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَتَرْجِيحُ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ فِي عَبْدِ النَّصْرَانِيَّةِ يُسْلِمُ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي اشْتِرَاءِ الْكَافِرَةِ فَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ. طفي هَذَا لَا يُنَجِّي مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ أَرَادَ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي تَخْلِيطِهِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَجَعْلِ الْمُبَالَغَةَ عَلَى فَرْضٍ فِي فَرْضٍ آخَرَ غَيْرَهُ. وَهَبْ أَنَّ نَظَرَهُ يُوجِبُ مُسَاوَاتَهُمَا فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ كُلَّ مَسْأَلَةٍ فِي مَحَلِّهَا وَحَيْثُ فَرَضَهَا الْأَوَّلُونَ إذْ هَذِهِ وَظِيفَةُ الْمُقَلِّدِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْحَطّ وَالذَّكَرُ الْكَافِرُ كَالْأُنْثَى فَإِنَّهَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ. أَبُو عَلِيٍّ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْأُمِّ لَا يَنْهَضُ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ لِلْأَبِ تَسَلُّطًا عَلَى مَالِ وَلَدِهِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ فَلَا حَجْرَ لَهَا عَلَيْهِ غَالِبًا. وَإِنْ شَارَكَتْ الْأَبَ فِي الِاعْتِصَارِ فَلَعَلَّ فَرْضَهَا فِي الْأُمِّ مَقْصُودٌ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (مَعَ تَوَلِّي الْكَافِرِ قَبْضَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَتُبَاعُ لِمُسْلِمٍ وَسَيُفِيدُ مُضِيَّهَا وَوُجُوبَ بَيْعِهَا بِقَوْلِهِ وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَبِيعَتْ، وَالْأَوْلَى كَكِتَابَةٍ لِيَشْمَلَ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَيُؤَاجِرَ الْمُدَبَّرُ، وَصُورَةُ الِاسْتِيلَادِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 444 وَرَهْنٍ وَأَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ، إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ، وَإِلَّا عُجِّلَ: كَعِتْقِهِ.   [منح الجليل] أَنَّ أَمَتَهُ أَسْلَمَتْ وَوَطِئَهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَيُنْجَزُ عِتْقُهَا عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُسْلِمَ قَبْلَ عِتْقِهَا، أَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهِيَ قِنٌّ ثُمَّ أَسْلَمَتْ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهِمَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ عَنْهَا، وَتُبَاعُ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَبِيعَ عَلَيْهِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ أَسْلَمَ، فَإِنْ أَعْتَقَ هُوَ بَعْضَهُ قُوِّمَ بَاقِيهِ عَلَيْهِ إنْ أَيْسَرَ. (وَ) لَا يَكْفِي الْإِخْرَاجُ بِ (رَهْنٍ) مِنْ الْكَافِرِ لِلرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لِمُسْلِمٍ فَيُبَاعُ عَلَيْهِ (وَأَتَى) أَيْ يَأْتِي الْكَافِرُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ (بِرَهْنِ ثِقَةٍ) أَيْ مُوفٍ لِلدَّيْنِ (إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الْمُتَوَثِّقُ بِالرَّقِيقِ فِي دِينِهِ (بِإِسْلَامِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي رَهَنَهُ الْكَافِرُ حِينَ عَقَدَ الرَّهْنَ، هَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ مُحْرِزٍ (وَلَمْ يُعَيَّنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُثْقَلَةً أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ رَهْنُهُ، وَهَذَا الْقَيْدُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ سَوَاءٌ عُيِّنَ أَمْ لَا أَمْ عُيِّنَ لِلرَّهِينَةِ (عَجَّلَ) الْكَافِرُ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، أَوْ عَرَضًا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي قَبُولِ التَّعْجِيلِ وَإِبْقَاءِ ثَمَنِ الرَّقِيقِ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ وَالْإِتْيَانِ بِرَهْنِ ثِقَةٍ، وَلَيْسَ إبْقَاءُ الرَّقِيقِ رَهْنًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِمْرَارُ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ جَبْرُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى بَقَاءِ دِينِهِ بِلَا رَهْنٍ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَيْدًا فِي إتْيَانِ الرَّاهِنِ بِرَهْنِ ثِقَةٍ وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الرَّاهِنُ أَخْذَ ثَمَنِ الرَّقِيقِ الَّذِي بِيعَ بِهِ، فَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ فِي الدَّيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دُونَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَتْبَعُ بِبَاقِي الدَّيْنِ. وَشَبَّهَ فِي التَّعْجِيلِ فَقَالَ (كَعِتْقِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ الْكَافِرِ رَقِيقَهُ الْمُسْلِمَ الَّذِي رَهَنَهُ عِنْدَ أَمْرِهِ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ لِمَرْهُونٍ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَلَا يَبْقَى الرَّقِيقُ رَهْنًا فِي عُسْرِهِ لِئَلَّا يَسْتَمِرَّ الْمُسْلِمُ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تَعْجِيلَ الْحَقِّ مِنْ الْمُعْسِرِ إنَّمَا يَكُونُ بِرَدِّ عِتْقِهِ وَبَيْعِ رَقِيقِهِ فِي الدَّيْنِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 445 وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ : وَفِي خِيَارِ مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ يُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِ وَيُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ   [منح الجليل] وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الرَّهْنِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعُجِّلَ وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى فِي غَيْرِ الْكَافِرِ الَّذِي أَعْتَقَ، الرَّهْنُ الْمُسْلِمُ قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِ أَحْمَدَ وَأَحْمَدَ بَابَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَرَدَّهُ عج غَيْرُ صَحِيحٍ. (وَ) إنْ بَاعَ الْكَافِرُ رَقِيقَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْكَافِرَ لِمُسْلِمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَظَهَرَ لِمُشْتَرِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ (جَازَ) لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْكَافِرِ (بِعَيْبٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يُقَالُ الَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَهُ السُّلْطَانُ وَبَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى رَدُّهُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيْعُهُ هُنَا لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ قَالَهُ عج، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ، فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْقَاعِدَةِ عَلَى عُمُومِهَا، وَأَنَّ السُّؤَالَ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَشْمَلُ إسْلَامَ الرَّقِيقِ قَبْلَ بَيْعِهِ كَالْمُصَنِّفِ وَبَعْضِ مَنْ شَرَحَهُ كَالْحَطِّ، وَأَمَّا مَنْ فَرَضَهَا فِي خُصُوصِ إسْلَامِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ و " ق " فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) إنْ بَاعَ كَافِرٌ رِقَّهُ الْكَافِرَ لِمُسْلِمٍ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي وَأَسْلَمَ الرَّقِيقُ (فِي) زَمَنِ (خِيَارِ) شَخْصٍ (مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ) فَإِنَّهُ (يُمْهَلُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمُ (لِانْقِضَائِهِ) أَيْ الْخِيَارِ، فَإِنْ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ مِنْ خُرُوجِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ مِنْ مِلْكِ الْكَافِرِ، وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّهُ جُبِرَ الْكَافِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ (وَ) إنْ بَاعَ كَافِرٌ رَقِيقَهُ الْكَافِرَ لِكَافِرٍ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا وَأَسْلَمَ الرَّقِيقُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ (يُسْتَعْجَلُ) الشَّخْصُ (الْكَافِرُ) الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ وَلَا يُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِ، وَيُجْبَرُ مَنْ يَصِيرُ لَهُ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا لِئَلَّا يَلْزَمَ بَقَاءُ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ كَافِرٍ. فَإِنْ قُلْت هَذَا فِي إسْلَامِهِ فِي خِيَارِ مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ أَيْضًا فَلِمَ أُمْهِلَ. قُلْت لِسَبْقِ حَقِّهِ وَمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ وَالْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ فِيهَا لَوْ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا مِنْ نَصْرَانِيٍّ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 446 كَبَيْعِهِ إنْ أَسْلَمَ، وَبَعُدَتْ غِيبَةُ سَيِّدِهِ وَفِي الْبَائِعِ يُمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ.   [منح الجليل] فَلَا يُفْسَخُ وَيُقَالُ لِمَالِكِ الْخِيَارِ اخْتَرْ أَوْ رُدَّ، ثُمَّ يُبَاعُ عَلَى مَنْ يَصِيرُ إلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اسْتِعْجَالُ الْكَافِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ مَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَاَلَّذِي فِي نَصِّ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الْعَاقِدَانِ كَافِرَيْنِ، وَنَصُّهُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ كَافِرَيْنِ عُجِّلَ الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا فَلَا يُعَجَّلُ إذْ قَدْ يَصِيرُ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا. وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ التُّونُسِيِّ اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الثَّلَاثَةُ كُفَّارًا وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَبَائِعُهُ فَهَلْ يُعَجَّلُ تَخْيِيرُ الْكَافِرِ، وَكَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ، وَحْدَهُ أَوْ يُؤَخَّرُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَالْخَرَاجَ لِمُسْلِمٍ. قُلْت يُرِيدُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. الْبُنَانِيُّ لَمْ أَرَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرِهِ. وَلَا يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ، وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ وَاعْتَمَدَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُشِرْ إلَى ضَعْفِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ مِثْلَ الَّذِي لِلتُّونُسِيِّ وَأَقَرَّ كَلَامَهُمَا. وَشَبَّهَ فِي التَّعْجِيلِ فَقَالَ (كَبَيْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ مِنْ السُّلْطَانِ (إنْ أَسْلَمَ) الرَّقِيقُ الْمَمْلُوكُ الْكَافِرُ فِي غَيْبَةِ الْكَافِرِ (وَبَعُدَتْ غَيْبَةُ سَيِّدِهِ) بِكَوْنِهَا عَلَى مَسَافَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَ خَوْفِهِ وَهَلْ يُتَلَوَّمُ لَهُ إنْ رَجَا قُدُومَهُ أَمْ لَا، فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ فَتُلُوِّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ، كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ، وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ. وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ تَأْوِيلَانِ، وَمَفْهُومُهُ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ فَلَا يُبَاعُ وَيُكْتَبُ لَهُ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ قَبْلَ إسْلَامِ الرَّقِيقِ أَوْ قَبْلَ بَيْعِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَإِنْ بِيعَ فِي بَعْدِ الْغَيْبَةِ وَقَدِمَ السَّيِّدُ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَهُ نُقِضَ بَيْعُهُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نُقِضَ عِتْقُهُ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (وَ) إنْ بَاعَ مُسْلِمٌ رَقِيقًا كَافِرًا لِكَافِرٍ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ وَأَسْلَمَ الرَّقِيقُ (فِي) زَمَنِ خِيَارِ (الْبَائِعُ) الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ (يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْيَاءِ الْبَائِعُ الْمُسْلِمُ (مِنْ الْإِمْضَاءِ) لِلْبَيْعِ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي هَذَا قَوْلَيْنِ خَرَّجَهُمَا ابْنُ شَاسٍ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَيُمْنَعُ الْإِمْضَاءُ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ أَوْ مُتَبَرِّمٍ فَيَجُوزُ الْمُوَضَّحُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْحِلَالُهُ، ثُمَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 447 وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ بِخِيَارٍ: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] قَالَ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ وَلَوْ قُلْنَا إنَّهُ مُتَبَرِّمٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا بِيَدِ الْمُسْلِمِ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ وَبَيْنَ ابْتِدَاءِ بَيْعِهِ بِجَامِعِ تَمْلِيكِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَا هُوَ مُخْرَجٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِابْنِ مُحْرِزٍ خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا وَالْخِيَارُ لَهُ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فَوَاضِحٌ كَوْنُ الْمُسْلِمِ عَلَى خِيَارِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي اُحْتُمِلَ بَقَاءُ الْخِيَارِ لِمُدَّتِهِ إذْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَتَعْجِيلُهُ إذْ لَا حُرْمَةَ لِعَقْدِ الْكَافِرِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، وَبِهِ نَظَرَ " ق " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَيَّدَهُ بِكَلَامِ ابْنِ يُونُسَ الْمُتَقَدِّمِ. نَعَمْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ اُسْتُحْسِنَ عَدَمُ إمْضَائِهِ، فَإِنْ فَعَلَ مَضَى وَمِثْلُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ فَعَدَمُهُ عِنْدَهُمَا مُسْتَحَبٌّ، وَالصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ تِسْعٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إمَّا كَافِرَانِ مَعًا أَوْ الْكَافِرُ الْبَائِعُ فَقَطْ أَوْ الْمُشْتَرِي فَقَطْ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا الْخِيَارُ فِيهِ إمَّا لِلْبَائِعِ فَقَطْ أَوْ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ أَوْ لَهُمَا مَعًا فَهَذِهِ تِسْعٌ، أُخِذَ مِمَّا تَقَدَّمَ حُكْمُ سِتٍّ مِنْهَا وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَهِمَ مِنْهُ حُكْمَ التِّسْعِ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْخِيَارُ لَهُمَا فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ بَائِعًا مُنِعَ مِنْ الْإِمْضَاءِ عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا بَقِيَ الْخِيَارُ لِمُدَّتِهِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ إنْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّدِّ أَوْ الْإِمْضَاءِ عُمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَضَى لِمَنْ رَدَّ مِنْهُمَا، وَفِي ذَلِكَ إنْ صَارَ لِلْمُسْلِمِ فَظَاهِرٌ وَلِلْكَافِرِ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ، وَمِثْلُ مَا قُلْنَاهُ يَأْتِي إذَا كَانَا مَعًا كَافِرَيْنِ، لَكِنْ مَعَ الِاسْتِعْجَالِ، وَمَنْ صَارَ لَهُ مِنْهُمَا عُجِّلَ عَلَيْهِ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ كَانَ كَافِرًا وَ (أَسْلَمَ) فِي مِلْكِ كَافِرٍ وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ (بِخِيَارٍ) لَهُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، وَهَلْ مُدَّتُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ أَوْ جُمُعَةٍ طَرِيقَتَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ عَازِيًا الْأُولَى لِعِيَاضٍ، وَالثَّانِيَةَ لِابْنِ رُشْدٍ، وَعَدَمُ جَوَازِ بَيْعِهِ بِخِيَارٍ (تَرَدُّدٌ) تت لِلْمَازِرِيِّ وَحْدَهُ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. فَإِنْ قِيلَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ بَيْعِهِ بِخِيَارٍ يُخَالِفُ اسْتِعْجَالَ الْكَافِرِ. قُلْت لَا يُخَالِفُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 448 وَهَلْ مَنْعُ الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَوْ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ لَمَّا وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ بِخِيَارٍ حَصَلَ الِاسْتِقْصَاءُ فِي الثَّمَنِ فَلَا مَضَرَّةَ فِي الِاسْتِعْجَالِ، وَلَوْ مُنِعَ هُنَا مِنْ بَيْعِهِ بِخِيَارٍ ابْتِدَاءً لَفَاتَ الِاسْتِقْصَاءُ فَيَحْصُلُ لَهُ الضَّرَرُ، وَالْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ عَقْدِ الْخِيَارِ فِيهِ اسْتِقْصَاءٌ، بِخِلَافِ عَقْدِ الْبَتِّ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يُسْلِمُ عَقِبَ بَيْعِهِ بِخِيَارٍ فَلَا يَتِمُّ الْفَرْقُ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ أَنَّ إسْلَامَ الْعَبْدِ طَرَأَ عِنْدَ الْكَافِرِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْمَازِرِيِّ. وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْكَافِرُ مُسْلِمًا وَجُبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِخِيَارٍ لِتَعَدِّيهِ بِشِرَاءِ الْمُسْلِمِ. (وَهَلْ مَنْعُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بَيْعِ الرَّقِيقِ (الصَّغِيرِ) لِكَافِرٍ (إذَا لَمْ يَكُنْ) الصَّغِيرُ (عَلَى دِينِ) كَافِرٍ (مُشْتَرِيهِ) أَيْ الصَّغِيرِ أَيْ مُعْتَقَدِهِ الْخَاصِّ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ جَازَ بَيْعُهُ لَهُ (أَوْ) الْمَنْعُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ عَلَى غَيْرِ دِينِ مُشْتَرِيهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الصَّغِيرِ (أَبُوهُ) فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ فِيهِ فَلَا كَلَامَ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرِ لِتَبَعِيَّتِهِ أَبَاهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ. قَالَ سَحْنُونٌ أَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي مَعَهُ أَبُوهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَبِيهِ وَالْحُكْمُ قَوْلُهُ وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْبِسَاطِيُّ هَذَا كُلُّهُ تَعَسُّفٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا، كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا، وَالْعِلَّةُ الْجَبْرُ عَلَى الْإِسْلَامِ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الصَّغِيرُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ هَذَا ثَانِيهَا، فَحَمَلَهُ الْحَطّ فِي هَذَا وَمَا بَعْدُ عَلَى الْكِتَابِيِّ قَالَ وَالْأَوَّلُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لِيَجْرِيَ الْكَلَامُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَتَكُونَ أَلْ فِيمَا بَعْدَهُ لِلْعَهْدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَكُونَ حُكْمُ الْمَجُوسِيِّ مَأْخُوذًا بِالْأَحْرَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَجُوسَ يُجْبَرُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ صَغِيرَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْمَجُوسِيَّ، وَلَكِنْ يُحْتَاجُ إلَى تَخْصِيصِ التَّأْوِيلَيْنِ بِالْكِتَابِيِّ وَكَأَنَّهُ قَبِلَ تَقْيِيدَ عِيَاضٍ لِلْمُدَوَّنَةِ بِكَوْنِ الْكِتَابِيِّ لَيْسَ مَعَهُ أَبُوهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ شَرْطٌ فِي كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ وَهَلْ مُنِعَ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 449 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ مُطْلَقٌ، أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا فَقَالَ وَهَلْ مُنِعَ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ، أَوْ مُطْلَقٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ لَكَانَ أَوْلَى، يَدُلُّ عَلَى هَذَا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَعِيَاضٍ اُنْظُرْ ضَيْح وَالْحَطّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 450 وَجَبْرُهُ: تَهْدِيدٌ، وَضَرْبٌ. وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ، إنْ أَقَامَ بِهِ لَا غَيْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالصَّغِيرِ عَلَى الْأَرْجَحِ   [منح الجليل] (وَ) إذَا اشْتَرَى الْمُسْلِمُ رَقِيقًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيُّ الصَّغِيرُ الْحَرْبِيُّونَ جَبْرًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَ (جَبْرُهُ تَهْدِيدٌ) أَيْ تَخْوِيفٌ بِالضَّرْبِ (وَضَرْبٌ) بِالْفِعْلِ إنْ لَمْ يُفِدْ التَّهْدِيدُ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ. تت كَذَا فَسَّرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ فَحَلَّ الشَّارِحُونَ وَالْأَقْفَهْسِيُّ كَلَامَهُ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ إذَا امْتَنَعَ فَجَبْرُهُ بِالتَّهْدِيدِ وَالضَّرْبِ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ، وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا فِي نَفْسِهِ. اهـ. عب لَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَأُجْبِرَ إلَخْ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى ذَلِكَ الْإِمَامُ وَلَا يَتَوَلَّاهُ هُوَ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى جَبْرُهُ بِمَا ذَكَرَ. (وَلَهُ) أَيْ الْكَافِرِ (شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ) أَيْ مُعْتَقَدِهِ الْخَاصِّ فَلَا يَكْفِي مُوَافَقَتُهُ فِي مُطْلَقِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِلَلٌ مَنْ تَمَسَّكَ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَكَمَ بِكُفْرِ غَيْرِهِ وَعَادَاهُ (إنْ أَقَامَ) الْكَافِرُ الْمُشْتَرِي (بِهِ) أَيْ الْبَالِغِ الَّذِي عَلَى دِينِهِ أَيْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إقَامَتَهُ بِهِ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ، وَلَوْ أَقَامَ بِهِ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا خُصَّ بِالذَّكَرِ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِمَنْ هِيَ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهَا بِاَلَّتِي لَيْسَتْ كَالذَّكَرِ فِي كَشْفِ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ (لَا) يَجُوزُ لِكَافِرٍ شِرَاءُ (غَيْرِهِ) أَيْ الْبَالِغِ الَّذِي عَلَى دِينِهِ وَهُوَ الصَّغِيرُ مُطْلَقًا وَالْبَالِغُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى دِينِهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ. ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَالصَّغِيرِ) تت يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى بَالِغٍ أَيْ وَلَهُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى مُخَالَفَتِهِ الْمُدَوَّنَةَ. وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ وَلَهُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا. وَمُنِعَ بَيْعُ صَغِيرٍ لِكَافِرٍ وَأَتَى بِهِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى اخْتِيَارِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَلَمْ يُقَدِّمْهُ هُنَاكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لِلثَّلَاثَةِ وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ. طفي يَتَعَيَّنُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَكُونُ إشَارَةً لِتَرْجِيحِ التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا. وَالْمُصَحَّحُ هُوَ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَبْعَدَ التَّأْوِيلَ الْآخَرَ. وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَلَمْ يُوجَدْ هُنَا تَرْجِيحٌ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْحَطّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 451 وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: طَهَارَةٌ لَا: كَزِبْلٍ. وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ   [منح الجليل] وَشُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِ) صِحَّةِ بَيْعِ الشَّيْءِ (الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) ثَمَنًا كَانَ أَوْ مُثَمَّنًا (طَهَارَةٌ) حَاصِلَةٌ بِالْفِعْلِ أَوْ يُمْكِنُ حُصُولُهَا كَثَوْبٍ تَنَجَّسَ مَعَ الِاخْتِيَارِ، وَأَمَّا مَعَ الِاضْطِرَارِ الْمُبِيحِ لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَشُرْبِ النَّجِسِ فَلَا تُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ لَا بِالْفِعْلِ وَلَا بِالْقُوَّةِ، فَ (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ النَّجِسِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ. (كَزِبْلٍ) لِمُحْرِمٍ كَفَرَسٍ، وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ، أَوْ مَكْرُوهٍ كَسَبُعٍ وَهِرٍّ. الْبُنَانِيُّ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَنْعِ الزِّبْلِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَنْعِ بَيْعِ الْعُذْرَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْعُذْرَةِ مَمْنُوعٌ بِالْأَحْرَوِيَّةِ، وَقَدْ حَصَّلَ الْحَطّ فِي بَيْعِهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى فَهْمِ الْأَكْثَرِ الْمُدَوَّنَةَ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَفَهْمِهَا أَبُو الْحَسَنِ، وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاضْطِرَارِ لَهَا فَيَجُوزُ وَعَدَمِهِ فَيُمْنَعُ لِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا الزِّبْلُ فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَيْعِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسًا عَلَى مَنْعِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْعَ الْعُذْرَةِ، وَقَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ، وَقَوْلَ أَشْهَبَ فِيهَا الْمُشْتَرِي أَعْذَرُ مِنْ الْبَائِعِ، وَتُزَادُ الْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَيْعِ الْعُذْرَةِ، وَفَهْمُ أَبِي الْحَسَنِ. وَفِي التُّحْفَةِ: وَنَجِسٌ صَفْقَتُهُ مَحْظُورَةٌ ... وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى بَيْعِ الزِّبْلِ دُونَ الْعُذْرَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ لُبٍّ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا لِلضَّرُورَةِ. (وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ الْمُتَنَجِّسَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ التَّطْهِيرَ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالزَّيْتُ الْمُتَنَجِّسُ يُمْنَعُ فِي الْأَكْثَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ. ضَيْح صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهَا أَفْتَى ابْنُ اللَّبَّادِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ مِمَّنْ لَا يَغُشُّ بِهِ إذَا بَيَّنَ؛ لِأَنَّ تَنْجِيسَهُ بِسُقُوطِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لَا يُسْقِطُ مِلْكَهُ عَنْهُ وَلَا يُذْهِبُ جُمْلَةَ الْمَنَافِعِ مِنْهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَصْرِفُهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 452 وَانْتِفَاعٌ لَا: كَمُحَرَّمٍ أَشْرَفَ وَعَدَمُ نَهْيٍ، لَا: كَكَلْبِ صَيْدٍ   [منح الجليل] فِيمَا كَانَ لَهُ هُوَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيهِ، وَهَذَا فِي الزَّيْتِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يُجِيزُ غَسْلَهُ. وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ أَجَازَ غَسْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَسَبِيلُهُ فِي الْبَيْعِ سَبِيلُ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ نَحْوِ ثَوْبٍ تَنَجَّسَ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَكِنَّهُ عَيْبٌ فِي الْجَدِيدِ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ إنْ أَفْسَدَهُ الْغَسْلُ. الْحَطّ الظَّاهِرُ وُجُوبُ التَّبْيِينِ وَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا خَشْيَةَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ مُشْتَرِيهِ خُصُوصًا إنْ كَانَ بَائِعُهُ مِمَّنْ يُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الطَّهَارَةِ. تت يَجِبُ بَيَانُهُ إنْ كَانَ الْغَسْلُ يُفْسِدُهُ أَوْ كَانَ مُشْتَرِيهِ مُصَلِّيًا. (وَانْتِفَاعٌ) بِهِ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا حَالًا أَوْ مَآلًا كَرَقِيقٍ صَغِيرٍ أَوْ بَهِيمَةٍ صَغِيرَةٍ فَ (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (كَ) حَيَوَانٍ (مُحَرَّمٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثْقَلًا أَكْلُهُ كَبَغْلٍ (أَشْرَفَ) عَلَى الْمَوْتِ تَبِعَ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمُحَرَّمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ مَا أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُبَاحًا أَوْ مُحَرَّمًا. وَأُجِيبَ بِحَمْلِ الْمُشْرِفِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ. وَأَمَّا الْبَالِغُ حَدَّ السِّيَاقِ فَاتُّفِقَ عَلَى مَنْعِهِ مُحَرَّمًا أَوْ مُبَاحًا. وَرُدَّ بِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا مُبَاحًا أَوْ مُحَرَّمًا كَالْحَامِلِ الْمُقَرَّبِ وَذِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ. (وَعَدَمُ نَهْيٍ) عَنْ بَيْعِهِ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا مُنْتَفِعًا بِهِ مَأْذُونًا فِي اتِّخَاذِهِ فَ (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ مَا نُهِيَ عَنْ بَيْعِهِ (كَكَلْبِ صَيْدٍ) وَحِرَاسَةِ زَرْعٍ وَبُسْتَانٍ وَمَاشِيَةٍ. أَبُو عُمَرَ فِي تَمْهِيدِهِ، وَيَجُوزُ اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِلْمَنَافِعِ كُلِّهَا وَدَفْعِ الْمَضَارِّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْبَادِيَةِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُخَوَّفِ فِيهَا السِّرَاقُ. ابْنُ نَاجِي عَلَى قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَا يُتَّخَذُ كَلْبٌ فِي الدُّورِ فِي الْحَضَرِ مَا نَصُّهُ مَا لَمْ يَضْطَرَّ لِحِفْظِهِ فَيُتَّخَذَ حَتَّى يَزُولَ الْمَانِعُ، وَقَدْ اتَّخَذَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَلْبًا فِي دَارِهِ حِينَ وَقَعَ حَائِطٌ مِنْهَا وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الشِّيعَةِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَوْ أَدْرَكَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُ زَمَنَنَا لَاتَّخَذَ أَسَدًا ضَارِيًا. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى بَيْعِ كَلْبِ الصَّيْدِ لِلْخِلَافِ فِيهِ فَأَوْلَى غَيْرُهُ، وَمَنَعَ بَيْعَهُ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ نَافِعٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 453 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَيَجُوزُ بَيْعُهُ. سَحْنُونٌ أَبِيعُهُ وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ. وَالْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ. وَيُمْنَعُ قَتْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِ بَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْ اتِّخَاذِهِ، وَيَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُنْدَبُ. طفي لَمْ يَجْعَلْ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ، وَلَا الْمَازِرِيُّ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُمْ عَدَمَ النَّهْيِ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَأَدْرَجُوهُ فِي شَرْطِ كَوْنِهِ مُنْتَفِعًا بِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ، إذْ مَا فُقِدَ مِنْهُ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالنَّجِسِ وَغَيْرِ الْمُنْتَفَعِ بِهِ وَغَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَأَصْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ فِي الْمُعَلِّمِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مُنْتَفَعًا بِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَيْعِ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، بَلْ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ، وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَنَافِعُهُ كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَعْدُومِ شَرْعًا وَالْمَعْدُومِ حِسًّا، وَمَا تَنَوَّعَتْ مَنَافِعُهُ إلَى مُحَلَّلَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ خَاصَّةً كَانَ الِاعْتِبَارُ بِهَا وَتَبِعَهَا الْحُكْمُ، وَصَارَ النَّوْعُ الْآخَرُ كَالْمَعْدُومِ. وَإِنْ تَوَزَّعَتْ فِي النَّوْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ مَا يُقَابِلُ الْمُحَرَّمَ مِنْهُمَا مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَمَا سِوَاهُ مِنْ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ مَجْهُولٌ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَطَّرِدُ فِي كَوْنِ الْمُحَرَّمِ مَنْفَعَةً وَاحِدَةً مَقْصُودَةً كَمَا يَطَّرِدُ فِي كَوْنِ الْمَنَافِعِ كُلِّهَا مُحَرَّمَةً، وَهَذَا النَّوْعُ وَإِنْ امْتَنَعَ بَيْعُهُ لِلْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَمِلْكُهُ صَحِيحٌ لِيَنْتَفِعَ بِهِ مَالِكُهُ بِمَنْفَعَتِهِ الْمُبَاحَةِ. وَلَوْ تَحَقَّقَ وُجُودُ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَوَقَعَ الِالْتِبَاسُ فِي كَوْنِهَا مَقْصُودَةً مِنْهُ أَمْ لَا فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ وَقَفَ فِي حُكْمِ بَيْعِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْأَصْلِ الْمُتَّسَعِ بَيْعُ كَلْبِ الصَّيْدِ فَإِذَا بُنِيَ الْخِلَافُ فِيهِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ قِيلَ فِي الْكَلْبِ مِنْ الْمَنَافِعِ كَذَا وَكَذَا، وَعُدِّدَتْ مَنَافِعُهُ ثُمَّ نُظِرَ فِيهَا فَمَنْ رَأَى جُمْلَتَهَا مُحَرَّمَةً مَنَعَ، وَمَنْ رَأَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 454 وَجَازَ: هِرٌّ، وَسَبُعٌ لِلْجِلْدِ   [منح الجليل] جَمِيعَهَا مُحَلَّلَةً أَجَازَ، وَمَنْ رَآهَا مُنَوَّعَةً إلَى مُحَلَّلَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ نَظَرَ هَلْ الْمَقْصُودُ الْمُحَرَّمُ أَوْ الْمُحَلَّلُ، وَجَعَلَ الْحُكْمَ لِلْمَقْصُودِ وَلَوْ مَنْفَعَةً وَاحِدَةً مُحَرَّمَةً. وَمَنْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ الْمَقْصُودُ وَقَفَ أَوْ كَرِهَ. اهـ. وَنَقْلَة الْحَطّ وَكَلَامُ الْمَازِرِيِّ، وَقَدْ اعْتَرَفَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي كِلَابِ الصَّيْدِ وَالسِّبَاعِ قَوْلَانِ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْقَيْدِ الثَّانِي، وَهُوَ كَوْنُهُ مُنْتَفِعًا بِهِ قَائِلًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي جَعْلِهِ عَدَمَ النَّهْيِ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا نَظَرًا، وَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ يُشْتَرَطُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ السَّلَامَةُ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ كُلِّهَا، فَالْعَامُّ لَا يُذْكَرُ خَاصًّا فَتَأَمَّلْهُ اهـ كَلَامُ طفي. ابْنُ عَاشِرٍ كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَرْتَضِ رُجُوعَ بَيْعِ الْكَلْبِ لِشَرْطِ الِانْتِفَاعِ لِوُجُودِ الِانْتِفَاعِ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، فَبَنَى حُكْمَ بَيْعِهِ هُنَا عَلَى شَرْطِ عَدَمِ النَّهْيِ عَنْ الْبَيْعِ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَرَادَ بِهِ مَا نُهِيَ عَنْ بَيْعِهِ مِمَّا لَمْ يُفْقَدْ فِيهِ شَرْطٌ آخَرُ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَازِرِيَّ وَابْنَ شَاسٍ وَغَيْرَهُمَا ذَكَرُوا أَنَّ مِثْلَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مَا مَنَافِعُهُ كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ كَالدَّمِ أَوْ جُلُّ الْمَقْصُودِ مِنْهُ مُحَرَّمٌ كَالزَّيْتِ النَّجِسِ، بِخِلَافِ مَا مَنَافِعُهُ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا مُحَلَّلَةٌ كَالزَّيْتِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَنَافِعُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهَا مُحَلَّلٌ وَمِنْهَا مُحَرَّمٌ كَكَلْبِ الصَّيْدِ أَشْكَلَ الْأَمْرُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمَمْنُوعِ اهـ. وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقْنَعْ بِأَخْذِهِ مِنْ شَرْطِ الِانْتِفَاعِ لِإِشْكَالِهِ وَخَفَائِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ وَأَدْرَجُوهُ أَيْ بَيْعَ الْكَلْبِ لَا عَدَمَ النَّهْيِ وَإِلَّا نَافَى مَا بَعْدَهُ، الْمُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ النَّهْيِ هُوَ الْعَامُّ، وَالشُّرُوطَ كُلَّهَا جُزْئِيَّاتُهُ. وَقَوْلُهُ فَالْعَامُّ لَا يُذْكَرُ خَاصًّا فِيهِ. «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ» . وَقَالَ الْفُقَهَاءُ النَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَسَيَأْتِي لِلْمَتْنِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا لِدَلِيلٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَ) أَنْ يُبَاعَ (هِرٌّ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَشَدِّ الرَّاءِ (وَسَبُعٌ لِ) قَصْدِ أَخْذٍ (لِجِلْدٍ) لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَاللَّحْمُ لِلْمُشْتَرِي. وَأَمَّا شِرَاؤُهُمَا لِلَحْمٍ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْجِلْدِ فَمَكْرُوهٌ. وَلَوْ قَالَ وَجَازَ كَهِرٍّ لِلْجِلْدِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ لِشُمُولِ مَكْرُوهِ الْأَكْلِ وَالْفِيلِ لِعَظْمِهِ، وَقِطِّ الزَّبَادَةِ لِزَبَادِهِ. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْجِلْدِ قَيْدٌ فِي بَيْعِ السَّبُعِ. وَأَمَّا الْهِرُّ فَيَجُوزُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 455 وَحَامِلُ مُقْرِبٍ ، وَقُدْرَةٌ عَلَيْهِ، لَا: كَآبِقٍ   [منح الجليل] لِيُنْتَفَعَ بِهِ حَيًّا. وَلِلْجِلْدِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ شَرْحُ " ق " (وَ) جَازَ أَنْ تُبَاعَ (حَامِلٌ) بِجَنِينٍ (مُقْرِبٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ قَرِيبَةُ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ سَلَامَتُهَا فَخِيفَ غَرَرُهَا. الْبُنَانِيُّ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي جَوَازِ بَيْعِ ذِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْحَامِلِ الْمُقْرِبِ، نَقَلَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ الْجَوَازَ، وَقَطَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ ذُو مَرَضِ السِّيَاقِ وَمُقَارِبِ الْمَوْتِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَجَوَازُ بَيْعِ ذِي مَرَضِ غَيْرِهِ يُوجِبُ قَصْرَ تَصَرُّفِ الْحُرِّ عَلَى ثُلُثِهِ. نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَعَ دَلِيلٍ فِي قَوْلِهَا فِي الْخِيَارِ إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَوَلَدُهَا مَعَهَا فِي بَتِّ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ فَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ. (وَ) شُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا كَانَ أَوْ مُثَمَّنًا (قُدْرَةٌ) لِبَائِعٍ وَمُشْتَرٍ حِسْبَةً (عَلَيْهِ) أَيْ تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ، وَمِنْهُ النَّحْلُ فِي جُبْحِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَدَدُهُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ عَادَةً. وَيُمْنَعُ شِرَاؤُهُ وهُوَ طَائِرٌ عَنْهُ وَإِنْ اشْتَرَى وَهُوَ فِيهِ تَبِعَهُ الْجُبْحُ. وَإِنْ اشْتَرَى الْجُبْحَ دَخَلَ النَّحْلُ الَّذِي فِيهِ، وَلَا يَدْخُلُ الْعَسَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (فَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (كَآبِقٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ رَقِيقٍ هَارِبٍ مِنْ مَالِكِهِ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَوْ لِأَحَدٍ فِيهِ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ مَنْ يَتَيَسَّرُ خَلَاصُهُ مِنْهُ وَعُلِمَتْ صِفَتُهُ جَازَ بَيْعُهُ. الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا عَلِمَ الْمُبْتَاعُ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ، فَإِنْ وَجَدَهُ بِصِفَتِهِ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ وَصَحَّ بَيْعُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ تَغَيَّرَ أَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَسْتَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّمَا يَجُوزُ ابْتِيَاعُ الْآبِقِ إذَا كَانَ فِي وَثَاقٍ. الصِّقِلِّيُّ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ عِنْدَ رَجُلٍ فِي حِيَاطَتِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ. صَالِحٌ يُرِيدُ وَقَدْ حَاطَهُ عَلَيْك وَعَلِمَ أَنَّهُ لَك احْتِرَازًا مِنْ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ. وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ لَمْ يُجِزْ سَحْنُونٌ بَيْعَ الْآبِقِ وَإِنْ عَرَفَ الْمُبْتَاعُ مَوْضِعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا لِصَاحِبِهِ عِنْدَ غَيْرِ سُلْطَانٍ وَلَا خُصُومَةَ فِيهِ لِأَحَدٍ. فَإِنْ وَقَفَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ كَانَتْ فِيهِ خُصُومَةٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 456 وَإِبِلٍ أُهْمِلَتْ ، وَمَغْصُوبٍ إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ، وَهَلْ إنْ رَدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةً؟ تَرَدُّدٌ. وَلِلْغَاصِبِ، نَقْضُ مَا بَاعَهُ إنْ وَرِثَهُ   [منح الجليل] وَ) لَا يَصِحُّ بَيْعُ (إبِلٍ أُهْمِلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ تُرِكَتْ فِي الْمَرْعَى حَتَّى تَوَحَّشَتْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَجَهْلِ صِفَتِهَا (وَ) لَا يَصِحُّ بَيْعُ شَيْءٍ (مَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ غَاصِبِهِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَمْضِي عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ أَقَرَّ بِهِ أَمْ لَا اتِّفَاقًا، أَوْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَأَنْكَرَ الْغَصْبَ وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ وَهُوَ غَرَرٌ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَأَقَرَّ بِهِ جَازَ بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ (إلَّا) بَيْعَ الْمَغْصُوبِ (مِنْ غَاصِبِهِ) أَيْ لَهُ فَيَجُوزُ. (وَهَلْ) جَوَازُ بَيْعِهِ لِغَاصِبِهِ (إنْ رُدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثْقَلًا الْمَغْصُوبُ (لِرَبِّهِ) وَبَقِيَ عِنْدَهُ (مُدَّةً) حَدَّهَا بَعْضُهُمْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، وَهَذَا طَرِيقُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، أَوْ إنْ عَلِمَ عَزْمَهُ عَلَى رَدِّهِ جَازَ بَيْعُهُ لَهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ عَلِمَ عَزْمَهُ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ مُنِعَ اتِّفَاقًا. وَإِنْ أَشْكَلَ فَقَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْجَوَازُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ (تَرَدُّدٌ) لَا يُقَالُ دُخُولُ صُورَةِ الْإِشْكَالِ فِي التَّرَدُّدِ لَا يُوَافِقُ اصْطِلَاحَ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ مَنْصُوصَانِ فِيهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَصِحُّ لِتَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي نَقْلِهِمَا، ثُمَّ الرَّاجِحُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرَّدِّ مُدَّةً إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ " غ ". مِنْهُ يَسْتَرْوِحُ إنْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ عَزْمٌ لِلْغَاصِبِ عَلَى الرَّدِّ. اهـ. فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ أَوْ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ فَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ مَطْوِيَّةٌ لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ كَلَامِهِ. (وَلِ) لِشَخْصِ ا (الْغَاصِبِ) شَيْئًا وَبَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ (نَقْضُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ فَسْخُ بَيْعِ (مَا) أَيْ الْمَغْصُوبِ الَّذِي (بَاعَهُ) الْغَاصِبُ أَوْ هِبَةِ مَا وَهَبَهُ، أَوْ صَدَقَةِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ لِتَصَرُّفِهِ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ هُوَ فُضُولِيٌّ، وَبَيْعُهُ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ لِمَالِكِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِنَسَبٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ وَلَاءٍ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ لَهُ إنْ أَرَادَ نَقْضَهُ بِفَوْرِ إرْثِهِ، فَإِنْ سَكَتَ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْغَاصِبِ بِمَا ذَكَرَ فَيَجْرِي فِي بَيْعِ كُلِّ فُضُولِيٍّ، فَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ لَوْ تَعَدَّى شَرِيكٌ فِي دَارٍ فَبَاعَ جَمِيعَهَا ثُمَّ وَرِثَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 457 لَا اشْتَرَاهُ ، وَوُقِفَ مَرْهُونٌ عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ وَمِلْكُ غَيْرِهِ عَلَى رِضَاهُ. وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي   [منح الجليل] حَظَّ شَرِيكِهِ فَلَهُ نَقْضُ بَيْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَأَخْذُ حِصَّتِهِ بِالشُّفْعَةِ (لَا) أَيْ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ شَيْئًا، وَبَاعَهُ نُقِضَ بَيْعُهُ إنْ (اشْتَرَاهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ بَعْدَ بَيْعِهِ إذَا اشْتَرَاهُ لِيَتَحَلَّلَ صَنِيعُهُ، أَوْ احْتَمَلَ الْأَمْرُ شِرَاءَهُ لِذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ بَيَّنَ قَبْلَ شِرَائِهِ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِيَتَمَلَّكَهُ فَلَهُ نَقْضُ بَيْعِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ شِرَاؤُهُ بَعْدَ بَيْعِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ مُدَّةً، بَلْ وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْعَزْمِ عَلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الِاشْتِرَاطِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْغَاصِبِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ الَّذِي لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ، وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ لَهُ بِلَا شَرْطٍ وَعَلَيْهِ مَا هُنَا. (وَ) إنْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِلَا إذْنِ مُرْتَهِنِهِ صَحَّ بَيْعُهُ وَ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ شَيْءٌ. (مَرْهُونٌ) أَيْ بَيْعُهُ مِنْ رَاهِنِهِ (عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ الْمُتَوَثَّقِ بِهِ فِي حَقِّهِ إذَا بَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمُرْتَهَنَ فَلَهُ إجَازَةُ بَيْعِهِ وَلَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ دَيْنُهُ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ بَيْعٍ بِغَيْرِ جِنْسِ دَيْنِهِ أَوْ بِنَقْدٍ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ، وَكَذَا إنْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَالْآخَرُ يَمْضِي كَبَيْعِهِ قَبْلَهُ مَعَ تَفْرِيطِهِ، وَقَدْ أَفَادَ هَذَا فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ، وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا وَإِنْ أَجَازَ تُعُجِّلَ، وَلِذَا قَالَ " غ " مَا هُنَا مُجْمَلٌ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الرَّهْنِ. (وَ) إنْ بَاعَ شَخْصٌ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ بَيْعُهُ وَوُقِفَ (مِلْكُ غَيْرِهِ) أَيْ بَيْعُهُ وَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ (عَلَى رِضَاهُ) أَيْ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَمْضَاهُ مَضَى عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ رَدَّهُ رُدَّ وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ فُضُولِيٌّ، بَلْ (وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي) أَنَّهُ فُضُولِيٌّ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ، وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَبِيعَ مِلْكُ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالْمُبْتَاعُ يَجْهَلُهُ الْمَذْهَبُ لِرَبِّهِ إمْضَاؤُهُ، وَفِيهَا كَانَ بَائِعُهُ غَاصِبًا أَوْ مُتَعَدِّيًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 458 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمَازِرِيُّ لَوْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ غَصْبَهُ فَفِي إمْضَائِهِ بِإِمْضَاءِ مُسْتَحِقِّهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى بَتِّ الْبَيْعِ مُطْلَقًا وَعَدَمِ تَمْكِينِ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ رَدِّهِ، وَلَوْ دَخَلَا عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ حِلِّهِ لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ، وَفِيهَا لَوْ عَلِمَ مُبْتَاعُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ مَغْصُوبٌ وَرَبَّهُ غَائِبٌ فَلَهُ رَدُّهُ لِحُجَّتِهِ بِتَخْيِيرِ رَبِّهِ إذَا قَدِمَ اهـ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْغَيْبَةَ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ بِالْبَعِيدَةِ وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَهُ " ح ". وَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْفُضُولِيِّ فَقَطْ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ صَارَ وَكِيلًا لَهُ، وَشَرَطَ فِي رَدِّهِ أَنْ لَا يَسْكُتَ عَامًا مَعَ الْعِلْمِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَسْكُت مُدَّةَ الْحِيَازَةِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَقُيِّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يَحْضُرَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ، فَإِنْ حَضَرَهُ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ. ثَانِيهَا: كَوْنُ الْعَقْدِ غَيْرَ صِرْفٍ، وَأَمَّا فِيهِ فَفَسْخٌ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفَ. ثَالِثُهَا: فِي غَيْرِ الْوَقْفِ فَيَبْطُلُ فِيهِ وَلَوْ رَضِيَ وَاقِفُهُ وَمَحَلُّ نَقْضِ بَيْعِ فُضُولِيٍّ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ بِذَهَابِ عَيْنِهِ، فَإِنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ. قَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ لَا جَوَازُهُ وَلَا نَدْبُهُ قَالَهُ الْحَطّ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسْبِ الْمَقَاصِدِ، وَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ أَنَّهُ الْأَصْلَحُ لَهُ، وَحُكْمُ اشْتِرَائِهِ كَحُكْمِ بَيْعِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ وَلَمْ يُجْزِهِ لَزِمَ الشِّرَاءُ الْمُشْتَرِيَ، وَلَا يَرْجِعُ مَالِكُ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا إذَا أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الشِّرَاءَ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ وَعَلِمَ الْبَائِعُ ذَلِكَ، أَوْ صَدَقَ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ إذَا صَدَّقَ الْبَائِعُ أَنَّهُ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِ الْبَائِعِ ذَلِكَ، وَلَا يُنْتَقَضُ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرَى لَهُ، وَيَرْجِعُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 459 وَالْعَبْدُ الْجَانِي عَلَى رِضَا مُسْتَحَقِّهَا. وَحُلِّفَ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الرِّضَا بِالْبَيْعِ، ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ، إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ. وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ؛   [منح الجليل] وَ) إنْ بَاعَ الْمَالِكُ عَبْدَهُ الْجَانِيَ قَبْلَ تَخْلِيصِهِ مِنْ جِنَايَتِهِ بِلَا إذْنِ مُسْتَحِقِّهَا صَحَّ بَيْعُهُ وَوَقَفَ (الْعَبْدُ الْجَانِي) عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ أَيْ بَيْعَهُ مِنْ سَيِّدِهِ قَبْلَ تَخْلِيصِهِ مِنْ جِنَايَتِهِ (عَلَى رِضَا مُسْتَحِقِّهَا) أَيْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيَّهُ فَلَهُ رَدُّ بَيْعِ الْمَالِكِ وَإِمْضَاؤُهُ الْبُنَانِيُّ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَ عِلْمِ الْجِنَايَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي هِبَاتِهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِجِنَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْأَرْشُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا أَرَادَ حَمْلَهُ. اهـ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْجَوَازَ، وَاسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَوَازَ بِمَعْنَى الْمُضِيِّ فَلَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ لِحُكْمِ الْإِقْدَامِ. (وَ) إنْ بَاعَ الْمَالِكُ عَبْدَهُ الْجَانِيَ عَالِمًا بِجِنَايَتِهِ قَبْلَ تَخْلِيصِهِ مِنْهَا فَادَّعَى عَلَيْهِ مُسْتَحِقُّهَا أَنَّهُ رَضِيَ بِتَحَمُّلِ أَرْشِهَا وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ الرِّضَا بِهِ (حَلَفَ) السَّيِّدُ الَّذِي بَاعَ عَبْدَهُ الْجَانِيَ عَالِمًا بِجِنَايَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ رَاضِيًا بِحَمْلِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ (إنْ ادَّعَى) الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ (الرِّضَا) بِتَحَمُّلِ أَرْشِهَا (بِ) سَبَبِ (الْبَيْعِ) لِلْجَانِي مَعَ الْعِلْمِ بِجِنَايَتِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ. (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ السَّيِّدِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِ الْأَرْشِ (لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ) أَيْ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ فِي جِنَايَتِهِ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ (السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ) أَيْ مُشْتَرِي الْجَانِي (الْأَرْشَ) فَالْخِيَارُ أَوَّلًا لِلسَّيِّدِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ نَفْسٍ عَمْدًا كَانَتْ أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى نَفْسٍ خَطَأً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَالْخِيَارُ أَوَّلًا لِلْوَلِيِّ فِي الْقِصَاصِ وَالِاسْتِحْيَاءِ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ السَّيِّدُ فَإِنْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ دَفْعِ الْأَرْشِ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ فِي دَفْعِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ السَّيِّدِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَيْضًا مِنْ دَفْعِهِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّ بَيْعِهِ وَأَخْذُهُ. (وَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَ (أَخْذُ ثَمَنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْجَانِي الَّذِي بَاعَهُ سَيِّدُهُ بِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 460 وَرَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ، إنْ كَانَ أَقَلَّ. وَلِلْمُشْتَرِي: رَدُّهُ، إنْ تَعَمَّدَهَا وَرُدَّ الْبَيْعُ فِي لَأَضْرِبَنَّهُ مَا يَجُوزُ، وَرُدَّ لِمِلْكِهِ   [منح الجليل] وَالْأَوْلَى تَأْخِيرٌ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ عَنْ قَوْلِهِ، وَلَهُ أَخْذُ ثَمَنِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ أَيْضًا، وَلِذَا قَالَ السُّودَانِيُّ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَأَصْلُهُ ثُمَّ لِلْمُسْتَحِقِّ رَدُّهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ، ثُمَّ إنْ دَفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ فَلَا إشْكَالَ (وَ) إنْ دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ (رَجَعَ) الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ (بِهِ) أَيْ الْأَرْشِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (أَوْ بِثَمَنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْجَانِي (إنْ كَانَ) الثَّمَنُ (أَقَلَّ) مِنْ الْأَرْشِ لِحُجَّةِ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ لَهُ، وَأَنَّهُ يَخْتَارُ حِينَئِذٍ إسْلَامَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِهِ لِحُجَّةِ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ لِلْعَبْدِ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَقَيَّدَ قَوْلَهُ أَوْ بِثَمَنِهِ بِإِسْلَامِ الْبَائِعِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ فَدَاهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَدَفَعَ لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ أَوْ الثَّمَنَ فَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ أَنْتَ أَخَذْت الثَّمَنَ مِنِّي فِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدِ وَسَلَّمْته لِلْمُسْتَحِقِّ فَرُدَّ عَلَيَّ مَا أَخَذْته مِنِّي وَهُوَ قَيْدٌ مُتَعَمَّدٌ كَمَا أَفَادَهُ السُّودَانِيُّ. (وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْجَانِي عَلَى بَائِعِهِ (إنْ) كَانَ (تَعَمَّدَهَا) أَيْ الْعَبْدُ الْجِنَايَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهَا حِينَ شِرَائِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ (وَ) إنْ قَالَ الْمَالِكُ لِرَقِيقِهِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ بِك كَذَا مِمَّا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ بِهِ ذَلِكَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْبَيْعُ فِي) حَلِفِهِ قَبْلَهُ بِحُرِّيَّةِ رَقِيقِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى بِصِيغَةِ حَنِثَ (لَأَضْرِبَنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ أَوْ أَحْبِسَنَّهُ أَوْ أَفْعَلُ بِهِ (مَا) أَيْ فِعْلًا (يَجُوزُ) فَمُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ حَتَّى يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَ يَمِينَهُ بِأَجَلٍ أَمْ لَا فَتَجَرَّأَ وَبَاعَهُ قَبْلَ بِرِّهِ. فِي يَمِينِهِ فَيُرَدُّ بَيْعُهُ، فَإِنْ لَمْ يُرَدَّ الْبَيْعُ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. الْحَطّ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرَّقِيقَ قَبْلَ رَدِّ بَيْعِهِ مِلْكُ مُشْتَرِيهِ وَضَمَانِهِ. (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ الرَّقِيقُ الْمَحْلُوفُ بِعِتْقِهِ بِصِيغَةِ حَنِثَ عَلَى فِعْلِهِ بِهِ مَا يَجُوزُ (لِمِلْكِهِ) أَيْ الْحَالِفِ الْمُسْتَمِرِّ دَفَعَ بِهَذَا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ رَدِّهِ لِفِعْلِ مَا يَجُوزُ ثُمَّ جَبَرَهُ عَلَى رَدِّهِ لِمُشْتَرِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 461 وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ، إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ وَأُمِنَ كَسْرُهُ وَنَقَضَهُ   [منح الجليل] وَرَدَّ بِهِ عَلَى ابْنِ دِينَارٍ الْقَائِلِ بِهَذَا، فَإِنْ كَانَ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ كَضَرْبِهِ أَلْفَ سَوْطٍ وَبَاعَهُ رُدَّ بَيْعُهُ وَنُجِزَ عِتْقُهُ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ مَا لَا يَجُوزُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَجَّلْت عِتْقَهُ أَيْ بَعْدَ رَدِّ بَيْعِهِ إذْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مِلْكِ مُشْتَرِيهِ، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَفَعَلَ بِهِ مَا لَا يَجُوزُ قَبْلَ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ، فَإِنَّ شَأْنَهُ نَجْزُ عِتْقِهِ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ. (وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ) مَثَلًا أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُعْتَمَدُ فَيَعُمُّ الْخَشَبَةَ وَالْحَجَرَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَمُودِ (بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ) أَوْ غَيْرِهِ كَمُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ (إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ) لِمَالِ مَنْ لَهُ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ. اللَّخْمِيُّ بِأَنْ أَضْعَفَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ. الْحَطّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْإِضَاعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ عَرْضٌ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَفِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ مَا نَصُّهُ وَإِضَاعَةُ الْمَالِ إتْلَافُهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ يَقْتَضِيهِ الْعَقْلُ، وَأَمَّا مَا اقْتَضَاهُ رَأْيٌ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَخْطَأَ فِيهِ أَوْ أَصَابَ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَمِمَّا تَنْتَفِي بِهِ الْإِضَاعَةُ إمْكَانُ تَعْلِيقِ الْبِنَاءِ وَتَدْعِيمِهِ وَكَوْنِ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ أَوْ يَسِيرًا، فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ وَقَعَ صَحَّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ النَّفِيسِ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ رَاجِعٌ إلَى بَابِ الْغَبْنِ أَوْ السَّفَهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يَصِحُّ تَرْكُهُ. وَلَوْ تَوَاطَأَ الْمُتَبَايِعَانِ عَلَيْهِ فَهَذَا الَّذِي يُذْكَرُ فِي الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ وَالْمَوَانِعِ. اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ مَا ضَاعَ عَلَى أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْغَبْنِ يَنْتَفِعُ بِهِ الْآخَرُ، وَنَقْضَ الْبِنَاءِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدٌ فَهِيَ إضَاعَةٌ مَحْضَةٌ فَهِيَ مِنْ الْفَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ قَالُوا إنَّمَا هَذَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ تَدْعِيمُهُ وَتَعْلِيقُهُ، وَلَوْ كَانَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ نَزْعُ الْعَمُودِ إلَّا بِهَدْمِهِ لَكَانَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي لَا يَجُوزُ. (وَ) إنْ (أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (كَسْرُهُ) أَيْ الْعَمُودِ حِينَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبِنَاءِ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ خِيفَ كَسْرُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ (وَنَقَضَهُ) أَيْ الْبِنَاءَ الَّذِي عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 462 الْبَائِعُ وَهَوَاءٍ فَوْقَ هَوَاءٍ،   [منح الجليل] الْعَمُودِ أَوْ عَلَّقَهُ وَأَدْعَمَهُ (الْبَائِعُ) اتِّفَاقًا، فَإِنْ انْكَسَرَ الْعَمُودُ حِينَئِذٍ فَضَمَانُهُ مِنْهُ. وَأَمَّا قَلْعُهُ مِنْ مَحَلِّهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ، فَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ. وَالْآخَرُ أَنَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَصَدَّرَ بِهِ الْقَرَافِيُّ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْقَابِسِيِّ. وَعَلَى الْأَوَّلِ فَضَمَانُهُ حَالَ قَلْعِهِ مِنْ بَائِعِهِ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ مُشْتَرِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي غَرَرِهَا أَيَجُوزُ إنْ اشْتَرَى عَمُودًا عَلَيْهِ بِنَاءُ الْبَائِعِ وَأَنْقَضَ الْعَمُودَ إنْ أَحْبَبْت، قَالَ نَعَمْ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إنْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقِ مَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ يَسِيرًا أَوْ عَلَى سُقُوطٍ أَوْ أَضْعَفَ لَهُ فِي الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ اهـ. ثُمَّ قَالَ وَفِي النُّكَتِ إذَا اشْتَرَى عَمُودًا عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِبَائِعِهِ فَقَطْعُ الْعَمُودِ عَلَى الْبَائِعِ. الصِّقِلِّيُّ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ قَلْعُهُ عَلَى بَائِعِهِ. عِيَاضٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِهَا وَانْقُضْ الْعَمُودَ إنْ أَحْبَبْت أَنَّ قَلْعَهُ عَلَى بَائِعِهِ. الصِّقِلِّيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ عَنْ الشَّيْخِ وَأَبُو الْحَسَنِ إنَّمَا عَلَيْهِ إزَالَةُ مَا عَلَيْهِ وَقَلْعُهُ عَلَى مُبْتَاعِهِ. زَادَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَمَا أَصَابَهُ فِي قَلْعِهِ فَعَلَى مُبْتَاعِهِ. التُّونُسِيُّ كَمَنْ بَاعَ غَنَمًا اسْتَثْنَى صُوفَهَا، أَوْ أَصْلًا اسْتَثْنَى ثَمَرَتَهُ عَلَيْهِ إزَالَةُ الصُّوفِ وَالثَّمَرِ. الْمَازِرِيُّ لَا وَجْهَ لِاسْتِبْعَادِ كَوْنِ أَجْرِ الْقَلْعِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ بِمَا تَحْتَهُ يَمْنَعُ تَمَكُّنَ مُبْتَاعِهِ مِنْ أَخْذِهِ. عِيَاضٌ قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ قَوْلَانِ، هَلْ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ كَبَيْعِ صُوفٍ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ وَنَحْوِهِ لِلَّخْمِيِّ إنْ كَانَ حَوْلَهُ بِنَاءٌ لِبَائِعِهِ فَعَلَيْهِ إزَالَتُهُ، وَشَرْطُهُ كَوْنُ أَخْذِهِ بَعْدَ إزَالَةِ مَا عَلَيْهِ لَا غَرَرَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي سَلَامَتَهُ بَعْدَ حَطِّهِ قُلْت هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ الْمَانِعَ مَانِعٌ وَلَوْ اشْتَرَطَ سَلَامَةَ تَمَكُّنٍ. (وَ) جَازَ بَيْعُ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ كَعَشْرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مَحَلِّ (هَوَاءٍ) بِالْمَدِّ أَيْ الرِّيحُ الْمَالِئُ مَا بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ (فَوْقَ) مَحَلِّ (هَوَاءٍ) مُتَّصِلٍ بِأَرْضٍ أَوْ بِنَاءٍ بِأَنْ كَانَ لِشَخْصٍ أَرْضٌ خَالِيَةٌ مِنْ الْبِنَاءِ أَرَادَ الْبِنَاءَ بِهَا، أَوْ بِنَاءٌ أَرَادَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ، فَيَشْتَرِي شَخْصٌ مِنْهُ قَدْرًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 463 إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ وَغَرْزُ جِذْعٍ فِي حَائِطٍ وَهُوَ مَضْمُونٌ، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً، فَإِجَارَةٌ تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ. وَعَدَمُ حُرْمَةٍ،   [منح الجليل] مُعَيَّنًا مِنْ الْفَرَاغِ الْمَوْهُومِ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْبِنَاءِ الَّذِي أَرَادَ إحْدَاثَهُ فَيَجُوزُ (إنْ وُصِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْبِنَاءُ) الَّذِي أُرِيدَ إحْدَاثُهُ أَسْفَلَ وَأَعْلَى لِيَقِلَّ الْغَرَرُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ رَغْبَتُهُ فِي خِفَّةِ الْأَعْلَى، وَصَاحِبَ الْأَعْلَى رَغْبَتُهُ فِي مَتَانَةِ الْأَسْفَلِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي زِيَادَةُ الْبِنَاءِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَائِهِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ الِانْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَاءِ الْأَعْلَى لَا بِالْبِنَاءِ وَلَا بِغَيْرِهِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مِرْفَقَ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ فِي سَطْحِ الْأَعْلَى إذْ لَيْسَ مِنْ الْأَفْنِيَةِ تت الظَّاهِرُ أَنَّ مَفْهُومَ فَوْقَ وَهُوَ هَوَاءٌ تَحْتَ هَوَاءٍ بِأَنْ يَبْنِيَ الْمُشْتَرِي الْأَسْفَلُ وَالْبَائِعُ الْأَعْلَى مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ. وَغَرْزُ جِذْعٍ فِي حَائِطٍ (وَ) جَازَ (غَرْزُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ إدْخَالُ (جِذْعٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَصْلُهُ سَاقُ الشَّجَرَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ الْجَائِزَةَ، أَيْ جِنْسَهُ الصَّادِقَ بِالْمُتَعَدِّدِ أَيْضًا (فِي حَائِطٍ) لِجَارٍ أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَخَرْقُ مَوْضِعِ الْجِذْعِ مِنْ الْحَائِطِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُكْتَرِي (وَهُوَ) أَيْ الْغَرْزُ (مَضْمُونٌ) أَيْ فِي ضَمَانِ صَاحِبِ الْحَائِطِ أَوْ وَارِثِهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَبَدًا لِبَيْعِهِ مَوْضِعَ الْغَرْزِ مِنْ الْحَائِطِ كَبَيْعِ عُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ، فَإِنْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ فَعَلَى رَبِّهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمَا، عَالِمًا بِالْغَرْزِ بِنَاؤُهُ، وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ وَضْعِ الْغَرْزِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِهِمَا. وَإِنْ اخْتَلَّ مَوْضِعُ الْغَرْزِ فَقَطْ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى صَاحِبِ الْجِذْعِ وَالضَّمَانُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ) فِي الْعَقْدِ عَلَى الْغَرْزِ (مُدَّةً) مُعَيَّنَةً كَعَشْرِ سِنِينَ (فَ) الْعَقْدُ (إجَارَةٌ تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ (بِانْهِدَامِهِ) أَيْ الْحَائِطِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَيَرْجِعَانِ لِلْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْحَائِطِ بِنَاؤُهُ. (وَ) شُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (عَدَمُ حُرْمَةٍ) لِتَمَلُّكِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا حُرِّمَ تَمَلُّكُهُ كَحُرٍّ وَخِنْزِيرٍ وَإِنَاءِ نَقْدٍ، هَذَا مُقْتَضَى هَذَا الشَّرْطِ، وَلَكِنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ قَالُوا؛ لِأَنَّ ذَاتَهُ مَمْلُوكَةٌ، فَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا كَانَتْ الْحُرْمَةُ لِجَمِيعِهِ، بَلْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 464 وَلَوْ لِبَعْضِهِ ، وَجَهْلٍ بِمَثْمُونٍ، أَوْ ثَمَنٍ وَلَوْ تَفْصِيلًا: كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ بِكَذَا،   [منح الجليل] وَلَوْ) كَانَتْ (لِبَعْضِهِ) أَيْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِحُرْمَتِهِ كَبَيْعِ حُرٍّ وَرَقِيقٍ مَعًا وَمِلْكٍ وَحُبْسٍ مَعًا فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ لِجَمْعِ الصَّفْقَةِ حَلَالًا وَحَرَامًا مَعَ عِلْمِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِالْحَرَامِ. وَأَمَّا إنْ جَهِلَا الْحَرَامَ حَالَ الْعَقْدِ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْحَرَامُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْحَلَالِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ أَوْ التَّمَسُّكُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْحَلَالِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. أَبُو الْحَسَنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ قَوْلِ التَّهْذِيبِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ، فَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي إلَخْ مَا نَصُّهُ اُنْظُرْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ كَالصَّفْقَةِ الْجَامِعَةِ حَلَالًا وَحَرَامًا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ، وَجَعَلُوهُ مِنْ قَبِيلِ الْعُيُوبِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ. اهـ. فَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَسَدَ الْعَقْدُ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ تَخْرِيجًا بِإِبْطَالِ الْحَرَامِ وَإِمْضَاءِ الْحَلَالِ بِمَا يُقَابِلُهُ. (وَ) شُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَدَمُ (جَهْلٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (بِمَثْمُونٍ أَوْ ثَمَنٍ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا كَبَيْعِ مَا فِي بَيْتٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ مَا وَرِثَهُ أَوْ مَا وُهِبَ لَهُ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِهِ، بَلْ (وَلَوْ) جُهِلَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ (تَفْصِيلًا) وَعُلِمَتْ جُمْلَتُهُ (كَ) بَيْعِ (عَبْدَيْ) بِفَتْحِ الدَّالِ مُثَنَّى عَبْدٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ لِ (رَجُلَيْنِ بِكَذَا) أَيْ ثَمَنٍ مَعْلُومٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فِي مُقَابَلَةِ الْعَبْدَيْنِ، وَكُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا لَهُ عَبْدٌ لِأَحَدِهِمَا عَبْدٌ وَالْآخَرُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَثُلُثُ الْعَبْدِ الْآخَرِ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ الْأَوَّلِ وَثُلُثَا الثَّانِي مَثَلًا وَبِيعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْ الثَّمَنِ الْمُقَابِلِ لَهُمَا، فَجُمْلَتُهُ مَعْلُومَةٌ وَتَفْصِيلُهُ مَجْهُولٌ. وَمَحَلُّ الْفَسَادِ بِجَهْلِ الْمَثْمُونِ إذَا تَيَسَّرَ الْعِلْمُ بِهِ كَشِرَاءِ حَضَرِيٍّ بِحَاضِرَةٍ بِمِكْيَالِ بَادِيَةٍ مَجْهُولٍ لَهُ، وَشِرَاءِ بَادٍ بِبَادِيَةٍ بِمِكْيَالِ حَاضِرَةٍ مَجْهُولٍ لَهُ، وَإِلَّا جَازَ كَشِرَاءِ حَضَرِيٍّ بِبَادِيَةٍ بِمِكْيَالِهَا الْمَجْهُولِ لَهُ وَشِرَاءِ بَادٍ بِحَاضِرَةٍ بِمِكْيَالِهَا الْمَجْهُولِ لَهُ. وَالْمُرَادُ عِلْمُ الْمُثَمَّنِ حَقِيقَةً أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 465 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حُكْمًا كَبَيْعِ سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ عَسَلٍ وُزِنَ بِظَرْفِهِ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يُفَرَّغَ وَيُوزَنَ ظَرْفُهُ وَيُطْرَحَ وَزْنُهُ مِنْ وَزْنِ الْمَجْمُوعِ أَوْ عَلَى أَنْ يَتَحَرَّى وَزْنَ الظَّرْفِ وَيُطْرَحَ مِنْهُ. أَفْتَى بِجَوَازِهِ ابْنُ سِرَاجٍ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ زِقًّا وَغَيْرَهُ خَصَّهُ بِالزِّقِّ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -؛ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ عَرَفُوا وَزْنَهَا أَيْ الزِّقَاقِ، أَيْ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهُ فَلَا يَجُوزُ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ شَأْنَ ذَلِكَ أَنْ يَعْرِفَهُ النَّاسُ وَيَتَسَاهَلُونَ فِيهِ وَيَجْعَلُونَ الزَّائِدَ عَلَى الظَّرْفِ إنْ كَانَ هِبَةً. وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ تَنْقِيصُ الْوَزْنِ لِيَزِيدَهُ بَعْدَهُ شَيْئًا يَسِيرًا يَرَى أَنَّهُ وَفَّى لَهُ بِهِ حَقَّهُ. وَشَدَّدَ فِي مَنْعِهِ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ وَمَنْ جَهِلَ الثَّمَنَ الْبَيْعُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِلَا بَيَانٍ صِفَتُهَا مَعَ تَعَدُّدِهَا فِي الْبَلَدِ وَعَدَمِ غَلَبَةِ إطْلَاقِهَا عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ وَاخْتِلَافِهَا فِي الْقِيمَةِ، فَإِنْ غَلَبَ إطْلَاقُهَا عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ حَمْلًا عَلَيْهِ. وَإِنْ اتَّفَقَتْ نِفَاقًا وَقِيمَةً صَحَّ الْبَيْعُ وَجُبِرَ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِ مَا يُدْفَعُ لَهُ مِنْهَا، وَمَنْ جَهِلَ الْمُثَمَّنَ بِيعَ نِصْفُ شُقَّةٍ بِلَا بَيَانِ مَا يَدْفَعُهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْهَا، وَلَا عَادَةَ لَهُمْ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْبَيَانِ حَلَفَا وَفُسِخَ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيَانًا وَلَا نِيَّةً كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الشُّقَّةِ فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَإِنْ جُهِلَتْ الْجُمْلَةُ مَعَ عِلْمِ التَّفْصِيلِ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ بِتَمَامِهَا كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا فَيَجُوزُ، وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا جَهِلَ أَحَدُهُمَا التَّفْصِيلَ إذَا عَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ الْجَاهِلِ وَإِلَّا فَلَا يَفْسُدُ، وَحُكْمُهُ كَبَيْعِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ فَلِلْجَاهِلِ مِنْهُمَا إذَا عَلِمَ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْجَاهِلُ عِلْمَ الْعَالِمِ بِجَهْلِهِ حَلَفَ لِرَدِّ دَعْوَاهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَفُسِخَ. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي الْبَيَانِ وَجَزَمَ بِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمِعْيَارِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى إطْلَاقِهِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَسْأَلَةُ الْعَبْدَيْنِ. وَنَظَرَ أَبُو الْحَسَنِ فِي تَفْصِيلِ ابْنِ رُشْدٍ بِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْعَقْدُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَهْمَا جَهِلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلِمَ الْعَالِمُ بِجَهْلِ صَاحِبِهِ أَمْ لَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَهُوَ الَّذِي شَهَرَهُ عِيَاضٌ. ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ. أَبُو عَلِيٍّ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّازِلَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 466 أَوْ رِطْلٍ مِنْ شَاةٍ تُرَابٌ صَائِغ، وَتُرَابٍ صَائِغٍ، وَرَدَّهُ مُشْتَرِيهِ وَلَوْ خَلَّصَهُ وَلَهُ الْأَجْرُ   [منح الجليل] خِلَافُ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ هُوَ الصَّوَابُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِاغْتِفَارِ جَهْلِ التَّفْصِيلِ. (وَ) لَا يَجُوزُ شِرَاءُ (رِطْلٍ) مَثَلًا (مِنْ) لَحْمِ (شَاةٍ) مَثَلًا قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا أَوْ قَبْلَ سَلْخِهَا لِلْجَهْلِ بِصِفَةِ اللَّحْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي هُوَ بَائِعُ الشَّاةِ عَقِبَ بَيْعِهَا لِعِلْمِهِ بِصِفَةِ لَحْمِهَا بِحَسَبِ عَلَفِهَا، وَلِأَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا وَاسْتَثْنَى مَا اشْتَرَاهُ. وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِعَدَمِ شَرْطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِالرُّؤْيَةِ. (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (تُرَابٍ صَائِغٍ) إنْ لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ النَّقْدِ فَهُوَ مَجْهُولُ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ، وَإِلَّا فَهُوَ مَجْهُولُ التَّفْصِيلِ فَقَطْ. وَيُقَدَّرُ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى صَائِغٍ لِيَشْمَلَ تُرَابَ الْعَطَّارِ وَكُلَّ صَنْعَةٍ تَخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ وَيَعْسُرُ تَخْلِيصُهُ (وَ) إنْ وَقَعَ فَسْخٌ (وَرَدَّهُ مُشْتَرِيهِ) لِبَائِعِهِ إنْ لَمْ يُخَلِّصْهُ، بَلْ (وَلَوْ خَلَّصَهُ) فَلَهُ تَخْلِيصُهُ مَانِعًا مِنْ رَدِّهِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (الْأَجْرُ) فِي تَخْلِيصِهِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ وَإِلَّا فَهَلْ لَهُ الْأَجْرُ أَيْضًا أَمْ لَا قَوْلَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا شَيْءَ لَهُ، فَإِنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ عَلَى غَرَرِهِ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ فَاتَ بِتَخْلِيصِهِ فَفِي لُزُومِ الْبَائِعِ أَخْذُ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَدَفْعُ أُجْرَةِ خَلَاصِهِ وَتَخْيِيرِهِ فِي أَخْذِهِ بِذَلِكَ وَتَرْكِهِ مَجَّانًا. ثَالِثُهَا: يَبْقَى لِمُبْتَاعِهِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ عَلَى غَرَرِهِ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ كَغُرْمِ قِيمَتِهِ إنْ تَلِفَ بِيَدِهِ. وَرَابِعُهَا: يَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَجَّانًا. لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ الْمَازِرِيِّ عَنْ الْمَشْهُورِ وَلِاخْتِيَارِ الصِّقِلِّيِّ وَلِنَقْلِهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَلِتَخْرِيجِ التُّونُسِيِّ. وَفِي التَّوْضِيحِ إنْ خَلَّصَهُ الْمُشْتَرِي رُدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ عَلَى غَرَرِهِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَهُ أَجْرُ تَخْلِيصِهِ. وَأَجْرَى الْأَشْيَاخُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ اشْتَرَى أَشْجَارًا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَسَقَى وَعَالَجَ ثُمَّ رُدَّتْ إلَى رَبِّهَا. وَمَنْ اشْتَرَى آبِقًا وَأَنْفَقَ عَلَى رَدِّهِ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ وَرُدَّ إلَى رَبِّهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَمْ لَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 467 لَا مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ، وَشَاةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ وَتِبْنٍ   [منح الجليل] وَأَصْلُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ لَهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ رَجَعَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَّا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ، وَصَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ الرُّجُوعُ بِنَفَقَةِ الْآبِقِ، وَحَيْثُ قُلْنَا إنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَزَادَتْ عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا أَوْ إنَّمَا يَرْجِعُ بِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْخَارِجِ، ثُمَّ قَالَ وَاقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى الْخَارِجِ اهـ. الْبُنَانِيُّ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ هُوَ الثَّانِي فِي عِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ. (لَا) يُمْنَعُ بَيْعُ تُرَابِ (مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَأَمَّا بِصِنْفِهِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ. وَيَنْبَغِي جَوَازُ بَيْعِ تُرَابِ مَعْدِنِ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تُرَابِ الْمَعْدِنِ وَبَيْنَ تُرَابِ الصَّائِغِ شِدَّةُ الْغَرَرِ فِي تُرَابِ الصَّائِغِ وَنَحْوِهِ دُونَ تُرَابِ الْمَعْدِنِ. " د " بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بَيْعُ جِزَافٍ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِهِ الْمُمَكِّنَةِ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَا مَانِعَ مِنْ بَيْعِهِ بِالْكَيْلِ مَثَلًا فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فِي الْكَيْلِ وَالْجِزَافِ فَيُجْزِي عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِ. (وَ) جَازَ بَيْعُ (شَاةٍ) مَثَلًا مُذَكَّاةٍ (قَبْلَ سَلْخِهَا) جِزَافًا لَا وَزْنًا فَيُمْنَعُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَالْحَطّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَرَضٍ وَلَحْمٍ وَزْنًا لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ. بِخِلَافِ رِطْلٍ مِنْ شَاةٍ وَبَيْعِهَا وَزْنًا. طفي يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى بَيْعِهَا جُمْلَةً لَا عَلَى الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِقَوْلِهِ وَرِطْلٍ مِنْ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ لَحْمٍ مَغِيبٍ، وَلِيُطَابِقَ مَا أَصَّلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ كَالشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ، بِخِلَافِ مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ فَإِنَّهُ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ الْحَطّ وَغَيْرُهُ فَتَشْهِيرُ الْبُرْزُلِيُّ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. (وَ) جَازَ بَيْعُ (حِنْطَةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَإِهْمَالِ الطَّاءِ أَيْ قَمْحٍ مَثَلًا بَعْدَ يُبْسِهَا (فِي سُنْبُلٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ سُنْبُلَةٍ كَذَلِكَ قَائِمَةٌ بِأَرْضِهَا قَبْلَ حَصْدِهَا أَوْ بَعْدَهُ قَتًّا أَوْ مَنْفُوشًا قَبْلَ دَرْسِهَا (وَ) فِي (تِبْنٍ) بَعْدَ دَرْسِهَا وَقَبْلَ تَذْرِيَتِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 468 إنْ بِكَيْلٍ وَقَتٍّ جِزَافًا ، لَا مَنْقُوشًا   [منح الجليل] إنْ) كَانَ الْبَيْعُ (بِكَيْلٍ) فِيهِمَا كَكُلِّ إرْدَبٍّ بِكَذَا، أَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ تَمَامُ حَصْدِهِ وَدَرْسِهِ وَتَذْرِيَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ. (وَ) جَازَ بَيْعُ (قَتٍّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ مَقْتُوتٍ أَيْ حُزَمًا رُءُوسُهَا كُلُّهَا فِي نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي رَأْسِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ (جِزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَإِعْجَامِ الزَّايِ ثُمَّ بِالْفَاءِ، أَيْ مَحْزُورًا قَدْرَ كَيْلِهِ دُونَ فِعْلِهِ لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ لَا نَحْوَ فُولٍ وَحِمَّصٍ وَعَدْسٍ مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي جَمِيعِ قَصَبَتِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَتِّهِ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ وَكَالْقَتِّ الْقَائِمِ بِأَرْضِهِ قَبْلَ حَصْدِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جِزَافًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ اتِّفَاقًا لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهَى، وَعَنْ ثَمَرِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَيْبَسَ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ» وَلَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: بَيْعُهُ جِزَافًا لَا بِالْفَدَّانِ وَنَحْوِهِ. ثَانِيهَا: كَوْنُ ثَمَرَتِهِ فِي رَأْسِ قَصَبَتِهِ. ثَالِثُهَا: بَيْعُهُ مَعَ تِينِهِ. رَابِعًا: كَوْنُ بَيْعِهِ بَعْدَ يُبْسِهِ. (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ جِزَافًا حَالَ كَوْنِهِ (مَنْفُوشًا) أَيْ مَجْعُولًا رُؤْسُهُ إلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ إذَا لَمْ يُحْزَرْ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ مَقْتُوتٌ. الْبُنَانِيُّ أَحْوَالُ الزَّرْعِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا قَائِمٌ أَوْ مَحْصُودٌ وَالْمَحْصُودُ إمَّا قَتٌّ وَإِمَّا مَنْفُوشٌ؛ وَإِمَّا فِي تِينِهِ وَإِمَّا مُخْلَصٌ مِنْهُ، وَالْمَبِيعُ إمَّا الْحَبُّ وَحْدَهُ وَإِمَّا مَعَ تِينِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ الْحَبَّ وَحْدَهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْكَيْلِ فِي الْأَحْوَالِ الْخَمْسَةِ كُلِّهَا، وَيَجُوزُ جِزَافًا فِي الْمُخْلَصِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ الْمَجْمُوعَ جَازَ جِزَافًا فِي الْقَائِمِ وَالْقَتِّ لَا فِي الْمَنْفُوشِ، وَمَا فِي تِبْنِهِ. الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْرِدَ الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا فِي الشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَاءُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجِزَافِ مَا دَامَ فِيهِ. وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إذَا يَبِسَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْمَاءُ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَاءُ. وَمِنْ الْقَتِّ جِزَافًا الْأَنْدَرُ الْمَجْعُولُ فَرْشَةً أَوْ فَرَاشَاتٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جِزَافًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْمَنْفُوشِ فَتَمْثِيلُ عِيَاضٍ لِلْمَنْفُوشِ بِمَا فِي الْأَنْدَرِ يَعْنِي بِهِ مَا يُنْفَشُ لِيُدْرَسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 469 وَزَيْتِ زَيْتُونٍ بِوَزْنٍ؛ إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ   [منح الجليل] فَيَخْتَلِطُ فَلَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَقَلَّ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ بَيْعِ الْقَمْحِ فِي أَنْدَرِهِ قَبْلَ دَرْسِهِ؛ لِأَنَّهُ يُرَى سُنْبُلُهُ فَيُحْزَرُ وَيُعْرَفُ قَدْرُهُ وَهُوَ نَقْلُ الْجَلَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ. (وَ) جَازَ بَيْعُ (زَيْتِ زَيْتُونٍ) أَيْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ قَبْلَ عَصْرِهِ (بِوَزْنٍ) كَرِطْلٍ أَوْ قِنْطَارٍ (إنْ) لَمْ (يَخْتَلِفْ) وَصْفُهُ بِأَنْ عُرِفَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ تَمَامُ عَصْرِهِ عَنْ نِصْفِ شَهْرٍ، وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ كَمَا تُقَيِّدُهُ الْمُدَوَّنَةُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بَعْدَ عَصْرِهِ وَعِلْمِ صِفَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ أَيْ يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْبَيْعِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي إذَا عَلِمَ صِفَتَهُ بَعْدَ عَصْرِهِ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ حِينَئِذٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. تت وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ زَيْتِ بِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى زَيْتُونًا عَلَى أَنَّ عَلَى رَبِّهِ عَصْرَهُ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ سِمْسِمٍ وَزَيْتُونٍ وَحَبِّ فُجْلٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ أَوْ زَرْعٍ قَائِمٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ حَصْدَهُ وَدَرْسَهُ، وَكَأَنَّهُ ابْتَاعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ. أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ الشَّيْخُ إنْ قَالَ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا فَهُوَ فَاسِدٌ، وَإِنْ قَالَ أَشْتَرِي مِنْك هَذَا وَأُؤَاجِرُك بِكَذَا عَلَى عَصْرِهِ فَهَذَا جَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ، وَإِنْ قَالَ أَشْتَرِيهِ مِنْك عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَصْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ. اهـ. وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ مَنْعِهِ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ. (وَ) جَازَ بَيْعُ قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَصَاعٍ أَوْ إرْدَبٍّ مِنْ (دَقِيقِ حِنْطَةٍ) قَبْلَ طَحْنِهَا إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ وَصْفُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي جُعْلِ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ لِيَعْلَمَ رُجُوعَهُمَا إلَيْهِ أَيْضًا، وَفِيهَا وَإِنْ ابْتَعْت قَمْحًا عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ لَك فَاسْتَخَفَّهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعْدَ أَنْ كَرِهَهُ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْقَمْحَ يُعْرَفُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَجُلُّ قَوْلِهِ ذَلِكَ التَّخْفِيفُ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا الْقِيَاسُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 470 وَصَاعٍ، أَوْ كُلِّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَإِنْ جُهِلَتْ، لَا مِنْهَا، وَأُزِيدَ الْبَعْضُ وَشَاةٍ، وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ   [منح الجليل] وَ) جَازَ بَيْعُ (صَاعٍ) مِثْلًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ صُبْرَةٍ مَعْلُومَةٍ جُمْلَةُ مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ أَوْ مَجْهُولَتِهَا وَالْمُشْتَرِي عَدَدٌ مَعْلُومٌ مِنْ صِيعَانِهَا (أَوْ كُلِّ صَاعٍ) أَيْ جَازَ بَيْعُ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ مِثْلًا (مِنْ صُبْرَةٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُشْتَرَى جَمِيعُهَا إنْ عُلِمَتْ جُمْلَةَ مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ، بَلْ (إنْ جُهِلَتْ) جُمْلَةُ صِيعَانِهَا؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ اغْتِفَارُ جَهْلِ الْجُمْلَةِ إذَا عُلِمَ التَّفْصِيلُ فَهَذِهِ عَكْسُ عَبْدَيْ رَجُلَيْنِ بِكَذَا وَكَذَا ذِرَاعٍ أَوْ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ شُقَّةٍ وَرِطْلٌ أَوْ كُلُّ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ صِيعَانٍ أَوْ أَذْرُعٍ أَوْ أَرْطَالٍ غَيْرِ مَعْلُومَةِ الْعَدَدِ (مِنْهَا) أَيْ الصُّبْرَةِ أَوْ الشُّقَّةِ أَوْ نَحْوِ الزَّيْتِ (وَأُرِيدَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الدَّالِ (الْبَعْضُ) أَيْ شِرَاؤُهُ فَقَطْ لَا الْجَمِيعِ لِتَعَلُّقِ الْجَهْلِ بِالتَّفْصِيلِ أَيْضًا وَالْوَاوُ لِلْحَالِ، وَمَفْهُومُ وَأُرِيدَ الْبَعْضُ الْجَوَازُ إذَا لَمْ يُرَدْ شَيْءٌ كَإِرَادَةِ الْكُلِّ. فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا قَالَ أَبِيعُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ حِسَابَ كُلِّ عَشَرَةِ أَقْفِزَةٍ بِدِينَارٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا بَاعَهُ مِنْهَا فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ مَا عَلِمْتُ فِيهَا نَصًّا. وَقَالَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ الْبَيْعُ فَاسِدٌ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْقَاضِي يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ زَائِدَةً فَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْفَسَادِ. اهـ. فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَارَ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي مِنْ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ، فَلِذَا قَيَّدَ الْمَنْعَ بِإِرَادَةِ الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ الْفَاكِهَانِيُّ اعْتَرَضَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مِنْهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِقَاعِدَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ كَوْنَ مِنْ هُنَا لِلتَّبْعِيضِ، فَإِنَّ مِعْيَارَهَا عِنْدَ النُّحَاةِ صِحَّةُ تَقْدِيرِهَا بِبَعْضٍ نَحْوَ أَكَلْت مِنْ الرَّغِيفِ، وَلَا رَيْبَ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ هُنَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَذْهَبَ سِيبَوَيْهِ أَنَّ مِنْ لَا تُزَادُ فِي الْإِيجَابِ، وَالْكَلَامُ هُنَا مُوجَبٌ فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا فِيهِ صِلَةً. وَالْفَرْقُ بَيْنَ إرَادَةِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْبَعْضِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْكُلَّ أَمْكَنَ حَزْرُهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَلَا يُمْكِنُ حَزْرُ الْبَعْضِ الْمُبْهَمِ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَ بَيْعُ (شَاةٍ) حَيَّةٍ أَوْ مَذْبُوحَةٍ قَبْلَ سَلْخِهَا (وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ) مِنْهَا وَنَحْوَهَا مِمَّا دُونَ ثُلُثِهَا، فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَ سَلْخِهَا جَازَ اسْتِثْنَاءُ قَدْرِ ثُلُثِهَا فَقَطْ. الْحَطّ التَّحْدِيدُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 471 وَلَا يَأْخُذُ لَحْمَ غَيْرِهَا   [منح الجليل] بِأَرْبَعَةٍ هُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَضَّاحٍ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ. أَبُو الْحَسَنِ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ مِمَّا دُونَ الثُّلُثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهَا وَلَمْ يَبْلُغْ فِي ذَلِكَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الثُّلُثَ. الْحَطّ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَ مَا يُسْتَثْنَى مِنْ الْبَقَرَةِ وَالنَّاقَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اعْتِبَارَ قَدْرِ صِغَرِ الْمَبِيعِ أَوْ كِبَرِهِ كَالشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالْبَعِيرِ، وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِاسْتِثْنَاءِ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ. اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ يَجُزْ إلَى يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، بِخِلَافِ كَوْنِ الصُّوفِ هُوَ الْمَبِيعُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَقَاؤُهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا التَّقْيِيدُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا تَخْلُو مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ اسْتِثْنَاءُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ فَهَذَا جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْجَزِّ أَوْ يَتَأَخَّرَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ كَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي اسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ شَائِعٍ، فَهَذَا جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ، الثَّالِثُ: اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي السَّفَرِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْحَضَرِ. الرَّابِعُ: اسْتِثْنَاءُ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ كَفَخِذٍ وَكَبِدٍ مَنَعَهُ نَصًّا فِي الْكِتَابِ. الْخَامِسُ: اسْتِثْنَاءُ الْأَرْطَالِ الْيَسِيرَةِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ ثَلَاثَةٌ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ خَمْسَةٌ وَسِتَّةٌ مِمَّا دُونَ الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الثُّلُثَ، وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ رَأْسًا؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ لَحْمٍ مَغِيبٍ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ مُبْقًى؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى مَا زَادَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ مَغِيبٌ. وَيُجَابُ عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرِي بِأَنَّ اشْتِرَاءَ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ مُغْتَفَرٌ لِبَائِعِ الشَّاةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى أَنَّهُ مُبْقًى بِأَنَّ اشْتِرَاءَ مَا زَادَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ جُمْلَةِ الشَّاةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَقَبْلَ سَلْخِهَا وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يَأْخُذُ) بَائِعُ الشَّاةِ الْمُسْتَثْنِي أَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ مِنْهَا (لَحْمَ غَيْرِهَا) أَيْ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ عِوَضًا عَنْهَا. وَلَوْ قَالَ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالِ لَشَمِلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا وَغَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ بِيعَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَبِيعَ لَحْمٌ مَغِيبٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى، وَإِنْ مَاتَتْ الشَّاةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ذَبَحَهَا وَأَكَلَهَا كُلَّهَا فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْأَرْطَالِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 472 وَصُبْرَةٍ، وَثَمَرَةٍ، وَاسْتِثْنَاءَ قَدْرِ ثُلُثٍ ، وَجِلْدٍ، وَسَاقِطٍ بِسَفَرٍ فَقَطْ؛   [منح الجليل] وَ) جَازَ بَيْعُ (صُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ) عَلَى أَصْلِهَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ جِزَافًا فِيهِمَا (وَاسْتِثْنَاءُ) كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ (قَدْرِ ثُلُثٍ) مِنْ الصُّبْرَةِ أَوْ الثَّمَرَةِ لَا أَكْثَرَ، وَمِثْلُ الثَّمَرَةِ الْمَقَائِيُّ وَالْخُضَرُ وَمُغَيَّبُ الْأَصْلِ، وَمَفْهُومُ قَدْرِ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ جَائِزٌ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجُزْءٌ مُطْلَقًا. (وَ) جَازَ بَيْعُ حَيَوَانٍ وَاسْتِثْنَاءُ (جِلْدٍ وَسَاقِطٍ) مِنْهُ أَيْ رَأْسِهِ وَأَكَارِعِهِ لَا كِرْشِهِ وَكَبِدِهِ فَإِنَّهُمَا مِنْ اللَّحْمِ، فَيَجْرِي عَلَيْهِمَا حُكْمُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْجَوَازُ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ إنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْطَالًا، وَالْمَنْعُ إنْ اسْتَثْنَى الْبَطْنَ كُلَّهُ أَوْ جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْهُ لِقَوْلِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْفَخِذَ أَوْ الْبَطْنَ أَوْ الْكَبِدَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الصُّوفَ وَالشَّعْرَ (بِسَفَرٍ فَقَطْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَيَّدَ فِي الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ فَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي السَّفَرِ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ، وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ، فَمَذْهَبُهَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ. عِيَاضٌ وَتَسْوِيَةُ حُكْمِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُمَا فِي السَّفَرِ، وَحَمْلُ الْمُسَافِرِ لَهُمَا أَوْ عَمَلُهُمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَاللَّحْمُ يَأْكُلُهُ لِحِينِهِ وَيُمَلِّحُهُ وَيَتَزَوَّدُهُ، وَفِي الْحَضَرِ لَهُمَا قِيمَةٌ وَصُنَّاعٌ وَإِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا ذَهَبَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ التَّأْوِيلُ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى التَّفْرِقَةِ وَأَنَّ جَوَابَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِلْدِ. وَأَمَّا الرَّأْسُ فَلَهُ حُكْمُ قَلِيلِ اللَّحْمِ الْمُشْتَرَطِ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ لَا فِي السُّؤَالِ وَلَا فِي الْجَوَابِ وَلَا فِي التَّعْلِيلِ. ابْنُ مُحْرِزٍ وَمِنْ الْمُذَاكِرِينَ مَنْ قَالَ إنَّمَا وَقَعَ جَوَابُهُ عَلَى الْجِلْدِ دُونَ الرَّأْسِ، وَإِنَّ سَبِيلَ الرَّأْسِ سَبِيلُ اللَّحْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ اسْتِثْنَاءُ الرَّأْسِ وَالْأَكَارِعِ لَا يُكْرَهُ فِي سَفَرٍ وَحَضَرٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اسْتَثْنَى الْجِلْدَ وَالرَّأْسَ فَثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ فِي السَّفَرِ لَا فِي الْحَضَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ مُخَالِفٌ لَهَا وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. مِنْ الشُّيُوخِ مَنْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِلْدِ وَاخْتَارَ جَوَازَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 473 وَجُزْءٍ مُطْلَقًا، وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي ، وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ   [منح الجليل] اسْتِثْنَاءِ الرَّأْسِ وَالْأَكَارِعِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الرَّأْسِ كَاسْتِثْنَاءِ الْفَخِذِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك الْحَقُّ إنْ كُنْت مُنْصِفًا قَالَهُ طفي. (وَ) جَازَ بَيْعُ شَيْءٍ وَاسْتِثْنَاءُ (جُزْءٍ) شَائِعٍ مِنْهُ كَرُبُعِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالسَّفَرِ وَقَدْ بَاعَ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى، وَسَوَاءٌ بَاعَ الْحَيَوَانَ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ اسْتِحْيَائِهِ وَيَصِيرُ الْبَائِعُ شَرِيكًا لِلْمُشْتَرِي بِقَدْرِ الْمُسْتَثْنَى (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْطَالٌ أَوْ جِلْدٌ وَرَأْسٌ بِذَبْحٍ وَسَلْخٍ وَعَلَفٍ وَسَقْيٍ وَحِفْظٍ وَغَيْرِهَا (الْمُشْتَرِي) فِي صُورَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ وَلَهُ دَفْعُ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ لِلْبَائِعِ صَارَا كَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ، وَكَأَنَّ الْبَائِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ وَهَذَا لَازِمٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ أَنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ " ق " فَانْدَفَعَ قَوْلُ طفي، اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ سَوَاءٌ عَادَ ضَمِيرُ تَوَلَّاهُ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ عَلَى الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَيْهِمَا وَلَمْ أَرَ هَذَا الْفَرْعَ بِعَيْنِهِ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ. وَأَمَّا الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ جُزْءٌ شَائِعٌ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ فَيَتَوَلَّيَانِ مَعًا عَلَفَهُ وَسَقْيَهُ بِحَسَبِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ وَأُجْرَةُ ذَبْحِهِ وَسَلْخِهِ عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ. (وَلَمْ يُجْبَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (الْمُشْتَرِي عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا) أَيْ مَسْأَلَةِ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَمَسْأَلَةِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ (بِخِلَافِ) اسْتِثْنَاءِ (الْأَرْطَالِ) فَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الذَّبْحِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَتَوَصَّلُ لِحَقِّهِ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ إلَّا بِهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الذَّبْحِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ بِيعَ عَلَيْهِمَا وَأَعْطَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ مَا لِكُلٍّ فِي الْجُزْءِ وَالْأَرْطَالِ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي فِي السَّاقِطِ. الْحَطّ وَفِي كَوْنِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا لِكُلٍّ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ يُونُسَ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى ذَبْحِهِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ قَوْلَانِ، وَأَمَّا السَّلْخُ فَفِي الْجِلْدِ إنْ قُلْنَا الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى فَعَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ قُلْنَا مُشْتَرًى فَاخْتُلِفَ عَلَى مَنْ تَكُونُ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 474 وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ أَوْ قِيمَتِهَا وَهِيَ أَعْدَلُ، وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي؟ قَوْلَانِ. وَلَوْ مَاتَ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مُعَيَّنٌ: ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِلْدًا وَسَاقِطًا،   [منح الجليل] عَلَيْهِمَا، وَنَقَلَ ابْنُ عَاشِرٍ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ أُجْرَةَ السَّلْخِ فِي الرَّأْسِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِهِ فِي الْمَوْتِ. (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً (فِي دَفْعِ) بَدَلِ أَوْ مِثْلِ (رَأْسٍ) وَبَقِيَّةِ سَاقِطٍ وَمِثْلِ جِلْدٍ، فَلَوْ قَالَ كَرَأْسٍ لَشَمِلَهُ (أَوْ) دَفْعِ (قِيمَتِهَا) أَيْ الرَّأْسِ أَنَّثَهُ وَإِنْ كَانَ مُذَكَّرًا اتِّفَاقًا بِتَأْوِيلِهِ بِبِضْعَةٍ أَوْ هَامَةٍ حَيْثُ لَمْ يُذْبَحْ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَا اسْتَثْنَاهُ الْبَائِعُ مِنْ جِلْدٍ وَسَاقِطٍ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَقِيمَتُهُ (وَهِيَ) أَيْ الْقِيمَةُ (أَعْدَلُ) لِبُعْدِهَا عَنْ شَائِبَةِ الرِّبَا. (وَهَلْ التَّخْيِيرُ) بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ (لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ) الرَّجْرَاجِيُّ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي أَسْعَدُ بِظَاهِرِهَا وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ. طفي الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَفْرُوضٌ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ فِي الْجِلْدِ فَعَلَيْهِ ذِكْرُهُ فِي مَحَلِّهِ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّأْسِ مَقِيسَةٌ فَفِيهَا قِيلَ فَإِنْ أَبَى الْمُبْتَاعُ فِي السَّفَرِ مِنْ ذَبْحِهَا وَقَدْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ رَأْسَهَا أَوْ جِلْدَهَا قَالَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ وَقَفَ بَعِيرَهُ فَبَاعَهُ مِنْ أَهْلِ الْمِيَاهِ لِيَنْحَرُوهُ، وَاسْتَثْنَى جِلْدَهُ فَاسْتَحْيَوْهُ فَعَلَيْهِمْ شَرْوَى جِلْدِهِ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَجَدْوَى، أَيْ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك. اهـ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ عِيَاضٌ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ لِذِكْرِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الرَّأْسِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالْخِلَافُ وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِي الْجِلْدِ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ كَلَامَهَا الَّذِي تُؤُوِّلَ بِهِمَا صَرِيحٌ فِي تَسْوِيَةِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ فِي الْحُكْمِ، فَلَا يُقَالُ عَلَى الْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ الْجِلْدُ. (وَلَوْ مَاتَ مَا) أَيْ الْحَيَوَانُ الَّذِي يَبِيعُ وَ (اُسْتُثْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ (مِنْهُ) جُزْءٌ (مُعَيَّنٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةُ مُشَدَّدَةٌ وَهُوَ الْجِلْدُ وَالرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ وَالْأَرْطَالُ (ضَمِنَ) الشَّخْصُ (الْمُشْتَرِي) لِلْبَائِعِ (جِلْدًا وَسَاقِطًا) لِعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى الذَّبْحِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 475 لَا لَحْمًا وَجِزَافٍ إنْ رُئِيَ   [منح الجليل] فِيهِمَا. طفي أَطْلَقَ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي تَفْرِيطٌ أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضًى. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى الضَّمَانِ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْجِلْدِ أَوْ مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ دِرْهَمَيْنِ وَكَانَ بَاعَ الشَّاةَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِسُدُسِ قِيمَةِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ بَاعَهَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَعَرْضُ قِيمَتِهِ دِرْهَمَانِ فَاسْتُحِقَّ الْعَرْضُ مِنْ الْبَائِعِ، وَقَدْ فَاتَتْ الشَّاةُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ. اهـ. وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَقَبِلُوهُ فَهُوَ مُرَادُهُ بِالضَّمَانِ، فَقَوْلُ " س " لَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا خِلَافُهُ (لَا) يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (لَحْمًا) وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ قَبْلُ بِالْأَرْطَالِ لِجَبْرِهِ عَلَى الذَّبْحِ، وَلَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الْبَائِعُ كَانَ مُفَرِّطًا، وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ فَلَا يَضْمَنُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَهُوَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ كَالْمُودِعِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ. (وَ) جَازَ بَيْعُ (جِزَافٍ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْجِزَافُ مُثَلَّثُ الْجِيمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ. وَحَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ بَيْعُ مَا يُمْكِنُ عِلْمُ قَدْرِهِ دُونَ أَنْ يُعْلَمَ، وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَخَفَّفَ فِيمَا شَقَّ عِلْمُهُ يُرِيدُ مِنْ الْمَعْدُودِ وَقَلَّ جَهْلُهُ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْمَشَقَّةُ فِيهِمَا (إنْ رُئِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ يَلِيهَا هَمْزٌ، أَيْ أَبْصَرَ حَالَ الْبَيْعِ أَوْ قَبْلَهُ، وَاسْتَمَرَّا عَلَى مَعْرِفَتِهِ إلَى حِينِ بَيْعِهِ عَلَى مُخْتَارِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ الْغَائِبَةِ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ رَأَى الصُّبْرَةَ أَوْ الزَّرْعَ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ عَلَى رُؤْيَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ غَائِبٌ لَجَازَ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ، وَفَرَّقَ فِي الْمَدَنِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَيْنَ الصُّبْرَةِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ فَمَنَعَ شِرَاءَ الصُّبْرَةِ غَائِبَةً بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، وَأَجَازَهُ فِي الزَّرْعِ الْقَائِمِ وَهِيَ تَفْرِقَةٌ لَا حَظَّ لَهَا فِي النَّظَرِ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ يَطْلُبُ فِي الصُّبْرَةِ مَعْرِفَةَ قَدْرِهَا زِيَادَةً عَلَى مَعْرِفَةِ صِفَتِهَا فِي الْحِرْزِ حِينَ الْعَقْدِ وَلِلرُّؤْيَةِ الْمُقَارِنَةِ لَهُ أَثَرٌ فِي ذَلِكَ، وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الزَّرْعِ الْغَائِبِ. الْحَطَّابُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 476 وَلَمْ يَكْثُرْ جِدًّا، وَجَهِلَاهُ، وَحَزَرَا،   [منح الجليل] الظَّاهِرُ مِنْ الْمَدَنِيَّةِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ عَدَمُ حُضُورِ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا جِزَافًا لِظُهُورِ التَّغَيُّرِ فِيهِمَا إنْ حَصَلَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ وَنَحْوِهَا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجِزَافِ الْحُضُورُ مُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ أَوْ سَابِقَةً عَلَيْهِ، وَعَلَى مَا فِي الْمَدَنِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْجِزَافِ كُلِّهِ حُضُورُهُ حِينَ الْعَقْدِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالثِّمَارُ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ، فَقَدْ اُغْتُفِرَ فِيهِمَا عَدَمُ الْحُضُورِ إنْ تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ، وَبِالثَّانِي قَرَّرَ الْحَطَّابُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ مُرَادُهُ بِالْمَرْئِيِّ الْحَاضِرُ، كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح، وَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِهِ رُؤْيَتُهُ كُلِّهِ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يُبَاعُ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِعُسْرِ رُؤْيَتِهِ، كَقِلَالِ الْخَلِّ الْمَخْتُومَةِ وَفِي فَتْحِهَا مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ، فَيَجُوزُ بَيْعُهَا دُونَ فَتْحٍ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ رُؤْيَتِهِ مَعَ قَبُولِ غَيْرِ وَاحِدٍ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهَا، وَكَذَلِكَ حَوَائِطُ التَّمْرِ الْغَائِبَةِ يُبَاعُ تَمْرُهَا كَيْلًا أَوْ جِزَافًا وَهِيَ عَلَى مَسِيرَةِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِشَرْطٍ وَإِنْ بَعُدَتْ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَةَ مِنْ مِصْرَ فَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ تَمْرِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَمْرًا يَابِسًا مُتَنَافٍ لِاقْتِضَائِهِ جَوَازَ بَيْعِهَا غَائِبَةً جِزَافًا، وَفِي كَوْنِ الصِّفَةِ تَقُومُ مَقَامَ الْعِيَانِ فِي الْحَزْرِ نَظَرٌ. اهـ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُبَاعُ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجِزَافِ بِصِفَةٍ قَالَهُ عِيَاضٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. (وَ) إنْ (لَمْ يَكْثُرْ) الْمَبِيعُ كَثْرَةً (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ كَثْرَةً مَانِعَةً مِنْ حَزْرٍ قَدْرُهُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ، فَإِنْ كَثُرَ جِدًّا مُنِعَ بَيْعُهُ جِزَافًا لِعَدَمِ حَزْرِهِ، وَإِنْ قَلَّ جِدًّا فَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا أَوْ مَكِيلًا جَازَ بَيْعُهُ جِزَافًا، وَإِنْ كَانَ مَعْدُودًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جِزَافًا. (وَ) إنْ (جَهِلَاهُ) أَيْ الْعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ أَيْ وَزْنَهُ وَكَيْلَهُ وَعَدَدَهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ عِلْمِهِ أَحَدُهُمَا لَا عَنْ عِلْمِهِمَا لِخُرُوجِهِمَا حِينَئِذٍ عَنْ بَيْعِ الْجِزَافِ (وَ) إنْ (حَزَرَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 477 وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ ، وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ، إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ   [منح الجليل] الْمَبِيعَ أَيْ عَرَفَا قَدْرَهُ بِالْحَزْرِ أَيْ الظَّنِّ وَكَانَا مُعْتَادَيْنِ لِلْحَزْرِ، وَلِذَا أَسْقَطَ الْمَفْعُولَ لِيُؤْذِنَ بِالْعُمُومِ إنْ حَزَرَا كُلَّ شَيْءٍ أَيْ اعْتَادَاهُ وَحَزْرُ الْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. (وَ) إنْ (اسْتَوَتْ أَرْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا أَيْ عَلِمَ الْعَاقِدَانِ أَوْ ظَنَّا اسْتِوَاءَهَا حِينَ الْبَيْعِ، فَإِنْ عَلِمَا أَوْ ظَنَّا عَدَمَهُ أَوْ شَكَّا فِيهِ فَسَدَ لِلْغَرَرِ، وَإِنْ عَلِمَا أَوْ ظَنَّا الِاسْتِوَاءَ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ فَالْخِيَارُ فِي الِانْخِفَاضِ لِلْبَائِعِ وَفِي الِارْتِفَاعِ لِلْمُشْتَرِي. (وَ) إنْ (لَمْ يُعَدَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ جِزَافًا (بِلَا مَشَقَّةٍ) مَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْمَوْزُونُ وَالْمَكِيلُ مُطْلَقًا وَالْمَعْدُودُ بِمَشَقَّةٍ، فَيَجُوزُ بَيْعُهَا جِزَافًا. وَمَفْهُومُهُ صُورَةُ الْمَعْدُودِ بِلَا مَشَقَّةٍ يَمْنَعُ بَيْعَهُ جِزَافًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَدَّ يَتَيَسَّرُ لِكُلِّ مُمَيِّزٍ وَالْكَيْلَ وَالْوَزْنَ يَفْتَقِرَانِ لِآلَةٍ وَتَحْرِيرٍ (وَلَمْ تُقْصَدْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (أَفْرَادُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ جِزَافًا فَإِنْ كَانَتْ أَفْرَادُهُ تُقْصَدُ وَتَخْتَلِفُ الرَّغْبَةُ فِيهَا كَالرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جِزَافًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ) الْإِفْرَادِ مِنْ (هـ) كَبَيْضٍ وَبِطِّيخٍ وَرُمَّانٍ الْقَبَّابُ فِي شَرْحِ بُيُوعِ ابْنِ جَمَاعَةَ مَا نَصُّهُ قَيَّدُوا لِجَوَازٍ فِي الْمَعْدُودِ بِمَا تَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي عَدَدِهِ لِكَثْرَتِهِ وَتَتَسَاوَى أَفْرَادُهُ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ، أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مُبَالَغَةً لَا آحَادَهُ كَالْبِطِّيخِ فَيَجُوزُ الْجِزَافُ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ وَالنُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يُبَاعُ الْجَوْزُ جِزَافًا إلَّا إذَا عُرِفَ عَدَدُهُ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْقِثَّاءِ جِزَافًا؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ صَغِيرٌ وَكَبِيرٌ وَالْعَدْلُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ عَدَدًا أَكْبَرُ مِنْ الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ عَدَدًا. ابْنُ رُشْدٍ مَعْرِفَةُ عَدَدِ الْقِثَّاءِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِهِ جِزَافًا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ وَزْنِهِ بِمَعْرِفَةِ عَدَدِهِ لِاخْتِلَافِهِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، بِخِلَافِ الْجَوْزِ الَّذِي يَقْرَبُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا بَيِّنٌ. ابْنُ بَشِيرٍ الْمَعْدُودَاتُ إنْ قَلَّتْ أَثْمَانُهَا جَازَ بَيْعُهَا جِزَافًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِعَدَدِهِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ جِزَافًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 478 لَا غَيْرِ مَرْئِيٍّ؛ وَإِنْ مِلْءَ ظَرْفٍ وَلَوْ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ،   [منح الجليل] إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ هَذَا النَّوْعِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ جِزَافًا. (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ (غَيْرِ مَرْئِيٍّ) جِزَافًا إلَّا الْخَلَّ الَّذِي يُفْسِدُهُ الْفَتْحُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِلْءَ ظَرْفٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مِلْءَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ (ظَرْفٍ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ وِعَاءٍ كَغِرَارَةٍ وَقَارُورَةٍ إنْ كَانَ فَارِغًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَلْآنَ وَبَاعَ مَا فِيهِ مَعَ مِلْئِهِ (ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ) بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ رُؤْيَةِ مِلْئِهِ ثَانِيًا حِينَ بَيْعِهِمَا مَعًا، وَلَيْسَ الظَّرْفُ مِكْيَالًا مُعْتَادًا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ جِزَافًا. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مِكْتَلًا مَلْآنَ طَعَامًا فَاشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ فَفَرَّغَهُ ثُمَّ قَالَ امْلَأْهُ لِي ثَانِيَةً بِدِينَارٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ أَعْطِنِي الْآنَ كَيْلَهَا بِدِينَارٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ، وَلَوْ وَجَدَ غِرَارَةً مَلْأَى لَمْ يَكُنْ بَأْسٌ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِدِينَارٍ، وَلَوْ جَاءَهُ بِغِرَارَةٍ فَقَالَ لَهُ امْلَأْ لِي هَذِهِ الْغِرَارَةَ بِدِينَارٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّمَا يَجُوزُ شِرَاءُ ذَلِكَ جِزَافًا إذَا لَمْ يَقْصِدْ فِيهِ إلَى الْغَرَرِ بِأَنْ وَجَدَهُ جِزَافًا فِي وِعَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَشْتَرِيهِ كَمَا وَجَدَهُ، فَالْفَرْقُ بَيْنَ شِرَاءِ الطَّعَامِ يَجِدُهُ فِي الْمِكْتَلِ أَوْ الْغِرَارَةِ جِزَافًا بِدِينَارٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ امْلَأْ لِي ذَلِكَ ثَانِيَةً بِدِينَارٍ أَنَّ الْأُولَى لَمْ يَقْصِدْ إلَى الْغَرَرِ إذَا اشْتَرَاهُ كَمَا وَجَدَهُ جِزَافًا، وَالثَّانِي قَصْدًا إلَى الْغَرَرِ إذْ تَرَكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ فَاشْتَرَاهُ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ وَلَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ إلَّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مِكْيَالٌ مَعْلُومٌ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ فِيهِ مَكَايِيلُ، فَلَمَّا كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ ابْتِدَاءً امْلَأْ لِي هَذِهِ الْغِرَارَةَ بِدِينَارٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَبْلَغُ كَيْلِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا مَلْأَى كَمَا وَجَدَهَا إذْ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهَا بِتَقَدُّمِ شِرَائِهِ إيَّاهَا جِزَافًا. وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ صَبِّرْ لِي مِنْ طَعَامِك هَاهُنَا صُبْرَةً وَأَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك جِزَافًا لَمَا انْبَغَى أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقَصْدِ إلَى الْغَرَرِ عَلَى قِيَاسِ مَا قُلْنَاهُ، وَيَجُوزُ شِرَاءُ مَا فِي الْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ عَلَى أَنَّهُ جِزَافٌ بِشُرُوطِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَكِيلٌ بِهِ مَعَ تَيَسُّرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 479 إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ، وَعَصَافِيرَ حَيَّةٌ بِقَفَصٍ، وَحَمَامِ بُرْجٍ   [منح الجليل] الْمَازِرِيُّ هَجَسَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَجَازُوهُ وَمَا مَنَعُوهُ إذْ لَا يَخْتَلِفُ حَزْرُ الْحَازِرِ لِزَيْتٍ فِي قَارُورَةٍ وَلِمِقْدَارِ مِلْئِهَا مِنْهُ، وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ لِمَا يُفِيدُ جَوَابَهُ بِأَنَّ مَا أَجَازُوهُ لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ إلَى الْغَرَرِ لِحُضُورِهِ فَخَفَّ أَمْرُهُ بِخِلَافِ مِلْئِهِ ثَانِيًا، فَإِنَّهُ غَرَرٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْحَاضِرِ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا. وَذَكَرَ " غ " عَنْ الْقَبَّابِ أَنَّ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ إعْطَاءِ الْبَزَّارِ دِرْهَمًا لِيُعْطِيَهُ بِهِ أَبْزَارًا نَحْوَ فُلْفُلٍ فَيَجْعَلُ شَيْئًا فِي وَرَقَةٍ وَيَطْوِيهَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ حَزْرِهِ وَلَا رُؤْيَتِهِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ فَتَحَهُ وَرَآهُ جَازَ. وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ جَوَابِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ شَرْطَ الْجِزَافِ مُصَادَفَتُهُ فَلَا يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعْطِيَ الْفَوَّالَ أَوْ الْعَطَّارَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَك شَيْئًا جِزَافًا وَخُصُوصًا مَعَ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ وَعَدَمِ حَزْرِهِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَلَّالٍ وَمُعَاصِرُوهُ قَوْلَ الْقَبَّابِ، فَإِنْ فَتَحَهُ وَرَآهُ جَازَ بِأَنَّ فِيهِ جَزَفَ لِي وَاشْتَرَى مِنْك، وَقَدْ نَصَّ فِي الْبَيَانِ عَلَى مَنْعِهِ، قَالَ وَعِنْدِي أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْبَيَانِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ جَازَ. وَاسْتَثْنَى مِنْ وَإِنْ مِلْءَ ظَرْفٍ إلَخْ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَقَعَ بَيْعُ مِلْءِ ظَرْفٍ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ (فِي كَسَلَّةِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ، أَيْ إنَاءٍ مَضْفُورٍ مِنْ خَشَبٍ رَقِيقٍ أَوْ قَصَبٍ فَارِسِيٍّ لِ (تِينٍ) وَزَبِيبٍ وَقِرْبَةِ مَاءٍ وَجَرَّتِهِ وَرَاوِيَتِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِجَعْلِهِ كَالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ، فَيَجُوزُ بَيْعُ مِلْئِهِ فَارِغًا وَبَيْعُ مِلْئِهِ الْحَاضِرِ مَعَ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ. (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (عَصَافِيرَ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ (حَيَّةٍ بِقَفَصٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ فَلَا يُمْكِنُ حَزْرُهُ، وَمَفْهُومُ حَيَّةٍ جَوَازُ بَيْعِ الْمَذْبُوحَةِ جِزَافًا (وَهُوَ كَذَلِكَ) وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ (حَمَامِ) بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ (بُرْجٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ جِيمٌ بِنَاءً مِنْ قَوَادِيسَ لِسُكْنَى الْحَمَامِ لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ، فَإِنْ حَزَرَهُ جَازَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 480 وَثِيَابٍ وَنَقْدٍ، إنْ سُكَّ، وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، وَإِلَّا جَازَ ، فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ   [منح الجليل] قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الْبُرْجِ بِمَا فِيهِ، وَبَيْعَ جَمِيعِ مَا فِيهِ إذَا رَآهُ وَأَحَاطَ بِهِ مَعْرِفَةً وَحَزْرًا. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَا فِي الْبُرْجِ مِنْ حَمَامٍ أَوْ بَيْعِهِ بِحَمَامِهِ جِزَافًا وَالْمَنْعُ فِيهِمَا لِابْنِ نَافِعٍ فِي الْمَدَنِيَّةِ. الْحَطَّابُ وَرَجَّحَ فِي الشَّامِلِ الْجَوَازَ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (ثِيَابٍ) وَرَقِيقٍ وَدَوَابَّ وَنَحْوَهَا جِزَافًا لِقَصْدِ إفْرَادِهَا (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ جِزَافًا (إنْ سُكَّ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ صِيغَ بِالْكَيْفِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَخُتِمَ أَيْ النَّقْدُ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ (وَالتَّعَامُلُ) بِهِ بَيْنَ النَّاسِ (بِالْعَدَدِ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْوَزْنِ لِقَصْدِ إفْرَادِهِ، وَكَذَا فُلُوسُ النُّحَاسِ، الْمُتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا. قَالَ ابْنُ نَاجِي إنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَكَذَا الْجَوَاهِرُ الْكِبَارُ، وَخُصَّ النَّقْدُ لِكَثْرَةِ غَرَرِهِ لِحُصُولِهِ مِنْ جِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَجِهَةِ قَصْدِ الْآحَادِ وَلَا يُعَلَّلُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ لِئَلَّا تُرَدَّ الْجَوَاهِرُ الصِّغَارُ وَاللُّؤْلُؤُ وَنَحْوُهَا الَّتِي تُبَاعُ جِزَافًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّقْدُ مَسْكُوكًا سَوَاءٌ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا أَوْ كَانَ مَسْكُوكًا، وَإِنْ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ عَدَدًا بِأَنْ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا (جَازَ) بَيْعُهُ جِزَافًا لِعَدَمِ قَصْدِ آحَادِهِ. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ رُجُوعُ قَوْلِهِ وَإِلَّا لِلْقَيْدَيْنِ مَعًا، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ الشَّرْطَانِ بِأَنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ فَيَدْخُلُ تَحْتَ وَإِلَّا ثَلَاثُ صُوَرٍ، لَكِنْ يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ الْمَنْعُ. وَقَدْ يُقَالُ لِبُعْدِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَسْتَثْنِهَا عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ بَحَثَ فِي جَوَازِهِ فِي الْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا بِأَنَّ آحَادَهُ مَقْصُودَةٌ لِلرَّغْبَةِ فِي كَثْرَتِهَا لِسُهُولَةِ شِرَاءِ السِّلَعِ الْيَسِيرَةِ كَنِصْفِ دِرْهَمٍ وَرُبْعِهِ. وَأَفَادَ تَفْصِيلًا فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ فَقَالَ (فَإِنْ) تَبَايَعَا شَيْئًا جِزَافًا وَأَحَدُهُمَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ دُونَ الْآخَرِ ثُمَّ (عَلِمَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ جِزَافًا بَعْدَ الْبَيْعِ (بِعِلْمِ الْآخَرِ) حِينَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 481 بِقَدْرِهِ، خُيِّرَ وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَوَّلًا: فَسَدَ كَالْمُغَنِّيَةِ ، وَجِزَافِ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ، أَوْ أَرْضٍ وَجِزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِهِ ، لَا مَعَ حَبٍّ.   [منح الجليل] الْبَيْعِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ جِزَافًا (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثْقَلَةً غَيْرُ الْعَالِمِ بِقَدْرِهِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِقَدْرِهِ غَرَّهُ. ابْنُ رُشْدٍ مَا يُعَدُّ أَوْ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جِزَافًا إلَّا مَعَ اسْتِوَاءِ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي الْجَهْلِ بَعْدَمَا يُعَدُّ مِنْهُ وَوَزْنِ مَا يُوزَنُ وَكَيْلِ مَا يُكَالُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَلِمَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَهُ الْآخَرُ كَانَ الْعَالِمُ بِذَلِكَ قَدْ غَرَّ الْجَاهِلَ وَغَشَّهُ، فَإِذَا عَلِمَ عَدَدَ الْجَوْزِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ جِزَافًا وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ أَنَّهُ يُبَاعُ كَيْلًا لِمَعْرِفَةِ كَيْلِهِ بِمَعْرِفَةِ عَدَدِهِ. وَأَمَّا مَعْرِفَةُ عَدَدِ الْقِثَّاءِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا جِزَافًا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ وَزْنِهِ بِمَعْرِفَةِ عَدَدِهِ لِاخْتِلَافِهِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ بِخِلَافِ الْجَوْزِ الَّذِي يَقْرُبُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَهَذَا بَيِّنٌ اهـ. (وَإِنْ أَعْلَمَهُ) أَيْ الْعَالِمُ الْجَاهِلَ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِلْغَرَرِ وَالْخَطَرِ فَيُفْسَخُ وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ لِبَائِعِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ رُدَّتْ قِيمَتُهُ وَمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ وَفَاتَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ الْأَمَةِ (الْمُغَنِّيَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ النُّونِ مُشَدَّدَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُغَنِّيَةً لِاسْتِزَادَةِ ثَمَنِهَا فَهُوَ فَاسِدٌ، فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ خُيِّرَ فِي رَدِّهَا، وَإِنْ كَانَ لِلتَّبَرِّي فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَفْسُدُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُغَنِّي بِشَرْطِ غِنَاهُ لِلِاسْتِزَادَةِ، نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لَيْسَتْ شَرْعِيَّةَ عَدَمُ خَشْيَةِ تَعَلُّقِ الْقُلُوبِ بِهِ غَالِبًا. (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (جِزَافِ حَبٍّ) كَقَمْحٍ مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا (مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) أَيْ الْحَبِّ كَإِرْدَبٍّ لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ أَصْلِهِ (أَوْ) مَعَ مَكِيلِ (أَرْضٍ) وَنَحْوِهَا مِمَّا أَصْلُهُ الْبَيْعُ جِزَافًا لِخُرُوجِهِمَا مَعًا عَنْ أَصْلِهِمَا (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (جِزَافِ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ أَصْلِهِ (لَا) يُمْنَعُ بَيْعُ جِزَافِ أَرْضٍ (مَعَ مَكِيلِ حَبٍّ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 482 وَيَجُوزُ جُزَافَانِ ، وَمَكِيلَانِ، وَجِزَافٌ مَعَ عَرْضٍ، وَجُزَافَانِ عَلَى كَيْلٍ، إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ وَالصِّفَةُ ، وَلَا يُضَافُ لِجِزَافٍ عَلَى كَيْلٍ، غَيْرُهُ مُطْلَقًا   [منح الجليل] لِمَجِيءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَصْلِهِ (وَيَجُوزُ) أَنْ يُبَاعَ (جُزَافَانِ) صَفْقَةً وَاحِدَةً سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا أَنْ يُبَاعَا جِزَافًا أَوْ كَيْلًا، أَوْ أَحَدُهُمَا كَيْلًا وَالْآخَرُ جِزَافًا؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى جِزَافٍ وَاحِدٍ. (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ (مَكِيلَانِ) كَذَلِكَ صَفْقَةً وَاحِدَةً (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ (جِزَافٌ) عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يُضَافُ لِجِزَافٍ عَلَى كَيْلٍ إلَخْ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جِزَافًا كَقِطْعَةِ أَرْضٍ أَوْ كَيْلًا كَصُبْرَةِ حَبٍّ (مَعَ عَرْضٍ) لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا وَزْنًا كَرَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ (جُزَافَانِ) صَفْقَةً وَاحِدَةً (عَلَى كَيْلٍ إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) أَيْ ثَمَنُهُ كَبَيْعِ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ كُلُّ إرْدَبٍّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدِينَارٍ (وَ) اتَّحَدَتْ (الصِّفَةُ) لِلْجِزَافَيْنِ الْمَبِيعَيْنِ عَلَى كَيْلٍ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَجِزَافٍ وَاحِدٍ، وَاحْتُرِزَ بِاتِّحَادِ الْكَيْلِ مِنْ اخْتِلَافِهِ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةُ أَرَادِبَ بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَةٌ بِهِ، وَبِاتِّحَادِ الصِّفَةِ مِنْ اخْتِلَافِهَا كَصُبْرَةِ قَمْحٍ وَصُبْرَةِ شَعِيرٍ كُلٍّ مِنْهُمَا كُلُّ ثَلَاثَةِ أَرَادِبَ مِنْهَا بِدِينَارٍ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ مَعَ الِاخْتِلَافِ أَنَّهُ جِزَافٌ عَلَى كَيْلٍ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْأَظْهَرُ إنْ اتَّحَدَتْ الصِّفَةُ وَثَمَنُ الْكَيْلِ. (وَلَا يُضَافُ لِجِزَافٍ) بَيْعٌ (عَلَى كَيْلٍ) كَصُبْرَةِ قَمْحٍ كُلُّ إرْدَبٍّ مِنْهَا بِدِرْهَمٍ (غَيْرُهُ) أَيْ الْجِزَافِ كَسِلْعَةِ كَذَا بِدُونِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا وَثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ لِجَهْلِ مَا يَخُصُّهَا مِنْهُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِ السِّلْعَةِ بِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْجِزَافِ لَا يُقَالُ الْجِزَافُ عَلَى كَيْلٍ مَعَ مَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ مِنْ بَيْعِ مَكِيلَيْنِ وَهُوَ جَائِزٌ،؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْجِزَافُ عَلَى كَيْلٍ لَيْسَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَكِيلِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ جِزَافًا عَلَى كَيْلٍ بِأَرْضِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى كَيْلٍ أَيْ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ فَلَا يُضَافُ الْجِزَافُ عَلَى وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ أَوْ ذَرْعِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 483 وَجَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ وَالصِّوَانِ ؛ وَعَلَى الْبَرْنَامَجِ   [منح الجليل] وَقَالَ الْقَبَّابُ أَصْلُ اللَّبَنِ الْكَيْلُ وَأَصْلُ الزُّبْدِ الْوَزْنُ فَلَا تُبَاعُ قِرْبَةُ لَبَنٍ جِزَافًا مَعَ رِطْلِ زُبْدٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَمْعِ الْجِزَافِ، وَمَا فِي حُكْمِ الْمَكِيلِ إذْ الْمَوْزُونُ كَالْمَكِيلِ، وَلَا أَنْ تُبَاعَ الْقِرْبَةُ بِزُبْدِهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ رِطْلٍ مِنْ زُبْدِهَا بِكَذَا؛ لِأَنَّهُ جِزَافٌ عَلَى وَزْنٍ مَعَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا شِرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا جِزَافًا فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا جِزَافَانِ. (وَجَازَ) الْبَيْعُ الَّذِي عُلِمَ وَصْفُ مَبِيعِهِ (بِرُؤْيَةِ بَعْضِ) الْمَبِيعِ (الْمِثْلِيِّ) أَيْ الَّذِي يُكَالُ كَقَمْحٍ أَوْ يُوزَنُ كَقُطْنٍ أَوْ يُعَدُّ كَبَيْضٍ، وَاحْتُرِزَ بِالْمِثْلِيِّ عَنْ الْمُقَوَّمِ فَلَا تَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ مُشَارَكَةُ الْمُقَوَّمِ الْمِثْلِيَّ. (وَ) جَازَ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ (الصِّوَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا وَخِفَّةِ الْوَاوِ أَيْ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ رُمَّانٍ وَبَيْضٍ وَبِطِّيخٍ، وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَإِنْ لَمْ يُكْسَرْ شَيْءٌ مِنْهُ لِيَرَى مَا بِدَاخِلِهِ، وَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إذَا خَرَجَ الْبَاقِي مُخَالِفًا قَلِيلًا بِمَا لَا يَنْفَكُّ كَمَا يَأْتِي وَإِلَّا خُيِّرَ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّمَا يَلْزَمُ الْبَاقِي الْمُوَافِقَ لَا، وَلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ مَعِيبًا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت الْبَاقِيَ سَلِيمًا فَاغْتَفَرْت عَيْبَ الْأَوَّلِ الَّذِي رَأَيْته. اهـ. وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي الْأَوَّلِ وَتَغْلِبُ السَّلَامَةُ مِنْهُ فِي الْبَاقِي كَسَوَادٍ بِأَعْلَى مَطْمُورَةٍ، وَأَمَّا الْعَيْبُ الَّذِي لَا يَحْدُثُ فِي الْأَوَّلِ إلَّا وَيَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي الْبَاقِي كَسُوسٍ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَهُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ وُجُودِهِ فِي الْأَوَّلِ. (وَ) جَازَ بَيْعُ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ فِي عِدْلٍ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَعَ الِاعْتِمَادِ فِي مَعْرِفَتِهَا (عَلَى) رُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعِ مَا كَتَبَ فِي (الْبَرْنَامِجِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا نُونٌ وَكَسْرِ الْمِيمِ آخِرُهُ جِيمٌ اسْمُ جِنْسٍ أَعْجَمِيٌّ مَعْنَاهُ الدَّفْتَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا حَفِظَ مَا فِي الْعِدْلِ وَوَصَفَهُ لِلْمُشْتَرِي كَفَى عَنْ الْبَرْنَامَجِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ مَطْوِيٍّ كَسَاجٍ مُدْرَجٍ وَهُوَ الطَّيْلَسَانُ. وَقِيلَ الثَّوْبُ الرَّفِيعُ عَلَى الصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ نَشْرِهِ وَتَقْلِيبِهِ مَعَ إمْكَانِهِ بِلَا ضَرَرٍ غَرَرٌ كَثِيرٌ قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَيْ الْعِدْلِ وَالثَّوْبِ عَمَلُ الْمَاضِينَ، فَإِنْ كَانَ فِي نَشْرِهِ إفْسَادٌ لَهُ إذَا لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ كَمَا فِي الْعِدْلِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 484 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَإِنْ بَاعَ عِدْلًا عَلَى الْبَرْنَامَجِ عِدَّةُ مَا فِيهِ خَمْسُونَ فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي أَحَدًا وَخَمْسِينَ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ صِفَةً وَثَمَنًا رَدَّ لِلْبَائِعِ وَاحِدًا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ كَخَمْسَةِ أَصْنَافٍ كُلُّ صِنْفٍ عَشَرَةٌ وَوَجَدَ وَاحِدًا زَائِدًا فِي صِنْفٍ مِنْهَا كَانَ الْبَائِعُ شَرِيكًا لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْهُ. وَإِنْ اتَّفَقَتْ صِفَاتُهَا وَاخْتَلَفَ ثَمَنُهَا لِاخْتِلَافِهَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَانَ شَرِيكًا بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا رَوَاهُ الْأَخَوَانِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَوْنَهُ شَرِيكًا بِجُزْءٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ جُزْءًا، وَغَلَّطَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَاعْتَذَرَ ابْنُ اللَّبَّادِ عَنْهُ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَدْخَلَ اللِّفَافَةَ فِي الْعَدَدِ وَلَمْ يَرْضَهُ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الثِّيَابِ، وَلِأَنَّهَا مُلْغَاةٌ لِلْمُشْتَرِي كَحِبَالِ الشَّدِّ فِيهَا. وَمَنْ اشْتَرَى عِدْلًا بِبَرْنَامَجِهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ خَمْسِينَ ثَوْبًا فَوَجَدَهُ فِيهِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَكُونُ الْبَائِعُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي الثِّيَابِ بِجُزْءٍ مِنْ وَاحِدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ الثِّيَابِ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَرُدُّ ثَوْبًا مِنْهَا كَيْفَ وَجَدَهُ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَعْجَبُ إلَيَّ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَ ثَمَنُهَا. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا اتَّفَقَ. لَكِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلَ أَعْجَبُ إلَيَّ يَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ. عِيَاضٌ فِي كَوْنِهِمَا خِلَافًا أَوْ وِفَاقًا قَوْلَا الْأَكْثَرِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَعْجَبُ إلَيَّ وَالْأَقَلُّ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ اهـ وَهَذَا يَجْرِي أَيْضًا فِي وُجُودِ الزَّائِدِ فِي صِنْفٍ مِنْ أَصْنَافٍ، وَقَوْلُهَا يَرُدُّ ثَوْبًا مِنْهَا. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَرُدُّ ثَوْبًا مِنْ أَوْسَطِهَا وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ أَيَّ ثَوْبٍ شَاءَ لِقَوْلِهِ يَرُدُّ ثَوْبًا كَيْفَ وَجَدَهُ فَإِنْ وَجَدَ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ وُضِعَ مِنْ ثَمَنِهَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ، وَإِنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْبَيْعِ، وَنَصُّهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ وَجَدَ فِيهِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَوْبًا وُضِعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا. قِيلَ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ أَرْبَعِينَ ثَوْبًا قَالَ إنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 485 وَمِنْ الْأَعْمَى ، وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدُهَا ، وَحَلَفَ مُدَّعٍ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَنَّ مُوَافَقَتَهُ لِلْمَكْتُوبِ   [منح الجليل] وَجَدَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مَا سَمَّى لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذٌ وَرَدَّ بِهِ الْبَيْعَ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ كَثُرَ النَّقْصُ يُرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ اهـ. (وَ) جَازَ بَيْعُ غَيْرِ الْجِزَافِ (مِنْ) الشَّخْصِ (الْأَعْمَى) أَيْ لَهُ هَذَا هُوَ الَّذِي يُتَوَهَّمُ عَدَمُ جَوَازِهِ. وَأَمَّا بَيْعُهُ مَا مَلَكَهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ مَنْعُهُ. وَقَالَ " د " وَجَازَ الْعَقْلُ فَشَمِلَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَحَقِيقَةُ الْأَعْمَى مَنْ وُلِدَ بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ. وَأَمَّا مَنْ وُلِدَ غَيْرَ بَصِيرٍ فَهُوَ أَكْمَهُ وَلَكِنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ يُمْنَعُ الْبَيْعُ لِمَنْ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِ الْأَلْوَانِ، وَالْخِلَافُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ، وَأَمَّا الْمَشْمُومُ كَمِسْكٍ وَالْمَذُوقُ كَعَسَلٍ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَعْمَى أَخْرَسَ أَصَمَّ وَإِلَّا مُنِعَتْ مُعَامَلَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ إلَّا مِنْ وَلِيِّهِ الْمُجْبَرِ. (وَ) جَازَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ الْمُعْتَمَدُ فِي مَعْرِفَةِ مَبِيعِهِ (بِرُؤْيَةٍ) سَابِقَةٍ عَلَى وَقْتِ الْعَقْدِ (لَا يَتَغَيَّرُ) الْمَبِيعُ (بَعْدَهَا) إلَى حِينِ الْعَقْدِ عَادَةً وَلَوْ حَضَرَ فِي الْبَلَدِ أَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا عَادَةً فَلَا يَجُوزُ بَتًّا، وَيَجُوزُ عَلَى شَرْطِ خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ (وَ) إنْ بِيعَ مَا فِي عِدْلٍ عَلَى الْبَرْنَامَجِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ وَغَابَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَتَى بِثِيَابٍ وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا فِي الْعِدْلِ وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا كُتِبَ فِي الْبَرْنَامَجِ الَّذِي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ضَاعَ الْبَرْنَامَجُ أَوْ بَقِيَ، وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيَّرَ مَا وَجَدَهُ فِي الْعِدْلِ، وَأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْبَرْنَامَجِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَ (حَلَفَ) أَيْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ مَا فِي الْعِدْلِ مُوَافِقٌ لِمَا كُتِبَ فِي الْبَرْنَامَجِ (لِبَيْعِ) أَيْ فِي صُورَةِ بَيْعِ مَا كَتَبَ صِفَاتِهِ (بَرْنَامِجَ) وَمَعْمُولُ حَلَفَ (أَنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ مَا وَجَدَ فِي الْعِدْلِ مِنْ نَحْوِ الثِّيَابِ (لِلْمَكْتُوبِ) فِي الْبَرْنَامَجِ ثَابِتَةٌ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يُغَيِّرُ مَا وَجَدَهُ فِي الْعِدْلِ. فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا أَتَى بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَجِدُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ يُقَلِّبُ وَيَنْظُرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 486 وَعَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ ، وَبَقَاءِ الصِّفَةِ، إنْ شَكَّ ، وَغَائِبٍ وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ   [منح الجليل] وَ) إنْ دَفَعَ شَخْصٌ لِآخَرَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ صَرْفًا أَوْ ثَمَنَ سِلْعَةٍ أَوْ قَضَاءَ دَيْنٍ أَوْ سَلَفًا وَقَبَضَهَا الْمَدْفُوعُ لَهُ مُصَدِّقًا دَافِعَهَا فِي عَدَدِهَا وَجَوْدَتِهَا وَغَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ رَدَّهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ رَدِيئًا أَوْ نَاقِصَ وَزْنٍ، أَوْ أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةَ عَدَدٍ وَأَنْكَرَ دَافِعُهَا ذَلِكَ حَلَفَ دَافِعٌ مُدَّعٍ (عَدَمَ دَفْعٍ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ) أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا جَيِّدًا فِي عِلْمِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا أَتَى بِهِ الْقَابِضُ مِنْ نَقْدِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ كَحَلِفٍ عَلَى عَدَمِ نَقْصِ الْعَدَدِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ قَابِضُهَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ. فَإِنْ حَلَفَ فَيَلْزَمُ الدَّافِعَ إتْمَامُ الْعَدَدِ وَإِبْدَالُ مَا اتَّفَقَ النُّقَّادُ عَلَى رَدَاءَتِهِ لَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهَا وَإِنْ كَانَ قَبَضَهَا غَيْرَ مُصَدِّقٍ دَافِعَهَا فِي عَدَدِهَا وَجَوْدَتِهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُ قَابِضِهَا بِيَمِينِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ قَبْضِهَا عَلَى التَّصْدِيقِ أَوْ عَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ دَافِعِهَا بِيَمِينِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي جَوْدَةِ نَقْدٍ أَرَادَ دَافِعُهُ قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ فَلَا يَلْزَمُ. الْمَدْفُوعَ لَهُ قَبُولُهُ. (وَ) إنْ بِيعَ شَيْءٌ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ الْمَبِيعُ بَعْدَهَا عَادَةً وَقَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ ظَانًّا بَقَاءَهُ عَلَى صِفَتِهِ الَّتِي رَآهُ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَادَّعَى بَقَاءَهُ بِصِفَتِهِ الَّتِي رَآهُ بِهَا (حَلَفَ) الْبَائِعُ (عَلَى بَقَاءِ الصِّفَةِ) الَّتِي رَآهُ الْمُشْتَرِي بِهَا (إنْ شُكَّ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شَكَّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ هَلْ يَتَغَيَّرُ فِيمَا بَيْنَ رُؤْيَتِهِ وَقَبْضِهِ أَمْ لَا، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَقَدْ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ الْعَقْدِ بِمَا يُمْكِنُ التَّغَيُّرُ فِيهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُ الرُّؤْيَةِ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ، فَإِنْ قُطِعَ بِعَدَمِ التَّغَيُّرِ بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ قُطِعَ بِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَلِكَ، وَتَرْجِيحُ قَوْلِ أَحَدِهِمَا كَالْقَطْعِ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ إنْ شُكَّ قَالَهُ عج. وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ يَحْلِفُ الْمُرَجِّحُ قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ. (وَ) جَازَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ (غَائِبٍ) عَنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ مَعْرُوفٌ بِوَصْفٍ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 487 عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ   [منح الجليل] لِنَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ (عَلَى شَرْطِ خِيَارِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ (بِالرُّؤْيَةِ) لِلْمَبِيعِ لَا عَلَى اللُّزُومِ أَوْ السُّكُوتِ فَيَفْسُدُ لِلْجَهْلِ بِالْمَبِيعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرٌ سَلَمُهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ جِنْسِ السِّلْعَةِ أَهِيَ ثَوْبٌ أَوْ عَبْدٌ مَثَلًا، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَ هَذَا فِي التَّوْلِيَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ فِي هَذَا. الْحَطّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالتَّوْلِيَةِ فَاغْتَفَرَهُ فِي التَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جِنْسِهَا فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ نَقَلَ نَصَّ سَلَمِهَا وَسَلَّمَهُ لَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ مَا نُقِلَ عَنْ سَلَمِهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عِنْدَ فَقْدِ الْوَصْفِ وَالرُّؤْيَةِ تَسْتَوِي التَّوْلِيَةُ وَالْبَيْعُ فِي الْمَنْعِ عَلَى الْإِلْزَامِ، وَالْجَوَازُ عَلَى خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْرِقَةِ أَصْلًا، وَنَصُّ مَا نَقَلَ عَنْ سَلَمِهَا وَإِذَا اشْتَرَيْت سِلْعَةً ثُمَّ وَلَّيْتهَا رَجُلًا وَلَمْ تُسَمِّهَا لَهُ وَلَا ثَمَنَهَا أَوْ سَمَّيْت أَحَدَهُمَا، فَإِنْ كُنْت أَلْزَمْته إيَّاهَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ إلْزَامٍ جَازَ. وَأَمَّا إنْ بِعْت مِنْهُ عَبْدًا فِي بَيْتِك بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ تَصِفْهُ لَهُ وَلَا رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَلَا يَكُونُ الْمُبْتَاعُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إذَا نَظَرَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فِيهِ عَلَى الْإِيجَابِ وَالْمُكَايَسَةِ، وَلَوْ كُنْت جَعَلْته عَلَى الْخِيَارِ إذَا نَظَرَهُ جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُكَايَسَةِ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ ظُهُورَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي بَيْعِ الْغَائِبِ تِسْعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ أَوْ بِدُونِهِمَا، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى خِيَارٍ أَوْ بَتٍّ أَوْ سُكُوتٍ، وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إلَّا اثْنَتَيْنِ وَهُمَا الْبَتُّ وَالسُّكُوتُ فِيمَا بِيعَ بِدُونِهِمَا، فَقَوْلُهُ أَوْ غَائِبٍ أَيْ عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ بَتًّا أَوْ خِيَارًا أَوْ سُكُونًا، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ قُيِّدَ فِيمَا بَعْدُ وَلَوْ فَقَطْ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 488 أَوْ عَلَى يَوْمٍ أَوْ وَصَفَهُ غَيْرُ بَائِعِهِ، إنْ لَمْ يَبْعُدْ: كَخُرَاسَانَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ،   [منح الجليل] الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَزَاهُ لَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَائِبَ لَا يُبَاعُ إلَّا عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَفِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلُهُ وَهُوَ قَوْلُهَا فِي بَيْعِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ الْغَائِبَةِ لَا تُبَاعُ إلَّا بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ اهـ. وَعَطَفَ عَلَى بِلَا وَصْفٍ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ غَائِبٌ (عَلَى يَوْمٍ) ذَهَابًا فَقَطْ، فَيَجُوزُ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ رَدًّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ مَا عَلَى يَوْمٍ فَدُوِّنَ كَالْحَاضِرِ فِي امْتِنَاعِ بَيْعِهِ بِالصِّفَةِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ. وَاعْتَرَضَ الْحَطّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ لَا يُبَاعُ بِالصِّفَةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ حَاضِرَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا مَا فِي فَتْحِهِ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ وَغَيْرُ حَاضِرِ مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَجُوزُ بِالصِّفَةِ وَلَوْ بِالْبَلَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ خَمْسَةِ مَوَاضِعَ. قُلْت هَذَا تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَعَطَفَ عَلَى وَصْفٍ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ غَائِبٍ بِالصِّفَةِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ، بَلْ وَلَوْ بِلَا (وَصَفَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ (غَيْرُ بَائِعِهِ) بِأَنْ وَصَفَهُ بَائِعُهُ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ غَائِبٍ بِوَصْفِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَجَاوَزُ فِي صِفَاتِهِ لِتَنْفِيقِ سِلْعَتِهِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) الْغَائِبُ الْمَبِيعُ بَتًّا أَوْ رُؤْيَةً مُتَقَدِّمَةً، فَإِنْ بَعُدَ فَلَا يَجُوزُ أَمَّا الْمَبِيعُ بِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِدُونِهِمَا كَذَلِكَ فَيَجُوزُ وَلَوْ بَعُدَ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَا بِيعَ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بَعْدَهَا وَأَنْ لَا يَبْعُدَ وَمَا بِيعَ بِصِفَةٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَبْعُدَ، وَأَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُشْتَرَطُ فِي قُرْبٍ وَلَا عَدَمِ تَغَيُّرٍ. وَمَثَّلَ لِلْبَعِيدِ فَقَالَ فَإِنْ بَعُدَ (كَخُرَاسَانَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَإِهْمَالِ السِّينِ مَدِينَةٌ بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ (مِنْ إفْرِيقِيَّةَ) بِتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِهَا مَدِينَةٌ بِوَسَطِ الْمَغْرِبِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 489 وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ ، وَالنَّقْدُ فِيهِ وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ   [منح الجليل] فَلَا يَجُوزُ، وَعَطَفَ عَلَى لَمْ يَبْعُدْ فَقَالَ (وَ) إنْ (لَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِالصِّفَةِ بِاللُّزُومِ (بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ أَمْكَنَتْ بِمَشَقَّةٍ كَالْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ أَمْكَنَتْ بِلَا مَشَقَّةٍ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَحَلِّ الْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ، وَإِنْ غَابَ عَنْهُ جَازَ بَيْعُهُ بِهَا، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِلْحَطِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. (وَ) جَازَ (النَّقْدُ) أَيْ تَعْجِيلُ دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ تَطَوُّعًا بِلَا شَرْطٍ (فِيهِ) أَيْ بَيْعُ الْغَائِبِ عَلَى اللُّزُومِ عَقَارًا كَانَ الْمَبِيعُ أَوْ غَيْرَهُ لَا عَلَى الْخِيَارِ الْمُبَوَّبِ لَهُ أَوْ الِاخْتِيَارِ فَيُمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا (وَ) جَازَ النَّقْدُ (مَعَ الشَّرْطِ) مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَأَوْلَى بِلَا شَرْطٍ (فِي) بَيْعِ (الْعَقَارِ) عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفِ غَيْرِ بَائِعِهِ وَإِنْ بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْرِعُ تَغَيُّرُهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِوَصْفِ بَائِعِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا. فِي ضَيْح إنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَمْ يَشْتَرِهِ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ، وَنَحْوُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَيَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِبَيْعِ الْعَقَارِ جِزَافًا فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً فَلَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ. الْحَطّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ. وَأَمَّا الدَّارُ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَرْعِهَا كَمَا يَأْتِي وَذَرْعُهَا كَصِفَةٍ لَهَا. طفي الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ هَذَا، وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ بِدَلِيلِ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ جَوَازَ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ. قَوْلُ الْحَطّ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَرْعِهَا هَكَذَا فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَبَيَّنَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا بُدَّ فِي وَصْفِهَا مِنْ تَسْمِيَةِ ذَرْعِهَا بِأَنْ يُقَالَ الدَّارُ الَّتِي فِي بَلَدِ كَذَا بِمَوْضِعِ كَذَا، وَحْدَهَا كَذَا وَصِفَتُهَا كَذَا، وَذَرْعُ سَاحَتِهَا فِي الطُّولِ كَذَا وَفِي الْعَرْضِ كَذَا، وَطُولُ بَيْتِهَا كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ مَسَاكِنِهَا وَمَنَافِعِهَا بِالصِّفَةِ وَالذَّرْعِ، وَلَوْ ذَكَرَ صِفَتَهَا وَاكْتَفَى عَنْ تَذْرِيعِهَا بِأَنْ يَقُولَ فِيهَا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا لَجَازَ ذَلِكَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَلَى الصِّفَةِ إلَّا كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا مَا بَلَغَتْ، بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ أَيْ الدَّارَ وَوَقَفَ عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 490 وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ: كَالْيَوْمَيْنِ، وَضَمِنَهُ بَائِعُ، إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ مُنَازَعَةٍ   [منح الجليل] عَلَى الصِّفَةِ كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا دُونَ أَنْ يَرَاهَا وَكَالصُّبْرَةِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا كُلُّ قَفِيزٍ بِكَذَا دُونَ أَنْ يَرَاهَا اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ بَيَّنَهُ مُعْتَمِدًا لَهُ، وَعَادَتُهُ فِي الْبَيَانِ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ نَبَّهَ عَلَيْهِ، وَلِذَا اعْتَمَدَهُ الْحَطّ وَمَنْ تَبِعَهُ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ إذَا بَاعَ مِنْهُ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ أَوْ الْخَشَبَةَ أَوْ الشُّقَّةَ عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَشْتَرِي مِنْك كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَإِنْ وُجِدَ أَكْثَرَ كَانَ الْبَائِعُ شَرِيكًا، وَإِنْ وُجِدَ أَقَلَّ كَانَ مَا نَقَصَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَقِّ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَزِمَهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي بَيْنَ أَخْذِهِ بِمَا يَنُوبُهُ أَوْ رَدِّهِ. وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الصِّفَةِ لِلْمَبِيعِ، فَإِنْ وُجِدَ أَكْثَرَ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ وَإِنْ وُجِدَ أَقَلَّ كَانَ الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ وَالْقَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. (وَضَمِنَهُ) أَيْ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ غَائِبًا جِزَافًا وَأَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا (الْمُشْتَرِي) بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا، فَفِي ضَيْح بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي ضَمَانِ الْعَقَارِ هَذَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَإِنْ بِيعَتْ الدَّارُ مُذَارَعَةً فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا إشْكَالٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ كَانَ دَارًا عَلَى مُذَارَعَةٍ أَوْ نَخْلًا عَلَى عَدَدِهَا فَفِي كَوْنِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ رِوَايَةُ الْمَازِرِيِّ، وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ الْأَخَوَيْنِ فَخَرَّجَهُمَا عَلَى أَنَّ الذَّرْعَ وَالْعَدَّ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَوْ مُجَرَّدُ صِفَةٍ اهـ. وَعَطَفَ عَلَى الْعَقَارِ فَقَالَ (وَ) جَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ غَائِبًا (إنْ قَرُبَ) مَحَلُّهُ (كَالْيَوْمَيْنِ) ذَهَابًا وَبِيعَ عُلِمَ اللُّزُومُ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ أَوْ بِوَصْفِ غَيْرِ بَائِعِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (وَضَمِنَهُ) أَيْ غَيْرَ الْعَقَارِ الْمَبِيعَ غَائِبًا بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا (بَائِعٌ إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ بَائِعِ غَيْرِ الْعَقَارِ أَنَّ ضَمَانَهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ (أَوْ مُنَازَعَةٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ غَائِبًا بَاقِيًا أَوْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 491 وَقَبْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي : وَحُرِّمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ: رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ   [منح الجليل] هَالِكًا سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا فَضَمَانُهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ ضَمَانِهِ عَنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ، فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ قَالَهُ جَدّ عج وَتَبِعَهُ " د "، وَقَالَ غَيْرُهُ إلَّا لِشَرْطٍ رَاجِعٍ لَهُمَا وَاسْتَشْكَلَهُ فِي ضَيْح بِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الضَّمَانِ إلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مَا لَزِمَهُ عَلَى قَوْلٍ وَحَاصِلُهُ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ اهـ. (وَقَبْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ الْغَائِبِ غَيْرَ الْعَقَارِ أَيْ الْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) وَشَرْطُهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهِ مِنْهُ يَفْسُدُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ فِي إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً غَائِبَةً بِعَيْنِهَا وَهُوَ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهَا بِمَوْضِعِهِ لَا خَيْرَ فِيهِ لِلضَّمَانِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَنِ وَقَعَ لِلضَّمَانِ وَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ مِنْ جَوَازِ شَرْطِ الضَّمَانِ عَلَى الْبَائِعِ فِي الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لَا فِي مُدَّةِ إيصَالِهِ. اللَّخْمِيُّ الْإِتْيَانُ بِالْغَائِبِ عَلَى مُبْتَاعِهِ وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ ضَمَانِهِ يُفْسِدُ بَيْعَهُ وَضَمَانَهُ فِي وُصُولِهِ مِنْ بَائِعِهِ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ فِي إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ جَازَ وَكَانَ بَيْعًا وَإِجَارَةً. (وَحَرُمَ فِي) بَيْعِ (نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِنَقْدٍ (وَ) فِي بَيْعِ (طَعَامٍ) بِطَعَامٍ (رِبًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ مَقْصُورًا (فَضْلٍ) أَيْ زِيَادَةٍ (وَ) رِبَا (نَسَاءٍ) بِفَتْحِ النُّونِ مَمْدُودًا، أَيْ تَأْخِيرٍ وَإِضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ، وَدَلِيلُ حُرْمَةِ رِبَا الْفَضْلِ فِي النَّقْدِ خَبَرُ «لَا تُشِفُّوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ» ، بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُثْقَلَةً، أَيْ لَا تُفَضِّلُوا. وَحُرْمَةُ رِبَا النَّسَاءِ فِيهِ خَبَرُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبَا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ» . بِالْمَدِّ أَشْهَرُ مِنْ الْقَصْرِ، وَتُفْتَحُ الْهَمْزَةُ حَالَ الْمَدِّ وَكَسْرُهَا لُغَةٌ وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ أَصْلُهُ هَاكَ أُبْدِلَتْ الْكَافُ هَمْزَةً. وَدَلِيلُ حُرْمَتِهِمَا فِي الطَّعَامِ وَفِي النَّقْدِ خَبَرُ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَسَوَاءً بِسَوَاءٍ وَيَدًا بِيَدٍ، فَإِذْ اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 492 لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا   [منح الجليل] كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ تَقَابُضًا أَيْ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الْمَطْعُومِيَّةِ وَالنَّقْدِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالنَّقْدِ مَعَ التَّأْخِيرِ. وَاعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِثَلَاثَةِ أُمُورٍ، الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ نَقْدٌ يُوهِمُ قَصْرَ حُرْمَةِ الرِّبَا عَلَى الْمَسْكُوكِ لِاخْتِصَاصِ النَّقْدِ بِهِ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي التِّبْرِ وَالْمَصُوغِ وَالْمَكْسُورِ أَيْضًا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ النَّقْدِ بِالْمَسْكُوكِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَعُمُّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَنَقْدٌ إنْ سُكَّ، وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ غَابَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَوْ سُكَّ. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ رِبَا فَضْلٍ يَشْمَلُ فَضْلَ الصِّفَةِ وَالْحُرْمَةِ خَاصَّةً بِزِيَادَةِ الْقَدْرِ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْوَزْنِ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي وَجَازَ قَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلُ صِفَةً إلَخْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ هُنَا الْفَضْلُ فِي الْقَدْرِ دُونَ الصِّفَةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُ النَّقْدَ مُطْلَقًا وَالطَّعَامَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْهُمَا، وَيَجُوزُ فِيمَا اخْتَلَفَ جِنْسُهُ فِيهِمَا يَدًا بِيَدٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا كَالتَّرْجَمَةِ لِمَا بَعْدَهُ فَهَذَا مُجْمَلٌ وَالْآتِي تَفْصِيلٌ لَهُ. (لَا) يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ (دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ) بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ بِاحْتِمَالِ رَغْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي دِينَارِ الْآخَرِ فَيُقَابِلُهُ بِدِينَارِهِ وَبَعْضِ دِرْهَمِهِ، وَيَصِيرُ بَاقِي دِرْهَمِهِ فِي مُقَابَلَةِ دِرْهَمِ الْآخَرِ وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَالْفَضْلُ الْمُتَوَهَّمُ كَالْفَضْلِ الْمُحَقَّقِ. ابْنُ شَاسٍ تَوَهُّمُ الرِّبَا كَتَحَقُّقِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ نَوْعِهِ أَوْ سِلْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْقَصْدَ إلَى التَّفَاضُلِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا (أَوْ) أَنْ يُبَاعَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ كَشَاةٍ وَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ (بِمِثْلِهِمَا) أَيْ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَشَاةٍ وَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِثَالِ الثَّانِي فَأَوْلَى بِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُمَا مِنْ جِنْسِهِمَا لِتَحَقُّقِ الْفَضْلِ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَيْعَ دِينَارٍ وَثَوْبٍ بِدِينَارَيْنِ لِلْفَضْلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ تَتَقَسَّطُ مَعَ دِينَارِهَا عَلَى الدِّينَارَيْنِ فَيُصِيبُ كُلُّ دِينَارٍ نِصْفَيْهِمَا، وَرُبَّمَا كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 493 وَمُؤَخَّرٌ وَلَوْ قَرِيبًا، أَوْ غَلَبَةٍ ، أَوْ عَقَدَ، وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ   [منح الجليل] أَوْ أَقَلَّ فَيُقَابِلُ نِصْفُهَا أَكْثَرَ الدِّينَارِ أَوْ أَقَلَّهُ، وَيُقَابِلُ نِصْفُ الدِّينَارِ الَّذِي مَعَهَا أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَلِهَذَا مَنَعَهَا الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالذَّرَائِعِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٌ لِفَرْضِهَا فِي بَيْعِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٌ بِدِرْهَمَيْنِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَجَازَ هُوَ وَالشَّافِعِيُّ دِينَارًا وَدِرْهَمًا بِمِثْلِهِمَا فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنَعَ الصُّورَتَيْنِ، وَأَجَازَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَهُمَا. (وَ) حَرُمَ صَرْفُ (مُؤَخَّرٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً عَوَّضَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ طَوِيلًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَرِيبًا) مَعَ فُرْقَةِ بَدَنٍ لِقَوْلِ سَنَدٍ إذَا تَصَارَفَا فِي مَجْلِسٍ وَتَقَايَضَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ، وَأَمَّا التَّأْخِيرُ الْيَسِيرُ بِدُونِ فُرْقَةِ بَدَنٍ كَأَنْ تَصَرَّفَ مِنْهُ دِينَارًا فَيُدْخِلُهُ تَابُوتَه ثُمَّ يُخْرِجُ الدَّرَاهِمَ وَكَأَنْ تَصَرَّفَ مِنْهُ الدِّينَارَ فَيَمْشِي إلَى حَانُوتٍ أَوْ حَانُوتَيْنِ لِتَقْلِيبِهِ فِيهِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَتُهُ وَمَذْهَبُ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ جَوَازُهُ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ وُجُودِ قَوْلٍ بِمَنْعِهِ قَالَهُ الْحَطّ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ، وَإِنْ دَخَلَا عَلَى التَّأْخِيرِ فَسَدَ الصَّرْفُ وَلَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ شَيْءٌ. (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) أَيْ وَحَرُمَ صَرْفُ الْمُؤَخَّرِ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِلْعِوَضَيْنِ أَوْ بَعْضِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضِهِ اخْتِيَارًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهُمَا غَلَبَةً بِحَيْلُولَةِ سَيْلٍ أَوْ نَارٍ أَوْ عَدُوٍّ بَيْنَهُمَا قَبْلِ قَبْضِهِمَا، فَإِنْ تَأَخَّرَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا غَلَبَةً مَضَى الصَّرْفُ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ، وَاخْتُلِفَ فِي مُضِيِّ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّأْخِيرُ فَالْأَقْسَامُ أَرْبَعَةٌ، التَّأْخِيرُ اخْتِيَارًا لِلْكُلِّ أَوْ لِلْبَعْضِ، وَالتَّأْخِيرُ غَلَبَةً، كَذَلِكَ وَكُرِهَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إدْخَالُ صَيْرَفِيٍّ دِينَارًا أُعْطِيَ لَهُ لِيَصْرِفَهُ فِي تَابُوتِهِ أَوْ خَلْطِهِ ثُمَّ يُخْرِجَ الْفِضَّةَ وَيَدْعُهُ حَتَّى يَزِنَ الْفِضَّةَ فَيَأْخُذَ وَيُعْطِيَ وَأَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا. (أَوْ عَقَدَ) شَخْصٌ الصَّرْفَ (وَوَكَّلَ) بِشَدِّ الْكَافِ غَيْرَهُ (فِي الْقَبْضِ) فَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّأْخِيرِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فَيَجُوزُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ شُهِرَ فِي الشَّامِلِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 494 أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ ، أَوْ نَقْدَاهُمَا   [منح الجليل] مَنْعُهُ وَعَكْسُ صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَّلَ فِي عَقْدِ الصَّرْفِ وَقَبَضَ الْمُوَكِّلُ بِنَفْسِهِ حُكْمُهُ الْمَنْعُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ الَّذِي عَقَدَ الصَّرْفَ فِيهَا إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَصْرِفُ لَك دِينَارًا، فَلَمَّا صَرَفَهُ أَتَيْته قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ فَأَمَرَك بِالْقَبْضِ، وَقَامَ فَذَهَبَ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَصْرِفَ ثُمَّ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ، وَلَكِنْ يُوَكِّلُ مَنْ يَصْرِفُ لَهُ وَيَقْبِضُ لَهُ. اهـ. وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ ذَهَبَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا جَازَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ مَا عَقَدَهُ بِحَضْرَتِهِ فَطَرِيقَانِ. ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ لَا يَفْسُدُ زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ وَيُكْرَهُ. الْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ. أَشْهَبُ لَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ. ابْنُ وَهْبٍ لَا بَأْسَ بِهِ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اشْتِرَاطَ كَوْنِ الْعَاقِدِ هُوَ الْقَابِضُ، وَإِذَا كَانَ دِينَارًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَصَرَفَا مَعًا، ثُمَّ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ فِي الْقَبْضِ وَذَهَبَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ بِحَضْرَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَهُوَ الصَّوَابُ. وَظَاهِرُ رَسْمِ طَلَّقَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَسْمِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ وَنَصُّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ جَائِزٌ فَتَحَصَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى الْقَبْضِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيَذْهَبَ، وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ، وَبَيْنَ تَوْكِيلِ الشَّرِيكِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ قَبَضَ بَعْدَ ذَهَابِهِ أَفَادَهُ الْحَطّ. وَعَطَفَ عَلَى شَرْطِ لَوْ وَهُوَ كَانَ الْمَحْذُوفَةُ مَعَ اسْمِهَا فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَحَرُمَ صَرْفُ مُؤَخَّرَانِ غَابَ الْعِوَضَانِ مَعًا، بَلْ وَلَوْ (غَابَ نَقْدُ) أَيْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَصَارِفَيْنِ (وَطَالَ) زَمَنُ غَيْبَتِهِ فَيَفْسُدُ الصَّرْفُ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ بِأَنْ اقْتَرَضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِجَنْبِهِ أَوْ حَلَّ صُرَّتَهُ فَلَا يَحْرُمُ وَيُكْرَهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ افْتِرَاقُ بَدَنٍ وَإِلَّا حَرُمَ كَمَا تَقَدَّمَ وَعَطَفَ عَلَى نَقْدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ (أَوْ) غَابَ (نَقْدَاهُمَا) أَيْ دِينَارِ وَدَرَاهِمَ الْمُتَصَارِفَيْنِ مَعًا فَيَحْرُمُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا فُرْقَةُ بَدَنٍ فِيهَا إنْ اشْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ ثُمَّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 495 أَوْ بِمُوَاعَدَةٍ   [منح الجليل] اقْتَرَضْت دِينَارًا مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِك وَاقْتَرَضَ الدَّرَاهِمَ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ فَدَفَعْت إلَيْهِ الدِّينَارَ وَقَبَضْت الدَّرَاهِمَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ وَاقْتَرَضْت الدِّينَارَ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ صُرَّةٍ وَلَا يُبْعَثُ وَرَاءَهُ وَلَا يَقُومُ مِنْ مَجْلِسِهِ لِذَلِكَ جَازَ وَلَمْ يُجِزْهُ أَشْهَبُ اهـ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ تَسَلَّفَا فَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالظَّنِّ لَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ عِنْدَ تَخَلُّفِ الْعِلَّةِ، وَإِنْ تَسَلَّفَ أَحَدُهُمَا وَطَالَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَالْخِلَافُ، وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ الْخِلَافُ فِي تَسَلُّفِ أَحَدِهِمَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ عِلْمِ مَنْ عَقَدَ عَلَى مَا عِنْدَهُ بِأَنَّ الْآخَرَ عَقْدٌ عَلَى مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ اتَّفَقَا عَلَى الْبُطْلَانِ أَوْ الْخِلَافُ مُطْلَقُ عِلْمٍ أَمْ لَا طَرِيقَانِ نَقَلَهُمَا الْمَازِرِيُّ. وَعَطَفَ عَلَى شَرْطِ لَوْ أَيْضًا فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ (بِمُوَاعَدَةٍ) مِنْهُمَا بِالطَّرَفِ أَيْ جَعْلِهَا عَقْدًا لَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ بِدَرَاهِمِك، فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا أَخَذْتهَا مِنْك كُلَّ عَشَرَةٍ بِدِينَارٍ فَتَحْرُمُ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَ الْمَازِرِيُّ الْكَرَاهَةَ وَنَسَبَهَا اللَّخْمِيُّ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَصَدَّرَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَنَسَبَهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ وَأَمَّا الْمُوَاعَدَةُ فَتُكْرَهُ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَتَمَّ الصَّرْفُ فَلَا يُفْسَخُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُفْسَخُ، وَلَعَلَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى السَّوْمِ، وَإِنَّمَا قَالَ أَذْهَبُ مَعَك لِأَصْرِفَ مِنْك، وَقَوْلَ أَصْبَغَ إذَا رَاوَضَهُ عَلَى السَّوْمِ فَقَالَ لَهُ اذْهَبْ مَعِي لِأَصْرِفَ مِنْك ذَهَبَك بِكَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا اهـ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ وَحُمِلَتْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَلِابْنِ نَافِعٍ الْجَوَازُ اللَّخْمِيُّ وَالثَّلَاثَةُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ. سَنَدٌ الْأَحْسَنُ مَنْعُهَا ابْتِدَاءً وَإِنْ وَقَعَتْ وَلَمْ يَتَصَارَفَا كُرِهَ أَنْ يَتَصَارَفَا وَإِنْ تَصَارَفَا وَفَاتَ الْعَقْدُ فَلَا يُرَدُّ. ابْنُ يُونُسَ أَجَازَ أَبُو مُوسَى بْنُ مَنَاسٍ التَّعْرِيضَ فِي الصَّرْفِ نَحْوَ إنِّي مُحْتَاجٌ إلَى دَرَاهِمَ أَصْرِفُهَا وَنَحْوَ إنِّي أُحِبُّ دَرَاهِمَك وَأَرْغَبُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 496 أَوْ بِدَيْنٍ، إنْ تَأَجَّلَ، وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا ، أَوْ غَابَ رَهْنٌ، أَوْ وَدِيعَةٌ، وَلَوْ سُكَّ   [منح الجليل] فِي الصَّرْفِ مِنْك وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ. خَلِيلٌ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَعَطَفَ عَلَى شَرْطِ لَوْ أَيْضًا فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ (بِ) صَرْفِ (دَيْنٍ) بِدَيْنٍ (إنْ تَأَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا الدَّيْنَانِ عَلَيْهِمَا بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَنَانِيرُ مُؤَجَّلَةٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوْ اخْتَلَفَا وَتَصَارَفَا قَبْلَ حُلُولِهِمَا بِأَنْ أَسْقَطَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالَهُ عَلَى الْآخَرِ فِي نَظِيرِ إسْقَاطِ الْآخَرِ مَالَهُ عَلَيْهِ، بَلْ (وَإِنْ) تَأَجَّلَ (مِنْ أَحَدِهِمَا) وَحَلَّ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي أَجَلِ دَيْنِ الْعَيْنِ لِلْمَدِينِ وَحْدَهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ بِغَيْرِ رِضَا الْمَدِينِ، فَإِنْ تَأَجَّلَا فَقَدْ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لَا يَسْتَحِقَّهُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ فَيَقْتَضِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَاهُ بِالصَّرْفِ عَنْ عَقْدِهِ بِمُدَّةِ الْأَجَلِ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ، وَإِنْ تَأَجَّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدْ اشْتَرَى الْمَدِينُ الْمُؤَجَّلُ مَا هُوَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ فَيَقْتَضِيهِ مِنْ نَفْسِهِ فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ عَنْ صَرْفِهِ بِهَا كَذَلِكَ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُمَا إنْ حَلَّا جَازَ الصَّرْفُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ تَأَخُّرِ الْقَبْضِ لِاسْتِحْقَاقِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْضَ مَا هُوَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الصَّرْفِ فَيَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَعَطَفَ عَلَى شَرْطِ لَوْ أَيْضًا فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِصَرْفِ مُرْتَهِنٍ مِنْ رَاهِنٍ رَهْنًا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ مِنْ مُودِعٍ بِالْكَسْرِ وَدِيعَةً وَ (غَابَ رَهْنٌ) مَصْرُوفٌ (أَوْ وَدِيعَةٌ) مَصْرُوفَةٌ عَنْ مَجْلِسِ عَقْدِ الصَّرْفِ فَيَحْرُمُ لِتَأَخُّرِ الْقَبْضِ عَنْ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ حِيَازَةَ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ حِيَازَةُ أَمَانَةٍ، وَضَمَانَ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَصَالَةً وَلَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُهُمَا إلَّا بِقَبْضِهِمَا مِنْ أَنْفُسِهِمَا بَعْدَ وُصُولِهِمَا إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُمَا بِهِ فَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُمَا عَنْ صَرْفِهِمَا إنْ كَانَ الرَّهْنُ أَوْ الْوَدِيعَةُ مَصُوغًا، بَلْ (وَلَوْ سُكَّ) الْمَذْكُورُ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ صِيغَ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَخُتِمَ عَلَيْهِ بِخَتْمِ السُّلْطَانِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ صَرْفِ الرَّهْنِ الْمَسْكُوكِ الْوَدِيعَةِ الْمَسْكُوكَةِ غَائِبَيْنِ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 497 كَمُسْتَأْجَرٍ، وَعَارِيَّةٍ وَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ صِيغَ إلَّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ: فَكَالدَّيْنِ   [منح الجليل] الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْكُوكَيْنِ لَا فِي الْمَصُوغَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ. وَمَفْهُومُ غَابَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ الرَّهْنُ أَوْ الْوَدِيعَةُ جَازَ صَرْفُهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التَّأْخِيرِ. اللَّخْمِيُّ لَوْ شَرَطَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَصِلَ إلَى مَحَلِّهَا فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَقَبِلَهُ سَنَدٌ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ جَازَ اتِّفَاقًا، وَاعْتَرَضَهُ سَنَدٌ قَائِلًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الصَّرْفِ مَعَ الْغَيْبَةِ فَقَالَ (كَ) صَرْفِ حُلِيِّ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (مُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (وَعَارِيَّةٍ) أَيْ أَوْ مُعَارٍ فَيَحْرُمُ صَرْفُهُمَا غَائِبَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ (وَ) كَصَرْفِ نَقْدٍ غَائِبٍ (مَغْصُوبٍ) مِنْ مَالِكِهِ سَوَاءٌ صَرَفَهُ غَاصِبُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ (إنْ) كَانَ قَدْ (صِيغَ) الْمَغْصُوبُ لِاحْتِمَالِ هَلَاكِهِ وَلُزُومِ قِيمَتِهِ الْغَاصِبَ لِالْتِحَاقِهِ بِالْمُقَوَّمِ بِصِيَاغَتِهِ، وَصَرْفُهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، فَأَدَّى صَرْفُهُ فِي غَيْبَتِهِ لِاحْتِمَالِ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ كَتَحَقُّقِهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْمَغْصُوبُ جَازَ صَرْفُهُ لِغَاصِبِهِ كَغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا بِهِ وَتَنَالُهُ الْأَحْكَامُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَمَفْهُومُ إنْ صِيغَ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَسْكُوكًا أَوْ تِبْرًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ غَائِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِتَرَتُّبِ مِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ غَاصِبِهِ بِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ حَالًّا، وَصَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ الْحَالِّ جَائِزٌ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ وَإِلَّا فَهِيَ كَالْمَصُوغِ الَّذِي يَمْتَنِعُ صَرْفُهُ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَذْهَبَ) أَيْ يَخْرُجَ الْمَغْصُوبُ الْمَصُوغُ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ بِتَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيَضْمَنَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ) حَالَّةً (فَ) هِيَ (كَالدَّيْنِ) الْحَالِّ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ إذَا ذَهَبَ الْمَصُوغُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا صِيغَ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَمُقَابِلُهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فَتَصِحُّ مُصَارَفَةُ وَزْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ تَعَيَّبَ الْمَغْصُوبُ بِعَيْبٍ يُوجِبُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 498 وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ: كَمُبَادَلَةِ رِبَوِيَّيْنِ، وَمُقْرَضٍ: وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ،   [منح الجليل] لِصَاحِبِهِ الْخِيَارَ فِي أَخْذِهِ وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهُ جَازَ صَرْفُهُ إنْ أَحْضَرَهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَإِنْ اخْتَارَ قِيمَتَهُ جَازَ صَرْفُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) حَرُمَ الصَّرْفُ (بِتَصْدِيقٍ) مِنْ أَحَدِ الْمُتَصَارِفَيْنِ الْآخَرَ (فِي) عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ جَوْدَةِ نَقْدٍ (هـ) الَّذِي يَدْفَعُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَبِرُهُ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمَا فَيَجِدُهُ نَاقِصًا أَوْ رَدِيئًا فَيَرْجِعُ فَيُؤَدِّي إلَى صَرْفٍ مُؤَخَّرٍ، وَقِيلَ يَجُوزُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ ثِقَةً صَادِقًا جَازَ تَصْدِيقُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ يُكْرَهُ التَّصْدِيقُ حَكَى الْأَرْبَعَةَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصْدِيقِ فَقَالَ (كَمُبَادَلَةِ) شَخْصَيْنِ بِشَيْئَيْنِ (رِبَوِيَّيْنِ) نَقْدَيْنِ كَدَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا أَوْ دَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا أَوْ طَعَامَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ أَوْ مُخْتَلِفِيهِ أَيْ يَدْخُلُهُمَا الرِّبَا وَلَوْ رِبَا النَّسَاءِ لِئَلَّا يُوجَدَ نَقْصٌ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ إنْ لَمْ يَرْجِعَ أَوْ التَّأْخِيرِ إنْ رَجَعَ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ وَقَعَ الصَّرْفُ أَوْ مُبَادَلَةُ الرِّبَوِيَّيْنِ بِتَصْدِيقٍ فَلَا يُفْسَخُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِي الصَّرْفِ وَلَا فِي بَدَلِ الطَّعَامَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَارِفَهُ سِوَارَيْنِ عَلَى أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي وَزْنِهِمَا وَيَنْقُضَ الْبَيْعَ وَإِنْ افْتَرَقَا وَوَجَدَهُمَا كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْقُضَ، فَلَوْ وَزَنَهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَوَجَدَ نَقْصًا فَرَضِيَهُ أَوْ زِيَادَةً فَتَرَكَهَا الْآخَرُ فَذَلِكَ جَائِزٌ قَالَهُ مُحَمَّدٌ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي افْتِرَاقِهِمَا عَلَى التَّصْدِيقِ فَيَجِدُ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فَيَتْرُكُ الْفَضْلَ مَنْ هُوَ لَهُ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ فَوَجَدَ فِيهَا رَدِيئَةً أَوْ دُونَ مَا قَالَ مِنْ الْوَزْنِ فَيَتْرُكُ ذَلِكَ وَلَا يَتْبَعُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) كَكُلِّ شَيْءٍ (مُقْرَضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُمَا فَيَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ نَقْصٍ أَوْ عَيْبٍ فِيهِ فَيَغْتَفِرُهُ لِحَاجَتِهِ، أَوْ عِوَضًا عَنْ مَعْرُوفِ التَّسْلِيفِ فَيَلْزَمُ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ (وَ) كَكُلِّ شَيْءٍ (مَبِيعٍ) بِثَمَنٍ (لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ فَيَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَغْتَفِرَهُ لِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ فَيُؤَدِّي لِأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 499 وَرَأْسِ مَالٍ سَلَمٍ، وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ وَبَيْعٌ وَصَرْفٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا، أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ   [منح الجليل] وَ) كَكُلِّ (رَأْسِ) أَيْ أَصْلِ (مَالٍ سَلَمٍ) أَيْ مُسْلَمٍ فِيهِ فَيَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَغْتَفِرَهُ لِتَأْجِيلٍ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَلْزَمُ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ. وَاعْتَرَضَ " ق " الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ التَّصْدِيقِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ جَمْعَ النَّظَائِرِ يُغْتَفَرُ فِيهِ الْمَشْيُ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ (وَ) كَكُلِّ دَيْنٍ (مُعَجَّلٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَبْلَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ) فَيَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَغْتَفِرَهُ لِلتَّعْجِيلِ فَيَصِيرَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مُسَلَّفٌ. (وَ) حَرُمَ أَنْ يُجْمَعَ (بَيْعٌ وَصَرْفٌ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَبَيْعِ ثَوْبٍ وَدِينَارٍ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَصَرْفُ الدِّينَارِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا لِجَوَازِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَالتَّصْدِيقِ فِي الْبَيْعِ وَامْتِنَاعِهَا فِي الصَّرْفِ وَلِتَأْدِيَتِهِ إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقٍ فِيهَا فَلَا يُعْلَمُ مَا يَنْوِيهِ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ. سَنَدٌ هَذِهِ جَهَالَةٌ لَا نَسِيئَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ مَعَ الْقِيَامِ وَمَضَى مَعَ الْفَوَاتِ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ الْحَطّ أَيْ وَحَرُمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَصَرْفٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ. فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ وَقَعَ فَقِيلَ هُوَ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فَيُفْسَخُ وَلَوْ مَعَ الْفَوَاتِ. وَقِيلَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الْمَكْرُوهَةِ فَيُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ لَا مَعَ الْفَوَاتِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يَجُوزُ السَّلَفُ وَالصَّرْفُ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ أَضْيَقُ مِنْ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ أَوْ رَدَّهُ جَازَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَإِذَا تَرَكَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ فِي السَّلَفِ وَالصَّرْفِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ مَنْعِ جَمْعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ صُورَتَيْنِ أُولَاهُمَا قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ) أَيْ النَّقْدُ الَّذِي اجْتَمَعَ فِيهِ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ (دِينَارًا) وَاحِدًا كَأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً وَدَرَاهِمَ بِدِينَارٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّرْفُ تَابِعًا أَوْ مَتْبُوعًا أَوْ مُتَسَاوِيَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ (أَوْ) يَكُونَ الْجَمِيعُ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَ (يَجْتَمِعَا) أَيْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ (فِيهِ) أَيْ الدِّينَارِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارَيْنِ، وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الصُّورَتَيْنِ تَعْجِيلُ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالنَّقْدِ بِمُصَاحَبَتِهِ، وَقَالَ السُّيُورِيُّ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 500 وَسِلْعَةٌ بِدِينَارٍ، إلَّا دِرْهَمَيْنِ، إنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ، أَوْ السِّلْعَةُ، أَوْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ، بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا   [منح الجليل] الْقَرَافِيُّ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ مَعَ عُقُودٍ يَجْمَعُهَا جِصٌّ مُنَقَّشٌ، فَالْجِيمُ لِلْجُعْلِ، وَالصَّادُ لِلصَّرْفِ، وَالْمِيمُ لِلْمُسَاقَاةِ، وَالنُّونُ لِلنِّكَاحِ، وَالْقَافُ لِلْقِرَاضِ، وَالشَّيْنُ لِلشَّرِكَةِ لِتَضَادِّ أَحْكَامِهَا وَأَحْكَامِ الْبَيْعِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ الصَّرْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ لَا يَجُوزُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ فِي صَفْقَةٍ وَلَا شَرِكَةٌ وَبَيْعٌ وَلَا نِكَاحٌ وَبَيْعٌ وَلَا جُعْلٌ وَبَيْعٌ وَلَا قِرَاضٌ وَبَيْعٌ وَلَا مُسَاقَاةٌ وَبَيْعٌ. اللَّخْمِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِالْمَنْعِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَزَادَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ السَّلَمَ وَالْإِقَالَةَ. وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ حَصْرُهُ أَنْ تَقُولَ كُلُّ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَهُ السَّلَفَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَاوَضَةٍ كَالصَّدَقَةِ نَظَرْت فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُسَلِّفِ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ أَسْلَفَهُ لِيَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَالسَّلَفُ لَا يَكُونُ إلَّا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَظَمَهَا الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فَقَالَ: عُقُودٌ مَنَعْنَا اثْنَيْنِ مِنْهَا بِعُقْدَةٍ ... لِكَوْنِ مَعَانِيهَا مَعًا تَتَفَرَّقُ فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شِرْكَةٌ ... نِكَاحٌ قِرَاضٌ قَرْضٌ بَيْعٌ مُحَقَّقُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِهَا يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ السِّتَّةَ الَّتِي لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا فِيمَا بَيْنَهَا فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَصْلُحُ مَعَ الشَّرِكَةِ صَرْفٌ وَلَا قِرَاضٌ. (وَ) حَرُمَ (سِلْعَةٌ) أَيْ بَيْعُهَا (بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ) فَدُونَ لَا أَكْثَرَ مِنْهُمَا فَيُمْنَعُ مَعَ تَعْجِيلِ السِّلْعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ مُرَاعًى حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مَعَ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ (إنْ تَأَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا أَيْ تَأَخَّرَ عَنْ الْعَقْدِ (الْجَمِيعُ) أَيْ الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ (أَوْ) تَعَجَّلَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمَانِ وَتَأَجَّلَتْ (السِّلْعَةُ) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ فِي الْأُولَى وَبَعْضُهُمَا فِي الثَّانِيَةِ وَتَأْجِيلَ بَعْضِ السِّلْعَةِ كَتَأْجِيلِهَا كُلِّهَا إلَّا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا، أَوْ بَعْثِ مَنْ يَأْخُذُهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (أَوْ) تَعَجَّلَتْ السِّلْعَةُ وَأَحَدُ النَّقْدَيْنِ وَتَأَجَّلَ (أَحَدُ النَّقْدَيْنِ) أَوْ بَعْضُهُ. (بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا) أَيْ النَّقْدَيْنِ بِأَجَلٍ وَاحِدٍ، وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ، فَهَذَا جَائِزٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 501 أَوْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ: كَدَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ بِالْمُقَاصَّةِ، وَلَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ.   [منح الجليل] قَصْدِ الْبَيْعِ وَتَبَعِيَّةِ الصَّرْفِ مَعَ يَسَارَتِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا مُنِعَ (أَوْ) أَيْ وَبِخِلَافِ (تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ) فَيَجُوزُ بِالْأَوْلَى مِنْ تَعْجِيلِ السِّلْعَةِ وَحْدَهَا فَذِكْرُهُ تَتْمِيمٌ لِلْأَقْسَامِ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صُوَرِ كَوْنِ الْجَمِيعِ دِينَارًا. الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا فِيهَا مَا لَمْ يُجَوِّزُوهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِهِ؛ لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا فِيهَا تَعْجِيلَ السِّلْعَةِ مَعَ تَأْجِيلِ النَّقْدَيْنِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ قُلْت لِمَ جَوَّزُوا هُنَا مَا لَمْ يُجَوِّزُوهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِهِ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ سُؤَالٌ حَسَنٌ وَلَعَلَّهُمْ رَاعُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا وَالضَّرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ، وَتَعْجِيلُ السِّلْعَةِ دَلَّ عَلَى قَصْدِ الْبَيْعِ وَتَبَعِيَّةِ الصَّرْفِ وَعَدَمِ قَصْدِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَالْبَيْعُ وَالصَّرْفُ مَقْصُودَانِ فِيهِ فِيهَا لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا إنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ نَقْدًا، فَإِنْ تَأَخَّرَ الدِّينَارُ أَوْ الدِّرْهَمُ أَوْ السِّلْعَةُ وَتَنَاقَدَا الْبَاقِي لَمْ يَجُزْ. وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ نَقْدًا وَالسِّلْعَةُ مُؤَخَّرَةً فَجَائِزٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ وَعُجِّلَتْ السِّلْعَةُ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَاهَا بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ كَانَتْ بِدِينَارٍ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ أُحِبَّ ذَلِكَ إلَّا نَقْدًا. وَجَعَلَ رَبِيعَةُ الثَّلَاثَةَ كَالدِّرْهَمَيْنِ، وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ إلَّا زَحْفًا. وَأَمَّا الدِّينَارُ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَوْ عَشَرَةً فَيَجُوزُ هَذَا نَقْدًا، وَلَا يَنْبَغِي التَّأْخِيرُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِلْغَرَرِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَمْ أُحِبَّ فِي الْأُمَّهَاتِ لَا خَيْرَ فِيهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ التَّأْخِيرِ حَرَامٌ. وَقَوْلُهُ إلَّا زَحْفًا أَيْ اسْتِثْقَالًا وَكَرَاهَةً. وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْبَغِي التَّأْخِيرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَعْنِي لَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِالْغَرَرِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ عَلَى حَالِهَا كَاشْتِرَاءِ سِلْعَةٍ بِدِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَالْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) اسْتِثْنَاءِ (دَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ بِ) شَرْطِ (الْمُقَاصَّةِ) أَيْ كُلَّمَا يَجْتَمِعُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ صَرْفُ دِينَارٍ أُسْقِطَ لَهُ دِينَارٌ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَفْضُلْ) الجزء: 4 ¦ الصفحة: 502 وَفِي الدِّرْهَمَيْنِ كَذَلِكَ، وَفِي أَكْثَرَ: كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ ، وَصَائِغٌ يُعْطَى الزِّنَةَ،   [منح الجليل] شَيْءٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ فَيَجُوزُ، كَشِرَاءِ عَشْرِ سِلَعٍ كُلُّ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ، وَصَرْفُ الدِّينَارِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَشَرَطَا الْمُقَاصَّةَ، فَكَأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى أَنَّ ثَمَنَهَا تِسْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةُ دَنَانِيرَ فَيَجُوزُ نَقْدًا وَإِلَى أَجَلٍ لِتَمَحُّضِ الْبَيْعِ بِالدَّنَانِيرِ وَانْتِفَاءِ الصَّرْفِ. (وَ) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ الدِّرْهَمِ وَ (الدِّرْهَمَيْنِ) بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ كَشِرَاءِ عَشْرِ سِلَعٍ كُلَّ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا وَعُشْرَ أَوْ خُمْسَ دِرْهَمٍ، فَمَجْمُوعُ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ اثْنَا عَشَرَ يَسْقُطُ بِالْمُقَاصَّةِ عَشَرَةٌ فِي نَظِيرِ إسْقَاطِ دِينَارٍ، وَيَبْقَى دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ (كَ) حُكْمِ (ذَلِكَ) الْمُتَقَدِّمِ مِنْ شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ مِنْ أَنَّهُ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ السِّلْعَةُ جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ، (وَ) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ (أَكْثَرَ) مِنْ دِرْهَمَيْنِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ دِينَارٍ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ دِرْهَمًا وَنِصْفًا، فَمَجْمُوعُ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ خَمْسَةَ عَشَرَ تَسْقُطُ عَشَرَةٌ بِالْمُقَاصَّةِ وَتَبْقَى خَمْسَةٌ (كَ) حُكْمِ اجْتِمَاعِ (الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) مِنْ الْجَوَازِ إنْ اجْتَمَعَا فِي دِينَارٍ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ. وَمَفْهُومُ بِالْمُقَاصَّةِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا عَدَمَهَا مُنِعَ مُطْلَقًا لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إنْ أُجِّلَ الْجَمِيعُ وَاجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ إنْ عُجِّلَ الْجَمِيعُ، وَإِنْ سَكَتَا عَنْهَا جَازَ مَعَ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ أَوْ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ. فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَنَقَصَ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ، وَجَازَ إنْ عُجِّلَ الْجَمِيعُ فَقَطْ. وَإِنْ كَانَ صَرْفَ دِينَارٍ مُنِعَ مُطْلَقًا قَالَهُ عج. وَقَالَ " د " وَأَمَّا لَوْ سَكَتَا عَنْهَا فَيَجُوزُ إنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ صَرْفَ دِينَارٍ فَلَا تَجُوزُ مُطْلَقًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. الْحَطّ هَذَا تَحْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) حَرُمَ (صَائِغٌ) أَيْ مُعَاقَدَتُهُ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (يُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ الصَّائِغُ (الزِّنَةَ) مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ التِّبْرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ نُقَارِ الْفِضَّةِ لِحُلِيٍّ، مَصُوغٍ عِنْدَهُ أَوْ لِسَبِيكَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 503 وَالْأُجْرَةَ كَزَيْتُونٍ، وَأُجْرَتِهِ لِمُعْصِرِهِ   [منح الجليل] عِنْدَهُ يَصُوغُهَا حُلِيًّا (وَ) يُعْطَى (الْأُجْرَةَ) لِصِيَاغَتِهِ فَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَائِغٍ سَبِيكَةَ ذَهَبٍ بِوَزْنِهَا دَنَانِيرَ أَوْ تِبْرًا، أَوْ سَبِيكَةَ فِضَّةٍ بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ نَقَّارًا وَيَتْرُكَ السَّبِيكَةَ عِنْدَهُ عَلَى أَنَّهُ يُصَيِّغُهَا لَهُ حُلِيًّا مَثَلًا، وَيَزِيدَهُ أُجْرَةَ الصِّيَاغَةِ. وَفِي هَذِهِ رِبَا نَسَاءٍ وَرِبَا فَضْلٍ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ حُلِيًّا مَصُوغًا عِنْدَهُ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَيَزِيدَهُ الْأُجْرَةَ، وَفِي هَذِهِ رِبَا الْفَضْلِ فَقَطْ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ الْأُجْرَةَ جَازَتْ الثَّانِيَةُ وَامْتَنَعَتْ الْأُولَى لِلنَّسَاءِ، فَإِنْ اشْتَرَى الذَّهَبَ بِفِضَّةٍ أَوْ الْفِضَّةَ بِذَهَبٍ جَازَتْ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ زَادَهُ الْأُجْرَةَ وَامْتَنَعَتْ الْأُولَى وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ أُجْرَةً لِلتَّأْخِيرِ أَيْضًا. فِي الْوَاضِحَةِ لَا يَنْبَغِي لِصَائِغٍ وَسَكَّاكٍ أَنْ يَعْمَلَ لَك إلَّا فِضَّتَك أَوْ ذَهَبَك. وَأَمَّا عَمَلُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي جَمْعِهِمْ ذَهَبَ النَّاسِ وَسَكِّهِ مُجْتَمِعًا، فَإِذَا فَرَغَتْ أُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ ذَهَبِهِ وَقَدْ عَرَفُوا مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ وَحَقَّقُوهُ فَلَا يَجُوزُ، هَكَذَا قَالَ مَنْ لَقِيت مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اهـ. وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِيمَا إذَا عَرَفُوا مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ وَحَقَّقُوهُ قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلَ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَ) دَفْعِ (زَيْتُونٍ) وَسِمْسِمٍ وَبِزْرِ كَتَّانٍ وَقُرْطُمٍ وَحَبِّ فُجْلٍ أَحْمَرَ وَقَصَبٍ (وَ) دَفْعِ (أُجْرَةِ) عَصْرِ (هـ لِمُعْصِرِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ اسْمُ فَاعِلِ أَعْصِرُ مُضَافٌ لِضَمِيرِ الْغَائِبِ أَوْ بِفَتْحِهَا آخِرُهُ هَاءُ تَأْنِيثٍ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ لِذِي مَعْصَرَةٍ، وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْحَبِّ مِنْ الْمُعْصِرِ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ الزَّيْتِ بِالتَّحَرِّي أَنْ لَوْ عَصَرَ الْآنَ فَيُمْنَعُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْقَدْرِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِدَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيُمْنَعُ أَيْضًا جَمْعُ الْحُبُوبِ وَعَصْرُهَا جُمْلَةً ثُمَّ قِسْمَةُ زَيْتِهَا عَلَيْهَا بِحَسَبِهَا لِلنَّسِيئَةِ أَيْضًا، وَالْجَائِزُ دَفْعُهُ لَهُ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ وَحْدَهُ وَيَدْفَعَ لَهُ مَا يَخْرُجُ مِنْ زَيْتِهِ وَيُعْطِيَهُ أُجْرَةَ عَصْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي جَوَازِ جَمْعِ حُبُوبِ ذَوَاتِ زَيْتٍ لِنَاسٍ شَتَّى بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَقْسِمَ زَيْتَهَا عَلَى أَقْدَارِهَا سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ لَا خَيْرَ فِيهِ مَعَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ سَأَلْت عَنْهُ مَنْ لَقِيته مِنْ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ فَلَمْ يُرَخِّصُوهُ قُلْت يُتَّفَقُ الْيَوْمَ عَلَى الجزء: 4 ¦ الصفحة: 504 بِخِلَافِ تِبْرٍ يُعْطِيهِ الْمُسَافِرُ، وَأُجْرَتُهُ دَارَ الضَّرْبِ لِيَأْخُذَ زِنَتَهُ، وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ وَبِخِلَافِ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ، وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ   [منح الجليل] مَنْعِهِ لِكَثْرَةِ الْمَعَاصِرِ وَيَسْتَخِفُّ جَمِيعَ مَا لَا يُمْكِنُ عَصْرُهُ وَحْدَهُ لَقِلَّتِهِ مَعَ اتِّحَادِ أَرْضِ الزَّيْتُونِ. وَأَخْرَجَ مِنْ الْمَنْعِ فَقَالَ (بِخِلَافِ تِبْرٍ) بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ رَاءٌ أَيْ ذَهَبُ تُرَابٍ غَيْرِ مَسْبُوكٍ وَمِثْلُهُ سَبِيكَةٌ وَحُلِيٌّ وَمَسْكُوكٌ بِسِكَّةٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهَا فِي مَحَلِّ الْحَاجَةِ لِلشِّرَاءِ بِهَا كَسِكَّةِ غَرْبٍ بِمِصْرَ وَالْحِجَازِ (يُعْطِيهِ) أَيْ التِّبْرَ الشَّخْصُ (الْمُسَافِرُ وَ) يُعْطِي (أُجْرَتَهُ) أَيْ أُجْرَةَ سَكِّهِ (دَارَ الضَّرْبِ) أَيْ أَهْلَهُ (لِيَأْخُذَ) الْمُسَافِرُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ (زِنَتَهُ) أَيْ التِّبْرِ مَسْكُوكًا عَاجِلًا، فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ لِاحْتِيَاجِ الْمُسَافِرِ لِلرَّحِيلِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (خِلَافُهُ) أَيْ الْجَوَازِ وَهُوَ مَنْعُهُ، وَلَوْ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَلَمْ يُبَحْ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَإِلَّا جَازَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. الْبُنَانِيُّ لَا مَفْهُومَ لِتِبْرٍ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ عَبَّرَ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَالِ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وضيح بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. (وَبِخِلَافِ) إعْطَاءِ (دِرْهَمٍ) شَرْعِيٍّ أَوْ مَا يُرَوَّجُ رَوَاجَهُ زَادَ وَزْنُهُ عَنْهُ أَوْ نَقَصَ كَثَمَنِ رِيَالٍ (بِنِصْفٍ) أَيْ لِدِرْهَمٍ أَيْ مَا يُرَوَّجُ رَوَاجَ النِّصْفِ زَادَ وَزْنُهُ أَوْ نَقَصَ (وَفُلُوسٍ) أَيْ يَدْفَعُهُ لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ فِضَّةً وَبِبَاقِيهِ فُلُوسًا (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْفُلُوسِ كَطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ بِسَبْعَةِ شُرُوطٍ. الْحَطّ تُعْرَفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ الرَّدِّ فِي الدِّرْهَمِ وَصُورَتُهَا أَنْ يُعْطِيَ دِرْهَمًا وَيَأْخُذَ بَدَلَ نِصْفِهِ فُلُوسًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا وَبِالنِّصْفِ الْبَاقِي فِضَّةً وَالْأَصْلُ فِيهَا الْمَنْعُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ لِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِي الصَّرْفِ جِنْسٌ آخَرُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْجَهْلِ بِالتَّمَاثُلِ وَهُوَ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ، لَكِنْ اُسْتُثْنِيَتْ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلضَّرُورَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِكَرَاهَةِ الرَّدِّ، ثُمَّ خَفَّفَهُ لِضَرُورَةِ النَّاسِ إلَيْهِ ، وَبِذَا أَخَذَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 505 فِي بَيْعٍ؛ وَسُكَّا،   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ حَيْثُ لَا فُلُوسَ، وَمَنَعَهُ فِي بَلَدٍ فِيهِ فُلُوسٌ، هَذَا طَرِيقُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ، وَجَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي بَلَدٍ فِيهِ الْفُلُوسُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَذَكَرُوا لِلْجَوَازِ شُرُوطًا، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ غَالِبَهَا الْأَوَّلُ كَوْنُهُ فِي دِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَلَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ وَيَأْخُذَ نِصْفًا. وَإِنْ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ ثَلَاثَةً وَيَأْخُذَ نِصْفًا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ الْقَبَّابُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ كَبِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَيَسْتَرِدَّ دِرْهَمًا صَغِيرًا فَيَرْجِعَ إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ، وَهَذَا الشَّرْطُ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ دِرْهَمٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ حُكْمٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الدُّنْيَا وَهَذَا هُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ. ابْنُ نَاجِي وَالْمَعْرُوفُ مَنْعُ رَدِّ الذَّهَبِ فِي مِثْلِهِ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الرَّدِّ فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ نَقْلِ مَنْعِ الرَّدِّ فِي الدِّينَارِ. وَقُلْت نَقْلُ بَعْضِهِمْ جَوَازَهُ فِيهِ لَا أَعْرِفُهُ وَأَفْتَى بَعْضُ عُدُولِ بَلَدِنَا الْمُدَرِّسِينَ بِجَوَازِهِ فِيهِ فَبَعَثَ إلَيْهِ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْكَرَ فَتْوَاهُ بِهِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُ الْمَرْدُودِ نِصْفًا فَأَقَلَّ فَلَا يَجُوزُ رَدًّا أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَقَوْلُهَا وَإِنْ أَخَذْت بِثُلُثِهِ أَيْ الدِّرْهَمِ طَعَامًا وَبَاقِيهِ فِضَّةً فَمَكْرُوهٌ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ حَرَامٌ، وَفِي الْأُمَّهَاتِ لَا يَجُوزُ، وَأَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِنِصْفٍ. الثَّالِثُ كَوْنُهُ: (فِي بَيْعٍ) أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ فَلَا يَجُوزُ فِي هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا قَرْضٍ. الْقَبَّابُ إنَّمَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ نَعْلَهُ أَوْ دَلْوَهُ لِمَنْ يَخْرِزُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا، وَيَرُدَّ إلَيْهِ الْعَامِلُ دِرْهَمًا صَغِيرًا وَيَتْرُكَ عِنْدَهُ شَيْئًا حَتَّى يَصْنَعَهُ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ إنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ. الرَّابِعُ قَوْلُهُ: (وَسُكَّا) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ، فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ مَسْكُوكَيْنِ وَلَا فِي مَسْكُوكٍ وَغَيْرِهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 506 وَاتَّحَدَتْ، وَعُرِفَ الْوَزْنُ، وَانْتُقِدَ الْجَمِيعُ: كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا،   [منح الجليل] الْخَامِسُ قَوْلُهُ: (وَاتَّحَدَتْ) سِكَّةُ الدِّرْهَمِ وَنِصْفِهِ الْحَطّ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الشَّرْطِ وَمَا الْمُرَادُ مِنْهُ هَلْ هُوَ كَوْنُهُمَا سِكَّةَ مَلِكٍ وَاحِدٍ أَوْ سِكَّةَ مَمْلَكَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْمُلُوكُ إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ بِتِلْكَ السِّكَكِ، أَوْ وَلَوْ كَانَ الدِّرْهَمُ سِكَّةَ مَلِكٍ وَالنِّصْفُ سِكَّةَ مَلِكٍ آخَرَ وَجَرَى التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ بِأَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا، وَعَلَى هَذَا تَدُلُّ فَتَاوَى الْمُتَأَخِّرِينَ، وَاحْتَرَزُوا بِهِ مِنْ دَفْعِ دِرْهَمٍ مِنْ سِكَّةٍ لَا يُتَعَامَلُ بِهَا وَرَدِّ نِصْفِهِ مِنْ سِكَّةٍ يُتَعَامَلُ بِهَا وَعَكْسُهُ، أَوْ مِنْ سِكَّتَيْنِ لَا يُتَعَامَلُ بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ. السَّادِسُ قَوْلُهُ: (وَعُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْوَزْنُ) لِلدِّرْهَمِ وَنِصْفِهِ. الْقَبَّابُ مِنْ شَرْطِ الرَّدِّ مَعْرِفَةُ الْوَزْنِ وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ جِزَافًا وَلَا خَفَاءَ فِي مَنْعِهِ. الْحَطّ اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهَذَا الشَّرْطِ هَلْ هُوَ كَوْنُ وَزْنِ النِّصْفِ قَدْرَ وَزْنِ نِصْفِ الدِّرْهَمِ، أَوْ الْمُرَادُ مَعْرِفَةُ وَزْنِهِمَا وَإِنْ زَادَ وَزْنُ النِّصْفِ عَنْ وَزْنِ نِصْفِ الدِّرْهَمِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيمَا إذَا كَانَ وَزْنُ النِّصْفِ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ نِصْفِ الدِّرْهَمِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ اعْتِبَارًا بِالنِّفَاقِ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ اعْتِبَارًا بِالْوَزْنِ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذَا الْبَابِ الضَّرُورَةُ، فَإِذَا جَرَى التَّعَامُلُ بِأَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا فَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ وَزْنِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ لِلرَّدِّ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا الَّذِي قَبْلَهُ. السَّابِعُ قَوْلُهُ: (وَانْتُقِدَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ عُجِّلَ (الْجَمِيعُ) أَيْ الدِّرْهَمُ وَمُقَابِلُهُ مِنْ النِّصْفِ وَالْفُلُوسِ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ مَعَ تَأْخِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا (كَ) بَيْعِ سِلْعَةٍ (بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ) فِي الْجَوَازِ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ السِّلْعَةُ وَتَأَجَّلَ النَّقْدَانِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الشَّرْطُ الْخَامِسُ أَنْ يُنْقَدَ الْجَمِيعُ وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ إذَا تَأَخَّرَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ. طفي هَذَا الَّذِي أَرَادَ فِي مُخْتَصَرِهِ لَكِنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 507 وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ بَعْدَهُ لِعَيْبِهِ، لَا لِعَيْبِهَا   [منح الجليل] لَمْ أَرَ هَذَا الْإِجْرَاءَ لِغَيْرِهِ لَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرِهِمَا، بَلْ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الرَّدِّ، وَلِذَا حَادَّ فِي الشَّامِلِ عَنْهُ فَقَالَ وَجَازَ لِلضَّرُورَةِ دِرْهَمٌ بِنِصْفٍ فَأَقَلَّ وَفُلُوسٌ أَوْ طَعَامٌ فِي بَيْعٍ إنْ عُجِّلَ الْجَمِيعُ. اهـ. وَقَدْ أَطْبَقَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الشَّارِحِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ مِنْ نَقْدِ الْجَمِيعِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَوَّاقِ وَمِنْ شَرْطِ الرَّدِّ كَوْنُ الْجَمِيعِ نَقْدَ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ وَعِوَضَهُ وَهُوَ السِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمُ الصَّغِيرُ، فَإِنْ تَأَخَّرَ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ فَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَكَانَ خَلِيلٌ فِي غِنًى عَنْ الْإِتْيَانِ بِمَسْأَلَةِ الدِّينَارِ إلَّا دِرْهَمَيْنِ إذْ تَقَدَّمَتْ لَهُ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَسْأَلَةِ الرَّدِّ. اهـ. " غ " صَوَّبَهُ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَلَا) كَدِينَارٍ وَدِرْهَمَيْنِ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ فَلَا يَجُوزُ الرَّدُّ فِي الدِّينَارِ وَلَا فِي الدِّرْهَمَيْنِ فَأَكْثَرَ. (وَ) مَنْ صَرَفَ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَ لَهُ قَدْ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَزِدْنِي فَزَادَهُ دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَجَائِزٌ وَلَا يُنْقَضُ الصَّرْفُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَوْلُهُ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ كَالْهِبَةِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّرْفِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا ثُمَّ إنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الدَّرَاهِمِ الْأَصْلِيَّةِ وَرَدَّهَا (رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ (زِيَادَةٌ بَعْدَهُ) أَيْ الصَّرْفِ الْمَرْدُودِ (لِعَيْبِهِ) أَيْ الْمَصْرُوفِ؛ لِأَنَّهَا زِيدَتْ لِأَجْلِهِ (لَا) تُرَدُّ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ (لِعَيْبِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ رَدُّهَا لِعَيْبِهَا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 508 وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا، أَوْ إنْ عُيِّنَتْ؟ تَأْوِيلَاتٌ وَإِنْ رَضِيَ بِالْحَضْرَةِ بِنَقْضِ وَزْنٍ، أَوْ بِكَرَصَاصٍ بِالْحَضْرَةِ،   [منح الجليل] وَهَلْ) عَدَمُ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا ثَابِتٌ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِتَعْيِينِهَا وَعَدَمِ إيجَابِهَا فَبَيْنَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ (أَوْ) عَدَمُ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا) دَافِعُهَا عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يُعْطِيَهَا لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي، أَوْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنْ صَرْفِ النَّاسِ أَنْ أَزِيدَك فَتُرَدُّ لِعَيْبِهَا فَيُحْمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى عَدَمِ إيجَابِهَا، وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى إيجَابِهَا فَبَيْنَهُمَا وِفَاقٌ (أَوْ) عَدَمُ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (إنْ عُيِّنَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثْقَلَةً الزِّيَادَةُ عِنْدَ دَفْعِهَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ رُدَّتْ لِعَيْبِهَا وَعَلَيْهِ حَمْلُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَلَا خِلَافَ أَيْضًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ بِالْخِلَافِ، وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ بِالْوِفَاقِ. وَتَعَقَّبَ الْمَازِرِيُّ الثَّالِثَ بِأَنَّ قَوْلَهَا فَزَادَهُ دِرْهَمًا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ إشَارَةً إلَى جَوَابِهِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهَا إلَى أَجَلٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ أَنَا أَزِيدُك عِنْدَ أَجَلِ كَذَا، فَجَاءَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا فَوَجَدَهُ زَائِفًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَزِيدُك دِرْهَمًا فَيُحْمَلُ عَلَى الْجَيِّدِ. (وَإِنْ) صَرَفَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ اطَّلَعَ أَحَدُهُمَا عَلَى عَيْبٍ فِيمَا قَبَضَهُ وَ (رَضِيَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ (بِالْحَضْرَةِ) أَيْ الْمَصْرِفِ وَهِيَ مَلْزُومَةٌ لِحَضْرَةِ الْإِطْلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَصِلَةُ رَضِيَ (بِنَقْصِ وَزْنٍ) فِي الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَبَضَهَا صَحَّ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّ لَهُ الصَّرْفَ بِهِ ابْتِدَاءً، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يُنْقَصُ قَدْرٌ وَهُوَ أَحْسَنُ لِشُمُولِهِ نَقْصَ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ (أَوْ) رَضِيَ (بِكَرَصَاصٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ مِمَّا هُوَ نَاقِصُ الصِّفَةِ (بِالْحَضْرَةِ) أَيْ حَضْرَةِ عَقْدِ الصَّرْفِ وَيَلْزَمُهَا حَضْرَةُ الِاطِّلَاعِ صَحَّ الصَّرْفُ. وَقَوْلُ أَوَّلًا بِالْحَضْرَةِ يُغْنِي عَنْ هَذَا لِانْصِبَابِهِ عَلَى جَمِيعِ مَا بَعْدَهُ (أَوْ) لَمْ يَرْضَ وَجْدَ الْعَيْبِ بِهِ وَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 509 أَوْ رَضِيَ بِإِتْمَامِهِ، أَوْ بِمَغْشُوشٍ مُطْلَقًا: صَحَّ. وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ، إنْ لَمْ تُعَيَّنْ : وَإِنْ طَالَ: نُقِضَ إنْ قَامَ بِهِ:   [منح الجليل] رَضِيَ) دَافِعُ الْعَيْبِ (بِإِتْمَامِهِ) أَيْ الصَّرْفِ بِتَكْمِيلِ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَتَبْدِيلٍ كَالرَّصَاصِ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ صَحَّ (أَوْ) رَضِيَ آخِذُ الْمَعِيبِ (بِ) نَقْدٍ (مَغْشُوشٍ) بِأَدْنَى مِنْهُ كَدِينَارٍ مَغْشُوشٍ بِفِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ وَدِرْهَمٍ مَغْشُوشٍ بِنُحَاسٍ، أَوْ رَضِيَ دَافِعُهُ بِإِبْدَالِهِ صَحَّ الصَّرْفُ سَوَاءٌ كَانَ الرِّضَا بِالْمَغْشُوشِ أَوْ بِإِبْدَالِهِ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَمْ لَا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ النَّقْدُ مُعَيَّنًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَ بِهِ (س) وعج وَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَلَا يُنَافِيهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْجَبْرِ وَالتَّأْوِيلِ فِي الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الرِّضَا بِهِ وَالْآتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ بِمَا ذَكَرَ قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَجَوَابُ إنْ رَضِيَ بِالْحَضْرَةِ إلَخْ (صَحَّ) الصَّرْفُ وَحَذْفُهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَغْشُوشِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَغْشُوشَ هُوَ الْعِوَضُ بِتَمَامِهِ وَقَدْ قُبِضَ فَكَانَ لَهُ الرِّضَا بِهِ مُطْلَقًا كَسَائِرِ الْعُيُوبِ. بِخِلَافِ نَقْصِ الْقَدْرِ، فَإِنَّ الْعِوَضَ لَمْ يُقْبَضْ بِتَمَامِهِ، فَلِذَا اُشْتُرِطَ فِي الرِّضَا بِهِ كَوْنُهُ بِالْحَضْرَةِ وَأَفَادَهُ تت، وَإِنْ تَصَارَفَا دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَوَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فِيمَا قَبَضَهُ وَقَامَ بِحَقِّهِ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ فِي نَقْصِ الْقَدْرِ وَنَحْوَ الرَّصَاصِ، وَفِي الْمَغْشُوشِ مُطْلَقًا وَتَنَازَعَا فِي إتْمَامِ الصَّرْفِ وَفَسْخِهِ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُمْتَنَعُ مِنْهُمَا مِنْ إتْمَامِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ إتْمَامِ الْعَقْدِ بِتَكْمِيلِ الْقَدْرِ وَتَبْدِيلِ نَحْوِ الرَّصَاصِ وَالْمَغْشُوشِ (إنْ لَمْ تُعَيَّنْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةُ مُثْقَلَةٌ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ لِلصَّرْفِ عِنْدَ عَقْدِهِ بِأَنْ قَالَ يَعْنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مَا وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ وَعَيَّنَ السَّلِيمَ، فَإِنْ عُيِّنَا مَعًا أَوْ مَا وَجَدَ بِهِ الْعَيْبَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ. (وَإِنْ طَالَ) مَا بَيْنَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَعَقْدِ الصَّرْفِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ افْتَرَقَا بِالْبَدَنِ بِلَا طُولٍ (نُقِضَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ فُسِخَ الصَّرْفُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ الرِّضَا بِهِ بِالْحَضْرَةِ (إنْ قَامَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ (بِهِ) الْحَطّ هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِالْحَضْرَةِ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 510 كَنَقْصِ الْعَدَدِ، وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غُشَّ   [منح الجليل] وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ فِي أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَعْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ نَقْصُ قَدْرٍ أَوْ نَحْوِ رَصَاصٍ أَوْ مَغْشُوشٍ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ وَقَامَ وَاجِدُهُ بِطَلَبِ تَكْمِيلِ الْقَدْرِ وَتَبْدِيلِ نَحْوِ الرَّصَاصِ الْمَغْشُوشِ فَيُنْقَضُ الصَّرْفُ. (غ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ قَامَ أَنَّهُ إنْ رَضِيَ بِهِ صَحَّ. فَإِنْ قُلْت هَذَا خِلَافُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ لَا بِالْحَضْرَةِ. قُلْت قُصَارَاهُ تَعَارُضُ مَفْهُومَيْنِ فِي حُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَخَطَبَهُ سَهْلٌ اهـ. قُلْت لَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ الْمَفْهُومَيْنِ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا هُوَ الْمَفْهُومُ الْأَخِيرُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِهِ صَحَّ وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ شَرْطٍ وَالْأَوَّلُ مَفْهُومُ ظَرْفٍ، إلَّا إذَا كَانَ النَّقْصُ فِي الْعَدَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الصَّرْفِ وَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِهِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ قَامَ بِهِ أَيْ وَأَخَذَ بَدَلَهُ. وَأَمَّا إنْ قَامَ بِهِ بَعْدَ الطُّولِ فَأَرْضَاهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يُبَدِّلْهُ فَلَا يُنْقَضُ الصَّرْفُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ الزَّائِفِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ مُطْلَقًا أَوْ حَتَّى يَتَفَاسَخَا قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَابْنِ شَعْبَانَ. وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ فَقَالَ (كَنَقْضِ الْعَدَدِ) إذَا وُجِدَ فِي أَحَدِ النَّقْدَيْنِ يَسِيرًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِهِ وَيُنْقَضُ الصَّرْفُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِيهَا وَإِنْ صَرَفْت مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ ثُمَّ أَصَبْتهَا بَعْدَ التَّفْرِيقِ زُيُوفًا أَوْ نَاقِصَةً فَرَضِيتهَا جَازَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَرْضَهَا انْتَقَضَ الصَّرْفُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ مِنْ الْعَدَدِ دِرْهَمٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ لِوُقُوعِ الصَّرْفِ فَاسِدًا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ زُيُوفًا أَيْ مَغْشُوشَةً، وَقَوْلُهُ نَاقِصَةً أَيْ نَاقِصَةَ الْآحَادِ لَا نَاقِصَةَ الْعَدَدِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَقْصِ الْعَدَدِ وَنَقْصِ الْآحَادِ أَنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ تَفْرِيطٍ فِي الْأَغْلَبِ وَنُقْصَانَ الْآحَادِ لَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ. وَفِي النَّوَادِرِ وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ نَقْصَ الْوَزْنِ فِيمَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا بِنَقْضِ الْعَدَدِ. (وَهَلْ مُعَيَّنُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةُ مُشَدَّدَةٌ (مَا) أَيْ النَّقْدِ الَّذِي (غُشَّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْيِينُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَبِعْنِي هَذَا الدِّينَارَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الْعَشَرَةِ، أَوْ أَحَدِهِمَا كَبِعْنِي هَذَا الدِّينَارَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ الْعَشَرَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 511 كَذَلِكَ يَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ؟ تَرَدُّدٌ وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ، إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرُ مِنْهُ،   [منح الجليل] بِدِينَارٍ (كَذَلِكَ) أَيْ نَقْصُ الْعَدَدِ فِي تَعَيُّنِ نَقْضِ الصَّرْفِ إنْ قَامَ بِهِ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ، وَعَزَا هَذِهِ فِي الْجَوَاهِرِ لِجُلِّ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَصْلُهَا لِابْنِ الْكَاتِبِ. (أَوْ يَجُوزُ فِيهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ الْمَغْشُوشِ (الْبَدَلُ) وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ، وَأَصْلُهَا لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَائِلًا إنَّ الْمَذْهَبَ كُلَّهُ عَلَى إجَازَةِ الْبَدَلِ فِي الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَذِمَّةُ أَحَدِهِمَا مَشْغُولَةٌ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَرَاجَحَهُ النَّقْضُ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ جَانِبٍ إنْ قَامَ بِحَقِّهِ. فِي التَّوْضِيحِ إذَا كَانَ الصَّرْفُ عَلَى دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَوْلَانِ النَّقْضُ. الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالثَّانِي جَوَازُ الْبَدَلِ لِابْنِ وَهْبٍ وَحَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي التَّعْيِينِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ طُولٍ أَوْ تَفَرُّقٍ فَفِي الْغِشِّ وَمِثْلُهُ نَقْصُ الْوَزْنِ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ عَدَدًا، فَإِنْ رَضِيَ وَلَمْ يَقُمْ صَحَّ، وَإِنْ طَلَبَ الْبَدَلَ نُقِضَ إلَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَفِي جَوَازِ الْبَدَلِ تَرَدُّدٌ، وَفِي نَقْصِ الْعَدَدِ وَمِثْلِهِ نَقْصُ الْوَزْنِ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا يُنْقَضُ الصَّرْفُ مُطْلَقًا رَضِيَ بِهِ أَوْ طَلَبَ الْإِتْمَامَ. فَإِنْ وَجَدَ كَرَصَاصٍ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَالْمَغْشُوشِ لَهُ الرِّضَا بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ مِثْلَ نَقْصِ الْقَدْرِ الْغُبَابُ، وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى خِلَافٍ مَرَضِيٍّ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنَّ الرِّضَا بِالزَّائِفِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا خَالِصًا، وَهُوَ نَصُّ الْمَازِرِيِّ. وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. (وَحَيْثُ نُقِضَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ حُكِمَ بِفَسْخِ الصَّرْفِ (فَ) الَّذِي يُنْقَضُ صَرْفُهُ (أَصْغَرُ دِينَارٍ) لَا جَمِيعِهَا إذَا كَانَ فِيهَا كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ كَدِينَارٍ صَرْفُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَآخَرَ صَرْفُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَآخَرُ صَرْفُهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا، فَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي دِرْهَمٍ إلَى خَمْسَةٍ فَاَلَّذِي يُنْقَضُ صَرْفُهُ دِينَارُ الْخَمْسَةِ (إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى) صَرْفَ (هـ) أَيْ الْأَصْغَرُ مَا فِيهِ الْعَيْبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَسِتَّةٍ إلَى عَشَرَةٍ (فَ) الَّذِي يُنْقَضُ صَرْفُهُ دِينَارٌ (أَكْبَرُ مِنْهُ) أَيْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 512 لَا الْجَمِيعُ. وَهَلْ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ دِينَارٍ؟ تَرَدُّدٌ. وَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي السِّكَكِ أَعْلَاهَا أَوْ الْجَمِيعُ؟   [منح الجليل] الْأَصْغَرِ، وَهُوَ ذُو الْعَشَرَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ كَأَحَدَ عَشَرَ إلَى عِشْرِينَ فَيُنْقَضُ ذُو الْعِشْرِينَ (لَا) يُنْقَضُ (الْجَمِيعُ) مِنْ الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ كَأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِنَفْسِهِ إذْ لَا يَخْتَلِفُ صَرْفُهُ سَوَاءٌ صُرِفَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الْجَمِيعُ. (وَهَلْ) فُسِخَ الْأَصْغَرُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرُ مِنْهُ مُطْلَقٌ إذَا سُمِّيَ لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُسَمَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (لِكُلِّ دِينَارٍ) أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ حَيْثُ سُمِّيَ لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ فَيُنْقَضُ صَرْفُ الْجَمِيعِ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ. الْحَطّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذَا التَّرَدُّدِ، بَلْ ذِكْرُهُ يُشَوِّشُ الْفَهْمَ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ طَرِيقَيْنِ، أَحَدُهُمَا: لِلْمَازِرِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ يُنْقَضُ صَرْفُ الْجَمِيعِ أَوْ إنَّمَا يُنْقَضُ صَرْفُ أَصْغَرَ دِينَارٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، سَوَاءٌ سَمَّيَا لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا أَمْ لَا. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لِلْبَاجِيِّ أَنَّهُمَا إنْ سَمَّيَا لِكُلِّ دِينَارٍ شَيْئًا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْقَضُ صَرْفُ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا فَقَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا صَرْفُ دِينَارٍ، فَالطَّرِيقَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا صَرْفُ دِينَارٍ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ رَجَّحَ نَقْضَ الْجَمِيعِ حَتَّى يُشِيرَ إلَيْهِ بِالتَّرَدُّدِ فَافْهَمْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عب يُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ بِالتَّرَدُّدِ لِلطُّرُقِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا مَشْهُورًا. (وَ) إذَا صُرِفَتْ دَنَانِيرُ مِنْ سِكَكٍ مُخْتَلِفَةٍ بِالْعُلُوِّ وَالدَّنَاءَةِ وَظَهَرَ عَيْبٌ فِي الدَّرَاهِمِ مُقْتَضٍ نَقْضَ الصَّرْفِ فَ (هَلْ يَنْفَسِخُ) الصَّرْفُ لِوُجُودِ نَقْصٍ أَوْ غِشٍّ أَوْ نَحْوِ رَصَاصٍ (فِي) الدَّرَاهِمِ الَّتِي صُرِفَتْ بِهَا الدَّنَانِيرُ ذَاتُ (السِّكَكِ) الْمُخْتَلِفَةِ بِالْعُلُوِّ وَالدَّنَاءَةِ فَيَنْفَسِخُ (أَعْلَاهَا) أَيْ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ دَافِعَ الدَّرَاهِمِ إنْ عَلِمَ عَيْبَهَا وَكَتَمَهُ فَهُوَ مُدَلِّسٌ وَإِلَّا فَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي النَّقْدِ فَأُمِرَ بِرَدِّ الْأَعْلَى تَأْدِيبًا لَهُ، وَعَلَى هَذَا فَإِنْ زَادَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَعِيبَةُ عَنْ صَرْفِ الْأَعْلَى وَفِي الدَّنَانِيرِ مُتَوَسِّطٌ وَأَدْنَى فُسِخَ الْمُتَوَسِّطُ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْأَدْنَى، وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ (أَوْ) يَنْفَسِخُ (الْجَمِيعُ) الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي السِّكَكِ الْمُخْتَلِفَةِ قَالَهُ سَحْنُونٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 513 قَوْلَانِ ، وَشُرِطَ لِلْبَدَلِ: جِنْسِيَّةٌ،   [منح الجليل] وَظَاهِرُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ تَرْجِيحُهُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ، كَذَا يَنْبَغِي، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ. (وَشُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِلْبَدَلِ) عَنْ الْمَعِيبِ بِغِشٍّ أَوْ نَقْصِ وَزْنٍ أَوْ نَحْوِ رَصَاصٍ، وَكَالْبَدَلِ مَا يَكْمُلُ بِهِ نَقْصُ الْعَدَدِ فَلَعَلَّهُ أَطْلَقَهُ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ (جِنْسِيَّةٌ) أَيْ كَوْنُهُ مِنْ نَوْعِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ بِأَنْ يَكُونَا ذَهَبَيْنِ أَوْ وَرَقَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ دِينَارٍ بِدَرَاهِمَ وَلَا دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دِينَارٍ وَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، وَلَا إبْدَالُ دِينَارٍ أَوْ دَرَاهِمَ بِعَرْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا يُغْتَفَرُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِيهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُ الْبَدَلِ الْجِنْسِيَّةُ وَالتَّعْجِيلُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ بِعَرْضٍ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ يَسَارَةِ الْعَرْضِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. وَيَقْتَضِي عُمُومَ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْخُصُومَةِ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ تُشْتَرَطُ الْخُصُومَةُ أَوْ تُوقِعُهَا بِقَرِينَةٍ. عب وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الصِّنْفِيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ ود فَيَجُوزُ إبْدَالُ الزَّائِفِ بِأَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْحَضْرَةِ وَيَجُوزُ الرِّضَا فِيهَا بِأَنْقَصَ أَوْ أَرْدَأَ. الْبُنَانِيُّ مَا مَنَعَهُ الشَّارِحُ مِنْ اخْتِلَافِ الصِّنْفِيَّةِ هُوَ مَا دَارَ فِيهِ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَثَّلَ بِصَرْفِ دَرَاهِمَ مُتَوَسِّطَةٍ فِي الْجَوْدَةِ اطَّلَعَ فِي بَعْضِهَا عَلَى زَائِفٍ وَأَخَذَ عَنْهُ دِرْهَمًا أَجْوَدَ وَأَنْقَصَ فِي الْوَزْنِ، أَوْ أَدْنَى صِفَةً وَأَرْجَحَ وَزْنًا. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَصُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ لَأَدَّى إلَى التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ أَوْ الْحِسِّيِّ، فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَى عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ ذَهَبًا مَعَ زِنَةِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي دَفَعَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ وَأَخَذَ ذَهَبًا، وَهَذَا تَفَاضُلٌ مَعْنَوِيٌّ. وَأَمَّا التَّفَاضُلُ الْحِسِّيُّ فَقَدْ تَكُونُ الْمُصَارَفَةُ عَنْ دَرَاهِمَ مُتَوَسِّطَةٍ فِي الْجَوْدَةِ مَثَلًا فَيَطَّلِعُ آخِذُهَا عَلَى دِرْهَمٍ زَائِفٍ فَيَرُدُّهُ وَيَدْفَعُ عَنْهُ أَجْوَدَ وَأَنْقَصَ وَزْنًا أَوْ أَدْنَى صِفَةً وَأَرْجَحَ وَزْنًا، وَهَذَا تَفَاضُلٌ حِسِّيٌّ. قُلْت مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْوَجْهِ إلَّا أَنَّ خُرُوجَهُ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِيَّةِ اتِّحَادُ الصِّفَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْأَجْوَدِ وَالْأَرْدَأِ وَفِيهِ نَظَرٌ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 514 وَتَعْجِيلٌ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ: سُكَّ: بَعْدَ مُفَارَقَةٍ، أَوْ طُولٍ، أَوْ مَصُوغٌ مُطْلَقًا: نُقِضَ، وَإِلَّا صَحَّ، وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا؟ تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] وَ) شُرِطَ لِلْبَدَلِ (تَعْجِيلٌ) لِلسَّلَامَةِ مِنْ رِبَا النَّسَا، وَأَجَازَ أَشْهَبُ التَّأْخِيرَ، قَالَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ الْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ لَا مُعَاوَضَةٌ حَقِيقِيَّةٌ. وَلَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ جِنْسِيَّةٌ قَوْلُهَا فِي بَيْعِ طَوْقِ ذَهَبٍ بِدَرَاهِمَ فَوُجِدَ فِيهِ عَيْبٌ فَصَالَحَ بَائِعَهُ بِدَرَاهِمَ نَقْدًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ هَذَا صُلْحٌ عَنْ عَيْبٍ لَا بَدَلٍ (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ نَقْدٌ مَصْرُوفٌ (مُعَيَّنٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثْقَلَةً، وَكَذَا غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (سُكَّ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ مَسْكُوكٌ، وَكَذَا مَكْسُورٌ وَتِبْرٌ، وَصِلَةُ اُسْتُحِقَّ (بَعْدَ مُفَارَقَةٍ) بَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ بِالْبَدَنِ أَوْ طُولٍ فِي الزَّمَنِ (أَوْ) اُسْتُحِقَّ مَصْرُوفٌ (مَصُوغٌ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ (نُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ، فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلِأَنَّ أَخْذَ عِوَضِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ بِمَثَابَةٍ مَنْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ. الْحَطّ اسْتِحْقَاقُ الْمَصُوغِ يُوجِبُ نَقْضَ الصَّرْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَيُنْقَضُ بَيْعٌ بِاسْتِحْقَاقِهِ، فَكَيْفَ بِصَرْفِهِ. وَأَمَّا الْمَسْكُوكُ الْمُعَيَّنُ الْمُسْتَحَقُّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فَانْتِقَاضُ صَرْفِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَعْنَى انْتِقَاضِهِ فَسْخُهُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَلَوْ رَضِيَا بِهِ، وَهَكَذَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ مَعَ الْمُرَاضَاةِ وَلَوْ بَعْدَ افْتِرَاقٍ أَوْ طُولٍ (وَإِلَّا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ اللَّامِ مُرَكَّبٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِحْقَاقُ الْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ (صَحَّ) الصَّرْفُ. (وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ فِيهِ (إنْ تَرَاضَيَا) أَيْ الْمُتَصَارِفَانِ بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمَنْ أَبَاهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِنُدُورِ اسْتِحْقَاقِهِ، بِخِلَافِ وُجُوبِ عَيْبٍ فِيهِ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ فِي الْعَيْبِ. وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ التَّرَدُّدَ جَارِيًا فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 515 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَنْشَأُ غَالِبًا عَنْ تَفْرِيطٍ وَتَدْلِيسٍ، بِخِلَافِ الْعَيْبِ. الْحَطَّابُ أَيْ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ الْمُعَيَّنُ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا مُفَارَقَةٌ بَلْ اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ فَإِنَّ الصَّرْفَ صَحِيحٌ لَا يُنْتَقَضُ وَيُعْطِيهِ بَدَلَ الْمُسْتَحَقِّ. ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ هَلْ عَدَمُ انْتِقَاضِهِ، مَحَلُّهُ إذَا تَرَاضَيَا بِالْبَدَلِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهِ فَلَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ، وَيُفْسَخُ الصَّرْفُ أَوْ يُجْبَرُ صَاحِبُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى إبْدَالِهِ، وَيَصِحُّ الصَّرْفُ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ. الْأُولَى لِابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، هَذَا أَقْرَبُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ بِلَا خِلَافٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْكَاتِبِ. وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَمْ يَطُلْ، فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ الْكَاتِبِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ النَّقْضِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ مُنْتَقِضٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ الْبَدَلُ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ وَالطُّولِ يَقْتَضِي الْفَسْخَ، سَوَاءٌ عُيِّنَتْ أَمْ لَمْ تُعَيَّنْ. وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِالْحَضْرَةِ وَتَرَاضَيَا جَازَ، وَأَنَّ أَشْهَبَ قَالَ بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَبِعَدَمِهِ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ حَصَلَ طُولٌ أَوْ افْتِرَاقٌ فُسِخَ الصَّرْفُ وَالْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الِاضْطِرَابِ، وَهَذَا مُحَصَّلُ النَّقْلِ فِيهَا. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " وَكَذَا غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَسْوِيَةِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِهِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِيهَا وَسَحْنُونٌ، فَفَرَّقَا بَيْنَ الْمُعَيَّنِ يُنْتَقَضُ وَغَيْرُهُ لَا يُنْتَقَضُ. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي فَهْمِهَا عَلَى تَأْوِيلَاتٍ، أَحَدُهَا: لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ خِلَافَهُمَا فِيمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقًا. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 516 وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ إنْ لَمْ يُخْبَرْ الْمُصْطَرِفُ   [منح الجليل] الثَّانِي: لِابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ خِلَافَهُمَا فِيمَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ، فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُنْقَضُ فِي الْمُعَيَّنِ. وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى النَّقْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالطُّولِ مُطْلَقًا. الثَّالِثُ: اللَّخْمِيُّ حَمَلَ الْإِطْلَاقَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى تَفْصِيلِ أَشْهَبَ، وَخَصَّهُ بِمَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ فَجَعَلَهُ وِفَاقًا. هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ بِمَعْنَاهُ فَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ سَوَّى بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَضْرَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ. (وَ) إنْ صُرِفَ مَسْكُوكٌ مُعَيَّنٌ أَوْ مَصُوغٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فَ (لِلْ) شَخْصِ ا (لْمُسْتَحِقِّ) لِلْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمَصُوغِ الْمَصْرُوفِ (إجَازَتُهُ) أَيْ الصَّرْفِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُنْقَضُ فِيهَا وَهِيَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فِي الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ مُطْلَقًا وَالْحَالَةِ الَّتِي لَا يُنْقَضُ الْمَسْكُوكُ فِيهَا، وَإِذَا أَجَازَهُ أَخَذَ ثَمَنَهُ مِمَّنْ بَاعَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا بِالْإِجَازَةِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ الشِّقَّ الثَّانِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ عَدَمُ إجَازَتِهِ فَيُنْقَضُ الصَّرْفُ وَيَأْخُذُهُ شِيَاهُ لِظُهُورِهِ. وَمَحَلُّ جَوَازِ الْإِجَازَةِ (إنْ لَمْ يُخْبَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (الْمُصْطَرِفُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ بِأَنَّ صَارِفَهُ مُتَعَدٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، فَإِنْ أُخْبِرَ بِتَعَدِّيهِ حَالَ الصَّرْفِ تَعَيَّنَ نَقْضُ الصَّرْفِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ لِدُخُولِ الْمُصْطَرِفِ عَلَى خِيَارِ الْمُسْتَحِقِّ، فَهُوَ كَشَرْطِ الْخِيَارِ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ فِي الصَّرْفِ، وَشَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي جَوَازِ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ حُضُورَ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ وَحُضُورَ الثَّمَنِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُجِيزُ، قَالَ فِيهَا وَمَنْ اشْتَرَى خَلْخَالَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَنَقَدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُمَا رَجُلٌ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَأَرَادَ إجَازَةَ الْبَيْعِ وَاتِّبَاعَ الْمُبْتَاعِ بِالثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَلَوْ اسْتَحَقَّهُمَا قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَاخْتَارَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ حَضَرَ الْخَلْخَالَانِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ بَعَثَ بِهِمَا إلَى بَيْتِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ افْتَرَقَا لَمْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 517 وَجَازَ مُحَلًّى، وَإِنْ ثَوْبًا يَخْرُجُ مِنْهُ، إنْ سُبِكَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ أُبِيحَتْ،   [منح الجليل] أَنْظُرْ إلَى ذَلِكَ الِافْتِرَاقِ، وَلَكِنَّهُ إذَا حَضَرَ الْخَلْخَالَانِ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُبْتَاعِ مَكَانَهُ جَازَ، وَإِنْ غَابَا فَلَا يَجُوزُ. التُّونِسِيُّ لَوْ أَمْضَاهُ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَرَضِيَ الْمُبْتَاعُ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ جَازَ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُهَا. (وَجَازَ) أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ (مُحَلًّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ مُزَيَّنٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ بَلْ (وَإِنْ كَانَ) الْمُحَلَّى (ثَوْبًا) طُرِّزَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نُسِجَ بِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُحَلَّى (يَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ الْمُحَلَّى ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (إنْ سُبِكَ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ حُرِقَ فَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ إذَا حُرِقَ فَلَا تُعْتَبَرُ حِلْيَتُهُ وَهُوَ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِ حِلْيَتِهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَتَنَازُعٍ يُبَاعُ الْمُقَدَّرُ وَمُحَلًّى فِي قَوْلِهِ (بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مَعَ غَيْرِهِ بِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ. وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي دِينَارٍ فَهِيَ رُخْصَةٌ لَهَا شُرُوطٌ أَفَادَ أَوَّلُهَا بِقَوْلِهِ (إنْ أُبِيحَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ التَّحْلِيَةُ كَمُصْحَفٍ وَسَيْفِ جِهَادٍ وَمَلْبُوسِ امْرَأَةٍ، فَإِنْ حُرِّمَتْ كَدَوَاةٍ وَآلَةِ حَرْبٍ غَيْرِ السَّيْفِ وَسَرْجٍ وَرِكَابٍ وَمَلْبُوسِ، رَجُلٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، بَلْ بِعَرْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ تَقِلَّ الْحِلْيَةُ عَنْ دِينَارٍ فِيهَا، وَمَا حُلِّيَ بِفِضَّةٍ مِنْ سَرْجٍ أَوْ قَدَحٍ أَوْ سِكِّينٍ أَوْ لِجَامٍ أَوْ رِكَابٍ مُمَوَّهٍ أَوْ مَخْرُوزٍ أَوْ جُرُزٍ مُمَوَّهٍ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ وَإِنْ قَلَّتْ حِلْيَتُهُ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ السَّرَفِ بِخِلَافِ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ مِنْ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ وَكَانَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُحَلَّى الْمُصْحَفُ، وَكَانَ يَكْرَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُصَاغُ مِنْ الْفِضَّةِ مِثْلُ الْإِبْرِيقِ وَمَدَاهِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَمَجَامِرِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْأَقْدَاحِ وَاللُّجُمِ وَالسَّكَاكِينِ الْمُفَضَّضَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَبَعًا وَكُرِهَ أَنْ تُشْتَرَى اهـ وَالْجُرُزُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ زَايٌ نَوْعٌ مِنْ السِّلَاحِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 518 وَسُمِّرَتْ، وَعُجِّلَ مُطْلَقًا، وَبِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ، وَهَلْ بِالْقِيمَةِ   [منح الجليل] عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ فِيمَا لَمْ يُبَحْ اتِّخَاذُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِالذَّهَبِ وَنَحْوِهِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَجَوَّزُوهَا بِالْعُرُوضِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ بَيْعُهَا بِمَا فِيهَا لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَكُرِهَ أَنْ تُشْتَرَى يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بِمَا فِيهِ وَلَا بِغَيْرِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِجَمْعِهِ بَيْعًا وَصَرْفًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ عَلَى أَصْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَ) إنْ (سُمِّرَتْ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً الْحِلْيَةُ فِي الْمُحَلَّى. الْبَاجِيَّ كَالْفُصُوصِ الْمَصُوغِ عَلَيْهَا وَحُلِيُّهُ السَّيْفُ الْمُسَمَّرَةُ عَلَيْهِ وَحِلْيَةُ السَّيْفِ الْمُسَمَّرَةِ فِي حَمَائِلِهِ وَجَفْنِهِ، وَأَمَّا الْقَلَائِدُ الَّتِي لَا تَفْسُدُ عِنْدَ نَظْمِهَا فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْإِبَاحَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ إذَا كَانَ يَغْرَمُ ثَمَنًا فِي رَدِّهَا بَعْدَ قَلْعِهَا. اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْحِلْيَةَ الْمَنْقُوضَةَ لَا تُبَاعُ مَعَ السَّيْفِ بِجِنْسِهَا نَقْدًا وَلَا إلَى أَجَلٍ، وَأَرَى إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِنَفْسِهَا بِأَنْ صُبِغَتْ ثُمَّ رُكِّبَتْ وَسُمِّرَتْ أَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَنْقُوضِ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ تَسْمِيرِهَا بِمِسْمَارٍ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُ الْعَيْنِ مِنْ الْعِوَضِ دُونَ فَسَادٍ وَلَا خَسَارَةٍ فِي رَدِّهِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَزُولُ إلَّا بِفَسَادِهِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ تَزُولُ بِغَيْرِ فَسَادٍ وَلَكِنْ يُؤَدِّي عَلَى رَدِّهَا ثَمَنًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. وَثَالِثُهَا بِقَوْلِهِ (وَعُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا الْمَبِيعُ الشَّامِلُ لِكُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ، فَإِنْ أُجِّلَ امْتَنَعَ بِالنَّقْدِ وَجَازَ بِغَيْرِهِ (مُطْلَقًا) مِنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْحِلْيَةِ تَبَعًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِمَا بَعْدَهُ، فَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ فِي نُسْخَةِ سُقُوطِهِ لِيَتَنَاسَبَ الْكَلَامُ. (وَ) جَازَ بَيْعُ الْمُحَلَّى (بِصِنْفِ) حَلَيْت (هـ إنْ كَانَتْ) الْحِلْيَةُ (الثُّلُثَ) مِنْ مَجْمُوعِهَا مَعَ الْمُحَلَّى، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِصِنْفِهِ وَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ مَعَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ. (وَهَلْ) يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْحِلْيَةِ الثُّلُثَ (بِالْقِيمَةِ) لَهَا لَا بِوَزْنِهَا (أَوْ) يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثُلُثًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 519 أَوْ بِالْوَزْنِ؟ خِلَافٌ ، وَإِنْ حُلِّيَ بِهِمَا: لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا، إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ.   [منح الجليل] بِالْوَزْنِ) لَهَا فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَطَفَ الثَّانِيَ عَلَيْهِ بِقِيلَ، وَالثَّانِي قَالَ الْبَاجِيَّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، فَإِذَا بِيعَ سَيْفٌ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِسَبْعِينَ دِينَارًا وَوَزْنُ حِلْيَتِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ دِينَارًا لِصِيَاغَتِهَا وَقِيمَةُ السَّيْفِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا جَازَ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَزْنِ وَامْتَنَعَ عَلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ نِسْبَةِ قِيمَةِ الْحِلْيَةِ أَوْ زِنَتِهَا إلَى مَجْمُوعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهُ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي قَالَهُ النَّاسُ كَبَيَاضِ الْمُسَاقَاةِ، وَنَسَبَ ابْنُ بَشِيرٍ ذَلِكَ إلَى قِيمَةِ الْمُحَلَّى، فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهُ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ ثُلُثَ الْمُحَلَّى كَانَتْ رُبُعَ الْجَمِيعِ اهـ مَيَّارَةُ، حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ ضَمُّ قِيمَةِ الْحِلْيَةِ أَوْ وَزْنِهَا إلَى قِيمَةِ الْمُحَلَّى ثُمَّ نَسَبُ الْحِلْيَةِ إلَى الْمَجْمُوعِ. وَنَسَبَ ابْنُ بَشِيرٍ الْحِلْيَةَ لِقِيمَةِ الْمُحَلَّى وَحْدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثُّلُثُ مِنْ مَجْمُوعِ وَزْنِ الْحِلْيَةِ أَوْ قِيمَتِهَا مَعَ قِيمَةِ النَّصْلِ وَالْجَفْنِ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْسِيرَ ابْنِ بَشِيرٍ بِنِسْبَتِهَا لِلنَّصْلِ وَالْجَفْنِ فَقَطْ مُحْتَجًّا بِبَيَاضِ الْمُسَاقَاةِ حَسَنٌ. (وَإِنْ حُلِّيَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثْقَلًا شَيْءٌ (بِهِمَا) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (لَمْ يَجُزْ) بَيْعُهُ (بِأَحَدِهِمَا) أَيْ النَّقْدَيْنِ تَسَاوَيَا أَمْ لَا (إلَّا إنْ تَبِعَا) أَيْ النَّقْدَانِ الْمُحَلَّى بِهِمَا (الْجَوْهَرَ) أَيْ الذَّاتَ الْمُحَلَّاةَ بِهِمَا بِأَنْ كَانَا ثُلُثَ الْجَمِيعِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ، وَفِي بَيْعِهِ بِصِنْفِ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ قَالَهُ الْحَطّ. عب فَيَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا كَانَ تَابِعًا لِلْآخَرِ أَوْ مَتْبُوعًا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَزَادَ شَرْطَ التَّعْجِيلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ زَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِهِ بِصِنْفِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِبَيْعِهِ بِأَقَلِّهِمَا تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ وَصَاحِبِ الْإِكْمَالِ، وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ الْقَوْلَيْنِ، وَهَلْ التَّبَعِيَّةُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ خِلَافٌ. وَمَفْهُومُ بِأَحَدِهِمَا امْتِنَاعُ بَيْعِهِ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَرْضٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَفِيهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 520 وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ الْمَعْدُودِ دُونَ سَبْعَةٍ بِأَوْزَنَ مِنْهَا: بِسُدُسٍ، سُدُسٌ.   [منح الجليل] رِبَا فَضْلٍ مَعْنَوِيٍّ. وَمَفْهُومُ إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ أَنَّ الْمَصُوغَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِمَا وَلَا بِأَحَدِهِمَا بِحَالٍ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ وَرَجَعَ الْإِمَامُ لَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَرُوِيَ عَلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَبِيعَ بِصِنْفِ الْأَقَلِّ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا يَجُوزُ كَمَلْبُوسِ امْرَأَةٍ وَإِلَّا مُنِعَ وَلَوْ بِالتَّابِعِ اُنْظُرْ " ق ". (وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ) النَّقْدِ الْمَسْكُوكِ (الْقَلِيلِ) أَيْ إبْدَالُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَهُمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَدَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا عَدَدٍ أَوْ دَرَاهِمَ كَذَلِكَ بِشُرُوطٍ أَفَادَ أَوَّلَهَا بِقَوْلِهِ الْقَلِيلِ، فَلَا تَجُوزُ فِي الْكَثِيرِ، وَثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (الْمَعْدُودِ) أَيْ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا وَبَيَّنَ الْقَلِيلَ بِقَوْلِهِ (دُونَ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ (سَبْعَةٍ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ يَكُونَ سِتَّةً أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا تَجُوزُ فِي سَبْعَةٍ بِأَوْزَنَ مِنْهَا لِزِيَادَتِهَا عَلَى ضِعْفِ أَقَلِّ الْجَمْعِ، وَتَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا. تَوْضِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا أَصْلَ لِهَذَا التَّحْدِيدِ إلَّا دَلَالَةُ الْعَادَةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فِيهِ، وَأَفَادَ مَا يَتَضَمَّنُ بَيَانَ مَوْضُوعِ الشَّرْطِ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ (بِ) دُونَ سَبْعَةٍ مَسْكُوكَةٍ (أَوْزَنَ) أَيْ أَزْيَدَ فِي الْوَزْنِ. وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْعَدَدِ فِي تَجَوُّزٍ قَالَهُ الْقَبَّابُ وَحَكَاهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ، وَنَصُّهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَتَسَاوَى عَدَدُ النَّاقِصِ وَالْوَازِنِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ مُنِعَ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ وَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ لَمْ يَذْكُرُوا غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّخْمِيُّ نَسَبَ لِلْمُغِيرَةِ إجَازَةَ بَدَلِ دِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ مِنْ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَرْضَ الْمَازِرِيُّ هَذَا وَرَأَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا أَشْهَبُ مَعَ الْمَخْزُومِيِّ فِي جَمَلٍ نَقْدًا بِجَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ إلَى أَجَلٍ فَأَلْزَمَهُ دِينَارًا بِدِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ إلَى أَجَلٍ فَالْتَزَمَهُ وَعَابَهُ وَبَيْنَهُمَا خِلَافٌ فِي الْمُلْتَزِمِ مَنْ هُوَ. اهـ. وَصِلَةُ أَوْزَنَ (مِنْهَا) أَيْ دُونَ السَّبْعَةِ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأَوْزَنِيَّةِ (بِسُدُسِ السُّدُسِ) أَيْ أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ عَلَى مُقَابِلِهِ سُدُسًا أَوْ أَقَلَّ فَلَا تَجُوزُ بِمَا زِيَادَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ السُّدُسِ كَخُمُسٍ أَعْلَى، ذَكَرَهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 521 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ جَمَاعَةَ. التُّونُسِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ أَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْجَلَّابُ وَالتَّلْقِينُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الْقَوْلَ فِي قَدْرِ النَّقْصِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الدَّنَانِيرِ الْكَثِيرَةِ النَّقْصَ وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ حَدًّا وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَنْ لَقِينَاهُ. وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ أَبْلَغُ مَا اُغْتُفِرَ مِنْ النَّقْصِ سُدُسُ دِينَارٍ، وَقِيلَ دَانَقَانِ، وَعَزَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْدِيدًا بَلْ فَرْضًا، وَنَصُّهَا لَوْ أَبْدَلَ سِتَّةَ دَنَانِيرَ تَنْقُصُ سُدُسًا سُدُسًا بِسِتَّةٍ وَازِنَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ. الْقَبَّابُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الشَّرْطَ وَقَدْ جَاءَ لَفْظُ السُّدُسِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّمْثِيلِ وَالشَّرْطِيَّةِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِنْدِي أَنَّ السُّدُسَ كَثِيرٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إلَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُسْمَحَ بِهِ عِنْدَ رُخْصِ الْفِضَّةِ أَوْ كَسَادِ الْبَيْعِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ النَّظَرُ يُوجِبُ مَنْعَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ شَرَطَ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقَدْرِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَهِيَ غَيْرُ حَاصِلِهِ فِيهَا وَقَصْدُ الْمَعْرُوفِ وَحْدَهُ لَا يَصْلُحُ كَوْنُهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى شَرْطِهَا، فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهَا قَصْدُ الْمَعْرُوفِ اهـ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَصْلُ مَنْعُهَا إلَّا أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ رَأَوْا أَنَّ النَّقْصَ فِي الْوَزْنِ يَجْرِي مَجْرَى الرَّدَاءَةِ، وَكَمَالَهُ يَجْرِي مَجْرَى الْجَوْدَةِ، وَأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَالْكَمَالُ فِي الْوَزْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، فَصَارَ إبْدَالُ النَّاقِصِ وَزْنًا بِالْكَامِلِ وَزْنًا مَحْضَ مَعْرُوفٍ وَالْمَعْرُوفُ يُوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ وَأَنَّهُ يُخَصِّصُ عُمُومَ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْقَرْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ نَسِيئَةً مُمْتَنِعٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ جَازَ لِلْمَعْرُوفِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمُبَادَلَةُ بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ عَدَدًا وَالْمَذْهَبُ حُرْمَةُ بَيْعِ دِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ. اللَّخْمِيُّ وَأَجَازَهُ الْمَخْزُومِيُّ، وَعَلَى الْمَعْرُوفِ إنْ اتَّحَدَا فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْعَدَدِ فَوَاضِحٌ. اهـ. يُرِيدُ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْوَزْنِ، وَتَصِيرُ مُرَاطَلَةً فِي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 522 وَالْأَجْوَدُ أَنْقَصُ، أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ، وَإِلَّا جَازَ ؛ وَمُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ   [منح الجليل] التَّوْضِيحِ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ عَقْدُهَا بِلَفْظِ الْمُبَادَلَةِ، وَكَوْنُهَا بِغَيْرِ مُرَاطَلَةٍ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ احْتِرَازًا مِنْ وَاحِدٍ بِاثْنَيْنِ. اللَّخْمِيُّ وَكَوْنُ السِّكَّةِ وَاحِدَةً الْقَبَّابُ وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي شُرُوطِهَا كَوْنَهَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنْ تَكُونَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا أَظُنُّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِأَوْزَنَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُتَسَاوِيَةً فِي الْوَزْنِ جَازَتْ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ غَيْرِ الْمُنَاجَزَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) النَّقْدُ (الْأَجْوَدُ) أَيْ الْأَحْسَنُ ذَهَبِيَّةٌ أَوْ فِضِّيَّةٌ حَالَ كَوْنِهِ (أَنْقَصَ) وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِنَقْدٍ رَدِيءٍ ذَهَبِيَّةَ أَوْ فِضِّيَّةَ كَامِلٍ وَزْنًا لِانْتِفَاءِ الْمَعْرُوفِ بِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ) نَقْدٌ (أَجْوَدُ) أَيْ أَحْسَنُ (سِكَّةً) وَهُوَ أَنْقَصُ وَزْنًا، فَحَذَفَ هَذَا مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ أَنْقَصَ السَّابِقِ عَلَيْهِ. وَحَذَفَ مِمَّا قَبْلَهُ جَوْهَرِيَّةً لِدَلَالَةِ سِكَّةِ الْمَذْكُورِ هُنَا عَلَيْهِ، فَفِيهِ شِبْهُ احْتِبَاكٍ (مُمْتَنِعٌ) إبْدَالُهُ بِنَقْدِ رَدِيءِ السِّكَّةِ كَامِلِ الْوَزْنِ لِذَلِكَ، فِيهَا قَالَ سَحْنُونٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنْ كَانَتْ سِكَّةُ الْوَازِنِ أَفْضَلَ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، لَا خَيْرَ فِي هَاشِمِيٍّ يَنْقُصُ خَرُّوبَةً بِقَائِمٍ عَتِيقٍ وَازِنٍ فَتَعَجَّبْت مِنْهُ، فَقَالَ لِي ابْنُ كَامِلٍ لَا تَعْجَبْ قَالَهُ رَبِيعَةُ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّ الْعَتِيقَ جَيِّدُ الْجَوْهَرِيَّةِ وَرَدِيءُ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبُ بَنِي أُمَيَّةَ، وَالْهَاشِمِيُّ رَدِيءُ الْجَوْهَرِيَّةِ وَجَيِّدُ السِّكَّةِ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبُ بَنِي الْعَبَّاسِ فَبَطَلَ تَعَجُّبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَجْوَدَ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ وَزْنًا بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلدَّنِيءِ فِي الْوَزْنِ أَوْ أَوْزَنَ مِنْهُ (جَازَ) الْإِبْدَالُ لِلْمَعْرُوفِ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ (وَ) جَازَتْ (مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (بِ) عَيْنٍ (مِثْلِهِ) أَيْ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ، وَذَكَرَ ضَمِيرَ الْعَيْنِ وَهِيَ مُؤْنَتُهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا نَقْدًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمَا مَسْكُوكَيْنِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 523 بِصَنْجَةٍ أَوْ كَفَتَّيْنِ وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ،   [منح الجليل] أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْمَسْكُوكِ بِالْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَ كِبَارٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ بَيْنَ كِبَارٍ مِنْ جَانِبٍ وَأَنْصَافٍ أَوْ أَثْلَاثٍ أَوْ أَرْبَاعٍ أَوْ أَخْمَاسٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَصِلَةُ مُرَاطَلَةُ (بِصَنْجَةٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَفْصَحُ، أَيْ مِثْقَالٌ مَعْلُومُ الْقَدْرِ كَرِطْلٍ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ أُوقِيَّةٍ أَوْ دِرْهَمٍ مَثَلًا تُوضَعُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَنَقْدِ أَحَدِهِمَا فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَخَذَ نَقْدَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْكِفَّةِ وَوَضَعَ نَقْدَ الْآخَرِ فِيهَا، فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَخَذَ كُلَّ نَقْدِ الْآخَرِ. (أَوْ) بِ (كِفَّتَيْنِ) لِلْمِيزَانِ يُوضَعُ نَقْدُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَنَقْدُ الْآخَرِ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَخَذَ نَقْدَ الْآخَرِ وَالْكِفَّةُ بِكَسْرِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتَدَارَ وَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْأَوَّلَ لِحُصُولِ التَّسَاوِي بِهِ بَيْنَ النَّقْدَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ الْكِفَّتَانِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْوَزْنُ بِصَنْجَةٍ جَائِزٌ. وَقِيلَ فِي كِفَّتَيْنِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِمَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَرْجَحِ. ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي وُجُودَ قَوْلٍ بِمَنْعِهِ فِي الصَّنْجَةِ وَلَا أَعْرِفُهُ، وَرَدَّهُ طفي بِقَوْلِ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِالْمَثَاقِيلِ، فَقِيلَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِكِفَّتَيْنِ، وَقِيلَ تَجُوزُ بِالْمَثَاقِيلِ وَهُوَ أَصْوَبُ. اهـ. وَمَا صَوَّبَهُ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ تَبَعًا لَهُمَا. وَالْمُرَادُ بِالْمَثَاقِيلِ الصَّنْجَةُ قَالَهُ الْأَبِيُّ، وَتَجُوزُ بِكِفَّتَيْنِ إنْ وُزِنَ النَّقْدَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ. بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا) أَيْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ. الْمُتَيْطِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ مُحْرِزٍ إذَا كَانَ الذَّهَبَانِ مَسْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ بِهِمَا فِي كِفَّتَيْنِ إلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِوَزْنِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جِزَافًا وَهُوَ خَطَرٌ لَا يَجُوزُ. اهـ. لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ بِالْجِزَافِ يُقَيِّدُ الْخِلَافَ فِي الصَّنْجَةِ أَيْضًا إذَا جُهِلَ قَدْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ. فِي التَّوْضِيحِ عِيَاضٌ وَعَلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ إذَا كَانَ عَدَدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ وَزْنِ وَعَدَدِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ أَوْ الدَّنَانِيرِ، بِخِلَافِ الْوَزْنِ فَتَكْفِي مَعْرِفَةُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 524 وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ، لَا أَدْنَى وَأَجْوَدُ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ كَالْجَوْدَةِ ، وَمَغْشُوشٌ بِمِثْلِهِ   [منح الجليل] وَزْنِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَزْنِ أَحَدِهِمَا مَعْرِفَةٌ لِوَزْنِ الْآخَرِ، وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إنْ اسْتَوَى النَّقْدَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً. بَلْ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِدَنَانِيرَ مِصْرِيَّةٍ أَوْ سَكَنْدَرِيَّةٍ (أَوْ بَعْضُهُ) أَيْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ (أَجْوَدُ) وَبَعْضُهُ الْآخَرُ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ فِي جَوْدَتِهِ كَدِينَارٍ مَغْرِبِيٍّ وَمِصْرِيٍّ بِمِصْرِيَّيْنِ (لَا) يَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إنْ كَانَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا بَعْضُهُ (أَدْنَى) مِنْ الْآخَرِ (وَ) بَعْضُهُ (أَجْوَدُ) مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا بِأَنْ كَانَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا بَعْضُهُ مَغْرِبِيٌّ وَبَعْضُهُ سَكَنْدَرِيٌّ وَجَمِيعُ نَقْدِ الْآخَرِ مِصْرِيٌّ لِانْتِفَاءِ الْمَعْرُوفِ بِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. ابْنُ يُونُسَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمُنْفَرِدَةُ مُتَوَسِّطَةً بِأَنْ تَكُونَ أَجْوَدَ مِنْ بَعْضِ مُقَابِلِهَا أَرْدَأَ مِنْ بَعْضِهِ الْآخَرِ فَامْنَعْ، وَإِلَّا فَأَجِزْ. (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (عَلَى تَأْوِيلِ) أَيْ تَنْزِيلِ (السِّكَّةِ) فِي أَحَدِ النَّقْدَيْنِ الْمُرَاطَلِ بِهِمَا كَالْجَوْدَةِ فِي دَوْرَانِ الْفَضْلِ بِهَا إذَا قَابَلَتْهَا فَلَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ مَسْكُوكٍ رَدِيءِ. الْجَوْهَرِيَّةِ بِغَيْرِ مَسْكُوكِ جَيِّدِهَا لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (وَ) الْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ (الصِّيَاغَةِ) فِي أَحَدِهِمَا (كَالْجَوْدَةِ) فِي دَوَرَانِ الْفَضْلِ بِهَا إذَا تَقَابَلَتَا فَلَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ مَصُوغٍ دَنِيءِ الْمَعْدِنِ بِغَيْرِ مَصُوغٍ جَيِّدِهِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ تَجْرِي مُرَاطَلَةُ الْمَسْكُوكِ بِالْمَصُوغِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. " غ " إنَّمَا نَسَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْأَكْثَرِ نَقِيضَ هَذَا، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالطُّرُقُ فِي هَذَا مُتَشَعِّبَةٌ وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) جَازَ أَنْ يُبَاعَ نَقْدٌ (مَغْشُوشٌ) كَدَنَانِيرَ فِيهَا فِضَّةٌ أَوْ نُحَاسٌ أَوْ دَرَاهِمَ فِيهَا نُحَاسٌ (بِ) مَغْشُوشٍ (مِثْلِهِ) مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ غَيْرَهُمَا. الْحَطّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ غِشُّهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَعَلَّهُ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَلِعُسْرِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَالْعَدَمِ وَأَجَازُوا مُرَاطَلَةَ الْمَغْشُوشِ بِخَالِصٍ، الجزء: 4 ¦ الصفحة: 525 وَبِخَالِصٍ. وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ   [منح الجليل] فَقَوْلُ الشَّامِلِ وَقُيِّدَ بِتَسَاوِي الْغِشِّ وَإِلَّا فَلَا غَيْرُ ظَاهِرٍ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ أَبُو عُمَرَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنَّ الدَّاخِلَ سَوَاءٌ كَسِكَّةِ وَاحِدَةٍ. (وَ) جَازَ بَيْعُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ (بِخَالِصٍ) مِنْ الْغِشِّ. الْحَطّ يَعْنِي تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْمَأْخُوذِ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ (خِلَافُهُ) أَيْ جَوَازُ بَيْعِ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ بِالنَّقْدِ الْخَالِصِ مِنْ الْغِشِّ وَخِلَافُهُ مَنَعَهُ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ فَقَالَ وَصَحَّحَ مَنْعَهُ بِخَالِصٍ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْت أَنَّهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ جَوَازُ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِصِنْفِهِ الْخَالِصِ إذَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ. اهـ. وَبِهِ جَزَمَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ إمَّا مَغْشُوشٌ يُتَعَامَلُ بِهِ فَيُبَاعُ بِصِنْفِهِ وَزْنًا اهـ. قُلْت فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ دُخُولُ الْخِلَافِ فِيهِ وَنَصَّهُ فِي أَوَاخِرِ الْمُرَاطَلَةِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ الدَّنَانِيرِ الْمَشُوبَةِ بِفِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ وَالدَّرَاهِمِ الْمَشُوبَةِ بِهِ مُعْتَبَرَةٌ كُلِّهَا بِمَا فِيهَا، كَوَزْنٍ خَالِصٍ، وَاعْتِبَارُ قَدْرِ الْخَالِصِ فِيهَا فَقَطْ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَالنِّكَاحِ وَالزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ قَوْلَانِ لِلشُّيُوخِ مُسْتَدِلًّا قَائِلُهُمْ بِالْأَوَّلِ يَقُولُ أَشْهَبُ فِي صَرْفِهَا، وَالثَّانِي الصَّحِيحُ «لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْيَسِيرِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَدَلَ وَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ رِزْقٍ يَقُولُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُرَاطَلَةُ الذَّهَبِ الْعَبَّادِيَّةِ بِالْعَبَّادِيَّةِ وَلَا الشَّرْقِيَّةِ بِالشَّرْقِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ بِذَهَبٍ وَنُحَاسٍ. وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ التَّقْيِيدِ وَدَلِيلُهُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ قَالَ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ قَوْلُ أَشْهَبَ عَامٌّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِقَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا بِيعَ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَاغْتِفَارُ الْيَسِيرِ فِي الْمُبَادَلَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ عَدَدًا لَا وَزْنًا. قُلْت هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَعَلَى هَذَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 526 لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ. وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ ، وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ، فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ   [منح الجليل] الْخِلَافِ اخْتَلَفَ شُيُوخُ شُيُوخِنَا فِي جَوَازِ الرَّدِّ فِي الدِّرْهَمِ الْقَدِيمِ وَهُوَ دِرْهَمٌ رُومِيُّ الضَّرْبِ فِيهِ قَدْرٌ مِنْ النُّحَاسِ بِنَاءً عَلَى اغْتِفَارِهِ وَاعْتِبَارِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ بِبَلَدِنَا الْيَوْمَ. (وَ) شَرْطُ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ غَيْرَهُمَا وَلَوْ بِعَرْضٍ أَنْ يُبَاعَ (لِمَنْ يَكْسِرُهُ) أَيْ الْمَغْشُوشَ لِيُصِيغَهُ حُلِيًّا (أَوْ) لَا يَكْسِرُهُ وَيُبْقِيهِ بِحَالِهِ وَ (لَا يَغُشُّ بِهِ) بِأَنْ يَدَّخِرَهُ لِعَاقِبَةٍ أَوْ يُبَيِّنَ غِشَّهُ عِنْدَ بَيْعِهِ. " غ " وَلِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ كَذَا هُوَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ. الْحَطّ وَالْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ بِغَيْرِ وَاوٍ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي الْمُرَاطَلَةِ فَحُكْمُ الْبَيْعِ بِهِ وَصَرْفُهُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا هِيَ خَوْفُ الْغِشِّ بِهِ. " د " وَعَلَى نُسْخَةِ " غ " فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَمُرَاطَلَةِ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ مَغْشُوشٍ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَعَمَّ مِنْ كَوْنِهَا فِي بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمَغْشُوشُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا الْغِشَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُهُ (لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ غَشَّهُ بِهِ بِأَنْ شَكَّ فِيهِ كَالصَّيَارِفَةِ كَمَا فِي الْبَيَانِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وق وعج، وَجَعَلَ تت الصَّيَارِفَةَ مِمَّنْ يَفْسَخُ تَبَعًا لِمُنَازَعَةِ ابْنِ عَرَفَةَ ابْنَ رُشْدٍ فِي جَعْلِهِمْ مِمَّنْ يُكْرَهُ بَيْعُهُ لَهُمْ قَالَ لَفْظُ الرِّوَايَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُغَرُّ بِهَا النَّاسُ كَالصَّيَارِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا أَرَى ذَلِكَ. قَالَ فَظَاهِرُ لَفْظِ لَا أَرَى الْمَنْعُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ. اهـ. وَظَاهِرُ التَّلْقِينِ مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُهُ (مِمَّنْ) يَعْلَمُ أَنَّهُ (يَغُشُّ بِهِ) إنْ كَانَ قَائِمًا وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ فَسْخُهُ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْمَغْشُوشُ حَقِيقَةً بِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ حُكْمًا بِتَعَذُّرِ مُشْتَرِيهِ كَمَا فِي الْبَيَانِ، وَإِذَا فَاتَ (فَهَلْ يَمْلِكُهُ) أَيْ ثَمَنَ الْمَغْشُوشِ بَائِعُهُ أَيْ يَسْتَمِرُّ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَلَوْ عَثَرَ عَلَيْهِ، بَلْ يُبَاعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ، وَيُنْدَبُ فَقَطْ (أَوْ يَتَصَدَّقُ) بَائِعُهُ وُجُوبًا (بِالْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ عِوَضِ الْمَغْشُوشِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ فَيَجِبُ ثَمَنُهُ لِمُبْتَاعِهِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 527 أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى مَنْ لَا يَغُشُّ؟ أَقْوَالٌ وَقَضَاءُ فَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً.   [منح الجليل] إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ (أَوْ) يَتَصَدَّقُ وُجُوبًا (بِالزَّائِدِ) مِنْ ثَمَنِهِ (عَلَى) ثَمَنِهِ لَوْ بَاعَهُ (مَنْ لَا يَغُشُّ) بِهِ وَبِالْبَاقِي نَدْبًا فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) أَعْدَلُهَا ثَالِثُهَا إذْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا فِيمَا تَعَدَّى بِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ، وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ أَوْ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ. الْحَطّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةً. الْأَوَّلُ: بَيْعُهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ فَهَذَا جَائِزٌ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَنْ يُؤْمَنُ غِشُّهُ بِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَإِذَا قَطَعَهُ جَازَ بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يُغَرُّ بِهِ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ بَيْنَهُمْ. اهـ. فَالْمَدَارُ عَلَى انْتِفَاءِ الْغِشِّ بِهِ. الثَّانِي: بَيْعُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهِ وَهَذَا جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ أَيْضًا. الثَّالِثُ: بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ كَالصَّيَارِفَةِ فَهَذَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ. الرَّابِعُ: بَيْعُهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ. وَزَادَ ابْنُ رُشْدٍ خَامِسًا: وَهُوَ بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِهِ، أَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَدَخَلَ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ. (وَ) جَازَ (قَضَاءُ قَرْضٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَنَقْطِ الضَّادِ أَيْ مُتَسَلَّفٍ بِفَتْحِ اللَّامِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا، وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا (بِ) شَيْءٍ (مُسَاوٍ) لِمَا فِي الذِّمَّةِ قَدْرًا وَصِفَةً (وَ) بِ (أَفْضَلَ) مِمَّا فِي الذِّمَّةِ (صِفَةً) ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً. وَفِي الْحَدِيثِ «رَدَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَلَفِ بَكْرٍ رُبَاعِيًّا وَقَالَ خَيْرُ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَإِلَّا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ الْحَطّ فِيهَا مِنْ أَقْرَضَتْهُ قَمْحًا وَقَضَاك دَقِيقًا مِثْلَ كَيْلِهِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كَيْلِهِ فَلَا يَجُوزُ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ جَازَ يُرِيدُ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّقِيقُ أَجْوَدَ فَيَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ رِيعَ الْقَمْحِ بِجَوْدَةِ الدَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كَيْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي إجَازَتِهِ قَالَ فِيهَا عَنْهُ لَوْ اقْتَضَى دَقِيقًا عَنْ قَمْحٍ وَالدَّقِيقُ أَقَلُّ كَيْلًا فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّقِيقُ أَجْوَدَ مِنْ الْقَمْحِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 528 وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا لَا أَزْيَدَ عَدَدًا   [منح الجليل] وَإِنْ حَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ حَضَرَ وَأَتَى (الْأَجَلُ) لِدَيْنِ الْقَرْضِ أَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً جَازَ قَضَاؤُهُ (بِ) شَيْءٍ (أَقَلَّ) مِنْهُ (صِفَةً وَقَدْرًا) مَعًا كَنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ إرْدَبٍّ أَوْ شُقَّةٍ رَدِيءٍ عَنْ كَامِلٍ جَيِّدٍ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ أَقَلَّ قَدْرًا فَقَطْ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمَنْعُ إنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَيْ أُسْقِطُ بَعْضَ الْحَقِّ وَأُعَجِّلُهُ لَك، وَهَذَا يُؤَدِّي لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ تَسْلِيفٌ (لَا) يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضٍ بِشَيْءٍ (أَزْيَدَ) مِنْهُ (عَدَدًا) وَلَوْ قَلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَيَجُوزُ قَضَاءُ مِثْلِ الْعَدَدِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا، وَلَوْ كَانَ زَائِدًا وَزْنًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَسْلَفْت رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَدَدًا وَزْنُهَا نِصْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَاك مِائَةَ دِرْهَمٍ وَازِنَةً بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ، وَإِنْ قَضَاك تِسْعِينَ وَازِنَةً فَلَا خَيْرَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ أَقْرَضَك مِائَةَ دِرْهَمٍ وَازِنَةً عَدَدًا فَقَضَيْته خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَنْصَافًا جَازَ. وَلَوْ قَضَيْته مِائَةَ دِرْهَمٍ أَنْصَافًا وَنِصْفَ دِرْهَمٍ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَزْنًا. وَأَصْلُ هَذَا أَنَّك إذَا اقْتَرَضْت دَرَاهِمَ عَدَدًا فَجَائِزٌ أَنْ تَقْضِيَهُ مِثْلَ عَدَدِهَا كَانَتْ مِثْلَ وَزْنِ دَرَاهِمِهِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَقْضِيَهُ أَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا فِي مِثْلِ وَزْنِهَا أَوْ أَقَلَّ إذَا اتَّفَقَتْ الْعُيُونُ. فَإِنْ قَضَيْته أَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا أَوْ قَضَيْته أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهَا فَلَا يَجُوزُ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَذَا فِي بَلَدٍ تَجُوزُ الدَّرَاهِمُ فِيهِ عَدَدًا. وَأَمَّا فِي بَلَدٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ الدَّرَاهِمُ إلَّا وَزْنًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا قَرْضُهَا إلَّا وَزْنًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْضِيَك عَنْ مِائَةٍ أَنْصَافًا خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَدَدًا مِثْلَ وَزْنِهَا اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقِيلَ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْأَنْقَصِ مُعْتَبَرًا دِرْهَمًا لَا نِصْفَ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا مُنِعَ كَزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ فِي الْعَدَدِ وَقِيلَ مُطْلَقٌ. اهـ. الْحَطّ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَنْصَافًا وَلَا عَنْ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 529 أَوْ وَزْنًا، إلَّا كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ، وَجَازَ بِأَكْثَرَ   [منح الجليل] الْمِائَةِ نِصْفَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَلَا عَنْ دِرْهَمٍ نِصْفَيْنِ وَلَا دِرْهَمًا عَنْ نِصْفَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَطَفَ عَلَى عَدَدًا فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضٍ بِأَزْيَدَ (وَزْنًا) فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ الْوَزْنِ يَسِيرَةً جِدًّا (كَرُجْحَانِ) أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي (مِيزَانٍ) وَاسْتِوَائِهِمَا فِي مِيزَانٍ آخَرَ فَيَجُوزُ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ جَازَ الْقَضَاءُ بِأَزْيَدَ وَزْنًا مَعَ تَسَاوِي الْعَدَدِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَطَفَ عَلَى مَعْنَى أَزْيَدَ عَدَدًا أَيْ لَا إنْ زَادَ الْعَدَدُ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضٍ إنْ (دَارَ) أَيْ حَصَلَ (فَضْلٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زِيدَ (مِنْ الْجَانِيَيْنِ) أَيْ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ إلَى بَابِ الْمُكَايَسَةِ، كَقَضَاءِ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَنْ عَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ، وَهَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ إلَخْ. (وَثَمَنُ) الشَّيْءِ (الْمَبِيعِ) الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي حَالَ كَوْنِهِ (مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَيْ قَضَاؤُهُ (كَذَلِكَ) أَيْ قَضَاءُ الْقَرْضِ فِي جَوَازِهِ بِأَفْضَلَ صِفَةً مُطْلَقًا وَبِأَقَلَّ صِفَةً، وَقَدْرًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ. (وَجَازَ) قَضَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْعَيْنَ (بِأَكْثَرَ) عَدَدًا أَوْ وَزْنًا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ عَنْ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ فَيَجُوزُ قَضَاؤُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ بِمُسَاوِيهِ قَدْرًا وَصِفَةً لَا أَزْيَدَ لِحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَلَا أَقِلَّ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ فَإِنْ حَلَّ جَازَ إنْ كَانَ عَرْضًا، فَإِنْ كَانَ طَعَامًا وَجَعَلَ الْأَقَلَّ فِي مِثْلِهِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْمُفَاضَلَةِ فِي الطَّعَامِ، وَهَذَا إنْ قَضَاهُ بِجِنْسِهِ، فَإِنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ طَعَامٍ، وَجَازَ بَيْعُهُ بِالْمَأْخُوذِ مُنَاجَزَةً وَسَلَّمَ رَأْسَ الْمَالِ فِيهِ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 530 وَدَارَ الْفَضْلُ بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ . وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ.   [منح الجليل] وَدَارَ) أَيْ حَصَلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (الْفَضْلُ) فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ (بِسِكَّةٍ) فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَجَوْدَةٌ فِي الْآخِرَةِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ مَسْكُوكٍ عَنْ دَنِيءٍ غَيْرُهُ جَيِّدٌ وَعَكْسُهُ (وَ) بِ (صِيَاغَةٍ) فِي أَحَدِهِمَا (وَجَوْدَةٍ) فِي الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ مَصُوغٍ دَنِيءٍ عَنْ غَيْرِهِ جَيِّدٍ وَلَا عَكْسُهُ. وَاخْتُلِفَ فِي قَضَاءِ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَصُوغِ وَعَكْسِهِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالسِّكَّةُ وَالصِّيَاغَةُ فِي الْقَضَاءِ كَالْجَوْدَةِ اتِّفَاقًا. ضَيْح الِاتِّفَاقُ الَّذِي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ وَغَيْرِهِمَا لَا فِيمَا بَيْنَ الْمَصُوغِ وَالْمَسْكُوكِ؛ لِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ اقْتِضَاءِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَصِيَاغَةٍ بِمَعْنَى أَوْ. (وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ جَمْعُ فَلْسٍ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ، أَيْ النُّحَاسُ الْمَسْكُوكُ الَّذِي يُتَعَامَلُ بِهِ، وَمَعْنَى بُطْلَانِهَا تَرْكُ التَّعَامُلِ بِهَا بَعْدَ تَرَتُّبِهَا فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ بِقَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ وَمِثْلُهَا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فِي التَّلْقِينِ، وَمَنْ ابْتَاعَ بِنَقْدٍ أَوْ اقْتَرَضَهُ ثُمَّ بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وُجِدَ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ إنْ فُقِدَ. اهـ. وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ اقْتَرَضَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ فُلُوسًا أَوْ بَاعَ بِهَا وَهِيَ سِكَّةٌ مَعْرُوفَةٌ ثُمَّ غَيَّرَ السُّلْطَانُ السِّكَّةَ وَأَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُ السِّكَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا وَلَزِمَتْهُ يَوْمَ الْعَقْدِ. الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ ذَلِكَ النَّقْدُ حَتَّى لَا يُوجَدَ لَكَانَ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ انْقِطَاعِهِ إنْ كَانَ حَالًّا وَإِلَّا فَيَوْمَ يَحِلُّ الْأَجَلُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ قَبْلَهُ. وَقَوْلُهُ مِثْلُ السِّكَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا يَعْنِي فِي الْقَرْضِ. وَقَوْلُهُ لَزِمَتْهُ يَوْمَ الْعَقْدِ يَعْنِي فِي الْبَيْعِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّيُوخِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَك عَلَيْهِ فُلُوسٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأُسْقِطَتْ لَمْ تَتْبَعْهُ إلَّا بِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الدَّرَاهِمِ إذَا أُسْقِطَتْ اهـ. (فَالْمِثْلُ) لَمَّا بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْلَى إنْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهَا مَعَ اسْتِمْرَارِ التَّعَامُلِ بِهَا، وَفِيهَا وَمَنْ أَسْلَفْته فُلُوسًا فَأَخَذْت بِهَا رَهْنًا فَفَسَدَتْ الْفُلُوسُ فَلَيْسَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 531 أَوْ عُدِمَتْ، فَالْقِيمَةُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدَمِ   [منح الجليل] لَك عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُ فُلُوسِك وَيَأْخُذُ رَهْنَهُ. وَإِنْ بِعْته سِلْعَةً بِفُلُوسٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا لَك مِثْلُ هَذِهِ الْفُلُوسِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَسَادِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَقْرَضْته دَرَاهِمَ فُلُوسًا وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِائَةُ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ صَارَتْ مِائَتَيْ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّمَا يَرُدُّ إلَيْك مِثْلَ مَا أَخَذَ لَا غَيْرَ ذَلِكَ. (أَوْ عُدِمَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْفُلُوسُ أَوْ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ تَرَتُّبِهَا فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ مِنْ بَلَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا (فَالْقِيمَةُ) وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِمَّا تَجَدَّدَ التَّعَامُلُ بِهِ مُعْتَبَرَةً (وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ) لِأَخْذِهَا مِمَّنْ هِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ يَوْمَ حُلُولِ أَجَلِهَا (وَالْعَدَمِ) لَهَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ إلَّا وَقْتَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ ثُمَّ عُدِمَتْ فَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْعَدَمِ، وَإِنْ عُدِمَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قُوِّمَتْ يَوْمَ اسْتِحْقَاقِهَا، هَذَا مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ وَصَوَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْبُرْزُلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ مَطَلَهُ بِهَا أَمْ لَا، وَقَيَّدَهَا الْوَانُّوغِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمَشَذَّالِيُّ وغ فِي التَّكْمِيلِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَدِينِ مَطْلٌ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ السِّكَّةِ الْجَدِيدَةِ. قَالَ صَاحِبُ تَكْمِيلِ الْمِنْهَاجِ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْأَحْسَنِ، فَإِنْ آلَ إلَى الْأَرْدَأِ فَإِنَّمَا يُعْطِيهِ مَا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَحَثَ بَدْرُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ مَعَ الْوَانُّوغِيِّ بِأَنَّ تَقْيِيدَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ وَشُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَطْلَ الْمَدِينِ لَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الدَّيْنِ، وَلَهُ طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَأَخْذُهُ مِنْهُ جَبْرًا، كَيْفَ وَقَدْ دَخَلَ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَتَقَاضَى حَقَّهُ مِنْهُ كَمَا دَفَعَهُ وَأَنْ يَمْطُلَهُ، وَعَلَى أَنْ يُفْلِسَ وَيَمُوتَ مُفْلِسًا قَالَ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ كَالْغَاصِبِ وَالْغَاصِبَ لَا يَتَجَاوَزُ مَعَهُ مَا غَصَبَ اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا عَلِمْت أَنَّ إطْلَاقَ الْمُدَوَّنَةِ يَقُومُ عِنْدَ الشُّيُوخِ مَقَامَ النَّصِّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خُصُوصًا، وَقَدْ تَابَعَ الشُّيُوخُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى إطْلَاقِهَا وَأَبْقَوْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ظَهَرَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 532 وَتُصُدِّقَ بِمَا غُشَّ   [منح الجليل] ظَهَرَ مَا قَالَهُ الْبَدْرُ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَنَّ ابْنَ لُبٍّ سُئِلَ عَنْ النَّازِلَةِ نَفْسِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمُمَاطَلَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُمَاطِلِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْإِثْمِ بُنَانِيٌّ. (وَتُصُدِّقَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثْقَلَةً جَوَازًا (بِمَا غُشَّ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الشِّينِ، أَيْ أُحْدِثَ فِيهِ الْغِشُّ وَأُعِدَّ لِغِشِّ النَّاسِ بِهِ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ. الْحَطّ لَا يَجِبُ فَسْخُ بَيْعِ الْغِشِّ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَيُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ لِخَبَرِ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ، فَإِنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ لِغَيْرِ بَيْعِهِ أَوْ لِبَيْعِهِ مُبَيِّنًا غِشَّهُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ غِشُّهُ بِهِ أَوْ يَشُكُّ فِيهِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ. فَإِنْ بَاعَهُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ بِلَا بَيَانٍ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِهِ وَالرُّجُوعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْغِشِّ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَسَدَ بَيْعُهُ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تُصُدِّقَ بِمَا غُشَّ أَنَّهُ لَا يُكْسَرُ الْخُبْزُ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ، وَطَرْحُ عُمَرَ لَهُ فِي الْأَرْضِ اجْتِهَادٌ مِنْهُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَحُمِلَ عَلَى الْقَلِيلِ. أَبُو الْحَسَنِ وَلَا قَائِلَ بِجَوَازِ إرَاقَةِ الْكَثِيرِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ يُرَاقُ اللَّبَنُ وَيُحْرَقُ الْمَلَاحِفُ الرَّدِيئَةُ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ. وَقِيلَ تُقْطَعُ خِرَقًا وَتُعْطَى لِلْمَسَاكِينِ قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ. وَقِيلَ لَا يَحِلُّ الْأَدَبُ فِي مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ. ابْنُ نَاجِي هَذَا الْخِلَافُ فِي نَفْسِ الْمَغْشُوشِ.، وَأَمَّا لَوْ زَنَى رَجُلٌ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا قَائِلَ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالْمَالِ، وَمَا يَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ فَهُوَ جَوْرٌ لَا شَكَّ فِيهِ اهـ. وَقَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِحَالٍ، وَفَتْوَى الْبُرْزُلِيُّ بِتَحْلِيلِ الْمُغَرَّمِ الْمُلَقَّبِ بِالْخَطَأِ لَمْ يَزَلْ الشُّيُوخُ يَعُدُّونَهَا مِنْ الْخَطَأِ، وَيَقْبِضُونَ عَنْ مُتَابَعَتِهَا الْخَطَأَ. وَالْخِلَافُ فِي طَرْحِ الْمَغْشُوشِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ وَحَرْقِ الْمَلَاحِفِ الرَّدِيئَةِ النَّسْجِ. وَشِبْهُ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ لَا مِنْ الْعُقُوبَةِ بِهِ، وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِأُجْرَةِ الْمُسْلِمِ نَفْسِهِ لِلْكَافِرِ عَلَى عَصْرِ خَمْرٍ أَوْ رَعْيِ خِنْزِيرٍ وَثَمَنِ خَيْلٍ وَسِلَاحٍ مَبِيعٍ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ. وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ حَرْقِ بَيْتِ الْخَمَّارِ فَهُوَ شَاذٌّ وَرَاجِعٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْبَيْتُ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ فَهِيَ عُقُوبَةٌ فِي الْمَالِ الَّذِي عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ. وَاسْتِحْسَانُ الْبُرْزُلِيُّ إغْرَامَ مُرْسِلِ الْبَهَائِمِ فِي الْكَرْمِ شَيْئًا جَارٍ عَلَى مَذْهَبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَغْرَمُهُ قَدْرَ مَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 533 وَلَوْ كَثُرَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ، إلَّا الْعَالِمَ لِيَبِيعَهُ كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنِّشَاءِ ، وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ،   [منح الجليل] أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ غُرْمِ الْمُتْلِفِ لَا مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ اهـ. وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِالْمَغْشُوشِ إنْ لَمْ يَكْثُرْ، بَلْ (وَلَوْ كَثُرَ) الْمَغْشُوشُ قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ، وَيُؤَدَّبُ صَاحِبُهُ وَيُتْرَكُ لَهُ إنْ أَمِنَ غِشَّهُ بِهِ، وَإِلَّا بِيعَ لِمَنْ يُؤْمَنُ. الْحَطّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَالْعُقُوبَةَ بِالْمَالِ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ وَصَارَتْ فِي الْبَدَنِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِكَثِيرٍ وَلَا قَلِيلٍ. وَاسْتَثْنَى مَنْ تَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَغْشُوشُ (اُشْتُرِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (كَذَلِكَ) أَيْ مَغْشُوشًا فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ، وَاسْتَثْنَى مَنْ اُشْتُرِيَ كَذَلِكَ فَقَالَ (إلَّا) الشَّخْصَ (الْعَالِمَ) بِغِشِّهِ يَشْتَرِيهِ (لِيَبِيعَهُ) أَيْ الْمَغْشُوشَ غَاشًّا بِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ. وَمَفْهُومُ لِيَبِيعَهُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهُ لِيَأْكُلَهُ أَوْ يَدَّخِرَهُ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ، وَمَثَّلَ لِلْغِشِّ فَقَالَ (كَبَلِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ اللَّامِ (الْخُمُرِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ جَمْعُ خِمَارٍ بِكَسْرِهَا مَا تُخَمِّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا مِنْ خَزٍّ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (بِالنَّشَا) بِكَسْرِ النُّونِ وَإِعْجَامِ الشِّينِ أَيْ الصَّمْغُ وَالْعَجِينُ وَنَحْوُهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِبَلِّهَا بِالنَّشَا وَأَنَّهُ يَصْفِقُهَا وَيَشُدُّهَا فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهَا وَالتَّمَسُّكِ بِهَا، فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ إلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِلُهَابِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَشُدُّهَا، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا يَصْنَعُهُ الْحَاكَةُ مِنْ تَصْمِيغِ الدِّيبَاجِ غِشٌّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَحْدَثَ فِيهَا مِنْ الشِّدَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ) لِيُوهِمَ جَوْدَةَ جَمِيعِهِ وَكَذَا الْفِضَّةُ وَيُكْسَرُ إنْ خِيفَ التَّعَامُلُ بِهِ، وَمَنْ خَلَطَ الرَّدِيءَ بِالْجَيِّدِ خَلَطَ لَحْمَ الْأُنْثَى بِلَحْمِ الذَّكَرِ وَالْهَزِيلَ بِالسَّمِينِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 534 وَنَفْخِ اللَّحْمِ.   [منح الجليل] وَالْمَعْزَ بِالضَّأْنِ وَالشَّعِيرَ بِالْقَمْحِ (وَنَفْخِ اللَّحْمِ) بَعْدَ سَلْخِهِ لِيَرْتَفِعَ قِشْرُهُ الْأَعْلَى فَيَظْهَرُ أَنَّهُ سَمِينٌ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ. فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ فَجَرَ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلَ فِي مِكْيَالِهِ زِفْتًا أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ السُّوقِ وَذَلِكَ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرْبِ. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُخْرَجُ أَدَبًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ غَشَّ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ يُعَاقَبُ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ، وَبِالْإِخْرَاجِ مِنْ السُّوقِ إنْ كَانَ اعْتَادَ الْغِشَّ، وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ. وَقَيَّدَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ بِمَا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ وَلَا يَعْرِفُ وَإِلَّا أُدِّبَ بِالضَّرْبِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 4 ¦ الصفحة: 535 (فَصْلٌ) عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا. اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ،   [منح الجليل] [فَصْلٌ عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَا مِنْ الطَّعَامِ وَبَيَانِ مَا هُوَ جِنْسٌ أَوْ أَجْنَاسٌ مِنْهُ وَمَا يَصِيرُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَصِيرُ وَالْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (عِلَّةُ) أَيْ عَلَامَةُ حِكْمَةِ حُرْمَةِ رِبَا (طَعَامِ الرِّبَا) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَامَةٌ جَعَلَهَا الشَّارِعُ غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ. الْحَطّ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلَا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ «الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ» ، وَقَصَرَ الظَّاهِرِيَّةُ الْحُكْمَ عَلَى هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ لِنَفْيِهِمْ الْقِيَاسَ، وَالْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِالْقِيَاسِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَيْهَا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمَنْعِ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى عَشْرَةِ أَقْوَالٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَيْنِ مِنْهَا الْأَوَّلُ (اقْتِيَاتٌ) أَيْ أَكْلُهُ لِقِيَامِ الْبُنْيَةِ بِهِ (وَادِّخَارٌ) أَيْ تَأْخِيرُهُ لِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمَعْنَى الِاقْتِيَاتِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 3 وَهَلْ لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ؟ تَأْوِيلَانِ:   [منح الجليل] قِيَامُ الْبُنْيَةِ بِهِ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الِادِّخَارِ التَّأْخِيرُ الْمُعْتَادُ بِلَا فَسَادٍ. ابْنُ نَاجِي لَا حَدَّ لِزَمَنِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَيُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ، وَحَكَى التَّادَلِيُّ حَدَّهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُعْتَادًا فَلَا يُعْتَبَرُ ادِّخَارُ الْجَوْزِ وَالرُّمَّانِ لِنُدُورِهِ. وَأَلْحَقَ بِالِاقْتِيَاتِ إصْلَاحَ الْمُقْتَاتِ. وَأَفَادَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَأَنَّ الْعِلَّةَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَكَوْنُهُ مُتَّخَذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَعَبَّرَ عَنْهُ عِيَاضٌ بِالْمُقْتَاتِ الْمُدَّخَرِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ لِلْمَعَاشِ غَالِبًا وَنَسَبَهُ لِلْبَغْدَادِيَّيْنِ. قَالَ: وَتَأَوَّلَ ابْنُ رِزْقٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا، وَالْمَدَارُ عَلَى ادِّخَارِهِ غَالِبًا وَكَوْنِهِ قُوتًا. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) يُشْتَرَطُ كَوْنُ ادِّخَارِهِ (لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ) الْحَطّ مَعْنَاهُ هَلْ الْعِلَّةُ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ كَوْنُهُ مُتَّخَذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُمَا اتِّخَاذُهُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رِزْقٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْفُرُوعَ الَّتِي يَذْكُرُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِمَا فَسَيَذْكُرُ أَنَّ التِّينَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَأَنَّ الْبَيْضَ رِبَوِيٌّ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ لِضَعْفِهَا عِنْدَهُ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا. الثَّالِثُ: قَوْلُ إسْمَاعِيلَ الِاقْتِيَاتُ وَالْإِصْلَاحُ. الرَّابِعُ: قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ الِادِّخَارُ. الْخَامِسُ: غَلَبَةُ الِادِّخَارِ، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الْعِنَبِ الَّذِي لَا يُزَبَّبُ فَيَخْرُجُ عَلَى الِادِّخَارِ وَيَدْخُلُ عَلَى غَلَبَتِهِ. السَّادِسُ: قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ أَوْ التَّفَكُّهُ وَالِادِّخَارُ. السَّابِعُ: الْمَالِيَّةُ فَلَا يُبَاعُ ثَوْبٌ بِثَوْبَيْنِ، وَنُسِبَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا يُوجِبُ الرِّبَا فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَلَا يُمْكِنُ قَوْلُهُ. الثَّامِنُ: قَوْلُ رَبِيعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَالِيَّةُ الزَّكَاةِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 4 كَحَبٍّ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ، وَهِيَ جِنْسٌ؟ .   [منح الجليل] التَّاسِعُ: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْكَيْلُ. الْعَاشِرُ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الطُّعْمُ. وَأَمَّا عِلَّةُ رِبَا النَّسَاءِ فِي الطَّعَامِ فَمُجَرَّدُ الْمَطْعُومِيَّةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّدَاوِي سَوَاءٌ كَانَ مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا أَمْ لَا، كَرُطَبِ الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ. الْحَطّ هَذَا تَفْسِيرُ الطَّعَامِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ. وَأَمَّا الطَّعَامُ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا النَّسَاءِ فَقَطْ وَلَا يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ فَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ أَوْ لِإِصْلَاحِهِ أَوْ لِشُرْبِهِ فَيَدْخُلُ الْمِلْحُ وَالْفُلْفُلُ وَنَحْوُهُمَا وَاللَّبَنُ لَا الزَّعْفَرَانُ وَإِنْ أَصْلَحَ لِعَدَمِ غَلَبَةِ اتِّخَاذِهِ لِإِصْلَاحِهِ، وَالْمَاءُ كَذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ الَّذِي يَحْرُمَانِ فِيهِ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى رِبَوِيًّا. بِخِلَافِ الثَّانِي فَلَا يُسَمَّى رِبَوِيًّا وَإِنْ دَخَلَهُ نَوْعٌ مِنْ الرِّبَا، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الْأَوَّلُ نَوْعَيْ الرِّبَا نَسَبَ إلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلَ الرِّبَا وَإِنْ انْتَشَرَتْ وَتَشَعَّبَتْ فَبِنَاؤُهَا عَلَى قَاعِدَتَيْنِ وُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ وَوُجُوبِ الْمُمَاثَلَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَالْبَحْثُ فِي الْفُرُوعِ إنَّمَا هُوَ فِي تَحْقِيقِ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ هَلْ وُجِدَتَا أَمْ لَا. (كَحَبٍّ) أَيْ قَمْحٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْصَرِفُ الْحَبُّ إلَيْهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ لِشُهْرَتِهِ فِيهِ، وَلِقَوْلِهِ وَهِيَ جِنْسٌ فَلَا يُقَالُ الْحَبُّ يَشْمَلُ الْقَمْحَ وَغَيْرَهُ فَكَيْفَ يَقُولُ وَهِيَ جِنْسٌ (وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ آخِرَهُ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ حَبٌّ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ لَا قِشْرَ لَهُ تُسَمِّيهِ الْمَغَارِبَةُ وَبَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ شَعِيرَ النَّبِيِّ، وَلَمَّا كَانَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَاخْتِلَافُهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي إبَاحَتِهِ بَيْنَهُمَا بَيَّنَ مَا هُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَمَا هُوَ أَجْنَاسٌ فَقَالَ: (وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثَةُ (جِنْسٌ) وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُعَوَّلُ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِيَّةِ عَلَى اسْتِوَاءٍ الْمَنْفَعَةُ أَوْ تَقَارُبُهَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَإِنْ اسْتَوَى الطَّعَامَانِ فِي الْمَنْفَعَةِ كَأَصْنَافِ الْحِنْطَةِ أَوْ تَقَارَبَا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فَهُمَا جِنْسٌ، وَإِنْ تَبَايَنَا فِيهَا كَالتَّمْرِ وَالْقَمْحِ فَجِنْسَانِ. وَالْمَنْصُوصُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ بَعْدَ أَنَّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْعِلْمِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 5 وَعَلَسٍ وَأَرُزٍّ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَهِيَ أَجْنَاسٌ،.   [منح الجليل] جِنْسٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ السُّيُورِيُّ وَتِلْمِيذُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ هُمَا جِنْسَانِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ الْقِطَّ يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّعِيرِ وَالْقَمْحِ إذْ يَخْتَارُ لُقْمَةَ الْقَمْحِ عَلَى لُقْمَةِ الشَّعِيرِ، وَرَدَّهُ الْبَاجِيَّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ التَّرَفُّهُ وَالنَّظَرُ لَيْسَ لَهُ، بَلْ لِأَصَالَةِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ إحْدَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ، حَلَفَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَالثَّانِيَة خِيَارُ الْمَجْلِسِ. وَالثَّالِثَةُ التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ. وَأَمَّا السُّلْتُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالْقَمْحِ، وَفِي إجْزَاءِ قَوْلِ السُّيُورِيِّ فِيهِ نَظَرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ عَدَمُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقَمْحِ مِنْ الشَّعِيرِ. الشَّيْخُ زَرُّوقٌ يَعْنِي فِي طُعْمِهِ وَلَوْنِهِ وَقِوَامِهِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي خِلْقَتِهِ (وَعَلَسٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ حَبٌّ مُسْتَطِيلٌ عَلَيْهِ. زَغَبٌ حَبَّتَانِ مِنْهُ فِي قِشْرَةٍ قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ الْبُرِّ طَعَامِ أَهْلِ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ. الْحَطّ اخْتَلَفَ فِي الْعَلَسِ فَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جِنْسٌ مُنْفَرِدٌ. وَقِيلَ: مُلْحَقٌ بِالثَّلَاثَةِ فِي الْجِنْسِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ اهـ. . (وَأَرُزٍّ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثَةُ (أَجْنَاسٌ) فَيَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَذَكَرَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا. وَذَكَرَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْهُ إلْحَاقَهَا بِالْقَمْحِ وَمَا مَعَهُ فِي الْجِنْسِيَّةِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ اللَّيْثِ وَمَالَ إلَيْهِ (وَقُطْنِيَّةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِهَا وَهِيَ عَدَسٌ وَلُوبِيَا وَحِمَّصٌ وَفُولٌ وَتُرْمُسٌ وَجُلْبَانٌ وَبَسِيلَةٌ. (وَمِنْهَا) أَيْ الْقُطْنِيَّةِ (كِرْسِنَّةُ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَشَدِّ النُّونِ وَتُسَمَّى كُشْنَى بِوَزْنِ بُشْرَى نَبْتُ شَجَرَةٍ صَغِيرَةٍ لَهَا ثَمَرٌ فِي غِلَافٍ مُصَدِّعٍ مُسَهِّلٍ مُبَوِّلِ الدَّمِ مُسَمِّنٍ لِلدَّوَابِّ نَافِعٍ لِلسُّعَالِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ، وَلَعَلَّ عَدَّهَا فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِاقْتِيَاتِهَا وَادِّخَارِهَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ، وَإِلَّا فَمَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّهَا دَوَاءٌ. تت قَرِيبَةٌ مِنْ الْبِسِلَّةِ وَفِي لَوْنِهَا حُمْرَةٌ. الْبَاجِيَّ هِيَ الْبِسِلَّةُ (وَهِيَ) أَيْ الْقُطْنِيَّةُ (أَجْنَاسٌ) فَيَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا. الْحَطّ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقُطْنِيَّةَ أَجْنَاسٌ مُتَبَايِنَةٌ يَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 6 وَقُطْنِيَّةٍ، وَمِنْهَا كِرْسِنَّةُ، وَهِيَ أَجْنَاسٌ. . وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ وَهُوَ جِنْسٌ. وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ: كَدَوَابِّ الْمَاءِ؛.   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَوَّلُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ الطُّرَرِ لِاخْتِلَافِ صُوَرِهَا وَأَسْمَائِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا وَمَنَافِعِهَا، وَعَدَمِ اسْتِحَالَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ. وَلِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ إلَى الْعُرْفِ وَهِيَ فِي الْعُرْفِ أَجْنَاسٌ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجْمَعُ فِي الْقِسْمِ بِالسَّهْمِ. وَقِيلَ: جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الثَّانِي، وَفِي الرِّسَالَةِ وَالْقُطْنِيَّةِ أَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ، وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُجَانَسَةُ الْعَيْنِيَّةُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَقَارُبُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَهُمَا جِنْسَانِ فِي الْبَيْعِ. وَقِيلَ: الْحِمَّصُ وَاللُّوبْيَا جِنْسٌ وَالْبَسِيلَةُ وَالْجُلْبَانُ جِنْسٌ وَبَاقِيهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَنُسِبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، ثُمَّ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْكِرْسِنَّةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مِنْ الْقَطَّانِيِّ. وَقِيلَ: إنَّهَا غَيْرُ طَعَامٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى لَا زَكَاةَ فِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ، ثُمَّ قَالَ سَنَدٌ وَعَدَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ التُّرْمُسَ مَعَ الْقُطْنِيَّةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي تَفْرِيعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَتَمْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَأَصْنَافُهُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ (وَزَبِيبٍ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَصْنَافَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ مَعَ التَّمْرِ جِنْسَانِ (وَلَحْمِ طَيْرٍ) كَحَمَامٍ وَدَجَاجٍ وَإِوَزٍّ وَنَعَامٍ (وَهُوَ) أَيْ لَحْمُ الطَّيْرِ (جِنْسٌ) إنْ اتَّفَقَتْ مَرَقَتُهُ، بَلْ (وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) كَلَحْمِ طَيْرٍ بِمُلُوخِيَّةٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ آخَرَ بِبَامِيَةٍ بِأَبْزَارٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَمْ لَا. وَشَبَّهَ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَرَقَةُ فَقَالَ (كَ) لَحْمِ (دَوَابِّ الْمَاءِ) الْحُلْوِ أَوْ الْمِلْحِ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ وَلَوْ آدَمِيَّهُ وَكَلْبَهُ وَخِنْزِيرَهُ (وَ) كَلَحْمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 7 وَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ وَحْشِيًّا، وَالْجَرَادِ. وَفِي رِبَوِيَّتِهِ: خِلَافٌ..   [منح الجليل] ذَوَاتِ) الْأَرْجُلِ (الْأَرْبَعِ) إنْ كَانَ إنْسِيًّا كَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (وَحْشِيًّا) كَغَزَالٍ وَحِمَارِ وَحْشٍ وَبَقَرَةٍ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ (وَ) كَ (الْجَرَادِ) وَهُوَ جِنْسٌ غَيْرُ الطَّيْرِ فِيهَا لَا بَأْسَ بِالْجَرَادِ بِالطَّيْرِ (وَفِي رِبَوِيَّتِهِ) أَيْ الْجَرَادِ وَعَدَمِهَا (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. سَنَدٌ اللُّحُومُ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ لَحْمُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ جِنْسٌ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْمَاءِ الْحَيَوَانِ إنْسِيِّهَا وَوَحْشِيِّهَا، وَلَحْمُ الطَّيْرِ جِنْسٌ مُخَالِفٌ لِلَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْمَاءِ الطُّيُورِ وَحْشِيِّهَا وَإِنْسِيِّهَا، وَلَحْمُ الْحُوتِ جِنْسٌ ثَالِثٌ مُخَالِفٌ لِلْجِنْسَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْمَاءِ الْحُوتِ مَا كَانَ لَهُ شَبَهٌ فِي الْبَرِّ وَقَوَائِمُ يَمْشِي عَلَيْهَا وَمَا لَا شَبَهَ لَهُ، وَالْجَرَادُ جِنْسٌ رَابِعٌ فَكُلُّ جِنْسٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْجِنْسِ الْآخَرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا، وَيَابِسًا بِطَرِيٍّ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَضْلٌ وَلَا يَابِسٌ بِطَرِيٍّ خَلَا الْجَرَادِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: الْجَرَادُ لَيْسَ بِلَحْمٍ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَلَّابِ أَنَّهُ جِنْسٌ رَابِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ يُفْتَقَرُ عِنْدَهُ إلَى ذَكَاةٍ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جِنْسٌ رِبَوِيٌّ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَرَادَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ كُلُّ مَا يَسْكُنُ الْمَاءَ مِنْ التُّرْسِ فَمَا دُونَهُ وَالصِّيَرِ فَمَا فَوْقَهُ صِنْفٌ لَا يُبَاعُ مُتَفَاضِلًا، ثُمَّ قَالَ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَ قَلِيلَةِ الْعَسَلِ وَقَلِيلَةِ الْخَلِّ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِلَحْمِ الطَّيْرِ، بَلْ الْحُكْمُ جَارٍ فِي لَحْمِ دَوَابِّ الْمَاءِ وَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَحْمِ الْجَرَادِ، وَيُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ تَشْبِيهِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِلَحْمِ الطَّيْرِ فِيهَا لَا خَيْرَ فِي الطَّيْرِ بِلَحْمِ الْحِيَّتَانِ مُتَفَاضِلًا وَلَا فِي صِغَارِ الْحِيَّتَانِ بِكِبَارِهَا مُتَفَاضِلًا فِي الطِّرَازِ لَا فَرْقَ فِي الْجِنْسِ بَيْنَ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ وَخَشِنِهِ وَنَاعِمِهِ، كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمَلِ وَالْحَمَلِ، وَلَا بَيْنَ النَّعَامِ وَالْحَمَامِ، وَلَا بَيْنَ حُوتِ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَحُوتِ الْمَاءِ الْمَالِحِ، ثُمَّ قَالَ: وَكُبُودُ السَّمَكِ وَدُهْنُهُ وَوَدَكُهُ لَهُ حُكْمُ السَّمَكِ وَلَيْسَ الْبَطَارِخُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْضُ السَّمَكِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُودَعِ فِيهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ كَبَيْضِ الطَّيْرِ وَلَبَنِ النَّعَمِ، وَفِيهَا مَا أُضِيفَ إلَى اللَّحْمِ مِنْ شَحْمٍ وَكَبِدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 8 وَفِي جِنْسِيَّةِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ: قَوْلَانِ، وَالْمَرَقُ، وَالْعَظْمُ،.   [منح الجليل] وَكَرِشٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ وَطِحَالٍ وَكُلًى وَحُلْقُومٍ وَخُصْيَةٍ وَكُرَاعٍ وَرَأْسٍ وَشِبْهِهِ، فَلَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ فِيمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِاللَّحْمِ وَلَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الطِّحَالِ اهـ. فِي الطِّرَازِ وَالْجِلْدُ لَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ إذَا كَانَ مَأْكُولًا، وَكَذَلِكَ الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ وَالْبَيْضُ لَيْسَ مِنْ اللَّحْمِ كَاللَّبَنِ وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّحْمِ وَزْنًا بِوَزْنٍ بِلَا خِلَافٍ. . (وَفِي) اتِّحَادِ (جِنْسِيَّةِ) اللَّحْمِ (الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ) كَلَحْمِ طَيْرٍ وَلَحْمِ نَعَمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ إنَاءَيْنِ بِأَبْزَارٍ نَاقِلَةٍ لِكُلِّ مِنْهُمَا عَنْ النَّيْءِ فَيَصِيرَانِ بِالطَّبْخِ بِهَا جِنْسًا وَاحِدًا يَحْرُمُ الْفَضْلُ فِيهِ وَعَدَمِ اتِّحَادِهِ وَبَقَائِهِمَا جِنْسَيْنِ عَلَى أَصْلِهِمَا (قَوْلَانِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَمْرَاقَ وَاللُّحُومَ الْمَطْبُوخَةَ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِ اللُّحُومِ وَلَا إلَى اخْتِلَافِ مَا يُطْبَخُ بِهِ، وَتَعَقَّبَ هَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَرَأَى أَنَّ الزِّيرَبَاجَ مُخَالِفٌ لِلطَّبَاهِجَةِ وَمَا يُعْمَلُ مِنْ لَحْمِ الطَّيْرِ مُخَالِفٌ لِمَا يُعْمَلُ مِنْ لَحْمِ الْغَنَمِ. وَاخْتَارَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّ اللَّحْمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ إذَا طُبِخَا لَا يَصِيرَانِ جِنْسًا وَاحِدًا، بَلْ يَبْقَيَانِ عَلَى أَصْلِهِمَا. اهـ. وَالْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ خِلَافٌ لِتَرْجِيحِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ. (وَالْمَرَقُ) لِلَّحْمِ كَاللَّحْمِ فَيُبَاعُ بِمَرَقٍ مِثْلِهِ وَبِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ وَبِمَرَقٍ وَلَحْمٍ وَمَرَقٌ وَلَحْمٌ بِمِثْلِهِمَا مُتَمَاثِلًا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ. ابْنُ يُونُسَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَتَحَرَّى فِي بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِمِثْلِهِ اللَّحْمَانِ وَمَا مَعَهُمَا مِنْ مَرَقٍ لِأَنَّ الْمَرَقَ مِنْ اللَّحْمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ يَتَحَرَّى اللَّحْمَانِ خَاصَّةً وَهُمَا نِيَّانِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا إلَى مَا مَعَهُمَا مِنْ مَرَقٍ كَمَا لَا يَتَحَرَّى فِي الْخُبْزِ بِالْخُبْزِ إلَّا الدَّقِيقُ (وَالْعَظْمُ) الْمُتَّصِلُ بِاللَّحْمِ وَالْمُنْفَصِلُ عَنْهُ الَّذِي يُؤْكَلُ كَاللَّحْمِ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِلَحْمٍ فَإِذَا بِيعَ لَحْمٌ فِيهِ عَظْمٌ بِلَحْمٍ خَالٍ مِنْ الْعَظْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْوَزْنِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِبَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ نَوَاهُ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يَتَحَرَّى مَا فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ وَيُسْقِطُ الْعَظْمَ، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا عَلَى اخْتِصَارٍ سَنَدٌ. قُلْت: هَلْ يَصْلُحُ الرَّأْسُ بِالرَّأْسَيْنِ قَالَ: لَا يَصْلُحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ أَوْ عَلَى التَّحَرِّي. قُلْت فَإِنْ دَخَلَ رَأْسُ وَزْنِ رَأْسَيْنِ أَوْ دَخَلَ ذَلِكَ فِي التَّحَرِّي لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 9 وَالْجِلْدُ كَهُوَ. . وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ، وَذُو زَيْتٍ كَفُجْلٍ وَالزُّيُوتُ: أَصْنَافٌ:.   [منح الجليل] نَعَمْ: لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ. سَنَدٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَصْلُحُ أَنَّ الْعَظْمَ لَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ. اللَّخْمِيُّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِتَحَرٍّ اللَّحْمِ وَالْقَوْلَانِ فِي عَظْمِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ. (وَالْجِلْدُ) الَّذِي يُؤْكَلُ مُنْفَصِلًا عَنْ اللَّحْمِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (كَهُوَ) أَيْ اللَّحْمِ فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِأُخْرَى وَلَا يُسْتَثْنَى الْجِلْدُ، بِخِلَافِ الصُّوفِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ لِأَنَّهُ عَرَضٌ وَالْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ عَرَضٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا خَيْرَ فِي شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ تَحَرِّيًا إنْ قَدَرَ عَلَى تَحَرِّيهِمَا قَبْلَ سَلْخِهِمَا. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ يَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ كُلُّ وَاحِدٍ جِلْدَ شَاتِه وَإِلَّا فَهُوَ لَحْمٌ وَسِلْعَةٌ. سَنَدٌ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْبَاجِيَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ لِلْجِلْدِ لَحْمٌ يُؤْكَلُ مَسْمُوطًا. سَنَدٌ عَلَى هَذَا يُرَاعَى الصُّوفُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَجْزُورَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. . (وَيُسْتَثْنَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ (قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ وَمِنْ جَانِبِ صَاحِبِهِ إذَا بِيعَ بِبَيْضِ غَيْرِهِ، فَإِنَّ قِشْرَ بَيْضِ النَّعَامِ عَرَضٌ لَهُ قِيمَةٌ وَفِيهِ مَنَافِعُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ لَزِمَ فِي بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ، وَفِي بَيْعِهِ بِبَيْضِ غَيْرِهِ بَيْعٌ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ لِلْفَضْلِ الْمَعْنَوِيِّ وَمِثْلُ بَيْضِ النَّعَامِ بَيْعُ عَسَلٍ بِشَمْعِهِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَسَلٍ بِدُونِ شَمْعِهِ، فَيُسْتَثْنَى الشَّمْعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ جَانِبٍ (وَذُو زَيْتٍ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ذُو بِالْوَاوِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَصْنَافٌ وَفِي بَعْضِهَا وَذِي بِالْيَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ قَبْلَهُ (كَ) حَبِّ (فُجْلٍ) أَحْمَرَ وَسِمْسِمٍ وَزَيْتُونٍ وَقُرْطُمٍ فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْآخَرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ بِزْرِ الْكَتَّانِ رِبَوِيًّا رِوَايَةُ زَكَاتِهِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا زَكَاةَ فِيهِ إذْ لَيْسَ بِعَيْشِ الْقَرَافِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (وَالزُّيُوتُ) الْمَأْكُولَةُ (أَصْنَافٌ) أَيْ أَجْنَاسٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا زَيْتُ الزَّيْتُونِ وَزَيْتُ الْفُجْلِ وَزَيْتُ الْجُلْجُلَانِ أَجْنَاسٌ لِاخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 10 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي كُلِّ زَيْتٍ يُؤْكَلُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْفَضْلَ فِي زَيْتِ الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: زَيْتُ الزَّيْتُونِ وَالْجُلْجُلَانِ وَالْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ وَزَيْتُ زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَصْنَافٌ يَجُوزُ بَيْعُ صِنْفٍ مِنْهَا بِالْآخِرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا، وَيَجُوزُ الْفَضْلُ فِي زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا، وَإِنَّمَا يُرَادُ لِلْعِلَاجِ وَيَدْخُلُ فِي الْأَدْوِيَةِ وَكَذَلِكَ زَيْتُ الْجَوْزِ عِنْدَنَا. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبْلَهُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِي بِزْرِ الْكَتَّانِ وَزَيْتِهِ أَنَّهُمَا غَيْرُ رِبَوِيَّيْنِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ بِحَسَبِ عَادَةِ بَلَدِهِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِمِصْرَ يَسْتَعْمِلُونَ زَيْتَ الْكَتَّانِ فِي قَلْيِ السَّمَكِ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ زَرِيعَةُ الْفُجْلِ وَزَرِيعَةُ الْكَتَّانِ مِنْ الطَّعَامِ لَا يُبَاعُ حَتَّى يُسْتَوْفَى وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَقْتَاتُ فِيهِ ذَلِكَ أَفَادَهُ الْحَطّ، وَنَقَلَ عَقِبَهُ كَلَامَ الطِّرَازِ وَهُوَ حَسَنٌ مَبْسُوطٌ فَانْظُرْهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 11 كَالْعُسُولِ، لَا الْخُلُولِ، وَالْأَنْبِذَةِ،.   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي تَعَدُّدِ الْجِنْسِ فَقَالَ (كَالْعُسُولِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَسَلٍ مِنْ نَحْلٍ وَقَصَبٍ وَرُطَبٍ وَزَبِيبٍ وَخَرُّوبٍ فَهِيَ أَجْنَاسٌ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا، وَيُسْتَفَادُ كَوْنُهَا رِبَوِيَّةً مِنْ كَوْنِهَا أَجْنَاسًا، وَسَيُصَرِّحُ بِرِبَوِيَّتِهَا، وَأَخْرَجَ مِنْ تَعَدُّدِ الْجِنْسِ فَقَالَ (لَا) يَتَعَدَّدُ جِنْسُ (الْخُلُولِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَلٍّ مِنْ عِنَبٍ وَخَلٍّ زَبِيبٍ وَخَلِّ تَمْرٍ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَ) لَا يَتَعَدَّدُ جِنْسُ (الْأَنْبِذَةِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ نَبِيذٍ أَيْ مَاءٍ مَنْبُوذٍ فِيهِ نَبِيذُ زَبِيبٍ وَنَبِيذُ تِينٍ وَغَيْرُهَا كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَالْخُلُولُ مَعَ الْأَنْبِذَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا، وَذُكِرَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْخُلُولَ جِنْسٌ وَالْأَنْبِذَةَ جِنْسٌ آخَرُ. ابْنُ رُشْدٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: النَّبِيذُ لَا يَصْلُحُ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 12 وَالْأَخْبَازِ، وَلَوْ بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ، وَبَيْضٍ، وَسُكَّرٍ. وَعَسَلٍ وَمُطْلَقِ لَبَنٍ، وَحُلْبَةٍ وَهَلْ إنْ اخْضَرَّتْ؟ تَرَدُّدٌ. .   [منح الجليل] بِمِثْلٍ لِأَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ بَعِيدٌ مَا بَيْنَهُمَا، وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ مِنْهُمَا، فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى مُخَالِفًا لِلْمُدَوَّنَةِ. (وَ) لَا يَتَعَدَّدُ جِنْسُ (الْأَخْبَازِ) بِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَيْنِ جَمْعُ خُبْزٍ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ) كَانَ (بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً) وَبَعْضُهَا غَيْرَ قُطْنِيَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (إلَّا الْكَعْكَ) الْمَعْجُونَ أَوْ الْمُلَطَّخَ (بِأَبْزَارٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ بِزْرٍ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا لُغَةٌ، وَيُجْمَعُ أَبْزَارٌ عَلَى أَبَازِيرَ وَهِيَ التَّوَابِلُ الْآتِيَةُ، وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِبِزْرٍ وَاحِدٍ كَسِمْسِمٍ، وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ الدُّهْنَ بِالْأَبْزَارِ فَقَالَ: يَجُوزُ بَيْعُ الْإِسْفَنْجِ بِالْخُبْزِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا وَالْإِسْفَنْجُ الزَّلَابِيَّةُ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: يَجُوزُ بَيْعُ الْإِسْفَنْجَةِ وَالْمُسِنَّةِ بِالْخُبْزِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا. (وَ) كَ (بَيْضٍ) فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى حَبٍّ فَهُوَ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يَجُوزُ الْفَضْلُ فِيهِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ بَيْضُ الطَّيْرِ كُلِّهِ صِنْفُ النَّعَامِ وَالطَّاوُوسِ فَمَا دُونَهَا مِمَّا يَطِيرُ أَوْ لَا يَطِيرُ يَسْتَحِي أَوْ لَا يَسْتَحِي صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ فَلَا يُبَاعُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ تَحَرِّيًا، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ كَبَيْضَةٍ بِأَكْثَرَ (وَ) كَ (سُكَّرٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ مُشَدَّدَةً فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَكُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ. . (وَ) كَ (عَسَلٍ) فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَجْنَاسٌ (وَ) كَ (مُطْلَقِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (لَبَنٍ) مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ حَلِيبٍ أَوْ مَخِيضٍ أَوْ مَضْرُوبٍ وَكُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَبَنِ آدَمِيٍّ أَوْ نَعَمٍ بِفَضْلِ أَحَدِهِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ نَاجِي لَبَنُ الْآدَمِيِّ عِنْدِي كَأَحَدِ الْأَلْبَانِ مِنْ الْأَنْعَامِ فَيَحْرُمُ الْفَضْلُ فِيهِ وَفِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) كَ (حُلْبَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَتُخَفَّفُ بِالسُّكُونِ فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ. (وَهَلْ) مَحَلُّ رِبَوِيَّتِهَا (إنْ اخْضَرَّتْ) أَيْ كَانَتْ خَضْرَاءَ فَيُمْنَعُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَالْفَضْلُ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً فَلَا يُمْنَعُ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ رِبَوِيَّةً مُطْلَقًا (تَرَدُّدٌ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 13 وَمُصْلِحُهُ: كَمِلْحٍ، وَبَصَلٍ، وَثُومٍ وَتَابِلٍ كَفُلْفُلٍ، وَكُزْبَرَةٍ، وَكَرَوْيَا، وَآنِيسُونٍ،.   [منح الجليل] الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي الْحُلْبَةِ هَلْ هِيَ طَعَامٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، أَوْ دَوَاءٌ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ وَالْيَابِسَةُ دَوَاءٌ وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِينَ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ. وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ خِلَافٌ لَهُمَا وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَلِذَا قَالَ تَرَدُّدٌ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْخِلَافُ فِي الْحُلْبَةِ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهَا طَعَامًا أَوْ دَوَاءً لَا فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِي الرِّبَوِيِّ. اهـ. وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً أَمْ لَا فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ مَنْ أَثْبَتَ مَطْعُومِيَّتَهَا مُطْلَقًا وَبَيْنَ مَنْ قَيَّدَهَا بِالْخَضْرَاءِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ رِبَوِيَّةٌ لِأَنَّهَا تُدَّخَرُ لِلْإِصْلَاحِ، وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي قَيَّدَهَا بِالْخَضْرَاءِ لَا تُدَّخَرُ فَلَا تَكُونُ رِبَوِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا قَالَ: وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَطْعُومٍ وَإِنَّمَا غَالِبُ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْأَدْوِيَةِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ هَذَا. . (وَمُصْلِحُهُ) أَيْ الطَّعَامِ رِبَوِيٌّ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَعَطْفُهُ عَلَى حَبٍّ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَاتًا، بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ نَعَمْ هُوَ طَعَامٌ لِلَّخْمِيِّ رِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّوَابِلَ طَعَامٌ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الطَّعَامُ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ أَوْ لِإِصْلَاحِهِ أَوْ شُرْبِهِ (كَمِلْحٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَبَصَلٍ وَثُومٍ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتُبْدَلُ فَاءً أَخْضَرَيْنِ أَوْ يَابِسَيْنِ الشَّارِحُ لَا خِلَافَ فِي رِبَوِيَّةِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَهُمَا جِنْسَانِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَمْ أَرَ فِي الْمِلْحِ خِلَافًا أَيْضًا وَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ. (وَتَابِلٍ) أَوَّلُهُ مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ وَيَلِي أَلِفَهُ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ أَوْ مَكْسُورَةٌ. وَفِي الْمُحْكَمِ أَنَّ بَعْضَهُمْ هَمَزَهُ وَمَثَّلَ لَهُ فَقَالَ (كَفُلْفُلٍ) بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ حَبٌّ مَعْرُوفٌ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الزَّنْجَبِيلَ (وَكُزْبَرَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتُفْتَحُ وَتُبْدَلُ الزَّايُ سِينًا إنْ كَانَتْ يَابِسَةً لَا خَضْرَاءَ، إلَّا لِعُرْفٍ بِالْإِصْلَاحِ بِهَا كَالسَّلْقِ (وَكَرَوْيَا) كَزَكَرِيَّا وَكَ تَيْمِيَاءَ (وَآنِيسُونٍ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 14 وَشَمَارٍ، وَكَمُّونَيْنِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ لَا خَرْدَلٍ، وَزَعْفَرَانٍ،. .   [منح الجليل] بِمَدِّ الْهَمْزِ أَوَّلُهُ يَلِيهِ نُونٌ مَكْسُورَةٌ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ فَسِينٌ مُهْمَلَةٌ آخِرُهُ نُونٌ (وَشَمَارٍ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ كَسَحَابٍ (وَكَمُّونَيْنِ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَخْضَرَ وَأَسْوَدَ وَيُسَمَّى الثَّانِي حَبَّةً سَوْدَاءَ وَشُونِيزًا بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهَذَا أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا. ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّمَارُ وَالْكَمُّونَانِ وَالْآنِيسُونُ طَعَامٌ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَيْسَتْ طَعَامًا هِيَ دَوَاءٌ، وَإِنَّمَا التَّابِلُ الَّذِي هُوَ طَعَامٌ الْفُلْفُلُ وَالْكَرَوْيَا وَالْكُزْبَرَةُ وَالْقِرْفَا وَالسُّنْبُلُ. ابْنُ حَبِيبٍ الشُّونِيزُ وَالْخَرْدَلُ مِنْ التَّوَابِلِ لَا الْحِرَفِ وَهُوَ حَبُّ الرَّشَادِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْمَصْطَكَى نَصَّ فِي أَنَّهَا غَيْرُ طَعَامٍ. (وَهِيَ) أَيْ التَّوَابِلُ الْمَذْكُورَةُ (أَجْنَاسٌ) الشَّارِحُ وَق الْكَمُّونَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ (لَا) كَ (خَرْدَلٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ فَلَيْسَ مِنْ الْمُصْلِحِ فَلَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ، وَكَالْخَرْدَلِ بِزْرُ الْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقَرْعِ وَالْكُرَّاثِ وَحَبِّ الرَّشَادِ. الشَّارِحُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْخَرْدَلَ رِبَوِيٌّ، وَنَصُّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ، فَمَا اتَّفَقَ عَلَى وُجُودِهَا فِيهِ فَرِبَوِيٌّ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ثُمَّ قَالَ: وَالْخَرْدَلُ وَالْقُرْطُمُ، وَتَرَدَّدَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي التِّينِ لِعَدَمِ اقْتِيَاتِهِ فِي الْحِجَازِ وَإِلَّا فَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْقُوتِيَّةِ مِنْ الزَّبِيبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْخَرْدَلُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأَظْهَرُ فِي التِّينِ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ خِلَافًا فِيهِ. الرَّمَّاحُ وَابْنُ عَرَفَةَ اللِّيمُ طَعَامٌ لَا النَّارِنْجُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَصْبَغَاتِ وَنَحْوِهَا. الرَّمَّاحُ أَشْرِبَةُ الْحَكِيمِ كُلُّهَا رِبَوِيَّةٌ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي رِبَوِيَّتِهَا وَلَا تُبَاعُ بِطَعَامٍ مُؤَخَّرٍ. أَبُو حَفْصٍ لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ فِي الْأَشْرِبَةِ كُلِّهَا شَرَابِ الْوَرْدِ وَشَرَابِ الْبَنَفْسَجِ وَشَرَابِ الْجَلَّابِ وَغَيْرِهَا لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا، وَلَا يَجُوزُ عَسَلُ الْقَصَبِ بِالْقَصَبِ فَإِذَا صَارَ شَرَابًا جَازَ لِدُخُولِ الْأَبْزَارِ فِيهِ فَصَارَ مِثْلَ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِهَا بِالنَّيْءِ وَالْمَصْطَكَى لَيْسَتْ بِطَعَامٍ وَالْجَلَّابُ طَعَامٌ. (وَ) لَا (زَعْفَرَانٍ) ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِطَعَامٍ إجْمَاعًا. ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ مَنَعَ سَلَفَهُ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 15 وَخُضَرٍ، وَدَوَاءٍ، وَتِينٍ، وَمَوْزٍ، وَفَاكِهَةٍ وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ، وَكَبُنْدُقٍ،.   [منح الجليل] طَعَامٍ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ ضُرِبَ عُنُقُهُ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى إجَازَتِهِ. عَبْدُ الْحَقِّ سَأَلْت أَبَا عِمْرَانَ عَنْ هَذَا فَقَالَ: إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ فَلَا يُسْتَتَابُ، وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِطَرِيقٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْعِلْمُ بِهِ يُسْتَتَابُ. ابْنُ عَرَفَةَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الَّذِي يُسْتَتَابُ مُنْكِرُهُ مَا كَانَ قَطْعِيًّا وَهُوَ مَا بَلَغَ عَدَدُ قَائِلِهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَنُقِلَ مُتَوَاتِرًا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ نَحْوَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَمَا نُقِلَ مِنْ الْإِجْمَاعِ فِي الزَّعْفَرَانِ لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ الْإِجْمَاعِ وَمِنْ أَوْعَبِهَا كِتَابُ الْحَافِظِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَقَفْت عَلَى نُسْخَةٍ مِنْهُ بِخَطِّهِ فَلَمْ أَجِدْهُ فِيهَا بِحَالٍ اهـ. . (وَخُضَرٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَيْنِ جَمْعُ خُضْرَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ شَيْءٍ أَخْضَرَ يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ كَبَامِيَةٍ وَمُلُوخِيَّةٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَقَرْعٍ وَبَقْلٍ، أَوْ بِقَلْعِ أَصْلِهِ كَخَسٍّ وَفُجْلٍ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا (وَدَوَاءٍ) كَمُغَاثِ وَجَنْزَبِيلٍ وَحُبُوبٍ لَا يُعْصَرُ مِنْهُمَا زَيْتٌ مَأْكُولٌ فَلَيْسَ بِطَعَامٍ (وَتِينٍ) بِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقِيَّةٍ فَتَحْتِيَّةٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ كَمَا فِي نَقْلِ ق وَنَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا يَجُوزُ فِي الْعِنَبِ التَّفَاضُلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَزَبَّبُ، وَكَذَلِكَ التِّينُ وَأَحَدُهُمَا لَا يَيْبَسُ وَيُحْكَمُ فِيهِ بِالْأَغْلَبِ فَهَذَا نَصُّ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ التِّينَ رِبَوِيٌّ. اهـ. وَظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ، وَقِيلَ: الْأَوَّلُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ. (وَمَوْزٍ وَفَاكِهَةٍ) كَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ وَتُفَّاحٍ وَكُمَّثْرَى وَرُمَّانٍ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً إنْ لَمْ تَدَّخِرْ، بَلْ (وَلَوْ اُدُّخِرَتْ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نَاحِيَةً مِنْ الْبِلَادِ كَادِّخَارِ التُّفَّاحِ وَنَحْوِهِ بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا، وَكَالْبِطِّيخِ الْأَصْفَرِ بِخُرَاسَانَ لِنُدُورِ ادِّخَارِهَا وَعَدَمِ اقْتِيَاتِهَا (وَكَبُنْدُقٍ) وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَفُسْتُقٍ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ اُدُّخِرَتْ فِي الْأَقْطَارِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلِاقْتِيَاتِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُ رِبَا الْفَضْلِ أَصْلٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَفِي عِلَّتِهِ اضْطِرَابٌ الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِهَا الِاقْتِيَاتَ أَوْ الِادِّخَارَ لَا كُلٌّ غَالِبًا ثَالِثُهَا الْأَوَّلُ وَالِادِّخَارُ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَابْنِ نَافِعٍ مَعَ رِوَايَةِ الْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ غَيْرِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 16 وَبَلَحٍ، إنْ صَغُرَ، وَمَاءٍ. .   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عِلَّتُهُ فِي الْبُرِّ الِاقْتِيَاتُ وَفِي التَّمْرِ التَّفَكُّهُ الصَّالِحُ لِلْقُوتِ، وَفِي الْمِلْحِ كَوْنُهُ مُؤْتَدَمًا. ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي الِادِّخَارُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا. اللَّخْمِيُّ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ اللَّوْزَ وَشِبْهَهُ غَيْرُ مُتَّخَذٍ لِلْعَيْشِ غَالِبًا وَهُوَ رِبَوِيٌّ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَاخْتُلِفَ فِي الْأَنْوَاعِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْعِلَّةِ، فَفِي كَوْنِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ رِبَوِيَّيْنِ نَقْلًا ابْنُ بَشِيرٍ وَنَحْوَ قَوْلِ الْبَاجِيَّ فِي جَعْلِ الْعِلَّةِ الِاقْتِيَاتَ وَالِادِّخَارَ لَمْ يَجْعَلْ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ رِبَوِيَّيْنِ، وَظَاهِرُ مُتَقَدِّمِ رَدِّ اللَّخْمِيِّ تَعْلِيلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ الْمُتَقَدِّمِ تَرْجِيحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ، لَكِنْ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُ الْفَضْلِ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَنَحْوِهَا، وَنَقَلَ " ق " نَصَّ ابْنِ يُونُسَ بِأَنَّ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ رِبَوِيَّانِ. (وَ) لَا (بَلَحٍ إنْ صَغُرَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ انْعَقَدَ وَاخْضَرَّ لِأَنَّهُ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ وَأَحْرَى الطَّلْعِ وَالْإِغْرِيضِ وَمَرَاتِبُ ثَمَرِ النَّخْلِ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ طَلْعٌ فَإِغْرِيضٌ فَبَلَحٌ صَغِيرٌ فَزَهْوٌ فَبُسْرٌ فَرُطَبٌ فَتَمْرٌ، وَقَدْ جُمِعَتْ أَوَائِلُهَا فِي طَابَ زَبَرَتْ، فَالطَّاءُ مِنْ الطَّلْعِ، وَالْأَلْفُ مِنْ الْإِغْرِيضِ وَهَكَذَا إلَخْ، وَصُوَرُ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي مِثْلِهَا يَتَكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِهَا ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً، وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ يَمْتَنِعُ خَمْسَةٌ مِنْهَا وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الزَّهْوِ وَالْبُسْرِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، وَالثَّلَاثُ وَالْعِشْرُونَ كُلُّهَا جَائِزَةٌ وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الطَّلْعِ وَالْإِغْرِيضِ وَالْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشَرَةَ صُورَةً، وَبِبَيْعِ الزَّهْوِ بِمِثْلِهِ وَبِالْبُسْرِ، وَبَيْعِ كُلٍّ مِنْ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ بِمِثْلِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ تَمْرٌ بِرُطَبٍ أَوْ بِبُسْرٍ أَوْ بِكَبِيرِ الْبَلَحِ وَلَا كَبِيرُ الْبَلَحِ بِرُطَبٍ وَلَا بُسْرٌ بِرُطَبٍ عَلَى حَالٍ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا. (وَ) لَا (مَاءٍ) بِالْمَدِّ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ فَيَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا يَدًا بِيَدٍ وَبِمُسَاوِيهِ لِأَجَلٍ لَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ، مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَا بِأَقَلَّ مِنْهُ لِأَجَلٍ، لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 17 وَيَجُوزُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ، وَالطَّحْنُ، وَالْعَجْنُ، وَالصَّلْقُ إلَّا التُّرْمُسُ وَالتَّنْبِيذُ لَا يَنْقُلُ، بِخِلَافِ خَلِّهِ، وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ، وَشَيِّهِ وَتَجْفِيفِهِ بِهَا، وَالْخُبْزِ، وَقَلْيِ قَمْحٍ وَسَوِيقٍ.   [منح الجليل] وَيَجُوزُ) بَيْعُ الْمَاءِ (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) وَبَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمَاءُ الْعَذْبُ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا يُشْرَبُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْأُجَاجُ الَّذِي لَا يُشْرَبُ بِحَالٍ كَمَاءِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ جِنْسٌ آخَرُ (وَالطَّحْنُ) لِحَبٍّ لَا بِنَقْلِ دَقِيقِهِ عَنْ جِنْسِهِ (وَالْعَجْنُ) لِدَقِيقٍ لَا يُنْقَلُ عَجِينُهُ عَنْ جِنْسِهِ (وَالصَّلْقُ) لِحَبٍّ لَا يَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِهِ (إلَّا التُّرْمُسَ) فَيَنْقُلُهُ إذَا نُقِعَ بِالْمَاءِ حَتَّى حَلَا فَأَرَادَ بِصَلْقِهِ الْهَيْئَةَ الْمُجْتَمِعَةَ مِنْهُ وَمِنْ نَقْعِهِ بِالْمَاءِ (وَالتَّنْبِيذُ) لِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ تِينٍ أَيْ نَقْعُهُ بِالْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ (لَا يُنْقَلُ) الْمَنْبُوذُ فِيهِ عَنْ جِنْسِ الْمَنْبُوذِ فَلَا يُبَاعُ بِهِ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا، وَكَذَا الْعَصْرُ، فَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتُونٍ بِزَيْتٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَلَوْ كَانَ الزَّيْتُونُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ زَيْتٌ. (بِخِلَافِ خَلِّهِ) أَيْ تَخْلِيلِ مَا يُنْبَذُ مِنْ نَحْوِ تَمْرٍ فَيَنْقَلُ الْخَلَّ عَنْ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا (وَ) بِخِلَافِ (طَبْخِ لَحْمٍ بِ) جِنْسِ (أَبْزَارٍ) فَيَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِ الْمَطْبُوخِ بِدُونِهَا وَعَنْ النَّيْءِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ كُلَّ مَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ انْتَقَلَ عَنْ أَصْلِهِ سَوَاءٌ اللَّحْمُ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَبْزَارِ مَا يَشْمَلُ الْبَصَلَ وَالثُّومَ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٌ لَا الْمِلْحُ. (وَ) بِخِلَافِ (شَيِّهِ) أَيْ اللَّحْمِ بِأَبْزَارٍ فَيَنْقُلُهُ عَنْ النَّيْءِ (وَ) بِخِلَافِ (تَجْفِيفِهِ) أَيْ اللَّحْمِ بِنَارٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ هَوَاءٍ (بِهَا) أَيْ الْأَبْزَارِ فَيَنْقُلُهُ عَنْهُ (وَ) بِخِلَافِ (الْخَبْزِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ زَايٌ لِعَجِينٍ فَيَنْقُلُ الْمَخْبُوزَ عَنْهُ وَعَنْ الدَّقِيقِ وَالْحَبِّ (وَ) بِخِلَافِ (قَلْيِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ (قَمْحٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ الْحُبُوبِ فَيَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ تَنْبِيتُ الْفُولِ وَتَدْمِيسُهُ (وَ) بِخِلَافِ (سَوِيقٍ) أَيْ طَحْنِ الْحَبِّ بَعْدَ قَلْيِهِ أَوْ صَلْقِهِ وَتَجْفِيفِهِ فَيَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ بِالْأَوْلَى مِنْ نَقْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَلْيِ (وَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 18 وَسَمْنٍ. وَجَازَ تَمْرٌ، وَلَوْ قَدُمَ بِتَمْرٍ، وَحَلِيبٌ، وَرُطَبٌ، وَمَشْوِيٌّ. وَقَدِيدٌ، وَعَفِنٌ،.   [منح الجليل] بِخِلَافِ (سَمْنٍ) أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحَلِيبِ بِخَضٍّ أَوْ ضَرْبٍ بِيَدٍ فَيَنْقُلُ السَّمْنَ عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي أَخْرَجَ سَمْنَهُ بِأَحَدِهِمَا. الْحَطّ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ السَّوِيقَ وَالسَّمْنَ إذَا لُتَّا صَارَا جِنْسًا غَيْرَ السَّوِيقِ غَيْرَ الْمَلْتُوتِ، قَالُوا: وَبِمَعْنَى مَعَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ السَّوِيقَ غَيْرُ جِنْسِ حَبِّهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَلْيُ وَحْدَهُ نَاقِلًا فَأَحْرَى الْقَلْيُ وَالطَّحْنُ. أَمَّا السَّمْنُ فَنَاقِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلَّبَنِ فِيهِ زُبْدُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِلَّا سُوقُهُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ نَقَلَهُ الْقُبَابُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَجَازَ تَمْرٌ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ بَيْعُهُ إنْ كَانَ جَدِيدًا بِمِثْلِهِ أَوْ قَدِيمًا بِمِثْلِهِ، بَلْ (وَلَوْ قَدُمَ) بِضَمِّ الدَّالِ (بِتَمْرٍ) جَدِيدٍ مُتَمَاثِلَيْنِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُمْنَعُ بَيْعُ الْقَدِيمِ بِالْجَدِيدِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُمَاثَلَتِهِمَا لِشِدَّةِ جَفَافِ الْقَدِيمِ إنْ اخْتَلَفَ صِنْفَاهُمَا كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ بِدُونِ قَوْلِهِ إنْ اخْتَلَفَ إلَخْ. الْحَطّ وَفِي كَلَامِ النَّقْلَيْنِ نَقْصٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ اخْتَارَ مَنْعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَالْبُسْرِ بِالْبُسْرِ إذَا كَانَ نَقْصُهُمَا يَخْتَلِفُ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ: وَالْمَنْعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَحْسَنُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَصَيْحَانِيٍّ وَبِرْنِيٍّ وَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي النَّقْصِ إذَا صَارَا تَمْرًا لِلْحَدِيثِ. (وَ) جَازَ لَبَنٌ (حَلِيبٌ) مِنْ نَعَمٍ بِمِثْلِهِ. الْحَطّ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ (وَ) جَازَ (رُطَبٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ بِمِثْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ (وَ) بَلَحٌ (مَشْوِيٌّ) بِمِثْلِهِ (وَ) بَلَحٌ (قَدِيدٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُخَفَّفَةً بِمِثْلِهِ (وَ) بَلَحٌ (عَفِنٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ بِمِثْلِهِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا تَبَادَلَا قَمْحًا عَفِنًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 19 وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ، وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ.   [منح الجليل] بِعَفِنٍ مِثْلِهِ، فَإِنْ تَشَابَهَا فِي الْعَفِنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ تَبَاعَدَا فَلَا يَجُوزُ. أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْعَفِنُ خَفِيفًا، وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَةِ الْغَلَثِ قَالَ فِيهَا: وَإِنْ كَانَا مَغْشُوشَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا كَثِيرَ التِّبْنِ أَوْ التُّرَابِ حِينَ يَصِيرُ خَطَرًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَبَادَلَا إلَّا فِي الْغَلَثِ الْخَفِيفِ، أَوْ يَكُونَا نَقِيَّيْنِ وَلَيْسَ حَشَفُ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ غَلَثِ الطَّعَامِ لِأَنَّ الْحَشَفَ مِنْ التَّمْرِ وَالْغَلَثَ لَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ اهـ. قُلْت: لَيْسَ الْعَفِنُ كَالْغَلَثِ فَإِنَّ الْغَلَثَ لَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ، وَأَمَّا الْعَفِنُ فَهُوَ وَصْفٌ لِلطَّعَامِ وَلَيْسَ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الطَّعَامِ. ابْنُ رُشْدٍ تَجُوزُ مُبَادَلَةُ الطَّعَامِ الْمَأْكُولِ أَيْ الْمُسَوَّسِ وَالْمَعْفُونِ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَمَنَعَهَا أَشْهَبُ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي قِسْمَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمَعْفُونِ وَكَرِهَهُ فِي الْمَأْكُولِ إذَا كَانَتْ الْحَبَّةُ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُهَا وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ أَشْهَبَ مِثْلُ مَا فِي قِسْمَةِ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَفِنُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ مِنْ الْمُكَايَسَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّمَاثُلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ مَعْرُوفًا مَحْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) جَازَ (زُبْدٌ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بِزُبْدٍ مِثْلِهِ (وَ) جَازَ (سَمْنٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمِثْلِهِ (وَ) جَازَ (جُبْنٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بِمِثْلِهِ (وَ) جَازَ (أَقِطٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهِ وَبِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَوْ كَسْرِهِ وَهُوَ لَبَنٌ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَيَبِسَ، وَخَصَّهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ بِالضَّأْنِ، وَقِيلَ: لَبَنٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ، فَإِنْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَلَمْ يَيْبَسْ فَمَخِيضٌ بِقُرْبِهِ أَوْ مَضْرُوبٍ بِيَدٍ، فَأَنْوَاعُ اللَّبَنِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ سَبْعَةٌ حَلِيبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ. الْحَطّ وَصُوَرُ بَيْعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ السَّبْعَةِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ خِلَافِ نَوْعِهِ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً بِتَقْدِيمِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي مِثْلِهَا يَتَكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِهَا ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً، فَيَجُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَوْعِهِ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ، فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ، وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَلِيبِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ بِمَا بَعْدَهُ لَا يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ فَلَا يَتَحَقَّقُ تَمَاثُلُهُمَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 20 بِمِثْلِهَا: كَزَيْتُونٍ، وَلَحْمٍ، لَا رَطْبِهِمَا بِيَابِسِهِمَا،. .   [منح الجليل] وَأُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ جَوَازُ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ مُتَمَاثِلَيْنِ فَهَذِهِ عَشْرُ صُوَرٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَخِيضٍ بِمَضْرُوبٍ مُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْحَقِيقَةِ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَأَجَازَ فِيهَا أَيْضًا بَيْعُ السَّمْنِ بِلَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ، وَهَذَا يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ لِأَنَّ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ يَشْمَلُ الْمَخِيضَ وَالْمَضْرُوبَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَجَازَ بَيْعَ الزُّبْدِ بِالْمَضْرُوبِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا لِاتِّحَادِهِمَا، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا. وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ، وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوَازَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْجُبْنِ بِالْمَخِيضِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا، فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ صُورَةً، فَبَقِيَ صُورَتَانِ بَيْعُ أَقِطٍ بِمَخِيضٍ أَوْ بِمَضْرُوبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَالزَّنَاتِيِّ جَوَازُهُمَا، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ امْتِنَاعُهُمَا لِخُرُوجِ الْأَقِطِ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (بِمِثْلِهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلِيبٍ. (وَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ) الْحَطّ كَذَا رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ بِعَطْفِ الزَّيْتُونِ بِالْوَاوِ فَيَحْسُنُ قَوْلُهُ لَا رَطْبُهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ جَمِيعِهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِمِثْلِهَا عَنْ قَوْلِهِ وَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَأَمَّا عَلَى. النُّسْخَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ كَزَيْتُونِ وَلَحْمٍ بِجَرِّ زَيْتُونٍ بِالْكَافِ فَلَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى مَا قَالَهُ غ مِنْ جَعْلِ رَطْبِهَا بِالرَّفْعِ فَاعِلًا لِمَحْذُوفٍ، وَالْكَلَامُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَنَصَّ غ كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ (لَا رَطْبِهِمَا بِيَابِسِهِمَا) كَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرَيْنِ، فَلَفْظُ رَطْبٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ فِيمَا بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ وَالْمُنَاسِبُ لِعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا رَطْبِهَا بِيَابِسِهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَدْخُلُ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ وَالرُّطَبُ بِالتَّمْرِ، وَحِينَئِذٍ يُقْلِقُ الْكَلَامُ لِأَنَّك إنْ عَطَفْت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 21 وَمَبْلُولٍ بِمِثْلِهِ، وَلَبَنٍ بِزُبْدٍ، إلَّا أَنْ يُخْرَجَ زُبْدُهُ. وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ:.   [منح الجليل] لَفْظَ رَطْبِهَا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ لَمْ يُطَابِقْهُ، وَإِنْ عَطَفْته عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ قَبْلَ الْكَافِ خَرَجَ الزَّيْتُونُ وَاللَّحْمُ وَإِلَيْهِمَا انْصَبَّ مُعْظَمُ الْقَصْدِ، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ رَطْبُهَا فَاعِلًا بِمَحْذُوفٍ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، فَالضَّبْطُ الْأَوَّلُ أَوْلَى. وَمَنْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا أَبْزَارٌ وَإِلَّا فَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَاللَّخْمِيُّ فِي الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ. . (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (مَبْلُولٍ) مِنْ قَمْحٍ وَفُولٍ وَنَحْوِهِمَا (بِ) مَبْلُولٍ (مِثْلِهِ) مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ لَا مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا مُتَفَاضِلَيْنِ لَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْبَلِّ إذْ مِنْ الْحَبِّ مَا يَقْبَلُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَقْبَلُهُ غَيْرُهُ. الْحَطّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ كَثْرَةُ اخْتِلَافِ الْمَبْلُولِ، وَمُخَالَفَةُ أَسْفَلِهِ أَعْلَاهُ وَقِلَّتُهُ فِي الْمَشْوِيِّ غَالِبًا وَنَظَرَ فِيهِ فِي التَّوْضِيحِ وَبَيَّنَهُ وَبَيَّنَ الْعَفَنَ أَنَّ الْعَفَنَ لَا صُنْعَ لَهُمَا فِيهِ، بِخِلَافِ الْبَلِّ وَأَنَّ الْمَبْلُولَ يَخْتَلِفُ نَقْصُهُ إذَا يَبِسَ، إذْ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ انْتِفَاخًا مِنْ الْآخَرِ، وَالْعَفَنُ لَا يَخْتَلِفُ إذَا تَسَاوَى الْعَفَنُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ الْمَبْلُولَ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَيْبَسَ وَالْعَفَنُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (لَبَنٍ) فِيهِ زُبْدٌ (بِزُبْدٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أُرِيدَ أَخْذُ اللَّبَنِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ أَوْ لِأَكْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِقَصْدِ إخْرَاجِ زُبْدِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ أَكْلُهُ جَازَ وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُصَنِّفُ (إلَّا أَنْ يُخْرَجَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (زُبْدُهُ) أَيْ اللَّبَنُ بِخَضٍّ أَوْ ضَرْبٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالزُّبْدِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَاعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (الدَّقِيقُ) أَيْ قَدْرُهُ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي (فِي) بَيْعِ (خُبْزٍ بِمِثْلِهِ) الْحَطّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخُبْزَانِ مِمَّا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي أُصُولِهِمَا كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَمْ لَا كَقَمْحٍ وَدَخَنٍ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا الْقَوْلَ مُطْلَقًا وَاعْتَرَضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَذَكَرَ أَنْ الْبَاجِيَّ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِمَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَزْنُ فِي الْخُبْزَيْنِ الْمُخْتَلِفِ أَصْلُهُمَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 22 كَعَجِينِ بِحِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ. وَجَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ، وَهَلْ إنْ وُزِنَا؟ تَرَدُّدٌ. وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ،.   [منح الجليل] رَأَى الْأَخْبَازَ كُلَّهَا صِنْفًا وَاحِدًا. قَالَ فَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ. اهـ. وَفِي الشَّامِلِ الْمُعْتَبَرُ الدَّقِيقُ إنْ كَانَا صِنْفًا وَاحِدًا وَإِلَّا فَبِوَزْنِ الْخُبْزَيْنِ اتِّفَاقًا. وَشَبَّهَ فِي اعْتِبَارِ الدَّقِيقِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ (عَجِينٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ) بِ (دَقِيقٍ) فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الدَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالتَّحَرِّي مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْعَجِينِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ أَصْلُهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا رِبَوِيًّا، وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ بِالْكُلِّيَّةِ لِدَقِيقِهِمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِ الْعَجِينِ وَمُقَابِلِهِ بِالتَّحَرِّي لِيَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَعْلُومٍ. (وَجَازَ قَمْحٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِدَقِيقٍ) بِشَرْطِ تَمَاثُلِهِمَا لِأَنَّ الطَّحْنَ لَا يَنْقُلُ (وَهَلْ الْجَوَازُ إنْ وُزِنَا) أَيْ الدَّقِيقُ وَالْقَمْحُ وَهُوَ حَمْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقٌ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) ابْنُ شَاسٍ اخْتَلَفَ فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ فَقِيلَ: بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: بِنَفْيِهِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: بِجَوَازِهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ. وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ رَأَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ. وَبَعْضُهُمْ أَنْكَرَ هَذَا وَإِلَى هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ. غ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَزْنِ، وَالْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَيْلِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَ مَالِكٍ بِمَا نَصَّ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ أَنَّ الْقَمْحَ لَا يُبَاعُ وَزْنًا، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مُخَالِفٌ لِجِنْسِهِ خَشْيَةَ الْغَرَرِ لِلْعَدْلِ بِهِ عَنْ مِعْيَارِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَزْنًا بِمَا يَمْنَعُ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ دَقِيقُهُ. وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ فِي بَيْعِهِ وَزْنًا غَرَرًا لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَيْلُهُ وَالْمَوْزُونَ مِنْهُ مَجْهُولَ الْقَدْرِ بِالْكَيْلِ فَيُؤَدِّي إلَى جَهْلِ قَدْرِ الْمَبِيعِ. وَالْمَقْصُودُ فِي مُبَادَلَةِ الْقَمْحَيْنِ مِثْلًا اتِّحَادُ قَدْرِ مَا يَأْخُذُ وَمَا يُعْطِي وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْوَزْنِ. (وَاعْتُبِرَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (الْمُمَاثَلَةُ) الْمُشْتَرِطَةُ فِي إبْدَالٍ رِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ مِنْ جِنْسِهِ (بِمِعْيَارِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْكَيْفِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي (الشَّرْعِ) مِنْ كَيْلٍ فِي الْحُبُوبِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 23 وَإِلَّا فَبِالْعَادَةِ؛ فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ: جَازَ التَّحَرِّي إنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ،. .   [منح الجليل] وَوَزْنِ النُّقُودِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزُّيُوتِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَمْحٍ بِقَمْحٍ وَزْنًا وَلَا ذَهَبٍ بِذَهَبٍ كَيْلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَيْلِ خُصُوصُ الْمُدِّ وَالصَّاعِ وَالْوَسْقِ الْوَارِدَةِ عَنْ الشَّارِعِ، بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا وَضَعَهُ السُّلْطَانُ وَاعْتَادَهُ النَّاسُ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَزْنِ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ وَالْأُوقِيَّةُ وَالرَّطْلُ الْوَارِدَةُ عَنْهُ بِخُصُوصِهَا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا وَضَعَهُ السُّلْطَانُ وَاعْتَادَ النَّاسُ الْوَزْنَ بِهِ وَإِنْ خَالَفَهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ وَزْنٌ وَلَا كَيْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْمِلْحِ وَالتَّوَابِلِ (فَ) تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ (بِ) مِعْيَارِ (الْعَادَةِ) الَّذِي اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا، فَإِنْ اُعْتِيدَا مَعًا فِي جِنْسٍ رِبَوِيٍّ وَتَسَاوَيَا فِيهِ قُدِّرَ بِأَيِّهِمَا وَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا قُدِّرَ بِهِ. (فَإِنْ عَسُرَ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ شَقَّ (الْوَزْنُ) فِيمَا هُوَ مِعْيَارُهُ لِعَدَمِ آلَتِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ بَادِيَةٍ (جَازَ التَّحَرِّي) لِوَزْنِهِ (إنْ لَمْ يُقْدَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (عَلَى تَحَرِّيهِ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي مِعْيَارُهُ الْوَزْنُ (لِكَثْرَتِهِ) جِدًّا. الشَّارِحُ لَعَلَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُقْدَرْ مُصَحَّفٌ وَأَصْلُهُ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَحَرِّيهِ، أَوْ سَقَطَ مِنْهُ لَا قَبْلَ أَنْ، وَالْأَصْلُ لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ جِدًّا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْكَلَامِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَمَفْهُومُ عَسُرَ الْوَزْنُ عَدَمُ جَوَازُ تَحَرِّي الْوَزْنَ مَعَ تَيَسُّرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ جَوَازُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي الْمُبَايَعَةِ وَالْمُبَادَلَةِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا مَنْ وَجَبَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَزْنٌ مِنْ طَعَامٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ تَحَرِّيًا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِعَدَمِ الْمِيزَانِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، وَمَفْهُومُ الْوَزْنُ عَدَمُ جَوَازِ تَحَرِّي الْكَيْلَ وَالْعَدَدَ وَلَوْ عَسُرَا، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ مِنْ جَوَازِ تَحَرِّي الْكَيْلِ مُطْلَقًا وَالْعَدِّ إنْ عَسُرَ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ أَنْ مَا يُبَاعُ وَزْنًا فَقَطْ مِنْ الرِّبَوِيِّ تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَالْقِسْمَةُ تَحَرِّيًا بِلَا خِلَافٍ، وَمَا لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ قِسْمَتِهِ وَمُبَادَلَتِهِ تَحَرِّيًا مَوْزُونًا كَانَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 24 وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ،.   [منح الجليل] أَوْ مَكِيلًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدِهَا: جَوَازُهُ فِيمَا يُبَاعُ وَزْنًا لَا كَيْلًا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ. وَالثَّانِي: جَوَازُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ حَبِيبٍ. وَالثَّالِثِ: عَدَمُ جَوَازِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي فِي آخِرِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ دُونَ الْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ. وَاخْتُلِفَ فِي وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْمَوْزُونُ مِنْ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ. ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّحَرِّي فِيمَا يُوزَنُ جَائِزٌ قِيلَ: فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا حَتَّى لَا يُسْتَطَاعَ تَحَرِّيهِ وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا فِيمَا قَلَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اهـ. . (وَفَسَدَ) عَقْدٌ أَوْ عَمَلٌ (مَنْهِيٌّ عَنْهُ) لِذَاتِهِ كَخِنْزِيرٍ وَدَمٍ أَوْ لِصِفَتِهِ كَخَمْرٍ أَوْ لِخَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ الْمُسْتَلْزِمِ الْإِعْرَاضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا الْمُسْتَلْزِمِ التَّشَبُّهَ بِمَنْ يَسْجُدُ لَهَا، أَوْ لِلشَّيْطَانِ الَّذِي يُدْنِي رَأْسَهُ مِنْهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَالصَّلَاةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَقْتَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّشَاغُلِ عَنْ اسْتِمَاعِهَا، فَإِنْ كَانَ لِخَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالطَّهَارَةِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ. الْحَطّ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ هَلْ النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَمْ لَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ. ابْنُ شَاسٍ عِنْدَنَا أَنَّ مُطْلَقَ النَّهْيِ عَنْ الْعَقْدِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ، هَكَذَا حَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الَّذِي قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إمْضَائِهِ وَتَرَتَّبَ أَثَرُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَوَاتٍ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَهُوَ فَاسِدٌ. وَفِي التَّنْقِيحِ فَسَادُ الْعَقْدِ خَلَلٌ يَمْنَعُ تَرَتُّبَ أَثَرِهِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَلْحَقُهُ عَارِضٌ عَلَى أَصْلِنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَفِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ آثَارُ الْعُقُودِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْأَكْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 25 إلَّا لِدَلِيلٍ. .   [منح الجليل] وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَلْحَقُهُ فَذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعَلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ فَطَرَدَ الْحَنَفِيُّ أَصْلَهُ وَقَالَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا، وَكَذَا سَائِرُ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، وَطَرَدَ الشَّافِعِيُّ أَصْلَهُ وَقَالَ: يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ مُطْلَقًا وَإِنْ بَاعَهُ أَلْفَ بَيْعٍ وَجَبَ نَقْضُهُ، وَنَحْنُ خَالَفْنَا أَصْلَنَا وَرَاعَيْنَا الْخِلَافَ وَقُلْنَا: الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُثْبِتُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيمَا يَقْبَلُهُ، فَإِذَا لَحِقَهُ أَحَدُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ تَقَرَّرَ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ حَوَالَةُ السُّوقِ وَتَلَفُ الْعَيْنِ وَنُقْصَانُهَا وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ فَهَذِهِ هِيَ الْعَوَارِضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: يَمْضِي الْفَاسِدُ الْمُخْتَلِفُ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَبْلَ ابْنِ شَاسٍ نَقَلَ الْقَاضِي الْمَذْهَبُ دَلَالَتُهُ عَلَى الْفَسَادِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ بِخِلَافِهِ، وَنَحْوِهِ قَوْلُ ابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْمَعَالِمِ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إطْلَاقُ النَّهْيِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَظَاهِرُهُ فِي نَفْسِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ يَصْرِفُ النَّهْيَ إلَى الْمُجَاوِرِ الْمُقَارِنِ الْقَرَافِيُّ تَفْرِيعُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شِبْهِ الصِّحَّةِ، وَقَاعِدَتُهُمْ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ، وَمَعْنَى الْفَسَادِ فِي الْمُعَامَلَاتِ عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِهَا عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا مَا يُقَرِّرُ آثَارَهَا عَلَى أُصُولِهَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَحُجَّةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ. وَأَمَّا مَا يَتَّصِلُ بِهَا عَلَى أُصُولِنَا فَلِأَنَّ الْبَيْعَ الْمُحَرَّمَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ عِنْدَنَا أَحَدُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ تَقَرَّرَ فِيهِ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ تَغَيُّرُ السُّوقِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ هَلَاكُهَا، أَوْ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ مَذْكُورٍ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ طَرَدَ أَصْلَهُ إلَّا مَالِكًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا ابْتِدَاءً، وَهَذِهِ هِيَ الصِّحَّةُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ: لَا يَثْبُتُ أَصْلًا وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ، وَهَذَا هُوَ الْفَسَادُ، وَقَالَ مَالِكٌ بِالْفَسَادِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَبِعَدَمِهِ وَتَقْرِيرِ الْمِلْكِ إذَا طَرَأَ أَحَدُهَا فَلَمْ يَطْرُدْ أَصْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 26 كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ، جِنْسِهِ، إنْ لَمْ يُطْبَخْ،.   [منح الجليل] إلَّا لِدَلِيلٍ) شَرْعِيٍّ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ كَبَيْعِ النَّجْشِ وَالْمُصَرَّاةِ فَيَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ وَيُخَصِّصُ الْقَاعِدَةَ أَوْ عَلَى صِحَّتِهِ مُطْلَقًا فِي حَالَةٍ دُونَ أُخْرَى، كَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي إذَا جُمِعَا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَاسِدٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَصْلًا، وَصَحِيحٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ مُطْلَقًا، وَفَاسِدٌ فِي حَالٍ، وَصَحِيحٌ فِي آخَرَ، وَهُوَ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ فِي حَالٍ دُونَ آخَرَ. . وَمَثَّلَ لِلْفَاسِدِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ (حَيَوَانٍ) مُبَاحٍ (بِلَحْمِ جِنْسِهِ إنْ لَمْ يُطْبَخْ) اللَّحْمُ، فَإِنْ طُبِخَ جَازَ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَنْتَقِلُ بِالطَّبْخِ عَنْ جِنْسِهِ، وَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، فَلَأَنْ يَجُوزَ بِالْحَيَوَانِ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهُ وَأَشْهَبُ كَرِهَهُ الْحَطّ رَوَى مَالِكٌ فِي مَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ» أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُهُ يُنْقَلُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مُرْسَلُ سَعِيدٍ هَذَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ مُيَسَّرِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ. أَبُو الزِّنَادِ قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ: أَرَأَيْت رَجُلًا اشْتَرَى شَارِفًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْت يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ، وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي كُلِّ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ، لَكِنْ خَصَّهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِبَيْعِ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مِنْ نَوْعِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ فَهُوَ مِنْ الْمُزَابَنَةِ الْمُخْتَصِّ مَنْعُهَا بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَلِذَا قَالَ بِلَحْمِ جِنْسِهِ. وَأَمَّا لَحْمُ طَيْرٍ بِغَنَمٍ وَلَحْمُ غَنَمٍ بِطَيْرٍ فَجَائِزٌ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: شَرْطُ مَنْعِ الْمُزَابَنَةِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ، وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحِ الْأَكْلِ لَجَازَ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْخَيْلِ بِاللَّحْمِ لِعَدَمِ الْمُزَابَنَةِ حِينَئِذٍ اهـ. وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ جَوَازُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 27 أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، إلَّا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ فَلَا يَجُوزُ إنْ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ: كَخَصِيِّ ضَأْنٍ،. .   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِيهَا مَحَلُّ النَّهْيِ عَنْ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ لِمَوْضِعِ الْفَضْلِ فِيهِ وَالْمُزَابَنَةِ فَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْأَنْعَامُ وَالْوَحْشُ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهَا تُؤْكَلُ لُحُومُهَا. وَأَمَّا بِالْمُهْرِ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ فَمَكْرُوهٌ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي أَكْلِهَا وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ. (أَوْ) كَحَيَوَانٍ (بِمَا) أَيْ حَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ (لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) كَمُشْرِفٍ عَلَى الْمَوْتِ (أَوْ) بِحَيَوَانٍ (لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) كَخَصِيِّ مَعْزٍ (أَوْ) بِحَيَوَانٍ (قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ مَنْفَعَتُهُ كَخَصِيِّ ضَأْنٍ، وَمَفْهُومُ الصِّفَاتِ لِلثَّلَاثَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ الَّذِي تَطُولُ حَيَاتُهُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ يُرِيدُ ذَبْحَ مَا ذَكَرَ قَالَ فِيهَا: مَنْ أَرَادَ ذَبْحَ عِنَاقٍ كَرِيمَةٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ دَجَاجٍ فَأَبْدَلَهَا رَجُلٌ مِنْهُ بِكَبْشٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ ذَبْحَهُ فَجَائِزٌ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ إلَخْ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ لِتَقْدِيرِ الْحَيَوَانِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ لَحْمًا (فَلَا يَجُوزَانِ) أَيْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، وَمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ بِجَعْلِ الْأَخِيرَيْنِ وَاحِدًا لِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ أَيْ بَيْعِهَا (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامِ نَسِيئَةٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا كِرَاءُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَلَا تُؤْخَذُ فِي ثَمَنِ طَعَامٍ. وَمَثَّلَ لِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ بِقَوْلِهِ (كَخَصِيِّ ضَأْنٍ) إلَّا أَنْ يُقْتَنَى لِصُوفِهِ، وَكَذَا خَصِيُّ مَعْزٍ اُقْتُنِيَ لِشَعْرِهِ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالزُّقَاقِيَّةِ، وَفِي ق مَا ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ، وَصُوَرُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ وَبِحَيَوَانٍ وَحَيَوَانٍ بِمِثْلِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي مِثْلِهَا لَحْمُ حَيَوَانٍ كَثِيرِ الْمَنْفَعَةِ تَطُولُ حَيَاتُهُ. حَيَوَانٌ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ. حَيَوَانٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، حَيَوَانٌ قَلِيلُ الْمَنْفَعَةِ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا عَشْرُ صُوَرٍ، وَالْبَاقِي خَمْسَ عَشَرَةَ الْجَائِزُ مِنْهَا اثْنَتَانِ. بَيْعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ مُتَمَاثِلَيْنِ وَبَيْعُ كَثِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّذِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 28 وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ: كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا، أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ حُكْمِ غَيْرٍ، أَوْ رِضَاهُ.   [منح الجليل] تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمِثْلِهِ وَالثَّلَاثَ عَشَرَةَ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مَنْفَعَتُهُ كَثِيرَةٌ، وَتَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ، وَبَيْعُ كَثِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّذِي تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، أَوْ قَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَبَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمِثْلِهِ، وَبِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، وَبِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَبَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِمِثْلِهِ، وَبِقَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَبَيْعُ قَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ بِمِثْلِهِ. . (وَكَبَيْعِ) شَيْءٍ بِوَجْهِ (الْغَرَرِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ الْخَطَرِ وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ مَا يُوَافِقُ الْغَرَضَ وَمَا لَا يُوَافِقُهُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ الْمَازِرِيُّ بَيْعُ الْغَرَرِ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَامَةِ وَالْعَطَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَرُدُّ بِعَدَمِ انْعِكَاسِهِ لِخُرُوجِ غَرَرٍ فَاسِدٍ صُوَرَ بَيْعِ الْجُزَافِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَنَحْوِهِمَا إذْ لَا عَطَبَ فِيهَا، وَالْأَقْرَبُ بَيْعُ الْغَرَرِ مَا شَكَّ فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ أَوْ مَقْصُودٍ مِنْهُ غَالِبًا، فَيَدْخُلُ غَرَرُ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. عِيَاضٌ هُوَ مَا ظَاهِرُهُ مَحْبُوبٌ وَبَاطِنُهُ مَبْغُوضٌ، وَلِذَا سُمِّيَتْ الدُّنْيَا دَارُ غُرُورٍ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْغِرَارَةِ وَهِيَ الْخَدِيعَةُ وَهُوَ كُلِّيٌّ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ جُزْئِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَسَدَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَلِذَا مَثَّلَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَمْثِلَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَقَالَ (كَبَيْعِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (بِقِيمَتِهَا) الَّتِي يُقَوِّمُهَا بِهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ هَلْ تُقَوَّمُ بِقَلِيلٍ فَيُوَافِقُ غَرَضَ الْمُشْتَرِي وَيُخَالِفُ غَرَضَ الْبَائِعِ أَوْ بِكَثِيرٍ فَيَنْعَكِسُ الْأَمْرُ (أَوْ) بَيْعِهَا بِثَمَنٍ مَوْقُوفٍ قَدْرُهُ (عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ الْعَاقِدِ الصَّادِقِ بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ (أَوْ) عَلَى (حُكْمِ) شَخْصٍ (غَيْرٍ) لِلْعَاقِدَيْنِ الْمَازِرِيُّ فَاسِدُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُ ضَمِيرِ حُكْمِهِ لِلْبَائِعِ وَكَوْنُ غَيْرٍ شَامِلًا لِلْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ. اللَّخْمِيُّ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ (أَوْ) بَيْعِهَا بِثَمَنٍ مَوْقُوفٍ قَدْرُهُ عَلَى (رِضَاءِ) أَيْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ فِيهَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ الْبَائِعِ أَوْ رِضَاهُ أَوْ رِضَا الْبَائِعِ أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِمَا أَوْ رِضَاهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 29 أَوْ تَوْلِيَتِك سِلْعَةً لَمْ يَذْكُرْهَا، أَوْ ثَمَنَهَا بِإِلْزَامٍ،. .   [منح الجليل] أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالتَّحْكِيمِ الْمُكَارَمَةُ فَيَجُوزُ كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَقَبِلَهُ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: إلَّا لِكَرَامَةِ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ أَفَادَهُ الْحَطَّابُ طفي هَذَا الْقَيْدُ لَا يُطَابِقُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ: بِعْتُكَهَا بِمَا شِئْت ثُمَّ سَخِطَ مَا أَعْطَاهُ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ لَزِمَهُ. مُحَمَّدٌ مَعَنَا إنْ فَاتَتْ. الْبَاجِيَّ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ كَهِبَةِ الثَّوَابِ. وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ لَفْظَ الْبَيْعِ. اهـ. وَارْتَضَى الْبُنَانِيُّ أَنَّ الْقَيْدَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ قَالَ: وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ نَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُخْتَلِفَانِ، لَكِنْ ابْنُ الْمَوَّازِ رَدَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ رَدَّا كَلَامَهَا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَيَّدَاهَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ فَهُمَا وِفَاقٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اعْتِمَادَ عج وطفي عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِتَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عب وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ إلَى الْإِلْزَامِ وَالْجَبْرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُحَكَّمَ يُلْزِمُهُمَا الْبَيْعَ جَبْرًا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّضَا فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُمَا ذَلِكَ فَإِنْ رَضِيَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا رَجَعَا وَلَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ الْبُنَانِيُّ هَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ بِإِلْزَامٍ، وَفَرَّقَ السَّرَّاجُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ الْعَارِفِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّانِيَ مِنْ الْجَاهِلِ اهـ. قُلْت: لَا مُنَاقَضَةَ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) كَ (تَوْلِيَتِك) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ فَيُذْكَرُ بِالتَّحْتِيَّةِ، وَأَنَّهُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَهُوَ بِالْفَوْقِيَّةِ (سِلْعَةً) اشْتَرَاهَا غَيْرُك عَلَى الْأَوَّلِ وَاشْتَرَيْتهَا أَنْتَ عَلَى الثَّانِي بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، وَمَعْنَى تَوْلِيَتِهَا بَيْعُهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ (لَمْ يَذْكُرْهَا) أَيْ الْمُولِي بِالْكَسْرِ السِّلْعَةَ لِلْمَوْلَى بِالْفَتْحِ حَالَ التَّوْلِيَةِ سَوَاءٌ ذَكَرَ ثَمَنَهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ (أَوْ) ذَكَرَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ (ثَمَنَهَا) وَمَحَلُّ الْفَسَادِ فِي الْبَيْعِ بِالْقِيمَةِ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ غَيْرٍ أَوْ رِضَاءٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ بِدُونِ ذِكْرِ السِّلْعَةِ أَوْ ثَمَنِهَا إذَا كَانَ (بِإِلْزَامٍ) أَيْ شَرْطِ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطُ لُزُومٌ وَلَا خِيَارٌ صَحَّ فِي التَّوْلِيَةِ، وَلَهُ الْخِيَارُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 30 وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ، فَيَلْزَمُ. وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ. وَهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا أَوْ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا،.   [منح الجليل] لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ، وَفَسَدَ فِي غَيْرِهَا وَالْمُضِرُّ إلْزَامُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي بَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ. وَأَمَّا عَلَى حُكْمِ أَحَدِهِمَا أَوْ رِضَاهُ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالرِّضَا مِنْهُمَا، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ الْمَوْلَى بِالْفَتْحِ. . (وَكَ) بَيْعِ ثَوْبٍ بِلَا نَشْرِهِ وَلَا عِلْمِ صِفَتِهِ بِشَرْطِ لُزُومِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ (مُلَامَسَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ لَمْسِ (الثَّوْبِ) مَثَلًا فِيهَا، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَالْمُلَامَسَةُ شِرَاؤُك الثَّوْبَ لَا تَنْشُرُهُ وَلَا تَعْلَمُ مَا فِيهِ أَوْ تَبْتَاعُهُ لَيْلًا وَلَا تَتَأَمَّلُهُ أَوْ ثَوْبًا مَدْرَجًا لَا يُنْشَرُ مِنْ جِرَابِهِ. أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي وَتَكْتَفِي بِلَمْسِهِ وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْأُمَّهَاتِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ فَعَلَا هَذَا عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَيَتَأَمَّلَهَا فَإِنْ رَضِيَ أَمْسِكْ جَازَ (أَوْ) بَيْعِ ثَوْبٍ بِثَوْبٍ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَتِهِمَا صِفَتَهُمَا بِشَرْطِ لُزُومِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ (مُنَابَذَتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ أَيْ نَبْذِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ لِلْآخَرِ. أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ» (فَيَلْزَمُ) الْبَيْعُ أَيْ مَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ شَرَطَ لُزُومَ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ أَوْ النَّبْذِ، فَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ جَازَ. . (وَكَبَيْعِ) شَيْءٍ بِشَرْطِ اعْتِبَارِ حَالِ الْحَصَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» (وَ) اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَ (هَلْ هُوَ) أَيْ بَيْعُ الْحَصَاةِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بَيْعُ مُنْتَهَى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مَا بَيْنَ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ رَمْيُ (هَا) مِنْ الْأَرْضِ وَبَيْنَ مَحَلِّ وُقُوفِ رَامِيهَا، سَوَاءٌ رَمَاهَا الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرُهُمَا لِلْغَرَرِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ بِاخْتِلَافِ قُوَّةِ الرَّامِي وَصِفَةِ رَمْيِهِ وَالْفَسَادُ إنْ بِيعَ بِإِلْزَامٍ، فَإِنْ كَانَ بِخِيَارٍ صَحَّ (أَوْ) هُوَ بَيْعُ شَيْءٍ بِمُكَايَسَةٍ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ مَشْرُوطٌ فِيهِ أَنَّهُ (يَلْزَمُ) هُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا (بِ) مُجَرَّدِ (وُقُوعِهَا) أَيْ الْحَصَاةِ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 31 أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ، أَوْ بِعَدَدِ مَا يَقَعُ؟ تَفْسِيرَاتٌ،. .   [منح الجليل] ابْنُ عَسْكَرٍ أَيْ مَتَى سَقَطَتْ لَزِمَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ. الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ مَعْنَاهُ إذَا سَقَطَتْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا وَقَعَ مُؤَجَّلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ مَجْهُولًا، أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ شَيْءٌ يُفْسِدُهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: مَتَى نَزَلَتْ حَصَاةٌ وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ وَجَبَ الْبَيْعُ (أَوْ) هُوَ بَيْعُ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ (عَلَى) شَرْطِ أَنَّ الْمَبِيعَ (مَا) أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي (تَقَعُ) الْحَصَاةُ (عَلَيْهِ) مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ (بِلَا قَصْدٍ) مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقَصْدِهِ جَازَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْأَشْيَاءُ جَازَ كَانَ وُقُوعُهَا بِقَصْدٍ أَوْ لَا (أَوْ) هُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ عَدَدُهَا (بِعَدَدِ مَا يَقَعُ) مِنْ أَجْزَاءِ الْحَصَاةِ الْمَرْمِيَّةِ عَلَى الْأَرْضِ بِقُوَّةٍ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: ارْمِ بِهَا، فَمَا خَرَجَ فَلِي بِعَدَدِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ، عَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِلْمُعَلِّمِ، وَعَزَا لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ شَاسٍ أَنْ يَقُولَ: ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَلَكَ بِعَدَدِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَتَبِعَهُمَا الشَّارِحَانِ. عب وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ جُمْلَةً مِنْ الْحَصَى بِكَفَّيْهِ أَوْ بِكَفٍّ وَاحِدٍ وَيُحَرِّكُهَا مَرَّاتٍ مَعْلُومَةً وَمَا يَقَعُ فَالثَّمَنُ بِعَدَدِهِ، وَفَسَّرَهُ الْمُقِيلِيُّ بِعَدَدِ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي رَمْيِهِ بِعَشْرِ حَصَيَاتٍ مَثَلًا لِأَعْلَى وَيَتَلَقَّاهَا بِظَهْرِ كَفِّهِ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَنْبُو عَنْهُ لِتَعْبِيرِهِ بِالْمُفْرَدِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْأَحْسَنُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ أَيْ وَقَعَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمُتَفَرِّقَةِ بِسَبَبِ الرَّمْيِ فَلَكَ بِعَدَدِهِ دَرَاهِمُ لِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءَ الْحَصَاةِ عَلَى الْأَفْرَادِ. الْبُنَانِيُّ أَحْسَنُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى رَمْيِ الْحَصَاةِ لِأَعْلَى وَلَقْفُهَا عَدَدًا مَعْلُومًا كَثَلَاثِينَ مَرَّةً وَأَنَّ لَهُ بِعَدَدِ سُقُوطِهَا مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ سَقَطَتْ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ فَلَهُ دِرْهَمَانِ وَهَكَذَا وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَهُ بَعْضٌ فِي الْجَوَابِ (تَفْسِيرَاتٌ) لِلْحَدِيثِ وَعَدَلَ عَنْ تَأْوِيلَاتٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا إفْهَامٌ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ هَذَا اصْطِلَاحُهُ. . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 32 وَكَبَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ أَوْ ظُهُورِهَا، أَوْ إلَى أَنْ يُنْتَجَ النِّتَاجُ وَهِيَ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ،. .   [منح الجليل] (وَكَبَيْعِ مَا) أَيْ الْأَجِنَّةِ الَّتِي (فِي بُطُونِ) إنَاثِ (الْإِبِلِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَامًّا لَهَا وَلِغَيْرِهَا (أَوْ) بَيْعِ الْمَاءِ الْمُتَكَوِّنِ فِي (ظُهُورِ) ذُكُورِ (هَا) أَيْ الْإِبِلِ بِحَيْثُ لَا تَنْزُو إلَّا عَلَى إنَاثِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا أَوْ يَسْتَعِيرُهَا مِنْهُ (أَوْ) بَيْعِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ (إلَى أَنْ يُنْتَجَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ آخِرُهُ جِيمٌ، أَيْ يَلِدَ فَهُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُلَازَمَةِ لِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ كَعُنِيَ وَزُكِمَ، وَنَصُّ الْقَامُوسِ نُتِجَتْ النَّاقَةُ كَعُنِيَ وَانْتَجَتْ وَقَدْ نَتَجَهَا أَهْلُهَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الصِّحَاحِ فَقَالَ نُتِجَتْ النَّاقَةُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلُهُ تُنْتَجُ نَتَاجًا وَقَدْ نَتَجَهَا أَهْلُهَا نَتْجًا أَيْ يَلِدُ (النِّتَاجُ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ الْوَلَدُ وَهُوَ جَنِينٌ حِينَ الْبَيْعِ وَالتَّأْجِيلُ بِوِلَادَتِهِ فَالثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَلِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ، وَأَمَّا لَوْ أَجَلَّ بِمُدَّةِ حَمْلِ امْرَأَةٍ فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ أَجَلَّ بِمُدَّةِ حَمْلِ دَابَّةٍ مَأْكُولَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَكَذَلِكَ. (وَهِيَ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِمَّا فِي الْبُطُونِ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ (الْمَضَامِينُ) الَّتِي فِي الْحَدِيثِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ جَمْعُ مَضْمُونٍ أَيْ مَحْمُولٍ فِي الْبَطْنِ ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْإِبِلِ (وَ) مَا فِي الظُّهُورِ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ (الْمَلَاقِيحُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَلْقُوحٍ وَنِتَاجُ النِّتَاجِ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ (حَبَلُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَحْبُولُ (الْحَبَلَةِ) كَذَلِكَ أَيْ الْمَحْبُولُ فِي خَبَرِ الْمُوَطَّإِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نَهَى فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ وَالْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ، وَكَانَتْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تَحْمِلُ الَّتِي نَتَجَتْ وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْإِبِلِ وَخَرَّجَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ وَمُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 33 وَكَبَيْعِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، أَوْ بِمِثْلِهِ، إنْ عُلِمَ.   [منح الجليل] عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى عَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ» . . (وَكَبَيْعِهِ) أَيْ الْمَالِكِ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا (بِالنَّفَقَةِ) مِنْ الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ (حَيَاتَهُ) أَيْ الْبَائِعِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِجَهْلِ مُدَّةِ حَيَاتِهِ وَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهَا (وَ) إنْ وَقَعَ وَأَنْفَقَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مُدَّةَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَرُدَّ الْمَبِيعُ لِبَائِعِهِ وَ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ) هـ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَجْهُولًا كَمَا إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ (أَوْ بِمِثْلِهِ) أَيْ مَا أَنْفَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (إنْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمِثْلِيُّ الَّذِي أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ مُطْلَقًا وَبِقِيمَةِ الْمِثْلِيِّ الْمَجْهُولِ وَبِثَمَنِ الْمِثْلِيِّ الْمَعْلُومِ وَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ مُخْتَلِفٌ، فَالْمُقَوَّمُ الْمَعْلُومُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَالْمَجْهُولُ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ يَرْجِعُ فِيهِ بِقِيمَةِ مَا يَأْكُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ مَعَ قِيَامِهِ فِي النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةُ لَهُ عَلَى قَاعِدَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْبَائِعِ حَيَاتَهُ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ وَقَعَ وَقَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ وَاسْتَغَلَّهَا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ، وَيَرُدُّ الدَّارَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الدَّارُ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ فَيَغْرَمُ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا اهـ. عَبْدُ الْوَهَّابِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَقَعَتْ إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى تَعْمِيرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَجَازَ إذَا كَانَ يَرْجِعُ لِوَرَثَتِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ أَشْهَبَ، وَمَعْنَى قِيمَةِ مَا أَنْفَقَ يُرِيدُ إذَا كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ مَكِيلَةَ طَعَامٍ أَوْ وَزْنًا مَعْلُومًا مِنْ دَقِيقٍ أَوْ دَرَاهِمَ لَرَجَعَ بِذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ لَا يُحْصِي النَّفَقَةَ أَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ مَكِيلَةً مَعْلُومَةً مِنْ الطَّعَامِ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً لَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الدَّارُ أَيْ وَيَتَقَاصَّانِ وَلَوْ أَسْكَنَهُ، إيَّاهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ فَهُوَ كِرَاءٌ فَاسِدٌ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ وَيَتَقَاصَّانِ أَيْضًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 34 وَلَوْ سَرَفًا عَلَى الْأَرْجَحِ. .   [منح الجليل] وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ أَوْ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَرَفًا. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (سَرَفًا) بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَلَا بِعِوَضِهِ قَالَهُ ق (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ، وَمُقَابِلُهُ يَرْجِعُ بِالْمَعْرُوفِ فِي مِثْلِهِ ق لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ تَرْجِيحَ الرُّجُوعِ فِي بَيْعِ الذَّاتِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ أَكْرَى دَارِهِ لِمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ عب قَوْلُهُ وَكَبَيْعِهِ يَشْمَلُ بَيْعَ الذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ وَيَرْجِعُ فِي الْإِكْرَاءِ بِمَا مَرَّ وَلَوْ سَرَفًا فَاتَ قَالَهُ ق وَالْفَرْقُ أَنَّ مُشْتَرِيَ الذَّاتِ لَهُ الْغَلَّةُ وَالْمُكْتَرِيَ لَا يَمْلِكُهَا، وَيَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ. الْبُنَانِيُّ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ بَيْعَ الذَّاتِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالسَّرَفِ الزَّائِدِ إلَّا فِي قِيَامِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي فَوَاتِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْإِيجَارَ وَقَالَ بَعْدَهُ مَا نَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ سَرَفًا هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَسَطِ كَهِبَةِ مَنْ أَجَّلَ الْبَيْعَ، فَإِذَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِنَفَقَةِ وَسَطٍ كَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى يَتِيمٍ وَلَهُ مَالٌ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْوَسَطِ فَكَذَلِكَ هَذَا. ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلُ أَقَيْسُ وَأَوْلَى. اهـ. وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِلَّةِ شُمُولُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، بَلْ ظَاهِرُهُ فِي بَيْعِ الذَّاتِ فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَحِينَئِذٍ يَجْرِي وَلَوْ فَاتَ فِيهِمَا، وَلَمَّا نَقَلَ " ق " كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ قَالَ مَا نَصُّهُ: لَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ الْإِيجَارَ وَفِيهِ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ فِي الرُّجُوعِ بِالسَّرَفِ وَرَجَّحَ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ كَهِبَةِ مَنْ أَجَّلَ الْبَيْعَ فَانْظُرْ قَوْلَهُ مَنْ أَجَّلَ الْبَيْعَ وَلَمْ يَقُلْ مَنْ أَجَّلَ الْكِرَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ نَقَلْت كَلَامَهُ بِنَصِّهِ فَانْظُرْهُ. الْبُنَانِيُّ لَمْ يَنْقُلْ " ق " كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ بِتَمَامِهِ وَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَهُ فِي أَصْلِهِ فَوَجَدْت مَا قَالَهُ أَوَّلًا فِي بَيْعِ الذَّاتِ، نَقَلَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ إلَخْ هُوَ كَلَامُهُ مِنْ عِنْدِهِ عَزَاهُ لِنَفْسِهِ، فَيُفْهَمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَلَا يَخُصُّ الْإِجَارَةَ كَمَا فَعَلَ الْمَوَّاقُ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ إثْرَ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَنَصُّهُ وَانْظُرْ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ عَلَى نَفَقَةِ الْمِثْلِ مِنْ السَّرَفِ، حَكَى ابْنُ يُونُسَ فِي ذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 35 وَرُدَّ. إلَّا أَنْ يَفُوتَ. . وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ يُسْتَأْجَرُ عَلَى عَقُوقِ الْأُنْثَى.   [منح الجليل] قَوْلَيْنِ وَكَذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ، قَالَ وَلَيْسَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ سَلَّطَ عَلَى مَالِهِ غَيْرَهُ غَلَطًا مِنْهُ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، فَأَنْتَ تَرَاهُ رَدَّ الْخِلَافَ إلَى الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ وَصَحَّحَ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْبَائِعِ حَيَاتَهُ ذَاتًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْمَبِيعُ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ فَيَغْرَمُ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُقَاصِصُهُ بِمَا أَنْفَقَ. الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ يَمْضِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفْسَخُ فِي الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُقَاصِصُهُ الْمُشْتَرِي بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَكَ) بَيْعِ (عَسِيبٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ يَلِيهَا تَحْتِيَّةٌ فَمُوَحَّدَةٌ، وَفِي لُغَةٍ عَسْبٌ بِسُكُونِ السِّينِ وَسُقُوطِ التَّحْتِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي النِّهَايَةِ وَالْقَسْطَلَّانِيِّ، وَفِي أُخْرَى بِكَسْرِهَا بِلَا تَحْتِيَّةٍ أَيْ ضِرَابِ أَوْ مَاءِ (الْفَحْلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الذَّكَرِ وَفَسَّرَ بَيْعَهُ بِقَوْلِهِ (يُسْتَأْجَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْفَحْلُ (عَلَى عَقُوقِ) الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ عَبَّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ الْآتِيَةَ عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْقَبُولُ وَالْوَقُودُ وَالْوَلُوعُ وَالطَّهُورُ وَالْوَضُوءُ، وَمَا عَدَاهُنَّ بِالضَّمِّ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوج، وَيَجُوزُ الضَّمُّ قِيَاسًا فِيمَا وَرَدَ بِالْفَتْحِ، وَاحْتُرِزَ بِالْمَصَادِرِ مِنْ الصِّفَاتِ فَإِنَّهَا أَتَتْ كَثِيرًا عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ كَصَبُورٍ وَشَكُورٍ وَغَفُورٍ وَوَدُودٍ وَعَطُوفٍ وَرَءُوفٍ. الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ إعْقَاقٌ بِلَفْظِ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ أَوْ عَقَاقٌ كَسَحَابٍ وَكِتَابٍ. وَأَمَّا عَقُوقُ بِالْفَتْحِ فَوَصْفٌ كَصَبُورٍ لَا مَصْدَرٌ فِي الْقَامُوسِ فَرَسٌ عَقُوقٌ كَصَبُورٍ حَامِلٌ وَحَائِلٌ ضِدًّا وَهُوَ عَلَى التَّفَاؤُلِ الْجَمْعُ عُقُوقٌ بِضَمَّتَيْنِ، وَقَدْ عَقَّتْ تَعُقُّ عَقَاقًا وَعُقُقًا مُحَرَّكَةً وَأَعَقَّتْ، وَالْعَقَاقُ كَسَحَابٍ وَكِتَابٍ الْحَمَلُ بِعَيْنِهِ اهـ أَيْ إحْبَالُ (الْأُنْثَى) لِلْجَهْلِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا مِنْ مَرَّةٍ فَيُغْبَنُ صَاحِبُهَا أَوْ مِنْ أَكْثَرَ أَوْ لَا تَحْمِلُ فَيُغْبَنُ الْآخَرُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 36 وَجَازَ زَمَانٌ أَوْ مَرَّاتٌ، فَإِنْ أَعَقَّتْ انْفَسَخَتْ،. وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ.   [منح الجليل] وَجَازَ) الْعَقْدُ عَلَى عَسِيبِ الْفَحْلِ إنْ قَدَّرَ (زَمَانٌ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ (أَوْ مَرَّاتٍ) كَثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَيَّامِ وَالْمَرَّاتِ الشَّيْخُ عَنْ الْوَاضِحَةِ لَوْ سُمِّيَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَمَّى نَزَوَاتٍ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ (فَإِنْ) سُمِّيَ زَمَانٌ أَوْ مَرَّاتٌ وَ (أَعَقَّتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ حَمَلَتْ الْأُنْثَى قَبْلَ تَمَامِ الزَّمَانِ أَوْ الْمَرَّاتِ وَعَلَامَتُهُ إعْرَاضُهَا عَنْ الْفَحْلِ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ، وَعَلَى صَاحِبِ الْأُنْثَى مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ أَوْ حَصَلَ مِنْ الْمَرَّاتِ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ الزَّمَانِ وَالْمَرَّاتِ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَرَّاتِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا مُسْتَثْنَى لِلضَّرُورَةِ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَعَذُّرِ مَا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ إلَّا صَبِيَّ تَعَلُّمٍ وَرَضْعٍ وَفَرَسَ نَزْوٍ وَرَوْضٍ. . (وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ) أَيْ عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِسَبَبِ بَيْعَةٍ أَوْ بَيْعَةٍ مُتَضَمِّنَةٍ بِبَيْعَتَيْنِ فِي الْمُوَطَّإِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» ، وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى صُورَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِإِحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ: (يَبِيعُهَا) أَيْ الْمَالِكُ السِّلْعَةَ الْمُعَيَّنَةَ (بِ) شَرْطِ (إلْزَامٍ) لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ بِالشِّرَاءِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ وَيَحْصُلُ بِهِ الْغَرَرُ كَبَيْعِهَا (بِعَشَرَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (نَقْدًا) أَيْ حَالَّةً (أَوْ بِأَكْثَرَ) مِنْهَا كَعِشْرِينَ (لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ، وَكَذَا اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْجِنْسِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ، أَوْ فِي الصِّفَةِ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَمَفْهُومُ إلْزَامٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِخِيَارٍ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ بَاعَهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ أَوْ بِأَكْثَرَ نَقْدًا لَجَازَ لِعَدَمِ الْغَرَرِ، إذْ لَا يَخْتَارُ الْعَاقِلُ إلَّا الْأَقَلَّ لِأَجَلٍ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنَّهَا بِالنَّقْدِ بِدِينَارٍ أَوْ إلَى شَهْرٍ بِدِينَارَيْنِ، وَكَذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا إلَى شَهْرٍ بِدِينَارٍ أَوْ إلَى شَهْرَيْنِ بِدِينَارَيْنِ عَلَى الْإِلْزَامِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 37 أَوْ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ إلَّا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا لَا طَعَامٍ.   [منح الجليل] تَعْجِيلُ النَّقْدِ لِإِجَازَةِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ جَازَ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَشَارَ إلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يَبِيعُ إحْدَى (سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ) فِي الْجِنْسِ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ أَوْ فِي الصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ هَرَوِيٍّ وَمَرْوِيٍّ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى اللُّزُومِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ لَهُمَا جَازَ، وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ مُخْتَلِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالرَّقْمِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَكَانَ الِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِعَدَمِ الْغَرَرِ بِهِ اسْتِثْنَاءً فَقَالَ (إلَّا) الْمُخْتَلِفَتَيْنِ (بِجَوْدَةٍ) لِإِحْدَاهُمَا (وَرَدَاءَةٍ) لِلْأُخْرَى وَثَمَنُهُمَا وَاحِدٌ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْجَيِّدَةَ وَالْبَائِعُ دَاخِلٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا غَرَرَ. (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) أَيْ الْجَيِّدَةِ وَالرَّدِيئَةِ وَوَاوُهُ لِلْحَالِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْقِيمَةِ لَازِمٌ لِاخْتِلَافِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السِّلْعَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ بِجَوْدَةِ إحْدَاهُمَا وَرَدَاءَةِ الْأُخْرَى يَجُوزُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى اللُّزُومِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا الْمَنْعُ أَخْرَجَهُمَا فَقَالَ (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ (طَعَامٍ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ طَعَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِجَوْدَةِ أَحَدِهِمَا وَرَدَاءَةِ الْآخَرِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا جِنْسًا وَاخْتِلَافِهِمَا كَيْلًا لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا يُقَدَّرُ أَنَّهُ اخْتَارَ الْآخَرَ قَبْلَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ لِلْآخَرِ فَلَا يَلْزَمُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا وَبَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ بِيعَ بِكَيْلٍ، فَإِنْ اتَّفَقَ الطَّعَامَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً وَكَيْلًا وَجِنْسًا جَازَ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ إذَا اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَاتَّفَقَا فِيمَا عَدَاهُمَا، هَذَا هُوَ الَّذِي نَسَبَهُ فَضْلٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ زَرْقُونٍ قَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ اتَّفَقَ الْكَيْلُ وَالصِّنْفُ جَازَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ فَضْلٌ بِحَالٍ. غ مَا قَالَهُ فَضْلٌ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ كَأَنَّهُ يَدَعُ هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَقَدْ مَلَكَ اخْتِيَارَهُمَا وَيَأْخُذُ هَذِهِ وَبَيْنَهُمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 38 وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ: كَنَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلَاتٍ؛ إلَّا الْبَائِعَ.   [منح الجليل] فَضْلٌ فِي الْكَيْلِ وَمِنْ قَوْلِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى مِنْهُ عَشَرَةَ آصُعٍ مَحْمُولَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ تِسْعَةٍ سَمْرَاءَ عَلَى الْإِلْزَامِ لَمْ يَجُزْ، إذْ مَفْهُومُهَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ لَجَازَ، قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ مَا نَسَبَهُ فَضْلٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَسَائِلِهِ وَالْقَبَّابُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدْ ضَبَطَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْفَصْلَ فَقَالَ: وَشِرَاؤُهُ الطَّعَامَ عَلَى الِاخْتِيَارِ لُزُومًا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ مُطْلَقًا وَلَا فِيهِمَا رِبَوِيَّيْنِ جُزَافًا وَلَا كَيْلًا إنْ اخْتَلَفَ قَدْرُهُ فَلَا يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ. . بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الطَّعَامُ (مَعَ غَيْرِهِ) كَصُبْرَةٍ وَثَوْبٍ وَصُبْرَةٍ وَثَوْبٍ آخَرَيْنِ بِيعَ أَحَدُهُمَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَخْتَارُ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ وَالثَّوْبَ الَّذِي مَعَهَا بِإِلْزَامٍ وَبَالَغَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِهَا لِتَبَعِيَّةِ الطَّعَامِ غَيْرَهُ، وَمَثَّلَ الطَّعَامَ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ (نَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ) غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ عَلَى اللُّزُومِ يَخْتَارُهَا الْمُشْتَرِي (مِنْ نَخَلَاتٍ) مُثْمِرَاتٍ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا، فَإِذَا اخْتَارُوا وَاحِدَةً يُقَدَّرُ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا وَانْتَقَلَ عَنْهَا إلَى هَذِهِ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ وَفِيهِ رِبَا فَضْلٍ مَعْنَوِيٍّ فِيهَا. وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْ صُبَرٍ مُصَبَّرَةً أَوْ مِنْ نَخِيلٍ أَوْ شَجَرٍ مُثْمِرٍ عَدَدًا يُسَمِّيهِ اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ، أَوْ كَذَا عِذْقًا مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ يَخْتَارُهَا الْمُبْتَاعُ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مَعَ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّهُ يَدَعُ هَذِهِ وَقَدْ مَلَكَ اخْتِيَارَهَا وَيَأْخُذُ هَذِهِ وَبَيْنَهُمَا فَضْلٌ فِي الْكَيْلِ وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ اشْتَرَى مِنْهُ عَشَرَةَ آصُعٍ مَحْمُولَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ تِسْعَةً سَمْرَاءَ عَلَى الْإِلْزَامِ لَمْ يَجُزْ وَيَدْخُلُهُ مَا ذَكَرْنَا وَبَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْقَمْحُ عَشَرَةً بِدِينَارٍ، وَهَذَا التَّمْرُ عَشَرَةً بِدِينَارٍ وَإِلْزَامًا وَيَدْخُلُهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. اهـ. وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً فِيمَنْ بَاعَ بُسْتَانَه الْمُثْمِرَ. وَاسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَةٍ يَخْتَارُهَا وَكَانَ جَائِزًا اسْتِثْنَاءٌ فَقَالَ (إلَّا الْبَائِعَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 39 يَسْتَثْنِي خَمْسًا مِنْ جِنَانِهِ. وَكَبَيْعِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ.   [منح الجليل] جِنَانَهُ الْمُثْمِرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ (يَسْتَثْنِي خَمْسًا) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مِنْ النَّخَلَاتِ الْمُثْمِرَاتِ (مِنْ جِنَانِهِ) الَّذِي بَاعَهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ كَمَا أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعْدَ تَوَقُّفِهِ فِيهَا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ وَالْمُشْتَرِيَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْجَيِّدَ فَلَا يَخْتَارُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَرُ الْخَمْسِ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا. الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعَ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسًا قَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَجَعَلَهُ كَمَنْ بَاعَ غَنَمَهُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ الْبَائِعُ مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَكْبَاشٍ، أَوْ خَمْسَةً. اهـ. وَزَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ التَّقْيِيدَ بِالْيَسَارَةِ وَفَسَّرَ فِي ضِيَحِ الْيَسِيرِ بِالثُّلُثِ. طفي لَمْ يَحُدَّ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ. قُلْت: هَذَا قُصُورٌ فَفِي الْمُتَيْطِيِّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ النَّخَلَاتِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ فَدُونَ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ لَمْ يَجُزْ. وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَبْدِ الْحَقِّ إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْبَائِعِ لِأَصْلِ حَائِطِهِ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ خِيَارَ أَرْبَعِ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسٍ. سَحْنُونٌ قَدَرَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ يَكْتَفِ الْمُصَنِّفُ بِالْأَرْبَعِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَدْ تَكُونُ نَخَلَاتُهُ يَسِيرَةً وَمُرَادُهُ بِالْيَسِيرِ قَدْرُ الثُّلُثِ. . (وَكَبَيْعِ) أُنْثَى آدَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (حَامِلٍ) بِجَنِينٍ فِي بَطْنِهَا (بِشَرْطِ الْحَمْلِ) إنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا إذَا كَانَ غَيْرَ حَامِلٍ يُبَاعُ بِأَقَلَّ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ فِي الْعُلَى وَالْوَخْشِ، وَفِي الْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إذْ قَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهَا بِهِ دُونَ الرَّائِعَةِ لِنَقْصِهِ مِنْ ثَمَنِهَا كَثِيرًا فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ وَغَيْرِ الْآدَمِيَّةِ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِمَا بِهِ وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى شَرْطِ الْحَمْلِ بَرَاءَةً أَوْ رَغْبَةً فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَ مُشْتَرِيهَا حَضَرِيًّا فَشَرْطُهُ بَرَاءَةٌ وَإِنْ كَانَ بَدْوِيًّا فَلَيْسَ بِبَرَاءَةٍ لِرَغْبَةِ أَكْثَرِهِمْ فِي نَسْلِ الْإِمَاءِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 40 وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ لِلْحَاجَةِ لَمْ يُقْصَدْ. وَكَمُزَابَنَةِ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ.   [منح الجليل] وَاغْتُفِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ إجْمَاعًا (غَرَرٌ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ (يَسِيرٌ) لِلضَّرُورَةِ كَأَسَاسِ عَقَارٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ عُمْقِ أَسَاسِهِ وَعَرْضِهِ وَالْمَبْنِيِّ بِهِ، وَإِجَارَتِهِ مُشَاهِرَةً مَعَ احْتِمَالِ نَقْصِ الشَّهْرِ وَكَمَالِهِ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ وَلِحَافٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ حَشْوِهِمَا وَشُرْبٍ مِنْ سِقَاءٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ فَيَجُوزَانِ بِلَا بَيَانٍ مَعَ اخْتِلَافِ الشُّرْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ، وَصِلَةُ اُغْتُفِرَ (لِلْحَاجَةِ) وَنُعِتَ غَرَرٌ بِجُمْلَةِ (لَمْ يُقْصَدْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْغَرَرُ الْيَسِيرُ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَسِيرِ الْكَثِيرُ كَبَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا، وَبِقَيْدِ عَدَمِ الْقَصْدِ خَرَجَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ، وَبِقَيْدِ الْحَاجَةِ خَرَجَ بَيْعُ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ كَبَيْعِ ثَوْبٍ فِي جِرَابٍ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَفْسُدُ بِرُؤْيَتِهِ وَقُلَّةِ خَلٍّ مُطَيَّنَةٍ، كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ بِحَشْوِهَا الْمَجْهُولِ، وَعَلَى فَسَادِ بَيْعِ ثِيَابٍ قِيمَتُهَا ضِعْفُ قِيمَةِ الْجُبَّةِ حَشْوُ الْجُبَّةِ دُونَهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا مُفَرِّقَ غَيْرَ الْحَاجَةِ لِلْحَشْوِ فِي بَيْعِهِ مَعَ جُبَّتِهِ وَعَدَمِهَا فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَثْوَابِ. وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ عَنْ قَيْدِ الْحَاجَةِ بِالضَّرُورَةِ الْأَخَصِّ مِنْ الْحَاجَةِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ. . (وَكَ) بَيْعٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى (مُزَابَنَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ فَزَايٌ فَمُوَحَّدَةٌ فَنُونٌ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي تَدْفَعُ مَنْ يَحْلُبُهَا: زَبُونٌ وَلِلْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالنَّارِ زَبَانِيَةٌ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ، فِي الْحَدِيثِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُزَابَنَةِ» وَهِيَ بَيْعُ تَمْرٍ بِرُطَبٍ كَيْلًا وَبَيْعُ زَبِيبٍ بِعِنَبٍ كَيْلًا، وَعَنْ كُلِّ ثَمَرٍ بِخَرْصِهِ وَفَسَّرَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا فِي الْحَدِيثِ لِشُمُولِهِ بَيْعَ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَيْعُ شَيْءٍ (مَجْهُولٍ) قَدْرُهُ (بِ) شَيْءٍ (مَعْلُومٍ) قَدْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ) بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ قَدْرُهُ بِشَيْءٍ (مَجْهُولٍ) قَدْرُهُ (مِنْ جِنْسِهِ) فَإِنْ كَانَ الْمَعْلُومُ أَوْ الْمَجْهُولُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَمْحٍ بِإِرْدَبٍّ أَوْ صُبْرَةِ فُولٍ فَلَا مُزَابَنَةَ. تت إنْ كَانَ تَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 41 وَجَازَ إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ، وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ، لَا فُلُوسٍ. وَكَكَالِئِ بِمِثْلِهِ.   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَ مُدْرَجًا مِنْ رِوَايَةٍ فَلَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ. الْبِسَاطِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هَلْ هُوَ الْمُزَابَنَةُ أَوْ أَعَمُّ مِنْهَا وَهِيَ مِنْ الْغَرَرِ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ لِلنَّهْيِ عَنْهَا بِخُصُوصِهَا. فَإِنْ انْتَفَى الْغَرَرُ فِيهَا جَازَتْ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ (إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعِوَضَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ أَوْ الْمَعْلُومِ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً بَيِّنَةً تَتَحَقَّقُ بِهَا مَغْلُوبِيَّةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ حَالَةَ كَوْنِ الْمُعَاوَضَةِ (فِي) شَيْءٍ (غَيْرِ رِبَوِيٍّ) أَيْ مَا لَا يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَإِنْ حَرُمَ فِيهِ رِبَا النَّسَاءِ كَرَطْلِ فَاكِهَةٍ بِصُبْرَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ جِنْسِهَا يَدًا بِيَدٍ، وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ مَنْعُهُ فِي الرِّبَوِيِّ لِرِبَا الْفَضْلِ. (وَ) جَازَ أَنْ يُبَاعَ (نُحَاسٌ) مُثَلَّثُ النُّونِ غَيْرُ مَصْنُوعٍ مَجْهُولُ الْوَزْنِ (بِتَوْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ رَاءٌ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ مَفْتُوحٌ يَشْمَلُ الطَّشْتَ وَالْكَرَوَانَةَ وَالصَّحْنَ مَجْهُولُ الْوَزْنِ أَيْضًا لِأَنَّ صَنْعَتَهُ صَيَّرَتْهُ جِنْسًا آخَرَ، وَكَذَا إنْ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ فَقَطْ أَوْ وَزْنُ التَّوْرِ فَقَطْ، فَإِنْ عُلِمَ وَزْنُهُمَا مَعًا فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَإِنْ جَازَ أَيْضًا (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ نُحَاسٍ بِ (فُلُوسٍ) لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا بِصَنْعَتِهَا عَنْ جِنْسِ النُّحَاسِ إنْ جُهِلَ عَدَدُهَا سَوَاءٌ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ أَمْ لَا أَوْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَضْلُ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا جَازَ كَعِلْمِ عَدَدِهَا وَوَزْنِ النُّحَاسِ. الْمِسْنَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ هَذَا فِي الْفُلُوسِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي كَانَتْ مُجَرَّدَ قِطَعٍ مِنْ نُحَاسٍ. وَأَمَّا فُلُوسُ وَقْتِنَا الْمَسْكُوكَةُ فَصَنْعَتُهَا كَبِيرَةٌ مُهِمَّةٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِالنُّحَاسِ كَالْأَوَانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَكَ) بَيْعِ (كَالِئٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ آخِرُهُ هَمْزٌ اسْمُ فَاعِلٍ كَلَأ بِالْهَمْزِ أَيْ حَفِظَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [الأنبياء: 42] أَيْ يَحْفَظُكُمْ أَيْ دَيْنٍ (بِ) دَيْنٍ (مِثْلِهِ) وَسُمِّيَ الدَّيْنُ كَالِئًا لِأَنَّهُ مَكْلُوءٌ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الْفَاعِلِ فِي مَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِعَلَاقَةِ تَعَلُّقِ الِاشْتِقَاقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَالِئِ رَبُّ الدَّيْنِ وَقَبْلَهُ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ، وَالْأَصْلُ وَكَبَيْعِ دَيْنِ شَخْصٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 42 فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛.   [منح الجليل] كَالِئٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي الْإِسْنَادِ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ وَهُوَ إسْنَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِيهِ مَعْنَاهُ لِغَيْرِ مَا هُوَ لَهُ لِمُلَابَسَةٍ، فَأَسْنَدَ هُنَا مَا لِلْفَاعِلِ لِلْمَفْعُولِ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» ، أَيْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَبَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَقَدْ أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ بَادِئًا بِأَوَّلِهَا لِأَنَّهُ أَشَدُّهَا لِأَنَّهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ يَقُولُ لِمَدِينِهِ إمَّا أَنْ تَقْضِيَنِي دَيْنِي وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ لِي فِيهِ فَقَالَ (فَسْخُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَرْكُ وَإِسْقَاطُ (مَا) أَيْ دَيْنٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي (فِي الذِّمَّةِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِالْمَدِينِ الَّتِي يَقْبَلُ بِسَبَبِهَا الْإِلْزَامَ وَالِالْتِزَامَ وَصِلَةُ (فَسْخُ) (فِي) مُقَابِلَةِ شَيْءٍ (مُؤَخَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَبْضُهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ يَلْتَزِمُهُ الْمَدِينُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمَفْسُوخِ كَفَسْخِ دِينَارٍ فِي دِينَارَيْنِ. وَأَمَّا تَأْخِيرُ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَأَخْذُ مُسَاوِيهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَيْسَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، بَلْ مُجَرَّدُ تَسْلِيفٍ أَوْ تَسْلِيفٍ مَعَ إسْقَاطِ الْبَعْضِ فَهُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ، وَمِنْ الْفَسْخِ الْمَمْنُوعِ أَخْذُ شَيْءٍ حَالٍّ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ رَدُّهُ لِلْمَدِينِ فِي مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ لِإِلْغَاءِ مَا خَرَجَ عَلَى يَدِ الْمَدِينِ ثُمَّ رَجَعَ لَهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ ثُمَّ رَدُّهُ لِلْمَدِينِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ، وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ كَثُرَ وُقُوعُهُمَا بَيْنَ النَّاسِ تَحَيُّلًا عَلَى الرِّبَا. الْمُتَيْطِيُّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَوْ بَعْدَهُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا سَاعَةً إلَّا بِقَدْرِ وُلُوجِ الْبَيْتِ. وَإِنْ كَانَ طَعَامًا فَبِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِحَمَّالٍ أَوْ مِكْيَالٍ، فَإِنْ كَثُرَ وَغَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْغَدِ. أَشْهَبُ وَلَوْ تَمَادَى ذَلِكَ شَهْرًا لِكَثْرَتِهِ إذَا اتَّصَلَ أَخَذَهُ، فَإِنْ انْفَصَلَ وَطَالَ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَرُدُّ مَا أَخَذَ وَيَرْجِعُ إلَى دَنَانِيرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ التُّهْمَةُ عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ مُعْتَبَرَةٌ، فَفِي صَرْفِهَا إنْ قَبَضْت مِنْ غَرِيمِك دَيْنًا فَلَا تُعِدْهُ إلَيْهِ مَكَانَك سَلَمًا فِي شَيْءٍ وَلَوْ أَسْلَمْت إلَيْهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 43 وَلَوْ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ: كَغَائِبٍ. وَمُوَاضَعَةٍ؛ أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ،.   [منح الجليل] قَضَاكَهَا بِحِدْثَانِ مِنْ دَيْنٍ لَك عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ شَيْئًا (مُعَيَّنًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْيَاءِ (يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ (كَ) شَيْءٍ (غَائِبٍ) عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ بَيْعُ الْعَقَارِ مُذَارَعَةً أَوْ جُزَافًا، هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ. فَإِنْ قِيلَ: الْعَقَارُ الْغَائِبُ الْمَبِيعُ جُزَافًا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ. قُلْت: تَأَخُّرُ الْقَبْضِ الْحِسِّيِّ هُوَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا فَمَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ لَا يَتَنَزَّلُ هُنَا مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي دَيْنِهِ عَقَارًا غَائِبًا إنْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ ثَمَنَهُ حَاضِرًا أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ غَائِبًا فَتُرِكَ مَا بَيْنَهُمَا لِمَكَانِ التَّأْخِيرِ. وَتَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ فَضْلٌ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَالْأَنْدَلُسِيُّونَ وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الْعَقَارِ الْغَائِبِ إذَا أَخَذَهُ عَلَى صِفَةٍ أَوْ تَذْرِيعٍ إذْ لَا يَضُمُّهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ وَوُجُودِهِ عَلَى صِفَتِهِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى رُؤْيَةٍ وَمَعْرِفَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِهِ عَلَى التَّذْرِيعِ فَهُوَ قَبْضٌ نَاجِزٌ كَالنَّقْدِ وَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَنَحْوِهِ لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّرْحِ وس. . (وَ) كَأَمَةٍ (مُتَوَاضِعَةٍ) فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُشْتَرِيهَا فَسْخُهُ فِيهَا قَبْلَ حَيْضِهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ لِضَمَانِهِ حَتَّى تَحِيضَ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي مُؤَخَّرٍ وَيُمْنَعُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي أَمَةٍ عَلِيَّةٍ أَوْ وَخْشٍ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لِذَلِكَ (أَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (مَنَافِعَ عَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَخِدْمَةِ رَقِيقٍ مُعَيَّنٍ وَسُكْنَى عَقَارٍ مُعَيَّنٍ وَزَرْعِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ وَعَمَلِ مَدِينٍ مُعَيَّنٍ لِتَأَخُّرِ اسْتِيفَاءِ تَمَامِهَا عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ، وَقَبْضُ الْأَوَّلِ لَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْجَمِيعِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ لِتَنْزِيلِ قَبْضِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْجَمِيعِ وَاتَّفَقَا عَلَى مَنْعِ فَسْخِهِ فِي مَنَافِعَ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فِيهَا وَمَنْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ أَوْ إلَى أَجَلٍ، فَلَا تَكْتَرِي مِنْهُ دَارِهِ سَنَةً أَوْ أَرْضَهُ الَّتِي رُوِيَتْ أَوْ عَبْدَهُ شَهْرًا أَوْ تَسْتَعْمِلُهُ هُوَ بِهِ عَمَلًا يَتَأَخَّرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 44 وَبَيْعُهُ بِدَيْنٍ: وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالٍ سَلَمِ.   [منح الجليل] وَلَا تَبْتَاعُ بِهِ مِنْهُ ثَمَرَةً حَاضِرَةً فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قَدْ أَزْهَتْ أَوْ أَرْطَبَتْ أَوْ زَرْعًا قَدْ أَفَرْكَ لِاسْتِئْخَارِهِمَا، وَلَوْ اسْتَجَذَّ الثَّمَرَةَ وَاسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ بِلَا تَأْخِيرٍ جَازَ اهـ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا فَهَلَكَتْ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ وَوَجَبَ لِلْمُكْتَرِي الرُّجُوعُ بِمَا نَابَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَسَافَةِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّةً أُخْرَى غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُ مَا وَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي رُكُوبٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ وَلَا مُعَيَّنَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الَّتِي تُحِلُّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ مِثْلُ كَوْنِهِ فِي صَحْرَاءَ لَا يَجِدُ فِيهَا كِرَاءً وَلَا شِرَاءً وَيَخَافُ هَلَاكَ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ دَابَّةً يَتَبَلَّغُ عَلَيْهَا. وَأَجَازَ أَشْهَبُ أَخْذَهُ دَابَّةً بِمَا بَقِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ. ق ابْنُ سِرَاجٍ إذَا خَدَمَ مَعَك مَنْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُقَاصِصَهُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُ، إذْ مَا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ يَخْفَى عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَحَلُّ مَنْعِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ لِلْمَدِينِ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَلَا يُمْنَعُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهَا فَلَا تَكْتَرِي مِنْهُ وَلَا تَبْتَاعُ مِنْهُ، وَفِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ بِعْت دَيْنَك مِنْ غَيْرِ غَرِيمِك بِمَا ذَكَرْنَا جَازَ وَلَيْسَ كَغَرِيمِك لِأَنَّك انْتَفَعَتْ بِتَأْخِيرِهِ فِي ثَمَنِ مَا فَسَخْت فِيهِ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِجَوَازِهِ بِالْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي أَزْهَتْ وَالزَّرْعِ الَّذِي أَفَرْكَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا بَيْعَهُ بِمَنَافِعِ عَيْنٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَرَاذِعِيِّ جَوَازُهُ لِإِدْخَالِهِ فِي الْعُمُومِ. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ فَبَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَنَافِعِ مَبْدَأٍ وَدَابَّةٍ، أَفَادَهُ الْحَطّ. وَأَفَادَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ بِقَوْلِهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الدَّيْنِ وَلَوْ حَالًّا (بِدَيْنٍ) لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَمَفْهُومُ بِدَيْنٍ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا بِمَنَافِعِ مُعَيَّنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَقَلُّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ. وَأَفَادَ الْقِسْمَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالٍ سَلَمٍ) أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ نَقْدٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 45 وَمُنِعَ بَيْعُ دَيْنِ مَيِّتٍ؛ أَوْ غَائِبٍ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ؛ وَحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ؛. وَكَبَيْعِ الْعُرْبَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَرِهَ الْمَبِيعَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ؛. .   [منح الجليل] وَسُمِّيَ ابْتِدَاءً دَيْنٌ بِدَيْنٍ لِأَنَّهُ لَا تَعْمُرُ الذِّمَّةُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَيْعُ دَيْنِ مَيِّتٍ) أَيْ عَلَيْهِ (وَ) مُنِعَ بَيْعُ دَيْنٍ عَلَى (غَائِبٍ) إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ، بَلْ (وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَعُلِمَ مُلَاؤُهُ (وَ) مُنِعَ بَيْعُ دَيْنٍ عَلَى شَخْصٍ (حَاضِرٍ) وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ يَعْتَرِفَ الْحَاضِرُ بِالدَّيْنِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعٌ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلَا عَكْسِهِ، وَلَيْسَ بَيْنَ مُشْتَرِيهِ وَبَيْنَ مَدِينِهِ عَدَاوَةٌ وَلَا قَصْدُ إعْنَاتِهِ وَاشْتَرَطَ حُضُورَهُ لَيُعْلَمَ حَالُهُ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى لِاخْتِلَافِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِهِمَا. وَاحْتَرَزَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ طَعَامِ الْمُعَارَضَةِ وَبِبَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ عَنْ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ فَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ أَنْ لَا يَكُونَ طَعَامًا وَأَنْ يَحْضُرَ الْمَدِينُ وَيُقَرِّرَ أَنْ يُبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ ضَرَرَ الْمَدِينِ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ حَالًّا اهـ. . (وَكَبَيْعِ) شَيْءٍ بِشَرْطِ (الْعُرْبَانِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَتُبْدَلُ الْعَيْنُ هَمْزَةً، وَعَرَبُونٌ وَأَرَبُونٌ أَوَّلُهُمَا فَتْحَةٌ مَعَ فَتْحِ ثَانِيهِ. فِي الْقَامُوسِ وَالْعُرْبَانِ وَالْعُرْبُونُ بِضَمِّهِمَا، وَالْعَرِبُونَ مُحَرَّكَةً وَتُبْدَلُ عَيْنُهُنَّ هَمْزَةً مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ (يُعْطِيَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (شَيْئًا) مِنْ الثَّمَنِ مُقَدَّمًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (إنْ كَرِهَ) الْمُشْتَرِي (الْمَبِيعَ) وَرَدَّهُ لِبَائِعِهِ (لَمْ يَعُدْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْعَيْنِ مَا أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (إلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَحَبَّهُ حَاسَبَ بِهِ الْبَائِعَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ لَهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، فَإِنْ وَقَعَ فَقَالَ عِيسَى يُفْسَخُ، فَإِنْ فَاتَ مَضَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 46 وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ فَقَطْ مِنْ وَلَدِهَا؛ وَإِنْ بِقِسْمَةٍ؛.   [منح الجليل] بِالْقِيمَةِ. وَفِي الشَّامِلِ وَفُسِخَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ. وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعُودُ إلَيْهِ إنْ كَرِهَ وَإِنْ رَضِيَ حَاسَبَ بِهِ وَجَازَ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ يُجْعَلَ بِيَدِ أَمِينٍ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السُّفْلِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. . (وَكَ) بَيْعٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى (تَفْرِيقِ أُمٍّ) بِالْوِلَادَةِ مُسْلِمَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ عَاقِلَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ (فَقَطْ) لَا جَدَّةٍ وَلَا أَبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا (مِنْ وَلَدِهَا) غَيْرِ الْمُثْغِرِ فِيهَا. لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ لِأُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ مَتَى شَاءَ سَيِّدُهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأُمِّ خَاصَّةً. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: " لَا بَأْسَ بِهِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ مَنْعَهُ وَهُوَ أَحْسَنُ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ. وَإِنْ كَانَتْ أَعْظَمَ مَوْجِدَةً فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبَ يَدْخُلُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَعْظُمُ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَيُقَارِبُ الْأُمَّ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْآبَاءِ أَشَدَّ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي جَوَازِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مِنْ سِوَى هَذَيْنِ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ. ابْنُ نَاجِي التَّفْرِقَةُ جَائِزَةٌ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَأَنَّ حَدَّهَا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ وَالِدَتِهِ بِالرَّعْيِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ بِلَفْظِ «مَنْ فَرَّقَ فَلَيْسَ مِنَّا» . ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ صَاحِبِ الْأَشْرَافِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْخَبَرِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ طِفْلًا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِبَيْعٍ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّفْرِيقُ (بِقِسْمَةٍ) بَيْنَ مُشْتَرِكَيْنِ فِيهِمَا بِمُرَاضَاةٍ، بَلْ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ فِيهَا إذَا وَرِثَ أَخَوَانِ أُمًّا وَابْنَتَهَا فَلَهُمَا إبْقَاؤُهُمَا فِي مِلْكِهِمَا وَبَيْعُهُمَا. ابْنُ يُونُسَ إذَا أَرَادَ الْأَخَوَانِ الْقِسْمَةَ أَوْ الْبَيْعَ جَبْرًا عَلَى جَمْعِهِمَا وَفِيهَا سَبِيلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ أَخَوَيْنِ وَرِثَا أُمًّا وَوَلَدَهَا صَغِيرًا فَأَرَادَا أَنْ يَتَقَاوَمَا الْأُمَّ وَوَلَدَهَا فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا الْأُمَّ وَالْآخَرُ الْوَلَدَ وَشَرَطَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 47 أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ مَا لَمْ يُثْغِرْ مُعْتَادًا،. .   [منح الجليل] أَنْ لَا يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَتَقَاوَمَا الْأُمَّ وَوَلَدَهَا فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا الْأُمَّ بِوَلَدِهَا أَوْ يَبِيعَاهُمَا جَمِيعًا. ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ وَقَعَ الْقَسْمُ فُسِخَ كَالْبَيْعِ كَانَ الشَّمْلُ وَاحِدًا أَوْ مُفْتَرِقًا فِيهَا هِبَةُ الْوَلَدِ لِلثَّوَابِ كَبَيْعِهِ، وَمَنْ ابْتَاعَ أُمًّا وَوَلَدَهَا صَغِيرًا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ خَاصَّةً، وَلَهُ رَدُّهُمَا مَعًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. (أَوْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِ (بَيْعِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا (لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِيهَا لَا يَنْبَغِي بَيْعُ الْأُمِّ مِنْ رَجُلٍ وَالْوَلَدِ مِنْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَنَّ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ مِلْكٌ لَهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ، إذْ لَوْ رَهِقَهُ دَيْنٌ فِي مَالِهِ، فَإِنْ بِيعَا كَذَلِكَ أُمِرَا بِجَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ، أَوْ بَيْعِهِمَا مَعًا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى لَا يَنْبَغِي لَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ فَسْخِهِ الْبَيْعَ وَقَوْلُهُ مَأْذُونٌ لَهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَوَلَدُهَا لِعَبْدِهِ أُجْبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا أَوْ بَيْعِهِمَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالِكٌ إنْ أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَاهُمَا فِي حَوْزٍ لِأَنَّ الشَّمْلَ وَاحِدٌ. أَبُو الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ. وَقَيَّدَ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فَقَالَ: (مَا لَمْ يَثَّغِرْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ مُشَدَّدًا ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ أَوْ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ لِأَنَّ اثَّغَرَ بِشَدِّ الْمُثَلَّثَةِ افْتَعَلَ أَصْلُهُ اثْتَغَرَ، فَيَجُوزُ إبْدَالُ فَائِهِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ جِنْسِ تَاءِ الِافْتِعَالِ وَإِدْغَامُهَا فِيهَا وَإِبْدَالُ تَاءِ الِافْتِعَالِ مِنْ جِنْسِ الْفَاءِ وَإِدْغَامُهَا فِيهَا، وَجَوَّزَ سِيبَوَيْهِ الْإِظْهَارَ عَلَى الْأَصْلِ، قَالَ: وَهُوَ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ، وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَسُكُونُ ثَانِيهِ الْمُثَلَّثِ فَقَطْ أَيْ يَنْبُتُ بَدَلَ رَوَاضِعِهِ بَعْدَ سُقُوطِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَبَاتُهَا كُلُّهَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ نَبَاتُهَا وَأَنَّهُ زَمَنُ سُقُوطِهَا الْمُعْتَادُ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ بِالْفِعْلِ وَرَوَاضِعُهُ أَسْنَانُهُ الَّتِي نَبَتَتْ لَهُ زَمَنَ رَضَاعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْإِثْغَارِ (مُعْتَادًا) فَلَا تَفْرِيقَ إذَا أَثَغْرَ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فِيهَا إذَا بِيعَتْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي الْبَيْعِ إلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا الْوَلَدُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 48 وَصُدِّقَتْ الْمَسْبِيَّةُ وَلَا تَوَارُثَ مَا لَمْ تَرْضَ، وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا   [منح الجليل] فِي أَكْلِهِ وَشَرَابِهِ وَمَنَامِهِ وَقِيَامِهِ. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَحَدُّ ذَلِكَ الْإِثْغَارِ مَا لَمْ يُعَجِّلْ بِهِ جَوَارِيَ كُنَّ أَوْ غِلْمَانًا، بِخِلَافِ حَضَانَةِ الْحُرَّةِ. وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدُّ ذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسَهُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا اهـ. وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ حَدَّهُ بِسَبْعِ سِنِينَ. وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَشَرُ سِنِينَ. وَرَوَى ابْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يَنْتَهِي إلَى الْبُلُوغِ. وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مَا عَاشَا. . (وَ) إنْ سُبِيَتْ حَرْبِيَّةٌ مَعَ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَادَّعَتْ أَنَّهَا أُمُّهُ (صُدِّقَتْ) الْمَرْأَةُ الْحَرْبِيَّةُ (الْمَسْبِيَّةُ) فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا أُمُّهُ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اتَّحَدَ سَابِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ صَدَّقَهَا السَّابِي أَمْ لَا إلَّا الْقَرِينَةَ تُكَذِّبُهَا، وَتَحْلِفُ فِي حَالَةِ الْإِشْكَالِ فَقَطْ، وَإِنْ بَلَغَ فَلَا يَخْتَلِي بِهَا فِيهَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ السَّبْيِ هَذَا ابْنِي فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. ابْنُ مُحْرِزٍ فِي الْكِتَابِ إذَا زَعَمَتْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانَ وَلَدُهَا فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ. يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَإِذَا كَبُرَ الْأَوْلَادُ مُنِعُوا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَحْرَمًا لَهَا. ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ فِيمَا لَا يُثْبِتُ حُرْمَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ: هَذَا زَوْجِي وَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتِي فَلَا يَصَدَّقَانِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْحُرْمِ. (وَلَا تَوَارُثَ) بَيْنَ الْمَسْبِيَّةِ وَمَا ادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا فِيهَا إثْرَ كَلَامِهَا السَّابِقِ وَلَا يَتَوَارَثَانِ بِذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بِالشَّكِّ. أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إمَّا أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ فَبَيِّنٌ إذْ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى صِدْقِهَا، وَإِمَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا فَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ الْمُقِرُّ بِوَارِثٍ يُورَثُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ، وَإِنَّمَا نَفَى فِي الْكِتَابِ الْمِيرَاثَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ. وَقَيَّدَ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِقَيْدٍ آخَرَ فَقَالَ (مَا لَمْ تَرْضَ) الْأُمُّ بِالتَّفْرِيقِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقِيلَ: لِلْوَلَدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّفْرِيقِ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ الْأُمُّ وَوَلَدُهَا فِي مِلْكٍ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَمِثْلُ الْبَيْعِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَدَفْعُ أَحَدِهِمَا صَدَاقًا أَوْ خُلْعًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 49 فِي مِلْكٍ. وَهَلْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَلِكَ، أَوْ يُكْتَفَى بِحَوْزٍ كَالْعِتْقِ؟ تَأْوِيلَانِ. . وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ،.   [منح الجليل] لَا إجَارَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَزْوِيجَ الْأُمِّ لِعَدَمِ التَّفْرِيقِ فِي الْمِلْكِ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ. ابْنُ حَبِيبٍ يُضْرَبُ بَائِعُ التَّفْرِقَةِ وَمُبْتَاعُهَا ضَرْبًا وَجِيعًا. اهـ. أَيْ إنْ عَلِمَا حُرْمَتَهَا وَظَاهِرُهُ اعْتَادَاهَا أَمْ لَا. . (وَهَلْ) التَّفْرِقَةُ فِي الْمِلْكِ بَيْنَ أُمٍّ وَوَلَدِهَا (بِغَيْرِ عِوَضٍ) كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ الْأُمِّ لِشَخْصٍ وَالْوَلَدِ لِآخَرَ (كَذَلِكَ) أَيْ التَّفْرِيقُ بِعِوَضٍ فِي الْجَبْرِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ بِجَامِعِ مُطْلَقِ التَّفْرِيقِ فِي الْمِلْكِ وَكَوْنُهُ بِعِوَضٍ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا فِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَفُتْ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ (أَوْ يُكْتَفَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فِي جَمْعِهِمَا (بِحَوْزٍ) الشَّيْخُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا ابْتَدَأَ بِفِعْلِ الْمَعْرُوفِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ. وَشَبَّهَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِحَوْزٍ فَقَالَ (كَالْعِتْقِ) لِأَحَدِهِمَا فَيُكْتَفَى فِيهِ بِجَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشُرَّاحِهَا فِي قَوْلِهَا لَوْ وُهِبَ الْوَلَدُ وَهُوَ صَغِيرٌ بِغَيْرِ ثَوَابٍ جَازَ وَتُرِكَ مَعَ أُمِّهِ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ. " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ، فِي التَّوْضِيحِ إنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَفِي التَّفْرِيقِ بِعِوَضٍ جَمْعُ شَخْصَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ مَنْعُهُ لِجَهْلِ التَّفْصِيلِ. قُلْت: يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِتَقْوِيمِهِمَا قَبْلَ بَيْعِهِمَا أَوْ بِأَنَّهُ أُجِيزَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ. أَجَابَ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَبِالثَّانِي عِيَاضٌ اهـ. الْبُنَانِيُّ أَصْلُ السُّؤَالِ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَا يَلْزَمُ بَيْعُهُمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا) أَيْ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ أَوْ ثُلُثِهِمَا أَوْ ثُلُثِ أَحَدِهِمَا وَرُبُعِ الْآخَرِ لِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ (وَ) جَازَ (بَيْعُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ (لِلْعِتْقِ) الْمُنَجَّزِ لَا لِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ، وَهَذَا قَيْدٌ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. ابْنُ بَطَّالٍ مَعْنَى قَوْلِهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْأَمَةِ دُونَ وَلَدِهَا وَوَلَدِهَا دُونَهَا لِلْعِتْقِ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِحْدَاثِ عِتْقٍ بَعْدَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَاهُ لِيُعْتَقَ بَعْدَ بَيْعِهِ أَبُو الْحَسَنِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 50 وَالْوَلَدُ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ، وَلِمُعَاهَدٍ: التَّفْرِقَةُ. وَكُرِهَ الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ. وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ:.   [منح الجليل] قَالَ: تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَتْ التَّفْرِقَةُ بِالْبَائِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ كَفَى جَمْعُهُمَا بِحَوْزٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِنَحْوِ هِبَةٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ اللَّخْمِيُّ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا جَازَ بَيْعُ الْآخَرِ وَيُجْمَعَانِ فِي حَوْزٍ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ عَنْ أُمِّهِ، وَإِنْ بَاعَهَا شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ مَعَهَا وَعِنْدَهَا، وَإِنْ سَافَرَ بِهِ مَعَهَا وَكِرَاؤُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ وَأَخْرَجَهَا عَنْ حَوْزِهِ تَرَكَ وَلَدَهَا فِي حَضَانَتِهَا إنْ كَانَ لَا خِدْمَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ خِدْمَةٌ كَانَ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا وَيَأْوِي إلَيْهَا فِي نَهَارِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَحْتَاجُهُ السَّيِّدُ لِخِدْمَتِهِ، وَإِنْ بَاعَهُ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ عِنْدَهَا وَلَهُ السَّفَرُ بِهِ وَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ حَيْثُ كَانَ نَقَلَهُ الْحَطّ. (وَ) إنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمَا جَازَ بَيْعُ (الْوَلَدِ مَعَ) بَيْعِ (كِتَابَةِ أُمِّهِ) لِوَاحِدٍ وَبَيْعُ الْأُمِّ مَعَ بَيْعِ كِتَابَةِ الْوَلَدِ لِوَاحِدٍ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبَ مِنْهُمَا قَبْلَ الِاثِّغَارِ (وَ) جَازَ (لِ) كَافِرٍ حَرْبِيٍّ (مُعَاهَدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مُؤَمَّنٍ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدًا وَمَعَهُ أُمَّهُ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ (التَّفْرِقَةُ) بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِبَيْعِهِمَا وَغَيْرِهِ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حَرُمَ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ) بِالتَّفْرِقَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِلْكِ الْمُعَاهَدِ، وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: يُفْسَخُ، وَمَفْهُومُ مُعَاهَدٍ مَنْعُ الذِّمِّيِّ مِنْهَا لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ أَرَى إنْ كَانَا مَعًا لِنَصْرَانِيٍّ ذِمِّيٍّ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَنْ يُجْبَرَا عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّظَالُمِ، هَذَا إنْ كَانَتْ التَّفْرِقَةُ عِنْدَهُمْ مَمْنُوعَةً لَا تَجُوزُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سَائِغًا فِي دِينِهِمْ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَبَعْضُ أَشْيَاخِي أَطْلَقَ الْحُكْمَ بِمَنْعِهِمْ. اهـ. وَأَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِبَعْضِ أَشْيَاخِهِ اللَّخْمِيَّ. . (وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ) الشَّرْطَ (الْمَقْصُودَ) مِنْ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 51 كَأَنْ لَا يَبِيعَ.   [منح الجليل] وَحَمَلَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا الشَّرْطِ الَّذِي يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَالثَّانِي الشَّرْطِ الَّذِي يَعُودُ لِخَلَلٍ فِي الثَّمَنِ، فَأَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَهُوَ الَّذِي لَا يَتِمُّ مَعَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ (كَ) شَرْطِ (أَنْ لَا يَبِيعَ) الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ. وَأَمَّا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ لِفُلَانٍ أَوْ نَفَرٍ قَلِيلٍ فَيَجُوزُ اللَّخْمِيُّ إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَحْدَهُ جَازَ، وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَهُ جِلْدًا أَوْ لَا تَبِيعَهُ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَسَدَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ عَلَى، أَنْ لَا تَبِيعَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ جَازَ. وَفِي سَمَاعِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَمَّنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَلَا يَهَبَهُ وَلَا يُعْتِقَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ، قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ إعْطَاءُ الثَّمَنِ لِأَجَلٍ مُسَمًّى اهـ. وَمِثْلُ أَنْ لَا يَبِيعَ وَأَنْ لَا يَهَبَ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يَعْزِلَ عَنْهَا أَوْ لَا تُجِيزَهَا الْبَحْرُ. الْحَطّ وَمِنْ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْمَقْصُودِ بَيْعُ الثَّنِيَّا وَهُوَ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ فَالسِّلْعَةُ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. سَحْنُونٌ بَلْ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً أَبُو الْحَسَنِ هَذَا يُسَمَّى بَيْعُ الثَّنِيَّا. وَاخْتُلِفَ إذَا نَزَلَ هَلْ يَتَلَافَى بِالصِّحَّةِ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ. اهـ. يَعْنِي بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ. الرَّجْرَاجِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الثَّنِيَّا شَرْطَهُ فَهَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدِهِمَا: أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا أَسْقَطَ شَرْطَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الشَّيْخِ وَقَدْ فَسَخَ الْأَوَّلَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيهَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا لَا أَنَّهُ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي الْفَوَاتِ، بَلْ فِيهِ الْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ، وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّنِيَّا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَبِيعُك هَذَا الْمِلْكَ أَوْ هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنِّي إنْ أَتَيْت بِالثَّمَنِ إلَى مُدَّةِ كَذَا أَوْ مَتَى آتِيك بِهِ فَالْبَيْعُ مَصْرُوفٌ عَنِّي، وَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَفَوْتُ الْأُصُولِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ غَلَّتَهُ لِلْمُشْتَرِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 52 إلَّا بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ.   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِنْ الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْمَقْصُودِ فَقَالَ: (إلَّا) شَرْطًا مُلْتَبِسًا (بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلرَّقِيقِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَلِحَدِيثِ بَرِيرَةَ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَعَجَّلَ الشَّرْطَ بِمَا وَضَعَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ غَرَرٌ، وَاحْتَرَزَ بِالتَّنْجِيزِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْإِيلَادِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 53 وَلَمْ يُجْبَرْ إنْ أَبْهَمَ كَالْمُخَيَّرِ:. بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ،.   [منح الجليل] لِلْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ الْأَمَةِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبِحُدُوثِ دَيْنٍ بِرَدِّ الْمُدَبَّرِ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَلِبَائِعِهِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ الْمُبْتَاعَ وَمِنْ ثَمَنِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ شَرْطَ التَّحْبِيسِ كَشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَفِي الذَّخِيرَةِ مِثْلُ شَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ شَرْطُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَ) إنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ (لَمْ يُجْبَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ (إنْ) كَانَ الْبَائِعُ (أَبْهَمَ) أَيْ أَطْلَقَ فِي شَرْطِهِ تَنْجِيزَ الْعِتْقِ، أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِإِيجَابٍ وَلَا بِخِيَارٍ، وَلَا بِأَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ بِأَنَّ قَالَ لَهُ: أَبِيعُكَهُ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ، وَاقْتَصَرَ وَعَلَى هَذَا فَإِنْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي فَلَا يُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ: يُجْبَرُ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَشَرْطُ النَّقْدِ فِي هَذَا يُفْسِدُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ فَيُتِمُّ الْبَيْعَ، وَفِي عَدَمِهِ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْعِتْقِ فَقَالَ (كَ) الْمُشْتَرِي (الْمُخَيَّرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ الَّذِي خَيَّرَهُ الْبَائِعُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَرَدِّهِ لِبَائِعِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ عِتْقِهِ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ، وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ بِشَرْطٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ. . (بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ) لِرَقِيقٍ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ (عَلَى) شَرْطِ (إيجَابِ الْعِتْقِ) عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلْزَامِهِ بِهِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِهَذَا الشَّرْطِ، ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ امْتَنَعَ مِنْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُنْجِزْهُ نَجَزَهُ الْحَاكِمُ. وَشَبَّهَ فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ الرَّقِيقِ بِشَرْطِ (أَنَّهَا) أَيْ الذَّاتَ الْمَبِيعَةَ أُنْثَى كَانَتْ أَوْ ذَكَرًا (حُرَّةٌ بِ) نَفْسِ (الشِّرَاءِ) فَتَصِيرُ حُرَّةً بِهِ بِلَا احْتِيَاجٍ لِإِحْدَاثِ عِتْقٍ مِنْ الْمُشْتَرِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 54 أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ. . وَصَحَّ إنْ حُذِفَ.   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ. الثَّانِي: بَيْعُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَهُ وَيُوجِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَلْتَزِمَهُ، الثَّالِثُ: بَيْعُهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهُ أَوْ لَا. الرَّابِعُ: أَنْ يَقَعَ الشَّرْطُ مُبْهَمًا وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي صِفَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُعْتَقُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ، وَفِي الثَّانِي إنْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ، وَفِي الثَّالِثِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ لِلْغَرَرِ لِأَنَّهُ تَارَةً بَيْعٌ وَتَارَةً سَلَفٌ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ تَمَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ تَرْكِ شَرْطِهِ وَإِتْمَامِ الْبَيْعِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَرُدَّ الْبَيْعُ. وَاخْتُلِفَ فِي الرَّابِعِ هَلْ هُوَ كَالْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، أَوْ كَالثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ. وَعَطَفَ عَلَى يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ فَقَالَ: (أَوْ يُخِلُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ يُوجِبُ الْجَهْلَ (بِ) قَدْرِ (الثَّمَنِ كَبَيْعٍ وَ) شَرْطِ (سَلَفٍ) مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَقَدْ أَوْجَبَ شَرْطُهُ الْجَهْلَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ فَالِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَقَدْ أَوْجَبَ شَرْطُهُ الْجَهْلَ بِهِ وَهُوَ ثَمَنٌ أَيْضًا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالِانْتِفَاعُ بِهِ يُقَابِلُهُ بَعْضُ الْمُثَمَّنِ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ يُقَابِلُ الثَّمَنَ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَقَدْ أَدَّى إلَى جَهْلٍ فِي الْمُثَمَّنِ وَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ قَابَلَ الِانْتِفَاعَ بِهِ بَعْضُ الثَّمَنِ وَقَابَلَ بَاقِيَهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ الْمُثَمَّنُ فَقَدْ أَدَّى إلَى جَهْلِ الثَّمَنِ. . (وَصَحَّ) الْبَيْعُ (إنْ حُذِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ شَرْطُ السَّلَفِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي. فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ أَوْ بَعْدَ فَوَاتِهَا، لَكِنْ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ إسْقَاطُهُ بَعْدَ فَوَاتِهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يُؤَثِّرُ الْإِسْقَاطُ بَعْدَهُ اهـ. قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فِي إسْلَافِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَقَلَّ فِي إسْلَافِ الْبَائِعِ كَمَا يَأْتِي وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ خَرَّجَ قَوْلًا بِالصِّحَّةِ إنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَلَوْ مَعَ الْفَوَاتِ، وَاعْتَرَضَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 55 أَوْ حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ: كَشَرْطِ رَهْنٍ، وَحَمِيلٍ، وَأَجَلٍ. وَلَوْ غَابَ. وَتُؤُوِّلَتْ.   [منح الجليل] وَتَرَكْته خَوْفَ الْإِطَالَةِ اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ فِي الشَّامِلِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ إنْ فَاتَ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ. (أَوْ) أَيْ وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ التَّدْبِيرِ إنْ (حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ) وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ إلَّا أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ، أَحَدَهَا: مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَالثَّمَنُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَسْقَطَ هَذَا الشَّرْطَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَكَذَا شَرَطَ إنْ مَاتَ فَلَا يُطَالِبُ الْبَائِعُ وَرَثَتَهُ بِالثَّمَنِ. ثَانِيَهَا: شَرَطَ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ فَيَلْزَمُ فَسْخَهُ، وَإِنْ أَسْقَطَ لِجَوَازِ كَوْنِ إسْقَاطِهِ أَخْذًا بِهِ. ثَالِثَهُمَا: مَنْ بَاعَ أَمَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَ فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ عَلَيْهِ دِينَارٌ مَثَلًا فَيُفْسَخُ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِأَنَّهُ يَمِينٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. رَابِعَهَا: شَرْطُ الثُّنْيَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلَوْ أَسْقَطَ، وَبَقِيَ خَامِسٌ وَهُوَ شَرْطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَسْقَطَ شَرْطَ النَّقْدِ فَلَا يَصِحُّ. وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ لَكِنْ مَعَ بَقَاءِ الشَّرْطِ وَلُزُومِهِ فَقَالَ (كَ) بَيْعٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِ (شَرْطِ رَهْنٍ) مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ (وَ) شَرْطِ (حَمِيلٍ) أَيْ ضَامِنٍ لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ (وَ) كَشَرْطِ (أَجَلٍ) مَعْلُومٍ لِلثَّمَنِ وَهَذِهِ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهَا، وَمَحَلُّ كَلَامِهِ فِي الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ الْحَاضِرَيْنِ أَوْ قَرِيبَيْ الْغَيْبَةِ، فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمَا فَفِي الْحَمِيلِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَفْسُدُ، وَلَعَلَّهُ فِي الْحَمِيلِ الْمُعَيَّنِ وَفِي الرَّهْنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَتُوقَفُ السِّلْعَةُ حَتَّى يَقْبِضَ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُمْنَعُ كَالْحَمِيلِ. وَفِي النَّوَادِرِ الْجَوَازُ فِي الرَّهْنِ الْبَعِيدِ إذَا كَانَ عَقَارًا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ قَالَهُ حُلُولُو. . وَبَالَغَ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ إذَا أَسْقَطَ شَرْطَ السَّلَفِ فَقَالَ (وَلَوْ غَابَ) الْمُتَسَلِّفُ عَلَى السَّلَفِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ السَّلَفَ لِرَبِّهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَصَحَّ إنْ حُذِفَ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ عِنْدَهُ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 56 بِخِلَافِهِ، وَفِيهِ: إنْ فَاتَ أَكْثَرُ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةُ إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي؛ وَإِلَّا فَالْعَكْسُ،. .   [منح الجليل] فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (بِخِلَافِهِ) وَهُوَ نَقْضُ الْبَيْعِ مَعَ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِتَمَامِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا. تت الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ تَابِعٌ لِلشَّارِحِ وَأَصْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَشْهُورِيَّتِهِ. طفي فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّةِ الصِّحَّةِ بِإِسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ فِي غَيْرِ الْغَيْبَةِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ مَعَ الْغَيْبَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِمَشْهُورٍ، وَإِنَّمَا نَسَبَ الصِّحَّةَ لِأَصْبَغَ فَإِنَّهُ لَمَّا عَزَى عَدَمَهَا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَيَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: وَخَالَفَ أَصْبَغُ وَرَأَى أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى السَّلَفِ لَا تَمْنَعُ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرَطِ. اهـ. وَكَذَا فَعَلَ عِيَاضٌ، ثُمَّ قَالَ: وَذَهَبَ أَكْثَرُ شُيُوخِ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ وِفَاقٌ لِلْكِتَابِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خِلَافًا فَانْظُرْ كَيْفَ عَزَا لِلْأَكْثَرِ خِلَافَ مَا عَزَا لَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ إذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهَا فِي الْغَيْبَةِ. (وَفِيهِ) أَيْ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ السَّلَفِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (أَكْثَرُ) شَيْئَيْنِ (الثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ (أَوْ الْقِيمَةِ) الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَوْمَ قَبْضِ الْمَبِيعِ (إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ لِاتِّهَامِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنَاقِصٍ عَمَّا تُبَاعُ بِهِ لِإِسْلَافِهِ فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِفُ الْمُشْتَرِيَ بِأَنْ كَانَ الْبَائِعُ (فَالْعَكْسُ) أَيْ فِيهِ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ زَادَ فِي ثَمَنِهَا عَمَّا تُبَاعُ بِهِ لِإِسْلَافِهِ، فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. الْحَطّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِعَدَمِ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّلَفِ مُدَّةً يَرَى أَنَّهَا الْقَدْرُ الَّذِي أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَفِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْغَيْبَةِ وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جَعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ. اهـ. وَتَبِعَهُ س وعج وَمَنْ بَعْدَهُمَا. طفي هَذَا قُصُورٌ إذْ هُوَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إيجَابِ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ لُزُومُ فَسْخِهِ وَالْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ فِي قُوَّتِهِ وَبَقَاءُ تَصْحِيحِهِ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ، ثَالِثُهَا إنْ غَابَ عَلَيْهِ مُدَّةَ أَجَلِهِ أَوْ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ إلَيْهِ لِلْبَاجِيِّ مَعَ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ وَعَنْ أَصْبَغَ وَتَفْسِيرُ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 57 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عب لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ فَوَاتِ مَا فِيهِ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ أَنَّ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِلشَّرْطِ، ثُمَّ قَالَ: وَتَعْبِيرُهُ بِالْقِيمَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُقَوَّمِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَفِيهِ مِثْلُهُ. الْبُنَانِيُّ قَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ الشُّرُوطَ فِي الْبَيْعِ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى جَمِيعِهَا وَلْنَذْكُرْ طَرَفًا مِنْ أَحْكَامِهَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: شَرْطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَرَدِّ الْعِوَضِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ أَوْ مَا لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ كَكَوْنِهِ لَا يَئُولُ إلَى غَرَرٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ، وَلَا إلَى إخْلَالٍ بِشَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُشْتَرِطَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفِي مَصْلَحَةِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ وَرَهْنٍ وَحَمِيلٍ، وَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَشْهُرًا مَعْلُومَةً، وَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ إلَى مَكَان قَرِيبٍ فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ يُقْضَى بِهِ إنْ شَرَطَ وَإِلَّا فَلَا إلَّا مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَيَتَأَكَّدْ بِالشَّرْطِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ كَشَرْطِ رَهْنٍ إلَخْ. الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يَئُولُ إلَى الْإِخْلَالِ. بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ، كَشَرْطِ مَا يُؤَدِّي إلَى جَهْلٍ وَغَرَرٍ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمُثَمَّنِ. أَوْ إلَى رِبَا فَضْلٍ أَوْ نَسَاءٍ، كَشَرْطِ مُشَاوَرَةِ شَخْصٍ بَعِيدٍ أَوْ الْخِيَارِ إلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ أَوْ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، فَهَذَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ وَلَيْسَ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ إمْضَاؤُهُ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ رُدَّتْ بِعَيْنِهَا وَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ قِيمَتُهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ إلَّا الْبَيْعَ بِشَرْطِ السَّلَفِ فَلِمُشْتَرَطِهِ تَصْحِيحُهُ بِإِسْقَاطِ شَرْطِهِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهَا وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا لِدَلِيلٍ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبَيْعِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهَا أَوْ لَا يَهَبَهَا أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا النَّوْعِ فَسْخُهُ مَا دَامَ الْبَائِعُ مُتَمَسِّكًا بِشَرْطِهِ، فَإِنْ تَرَكَهُ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ فَفِيهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ إلَّا شَرْطَ عَدَمِ وَطْءِ الْأَمَةِ، وَإِنْ وَطِئَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ فَعَلَيْهِ كَذَا فَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 58 وَكَالنَّجْشِ يَزِيدُ لِيَغُرَّ؛.   [منح الجليل] إسْقَاطُ الشَّرْطِ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ، وَإِلَّا شَرَطَ الْخِيَارَ إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ فَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ تَرَكَ الشَّرْطَ لِأَنَّهُ يُعَدُّ اخْتِيَارًا لَا تَرْكًا لَهُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ بِقَوْلِهِ وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ إلَخْ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ: شَرْطٌ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّهُ خَفِيفٌ لَا يَحِلُّ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ وَيُلْغَى الشَّرْطُ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ فِي فَصْلِ التَّنَاوُلِ كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ وَلَا مُوَاضَعَةَ إلَخْ، هَذَا تَفْصِيلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ. وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى تَحْرِيمِهِ مُطْلَقًا لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» . وَذَهَبَ الْإِمَامُ ابْنُ شُبْرُمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَاعَ نَاقَةً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَطَ حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا إلَى الْمَدِينَةِ» ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأَعْتِقَهَا وَإِنْ شَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، فَجَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَعَرَفَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا وَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وَجْهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَمْ يُحْسِنْ التَّأْوِيلَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَكَ) بَيْعِ (النَّجْشِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ فَشِينٌ مُعْجَمَةٌ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (يَزِيدُ) فِي سَوْمِ سِلْعَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا (لِيَغُرَّ) أَيْ يَخْدَعَ غَيْرَهُ فَيَقْتَدِي بِهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَمَنِهَا الَّذِي تُبَاعُ بِهِ عَادَةً، أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ النَّاجِشُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ فِي سِلْعَةٍ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ فِي سِلْعَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي نَفْسِك اشْتِرَاؤُهَا لِيَقْتَدِيَ بِك غَيْرُك. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ إنْ بَلَّغَهَا النَّاجِشُ قِيمَتَهَا وَرَفَعَ الْغَبَنَ عَنْ صَاحِبِهَا فَهُوَ مَأْجُورٌ وَلَا خِيَارَ لِمُبْتَاعِهَا. وَمَفْهُومُ يَزِيدُ أَنَّ اسْتِفْتَاحَ الثَّمَنِ لِلدَّلَّالِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 59 فَإِنْ عَلِمَ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ. وَجَازَ سُؤَالُ الْبَعْضِ لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ لَا الْجَمِيعِ،.   [منح الجليل] الْمُنَادَاةِ مِنْ شَخْصٍ عَارِفٍ جَائِزٌ لِئَلَّا يَسْتَفْتِحَ مَنْ يَجْهَلُ الْقِيمَةَ بِسَوْمٍ قَلِيلٍ جِدًّا فَيَتْعَبُ الدَّلَّالُ. ابْنُ عَرَفَةَ كَانَ بِالْكُتُبِيِّينَ بِتُونُسَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ عَارِفٌ بِالْكُتُبِ يَسْتَفْتِحُ لِلدَّلَّالِينَ مَا يَبْنُونَ عَلَيْهِ فِي الدَّلَالَةِ وَلَا غَرَضَ فِي الشِّرَاءِ، وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاخْتِيَارِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ لَا عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ الْمَازِرِيِّ، فَتَحَصَّلَ فِيمَنْ زَادَ عَلَى دُونِ الْقِيمَةِ الْمَنْعُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَالْجَوَازُ لِدَلِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالِاسْتِحْبَابُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (فَإِنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ بِالنَّجْشِ وَاعْتَبَرَهُ وَبَنَى الْبَيْعَ عَلَيْهِ (فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ (فَإِنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (فَالْقِيمَةُ) يَوْمَ الْقَبْضِ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ يُؤَدِّي الْقِيمَةَ إنْ شَاءَ وَلَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ، فَصَحَّ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوْ الْقِيمَةِ. اهـ. وَهَذَا مَعْنَى تَقْيِيدِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا إذَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الثَّمَنِ. . (وَجَازَ) لِحَاضِرٍ سَوَّمَ سِلْعَةٍ أَرَادَ شِرَاءَهَا (سُؤَالُ الْبَعْضِ) مِنْ الْحَاضِرِينَ الَّذِينَ أَرَادُوا الزِّيَادَةَ فِي سَوْمِهَا لِشِرَائِهَا (لِيَكُفَّ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ نَفْسَهُ (عَنْ الزِّيَادَةِ) فِي سَوْمِهَا لِيَشْتَرِيَهَا السَّائِلُ بِرُخْصٍ (لَا) سُؤَالُ (الْجَمِيعِ) وَلَوْ حُكْمًا كَالْأَكْثَرِ وَالْوَاحِدُ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ وَقَعَ سُؤَالُ الْجَمِيعِ وَلَوْ حُكْمًا وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ بَيْنَ رَدِّهَا وَعَدَمِهِ، فَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهَا وَقِيمَتِهَا. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَالَ: كُفَّ عَنِّي وَلَك دِينَارٌ جَازَ وَلَزِمَهُ الدِّينَارُ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ. وَلَوْ قَالَ: كُفَّ عَنِّي وَلَك بَعْضُهَا عَلَى وَجْهِ الْعَطَاءِ مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى الْكَفِّ مَا لَمْ يَمْلِكْ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 60 وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ.   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فِي إجَازَتِهِ الدِّينَارَ نَظَرٌ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ لَيْسَ عَلَى الْكَفِّ لِذَاتِهِ بَلْ لِرَجَاءِ حُصُولِ السِّلْعَةِ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْوَاحِدِ إنْ كَانَ التَّرْكُ تَفَضُّلًا وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دُلْسَةٌ مَنَعَهُ بِالدِّينَارِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ. قُلْت: قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدُّلْسَةَ فِي الشَّرِكَةِ مُحَقِّقَةٌ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ عَقْدًا لِلشَّرِكَةِ، بِخِلَافِ الدِّينَارِ فَلَا دُلْسَةَ فِيهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ الْآنَ مَعَهُ اهـ عب. غ اسْتَشْكَلَ ابْنُ هِلَالٍ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَبِعْهَا رَبُّهَا. وَقَالَ الْعَبْدُوسِيُّ: لَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى تَرْكٍ وَقَدْ تَرَكَ. (وَكَبَيْعِ) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَاكِنٍ حَاضِرَةً ضِدَّ الْبَادِيَةِ أَيْ مَدَنِيٍّ فِي حَاضِرَتِهِ سِلْعَةً مَمْلُوكَةً (لِ) شَخْصٍ (عَمُودِيٍّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً لِلْعَمُودِ لِنَصْبِ بَيْتِهِ مِنْ نَحْوِ الشَّعْرِ عَلَيْهِ أَيْ سَاكِنٍ بَادِيَةً، وَقَيَّدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَا لَا ثَمَنَ لَهُ فِي الْبَادِيَةِ وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ س وعج وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُوَضِّحُ وَلَا الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِي شَامِلِهِ، وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ وَإِطْبَاقُهُمْ عَلَى تَرْكِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِمَادِهِ. وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْبَلَدِيِّ لِلْبَلَدِيِّ، فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَبِعْ مَدَنِيٌّ لِمِصْرِيٍّ وَلَا مِصْرِيٌّ لِمَدَنِيٍّ. وَحَمَلَ الْمَازِرِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى وُرُودِ أَحَدِهِمَا عَلَى بَلَدٍ وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَسْعَارِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ غَبْنُهُ وَيَنْتَفِعُ أَهْلُ الْبَلَدِ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ مَعَ رِبْحِهِ فِي الْغَالِبِ فِيمَا أَتَى بِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ اسْتِرْخَاصُهُ قَالَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، وَنَصُّهُ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْأَسْعَارَ فَيُوشِكُ إذَا تَنَاوَلُوا الْبَيْعَ لِأَنْفُسِهِمْ اسْتَرْخَصَ مَا يَبِيعُونَ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ لَا رَأْسَ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرُوهُ، وَإِنَّمَا صَارَ لَهُمْ بِالِاسْتِغْلَالِ، فَالرِّفْقُ بِمَنْ يَشْتَرِيهِ أَوْلَى مَعَ أَنَّ أَهْلَ الْحَوَاضِرِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ، فَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ لَهَا وَالرِّفْقُ بِمَنْ يَسْكُنُهَا. اهـ. فَقَوْلُهُ أَكْثَرَهُ لَا رَأْسَ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، بَلْ صَرِيحٌ فِي الْإِطْلَاقِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 61 وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ لَهُ. وَهَلْ لِقَرَوِيٍّ؟ قَوْلَانِ. وَفُسِخَ وَأُدِّبَ.   [منح الجليل] وَقَيَّدَ الْمَنْعَ أَيْضًا بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْبَادِي سِعْرَهَا بِالْحَاضِرَةِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ الْبَاجِيَّ الْبَدْوِيُّ لَا يُبَاعُ لَهُ سَوَاءٌ عَرَفَ السِّعْرَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ جَهْلِ الْبَدْوِيِّ السِّعْرَ، وَنَقَلَ ق عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، مِثْلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي بَيْعُ الدَّلَّالِ الْيَوْمَ لِأَنَّ الدَّلَّالَ إنَّمَا هُوَ لِإِشْهَارِ السِّلْعَةِ فَقَطْ، وَالْعَقْدُ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ لِرَبِّهَا، وَبَيْعُ الْحَاضِرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ هُوَ أَنْ يَتَوَلَّى الْحَاضِرُ الْعَقْدَ أَوْ يَقِفَ مَعَهُ لِيَزِيدَهُ فِي الثَّمَنِ وَيُعْلِمَهُ أَنَّ السِّلْعَةَ لَمْ تَبْلُغْ ثَمَنَهَا وَنَحْوَ هَذَا وَالدَّلَّالُ بِالْعَكْسِ لِرَغْبَتِهِ فِي الْبَيْعِ ج وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ «لَا تَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا» . طفي فِي أَجْوِبَتِهِ الْمُرَادُ بِالسِّمْسَارِ فِي الْحَدِيثِ مَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ كَالْجَالِسِ فِي الْحَانُوتِ فَلَا مُعَارَضَةَ. وَمُنِعَ بَيْعُ الْحَضَرِيِّ سِلْعَةَ الْبَدْوِيِّ إذَا قَدِمَ بِهَا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِرْسَالِهِ) أَيْ الْعَمُودِيِّ السِّلْعَةَ لِلْحَضَرِيِّ لِيَبِيعَهَا هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِجَوَازِ بَيْعِهَا الْحَاضِرِ لِصَيْرُورَتِهَا أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَنَصُّهُ وَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ أَنْ يَبْعَثَ الْبَدْوِيُّ سِلْعَتَهُ لِيَبِيعَهَا لَهُ الْحَاضِرُ. . (وَهَلْ) يُمْنَعُ بَيْعُ الْحَاضِرِ سِلْعَةً مَمْلُوكَةً (لِ) شَخْصٍ (قَرَوِيٍّ) أَيْ سَاكِنٍ قَرْيَةً صَغِيرَةً أَوْ لَا يُمْنَعُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَحَلُّهُمَا إذَا جَهِلَ الْقَرَوِيُّ سِعْرَهَا بِالْحَاضِرَةِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا الْبَاجِيَّ وَالْقَرَوِيُّ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الْأَسْعَارَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهَا فَلَا يُبَاعُ لَهُ. وَمَفْهُومُ لِقَرَوِيٍّ جَوَازُهُ إذَا كَانَتْ لِمَدَنِيٍّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَنْعُ. الْحَطّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَنَصُّهُ وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ عَمُودِيٍّ خَاصَّةً، وَقِيلَ: وَقَرَوِيٍّ، وَقِيلَ: كُلُّ وَارِدٍ عَلَى مَحَلٍّ وَلَوْ مَدَنِيًّا. وَقَيَّدَ بِمَنْ يَجْهَلُ السِّعْرَ وَلَوْ بَعَثَهُ مَعَ رَسُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُ الْحَاضِرِ سِلْعَةَ الْعَمُودِيِّ إنْ لَمْ تَفُتْ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ وَقِيلَ: بِالْقِيمَةِ (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا كُلُّ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ، وَهَلْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَوْ إنْ اعْتَادَهُ وَإِلَّا زُجِرَ قَوْلَانِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 62 وَجَازَ الشِّرَاءُ لَهُ، وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا: كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ وَلَا يُفْسَخُ.   [منح الجليل] وَجَازَ) لِلْحَاضِرِ (الشِّرَاءُ لَهُ) أَيْ الْعَمُودِيِّ بِالنَّقْدِ لَا بِالسِّلَعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. تت هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا الشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ (وَكَتَلَقِّي) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَاللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ لِشِرَاءِ (السِّلَعِ) الْمَجْلُوبَةِ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى سُوقِهَا الَّذِي تُبَاعُ بِهِ عَادَةً لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ نَشْتَرِي مِنْهَا الطَّعَامَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ابْنُ رُشْدٍ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ حَتَّى يَهْبِطَ إلَى الْأَسْوَاقِ» فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَاضِرَةِ إلَى الْجَلَائِبِ الَّتِي تُسَاقُ إلَيْهَا فَيَشْتَرِي مِنْهَا ضَحَايَا وَلَا مَا يُؤْكَلُ وَلَا لِتِجَارَةٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي حَدِّهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِيلٌ وَفَرْسَخَانِ وَيَوْمَانِ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ: لَا حَدَّ لَهُ فَيُمْنَعُ فِيمَا بَعُدَ وَفِيمَا قَرُبَ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. (أَوْ) تَلَقِّي (صَاحِبِهَا) أَيْ السِّلَعِ قَبْلَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا وَصَلَ قَبْلَهُ أَوْ يَصِلُ بَعْدَهُ عَلَى الصِّفَةِ لِنَصِّ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي فِي الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِي الْأُولَى: لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا، وَعِنْدِي أَنَّهَا مِنْ التَّلَقِّي. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَأَخْذِهَا) أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ بِالْبَلَدِ أَوْ الْقَادِمِ عَلَيْهِ (فِي الْبَلَدِ) قَبْلَ وُصُولِ السِّلَعِ لَهُ أَوْ لِسُوقِهَا إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَيَكُونُ أَخْذُهَا (بِصِفَةٍ) مِنْ بَائِعِهَا أَوْ فِي بَرْنَامَجٍ، أَوْ بِشَرْطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِرُؤْيَتِهَا. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ جَازَ شِرَاؤُهَا بَعْدَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ وَلَوْ قَبْلَ مُرُورِهَا عَلَى بَيْتِهِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي تَعَبُّدٌ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ لِحَقِّ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ الْجَالِبِ وَهُوَ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوْ لَهُمَا وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (وَ) إنْ تَلَقَّى السِّلَعَ أَوْ صَاحِبَهَا أَوْ أَخَذَهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ فَ (لَا يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْبَيْعُ لِصِحَّتِهِ، وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا، وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ، أَوْ يُشَارِكُهُ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَشَهَرَهُ عِيَاضٌ رِوَايَتَانِ. وَرُوِيَ تُبَاعُ لَهُمْ، فَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيْهِ وَإِنْ رَبِحَ فَلِلْجَمِيعِ. وَقِيلَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 63 وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ: أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ،.   [منح الجليل] تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ يُنْهَى عَنْهُ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ تَلَقَّى السِّلَعَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِلْبَسَاتِينِ لِشِرَاءِ ثَمَرِهَا الَّذِي يَلْحَقُ أَرْبَابَهُ الضَّرَرُ بِتَفْرِيقِ بَيْعِهِ لَيْسَ مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سَوَاءٌ الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَكَذَا شِرَاءُ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّفُنِ بِالسَّاحِلِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ فَكَاحْتِكَارٍ ق الظَّاهِرُ جَوَازُ تَلَقِّي كِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالْخَدَمِ قَبْلَ وُصُولِهَا الْمَوْقِفَ الْمُعْتَادَ، وَانْظُرْ شِرَاءَ الْخُبْزِ مِنْ الْفُرْنِ وَتَلَقِّي جِمَالِ السَّقَّائِينَ مِنْ الْبَحْرِ. (وَجَازَ لِمَنْ) مَنْزِلُهُ أَوْ قَرْيَتُهُ خَارِجَ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهِ (عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ) أَيْ شِرَاءُ شَيْءٍ (مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) لِقُوَّتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ بِالْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، بَلْ قَالَ ق إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهُ فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَلَهَا سُوقٌ، وَاعْتَمَدَهُ عج، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا فَلَهُ الْأَخْذُ مِمَّا لَهُ سُوقٌ لِقُوَّتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَمِمَّا لَا سُوقَ لَهُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ. . (وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ) مَبِيعِ الْبَيْعِ (الْفَاسِدِ) عَلَى الْبَتِّ الَّذِي لَمْ يُنْهَ عَنْ بَيْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي، وَصِلَةُ يَنْتَقِلُ (بِالْقَبْضِ) الْمُسْتَمِرِّ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ سَوَاءٌ نَقَدَ ثَمَنَهُ أَمْ لَا وَقَوْلِي الَّذِي لَمْ يُنْهَ عَنْ بَيْعِهِ مُخْرِجٌ لِلْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ مُشْتَرِيهِ، بَلْ وَلَوْ أَتْلَفَهُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا، فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ وَلِلْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ إذَا قَبَضَهُ مُشْتَرِيهِ وَتَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ مُشْتَرِيهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ كَإِتْلَافِهِ جِلْدَ مَيْتَةٍ، وَقَوْلِي عَلَى الْبَتِّ لِإِخْرَاجِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُ مُشْتَرِيهِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَقَوْلِي الْمُسْتَمِرِّ لِإِخْرَاجِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فَاسِدًا وَقَبَضَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ وُضِعَتْ عِنْدَ أَمِينَةٍ لِكَوْنِهَا عَلَيْهِ أَوْ وَطِئَهَا بَائِعُهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَضَمَانُهَا مِنْ بَائِعِهَا وَالسِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ رَدَّهَا لِبَائِعِهَا أَمَانَةً، أَوْ رَهْنًا فِي ثَمَنِهَا أَوْ لِانْتِفَاعِهِ بِهَا الْمُشْتَرَطِ فِي بَيْعِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ بَائِعِهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 64 وَرُدَّ وَلَا غَلَّةَ،.   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ لَا يَتَوَقَّفُ الْقَبْضُ عَلَى الْحَصْدِ وَجَذِّ الثَّمَرَةِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ حِينَ بَيْعِهِ مُسْتَحِقًّا الْحَصْدَ أَوْ الْجَذَّ فَإِنْ بِيعَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَقَّفَ انْتِقَالُ ضَمَانِهِ عَلَيْهِ، فَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى زَرْعًا بَعْدَ يُبْسِهِ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَتْلَفَتْهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُدْهُ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ فَيَبِسَ وَأَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا بِحَصْدِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ إلَّا بِالْقَبْضِ. أَشْهَبُ أَوْ بِالتَّمْكِينِ مِنْهُ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ. اهـ. وَأَصْلُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَمَفْهُومُ الضَّمَانِ أَنَّ مِلْكَ الْفَاسِدِ لَا يَنْتَقِلُ بِقَضْبِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فَوَاتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْفَوَاتِ. التَّوْضِيحُ يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِانْتِقَالِ ضَمَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا بِقَبْضِهِ فَمِلْكُهُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِيمَةِ فَوَاتِهِ. اهـ. وَفَائِدَةُ نَقْلِ مِلْكِهِ بِهِمَا عَدَمُ رَدِّهِ وَإِبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَنْتَقِلُ مِلْكُهُ بِهِمَا فَيَجِبُ رَدُّهُ، وَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَضَمَانِهِ إنْ هَلَكَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ بِبَيِّنَةٍ، وَهَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَفِيهَا مَنْ بَاعَ عَبْدَهُ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ جَازَتْ الْهِبَةُ اهـ. ابْنُ نَاجِي يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ، وَكَذَا قَوْلُهَا فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدٍ: إنْ ابْتَعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ وَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا الْمَبِيعَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ لِبَائِعِهِ وُجُوبًا لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَ (لَا) يَرُدُّ (غَلَّتَ) هـ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنَفَقَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَبِيعِ غَلَّةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ، فَإِنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ فَاسِدًا مَالَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَبِنَاءٍ وَصَبْغٍ فَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ وَالسُّكْنَى وَاللَّبْسُ لَهُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا غَلَّةَ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ، وَقَيَّدَهُ س وتت بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِمَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 65 فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ.   [منح الجليل] طفى الْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ إذْ عِلْمُهُ بِهِمَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِهِ، نَعَمْ الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ، فَمَنْ اشْتَرَى عَقَارًا فَظَهَرَ حُبُسًا فَلَهُ غَلَّتُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْبِيسِهِ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّتِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ عَالِمٌ بِتَحْبِيسِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى مُشْتَرِيهِ بِغَلَّتِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ، فَإِنْ أَعْدَمَ اسْتَوْفَاهُ مِنْ غَلَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ ضَاعَ بَاقِي ثَمَنِهِ وَانْتَقَلَ الْحَبْسُ إلَى مَنْ يَلِيهِ بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَمَحَلُّ رَدِّ الْمَبِيعِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ يَفُتْ. . (فَإِنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ فَلَا يُرَدُّ لِبَائِعِهِ وَ (مَضَى) أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ (الْمُخْتَلَفُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (فِي) صِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا وَلَوْ كَانَتْ الصِّحَّةُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى عَدَمِهَا، وَصِلَةُ مَضَى (بِالثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ مِثَالُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ زَهْوِهِ بِشَرْطِ أَخْذِهِ تَمْرًا فَيَفُوتُ بِقَبْضِهِ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَأَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي خُصُوصِ هَذَا الْفَرْعِ وَفِي بَيْعِ حَبٍّ أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمُجَرَّدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ مُضِيَّهُ بِقَبْضِهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مُضِيِّهِ بِفَوَاتِهِ وَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَجَمْعِ الشَّخْصَيْنِ سِلْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَكْثَرِيٌّ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ إنْ فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَيَأْتِي لَهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ، وَصَحَّ أَوَّلٌ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَيَأْتِي لَهُ فِي الْعَيِّنَةِ مَا يُخَالِفُ مَا هُنَا أَيْضًا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَاسِدُ الَّذِي فَاتَ مُخْتَلَفًا فِيهِ بِأَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (قِيمَتَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ مُعْتَبَرَةً (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْقَبْضِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهَذَا أَكْثَرِيٌّ أَيْضًا إذْ قَدْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِهِ أَيْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوَاتِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَيْعِهِ. (وَ) ضُمِنَ (مِثْلُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (الْمِثْلِيِّ) الْمَبِيعِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ وَلَمْ يَنْسَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 66 بِتَغَيُّرِ سُوقٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ. وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ؛ وَفِيهَا شَهْرٌ وَشَهْرَانِ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ؛ وَقَالَ بَلْ فِي شَهَادَةٍ،. .   [منح الجليل] وَوُجِدَ مِثْلُهُ وَإِلَّا ضُمِنَ قِيمَتُهُ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَإِنْ عُلِمَتْ مَكِيلَةُ الْجُزَافِ بَعْدَ قَبْضِهِ رُدَّ مِثْلُهُ وُجُوبًا، وَصِلَةُ فَاتَ (بِتَغَيُّرِ سُوقٍ) أَيْ سِعْرٍ بِغَلَاءٍ أَوْ رُخْصِ مَبِيعٍ (غَيْرِ مِثْلِيٍّ) مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ (وَغَيْرِ عَقَارٍ) كَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ وَمَفْهُومُ غَيْرِ مِثْلِيٍّ إلَخْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ وَالْعَقَارَ لَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ سُوقِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الرَّغْبَةُ فِيهِمَا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ. الْبُنَانِيُّ كَوْنُ الْمِثْلِيِّ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبِعْ وَإِلَّا فَيَفُوتُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا، فَفِي النَّوَادِرِ مَنْ ابْتَاعَ حُلِيًّا بَيْعًا فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَ جُزَافًا فَإِنَّ حَوَالَةَ السُّوقِ تُفِيتُهُ وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَزْنِ فَلَا يَفُوتُ بِحَوَالَةِ سُوقِهِ وَلِيَرُدَّهُ أَوْ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ سَيْفًا مُحَلًّى فِضَّتُهُ الْأَكْثَرُ فَلَا تُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ وَيُفِيتُهُ الْبَيْعُ وَالتَّلَفُ وَقَلْعُ فِضَّتِهِ فَيَرُدُّ قِيمَتَهُ. مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ بِالْقِيَاسِ اهـ. . (وَ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا (بِطُولِ زَمَانِ) إقَامَةِ (حَيَوَانٍ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ آدَمِيًّا (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ الطُّولُ (شَهْرٌ وَ) فِيهَا أَيْضًا لَا يَكْفِي فِي الطُّولِ (شَهْرَانِ) هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا أَغْنَى عَنْهُ مَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ (خِلَافٌ) مَعْنَوِيٌّ (وَقَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (بَلْ) هُوَ خِلَافٌ (فِي شَهَادَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ فَالْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرُ طُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاهَدَةِ حَالِ حَيَوَانٍ صَغِيرٍ شَأْنُهُ التَّغَيُّرُ فِي الشَّهْرِ وَالْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرَانِ لَيْسَا بِطُولٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاهَدَةِ حَالِ حَيَوَانٍ كَبِيرٍ كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ لَيْسَ شَأْنُهُ التَّغَيُّرَ فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ. نَصُّ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ بِعَادَةٍ لِأَنَّهُ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَى الْمِقْدَارِ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَمْضِي إلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ فِيهِ الْحَيَوَانُ، فَتَغَيُّرُهُ فِي ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ مُعْتَبَرٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى التَّغَيُّرِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ تَعَسُّفٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الزَّمَانِ الَّذِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 67 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِهِ لَا فِي التَّغَيُّرِ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَأَنْصَفَ. اهـ. وَالصَّوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ اتِّفَاقُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ فَوْتٌ قَطْعًا، وَأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فِي الشَّهْرِ إلَى الثَّلَاثَةِ هَلْ هُوَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ فَيَكُونُ فَوْتًا أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ فَوْتًا. وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ عِنْدَهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ يَتَبَيَّنُ بِمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْخِلَافِ فِي حَالٍ، وَالْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ يُقَالُ فِيمَا لَهُ حَالَانِ فَيَقُولُ قَائِلٌ بِجَوَازِهِ بِاعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا لِحُضُورِهِ فِي ذِهْنِهِ حِينَ قَوْلِهِ وَالْآخَرُ بِمَنْعِهِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ الْآخَرِ الْحَاضِرِ فِي ذِهْنِهِ حِينَئِذٍ وَلَوْ حَضَرَ فِي ذِهْنِ الْأَوَّلِ مَا حَضَرَ فِي ذِهْنِ الثَّانِي لَوَافَقَهُ، وَلَوْ حَضَرَ فِي ذِهْنِ الثَّانِي مَا حَضَرَ فِي ذِهْنِ الْأَوَّلِ لَوَافَقَهُ أَيْضًا، فَهَذَا لَيْسَ خِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي شَهَادَةٍ يُقَالُ: حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَتَّبًا عَلَى أَحَدِ الْحَالَيْنِ مَعَ نَفْيِ الْحَالِ الْآخَرِ، مِثَالُهُ الْمَاءُ الْمَجْعُولُ فِي الْفَمِ الْمُخْتَلَفِ فِي التَّطْهِيرِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَنْضَافُ وَقَدْ لَا فَمَنْ مَنَعَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالِ الْإِضَافَةِ، وَمَنْ أَجَازَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالِ عَدَمِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُسَلِّمُ وُقُوعَ الْحَالَيْنِ فَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ رَأَى أَنَّهُ يَنْضَافُ وَلَا بُدَّ وَلَا يُمْكِنُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ عَدَمُ إضَافَتِهِ، وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ رَأَى نَقِيضَ هَذَا فَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ، وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ هَذَا الثَّانِي لِأَنَّ مَنْ قَالَ الثَّلَاثَةَ وَمَا دُونَهَا فَوْتٌ رَأَى أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ، وَمَنْ قَالَ: لَيْسَتْ بِفَوْتٍ رَأَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ، هَذَا فَهْمُ ابْنِ عَرَفَةَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ. وَأَمَّا قَوْلُ ز فَالْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرُ فَوْتٌ إلَخْ، فَلَمْ يَقُلْهُ الْمَازِرِيُّ وَلَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ مَا بَيَّنَ بِهِ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَعْنَى الْخِلَافِ فِي حَالٍ لَا مَعْنَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَةٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرَانِ لَيْسَا فَوْتًا فِيهِ أَيْضًا الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى إبْدَالُ وَشَهْرَانِ بِثَلَاثَةٍ لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّهَا فَوْتٌ بِاتِّفَاقِ الْمَحَلَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَيْضًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 68 وَبِنَقْلِ عَرْضٍ وَمِثْلِيٍّ لِبَلَدٍ بِكُلْفَةٍ، وَبِالْوَطْءِ. وَبِتَغَيُّرِ ذَاتِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ،.   [منح الجليل] أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ عَدَمُ تَغَيُّرِ ذَاتِ الْحَيَوَانِ وَلَا سُوقِهِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ تَغَيُّرِ السُّوقِ قَبْلُ وَتَغَيُّرِ الذَّاتِ بَعْدُ. . (وَ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا (بِنَقْلِ عَرْضٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٌ مُعْجَمَةٌ (وَمِثْلِيٍّ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (لِبَلَدٍ) آخَرَ وَعَكْسُهُ، أَوْ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ النَّقْلُ (بِكُلْفَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ، أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَكَلَّفْهُ الْمُشْتَرِي بِحَمْلِهِ عَلَى دَوَابِّهِ وَخَدَمِهِ. وَيَضْمَنُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ، فَفِي النَّوَادِرِ مَا نَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا جُزَافًا بَيْعًا فَاسِدًا فَاتَ بِجَوَّالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَوْجُهِ الْفَوْتِ، وَلَوْ بِيعَ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَمْ يَفُتْهُ شَيْءٌ وَيَرُدُّ مِثْلَهُ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ كَالْحِنَّاءِ وَغَيْرِهِ لَا فَوْتَ فِيهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَهِيَ طَرِيقَةٌ كَمَا سَتَعْرِفُهُ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَيْسَ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ كَحَيَوَانٍ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ نَقْلُهُ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَوْفٌ مِنْ نَحْوِ مُحَارِبٍ أَوْ أَخْذِ مَكْسٍ فَنَقْلُهُ فَوْتٌ. (وَ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا (بِالْوَطْءِ) لِأَمَةٍ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مِنْ مُشْتَرِيهَا الْبَالِغِ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِاسْتِلْزَامِهِ مُوَاضَعَتَهَا الْمُسْتَلْزَمَةَ طُولَ الزَّمَانِ وَهُوَ فَوْتٌ، وَمَفْهُومُ الْوَطْءِ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهَا بِدُونِهِ لَيْسَتْ فَوْتًا وَهُوَ كَذَلِكَ. فِي الشَّامِلِ وَطْءُ الْأَمَةِ فَوْتٌ لَا غَيْبَتُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَالَ: وَطِئْتهَا صَدَقَ عَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ وَخْشًا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ وَإِنْ نَفَاهُ صُدِّقَ فِي الْوَخْشِ، وَلَوْ كَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَهُ رَدُّهَا كَعَلِيَّةٍ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَلَهُ رَدُّهَا، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَاتَتْ بِهَا. . (وَ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا (بِتَغَيُّرِ ذَاتِ) مَبِيعٍ (غَيْرِ مِثْلِيٍّ) كَعَقَارٍ وَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ فَيَفُوتُ الْعَقَارُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْأَرْضُ بِالْغَرْسِ وَالْقَلْعِ وَالْعَرْضُ وَالْحَيَوَانُ بِنَقْصٍ أَوْ زِيَادَةٍ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ مِثْلِيٍّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يُفِيتُهُ تَغَيُّرُ ذَاتِهِ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ. الْحَطّ قَيَّدَ تَغَيُّرَ الذَّاتِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 69 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِغَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَرْيًا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ الذَّاتِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ يُفِيتُ الْمِثْلِيَّ. وَقَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَاَلَّذِي فِي اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ لِأَنَّ رَدَّ مِثْلِهِ مُرَتَّبٌ عَلَى فَوَاتِهِ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَلَوْ كَانَ لَمْ يَفُتْ لَرَدَّ عَيْنَهُ وَهُمْ صَرَّحُوا هُنَا بِرَدِّ مِثْلِهِ اهـ. الْبُنَانِيُّ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ غَيْرُ الطَّرِيقَةِ الَّتِي جَرَى عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ. طفي اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي تَوْضِيحِهِ الَّذِي لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ اهـ وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ مَعَ قَوْلِهِ وَلَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ لِأَنَّ ضَمَانَ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ هُوَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى فَوَاتِهِ، وَتِلْكَ طَرِيقَةُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ، وَأَصْلُهَا لِابْنِ يُونُسَ، وَعَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فَهُمَا طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا لِابْنِ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ اللَّازِمَ فِي الْفَوَاتِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوَّمِ. وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، إلَّا إنْ عُدِمَ كَثَمَرٍ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ فَقِيمَتُهُ. وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ أَنَّ اللَّازِمَ مَعَ الْفَوَاتِ هُوَ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بَيْعًا فَاسِدًا وَفَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي انْتَحَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَعَلَيْهِمَا يَأْتِي التَّفْرِيعُ. وَالْخِلَافُ فِي حَوَالَةِ السُّوقِ وَالنَّقْلِ وَالتَّغَيُّرِ هَلْ تُفِيتُ الْمِثْلِيَّ أَمْ لَا، فَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْمِثْلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بِعَدَمِ فَوَاتِهِ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ وَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْقِيمَةَ قَالَ بِفَوَاتِهِ. وَأَمَّا رَدُّهُ بِعَيْنِهِ مُتَغَيِّرًا وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَرْشٍ نَقَصَهُ فَلَا قَائِلَ بِهِ وَإِنْ تَوَهَّمَهُ عج اُنْظُرْ طفي اهـ كَلَامُ الْبُنَانِيِّ، قَالَ: وَلَمَّا رَأَى اللَّخْمِيُّ وَمَنْ مَعَهُ أَنَّ تَغَيُّرَ الْمِثْلِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ مِثْلِهِ حَكَمُوا بِعَدَمِ فَوَاتِهِ. ابْنُ بَشِيرٍ لَا يَفُوتُ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ بِتَغَيُّرِ الْعَيْنِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَسُدُّ مَسَدَّ عَيْنِهِ، لَكِنْ إنْ بِيعَ جُزَافًا فَاتَ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِقِيمَتِهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ بِفَوَاتِ الْمِثْلِيِّ بِحَوَالَةِ سُوقِهِ قَالَ: مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ قِيمَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ذَهَابُ عَيْنِ الْمِثْلِيِّ مَعَ بَقَاءِ سُوقِهِ لَغْوٌ لِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ، وَفِي فَوْتِهِ بِحَوَالَةِ سُوقِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 70 وَخُرُوجٍ عَنْ يَدٍ، وَتَعَلُّقِ حَقٍّ كَرَهْنِهِ، وَإِجَارَتِهِ،. .   [منح الجليل] ثَالِثُهَا إنْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ. لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ وَالْمَازِرِيُّ عَنْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَضَى النَّظَرِ، وَأَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَنْ يُفِيتَهُ حَوَالَةُ السُّوقِ كَالْعُرُوضِ. اهـ. فَلَوْلَا أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ مَعَ الْفَوَاتِ لَمَا قَالَ مُقْتَضَى إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا أَعْطَى الْمِثْلَ أَوْ الْعَيْنَ مَعَ حَوَالَةِ السُّوقِ غَبَنَ أَحَدَهُمَا، وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَدُلُّ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي تَغَيُّرِ السُّوقِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ كَوْنُهُ لَيْسَ فَوْتًا فِي الْمِثْلِيِّ. قَالَ: أَعْتَذِرُ لِلْمَشْهُورِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ سَدُّ الْمِثْلِ مَسَدَّ مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا يَعْدِلُ لِلْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ، فَالْمِثْلُ كَالْأَصْلِ، وَالْقِيمَةُ كَالْفَرْعِ، فَإِذَا أَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَطَلْنَا هُنَا لِأَنَّا لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا مِنْ الشُّرَّاحِ، وَح أَشَارَ لِإِشْكَالِهَا وَلَمْ يُحَرِّرْهَا، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ بَشِيرٍ يُرَدُّ الْمَبِيعُ مَعَ أَرْشِ تَغَيُّرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ بِرَدِّ مِثْلِهِ وَلَا قَائِلَ بِرَدِّهِ مُتَغَيِّرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِ (خُرُوجٍ) لِلْمَبِيعِ (عَنْ يَدٍ) أَيْ حَوْزٍ لِلْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تَحْبِيسٍ عَنْ نَفْسِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى شَخْصٌ بِشِرَاءِ عَقَارٍ وَتَحْبِيسِهِ فَاشْتَرَاهُ الْوَصِيُّ شِرَاءً فَاسِدًا وَحَبَسَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَسْخُ الْبَيْعِ قَالَهُ الْحَطّ، قَالَ إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ لِبَائِعِهِ فَهَلْ ذَلِكَ فَوْتٌ كَبَيْعِهِ لِأَجْنَبِيٍّ ذَكَرَ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ فِيهِ قَوْلَيْنِ لِأَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ رُشْدٍ وَفِيهَا لَا تَجُوزُ التَّوْلِيَةُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَتُرَدُّ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مُوَلِّيهِ وَالشَّرِكَةُ كَالتَّوْلِيَةِ لِأَنَّهَا تَوْلِيَةٌ لِبَعْضِ الْمَبِيعِ وَانْظُرْ الْإِقَالَةَ. (وَ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِ (تَعَلُّقِ حَقٍّ) بِالْمَبِيعِ لِغَيْرِ مُشْتَرِيهِ (كَرَهْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا فِي دَيْنٍ عَلَى مُشْتَرِيَةِ إلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى فَكِّهِ مِنْ الرَّهْنِ لِمُلَائِهِ قَالَهُ فِيهَا (وَ) كَ (إجَارَتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا فِيهَا إلَّا أَنْ يَقْدِرَ عَلَى فَسْخِهَا. أَبُو الْحَسَنِ إمَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ كَوْنِهَا مُيَاوَمَةً وَدَخَلَ بِالْكَافِ إخْدَامُهُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 71 وَأَرْضٍ بِبِئْرٍ، وَعَيْنٍ، وَغَرْسٍ، وَبِنَاءٍ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ، وَفَاتَتْ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ فَقَطْ؛ لَا أَقَلُّ. .   [منح الجليل] وَ) تَفُوتُ الْأَرْضُ الْمَبِيعَةُ فَاسِدًا بِتَغَيُّرِ (أَرْضٍ بَ) سَفَرِ (بِئْرٍ) فِيهَا لِغَيْرِ سَقْيِ مَاشِيَةٍ (وَ) فَتْقِ (عَيْنٍ) فِيهَا وَلَوْ لِمَاشِيَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عِظَمُ مُؤْنَتِهِمَا لِأَنَّهُ شَأْنُهُمَا (وَ) بِ (غَرْسٍ) لِشَجَرٍ فِيهَا (وَ) بِ (بِنَاءٍ) فِيهَا (عَظِيمَيْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مُثَنَّى عَظِيمٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى (الْمُؤْنَةِ) نَعْتٌ لِغَرْسٍ وَبِنَاءٍ فَقَطْ وَالْقَلْعُ كَالْغَرْسِ وَالْهَدْمُ كَالْبِنَاءِ، وَمَحَلُّ إفَاتَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ إذَا عَمَّهَا كُلَّهَا أَوْ مُعْظَمَهَا أَوْ أَحَاطَ بِهَا كُلِّهَا، فَإِنْ كَانَ فِيمَا دُونَ جُلِّهَا فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَفَاتَتْ بِ) أَحَدِ (هِمَا) أَيْ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ (جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ) أَوْ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ وَإِذَا كَانَ الْغَرْسُ بِنَاحِيَةٍ مِنْهَا وَجُلُّهَا لَا غَرْسَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَفُوتَ مِنْهَا مَا غَرَسَ وَيُفْسَخَ الْبَيْعُ فِي سَائِرِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْرُوسُ مِنْهَا يَسِيرًا، كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَاقِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَاهُ أَحَالَ الْقَدْرَ الَّذِي يَفُوتُ بِالْغَرْسِ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَاقِي، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَرَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ، ثُمَّ قَالَ: وَتَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَرْسَ أَوْ بِنَاءَ نِصْفِهَا كَغَرْسِ أَوْ بِنَاءِ جُلِّهَا وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ جِهَةٌ أَيْ لَا الْجَمِيعُ فَلَمْ يُحْتَرَزْ بِهِ عَنْ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ (لَا) تَفُوتُ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ (أَقَلُّ) مِنْ الرُّبُعِ فَلَا يُفِيتُ شَيْئًا مِنْهَا وَلَوْ عَظُمَتْ مُؤْنَتُهُ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْجِهَةِ الرُّبُعَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا بِالْمِسَاحَةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَجْهُ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي فَوْتُهَا بِالْغَرْسِ مَا هِيَ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَتْ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبُعَ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي بِثُلُثِي الثَّمَنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ فَسَقَطَ عَنْ الْمُبْتَاعِ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ وَرَدَّ إلَيْهِ إنْ كَانَ دَفَعَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ فِي النَّاحِيَةِ الْفَائِتَةِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلٌ فِي ذَلِكَ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ إذْ قَدْ تَكُونُ قِيمَةُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَقَلَّ مِمَّا نَابَهَا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 72 وَلَهُ الْقِيمَةُ قَائِمًا عَلَى الْمَقُولِ وَالْمُصَحَّحِ، وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا: تَأْوِيلَانِ،. .   [منح الجليل] وَ) إنْ كَانَ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ فِي أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ وَرَدَّ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمَبِيعِ فَ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (الْقِيمَةُ) لِلْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ الْحُكْمِ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) مُؤَيِّدًا لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِشُبْهَةٍ، كَمَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْهُ قَالَهُ التُّونُسِيُّ (عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ مُخْتَارِ الْمَازِرِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (وَالْمُصَحَّحِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْأُولَى أَيْ مُخْتَارِ ابْنِ مُحْرِزٍ مِنْهُ (وَفِي) مُضِيِّ (بَيْعِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ بَيْعًا صَحِيحًا (قَبْلَ قَبْضِهِ) مِنْ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ بِأَنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ، أَوْ الْبَائِعُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ رَدِّهِ لَهُ وَعَدَمِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ مِثْلِيًّا وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِفَضْلٍ وَابْنِ الْكَاتِبِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَيْعِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي بَيْعًا صَحِيحًا، وَهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ إنْ فَاتَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ فَبَيْعُهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُرَدُّ لِلْمُشْتَرِي فَاسِدًا ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ وَسَقَطَ عَنْهُ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ. وَعَلَى الثَّانِي فَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ الْمُشْتَرِي يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيُرَدُّ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ، وَيُرَدُّ ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ. وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ الْبَائِعُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بَيْعٌ مِنْ بَائِعِهِ بَعْدَ قَبْضِ مُشْتَرِيهِ فَالتَّأْوِيلَانِ فِي بَيْعِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ، وَفِي بَيْعِ الْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَقَبْلَ رَدِّهِ لَهُ. وَبَقِيَتْ صُورَةٌ ثَالِثَةٌ فِيهَا التَّأْوِيلَانِ أَيْضًا وَهِيَ بَيْعَةُ الْبَائِعِ بَيْعًا صَحِيحًا بَعْدَ تَمْكِينِ مُشْتَرِيهِ فَاسِدًا مِنْ قَبْضِهِ وَقَبْلَ قَبْضِهِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا قَبْلَ تَمْكِينِهِ مِنْهُ فَمَاضٍ بِاتِّفَاقٍ فَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ فِي كَلَامِهِ. الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ لَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَدْ رَأَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 73 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نُفُوذِ بَيْعِهِ وَهُوَ بِيَدِ بَائِعِهِ قَوْلَانِ، قَالُوا: وَكَذَلِكَ عَكْسُهُ وَهُوَ بَيْعُ الْبَائِعِ مَا بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا بَعْدَ قَبْضِ مَنْ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَجَعَلُوا سَبَبَ الْخِلَافِ كَوْنَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَنْقُلُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ: وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا الْخِلَافَ أَيْضًا اهـ. وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِأَنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي فِيهِ حَدَثًا مِنْ عِتْقٍ أَوْ إعْطَاءٍ أَوْ بَيْعٍ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَمْضِي فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَيَكُونُ فَوْتًا قَوْلَانِ، وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ هَلْ يَنْقُلُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فَأَحْدَثَ الْبَائِعُ فِيهِ عَقْدًا وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي مُضِيِّهِ قَوْلَانِ وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي نَقْلِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ فَلَا يَمْضِي أَوْ عَدَمِهِ فَيَمْضِي اهـ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْإِمْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالصَّدَقَةِ كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ قَالَ فِيهَا: وَكُلُّ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَضَمَانُ مَا يَحْدُثُ بِالسِّلْعَةِ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَأَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا فَذَلِكَ فَوْتٌ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ اهـ. ابْنُ يُونُسَ إنْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ تَغَيُّرُ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ قَبْلَ الْقَبْضِ فَذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ، فَإِنْ أَحَدَثَهُ الْمُبْتَاعُ فَيَضْمَنُ بِمَا أَحْدَثَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ثَمَنِهَا، وَاخْتُلِفَ إنْ بَاعَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، فَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ فَوْتٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُبْتَاعُ كَالصَّدَقَةِ. ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ أَحْدَثَهُ الْمُبْتَاعُ وَلِأَنَّ الصَّدَقَةَ تُفْتَقَرُ لِلْقَبْضِ وَالْبَيْعَ لَا يُفْتَقَرُ لَهُ، فَإِذَا كَانَتْ فَوْتًا فَهُوَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ فَوْتًا اهـ، وَنَحْوُهُ لِأَبِي إِسْحَاقَ. وَنَقَلَ الْحَطّ كَلَامَهُ وَكَلَامَ عِيَاضٍ ثُمَّ قَالَ فَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِنُفُوذِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ مُفَوِّتٌ، وَكَذَلِكَ الظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْعَكْسِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ بَائِعُهُ وَهُوَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ الْإِمْضَاءَ أَيْضًا. طفي الْخِلَافُ فِي بَيْعِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَكِنْ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي بَيْعِ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 74 لَا إنْ قَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ، وَارْتَفَعَ الْمُفِيتُ إنْ عَادَ إلَّا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ.   [منح الجليل] كَلَامِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ. قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي يُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ هَلْ مِنْ شَرْطِهِ كَوْنُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي الْعُيُوبِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا وَمِثْلُهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَيْعُهَا فَوْتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَبَضَهَا أَوْ لَا، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِمَالِكٍ مِثْلُهُ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ كَلَامَهُ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمَحَلِّ التَّأْوِيلَيْنِ وَعَمَّمَهُمَا، وَاسْتَدَلَّ بِكَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّأْوِيلَيْنِ فَلِذَا عَمَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . وَمَحَلُّ كَوْنِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مَا اشْتَرَاهُ بَيْعًا صَحِيحًا بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الرَّاجِحِ فَوْتًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِبَيْعِهِ إفَاتَتَهُ (لَا إنْ قَصَدَ) الْمُشْتَرِي (بِالْبَيْعِ) الصَّحِيحِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ (الْإِفَاتَةَ) لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَا يُفِيتُهُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَيُفْسَخُ وُجُوبًا كَمَبِيعٍ فَاسِدٍ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ بَيْعٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ أَفَادَهُ الشَّارِحُ، وَفِي ق أَنَّ لِلْبَائِعِ إجَازَةُ فِعْلِهِ وَتَضْمِينُهُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ رِضًا مِنْهُ بِالْتِزَامِهَا وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ مَبِيعِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إجَازَتُهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ، إذْ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ صِرْفٍ لِبَيْعِهِ مَا فِي ضَمَانِهِ. قَوْلُهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ رِضًا بِالْتِزَامِ الْقِيمَةِ إلَخْ، فِيهِ أَنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَرِضَاهُ بِهَا شِرَاءٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْتِزَامُ الْمَمْنُوعِ لَا يَلْزَمُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُهُ الْقِيمَةَ لَكِنْ إنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا فَذَلِكَ لَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ بَيْعُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قِيَامِ الْبَائِعِ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَإِرَادَتِهِ فَسْخَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ تَحَتَّمَ فَسْخُهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بَيْعُهُ بَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ يَفُوتُ مُطْلَقًا، وَقَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَالثَّالِثُ لَا يَفُوتُ مُطْلَقًا. وَحَكَى عِيَاضٌ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ اعْتَرَضَ ابْنُ نَاجِي حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمِثْلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 75 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ الْمَقْصُودُ بِهِمَا الْإِفَاتَةُ لَا الْعِتْقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. (وَ) إنْ حَصَلَ فِي الْمَبِيعِ فَاسِدًا مُفِيتٌ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ دَفَعَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِعَدَمِ رَدِّهِ ثُمَّ عَادَ الْمَبِيعُ لِحَالِهِ (ارْتَفَعَ) أَيْ زَالَ الْحُكْمُ الَّذِي اقْتَضَاهُ (الْمُفِيتُ) وَهُوَ مُضِيُّ الْبَيْعِ وَوُجُوبُ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ (إنْ عَادَ) الْمَبِيعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفِيتٌ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ بِاخْتِيَارِهِ كَشِرَائِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَإِرْثِهِ (إلَّا) إذَا كَانَ الْفَوَاتُ (بِتَغَيُّرِ سُوقٍ) ثُمَّ عَادَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ لِأَنَّ تُغَيِّرَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَتَّهِمُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ، وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ رُجُوعَهُ لَهُ بِإِرْثٍ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ أَيْضًا، وَقَدْ بَايَنُوا بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَلِذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ الِارْتِفَاعِ فِي عَوْدِ حَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا. [فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام بُيُوع الْآجَال] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ بُيُوعِ الْآجَالِ ابْنُ عَرَفَةَ بُيُوعُ الْآجَالِ يُطْلَقُ مُرَكَّبًا إضَافِيًّا وَلَقَبًا، فَالْأَوَّلُ مَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنَ وَمَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَهَا سَلَمٌ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ يَجُوزُ سَلَمُ الطَّعَامِ فِي الْفُلُوسِ، وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ الْعَيْنَ أَنَّهُ سَلَمٌ بِمَجَازِ التَّغْلِيبِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَّ مِنْ حِنْطَةٍ إلَى شَهْرٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِشَهْرٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ أَجَلُهُمَا، وَرُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى مَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَ الْعَيْنِ إنَّهُ بَيْعٌ فِي الْبَيْعِ مِنْهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ غَائِبَةٍ بِعَيْنِهَا بِسِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بِدَنَانِيرَ إلَى أَجَلٍ اهـ قَوْلُهُ، وَمَا أَجَّلَ ثَمَنُهُ غَيْرَهَا إلَخْ جَعَلَ الْمُقَدَّمَ هُوَ الْمُثَمَّنُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْنَ أَوْ غَيْرَهَا. وَبَعْضُهُمْ قَالَ: وَمَا أُجِّلَ مُثَمَّنُهُ فَهُوَ سَلَمٌ وَالْكُلُّ قَرِيبٌ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ أَنَّهُ ثَمَنٌ وَمُثَمَّنٌ كَمَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنَّهُ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي لَقَبٌ لِمُتَكَرِّرِ بَيْعِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ لِأَجَلٍ وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ. الْبُنَانِيُّ يَفْسُدُ طَرْدُهُ بِصِدْقِهِ عَلَى عَقْدِهِمَا ثَانِيًا بَعْدَ عَقْدِهِمَا أَوَّلًا لِغَيْرِ أَجَلٍ، لَكِنْ رَأَيْتُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 76 (فَصْلٌ) وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ: كَبَيْعٍ، وَسَلَفٍ،. وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ.   [منح الجليل] فِي نُسْخَةٍ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ زِيَادَةً لِأَجَلٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْبَحْثُ. وَنَقَضَ الْوَانُّوغِيُّ أَيْضًا الْحَدَّ الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِثُبُوتِ الْمَحْدُودِ وَانْتِفَاءِ الْحَدِّ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ إذَا بَاعَ الْعَامِلُ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ لِأَجَلٍ أَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَبْتَاعَهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا حَسْبَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا وَارِثُ الْبَائِعِ إذَا مَاتَ بِخِلَافِ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ شِرَاءُ مَبِيعِهِ مِنْ وَارِثِهِ لِحُلُولِ دُيُونِ الْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قُلْتُ: يُجَابُ بِأَنَّ كَوْنَ الْبَيْعِ أَوَّلًا بِإِذْنِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا مَعَ أَنَّهُ لَهُ حَقٌّ فِي الْمَبِيعِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْوَاقِعِ مِنْهُ فَهُوَ مُتَكَرِّرٌ مِنْ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ حُكْمًا. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِبَيَانِ مُوجِبِ فَسَادِ بُيُوعِ الْآجَالِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ فَقَالَ: (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدٍّ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ كَثُرَ قَصْدُهُ فَيُمْنَعُ (لِلتُّهْمَةِ) لِعَاقِدَيْهِ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِ لَأَنْ يَحْصُلَ بَيْنَهُمَا (مَا) أَيْ مَمْنُوعٌ (كَثُرَ قَصْدُهُ) مِنْ النَّاسِ (كَبَيْعٍ وَ) شَرْطِ (سَلَفٍ) كَبَيْعِ شَيْئَيْنِ بِدِينَارٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِي الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَحَدَهُمَا بِدِينَارِ نَقْدٍ، وَقَاعِدَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْيَدِ ثُمَّ يَعُودُ إلَيْهَا لَا يُعْتَبَرُ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَرْضٌ وَدِينَارٌ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا حَلَّ الْأَجَلُ دِينَارَيْنِ، أَحَدُهُمَا: ثَمَنُ الْعَرْضِ، وَالْآخَرُ: قَضَاءٌ عَنْ الدِّينَارِ، فَيُتَّهَمَانِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِشَرْطٍ، وَتَوَصَّلَا إلَى ذَلِكَ بِبَيْعِ الشَّيْئَيْنِ بِدِينَارَيْنِ لِأَجَلٍ، ثُمَّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا بِدِينَارٍ حَالٍّ لِجَوَازِ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. الْحَطّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ بَيْعٍ وَشَرْطِ سَلَفٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَنْعِهِ، صَرَّحَ بِهَذَا ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ. الْبُنَانِيُّ الصُّوَرُ ثَلَاثٌ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ بِجَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ لِلنَّهْيِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ بِلَا شَرْطٍ لَا صَرَاحَةً وَلَا حُكْمًا، وَهِيَ الَّتِي أَجَازُوهَا هُنَاكَ، وَتُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَكَرَّرُ الْبَيْعُ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا هُنَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 77 لَا مَا قَلَّ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ،.   [منح الجليل] وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالْبَدَلَ كَذَلِكَ وَالدَّيْنَ بِالدَّيْنِ كَمَا يَأْتِي (وَ) كَ (سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ) لِلْمُسَلِّفِ مِثَالٌ ثَانٍ لِلْمَمْنُوعِ الَّذِي كَثُرَ قَصْدُهُ، فَالْبَيْعُ الْمُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ اتِّفَاقًا كَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ شِرَائِهَا بِثَمَانِيَةٍ حَالَّةٍ إذْ مَآلُهُ إلَى تَسْلِيفِ ثَمَانِيَةٍ بِعَشَرَةٍ، وَكَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ وَالسَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا الْمَمْنُوعَ وَتَحَيَّلَا عَلَيْهِ بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَمْ يَقْصِدَاهُ وَإِنَّمَا آلَ أَمْرُهُمَا إلَى ذَلِكَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُتَّهَمُ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ انْتَهَى، إلَّا أَنَّ الدَّاخِلَ عَلَيْهِ آثِمٌ آكِلٌ لِلرِّبَا كَمَا أَخْبَرَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ عَنْ قَوْلِهِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ إلَى السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّا نَقُولُ: هُوَ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ بِالْمَظِنَّةِ فَكَانَ أَضْبَطَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ. . (لَا) يُمْنَعُ الْبَيْعُ الْجَائِزُ فِي الظَّاهِرِ الْمُؤَدِّي لِمَمْنُوعٍ قَلَّ قَصْدُهُ لِلتُّهْمَةِ عَلَى التَّوَصُّلِ بِهِ إلَى أَنْ يَحْصُلَ بَيْنَ عَاقِدَيْهِ (مَا) أَيْ مَمْنُوعٌ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا قَصْدُهُ مِنْ النَّاسِ (كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) لِلضَّامِنِ الْحَطّ لَمَّا كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَثُرَ قَصْدُهُ أَنَّ مَا أَدَّى إلَى مَا أَدَّى إلَى مَا قَلَّ قَصْدُهُ لَا يُمْنَعُ وَكَانَ ذَلِكَ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَمُنْقَسِمًا إلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَضْعَفُ مِنْ الْآخَرِ وَكَانَ حُكْمُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحِدًا فِيهِ عَلِيَّةٌ بِقَوْلِهِ لِأَقَلِّ الْقَصْدِ إلَيْهِ وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا يَبْعُدُ قَصْدُهُ جِدًّا، وَمَا يَبْعُدُ قَصْدُهُ لَا جِدًّا، وَالثَّانِي كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ كَبَيْعِ شَيْئَيْنِ بِدِينَارٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ شِرَاءِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْأَجَلِ بِدِينَارٍ قَالَ: أَمَرَهُ إلَى دَفْعِ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ لِلْأَجَلِ، وَحَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِيهِ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ وَحَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِلَا تَشْهِيرٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ لِبُعْدِ قَصْدِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْقَرْضَ وَالْجَاهَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا سُحْتٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ بَشِيرٍ يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَتَى ظَهَرَ قَصْدُهُ مُنِعَ، وَمَتَى لَمْ يَظْهَرْ جَازَ اهـ، وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 78 أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك. فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ:.   [منح الجليل] بَيِّنٌ فَإِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِخَوْفٍ أَوْ غَرَرِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ الَّذِي يَبْعُدُ قَصْدُهُ جِدًّا بِقَوْلِهِ (أَوْ) كَ (أَسْلِفْنِي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ (وَأُسْلِفُك) بِضَمِّهَا وَالنَّصْبُ بِأَنْ مُقَدَّرَةً بَعْدَ الْوَاوِ وُجُوبًا فِي جَوَابِ الْأَمْرِ أَوْ الرَّفْعُ أَيْ وَأَنَا أُسْلِفُك كَبَيْعِ شَيْءٍ بِدِينَارَيْنِ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِدِينَارٍ حَالٍّ وَدِينَارٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى دَفْعِ الْبَائِعُ دِينَارًا نَقْدًا وَأَخَذَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ، أَحَدُهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الدِّينَارِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي سَلَفٌ مِنْ الْمُشْتَرِي يَرُدُّهُ لَهُ الْبَائِعُ عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي، فَقَدْ أَسَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ اعْتِبَارِ هَذِهِ التُّهْمَةِ لِضَعْفِهَا بِقِلَّةِ قَصْدِهَا جِدًّا وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ اعْتِبَارُهَا، وَمُنِعَ مَا أَدَّى إلَيْهَا وَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك. وَبَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْعَادَةَ الْمُكَافَأَةُ بِالسَّلَفِ عَلَى السَّلَفِ فَقَصْدُهُ لَا بُعْدَ فِيهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْعَادَةَ قَصْدُ السَّلَفِ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهِ وَأَمَّا الدُّخُولُ عَلَى أَنْ يُسْلِفَهُ الْآنَ لِيُسْلِفَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا فَلَيْسَ مُعْتَادًا، فَقَصْدُهُ بَعِيدٌ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ بَدَلَ دَنَانِيرَ حَالَّةٍ بِدَنَانِيرَ أَقَلَّ مِنْهَا لِأَجَلٍ فَلَا تُعْتَبَرُ التُّهْمَةُ بِهِ لِبُعْدِهِ جِدًّا كَبَيْعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ وَشِرَائِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا حَالَّةً. . وَلَمَّا بَيَّنَ مُوجِبَ مَنْعِ بُيُوعِ الْآجَالِ فَرَّعَ صُوَرَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ: (فَمَنْ بَاعَ) شَيْئًا مُعَيَّنًا مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ هَذَا شَرْطٌ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ، إذْ لَوْ كَانَ نَقْدًا لَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ الَّذِينَ يَتَحَيَّلُونَ عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ فِيهَا أَيْضًا (بِجِنْسِ ثَمَنِهِ) الَّذِي بَاعَهُ بِهِ هَذَا شَرْطٌ فِيهَا أَيْضًا وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَيْنٍ) أَيْ نَقْدٍ مُتَّفَقٍ فِي الْبَيْعَتَيْنِ صِنْفًا وَصِفَةً (وَطَعَامٍ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فِيهِمَا وَصِفَتُهُ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَعَرْضٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ؛ كَذَلِكَ الْحَطّ وَالْقَصْدُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْآنَ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَبَيْعِهِ بِدَرَاهِمَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 79 فَإِمَّا نَقْدًا، أَوْ لِأَجَلٍ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ، وَهِيَ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ،. .   [منح الجليل] وَشِرَائِهِ بِدَرَاهِمَ مِنْ نَوْعِهَا وَسِكَّتِهَا، أَوْ بَاعَهُ بِذَهَبٍ وَاشْتَرَاهُ بِذَهَبٍ مِنْ نَوْعِهِ وَسِكَّتِهِ، أَوْ بَاعَهُ بِطَعَامٍ وَاشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ وَصِفَتِهِ، أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ وَاشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ مِنْ صِنْفِهِ وَصِفَتِهِ (فَإِمَّا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا (أَوْ) مُؤَجَّلًا (لِلْأَجَلِ) الَّذِي أُجِّلَ إلَيْهِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ (أَوْ) مُؤَجَّلًا لِأَجَلٍ (أَقَلَّ) مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ (أَوْ) مُؤَجَّلًا لِأَجَلٍ (أَكْثَرَ) مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِلثَّمَنِ الثَّانِي بِاعْتِبَارِ حُلُولِهِ وَتَأْجِيلِهِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي (بِمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَدْرِ (الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ (أَوْ) بِ (أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ) بِ (أَكْثَرَ) مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً بَيَّنَ أَحْكَامَهُمَا بِقَوْلِهِ (يُمْنَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (مِنْهَا) أَيْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ (ثَلَاثٌ) مِنْ الصُّوَرِ (وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثُ الْمَمْنُوعَةُ (مَا) أَيْ صُوَرٌ (تَعَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَقَدَّمَ (فِيهِ) أَيْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَذَكَرَ عَائِدَ مَا مُرَاعَاةً لِلَفْظِهَا وَفَاعِلُ تَعَجَّلَ الثَّمَنَ (الْأَقَلُّ) كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ، بِأَنْ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ حَالَّةٍ أَوْ لِنِصْفِ شَهْرٍ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ. وَعِلَّةُ مَنْعِهَا تُهْمَةُ قَصْدِهِ سَلَفًا بِمَنْفَعَةٍ. وَبَحَثَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مَنْعِ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا أَدَّتْ إلَى سَلَفٍ غَيْرِ مُنَجَّزٍ وَقَصْدُهُ قَلِيلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ جَوَازُ مَا يُؤَدِّي إلَى مَا يَبْعُدُ قَصْدُهُ. وَمَفْهُومُ ثَلَاثٌ أَنَّ الْبَاقِيَةَ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ جَائِزَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهِيَ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ، أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ أَوْ أَبْعَدَ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ نَقْدًا، أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ. قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ: أَصْلُ هَذَا الْبَابِ اعْتِبَارُ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا، فَإِنْ جَازَ التَّعَامُلُ عَلَيْهِ مَضَى وَإِلَّا بَطَلَ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا مَثَلًا فَأَجَلُهُ مُلْغًى كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ عَقْدٌ وَلَا تَبَدَّلَ فِيهِ مِلْكٌ وَاعْتَبَرَ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ مُسْتَقَرًّا لِنَقْلِ الْمِلْكِ بِهِ وَمَا عَادَ إلَيْهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 80 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَابِلْ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ، فَإِنْ وَجَدْتَ فِي ذَلِكَ وَجْهًا مُحَرَّمًا أَوْ أَقَرَّا أَنَّهُمَا عَقَدَا عَلَيْهِ فَسَخْتَ عَقْدَهُمَا فَامْنَعْ مِنْ هَذَا الْبَيْعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ حِمَايَةِ الذَّرَائِعِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ أَجَزْتَ الْبِيَاعَاتِ ثُمَّ تَتَّهِمُ مَعَ إظْهَارِ الْقَصْدِ إلَى الْمُبَاحِ وَتَمْنَعُ، وَإِنْ أَظْهَرَا عَدَمَ الْقَصْدِ إلَيْهِ حِمَايَةً أَنْ يَتَوَصَّلَا أَوْ غَيْرُهُمَا إلَى الْحَرَامِ اهـ. اللَّخْمِيُّ إنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ أَجْنَبِيًّا وَاشْتَرَاهُ لَهُ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لَمْ يَجُزْ وَيُفْسَخُ، وَفِيهَا إنْ بِعْتَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُك الْمَأْذُونُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ يَتَّجِرُ لَك، وَإِنْ تَجَرَ بِمَالِ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَإِنْ بَاعَ عَبْدُك سِلْعَةً بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ لَمْ يُعْجِبْنِي أَنْ تَبْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَتَّجِرُ لَك أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى لَمْ يُعْجِبْنِي لَمْ يَجُزْ يُفَسِّرُهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَبْدُك الْمَأْذُونُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَيُكْرَهُ شِرَاءُ الْبَائِعِ السِّلْعَةَ لِابْنِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ مَاتَ مُبْتَاعُهَا إلَى أَجَلٍ قَبْلَهُ جَازَ لِلْبَائِعِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَارِثِهِ لِحُلُولِ الْأَجَلِ بِمَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْبَائِعُ فَلَا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ إلَّا مَا جَازَ لَهُ مِنْ شِرَائِهَا، وَقَوْلِي عَنْ اشْتِرَائِهَا مِنْهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِثَالِثٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ الثَّالِثِ فَيَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ ابْتَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالْمَجْلِسِ بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ ابْتَاعَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَيُمْنَعُ لِاتِّهَامِهِمَا بِجَعْلِ الثَّالِثِ مُحَلِّلًا لِإِبْعَادِ التُّهْمَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَلَا تَبْعُدُ عَنْهُمَا بِهِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلثَّالِثِ: اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي بِعْتُهَا لَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَأَنَا آخُذُهَا مِنْك بِهَا أَوْ بِرِبْحِ دِينَارٍ فَتَدْفَعُ إلَيْهِ الْعَشَرَةَ الَّتِي تَأْخُذُهَا مِنِّي وَلَا تَدْفَعُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِك فَيَؤُولُ الْأَمْرُ إلَى رُجُوعِ السِّلْعَةِ إلَى الَّذِي بَاعَهَا أَوَّلًا وَدَفْعِهِ عَشَرَةً نَقْدًا يَأْخُذُ مِنْهُ بَدَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَأَعْطَى الثَّالِثَ دِينَارًا لِإِعَانَتِهِ عَلَى الرِّبَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - جَوَابُهُ بِلَا خَيْرَ فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 81 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَمَّا سُئِلَ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تت وَلْنَرْسِمْ لَهَا جَدْوَلًا يَكْشِفُهَا وَيُظْهِرُ لَك اسْتِخْرَاجَ الْمَسَائِلِ مِنْهُ بِأَنْ تَأْخُذَ لِلسَّطْرِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَسْطُرِ الثَّلَاثَةِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْأَبْيَاتِ الَّتِي تَلِيهِ وَتَنْظُرَ مَا فِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا فَمَا تَجِدُهُ مِنْ جَائِزٍ أَوْ مُمْتَنِعٍ فَهُوَ حُكْمُ الْبَيْتِ الَّذِي فَوْقَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ أَجَلٍ وَبَقِيَّةُ الْأَسْطُرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 82 وَكَذَا لَوْ أُجِّلَ بَعْضُهُ: مُمْتَنِعٌ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ، أَوْ بَعْضُهُ:.   [منح الجليل] كَذَلِكَ، وَهَكَذَا الِاسْتِخْرَاجُ فِي بَقِيَّةِ الْجَدَاوِلِ وَهَذِهِ صُورَتُهُ: | نَقْدًا | لِلشَّهْرِ | لِنِصْفِهِ | لِشَهْرَيْنِ | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | | | |. وَلَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلِّهِ وَتَأْجِيلِهِ كُلِّهِ ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ بَعْضِهِ وَتَأْجِيلِ بَعْضِهِ فِي كُلِّ الصُّوَرِ إلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ، وَفِي كُلٍّ الثَّمَنُ الثَّانِي كُلُّهُ إمَّا قَدْرًا لِثَمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ، وَسَقَطَتْ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثَةِ إذْ الْمَوْضُوعُ تَأْجِيلُ الْبَعْضِ مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ لِبَعْضِ الصُّوَرِ وَالْجَوَازُ لِلْبَعْضِ فَقَالَ (وَكَذَا) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ نَقْدِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلِّهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ كُلِّهِ فِي الِامْتِنَاعِ لِبَعْضِ الصُّوَرِ وَالْجَوَازُ لِلْبَاقِي (لَوْ أُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدًا (بَعْضُهُ) أَيْ تَأْجِيلُ بَعْضِ الثَّمَنِ الثَّانِي، وَبَيَّنَ الصُّوَرَ الْمُمْتَنِعَةَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (مُمْتَنِعٌ) مِنْ صُوَرِهِ التِّسْعِ أَرْبَعُ صُوَرٍ اثْنَانِ فِي قَوْلِهِ (مَا) أَيْ عَقَدَ (تَعَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (فِيهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ الثَّمَنُ (الْأَقَلُّ) كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ كَبَيْعِهِ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِنِصْفِ شَهْرٍ أَوْ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ كَبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِشَهْرَيْنِ وَاثْنَتَانِ فِي قَوْلِهِ (أَوْ) تَعَجَّلَ فِيهِ (بَعْضُهُ) أَيْ الْأَقَلُّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ كَبَيْعِهِ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِشَهْرٍ أَوْ لِشَهْرَيْنِ وَالْخَمْسُ الْبَاقِيَةُ جَائِزَةٌ وَهِيَ بَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَاؤُهُ بِعَشَرَةٍ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَخَمْسَةٍ لِلشَّهْرِ أَوْ لِنِصْفِهِ أَوْ لِشَهْرَيْنِ وَبَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَاؤُهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ، خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِلشَّهْرِ أَوْ نِصْفِهِ تت. وَهَذَا جَدْوَلٌ فِيهِ التِّسْعُ صُوَرٍ الْبَاقِيَةُ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 83 كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ؛ إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ،.   [منح الجليل] وَبَاقِيَهَا | وَبَاقِيَهَا | وَبَاقِيَهَا | | لِشَهْرٍ | لِنِصْفِهِ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ خَمْسَةٍ نَقْدًا | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | | | | الْبُنَانِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ مُنِعَتْ الثَّلَاثُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ جَازَتْ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ مُنِعَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ تَأْجِيلُ الْبَعْضِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَجَازَ الْأُخْرَيَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ وَمَنَعَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْعَهَا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَاؤُهَا بِعَشَرَةٍ خَمْسَةً نَقْدًا وَخَمْسَةً لِأَبْعَدَ لِأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ تُهْمَةِ وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَمَّا كَانَ ضَابِطُ أَحْكَامِ صُوَرِ بُيُوعِ الْآجَالِ أَنَّهُ إنْ اسْتَوَى الْأَجَلَانِ فَالْحُكْمُ الْجَوَازُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ، وَإِنْ اسْتَوَى الثَّمَنَانِ فَهُوَ الْجَوَازُ أَيْضًا وَلَوْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ. وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ وَالثَّمَنَانِ مَعًا فَيُنْظَرُ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا أَقَلُّ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا فَالْحُكْمُ الْجَوَازُ، وَإِنْ عَادَ إلَيْهِمَا أَكْثَرُ فَالْحُكْمُ الْمَنْعُ. وَكَانَ قَدْ تَعَرَّضَ لِبَعْضِ صُوَرِ الْجَوَازِ الْمَنْعُ لِعُرُوضِ مَانِعٍ وَلِبَعْضِ صُوَرِ الْمَنْعِ الْجَوَازُ لِارْتِفَاعِهِ نَبَّهَ عَلَى هَذَا مُشَبِّهًا فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ) لِلثَّمَنَيْنِ فَيُمْتَنَعُ (إنْ شَرَطَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ (نَفْيَ) أَيْ عَدَمَ (الْمُقَاصَّةِ) بَيْنَهُمَا بِمَا عَلَى كُلٍّ لِلْآخَرِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ شِرَائِهِ بِمِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا لِشَهْرٍ بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُقَاصَّةِ، وَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ (لِ) ابْتِدَاءِ (الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) لِعِمَارَةِ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَلَوْ لَمْ يَشْرِطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لَجَازَ لِسُقُوطِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا يَبْقَى إلَّا الزَّائِدُ فِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا، صَرَّحَ بِهَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 84 وَلِذَلِكَ صَحَّ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا اشْتَرَطَاهَا،. وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ: كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ،.   [منح الجليل] الرَّجْرَاجِيُّ وَغَيْرُهُ (وَلِذَلِكَ) أَيْ كَوْنِ الْمَنْعِ إذَا شَرَطَ نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي) شِرَاءِ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِثَمَنٍ (أَكْثَرَ) مِمَّا بَاعَ بِهِ مُؤَجَّلٍ (لِ) أَجَلٍ (أَبْعَدَ) مِنْ أَجَلِ مَا بَاعَ بِهِ (إذَا شَرَطَاهَا) أَيْ الْعَاقِدَانِ الْمُقَاصَّةَ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِشَرْطِهَا. الْحَطّ فِي الْجَوَاهِرِ إذَا اشْتَرَطَا الْمُقَاصَّةَ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا أَيْ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلِأَجْلِ ارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ جَازَ مَا أَصْلُهُ الْمَنْعُ وَهُوَ شِرَاؤُهَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ لِلسَّلَامَةِ حِينَئِذٍ مِنْ دَفْعٍ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ. . (وَالرَّدَاءَةُ) فِي أَحَدِ الثَّمَنَيْنِ (وَالْجُودَةُ) فِي الثَّمَنِ الْآخَرِ مُعْتَبَرَتَانِ فِيهِمَا (كَ) اعْتِبَارِ (الْقِلَّةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ اللَّامِ فِي أَحَدِهِمَا (وَالْكَثْرَةِ) فِي الْآخَرِ فَالرَّدِيءُ كَالْقَلِيلِ وَالْجَيِّدُ كَالْكَثِيرِ، وَيَأْتِي هُنَا أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ جَيِّدَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِرَدِيئَةٍ فَفِيهِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةَ، وَكَذَا إذَا بَاعَ بِرَدِيئَةٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدَةٍ فَحَيْثُ يُمْنَعُ مَا يُعَجَّلُ فِيهِ الْأَقَلُّ يُمْنَعُ مَا يُعَجَّلُ فِيهِ الرَّدِيءُ، وَحَيْثُ جَازَ يَجُوزُ قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ، وَمِثْلُهُ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِي بَعْضِهَا فَإِنْ اخْتَلَفَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ امْتَنَعَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالنُّسْخَةُ الْأُولَى أَوْلَى لِاقْتِضَاءِ هَذِهِ الْمَنْعَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ نَقْدًا. اهـ. وَقَوْلُهُ يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَدْنَى يَقْتَضِي أَنَّ مَا انْتَفَى مِنْهُ الْأَمْرُ أَنْ يَجُوزَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ أَنَّ مَسَائِلَ الْأَجَلِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ كُلَّهَا مُمْتَنِعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ، فَيُؤَدِّي لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ حِينَئِذٍ بِالْمُقَاصَّةِ، وَأَمَّا مَسَائِلُ النَّقْدِ السِّتُّ فَيَجُوزُ مِنْهَا صُورَتَانِ وَهِيَ شِرَاؤُهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا وَاَلَّذِي اشْتَرَى بِهِ أَجْوَدُ مِمَّا بَاعَ بِهِ، وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ مُمْتَنِعَةٌ عَمَلًا بِقَوْلِهِ يُمْتَنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ الرَّدِيءُ، فَإِنْ اشْتَرَى بِالرَّدِيءِ امْتَنَعَ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِالْجَيِّدِ الْأَقَلَّ امْتَنَعَ أَفَادَهُ الْحَطّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 85 وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا. وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ: كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ بِمُحَمَّدِيَّةٍ.   [منح الجليل] وَصَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ فَقَالَ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُ شَيْءٍ (بِذَهَبٍ) لِأَجَلٍ (وَ) شِرَاؤُهُ بِ (فِضَّةٍ) فِي الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَمِثْلُهُ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ لِأَجَلٍ وَشِرَاؤُهُ بِذَهَبٍ فِيهَا لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فَيُمْنَعُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُعَجَّلَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ (أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا) بِأَنْ يَزِيدَ الْمُعَجَّلَ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِهِ، فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ شِرَائِهِ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا، وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ، وَالْمُرَادُ بِالْقِيمَةِ مَا جَعَلَهُ الْإِمَامُ صَرْفًا لِلدِّينَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِيهَا إنْ بِعْتَهُ بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِدِينَارِ نَقْدٍ فَيَصِيرُ صَرْفًا مُؤَخَّرًا، وَلَوْ ابْتَعْتَهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا جَازَ لِبُعْدِكُمَا مِنْ التُّهْمَةِ. وَإِنْ بِعْته بِأَرْبَعِينَ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَبْتَاعَهُ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا لِبَيَانِ فَضْلِهَا وَلَا يُعْجِبُنِي بِدِينَارَيْنِ وَإِنْ سَاوَيَاهَا فِي الصَّرْفِ اهـ. وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ مُطْلَقًا مُبَالَغَةً فِي الِاحْتِيَاطِ لِمَنْعِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ إذَا سَاوَى الْمُعَجَّلُ قِيمَةَ الْمُؤَخَّرِ. أَبُو الْحَسَنِ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ النَّقْدَانِ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا، وَكَذَا إنْ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا وَالنَّقْدُ أَقَلُّ مِنْ صَرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلَانِ. أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ مِثْلَ صَرْفِ الْمُؤَخَّرِ أَوْ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ جَازَ. قَالَ: وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يَبْعُدَا عَنْ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَبْعُدَانِ بِعَشَرَةٍ اهـ. قُلْتُ وَبِأَقَلَّ مِنْهَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ فِيهَا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لِبَيَانِ فَضْلِهَا لِأَنَّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا صَرْفُ دِينَارَيْنِ وَيَبْقَى دِينَارٌ، وَهَذَا عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ فِيهَا إنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا اهـ. . (وَ) مُنِعَ بَيْعُ شَيْءٍ ثُمَّ شِرَاؤُهُ (بِسِكَّتَيْنِ) مُخْتَلِفَتَيْنِ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ (إلَى أَجَلٍ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ سَوَاءٌ اسْتَوَى الْأَجَلَانِ أَوْ لَا (كَشِرَائِهِ) أَيْ الْبَائِعِ مِنْ الْمُشْتَرِي (لِلْأَجَلِ) الَّذِي بَاعَ إلَيْهِ وَأَوْلَى لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَصِلَةُ شِرَائِهِ (بِمُحَمَّدِيَّةٍ) وَمَفْعُولُ شِرَاءِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 86 مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ،..   [منح الجليل] الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ (مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ) لِأَجَلٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. الْحَطّ وَهَذَا شَامِلٌ لِثَمَانِ عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا لِأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَقْرَبَ مِنْهُ أَوْ أَبْعَدَ، وَهُوَ إمَّا قَدْرُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ الثَّانِيَةُ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ. وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِصُورَةٍ يُتَوَهَّمُ جَوَازُهُمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ اتِّفَاقِ الثَّمَنَيْنِ عَدَدًا وَأَجَلًا وَكَوْنِ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَجْوَدَ. ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ عَكْسُ فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ إذْ قَالَ: وَإِنْ بِعْت ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ إلَيْهِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِرُجُوعِ ثَوْبِك إلَيْك، فَكَأَنَّك بِعْت يَزِيدِيَّةً بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَى الْأَجَلِ، وَقَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِالْعَكْسِ بَيَانَ مُخْتَارِهِ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ فِي كَوْنِ عِلَّةِ مَنْعِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ اشْتِغَالَ الذِّمَّتَيْنِ بِسِكَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، أَوْ لِأَنَّ الْيَزِيدِيَّةَ دُونَ الْمُحَمَّدِيَّةِ طَرِيقَيْنِ لِلْأَشْيَاخِ وَعَلَيْهِمَا مَنَعَ عَكْسَ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَجَوَازَهُ، وَعَزَا ابْنُ مُحْرِزٍ الْأُولَى لِأَكْثَرِ الْمُذَاكِرِينَ، وَالثَّانِيَةَ لِبَعْضِهِمْ. وَالظَّاهِرُ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ اشْتِغَالُ الذِّمَّتَيْنِ لَا لِأَنَّ الْيَزِيدِيَّةَ دُونَ الْمُحَمَّدِيَّةِ لِأَنَّ غَايَةَ ذَلِكَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِلَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَسَاوَى الْأَجَلَانِ جَازَ، سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ امْتَنَعَتْ هَذِهِ الصُّوَرُ، وَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ كَاشْتِرَاطِ نَفْيِهَا لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي بِهَا حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَفْهُومُ إلَى أَجَلٍ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا نَقْدًا جَازَ وَفِيهِ سِتُّ صُوَرٍ لِأَنَّهُ إمَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ عَدَدًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَفِي كُلٍّ الْأَوَّلُ إمَّا أَجْوَدُ سِكَّةً أَوْ أَرْدَأُ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَجْوَدَ سِكَّةً امْتَنَعَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَجْوَدَ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ امْتَنَعَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا جَدْوَلٌ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْأَرْبَعِ وَالْعِشْرِينَ صُورَةً مُغْنٍ عَنْ وَضْعِ مِثْلِهِ لِاخْتِلَافِهِمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 87 وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ؛ جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ،.   [منح الجليل] نَقْدًا | لِلشَّهْرِ | لِنِصْفِهِ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ يَزِيدِيَّةٍ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِثَمَانِيَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ يَزِيدِيَّةٍ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ شَيْئًا بِاثْنَيْ عَشَرَ يَزِيدِيَّةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | |. (وَإِنْ) بَاعَ شَيْئًا بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ (بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ جِنْسًا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ وَفِي كُلٍّ قِيمَتُهُ إمَّا قَدْرُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً (جَازَتْ ثَلَاثُ) صُوَرٍ (النَّقْدُ فَقَطْ) وَهِيَ كَوْنُ قِيمَةِ الْعَرْضِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ثَانِيًا نَقْدًا قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَمَفْهُومُهُ امْتِنَاعُ صُوَرِ الْأَجَلِ التِّسْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. غ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي الصَّفْقَةِ الْأُولَى، أَيْ فَإِنْ اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ فِي الْجِنْسِ لِلثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِجَمَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِبَغْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ مُخَالِفٌ لِلْجَمَلِ فِي الْجِنْسِ جَازَتْ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثِ، وَهِيَ كَوْنُ قِيمَةِ الْعَرْضِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْجَمَلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ عَلَى مَنْعِ صُوَرِ الْأَجَلِ التِّسْعِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ هَذَا أَنَّهُ لَمَّا شَرَحَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَا نَوْعَيْنِ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا إذْ لَا رِبَا فِي الْعُرُوضِ. قَالَ: مُرَادُهُ بِالصُّوَرِ كُلِّهَا صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثُ. وَأَمَّا صُوَرُ الْآجَالِ التِّسْعُ فَمُمْتَنِعَةٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، قَالَ: وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ لَا رِبَا فِي الْعُرُوضِ وَمُرَادُهُ نَفْيُ رِبَا الْفَضْلِ لِوُضُوحِهِ؛ إذْ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى مُشَارَكَةٍ أَنَّ رِبَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 88 وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ، فَيُمْنَعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ، أَوْ لِأَبْعَدَ، إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ،. .   [منح الجليل] النَّسَاءِ يَدْخُلُ فِي الْعُرُوضِ، حَكَاهُ عَنْ شَيْخِهِ الْمَنُوفِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ كَانَ الثَّمَنَانِ عَرْضَيْنِ مِنْ جِنْسٍ جَازَتْ الصُّوَرُ التِّسْعُ، تَبِعَ فِيهِ ابْنَ بَشِيرٍ، وَتَبِعَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ وَهْمٌ اهـ، وَمُرَادُهُمْ بِالصُّوَرِ التِّسْعِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ إلَّا أَنَّهُمْ عَدُّوا مَا كَانَ لِدُونِ الْأَجَلِ وَالنَّقْدِ وَاحِدًا. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى تَوْهِيمِ الْجَمَاعَةِ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بِعْت ثَوْبًا بِمِائَةٍ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَشْتَرِيَهُ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ نَقْدًا كَانَ ثَمَنُ الْعَرْضِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ اشْتَرَيْتَهُ بِعَرْضٍ مُؤَجَّلٍ إلَى مِثْلِ أَجَلِ الْمِائَةِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. تت وَهَذِهِ صُورَةُ الْجَدْوَلِ الْكَاشِفِ لَهَا: | نَقْدًا | لِشَهْرٍ | لِنِصْفِهِ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِبَعِيرٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِفَرَسٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ كَذَلِكَ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِبَعِيرٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِفَرَسٍ قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِبَعِيرٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِفَرَسٍ قِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | |. (وَ) مِثْلُ الْمَبِيعِ لِأَجَلٍ (الْمِثْلِيُّ) الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ أَوْ الْمَعْدُودُ (صِفَةً وَقَدْرًا) الْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيْعِ الْمِثْلِيِّ لِأَجَلٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ (كَمِثْلِهِ) أَيْ كَعَيْنِ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ فِي جَرَيَانِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً فِيهِ وَامْتِنَاعِ مَا يَمْتَنِعُ مِنْهَا وَجَوَازِ مَا يَجُوزُ فَإِذَا بَاعَ مِثْلِيًّا لِأَجَلٍ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ قَدْرًا وَصِفَةً امْتَنَعَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ، وَيُمْنَعُ صُورَتَانِ مِنْهَا أَيْضًا أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ (فَيُمْنَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ شِرَاءُ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ (بِ) ثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا مُؤَجَّلًا (لِأَجَلِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا (أَوْ لِأَبْعَدَ) مِنْ أَجَلِ الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا (إنْ غَابَ) عَلَى الْمِثْلِيِّ الْمَبِيعِ أَوَّلًا (مُشْتَرِيهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 89 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا، وَقَدْ انْتَفَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فِي نَظِيرِ الْأَسْلَافِ، مِثَالُهُ بَاعَهُ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْهُ إرْدَبَّ قَمْحٍ آخَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ صِفَةً بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ أَوْ لِشَهْرَيْنِ فَيَتَقَاصَّانِ فِي دِينَارٍ، وَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ دِينَارًا فِي نَظِيرِ تَسْلِيفِهِ الْإِرْدَبَّ، فَصَارَتْ الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ خَمْسَةً مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً. الْحَطّ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ بَاعَ مِثْلِيًّا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَهُ فَتَمْتَنِعُ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَصُورَتَانِ أُخْرَيَانِ، أَشَارَ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فَيُمْنَعُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ أَوْ أَبْعَدَ، وَلِذَا كَانَتْ الْوَاوُ أَنْسَبَ قَالَهُ غ، وَالشَّرْطُ مُخْتَصٌّ بِالصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ. وَعِلَّةُ مَنْعِهِمَا مَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُمْ يَعُدُّونَ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ سَلَفًا فَصَارَ كَأَنَّ الْبَائِعَ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِيَ إرْدَبًّا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ دِينَارًا بَعْدَ شَهْرٍ وَيُقَاصِصْهُ بِدِينَارٍ عِنْدَ الْأَجَلِ. اهـ. وَذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ إرْدَبًّا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِثْلَهُ بِدِينَارٍ إلَى الشَّهْرِ يُرِيدُ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُقَالُ إذَا غَابَ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَقَدْ انْتَفَعَ بِهِ، وَالسَّلَفُ لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِ، وَيَجُوزُ فِيهِ رَدُّ الْعَيْنِ فَلِمَ لَمْ يُعَدَّ سَلَفًا لِأَنَّا نَقُولُ: لَمَّا رَجَعَتْ الْعَيْنُ فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا ذَلِكَ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْقَدْرِ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا خَالَفَهُ فِي الصِّفَةِ فَسَيُصَرِّحُ بِحُكْمِهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ إلَخْ. وَأَمَّا إذَا خَالَفَهُ فِي الْقَدْرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ اشْتَرَى أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ فَهُوَ كَبَيْعِ سِلْعَتَيْنِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتِرَاءِ إحْدَاهُمَا وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي كَلَامِهِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهَا خَمْسُ صُوَرٍ وَهِيَ شِرَاءُ إحْدَاهُمَا لِأَبْعَدَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ أَوْ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، أَوْ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ إلَى دُونِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ زِيَادَةِ تَفْصِيلٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَغِيبَ عَلَيْهِ أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فِي امْتِنَاعِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ امْتَنَعَ، فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 90 وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مُخَالِفٌ أَوْ لَا؟ .   [منح الجليل] صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ مَا رَجَعَ لِلْبَائِعِ فَهُوَ سَلَفٌ، وَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَاصَّهُ الْمُشْتَرِي بِمَا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يُعْطِيهِ مَا بَقِيَ ثَمَنًا لِلْمُتَأَخِّرِ. وَاخْتُلِفَ فِي صُورَةٍ سَابِعَةٍ وَهِيَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ الطَّعَامِ مُقَاصَّةً، فَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَاضْطَرَبَ فِيهَا الْمُتَأَخِّرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ اشْتَرَى أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الْمَتْنِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُ سَبْعُ صُوَرٍ وَهِيَ شِرَاؤُهُ نَقْدًا أَوْ إلَى دُونِ الْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِهِ أَوْ أَقَلَّ فَلِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، لَكِنْ لَا بُدَّ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ تَفْصِيلٍ وَهُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَتَمْتَنِعُ الصُّوَرُ كُلُّهَا السَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ أَوْ لِبَيْعٍ وَسَلَفٍ. اهـ. وَهَذَا جَدْوَلٌ لِبَيَانِ صُوَرِ شِرَاءِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَأَحْكَامِهَا: | نَقْدًا | لِأَقْرَبَ | لِلْأَجَلِ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بِعَشَرَةٍ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | | | | بَاعَ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بِثَمَانِيَةٍ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | بَاعَ إرْدَبَّ قَمْحٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَيْهِ مِثْلَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | | |. (وَ) إنْ بَاعَ طَعَامًا لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ طَعَامًا مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ وَلَكِنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَ (هَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ) أَيْ الْبَائِعِ الَّذِي بَاعَهُ لِأَجَلٍ (كَ) بَيْعِ إرْدَبِّ قَمْحٍ لِأَجَلٍ (وَ) شِرَاءِ إرْدَبِّ (شَعِيرٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِهِ وَخَبَرُ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ (مُخَالِفٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمُخَالِفِ لِمَا بَاعَهُ فِي الْجِنْسِ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا لِأَجَلٍ وَشِرَائِهِ عَبْدًا فِي جَوَازِ صُوَرِهِ كُلِّهَا (أَوْ لَا) يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مُخَالِفِ الْجِنْسِ، بَلْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 91 تَرَدُّدٌ. . وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ: كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا: امْتَنَعَ، لَا بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ. .   [منح الجليل] شِرَاءِ مِثْلِهِ فِي امْتِنَاعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ لَمْ يَغِبْ وَالْخَمْسِ إنْ غَابَ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِمْ. ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ فِي الْجِنْسِ جَعَلَهُ مِنْ الْمُخَالِفِ فِي الصِّفَةِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَهُمَا كَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ. ضَيْح أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ شِرَاءِ مَا بَاعَهُ مَعَ زِيَادَةٍ فِي الْجَوْدَةِ وَحُكْمُ شِرَاءِ أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ فِي الرَّدَاءَةِ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ زِيَادَةٌ وَالرَّدَاءَةَ نَقْصٌ. (وَإِنْ بَاعَ) شَيْئًا (مُقَوَّمًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا كَثَوْبٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي ثَوْبًا مِثْلَهُ قَبْلَ حُلُولِهِ (فَمِثْلُهُ) أَيْ الْمُقَوَّمِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ (كَ) شِرَاءِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ أَوَّلًا فِي جَوَازِ الصُّوَرِ كُلِّهَا لِأَنَّ ذَوَاتَ الْقِيَمِ لَا يَقُومُ فِيهَا الْمِثْلُ مَقَامَ مِثْلِهِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَشَبَّهَ فِي الْمُغَايِرَةِ أَوْ الْجَوَازِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ فَقَالَ (كَتَغَيُّرِهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمُقَوَّمَةِ الْمَبِيعَةِ لِأَجَلٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي تَغَيُّرًا (كَثِيرًا) بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا قَبْلَ حُلُولِهِ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا. وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ شِرَاءِ الْمَبِيعِ لِأَجَلٍ كُلَّهُ أَوْ مِثْلَهُ أَتْبَعَهُ بِحُكْمِ شِرَاءِ بَعْضِهِ فَقَالَ (وَإِنْ) بَاعَ ثَوْبَيْنِ مَثَلًا لِأَجَلٍ وَ (اشْتَرَى) الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِهِ (أَحَدَ ثَوْبَيْهِ) اللَّذَيْنِ بَاعَهُمَا بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ (لِ) أَجَلٍ (أَبْعَدَ) مِنْ الشَّهْرِ امْتَنَعَ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الثَّمَنِ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لِمَا فِي الْأَكْثَرِ وَالْمُسَاوِي مِنْ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ مِائَةً عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُ عِنْدَ تَمَامِ الشَّهْرِ الثَّانِي مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَزَادَ لَهُ الثَّوْبُ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَلِمَا فِي الْأَقَلِّ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ. (أَوْ) اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (نَقْدًا) أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (امْتَنَعَ) لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ (لَا) يَمْتَنِعُ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا (بِمِثْلِهِ) أَيْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (أَوْ أَكْثَرَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 92 وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ، وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا، أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ،. .   [منح الجليل] مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فِيهِمَا وَلَا لِلْأَجَلِ مُطْلَقًا، فَالْمُمْتَنِعُ خَمْسُ صُوَرٍ مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً، وَالْجَائِزُ السَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْهَا وَهِيَ صُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثَةِ وَالْأَكْثَرُ وَالْمُسَاوِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ. تت وَهَذَا جَدْوَلٌ يَكْشِفُهَا: | نَقْدًا | لِلْأَجَلِ | لِأَقْرَبَ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ ثَوْبَيْنِ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِائَةٍ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَهُمَا بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَهُمَا بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِمِائَتَيْنِ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | | | |. (وَامْتَنَعَ) شِرَاءُ أَحَدِ ثَوْبَيْهِ (بِ) ثَمَنٍ (غَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ) أَيْ الْبَائِعِ الَّذِي بَاعَ بِهِ بِأَنْ بَاعَهُمَا بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ وَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ لِلْبَيْعِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، أَوْ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُبَادَلَةِ الْمُؤَخَّرَةِ فَيُمْنَعُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكْثُرَ) الثَّمَنُ (الْمُعَجَّلُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً جِدًّا فِي شِرَاءِ أَحَدِهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِثَمَنِهَا فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ أَوْ الْمُبَادَلَةِ وَالْبَيْعِ كَبَيْعِهِمَا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ شِرَاءُ أَحَدِهِمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا لِبُعْدِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ حِينَئِذٍ بِزِيَادَةِ الدَّرَاهِمِ عَلَى صَرْفِ الدِّينَارَيْنِ. (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الثَّوْبَ مَثَلًا (بِعَشَرَةٍ) لِأَجَلٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ مَبِيعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ حُلُولِهِ (مَعَ سِلْعَةٍ) بِثَمَنٍ (نَقْدًا) أَوْ لِأَقْرَبَ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمُسَاوَاةِ الثَّمَنِ الثَّانِي الْأَوَّلَ أَوْ عَدَمِهَا (أَوْ) اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ (لِ) أَجَلٍ (أَبْعَدَ) مِنْ أَجَلِ الْأَوَّلِ (بِ) ثَمَنٍ (أَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ امْتَنَعَ لِلسَّلَفِ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا فِي شِرَائِهِ بِمِثْلٍ أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي شِرَائِهِمَا بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 93 أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ، امْتَنَعَ لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ،.   [منح الجليل] مِنْهُ، فَالصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ إجْمَالًا أَرْبَعٌ، وَتَفْصِيلًا سَبْعٌ ثَلَاثٌ لِدُونٍ وَثَلَاثٌ نَقْدًا وَالسَّابِعَةُ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ، وَالْبَاقِي مِنْ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً خَمْسٌ جَائِزَةٌ. غ قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ أَطْلَقَ النَّقْدَ عَلَى الْحَالِّ، وَمَا كَانَ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ فَاشْتَمَلَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى سَبْعِ صُوَرٍ، وَسَيُصَرِّحُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ حَيْثُ يَقُولُ وَبِمِثْلٍ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ وَسَكَتَ عَنْ الثَّلَاثِ الَّتِي لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ لِوُضُوحِ جَوَازِهَا، فَخَرَجَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ سَبْعًا مَمْنُوعَةٌ وَخَمْسًا جَائِزَةٌ وَصُورَةُ جَدْوَلِهَا هَكَذَا: | نَقْدًا | لِعَامٍ | لِأَقْرَبَ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِخَمْسَةٍ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِعَامٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | |. (أَوْ) اشْتَرَى مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ تَمَامِهِ (بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الشَّهْرِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ (امْتَنَعَ) لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَلِلشَّهْرِ جَائِزٌ (لَا) يَمْتَنِعُ شِرَاءُ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ (بِعَشَرَةٍ) أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهَا (وَسِلْعَةٍ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الشَّهْرِ أَوْ لَهُ فِيهِمَا لَا لِأَبْعَدَ فَيُمْنَعُ فِيهِمَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ اشْتِمَالُ قَوْلِهِ أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ مَعَ قَوْلِهِ لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً: وَهَذَا جَدْوَلُهَا: | نَقْدًا | لِلشَّهْرِ | لِدُونِهِ | لِأَبْعَدَ | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَشَاةٍ | مُمْتَنِعٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَشَاةٍ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | | بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَشَاةٍ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | جَائِزٌ | مُمْتَنِعٌ | | | | الجزء: 5 ¦ الصفحة: 94 وَبِمِثْلٍ أَوْ أَقَلَّ لِأَبْعَدَ. وَلَوْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ ثُمَّ رَضِيَ بِالتَّعْجِيلِ: قَوْلَانِ: كَتَمْكِينِ بَائِعٍ مُتْلِفٍ مَا قِيمَتُهُ.   [منح الجليل] وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ مَفْهُومَهُ فَقَالَ (وَ) لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ (بِمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ لِلْعَشَرَةِ الَّتِي بَاعَهُ بِهَا بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ مَعَ سِلْعَةٍ (فَأَقَلَّ) مِنْ الْمِثْلِ مُؤَجَّلًا الْمِثْلُ أَوْ الْأَقَلُّ (لِ) أَجَلٍ (أَبْعَدَ) مِنْ أَجَلِ الْعَشَرَةِ الَّتِي بَاعَهُ بِهَا فَهُوَ جَائِزٌ، فَهُوَ تَتْمِيمٌ لِصُوَرِ اشْتِرَائِهِ مَعَ سِلْعَةٍ، وَأَخَّرَهُ هُنَا لِمُشَارَكَتِهِ مَا قَبْلَهُ فِي الْجَوَازِ، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَصُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثُ جَائِزَةٌ، وَتَقَدَّمَتْ سَبْعٌ مُمْتَنِعَةٌ فَصُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ أَفَادَهُ عب. وَعِبَارَةُ غ قَوْلُهُ وَبِمِثْلِ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ، هَذَا مُقَابِلُ مَا قَبْلَ مَا يَلِيهِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ كَمَا قَدَّمْنَا، فَفِي الْكَلَامِ تَلْفِيقٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ لِأَبْعَدَ رَاجِعٌ لِلْمِثْلِ وَالْأَقَلِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ نَصَّ ابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى جَوَازِهِمَا، وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ مَنْعَهُمَا وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا وَجْهَ لَهُ. . (وَلَوْ) بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ (اشْتَرَى) الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ قَبْلَ تَمَامِهِ (بِ) ثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَخَمْسَةٍ مُؤَجَّلَةٍ (لِأَجَلِهِ) أَيْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ (ثُمَّ رَضِيَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ (بِالتَّعْجِيلِ) لِلثَّمَنِ الثَّانِي الْأَقَلِّ قَبْلَ تَمَامِ أَجَلِهِ وَهَذَا مَمْنُوعٌ لِتَأْدِيَتِهِ لِسَلَفٍ بِزِيَادَةٍ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْجَوَازُ نَظَرًا لِحَالِ الْعَقْدِ وَإِلْغَاءً لِلطَّارِئِ أَوْ لَا يَسْتَمِرُّ فَيَنْتَفِي، وَيَخْلُفُهُ الْمَنْعُ نَظَرًا لِمَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ. ابْنُ وَهْبَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَوْلَيْنِ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ ثُمَّ رَضِيَ بِتَأْخِيرِهِ لِأَبْعَدَ. وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ثُمَّ رَضِيَ بِتَأْخِيرِهِ لَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا ابْتِدَاءً، وَكَذَا شِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ ثُمَّ رَضِيَ بِتَعْجِيلِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَتَمْكِينِ) شَخْصٍ (بَائِعٍ) بِالتَّنْوِينِ (مُتْلِفٍ) بِالتَّنْوِينِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ نَعْتُ بَائِعٍ وَتَنَازَعَ بَائِعٌ وَمُتْلِفٌ (مَا) أَيْ شَيْئًا (قِيمَتُهُ) أَيْ الشَّيْءِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 95 أَقَلُّ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ. وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ: مُنِعَ مُطْلَقًا: كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ، إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ   [منح الجليل] الْمَبِيعِ (أَقَلُّ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بَاعَهُ الْبَائِعُ بِهِ لِأَجَلٍ كَبَيْعِهِ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ عَمْدًا قَبْلَ تَمَامِهِ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ وَغَرِمَهَا حَالَّةً فَهَلْ يُمَكَّنُ الْبَائِعُ (مِنْ) أَخْذِ (الزِّيَادَةِ) الَّتِي زَادَهَا الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ (عِنْدَ) حُلُولِ (الْأَجَلِ) فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ الَّتِي بَاعَهُ بِهَا وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْهَا فَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ الَّتِي غَرِمَهَا فَقَطْ لِإِتْهَامِهِ بِالتَّحَيُّلِ عَنْ تَسْلِيفِ خَمْسَةٍ بِعَشَرَةٍ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَجْمُوعَةِ. وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ خَطَأً فَلَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ. . (وَإِنْ أَسْلَمَ) شَخْصٌ أَيْ دَفَعَ لِآخَرَ (فَرَسًا) مَثَلًا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ) لِشَهْرٍ مَثَلًا (ثُمَّ اسْتَرَدَّ) مُسْلِمُ الْفَرَسِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَيْهِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا (مِثْلَهُ) أَيْ الْفَرَسِ (مَعَ) زِيَادَةِ (خَمْسَةِ أَثْوَابٍ) مَثَلًا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّلَمُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ خَمْسَةِ الْأَثْوَابِ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْفَرَسَ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ وَانْتَفَعَ الْمُقْرِضُ بِخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ فَقَطْ لَجَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا لِعَدَمِ اسْتِئْنَافِهِمَا بَيْعًا غَيْرَ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ رَدِّ مِثْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ فَقَدْ نَقَضَا الْبَيْعَ الْأَوَّلَ فَقَوِيَتْ تُهْمَةُ السَّلَفِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْمُسْلِمُ الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ نَقْدًا وَلِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ فَيُمْنَعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا (إلَّا أَنْ تَبْقَى) الْأَثْوَابُ (الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا) بِصِفَتِهَا الْمَشْرُوطَةِ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَدْنَى فَيَجُوزُ وَعِلَّةُ مَنْعِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ لِأَنَّ رَدَّ الْفَرَسِ شِرَاءٌ لَهَا مِنْ السَّلَمِ إلَيْهِ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي عَلَيْهِ وَتَعْجِيلُ الْأَثْوَابِ الْخَمْسَةِ الْمَرْدُودَةِ مَعَ الْفَرَسِ تَسْلِيفٌ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ يَقْتَضِيهَا مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الْعَشَرَةِ وَتَأْخِيرُهَا لِأَبْعَدَ تَسْلِيفٌ مِنْ الْمُسْلِمِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ (لِأَنَّ) الشَّخْصَ (الْمُعَجِّلَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 96 لِمَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الذِّمَّةِ أَوْ الْمُؤَخِّرِ مُسَلِّفٌ. وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا، أَوْ مُؤَجَّلًا: مُنِعَ مُطْلَقًا، إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ، لِلْأَجَلِ،. .   [منح الجليل] الْجِيمِ مُشَدَّدَةً (لِمَا فِي الذِّمَّةِ) بِأَنْ رَدَّهُ حَالًّا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، كَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ الَّذِي دَفَعَ لِلْمُسْلِمِ مَعَ الْفَرَسِ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ حَالَّةً أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ قَضَاءً لِخَمْسَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ مُسَلِّفٌ (أَوْ) الشَّخْصِ (الْمُؤَخِّرِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِمَا فِي الذِّمَّةِ كَالْمُسْلِمِ الَّذِي أَخَّرَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ لِأَبْعَدَ (مُسَلِّفٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ. . (وَإِنْ بَاعَ) شَخْصٌ (حِمَارًا) مَثَلًا (بِعَشَرَةٍ) مِنْ دَنَانِيرَ مَثَلًا (لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ كَشَهْرٍ (ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْحِمَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْإِقَالَةِ (وَ) زَادَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي (دِينَارًا نَقْدًا) مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الدِّينَارُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْحِمَارَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَفَعَ عَنْهَا الْحِمَارَ، وَدِينَارًا نَقْدًا لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ تِسْعَةً ثَمَنَ الْحِمَارِ وَهَذَا بَيْعٌ، وَدِينَارًا عَنْ الدِّينَارِ الَّذِي عَجَّلَهُ مَعَ الْحِمَارِ وَهَذَا سَلَفٌ (أَوْ) زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ دِينَارًا (مُؤَجَّلًا مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْضًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلُ (فِي) أَيْ مِنْ (جِنْسِ الثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ الْحِمَارُ أَيْ صِفَتِهِ بِأَنْ يُوَافِقَهُ فِي السِّكَّةِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ وَالْوَزْنِ حَالَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا (لِلْأَجَلِ) الَّذِي أُجِّلَ إلَيْهِ ثَمَنُ الْحِمَارِ لَا لِدُونِهِ وَلَا لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَأَبْقَى الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِأَجَلِهِ وَلَا مَحْظُورَ فِي هَذَا وَلَوْ زَادَهُ دَرَاهِمَ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فَيُمْنَعُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ جِدًّا عَنْ صَرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَفِي مَعْنَاهُ بَيْعُهُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَاسْتِرْدَادُهُ مَعَ يَزِيدِيَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا. وَقَوْلِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ احْتِرَازٌ مِنْ بَيْعِهِ بِعَرْضٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ رَدِّ الْحِمَارِ وَدِينَارٍ نَقْدًا فَيَجُوزُ لِبَيْعِهِمَا بِالْعَرْضِ الْمُؤَجَّلِ، فَإِنْ أُجِّلَ الدِّينَارُ مُنِعَ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 97 وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ وَبِيعَ بِنَقْدٍ: لَمْ يُقْبَضْ. جَازَ، وَإِنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ.   [منح الجليل] وَإِنْ زِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَعَ رَدِّ الْحِمَارِ الْمَبِيعِ بِنَقْدٍ مُؤَجَّلٍ (غَيْرُ عَيْنٍ) كَفَرَسٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ ثَوْبٍ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ مَعَ الْحِمَارِ لِأَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى الْحِمَارَ وَالْعَرْضَ الْمَزِيدَ مَعَهُ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أُخِرَّ الْمَزِيدُ امْتَنَعَ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (وَ) إنْ (بِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْحِمَارُ (بِنَقْدٍ) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ حَالَّةٍ (لَمْ يُقْبَضْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ حَتَّى رَدَّ الْحِمَارَ مَعَ عَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَرَدَّ الْحِمَارَ مَعَ عَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الثَّمَنِ (جَازَ) الرَّدُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْمَزِيدُ) مَعَ الْحِمَارِ كَانَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا فِي الثَّانِيَةِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ أَخَّرَ مُنِعَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَهَذَا سَلَفٌ مَعَ الْبَيْعِ لِلْحِمَارِ بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ إنْ كَانَ عَيْنًا وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ كَانَ غَيْرَهَا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ عَمَّا إذَا قُبِضَ فَيَجُوزُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ. وَاحْتَرَزَ بِالنَّقْدِ عَنْ بَيْعِهِ بِعَرْضٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَغَيْرِهِ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ وَإِلَّا مُنِعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، أَوْ فُسِخَ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي. وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَزِيَادَةِ شَيْءٍ آخَرَ، وَلَيْسَ فِيهِ مَانِعٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ حِمَارًا فَتَجُوزُ نَقْدًا لَا إلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ قَالَهُ الشَّارِحُ وَق. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَسْأَلَتَا الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ لَيْسَتَا مِنْ مَسَائِلِ بُيُوعِ الْآجَالِ، وَلَكِنْ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ بُيُوعِ الْآجَالِ لِتَشَابُهِهِمَا فِي بِنَائِهِمَا عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَتَبِعَهُ الْحَطّ، وَبَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَجَلِ حَقِيقَتُهُ بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ بَيْعٌ بِالْأَثْوَابِ إلَى أَجَلٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ مَبِيعًا لِنَصِّهِمْ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضَيْنِ مَبِيعٌ بِالْآخَرِ اهـ. الْبُنَانِيُّ تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ يَشْمَلُ بَعْضَ صُوَرِهِمَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 98 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: تُسَمَّى مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ مَسْأَلَةَ الْبِرْذَوْنِ لِأَنَّهَا فُرِضَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بِرْذَوْنٍ وَفَرَضَهَا الْبَرَادِعِيُّ فِي فَرَسٍ، وَالثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ حِمَارِ رَبِيعَةَ لِأَنَّهُ ذَكَرَهَا وَلَكِنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِأُصُولِ الْمَذْهَبِ. الثَّالِثُ: الْبُنَانِيُّ مَسْأَلَةُ الْفَرَسِ مُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهَا، وَكَذَا مَا أَشْبَهَهَا مِمَّا أُخِذَ فِيهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إلَّا أَنَّهُ رَأَى فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ اتِّحَادَ الْجِنْسِ فِي الْبَعْضِ كَاتِّحَادِهِ فِي الْجَمِيعِ، فَعَلَّلَ مَنْعَهَا بِثَلَاثِ عِلَلٍ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلِأَحُطّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك، وَرَأَى عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الْجِنْسِ فِي الْبَعْضِ لَيْسَ كَاخْتِلَافِهِ فِي الْجَمِيعِ، فَلَا يَدْخُلُ وَضْعٌ وَتَعَجُّلٌ وَلِأَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك لِاخْتِلَافِ شَرْطِهِمَا الَّذِي هُوَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا الْمَنْعُ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لَا غَيْرُ. وَأَيْضًا لَوْ اُعْتُبِرَتْ الْعِلَّتَانِ لَمُنِعَتْ الْمَسْأَلَةُ وَلَوْ بَقِيَتْ الْخَمْسَةُ لِأَجَلِهَا. الرَّابِعُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ هَذَا بِعَيْنِهِ هُوَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ إلَخْ، لَكِنْ هَذِهِ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، وَتِلْكَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَفِي كُلٍّ فَائِدَةٌ. الْخَامِسُ: الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَجْهًا لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالْفَرْضَ إنَّهُ بِدَنَانِيرَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إلَى أَجَلٍ أَوْ نَقْدًا، فَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَالْمَرْدُودُ مَعَ الْحِمَارِ إمَّا دِينَارٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ عَرْضٌ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ صُورَةً لَا يَجُوزُ مِنْهَا إلَّا صُورَتَانِ، كَوْنُ الْمَزِيدِ ذَهَبًا مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ مُؤَخَّرًا لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ عَرْضًا مُعَجَّلًا، وَالصُّوَرُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي زِيَادَةِ الذَّهَبِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فِي الْوَرِقِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ فِي دَيْنٍ فِي الْعَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا فَالْمَزِيدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَفِي كُلٍّ إمَّا ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ أَوْ عَرْضٌ فَهَذِهِ سِتٌّ، وَسَوَاءٌ فِي جَمِيعِهَا انْتَقَدَ الْبَائِعُ أَمْ لَمْ يَنْتَقِدُ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ يُونُسَ، فَهَذِهِ ثِنْتَا عَشْرَةَ صُورَةً أَيْضًا، فَصُوَرُ الْمَزِيدِ النَّقْدُ وَهِيَ سِتٌّ تَجُوزُ كُلُّهَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَرِقِ كَوْنُهُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 99 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَصُوَرُ الْمَزِيدِ الْمُؤَجَّلِ سِتٌّ أَيْضًا مِنْهَا ثَلَاثٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ الْبَائِعُ وَتَمْتَنِعُ كُلُّهَا لِلْعِلَلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَثَلَاثٌ مِنْهَا فِيمَا انْتَقَدَهَا أَجَازَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ قَالَ فِي ضَيْح، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ كَابْنِ يُونُسَ وَرَأَى أَنَّ الْمَنْعَ مُتَصَوَّرٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ نَقَدَ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ عَلَى أَنْ يُسْلِفَ قَابِضَهَا الْعَاشِرَ إلَى الْأَجَلِ. اهـ. يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ عِنْدَ الْإِقَالَةِ رَدَّ لِلْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دِينَارًا مُؤَخَّرًا فَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُؤَخَّرَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرِقًا كَانَ صَرْفًا مُؤَخَّرًا. نَعَمْ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَرْضًا مُؤَخَّرًا فَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْمَنْعِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَى بِالْعَشَرَةِ الْحِمَارَ وَالْعَرْضَ الْمُؤَخَّرَ. وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيِّ قَيَّدَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ وَلَا وَجْهَ لَهُ. الْمَازِرِيُّ تَابَعَ الشَّيْخَ عَلَى تَقْيِيدِهِ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَقَالَ: يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَإِنْ نَقَدَ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي قَبَضَ عَلَى أَنْ يُسْلِفَ قَابِضَهَا الدِّينَارَ الْعَاشِرَ. قُلْتُ: إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُبْتَاعِ عَيْنًا فَوَاضِحٌ مَنْعُهَا وَلَوْ بَعْدَ النَّقْدِ، بَلْ هُوَ أَوْضَحُ مِنْهُ قَبْلَ النَّقْدِ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ دُونِ الشَّيْخِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَيْنٍ امْتَنَعَتْ قَبْلَ النَّقْدِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَجَازَتْ بَعْدَهُ عَلَى حُكْمِ ابْتِدَاءِ الْبَيْعِ، فَتَقْيِيدُ الشَّيْخِ إنَّمَا هُوَ لِعُمُومِ سَلَفِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، فَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ لَا وَجْهَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. هَذَا كُلُّهُ فِي بَيْعِ الْحِمَارِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالطَّعَامِ فَحُكْمُهُ قَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ حُكْمُ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا. وَأَمَّا بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَبَيْعِ وَسْقٍ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتِقَالَةِ الْبَائِعِ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ شَيْئًا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ رِبْحُ السَّلَفِ وَكَذَا اسْتِقَالَتُهُ قَبْلَ كَيْلِ الطَّعَامِ عَلَى زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، هَذَا كُلُّهُ فِي الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْبَائِعِ جَازَتْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ إلَّا صُورَةً وَهُوَ تَأْجِيلُ الْمَزِيدِ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيُمْنَعُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ هَذَا مُلَخَّصُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 100 وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ؛ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ. وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ؟ خِلَافٌ.   [منح الجليل] وَصَحَّ) بَيْعُ (أَوَّلِ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ) الْوَاقِعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ كَبَيْعِ شَيْءٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَشِرَائِهِ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ لِنِصْفِهِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ فَقَدْ صَحَّ بَيْعُهُ بِعَشَرَةٍ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ بَيْعِهِ الثَّانِي فَيُفْسَخُ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا جَاءَ مِنْهُ وَهُوَ دَائِرٌ مَعَهُ. أَمَّا فَسْخُ الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ قَوْلًا ضَعِيفًا. وَأَمَّا عَدَمُ فَسْخِ الْأَوَّلِ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُفْسَخُ الْبَيْعَانِ مَعًا إلَّا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَامَلَا عَلَى الْعِينَةِ فَيَصِحُّ الْأَوَّلُ فَقَطْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) مَبِيعُ الْبَيْعِ (الثَّانِي) بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ فِيمَا تَفُوتُ بِهِ السِّلْعَةُ فَقِيلَ: تَفُوتُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ إذْ لَيْسَ هُوَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ لِثَمَنٍ وَلَا مَثْمُونٍ، وَإِنَّمَا فَسْخٌ لِأَنَّهُمَا تَطَرَّقَا بِهِ إلَى اسْتِبَاحَةِ الرِّبَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ. أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ (فَيُفْسَخَانِ) أَيْ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ مِنْ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا طَلَبَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِرُجُوعِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا لِبَائِعِهِ، فَصَارَ ضَمَانُهُ مِنْهُ، وَسَقَطَ ثَمَنُهُ الْأَوَّلُ عَنْ مُشْتَرِيهِ الْأَوَّلِ لِرُجُوعِهِ لِبَائِعِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ، وَسَقَطَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ. فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ اُعْتُبِرَ سَرَيَانُ الْفَسَادِ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي فَوَاتِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. قُلْتُ: لِأَنَّ فَوَاتَهُ بِيَدِ الثَّانِي قَدْ حَصَلَ بَعْدَ تَقَوِّي الْبَيْعِ الثَّانِي بِالْقَبْضِ وَهُوَ الْفَاسِدُ، وَإِذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْأَوَّلِ لَمْ يَحْصُلْ لِلثَّانِي قُوَّةٌ بِالْقَبْضِ فَضَعُفَ وَلَمْ يَمْضِ الْفَاسِدُ هُنَا بِالثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِئَلَّا يَتِمَّ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ. . (وَهَلْ) فَسْخُ الْبَيْعَيْنِ بِفَوَاتِ الثَّانِي (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِ الْقِيمَةِ فِي الثَّانِي بِكَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا كَعَقْدٍ وَاحِدٍ لِارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ (أَوْ) إنَّمَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 101 (فَصْلٌ)   [منح الجليل] إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ) لِلْمَبِيعِ الَّتِي تَلْزَمُ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَوْمَ قَبْضِهِ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْأَصَحِّ وَبَعْضُهُمْ بِالْمَشْهُورِ فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فُسِخَ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُفْسَخُ الْأَوَّلُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فُسِخَا بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. . [فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام مَسَائِل بَيْع العينة] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلِ بَيْعِ الْعِينَةِ وَأَصْلُهَا عَوْنَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوْنِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا عَقِبَ كَسْرٍ سُمِّيَ بِهَا لِاسْتِعَانَةِ الْبَائِعِ بِالْمُشْتَرِي عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ أَوْ لِحُصُولِ الْعَيْنِ أَيْ النَّقْدِ لِبَائِعِهَا. أَبُو عُمَرَ بَيْعُ الْعِينَةِ هُوَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَخَصُّ مِمَّا ذَكَرَ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ الْبَيْعُ الْمُتَحَيَّلُ بِهِ عَلَى دَفْعِ عَيْنٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا. عِيَاضٌ هُوَ بَيْعُ السِّلْعَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ شِرَاؤُهَا مِنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا أَوْ شِرَاؤُهَا بِحَضْرَةِ طَالِبِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ بَيْعُهُمَا لِطَالِبِهَا بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ بَيْعُهَا هَذَا الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ لِبَائِعِهَا الْأَوَّلِ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهَا بِهِ. وَخَفَّفَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْوَجْهَ وَرَآهُ أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ. وَقَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْعَ الْعِينَةِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ جَائِزٍ وَمَكْرُوهٍ وَمَمْنُوعٍ، وَزَادَ فِي التَّنْبِيهَاتِ رَابِعًا وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ، فَالْجَائِزُ: أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِالرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ عِنْدَك سِلْعَةُ كَذَا أَبْتَاعُهَا مِنْك فَيَقُولُ: لَا فَيَنْقَلِبُ عَنْهُ عَلَى غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا مُوَاعَدَةٍ فَيَشْتَرِي الْمَسْئُولُ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَ عَنْهَا ثُمَّ يَلْقَاهُ فَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَأَلَهُ عَنْهَا فَيَبِيعُهَا مِنْهُ بِمَا شَاءَ مِنْ نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ عَنْ مُطَرِّفِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَعَرُّضٌ أَوْ مُوَاعَدَةٌ أَوْ عَادَةٌ. قَالَ: وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ بَعْدَهُ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ كَالِئٍ وَلَا يُوَاعِدُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ وَلَا يَبِيعُهُ لَهُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 102 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي سِلْعَةً لِحَاجَتِهِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَيَبِيعُهَا أَوْ يَبِيعُ دَارَ سُكْنَاهُ ثُمَّ تَشُقُّ عَلَيْهِ النَّقْلَةُ مِنْهَا فَيَشْتَرِيهَا أَوْ لِجَارِيَةٍ ثُمَّ تَتْبَعُهَا نَفْسُهُ، فَهَؤُلَاءِ إنْ اسْتَقَالُوا أَوْ زَادُوا فِي الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَالْمَكْرُوهُ: أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةً وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضُهُ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا تَسْمِيَةِ رِبْحٍ وَلَكِنْ يَعْرِضُ بِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا يُكْرَهُ فَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: وَلَا أَبْلُغُ بِهِ الْفَسْخَ. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَالْمَحْظُورُ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا وَأَبْتَاعُهَا مِنْك بِكَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْبَيَانِ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ رِبًا صُرَاحٌ أَنْ يُرَاوِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّذِي يُسَاوِمُهُ فِيهَا لِيَبِيعَهَا مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ عَلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِيهَا بِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْدًا أَوْ يُرَاوِضُهُ عَلَى رِبْحِ السِّلْعَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: أَنَا أَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي فِيهَا كَذَا أَوْ لِلْعَشَرَةِ كَذَا. ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا حَرَامٌ اهـ. وَالرَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ الَّذِي زَادَهُ عِيَاضٌ: مَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ بِثَمَنٍ بَعْضِهِ مُؤَجَّلٍ وَبَعْضِهِ مُعَجَّلٍ فَظَاهِرُ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُهُ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرَاهَتُهُ لِأَهْلِ الْعِينَةِ اهـ، وَفِيهَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَتَى عَلَيْنَا زَمَانٌ لَا يَرَى فِيهِ أَحَدٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ ذَهَبَ فَكَانَتْ مُوَاسَاةُ السَّلَفِ ثُمَّ ذَهَبَتْ فَكَانَتْ الْعِينَةُ. ابْنُ رُشْدٍ يَشْهَدُ لَهُ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا تَبَايَعَ النَّاسُ بِالْعِينَةِ وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بَلَاءً فَلَا يَرْفَعُهُ عَنْهُمْ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ» . وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَقْسَامَ مُدْخِلًا مَا زَادَ عِيَاضٌ فِي الْجَائِزِ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْكِتَابِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 103 جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ، وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ،. .   [منح الجليل] وَالْأُمَّهَاتِ مُبْتَدِئًا بِالْجَائِزِ فَقَالَ (جَازَ لِ) شَخْصٍ (مَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ) لِيَشْتَرِيَهَا طَالِبُهَا وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ وَفَاعِلُ جَازَ (أَنْ يَشْتَرِيَهَا) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ السِّلْعَةُ (لِيَبِيعَهَا) أَيْ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ السِّلْعَةُ لِطَالِبِهَا مِنْهُ (بِثَمَنٍ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَالٍ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ صِلَةُ يَشْتَرِي لَا يَبِيعُ إنْ اشْتَرَاهَا الْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِثَمَنٍ كُلِّهِ حَالٍّ أَوْ كُلِّهِ مُؤَجَّلٍ اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ بِ) ثَمَنٍ (مُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبَعْضُهُ مُعَجَّلٍ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ كَمَا قَدْ يُوهِمُهُ لَفْظُ عِيَاضٍ، إذْ قَدْ قَالَ: الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ مَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ فَظَاهِرُ مَسَائِلِ الْكِتَابِ وَالْأُمَّهَاتِ جَوَازُهُ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرَاهَتُهُ لِأَهْلِ الْعِينَةِ اهـ، فَقَدْ يَسْبِقُ لِلْوَهْمِ أَنَّ قَوْلَهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِيُبَاعَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ إذْ لَمْ يَفْرِضُوهَا هَكَذَا، بَلْ زَادَ عِيَاضٌ بَعْدَهُ مُتَّصِلًا بِهِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا اشْتَرَى طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهُ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِبَيْعِهِ كُلِّهِ لِحَاجَتِهِ لِثَمَنِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَكَأَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ، قَالَ لَهُ: خُذْهُ فَبِعْ مِنْهُ بِمَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُدَنِي وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَك بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ إلَى الْأَجَلِ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ هَذَا أَهْلُ الْعِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَرُوجِعَ فِيهَا غَيْرَ مَرَّةٍ فَقَالَ: أَنَا قُلْتُهُ قَالَهُ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ قَبْلِي. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ لُبَابَةَ يَعْنِي بِغَيْرِهِ ابْنُ هُرْمُزَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ نَحْوَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَنَزَلَ ابْنُ لُبَابَةَ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَهْلٍ وَغَيْرِهِمْ، فَجَوَّزَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْعِينَةِ، وَمَنَعَ فِي حَقِّهِمْ. وَفِي رَسْمِ تَسَلُّفٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ مِنْ عِنْدِهِ دِينَارًا فَكَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ: لَسْت أَوَّلَ مِنْ كَرِهَهُ فَقَدْ كَرِهَهُ رَبِيعَةُ وَغَيْرُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ بَيْعَةٌ وَاحِدَةٌ صَحِيحَةٌ فِي ظَاهِرِهَا إذْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ بَيْعُ سِلْعَتِهِ بِدِينَارِ نَقْدٍ أَوْ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا يُتَّهَمُ بِالْفَسَادِ فِيهَا إلَّا مَنْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ سِيرَتِهِ وَهُمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 104 وَكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ، أَوْ اشْتَرِهَا وَيُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ.   [منح الجليل] أَهْلُ الْعِينَةِ، وَاَلَّذِي يَخْشَى فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَرَاوَضَا عَلَيْهِ وَقَصَدَا إلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ الطَّعَامَ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَاقِي لَهُ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا إلَى أَجَلٍ وَذَلِكَ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَبْقَى لَهُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا بَاعَ مِنْهُ بِدِينَارٍ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الدِّينَارَ مِنْ عِنْدِهِ لِأَنَّهُ يَخْلُفُهُ مِنْ الطَّعَامِ يُرِيدُ أَنَّ التُّهْمَةَ لَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِلْبَيْعِ وَقَعَ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الدِّينَارَ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ فَلَا يُصْلِحُهُ دَفْعُهُ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الصِّحَّةِ فَلَا يُفْسِدُهُ نَقْدُهُ مِنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ. اهـ. وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذِهِ النُّقُولَ عَلِمْتَ أَنَّ كَلَامَ عِيَاضٍ الْمَذْكُورَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَأَنَّ تَقْدِيرَهُ مَا اُشْتُرِيَ بِثَمَنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ لِيُبَاعَ، فَقَوْلُهُ بِثَمَنٍ مُتَعَلِّقٌ بِ اُشْتُرِيَ لَا بِ يُبَاعَ فَهِيَ إذًا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرُ مُفَرَّعَةٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ، وَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ عِيَاضٍ وَلَمْ يَزِدْ مَا بَعْدَهُ مِمَّا فِيهِ الْبَيَانُ لِمَا قَرَّرْنَا وَالظَّنُّ بِالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَفْهَمُهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فَهَذَا عَجِيبٌ فَتَدَبَّرْهُ، وَقَدْ نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا فَرَضَهَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ. الْبُنَانِيُّ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْكًا مِنْ وَجْهَيْنِ تَفْرِيعِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ سِلْعَةٌ وَلَيْسَتْ مُفَرَّعَةً عَلَيْهَا وَأَنَّ هَذِهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا اُشْتُرِيَ لِيُبَاعَ مِنْهُ لِلْحَاجَةِ وَقَدْ أَخَلَّ بِالْقَيْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَوْلُ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ سَلَفُ ثَمَانِينَ بِمِائَةٍ لِشَهْرٍ مَثَلًا (خُذْ) أَيْ اشْتَرِ مِنِّي (بِمِائَةٍ) إلَيْهِ (مَا) أَيْ شَيْئًا يُبَاعُ (بِثَمَانِينَ) نَقْدًا (أَوْ) قَوْلُ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ (اشْتَرِهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ (وَيُومِئُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ يُشِيرُ الطَّالِبُ (لِتَرْبِيحِهِ) أَيْ شِرَائِهَا مِنْ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ بِرِبْحٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: أَعِنْدَك كَذَا، وَكَذَا تَبِيعُهُ مِنِّي بِدَيْنٍ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ: ابْتَعْ ذَلِكَ وَأَنَا أَبْتَاعُهُ مِنْك بِدَيْنٍ وَأُرْبِحُك فِيهِ فَيَشْتَرِي ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْهُ عَلَى مَا تَوَاعَدَا عَلَيْهِ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا: أُرْبِحُك فِيهَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 105 وَلَمْ يُفْسَخْ. بِخِلَافِ. اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ.   [منح الجليل] وَ) إنْ وَقَعَ الْمَكْرُوهُ (لَمْ يُفْسَخْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ حُكْمِهِ بِالْكَرَاهَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا التَّحْرِيمُ لِلتَّحَيُّلِ بِدَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، فِي التَّنْبِيهَاتِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهِمَا وَأَشْتَرِيهَا مِنْك مِنْ غَيْرِ مُرَاوَضَةٍ وَلَا تَسْمِيَةِ رِبْحٍ وَلَا تَصْرِيحٍ بِهِ وَلَكِنْ يُعَرِّضُ بِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا يُكْرَهُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى، وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، قَالَ: وَلَا أَبْلُغُ بِهِ الْفَسْخَ. وَقَالَ فَضْلٌ: يَجِبُ الْفَسْخُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ. . (بِخِلَافِ) قَوْلِ مَنْ طَلَبَ سِلْعَةً مِنْ شَخْصٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ (اشْتَرِهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الْمَطْلُوبَةَ (بِعَشَرَةٍ وَ) أَنَا (آخُذُهَا) أَيْ أَشْتَرِيهَا مِنْك (بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ كَشَهْرٍ الشَّارِحُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِخِلَافِ كَذَا فَيُمْنَعُ وَأَنَّهُ أَرَادَ فَيُفْسَخُ ح وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الْمَمْنُوعُ، وَقَدْ ذَكَرُوا سِتَّ مَسَائِلَ مِنْهَا مَا يُفْسَخُ وَمِنْهَا مَا لَا يُفْسَخُ عَلَى أَنَّ فِي إطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ تَجَوُّزٌ، فَإِنَّ بَعْضَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَالْمَحْظُورُ أَنْ يُرَاوِضَهُ عَلَى الرِّبْحِ فَيَقُولَ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا، وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا أَوْ أَبْتَاعُهَا مِنْك بِكَذَا، وَنَحْوِهِ فِي الْبَيَانِ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْحَرَامُ الَّذِي هُوَ رِبًا صَرَاحٌ أَنْ يُرَاوِضَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي يُسَاوِمُهُ فِيهَا لِيَبِيعَهَا مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ عَلَى ثَمَنِهِ الَّذِي يَشْتَرِيهَا بِهِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْدًا، أَوْ يُرَاوِضُهُ عَلَى رِبْحِ السِّلْعَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا لَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقُولُ: أَنَا أَشْتَرِيهَا عَلَى أَنْ تُرْبِحَنِي فِيهَا كَذَا أَوْ لِلْعَشَرَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَهَذَا حَرَامٌ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ فِي هَذَا الْوَجْهِ سِتُّ مَسَائِلَ مُفْتَرِقَةِ الْأَحْكَامِ ثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ: اشْتَرِ لِي وَثَلَاثٌ فِي قَوْلِهِ: اشْتَرِ لِنَفْسِك، أَوْ قَوْلِهِ: اشْتَرِ وَلَا يَقُولُ: لِي وَلَا لِنَفْسِك، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ سَوَاءٌ قَالَ: اشْتَرِهَا لِي أَوْ لِنَفْسِك أَوْ لَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 106 وَلَزِمَتْ الْآمِرَ، إنْ قَالَ: لِي. . وَفِي الْفَسْخِ أَوْ إمْضَائِهَا وَلُزُومِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ: قَوْلَانِ. .   [منح الجليل] يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك، فَهَذَا مَمْنُوعٌ وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ يَخُصُّهُ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ) السِّلْعَةُ الشَّخْصَ (الْآمِرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بِشِرَائِهَا بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ الزَّائِدَانِ عَلَيْهَا (إنْ قَالَ) الْآمِرُ: اشْتَرِهَا (لِي) بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَهَلْ الْمَأْمُورُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ وَالدِّرْهَمَيْنِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ خِلَافٌ يَأْتِي فِي الْمَتْنِ. . (وَفِي الْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ الثَّانِي الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ (لِي) بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِهَا لِنَفْسِك أَوْ قَالَ: اشْتَرِ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا أَوْ أَشْتَرِيهَا أَوْ أَبْتَاعُهَا مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ فَيُفْسَخُ الثَّانِي فِي كُلِّ حَالٍ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَيْنِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْآمِرِ (فَالْقِيمَةُ) تَلْزَمُ الْآمِرَ لِلْمَأْمُورِ مُعْتَبَرَةً يَوْمَ قَبْضِ الْآمِرِ حَالَّةً، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِفَسْخِهِ مُطْلَقًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ رُدَّتْ بِعَيْنِهَا، وَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ قِيمَتُهَا فَلَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ قَالَ بَدَلَهُ مُطْلَقًا كَانَ أَبْيَنَ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَفُتْ تُرَدُّ عَيْنُهَا وَإِنْ فَاتَتْ تُرَدُّ قِيمَتُهَا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ يَفُوتُ بِالثَّمَنِ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا أَكْثَرِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ إمْضَائِهَا) أَيْ الْبَيْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ. (وَلُزُومِهِ) أَيْ الْآمِرِ (الِاثْنَيْ عَشَرَ) أَيْ دَفْعِهَا لِلْمَأْمُورِ إذَا حَلَّ أَجَلُهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ قَبْلَ بَيْعِهَا لِلْآمِرِ وَلَوْ أَرَادَ الْآمِرُ عَدَمَ شِرَائِهَا مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُورِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ التَّوَرُّعُ عَنْ أَخْذِ الزَّائِدِ عَلَى مَا نَقَدَ وَضَمَانُهَا قَبْلَ أَخْذِهَا الْآمِرُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلِلْآمِرِ تَرْكُهَا لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ إلْزَامُهُ بِهَا إنْ أَبَى أَخْذَهَا (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَالْمُنَاسِبُ وَإِمْضَائِهَا بِالْوَاوِ إذْ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ لَا فِي أَحَدِهِمَا كَمَا تُفِيدُهُ أَوْ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ. . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 107 وَبِخِلَافِ: اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا، إنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ، وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ.   [منح الجليل] وَبِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا) فَيَمْتَنِعُ (إنْ نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ (الْمَأْمُورُ) بِشِرَاءِ السِّلْعَةِ الْعَشَرَةِ لِبَائِعِهَا (بِشَرْطٍ) مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ تَسْلِيفِهِ لِلْعَشَرَةِ وَتَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ لَهُ فَهِيَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ يَصِحُّ وَأَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ كَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ، وَإِنْ وَقَعَ لَزِمَتْ الْآمِرَ بِالْعَشَرَةِ حَالَّةً لِقَوْلِهِ لِي وَيُفْسَخُ بَيْعُهَا لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا لَهُ، وَقَوْلُهُ أَنَا أَشْتَرِيهَا مِنْك لَغْوٌ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ لَهُ وَبِأَمْرِهِ فَإِنْ كَانَ النَّقْدُ مِنْ عِنْدِ الْآمِرِ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمَأْمُورِ بِشَرْطٍ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ الدِّينَارَيْنِ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ وَيَنْقُدَ الثَّمَنَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَلَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (الْأَقَلُّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ) فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ نِيَابَةً عَنْ الْآمِرِ (أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ) اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا لَهُ وَالْأَوْلَى وَالدِّرْهَمَيْنِ بِالْوَاوِ وَلِأَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْمَأْمُورِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَإِنْ قَبَضَ السَّلَفَ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَلِلْمَأْمُورِ هُنَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ أُعْطِيَ الْأُجْرَةَ كَانَتْ ثَمَنًا لِلتَّسْلِيفِ وَتَتْمِيمًا لِلرِّبَا، وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ إذَا عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بِحِدْثَانِهِ وَرُدَّ السَّلَفُ إلَى الْمَأْمُورِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ الْآمِرُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْثَرْ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى انْتَفَعَ الْآمِرُ بِالسَّلَفِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُمَا كَانَا قَصَدَاهُ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْمَأْمُورِ إجَارَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ عُثِرَ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ الِابْتِيَاعِ وَقَبْلَ نَقْدِ الْمَأْمُورِ الثَّمَنَ لَكَانَ النَّقْدُ مِنْ الْآمِرِ، وَلَكَانَ فِيمَا يَكُونُ لِلْمَأْمُورِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا: إجَارَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَالثَّانِي لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 108 فِيهِمَا وَالْأَصَحُّ لَا جُعْلَ لَهُ، وَجَازَ بِغَيْرِهِ: كَنَقْدِ الْآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي، فَفِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ: قَوْلَانِ. وَبِخِلَافِ: اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، فَتَلْزَمُ بِالْمُسَمَّى، وَلَا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ،.   [منح الجليل] مِثْلِهِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ اهـ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ (فِيهِمَا) أَيْ اشْتَرِ لِي بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَاشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا. (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ زَرْقُونٍ مِنْ الْخِلَافِ (لَا جُعْلَ لَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ تَتْمِيمٌ لِلْفَاسِدِ. الشَّارِحُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ (وَجَازَ) نَقْدُ الْمَأْمُورِ الْعَشَرَةَ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الشَّرْطِ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ: (كَنَقْدِ الْآمِرِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْعَشَرَةَ لِلْمَأْمُورِ لِيَنْقُدَهَا الْبَائِعُ السِّلْعَةَ الَّتِي أَمَرَهُ بِشِرَائِهَا وَلِلْمَأْمُورِ الدِّرْهَمَانِ. (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (لِي) بِأَنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِهَا بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقُلْ لِي وَلَا لِنَفْسِك وَآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا (فَفِي الْجَوَازِ) أَيْ لِشِرَائِهَا مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا (وَالْكَرَاهَةِ) لِذَلِكَ (قَوْلَانِ) الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَكَرِهَهُ مَرَّةً لِلْمُرَاوِضَةِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَهُمَا فِي السِّلْعَةِ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي مِلْكِ الْمَأْمُورِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ، فَفِي إطْلَاقِ الْمَنْعِ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ تَسَمُّحٌ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ، مَحَلُّهُمَا إذَا نَقَدَ الْآمِرُ أَوْ الْمَأْمُورُ بِلَا شَرْطٍ. . (وَبِخِلَافِ) قَوْلِ الْآمِرِ (اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَشْتَرِيهَا) مِنْك (بِعَشَرَةٍ نَقْدًا) فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَلَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ اشْتَرِهَا لِي وَقَوْلِهِ وَأَشْتَرِيهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى: اشْتَرِهَا لِنَفْسِك لِأَجْلِ بَيْعِهَا لِي وَإِنْ وَقَعَ (فَتَلْزَمُ) السِّلْعَةُ الْآمِرَ (بِ) الثَّمَنِ (الْمُسَمَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ أَيْ الِاثْنَيْ عَشَرَ لِلْأَجَلِ (وَلَا تُعَجَّلُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً (الْعَشَرَةُ) لِلْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ الْآمِرَ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى شِرَاءِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 109 وَإِنْ عُجِّلَتْ: أُخِذَتْ، وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: لِي فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ إذَا فَاتَ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةُ؟ أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ؟ قَوْلَانِ. .   [منح الجليل] السِّلْعَةِ لَهُ بِتَسْلِيفِهِ عَشَرَةً يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى الْأَجَلِ وَيَقْضِي عَنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ يُفِيدُ جَوَازَ تَعْجِيلِهَا الْبَائِعَ الْأَصْلِيَّ وَلِلْمَأْمُورِ عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَّ أَجَلُ الِاثْنَيْ عَشَرَ يَدْفَعُهَا الْآمِرُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَأَنَا أَبْتَاعُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَهَذَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَرُدُّهَا إلَيْهِ، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْآمِرَ بِالِاثْنَيْ عَشَرَ إلَى الْأَجَلِ وَلَا يَتَعَجَّلُ الْمَأْمُورُ الْعَشَرَةَ مِنْهُ وَإِنْ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ رَدَّهَا إلَيْهِ وَلَا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ إلَى الْأَجَلِ، وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي هَذَا الْوَجْهِ بِاتِّفَاقٍ اهـ. (وَإِنْ عُجِّلَتْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الْعَشَرَةُ لِلْمَأْمُورِ (أَخَذَهَا) أَيْ الْآمِرُ الْعَشَرَةَ مِنْ الْمَأْمُورِ وَلَا يَتْرُكُهَا عِنْدَهُ إلَى الْأَجَلِ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِتَعْجِيلِهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُسْتَقِلٌّ بَعْدَ بَيْعٍ صَحِيحٍ (وَلَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (جُعْلُ مِثْلِهِ) وَلَوْ زَادَ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ لِأَنَّ الْمُسْلِفَ هُنَا وَهُوَ الْآمِرُ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (وَإِنْ) قَالَ: اشْتَرِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَآخُذُهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَ (لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ (لِي) سَوَاءٌ قَالَ لِنَفْسِك أَوْ لَا وَاشْتَرَاهَا الْمَأْمُورُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَبَاعَهَا لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (فَهَلْ لَا يُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ لَا يُفْسَخُ (الْبَيْعُ) الثَّانِي مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا (إذَا فَاتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْآمِرِ (وَلَيْسَ عَلَى) الشَّخْصِ (الْآمِرِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ (إلَّا الْعَشَرَةُ) الَّتِي اشْتَرَى بِهَا السِّلْعَةَ مِنْ الْمَأْمُورِ رَوَاهُ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَزِيدَهُ الدِّينَارَيْنِ وَمَفْهُومُ إذَا فَاتَ فَسْخُ الْبَيْعِ الثَّانِي إذَا لَمْ يَفُتْ. (أَوْ يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْبَيْعُ (الثَّانِي) مِنْ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَسْخًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ وَتُرَدُّ عَيْنُهَا (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) السِّلْعَةُ بِيَدِ الْآمِرِ (فَالْقِيمَةُ) لَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا الْآمِرُ يَرُدُّهَا بَدَلَهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 110 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَآخُذُهَا وَفِي الثَّالِثِ وَأَشْتَرِيهَا يَجُوزُ فِيهِ النَّصْبُ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ وُجُوبًا بَعْدَ الْوَاوِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ، وَالرَّفْعُ بِتَقْدِيرِ مُبْتَدَأٍ أَيْ وَأَنَا. الثَّانِي: مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ الْحِيَلِ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَ لِلْمُتَسَلِّفِ نَقْدًا وَيَقُولَ اشْتَرِ بِهِ سِلْعَةً لِي وَأَبِيعُهَا لَك بِرِبْحٍ لِأَجَلِ كَذَا، وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِهِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَمَّنْ أَبْضَعَ مَعَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ طَعَامًا ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ طَعَامًا وَاكْتَالَهُ وَسَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لَهُ فَقَالَ مَا أُحِبُّهُ وَمَا يُعْجِبُنِي. ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ ابْتِيَاعَهُ وَاكْتِيَالَهُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَلَوْ تَحَقَّقَهُ مَا كَرِهَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْمُبْتَاعُ لِلطَّعَامِ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَإِنْ تَحَقَّقَ قَبْضُهُ، وَلَا بِدَنَانِيرَ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ، وَلَا بِدَرَاهِمَ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ دَنَانِيرَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَخْسُ فِي الْعُرْفِ عَلَى رَبِّ الطَّعَامِ فَتَرْتَفِعُ التُّهْمَةُ فِي ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ وَهُوَ صَحِيحٌ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الرَّجُلِ يُبْضِعُ مَعَ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ لَهُ طَعَامًا فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ فَعَلَ وَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ اهـ. وَفِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ابْتَعْتَهُ بِعَيْنِهِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ جُزَافًا أَوْ اشْتَرَيْتَهُ مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَضْمُونًا عَلَى كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ جُزَافٍ مِنْ عِطْرٍ أَوْ زِئْبَقٍ أَوْ مِسْكٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نَوَى وَشِبْهِهِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِك أَوْ غَيْرِهِ وَتُحِيلُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِينَةِ فَلَا يَجُوزُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ابْتَعْت، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 111 (فَصْلٌ) إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ.   [منح الجليل] [فَصْلٌ الْبَيْع بِشَرْطِ الْخِيَار] فَصْلٌ) (فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) (فَصْلٌ) (فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ) ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ بَيْعٌ وُقِفَ بَتُّهُ أَوَّلًا عَلَى إمْضَاءٍ يُتَوَقَّعُ قَوْلُهُ بَيْعُ جِنْسٍ شَمِلَ بَيْعَ الْخِيَارِ وَبَيْعَ الْبَتِّ. وَقَوْلُهُ وُقِفَ بَتُّهُ فَصْلُ مَخْرَجِ بَيْعِ الْبَتِّ. وَقَوْلُهُ أَوَّلًا بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا صِلَةُ وَقْفٍ، فَصْلُ مَخْرَجِ بَيْعِ خِيَارِ الْعَيْبِ. وَقَوْلُهُ يُتَوَقَّعُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ نَعْتُ إمْضَاءٍ أَيْ يُرْجَى وُقُوعُهُ. فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْعَقْدِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَئُولُ لَهُ الْأَمْرُ، لَكِنْ أَجَازَهُ الشَّارِعُ لِيَكُونَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَيَنْفِي الْغَبْنَ عَنْ نَفْسِهِ. الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْلَا الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَازَ الْخِيَارُ أَصْلًا. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِهِ رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ الْغَرَرِ وَحَجْرِ الْمَبِيعِ خِلَافٌ. الْوَانُّوغِيُّ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى إبَاحَتِهِ فَعَلَى أَنَّهُ عَزِيمَةٌ فَهُوَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى إبَاحَةِ سَائِرِ الْبُيُوعِ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] وَعَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَدَلِيلُ إبَاحَتِهِ دَلِيلٌ خَاصٌّ بِهِ، وَمَا رَوَاهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ مَنْعِ اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِفُلَانٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهَا وَالْمَشْهُورُ مَنْعُ الْجَمْعِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَيْنَ بَيْعِ الْبَتِّ وَالْخِيَارِ قَالَهُ الْمُوَضِّحُ. (إنَّمَا) يَثْبُتُ (الْخِيَارُ) فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (بِشَرْطٍ) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَيَشْمَلُ الْخِيَارَ الشَّرْطِيَّ وَخِيَارَ التَّرَوِّي أَيْ النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدُّهُ هَذَا الْقِسْمَ هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ بَيْعُ الْخِيَارِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ وَهُوَ مَا مُوجِبُهُ ظُهُورُ عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ وَيُسَمَّى خِيَارَ النَّقِيصَةِ أَيْضًا. وَسَيَأْتِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 112 كَشَهْرٍ فِي دَارٍ وَلَا يَسْكُنُ،.   [منح الجليل] وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِالْحَصْرِ عَلَى أَنَّ خِيَارَ التَّرَوِّي إنَّمَا يَكُونُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَثْبُتُ بِدَوَامِ اجْتِمَاعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ هَذَا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، إلَّا ابْنَ الْمُسَيِّبِ. وَقِيلَ: لَهُ قَوْلَانِ وَوَافَقَهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - "، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُوَطَّإِ حَدِيثَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَالَ عُقْبَةُ: وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى خِلَافِهِ أَيْ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالْمُتَوَاتِرِ فَيُقَدَّمُ عَلَى خَبَرِ الْآحَادِ، وَذَكَرَهُ فِيهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ وَشَرْطُهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِجَهْلِ مُدَّتِهِ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي حَلَفَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَالثَّانِيَةُ التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ، وَالثَّالِثَةُ جِنْسِيَّةُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ. وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ مُدَّةَ الْمَجْلِسِ دُونَ شَرْطِهِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمَشْهُورُ. وَمُدَّةُ الْخِيَارِ (كَشَهْرٍ) وَدَخَلَ بِالْكَافِ سِتَّةُ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (فِي) بَيْعِ ك (دَارٍ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَشَهْرَيْنِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرًا وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا. وَفِي التَّوْضِيحِ الْأَرْضُ كَالدَّارِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَنْبَغِي أَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ كَالدَّارِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى اخْتِيَارِ الدَّارِ أَكْثَرُ. وَفِي الشَّامِلِ كَشَهْرٍ فِي دَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ: وَشَهْرَيْنِ، وَحُمِلَ عَلَى التَّفْسِيرِ وَقِيلَ: وَثَلَاثَةٍ وَالرَّابِعُ وَالْأَرْضُ كَذَلِكَ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي الضَّيْعَةِ سَنَةً. . (وَلَا يَسْكُنُ) الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ خِيَارِهِ الدَّارَ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ وَلَهُ دُخُولُهَا بِنَفْسِهِ وَبَيَانُهُ بِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ التُّونُسِيُّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ بِالدَّارِ لَيْلًا لِخِبْرَةِ جِيرَانِهَا دُونَ سُكْنَى. " غ " ابْنُ مُحْرِزٍ قَالُوا: وَأَمَّا الدَّارُ فَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَدْخُلَهَا بِنَفْسِهِ لِاخْتِبَارِ أَحْوَالِهَا وَمَبِيتِهَا، فَأَمَّا انْتِقَالُهُ إلَيْهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 113 وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ، وَاسْتَخْدَمَهُ. .   [منح الجليل] بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَمَتَى فَعَلَهُ أَدَّى كِرَاءَهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ قَبِلَ الْمُشْتَرِي أَوْ رَدَّ، وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي سُكْنَاهَا بِأَهْلِهِ مُدَّةَ الْخِيَارِ مَجَّانًا فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُرْبَانِ. اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا الدَّارُ يَسْكُنُهَا الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُ إذَا كَانَ فِي مَسْكَنٍ يَمْلِكُهُ أَوْ بِكِرَاءٍ وَلَمْ يُخْلِهِ لِأَجْلِ سُكْنَاهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ وَلَمْ يُكْرِهِ لَهُ، فَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ فِي مُكْتَرًى فَأَخْلَاهُ أَوْ أَكْرَاهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْكُنَ بِغَيْرِ كِرَاءٍ. الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِ " ز " أَنَّ السُّكْنَى بِأُجْرَةٍ جَائِزَةٌ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ كَثِيرَةً كَانَتْ أَوْ يَسِيرَةً لِلِاخْتِبَارِ وَلِغَيْرِهِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَتُمْنَعُ السُّكْنَى الْكَثِيرَةُ بِلَا أُجْرَةٍ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ لِاخْتِبَارٍ وَلِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي صُورَتَيْ الشَّرْطِ وَالْيَسِيرَةُ لِغَيْرِ الِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ، وَتَجُوزُ الْيَسِيرَةُ لِلِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا. (وَكَجُمُعَةٍ فِي) بَيْعِ (رَقِيقٍ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا يَغِيبُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَمَةِ وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ لِلْمُبْتَاعِ لَغْوٌ وَأُجْرَةُ مَنْفَعَتِهِ وَخَرَاجُهُ غَلَّةٌ. وَفِي الشَّامِلِ وَحِيلَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْمُتَبَايِعِينَ فِي زَمَنِهِ وَلِلْمُشْتَرِي اسْتِخْدَامُهَا دُونَ غَيْبَةٍ عَلَيْهَا (وَاسْتَخْدَمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ اسْتِخْدَامًا يَسِيرًا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ إنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَا صَنْعَةٍ أَوْ تَاجِرًا فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِدُونِهِ وَإِلَّا اسْتَعْمَلَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ. وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ شَيْءٍ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ رِبْحِهِ لِلْمُشْتَرِي. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الدَّارِ وَالْعَبْدِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَفِيهِ لَهُ انْتِفَاعٌ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الدَّارِ بِحَيْثُ يَسْكُنُهَا وَيَصْرِفُ عَنْ نَفْسِهِ مُؤْنَةَ كِرَاءِ دَارٍ كَانَ يَسْكُنُهَا، وَإِنَّمَا يَمْضِي وَحْدَهُ فَيُقِيمُ فِيهَا لَيْلًا لِيَخْتَبِرَ أَمْرَ جِيرَانِهَا مِنْ غَيْرِ انْتِفَاعٍ بِهَا وَلَا نَقْلِ فَرْشٍ إلَيْهَا وَكُلُّ أَمْرٍ مِنْ هَذَا لَهُ ثَمَنٌ وَلَهُ فِيهِ انْتِفَاعٌ فَلَا يَصِحُّ شَرْطُهُ وَلَا فِعْلُهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، وَمَا لَا قَدْرَ لَهُ فَجَائِزٌ شَرْطُهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا يُلْزَمُ الْبَائِعُ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي لِيَخْتَبِرَهُ اهـ. اللَّخْمِيُّ الْعَبْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ عَبْدُ: خِدْمَةٍ وَعَبْدُ صِنَاعَةٍ وَعَبْدُ خَرَاجٍ، فَعَبْدُ الْخِدْمَةِ لَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 114 وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ، وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا،.   [منح الجليل] خِدْمَتُهُ فِيمَا لَا يُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَا يَكُونُ لَهُ خِدْمَتُهُ فِيمَا يُسْتَأْجَرُ فِيهِ إلَّا بِعِوَضٍ، وَعَبْدُ الصَّنْعَةِ إنْ قَدَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَعْرِفَتِهَا وَهُوَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فَعَلَ وَإِلَّا جُعِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ الَّذِي لَا تَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ. وَإِنْ كَانَ مِنْ عَبِيدِ الْخَرَاجِ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي مَعْرِفَةَ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ لَهُ بَعْثُهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَمَا يَكْتَسِبُهُ لِبَائِعِهِ، وَإِنْ شَرَطَ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ. وَإِذَا ثَبَتَ الْعِوَضُ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سُكْنَى أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي كَوْنُهُ مَعْلُومًا، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَمَدِ فَلِلْبَائِعِ الثَّمَنُ وَالْأُجْرَةُ، وَإِنْ قَبِلَ قَبْلَ الِانْتِفَاعِ بِهِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ ذَلِكَ الْأَمَدِ فَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ وَسَقَطَ مَا سِوَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ بِرَقِيقٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ الْخِيَارَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَ مَا أَمَدُهُ أَطْوَلُ مِنْهُمَا وَهُوَ الدَّارُ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ الْمَقْصُودُ بِهِ مِنْهُمَا. ابْنُ مُحْرِزٍ لَوْ بَاعَ عَرْضًا بِعَرْضٍ بِخِيَارٍ اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَكَثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (فِي) بَيْعِ (دَابَّةٍ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ. " غ " يَعْنِي أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ كَالثَّوْبِ، فَإِذَا شَرَطَ رُكُوبَهَا لِلِاخْتِبَارِ فَلَهُ رُكُوبُهَا بِيَوْمٍ فَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ الَّتِي لَا تُسْكَنُ وَالثَّوْبُ الَّذِي لَا يُلْبَسُ مُطْلَقًا، وَلَا بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ الَّذِي يُسْتَخْدَمُ مُطْلَقًا، بَلْ لَهَا حَالَةٌ بَيْنَ حَالَتَيْنِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إلَى الِاخْتِبَارِ، وَبِنَحْوِ هَذَا فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالدَّابَّةُ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ فِي النُّكَتِ، وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا عَلَى مَنْ قَالَهُ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُجِبْ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَمَّا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ، وَإِنَّمَا أَجَابَ عَنْ أَمَدِ الرُّكُوبِ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَلَمْ يَعْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ رُكُوبَ النَّهَارِ كُلِّهِ بَلْ الرُّكُوبَ الْيَسِيرُ. اهـ. وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ رُكُوبَ الْيَوْمِ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى حَسَبِ رُكُوبِ النَّاسِ فِي تَصَرُّفَاتِهِمْ وَالْبَرِيدِ وَالْبَرِيدَيْنِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَخْتَبِرُ سَيْرَهَا اهـ. طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ تَخْتَلِفُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 115 وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ. وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَرَدُّدٌ،.   [منح الجليل] بِاخْتِلَافِ مَا يُرَادُ مِنْهَا، وَبِهِ قَرَّرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهَا تُرْكَبُ الدَّابَّةُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَرِيدَيْنِ هَذَا فِي الرُّكُوبِ وَإِلَّا فَتَجُوزُ الثَّلَاثَةُ. اهـ. وَقَصَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِصَارَ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ وَالدَّابَّةُ فِي الْكِتَابِ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ. عَبْدُ الْحَقِّ يَشْتَرِطُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْيَوْمَ لِلرُّكُوبِ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، إذْ قَالَ فِي قَوْلِهَا الْمَذْكُورِ ابْنُ حَبِيبٍ: الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْيَوْمَ فِي شَرْطِ رُكُوبِهَا، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ اهـ. وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا عَلَى مَنْ قَالَهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ، فَأَنْتَ تَرَى أَبَا عِمْرَانَ فَهِمَ أَنَّ تَأْوِيلَ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ ظَرْفُ الرُّكُوبِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الدَّابَّةِ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ كَذَا فِي رِوَايَةِ شُيُوخِي، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ وَضَّاحٍ وَفِي آخِرِ الْكِتَابِ جَوَازُ شِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ تُخْتَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ يَقْطَعُ اخْتِلَافَ التَّأْوِيلِ لِذِكْرِ الْيَوْمِ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي الدَّابَّةِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّمَا ذَكَرَ الْيَوْمَ لِأَمَدِ الرُّكُوبِ لَا لِأَمَدِ الْخِيَارِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِي الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ أَمَدُ خِيَارِهَا يَوْمًا فَقَطْ، وَأَنَّ مَا يُشْبِهُ الْيَوْمَ مِثْلُهُ. اهـ. فَانْظُرْ جَزْمَهُ بِأَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ أَمَدًا لِلْخِيَارِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلرُّكُوبِ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَى غَيْرِهِ أَصْلًا، وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَلَوْلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا أَيْ لِاشْتِرَاطِهِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ كَوْنِ كَلَامِهِ فِي تَحْدِيدِ أَمَدِ الْخِيَارِ يَبْعُدُهُ. (وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ) رُكُوبِهَا فِي (الْبَرِيدَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ (خِلَافًا) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِحَمْلِ الْبَرِيدِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْبَرِيدَيْنِ فِي كَلَامِ أَشْهَبَ كَذَلِكَ أَوْ الْبَرِيدُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ، وَفِي كَلَامِ الثَّانِي الْبَرِيدَانِ كَذَلِكَ أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِ الْبَرِيدِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الذَّهَابِ وَالْبَرِيدَيْنِ فِي الثَّانِي عَلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ (تَرَدُّدٌ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 116 وَكَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ. .   [منح الجليل] حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَفَهْمُ الْخِلَافِ لِبَعْضِهِمْ (وَكَثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (فِي) بَيْعِ (ثَوْبٍ) وَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَالْمِثْلِيَّاتِ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: أَتَى بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَشَهْرٍ وَمَا بَعْدَهُ لِإِدْخَالِ مَا قَارَبَهَا فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ وَالْجُمُعَةُ وَنَحْوُهَا. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْخِيَارِ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ أَوْ التَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ اسْتَوَى فِيهِ الثَّوْبُ وَالْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ وَكَانَ الْأَجَلُ عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ الْأَمَدُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دِينَارًا كَالْأَمَدِ إذَا كَانَ عِشْرِينَ، وَلَا الْعِشْرُونَ كَالْمِائَةِ، وَلَا الْمِائَةُ كَالْأَلْفِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَنَصَّهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ تَخْتَلِفُ مُدَّتُهُ بِحَسَبِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ لِخِبْرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ فَقَالَ التُّونُسِيُّ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، فَلَوْ شَرَطَ فِي الدَّارِ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ إلَّا ثَلَاثَةٌ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: التَّرَوِّي بِحَسَبِ قَدْرِ الثَّمَنِ لَيْسَ الدِّينَارُ كَالْعَشَرَةِ، وَلَا هِيَ كَالْمِائَةِ وَلَا هِيَ كَالْأَلْفِ. اهـ. وَتَعَقَّبَهُ الْحَطّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ التُّونُسِيِّ فَانْظُرْهُ. الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَشُورَةِ لَا لِلِاخْتِبَارِ هَلْ يَخْتَلِفُ أَمَدُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ أَمْ لَا، ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ إلَى اخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِهِ، وَذَهَبَ عِيَاضٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ وَأَنَّ أَمَدَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَطْ فِي كُلِّ مَبِيعٍ. الرَّابِعُ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَإِنْ كَانَ النَّاسُ يُشَاوِرُونَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ فِيهِ إلَى رَأْيِهِمْ فَلَهُمْ مِنْ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِمَّا لَا يَقَعُ فِيهِ تَغْيِيرٌ وَلَا فَسَادٌ. الْخَامِسُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الدَّارِ وَمَا بَعْدَهَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَفِي اللُّبَابِ مُدَّتُهُ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ حَكَاهُ عِيَاضٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حَدٌّ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَيْسَ مَحْدُودًا بِزَمَنٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 117 وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ، وَهَلْ إنْ نَقَدَ؟ تَأْوِيلَانِ. وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي. وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ،.   [منح الجليل] مُؤَقَّتٍ، بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ فَيَطُولُ إنْ احْتَاجَ لِلطُّولِ وَيَقْصُرُ إذَا أَغْنَى فِيهِ الْقِصَرُ. . (وَصَحَّ) أَنْ يَشْتَرِطَ (الْخِيَارَ) فِي الْبَيْعِ (بَعْدَ) عَقْدِهِ بِ (بَتٍّ) لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَجَازَ ابْتِدَاءً (وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ (إنْ) كَانَ (نَقَدَ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ بَشِيرٍ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَلَا يَجُوزُ لِأَخْذِ الْبَائِعِ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِعَقْدِ الْبَتِّ سِلْعَةً بِخِيَارٍ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ، سَوَاءٌ نَقَدَ أَمْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ بِهِ تَطْبِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ الْخِيَارُ لَهُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَالثَّانِي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَضَمِنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُقُوعِ شَرْطِ الْخِيَارِ بَعْدَ بَتِّ الْبَيْعِ الشَّخْصَ (الْمُشْتَرِيَ) لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا بِخِيَارٍ. الْحَطّ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَالضَّمَانُ مِنْهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَفِيهِ قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَرَوَى الْمَخْزُومِيُّ أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُغِيرَةِ. وَفِي الشَّامِلِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَاتِ لِلْعُقُودِ هَلْ تُقَدَّرُ وَاقِعَةً فِيهَا أَمْ لَا. . (وَفَسَدَ) الْبَيْعُ (بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ) شَخْصٍ غَائِبٍ بِمَحِلٍّ (بَعِيدٍ) لَا يَعْلَمُ مَا يُشِيرُ بِهِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ. الْحَطّ وَكَذَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ وَرِضَاهُ مِنْ بَابِ أَحْرَى. اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ مَنْ شُرِطَ رِضَاهُ أَوْ خِيَارُهُ أَوْ مَشُورَتُهُ غَائِبًا بَعِيدَ الْغَيْبَةِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ. فِي الشَّامِلِ فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَسَدَ. وَلَوْ تَرَكَ الْمَشُورَةَ لِيُجِيزَ الْبَيْعَ لَمْ يَصِحَّ. وَمَفْهُومُ بَعِيدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 118 أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ.   [منح الجليل] جَوَازُ شَرْطِ مُشَاوَرَةِ قَرِيبٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي (مُدَّةٍ زَائِدَةٍ) عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الْمُقَدَّرَةِ لِلْمَبِيعِ بِأَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِيمَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فِي الدَّارِ، وَعَلَى الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا فِي الرَّقِيقِ، وَعَلَى الثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا فِي الدَّابَّةِ وَالْعَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ شَرَطَ بَعِيدُ أَمَدٍ فَالنَّصُّ فَسْخُ الْبَيْعِ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ خَرَّجَ إمْضَاءَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِإِمْضَاءِ بُيُوعِ الْآجَالِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِمَا اتَّهَمَا عَلَيْهِ. قَالَ: وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ فَسَادَ بَيْعِ الْخِيَارِ مُعَلَّلٌ بِالْغَرَرِ، وَعَلَى الْفَسْخِ فَلَوْ أُسْقِطَ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ زَادَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى مَا هُوَ أَمَدٌ لِخِيَارِهَا فِي الْعَادَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ. الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِإِسْقَاطِ مُشْتَرِطِهِ لَهُ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ السَّلَفِ إذَا أَسْقَطَهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ كَوْنَ الْخِيَارِ لَهُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرَّدِّ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، فَإِذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ فَقَدْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ الْإِمْضَاءَ إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الْمَازِرِيُّ وَهَذَا إذَا أَسْقَطَهُ بِبَتِّ الْبَيْعِ وَلَوْ أَسْقَطَ الزَّائِدَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْفَسَادَ بِالْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الشَّامِلِ بِكَثْرَتِهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ وَنَصُّهُ وَبِمُدَّةٍ جُهِلَتْ كَقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ زَادَتْ كَثِيرًا وَإِلَّا كُرِهَ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُوَضِّحُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَصَّلَهُ اللَّخْمِيُّ، قَالَ: الْأَجَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ وَمَمْنُوعٌ، فَإِنْ كَانَ مُدَّةً تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهَا جَازَ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا كُرِهَ، وَلَا يُفْسَخُ وَإِنْ بَعُدَ الْأَجَلُ مُنِعَ، وَفُسِخَ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ وَقَعَ الْخِيَارُ فِي الرَّقِيقِ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا أَفْسَخُهُ وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَرْبَعَةُ الْأَيَّامُ وَالْخَمْسَةُ وَلَا أَفْسَخُهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَأَفْسَخُهُ فِي الشَّهْرِ (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فِي (مُدَّةٍ مَجْهُولَةِ) كَإِلَى إمْطَارِ السَّمَاءِ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ مِنْ سَفَرٍ لَا يَعْلَمُ وَقْتَهُ. فِي الْجَوَاهِرِ كَقَوْلِهِمَا إلَى قُدُومِ زَيْدٍ وَلَا أَمَارَةَ عِنْدَهُمَا عَلَى قُدُومِهِ أَوْ إلَى أَنْ يُولَدَ لِفُلَانٍ وَلَا حَمْلَ عِنْدَهُ أَوْ إلَى أَنْ يُنْفَقَ سُوقُ السِّلْعَةِ، وَلَا أَوْ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ عُرْفًا أَنَّهَا تَنْفَقُ فِيهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْأَجَلَ إذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 119 أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ،.   [منح الجليل] عُلِمَ بِالْعُرْفِ كَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الطُّرْطُوشِيُّ إنْ شَرَطَ خِيَارَ بَعِيدٍ أَوْ أَجَلًا مَجْهُولًا فَسَدَ وَإِنْ أَسْقَطَهُ. (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ (غَيْبَةٍ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (عَلَى مَا) أَيْ مَبِيعٍ (لَا يُعْرَفُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (بِعَيْنِهِ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ وَمَفْهُومُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَنَّ شَرْطَ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَائِزٌ لِعَدَمِ تَرَدُّدِهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا. سَحْنُونٌ فِيهَا لَمَّا ذَكَرَ الْخِيَارَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ قَالَ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَغِيبَ الْمُبْتَاعُ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَيَصِيرُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا، ثُمَّ قَالَ: وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ اهـ. الْحَطّ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ فَسَادُ الْبَيْعِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْغَيْبَةَ وَمُرَادُهُ الْغَيْبَةُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي جَازَ لِأَنَّ التَّعْلِيلَ يُرْشِدُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا مَعَ الِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الثَّمَنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْبَةٍ أَنَّ غَيْبَةَ الْبَائِعِ مُمْتَنِعَةٌ أَيْضًا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَقَدْ نَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى امْتِنَاعِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَيْضًا عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، قَالَ: وَلْتُحْرَزْ عِنْدَهُمَا جَمِيعًا، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ حَاصِلٌ وَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْتَزَمَهُ وَأَسْلَفَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ، وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ، وَأَجَازَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بَقَاءَهُ بِيَدِهِ لِأَنَّ عِنْدَهُ شَيْأَهُ. (تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: فَسَادُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ وَفِيهَا لَا يَغِيبُ مُبْتَاعٌ عَلَى مِثْلِيٍّ. اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ فَإِنْ غَابَ دُونَهُ بِشَرْطٍ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَيَجُوزُ تَطَوُّعًا. اهـ. وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْخِيَارُ فِي الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَاللَّحْمِ جَائِزٌ إلَى مُدَّةٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهَا وَلَا يَغِيبُ عَلَيْهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهَا أَوْ يَكُونُ الثَّمَرُ فِي شَجَرَةٍ، فَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا يُتَّهَمُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ هَذِهِ أَوْ مِثْلَهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 120 أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَرَدَّ أُجْرَتَهُ. . وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ. وَبِشَرْطِ نَقْدٍ.   [منح الجليل] أَنْ يَتَسَلَّفَهَا وَيَرُدَّ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا بِيعَ بِالْخِيَارِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْقَمْحِ وَالزَّيْتِ فَلَا يَغِيبُ عَلَيْهِ بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ، فَإِنْ فَعَلَا مَضَى وَلَا يُفْسَخُ. الثَّانِي: هَلْ يُقْضَى بِتَسْلِيمِ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِلْمُشْتَرِي إذَا طَلَبَهُ. اللَّخْمِيُّ الْخِيَارُ لِثَلَاثٍ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ وَلِعِلْمِ غَلَائِهِ مِنْ رُخْصِهِ، وَالثَّانِي لِيُؤَامِرَ نَفْسَهُ فِي الْغُرْمِ عَلَى الشِّرَاءِ مَعَ عِلْمِهِ بِغَلَاءِ الثَّمَنِ أَوْ رُخْصِهِ، وَالثَّالِثُ لِاخْتِبَارِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ وَهُوَ عِنْدَ بَائِعِهِ، وَإِنْ كَانَ لِيُعَاوِدَ نَظَرَهُ فِي الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا أَوْ لِيَخْتَبِرَ الْمَبِيعَ فَلَهُ قَبْضُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا أَرَادَهُ بِالْخِيَارِ حُمِلَ عَلَى غَيْرِ الِاخْتِبَارِ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْخِيَارِ أَنَّهُ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّ، وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ، فَإِنْ قَالَ: سَلِّمْهُ لِي لِأَخْتَبِرَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطٍ اهـ. وَفِي اللُّبَابِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَ لِيُعَاوِدَ نَظَرَهُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ لِيَخْتَبِرَهُ فَلَهُ قَبْضُهُ اهـ. التُّونُسِيُّ إنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ: إنَّمَا فَهَمَّتْ عَنْهُ الْمَشُورَةُ لَا أَنْ أَدْفَعَ إلَيْهِ عَبْدِي فَذَلِكَ لَهُ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَى الْمُشْتَرِي لِيَخْتَبِرَهُ إلَّا بِشَرْطٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ تَارَةً يَكُونُ لِلْمَشُورَةِ وَتَارَةً يَكُونُ لِلِاخْتِبَارِ وَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الِاخْتِبَارُ إلَّا بِشَرْطٍ. (أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ بِشَرْطِ (لُبْسِ ثَوْبٍ) مَبِيعٍ بِخِيَارٍ لِغَيْرِ قِيَاسِهِ عَلَيْهِ مَجَّانًا (وَ) إذَا لَبِسَهُ (رَدَّ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي (أُجْرَتَهُ) أَيْ الثَّوْبِ لِلُبْسِهِ الْكَثِيرِ الْمُنْقِضِ قِيمَتَهُ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ. . (وَيَلْزَمُ) الْمَبِيعُ بِخِيَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (بِ) سَبَبِ (انْقِضَائِهِ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَهُوَ بِيَدِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَرَدَّ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ إنْ شَاءَ (فِي كَالْغَدِ) لِزَمَنِ الْخِيَارِ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْيَوْمَ التَّالِي لِلْغَدِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ كَالْغَدِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ. أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي بِالْقُرْبِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالْبُعْدِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. . (وَ) فَسَدَ بَيْعُ الْخِيَارِ (بِشَرْطِ نَقْدٍ) أَيْ تَعْجِيلٍ لِثَمَنِهِ عَلَى تَمَامِ زَمَنِ الْخِيَارِ وَإِنْ لَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 121 كَغَائِبٍ، وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ، وَمُوَاضَعَةٍ، وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا، وَجُعْلٍ.   [منح الجليل] يَنْقُدْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَنَزَلَ شَرْطُهُ مَنْزِلَتَهُ لِحُصُولِهِ مَعَهُ غَالِبًا، وَمَفْهُومُ بِشَرْطٍ أَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا لَا يُفْسِدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا وَالنَّقْدُ فِيمَا بَعُدَ مِنْ أَجَلِ الْخِيَارِ أَوْ قَرُبَ لَا يَحِلُّ بِشَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الْخِيَارِ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِيهِ اهـ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: لِضَعْفِ التُّهْمَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أُسْقِطَ شَرْطُ النَّقْدِ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِخِلَافِ إسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ. وَقِيلَ: مِثْلُهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْفَسَادَ بِشَرْطِ النَّقْدِ لِلْغَرَرِ فِي الثَّمَنِ، وَالْفَسَادُ بِشَرْطِ السَّلَفِ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ وَلَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ وَضْعَ الثَّمَنِ عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَآلَ أَمْرِ الْبَيْعِ هَلْ يُتِمُّ فَيَأْخُذُهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا فَيَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، قِيلَ: اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: فِيهِ قَوْلٌ بِإِيفَاقِهِ كَثَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ بَيْعَهُمَا مُنْبَرِمٌ وَبَيْعَ الْخِيَارِ غَيْرُ مُنْبَرِمٍ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ بِشَرْطِ النَّقْدِ سَبْعَ مَسَائِلَ فَقَالَ: (كَ) بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ) عَنْ بَلَدِ الْعَاقِدَيْنِ غَيْبَةً بَعِيدَةً غَيْرِ عَقَارٍ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ، وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (وَ) بَيْعِ رَقِيقٍ (بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ وَ) بَيْعِ أَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ وَ) كِرَاءِ (أَرْضٍ) لِزَرْعٍ (لَمْ يُؤْمَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (رِيُّهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا مِنْ مَطَرٍ أَوْ بَحْرٍ (وَجُعْلٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ عَلَى تَحْصِيلِ شَيْءٍ. ابْنُ يُونُسَ وَيُمْنَعُ فِي هَذَا النَّقْدِ تَطَوُّعًا أَيْضًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الضَّابِطِ الْآتِي لِمَا يَمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا، نَعَمْ عِبَارَاتُ الْأَئِمَّةِ تَدُلُّ عَلَى مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ، فَفِي الْمُنْتَقَى مَا نَصُّهُ. وَمِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ أَنْ لَا يَنْقُدَ الْجُعْلَ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَتِمُّ مَا جُعِلَ لَهُ عَلَيْهِ فَيَرُدُّ مَا قَبَضَ، وَقَدْ يَتِمُّ فَيَصِيرُ لَهُ، فَتَارَةً يَكُونُ جُعْلًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا. ابْنُ نَاجِي قَالَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ: يَجُوزُ مَعَ التَّطَوُّعِ. ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ، وَاخْتُلِفَ إذَا تَطَوَّعَ بِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ: لَا خَيْرَ فِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 122 وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ زَرْعٍ، وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا، وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ، وَكِرَاءٍ ضَمِنَ، وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ. . وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ، أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ،.   [منح الجليل] وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا زَايٌ أَيْ حِفْظٍ وَحِرَاسَةِ (زَرْعٍ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ بِجَائِحَةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِعَدَمِ لُزُومِ خَلَفِهِ فَيَرُدُّهُ وَسَلَامَتِهِ فَلَا يَرُدُّهُ فَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَفِي نُسْخَةٍ لِجَزِّ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ حَصْدِ. " غ " عَدَّ أَبُو إِسْحَاقَ الْغَرْنَاطِيُّ فِي وَثَائِقِهِ الْإِجَارَةُ عَلَى حِرَاسَةِ الزَّرْعِ مِنْ هَذِهِ النَّظَائِرِ، وَنَقَلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْرُسُ لَهُ زَرْعًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُدَهُ الْإِجَارَةَ بِشَرْطٍ، لِأَنَّ الزَّرْعَ رُبَّمَا تَلِفَ فَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهِ، فَهُوَ إنْ سَلَّمَ كَانَ إجَارَةً وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَانَ سَلَفًا. (وَ) إجَارَةُ (أَجِيرٍ) مُعَيَّنٍ عَلَى عَمَلٍ (تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا شُرُوعُهُ فِي الْعَمَلِ (شَهْرًا) وَكَذَا تَأَخُّرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّقْدُ بِشَرْطٍ، بَلْ (وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي) بَيْعِ أَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ وَ) فِي بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ وَ) فِي (كِرَاءٍ ضُمِّنَ) بِضَمِّ الضَّادِ أَيْ وَصَفَ مُتَعَلِّقَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ. " غ " خَصَّصَهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ وَالْمُعَيَّنُ سَوَاءٌ يَعْنِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ الْكِرَاءَ بِكَوْنِهِ مَضْمُونًا لَكَانَ أَوْلَى لِيَجْرِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوَافَقَ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ (وَ) فِي عَقْدِ (سَلَمٍ) وَقَيَّدَ الْمَسَائِلَ الْأَرْبَعَ بِقَوْلِهِ (بِخِيَارٍ) لِتَأْدِيَتِهِ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ أَوْ تَطَوُّعًا، وَاللَّازِمُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّمَانِيَةِ السَّابِقَةِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ بِشَرْطٍ. . (وَاسْتَبَدَّ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ اسْتَقَلَّ بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ شَخْصٌ (بَائِعٌ أَوْ مُشْتَرٍ) شَيْئًا (عَلَى) شَرْطِ (مَشُورَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُشَاوَرَةِ (غَيْرِهِ) مُشَاوَرَةً مُطْلَقَةً فَلَهُ تَرْكُ مُشَاوَرَتِهِ وَالِاسْتِقْلَالُ بِنَفْسِهِ فِي إمْضَائِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 123 لَا خِيَارِهِ وَرِضَاهُ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ فِي مُشْتَرٍ، وَعَلَى نَفْيِهِ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ.   [منح الجليل] وَرَدَّهُ. وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ بَاعَ عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَمْضَى الْبَيْعَ مَضَى وَإِلَّا فَلَا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي تَوْقِيفَ الْبَيْعِ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ بِزِيَادَةِ الْقَيْدِ فَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ فُلَانًا إلَخْ هُوَ الْقَيْدُ الَّذِي أَوْقَفَهُ عَلَى اخْتِيَارِ فُلَانٍ (لَا) يَسْتَبِدُّ بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ مَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى (عَلَى خِيَارِهِ) أَيْ غَيْرِهِ (وَرِضَاهُ) لِأَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ، فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي نَظَرَهُ وَلِأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمُوَافَقَةَ لِحَدِيثِ «شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ» . (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فَهَّمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فَهَمَّتْ عَلَى نَفْيِ اسْتِبْدَادِ مَنْ شَرَطَ خِيَارَ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ، سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ (فِي مُشْتَرٍ) بِشَرْطِ خِيَارِ غَيْرِهِ أَوْ رِضَاهُ، وَمَفْهُومٌ فِي مُشْتَرٍ أَنَّ الْبَائِعَ بِشَرْطِ خِيَارِهِ أَوْ رِضَاهُ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَبِيعِ بِمِلْكِهِ وَضَمَانِهِ (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ (فِي) الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِشَرْطِ (الْخِيَارِ) لِغَيْرِهِ (فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ رِضَا غَيْرِهِ فَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ. طفي اُنْظُرْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَقَدْ أَشْبَعَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاسْتَوْفَى مَا فِيهَا مِنْ التَّأْوِيلَاتِ وَنَسَبَهَا لِقَائِلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ مِثْلُ الرِّضَا بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا فِي الْخِيَارِ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا. وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ تت بَيْنَ الْخِيَارِ وَالرِّضَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَبِعَهُ عَلَيْهِ " س " لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ مَنْعِ الْبَيْعِ عَلَى خِيَارِ الْغَيْرِ أَوْ رِضَاهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّ الْخِيَارَ رُخْصَةٌ فَلَا يَتَعَدَّى الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَصَّلَهُ عِيَاضٌ، فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: كَأَنَّهُ رَأَى الْخِيَارَ رُخْصَةً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 124 وَعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا، وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ أَوْ زَوَّجَ وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا.   [منح الجليل] مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ فَلَا تَتَعَدَّى لِغَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْعُولَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ الرِّضَا (كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ الْخِيَارِ وَالرِّضَا فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِتَصَرُّفِ الثَّانِي قَبْضٌ لِقَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةِ وَإِنْ بِعْت وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا بِقَبْضٍ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَصَرُّفُ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا (وَرَضِيَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) شَيْئًا بِشَرْطِ خِيَارِهِ (كَاتَبَ) أَيْ أَعْتَقَ الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَكِتَابَتُهُ رِضًا مِنْهُ بِشِرَائِهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بَعْدَهَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَأَوْلَى الْعِتْقِ النَّاجِزُ وَالتَّدْبِيرُ وَالْعِتْقُ لِأَجَلٍ. الْحَطّ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ، فَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ تَصَدَّقَ مُشْتَرٍ أَوْ وَهَبَ لِغَيْرِ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَقِيلَ: مُطْلَقًا أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ أَوْ أَعْتَقَ وَلَوْ بَعْضًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ فَهُوَ رِضًا اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: مَنْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ فَوَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ أَوْلَدَ أَوْ وَطِئَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ نَظَرَ إلَى الْفَرْجِ كَانَ رِضًا وَقَبُولًا لِلْبَيْعِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَتَقَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ مَاضٍ وَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ رَدٌّ وَمِنْ الْمُشْتَرِي قَبُولٌ. . (أَوْ زَوَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا بِشِرَائِهَا اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ) زَوَّجَ (عَبْدًا) كَذَلِكَ فَهُوَ رِضًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ رِضًا وَلَوْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا مُجْمَعًا عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ (أَوْ قَصَدَ) الْمُشْتَرِي بِتَجْرِيدِ الْأَمَةِ (تَلَذُّذًا) بِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَذَّ بِهَا بِالْفِعْلِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ تَقْلِيبَهَا فَلَيْسَ رِضًا، ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ الْتَذَّ بِهَا بِالْفِعْلِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَرَصَهَا أَوْ مَسَّ بَطْنَهَا أَوْ يَدَيْهَا أَوْ خَضَّبَ يَدَيْهَا بِحِنَّاءَ أَوْ ضَفَّرَ رَأْسَهَا دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا لَا فِعْلَهَا ذَلِكَ دُونَ أَمْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَطْءُ ذِي الْخِيَارِ بَائِعًا رَدٌّ وَمُبْتَاعًا بَتٌّ، فَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا عَجَّلَ الثَّمَنَ وَتُوقَفُ الْعِلِّيَّةُ لِلِاسْتِبْرَاءِ. اللَّخْمِيُّ اتِّفَاقًا كَبَيْعٍ بَتٍّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 125 أَوْ رَهَنَ، أَوْ آجَرَ، أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ، أَوْ تَسَوَّقَ أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ، أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ، أَوْ عَرَّبَ دَابَّةَ، أَوْ وَدَّجَهَا، لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ؛.   [منح الجليل] غ " تَبِعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَدْ قَبِلَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ تَجَوُّزٌ فَإِنَّ الْقَصْدَ بِمُجَرَّدِهِ دُونَ الْفِعْلِ لَا يَدُلُّ عَلَى الِاخْتِيَارِ أَوْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَتَّى يَرْتَفِعَ النِّزَاعُ بِسَبَبِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْقَاصِدَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ فِي الْجَارِيَةِ فَجَرَّدَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَنَظَرَ إلَيْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ رِضًا وَقَدْ تُجَرَّدُ لِلتَّقْلِيبِ لَا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ جَرَّدَهَا مُتَلَذِّذًا فَهَذَا رِضًا. . (أَوْ رَهَنَ) الْمُشْتَرِي الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ قَالَهُ " د "، وَبَحَثَ " ق " بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْبَيْعِ الَّذِي لَا يُعَدُّ رِضًا (أَوْ آجَرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ الْمُشْتَرِي الشَّيْءَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا وَلَوْ مُيَاوَمَةً (أَوْ أَسْلَمَ) أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِعِلْمٍ (لِلصَّنْعَةِ) كَخَيَّاطٍ وَلَوْ هِينَةً أَوْ لِلْكِتَابَةِ (أَوْ تَسَوَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي فِي السُّوقِ (بِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِبَيْعِهَا وَلَوْ مَرَّةً لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سَاوَمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْبَيْعِ، وَعَبَّرَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ بِالتَّسَوُّقِ وَهُوَ مُرَادِفٌ لِلْمُسَاوَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ اقْتِضَاءَهُ لِلتَّكَرُّرِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ. . (أَوْ جَنَى) الْمُشْتَرِي عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ فَهُوَ رِضًا (إنْ تَعَمَّدَ) هَا فَإِنْ أَخْطَأَ فَلَيْسَتْ رِضًا (أَوْ نَظَرَ) الرَّجُلُ الْمُشْتَرِي (الْفَرْجَ) لِلْأَمَةِ قَصْدًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرِّدُ لِلشِّرَاءِ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَظَرُ الْمُبْتَاعِ إلَى فَرْجِ الْأَمَةِ رِضًا لِأَنَّهُ لَا يُجَرِّدُ فِي الشِّرَاءِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ، وَمَنْ يَحِلُّ لَهُ الْفَرْجُ (أَوْ عَرَفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ فَصَدَ الْمُشْتَرِي (دَابَّةً) فِي أَسَافِلِهَا (أَوْ وَدَّجَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَبِجِيمٍ أَيْ فَصَدَهَا فِي أَوْدَاجِهَا (لَا) يُعَدُّ رَاضِيًا (إنْ جَرَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِي (جَارِيَةً) مِنْ ثِيَابِهَا لِقَصْدِ تَقْلِيبِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ جَائِزٌ لِتَقْلِيبِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ يَكُونُ عَيْبٌ بِجِسْمِهَا (وَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ قَوْلِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 126 إلَّا الْإِجَارَةَ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ: أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ.   [منح الجليل] كَاتَبَ إلَى هُنَا (رَدَّ) لِلْبَيْعِ إذَا حَصَلَ (مِنْ) الشَّخْصِ (الْبَائِعِ) شَيْئًا بِشَرْطِ خِيَارِهِ فِي زَمَنِهِ (إلَّا الْإِجَارَةَ) وَالْإِسْلَامَ لِتَعْلِيمِ الصَّنْعَةِ بِعَمَلِهِ فَلَيْسَتْ رَدًّا لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُمَا عَنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ. الْحَطّ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَوْ اسْتَثْنَاهُ لَكَانَ حَسَنًا وَهُوَ إسْلَامُهُ لِلصَّنْعَةِ، فَإِنَّ اللَّخْمِيَّ اسْتَثْنَاهُ مَعَ الْإِجَارَةِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ لَا خِيَارَ لَهُ افْتَرَقَ الْجَوَابُ، فَإِنْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَقَفَ، فَإِنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي سَقَطَ وَإِنْ رَدَّ مَضَى، وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ سَقَطَ سَوَاءٌ رَدَّ الْبَائِعُ أَوْ أَمْضَى لِإِعْتَاقِهِ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي ضَمَانِهِ. . (وَلَا يُقْبَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا دَعْوَاهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَلَيْسَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ (أَنَّهُ اخْتَارَ) فِيهِ الْإِمْضَاءَ لِلْبَيْعِ (أَوْ) اخْتَارَ فِيهِ (رَدَّ) الْبَيْعِ، وَصِلَةُ لَا يَقْبَلُ (بَعْدَهُ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا تَتْمِيمٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ وَشَمِلَ كَوْنَ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا وَغَابَ الْآخَرُ وَقَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِ فَادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَهُوَ بَائِعٌ أَنَّهُ أَمْضَى أَوْ مُشْتَرٍ أَنَّهُ رَدَّ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَفِيهَا إنْ اخْتَارَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَدًّا أَوْ إجَازَةً وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ جَازَ عَلَى الْغَائِبِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى إشْهَادٍ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَإِنْ أَرَادَ الْإِمْضَاءَ فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ الْإِمْضَاءَ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِشْهَادٍ وَإِنْ أَرَادَ رَدَّهُ فَلْيُشْهِدْ. اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْبَائِعِ ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الرَّدُّ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءُ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَفْتَقِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 127 وَلَا يَبِعْ مُشْتَرٍ، فَإِنْ فَعَلَ، فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ، أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ؟ قَوْلَانِ. .   [منح الجليل] وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْإِمْضَاءَ وَهُوَ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ، فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِ صُوَرٍ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ. . (وَلَا يَبِعْ) بِتَقْدِيمِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ وَجَزْمِ الْمُضَارِعِ بِلَا النَّاهِيَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ يَبِيعُ بِرَفْعِهِ بِالتَّجَرُّدِ وَلَا نَافِيَةٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهَا وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَخْتَارَ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ خِيَارِهِ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ. الْبُنَانِيُّ مُقْتَضَى لَا يَنْبَغِي الْكَرَاهَةُ لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمُنْتَخَبِ تُفِيدُ الْمَنْعَ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَهُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي نُسْخَةٍ بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ فَهُوَ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى الْإِجَارَةِ أَيْ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَيْعُ مُشْتَرٍ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا، فَالْبَيْعُ أَوْلَى فَالصَّوَابُ نُسْخَةُ الْمُضَارِعِ مَجْزُومًا أَوْ مَرْفُوعًا لِمُوَافَقَتِهَا مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مَا اشْتَرَاهُ بِخِيَارِهِ قَبْلَ إخْبَارِ الْبَائِعِ بِاخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ إنْ حَضَرَ أَوْ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ إنْ غَابَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَنَازَعَهُ الْبَائِعُ (فَهَلْ يُصَدَّقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ فِي دَعْوَاهُ (أَنَّهُ) كَانَ (اخْتَارَ) الْإِمْضَاءَ (بِيَمِينٍ) وَهَذَا لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (أَوْ) لَا يُصَدَّقُ وَ (لِرَبِّهَا) أَيْ بَائِعِ السِّلْعَةِ (نَقْضُهُ) أَيْ فَسْخُ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لِتَعَدِّيهِ بِهِ وَأَخْذِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَتِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) الْحَطّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: فَإِنْ بَاعَ فَإِنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ وَرَبُّ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 128 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَطَرَحَ سَحْنُونٌ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ: إنَّمَا فِي الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّهَمُ أَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْت سِلْعَتِي وَمَا فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي. وَأَمَّا نَقْضُ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُبْتَاعِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ، فَلَوْ نَقَضَ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَ السِّلْعَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي " ق "، وَبِهِ شَرْحُ الْخَرَشِيِّ أَوَّلًا وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ لَتَنَزَّلَ عَلَى هَذَا. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالرِّوَايَاتِ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُحَقِّقْهَا الْبَائِعُ، وَقَيَّدَ الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ قَوْلَهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ فَقَالَا: يُرِيدُ لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: وَاحْتَرَزَا بِذَلِكَ مِمَّا إذَا لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَالْمُوَضِّحُ كَانَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ رَأَى أَنَّ قَوْلَهُ، وَكَذَّبَهُ يُنَاسِبُ أَنَّهَا دَعْوَى مُحَقَّقَةٌ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: وَلَا يَبِيعُ مُشْتَرٍ قَبْلَ مُضِيِّهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَيْسَ بِاخْتِيَارٍ، وَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهُ بِيَمِينٍ إنْ كَذَّبَهُ رَبُّهَا لِعِلْمٍ يَدَّعِيهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ أَوْ لِرَبِّهَا رَدُّ الْبَيْعِ أَوْ لَهُ الرِّبْحُ فَقَطْ أَقْوَالٌ. الثَّانِي: فِي الرِّوَايَةِ إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْت قَبْلَ أَنْ أَخْتَارَ فَالرِّبْحُ لِرَبِّهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ، وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ. الثَّالِثُ: قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا الْمَسْأَلَةَ بِالْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا فِيهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ. الرَّابِعُ: اللَّخْمِيُّ لَوْ فَاتَ مَبِيعُ الْمُبْتَاعِ وَالْخِيَارُ لِبَائِعِهِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنَيْنِ وَالْقِيمَةُ وَعَكْسُهُ فَلِلْمُبْتَاعِ الْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ. الْخَامِسُ: إنْ قِيلَ: إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَلِمَ لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ يَقُولُ: أَنَا أَخْتَارُ الْآنَ عَلَى تَسْلِيمِ عَدَمِ اخْتِيَارِي قَبْلُ فَجَوَابُهُ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا بَيْعَهُ مَنْزِلَةَ اخْتِيَارِهِ رَدَّهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَظَهَرَ جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَهُ وَبَاعَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 129 وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ، وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ. . وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ؛ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ وَلِوَارِثٍ. وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ.   [منح الجليل] وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَانْقَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَلَا يُعَارَضُ قَوْلُهُمْ تَلْزَمُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ لِأَنَّهَا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ قَالَهُ " د ". . (وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ مُكَاتَبٌ بِخِيَارِهِ وَعَجَزَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (انْتَقَلَ) الْخِيَارُ (لِسَيِّدِ) شَخْصٍ (مُكَاتَبٍ) بَائِعٍ أَوْ مُبْتَاعٍ بِخِيَارٍ لَهُ (عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَتِهِ زَمَنَ خِيَارِهِ، وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَرُقَّ لِبَقَاءِ حَقِّهِ وَلَا يَبْقَى بِيَدِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَفَلَّسَ أَوْ مَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ انْتَقَلَ (لِ) شَخْصٍ (غَرِيمٍ) أَيْ رَبِّ دَيْنٍ (أَحَاطَ دَيْنَهُ) بِمَالِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ بِخِيَارٍ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ. وَشَرْطُ اخْتِيَارِ الْغَرِيمِ الْأَخْذُ كَوْنُهُ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَأَوْفَرَ لِتَرِكَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، زَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَوْنَ الرِّبْحِ لِلْمَيِّتِ وَالنَّقْصِ عَلَى الْغَرِيمِ، قَالَ: فَإِنْ اخْتَارُوا الرَّدَّ وَالْأَخْذُ أَرْجَحُ فَلَا يُجْبَرُونَ. (وَ) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِخِيَارِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَالْكَلَامُ فِيهِ لِغُرَمَائِهِ وَ (لَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) لِلْمُشْتَرِي فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَ) الْوَارِثُ الْمَبِيعَ (بِمَالِهِ) أَيْ الْوَارِثِ بَعْدَ رَدِّ الْغُرَمَاءِ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِلْبَائِعِ فَيُمَكَّنُ مِنْ الْأَخْذِ (وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلِ اخْتِيَارِهِ انْتَقَلَ خِيَارُ الْمَيِّتِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي بِخِيَارِهِ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِهِ (لِوَارِثٍ) وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ مُتَّفَقٍ. قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَالْوَصِيُّ مَعَ الْكَبِيرِ كَوَارِثٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَوْصِيَاءُ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ. . (وَ) إنْ تَعَدَّدَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَانْتَقَلَ الْخِيَارُ لَهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِجَازَةِ وَالرِّدَّةِ فَ (الْقِيَاسُ) عِنْدَ أَشْهَبَ وَهُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي حُكْمِهِ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي عِلَّتِهِ عِنْدَ الْحَامِلِ وَإِنْ خَصَّ بِالصَّحِيحِ حَذْفَ الْأَخِيرِ قَالَهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَخَبَرُ الْقِيَاسِ (رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ الْبَاقِي وَهُوَ الْمُجِيزُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ (إنْ رَدَّ) بَيْعَهُ (بَعْضُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ فَيُجْبَرُ الْمُجِيزُ عَلَى الرَّدِّ مَعَ مَنْ رَدَّ لِانْتِقَالِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 130 إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ. وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ؟ .   [منح الجليل] حِصَّةِ الرَّادِّ لِلْبَائِعِ بِمُجَرَّدِ الرَّدِّ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَبْعِيضُ الصَّفْقَةِ وَلَا بَيْعُ نَصِيبِ مَنْ رَدَّ لِمَنْ أَجَازَ وَمُوَرِّثُهُمْ إنَّمَا كَانَ لَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ رَدُّ الْجَمِيعِ فَقِيَاسُهُمْ عَلَيْهِ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ بِجَامِعِ ضَرَرِ التَّبْعِيضِ. وَفِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ أَشْهَبُ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ سِلْعَةً بِخِيَارٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ فَاخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَرُدُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَخْتَارُ الْإِمْضَاءَ فَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ لِأَنَّ الَّذِي وَرِثُوا عَنْهُ الْخِيَارَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ بَعْضِ السِّلْعَةِ وَقَبُولُ بَعْضِهَا، بَلْ إذَا رَدَّ الْبَعْضُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مُوَرِّثِهِمْ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ عِنْدَ رَدِّ بَعْضِهِمْ أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ اهـ. (وَالِاسْتِحْسَانُ) عِنْدَهُ أَيْضًا وَهُوَ مَعْنَى يَنْقَدِحُ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى دَلِيلُ الْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ لَا نَفْسُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَذْكُرُهُ وَهُوَ هُنَا (أَخْذُ) الْوَارِثِ (الْمُجِيزِ) شِرَاءَ مُوَرِّثِهِ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مُوَرِّثُهُ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ الْمُوَرِّثِ فَإِنْ أَبَى أَخْذَ الْجَمِيعِ جُبِرَ عَلَى الرَّدِّ مَنْ رَدَّ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نَصِيبِهِ فَقَطْ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ. . (وَ) إنْ بَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَأَجَازَ بَيْعَهُ بَعْضُ وَرَثَتِهِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ فَ (هَلْ وَرَثَةُ) الشَّخْصِ (الْبَائِعِ) شَيْئًا بِخِيَارِهِ وَمَاتَ فِي زَمَنِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ الْمُخْتَلِفُونَ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ (كَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْمُخْتَلِفِينَ فِيهِمَا فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِيهِمْ. الْحَطّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ، لَكِنْ يَنْزِلُ الرَّادُّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 131 تَأْوِيلَانِ وَإِنْ جُنَّ نَظَرَ السُّلْطَانُ. وَنُظِرَ الْمُغْمَى، وَإِنْ طَالَ فُسِخَ.   [منح الجليل] وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُدْخِلٌ السِّلْعَةَ فِي مِلْكِهِ وَيَنْزِلُ الْمُجِيزُ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مُخْرِجٌ السِّلْعَةَ مِنْ مِلْكِهِ فَيُقَالُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْمُجِيزِ، فَيَلْزَمُ الرَّادَّ الْإِجَازَةُ فِي حِصَّتِهِ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ وَهُوَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ثَمَنِ نَصِيبِهِ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ وَيَدْفَعُ لِلْمُجِيزِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَيْسَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ فَلَيْسَ لِمَنْ رَدَّ أَخْذُ نَصِيبِ الْمُجِيزِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَيْ الْمُشْتَرِي لَا لِلْوَارِثِ، بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُجِيزَ مِنْهُمْ يَقُولُ لِلْبَائِعِ: أَنْتَ رَضِيت بِإِخْرَاجِ سِلْعَتِكَ لِمُوَرِّثِي بِهَذَا الثَّمَنِ وَأَنَا قَائِمٌ مَقَامَهُ فِي دَفْعِهِ لَكَ، وَلَا يُمْكِنُ الرَّادُّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا لِمَنْ صَارَ لَهُ نَصِيبُ الْمُجِيزِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي غَيْرِ الْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. . (وَإِنْ) بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَ (جُنَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ وَعُلِّمَ بِعَلَامَةٍ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ زَمَنٍ طَوِيلٍ يَضُرُّ بِالْعَاقِدِ الْآخَرِ (نَظَرَ، السُّلْطَانُ) أَيْ ذُو السَّلْطَنَةِ وَالْحُكْمِ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ نَائِبَهُ فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ أَوْ رَدٍّ. فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ جُنَّ فَأُطْبِقَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالْخِيَارُ لَهُ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَنْظُرُ فِي الْأَخْذِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ يُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ يَرَى مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ مَنْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ. . (وَ) إنْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ شَخْصٌ بِخِيَارِهِ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (نُظِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اُنْتُظِرَ الشَّخْصُ (الْمُغْمَى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ خِيَارِهِ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ حَتَّى يُفِيقَ وَيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَتْ إفَاقَتُهُ عَنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ حَتَّى يَضُرَّ بِالْآخَرِ (وَإِنْ طَالَ) زَمَنُ إغْمَائِهِ بَعْدَ زَمَنِ الْخِيَارِ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبَيْعُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ ثُمَّ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ إغْمَاؤُهُ أَيَّامًا فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ، خِلَافَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَإِنَّمَا الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 132 وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ، إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ، وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ، بِخِلَافِ الْوَلَدِ، وَالضَّمَانُ مِنْهُ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ.   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ وَلَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا بِالطُّولِ الزَّائِدِ عَلَى أَمَدِ الْخِيَارِ لِأَنَّ أَيَّامَهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا كَانَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَفَاقَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ اخْتَارَ فِي الْيَوْمِ الْبَاقِي وَيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى أَنْ يُؤَامِرَ نَفْسَهُ ثَلَاثًا وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي زِيَادَةِ يَوْمَيْنِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ الرَّدُّ وَالْإِجَازَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ زَوَالِهَا إلَّا الرَّدُّ. الْحَطّ وَهَلْ الْمَفْقُودُ كَالْمُغْمَى أَوْ كَالْمَجْنُونِ قَوْلَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الثَّانِي. . (وَالْمِلْكُ) لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ (لِلْبَائِعِ) فَالْإِمْضَاءُ نَقْلُ مِلْكٍ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لَا تَقْرِيرٌ. وَقِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ فَالْإِمْضَاءُ تَقْرِيرٌ لَا نَقْلٌ، لَكِنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ، فَلِذَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِاتِّفَاقِهِمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ (وَمَا) أَيْ الْمَالُ الَّذِي (يُوهَبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ (لِلْعَبْدِ) الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلَهُ مَا يُوهَبُ زَمَنَهُ (وَالْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ أَيَّامَ الْخِيَارِ لِلْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْضٍ وَلَبَنٍ وَأُجْرَةِ عَمَلٍ لِلْبَائِعِ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ) عَلَى مَبِيعٍ بِخِيَارٍ زَمَنَهُ (لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ، أَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ. (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) الَّذِي تَلِدُهُ الْأُنْثَى الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ زَمَنَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ لَا غَلَّةٌ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ (وَالضَّمَانُ) لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ فِيهِ (مِنْهُ) أَيْ الْبَائِعِ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُظْهِرْ كَذِبَ الْمُشْتَرِي أَوْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَثَبَتَ تَلَفُهُ بِبَيِّنَةٍ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُ مِنْ بَائِعِهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ بَائِعُهُ فِي دَعْوَاهُ (حَلَفَ) شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِخِيَارٍ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ أَوْ تَلَفَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَّهَمًا كَانَ أَمْ لَا. وَقِيلَ: إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ بِأَنْ يَقُولَ: لَقَدْ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ أَخْتَارَ وَمَا فَرَّطْت، وَيَقُولُ غَيْرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 133 إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ يُغَابَ عَلَيْهِ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ،   [منح الجليل] الْمُتَّهَمِ: مَا فَرَّطْت فَقَطْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى تَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ الزَّمَنِ الَّذِي ادَّعَى التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ فِيهِ، أَوْ بِإِيدَاعِهِ أَوْ بَيْعِهِ وَتَكْذِيبِ مَنْ اسْتَشْهَدَهُ عَلَى مُعَايَنَةِ تَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَيَضْمَنُ عِوَضَهُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى مَوْتُهُ فِيهِ سُئِلَ عَنْهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْإِبَاقِ فَيُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ، فَإِنَّ قِيَامَهَا عَلَيْهِ مُتَعَذِّرٌ إذْ الْعَبْدُ لَا يُرْصَدُ لِإِبَاقِهِ إلَّا الْخَلْوَةَ قَوْلُهُ حَلَفَ مُشْتَرٍ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَتَنَازَعَا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ هَلْ هَلَكَتْ فِيهِ وَبَعْدَهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَهُ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِخِيَارٍ لَهُ فَهَلَكَ فَقَالَ: هَلَكَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ وَقَالَ الْبَائِعُ: بَعْدُ صُدِّقَ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ طَلَبَ نَقْضَ الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ. الشَّيْخُ يَعْنِي وَاتَّفَقَا عَلَى مُضِيِّ الْأَمَدِ فَلَوْ قَالَ الْمُبْتَاعُ: لَمْ يَنْقَضِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَرَادَ تَضْمِينَهُ. وَعَطَفَ عَلَى يَظْهَرُ فَقَالَ: (أَوْ يُغَابُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ بِأَنْ يُمْكِنَ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ سَالِمًا كَثَوْبٍ فَيَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِضَيَاعِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَتَفْرِيطِهِ فِيهَا إنْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ بِيَمِينِهِ كَانَ يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَضَمِنَ) الشَّخْصُ (الْمُشْتَرِي) بِخِيَارِ مَا أَتْلَفَهُ أَوْ ضَيَّعَهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (إنْ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الشَّخْصُ (الْبَائِعُ) أَيْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لَهُ وَمَفْعُولُ ضَمِنَ (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّ لَهُ اخْتِيَارَ الْإِمْضَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ، وَالرَّدَّ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ. الْبِسَاطِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ اسْتِفْسَارُهُ قَبْلَ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَمْضَى فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ رَدَّ فَلَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 134 إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَالثَّمَنُ كَخِيَارِهِ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ. . وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا فَرَدٌّ، وَخَطَأً، فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ. وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ   [منح الجليل] الْقِيمَةُ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَتَفْرِيطِهِ (فَالثَّمَنُ) يَضْمَنُهُ دُونَ الْقِيمَةِ الزَّائِدَةِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ أَوْ تَسَاوَيَا غَرِمَ الثَّمَنَ بِلَا يَمِينٍ. وَشَبَّهَ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ فَقَالَ (كَ) : تَلَفِ أَوْ ضَيَاعِ مَا فِي (خِيَارِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي فَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ غَرِمَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنَ فَبِدُونِ يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَبَعْدَ يَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي ضَمَانِ الثَّمَنِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ: (وَكَغَيْبَةِ) شَخْصٍ (بَائِعٍ) عَلَى مَبِيعِهِ بِخِيَارٍ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ (وَالْخِيَارُ) مَشْرُوطٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْبَائِعِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَضْمَنُ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِقُوَّةِ تَصَرُّفِهِ بِمِلْكِهِ وَضَمَانِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا بَعْدَ حَلِفِهِ لَقَدْ ضَاعَ أَوْ تَلِفَ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ. اهـ. أَيْ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَمَفْهُومُ وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى. . (وَإِنْ جَنَى) شَخْصٌ (بَائِعٌ) عَلَى مَبِيعِهِ زَمَنَ الْخِيَارِ (وَالْخِيَارُ) مَشْرُوطٌ (لَهُ) أَيْ الْبَائِعِ وَجَنَى (عَمْدًا) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَ) عَمْدُهُ (رَدٌّ) لِلْبَيْعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ رَدًّا لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّهِ سَالِمًا فَرَدُّهُ لِلْبَائِعِ بِوَاسِطَةِ تَعْيِيبِهِ الْمَبِيعَ لَا يَصْدُرُ مِنْ عَاقِلٍ (وَ) إنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ (خَطَأً) فَلَهُ إمْضَاءُ الْبَيْعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي لِأَنَّ جِنَايَتَهُ خَطَأً لَيْسَتْ رَدًّا لِلْبَيْعِ لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَيْهِ لِمُنَافَاةِ الْخَطَأِ لِقَصْدِ الْفَسْخِ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ (فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ) بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ زَمَنَ الْخِيَارِ كَالْقَدِيمِ. (وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لَهُ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 135 فِيهِمَا، وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَتَعَمَّدَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ أَوْ أَخْذُ الْجِنَايَةِ. وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ، وَإِنْ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَخْذُهُ نَاقِصًا، أَوْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ. وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ.   [منح الجليل] فِيهِمَا) أَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَإِنْ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (غَيْرُهُ) أَيْ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي (وَتَعَمَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ تُتْلِفْهُ (فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ) لِلْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالنَّقِيصَةِ (أَوْ) إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ) وَهُوَ مَا حَدَّهُ الشَّارِعُ كَنِصْفِ عُشْرِ الْقِيمَةِ فِي الْمُوضِحَةِ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى وَالْعُشْرُ وَنِصْفُهُ فِي مُنَقِّلَتِهِمَا، وَالثُّلُثُ فِي الْآمَّةِ أَوْ الْجَائِفَةِ. وَإِنْ بَرِئْنَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَمَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا عَنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُسَمًّى. إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ. وَاسْتُشْكِلَ أَخْذُ الْمُشْتَرِي أَرْشَ جِنَايَةِ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ وَمَضْمُونِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ فَكَأَنَّ الْبَائِعَ جَنَى عَلَى مَا لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حَقٌّ وَأَجَابَ " د بِاتِّهَامِ الْبَائِعِ عَلَى قَصْدِ الرَّدِّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ. . (وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِخِيَارٍ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ فِي زَمَنِهِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (ضَمِنَ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ لِحُجَّةِ الْمُشْتَرِي بِاخْتِيَارِ الرَّدِّ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَالْقِيمَةِ إذْ لِلْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَافَقَ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنْ رَدَّ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ أَجَازَ ضَمِنَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ (وَإِنْ أَخْطَأَ) الْبَائِعُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ تَتْلَفْ وَهُوَ لِغَيْرِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (أَخْذُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ حَالَ كَوْنِهِ (نَاقِصًا) بِلَا أَخْذِ أَرْشٍ مِنْ الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَ لِهَادِيهِ مَقْدِرَةٌ، وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ لِجِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِهِ لِعُذْرِهِ بِالْخَطَأِ (أَوْ رَدَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ لِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي وَخِيَارِ النَّقْصِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ عَلَيْهَا خَطَأً وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ. . (وَإِنْ جَنَى) شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) عَلَى شَيْءٍ مَبِيعٍ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ (وَالْخِيَارُ) مَشْرُوطٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 136 وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا، وَخَطَأً فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ، وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَجَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ. فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ. .   [منح الجليل] لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (وَلَمْ يُتْلِفْهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الذَّاتَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهَا (عَمْدًا فَهُوَ) أَيْ فِعْلُ الْمُشْتَرِي (رِضًا) بِالشِّرَاءِ (وَ) إنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ (خَطَأً فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي (وَ) دَفَعَ أَرْشَ (مَا نَقَصَ) لِبَائِعِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ فِي مَالِ الْغَيْرِ، وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ مَعِيبًا بِلَا أَرْشٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَنَى عَلَى مِلْكِهِ، وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ. الْمُصَنِّفُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ لِلْبَائِعِ إنْ تَمَاسَكَ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَضَمَانِهِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ بِبِنَائِهِ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ وَالْأَوْلَى وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِيَشْمَلَ أَرْشَ نَحْوِ الْمُوضِحَةِ. (وَإِنْ أَتْلَفَهَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الذَّاتَ الَّتِي جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ خِيَارِهِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الثَّمَنَ) لِلْبَائِعِ (وَإِنْ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (غَيْرُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (وَجَنَى) الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ (عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ بِمَا لَهُ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي رَدُّ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ أَوْ) إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ (الثَّمَنِ) ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِيهِمَا، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ وتت وَمَنْ تَبِعَهُمَا، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ " ح " عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي الْخَطَأِ بَيْنَ دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ وَتَرْكِهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ. . (وَإِنْ تَلِفَتْ) الذَّاتُ بِجِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ إذْ لِلْبَائِعِ إمْضَاؤُهُ الْقِيمَةَ إذْ لَهُ رَدُّهُ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ وَوَافَقَ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَالرَّدَّ، وَإِلْزَامُهُ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ مَشْرُوطًا لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي غُلِّبَ جَانِبُ الْبَائِعِ. ابْنُ عَرَفَةَ جِنَايَةُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأً لَغْوٌ، فَإِنْ رَدَّ غَرِمَ نَقْصَ الْقَلِيلِ وَفِي غُرْمِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 137 وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ. وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا،   [منح الجليل] لِلْمُفْسِدِ ثَمَنُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، ثَالِثُهَا أَقَلُّهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَوْ قِيلَ: لَكَانَ وَجْهًا، ثُمَّ قَالَ: وَجِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأً تُوجِبُ تَخْيِيرَ الْمُبْتَاعِ، وَعَمْدًا فِي كَوْنِهَا دَلِيلَ رَدِّهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، ثُمَّ قَالَ: وَجِنَايَتُهُ أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ خَطَأً كَأَجْنَبِيٍّ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْجِنَايَةِ وَالثَّمَنِ لَا أَعْرِفُهُ وَيَضُرُّ بِالْمُبْتَاعِ وَعَمْدًا لِلْبَائِعِ إلْزَامُهُ الْبَيْعَ أَوْ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَجِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ بِقَتْلٍ خَطَأً فَسْخٌ، وَعَمْدًا يَلْزَمُهُ فَضْلُ قِيمَتِهِ عَلَى ثَمَنِهِ وَبِنَقْصٍ خَطَأً لَغْوٌ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ، وَعَمْدًا لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ اهـ. . (وَإِنْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (أَحَدَ ثَوْبَيْنِ) مَثَلًا غَيْرَ مُعَيِّنٍ (وَقَبَضَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَيْنِ (لِيَخْتَارَ) أَيْ يُعَيِّنَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا مِنْهُمَا لِلشِّرَاءِ وَيَرُدَّ الْآخَرَ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بَيْنَ إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ (فَادَّعَى) الْمُشْتَرِي (ضَيَاعَهُمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ مَعًا بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ، أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي يَضْمَنُ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ وَلَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ. الرَّجْرَاجِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ ضَمَانُهُ ضَمَانُ تُهْمَةٍ أَوْ أَصَالَةٍ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (وَاحِدًا) مِنْهُمَا (بِالثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنُ الثَّمَنَ خَاصَّةً (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِوَاحِدٍ إلَّا لِقَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِإِيهَامِهِ ضَمَانَ الْآخَرِ بِالْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِإِلْزَامٍ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي وَلَزِمَهُ نِصْفُ التَّالِفِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا بِالثَّمَنِ إنْ لَمْ يَسْأَلْ الْبَائِعَ إقْبَاضَهُمَا، بَلْ (وَلَوْ سَأَلَ) الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (فِي إقْبَاضِهِمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ لَهُ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِهِ الثَّانِي الَّذِي فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ تَطَوُّعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا لَهُ فَيَضْمَنُ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ، وَبَيْنَ سُؤَالِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 138 أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي   [منح الجليل] الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُمَا فَيَضْمَنُهُمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الْبُنَانِيُّ. وَالظَّاهِرُ عَلَى الثَّانِي ضَمَانُ الثَّانِي بِالثَّمَنِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَرْدُودَ بِوَلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي قَوْلِهِ كَخِيَارِهِ هُوَ الضَّمَانُ بِالثَّمَنِ، وَأَنَّ الْقَائِلَ يَضْمَنُ الْأَقَلَّ بَعْدَ حَلِفِهِ هُوَ أَشْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَوْ) ادَّعَى (ضَيَاعَ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (نِصْفَهُ) أَيْ الضَّائِعِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الضَّائِعِ الْمَبِيعَ أَوْ غَيْرَهُ فَضَمِنَ النِّصْفَ عَمَلًا بِالِاحْتِمَالَيْنِ، وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ضَمَانَهُ إنْ كَانَ لِلتُّهْمَةِ فَكَانَ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ لِاسْتِحَالَةِ تُهْمَتِهِ فِي نِصْفِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَلَا يَضْمَنُ نِصْفَهُ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ شَرْطَ إيجَابِ تُهْمَتِهِ ضَمَانَهُ كَوْنُهَا فِي مُشْتَرًى لَهُ وَمُشْتَرَاهُ أَحَدَهُمَا مُبْهَمًا فَفُضَّ عَلَيْهِمَا، فَكَانَ مُشْتَرَاهُ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَصَارَ كَثَوْبَيْنِ أَحَدُهُمَا مُشْتَرًى بِخِيَارٍ وَالْآخَرُ وَدِيعَةٌ ادَّعَى تَلَفَهُمَا (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (اخْتِيَارُ) جَمِيعِ الثَّوْبِ (الْبَاقِي) وَلَهُ رَدُّهُ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِ الْبَاقِي عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنَّمَا لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِ الْبَاقِي وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَإِذَا اخْتَارَ جَمِيعَ الْبَاقِي لَزِمَ كَوْنُ الْمَبِيعِ ثَوْبًا وَنِصْفًا وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ، وَبِمِثْلِهِ يُقْتَنَعُ فِي الْأُمُورِ الظَّنِّيَّةِ، وَفِي اخْتِيَارِ نِصْفِهِ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فَلَا يُرْتَكَبُ، فَإِنْ قَالَ: اخْتَرْت الْبَاقِي ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ فَلَا يُصَدَّقُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 139 كَسَائِلٍ دِينَارًا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ، فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ،.   [منح الجليل] قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَإِنْ قَالَ: اخْتَرْ التَّالِفَ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ وَأَشْعَرَ ذِكْرُهُ ثَوْبَيْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى ضَيَاعِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ كَقَبْضِهِ عَبْدَيْنِ لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِمَا، أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَخُيِّرَ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْبَاقِي وَرَدِّهِ، وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ ثُمَّ أَرَادَ الِاخْتِيَارَ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهَا فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلِلْمُبْتَاعِ أَخْذُ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّيَا فِيمَا قَرُبَ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَإِنْ مَضَتْ وَتَبَاعَدَتْ فَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ أَحَدِهِمَا أَوْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا اهـ. أَبُو الْحَسَنِ الْقُرْبُ يَوْمَانِ وَالْبُعْدُ ثَلَاثَةٌ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ، " ح " وَمَفْهُومُ ثَوْبَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ كَعَبْدَيْنِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَضَاعَا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ كَانَا عَبْدَيْنِ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ اهـ. وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ فَقَالَ: (كَ) شَخْصٍ (سَائِلٍ) أَيْ طَالِبٍ مِنْ آخَرَ (دِينَارًا) قَرْضًا أَوْ قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ (فَيُعْطَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ السَّائِلُ (ثَلَاثَةً) مِنْ الدَّنَانِيرِ لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا لِنَفْسِهِ وَيَرُدَّ اثْنَيْنِ (فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ) مِنْ الدَّنَانِيرِ الثَّلَاثَةِ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، زَادَ سَحْنُونٌ فِي الْأُمَّهَاتِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ تَلَفَ الدِّينَارَيْنِ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ، وَأَسْقَطَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَاعْتَرَضَهُ عَلَى سَحْنُونٍ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يُعْلَمَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الثِّيَابِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لُزُومُهُ فِي الدَّنَانِيرِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 140 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِالْعَقْدِ وَالْمُرَتَّبُ بِاخْتِيَارِ تَعْيِينِهِ لَا لُزُومِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ أَحَدَهُمَا وَالدَّنَانِيرُ لَمْ يَجِبْ لَهُ أَحَدُهَا مِنْ حَيْثُ هُوَ أَحَدُهَا بِمُجَرَّدِ قَبْضِهَا لِتَوَقُّفِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْهَا عَلَى كَوْنِهِ وَازِنًا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 141 فَيَكُونُ شَرِيكًا. وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا، فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ، وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَهُمَا بِيَدِهِ، وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ.   [منح الجليل] فَيَكُونُ) قَابِضُ الدَّنَانِيرِ (شَرِيكًا) فِيهَا لِدَافِعِهَا (بِالثُّلُثِ) فِي السَّالِمِ وَالتَّالِفَيْنِ فَلَهُ ثُلُثُ السَّالِمِ، وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الدَّافِعُ فِي تَلَفِ الِاثْنَيْنِ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يَضْمَنُ الثُّلُثَيْنِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُمَا فَإِنْ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ يَزِنَهَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا طِيبًا وَازِنًا أَخَذَهُ وَإِلَّا رَدَّ جَمِيعَهَا وَزَعَمَ تَلَفَهَا أَوْ بَعْضِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِهِ وَإِنْ قَبَضَهَا رَهْنًا عِنْدَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ضَمِنَهَا كُلَّهَا إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الضَّيَاعَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ بِيَمِينٍ (وَإِنْ كَانَ) أَيْ الشَّخْصُ اشْتَرَاهُمَا مَعًا عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِمَا خِيَارَ التَّرَوِّي وَقَبَضَهُمَا (لِيَخْتَارَهُمَا) لِلشِّرَاءِ مَعًا أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا (فَكِلَاهُمَا) أَيْ الثَّوْبَيْنِ (مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ) أَيْ الثَّوْبَانِ الْمُشْتَرِي (بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) لِلْخِيَارِ (وَهُمَا) أَيْ الثَّوْبَانِ (بِيَدِ) هـ أَيْ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُمَا بِيَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ شَيْءٌ. وَإِنْ كَانَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَهُمَا مَعًا بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُمَا بِهِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَالْمُذَاكِرِينَ لَوْ كَانَ الْهَالِكُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَزِمَاهُ جَمِيعًا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ. ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهَ أَوْ التَّبَعَ لِأَنَّ ضَمَانَهُ بِثَمَنِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَيْسَ يَحْتِمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ حَتَمْنَا ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ التَّبَعِ (وَ) إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ (فِي اللُّزُومِ) أَيْ بِهِ لَا بِالْخِيَارِ (لِأَحَدِهِمَا) وَمَضَتْ أَيَّامُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ أَوْ الْبَائِعِ (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَبِيعٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ فَوَجَبَ كَوْنُهُ شَرِيكًا فِيهِمَا وَكَذَا إنْ ضَاعَا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْإِيجَابِ فَضَاعَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَمَا تَلِفَ بَيْنَهُمَا وَمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 142 وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. .   [منح الجليل] بَقِيَ بَيْنَهُمَا، وَسَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا، وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ الثَّوْبِ الْبَاقِي كُلِّهِ وَلَوْ ذَهَبَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا هُوَ فَوَجَبَ كَوْنُهُ شَرِيكًا فِيهِمَا. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. أَبُو الْحَسَنِ شِرَاءُ الثَّوْبَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا بِخِيَارٍ وَحْدَهُ أَوْ بِاخْتِيَارٍ وَحْدَهُ، وَإِمَّا بِخِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَيَمْضِي أَيَّامَ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُ وَيَنْقُضُ الْبَيْعَ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ. (أَوْ) إنْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا لِيَخْتَارَهُ وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (فِي الِاخْتِيَارِ) فَمَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا وَهُمَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَ (لَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ (شَيْءٌ) مِنْهُمَا إذْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ. الْحَطّ ابْنُ يُونُسَ بِأَثَرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَهُوَ بِخِلَافِ شِرَائِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى غَيْرِ إلْزَامٍ، فَإِذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ إذْ بِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى إيجَابِ أَخْذٍ فَيُشَارِكُ، فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي شِرَائِهِمَا يَلْزَمَانِهِ، وَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا بِإِيجَابٍ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ، وَفِي أَخْذِهِ عَلَى الْخِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى وَفِي الِاخْتِيَارِ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الثَّوْبَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا خِيَارٌ وَاخْتِيَارٌ أَوْ خِيَارٌ فَقَطْ أَوْ اخْتِيَارٌ فَقَطْ، وَيُنْظَرُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِي ضَيَاعِهِمَا مَعًا، وَفِي ضَيَاعِ أَحَدِهِمَا وَفِي مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَهُمَا بَاقِيَانِ بِيَدِهِ، فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ، الْأُولَى: الْخِيَارُ وَالِاخْتِيَارُ أَشَارَ إلَى حُكْمِ ضَيَاعِ الثَّوْبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِيهَا بِقَوْلِهِ إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ يُرِيدُ بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا إلَى قَوْلِهِ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي، وَأَشَارَ إلَى حُكْمِ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ فِيهَا بِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ الْخِيَارُ الْمُجَرَّدُ، فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَ فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُمَا بِيَدِهِ، وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ: وَهِيَ الِاخْتِيَارُ الْمُجَرَّدُ بِقَوْلِهِ وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 143 وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ فَيَجِدُهَا بِكْرًا.   [منح الجليل] النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ سَوَاءٌ ضَاعَا مَعًا أَوْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَقِيَا حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ الْمَعْلُومُ مِنْ السِّيَاقِ أَيْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ لِبَائِعِهِ (بِ) سَبَبِ (عَدَمِ) وُجُودِ وَصْفٍ (مَشْرُوطٍ) وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَهُ (فِيهِ غَرَضٌ) صَحِيحٌ بِإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَالضَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ سَوَاءٌ كَانَ يَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ كَكَوْنِ الْأَمَةِ طَبَّاخَةً وَلَمْ تُوجَدْ كَذَلِكَ أَوْ لَا (كَ) شَرْطِ (ثَيِّبٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ كَوْنِ الْأَمَةِ ثَيِّبًا (لِيَمِينٍ) مِنْ مُشْتَرِيهَا أَنَّهُ لَا يَطَأُ بِكْرًا (فَيَجِدُهَا بِكْرًا) فَلَهُ رَدُّهَا لِبَائِعِهَا وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْيَمِينِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ وَجْهٍ، كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا نَصْرَانِيَّةً لِيُزَوِّجَهَا لِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ الثَّابِتِ فَيَجِدُهَا مُؤْمِنَةً. وَالْفَرْقُ خَفَاءُ الْيَمِينِ غَالِبًا، وَفِي تَمْثِيلِ " غ " وتت بِحَلِفِهِ لَا يَمْلِكُ بِكْرًا نُظِرَ لِحِنْثِهِ بِمُجَرَّدِ شِرَاءِ الثَّيِّبِ وَلَوْ فَاسِدًا وَلَوْ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ، بِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لِلْحِنْثِ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّدِّ قَالَهُ عِبْ. الْبُنَانِيُّ تَعْبِيرُهُمَا بِأَنْ لَا يَمْلِكَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَصْلُهَا فِي الْبَيَانِ عَنْ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ، وَنَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ: كُتِبَ إلَيَّ مِنْ فَاسَ بِمَسَائِلَ مِنْهَا رَجُلٌ ابْتَاعَ جَارِيَةً وَشَرَطَهَا ثَيِّبًا فَأَلْفَاهَا بِكْرًا فَأَرَادَ رَدَّهَا هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَيْت إنْ كَانَ شَرَطَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ لِوَجْهٍ يَذْكُرُهُ مَعْرُوفٍ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ افْتِضَاضًا، وَشِبْهُ ذَلِكَ مِنْ الْعُذْرِ الظَّاهِرِ الْمَعْرُوفِ فَلَهُ رَدُّهَا وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا فِي الْوَاضِحَةِ اهـ. طفي فَقَوْلُ عج فِي التَّمْثِيلِ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ يَحْنَثُ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي فَاشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقِيَاسُهُ غَيْرُ صَوَابٍ. اهـ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ فَاشْتَرَى فَاسِدًا وُجِدَتْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الشِّرَاءِ وَحَلَفَ هُنَا أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا وَاشْتَرَى بِشَرْطِ الثُّيُوبَةِ فَحَيْثُ انْتَفَى الشَّرْطُ فَلَا يَلْزَمُهُ الشِّرَاءُ فَلَمْ يَمْلِكْ بِكْرًا حَتَّى يَحْنَثَ، وَبِهَذَا يَرُدُّ مَا اُخْتِيرَ مِنْ الْحِنْثِ مَعَ الرَّدِّ جَمْعًا بَيْنَ الْمَنْصُوصِ، وَمَا لعج. وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ إنَّمَا ثَبَتَ خِيَارُهُ خَشْيَةَ حِنْثِهِ فَإِذَا حَنِثَ فَلَا مُوجِبَ لِخِيَارِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ لِوَجْهٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 144 وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ.   [منح الجليل] يَذْكُرُهُ مَعْرُوفٍ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْيَمِينِ كَمَا لَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِمَا وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ " ح " مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي الْيَمِينِ، وَإِذَا كَانَ شَرْطُ الثُّيُوبَةِ مَعْمُولًا بِهِ فَأَوْلَى شَرْطُ الْبَكَارَةِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَالْبَائِعُ أَنَّهُ وَجَدَهَا بِكْرًا نَظَرَهَا النِّسَاءُ، فَإِنْ قَطَعْنَ بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْنَ وَرَأَيْنَ أَثَرًا قَرِيبًا حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهَا بِكْرًا إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ إزَالَةَ الْمُشْتَرِي بَكَارَتَهَا فَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَرَيْنَ أَثَرًا حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهَا فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ بَعْدَ حَلِفِ الْبَائِعِ. وَيُرَدُّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ إنْ شَرَطَ صَرِيحًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُصَوِّرًا (بِمُنَادَاةٍ) مِنْ الدَّلَالِ مُسْتَنِدَةٍ لِزَعْمِ الرَّقِيقِ يَأْمَنُ مَنْ يَشْتَرِي مَنْ تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ مَثَلًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِعَدَمِهِ. " ح " أَشَارَ إلَى مَا فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الرَّدِّ بِالْعُيُوبِ. قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يَبِيعُ الْمِيرَاثَ فَيَبِيعُ الْجَارِيَةَ فَيُصَاحُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ الصَّائِحُ: إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شَرْطًا مِنْهُمْ إنَّمَا يَقُولُونَ أَنَّهَا تَزْعُمُ ثُمَّ يَجِدُهَا غَيْرَ عَذْرَاءَ فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا قَالَ: أَرَى ذَلِكَ، قِيلَ: لَهُ فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّا لَمْ نَشْرِطْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِأَمْرٍ زَعَمَتْهُ قَالَ: أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ يَكُونُوا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا فَأَمَّا إنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثُمَّ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ يَظُنُّ ذَلِكَ فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنَّهَا تَنْصِبُ الْقُدُورَ وَتَخْبِزُ وَيَقُولُونَ: إنَّهَا تَزْعُمُ وَلَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ، فَإِذَا هِيَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَإِنِّي أَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ لَا يُخْبِرُوا شَيْئًا، فَلَا أَرَى عَلَيْهِمْ شَيْئًا. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ مِثْلَ هَذَا فِي رَسْمِ الْبُيُوعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ، وَفِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ سَوَاءٌ قَالَ فِي الْجَارِيَةِ: أَبِيعُهَا عَلَى أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ عَلَى أَنَّهَا رَقَّامَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ أَوْ وَصَفَهَا بِذَلِكَ فَقَالَ: أَبِيعُهَا مِنْكَ وَهِيَ عَذْرَاءُ أَوْ رَقَّامَةٌ أَوْ صَنَّاعَةٌ أَوْ أَبِيعُهَا مِنْك وَهِيَ تَزْعُمُ أَنَّهَا عَذْرَاءُ أَوْ رَقَّامَةٌ أَوْ خَبَّازَةٌ ذَلِكَ كُلُّهُ كَالشَّرْطِ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا عَلَى صِفَةِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ قَالَتْ عِنْدَ بَيْعِهَا: إنِّي عَلَى صِفَةِ كَذَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا وَلَا تَبْرَأُ، فَقَدْ أَوْهَمَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِيمَا زَعَمَتْ فَكَأَنَّهُ قَدْ بَاعَ ذَلِكَ وَشَرَطَهُ لِلْمُبْتَاعِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الشَّرْطُ مِنْ الْوَصْفِ فِي النِّكَاحِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 145 لَا إنْ انْتَفَى وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ كَعَوَرٍ وَقَطْعٍ، وَخِصَاءٍ.   [منح الجليل] لَا) يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ (إنْ انْتَفَى) الْحَطّ كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْمُقَابِلَةِ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَالضَّمِيرُ الْغَرَضُ، وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ الْغَرَضِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ انْتَفَيَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ، فَإِنَّهُ يُلْغَى كَشَرْطِهِ فِي الْعَبْدِ أَنَّهُ أُمِّيٌّ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا. وَفِي الْأَمَةِ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَيَجِدُهَا بِكْرًا وَلَا عُذْرَ لَهُ لَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْغَرَضُ. الْحَطّ فِي السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ فِي التَّنْبِيهِ الرَّابِعِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ شَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ بِفَاسِدٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَفَاءِ بِهِ مَنْفَعَةٌ هَلْ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ أَمْ لَا كَتَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الَّتِي لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا نَقَلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ. . (وَ) رُدَّ الْمَبِيعُ (بِ) وُجُودٍ (مَا) أَيْ عَيْبٍ فِيهِ (الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) مُنَقِّصٌ لِلثَّمَنِ كَإِبَاقٍ وَسَرِقَةٍ أَوْ لِلذَّاتِ كَخِصَاءِ الْعَبْدِ أَوْ لِلتَّصَرُّفِ كَعُسْرٍ وَتَخَنُّثٍ أَوْ مَخُوفِ الْعَاقِبَةِ كَجُذَامِ أَصْلٍ (كَعَوَرٍ) وَأَوْلَى عَمَى وَالْمَبِيعُ غَائِبٌ أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يُبْصِرُ إنْ كَانَ ظَاهِرًا، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا وَلَوْ مَعَ حُضُورِهِ وَإِبْصَارِ مُشْتَرِيهِ وَذَهَابُ بَعْضِ نُورِ الْعَيْنِ كَذَهَابِهِ كُلِّهِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ السَّلَامَةَ مِنْهُ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْإِبَاقَ وَالسَّرِقَةَ وَلَوْ فِي صَغِيرٍ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي صَبِيٍّ يَأْبَقُ مِنْ الْكُتَّابِ ثُمَّ يُبَاعُ كَبِيرًا فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَيْبُ الرَّدِّ مَا نَقَصَ الثَّمَنَ كَعَوَرٍ وَبَيَاضِ عَيْنٍ وَصَمَمٍ وَخَرَسٍ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُرَدُّ صَغِيرٌ وُجِدَ أَصَمَّ أَوْ أَخْرَسَ، إلَّا أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي صِغَرِهِ. (وَقَطْعٍ) لِبَعْضِ الْجَسَدِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وَلَوْ لِأُصْبُعٍ. اهـ. الْحَطّ وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَلَوْ لِأُصْبُعٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَطْعَ دُونَ الْأُصْبُعِ خَفِيفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ عَيْبٌ. وَفِي الشَّامِلِ وَقَطْعٌ وَإِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ عَلَى الْمَنْصُوصِ. اهـ. الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُقَابِلَهُ تَخْرِيجٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَصٌّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ. (وَخِصَاءٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَالْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَالرَّتْقُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 146 وَاسْتِحَاضَةٍ، وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ وَعَسَرٍ،.   [منح الجليل] وَالْإِفْضَاءُ، زَادَ فِي الشَّامِلِ وَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِهِ أَيْ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَزِيَادَةِ ثَمَنِ الْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ فَتُرَدُّ وَإِنْ زَادَ ثَمَنُهَا قَالَهُ فِي الْجَلَّابِ وَالْجَبُّ كَالْخِصَاءِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ فَحْلِ غَنَمٍ أَوْ بَقَرٍ مُعَدٍّ لِعَمَلٍ فَلَا يُرَدُّ بِخِصَائِهِ إذْ الْعَادَةُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهُ إلَّا الْخَصِيُّ. وَقِيلَ: لَحْمُ فَحْلِ الْغَنَمِ أَطْيَبُ مِنْ لَحْمِ خَصِيِّهِ وَالْحَقُّ الرُّجُوعُ فِي هَذَا لِلْعُرْفِ قَالَهُ عج (وَاسْتِحَاضَةٍ) فِي عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَفِي الشَّامِلِ وَقَيَّدَ بِثُبُوتِهَا عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ حَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٍ وَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَلَا رَدَّ بِهَا إنْ قَبَضَهَا فِي نَقَاءٍ مِنْ حَيْضِهَا، فَإِنْ قَبَضَهَا فِي أَوَّلِهِ وَتَمَادَى اسْتِحَاضَةً فَلَهُ رَدُّهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ لِلْبَاجِيِّ رَوَى مُحَمَّدٌ مُدَّةُ الِاسْتِحَاضَةِ الَّتِي هِيَ عَيْبٌ شَهْرَانِ (وَرَفْعِ) أَيْ تَأَخُّرِ (حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) عَنْ وَقْتِ مَجِيئِهَا زَمَنًا لَا يَتَأَخَّرُ لِمِثْلِهِ. ابْنُ سَهْلٍ فِي نَوَازِلِهِ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ إنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فِي الْمُرْتَفِعَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لَا فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ فِي الْمُقَرَّبِ وَالْمُخْتَصَرِ. ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَتَّابٍ أَفْتَى بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَتَّى فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا. وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ: لَا أَصْبِرُ عَلَى ارْتِفَاعِ حَيْضَتِهَا كَمَا أَنَّ حَمْلَهَا عَيْبٌ وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْعَطَّارِ، وَقَدْ رَأَيْت لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ انْتَهَى، هَذَا كُلُّهُ إذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ قِدَمَهُ، فَإِنْ عَلِمَ قِدَمَهُ فَهُوَ عَيْبٌ مُطْلَقًا. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ وَسِنُّهَا سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشِبْهُهَا فَعَيْبٌ فِي جَمِيعِ الرَّقِيقِ فَارِهَةً أَوْ دَنِيَّةً أَوْ مِنْ سَبْيِ الْعَجَمِ. وَفِي الشَّامِلِ لَا تُرَدُّ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " شَهْرًا وَلَا شَهْرَيْنِ، وَعَنْهُ أَنَّ ارْتِفَاعَهَا شَهْرَيْنِ عَيْبٌ وَقِيلَ: شَهْرٌ وَنِصْفٌ. وَقِيلَ: أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا حَتَّى طَالَ طَوْلًا يَظُنُّ مَعَهُ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا تَحِيضُ فَعَيْبٌ انْتَهَى (وَعَسَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْيَدِ الْيُسْرَى وَضَعْفُ الْيُمْنَى فِي ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 147 وَزِنًا، وَشُرْبٍ وَبَخَرٍ، وَزَعَرٍ وَزِيَادَةِ سِنٍّ، وَظُفُرٍ، وَعُجَرٍ، وَبُجَرٍ.   [منح الجليل] وَخْشٍ. ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْفَتْلُ فِي الْعَيْنَيْنِ أَوْ فِي أَحَدِهِمَا بِمَيْلِ إحْدَى الْحَدَقَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى فِي نَظَرِهَا وَالْمَيْلُ فِي الْخَدَّيْنِ يَمِيلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى، وَالصُّوَرُ بِمَيْلِ الْعُنُقِ عَنْ الْجَسَدِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ مَعَ اعْتِدَالِ الْجَسَدِ وَالزَّوَرُ فِي الْمَنْكِبِ بِمَيْلِهِ كُلِّهِ إلَى أَحَدِ الشِّقَّيْنِ وَالصَّدْرُ بِإِشْرَافِ وَسَطِ الصَّدْرِ كَالْحَدَبَةِ وَالْغَزْرُ فِي الظَّهْرِ أَوْ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ بِإِشْرَافِهِ كَالْحَدَبَةِ وَالسَّلْعَةُ بِانْتِفَاخٍ فَاحِشٍ. (وَزِنًا) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الزِّنَا وَلَوْ فِي الْعَبْدِ الْوَخْشِ عَيْبٌ. مُحَمَّدٌ وَوَطْؤُهَا غَصْبًا عَيْبٌ (وَشُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَشُرْبُ الْمُسْكِرِ وَأَخْذُ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ فِي شُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِهِمَا رَائِحَةٌ عَيْبٌ (وَبَخَرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا بَخَرُ الْفَمِ عَيْبٌ. ابْنُ حَبِيبٍ وَلَوْ فِي عَبْدٍ دَنِيءٍ. وَفِي الشَّامِلِ وَبَخَرِ فَمٍ أَوْ فَرْجٍ. وَقِيلَ: بَخَرُ الْفَرْجِ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ (وَزَعَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ الْجَوْهَرِيُّ الزَّعَرُ قِلَّةُ الشَّعْرِ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ. وَفِي الشَّامِلِ وَكَزَعَرٍ وَإِنْ بِحَاجِبَيْنِ لِتَوَقُّعٍ كَجُذَامٍ. وَقِيلَ: لَيْسَ عَيْبًا فِي غَيْرِ الْعَانَةِ وَسَوَاءٌ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. (وَزِيَادَةِ سِنٍّ) وَرَاءَ الْأَسْنَانِ أَوْ طُولِ إحْدَاهَا لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ أَوْ وَخْشٍ بِمِقْدَامِ الْفَمِ أَوْ غَيْرِهِ حَيْثُ عَلَتْ الزَّائِدَةُ عَلَى الْأَسْنَانِ أَمَّا زِيَادَتُهَا بِمَوْضِعٍ مِنْ الْحَنَكِ لَا يَضُرُّ بِالْأَسْنَانِ فَلَا (وَظَفَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ الظَّفَرُ لَحْمٌ نَابِتٌ فِي شَحْمِ الْعَيْنِ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالشَّعْرُ فِي الْعَيْنَيْنِ وَلَا يَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ. وَفِي الصِّحَاحِ الظَّفَرُ جِلْدَةٌ تَنْبُتُ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْفِ إلَى سَوَادِهَا (وَعُجَرٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْجِيمِ فَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِكِبَرِ الْبَطْنِ وَابْنُ عَرَفَةَ بِعُقْدَةٍ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْجَسَدِ وَالشَّارِحُ بِمَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ. (وَبُجَرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَا يَنْعَقِدُ عَلَى ظَاهِرِ الْبَطْنِ. الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ ضَبْطُهُمَا فِي الْمَتْنِ بِفَتْحَتَيْنِ مَصْدَرَيْنِ، فَفِي الصِّحَاحِ الْبُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا وَالْعُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ الْحَجْمُ وَالنُّتُوءُ يُقَالُ رَجُلٌ أَعْجَرُ بَيْنَ الْعُجَرِ أَيْ عَظِيمُ الْبَطْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 148 وَوَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ، لَا جَدٍّ، وَلَا أَخٍ، وَجُذَامِ أَبٍ، أَوْ جُنُونِهِ بِطَبْعٍ، لَا بِمَسِّ جِنٍّ وَسُقُوطِ سِنَّيْنِ وَفِي الرَّائِعَةِ الْوَاحِدَةُ، وَشَيْبٍ بِهَا فَقَطْ، وَإِنْ قَلَّ، وَجُعُودَتِهِ،.   [منح الجليل] وَ) وُجُودِ أَحَدِ (وَالِدَيْنِ) دَنِيَّةً وَأَوْلَى وُجُودُهُمَا مَعًا، وَبِتَقْدِيرِ أَحَدٍ انْدَفَعَ تَوَهُّمُ أَنَّ وُجُودَ أَحَدِهِمَا لَا يَرُدُّ بِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوُجُودِهِمَا ظُهُورُهُمَا بِبَلَدِ شِرَاءِ الرَّقِيقِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لَا مَجِيئُهُمَا مِنْ بَلَدِهِمَا بَعْدَهُ (وَ) وُجُودِ (وَلَدٍ) وَإِنْ سَفَلَ وَكَذَا وُجُودُ زَوْجٍ لِأَمَةٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ وَزَوْجَةٍ لِلْعَبْدِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (لَا) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِوُجُودِ (جَدٍّ) لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ (وَلَا) يُرَدُّ بِوُجُودِ (أَخٍ) لَهُ شَقِيقٌ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (جُذَامِ أَبٍ) لَهُ وَإِنْ عَلَا أَوْ أُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ لِأَنَّ الْمَنِيَّ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ مِنْهُمَا لِسَرَيَانِهِ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِينَ وَكَالْجُذَامِ الْبَرَصُ الشَّدِيدُ وَسَائِرُ مَا تَقْطَعُ الْعَادَةُ بِسَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ أَوْ بِ (جُنُونِهِ) أَيْ الْأَصْلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (بِطَبْعٍ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِبِلَّةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ كَانَ بِغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْوَسْوَاسِ السَّاكِنِ فِي الْإِنْسَانِ، فَمَتَى خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى خَلَقَ مَعَهُ سُكَّانَهُ فَصَرْعُهُمْ وَوَسْوَسَتُهُمْ بِالطَّبْعِ أَيْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لِسَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ عَادَةً (لَا) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِجُنُونِ أَصْلِهِ (بِمَسِّ جِنٍّ) أَجْنَبِيٍّ عَارِضٍ لَيْسَ بِسَاكِنٍ فِيهِ وَيَعْرِضُ أَحْيَانَا وَيُفَارِقُهُ أَحْيَانَا لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لِلْفَرْعِ (وَ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (سُقُوطِ سِنَّيْنِ) بِفَتْحِ النُّونِ مُثَقَّلَةً مُثَنَّى سِنٍّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْأَضْرَاسِ فِي وَخْشٍ وَفِي غَيْرِ مُقَدَّمِ الْفَمِ (وَفِي) الْأَمَةِ (الرَّائِعَةِ) أَيْ الزَّائِدَةِ فِي الْجَمَالِ (الْوَاحِدَةُ) مِنْ الْأَسْنَانِ سُقُوطُهَا عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْمُقَدِّمِ، وَمَفْهُومُ الرَّائِعَةِ أَنَّ سُقُوطَهَا مِنْ غَيْرِهَا لَا يُرَدُّ بِهِ إلَّا الَّتِي مِنْ الْمُقَدِّمِ فَيُرَدُّ بِهِ فِي وَخْشٍ. وَذِكْرُ ابْنِ حَبِيبٍ نَقْصُ السِّنِّ فِي الْعَبْدِ وَالْوَصِيفَةِ مِنْ مُؤَخَّرِ الْفَمِ لَغْوٌ، وَنَقْصُ السِّنَّيْنِ وَزِيَادَةُ الْوَاحِدَةِ عَيْبٌ مُطْلَقًا فِيهِمَا (وَ) تُرَدُّ (بِشَيْبِهَا) أَيْ الرَّائِعَةُ الشَّابَّةُ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا عَادَةً (فَقَطْ) أَيْ لَا وَخْشٍ أَوْ ذَكَرٍ إلَّا الْكَثِيرَ الَّذِي يُنْقِصُ الثَّمَنَ إنْ كَثُرَ شَيْبُ الرَّائِعَةِ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) شَيْبُ الرَّائِعَةِ قَالَهُ فِيهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الشَّابَّةِ (وَ) تُرَدُّ الْأَمَةُ الْعَلِيَّةُ وَالْوَخْشُ بِظُهُورِ (جُعُودَتِهِ) أَيْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 149 وَصُهُوبَتِهِ، وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا وَلَوْ وَخْشًا. وَبَوْلٍ فِي فِرَاشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ، إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا حَلَفَ، وَإِنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرِهِ. .   [منح الجليل] تَجْعِيدِ شَعْرِهَا بِلَفِّهِ عَلَى نَحْوِ عُودٍ ثُمَّ يَظْهَرُ مُرْسَلًا خِلْقَةً لِأَنَّهُ مِنْ عَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ لِأَنَّ جُعُودَتَهُ خِلْقَةً جَمَالٌ تَزِيدُ فِي الثَّمَنِ (وَ) تُرَدُّ الرَّائِعَةُ فَقَطْ (بِصُهُوبَتِهِ) أَيْ مَيْلِ لَوْنِ شَعْرِهَا إلَى الْحُمْرَةِ إنْ لَمْ يَنْظُرْهُ الْمُشْتَرِي حِينَ الشِّرَاءِ وَلَمْ تَكُنْ مِمَّنْ شَأْنُهُنَّ ذَلِكَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ شَعْرَهَا قَدْ سَوِدَ أَوْ جَعُدَ، فَإِنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ اللَّخْمِيُّ إنْ جَعُدَ شَعْرُهَا وَكَانَ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا رَدَّ بِهِ. أَبُو الْحَسَنِ التَّجْعِيدُ كَوْنُ شَعْرِهَا أَسَبْطَ فَيُلَفُّ عَلَى عُودٍ لِأَنَّ الْجَعْدَ أَحْسَنُ مِنْ السَّبْطِ إنْ كَانَتْ رَائِعَةً لِأَنَّهُ غِشٌّ وَتَدْلِيسٌ، أَوْ كَانَ عَيْبًا يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا (وَكَوْنُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَلَدَ زِنًا) لِكَرَاهَتِهِ النُّفُوسُ إنْ كَانَ عَلِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (وَخْشًا) أَيْ خَسِيسًا دَنِيًّا. الْحَطّ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ الْجُعُودَةِ وَالصُّهُوبَةِ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا. . (وَ) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (بَوْلٍ) مِنْهُ (فِي فَرْشٍ) وَهُوَ نَائِمٌ (فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَوْلُهُ فِيهِ وَهُوَ نَائِمٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الَّذِي تَرَعْرَعَ وَفَارَقَ حَدَّ الصِّغَرِ جِدًّا، وَأَمَّا الصَّغِيرُ جِدًّا فَلَا يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ شَأْنُهُ وَيُرَدُّ الْكَبِيرُ بِهِ (إنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ بَوْلُهُ فِي فَرْشِهِ (عِنْدَ) الشَّخْصِ (الْبَائِعِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بَوْلُهُ فِيهِ عِنْدَ الْبَائِعِ (حَلَفَ) الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَبُلْ عِنْدَهُ فِي فَرْشِهِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَمَحِلُّ حَلِفِهِ (إنْ أُقِرَّتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ وُضِعَتْ الذَّاتُ الرَّقِيقَةُ أَمَانَةً (عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِيَعْلَمَ هَلْ تَبُولُ فِي نَوْمِهَا أَمْ لَا وَبِاَلَّتِي عِنْدَ الْأَمِينِ وَالْأَوْلَى غَيْرُهُمَا أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنْ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَمِينٍ لَهُ زَوْجَةٌ إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ أَوْ الزَّوْجِ عَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 150 وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ، وَفُحُولَةِ أَمَةٍ اشْتَهَرَتْ، وَهَلْ هُوَ الْفِعْلُ أَوْ التَّشَبُّهُ؟ .   [منح الجليل] زَوْجَتِهِ بِبَوْلِهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَحَلَفَ الْبَائِعُ مَعَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ لِتَقْوَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِإِخْبَارِ الْأَمِينِ. " غ " وَلَوْ قَالَ: إنْ بَالَتْ عِنْدَ أَمِينٍ لَكَانَ أَبْيَنَ وَدَلَّ قَوْلُهُ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ عَلَى أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ وَقَدَّمَهُ فَالْقَوْلُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِلَا يَمِينٍ، فَإِنْ رَجَّحُوا قَوْلَ أَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ شَكُّوا أَوْ عَدِمُوا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ. " د " مِثْلُ إقْرَارِهَا شَهَادَةُ بَيِّنَةٍ بِبَوْلِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الشَّامِلِ أَوْ وَضَعَتْ عِنْدَ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ بِهَا أَوْ نَظَرَ رَجُلَانِ مَرْقَدَهَا مَبْلُولًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُحَلِّفُ الْمُبْتَاعُ بَائِعَهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، بَلْ حَتَّى تُوضَعَ بِيَدِ امْرَأَةٍ أَوْ ذِي زَوْجَةٍ فَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَوْ أَتَى الْمُبْتَاعُ بِمَنْ نَظَرَ مَرْقَدَهَا بِالْغَدِ مَبْلُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ. . (وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ (تَخَنُّثِ عَبْدٍ وَ) بِ (فُحُولَةٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ تَشَبُّهِ (أَمَةٍ) بِالرَّجُلِ (إنْ اشْتَهَرَتْ) الصِّفَةُ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْأَظْهَرُ اشْتَهَرَا بِأَلِفِ الِاثْنَيْنِ لِإِيهَامِ الْإِفْرَادِ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِخُصُوصِ الْأَمَةِ، هَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ " ق " عَنْ الْوَاضِحَةِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ ق عَنْهَا أَيْضًا. أَبُو عِمْرَانَ خَصَّ الْأَمَةَ بِهَذَا الْقَيْدِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْعَبْدَ مُشَارِكًا لَهَا فِيهِ لِأَنَّ تَخَنُّثَ الْعَبْدِ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيُذْهِبُ نَشَاطَهُ، وَتَذَكُّرُ الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ جَمِيعَ الْخِصَالِ الَّتِي فِي النِّسَاءِ وَلَا يُنْقِصُهَا، فَإِنْ اشْتَهَرَتْ بِهِ كَانَ عَيْبًا لِلَعْنِهَا فِي الْحَدِيثِ، وَجَعَلَ فِي الْوَاضِحَةِ الِاشْتِهَارَ عَائِدًا عَلَى الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ. عِيَاضٌ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمُخْتَصِرِينَ اخْتَصَرَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِفْرَادَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. (وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ التَّخَنُّثِ وَالْفُحُولَةِ (الْفِعْلُ) بِأَنْ يُؤْتَى الْعَبْدُ وَتُسَاحَقُ الْأَمَةُ وَهُوَ مَا فِي الْوَاضِحَةِ، وَتَأَوَّلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُرَدَّانِ بِالتَّشَبُّهِ فِي الْكَلَامِ وَالْحَرَكَاتِ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِالْوَخْشِ، وَأَمَّا الْمُتَرَفِّعَةُ فَتَشَبُّهُهَا عَيْبٌ إذْ الْمُرَادُ مِنْهَا التَّأْنِيثُ وَقَالَهُ عِيَاضٌ (أَوْ) هُوَ (التَّشَبُّهُ) بِأَنْ يُؤَنِّثَ كَلَامَهُ وَحَرَكَاتِهِ وَتُذَكِّرُ الْأَمَةُ كَلَامَهَا وَحَرَكَاتِهَا وَهَذَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ فَالْفِعْلُ أَحْرَى (تَأْوِيلَانِ) سَبَبُهُمَا أَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 151 تَأْوِيلَانِ. وَقَلَفِ ذَكَرٍ. وَأُنْثَى مُوَلَّدٍ، أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ، وَخَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا كَبَيْعٍ بِعُهْدَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ.   [منح الجليل] بِتَخْنِيثِ الْعَبْدِ وَتَذْكِيرِ الْأَمَةِ. وَصَرَّحَ فِي الْوَاضِحَةِ بِرَدِّهِمَا بِالْفِعْلِ دُونَ التَّشَبُّهِ فَجَعَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَفْسِيرًا لَهَا، وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا. وَاحْتَجَّ لَهُ أَبُو عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْفِعْلَ لَكَانَ عَيْبًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَيْدِ الِاشْتِهَارِ فِي الْأَمَةِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. . (وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ (قَلَفٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ أَيْ عَدَمِ خَتْنٍ (ذَكَرٍ وَ) عَدَمِ خَفْضِ (أُنْثَى) وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ رَفِيعَيْنِ أَوْ وَخْشَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْأُنْثَى مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ (مُوَلَّدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ) بِهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مِلْكِهِمْ وَفَاتَ وَقْتُهُ مِنْهُمَا بِأَنْ بَلَغَا طَوْرًا يَخْشَى مَرَضَهُمَا إنْ خُتِنَا فِيهِ، فَالشُّرُوطُ ثَلَاثَةٌ، إسْلَامُ الرَّقِيقِ، وَوِلَادَتُهُ فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ طُولِ إقَامَتِهِ بِهَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ، وَفَوَاتُ وَقْتِ الْخَتْنِ. (وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ بِ (خَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا) أَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى خَوْفَ كَوْنِهِ رَقِيقَ مُسْلِمٍ أَبَقَ إلَيْهِمْ، وَالْخَتْنُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُفْعَلُ بِالذَّكَرِ كَثِيرًا وَبِالْأُنْثَى قَلِيلًا قَالَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ خَاتِنَةً تَخْتِنُ فَقَالَ: إذَا خَتَنْت فَلَا تُنْهِكِي» . وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ: (كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ) أَيْ ضَمَانٍ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ وَمَفْعُولُ بَيْعٍ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (اشْتَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ الرَّقِيقُ (بِ) شَرْطِ (بَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُهُ الْبَائِعُ بِهِ مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَرَاحَةً أَوْ حُكْمًا كَمَوْهُوبٍ وَمَوْرُوثٍ وَمُشْتَرِي مِنْ مِيرَاثٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ هِبَةٌ أَوْ مِيرَاثٌ فَلِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ، لِقَوْلِهِ لَوْ عَلِمْت أَنَّكَ ابْتَعْتَهُ بِبَرَاءَةٍ أَوْ مَلَكْتَهُ بِهِبَةٍ أَوْ اشْتَرَيْتَهُ مِنْ إرْثٍ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْكَ بِعُهْدَةٍ، إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَأَنْتَ مُفْلِسٌ أَوْ عَدِيمٌ فَلَا أَرْجِعُ عَلَى بَائِعِكَ أَوْ وَاهِبِكَ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْعُهْدَةِ بِضَمَانِ الْمَبِيعِ مِنْ اسْتِحْقَاقٍ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ وَلَوْ اشْتَرَطَ سُقُوطَهَا، فَإِنْ شَرَطَ سُقُوطَهَا فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ بَاعَ بِشَرْطِ ثُبُوتِهَا فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، إذْ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رُجُوعِهِ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 152 وَكَرَهَصٍ، وَعَثَرٍ، وَحَرَنٍ، وَعَدَمِ حَمْلٍ مُعْتَادٍ   [منح الجليل] رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لِإِلْغَاءِ شَرْطِهِ سُقُوطَهَا وَلَا بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ فِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْقَدِيمِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَيْعُهُ بِبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِعُهْدَةٍ قِيلَ: يَرُدُّ بِهِ لِأَنَّهُ دَاعٍ لِلتَّدْلِيسِ. وَظَاهِرُ مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ تَرْجِيحُهُ، وَقِيلَ: يُمْضِي مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ ابْتَاعَ أَمَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا فِي الْوَطْءِ كَأُخْتَيْنِ، فَقِيلَ: لَهُ رُدَّهُمَا لِأَنَّهُ إنْ وَطِئَ أَحَدَهُمَا حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى وَهَذَا غَرَضٌ. وَقِيلَ: لَا يَرُدُّهُمَا إذْ يَبْقَى لَهُ فِي الْأُخْرَى مَا سِوَى الْوَطْءِ مِنْ الْمَنَافِعِ. ابْنُ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الرَّدِّ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ: (وَ) تُرَدُّ الدَّابَّةُ بِ (كَرَهَصٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ دُمَّلٍ فِي بَاطِنِ الْحَافِرِ مِنْ وَطْءِ حَجَرٍ (وَ) بِ (عَثَرٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَلَّثَةِ فِي الْقَامُوسِ عَثَرَ كَضَرَبَ وَنَصَرَ وَكَرَمَ عَثْرًا وَعِثَارًا وَتَعَثُّرًا إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ قَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: إنَّهُ لَا يَحْدُثُ بَعْدَ بَيْعِهَا، أَوْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا أَوْ غَيْرِهَا أَثَرُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ حُدُوثُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّ إنْ حَقَّقَ دَعْوَاهُ وَإِلَّا رَدَّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ. (وَ) بِ (حَرَنٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ يَلِيهَا نُونٌ أَيْ عِصْيَانٌ وَعَدَمُ انْقِيَادٍ وَوُقُوفٍ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْجَرْيِ، يُقَالُ حَرَنَ يَحْرُنُ حُرُونًا وَحَرُنَ بِالضَّمِّ صَارَ حَرُونًا. وَفِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِيِّ حَرَنَتْ الدَّابَّةُ تَحْرُنُ حِرَانًا فَالْآتِي عَلَيْهِمَا وَحُرُونٌ أَوْ حِرَانٌ قَالَهُ " غ "، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الدُّبُرُ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ أَكْلٍ وَنُفُورٌ مُفْرَطَيْنِ. وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ تُرَدُّ الدَّابَّةُ بِالْخَوْفِ وَالنِّفَارِ الْمُفْرَطِ وَإِذَا أَفْرَطَ قِلَّةُ الْأَكْلِ فِي الدَّابَّةِ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ، وَعَدَمُ حَرْثٍ فِي مُشْتَرٍ لَهُ أَوْ فِي إبَّانِهِ بِثَمَنِ حَارِثٍ وَحَرَثَهُ بِعُنُقِهِ وَقَدْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ يَحْرُثُ بِرَأْسِهِ (وَ) بِ (عَدَمِ حَمْلٍ) عَلَى ظَهْرِهَا (مُعْتَادٍ) لِمِثْلِهَا. وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ فَتْحُونٍ مَنْ ابْتَاعَ دَابَّةً أَوْ نَاقَةً وَحَمَلَ عَلَيْهَا حَمْلَ مِثْلِهَا وَلَمْ تَنْهَضْ بِهِ وَلَا يُقْعِدُهَا عَنْهُ عَجَفٌ ظَاهِرٌ، فَلَهُ رَدُّهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 153 وَلَا ضَبْطَ، وَثُيُوبَةٍ، إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا، وَعَدَمِ فُحْشِ ضِيقِ قُبُلٍ، وَكَوْنِهَا زَلَّاءَ، وَكَيٍّ لَمْ يُنَقِّصْ. وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ حُبِسَ.   [منح الجليل] بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (لَا) يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (ضَبَطٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ عَمَلُهُ بِيَدَيْهِ عَلَى السَّوَاءِ، وَفِي يَمِينِهِ قُوَّتُهَا الْمُعْتَادَةُ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَا نَقْصٌ وَمَاضِيهِ كَفَرِحَ وَالرَّجُلُ أَضْبَطُ وَالْمَرْأَةُ ضَبْطَاءُ. (وَ) لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِ (ثُيُوبَةٍ) وَلَوْ رَائِعَةً (إلَّا فِيمَنْ) أَيْ أَمَةٍ (لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا) لِصِغَرِهَا فَتُرَدُّ الرَّائِعَةُ مُطْلَقًا وَالْوَخْشُ إنْ اُشْتُرِطَتْ عَذَارَتُهَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ مُتَعَقِّبًا بِهِ إطْلَاقَ ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ تَبِعَهُ هُنَا (وَ) لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِ (عَدَمِ فُحْشٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ أَيْ تَفَاحُشِ (ضِيقِ قُبُلٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَحَسِّنَةِ، وَمَفْهُومُهُ رَدُّهَا بِضِيقِهِ الْمُتَفَاحِشِ إنْ كَانَتْ تُرَادُ لِلْوَطْءِ وَكَذَا بِسَعَتِهِ الْمُتَفَاحِشَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صِغَرٍ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ عَيْبٌ، وَلَفْظُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالصَّغِيرَةُ الْقُبُلُ لَيْسَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيَصِيرُ كَالنَّقْصِ. (وَ) عَدَمُ فُحْشٍ (كَوْنُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (زَلَّاءَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا مَمْدُودًا أَيْ قَلِيلَةُ لَحْمِ الْأَلْيَتَيْنِ وَتُسَمَّى الرَّسْحَاءُ بِرَاءٍ فَسِينٍ فَحَاءٍ مُهْمَلَاتٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا كَوْنُهَا زَلَّاءَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ وَفِي التَّوْضِيحِ الزَّلَّاءُ بِالْمَدِّ صَغِيرَةُ الْأَلْيَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسِيرِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ: إلَّا أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةَ الْخِلْقَةِ (وَ) لَا يُرَدُّ رَقِيقٌ وَلَا بَهِيمٌ بِ (كَيٍّ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ (لَمْ يُنْقِصْ) الْقِيمَةَ وَإِلَّا رُدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ الْخِلْقَةَ وَلَا الْجَمَالَ. فِي الشَّامِلِ لَا كَيِّ خُفٍّ وَلَمْ يُنْقِصْ الثَّمَنَ. وَقِيلَ: إلَّا أَنْ يُخَالِفَ لَوْنَ الْجَسَدِ أَوْ يَكُونَ مُتَفَاحِشًا فِي مَنْظَرِهِ، أَوْ كَثِيرًا مُتَفَرِّقًا، أَوْ فِي الْفَرْجِ، أَوْ مَا وَالَاهُ، أَوْ فِي الْوَجْهِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِنْ الْبَرْبَرِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ بِخِلَافِ الرُّومِ أَيْ لِأَنَّ عَادَةَ الْبَرْبَرِ الْكَيُّ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بِخِلَافِ الرُّومِ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِعِلَّةٍ. . (وَ) لَا يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ (تُهْمَةٍ) لَهُ وَهُوَ عِنْدَ بَائِعِهِ (بِسَرِقَةٍ حُبِسَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 154 فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ، وَمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ، وَمُرِّ قِثَّاءٍ، وَلَا قِيمَةَ. وَرُدَّ الْبَيْضُ.   [منح الجليل] الْمُوَحَّدَةِ الرَّقِيقُ (فِيهَا) أَيْ بِسَبَبِ تُهْمَتِهِ بِهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحْبَسْ (ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ مِنْهَا بِثُبُوتِ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، أَوْ قَوْلُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَجَدْت مَتَاعِي عِنْدَ آخَرَ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ عِنْدِي، وَمَفْهُومُ ظَهَرَتْ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَظْهَرْ بَرَاءَتُهُ يُرَدُّ بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَوْلَى إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ (وَ) لَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِظُهُورِ (مَا) أَيْ عَيْبٍ بَاطِنِيٍّ (لَا يُطَّلَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَيْبِ (إلَّا بِتَغْيِيرٍ) فِي ذَاتِهِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، كَغِشِّ بَطْنِ الْحَيَوَانِ وَ (كَسُوسِ الْخَشَبِ) وَقِيلَ: يُرَدُّ بِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَيُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَ طَارِئًا كَوَضْعِهِ فِي مَكَان نَدِيٍّ، وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَازِرِيُّ، أَوْ خِلَافٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ تَأْوِيلَانِ وَقِيلَ: يُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ (وَ) فَسَادُ بَطْنِ (الْجَوْزِ) هِنْدِيٌّ وَغَيْرُهُ وَالْبُنْدُقِ وَالتِّينِ (وَمُرِّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ مَرَارَةُ (قِثَّاءٍ) وَخِيَارٍ وَبَيَاضِ بِطِّيخٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الشَّامِلِ، وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ قَلِيلًا يُمْكِنُ اخْتِيَارُهُ بِالْخُضْرَةِ كَقِثَّاءَتَيْنِ أَوْ جَوْزَتَيْنِ دُونَ كَسْرٍ رَدَّ لَا مَا كَثُرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ فَاسِدًا أَوْ أَكْثَرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ يَسِيرًا فِي كَثِيرٍ فَلَا يُرَدُّ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الرَّدَّ مَعَ وُجُودِهِ مُرًّا أَوْ غَيْرَ مُسْتَوٍ يُوفَى لَهُ بِشَرْطِهِ. اهـ. وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَوْلِ الْأُمِّ وَأَهْلُ السُّوقِ يَرُدُّونَهُ إذَا وَجَدُوهُ مُرًّا وَلَا أَدْرِي بِمَ رَدُّوا ذَلِكَ إنْكَارًا لِرَدِّهِ اهـ قَالَهُ الْحَطّ (وَلَا قِيمَةَ) لِلْمُشْتَرَى فِي الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِهِ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ وَمُرِّ الْقِثَّاءِ. . (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (الْبَيْضُ) لِظُهُورِ عَيْبِهِ لِأَنَّهُ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ بِدُونِ كَسْرِهِ، قَالَ فِيهَا: لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ قَبْلَ كَسْرِهِ، فَإِنْ كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ مَكْسُورًا وَرَجَعَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ بَائِعُهُ قَدْ دَلَّسَ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتَيْهِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ بَيْعِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ، وَإِلَّا رَجَعَ بِثَمَنِهِ كُلِّهِ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ بَيْعِهِ، وَإِنْ كَسَرَهُ بَعْدَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 155 وَعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] أَيَّامٍ فَلَا يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَمْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَلَا) رُدَّ الْبَيْعُ بِسَبَبِ وُجُودِ (عَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ) الْحَطّ عَيْبُ الدَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ لَا يُنْقِصُ ثَمَنَهَا فَلَا تُرَدُّ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَسُقُوطِ شُرَافَةٍ وَخَلْعِ بَلَاطَةٍ وَخَطِيرٍ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ ثَمَنِهَا وَيُخْشَى مِنْهُ سُقُوطُهَا فَتُرَدُّ بِهِ وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا لَا تُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَصَدْعِ حَائِطٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْمُتَوَسِّطَ بِدَلِيلٍ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ بِإِضَافَةِ قِيمَةٍ إلَى ضَمِيرِ الْعَيْبِ كَمَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الرَّدِّ بِالْيَسِيرِ بِالْأَوْلَى. فِي الشَّامِلِ وَاغْتُفِرَ سُقُوطُ شُرَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَاسْتِحْقَاقُ حَمْلِ جُذُوعٍ أَوْ جِدَارٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَرْبَعَ جَدَرَاتٍ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَاسْتِحْقَاقِ أَقَلِّهَا، وَتُرَدُّ الْعُرُوض بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ، وَقِيلَ: كَالدُّورِ اهـ. وَقِيلَ: إنَّ الدُّورَ تُرَدُّ بِالْيَسِيرِ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْيَسِيرَ فِيهَا لَا يَعِيبُ إلَّا مَوْضِعُهُ وَيَصْلُحُ وَيَزُولُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَعِيبُ جَمِيعُهُ وَلَا يَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْعَيْبِ، فَلَوْ رُدَّ بِالْيَسِيرِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ، وَإِنَّ الدُّورَ تُشْتَرَى لِلْقُنْيَةِ فَيُتَسَامَحُ فِي عَيْبِهَا الْيَسِيرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا. وَعَنْ ابْنِ رِزْقٍ مَسْأَلَةُ الدُّورِ أَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ سَائِرُ الْمَبِيعَاتِ فِي الْعُيُوبِ وَسَمِعْتُهُ يَذْكُرُ التَّفْرِقَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَيَقُولُ مَسْأَلَةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ فَلِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى تَوْجِيهِهَا. (وَفِي قَدْرِهِ) أَيْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ (تَرَدُّدٌ) فَقِيلَ: بِالْعَادَةِ فَمَا قَضَتْ بِقِلَّتِهِ فَقَلِيلٌ وَمَا قَضَتْ بِكَثْرَتِهِ فَكَثِيرٌ وَهُوَ الْأَصْلُ. وَقِيلَ: مَا نَقَصَ مُعْظَمَ الثَّمَنِ فَكَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ فَيَسِيرٌ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الرُّبُعِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إيجَابِ مُطْلَقِ الْعَيْبِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ حُكْمُ الرَّدِّ وَلَوْ فِي الدُّورِ وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ يَسِيرِهِ فِي الدُّورِ وَغَيْرِهَا، ثَالِثُهَا فِي غَيْرِهَا فَقَطْ. الْبَاجِيَّ عَنْ بَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَابْنِ سَهْلٍ عَنْ نَقْلِ الْكِتَابِ الْجَامِعِ أَقْوَالُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الْمُؤَلِّفُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رِوَايَةُ زِيَادٍ مَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبٍ ابْتَاعَهُ يَسِيرُ خَرْقٍ يَخْرُجُ فِي الْقَطْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَمْ يَرُدَّ بِهِ وَوَضَعَ قَدْرَ الْعَيْبِ، وَكَذَا فِي كُلِّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 156 وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ؛.   [منح الجليل] الْأَشْيَاءِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ لَا يُرَدُّ إلَّا بِعَيْبٍ كَثِيرٍ تُخَافُ عَاقِبَتُهُ وَعِيَاضٌ عَنْ ابْنِ رِزْقٍ مُتَأَوِّلًا عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرَهَا مُحْتَجًّا لَهُ بِمُتَقَدَّمِ قَوْلِهَا فِي الْكَيِّ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الشَّيْخِ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عُيُوبُ الدُّورِ ثَلَاثَةٌ يَسِيرٌ لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ لَغْوٌ وَخَطِيرٌ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَهُ، أَوْ يُخْشَى سُقُوطُ حَائِطٍ يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ، وَمُتَوَسِّطٌ يَرْجِعُ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ، وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبُعِهِ ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ: وَرَابِعُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ بِمَا أَضَرَّ. (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ (كَصَدْعٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ شَقِّ (جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهَا) أَيْ الدَّارِ الِانْهِدَامُ (مِنْهُ) أَيْ بِسَبَبِ صَدْعِ الْجِدَارِ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ بِهِ وَلَوْ خِيفَ سُقُوطُ الْجِدَارِ مِنْ صَدْعِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا: تُرَدُّ بِهِ، وَتَأَوَّلُوا أَنَّهُ إنْ خَشِيَ هَدْمَ الْحَائِطِ مِنْ الصَّدْعِ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ. وَقِيلَ: يُرَدُّ لِخَوْفِ هَدْمِ الْحَائِطِ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الدَّارَ كَثِيرًا. عِيَاضٌ وَهُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى، وَاسْتَدَلَّ مَنْ لَمْ يَرَ لَهُ الرَّدَّ بِهَدْمِ الْحَائِطِ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدٌّ، فَكَيْفَ يَرُدُّ إذَا كَانَ بِهِ صَدْعٌ. وَفَرَّقَ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَخْذِهِ قِيمَتَهُ مِنْ الْبَائِعِ، بِخِلَافِ صَدْعِهِ فَإِنَّهُ يَضْطَرُّهُ إلَى بِنَائِهِ وَالنَّفَقَةِ فِيهِ. وَنَصُّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا لِلصَّدْعِ فِي الْجِدَارِ، وَشِبْهِهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ أَنْ تَتَهَدَّمَ مِنْهُ رَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ عَلَى الْحَائِطِ فَلَا تُرَدُّ بِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ. الْحَطّ وَانْظُرْ مَا نَسَبَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَهَا مَعَ قَوْلِهَا وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا فَوَجَدَ بِهَا صَدْعًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَ الْجِدَارِ فَلْيَرُدَّ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ وُجِدَ بِالدَّارِ صَدْعٌ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَهَا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا، وَتَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ اخْتِصَارَهَا. أَبُو سَعِيدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 157 إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِهَتَهَا، أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ كَمِلْحِ بِئْرِهَا بِمَحِلِّ الْحَلَاوَةِ.   [منح الجليل] يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَ الْجِدَارِ لِأَنَّ لَفْظَهَا يُخَافُ مِنْهُ سُقُوطُهَا. قُلْت اخْتَصَرَهَا الشَّيْخُ عَلَى لَفْظِهَا، وَيُؤَكِّدُ التَّعَقُّبَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الدَّارِ مِنْ الصَّدْعِ الْهَدْمَ غَرِمَ الْبَائِعُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا تَفْسِيرٌ لَهَا، وَلَوْ خِيفَ مِنْ صَدْعِ الْحَائِطِ هَدْمُهُ فَفِي رَدِّ الدَّارِ بِهِ. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ يُنْقِصُهَا كَثِيرًا وَصَدْعُ الْجِدَارِ الَّذِي لَا يَخَافُ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ مُتَوَسِّطٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْجِدَارُ الْمُنْصَدِعُ (وَاجِهَتَهَا) أَيْ الْحَائِطِ الْمُوَاجِهَةِ لِدَاخِلِ الدَّارِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ بَابُهَا وَنَقَصَ ثَمَنُهَا ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَتُرَدُّ بِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ. (أَوْ) أَيْ وَتُرَدُّ الدَّارُ (بِقَطْعِ) أَيْ عَدَمِ (مَنْفَعَةٍ) مِنْ مَنَافِعِهَا وَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضٍ يَقْطَعُ بِالْمُثَنَّاةِ تَحْتَ بِصِيغَةِ مُضَارِعٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَكُونُ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْجِدَارِ (كَمِلْحِ بِئْرِهَا) أَيْ الدَّارِ حَالَ كَوْنِهَا (بِمَحِلِّ) الْمَاءِ ذِي (الْحَلَاوَةِ) تَمْثِيلٌ لِقَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى وَتَشْبِيهٌ بِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ مِلْحِ بِئْرِهَا إلَخْ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ عَلَى قَطْعِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ عَلَى جَوَازِهِ بِأَوْ لِعَدِّهِ فِي التَّوْضِيحِ مِنْهُ. وَفِي الشَّامِلِ وَفَسَادِ أَسَاسِهَا أَوْ غَوْرِ مَائِهَا أَوْ مُلُوحَتِهِ بِمَحِلِّ الْعُذُوبَةِ أَوْ تَعْفِينِ قَوَاعِدِهَا أَوْ فَسَادِ حُفْرَةِ مِرْحَاضِهَا كَثِيرٌ. الْوَانُّوغِيُّ الْبَقُّ عَيْبٌ وَلَوْ فِي السَّرِيرِ وَكَثْرَةُ النَّمْلِ عَيْبٌ، وَفِي سُوءِ الْجَارِ خِلَافٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَاجِعٍ إلَى أَحْوَالِهَا. الْمَشَذَّالِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْخِلَافُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ حَكَاهُ فِي الطِّرَازِ ابْنُ الْمَوَّازِ سُوءُ جَارِ الْمُكْتَرَاةِ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ: سَمِعْت مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ تُرَدُّ الدَّارُ مِنْ سُوءِ الْجِيرَانِ وَلَمْ يَأْتِ إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ. الْمَشَذَّالِيُّ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْجَارِ السُّوءِ فِي دَارِ إقَامَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْمِحْنَةُ بِجَارِ السُّوءِ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَدُّ الدَّارِ بِسُوءِ الْجَارِ وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ جِيرَانَهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 158 وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ، لَكِنَّهُ عَيْبٌ؛ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ. . وَتَصْرِيَةَ الْحَيَوَانِ.   [منح الجليل] يَشْرَبُونَ فَلَهُ رَدُّهَا. الصِّقِلِّيُّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ لَهَا جِيرَانَ سُوءٍ فَذَلِكَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ الْوَانُّوغِيُّ وَفِي الشُّؤْمِ وَالْجَانِّ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَيْبٍ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا عَيْبٌ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُمَا قَطْعًا وَلَا تُسْكَنُ الدَّارُ بِهِمَا غَالِبًا، وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ. ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ حَكَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ كَثْرَةَ الْقَمْلِ فِي االثِّيَابِ عَيْبٌ فَرْوًا كَانَتْ أَوْ صُوفًا أَوْ كَتَّانًا. . (وَإِنْ قَالَتْ) الْأَمَةُ لِمُشْتَرِيهَا: (أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِبَائِعِي أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ وَأَوْلَى حُرَّةٌ وَكَذَا الذَّكَرُ وَثَبَتَ قَوْلُهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ (لَمْ تَحْرُمْ) الْأَمَةُ بِقَوْلِهَا أُمُّ وَلَدٍ عَلَى الْمُشْتَرِي لِاتِّهَامِهَا بِالْكَذِبِ لِتَرْجِعَ لِبَائِعِهَا (لَكِنَّهُ) أَيْ قَوْلَهَا أُمُّ وَلَدٍ (عَيْبٌ) فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِهِ وَ (إنْ رَضِيَ) الْمُشْتَرِي (بِهِ) أَيْ عَيْبِ دَعْوَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ وَأَرَادَ بَيْعَهَا (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لِمُرِيدِ شِرَائِهَا أَنَّهَا ادَّعَتْ ذَلِكَ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَدَعْوَى الْعَبْدِ الْحُرِّيَّةَ يَتَنَزَّلُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى مِثْلِ هَذَا لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، وَلَوْ عُلِمَ كَذِبُهُمَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ تَشْوِيشًا عَلَى مَالِكِهِمَا وَالتَّعَرُّضُ بِعَرْضِهِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: إذَا أَقَامَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ شَاهِدًا بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا وَقُضِيَ لِلْمُبْتَاعِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ أَحَبَّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ، فَلَوْ قَالَ: وَلَغَا قَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ وَنَحْوُهُ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ قَالَهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ وَبَيَّنَهُ إنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ وَكَانَ أَظْهَرَ وَأَبْلَغَ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهَا فِي الْأُمُومَةِ أَوْ فِي الْحُرِّيَّةِ كَشُهْرَةِ الْإِغَارَةِ عَلَى الْأَحْرَارِ وَسَبْيِهِمْ مَعَ شِرَائِهَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ، فَقِيلَ: كَذَلِكَ، وَقِيلَ: عَلَى مُشْتَرِيهَا إثْبَاتُ الرَّقَبَةِ. . (وَتَصْرِيَةُ) أَيْ تَأْخِيرُ حَلْبِ (الْحَيَوَانِ) شَاةً كَانَ أَوْ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً أَوْ فَرَسًا أَوْ حِمَارَةً الجزء: 5 ¦ الصفحة: 159 كَالشَّرْطِ: كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ.   [منح الجليل] أَوْ أَمَةً لِإِرْضَاعٍ لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا وَيَكْثُرَ حَلْبُهَا ثُمَّ بَيْعُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ (كَالشَّرْطِ) لِكَوْنِ ذَلِكَ لَبَنَهَا فِي كُلِّ حَلْبَةٍ ثُمَّ تَظْهَرُ بِخِلَافِهِ، فَلِمُشْتَرِيهَا رَدُّهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِعْلِيٌّ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ التَّغْرِيرَ الْفِعْلِيَّ كَالشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ بِالْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ الْمُشْتَرِي بِهِ كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ لِاحْتِمَالٍ فَعَلَهُ الْعَبْدُ دُونَ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ وَمِنْهُ صِبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ لِيُوهِمَ أَنَّهُ جَدِيدٌ، وَمِنْهُ رَقْمُ أَكْثَرَ مِمَّا ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ عَلَيْهَا وَبَيْعُهَا بِرَقْمِهَا وَلَمْ يَقُلْ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا شَدَّدَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرَاهَتَهُ وَاتَّقَى فِيهِ وَجْهَ الْخِلَابَةِ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إنْ وَقَعَ خُيِّرَ فِيهِ مُبْتَاعُهُ، وَإِنْ فَاتَ رَدَّ قِيمَتَهُ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ أَخِي هِشَامٍ يُخَيَّرُ فِي قِيَامِهَا وَفِي فَوَاتِهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا. وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْغَرَرُ بِالْقَوْلِ لَا يَضْمَنُ بِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ، وَبِالْفِعْلِ يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ، فَالْأَوَّلُ كَصَيْرَفِيٍّ يَنْقُدُ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ يَظْهَرُ فِيهَا زَائِفٌ، وَالْخَيَّاطُ يَقِيسُ الثَّوْبَ وَيَقُولُ: يَكْفِي فَيُفَصِّلُهُ فَيَنْقُصُ وَالدَّلِيلُ يُخَطِّئُ الطَّرِيقَ، وَالْغَارُّ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ يَقُولُ: إنَّهَا حُرَّةٌ وَمَنْ أَعَارَ شَخْصًا إنَاءً مَخْرُوقًا عَالِمًا بِهِ قَائِلًا إنَّهُ صَحِيحٌ، وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي رَمَضَانَ: فَإِنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ عَلِمَ طُلُوعَهُ فَعَلَى الضَّمَانِ يُؤَدَّبُ وَيَتَأَكَّدُ أَدَبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَاهُ يَلْزَمُهُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ بِمَوْضِعِ مَا هَلَكَ، وَالثَّانِي كَمَنْ لَقَّمَ شَخْصًا بِيَدِهِ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَمَسَائِلُ التَّدْلِيسِ وَصَبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ وَتَلَطُّخُ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا فِي مَسَائِلِ أَجْوِبَةِ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْقَائِلِ بِعْ سِلْعَتَكَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ وَمَلِيءٌ فَوَجَدَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ. الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ كَالْأُتُنِ وَالْآدَمِيَّاتِ فَلِلْمُبْتَاعِ مَقَالٌ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَبَنِهَا تَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا لِتَغْذِيَةِ وَلَدِهَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ. ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ الْخَطَّابِيِّ التَّصْرِيَةُ فِي الْآدَمِيَّاتِ كَالْأَنْعَامِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِهَا. وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ كَالشَّرْطِ فَقَالَ: (كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) أَوْ جَعْلِ دَوَاةٍ وَقَلَمٍ بِيَدِهِ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَمَرَ بِهِ (فَيَرُدُّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُصَرَّى كَانَ مِنْ النَّعَمِ أَمْ لَا (بِصَاعٍ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 160 مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ. وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ،.   [منح الجليل] أَيْ مَعَهُ إنْ كَانَ مِنْ النَّعَمِ، وَظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الصَّاعِ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْحَلْبُ حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتُعَدُّ بِتَعَدُّدِهَا، وَدَلِيلُ رَدِّ الصَّاعِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ، فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا نَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ابْنُ يُونُسَ حَدِيثُ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ. ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَدَّ لِلتَّصْرِيَةِ فَفِي لَغْوِ لَبَنِهَا وَرَدِّ صَاعٍ بَدَلَهُ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ وَالْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِحَدِيثِ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» وَتَخْصِيصِهِ بِهِ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ. قُلْت ضَعَّفَ حَدِيثَ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» غَيْرُ وَاحِدٍ. اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ. وَشَرْطُ الصَّاعِ كَوْنُهُ (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) لِأَهْلِ بَلَدِ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا أَوْ قَلَّ جِدًّا إنْ اخْتَلَفَ قُوتُهُمْ كَحِنْطَةٍ وَتَمْرٍ وَأُرْزٍ وَدَخَنٍ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْبَاجِيَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ رَدُّ التَّمْرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي خَبَرِ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ» إلَخْ، هَذَا حَدِيثٌ مُتَّبَعٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ رَأْيٌ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. وَأُجِيبَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ اقْتِصَارٌ عَلَى غَالِبِ قُوتِ الْمَدِينَةِ إذْ ذَاكَ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَالْإِبِلُ مَفْعُولُهُ، هَذِهِ رِوَايَةُ الْمُتْقِنِينَ قَالَهُ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ مِنْ صَرَّى رُبَاعِيًّا كَزَكَّى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32] وَالرِّوَايَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ، وَصَدَّرَ بِهَا النَّوَوِيُّ مِنْ صَرَّ ثُلَاثِيًّا، وَرُوِيَ أَيْضًا بِالضَّبْطِ الْأَوَّلِ وَرَفَعَ الْإِبِلَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ مِنْ صُرَّ ثُلَاثِيًّا أَيْضًا، وَلَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِهِمْ اللَّبَنَ فَالظَّاهِرُ رَدُّ صَاعٍ مِنْ لَبَنِ غَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُوتِ غَالِبٌ فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: يَدْفَعُ صَاعًا مِمَّا شَاءَ وَقِيلَ: مِنْ الْوَسَطِ. . (وَحَرُمَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ (رَدُّ اللَّبَنِ) الَّذِي حُلِبَ مِنْ الْمُصَرَّاةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِوُجُوبِ رَدِّ الصَّاعِ عِوَضَ اللَّبَنِ، وَهَذَا يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ اللَّبَنِ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 161 لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً، أَوْ لَمْ تُصَرَّ، وَظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ، إلَّا إنْ قُصِدَ وَاشْتُرِيَتْ فِي وَقْتِ حِلَابِهَا، وَكَتَمَهُ.   [منح الجليل] نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ بِالْأَوْلَى، وَاقْتَصَرَ عَلَى اللَّبَنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ رَدِّهِ إذْ الْأَصْلُ أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ عَيْنُ شَيْئِهِ وَأَنَّهُ إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بِالتَّصْرِيَةِ قَبْلَ حَلْبِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ اللَّبَنِ مَعَ الصَّاعِ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ رَدُّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِهِ. (لَا) تُرَدُّ الْمُصَرَّاةُ بِالتَّصْرِيَةِ (إنْ عَلِمَهَا) الْمُشْتَرِي (مُصَرَّاةً) اللَّخْمِيُّ إنْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَلِيلَةَ الدَّرِّ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ قَبْلَ أَنْ يَحْلِبَهَا فَلَهُ رَدُّهَا قَبْلَ حِلَابِهَا وَإِمْسَاكِهَا لِيَخْتَبِرَهَا بِحِلَابِهَا، وَهَلْ نَقْصُ تَصْرِيَتِهَا يَسِيرٌ أَمْ لَا، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا مَا صُرِّيَتْ بِهِ لَهُ رَدُّهَا وَإِمْسَاكُهَا حَتَّى يَحْلِبَهَا وَيَعْلَمَ عَادَتَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ أَنْ لَا يَرُدَّهَا بَعْدَ إمْسَاكِهَا مَا ذُكِرَ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا أَمْسَكَهَا إلَّا لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ بِذَلِكَ قَبْلَ إمْسَاكِهَا (أَوْ) أَيْ وَلَا تُرَدُّ إنْ (لَمْ تُصَرَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَ) قَدْ (ظَنَّ) الْمُشْتَرِي حَالَ شِرَائِهَا (كَثْرَةَ اللَّبَنِ) لِكِبَرِ ضَرْعِهَا مَثَلًا فَتَخَلَّفُ ظَنُّهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا إنْ قُصِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ اتِّخَاذِهَا اللَّبَنُ لَا لَحْمُهَا وَلَا عَمَلُهَا (وَ) قَدْ (اُشْتُرِيَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (وَقْتَ كَثْرَةِ حِلَابِهَا) كَفَصْلِ الرَّبِيعِ أَوْ عَقِبَ وِلَادَتِهَا (وَ) قَدْ (كَتَمَهُ) أَيْ الْبَائِعُ عَدَمَ كَثْرَةِ لَبَنِهَا، فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِلَا صَاعٍ إذْ لَيْسَتْ مُصَرَّاةً. طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ظَنُّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ وَعَلَيْهِ شَرَحَهُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ، وَقَيَّدَهُ س وعج بِحَلْبِهَا حَلْبَ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي الْقَيْدِ، لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ لَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِكَوْنِهَا تُحْلَبُ حَلْبَ مِثْلِهَا، فَفِيهَا وَمَنْ بَاعَ شَاةً حَلُوبًا غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَحْلُبُ، فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ فِي اللَّبَنِ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ مَا تَحْلُبُ وَكَتَمَهُ فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْضَاهَا أَوْ يَرُدَّهَا، كَصُبْرَةٍ يَعْلَمُ الْبَائِعُ كَيْلَهَا دُونَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا رَدَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 162 وَلَا بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ.   [منح الجليل] لِلْمُبْتَاعِ، وَكَذَلِكَ مَا تُنُوفِسَ فِي لَبَنِهِ مِنْ بَقَرٍ وَإِبِلٍ وَلَوْ بَاعَهَا فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا ثُمَّ حَلَبَهَا الْمُبْتَاعُ حِينَ الْإِبَّانِ فَلَمْ يَرْضَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ كَانَ الْبَائِعُ يَعْرِفُ حِلَابَهَا أَمْ لَا اهـ. وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: لَوْ ظَنَّ غَزَارَةَ اللَّبَنِ لِكِبَرِ الضَّرْعِ فَكَانَ لَحْمًا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ بِهِ خِيَارٌ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فَوَجَدَ حِلَابَهَا قَلِيلًا فَلَا رَدَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ مِقْدَارَ حِلَابِهَا فَبَاعَهَا لَهُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ مَا عَلِمَهُ مِنْهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ صَارَ كَبَائِعِ طَعَامٍ يَعْلَمُ كَيْلَهُ جُزَافًا دُونَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ رَدُّهُ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا فَلَا رَدَّ لَهُ لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ مِنْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ: بَلْ يَرُدُّهَا وَلَوْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ حِلَابَهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ زِيدَ فِي ثَمَنِهَا لِمَكَانِ اللَّبَنِ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُعْلِمَهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنَ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِهَا وَالْجَوَاهِرِ، وَاخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ فَأَوْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ مَعَ قَيْدِ الظَّنِّ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ وَمَنْ قَلَّدَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَكَأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ مُسْتَقِلَّةٌ وَأَنَّ كَلَامَهُ فِيهَا مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهَا تُحْلَبُ حِلَابَ مِثْلِهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَهَا بِذَلِكَ غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ خِلَافُهُ فَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ رَدُّهَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَالْعِلْمُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يَظْهَرَانِ فِي حُكْمِ التَّدْلِيسِ اهـ. فَأَيْنَ الْعَيْبُ إذَا كَانَتْ تُحْلَبُ حَلْبَ أَمْثَالِهَا اهـ، وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ وَأَقَرَّهُ. أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ حَلُوبًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشُّرُوطَ فِي ظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ، وَكَذَا قَوْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ فِي اللَّبَنِ، وَكَذَا قَوْلُ الْجَوَاهِرِ لَوْ ظَنَّ غَزَارَةَ اللَّبَنِ إلَخْ، إذْ الظَّاهِرُ رُجُوعُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ إلَخْ لَهُ وَلِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَتَقْيِيدُ " س " وعج بِحَلْبِهَا حَلْبَ مِثْلِهَا ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ لِأَنَّ نَقْصَهَا عَنْ حَلْبِ أَمْثَالِهَا عَيْبٌ الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ فَيُرَدُّ بِهِ بِدُونِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَلَا) يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بَعْدَ حَلْبِهَا (بِ) عَيْبٍ (غَيْرَ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَرَوَى أَشْهَبُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 163 وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَأْوِيلَانِ. .   [منح الجليل] رَدَّ مُصَرَّاةً (وَتَعَدَّدَ) الصَّاعُ (بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْدُودَةِ بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ حَلْبِهَا (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ (وَالْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَظْهَرِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ. وَقَالَ الْأَكْثَرُ: يُكْتَفَى بِصَاعٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِهَا إذْ غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ التَّعَدُّدُ كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَهُوَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الصَّاعِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُشْتَرَاةِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِعَدَدِهَا اتِّفَاقًا. (وَإِنْ حُلِبَتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُصَرَّاةُ حَلْبَةً (ثَالِثَةً فَإِنْ حَصَلَ) لِمُشْتَرِيهَا (الِاخْتِبَارُ) بِالْمُوَحَّدَةِ لِقَدْرِ لَبَنِهَا (بِ) الْحَلْبَةِ (الثَّانِيَةِ فَهُوَ) أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثَةً (رِضًا بِهَا) فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا. (وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (ذَلِكَ) أَيْ رَدُّهَا بَعْدَ الْحَلْبَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا رَضِيَهَا (وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ (خِلَافًا) لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهُمَا قَوْلَانِ، وَعَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ، قَالَ: وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَحْسَنُ وَطَائِفَةٌ أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِيَارُ بِالثَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ (تَأْوِيلَانِ) . (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عج الْمُرَادُ بِالْحَلْبَةِ الْيَوْمُ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ " س ". طفي وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَلَبَهَا الْمُشْتَرِي مَرَّةً لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَبَهَا الثَّانِيَةَ وَفِي الْجَوَاهِرِ حَتَّى يَحْلِبَهَا ثَانِيَةً، فَإِذَا احْتَلَبَهَا الثَّالِثَةَ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي الْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً عَنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ لَهُ رَدُّهَا، فَإِنْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً، وَكَذَا فِي عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ عَبَّرَ بِالْأَيَّامِ. وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَلْبَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَأْخُذُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذْ لَمْ تَكُنْ فِي رِوَايَتِهِ، لَكِنْ هُوَ مَعْنَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 164 وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ، وَوَارِثٍ رَقِيقًا فَقَطْ: بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ،   [منح الجليل] الثَّلَاثِ حَلَبَاتٍ، وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ. وَقَالَ فِي تَنْبِيهَاتِهِ: لَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إذْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَتِهِ وَجَعَلَهَا الْمُخَالِفُونَ أَصْلًا فِي أَجَلِ الْخِيَارِ وَمَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَرَ لَهُ أَجَلًا مَحْدُودًا إلَّا بِقَدْرِ مَا تُخْتَبَرُ فِيهِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَقَدْ تَكُونُ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُرَادَ بِهَا ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ وَهُوَ نِهَايَةُ مَا تُخْتَبَرُ بِهِ الْمُصَرَّاةُ. اهـ. فَكَأَنَّ عج وَمَنْ مَعَهُ غَابَ عَنْهُمْ هَذَا كُلُّهُ الْبُنَانِيُّ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ بِالْحَلْبِ الْمُعْتَادِ كَبُكْرَةٍ وَعَشِيَّةٍ مَثَلًا. الثَّانِي: ابْنُ عَاشِرٍ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَجَدْتُهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ لِتَصْرِيحِهَا بِالتَّفْصِيلِ، وَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: مَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً إلَخْ إذَا حُلِبَتْ بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي. وَأَمَّا إذَا حُلِبَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَلَهُ رَدُّهَا إذَا قَدِمَ، وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا بِصَاعٍ فَقَطْ وَمَا زَادَ خَرَاجٌ بِالضَّمَانِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَمَحِلُّهُ فِي حَلْبِهَا فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ فَحَلْبُهَا فِيهِ لَا يَمْنَعُ رَدَّهَا وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي. . (وَمَنَعَ مِنْهُ) أَيْ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ (بَيْعُ حَاكِمٍ) عَلَى مَدِينٍ مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ أَوْ غَانِمِينَ لِقِسْمَةِ ثَمَنِهِ بَيْنَهُمْ (وَ) بَيْعُ (وَارِثٍ) لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمَيِّتِ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ، وَمَفْعُولُ بَيْعُ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (رَقِيقًا) وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِحَاكِمٍ وَوَارِثٍ أَيْ لَا غَيْرِهِمَا وَلِلرَّقِيقِ أَيْ لَا غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى اعْتِبَارِ بَيْعِ الْمِيرَاثِ فَفِي كَوْنِهِ مَا بِيعَ مِنْهُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ أَوْ وَمَا بِيعَ لِقَسْمِ الْوَرَثَةِ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ عَنْ غَيْرِهِ (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (أَنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (إرْثٌ) . الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ كَالْمُدَوَّنَةِ وَنَصَبَهَا وَبَيْعُ السُّلْطَانِ الرَّقِيقَ فِي الدُّيُونِ وَالْمَغْنَمِ وَغَيْرِهِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ، وَكَذَا بَيْعُ الْمِيرَاثِ فِي الرَّقِيقِ إذْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَرَاءَةَ. اهـ. فَظَاهِرُهَا أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حَاكِمٌ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْوَارِثِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكَادُ يَخْفَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 165 وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا،.   [منح الجليل] لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى حَمْلِ الْمُصَنِّفِ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَخُيِّرَ وَمُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا إذَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مَنْ الْحَاكِمِ التَّخْيِيرُ عِنْدَ جَهْلِهِ أَنَّهُ حَاكِمٌ، فَلَوْ أَرَادَ ظَاهِرَهَا لَقَالَ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ خَاصًّا بِالْوَارِثِ، وَبَقِيَ قَوْلُهُ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلِذَا حَمَلَ " ق " وَغَيْرُهُ كَلَامَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": بَيْعُ الْمِيرَاثِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَحْبِسَ بِلَا عُهْدَةٍ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُتَوَلِّيهِ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ مُفْلِسٍ. اهـ. فَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا، وَبِهِ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ حَقِيقَةَ الْبَيَانِ وَحُصُولَ الْعِلْمِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِمَا، إذْ الْمُرَادُ حُصُولُ الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ الْمَدَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ، وَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ تت هُوَ الصَّوَابُ وَرَدُّ عج عَلَيْهِ غَيْرُ صَوَابٍ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: شَرْطُ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ عَدَمُ عِلْمِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ الْعَيْبَ، فَإِنْ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ فَلَيْسَ بَيْعُهُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ. الثَّانِي: مَفْهُومُ رَقِيقًا فَقَطْ أَنَّ بَيْعَهُمَا غَيْرَهُ مِنْ عَرْضٍ وَدَابَّةٍ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ وَلَوْ شَرَطَهَا فَلَا يَنْفَعُ شَرْطُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ إذَا ظَهَرَ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَى الْبَرَاءَةِ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ سَبَبِ عُيُوبِ الْمَبِيعِ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْبَرَاءَةُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ. (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ (مُشْتَرٍ) رَقِيقًا مِنْ حَاكِمٍ أَوْ وَارِثٍ (ظَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (غَيْرَهُمَا) أَيْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 166 وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ،.   [منح الجليل] وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ. الْبُنَانِيُّ وَصَوَابُهُ مُشْتَرٍ جَهِلَهُمَا لِيَشْمَلَ عَدَمَ ظَنِّهِ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَتَنْفَعُهُ دَعْوَاهُ جَهْلَهُمَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ جَهْلَ الْحُكْمِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ. (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (تَبَرِّي غَيْرِهِمَا) أَيْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ (فِي) بَيْعِ (هـ) أَيْ الرَّقِيقِ (مِمَّا) أَيْ عَيْبٍ (لَمْ يَعْلَمْ) هـ الْبَائِعُ الْمُتَبَرِّي مِنْهُ فَلَا يَرُدُّ بِهِ إنْ ظَهَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ (إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ عِنْدَ بَائِعِهِ حُدَّتْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِهِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ وَجَوَّزَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا أَخْفَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى إخْفَاءِ عُيُوبِهِ وَإِظْهَارِ بَرَاءَتِهِ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ أَوْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ تَبَرِّيهِ مِنْ عُيُوبِهِ، وَمَتَى ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ. وَمَفْهُومٌ فِيهِ أَنَّ تَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ الْعَقْلُ وَعَدَمُهُ، فَالرَّقِيقُ يُمْكِنُهُ كَتْمُ عُيُوبِهِ لِرَغْبَتِهِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِ بَعْضِ سَادَاتِهِ وَإِظْهَارُهَا لِكَرَاهَتِهِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ، فَظُهُورُ الْعَيْبِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَدْلِيسِ بَائِعِهِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيُّ لَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ إنْ أَسْلَفَ رَقِيقًا وَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبِهِ كَانَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا اهـ. وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ التَّبَرِّي فِيهِ إلَّا إذَا وَقَعَ التَّبَرِّي فِي قَضَائِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لِتُهْمَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَهِيَ تَرْجِعُ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا. وَالثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَرُدُّ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ عَالِمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَجَبَ حَلِفُهُ مَا عَلِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُبْتَاعُ عِلْمَهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَفِي كَوْنِ حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَنَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ أَوْ نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا قَوْلَا ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ مُتَعَقِّبًا قَوْلَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ فِي الْبَرَاءَةِ بِمَا عَلِمَ. وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الثَّانِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 167 وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ. .   [منح الجليل] وَإِذَا عَلِمَهُ) أَيْ الْبَائِعُ عَيْبَ مَبِيعِهِ حَاكِمًا كَانَ أَوْ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُمَا (بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ وُجُوبًا (أَنَّهُ) أَيْ الْعَيْبَ (بِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (وَوَصَفَهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي وَصْفًا شَافِيًا بَعْدَ إعْلَامِهِ بِهِ إنْ كَانَ خَفِيًّا كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ كَاشِفًا حَقِيقَتَهُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُغْتَفَرُ وَمِنْهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ (أَوْ أَرَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِمَّا يُرَى كَقَطْعٍ وَكَيٍّ (وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ حِينَ بَيَانِهِ بِأَنَّهُ يَذْكُرُهُ وَحْدَهُ مُفَصَّلًا بِأَنْ يَقُولَ: يَسْرِقُ كَذَا مِنْ كَذَا أَوْ يَأْبَقُ إلَى كَذَا وَيَغِيبُ كَذَا، ثُمَّ يَأْتِي بِنَفْسِهِ أَوْ يُؤْتَى بِهِ إذَا خَافَ مَثَلًا أَوْ بِلَا سَبَبٍ، أَوْ يَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ مَرَّةٍ أَوْ يَزْنِي بِالْإِمَاءِ فَقَطْ أَوْ بِالْحَرَائِرِ أَوْ مُطْلَقًا، فَإِنْ أَجْمَلَهُ وَحْدَهُ كَسَارِقٍ أَوْ آبِقٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَسَارِقٍ زَانٍ وَفِيهِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يَكْفِي. الْبِسَاطِيُّ نُكْتَةٌ تَمَسَّكَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِمْ إذَا أَجْمَلَ لَا يُفِيدُ فَقَالَ: لَا يُفِيدُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ سَرَقَ دِرْهَمًا وَنَازَعْتُهُ، وَقُلْت: إنَّهُ يُفِيدُ فِيمَا يَسْرِقُ عَادَةً لَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ نَقَّبَ أَوْ أَتَى مِنْ ذَلِكَ بِالْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ فَلَا يُفِيدُ وَمَاتَ وَلَمْ يَرْجِعْ وَأَنَا بَاقٍ عَلَى قَوْلِي لَمْ أَرْجِعْ عَنْهُ اهـ. الْحَطّ مَا قَالَهُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّوَادِرِ كَالصَّرِيحِ فِيهِ، وَنَصُّهَا مَنْ بَاعَ بَعِيرًا فَتَبَرَّأَ مِنْ دَبَرَاتِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُنْغَلَّةً مُفْسِدَةً لَمْ يُبَرَّأْ أَوْ إنْ أَرَاهُ إيَّاهَا حَتَّى يَذْكُرَ مَا فِيهَا مِنْ نَغَلٍ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا إنْ تَبَرَّأَ فِي عَبْدٍ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ إبَاقٍ وَالْمُبْتَاعُ يَظُنُّ إبَاقَ لَيْلَةٍ أَوْ إلَى مِثْلِ الْعَوَالِي أَوْ سَرِقَةَ رَغِيفٍ فَيُوجَدُ يَنْقُبُ، أَوْ أَبَقَ إلَى مِثْلِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ فَلَا يُبَرَّأُ حَتَّى يُبَيِّنَ أَمْرَهُ. اهـ. مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ يَأْبَقُ لَيْلَةً أَوْ يَسْرِقُ رَغِيفًا بَرِئَ، وَفِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ مِنْهُ فَاحِشٌ وَمِنْهُ خَفِيفٌ فَلَا يُبَرَّأُ مِنْ فَاحِشَةٍ حَتَّى يَصِفَ تَفَاحُشَهُ مِنْ ذَلِكَ الْإِبَاقُ أَوْ السَّرِقَةُ أَوْ الدَّبَرَةُ بِالْبَعِيرِ وَمِثْلُهُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ كَيٍّ أَوْ آثَارٍ بِالْجَسَدِ أَوْ مِنْ عُيُوبِ فَرْجٍ فَيُوجَدُ مُتَفَاحِشًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الرَّدُّ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُيُوبِ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. اهـ. وَفِيهَا وَإِذَا تَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَمِنْهَا الْمُتَفَاحِشُ لَمْ يُبَرَّأْ حَتَّى يَذْكُرَ أَيَّ عَيْبٍ إلَّا مِنْ الْيَسِيرِ، فَإِنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 168 وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمِلَ الْعَوْدَ وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ وَالْأَحْسَنُ، أَوْ بِالْمَوْتِ فَقَطْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ،.   [منح الجليل] يُبَرَّأُ. اهـ. وَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْعُيُوبَ كُلَّهَا كَثِيرَةً وَقَلِيلَةً وَهُوَ يَعْلَمُ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ وَسُكَّرًا فِي مَاءٍ فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا فِي شَيْءٍ، فَفِيهَا مَنْ أَكْثَرَ فِي بَرَاءَتِهِ ذِكْرَ أَسْمَاءِ الْعُيُوبِ لَمْ يُبَرَّأْ إلَّا مِنْ عَيْبٍ يُرِيهِ إيَّاهُ وَيُوقِفُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ إنْ شَاءَ اهـ. . (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (زَوَالُهُ) أَيْ الْعَيْبِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ (إلَّا) عَيْبًا (مُحْتَمِلَ الْعَوْدِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الرُّجُوعِ بَعْدَ زَوَالِهِ، كَبَوْلٍ بِفَرْشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ، وَسَلَسِ بَوْلٍ، وَسُعَالٍ مُفْرَطٍ، وَاسْتِحَاضَةٍ، وَنُزُولِ دَمٍ مِنْ قُبُلِ ذَكَرٍ، وَبَيَاضِ عَيْنٍ، وَنُزُولِ مَاءٍ مُسْتَمِرٍّ، وَجُذَامٍ، وَبَرَصٍ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: إنَّهُ يَعُودُ، فَإِنَّ زَوَالَهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ: عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُبَيِّنَ حُصُولَ الْبَوْلِ فِي الْفَرْشِ وَإِنْ انْقَطَعَ لِأَنَّ عَوْدَتَهُ لَا تُؤْمَنُ وَابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ انْقَطَعَ الْبَوْلُ عَنْ الْجَارِيَةِ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْخُيُولُ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْبَوْلِ فَإِذَا انْقَطَعَ انْقِطَاعًا بَيِّنًا مَضَى لَهُ السُّنُونَ الْكَثِيرَةُ فَمَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ، وَأَمَّا انْقِطَاعٌ لَا يُؤْمَنُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ اهـ (وَفِي زَوَالِهِ) أَيْ عَيْبِ التَّزَوُّجِ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) لِلْعَبْدِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الزَّوْجِ لِلْأَمَةِ الَّذِي دَخَلَ بِهَا إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِيهِ أَيْضًا، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجَ لَشَمِلَهُمَا وَيَقُولُ: وَطَلَاقُهُ أَيْ الزَّوْجِ الشَّامِلُ لَهُمَا بِإِضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا عَيْبُ الزَّوْجِيَّةِ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يَذْهَبُ بِارْتِفَاعِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ لَا؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ (وَطَلَاقِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَكَالطَّلَاقِ لِلْفَسْخِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَهُوَ) أَيْ الزَّوَالُ بِالْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ (الْمُتَأَوَّلُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الَّذِي فَهِمْت الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ فَضْلٍ (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ فِي قَوْلِهَا وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا رَدَّ لَهُ بِمَا زَالَ مِنْ زَوْجِيَّةٍ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ. (أَوْ) يَزُولُ (بِالْمَوْتِ فَقَطْ) دُونَ الطَّلَاقِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 169 أَوْ لَا، أَقْوَالٌ. وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يُنَقِّصُ؛ كَسُكْنَى الدَّارِ. .   [منح الجليل] عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ التَّعَلُّقَ دُونَ الطَّلَاقِ. الْحَطّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ رَائِعَةً أَمْ لَا وَفِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَوْتِ دُونَ الطَّلَاقِ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَائِعَةً أَيْ فِي الْمَوْتِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ (أَوْ لَا) يَزُولُ عَيْبُ التَّزَوُّجِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". الْبِسَاطِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ هَذَا (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ فِي التَّزَوُّجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بِدُونِ تَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مَعَ الْوَطْءِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ مَعَ تَسَلُّطٍ عَلَيْهِ فَلَا يَزُولُ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ وَلَا بِإِذْنِهِ بِدُونِ تَسَلُّطٍ وَوَطْءٍ فَيَزُولُ بِأَحَدِهِمَا اتِّفَاقًا. وَأَشْعَرَ فَرْضُهَا فِي التَّزَوُّجِ أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ أَمَةً وَوَطِئَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ عِنْدَ بَيْعِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ التُّونُسِيُّ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَرَيَانِ عِلَّةِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ فِيهِ. . (وَ) مَنَعَ رَدَّ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (مَا) أَيْ شَيْءٌ (يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْ الْمُشْتَرِي بِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ صَرَاحَةً أَوْ ظُهُورًا مِنْ قَوْلٍ كَرَضِيتُ أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَكِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِجَارَةٍ وَإِسْلَامٍ لِصَنْعَةٍ (إلَّا مَا) أَيْ شَيْئًا (لَا يُنَقِّصُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً، أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمَبِيعَ. الْبُنَانِيُّ الِاسْتِثْنَاءُ هُنَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا لَا يُنَقِّصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ دَلَّ عَلَيْهِ لَمَنَعَ الرَّدَّ، وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِ " ز " وَغَيْرِهِ أَنَّ الِاسْتِغْلَالَ إمَّا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْخِصَامِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ رِضًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ رِضًا مُطْلَقًا، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ كَانَ مُنَقِّصًا كَالرُّكُوبِ فَهُوَ رِضًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَقِّصٍ فَلَيْسَ رِضًا (كَسُكْنَى الدَّارِ) بِنَفْسِهِ أَوْ إسْكَانِهَا غَيْرَهُ عَلَى مَا يُقَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَوَقْفٍ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكِتَابِ وَاغْتِلَالَ الْحَائِطِ زَمَنَ الْخِصَامِ، أَيْ أَنَّهُ يُخَاصِمُ الْبَائِعَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَكَذَا مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ إلَّا لِطُولِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ فَلَا يَرُدُّ بَعْدَهُ كَسُكْنَى دَارٍ وَاغْتِلَالِ حَائِطٍ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْخِصَامِ وَكَاسْتِعْمَالِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 170 وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي كَالْيَوْمِ، لَا كَمُسَافِرٍ اضْطَرَّ لَهَا أَوْ تَعَذَّرَ   [منح الجليل] دَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ وَلَوْ فِي زَمَنِهِ فَرَضِيَ لِأَنَّ شَأْنَهُ التَّنْقِيصُ بِخِلَافِ السُّكْنَى وَنَحْوِهَا، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْفَسْخِ لَهُ لِأَنَّهُ فِي غَلَّةٍ لَا تُنْقِصُ كَلَبَنٍ، وَفِي غَلَّةٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مُنَقِّصَةٍ أَمْ لَا لَا فِيمَا يُنَقِّصُ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ وَلَا فِي الَّتِي لَا تُنَقِّصُ قَبْلَ الْخِصَامِ وَبَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ. . (وَ) إنْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ شِرَائِهِ وَسَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا بِعَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ رِضًا بِهِ (حَلَفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّ سُكُوتَهُ لَيْسَ رِضًا (إنْ سَكَتَ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَ الْمَبِيعِ عَنْ رَدِّهِ (بِلَا عُذْرٍ) مَانِعٍ لَهُ مِنْ رَدِّهِ (فِي الْيَوْمِ) وَنَحْوِهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ نَكَلَ فَلَا، فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَضَى بَعْدَ عِلْمِهِ، وَقْتٌ يَرُدُّ فِي مِثْلِهِ وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ رَاضِيًا لِقُرْبِهِ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ رِضًا وَلَا كَانَ إلَّا عَلَى الْقِيَامِ، وَمَفْهُومُ فِي الْيَوْمِ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ زَمَنًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ فَلَا يَرُدُّ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ لِعُذْرٍ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. (لَا) يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي سَفَرٍ وَنَحْوُهُ رُكُوبٌ (كَمُسَافِرٍ) وَمُكْرَهٍ (اُضْطُرَّ) الْمُسَافِرُ أَوْ نَحْوُهُ (لَهَا) أَيْ الدَّابَّةِ فِي الرُّكُوبِ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَضْطَرَّ لِرُكُوبِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهَا، فَفِي الشَّامِلِ وَعُذِرَ مُسَافِرٌ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَّا فِيمَا قَرُبَ وَخَفَّتْ مُؤْنَتُهُ وَنُدِبَ لَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّ رُكُوبَهَا لَيْسَ رِضًا مِنْهُ بِعَيْبِهَا. اهـ. وَالرَّقِيقُ كَالدَّابَّةِ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لِلرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدًّا مِنْ رُكُوبِهَا أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا فِي سَفَرِهِ أَوْ غَزْوِهِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَرْكَبُهَا أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ مَا يَرْكَبُهُ أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَلَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ رُكُوبَ الدَّابَّةِ فِي الْحَضَرِ بَعْدَ عِلْمِ عَيْبِهَا رَدَّهَا إنْ (تَعَذَّرَ) بِفَتَحَاتٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 171 قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ؛ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ   [منح الجليل] مُثَقَّلًا (قَوْدُهَا) أَيْ الدَّابَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ لِصُعُوبَتِهَا أَوْ كَوْنِ مُشْتَرِيهَا مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ (لِ) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) أَيْ غَيْرِ مُسَافِرٍ رَكِبَهَا لِمَحِلِّهِ مَثَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهَا. وَأَمَّا رُكُوبُهَا لِرَدِّهَا فَلَا يَمْنَعُ رَدَّهَا وَلَوْ تَيَسَّرَ قَوْدُهَا (فَإِنْ) عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَوَجَدَهُ قَدْ (غَابَ بَائِعُهُ) عَنْ الْبَلَدِ (أَشْهَدَ) الْمُشْتَرِي عَدْلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ الْحَاضِرِ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ رَدِّ الْمُقَدَّرِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ لَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ (أَعْلَمَ) الْمُشْتَرِي (الْقَاضِيَ) بِشَأْنِهِ الْحَطّ نَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالذَّخِيرَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ إشْهَادَهُ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ فِي سُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ إنْ قَدِمَ رَبُّهُ، وَأَنَّهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ يَرُدُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ، فَإِنَّهُ يُرْفَعُ لِلْقَاضِي، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُرْفَعْ لَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا قَدِمَ وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ، وَنَصُّهُ وَغَيْبَةُ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُبْتَاعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَقَامَ بِيَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِغَيْبَةِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِسُلْطَانٍ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَيْبِهِ، وَيُعْذَرُ بِغِيبَةِ الْبَائِعِ لِنَقْلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَلِأَنَّهُ يَرْجُو مُوَافَقَةَ الْبَائِعِ إنْ قَدِمَ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ اسْتَشْهَدَ شَهِيدَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ إشْهَادَهُ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ فِي سُقُوطِ يَمِينِهِ إنْ قَدِمَ بَائِعُهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَلَهُ الْقِيَامُ فِي غَيْبَتِهِ أَنَّ لَهُ عَدَمَ الْقِيَامِ. وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْ وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ إذَا حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِالرِّضَا وَقَالَ: إنَّ مُخَبِّرًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ بِلَا كَلَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عب فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلِهِ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَرُدَّ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ إنْ هَلَكَ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ هَلَكَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ إلَّا بِالرِّضَا بِرَدِّهِ أَوْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ حَاكِمٍ إنْ حَضَرَ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ، وَقَبْلَ ذَلِكَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ إذَا قَدِمَ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَخْبَرَنِي بِهِ مُخْبِرٌ فَيُسْتَثْنَى الْغَائِبُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا الرِّضَا إلَخْ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 172 فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ: كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ:   [منح الجليل] وَعَطَفَ عَلَى أَعْلَمُ قَوْلَهُ (فَتَلَوَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلٍ الْوَاوُ أَيْ تَرَبَّصَ الْقَاضِي زَمَنًا يَسِيرًا (فِي) الْحُكْمِ بِالرَّدِّ عَلَى بَائِعٍ (بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) بِأَنْ كَانَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ (إنْ رُجِيَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (قُدُومُهُ) أَيْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ مِنْ غَيْبَتِهِ. " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى أَنَّ رَجَاءَ قُدُومِهِ شَرْطٌ فِي التَّلَوُّمِ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ، وَمَفْهُومُ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَنَّ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَالْحَاضِرِ أَفَادَهُ " غ " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا. وَشَبَّهَ فِي التَّلَوُّمِ فَقَالَ: (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ (قُدُومُهُ) أَيْ الْغَائِبِ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مَرْوَانَ بْنِ مَالِكٍ مِنْ أَئِمَّةِ قُرْطُبَةَ فَكَّ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَهَا. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ: مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى تَزِيدَ الْبَيِّنَةُ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَيَقُولُونَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَهَذَا مُحَالٌ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ مَنْ قَالَ: لَا أَعْلَمُ حَيْثُ غَابَ أَنْ يَزِيدَ مَغِيبًا بَعِيدًا، فَيُجْعَلُ عَالِمًا مَنْ قَدْ انْتَفَى مِنْ عِلْمِهِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو الْأَصْبَغِ عَلَى صِحَّةِ مَا صَوَّبَ بِمَسَائِلَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا سَمِعَهُ وَبَسَطَهَا فِي نَوَازِلِهِ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَفَادَهُ " غ ". (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِيهَا التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ الْقُدُومَ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ (نَفْيُ) أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ (التَّلَوُّمِ) لِمَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ. " غ " أَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُتَيْطِيُّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ قُضِيَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّلَوُّمَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْهَا (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ مَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ الَّذِي سَكَتَ فِيهِ عَنْ التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ قُدُومُهُ (عَلَى الْخِلَافِ) لِمَا فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ التَّلَوُّمِ لَهُ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 173 تَأْوِيلَانِ. ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ   [منح الجليل] قَوْلِهِ وَأَمَّا الْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَيُتَلَوَّمُ لَهُ إذَا كَانَ يَطْمَعُ بِقُدُومِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَبْدِ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وَيَقْضِي الْمُبْتَاعُ ثَمَنَهُ الَّذِي نَقَدَ بَعْدَ أَنْ تَقُولَ: بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا، فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ وَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ اهـ، فَحَمَلَهُمَا بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَى الْخِلَافِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ: الْمَوْضِعَانِ مُتَّفِقَانِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَتَلَوَّمُ لَهُ الْإِمَامُ إنْ طَمِعَ بِقُدُومِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ضَيْعَةً، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَطْمَعْ بِقُدُومِ الْغَائِبِ بَاعَ الْعَبْدَ. اهـ. فَقَوْلُهُ نَفْيُ التَّلَوُّمِ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، أَيْ ذِكْرُ التَّلَوُّمِ، وَلَوْ قَالَ: وَفِيهَا أَيْضًا السُّكُوتُ عَنْ التَّلَوُّمِ لَكَانَ أَبْيَنَ أَوْ الْوِفَاقُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (تَأْوِيلَانِ) الْبُنَانِيُّ وَنَحْوُ مَا لِلْمُتَيْطِيِّ لِأَبِي الْحَسَنِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، وَرَدَّهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ التَّصْرِيحَ بِنَفْيِ التَّلَوُّمِ، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا بِكَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ كَانَ يَطْمَعُ بِقُدُومِهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُضِيَ عَلَيْهِ، قَالَ مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: إنَّهُ يُتَلَوَّمُ لِلْغَائِبِ إنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ. وَقَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ: إنْ كَانَ قَرِيبًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِيهِ وَكَتَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِيعَ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ، لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ: إنْ كَانَ قَرِيبًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا تَزَوَّجَتْ مَكَانَهَا وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَأَسْقَطَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ التَّلَوُّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ، وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ فِي جَوَابِهِ فِي التَّلَوُّمِ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ اهـ بِلَفْظِهِ فَأَنْتَ تَرَى الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ بِعَدَمِ الِانْتِظَارِ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّلَوُّمِ، فَقَوْلُهُ وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ مَعْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَتَأَتَّى التَّوْفِيقُ مَعَهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِ زَمَنِ التَّلَوُّمِ (قَضَى) الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ (إنْ أَثْبَتَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 174 عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً، وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا.   [منح الجليل] الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي (عُهْدَةً) أَيْ شِرَاءَهُ الْمَبِيعَ بِهَا أَيْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عَيْبِ الرَّقِيقِ وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالنَّفْيِ لِتَعَلُّقِهِ بِمُعَيَّنٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ الْإِسْلَامِ وَهِيَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقِيلَ: وَالْعَيْبُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا لَا تَنْفَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يُعْمَلُ بِتَبَرِّيهِ مِنْهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ شِرَائِهِ عَلَيْهَا (مُؤَرَّخَةً) أَيْ الْعُهْدَةُ، وَفِي نِسْبَةِ التَّارِيخِ لَهَا تَجَوُّزٌ إذْ الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً الشِّرَاءُ لِيُعْلَمَ مِنْ تَارِيخِهَا قِدَمُ الْعَيْبِ أَوْ حُدُوثُهُ. (وَ) أَثْبَتَ أَيْضًا (صِحَّةَ الشِّرَاءِ) خَوْفَ دَعْوَى الْبَائِعِ إذَا حَضَرَ فَسَادَهُ فَيُكَلِّفُهُ الْيَمِينَ بِصِحَّتِهِ (إنْ لَمْ يَحْلِفْ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِمَا بِبَيِّنَةٍ، زَادَ الْمُوَثَّقُونَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْدِمْ الرَّقِيقَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَقَدَهُ وَأَنَّهُ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَهُ جَمْعُ هَذِهِ الْفُصُولِ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ، وَمَفْهُومُ عَلَيْهِمَا أَنَّ التَّارِيخَ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا مِلْكُ بَائِعِهِ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَيَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الرِّضَا إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 175 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ عَهْدَ تَشَرُّطٍ فِي قَوْلِهِ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ لِأَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُوجِبَاتِ. أَبُو الْحَسَنِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ وَثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ أَحَدُهَا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ ابْتَاعَ، الثَّانِي: مِقْدَارُ الثَّمَنِ. الثَّالِثُ: نَقْدُهُ. الرَّابِعُ: أَمَدُ التَّبَايُعِ. الْخَامِسُ: ثُبُوتُ الْعَيْبِ. السَّادِسُ: أَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ. السَّابِعُ: أَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ. الثَّامِنُ: ثُبُوتُ الْغَيْبَةِ التَّاسِعُ: بُعْدُهَا. وَأَمَّا الْأَيْمَانُ الثَّلَاثَةُ فَحَلِفُهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّأْ إلَيْهِ مِنْ الْعَيْبِ وَلَمْ يُبَيِّتْهُ لَهُ وَلَا أَرَاهُ إيَّاهُ فَرَضِيَهُ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عَلِمَهُ وَلَهُ جَعْلُهَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ. الثَّانِي: زَادَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِلْكَ بَائِعُهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الشِّرَاءِ. الثَّالِثُ: مَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَقَدَهُ الثَّمَنَ إذَا لَمْ يَمْضِ مِنْ الزَّمَنِ مَا لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ قَبْضَهُ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ كَعَامٍ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَعِشْرِينَ عَامًا وَنَحْوِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. الرَّابِعُ: " د " لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ يَكُونُ فِي الْفَاسِدِ أَيْضًا فَلِمَ أُلْزِمَ الْمُشْتَرِي إثْبَاتَ صِحَّةِ شِرَائِهِ أَوْ الْحَلِفَ عَلَيْهَا. الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قُلْت: إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ وَأَرَى إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ بَيْعًا حَرَامًا وَنَقَدَ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةٍ سَوْقُ حُكْمٍ فِيهِ كَالصَّحِيحِ، وَإِنْ فَاتَ جَعَلَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ مَتَى الْتَقَيَا. اهـ. وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ. وَفِي النُّكَتِ إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ فَاسِدًا وَفَاتَ الْمَبِيعُ وَحُكِمَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا فَضْلٌ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُهُ بَلْ يُبْقِيهِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَحْكُمُ لِلْغَائِبِ فِي أَخْذِ دُيُونِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، أَوْ يَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ: لَا أُرِيدُ بَقَاءَهُ فِي ذِمَّتِي. اهـ. وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ. . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 176 وَفَوْتُهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ. .   [منح الجليل] (وَ) مَنَعَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (فَوْتُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ (حِسًّا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ السِّينِ، أَيْ فَوْتًا مَحْسُوسًا بِتَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ حُكْمًا (كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ) وَتَنْجِيزِ عِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَتَعَيَّنَ لَهُ الْأَرْشُ، وَهُوَ لِلْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ إذْ لَمْ يَهَبْ أَوْ يَتَصَدَّقْ إلَّا بِالْمَبِيعِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ حِسًّا بِتَلَفٍ أَوْ حُكْمًا بِعِتْقٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ فَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلُ كَوْنِهِ عَبْدًا فَيَمُوتُ أَوْ يَقْتُلُهُ الْمُشْتَرِي خَطَأً أَوْ يَغْصِبُ مِنْهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ هِبَتِهِ أَوْ عِتْقِهِ، فَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ عَيْبِهِ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِعَقْدٍ آخَرَ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَالْأَرْشُ أَيْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ فَفَوْتٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ هِبَةِ الثَّوَابِ إذْ هِيَ كَالْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ وَعِيسَى: الْأَرْشُ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ. وَفِي الشَّامِلِ لَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِمَرَضِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ أَوْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ صَحَّ أَوْ عَجَزَ فَاتَ اهـ. إذَا فَاتَ وَوَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ (فَيُقَوَّمُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً الْمَبِيعُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا حَالَ كَوْنِهِ (سَالِمًا) مِنْ الْعَيْبِ بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَ) حَالَ كَوْنِهِ (مَعِيبًا) بِثَمَانِينَ مَثَلًا (وَيُؤْخَذُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ (بِ) مِثْلِ (النِّسْبَةِ) لِمَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا (مِنْ الثَّمَنِ) وَهُوَ الْخُمُسُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا صَحِيحًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَقَدْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَالنَّظَرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 177 وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ، وَرَدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ: كَعَوْدِهِ لَهُ بِعَيْبٍ.   [منح الجليل] إذْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَ بَائِعهَا إنْ كَانَتْ لَا تَتَوَاضَعُ وَبِيعَتْ عَلَى الْقَبْضِ. . (وَ) لَوْ عَلَّقَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ حَقًّا لِغَيْرِهِ بِرَهْنِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ إجَارَتِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ الَّذِي لَهُ رَدُّهُ بِهِ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَبِيعُ (فِي) صُورَةِ (رَهْنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ (وَ) فِي صُورَةِ (إجَارَتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهَا كَإِخْدَامِهِ وَإِعَارَتِهِ، وَصِلَةُ وُقِفَ (لِخَلَاصِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ مِنْ الرَّهْنِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ أَوْ تَمَامِ عَمَلِ الْإِجَارَةِ أَوْ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِخْدَامِ وَالْإِعَارَةِ (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ لِبَائِعِهِ بَعْدَ خَلَاصِهِ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمَبِيعُ وَهُوَ مَرْهُونٌ أَوْ مُؤَجَّرٌ مَثَلًا، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى فِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ إلَخْ. الْحَطّ حُكْمُ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَهِبَةِ الثَّوَابِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ حَتَّى تَعُودَ لَهُ السِّلْعَةُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْأُمِّ: وَالرَّهْنُ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ إذَا أَصَابَ الْعَيْبُ بَعْدَهُنَّ أَوْ أَجَّرَ فَلَا أَرَاهُ فَوْتًا، وَمَتَى رَجَعَتْ إلَيْهِ بِافْتِكَاكِ الرَّهْنِ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِجَارَةِ فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ كَانَتْ بِحَالِهَا، فَإِنْ دَخَلَهَا عَيْبٌ مُفْسِدٌ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهَا اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُشْهِدَ الْآنَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِنَّ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ رَدٌّ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ، أَمَّا لَوْ قَامَ عَلَيْهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ لِيَدِهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِخُرُوجِ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ أُصُولِهِمْ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ قَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ فَارْتَفَعَ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِهَا. وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَقَالَ: (كَعَوْدِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيْعِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ، وَصِلَةُ عَوْدِهِ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 178 أَوْ مِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ: كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ؛ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا،.   [منح الجليل] عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِعُهْدَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَوْ بِتَفْلِيسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ (أَوْ) عَوْدُهُ لَهُ (بِمِلْكٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ (مُسْتَأْنَفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ (كَبَيْعٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ لِأَرُدَّهُ عَلَيْكَ (أَوْ هِبَةٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَهُ (أَوْ إرْثٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. (فَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ (لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِالْعَيْبِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِبَيْعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ، وَبِعَدَمِ تَدْلِيسِ بَائِعِهِ مَا دَامَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهَا، وَإِنْ اشْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ بِعْتَهُ فَادَّعَيْت بَعْدَ بَيْعِهِ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ بِالْعَبْدِ عِنْدَ بَائِعِهِ مِنْكَ فَلَيْسَ لَكَ خُصُومَتُهُ الْآنَ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَمْ أُرْجِعْكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَإِنْ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَيْكَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَكَ الْقِيَامُ بِعَيْبِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ وَهَبَهُ لَكَ مُشْتَرِيهِ مِنْكَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لَرَجَعَ عَلَيْك بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِعْت بِهِ مِنْهُ ثُمَّ لَك رَدُّهُ عَلَى بَائِعِكَ الْأَوَّلِ وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِكَ مِنْهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُحَاسِبُكَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضْت مِنْ وَاهِبِكَ بَعْدَ الَّذِي رَدَدْت إلَيْهِ مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِك إنَّمَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ. أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا وَلَا كَلَامَ لَهُ، أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ فَوَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِثَمَنِهِ الَّذِي دَفَعَهُ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَلِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فَبَيْعُهُ رِضًا مِنْهُ بِعَيْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالنَّقْصُ لِحَوَالَةِ السُّوقِ لَا لِلْعَيْبِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ مِثْلَ بَيْعِهِ بِهِ ظَانًّا حُدُوثَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَبَاعَهُ وَكِيلُهُ ظَانًّا ذَلِكَ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ الْمُصَنِّفُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ غَيْرُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْجَلَّابِ عَلَى أَنَّهُ تَقْيِيدٌ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ قَوْلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 179 أَوْ لَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ؛ فَلَا رُجُوعَ: وَإِلَّا رَدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ. . وَلَهُ بِأَقَلَّ كَمَّلَ،.   [منح الجليل] مُحَمَّدٍ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. (أَوْ) بَاعَهُ الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ بَائِعِهِ (بِمِثْلِ ثَمَنِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْآنَ سَوَاءٌ بَاعَهُ لَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ دَلَّسَ أَمْ لَا، لَكِنَّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ رَدَّهُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ فِي بَيْعِهِ إنْ بَاعَهُ لَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِهِ عِنْدَهُ (أَوْ) بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ لِبَائِعِهِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِهِ (إنْ دَلَّسَ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَيْبَ عَالِمًا بِهِ حِينَ بَيْعِهِ أَوْ لَا (فَلَا رُجُوعَ) لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِزَائِدِ الثَّمَنِ الثَّانِي عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِشِرَائِهِ عَالِمًا بِعَيْبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ حِينَ بَيْعِهِ (رَدَّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا بِشَدِّ الدَّالِ أَيْ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (ثُمَّ رُدَّ) كَذَلِكَ أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدَّهُ بِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ رِضًا بِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. . (وَ) إنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِأَقَلَّ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ (كَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ دَلَّسَ أَمْ لَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَحُجَّةٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ لِأَجْنَبِيٍّ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ فِي رُجُوعِ سِلْعَتِهِ لِيَدِهِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ بِأَقَلَّ لِبَائِعِهِ فَلَا يُكَمِّلُ لَهُ وَلَوْ دَلَّسَ لِرِضَاهُ بِهِ، فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِالرَّدِّ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ كَبَيْعِهِ لَهُ بِأَكْثَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْعَيْبِ إنَّمَا يَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ وَالشَّأْنُ اخْتِيَارُهُ الرَّدَّ إنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 180 وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ؛ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ، وَدَفْعُ الْحَادِثِ   [منح الجليل] اشْتَرَى بِأَكْثَرَ، وَالتَّمَسُّكُ إنْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ فَلِذَا عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِالرَّدِّ وَفِي الثَّانِي بِالتَّكْمِيلِ. (وَتَغَيُّرُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا أَمْ لَمْ يَخْرُجْ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ فِي ذَاتِهِ بِسَبَبِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، أَوْ فِي حَالِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالسَّرِقَةِ (إنْ تَوَسَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْمَخْرَجِ عَنْ الْمَقْصُودِ وَالْقَلِيلِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالْمَبِيعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ) مِنْ الْبَائِعِ (وَ) لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ (وَدَفْعُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْحَادِثِ) عِنْدَهُ لِبَائِعِهِ. الْحَطّ تَغَيُّرُهُ تَارَةً يَكُونُ بِنَقْصٍ وَتَارَةً بِزِيَادَةٍ وَتَارَةً بِهِمَا وَالنَّقْصُ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ: التَّغَيُّرُ يُنْقِصُ فِي قِيمَتِهِ كَحَوَالَةِ سُوقِهِ وَهَذَا لَا يُعْتَبَرُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الثَّانِي: تَغَيُّرُ حَالِهِ دُونَ بَدَنِهِ كَزَوَاجٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ. الثَّالِثُ: نَقْصُ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا وَقَسَّمَهُ إلَى خَفِيفٍ وَمُتَوَسِّطٍ وَمُفِيتٍ. الرَّابِعُ: نَقْصُ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ مِثْلُ شِرَاءِ نَخْلٍ مُثْمِرٍ قَبْلَ إبَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَبْدٍ بِمَالِهِ فَيَذْهَبُ الْمَالُ بِتَلَفٍ أَوْ ثَمَرُ النَّخْلِ بِجَائِحَةٍ، ثُمَّ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي عَيْبَهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْتَبَرُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالتَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِعِيسَى. الْخَامِسُ: نَقْصُهُ بِجِنَايَةِ الْمُبْتَاعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ذَكَرَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَالْمُنْتَقَى وَالرَّجْرَاجِيِّ، وَصَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: وَأَمَّا النَّقْصُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ أَنَّ حَوَالَتَهُ لَيْسَتْ فَوْتًا فِي الرَّدِّ بِعَيْبِ الْمُشْتَرِي إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً لِابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهَا فَوْتٌ فِي الطَّعَامِ. اهـ. وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ إلَخْ وَالتَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 181 وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ.   [منح الجليل] تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: مَحَلُّ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ بِلَا أَرْشٍ وَإِلَّا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ. الثَّانِي: اسْتَثْنَى مِنْ التَّغَيُّرِ الْمُتَوَسِّطِ سِمَنَ الدَّابَّةِ الْمَعِيبَةِ بِقَدِيمٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ عَدَّهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ الْمُتَوَسِّطِ. (وَقُوِّمَا) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْعَيْبَانِ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ تَقْوِيمًا مُصَوَّرًا (بِتَقْوِيمِ) الشَّيْءِ (الْمَبِيعِ) ثَلَاثَةَ تَقْوِيمَاتٍ إنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَحْدَهُ وَمَعِيبًا بِهِمَا، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ فَقَطْ ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إذَا اُحْتِيجَ إلَى قِيمَتِهَا مَعًا أَوْ قِيمَةِ الْقَدِيمِ وَحْدَهُ يَوْمَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا الْقَدِيمِ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثِ يَوْمَ الْحُكْمِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَمْسَكَ قُوِّمَ صَحِيحًا وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ. الْمُوَضِّحُ أَيْ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِالْمَعِيبِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْقَدِيمِ حَيْثُ يُخَيَّرُ فَيَكْفِي حِينَئِذٍ تَقْوِيمَانِ يُقَوِّمُ صَحِيحًا ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَيَأْخُذُ نِسْبَةَ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا عَشَرَةً وَمَعِيبًا ثَمَانِيَةً فَقِيمَةُ الْعَيْبِ خُمُسُ الثَّمَنِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ بِخُمُسِهَا ثَلَاثَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ رَدَّ قَوَّمَ ثَالِثًا بِهِمَا، الْمُوَضِّحُ أَيْ وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ تَقْوِيمًا ثَالِثًا بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَمَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ نُسِبَ لِلْقِيمَةِ الْأُولَى، وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ الثَّمَنِ وَهَكَذَا قَالَ الْبَاجِيَّ: وَنَصُّهُ فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَالْقِيمَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا، فَإِذَا تَقَدَّمَتَا جُعِلَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَصْلًا ثُمَّ يُقَوِّمُهَا قِيمَةً ثَالِثَةً بِالْعَيْنِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَيَرُدُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 182 يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي:. وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ.   [منح الجليل] فَلَوْ قِيلَ فِي مِثَالِنَا: قِيمَتُهَا بِالْعَيْبَيْنِ سِتَّةٌ عُلِمَ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الرُّبُعَ فَيَرْجِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بِذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ اثْنَا عَشَرَ فَيَرُدُّ مَعَ الْمَعِيبِ رُبُعَ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. وَإِنْ شِئْت قُلْت يَرُدُّ خُمُسَ الثَّمَنِ. اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ. (تَنْبِيهٌ) الْحَطّ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنَّ الْعَيْبَ لَمَّا فَاتَ بَعْضُهُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يَرُدَّهُ إلَّا بِمَا نَقَصَهُ سُومِحَ فِي إمْسَاكِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ. وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُ شَيْءٍ إذَا رَدَّ الْبَاقِي، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: لَا يُخَيَّرُ فِي الْمَعِيبِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِهِ لِأَنَّهُ إنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قَبْلَ تَقْوِيمِهِ لَزِمَ شِرَاؤُهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُعْتَبَرُ التَّقْوِيمُ (يَوْمَ ضَمِنَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (الْمُشْتَرِي) أَيْ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَوْمَ الْمَبِيعِ وَلَا الْقَدِيمِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعَدَلَ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ يَحْتَاجُ لِمُوَاضَعَةٍ، وَعِبَارَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ تَشْمَلُهُ وَشِبْهَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ يُعْتَبَرُ وَقْتُ ضَمَانِ ذَاتِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبُ وَالْمَحْبُوسَةُ بِالثَّمَنِ وَالْفَاسِدُ اتِّفَاقًا وَاخْتِلَافًا. . (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (إنْ زَادَ) الْبَيْعُ عِنْدَهُ (بِكَصِبْغٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُصْبَغُ بِهِ كَزَعْفَرَانٍ. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَاشِرٍ ضَبْطَهُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا وَلَوْ فَعَلَ بِالثَّوْبِ مَا زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ مِنْ صَبْغٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ حَبْسُهُ وَأَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ رَدُّهُ، وَيَكُونُ بِمَا زَادَتْ الصَّنْعَةُ شَرِيكًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 183 أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ. .   [منح الجليل] لَهُ. اهـ. وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ الثَّوْبَ فِي الصِّبْغِ بِالْكَسْرِ وَخِيَاطِهِ وَكَمَدٍ وَكُلُّ مَا أَضَافَهُ لِلْمَبِيعِ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ أَصْلًا أَوْ إلَّا بِفَسَادٍ، وَالْمُبْتَدَأُ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لَهُ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ قَوْلِهِ (أَنْ يَرُدَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِبَائِعِهِ (وَيَشْتَرِكَ) الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ (بِ) مِثْلِ نِسْبَةِ (مَا زَادَ) مِنْ قِيمَتِهِ بِصِبْغِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ كَمَدِهِ عَلَى قِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ قُوِّمَ قُوِّمَ مَصْنُوعًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَغَيْرَ مَصْنُوعٍ بِعَشَرَةٍ شَارَكَهُ بِثُلُثِهِ دَلَّسَ بَائِعُهُ أَمْ لَا، أَوْ يَتَمَسَّكُ وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَمَفْهُومُ إنْ زَادَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ بِالصِّبْغِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَسُّكُ بِهِ، وَلَا أَرْشَ لِلْعَيْبِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ إنْ نَقَصَ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ. وَيُعْتَبَرُ لِقِيمَةِ (يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ، كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ " غ " بَعْضُهَا بِخَطِّ تت، وَفِي خَطِّهِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَنْ الْقُورِيِّ لَا الْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ زِيَادَةٌ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَزِيَادَةٌ حَالَ الْمَبِيعِ نَحْوَ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ وَتَخْرِيجٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِهِ وَهُمَا لَا يُعْتَبَرَانِ وَلَا يُوجِبَانِ خِيَارًا لِلْمُبْتَاعِ، فَفِيهَا وَلَا يُفِيتُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ حَوَالَةَ سُوقٍ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا فَعَلَّمَهُ الْبَيَانَ أَوْ صَنْعَةً نَفِيسَةً فَارْتَفَعَ ثَمَنُهُ أَوْ ابْتَاعَ أَمَةً وَعَلَّمَهَا الطَّبْخَ وَالْغَسْلَ أَوْ نَحْوَهُمَا فَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فَوْتًا، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يَرُدَّ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِمَا أَخْرَجَ فِي تَعْلِيمِهَا، وَاسْتَشْهَدَ بِنَقْلِ الْمَبِيعِ الْآتِي وَزِيَادَةٌ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ إحْدَاثِ شَيْءٍ فِيهِ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ وَكِبَرِ الصَّغِيرِ، وَبِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ مُضَافٍ إلَيْهِ كَوَلَدٍ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ سِمَنِهَا وَزِيَادَةٌ مُضَافَةٌ لِلْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، كَاكْتِسَابِ الرَّقِيقِ مَالًا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَإِثْمَارِ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، فَهَذَا لَا يُوجِبُ خِيَارًا اتِّفَاقًا، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْعَبْدِ وَمَالِهِ وَالنَّخْلِ وَثَمَرِهِ مَا لَمْ يَطِبْ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِمْسَاكِ، وَلَا شَيْءَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 184 وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ،.   [منح الجليل] لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَزِيَادَةٌ أَحْدَثَهَا الْمُشْتَرِي كَالصِّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكَمَدِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا يَنْفَصِلُ إلَّا بِفَسَادٍ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يُوجِبُ تَخْيِيرَهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ وَالْمُشَارَكَةِ اهـ. ر الْوَجْهُ الْخَامِسُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالرَّابِعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّالِثِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسِمَنِهَا " غ " وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ إذَا حَدَثَتْ زِيَادَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَاخْتَارَ التَّمَسُّكَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمَبِيعَ تَقْوِيمَيْنِ سَالِمًا ثُمَّ مَعِيبًا وَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَهُمَا لِقِيمَتِهِ سَالِمًا وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، ثُمَّ قَوَّمَ مَصْنُوعًا وَنَسَبَ مَا زَادَتْهُ الثَّانِيَةُ إلَيْهَا وَشَارَكَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِنِسْبَتِهِ فِي الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى ثَمَانِينَ وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ شَارَكَ بِتِسْعَةٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ بَيْعِهِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. . (وَ) إذَا حَدَّثَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ (جُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (بِهِ) أَيْ الزَّائِدِ الْعَيْبُ (الْحَادِثُ) بِالْمَبِيعِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ، فَإِنْ سَاوَاهُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنْ تَمَسَّكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَقَصَ وَرَدَّهُ غَرِمَ تَمَامَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ زَادَ وَتَمَسَّكَ بِهِ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ شَارَكَ بِالزَّائِدِ. الْحَطّ وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ، وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: يُقَوِّمُ أَرْبَعَ تَقْوِيمَاتٍ سَالِمًا ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ثُمَّ بِالْحَادِثِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا حَاجَةَ لِتَقْوِيمِهِ سَالِمًا وَلَا لِتَقْوِيمِهِ بِالْحَادِثِ، وَإِنَّمَا يُقَوِّمُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَيُشَارِكُ فِي الْمَبِيعِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ يَحْتَاجُ لِثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ إذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ أَمْ لَا، فَيُقَوِّمُ سَالِمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَإِنْ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ زَادَ حَصَلَتْ الْمُشَارَكَةُ بِالزِّيَادَةِ، وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَانَ كَعَيْبٍ مُسْتَقِلٍّ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَلْ جَبَرَتْ الصَّنْعَةُ الْعَيْبَ أَمْ لَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 185 وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ. إنْ نَقَصَ:.   [منح الجليل] الْعَيْبِ الْحَادِثِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَا يَعْرِفُ هَذَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ سَالِمًا، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْحَادِثَ أَمْ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ تَقْوِيمَاتٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَكْفِي ثَلَاثُ تَقْوِيمَاتٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. اهـ. وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ الزِّيَادَةَ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بِأَنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَّا لِتَقْوِيمَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (وَفُرِقَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا (بَيْنَ) بَائِعٍ (مُدَلِّسٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ كَاتِمٍ لِعَيْبِ مَبِيعِهِ عَالِمًا بِهِ ذَاكِرًا لَهُ (وَ) بَائِعٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُدَلِّسِ (إنْ نَقَصَ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ عَيْبًا قَدِيمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِصِبْغِهِ مَثَلًا بِمَا لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ، وَإِنْ تَمَسَّكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَإِنْ رَدَّ أَعْطَى أَرْشَ الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَسَّكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ زَادَ بِكَصِبْغٍ أَيْ وَإِنْ نَقَصَ بِكَصِبْغٍ فَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ، قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِنْ حَدَثَتْ زِيَادَةٌ كَالصِّبْغِ أَخَذَ الْأَرْشَ أَوْ يَرُدُّ وَيَكُونُ شَرِيكًا إلَخْ مَا نَصُّهُ، فَلَوْ كَانَ الصِّبْغُ مُنَقِّصًا كَانَ لَهُ رَدُّهُ بِغَيْرِ غُرْمٍ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ حَبَسَهَا وَأَخَذَ الْأَرْشَ. اهـ. وَهَذَا مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا يَصِحُّ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ نَقْصٍ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ كَلَامَهُ الْآنَ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ وَتَفْصِيلِهَا، وَسَيَتَكَلَّمُ عَلَى التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ اُنْظُرْ طفي، قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ نَسْخُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَتَعْمِيمُ كَلَامِهِ تَخْلِيطٌ لِلْمَسَائِلِ وَإِيقَاعٌ لِلتَّدَافُعِ فِي كَلَامِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ بِلَا دَفْعِ أَرْشِ النَّقْصِ وَالْقَطْعِ الْمُعْتَادِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالتَّدْلِيسِ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ الَّذِي هُوَ كَالْعَدَمِ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِلَا شَيْءٍ وَالرَّدِّ كَذَلِكَ فَإِدْخَالُهُ هُنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 186 كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ، وَأَخْذِهِ مِنْهُ بِأَكْثَرَ، وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ. وَرَدُّ سِمْسَارٍ جُعْلًا،.   [منح الجليل] يُوجِبُ التَّنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى مَا قُلْنَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحَرَّرٌ غَنِيٌّ عَنْ التَّقْيِيدِ سَالِمٌ مِنْ التَّدَافُعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَشَبَّهَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فَقَالَ (كَهَلَاكِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ (مِنْ) أَيْ بِسَبَبِ عَيْبِ (التَّدْلِيسِ) وَبِسَبَبِ عَيْبٍ غَيْرِ التَّدْلِيسِ، فَإِنْ سَرَقَ الرَّقِيقُ الْمَبِيعَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أَبَقَ أَوْ حَارَبَ فَهَلَكَ فِيهَا، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ فَمِنْ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَمَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ كَمَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ: (أَوْ أَخْذِهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِرَاءِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ (مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِ) ثَمَنٍ (أَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ وَإِلَّا رَدَّ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ وَأَعَادَهَا لِجَمْعِهَا مَعَ نَظَائِرِهَا وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ: (وَتَبَرٍّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ مِنْ بَائِعِ رَقِيقٍ (مِمَّا) أَيْ عَيْبِ (لَمْ يَعْلَمْ) هـ (الْبَائِعُ بِحَسَبِ إخْبَارِهِ) وَقَدْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ نَفَعَتْهُ بَرَاءَتُهُ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ وَكَذَبَ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ عَيْبًا فَلَا تَنْفَعُهُ بَرَاءَتُهُ وَيَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةٍ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ بِهِ حَالَ بَيْعِهِ. . (وَرَدُّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (سِمْسَارٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ دَلَّالٍ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْمَعِيبِ وَهُوَ فَاعِلُ رَدَّ وَمَفْعُولُهُ (جُعْلًا) أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَرُدُّهُ لَهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ دَلَّسَ السِّمْسَارُ أَمْ لَا. ابْنُ يُونُسَ إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِحُكْمٍ فَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ مُتَبَرِّعًا فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ جُعْلَهُ لَهُ كَإِقَالَتِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ كَالْعَيْبِ فِي رَدِّ الْجُعْلِ إنْ دَلَّسَ الْبَائِعُ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَعِيبَ فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارَ الْجُعْلَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ الْعَيْبَ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَتَوَاطَأَ مَعَ الْبَائِعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 187 وَمَبِيعٍ لِمَحِلِّهِ إنْ رَدَّ بِعَيْبٍ، وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا فَاتَ   [منح الجليل] عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ فِي حَالِ عِلْمِهِ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ السِّمْسَارُ أَخَذَ الْجُعْلَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَلَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ مِنْ الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى السِّمْسَارِ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جُعْلَ السِّمْسَارِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْعُرْفِ. وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ: (وَرَدُّ مَبِيعٍ) مَعِيبٍ نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِمَحِلِّهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَاخْتَارَ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ فَرَدَّهُ (لِمَحِلِّهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ (إنْ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرَى لَهُ إلَى بَيْتِهِ مَثَلًا وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إنْ سَافَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْمَبِيعُ، أَيْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (إنْ قَرُبَ) الْمَوْضِعُ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَهُوَ مَا لَا كُلْفَةَ فِي نَقْلِهِ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ (فَاتَ) الرَّدُّ وَلِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْعَيْبِ. الْحَطّ وَيَفْتَرِقُ الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا إحْدَاهُمَا: تَأْدِيبُ الْمُدَلِّسِ وَعَدَمُ تَأْدِيبِ غَيْرِهِ، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً وَبِهِ عَيْبٌ غَرَّ بِهِ وَدَلَّسَهُ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ غَشَّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ دَلَّسَ لَهُ بِعَيْبٍ أَنْ يُؤَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ تَعَالَى لِتَنَاهِي النَّاسِ عَنْ حُرُمَاتِهِ تَعَالَى، وَالْآخَرُ لِلْمُدَلَّسِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ. الثَّانِيَةُ: فِي اللُّبَابِ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ حُكْمُ مَا يَأْخُذُهُ الْمَكَّاسُ بِأَنْ اشْتَرَى حِمَارًا وَأَدَّى مَكْسَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ وَالرُّجُوعَ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَحْضُرْنِي نَقْلٌ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ إلَى الْخِلَافِ فِي مُبْتَاعٍ أَدَّى مَكْسًا ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ دَفْعُهُ أَمْ لَا: وَأُجْرِيَ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْ لِصٍّ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِلَا ثَمَنٍ أَوْ بِهِ، وَيُمْكِنُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 188 كَعَجْفِ دَابَّةٍ، وَسِمَنِهَا،   [منح الجليل] أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ ظُلْمٌ فَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْهُ وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الشُّفْعَةِ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ رَدَّ بِعَيْبٍ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ لِلسُّلْطَانِ إنْ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا وَإِلَّا فَلَا. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْبَائِعُ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَقٌّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. الثَّانِي: فِيهَا وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ دَلَّسَ لَهُ فَأَنْكَرَهُ أَحْلَفَهُ، فَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُهُ وَأُنْسِيتُهُ حِينَ الْبَيْعِ حَلَفَ أَنَّهُ نَسِيَهُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ حَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُبْتَاعِ الرَّدَّ، إذْ لَا مَعْنَى لِيَمِينِهِ إذَا اخْتَارَ التَّمَسُّكَ وَالرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ التَّدْلِيسِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ثُمَّ مَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَالَ: (كَعَجَفِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ إثْرُهَا فَاءٌ أَيْ هُزَالِ (دَابَّةٍ) مِنْ النَّعَمِ أَوْ غَيْرِهِ (وَسِمَنِهَا) الْحَطّ أَمَّا الْعَجَفُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِخِيَارِ الْمُبْتَاعِ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالتَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ: إنَّهُ مِنْ الْمُفِيتِ الَّذِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَمْ يُخْتَلَفْ فِي هُزَالِ الدَّابَّةِ أَنَّهُ فَوْتٌ يُخَيَّرُ بِهِ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ وَدَفْعِ مَا نَقَصَهُ الْهُزَالُ اهـ، فَفِي هُزَالِ الدَّابَّةِ طَرِيقَتَانِ، وَأَمَّا سِمَنُهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي سِمَنِ الدَّوَابِّ فَرَآهُ مَرَّةً فَوْتًا يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بِهِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَمَرَّةً لَمْ يَرَهُ فَوْتًا، وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا الرَّدُّ. اهـ. وَزَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَوْلًا ثَالِثًا إنَّهُ فَوْتٌ خَرَّجَهُ عَلَى الْكِبَرِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي لَغْوِ السِّمَنِ وَكَوْنِهِ مِنْ الثَّالِثِ أَوْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْكِبَرِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 189 وَعَمًى، وَشَلَلٍ، وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ.   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: يَتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ مِنْ جَمْعِ الْمُصَنِّفِ الْهُزَالَ وَالسِّمَنَ أَنَّ السِّمَنَ عَيْبٌ يَرُدُّ أَرْشَهُ مَعَ الدَّابَّةِ إذَا رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى زِيَادَةِ الْبَدَنِ بِالسِّمَنِ: الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ صَلَاحُ الْبَدَنِ بِغَيْرِ بَيْنِ السِّمَنِ لَغْوٌ. الثَّالِثُ: مَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ هُزَالَ الرَّقِيقِ وَسِمَنَهُ لَيْسَا فَوْتًا وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا هُزَالُ الذَّكَرِ مِنْ الرَّقِيقِ وَسِمَنُهُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَأَمَّا سِمَنُ الْجَوَارِي وَعَجَفُهُنَّ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَرَآهُ ابْنُ حَبِيبٍ يُخَيَّرُ بِهِ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْعَيْبِ (وَعَمًى وَشَلَلٍ وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ) الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَمَةٍ، فَالْعَبْدُ كَذَلِكَ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ كَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ، وَشِبْهِهِ مِمَّا تَنْقُصُ بِهِ قِيمَتُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ نُقْصَانٌ وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا وَمَا نَقَصَهَا النِّكَاحُ أَيْ أَوْ يَمْسِكُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ مِنْ زِنًا أَوْ شُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَلَيْسَ بِنَقْصٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ بِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ يُعْلَمُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ قَبْلَ شِرَائِهِ اهـ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَأَمَّا النَّقْصُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ مِثْلَ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ زِنَاهُ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ شِبْهِهِ مِمَّا يُنْقِصُ قِيمَتُهُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ تَزْوِيجَ الرَّقِيقِ عَيْبٌ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي زَوَالِهَا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ الْبَاقِيَةُ عَيْبًا اتِّفَاقًا وَالزَّائِلَةُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فَهِيَ فَوْتٌ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْمَبِيعِ مَعَ مَا نَقَصَهُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ وَالتَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ. وَأَمَّا عُيُوبُ الْأَخْلَاقِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 190 وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ. إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ؛.   [منح الجليل] قَدِيمٍ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا عُيُوبٌ يَرُدُّ أَرْشَهَا إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعُيُوبٍ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. اهـ. وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّزْوِيجِ تَبَعًا لَهَا وَلْيُرَتَّبْ عَلَيْهِ جَبْرُهُ بِالْوَلَدِ. . (وَجُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ (بِالْوَلَدِ) الَّذِي وَلَدَتْهُ الْأَمَةُ مِنْ تَزْوِيجِ الْمُشْتَرِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ وَعِنْدِي أَنَّ الْجَبْرَ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ عَنْ عَيْبِ النِّكَاحِ فَكَأَنَّهُ بِجَبْرِهِ لَمْ يَكُنْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِهِ غَيْرَ عَيْبِ النِّكَاحِ. اللَّخْمِيُّ مَوْتُ الْوَلَدِ كَعَدَمِ وِلَادَتِهِ، وَهَلْ جَبْرُ الْوَلَدِ عَيْبُ التَّرْوِيجِ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ، أَوْ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ مَا بَقِيَ مَعَ الْوَلَدِ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ. " غ " أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ صِفَةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ: قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةٌ وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانُونَ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِهِ وَبِعَيْبِ النِّكَاحِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ ثَمَانِينَ فَقَدْ جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ النِّكَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ رَدُّهَا وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِمَا ذُكِرَ سَبْعِينَ خُيِّرَ فِي إمْسَاكِهَا وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَهُوَ خُمُسُ ثَمَنِهَا وَرَدِّهَا وَدَفْعِ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ وَهُوَ الْعُشْرُ. اهـ. وَهُوَ مَعْنَى مَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ. ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ رَدُّهَا بِوَلَدِهَا وَحَبْسُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ وَقَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ الْبَائِعُ (بِ) الْعَيْبِ (الْحَادِثِ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِلَا أَخْذِ أَرْشِهِ (أَوْ يَقِلَّ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ اللَّامِ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا. فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ فِي الْيَسِيرِ فَقِيلَ: مَا أَثَّرَ نَقْصًا يَسِيرًا فِي الثَّمَنِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ: مَا لَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 191 فَكَالْعَدَمِ: كَوَعْكٍ، وَرَمَدٍ، وَصُدَاعٍ، وَذَهَابِ ظُفُرٍ، وَخَفِيفِ حُمَّى، وَوَطْءِ ثَيِّبٍ، وَقَطْعِ مُعْتَادٍ. .   [منح الجليل] يُؤَثِّرْ فِيهِ نَقْصًا أَصْلًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَبْهَرِيُّ، وَلَفْظُهَا وَلَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَوَالَةُ سُوقٍ وَلَا نَمَاءٌ وَلَا عَيْبٌ خَفِيفٌ حَدَثَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ كَرَمَدٍ وَكَيٍّ وَدُمَّلٍ وَحُمَّى وَصُدَاعٍ، وَإِنْ نَقَصَهُ ذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا انْتَهَى (فَ) هُوَ (كَالْعَدَمِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ لِلْقَلِيلِ فَقَالَ: (كَوَعْكٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَرَضٍ يُعَارِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَخِفُّ أَلَمُهُ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْمُوضِحَةُ وَنَحْوُهَا، فَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَرَدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَهَا. وَأَمَّا إنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَإِنْ رَدَّهُ رَدَّ مَعَهُ مَا شَانَهُ نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَمَثَّلَهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ (وَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (وَذَهَابِ ظُفُرٍ) فِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ ذَهَابُ الظُّفُرِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا زَوَالُ الْأُنْمُلَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً. أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي أَنَّهُ خَفِيفٌ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ (وَخَفِيفِ حُمَّى) وَهِيَ مَا لَا تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ (وَوَطْءِ ثَيِّبٍ وَقَطْعِ) أَيْ تَفْصِيلٍ لِشُقَّةٍ وَنَحْوِهَا (مُعْتَادٍ) لِلْمُشْتَرَى أَوْ بِبَلَدِ التَّجْرِبَةِ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ مِنْ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُرَدُّ أَرْشُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُدَلِّسِ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَفْهُومُ مُعْتَادٍ فَوْتُهُ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ قَالَ فِيهَا: فَإِنْ قَطَعَ الثِّيَابَ قُمُصًا أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ أَوْ أَقْبِيَةً ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ فَالْمُبْتَاعُ مُخَيَّرٌ فِي حَبْسِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ عَيْبِهِ أَوْ رَدِّهِ وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ، فَإِنْ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ إنْ رَدَّهُ، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجُلُودُ تُقْطَعُ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عَمِلَ الْمُشْتَرِي بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ فَسَادٌ فَإِنْ فَعَلَ فِيهِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ الْوَشِيّ خِرَقًا أَوْ تَبَابِينَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَذَلِكَ فَوْتٌ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ اهـ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 192 وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ. فَالْأَرْشُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ وَهَرَمٍ،   [منح الجليل] وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا النَّقْصُ بِمَا أَحْدَثَهُ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَحْدُثَ فِي مِثْلِهِ كَصِبْغِ الثَّوْبِ وَتَقْطِيعِهِ فَيَنْقُصُ ثَمَنُهُ فَهَذَا فَوْتٌ بِاتِّفَاقٍ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرَدِّهِ وَدَفْعِ أَرْشِ نَقْصِهِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ أَرْشَ نَقْصِهِ. الْحَطّ إذَا عَلِمْت هَذَا فَعَدُّ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ بِلَا شَيْءٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فِي التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ وَدَفْعِ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ الْمُعْتَادُ. . (وَ) التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ (الْمُخْرِجُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَبِيعَ (عَنْ) الْغَرَضِ (الْمَقْصُودِ) مِنْهُ (مُفِيتٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لِرَدِّهِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ، وَإِذَا فَاتَ رَدَّهُ (فَالْأَرْشُ) لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ دَلَّسَ أَمْ لَا، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَتِهِ مَا نَقَصَتْهُ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى، وَظَاهِرُهُ تَعَيُّنُ الْأَرْشِ وَلَوْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ الَّذِي لَمْ يُذْهِبْ عَيْنَهُ وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ يَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَسِّطِ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا، وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جَابِرٌ لِلْحَادِثِ عِنْدَهُ إذْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إلَّا فِي الْمُتَوَسِّطِ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَفَوْتُهُ حِسًّا إلَخْ، لِأَنَّهُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَمَا هُنَا فِيمَا بَقِيَ فِيهَا وَحَدَثَ فِيهِ تَغَيُّرٌ مُفِيتٌ. وَمَثَّلَ لِلْمُخْرِجِ فَقَالَ: (كَكِبَرِ) حَيَوَانٍ (صَغِيرٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعِيرًا لِأَنَّ الصَّغِيرَ جِنْسٌ وَالْكَبِيرَ جِنْسٌ. الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُتَوَسِّطٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ هَدْمَ الْعَقَارِ أَوْ بِنَاءً فَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ نَفَقَةُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَوْتٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ يَسِيرًا، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَيْسَ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُنْفِقَ النَّفَقَةَ الْكَثِيرَةَ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْهَدْمِ فَيَرُدُّهُ بِهِ مَعَ مَا نَقَصَهُ (وَهَرَمٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ ضَعْفِ قُوَّةٍ عَنْ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا. وَقِيلَ: مُتَوَسِّطٌ، وَشَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. وَقِيلَ: خَفِيفٌ وَأَنْكَرَ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ فَنَقَلَ الْأَبْهَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ ضَعْفُ قُوَّتِهِ وَذَهَابُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 193 وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ، وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ: إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَهُ كَمَوْتِهِ فِي إبَاقِهِ. .   [منح الجليل] مَنْفَعَتِهِ كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرِهَا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: ضَعَفَهُ ضَعْفًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ. الْبَاجِيَّ الصَّحِيحُ عِنْدِي ضَعَفَهُ عَنْ مَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا. (وَافْتِضَاضِ) بِالْقَافِ أَوْ الْفَاءِ وَضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ إزَالَةُ بَكَارَةِ أَمَةٍ (بِكْرٍ) عَلِيَّةٍ أَوْ وَخْشٍ. الْحَطّ عَدَّهُ فِي الْمُفِيتِ مُخَالِفًا لِلْمَنْصُوصِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ و " غ "، وَقَيَّدَ الْبَاجِيَّ بِالْعَلِيَّةِ، وَنَصُّ الشَّامِلِ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَكَاقْتِضَاضِ بِكْرٍ، وَقِيلَ: فَوْتٌ، وَقِيلَ: إلَّا فِي الْوَخْشِ فَكَالْعَدِمِ (وَقَطْعٍ) لِشُقَّةٍ (غَيْرِ مُعْتَادٍ) كَبَرَانِسَ أَوْ قِلَاعٍ لِمَرْكَبٍ أَوْ قَلَانِسَ أَوْ شُقَّةِ الْحَرِيرِ تَبَابِينَ أَيْ سَرَاوِيلَاتٍ صَغِيرَةٍ تَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَبَعْضِ الْمُخَفَّفَةِ فَقَطْ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَرْشُ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يَهْلِكَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمَبِيعُ (بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ عَلِمَهُ وَقْتَ بَيْعِهِ وَكَتَمَهُ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقَتَلَ (أَوْ) يَهْلِكَ (بِ) شَيْءٍ (سَمَاوِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلسَّمَاءِ أَيْ لَا دَخْلَ لِآدَمِيٍّ فِيهِ (زَمَنَهُ) أَيْ عَيْبِ التَّدْلِيسِ (كَمَوْتِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ الَّذِي دَلَّسَ بَائِعُهُ بِإِبَاقِهِ فَأَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمَاتَ (فِي) زَمَنِ (إبَاقِهِ) بِأَنْ اقْتَحَمَ نَهْرًا أَوْ تَرَدَّى مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَخَلَ جُحْرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ أَوْ مَاتَ بِلَا سَبَبٍ أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يُدْرَ هَلْ مَاتَ أَمْ لَا أَوْ دَلَّسَ بِجُنُونِهِ فَاخْتَنَقَ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ أَوْ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ وِلَادَتِهَا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنَهُ وَبِقَوْلِهِ فِي إبَاقِهِ عَنْ مَوْتِهِ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَقَطْ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا دَلَّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ نَقَصَ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ فَيَرُدُّ جَمِيعَ ثَمَنِهِ، كَتَدْلِيسِهِ بِمَرَضِهِ فَمَاتَ بِهِ أَوْ بِسَرِقَتِهِ فَيَسْرِقُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ فَيَمُوتُ بِهِ، أَوْ بِإِبَاقِهِ فَيَأْبَقُ فَيَهْلِكُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَوْ بِجُنُونِهِ فَيُخْنَقُ فَيَمُوتُ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُبْتَاعُ الْبَيِّنَةَ فِيمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 194 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حَدَثَ مِنْ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ. وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا مَعَ مَا نَقَصَهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَرْجِعُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ كَمَا فَسَّرْنَا اهـ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَيَأْبَقُ فَيَهْلِكُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَضْمَنُهُ إذَا دَلَّسَ بِإِبَاقِهِ إلَّا إذَا هَلَكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَضْمَنُ إذَا أَبَقَ وَغَابَ عَرَفَ هَلَاكَهُ أَمْ لَا وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْأُمَّهَاتِ، وَلَفْظُهَا أَوْ أَبَقَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ فَهَلَكَ أَوْ ذَهَبَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَظَاهِرُ الْأُمَّهَاتِ ضَمَانُهُ بِنَفْسِهِ إبَاقُهُ الْحَطّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ، وَذَكَر نَصَّهُمَا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ هُوَ قَوْلُهُ سَابِقًا كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ ذَكَرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَهُنَا لِأَنَّهُ مَحِلُّهُ. الْحَطّ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ وَأَبَقَ الرِّقُّ وَمَاتَ فِي إبَاقِهِ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْإِبَاقِ فَقَطْ، وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، قَالَ: رَوَى سَحْنُونٌ أَنَّ السَّبْعَةَ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ قَالُوا فِيمَنْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَهَلَكَ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مُبْتَاعُهُ ثَمَنَهُ كُلَّهُ. بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ دَلِيلُهُ الْمَرْأَةُ تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا فَلِزَوْجِهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ إلَّا مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا لِأَنَّهَا مُدَلِّسَةٌ بِعَيْبِهَا فَكَذَلِكَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 195 وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي، وَهَلَكَ بِعَيْبِهِ: رَجَعَ عَلَى الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ فَإِنْ زَادَ: فَلِلثَّانِي، وَإِنْ نَقَصَ: فَهَلْ يُكَمِّلُهُ؟ قَوْلَانِ:. .   [منح الجليل] : إذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ فَقَامَ الْمُبْتَاعُ بِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَمْ يَأْبَقْ مِنْكَ وَقَدْ غَيَّبْتَهُ أَوْ بِعْتَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرُ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا غَيَّبَهُ وَلَا بَاعَهُ وَلَقَدْ أَبَقَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ اهـ. . (وَإِنْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (الْمُشْتَرِي) قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ (وَهَلَكَ) الْمَبِيعُ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (بِعَيْبِهِ) أَيْ التَّدْلِيسِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي (عَلَى) الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ) رُجُوعُهُ (عَلَى بَائِعِهِ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِعَدَمِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ بَعِيدًا وَلَا مَالَ لَهُ، وَصِلَةُ رَجَعَ (بِالثَّمَنِ) الْأَوَّلِ فَإِنْ سَاوَى الثَّمَنَ الثَّانِي فَوَاضِحٌ (فَإِنْ زَادَ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي (فَ) الزَّائِدُ (لِ) لْبَائِعِ اَ (لثَّانِي) فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ. الْمُصَنِّفُ وَفِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الزَّائِدَ عَلَى ثَمَنِهِ نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَقَدْ يُبَرِّئُ الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ مِنْهُ. (وَإِنْ نَقَصَ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَنْ ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْطِهِ الْمُدَلِّسُ غَيْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (فَهَلْ يُكَمِّلُهُ) أَيْ الثَّمَنَ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَائِعُ (الثَّانِي) لِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ الزَّائِدَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا يُكَمِّلُهُ لَهُ لِرِضَاهُ بِاتِّبَاعِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ. فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ رُجُوعِهِ عَلَى الثَّانِي، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَيْهِ. وَقَيَّدَ الْمُوَضِّحُ الْقَوْلَ الثَّانِي بِأَنْ لَا يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي، وَإِلَّا كَمَّلَ لَهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الثَّانِي بِمِائَةٍ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَنَقَصَهُ عَيْبُهُ عِشْرِينَ خُمُسَ الْمِائَةِ فَيُكَمِّلُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ أَرْشَ الْعَيْبِ بِعَشَرَةٍ. وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى بَائِعِهِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى بَائِعِهِ ثُمَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 196 وَلَمْ يُحَلِّفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ.   [منح الجليل] يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَالَهُ " د "، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ. وَقَالَ الطِّخِّيخِيُّ: يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ. . (وَ) إنْ ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي عَيْبٌ قَدِيمٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بَائِعُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي عِلْمَهُ بِهِ حِينَ شِرَائِهِ (لَمْ يَحْلِفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) شَيْئًا عَلِمَ عَيْبَهُ الْقَدِيمَ بَعْدَ شِرَائِهِ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَ (اُدُّعِيَتْ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ (رُؤْيَتُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ حِينَ شِرَائِهِ فَأَنْكَرَهَا الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ دَعْوَى رُؤْيَتِهِ (بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ) مِنْ الْبَائِعِ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي حِينَ شِرَائِهِ، أَوْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ، أَوْ خَفِيًّا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِتَقْلِيبِ الْمَبِيعِ وَمُعَايَنَتِهِ فَيَحْلِفُ فِي الثَّلَاثَةِ وَلَهُ الرَّدُّ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا رَدَّ لَهُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا وَأَقَرَّ بِالْمُعَايَنَةِ وَالتَّقْلِيبِ وَالرِّضَا فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا اهـ عِبْ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ مِنْ الْحَلِفِ وَالرَّدِّ خِلَافَ مَا سَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ، وَخِلَافُ مَا حَقَّقَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ بِهِ، وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ، وَنَصُّهُ كَلَامُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الظَّاهِرَ مُشْتَرَكٌ أَوْ مُشَكَّكٌ يُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ اخْتَبَرَ الْمَبِيعَ تَقْلِيبًا، كَكَوْنِ الْعَبْدِ مُقْعَدًا أَوْ مَطْمُوسَ الْعَيْنَيْنِ، وَعَلَى مَا يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَلَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ كَكَوْنِهِ أَعْمَى وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ، فَالْأَوَّلُ لَا قِيَامَ بِهِ، وَالثَّانِي يُقَامُ بِهِ اتِّفَاقًا فِيهِمَا. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ " غ " فِيهِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: يَرُدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى، فَقَالَ مُحَمَّدٌ: طَالَتْ إقَامَتُهُ أَوْ لَمْ تَطُلْ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَشُكُّ أَنَّهُ لَا يَخْفَى مِثْلَ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ أَوْ الْعَوَرِ. قَالَ اللَّخْمِيُّ: أَمَّا الْعَوَرُ فَإِنْ كَانَ قَائِمَ الْعَيْنِ وَقَدْ ذَهَبَ نُورُهَا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَدَّ بِهِ، وَإِنْ طَالَ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 197 وَلَا الرِّضَا بِهِ إلَّا بِدَعْوَى مُخْبِرٍ. .   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَ مَطْمُوسَ الْعَيْنِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَإِنْ قَرُبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوْرِ الشِّرَاءِ. وَلَوْ قِيلَ: لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لَكَانَ وَجْهًا، وَكَذَا قَطْعُ الْيَدِ إذَا كَانَ قَدْ قَلَبَ يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ: كَتَمَنِي الْعَبْدُ هَذِهِ الْيَدَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا قَرُبَ وَقَطْعُ الرِّجْلِ أَبْيَنُ أَنْ لَا يُمْكِنَ مِنْ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوْرِ مَا تَصَرَّفَ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَكَانَ الشِّرَاءُ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَلَوْ ابْتَاعَ بَعْضُ النَّخَّاسِينَ عَبْدًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى ضَرَعَ وَنَقَصَ حَالُهُ فَوَجَدَ عَيْبًا لَمْ أَرَ أَنْ يُرَدَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَى، فَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَإِلَّا خَاصَمَ، فَأَرَى أَنْ يُلْزِمَ هَؤُلَاءِ فِيمَا عَلِمُوا وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمُوا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ كَانَ عَيْبًا يَخْفَى أَحْلَفَ أَنَّهُ مَا رَآهُ وَرَدَّ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَزِمَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَلَّبَ وَرَضِيَ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا يَخْفَى مِثْلُهُ عِنْدَ التَّقْلِيبِ حَلَفَ مَا رَآهُ وَرَدَّهُ إنْ أَحَبَّ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ عِنْدَ التَّقْلِيبِ لَزِمَهُ، وَلَا رَدَّ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ قَلَّبَ وَرَضِيَ رَدَّهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ. . (وَ) إنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ رَدَّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بَائِعُهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ وَأَنْكَرَ الْمُبْتَاعُ رِضَاهُ بِهِ بَعْدَهُ فَ (لَا) يَحْلِفُ مُشْتَرٍ ادَّعَى عَلَيْهِ (الرِّضَا بِهِ) أَيْ الْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَأَنْكَرَهُ (إلَّا) إنْ حَقَّقَ الْبَائِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (بِدَعْوَى) الْبَائِعِ إخْبَارَ (مُخْبِرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَيَحْلِفُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَوَّلًا أَنَّ مُخْبِرًا صَادِقًا أَخْبَرَهُ بِرِضَاهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَهُ وَلَهُ رَدُّهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ الْمُخْبِرَ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، فَإِنْ سَمَّاهُ وَكَانَ عَدْلًا وَسُئِلَ الْمُخْبِرُ فَشَهِدَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي. فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ كُلَّهُ خِلَافُ مَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَنَصُّهُ فَفِي حَلِفِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِ الْبَائِعِ أُخْبِرْت بِرِضَاكَ بِالْعَيْبِ مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ الْمُخْبِرَ وَلَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 198 وَلَا بَائِعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ. وهَلْ يُفْرَقُ بَيْنَ أَكْثَرِ الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ.   [منح الجليل] مَسْخُوطًا أَوْ حَلَفَ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ بِهِ. وَرَابِعُهَا: هَذَا بِزِيَادَةِ خَبَرِ صِدْقٍ. وَخَامِسُهَا: لَا يَحْلِفُ إلَّا بِتَعْيِينِ مُخْبِرٍ مَسْتُورٍ لِلْمُدَوِّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ، وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ، وَالثَّالِثُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَ) مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ عِنْدَهُ فَادَّعَى قِدَمَهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ قِدَمَهُ فَلَا يَحْلِفُ (بَائِعٌ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (لَمْ يَأْبَقْ) عِنْدَهُ (لِإِبَاقِهِ) أَيْ الْعَبْدِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ (بِالْقُرْبِ) مِنْ شِرَائِهِ إذْ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ قِدَمَهُ وَلِئَلَّا يُعَنِّتَهُ بِتَحْلِيفِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عَيْبٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ وَهُوَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرِهَا سَوَاءٌ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ صَادِقٍ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ: يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي تَحْقِيقِ الدَّعْوَى وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي تَعْيِينِ الْمُخْبِرِ هُنَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَصْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْآبِقَ مَنْ هَرَبَ بِلَا سَبَبٍ وَالْهَارِبَ مَنْ فَرَّ لِزِيَادَةِ عَمَلٍ أَوْ شُغْلٍ، وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الْآبِقَ فِيهِمَا، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ عَبْدٍ لَهُ: يُمْكِنُ أَنَّهُ أَبَقَ أَوْ سَرَقَ عِنْدَكَ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَفِيهَا لَوْ أَبَقَ بِقُرْبِ بَيْعِهِ فَقَالَ: أَخْشَى أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ: أُخْبِرْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك وَقَدْ أَبَقَ عِنْدِي أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَقَالَ لَهُ: احْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَكَ لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إنْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَكَ اتِّفَاقًا إنْ عَلِمَ إبَاقَهُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ: أَبَقَ عِنْدَكَ أَوْ سَرَقَ أَوْ زَنَى أَوْ جُنَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ حَلَّفَهُ خِلَافًا لِ أَشْهَبَ وَهُوَ ظَاهِرُهَا اهـ. . (وَ) إنْ بَيَّنَ الْبَائِعِ بَعْضَ عَيْبِ مَبِيعِهِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ عَيْبِهِ فَ (هَلْ يُفْرَقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (بَيْنَ) بَيَانِ (أَكْثَرِ الْعَيْبِ) بِأَنْ قَالَ: يَأْبَقُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ يَأْبَقُ عِشْرِينَ فَ (يَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي (بِ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الزَّائِدِ) عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ فِي الْمِثَالِ بِأَنْ يُقَوِّمَ مَعِيبًا بِالْمُبَيَّنِ فَقَطْ ثُمَّ يُقَوِّمُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 199 وَأَقَلِّهِ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا.   [منح الجليل] مَعِيبًا بِالْمُبَيَّنِ وَالْمَكْتُومِ مَعًا، وَيَنْسِبُ نَقْصَ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ لِلْقِيمَةِ الْأُولَى وَيَرُدُّ الْبَائِعُ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ بِالْمُبَيَّنِ وَحْدَهُ عَشَرَةٌ وَقِيمَتُهُ بِهِمَا ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ ثَمَنِهِ. (وَ) بَيَّنَ بَيَانَ (أَقَلِّهِ) أَيْ الْعَيْبِ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي (بِالْجَمِيعِ) أَيْ ثَمَنِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ وَهَلَاكِهِ فِيمَا كَتَمَهُ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الزَّائِدِ) عَلَى مَا بَيَّنَهُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَيَانِ الْأَكْثَرِ وَالْهَلَاكِ فِيمَا بَيَّنَ أَوْ فِيمَا كَتَمَ، وَاعْتَرَضَهُ " ق " بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي هَذَا الثَّانِي إنَّمَا فَرَضَهُ فِي بَيَانِ النِّصْفِ قَالَهُ عِبْ. زَادَ طفي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ فِي بَيَانِ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَقَلِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا، وَقَدْ أَحْسَنَ فِي الشَّامِلِ مَسَاقَهُ فَقَالَ: لَوْ كَتَمَ بَعْضَ عَيْبِهِ فَقَالَ: أَبَقَ شَهْرًا وَقَدْ أَبَقَ سَنَةً، أَوْ ذَكَرَ دُونَ مَسَافَةِ إبَاقِهِ فَهَلَكَ فِي إبَاقِهِ فَقِيلَ: إنْ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ لَهُ فَالْأَرْشُ فَقَطْ، وَفِيمَا كَتَمَهُ فَالثَّمَنُ كُلُّهُ. وَقِيلَ: إنْ قَالَ: أَبَقَ مَرَّةً وَقَدْ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ فَقِيمَةُ مَا كَتَمَ. وَقِيلَ: إنْ بَيَّنَ لَهُ الْأَكْثَرَ فَقِيمَةُ مَا كَتَمَ أَوْ الْأَقَلَّ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ اهـ كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ وَهَذَا اغْتِرَارٌ مِنْهُمَا بِأَوَّلِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَلَيْسَ كَمَا فَهِمَا، وَنَصُّ " ق " وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا وَنَصُّهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا قَالَ: أَبَقَ مَرَّةً وَقَدْ كَانَ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ بِسَبَبِ الْإِبَاقِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا كَتَمَهُ بِخِلَافِ إنْ دَلَّسَ بِجَمِيعِ الْإِبَاقِ اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ بِخِلَافِ إلَخْ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصْفِ مَا عَدَا الْجَمِيعِ فَيُصَدَّقُ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ كَمَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ، فَلَمْ يَشْرُقْ بِمَا ذَكَرَ لِلِاعْتِرَاضِ، نَعَمْ فِيهِ اعْتِرَاضٌ آخَرُ وَنَصُّهُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي ابْنِ يُونُسَ لَيْسَتْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ خَلِيلٍ أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ اهـ. وَجَوَابُهُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا بَيَّنَ بَعْضَ الْعَيْبِ فَبَعْضُهَا يَنْظُرُ لِلْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَبَعْضُهَا وَذَلِكَ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 200 أَوْ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيْنَهُ أَوْ لَا ؟ أَقْوَالٌ. . وَرُدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ.   [منح الجليل] أَوْ) يُفْرَقُ (بَيْنَ هَلَاكِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (فِيمَا بَيَّنَهُ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ فَقَطْ (أَوْ لَا) يَهْلِكُ فِيمَا بَيَّنَهُ، بَلْ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) . (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ فِي الْقَوْلِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ عَيْنُ الْحُكْمِ. الثَّانِي: تت لَمْ يَذْكُرْ هُنَا حُكْمَ بَيَانِ النِّصْفِ. الثَّالِثُ: عِبْ لَوْ قَالَ: بَدَلَ " أَوْ لَا " " أَوْ غَيْرَهُ " لَكَانَ أَظْهَرَ، إذْ رُبَّمَا يَسْرِي لِلذِّهْنِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا قَوْلٌ رَابِعٌ، وَأَنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ يُفْرَقُ وَلْيَسْلَمْ مِنْ عَطْفِهِ بِأَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِشَيْئَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِ حُمَيْدٍ الْهِلَالِيُّ الصَّحَابِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهُمْ ... مَا بَيْنَ مُلْجِمٍ مُهْرَهُ أَوْ سَافِعٍ قَالَهُ د. . (وَ) إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلِلْمُشْتَرِي (رَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ) وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الْمَرْدُودِ مِنْ ثَمَنِ الْجَمِيعِ وَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ، وَذَلِكَ بِتَقْوِيمِ السَّلِيمِ وَحْدَهُ، وَالْمَعِيبِ وَحْدَهُ، وَجَمْعِ الْقِيمَتَيْنِ، وَنِسْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا أَوْ تَقْوِيمِهِمَا مَعًا، ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ وَنِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِقِيمَتِهِمَا مَعًا، وَعَلَى كُلٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ثَمَنِهِمَا مِثْلُ نِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِلْمَجْمُوعِ أَوْ لِقِيمَتِهِمَا مَعًا، هَذَا إذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 201 وَرُجِعَ بِالْقِيمَةِ، إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ،.   [منح الجليل] كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا. (وَ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إذَا رَدَّ الْبَعْضَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ (بِ) حِصَّةِ الْبَعْضِ الْمَعِيبِ مِنْ (الْقِيمَةِ) لِلثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ) لِلْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ الَّذِي ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِهِ (سِلْعَةً) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ شَيْئًا مُقَوَّمًا فِي الشَّارِحِ وتت وَق وَالتَّوْضِيحِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ لِقِيمَةِ الْمَجْمُوعِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الثَّمَنُ. تت كَسِتَّةِ كُتُبٍ بِدَارٍ ظَهَرَ عَيْبٌ بِأَحَدِهَا وَرُدَّ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِقِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ لَا بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْأَصَحِّ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ قُوِّمَتْ السِّتَّةُ بِسِتِّمِائَةٍ وَالْمَعِيبُ بِمِائَةٍ رَجَعَ بِسُدُسِ قِيمَةِ الدَّارِ لَا بِسُدُسِ الدَّارِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْبَعْضُ الْمَعِيبُ (الْأَكْثَرَ) مِنْ النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ، بَلْ إمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يَرُدُّهُ أَوْ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ التُّونُسِيِّ إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَهُ كُلَّهُ أَوْ تَرُدَّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ. الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ الرِّضَا بِالْجَمِيعِ، أَوْ الرِّضَا بِالسَّالِمِ وَحْدَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَشْيَاءَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَلْفَى فِي بَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَفِيهِ رَجَاءُ الْفَضْلِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرِّضَا بِالْمَعِيبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدُّ جَمِيعِ الصَّفْقَةِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 202 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَكَذَا مَنْ ابْتَاعَ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً فَوَجَدَ بِصِنْفٍ مِنْهَا عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ يَقَعَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ وَهُوَ مِائَةٌ فَلْيَرُدَّ الْجَمِيعَ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَوْقَعَ الْمَعِيبَ نِصْفُ الثَّمَنِ فَأَقَلُّ فَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، وَلَا يَرُدُّ إلَّا الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ وَقَعَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ فَهُوَ وَجْهُهَا، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ: إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ وَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَهُ ذَلِكَ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَالْعَيْبُ بِأَعْلَاهُ فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا فَوَجَدَ بِبَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ جَمِيعِهَا أَوْ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ. الثَّالِثُ: إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالسَّالِمِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ ظَهَرَ بِأَعْلَاهُمَا عَيْبٌ فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ رَدَّ الْأَعْلَى أَوْ اسْتَحَقَّ أَنْ يَحْبِسَ الْأَدْنَى لِأَنَّهُ كَشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. الرَّابِعُ: قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا زَادَتْ حِصَّتُهُ بِالْمَعِيبِ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ. الْخَامِسُ: مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، فَأَمَّا إذَا انْتَقَضَ وَظَهَرَ الْعَيْبُ فِي الْبَاقِي فَلَا تَفْرِيقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا وَفَاتَ. قَالَ فِي النُّكَتِ: إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَأَلْفَى الْآخَرَ مَعِيبًا يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَدْ فَاتَ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا لَمْ يَفُتْ فَهَهُنَا يَفْتَرِقُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ وَرَجَعَ فِي عَيْنِ عَرْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَهَا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَفْتَرِقْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا لِأَنَّهُ إنْ كُلِّفَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهَا عَيْنًا وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إنْ كَانَ عَرْضًا قَدْ فَاتَ صَارَ كَالْعَيْنِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ وَهِيَ عَيْنٌ اهـ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 203 أَوْ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ، أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا. .   [منح الجليل] وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا فِي ذَلِكَ. السَّادِسُ: فِيهَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ وَصَفَاهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ انْتَقَدَ وَإِلَّا فَلِلْمُبْتَاعِ بِيَمِينِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ: الْقَوْلُ لِلْمُبْتَاعِ انْتَقَدَ أَوْ لَا وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ. (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أَحَدَ) شَيْئَيْنِ (مُزْدَوِجَيْنِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ حَقِيقَةً كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَمِصْرَاعَيْنِ، أَوْ حُكْمًا كَسِوَارَيْنِ وَقُرْطَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِحِصَّتِهِ، وَالتَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ إلَّا بِرِضَاهُمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرِدَّةٌ أُخْرَى يَتِمُّ بِهَا الِانْتِفَاعُ فَلَا يَلْزَمُ إضَاعَةُ الْمَالِ (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أُمًّا) رَقِيقَةً (وَوَلَدَهَا) الرَّقِيقَ غَيْرَ الْمُثْغِرِ الْمَبِيعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَيْ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ وَحْدَهُ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الْمُحَرَّمَةِ إنْ لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ وَإِلَّا جَازَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ خُفَّيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ فَأَصَابَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ، فَإِمَّا رَدَّهُمَا جَمِيعًا أَوْ قَبِلَهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِأَخٍ لِصَاحِبِهِ أَوْ كَانَتْ نِعَالًا فُرَادَى فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي شِرَاءِ الْجُمْلَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ حَبْسُهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ وَحُكْمُ الْأُمِّ تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا فَيُوجَدُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ حُكْمُ مَا لَا يَفْتَرِقُ. ابْنُ رُشْدٍ كُلُّ زَوْجَيْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَسِوَارَيْنِ وَقُرْطَيْنِ فَوُجُودُ الْعَيْبِ بِأَحَدِهِمَا كَوُجُودِهِ بِهِمَا جَمِيعًا. فِي التَّوْضِيحِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ فِيمَنْ أَتْلَفَ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ غَرَّمَهُ قِيمَتَهُمَا، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتْلَفَ سِفْرًا مِنْ دِيوَانٍ سِفْرَيْنِ فَقِيلَ: يَرُدُّ السَّالِمَ وَمَا نَقَصَ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ كَامِلًا، فَإِنْ عِشْرُونَ قِيلَ: مَا قِيمَةُ السَّالِمِ وَحْدَهُ، فَإِنْ قِيلَ: خَمْسَةٌ رَدَّهُ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُمَا. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ إذَا بِيعَ الدِّيوَانُ وَظَهَرَ عَيْبٌ فِي أَحَدِ سِفْرَيْهِ رَدَّهُمَا مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَ) إنْ اشْتَرَى أَشْيَاءَ مُقَوَّمَةً كَثِيَابٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَاسْتَحَقَّ أَكْثَرَهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 204 وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشَرَةً بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ وَفَاتَ الثَّوْبُ: فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ، وَرَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ. .   [منح الجليل] فَ (لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِ) بَعْضٍ (أَقَلَّ) أَيْ قَلِيلٍ مِنْ مَبِيعٍ مُقَوَّمٍ مُتَعَدِّدٍ (اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ) أَيْ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِاسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ فَالتَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ إنْشَاءُ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، إذْ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمُسْتَحَقِّ وَالْبَاقِي وَنِسْبَةِ قِيمَةِ الْبَاقِي لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَرَأَى أَنَّهَا جَهَالَةٌ طَرَأَتْ بَعْدَ تَمَامِ الشِّرَاءِ كَالْجَهَالَةِ الطَّارِئَةِ بِظُهُورِ عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ الْعَيْبِ الِاسْتِحْقَاقَ وَهُوَ لَا يُخَالِفُهُ. (وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ) عَطْفٌ عَلَى دِرْهَمَانِ أَوْ مَفْعُولٌ مَعَهُ (تُسَاوِي) السِّلْعَةُ (عَشَرَةً) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ سِلْعَةٍ بِيعَا (بِثَوْبٍ) فَقِيمَتُهُ بِحَسَبِ تَرَاضِيهِمَا اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا (فَاسْتُحِقَّتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ ظَهَرَتْ (السِّلْعَةُ) مِلْكًا لِغَيْرِ بَائِعِهَا أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ وَرَدَّهَا مُشْتَرِيهَا فَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ، إذْ هِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا (وَ) قَدْ (فَاتَ الثَّوْبُ) الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِهِمَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى (فَلَهُ) أَيْ مُشْتَرِيهِ السِّلْعَةُ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ وَالدِّرْهَمَانِ بِالثَّوْبِ (قِيمَةُ الثَّوْبِ) الْفَائِتِ (بِكَمَالِهِ) وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا (وَرَدُّ) مُشْتَرِي السِّلْعَةِ وَالدِّرْهَمَيْنِ وُجُوبًا (الدِّرْهَمَيْنِ) الْبَاقِيَيْنِ بِيَدِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ السِّلْعَةِ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَأَخْذُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَهِيَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ تَمَسُّكًا بِأَقَلَّ مَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ شَرْطَ حُرْمَتِهِ عَدَمُ فَوَاتِ الثَّمَنِ وَقَدْ فَاتَ هُنَا. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ وَفَاتَ الثَّوْبُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ فَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ فَيَرُدُّ الدِّرْهَمَيْنِ، وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ إنْ فَاتَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْجِعُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِقِيمَتِهَا إنْ فَاتَ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَاصَصَهُ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْهَا وَرَدَّ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 205 وَرَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ. وَعَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ.   [منح الجليل] لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْقِيمَةِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةً قَاصَصَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَرَدَّ لَهُ سَبْعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ سَبْعَةً وَنِصْفًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجَعَ بِعَشَرَةٍ اتِّفَاقًا، وَيُقَاصِصُ بِالدِّرْهَمَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَمْلِكُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِ بِغَيْرِ مُقَاصَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. طفي تَفْرِيعُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ مُطْلَقٌ فَاتَ الْعِوَضُ أَمْ لَا، مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْفَسْخِ مَعَ فَوَاتِهِ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَلَمْ يُنَبِّهُوا عَلَى هَذَا. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَسْأَلَةَ الدِّرْهَمَيْنِ هَذِهِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ: وَنَفْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ أَعْرِفْهَا لِغَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَقَدَّمَا فِي الْعُيُوبِ فِيمَنْ رَدَّ أَعْلَى الْمَعِيبِ وَفَاتَ أَدْنَاهُ، لِأَنَّ الْمَرْدُودَ كَالْمُسْتَحَقِّ وَفَوَاتُ الْأَدْنَى كَالدِّرْهَمَيْنِ اهـ. وَنَصُّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْعُيُوبِ وَإِذَا رَدَّ أَعْلَى الْمَبِيعِ وَفَاتَ أَدْنَاهُ وَعِوَضُهُ عَيْنٌ أَوْ غَيْرُ مِثْلِيٍّ فَاتَ، فَفِي مُضِيِّ الْأَدْنَى بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ قِيمَتِهِ لِأَخْذِ كُلِّ الثَّمَنِ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا: إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ مَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ اهـ. وَفِيهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ الْفَوَاتِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَعْرِفْهَا لِغَيْرِهِ اعْتَرَضَهُ " ق " بِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ فِيهِ. قُلْت وَالْعُذْرُ لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّتُهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ دِيوَانِهِ. . (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ شَيْئًا مِنْ وَاحِدٍ وَوَجَدَا فِيهِ عَيْبًا جَازَ (رَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ) لِشَيْءٍ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ صَاحِبِهِ، وَلَوْ أَبَى بَائِعُهُ وَقَالَ: لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ قَبْلَهُ: إنَّمَا لَهُمَا الرَّدُّ مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ مَعًا وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ شَخْصَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا جَازَ رَدُّ مُشْتَرٍ مِنْ بَائِعَيْنِ شَيْئًا ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ (عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ) نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ نَصِيبِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 206 وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ أَوْ قِدَمِهِ، إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي. وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ.   [منح الجليل] الْآخَرِ الْمَازِرِيُّ وَتُعَدُّ صَفْقَتُهُمَا صَفْقَتَيْنِ (وَ) إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا فِي الْبَيْعِ خَفِيًّا كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَ (الْقَوْلُ) لِلْبَائِعِ (فِي) نَفْيِ وُجُودِ (الْعَيْبِ) الْقَدِيمِ الْخَفِيِّ فِي الْمَبِيعِ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهِيَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ إلَّا لِضَعْفِ قَوْلِهِ، فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبَوْلٍ فِي فَرْشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ إنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرٍ (أَوْ) أَيْ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ الْعَيْبِ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ (قِدَمِهِ) أَيْ الْعَيْبِ بِيَمِينٍ تَارَةً وَدُونَهَا تَارَةً كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَدِيمٌ آخَرُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ قَدِيمٌ. وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ، وَأَمَّا إنْ صَاحَبَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي الْحَادِثِ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ وَجَبَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ، وَالْبَائِعُ يُرِيدُ نَقْصَهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ حَدَثَ عِنْدَكَ فَهُوَ مُدَّعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ سَبَقَهُ بِهِ الْبَاجِيَّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قِدَمِهِ فَقَالَ: (إلَّا بِشَهَادَةِ) أَهْلِ (عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي) بِقِدَمِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ قَطَعَتْ بِصِدْقِهِ (وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (بِصِدْقِهِ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ، فَإِنْ ظَنَّتْ قِدَمَهُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ ظَنَّتْ حُدُوثَهُ أَوْ شَكَّتْ حَلَفَ الْبَائِعُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ قَطَعَتْ بِقِدَمِهِ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَبِحُدُوثِهِ فَلِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَمَعْنَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ شَهَادَةُ أَهْلِهَا مُسْتَدِلِّينَ بِهَا وَأَوْلَى شَهَادَتُهُمْ بِالْمُعَايَنَةِ. وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ كَالْعَمَى مَعَ سَلَامَةِ الْحَدَقَةِ. وَأَمَّا الظَّاهِرُ لِلَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ قَلَّبَ الْمَبِيعَ كَالْإِقْعَادِ وَطَمْسِ الْعَيْنَيْنِ فَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي شَهَادَةُ الْعَادَةِ بِقِدَمِهِ وَلَوْ قَطَعَتْ لَحَمَلَهُ عَلَى عِلْمِهِ حِينَ شِرَائِهِ وَرِضَاهُ بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 207 وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ وَإِنْ مُشْتَرِكَيْنِ، وَيَمِينُهُ بِعْتُهُ وَفِي ذِي التَّوْفِيَةِ، وَأَقْبَضْتُهُ، وَمَا هُوَ.   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ النَّظَرِ فِي الْعَيْبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُوجِبُ الرَّدَّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُوجِبُهُ فَلِلْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَابْنِ مُزَيْنٍ وَغَيْرِهِمَا يَسْقُطَانِ لِأَنَّهُ تَكَاذُبُ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ إنْ تَكَافَآ فِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا حُكِمَ بِالْأَعْدَلِ. قُلْت: الْجَارِي عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِيهَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّدِّ لِأَنَّهَا زَادَتْ لِقَوْلِهَا الْأَصْلُ السَّلَامَةُ ثُمَّ وَجَدْت لِابْنِ سَهْلٍ أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ أَفْتَى بِهَذَا قَائِلًا هُوَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. الْحَطّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا مَبِيعِي فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ مَا غَيْرُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ. (وَقُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فِي الْإِخْبَارِ بِحُدُوثِ أَوْ قِدَمِ الْعَيْبِ بِوُجُودِهِ أَوْ عَدَمِهِ (لِلتَّعَذُّرِ) مِنْ الْعُدُولِ، وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ (غَيْرُ عُدُولٍ) إنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، بَلْ (وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ) أَيْ كُفَّارًا لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَاجِبُ فِي قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ سَلَامَتُهُ مِنْ جُرْحَةٍ الْكَذِبِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ اتِّفَاقًا، وَيَكْفِي الْوَاحِدُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. وَمَفْهُومُ لِلتَّعَذُّرِ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيِّ، وَكَلَامُ ابْنِ شَاسٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا بِدَاخِلِ جَسَدِ الْجَارِيَةِ غَيْرَ فَرْجِهَا وَالْبَقْرِ عَنْهُ وَنَظَرِ الرِّجَالِ لَهُ قَوْلَانِ، وَمَا بِفَرْجِهَا فَامْرَأَتَانِ، وَقَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ بِتَوْجِيهِ الْقَاضِي لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِ عَبْدٍ حَيٍّ حَاضِرٍ، فَإِنْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَابَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ اتِّفَاقًا (وَيَمِينُهُ) أَيْ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْعَيْبِ أَوْ حُدُوثِهِ صِيغَتُهَا (بِعْتُهُ) وَمَا هُوَ بِهِ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ عَيْبِهِ وَشَهِدَتْ الْعَادَةُ بِحُدُوثِهِ ظَنًّا أَوْ شَكَّتْ. (وَ) يَزِيدُ (فِي) يَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبِ الْمَبِيعِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (التَّوْفِيَةِ) أَيْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ (وَأَقْبَضْتُهُ) أَيْ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي (وَمَا هُوَ) أَيْ الْعَيْبُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 208 بِهِ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ. . وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَمْ تُرَدَّ؛ بِخِلَافِ وَلَدٍ،.   [منح الجليل] مَوْجُودٌ (بِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِذِي التَّوْفِيَةِ قَبْلَهَا مِنْ بَائِعِهِ، وَمِثْلُ ذِي التَّوْفِيَةِ الْغَائِبُ وَالْمُوَاضَعَةُ وَالثِّمَارُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَذُو عُهْدَةٍ الثَّلَاثَةِ وَالْخِيَارُ، وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ (بَتًّا فِي) عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ (الظَّاهِرِ) كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْعَوَرِ وَضَعْفِ الْبَصَرِ (وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي) عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ (الْخَفِيِّ) كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ. فَإِنْ قِيلَ: تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ فِي عَدَمِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ، وَكَلَامُهُ هُنَا يُفِيدُ حَلِفَهُ عَلَيْهِ قِيلَ: يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ بِهِ وَنُكُولِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ، فَرُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ قِيلَ: قَاعِدَةُ الْيَمِينِ كَوْنُهَا عَلَى نَقِيضِ الدَّعْوَى وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ. قِيلَ: هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهَا وَسَكَتَ عَنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ: يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ فِيهِمَا. لِأَنَّ التَّدْلِيسَ وَصْفُ الْبَائِعِ لَا الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: كَالْبَائِعِ، وَقِيلَ: عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا. . (وَالْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ الَّتِي لَا يَدُلُّ اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ نَشَأَتْ بِلَا تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَسُكْنَى دَارٍ لَا تَنْقُصُ (لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ (لِلْفَسْخِ) لِلْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَيْ إدْخَالِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ بِرِضَاهُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ أَوْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ مَعَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي فَلَا غَلَّةَ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَغَاصِبٍ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ الشِّرَاءِ إنْ جَذَّهَا قَبْلَ زَهْوِهَا أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ رَدِّهَا بِالْعَيْبِ، وَإِنْ جَذَّهَا بَعْدَ طِيبِهَا فَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ. (وَلَمْ) أَيْ وَلَا (تُرَدَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْغَلَّةُ لِلْبَائِعِ مَعَ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ لَهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ صَرَّحَ بِهِ لِإِفَادَةِ عَوْدِ ضَمِيرٍ لَهُ لِلْمُشْتَرِي وَلِيَخْرُجَ مِنْهُ قَوْلُهُ (بِخِلَافِ وَلَدِ) الْبَهِيمَةِ أَوْ أَمَةٍ اُشْتُرِيَتْ حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ وِلَادَتِهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَرُدُّ وَلَدَهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 209 وَثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ، وَصُوفٍ تَمَّ:.   [منح الجليل] مَعَهَا، وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِوِلَادَتِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا أَوْ جَبَرَهَا الْوَلَدُ وَإِلَّا رَدَّ أَرْشَهَا مَعَهُمَا الْحَطّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ إنَاثِ الْحَيَوَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَعْقِلُ أَمْ لَا ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا وَلَدَهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفِيهَا إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ عِنْدَكَ ثُمَّ رَدَدْتهَا بِعَيْبٍ رَدَدْت وَلَدَهَا مَعَهَا، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ، وَكَذَلِكَ مَا وَلَدَتْ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَهَا فَتَرُدُّ مَا نَقَصَهَا. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ يَجْبُرُ النَّقْصَ جَبَرَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ فِي الْأَمَةِ تَلِدُ ثُمَّ يَرُدُّهَا بِعَيْبٍ. (وَ) بِخِلَافِ (ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً حِينَ شِرَاءِ أَصْلِهَا اشْتِرَاطُهَا مَعَهُ إذْ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِهِ، فَإِنْ رَدَّ الْأَصْلَ بِعَيْبِهِ رَدَّهَا مَعَهُ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَرُدُّهَا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ، وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى عَدَمِ رَدِّ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ فِي الضَّرْعِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ خَفِيفٌ قَالَهُ فِيهَا. أَبُو الْحَسَنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُصَرَّاةً يَوْمَ شِرَائِهَا فَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ إنْ رَدَّهَا بِعَيْبِ تَصْرِيَتِهَا. اهـ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرُدُّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ رَدَّ مَكِيلَتَهَا إنْ عُلِمَتْ، وَقِيمَتَهَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ، وَثَمَنَهَا إنْ كَانَ بَاعَهَا قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَ) بِخِلَافِ (صُوفٍ تَمَّ) وَقْتَ الشِّرَاءِ فَيَرُدُّهُ مَعَ الْغَنَمِ إنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ جَزَّهُ وَفَاتَ رَدَّ وَزْنَهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ أَنَّ رَدَّ الْأَصْلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِبْقَاءَ الثَّمَرَةِ بَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِشُرُوطٍ مُنْتَقَيَةٍ هُنَا، وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِبَيْعٍ. الْحَطّ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ تَمَّ وَجَزَّهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ، فَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ كَمُشْتَرِي ثَوْبَيْنِ يَفُوتُ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَجِدُ بِالْبَاقِي عَيْبًا. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ رَدَّ قِيمَتَهُ وَالْأَشْبَهُ مَا قَدَّمْنَا، وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ مَنْ قَالَ: إذَا فَاتَ الْأَدْنَى مِنْ الثَّوْبَيْنِ رَدَّ قِيمَتَهُ مَعَ الْأَرْفَعِ الْمَعِيبِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 210 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَقَضْت صَفْقَتِي فَلَا يَلْزَمُنِي الْغَبْنُ فِي الْأَدْنَى اهـ. الْحَطّ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. (فَرْعٌ) اللَّخْمِيُّ إنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَيْهَا الصُّوفُ وَرَدَّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلصُّوفِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ هَذَا كَالْأَوَّلِ وَهُوَ أَبْيَنُ فِي هَذَا مِنْ جَبْرِ الْعَيْبِ بِالْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ فَجَبَرَهُ بِمَالِهِ، حَبْسُهُ أَوْلَى. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِيهَا إنْ رَدَدْت الثَّمَرَةَ مَعَ النَّخْلِ فَلَكَ أَجْرُ سَقْيِك وَعِلَاجِك. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى النَّخْلَ بِالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ طِيبِهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا بِثَمَرَتِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ إلَّا بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: إذَا جَذَّ الثَّمَرَةَ فَهِيَ غَلَّةٌ. الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ طَابَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا إذَا رَدَّ أُصُولَهَا مِنْ بَابِ أَحْرَى. وَفُهِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَمْ تُؤَبَّرْ فَلَا تُرَدُّ وَهِيَ غَلَّةٌ لِلْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ قَدْ جَذَّهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ حَدَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ طِيبِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَيَرُدُّهَا مَعَ أَصْلِهَا، سَوَاءٌ أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ، وَيَرْجِعُ بِسَقْيِهَا وَعِلَاجِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ إزْهَائِهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ تُجَذَّ. الثَّالِثُ: لَوْ جَذَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ طِيبِهَا وَبَعْدَ تَأْبِيرِهَا فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَمْ أَعْلَمْ لِأَصْحَابِنَا نَصًّا فِيهِ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ فَوْتٌ لِأَنَّهُ يَعِيبُ الْأَصْلَ، وَيُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَيَرُدُّهُ وَنَقْصَهُ، أَوْ يُمْسِكُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَكَذَا جَذُّهَا قَبْلَ إبَارِهَا. الرَّابِعُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ ثُمَّ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا وَلَا صُوفَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهَا صُوفٌ غَيْرُ تَامٍّ ثُمَّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 211 كَشُفْعَةٍ، وَاسْتِحْقَاقٍ، وَتَفْلِيسٍ،.   [منح الجليل] حَدَثَ الصُّوفُ عِنْدَهُ أَوْ تَمَّ فَلَا يَرُدُّهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا جَزَّهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ. اللَّخْمِيُّ سَوَاءٌ جَزَّهُ فِي وَقْتِ جُزَازِهِ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ جَزِّهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يَخْتَلِفُ فِيهِ هَلْ يَكُونُ غَلَّةً بِتَمَامِهِ، أَوْ حَتَّى يَتَعَسَّلَ أَوْ يُجَزَّ قِيَاسًا عَلَى الثَّمَرَةِ هَلْ هِيَ غَلَّةٌ بِطِيبِهَا أَوْ بِيُبْسِهَا أَوْ بِجُذَاذِهَا، فَالتَّمَامُ كَالطِّيبِ وَالتَّعْسِيلُ كَالْيُبْسِ وَالْجَزُّ كَالْجُذَاذِ اهـ قَالُوا: إذَا قَالَ: يَخْتَلِفُ فَهُوَ تَخْرِيجٌ مِنْهُ، وَاَلَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ مَا لَمْ يَجُزَّهُ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْغَنَمِ. قَالَ: وَلَا يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِشَيْءٍ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ النَّخْلِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْغَنَمِ غَلَّةً تَبْتَغِي مِنْهَا غَيْرَ الصُّوفِ، وَلَوْ جَزَّهُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَكَانَ رِضًا بِهِ اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الْحَطّ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ رَدِّ الْغَلَّةِ فَقَالَ: (كَ) مُشْتَرٍ شِقْصًا فِي أُصُولٍ مُثْمِرَةٍ بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَاشْتَرَطَهَا ثُمَّ يَبِسَتْ أَوْ جَذَّهَا ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُ الْأُصُولُ بِ (شُفْعَةٍ) فَقَدْ فَازَ بِهَا (وَاسْتِحْقَاقٍ) أَيْ رَفْعِ مِلْكِ بَائِعٍ لِأُصُولٍ مُثْمِرَةٍ بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ اشْتَرَطَهَا مُشْتَرِيهَا وَيَبِسَتْ عِنْدَهُ أَوْ جَذَّهَا بِثُبُوتِ مِلْكِهَا لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ فَقَدْ فَازَ الْمُشْتَرِي بِثَمَرَتِهَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إذَا ابْتَاعَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةُ مَأْبُورَةٌ أَوْ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّ حِمْلَ نِصْفِهَا وَاسْتَشْفَعَ فَلَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ بِاسْتِحْقَاقِهِ، وَعَلَيْهِ لِلْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ مَا سَقَى وَعَالَجَ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَرَةِ بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأَصْلِ مَا لَمْ تُجَذَّ أَوْ تَيْبَسْ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْعِلَاجِ أَيْضًا، وَإِنْ قَامَ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوْ الْجُذَاذِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ كَمَا لَوْ بِيعَتْ حِينَئِذٍ. وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِالشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَقَعَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْهُ (وَ) مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا ثَمَرٌ أُبِّرَ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهَا حَتَّى فَلَّسَ وَجَذَّهَا وَأَخَذَ الْبَائِعُ النَّخْلَ لِ (تَفْلِيسٍ) لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ فَازَ بِالثَّمَرَةِ الَّتِي جَذَّهَا فِيهَا، وَأَمَّا مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ ثُمَّ فَلَّسَ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ حَلَّ بَيْعُهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْأَصْلِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 212 وَفَسَادٍ.   [منح الجليل] وَالثَّمَرَةِ مَا لَمْ تُجَذَّ، إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ. اهـ. وَفِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَأَمَّا مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً أَوْ غَنَمًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ الْأَمَةَ قَدْ وَلَدَتْ وَالْغَنَمَ قَدْ تَنَاسَلَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْأُمَّهَاتِ وَأَوْلَادِهَا كَرَدِّهَا بِعَيْبٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ صُوفٍ جَزَّهُ أَوْ لَبَنٍ حَلَبَهُ فَكُلُّ ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ تُجْنَى ثَمَرَتُهَا فَهِيَ كَالْغَلَّةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْغَنَمِ صُوفٌ قَدْ تَمَّ يَوْمَ الشِّرَاءِ، أَوْ فِي النَّخْلِ ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ وَاشْتَرَطَهُ فَلَيْسَ كَالْغَلَّةِ. (وَ) كَمَنْ اشْتَرَى أُصُولًا مُثْمِرَةً بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَاشْتَرَطَهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَأَزْهَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ فُسِخَ شِرَاؤُهُ بِ (فَسَادِ) فَالثَّمَرَةُ لَهُ. الْحَطّ وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَهِيَ الْعَيْبُ وَالشُّفْعَةُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالتَّفْلِيسُ وَالْفَسَادُ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ ثَمَرَةٍ أَوْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَجَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَفِي الْعَيْبِ وَالْفَسَادِ يَسْتَحِقُّهَا بِمُجَرَّدِ الزَّهْوِ، وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْيُبْسِ، وَفِي التَّفْلِيسِ بِالْجَذِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ " غ " بِقَوْلِهِ: وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا ... يَضْبِطُهُ تُجَذُّ عَفْزًا شِسْيَا قَالَ: التَّاءُ فِي تُجَذُّ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْجِيمُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ، وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ فِي عَفَزَ لِلْعَيْبِ، وَالْفَسَادِ وَالزَّايُ لِلزَّهْوِ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْفَائِزُونَ بِغَلَّةٍ هُمْ خَمْسَةٌ ... لَا يُطْلَبُونَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَنْ رَدَّ فِي عَيْبٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ ... وَبِشُفْعَةٍ فَلْسٍ مَعَ اسْتِحْقَاقٍ فَالْأَوَّلَانِ بِزَهْوِهَا فَازَا بِهَا ... وَالْجَذُّ فِي فَلْسِ وَيُبْسِ الْبَاقِي اهـ. وَنَصَّ " غ " أَمَّا غَيْرُ الثَّمَرَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَشَهَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا إذَا أَزْهَتْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَتُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا وَإِنْ أَزْهَتْ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَتُرَدُّ مَعَهَا، وَإِنْ يَبِسَتْ فِي التَّفْلِيسِ مَا لَمْ تُجَذَّ. قَالَ: وَكَانَ بَعْضُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 213 وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ؛ إنْ رَضِيَ الْقَبْضَ، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ، وَلَمْ يُرَدَّ بِغَلَطٍ إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ.   [منح الجليل] أَشْيَاخِي يَرَى أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْأُخْرَى، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ كُنْت نَظَمْت هَذَا الْمَعْنَى فِي رَجَزٍ مَعَ زِيَادَةِ بَعْضِ الْفَوَائِدِ فَقُلْت: الْخَرْجُ بِالضَّمَانِ فِي التَّفْلِيسِ ... وَالْعَيْبُ عَنْ جَهْلٍ وَعَنْ تَدْلِيسِ وَفَاسِدٌ وَشُفْعَةٌ وَمُسْتَحِقُّ ... ذِي عِوَضٍ وَلَوْ كَوَقْفٍ فِي الْأَحَقِّ وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا ... يَضْبِطُهُ تُجَذُّ عَفْزًا شِسْيَا الْخَرْجُ وَالْخَرَاجُ لُغَتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَمَنْ وَافَقَهُ {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون: 72] وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مِنْ قَوْلِنَا كَوَقْفِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَمَعْنَى فِي الْأَحَقِّ فِي الْقَوْلِ الْأَحَقِّ تَلْوِيحًا بِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَمَعْنَى اُنْتُقِيَ اُخْتِيرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَالتَّاءُ فِي تُجَذّ لِلتَّفْلِيسِ، وَالْجِيمُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ، وَلِلْعَيْنِ وَالْفَاءِ فِي عَفْرًا لِلْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالزَّايُ لِلزَّهْوِ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ وَاخْتَصَرْتُهَا فِي بَيْتٍ مِنْ الْمُجْتَثِّ فَقُلْت: ضَمِنَ بِخَرْجٍ وَفِيًّا ... تَجُذَّ عَفْزًا شِسْيَا عَلَى أَنَّا مَسْبُوقُونَ بِهَذَا التَّرْكِيبِ الَّذِي هُوَ تَجُذُّ عَفْرًا شِسْيَا سَبَقَ إلَيْهِ الْوَانُّوغِيُّ (وَدَخَلْت) السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبِ (فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ) بَائِعُهَا (بِالْقَبْضِ) لَهَا مِنْ مُبْتَاعِهَا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ قَبْضُهَا فِيهِ (أَوْ) لَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهَا وَ (ثَبَتَ) عَيْبُهَا الْمُوجِبُ لِرَدِّهَا (عِنْدَ حَاكِمٍ) وَحَكَمَ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ) الْحَاكِمُ (بِهِ) أَيْ الرَّدِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى حَاضِرٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ. وَمَفْهُومُ إنْ رَضِيَ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ حَاكِمٍ لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَافَقَهُ عَلَى قِدَمِ الْعَيْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ (وَلَمْ) أَيْ لَا (يُرَدَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ (بِغَلَطٍ) أَيْ جَهْلٍ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ بِهِ (إنْ سُمِّيَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 214 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مُشَدَّدَةً الْمَبِيعُ (بِاسْمِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَامِّ الَّذِي يَعُمُّهُ وَغَيْرُهُ، كَبَيْعِ حَجَرٍ مُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَتَبَيَّنَ يَاقُوتًا أَوْ زُمُرُّدًا أَوْ أَلْمَاسًا فَقَدْ فَازَ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ لِبَائِعِهِ رَدُّهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حَجَرًا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ وَمَفْهُومُ بِاسْمِهِ أَنَّهُ لَوْ سُمِّيَ بِاسْمِ غَيْرِهِ يُرَدُّ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَبَيْعِ شَيْءٍ بِاسْمِ يَاقُوتَةٍ فَتُوجَدُ حَجَرًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وَكَبَيْعِ زُجَاجَةٍ فَتُوجَدُ يَاقُوتَةً فَلِلْبَائِعِ رَدُّهَا. سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ بَاعَ مُصَلَّى فَقَالَ الْمُشْتَرِي: أَتَدْرِي مَا هَذَا الْمُصَلَّى هُوَ وَاَللَّهِ خَزٌّ، فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا عَلِمْت أَنَّهُ خَزٌّ وَلَوْ عَلِمْتُهُ مَا بِعْتُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ، لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ مَرَوِيًّا ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ إنَّمَا ظَنَنْتُهُ كَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ مُبْتَاعُهُ: مَا اشْتَرَيْتُهُ إلَّا ظَنًّا أَنَّهُ خَزٌّ وَلَيْسَ بِخَزٍّ، فَهَذَا مِثْلُهُ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ حَجَرًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ ثُمَّ إذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ تَبْلُغُ مَالًا كَثِيرًا لَوْ شَاءَ اسْتَبْرَأَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ: أَخْرِجْ لِي ثَوْبًا مَرَوِيًّا بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ لَهُ ثَوْبًا أَعْطَاهُ إيَّاهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ هَذَا يَحْلِفُ فِيهِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ. ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ خِلَافُ هَذَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى يَاقُوتَةً وَهُوَ يَظُنُّهَا حَجَرًا وَلَا يَعْرِفُهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُبْتَاعُ فَيَجِدُهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، أَوْ يَشْتَرِي الْقُرْطَ يَظُنُّهُ ذَهَبًا فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَسَمَّاهُ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، مِثْلَ قَوْلِ الْبَائِعِ أَبِيعُكَ هَذَا الْحَجَرَ، أَوْ قَوْلِ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذَا الْحَجَرَ فَيَشْتَرِيهِ وَهُوَ يَظُنُّهُ يَاقُوتَةً فَيَجِدُهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَبِيعُ الْبَائِعُ يَظُنُّهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الشِّرَاءُ، وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ غَيْرُ يَاقُوتَةٍ وَالْبَائِعُ الْبَيْعَ وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمَّا إذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ مِثْلُ قَوْلِ الْبَائِعِ أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ فَيَجِدُهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 215 وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ،.   [منح الجليل] غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ ثُمَّ يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَيْعَ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُصَلَّى وَشِبْهِهِ. وَأَمَّا الْقُرْطُ يَظُنُّهُ الْمُشْتَرِي ذَهَبًا وَلَا يَشْتَرِطُ أَنَّهُ ذَهَبٌ فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ إنْ كَانَ قَدْ صِيغَ بِصِفَةِ أَقْرَاطِ الذَّهَبِ، أَوْ غُسِلَ بِذَهَبٍ. وَاخْتُلِفَ إذَا أَلْغَزَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي التَّسْمِيَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: ذَلِكَ يُوجِبُ الرَّدَّ كَالتَّصْرِيحِ، وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي أَنَّهُ اُخْتُصِمَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ مَرَّ بِرَجُلٍ مَعَهُ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ الصِّبْغَ الْهَرَوِيَّ فَقَالَ لَهُ: بِكَمْ هَذَا الْهَرَوِيُّ قَالَ: بِكَذَا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَرَوِيٍّ وَإِنَّمَا صُبِغَ صِبْغَ الْهَرَوِيِّ فَأَجَازَ بَيْعَهُ، قَالَ: وَلَوْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُزَيِّنَ ثَوْبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الزِّينَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ هَرَوِيَّ الصِّبْغِ حَتَّى يَقُولَ: هَرَوِيُّ هَرَاةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرُدُّهُ، وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: إنْ بَاعَهُ الْحَجَرَ فِي سُوقِ الْجَوْهَرِ فَوَجَدَهُ صَخْرَةً فَلِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ جَوْهَرٌ، وَإِنْ بَاعَهُ فِي مِيرَاثٍ أَوْ فِي غَيْرِ سُوقِ الْجَوْهَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقِيَامُ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ، وَهَذَا يَجْرِي عِنْدِي عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي الْأَلْغَازِ. وَوَجْهُ تَفْرِقَةِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَ الَّذِي يَبِيعُ الْيَاقُوتَةَ جَاهِلًا بِهَا وَبَيْنَ مَنْ قَصَدَ إخْرَاجَ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ ثَوْبًا بِأَرْبَعَةٍ أَنَّ الْأَوَّلَ جَهِلَ وَقَصَّرَ إذْ لَمْ يَسْأَلْ مَنْ يَعْلَمُ مَا هُوَ، وَالثَّانِي غَلِطَ، وَالْغَلَطُ لَا يُمْكِنُ التَّوَقِّي مِنْهُ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخْذُ ثَوْبِهِ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ مِنْ رَسْمٍ أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى حُضُورِ مَا صَارَ بِهِ إلَيْهِ فِي مُقَاسَمَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالرُّجُوعُ بِالْغَلَطِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. اهـ. وَمَحِلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ وَكِيلًا وَإِلَّا رَدَّ بِالْغَلَطِ بِلَا نِزَاعٍ. . (وَلَا) يُرَدُّ الْمَبِيعُ (بِغَبْنٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي وَنَقْصٍ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ إنْ وَافَقَ الْعَادَةَ، بَلْ (وَلَوْ خَالَفَ) الْغَبْنُ (الْعَادَةَ) ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْجَهْلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 216 وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ؟ تَرَدُّدٌ. .   [منح الجليل] غَبَنَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَقَامَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ لَهَا مَعْنًى مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ اهـ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَارْتَهَنَ رَهْنًا وَكَانَ مُشْتَرِيهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السَّفَهِ جَازَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا قِيَامَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ بِالْغَبْنِ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ فِي ذَلِكَ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ سَمَاعَ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ، وَتَأَوَّلَ مِنْهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ رَأَى لَهُ الرَّدَّ بِالْغَبْنِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْبَيْعِ مَخَافَةَ الْحِنْثِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ. وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَأَرَاهُ ابْنَ الْقَصَّارِ وُجُوبَ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» ، وَفِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا ظُلْمَ فِي غَبْنِ غَيْرِ الْمُسْتَرْسِلِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ظُلْمٌ فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ «بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ» ، «وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ» ، وَهَذَانِ لَا دَلِيلَ فِيهِمَا لِخُرُوجِهِمَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْقِلَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَقِيقَةِ وَلَوْ بِعُصْفُورٍ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ بِقَدْرِ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَثِيرٌ. (وَهَلْ) لَا يَرُدُّ بِالْغَبْنِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ) الْجَاهِلُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلْعَالِمِ بِهِ (وَيُخْبِرُهُ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ بِهِ (بِجَهْلِهِ) بِالثَّمَنِ وَيَقُولُ لَهُ يَعْنِي كَمَا تَبِيعُ النَّاسُ، أَوْ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ فَإِنِّي لَمْ أَعْلَمْ الثَّمَنَ فَيَغْبِنُهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالنَّقْصِ فِي الشِّرَاءِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ، أَيْ أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتِئْمَانِهِ فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ، فَلَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 217 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] رَدُّهُ أَوْ لَا يُرَدُّ بِهِ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الِاسْتِسْلَامِ (تَرَدُّدٌ) " غ " اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى طَرِيقَتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ، وَتَرَكَ مِنْهَا طَرِيقَةَ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ، فَلَوْ قَالَ هُنَا: وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا لِغَيْرِ عَارِفٍ أَوْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ إلَخْ لَاسْتَوْفَاهَا ابْنُ رُشْدٍ وَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا كَانَ عَلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِنَامَةِ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ طُرُقًا، الْأُولَى: طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَالثَّانِيَةُ: طَرِيقَةُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَنَصُّهُ أَبُو عُمَرَ الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَسْلِمِ الْمُسْتَنْصِحِ يُوجِبُ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارَ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الطَّرِيقَةَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ، وَنَصُّهُ الْبَاجِيَّ عَنْ الْقَاضِي فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ عَادَةً وَأَحَدُهُمَا لَا يَعْلَمُ سِعْرَ ذَلِكَ إذَا زَادَ الْغَبْنُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، وَالْمُتَعَارَفُ فِيهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا، بِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَحَصَلَ فِي التَّوْضِيحِ ثَلَاثُ طُرُقٍ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِنَامَةِ فَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ وَاجِبٌ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ فَلَا قِيَامَ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا. الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: لِلْمَازِرِيِّ فَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِقِيمَتِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ: قِيمَتُهُ كَذَا فَلَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِثَمَنِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا قَوْلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ اهـ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: لِعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْغَبْنِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ. اهـ. الْحَطّ مَا عَزَاهُ الْمَعُونَةُ عَكْسُ مَا فِيهَا، وَنَصُّهَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ، أَوْ شِرَاءِ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِأَلْفٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى خِيَارَ الْمَغْبُونِ مِنْهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا خِيَارَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الرَّشَادِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ، وَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا، بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 218 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ ثَلَاثَ طُرُقٍ الْأُولَى لَا قِيَامَ بِهِ وَلَوْ اسْتَسْلَمَ، وَأَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتَأْمَنَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى طَرِيقَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ الْمَعُونَةِ، وَجَعَلَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِيهَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ. الثَّانِي: الْحَطّ تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ وَالِاسْتِرْسَالِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّهُ لَا يُقَامُ بِهِ فِي غَيْرِهِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَّا الْمُسْتَرْسِلَ لَكَانَ مُقْتَصِرًا عَلَى رَاجِحِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: فِي الشَّامِلِ الْغَبْنُ مَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، وَقِيلَ: الثُّلُثُ وَقِيلَ: مَا زَادَ عَلَيْهِ. الرَّابِعُ: عُلِمَ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ لَا قِيَامَ بِهِ، وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ إذَا قُلْنَا بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي تَقْدِيرِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا حَدَّ لَهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَوَائِدُ بَيْنَ التُّجَّارِ، فَمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ التَّغَابُنِ الَّذِي يَكْثُرُ وُقُوعُهُ بَيْنَهُمْ وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَلَا مَقَالَ فِيهِ لِلْمَغْبُونِ بِاتِّفَاقٍ، مَا خَرَجَ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلِلْمَغْبُونِ فِيهِ الْخِيَارُ. الْخَامِسُ: اُتُّفِقَ عَلَى الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِيمَا بَاعَهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّائِبَ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ إذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ أَنَّهُ مَرْدُودٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ هُوَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ فِيهِ الْبَيْعُ إذْ لَمْ يَقْصِدْ إلَيْهِ وَيَمْضِي بِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَأَشْبَاهِهِمَا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عُمَرَ أَنَّ قَدْرَ الْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ كَقَدْرِهِ فِيمَنْ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: غَبْنُ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ مَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَلْزَمُكَ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 219 وَرُدَّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِكُلِّ حَادِثٍ،.   [منح الجليل] السَّادِسُ: إذَا قُلْنَا بِالْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِمَا، فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ لِلْقَائِمِ بِهِ نَقْضَ الْبَيْعِ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ، وَأَمَّا فِي فَوَاتِهَا فَلَا نَقْضَ لَهُ وَأَنَّ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ يَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الرَّقِيقُ خَاصَّةً (فِي) بَيْعِهِ بِشَرْطِ (عُهْدَةِ) أَيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ فِي اللَّيَالِي (الثَّلَاثِ) بِأَيَّامِهَا مِنْ كُلِّ مَا يَحْدُثُ بِهِ فِيهَا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ (بِكُلِّ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 220 إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ،.   [منح الجليل] عَيْبٍ (حَادِثٍ) بِهِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ بِدِينِهِ أَوْ خُلُقِهِ أَوْ بَدَنِهِ وَلَوْ مَوْتًا أَوْ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ أَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ، قَالَ فِيهَا: وَمَا بِيعَ مِنْ الرَّقِيقِ لِغَيْرِ بَرَاءَةٍ فَمَاتَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دَاءٌ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ، وَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ أَوْ خَنَقَ نَفْسَهُ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ جُرِحَ أَوْ قُطِعَ لَهُ عُضْوٌ كَانَ أَرْشُهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ أَوْ رَدِّهِ اهـ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا حَدَثَ بِالْعَبْدِ فِي الثَّلَاثِ مِنْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِبَاقٍ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَتْهُ حُمَّى أَوْ عَمَشٌ أَوْ بَيَاضٌ بِعَيْنِهِ وَمَا ذَهَبَ قَبْلَ الثَّلَاثِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ أَشْهَبُ أَمَّا الْحُمَّى فَلَا يَعْلَمُ ذَهَابَهَا وَلْيَتَأَنَّ بِهِ، فَإِنْ عَاوَدَتْهُ بِالْقُرْبِ رَدَّهُ وَإِنْ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّ بُدُوَّ ذَلِكَ فِيهَا وَنَصُّهَا قَبْلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا إذَا أَصَابَ الْعَبْدَ حُمَّى فِي الثَّلَاثِ أَوْ بَيَاضٌ ثُمَّ ذَهَبَ فِيهَا فَلَا يُرَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ بِذَهَابِ مَالِهِ فِي الثَّلَاثِ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ فَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ أَفَادَهُ الْحَطّ. (إلَّا أَنْ يَبِيعَ) الْمَالِكُ رَقِيقَهُ (بِ) شَرْطِ (بَرَاءَةٍ) مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ بَعْدَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ فَلَا يَرُدُّهُ بِحَادِثٍ فِيهَا. أَحْمَدُ بَابَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا حَدَثَ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا، وَيَرُدُّهُ بِمَا عَدَاهُ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ تت وَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ سُقُوطَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِتَبَرِّيهِ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ إذْ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لَهَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِدُخُولِهِ فِي هَذَا، وَلَا عَكْسَ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ إلَخْ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ فِي الثَّلَاثِ فَهُوَ مِنْ بَائِعِهِ، إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ. اهـ. وَخَصَّ اللَّقَانِيُّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْعُهْدَةِ الْمُعْتَادَةِ فَقَطْ قَائِلًا أَمَّا الْبَيْعُ بِالْعُهْدَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الَّتِي حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَيَرُدُّ فِيهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ الَّذِي بَاعَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 221 وَدَخَلَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْأَرْشُ:.   [منح الجليل] بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، قِسْمٌ يَرُدُّ فِيهِ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ إنْ اُعْتِيدَتْ الْعُهْدَةُ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ قَدِيمٍ وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً وَتَبَرَّأَ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ سَقَطَ حُكْمُهَا فَلَا يَرُدُّ بِقَدِيمٍ وَلَا حَادِثٍ وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا رَدَّ بِالْحَادِثِ فِيهَا دُونَ الْقَدِيمِ عَلَى مَا لِلَّقَانِيِّ، وَلَا رَدَّ عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ عِبْ. (وَدَخَلَتْ) عُهْدَةُ الثَّلَاثِ (فِي الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ لِأَنَّهَا الَّتِي تُوجِبُ ضَمَانَ الْبَائِعِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا أَقَامَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَزْيَدَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الثَّلَاثِ وَلَا تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ، وَالْمُوَاضَعَةُ فِي السَّنَةِ إنَّمَا تَكُونُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي شَيْءٍ فَيَبْدَأُ بِالِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ بِالسَّنَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَالثَّانِي: أَنَّهُنَّ يُتَدَاخَلْنَ فَتُبْتَدَأُ الْمُوَاضَعَةُ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةُ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَعُهْدَةَ الثَّلَاثِ يَتَدَاخَلَانِ فَيُبْتَدَآنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ، وَعُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ تَمَامِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُهْدَتَيْنِ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَالْمُوَاضَعَةَ فِي ضَمَانِ كُلِّ حَادِثٍ بِخِلَافِ عُهْدَةِ السَّنَةِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ بَعْدَ انْبِرَامِهِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الثَّانِي: لَا يُحْسَبُ مِنْ الثَّلَاثِ الْيَوْمُ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا. (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ زَمَنَهَا وَمِنْهَا الْكِسْوَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ (وَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (الْأَرْشُ) لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهِ زَمَنَهَا، وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ لِلْبَائِعِ فَقَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 222 كَالْمَوْهُوبِ لَهُ، إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ. .   [منح الجليل] كَ) الْمَالِ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ زَمَنَهَا (إلَّا) الرَّقِيقَ (الْمُسْتَثْنَى) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ الْمُشْتَرَطَ (مَالُهُ) لِمُشْتَرِيهِ فَلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ زَمَنَهَا. " غ " كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ رَدِّ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَضَمِيرُ لَهُ الثَّانِي لِلْعَبْدِ، وَفِي بَعْضِهَا وَالنَّفَقَةُ وَمِنْهَا الْكُسْوَةُ عَلَى الرَّقِيقِ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ عَلَى بَائِعِهِ وَالْأَرْشُ لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهِ زَمَنَهَا. وَشَبَّهَ فِي حُكْمِ الْأَرْشِ فَقَالَ: كَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلرَّقِيقِ زَمَنَهَا، وَخَبَرُ الْأَرْشِ لَهُ أَيْ الْبَائِعِ. " غ " وَعَلَى هَذَا فَلَهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَضَمِيرُهُ لِلْبَائِعِ وَلَامُهُ لِلْمِلْكِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشِ وَالْمَوْهُوبِ، وَبِمَعْنَى عَلَى بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَهُمُ اللَّعْنَةُ} [الرعد: 25] ، فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَالْفَصْلُ بِالْخَبَرِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَطّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ خَبَرَ النَّفَقَةِ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَالْأَرْشُ أَيْ إذَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فِي زَمَنِهَا فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارَ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَرَدَّهُ، وَقَوْلُهُ كَالْمَوْهُوبِ أَيْ مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِيهَا أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَوْ نَمَا مَالُهُ بِرِبْحٍ فَهُوَ لِبَائِعِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَذَلِكَ لَهُ قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْسَانٌ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الشُّيُوخُ بِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى. (فَرْعٌ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَلَّةِ الرَّقِيقِ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: غَلَّتُهُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمَشْهُورِ. الْمُوَضِّحُ هَذَا قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ، وَفِي نَقْلِهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ مَا رَبِحَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنْ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ أَشَارَ إلَى ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ وَأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، قَالَ: وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ أَعْرِفْ فِي الْغَلَّةِ نَصًّا لِمَا تَقَدَّمَ وَتَجْرِي عَلَى نَمَاءِ مَالِهِ بِالْعَطِيَّةِ لِلْبَائِعِ وَلِابْنِ شَاسٍ الْغَلَّةُ لِمُبْتَاعِهِ وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ. اهـ. وَفِي الشَّامِلِ وَفِي الْغَلَّةِ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 223 وَفِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ، لَا بِكَضَرْبَةٍ إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا،.   [منح الجليل] (وَ) رُدَّ الرَّقِيقُ (فِي) بَيْعِهِ بِشَرْطِ (عُهْدَةِ) أَيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ فِي (السَّنَةِ) مِنْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ (بِ) حُدُوثِ (جُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ) قَالَ فِيهَا: وَلَوْ جُنَّ فِي رَأْسِ شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ السَّنَةِ ثُمَّ لَمْ يُعَاوِدْهُ لَرُدَّ، إذْ لَا يُعْرَفُ ذَهَابُهُ، وَلَوْ جُنَّ عِنْدَهُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ، وَلَوْ أَصَابَهُ فِي السَّنَةِ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَبَرِئَ قَبْلَ عِلْمِهِ الْمُبْتَاعَ فَلَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ يَخَافَ عُودَتَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِجَرَبٍ أَوْ حُمْرَةٍ، وَإِنْ انْسَلَخَ وَوَرِمَ وَلَا بِالْبَهَقِ فِي السَّنَةِ وَلَوْ أَصَابَهُ صَمَمٌ أَوْ خَرَسٌ فَلَا يُرَدُّ إذَا كَانَ مَعَهُ عَقْلُهُ. ابْنُ شَاسٍ إنَّمَا اخْتَصَّتْ عُهْدَةُ السَّنَةِ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا، وَيَظْهَرُ مِنْهَا مَا يَظْهَرُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ دُونَ فَصْلٍ بِحَسَبِ مَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ الْعَادَةِ بِاخْتِصَاصِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ السَّبَبِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ. وَقَيَّدَ الْجُنُونَ بِقَوْلِهِ (بِ) فَسَادِ (طَبْعٍ) مِنْ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعَةِ كَغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ (أَوْ) بِ (مَسِّ جِنٍّ) الرَّقِيقَ أَيْ دُخُولِهِ فِيهِ وَتَغْيِيبِهِ عَنْ إحْسَاسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ، وَإِنْ زَالَ فَالْغَالِبُ عَوْدُهُ (لَا) إنْ كَانَ الْجُنُونُ (بِكَضَرْبَةٍ) وَطَرِبَةٍ وَخَوْفٍ فَلَا يُرَدُّ بِهِ لِإِمْكَانِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَتِهِ وَأَمْنِ عَوْدِهِ وَقَدَّمَ رَدَّهُ بِجُنُونٍ أَصْلُهُ بِطَبْعٍ فَقَطْ لِسَرَيَانِهِ لَا بِمَسِّ جِنٍّ أَوْ ضَرْبَةٍ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ، وَذَكَرَ هُنَا رَدَّهُ بِالْأَوَّلِينَ حَيْثُ بِيعَ بِعُهْدَةِ سَنَةٍ، فَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا فَلَا يُرَدُّ بِالْحَادِثِ وَيُرَدُّ بِالْقَدِيمِ إنْ كَانَ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ لَا بِكَضَرْبَةٍ لِقَوْلِهِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ. وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِالْعُهْدَتَيْنِ (إنْ شُرِطَا) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَجَرَّدَ الْفِعْلَ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْوَاجِبَةِ فِي رَافِعِ ضَمِيرِ مُؤَنَّثٍ وَلَوْ مَجَازِيَّ التَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ عِنْوَانِ الضَّمَانَيْنِ (أَوْ) لَمْ تُشْتَرَطَا وَ (اُعْتِيدَا) فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ الْحَطّ يُرِيدُ أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا، وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ اُعْتِيدَ أَوْ فِي اشْتِرَاطِهِمَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمَا، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا الضَّمَانُ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 224 وَلِلْمُشْتَرِي: إسْقَاطُهُمَا. .   [منح الجليل] النَّوَادِرِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَتَبَ فِي الشِّرَاءِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعُهْدَةِ وَلَهُ عُهْدَةُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ، إذْ لَمْ تَجْرِ فِيهِمْ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِمَا إنْ لَمْ تُشْتَرَطَا وَلَمْ تُعْتَادَا وَلَمْ يَحْمِلْ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْكَمُ بِهَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اشْتَرَطُوهَا، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ يَجِبُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَحَبُّ حَمْلُهُمْ عَلَيْهَا. وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُحْمَلُ أَهْلُ الْآفَاقِ عَلَيْهَا اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ بُنَانِيٌّ (وَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُمَا) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ أَوْ إعَادَةٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ، فَلَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِمَا يَحْدُثُ زَمَنَهُمَا لَا يُقَالُ هَذَا إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: سَبَبُ وُجُوبِهِ جَرَى وَهُوَ زَمَانُ الْعُهْدَةِ، وَلِلْبَائِعِ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا بَعْدَهُ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلُهُ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ أَيْ لَا يُعْمَلُ بِشَرْطِ عَدَمِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي ضَمَانِ مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ فِي الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ الْحَطّ اُنْظُرْ إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ إسْقَاطَهُمَا حُكِيَ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَحُكِيَ بَعْدَ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى ثِيَابِ مِهْنَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ هُنَاكَ فَقَالَ: وَهَلْ يُوَفَّى بِعَدَمِهَا أَوْ لَا كَمُشْتَرَطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ إلَخْ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي تَحْرِيرِ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ الِالْتِزَامِ، وَمُلَخَّصُ مَا فِيهَا إذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بِالْبَيْعِ عَلَى الْعُهْدَةِ وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إسْقَاطَهَا عَنْهُ فَقِيلَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ وَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَا يُوَفَّى لَهُ بِهِ حَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ وَخَرَجَ ثَالِثًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِفَسَادِ الشَّرْطِ، وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ هَذَا فِي الشَّرْطِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ اخْتِلَافًا مَشْهُورًا فَلَا يُوجِبُ فَسَادًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ قَوِيٌّ مُرَجَّحٌ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَضَعِيفٌ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 225 وَالْمُحْتَمِلُ بَعْدَهُمَا مِنْهُ، لَا فِي مُنْكَحٍ بِهِ أَوْ مُخَالَعٍ، أَوْ مُصَالَحٍ فِي دَمِ عَمْدٍ،.   [منح الجليل] وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ (وَ) إنْ بِيعَ رَقِيقٌ بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ أَوْ سَنَةٍ وَظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّتِهِمَا اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ بِهِ فِي مُدَّتِهِمَا أَوْ بَعْدَهَا، فَالْعَيْبُ أَيْ الَّذِي ظَهَرَ بِالرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِالْعُهْدَتَيْنِ بَعْدَ زَمَانِهِمَا (الْمُحْتَمِلُ) حُدُوثُهُ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ وَفِيهِمَا ضَمَانُهُ (مِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا مَعَ تَعَقُّبِهِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَلَمَّا اسْتَثْنَى بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَسَائِلَ لَيْسَ فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَلَا سَنَةٍ، وَعَدَّهَا الْمُتَيْطِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: رُدَّ بِمَا مَرَّ فِي غَيْرِ رَقِيقٍ مُنْكَحٍ بِهِ (لَا فِي) رَقِيقٍ (مُنْكَحٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ مُزَوَّجٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ (بِهِ) أَيْ مَجْعُولٌ صَدَاقًا، فَالْعُهْدَتَانِ سَاقِطَتَانِ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى نِحْلَةً وَالنِّحْلَةُ الْعَطِيَّةُ بِلَا عِوَضٍ إنْ لَمْ تُشْتَرَطَا فِيهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا فِيهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا وَمَالِيَّةً قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: فِيهِ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ النِّكَاحُ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُخَالَعٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ خَالَعَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُنَاجَزَةُ غَالِبًا وَلِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا كَانَتْ تَمْلِكُ بِهِ نَفْسَهَا مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا لَا يَتَعَقَّبُهُ رَدٌّ وَلَا فَسْخٌ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الْعِوَضَ مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُصَالَحٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ بِهِ (فِي دَمِ عَمْدٍ) فِيهِ قِصَاصٌ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى إقْرَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِهَذَا، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَشْيَةِ التَّلَفِ كَالْأَمَةِ أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ فَمَعْنَاهُ الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 226 أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ، أَوْ بِهِ: أَوْ قَرْضٍ، أَوْ عَلَى صِفَةٍ،   [منح الجليل] وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَبَيْعٌ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ عُهْدَةٌ لِشَبَهِهِ الْهِبَةَ فِي حَقِّ دَافِعِهِ وَلِاقْتِضَائِهِ الْمُنَاجَزَةَ لِأَخْذِهِ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ فَلَا تَجُوزُ لَهُمَا فِيهِ عُهْدَةٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ لَمَا رَجَعَ بِالْعِوَضِ عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ أَوْ دَمٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِيهِ اتِّقَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ اهـ الْبُنَانِيُّ تَعْلِيلُهُ سُقُوطَهَا فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَالْإِقْرَارِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ الْعُهْدَةِ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ لَا فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُسْلَمٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَدْفُوعٍ (فِيهِ) رَأْسُ سَلَمٍ إلَى نِصْفِ شَهْرٍ مَثَلًا، فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فِيهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى ابْنُ رُشْدٍ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْعُهْدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرًى بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةٍ فَأَشْبَهَ الْقَرْضَ (أَوْ) رَقِيقٍ مُسْلَمٍ (بِهِ) أَيْ مَجْعُولِ رَأْسِ مِثْلِ سَلَمٍ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ أَنَّ الرَّقِيقَ إذَا كَانَ رَأْسَ مَالٍ لَا عُهْدَةَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَهَذَا قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) رَقِيقِ (قَرْضٍ) أَيْ مُقْرَضٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ، فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ رَقِيقًا سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ فِي الْعُهْدَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهِ سَلِيمًا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرَضُ بِرَدِّهِ مَعِيبًا فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ ابْنِ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الرِّقِّ الْمُقْتَرَضِ إذْ لَيْسَ مَبِيعًا، وَالْعُهْدَةُ إنَّمَا جَاءَتْ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الرَّقِيقِ (أَوْ) رَقِيقٍ مَبِيعٍ وَهُوَ غَائِبٌ (عَلَى صِفَةٍ) أَيْ وَصْفِهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى عَلَى صِفَةٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِأَنَّ وَجْهَ بَيْعِهِ يَقْتَضِي إسْقَاطَهَا لِاقْتِضَائِهِ التَّنَاجُزَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الْغَائِبَ عَلَى مَا أَدْرَكَتْ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ، فَإِنْ اشْتَرَطَ الصِّفَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّ بَيْعَ الصِّفَةِ بَيْعٌ مُنَجَّزٌ قَاطِعٌ لِلضَّمَانِ وَالْعُهْدَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَحَمَلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْبَيْعَ عَلَى ذَلِكَ مَرَّةً، وَمَرَّةً جَعَلَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ فَيَكُونُ قَبْضُهُ لَهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَبْضًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 227 أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٌ، أَوْ مَبِيعٍ عَلَى كَمُفَلِّسٍ وَمُشْتَرًى لِلْعِتْقِ، أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ. . أَوْ وُرِثَ،.   [منح الجليل] نَاجِزًا لَا عُهْدَةَ فِيهِ اهـ الْحَطّ. مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ مِنْهُ إنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، فَإِذَا وَصَلَ لِلْمُشْتَرَى وَقَبَضَهُ كَانَ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِضَمَانِهِ وَعُهْدَتِهِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُقَاطَعٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (بِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ رَقِيقٌ (مُكَاتَبٌ) مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي أُعْتِقَ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَقَدْ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ فَسَقَطَتْ الْعُهْدَةُ وَفِي الْوَاضِحَةِ لَا عُهْدَةَ فِي الرِّقِّ الْمَوْهُوبِ لِلثَّوَابِ لِبَيْعِهِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ لَا عَلَى الْمُكَايَسَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ الْمُنْكَحَ بِهِ فَيَدْخُلُهُ الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الْمُنْكَحِ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعُهْدَةِ فِي الرِّقِّ الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ: فِيهِ الْعُهْدَةُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا عُهْدَةَ فِيهِ، وَهَذَا إذَا انْتَقَدَ وَإِلَّا فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ أَفَادَهُ الْحَطّ (أَوْ) رَقِيقٍ (مَبِيعٍ عَلَى كَمُفَلِّسٍ) فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَبِيعٌ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ غَالِبٍ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ كَزَوْجَةٍ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (لِلْعِتْقِ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَى إيجَابِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلتَّشَوُّفِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَلِلتَّسَاهُلِ فِي ثَمَنِهِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ ثَابِتٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَوْ قَضَاءِ الْقَرْضِ أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْحَقِّ يُغْتَفَرُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا وَأَكْثَرُ مِنْهُ عَادَةً، وَلِلْحَثِّ عَلَى حُسْنِ الِاقْتِضَاءِ، وَلِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ لِئَلَّا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنِ (أَوْ) رَقِيقٍ بِيعَ وَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِبَائِعِهِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ لَا بَيْعٌ ثَانٍ. (أَوْ) رَقِيقٍ (وُرِثَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 228 أَوْ وُهِبَ أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا، أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ. أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ، أَوْ بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ، أَوْ مُكَاتَبٍ بِهِ، أَوْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا، وَسَقَطَتَا بِكَعِتْقٍ فِيهِمَا. . .   [منح الجليل] الرَّاءِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى بَاقِيهِمْ (أَوْ) رَقِيقٍ (وُهِبَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ لِثَوَابٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ فَأَحْرَى لِغَيْرِ ثَوَابٍ (أَوْ) أَمَةٍ (اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا) فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِلْمَوَدَّةِ بَيْنَهُمَا الْمُقْتَضِيَةِ عَدَمَ رَدِّهَا بِمَا يَحْدُثُ فِيهَا فِي الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ شِرَاءَهَا لِزَوْجِهَا كَذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا يُفِيدُهُ تَخْصِيصُ الْأَمَةِ فَلَهَا الْعُهْدَةُ عَلَى بَائِعِهِ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَهُمَا بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ، وَلَيْسَ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ) مَثَلًا وَاشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تُؤَدِّي لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ (أَوْ) رَقِيقٍ مُوصًى بِبَيْعِهِ (مِمَّنْ أَحَبَّ) هـ الرَّقِيقَ فَلَا عُهْدَةَ لِمُشْتَرِيهِ عَالِمًا بِهَا لِذَلِكَ (أَوْ) رَقِيقٍ مُعَيَّنٍ مُوصًى (بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ) فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَفِيهِ لِلْعُهْدَةِ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُكَاتَبٍ بِهِ) مُعَيَّنًا رَقِيقٌ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ (أَوْ) الرَّقِيقِ (الْمَبِيعِ) بَيْعًا (فَاسِدًا) الْمَرْدُودِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْفَسَادِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِبَائِعِهِ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِأَنَّ رَدَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ. (تَنْبِيهٌ) جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا عِشْرُونَ مَسْأَلَةً وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ طفي وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ مِمَّا عَدَّهُ الْمُتَيْطِيُّ الْمَقَالَ مِنْهُ، وَلِذَا لَمَّا عَدَّهَا " ق " كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ قَالَ: وَمَا تَرَكَ خَلِيلٌ إلَّا الْمَقَالَ مِنْهُ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النَّاسِخِ لِنُسْخَةِ الْمُتَيْطِيِّ (وَسَقَطَتَا) أَيْ الْعُهْدَتَانِ (بِكَعِتْقٍ) نَاجِزٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ لِلرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى بِهِمَا مِنْ مُشْتَرِيهِ (فِيهِمَا) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ قِيَامٌ بِعَيْبٍ حَدَثَ فِيهِ بَعْدُ كَعِتْقِهِ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 229 وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا بِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَكَالْقَرْضِ، وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ. وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي   [منح الجليل] عَلَى أَنَّهُ اشْتَهَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ قَالَهُ تت. (وَضَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ شَخْصٌ (بَائِعٌ) شَيْئًا (مَكِيلًا) كَحَبٍّ وَغَايَةُ ضَمَانِهِ (لِيَقْبِضَهُ) أَيْ الْمَكِيلَ مُبْتَاعُهُ (بِكَيْلٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى بَعْدُ صِلَةُ قَبْضٍ، فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْقَبْضُ فِي الْمَكِيلِ بِكَيْلٍ وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ: (كَ) شَيْءٍ (مَوْزُونٍ) فَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ فِي حَالِ وَزْنِهِ (وَ) شَيْءٍ (مَعْدُودٍ) فَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ فِي حَالِ عَدِّهِ (وَالْأُجْرَةُ) لِلْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيَةُ لِلْمُشْتَرِي (عَلَيْهِ) أَيْ الْبَائِعِ لِوُجُوبِ التَّوْفِيَةِ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ، وَأُجْرَةُ كَيْلِ الثَّمَنِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَائِعُهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ) أَيْ تَرْكِ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ (وَالتَّوْلِيَةِ) أَيْ تَرْكِ الْمَبِيعِ بِثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ (وَالشَّرِكَةِ) أَيْ تَرْكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقَالِ وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا فَعَلَ مَعْرُوفًا، فَلَا يَغْرَمُ، وَلِذَا كَانَ السَّائِلُ الْمُقِيلَ: وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ لَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ. فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ إلَخْ أَيْ فَالْأُجْرَةُ عَلَى سَائِلِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُقَالَ أَوْ الْمُقِيلَ: إلَخْ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا (فَ) هِيَ (كَالْقَرْضِ) لِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ الَّذِي أُجْرَةُ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ لَا عَلَى الْمُقْرِضِ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا يَغْرَمُ، وَالْأُجْرَةُ فِي قَضَائِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ أَيْضًا اتِّفَاقًا (وَاسْتَمَرَّ) الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ (بِمِعْيَارِهِ) أَيْ آلَةِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ إنْ تَوَلَّى كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ الْبَائِعُ،، بَلْ (وَلَوْ تَوَلَّاهُ) أَيْ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ (الْمُشْتَرِي) الْبُنَانِيُّ الصُّوَرُ هُنَا أَرْبَعٌ، الْأُولَى: أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْوَزْنَ مَثَلًا وَإِلَّا فَرَاغٌ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 230 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِيُفْرِغَهُ فِي وِعَائِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا، حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فَقَالَ: قُلْت: قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِ بَائِعِهِ أَنَّهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا خِلَافُ حَاصِلِ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ مُبْتَاعِهِ ثَالِثُهَا: إنْ وَلَّى مُبْتَاعُهُ كَيْلَهُ فَمِنْهُ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْوَزْنَ وَالتَّفْرِيغَ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى ظَرْفِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: مُصِيبَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا تَوَلَّى الْوَزْنَ بِنَفْسِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِيُفْرِغَ قَبْضًا لِنَفْسِهِ. الرَّابِعَةُ: أَنْ لَا يُحْضِرَ ظَرْفَ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ حَمْلَ الْمَوْزُونِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ مِيزَانًا أَوْ جُلُودًا أَوْ أَزْيَارًا، فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَزْنِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لِنَفْسِهِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ، وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى دَارِهِ لِوُجُودِ الْقَبْضِ حَقِيقَةً، فَعَلَيْكَ بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ زُبْدَةُ الْفِقْهِ، وَقَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْحَطّ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمِكْيَالِ إذَا امْتَلَأَ فَهَلْ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ، وَكَيْفَ لَوْ صَبَّهُ فِي الْقِمْعِ فَأُرِيقَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَأَجَابَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَصِلَ إلَى إنَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّوْفِيَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إرَاقَتِهِ مِنْ مِكْيَالِهِ أَوْ مِنْ قِمْعِهِ فَقَالَ السَّائِلُ: الْقِمْعُ مِنْ مَنَافِعِ الْمُشْتَرِي تَطَوَّعَ لَهُ الْبَائِعُ بِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِنَاءُ وَاسِعًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقِمْعِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَمَّا الْتَزَمَ صَبَّهُ لَزِمَهُ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَقَالَ السَّائِلُ: لَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ: لَا أَصُبُّ فِي الْإِنَاءِ الضَّيِّقِ حَتَّى تَأْتِيَ بِإِنَاءٍ وَاسِعٍ أَوْ قِمْعٍ، فَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَاخْتَارَهُ السَّائِلُ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْقِمْعُ يَلْزَمُ الْبَائِعَ كَالْمِكْيَالِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ سَنَدُ مَنْ بَاعَ زَيْتًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 231 وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ، وَغَيْرِهِ بِالْعُرْفِ.   [منح الجليل] وَأَفْرَغَ عَلَى زَيْتٍ فِي إنَاءِ الْمُبْتَاعِ تَمَّ وُجِدَتْ فَأْرَةٌ فِيهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ الزَّيْتَيْنِ كَانَتْ حُكِمَ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي زَيْتِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا فِي إنَائِهِ وَقَبْضُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرُ قَبَضَ بِفَتْحِهَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (الْعَقَارِ) الْمَبِيعِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ الْمُوجِبُ لِنَقْلِ ضَمَانٍ لِلْمُبْتَاعِ، وَخَبَرُ قَبْضُ مُصَوَّرٌ (بِالتَّخْلِيَةِ) بَيْنَهُمَا وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ مَفَاتِيحِهِ إنْ كَانَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ الْبَائِعُ أَمْتِعَتَهُ مِنْهُ إلَّا دَارَ سُكْنَى الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْلَائِهَا مِنْهَا (وَقَبْضُ غَيْرِهِ) أَيْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ (بِالْعُرْفِ) بَيْنَ النَّاسِ كَحِيَازَةِ الثَّوْبِ وَاسْتِلَامِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ " ق " بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا تَوْفِيَةَ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الْفَاسِدِ وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ، فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ لَكَانَ مُنَاسِبًا الْحَطّ تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: نَبَّهَ عَلَى الْقَبْضِ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ ضَمَانَهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَالِكَ الْقَبْضَ مَا هُوَ فَبَيَّنَهُ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الثَّانِي: التَّمْكِينُ مِنْ الْقَبْضِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُوَثَّقِينَ أَنْزَلَهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ، فَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 232 وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ، إلَّا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ وَلِلْإِشْهَادِ فَكَالرَّهْنِ، وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ،.   [منح الجليل] وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ إنْزَالُ الْمُبْتَاعِ مَنْزِلَتَهُ فِي الْمَبِيعِ فَيَقُولُ أُنْزِلُهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ، فَإِنْ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أُنْزِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ أَمْكَنَهُ مِنْ قَبْضِهِ وَحَوْزِهِ إيَّاهُ اهـ. . (وَضُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً صَحِيحًا بِلَا خِيَارٍ وَلَا تَوْفِيَةٍ فِيهِ وَلَا عُهْدَةِ ثَلَاثٍ (بِالْعَقْدِ) الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِنْ فُضُولِيٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ صَغِيرٍ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِمْ أَوْ بِخِيَارٍ إلَّا بَعْدَ إجَازَةِ الْمَالِكِ وَالسَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَبَتِّ الْبَيْعِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الضَّمَانِ بِالْعَقْدِ فَقَالَ (إلَّا) السِّلْعَةَ (الْمَحْبُوسَةَ) أَيْ الْمُؤَخَّرَةَ عِنْدَ بَائِعِهَا (لِ) قَبْضِ (الثَّمَنِ) الْحَالِّ مِنْ مُشْتَرِيهَا (أَوْ لِلْإِشْهَادِ) مِنْ بَائِعِهَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِمُبْتَاعِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ ثَمَنَهَا حَالٌّ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ مُؤَجَّلٌ (فَ) يَضْمَنُهَا بَائِعُهَا ضَمَانًا (كَ) ضَمَانِ (الرَّهْنِ) فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ وَمَا هَلَكَ بِدُونِهَا طفي الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ، أَمَّا لَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ كَالرَّهْنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَتَبِعَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمَحْبُوسَةِ لِذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يَقُلْ كَالرَّهْنِ، وَمُرَادُهُ الضَّمَانُ فِيهِمَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، فَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ حَسَنًا. ثُمَّ قَالَ: فَلَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهَا أَنَّ ضَمَانَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً لَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ حَسَنًا وَوَافَقَ مَا يَأْتِي لَهُ فِي السَّلَمِ، فَإِنَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى هَذَا وَكَأَنَّهُ غَرَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ تَضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ. اهـ. مَعَ أَنَّهُ حَادَ عَنْهُ فِي بَابِ السَّلَمِ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا كَالرَّهْنِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلِهِ كَوْنِهِ مَشْهُورًا (وَإِلَّا) الْمَبِيعَ (الْغَائِبَ) عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (فَبِالْقَبْضِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 233 وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ،.   [منح الجليل] يَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا الْعَقَارَ الْمَبِيعَ عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ جُزَافًا فَيَضْمَنُهُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى سَلَامَتِهِ حِينَ الْعَقْدِ، فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً أَوْ تَنَازَعَا فِي سَلَامَتِهِ حِينَهُ فَبِقَبْضِهِ كَغَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطِ ضَمَانِهِ مُبْتَاعَهُ أَفَادَهُ عب (وَإِلَّا) الْأَمَةَ (الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا) أَيْ الْأَمَةِ (مِنْ الْحَيْضَةِ) تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهَا الْحَطّ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَقِيلَ: لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْغَائِبِ وَالْمُوَاضَعَةِ مَا نَصُّهُ ذِكْرُ الْمُوَاضَعَةِ هُنَا لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ ضَمَانَ بَائِعِهَا يَنْتَهِي إلَى خُرُوجِ الْأَمَةِ مِنْ الْحَيْضَةِ لَا إلَى قَبْضِهَا مُشْتَرِيهَا اهـ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ أَنَّ ضَمَانَهَا إلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ، قَالَ: لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَجَازَ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِمْتَاعَ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الْبَاجِيَّ إنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَنَصُّهَا وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَائْتِمَانَ الْمُبْتَاعِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ فَعَلَا أَجْزَأَ إنْ قَبَضَهَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي أَوَّلِ دَمِهَا. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَصُّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَالْمُوَاضَعَةَ يَرْتَفِعُ بِظُهُورِ الْحَيْضِ، فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ الدَّمِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَسَقَطَتْ سَائِرُ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ، وَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا، وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا أَوْ لَا: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ بِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضٌ اهـ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَوَّلِ دُخُولِهَا فِي الدَّمِ صَارَتْ إلَى ضَمَانِ الْمُشْتَرِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَلَّ لَهُ تَقْبِيلُهَا وَتَلَذُّذُهُ بِهَا، وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ: حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيْضَةُ لِإِمْكَانِ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ وَاسْتِمْرَارِهِ. اهـ. فَلَمْ يَحْكِ قَوْلًا بِاسْتِمْرَارِ الضَّمَانِ إلَى خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. نَفَقَةُ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَمَفْهُومُ الْمُوَاضَعَةِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُزُولِيُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 234 وَإِلَّا الثِّمَارَ لِلْجَائِحَةِ، وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ. .   [منح الجليل] وَإِلَّا الثِّمَارَ) الْمَبِيعَةَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى رُءُوسِ شَجَرِهَا فَيَضْمَنُهَا بَائِعُهَا (لِ) وَقْتِ أَمْنِ ا (لْجَائِحَةِ) بِتَنَاهِي طِيبِهَا وَمَفْهُومُ الْجَائِحَةِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ غَيْرِ الْجَائِحَةِ كَغَصْبِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي " ق "، فَالْأَوْضَحُ وَإِلَّا الثِّمَارَ فَتُضْمَنُ جَائِحَتُهَا لَا مِنْهَا (وَ) إنْ بِيعَ عَرْضٌ أَوْ مِثْلِيٌّ غَيْرُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ (بُدِئَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً (الْمُشْتَرِي) بِالْجَبْرِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ النَّقْدِ (لِلتَّنَازُعِ) أَيْ عِنْدَ تُنَازِعْهُ مَعَ الْبَائِعِ لِعَرْضٍ أَوْ مِثْلِيٍّ غَيْرِ عَيْنٍ فِي الدَّفْعِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَالرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ الْحَطّ هَذَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ، وَأَمَّا فِيهِ فَلَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَنَدُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنٌ وَمُثَمَّنٌ، فَالثَّمَنُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَمَا عَدَاهُمَا مُثَمَّنٌ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَثْمَانِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَقَالَ قَبْلَهُ: إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: لَا أَدْفَعُ حَتَّى أَقْبِضَ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْآخَرِ وَقِيلَ: لَهُمَا إنْ تَرَاخَى قَبْضُكُمَا فُسِخَ الصَّرْفُ، وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ فَفِي الدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا وَالدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ عَلَّاقَةَ الْمِيزَانِ وَيَأْمُرُ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ صَاحِبِهِ، وَفِي الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ يُوَكِّلُ عَدْلًا يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ لَهُمَا فَيَقْبِضُ مِنْ هَذَا فِي وَقْتِ قَبْضِهِ مِنْ هَذَا، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ كَعَرْضٍ بِعَرْضٍ وَتَشَاحَّا فِي الْإِقْبَاضِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَرَاخِي الْقَبْضِ عَنْهُ وَلَا بِافْتِرَاقِهِمَا مِنْ مَجْلِسِهِ اهـ. (فَرْعٌ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فِي الْمُفِيدِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً أَوْ عَرْضًا وَزَعَمَ أَنَّهُ مَعِيبٌ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ ثَمَنِهِ حَتَّى يُحْكَمَ لَهُ فِي الْعَيْبِ، وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُحَاكِمُك فِيهِ حَتَّى أَقْتَضِيَ ثَمَنَهُ، فَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: إنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُقْضَى فِيهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَلَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 235 وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ: يَفْسَخُ. وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ. .   [منح الجليل] يَنْقُدُهُ حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يَتَطَاوَلُ أَمْرُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ ثُمَّ يَبْتَدِئَا الْخُصُومَةَ بَعْدُ عَبْدُ الْحَقِّ وَبِهَذَا قَالَ الْقَرَوِيُّونَ ابْنُ مُغِيثٍ: وَبِهِ مَضَتْ الْفُتْيَا مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَنْدَلُسِ، وَرَأَيْت أَبَا الْمُطَرِّفِ يُفْتِي بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَحَكَاهُ عَنْ خَلَفِ بْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالِاسْتِغْنَاءِ (فَرْعٌ) فِي النَّوَادِرِ إنْ اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ جِيَادٌ وَبَعْضُهُمْ رَدِيئَةٌ فَلَا يُعْطَى إلَّا مَا اجْتَمَعُوا عَلَى جَوْدَتِهِ وَمَا لَا يُشَكُّ فِيهِ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ صَارَ مَعِيبًا بِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَعِيبًا اهـ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) إنْ بِيعَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ بَيْعًا بَتًّا صَحِيحًا وَتَلِفَ وَهُوَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ فَ (التَّلَفُ) لِلْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ بَيْعًا صَحِيحًا مُنْبَرِمًا (وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ) بِتَوْفِيَةٍ أَوْ خَوْفِ جَائِحَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَكَانَ تَلَفُهُ (بِسَمَاوِيٍّ) ثَابِتٍ أَوْ مُتَصَادَقٍ عَلَيْهِ وَخَبَرُ التَّلَفِ (يَفْسَخُ) بَيْعَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، بِخِلَافِ تَلَفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ إحْضَارِهِ وَقَبْلَ دَفْعِهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ وَبَيْعِ الْخِيَارِ (وَ) إنْ لَمْ يَثْبُتْ السَّمَاوِيُّ وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَيْهِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ (الْمُشْتَرِي) بَتًّا صَحِيحًا (إنْ غَيَّبَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أَخْفَى الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ مَبِيعِهِ وَتَمَسُّكِهِ، وَطَلَبَ بَائِعُهُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ تَعَيَّنَ فَسْخُهُ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ قَوْلِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 236 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَمِنْكَ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ وَنَقَضَ السَّلَمَ وَحَلَفَ وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ فَاتَّفَقَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِيهِ، ثُمَّ إنَّ مَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيمَا وُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ جَارٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً، وَلِذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يُفْسَخُ. وَأَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ كَالرَّهْنِ فَلَا تَدْخُلُ هُنَا إذْ لَا تَخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا، وَإِنَّمَا لَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا تَقَدَّمَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 237 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ فَلَا مُوجِبَ لِتَخْيِيرِهِ، فَإِدْخَالُ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ لَهَا هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَلَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً لَصَحَّ إدْخَالُهَا هُنَا، فَتَأَمَّلْ مَا قُلْنَاهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ مِمَّا لَمْ نُسْبَقْ إلَيْهِ وَشُدَّ يَدَكَ عَلَيْهِ، إذْ لَمْ نَرَ مَنْ حَقَّقَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ قَالَهُ طفي الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْقِيمَةِ يَجْرِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ضَمَانَهَا كَالرَّهْنِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ هُنَا فِي قَوْلِهِ، وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ غَيَّبَ وَعَلَيْهِ مَا يَجْرِي مَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ وَيُتَّفَقُ الْمَحِلَّانِ وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي تَحَصَّلَ فِي تَلَفِ السِّلْعَةِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ بَائِعِهَا وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَالثَّانِي أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا، وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ بَائِعَهَا مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ عَلَى تَلَفِهَا كَانَتْ قِيمَتُهَا مِثْلَ ثَمَنِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَثَانِيهَا: تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ مُبْتَاعُهَا، وَيَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُصَدِّقَهُ فَيَفْسَخُ الْبَيْعَ أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ وَيُثْبِتُ الْبَيْعَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْ الْبَائِعِ، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ. وَثَالِثُهَا: تَصْدِيقُ بَائِعِهَا بِيَمِينِهِ عَلَى تَلَفِهَا وَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّهْنِ. وَرَابِعُهَا أَنَّ بَائِعَهَا مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ فِي تَلَفِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَا يُصَدَّقُ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِهَا فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُبْتَاعُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهَا وَعَدَمِهِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ مُصِيبَةَ السِّلْعَةِ الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُبْتَاعِ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَتَبَيَّنَ لَكَ بِقَوْلِهِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ أَنَّ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 238 أَوْ عُيِّبَ أَوْ اُسْتُحِقَّ.   [منح الجليل] بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ يَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمَحْبُوسَةِ كَالرَّهْنِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا يَجْرِي عَلَى مُقَابَلَةِ وَأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ يَصِحُّ إدْخَالُهَا هُنَا، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ السَّلَمِ الْآتِيَةَ تَجْرِي عَلَى مَا هُنَا أَيْضًا، لَكِنَّ التَّخْيِيرَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ بَعْدَ نُكُولِهِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَنَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَجْرَى مَسْأَلَةَ السَّلَمِ عَلَى حُكْمِ ضَمَانِ الرَّهْنِ، وَذَكَرَ فِيهَا تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نُكُولِ الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ عُيِّبَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمَبِيعِ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِهِ بَائِعَهُ فَيُخَيَّرُ مُبْتَاعُهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا أَرْشَ لَهُ وَرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ طفي يَنْبَغِي أَوْ يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ، أَيْ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي إنْ تَغَيَّبَ الْمَبِيعُ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ ضَمَانِ بَائِعِهِ لِيُطَابِقَ مَا قَالَهُ، وَهَكَذَا فَرَضَهَا فِي الْجَوَاهِرِ، وَنَصُّهُ وَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ زَمَنَ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَار، فَإِنْ أَجَازَ فَبِكُلِّ الثَّمَنِ لَا أَرْشَ لَهُ. اهـ. وَابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعٌ لَهُ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ الْبَتُّ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَتَعَيُّبُهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ. اهـ. عَلَى ضَبْطِهِ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ مُعَيَّنًا قَبْلَ ضَمَانِ مُبْتَاعِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ بَائِعِهِ كَاسْتِحْقَاقِهِ يَنْقُضُ بَيْعَهُ، وَتَغَيُّرُهُ حِينَئِذٍ بِنَقْصٍ كَعَدَمِهِ يُوجِبُ تَخْيِيرَ مُبْتَاعِهِ، وَقُلْت أَوْ يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ عَيَّبَهُ يُوجِبُ التَّنَاقُضَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ أَيْ الْمَبِيعِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيُوجِبُ غُرْمَ الْأَرْشِ، وَكَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا، وَيَفُوتُ الْكَلَامُ عَلَى الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ اهـ عِبْ. وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي هُنَا مَعَ أَنَّ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهَا لِانْبِرَامِ الْعَقْدِ هُنَا، فَالسِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فِي ضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 239 شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ، وَتَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ: كَعَيْبٍ بِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إلَّا الْمِثْلِيَّ،.   [منح الجليل] مُشْتَرِي جُزْءٍ (شَائِعٌ) فِيهِ إنْ كَثُرَ كَثُلُثِهِ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) الْجُزْءُ الشَّائِعُ الْمُسْتَحَقُّ كَسَبْعَ عَشَرَةَ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدَّهُ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَثُرَ الْمُسْتَحَقُّ كَثُلُثٍ، سَوَاءٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمْ لَا، كَانَ مُتَّخِذًا لِلْغَلَّةِ أَمْ لَا، كَأَنْ قَلَّ عَنْ ثُلُثٍ وَلَمْ يَنْقَسِمْ وَلَمْ يَتَّخِذْ لَهَا، فَإِنْ انْقَسَمَ أَوْ اتَّخَذَ لَهَا فَلَا يُخَيَّرُ وَيَلْزَمُهُ بَاقِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ الْخِيَارُ فِي خَمْسٍ مِنْهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ الْكَثِيرُ وَهِيَ الَّتِي قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَالْخَامِسَةُ الْقَلِيلُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَلَمْ يُتَّخَذْ لَهَا وَهِيَ صُورَةُ الْمُبَالَغَةِ، وَلُزُومُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ فِي ثَلَاثٍ قَلِيلُ الْمُنْقَسِمِ اُتُّخِذَ لَهَا أَمْ لَا، وَقَلِيلُ غَيْرِهِ الْمُتَّخَذِ لَهَا تت وَاحْتَرَزَ بِشَائِعٍ عَنْ اسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُ التَّمَسُّكُ بِبَاقِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحَقُّ الْأَكْثَرَ وَإِلَّا حَرُمَ (وَتَلَفُ) بِفَتْحِ اللَّام مَصْدَرُ تَلِفَ بِكَسْرِهَا مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ (أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ) أَيْ بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فِي ضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (كَ) ظُهُورِ (عَيْبٍ) قَدِيمٍ بِهِ فِي أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْبَاقِي، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ، وَإِنْ اتَّحَدَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ. (وَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ (حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ) مِنْ نِصْفِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي تَلِفَ أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِتَلَفِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ فَالتَّمَسُّكُ بِأَقَلِّهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ إنْشَاءُ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ، وَالنِّسْبَةُ وَمَا هُنَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ، وَمَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا يُعْرَضُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا يُعْرَضُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَذَكَرَهُ هُنَا أَيْضًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (إلَّا) الْمَبِيعَ (الْمِثْلِيَّ) أَيْ الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ أَوْ الْمَعْدُودَ الَّذِي تَلِفَ بَعْضُهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ أَوْ مُشْتَرِيهِ، فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلِّهِ فَيُخَيَّرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 240 وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ: كَقَاعٍ، وَإِنْ انْفَكَّ،.   [منح الجليل] الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فِيهِمَا الْمُوَضِّحُ أَيْ فِي التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ الْبَاقِي وَفِي الْفَسْخِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا يَنُوبُ بَعْضُ الْمِثْلِيِّ مِنْ ثَمَنِهِ مَعْلُومٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَقْوِيمٍ وَنِسْبَةٍ. (تَنْبِيهٌ) ظُهُورُ عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي بَعْضِ الْمِثْلِيِّ لَيْسَ الْخِيَارُ فِيهِ كَالْخِيَارِ فِي تَلَفٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ إذْ الْخِيَارُ فِي الْعَيْبِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْجَمِيعِ وَرَدِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ، قَالَ فِيهَا: مَنْ اشْتَرَى مِائَةَ إرْدَبّ فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا خَمْسُونَ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ أَخْذِ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ، وَإِنْ أَصَابَ بِخَمْسِينَ إرْدَبًّا مِنْهَا عَيْبًا أَوْ بِثُلُثِ الطَّعَامِ أَوْ بِرُبُعِهِ فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ رَدُّهُ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَأَخْذُ الْجَيِّدِ خَاصَّةً اَ هـ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ مِنْهَا أَيْضًا أَفَادَهُ الْحَطّ (وَلَا كَلَامَ لِ) مُشْتَرٍ مِثْلِيًّا (وَاجِدٍ) عَيْبًا بِالْجِيمِ، وَفِي نُسْخَةِ الْبِسَاطِيِّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (فِي) عَيْبٍ (قَلِيلٍ) وَهُوَ الْمُعْتَادُ وُجُودُهُ فِي الْمَبِيعِ بِحَيْثُ (لَا يَنْفَكُّ) أَيْ لَا يَخْلُو الْمَبِيعُ عَنْهُ عَادَةً لِكَوْنِهِ مِنْ طَرَاوَةِ الْأَرْضِ لَا مِنْ أَمْرٍ طَارِئٍ عَلَيْهِ (كَ) بَلَلِ طَعَامٍ (قَاعٍ) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي فِي أَسْفَلِ الْبَيْتِ الَّذِي بِهِ الطَّعَامُ مِنْ طَرَاوَةِ أَرْضِهِ، فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ بِسَبَبِهِ " غ " قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ إلَخْ، اشْتَمَلَ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ شِدَّةِ اخْتِصَارِهِ عَلَى الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ، إذْ قَالَ: الْفَسَادُ الْمَوْجُودُ فِي الطَّعَامِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا كَوْنُهُ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ الطَّعَامُ عَنْهُ كَالْفَسَادِ الْيَسِيرِ فِي قِيعَانِ الْإِهْرَاءِ وَالْبُيُوتِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، فَهَذَا لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا كَلَامَ لَهُ فِيهِ. (وَإِنْ انْفَكَّ) الْعَيْبُ الْقَلِيلُ عَنْهُ وَلَا خَطْبَ لَهُ كَابْتِلَالِ بَعْضِهِ بِمَطَرٍ أَوْ نَدًى ابْنُ رُشْدٍ الثَّانِي: مَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الطَّعَامُ إلَّا أَنَّهُ يَسِيرٌ لَا خَطْبَ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمَعِيبَ وَيُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ السَّالِمَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّالِمَ وَيَرُدَّ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَرَوَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 241 فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ بِحِصَّتِهِ، لَا أَكْثَرَ. وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ بِحِصَّتِهِ مُطْلَقًا.   [منح الجليل] يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ (فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ) الْمَعِيبِ مِنْ الْمَبِيعِ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلْزَامُ الْمُشْتَرِي السَّالِمَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ ابْنُ رُشْدٍ الثَّالِثُ كَوْنُهُ مِثْلَ الْخُمُسِ وَالرُّبُعِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ السَّالِمَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْتَرِدَّ الْمَعِيبَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ رُبُعِ الطَّعَامِ أَوْ خُمُسِهِ لَا يُوجِبُ لِلْمُبْتَاعِ رَدَّ بَاقِيهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعَ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ وَيَلْتَزِمَ السَّالِمُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا (لَا أَكْثَرَ) مِنْ الرُّبُعِ ابْنُ رُشْدٍ. الرَّابِعُ كَوْنُهُ ثُلُثًا أَوْ نِصْفًا، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ إلْزَامَ الْمُشْتَرِي السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَاخْتِيَارِ سَحْنُونٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ الْتِزَامُ السَّالِمِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. الْخَامِسُ كَوْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَهُوَ الْجُلُّ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْبَائِعِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي السَّالِمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا لِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ اهـ " غ ". فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ كَقَاعٍ، وَإِلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ انْفَكَّ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ الْمَعِيبِ فَمَا دُونَهُ لِنَفْسِهِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَى الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ بِقَوْلِهِ لَا أَكْثَرَ أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الْمَعِيبِ لِنَفْسِهِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الرُّبُعِ كَالثُّلُثِ فَمَا فَوْقَهُ، وَانْطَبَقَ قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ بِحِصَّتِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْأَوَّلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ فِي قَلِيلٍ لَا يَنْفَكُّ اهـ كَلَامُ " غ " (وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ) أَيْ الْبَعْضِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ وَرَدُّ الْبَعْضِ الْمَعِيبِ عَلَى بَائِعِهِ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ مُجْتَمِعًا يَحْمِلُ بَعْضُهُ بَعْضًا (وَ) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشْرِ شِيَاهٍ بِمِائَةٍ كُلُّ شَاةٍ بِعَشْرَةٍ، وَاسْتُحِقَّ مِنْهَا بَعْضُهَا أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 242 وَرُجِعَ لِلْقِيمَةِ، لَا لِلتَّسْمِيَةِ. وَصَحَّ وَلَوْ سَكَتَا لَا إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لَهَا وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي: قَبْضٌ، وَالْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ،.   [منح الجليل] ظَهَرَ مَعِيبًا وَلَيْسَ الْأَكْثَرَ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي أَوْ السَّالِمُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ (رُجِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِيمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا (لِلْقِيمَةِ) الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْعَارِفُونَ لِلْمُسْتَحَقِّ وَالْبَاقِي وَالْمَعِيبُ وَالسَّالِمُ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا لِمَجْمُوعِ قِيمَتَيْهَا وَبِمِثْلِهَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ قُوِّمَ الْمُسْتَحَقُّ أَوْ الْمَعِيبُ بِعِشْرِينَ وَالْبَاقِي أَوْ السَّالِمُ بِثَلَاثِينَ رُجِعَ بِخُمُسَيْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عِشْرِينَ رُجِعَ بِنِصْفِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ عِشْرِينَ وَالثَّانِي أَرْبَعِينَ رُجِعَ بِثُلُثِهِ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (لَا) يُرْجَعُ (لِلتَّسْمِيَةِ) عِنْدَ الْعَقْدِ لِكُلِّ سِلْعَةٍ لِاخْتِلَافِ السِّلَعِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَاغْتُفِرَتْ زِيَادَةُ الْمُسَمَّى لِلرَّدِيءِ لِنَقْصِ مَا سُمِّيَ لِلْجَيِّدِ وَعَكْسُهُ (وَصَحَّ) الْبَيْعُ إنْ شُرِطَ الرُّجُوعُ لِلْقِيمَةِ عَلَى تَقْدِيرِ طَرَيَان اسْتِحْقَاقٍ أَوْ ظُهُورِ عَيْبٍ لِلْبَعْضِ، بَلْ (وَلَوْ سُكِتَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عِنْدَهُ عَنْ بَيَانِ الرُّجُوعِ لَهَا أَوْ لِلتَّسْمِيَةِ، وَيُرْجَعُ لِلْقِيمَةِ (لَا) يَصِحُّ الْبَيْعُ (إنْ شَرَطَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (الرُّجُوعَ لَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ إنْ خَالَفَتْ الْقِيمَةَ وَالْأَصَحُّ فَهَذَا تَتْمِيمٌ لِقَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ تَلَفَ الْمَبِيعِ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ بَائِعِهِ يُفْسَخُ ذَكَرَ هُنَا إتْلَافَهُ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عِنْدَهُ فَقَالَ: (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرَى) الْمَبِيعَ بَتًّا وَقْتَ ضَمَانِ بَائِعِهِ (قَبْضٌ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِمَا أَتْلَفَهُ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا، فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ هَذَا فِي إتْلَافِ كُلِّ الْمَبِيعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ إتْلَافِهِ مَبِيعَ الْخِيَارِ فِي بَابِهِ (وَ) إتْلَافُ (الْبَائِعُ) الْمَبِيعَ بَتًّا وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ أَوْ ضَمَانِ مُبْتَاعِهِ (وَ) إتْلَافِ (الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْمَبِيعَ بَتًّا بِضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (يُوجِبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (الْغُرْمَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْعِوَضَ لِلْمُتْلَفِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ. وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، فَفِيهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِعَيْنِهِ وَفَارَقَهُ قَبْلَ اكْتِيَالِهِ فَتَعَدَّى الْبَائِعُ عَلَى الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ، وَلَا خِيَارَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 243 وَكَذَلِكَ إتْلَافُهُ. . وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعُ صُبْرَةً عَلَى الْكَيْلِ،.   [منح الجليل] لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ دَنَانِيرِهِ، وَلَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ طَعَامًا مِثْلَهُ وَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ وَسُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ عَمَّنْ ابْتَاعَ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا وَرَأَى زَيَّ الطَّعَامِ وَسَاوَمَهُ عَلَيْهِ وَدَفَعَ لَهُ عُرْيَانَهُ وَبَقِيَ الطَّعَامُ عِنْدَ بَائِعِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكْتَلْهُ حَتَّى ارْتَفَعَ سِعْرُ الطَّعَامِ وَغَلَا فَطَلَبَ الْمُبْتَاعُ الطَّعَامَ فَأَبَى الْبَائِعُ دَفْعَهُ إلَيْهِ، قَالَ: يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ فِيمَا عَقَدَ مَعَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، فَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْقَبَّابِ، وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَنْ عَلَيْهِ طَعَامٌ فَأَبَى الطَّالِبُ مِنْ قَبْضِهِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَمَكَّنَهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ مِرَارًا فَجَنَى جَانٍ عَلَى الطَّعَامِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَيْسَ لَهُ الْمَكِيلَةُ، وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَجْزِهِ عَنْ أَخْذِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي هَذَا (وَكَذَلِكَ) أَيْ إتْلَافُ كُلِّ الْمَبِيعِ فِي كَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضًا وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ (إتْلَافُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَمِنْهُ تَعْيِيبُهُ. فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ قَبْضٌ لِمَا أَتْلَفَهُ أَوْ عَيَّبَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ بَائِعٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْجَبَ غُرْمَ عِوَضِهِ وَالْأَجْنَبِيُّ يَغْرَمُ الْعِوَضَ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ مُشْتَرِيًا أَوْ بَائِعًا، وَالْبَائِعُ يَغْرَمُهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ أَوْ عَيَّبَ، فَفِي الْعَمْدِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ وَالرَّدِّ وَفِي الْخَطَأِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِلَا أَرْشٍ وَالرَّدِّ أَفَادَهُ عِبْ الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَاشِرٍ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ وَمِثْلُهُ فِي نُسْخَةِ ابْنِ مَرْزُوقٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ نُسْخَةَ إتْلَافِهِ تَحْرِيفٌ، قَالَ فِي ضَيْح: أَيْ تَعْيِيبُ الْمَبِيعِ كَإِتْلَافِهِ فِي التَّفْصِيلِ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ. (وَإِنْ) بَاعَ شَخْصٌ صُبْرَةً عَلَى كَيْلٍ كُلُّ إرْدَبّ بِكَذَا وَأُهْلِكَتْ قَبْلَ كَيْلِهَا فَ (أَهْلَكَ) أَيْ أَتْلَفَ عَمْدًا شَخْصٌ (بَائِعٌ) بِالتَّنْوِينِ (صُبْرَةً) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جُمْلَةً فِي مِثْلِيِّ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ كَحِنَّاءٍ وَكَتَّانٍ وَعُصْفُرٍ تَنَازَعَ فِيهِ أَهْلَكَ بَائِعٌ بِيعَتْ الصُّبْرَةُ (عَلَى الْكَيْلِ) كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ الْوَزْنِ كُلُّ رِطْلٍ (بِدِرْهَمٍ) مَثَلًا أَوْ الْعَدِّ كُلُّ عَشْرَةٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 244 فَالْمِثْلُ تَحَرِّيًا لِيُوَفِّيَهُ وَلَا خِيَارَ لَك، أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ، إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْبَائِعُ مَا يُوَفِّي، فَإِنْ فَضَلَ فَلِلْبَائِعِ،.   [منح الجليل] بِدِرْهَمٍ مَثَلًا وَأَهْلَكَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ كَيْلِهَا أَوْ وَزْنِهَا أَوْ عَدِّهَا (فَالْمِثْلُ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلصُّبْرَةِ الْمُهْلَكَةِ (تَحَرِّيًا) لِصِيعَانِهَا أَوْ أَرْطَالِهَا أَوْ عَدَدِهَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ (لِيُوفِيَهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْمِثْلَ بِكَيْلِهِ أَوْ عَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي (وَلَا خِيَارَ لَكَ) يَا مُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا وَلَوْ بِرِضَا الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ الْمِثْلُ الَّذِي وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ وَمَفْهُومُ أَهْلَكَ بَائِعٌ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ بِسَمَاوِيٍّ فُسِخَ الْبَيْعُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يَفْسَخُ، وَمِثْلُهُ هَلَاكُهَا بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ خَطَأً كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ بِأَهْلَكَ، وَجَعَلَهُ " س " كَالْعَمْدِ فِي لُزُومِ الْمِثْلِ الْبَائِعَ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ كَالْعَمْدِ تت فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَهْلَكَهَا الْمُشْتَرِي لَكَانَ قَبْضًا فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ الطَّعَامَ الْمَجْهُولَ كَيْلُهُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ خَلِيلٌ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ بَشِيرٍ. وَجَعَلَ الْمَازِرِيُّ هَذَا فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَإِتْلَافُهُ قَبْضٌ لِمَكِيلَتِهِ تَحَرِّيًا ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْ أَتْلَفَ طَعَامًا ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَهُ وَعُرِفَ كَيْلُهُ فَقَبْضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَيْلُهُ فَعَلَيْهِ ثَمَنُ الْقَدْرِ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ، فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إتْلَافُ الْمُشْتَرِي لِلطَّعَامِ الْمَجْهُولِ كَيْلُهُ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ وَلَا يَفْسَخُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَبُولُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَقْلَهُ إيجَابَ الْقِيمَةِ وَهْمٌ، وَتَعَقُّبُهُ عَلَيْهِ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ صَوَابٌ (أَوْ) أَيْ وَإِنْ أَهْلَكَ (أَجْنَبِيٌّ) صُبْرَةً بِيعَتْ بِكَيْلٍ قَبْلَهُ (فَالْقِيمَةُ) لِلصُّبْرَةِ يَوْمَ إتْلَافِهَا تَلْزَمُهُ (إنْ جُهِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْمَكِيلَةُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ قَدْرُ كَيْلِ الصُّبْرَةِ، فَإِنْ عُرِفَتْ الْمَكِيلَةُ لَزِمَهُ مِثْلُهَا (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ الصُّبْرَةِ (اشْتَرَى الْبَائِعُ) بِهَا (مَا) أَيْ مِثْلِيًّا (يُوفِي) قَدْرَ الصُّبْرَةِ تَحَرِّيًا لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ فَضَلَ) شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِحُدُوثِ رُخْصِ الْمِثْلِيِّ (فَ) الْفَاضِلُ (لِلْبَائِعِ) إذْ لَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 245 وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ. وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، وَلَوْ: كَرِزْقِ قَاضٍ.   [منح الجليل] النَّقْصُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهُ (وَإِنْ نَقَصَ) مَا اشْتَرَاهُ بِهَا عَنْ قَدْرِ الصُّبْرَةِ تَحَرِّيًا لِحُدُوثِ غَلَائِهَا (فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) لِبَعْضِهَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَسُّكُ بِمَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ سَقَطَتْ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اشْتَرَى الْبَائِعُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ مَدْلُولُ لَفْظِ الْكِتَابِ وَقِيلَ: الْمُشْتَرِي وَقِيلَ: الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ فَإِنْ أُعْدِمَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ فُقِدَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْبَائِعِ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ فَسْخِهِ وَانْتِظَارِ الْأَجْنَبِيِّ ابْنُ عَرَفَةَ التُّونُسِيُّ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْمُتَعَدِّي لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَاصَمَةُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْهُ لِضَرَرِهِ بِتَأَخُّرِهِ لِوُجُودِ الْمُتَعَدِّي الْمَازِرِيُّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي مُعْسِرًا لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْفَسْخُ وَالتَّأْخِيرُ، وَلَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِمَا لَزِمَ الْمُتَعَدِّي ارْتَفَعَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَ) لِمُشْتَرٍ أَوْ مَوْهُوبٍ شَيْئًا (الْبَيْعُ) لِلشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا (قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهُ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ وَاهِبِهِ (إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ الَّذِي مُلِكَ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، كَصَدَاقٍ وَخُلْعٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَأَرَادَ بِمُطْلَقَةٍ الرِّبَوِيَّ وَغَيْرَهُ إنْ مَلَكَ الطَّعَامَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ كَشِرَاءٍ وَقَبُولِ هِبَةِ ثَوَابٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (كَرِزْقِ) أَيْ طَعَامٍ مُرَتَّبٍ لِ (قَاضٍ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ قَضَائِهِ، وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ رِزْقُ إمَامِ الْمَسْجِدِ وَمُؤَذِّنِهِ وَشَيْخِ السُّوقِ وَالْقَسَّامِ وَالْكَاتِبِ وَالْجُنْدِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْعَالِمِ فِي نَظِيرِ التَّعْلِيمِ وَالْفَتْوَى، وَأَشَارَ بِلَوْ لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِ رِزْقِ الْقَاضِي قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ عَلَى فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ فَأَشْبَهَ الصَّدَقَةَ (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ تَحْرِيمَ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعَدِّي لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ: مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» وَقِيلَ: مَعْقُولُ الْمَعْنَى لِأَنَّ أَهْلَ الْعِينَةِ كَانُوا يَتَوَصَّلُونَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 246 أُخِذَ بِكَيْلٍ، أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ. .   [منح الجليل] إلَى الرِّبَا بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَنَهَى عَنْهُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ لِلشَّارِعِ رَغْبَةً فِي ظُهُورِهِ لِقَنَاعَةٍ بِهِ وَانْتِفَاعِ الْكَيَّالِ وَالشَّيَّالِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَوْ أُجِيزَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَتَبَايَعَهُ أَهْلُ الْأَمْوَالِ مَخْزُونًا فِي مَطَامِيرِهِ فَيَحْصُلُ الْغَلَاءُ وَالْقَحْطُ الثَّانِي: الْمُوَاعَدَةُ عَلَى بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْمُوَاعَدَةِ عَلَى النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ وَالتَّعْرِيضُ بِهِ كَالتَّعْرِيضِ بِهِ فِيهَا، فَفِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ وَمَا ابْتَعْت مِنْ الطَّعَامِ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَلَا تُوَاعِدْ فِيهِ أَحَدًا قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا تَبِعْ طَعَامًا تَنْوِي أَنْ تَقْضِيَهُ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَيْت الثَّالِثُ: قَبْضُ الْوَكِيلِ كَقَبْضِ مُوَكِّلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِهِ قَالَهُ فِي رَسْمِ بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَفِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْوَكَالَاتِ مَا ظَاهِرُهُ مِنْ خِلَافِ هَذَا، وَتَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحِلُّ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الطَّعَامُ (بِكَيْلٍ) أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَأْخُوذِ جُزَافًا قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِقَبْضِهِ بِنَفْسِ شِرَائِهِ لِعَدَمِ التَّوْفِيَةِ، فَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَعَطَفَ عَلَى أُخِذَ بِكَيْلٍ فَقَالَ: (أَوْ) كَانَ الطَّعَامُ (كَلَبَنِ) جِنْسِ (شَاةٍ) فَلَا يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَكِيلَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ جُزَافًا. وَيَأْتِي فِي بَابِ السَّلَمِ جَوَازُ شِرَاءِ لَبَنِ شَاةٍ مِنْ شِيَاهٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً إذَا عُلِمَ قَدْرُ حَلْبِهَا تَحَرِّيًا إذَا عُيِّنَتْ وَكَثُرَتْ كَعَشَرَةٍ فِي إبَّانِ حِلَابِهَا كَفَصْلِ الرَّبِيعِ طفي لَوْ قَالَ: أَوْ كَلَبَنِ شِيَاهٍ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لَكَانَ أَسْعَدَ بِالنَّقْلِ، أَوْ قَالَ: كَلَبَنِ غَنَمٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِمَنْعِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَرْعٌ عَنْ كَوْنِ الْعَقْدِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْقَبْضُ جَائِزًا، أَوْ شِرَاءِ لَبَنِ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ جُزَافًا غَيْرُ جَائِزٍ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ كَالْعَشَرَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالشَّاةِ الْجِنْسُ، وَقَدْ حَمَلَهُ تت عَلَى الْوَاحِدَةِ لِقَوْلِهِ شَاةٍ أَوْ شِيَاهٍ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 247 وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ؛   [منح الجليل] فَفِيهَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ، وَمَنْ اشْتَرَى لَبَنَ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا جُزَافًا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا يَسِيرَةً كَشَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَيْسَتْ بِمَأْمُونَةٍ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا كَثُرَ مِنْ الْغَنَمِ كَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَعَرَّفَهُ وَجْهَ حِلَابِهَا وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفَا وَجْهَهُ فَلَا يَجُوزُ اهـ عِيَاضٌ إنَّمَا جَازَ فِي الْكَثِيرَةِ وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ فِيهَا جَائِحَةُ الْمَوْتِ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا آمَنُ مِنْ الْقَلِيلَةِ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ إنْ مَاتَ بَعْضُهَا أَوْ جَفَّ لَبَنُهُ بَقِيَ بَعْضٌ، وَقَدْ يَقِلُّ لَبَنُ وَاحِدَةٍ وَيَزِيدُ لَبَنُ أُخْرَى " غ " قَوْلُهُ أَوْ كَلَبَنِ شَاةٍ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ أُخِذَ بِكَيْلٍ أَيْ أَوْ كَانَ كَلَبَنِ شَاةٍ وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي كَوْنِهِمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَرِزْقِ قَاضٍ لَكَانَ فِي حَيِّزِ لَوْ الْمُشْعِرَةِ بِالْخِلَافِ، وَلَكِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَشْتِيتٍ فِي الْكَلَامِ، وَيَفُوتُ مَعَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى مُنَاسَبَتِهِمَا فِي الضَّمَانِ الْمَذْكُورِ. (وَلَمْ يَقْبِضْ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ أَيْ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ (مِنْ نَفْسِهِ) لِنَفْسِهِ فِي جَوَازِ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، فَمَنْ وُكِّلَ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ بِيَدِهِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ وَقَبَضَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ لِيَبِيعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ فِيهِمَا مُكْتَفِيًا بِقَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ كَلَا قَبْضٍ، عَلَى هَذَا حَمَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَوَّاقُ كَلَامَ خَلِيلٍ النَّاصِرِ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُمَا شِرَاءَ الْوَكِيلِ الطَّعَامَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَقَالَ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَا أَخْذُهُ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ فِي كِلَا وَجْهَيْ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ، وَقَبْضُهُ فِي دَيْنِهِ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فَقَبْضُهُ كَلَا قَبْضٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مُمْتَنِعَةٌ ثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الْبَيْعِ، وَثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الشِّرَاءِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 248 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَإِنْ قُلْت قَدْ جَعَلَ عِلَّةَ الْمَنْعِ فِيهَا قَبْضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلْ عِلَّتَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ قُلْت هِيَ آيِلَةٌ إلَيْهَا لِأَنَّ قَبْضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لَهَا ضَعِيفٌ فَهُوَ كَلَا قَبْضٍ، فَقَدْ وُجِدَ فِي الطَّعَامِ عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَبَحَثَ فِيهِ بِعَدَمِ وُجُودِهِمَا فِي تَوْكِيلِهِ عَلَى بَيْعِهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَفَادَهُ عِبْ الْبُنَانِيُّ. قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَفَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَفْسِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا تَقَدَّمَ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهَا وَإِنْ أَعْطَاكَ بَعْدَ الْأَجَلِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا، وَقَالَ لَكَ: اشْتَرِ بِهِ طَعَامًا وَكِلْهُ ثُمَّ اقْبِضْ حَقَّكَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فَيَجُوزُ بِمَعْنَى الْإِقَالَةِ. اهـ. وَقَدْ اعْتَمَدَ الشَّارِحُ هَذَا التَّفْسِيرَ وَتَبِعَهُ تت، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ صُوَرِهِ بَيْعٌ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا مَا وُكِّلَ عَلَى شِرَائِهِ فَبَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَيَدُهُ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ، وَأَمَّا مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ فَبَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ أَصْلًا، وَقَدْ عَلَّلَ الْمَنْعَ فِي ضَيْح بِكَوْنِهِ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ أَبًا وَلَا وَصِيًّا طفي هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت، وَكُتُبُ الْمَالِكِيَّةِ مُصَرِّحَةٌ بِجَوَازِهِ مَعَ الْإِذْنِ وَمَنْعِهِ مَعَ عَدَمِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِهَا لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنُ الطَّعَامِ إذَا وَكَّلَهُ مَدِينُهُ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ يُتَّهَمُ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ، وَإِمْسَاكِ الثَّمَنِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ بِهِ الدَّيْنَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهَا هِيَ الْقَبْضُ لِنَفْسِهِ، بَلْ اتِّهَامُهُ عَلَى بَيْعِهِ مَا فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدِ حَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ ثَمَنٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ طَعَامًا وَيَقْبِضَهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَأَمَّا التَّفْسِيرُ الثَّانِي الَّذِي فِي ضَيْح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَهُوَ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَدِيعَةً وَشِبْهَهَا فَاشْتَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا تَامًّا، إذْ لَوْ أَرَادَ رَبُّهُ إزَالَتَهُ مِنْ يَدِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضًا قَوِيًّا كَقَبْضِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 249 إلَّا كَوَصِيٍّ لِيَتِيمَيْهِ. . وَجَازَ بِالْعَقْدِ: جُزَافٌ وَكَصَدَقَةٍ. . وَبَيْعُ مَا عَلَى مُكَاتَبٍ مِنْهُ،.   [منح الجليل] الْوَلَدِ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ، فَإِذَا بَاعَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ مُتَوَلِّيًا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ كَانَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْعُهُ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَبْضًا ثَانِيًا حِسِّيًّا، وَكَذَا الْوَصِيُّ فِي مَحْجُورَيْهِ، وَالْأَبُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَفِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِيَّمَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعَبُّدِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا اتِّفَاقٌ فَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهَا، وَالْأَقْرَبُ مَنْعُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَهُ وَالْأَقْرَبُ مَنْعُهَا بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ هُوَ ظَاهِرُ سَلَمِهَا الثَّالِثِ، وَذَكَرَ النَّاصِرُ أَنَّ تَفْسِيرَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ " ق " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ مِنْ نَفْسِهِ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مَعًا (كَ) شَخْصٍ (وَصِيٍّ) يَتَصَرَّفُ (لِيَتِيمَيْهِ) الْمَحْجُورَيْنِ لَهُ بِإِيصَائِهِ عَلَيْهِمَا مِنْ أَبَوَيْهِمَا وَوَالِدٍ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ وَسَيِّدٍ لِرِقَّيْهِ فَإِذَا بَاعَ طَعَامَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ لِمَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ قَبْضًا حِسِّيًّا. وَذَكَرَ مَفْهُومَ أُخِذَ بِكَيْلٍ فَقَالَ: (وَجَازَ) بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ (بِ) مُجَرَّدِ (الْعَقْدِ) عَلَيْهِ وَهُوَ (جُزَافٌ) لِانْتِقَالِهِ لِضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَوْفِيَةٌ، فَصَارَ كَالْمَقْبُوضِ حِسًّا فَلَا يَلْزَمُ عَلَى بَيْعِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ مُعَاوَضَةٍ فَقَالَ: (وَكَصَدَقَةٍ) بِطَعَامٍ وَهِبَتِهِ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَيَجُوزُ لِلْمُصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ وَوَاهِبِهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ تَوَالِي بَيْعَتَيْنِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَبْضٌ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ أَوْ الْوَاهِبُ اشْتَرَاهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، فَفِي الْجَلَّابِ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا بِكَيْلٍ ثُمَّ أَقْرَضَهُ رَجُلًا أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ قَضَاهُ عَنْ قَرْضٍ لَهُ فَلَا يَبِعْهُ أَحَدٌ مِمَّنْ صَارَ لَهُ الطَّعَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ عُطِفَ عَلَى فَاعِلِ جَازَ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بَيْعُ (وَ) جَازَ لِمَنْ كَاتَبَ رِقَّهُ بِطَعَامٍ (بَيْعُ مَا) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي (عَلَى مُكَاتَبٍ) لَهُ بِالْكِتَابَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 250 وَهَلْ إنْ عُجِّلَ الْعِتْقُ: تَأْوِيلَانِ. وَإِقْرَاضُهُ أَوْ وَفَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ. وَبَيْعُهُ لِمُقْتَرِضٍ وَإِقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ،   [منح الجليل] مِنْهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَيْنَهُمَا مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِ مَا عَلَى مُكَاتَبِهِ مِنْهُ (إنْ عُجِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (الْعِتْقُ) لِلْمُكَاتَبِ بِأَنْ بَاعَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَهُ وَعَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَهُ فَلَا يَجُوزُ قَالَهُ سَحْنُونٌ، أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَعْجِيلِهِ لِأَنَّ مَا عَلَيْهِ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُحَاصِصُ بِهِ السَّيِّدَ فِي فَلَسِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِمُؤَجَّلٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ. (وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا بِكَيْلٍ (إقْرَاضُهُ) أَيْ تَسْلِيفُ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ (أَوْ وَفَاؤُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (عَنْ قَرْضٍ) عَلَيْهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِمَا تَوَالِي بَيْعَيْنِ بِلَا قَبْضٍ بَيْنَهُمَا وَمَفْهُومُ عَنْ قَرْضٍ امْتِنَاعُ تَوْفِيَتِهِ عَنْ بَيْعٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَوَالِيهِمَا بِلَاهُ " ق " وَأَمَّا عَكْسُ هَذَا فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُحِيلَ بِطَعَامٍ عَلَيْكَ، مِنْ بَيْعٍ عَلَى طَعَامٍ لَكَ مِنْ قَرْضٍ عَلَى شَخْصٍ، قَالَ: وَلَا يَبِيعُهُ هُوَ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْكَ إذَا أَحَلْتَهُ فَقَدْ بَاعَ الطَّعَامَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِكَ مَنْ بِيعَ بِغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْك وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) مَنْ اقْتَرَضَ طَعَامًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ مُقْرِضِهِ جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الطَّعَامِ الْمُقْتَرَضِ (لِمُقْتَرِضٍ) أَيْ مِنْهُ صِلَةُ بَيْعٍ، أَوْ اللَّامُ عَلَى حَقِيقَتِهَا صِلَةٌ جَازَ الْمُقَدَّرُ، وَسَوَاءٌ بَاعَهُ لِمُقْرِضِهِ وَلِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَوْلِ وَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ بِلَا قَبْضٍ مَا لَمْ يَقْتَرِضْهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمُقْتَرِضِهِ بَيْعُهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى أَسْلَفْته رَجُلًا فَقَبَضَهُ الْمُتَسَلِّفُ فَلَا يُعْجِبنِي أَنْ تَبِيعَهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. (وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ أَوْ الْبَيْعِ (إقَالَةٌ) لِبَائِعِهِ (مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِتَرْكِهِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَصِفَةِ عَقْدِهِ لِأَنَّهُ حَلَّ لِلْبَيْعِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْجَمِيعِ مِنْ الْإِقَالَةِ مِنْ بَعْضِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا تَجُوزُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ جَمَاعَةَ الْقَبَّابِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 251 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُهَا عَلَى جَمِيعِ الطَّعَامِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا الشَّرْطُ بِهِ، بَلْ هُوَ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ فَفِي سَلَمِهَا الثَّالِثُ: وَمَنْ أَسْلَمَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فِي طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ بَاقِي الْأَشْيَاءِ فَأَقَالَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ بَعْضِهِ، وَأَخَذَ بَعْضَهُ فَلَا تَجُوزُ، وَدَخَلَهُ فِضَّةٌ نَقْدًا بِفِضَّةٍ وَعَرْضٍ إلَى أَجَلٍ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ مَعَ مَا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. اهـ. لَكِنْ إنَّمَا تَمْنَعُ الْإِقَالَةُ مِنْ بَعْضِ الطَّعَامِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَغَابَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَإِلَّا جَازَتْ، فَفِي سَلَمِهَا الثَّانِي وَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ وَغَابَ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ وَنِصْفَ ثَمَنِكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ وَسَلَفُ مَا ارْتَجَعْت مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ سَلَفٌ، وَمَا أَمْضَيْت فَهُوَ بَيْعٌ، وَإِنْ لَمْ تَفْتَرِقَا جَازَ أَنْ تُقِيلَهُ مِنْ بَعْضٍ وَتَتْرُكَ بَقِيَّةَ السَّلَمِ إلَى أَجَلِهِ اهـ ابْنُ يُونُسَ وَكَانَ الْبَيْعُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَا بَقِيَ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: فَأَمَّا بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَلَا تَأْخُذُ إلَّا مَا أَسْلَفْت فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِكِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عُرُوضًا تُعْرَفُ بِأَعْيَانِهَا أَسْلَمْتهَا فِي خِلَافِهَا مِنْ عُرُوضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ وَأَقَلْته مِنْ نِصْفِ مَا أَسْلَفْت فِيهِ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ نِصْفَ رَأْسِ مَالِكِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ افْتِرَاقِكُمَا أَوْ قَبْلَهُ جَازَ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقَالَةُ تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَهِيَ رُخْصَةٌ وَعَزِيمَةٌ الْأُولَى فِيمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَشَرْطُهَا عَدَمُ تَغَيُّرِ الثَّمَنِ بِمَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ غَالِبًا فِيهَا لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ الثَّمَنِ وَلَا عَلَيْهِ وَأَخْذُ غَيْرِهِ وَلَا بِهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ، وَلَا مَعَ تَأْخِيرِهِ وَلَوْ سَاعَةً وَلَوْ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ أَوْ حَوَالَةٍ. الثَّانِي: يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ لَا يُقَارِنَهَا بَيْعٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَتَعْجِيلُ الثَّمَنِ. الثَّالِثُ: فِي الْقَبَّابِ جَوَازُ الْإِقَالَةِ مِنْ بَعْضِ الطَّعَامِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِذَا جَازَتْ فِيهِ جَازَتْ فِي غَيْرِهِ بِالْأَحْرَى. وَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْجَمِيعِ عَلَى رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 252 وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شَيِّكَ لَا بَدَنُهُ: كَسِمَنِ دَابَّةٍ، وَهُزَالِهَا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ، وَمِثْلُ مِثْلِيِّك، إلَّا الْعَيْنَ،.   [منح الجليل] سُوقُهُ، بَلْ (وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقٌ) أَيْ قِيمَةُ (شَيْئِكَ) يَا مُشْتَرِي الَّذِي دَفَعْته ثَمَنًا لِلطَّعَامِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عَيْنُهُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ (لَا) تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْجَمِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ تَغَيَّرَ (بَدَنُهُ) أَيْ شَيْئِكَ (كَسِمَنِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (دَابَّةٍ) مَجْعُولَةٍ ثَمَنًا لِلطَّعَامِ (وَهُزَالِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ جَمِيعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ تَغَيُّرِهَا بِأَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِتَغَيُّرِ الثَّمَنِ فِي ذَاتِهِ، فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِخِلَافِ) سِمَنِ وَهُزَالِ (الْأَمَةِ) الْمَجْعُولَةِ ثَمَنًا لِلطَّعَامِ وَأَوْلَى الْعَبْدُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِقَالَةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الدَّابَّةَ يُقْصَدُ لَحْمُهَا وَشَحْمُهَا بِخِلَافِ الرَّقِيقِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْأَظْهَرُ أَنَّ رَقِيقَ الْخِدْمَةِ كَالدَّابَّةِ، وَقَالَ يَحْيَى: الرَّقِيقُ وَالدَّابَّةُ سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمَفْهُومُ سِمَنٍ وَهُزَالٍ أَنَّ تَغَيُّرَ الرَّقِيقِ بِعَوَرٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ أَوْ وِلَادَةِ الْأَمَةِ مَانِعٌ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. فَإِنْ مَاتَ وَلَدُهَا وَصَحَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا جَازَتْ الْإِقَالَةُ بِهَا (وَ) مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا بِمِثْلِيٍّ ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَدِّ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ جَمِيعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ مِثْلِيٍّ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْكَ الْبَائِعُ (مِثْلَ مِثْلَيْكَ) يَا مُشْتَرِي الَّذِي دَفَعْته ثَمَنًا الْحَطّ هَذَا فِي السَّلَمِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ قَالَهُ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا وَكُلَّمَا ابْتَعْت مِمَّا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ فَقَبَضْته فَأَتْلَفْته فَجَائِزٌ أَنْ تُقِيلَهُ مِنْهُ وَتَرُدَّ مِثْلَهُ بَعْدَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهَلَاكِهِ، وَبَعْدَ كَوْنِ الْمِثْلِ حَاضِرًا عِنْدَكَ وَتَدْفَعُهُ إلَيْهِ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ مِنْهُ وَإِنْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ اهـ الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَكَلَامُهَا لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَكَلَامُنَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَيْضًا الْمَرْدُودُ مِثْلُهُ فِي كَلَامِهَا هُوَ الثَّمَنُ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الثَّمَنُ اهـ وَفِي شَرْحِ شُبْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَنِ الْمِثْلِيَّ فَقَالَ: (إلَّا الْعَيْنَ) أَيْ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 253 وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ إلَّا فِي الطَّعَامِ وَالشُّفْعَةِ.   [منح الجليل] الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَدِّ مِثْلِهَا (فَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (دَفْعُ مِثْلِهَا) أَيْ الْعَيْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ. بَلْ (وَإِنْ كَانَتْ) الْعَيْنُ (بِيَدِهِ) أَيْ الْبَائِعِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ لِتَعَيُّنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِعَدَمِ الْبَرَكَةِ فِيمَا اكْتَسَبَهُ (وَالْإِقَالَةُ) أَيْ رَدُّ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ (بَيْعٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهُ وَتَمْنَعُهَا مَوَانِعُهُ، وَإِنْ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَهَا فَلَهُ رَدُّهُ بِهِ (إلَّا) الْإِقَالَةَ (فِي الطَّعَامِ) قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُهُ إنْ وَقَعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ فَبَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ (وَ) إلَّا الْإِقَالَةُ فِي (الشُّفْعَةِ) أَيْ الْأَخْذِ بِهَا فَلَيْسَتْ بَيْعًا مُطْلَقًا وَلَا حِلًّا مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا هِيَ بَيْعٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَحِلٌّ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا مُطْلَقًا لَخُيِّرَ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَتْ حِلًّا مُطْلَقًا لَسَقَطَتْ بِهَا الشُّفْعَةُ فَهِيَ بَيْعٌ فِي الْجُمْلَةِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وَحِلٌّ فِي الْجُمْلَةِ لِتَعَيُّنِ الْأَخْذِ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ تَكُنْ حِلًّا حَقِيقِيًّا مُسْقِطًا لِلشُّفْعَةِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى التَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بِهَا قَالَهُ عج وَقَالَ " د ": ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا حِينَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ صَحِيحَةٌ، وَلَكِنْ لَا تُعَدُّ بَيْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هِيَ حِينَئِذٍ بَاطِلَةٌ لَا عِبْرَةَ بِهَا. اهـ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ تت فَمَنْ ابْتَاعَ شَخْصًا لَهُ شَفِيعٌ ثُمَّ أَقَالَهُ مِنْهُ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ الْحَطّ. اُخْتُلِفَ فِي الْإِقَالَةِ هَلْ هِيَ حِلُّ بَيْعٍ أَوْ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا بَيْعٌ إلَّا فِي الطَّعَامِ، فَلَيْسَتْ بَيْعًا وَإِنَّمَا هِيَ حِلٌّ لِلْبَيْعِ السَّابِقِ، وَلِذَا جَازَتْ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِلَّا فِي الشُّفْعَةِ، فَمَنْ بَاعَ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ، فَلَوْ أَقَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُهْدَةِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ اللَّبِيبِ، وَقَالَ مَرَّةً: يُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 254 وَالْمُرَابَحَةِ، وَتَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ ، إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك،.   [منح الجليل] شَاءَ جَعَلَهَا عَلَى الْبَائِعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَقْبِلُ هُوَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ، وَاسْتَشْكَلَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا إمَّا حِلٌّ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، أَوْ بَيْعٌ فَيُخَيَّرُ كَتَعَدُّدِ الْبَيْعِ فَلَا وَجْهَ لِحَصْرِ الْعُهْدَةِ فِي الْمُشْتَرِي. وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَتَعَيَّنَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِاتِّهَامِهِمَا بِالتَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِهَا فَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا مُلْغَاةٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا وَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهَا حِلٌّ وَلَا بَيْعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إلَّا الْإِقَالَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى (الْمُرَابَحَةِ) فَلَيْسَتْ بَيْعًا، فَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَا يَبِعْهُ بِالْمُرَابَحَةِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ إلَّا بِبَيَانِ الْإِقَالَةِ، وَيَبِيعُهُ بِهَا عَلَى عَشَرَةٍ مَعَ بَيَانِ الْإِقَالَةِ أَيْضًا لِكَرَاهَةِ النُّفُوسِ الْمُقَالُ مِنْهُ اسْتَظْهَرَهُ " د " وَأَمَّا إنْ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَلَهُ بَيْعُهَا بِالْمُرَابَحَةِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ بِلَا بَيَانٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فِي الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَهُ الْحَطّ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقَالَةُ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيْعٌ وَوَجَبَ التَّبْيِينُ لِكَرَاهَتِهَا الْمُبْتَاعَ الْحَطّ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِلَفْظِهَا وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ مِنْ غَيْرِهِ فَبَيْعٌ يَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا يَظْهَرُ هَذَا بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّيُوخِ، وَسَاقَهَا فَانْظُرْهُ، وَزَادَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَلَى الثَّلَاثِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ كَوْنِ الْإِقَالَةِ مِنْ أَمَةٍ تَتَوَاضَعُ (وَ) جَازَ (تَوْلِيَةٌ) فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ تَرْكِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ (وَ) جَازَ (شَرِكَةٌ) فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ جَعْلُ جُزْءٍ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَعْرُوفِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَإِقَالَةٍ» ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الشَّرِكَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) عَقْدُ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ يَنْقُدَ) مَنْ أَشْرَكْته فِي الطَّعَامِ ثَمَنَ حِصَّتِكَ مِنْهُ (عَنْكَ) فَإِنْ شَرَطْت عَلَيْهِ النَّقْدَ عَنْكَ فَلَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ فَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ شَرْطُ النَّقْدِ، هَذَا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ وَ " ق " وَ " ح "، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لِأَنَّ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَدْفَعُهُ اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا فَقَالَ: أَشْرَكْتُكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 255 وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا فِيهِمَا، وَإِلَّا فَبَيْعٌ كَغَيْرِهِ. وَضَمِنَ الْمُشْرَكُ الْمُعَيَّنَ،.   [منح الجليل] عَلَى أَنْ تَنْقُدَ عَنِّي فَلَا يَجُوزُ وَهُوَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ السَّلَفُ، فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرُوا شَرِكَتِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ: اُنْقُدْ عَنِّي جَازَ هَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ الصَّرْفِ وَالطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ وَبَيْعِ النَّقْدِ وَالْأَجَلِ لِانْعِقَادِ الشِّرَاءِ عَلَيْهِمَا اهـ. (وَ) إنْ (اسْتَوَى عَقْدَاهُمَا) أَيْ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَالْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ قَدْرًا وَأَجَلًا وَحُلُولًا وَرَهْنًا وَحَمِيلًا (فِيهِمَا) أَيْ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا لَا مُقَوَّمًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ فَيَكُونُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، هَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ أَحْسَنُ إذَا كَانَ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ، وَقَصَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْعَيْنِ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الِاخْتِلَافِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ (فَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ (بَيْعٌ كَغَيْرِهِ) مِنْ الْبُيُوعِ فِي اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ وَمِنْهَا عَدَمُ قَبْضِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَتُمْنَعُ الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَتَجُوزُ بِعَدَمٍ وَفِي غَيْرِ الطَّعَامِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ نَقْدُ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ عَنْ الْمُشْرِكَ بِالْكَسْرِ وَقَالَ الْحَطّ: يَعْنِي أَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ حُكْمُهُ كَالطَّعَامِ فِي أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِيهِ بِشَرْطِ النَّقْدِ، وَفِي أَنَّهُ لَا تَكُونُ تَوْلِيَةٌ أَوْ شَرِكَةٌ إلَّا إذَا اسْتَوَى الْعَقْدَانِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ. (وَ) إنْ ابْتَعْت شَيْئًا مُعَيَّنًا وَأَشْرَكْت فِيهِ غَيْرَكَ وَتَلِفَ الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبْضِ مَنْ أَشْرَكْته نَصِيبَهُ مِنْهُ (ضَمِنَ) الشَّخْصُ (الْمُشْرَكُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الشَّيْءَ (الْمُعَيَّنَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ أَيْ حِصَّتَهُ مِنْهُ لَا جَمِيعَهُ " غ " هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُشْرَكُ بِلَا تَاءٍ وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْكَافِ آخِرَهُ اسْمُ مَفْعُولِ أَشْرَكَ الرُّبَاعِيُّ، وَمَا عَدَا هَذَا تَصْحِيفٌ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ ابْتَعْت الجزء: 5 ¦ الصفحة: 256 وَطَعَامًا كِلْتَهُ وَصَدَّقَك. .   [منح الجليل] سِلْعَةً بِعَيْنِهَا وَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى أَشْرَكْت فِيهَا رَجُلًا ثُمَّ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْرَكِ أَوْ ابْتَعْت طَعَامًا فَاكْتَلْتُهُ ثُمَّ أَشْرَكْت فِيهِ رَجُلًا وَلَمْ تُقَاسِمْهُ حَتَّى ذَهَبَ الطَّعَامُ فَضَمَانُهُ مِنْكُمَا وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ نَقْدًا أَمْ لَا، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ مَعْرُوفٌ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْهَلَاكُ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافُ الْمَحْبُوسَةِ فِي الثَّمَنِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ (وَ) إنْ ابْتَعْت طَعَامًا وَاكْتَلْته ثُمَّ وَلَّيْته أَوْ أَشْرَكْت فِيهِ شَخْصًا ثُمَّ هَلَكَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ ضَمِنَ الْمُوَلَّى أَوْ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (طَعَامًا كِلْته) يَا مُوَلِّي أَوْ مُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (وَصَدَّقَكَ) يَا مُولِي أَوْ مُشْرِكُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا مَنْ أَشْرَكْته أَوْ وَلَّيْته فِي كَيْلِهِ ثُمَّ تَلِفَ " غ " تَقَدَّمَ نَصُّهَا فَوْقَهُ وَفِيهَا بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا وَاكْتَلْته ثُمَّ أَشْرَكْت رَجُلًا فِيهِ أَوْ وَلَّيْته عَلَى تَصْدِيقِكَ فِي كَيْلِهِ جَازَ وَلَهُ أَوْ عَلَيْهِ الْمُتَعَارَفُ مِنْ زِيَادَةِ الْكَيْلِ أَوْ نَقْصِهِ وَإِنْ كَثُرَ رَجَعَ بِحِصَّةِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدَّ كَثِيرَ الزِّيَادَةِ اهـ الْبُنَانِيُّ جَعَلَهُ " ز " وَغَيْرُهُ خِطَابًا لَلْمَوْلَى وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ، وَجَعَلَ الْمُصَدَّقَ هُوَ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ التَّصْدِيقِ اقْتِفَاءً بِنَصِّهَا السَّابِقِ، وَلَيْسَ فِيهِ شَرْطُ التَّصْدِيقِ وَفِي الْأُمَّهَاتِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَشْرَكْته فَضَمَانُهُ مِنْكُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكِلْهُ سَحْنُونٌ يُرِيدُ وَقَدْ اكْتَلْته أَنْتَ قَبْلَ تَشْرِيكِهِ: أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ لَا مِنْكَ ابْنُ مُحْرِزٍ أَنْكَرَ سَحْنُونٌ الْمَسْأَلَةَ وَكَتَبَ عَلَيْهَا مَسْأَلَةَ سُوءٍ كَأَنَّهُ رَأَى الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ حَتَّى يَكِيلَهُ الْبَائِعُ عِيَاضٌ حَكَى فَضْلٌ فِي التَّوْلِيَةِ أَنَّهَا مِنْ الْمُوَلَّى حَتَّى يَكِيلَهُ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي كَوْنُهَا مِنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ حَمَلَ إنْكَارَ سَحْنُونٍ الْمَسْأَلَةَ أَبُو عِمْرَانَ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا إلَّا مِنْ فَضْلٍ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا مِنْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ إذْ بِنَفْسِ الْعَقْدِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ كَمُشْتَرِي صُبْرَةٍ جُزَافًا ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ وَجَدُوا فِي الْكَيْلِ زِيَادَةً أَوْ نَقْصًا فَلَهُمْ وَعَلَيْهِمْ اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ تَصْدِيقٍ عَلَى مَذْهَبِهَا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 257 وَإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ وَإِنْ أَطْلَقَ عَلَى النِّصْفِ. . وَإِنْ سَأَلَ ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا فَلَهُ الثُّلُثُ. وَإِنْ وَلَّيْت مَا اشْتَرَيْت بِمَا اشْتَرَيْت:   [منح الجليل] فَإِنْ قُلْت قَوْلُهَا فِي النَّصِّ الثَّانِي السَّابِقِ ثُمَّ أَشْرَكْته أَوْ وَلَّيْته عَلَى تَصْدِيقِك يُفِيدُ شَرْطَ التَّصْدِيقِ قُلْت هُوَ إنَّمَا يَقْتَضِي شَرْطَهُ فِي الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ لَا فِي التَّلَفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَبِمَا ذَكَرْنَا ظَهَرَتْ فَائِدَةُ إعَادَةِ الْمُصَنِّفِ الْكَلَامَ عَلَى الضَّمَانِ مَعَ تَقَدُّمِهِ. (وَإِنْ أَشْرَكَهُ) أَيْ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا شَخْصًا سَأَلَهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَشْرَكْتُكَ (حُمِلَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْإِشْرَاكُ (وَإِنْ أَطْلَقَ) هـ الْمُشْرِكُ وَاوُهُ لِلْحَالِ وَسَقَطَتْ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ أَوْلَى، وَصِلَةُ حُمِلَ (عَلَى النِّصْفِ) لِلشَّيْءِ الْمُشْرَكِ فِيهِ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا تَرْجِيحَ فِيهِ لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِجُزْءٍ عُمِلَ بِمَا قَيَّدَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحَمْلِهِ عَلَى النِّصْفِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ، وَعَلَى إرْخَاءِ الْعَنَانِ فَالْمُنَاسِبُ الْمُبَالَغَةُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ مَا قَبْلَهَا التَّقْيِيدَ بِالنِّصْفِ. (وَإِنْ سَأَلَ) أَيْ طَلَبَ شَخْصٌ (ثَالِثٌ) مِنْ مُشْتَرِكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِالنِّصْفِ (شَرِكَتَهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِكَيْنِ فِيهِ وَهُمَا بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ بِلَفْظِ إفْرَادٍ أَوْ تَثْنِيَةٍ بِمَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ تَثْنِيَةٍ فَأَشْرَكَاهُ فِيهِ (فَلَهُ) أَيْ الثَّالِثِ (الثُّلُثُ) مِنْ الْمُشْرَكِ فِيهِ " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا ابْتَاعَ رَجُلَانِ عَبْدًا وَسَأَلَهُمَا رَجُلٌ أَنْ يُشْرِكَاهُ فِيهِ فَفَعَلَا فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ابْنُ مُحْرِزٍ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنَّهُ وَجَدَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ. اهـ. وَإِنْ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ إفْرَادٍ فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ، كَاخْتِلَافِ نَصِيبَيْهِمَا سَوَاءٌ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ إفْرَادٍ أَوْ تَثْنِيَةٍ فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ لَهُ الثُّلُثُ فِي ثَلَاثٍ، وَنِصْفُ مَا لِكُلٍّ فِي خَمْسٍ، فَلَهُ النِّصْفُ فِي الْأَوَّلِ مِنْهَا وَلِكُلٍّ الرُّبُعُ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ، وَلِذِي الثُّلُثِ السُّدُسُ وَالثُّلُثَيْنِ الثُّلُثُ قَالَهُ سَنَدٌ. . (وَإِنْ أَوْلَيْت) شَخْصًا (مَا) أَيْ شَيْئًا مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا (اشْتَرَيْت) هـ لِنَفْسِك بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ تُبَيِّنْ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِلْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (بِمَا) أَيْ الثَّمَنِ الَّذِي (اشْتَرَيْته) بِهِ وَلَمْ تُبَيِّنْهُ لَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 258 جَازَ، إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ؛ وَإِنْ رَضِيَ بِأَنَّهُ عَبْدٌ ثُمَّ عَلِمَ بِالثَّمَنِ فَكَرِهَ، فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا ضَيِّقُ: صَرْفٌ، ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ،.   [منح الجليل] أَيْضًا (جَازَ) عَقْدُ التَّوْلِيَةِ مَعَ جَهْلِ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ بِالْمُثَمَّنِ وَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ (إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَالْفَاعِلُ الْمُسْتَتِرُ الْمُقَدَّرُ بِأَنْتَ لِلْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَالْمَفْعُولُ الْبَارِزُ لِلْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ، أَيْ إنْ لَمْ تَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَبِيعَ لَازِمٌ لَهُ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ شَرَطْت لَهُ الْخِيَارَ إذَا عَلِمَهُمَا (وَلَهُ) أَيْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (الْخِيَارُ) بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ إذَا عَلِمَهُمَا، فَإِنْ أَلْزَمْتُهُ لَمْ يَجُزْ وَفَسَدَ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ " غ " أَشَارَ لِقَوْلِهَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ وَإِنْ اشْتَرَيْت سِلْعَةً ثُمَّ وَلَّيْتهَا الرَّجُلَ وَلَمْ تُسَمِّهِمَا لَهُ أَوْ سَمَّيْت أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَتْ أَلْزَمَتْهُ إيَّاهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ جَازَ، وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهَا وَعَلِمَ ثَمَنَهَا عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا، وَإِذَا اخْتَارَ الْأَخْذَ فَعَلَيْهِ مِثْلُ الثَّمَنِ وَلَوْ مُقَوَّمًا عِنْدَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (وَإِنْ رَضِيَ الْمُوَلَّى) بِالْفَتْحِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ الَّذِي وَلَّاهُ لَهُ مُبْتَاعُهُ (عَبْدٌ) مَثَلًا قَبْلَ عِلْمِهِ بِثَمَنِهِ. (ثُمَّ عَلِمَ) الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (بِالثَّمَنِ) لِلْمَبِيعِ الَّذِي وَلَّاهُ لَهُ (فَكَرِهَ) الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ أَخْذَ الْعَبْدِ مَثَلًا لِغَلَاءِ ثَمَنِهِ أَوْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْمُثَمَّنِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَكَرِهَ (فَذَلِكَ) أَيْ الرَّدُّ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ الْأَخْذِ اللَّازِمِ لِلْكُرْهِ (لَهُ) أَيْ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ مَعْرُوفٌ فَتَلْزَمُ الْمُوَلِّيَ بِالْكَسْرِ وَلَا تَلْزَمُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ " غ " فِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ وَإِنْ أَعْلَمْته أَنَّهُ عَبْدٌ فَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ سَمَّيْت لَهُ الثَّمَنَ فَلَمْ يَرْضَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَهَذَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ يَلْزَمُ الْمُوَلَّى وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَلِّيَ إلَّا أَنْ يَرْضَى وَأَمَّا إنْ كُنْت بِعْته عَبْدًا فِي بَيْتِكَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَلَمْ تَصِفْهُ لَهُ وَلَا رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَلَا يَكُونُ الْمُبْتَاعُ فِيهِ بِالْخِيَارِ إذَا نَظَرَهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُكَايَسَةِ (وَإِلَّا ضُيِّقَ) مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي تُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ (صَرْفٌ) أَرَادَ بِهِ بَيْعَ الْعَيْنِ بِعَيْنٍ فَشَمِلَ الصَّرْفَ وَالْمُبَادَلَةَ وَالْمُرَاطَلَةَ لِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَلَوْ قَرِيبًا أَوْ غَلَبَةً (ثُمَّ) يَلِي الصَّرْفَ فِي الضِّيقِ (إقَالَةُ أَحَدِ) الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرِ مِنْ (طَعَامٍ) قَبْلَ قَبْضِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 259 ثُمَّ تَوْلِيَةٌ؛ وَشَرِكَةٌ فِيهِ، ثُمَّ إقَالَةُ عُرُوضٍ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ، ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ.   [منح الجليل] لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا الذَّهَابُ لِبَيْتِهِ أَوْ قُرْبِهِ لِيَأْتِيَ بِالثَّمَنِ. (ثُمَّ) يَلِي الْإِقَالَةَ فِي الضِّيقِ (تَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ فِيهِ) أَيْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِاغْتِفَارِ تَأْخِيرِ الثَّمَنِ فِيهِمَا قُرْبَ الْيَوْمِ، وَعِلَّةُ مَنْعِ التَّأْخِيرِ فِيهِمَا تَأْدِيَتُهُ لِبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ مَعَ بَيْعٍ لِطَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ (ثُمَّ) يَلِيهِمَا فِي الضِّيقِ (إقَالَةُ) أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْآخَرَ مِنْ (عُرُوضٍ) مُسْلَمٍ فِيهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ (وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِي الْيَسِيرِ بِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِمَنْ يَحْمِلُهُ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا جَازَ تَأْخِيرُهُ مَعَ اتِّصَالِ الْعَمَلِ وَلَوْ شَهْرًا قَالَهُ أَشْهَبُ، إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ مِنْهُ حَاضِرًا أَوْ فِي حُكْمِهِ كَمَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ " ق " يَجُوزُ فِي فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِدَوَابِّهِ أَوْ بِمَا يَحْمِلُهُ فِيهِ وَإِنْ دَخَلَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ تَرَكَ بَقِيَّةَ الْكَيْلِ لِيَوْمٍ آخَرَ (ثُمَّ) يَلِي مَا تَقَدَّمَ فِي الضِّيقِ (بَيْعُ الدَّيْنِ) لِجَوَازِ تَأْخِيرِ ثَمَنِهِ لِيَوْمَيْنِ (ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ) أَيْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي شَرْطُهَا الْمُنَاجَزَةُ بَيْعُ الْمُعَيَّنِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَفِيهَا يُمْنَعُ السَّلَمُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا أَجَلًا بَعِيدًا خَشْيَةَ هَلَاكِهِ قَبْلَهُ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَيْنِ لِقُرْبِهِمَا اهـ الْحَطّ أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَعَنْهُ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ. وَنَصُّهُ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْهَا فِي تَرْجَمَةِ الْإِقَالَةِ قُلْت وَأَضْيَقُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ كُلِّهَا فِي الْقَبْضِ أَمْرُ الصَّرْفِ ثُمَّ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ التَّوْلِيَةُ فَفِيهِ، ثَمَّ الْإِقَالَةُ مِنْ الْعُرُوضِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ، ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُتَقَرِّرِ فِي الذِّمَّةِ، وَعَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَأَخَّرَ ثَمَنُهُ الْيَوْمَيْنِ حَسْبَمَا يَتَأَخَّرُ رَأْسُ الْمَالِ فِي السَّلَمِ. اهـ. وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَ التَّوْلِيَةَ فِي الطَّعَامِ مَعَ الْإِقَالَةِ مِنْهُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْمُصَنِّفُ عَطَفَهَا بِثُمَّ وَأَيْضًا فَلَمْ يَذْكُرْ الشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ، وَلَكِنَّ أَمْرَ الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَاحِدٌ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ تَبْصِرَتِهِ إلَّا أَنَّهُ عَطَفَ التَّوْلِيَةَ فِي الطَّعَامِ عَلَى الْإِقَالَةِ مِنْهُ بِالْوَاوِ كَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ فِي التَّبْصِرَةِ بِأَوْ نَقَلَهُ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] التَّوْضِيحِ بِثُمَّ كَمَا فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَقَلَ عَنْهُ الشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إلَّا أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ التَّوْلِيَةِ فِيهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الصَّرْفَ أَضْيَقُ الْأَبْوَابِ اللَّخْمِيُّ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْإِقَالَةَ أَوْسَعُ مِنْ الصَّرْفِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ الْمُفَارَقَةُ فِيهَا لِلْإِتْيَانِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْبَيْتِ وَمَا قَارَبَهُ، وَالتَّوْلِيَةُ وَبَيْعُ الدَّيْنِ أَوْسَعُ مِنْ الْإِقَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ الْيَوْمَيْنِ، وَيَجُوزُ فِي ابْتِدَا الدَّيْنِ تَأْخِيرُ الثَّلَاثَةِ بِشَرْطٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي التَّوْلِيَةِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ اهـ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ، وَإِقَالَةِ الْعُرُوضِ وَفَسْخِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ فِي كَوْنِهَا بَعْضُهَا فِيهِ خِلَافٌ، وَبَعْضُهَا لَا خِلَافَ فِيهِ، نَعَمْ هَذِهِ أَخَفُّ مِنْ الصَّرْفِ، وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ فَهُوَ أَوْسَعُ مِنْهَا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ مِنْ الطَّعَامِ أَخَفُّ مِنْ الصَّرْفِ قَوْلُهَا إذَا أَقَلْته ثُمَّ أَحَالَكَ بِالثَّمَنِ عَلَى شَخْصٍ فَدَفَعَهُ لَكَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الَّذِي أَحَالَكَ جَازَ وَإِنْ فَارَقْتُهُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ مَنْ يَدْفَعُ لَك الثَّمَنَ أَوْ وَكَّلْت مَنْ يَقْبِضُهُ لَكَ وَذَهَبْت وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ مَكَانَهُ جَازَ. اهـ. وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ، وَفِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي حِنْطَةٍ أَوْ عَرْضٍ ثُمَّ أَقَلْته أَوْ وَلَّيْته رَجُلًا أَوْ بِعْته إنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَك بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ لَكَ أَنْ تُؤَخِّرَ بِالثَّمَنِ مَنْ وَلَّيْته أَوْ أَقَلْته أَوْ بِعْته يَوْمًا أَوْ سَاعَةً بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَلَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَقْبِضَ الثَّمَنَ كَالصَّرْفِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُقِيلَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَتُفَارِقَهُ قَبْلَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا أَنْ يُعْطِيَكَ بِهِ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا أَوْ يُحِيلَكَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يُؤَخِّرَكَ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا فِي دَيْنٍ وَبَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ أَخَّرَكَ بِهِ حَتَّى طَالَ انْفَسَخَتْ الْإِقَالَةُ وَبَقِيَ الطَّعَامُ الْمَبِيعُ بَيْنَكُمَا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ نَقَدَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 261 (فَصْلٌ) جَازَ مُرَابَحَةً   [منح الجليل] فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِقَالَةَ مِنْ الطَّعَامِ وَمِنْ الْعُرُوضِ وَالتَّوْلِيَةِ وَبَيْعِ الدَّيْنِ حُكْمُهَا سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ وَالشَّرِكَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ التَّوْلِيَةِ بِلَا إشْكَالٍ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ هُوَ أَشَدُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ، فَيَكُونُ حُكْمُ الْجَمِيعِ وَاحِدًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْعَرْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأَمَّا فِي الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهَا، قَالَ فِيهَا: وَإِنْ ابْتَعْت مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً وَنَقَدْته ثَمَنَهَا ثُمَّ أَقَلْته وَافْتَرَقْتُمَا عَلَى أَنْ تَقْبِضَ رَأْسَ مَالِكِ وَأَخَّرْته بِهِ إلَى سَنَةٍ جَازَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حَادِثٌ، وَالْإِقَالَةُ تَجْرِي مَجْرَى الْبَيْعِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ اهـ كَلَامُ الْحَطّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ الْبُنَانِيُّ التَّرْتِيبُ هُنَا إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الصَّرْفِ وَابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَشَدَّدُوا فِي الصَّرْفِ وَخَفَّفُوا فِي الْآخَرِ، وَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضَعْفِهِ اُنْظُرْ الْحَطّ. [فَصْلٌ فِي بَيْع الْمُرَابَحَةِ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ (جَازَ) الْبَيْعُ حَالَ كَوْنِهِ (مُرَابَحَةً) جَوَازًا مَرْجُوحًا أَيْ بِثَمَنٍ مَبْنِيٍّ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ إمَّا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ أَوْ نَقْصٍ عَنْهُ وَقَدْ يُسَاوِيهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِهِ الْمُرَابَحَةَ: بَيْعٌ مُرَتَّبٌ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ بَيْعٍ تَقَدَّمَهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ، قَالَ: فَخَرَجَ بِالْأَوَّلِ أَيْ قَوْلُهُ مُرَتَّبٌ ثَمَنُهُ عَلَى ثَمَنِ بَيْعٍ تَقَدَّمَهُ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُزَايَدَةِ وَالِاسْتِئْمَانِ، وَبِالثَّانِي أَيْ قَوْلُهُ غَيْرُ لَازِمٍ مُسَاوَاتُهُ لَهُ الْإِقَالَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالشُّفْعَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ الْحَطّ يَقُولُ الشَّارِحُ هُوَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَزِيَادَةِ رِبْحٍ مَعْلُومٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ مَا بِيعَ بِمُسَاوٍ أَوْ نَاقِصٍ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ مَعْنَاهُ أَنْ يُخْبِرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِهِ ثُمَّ يُفِيدُهُ شَيْئًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 262 وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ وَلَوْ عَلَى مُقَوَّمٍ.   [منح الجليل] وَكَأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَلَى مَا هُوَ الْأَغْلَبُ الظَّاهِرُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ مُرَابَحَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ الْمُرَابَحَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْوَضِيعَةَ وَالْمُسَاوَاةَ مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ، وَأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا كَسَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَحْسَنُ الْأَوْلَى (خِلَافُهُ) أَيْ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَالْمُرَادُ بِخِلَافِهِ بَيْعُ الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُسَاوَمَةِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْبَيْعُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُكَايَسَةِ أَحَبُّ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَحْسَنُ عِنْدَهُمْ وَعِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْبُيُوعُ بِاعْتِبَارِ صُوَرِهَا أَرْبَعَةٌ، بَيْعُ مُسَاوِمَةٍ وَهُوَ أَحْسَنُهَا، وَبَيْعُ مُزَايَدَةٍ، وَبَيْعُ مُرَابَحَةٍ وَهُوَ أَضْيَقُهَا، وَبَيْعُ اسْتِرْسَالٍ وَاسْتِمَالَةٍ اهـ. ، فَلَا يَشْمَلُ خِلَافُهُ بَيْعَ الْمُزَايَدَةِ لِكَرَاهَةِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ فِيهِ نَوْعٌ مِنْ السَّوْمِ عَلَى سَوْمِ الْأَخِ قَبْلَ الرُّكُونِ وَمُشَاحَّةٌ بَيْنَ الْقُلُوبِ، وَلَا بَيْعَ الِاسْتِئْمَانِ لِجَهْلِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الثَّمَنَ " غ " فِي التَّوْضِيحِ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ مُحْتَاجٌ إلَى صِدْقٍ وَبَيَانٍ وَإِلَّا أُكِلَ الْحَرَامُ فِيهِ بِسُرْعَةٍ لِكَثْرَةِ شُرُوطِهِ وَنُزُوعِ النَّفْسِ فِيهِ إلَى الْكَذِبِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يَكْرَهُ لِلْعَامَّةِ الْإِكْثَارَ مِنْ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ لِكَثْرَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ الْبَيَانِ. اهـ. وَمَالَ الْمَازِرِيُّ لِمَنْعِهِ إنْ افْتَقَرَ إدْرَاكُ جُمْلَةِ أَجْزَاءِ الرِّبْحِ لِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ وَتَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ عَلَى مِثْلِ ثَمَنٍ مِثْلِيٍّ، بَلْ (وَلَوْ عَلَى) مِثْلِ ثَمَنٍ (مُقَوَّمٍ) مُعَيَّنٍ كَشِرَاءِ دَارٍ بِحَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ بَيْعِهَا بِمِثْلِهِ وَزِيَادَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا بِقِيمَتِهِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِمَنْعِهِ عَلَى مُقَوَّمٍ مَوْصُوفٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ لِأَنَّهُ سَلَمٌ حَالٌّ وَمَفْهُومُ مُقَوَّمٍ أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ لَا خِلَافَ فِي الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ أَشْهَبَ خَالَفَ فِيهِ أَيْضًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْمُقَوَّمِ مُقَابِلُ الْعَيْنِ فَيَشْمَلُ الْمِثْلِيُّ غَيْرَهَا، فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ مُقَوَّمٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ فِي " ق " عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ نَقَدَ فِي الْعَيْنِ ثِيَابًا جَازَ أَنْ يَرْبَحَ عَلَيْهَا لَا عَلَى قِيمَتِهَا كَمَا أَجَزْنَا لِمَنْ ابْتَاعَ بِطَعَامٍ أَوْ عَرَضَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَيْهِ إذَا وَصَفَهُ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُمَا لَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 263 وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؟ تَأْوِيلَانِ. وَحُسِبَ رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ. كَصَبْغٍ، وَطَرْزٍ، وَقَصْرٍ، وَخِيَاطَةٍ، وَفَتْلٍ،   [منح الجليل] يَقْصِدَا إلَى بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى مِثْلِهِ لَا عَلَى قِيمَتِهِ، وَهُوَ وَإِنْ أَدَّى إلَى بَيْعِ مُقَوَّمٍ مَضْمُونٍ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَمِ لَكِنَّ عَقْدَ الْمُرَابَحَةِ أَدَّى إلَيْهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا إلَخْ، وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ بِالْمُقَوَّمِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي ضَيْح بِأَنَّهُ وَهْمٌ لِنَصِّ أَشْهَبَ فِيهَا عَلَى الْمَنْعِ فِي الْجَمِيعِ، بَلْ لَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ لَكَانَ لَازِمًا لَهُ لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ الْحَالِّ فِيهِمَا وَقَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَهَلْ) جَوَازُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ عَلَى مِثْلِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْمِثْلِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إبْقَاءً لِكَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ (أَوْ) مَحِلُّهُ عِنْدَهُ (إنْ كَانَ) مِثْلَ الْمُقَوَّمِ (عِنْدَ الْمُشْتَرِي) بِالْمُرَابَحَةِ أَيْ فِي مِلْكِهِ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ عَلَيْهِ فَيُوَافِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) : الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ مَحِلُّهُمَا فِي مُقَوَّمٍ لَيْسَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا كَمُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لِعِزَّتِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَضْمُونٌ أَوْ مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي مُرَابَحَةً فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا. (وَحُسِبَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ السِّينِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمُرَابَحَةِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مَا يَرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يَرْبَحُ لَهُ، وَإِنَّمَا وَقَعَ عَلَى رِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا، وَنَائِبُ فَاعِلِ حُسِبَ (مَا) أَيْ فُعِلَ (لَهُ عَيْنٌ) أَيْ أَثَرٌ وَصِفَةٌ (قَائِمَةٌ) أَيْ مُشَاهَدَةٌ بِحَاسَّةٍ مِنْ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ (كَصَبْغٍ) الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمَصْبُوغَ بِهِ كَزَعْفَرَانٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِهِ، وَالْعَمَلُ إنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ فَيُحْسَبُ أَصْلُهُ وَرِبْحُهُ زِيَادَةً عَلَى ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ عَمِلَ لَهُ بِلَا أُجْرَةٍ فَلَا يَحْسِبُهُ وَلَا رِبْحَهُ (وَطَرْزٍ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ نَقْشٍ فِي الثَّوْبِ بِحَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ بِإِبْرَةٍ (وَقَصْرٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تَبْيِيضٍ لِلثَّوْبِ (وَخِيَاطَةٍ وَفَتْلٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ لِنَحْوِ حَرِيرٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 264 وَكَمْدٍ، وَتَطْرِيَةٍ وَأَصْلُ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ: كَحُمُولَةٍ،   [منح الجليل] وَكَمْدٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ دَقٍّ لِلشُّقَّةِ لِتَصْفُقَ وَتَحْسُنَ (وَتَطْرِيَةٍ) لِلثِّيَابِ بِالنَّدَى لِتَلِينَ وَتَذْهَبَ خُشُونَتُهَا فِي النُّكَتِ لَوْ تَوَلَّى الطَّرْزَ وَالصَّبْغَ وَنَحْوَهُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْسِبَهُ وَيُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمَنْ وَظَّفَ عَلَى سِلْعَتِهِ ثَمَنًا بِاجْتِهَادِهِ، فَإِنَّمَا يَصِحُّ مَا فِي الْكِتَابِ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَ عَلَى ذَلِكَ اهـ ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا يَصِحُّ مَا فِي الْكِتَابِ فِي الصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ إذَا كَانَ قَدْ اسْتَأْجَرَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَهُ، فَإِنْ عَمِلَ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَوْ عَمِلَهُ لَهُ غَيْرُهُ بِلَا أُجْرَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْسِبَهُ وَيُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ وَظَّفَ عَلَى سِلَعٍ اشْتَرَاهَا ثَمَنَهَا أَوْ رَقَمَ عَلَى سِلْعَةٍ وَرِثَهَا أَوْ وُهِبَتْ لَهُ ثَمَنًا. (وَ) حُسِبَ (أَصْلُ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ) أَيْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَلَا أَثَرٌ لَهُ مُشَاهَدٌ وَلَا يَحْسِبُ رِبْحَهُ (كَحَمُولَةٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الْإِبِلِ الَّتِي تَحْمِلُ الْأَحْمَالَ وَأُجْرَةِ حَمْلِهَا فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا؛ وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْحَمُولَةُ بِالْفَتْحِ الْإِبِلُ وَبِالضَّمِّ الْأَحْمَالُ وَالْحَمُولُ بِلَا تَاءٍ الْهَوَادِجُ سَوَاءٌ كَانَ بِهَا نِسَاءٌ أَمْ لَا، فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِعَشَرَةٍ وَاسْتَأْجَرَ عَلَى حَمْلِهَا بِخَمْسَةٍ وَعَلَى شَدِّهَا وَطَيِّهَا بِخَمْسَةٍ فَإِنَّهُ يَحْسِبُ الْعَشَرَةَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا وَرِبْحَهَا، وَيَحْسِبُ عَشَرَةَ الْحَمْلِ وَالشَّدِّ وَالطَّيِّ دُونَ رِبْحِهَا وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْحَمُولَةَ بِكَوْنِهَا زَادَتْ فِي الْقِيمَةِ بِأَنْ حَمَلَتْ مِنْ بَلَدِ رُخْصٍ إلَى بَلَدِ غَلَاءٍ لِرَغْبَةِ الْمُشْتَرِي فِيهَا حِينَئِذٍ، فَإِنْ حَمَلَتْ لِمُسَاوٍ فَلَا تُحْسَبُ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ بَلَدِ غَلَاءٍ لِبَلَدِ رُخْصٍ فَلَا يَبِيعُهَا إلَّا بِبَيَانِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْسِبْ الْحَمْلَ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ تَقِلُّ فِيهَا حِينَئِذٍ وَاسْتَحْسَنَهُ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ إلَّا إذَا أَرَادَ بِمَا زَادَ مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ كَظَاهِرِ إطْلَاقِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُرَدُّ تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ بِكَوْنِ سِعْرِ الْبَلَدِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَغْلَى بِأَنَّ النَّقْلَ لِلتَّجْرِ مَظِنَّةُ ذَلِكَ، وَلَا يَبْطُلُ اعْتِبَارُ الْمَظِنَّةِ بِفَوْتِ الْحِكْمَةِ عَلَى الْمَعْرُوفِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اعْتَبَرَ حُصُولَ الزِّيَادَةِ بِالْفِعْلِ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُهُ مَظِنَّةً لِلزِّيَادَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 265 وَشَدٍّ، وَطَيٍّ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهُمَا، وَكِرَاءُ بَيْتٍ لِسِلْعَةٍ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ، كَسِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ إنْ بَيَّنَ الْجَمِيعَ؛   [منح الجليل] (وَ) حُسِبَ كِرَاءُ (شَدٍّ وَطَيٍّ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهُمَا) وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ، فَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ أُجْرَتُهُمَا فَلَا يُحْسَبُ كَتَوَلِّيهِمَا بِنَفْسِهِ (وَ) حُسِبَ أَصْلُ (كِرَاءِ بَيْتٍ لِسِلْعَةِ) وَحْدَهَا لَا لَهُ وَلَهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ تَبَعًا فَلَا يُحْسَبُ لِأَنَّهُ تَوْظِيفٌ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ ذَلِكَ وَيَرْضَى قَالَهُ الْجَلَّابُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفِعْلِ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَلَا أَثَرُ زِيَادَةٍ فِي الْقِيمَةِ وَلَمْ تُعْتَدْ أُجْرَةُ الشَّدِّ وَالطَّيِّ وَلَمْ يَكُنْ الْبَيْتُ لِخُصُوصِ السِّلْعَةِ (لَمْ يُحْسَبْ) أَصْلُ ذَلِكَ وَلَا رِبْحُهُ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْحِسَابِ فَقَالَ: (كَ) أَجْرِ (سِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، فَإِنْ اُعْتِيدَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ الْمَتَاعَ إلَّا بِوَاسِطَتِهِ حَسَبَ أَجْرَهُ دُونَ رِبْحِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يَحْسِبُ رِبْحَهُ أَيْضًا وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ قَالَهُ عج، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ أَنَّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يُعْتَدْ وَهُوَ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا إنْ اُعْتِيدَ وَهُوَ مَفْهُومُهُ فَيُحْسَبُ أَصْلُهُ لَا رِبْحُهُ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يُحْسَبُ أَصْلُهُ وَرِبْحُهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ مُقَابَلٌ، وَهَكَذَا فِي الشَّيْخِ " س " أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ السِّمْسَارَ إذَا لَمْ يُعْتَدْ بِأَنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ لَا يُحْسَبُ لَا هُوَ وَلَا رِبْحُهُ، كَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَمَّا إنْ اُعْتِيدَ بِأَنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ لَا يُشْتَرَى إلَّا بِسِمْسَارٍ فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ رُشْدٍ: يُحْسَبُ أَصْلُهُ دُونَ رِبْحِهِ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: يُحْسَبُ هُوَ وَرِبْحُهُ. وَأَفَادَ شَرْطَ جَوَازِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ بِقَوْلِهِ (إنْ بَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ فَصَّلَ الْبَائِعُ ابْتِدَاءً (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَا صَرَفَهُ فِي الْمَبِيعِ بِأَنْ بَيَّنَ مَا يُحْسَبُ وَيُرْبَحُ لَهُ وَمَا يُحْسَبُ وَلَا يُرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يُحْسَبُ، وَاشْتَرَطَ الرِّبْحَ عَلَى الْجَمِيعِ " غ " الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَجَازَ مُرَابَحَةٌ وَكَأَنَّهُ حَوَّمَ عَلَى اخْتِصَارِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ إذْ قَالَ: لَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 266 أَوْ فَسَّرَ الْمَئُونَةَ فَقَالَ: بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا وَحَمْلُهَا كَذَا، أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ كَرِبْحِ الْعَشَرَةِ، أَوْ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا مَالَهُ الرِّبْحُ، وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ،   [منح الجليل] يَخْلُو بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ مِنْ وَجْهٍ مِنْ خَمْسَةٍ، أَحَدُهَا أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا صَرَفَهُ مَا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ مُفَصَّلًا وَمُجْمَلًا، وَيَشْتَرِطُ ضَرْبَ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ فَهَذَا وَجْهٌ صَحِيحٌ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ، وَيُضْرَبُ الرِّبْحُ عَلَى جَمِيعِهِ بِشَرْطِهِ (أَوْ) أَجْمَلَ مَا صَرَفَهُ ابْتِدَاءً ثُمَّ (فَسَّرَ) الْبَائِعُ (الْمَئُونَةَ فَقَالَ: هِيَ) أَيْ السِّلْعَةُ قَامَتْ عَلَيَّ (بِمِائَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (أَصْلُهَا) أَيْ ثَمَنُهَا (كَذَا) أَيْ ثَمَانُونَ مَثَلًا (وَحَمْلُهَا) مِنْ مَحِلِّ كَذَا إلَى مَحِلِّ كَذَا (كَذَا) أَيْ خَمْسَةٌ مَثَلًا وَصَبْغُهَا خَمْسَةٌ وَطَرْزُهَا خَمْسَةٌ، وَطَيُّهَا وَشَدُّهَا خَمْسَةٌ، وَشَرَطَ الرِّبْحَ فِيمَا يُرْبَحُ لَهُ خَاصَّةً عِيَاضٌ الثَّانِي أَنْ يُفَسِّرَ ذَلِكَ أَيْضًا وَيُفَسِّرَ مَا يُحْسَبُ وَيُرْبَحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً ثُمَّ يَضْرِبُ الرِّبْحَ عَلَى مَا يَجِبُ ضَرْبُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً. فَهَذَا صَحِيحٌ جَائِزٌ أَيْضًا عَلَى مَا عَقَدَاهُ (أَوْ قَالَ) : أَبِيعُ (عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ مَا يُرْبَحُ لَهُ وَهُوَ ثَمَنُهَا وَأُجْرَةُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَمَا لَا يُرْبَحُ لَهُ، وَهُوَ مَا زَادَ الْقِيمَةَ، وَلَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَمَا لَا يُحْسَبُ، وَمَثَّلَ لِلْمُرَابَحَةِ فَقَالَ: (كَرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ حِينَ الْبَيْعِ (مَا لَهُ رِبْحٌ) وَمَا لَا رِبْحَ لَهُ عِيَاضٌ الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يُفَسِّرَ الْمُؤْنَةَ فَيَقُولَ: هِيَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ رَأْسُ مَالِهَا كَذَا، وَلَزِمَهَا فِي الْحَمْلِ كَذَا، وَفِي الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ كَذَا، وَفِي الشَّدِّ وَالطَّيِّ كَذَا وَبَاعَهَا عَلَى الْمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ لِلْجُمْلَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا وَلَا شَرَطَا مَا يُوضَعُ الرِّبْحُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يُوضَعُ، وَلَا مَا يُحْسَبُ مِمَّا لَا يُحْسَبُ فِي الثَّمَنِ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ هَذَا، وَفُضَّ الرِّبْحُ عَلَى مَا يَجِبُ لَهُ، وَإِسْقَاطُ مَا لَا يُحْسَبُ فِي الثَّمَنِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ الْعَشَرَةُ أَحَدَ عَشَرَ يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْمُرَادِ بَيَّنَ الْمُرَادَ وَضَابِطَهُ فَقَالَ: (وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ نَائِبُ فَاعِلِهِ (عُشْرُ الْأَصْلِ) أَيْ الثَّمَنُ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ السِّلْعَةُ بِهِ، وَمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ أَيْ إذَا قَالَ بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَالَهُ رِبْحُ عَشَرَةٍ، فَإِذَا كَانَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 267 وَالْوَضِيعَةُ كَذَلِكَ لَا أَبْهَمَ: كَقَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا،   [منح الجليل] الْأَصْلُ مِائَةً زِيدَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةً وَعِشْرِينَ زِيدَ عَلَيْهِ اثْنَا عَشَرَ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ. فَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ عَشَرَةً يَصِيرُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ وَشَبَّهَ فِي زِيَادَةِ عُشْرِ الْأَصْلِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ يُؤْخَذُ وَفِي الْمُشَبَّهِ يَسْقُطُ فَقَالَ: (وَالْوَضِيعَةُ) أَيْ الْحَطِيطَةُ مِنْ الْأَصْلِ إنْ شُرِطَتْ فَهِيَ (كَذَلِكَ) أَيْ رِبْحُ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا فِي أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى الْأَصْلِ عَشَرَةٌ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَجْمُوعِ، فَإِذَا قَالَ: بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ عُشْرُهَا وَاحِدٌ فَتَصِيرَ أَحَدَ عَشَرَ، وَيَسْقُطُ مِنْهَا وَاحِدٌ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الْعُشْرِ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، وَإِنْ قَالَ: بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عِشْرُونَ وُضِعَ نِصْفُ الْأَصْلِ وَثَلَاثُونَ وُضِعَ ثُلُثَاهُ وَأَرْبَعُونَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَضَابِطُهَا إنْ زَادَتْ عَلَى الْأَصْلِ أَنْ يُجَزَّأَ الْأَصْلُ أَجْزَاءً بِعَدَدِ الْوَضِيعَةِ، وَيُنْسَبَ مَا زَادَهُ عَدَدُ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْأَصْلِ إلَى عَدَدِ الْوَضِيعَةِ، وَبِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ، وَإِنْ سَاوَتْهُ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهُ فَضَابِطُهَا أَنْ تَضُمَّهَا لَهُ وَتُنْسَبَ عَدَدُ الْوَضِيعَةِ لِمَجْمُوعِهِمَا، وَبِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنْ قَالَ: بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ عَشَرَةٌ فَزِدْ عَلَى الْأَصْلِ مِثْلَهُ وَانْسُبْ الْوَضِيعَةَ لِمَجْمُوعِهِمَا يَكُنْ نِصْفًا فَأَسْقَطَ نِصْفَ الْأَصْلِ، وَإِنْ قَالَ: بِوَضِيعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ فَزِدْ عَلَى عَشْرَةٍ وَانْسِبْ خَمْسَةً لِلْمَجْمُوعِ تَكُنْ ثُلُثًا، فَأَسْقَطَ ثُلُثَ الْأَصْلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهَا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْهَا عُرْفًا لِأَنَّهَا حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ لَا لُغَوِيَّةٌ الْبُنَانِيُّ. وَالْعُرْفُ عِنْدَنَا فِي وَضَيْعَةِ الْعَشَرَةِ خَمْسَةٌ وَنَحْوُهُمَا تَصْيِيرُ الْعَشَرَةِ خَمْسَةً بِحَطِّ النِّصْفِ (لَا) تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ إنْ (أَبْهَمَ) أَيْ أَجْمَلَ الْبَائِعُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يُرْبَحُ لَهُ وَمَا لَا يُرْبَحُ لَهُ وَلَا كَوْنَ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ (كَ) قَوْلِهِ (قَامَتْ) السِّلْعَةُ (بِكَذَا) أَيْ مِائَةٍ مَثَلًا أَوْ ثَمَنُهَا كَذَا وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَبَاعَ بِمُرَابَحَةِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ لِجَهْلِهِمَا أَوْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عِيَاضٌ الْوَجْهُ الرَّابِعُ أَنْ يُبْهِمَ ذَلِكَ وَيَجْمَعَهُ جُمْلَةً فَيَقُولَ: قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا أَوْ ثَمَنُهَا كَذَا، وَبَاعَ مُرَابَحَةً لِلْعَشْرَةِ دِرْهَمٌ فَهَذَا بَيِّنُ الْفَسَادِ عَلَى أُصُولِهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَمَا لَا يُحْسَبُ، وَمَا يُضْرَبُ لَهُ الرِّبْحُ وَمَا لَا يُضْرَبُ، فَهُوَ جَهْلٌ بِالثَّمَنِ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ عَلِمَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 268 أَوْ قَامَتْ بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا بِكَذَا وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَهَلْ هُوَ كَذِبٌ أَوْ غِشٌّ؟   [منح الجليل] الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي جَاهِلٌ بِهِ، وَهَذِهِ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ: وَهُوَ عِنْدِي ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) قَالَ بَائِعُ الْمُرَابَحَةِ (قَامَتْ) السِّلْعَةُ (بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا بِكَذَا) كَمِائَةٍ (وَلَمْ يُفَصِّلْ) ثَمَنَهَا وَمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَمَا لَا عَيْنٌ لَهُ قَائِمَةٌ وَمَا لَا يُحْسَبُ وَبَاعَهَا بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ مَثَلًا عِيَاضٌ الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنْ يُبْهِمَ ذَلِكَ وَيَجْمَعَهُ جُمْلَةً فَيَقُولَ: قَامَتْ فِيهَا النَّفَقَةُ بَعْدَ تَسْمِيَتِهَا فَيَقُولُ: قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةٍ بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا وَحَمْلِهَا وَصَبْغِهَا، أَوْ يُفَسِّرَهَا فَيَقُولَ عَشَرَةٌ مِنْهَا فِي مُؤْنَتِهَا وَلَا يُفَسِّرُ الْمُؤْنَةَ فَهَذِهِ أَيْضًا فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا عَادَتْ لِجَهْلِ الثَّمَنِ وَيُفْسَخُ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ. اهـ. كَلَامُ " غ " الْبُنَانِيُّ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْفَسَادِ وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِذِكْرِهِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَهُمَا إنَّمَا يَجْرِيَانِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَمَّا ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ بَعْدَهُ: وَنَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِعَدَمِ التَّبْيِينِ. اهـ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّأْوِيلَيْنِ قَالَ مَا نَصُّهُ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّوَابُ فَسْخُ هَذَا الْبَيْعِ لِجَهْلِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ. اهـ. فَجَعَلَ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ مُخَالِفًا لَهُمَا طفي وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج يَتَحَتَّمُ الْفَسْخُ عَلَى أَنَّهُ غِشٌّ، وَاعْتِرَاضُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْإِبْهَامُ (كَذِبٌ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْكَذِبِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ لِزِيَادَتِهِ فِيهِ مَا لَا يُحْسَبُ فِيهِ، وَحَمْلِ الرِّبْحِ عَلَى مَا لَا يُرْبَحُ لَهُ، وَيَأْتِي حُكْمُ الْكَذِبِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَذَبَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ وَرِبْحَهُ إلَخْ، وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ لُبَابَةَ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ وَمَالَ إلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ (أَوْ) هُوَ (غِشٌّ) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغِشِّ، وَعَلَى هَذَا فَالْحُكْمُ هُنَا أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ، وَرَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ فَأَتَتْ السِّلْعَةُ أَمْ لَا، وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَ " ق " عَنْ عِيَاضٍ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ عَلَى الْكِتَابِ، وَإِلَيْهِ مَالَ التُّونُسِيُّ وَالْبَاجِيِّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ لُبَابَةَ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ تَخْيِيرُ الْمُشْتَرِي مَعَ الْقِيَامِ، وَنَصُّهَا وَإِنْ ضَرَبَ الرِّبْحَ عَلَى الْحَمُولَةِ وَلَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 269 تَأْوِيلَانِ وَوَجَبَ تَبْيِينُ مَا يُكْرَهُ   [منح الجليل] يُبَيِّنْ ذَلِكَ وَقَدْ فَاتَ الْمَتَاعُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ حُسِبَ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ وَلَمْ يُحْسَبْ لَهُ رِبْحٌ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ رُدَّ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ اهـ. فَظَاهِرُهُ الْخِيَارُ مَعَ عَدَمِ الْفَوَاتِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا التَّأْوِيلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ أَصْحَابَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي التَّعْبِيرِ هُنَا بِالْكَذِبِ وَالْغِشِّ، فَإِصْلَاحُ كَلَامِهِ عَلَى خِلَافِهِ إفْسَادٌ لَهُ، وَلِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَذَلِكَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: بِالْفَسَادِ وَإِنَّهُ خِلَافُ التَّأْوِيلَيْنِ الْمَبْنِيَّيْنِ عَلَى الصِّحَّةِ وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَسْأَلَتَانِ خَرَجَتَا عَنْ الْأَصْلِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ لَمْ يُحْكَمْ فِيهِمَا بِحُكْمِ الْكَذِبِ وَلَا الْغِشِّ، وَلَا بِحُكْمِ الْعَيْبِ إحْدَاهُمَا هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ مَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً عَلَى مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا نَقَدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) . (وَوَجَبَ) عَلَى كُلِّ بَائِعٍ بِمُرَابَحَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (تَبْيِينُ مَا يَكْرَهُ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ الْمُشْتَرِي فِي ذَاتِ مَبِيعِهِ أَوْ صِفَتِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا لَتَرَكَ شِرَاءَهُ، أَوْ قَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِيهِ فِي الْجَوَاهِرِ يَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ عَنْ كُلِّ مَا لَوْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِهِ لَقَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِي الشِّرَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ ذِكْرُ كُلِّ مَا لَوْ عُلِمَ قَلَّتْ غِبْطَةُ الْمُشْتَرِي، وَفِيهَا لَوْ رَضِيَ عَيْبًا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكْفِ بَيَانُهُ حَتَّى يَذْكُرَ شِرَاءَهُ سَالِمًا عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ. اهـ. فَإِنْ تَحَقَّقَ الْبَائِعُ عَدَمَ كَرَاهَةِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَلَوْ كَرِهَهُ غَيْرُهُ الْبُنَانِيُّ مَسَائِلُ بُيُوعِ الْمُرَابَحَةِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ غِشٌّ وَكَذِبٌ وَوَاسِطَةٌ، فَالْغِشُّ فِي سِتٍّ كُلُّهَا فِي الْمَتْنِ عَدَمُ بَيَانِ طُولِ زَمَانِ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ، وَكَوْنُهَا بَلَدِيَّةً أَوْ مِنْ تَرِكَةٍ، وَالصُّوفُ غَيْرُ التَّامِّ حِينَ شِرَاءِ الْغَنَمِ، وَاللُّبْسُ غَيْرُ الْمُنْقِصِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَإِرْثُ الْبَعْضِ، وَالْكَذِبُ فِي سِتٍّ أَيْضًا عَدَمُ بَيَانِ تَجَاوُزِ الزَّائِفِ، وَالرُّكُوبُ، وَاللُّبْسُ الْمُنْقِصُ، وَهِبَةٌ مُعْتَادَةٌ، وَالصُّوفُ التَّامُّ حِينَهُ، وَالثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ حِينَهُ، وَالْوَاسِطَةُ فِي سِتٍّ أَيْضًا ثَلَاثٌ لَا تَرْجِعُ لِغِشٍّ وَلَا كَذِبٍ عَدَمُ بَيَانِ مَا نَقَدَهُ، وَالْإِبْهَامُ وَالْأَجَلُ، وَيَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمَا ثَلَاثٌ عَلَى الْخِلَافِ فِيهَا عَدَمُ بَيَانِ الْإِقَالَةِ، وَالتَّوْظِيفُ، وَالْوِلَادَةُ عِنْدَهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 270 كَمَا نَقَدَهُ وَعَقَدَهُ مُطْلَقًا   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ فَقَالَ: (كَمَا نَقَدَهُ) أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا (عَقَدَهُ) أَيْ عَقَدَ الشِّرَاءَ بِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِحَالٍ مَخْصُوصٍ، سَوَاءٌ عَقَدَ عَلَى ذَهَبٍ وَنَقَدَ فِضَّةً أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ عَقَدَ عَلَى عَيْنٍ وَنَقَدَ عَرَضًا أَوْ عَكْسَهُ، وَسَوَاءٌ بَاعَ مُرَابَحَةً بِمِثْلِ مَا عَقَدَ أَوْ نَقَدَ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ إذَا لَمْ يَزِدْ عَنْ صَرْفِ النَّاسِ، وَإِنْ بَاعَ عَلَى مَا نَقْدٍ قِيلَ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّامِلِ، وَعَطَفَ الثَّانِيَ عَلَيْهِ بِقِيلِ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَعْطَى فِيهَا مِائَةَ دِينَارٍ أَوْ مَا يُوزَنُ أَوْ يُكَالُ مِنْ عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ، أَوْ ابْتَاعَ بِذَلِكَ ثُمَّ نَقَدَ عَيْنًا أَوْ جِنْسًا سِوَاهُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ، فَلْيُبَيِّنْ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَيُضَرُّ بِأَنَّ الرِّبْحَ عَلَى مَا أَحَبَّا مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَدَهُ إذَا وَصَفَهُ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إذَا كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي عَقَدَ بِهِ الْبَيْعَ جُزَافًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَكِيلًا فَنَقَدَ غَيْرَهُ دَخَلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَكَذَلِكَ إنْ نَقَدَ فِي الْعَيْنِ ثِيَابًا جَازَ أَنْ يَرْبَحَ عَلَى الثِّيَابِ إذَا وَصَفَهَا لَا عَلَى قِيمَتِهَا كَمَا أَجَزْنَا لِمَنْ ابْتَاعَ بِطَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَيْهَا إذَا وَصَفَ وَلَمْ يُجِزْ أَشْهَبُ الْمُرَابَحَةَ عَلَى عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك لِغَيْرِ أَجَلِ السَّلَمِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ كُلُّ مَنْ ابْتَاعَ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَنَقَدَ خِلَافَهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ وَبَاعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ رُدَّ إلَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ الْمُبْتَاعُ بِبَيْعِهِ. وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ضَرَبَ الْمُشْتَرِي الرِّبْحَ عَلَى مَا نَقَدَ الْبَائِعُ عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي أَرْبَحَهُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ كَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِمَا عُقِدَ الْبَيْعُ بِهِ أَفَادَهُ الْحَطّ " ق " اُنْظُرْ قَوْلَهُ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْبُنَانِيِّ الْإِطْلَاقُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ مَنْ نَقَدَ غَيْرَ مَا بِهِ عَقَدَ فِي لُزُومِ بَيَانِهِ فِي بَيْعِهِ بِالْأَوَّلِ أَوْ بِالثَّانِي، أَوْ قَصَرَهُ عَلَى بَيْعِهِ بِالْأَوَّلِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِهَا مَعَ الْوَاضِحَةِ، وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ وَتَأَوَّلَ فَضْلٌ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةَ اهـ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يَحْكُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 271 وَالْأَجَلِ، وَإِنْ بِيعَ عَلَى النَّقْدِ   [منح الجليل] فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحُكْمِ الْكَذِبِ وَلَا بِحُكْمِ الْغِشِّ وَالصَّوَابُ عَلَى أَصْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْكَذِبِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا نَقَدَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَا ابْتَاعَ بِهِ خَيْرٌ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ، وَأَبَى الْبَائِعُ أَنْ يَضْرِبَ لَهُ الرِّبْحَ عَلَى مَا نَقَدَهُ رُدَّ إلَى قِيمَةِ سِلْعَتِهِ مَا لَمْ تُرَدَّ عَلَى مَا أَخَذَهَا بِهِ، وَمَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ قِيمَةِ مَا نَقَدَهُ الْبَائِعُ فَلَا يَنْقُصُ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي الْكَذِبِ وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ فَفِيهِ إشْكَالٌ عَلَى أُصُولِهِمْ اهـ. (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (الْأَجَلِ) لِلثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ بَعْدَهُ إنْ اشْتَرَطَهُ فِي الشِّرَاءِ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ، بَلْ (وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى) شَرْطِ (النَّقْدِ) أَيْ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى تَأْجِيلِهِ لِأَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعَقْدِ كَالْوَاقِعِ فِيهِ وَلِأَنَّ الرِّضَا بِالْأَجَلِ بَعْدَ الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى زِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ، فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ فَلْيُبَيِّنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ، فَإِنْ قَبِلَهَا الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ إلَى الْأَجَلِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَفُوتَ فَيَأْخُذَ الْبَائِعُ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ، وَلَا يَضْرِبُ لَهُ الرِّبْحَ عَلَى الْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ أَيْ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا اهـ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي قَوْلِهِ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ فَقِيلَ: أَرَادَ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَقِيلَ: يُفْسَخُ وَإِنْ رَضِيَ بِالنَّقْدِ، وَاسْتُبْعِدَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَبِلَهَا الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ إلَى الْأَجَلِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ نَحْوُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ رَدُّ السِّلْعَةِ إذْ هِيَ قَائِمَةٌ صَارَ التَّأْخِيرُ بِالثَّمَنِ إنَّمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ تَرْكِ الْقِيَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ نَفْعًا كَمَنْ وَجَدَ عَيْبًا فِي سِلْعَةٍ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: لَا تَرُدُّهَا وَأَنَا أُؤَخِّرُك بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ، فَإِنَّ هَذَا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ إنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ صَحَّ الْبَيْعُ كَانَتْ السِّلْعَةُ أَيِّمَةً أَوْ قَائِمَةً وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِالتَّأْجِيلِ، فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَلَا يَصِحُّ لِوُجُوبِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ حَالَّةً، فَإِنْ أَخَّرَهُ صَارَ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَقَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ أَفَادَهُ الْحَطّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 272 وَطُولِ زَمَانِهِ وَتَجَاوُزِ الزَّائِفَ وَهِبَةٍ اُعْتِيدَتْ   [منح الجليل] (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (طُولِ زَمَانِ) إقَامَةِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي الطَّرِيِّ دُونَ الْعَتِيقِ، وَظَاهِرُهُ تَغَيَّرَ سُوقُهَا أَمْ لَا، بَارَتْ عِنْدَهُ أَمْ لَا وَلِلَّخْمِيِّ إنْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا أَوْ تَغَيَّرَتْ فِي نَفْسِهَا أَوْ بَارَتْ بَيَّنَ وَإِلَّا فَلَا ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ طَالَ مُكْثُهَا فَلْيُبَيِّنْ وَإِنْ لَمْ يَحُلَّ سُوقُهَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَفَاتَ رُدَّ إلَى الْقِيمَةِ وَلِابْنِ رُشْدٍ إنْ طَالَ مُكْثُ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ فَلَا يَبِعْ مُرَابَحَةً وَلَا مُسَاوَمَةً حَتَّى يُبَيِّنَ، وَإِنْ لَمْ تَحُلَّ أَسْوَاقٌ لِأَنَّ التُّجَّارَ فِي الطَّرِيِّ أَرْغَبُ وَأَحْرَصُ، لِأَنَّهُ إذَا طَالَ مُكْثُهُ حَالَ عَنْ حَالِهِ وَتَغَيَّرَ وَقَدْ يَتَشَاءَمُونَ بِهَا لِثِقَلِ خُرُوجِهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ لِلصَّقَلِّيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ حَارِثٍ وَغَيْرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ بَاعَ مُرَابَحَةً أَوْ مُسَاوَمَةً بَعْدَ الطُّولِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ غِشٌّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي الْقِيَامِ، وَيَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْفَوَاتِ عِيَاضٌ مِنْ الدُّلْسَةِ فِي بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ قَدِيمَةً فَيُدْخِلَهَا فِي السُّوقِ لِيُرِيَ أَنَّهَا طَرِيَّةٌ مَجْلُوبَةٌ، وَمِنْهَا أَنْ يَبِيعَ فِي التَّرِكَةِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَكَذَا إظْهَارُهُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا طَرِيَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْهَا السُّوقَ، وَمِنْهُ إدْخَالُ بَعْضِ أَهْلِ السُّوقِ بَعْضَ مَا بِحَانُوتِهِ لِلنِّدَاءِ عَلَيْهِ كَوَارِدٍ عَلَى السُّوقِ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (تَجَاوُزِ) النَّقْدِ (الزَّائِفِ) أَيْ الْمَعِيبِ بِنَقْصِ وَزْنٍ أَوْ غِشٍّ أَوْ رَدَاءَةِ مَعْدِنٍ أَوْ سِكَّةٍ، أَيْ رِضَا الْبَائِعِ بِهِ وَقَبُولُهُ إيَّاهُ، سَوَاءٌ كَانَ كُلَّ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضَهُ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ اُعْتِيدَ تَجَاوُزُهُ أَمْ لَا، فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِدَرَاهِمَ نَقْدًا ثُمَّ أَخَّرَ بِالثَّمَنِ أَوْ نَقَدَ وَحَطَّ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ حَطِيطَةَ الْبَيْعِ أَوْ تَجَاوَزَ عَنْهُ دِرْهَمًا زَائِفًا فَلَا يَبِعْ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ تَأْخِيرَ الثَّمَنِ كَانَ كَمَنْ نَقَدَ غَيْرَ مَا عَقَدَ أَصْبَغُ فَإِنْ فَاتَتْ فَفِيهَا الْقِيمَةُ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا حَطَّ عَنْهُ فَإِنْ حَطَّهُ الْبَائِعُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَإِلَّا خُيِّرَ، فَإِنْ فَاتَتْ فَالْقِيمَةُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ تَجَاوُزَ الزَّائِفِ فَكَمَنْ نَقَدَ غَيْرَ مَا عَقَدَ. (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (هِبَةٍ) مِنْ الْبَائِعِ بَعْضَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي (اُعْتِيدَتْ) بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَحَطَّ الْبَائِعُ مَا وَهَبَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ دُونَ رِبْحِهِ لَزِمَتْهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا تَلْزَمُهُ حَتَّى يَحُطَّ رِبْحَهُ أَيْضًا، فَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَتْهُ إنْ حَطَّهُ بِاتِّفَاقِهِمَا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 273 وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ وَوِلَادَتِهَا، وَإِنْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا   [منح الجليل] فَإِنْ لَمْ تُعْتَدْ لِكَثْرَتِهَا فَلَا يَجِبُ بَيَانُهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِمِائَةٍ فَنَقَدَهَا، وَافْتَرَقَا ثُمَّ وُهِبَتْ لَهُ الْمِائَةُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً، وَإِنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ وَرِثَهَا مِنْهُ فَلَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً أَبُو الْحَسَنِ وَكَذَا لَوْ بَاعَهَا ثُمَّ وَرِثَهَا وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى افْتَرَقَا لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَ) وَجَبَ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهِ بَيَانُ (أَنَّهَا) أَيْ السِّلْعَةَ غَيْرَ الْبَلَدِيَّةِ الْمُشْتَبِهَةَ بِبَلَدِيَّةٍ مَرْغُوبٌ فِيهَا أَكْثَرُ (لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً) أَيْ مَصْنُوعَةً بِبَلَدِ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ بَلَدِيَّةً مُشْتَبِهَةً بِغَيْرِهَا الْمَرْغُوبُ فِيهَا أَكْثَرُ وَجَبَ بَيَانُ أَنَّهَا بَلَدِيَّةً (أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى بَلَدِيَّةً أَيْ يَجِبُ بَيَانُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِي سِلْعَةِ التَّرِكَةِ وَلَمْ تَكُنْ مِنْهَا، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ مَنْ بَاعَ ثَوْبَهُ فِي تَرِكَةٍ تُبَاعُ فِيهَا الثِّيَابُ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ إذَا عَلِمَ، وَكَذَلِكَ فِيمَا حُلِبَ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَخُلِطَ بِهِ رَأْسٌ أَوْ دَابَّةٌ وَصَاحَ عَلَيْهِ الصَّائِحُ فَلِمُبْتَاعِهِ رَدُّهُ إذَا عُذِرَ، وَيُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً أَيْ يَجِبُ بَيَانُ أَنَّهَا مِنْ التَّرِكَةِ إذَا كَانَتْ مِنْهَا وَالنُّفُوسُ تَزْهَدُهَا وَتَنْفِرُ مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُرَابَحَةِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَغِشٌّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. (وَ) إنْ ابْتَاعَ حَامِلًا وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَأَرَادَ بَيْعَهَا وَجَبَ بَيَانُ (وِلَادَتِهَا) عِنْدَهُ أَمَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا إنْ لَمْ يَبِعْ وَلَدَهَا مَعَهَا، بَلْ (وَإِنْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي وِلَادَتَهَا عِنْدَهُ، وَكَذَا يَجِبُ بَيَانُ تَزْوِيجِهَا وَلَوْ طَلُقَتْ وَلَمْ تَلِدْ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَلَدَتْ بِأَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ لَا يَجِبُ بَيَانُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَاقْتَضَّهَا وَقَيَّدَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالرَّائِعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَكَذِبٌ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّ عَنْهُ مَا يَنُوبُ الِاقْتِضَاضَ وَرِبْحَهُ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وِلَادَتُهَا عِنْدَهُ عَيْبٌ وَطُولُ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ إلَى وِلَادَتِهَا غِشٌّ وَخَدِيعَةٌ، وَنَقْصُهَا بِالتَّزْوِيجِ وَالْوِلَادَةِ كَذِبٌ فِي الثَّمَنِ، وَقَدْ لَا تُوجَدُ كُلُّهَا إذْ قَدْ تَلِدُ بِإِثْرِ شِرَائِهَا، فَإِنْ بَاعَهَا بِلَا بَيَانٍ فَلَهُ الْقِيَامُ بِأَيِّ هَذِهِ الْعِلَلِ الثَّلَاثِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً، فَإِنْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ عَنْهُ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِالْعَيْبِ وَالْغِشِّ، وَإِنْ فَاتَتْ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُقَوِّتَاتِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَبَيْعِهَا وَهَلَاكِهَا، فَإِنْ شَاءَ قَامَ بِالْعَيْبِ فَحَطَّ عَنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 274 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَرْشَهُ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَقَامَ بِالْغِشِّ، إذْ هُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ بِالْكَذِبِ، إذْ عَلَيْهِ فِي الْغِشِّ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَالْقِيمَةُ. وَأَمَّا فِي الْكَذِبِ فَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَرِبْحُهُ وَالْقِيمَةُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ، وَإِنْ كَانَ مُفَوِّتًا دُونَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَحَوَالَةِ سُوقٍ وَحُدُوثِ عَيْبٍ قَلِيلٍ فَقِيَامُهُ بِالْغِشِّ أَنْفَعُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُتَوَسِّطَةِ خُيِّرَ فِي رَدِّهَا وَمَا نَقَصَهَا الْحَادِثُ وَإِمْسَاكُهَا وَالرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَمَنَابُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَبَيَّنَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَيَقُومُ بِحُكْمِ الْغِشِّ فَتُرَدُّ إلَى الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الْمُسَمَّى ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ اجْتَمَعَ الْعَيْبُ وَالْغِشُّ وَالْكَذِبُ مِثْلُ شِرَائِهِ جَارِيَةً وَلَا وَلَدَ لَهَا فَيُزَوِّجُهَا وَتَلِدُ عِنْدَهُ أَوْلَادًا ثُمَّ يَبِيعُهَا بِكُلِّ الثَّمَنِ دُونَ وَلَدِهَا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لَهَا وَلَدًا فَوَلَدُهَا عَيْبٌ وَطُولُ إقَامَتِهَا إلَى أَنْ وَلَدَتْ غِشٌّ وَمَا نَقَصَ التَّزْوِيجُ وَالْوَلَدُ مِنْ قِيمَتِهَا كَذِبٌ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إلَّا الرَّدُّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ حَبَسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ إيَّاهَا بِحَطِّ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِهَا لِأَجْلِ الْعَيْبِ وَالْغِشِّ، وَإِنْ فَاتَتْ بِبَيْعٍ فَلَا طَلَبَ لَهُ بِالْعَيْبِ وَطَلَبُهُ بِحُكْمِ الْغِشِّ أَنْفَعُ لَهُ مِنْ طَلَبِ حُكْمِ الْكَذِبِ فَيَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الْمُسَمَّى وَإِنْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَقْصٍ يَسِيرٍ فَلَهُ رَدُّهَا بِالْعَيْبِ أَوْ الرِّضَا بِهِ، وَيَقُومُ بِحُكْمِ الْغِشِّ فَيَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ أَحْسَنُ لَهُ مِنْ حُكْمِ الْكَذِبِ. وَإِنْ فَاتَتْ بِعَيْبٍ مُفْسِدٍ أَيْ مُتَوَسِّطٍ خُيِّرَ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ رَدُّهَا وَمَا نَقَصَهَا الْعَيْبُ عِنْدَهُ، أَوْ إمْسَاكُهَا وَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَنَابِهِ مِنْ الرِّبْحِ، أَوْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَيَقُومُ بِحُكْمِ الْغِشِّ فَيَغْرَمُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا، أَوْ الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ أَحْسَنُ لَهُ مِنْ حُكْمِ الْكَذِبِ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا وَالْوَلَدُ صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ التَّفْرِقَةِ جَبْرًا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ وَيَرُدُّ الْبَيْعَ، وَإِنْ فَاتَتْ بِفَوَاتِ عَيْنِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ خُيِّرَ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَنَابِهِ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَطَلَبِ حُكْمِ الْغِشِّ اهـ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا وَالْوَلَدُ صَغِيرٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْأَقْسَامِ قَبْلَهُ الْمُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الرَّدِّ وَعَدَمِهِ، لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا وَلَدَتْ عَنْهُ وَبَاعَهَا دُونَ وَلَدِهَا. (وَ) إنْ اشْتَرَى شَجَرَةً مُثْمِرَةً بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَجَذَّهَا، أَوْ غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ نَامَ وَجَزَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 275 وَجَذَّ ثَمَرَةً أُبِّرَتْ، وَصُوفٍ تَمَّ، وَإِقَالَةِ مُشْتَرِيهِ، إلَّا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَالرُّكُوبِ   [منح الجليل] وَأَرَادَ بَيْعَ كُلٍّ مُرَابَحَةً وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُ (جَذِّ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ (وَ) بَيَانُ جَزِّ صُوفٍ تَمَّ يَوْمَ الشِّرَاءِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَمَفْهُومُ أُبِّرَتْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَصْلَ وَعَلَيْهِ ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ أَوْ الْغَنَمَ عَلَيْهَا صُوفٌ غَيْرُ تَامٍّ وَجَذَّ الثَّمَرَةَ بَعْدَ طِيبِهَا وَجَزَّ الصُّوفَ بَعْدَ تَمَامِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُ طُولِ الزَّمَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جَزَّ الْمُؤَبَّرَةِ وَجَزَّ التَّامِّ فَكَذِبٌ (وَ) وَجَبَ بَيَانُ (إقَالَةِ مُشْتَرِيهِ) أَيْ الْمَبِيعِ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أُقِيلَ: عَنْهُ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ أَقَالَهُ، فَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهُ بِمُرَابَحَةٍ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَجَبَ بَيَانُهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِعِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهَا بِثَلَاثِينَ ثُمَّ أَقَالَ مِنْهَا فَلَا يَبِعْ مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى عِشْرِينَ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ بَيْنَهُمَا حِينَ أَقَالَهُ اهـ. فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَكَذِبٌ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْإِقَالَةُ (بِزِيَادَةٍ) عَلَى الثَّمَنِ الْمُقَالِ مِنْهُ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ أَقَالَهُ بِعِشْرِينَ (أَوْ نَقْصٍ) عَنْهُ بِأَنْ أَقَالَهُ فِي الْمِثَالِ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلَا يَجِبُ بَيَانُهَا فِي بَيْعِهِ مُرَابَحَةً بِعِشْرِينَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَلِفٌ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً مُرَابَحَةً ثُمَّ ابْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ مِلْكٌ حَادِثٌ ابْنُ مُحْرِزٍ ظَاهِرُهُ وَلَوْ ابْتَاعَهَا مِمَّنْ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَحَمَلَهَا فَضْلٌ عَلَى ابْتِيَاعِهَا مِنْ غَيْرِهِ كَقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَلَا يَبِيعُ إلَّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَنَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ مُرَابَحَةً ثُمَّ اسْتَقَالَهُ مِنْهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَلَا يَبِعْ إلَّا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ اسْتَقَالَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ جَازَ أَنْ يَبِيعَ عَلَى الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَبِعْ إلَّا عَلَى الْأَوَّلِ اسْتَقَالَ مِنْهَا أَوْ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فَلَهُ الْبَيْعُ عَلَى الثَّانِي (وَ) إنْ اشْتَرَى دَابَّةً وَرَكِبَهَا رُكُوبًا مُنْقِصًا ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً وَجَبَ بَيَانُ (الرُّكُوبِ) الْمُنْقِصِ لِلدَّابَّةِ الَّتِي أُرِيدَ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً (وَ) إنْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَلَبِسَهُ لُبْسًا مُنْقِصًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 276 وَاللُّبْسِ وَالتَّوْظِيفِ وَلَوْ مُتَّفِقًا إلَّا مِنْ سَلَمٍ لَا غَلَّةِ رَبْعٍ   [منح الجليل] ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ بِمُرَابَحَةٍ وَجَبَ بَيَانُ (اللُّبْسِ) الْمُنْقِصِ لِلثَّوْبِ الَّذِي أُرِيدَ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَكَذِبٌ فِيهِمَا. (وَ) إنْ اشْتَرَى سِلَعًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَسَّمَهُ عَلَيْهَا وَأَرَادَ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا مُرَابَحَةً وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُ (التَّوْظِيفِ) أَيْ قِسْمَةُ الثَّمَنِ عَلَيْهَا وَأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ بِالْمُرَابَحَةِ بِتَوْظِيفِهِ إنْ كَانَتْ السِّلَعُ الْمُوَظَّفُ عَلَيْهَا مُخْتَلِفَةً، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الْمُوَظَّفُ عَلَيْهِ (مُتَّفِقًا) فِي الصِّفَةِ كَشَيْئَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ جِنْسًا وَصِفَةً لِأَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ فِي تَوْظِيفِهِ، وَيَزِيدُ فِي ثَمَنِ بَعْضِهَا لِاسْتِحْسَانِهِ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافٍ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ بِعَدَمِ وُجُوبِ بَيَانِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْمُتَّفِقِ لِأَنَّهُ شَأْنُ التُّجَّارِ، فَيُدْخِلُونَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْمِثْلِيُّ فَلَا يَجِبُ بَيَانُ التَّوْظِيفِ عَلَيْهِ عِنْدَ بَيْعِ بَعْضِهِ مُرَابَحَةً حَيْثُ اتَّفَقَتْ أَجْزَاؤُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَهَلْ كَذِبٌ أَوْ غِشٌّ خِلَافٌ وَظَاهِرُ " ق " تَرْجِيحُ الثَّانِي وَيَنْبَغِي أَنَّهُ غِشٌّ فِي الْمُتَّفِقِ لِإِيهَامِهِ شِرَاءَهُ كَذَلِكَ وَكَذِبٌ فِي الْمُخْتَلِفِ لِاحْتِمَالِ خَطَئِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ فَقَالَ: (إلَّا) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ (مِنْ سَلَمٍ) مُتَّفِقٍ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فَلَا يَجِبُ بَيَانُ التَّوْظِيفِ عَلَيْهِ لِأَنَّ آحَادَهُ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لِعَيْنِهَا بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا قُصِدَ مَا اتَّصَفَ بِالصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ، وَلِذَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمُسْلِمُ فِيهِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لَا يُفْسَخُ السَّلَمُ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا اسْتَحَقَّ، وَقَيَّدَ فِيهَا عَدَمَ وُجُوبِ بَيَانِ التَّوْظِيفِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِيهِ بِأَخْذِهِ بِمِثْلِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ لَا أَدْنَى مِنْهَا وَاللَّخْمِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ بَعْضُ الْمَأْخُوذِ أَجْوَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ سِلَعًا مُقَوَّمَةً وَاقْتَسَمَاهَا فَلَا يَبِعْ أَحَدُهُمَا مُرَابَحَةً إلَّا مُبَيِّنًا إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ سَلَمٍ مُتَّفِقٍ. وَمَنْ اشْتَرَى رَبْعًا وَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً فَ (لَا) يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ أَخْذِ (غَلَّةِ رَبْعٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَنْزِلٍ مُعَدٍّ لِلسُّكْنَى بِهِ، وَمِثْلُهُ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ غَيْرُ الرَّبْعِ وَالْحَيَوَانِ، قَالَ فِيهَا: وَمَنْ ابْتَاعَ حَوَائِطَ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ رَبْعًا فَاغْتَلَّهَا وَحَلَبَ الْغَنَمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ، وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا بَطَلَ بِهِ كَوْنُهُ لَا يُبَيَّنُ اللَّخْمِيُّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 277 كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ، لَا إنْ وَرِثَ بَعْضَهُ، وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] فِي النَّخْلِ إذَا كَانَتْ غَلَّتُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِ كَانَتْ لَهُ وَلَا يَحْسِبُ النَّفَقَةَ وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ أَكْثَرَ حَسَبَ الْفَضْلَ، وَإِنْ أَنْفَقَ ثُمَّ بَاعَ مُرَابَحَةً قَبْلَ أَنْ يَغْتَلَّ حَسَبَ لَهُ النَّفَقَةَ الَّتِي أَنْفَقَ فِي سَقْيِهَا وَعِلَاجِهَا. اهـ. وَبَيَانُهُ أَنَّ كَلَامَهَا يَقْتَضِي أَنَّ بَائِعَ الْمُرَابَحَةِ يَسْتَبِدُّ بِالْغَلَّةِ وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ فِي الثَّمَنِ مُطْلَقًا، وَحَقُّهَا أَنْ تُفَصَّلَ كَمَا فَصَّلَ اللَّخْمِيُّ. اهـ. الْوَانُّوغِيُّ الصَّوَابُ تَقْيِيدُ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ بِعَدَمِ حُدُوثِ مَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ مَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فَقَالَ (كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ) سِلْعَةً ابْتَاعَ بَعْضَهَا أَوَّلًا ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهَا مِنْ شَرِيكِهِ فِيهَا ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ إذَا لَمْ يُزِدْ فِي شِرَاءِ الْبَاقِي لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِلَّا وَجَبَ بَيَانُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ لِمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً جُمْلَةً أَنْ يَبِيعَ نِصْفَهَا مُرَابَحَةً بِنِصْفِ ثَمَنِهَا حَتَّى يُبَيِّنَ وَلِمَنْ اشْتَرَى نِصْفَ سِلْعَةٍ فِي صَفْقَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَهَا الثَّانِيَ فِي صَفْقَةٍ أُخْرَى بَيْعُهَا جُمْلَةً وَلَا يُبَيِّنُ وَأَخْرَجَ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْبَيَانِ فَقَالَ: (لَا) يَنْتَفِي وُجُوبُ بَيَانِ تَكْمِيلِ الشِّرَاءِ (إنْ وَرِثَ) الْبَائِعُ (بَعْضَهُ) أَيْ الْمَبِيعِ وَاشْتَرَى بَاقِيَهُ وَبَاعَ الْبَعْضَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ وَرِثَ بَاقِيَهُ (وَهَلْ) وُجُوبُ الْبَيَانِ (إنْ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ) عَلَى الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ يُزِيدُ فِي ثَمَنِ الْبَاقِي لِيُكَمِّلَ لَهُ مَا وَرِثَ بَعْضَهُ، فَإِنْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ قَالَهُ الْقَابِسِيُّ (أَوْ) وُجُوبُ الْبَيَانِ الثَّابِتِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَقَدُّمِ الْإِرْثِ فَيَجِبُ وَلَوْ تَقَدَّمَ الشِّرَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ يُزِيدُ فِي ثَمَنِ الْبَعْضِ لِتَرَقُّبِهِ إرْثَ بَاقِيهِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا وَإِنْ وَرِثَ نِصْفَ سِلْعَةٍ ثُمَّ ابْتَاعَ نِصْفَهَا فَلَا يَبِيعُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا ابْتَاعَ وَمَا وَرِثَ، وَإِذَا بَيَّنَ فَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى مَا ابْتَاعَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى فَاتَتْ فَالْمَبِيعُ نِصْفُهُ مُشْتَرًى فَيَمْضِي بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَنِصْفِ الرِّبْحِ وَنِصْفُهُ مَوْرُوثٌ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَالرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 278 وَإِنْ غَلِطَ بِنَقْصٍ وَصُدِّقَ، أَوْ أَثْبَتَ: رَدَّ، أَوْ دَفَعَ مَا تَبَيَّنَ وَرِبْحُهُ، فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ مُشْتَرِيهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ، وَرِبْحِهِ وَقِيمَتِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ، مَا لَمْ تَنْقُصُ عَنْ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ، وَإِنْ كُذِّبَ: لَزِمَ الْمُشْتَرِي، إنْ حَطَّهُ، وَرِبْحَهُ بِخِلَافِ الْغِشِّ   [منح الجليل] وَالتَّمَسُّكُ بِهِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ مُرَابَحَةً إنَّمَا هُوَ النِّصْفُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمَوْرُوثَ لَا يُبَاعُ مُرَابَحَةً لِأَنَّهُ لَا ثَمَنَ قَالَهُ تت الْبُنَانِيُّ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا بَاعَ النِّصْفَ الْمُشْتَرَى فَقَطْ مُرَابَحَةً، وَفِيهِ وَقَعَ التَّأْوِيلَانِ لِلْقَابِسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَبِهِ شَرَحَ " ح " وَغَيْرُهُ اُنْظُرْ ق. (وَإِنْ غَلِطَ) بَائِعُ الْمُرَابَحَةِ عَلَى نَفْسِهِ فَأَخْبَرَ (بِنَقْصٍ) عَنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ (وَصُدِّقَ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً أَيْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فِي غَلَطِهِ (أَوْ) لَمْ يُصَدَّقْ وَ (أَثْبَتَ) الْبَائِعُ غَلَطَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ ظَهَرَ بِكِتَابَةٍ عَلَى السِّلْعَةِ وَحَلَفَ مَعَهَا (رَدَّ) الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ (أَوْ دَفَعَ) الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (مَا تَبَيَّنَ) أَنَّهُ ثَمَنُهَا (وَرِبْحُهُ) إذَا كَانَ الْمَبِيع قَائِمًا (وَإِنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً (مُشْتَرِيهِ) أَيْ الْمَبِيعِ بِالْمُرَابَحَةِ (بَيْنَ) دَفْعِ الثَّمَنِ (الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ) لِلْبَائِعِ (وَ) دَفْعِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ بَيْعِهِ) لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَفِي الْمُوَطَّإِ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ (مَا لَمْ تَنْقُصْ) قِيمَتُهُ (عَنْ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ) فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ لَزِمَتْهُ بِالْغَلَطِ وَرِبْحُهُ طفي أَيْ وَمَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ، لَكِنْ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ الْبُنَانِيُّ لَا يَحْتَاجُ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ حَيْثُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ (وَإِنْ كَذَبَ) الْبَائِعُ فِي إخْبَارِهِ بِالثَّمَنِ بِزِيَادَةٍ بِأَنْ قَالَ: خَمْسِينَ وَهُوَ أَرْبَعُونَ (لَزِمَ) الْبَيْعُ (الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ) أَيْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ الْكَذِبَ أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي زَادَهُ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ (وَرِبْحَهُ) . فَإِنْ لَمْ يَحُطَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ (بِخِلَافِ) حُكْمِ (الْغِشِّ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 279 وَإِنْ فَاتَتْ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةُ، وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ، أَوْ قِيمَتِهَا، مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ، وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ: كَغَيْرِهَا.   [منح الجليل] كَكِتَابَتِهِ عَلَى الْمَبِيعِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ وَبَيْعِهِ بِالْمُرَابَحَةِ عَلَى ثَمَنِهِ وَبَيْعِهِ مَا وَرِثَهُ مُوهِمًا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَكَتْمِهِ طُولَ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ، فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ مَعَ الْقِيَامِ وَالْغِشُّ إيهَامُ وُجُودٍ مَفْقُودٍ مَقْصُودٍ وُجُودُهُ أَوْ فَقْدِ مَوْجُودٍ مَقْصُودٍ فَقْدُهُ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ لَهُمَا، أَيْ فَقْدُ مَقْصُودِ الْوُجُودِ وَلَا وُجُودُ مَقْصُودِ الْفَقْدِ، وَالِاحْتِرَازُ بِقَوْلِهِ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ إلَخْ عَنْ الْعَيْبِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ بَيْنَ الْغِشِّ وَالْعَيْبِ، بِأَنَّ مَا يُكْرَهُ وَلَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ لَهُ يُسَمَّى غِشًّا، كَطُولِ إقَامَةِ السِّلْعَةِ وَكَوْنِهَا غَيْرَ بَلَدِيَّةٍ أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ لَهُ يُسَمَّى عَيْبًا كَالْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الْقِيمَةِ لَا تَنْقُصُ لِلْغِشِّ عَدَمُ نَقْصِهَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِ الْمَبِيعِ فَقَطْ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَيْبِ، فَإِنَّ ذَاتَ الْمَبِيعِ نَاقِصَةٌ غَالِبًا قَالَهُ طفي (وَإِنْ فَاتَتْ) السِّلْعَةُ بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ (فَفِي الْغِشِّ) يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ (أَقَلُّ) أَمْرَيْنِ (الثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ (وَالْقِيمَةِ) يَوْمَ قَبْضِهَا وَلَا يُضْرَبُ رِبْحٌ عَلَى الْأَقَلِّ (وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً الْبَائِعُ (بَيْنَ) أَخْذِ (الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ (مَا لَمْ تَزِدْ) قِيمَتُهَا (عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ) فَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وَرِبْحِهِ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْكَذِبُ وَرِبْحُهُ فَقَطْ لِرِضَا الْبَائِعِ بِهِ. وَجَعْلُ ضَمِيرِ خُيِّرَ لِلْبَائِعِ هُوَ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّرْحِ وَ " ح " وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ، إذْ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ لِهَذَا التَّقْيِيدِ مَعْنًى إذْ لَهُ دَفْعُهَا وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُهَا بِاخْتِيَارِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ (وَمُدَلِّسُ) بَيْعِ (الْمُرَابَحَةِ) أَيْ الْمُدَلِّسُ فِيهَا (كَ) الْمُدَلِّسِ فِي بَيْعِ (غَيْرِهَا) أَيْ الْمُرَابَحَةِ مِنْ بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ وَالْمُزَايَدَةِ وَالِاسْتِئْمَانِ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَسُّكِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ عِنْدَهُ عَيْبٌ طفي لَوْ قَالَ: وَعَيْبُ الْمُرَابَحَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 280 فَصْلٌ) تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ: الْأَرْضَ، وَتَنَاوَلَتْهُمَا، لَا الزَّرْعَ   [منح الجليل] كَغَيْرِهَا لَكَانَ أَشْمَلَ، لَكِنْ تَبِعَ عِبَارَةَ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ أَتَى فِي آخِرِ كَلَامِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، فَجَاءَ كَلَامُهُ حَسَنًا اُنْظُرْهُ فِي " ق " ابْنُ يُونُسَ تَفْتَرِقُ الْمُرَابَحَةُ مِنْ غَيْرِهَا فِي هَلَاكِ السِّلْعَةِ فِي الْكَذِبِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ يُرِيدُ أَوْ الْغِشِّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ كَمَا قَالَ فِيهَا لِشَبَهِ الْمُرَابَحَةِ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ فِي بَيَان مَا يَتَنَاوَلهُ الْبَيْع وَمَا لَا يَتَنَاوَلهُ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ وَمَا لَا يَتَنَاوَلُهُ وَحُكْمُ بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ بِخَرْصِهَا وَالْجَائِحَةِ ابْنُ عَاشِرٍ لَمْ يَحْضُرْنِي وَجْهُ مُنَاسَبَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ كَمَا لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْفَصْلِ لِمَا قَبْلَهُ " س " وعب وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ تَارَةً وَنَقْصٌ مِنْهُ أُخْرَى، وَالتَّنَاوُلُ زِيَادَةٌ فِي الْمُثَمَّنِ وَعَدَمُهُ نَقْصٌ مِنْهُ وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَجْمُوعَةِ فِيهِ أَنَّ مِمَّا يَتَنَاوَلُ أَوَّلًا الثَّمَرَ، وَمُنَاسَبَتَهُ لِبَيْعِهِ ظَاهِرٌ كَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ وَالْجَائِحَةِ لِتَعَلُّقِ الْجَمِيعِ بِالثِّمَارِ (تَنَاوَلَ) تَنَاوُلًا شَرْعِيًّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ (الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا بَيْعًا كَانَ أَوْ رَهْنًا أَوْ وَصِيَّةً قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً قَالَهُ " د "، أَوْ تَحْبِيسًا قَالَهُ عب (الْأَرْضَ) الَّتِي بِهَا الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ قَالَهُ " س " وتت وَخِضْرٌ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ تَنَاوُلِهِمَا حَرِيمَهُمَا وَاسْتَظْهَرَ " د " تَنَاوُلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الذَّخِيرَةِ يَتَنَاوَلُ لَفْظُ الشَّجَرِ الْأَغْصَانَ وَالْأَوْرَاقَ وَالْعُرُوقَ وَاسْتِحْقَاقَ الْبَقَاءِ مَغْرُوسًا. اهـ. وَمَعْلُومٌ سَرَيَانُ عُرُوقِ بَعْضِ الشَّجَرِ إلَى بَعِيدٍ مِنْ أَصْلِهِ (وَتَنَاوَلَتْهُمَا) أَيْ الْعَقْدَ عَلَى الْأَرْضِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ الَّذِي بِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عُرْفٌ بِخِلَافِهِ فِيهِمَا (لَا) تَتَنَاوَلُ الْأَرْضُ (الزَّرْعَ) الَّذِي بِهَا (وَ) تَنَاوَلَتْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 281 وَالْبَذْرَ، وَمَدْفُونًا: كَلَوْ جُهِلَ وَلَا الشَّجَرَ: الثَّمَرَ الْمُوَبَّرَ، أَوْ أَكْثَرَهُ إلَّا بِشَرْطٍ كَالْمُنْعَقِدِ وَمَالِ الْعَبْدِ،   [منح الجليل] الْأَرْضُ (الْبَذْرَ) الْمُغَيَّبَ فِيهَا فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ لَا الزَّرْعَ (وَ) لَا تَتَنَاوَلُ الْأَرْضُ شَيْئًا (مَدْفُونًا) فِيهَا الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُبْتَاعِ فِيمَا وَجَدَ تَحْتَ الْأَرْضِ مِنْ بِئْرٍ أَوْ جُبٍّ أَوْ رُخَامٍ أَوْ حِجَارَةٍ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَهُوَ لِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهُ، وَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا كَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ اللُّقَطَةِ، وَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ وَالْجُبِّ بَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ أَرْضِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّنَاوُلِ فَقَالَ: (كَلَوْ جَهِلَ) رَبُّ الْمَدْفُونِ فَلَا تَتَنَاوَلُهُ الْأَرْضُ، وَيَكُونُ سَبِيلُهُ سَبِيلَ اللُّقَطَةِ فِي أَنَّ مَحِلَّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مَدْفُونًا بِقَصْدِ دَفْنِهِ فَيَخْرُجُ مَا كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ كَالْحِجَارَةِ الْمَخْلُوقَةِ فِي الْأَرْضِ وَالْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ، أَيْ الْقَدِيمَةِ الْمَنْسُوبَةِ لِعَادٍ، وَكُلُّ قَدِيمٍ يُسَمَّى عَادِيًّا. (وَلَا) يَتَنَاوَلُ (الشَّجَرَ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهِ الثَّمَرَ (الْمُؤَبَّرَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً هُوَ كُلُّهُ (أَوْ أَكْثَرَهُ) وَتَأْبِيرُ النَّخْلِ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى ثَمَرِ الْأُنْثَى لِئَلَّا يَسْقُطَ وَيُسَمَّى لِقَاحًا أَيْضًا الْبَاجِيَّ وَهُوَ فِي التِّينِ وَمَا لَا زَهْرَ لَهُ بُرُوزُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ عَنْ أَصْلِهَا، وَفِي الزَّرْعِ بُرُوزُهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الشَّجَرِ صَرِيحًا أَوْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ عَلَى الْأَرْضِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَلَّابِ وَمَفْهُومُ أَكْثَرِهِ شَيْئَانِ النِّصْفِ، وَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ، وَالْأَقَلُّ وَهُوَ يَتَّبِعُ الْأَكْثَرَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ فِي تَنَاوُلِهِ الشَّجَرَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ اسْتِثْنَاؤُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي شُفْعَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَصَحَّحَ اللَّخْمِيُّ جَوَازَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّأْبِيرِ وَعَدَمِهِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ لِلْمُبْتَاعِ: (إلَّا بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُبْتَاعِ تَنَاوَلَ الْمُؤَبَّرَ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَنَاوُلِ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصْدٌ لِبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَلِذَا يَجُوزُ شَرْطُ بَعْضِ الْمُزْهِيِّ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ إلَّا بِشَرْطٍ فَقَالَ: (كَ) ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ (الْمُنْعَقِدِ) أَيْ الْبَارِزِ عَنْ مَوْضِعِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ عَلَى أَصْلِهِ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُبْتَاعِ. (وَ) كَ (مَالِ الْعَبْدِ) الْكَامِلِ الرِّقِّ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْعَقْدُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 282 وَخِلْفَةِ الْفَصِيلِ   [منح الجليل] عَلَى الْعَبْدِ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ مُبْتَاعِهِ، سَوَاءٌ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْعَبْدِ، وَيَبْقَى بِيَدِهِ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ الْمُشْتَرِي وَجَوَازُ اشْتِرَاطِهِ لِلْمُبْتَاعِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ مَعْلُومًا لَهُ، وَكَوْنِ ثَمَنِهِ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ مَالُهُ وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ هَذَا فَإِنْ أَبْهَمَ فِي اشْتِرَاطِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُوَ لَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ فُسِخَ بَيْعُهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ بَعْضِهِ لِلْعَبْدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، كَبَعْضِ صُبْرَةٍ وَبَعْضِ زَرْعٍ وَبَعْضِ حِلْيَةِ سَيْفٍ وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاسْتَثْنَى مَالَهُ وَهُوَ دَنَانِيرُ دَرَاهِمَ وَدَيْنٌ وَعُرُوضٌ وَرَقِيقٌ بِدَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَهُ وَلَوْ عَيْنًا وَسَمَّاهُ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ وَلَوْ لِأَجَلٍ لِأَنَّهُ لِلْعَبْدِ لَا لِلْمُبْتَاعِ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ اشْتَرَطَ مُشْتَرِي الْعَبْدِ مَا لَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلْعَبْدِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِلْعَبْدِ عِنْدَ الْإِبْهَامِ ابْنُ رُشْدٍ إذَا بَاعَ مَا لَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ شَرِيكِهِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ، اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَا لَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ، وَبَقِيَ نِصْفُهُ لِبَائِعِهِ فَكَانَ ذَلِكَ مُقَاسَمَةً لَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ. وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ فَقِيلَ: يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَقِيلَ: يَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ أَنْ يُسَلِّمَ مَالَهُ لِمُبْتَاعِهِ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ وَمِثْلُهُ فِي رَسْمِ كُتُبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا بِيعَ بَعْضُهُ الرَّقِيقُ وَلَهُ مَالٌ، فَإِنَّ مَالَهُ يَبْقَى بِيَدِهِ لَا يَنْتَزِعُهُ بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ يَوْمَ حُرِّيَّتِهِ، فَإِنْ مَاتَ أَخَذَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي عَدَمِ الدُّخُولِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ: (وَ) كَ (خِلْفَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ أَيْ مَا يُخْلَفُ بَعْدَ جَزِّ (الْفَصِيلِ) بِالْقَافِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ أَيْ الَّذِي يُفْصَلُ وَيُجَزُّ مِنْ الزَّرْعِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ خِلْفَتَهُ، فَلَيْسَ لِمُشْتَرِيهِ إلَّا الْجِزَّةُ الْأُولَى الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إلَّا بِشَرْطٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ، بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً بِأَنْ كَانَتْ بِأَرْضِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 283 وَإِنْ أَبَّرَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ: حُكْمُهُ، وَلِكِلَيْهِمَا. السَّقْيُ، مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ؛ وَالدَّارُ: الثَّابِتَ: كَبَابٍ، وَرَفٍّ،   [منح الجليل] سَقْيٍ بِغَيْرِ مَطَرٍ، وَاشْتِرَاطِ جَمِيعِهَا وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْأَصْلِ حَتَّى يُحَبِّبَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا خِلْفَةَ لَهُ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْحَبِّ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ بَقَاءِ الْخِلْفَةِ إلَى أَنْ تُحَبِّبَ، وَأَنْ يَبْلُغَ الْأَصْلُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْخِلْفَةَ بَعْدَ شِرَاءِ أَصْلِهَا اُشْتُرِطَ فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَإِنْ أُبِّرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً (النِّصْفُ) أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ يُؤَبَّرْ نِصْفُهَا الْآخَرُ (فَلِكُلٍّ) مِنْ النِّصْفِ الْمُؤَبَّرِ وَالنِّصْفِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ (حُكْمُهُ) فَالْمُؤَبَّرُ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ وَغَيْرُهُ لِلْمُبْتَاعِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُؤَبَّرُ فِي نَخَلَاتٍ وَغَيْرُهُ فِي نَخَلَاتٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَا شَائِعَيْنِ فَهَلْ الثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُبْتَاعِ، أَوْ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي تَسْلِيمِ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ لِلْمُبْتَاعِ وَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ أَوْ الْبَيْعُ مَفْسُوخٌ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ رِضَا أَحَدِهِمَا بِتَسْلِيمِ الْجَمِيعِ لِلْآخَرِ (وَلِكِلَيْهِمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا كَانَ الْأَصْلُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّمَرُ لِلْآخَرِ، أَوْ بَيْنَهُمَا (السَّقْيُ) إلَى وَقْتِ جَذِّ الثَّمَرَةِ عَادَةً (مَا لَمْ يَضُرَّ) سَقْيُ أَصْلِ الْمُشْتَرِي (بَ) ثَمَرِ (الْآخَرِ) أَيْ الْبَائِعِ. (وَ) تَنَاوَلَتْ (الدَّارُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَيْهَا الشَّيْءَ (الثَّابِتَ) فِيهَا بِالْفِعْلِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا لَا غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الثُّبُوتَ (كَبَابٍ) مُرَكَّبٍ فِي مَحِلِّهِ (وَرَفٍّ) كَذَلِكَ لَا مَخْلُوعٍ وَلَا مُهَيَّأٍ لِلتَّرْكِيبِ بِدَارٍ جَدِيدَةٍ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا مَا يُنْقَلُ كَدَلْوٍ وَبَكْرَةٍ وَصَخْرٍ وَتُرَابٍ مُعَدٍّ لِإِصْلَاحِهَا، وَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَسِوَارٍ وَأَزْيَارٍ وَحَيَوَانٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْ بَابِهَا إلَّا بِهَدْمِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا يُقْضَى عَلَى الْمُبْتَاعِ بِهِ، وَيَكْسِرُ الْبَائِعُ جِرَارَهُ وَيَذْبَحُ حَيَوَانَهُ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ: الِاسْتِحْسَانُ هَدْمُهُ وَبِنَاؤُهُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ لَا يَبْقَى بِهِ عَيْبٌ مُنْقِصٌ لِقِيمَةِ الدَّارِ بَعْدَ بِنَائِهِ، وَإِلَّا قِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ أَعْطِهِ قِيمَةَ مَتَاعِهِ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ: لِلْبَائِعِ اهْدِمْ وَابْنِ وَأَعْطِ قِيمَةَ الْعَيْبِ، فَإِنْ أَبَى تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إنْ عَلِمَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 284 وَرَحًا مَبْنِيَّةٍ بِفَوْقَانِيَّتِهَا   [منح الجليل] الْمُبْتَاعُ حَالَ الْعَقْدِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْهَدْمُ يَسِيرًا فَعَلَهُ الْبَائِعُ وَأَصْلَحَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: جَوَابُ أَبِي عِمْرَانَ أَكْمَلُ وَأَبْيَنُ وَلِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي ثَوْرٍ أَدْخَلَ قَرْنَيْهِ بَيْنَ غُصْنَيْ شَجَرَةٍ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُمَا إلَّا بِقَطْعِهِمَا فَإِنَّهُمَا يُقْطَعَانِ وَيُؤَدِّي رَبُّ الثَّوْرِ قِيمَتَهَا. وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ وَتَسَاوَيَا فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا يَفْعَلُ الْحَاكِمُ مَا يُزِيلُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا يُرْتَكَبُ أَخَفُّهُمَا وَإِذَا حُدَّتْ الدَّارُ أَوْ الْأَرْضُ بِشَجَرَةٍ شَرْقِيَّةٍ مَثَلًا دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَمِهِ كَشَجَرَةِ فُلَانٍ، وَإِنْ وَقَعَ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ حُكِمَ بِالْعُمُومِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ كَبِعْته جَمِيعَ أَمْلَاكِي بِقَرْيَةِ كَذَا وَهِيَ الدَّارُ وَالْحَانُوتُ مَثَلًا وَلَهُ غَيْرُهُمَا فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ أَيْضًا لِأَنَّ ذِكْرَ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ مَقْرُونًا بِحُكْمِهِ لَا يُخَصِّصُهُ، إذْ شَرْطُ التَّخْصِيصِ مُنَافَاةُ الْحُكْمِ فِي الْإِرْشَادِ يَتْبَعُ الْعَقَارَ مَا هُوَ ثَابِتٌ مِنْ مَرَافِقِهِ كَالْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ وَالسَّلَالِمِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالْأَخْصَاصِ وَالْمَيَازِيبِ، لَا مَا هُوَ مَنْقُولٌ إلَّا الْمَفَاتِيحَ الْبُرْزُلِيُّ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: أَعْطِنِي عَقْدَ شِرَائِك لَزِمَهُ دَفْعُهُ لَهُ، وَفَائِدَتُهُ إذَا طَرَأَ الِاسْتِحْقَاقُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى مَنْ تَيَسَّرَ لَهُ مِنْهُمَا لِئَلَّا يُنْكِرَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الْبَيْعَ، وَلَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الرُّجُوعُ عَلَى غَرِيمِ الْغَرِيمِ، وَكَذَا فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَالْعَمَلُ الْيَوْمُ عَلَى أَخْذِ النُّسْخَةِ وَهُوَ الْحَزْمُ وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مَنْ ابْتَاعَ مِلْكًا فَيَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ دَفْعُ وَثَائِقِهِ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا أَوْ نَسْخُهَا بِخُطُوطِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي فِيهَا، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى وَظَهَرَتْ الْوَثَائِقُ جَبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهَا أَوْ نَسْخِهَا وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ فَلِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ لِتَرْتِيبِ الْعُهْدَةِ، وَإِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ اشْتَرَى فُلَانٌ جَمِيعَ مُوَرَّثِ فُلَانٍ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا وَهُوَ الْخُمُسُ، فَظَهَرَ أَنَّهُ الرُّبُعُ لَزِمَ الْبَيْعُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غَدًا فِي ظَنِّهِ فَإِذَا هُوَ خَمِيسٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ إلَى غُرُوبِ الْخَمِيسِ حَنِثَ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) تَنَاوَلَتْ الدَّارُ (رَحًى) أَيْ آلَةَ الطَّحْنِ سَوَاءٌ الْمُسَمَّاةُ عُرْفًا طَاحُونًا أَوْ مُجَرَّدُ الرَّحَى الَّتِي تَدُورُ بِالْيَدِ (مَبْنِيَّةٍ) سُفْلَاهَا (بِفَوْقَانِيَّتِهَا) الَّتِي تَدُورُ وَتَطْحَنُ (وَ) تَنَاوَلَتْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 285 وَسُلَّمًا سُمِّرَ، وَفِي غَيْرِهِ: قَوْلَانِ وَالْعَبْدُ ثِيَابَ مِهْنَتِهِ، وَهَلْ يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ؟ أَوْ لَا:   [منح الجليل] الدَّارُ (سُلَّمًا) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً (سُمِّرَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً (وَفِي) تَنَاوُلِ سُلَّمٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُسَمَّرِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ زَرِبٍ وَابْنِ الْعَطَّارِ، وَالثَّانِي لِابْنِ عَتَّابٍ، وَمَحِلُّهُمَا إذَا كَانَ السُّلَّمُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِرُقِيِّ غُرَفِهَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ. (وَ) تَنَاوَلَ (الْعَبْدُ) أَيْ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (ثِيَابَ مَهْنَتِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ وَسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ الْخِدْمَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَا، وَثِيَابُ الزِّينَةِ لَا تَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثِيَابُ مَهْنَةٍ فَقِيلَ: يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَكْسُوَهُ ثِيَابَ مِهْنَةِ مِثْلِهِ وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابٌ لَمْ يَشْتَرِطْهَا بَائِعٌ وَلَا مُبْتَاعٌ فَهِيَ لِلْبَائِعِ، وَمَا لَا تَتَزَيَّنُ بِهِ فَهُوَ لَهَا ابْنُ رُشْدٍ إذَا كَانَ الْحُلِيُّ وَالثِّيَابُ لِلْبَائِعِ لَزِمَهَا كِسْوَةُ مِثْلِهَا الْبَذَّةِ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَزِمَهُ اهـ (وَ) إنْ شَرَطَ الْبَائِعُ عَدَمَ دُخُولِ ثِيَابِ مَهْنَتِهِ فَ (هَلْ يُوَفَّى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا (بِشَرْطِ عَدَمِهَا) أَيْ ثِيَابِ مَهْنَتِهِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ، وَنَصُّهُ فَاَلَّذِي يُوجِبُهُ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ فِي الَّذِي بَاعَ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ وَيَبِيعَهَا عُرْيَانَةً أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ جَائِزًا، وَشَرْطُهُ عَامِلًا لَازِمًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ جَائِزٌ لَا يَئُولُ إلَى غَرَرٍ، وَلَا خَطَرٍ فِي ثَمَنٍ وَلَا مَثْمُونٍ، وَلَا يَجُرُّ إلَى رِبًا وَلَا حَرَامٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ وَيَلْزَمَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» ، وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَطَ أَنْ يَبِيعَ جَارِيَةً عُرْيَانَةً فَلَهُ ذَلِكَ وَبِهِ مَضَتْ الْفَتْوَى بِالْأَنْدَلُسِ اهـ (أَوْ لَا) يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ ابْنُ بَشِيرٍ سَمِعَ أَشْهَبُ لَوْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْجَارِيَةِ عُرْيَانَةً يَبْطُلُ شَرْطُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا يُوَارِيهَا ابْنُ مُغِيثٍ وَهُوَ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْفَتْوَى، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَحِلَّ لَيْسَ لِلتَّرَدُّدِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 286 كَمُشْتَرَطٍ زَكَاةَ مَا لَمْ يَطِبْ، وَأَنْ لَا عُهْدَةَ   [منح الجليل] لِأَنَّ الْخِلَافَ لَلْمُتَقَدِّمِينَ فَلَوْ عَبَّرَ بِخِلَافٍ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى اصْطِلَاحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّوْفِيَةِ بِالشَّرْطِ سِتَّ مَسَائِلَ فَقَالَ: (كَ) شَرْطِ مُشْتَرٍ ثَمَرًا قَبْلَ طِيبِهِ (مُشْتَرِطٍ زَكَاةَ مَا) أَيْ ثَمَرٍ (لَمْ يَطِبْ) حِينَ شِرَائِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا يُوَفَّى بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، إذْ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ مَا يُزَكَّى بِهِ وَتَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِحُدُوثِ سَبَبِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الطِّيبُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ، هَكَذَا نَقَلَهُ فِي ضَيْح عَنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَاعْتَرَضَهُ " ح " فِي الْتِزَامَاتِهِ بِأَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ فَسَادُ الْبَيْعِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْعُتْبِيَّةِ وَالنَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَسَنَدٍ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ " ح: " وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ الشَّرْطِ إلَّا الْمُصَنِّفُ فِي ضَيْح وَالثَّانِي: أَنَّ الَّذِي فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَمُخْتَصَرِهَا لِابْنِ هَارُونَ مَا نَصُّهُ الثَّانِيَةُ مَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قُلْت: وَهَكَذَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ غَيْرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُصَنِّفِ قَالَ " ح: " وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الْمُشْتَرِطُ لِلزَّكَاةِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَاشْتِرَاطُ الْبَائِعِ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي صَحِيحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ طَابَ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ أَجْوَزُ لِلْبَيْعِ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يَطِبْ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْبَائِعُ فَاشْتِرَاطُهَا عَلَيْهِ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ (وَ) كَشَرْطِ بَائِعٍ (أَنْ لَا عُهْدَةَ) ثَلَاثٌ أَوْ سَنَةٌ فِي بَيْعِ رَقِيقٍ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ أَوْ مَحْكُومٌ بِهَا مِنْ السُّلْطَانِ فَيُلْغَى شَرْطُهُ، وَيَصِحُّ بَيْعُهُ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ التَّوْفِيَةُ بِالشَّرْطِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ وَذَكَرَ " ح " فِي الْتِزَامَاتِهِ أَنَّ الَّذِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قَوْلٌ قَوِيٌّ أَيْضًا وَأَمَّا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهِيَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَنْفَعُ اشْتِرَاطُ عَدَمِهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ وَمِنْ الْعَيْبِ، وَلَا يَنْفَعُ اشْتِرَاطُ عَدَمِهَا إلَّا فِي الرَّقِيقِ بِشَرْطِ عَدَمِ عِلْمِ عَيْبِهِ وَطُولِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 287 أَوْ لَا مُوَاضَعَةَ أَوْ لَا جَائِحَةَ، أَوْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ،   [منح الجليل] إقَامَتِهِ عِنْدَهُ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ مَا لَا عُهْدَةَ فِيهِ وَهِيَ الْإِحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَا عُهْدَةَ فِيهَا، وَالشَّرْطُ فِيهَا مُؤَكَّدٌ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ وَإِذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ مِنْ الْقِيَامِ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ ظُهُورِهِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي إسْقَاطِ الْمُوَاضَعَةِ بَعْدَهُ يَقُومُ مِنْهَا أَنَّ مَنْ تَطَوَّعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِأَنْ لَا قِيَامَ لَهُ بِعَيْبٍ يَظْهَرُ فِي الْمَبِيعِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ أَوْ مَا لَا تَجُوزُ فِيهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجُوزُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ أَوْ مَا لَا تَجُوزُ فِيهِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجُوزُ فِيهِ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ وَنَحْوُهُ فِي الصُّلْحِ مِنْهَا أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالصُّلْحُ بِعِوَضٍ وَوَجَّهَهُ الْحَطّ بِأَنَّهُ إذَا أَسْقَطَهُ بِعِوَضٍ فَهِيَ مُعَاوَضَةٌ مَجْهُولَةٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرَ مَا يَظْهَرُ لَهُ مِنْ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا إذَا أَسْقَطَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَلَا مَحْظُورَ فِيهِ (وَ) كَشَرْطِ (أَنْ لَا مُوَاضَعَةَ) فِي بَيْعِ أَمَةٍ رَائِعَةٍ أَوْ وَخْشٍ أَقَرَّ بَائِعُهَا بِعَدَمِ اسْتِبْرَائِهَا مِنْ وَطْئِهِ قَبْلَ بَيْعِهَا فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَجِبُ مُوَاضَعَتُهَا (أَوْ) شَرَطَ أَنْ (لَا جَائِحَةَ) تُوضَعُ عَنْ مُشْتَرِي الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَقَبْلَ طَيِّهَا فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِيمَا عَادَتُهُ أَنْ يُجَاحَ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّةِ فَسَادَ الْبَيْعِ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ (أَوْ) شَرَطَ الْبَائِعُ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى مُشْتَرِيهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) مُشْتَرِيهِ (بِالثَّمَنِ) الْمُؤَجَّلِ (لِكَذَا) أَيْ عِنْدَ اسْتِهْلَالِ شَعْبَانَ مَثَلًا (فَلَا بَيْعَ) مُسْتَمِرٌّ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ الَّذِي سَمَّيَاهُ وَإِنْ مَضَى وَلَمْ يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فَلَا يَرْتَفِعُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَا يَبِيعُ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْقِدَا عَلَى هَذَا، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَغَرِمَ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ. اهـ. أَيْ إلَى الْأَجَلِ عِيَاضٌ عَلَى هَذَا حَمَلَهَا أَكْثَرُهُمْ. وَظَاهِرُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ فِي الْحَالِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 288 أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ وَصُحِّحَ؟ تَرَدُّدٌ. وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوَهُ بَدَا صَلَاحُهُ، إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ، وَقَبْلَهُ مَعَ أَصْلِهِ   [منح الجليل] أَوْ) شَرَطَ (مَا) أَيْ شَرْطًا (لَا غَرَضَ فِيهِ) لِلْمُشْتَرِي (وَلَا مَالِيَّةَ) أَيْ لَا تَزِيدُ قِيمَةُ الْمَبِيعِ بِوُجُودِهِ وَلَا تَنْقُصُ بِعَدَمِهِ كَكَوْنِ الرَّقِيقِ نَصْرَانِيًّا أَوْ أُمِّيًّا فَيُوجَدُ مُسْلِمًا أَوْ كَاتِبًا فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ ابْنُ رُشْدٍ الشَّرْطُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ، قِسْمٌ يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ وَهُوَ مَا آلَ الْبَيْعُ بِهِ إلَى إخْلَالٍ بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ، وَقِسْمٌ يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ مَا دَامَ الْمُشْتَرِطُ مُتَمَسِّكًا بِهِ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ وَهُوَ مَا لَا يَئُولُ إلَى فَسَادٍ وَلَا يَجُرُّ إلَى حَرَامٍ، وَقِسْمٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَهُوَ مَا كَانَ حَرَامًا خَفِيفًا لَمْ تَقَعْ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ عَدَمُ التَّوْفِيَةِ بِشَرْطِ عَدَمِ ثِيَابِ الْمَهْنَةِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا، وَقَرَّرَ " ق " أَنَّهُ الرَّاجِحُ فِي جَوَابِ هَلْ يُوَفَّى أَوْ لَا (تَرَدُّدٌ) فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ. (وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ سَوَاءٌ كَانَ لِنَخْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الشَّجَرِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الثَّمَرِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَفُولٍ وَخَسٍّ وَكُرَّاثٍ (بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (صَلَاحُهُ) جُزَافًا (إنْ لَمْ يَسْتَتِرْ) الثَّمَرُ بِأَكْمَامِهِ وَلَا بِوَرِقِهِ كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَعَ أَصْلِهِ أَوْ مُنْفَرِدًا عَلَى قَطْعِهِ أَوْ تَبْقِيَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَتِرَ فِي أَكْمَامِهِ كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ، فَإِنْ اسْتَتَرَ فِيهَا كَبِزْرٍ مُجَرَّدٍ عَنْ أَصْلِهِ، وَحِنْطَةٍ مُجَرَّدَةٍ عَنْ سُنْبُلِهَا، وَجَوْزٍ وَلَوْزِ مُجَرَّدٍ عَنْ قِشْرِهِ جُزَافًا فَلَا يَجُوزُ الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْرَدَ الْحِنْطَةُ فِي سُنْبُلِهَا بِالشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ فِي الْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجُزَافِ مَا دَامَ فِيهِ وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إذَا يَبِسَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْمَاءُ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَالْبَاقِلَاءُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ شِرَاءُ الْجَوْزِ وَنَحْوَهُ مُجَرَّدًا عَنْ قِشْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ قَطْعِهِ جُزَافًا، وَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ مَعَ قِشْرِهِ وَلَوْ بَاقِيًا فِي شَجَرِهِ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا لَهُ صُوَانٌ يَكْفِي رُؤْيَةُ صُوَانِهِ. (وَ) صَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوَهُ (قَبْلَهُ) أَيْ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ بَيْعُهُ (مَعَ أَصْلِهِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 289 أَوْ أُلْحِقَ بِهِ، أَوْ عَلَى قَطْعِهِ إنْ نَفَعَ وَاضْطُرَّ لَهُ وَلَمْ يُتَمَالَأْ عَلَيْهِ، لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ   [منح الجليل] أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ، وَأَصْلُ الثَّمَرِ الشَّجَرُ وَالزَّرْعِ الْأَرْضُ، فَيَصِحُّ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ مَعَ شَجَرِهِ وَبَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَهُ مَعَ أَرْضِهِ (أَوْ) بَيْعُ أَصْلِهِ مِنْ شَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ لَا وَ (أُلْحِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْحَاءِ بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ الزَّرْعِ كَذَلِكَ (أَوْ) بَيْعُ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ وَحْدَهُ غَيْرُ مُلْحَقٍ بِبَيْعِ أَصْلِهِ قَبْلَهُ (عَلَى) شَرْطِ (قَطْعِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ فِي الْحَالِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْ طَوْرِهِ إلَى طَوْرٍ آخَرَ فَيَجُوزُ (إنْ نَفَعَ) الْمَذْكُورُ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ كَالزَّهْرِ وَالْحِصْرِمِ، فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ فَسَادٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ وَذَكَرَهُ هُنَا لِخَشْيَةِ الْغَفْلَةِ عَنْهُ (وَ) إنْ (اُضْطُرَّ) بِضَمِّ هَمْزِ الْوَصْلِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ اُحْتِيجَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْ الْحَاجَةُ حَدَّ الضَّرُورَةِ (لَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَ) إنْ (لَمْ يُتَمَالَأْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَاللَّامِ آخِرُهُ هَمْزٌ، أَيْ لَمْ يَكْثُرْ وُقُوعُهُ وَالدُّخُولُ (عَلَيْهِ) مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِمَا وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ عَلَى قَطْعِهِ فَقَالَ: (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَحْدَهُ غَيْرَ مُلْحَقٍ بِأَصْلِهِ (عَلَى) شَرْطِ (التَّبْقِيَةِ) لَهُ عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى يَتِمَّ طِيبُهُ (أَوْ) عَلَى وَجْهِ (الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَطْعِهِ أَوْ تَبْقِيَتِهِ فَلَا يَصِحُّ وَضَمَانُ الثَّمَرَةِ مِنْ الْبَائِعِ مَا دَامَتْ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ، فَإِنْ جَذَّهَا الْمُشْتَرِي رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهَا، وَتَمْرًا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رَدَّ قِيمَتَهُ، وَهَذَا فِي شِرَائِهَا عَلَى تَبْقِيَتِهَا. وَأَمَّا فِي الْإِطْلَاقِ فَإِنْ جَذَّهَا مَضَى بِالثَّمَنِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَمَا فِي تت وَغَيْرِهِ الْبُنَانِيُّ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ وَالْمَازِرِيُّ الْمَنْعَ هُنَا بِكَوْنِ الضَّمَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى النَّقْدِ لِأَنَّهُ تَارَةً بَيْعٌ وَتَارَةً سَلَفٌ، فَإِنْ شُرِطَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ النَّقْدِ جَازَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ عَلَى جَذِّهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا جَازَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 290 وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ: كَافٍ فِي جِنْسِهِ، إنْ لَمْ تُبَكَّرْ،   [منح الجليل] لَهُ إبْقَاؤُهَا، بِخِلَافِ شِرَائِهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ ثُمَّ شِرَاءِ أَصْلِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ بَيْعِهَا لِفَسَادِ شِرَائِهَا فَلَا يَصْلُحُهُ شِرَاءُ أَصْلِهَا فَإِنْ وَرِثَ أَصْلَهَا مِنْ بَائِعِهَا فَلَا يُفْسَخُ شِرَاؤُهَا، إذْ لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ وَرِثَهُ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهَا وَجَبَ فَسْخُ شِرَائِهَا وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ عَلَى الْبَقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَلَمْ يَفْطِنْ لَهُ حَتَّى أَزْهَتْ أَوْ نَمَتْ بِغَيْرِ الزَّهْوِ مَضَى الْبَيْعُ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ بِشِرَاءِ أَصْلِهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا، وَفَاتَتْ بِنَمَائِهَا عِنْدَهُ وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ إبَارِهَا ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا قَبْلَهُ أَيْضًا فُسِخَ الْبَيْعُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى نَخْلًا قَبْلَهُ عَلَى إبْقَاءِ الثَّمَرَةِ لِلْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ، فَإِنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَعْدَ الْإِبَارِ فُسِخَ الْبَيْعُ فِي الثَّمَرَةِ فَقَطْ. (وَبُدُوُّهُ) أَيْ الصَّلَاحِ (فِي بَعْضِ) ثَمَرِ (حَائِطٍ) وَلَوْ فِي ثَمَرِ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ (كَافٍ فِي) صِحَّةِ بَيْعِ (جِنْسِهِ) كَنَخْلٍ أَوْ تِينٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ رُمَّانٍ فِي الْحَائِطِ الَّذِي بَدَا فِيهِ صَلَاحُ الْبَعْضِ، وَفِي مُجَاوِرِهِ مِمَّا يَتَلَاحَقُ طِيبُهُ عَادَةً فِي زَمَانٍ قَرِيبٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَلَوْ بَعُدَ إذَا كَانَ لَا يَفْرُغُ آخِرُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ الْآخِرِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبُدُوُّ الصَّلَاحِ كَافٍ فِي الْمُتَجَاوِرَاتِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إذَا كَانَ طِيبُهُ مُتَلَاحِقًا وَقِيلَ: وَفِي حَوَائِطِ الْبَلَدِ وَشَرَحَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَقَرَّهُ، وَعَزَا الْقَوْلَ بِجَوَازِ بَيْعِ حَوَائِطِ الْبَلَدِ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي حَائِطٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَجَاوِرَةً لِابْنِ الْقَصَّارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَفْهُومٌ فِي جِنْسه أَنَّ بُدُوَّ صَلَاحِ الْبَعْضِ لَا يَكْفِي فِي غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَلَحٍ بِبُدُوِّ صَلَاحِ خَوْخٍ مَثَلًا، وَأَجَازَهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَا لَمْ يَطِبْ تَابِعًا لِمَا طَابَ وَقَالَ التُّونُسِيُّ: لَا يَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ الْبَعْضِ فِي جِنْسِهِ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي بَقَاءِ مَا لَمْ يَطِبْ لِلْبَائِعِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِهِ الْحَائِطَ لِسَقْيِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اُنْظُرْ " ق " (إنْ لَمْ تُبَكَّرْ) أَيْ تَسْبِقُ الشَّجَرَةُ الَّتِي بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرِهَا غَيْرَهَا بِزَمَنٍ طَوِيلٍ لَا يَتَلَاحَقُ فِيهِ طِيبُ ثَمَرِ غَيْرِهَا فَإِنْ بَكَّرَتْ فَلَا يَكْفِي بُدُوُّ صَلَاحِ ثَمَرِهَا فِي صِحَّةِ بَيْعِ ثَمَرِ غَيْرِهَا مِنْ جِنْسِهِ وَيَكْفِي فِي صِحَّةِ بَيْعِ ثَمَرِ بَاكُورَةِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 291 لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلٍ   [منح الجليل] اتَّفَقُوا فِي الْحَائِطِ تَزْهُو فِيهِ نَخَلَاتٌ أَنَّهُ جَائِزٌ بَيْعُ جَمِيعِهِ وَإِنْ أَزْهَى مَا حَوْلَهُ فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الزَّمَانُ أُمِنَتْ فِيهِ الْعَاهَاتُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَرَاهُ حَرَامًا، وَأَحَبُّ إلَيَّ حَتَّى يُزْهَى، وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ عَنْ مُطَرِّفٍ قُلْت: ظَاهِرُ مَا عَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِمُطَرِّفٍ الْمَنْعُ لَا الْكَرَاهَةُ، قَالَ: إذَا بَدَا صَلَاحُ نَخْلَةٍ بِحَائِطٍ جَازَ بَيْعُ مَا حَوَالَيْهِ مِنْ الْحَوَائِطِ مِمَّا هُوَ كَحَالِهِ فِي التَّبْكِيرِ وَالتَّأْخِيرِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ قَالَا: لَا يُبَاعُ بِطِيبِهَا غَيْرُ حَائِطِهَا قُلْت: فَفِي جَوَازِهِ وَاسْتِحْبَابِ تَرْكِهِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ ثَالِثُهَا الْمَنْعُ وَعَزْوُهَا وَاضِحٌ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَائِطِ فِيهِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَرِ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ كُلَّ الْحَائِطِ إنْ كَانَ طِيبُهُ مُتَتَابِعًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالثَّمَرِ الْمُبَكِّرِ وَإِنْ كَانَتْ أَصْنَافُهُ مِنْ الثَّمَرِ مُخْتَلِفَةً فَلَا يُبَاعُ مِنْهَا إلَّا مَا طَابَ، وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الدَّالِيَةِ وَقَدْ طَابَتْ حَبَّاتٌ مِنْهَا فِي الْعُنْقُودِ وَسَائِرُهَا لَمْ يَطِبْ وَالتِّينَةُ كَذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ بِالصِّنْفِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ نَخْلٌ كُلُّهُ أَوْ رُمَّانٌ كُلُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُ ذَلِكَ إذَا تَتَابَعَ طِيبُ جَمِيعِهِ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ إذَا كَانَ لَا يَفْرُغُ آخِرُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ الْآخِرِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَصْنَافًا مِثْلَ عِنَبٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ فَلَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَطِبْ مِنْ صِنْفٍ بِطِيبِ مَا طَابَ مِنْ صِنْفٍ آخَرَ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَرُبَ وَتَتَابَعَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يَطِبْ تَبَعًا لِمَا طَابَ عَلَى اخْتِلَافٍ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: ثُمَّ حَصَلَ فِي وَقْفِ بَيْعِ ثَمَرِ الْحَائِطِ عَلَى بُدُوِّ صَلَاحِ جَمِيعِهِ أَوْ صَلَاحِ بَعْضِهِ وَهُوَ مُتَتَابِعٌ قَرِيبٌ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ ثَالِثُهَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَقْرُبْ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِ الثَّانِي وَرَابِعُهَا يَجُوزُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ مَا حَوْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَخَامِسُهَا نَقْلُ ابْنِ حَارِثٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُبَاعَ بِمَا حَوْلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَا اسْتَعْجَلَ زَهْوُهُ بِسَبَبِ مَرَضٍ فِي الثَّمَرَةِ وَشِبْهِهِ فَلَا يُبَاعُ بِهِ الْحَائِطُ اتِّفَاقًا (لَا) يُبَاعُ (بَطْنٌ ثَانٍ) بَعْدَ وُجُودِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (بَ) بُدُوِّ صَلَاحِ بَطْنٍ (أَوَّلٍ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 292 وَهُوَ الزُّهُوُّ، وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ؛ وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ وَفِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ، وَالْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا   [منح الجليل] وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ بَطْنًا بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ بَطْنٍ ثَانٍ بَعْدَ وُجُودِهِ وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ لَا يُبَاعُ الْبَطْنُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ كُلُّ بَطْنٍ يُبَاعُ وَحْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَطِيبَ الْبَطْنُ الثَّانِي، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ جَوَازَ بَيْعِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُدْرِكَهُ الثَّانِي قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ غَيْرُ مَوْجُودٍ حِينَ الْأَوَّلِ وَلَا مَرْئِيٌّ، بِخِلَافِ الصِّنْفَيْنِ فَإِنَّهُمَا مَرْئِيَّانِ حِينَ بَيْعِ أَوَّلِهِمَا طِيبًا. (وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ (الزُّهُوُّ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِضَمِّهِمَا وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ احْمِرَارُهُ أَوْ اصْفِرَارُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالْبَلَحِ الْخَضْرَاوِيِّ (وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ) فِي ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ (وَالتَّهَيُّؤُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَاءِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ الِاسْتِعْدَادُ وَالْقَابِلِيَّةُ (لِلنُّضْجِ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ جِيمٌ، أَيْ الطِّيبُ، وَالِاسْتِوَاءُ بِأَنْ يَبْلُغَ حَدًّا إذَا قُطِعَ فِيهِ وَوُضِعَ فِي التِّبْنِ أَوْ النُّخَالَةِ يَطِيبُ كَالْمَوْزِ، فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُوضَعَ فِي ذَلِكَ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ أَيُشْتَرَى الْمَوْزُ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُنْزَعَ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنَّهُ لَا يَطِيبُ حَتَّى يُدْفَنَ فِي تِبْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ طِيبِهِ إذَا صَلَحَ لِلْقَطْعِ فَصَلَاحُهُ لَهُ هُوَ طِيبُهُ الَّذِي يُبِيحُ بَيْعَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ الْمَوْزِ فِي شَجَرِهِ إذَا حَلَّ بَيْعُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ بُطُونِهِ خَمْسُ بُطُونٍ أَوْ عَشْرٌ أَوْ مَا تُطْعِمُ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ سَنَةً وَنِصْفًا وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ وَالْقَضْبُ مِثْلُهُ. (وَ) بُدُوُّهُ (فِي ذِي النَّوْرِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الْوَرَقِ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالنَّوْفَرِ وَالنِّسْرِينِ (بِانْفِتَاحِهِ) أَيْ انْفِتَاحِ أَكْمَامِهِ فَيَظْهَرُ وَرَقُهُ الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ إسْقَاطُ ذِي مِنْ قَوْلِهِ وَفِي ذِي النَّوْرِ (وَ) بُدُوُّ الصَّلَاحِ (فِي الْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا) أَيْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 293 وَهَلْ هُوَ فِي الْبِطِّيخِ الِاصْفِرَارُ؟ أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ؟ قَوْلَانِ. وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ: كَيَاسَمِينٍ، وَمَقْثَأَةٍ.   [منح الجليل] الْحَالِ الْبَاجِيَّ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ كَاللِّفْتِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ اسْتِقْلَالُ وَرَقِهِ وَتَمَامُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَعَدَمُ فَسَادِهِ بِقَلْعِهِ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ (فِي الْبِطِّيخِ) الْعَبْدَلِيِّ وَالْخِرْبِزِ وَالْقَاوُونِ وَالضَّمِيرِيِّ (الِاصْفِرَارُ) بِالْفِعْلِ (أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلتَّبَطُّخِ) بِقُرْبِهِ مِنْ الِاصْفِرَارِ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ، وَلَمْ يَذْكُرْ صَلَاحَ الْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ، وَلَعَلَّهُ تَلَوُّنُ لُبِّهِ بِحُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا فِي تت ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقْتُ جَوَازِ بَيْعِ الزَّيْتُونِ إذَا نَحَا نَحْوَ الِاسْوِدَادِ، وَكَذَا الْعِنَبُ الْأَسْوَدُ وَأَمَّا الْأَبْيَضُ فَبِأَنْ يَنْحُوَ نَاحِيَةَ الطِّيبِ وَحَدُّ الْإِزْهَاءِ فِي كُلِّ الثِّمَارِ إذَا نَحَتْ نَاحِيَةَ الِاحْمِرَارِ وَانْبَعَثَتْ لِلطِّيبِ ابْنُ الْحَاجِبِ صَلَاحُهَا زَهْوُهَا وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظُهُورُ الْحَلَاوَةِ لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ قُلْت لِلْمُتَيْطِيِّ: صَلَاحُ الْعِنَبِ دَوَرَانُ الْحَلَاوَةِ فِيهِ مَعَ اسْوِدَادِ أَسْوَدِهِ، وَحَاصِلُهُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَفِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ لَا يُبَاعُ الْحَبُّ حَتَّى يَيْبَسَ وَيَنْقَطِعَ عَنْهُ شُرْبُ الْمَاءِ حَتَّى لَا يَنْفَعَهُ الشُّرْبُ. (وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونُ) مَا يَخْلُفُ وَلَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ (كَيَاسَمِينٍ) أَيْ يُقْضَى لَهُ بِهَا بِلَا شَرْطِهَا (وَمَقْثَأَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْهَمْزِ كَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَعَجُّورٍ وَقَرْعٍ وَكَجُمَّيْزٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُوَطَّإِ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ وَالْجَزَرِ أَنَّ بَيْعَهُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ جَائِزٌ، وَلِلْمُشْتَرِي مَا يَنْبُتُ حَتَّى يَنْقَطِعَ ثَمَرُهُ، وَلَيْسَ فِيهِ وَقْتٌ مُؤَقَّتٌ وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ الْبَاجِيَّ الْخِرْبِزُ نَوْعٌ مِنْ الْبِطِّيخِ، وَكَذَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَبْسُ أَوَّلِهَا عَلَى آخِرِهَا، وَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ، ضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَلَا تَتَّصِلُ كَالتِّينِ وَالنَّخْلِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْجَوْزِ، فَهَذَا لَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْ بُطُونِهِ بِظُهُورِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَبَدَا صَلَاحُهُ، وَحُكْمُ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهَا مُخْتَصٌّ بِهِ وَضَرْبٌ تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَتَتَّصِلُ كَالصَّقِيلِ وَالْقَضْبِ وَالْقُرْطِ وَضَرْبٌ لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ، فَهَذَانِ الْعَقْدُ فِيهِمَا لِمَا ظَهَرَ مِنْهُمَا فَقَطْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 294 لَا يَجُوزُ: بِكَشَهْرٍ، وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ إنْ اسْتَمَرَّ: كَالْمَوْزِ ، وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ: أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ   [منح الجليل] مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْبُقُولُ بِمَنْزِلَةِ الْقَضْبِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمَقَاثِئِ وَالْمَبَاطِخِ إذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَا بَعْدَهُ، وَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى تَمَامِ إطْعَامِهِ، وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ إذَا آنَ قِطَافُ أَوَّلِهِ وَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى آخِرِ إبَّانِهِ (وَلَا يَجُوزُ) شِرَاءُ بُطُونٍ كَيَاسَمِينٍ وَمَقْثَأَةٍ مُؤَجَّلَةٍ (بِكَشَهْرٍ) لِاخْتِلَافِ حَمْلِهَا بِالْقِلَّةِ فِيهِ وَالْكَثْرَةِ فَفِيهِ غَرَرٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ مِنْهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا تُطْعِمُ الْمَقْثَأَةُ شَهْرًا (وَوَجَبَ ضَرْبُ) أَيْ تَقْدِيرُ (الْأَجَلِ) فِي بَيْعِ ثَمَرِ مَا لَا تَتَمَيَّزُ بُطُونُهُ وَلَا تَنْتَهِي (إنْ اسْتَمَرَّ) أَيْ دَامَ إخْلَافُهُ مَا دَامَتْ شَجَرَتُهُ (كَالْمَوْزِ) فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَكَضَرْبِ الْأَجَلِ تَعْيِينُ بُطُونٍ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ يُبَاعُ ثَمَرُ الْمَوْزِ سَنَتَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا أُحِبُّ بَيْعَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ بُطُونُهُ مُتَّصِلَةً فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَا يَتَقَدَّرُ بِالتَّمَامِ لِبَقَاءِ أَصْلِهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ كُلُّ بَطْنٍ مِنْ الْآخَرِ وَاتَّصَلَتْ صَحَّ شِرَاؤُهُ بِعَدَدِ الْبُطُونِ، وَإِنْ اتَّصَلَتْ، وَلَا تَتَمَيَّزُ قُدِّرَ بِالزَّمَنِ كَالْجُمَّيْزِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ اتَّصَلَ نَبَاتُهُ فَهُوَ كَالْمَقَاثِئِ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَالسِّدْرُ مِثْلُهُ يُرِيدُ وَأَمَّا بَيْعُهُ إلَى أَنْ يَفْنَى الْأَصْلُ كَالْمَقَاثِئِ فَلَا يَجُوزُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَوْزُ شَجَرٌ تَكُونُ فِيهِ عَنَاقِيدُ وَفِي الْعُنْقُودِ ثِمَارٌ قَدْرُ فَقُّوسِ الْخِيَارِ صُفُوفًا لَوْنُهَا أَخْضَرُ، فَإِنْ طَابَتْ دَخَلَتْهُ صُفْرَةٌ وَيَنْفَلِقُ، لَهُ طَعْمٌ طَيِّبٌ يَقْرُبُ مِنْ طَعْمِ سَمْنٍ وَعَسَلٍ مَلْتُوتٍ يُوجَدُ بِمِصْرَ كَثِيرًا أَوْ بِسِبْتَةَ. (وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ) مَعَ قَشِّهِ قَائِمًا بِأَرْضِهِ جُزَافًا مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي رَأْسِهِ كَقَمْحٍ (أَفْرَكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالرَّاءِ بَيْنَهُمَا فَاءٌ سَاكِنَةٌ أَيْ صَارَ فَرِيكًا وَبِيعَ (قَبْلَ يُبْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً وَيَمْضِي (بِقَبْضِهِ) أَيْ حَصْدِهِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ فِيهِ وَمَفْهُومُ بِقَبْضِهِ فَسْخُهُ قَبْلَهُ وَمَفْهُومُ مَعَ تِبْنِهِ أَنَّهُ إنْ بِيعَ جُزَافًا وَحْدَهُ يُفْسَخُ وَلَوْ قُبِضَ وَمَفْهُومُ قَائِمًا أَنَّ بَيْعَهُ مَحْصُودًا جَائِزٌ وَمَفْهُومُ جُزَافًا أَنَّ بَيْعَهُ بِكَيْلٍ جَائِزٌ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقَبْضِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 295 وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ أَوْ قَائِمٍ مَقَامَهُ، وَإِنْ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ فَقَطْ، اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ: كَلَوْزٍ لَا كَمَوْزٍ   [منح الجليل] الْإِطْلَاقِ أَوْ عَلَى شَرْطِ التَّبْقِيَةِ، وَعَلَيْهِ جَمْعٌ وَقِيلَ: لَا يَفُوتُ فِي الثَّانِي إلَّا بِيُبْسِهِ وَفِيهَا أَكْرَهُهُ فَإِنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَلَا أَرَى أَنْ يُفْسَخَ عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الْفَوَاتِ هُنَا فَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ إلَى أَنَّهُ الْقَبْضُ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهَا، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَغَيْرِهِ إلَى أَنَّهُ بِالْعَقْدِ، وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَمْضِي بِالْيُبْسِ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ قِيلَ: إنَّ الْعَقْدَ فِيهِ فُوِّتَ، وَقِيلَ: لَا يَفُوتُ بِالْقَبْضِ حَتَّى يَفُوتَ بَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ سَلَمِهَا الْأَوَّلِ، وَنَصُّهُ وَمَنْ أَسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَمَا أَرْطَبَ أَوْ فِي زَرْعٍ بَعْدَمَا أَفْرَكَ وَاشْتَرَطَ جَذَّهُ حِنْطَةً أَوْ ثَمَرًا فَأَخَذَ ذَلِكَ وَفَاتَ الْبَيْعُ فَلَا يُفْسَخُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ. اهـ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى تَرْكِهِ حَتَّى يَيْبَسَ أَوْ جَرَى بِهَذَا الْعُرْفُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَلَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِهِ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى يَبِسَ اهـ وَفَرَضَهَا فِي ضَيْح فِي شِرَائِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعٌ بِالْإِفْرَاكِ وَفِي الشَّامِلِ وَالصَّلَاحُ فِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا وَالْقَطَانِيِّ يُبْسُهَا، فَإِنْ بِيعَتْ قَبْلَهُ وَبَعْدَ إفْرَاكِهَا عَلَى السَّكْتِ كُرِهَ وَمَضَى بِالْقَبْضِ عَلَى الْمُتَأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرُخِّصَ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أُبِيحَ (لِ) شَخْصٍ (مُعْرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَاهِبٍ ثَمَرَةً (وَ) شَخْصٍ (قَائِمٍ مَقَامَهُ) أَيْ الْمُعْرِي بِإِرْثِ الْأُصُولِ وَبَاقِي الثَّمَرَةِ أَوْ بِاشْتِرَائِهِمَا، بَلْ (وَإِنْ) قَامَ مَقَامَهُ (بِاشْتِرَاءِ) بَقِيَّةِ (الثَّمَرَةِ) الَّتِي أَعْرَى بَعْضَهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ أَصْلِهَا فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا لِغَيْرِ مُعْرِيهَا وَمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَنَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ (اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ) مُعْرَاةٍ مِنْ الْمُعْرَى لَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَوْ مِنْ قَائِمٍ مَقَامَهُ بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ، وَنَعَتَ ثَمَرَةً بِجُمْلَةِ (تَيْبَسُ) بِشَخْصِهَا إنْ تُرِكَتْ عَلَى أَصْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ حِينَ شِرَائِهَا رَطْبَةً فَلَا يَكْفِي يُبْسُ نَوْعِهَا (كَلَوْزٍ) وَجَوْزٍ وَبَلَحٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ وَزَيْتُونٍ بِغَيْرِ مِصْرَ (لَا) إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ (كَمَوْزٍ) وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَتُفَّاحٍ، وَكَعِنَبٍ وَبَلَحٍ وَتِينِ مِصْرَ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 296 إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ الْعَرِيَّةُ مَا مُنِحَ مِنْ ثَمَرٍ يَيْبَسُ، وَرَوَى الْمَازِرِيُّ هِيَ هِبَةُ الثَّمَرَةِ عِيَاضٌ مَنْحُ تَمْرِ النَّخْلِ عَامًّا الْبَاجِيَّ هِيَ النَّخْلَةُ الْمَوْهُوبُ ثَمَرُهَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ: الْعَرَايَا نَخْلٌ تُوهَبُ قُلْت: إطْلَاقُ الرِّوَايَاتِ بِإِضَافَةِ الْبَيْعِ لَهَا يَمْنَعُ كَوْنَهَا الْإِعْطَاءَ أَوْ النَّخْلَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا مِنْ الثَّمَرِ» ، وَثَبَتَ لَفْظُ رَخَّصَ فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمْ الْبَاجِيَّ الرُّخْصَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْجُمْلَةِ الْمَحْظُورَةِ بِالْإِبَاحَةِ، وَسَمَّوْهَا رُخْصَةً لِاسْتِثْنَائِهَا مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمَرَ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِالتَّمْرِ» الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ مُسْتَثْنًى مِنْ الرِّبَاءَيْنِ وَالْمُزَابَنَةِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ نَسِيئَةً، قُلْت اُقْتُصِرَ عَنْ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ بَيْعُ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا مِنْ صِنْفِهَا إلَى الْجِدَادِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فِي شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ بِالْخَرْصِ وَالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْمَنْعُ إلَّا بِالْخَرْصِ، وَالثَّالِثُ مَنْعُ شِرَائِهَا بِشَيْءٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الْعَوْدِ فِي الْهِبَةِ وَعَنْ الرِّبَا وَعَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالثَّمَنِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي عَارِضَتِهِ: جَوَّزَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَيْعَهَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْخَرْصِ إلَّا بِالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الرُّخْصَةَ كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِلْحَاجَةِ، فَلَمَّا تَوَسَّعَتْ النَّاسُ سَقَطَتْ الْعِلَّةُ فَسَقَطَ الْحُكْمُ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ إلَّا بِالْخَرْصِ مِنْهَا الرَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَصْرِ رُخْصَةِ شِرَائِهَا عَلَى التَّمْرِ وَالْعِنَبِ أَوْ عَلَى كُلِّ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ ثَالِثُهَا هَذَا وَتُكْرَهُ فِيمَا لَا يُدَّخَرُ وَتَمْضِي بِالْقَبْضِ الْخَامِسُ: عَدَّى الْمُصَنِّفُ رُخِّصَ لِلْمُرَخِّصِ فِيهِ بِنَفْسِهِ تَوَسُّعًا وَالْأَصْلُ تَعَدِّيهِ إلَيْهَا بِفِي. وَأَشَارَ لِشُرُوطِ الرُّخْصَةِ فَقَالَ: (إنْ) كَانَ الْمُعْرِي (لَفَظَ) حِينَ هِبَةِ الثَّمَرَةِ (بِ) لَفْظِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 297 وَبَدَا صَلَاحُهَا، وَكَانَ بِخَرْصِهَا وَنَوْعِهَا يُوَفِّي عِنْدَ الْجَذَاذِ، وَفِي الذِّمَّةِ، وَخَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ.   [منح الجليل] الْعَرِيَّةِ) إنْ قَالَ: أَعْرَيْتُك هَذِهِ الثَّمَرَةَ مَثَلًا، فَإِنْ قَالَ: وَهَبْتُك مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا (وَ) إنْ كَانَ (بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (صَلَاحُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ حَالَ شِرَائِهَا بِخَرْصِهَا لَا حَالَ إعْرَائِهَا (وَ) إنْ كَانَ شِرَاؤُهَا (بِخِرْصِهَا) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَدَّرَهَا بِالْكَيْلِ حَزْرًا وَتَخْمِينًا لَا بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا بِأَنْقَصَ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَى بِعَيْنٍ وَلَا بِعَرَضٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ وَلَا أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ جَذَّهَا فَوَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ خَرْصِهَا رَدَّ الزَّائِدَ وَأَقَلَّ وَثَبَتَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا مَا وَجَدَهُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ضَمِنَ الْخَرْصَ حَتَّى يُوَفِّيَهُ (وَ) إنْ كَانَ شِرَاؤُهَا بِ (نَوْعِهَا) أَيْ صِنْفِ الثَّمَرَةِ " د " ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى، وَخَافَ اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا وَإِنْ كَانَ الْخَرْصُ (يُوَفَّى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً، أَيْ يَدْفَعُهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (عِنْدَ الْجِذَاذِ) بِإِعْجَامِ الذَّالَيْنِ وَإِهْمَالِهِمَا أَيْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ الْمُعْتَادِ لِلنَّاسِ لَا عَلَى شَرْطِ تَعْجِيلِهِ فَيَفْسُدُ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ شُرِطَ تَأْجِيلُهُ بِجِذَاذِهَا أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ ثُمَّ عُجِّلَ فَلَا يَفْسُدُ (وَ) إنْ كَانَ الْخَرْصُ (فِي الذِّمَّةِ) لِلْمُشْتَرِي لَا فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ. (وَ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرَى مِنْ الْعَرِيَّةِ (خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ) مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ الْعَرِيَّةُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَضُرُّ، فَفِيهَا لِمَنْ أَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ شِرَاؤُهَا أَوْ بَعْضُهَا بِالْخَرْصِ، فَإِنْ أَعْرَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ فَلَهُ شِرَاءُ خَمْسَةٍ أَوْسُقٍ مِنْهَا وَقَالَ تت: وَكَانَ الْمَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ طفي كَذَا فِي عِبَارَةِ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُقَالُ هُوَ مُخَالِفٌ قَوْلَهَا فَإِنْ أَعْرَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَلَهُ شِرَاءُ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، لِأَنَّا نَقُولُ: مُرَادُهُمْ يَكُونُ الْمَعْرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فِي الشُّرُوطِ بِاعْتِبَارِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا شِرَاءُ الْبَعْضِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلِذَا ذَكَرَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى جُمْلَةَ مَا أَعْرَى، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَتَقْرِيرُ تت حَسَنٌ، وَمَنْ لَمْ يَدْرِ هَذَا قَالَ: وَكَانَ الْمُشْتَرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ وَسَيَأْتِي هَذَا وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 298 وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ، إلَّا لِمَنْ أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ؛ فَمِنْ كُلٍّ: خَمْسَةٌ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ عَلَى الْأَرْجَحِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، أَوْ لِلْمَعْرُوفِ   [منح الجليل] (وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُعْرِي أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ (أَخْذُ) أَيْ شِرَاءِ قَدْرٍ (زَائِدٍ) مِمَّا أَعْرَاهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْقَدْرِ الْمُرَخَّصِ فِيهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ أَقَلُّ (مَعَهُ) أَيْ الْقَدْرُ الْمُرَخَّصُ فِيهِ (بِعَيْنٍ) أَوْ عَرَضٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِخُرُوجِ الرُّخْصَةِ عَنْ مَوْرِدِهَا، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ: (إلَّا لِمَنْ أَعْرَى) أَيْ وَهَبَ بِلَفْظِ الْعَرِيَّةِ (عَرَايَا) أَيْ ثِمَارًا لِوَاحِدٍ (فِي حَوَائِطَ) أَوْ حَائِطٍ (وَكُلٌّ) مِنْ الْعَرَايَا (خَمْسُ أَوْسُقٍ) فَلَهُ شِرَاءُ كُلِّ عَرِيَّةٍ بِخَرْصِهَا مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمِنْ كُلِّ خَمْسَةٍ وَهِيَ أَوْلَى لِلتَّصْرِيحِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ وَلِإِيهَامِ الْأُولَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ كُلُّ عَرِيَّةٍ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ لَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمَحِلُّ جَوَازِ شِرَاءِ خَمْسَةٍ مِنْ كُلٍّ (إنْ كَانَ) الْإِعْرَاءُ لِلْعَرَايَا (بِأَلْفَاظٍ) أَيْ عُقُودٍ بِأَوْقَاتٍ (لَا) إنْ كَانَ (بِلَفْظٍ) أَيْ عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ، لِنَقْلِهِ تَرْجِيحَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَإِقْرَارَهُ، فَصَحَّتْ نِسْبَةُ التَّرْجِيحِ لَهُ، وَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ " غ " بِأَنَّهُ لِابْنِ الْكَاتِبِ لَا لِابْنِ يُونُسَ، وَقَوْلِي لِوَاحِدٍ هُوَ مَحِلُّ اشْتِرَاطِ الْأَلْفَاظِ كَمَا يُقَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُوَضِّحِ وَالرَّجْرَاجِيُّ قَيَّدَ الْأَلْفَاظَ إذَا كَانَ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَاحِدًا، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْأَلْفَاظِ أَيْ الْعُقُودِ الْحَطّ قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ عَلَى الْأَرْجَحِ يُوهِمُ أَنَّهُ شَرْطٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُعْرِي وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً، وَهَذَا إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا إذَا أَعْرَى رَجُلًا وَاحِدًا، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَمَحِلُّ جَوَازِ شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا إذَا كَانَ (لِدَفْعِ الضَّرَرِ) عَنْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْحَاصِلِ لَهُ بِدُخُولِ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ حَائِطَهُ وَتَطَلُّعِهِ عَلَى مَا لَا يَجِبُ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ (أَوْ) كَانَ الشِّرَاءُ (لِلْمَعْرُوفِ) أَيْ الرِّفْقُ بِالْمُعْرَى بِالْفَتْحِ بِكِفَايَتِهِ حِرَاسَتَهَا وَمُؤْنَتَهَا فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِلتَّجْرِ بِخَرْصِهَا، وَيَجُوزُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ وَفَرَّعَ عَلَى جَوَازِهِ لِلْمَعْرُوفِ، أَوْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَقَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 299 فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا: كَكُلِّ الْحَائِطِ؛ وَبَيْعِهِ الْأَصْلَ. وَجَازَ لَك: شِرَاءُ أَصْلٍ فِي حَائِطِك بِخَرْصِهِ، إنْ قَصَدْتَ الْمَعْرُوفَ فَقَطْ   [منح الجليل] فَيَشْتَرِي) الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ أَوْ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ (بَعْضَهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ كَنِصْفِهَا بِخَرْصِهِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِدَفْعِ تَضَرُّرِهِ بِهِ أَوْ لِكِفَايَةِ مُؤْنَتِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ: (كَ) شِرَائِهِ ثَمَرَ (كُلِّ الْحَائِطِ) إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مَعَ بَاقِي الشُّرُوطِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ (وَ) كَشِرَاءِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ عَرِيَّتَهُ بِخَرْصِهَا بَعْدَ (بَيْعِهِ) أَيْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ (الْأَصْلَ) أَيْ الشَّجَرَ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّمَرَةُ الْمُعْرَاةُ لِلْمُعْرَى بِالْفَتْحِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ لِلْمَعْرُوفِ، عَبْدُ الْحَقِّ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ وَإِنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا لِوَجْهَيْنِ لِلرِّفْقِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَنْ بَاعَ الْأَصْلَ دُونَ الثَّمَرَةِ، فَيُعَلَّلُ بِكُلٍّ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ، وَبِمَنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الْأَصْلِ فَيُعَلَّلُ بِالْمَعْرُوفِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَنَصُّهُ إذَا بَاعَ الْمُعْرِي أَصْلَ حَائِطِهِ وَثَمَرَتَهُ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ بِالْمُعْرَى. اهـ. وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ " غ " و " ق " قَائِلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَ لَك) يَا رَبَّ الْحَائِطِ (شِرَاءُ) ثَمَرِ (أَصْلٍ) لِغَيْرِك (فِي حَائِطِك بِخِرْصِهِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ قَدْرِهِ ثَمَرًا بِالْحَزْرِ (إنْ قَصَدْت) يَا رَبَّ الْحَائِطِ بِشِرَاءِ ثَمَرَةِ الْأَصْلِ (الْمَعْرُوفَ) بِمَالِكِ الْأَصْلِ (فَقَطْ) أَيْ لَا إنْ قَصَدْت دَفْعَ الضَّرَرِ فَلَا يَجُوزُ لِلرِّبَاءَيْنِ وَالْمُزَابَنَةِ، وَيُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ أَيْضًا بَقِيَّةُ شُرُوطِ جَوَازِ شِرَاءِ الْعَرِيَّةِ الْمُمْكِنَةِ هُنَا فِيهَا، إذَا مَلَكَ رَجُلٌ نَخْلَةً فِي حَائِطِك فَلَكَ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا بِخَرْصِهَا إنْ أَرَدْت رِفْقَهُ بِكِفَايَتِك إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لِدَفْعِ ضَرَرِ دُخُولِهِ فَلَا يُعْجِبُنِي، وَأَرَاهُ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ شَيْئًا أَبُو الْحَسَنِ هَذِهِ لَيْسَتْ عَرِيَّةً وَلَا يُقَالُ انْخَرَمَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الَّذِي هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مُعْرِيهَا. اهـ. فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَمِنْ قَوْلِهَا كَالْعَرِيَّةِ أَنَّ شُرُوطَ الْعَرِيَّةِ مُعْتَبَرَةٌ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ نَخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ جَازَ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي لَفْظَةُ كَرَاهَةٍ وَأَرَادَ بِهَا الْمَنْعَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 300 وَبَطَلَتْ: إنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ. وَهَلْ هُوَ حَوْزُ الْأُصُولِ، أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] (وَبَطَلَتْ) الْعَرِيَّةُ (إنْ مَاتَ) مُعْرِيهَا بِالْكَسْرِ أَوْ أَحَاطَ بِمَالِهِ دَيْنٌ أَوْ جُنَّ أَوْ مَرِضَ جُنُونًا أَوْ مَرَضًا مُتَّصِلًا بِمَوْتِهِ (قَبْلَ الْحَوْزِ) مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ لِلْعَرِيَّةِ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ، وَكُلُّ عَطِيَّةٍ شَرْطُهَا حَوْزُهَا قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِمُعْطِيهَا (وَهَلْ هُوَ) أَيْ الْحَوْزُ الْمُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَرِيَّةِ قَبْلَ الْمَانِعِ (حَوْزُ الْأُصُولِ) أَيْ الْأَشْجَارِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُثْمِرَةً أَوْ لَا، تَخْلِيَةُ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ بَيْنَ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ وَبَيْنَهَا (أَوْ) هُوَ حَوْزُهَا وَ (أَنْ يَطْلُعَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللَّامِ أَوْ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَعَلَى كُلٍّ فَمَعْنَاهُ يَظْهَرُ (ثَمَرُهَا) أَيْ الْأُصُولُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا وَإِنْ مَاتَ الْمُعْرِي قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ فِي النَّخْلِ شَيْءٌ وَقَبْلَ أَنْ يَحُوزَ الْمُعْرِي عَرِيَّتَهُ أَوْ مَاتَ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ لَمْ يُطْلَبْ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَلِلْوَرَثَةِ رَدُّهُ وَيَكُونُ مِيرَاثًا لَهُمْ وَفِي هِبَاتِهَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ وَهَبَهُ مَا تَلِدُ أَمَتُهُ أَوْ ثَمَرَ نَخْلَةٍ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ إذَا حَوَّزَهُ الْأَصْلَ وَالْأَمَةَ أَوْ حَازَ ذَلِكَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي حَوْزِ الْعَرِيَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الْحَوْزَ فِيهَا حَوْزُ الْأُصُولِ وَإِنْ لَمْ تَطْلُعْ الثَّمَرَةُ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ مَالِكٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى أَنَّ الْحَوْزَ مَجْمُوعُ شَيْئَيْنِ: حَوْزُ الْأُصُولِ وَأَنْ يَطْلُعَ الثَّمَرُ، فَلَوْ حَازَ الْأُصُولَ وَلَمْ تَطْلُعُ الثَّمَرَةُ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْرِي بَطَلَتْ الْعَرِيَّةُ، وَلَوْ طَلَعَتْ الثَّمَرَةُ وَلَمْ يَحُزْ الْأُصُولَ وَمَاتَ الْمُعْرِي بَطَلَتْ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَطَّانِ وَفَضْلٍ وَجَمَاعَةٍ فَهَذَانِ التَّأْوِيلَانِ هُمَا اللَّذَانِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِمَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِأَشْهَبَ أَنَّ الْحَوْزَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا حَوْزُ الْأُصُولِ، أَوْ أَنْ تَطْلُعَ ثَمَرَتُهَا، وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: بَطَلَتْ بِمَوْتِ مُعْرِيهَا قَبْلَ حَوْزِهَا، وَهَلْ هُوَ قَبْضُ الرِّقَابِ أَوْ مَعَ طُلُوعِ ثَمَرَتِهَا كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ تَأْوِيلَانِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: إبَارُهَا أَوْ قَبْضُ رَقَبَتِهَا وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ طِيبُهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ يَعْنِي أَنَّهُمَا لَا يَتِمُّ حَوْزُهُمَا إلَّا بِقَبْضِ الْأُصُولِ وَطُلُوعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 301 وَزَكَاتُهَا وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُعْرِي، وَكُمِّلَتْ بِخِلَافِ الْوَاهِبِ،   [منح الجليل] الثَّمَرَةِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْقَطَّانِ وَتَأْوِيلُ ابْنِ رِزْقٍ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ بِخِلَافِ الْعَرِيَّةِ وَأَنَّهُ يَكْفِي فِيهِمَا حَوْزُ الْأُصُولِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْحِيَازَةِ الَّتِي تَصِحُّ بِهَا الْعَرِيَّةُ لِلْمُعْرَى إنْ مَاتَ الْمُعْرِي فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ قَبْضُ الْأَصْلِ وَقَدْ طَلَعَ فِيهِ الثَّمَرُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَالْعَرِيَّةِ أَمْ لَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ مَا فِيهَا مِنْ صِحَّتِهَا لِلْمُعْرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ بِقَبْضِ الْأُصُولِ فِي حَيَاةِ الْمُعْرِي وَإِنْ لَمْ تَطْلُعْ فِيهَا الثَّمَرَةُ عَلَى ظَاهِرِ مَا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ التَّأْوِيلَاتِ عَلَى مَا فِيهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: إذَا أُبِّرَتْ النَّخْلُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي صَحَّتْ لِلْمُعْرِي لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى عَرِيَّتِهِ، وَأَمَّا إنْ قَبَضَ الْأُصُولَ وَحَازَهَا فَهِيَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ. اهـ. فَيَتَعَيَّنُ تَفْسِيرُ يَطْلُعُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيَظْهَرُ سَوَاءٌ ضُبِطَ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ أَوْ بِفَتْحِهَا مَعَ ضَمِّ اللَّامِ ثُلَاثِيًّا أَوْ رُبَاعِيًّا مِنْ بَابِ أَكْرَمَ أَوْ نَصَرَ فِي الْقَامُوسِ طَلَعَ الشَّمْسُ وَالْكَوْكَبُ طُلُوعًا ظَهَرَ كَأَطْلَعَ. (وَزَكَاتُهَا) أَيْ الْعَرِيَّةِ إنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ (وَسَقْيُهَا) حَتَّى تَنْتَهِيَ (عَلَى الْمُعْرِي) بِالْكَسْرِ مِنْ مَالِهِ لَا مِنْهَا وَلَوْ أَعْرَاهَا قَبْلَ طِيبِهَا وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ (وَكُمِّلَتْ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً مِنْ ثَمَرِ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ (بِخِلَافِ الْوَاهِبِ) لِثَمَرَةٍ قَبْلَ طِيبِهَا فَلَا زَكَاةَ وَلَا سَقْيَ عَلَيْهِ، فَهُمَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ وَهَبَهَا بَعْدَ طِيبِهَا فَزَكَاتُهَا عَلَى وَاهِبِهَا لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ هِبَتِهَا، وَكَذَا سَقْيُهَا إذْ لَا كَبِيرَ مَنْفَعَةٍ فِيهِ حِينَئِذٍ فِيهَا زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ وَسَقْيُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ إلَّا مَعَ بَقِيَّةِ حَائِطِهِ أَعْرَاهُ جُزْءًا شَائِعًا أَوْ نَخْلًا مُعَيَّنَةً أَوْ جَمِيعَ حَائِطِهِ أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ وَيُعْطِيهِ جَمِيعَ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي التَّوْضِيحِ مَنْ وَهَبَ ثَمَرَةَ حَائِطِهِ فَسَقْيُهَا وَزَكَاتُهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 302 وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ: كَالْمَوْزِ وَالْمَقَاثِئِ؛ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ،   [منح الجليل] لَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بَعْدَ الْإِزْهَاءِ فَذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ اهـ أَبُو الْحَسَنِ مِمَّا يَلْحَقُ بِهَذَا مَنْ وَهَبَ رَضِيعًا فَرَضَاعُهُ عَلَى الْوَاهِبِ، وَقِيلَ: عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ. (وَتُوضَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ حِصَّةُ مَا أَصَابَتْهُ (جَائِحَةُ) أَيْ مُهْلِكَةُ (الثِّمَارِ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا مُطْلَقُ النَّابِتِ لَا الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا يُجْنَى مِنْ أَصْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الْجَائِحَةُ مَا أُتْلِفَ مِنْ مَعْجُوزٍ عَنْ دَفْعِهِ عَادَةً قَدْرًا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ نَبَاتٍ بَعْدَ بَيْعِهِ اهـ الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَةِ الْجَائِحَةِ فَإِنْ قُلْت: مُرَادُهُ تَعْرِيفُ الْجَائِحَةِ هُنَا، قُلْت: سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّهُ لَا بَيْعَ فِيهِ، بَلْ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ وَمَثَّلَ لِلثِّمَارِ فَقَالَ: (كَالْمَوْزِ وَالْمَقَاثِئِ) بِالْمُثَلَّثَةِ جَمْعُ مَقْثَأَةٍ وَحَمَلَ " غ " الثِّمَارَ عَلَى مَا يُدَّخَرُ كَالتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ وَالْعِنَبِ وَالتِّينِ فَجَعَلَ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ قَالَ: وَنَبَّهَ بِالْمَوْزِ عَلَى مَا لَا يُدَّخَرُ وَبِالْمَقَاثِئِ عَلَى مَالَهُ بُطُونٌ إنْ بِيعَتْ عَلَى التَّبْقِيَةِ إلَى انْتِهَاءِ طِيبِهَا، بَلْ (وَإِنْ بِيعَتْ) الثِّمَارُ (عَلَى) شَرْطِ (الْجَذِّ) بِإِعْجَامِ الذَّالِ وَإِهْمَالِهَا أَيْ الْقَطْعِ وَأُجِيحَتْ فِي مُدَّةِ جَذِّهَا الْمُعْتَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ جَذِّهَا فِيهَا لِمَانِعٍ، أَوْ شَرَطَ أَنْ يَجُذَّهَا شَيْئًا فَشَيْئًا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأُجِيحَتْ فِيهَا، فَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ سَحْنُونًا عَنْ وَجْهِ وَضْعِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ، فَلَوْ دَعَاهُ الْبَائِعُ إلَى أَخْذِهِ فِي يَوْمِهِ فَلَا يُجَابُ إلَيْهِ وَيُمْهَلُ الْمُشْتَرِي أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأُجِيحَتْ فِي مُدَّةٍ إلَخْ هَذَا التَّقْيِيدُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهَا تُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَقَوْلُ التُّونُسِيِّ إنْ كَانَ هَذَا لِأَنَّ لَهُ سَقْيًا لِحِفْظِ بَقَائِهِ بِحَالِهِ لَا لِحُدُوثِ زِيَادَةٍ فِيهِ فَلَهُ وَجْهٌ كَسَقْيِ الْفَصِيلِ لِبَقَائِهِ بِحَالِهِ لَا لِزِيَادَةٍ فِيهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الْجَذِّ إذَا أَبْقَاهُ فَأُجِيحَ بَعْدَ أَيَّامِ الْجَذَاذَةِ فِيهِ الْجَائِحَةُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 303 وَإِنْ مِنْ عَرِيَّتِهِ لَا مَهْرَ   [منح الجليل] وَلِذَا حَمَلَ " ح " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى عُمُومِهِ، أَيْ وَلَوْ أُجِيحَتْ بَعْدَ مُدَّةِ الْجَذِّ الْمُعْتَادَةِ وَتَمَكَّنَ مِنْ جَذِّهَا كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ قَالَ: إنَّهُ الرَّاجِحُ، وَعَارَضَ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهَا إذَا انْتَهَى طِيبُهَا وَاحْتَاجَتْ إلَى التَّأْخِيرِ لِبَقَاءِ رُطُوبَتِهَا كَالْعِنَبِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا الْبَاجِيَّ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْبَقَاءُ لِحِفْظِ النَّضَارَةِ قَالَ: وَمُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنْ تُوضَعَ الْجَائِحَةُ فِي ذَلِكَ " ح " فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ لِأَنَّهَا هِيَ الْجَارِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا اشْتَرَى عَلَى الْجَذِّ، بَلْ النَّطْرُونِيُّ أَحْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنْ كَانَتْ الثِّمَارُ الْمُشْتَرَاةُ مِنْ غَيْرِ عَرِيَّتِهِ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مِنْ عَرِيَّتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي الَّتِي اشْتَرَاهَا بِخَرْصِهَا ثُمَّ أُجِيحَتْ فَتُوضَعُ عَنْ الْمُعْرِي بِالْكَسْرِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ فَلَهَا حُكْمُ الْمَبِيعِ، وَلَا تُخْرِجُهَا الرُّخْصَةُ عَنْ ذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ مَعْرُوفٌ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا أَعْرَاهُ نَخَلَاتٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَرِيَّتَهُ بِخَرْصِهَا أَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ فَجَائِحَتُهَا مِنْ الْمُعْرَى بِالْفَتْحِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إنْ أَعْرَاهُ أَوْ سَقَاهُ مِنْ حَائِطٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَأُجِيحَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا مِقْدَارُ تِلْكَ الْأَوْسُقِ فَلَا قِيَامَ لِلْمُعْرَى بِالْجَائِحَةِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ ضَيْح وَالشَّارِحَ بُنَانِيٌّ (لَا) تُوضَعُ جَائِحَةُ ثَمَرَةٍ مَأْخُوذَةٍ فِي (مَهْرٍ) ثُمَّ أُجِيحَتْ فَلَا قِيَامَ لِلزَّوْجَةِ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَلَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: تُوضَعُ جَائِحَتُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْتَمِدَ تَرْجِيحَ هَؤُلَاءِ الْأَشْيَاخِ وَأَنْ يُشِيرَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ وَالْأَحْسَنِ قَالَهُ الْحَطّ الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ بِذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الَّذِي يُزَوِّجُ الْمَرْأَةَ بِثَمَرَةٍ قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا فَأُجِيحَتْ كُلُّهَا أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ إلَخْ ابْنُ رُشْدٍ. قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ الْقِيَاسُ عَلَى أَنَّ الصَّدَاقَ ثَمَنٌ لِلْبُضْعِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 304 إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ، وَلَوْ مِنْ: كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ.   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ النِّكَاحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْجَائِحَةِ فِيهِ، وَقَوْلُهُ إنَّ الثَّمَرَةَ إذَا أُجِيحَتْ كُلُّهَا تَرْجِعُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيمَتِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَمَّا كَانَتْ عِوَضُ الْبُضْعِ وَهُوَ مَجْهُولٌ رَجَعَتْ بِقِيمَتِهَا، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ عِوَضَ الْمَهْرِ الْبُضْعُ وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ فَاتَ بِالْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، الْمَقْصُودُ مِنْهُ فَأَنْتَ تَرَاهُ شَهَّرَ كَوْنَ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يُشَهِّرْ أَنَّهَا تَرْجِعُ بِالْجَائِحَةِ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فَهِمَهُ " ح " فَتَأَمَّلْهُ، وَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَفِي لَغْوِهَا فِي النِّكَاحِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَثُبُوتِهَا لِأَنَّهَا عِوَضٌ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَصَوَّبَهُ الصِّقِلِّيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَشَرْطُ وَضْعِ جَائِحَةِ الثِّمَارِ (إنْ بَلَغَتْ) الثَّمَرَةُ الْمُجَاحَةُ (ثُلُثَ) الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ (الْمَكِيلَةِ) فِي الْكَيْلِ وَثُلُثَ الْمَوْزُونَةِ فِي الْوَزْنِ وَثُلُثَ الْمَعْدُودَةِ فِي الْعَدِّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ صِنْفًا وَاحِدًا، (وَلَوْ) كَانَتْ الثَّمَرَةُ الْمُجَاحَةُ مِنْ أَحَدِ صِنْفَيْنِ مَبِيعَيْنِ مَعًا (كَصَيْحَانِيِّ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ فَنُونٌ مَكْسُورَةٌ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ صِنْفٌ مِنْ التَّمْرِ (وَبَرْنِيِّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ فَتَحْتِيَّةٌ صِنْفٌ آخَرُ مِنْهُ وَأُجِيحَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ثُلُثُ مَجْمُوعِهِمَا، فَتُوضَعُ جَائِحَتُهُ وَلَا يُنْظَرُ لِثُلُثِ كَيْلِ الْمُجَاحِ وَحْدَهُ فِيهَا. وَمَا بِيعَ مِمَّا يُطْعِمُ بُطُونًا كَالْمَقَاثِئِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَمِنْ الثِّمَارِ مِمَّا لَا يُخْرَصُ وَلَا يُدَّخَرُ وَهُوَ مِمَّا يُطْعِمُ فِي كَرَّةٍ إلَّا أَنَّ طِيبَهُ يَتَفَاوَتُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى مَا يَتَفَاوَتُ، كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْمَوْزِ والْأُتْرُجِّ وَالتِّينِ فَإِنْ أُجِيحَ شَيْءٌ مِنْهَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ مِنْهُ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فِي النَّبَاتِ فَأَكْثَرَ فِي أَوَّلِ مُجْنَاهُ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ فِي زَمَانِهِ مِنْ قِيمَةِ بَاقِيهِ كَانَ فِي الْقِيمَةِ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرُ، وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا فِي الْقِيمَةِ فَلَا تُوضَعُ فِيهِ جَائِحَةٌ نَافَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ نَقَصَتْ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا مَا بِيعَ مِنْ الثَّمَرَةِ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَيُتْرَكُ حَتَّى يُجَذَّ جَمِيعُهُ مِمَّا يُخْرَصُ كَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 305 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَالزَّيْتُونِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْجَوْزِ فَأَصَابَتْ الْجَائِحَةُ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَأَكْثَرَ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ لَا فِي الْقِيمَةِ، وُضِعَ عَنْ الْمُبْتَاعِ قَدْرُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ أُجِيحَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فِي الْمِقْدَارِ فَلَا يُوضَعُ عَنْهُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا تَقْوِيمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ الثَّمَرِ بَرْنِيُّ وَصَيْحَانِيٌّ وَعَجْوَةٌ وَقِسْمٌ وَغَيْرُهَا وَأُجِيحَ أَحَدُهَا فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فِي الْكَيْلِ مِنْ الْأَصْنَافِ وُضِعَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ مِنْ جَمِيعِهَا نَافَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ نَقَصَ، وَإِنْ اشْتَرَى أَوَّلَ جِزَّةٍ مِنْ الْفَصِيلِ فَأُجِيحَ ثُلُثُهَا فَثُلُثُ الثَّمَنِ مَوْضُوعٌ بِغَيْرِ قِيمَةٍ. وَلَوْ اشْتَرَى خِلْفَتَهُ كَانَ كَالْمَقَاثِئِ إنْ أُجِيحَ قَدْرُ ثُلُثِهِ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ مِنْ خِلْفَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّقْوِيمِ الْبُنَانِيُّ فَصَرِيحُ كَلَامِهَا أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ جَمِيعِهِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ ثُلُثَ الْمَكِيلَةِ وَأَشْهَبُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ، وَإِلَى خِلَافِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِوَلَوْ، هَكَذَا النَّقْلُ فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ الْبَاجِيَّ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ جِنْسًا وَاحِدًا وَأَنْوَاعُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَأُصِيبَ نَوْعٌ مِنْهَا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ قِيمَتِهِ أَوْ ثُلُثُ الثَّمَرَةِ، وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِثُلُثِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالتَّمْرِ وَالْعِنَبِ، فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي جَائِحَتِهِ بِثُلُثِ ثَمَرَتِهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالْقِثَّاءِ وَالْبِطِّيخِ وَالْخَوْخِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ فَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ وَأَشْهَبُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ. اهـ. فَخِلَافُ أَشْهَبَ فِيمَا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ، وَفِي ذِي الْأَصْنَافِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَصْرُ الْمُصَنِّفُ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَفِي الْجَوَاهِرِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ جِنْسًا وَاحِدًا مُخْتَلِفَ الْأَنْوَاعِ فَأُصِيبَ نَوْعٌ مِنْهُ فَالِاعْتِبَارُ بِثُلُثِ الْجَمِيعِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ثُلُثُ الثَّمَرَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَشْهَبَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ اهـ وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 306 وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا   [منح الجليل] (فَائِدَةٌ) ابْنُ رُشْدٍ الثُّلُثُ عِنْدِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَسِيرٌ إلَّا فِي الْجَائِحَةِ وَمُعَاقَلَةِ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَزِيدَ قَطْعُ ثُلُثِ ذَنَبِ الضَّحِيَّةِ وَاسْتِحْقَاقُ ثُلُثِ دَارٍ (وَ) عَطَفَ عَلَى بَلَغَتْ فَقَالَ: إنْ (بُقِّيَتْ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً، أَيْ تُرِكَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَصْلِهَا (لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا) الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مُحْتَاجَةً إلَى بَقَائِهَا فِي أُصُولِهَا لِيَكْمُلَ طِيبُهَا، وَلَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْجَائِحَةِ فِيهَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ الثَّانِي، مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى بَقَائِهِ فِي أَصْلِهِ لِتَمَامِ طِيبِهِ وَلَا لِنَضَارَتِهِ كَالثَّمَرِ الْيَابِسِ وَالزَّرْعِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ الثَّالِثُ: أَنْ يَتَنَاهَى طِيبُهَا، وَلَكِنْ تَحْتَاجُ إلَى التَّأْخِيرِ لِبَقَاءِ رُطُوبَتِهَا كَالْعِنَبِ الْمُشْتَرَى بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ قَوْلَيْنِ الْبَاجِيَّ مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الْبَقَاءُ لِحِفْظِ النَّضَارَةِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى بِكَمَالِ الصَّلَاحِ قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ هَذَا الْمَجْرَى كُلُّ مَا كَانَ هَذَا حُكْمَهُ كَالْقَصِيلِ وَالْقَضْبِ وَالْبُقُولِ وَالْقُرْطِ فَلَا تُوضَعُ جَائِحَةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَمُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنْ تُوضَعَ الْجَائِحَةُ مِنْ جَمِيعِهِ، وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ إذَا تَنَاهَى الْعِنَبُ وَآنَ قِطَافُهُ لَا يَتْرُكُهُ تَارِكُهُ إلَّا لِسُوقٍ يَرْجُوهَا أَوْ لِشُغْلٍ يَعْرِضُ لَهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ عَنْ سَحْنُونٍ خَلِيلٌ وَفِي حَمْلِ كَلَامَيْ سَحْنُونٍ عَلَى الْخِلَافِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى الْحَطّ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي إبْقَائِهِ لِحِفْظِ نَضَارَتِهِ وَالثَّانِي فِي بَقَائِهِ لِشُغْلِ مُشْتَرِيهِ أَوْ لِسُوقٍ يَرْجُوهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَقَوْلُهُ وَبَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ مَشَى فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَقِبَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ: وَأَشَارَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ إلَى إجْزَاءِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا بِيعَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَنْ يَجُذَّهُ مُشْتَرِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 307 وَأُفْرِدَتْ، أَوْ أُلْحِقَ أَصْلُهَا، لَا عَكْسُهُ أَوْ مَعَهُ، وَنُظِرَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْبُطُونِ إلَى مَا بَقِيَ فِي زَمَنِهِ، لَا يَوْمَ الْبَيْعِ؛   [منح الجليل] وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِيهِ: وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً عَلَى الْجَذِّ فَفِيهَا الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ كَالثِّمَارِ لَا كَالْبَقْلِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ: وَالْحَقُّ أَنَّ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ مُخَالِفٌ لِلثَّانِي، وَأَنَّ الرَّاجِحَ هُوَ الْأَوَّلُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى مُقْتَضَى رِوَايَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ لِأَنَّهَا هِيَ الْجَارِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا اشْتَرَى عَلَى الْجَذِّ بَلْ هُوَ أَحْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَطَفَ عَلَى بَلَغَتْ فَقَالَ: (وَ) إنْ (أُفْرِدَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الثِّمَارُ بِالشِّرَاءِ دُونَ أَصْلِهَا (أَوْ) اُشْتُرِيَتْ وَحْدَهَا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ ثُمَّ (أُلْحِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ اشْتَرَى (أَصْلُهَا) . قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا وَحْدَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْقَطْعِ ثُمَّ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَلَهُ إبْقَاؤُهَا وَلَا جَائِحَةَ (لَا) تُوضَعُ الْجَائِحَةُ فِي (عَكْسِهِ) أَيْ الْفَرْعِ السَّابِقِ وَهُوَ شِرَاءُ أَصْلِهَا وَحْدَهُ ثُمَّ شِرَاؤُهَا (أَوْ) شِرَائِهَا (مَعَهُ) أَيْ أَصْلِهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدِ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ، وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي عَكْسِهِ (وَنُظِرَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ نُسِبَ قِيمَةُ (مَا أُصِيبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بِالْجَائِحَةِ (مِنْ الْبُطُونِ) لِنَحْوِ الْمَقْثَأَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا لَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ بَيَانٌ لِمَا (إلَى) مَجْمُوعِ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ (مَا بَقِيَ) سَلِيمًا مِنْ الْجَائِحَةِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الْمُصَابِ وَالسَّالِمِ (فِي زَمَنِهِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ اعْتِبَارُ قِيمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا يَوْمَ إصَابَةِ الْجَائِحَةِ وَ (لَا) تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (يَوْمَ الْبَيْعِ) خِلَافًا لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَفَادَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ هَذَا ضَعِيفٌ يُفِيدُ أَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ عَلَى قَوْلِهَا: فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ مِمَّا لَمْ يَجْحُ قَدْرَ ثُلُثِ النَّبَاتِ وُضِعَ قَدْرُهُ وَقِيلَ: مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي زَمَنِهِ مَا نَصُّهُ هَلْ قَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ ظَرْفٌ لِلتَّقْوِيمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ قَالَ: فَيَكُونُ الْحُكْمُ أَنْ يُعْتَبَرَ كُلُّ بَطْنٍ فِي زَمَنِهِ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ هَذَا أَحَدٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يُرَاعَى فِي التَّقْوِيمِ يَوْمُ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمُ الْجَائِحَةِ وَأَمَّا الِاسْتِينَاءُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 308 وَلَا يُسْتَعْجَلُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ: تَأْوِيلَانِ. وَهَلْ هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ: كَسَمَاوِيٍّ   [منح الجليل] عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَإِنَّمَا هُوَ لِتَحَقُّقِ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُقَوَّمُ، وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْبُطُونِ يُنْظَرُ كَمْ يُسَاوِي كُلُّ بَطْنٍ زَمَنَ الْجَائِحَةِ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ فِي أَوْقَاتِهِ (وَلَا يُسْتَعْجَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ بِتَقْوِيمِ السَّالِمِ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ الْخِلَافِ، بَلْ يُؤَخَّرُ تَقْوِيمُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ الْبُطُونُ لِيَتَحَقَّقَ مِقْدَارُ كُلِّ بَطْنٍ، ثُمَّ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلِّ بَطْنٍ يَوْمَ الْجَائِحَةِ وَتُجْمَعُ الْقِيَمُ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمُجَاحِ لِمَجْمُوعِهَا، وَبِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ يُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ. (وَ) إنْ اكْتَرَى دَارًا بِهَا نَخْلٌ أَوْ غَيْرُهُ مُثْمِرٌ ثَمَرَةً مُزْهِيَةً وَشَرَطَهَا الْمُكْتَرِي وَأُجِيحَتْ الثَّمَرَةُ فَ (فِي) وَضْعِ الْجَائِحَةِ فِي الثَّمَرَةِ (الْمُزْهِيَةِ) مِنْ النَّخْلِ أَوْ ظَهَرَتْ حَلَاوَتُهَا مِنْ غَيْرِهِ (التَّابِعَةِ) قِيمَتُهَا (لِ) كِرَاءِ (الدَّارِ) مَثَلًا أَوْ الْفُنْدُقِ أَوْ الْأَرْضِ الَّتِي بِهَا النَّخْلُ وَالشَّجَرُ وَاكْتُرِيَتْ بِشَرْطِ الثَّمَرَةِ لَلْمُكْتَرِي بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثُلُثَ مَجْمُوعِهَا مَعَ الْكِرَاءِ نَظَرًا لِكَوْنِهَا ثَمَرَةً مُبْتَاعَةً، وَعَدَمِهِ نَظَرًا لِتَبَعِيَّتِهَا، وَالْوَضْعُ إنَّمَا هُوَ فِي ثَمَرَةٍ مَقْصُودَةٍ بِالْبَيْعِ (تَأْوِيلَانِ) وَمَفْهُومُ الْمُزْهِيَةِ أَنَّ غَيْرَهَا التَّابِعَ الْمُشْتَرَطَ لِلْمُكْتَرِي لَا تُوضَعُ جَائِحَتُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ تَبَعِيَّتُهُ لِلْكِرَاءِ بِكَوْنِهِ ثُلُثًا وَاشْتِرَاطُ جَمِيعِهِ وَطِيبُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَقَصْدُ دَفْعِ الضَّرَرِ بِتَصَرُّفِ الْمُكْرِي إلَيْهِ وَمَفْهُومُ التَّابِعَةِ أَنَّ الْمُزْهِيَةَ الْمُشْتَرَطَةَ فِي الْكِرَاءِ غَيْرُ تَابِعَةٍ تُوضَعُ جَائِحَتُهَا اتِّفَاقًا، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ تُقَوَّمَ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا وَالسُّكْنَى وَحْدَهَا بِدُونِ ثَمَرَةٍ، وَتُجْمَعَ الْقِيمَتَانِ وَتُنْسَبَ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ لِمَجْمُوعِهِمَا، وَيُحَطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي مِثْلُ نِسْبَتِهَا مِنْ الْكِرَاءِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (وَهَلْ هِيَ) أَيْ الْجَائِحَةُ (مَا) أَيْ شَيْءٌ مُتْلِفٌ لِلثَّمَرَةِ (لَا يُسْتَطَاعُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (دَفْعُهُ) عَنْهَا (كَسَمَاوِيٍّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ أَيْ مَنْسُوبٌ لِلسَّمَاءِ لِكَوْنِهِ مِنْ رَافِعِهَا بِلَا عَمَدٍ لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ كَبَرْدٍ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَرِيحٍ وَجَرَادٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 309 وَجَيْشٍ أَوْ وَسَارِقٍ خِلَافٌ وَتَعَيُّبُهَا كَذَلِكَ وَتُوضَعُ مِنْ الْعَطَشِ   [منح الجليل] وَثَلْجٍ وَمَطَرٍ (وَجَيْشٍ) وَسُلْطَانٍ جَائِرٍ، وَلَيْسَ مِنْهَا السَّارِقُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. (أَوْ) هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ (وَسَارِقٍ) لَمْ يُعْرَفْ وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ (خِلَافٌ) فِي التَّوْضِيحِ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَأَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّهُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ لِابْنِ نَافِعٍ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَائِلًا: لَا فَرْقَ بَيْنَ فِعْلِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ لِمَا بَقِيَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ حَقِّ التَّوْفِيَةِ وَقَيَّدَ الشَّيْخُ وَالْقَابِسِيُّ كَوْنَ السَّارِقِ جَائِحَةً بِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ، فَإِنْ عُرِفَ فَيَتَّبِعُهُ الْمُبْتَاعُ بِعِوَضِ مَا سَرَقَ وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ الظَّاهِرُ فِي عُدْمِهِ غَيْرُ مَرْجُوٍّ يُسْرُهُ عَنْ قُرْبٍ أَنَّهُ جَائِحَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْحَطّ عَدَّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْجَوَائِحِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ النَّارُ وَالرِّيحُ السَّمُومُ وَالثَّلْجُ وَالْغَرَقُ بِالسَّيْلِ وَالْبَرْدُ وَالطَّيْرُ الْغَالِبُ وَالْمَطَرُ الْمُضِرُّ وَالدُّودُ وَالْقَحْطُ وَالْعَفَنُ وَالْجَرَادُ وَالْجَيْشُ الْكَثِيرُ وَاللِّصُّ وَالْجَلِيدُ وَالْغُبَارُ الْمُفْسِدُ وَالْفَنَاءُ، أَيْ يُبْسُ الثَّمَرَةِ مَعَ تَغَيُّرِ لَوْنِهَا وَالْقُشَامُ، وَهُوَ مِثْلُ الْفَنَاءِ، وَالْجَرْشُ أَيْ ضُمُورُ الثَّمَرَةِ وَالشَّوْبَانُ، أَيْ تَسَاقُطُهَا وَالشَّمْرَخَةُ، أَيْ عَدَمُ جَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الشَّمَارِيخِ فَلَا يَرْطُبُ الثَّمَرُ وَلَا يَطِيبُ (وَتَعَيُّبُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ بِمَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ (كَذَلِكَ) أَيْ نَقَصَ قَدْرُهَا بِهِ فِي وَضْعِهِ إنْ بَلَعَ النَّقْصُ الثُّلُثَ، لَكِنَّ الثُّلُثَ فِي الْمُشَبَّهِ فِي الْقِيمَةِ لِعَدَمِ نَقْصِ الذَّاتِ الْحَطّ. نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ كِتَابِ الْجَوَائِحِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ هُنَا إلَى نَقْصِ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ ثُلُثِهَا وُضِعَ وَإِلَّا فَلَا فِي ضَيْح فَإِنْ لَمْ تَهْلِكْ الثَّمَرَةُ وَتَعَيَّبَتْ بِغُبَارٍ أَصَابَهَا أَوْ رِيحٍ أَسْقَطَهَا قَبْلَ تَنَاهِي طِيبِهَا فَنَقَصَ ثَمَنُهَا، فَفِي الْبَيَانِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ جَائِحَةٌ فَيُنْظَرُ إلَى مَا نَقَصَ، هَلْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَيُوضَعُ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَيْسَ جَائِحَةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِلَا شَيْءٍ وَالرَّدِّ كَذَلِكَ (وَتُوضَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْجَائِحَةُ (مِنْ الْعَطَشِ) إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 310 وَإِنْ قُلْت كَالْبُقُولِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ وَالْقُرْطِ وَالْقَضْبِ وَوَرَقِ التُّوتِ، وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ: كَالْجَزَرِ   [منح الجليل] بَلْ (وَإِنْ قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً عَنْهُ لِأَنَّ سَقْيَهَا عَلَى بَائِعِهَا فَأَشْبَهَتْ مَا فِيهِ حَتَّى تَوَفِّيَةُ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَلَّتْ جِدًّا وَلِابْنِ رُشْدٍ لَا يُوضَعُ الْقَلِيلُ الَّذِي لَا خَطْبَ لَهُ، وَشَبَّهَ فِي وَضْعِهَا وَإِنْ قَلَّتْ فَقَالَ: (كَ) جَائِحَةِ (الْبُقُولِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالْقَافِ كَخَسٍّ وَكُزْبَرَةٍ وَهِنْدِبَا وَسِلْقٍ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَا لَمْ يَكُنْ تَافِهًا لَا بَالَ لَهُ (وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (وَالْقَرْطِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الطَّاءِ أَيْ الْعُشْبِ الَّذِي تَأْكُلُهُ الدَّوَابُّ عِيَاضٌ وَأَرَاهُ لَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَأَمَّا بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فَحُلِيٌّ يُجْعَلُ فِي ثُقْبِ الْأُذُنِ لِلزِّينَةِ، وَبِفَتْحِهَا وَإِعْجَامِ الظَّاءِ فَهُوَ ثَمَرٌ يُدْبَغُ بِهِ الْجِلْدُ، أَفَادَهُ الْحَطّ. وَضَبَطَهُ فِي الْقَامُوسِ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَكَرَ لَهُ مَعَانِيَ مِنْهَا النَّبْتُ وَمِنْهَا الْحُلِيُّ الَّذِي يُجْعَلُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ، وَقَالَ: إنَّهُ فَارِسِيٌّ (وَالْقَضْبِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٌ عِيَاضٌ أَيْ الْفِصْفِصَةِ الَّتِي تُطْعَمُ لِلدَّوَابِّ وَهُوَ الْقَتُّ إذَا كَانَ يَابِسًا وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إذَا جَفَّتْ فَهِيَ الْقَضْبُ (وَوَرَقِ التُّوتِ) الَّذِي يُعْلَفُ بِهِ دُودُ الْحَرِيرِ وَلَوْ مَاتَ الدُّودُ فَهُوَ جَائِحَةٌ فِي الْوَرَقِ فَلِمُشْتَرِيهِ فَسْخُهُ عَنْ نَفْسٍ كَمَنْ اكْتَرَى حَمَّامًا أَوْ فُنْدُقًا فَخَلَا الْبَلَدُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْكُنُهُ (وَمُغَيَّبِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً (الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالزَّايِ فَرَاءٌ وَبِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْضًا، وَيُقَالُ لَهُ فِي الْمُغْرِبِ الإسفنارية وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ بَيْنَ كَوْنِ جَائِحَتِهَا مِنْ الْعَطَشِ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَالَ: وَمُطْلَقًا فِي كَالْبُقُولِ إلَخْ لَأَفَادَ هَذَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثِّمَارِ وَالْبُقُولِ أَنْ جَذَّ الْبُقُولِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَا يُضْبَطُ قَدْرُهَا وَأَنَّ الْعَادَةَ سَلَامَتُهَا مِنْ غَيْرِ الْعَطَشِ وَأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الثِّمَارِ أُجِيحَتْ إلَّا إذَا ذَهَبَ ثُلُثُهَا وَفِي قَوْلِهِ وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ إشْعَارٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِشَرْطِ قَلْعِ بَعْضِهِ وَرُؤْيَتِهِ كَانَ حَوْضًا أَوْ أَكْثَرَ وَقِيلَ: لَا يُبَاعُ إلَّا الْمَقْلُوعُ وَقِيلَ: تَكْفِي رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهُ وَيَدْخُلُ فِي مُغَيَّبِ الْأَصْلِ جَدَرَةُ قَصَبِ السُّكْرِ تُبَاعُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ كِرَاءِ أَرْضِهَا، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 311 وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا وَإِنْ قَلَّ، وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا فَأُجِيحَ بَعْضُهَا. وُضِعَتْ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ وَأُجِيحَ مِنْهُ ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ، وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ، فَلَا جَائِحَةَ، كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ،   [منح الجليل] بَقَائِهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، فَإِنْ تَطَوَّعَ لَهُ الْمُكْرِي بِذَلِكَ جَازَ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا لِلْمُكْرِي لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ قَالَهُ ابْنُ لُبٍّ الْبُنَانِيُّ جَعَلَ مُغَيَّبَ الْأَصْلِ كَالْبُقُولِ نَحْوَ قَوْلِهَا، وَأَمَّا جَائِحَةُ الْبُقُولِ السِّلْقِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَغَيْرِهَا فَيُوضَعُ قَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ الْجَزَرَ وَالْفُجْلَ مِنْ الْبُقُولِ نَحْوُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ الْمُتَيْطِيُّ أَمَّا الْمَقَاثِئُ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ وَالْفُجْلُ وَالْجَزَرُ وَالْمَوْزُ وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَالْخِيَرِيُّ وَالْعَصْفِيُّ وَالْفُولُ الْأَخْضَرُ وَالْجُلْبَانُ فَحُكْمُهَا كُلُّهَا حُكْمُ الثِّمَارِ يُرَاعَى فِيهِ الثُّلُثُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمَقَاثِئَ كَالْبُقُولِ يُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَشْهُرُ وَبِهِ الْقَضَاءُ. اهـ. فَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ بَاقِيهَا) أَيْ الثِّمَارِ السَّالِمِ مِنْ الْجَائِحَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَثُرَ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) الْبَاقِي اتِّفَاقًا فَالْمُبَالَغَةُ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الْجَائِحَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِتَكَرُّرِهَا فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَبِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى غَيْرِ مَمْلُوكٍ (وَإِنْ اشْتَرَى) شَخْصٌ (أَجْنَاسًا) مِنْ الثِّمَارِ كَنَخْلٍ وَعِنَبٍ وَتِينٍ فِي صَفْقَةٍ (فَأُجِيحَ بَعْضُهَا) جِنْسًا مِنْهَا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ أَوْ أَكْثَرُ كَذَلِكَ (وُضِعَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْجَائِحَةُ عَنْ الْمُشْتَرِي (إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْجِنْسِ الْمُجَاحِ (ثُلُثَ) مَجْمُوعِ قِيَمِ (الْجَمِيعِ) أَيْ الَّذِي أُجِيحَ وَاَلَّذِي سَلِمَ (وَ) إنْ (أُجِيحَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (مِنْهُ) أَيْ الْجِنْسِ الْمُجَاحِ (ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ) أَيْ الْمُجَاحِ (وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ) الْمَبِيعَةُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْجَدِّ فِي طِيبِهَا ثُمَّ أُجِيحَتْ (فَلَا جَائِحَةَ) مَوْضُوعَةٌ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا بَعْدَهُ عَلَى أَخْذِهَا شَيْئًا شَيْئًا فَأُجِيحَتْ فَتُوضَعُ جَائِحَتُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 312 وَيَابِسِ الْحَبِّ وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكِهِ، إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ، وَمُسْتَثْنًى مِنْ الثَّمَرَةِ تُجَاحُ بِمَا يُوضَعُ: يَضَعُ عَنْ مُشْتَرِيهِ بِقَدْرِهِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ وَضْعِ الْجَائِحَةِ فَقَالَ: (كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ) فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ طِيبِهِ بِظُهُورِ حَلَاوَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَتَكَامَلْ الْبُنَانِيُّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُوضَعُ جَائِحَةُ الْقَصَبِ الْحُلْوِ وَهُوَ أَحْسَنُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ الْقِيَاسُ ابْنُ حَبِيبٍ تُوضَعُ جَائِحَةُ الْقَصَبِ غَيْرِ الْحُلْوِ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَانْظُرْ هَلْ هُوَ الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ (وَيَابِسِ الْحَبِّ) الْمَبِيعِ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى قَطْعِهِ وَبَقِيَ إلَى يُبْسِهِ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا تُوضَعُ. (وَ) إنْ سَاقَى رَبُّ حَائِطٍ عَامِلًا بِبَعْضِ ثَمَرِهِ فَأُجِيحَ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً (الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى خِدْمَةِ الشَّجَرِ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ إذَا أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ (بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ) أَيْ مَا أُجِيحَ وَمَا لَمْ يَجْحُ بِالْجُزْءِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ (أَوْ تَرْكِهِ) أَيْ فَسْخِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَنْ نَفْسِهِ (إذَا أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ) وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَيْنِ وَكَانَ الْمُجَاحُ مُشَاعًا فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ سَقْيُ مَا عَدَاهُ، فَإِنْ بَلَغَ الْمُجَاحُ الثُّلُثَيْنِ خُيِّرَ الْعَامِلُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُجَاحُ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا (وَ) شَخْصُ بَائِعِ ثَمَرَةٍ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (مُسْتَثْنًى) بِكَسْرِ النُّونِ (كَيْلٌ مَعْلُومٌ) كَعَشَرَةِ أَوْسُقٍ (مِنْ الثَّمَرَةِ) الْمَبِيعَةِ عَلَى أُصُولِهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مَثَلًا (تُجَاحُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ الثَّمَرَةُ (بِمَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (يُوضَعُ) عَنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الثُّلُثُ (يَضَعُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْبَائِعُ مِنْ الْكَيْلِ الْمُسْتَثْنَى (عَنْ مُشْتَرِيهِ) أَيْ الثَّمَرِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمُجَاحِ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يَضَعُ عَنْهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَى شَيْئًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى، وَيَضَعُ عَنْهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَلَوْ بَاعَ ثَمَرَةً ثَلَاثِينَ أَرْدَبًّا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَاسْتَثْنَى عَشَرَةَ أَرَادِبَ وَأُجِيحَ ثُلُثُ الثَّلَاثِينَ، وَضَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ الدَّرَاهِمِ وَثُلُثَ الْمُسْتَثْنَى عَلَى الْمَشْهُورِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 313 (فَصْلٌ) إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ: حَلَفَا، وَفُسِخَ، وَرَدَّ مَعَ الْفَوَاتِ قِيمَتَهَا يَوْمَ بَيْعِهَا   [منح الجليل] وَمَفْهُومُ كَيْلٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا كَرُبْعٍ لَوُضِعَتْ الْجَائِحَةُ عَنْ الْمُشْتَرِي بِالْأَوْلَى، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَلِذَا تَرَكَهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي حُصُولِ الْجَائِحَةِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي إثْبَاتُهَا، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِهَا فَقِيلَ: الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: لِلْمُبْتَاعِ، وَأَصْلُ يَضَعُ يَوْضِعُ بِكَسْرِ الضَّادِ فَحُذِفَتْ الْوَاوُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ ثُمَّ أُبْدِلَتْ الْكَسْرَةُ فَتْحَةً لِمُنَاسَبَةِ الْعَيْنِ الْحَلْقِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ [فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعِينَ] (إنْ اخْتَلَفَ) الشَّخْصَانِ (الْمُتَبَايِعَانِ) لِشَيْءٍ بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَنَّى مُتَبَايِعٍ بِيَاءٍ عَقِبَ الْأَلْفِ، لِأَنَّ فِعْلَهُ تَبَايَعَ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَأَمَّا بَائِعٌ فَهُوَ بِالْهَمْزِ عَقِبَهَا لِإِعْلَالِ فِعْلِهِ وَهُوَ بَاعَ بِإِبْدَالِ يَائِهِ أَلْفًا لِتَحَرُّكِهَا عَقِبَ فَتْحٍ، وَصِلَةُ اخْتَلَفَ (فِي جِنْسِ الثَّمَنِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُقَابِلَ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ التَّشْبِيهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ كَمَثْمُونِهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عَيْنٌ وَالْآخَرُ عَرْضٌ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (نَوْعِهِ) أَيْ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ وَالْآخَرُ وَرِقٌ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (حَلَفَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَى نَفْسِهِ مُقَدِّمًا النَّفْيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْبَيْعُ سَوَاءٌ قَامَتْ السِّلْعَةُ أَوْ فَاتَتْ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، فَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ السِّلْعَةَ إنْ لَمْ تَفُتْ (وَرَدَّ) أَيْ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (مَعَ الْفَوَاتِ) لِلسِّلْعَةِ فِي يَدِهِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ فَأَعْلَى (قِيمَتَهَا) أَيْ السِّلْعَةِ مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ بَيْعِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ لِصِحَّتِهِ. عج لَوْ قَالَ عِوَضُهَا بَدَلُ قِيمَتِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ. عب وَهُوَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 314 وَفِي قَدْرِهِ كَمَثْمُونِهِ   [منح الجليل] الْمُوَافِقُ لِقَاعِدَةِ الْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَمُخَالِفُ لِقَوْلِ تت عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قِيمَتَهَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً لَرَدَّ مِثْلَهَا، وَهَذَا عَلَى اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ لَكِنْ يُعَارِضُهُ عُمُومُ الْمَنْطُوقِ فَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ مَعَ الْفَوَاتِ مُطْلَقًا مِثْلِيًّا كَانَ أَوْ مُقَوَّمًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ كَوْنُ الْمُعْتَبَرِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ مَعَ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ أَوَّلُ زَمَنِ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ. وَقَوْلُهُ أَيْضًا عَنْ بَعْضِهِمْ يَوْمَ ضَمِنَهَا الْمُشْتَرِي وَفِي حُلُولِهِ إشَارَةٌ لَهُ، قَالَ ظَاهِرُهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ لِشَبَهِ الْبَيْعِ هُنَا بِالْفَاسِدِ إذَا لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَلَا يُفْسَخُ وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِهِ) أَيْ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ عَشْرَةٌ وَالْمُشْتَرِي ثَمَانِيَةٌ حَلَفَا وَفُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ مَا لَمْ يَفُتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَشَبَّهَ الْمَثْمُونَ بِالثَّمَنِ فِي أَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ مُطْلَقًا، وَرَدَّ الْقِيمَةَ مَعَ الْفَوَاتِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ مَا لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ فَقَالَ (كَ) اخْتِلَافِهِمَا فِي جِنْسِ أَوْ نَوْعِ أَوْ قَدْرِ (مَثْمُونِهِ) أَيْ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَاةٌ وَالْآخَرُ بَقَرَةٌ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَاةُ ضَأْنٍ وَالْآخَرُ شَاةُ مَعْزٍ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا شَاةٌ وَالْآخَرُ شَاتَانِ. الْحَطّ أَيْ اخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ مَثْمُونِهِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي جِنْسِ الْمَثْمُونِ أَوْ نَوْعِهِ فَدَاخِلٌ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ وَنَوْعِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِالثَّمَنِ مُقَابِلَ الْمُثَمَّنِ فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ كَمَثْمُونِهِ تَشْبِيهٌ فِي الْجَمِيعِ، أَيْ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْقَدْرِ، فَفِي الْأَوَّلَيْنِ الْفَسْخُ مُطْلَقًا، وَفِي الْأَخِيرِ الْفَسْخُ بِشَرْطِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا يَعُمُّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ كَمَثْمُونِهِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَقَدْرِهِ فَقَطْ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ ضَمِيرَ قَدْرِهِ يَرْجِعُ لِلثَّمَنِ الشَّامِلِ لِلْمَثْمُونِ فَيَتَكَرَّرُ قَوْلُهُ كَمَثْمُونِهِ فَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ الْحَطّ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ مِثْلُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْجِنْسِ اخْتِلَافُهُمَا فِي صِفَةِ الْعَقْدِ، فَفِيهَا وَمَنْ بَاعَ حَائِطَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 315 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَالَ اشْتَرَطْت نَخَلَاتٍ اخْتَارَهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَطْت إلَّا هَذِهِ النَّخَلَاتِ بِعَيْنِهَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَمِثْلُهُ فِي الشَّامِلِ. الثَّانِي: الِاخْتِلَافُ فِي الصِّفَةِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجَوْدَةِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْكَيْلِ، فَإِنْ قَالَ أَسْلَمْتُك فِي فَرَسٍ صِفَتُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَقَالَ الْآخَرُ دُونَهَا فَكَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْكَيْلِ، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَكَرٌ وَالْآخَرُ أُنْثَى تَحَالَفَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُرَادُ لِمَا لَا يُرَادُ لَهُ الْآخَرُ وَلَوْ اخْتَلَفَا بِذَلِكَ فِي الْبِغَالِ كَانَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجَوْدَةِ. وَفِي كَوْنِ اخْتِلَافِهِمَا بِدَعْوَى أَحَدِهِمَا سَمْرَاءَ وَالْآخَرُ مَحْمُولَةً كَاخْتِلَافِهِمَا بِالْجِنْسِ أَوْ الْجَوْدَةِ نَقْلًا الْمَازِرِيِّ مَعَ الصِّقِلِّيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَفَضْلٍ اُنْظُرْ الْبُنَانِيَّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 316 أَوْ قَدْرِ أَجَلٍ، أَوْ رَهْنٍ   [منح الجليل] الثَّالِثُ: إذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ بِعْتنِي نِصْفَ جَارِيَتِك وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ رُبُعَهَا فَفِي رَسْمِ س ن مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إلَى رَجُلٍ وَقَالَ بِعْتنِي نِصْفَ جَارِيَتِك فَقَالَ صَاحِبُهَا مَا بِعْتُك إلَّا رُبُعَهَا حَلَفَ وَقَضَى لَهُ، وَلَوْ قَالَ صَاحِبُهَا بِعْتُك نِصْفَهَا وَطَلَبَ مِنْهُ ثَمَنَهَا وَقَالَ الْآخَرُ مَا اشْتَرَيْت مِنْك إلَّا رُبُعَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُبْتَاعًا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ وَقَضَى لَهُ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ الصَّوَابُ تَحَالُفُهُمَا وَتَفَاسُخُهُمَا لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفَا فِي الثَّمَنِ فَمِنْ حُجَّةِ الْمُبْتَاعِ أَنْ يَقُولَ لَا أَرْضَى شِرَاءَ الرُّبُعِ وَإِنَّمَا رَغِبْت فِي النِّصْفِ، قَالَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُ فِي الرِّوَايَةِ " وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي الرُّبُعِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى تَمَامِ التَّحَالُفِ، وَلَمْ يَقُلْ أَبُو إِسْحَاقَ بِتَحَالُفِهِمَا وَتَفَاسُخِهِمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَ النِّصْفَ وَقَالَ الْمُبْتَاعُ لَمْ أَشْتَرِ إلَّا الرُّبُعَ وَسَكَتَ عَنْهُ فَانْظُرْ هَلْ يَسْتَوِيَانِ عِنْدَهُ أَوْ لَا وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُمَا لَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يَتَفَاسَخَانِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي ادَّعَى بَيْعَ النِّصْفِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ أَمْ لَا إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ هُوَ الَّذِي ادَّعَى شِرَاءَ النِّصْفِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ قَدْ يُزَادُ فِي ثَمَنِهَا، فَمِنْ حُجَّةِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ لَا أَرْضَى أَنْ آخُذَ الرُّبْعَ بِالسَّوْمِ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ النِّصْفَ وَالْبَائِعُ إذَا أَخَذَ مِنْهُ الرُّبُعَ بِالسَّوْمِ الَّذِي رَضِيَ أَنْ يَبِيعَ بِهِ النِّصْفَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ أَفَادَهُ الْحَطّ. (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي (قَدْرِ أَجَلِ) الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ إلَى شَهْرٍ وَالْمُشْتَرِي إلَى شَهْرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا، وَإِنْ فَاتَتْ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ حَالًّا وَالْمُبْتَاعُ إلَى أَجَلٍ قَالَهُ فِيهَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَائِهِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِهِ إنْ أَشْبَهَ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، أَفَادَهُ الْحَطّ. (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ (رَهْنٍ) لِشَيْءٍ فِي الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي فِي الرَّهْنِ وَالْقَوْلُ لَنَا فِي الرَّهْنِيَّةِ مَحَلُّهُ فِي تَنَازُعِهِمَا فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ هَلْ هِيَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مُدَّعِي الرَّهْنِيَّةِ لِكَوْنِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَوْ غَيْرِهِمَا اُشْتُرِطَ فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 317 أَوْ حَمِيلٍ: حَلَفَا. وَفُسِخَ، إنْ حُكِمَ بِهِ   [منح الجليل] رَهْنِيَّتُهَا أَمْ لَا، فَالْمَوْضُوعُ مُخْتَلِفٌ. عج وَيَحْتَمِلُ عَطْفُ رَهْنٍ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ رَهْنٍ. (أَوْ) تَنَازُعُهُمَا فِي وُقُوعِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ (حَمِيلٍ) بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ أَيْ صِلَةً بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك بِكَذَا لِأَجَلِ كَذَا بِشَرْطِ حَمِيلٍ، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ لَا بِشَرْطِهِ أَوْ قَدْرِهِ كَبِعْتُكَ عَلَى حَمِيلَيْنِ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَزِيدُ بِعَدَمِ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ وَيَنْقُصُ بِوُجُودِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ كَانَ وَقَعَ فِي الْمَذْهَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِهَا وَمَنْ أَمَرْتَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَك فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ وَأَخَذَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا بِغَيْرِ أَمْرِك جَازَ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَيْك التَّفَطُّنُ فِي وَجْهِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ وَوَجْهُ التَّفَطُّنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ لَكَانَ الْوَكِيلُ مُتَعَدِّيًا اهـ قَالَهُ طفي. وَأَفَادَ حُكْمُ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمُثَمَّنِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ فَقَالَ (حَلَفَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الْفُرُوعِ الْخَمْسَةِ (وَفُسِخَ) الْبَيْعُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا مَعَ مَسْأَلَتَيْ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَيُجْعَلُ جَوَابُ السَّبْعَةِ حَلَفَا وَفُسِخَ لِعُمُومِ ذَلِكَ فِي الْأَوَّلَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْمَبِيعِ وَفَوَاتِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِدَعْوَى شَبَهِ، وَفِي هَذِهِ الْخَمْسِ حَلَّفَهُمَا، وَالْفَسْخُ مَعَ بَقَائِهِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا مَعَ فَوَاتِهِ فَيَضْمَنُ بِالثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ مَنْ يَعْمَلُ بِشَبَهِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ اخْتِلَافٌ فِي ذَاتِهِ، بِخِلَافِ الِاخْتِلَافِ فِي الْخَمْسِ فَإِنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي شَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ وَالْأَجَلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ فَلِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى أَصْلِ كُلٍّ صَيَّرَ الزَّائِدَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ كَأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الذَّاتِ. وَقَوْلُهُ (إنْ حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْفَسْخُ قَيْدٌ فِي الْفَسْخَيْنِ جَمِيعًا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلسَّبْعِ عِنْد ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخُ بِنَفْسِ التَّحَالُفِ كَاللِّعَانِ، وَالْفَرْقُ لِلْأَوَّلِ أَنَّ اللِّعَانَ تَعَدٍّ لِتَعَلُّقِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ بِالْعِبَادَاتِ، وَالْبَيْعُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ النِّزَاعُ فِيهَا إلَّا بِالْحُكْمِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَا قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 318 ظَاهِرًا وَبَاطِنًا:   [منح الجليل] الْآخَرُ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَأَنَّهُ بَيْعٌ ثَانٍ لَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ حُكِمَ بِهِ أَنَّهُمَا إنْ تَرَاضَيَا عَلَى فَسْخِهِ بِلَا حُكْمٍ لَا يَنْفَسِخُ. وَقَالَ سَنَدٌ يَنْفَسِخُ وَكَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا فَسْخًا (ظَاهِرًا) بَيْنَ النَّاسِ (وَبَاطِنًا) بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. وَلَوْ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَقَالَ سَنَدٌ يَنْفَسِخُ فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ ظَاهِرًا فَقَطْ، فَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ خَصْمُهُ بَعْدَ الْفَسْخِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَثَمَرَتُهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً وَالْبَائِعُ ظَالِمٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى كَوْنِ الْفَسْخِ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَيَحِلُّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُبْتَاعِ وَطْؤُهَا إذَا ظَفَرَ بِهَا وَأَمْكَنَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ رَعْيًا لِلْمَشْهُورِ أَنَّ الْفَسْخَ فِي حَقِّهِ بَاطِنًا حَتَّى عَلَى الضَّعِيفِ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَخْذِهِ ثَمَنِهِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الظَّالِمِ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَإِنْ حَصَلَ فِيهِ فَوْتٌ فَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ عَلَى الضَّعِيفِ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ. فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الصُّلْحِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ، وَقَوْلَهُ الْآتِيَ فِي الْقَضَاءِ. لَا أُحِلُّ حَرَامًا. أُجِيبَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِفَسْخِ الْبَيْعِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَذِبِ الْكَاذِبِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَقَايُلِهِمَا، وَبِأَنَّهُمَا لَمَّا تَرَاضَيَا عَلَى الْحَلِفِ وَحَلَفَا فَكَأَنَّهُمَا تَقَايَلَا، وَبِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسْخِ حُكْمٌ بِمَالٍ وَتَبِعَهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِ مَا فِي الْقَضَاءِ، فَإِنَّهُ بِثُبُوتِ شَيْءٍ بِشَهَادَةِ زُورٍ لَوْ اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ ابْنُ الْحَاجِبِ يَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ. فِي ضَيْح مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ بِأَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا. وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ الْقَوْلَيْنِ، وَزَادَ ثَالِثًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَظْلُومًا فُسِخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِيَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَبِيعِ بِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فُسِخَ ظَاهِرًا فَقَطْ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ بَاعَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ فَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي هَلْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَأَجَابَ إذَا لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا فَلْيُحَلِّفْهُ وَيَبْرَأُ وَيُعَدُّ هَذَا مِنْهُ كَتَسْلِيمِهَا لَهُ بِثَمَنِهَا، وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إنْ قَبِلَهَا وَإِلَّا فَلْيَبِعْهَا عَلَى هَذَا التَّسْلِيمِ، وَيُشْهِدُ عَدْلَيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهَا عَلَيْهِ، وَيَقْبِضُ ثَمَنَهَا الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوَّلًا وَيُوقَفُ مَا زَادَ عَلَيْهِ، فَمهمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 319 كَتَنَاكُلِهِمَا، وَصُدِّقَ مُشْتَرٍ ادَّعَى الْأَشْبَهَ، وَحَلَفَ إنْ فَاتَ   [منح الجليل] أَقَرَّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَهُوَ لَهُ، وَرَأَيْت لِسَحْنُونٍ فِي كِتَابِ ابْنِهِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِلْبَائِعِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا اهـ. أَبُو عَلِيٍّ بِهِ تَفْهَمُ مَا أَشْكَلَ وَالدَّاءَ الَّذِي أُعْضِلَ وَأَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الْمُفَصَّلِ هُوَ الَّذِي أَصَابَ الْمُفَصَّلَ، وَالْأَجْوِبَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا " ز " ضَعِيفَةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْأَوَّلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَذِبِ الْكَاذِبِ هُوَ الْمُوجِبُ لِكَوْنِ الْفَسْخُ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي لَمَّا تَرَاضَيَا عَلَى الْحَلِفِ إلَخْ يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّادِقَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إنَّمَا رَضِيَ بِحَلِفِ الْكَاذِبِ لِعَجْزِهِ عَنْ بَيَانِ كَذِبِهِ، فَإِذَا وَجَدَ بَيِّنَةً أَوْ أَقَرَّ لَهُ خَصْمُهُ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بَعْدَ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَهُوَ يُقَيِّدُ الْفَسْخَ ظَاهِرًا فَقَطْ، وَيُرَدُّ الثَّالِثُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ يَعُمُّ الْمَالَ وَغَيْرَهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذُهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ» . وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حُكِمَ بِهِ فَقَالَ (كَتَنَاكُلِهِمَا) أَيْ الْمُتَابَعَيْنِ عَنْ الْيَمِينِ فِي الْمَسَائِلِ السَّبْعِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حُكِمَ بِهِ (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) فِي الْفُرُوعِ الْخَمْسَةِ فَقَطْ (إنْ ادَّعَى) الْمُشْتَرِي (الْأَشْبَهَ) أَيْ الْمُعْتَادَ فِيهَا أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَيْضًا أَمْ لَا (وَ) إنْ (حَلَفَ) الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْبَائِعِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ فِيهَا، أَوْ مَحَلُّ تَصْدِيقِهِ بِالشَّرْطَيْنِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ كُلُّهُ بِيَدِهِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى، وَهَلْ كَذَا إنْ فَاتَ بِيَدِ بَائِعِهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ أَشْبَهَ الْبَائِعَ وَحْدَهُ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَمَضَى بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ. طفي مَا سَلَكَهُ هُوَ الصَّوَابُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَرْجِيحِ دَعْوَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْفَوَاتِ وَمُوَافَقَةِ الشَّبَهِ عَلَى دَعْوَى الْبَائِعِ، وَإِنْ أَشْبَهَ وَلِمُوَافَقَتِهِ قَوْلُهَا مَنْ بَاعَ جَارِيَةً فَفَاتَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَقَالَ بَائِعُهَا بِعْتهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ بِخَمْسِينَ، فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ كَوْنَهُ ثَمَنًا لَهَا يَوْمَ ابْتَاعَهَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ حَلَفَ الْبَائِعُ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، فَإِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 320 وَمِنْهُ تَجَاهُلُ الثَّمَنِ، وَإِنْ مِنْ وَارِثٍ   [منح الجليل] أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ أَيْضًا فَعَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَتُهَا يَوْمَ ابْتَاعَهُمَا اهـ. وَقَوْلُ الْمَازِرِيِّ إنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْأَشْبَهَ صُدِّقَ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِيه إلَّا الْبَائِعُ صُدِّقَ، وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا مَا لَا يُشْبِهُ تَحَالَفَا وَقَضَى بِالْقِيمَةِ اهـ. وَلَوْ قَالَ وَصُدِّقَ مَنْ ادَّعَى الْأَشْبَهَ كَمَا قَالَ الْمُصَوِّبُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، بَلْ يُوهِمُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَهُوَ خِلَافُ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ أَشَارَ " س " إلَى هَذَا، وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ " ح " مَعَ تَحْقِيقِهِ ارْتَضَى مَا قَالَ الْمُصَوِّبُ وَإِنَّ نُسْخَةَ مُشْتَرٍ تَصْحِيفٌ قَائِلًا يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ التَّحَالُفِ وَالتَّفَاسُخِ إذْ ادَّعَيَا مَعًا مَا لَا يُشْبِهُ أَوْ مَا يُشْبِهُ، أَمَّا إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ مَا يُشْبِهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِشَرْطِ الْحَلِفِ وَالْفَوَاتُ. اهـ. فَخَالَفَ الْمَشْهُورَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَمِنْهُ) أَيْ الْفَوَاتِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ فَاتَ (تَجَاهُلُ) أَيْ دَعْوَى الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ جَهْلَ قَدْرِ (الثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَرَّرَ بِهِ " غ " وتت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَفَائِدَتُهُ تَبْدِئَةُ الْمُشْتَرِي بِالْيَمِينِ فَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ مَاتَ الْمُتَبَايِعَانِ فَوَرَثَتُهُمَا فِي الْفَوْتِ وَغَيْرُهُ مَكَانَهُمَا إنْ ادَّعَوْا مَعْرِفَةَ الثَّمَنِ، فَإِنْ تَجَاهَلَاهُ وَتَصَادَقَا عَلَى الْبَيْعِ حَلَفَ وَرَثَةُ الْمُبْتَاعِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوهُ ثُمَّ يَحْلِفُ وَرَثَةُ الْبَائِعِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوهُ ثُمَّ تُرَدُّ، فَإِنْ فَاتَتْ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ فَأَعْلَى لَزِمَتْ وَرَثَةُ الْمُبْتَاعِ بِقِيمَتِهَا فِي مَالِهِ. ابْنُ يُونُسَ بُدِئَتْ وَرَثَةُ الْمُبْتَاعِ بِالْيَمِينِ، لِأَنَّ مَجْهَلَةَ الثَّمَنِ عِنْدَهُمْ كَالْفَوْتِ فَأَشْبَهَ فَوَاتَهَا بِأَيْدِيهِمْ وَكَذَا لَوْ تَجَاهَلَهُ الْمُتَبَايِعَانِ لَبُدِئَ الْمُبْتَاعُ بِالْيَمِينِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَوَرَثَتِهِمَا، وَلَعَلَّهُ فِي التَّبْدِئَةِ أَنَّ مَجْهَلَةَ الثَّمَنِ كَالْفَوْتِ. طفي فَظَهَرَ كَوْنُ التَّجَاهُلِ فَوْتًا وَأَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ صَوَابٌ، وَأَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ وَمِمَّا يُصَدَّقُ فِيهِ مُدَّعِي الشَّبَهِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا عِلْمَ لِي بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّبَايُعُ، وَيَقُولُ الْآخَرُ وَقَعَ بِكَذَا، فَإِنَّ مَنْ ادَّعَى الْمَعْرِفَةَ يُصَدَّقُ فِيمَا يُشْبِهُ، وَكَذَا الْوَارِثُ. اهـ. لِنُبُوِّ الْمُفَاعَلَةِ عَنْ تَقْرِيرِهِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ نَحْوُهُ لِعَبْدِ الْحَقِّ، وَبِهِ نَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَجْهَلَةُ الثَّمَنِ فَوْتٌ يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَوْتًا لَمَا رُدَّتْ فِيهِ السِّلْعَةُ، وَقَدْ قَالَ فِيهَا إنْ حَلَفَ وَرَثَةُ الْمُبْتَاعِ حَلَفَ وَرَثَةُ الْبَائِعِ وَرُدَّتْ السِّلْعَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 321 وَبَدَأَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ، فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ التَّقَضِّي،   [منح الجليل] غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِمَا، وَلِذَا نُسِبَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَطْ، وَقَدْ أَلَمَّ " س " بِمَا قُلْنَاهُ كُلِّهِ وَتَنَبَّهَ لِلصَّوَابِ، وَرَدَّ تت فِي كَبِيرِهِ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ بِمَا قُلْنَاهُ. (وَبُدِئَ الْبَائِعُ) بِالْيَمِينِ فِي صُوَرِ تَحَالُفِهِمَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، إذْ الْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ مِلْكِهِ وَالْمُشْتَرِي ادَّعَى خُرُوجَهُ عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَرَثَتَهُ يَنَزَّلُونَ مَنْزِلَتَهُ، وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ قَالَهُ تت (وَحَلَفَ) أَيْ يَحْلِفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ (عَلَى نَفْيِ دَعْوَى خَصْمِهِ مَعَ تَحْقِيقِ دَعْوَاهُ) وَيُقَدِّمُ النَّفْيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ، فَيَقُولُ فِي تَنَازُعِهِمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مَا بِعْتهَا بِثَمَانِيَةٍ، وَلَقَدْ بِعْتهَا بِعَشْرَةٍ، وَلَا يَكْفِي اقْتِصَارُهُ عَلَى النَّفْيِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَاعَهَا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا وَالْمُشْتَرِي مَا ابْتَعْتهَا بِعَشْرَةٍ وَلَقَدْ ابْتَعْتهَا بِثَمَانِيَةٍ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى النَّفْيِ لِذَلِكَ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. سَنَدٌ وَجَوَّزَ الْإِثْبَاتَ قَبْلَ نُكُولِ الْخَصْمِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلنَّفْيِ، فَلَوْ كَانَتْ لِلْيَمِينِ عَلَى الْإِثْبَاتِ وَحْدَهُ فَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ. " د " وَيَحْلِفُ عَلَيْهِمَا بِالتَّصْرِيحِ أَوْ بِالْمَفْهُومِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِحَصْرٍ نَحْوَ إنَّمَا بِعْتهَا أَوْ ابْتَعْتهَا بِكَذَا أَوْ مَا بِعْتهَا أَوْ ابْتَعْتهمَا إلَّا بِكَذَا أَوْ بِعْتهَا أَوْ ابْتَعْتهَا بِكَذَا فَقَطْ. (وَإِنْ) اتَّفَقَا عَلَى التَّأْجِيلِ بِشَهْرٍ مَثَلًا و (اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (فِي انْتِهَاءِ الْأَجَلِ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي مَبْدَئِهِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَالْمُبْتَاعُ مُنْتَصَفَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ (فَالْقَوْلُ) الْمَحْكُومُ بِهِ (لِمُنْكِرِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (التَّقَضِّي) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْقَافِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً، أَيْ انْقِضَاءُ الْأَجَلِ مُشْتَرِيًا كَانَ أَوْ بَائِعًا بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْآخَرَ أَمْ لَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهِ، فَإِنْ أَشْبَهَ الْآخَرَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 322 وَفِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ السِّلْعَةِ: فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا، إلَّا لِعُرْفٍ: كَلَحْمٍ: أَوْ بَقْلٍ بَانَ بِهِ وَلَوْ كَثُرَ، وَإِلَّا فَلَا، إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ، وَإِلَّا،   [منح الجليل] فَقَطْ فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَيْضًا حَلَفَا، وَمَضَى بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ حَلَفَا وَفُسِخَ، فَإِنْ أَقَامَا بِبَيِّنَتَيْنِ مُتَعَارِضَتَيْنِ عُمِلَ بِبَيِّنَةِ الْبَائِعِ لِتَقَدُّمِهَا تَارِيخًا قَالَهُ " د ". وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي أَصْلِ الْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا حَلَفَا وَفُسِخَ إلَّا لِعُرْفٍ بِهِ، وَإِنْ فَاتَ عُمِلَ بِالْعُرْفِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ بِيَمِينِهِ فِي الْأَمَدِ الْقَرِيبِ الَّذِي لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ فِي الْإِقْرَارِ وَقَبِلَ أَصْلَ مِثْلِهِ فِي بَيْعٍ لَا قَرْضٍ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ، وَفِيهَا فِي كِتَابِ الْوِكَالَةِ إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ نَقْدَهُ وَالْمُبْتَاعُ تَأْجِيلَهُ صُدِّقَ إنْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ، وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِمَا تُبَاعُ إلَيْهِ السِّلْعَةُ أَمَدٌ مَعْرُوفٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ، وَاقْتَصَرَ تت و " ح " عَلَى مَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي قَبْضِ) أَيْ دَفْعِ (الثَّمَنِ) بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُبْتَاعُ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ (أَوْ) اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ (السِّلْعَةِ) بِأَنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَهُ الْمُبْتَاعُ وَلَا بَيِّنَةَ لِمُدَّعِي الْقَبْضِ (فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا) أَيْ الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ عِنْدَ بَائِعِهَا (إلَّا لِعُرْفٍ) بِقَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ السِّلْعَةِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَافَقَهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ كَشَاهِدٍ (كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ بَانَ) أَيْ انْفَصَلَ الْمُشْتَرِي (بِهِ) عَنْ الْبَائِعِ إنْ قَلَّ، بَلْ (وَلَوْ كَثُرَ) فَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي لِمُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ الْعُرْفَ حِينَ انْفِصَالِهِ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ بِهِ سَوَاءٌ اُعْتِيدَ دَفْعُ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ فَقَطْ أَمْ اُعْتِيدَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مَعًا (فَلَا يُعْمَلُ) بِقَوْلِهِ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ (إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ) أَيْ الثَّمَنَ (بَعْدَ الْأَخْذِ) لِلسِّلْعَةِ لِدَعْوَاهُ مَا يُخَالِفُ الْعُرْفَ فِي الْأُولَى وَانْقِطَاعِ شَهَادَتِهِ لَهُ فِي الثَّانِيَةِ لِجَرَيَانِهِ بِالدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ وَبَعْدَهُ مَعًا. الْحَطّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ السِّلْعَةَ، فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي الْمَثْمُونَ وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ اهـ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ دَفْعَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ، بَلْ قَبْلَهُ وَالْعُرْفُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 323 فَهَلْ يُقْبَلُ؟ أَوْ فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ أَوْ لَا؟   [منح الجليل] كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (فَهَلْ يُقْبَلُ) دَعْوَى الْمُشْتَرِي الدَّفْعَ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ فِي الْأُولَى وَدَلَالَةِ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ السِّلْعَةَ فِي الثَّانِيَةِ (أَوْ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ الْعُرْفُ أَنْ يَقْبِضَ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَهَذَا لَا يُشْكِلُ مَعَ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ قَالَهُ " د " أَيْ الدَّفْعُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ بِهِ (أَوْ لَا) يُقْبَلُ مُطْلَقًا جَرَى عُرْفٌ بِالدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِالدَّفْعِ بَعْدَهُ لِإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِثَمَنِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِدَعْوَاهُ دَفْعَهُ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ إلَخْ أَنَّهُ قَبَضَ السِّلْعَةَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَادَّعَى دَفْعَ ثَمَنِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ اتِّفَاقًا قَالَهُ الشَّارِحُ وتت، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ؛ بِخِلَافِهِ وَوَافَقَهُ لِلْبَائِعِ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ، وَتَنَازَعَا فِي قَبْضِ ثَمَنِهِ، وَمَفْهُومُ كَلَحْمٍ أَوْ بَقْلٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ كَدَارٍ صُدِّقَ مُشْتَرٍ إنْ وَافَقَهُ الْعُرْفُ أَوْ طَالَ الزَّمَنُ طُولًا يَقْضِي لِلْعُرْفِ بِهِ، صَدَّرَ بِهَذَا فِي الشَّامِلِ وَنَحْوِهِ قَوْلُ " ح " دَخَلَ تَحْتَ كَافِ كَلَحْمٍ مَا إذَا طَالَ الزَّمَنُ طُولًا يَقْضِي الْعُرْفُ أَنَّهُ لَا يَصْبِرُ إلَيْهِ بِتَرْكِ الْقَبْضِ. اهـ. ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ مُخَالِفٍ لِقَوْلِ اللُّبَابِ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ عِوَضٍ بِيَدِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ ثَبَتَ عُرْفٌ عُمِلَ عَلَيْهِ. اهـ. وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَتَرْكُ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْضُهُ مُخَالِفٌ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ، فَيُعْمَلُ بِدَعْوَى مُوَافِقِهِ، وَيُحْذَفُ مَا عَدَاهُ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ اللُّبَابِ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ نَفْسُ مَا فِي اللُّبَابِ، وَقَدْ سَاقَهُ الْحَطّ شَاهِدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَفِيهِ التَّمْثِيلُ لِلْعُرْفِ بِاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ وَتَفْرِيعُ الْخِلَافِ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَنَصُّ الْحَطّ قَالَ فِي اللُّبَابِ الْخَامِسَةُ أَنْ يَخْتَلِفَا فِي الْقَبْضِ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ عِوَضٍ بِيَدِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ ثَبَتَ عُرْفٌ عُمِلَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِيمَا يُبَاعُ بِالْأَسْوَاقِ وَاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَالْفَاكِهَةِ وَشَبَهِ ذَلِكَ، فَإِنْ قَبَضَهُ مُبْتَاعُهُ وَبَانَ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْعِوَضِ، وَإِنْ لَمْ يَبِنْ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْضًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ الْبَائِعُ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِيمَا قَلَّ وَقَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا كَثُرَ. وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ السِّلَعِ وَالْحَيَوَانَاتِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 324 أَقْوَالٌ: وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ، وَحَلَّفَ بَائِعُهُ، إنْ بَادَرَ كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ بِقَبْضِهِ.   [منح الجليل] وَالْعَقَارِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينه مَا لَمْ يَمْضِ مِنْ الزَّمَانِ مَا لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ إلَيْهِ كَعِشْرِينَ عَامًا وَنَحْوِهَا. ابْنُ بَشِيرٍ وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى الْعَادَةِ اهـ. (وَإِشْهَادُ) الشَّخْصِ (الْمُشْتَرِي) عَلَى نَفْسِهِ (بِ) بَقَاءِ (الثَّمَنِ) فِي ذِمَّتِهِ (مُقْتَضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (لِقَبْضِ) الْمُشْتَرِي لِ (مُثَمَّنِهِ) أَيْ الثَّمَنِ وَهِيَ السِّلْعَةُ عُرْفًا، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى عَدَمِ قَبْضِهِ (وَحَلَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُشْتَرِيَ (بَائِعُهُ) أَنَّهُ أَقْبَضَهُ الْمُثَمَّنَ (إنْ بَادَرَ) الْمُشْتَرِي بِطَلَبِ الْمُثَمَّنِ بَعْدَ إشْهَادِهِ كَعَشْرَةِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ الْحَطّ فِي رَسْمِ الْكِرَاءِ وَالْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّ إشْهَادَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ السِّلْعَةِ إذَا قَامَ بَعْدَ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ دَفَعَهَا بِيَمِينِهِ وَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ كَالْجُمُعَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا، وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ. وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ بَاعَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا إلَى أَجَلٍ وَكَتَبَ بِهِ وَثِيقَةً فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي قَبْضَ السِّلْعَةِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ قَبْضَهُ اهـ. وَشَبَّهَ فِي اقْتِضَاءِ الْإِشْهَادِ الْقَبْضَ وَالتَّحْلِيفَ بِشَرْطِ الْمُبَادَرَةِ فَقَالَ: (كَإِشْهَادِ الْبَائِعِ) عَلَى نَفْسِهِ (بِقَبْضِهِ) الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ مِنْهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ وَأَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ لِثِقَتِهِ بِهِ وَاعْتِقَادِهِ فِيهِ الْخَيْرَ وَتَشْرِيفًا لَهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي إنْ بَادَرَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ. الْحَطّ وَبِذَا أَفْتَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْقَرْضِ. عب وَأَمَّا إشْهَادُ الْبَائِعِ بِإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَإِشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِإِقْبَاضِ الثَّمَنِ، فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ، فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ الْإِشْهَادِ حَلَفَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ قَرُبَ كَالْجُمُعَةِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ، وَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالشَّهْرِ، وَلَوْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ إنْ بَادَرَ. قَالَ صر جَرَتْ الْعَادَةُ بِكَتْبِ الْوُصُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِذَا ادَّعَى الْكَاتِبُ عَدَمَهُ حَلَفَ الْمُقْبِضُ وَلَوْ طَالَ الْأَمْرُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأَمَّا إشْهَادُ الْبَائِعِ بِإِقْبَاضِ الْمَبِيعِ إلَخْ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 325 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَعْنِي أَنَّ إشْهَادَ الْبَائِعِ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُ مِنْهُ الثَّمَنَ بِمَنْزِلَةِ إشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ ثُمَّ قَامَ بِطَلَبِ الْمَبِيعِ مِنْهُ فَفِي هَذِهِ إنْ قَامَ بَعْدَ شَهْرٍ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ، وَفِي الْقُرْبِ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ، وَفِي الْأُولَى الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ، وَلِلْبَائِعِ فِي الْقُرْبِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ إشْهَادَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ مُخَالِفٌ لِإِشْهَادِهِ بِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ " ح " وخش، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْقَوْلَيْنِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لَكِنْ يَحْلِفُ مَعَ الْقُرْبِ مِنْ الْإِشْهَادِ لَا مَعَ بُعْدِهِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَ مَا نَصُّهُ، وَقِيلَ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ وَإِنْ كَانَ بِالْقُرْبِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ. وَكَذَا لَوْ أَشْهَدَ الْمُبْتَاعُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَامَ بِطَلَبِ السِّلْعَةِ بِالْقُرْبِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ فِيهِ الْقَبْضُ وَيَشْتَغِلُ فِيهِ الْأَيَّامُ وَالْجُمُعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ بَعُدَ كَشَهْرٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ هَذِهِ، ثُمَّ وَجَّهَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِ، وَرَجَّحَ التُّونُسِيُّ رِوَايَةُ أَصْبَغَ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ مَا نَصُّهُ: أَبُو إِسْحَاقَ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَائِعَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ أَحَدًا لَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ إلَّا وَقَدْ قَبَضَ الْعِوَضَ. اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ صِحَّةَ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَخْ عَلَى إشْهَادِهِ بِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ وَإِشْهَادِهِ بِدَفْعِهِ كَمَا أَنَّ إشْهَادَ الْبَائِعِ بِدَفْعِ الْمَبِيعِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ إشْهَادَهُ بِبَقَائِهِ بِذِمَّتِهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَذَكَرَ " ز " إشْهَادُ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَهُ. وَبِهَذَا يَتِمُّ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتُّ صُوَرٍ، إشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِدَفْعِهِ أَوْ بِقَبْضِ الْمُثَمَّنِ وَإِشْهَادُ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ بِدَفْعِهِ أَوْ بِقَبْضِهِ ثَمَنَهُ، وَقَوْلُهُ عَنْ صر حَلَفَ الْمُقْبِضُ وَلَوْ طَالَ إلَخْ مِثْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقْبِضَ اسْمُ فَاعِلٍ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 326 وَفِي الْبَتِّ مُدَّعِيهِ كَمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ. وَهَلْ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا الثَّمَنُ   [منح الجليل] مُدَّعِي الدَّفْعِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لِلْآخَرِ. وَنَقَلَ أَحْمَدُ بَابَا عَنْ الْمِعْيَارِ أَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ لَا يَقْبِضُ السَّلَفَ حَتَّى يَأْتِيَ بِوَثِيقَةِ الْقَبْضِ. قَالَ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا خِلَافٌ، وَعَلَيْهِ فَالْمُقْبَضُ فِي كَلَامِ النَّاصِرِ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَفْعُولٍ لِيُوَافِقَ مَا ذَكَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي) وُقُوعِ الْبَيْعِ ب (الْبَتِّ) وَالْخِيَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الْبَتِّ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. وَلَوْ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ إنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِالْخِيَارِ وَحْدَهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْخِيَارِ وَادَّعَاهُ كُلٌّ لِنَفْسِهِ تَحَالَفَا، ثُمَّ هَلْ يُفْسَخُ أَوْ يَكُونُ بَتًّا قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَشَبَّهَ فِي تَقْدِيمِ الْقَوْلِ فَقَالَ (كَمُدَّعِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ (الصِّحَّةِ) لِلْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ دُونَ مُدَّعِي فَسَادِهِ، وَلَا يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِهِمَا بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا وَقَعَ ضَحْوَةَ الْجُمُعَةِ، وَالْآخَرُ بَيْنَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَالسَّلَامِ مِنْهَا وَفَاتَ الْمَبِيعُ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَحُذَّاقُ أَصْحَابِهِ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا فِي السَّلَمِ أَنَّهُمَا لَمْ يَضْرِبَا لَهُ أَجَلًا، أَوْ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ تَأَخَّرَ بِشَرْطِ شَهْرٍ أَوْ أَكْذَبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَلَالِ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ عَلَى فَسَادِهِ فَيُفْسَخُ السَّلَمُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ رَأْسَ الْمَالِ. الشَّيْخُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْحَلَالَ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ حُذَّاقُ أَصْحَابِهِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ. اهـ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ) لِلْبَيْعِ فِي عُرْفِهِمْ، فَإِنْ غَلَبَ فِي عُرْفِهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ. (وَهَلْ) الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ إنْ لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا أَمْ لَا، أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا) أَيْ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ (الثَّمَنُ) أَيْ الْعِوَضُ الشَّامِلُ لِلْمُثَمَّنِ كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ الْأُمِّ وَحْدَهَا أَوْ الْوَلَدِ وَحْدَهُ قَبْلَ إثْغَارِهِ وَالْآخَرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 327 فَكَقَدْرِهِ؟ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] بَيْعَهُمَا مَعًا أَوْ دَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّ الثَّمَنَ خَمْرٌ وَالْآخَرِ أَنَّهُ دَرَاهِمُ. الْحَطّ وَكَدَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَهَا بِمِائَةٍ مَثَلًا وَالْمُشْتَرِي أَنَّهُ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ السُّعْرِ (فَ) كَالِاخْتِلَافِ فِي (قَدْرِهِ) أَيْ الثَّمَنِ فِي حَلِفِهِمَا وَالْفَسْخِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ وَتَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي إنْ فَاتَ وَأَشْبَهَ، وَإِنْ أَشْبَهَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ صُدِّقَ إنْ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ الْقِيمَةُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ أَشْبَهَ مُدَّعِيَ الصِّحَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْبِهُ مُدَّعِيَ الْفَسَادِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ شَبَهُهُ، وَيَحْلِفَانِ، وَيُفْسَخُ مَعَ الْقِيَامِ، وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ غَلَبَ الْفَسَادُ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ، سَوَاءٌ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا أَمْ لَا، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. وَاعْتَرَضَ د وس تَمْثِيلَهُمْ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ بِادِّعَاءِ أَحَدِهِمَا بَيْعَ الْأُمِّ أَوْ الْوَلَدِ وَالْآخَرِ بَيْعَهُمَا مَعًا بِأَنَّ الْغَالِبَ بَيْعُهُمَا مَعًا، فَهُوَ مِمَّا غَلَبَتْ فِيهِ الصِّحَّةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا هَذَا لَفْظُ " د "، وَلَفْظُ " س " أَطْبَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى التَّمْثِيلِ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ بِالْأُمِّ مَعَ وَلَدِهَا أَوْ دُونِهِ وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ التَّفْرِيقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِلَا فَسَادٍ، وَيُفْسَخُ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُمَثِّلَ بِدَعْوَى أَحَدِهِمَا بَيْعَ عَبْدٍ غَيْرِ آبِقٍ وَالْآخَرِ بَيْعَ آبِقٍ أَوْ شَارِدٍ. وَقَالَ " د " الْمُنَاسِبُ التَّمْثِيلُ بِدَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ أَجَلٌ إلَى شَهْرٍ وَالْآخَرِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنَّ بَابَ السَّلَمِ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَسَادُ وَاخْتِلَافُ الْأَجَلِ يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ عج. التَّمْثِيلُ بِبَيْعِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ صَحِيحٌ حَيْثُ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ، إذْ يَكْفِي الصِّحَّةُ فِي الْجُمْلَةِ، إذْ الْمِثَالُ يَكْفِي فَرْضُ صِحَّتِهِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " كَدَعْوَى أَحَدِهِمَا أَنَّ الثَّمَنَ خَمْرٌ وَالْآخَرِ دَرَاهِمُ، هَذَا مِنْ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ لَا الْقَدْرِ، فَلَا يُنَزَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَكَقَدْرِهِ، فَلَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ بِهِمَا فَكَهُوَ لِشَمْلِهِمَا، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ ابْنِ بَشِيرٍ كَمَا فِي " ق ". الجزء: 5 ¦ الصفحة: 328 وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ، أَوْ السِّلْعَةِ: كَالْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ، إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا، وَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ: فَسَلَمٌ وَسَطٌ، وَفِي مَوْضِعِهِ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ، وَإِلَّا فَالْبَائِعُ   [منح الجليل] (وَ) الشَّخْصُ (الْمُسْلَمُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ الْمَدْفُوعُ (إلَيْهِ) رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ الْمُتَنَازَعِ مَعَ الْمُسْلِمِ بِكَسْرِ اللَّامِ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ (مَعَ فَوَاتِ) رَأْسِ الْمَالِ (الْعَيْنِ) فِي يَدِهِ (بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ) الَّذِي يُظَنُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِهَا وَانْتِفَاعُهُ فِيهِ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ طُولًا مَا. وَقَالَ التُّونُسِيُّ بِغَيْبَتِهِ عَلَيْهَا (أَوْ) فَوَاتِ (السِّلْعَةِ) الْمَجْعُولَةِ رَأْسَ مَالٍ مُقَوَّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ، وَخَبَرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (كَالْمُشْتَرِي) فِي بَابِ الْبَيْعِ (فَيُقْبَلُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (قَوْلُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (إنْ ادَّعَى) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ شَيْئًا مُسْلَمًا فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ أَجَلًا أَوْ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا (مُشْبِهًا) مَا يُسَلِّمُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ لَهُ أَوْ يَتَوَثَّقُونَ بِهِ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُسْلِمُ أَمْ لَا وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُسْلِمُ وَحْدُهُ قَضَى لَهُ بِيَمِينِهِ. (وَإِنْ ادَّعَيَا) أَيْ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعًا (مَا لَا يُشْبِهُ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الِاخْتِلَافِ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَوْ السِّلْعَةِ حَلَفَا، وَفُسِخَ إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ، وَيَرُدُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فِي فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (فَسَلَمٌ وَسَطٌ) مِمَّا عُرِفَ الْإِسْلَامُ فِيهِ مِنْ مِثْلِ تِلْكَ السِّلْعَةِ كَانَ وَسَطًا فِي الْقَدْرِ أَوْ فِي الْوُجُودِ، وَظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَرَّرَ هَذَا الْمَحَلُّ فَيُعَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَيُخَصَّصُ قَوْلُهُ فَسَلَمٌ وَسَطٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ أَوْ نَوْعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَوْ بِهِ حَلَفَا وَفُسِخَ، فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ حَلَفَا وَفُسِخَ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ. (وَ) إنْ اخْتَلَفَا فِي (وَضْعِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي يَقْبِضُ هُوَ فِيهِ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ) أَيْ السَّلَمِ بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ أَحَدُهُمَا وَضْعَ عَقْدِهِ بِأَنْ ادَّعَيَا مَعًا غَيْرَهُ (فَالْبَائِعُ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ، وَسَوَاءٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 329 وَإِنْ لَمْ " يُشْبِهْ وَاحِدٌ: تَحَالَفَا وَفُسِخَ: كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ، وَجَازَ بِالْفُسْطَاطِ، وَقُضِيَ بِسُوقِهَا، وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهُمَا.   [منح الجليل] أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ أَيْضًا أَمْ لَا، فَإِنْ أَشْبَهَ الْمُسْلِمُ وَحْدُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. (وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ (تَحَالَفَا) أَيْ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّلَمُ، وَكَلَامُهُ حَيْثُ حَصَلَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَهُ حَلَفَا وَفُسِخَ مُطْلَقًا. وَالظَّاهِرُ احْتِيَاجُهُ لِحُكْمٍ، لِأَنَّ الْمَوْضِعَ كَالْأَجَلِ، وَتَقَدَّمَ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ بِالِاخْتِلَافِ فِيهِ إلَى حُكْمٍ. وَشَبَّهَ فِي الثُّبُوتِ شَرْعًا فَقَالَ (كَفَسْخِ مَا) أَيْ سَلَمٌ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ (يُقْبَضُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ (بِمِصْرَ) وَأُرِيدَ بِهَا جَمِيعُ عَمَلِهَا وَهِيَ طُولًا مِنْ الْبَحْرِ الْمَالِحِ ثَغْرُ إسْكَنْدَرِيَّةَ وَالْعَرِيشِ إلَى أُسْوَانَ، بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ السِّينِ آخِرُهُ نُونٌ مَدِينَةٌ بِأَقْصَى الصَّعِيدِ، وَعَرْضًا مِنْ عَقَبَةِ أَيْلَةَ إلَى عَقَبَةِ بَرْقَةَ. فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا الْمَدِينَةُ الْمُعَيَّنَةُ فَقَطْ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) شَرْطٌ أَنْ يُقْبَضَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِالْفُسْطَاطِ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ سُمِّيَتْ بِهِ لِإِنْشَائِهَا مَوْضِعَ فُسْطَاطِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَمْرِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْإِمَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ دُفِعَ الْمُسْلَمُ فِيهَا مِنْ الْفُسْطَاطِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ (فَفِي أَيِّ مَكَان) مِنْ الْفُسْطَاطِ يَقْضِي الْمُسَلَّمُ فِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ فَيُعْمَلُ بِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 330 بَابُ) شَرْطِ السَّلَمِ:   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَام السَّلَمِ] ِ (شَرْطُ) صِحَّةِ عَقْدِ (السَّلَمِ) عَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يُوجِبُ عِمَارَةَ ذِمَّةٍ بِغَيْرِ عَيْنٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ غَيْرُ مُتَمَاثِلِ الْعِوَضَيْنِ. اهـ. خَرَجَ بِالْأَوَّلِ بَيْعُ الْأَجَلِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ وَإِنْ مَاثَلَ حُكْمُهُ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا، وَالْمُخْتَلِفَانِ يَجُوزُ اشْتِرَاكُهُمَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَبِالثَّانِي الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ، وَبِالثَّالِثِ السَّلَفُ، وَلَا يَدْخُلُ إتْلَافُ مِثْلِيٍّ غَيْرِ عَيْنٍ وَلَا هِبَتِهِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِنِكَاحٍ بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ نِكَاحٌ لَا سَلَمٌ. الْمَشَذَّالِيُّ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَائِعِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الشُّرُوطُ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ فِي جَوَازِهِ فَحُكْمُهُ الْجَوَازُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275] . وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِهِ. الْجُزُولِيُّ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْعُ تَسْمِيَتِهِ بِالسَّلَمِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَفِي إطْلَاقِهِ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى تَهَاوُنٌ، وَفِي الْمَدَارِكِ كَرِهَ شَيْخُنَا تَسْمِيَتَهُ بِالسَّلَمِ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِالسَّلَمِ اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَرِهَ بَعْضُ السَّلَفِ لَفْظَ السَّلَمِ فِي حَقِيقَتِهِ الْعُرْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ، وَرَأَى أَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ لَفْظُ السَّلَفِ أَوْ التَّسْلِيفِ صَوْنًا لِلَفْظِ السَّلَمِ مِنْ التَّنَزُّلِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَرَأَى أَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ لَفْظِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ لَا سِيَّمَا غَالِبُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ إنَّمَا هُوَ صِيغَةُ الْفِعْلِ مَقْرُونَةً بِحَرْفِ فِي، فَيَقُولُونَ أَسْلَمَ فِي كَذَا، فَإِذَا أَرَادُوا الْأَهَمَّ أَتَوْا بِلَفْظِ السَّلَمِ وَقَلَّمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 331 قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا   [منح الجليل] يَسْتَعْمِلُونَ لَفْظَةَ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ أَوْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.» وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَمَ وَأَسْلَمَ، وَفِي وَثَائِقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْبَاجِيَّ جَائِزٌ أَنْ يَقُولَ سَلَّمَ وَسَلَّفَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أَسْلَمَ فُلَانٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ إنَّمَا الْإِسْلَامُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَالْمُرَادُ شُرُوطُ صِحَّةِ السَّلَمِ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ سَبْعَةٌ أَحَدُهَا. (قَبْضُ رَأْسِ) أَيْ ثَمَنٍ سُمِّيَ رَأْسًا لِأَنَّهُ أَصْلٌ مُوَصِّلٌ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ (الْمَالِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِتَمَوُّلِهِ، وَهَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، ثُمَّ صَارَ الْمُرَكَّبُ الْإِضَافِيُّ كَالْعَلَمِ عَلَى الْعِوَضِ الْمُعَجَّلِ (كُلِّهِ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي كَوْنِ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ عَزِيمَةً، وَأَنَّ الْأَصْلَ التَّعْجِيلُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ هَلْ يُرَخِّصُ فِي تَأْخِيرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ يَطْلُبُ تَعْجِيلَ أَوَّلِ عِوَضَيْهِ وَشَرْطُهُ عَدَمُ طُولِ تَأْخِيرِهِ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ. اللَّخْمِيُّ مِنْ شَرْطِهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِهِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا، وَلَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ. وَاخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهُ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ كَالْيَوْمَيْنِ أَوْ يَسِيرِ رَأْسِ الْمَالِ الْمُدَّةَ الْبَعِيدَةَ هَلْ يَصِحُّ أَوْ يَفْسُدُ، فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تَأْخِيرَ جَمِيعِهِ بِشَرْطِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَحَكَى ابْنُ سَحْنُونٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ أَنَّهُ فَاسِدٌ. زَادَ الْمَازِرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَوْمَيْنِ لَا أَكْثَرَ. قُلْت وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَاجِيَّ الثَّلَاثَةَ فَاسْتَدْرَكَهَا عَلَيْهِ ابْنُ زَرْقُونٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ الْخِلَافِ مُنَافٍ لِنَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ الِاتِّفَاقَ فِي الْيَوْمَيْنِ، وَعَزَا الصِّقِلِّيُّ وَغَيْرُهُ كَوْنَ الثَّلَاثَةِ كَالْيَوْمَيْنِ لِكِتَابِ الْخِيَارِ. (أَوْ تَأْخِيرُهُ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ تَأْخِيرَهُ ثَلَاثَةً شَرْطٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِعَطْفِهِ عَلَى قَبْضٍ بِحَسَبِ مَعْنَاهُ أَيْ شَرْطُ السَّلَمِ كَوْنُ رَأْسِ مَالِهِ مَقْبُوضًا أَوْ فِي حُكْمِهِ، وَقَالَ أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا لِبَيَانِ مَا فِي حُكْمِهِ، وَبِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 332 وَلَوْ بِشَرْطٍ، وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ، إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] الْوَاوِ، وَتَأْخِيرُهُ فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَجُوزُ، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ مَصَبُّهُ قَوْلُهُ ثَلَاثًا أَيْ إنْ أَخَّرَ فَشَرْطُهُ كَوْنُهُ ثَلَاثًا. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ لَا إشْكَالَ فَإِنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شَرْطَهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا قَبْضُهُ وَإِمَّا تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا، فَإِنْ فَقَدَا بِتَأْخِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَقَدْ شَرَطَهُ، فَأَوْ عَلَى بَابِهَا، وَمَحَلُّ اغْتِفَارِ تَأْخِيرِهِ ثَلَاثًا إنْ كَانَ أَجَلُ الْمَالِ نِصْفَ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَيْنِ بِأَنْ شَرَطَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ عَلَى مَسَافَتِهِمَا فَلَا يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى إجَازَةِ السَّلَمِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِهِ الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْكَاتِبِ، وَهُوَ بَيِّنٌ. قُلْت ذَكَرَهُ الْبَاجِيَّ غَيْرَ مَعْزُوٍّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ. قَالَ وَيَجِبُ أَنْ يَقْبِضَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ. اهـ. وَيُغْتَفَرُ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ، بَلْ (وَلَوْ بِشَرْطٍ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثَةً بِشَرْطٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. (وَفِي فَسَادِهِ) أَيْ السَّلَمِ (بِ) سَبَبِ (الزِّيَادَةِ) فِي تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ وَعَدَمِهِ (إنْ) لَمْ (تَكْثُرْ) الزِّيَادَةُ (جِدًّا) بِأَنْ لَمْ يُؤَخِّرْ إلَى أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (تَرَدُّدٌ) الْحَطَّابُ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ فِي سَلَمِهَا الثَّانِي ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ وَتَأْخِيرُهُ بِلَا شَرْطٍ إنْ كَانَ عَيْنًا إلَى أَجَلِ السَّلَمِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسِدُهُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُفْسِدُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ. وَلِابْنِ وَهْبٍ إنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا تَأْخِيرَهُ لَمْ يَفْسُدْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ أَحَدُهُمَا فَسَدَ، يُرِيدُ إنْ فَرَّ أَحَدُهُمَا لِيُفْسِدَهُ فَلَا يَفْسُدُ عَلَى قَوْلِنَا الْفِرَارُ مِنْ الْأَدَاءِ فِي الصَّرْفِ لَا يُفْسِدُهُ. الْبَاجِيَّ وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ هُوَ الْمُمْتَنِعُ مِنْ الْقَضَاءِ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الْأَخْذِ، وَيَدْفَعُ الْمُسْلَمَ فِيهِ. وَفِي حِلِّ الصَّفْقَةِ وَرَدِّ مَا قُبِضَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ هُوَ الْمُمْتَنِعُ لَزِمَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ قَبْضُهُ وَدَفْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَضْرِبَا لِرَأْسِ الْمَالِ أَجَلًا وَأَنَّهُ تَأَخَّرَ شَهْرًا بِشَرْطِ وَأَكْذَبَهُ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ. عَبْدُ الْحَقِّ نَقَصَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ نَصَّهَا فِي الْأُمِّ قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ لَمْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 333 وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ، إنْ لَمْ يُنْقَدْ   [منح الجليل] أَقْبِضْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ كُنَّا شَرَطْنَا ذَلِكَ فَاقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَسْأَلَةِ الشَّرْطِ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَهِيَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ بِلَا شَرْطِ الْأَمَدِ الطَّوِيلِ كَالشَّهْرِ يُفْسِدُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ الثَّالِثِ إنْ أَخَّرَ النَّقْدَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ كَرِهْتُهُ، وَأَرَاهُ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلَا يَجُوزُ هَذَا، وَهُوَ رَأْيُ الْحَطَّابِ. وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْفَسَادِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ قَوْلُهَا فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ إنْ تَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يَجُوزُ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعَةُ أُمُورٍ أَحَدُهُمَا: أَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِشَرْطٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ اتِّفَاقًا. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا كَثُرَتْ جِدًّا لَا يُخْتَلَفُ فِي الْفَسَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ كَثُرَتْ جِدًّا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ. طفي فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ أَطْلَقَا الْخِلَافَ فِيهَا، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، بَلْ صَرَّحُوا بِهِ فِيهَا وَمَا كَانَ مِنْهَا لِلْأَجَلِ اهـ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَأَمَّا الْفَسَادُ بِالزِّيَادَةِ مُطْلَقًا فَهُوَ مَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي، وَأَمَّا مُقَابِلُهُ فَهُوَ مَا فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ، لَكِنْ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْجَوَازِ وَلَوْ حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ الْأَمْرُ الثَّالِثُ: مِمَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ، وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ الْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ، لَكِنَّ فِي قَوْلِهِ لِتَرَدُّدِ سَحْنُونٍ إلَخْ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. الْأَمْرُ الرَّابِعُ: مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَ) عَقْدُ السَّلَمِ (بِ) شَرْطِ (خِيَارٍ) فِي رَأْسِ مَالٍ أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا (لِمَا) أَيْ زَمَنٍ (يُؤَخَّرُ) رَأْسُ الْمَالِ (إلَيْهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا أَكْثَرُ وَلَوْ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 334 وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ، وَبِجُزَافٍ   [منح الجليل] كَرَقِيقٍ وَدَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ (وَمَحَلُّ جَوَازِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ) إنْ لَمْ يُنْقَدْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ رَأْسُ الْمَالِ، فَإِنْ نُقِدَ وَلَوْ تَطَوُّعًا فَسَدَ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَشَرْطٍ بَيِّنٍ مُفْسِدٍ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ، وَمَحَلُّ فَسَادِهِ بِالنَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ. وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ كَثَوْبٍ وَحَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ نَقْدُهُ تَطَوُّعًا، فَتَحَصَّلَ أَنَّ شَرْطَهُ مُفْسِدٌ نُقِدَ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، حُذِفَ الشَّرْطُ أَمْ لَا، وَأَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ وَمُفْسِدٌ فِيمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يُرِدْ وَإِلَّا وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ صَحَّ، قَالَ فِيهَا فِي كِتَابِ الْخِيَارِ وَلَا بَأْسَ بِالْخِيَارِ فِي السَّلَمِ إلَى أَمَدٍ قَرِيبٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ إلَيْهِ كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ، فَإِنْ قَدَّمَهُ كَرِهْت ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَسَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَإِنْ تَبَاعَدَ أَجَلُ الْخِيَارِ كَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ لَمْ يَجُزْ قُدِّمَ النَّقْدُ أَمْ لَا، وَلَا يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْبُيُوعِ إلَى هَذَا الْأَجَلِ، فَإِنْ عُقِدَ الْبَيْعُ عَلَى ذَلِكَ تَمَّ تَرْكُ الْخِيَارِ مُشْتَرَطُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَا يَجُوزُ لِفَسَادِ الْعَقْدِ. (وَ) جَازَ السَّلَمُ (بِ) جَعْلِ (مَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَعَقَارٍ وَحَيَوَانٍ رَأْسَ مَالِهِ وَشَرَعَ فِيهَا وَلَوْ تَأَخَّرَ تَمَامُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، وَمُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَمَا هُنَا ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَالسَّلَمُ كُلُّهُ مِنْ هَذَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ ذِي الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ تَمَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا الْحَيَوَانَ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَبْضِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْهَا قِيَاسًا عَلَيْهِ إذَا كَانَ رَأْسَ مَالٍ، وَاحْتُرِزَ بِمُعَيَّنٍ عَنْ مَنْفَعَةِ مَضْمُونٍ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا الْبُنَانِيُّ. جَزَمَ خش بِتَقْيِيدِ الْمَنْعِ بِعَدَمِ الشُّرُوعِ فِيهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ، فَلَا مَفْهُومَ لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعَيَّنِ لِاشْتِرَاطِ الشُّرُوعِ فِي مَنْفَعَتِهِ أَيْضًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (وَ) جَازَ السَّلَمُ (بِ) جَعْلِ شَيْءٍ (جُزَافٍ) رَأْسَ مَالِهِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ بَيْعِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُجَازَفَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ جَائِزَةٌ كَالْبَيْعِ. وَفِي الشَّامِلِ وَجَازَ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 335 وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ، وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ، إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ، أَوْ كَالْعَيْنِ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] وَجُزَافٍ بِشَرْطِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ (وَ) جَازَ (تَأْخِيرُ حَيَوَانٍ) جُعِلَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ إلَى حُلُولِ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (بِلَا شَرْطٍ) وَمَفْهُومُهُ مَنْعُ تَأْخِيرِهِ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ. (وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ) الْمَجْعُولُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ (كَذَلِكَ) أَيْ الْحَيَوَانُ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِ بِلَا شَرْطٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمُنِعَ تَأْخِيرُهُ بِهِ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ (إنْ كِيلَ) الطَّعَامُ (وَأُحْضِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (الْعَرْضُ) مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ ضَمَانِهِمَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَتَرْكُهُ قَبْضَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ قَبْضِهِمَا ابْتِدَاءً، فَإِنْ لَمْ يُكَلْ الطَّعَامُ وَلَمْ يُحْضَرْ الْعَرْضُ حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالنَّقْلُ كَرَاهَتُهُ (أَوْ) الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ (كَالْعَيْنِ) فِي امْتِنَاعِ التَّأْخِيرِ زِيَادَةً عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ، وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ وَقْتَ الْعَقْدِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالنَّقْلُ الْكَرَاهَةُ أَيْضًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالْعَيْنِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ بَشِيرٍ إذَا تَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ وَطَالَ الزَّمَانُ الْمُشْتَرَطُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ أَوْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالنَّقْدِ، وَإِذَا كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ كُرِهَ وَلَا يُفْسَخُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَدْ جَعَلَهُ كَالْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُسْلَمِ فَلَا يُكْرَهُ. وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالنَّقْدِ فِي تَأْخِيرِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فَسْخُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. وَالثَّانِي عَدَمُهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ عَلَى تَأْخِيرِهِ اهـ. الْحَطَّابُ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ التَّأْخِيرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَأْخِيرًا طَوِيلًا، لِأَنَّ حَدَّ الْقَصِيرِ مَا دُونَ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ فَسْخُهُ، وَحَيْثُ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ بِهَذِهِ الْقُوَّةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 336 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي أَوَائِلِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ التَّهْذِيبِ وَإِذَا كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا بِعَيْنِهِ فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ أَوْ كَانَ هُرُوبًا مِنْ أَحَدِهِمَا نَفَذَ الْبَيْعُ مَعَ كَرَاهَةِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَلِكَ التَّأْخِيرَ الْبَعِيدَ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَهُمَا اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا كَرَاهَةُ تَأْخِيرِ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهَا. وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَمُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَفِي الْفَسَادِ قَوْلَانِ فِي الْعَيْنِ خَاصَّةً، وَلَا يُفْسِدُ تَأْخِيرُ الْعَرْضِ لَكِنْ يُكْرَهُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِشَرْطٍ مُفْسِدَةٌ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُقَالَ قَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالْعَيْنِ أَنَّهُمَا أَشْبَهَاهَا إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ فِي كَوْنِهِمَا يُغَابُ عَلَيْهِمَا، فَتَأْخِيرُهُمَا مَكْرُوهٌ لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْعَيْنِ الْمَمْنُوعِ تَأْخِيرُهَا، فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا تَلْزَمُ مُسَاوَاتُهُ الْمُشَبَّهَ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَهُمَا بِهَا فِي طَلَبِ التَّعْجِيلِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الطَّلَبُ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَشَى عَلَى قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ فَيَنْبَغِي حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي مَا فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ أَبِي سَعِيدٍ مُحْتَمِلًا لِمَا قَالَهُ، فَفِي الْأُمِّ مَا يَدْفَعُهُ، وَنَصُّهَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ فَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَلَمْ يُعْجِبْهُ، وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ فَسْخَهُ، وَأَرَاهُ نَافِذًا اهـ. وَحَمْلُ كَلَامِهَا عَلَى جَعْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ بَعِيدٌ وَتَكَلُّفٌ بِلَا مُوجِبٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى مَا قَالَ اهـ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ نَفَذَ بِلَا كَرَاهَةٍ. وَإِنْ كَانَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ نَفَذَ مَعَ الْكَرَاهَةِ. وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَتَأَخَّرَ كَثِيرًا أَوْ إلَى الْأَجَلِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فَأَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَصَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ غَائِبًا، فَإِنْ حَضَرَ حِينَ الْعَقْدِ لَا يَنْبَغِي كَوْنُهُ كَالْعَبْدِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِ وَالطَّعَامُ أَثْقَلُ مِنْهُ إذْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَالْعَيْنُ أَشَدُّ مِنْ الطَّعَامِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ وَهِيَ لَا تُرَادُ لِعَيْنِهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 337 وَرَدُّ زَائِفٍ وَعُجِّلَ، وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ   [منح الجليل] (وَ) جَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (رَدُّ) رَأْسِ مَالٍ (زَائِفٍ) أَيْ رَدِيءٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ سَوَاءٌ كَانَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (وَعُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بَدَلُهُ وُجُوبًا وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ بِشَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. إنْ طَلَبَ الْبَدَلَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَإِنْ طَلَبَ عِنْدَ حُلُولِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ جَازَ تَأْخِيرُهُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ الْبَدَلَ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ (فَسَدَ) السَّلَمُ فِي بَعْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ (مَا) أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي (يُقَابِلُهُ) أَيْ الزَّائِفُ فَقَطْ و (لَا) يَفْسُدُ (الْجَمِيعُ) أَيْ الْمُقَابِلُ لِلزَّائِفِ وَالْمُقَابِلُ الْجَيِّدُ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ شَعْبَانَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَفْسُدُ الْجَمِيعُ، وَقِيلَ بِصِحَّةِ الْجَمِيعِ، وَفَسَادُ الْمُقَابِلِ فَقَطْ مُقَيَّدٌ بِخَمْسَةِ قُيُودٍ قِيَامُهُ بِالْبَدَلِ، وَبَقَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ الْأَجَلِ وَالْإِطْلَاعُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَعَدَمُ دُخُولِهِمَا عِنْدَ عَقْدِهِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا، وَكَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا. فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ بِأَنْ رَضِيَ بِالزَّائِفِ أَوْ سَامَحَ مَنْ عَوَّضَهُ لَمْ يَفْسُدْ مَا يُقَابِلُهُ، وَكَذَا إنْ قَامَ بِهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ دَخَلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا فَسَدَ الْجَمِيعُ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ، وَكَذَا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ وَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَيُنْقَضُ السَّلَمُ كُلُّهُ إنْ عَقَدَ عَلَى عَيْنِهِ، فَإِنْ عَقَدَاهُ عَلَى مَوْصُوفٍ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِ مَا ظَهَرَ مَعِيبًا. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: إذَا ظَهَرَ عَيْبٌ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا يُنْقَضُ السَّلَمُ بِحَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ فِي عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ، وَلِلْمُسْلَمِ رَدُّ الْمَعِيبِ وَالرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ حَوَالَةِ سُوقٍ لِأَنَّهَا لَا تُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ، وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ، وَغَرِمَ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ وَيَرْجِعُ بِمِثْلِ مَوْصُوفِ الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا، فَإِنْ أَحَبَّ الْإِمْسَاكَ أَوْ كَانَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بِهِبَةٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَقِيلَ يَغْرَمُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قِيمَةَ مَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 338 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَبَضَ مَعِيبًا، وَرَجَعَ بِالصِّفَةِ، وَقِيلَ يَرْجِعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ فِي الصِّفَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ الرِّبْحَ رَجَعَ بِمِثْلِ رِبْحِ الصِّفَةِ الَّتِي أَسْلَمَ فِيهَا شَرِيكًا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ. وَقِيلَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ أَسْلَمَ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْقِيمَةَ وَيَرْجِعَ بِالْمِثْلِ أَوْ يُنْقِصَ مِنْ رَأْسِ الْمُسْلَمِ بِقَدْرِ الْعَيْبِ. الثَّانِي: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ قُلْت لَهُ حِينَ رَدَّهَا عَلَيْك مَا دَفَعْت إلَيْك إلَّا جِيَادًا فَالْقَوْلُ قَوْلُك، وَتَحْلِفُ مَا أَعْطَيْته إلَّا جِيَادًا فِي عَمَلِك إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَخَذَهَا مِنْك لِيَزِنَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْك بَدَلُهَا. زَادَ فِي الْوِكَالَةِ وَلَا أَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِي. أَبُو إِسْحَاقَ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ قَابِضُهَا الرَّادُّ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُ مُوقِنٌ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَ صَيْرَفِيًّا. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَحْلِفُ الصَّرَّافُ عَلَى الْبَتِّ. الثَّالِثُ: فِي النَّوَادِرِ لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا مَا اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُ جَيِّدٌ، فَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ لِرَدَاءَتِهِ فَلَا يُجْبَرُ الدَّافِعُ عَلَى بَدَلِهِ إلَّا أَنَّهُ رَدِيءٌ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ. الرَّابِعُ: إذَا شَرَطَ تَعَيُّنَ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ فَقِيلَ الشَّرْطُ سَاقِطٌ، وَقِيلَ لَازِمٌ إنْ كَانَ مِنْ مُطَرَّتِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْحُكْمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى لُزُومِهِ يَجُوزُ الْخَلَفُ إذَا رَضِيَا جَمِيعًا وَلَا يَدْخُلُهُ الْكَالِئُ بِالْكَالِئِ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّعْيِينُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ ثَوْبًا أَوْ عَبْدًا مُعَيَّنًا، فَإِذَا رَدَّهَا انْتَقَضَ السَّلَمُ وَمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ سَلَمٌ مُبْتَدَأٌ، وَعَلَى الثَّانِي إنْ شَرَطَهُ مُسْلِمُهَا جَازَ خَلَفُهَا إذَا رَضِيَ وَإِلَّا فُسِخَ. وَإِنْ شَرَطَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ. الْخَامِسُ: اللَّخْمِيُّ إذَا انْتَقَضَ السَّلَمُ لِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ بِعَيْبٍ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُسْلَمِ رَدَّهُ، وَإِنْ حَالَتْ سُوقُهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ أَوْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا رَدَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، وَلَوْ كَانَ مَوْجُودًا الْآنَ بِيَدِهِ وَإِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 339 وَالتَّصْدِيقُ فِيهِ: كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ، ثُمَّ لَك أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ وَالنَّقْصُ الْمَعْرُوفُ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَك إلَّا بِتَصْدِيقٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ،   [منح الجليل] كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا كَطَعَامٍ وَنُحَاسٍ فَلِبَائِعِهِ أَخْذُهُ بِعَيْنِهِ إنْ وَجَدَهُ بِيَدِ الْمُسْلِمِ، وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ وَلَا تُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَفِي الشَّامِلِ وَزَادَ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ فِيهِ قَوْلًا بِفَوَاتِهِ بِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَ لِلْمُسْلِمِ (التَّصْدِيقُ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (فِي) كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ الْمُسْلِمِ فِي (هـ) إذَا دَفَعَهُ لَهُ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ لَا قَبْلَهُ لِمَنْعِهِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ. الْحَطَّابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَائِلِ سَلَمِهَا الثَّانِي. ابْنُ الْكَاتِبِ فِي الَّذِي أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ الطَّعَامَ عَلَى التَّصْدِيقِ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَصْدِيقُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ لِأَجْلِ تَعْجِيلِهِ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دَخَلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَهُوَ بِمَعْنَى ضَعْ مِنْهُ وَتَعَجَّلْ، فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ جَازَ مَعْنَاهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَقَبْلَهُ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ التَّصْدِيقِ فَقَالَ (كَ) التَّصْدِيقِ فِي كَيْلِ أَوْ وَزْنِ (طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) فَيَجُوزُ (ثُمَّ) إذَا صَدَّقْت فِي كَيْلِ أَوْ وَزْنِ طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ وَوَجَدْت نَقْصًا أَوْ زَيْدًا عَلَى مَا صَدَّقْته فِيهِ فَ (لَك) يَا مُصَدِّقُ (أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ) أَيْ الزَّائِدُ الْمَعْرُوفُ رَاجِعٌ لَك (وَالنَّقْصُ) أَيْ النَّاقِصُ (الْمَعْرُوفُ) أَيْ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ رَاجِعٌ لِعَلَيْك (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّيْدُ مَعْرُوفًا بِأَنْ كَانَ مُتَفَاحِشًا رَدَدْته كُلَّهُ إلَى الْبَائِعِ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ الْمَعْرُوفَ، وَتَرَكَ هَذَا لِوُضُوحِهِ وَإِلَّا يَكُنْ النَّقْصُ مَعْرُوفًا (فَلَا رُجُوعَ لَك) يَا مُصَدِّقُ عَلَى الْبَائِعِ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِتَصْدِيقٍ) مِنْ الْبَائِعِ لَك عَلَيْهِ (أَوْ بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَك بِهِ (لَمْ تُفَارِقْ) كَ مِنْ حِينِ قَبْضِك إلَى حِينِ كَيْلِك أَوْ وَزْنِك أَوْ بَيِّنَةٍ حَضَرَتْ كَيْلَ الْبَائِعِ أَوْ وَزْنَهُ يَنْقُصُ كَمَا قَالَ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ النَّقْصِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ الْمُتَعَارَفُ كَالْجَائِحَةِ إذَا أَصَابَتْ دُونَ الثُّلُثِ لَا يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، وَإِنْ أَصَابَتْ الثُّلُثَ وُضِعَ عَنْهُ قَدْرُهُ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 340 وَحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى، أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ، إنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيَهُ، وَإِلَّا حَلَفْتَ وَرَجَعْتَ   [منح الجليل] الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لَا يُوضَعُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى إصَابَتِهَا الْيَسِيرُ مِنْ الثَّمَرَةِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَإِذَا ثَبَتَ النَّقْصُ فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ مَضْمُونٍ رَجَعَ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الرَّجْرَاجِيُّ مَحَلُّ الرُّجُوعِ بِحِصَّةِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا كَانَ قَلِيلًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَسُّكِ، وَيَجْرِي فِي حَدِّ الْقَلِيلِ الْخِلَافُ الَّذِي جَرَى فِيهِ فِي الْعُيُوبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِذَا قَبَضَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ مُصَدِّقًا الْمُسْلَمَ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعَ فِي، كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ نَاقِصًا مُخَالِفًا لِلْمُعْتَادِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ وَلَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ (حَلَفَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ (لَقَدْ أَوْفَى) أَيْ سَلَّمَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي (مَا) أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي (سَمَّى) لَهُ إنْ كَانَ اكْتَالَهُ أَوْ وَزَنَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ (أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي (عَلَى مَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (كُتِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْقَدْرُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمَا (إلَيْهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعِ مِنْ وَكِيلِهِ إنْ لَمْ يَكْتَلْهُ وَلَمْ يَزِنْهُ وَلَمْ يَحْضُرْهُ (إنْ) كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ (أَعْلَمَ) حِينَ الْبَيْعِ مُسْلِمَهُ أَوْ (مُشْتَرِيَهُ) بِأَنَّهُ كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ أَوْ أَخْبَرَ رَسُولَ وَكِيلِهِ بِهِ، وَلَوْ قَالَ بَعَثْت إلَيْك مَا كُتِبَ بِهِ إلَيَّ لَكَانَ أَوْضَحَ إذْ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي بَيْعِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ضَمَّنَ بَاعَ مَعْنَى أَوْصَلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى فِي الْأُولَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيهِ فِي الثَّانِيَةِ (حَلَفْت) يَا مُسْلِمُ أَوْ يَا مُشْتَرِي عَلَى النَّقْصِ الَّذِي وَجَدْته (وَرَجَعْت) بِعِوَضِهِ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَك فِي الْأُولَى وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ لِنُكُولِهِ عَنْهَا أَوَّلًا وَسَيَأْتِي وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ فِي الثَّانِيَةِ وَبَرِيءَ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ لَقَدْ أَوْفَى لَهُ جَمِيعَ مَا سَمَّى لَهُ إنْ اكْتَالَهُ هُوَ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي يَذْكُرُ. أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ لَيْسَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 341 وَإِنْ أَسْلَمْت عَرَضًا فَهَلَكَ بِيَدِك فَهُوَ مِنْهُ، إنْ أَهْمَلَ، أَوْ أَوْدَعَ، أَوْ   [منح الجليل] فِي الْأُمَّهَاتِ أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ، وَإِنَّمَا مُوَفَّى الْمُسْلِمِ الثَّالِثُ فَجَمَعَ أَبُو سَعِيدٍ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنَى التَّخْيِيرِ فِي صِفَةِ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ مُخَيَّرٌ فِي تَحْلِيفِ الْبَائِعِ بِأَيِّ اللَّفْظَيْنِ شَاءَ، هَذَا فِي الطَّعَامِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْمَضْمُونُ فَإِنَّمَا يَحْلِفُ لَقَدْ أَوْفَى إلَخْ. وَانْظُرْ قَوْلَهُ لَقَدْ بَاعَ كَيْفَ يَصِحُّ لِأَنَّ شَرْطَ الْيَمِينِ كَوْنُهَا بِحَسَبِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ وَافَقَ الْبَائِعَ عَلَى ابْتِيَاعِهِ عَلَى مَا فِيهِ، وَلَكِنْ يَقُولُ لَمْ تُوَفِّنِي ذَلِكَ، وَإِذَا حَلَفَ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي ذَكَرَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّعَامِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَنَقَصَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْبَائِعُ صَادِقٌ فِي يَمِينِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَبْدِيلِ هَذَا اللَّفْظِ بِدَفْعٍ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمَشَذَّالِيُّ. (وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا) يُغَابُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ أَيْ عَقَدْت عَلَيْهِ سَلَمًا فِي مُسْلَمٍ فِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَسْلَمْته بِالْفِعْلِ لِقَوْلِهِ (فَهَلَكَ) أَيْ تَلِفَ الْعَرْضُ الَّذِي جَعَلْته رَأْسَ مَالٍ (بِيَدِك) يَا مُسْلِمُ (فَهُوَ) أَيْ الْعَرْضُ أَيْ ضَمَانُهُ (مِنْهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (إنْ أَهْمَلَ) أَيْ فَرَّطَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعَرْضِ مِنْك (أَوْ أَوْدَعَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْعَرْضَ عِنْدَك (أَوْ) تَرَكَهُ عِنْدَك الجزء: 5 ¦ الصفحة: 342 عَلَى الِانْتِفَاعِ، وَمِنْك إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوْثِيقِ، وَنُقِضَ السَّلَمُ وَحَلَفَ؛ وَإِلَّا خُيِّرَ الْآخَرُ، وَإِنْ أَسْلَمْتَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا: فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَيُتَّبَعُ الْجَانِيَ   [منح الجليل] عَلَى) وَجْهِ (الِانْتِفَاعِ) مِنْك بِهِ إمَّا لِاسْتِثْنَائِك مَنْفَعَتَهُ أَوْ اسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ أَوْ إعَارَتِهِ لَك (و) ضَمَانِهِ (مِنْك) يَا مُسْلِمُ (إنْ لَمْ تَقُمْ) أَيْ تَشْهَدُ (بَيِّنَةٌ) بِهَلَاكِ الْعَرْضِ (وَوُضِعَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ عِنْدَك (لِلتَّوَثُّقِ) بِهِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْإِشْهَادِ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ أَوْ بِإِتْيَانِهِ بِرَهْنٍ أَوْ حِيَلٍ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (وَنُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ فُسِخَ (السَّلَمُ وَحَلَفَ) الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِ الْعَرْضِ الْمَوْضُوعِ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ بِهِ. وَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِإِنْ الشَّرْطِيَّةِ وَتَاءِ الْخِطَابِ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك وَإِلَّا فَلَا يَنْقُضُ، وَضَمِنَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِك وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْك ضَمِنْتَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْآخَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ وَإِبْقَائِهِ وَاتِّبَاعِكَ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ. (وَإِنْ أَسْلَمْت حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) أَيْ جَعَلْت مَا ذُكِرَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَتَلِفَ بِتَعَدِّي الْمُسْلِمِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ (فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ) لَا يَنْقُضُ (وَيَتَّبِعُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (الْجَانِيَ) عَلَى الْحَيَوَانِ أَوْ الْعَقَارِ بِقِيمَتِهِ. الْحَطّ فِي هَذَا الْكَلَامِ إجْمَالٌ، وَالْكَلَامُ الْمُفَصَّلُ الْمُبَيَّنُ مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ، وَاعْلَمْ قَبْلَهُ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ ضَمَانَ الْعَرْضِ فِي الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَكَذَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ وَإِلَّا فَمِنْ الْمُسْلِمِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ هَلَكَ بَعْدَمَا صَارَ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلَا شَيْءَ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ، وَيُنْظَرُ فَإِنْ هَلَكَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ عَلَى حَسَبِ تَضْمِينِ الْمُتْلَفَاتِ، وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إنْ أَتْلَفَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي ضَمَانِ الْمُسْلِمِ انْفَسَخَ السَّلَمُ إلَّا أَنْ يُتْلِفَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَاصِدًا إلَى قَبْضِهِ وَإِتْلَافِهِ فَيَصِحُّ السَّلَمُ، وَإِنْ جُهِلَ مِمَّنْ هَلَاكُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا فَسْخُ السَّلَمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَالثَّانِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 343 وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ، وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ: كَالْعَكْسِ، إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَفَارِهِ الْحُمُرِ   [منح الجليل] تَخْيِيرُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ اهـ. قَوْلُهُ وَإِنْ جُهِلَ هَلَاكُهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْفَسْخُ، فَإِنْ جَهِلَ مِمَّنْ هَلَاكُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ، نَعَمْ يَحْلِفُ الْمُسْلِمُ إنْ اُتُّهِمَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ (أَنْ لَا يَكُونَا) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ (طَعَامَيْنِ) فَلَا يَصِحُّ سَلَمٌ طَعَامٌ فِي طَعَامٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا لِأَنَّهُ رِبَا نَسَاءٍ (وَ) أَنْ (لَا) يَكُونَا (نَقْدَيْنِ) فَلَا يَصِحُّ سَلَمٌ نَقْدٌ فِي نَقْدٍ لِذَلِكَ (وَ) أَنْ (لَا) يَكُونَا (شَيْئًا) مُسْلَمًا (فِي أَكْثَرَ) مِنْهُ، مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ رِبَا فَضْلٍ (أَوْ أَجْوَدَ) مِنْهُ كَذَلِكَ لِذَلِكَ، وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَالْعَكْسِ) أَيْ سَلَمُ شَيْءٍ فِي أَقَلَّ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّا عَلَيْهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ (إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) بِاخْتِلَافِ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، فَيَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِ أَفْرَادِهِ فِي بَعْضٍ آخَرَ مُخَالِفٌ فِيهَا أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ لِأَنَّ اخْتِلَافَهَا يَصِيرُ إفْرَادًا لِجِنْسِ الْوَاحِدِ كَجِنْسَيْنِ. الْبُنَانِيُّ أَوْجُهُ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ وَالْمَنْفَعَةِ مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْجَوَازِ وَاتِّفَاقُهُمَا مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي مَنْعِهِ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ الشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ قَرْضٌ، وَاتِّحَادُ الْجِنْسِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَاتِّحَادُ الْمَنْفَعَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ، فَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا مَنَعَ وَمَنْ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَجَازَ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (كَفَّارَةٍ) بِالْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ سَرِيعِ السَّيْرِ مِنْ (الْحُمُرِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ حِمَارٍ، كَذَا فَسَّرَ الْمُصَنِّفُ الْفَارَّةَ، وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَعِيَاضٌ مَذْهَبُهَا أَنَّ الْحَمْلَ وَالسَّيْرَ غَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ حُمُرَ مِصْرَ كُلَّهَا صِنْفًا وَبَعْضُهَا أُسَيْرُ مِنْ بَعْضٍ وَأَحْمَلُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَرَاهَةَ غَيْرُ سُرْعَةِ السَّيْرِ. وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ احْتِجَاجَ أَبِي عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إلْغَاءِ شِدَّةِ السَّيْرِ مَعَ سَيْرٍ دُونَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 344 فِي الْأَعْرَابِيَّةِ،   [منح الجليل] إلْغَاؤُهُ مَعَ عَدَمِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّيْرِ سُرْعَتُهُ لَا مُطْلَقُهُ. وَأَجَابَ عج بِأَنَّ مُرَادَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ إطْلَاقَهَا يَتَنَاوَلُ الْأَسْيَرَ وَالْقَطُوفَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالْقَطُوفَ كَصَبُورٍ ضِيقُ السَّيْرِ فَيَصِحُّ سَلَمُهُ (فِي) الْحُمُرِ (الْأَعْرَابِيَّةِ) أَيْ الْمَنْسُوبَةِ لِلْأَعْرَابِ بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ سُكَّانِ الْبَوَادِي الَّتِي مَنْفَعَتُهَا الْحَمْلُ وَالْعَمَلُ لَا سُرْعَةُ السَّيْرِ، وَاَلَّذِي يُقَيِّدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ الْعَدَدِ إلَّا مَعَ ضَعْفِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ، وَنَصُّهُ الْإِبِلُ صِنْفَانِ صِنْفٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ وَصِنْفٌ لِلرُّكُوبِ، وَكُلُّ صِنْفٍ جَيِّدٍ وَحَاشٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ مَا يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِيمَا يُرَادُ لِلرُّكُوبِ جَيِّدُ أَحَدِهِمَا فِي جَيِّدِ الْآخَرِ، وَالْجَيِّدُ فِي الرَّدِيءِ وَالرَّدِيءُ فِي الرَّدِيءِ اتَّفَقَ الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ كُلُّهَا تُرَادُ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْجَيِّدُ فِي الرَّدِيءِ وَلَا الرَّدِيءُ فِي الْجَيِّدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ جَيِّدٌ فِي حَاشِيَيْنِ فَأَكْثَرَ وَحَاشِيَانِ فَأَكْثَرَ فِي جَيِّدٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ أَوْ الرَّدِيءُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ تَقَدَّمَ الرَّدِيءُ، وَضَمَانٌ يُجْعَلُ إنْ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ وَكَانَتْ الْكَثْرَةُ فِي الرَّدِيءِ كَانَتْ مُبَايَعَةً فَيَكُونُ فَضْلُ الْعَدَدِ لِمَكَانِ الْجَوْدَةِ، وَكَذَا فَعَلَ عَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهَذَا الشَّأْنُ فِيهِ قِلَّةُ عَدَدِ الْجَيِّدِ وَكَثْرَةُ عَدَدِ الرَّدِيءِ، فَإِنْ اسْتَوَى الْعَدَدُ كَانَ الْفَضْلُ مِنْ صَاحِبِ الْجَيِّدِ خَاصَّةً فَلَمْ تَدْخُلْهُ مُبَايَعَةٌ وَلَوْ أَسْلَمَ نِصْفًا مِنْ ثَوْبٍ جَيِّدٍ فِي ثَوْبٍ كَامِلٍ رَدِيءٍ لَجَازَ وَدَخَلَهُ الْمُبَايَعَةُ لِأَنَّ كَمَالَ أَحَدِهِمَا فِي مُقَابَلَةِ جَوْدَةِ الْآخَرِ نَقَلَهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَعْرَابِيَّةِ الْمُقَيَّدُ لِلتَّعَدُّدِ تَبِعَ فِيهِ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا عَبَّرَتْ بِالْأَفْرَادِ أَيْضًا فَقَالَتْ كَاخْتِلَافِ الْحِمَارِ الْفَارَّةِ النَّجِيبِ بِالْحِمَارِ الْأَعْرَابِيِّ فَيَجُوزُ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ حِمَارٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِي حِمَارٍ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ وَالسَّرْجِ. اهـ. وَتَخْتَلِفُ مَنْفَعَةُ الْخَيْلِ بِالسَّبْقِ وَالْأَجَلِ بِقُوَّةِ الْحَمْلِ، وَالْبَقَرِ بِكُثْرِ الْحَرْثِ وَالْعَمَلِ، وَالْغَنَمِ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَالرَّقِيقِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالْحَرِيرِ وَالصُّوفِ بِالرِّقَّةِ وَالْغِلَظِ. فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 345 وَسَابِقِ الْخَيْلِ لَا هِمْلَاجٍ، إلَّا كَبِرْذَوْنٍ وَجَمَلٍ: كَثِيرِ الْحَمْلِ، وَصُحِّحَ، وَبِسَبْقِهِ،   [منح الجليل] جِنْسَانِ إلَّا أَنْ تَقْرَبَ مَنْفَعَتُهُمَا حَكَاهُمَا غَيْرُ وَاحِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَلْ الْبِغَالُ مَعَ الْحَمِيرِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا يُسْلَمُ حِمَارٌ فِي بَغْلٍ وَلَا بَغْلٌ فِي حِمَارٍ حَتَّى يَتَبَايَنَا فِي الْمَنْفَعَةِ كَتَبَايُنِ الْحَمِيرِ أَوْ الْبِغَالِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ هُمَا جِنْسَانِ وَالْأَصْلُ الْجَوَازُ إلَّا أَنْ تَقْرَبَ مَنْفَعَتُهُمَا، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. (وَسَابِقِ الْخَيْلِ) فِي غَيْرِ سَابِقِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ هَلْ تَخْتَلِفُ الْخَيْلُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فَحَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ اخْتِلَافَهَا بِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ لَا تَخْتَلِفُ الصِّغَارُ مِنْ الْكِبَارِ فِي جِنْسٍ مِنْ الْأَجْنَاسِ. وَاعْتَبَرَ اللَّخْمِيُّ الْجَمَالَ فِي الْخَيْلِ (لَا) يَجُوزُ سَلَمُ فَرَسٍ (هِمْلَاجٍ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ آخِرُهُ جِيمٌ أَيْ حَسَنُ السَّيْرِ وَسَرِيعَةٌ بِلَا سَبْقٍ فِي غَيْرِهِ فِي الْقَامُوسِ الْهِمْلَاجُ بِالْكَسْرِ مِنْ الْبَرَاذِينِ الْمُهَمْلَجِ وَالْمُهَمْلَجَةُ فَارِسِيٌّ عُرِّبَ، وَشَاةٌ هِمْلَاجٌ لَا مُخَّ فِيهَا لِهُزَالِهَا وَامْرُؤٌ مُهَمْلَجٌ مُذَلَّلٌ مُنْقَادٌ. غ فِي الصِّحَاحِ الْهِمْلَاجُ مِنْ الْبَرَاذِينِ وَاحِدٌ لِهَمَالِيجَ، وَمَشْيُهَا الْهَمْلَجَةُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. وَفِي الْخُلَاصَةِ الْهَمْلَجَةُ وَالْهِمْلَاجُ حُسْنُ سَيْرِ الدَّابَّةِ فِي سُرْعَةٍ وَدَابَّةٌ هِمْلَاجُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فِيهِ، إذْ لَا تُصَيِّرُهُ سُرْعَةُ سَيْرِهِ مَعَ حُسْنِهِ مُغَايِرًا لِآحَادِ جِنْسِهِ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ الْوَاحِدِ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ تِلْكَ السُّرْعَةُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْهِمْلَاجُ (كَبِرْذَوْنٍ) عَرِيضٍ لَا جَرْيَ فِيهِ وَلَا سَبْقَ يُرَادُ لِلْحَمْلِ وَالسَّيْرِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَمَ الْهِمْلَاجُ مِنْهَا فِي اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْهَمَالِجَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ. " س " اُنْظُرْ مَا دَخَلَتْهُ الْكَافُ. (وَ) جَازَ سَلَمُ (جَمَلٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأُنْثَى (كَثِيرِ الْحَمْلِ) فِي مُتَعَدِّدٍ لَيْسَ كَثِيرَ الْحَمْلِ (وَصُحِّحَ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مُشَدَّدَةً اخْتِلَافُ مَنْفَعَةِ الْجَمَلِ بِكَثْرَةِ حَمْلِهِ (وَبِسَبْقِهِ) أَيْ الْجَمِيلِ فَيَصِحُّ سَلَمُ جَمَلٍ سَابِقٍ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ سَابِقٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ فِي الْإِبِلِ الْحَمْلُ خَاصَّةً وَلَيْسَ السَّبْقُ بِمُعْتَبَرٍ فِيهَا عِنْدَهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُقَاتِلُونَ عَلَيْهَا وَيُرِيدُونَ بَعْضَهَا لِلرُّكُوبِ دُونَ الْحَمْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 346 وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ وَلَوْ أُنْثَى وَكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ،   [منح الجليل] إلَى الْآنَ، فَمَا كَانَ مِنْهَا يَصْلُحُ لِلرُّكُوبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُسْلَمَ فِيمَا يَصْلُحُ لِلْحَمْلِ، وَكَذَا عَكْسُهُ. اهـ. وَإِلَى اخْتِيَارِهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِصُحِّحَ، وَنَكَّتَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِهِ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَهُمْ فِي الْإِبِلِ الْحَمْلُ خَاصَّةً، فَقَالَ فَسَّرَ التُّونِسِيُّ النَّجَابَةَ بِالْجَرْيِ فَقَالَ النَّجِيبُ مِنْهَا صِنْفٌ وَهُوَ مَا فَاقَ بِالْجَرْيِ وَالْجَمِيلُ صِنْفٌ، وَالدَّنِيُّ صِنْفٌ، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ كُلٍّ مِنْ الْحَمْلِ وَالسَّبْقِ وَالسَّيْرِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. اهـ. وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ. " د " وَالْمَقْصُودُ بِالتَّصْحِيحِ السَّبْقُ إذْ الْحَمْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (وَ) تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ فِي نَوْعِ الْبَقَرِ (بِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ) عَلَى الْعَمَلِ كَالْحَرْثِ وَالدَّرْسِ وَالسَّقْيِ وَالطَّحْنِ وَهُوَ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ يُفَرَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُ بِالتَّاءِ وَلَوْ مُذَكَّرًا فَتَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ فَتُطْلَقُ الْبَقَرَةُ عَلَى الذَّكَرِ أَيْضًا، فَلِذَا قَالَ إنْ كَانَتْ ذَكَرًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ الْبَقَرَةُ (أُنْثَى) فِي الصِّحَاحِ الْبَقَرَةُ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَإِنَّمَا دَخَلَتْهُ الْهَاءُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسٍ، وَالْجَمْعُ الْبَقَرَاتُ. وَفِي الْقَامُوسِ الْبَقَرَةُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ الْجَمْعُ بَقَرٌ وَبَقَرَاتٌ وَبُقُرٌ بِضَمَّتَيْنِ. الْحَطّ وَالْجَوَازُ ث قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ بِأَنْ يُسْلِمَ بَقَرَةً قَوِيَّةً فِي بَقَرَتَيْنِ ضَعِيفَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَمَّا سَلَمُ بَقَرَةٍ قَوِيَّةٍ فِي بَقَرَةٍ غَيْرِ قَوِيَّةٍ فَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ هُوَ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ، وَعَكْسُهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا خَاصًّا بِالْبَقَرَةِ، بَلْ يَجْرِي فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَمَا يَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ بِ (كَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ) مِنْ الْمَعْزِ فَتُسْلَمُ شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ مِنْ الْمَعْزِ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهُ لَيْسَتَا غَزِيرَتَيْ اللَّبَنِ فَأَكْثَرَ. الْمَازِرِيُّ اتِّفَاقًا. تت وَأَشْعَرَ بِمَنْعِ شَاةٍ لَبُونٍ بِلَبَنٍ فَفِي الْكَافِي لَا يَجُوزُ أَيُّهُمَا عَجَّلَ وَأَخَّرَ صَاحِبُهُ وَهُوَ الْأَشْهُرُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي جَوَازُهُ، وَمَفْهُومُ الشَّاةِ عَدَمُ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ بِكَثْرَتِهِ فِي بَقَرٍ أَوْ جَامُوسٍ أَوْ إبِلٍ إلَّا لِعُرْفٍ وَقَدْ اقْتَصَرَ بِالتَّبْصِرَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ بِكَثْرَةِ لَبَنِ الْبَقَرِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَأَفَادَ اعْتِمَادَهُ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ خِلَافُهُ، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ مَا لِلَّخْمِيِّ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُرَادُ فِيهِ الْبَقَرُ وَالْجَامُوسُ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ لَا لِلْحَرْثِ، وَلِذَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِهَا وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ جَازَ أَنْ يُسْلَمَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَ مِنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 347 وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ. وَصُحِّحَ خِلَافُهُ وَكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ، أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ، إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ؛   [منح الجليل] أَوْ اخْتَلَفَ، هَذَا هُوَ الْفِقْهُ الْجَلِيُّ الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي فَيَنْظُرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ إلَى عُرْفِ أَهْلِهِ وَلَا يَحْمِلُ أَهْلَ بَلَدٍ عَلَى مَا سُطِّرَ قَدِيمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُرْفٍ تُرِكَ فِيمَا يُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ. (وَظَاهِرُهَا) قَوْلُهَا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُسْلَمُ ضَأْنُ الْغَنَمِ فِي مَعْزِهَا وَلَا عَكْسُهُ إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةً بِالْكَرْمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَخَبَرُ ظَاهِرِهَا (عُمُومُ) أَيْ شُمُولُ الشَّاةِ الْغَزِيرَةِ اللَّبَنِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَحْكُومِ بِجَوَازِ إسْلَامِهَا فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ (الضَّأْنِ) ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الضَّأْنَ وَالْمَعْزَ سَوَاءٌ مَا عُرِفَ مِنْهُمَا بِغُزْرِ اللَّبَنِ وَالْكَرْمِ جَازَ أَنْ يُسْلَمَ فِي غَيْرِهِ " س " الْأَوْلَى إبْدَالُ عُمُومٍ بِشُمُولٍ، أَيْ لِأَنَّ لَفْظَ شَاةٍ فِي كَلَامِهَا مِنْ صِيَغِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ لَا الْعَامِّ (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (خِلَافُهُ) أَيْ أَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ لَا تَخْتَلِفُ بِهَا مَنْفَعَةُ الضَّأْنِ لِأَنَّ غَالِبَ مَا تُرَادُ لَهُ الصُّوفُ، حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ يُرِيدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّأْنِ كَالتَّابِعِ لِمَنْفَعَةِ الصُّوفِ وَلِأَنَّ لَبَنَهَا غَالِبًا أَقَلُّ مِنْ لَبَنِ الْمَعْزِ. وَأَمَّا الْمَعْزُ فَمَنْفَعَةُ شَعْرِهِ يَسِيرَةٌ وَلَبَنُهَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَعَطَفَ عَلَى كَفَّارَةِ الْحُمُرِ إلَخْ فَقَالَ (وَكَ) سَلَمِ حَيَوَانَيْنِ (صَغِيرَيْنِ فِي) حَيَوَانٍ (كَبِيرٍ) مِنْ نَوْعِهِمَا فَيَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ فِي ضَيْح وَأَبِي الْحَسَنِ أَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ لُبَابَةَ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ لُبَابَةَ وَالتَّأْوِيلُ الْآتِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُمَا بِأَبِي مُحَمَّدٍ غَيْرُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (وَ) كَ (عَكْسِهِ) أَيْ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ. السَّفَاقِسِيُّ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا لِسَلَامَتِهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَضَمَانٍ بِجُعْلٍ (أَوْ) سَلَمُ (صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ) أَيْ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ فَيَجُوزَانِ (إنْ لَمْ يُؤَدِّ) الْمَذْكُورَ مِنْ سَلَمِ الْكَبِيرِ فِي الصَّغِيرِ وَعَكْسُهُ (لِلْمُزَابَنَةِ) فِي التَّوْضِيحِ مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ هُنَا الْقِمَارُ وَالْخَطَرُ لِأَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ الصَّغِيرَ فِي الْكَبِيرِ إلَى أَجَلٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 348 وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ: كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ   [منح الجليل] يَكْبُرُ فِيهِ الصَّغِيرُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ اضْمَنْ هَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ كَانَ فِي ذِمَّتِك وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك، وَفِيمَا إذَا أَعْطَاهُ الْكَبِيرَ فِي الصَّغِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا الْكَبِيرَ فِي صَغِيرٍ يَخْرُجُ مِنْهُ. عب وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُرَاعِي فِي سَلَمِ الصَّغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسِهِ أَنْ لَا يَطُولَ أَجَلُ السَّلَمِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الصَّغِيرَانِ أَحَدُهُمَا كَالْكَبِيرِ وَيَلِدُ الْكَبِيرُ صَغِيرَيْنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ مَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا مِنْ الْأَوَّلِ نَظَرًا إلَى جَهْلِ انْتِفَاعِ كُلٍّ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ عج. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ مَنْعِ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ فَقَطْ لَا مَنْعِ سَلَمِ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ وَلَمْ تُتَأَوَّلْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى خِلَافِهِ وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ فَقَالَ (كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ) فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرِهِمَا فِي كَبِيرِهِمَا وَلَا عَكْسُهُ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَيَصِيرُ كَالْجِنْسَيْنِ الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي نَوْعَيْنِ الْآدَمِيُّ وَالْغَنَمُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ الْقَاسِمِ الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ تَخْتَلِفَانِ إلَّا فِي نَوْعَيْنِ الْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ، فَلِذَا يَجُوزُ سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَكَبِيرٍ فِي صَغِيرَيْنِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَأَمَّا سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَعَكْسُهُ أَوْ كَبِيرَيْنِ فِي صَغِيرَيْنِ وَعَكْسُهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْجَوَازُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِلْمُزَابَنَةِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ الصَّغِيرِ فِي الْكَبِيرِ وَلَا عَكْسُهُ سَوَاءٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ. طفي جَعَلَ " س " مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ سَلَمُ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ، وَتَبِعَهُ عج وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّأْوِيلَ بِالْمَنْعِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَكُلُّ مَنْ نَقَلَهُ لَمْ يَخُصَّ الْمَنْعَ بِكَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَعَكْسُهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَسَّرَ الشَّيْخُ الْمُدَوَّنَةَ بِسَمَاعِ عِيسَى فَقَالَ لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِهَا كَبِيرٌ فِي صَغِيرٍ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا صَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ. اهـ. وَيَجُوزُ مَا عَدَا مَا ذَكَرَ وَهُوَ عَكْسُ الْأَخِيرَةِ وَصَغِيرَانِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ، فَالصُّوَرُ سِتٌّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 349 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُ قَوْلِهَا لَا يَجُوزُ كَبِيرٌ فِي صَغِيرٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَنَحْوُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَوْلُهُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ أَيْ فَيَجُوزُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدَّمِ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا، إذْ سَمَاعُ عِيسَى فِيهِ التَّفْصِيلُ، وَعَلَى هَذَا يُفْهَمُ إطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ فِي تَوْضِيحِهِ حَيْثُ قَالَ لَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ، وَفَهِمَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَفِيهَا لَا خَيْرَ فِي قَارِحٍ فِي حَوْلِيٍّ، وَلَا حَوْلِيٍّ فِي قَارِحٍ، وَلَا صَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ فَتَفْصِيلُ الْمَوَّازِيَّةِ يُقَيِّدُ إطْلَاقَهُ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِسَمَاعِ عِيسَى، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلِمُحَمَّدٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ لَا يَجُوزُ صَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ، وَيَجُوزُ كَبِيرٌ فِي صَغِيرَيْنِ. اهـ. وَمُقَابِلُ التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ هُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ لُبَابَةَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا فِي الْمُتَعَدِّدِ وَالْمُتَّحِدِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ، وَأَنَّهُمَا لَيْسَا خَاصَّيْنِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ، وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عج صَغِيرَانِ فِي كَبِيرٍ، وَعَكْسُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ تُؤَوِّلَ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى خِلَافِهِ صَوَابٌ لَوْلَا تَخْصِيصُهُ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَعَلَّ مَا قَالَاهُ تَبِعَا فِيهِ قَوْلَ عِيَاضٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ فَفِيهِمَا أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلَئِنْ سَلِمَ ذَلِكَ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِبَقَاءِ تَأْوِيلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلِ بِالْمَنْعِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ، وَصَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ، وَمَا عَدَا هَذَا فَجَائِزٌ. وَعِنْدَ عِيَاضٍ مَحَلُّ الْمَنْعِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَقَطْ عَلَى إبْقَاءِ قَوْلِهِ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعُضْوُ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ صَغِيرٌ فِي كَبِيرَيْنِ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ، وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُ " سَحْنُونٍ " وعج عَلَيْهِ فَيَرْجِعَانِ لِمَا قَالَهُ لَا أَنَّهُمَا لَا يُجِيزَانِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. الْبُنَانِيُّ يُجَابُ عَنْهُمَا بِأَنَّهُمَا اقْتَصَرَ فِي مَحَلِّ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ بِاعْتِبَارِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَبِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عِيَاضٍ. ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَبِيرٌ فِي صَغِيرٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ فَقَوْلُهُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ يَشْمَلُ صَغِيرًا فِي كَبِيرَيْنِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ طفي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 350 وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ، وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ،   [منح الجليل] وَعَطَفَ عَلَى كَفَّارَةٍ فَقَالَ (وَكَ) سَلَمِ (جِذْعٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (طَوِيلٍ غَلِيظٍ) أَيْ أَوْ غَلِيظٍ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي غَيْرِهِ) الْحَطّ أَيْ فِي جِذْعٍ مُخَالِفٍ لَهُ فِي الطُّولِ وَالْغِلَظِ أَوْ فِي جِذْعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لَيْسَتْ مِثْلَهُ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ الْخَشَبُ لَا يُسْلَمُ مِنْهُ جِذْعٌ فِي جِذْعَيْنِ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اخْتِلَافُهُمَا، كَجِذْعِ نَخْلٍ كَبِيرٍ غِلَظُهُ وَطُولُهُ، كَذَا فِي جُذُوعِ نَخْلٍ صِغَارٍ لَا تُقَارِبُهُ فَيَجُوزُ، وَإِنْ أَسْلَمْته فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَجِنْسًا فَهُوَ قَرْضٌ إنْ ابْتَغَيْت بِهِ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ جَازَ وَإِنْ ابْتَغَيْت بِهِ نَفْعَ نَفْسِك فَلَا يَجُوزُ وَرُدَّ السَّلَفُ، وَلَا يُسْلَفُ جِذْعٌ فِي نِصْفِ جِذْعٍ مِنْ جِنْسِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ جِذْعًا عَلَى ضَمَانِ نِصْفِ جِذْعٍ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَكَذَا ثَوْبٌ فِي ثَوْبٍ دُونَهُ أَوْ رَأْسٍ فِي رَأْسٍ دُونَهُ إلَى أَجَلٍ لَا خَيْرَ فِيهِ. اهـ. فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ كَجِذْعٍ طَوِيلٍ أَوْ غَلِيظٍ فِي جِذْعٍ يُخَالِفُهُ يَقْتَضِي أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الطُّولِ كَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَأَمَّا سَلَمُ الْغَلِيظِ فِي الرِّقَاقِ فَيَجُوزُ وَقَدْ اُعْتُرِضَ بِإِمْكَانِ قَسْمِهِ عَلَى جُذُوعٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ الْكَبِيرُ لَا يُجْعَلُ فِيمَا يُجْعَلُ فِيهِ الصِّغَارُ أَوْ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ الصِّغَارُ إلَّا بِفَسَادٍ لَا يَقْصِدُهُ النَّاسُ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ الْكَبِيرُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الصَّغِيرِ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِذْعِ الصَّغِيرِ الْمَخْلُوقُ لَا الْمَنْجُورُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جِذْعًا، بَلْ جَائِزَةٌ وَهَذَا لِعِيَاضٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْجَوَابِ الثَّانِي أَنَّ الْخَشَبَ أَصْنَافٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ كَانَ الْجِذْعُ مِثْلَ الصَّنَوْبَرِ وَالنِّصْفُ مِنْ النَّخْلِ أَوْ مِنْ نَوْعٍ غَيْرِ الصَّنَوْبَرِ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي الْوَاضِحَةِ كُلُّهُ صِنْفٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أُصُولُهُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ مَنَافِعُهُ وَمَصَارِفُهُ كَالْأَلْوَاحِ وَالْجَوَائِزِ، وَتَرَدَّدَ بَعْضُهُمْ فِي كَوْنِهِ مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ. وَالْحَاصِلُ عَلَى هَذَا الرَّاجِحِ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ أُصُولُ الْخَشَبِ جَازَ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ) أَيْ شَدِيدِ الْقَطْعِ لِشِدَّةِ حِدَّتِهِ وَجَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فَيَجُوزُ سَلَمُهُ (فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ) أَيْ أَدْنَى مِنْهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مَعًا لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ وَصَيْرُورَتِهِمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 351 وَكَجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ: كَرَقِيقِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ لَا جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ عُجِّلَ أَحَدُهُمَا   [منح الجليل] كَجِنْسَيْنِ لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وتت، فَإِنْ سَاوَيَاهُ فِيهِمَا مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي سَيْفَيْنِ مَنْعُهُ فِي وَاحِدٍ دُونَهُ فِيهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ ق عَنْهَا، وَنَصُّ عِيَاضٍ لَا يَجُوزُ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَلَا جَيِّدٍ فِي رَدِيءٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهِ يُرَدُّ اسْتِظْهَارُ " د " جَوَازَهُ أَفَادَهُ عب. طفي لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ الْحَدِيدُ جَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ صِنْفٌ حَتَّى يُعْمَلَ سُيُوفًا أَوْ سَكَاكِينَ فَيَجُوزُ سَلَفُ الْمُرْتَفِعِ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ. وَعَطَفَ عَلَى كَفَّارَةِ الْحُمُرِ أَيْضًا فَقَالَ (وَكَالْجِنْسَيْنِ) فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ إنْ تَبَاعَدَتْ مَنْفَعَتُهُمَا اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) الْمُرَادَةُ مِنْهُمَا (كَرَقِيقِ) ثِيَابِ (الْقُطْنِ وَ) رَقِيقِ ثِيَابِ (الْكَتَّانِ) فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ، وَفِي نُسْخَةِ " تت " فِي الْكَتَّانِ وَالْأُولَى مَنْطُوقُهَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى إحْدَاهُمَا وَتُعْلَمُ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا وَهِيَ عَكْسُهَا بِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا لِاسْتِوَائِهِمَا أَوْ بِدُخُولِهَا بِالْكَافِ، فَإِنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ كَغَلِيظِ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهِ (لَا) يَجُوزُ سَلَمُ (جَمَلٍ) مَثَلًا (فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ عُجِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةً (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْجَمَلَيْنِ وَأُجِّلَ الْآخَرُ لِأَجَلِ السَّلَمِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُعَجَّلُ زَائِدٌ فَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ. وَقِيلَ يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُؤَجَّلَ زَائِدُهُ، فَإِنْ أُجِّلَا مَعًا مُنِعَ بِالْأَوْلَى، وَإِنْ عُجِّلَا مَعًا جَازَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ. وَمَفْهُومُ مِثْلِهِ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَعًا أَجْوَدَ مِنْهُ بِكَثْرَةِ حَمْلٍ أَوْ سَبْقٍ أَوْ أَرْدَأَ جَازَ مُطْلَقًا أُجِّلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِثْلَهُ وَالْآخَرُ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ، فَإِنْ أُجِّلَ الْمِثْلُ مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةِ الْمُعَجَّلِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَدْنَى، وَإِنْ عُجِّلَ الْمِثْلُ جَازَ قَالَهُ أَصْبَغُ، وَإِنْ أُجِّلَا مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ لَا مَفْهُومَ لِمِثْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَنْبِيهٌ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ، اُنْظُرْ ضَيْح وَالْكَبِيرَ، لَكِنَّ هَذَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 352 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَنَصُّهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَوْدَةِ وَالْمُنْفَرِدُ مِثْلُ الْمُعَجَّلِ أَوْ أَدْنَى جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْ الْمُعَجَّلِ وَمِثْلَ الْمُؤَجَّلِ أَوْ أَدْنَى لَمْ يَجُزْ وَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ هِيَ الْمُعَجَّلُ مَعَ فَضْلِ الْمُؤَجَّلِ إنْ كَانَ أَجْوَدَ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ أَجْوَدَ مِنْهُمَا جَازَ وَهِيَ مُبَايَعَةٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ إلَّا قَوْلَهُ كَفَّارَةِ الْحُمُرِ، لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ كَفَّارَةِ الْحُمُرِ مِثَالٌ لِلْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُ، وَهَذَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ هُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَافِ كَانَ أَصْوَبَ. الثَّانِي: ابْنُ عَاشِرٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُقْتَحِمَتَانِ بَيْنَ نَظَائِرَ مِنْ نَمَطٍ وَاحِدٍ. الثَّالِثُ: اعْتَرَضَ " ق " قَوْلَهُ لَا جَمَلَ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ إلَخْ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِيهِ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَبِهَا أَخَذَ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ، قَالَ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ خَلِيلٍ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي جَمَلٍ بِجَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدٌ وَالْآخَرُ مُؤَخَّرٌ رِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ، وَبِالْأُولَى أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِالثَّانِيَةِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ هَذَا الرِّبَا انْتَهَى. الْبُنَانِيُّ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ هُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ الْمُؤَخَّرَ عِوَضٌ مِنْ الْمَدْفُوعِ فَهُوَ سَلَفٌ وَالْمُعَجَّلَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقْرَبُهُمَا جَرْيًا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَقْدِيرًا يَمْنَعُ وَتَقْدِيرًا يَجُوزُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا تَغْلِيبُ الْمَنْعِ انْتَهَى، وَبِأَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ هَذَا الرِّبَا يُفِيدُ الْمَنْعَ، وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُرَادُ بِهَا الْمَنْعُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلِقَوْلِ سَحْنُونٍ هَذَا الرِّبَا وَبِمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ، وَنَصُّهُ لَوْ أَسْلَمَ فُسْطَاطِيَّةً فِي فُسْطَاطِيَّةٍ مُعَجَّلَةٍ وَفُسْطَاطِيَّةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ الْجَوَازَ، وَعَنْ سَحْنُونٍ الْكَرَاهَةَ. وَاعْتَرَضَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَبُو إِسْحَاقَ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ نِصْفُهُ عَنْ الْمُعَجَّلِ وَنِصْفُهُ عَنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 353 وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ، لَا بِالْبَيْضِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ   [منح الجليل] الْمُؤَجَّلِ، فَصَارَ قَدْ دَفَعَ نِصْفَ جَمَلٍ فِي جَمَلٍ إلَى أَجَلٍ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ انْتَهَى، فَقَدْ رَجَّحَ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَبُو إِسْحَاقَ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الرَّابِعُ: لَوْ كَانَ مَعَ أَحَدِ الْجَمَلَيْنِ دَرَاهِمُ حَيْثُ أُسْلِمَ جَمَلٌ فِي جَمَلٍ أَوْ كَانَ مَعَ الْمُنْفَرِدِ دَرَاهِمُ إذَا أُسْلِمَ جَمَلٌ فِي جَمَلَيْنِ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْجَمَلَانِ أَوْ الْجِمَالُ وَلَوْ أُخِّرَتْ الدَّرَاهِمُ، فَإِنْ أُخِّرَ الْجَمَلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ إنْ كَانَتْ مِنْ صَاحِبِ الْمُؤَجَّلِ كَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صَاحِبِ الْمُعَجَّلِ كَانَ ضَمَانًا بِجُعْلٍ. الْخَامِسُ: الْحَطّ بَيْنَ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ إسْلَامِ بَعْضِ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ فِي بَعْضِهِ مِمَّا حُكِمَ إسْلَامُ نَوْعٍ مِنْهُ فِي نَوْعٍ آخَرَ. قُلْت حُكْمُهُ الْجَوَازُ، وَلِوُضُوحِهِ سَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ لِحُكْمِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْغَنَمِ كُلِّهَا بِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، قَالَ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَفَ الْإِبِلُ فِي الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ وَيُسْلَمَ الْبَقَرُ فِي الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ وَيُسْلَفَ الْغَنَمُ فِي الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ وَيُسْلَمَ الْحَمِيرُ فِي الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ أَوْ الْخَيْلِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ إسْلَافَ الْحَمِيرِ فِي الْبِغَالِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْحُمُرِ الْأَعْرَابِيَّةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْفَارَةُ النَّجِيبُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ إذَا أُسْلِفَتْ الْحَمِيرُ فِي الْبِغَالِ وَالْبِغَالُ فِي الْحَمِيرِ، وَاخْتَلَفَتْ كَاخْتِلَافِ الْحِمَارِ الْفَارَةِ النَّجِيبِ بِالْحِمَارِ الْأَعْرَابِيِّ فَجَائِزٌ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يُسْلَفُ صِغَارُ الْغَنَمِ فِي كِبَارِهَا وَلَا كِبَارُهَا فِي صِغَارِهَا وَلَا مَعْزُهَا فِي ضَأْنِهَا فِي مَعْزِهَا لِأَنَّهَا كُلَّهَا مَنْفَعَتُهَا اللَّحْمُ لَا الْحُمُولَةُ إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَعْرُوفَةً بِالْكَرْمِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ. وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمَنَافِعُ فِي الْحَيَوَانِ جَازَ إسْلَامُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ اتَّفَقَتْ أَسْنَانُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ اهـ. (وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا صَنْعَةً شَرْعِيَّةً كَالِاصْطِيَادِ وَتَوْصِيلِ الْكِتَابِ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَيَجُوزُ سَلَمُ وَاحِدٍ مُعَلَّمٍ فِي وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ أَوْ أَكْثَرَ فَيُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الطَّيْرِ بِالتَّعَلُّمِ (لَا بِالْبِيضِ) فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ دَجَاجَةٍ بَيُوضٍ فِي دَجَاجَتَيْنِ دُونَهَا فِيهِ " غ " لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ طَيْرَ التَّعْلِيمِ (وَلَا) يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الطَّيْرِ بِ (الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 354 وَلَوْ آدَمِيًّا، وَغَزْلٍ وَطَبْخٍ إنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ،   [منح الجليل] فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ دِيكٍ فِي دَجَاجَتَيْنِ وَلَا عَكْسُهُ الْحَطّ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا يُقْتَنَى مِنْ الطَّيْرِ لِلْفِرَاخِ وَالْبِيضِ كَالدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ وَالْحَمَامِ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهُ جِنْسٌ عَلَى حِدَتِهِ صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ ذَكَرُهُ وَأُنْثَاهُ، وَإِنْ تَفَاضَلَ بِالْبِيضِ وَالْفِرَاخِ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجَنَانُ مِنْهُ جَازَ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ لِأَجَلٍ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لَا يُقْتَنَى لِبَيْضٍ وَلَا فِرَاخٍ وَإِنَّمَا يُتَّخَذُ لِلَّحْمِ فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ اللَّحْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُرَاعِي حَيَاتَهَا إلَّا مَعَ اللَّحْمِ وَأَشْهَبُ يُرَاعِيهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَيَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِهِ سَلَمُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ إذَا اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا بِمَنْزِلَةِ مَا يُقْتَنَى لِبَيْضٍ أَوْ فِرَاخٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَالْحَمَامُ صِنْفٌ وَمَا لَا يُقْتَنَى مِنْ الْوَحْشِ كَالْحَجَلِ وَالْيَمَامِ هُوَ كَاللَّحْمِ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَيًّا إلَّا تَحَرِّيًا يَدًا بِيَدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ جِنْسَانِ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهُمَا مَعًا فِي قُطْرِ الْأَنْدَلُسِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الرَّجْرَاجِيُّ، زَادَ بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إلَّا تَحَرِّيًا يَدًا بِيَدٍ، وَلَا يَجُوزُ بِإِوَزٍّ أَوْ دَجَاجٍ أَوْ حَمَامٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ اهـ. وَلَا يُعْتَبَرُ الِاخْتِلَافُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ إنْ كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ آدَمِيٍّ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (آدَمِيًّا) عَلَى الصَّحِيحِ وَالْأَشْهَرِ، وَهُوَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِهِمَا لِاخْتِلَافِ خِدْمَتِهِمَا فَخِدْمَةُ الذَّكَرِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَالْأَسْفَارِ وَشَبَهِهِمَا، وَخِدْمَةُ الْأُنْثَى دَاخِلَ الْبَيْتِ كَعَجْنٍ وَخَبْزٍ وَطَبْخٍ وَشَبَهِهَا، وَلِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النَّاسِ قَالَهُ تت (وَ) لَا تَخْتَلِفُ مَنْفَعَةُ الْإِمَاءِ بِ (غَزْلٍ و) لَا بِ (طَبْخٍ) لِسُهُولَتِهِمَا (إنْ لَمْ يَبْلُغْ) كُلٌّ مِنْهُمَا (النِّهَايَةَ) فِي الْإِتْقَانِ بِأَنْ تَفُوقَ فِيهِ عَلَى أَمْثَالِهَا، وَيَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَلِمِثْلِهِ تُرَادُ قَالَهُ الشَّارِحُ و " ق " وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطَّبْخَ مُعْتَبَرٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ أَمْ لَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. طفي سَوَّى بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ التَّابِعِ لِابْنِ بَشِيرٍ، وَلِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الطَّبْخَ كَالْغَزْلِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ الطَّبْخُ وَالْخَبْزُ صَنْعَةٌ يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ بُلُوغِ النِّهَايَةِ، وَلِذَا قَالَ " ق " هَذَا الشَّرْطُ لِلَّخْمِيِّ فِي الْغَزْلِ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الطَّبْخِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 355 وَحِسَابٍ، وَكِتَابَةٍ. وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ: قَرْضٌ   [منح الجليل] وَسَوَّى خَلِيلٌ بَيْنَهُمَا كَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) لَا تَخْتَلِفُ مَنْفَعَةُ الرَّقِيقِ بِمَعْرِفَةِ (حِسَابٍ وَكِتَابَةٍ) وَلَوْ اجْتَمَعَا فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ تَخْتَلِفُ مَنْفَعَتُهُ بِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِسَلَمِ حَاسِبٍ كَاتِبٍ فِي وَصِيفٍ سِوَاهُ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. أَبُو عِمْرَانَ قَوْلُهُمَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ. تت فِي كَبِيرِهِ لَوْ قَالَ كَكِتَابَةٍ لِيَشْمَلَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّجْرَ وَالْخِيَاطَةَ وَشَبَهَهَا لَكَانَ أَحْسَنَ وَتَبِعَهُ " س "، وَهُوَ وَهْمٌ فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ بِالْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ وَسَائِرِ الصَّنَائِعِ، وَالْخِلَافُ فِي الْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ هَلْ هُمَا صَنْعَةٌ أَمْ لَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَخْتَلِفُ أَفْرَادُ النَّوْعِ بِالتَّجْرِ بِأَنْ يُسْلَمَ عَبْدٌ تَاجِرٌ فِي نُوبِيَّيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا لَا تَجْرَ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ إنْ اخْتَلَفَ تَجْرُهُمَا كَبَزَّازٍ وَعَطَّارٍ أَوْ صَنْعَتُهُمَا كَخَبَّازٍ وَخَيَّاطٍ، وَيُسْلَمُ التَّاجِرُ فِي الصَّانِعِ، ثُمَّ قَالَ وَالتَّجْرُ مُعْتَبَرًا اتِّفَاقًا، وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاق عَلَى اعْتِبَارِ الصَّنَائِعِ. عِيَاضٌ تَأَمَّلْ قَوْلَهَا لَا بَأْسَ بِسَلَمِ عَبْدٍ تَاجِرٍ فِي نُوبِيَّيْنِ مَعَ كَرَاهَةِ بَيْعِ النَّوْبِ لِأَنَّ لَهُمْ عَهْدًا فِيهَا، وَالنُّوبَةُ لَا يَنْبَغِي شِرَاؤُهُمْ مِمَّنْ سَبَاهُمْ لِأَنَّ لَهُمْ عَهْدًا مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ. وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّ ذَا لَعَلَّهُ فِيمَا بَاعُوهُ مِنْ عَبِيدِهِمْ أَوْ يَكُونُ لَفْظُهَا لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْكَلَامَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ لَعَلَّهُ لِشَرْطٍ نَقَضُوهُ. عب وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَبْنِي بِنَاءً مُعْتَبَرًا وَالْآخَرُ دُونَهُ فَكَجِنْسَيْنِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْخِيَاطَةِ. (وَالشَّيْءُ) طَعَامًا كَانَ أَوْ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ رَقِيقًا الْمَدْفُوعُ (فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ) سَوَاءٌ وَقَعَ بِلَفْظِ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَرْضِ. وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالنَّقْدُ فَحَلَّ جَوَازُهُ إذَا سُمِّيَ قَرْضًا، فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا أَوْ سَلَمًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا مَنَعَ لِأَنَّهُ فِي الطَّعَامِ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ. وَفِي النَّقْدِ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ فَيُعَمَّمُ فِي الشَّيْءِ، وَيُخَصَّصُ بَعْدُ. الْحَطّ رَدَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحُكْمَ فِيهِ إلَى الْقَصْدِ لِعَدَمِ ظُهُورِ مَنْفَعَتِهِ فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ مَا ظَهَرَتْ مَنْفَعَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 356 وَأَنْ يُؤَجَّلَ بِمَعْلُومٍ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ: كَالنَّيْرُوزِ، وَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ.   [منح الجليل] وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ فَقَالَ (وَأَنْ يُؤَجَّلَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدَةً السَّلَمُ فِيهِ (بِ) أَجَلٍ (مَعْلُومِ) الْعَاقِدَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَالزَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِضَرْبِ أَجَلٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ، وَأَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ لِاخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِيهِ غَالِبًا. وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ (زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ) لِأَنَّهُ لَا تَتَحَقَّقُ الْخَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَوْ يَسِيرَةً. " غ " لَعَلَّهُ أَرَادَ نِصْفَ شَهْرٍ نَاقِصٍ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ نِصْفَ شَهْرٍ لِيُوَافِقَ النَّصَّ اهـ. الْبُنَانِيُّ فِي خش تَبَعًا تت مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ غَيْرُ كَافٍ مَعَ أَنَّهُ كَافٍ، بَلْ وُقُوعُ السَّلَمِ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَحَدَ عَشَرَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَقَطْ. عج وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِي قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّارِحِ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. طفي وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرَهُ لَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَوْفَى ابْنُ عَرَفَةَ أَقْوَالَهَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ خَمْسَةَ عَشَرً يَوْمًا وَنَحْوَهَا وَلَا صَاحِبُ الشَّامِلِ. وَلَمَّا كَانَ التَّأْجِيلُ الْمَعْلُومُ جَائِزًا بِحِسَابِ الْعَجَمِ إنْ عَلِمَهُ الْعَاقِدَانِ قَالَ (كَالنَّيْرُوزِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ آخِرَهُ زَايٌ أَيْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَهُوَ أَوَّلُ شَهْرِ تُوتٍ وَفِي سَابِعِهِ وُلِدَ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمِهْرَجَانَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ عِيدُ الْفُرْسِ بِضَمِّ الْفَاءِ رَابِعَ عَشَرَ شَهْرِ بَؤُونَةَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْهَمْزِ تَلِيهَا نُونٌ وُلِدَ فِيهِ يَحْيَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. (وَ) يَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِفِعْلٍ لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ (كَالْحَصَادِ) لِلزَّرْعِ (وَالدِّرَاسِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ (وَقُدُومِ) بِضَمِّ الْقَافِ الْحَاجِّ أَيْ رُجُوعِ (الْحَاجِّ) لِبَلَدِهِ بَعْدَ حَجِّهِ، وَيَجُوزُ التَّأْجِيلُ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ سَوَاءٌ عُرِفَا بِالْحِسَابِ أَوْ بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 357 وَاعْتُبِرَ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ،   [منح الجليل] لَا بُدَّ مِنْ تَأَخُّرِ الْمَذْكُورَاتِ عَنْ يَوْمِ الْعَقْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (وَاعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مِيقَاتُ) أَيْ وَقْتُ حُصُولِ (مُعْظَمِهِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ أَكْثَرِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَصَادِ وَمَا بَعْدَهُ عَادَةً، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ لِمَانِعٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَالْعَصِيرِ أَوْ إلَى رَفْعِ جُرُونِ بِئْرِ زَرْقُونَ لِأَنَّهُ أَجَلٌ مَعْرُوفٌ وَإِنْ كَانَ لِلْعَطَاءِ وَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَفِصْحِ النَّصَارَى وَصَوْمِهِمْ وَالْمِيلَادِ وَقْتٌ مَعْرُوفٌ جَازَ الْبَيْعُ إلَيْهِ. عِيَاضٌ الْحَصَادُ وَالْجَدَادُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ، وَجُرُونٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالرَّاءِ جَمْعُ جَرِينٍ وَهُوَ الْأَنْدَرُ كَذَا جَاءَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ بِزِيَادَةِ وَاوٍ، وَصَوَابُهُ جُرُنٌ بِغَيْرِ وَاوٍ، وَبِئْرُ زَرْقُونٍ بِفَتْحِ الزَّاي فَسَّرَهَا فِي الْكِتَابِ بِأَنَّهَا بِئْرٌ عَلَيْهَا زَرْعٌ وَحَصَادٌ. الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَزَرْقُونٌ الْمُضَافُ إلَيْهِ الْبِئْرُ اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيٍّ، وَالنَّيْرُوزُ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ وَالْعَجَمِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ، وَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ الْجَدِيدُ وَهُوَ عِيدُ الْفُرْسِ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ شُهُورِ سَنَتِهِمْ، وَيُسَمُّونَ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ نَيْرُوزَ الْخَاصَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ مُعْظَمُ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَحِلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِالْحَصَادِ وَالْجَدَادِ، فَسَوَاءٌ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ فِي الْحَصَادِ أَوْ الْجَدَادِ أَوْ بَاعَهُ إلَى الْجَدَادِ وَالْحَصَادِ يَحِلُّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فِي مُعْظَمِ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ، إذْ لَيْسَ لِأَوَّلِ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَآخِرِهِ حَدٌّ مَعْلُومٌ فَيُحْمَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مُعْظَمِهِ بِخِلَافِ الشَّهْرِ إذَا بَاعَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فِي شَهْرِ كَذَا جَازَ الْبَيْعُ، وَحَلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي وَسَطِهِ بِدَلِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الشَّهْرَ لَمَّا كَانَا أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ غَيْرَ مَعْلُومَيْنِ كَانَ وَسَطُهُ مَعْرُوفًا، فَقُضِيَ بِحُلُولِ الثَّمَنِ عِنْدَهُ. وَإِذَا بَاعَهُ إلَى شَهْرِ كَذَا حَلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِاسْتِهْلَالِهِ لِأَنَّهُ إلَى غَايَةٍ وَهَذَا بَيِّنٌ اهـ. فَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يَقْضِيَهُ فِي الصَّيْفِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي وَسَطِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ لُبَابَةَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ، وَإِذَا بَاعَهُ إلَى الصَّيْفِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَبَايِعَانِ يَعْرِفَانِ الْحِسَابَ وَيَعْرِفَانِ أَوَّلَ الصَّيْفِ وَآخِرَهُ فَيَحِلُّ بِأَوَّلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا ذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 358 إلَّا أَنْ يُقْبَضَ بِبَلَدٍ: كَيَوْمَيْنِ، وَإِنْ خَرَجَ حِينَئِذٍ   [منح الجليل] وَإِنَّمَا الصَّيْفُ عِنْدَهُمَا بِشِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ فَيَحِلُّ بِمُعْظَمِهِ، وَيَرْجِعُ فِي أَوَّلِ الصَّيْفِ إلَى الْحِسَابِ الَّذِي تَعَارَفَهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يُشْتَرَطَ (أَنْ يُقْبَضَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِبَلَدٍ) غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ نِصْفُ شَهْرٍ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ مَسَافَةِ ذَلِكَ الْبَلَدِ (كَيَوْمَيْنِ) مِنْ بَابِ الْعَقْدِ يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ بِهِمَا فَيَكُونُ نَحْوُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ، وَيَحْتَمِلُ وَالثَّلَاثَةُ وَهُوَ الَّذِي فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ الْمَازِرِيُّ يَكْفِي الْيَوْمُ الْوَاحِدُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى بُعْدٍ. الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ عِنْدِي رَدُّ جَمِيعِهَا لِلْوِفَاقِ بِاعْتِبَارِ زَمَانِ كُلٍّ أَوْ مَفْهُومِ عَدَدٍ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَ بَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ، أَوْ خَرَجَ عَلَى سُؤَالٍ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ قَالَهُ تت. طفي قَوْلُهُ يَحْتَمِلُ التَّحْدِيدَ أَيْ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَالْكَافُ زَائِدَةٌ، لَكِنْ يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ الْكَافِ وَمُخَالَفَةُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ. قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ وَالثَّلَاثَةُ أَيْ لَا أَقَلُّ مِنْهَا وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ كَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى مَذْهَبِهَا وَلَوْ نَصَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَحَذَفَ الْكَافَ لَجَرَى عَلَى مَذْهَبِهَا بِلَا كُلْفَةٍ. عب كَيَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ذَهَابًا فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِمَسَافَتِهِمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِنِصْفِ شَهْرٍ لِمَظِنَّةِ اخْتِلَافِ سُوقِ الْبَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ. وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِالْفِعْلِ وَلَا يَكْفِي عَوْنُ الْيَوْمَيْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَ السُّوقُ بِالْفِعْلِ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْجِيلِهِ بِنِصْفِ شَهْرٍ ثُمَّ جَوَازُ مَا أَجَّلَهُ كَيَوْمَيْنِ مُقَيَّدٌ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ: أَحَدُهَا: قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ قُرْبِهِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ. وَثَانِيهَا: اشْتِرَاطُ خُرُوجُهُمَا حَالَ الْعَقْدِ، وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. ثَالِثُهَا: خُرُوجُهُمَا بِالْفِعْلِ وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ خَرَجَ) عَاقِدُ السَّلَمِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْمُسْلِمُ إذْ الْمَوْضُوعُ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ عَلَى كَيَوْمَيْنِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَالْآخَرُ بِوَكِيلِهِ أَوْ لَهُمَا وَكِيلَانِ بِبَلَدٍ قَبَضَهُ فِرَارًا مِنْ جَهَالَةِ زَمَنِ قَبْضِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 359 بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ. وَالْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ، وَتُمِّمَ الْمُنْكَسِرُ مِنْ الرَّابِعِ، وَإِلَى رَبِيعٍ حَلَّ بِأَوَّلِهِ وَفَسَدَ فِيهِ عَلَى الْمَقُولِ، لَا فِي الْيَوْمِ   [منح الجليل] رَابِعُهَا: كَوْنُ مَسَافَةِ الْيَوْمَيْنِ (بِبَرٍّ أَوْ) بِبَحْرٍ يُسَافِرُ فِيهِ (بِغَيْرِ رِيحٍ) بِأَنْ كَانَ بِانْحِدَارٍ مَعَ جَرْيِ الْمَاءِ أَوْ بِمَجَادِيفَ أَوْ يُجَرُّ بِحَبْلٍ مِنْ أَشْخَاصٍ مَاشِينَ بِبَرٍّ احْتِرَازًا مِنْ الْبَحْرِ الَّذِي يُسَافِرُ فِيهِ بِالرِّيحِ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ إذْ قَدْ يَصِلُ فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَيَصِيرُ سَلَمًا حَالًّا (وَالْأَشْهُرُ) بِضَمِّ الْهَاءِ جَمْعُ شَهْرٍ الْمُؤَجَّلُ بِهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِشَهْرٍ فَأَكْثَرَ تُحْسَبُ (بِ) ظُهُورِ (الْأَهِلَّةِ) جَمْعُ هِلَالٍ، سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ بَعْدَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا إنْ عَقَدَ السَّلَمَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ، فَإِنْ عَقَدَ فِي غَيْرِهَا وَأَجَّلَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حَسَبَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِالْهِلَالِ (وَتُمِّمَ) الشَّهْرُ الْأَوَّلُ (الْمُنْكَسِرُ) أَيْ الَّذِي مَضَى مِنْهُ لَيْلَةٌ أَوْ أَكْثَرُ قَبْلَ عَقْدِ السَّلَمِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ بِالْهِلَالِ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَيُتَمَّمُ (مِنْ) الشَّهْرِ (الرَّابِعِ) لَا مِمَّا يَلِيهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ وَلِتَأْدِيَتِهِ لِانْكِسَارِ جَمِيعِ الْأَشْهُرِ. (وَ) إنْ أَحَلَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ (إلَى) شَهْرِ (رَبِيعٍ) الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي مَثَلًا (حَلَّ) الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِأَوَّلِهِ) أَيْ رَبِيعٍ بِظُهُورِ هِلَالِهِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ لَا بِظُهُورِهِ نَهَارًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ أَرَادَ بِهِ الرُّؤْيَةَ الْغَالِبَةَ وَهِيَ رُؤْيَتُهُ لَيْلًا (وَفَسَدَ) السَّلَمُ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ (فِيهِ) أَيْ الشَّهْرِ (عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ مُخْتَارِ الْمَازِرِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ لُبَابَةَ لِلْجَهْلِ بِوَقْتِ الْقَضَاءِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ وَسَائِرِ أَيَّامِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - صَحَّ وَيَقْضِيهِ وَسَطَهُ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْبٍ وَابْنُ سَهْلٍ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَائِلًا يَكُونُ مَحَلُّ الْأَجَلِ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ إذَا قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا وَفِي وَسَطِ السَّنَةِ إذَا قَالَ فِي سَنَةِ كَذَا، وَإِنْ قَالَ أَقْضِيك فِي جُلِّ رَبِيعٍ مَثَلًا فَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْجُلُّ الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرُ (لَا) يَفْسُدُ السَّلَمُ الَّذِي شُرِطَ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ (فِي الْيَوْمِ) الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهْرِ مَثَلًا لِخِفَّةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 360 وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ مِنْ: كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ: كَالرُّمَّانِ، وَقِيسَ بِخَيْطٍ، وَالْبِيضِ، أَوْ بِحَمْلٍ أَوْ جُرْزَةٍ   [منح الجليل] غَرَرِهِ وَيَحِلُّ بِطُلُوعِ فَجْرِهِ، وَإِنْ قَالَ لِصَدْرِ شَهْرِ كَذَا فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ ثُلُثَاهُ أَوْ نِصْفُهُ. ابْنُ مَالِكٍ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَحْدَهُ بِثُلُثِهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ لِأَجَلٍ سَمَّاهُ، فَلَمَّا حَلَّ قَضَاهُ مِنْ حَقِّهِ صَدْرًا مِثْلَ الثُّلُثِ فَمَا فَوْقَهُ بُرْءٌ قَالَهُ تت. وَأَشَارَ لِرَابِعِ شُرُوطِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ: (وَأَنْ يُضْبَطَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِ) ضَابِطِ (عَادَتِهِ) فِي بَلَدِ السَّلَمِ أَيْ بِمَا اعْتَادَ أَهْلُ بَلَدِهِ ضَبْطَهُ بِهِ (مِنْ كَيْلٍ) لِنَحْوِ قَمْحٍ (أَوْ وَزْنٍ) لِنَحْوِ لَحْمٍ وَسَمْنٍ وَالْيُسْرِ وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْأُرْزِ تُكَالُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَتُوزَنُ فِي بَعْضٍ آخَرَ فَتُضْبَطُ بِالْكَيْلِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالْوَزْنِ فِي الثَّانِي (أَوْ عَدَدٍ كَالرُّمَّانِ) وَالسَّفَرْجَلِ وَالْبَيْضِ وَالْبِطِّيخِ (وَقِيسَ) بِكَسْرِ الْقَافِ الرُّمَّانُ وَنَحْوُهُ سَوَاءٌ اُعْتِيدَ عَدُّهُ أَوْ وَزْنُهُ أَيْ اُعْتُبِرَ قِيَاسُهُ (بِ) مِلْءِ (خَيْطٍ) مَعْلُومِ الطُّولِ كَشِبْرٍ أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ بَاعٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ بِكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ، وَيُجْعَلُ الْخَيْطُ عِنْدَ أَمِينٍ أَوْ بِخَيْطَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ، وَيُجْعَلُ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَالْآخَرُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. (وَ) كَ (الْبَيْضِ) يُضْبَطُ بِالْعَدِّ وَأَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقِيسَ بِخَيْطٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ لَهُ أَيْضًا فَلَا يُقَاسُ بِخَيْطٍ لِيَسَارَةِ تَفَاوُتِهِ. اهـ. وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ يُقَاسُ الْبَيْضُ بِخَيْطٍ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ، وَلَا يَسْلُفُ فِي الْبَيْضِ إلَّا عَدَدًا بِصِفَةٍ، وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ عَلَى الْعَدَدِ وَالصِّفَةِ أَوْ عَلَى الْكَيْلِ إذَا عُرِفَ فِيهِ، وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الرُّمَّانِ عَدَدًا إذَا وُصِفَ مِقْدَارُ الرُّمَّانَةِ، وَكَذَا التُّفَّاحُ وَالسَّفَرْجَلُ إذَا كَانَ يُحَاطُ بِمَعْرِفَتِهِ اهـ. (أَوْ) يُضْبَطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِحِمْلٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ (أَوْ جُرْزَةٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَلِيهَا زَايٌ أَيْ حُزْمَةٍ الْمُصَنِّفُ، قِيلَ وَيُقَاسُ بِحَبْلٍ بِأَنْ يَقُولَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 361 فِي: كَفَصِيلٍ، لَا بِفَدَّانٍ. أَوْ بِتَحَرٍّ وَهَلْ بِقَدْرِ كَذَا؟ أَوْ يَأْتِي بِهِ وَيَقُولُ كَنَحْوِهِ؟ تَأْوِيلَانِ. وَفَسَدَ بِمَجْهُولٍ وَإِنْ   [منح الجليل] أُسْلِمُك فِي عَشْرَةِ أَحْمَالٍ مِنْ الْبِرْسِيمِ أَوْ الْحَطَبِ كُلُّ حِمْلٍ يَمْلَأُ هَذَا الْحَبْلَ أَوْ فِي مِائَةِ جُرْزَةٍ مِنْ كَذَا كُلُّ جُرْزَةٍ تَمْلَؤُهُ، وَيُحْمَلُ عِنْدَ أَمِينٍ وَيَكُونُ الضَّبْطُ بِالْحِمْلِ أَوْ الْجُرْزَةِ (فِي كَفَصِيلٍ) مِنْ نَحْوِ بِرْسِيمٍ وَقَضْبٍ و (لَا) يَصِحُّ ضَبْطُهُ (بِفَدَّانٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ آخِرَهُ نُونٌ مِقْيَاسٌ مَعْلُومٌ لِلزَّارِعِينَ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْجَهْلَ، وَالْغَرَرَ لِاخْتِلَافِ الزَّرْعِ بِالْخِفَّةِ وَضِدِّهَا وَجَوَّزَهُ أَشْهَبُ (أَوْ) يُضْبَطُ الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِتَحَرٍّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ اجْتِهَادٍ وَتَخْمِينٍ، إنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ جُزَافًا كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَحَبٍّ وَسَمْنٍ وَزَيْتٍ إنْ عُدِمَتْ آلَةُ الْوَزْنِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ نَحْوُ تَقْيِيدِ ابْنِ رُشْدٍ فِي مَسْأَلَةِ الذِّرَاعِ. (وَهَلْ) مَعْنَى التَّحَرِّي أَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي خُبْزٍ أَوْ لَحْمٍ مَثَلًا إذَا تَحَرَّى كَانَ (بِقَدْرِ كَذَا) أَيْ قِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ إرْدَبٍّ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ كَأَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي قَدْرِ عَشْرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ ضَأْنٍ مَثَلًا أَوْ خُبْزٍ وَنَحْوَهُ، أَيْ تَحَرِّيًا لَا تَحْقِيقًا وَإِلَّا كَانَ مَضْبُوطًا بِالْوَزْنِ (أَوْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ (يَأْتِي) الْمُسْلِمُ (بِهِ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُتَحَرِّي بِهِ مِنْ نَحْوِ لَحْمٍ أَوْ قَمْحٍ (وَيَقُولُ) الْمُسْلِمُ أُسْلِمُك فِي خُبْزٍ أَوْ لَحْمٍ أَوْ تَمْرٍ (كَنَحْوِهِ) أَيْ الْمَأْتِيِّ بِهِ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إلَى أَنَّ مَعْنَى التَّحَرِّي مِنَّا أَنْ يَقُولَ أُسْلِمُكَ فِي لَحْمٍ يَكُونُ قَدْرَ عَشْرَةِ أَرْطَالٍ، وَكَذَلِكَ الْخُبْزُ. وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ إنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ قَدْرًا مَا وَيَقُولُ آخُذُ مِنْكَ قَدْرَ هَذَا كُلَّ يَوْمٍ وَيَشْهَدُ عَلَى الْمِثَالِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا فِي السَّلَمِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اشْتَرَطَ فِي اللَّحْمِ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا جَازَ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْ عَرَفُوهُ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ تَحَرِّيًا. اهـ. وَقَيَّدَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ بِالْقَلِيلِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَفَسَدَ) السَّلَمُ إنْ ضَبَطَ فِيهِ (بِ) شَيْءٍ (مَجْهُولٍ) مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ حِنْطَةً أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ زَيْتًا أَوْ عَدَدِ هَذَا الْكَفِّ مِنْ الْحَصَى بَيْضًا (وَإِنْ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 362 نَسَبَهُ أُلْغِيَ وَجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ: كُوبِيَّةٌ وَحَفْنَةٍ؛ وَفِي الْوَبْيَاتِ وَالْحَفَنَاتِ: قَوْلَانِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً:   [منح الجليل] ضَبَطَهُ بِمَجْهُولٍ وَ (نَسَبَهُ) أَيْ الْمَجْهُولَ لِمَعْلُومٍ كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ وَهُوَ إرْدَبٌّ أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ وَهُوَ قِنْطَارٌ أَوْ عَدَدِ هَذَا الْحَصَى وَهُوَ أَلْفٌ (أُلْغِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ لَمْ يُعْتَبَرْ الْمَجْهُولُ، وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ وَصَحَّ السَّلَمُ. (وَجَازَ) ضَبْطُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَذْرُوعِ (بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ يَدِهِ مِنْ طَرَفِ مِرْفَقِهِ لِطَرَفِ وَسَطٍ اهـ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يُنَصِّبْ الْحَاكِمُ ذِرَاعًا، وَمَفْهُومُ مُعَيَّنٍ مَنْعُهُ إنْ لَمْ يُعَيَّنْ الرَّجُلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ يَجُوزُ وَيَحْمِلَانِ عَلَى ذِرَاعٍ وَسَطٍ. أَصْبَغُ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ فَسْخُهُ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) سَلَمٍ فِي (وَبِيَّةٍ وَحَفْنَةٍ) مِنْ نَحْوِ قَمْحٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْحَفْنَةُ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ لِيَسَارَتِهَا حَكَى الْمُصَنِّفُ عَنْ سَلَمِهَا. الثَّالِثُ مَنْ أَسْلَمَ فِي ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ. كَذَا جَازَ إذَا أَرَاهُ الذِّرَاعَ، وَلِيَأْخُذَا قِيَاسَ الذِّرَاعِ عِنْدَهُمَا كَمَا جَازَ شِرَاءُ وَبِيَّةٍ وَحَفْنَةٍ بِدِرْهَمٍ إنْ أَرَاهُ الْحَفْنَةَ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ. " غ " عِيَاضٌ الْوَبِيَّةُ عِشْرُونَ مُدًّا. اهـ. فَهِيَ خَمْسَةُ آصُعٍ، وَالْحَفْنَةُ مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ كَذَا فِي حَجْمِهَا الثَّالِثِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ. (وَفِي) جَوَازِ بَيْعِ (الْوَبْيَاتِ وَالْحَفَنَاتِ) أَيْ مَعَهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَمَنَعَهُ وَهُوَ نَقْلُ عِيَاضٍ عَنْ الْأَكْثَرِ وَسَحْنُونٍ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَتْ الْحَفَنَاتُ بِعَدَدِ الْوَبْيَاتِ أَوْ دُونَهَا، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْوَبْيَاتِ فَيَظْهَرُ الْمَنْعُ اتِّفَاقًا (وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ (أَنْ تُبَيَّنَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا أَيْ تُذْكَرُ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ (صِفَاتُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (الَّتِي تَخْتَلِفُ بِ) اخْتِلَافِ (هَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (عَادَةً) " غ " كَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، ظَاهِرُهُ أَنَّ الصِّفَةَ إذَا كَانَتْ لَا تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بَيَانُهَا فِي السَّلَمِ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ أَقْرَبُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا تُبَيَّنُ فِي السَّلَمِ جَمِيعُ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِسَبَبِهَا وَاخْتِلَافُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 363 كَالنَّوْعِ؛ وَالْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ، وَبَيْنَهُمَا. وَاللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ، وَالْعَسَلِ، وَمَرْعَاهُ،   [منح الجليل] الْأَغْرَاضِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْقِيمَةِ لِجَوَازِ كَوْنِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْغَرَضُ صِفَةً يَسِيرَةً عِنْدَ التُّجَّارِ، أَوْ كَوْنِ الصِّفَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ وُجِدَتْ لَكِنْ فُقِدَتْ صِفَةٌ أُخْرَى يَكُونُ فَقْدُهَا مُسَاوِيًا لِوُجُودِ الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، قَالَ وَإِنَّمَا قَالَ فِي السَّلَمِ لِأَنَّ السَّلَمَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مِنْ الْإِضْرَابِ عَنْ بَعْضِ الْأَوْصَافِ مَا لَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ النَّقْدِ وَلَا يَنْعَكِسُ لِأَنَّ السَّلَمَ مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ التَّعَرُّضُ لِلصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ فِي السَّلَمِ مُبْطِلًا لَهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ. الْمَازِرِيُّ الصِّفَاتُ الَّتِي تَجِبُ الْإِحَاطَةُ بِهَا مِنْهُ الَّتِي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهَا، فَيَزِيدُ عِنْدَ وُجُودِ بَعْضِهَا وَيَنْقُصُ عِنْدَ انْتِقَاصِ بَعْضِهَا. اهـ. وَبِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَمَثَّلَ لِلصِّفَاتِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فَقَالَ (كَالنَّوْعِ) يَحْتَمِلُ حَقِيقَتَهُ كَالْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ وَيَحْتَمِلُ الصِّنْفَ كَالرُّومِيِّ وَالْحَبَشِيِّ (وَ) يُبَيِّنُ مَعَهُ صِفَةَ (الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَ) التَّوَسُّطِ (بَيْنَهُمَا) نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فِي كُلِّ مُسْلَمٍ فِيهِ (وَ) يَزِيدُ بَيَانُ (اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ الرَّقِيقِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَعَضَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ، ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ سَنَدٌ أَنَّ اللَّوْنَ لَا يُعْتَبَرُ عِنْدَنَا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اللَّوْنَ فِي غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَإِنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (وَ) يَزِيدُ بَيَانُ اللَّوْنِ فِي (الثَّوْبِ وَ) فِي (الْعَسَلِ وَ) يَزِيدُ بَيَانُ (مَرْعَاهُ) أَيْ مَا يَرْعَاهُ نَحْلُ الْعَسَلِ لِاخْتِلَافِ ثَمَنِهِ بِاخْتِلَافِهِ. " غ " لَا أَذْكُرُ مَنْ ذَكَرَ الْمَرْعَى فِي الْعَسَلِ وَالْمُصَنِّفُ مُطَّلِعٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ مَعَ كَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ الْحَطَّابُ ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ، وَنَصُّهُ وَالْجَوَابُ عَنْ السُّؤَالِ الرَّابِعِ أَنْ يُقَالَ أَمَّا الْعَسَلُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَرْعَاهُ لِاخْتِلَافِ طَعْمِ الْعَسَلِ وَحَلَاوَتِهِ وَقِوَامِهِ وَلَوْنِهِ بِاخْتِلَافِ مَرَاعِيهِ، وَهَذِهِ مَعَانٍ مَقْصُودَةٌ فِيهِ يَخْتَلِفُ بِهَا الثَّمَنُ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، كَالنَّحْلِ الَّذِي مَرْعَاهُ السَّعْتَرُ وَآخِرُ مَرْعَاهُ الْوَرْدُ وَالْأَزْهَارُ الطَّيِّبَةُ، وَآخَرُ مَرْعَاهُ الْإِسْفَنَارِيَّة وَشَبَهُهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 364 وَفِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ، وَالنَّاحِيَةِ، وَالْقَدْرِ، وَفِي الْبُرِّ وَجِدَّتِهِ، وَمِلْئِهِ، إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا، وَسَمْرَاءَ، أَوْ مَحْمُولَةٍ بِبَلَدٍ: هُمَا بِهِ، وَلَوْ بِالْحَمْلِ   [منح الجليل] (وَ) يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ (فِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ) وَيَزِيدُ فِيهِمَا بَيَانَ (النَّاحِيَةِ) الَّتِي يُجْلَبُ مِنْهَا كَكَوْنِ التَّمْرِ مَدَنِيًّا أَوْ يَنْبُعِيًّا أَوْ سِيوِيًّا أَوْ أَلْوَاحِيًّا، وَكَوْنِ الْحُوتِ إسْكَنْدَرانِيًّا أَوْ سُوَيْسِيًّا أَوْ فَيُّومِيًّا (وَ) يَزِيدُ فِيهِمَا بَيَانَ (الْقَدْرِ) أَيْ الْكِبَرِ أَوْ الصِّغَرِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا. الْمَازِرِيُّ يُحْتَاجُ فِي التَّمْرِ إلَى ذِكْرِ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ، وَزَادَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْبَلَدَ وَاللَّوْنَ وَكِبَرَ التَّمْرَةِ وَصِغَرَهَا، وَكَوْنَهُ جَدِيدًا أَوْ قَدِيمًا، وَفِي الْحُوتِ طُولَهُ وَعَرْضَهُ أَوْ وَزْنَهُ. فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي تَمْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ بَرْنِيًّا مِنْ صَيْحَانِيٍّ وَلَا جِنْسًا مِنْ التَّمْرِ، أَوْ ذَكَرَ الْجِنْسَ وَلَمْ يَذْكُرْ جَوْدَةً وَلَا رَدَاءَةً فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ حَتَّى يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَفِيهَا السَّلَمُ فِي الْحُوتِ الطَّرِيِّ جَائِزٌ إذَا سَمَّى جِنْسًا مِنْهُ وَشَرَطَ ضَرْبًا مَعْلُومًا صِفَتُهُ وَطُولُهُ وَنَاحِيَتُهُ إذَا أَسْلَمَ فِيهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا. (وَ) يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ (فِي الْبُرِّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ (وَ) يَزِيدُ (جِدَّتَهُ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ كَوْنَهُ جَدِيدًا أَوْ قَدِيمًا إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا. ابْنُ فَتُّوحٍ يُسْتَحَبُّ بَيَانُ كَوْنِهِ قَدِيمَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ رَفْعِ أَيِّ عَامٍ إذْ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ فِي الْمُطْمَرِ أَوْ الْإِهْرَاءِ أَوْ الْغُرَفِ (وَ) بَيَانَ (مِلْئِهِ) وَضَامِرِهِ (إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا) إذْ الضَّامِرُ يُرَادُ لِلزِّرَاعَةِ لَا لِلْأَكْلِ وَعَكْسُهُ الْمُمْتَلِئُ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِمَا الثَّمَنُ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُمَا (وَ) يَزِيدُ بَيَانَ كَوْنِهَا (سَمْرَاءَ) وَهُوَ قَمْحُ الشَّامِ (أَوْ مَحْمُولَةً) أَيْ بَيْضَاءَ وَهُوَ قَمْحُ مِصْرَ إنْ عَقَدَا السَّلَمَ (بِبَلَدٍ) بِالتَّنْوِينِ (هُمَا) أَيْ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ مَوْجُودَانِ (بِهِ) أَيْ الْبَلَدِ بِنَبَاتٍ فِيهِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَا بِهِ (بِالْحَمْلِ) إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجِبُ بَيَانُهُمَا إنْ كَانَا فِي الْبَلَدِ بِالْحَمْلِ وَرَدَّهُ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ " غ " هَذَا اخْتِصَارُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ بَشِيرٍ، وَنَصُّهُ إنْ كَانَ الْبَلَدُ يَنْبُتَانِ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَإِلَّا فَسَدَ السَّلَمُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُجْلَبَانِ إلَيْهِ فَابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَرَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 365 بِخِلَافِ مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ وَالشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ، وَنَقِيٍّ؛ أَوْ غَلِثٍ.   [منح الجليل] فَسَادَهُ بِتَرْكِهِ، وَرَأَى الْبَاجِيَّ أَنَّ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ خِلَافُهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مِثْلِ هَذَا وَأَنَّ كُلًّا مِنْهَا تَكَلَّمَ عَلَى شَهَادَةٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَثْمَانُ وَالْأَعْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ أَحَدِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ اهـ. وَهَذَا عَكْسُ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْحِجَازِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسًا فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ حَتَّى يُسَمِّيَ سَمْرَاءَ مِنْ مَحْمُولَةٍ وَيَصِفَ جَوْدَتَهُمَا، قَالَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَذَكَرَ جَيِّدًا نَقِيًّا وَسَطًا أَوْ مَغْلُوثًا وَسَطًا. وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ هَذَا لَا وَجْهَ لَهُ، وَسَوَاءٌ بِبَلَدٍ يَنْبُتُ فِيهِ الصِّنْفَانِ أَوْ يُحْمَلَانِ إلَيْهِ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْ الثَّمَنِ. اهـ. وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، الْحَطَّابُ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ السَّابِعُ مَعْرِفَةُ الْأَوْصَافِ ذَكَرَ الْمَحْمُولَةَ وَالسَّمْرَاءَ، ثُمَّ قَالَ وَالْكَلَامُ فِيهِمَا طَوِيلٌ فَعَلَيْك بِكَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ وَقَابِلْهُ بِنَقْلِ ابْنِ يُونُسَ، وَإِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَوَافَقَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الْأَنْوَاعِ الْبَدِيعَةِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي الْأَنْوَارِ اهـ. فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ غَلَبَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ، وَلِذَا قَالَ (بِخِلَافِ مِصْرَ) بِمَنْعِ الصَّرْفِ لِإِرَادَةِ الْبَلْدَةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا بَيَانُ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ، وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ (فَالْمَحْمُولَةُ) يَقْضِي بِهَا فِيهَا إذْ هِيَ الْغَالِبُ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ لَمْ يُسَمِّ بِمِصْرَ مَحْمُولَةً وَلَا سَمْرَاءَ فَسَدَ السَّلَمُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَيُقَالُ مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ (وَ) بِخِلَافِ (الشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ) يَقْضِي بِهَا فِيهَا (وَ) بِخِلَافِ (نَقِيٍّ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ خَالٍ مِنْ الْغَلَثِ (أَوْ غَلِثٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ فَمُثَلَّثَةٍ أَيْ مَخْلُوطٍ بِتُرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَكْثِيرِهِ أَوْ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ. نَعَمْ يُنْدَبُ الْمُتَيْطِيُّ حَسَنٌ أَنْ يَذْكُرَ نَقِيٍّ أَوْ غَلِثٍ وَإِنْ سَقَطَ ذَكَرُهُمَا لَمْ يَفْسُدْ، وَيَقْضِي بِالْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطِ. " غ " كَذَا فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 366 وَفِي الْحَيَوَانِ وَسِنِّهِ، وَالذُّكُورَةِ، وَالسِّمَنِ، وَضِدَّيْهِمَا، وَفِي اللَّحْمِ، وَخَصِيًّا، وَرَاعِيًا، أَوْ مَعْلُوفًا، لَا مِنْ كَجَنْبٍ،   [منح الجليل] بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ وَعَطْفِ غَلِثٍ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ. قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ وَحَسَنٌ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ ذِكْرِ الْجَيِّدِ أَوْ الْمُتَوَسِّطِ أَوْ الرَّدِيءِ نَقِيٌّ أَوْ مُتَوَسِّطٌ فِي النَّقَاءِ أَوْ مَغْلُوثٌ، فَإِنْ سَقَطَ ذِكْرُ الصِّفَةِ مِنْ الْعَقْدِ فَسَدَ السَّلَمُ وَإِنْ سَقَطَ ذِكْرُ النَّقَاءِ مِنْهُ لَمْ يَفْسُدْ، وَقَالَهُ أَيْضًا مُحَمَّدٌ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ انْتَهَى. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَا يَشْهَدُ لِنَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ فِي هَذِهِ، وَلِنَقْلِ ابْنِ يُونُسَ فِي الَّتِي فَوْقَهَا. (وَ) إذَا أَسْلَمَ (فِي الْحَيَوَانِ) النَّاطِقِ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَ الْأَوْصَافَ السَّابِقَةَ (وَ) بَيَّنَ (سِنَّهُ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ عُمُرَهُ فَيَقُولُ فِي الرَّقِيقِ عُمُرُهُ ثَمَانِ أَوْ عَشْرُ سِنِينَ مَثَلًا، وَفِي غَيْرِهِ سَنَةٌ أَوْ سَنَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ مَثَلًا. الْمُتَيْطِيُّ يُقَالُ لِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ طِفْلٌ ثُمَّ رَضِيعٌ ثُمَّ فَطِيمٌ ثُمَّ قَارِحٌ ثُمَّ جَفْرٌ وَالْأُنْثَى جَفْرَاءُ ثُمَّ يَافِعٌ، وَالْأُنْثَى يَافِعَةٌ وَفَيْعَاءُ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ إلَى عَشْرٍ. وَقِيلَ إلَى اثْنَتَيْ عَشْرَ ثُمَّ جَزُورٌ إلَى خَمْسَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ ثُمَّ مُرَاهِقٌ ثُمَّ مُحْتَلِمٌ ثُمَّ أَمْرَدُ، فَإِذَا بَدَا فِي وَجْهِهِ شَعْرٌ قِيلَ بَقَّلَ وَجْهُهُ بِشَدِّ الْقَافِ، ثُمَّ حَدِيثُ السِّنِّ ثُمَّ كَهْلٌ ثُمَّ أَشَمَطُ ثُمَّ أَشَيْبُ ثُمَّ شَيْخٌ ثُمَّ هَرِمٌ وَبَعْدَ الْفَيْعَاءِ مِنْ النِّسَاءِ كَاعِبٌ وَهِيَ الَّتِي كَعَّبَ ثَدْيُهَا بِشَدِّ الْعَيْنِ وَعَدَمِهِ ثُمَّ نَاهِدٌ إذَا شَخَصَ ثَدْيُهَا ثُمَّ مُعْصِرٌ عِنْدَ دُنُوِّ حَيْضِهَا ثُمَّ حَائِضٌ ثُمَّ حَدِيثَةُ السِّنِّ ثُمَّ كَهْلَةٌ انْتَهَى. (وَ) يُبَيِّنُ (الذُّكُورَةَ وَالسِّمَنَ وَضِدَّيْهِمَا) أَيْ الْأُنُوثَةِ وَالْهُزَالِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ السِّمَنَ فِي الْحَيَوَانِ، وَقَدْ شَرَطُوهُ فِي اللَّحْمِ بَعْضُهُمْ السِّمَنُ تَارَةً يَكُونُ مِنْ الْجَوْدَةِ وَتَارَةً مِنْ الرَّدَاءَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ بَلْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ جَامِعِ الطُّرَرِ وَنَقَلَهُ " ق " عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي اللَّحْمِ وَالْحَيَوَانِ مِثْلَهُ (وَ) يَزِيدُ (فِي اللَّحْمِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَوْنُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ (خَصِيًّا) أَوْ فَحْلًا (وَرَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا) قَالَ الْمَازِرِيُّ (لَا) يُشْتَرَطُ بَيَانُ كَوْنِهِ (مِنْ كَجَنْبٍ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 367 وَفِي الرَّقِيقِ، وَالْقَدِّ، وَالْبَكَارَةِ، وَاللَّوْنِ قَالَ: وَكَالدَّعَجِ، وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ،   [منح الجليل] الْأَغْرَاضُ بِهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيُحْتَاجُ لِذِكْرِ كَوْنِهِ مِنْ جَنْبٍ أَوْ يَدٍ قَالَ لَا إنَّمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ وَهُوَ بَاطِلٌ. قِيلَ لَهُ فَلَوْ قَضَاهُ مَعَ ذَلِكَ بُطُونًا فَلَمْ يَقْبَلْهَا قَالَ أَفَيَكُونُ لَحْمٌ بِلَا بَطْنٍ قِيلَ فَمَا قَدْرُهُ قَالَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرَ الْبَطْنِ مِنْ الشَّاةِ. اللَّخْمِيُّ بَيْعُ الْبُطُونِ وَحْدَهَا عَادَةُ مِصْرَ. طفي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ إلَخْ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَى قَدْرِ الْبَطْنِ مِنْ الشَّاةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِالْبَطْنِ مَا احْتَوَى الْبَطْنُ عَلَيْهِ مِنْ كَرِشٍ وَمَصَارِينَ إلَّا الْفُؤَادَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ عَلَى حِدَتِهِ كَالرَّأْسِ وَالْأَكَارِعِ. (وَ) يَذْكُرُ (فِي الرَّقِيقِ) مَا تَقَدَّمَ (وَ) يَزِيدُ (الْقَدَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ طُولِهِ وَعَرْضِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقَدِّ فِيمَا عَدَا الْإِنْسَانَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيُزَادُ فِي الرَّقِيقِ الْقَدُّ، وَكَذَا الْخَيْلُ وَالْإِبِلُ وَشَبَهُهَا، قَالَ فَانْظُرْ ذَلِكَ (وَ) يَزِيدُ فِي الرَّقِيقِ (الْبَكَارَةَ) أَوْ الثُّيُوبَةَ عَلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ (وَاللَّوْنَ) الْخَاصَّ كَكَوْنِهِ شَدِيدَ السَّوَادِ أَوْ مَائِلًا إلَى حُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ، وَكَوْنِ الْبَيَاضِ نَاصِعًا أَوْ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ اللَّوْنِ، فَإِنَّ ذِكْرَ صِنْفِ الرَّقِيقِ يُغْنِي عَنْهُ، فَلَوْنُ النُّوَبِ السَّوَادُ وَالْحَبَشِ الصُّفْرَةُ وَالرُّومِ الْبَيَاضُ، وَسَقَطَ اللَّوْنُ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا لِتَقَدُّمِهِ فِي الْحَيَوَانِ الْأَعَمِّ مِنْ الرَّقِيقِ، فَيُحْمَلُ اللَّوْنُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْخَاصِّ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الصِّنْفِ، وَذِكْرُهُ هُنَا تَكْرَارٌ قَطْعًا لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْعَامِّ أَغْنَى عَنْهُ ذِكْرُ الْجِنْسِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْخَاصِّ تَكَرَّرَ مَعَ اللَّوْنِ الْمُقَدَّمِ، فَإِنْ حُمِلَ هَذَا عَلَى الْخَاصِّ وَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْعَامِّ كَانَ الْمُتَقَدِّمُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَالَ) أَيْ الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَ) يَزِيدُ فِي الرَّقِيقِ (كَالدَّعَجِ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَيْنِ فَجِيمٍ أَيْ شِدَّةِ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الشُّهْلَةَ وَالْكُحْلَةَ وَالزُّرْقَةَ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ فَتُّوحٍ وَغَيْرِهِ، وَالْكَحَلُ بِفَتْحَتَيْنِ أَنْ يَعْلُوَ جُفُونَ الْعَيْنَيْنِ سَوَادٌ كَالْكُحْلِ بِدُونِ اكْتِحَالٍ، وَالْحَوَرُ شِدَّةُ بَيَاضِهَا مَعَ شِدَّةِ سَوَادِهَا، وَالشُّهْلَةُ مَيْلُ سَوَادِهَا إلَى الْحُمْرَةِ، وَالزُّرْقَةُ مَيْلُهُ إلَى الْخُضْرَةِ (وَتَكَلْثُمِ) أَيْ كَثْرَةِ لَحْمِ (الْوَجْهِ) بِلَا جُهُومَةٍ إنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 368 وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ، وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا، وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ، وَبِمَا يُعْصَرُ بِهِ، وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ،   [منح الجليل] كَلَحَ وَهُوَ تَكَشُّرٌ فِي عَبُوسَةٍ. ابْنُ فَتُّوحٍ وَيَصِفُ الْأَنْفَ بِالْقِنَاءِ أَيْ انْخِفَاضِ وَسَطِهِ أَوْ الشَّمَمِ أَيْ ارْتِفَاعِهِ، أَوْ الْفَطَسِ أَيْ عَرْضِ أَرْنَبَتِهِ وَتَطَامُنِ قَصَبَتِهِ وَلَوْنِ شَعْرِهِ وَسُبُوطَتِهِ أَوْ جُعُودَتِهِ وَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَابِهَا. قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْبَكَارَةَ وَالثُّيُوبَةَ إلَّا عَنْ الْمَازِرِيِّ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِمَا فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُمَا بَعْدُ. قَالَ (وَ) يَذْكُرُ (فِي الثَّوْبِ) مَا تَقَدَّمَ (وَ) يَزِيدُ (الرِّقَّةَ وَالصَّفَاقَةَ وَضِدَّيْهِمَا) أَيْ الثِّخَنِ وَالشَّفَّافِيَّةِ وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ إلَى ذِكْرِ وَزْنِهِ وَنَحْوِهِ فِيهَا (وَ) يَزِيدُ (فِي الزَّيْتِ) الْجِنْسَ (الْمُعْصَرَ مِنْهُ) زَيْتُونًا أَوْ سِمْسِمًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَكَوْنَهُ شَامِيًّا أَوْ مَغْرِبِيًّا أَوْ رُومِيًّا مَثَلًا " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ بِصِيغَةِ اسْمِ مَفْعُولِ الرُّبَاعِيِّ، وَوَجْهُ الْكَلَامِ الْمُعْتَصَرُ بِزِيَادَةِ تَاءٍ خُمَاسِيًّا أَوْ الْمَعْصُورُ ثُلَاثِيًّا مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49] ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَسْتَغِلُّونَ. وَقِيلَ بِمَعْنَى يَنْجُونَ حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيُّ. وَأُجِيبَ بِوُرُودِ أَعَصَرَ رُبَاعِيًّا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ: 14] ، قِيلَ هِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تَعْصِرُ السَّحَابَ. (وَ) يَزِيدُ (بِمَا يُعْصَرُ) بِهِ مِنْ مَعْصَرَةٍ أَوْ مَاءٍ لِاخْتِلَافِ ثَمَنِهِ بِهِمَا وَإِذَا اجْتَمَعَ زُيُوتُ بِلَادٍ بِبَلَدٍ بَيَّنَ بَلَدَ مَا يُسْلَمُ فِيهِ (وَ) إنْ شَرَطَ كَوْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا وَتَعَدَّدَ الْجَيِّدُ أَوْ الرَّدِيءُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَقْبِضُ فِيهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ (حُمِلَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فِيهِ (فِي) شَرْطِ كَوْنِهِ مِنْ (الْجَيِّدِ) أَوْ (الرَّدِيءِ) مِنْ غَيْرِ بَيَانِ كَوْنِهِ مِنْ أَعْلَاهُ أَوْ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطِهِ فَيُحْمَلُ (عَلَى الْغَالِبِ) طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ فَرْحُونٍ حَمَلَ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْجَيِّدِ وَلَا يَلْزَمُهُ غَايَةُ الْجَوْدَةِ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جَيِّدٍ إلَّا وَيُوجَدُ أَجْوَدُ مِنْهُ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ فِي الْوُجُودِ، أَيْ الْأَكْثَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ انْتَهَى وَبِهِ تَعْلَمُ جَوَابَ قَوْلِ " س "، اُنْظُرْ هَلْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 369 وَإِلَّا فَالْوَسَطُ وَكَوْنُهُ دَيْنًا   [منح الجليل] الْمُرَادُ الْأَكْثَرُ فِي الْوُجُودِ أَوْ فِي الْإِطْلَاقِ وَالتَّسْمِيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ (فَالْوَسَطُ) مِنْ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ يَقْضِي مِنْهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ. تت فَلَا يَقْضِي بِالْوَسَطِ أَوَّلًا، وَفِي النِّكَاحِ يَقْضِي بِهِ أَوَّلًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِالْمُشَاحَّةِ فِي الْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ طفي، وَتَبِعَهُ س وج وَأَقَرَّاهُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ فِي النِّكَاحِ يَقْضِي بِوَسَطِهِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْأَغْلَبِ، بِخِلَافِ السَّلَمِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهَا الْوَسَطُ فَهُوَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْجَيِّدِ أَوْ الرَّدِيءِ فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَغَيْرِهِ، وَإِذَا عُمِلَ بِهِ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ النَّظَرُ لِلْأَغْلَبِ كَمَا فِي السَّلَمِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْمُتَيْطِيِّ لَهَا الْوَسَطُ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَهُوَ قَائِلٌ بِهَذَا فِي السَّلَمِ أَيْضًا، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِ النِّكَاحِ كَالسَّلَمِ قَوْلُهُ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ إنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ صِفَةً لِلرَّأْسِ بِمَنْزِلَةِ مَا يُوَقَّتُ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا يَتَوَاصَفُ النَّاسُ، بَيْنَهُمْ إذَا أَسْلَفُوا فِي الرَّقِيقِ وَابْتَاعُوهُ كَقَوْلِهِ هُوَ لَك صَبِيحًا تَاجِرًا فَصِيحًا فَإِنِّي أَرَى هَذِهِ الصِّفَةَ لَازِمَةً عَلَى الرَّقِيقِ أَوْ رُخِّصَ. اهـ. وَأَوَّلَ سَمَاعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ نُكِحَتْ عَلَى رَأْسَيْنِ بِمِائَةٍ كُلُّ رَأْسٍ بِخَمْسِينَ ثُمَّ غَلَا الرَّقِيقُ وَصَارَ كُلُّ رَأْسٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ صِفَةً لِلرَّأْسِ إلَخْ. (وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (دَيْنًا) أَيْ شَيْئًا مَوْصُوفًا مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ لَزِمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَزِمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ لَيْسَ عِنْدَهُ، وَنَصَّ التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَغَرَرُهُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَبَقَاؤُهُ بِصِفَتِهِ إلَى أَجَلِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِيَضْمَنَهُ لَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ اخْتَلَّ شَرْطُ السَّلَمِ وَإِنْ نَقَدَهُ دَارَ بَيْنَ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَهْلَكْ وَالسَّلَفِ إنْ هَلَكَ. فَإِنْ قِيلَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ فَلِمَ لَا أُجِيزَ هُنَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 370 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَذَلِكَ، قِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ، وَكَلَامُنَا فِي السَّلَمِ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ كِرَاءَ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ تُقْبَضُ بَعْدَ شَهْرٍ، وَيَلْزَمُهُ جَوَازُ السَّلَمِ فِي مُعَيَّنٍ إلَى أَجَلٍ. قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ بِالْعَقْدِ أَوْ التَّمْكِينِ، فَإِذَا اشْتَرَطَ تَأْخِيرَهَا كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ، فَيَلْزَمُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ، بِخِلَافِ مَنَافِعِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّ ضَمَانَهَا مِنْ رَبِّهَا فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ. صر حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَائِعِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ كَمَا فِي السَّلَمِ دُونَ الصُّورَتَيْنِ الْوَارِدَتَيْنِ، فَإِنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَاقٍ مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى الْبَائِعِ، وَفِي صُورَةِ الْكِرَاءِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الْمُكْرِي أَصَالَةً فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، لَكِنَّ قَوْلَ الْمُوَضِّحِ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ إلَخْ، يُقَالُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَنْعَ فِي السَّلَمِ إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ يَئُولُ إلَى بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، فَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا نَظَرٌ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْبَيْعِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ فِيهِ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ بِخِلَافِ السَّلَمِ. وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ضَيْح وَصَرَّحَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّلَمِ وَبَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ حَيْثُ يَكُونُ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَصَالَةً وَيُنْقَلُ إلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الصُّورَتَيْنِ لِكَوْنِ الضَّمَانِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ بَاقِيًا مِنْ الْمُشْتَرِي لَمْ يَنْتَقِلْ، وَفِي صُورَةِ الْكِرَاءِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الْمُكْرِي أَصَالَةً، فَلَمْ يُشْتَرَطْ إلَّا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: الْقَرَافِيُّ الْعِبَارَةُ الْكَاشِفَةُ عَنْ الذِّمَّةِ أَنَّهَا مَعْنًى شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمُكَلَّفِ قَابِلُ الِالْتِزَامِ وَاللُّزُومِ، وَجَعَلَهُ الشَّارِعُ مُسَبَّبًا عَنْ أَشْيَاءَ خَاصَّةٍ، مِنْهَا الْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ، فَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا ذِمَّةَ لَهُ. وَمِنْهَا عَدَمُ الْحَجْرِ فَلَا ذِمَّةَ لِلْمُفْلِسِ، فَمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ رَتَّبَ الشَّارِعُ عَلَيْهَا تَقْدِيرَ مَعْنًى يُقْبَلُ إلْزَامُهُ أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ وَأَجْرُ الْإِجَارَاتِ وَأَثْمَانُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 371 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوُهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَيُقْبَلُ الْتِزَامُهُ شَيْئًا اخْتِيَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى الْمُقَدَّرُ هُوَ الَّذِي تُقَرَّرُ فِيهِ الْأَجْنَاسُ الْمُسْلَمُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً حَتَّى تَصِحَّ مُقَابِلَتُهَا بِالْأَعْوَاضِ الْمَقْبُوضَةِ، وَفِيهِ تُقَدَّرُ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ وَصَدَقَاتُ الْأَنْكِحَةِ وَسَائِرُ الدُّيُونِ وَمَنْ لَا يَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى مُقَدَّرًا فِيهِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ سَلَمٌ وَلَا ثَمَنٌ إلَى أَجَلٍ وَلَا حَوَالَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَطَالَ فِي هَذَا ثُمَّ قَالَ شَرْطُهَا الْبُلُوغُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. ابْنُ الشَّاطِّ الْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّهَا قَبُولُ الْإِنْسَانِ لِلُزُومِ الْحُقُوقِ دُونَ الْتِزَامِهَا، فَعَلَى هَذَا لِلصَّبِيِّ ذِمَّةٌ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ أُرُوشُ الْجِنَايَاتِ وَقِيَمُ الْمُتْلَفَاتِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ نَقُولُ هِيَ قَبُولُ الْإِنْسَانِ شَرْعًا لِلُزُومِ الْحُقُوقِ وَالْتِزَامِهَا. الْبُنَانِيُّ وَلِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لِلْقَرَافِيِّ أَنَّ الْقَبُولَ الْمَذْكُورَ نَاشِئٌ، وَمُسَبَّبٌ عَنْ الذِّمَّةِ عَلَى مَا لِلْقَرَافِيِّ، وَعَلَى مَا لِابْنِ الشَّاطِّ عَيَّنَهَا وَاخْتَارَهُ لِسَلَامَتِهِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ تَعْرِيفُ الْقَرَافِيُّ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ التَّقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ. الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ إثْبَاتُ الذِّمَّةِ لِلصَّبِيِّ لِلدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْدَعْته حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيٌّ أَجْنَبِيٌّ بِشَعِيرٍ لِلْمُودَعِ ضَمِنَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ جِنَايَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. الصِّقِلِّيُّ وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَضْمَنُ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ وَالدِّمَاءَ عَلَى حُكْمِ الْخَطَأِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وضيح، وَكُلُّهُ صَرِيحٌ فِي إثْبَاتِ ذِمَّةِ الصَّبِيِّ وَهُوَ اتِّفَاقٌ فِي الْمُمَيِّزِ، وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، فَلَا يُشْتَرَطُ: فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ الْبُلُوغِ، اُنْظُرْ صَرْفَ الْهِمَّةِ إلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى الذِّمَّةِ لِلْمِسْنَاوِيِّ. الثَّانِي: عَرَّفَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ فَلَيْسَ ذَاتًا وَلَا صِفَةً لَهَا فَيُقَدَّرُ الْمَبِيعُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْأَثْمَانِ، كَأَنَّهُ فِي وِعَاءٍ عِنْدَ مَنْ هُوَ مَطْلُوبٌ بِهِ فَهِيَ الْأَمْرُ التَّقْدِيرِيُّ الَّذِي يَحْوِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ أَوْ عِوَضَهُ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ إنْ قَامَ زَيْدٌ وَنَحْوَهُ ذِمَّةٌ وَسَلَّمَهُ الْأَبِيُّ وَالرَّصَّاعُ وَالْمَشَذَّالِيُّ وَالْحَطّ، وَرَدَّهُ السَّنُوسِيُّ فِي حَاشِيَةِ مُسْلِمٍ قَائِلًا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِيَامَ الْمُقَدَّرَ بَعْدَ إنْ الشَّرْطِيَّةِ يَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِلذَّاتِ وَلَيْسَ مُرَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَلَا صِفَةً لَهَا مَا هُوَ صِفَةٌ فِي الْحَالِ فَقَطْ، بَلْ الْمَعْنَى لَا يَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لَهَا مُطْلَقًا، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 372 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَذَكَرَهُ الْيَزْنَاسِيُّ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ. الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُقَالُ جَوَابًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ آخِرُ كَلَامِهِ يُخَرِّجُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ فَالذِّمَّةُ هُوَ الْأَمْرُ التَّقْدِيرِيُّ إلَخْ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّهَا أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ يَفْرِضُهُ الذِّهْنُ لَيْسَ بِذَاتٍ وَلَا صِفَةٍ لَهَا يَحْوِي الْمَبِيعَ أَوْ عِوَضَهُ، وَبِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ يَنْدَفِعُ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى مَنْ دُونَ ابْنِ عَرَفَةَ فَضْلًا عَمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ، وَنَظَّمَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ نَحْوَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: وَالشَّرْحُ لِلذِّمَّةِ ظَرْفٌ قُدِّرَا ... عِنْدَ الْمَدِينِ فِيهِ مَا قَدْ أُنْظِرَا الثَّالِثُ: عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا مِلْكٌ مُتَمَوَّلٌ كُلِّيٌّ حَاصِلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ، قَالَ فَيَخْرُجُ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ حُصُولُهُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ وِلَايَةٍ أَوْ وُجُوبِ حَقٍّ فِي قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مُتَمَوَّلًا، إذْ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ فِي الْعُرْفِ ذِمَّةً وَاعْتَرَضَهُ الرَّصَّاعُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمِلْكِ الشَّيْءَ الْمُتَمَلَّكَ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الذِّمَّةَ مُتَمَلَّكَةٌ، وَإِنَّمَا الْمُتَمَلَّكُ مَا فِيهَا وَإِنْ أَرَادَ اسْتِحْقَاقَ التَّصَرُّفِ فِي الْمُتَمَلَّكِ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الِاسْتِحْقَاقُ. طفي اعْتِرَاضُهُ صَحِيحٌ وَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمِلْكِ الْعِنْدِيَّةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَالظَّرْفِيَّةُ التَّقْدِيرِيَّةُ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ فِي وِعَاءٍ إلَخْ، عَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهَا بِالْمِلْكِ مَجَازًا لِلْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا اعْتِمَادًا عَلَى الْقَرِينَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَهِيَ عَدَمُ صَلَاحِيَّةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَهُ هُنَا. وَبَحَثَ السَّنُوسِيُّ فِي تَقْيِيدِهِ بِمُتَمَوَّلٍ بِإِطْلَاقِهِمْ الذِّمَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ فَقَالُوا تَرَتَّبَتْ الصَّلَاةُ أَوْ الصَّوْمُ فِي ذِمَّتِهِ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُجَابُ بِادِّعَاءِ الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ فِي قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ بِتَشْبِيهِ الْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ بِالْمُتَمَوَّلِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِجَامِعِ مَطْلُوبِيَّتِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّعْرِيفِ إنَّمَا هُوَ ذِمَّةُ الْمُعَامَلَةِ لَا مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ ذِمَّةٌ فِي لِسَانِ أَهْلِ الشَّرْعِ مُطْلَقًا. الرَّابِعُ: الرَّصَّاعُ مِنْ لَازِمِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّرَ فِيهَا كُلِّيٌّ لَا جُزْئِيٌّ أَيْ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّ هُوَ الْمُعَيَّنُ وَالذِّمَّةُ لَا تَقْبَلُهُ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ كُلِّيٌّ. الْخَامِسُ " د " قِيلَ هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ وَلَا تَبْيِينَ فِي الْحَاضِرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 373 وَوُجُودُهُ عِنْدَ: حُلُولِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ:   [منح الجليل] الْمُعَيَّنِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّبْيِينَ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فَيَنْبَغِي الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّبْيِينَ قَدْ يَكُونُ فِي مُعَيَّنٍ غَائِبٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلِذَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الشَّرْطِ. (وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَالِبًا (عِنْدَ حُلُولِ) أَجَلِ (هـ) الْمَشْرُوطِ حَالَ عَقْدِهِ وَإِنْ اسْتَمَرَّ وُجُودُهُ فِي الْأَجَلِ كُلِّهِ، بَلْ (وَإِنْ انْقَطَعَ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَبْلَ) حُلُولِ الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ لِ (هـ) أَوْ انْقَطَعَ عِنْدَ حُلُولِهِ نَادِرًا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَصُّهُ الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ غَالِبًا وَقْتَ حُلُولِهِ لِئَلَّا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً ثَمَنًا، وَسَلَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَائِلًا لِأَنَّا لَا نَعْتَبِرُ عَدَمَهُ نَادِرًا لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الشَّرْعِ كَالْمُحَقَّقِ. الشَّارِحُ يَنْبَغِي أَنَّ مُرَادَهُ بِالْوِجْدَانِ كَوْنُهُ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَضُرُّهُ الِانْقِطَاعُ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي لَهَا إبَّانٌ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ مِنْ حِينِ السَّلَمِ فِيهِ إلَى حِينِ حُلُولِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ فَلَسِهِ. الْمُصَنِّفُ لَمْ يَعْتَبِرْ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ لِنُدُورِهِ عَلَى أَنَّ وُجُودَهُ مَعَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ لَا نَفْعَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِبَّانِ وُقِفَ قَسْمُ التَّرِكَةِ إلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يُوقَفُ إنْ خِيفَ أَنْ يَسْتَغْرِقَهَا مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ قَلَّ وَكَثُرَتْ وُقِفَ قَدْرُ مَا يُرَى أَنَّهُ يَفِي بِالْمُسْلَمِ فِيهِ وَقُسِّمَ مَا سِوَاهُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ أَنَّ الْقَسْمَ لَا يَجُوزُ، وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَوْ يَسِيرًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ ضُرِبَ لِلْمُسْلِمِ بِقِيمَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي وَقْتِهِ عَلَى مَا يَكُونُ فِي الْغَالِبِ مِنْ غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ، وَيُوقَفُ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ بِالْمُحَاصَّةِ حَتَّى يَأْتِيَ الْإِبَّانُ فَيَشْتَرِيَ لَهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ اُتُّبِعَ بِبَاقِيهِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ إنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ زَادَ فَلَا يُشْتَرَى لَهُ إلَّا قَدْرُ حَقِّهِ وَتُرَدُّ الْبَقِيَّةُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَرِيمٍ وَلَوْ هَلَكَ مَا وُقِفَ لَهُ حَالَ وُقِفَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ نَمَاءَهُ فَعَلَيْهِ تَوَاه فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي مُحَقَّقٍ أَوْ غَالِبِ الْوُجُودِ عِنْدَ حُلُولِهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 374 لَا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ وَقَلَّ أَوْ حَائِطٍ، وَشُرِطَ، إنْ سُمِّيَ سَلَمًا وَلَا بَيْعًا ازْدِهَاؤُهُ،   [منح الجليل] (لَا) فِي (نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً نَعْتُ حَيَوَانٍ (وَقَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا الْحَيَوَانُ الَّذِي أَسْلَمَ فِي نَسْلِهِ لِتَرَدُّدِ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَقَّقًا وَلَا غَالِبَ الْوُجُودِ، وَتَبِعَ فِي قَيْدِ الْقِلَّةِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُهُ مُطْلَقًا (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ (حَائِطٍ) عُيِّنَ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَنَسْلُ الْحَيَوَانِ الْمُعَيَّنُ الْقَلِيلُ، وَثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنُ لَيْسَا دَيْنًا فِيهَا فَقَدْ فُقِدَ مِنْهُمَا الشَّرْطَانِ قَبْلَهُمَا. طفي لَمْ يُقَيِّدْ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحَائِطَ بِالصِّغَرِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَائِطَ قَلِيلٌ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقَلَّ، وَدَعْوَى أَنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ بَعِيدَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَشُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي الْعَقْدِ عَلَى ثَمَرِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ الْمُعَيَّنِ (إنْ سُمِّيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْعَقْدُ عَلَيْهِ (سَلَمًا) مَجَازًا فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ (لَا) إنْ سُمِّيَ (بَيْعًا) وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ (إزْهَاؤُهُ) أَيْ الثَّمَرِ، فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا عَدَا كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ. طفي دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إذْ يَظْهَرُ مِنْ تَوْضِيحِهِ اعْتِمَادُهُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ سَمَّيَاهُ بَيْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ، وَبِعَقْدِ الْبَيْعِ يَجِبُ لَهُ قَبْضِ جَمِيعِهِ وَهُوَ جَائِزٌ لَا فَسَادَ فِيهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ يَتَأَخَّرُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا إنْ سَمَّيَاهُ سَلَمًا فَإِنْ اشْتَرَطَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا وَكَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ لِذَلِكَ اهـ. فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا وَعَدَمِهَا إلَّا فِي بَيَانٍ كَبَقِيَّةِ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ عَلَى الجزء: 5 ¦ الصفحة: 375 وَسَعَةُ الْحَائِطِ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ،   [منح الجليل] الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ وَمَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ صَدَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فِي مَعْرِضِ ذِكْرِ الشُّرُوطِ وَيَضْرِبُ أَجَلًا لَا يُثْمِرُ فِيهِ وَيُسَمَّى مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ، وَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ الْجَمِيعِ فِي يَوْمٍ لَجَازَ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنْ سَمَّوْهُ بَيْعًا لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنْ سَمَّوْهُ سَلَمًا لَزِمَ، وَمَا صَدَّرَ بِهِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهَا لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشُّرُوطَ قَالَ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَحْمَلُ الْبَيْعِ لَا مَحْمَلُ السَّلَفِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ اعْتَبَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ عَلَى مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ بَيْعٌ وَلَا عِبْرَةَ بِتَسْمِيَتِهِ سَلَمًا لِأَنَّهُ بَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَهَذِهِ قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ إذَا تَقَابَلَ اللَّفْظُ وَالْفِعْلُ فِي الْعُقُودِ، فَالنَّظَرُ إلَى الْفِعْلِ فِي كِتَابِ الْغَرَرِ مِنْهَا مَنْ قَالَ أَبِيعُك سُكْنَى دَارِي سَنَةً فَذَلِكَ غَلَطٌ فِي اللَّفْظِ كِرَاءٌ صَحِيحٌ. وَفِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَإِنْ صَرَفْت دِينَارًا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ بِهَا سَمْنًا أَوْ زَيْتًا وَتُسَمِّيَ صِفَتَهُ وَمِقْدَارَهُ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَعَلَى أَنْ تَقْبِضَهَا ثُمَّ تَشْتَرِيَ مِنْهُ هَذِهِ السِّلْعَةَ كَأَجَلِ السَّلَمِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ لَغْوٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْت لَهُ عَلَى أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْك ثُمَّ أَشْتَرِيَ بِهَا مِنْك سِلْعَةً فَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ رَجَعْت بِدِينَارِك لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا وَقَعَ بِهِ، وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ لَغْوٌ، وَإِنَّمَا نَظَرَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَى فِعْلِهِمَا لَا إلَى قَوْلِهِمَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَبَعًا لَهَا وَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ قَرْضٌ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ، فَالنَّظَرُ أَبَدًا إلَى الْفِعْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِاللَّفْظِ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى الرِّبَا، وَلَعَلَّ هَذَا الَّذِي لَاحَظَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لِقَوْلِهِ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَكَلَامُهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِهَا، وَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ قَالَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا لَا سَلَمًا فَهِيَ إشَارَةٌ مِنْهُ إلَى أَنَّ لَفْظَ السَّلَمِ مُلْغًى، فَالْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ مُتَابَعَتُهُ وَشُرِطَ إزْهَاؤُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَهُ. (وَ) شُرِطَ أَيْضًا (سَعَةُ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا أَيْ كِبَرُ (الْحَائِطِ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ اسْتِيفَاءُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْ ثَمَرِهِ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ (وَ) شُرِطَ أَيْضًا بَيَانُ (كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ) أَيْ الثَّمَرِ الْمُشْتَرَى أَمُتَوَالِيًا أَمْ مُتَفَرِّقًا، وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ، فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ لِاقْتِضَاءِ الْبَيْعِ الْمُنَاجَزَةَ وَلَفْظِ السَّلَمِ التَّأْجِيلَ (وَ) شُرِطَ أَيْضًا فِيهِمَا إسْلَامُهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 376 لِمَالِكِهِ، وَشُرُوعُهُ وَإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ، وَأَخْذُهُ بُسْرًا، أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا. فَإِنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ: مَضَى بِقَبْضِهِ، وَهَلْ الْمُزْهِيُّ   [منح الجليل] لِمَالِكِهِ) أَيْ الْحَائِطِ (وَ) شُرِطَ فِيهِمَا (شُرُوعُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ فِي أَخْذِ الثَّمَرَةِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، بَلْ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ فِيهِ (لِنِصْفِ شَهْرٍ) لَا أَكْثَرَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ فِيهَا وَيَضْرِبُ لِأَمَدِهِ أَجَلًا وَيَذْكُرُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ إذَا شَرَطَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَاهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبَا أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا مَتَى يَأْخُذُهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا وَكَانَ لَفْظُهُ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَيَفْسُدُ. (وَ) يُشْتَرَطُ فِيهِمَا أَيْضًا (أَخْذُهُ) أَيْ الثَّمَرِ أَيْ انْتِهَاءِ أَخْذِهِ لِجَمِيعِ مَا اشْتَرَاهُ حَالَ كَوْنِ الْمَأْخُوذِ (بُسْرًا أَوْ رُطَبًا) وَزِيدَ شَرْطٌ سَابِعٌ وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَخْذِهِ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَكْفِي الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِ أَخْذِهِ كَذَلِكَ (لَا) يَصِحُّ الشِّرَاءُ إنْ أَخَذَ حَالَ كَوْنِهِ (تَمْرًا) لِبُعْدِهِ مِنْ الزَّهْوِ، وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ إذَا وَقَعَ عَلَيْهِ بِمِعْيَارٍ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا فَلَهُ إبْقَاؤُهُ إلَى تَتَمُّرِهِ لِتَنَاوُلِ الْعَقْدِ الْجُزَافَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَقَدْ اسْتَلَمَهُ الْمُبْتَاعُ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ إلَّا ضَمَانُ الْجَائِحَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ سُمِّيَ سَلَمًا لِأَنَّهَا مَجَازٌ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ غَيْرَ طَعَامٍ وَضَبْطُهُ بِعَادَتِهِ الْحَطّ إنْ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا سَمَّاهُ سَلَمًا يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ لِوُجُوبِهِ فِي السَّلَمِ وَقَدْ عَرَّجَ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ، أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا. (فَإِنْ شَرَطَ) الْمُسْلِمُ (تَتَمُّرَ الرُّطَبِ) الْمَوْجُودِ حَالَ الْعَقْدِ شَرْطًا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا بِأَنْ شَرَطَ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ أَيَّامًا يَصِيرُ فِيهَا تَمْرًا (مَضَى) الْعَقْدُ فَلَا يُفْسَخُ (بِقَبْضِهِ) أَيْ التَّمْرِ وَلَوْ قَبْلَ تَتَمُّرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ قَالَهُ فِيهَا وَمِثْلُهُ يُبْسُهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. (وَهَلْ) الثَّمَرُ (الْمُزْهِيُّ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ مَا لَمْ يَرْطُبْ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 377 كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ؟ تَأْوِيلَانِ، فَإِنْ انْقَطَعَ: رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ، وَهَلْ عَلَى الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟   [منح الجليل] بِالرُّطَبِ فَشَمَلَ الْبُسْرَ الْمُشْتَرَطَ تَتَمُّرُهُ (كَذَلِكَ) أَيْ الرُّطَبُ الْمُشْتَرَطُ تَتَمُّرُهُ فِي مُضِيِّ بَيْعِهِ بِقَبْضِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ كَوْنُ الْمُزْهِيِّ كَذَلِكَ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شُرَّاحِهَا وَعَلَيْهِ حَمَلُوهَا (أَوْ) لَا يَمْضِي بِقَبْضِهِ، بَلْ هُوَ (كَالْبَيْعِ) فِي فَسْخِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا بِمُفَوِّتِهِ لِبُعْدِ مَا عَدَا الرُّطَبَ مِنْ التَّمْرِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ زَهْوِهِ، وَشَرْطُ أَخْذِهِ تَمْرًا لَمْ يَجُزْ لِبُعْدِهِ وَقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ فِيهِ. (فَإِنْ) اشْتَرَى ثَمَرَ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَأَخَذَ بَعْضَهُ وَ (انْقَطَعَ) بَاقِي ثَمَرِهِ بِجَائِحَةٍ أَوْ تَعَيُّبٍ أَوْ أَكَلَهُ عِيَالُ الْبَائِعِ لَزِمَ الْمُشْتَرِي مَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ وَانْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَا سَلَمٌ، وَبَيْعُ الْمِثْلِيِّ الْمُعَيَّنِ يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ. طفي تَعْبِيرُهُ؛ بِالِانْقِطَاعِ كَالْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي انْقِطَاعِ إبَّانِهِ، وَكَذَا تَلَفُهُ بِجَائِحَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِهِ. قَالَ فِيهَا إذَا قَبَضَ بَعْدَ سَلَمِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ لَزِمَهُ مَا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي هَذَا كَمَا اخْتَلَفَ فِي الْمَضْمُونِ إذَا انْقَطَعَ إبَّانُهُ اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعَيَّنٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُعَيَّنَاتِ، وَلَيْسَ مِنْ السَّلَمِ فِي شَيْءٍ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ لَهُ) مِنْ الثَّمَرِ مِنْ ثَمَنِهِ اتِّفَاقًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِيَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَرِهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَلِمَنْعِ السَّلَمِ فِيهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، فَالصَّبْرُ إلَيْهِ أَشَدُّ غَرَرًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ شَيْئًا مُعَجَّلًا وَلَوْ طَعَامًا. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَأَخَّرَ مُنِعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. ابْنُ يُونُسَ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا بِالْقَضَاءِ. طفي وَالْبَنَّانِيُّ وَمَعْنَاهُ إنْ طَلَبَ تَعْجِيلَهُ يَقْضِي لَهُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ وَلَا مَحْذُورَ فِي تَأْخِيرِهِ. (وَهَلْ) الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ (عَلَى الْقِيمَةِ) بِأَنْ يَقُومَ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَرِ فِي وَقْتِهِ وَمَا لَمْ يَقْبِضْ كَذَلِكَ، وَتُنْسَبُ قِيمَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ لِمَجْمُوعِهِمَا وَبِمِثْلِ نِسْبَتِهَا يَرْجِعُ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 378 أَوْ عَلَى الْمَكِيلَةِ؟ تَأْوِيلَانِ. وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ؟ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا؟ أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ وَفِي السَّلَمِ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ تَأْوِيلَاتٌ. وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ،   [منح الجليل] الثَّمَنِ مَثَلًا اشْتَرَى الثَّمَرَ بِسِتِّينَ وَقَبَضَ مَا قِيمَتُهُ سِتُّونَ وَقِيمَةُ مَا لَمْ يَقْبِضْ عِشْرُونَ، فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانُونَ وَالْعِشْرُونَ رُبُعُهُ، فَيَرْجِعُ بِرُبُعِ السِّتِّينَ الثَّمَنِ خَمْسَةَ عَشَرَ (أَوْ) الرُّجُوعُ بِهَا مِنْهُ (عَلَى) قَدْرِ (الْمَكِيلَةِ) بِمَا أَخَذَ وَمَا لَمْ يُؤْخَذْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي وَسْقًا رَجَعَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَخْذِ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَخْذِهِ فِي يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَالرُّجُوعُ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِهَذَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَكْثَرُ كَابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِي مُزَيْنٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ أَفَادَهُ تت. طفي تَعَقَّبَهُ " ق " بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ. الْبُنَانِيُّ لَعَلَّ " ق ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كَبِيرِهِ إذْ لَيْسَ فِي النُّسَخِ الَّتِي بِأَيْدِينَا مِنْ صَغِيرِهِ. (وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ) الَّتِي يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا فِي بَعْضِ إبَّانِهِ مِنْ السَّنَةِ (كَذَلِكَ) أَيْ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فِي اشْتِرَاطِ مَا سَبَقَ فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرِهَا (أَوْ) هِيَ كَذَلِكَ (إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ) أَيْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِشَرْطِهِ حَالَ كَوْنِ تَعْجِيلِهِ (فِي) السَّلَمِ فِي ثَمَرِ (هَا) أَيْ الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى حَوَائِطَ فَشِرَاؤُهُ سَلَمٌ حَقِيقِيٌّ، بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِيهِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ وَتَسْمِيَتُهُ سَلَمًا مَجَازٌ (أَوْ تُخَالِفُهُ) أَيْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ الْحَائِطَ الْمُعَيَّنَ (فِيهِ) أَيْ وُجُوبُ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا (وَفِي) جَوَازِ (السَّلَمِ) فِي ثَمَرِهَا (لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ) فِيهَا بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِهِ إلَّا لِمَالِكِهِ فَتُخَالِفُهُ فِي وَجْهَيْنِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَالثَّالِثُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. (وَإِنْ) أَسْلَمَ فِي ثَمَرٍ سَلَمًا حَقِيقِيًّا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَ (انْقَطَعَ مَا) أَيْ ثَمَرٌ مُسْلَمٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 379 أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ: خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ، وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ: وَجَبَ التَّأْخِيرُ، إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا.   [منح الجليل] فِيهِ (لَهُ) أَيْ الثَّمَرُ (إبَّانُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ نُونٌ، أَيْ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ عَادَةً قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (أَوْ) أَسْلَمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ مَأْمُونَةٍ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً (الْمُشْتَرِي) بِكَسْرِ الرَّاءِ (فِي الْفَسْخِ) لِلسَّلَمِ وَالرُّجُوعِ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ عِوَضِهِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (وَ) فِي (الْإِبْقَاءِ) لِلسَّلَمِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ وَأَخْذِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ ثَمَرِهِ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ التَّأْخِيرُ إلَى فَوَاتِ الْإِبَّانِ بِسَبَبِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَكَمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي عَدَمُ تَخْيِيرِهِ وَتَعَيَّنَ الْفَسْخُ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ ظُلْمٌ لِلْبَائِعِ فَتَخْيِيرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةُ ظُلْمٍ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ سُكُوتَهُ إلَى دُخُولِ الْإِبَّانِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت. (وَإِنْ) كَانَ أَسْلَمَ فِي ثَمَرٍ لَهُ إبَّانٌ (قَبَضَ) الْمُشْتَرِي (الْبَعْضَ) مِنْ الثَّمَرِ وَفَاتَ الْإِبَّانُ قَبْلَ قَبْضِ بَاقِيهِ (وَجَبَ التَّأْخِيرُ) لِلسَّلَمِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِيَأْخُذَ الْبَاقِيَ مِنْ ثَمَرِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَرْضَيَا) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ (بِ) الْفَسْخِ وَ (الْمُحَاسَبَةِ) فَلَهَا ذَلِكَ فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ، وَفِي السَّلَمِ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ مَأْمُونَةٍ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لِتَعَلُّقِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالذِّمَّةِ فَلَا يَبْطُلُ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ كَالدَّيْنِ، وَلَهُمَا الرِّضَا بِالْفَسْخِ وَالْمُحَاسَبَةِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا، بَلْ (وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ كَعُرُوضٍ وَحَيَوَانٍ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا لِيَأْمَنَا مِنْ خَطَأِ التَّقْوِيمِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إنْ تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَهِيَ عَلَى الْمَكِيلَةِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ اهـ عب. الثَّانِي: يُمْنَعُ أَخْذُهُ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 380 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالتُّونُسِيُّ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا تُهْمَةَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِضَرَرِهِمَا بِالتَّأْخِيرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الثَّالِثُ: مَحَلُّ جَوَازِ رِضَاهُمَا بِالْمُحَاسَبَةِ حَيْثُ كَانَ انْقِطَاعُهُ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِهُرُوبِ أَحَدِهِمَا حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بِهِ أَيْضًا، فَإِنْ كَانَ بِسُكُوتِ الْمُشْتَرِي عَنْ طَلَبِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا بِهَا. اهـ. عب زَادَ الْخَرَشِيُّ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ. الرَّابِعُ: طفي قَوْلُهُ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ مَعْنَاهُ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ بِفَرْضِ الْمَرْدُودِ مِثْلَ مَا بَقِيَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِاحْتِمَالِ الْمُخَالَفَةِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، فَيَلْزَمُ جَوَازُ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ عِوَضًا عَمَّا لَمْ يَقْبِضْ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ احْتَمَلَ كَوْنَ الْمَرْدُودِ مِثْلَ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَيَجُوزُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إقَالَةٌ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَ الْإِقَالَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ التَّقْوِيمِ. اهـ. فَأَشَارَ تت إلَى هَذَا. الْخَامِسُ: طفي الصَّوَابُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ عَلَى السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ، وَهُوَ السَّلَمُ فِي الذِّمَّةِ فِي غَيْرِ ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ وَغَيْرِ ثَمَرِ قَرْيَةٍ. وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ عَلَى الْقَرْيَةِ الْمَأْمُونَةِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ حُكْمِ الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، وَلَك جَعْلُ قَوْلِهِ وَانْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ شَامِلًا السَّلَمَ فِي الذِّمَّةِ وَالسَّلَمَ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ الْمَأْمُونَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ هُوَ فِي السَّلَمِ فِي ثَمَرِ الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ يَحْتَاجُ التَّصْرِيحَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فِي انْقِطَاعِ الثَّمَرِ فِي الْقَرْيَةِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، وَاَلَّذِي فِيهَا قَوْلَانِ إذَا انْقَطَعَ ثَمَرُهَا أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْمُحَاسَبَةِ، وَالثَّانِي جَوَازُ الْبَقَاءِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ. وَأَمَّا لَوْ أُجِيحَتْ فَيَلْزَمُ الْبَقَاءُ اتِّفَاقًا قَالَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ وَاقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْفَسْخِ فِي الْجَائِحَةِ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَالصَّوَابُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ تَوْضِيحِهِ، وَتَكُونُ الْقَرْيَةُ الْمَأْمُونَةُ شَامِلَةً لِانْقِطَاعِ ثَمَرِهَا بِجَائِحَةٍ كَمَا صَرَّحَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 381 وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ، وَاللُّؤْلُؤِ، وَالْعَنْبَرِ، وَالْجَوَاهِرِ، وَالزُّجَاجِ، وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ،   [منح الجليل] بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَتَبْقَى غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ مَسْكُوتًا عَنْهَا أَوْ دَاخِلَةً فِي التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ، وَأَنَّ الْفَسْخَ فِيهَا مُتَعَيَّنٌ كَالْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ سَوَاءٌ انْقَطَعَ ثَمَرُهَا أَوْ أُجِيحَ عَلَى مَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. وَأَمَّا الْحَائِطُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدْخُلُ هُنَا أَصْلًا كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ " ج " وَمَنْ تَبِعَهُ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنَّهُ مَزَلَّةُ أَفْكَارٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأَمَّا الْحَائِطُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدْخُلُ هُنَا أَصْلًا، أَيْ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. (وَيَجُوزُ) السَّلَمُ (فِيمَا) أَيْ طَعَامٍ (طُبِخَ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ إنْ بُيِّنَتْ صِفَتُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَاءٍ فَصِيحَةٍ وَهِيَ الْوَاقِعَةُ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَوْ الْعَاطِفَةُ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَهِيَ أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهَا التَّفْرِيعَ عَلَى الشُّرُوطِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْهَا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ لَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَطْبُوخُ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ فِي الشَّامِلِ فِي الرُّءُوسِ مَا فِي اللَّحْمِ وَلَوْ مَشْوِيَّةً أَوْ مَغْمُورَةً، فَإِنْ اُعْتِيدَ وَزْنُهَا عُمِلَ بِهِ وَيَصِحُّ فِي الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ، وَفِي الْمَطْبُوخِ مِنْهُمَا وَمِنْ اللَّخْمِيِّ إذَا عُرِفَ تَأْثِيرُ النَّارِ فِيهَا بِالْعَادَةِ وَحَصَرَتْهُ الصِّفَةُ. (وَ) يَجُوزُ فِي (اللُّؤْلُؤِ) بِهَمْزَتَيْنِ وَبِوَاوَيْنِ وَبِهَمْزٍ ثُمَّ وَاوٍ وَعَكْسِهِ اسْمُ جَمْعٍ وَاحِدُهُ لُؤْلُؤَةٌ وَجَمْعُهُ لَآلِئُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى حَصْرِ صِفَتِهِ بِذِكْرِ جِنْسِهِ وَعَدَدِهِ، وَوَزْنِ كُلِّ حَبَّةٍ، وَبَيَانِ صِفَتِهَا (وَالْعَنْبَرِ) بَعْضُهُمْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَمَرُ شَجَرٍ يَنْبُتُ فِي قَاعِ الْبَحْرِ فَيَرْمِيهِ بِسَاحِلِهِ وَهُوَ أَعْلَاهُ وَأَوْسَطُهُ مَا تَبْتَلِعُهُ دَابَّةٌ بَحْرِيَّةٌ فَيَضُرُّهَا لِشِدَّةِ حَرَارَتِهِ فَتَتَقَايَأَهُ وَإِنْ مَاتَتْ وَوُجِدَ فِي جَوْفِهَا فَهُوَ يَلِي الثَّانِيَ، وَإِنْ جَافَتْ وَهُوَ فِي جَوْفِهَا فَهُوَ أَدْنَاهُ. (وَ) فِي (الْجَوْهَرِ) أَيْ كَبِيرِ اللُّؤْلُؤِ (وَالزُّجَاجِ) بِتَثْلِيثِ الزَّايِ وَاحِدُهُ زُجَاجَةٌ (وَالْجِصِّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ مِصْرَ جِبْسًا، حَجَرٌ يُحْرَقُ وَيُطْحَنُ يُبْنَى بِهِ السَّلَالِمُ وَيُبَيَّضُ بِهِ الْحِيطَانُ (وَالزِّرْنِيخِ) بِكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونٍ مَكْسُورَةٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 382 وَأَحْمَالِ الْحَطَبِ، وَالْأَدَمِ، وَصُوفٍ بِالْوَزْنِ، لَا بِالْجَزَزِ وَالسُّيُوفِ، وَتَوْرٍ لِيُكَمِّلَ،   [منح الجليل] فَتَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ فَحَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَعْدِنٌ مَعْرُوفٌ (وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي (أَحْمَالِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حِمْلٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (الْحَطَبِ) وَيُقَاسُ بِخَيْطٍ وَيُجْعَلُ عِنْدَ أَمِينٍ، وَيُوصَفُ الْحَطَبُ وَصْفًا شَافِيًا فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ يُسْلَمُ فِي الْحَطَبِ وَزْنًا وَأَحْمَالًا. لِلْبَاجِيِّ وَعِنْدِي أَنَّهُ يُعْمَلُ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِعُرْفِهِمْ فِيهِ. (وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي (الْأَدَمِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ أَيْ الْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يَشْمَلُ غَيْرَهُ (وَ) فِي (صُوفٍ) مَضْبُوطٍ (بِالْوَزْنِ) كَقِنْطَارٍ (لَا بِالْجِزَزِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جِزَّةٍ كَذَلِكَ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا لِاخْتِلَافِهَا بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ وَالْغَزَارَةِ وَالْخِفَّةِ، وَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّلَمِ بِالْجَزَزِ تَحَرِّيًا، وَبِالْوَزْنِ مَعَ رُؤْيَةِ الْغَنَمِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّرُوعِ فِي الْجَزِّ وَلَوْ يَتَأَخَّرُ تَمَامُهُ لِنِصْفِ شَهْرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِسْمَةِ (وَ) يَجُوزُ السَّلَمُ فِي نَصْلِ (سُيُوفٍ) وَسَكَاكِينَ، وَفِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا إذَا وُصِفَتْ وَضُمِنَتْ فِي الذِّمَّةِ وَأُجِّلَتْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَعُجِّلَ رَأْسُ مَالِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا. (وَ) يَجُوزُ شِرَاءُ (تَوْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَسُكُونِ الْوَاوِ آخِرَهُ رَاءٌ أَيْ إنَاءٍ مَفْتُوحٍ يُشْبِهُ الطَّشْتَ مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ شَرَعَ فِيهِ الْعَامِلُ (لِيُكَمِّلَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا. وَأَمَّا ذَكَرُ الْبَقَرِ فَبِالْمُثَلَّثَةِ وَلَيْسَ هَذَا سَلَمًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوعُهُ الْآنَ أَوْ لِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ لِئَلَّا يَلْزَمُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصَّانِعِ. طفي فِي إطْلَاقِ السَّلَمِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ، فَلِذَا اُشْتُرِطَ فِيهِ الشُّرُوعُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهُ كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ وَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ، وَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ فِي الرِّوَايَةِ بِالشِّرَاءِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ وَجَازَ شِرَاءُ تَوْرٍ لِيُكَمِّلَ. الْبُنَانِيُّ جَعَلَهُ الشُّرَّاحُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وضيح مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِأُسْلُوبِ الْمُصَنِّفِ، فَيَصِحُّ كَوْنُهُ مِنْ السَّلَمِ، لَكِنْ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْمُجَوِّزِ تَعْيِينَ الْمَصْنُوعِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 383 وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ: كَالْخَبَّازِ، وَهُوَ بَيْعٌ   [منح الجليل] مِنْهُ وَالصَّانِعِ فِي السَّلَمِ، وَعَيَّنَ هُنَا الْمَصْنُوعَ مِنْهُ لِتَعَيُّنِ الْجُزْءِ الْمَصْنُوعِ، وَهَذِهِ مَنَعَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا هَلْ مَا بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ، وَإِذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ وَجَدْتَهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لِسَلَمٍ وَلَا لِبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَلَكِنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَمَشَّى عَلَيْهِ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَاَلَّذِي فِي أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ التَّوْرَ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْقُمْقُمِ، وَقَالَ عِيَاضٌ هُوَ البِرْقَالُ قَالَ أَيْ الْإِبْرِيقُ. (وَ) يَجُوزُ (الشِّرَاءُ) لِجُمْلَةٍ مَضْبُوطَةٍ كَقِنْطَارٍ تُؤْخَذُ فِي أَيَّامٍ كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا حَتَّى تَنْتَهِيَ (مِنْ) عَامِلٍ (دَائِمِ الْعَمَلِ) حَقِيقَةً بِأَنْ لَا يَفْتُرَ عَنْهُ غَالِبًا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى لِتَيَسُّرِهِ عِنْدَهُ فَيُشْبِهُ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ، وَالْعَقْدُ فِي هَذِهِ لَازِمٌ لَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ، وَجُوِّزَ الْعَقْدُ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ مِقْدَارِ الْجُمْلَةِ وَعَقْدُ هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُهَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ. وَمَثَّلَ لِدَائِمِ الْعَمَلِ فَقَالَ (كَالْخَبَّازِ) وَالْجَزَّارِ وَالطَّبَّاخِ (وَهُوَ) أَيْ الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ (بَيْعٌ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْجِيلُ الثَّمَنِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثَمَّنِ لِقَوْلِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ مِنْ الْجَزَّارِينَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِشَرْطِ دَفْعِ الثَّمَنِ مِنْ الْعَطَاءِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ وَقْتُ الْعَطَاءِ مَعْرُوفًا، أَيْ وَمَأْمُونًا. الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بَيْعَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِاشْتِهَارِهَا بَيْنَهُمْ وَهِيَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمَدِينَةِ فِي أَوَائِلِ السَّلَمِ. قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ وَقَدْ كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ اللَّحْمَ بِسَعْرٍ مَعْلُومٍ يُؤْخَذُ كُلَّ يَوْمٍ شَيْءٌ مَعْلُومٌ وَيُشْرَعُ فِي الْأَخْذِ وَيَتَأَخَّرُ الثَّمَنُ إلَى الْعَطَاءِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَكُونُ لِأَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ يُسَمَّى مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَ الْعَطَاءُ يَوْمئِذٍ مَأْمُونًا وَلَمْ يَرَوْهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَاسْتَخَفُّوهُ وَذَكَرُوا أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الشُّرُوعِ فِي الْأَخْذِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُجْمِرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كُنَّا نَبْتَاعُ اللَّحْمَ مِنْ الْجَزَّارِينَ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ نَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 384 وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ: كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ. وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ،   [منح الجليل] ثَلَاثَةً، وَنَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ نَدْفَعَ مِنْ الْعَطَاءِ وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ حَسَنًا. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ الْعَطَاءُ مَأْمُونًا وَأَجَلُ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ كُنَّا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ مَشْهُورٌ، وَلِاشْتِهَارِ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ سُمِّيَتْ بَيْعَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَجَازَهَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اتِّبَاعًا لِمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِهَا بِشَرْطَيْنِ الشُّرُوعُ فِي أَخْذِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَوْنُ أَصْلِهِ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَلَيْسَ سَلَمًا مَحْضًا، وَلِذَا جَازَ تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَا شِرَاءَ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ حَقِيقَةً، وَلِذَا جَازَ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُ جَمِيعِهِ إذَا أَشْرَعَ فِي قَبْضِ أَوَّلِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ مَنَعَهُ وَرَآهُ دَيْنًا بِدَيْنٍ، وَقَالَ تَأْوِيلُ حَدِيثِ الْمُجْمِرِ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ثَمَنُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى الْعَطَاءِ وَهُوَ تَأْوِيلٌ سَائِغٌ فِيهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سَمَّى فِيهِ السَّوْمَ وَمَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الْأَرْطَالِ الَّتِي اشْتَرَى مِنْهُ، فَلَمْ يَنْعَقِدْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ عَلَى عَدَدٍ مُسَمًّى مِنْ الْأَرْطَالِ، فَكُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إلَى الْعَطَاءِ وَلَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا التَّمَادِي عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْقِدَا بَيْعَهُمَا عَلَى عَدَدٍ مَعْلُومٍ مُسَمًّى مِنْ الْأَرْطَالِ، فَكُلَّمَا أَخَذَ شَيْئًا وَجَبَ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ إلَى الْعَطَاءِ وَإِجَازَةُ ذَلِكَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْأَرْطَالِ الَّتِي يَأْخُذُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا مَعْنَاهُ وَأَنَا أُجِيزُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا اتِّبَاعًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ الْقِيَاسُ اهـ. (وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) عَمَلُهُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ يَعْمَلُ مَرَّةً وَيَتْرُكُ أُخْرَى وَلَيْسَ حِرْفَتَهُ وَاشْتَرَى مِنْهُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ (فَهُوَ) أَيْ الْعَقْدُ (سَلَمٌ) حَقِيقِيٌّ لَا بَيْعٌ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ السَّلَمِ الَّتِي مِنْهَا بَقَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، وَتَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شَيْءٌ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَقَالَ (كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) فَيَجُوزُ بِشُرُوطِ السَّلَمِ مِنْ وَصْفِ الْعَمَلِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَتَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَكَوْنِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ (وَفَسَدَ) السَّلَمُ فِي نَحْوِ عَمَلِ السَّيْفِ (بِتَعْيِينِ) الشَّيْءِ (الْمَعْمُولِ مِنْهُ) كَالْحَدِيدِ (أَوْ) تَعْيِينِ الشَّخْصِ (الْعَامِلِ) وَأَوْلَى بِتَعْيِينِهِمَا مَعًا لِشِدَّةِ غَرَرِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 385 وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ: جَازَ، إنْ شَرَعَ: عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لَا   [منح الجليل] فِيهَا، وَمَنْ اسْتَصْنَعَ طَشْتًا أَوْ تَوْرًا أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ خِفَافًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْمَلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِنْ كَانَ مَضْمُومًا إلَى مِثْلِ أَجَلِ السَّلَمِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا شَيْئًا بِعَيْنِهِ يُعْمَلُ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ إذَا قَدَّمَ رَأْسَ الْمَالِ مَكَانَهُ أَوْ إلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ ضَرَبَ لِرَأْسِ الْمَالِ أَجَلًا بَعِيدًا لَمْ يَجُزْ وَصَارَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَإِنْ اشْتَرَطَ عَمَلَهُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ ظَوَاهِرَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ فَقَدَهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي أَيُسْلَمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا وَلَا يَكُونُ السَّلَفُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ اهـ. وَالظَّوَاهِرُ الْجُلُودُ وَسَقَطَ أَوْ الْعَامِلِ مِنْ بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ وَثُبُوتُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّهَا السَّابِقِ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ رُشْدٍ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا يَقْضِي جَوَازَهُ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا وَالْأَجْرُ مِنْ عِنْدَ الْأَجِيرِ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ اُنْظُرْ " ق ". (وَإِنْ اشْتَرَى) شَخْصٌ الشَّيْءَ (الْمَعْمُولَ مِنْهُ) كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالْجِلْدِ وَنَحْوِهَا مِنْ صَانِعٍ (وَاسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى عَمَلِهِ سَيْفًا أَوْ تَوْرًا أَوْ سَرْجًا مَثَلًا (جَازَ) عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (إنْ شَرَعَ) الْبَائِعُ فِي الْعَمَلِ وَلَوْ حُكْمًا بِتَأْخِيرِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَسَوَاءٌ (عَيَّنَ) الْمُشْتَرِي (عَامِلَهُ أَمْ لَا) وَفَارَقَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا، وَهَذِهِ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ أَجَرَهُ عَلَى عَمَلِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَبِيعِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَمَلَكَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ، وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِيهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَامِلِ، وَعَدَمُ تَعْيِينِهِمَا، وَتَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ فَقَطْ، وَتَعْيِينُ الْعَامِلِ فَقَطْ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: قَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ الْجَوَازَ بِكَوْنِ خُرُوجِهِ مَعْلُومًا، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَشِرَائِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 386 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثَوْبًا عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ صَبْغَهُ، أَوْ غَزْلًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ نَسْجَهُ، أَوْ خَشَبَةً عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُهَا تَابُوتًا فَمَمْنُوعٌ. طفي سَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ جَعْلَ ابْنِ رُشْدٍ التَّأْخِيرَ الْمُغْتَفَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامً فَقَطْ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إذْ الْمَمْنُوعُ مَا زَادَ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي بَيْعِ مُعَيَّنٍ بِتَأَخُّرِ قَبْضِهِ كَمَا فِي بُيُوعِهَا الْفَاسِدَةِ فِي اشْتِرَاءِ الزَّرْعِ الْمُسْتَحْصَدِ بِكَيْلٍ وَشِرَاءِ زَيْتِ زَيْتُونٍ مُعَيَّنٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا هُوَ كَثِيرٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَلِذَا قَالَ " س " يُنْظَرُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ الشُّرُوعَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُ النَّقْدِ بِشَرْطٍ مَعَ قَوْلِهِمْ وَأُجِيزَ تَأْخِيرُهُ شَهْرًا، فَإِنَّمَا مَنَعُوا النَّقْدَ بِشَرْطٍ إذَا تَأَخَّرَ شَهْرًا وَنَحْوَهُ أَمَّا إلَى مِثْلِ الثَّلَاثَةِ وَالْعَشَرَةِ كَمَا فِي دَوْلَةِ النِّسَاءِ فَلَا مَنْعَ. اهـ. وَابْنُ رُشْدٍ صَرَّحَ بِهَذَا كُلِّهِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فَانْظُرْهُ. الثَّالِثُ: " د " مَسْأَلَةُ تَجْلِيدِ الْكُتُبِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ضَرْبِ أَجَلِ السَّلَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ. عب غَيْرُ ظَاهِرٍ فَفِي تَهْذِيبِ الْبَرَادِعِيِّ لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَاجِرَهُ عَلَى بِنَاءِ دَارِك وَالْجِصُّ وَالْآجُرُّ مِنْ عِنْدَهُ. الْوَانُّوغِيُّ قُلْت لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ هَذَا مَسْأَلَةُ تَجْلِيدِ الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ الطَّلَبَةِ شَرْقًا وَغَرْبًا وَكَأَنَّهَا بِعَيْنِهَا فَصَوَّبَهُ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَرُدُّهُ، بَلْ كَلَامُهَا يَشْهَدُ لَهُ، وَنَصُّهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ، ثُمَّ قَالَ قُلْت أَرَأَيْت السَّلَمَ هَلْ يَجُوزُ فِيهِ أَنْ لَا يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَهَذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْآجُرِّ وَالْجِصِّ أَجَلًا، قَالَ لَمَّا قَالَ لَهُ ابْنِ لِي هَذِهِ الدَّارَ فَكَأَنَّهُ وَقَّتَ لَهُ أَجَلًا لِأَنَّ وَقْتَ بُنْيَانِهَا عِنْدَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي جِصٍّ وَآجُرٍّ مَعْرُوفٍ إلَى وَقْتٍ مَعْرُوفٍ، وَأَجَرَهُ فِي عَمَلِ هَذِهِ الدَّارِ فَلِذَا جَازَ. اهـ. عَلَى نَقْلِ " ق " فَهَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ ضَرْبِ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا، لَكِنْ فِي شَرْحِ الْقَبَّابِ لِبُيُوعِ ابْنِ جَمَاعَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ فِيمَنْ أَعْطَى ثَوْبَهُ أَوْ نَعْلَهُ لِمَنْ يُرَقِّعُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُرِيَهُ الرُّقْعَةَ وَالْجِلْدَ إنْ كَانَا مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا، قَالَ مَا نَصُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ انْضَافَ إلَى ذَلِكَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك مِنْ غَيْرِ أَجَلِ السَّلَمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَرَّازُ أَوْ الْخَيَّاطُ لَا يَعْدَمُ الرِّقَاعَ أَوْ الْجُلُودَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى طُولِ الْأَجَلِ، وَيَكْفِي الْوَصْفُ التَّامُّ كَمَا فِي السَّلَمِ فِي الجزء: 5 ¦ الصفحة: 387 لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ: كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ، وَالْأَرْضِ، وَالدَّارِ، وَالْجُزَافِ، وَمَا لَا يُوجَدُ   [منح الجليل] اللَّحْمِ لِمَنْ شَأْنُهُ يَبِيعُهُ، وَفِي الْخُبْزِ لِمَنْ شَأْنُهُ يَبِيعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلَ السَّلَمِ فَلَا يَكْتَفِي بِالْوَصْفِ إلَّا إذَا كَانَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُعْمَلَ مِنْهُ مَوْجُودًا عِنْدَهُ حِينَ الْعَقْدِ، أَوْ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ غَالِبًا لِكَوْنِهِ لَا يَعْدَمُهُ وَيَكْثُرُ عِنْدَهُ. اهـ. فَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْبِنَاءِ وَفِي مُجَلَّدِ الْكُتُبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَجُوزُ السَّلَمُ (فِيمَا) أَيْ شَيْءٍ (لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ) وَصْفًا كَاشِفًا لِحَقِيقَتِهِ وَرَافِعًا لِجَهَالَتِهِ (كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ) لِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَعَجْوَةٍ وَحِنَّاءٍ مَخْلُوطَيْنِ بِرَمْلٍ، وَتُرَابِ حَانُوتِ صَائِغٍ (وَ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْعَقَارِ كَ (الْأَرْضِ وَالدُّورِ) لِأَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ بَيَانُ صِفَتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهَا، وَكَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا فِيهِ لِأَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ مَحَلَّهُ، وَبِذِكْرِهِ يَتَعَيَّنُ خَارِجًا وَلَا يَكُونُ فِي الذِّمَّةِ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَقْدِ أَحَدِ الشَّرْطَيْنِ. (وَ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي (الْجُزَافِ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ بَيْعِهِ رُؤْيَتَهُ، وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ كَوْنُهُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَهَذَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ. الْبُنَانِيُّ قِيلَ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ أَوْ بِتَحَرٍّ لِأَنَّ الْمُتَحَرَّى جُزَافٌ قَطْعًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِاللَّحْمِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّهُ فُقِدَ مِنْهُ بَعْضُ شُرُوطِ الْجُزَافِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَرْئِيًّا وَمَا هُنَا فِيمَا عَدَاهُ. اللَّخْمِيُّ لَا يُسْلَمُ فِي الْجُزَافِ لِجَهْلِ مَا يَقْتَضِي إلَّا فِي اللَّحْمِ بِالتَّحَرِّي، وَنَقَلَ " ق " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْجُزَافُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ، وَالسَّابِقُ فِيمَا يُمْكِنُ تَحَرِّيهِ أَفَادَ هَذَا كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ. (وَ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي (مَا) أَيْ شَيْءٍ (لَا يُوجَدُ) أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ وُجُودِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَسَلَفُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ جَائِزٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ كُلِّ الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، حَاشَا أَرْبَعَةً: أَحَدُهُمَا: مَالًا يَصِحُّ الِانْتِقَالُ بِهِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ. وَالثَّانِي: مَا لَا يُحَاطُ بِصِفَتِهِ مِثْلُ تُرَابِ الْمَعَادِنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 388 وَحَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ؛ وَلَا كَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ، وَإِنْ لَمْ يُغْزَلَا؛ وَثَوْبٍ لِيُكَمَّلَ   [منح الجليل] وَالْجُزَافِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ جُزَافًا. وَالثَّالِثُ: مَا يَتَعَذَّرُ وُجُودُهُ مِنْ الصِّفَةِ. وَالرَّابِعُ: مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ كَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ وَجَمِيعِ النَّجَاسَاتِ. (وَ) لَا يَجُوزُ سَلَمُ (حَدِيدٍ) إنْ كَانَتْ السُّيُوفُ تَخْرُجُ مِنْهُ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ أَوْ بِالْعَكْسِ) أَيْ سَلَمُ سُيُوفٍ فِي حَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ سُيُوفٌ. الْحَطّ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الْمُفَارِقَةَ لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَذُو الصَّنْعَةِ الْمُفَارِقَةِ فِي أَصْلِهِ كَأَصْلِهِ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ كَالنَّسْجِ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَزَاهُ أَبُو الْحَسَنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَلِسَحْنُونٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَمَ حَدِيدٌ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ سُيُوفٌ فِي سُيُوفٍ، وَكَذَا فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَهُوَ وِفَاقٌ لِلْكِتَابِ، وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ السُّيُوفَ وَالْحَدِيدَ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَالْقَاعِدَةُ أَنْ لَا يُسْلَمَ شَيْءٌ فِي جِنْسِهِ وَلَا فِيمَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَالْقِيَاسُ قَوْلُ سَحْنُونٍ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَدُّ الذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَوَسَّلَ بِسَلَمِ مَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ فِيهَا إلَى سَلَمِ مَا تَخْرُجُ مِنْهُ فِيهَا أَفَادَهُ تت. (وَ) يُمْنَعُ سَلَمُ (كَتَّانٍ) شَعْرٍ غَيْرِ مَغْزُولٍ (غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ) أَيْ الْكَتَّانِ (إنْ لَمْ يُغْزَلَا) أَيْ الْكَتَّانُ الْغَلِيظُ وَالْكَتَّانُ الرَّقِيقُ. ابْنُ نَاجِي لِأَنَّ غَلِيظَ الْكَتَّانِ قَدْ يُعَالَجُ فَيُجْعَلُ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ مِنْ رَقِيقِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُهُ إنْ غُزِلَا لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا كَغَلِيظِ ثِيَابِ الْكَتَّانِ فِي رَقِيقِهَا، وَقَرَّرَ الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ يُمْنَعُ سَلَمُ غَزْلِ غَلِيظِ الْكَتَّانِ فِي غَزْلِ رَقِيقِهِ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ قَبْلَ غَزْلِهِمَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يَدْفَعُ لِصَاحِبِهِ مَا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَغْزِلَهُ، وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. (وَ) لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي (ثَوْبٍ) نُسِجَ بَعْضُهُ (لِيُكَمَّلَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً لِلْمُسْلِمِ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ بِخِلَافِهَا بِبَدَلِهِ بِغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يَكْثُرْ عِنْدَهُ الْغَزْلُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْرِ أَنَّ التَّوْرَ إنْ خَرَجَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ يُسْبَكُ وَيُعَادُ عَلَيْهَا وَإِنْ نَقَصَ يُكَمَّلُ وَالثَّوْبُ لَا يُعَادُ، فَإِنْ كَثُرَ الْغَزْلُ أَوْ النُّحَاسُ عِنْدَهُ بِحَيْثُ يُنْسَجُ أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 389 وَمَصْنُوعٍ قُدِّمَ لَا يَعُودُ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ: كَالْغَزْلِ، بِخِلَافِ النَّسْجِ إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ. وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ،   [منح الجليل] يُصَاغُ مِنْهُ ثَوْبٌ أَوْ ثَوْبٌ آخَرُ بِالصِّفَةِ إنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ بِخِلَافِهَا جَازَ فِيهِمَا، وَإِنْ اشْتَرَى جَمِيعَ الْغَزْلِ عَلَى شَرْطِ نَسْجِهِ أَوْ جَمِيعَ النُّحَاسِ بِشَرْطِ عَمَلِهِ امْتَنَعَ فِيهِمَا الْغَرَرُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ زَائِدٌ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ صَنْعَتِهِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ آخَرُ مُنِعَ فِي الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لَا يُعَادُ، وَجَازَ فِي التَّوْرِ لِأَنَّهُ يُعَادُ وَيُكَمَّلُ، فَأَقْسَامُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ. (وَ) لَا يَجُوزُ سَلَمُ شَيْءٍ (مَصْنُوعٍ قُدِّمَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً، أَيْ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ لِأَصْلِهِ الْمَصْنُوعِ هُوَ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (لَا يَعُودُ) وَأَوْلَى إنْ كَانَ يَعُودُ الْمَصْنُوعُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ حَالَ كَوْنِهِ (هَيِّنَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً، أَيْ سَهْلَ (الصَّنْعَةِ) وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْغَزْلِ) مِنْ كَتَّانٍ يُسْلَمُ فِي كَتَّانٍ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ أَصْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَبَيَّنَ مَفْهُومَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ النَّسْجِ) أَيْ الْمَنْسُوجِ فَيَجُوزُ سَلَمُهُ فِي أَصْلِهِ لِإِخْرَاجِهِ صَنْعَتَهُ عَنْ أَصْلِهِ لِصُعُوبَتِهَا، فَيَجُوزُ سَلَمُ ثَوْبٍ مِنْ كَتَّانٍ فِي غَزْلِ كَتَّانٍ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ مِنْ صُوفٍ فِي غَزْلِ صُوفٍ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ مِنْ قُطْنٍ فِي غَزْلِ قُطْنٍ أَوْ شَعْرِهِ لِبُعْدِهِ مِنْ أَصْلِهِ بِصَنْعَتِهِ (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) أَيْ الْحَرِيرِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُهَا فِيهِ. أَبُو مُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ وَتَصِيرُ خَزًّا. سَنَدُ هَذَا بَعِيدٌ إذْ يَبْعُدُ فِي الْمَنْسُوجِ أَنْ يُقْصَدَ التَّعَامُلُ عَلَى نَقْضِ نَسْجِهِ. (وَإِنْ قُدِّمَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ جُعِلَ (أَصْلُهُ) أَيْ الْمَمْنُوعُ غَيْرُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ كَالْمَنْسُوجِ وَالْمَصُوغُ رَأْسُ مَالٍ لِلْمَصْنُوعِ كَسَلَمِ كَتَّانٍ فِي ثَوْبٍ أَوْ نُحَاسٍ فِي تَوْرٍ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لُوحِظَ (الْأَجَلُ) الْمَضْرُوبُ بَيْنَهُمَا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ يَسَعُ صَنْعَةَ الْأَصْلِ الْمُقَدَّمِ مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ مِنْ الْأَصْلِ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَسَعُ ذَلِكَ جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. وَأَمَّا أَصْلُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ فَيُمْنَعُ سَلَمُهُ فِي مَصْنُوعِهِ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى مِنْ مَنْعِ سَلَمِ مَصْنُوعِهِ فِي أَصْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ قَصْدُ نَقْضِ الْمَصْنُوعِ فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ لَا خَيْرَ فِي شَعِيرٍ نُقِدَ فِي قَصِيلٍ لِأَجَلٍ إلَّا لِأَجَلٍ لَا يَصِيرُ الشَّعِيرُ فِيهِ قَصِيلًا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 390 وَإِنْ عَادَ، اُعْتُبِرَ فِيهِمَا وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ.   [منح الجليل] وَذَكَرَ مَفْهُومَ لَا يَعُودُ فَقَالَ (وَإِنْ عَادَ) الْمَصْنُوعُ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ (اُعْتُبِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لُوحِظَ الْأَجَلُ (فِيهِمَا) أَيْ سَلَمِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ وَسَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ، فَإِنْ وَسِعَ الْأَجَلُ جُعِلَ الْمَصْنُوعُ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ جُعِلَ أَصْلُهُ مِنْهُ امْتَنَعَ السَّلَمُ وَإِلَّا جَازَ كَسَلَمِ آلَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ عَكْسِهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: ابْنُ هَارُونَ اعْتِبَارُ الْأَجَلِ حَسَنٌ إذَا قُدِّمَ الْأَصْلُ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، وَأَجَازَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَالْبَرْقِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ قَائِلًا وَأَمَّا إذَا قُدِّمَ الْمَصْنُوعُ فِي غَيْرِهِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِيهِ إذْ يَبْعُدُ أَنْ يُفْسِدَ الْمَصْنُوعَ وَيَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَدْفَعَهُ لِلْمُسْلِمِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى صُورَةٍ نَادِرَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ قَلِيلَ الثَّمَنِ لِقِدَمِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا زَالَتْ صَنْعَتُهُ ظَهَرَتْ لَهُ صُورَةٌ وَفِيهِ بُعْدٌ اهـ. الثَّانِي: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ سَوَاءٌ كَانَ يَعُودُ لِأَصْلِهِ أَمْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَأَنَّ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ إنْ لَمْ يَعُدْ أَسْلَمَ فِي أَصْلِهِ وَأَسْلَمَ أَصْلُهُ فِيهِ إنْ ضَاقَ الْأَجَلُ عَنْ صَنْعَتِهِ، وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ: وَعَكْسُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا. الثَّالِثُ: طفي قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ لَيْسَ مَفْهُومَ وَلَا يَعُودُ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ، وَأَمَّا هُوَ فَالْمَنْعُ فِيهِ إنْ عَادَ أَوْلَى وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْأَجَلِ فِيهِ لِأَنَّ هَيِّنَهَا مَعَ أَصْلِهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ. ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ هَانَتْ الصَّنْعَةُ كَغَزْلِ الْكَتَّانِ فَقَدْ جَعَلُوهُ كَغَيْرِ الْمَصْنُوعِ، وَجَعَلُوا الصَّنْعَةَ لِهَوَانِهَا كَالْعَدَمِ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الْمَغْزُولُ وَغَيْرُ الْمَغْزُولِ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَنْهُمْ صِنْفٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَفْهُومُ لَا يَعُودُ وَلَا بِقَيْدِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ. (وَ) الشَّيْئَانِ (الْمَصْنُوعَانِ) مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَنُحَاسٍ أَوْ كَتَّانٍ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ حَالَ كَوْنِهِمَا (يَعُودَانِ) أَيْ يُمْكِنُ عَوْدُهُمَا لِأَصْلِهِمَا (يُنْظَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 391 وَجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ: قَبُولُ صِفَتِهِ فَقَطْ: كَقَبْلِ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا.   [منح الجليل] النُّونِ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (لِلْمَنْفَعَةِ) الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا، فَإِنْ اتَّحَدَتْ أَوْ تَقَارَبَتْ كَإِبْرِيقٍ مِنْ نُحَاسٍ فِي مِثْلِهِ أَوْ صَحْنٍ، فِي طَاسَةٍ مِنْهُ مُنِعَ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ كَإِبْرِيقٍ فِي طَسْتٍ كِلَاهُمَا مِنْ نُحَاسٍ جَازَ وَفِيهَا لَا خَيْرَ فِي سَيْفٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْدَةِ وَالْقَطْعِ. تَنْكِيتٌ تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ يَعُودَانِ مَعَ تَعَقُّبِهِ بِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا لَا يَعُودَانِ لِرَقِيقِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي مِثْلِهِ لَا يُنْظَرُ، لِمَنْفَعَتِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ تت. وَأَشَارَ الْخَرَشِيُّ لِجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ وَأَحْرَى إنْ لَمْ يَعُودَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَنْعَتُهُمَا هَيِّنَةً أَمْ لَا. (وَجَازَ) لِلْمُسْلِمِ (قَبْلَ) صِلَةِ قَبُولِ حُلُولِ (زَمَانِهِ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَفَاعِلُ جَازَ (قَبُولُ) مَوْصُوفِ (صِفَتِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَجَازَ لَهُ عَدَمُ قَبُولِهِ، وَيَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ دَفْعُهُ قَبْلَهُ وَعَدَمُهُ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ (فَقَطْ) عَنْ الْأَجْوَدِ وَالْأَدْنَى وَالْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ فَلَا يَجُوزُ قَبُولُهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى قَبُولِ الْأَجْوَدِ أَوْ الْأَكْثَرِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَعَلَى قَبُولِ الْأَدْنَى أَوْ الْأَقَلِّ ضَعْ وَتَعَجَّلْ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ قَبُولُ مِثْلِهِ إلَخْ لَكَانَ أَنَصَّ عَلَى الْمُرَادِ، أَيْ مِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا. قُلْت لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَدْرَ مِنْ الصِّفَةِ. الْحَطّ هَذَا إذَا قَضَاهُ شَيْئًا مِنْ جِنْسِهِ فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ شَيْئًا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ اُشْتُرِطَ فِي جَوَازِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ فِي قَضَائِهِ بِهِ بَعْدَهُ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ. الْخَرَشِيُّ مُرَادُهُ قَبُولُ صِفَتِهِ فِي مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ. عب إنْ قُلْت مَوْصُوفُ صِفَتِهِ هُوَ عَيْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ. قُلْت لَعَلَّهُ لِقَوْلِهِ فَقَطْ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) قَبُولِ مَوْصُوفِ صِفَتِهِ (قَبْلَ) وُصُولِ (مَحَلِّهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي اُشْتُرِطَ دَفْعُهُ فِيهِ فَيَجُوزُ (فِي الْعَرْضِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَرَادَ بِهِ مُقَابِلَ الطَّعَامِ بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِحُلُولِ أَجَلِهِ. عب هَذَا ضَعِيفٌ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 392 وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ إنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً،   [منح الجليل] وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْجَوَازِ مِنْ حُلُولِ أَجَلِ الْعَرْضِ. تت وَظَاهِرُهُ كَانَ لِلْعَرْضِ حِمْلٌ كَالثِّيَابِ أَمْ لَا كَالْجَوْهَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا كَانَ الطَّالِبُ لِذَلِكَ الْمُسْلِمَ أَوْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ. (وَ) جَازَ قَبُولُ صِفَتِهِ قَبْلَ مَحَلِّهِ (فِي الطَّعَامِ) الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ حَلَّ) أَجَلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ مُنِعَ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ جَرَّ نَفْعًا لِلْمُسَلِّفِ وَهُوَ سُقُوطُ ضَمَانِهِ عَنْهُ إلَى حُلُولِ أَجَلِهِ وَبَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ عِوَضٌ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْآنَ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْقَضَاءِ قَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ اللَّذَيْنِ حَلَّ أَجَلُهُمَا (إنْ لَمْ يَدْفَعْ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ (كِرَاءً) لِحَمْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ قَبْضِهِ لِمَوْضِعِ الشَّرْطِ، فَإِنْ دَفَعَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَحَلَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُ. حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ هَذَا الْمَنْعُ عَامٌّ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ، وَتَزِيدُ عِلَّةُ الطَّعَامِ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالنَّسِيئَةُ بِأَخْذِهِ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ لِيَسْتَوْفِيَهُ مِنْ نَفْسِهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ، وَيَجْرِي فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إذَا كَانَ الْكِرَاءُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَبَيْعٍ وَسَلَفٍ. (تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: اسْتَشْكَلَ ابْنُ جَمَاعَةَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ مُحْرِزٍ جَوَازَ قَبُولِ صِفَتِهِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إنْ حَلَّ قَبْلَ مَحَلِّهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِسُقُوطِ حَمْلِهِ إلَى مَحَلِّهِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، وَالْمَحَلُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الطَّعَامِ وَالصَّوَابُ جَرَيَانُهُ فِي الْعَرْضِ أَيْضًا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. الثَّانِي: فِي الطَّعَامِ وَالْعَرْضِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ الْجَوَازُ بِشَرْطِ حُلُولِهِمَا، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ الْجَوَازُ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ، وَالْأَوَّلُ أَقَيْسُ وَالْمُصَنِّفُ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ فَيُنْظَرُ مُسْتَنَدُهُ فِيهِ وَلَوْ جَرَى عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إنْ حَلَّ أَوْ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مُطْلَقًا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 393 وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا: كَقَاضٍ إنْ غَابَ. وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ؛   [منح الجليل] (وَلَزِمَ) قَبُولُ صِفَتِهِ الْمُسْلَمِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (بَعْدَ) بُلُوغِ (هِمَا) أَيْ الْأَجَلِ وَالْمَحَلِّ إنْ أَتَاهُ بِجَمِيعِهِ، فَإِنْ أَتَاهُ بِبَعْضِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ أَيْسَرَ الْمَدِينُ. ابْنُ عَرَفَةَ قَضَاؤُهُ بِحُلُولِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ لَازِمٌ لَهُمَا مَعَ يُسْرِ الْمَدِينِ، وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ قَبُولِ صِفَتِهِ بَعْدَهُمَا فَقَالَ (كَ) قَبُولِ (قَاضٍ) أَيْ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ إذَا أَتَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ بِقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ فِي مَحَلِّهِ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (إنْ غَابَ) الْمُسْلِمُ عَنْ مَحَلِّ قَبْضِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَكِيلٌ خَاصٌّ فِيهِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى وَكِيلِهِ وَمَثَّلَهُ فِيهَا فِي بَابِ الْمَفْقُودِ الْمُصَنِّفُ، وَظَاهِرُ عُيُوبِهَا خِلَافُهُ. (وَ) إنْ رَفَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَهُمَا شَيْئًا أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (جَازَ) شَيْءٌ (أَجْوَدُ) أَيْ أَزْيَدُ جَوْدَةً وَحُسْنًا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَيْ قَبُولُهُ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَهُمَا لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ وَهِيَ لَا يَلْزَمُ قَبُولُهَا. وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ يَجِبُ لِحُصُولِ الْغَرَضِ وَزِيَادَةٍ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِمَا فِي صَرْفِهَا مِنْ أَقْرَضْتَهُ دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً فَقَضَاك مُحَمَّدِيَّةً أَوْ قَضَاك دَنَانِيرَ عُتَقَاءَ مِنْ هَاشِمِيَّةٍ أَوْ سَمْرَاءَ مِنْ مَحْمُولَةٍ أَوْ مِنْ شَعِيرٍ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهَا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ، وَالْمُحَمَّدِيَّةُ وَالْعَتْقَاءُ وَالسَّمْرَاءُ أَفْضَلُ أَفَادَهُ تت. (وَ) جَازَ شَيْءٌ (أَرْدَأُ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، أَيْ قَبُولُهُ بَعْدَهُمَا لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً " غ ". هَذَا خِلَافُ تَفْصِيلِ ابْنِ شَاسٍ إذْ قَالَ وَإِنْ أَتَى بِالْجِنْسِ وَهُوَ أَجْوَدُ وَجَبَ قَبُولُهُ، وَإِنْ كَانَ أَرْدَأَ جَازَ قَبُولُهُ وَلَمْ يَجِبْ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَاسْتَبْعَدَهُ هُوَ وَابْنُ هَارُونَ إذْ لَا يَلْزَمُ الْإِنْسَانَ قَبُولُ الْمِنَّةِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ هِبَةٌ وَلَا يَجِبُ قَبُولُهَا، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهَا فِي الصَّرْفِ وَمَنْ أَقْرَضْته دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةً فَقَضَاك مُحَمَّدِيَّةً أَوْ قَضَاك دَنَانِيرَ عُتَقَاء عَنْ هَاشِمِيَّةٍ، أَوْ قَضَاك سَمْرَاءَ عَنْ مَحْمُولَةٍ أَوْ شَعِيرٍ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهَا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ قَبِلْتهَا جَازَ فِي الْعَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدِهِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الطَّعَامِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ كَانَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ لِأَنَّ الطَّعَامَ يُرْجَى تَغَيُّرُ أَسْوَاقِهِ، وَلَيْسَ الْعَيْنُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 394 لَا أَقَلُّ، إلَّا عَنْ مِثْلِهِ، وَيُبْرِئُ مِمَّا زَادَ، وَلَا دَقِيقٌ عَنْ قَمْحٍ، وَعَكْسُهُ   [منح الجليل] كَذَلِكَ. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِإِجَازَتِهِ مِنْ قَرْضٍ قَبْلَ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رَأْيٌ وَلَا عَادَةٌ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَحْسَنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى جِنْسٍ فَوَجَدَ أَجْوَدَ مِنْهُ لَزِمَهُ كَنَقْلِ ابْنِ شَاسٍ لِأَنَّ هَذَا عَامٌّ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْأَظْهَرُ إنْ دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، وَإِنْ دَفَعَهُ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَشَقَّةَ تَعْوِيضِهِ بِمِثْلِ مَا شَرَطَهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ. (لَا) يَجُوزُ قَبُولُ شَيْءٍ (أَقَلَّ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَدْرًا كَعَشْرَةٍ عَنْ أَحَدَ عَشَرَ، أَوْ إرْدَبٍّ عَنْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ أَجْوَدَ مِنْهُ لِلِاتِّهَامِ عَلَى بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ غَيْرِ مُمَاثِلٍ لَهُ (إلَّا) أَنْ يَأْخُذَ الْأَقَلَّ (عَنْ مِثْلِهِ) مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَدْرًا (وَيُبَرِّئُ) الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (مِمَّا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (زَادَ) هـ الْمُسْلَمُ فِيهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ فَيَجُوزُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْفَضْلِ فِي الطَّعَامَيْنِ الْمُتَّحِدَيْ الصِّنْفِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَمْ يَعْتَدَّ، وَهَذَا فِي الطَّعَامِ وَالنَّقْدِ اللَّذَيْنِ حَلَّ أَجَلُهُمَا، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَجُوزُ قَبُولُ الْأَقَلِّ مِنْهُ عَنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ كَقِنْطَارِ نُحَاسٍ عَنْ قِنْطَارَيْنِ. (وَلَا) يَجُوزُ (دَقِيقٌ) أَيْ أَخْذُهُ قَضَاءً (عَنْ قَمْحٍ) مُسْلَمٍ فِيهِ (وَ) لَا يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أَيْ أَخْذُ قَمْحٍ قَضَاءً عَنْ دَقِيقٍ مُسْلَمٍ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّحْنَ يَنْقُلُ فَصَارَا جِنْسَيْنِ، فَلَزِمَ فِيهِمَا بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهَا إنْ أَسْلَمْت فِي مَحْمُولَةٍ أَوْ سَمْرَاءَ أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ سَلَّمْت أَوْ أَقْرَضْت ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ قَضَاءً عَنْ بَعْضٍ مِثْلَ الْمَكِيلَةِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَهُوَ بَدَلٌ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ أَجْنَاسُ التَّمْرِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ فِي بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، وَإِنْ أَسْلَمْت فِي حِنْطَةٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ دَقِيقَ حِنْطَةٍ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَا بَأْسَ بِهِ مِنْ قَرْضٍ بَعْدَ مَحَلِّهِ، وَإِنْ أَسْلَمْت فِي لَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ جَازَ أَنْ تَأْخُذَ لَحْمَ بَعْضِهَا أَوْ شَحْمًا قَضَاءً مِنْ بَعْضٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِأَنَّهُ بَدَلٌ وَلَيْسَ بَيْعَ طَعَامٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 395 وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ، إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً، وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ، لَا طَعَامٍ، وَلَحْمٍ بِحَيَوَانٍ   [منح الجليل] قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ كُلَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَ مَا أَسْلَفَ فِيهِ اهـ مِنْ الْحَطّ. طفي وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ وَأَقَلُّ وَأَكْثَرُ أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الصِّفَةِ لَا أَقَلُّ مَعَ اخْتِلَافِهَا، هَذَا لِلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ: وَقَضَاؤُهُ لِحُلُولِهِ وَبِصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَعَ يُسْرِ الْمَدِينِ، وَبِأَقَلَّ قَدْرًا مِنْ صِنْفِهِ وَالْقَبْضُ مِنْ الْمَدِينِ جَائِزٌ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَعَكْسُهُ حَسَنٌ قَضَاءً، ثُمَّ قَالَ وَمَنْعُ الْقَضَاءِ بِأَقَلَّ قَدْرًا وَأَجْوَدَ صِفَةً وَاضِحٌ وَعَكْسُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ قَدْرًا وَأَرْدَأُ صِفَةً، ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى جَوَازِ الصُّورَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ أَخَذَ خَمْسِينَ مَحْمُولَةً عَنْ مِائَةٍ سَمْرَاءَ أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً لِأَنَّهُ أَدْنَى صِفَةً، وَمَنَعَهُ مَرَّةً لِأَنَّهَا يُرْغَبُ فِيهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَقَوْلُهُ لَا أَقَلُّ يَشْمُلُ الصُّورَتَيْنِ، وَلَا يَشْمَلُ اتِّحَادَ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَتَعْمِيمُ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ. (وَ) جَازَ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَبَعْدَهُ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا (وَ) إنْ جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَأْخُوذِ (بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً) أَيْ مُقَابَضَةً بِلَا تَأْخِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لَحْمًا وَالْآخَرُ حَيَوَانًا مِنْ جِنْسِهِ. (وَ) جَازَ (أَنْ يُسْلَمَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (فِيهِ) أَيْ الْمَأْخُوذِ (رَأْسُ الْمَالِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ الْوَاجِبُ وَبَيْعُهُ بِالْمَأْخُوذِ لِيَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى السَّلَمِ فِيهِ كَالضَّمَائِرِ السَّابِقَةِ (لَا) يَجُوزُ قَضَاءُ (طَعَامٍ) مُسْلَمٍ فِيهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَهَذَا مُحْتَرَزُ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَ) لَا يَجُوزُ قَضَاءُ (لَحْمِ) مُسْلَمٍ فِيهِ (بِحَيَوَانٍ) مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهَا مُزَابَنَةٌ وَلَا عَكْسُهُ لِذَلِكَ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ بَيْعِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً، وَلَا يَرِدُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 396 وَذَهَبٍ؛ وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ، وَعَكْسِهِ. وَجَازَ بَعْدَ أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ لِيَزِيدَهُ طُولًا: كَقَبْلِهِ، إنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ،   [منح الجليل] أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ لِأَنَّ اللَّحْمَ وَالْحَيَوَانَ جِنْسَانِ فِي هَذَا الْبَابِ كَالْقَمْحِ وَالدَّقِيقِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. (وَ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (ذَهَبٍ وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ) لِامْتِنَاعِ سَلَمِ الْوَرِقِ فِي الذَّهَبِ، فَهَذَا مُحْتَرَزُ وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ (وَ) لَا يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أَيْ الْقَضَاءُ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِوَرِقٍ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ لِامْتِنَاعِ سَلَمِ الذَّهَبِ فِي الْوَرِقِ. تت وَيَخْرُجُ بِهَذَا الْمُحْتَرَزِ أَمْرٌ ثَانٍ وَهُوَ مَنْعُ الطَّعَامِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ طَعَامًا لِلتَّفَاضُلِ وَالنَّسَاءِ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَى الطَّعَامَانِ فَيَجُوزُ وَبَعْدَ إقَالَةٍ، وَيَخْرُجُ بِهِ أَيْضًا أَمْرٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ عَرْضٌ عَنْ صِنْفِهِ حَذَرًا مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِثْلَ رَأْسِ الْمَالِ لِلْأَمْنِ مِمَّا سَبَقَ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِلتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ. (وَ) إنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (جَازَ) لَهُ (بَعْدَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (الزِّيَادَةُ) لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (لِيَزِيدَهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلَمَ (طُولًا) أَوْ عَرْضًا أَوْ صَفَاقَةً أَيْ لِيُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ مِمَّا وَصَفَهُ إنْ عَيَّنَهُ وَعَجَّلَهُ لَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي حَالٍّ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عُجِّلَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ اشْتِرَاطُ تَعْجِيلِهَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي وَإِنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَزِدْته بَعْدَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَك ثَوْبًا أَطْوَلَ مِنْهُ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ جَازَ إذَا تَعَجَّلْت ذَلِكَ اهـ. ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّك أَعْطَيْت فِي الثَّوْبِ الْمَأْخُوذِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي زِدْتهَا وَالثَّوْبَ الَّذِي أَسْلَمْت فِيهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا تَأْخِيرُهُ لِمَا عَلَيْهِ سَلَفٌ، وَالزِّيَادَةُ بَيْعٌ، وَلَوْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ مُؤَخَّرًا كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) زِيَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (قَبْلِهِ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِيَزِيدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَفْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ طُولًا عَلَى طُولِهِ الْمَشْرُوطِ أَوَّلًا فَيَجُوزُ (إنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 397 وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ، لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصَفْقَ   [منح الجليل] عَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُسْلِمُ (دَرَاهِمَهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْمَزِيدَةَ عَلَى رَأْس الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَلَوْ حَكَمَا بِتَأْخِيرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ سَلَمٌ مُؤْتَنَفٌ، وَأُجِّلَتْ الزِّيَادَةُ كَأَجَلِ السَّلَمِ، وَبَقِيَ مِنْ أَجَلِ الْأَصْلِ نِصْفُ شَهْرٍ فَأَكْثَرُ، وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ لِلْجَوَازِ. وَالثَّالِثُ: كَوْنُ الزِّيَادَةِ فِي الطُّولِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ. وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ وَإِلَّا لَزِمَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يُشْتَرَطَ حَالَ عَقْدِ السَّلَمِ أَنَّهُ يَزِيدُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ دَرَاهِمَ لِيَزِيدَهُ فِي الطُّولِ فِيهَا وَإِنْ أَسْلَمْت إلَى رَجُلٍ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَزِدْته قَبْلَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ نَقْدًا عَلَى إنْ زَادَ لَك فِي طُولِهِ جَازَ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ أَوَّلًا بَقِيَتْ بِحَالِهَا وَاسْتَأْنَفَا صَفْقَةً أُخْرَى، وَلَوْ كَانَتْ صَفْقَةً وَاحِدَةً مَا جَازَ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنِّي أَزِيدُك بَعْدَ مُدَّةٍ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي ثَوْبًا أَطْوَلَ لَمْ يَجُزْ. (وَ) جَازَ لِمَنْ دَفَعَ غَزْلًا لِمَنْ يَنْسِجُهُ لَهُ ثَوْبًا طُولُهُ كَذَا وَعَرْضُهُ كَذَا إنْ عَجَّلَ لَهُ دَرَاهِمَ مَعَ (غَزْلٍ يَنْسِجُهُ) لَهُ وَيَزِيدُهُ فِي طُولِ الشُّقَّةِ أَوْ عَرْضِهَا وَنَحْوِهِ فِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ لِإِجَازَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِلزِّيَادَةِ فِي الطُّولِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ، قَالَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ لَوْ دَفَعْت إلَيْهِ غَزْلًا يَنْسِجُهُ ثَوْبًا سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ زِدْته دَرَاهِمَ وَغَزْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَك فِي طُولٍ أَوْ عَرْضٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُمَا صَفْقَتَانِ، وَهَذِهِ إجَارَةٌ وَهِيَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُفْسِدُهَا مَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ انْتَهَى. فَمَسْأَلَةُ الْغَزْلِ الَّذِي يُنْسَجُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ، وَلِذَا فِيهَا أَنْ يَزِيدَهُ غَزْلًا وَدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِي الْعَرْضِ لِأَنَّهَا لَا يَدْخُلُهَا فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَزِيدُهُ مِنْ غَزْلِهِ، وَلَكِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْعَرْضِ إنَّمَا تُمْكِنُ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ نَسْجِ شَيْءٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) إنْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ لِيُعْطِيَهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ (أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ) مِنْ الْمَشْرُوطِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ صَفْقَةٌ أُخْرَى فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ كُلِّهِ، وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ مُخَالَفَةِ الْمَأْخُوذِ لِلْأَوَّلِ مُخَالَفَةً تُبِيحُ سَلَمَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَإِلَّا كَانَ قَضَاءً قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَرْدَأَ أَوْ أَجْوَدَ فِيهَا، وَلَوْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَوْبًا أَصْفَقَ وَأَرَقَّ لَمْ يَجُزْ. أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا إنْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ فَلَا بُدَّ مِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 398 وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ.   [منح الجليل] تَبْدِيلِ ذَلِكَ الثَّوْبِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوَّلًا بِمَا شَرَطَاهُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْعَرْضَ لَا يُزَادُ فِيهِ، وَكَذَا الصَّفَاقَةُ. ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ زَادَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ خِلَافَ الصِّفَةِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ عَمَّا أَسْلَمَهُ فِيهِ إلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا إنْ زَادَهُ دَرَاهِمَ لِيَزِيدَهُ فِي الطُّولِ فَالثَّوْبُ الْأَوَّلُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَالزِّيَادَةُ لِأَذْرُعٍ أُخْرَى فَهِيَ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ خَالِيَةٌ عَنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. (وَلَا يَلْزَمُ) الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (دَفْعُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا طَابَ مِنْهُ (بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ الَّذِي يَقْضِي فِيهِ إنْ ثَقُلَ حَمْلُهُ، بَلْ (وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَجَوْهَرٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ، قِيلَ وَالْمُبَالَغَةُ عَلَى هَذَا أَنْسَبُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الدَّفْعِ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً أَيْضًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اتَّحَدَ سِعْرُ الْمَحَلَّيْنِ أَوْ كَانَ غَيْرُ مَحَلِّهِ أَرْخَصَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَقُّهُ اسْتِثْنَاءُ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْفَصْلِ بَعْدَهُ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ. ابْنُ بَشِيرٍ إذَا لَقِيَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي اشْتَرَطَ الْقَضَاءَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا وَجَبَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرِّضَا بِالْأَخْذِ إذَا طَلَبَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا يُجْبَرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْقَضَاءِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا. وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَا حِمْلَ لَهَا كَالْجَوَاهِرِ فَهَلْ هِيَ كَالْعَيْنِ أَوْ كَالنَّوْعِ الْأَوَّلِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ فِي الطَّرِيقِ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهَا كَالْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهَا كَالْعَرْضِ، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ كَالْعُرُوضِ مَعَ الْخَوْفِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَلَوْ ظَفَرَ بِهِ فِي غَيْرِهِ وَكَانَ فِي الْحَمْلِ مُؤْنَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي لَوْ ظَفَرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي يَجِبُ الْقَضَاءُ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُسْلَمَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ فَقَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَحْتَمِلُ فَإِنْ ظَفَرَ الْمَدِينُ بِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَرَادَ الْمَدِينُ التَّعْجِيلَ وَامْتَنَعَ الطَّالِبُ وَيَحْتَمِلُ عَكْسَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا وَجَبَ قَبُولُهُ إلَّا أَنْ يُتَّفَقَ أَنَّ لِلطَّالِبِ فَائِدَةً فِي التَّأْخِيرِ كَحُصُولِ خَوْفٍ فِي الزَّمَانِ أَوْ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ، وَإِنْ كَانَ عُرُوضًا لَهَا حِمْلٌ أَوْ طَعَامًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ كَالْجَوَاهِرِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 399 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَقَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا كَالْعُرُوضِ. وَقِيلَ كَالْعَيْنِ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ. فَإِنْ كَانَ الْأَمْنُ فِي الطَّرِيقِ فَكَالْعَيْنِ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ. وَأَمَّا الْقَرْضُ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَنَصَّ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلطَّالِبِ جَبْرُ الْمَطْلُوبِ مُطْلَقًا. اللَّخْمِيُّ وَلِأَشْهَبَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ سِعْرُ الْبَلَدَيْنِ سَوَاءً أَوْ هُوَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ أَرْخَصُ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَحَلِّهِ. الْمَحَلُّ الَّذِي اُشْتُرِطَ دَفْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِيهِ أَوْ مَحَلُّ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ مَحَلٌّ مُعَيَّنٌ لَهُ. الثَّانِي: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ دَفْعُهُ إلَخْ، وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْعَيْنِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا فَيُقَيَّدُ بِهِ كَلَامُ الْمُخْتَصَرِ وَالتَّوْضِيحِ. الثَّالِثُ: تَقَدَّمَ فِيمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الْمَدِينَ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ الْقَرْضِ وَامْتَنَعَ الطَّالِبُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ بِظَاهِرٍ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ آخِرَ الْقَرْضِ، وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ إلَّا الْعَيْنَ، وَلِقَوْلِ الْجَلَّابِ وَلَوْ رَدَّهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَجَلِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا إذَا رَدَّهُ إلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اقْتَرَضَهُ مِنْهُ فِيهِ، وَإِنْ رَدَّهُ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ قَبُولُهُ وَنَحْوَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهَا الْحَطّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 400 (فَصْلٌ) يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ فَقَطْ   [منح الجليل] [فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ] فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَرْضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَقَرَنَهُ بِالسَّلَمِ لِتَشَابُهِهِمَا فِي دَفْعِ مَالٍ مُعَجَّلٍ فِي مَالٍ مُؤَخَّرٍ (يَجُوزُ) أَيْ يُنْدَبُ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُوجِبُهُ أَوْ يُحَرِّمُهُ أَوْ يُكَرِّهُهُ وَتَعْسُرُ إبَاحَتُهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُوجِبُهُ أَوْ كَرَاهَتُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ وَإِبَاحَتُهُ تَعْسُرُ «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ دِرْهَمُ الْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشْرَ وَدِرْهَمُ الصَّدَقَةِ بِعَشْرَةٍ فَسَأَلَ جِبْرِيلَ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ لِأَنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُقْتَرِضُ لَا يَقْتَرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ» ، أَفَادَهُ تت، وَفَاعِلُ يَجُوزُ (قَرْضُ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَقِيلَ بِكَسْرِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مَعْنَاهُ لُغَةً الْقَطْعُ وَشَرْعًا دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي مِثْلِهِ غَيْرِ مُعَجَّلٍ لِنَفْعِ آخِذِهِ فَقَطْ لَا يُوجِبُ عَارِيَّةً مُمْتَنِعَةً أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. قَوْلُهُ مُتَمَوَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فِي مِثْلِهِ أَخْرَجَ بِهِ السَّلَمَ، وَقَوْلُهُ غَيْرِ مُعَجَّلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْمُبَادَلَةَ وَالْمُرَاطَلَةَ وَقَوْلُهُ لِنَفْعِ آخِذِهِ فَقَطْ أَخْرَجَ بِهِ مَا لِنَفْعِ دَافِعِهِ فَقَطْ أَوْ لِنَفْعِهِمَا مَعًا فَقَرْضٌ فَاسِدٌ، وَقَوْلُهُ لَا يُوجِبُ عَارِيَّةً مُمْتَنِعَةً لِإِخْرَاجِ مَا أَوْجَبَ عَارِيَّةً مُمْتَنِعَةً. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْقَرْضَ الْفَاسِدَ وَشَأْنُ التَّعْرِيفِ شُمُولُهُ أَيْضًا. وَأَضَافَ قَرْضُ لِمَفْعُولِهِ (مَا) أَيْ الْمُتَمَوَّلُ الَّذِي (يُسْلَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ (فِيهِ) مِنْ عَيْنٍ وَعَرَضٍ وَطَعَامٍ وَحَيَوَانٍ وَرَقِيقٍ (فَقَطْ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَرْضُ مَا لَا يُسْلَمُ فِيهِ كَأَرْضٍ وَدَارٍ وَبُسْتَانٍ وَتُرَابِ صَائِغٍ وَمَعْدِنٍ وَجَوْهَرٍ نَفِيسٍ وَجُزَافٍ لَا يُحْزَرُ لِكَثْرَتِهِ، وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا جِلْدَ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ وَجِلْدَ ضَحِيَّةٍ وَمِلْءَ مِكْيَالٍ مَجْهُولٍ وَوَيْبَاتٍ وَحَفْنَاتٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْأَخِيرِ، وَيَجُوزُ قَرْضُهَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَوَّلِ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَقَطْ وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ الْجَارِيَةَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 401 إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ. وَرُدَّتْ، إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَهُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَالْقِيمَةُ كَفَاسِدِهِ   [منح الجليل] وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى مَنْعِ قَرْضِهَا اسْتَثْنَاهَا فَقَالَ (إلَّا جَارِيَةً) أَيْ أَمَةً شُبِّهَتْ بِالسَّفِينَةِ فِي سُرْعَةِ الْجَرْي ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً (تَحِلُّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا (لِلْمُسْتَقْرِضِ) فَلَا يَجُوزُ قَرْضُهَا لَهُ لِتَأْدِيَتِهِ لِإِعَارَةِ الْفَرْجِ لِأَنَّ لِلْمُقْتَرَضِ رَدَّ عَيْنِ الْقَرْضِ. وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ جَوَازُ قَرْضِهَا لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَحْرَمِهَا وَامْرَأَةٍ وَصَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى، وَيَلْحَقُ بِهِ الصَّغِيرُ يَقْتَرِضُ لَهُ وَلِيُّهُ أَمَةً، وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ اقْتِرَاضُ الْجَوَارِي قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ هُنَا مَسْأَلَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ يُونُسَ وَنَقَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا لَا بَأْسَ أَنْ تَأْمُرَهُ يَبْتَاعُ لَك عَبْدَ فُلَانٍ بِطَعَامِهِ هَذَا أَوْ بِثَوْبِهِ هَذَا وَذَلِكَ قَرْضٌ، عَلَيْك الْمِثْلُ لَهُمَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَوْ بِجَارِيَتِهِ هَذِهِ وَعَلَيْك مِثْلُهَا وَلَيْسَ فِيهِ عَارِيَّةٌ لِلْفَرْجِ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ لِيَدِ الْمُسْتَقْرِضِ. أَبُو الْحَسَنِ وَرُبَّمَا أُلْقِيَتْ بِأَنْ يُقَالَ أَيْنَ يَجُوزُ قَرْضُ الْجَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمِهَا فَيُقَالُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ اهـ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) إنْ أُقْرِضَتْ الْجَارِيَةُ لِمَنْ تَحِلُّ هِيَ لَهُ فُسِخَ قَرْضُهَا و (رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْجَارِيَةُ لِمُقْرِضِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) الْجَارِيَةُ (بِمُفَوِّتِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ (الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قُوَّتِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَيْبَةِ عَلَيْهَا. ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بِشِبْهِ الْوَطْءِ فِيهَا. لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَعُونَةِ وَالْمَازِرِيِّ بِزِيَادَةٍ وَظَنَّ بِالْقَابِضِ، فَإِنْ فَاتَتْ بِذَلِكَ (فَالْقِيمَةُ) لِلْأَمَةِ تَلْزَمُ الْمُقْرِضَ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ وَلَدِهَا مِنْهُ لِلْخِلَافِ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ فَقِيمَتُهُ تَلْزَمُ الْمَغْرُورَ لِإِحْبَالِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَتَى بِقَوْلِهِ (كَفَاسِدِهِ) أَيْ الْبَيْعِ وَإِنْ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ لِيُفِيدَ اعْتِبَارَهَا يَوْمَ الْقَبْضِ، وَأَنَّ الْقَرْضَ إذَا فَسَدَ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ لَا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ الَّذِي تُرَدُّ فِيهِ الْعَيْنُ أَوْ الْمِثْلُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ كَوْنِ الْبَيْعِ أَصْلًا لِلْقَرْضِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي دَفْعِ الْمَالِ فِي عِوَضِ الْمُكَايَسَةِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 402 وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ، إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا، أَوْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ كَرَبِّ الْقِرَاضِ وَعَامِلِهِ. وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ   [منح الجليل] وَحَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ (هَدِيَّتُهُ) أَيْ إهْدَاءُ الْمُقْتَرِضِ لِمُقْرِضِهِ لِتَأْدِيَتِهَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يَحِلُّ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ أَنْ يُهْدِيَ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ هَدِيَّةً وَلَا أَنْ يُطْعِمَهُ طَعَامًا رَجَاءَ أَنْ يُؤَخِّرَ بِدَيْنِهِ. وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ غَرَضِهِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَعَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَصَحَّتْ نِيَّتُهُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ شِهَابٍ، وَيُكْرَهُ لِلَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ. وَإِنْ تَحَقَّقَ صِحَّةُ نِيَّتِهِ فِيهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِاسْتِجَازَةِ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ (إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا) أَيْ الْهَدِيَّةِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَرْضِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ مِثْلُهَا مِنْ الْمُهْدِي لِلْمُهْدَى لَهُ لَمْ تَحْرُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِمِثْلِهَا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مَنْ تُعَوِّدَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَعُلِمَ أَنَّ هَدِيَّتَهُ لَيْسَتْ لِلدَّيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ مِثْلَهَا فِي قَدْرِ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا قَبْلَ الدَّيْنِ وَهُوَ تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ (أَوْ) لَمْ (يَحْدُثْ) بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْقَرْضِ (مُوجِبٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ سَبَبٌ لِلْإِهْدَاءِ، فَإِنْ حَدَثَ كَصِهَارٍ وَجِوَارٍ فَلَا تَحْرُمُ إذَا عُلِمَ أَنَّ إهْدَاءَهُ بَعْدَ الدَّيْنِ لَيْسَ لِلدَّيْنِ، بَلْ لِلْمُوجِبِ الَّذِي حَدَثَ تت. (تَنْكِيتٌ) لَوْ قَالَ حَرُمَ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ لِيَشْمَلَ الْمُقْتَرِضَ وَغَيْرَهُ لَكَانَ حَسَنًا لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ عَنْ فَهْمِهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ الْحُرْمَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقْتَرِضِ. وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ فَقَالَ (ك) هَدِيَّةِ (رَبِّ) أَيْ مَالِكِ (الْقِرَاضِ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ لِعَامِلِهِ (وَ) هَدِيَّةِ (عَامِلِهِ) أَيْ الْمُتَّجِرُ فِي الْقِرَاضِ لِرَبِّ الْمَالِ فَتَحْرُمُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا بِإِهْدَائِهِمَا إدَامَةَ الْعَمَلِ فِي الْمَالِ إنْ أَهْدَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ اتِّفَاقًا بَلْ (وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ ب (الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ نَظَرًا لِلْمَآلِ وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْحَالِ وَنَصِّ ابْنِ يُونُسَ، وَقِيلَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 403 وَذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي   [منح الجليل] لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ وَإِنْ شَغَلَ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إذَا نَضَّ أَنْ يُبْقِيَهُ بِيَدِهِ، وَبِهَذَا أَقُولُ وَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَقَدُّمِ مِثْلِهَا وَعَدَمِ حُدُوثِ مُوجِبٍ. (وَ) كَهَدِيَّةٍ إلَى (ذِي الْجَاهِ) فَتَحْرُمُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا وَلَمْ يَحْدُثْ مُوجِبٌ. أَبُو عَلِيٍّ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ إلَّا إذَا كَانَ يُمْنَعُ غَيْرُهُ بِجَاهِهِ مِنْ أَمْرٍ يَجِبُ عَلَى ذِي الْجَاهِ دَفْعُهُ عَنْهُ بِأَنْ يَكُونَ بِلَا مَشْيٍ وَحَرَكَةٍ، وَإِنَّ قَوْلَهُ وَذِي الْجَاهِ مُقَيَّدٌ بِهَذَا أَيْ مِنْ حَيْثُ جَاهُهُ فَقَطْ كَاحْتِرَامِ زَيْدٍ مَثَلًا بِذِي جَاهٍ، وَمُنِعَ مِنْ أَجْلِ احْتِرَامِهِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ زَيْدٍ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ تَجُوزُ الْمَسْأَلَةُ لِلضَّرُورَةِ إنْ كَانَ يَحْمِي بِسِلَاحِهِ، فَإِنْ كَانَ يَحْمِي بِجَاهِهِ فَلَا لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْجَاهِ اهـ، يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا ذُكِرَ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ ثَمَنُ الْجَاهِ إنَّمَا حَرُمَ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَخْذِ عَلَى الْوَاجِبِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ الذَّهَابُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ اهـ. وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ الْقُورِيُّ عَنْ ثَمَنِ الْجَاهِ فَأَجَابَ بِمَا نَصُّهُ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي حُكْمِ ثَمَنِ الْجَاهِ فَمِنْ قَائِلٍ بِالتَّحْرِيمِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ قَائِلٍ بِالْكَرَاهَةِ بِإِطْلَاقٍ، وَمِنْ مُفَصِّلٍ فِيهِ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ ذُو الْجَاهِ يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ وَتَعَبٍ وَسَفَرٍ فَأَخَذَ مِثْلَ أَجْرِ نَفَقَةِ مِثْلِهِ فَجَائِزٌ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْحَقُّ. وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ يَجُوزُ النَّاسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَجَابَ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَاهٌ قَوِيٌّ بِحَيْثُ لَا يُتَجَاسَرُ عَلَيْهِ عَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ سَيْرُهُ مَعَهُمْ بِقَصْدِ تَجْوِيزِهِمْ فَقَطْ لَا لِحَاجَةٍ لَهُ، وَأَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِحَيْثُ يَرْضَى بِمَا يَدْفَعُونَهُ لَهُ. وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ رَجُلٍ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ ظُلْمًا فَبَذَلَ مَالًا لِمَنْ يَتَكَلَّمُ فِي خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَجُوزُ فَأَجَابَ نَعَمْ يَجُوزُ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ. (وَ) كَهَدِيَّةٍ إلَى (الْقَاضِي) فَتَحْرُمُ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي» ، وَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ جَوَازَ الْهَدِيَّةِ إلَيْهِ الَّتِي اعْتَادَهَا قَبْلَ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ قَوْلَيْنِ. قُلْت وَلَعَلَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ حُرْمَةِ الرِّشْوَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهَا أَحَدٌ بِخِلَافِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 404 وَمُبَايَعَتِهِ مُسَامَحَةً، أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ: كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ،   [منح الجليل] مَا قَبْلَهَا، فَإِنْ الشَّافِعِيَّ جَوَّزَ الْأَخْذَ عَلَى الْجَاهِ، وَمَحَلُّ الْحُرْمَةِ عَلَى الدَّافِعِ لِلْقَاضِي إذَا أَمْكَنَهُ خَلَاصُ حَقِّهِ أَوْ دَفْعُ مَظْلِمَتِهِ بِدُونِهَا وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ عَلَى الْقَاضِي فَقَطْ. (وَ) حَرُمَ (مُبَايَعَتُهُ) أَيْ مَنْ تَحْرُمُ هَدِيَّتُهُ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَذِي الْجَاهِ وَالْقَاضِي بَيْعًا (مُسَامَحَةً) أَيْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَإِنْ وَقَعَ رَدَّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَفِيهِ قِيمَةُ الْمُقَوِّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ، وَأَمَّا مُبَايَعَتُهُ بِلَا مُسَامَحَةٍ فَقِيلَ تَجُوزُ. وَقِيلَ تُكْرَهُ وَيُكْرَهُ بَيْعُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ بِمُسَامَحَةٍ خَشْيَةَ أَنْ يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى زِيَادَةِ الْمَدِينِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَحْظُورَاتِ (أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ) لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ الْأَصْوَبُ ضَبْطُهُ مَصْدَرًا مَرْفُوعًا مُضَافًا لِمَفْعُولِهِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ وَعَلَى هَدِيَّتِهِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَيْ وَجَرُّ مَنْفَعَةٍ، أَيْ لِلْمُقْرِضِ قَالَهُ " غ ". سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ حَلَّ أَجَلُهَا فَأَعْسَرَ بِهَا فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَخِّرْهُ بِالْعَشَرَةِ وَأَنَا أُسْلِفُك عَشَرَةَ دَنَانِيرَ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِي يَكُونُ لَهُ عَلَى الَّذِي لَهُ الْحَقُّ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَلَفًا لَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيَّنَ عَلَى مَا قَالَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَلَفًا مِنْهُ لَهُ لِأَنَّهُ سَلَفُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ لِغَرَضٍ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، إذْ لَا يَحِلُّ السَّلَفُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمُسْلِفُ مَنْفَعَةَ الَّذِي أَسْلَفَهُ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْفَعَةِ مَنْ سِوَاهُ. وَمَثَّلَ لِجَرِّ الْمَنْفَعَةِ فَقَالَ (كَشَرْطِ) قَضَاءِ شَيْءٍ (عَفِنٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ مُتَعَفِّنٍ أَوْ مُسَوِّسٍ (ب) شَيْءٍ (سَالِمٍ) مِنْ الْعَفَنِ وَالسُّوسِ وَمَبْلُولٍ بِيَابِسٍ وَقَدِيمٍ بِجَدِيدٍ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ بِمَا إذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ نَفْعِ الْمُتَسَلِّفِ فَقَطْ وَإِلَّا جَازَ وَالْعَادَةُ الْعَامَّةُ أَوْ الْخَاصَّةُ كَالشَّرْطِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُ قَضَاءِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ إذَا كَانَ بِلَا شَرْطٍ وَلَا عَادَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» . الجزء: 5 ¦ الصفحة: 405 وَدَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ، أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمِلَّةٍ، أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا: كَسَفْتَجَةٍ، إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ، وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا، إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُفْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ: كَفَدَّانٍ   [منح الجليل] (وَ) شَرْطِ دَفْعِ مِثْلِ (دَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ) مُسْلَفٍ بِبَلَدٍ بِشَرْطِ مِثْلِهِ (بِبَلَدٍ) آخَرَ غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ لِيُسْقِطَ الْمُقْرِضُ عَنْ نَفْسِهِ كُلْفَةَ حَمْلِهِ مِنْ بَلَدِ الْقَرْضِ إلَى الْبَلَدِ الْآخَرِ، كَأَنْ يُسْلِفَهُ بِمِصْرَ دَقِيقًا أَوْ كَعْكًا بِشَرْطِ دَفْعِ قَضَائِهِ بِمَكَّةَ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَوْ لِلْحَاجِّ، وَيَجُوزُ بِلَا شَرْطٍ، فِي الْحَمْدِيسِيَّةِ جَوَازُهُ لِلْحَاجِّ مَعَ الشَّرْطِ (وَ) شَرْطُ قَضَاءِ (خُبْزِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرَهُ زَايٌ (فُرْنٍ ب) خُبْزِ (مِلَّةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَمَادٍ حَارٍّ يُخْبَزُ بِهِ، أَوْ حُفْرَةٍ يُجْعَلُ فِيهَا رَمَادٌ حَارٌّ يُخْبَزُ بِهِ، وَخُبْزُ الْمِلَّةِ أَحْسَنُ مِنْ خُبْزِ الْفُرْنِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ (أَوْ) شَرَطَ قَضَاءَ (عَيْنٍ) أَيْ ذَاتَ نَقْدٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ (عَظُمَ حَمْلُهَا) بِبَلَدٍ آخَرَ فَيُمْنَعُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِنَفْعِ الْمُقْرِضِ بِدَفْعِ مُؤْنَةِ حَمْلِهَا عَنْ نَفْسِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَسَفْتَجَةٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْجِيمُ أَعْجَمِيَّةٌ أَيْ وَرَقَةٌ يَكْتُبُهَا مُقْتَرِضٌ بِبَلَدٍ كَمِصْرِ لِوَكِيلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ كَمَكَّةَ لِيَقْضِيَ عَنْهُ بِهَا مَا اقْتَرَضَهُ بِمِصْرَ فَيُمْنَعُ لِانْتِفَاعِ الْمُقْرِضِ بِدَفْعِ كُلْفَةِ مَا أَقْرَضَهُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ وَغَرَّرَهُ بَرًّا وَبَحْرًا (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ) الْبَرَّ وَالْبَحْرَ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ (وَكَ) قَرْضِ (عَيْنٍ) أَيْ ذَاتِ نَقْدٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ (كُرِهَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إقَامَتُهَا) عِنْدَ مَالِكِهَا لِخَوْفِ تَلَفِهَا بِعَفَنٍ أَوْ سُوسٍ مَثَلًا فَيَحْرُمُ قَرْضُهَا لِيَأْخُذَ بَدَلَهَا لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لِغَيْرِ الْمُقْتَرِضِ (إلَّا أَنْ يَقُومَ) أَيْ يُوجَدَ (دَلِيلٌ) أَيْ قَرِينَةٌ (عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ) بِقَرْضِ مَا كُرِهَتْ إقَامَتُهُ (نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ) فَيَجُوزُ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعُ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ، كَمَا إذَا كَانَ الْمُسَوِّسُ أَوْ الْقَدِيمُ إنْ بَاعَهُ يَأْتِي ثَمَنُهُ بِأَضْعَافِهِ لِمَسْغَبَةٍ أَوْ غَلَاءٍ وَشُبِّهَ بِالْمُسْتَثْنَى فِي الْجَوَازِ أَوْ مَثَّلَ لَهُ فَقَالَ (كَفَدَّانٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 406 مُسْتَحْصِدٍ: خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ: يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ، وَمُلِكَ، وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ، إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ:   [منح الجليل] آخِرُهُ نُونٌ، أَيْ مِقْدَارٍ مِنْ الزَّرْعِ (مُسْتَحْصِدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ حَانَ حَصَادُهُ (خَفَّتْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ سَهُلَتْ (مُؤْنَتُهُ) أَيْ حَصْدُ الْفَدَّانِ وَدَرْسُهُ وَتَذْرِيَتُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ مَالِكِهِ وَأَقْرَضَهُ لِمَنْ (يَحْصُدُهُ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا (وَيَدْرُسُهُ) وَيُذَرِّيهِ وَيَنْتَفِعُ بِحَبِّهِ ثُمَّ يَقْضِيهِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُقْرِضُ نَفْسَهُ بِفِعْلِ الْمُقْتَرِضِ كَمَا فِي " ق " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّشْبِيهُ يُفِيدُهُ. (وَيَرُدُّ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُقْتَرِضُ لِلْمُقْرِضِ (مَكِيلَتَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ الْحَبَّ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ وَتِبْنَهُ لِمُقْرِضِهِ وَإِنْ هَلَكَ الزَّرْعُ قَبْلَ حَصْدِهِ فَضَمَانُهُ عَلَى مُقْرِضِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ (وَمُلِكَ) بِضَمٍّ بِكَسْرٍ أَيْ الْقَرْضُ أَيْ مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ بِالْعَقْدِ وَصَارَ مَالًا فَيَقْضِي عَلَى الْمُقْرِضِ بِدَفْعِهِ لَهُ (وَلَمْ يَلْزَمْ) الْمُقْتَرِضَ (رَدُّهُ) أَيْ الْقَرْضِ لِمُقْرِضِهِ إلَّا بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهِ انْتِفَاعَ أَمْثَالِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْتَرِضُ وَجَبَ عَلَى الْمُقْرِضِ قَبُولَهُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنَقْصٍ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِلْمُقْتَرِضِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ. وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ لُزُومِ رَدِّهِ فَقَالَ (إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ) بِرَدِّهِ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَادَةِ، فَإِنْ انْتَفَيَا فَهُوَ كَالْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ. وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ فِيهَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَيْنِ. فَقِيلَ لَهُ رَدُّهَا وَلَوْ بِالْقُرْبِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ إبْقَاؤُهَا الْقَدْرَ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ أَعَارَهُ لِمِثْلِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ هَذَا عَمَلًا بِالْعَادَةِ، إذْ قَدْ تَزِيدُ عَلَيْهِ بِفَرْضِ وُجُودِهَا. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَأَخْذِهِ) أَيْ الْقَرْضَ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ أَخْذُهُ إنْ دَفَعَهُ الْمُقْتَرِضُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 407 كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ، إلَّا الْعَيْنَ.   [منح الجليل] لَهُ (بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) الَّذِي يَقْضِي فِيهِ لِزِيَادَةِ الْكُلْفَةِ عَلَيْهِ (إلَّا الْعَيْنَ) أَيْ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ الْمُقْرَضَةَ فَيَلْزَمُ مُقْرِضُهَا أَخْذَهَا بِغَيْرِ مَحَلِّهِ لِخِفَّةِ حَمْلِهَا إلَّا لِخَوْفٍ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ، وَمِثْلُهَا الْجَوَاهِرُ النَّفِيسَةُ. (خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ) : الْأُولَى: ابْنُ الْعَرَبِيِّ. انْفَرَدَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ لِخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ اسْتَلَفَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِينَارٍ» الْحَدِيثُ. الثَّانِيَةُ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ إنْ وَعَدْت غَرِيمَك بِتَأْخِيرِ الدَّيْنِ لَزِمَك لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِلْحَقِّ لَازِمٌ، سَوَاءٌ قُلْت لَهُ أُؤَخِّرُك أَوْ أَخَّرْتُك. الثَّالِثَةُ: ابْنُ نَاجِي: فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَلَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ شَيْئًا فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا يَقُومُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ افْتِقَارُ الْقَرْضِ لَأَنْ يَكُونَ بِلَفْظِهِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ اشْتِرَاطِ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَمِقْدَارًا لِأَنَّ قَضَاءَ الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ يُوجِبُهُمَا الْحُكْمُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ نَصٌّ عَلَيْهِمَا فِي الْعَقْدِ، وَاخْتُلِفَ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ بِهِ إنْ شَرَطَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يُمْنَعُ فِي الطَّعَامِ، فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ سَنَدُ مَنْعِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أُقْرِضُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِثْلَهَا، وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ يَقْتَضِي إعْطَاءَ الْمِثْلِ لِإِظْهَارِ صُورَةِ الْمُكَايَسَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ قَصَدَ بِشَرْطِ إعْطَاءِ الْمِثْلِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فَلَا يُكْرَهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، وَإِنْ قَصَدَ الْمُكَايَسَةَ كُرْه، وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِعَدَمِ نَفْعِ الْمُقْرِضِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 408 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الرَّابِعَةُ: ابْنُ عَرَفَةَ: لِلْمُقْتَرِضِ رَدُّ عَيْنِ الْمُقْتَرَضِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَبِهِ اتَّضَحَ تَعْلِيلُ مَنْعِهِ فِي الْإِمَاءِ بِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ لِلْفُرُوجِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ بِنَقْصٍ فَوَاضِحٌ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ عَدَمُهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُقْتَرِضِ يُرَدُّ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ، وَهُوَ عَرْضٌ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَى الْمُقْرِضِ فِيهِمَا لِتَقَدُّمِ مَعْرُوفِهِ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ وَوُجُوبِ قَضَائِهِ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَيْنٍ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ تَرَاضِيًا. الْجَلَّابُ إنْ حَلَّ أَحَلَّهُ وَإِلَّا فَلَا. ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ مِنْ أَقْرَضَ طَعَامًا بِبَلَدٍ فَخَرِبَ وَانْجَلَى أَهْلُهُ وَأَيِسَ مِنْ عِمَارَتِهِ إلَّا بَعْدَ طُولٍ فَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِ السَّلَفِ، وَإِنْ رَجَا قُرْبَ عِمَارَتِهِ تَرَبَّصَ إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ مَنْ سَلَّمَ خُيِّرَ فِي الْإِيَاسِ بَيْنَ تَرَبُّصِهِ وَأَخْذِ رَأْسِ مَالِهِ. قُلْت الْأَظْهَرُ إنْ لَمْ تُرْجَ عِمَارَتُهُ عَنْ قُرْبٍ الْقَضَاءُ بِالدَّفْعِ فِي أَقْرَبِ مَوْضِعِ عِمَارَةٍ لِمَحِلِّ الْقَرْضِ. الْخَامِسَةُ: ابْنُ نَاجِي: اُخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ الْمَدِينُ دَفْعَ بَعْضِ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَهَلْ يُجْبَرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى قَبْضِهِ أَمْ لَا فَرَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يُجْبَرُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْبَرُ، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَيُجْبَرُ اتِّفَاقًا، وَعَزَا الْجُزُولِيُّ الْأَوَّلَ لِمَالِكٍ، وَحَكَى الثَّانِيَ بِقِيلَ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّانِي. ابْنُ يُونُسَ ابْنِ الْمَوَّازِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ فَجَاءَ بِبَعْضِهِ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ إلَّا الْمَالَ كُلَّهُ فَأَرَى أَنْ يُجْبَرَ عَلَى أَخْذِ مَا جَاءَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا فَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِ مَا جَاءَ بِهِ، أَفَادَهَا الْحَطّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 409 (فَصْلٌ) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي أَحْكَام الْمُقَاصَّةُ] فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُقَاصَّةِ تت هَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَلَّفَهُ الْعَلَامَةُ بَهْرَامُ، قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْبَابَ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْكُرَ شَيْئًا لِيَكُونَ تَتْمِيمًا لِغَرَضِ النَّاظِرِ. (تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِقَافٍ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُقَاصَّةُ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا. قَوْلُهُ مُتَارَكَةُ مُفَاعَلَةٌ مُقْتَضِيَةٌ مَطْلُوبَ فَاعِلِهَا، فَفِيهِ حَذْفُ الْوَاوِ وَمَعْطُوفِهَا، وَالْأَصْلُ وَطَالِبٌ، وَقَوْلُهُ بِمُمَاثِلٍ تَنَازَعَ فِيهِ مَطْلُوبٌ وَطَالِبٌ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ حَقٍّ. وَقَوْلُهُ صِنْفٌ فَاعِلٌ مُمَاثِلٌ وَقَوْلُهُ مَا عَلَيْهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ، وَالْأَصْلُ صِنْفُهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهٌ لِعُدُولِهِ عَنْهُ مَعَ اخْتِصَارِهِ وَأَوْضَحِيَّتِهِ. وَقَوْلُهُ لِمَا لَهُ صِلَةُ مُمَاثِلٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى طَالِبِهِ صِلَةُ مُتَعَلِّقٍ لَهُ، وَقَوْلُهُ فِيمَا ذَكَرَ أَيْ مَا عَلَيْهِ وَمَا لَهُ صِلَةُ مُتَارَكَةٍ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمَا حَالٌ مِمَّا ذُكِرَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ مُتَارَكَتِهِمَا فِيمَا ذُكِرَ وَهُوَ عَلَى غَيْرِهِمَا لَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُنْتَقَضُ طَرْدُهُ بِمُتَارَكَةٍ مُتَقَاذِفَيْنِ حَدَّيْهِمَا وَلَا بِمُتَارَكَةِ مُتَجَارِحَيْنِ جُرْحَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عُرْفًا مَا صَحَّ قِيَامُ أَحَدِهِمَا بَدَلَ الْآخَرِ، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى حَدَّيْ الْقَذْفِ وَلَا عَلَى الْجُرْحَيْنِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَصِحُّ بَدَلَ الْآخَرِ بِحَالٍ، وَإِلَّا زِيدَ فِي الرَّسْمِ مَالِيًّا. وَقَوْلُنَا مَا عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ لَفْظِ الدَّيْنِ لِتَدْخُلَ الْمُقَاصَّةُ فِيمَا حَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ الْمُقَاصَّةُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ قُصِدَ تَعْرِيفُ الْمُقَاصَّةِ الَّتِي يُقْضَى بِهَا فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ. الثَّانِي. أَنَّ صَوَابَهُ بِمُمَاثِلٍ صَنَّفَهُ بِالضَّمِيرِ، وَيَسْقُطُ لَفْظُ مَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، وَتَعْبِيرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 410 فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا، إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً، حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا، أَمْ لَا. وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ أَوْ اخْتِلَافِهِ،   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ آخِرَ بُيُوعِ الْآجَالِ هِيَ جَائِزَةٌ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى لِطَالِبِهَا بِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ يُقْضَى بِعَدَمِهَا لِطَالِبِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْإِقْدَامِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. وَهَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ حَتَّى يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ دَعَا إلَيْهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ قَوْلُ مَنْ دَعَا إلَى عَدَمِهَا وَهِيَ رِوَايَةُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُقَاصَّةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا، وَالْجَوَازُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِذْنِ وَإِلَّا فَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْمَلَ عَلَى قَوْلِ مَنْ دَعَا مِنْهُمَا إلَيْهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ دَعَا إلَى عَدَمِهَا، رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَخَذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ الثَّانِيَ وَالنِّكَاحُ الثَّانِي الْقَوْلُ الثَّانِي. (فِي دَيْنَيْ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالنُّونِ مَثْنَى دَيْنٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى (الْعَيْنِ) أَيْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ، وَمَحَلُّ جَوَازِهَا (أَنَّهُ اتَّحِدَا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ (قَدْرًا) كَعَشَرَتَيْنِ (وَصِفَةً) كَمُحَمَّدِيَّيْنِ وَيَلْزَمُهَا اتِّحَادُ النَّوْعِ كَذَهَبَيْنِ سَوَاءٌ (حَلَّا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ مَعًا (أَوْ) حَلَّ (أَحَدُهُمَا) دُونَ الْآخَرِ (أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ مَعًا بِأَجَلٍ وَاحِدٍ أَوْ بِأَجَلَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، إذْ لَيْسَتْ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ، وَلَا وُضِعَا لِلتَّعْجِيلِ، وَإِنَّمَا هِيَ مَحْضُ مُبَارَأَةٍ. وَفِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الْعَطْفُ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ بِلَا فَاصِلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَمْ لَا شَامِلٌ لِتَأْجِيلِهِمَا وَتَأْجِيلِ أَحَدِهِمَا فَالْأَوْلَى حَذْفٌ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنَّ قَوْلَهُ مُطْلَقًا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ حَلَّا إلَخْ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ (صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ) كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ كِلَاهُمَا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ (أَوْ) مَعَ (اخْتِلَافِهِ) أَيْ النَّوْعِ كَدَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَدَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةٍ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 411 فَكَذَلِكَ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا: كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ وَالطَّعَامَانِ مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ، وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ؛ وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ،   [منح الجليل] وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً أَوْ نَوْعًا لَكَانَ أَخْصَرَ (فَكَذَلِكَ) أَيْ الدَّيْنَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ نَوْعًا وَصِفَةً فِي جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ فِيهِمَا لَكِنْ لَا مُطْلَقًا، بَلْ (إنْ حَلَّا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ وَهِيَ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ مُبَادَلَةُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مَا فِيهَا وَهُمَا جَائِزَانِ بِشَرْطِ الْحُلُولِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا بِأَنْ أَجَّلَا مَعًا أَوْ أَحَدَهُمَا (فَلَا) تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ لِأَنَّهَا مَعَ اتِّحَادِهِ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ، وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ. فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِعَدَمِ بُعْدِ التُّهْمَةِ، فَإِنْ بَعُدَتْ جَازَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ إنْ حَلَّا وَالْمَنْعِ إنْ لَمْ يَحِلَّا فَقَالَ (كَأَنْ) اتَّفَقَا نَوْعًا و (اخْتَلَفَا) أَيْ دَيْنَا الْعَيْنِ (زِنَةً) حَالَ كَوْنِهِمَا (مِنْ بَيْعٍ) فَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا إنْ حَلَّا وَإِلَّا فَلَا، فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَكَزِيَادَةِ الزِّنَةِ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِالْأَوْلَى فَلَا يُقَالُ الْأَوْلَى إبْدَالُ الزِّنَةِ بِالْقَدْرِ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْعَدَدِ. وَمَفْهُومٌ مِنْ بَيْعٍ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ وَلَوْ حَلَّا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا، وَإِنْ حَلَّا فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ دَيْنَ الْبَيْعِ مُنِعَتْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَسْعَدُ بِالذَّهَبِ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا. (وَالطَّعَامَانِ) الْمُتَرَتِّبَانِ فِي الذِّمَّتَيْنِ (مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ) أَيْ دَيْنَيْ الْعَيْنِ فِي جَوَازِ الْمُقَاصَّةِ إنْ اتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً سَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا، أَوْ اخْتَلَفَا صِفَةً وَاتَّحَدَ نَوْعُهُمَا، أَوْ اخْتَلَفَ وَحَلَّا وَمَنْعُهَا فِي هَذَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، وَفِي اخْتِلَافِ الْقَصْرِ حَلَّا أَمْ لَا (وَمُنِعَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الطَّعَامَانِ أَيْ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا حَالَ كَوْنِهِمَا مُرَتَّبِينَ فِي الذِّمَّتَيْنِ (مِنْ بَيْعٍ) إنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقَدْرِ أَوْ النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَا (مُتَّفِقَيْنِ) نَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، وَسَوَاءٌ حَلَّا أَمْ لَا لِبَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهِمَا وَالنَّسِيئَةِ فِي طَعَامٍ بِطَعَامٍ وَالدَّيْنُ بِالدَّيْنِ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ. وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِجَوَازِهَا فِي الْمُتَّفِقَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 412 وَمِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ تَجُوزُ، إنْ اتَّفَقَا وَحَلَّا؛ لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا، أَوْ أَحَدُهُمَا. وَتَجُوزُ فِي الْعَرَضَيْنِ مُطْلَقًا؛ إنْ اتَّحِدَا جِنْسًا وَصِفَةً كَأَنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا، وَاتَّفَقَا أَجَلًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا: مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا، وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ: جَازَتْ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ؛ وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا.   [منح الجليل] وَ) إنْ كَانَ أَحَدُ الطَّعَامَيْنِ (مِنْ قَرْضٍ) وَالْآخَرُ مِنْ (بَيْعٍ تَجُوزُ) الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا (إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً (وَحَلَّا) مَعًا (لَا) تَجُوزُ (إنْ لَمْ يَحِلَّا) بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ (أَوْ) لَمْ يَحِلَّ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الطَّعَامَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالتَّأْجِيلِ وَلَوْ لِأَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ. (وَتَجُوزُ) الْمُقَاصَّةُ (فِي) الدَّيْنَيْنِ (الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَبِكَوْنِهِمَا حَالَيْنِ (إنْ اتَّحَدَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (جِنْسًا وَصِفَةً) ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ اتَّفَقَتْ الْآجَالُ أَوْ اخْتَلَفَتْ حَلَّا أَوْ لَمْ يَحِلَّا. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَأَنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (جِنْسًا وَاتَّفَقَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (أَجَلًا) وَأَوْلَى إنْ حَلَّا. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (أَجَلًا) بِأَنْ أُجِّلَا بِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (مُنِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا (إنْ لَمْ يَحِلَّا) أَيْ الْعَرْضَانِ مَعًا وَإِلَّا جَازَتْ (أَوْ) إنْ لَمْ يَحِلَّ (أَحَدُهُمَا) فَإِنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا جَازَتْ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ بِحُلُولِ أَحَدِهِمَا. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنَعَهَا حِينَئِذٍ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدِي (فَإِنْ اتَّحَدَا) أَيْ الْعَرْضَانِ (جِنْسًا وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ) الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا (إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَّفَقْ الْأَجَلُ بِأَنْ اخْتَلَفَ (فَلَا) تَجُوزُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. الْحَطّ وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُ قَدَّمَ حُكْمَ اتِّفَاقِ الْعَرْضَيْنِ فِي الصِّفَةِ فَلَا حَاجَةَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 413 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَى إعَادَتِهِ. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الْأَجَلَانِ فَلَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الصِّفَةِ وَالْجِنْسِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ اتَّفَقَا فِي الْأَجَلِ أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ. الثَّالِثُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ أَوْ حَلَّا لِأَنَّ حُكْمَ الْحُلُولِ حُكْمُ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ، وَقَدْ يُقَالُ سَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْحُلُولِ لِوُضُوحِهِ، وَإِنْ كَانَ ذِكْرُهُ أَوْلَى. الرَّابِعُ: شَمِلَ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا كَوْنُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْحَالُ مِنْهُمَا أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَجْوَدُ وَهُوَ جَائِزٌ، إذْ لَا مَانِعَ فِيهَا لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ لِأَنَّ فِيهَا حَطُّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك وَلَا ضَمَانَ فِي الْقَرْضِ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ، وَكَانَ أَوَّلُهُمَا حُلُولًا هُوَ الْبَيْعُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ جَازَتْ لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ بَشِيرٍ، وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِالْجَوَازِ فِي الْأُولَى، وَقَدْ سَلِمَ كَلَامُهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ الِاعْتِرَاضَيْنِ الْأَوَّلِينَ، وَنَصُّهُ وَإِنْ اتَّفَقَا جِنْسًا دُونَ صِفَةٍ جَازَ إنْ حَلَّا، وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَعِبَارَةِ الشَّامِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: إذَا اتَّحَدَا فِي الْجِنْسِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ وَحَلَّا أَوْ اتَّفَقَا أَجَلًا جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ بَشِيرٍ. الثَّانِي: جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَرْضَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ فِي الْجِنْسِ إنَّمَا هُوَ إذَا اتَّفَقَ عَدَدُهُمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَكَانَا مِنْ قَرْضٍ امْتَنَعَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ الزِّيَادَةِ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلَانِ فَتَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ فَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْبَيْعِ أَكْثَرَهُمَا امْتَنَعَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: ضَابِطُهَا أَنَّ مَا حَلَّ أَوْ كَانَ أَقْرَبَ حُلُولًا فَهُوَ مَقْبُوضٌ عَمَّا لَمْ يَحِلَّ أَوْ عَمَّا هُوَ أَبْعَدُ حُلُولًا، فَإِنْ أَدَّى اقْتِضَاؤُهُ عَنْهُ إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ حَطِّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك امْتَنَعَ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ، فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَكَانَ الْحَالُ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَكْثَرُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 414 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ أَجْوَدُ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ حَطَّ الضَّمَانَ، وَأَزِيدُك وَإِنْ كَانَ أَدْنَى أَوْ أَقَلَّ امْتَنَعَتْ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ، وَإِذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ وَالْحَالُ أَوْ الْأَقْرَبُ أَدْنَى أَوْ أَقَلُّ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَإِنْ كَانَ أَجْوَدُ جَازَ إذْ لَا ضَمَانَ فِي الْقَرْضِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ عَدَدًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْقَرْضِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ، أَفَادَهُ تت فِي صَغِيرِهِ، وَزَادَ فِي كَبِيرِهِ الْمُصَنِّفُ وَيَدْخُلُهَا خِلَافُ مَنْ رَدَّ فِي الْقَرْضِ أَكْثَرَ عَدَدًا، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَالْآخَرُ مِنْ بَيْعٍ جَرَى عَلَى الْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَإِنْ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ. قَوْلُهُ عَلَى الْقِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَيْ فِي اعْتِبَارِ حَطِّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك أَوْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا فَذَلِكَ جَائِزٌ إلَخْ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الضَّابِطِ وَقَدْ أَدْخَلَ فِيهِ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَدْرِ فَيَقْتَضِي الْجَوَازَ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا قَدْرًا فِي الْقَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ يُمْنَعُ ذَلِكَ فِي الدَّيْنَيْنِ مِنْ قَرْضٍ وَلَوْ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ حَلَّا، وَكَذَا مِنْ قَرْضٍ وَبَيْعٍ وَدَيْنُ الْبَيْعِ أَكْثَرُ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُمْ الضَّابِطَ إلَّا فِي اخْتِلَافِ الصِّفَةِ بِخِلَافِ صَنِيعِ التَّوْضِيحِ وتت. الرَّابِعُ: ابْنُ بَشِيرٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا الدَّيْنَانِ جِنْسًا كَعُرُوضٍ فِي ذِمَّةٍ وَعَيْنٍ فِي ذِمَّةٍ أُخْرَى أَوْ عَرْضٍ وَطَعَامٍ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، حَلَّا أَمْ لَا، اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ. الْبُنَانِيُّ يَشْكُلُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ مِنْ بَيْعٍ إذْ فِيهِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ إمَّا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْهُمَا، فَهَذِهِ تِسْعٌ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ بِسَبْعِ وَعِشْرِينَ. الْخَامِسُ: قَسَّمَ الْمُصَنِّفُ الدَّيْنَيْنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ عَيْنَيْنِ وَطَعَامَيْنِ، وَعَرْضَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ، فَهَذِهِ تِسْعَةٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَتَّفِقَا فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، فَهَذِهِ أَرْبَعٌ فِي تِسْعٍ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا حَالَّانِ أَوْ مُؤَجَّلَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ، فَهَذِهِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَنَظَمَهَا الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ مَيَّارَةُ فَقَالَ: الجزء: 5 ¦ الصفحة: 415 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] دَيْنُ الْمُقَاصَّةِ لِعَيْنٍ يَنْقَسِمُ ... وَلِطَعَامٍ وَلِعَرْضٍ قَدْ عُلِمَ وَكُلُّهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَرَدَ ... أَوْ مِنْ كِلَيْهِمَا فَذِي تِسْعٌ تُعَدُّ فِي كُلِّهَا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ فِي ... جِنْسٍ وَقَدْرٍ صِفَةٍ فَلْتَقْتَفِي أَوْ كُلِّهَا مُخْتَلِفٌ فَهِيَ إذًا ... أَرْبَعُ حَالَاتٍ فِي تِسْعٍ فَاعْلَمَا يَخْرُجُ سِتٌّ مَعَ ثَلَاثِينَ تُضَمُّ ... تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ آجَالٍ تَؤُمُّ حَلَّا مَعًا أَوْ وَاحِدًا وَلَا مَعًا ... جُمْلَتُهَا حَقُّ كَمَا قِيلَ اسْمَعَا تَكْمِيلَ تَقْيِيدِ ابْنِ غَازِيٍّ اخْتَصَرَا ... أَحْكَامَهَا فِي جَدْوَلٍ فَلْيُنْظَرَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 416 (بَابٌ) الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ، أَوْ غَرَرًا، وَلَوْ اُشْتُرِطَ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَان حَقِيقَة وَأَحْكَام الرَّهْن] بَابُ) فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ وَأَحْكَامِ الرَّهْنِ (الرَّهْنُ) لُغَةً اللُّزُومُ وَالْحَبْسُ، وَكُلُّ مَلْزُومٍ فَهُوَ رَهْنٌ يُقَالُ هَذَا رَهْنٌ لَك أَيْ مَحْبُوسٌ لَك، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] ، أَيْ مَحْبُوسَةٌ، وَالرَّاهِنُ دَافِعُ الرَّهْنِ، وَالْمُرْتَهِنُ بِكَسْرِ الْهَاءِ قَابِضُهُ، وَبِفَتْحِهَا الشَّيْءُ الْمَرْهُونُ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى آخِذِهِ لِوَضْعِ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَعَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَمَأْخُوذٌ مِنْهُ الرَّهْنُ، وَجَمْعُ الرَّهْنِ رِهَانٌ وَرُهُونٌ، وَرَهْنٌ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالْهَاءِ. ابْنُ يُونُسَ الرَّهْنُ وَالرِّهَانُ عَرَبِيَّانِ لَكِنَّ الرَّهْنَ بِضَمٍّ فِي جَمْعِ الرَّهْنِ أَكْثَرُ، وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ أَكْثَرُ. وَقِيلَ جَمْعُ الرَّهْنِ رِهَانٌ وَجَمْعُ رِهَانٍ رَهْنٌ بِالضَّمِّ فَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، يُقَالُ رَهَنْته وَأَرْهَنْتُهُ وَارْتَهَنْته حَكَاهُ السَّمِينُ. وَشَرْعًا يُطْلَقُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَاسْمًا لِلشَّيْءِ الْمَرْهُونِ، وَعَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَقَالَ: الرَّهْنُ (بَذْلُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ إعْطَاءُ جِنْسٍ شَمِلَ الرَّهْنَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ مُضَافٌ لَهُ لِ (مَنْ) أَيْ شَخْصٍ إضَافَةَ مَصْدَرٍ لِفَاعِلِهِ (لَهُ الْبَيْعُ) لِتَمْيِيزِهِ لِإِخْرَاجِ بَذْلِ مَنْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ، وَمَفْعُولُ الْبَذْلِ (مَا) أَيْ شَيْئًا (يُبَاعُ) أَخْرَجَ بِهِ بَذْلَ مِنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ وَكَلْبٍ، وَلَمَّا خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَا يُبَاعُ بَذْلُ مَا فِيهِ غَرَرٌ وَكَانَ رَهْنُهُ صَحِيحًا، عَطَفَهُ عَلَى مَا يُبَاعُ لِإِدْخَالِهِ فَقَالَ (أَوْ) بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ (غَرَرًا) أَيْ شَيْئًا فِيهِ غَرَرٌ غَيْرُ شَدِيدٍ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ دَفْعُ مَالِهِ قَرْضًا أَوْ بَيْعًا لِأَجَلٍ بِلَا تَوَثُّقٍ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَجَازَ تَوَثُّقُهُ فِيهِ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ لِأَنَّهُ شَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءَ، فَإِنْ اشْتَدَّ كَالْجَنِينِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ رَهْنُهُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ، بَلْ (وَلَوْ اُشْتُرِطَ) رَهْنُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 417 فِي الْعَقْدِ وَثِيقَةً بِحَقٍّ:   [منح الجليل] الْغَرَرِ (فِي الْعَقْدِ) أَيْ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ فَلَا يَفْسُدُ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُ رَهْنِ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إطْلَاقِهِ فِي قَوْلِهَا أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَهْنَ الثَّمَرَةِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ فِيهِ يُفْسِدُهُ. الْمَازِرِيُّ وَهُمَا جَارِيَانِ عَلَى أَنَّ الْفَاسِدَ إذَا قَارَنَ الصَّحِيحَ هَلْ يُصَيِّرُهُ مَمْنُوعًا أَمْ لَا. الْحَطّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ الرَّهْنُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ لَا، وَهَذِهِ إحْدَى النَّظَائِرِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْغَرَرُ، وَالثَّانِيَةُ الْهِبَةُ، وَالثَّالِثَةُ الْخُلْعُ، وَالرَّابِعَةُ الصُّلْحُ، وَذَكَرَ عِلَّةَ بَذْلِ مَا يُبَاعُ بِقَوْلِهِ (وَثِيقَةً) أَيْ لِلتَّوَثُّقِ بِهِ (بِحَقٍّ) لِإِخْرَاجِ بَذْلِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ لِغَيْرِ التَّوَثُّقِ بِهِ، كَبَذْلِ الْمَبِيعِ وَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُعَارِ وَالْمَوْهُوبِ وَالْمُتَصَدِّقِ بِهِ. وَتَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ الرَّهْنَ بِمَا ذُكِرَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ. إعْطَاءُ امْرِئٍ وَثِيقَةً بِحَقٍّ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الرَّهْنَ بِحَالٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ، وَالْإِعْطَاءُ مَصْدَرٌ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَيَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرًا لَكِنْ غَلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقَهُ عَلَى الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مَالٌ مُعْطَى مَثَلًا. وَعَرَّفَهُ بِأَنَّهُ: مَالُهُ قُبِضَ تَوْثِيقًا بِهِ فِي دَيْنٍ. قَالَ فَخَرَجَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْمَصْنُوعُ بِيَدِ صَانِعِهِ وَالرَّقِيقُ الْجَانِي الْمُسَلَّمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. الْحَطّ يُقَالُ الرَّهْنُ يُطْلَقُ فِي عُرْفِهِمْ عَلَى الْعَقْدِ أَيْضًا، كَقَوْلِهِمْ يَصِحُّ الرَّهْنُ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ، فَتَعْرِيفُهُ بِالْإِعْطَاءِ وَالْبَذْلِ الْمُرَادُ بِهِمَا الْعَقْدُ صَحِيحٌ أَيْضًا. وَفِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَالْإِعْطَاءِ وَالْبَذْلِ فِي التَّعْرِيفَاتِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] ، وَفِي الْإِعْطَاءِ وَلِلْبَذْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِقْبَاضِ وَالْإِذْنِ فِيهِ، وَلَوْ تَوَلَّى الْمُرْتَهِنُ قَبْضَهُ بِنُقُسِهِ فَلَا يَكُونُ رَهْنًا. وَعَرَّفَهُ ابْنُ شَاسٍ بِأَنَّهُ: احْتِبَاسُ الْعَيْنِ وَثِيقَةٌ بِالْحَقِّ، وَنَظَرَ فِيهِ وَفِي تَعْرِيفِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الرَّهْنَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الْإِعْطَاءِ أَوْ الِاحْتِبَاسِ، وَلَا يَكَادُونَ يُطْلِقُونَهُ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا، بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ أَمَّا الْعَقْدُ أَوْ الشَّيْءُ الْمَرْهُونُ، فَمِنْ الْأَوَّلِ قَوْلُهُمْ الرَّهْنُ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ، وَقَوْلُهُمْ يَصِحُّ رَهْنُ كَذَا وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ كَذَا وَاشْتِرَاطُهُمْ الصِّيغَةُ فِيهِ أَوْ جَعْلُهَا رُكْنًا لَهُ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ مَا يُنَافِي مَا قَالَاهُ. قَالَ ابْنُ شَاسٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 418 كَوَلِيٍّ، وَمُكَاتَبٍ، وَمَأْذُونٍ . وَآبِقٍ، وَكِتَابَةٍ، وَاسْتُوْفِيَ مِنْهَا أَوْ رَقَبَتِهِ، إنْ عَجَزَ   [منح الجليل] وَأَمَّا الْقَبْضُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ وَلَا فِي صِحَّتِهِ وَلَا فِي لُزُومِهِ فَيَنْعَقِدُ وَيَصِحُّ وَيَلْزَمُ بِالْقَوْلِ ثُمَّ يَطْلُبُ الْمُرْتَهِنُ الْإِقْبَاضَ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ يَصِحُّ الرَّهْنُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى الْقَبْضَ وَالْإِقْبَاضَ مُتَأَخِّرَيْنِ عَنْ الْعَقْدِ، وَالْمُتَأَخِّرُ عَنْ الشَّيْءِ غَيْرُ ضَرُورَةٍ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِهِ. وَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُمْ إنْ جَنَى الرَّهْنَ وَعِلَّةَ الرَّهْنِ، وَلِذَا حَدَّهُ الْوَانُّوغِيُّ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ، قَصَدَ بِهِ التَّوْثِيقَ بَعْدَ قَوْلِهِ لِإِخْفَاءٍ فِي إشْكَالِ تَعْرِيفِ شَيْخِنَا بِأَنَّهُ مَالٌ قُبِضَ تَوَثُّقًا بِهِ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مِنْ الرَّهْنِ إلَّا مَا هُوَ مَقْبُوضٌ، وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَبْضَ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَةِ الرَّهْنِ. اهـ. وَكُلُّ هَذَا مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْإِعْطَاءِ وَالْبَذْلِ وَالْإِقْبَاضِ الْعَقْدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَثَّلَ لِمَنْ لَهُ الْبَيْعُ فَقَالَ (كَوَلِيٍّ) لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ فَلَهُ رَهْنُ مَتَاعِ مَحْجُورِهِ فِيمَا يَتَدَايَنُهُ لِلْمَحْجُورِ لِنَفَقَتِهِ أَوْ كِسْوَتِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْوَصِيُّ أَنْ يَرْهَنَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ رَهْنًا فِيمَا يَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ كِسْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْخُذَ عُرُوضَ الْيَتِيمِ بِمَا أَسْلَفَهُ رَهْنًا، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مِنْ مَتَاعِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لَمْ يَسْتَدِنْهُ لِلْوَلَدِ فَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ مَالِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ (وَ) كَرَقِيقٍ (مُكَاتَبٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ مُعْتَقٍ بِفَتْحِهَا عَلَى أَدَاءِ مَالٍ مُؤَجَّلٍ، فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ بَعْضَ مَالِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ بِالْكِتَابَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِإِصَابَةِ وَجْهِ الرَّهْنِ (وَ) كَرَقِيقٍ (مَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا سَيِّدُهُمَا فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ إذْنٌ فِي تَوَابِعِهَا، وَمِنْهَا الرَّهْنُ، وَلَا يَجُوزُ ضَمَانُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا فِيهِ. (وَ) مَثَّلَ لِمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ فَقَالَ كَرَقِيقٍ (آبِقٍ وَكِتَابَةٍ) أَيْ مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى الرَّقِيقِ فِي نَظِيرِ عِتْقِهِ بِأَدَائِهِ، فَيَجُوزُ لِسَيِّدِ الْآبِقِ رَهْنُهُ، وَلِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ رَهْنُ كِتَابَتِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ (وَاسْتَوْفَى) الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ (مِنْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ إذَا حَلَّ أَجَلُهَا وَأَدَّاهَا الْمُكَاتَبُ (أَوْ) مِنْ ثَمَنِ (رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (إنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 419 وَخِدْمَةِ مُدَبَّرٍ. وَإِنْ رَقَّ جُزْءٌ فَمِنْهُ، لَا رَقَبَتِهِ وَهَلْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ؟ قَوْلَانِ:   [منح الجليل] ابْنُ الْحَاجِبِ وَرَهْنُ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ إنْ قُبِضَ قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِ وَفَلَسِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ يَجُوزُ رَهْنُ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ. وَقَوْلُهُ إنْ قُبِضَ قَبْلَ مَوْتِ رَاهِنِهِ وَفَلَسِهِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّ رَهْنَ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضَا قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِمَا، نَعَمْ قَبْضُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِهِمَا شَرْطٌ فِي اخْتِصَاصِ الْمُرْتَهِنِ بِهِمَا عَنْ بَاقِي غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ كَذَلِكَ. وَفِي النَّوَادِرِ وَالْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا تُرْهَنُ الْأَجِنَّةُ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسِّرٍ تُرْهَنُ كَالْآبِقِ وَالشَّارِدِ وَيَصِحُّ رَهْنُهَا بِقَبْضِهَا. اهـ. وَسَيَقْتَصِرُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْأَوَّلِ. (وَخِدْمَةِ) رَقِيقٍ (مُدَبَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِ مَالِكِهِ فَلَهُ رَهْنُهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ وَيَسْتَوْفِي الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ مِنْهَا (وَإِنْ) مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَقَدْ (رُقَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ لِاسْتِغْرَاقِهِ الدَّيْنَ أَوْ (جُزْءٌ) مِنْ الْمُدَبَّرِ لِلدَّيْنِ أَيْ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ وَرَجَعَ لِلرَّقَبَةِ (ف) يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ (مِنْهُ) أَيْ الْمُسْتَرَقِّ، سَوَاءٌ كَانَ الْكُلُّ أَوْ الْجُزْءُ (لَا) يَجُوزُ رَهْنُ (رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ عَلَى أَنْ تُبَاعُ لِلدَّيْنِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ فِي دَيْنٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ التَّدْبِيرِ، فَإِنْ وَقَعَ هَذَا (وَهَلْ) يَصِحُّ الرَّهْنُ و (يَنْتَقِلُ) الرَّهْنُ (لِخِدْمَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، أَوْ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ، فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ رُهِنَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى تَدْبِيرِهِ صَحَّ، كَذَا قَرَّرَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّهُ رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ فَتَبَيَّنَ مُدَبَّرًا فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ قَوْلَانِ. قَالَ وَأَمَّا لَوْ رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ يُبَاعُ فِي الْحَيَاةِ فِي الدَّيْنِ الْمُتَأَخِّرِ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْخِدْمَةِ قَطْعًا، فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ فَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدًا فَظَهَرَ مُدَبَّرًا فَهَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ لِتَنْزِلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا قَالَ " ق " ثُمَّ بَعْدَ حِينَ اطَّلَعْت عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَإِذَا هُوَ مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 420 كَظُهُورِ حَبْسِ دَارٍ ، وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ؛   [منح الجليل] خَلِيلٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اخْتَصَرَهُ خَلِيلٌ. اهـ. وَاللَّخْمِيُّ مَعَ الْمَازِرِيِّ نَسَبَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّوْضِيحِ. الْحَطّ يَجُوزُ رَهْنُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ رَهَنَ مِنْهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً يَجُوزُ بَيْعُهَا أَوْ رَهَنَ جَمِيعَهَا، فَإِنْ رَهَنَ مِنْهَا مَعْلُومَةً جَازَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ رَهَنَ جَمِيعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ جَازَ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ إذَا رَهَنَهُ فِي عَقْدِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ. وَرَهْنُ الرَّقَبَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنْ يَرْتَهِنَ رَقَبَتَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَلَا مَالَ لَهُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي رَهْنِ الْغَرَرِ إذْ لَا يُدْرَى مَتَى يَمُوتُ السَّيِّدُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ جَازَ اتِّفَاقًا. وَالثَّانِي: رَهَنَ رَقَبَتَهُ عَلَى بَيْعِهَا لَهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ. فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَهَلْ تَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَظُهُورِ حُبُسِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ وَقْفِ (دَارٍ) رُهِنَتْ عَلَى أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ فَثَبَتَ تَحْبِيسُهَا عَلَى رَاهِنِهَا فَقِيلَ يَبْطُلُ رَهْنُهَا وَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ إلَى مَنْفَعَتِهَا. وَقِيلَ يَصِحُّ رَهْنُهَا وَيَنْتَقِلُ إلَيْهَا لِجَوَازِ بَيْعِهَا وَرَهْنِهَا فَلَا يَبْطُلُ رَهْنُهَا بِبُطْلَانِ رَهْنِ الدَّارِ حَكَاهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ تَحْبِيسُهَا عَلَى غَيْرِ رَاهِنِهَا فَلَا يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِمَنْفَعَتِهَا، إذْ لَا حَقَّ لِلرَّاهِنِ فِيهَا وَعَطَفَ عَلَى آبِقٍ فَقَالَ (وَ) كَرَهْنِ (مَا) أَيْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَجَدْوٍ (لَمْ يَبْدُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَظْهَرُ (صَلَاحُهُ) فَيَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ جَوَازِ الْغَرَرِ فِي الرَّهْنِ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَوْجُودِ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ رَهْنُهُ كَالْجَنِينِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي صُلْحِهَا قَدْ جَوَّزَ أَهْلُ الْعِلْمِ رَهْنَ غَلَّةِ الدَّارِ وَالْغُلَامِ وَثَمَرَةَ النَّخْلِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَلَمْ يُجِيزُوا رَهْنَ الْأَجِنَّةِ. الْمَازِرِيُّ رَهْنُ ثَمَرَةٍ لَمْ تُخْلَقْ كَرَهْنِ الْجَنِينِ. قُلْت ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ ذَلِكَ. ابْنُ الْحَارِثِ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَى ارْتِهَانِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تَظْهَرْ، وَاخْتَلَفَا فِي ارْتِهَانِ مَا فِي الْبَطْنِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ كَالثَّمَرَةِ وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَجُوزُ إفْرَادُ ثَمَرِ النَّخْلِ بِالرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ، وَقَدْ أَجَازُوا ارْتِهَانَهُ سِنِينَ وَهُوَ لَمْ يَظْهَرْ فِي غَيْرِ الْأُولَى. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 421 وَانْتُظِرَ لِيُبَاعَ، وَحَاصَّ مُرْتَهِنُهُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ، فَإِذَا صَلُحَتْ: بِيعَتْ، فَإِنْ وَفَّى: رَدَّ مَا أَخَذَهُ، وَإِلَّا قُدِّرَ مُحَاصًّا بِمَا بَقِيَ لَا كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ   [منح الجليل] وَ) إذَا رَهَنَ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ثُمَّ مَاتَ رَاهِنُهُ أَوْ فُلِّسَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ بُدُوُّ صَلَاحِهِ (لِيُبَاعَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ لِلرَّاهِنِ مَالٌ غَيْرُ الرَّهْنِ قَضَى الدَّيْنَ مِنْهُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِ مُرْتَهِنِهِ (وَحَاصَّ) بِشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَاسَمَ (مُرْتَهِنَهُ) أَيْ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ غُرَمَاءُ رَاهِنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ مَعَ دُيُونِهِمْ (فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ) لِلرَّاهِنِ (فَإِذَا صَلُحَتْ) الثَّمَرَةُ الْمَرْهُونَةُ أَيْ بَدَا صَلَاحُهَا وَجَازَ بَيْعُهَا (بِيعَتْ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ (فَإِنْ وَفَّى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً ثَمَنُهَا بِجَمِيعِهِ (رَدَّ) الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَ (مَا أَخَذَهُ) بِمُحَاصَّةِ الْغُرَمَاءِ فِي مَالِ الرَّاهِنِ وَتَحَاصَصَ فِيهِ الْغُرَمَاءُ بِبَوَاقِي دُيُونِهِمْ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنُهَا بِجَمِيعِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ (قُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُرْتَهِنُ (مُحَاصًّا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، لِلْغُرَمَاءِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ ثَمَنَ الثَّمَرَةِ، فَمَا يَخُصُّهُ بِهَذِهِ الْمُحَاصَّةِ مِمَّا أَخَذَهُ بِالْمُحَاصَّةِ الْأُولَى أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى مَا يَخُصُّهُ بِالثَّانِيَةِ مِمَّا أَخَذَهُ بِالْأَوْلَى يَرُدُّهُ لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ بِبَوَاقِي دُيُونِهِمْ كَمَالٍ حَدَثَ لِلْمُفْلِسِ مَثَلًا لِغُرَمَاءَ ثَلَاثَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِائَةٌ وَارْتَهَنَ أَحَدُهُمْ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَمَالُ مَدِينِهِمْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ تَحَاصُّوا فِيهِ فَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ خَمْسِينَ، فَإِذَا بَدَا صَلَاحُ الرَّهْنِ وَبِيعَ بِمِائَةٍ اخْتَصَّ بِهَا الْمُرْتَهِنُ وَرَدَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا بِالْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا لِصَاحِبَيْهِ لِكُلِّ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ بِيعَ بِخَمْسِينَ اخْتَصَّ الْمُرْتَهِنُ بِهَا وَقُدِّرَ مُحَاصًّا لِصَاحِبَيْهِ بِخَمْسِينَ فَيَخُصُّهُ ثَلَاثُونَ وَيَزِيدُ مَا أَخَذَهُ بِالْمُحَاصَّةِ الْأُولَى عَلَيْهَا عِشْرُونَ يَرُدُّهَا لِصَاحِبَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ. وَذَكَرْت بَعْضَ مَفْهُومِ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ فَقَالَ (لَا) يَصِحُّ رَهْنُ (كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ) عَلَى يَتِيمٍ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِ الْوَصِيِّ الْآخَرِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 422 وَجِلْدِ مَيْتَةٍ، وَكَجَنِينٍ وَخَمْرٍ؛ وَإِنْ لِذِمِّيٍّ، إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ، وَإِنْ تَخَمَّرَ: أَهْرَاقَهُ بِحَاكِمٍ   [منح الجليل] وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ كَالْوَصِيَّيْنِ لَشَمِلَ كُلَّ مَنْ تَوَقَّفَ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ غَيْرِهِ كَالنَّاظِرَيْنِ وَالْوَكِيلَيْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَهَذِهِ عَادَتُهُ. وَذَكَرَ بَعْضَ مُحْتَرَزِ مَا يُبَاعُ فَقَالَ (وَ) لَا يَصِحُّ رَهْنُ (جِلْدِ مَيْتَةٍ) اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يُدْبَغْ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ دُبِغَ وَلَا جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ وَلَا كَلْبَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَنْعِ بَيْعِهِ (و) لَا يَصِحُّ رَهْنٌ (كَجَنِينٍ) لِقُوَّةِ غَرَرِهِ فِي عَقْدِ بَيْعٍ وَيَجُوزُ بَعْدَهُ كَعَقْدِ قَرْضٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ سَمَكٌ فِي بَحْرٍ وَطَيْرٌ فِي هَوَاءٍ وَلُؤْلُؤٌ غَيْرُ مَوْصُوفٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا ارْتِهَانُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَجَازَهُ أَحْمَدُ بْنُ مُيَسِّرٍ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا كَانَ الِارْتِهَانُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ: وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا اخْتِلَافَ فِي جَوَازِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ الْجَنِينِ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَبَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِهِ فِيهِ. (وَ) لَا يَصِحُّ رَهْنُ (خَمْرٍ) عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُسْلِمًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (لِذِمِّيٍّ) وَرَهَنَ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّقْدِيرَ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُسْلِمًا، بَلْ وَإِنْ رُهِنَتْ لِذِمِّيٍّ مِنْ مُسْلِمٍ فَإِنْ رَهَنَهَا ذِمِّيٌّ عِنْدَ ذِمِّيٍّ فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا وَتُرَاقُ إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ أَسْلَمَ وَإِلَّا رُدَّتْ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَتَخَلَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَصِيرُ الْخَمْرُ خَلًّا فَلَا تُرَاقُ إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ وَلَا تُرَدُّ إنْ كَانَتْ لِذِمِّيٍّ، وَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ حُكْمَيْنِ مُقَدَّرَيْنِ. (وَإِنْ) رَهَنَ مُسْلِمٌ عَصِيرًا عِنْدَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ و (تَخَمَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ الْعَصِيرُ خَمْرًا (أَهْرَاقَهُ) أَيْ صَبَّ الْمُرْتَهِنُ الْعَصِيرَ الَّذِي صَارَ خَمْرًا عَلَى الْأَرْضِ (ب) حُكْمِ (حَاكِمٍ) مَالِكِيٍّ إنْ وُجِدَ فِي الْبَلَدِ حَاكِمٌ يَحْكُمُ بِعَدَمِ إرَاقَتِهَا وَتَخْلِيلِهَا لِيَرْفَعَ خِلَافَهُ وَيَأْمَنَ حُكْمَهُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا، وَإِلَّا أَرَاقَهَا بِلَا حُكْمٍ لِأَمْنِهِ مِنْ التَّغْرِيمِ وَكَسْرِ إنَائِهَا الْفَخَّارِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 423 وَصَحَّ: مُشَاعٌ، وَحِيزَ بِجَمِيعِهِ، إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ، وَلَا يَسْتَأْذِنُ شَرِيكَهُ،   [منح الجليل] وَشَقِّ الْجِلْدِ، وَعُلِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى إرَاقَةُ الْخَمْرِ الَّتِي رَهَنَهَا مُسْلِمٌ بِحَاكِمٍ أَيْضًا، وَكَانَ الْقِيَاسُ إرَاقَتَهَا بِغَيْرِ حَاكِمٍ، فَإِنْ رَهَنَ الْعَصِيرَ ذِمِّيٌّ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَتَخَمَّرَ فَلَا تُرَاقُ وَتُرَدُّ لِلذِّمِّيِّ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الذِّمِّيُّ فَتُرَاقُ، وَهَلْ بِحَاكِمٍ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ أَيْضًا أَمْ لَا؟ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ارْتَهَنَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا فَلْيَرْفَعْهُ إلَى الْإِمَامِ لِيُهْرَاقَ بِأَمْرِهِ كَالْوَصِيِّ يَجِدُ خَمْرًا فِي التَّرِكَةِ اهـ. (وَصَحَّ) أَنْ يُرْهَنَ جُزْءٌ (مُشَاعٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ شَائِعٌ فِي كُلِّهِ نِصْفٌ (وَحِيزَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قُبِضَ مِنْ الرَّاهِنِ الْجُزْءُ الْمُشَاعُ (ب) حَوْزِ (جَمِيعِهِ) أَيْ الْكُلِّ الَّذِي رُهِنَ جُزْؤُهُ الْمُشَاعُ (إنْ بَقِيَ فِيهِ) أَيْ الْجَمِيعُ أَيْ إنْ كَانَ بَاقِيهِ الَّذِي لَمْ يُرْهَنْ (لِلرَّاهِنِ) وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشَاعُ مِنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُكْتَفَى فِي الْعَقَارِ بِحَوْزِ الْبَعْضِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَانِ مَنْسُوبَانِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ عِنْدِي بَيَانٌ لَهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الِاكْتِفَاءُ بِحَوْزِ الْجُزْءِ إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِ الرَّاهِنِ، وَيُنْزَلُ الْمُرْتَهِنُ مَنْزِلَتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. " د " كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلرَّاهِنِ النِّصْفُ وَرَهَنَ الرُّبْعَ فَلَا بُدَّ مِنْ حَوْزِ الْجَمِيعِ إذْ صَدَقَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ يَكْفِي حَوْزُ نِصْفِ الرَّاهِنِ، فَلَوْ قَالَ وَحِيزَ مِلْكُهُ بِهِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا الْإِيهَامِ. (وَ) مَنْ لَهُ جُزْءٌ شَائِعٌ فِي عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ وَأَرَادَ رَهْنَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَلَهُ رَهْنُهُ و (لَا يَسْتَأْذِنُ) الرَّاهِنُ (شَرِيكَهُ) فِي رَهْنِهِ، أَيْ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِئْذَانُهُ لِتَصَرُّفِ الشَّرِيكِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِ الرَّهْنِ بِحِصَّتِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَعَمْ يُنْدَبُ اسْتِئْذَانُهُ فِيهِ. فِي التَّوْضِيحِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَرَهْنُ الْمُشَاعِ فِيمَا بَاقِيهِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ رُبْعًا أَوْ مُنْقَسِمًا لَا يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ أَوْ وَقْفِهِ عَلَيْهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَائِلَا لِأَنَّ رَهْنَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 424 وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ، وَلَهُ اسْتِئْجَارُ جُزْءِ غَيْرِهِ وَيَقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ، وَلَوْ أَمَّنَا شَرِيكًا فَرَهَنَ   [منح الجليل] نَاجِزًا، ثُمَّ قَالَ وَصَوَّبَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ بَيْعِ حَظِّهِ أَوْ دُعَائِهِ لِبَيْعِ جَمِيعِهِ، فَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْرِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا، وَإِنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ قُضِيَ الدَّيْنُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ مِثْلِهِ. (وَلَهُ) أَيْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ نَصِيبَهُ (أَنْ يَقْسِمَ) الْمُشْتَرَكَ الَّذِي يَقْبَلُهَا بِحَضْرَةِ شَرِيكِهِ الرَّاهِنِ وَالرَّهْنُ فِي حَوْزِ مُرْتَهِنِهِ (وَ) لَهُ أَنْ (يَبِيعَ) مَنَابَهُ (وَيُسْلِمَ) لِلْمُشْتَرِي مَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا يَمْنَعُهُ رَهْنُ شَرِيكِهِ مَنَابَهُ مِنْ ذَلِكَ، إذْ لَمْ يَتَعَلَّقْ الرَّهْنُ بِحِصَّتِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ الشَّارِحُ يُسْلِمُهَا فِيمَا شَاءَ وَنَسَبَهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ قَالَهُ تت. فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ مِنْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ فَرَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ إذَا جَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ شَاءَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ قَاسَمَهُ فِيهِ الرَّاهِنُ وَالرَّهْنُ كَمَا هُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ أَقَامَ الْإِمَامُ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ، ثُمَّ تَبْقَى حِصَّةُ الرَّاهِنِ فِي الْوَجْهَيْنِ رَهْنًا وَيُطْبَقُ عَلَى كُلِّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ. (وَلَهُ) أَيْ رَاهِنِ جُزْئِهِ الْمُشَاعِ مِنْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ (اسْتِئْجَارُ جُزْءِ غَيْرِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَهُوَ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يَرْهَنْ حِصَّتَهُ فَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ رَهْنُ جُزْئِهِ، وَلَكِنْ لَا يَتَوَلَّى قَبْضَ رِيعِهِ (وَيَقْبِضُهُ) أَيْ الْجُزْءَ الْمُسْتَأْجَرَ وَيَسْتَغِلُّهُ (الْمُرْتَهِنُ لَهُ) أَيْ الرَّاهِنُ. اللَّخْمِيُّ أَوْ يُقَاسِمُهُ الرَّقَبَةَ أَوْ الْمَنْفَعَةَ لِئَلَّا تَجُولَ يَدُهُ فِي رَهْنِهِ فَيَبْطُلَ حَوْزُهُ، وَصُورَةُ قَسْمِ الْمَنْفَعَةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ شَرِكَةٌ فِي دَارَيْنِ عَلَى الشُّيُوعِ وَرَهَنَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْهُمَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ حَظَّ شَرِيكِهِ مِنْهُمَا وَاقْتَسَمَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الْغَلَّةَ بِجَعْلِ غَلَّةِ إحْدَى الدَّارَيْنِ لِلرَّاهِنِ وَغَلَّةِ الْأُخْرَى لِمُرْتَهِنٍ، فَلِلرَّاهِنِ حِينَئِذٍ إيجَارُ الدَّارِ الَّتِي خَصَّتْهُ بِالْقِسْمَةِ وَقَبَضَ أُجْرَتَهَا. (وَلَوْ) رَهَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ و (أَمَّنَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ جَعَلَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (شَرِيكًا) لِلرَّاهِنِ أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ وَحَائِزًا لَهُ (فَرَهَنَ) الجزء: 5 ¦ الصفحة: 425 حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّنَّا الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ: بَطَلَ حَوْزُهُمَا وَالْمُسْتَأْجَرُ وَالْمُسَاقِي، وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ: كَافٍ   [منح الجليل] الشَّرِيكُ الْأَمِينُ (حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ) الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ (وَأَمَّنَا) أَيْ الرَّاهِنَ الثَّانِيَ الْأَمِينَ عَلَى الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَمُرْتَهِنِهِ أَيْ جَعَلَا (الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ) أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ الثَّانِي (بَطَلَ حَوْزُهُمَا) أَيْ الرَّهْنَيْنِ أَوْ الرَّاهِنَيْنِ لِجَوَلَانِ يَدِ كُلِّ رَاهِنٍ عَلَى رَهْنِهِ بِحَوْزِهِ لِرَهْنِ الْآخَرِ الشَّائِعِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَوْزُهُمَا عَدَمُ بُطْلَانِ أَصْلِ الرَّهْنِ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قَامَ كُلٌّ مِنْ الْمُرْتَهِنَيْنِ يَطْلُبُ حَوْزَ رَهْنِهِ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِرَاهِنِهِ قُضِيَ لَهُمَا بِهِ أَفَادَهُ الْمُوَضِّحُ وَغَيْرُهُ. وَمَفْهُومُ أَمَّنَا الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ أَنَّهُمَا لَوْ أَمَّنَا أَجْنَبِيًّا أَوْ الْمُرْتَهِنَ بَطَلَ حَوْزُ رَهْنِ الثَّانِي فَقَطْ لِجَوَلَانِ يَدِهِ عَلَى رَهْنِهِ بِحَوْزِهِ رَهْنَ الْأَوَّلِ حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالشَّارِحُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ. وَعَطَفَ عَلَى مُشَاعٍ فَقَالَ (وَ) صَحَّ رَهْنُ الشَّيْءِ أَوْ الشَّخْصِ (الْمُسْتَأْجَرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَسْرِهَا عَلَى الثَّانِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ رَهْنُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ إجَارَتِهِ (وَ) صَحَّ رَهْنُ الْحَائِطِ أَوْ الشَّخْصِ (الْمُسَاقِي) بِفَتْحِ الْقَافِ فِيهِمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ رَهْنُهُ عِنْدَ عَامِلِهِ قَبْلَ تَمَامِ عَمَلِهِ بِدَلِيلٍ (وَحَوْزُهُمَا) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْكَسْرِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَالْعَامِلِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ (الْأَوَّلُ) أَيْ السَّابِقُ عَلَى عَقْدِ الرَّهْنِ (كَافٍ) فِي حَوْزِ الرَّهْنِ، عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ. وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُمَا. الْحَطّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسَاقِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا جَعَلَ مَعَهُمَا أَمِينًا أَوْ يَجْعَلَانِهِ عِنْدَ أَمِينٍ وَلَا يُكْتَفَى بِحَوْزِهِمَا الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لِأَنْفُسِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْجَلَّابُ مَنْ سَاقَى حَائِطَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَعَ الْعَامِلِ فِي الْحَائِطِ غَيْرَهُ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ سَاقَى حَائِطَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلْ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا، أَوْ يَجْعَلَانِهِ بِيَدِ عَدْلٍ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 5 ¦ الصفحة: 426 وَالْمِثْلِيُّ وَلَوْ عَيْنًا بِيَدِهِ، إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ.   [منح الجليل] جَعَلَهُ بِيَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أَجْبَرَهُ يَبْطُلُ حَوْزُهُ اهـ، ثُمَّ قَالَ وَرَهْنُ مَا هُوَ مُؤَاجَرٌ فِي تَقَرُّرِ حَوْزِهِ لِمُرْتَهِنِهِ بِكَوْنِهِ بِيَدِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ وَلَغَوْهُ. ثَالِثُهَا هَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَأْجِرُ بِحَوْزِهِ لِمُرْتَهِنِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمُرْتَهِنُ يَدَهُ مَعَهُ، الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ، وَالثَّانِي لِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَالثَّالِثُ لِاخْتِيَارِهِ اهـ. (وَ) صَحَّ رَهْنُ (الْمِثْلِيِّ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (عَيْنًا) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إنْ جُعِلَ بِيَدِ أَمِينٍ، بَلْ وَلَوْ جُعِلَ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (إنْ طُبِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ خُتِمَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ طَبْعًا مُحْكَمًا مَتَى أُزِيلَ عُرِفَ. الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَوْ عَيَّنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْعَيْنِ كَمَا هِيَ قَاعِدَتُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِهَا إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَأَشْهَبُ يَصِحُّ. وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا إلَّا مَطْبُوعًا عَلَيْهَا بِاتِّفَاقِهِمَا، هَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا الْبَاجِيَّ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ شَاسٍ فَلَمْ يَنْقُلُوا عَنْ أَشْهَبَ إلَّا أَنَّ الطَّبْعَ فِي النَّقْدِ مُسْتَحَبٌّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ خِلَافٌ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ طَبْعُهُ وَأَشْهَبُ لَا، وَالْعَيْنُ يَجِبُ طَبْعُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي وُجُوبِهِ وَنَدْبِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ طَرِيقَانِ. فَصَوَابُ الْعِبَارَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمَازِرِيِّ وَالْمِثْلِيُّ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ وَالْمُبَالَغَةُ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ إذَا لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهِ. وَأَمَّا عَلَى طَرِيقِ الْبَاجِيَّ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ عَلَى الْعَيْنِ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَشْهَبَ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ طَبْعِهِمَا وَالْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ كُلَّهَا لَا تُرْهَنُ إلَّا مَطْبُوعًا عَلَيْهَا، فَفِي رُهُونِهَا وَلَا تُرْهَنُ الدَّنَانِيرُ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ لِيَمْنَعَ الْمُرْتَهِنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَرَدِّ مِثْلِهِ. وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَلَا يُطْبَعُ عَلَيْهِ حَذَرًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَمَا لَا يُطْبَعُ عَلَى سَائِرِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ. ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ لَا أُحِبُّ ارْتِهَانَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ إلَّا مَطْبُوعَةً لِلتُّهْمَةِ بِسَلَفِهَا. فَإِنْ لَمْ يُطْبَعْ عَلَيْهَا فَلَا يَفْسُدُ الرَّهْنُ وَلَا الْبَيْعُ، وَيَسْتَقْبِلُ طَبْعَهَا إنْ عَثَرَ عَلَيْهَا وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ لَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 427 وَفَضْلَتُهُ، إنْ عُلِمَ الْأَوَّلُ وَرَضِيَ   [منح الجليل] يُطْبَعُ عَلَيْهِ. وَمَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الطَّعَامِ الْإِدَامِ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ جَرَتْ مَجْرَى الْعَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مَا يُخَافُ فِيهَا. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: لَوْ قَالَ وَالْمِثْلِيُّ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ لَأَشَارَ لِخِلَافِ أَشْهَبَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ، وَأَمَّا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى فَالْعَيْنُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطَّبْعِ عِنْدَ أَشْهَبَ، فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِي: مَحَلُّ الطَّبْعِ إذَا لَمْ يُوضَعْ بِيَدِ أَمِينٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. الثَّالِثُ: أَبُو الْحَسَنِ الْمُرَادُ بِالطَّبْعِ طَبْعٌ لَا يُقْدَرُ عَلَى فَكِّهِ وَإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ فِي الْغَالِبِ، وَأَمَّا الطَّبْعُ الَّذِي لَا يُقْدَرُ عَلَى فَكِّهِ أَصْلًا فَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِمَا، وَالطَّبْعُ الَّذِي يُقْدَرُ عَلَى فَكِّهِ وَإِعَادَتِهِ لِحَالِهِ فَلَا يَكْفِي. الرَّابِعُ: لَوْ قَامَ غُرَمَاءُ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ قَبْلَ طَبْعِ الْمِثْلِيِّ فَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي يَكُونُ مُرْتَهِنُهُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ. أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ هَذَا يَبِينُ لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَحُوزٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ. (وَ) إنْ رَهَنَ مَا قِيمَتُهُ مِائَةً فِي خَمْسِينَ مَثَلًا صَحَّ رَهْنُ (فَضْلَتِهِ) أَيْ زِيَادَةُ الرَّهْنِ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ هُوَ فِيهِ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ (إنْ عُلِمَ) الْمُرْتَهِنُ (الْأَوَّلُ وَرَضِيَ) بِرَهْنِ فَضْلَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ غَيْرِهِ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. ابْنُ سَلْمُونٍ إذَا كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ هُوَ فِيهِ فَهُوَ رَهْنٌ مَعَهُ، وَجَائِزٌ أَنْ يَزِيدَ دَيْنًا آخَرَ وَيَكُونَ رَهْنًا بِهِ إلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَجُوزُ إلَى أَبْعَدَ أَوْ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ فَضْلَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ وَرِضَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. اهـ. وَمَعْنَى فَضْلَتِهِ زِيَادَةُ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَلَى الدَّيْنِ فَيَرْهَنُهَا عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ يَسْتَوْفِي مِنْهُ دَيْنَهُ، وَفَضْلَةُ ثَمَنِهِ يَسْتَوْفِي مِنْهَا الثَّانِي فِيهَا إنْ ارْتَهَنَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ فِي خَمْسِينَ ثُمَّ رَهَنَ رَبُّ الرَّهْنِ فَضْلَتَهُ لِغَيْرِك لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِك وَتَكُونُ حَائِزًا لِلثَّانِي، فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ بِيَدِك بَعْدَ ارْتِهَانِ الثَّانِي فَضْلَتَهُ ضَمِنْت مِنْهُ مَبْلَغَ دَيْنِك وَكُنْت أَمِينًا فِي الْبَاقِي، وَيَرْجِعُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 428 وَلَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ:   [منح الجليل] الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّ فَضْلَةَ الرَّهْنِ بِيَدِ عَدْلٍ . (وَ) إنْ تَلِفَ الرَّهْنُ الَّذِي رَهَنْت فَضْلَتَهُ عِنْدَ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ بِرِضَاهُ وَهُوَ بِيَدِ الْأَوَّلِ فَ (لَا يَضْمَنُهَا) أَيْ الْفَضْلَةَ الْمُرْتَهِنُ (الْأَوَّلُ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهَا وَيَضْمَنُ قَدْرَ دَيْنِهِ إنْ كَانَ أَحْضَرَ الرَّهْنَ وَقْتَ ارْتِهَانِ الثَّانِي، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِسَلَامَتِهِ حِينَهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ جَمِيعَهُ، وَإِنْ جُعِلَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَهَلَكَ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي حِصَّةَ الْأَوَّلِ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهَا وَيَضْمَنُ الْفَضْلَةَ الَّتِي رُهِنَتْ عِنْدَهُ، فَإِنْ رُهِنَتْ الْفَضْلَةُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَتَلِفَ ضَمِنَ جَمِيعَهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ، فَفِي الْبَيَانِ وَأَمَّا إنْ كَانَ بِيَدِ عَدْلٍ فَالِاعْتِبَارُ إنَّمَا هُوَ بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ. الثَّانِي: الرَّجْرَاجِيُّ ارْتِهَانُ فَضْلَةِ الرَّهْنِ لَا تَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ فَضْلَةً فِي عَيْنِ الرَّهْنِ أَوْ فَضْلَةً فِي قِيمَتِهِ، وَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَرْهَنَهُ نِصْفَ الثَّوْبِ فِي عَشْرَةٍ فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ جَمِيعَ الثَّوْبِ لِيُتِمَّ حَوْزَةٌ لِلنِّصْفِ الْمَرْهُونِ، وَمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يَرْهَنَهُ الثَّوْبَ فِي خَمْسَةٍ وَقِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، وَفَائِدَةُ اخْتِلَافِ الصُّورَتَيْنِ مَعْرِفَةُ مَا يَصِحُّ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ النِّصْفُ الْآخَرَ بَقِيَ بِدَيْنِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ أَوْ يَنْقُصُ عَنْهُ. وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي أَحَقُّ بِمَا نَافَ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ. فَإِنْ كَانَتْ كَفَافَ دَيْنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِجَمِيعِ الرَّهْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي، ثُمَّ لَا يَخْلُو رَهْنُ الْفَضْلَةِ مِنْ كَوْنِ رَهَنَهَا عِنْدَ الْأَوَّلِ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَإِنْ رَهَنَهَا عِنْدَ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْأَوَّلِ أَوْ بِيَدِ عَدْلٍ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْأَوْلَى فَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ كَانَ الْمَرْهُونُ عِنْدَ الثَّانِي مَا زَادَ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ أَوْ صِفَتِهِ، أَيْ مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ عَلَى الدَّيْنِ الْأَوَّلِ، إلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ رَهْنَ الْغَرَرِ لَا يَجُوزُ فَيُمْنَعُ رَهْنُ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ يَكُونُ وَلَا يَكُونُ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ عَدْلٍ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْوَجْهِ الثَّانِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 429 كَتَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ أَوْ رَهْنِ نِصْفِهِ، وَمُعْطَى دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ وَيَرُدَّ نِصْفَهُ.   [منح الجليل] وَأَمَّا إذَا رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ بِيَدِ عَدْلٍ أَوْ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ عَدْلٍ فَإِنْ رَضِيَ بِالْحَوْزِ لِلثَّانِي فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا جَوَازُهُ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ أَوْ سَخِطَ قَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ إذَا لَا فَائِدَةَ لِرِضَاهُ. وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْأَوَّلِ فَفِي الْمَذْهَبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كُلُّهَا قَائِمَةٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَحَدُهَا جَوَازُهُ رَضِيَ بِهِ الْأَوَّلُ أَوْ كَرِهَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ الْوَصَايَا الثَّانِي وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهَا. وَالثَّانِي عَدَمُ جَوَازِهِ وَلَا يَكُونُ حَوْزُهُ حَوْزًا لِلثَّانِي وَإِنْ رَضِيَ لِأَنَّ حَوْزَهُ أَوَّلًا إنَّمَا كَانَ لِنَفْسِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرَوَاهَا الْجَلَّابُ أَيْضًا، وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ رِضَا الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ بِالْحَوْزِ لِلثَّانِي فَيَجُوزُ، وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ الرُّهُونِ، وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ أَحْوَالٍ، فَالْجَوَازُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَوَّلُ إذَا اسْتَوَى أَجَلَا الدَّيْنِ أَوْ كَانَ الثَّانِي أَبْعَدَ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ حُلُولًا وَدَيْنُ الْأَوَّلِ عَرْضٌ مِنْ بَيْعٍ، وَدَخَلَ الثَّانِي عَلَى قَبْضِهِ حَقَّهُ بِحُلُولِ أَجَلِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْأَوَّلِ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَوَّلُ أَفَادَهُ الْحَطّ . وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ (ك) اسْتِحْقَاقِ غَيْرِ الرَّاهِنِ بَعْدَ الرَّهْنِ و (تَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَتَلِفَ وَهُوَ بِيَدِهِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ صَارَ أَمِينًا عَلَيْهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ الرَّهِينَةِ بِاسْتِحْقَاقِهَا، أَوْ فِي نُسْخَةٍ " غ " (أَوْ رَهْنِ نِصْفِهِ) أَيْ الثَّوْبِ مَثَلًا، قَالَ هُوَ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى تَرْكِ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي رُهُونِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ وَقَبَضَ جَمِيعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا نِصْفَهُ (وَ) كَشَخْصٍ (مُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ (دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ) قَضَاءً لِحَقِّهِ أَوْ قَرْضًا (وَيَرُدَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الْمُعْطَى (نِصْفَهُ) أَيْ الدِّينَارَ لِمُعْطِيهِ فَيُغَيَّبُ عَلَيْهِ وَيَعُودُ وَيُدْعَى تَلَفُهُ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَفْرِيطٍ فَلَا يَضْمَنُ النِّصْفَ الَّذِي يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ، زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفَ: وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 430 فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي أَوَّلًا قُسِمَ، إنْ أَمْكَنَ.   [منح الجليل] ضَاعَ قَبْلَ صَرْفِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ اصْرِفْهُ وَخُذْ نِصْفَهُ فَتَلِفَ قَبْلَ صَرْفِهِ لَضَمِنَهُ كُلَّهُ مُعْطِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى جَمِيعِهِ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ صَرْفِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. ثُمَّ عَادَ لِتَتْمِيمِ مَسْأَلَةِ وَفَضْلَتُهُ فَقَالَ (فَإِنْ حَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ حَضَرَ (أَجَلُ) الدَّيْنِ (الثَّانِي أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الْأَوَّلِ (قُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الرَّهْنُ بَيْنَ الْمُرْتَهِنَيْنِ (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنْ يَدْفَعَ لِلْأَوَّلِ قَدْرَ مَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ لَا أَزْيَدَ، وَبَاقِيهِ لِلثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ بَاقِيهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الثَّانِي فَلَا يُدْفَعُ مِنْهُ لِلثَّانِي إلَّا مِقْدَارُ دَيْنٍ، وَتَكُونُ بَقِيَّةُ الرَّهْنِ كُلُّهَا لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مِثْلُ مَا قَالَهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ الْجَلَّابِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ قَسْمَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إلَّا فِي الْجَلَّابِ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ إلَّا فِي اسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ. الثَّانِي: تت ظَاهِرُهُ قَسْمُهُ وَلَوْ كَانَ يَنْقُصُ حَظُّ صَاحِبِهِ. طفي يُؤْخَذُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَأَبِي زَيْدٍ التَّقْيِيدُ بِمَا لَا يَنْقُضُ، وَنَقَلَهُ فِي كَبِيرِهِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَبِهِ قَيَّدَ " س " الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنْ لَا تُنْقَصَ قِيمَةُ الرَّهْنِ بَعْدَ قَسْمِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا فِي السَّمَاعَيْنِ وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى وَأَبِي زَيْدِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلَيْنِ لَهُمَا رَهْنٌ مِنْهُمَا قَامَ أَحَدُهُمَا يَبِيعُهُ وَآخَرُ صَاحِبُهُ الْغَرِيمُ بِحَقِّهِ يَقْسِمُ إنْ لَمْ يُنْقِصْ الْقَسْمَ حَظَّ الْقَائِمِ فَيُبَاعُ حَظُّهُ لِقَضَاءِ حَقِّهِ، وَيُوقَفُ حَظُّ مَنْ أَخَّرَ الْغَرِيمَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ كَذَلِكَ بِيعَ وَعَجَّلَ حَقَّ الْقَائِمِ وَحَقَّ الْآخَرِ إنْ حَلَفَ مَا أَخَّرَهُ إلَّا لِإِعْطَاءِ رَهْنِ مِثْلِهِ. اهـ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ لَا يُنْقِصَ الْقَسْمُ حَظَّ الْقَائِمِ كَمَا فِي السَّمَاعِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا لِأَنَّ الْقَائِمَ هُنَا هُوَ الثَّانِي الَّذِي حَلَّ دَيْنَهُ أَوَّلًا، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِنْ الرَّهْنِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ وَفَّى بِدَيْنِهِ أَمْ لَا. الثَّالِثُ: تت مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّهُمَا لَوْ حَلَّا مَعًا أَوْ الْأَوَّلُ فَقَطْ لَكَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 431 وَإِلَّا بِيعَ وَقُضِيَا   [منح الجليل] وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ بَابِ أَوْلَى. طفي اُنْظُرْ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ إذْ لَا مَعْنَى لِلْقَسْمِ عِنْدَ حُلُولِهِمَا، بَلْ يُبَاعُ وَيُقْضَى الدَّيْنَانِ وَهَكَذَا قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ فِي حُلُولِهِمَا مَعًا، وَأَمَّا فِي حُلُولِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُقْسَمُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَيُبَاعُ وَيُعَجَّلُ لِلْأَوَّلِ حَقُّهُ، وَهَلْ يُعَجَّلُ لِلثَّانِي أَوْ يُطْبَعُ عَلَى الْبَاقِي وَيُرْهَنُ عِنْدَ الثَّانِي حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ قَوْلَانِ، وَاقْتَصَرَ " ح " عَلَى كَلَامِهِ. الرَّابِعُ: اسْتَشْكَلَ قَسْمَ الرَّهْنِ بِأَنَّ قَسْمَ الْأَوَّلِ قَدْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ فَلَا يَفِي بِدَيْنِهِ، وَهُوَ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى رَهْنِ الْجَمِيعِ. وَجَوَابُ ابْنِ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْفَضْلَةَ رُهِنَتْ بِرِضَا الْأَوَّلِ يُرَدُّ بِأَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُ الرَّهْنِ (بِيعَ) الرَّهْنُ (وَقُضِيَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الدَّيْنَانِ بِأَنْ يَقْضِيَ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي مِنْ الْبَاقِي لِأَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الْأَوَّلِ، وَبَعْدَ حُصُولِ الْمَالِ لِلرَّاهِنِ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِ دَيْنِ الْأَوَّلِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَقُضِيَا بِأَنَّ فِيهِ فَضْلًا عَنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَلَا يُوقَفُ، وَلَوْ أَتَى لِلْأَوَّلِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ قَالَهُ تت. الْبُنَانِيُّ يُبَاعُ وَلَا يُوقَفُ أَيْ يُبَاعُ وَيُعَجَّلُ لِلْأَوَّلِ دَيْنُهُ وَلَا يُوقَفُ، وَلَوْ أَتَى لِلْأَوَّلِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ وَقَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّهُ يُبَاعُ الرَّهْنُ وَيُعْطَى الَّذِي لَمْ يَحِلَّ حَقُّهُ حَقَّهُ كُلَّهُ وَلَا يُوضَعُ إلَى أَنْ يَحِلَّ أَجَلُهُ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ يُشْبِهُ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُجْعَلُ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهَا حَقُّهُ بِاتِّفَاقٍ، وَلَا يَكُونُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ آخَرَ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بَيْعَ رَهْنِهِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْعَ الرَّهْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. فَإِنْ قِيلَ إنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي أَوَّلًا وَلَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِيعَ وَعُجِّلَ لِلْأَوَّلِ دَيْنُهُ، وَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الْأَوَّلِ أَوَّلًا فَفِي تَعْجِيلِ حَقِّ الثَّانِي قَوْلَانِ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْأَوَّلِ بِالرَّهْنِ أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الثَّانِي، إذْ لَيْسَ لِلثَّانِي إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الْأَوَّلِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 432 وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ، وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ، أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا، وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ، وَهَلْ مُطْلَقًا؛   [منح الجليل] وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُبَاعُ الْمُسْتَعَارُ بَيَّنَ حُكْمَهُ عَاطِفًا عَلَى مُشَاعٍ فَقَالَ (وَ) صَحَّ رَهْنُ الشَّيْءِ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ (الْمُسْتَعَارُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ رَهْنِهِ، فَإِنْ أَدَّى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ هُوَ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ رَجَعَ الرَّهْنُ لِمُعِيرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهِ وَأَعْسَرَ الرَّاهِنُ بِيعَ الرَّهْنُ وَوَفَّى الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ مِنْ ثَمَنِهِ (وَرَجَعَ صَاحِبُهُ) أَيْ مُعِيرُ الرَّهْنِ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ الْمُعَارِ الْمَبِيعِ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ هُوَ فِيهِ، كَذَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الْمُدَوَّنَةُ وَاخْتِصَارِهَا أَبُو مُحَمَّدٍ (أَوْ) رَجَعَ صَاحِبُهُ (بِمَا أَدَّى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً الرَّاهِنُ فِي الدَّيْنِ (مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بَيَانُ مَا كَمَا فِي نَقْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَهْذِيبِهِ. تت وَهُوَ أَصْوَبُ مِنْ الْأَوَّلِ (نُقِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ رُوِيَتْ وَاخْتُصِرَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُؤَدَّى بِالْفَتْحِ، وَهَلْ هَذَا اخْتِلَافٌ وَهُوَ رَأْيُ الْأَكْثَرِ، أَوْ تَخْيِيرٌ وَهُوَ رَأْيُ سَحْنُونٍ. وَعَلَى أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ فَبَاقِيهِ إنْ كَانَ لِلْمُعِيرِ لِأَنَّهُ أَسْلَفَهُ مَا فِيهِ وَفَاءُ دَيْنِهِ، وَعَلَى رُجُوعِهِ بِالْقِيمَةِ فَالْفَاضِلُ مِنْهُ لِلْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ أَسْلَفَهُ السِّلْعَةَ فَبِيعَتْ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ وَأَدَّى يَحْتَمِلُ الْبِنَاءَ لِلْفَاعِلِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ أَدَاءَ وَكِيلِ الرَّاهِنِ أَفَادَهُ تت. (وَضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ الرَّهْنَ الْمُعَارَ (إنْ خَالَفَ) الْمُسْتَعِيرُ الْمُعِيرَ بِرَهْنِهِ فِي غَيْرِ مَا اسْتَعَارَهُ لَهُ، فَفِيهَا مَنْ اسْتَعَارَ سِلْعَةً لِيَرْهَنَهَا فِي دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَرَهَنَهَا فِي طَعَامٍ فَأَرَاهُ ضَامِنًا. الْحَطّ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا ضَمَانُ الرِّهَانِ وَالْعَوَارِيِّ، بَلْ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِيرُ فِي ضَمَانِهِ مُطْلَقًا، قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ أَمْ لَا، كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، بِدَلِيلِ فَرْضِهِمْ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ. (وَهَلْ) ضَمَانُ الْمُسْتَعِيرِ الْمُخَالِفِ الرَّهْنَ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِإِقْرَارِهِ لِمُعِيرِهِ بِالْمُخَالَفَةِ وَمُخَالَفَةِ الْمُرْتَهِنِ وَعَدَمِ حَلِفِ الْمُعِيرِ وَكَوْنِ الرَّهْنِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 433 أَوْ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ؟ تَأْوِيلَانِ. وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ: كَأَنْ لَا يَقْبِضَ   [منح الجليل] وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (أَوْ) مَحَلُّ ضَمَانِهِ (إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ) بِالتَّعَدِّي (وَخَالَفَهُ الْمُرْتَهِنُ) بِأَنْ قَالَ لَمْ يَتَعَدَّ (وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) عَلَى تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ بِأَنْ نَكَلَ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ رَهْنٌ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ كَلَامِهَا السَّابِقِ. (وَبَطَلَ) الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ (ب) سَبَبِ (شَرْطٍ مُنَافٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ لِمُقْتَضَى عَقْدِهِ (كَأَنْ) يَشْتَرِطَ رَاهِنُهُ أَنْ (لَا يَقْبِضَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الرَّهْنَ مِنْهُ لِأَنَّ مُقْتَضَى صِحَّةِ الْعَقْدِ قَبْضُهُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] . الْحَطُّ مِنْ الشَّرْطِ الْمُنَافِي مَا فِي آخِرِ كِتَابِ رُهُونِهَا وَنَصُّهُ وَمَنْ رَهَنَ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ مَضَتْ سَنَةٌ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ فَلَا أَعْرِفُ هَذَا مِنْ رُهُونِ النَّاسِ، وَلَا يَكُونُ هَذَا رَهْنًا. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ فَلَّسَ دَخَلَ فِيهِ الْغُرَمَاءُ وَلَيْسَ مِنْهُ مَسْأَلَةُ غَلْقِ الرَّهْنِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ، وَمُرْتَهِنُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَقْبِضَ حَقَّهُ. وَغَلَقَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ فَقَافٍ أَيْ صَيْرُورَتُهُ فِي الدَّيْنِ إذَا حَلَّ أَجَلُهُ وَلَمْ يُوفِهِ الرَّاهِنُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَغْلِقُ الرَّهْنُ» . مَالِكٌ تَفْسِيرُهُ فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ عِنْدَ الرَّجُلِ بِالدَّيْنِ وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا رَهَنَ فِيهِ وَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ جِئْتُك بِحَقِّك إلَى أَجَلِ كَذَا وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَك بِمَا رَهَنَ فِيهِ، فَهَذَا لَا يَصِحُّ وَلَا يَحِلُّ، وَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ بِاَلَّذِي رَهَنَ بِهِ فَهُوَ لَهُ، وَأَرَى هَذَا الشَّرْطَ مَفْسُوخًا. الْبَاجِيَّ غَلَقَ الرَّهْنَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُفَكَّ يُقَالُ غَلَقَ الرَّهْنُ إذَا لَمْ يُفَكَّ، وَمَعْنَى التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْقَدَ الرَّهْنُ عَلَى وَجْهٍ يَئُولُ إلَى الْمَنْعِ مِنْ فَكِّهِ. (فَائِدَةٌ) تت النَّطْرُونِيُّ إحْدَى الْمَسَائِلِ السَّبْعَ عَشْرَةَ الَّتِي لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحِيَازَةِ وَالْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 434 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْعُمْرَى وَالْعَطِيَّةِ وَالنِّحْلَةِ وَالْعَرِيَّةِ وَالْمِنْحَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالْإِسْكَانِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِرْفَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالْإِخْدَامِ وَالصِّلَةِ وَالْإِحْبَاءِ، كَذَا فِي التَّحْرِيرِ لِابْنِ بَشِيرٍ، زَادَ ابْنُ بُكَيْر فِي شَرْحِهِ التَّحْرِيرَ عَشْرَ مَسَائِلَ الْقَرْضَ وَالْإِقْطَاعَ عَلَى قَوْلٍ، وَالْحَمْلَ عَلَى قَوْلٍ أَيْضًا. وَقِيلَ كَالْحَمَالَةِ وَالْمَشْهُورُ افْتِقَارُ الْكَفَالَةِ وَالْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى قَوْلٍ، وَالزِّيَادَةُ بَعْدَ عَقْدٍ لَا يَصِحُّ كَالصُّلْحِ عَلَى دَمٍ عَمْدٍ، وَعَنْ شَيْءٍ مَجْهُولٍ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَالزِّيَادَةُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ عَلَى قَوْلٍ وَالْمَشْهُورُ افْتِقَارُ الْمَعَادِنِ لِلْمَحُوزِ وَالْوَصِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ. وَاخْتُلِفَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الصَّدَاقِ، وَنَظَمَهَا تت فَانْظُرْهُ. طفي الْعَطِيَّةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، وَلِذَا أَسْقَطَهَا بَعْضُهُمْ وَالنِّحْلَةُ مَا يُعْطِيهِ وَالِدُ الزَّوْجِ لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدُ الزَّوْجَةِ لِابْنَتِهِ لِأَجْلِ النِّكَاحِ، فَإِذَا كَانَ فِي عَقْدِهِ فَلَا تَحْتَاجُ لِلْحَوْزِ. وَفِي غَيْرِهِ تَحْتَاجُ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْعَرِيَّةُ بِشَدِّ الْيَاءِ هِيَ الَّتِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا وَبَطَلَتْ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ. وَالْمِنْحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ هِبَةُ لَبَنِ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ نَاقَةٍ، وَعِبَارَةُ الْمُتَيْطِيَّةِ الْمَنِحَةُ هِيَ النَّاقَةُ أَوْ الشَّاةُ يُعِيرُهَا الرَّجُلُ لِرَجُلٍ يَنْتَفِعُ بِلَبَنِهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 435 وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ   [منح الجليل] مُدَّةً، وَيُقَالُ لَهَا مَنِحَةٌ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ. وَالْهَدِيَّةُ هِيَ الْعَطِيَّةُ بِسَبَبِ فَرَحٍ أَوْ فَزَعٍ كَعُرْسٍ وَنِفَاسٍ وَمَوْتٍ. وَالْإِرْفَاقُ إرْفَاقُ الْجَارِ بِجِدَارٍ أَوْ سَقْيٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ قَاعٍ يُبْنَى فِيهِ وَالْعِدَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَخِفَّةِ الدَّالِ مَصْدَرُ وَعَدَ. ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ إخْبَارٌ عَنْ إنْشَاءِ الْمُخْبِرِ مَعْرُوفًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالْوَفَاءُ بِهَا مَطْلُوبٌ اتِّفَاقًا. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِسَبَبِهَا فِي الْمُسَبَّبِ أَوْ بِشَرْطِ دُخُولِهِ بِهَا فِيهِ رَابِعُهَا لَا يُقْضَى بِهَا مُطْلَقًا. وَالْإِخْدَامُ هِبَةُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ. وَالصِّلَةُ الْعَطِيَّةُ لِذِي رَحِمٍ. وَالْحِيَاءُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ وَلِيَّ الزَّوْجَةِ بِسَبَبِ النِّكَاحِ، وَهُوَ فِي الْعَقْدِ لَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ وَبَعْدَهُ يَفْتَقِرُ لَهُ. وَالْإِقْطَاعُ إعْطَاءُ الْإِمَامِ أَرْضًا، فَإِنْ مَاتَ الْإِمَامُ قَبْلَ حَوْزِهَا انْتَقَلَ النَّظَرُ فِيهَا لِلْمُوَلَّى بَعْدَهُ. قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ افْتِقَارُ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ عَدَمُ افْتِقَارِ الْكَفَالَةِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوَّلًا كَالْحَمَالَةِ إذْ هِيَ الْكَفَالَةُ. (وَ) بَطَلَ (بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ظَنَّ) الرَّاهِنُ (فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (اللُّزُومَ) لِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمَرْهُونِ فِيهِ، وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَظُنَّ لُزُومَهُ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ فَلِرَاهِنِهِ أَخْذُهُ مِنْ مُرْتَهِنِهِ، كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَدَفَعَ لِصَاحِبِهِ رَهْنًا فِيهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْقَرْضُ الْفَاسِدُ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ شَاسٍ بُطْلَانُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ فَلَا يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا لَزِمَهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِاشْتِرَاطِهِ، بَلْ عَدَمُهُ أَوْلَى لِتَوَهُّمِ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ. وَمَفْهُومُ ظَنِّ اللُّزُومِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ فَالظَّاهِرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَوْنُهُ رَهْنًا فِي عِوَضِهِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ الْفَائِتِ، وَظَاهِرُهُ اشْتَرَطَ الرَّهْنَ أَمْ لَا، ظَنَّ اللُّزُومَ أَمْ لَا. " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ رَهْنٌ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ فَظَنَّ لُزُومَ الْوَفَاءِ بِهِ فَرَهَنَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَأَدَّاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا دَيْنَ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ. اهـ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 436 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَهُوَ نَصُّ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ، وَقَدْ أَصَابَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي إضْرَابِهِ عَنْهُ صَفْحًا، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ يَعْمَلَ لَهُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَبُولٍ وَلَا رَدٍّ خِلَافَ عَادَتِهِ، وَمَا أَرَاهُ إلَّا مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الرَّهْنُ بِدِينَارَيْنِ قَضَى أَحَدَهُمَا أَوْ بِثَمَنِ عَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ بِمِائَةٍ ثَمَنَ عَبْدٍ بِيعَ فَاسِدًا فَكَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ فَالرَّهْنُ رَهْنٌ بِمَا بَقِيَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ حَبِيبٍ أَصْبَغُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى أَنْ يَرْتَهِنَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا رَهَنَهُ إيَّاهُ وَقَبَضَهُ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ وَقَعَ الْبَيْعُ وَكَذَا إنْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَالرَّهْنُ فَاسِدًا عَلَى أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَابْنَ يُونُسَ لَمْ يَتَنَازَلَا فِي ظَنَّ اللُّزُومَ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْحَطّ ثُمَّ قَالَ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِدَيْنَيْنِ فَقَضَى أَحَدُهُمَا أَوْ بِعَبْدَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا، أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ كَانَ عَبْدًا وَاحِدًا بِيعَ بِمِائَةٍ بَيْعًا فَاسِدًا فَكَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ فَقِيلَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِالْبَاقِي. وَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي حُقُوقِ ثَلَاثَةٍ فَقَضَى أَحَدُهَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ، فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَقْرَضَهُ مِائَةً عَلَى أَنَّ رَهَنَهُ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي قَوْلَانِ، فَقِيلَ يَقْبِضُ الرَّهْنَ وَيَسْقُطُ نِصْفُهُ الْمُقَابِلُ لِلدَّيْنِ الْأَوَّلِ، وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ كَوْنَ جَمِيعِهِ رَهْنًا بِالثَّانِي مِثْلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى هَذَا يُفَضُّ الرَّهْنُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ إذَا اسْتَحَقَّ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ فِي الطَّلَاقِ إذَا رَهَنَ بِالصَّدَاقِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْفَضُّ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةً أَنَّهُ يَبْقَى رَهْنًا فِي الْبَاقِي. وَمَنْ أَسْلَمَ دِينَارًا فِي ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَأَخَذَ بِهَا رَهْنًا ثُمَّ فَسَخَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الدِّينَارُ وَالدَّرَاهِمُ سَوَاءٌ كَانَ أَحَقَّ بِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ دِينَارُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ أَرْبَعِينَ كَانَ أَحَقَّ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الرَّهْنِ، وَالْبَاقِي هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ. وَاخْتَلَفَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدِّينَارِ عِشْرِينَ فِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِثُلُثَيْهِ، وَيَسْقُطُ مِنْ الرَّهْنِ مَا يَنُوبُ الْعَشَرَةَ الزَّائِدَةَ لِأَنَّهَا كَالْمُسْتَحَقَّةِ اهـ. وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ صَرِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 437 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْعَجَبُ مِنْ " غ " فِي عَدَمِ نَقْلِهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَرَهَنَك بِهِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ مِنْهُ إلَى الْأَجَلِ فَالرَّهْنُ لَك بِدَيْنِك لَمْ يَجُزْ بِذَلِكَ، وَيُنْقَضُ هَذَا الرَّهْنُ وَلَا يُنْظَرُ بِهِ الْأَجَلُ، وَلَك أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّك وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ وَيَصِيرُ السَّلَفُ حَالًّا. ابْنُ يُونُسَ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَفِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَصِحُّ لَهُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ أَوْ الرَّهْنِ، وَكَذَا فِي السَّلَفِ لَا يَدْرِي هَلْ يَرْجِعُ لَهُ مَا سَلَفَ أَوْ الرَّهْنُ، فَإِنْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فُسِخَ الْبَيْعُ إنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَفِيهَا الْقِيمَةُ حَالَّةً، وَيَصِيرُ السَّلَفُ حَالًّا وَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِالرَّهْنِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ بَعْدَ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَلَا يُفْسَخُ إلَّا الرَّهْنُ وَحْدَهُ وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ بِلَا رَهْنٍ إلَى أَجَلِهِ، وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ فِي فَلَسٍ وَلَا فِي مَوْتٍ لِقَوْلِهِمْ فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ إلَى أَجَلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِنَفْعٍ. قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِ وَإِنْ قُبِضَ فِي فَلَسِ الْغَرِيمِ أَوْ مَوْتِهِ. أَبُو الْحَسَنِ حَمَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَابْنُ يُونُسَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً وَالرَّهْنُ صَحِيحٌ مِثْلُ أَنْ يَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى نَعْتِ الْفَسَادِ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَيَرْهَنُهُ بِالثَّمَنِ رَهْنًا صَحِيحًا إلَى الْأَجَلِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ مَعَ الْقِيَامِ وَالرَّهْنُ إلَى رَاهِنِهِ، فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَقْبِضَ الْقِيمَةَ قَوْلًا وَاحِدًا، انْتَهَى، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ وَكَلَامُهُ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ أَنَّ السَّلَفَ الْفَاسِدَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. الثَّانِي: إذَا قُلْنَا لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَتَارَةً يُفْسَخُ وَهَذَا مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 438 وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ وَرَجَعَ   [منح الجليل] وَتَارَةً يُنْقَلُ لِلْقِيمَةِ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةَ الثَّمَنِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهَلْ يَكُونُ جَمِيعُ الرَّهْنِ رَهْنًا بِهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوَّلًا قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ كَانَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْهَا فَقَطْ. الثَّالِثُ: لَا يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالنُّقُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الرَّهْنِ مَنْعُ التَّوَثُّقِ بِهِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِعَيْنٍ شَبَهٍ لِأَنَّا نَقُولُ لَا مَعْنَى لِصِحَّةِ الرَّهْنِ إلَّا ذَلِكَ، وَلَا مَعْنَى لِبُطْلَانِهِ إلَّا عَدَمَ ذَلِكَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَنَبَّهْنَا عَلَيْهِ لِتَوَهُّمِهِ بَعْضُ النَّاسِ. الرَّابِعُ: ابْنُ حَبِيبٍ إنْ وَقَعَ الرَّهْنُ فَاسِدًا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْئًا بِهَذَا الرَّهْنِ. الْخَامِسُ: ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْمَرْهُونَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ بَاعَهُ الرَّهْنَ بَيْعًا فَاسِدًا فَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ، وَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَالرَّهْنُ بِيَدِكَ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ فَقَبَضْتَهُ لَمْ يَتِمَّ لَك مِلْكُ الرَّهْنِ بِشَرْطِكَ فَتَرُدَّهُ إلَى رَبِّهِ وَتَأْخُذَ دَيْنَكَ وَلَك حَبْسُهُ حَتَّى تَأْخُذَ دَيْنَك. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ فَاتَ الرَّهْنُ بِيَدِك بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فِي الْحَيَوَانِ وَالسِّلَعِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالْقَلْعِ فِي الْعَقَارِ فَلَا تَرُدَّهُ، وَلَزِمَتْك قِيمَتُهُ يَوْمَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ يَوْمَهُ وَالسِّلْعَةُ مَقْبُوضَةٌ فَتُقَاصِصُهُ بِدَيْنِك وَتَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ. السَّادِسُ: ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّ يَدَ رَبِّهِ بِهِ ارْتَفَعَتْ عَنْهُ وَيَدَ الْأَمِينِ كَيَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ، وَقِيلَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ الْأَمِينِ لِأَنَّهُ كَانَ حَائِزًا لِلْبَائِعِ فَبَقِيَ عَلَى حَوْزِهِ لَهُ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. (وَ) مَنْ جَنَى خَطَأً تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ وَظَنَّ أَنَّ دِيَتَهُ لَزِمَتْهُ وَحْدَهُ فَرَهَنَ بِهَا شَيْئًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لُزُومُهَا الْعَاقِلَةَ (حَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ) عَلَى (أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ لَهُ) وَحْدَهُ (وَرَجَعَ) الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ فِي رَهْنِهِ فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ وَصَارَ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْهَا. وَمَفْهُومُ ظَنِّ لُزُومِ الدِّيَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 439 أَوْ فِي قَرْضٍ مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ، وَصَحَّ فِي الْجَدِيدِ   [منح الجليل] لَهُ أَنَّهُ إنْ رَهَنَ فِيهَا عَالِمًا لُزُومَهَا لِلْعَاقِلَةِ فَلَا يَرْجِعُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ نَكَلَ وَعَطَفَ عَلَى بَيْعٍ فَاسِدٍ فَقَالَ (أَوْ) رَهَنَ (فِي قَرْضٍ) جَدِيدٍ (مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ) لِرَبِّهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَهْنًا فِيهِمَا بَطَلَ الرَّهْنُ فِي الدَّيْنِ الْقَدِيمِ وَصَارَ الرَّهْنَ كُلَّهُ (وَصَحَّ) الرَّهْنُ كُلُّهُ (فِي) الْقَرْضِ (الْجَدِيدِ) فَإِنْ فَلَّسَ الرَّاهِنُ أَوْ مَاتَ اخْتَصَّ الرَّهْنُ بِالْجَدِيدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ بِرَهْنٍ أَوْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، كَانَ فِي الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَفَاءٌ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، كَانَ الْأَوَّلُ حَالًّا أَوْ لَا. الْحَطّ نَصُّهَا وَإِنْ أَسْلَفْت سَلَمًا بِلَا رَهْنٍ أَوْ بِهِ ثُمَّ أَسْلَفْته سَلَفًا آخَرَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا بِالسَّلَفِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَجَهِلْتُمَا أَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ فَقَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ بِفَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ فَالرَّهْنُ الْأَوَّلُ فِي السَّلَفِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي فِي الثَّانِي، وَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ الثَّانِي رَهْنًا فِي شَيْءٍ مِنْ السَّلَفِ الْأَوَّلِ. اهـ. وَقَوْلُهُ مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي التَّوْضِيحِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَى هَذَا الرَّهْنِ قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ يُرَدُّ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. الثَّانِي: الْحَطّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، بَلْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ عَثَرْنَا عَلَى هَذَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ هَلْ يَرُدُّ السَّلَفَ أَوْ يُقَالُ إذَا أَسْقَطَ مُشْتَرِطٌ الشَّرْطَ شَرْطَهُ يَمْضِي اهـ. طفي مُرَادُهُ بِالصِّحَّةِ اخْتِصَاصُهُ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَحَبْسُهُ فِي دَيْنِهِ إنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُقْتَرِضِ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَكَيْفَ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الْقَرْضَ فَاسِدٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْحَطّ، كَلَامُهُ نَصٌّ إلَخْ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُؤَيِّدُ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ " س ". عب وَفَائِدَتُهُ أَيْ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ وَيُحَاصِصُ بِالْقَدِيمِ كَانَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ صَحَّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ إذَا حَصَلَ لِلرَّاهِنِ مَانِعٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 440 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا الصِّحَّةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْفَسَادِ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ، وَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ حَيْثُ كَانَ قَائِمًا فَقَدْ تَجُوزُ فِي إطْلَاقِ الصِّحَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ صَحَّ فِي الْجَدِيدِ أَنَّهُ يُخْتَصُّ بِهِ إلَخْ هُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ " ح " كَلَامُهُ نَصٌّ إلَخْ. قُلْت تَأَمَّلْ جَوَابَهُمْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْحَطّ فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ السَّابِقَةِ عَقِبَ شَرْحِ قَوْلِهِ وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ لَا مَعْنَى لِصِحَّةِ الرَّهْنِ إلَّا لِتَوَثُّقٍ بِهِ وَلَا لِبُطْلَانِهِ إلَّا عَدَمَهُ. الثَّالِثُ: قَيَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْمَسْأَلَةَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ الْقَدِيمِ مُؤَجَّلًا، قَالَ أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ لَصَحَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْ مَلَكَ أَخْذَهُ، فَتَأْخِيرُهُ كَابْتِدَاءِ سَلَفٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَكَذَا عِنْدِي لَوْ كَانَ عَدِيمًا وَكَانَ الرَّهْنُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ دَيْنٌ مُحِيطٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمَلِيءِ. اهـ. وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ تَقْيِيدٌ قَالَهُ الْحَطّ. الرَّابِعُ: الْحَطّ اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ قَرْضٍ بَلْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ وَشَرَطَ أَنَّ الْأَوَّلَ دَاخِلٌ فِي رَهْنِ الثَّانِي وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ. عب مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ قَرْضٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ جَدِيدٍ لَصَحَّ فِي الْبَيْعِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ الطَّارِئُ قَرْضًا. الْبُنَانِيُّ غَرَّهُ قَوْلُ الْحَطّ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْحُرْمَةِ كَمَا فِي " ق "، وَنَصُّهُ وَانْظُرْ إنْ كَانَ لَك ثَمَنُ شَيْءٍ ثُمَّ طَلَبَ مِنْك دَنَانِيرَ تُسَلَّمَا لَهُ عَلَى شَيْءٍ. قَالَ فِي الرِّوَايَةِ هَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ لَمْ يَحِلَّ قَبْلُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَهِنَ مَعَ ذَلِكَ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ قَالَ ذَلِكَ حَرَامٌ. ابْنُ رُشْدٍ اشْتَرَطَ كَوْنَ الْمُبَايَعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْأُولَى لِئَلَّا يَقْضِيَهُ الدَّنَانِيرَ الَّتِي أَسْلَمَهَا فِي الطَّعَامِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ قَدْ رَجَعَتْ إلَيْهِ دَنَانِيرُهُ وَآلَ أَمْرُهُمَا إلَى فَسْخِ الثَّمَنِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي طَعَامٍ إلَى أَجْلٍ وَلَمْ يَجُزْ إذَا هُوَ أَسْلَمَ إلَيْهِ الدَّنَانِيرَ فِي طَعَامٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَنْ يَرْهَنَ مِنْهُ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ وَالْآخَرِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الرَّهْنِ، فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَتْ مُعَامَلَتُهُمَا وَرَدَّ إلَيْهِ دَنَانِيرَهُ وَكَانَ جَمِيعُ الرَّهْنِ رَهْنًا بِالْأَقَلِّ مِنْهَا أَوْ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي ارْتَهَنَهُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي الدَّيْنِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَصَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 441 وَبِمَوْتِ رَاهِنِهِ أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ حَوْزِهِ، وَلَوْ جَدَّ فِيهِ ، وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ؛ أَوْ إسْكَانٍ، أَوْ إجَارَةٍ، وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ،   [منح الجليل] بِأَنَّ دَيْنَ الْبَيْعِ مِثْلُ دَيْنِ الْقَرْضِ فِي الْفَسَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ بِشَرْطٍ قَوْلَهُ (وَ) بَطَلَ الرَّهْنُ (بِمَوْتِ رَاهِنِهِ) قَبْلَ حَوْزِهِ (أَوْ فَلَسِهِ) أَيْ قِيَامِ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ (قَبْلَ حَوْزِهِ) أَيْ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ تَرَاخَى فِي حَوْزِهِ وَلَمْ يَجِدَّ فِيهِ، بَلْ (وَلَوْ جَدَّ) الْمُرْتَهِنُ (فِيهِ) أَيْ حَوْزِ الرَّهْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِلُهُ لَا يَبْطُلُ كَالْمَشْهُورِ فِي الْهِبَةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ فَلَمْ يَكْفِ الْجَدُّ فِي حَوْزِهِ وَالْمَوْهُوبُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ وَاهِبِهِ فَكَفَى الْجَدُّ فِي حَوْزِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ فِي الْمُشْتَرَطِ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْعِ يَدَعُ الْمُرْتَهِنُ قَبْضَهُ حَتَّى يَقُومَ الْغُرَمَاءُ أَوْ حَتَّى يَبِيعَهُ رَبُّهُ فَأَبْطَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْقَضُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. مُحَمَّدٌ فَجَعَلَ سَحْنُونٌ لِلِارْتِهَانِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهِ. اهـ. وَفِيهَا وَإِنْ بِعْت مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَك عَبْدَهُ مَيْمُونًا بِحَقِّك فَفَارَقَك قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ، وَلَك أَخْذُهُ مِنْهُ رَهْنًا مَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ فَتَكُونُ أُسْوَتَهُمْ، فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مَضَى بَيْعُهُ وَلَيْسَ لَك أَخْذُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ، لِأَنَّ تَرْكَك إيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ كَتَسْلِيمِك لِذَلِكَ وَبَيْعُك الْأَوَّلَ لَا يُنْقَضُ. (وَ) بَطَلَ الرَّهْنُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ (فِي وَطْءٍ) لِأَمَتِهِ الْمَرْهُونَةِ وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا، فِي التَّوْضِيحِ لَوْ كَانَتْ مُخَلَّاةً تَذْهَبُ وَتَجِيءُ فِي حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ فَوَطِئَهَا رَاهِنُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ بَطَلَ الرَّهْنُ عَلَى الْمَشْهُورِ جَعَلُوا كَوْنَهَا مُخَلَّاةً كَالْإِذْنِ فِي وَطْئِهَا (أَوْ) بِإِذْنِهِ فِي (إسْكَانٍ) لِدَارٍ مَرْهُونَةٍ أَوْ حَانُوتٍ كَذَلِكَ (أَوْ) فِي (إجَارَةٍ) لِلذَّاتِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ إنْ أَمْكَنَهُ أَوْ آجَرَهُ اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُسْكِنْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْحَطّ يُرِيدُ وَلَوْ لَمْ يُؤْجِرْ وَلَمْ يَطَأْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْمُرْتَهِنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 442 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَنْعُ الرَّاهِنِ أَنْ يَسْقِيَ زَرْعَهُ بِمَا ارْتَهَنَ مِنْهُ مِنْ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ بِهَا زَرْعَهُ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ مَنْ ارْتَهَنَ دَارًا فَأَذِنَ لِرَبِّهَا أَنْ يُسْكِنَ أَوْ يُكْرِيَ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ حِينَ أَذِنَ لَهُ وَلَوْ لَمْ يُسْكِنْ وَلَمْ يُكْرِ. وَفِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ إذَا ارْتَهَنْت أَرْضًا فَزَرَعَهَا الرَّاهِنُ بِإِذْنِك وَهِيَ بِيَدِك خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ أَبُو الْحَسَنِ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَيْرِك كَأَمِينٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ فَزَرَعَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَزْرَعْ وَلَمْ يُكْرِ وَلَمْ يُسْكِنْ كَمَا قَالَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ فِي وَطْءٍ بَطَلَ الرَّهْنُ وَكَذَا فِي إسْكَانٍ وَإِجَارَةٍ. الْمُوَضِّحُ مُقْتَضَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ كَافٍ فِي الْبُطْلَانِ وَهُوَ نَصُّهَا فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ، وَأَشَارَ بِلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِالسُّكْنَى وَالْكِرَاءِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ ثَالِثًا بِالْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِيَدِ عَدْلٍ فَيَبْطُلُ بِالْإِذْنِ أَوْ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَبْطُلُ بِالْإِذْنِ لِوُجُودِ صُورَةِ الْحَوْزِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرًا جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. طفي أَجْمَلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمُبْطِلَاتِ فِيهَا تَفْصِيلٌ فَمِنْهَا مَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ مِنْ أَصْلِهِ، وَمِنْهَا مَا يُبْطِلُ حَوْزَهُ فَقَطْ وَلِلْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ لِحَوْزِهِ بِالْقَضَاءِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ، فَمِنْ الثَّانِي الْإِذْنُ فِي الْوَطْءِ وَالْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ، وَمِنْ الْأَوَّلِ الْإِعَارَةُ الْمُطْلَقَةُ وَالْإِذْنُ فِي الْبَيْعِ مَعَ التَّسْلِيمِ، فَلَوْ قَدَّمَ هَذَيْنِ وَعَطَفَهُمَا عَلَى مَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ مِنْ قَوْلِهِ، وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ. وَأَخَّرَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى الرَّدِّ إلَخْ لِيَنْطَبِقَ عَلَى الْجَمِيعِ فِعْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ لِتَحَرُّرِ كَلَامِهِ. وَطَابَقَ النَّقْلَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَجْمَلَ اتِّكَالًا عَلَى رَدِّ ذِهْنِ النَّاظِرِ اللَّبِيبِ كُلًّا لِأَصْلِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ يَحْتَاجُ لِوَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ، وَلَا يُقَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَدْخُلُ فِي أَوْ اخْتِيَارًا لِأَنَّا نَقُولُ كَذَلِكَ الْبَيْعُ اخْتِيَارًا عَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ تَبِعَ فِيهَا ابْنَ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا مَعَ الْحَمْلِ، فَظَاهِرُ لَغْوِ الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ، فَفِيهَا وَمَنْ رَهَنَ أَمَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فَأَحْبَلَهَا، فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ كَانَتْ مُخَلَّاةً تَذْهَبُ وَتَجِيءُ فِي حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ وَلَا رَهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهَا اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 443 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَى لَفْظِهَا وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِحَالٍ، وَلَمَّا نَقَلَ " ق " لَفْظُهَا قَالَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ كَلَامِ خَلِيلٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. الْبُنَانِيُّ فِي عَزْوِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ نَظَرٌ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَطْءِ فَقَدْ بَحَثَ فِيهَا ابْنُ رَحَّالٍ فِي شَرْحِهِ مِثْلَ بَحْثِ طفي قَالَ إذَا أَحْبَلَهَا بَطَلَ الرَّهْنُ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُحْبِلْهَا فَيَبْطُلُ حَوْزُهَا فَقَطْ وَلَهُ أَخْذُهَا مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ دُونَ وَطْءٍ فَالرَّهْنُ وَحَوْزُهُ صَحِيحَانِ مَعًا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وضيح و " ح "، إذْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَمُسْتَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْإِذْنِ فِي الْإِسْكَانِ. وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يُحْبِلْهَا، يَبْطُلُ الْحَوْزُ فَقَطْ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى قَوْلِهَا ثُمَّ وَطِئَهَا فَأَحْبَلَهَا يَعْنِي وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُحْبِلْهَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِهَا. وَأَمَّا الْإِذْنُ فِي الْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ فَعَلَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِي كِتَابِ حَرِيمِ الْبِئْرِ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الرَّهْنِ، وَنَصُّهَا فِيهِ لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُسْكِنَ أَوْ يُكْرِي فَقَدْ خَرَجَتْ الدَّارُ مِنْ الرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يُسْكِنْ أَوْ يُكْرِي نَعَمْ فِي " ق " عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ إجَارَةٍ مَا نَصُّهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ ارْتَهَنَ رَهْنًا فَقَبَضَهُ ثُمَّ وَأَجَرَهُ مِنْ الرَّاهِنِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إنْ قَامَ الْمُرْتَهِنُ بِرَدِّهِ قَضَى لَهُ بِهِ. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ فَاخْتَصَرَهُ. " ق " عَلَى عَادَتِهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الَّذِي أَوْهَمَ. طفي حَتَّى عَزَا ذَلِكَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: " د " يَنْبَغِي أَنَّ فِي كَلَامِهِ حَذْفًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي، وَمِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ، فَقَوْلُهُ أَوْ إسْكَانٌ يُرِيدُ أَوْ سُكْنَى، وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُسْكِنْ يُرِيدُ أَوْ يُسْكِنْ غَيْرَهُ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 444 وَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ ، أَوْ فِي بَيْعٍ وَسَلَمٍ   [منح الجليل] الثَّانِي: لَوْ قَالَ بَدَلَ وَلَوْ لَمْ يُسْكِنْ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَكَانَ أَحْسَنَ. الثَّالِثُ: إذَا بَطَلَ الرَّهْنُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ أَفَادَ فِي ضَيْح أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَلَمَّا كَانَ الْإِذْنُ فِي الْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ مُبْطِلًا، وَفِي تَرْكِهِمَا ضَرَرٌ عَلَى الرَّاهِنِ ذَكَرَ مَا يَخْلُصُ مِنْ هَذَا فَقَالَ (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا تُمْكِنُ فِيهِ النِّيَابَةُ (الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ دُونَ إذْنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُنْتَقَى إنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ إكْرَاءَ الدَّارِ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوْ الْعَبْدُ الْكَثِيرُ الْخَرَاجُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لِتَضْيِيعِهَا عَلَى الرَّاهِنِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْحَقِيرُ فَلَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الرَّاهِنُ أَنْ يُكْرِيَهَا كَالْوَكِيلِ عَلَى الْكِرَاءِ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَهُمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَزَادَ عَنْ فَضْلٍ أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ هُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ عَالِمًا بِذَلِكَ غَيْرَ مَنْكُولَةٍ. وَعَطَفَ عَلَى وَطْءٍ فَقَالَ: (أَوْ) أَذِنَهُ لِلرَّاهِنِ (فِي بَيْعٍ) لِلرَّهْنِ (وَسَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ لِبَيْعِهِ فَيَبْطُلُ رَهْنُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ. فِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. فِي الشَّامِلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِذْنَ مَعَ التَّسْلِيمِ يَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا أَنِّي لَمْ أَرَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ. طفي اعْتِرَاضُهُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ فِيهِ الْبَيْعَ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي الْإِذْنِ سَوَاءٌ سَلَّمَ أَمْ لَا، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ اخْتِيَارًا فَلَهُ أَخْذُهُ إلَخْ، وَقَوْلُ " س " و " ج " إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ يَتَكَلَّمْ إلَّا عَلَى وُقُوعِ الْبَيْعِ وَلَا دَلِيلَ لَهُمَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الَّذِي نَقَلَاهُ. الْبُنَانِيُّ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَجَدْت فِيهِ الدَّلِيلَ الْقَوِيَّ لِمَا ذَكَرَهُ عج، وَأَنَّ كَلَامَ طفي تَحَامُلٌ وَقُصُورٌ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ أَسْلَمَهُ لِرَاهِنِهِ لِيَبِيعَهُ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّمَا فَعَلْته لِتَعْجِيلِ حَقِّي وَسُقُوطِهِ لِأَنَّ شَرْطَ تَعْجِيلِهِ الثَّمَنَ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. نَقَلَ الصِّقِلِّيُّ قَوْلَيْ أَشْهَبَ. اهـ. فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 445 وَإِلَّا حَلَفَ وَبَقِيَ الثَّمَنُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ : كَفَوْتِهِ بِجِنَايَةٍ، وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ مَعَ إذْنِهِ لَهُ فِي بَيْعِهِ، بِأَنْ أَبْقَاهُ تَحْتَ يَدِهِ وَقَالَ إنَّمَا أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِهِ لِإِحْيَائِهِ وَحَلَّ ثَمَنُهُ رَهْنًا فِي مَحَلِّهِ أَوْ الْإِتْيَانُ بِرَهْنٍ آخَرَ ثِقَةً (حَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ (وَبَقِيَ الثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَ الرَّهْنُ بِهِ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ لِحُلُولِ الْأَجَلِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الرَّاهِنُ (بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ) فِي قِيمَتِهِ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِهِ وَعَلَيْهِ عُقِدَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ، وَلِزِيَادَتِهَا فَائِدَةٌ إذْ قَدْ تَتَغَيَّرُ الْقِيمَةُ بِنَقْصٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَفِي ضَمَانِهِ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَحُلِيٍّ أَوْ عَدَمِهِ بِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُشْبِهُ الرَّهْنَ الَّذِي بِيعَ وَتَكُونُ قِيمَتُهُ كَقِيمَتِهِ يَوْمَ رَهْنِهِ لَا يَوْمَ بَيْعِهِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ غَلَائِهِ أَوْ رُخْصِهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهَا قِيمَتُهُ كَقِيمَتِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ الْآخِذُ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ عَقْدُهُ، وَلِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فَائِدَةٌ إذْ قَدْ تَنْخَفِضُ السُّوقُ فِي الْأَجَلِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَيَأْتِيهِ بِمِثْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا، وَظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى اعْتِبَارُهُمَا مَعًا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ لِأَنَّ قَوْلَهَا يُشْبِهُ الرَّهْنَ الَّذِي بِيعَ أَيْ فِي أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهَا قِيمَتُهُ كَقِيمَتِهِ ظَاهِرٌ فِي اشْتِرَاطِ مُسَاوَاةِ الْقِيمَةِ. وَشَبَّهَ فِي بَقَاءِ عِوَضِ الرَّهْنِ رَهْنًا إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فَقَالَ (كَفَوْتِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مَصْدَرُ فَاتَ أَيْ تَلِفَ الرَّهْنُ (ب) سَبَبِ (جِنَايَةٍ) عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (وَ) قَدْ (أُخِذَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (قِيمَتُهُ) أَيْ الرَّهْنِ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ فَتَكُونُ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ هُوَ فِيهِ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ فَوْتِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفُتْ بِهَا بِأَنْ كَانَتْ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ عَيَّبْته فَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيُجْعَلُ الْأَرْشُ رَهْنًا مَعَ الرَّهْنِ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَرْشُ الْعَبْدِ الرَّهْنِ رَهْنٌ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عِوَضُ بَعْضِهِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ تُؤْخَذْ قِيمَتُهُ فَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ مِثْلُهُ، وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، وَإِنْ فَاتَ بِجِنَايَةِ الرَّاهِنِ فَإِمَّا أَنْ يَجْعَلَ الدَّيْنَ أَوْ يَأْتِيَ بِرَهْنِ مِثْلِهِ أَوْ يَجْعَلَ قِيمَتَهُ رَهْنًا فِي مَحَلِّهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 446 وَبِعَارِيَّةٍ أُطْلِقَتْ وَعَلَى الرَّدِّ ، أَوْ رَجَعَ اخْتِيَارًا، فَلَهُ أَخْذُهُ، إلَّا بِفَوْتِهِ   [منح الجليل] وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ الْجِنَايَةَ إنْ لَمْ تُنْقِصْهُ بِأَنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَدِيَةُ نَحْوِ الْجَائِفَةِ لِلرَّاهِنِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْهَا. (وَ) بَطَلَ الرَّهْنُ (بِعَارِيَّةٍ) أَيْ إعَارَةُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ لِرَاهِنِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ لِأَنَّ إذْنَهُ كَجَوَلَانِ يَدِهِ فِيهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ بِلَا عِوَضٍ (أُطْلِقَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لَمْ تُقَيَّدْ بِأَجَلٍ وَلَا عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ فِيهَا ذَلِكَ لِدَلَالَتِهَا عَلَى إسْقَاطِ الْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ أُطْلِقَتْ لِكَوْنِهِ مَفْهُومَ غَيْرِ شَرْطٍ فَقَالَ (وَ) إنْ لَمْ تُطْلَقْ وَأَعَارَهُ الرَّهْنَ (عَلَى) شَرْطِ (الرَّدِّ) لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ بِأَنْ قَيَّدَهَا بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَهُ، أَوْ قَالَ لَهُ إذَا فَرَغَتْ حَاجَتُك فَرُدَّهُ إلَيَّ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ رَجَعَ) الرَّهْنُ لِرَاهِنِهِ (اخْتِيَارًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ إعَارَةٍ بِإِيدَاعٍ أَوْ إجَارَةٍ وَانْقَضَتْ مُدَّتُهَا قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ فَ (لَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (أَخْذُهُ) أَيْ الرَّهْنِ مِنْ رَاهِنِهِ وَجَعْلُهُ رَهْنًا كَمَا كَانَ بِلَا يَمِينٍ وَلَهُ أَخْذُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا أَيْضًا، لَكِنْ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِلرَّهْنِ وَشَبَّهَ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ فِي الْإِجَارَةِ إنْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا، فَإِنْ قَامَ قَبْلَهُ وَقَالَ جَهِلْت أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِرَهْنِي وَأَشْبَهَ فِيمَا قَالَ حَلَفَ وَرَدَّهُ مَا لَمْ يَقُمْ الْغُرَمَاءُ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ صُورَةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا اهـ. فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لِلرَّاهِنِ تُبْطِلُ الرَّهْنَ وَلَمْ تُبْطِلْهُ هُنَا. قُلْت مَا تَقَدَّمَ مَحَلُّهُ إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ طَلَبِ الْمُرْتَهِنِ أَخْذَهُ مِنْ رَاهِنِهِ وَمَا هُنَا مَحَلُّهُ إذَا طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَهُ مِنْ رَاهِنِهِ قَبْلَهُ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إجَارَةُ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَغَلَّتُهُ لَهُ. قُلْت يُتَصَوَّرُ بِاكْتِرَاءِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ مِنْ رَاهِنِهِ ثُمَّ إكْرَائِهِ لَهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَهُ أَخْذُهُ فَقَالَ (إلَّا) إذَا تَلَبَّسَ الرَّهْنُ (بِفَوْتِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 447 بِكَعِتْقٍ، أَوْ حَبْسٍ أَوْ تَدْبِيرٍ، أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَغَصْبًا، فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا؛   [منح الجليل] الْوَاوِ أَيْ الرَّهْنِ بِتَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِيهِ (بِكَعِتْقٍ) أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ (أَوْ حَبْسٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَحْبِيسٍ (أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ بَيْعٍ قَالَهُ تت و " ح " (أَوْ) ب (قِيَامِ الْغُرَمَاءِ) أَيْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ عَلَى الرَّاهِنِ عَطَفَ عَلَى فَوْتِهِ. أَبُو الْحَسَنِ أَوْ مَوْتِ الرَّاهِنِ. الرَّجْرَاجِيُّ أَوْ رَهْنِهِ عِنْدَ غَرِيمٍ آخَرَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَيُعَجِّلُ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ هُوَ فِيهِ فِي غَيْرِ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَالْمَوْتِ، وَأَمَّا فِيهِمَا فَالْمُرْتَهِنُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي التَّفْوِيتِ بِالتَّدْبِيرِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الرَّهْنِ، فَكَيْفَ يَمْنَعُ اسْتِمْرَارَهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى مَنْعِهِ هُنَا أَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُرْتَهِنَ مِنْ بَيْعِهِ الْآنَ فَيُرَدُّ إلَيْهِ لِيَحُوزَهُ حَوْزَ ارْتِهَانِ الْمُدَبَّرِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَهُ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ فَالصَّوَابُ الْجَوَابُ بِأَنَّ التَّدْبِيرَ مَنْعٌ هُنَا مِنْ الرَّهْنِيَّةِ لِانْضِمَامِهِ إلَى مَا هُوَ مُبْطِلٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ رَدُّ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ اخْتِيَارًا. (وَ) إنْ عَادَ الرَّهْنُ لِرَاهِنِهِ (غَصْبًا) عَنْ الْمُرْتَهِنِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (أَخْذُهُ) أَيْ الرَّهْنِ مِنْ رَاهِنِهِ أَخْذًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ فَوْتِهِ بِكَعِتْقٍ إلَخْ وَجَعْلِهِ رَهْنًا كَمَا كَانَ الْحَطّ قَالَ الشَّارِحُ سَوَاءٌ فَاتَ بِمَا ذَكَرَ أَمْ لَا، قَامَ غُرَمَاؤُهُ أَمْ لَا، وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَلَوْ عَادَ اخْتِيَارًا، وَانْظُرْ قَوْلَهُمَا فَاتَ بِمَا ذُكِرَ أَوَّلًا كَيْفَ يَأْخُذُهُ إذَا فَاتَ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ وَكَانَ الرَّاهِنُ مَلِيًّا، فَإِنَّ غَايَتَهُ كَوْنُهُ بِمَنْزِلَةِ عِتْقِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ وَهُوَ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ وَسَيَأْتِي مَعْنَى عِتْقِ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتِهِ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ، فَكَذَا مَا هُنَا. عب قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّاهِنَ يُحْمَلُ فِي أَخْذِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا عَلَى قَصْدِهِ إبْطَالَ رَهِينَتِهِ، فَعُومِلَ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ بِخِلَافِ عِتْقِهِ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ وَهُوَ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى قَصْدِهِ، إبْطَالُ رَهِينَتِهِ حَتَّى يُعَامَلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا أَفَادَهُ " ح " مِنْ تَقْيِيدِهَا هُنَا بِمَا يَأْتِي. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 448 وَإِنْ وَطِئَ غَصْبًا فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَجَّلَ الْمَلِيءُ الدَّيْنَ أَوْ قِيمَتَهَا، وَإِلَّا بُقِّيَ   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ أَوْ اخْتِيَارًا لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الرَّكَاكَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ الْمُطْلَقَةَ أَوْ عَلَى الرَّدِّ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِيَارِ، وَتَبِعَ فِيهَا ابْنَ الْحَاجِبِ، فَلَوْ قَالَ وَاخْتِيَارًا فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ قَامَ الْغُرَمَاءُ إلَّا بِعَارِيَّةٍ أُطْلِقْت كَمَا عَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ لَأَجَادَ. الثَّانِي: طفي قَوْلُهُ وَغَصْبًا. إلَخْ قَسِيمٌ اخْتِيَارًا، إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ قَاصِرَةٌ لِبَقَاءِ عَوْدِهِ بِغَيْرِ غَصْبٍ وَلَا اخْتِيَارٍ لِأَنَّ الْغَصْبَ أَخَصُّ مِنْ نَقِيضِ الِاخْتِيَارِ. فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا لَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ قَاصِرًا، أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الرُّجُوعُ اخْتِيَارًا فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ لِلرَّاهِنِ دُونَ اخْتِيَارٍ لَا يَبْطُلُ حَوْزُهُ لِقَوْلِهَا فِي اللُّقَطَةِ إنْ أَبَقَ الْعَبْد الرَّهْن صَدَقَ الْمُرْتَهِنُ فِي إبَاقِهِ وَلَا يَحْلِفُ وَهُوَ عَلَى حَقِّهِ. فَإِنْ وَجَدَهُ رَبُّهُ وَقَامَتْ الْغُرَمَاءُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِهِ إنْ كَانَ حَازَهُ قَبْلَ إبَاقِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ بِيَدِ رَاهِنِهِ فَتَرَكَهُ حَتَّى قَامَتْ الْغُرَمَاءُ اهـ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْغَصْبِ مَا قَابَلَ الِاخْتِيَارَ، وَفِيهِ تَكَلُّفٌ. الثَّالِثُ: قَسِيمُ قَوْلِهِ: لَهُ أَخَذَ لَهُ عَدَمُ أَخْذِهِ وَيَتَعَجَّلُ دَيْنَهُ. الرَّابِعُ: إذَا خَلَّصَ الرَّهْنَ مِنْ الرَّهِينَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَزِمَ الرَّاهِنَ مَا فَعَلَ فِيهِ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ رَدَّ الْمُرْتَهِنِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ رَدِّ الْغَرِيمِ وَرَدُّهُ رَدُّ إيقَافِ وَذَكَرَ بَعْضَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ فَقَالَ (وَإِنْ وَطِئَ) الرَّاهِنُ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ (غَصْبًا) عَنْ مُرْتَهِنِهَا فَإِنْ لَمْ يُحْبِلْهَا بَقِيَتْ رَهْنًا، وَإِنْ أَحْبَلَهَا (فَوَلَدُهُ) أَيْ الرَّاهِنِ الْوَاطِئِ أَمَتَهُ (حُرٌّ) لِأَنَّهُ مِنْ أَمَتِهِ (وَعَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الرَّاهِنُ (الْمَلِيُّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ (الدَّيْنَ) الْمَرْهُونَ هُوَ فِيهِ (أَوْ قِيمَتَهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ يَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ يَقُولُ لَا يَلْزَمُنِي الْآنَ إلَّا قِيمَةُ مَا جَنَيْت عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ مَلِيًّا (بَقِيَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا أَوْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 449 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّهْنُ الَّذِي هُوَ الْأَمَةُ عَلَى رَهِينَتِهِ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ وِلَادَتِهَا وَحُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ فَتُبَاعُ كُلُّهَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْوَفَاءُ إلَّا بِهِ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهَا مَا يُوَفَّى بِهِ وَعَتَقَ بَاقِيهَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا فِي عِتْقِ بَاقِيهَا وَإِيقَافِهِ بَعْضَ أُمِّ وَلَدٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبْتَاعُ بَعْضَهَا بِيعَتْ كُلُّهَا وَقَضَى الْمُرْتَهِنُ وَالْبَاقِي لِرَاهِنِهَا يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ لِأَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ. وَقِيلَ تُبَاعُ كُلُّهَا وَإِنْ وُجِدَ مَنْ يَبْتَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ لِضَرَرِهَا بِتَبْعِيضِ عِتْقِهَا، فَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ اتَّبَعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بِبَاقِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ تُبَعْ حَامِلًا لِرَجَاءِ تَجَدُّدِ مَالٍ لِلرَّاهِنِ يَفِي بِدَيْنِهِ وَتَتِمُّ أُمُومَتُهَا لِوَلَدِهَا. وَلِأَنَّ جَنِينَهَا حُرٌّ وَهُوَ كَجُزْئِهَا وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْبَيْعِ. تت وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ، وَالثَّانِيَةُ أَمَةُ الشَّرِيكَيْنِ يَطَؤُهَا أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا، وَالثَّالِثَةُ أَمَةُ الْمُفْلِسِ الْمَوْقُوفَةِ لِبَيْعِهَا فَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ، وَالرَّابِعَةُ الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِجِنَايَتِهَا فَتَحْمِلُ مِنْهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَالْخَامِسَةُ أَمَةُ مَيِّتٍ مَدِينٍ وَطِئَهَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ عَدِيمًا عَالِمًا بِالدَّيْنِ فَتَحْمِلُ مِنْهُ، وَالسَّادِسَةُ أَمَةُ الْقِرَاضِ يَطَؤُهَا الْعَامِلُ فَتَحْمِلُ مِنْهُ وَهُوَ عَدِيمٌ، وَنَظَمْتهَا فَقُلْت: تُبَاعُ أُمُّ الْوَلَدِ فِي سِتَّةٍ فَاجْتَهِدْ ... أَحْبَلَهَا رَاهِنُهَا أَوْ الشَّرِيكُ فَاعْدُدْ أَوْ أَحَدُ الْوُرَّاثِ أَوْ مُقَارِضٌ فَقَيِّدِ ... أَوْ مُفْلِسٌ وَإِنْ جَنَتْ سَلِّمْ لَهُ تُسَدَّدْ وَزِيدَ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ فَأَضَفْتهَا فَقُلْت: وَأَمَةٌ سَيِّدُهَا مُكَاتَبٌ فَاعْتَمِدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَك أَنْ تَجْعَلَ لَهَا فَائِدَةً مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تُوجَدُ أَمَةٌ حَامِلٌ بِحُرٍّ، وَأَضَفْتهَا فَقُلْت: وَهَذِهِ السِّتُّ لَهَا فَائِدَةٌ يَا سَيِّدِي ... قِنٌّ بِحُرٍّ حَامِلٍ فَاظْفَرْ بِهِ لِتَقْتَدِي " غ " وَقَدْ أَجَادَ بَعْضُ الْأَذْكِيَاءِ مِمَّنْ لَقِينَاهُ إذْ نَظَمَ النَّظَائِرَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ التَّوْضِيحِ فَقَالَ تُبَاعُ عِنْدَ مَالِكٍ أُمُّ الْوَلَدْ ... فِي سِتَّةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ تُعَدْ وَهِيَ إنْ أَحْبَلَ حَالَ عِلْمِهِ ... بِمَانِعِ الْوَطْءِ وَحَالَ عُدْمِهِ مُفْلِسٌ مَوْقُوفَةٌ لِلْغُرَمَا ... أَوْ رَاهِنٌ مَرْهُونَةٌ لِيَغْرَمَا أَوْ ابْنُ مِدْيَانٍ إمَاءُ التَّرِكَهْ ... أَوْ الشَّرِيكُ أَمَةٌ لِلشَّرِكَهْ أَوْ عَامِلُ الْقِرَاضِ مِمَّا حَرَّكَهْ ... أَوْ سَيِّدٌ جَانِيَةٌ مُسْتَهْلَكَهْ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ تَحْمِلُ الْأَمَهْ ... حُرًّا وَلَا يُدْرَأُ عَنْهَا مَلْأَمَهْ وَالْعَكْسُ جَاءَ فِي مَحَلٍّ فَرْدِ ... وَهُوَ حَمْلُ حُرَّةٍ بِعَبْدِ فِي الْعَبْدِ يُفْشِي مَالَهُ مِنْ مُعْتِقِهْ ... وَمَا دَرَى السَّيِّدُ حَتَّى أَعْتَقَهْ فَالْأُمُّ حُرَّةٌ وَمِلْكُ السَّيِّدِ ... يَشْمَلُ مَا فِي بَطْنِهَا مِنْ وَلَدِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 450 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَطّ: وَيُضَافُ إلَيْهَا الْأَمَةُ الْمُسْتَحَقَّةُ وَهِيَ حَامِلٌ، وَالْأَمَةُ الْغَارَّةُ، وَأَمَةُ الْمُكَاتَبِ إذَا مَاتَ عَنْهَا وَفِيهَا وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ فَيَبِيعُ أُمَّهُ وَيُوَفِّي الْكِتَابَةَ. وَذَكَرَ " غ " هُنَا الْمَسَائِلَ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ وَذَكَرَ عَكْسَهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ وَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ إذَا وَطِئَ جَارِيَتَهُ وَحَمَلَتْ مِنْهُ وَأَعْتَقَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِإِعْتَاقِهَا حَتَّى أَعْتَقَهُ، فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَمَتَهُ مَاضٍ فَتَكُونُ حُرَّةً وَاَلَّذِي فِي بَطْنِهَا رَقِيقٌ لِأَنَّهُ لِلسَّيِّدِ. قَالَ فِي الْجَلَّابِ وَلَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ تَعْتِقْ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ، ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمَأْذُونُ بَعْدَ أَنْ عَتَقَ لَمْ أُعَجِّلْ لَهَا ذَلِكَ وَكَانَتْ حُدُودُهَا حُدُودَ أَمَةٍ حَتَّى تَضَعَ فَيَرِقَّ الْوَلَدُ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى وَتَعْتِقَ هِيَ بِالْعِتْقِ الْأَوَّلِ فِيهَا بِغَيْرِ إحْدَاثِ عِتْقٍ. اهـ. وَإِذَا كَانَ هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهَا الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَأَحْرَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَهَا إذَا أَعْتَقَهَا فِي حَالِ رِقِّهِ لِأَنَّ عِتْقَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ أَقْوَى مِنْ عِتْقِهِ قَبْلَهُ. وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا يُحْكَمُ لَهَا بِالْحُرِّيَّةِ حَتَّى تَضَعَ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا حُرَّةٌ حَامِلَةٌ بِعَبْدٍ فِيهِ مُسَامَحَةٌ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ صِحَّةَ قَوْلِ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ لَا تُوجَدُ حُرَّةً حَامِلَةً بِعَبْدٍ وَسُقُوطُ اعْتِرَاضِ ابْنِ نَاجِي عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُوَضِّحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمُسَامَحَةِ فِي أَمَةِ الْمُكَاتَبِ الَّتِي زَادَهَا الْحَطّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 451 وَصَحَّ بِتَوْكِيلِ مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِهِ، وَكَذَا أَخُوهُ عَلَى الْأَصَحِّ لَا مَحْجُورِهِ وَرَقِيقِهِ وَالْقَوْلُ لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ. وَفِي تَعْيِينِهِ نَظَرَ الْحَاكِمُ،   [منح الجليل] وَصَحَّ) حَوْزُ الرَّهْنِ (بِتَوْكِيلِ) الْمُرْتَهِنِ لِ (مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِهِ) أَيْ الرَّهْنِ لَهُ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَا سَبِيلَ لِسَيِّدِهِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ (وَكَذَا) أَيْ مُكَاتَبُ الرَّاهِنِ فِي صِحَّةِ حَوْزِهِ الرَّهْنَ (أَخُوهُ) أَيْ الرَّاهِنِ فَيَصِحُّ حَوْزُهُ الرَّهْنَ بِتَوْكِيلِ الْمُرْتَهِنِ، (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ الْبَاجِيَّ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَلَهُ فِيهَا أَيْضًا لَا يَنْبَغِي وَضَعَّفَهُ أَيْ حَوْزَ الْأَخِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ رَهْنٌ لِلرَّهْنِ وَضَعْفٌ (لَا) يَصِحُّ حَوْزُ (مَحْجُورِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ بِتَوْكِيلِ مُرْتَهِنِهِ لِأَنَّ لِلرَّاهِنِ النَّظَرَ فِيمَا بِيَدِ مَحْجُورِهِ فَتَجُولُ يَدُهُ عَلَى الرَّهْنِ، وَدَخَلَ فِي مَحْجُورِهِ زَوْجَتُهُ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى بُطْلَانِ حَوْزِهَا وَخَرَجَ عَنْهُ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ فَحَوْزُهُ صَحِيحٌ بِتَوْكِيلِ الْمُرْتَهِنِ. سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ أَبِيهِ جَازَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَ) لَا يَصِحُّ حَوْزُ (رَقِيقِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ وَمِنْهُ أُمُّ وَلَدِهِ الْبَاجِيَّ اتِّفَاقًا لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَ مَالِهِ وَمَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَيَدُهُ جَائِلَةٌ عَلَى مَا فِي حَوْزِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ مُدَبَّرًا وَمُعْتَقًا لِأَجَلٍ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَلَوْ مَرِضَ الرَّاهِنُ وَقَرُبَ الْأَجَلُ أَوْ مُبَعَّضًا لِأَنَّ مَالَهُ لِلرَّاهِنِ إذَا مَاتَ وَقِيلَ الْمُبَعَّضُ كَالْمُكَاتَبِ لِإِحْرَازِهِ مَالَهُ (وَ) إنْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ حِرْزَهُ لِلرَّاهِنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ يَحُوزُهُ أَمِينٌ أَوْ عَكْسُهُ فَ (الْقَوْلُ لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (لِأَمِينٍ) غَيْرِ مُرْتَهِنِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَسْلِيمِهِ لِمُرْتَهِنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ لِمُرْتَهِنِهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهِ، وَمَحَلُّ هَذَا إذَا دَخَلَا عَلَى السُّكُوتِ، وَأَمَّا إنْ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَادَةً قَالَهُ شَارِحُ التُّحْفَةِ. (وَ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى جَعْلِهِ بِيَدِ أَمِينٍ وَاخْتَلَفَا (فِي تَعْيِينِهِ) أَيْ الْأَمِينِ الَّذِي يَحُوزُ الرَّهْنَ بِأَنْ عَيَّنَ الرَّاهِنُ أَمِينًا وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرَهُ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِيمَنْ يَحُوزُهُ مِنْهُمَا لِأَصْلَحِيَّتِهِ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 452 وَإِنْ سَلَّمَهُ دُونَ إذْنِهِمَا، فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَلِلرَّاهِنِ ضَمِنَهَا أَوْ الثَّمَنَ؛   [منح الجليل] فَإِنْ رَآهُمَا مُسْتَوِيَيْنِ خُيِّرَ فِي دَفْعٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا وَلَا يَدْفَعُهُ لِغَيْرِهِمَا وَلَوْ غَيْرَ صَالِحَيْنِ لِرِضَاهُمَا بِهِمَا. قَالَ فِي الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُ الْعَدْلِ الْحَائِزِ لِلرَّهْنِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَدْعُوَ إلَى ثِقَةٍ لِيَجْعَلَ الرَّهْنَ عِنْدَهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِهِ نَظَرَ الْحَاكِمُ (وَ) الْوَاجِبُ عَلَى الْأَمِينِ الْحَائِزِ لِلرَّهْنِ أَنْ لَا يُسْلِمَهُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ ف (إنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الْأَمِينُ الرَّهْنَ لِأَحَدِهِمَا (دُونَ إذْنِهِمَا) أَيْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْزِيعِ أَيْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ لِلرَّاهِنِ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى} [البقرة: 135] أَيْ قَالَتْ الْيَهُودُ كُونُوا هُودًا، وَالنَّصَارَى كُونُوا نَصَارَى فَإِنْ سَلَّمَهُ (لِلْمُرْتَهِنِ) بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَتَلِفَ (ضَمِنَ) الْأَمِينُ (قِيمَتَهُ) أَيْ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قَدْرَ الدَّيْنِ سَقَطَ عَنْ الرَّاهِنِ وَبَرِئَ الْأَمِينُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْأَمِينُ الزَّائِدَ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَرَجَّحَ بِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، وَسَقَطَ الدَّيْنُ فِي قَدْرِهِ مِنْهَا وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ سَقَطَ مِنْهُ بِقَدْرِهَا وَاتَّبَعَ الْمُرْتَهِنُ بِبَاقِيهِ الرَّاهِنَ، وَهَذَا إذَا سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الرَّاهِنُ إلَّا بَعْدَهُ، فَإِنْ عَلِمَهُ قَبْلَهُ فَلَهُ تَغْرِيمُ أَيِّهِمَا شَاءَ الْقِيمَةَ لِتَعَدِّيهِمَا الْأَمِينَ بِالدَّفْعِ وَالْمُرْتَهِنَ بِالْأَخْذِ وَتُوقَفُ بِيَدِ أَمِينٍ آخَرَ وَلِلرَّاهِنِ الْإِتْيَانُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَأَخْذُهَا، فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَتْلَفْ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ وَجَعْلُهُ عِنْدَ أَمِينٍ آخَرَ. (وَ) إنْ سَلَّمَهُ الْأَمِينُ (لِلرَّاهِنِ) بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَتَلِفَ (ضَمِنَهَا) أَيْ الْأَمِينُ الْقِيمَةَ لِلْمُرْتَهِنِ (أَوْ) ضَمِنَ لَهُ (الثَّمَنَ) أَيْ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ هُوَ فِيهِ فَيَضْمَنُ لَهُ أَقَلَّهُمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ طَلَبٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الرَّهْنَ بِكَوْنِهِ يُغَابُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِهِ فِيهَا لِقَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ ضَمَانُ الْأَمِينِ ضَمَانُ عَدَاءٍ فَلَا يُفْصَلُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 453 وَانْدَرَجَ صُوفٌ تَمَّ، وَفَرْخُ نَخْلٍ، لَا غَلَّةٌ   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: إنْ اطَّلَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى تَسْلِيمِ الْأَمِينِ الرَّهْنَ لِرَاهِنِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ وَقَبْلَ تَلَفِ الزَّمَنِ وَقَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِلرَّاهِنِ مِنْ فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَجُنُونِهِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَخْذُهُ وَجَعَلَهُ عِنْدَ أَمِينٍ آخَرَ، وَإِنْ حَصَلَ لِلرَّاهِنِ مَانِعٌ أَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ وَهُوَ مَحَلُّ الضَّمَانِ. الثَّانِي: مَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِهِ وَيَسْكُتُ قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ. الثَّالِثُ: الظَّاهِرُ أَنَّ قِيمَتَهُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ هَلَاكِهِ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى فِي تَسْلِيمِ الْأَمِينِ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ لِرَاهِنِهَا بِلَا إذْنِ مُرْتَهِنِهَا وَوَطِئَهَا الرَّاهِنُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطِئَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهَا الْحَطّ. عب وَالْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ اعْتِبَارُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي. (وَ) إنْ رُهِنَتْ غَنَمٌ (انْدَرَجَ) فِي رَهْنِهَا (صُوفٌ) عَلَى ظُهُورِهَا (تَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ اسْتَحَقَّ الْجَزَّ يَوْمَ الْعَقْدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ تُقْصَدُ بِالرَّهْنِ. وَقِيلَ لَا يَنْدَرِجُ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ، وَمَفْهُومُ تَمَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَنْدَرِجُ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا (وَ) إنْ رُهِنَتْ أُنْثَى حَامِلٌ انْدَرَجَ فِي رَهْنِهَا (جَنِينٌ) لِأَنَّهُ كَجُزْئِهَا وَأَحْرَى مَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ رَهْنِهَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ شُرِطَ أَنَّ مَا تَلِدُهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ لِمُنَاقَضَتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ. قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا يَنْدَرِجُ الْبِيضُ لِتَكَرُّرِ الْوِلَادَةِ اهـ تت (وَ) إنْ رَهَنَ النَّخْلَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ انْدَرَجَ فِي رَهْنِهَا (فَرْخُ نَخْلٍ) فِي الْجَلَّابِ فَرْخُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ رَهْنٌ مَعَ أُصُولِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَهُ تت. الْحَطّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ سَوَاءٌ قُرِئَ بِالْمُعْجَمَةِ أَوْ بِالْمُهْمَلَةِ فِي الْقَامُوسِ الْفَرْخُ وَلَدُ الطَّائِرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْجَمْعُ أَفْرَاخُ وَأَفْرُخٌ وَفِرَاخٌ وَفُرُوخٌ وَأَفْرِخَةٌ وَفِرْخَانُ، وَفَرْخُ الزَّرْعِ نَبْتُ أَفْرَاخِهِ (لَا) تَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ (غَلَّةٌ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ وَلِلرَّهْنِ كَأُجْرَةِ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَلَبَنٍ وَجُبْنٍ وَسَمْنٍ وَعَسَلِ نَحْلٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُرْتَهِنُ دُخُولَهَا. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 454 وَثَمَرَةٌ، وَإِنْ وُجِدَتْ، وَمَالُ عَبْدٍ؛ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ أَوْ بَاعَ أَوْ يَعْمَلُ لَهُ   [منح الجليل] (وَ) لَا يَنْدَرِجُ فِي رَهْنِ الشَّجَرِ (ثَمَرَةٌ) إنْ لَمْ تُوجَدْ حَالَ الْعَقْدِ، بَلْ (وَإِنْ وُجِدَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الثَّمَرَةُ حِينَ رَهْنِ الشَّجَرِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أُبِّرَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الصُّوفِ وَالثَّمَرَةِ بِفُرُوقٍ مِنْهَا أَنَّ الثَّمَرَةَ بِعَمَلِ الرَّاهِنِ وَنَفَقَتِهِ وَلَا عَمَلَ لَهُ فِي الصُّوفِ، وَبَيْنَ الْجَنِينِ وَالثَّمَرَةِ بِأَنَّ السُّنَّةَ حَكَمَتْ بِأَنَّ غَلَّةَ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ وَالْجَنِينُ لَيْسَ غَلَّةٌ، بَلْ كَجُزْءٍ. وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطَةِ تَنْدَرِجُ قَالَهُ تت (وَ) لَا يَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ (مَالُ عَبْدٍ) مَرْهُونٍ مَوْجُودٍ مَعَهُ حِينَ رَهَنَهُ فَأَحْرَى مَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ. (تَنْكِيتٌ) مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ شَرَطَ انْدِرَاجَهُ أَوْ عَدَمَهُ عُمِلَ بِهِ اتِّفَاقًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ سَبْقُ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ سَبْقُ الرَّهْنِ الدَّيْنَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَارْتَهَنَ) أَيْ جَازَ أَنْ يَسْتَلِمَ شَيْئًا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ (إنْ أَقْرَضَ) الْمُرْتَهِنُ مُسْتَلِمَهُ رَاهِنَهُ أَوْ غَيْرَهُ مَالًا بِأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ خُذْ هَذَا رَهْنًا عِنْدَك فِيمَا أَقْتَرِضُهُ أَنَا مِنْك أَوْ فِيمَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ، فَإِنْ أَقْرَضَ لَزِمَ الرَّهْنُ وَإِلَّا فَلَا. (أَوْ) ارْتَهَنَ إنْ (بَاعَ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَتَسَلَّمَ شَيْئًا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ فِي الثَّمَنِ إنْ بَاعَ سِلْعَةً كَذَا لِدَافِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. قَالَ فِي النُّكَتِ وَيَكُونُ رَهْنًا بِمَا يُدَايِنُهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ قِيمَتَهُ بِخِلَافِ بَايَعَهُ أَوْ دَايَنَهُ وَأَنَا حَمِيلٌ بِهِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَلْزَمُهُ إذَا ثَبَتَ مَبْلَغُهُ أَفَادَهُ تت (أَوْ) ارْتَهَنَ أَنْ (يَعْمَلَ لَهُ) الْمُرْتَهِنُ عَمَلًا مَعْلُومًا لِلرَّاهِنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ يَكُونُ الشَّيْءُ الْمُسْتَلَمُ رَهْنًا فِيهَا إنْ عَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ فَاعِلَ يَعْمَلُ ضَمِيرُ الرَّاهِنِ بِأَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ لِلْعَامِلِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ رَهْنًا بِهَا خَوْفًا مِنْ أَكْلِهَا وَتَرْكِ الْعَمَلِ. " غ " كَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ وَفِيهِ قَلَقٌ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَبْيَنُ إذْ قَالَ وَيَجُوزُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 455 وَإِنْ فِي جُعْلٍ   [منح الجليل] عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يَعْمَلَ لَهُ وَيَكُونُ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ رَهْنًا، وَكَذَا عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ إذْ قَالَ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَتَقَرَّرُ الرَّهْنُ وَالْتِزَامُهُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَقِّ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ الرَّهْنُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَفِيهَا إنْ دَفَعْت لِرَجُلٍ رَهْنًا، بِكُلِّ مَا أُقْرِضَ لِفُلَانٍ جَازَ اهـ. إذَا كَانَ الِارْتِهَانُ فِي عَقْدِ إجَارَةٍ ، بَلْ (وَإِنْ فِي جُعْلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بِأَنْ يُجَاعِلَهُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ بِجُعْلٍ مَعْلُومٍ وَيَرْتَهِنُ الْعَامِلُ عَنْ الْجَاعِلِ رَهْنًا فِي الْجُعْلِ الَّذِي يَلْزَمُهُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، أَوْ يُعَجِّلُ الْجَاعِلُ لِجُعْلٍ وَيَرْتَهِنُ مِنْ الْعَامِلِ رَهْنًا فِي الْجُعْلِ. طفي أَطْبَقَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ شُرَّاحِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ فِي جُعْلٍ أَيْ فِي عِوَضٍ جُعِلَ وَالرَّاهِنَ، أَمَّا الْجَاعِلُ لِلْمَجْعُولِ لَهُ فِي الْجُعْلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ فِي الْجُعْلِ الَّذِي أَخَذَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَوْنُ الْمَعْنَى عَمَلَ جُعْلٍ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الْجُعْلِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَلَا آيِلًا إلَى اللُّزُومِ، إذْ لِلْمَجْعُولِ لَهُ التَّرْكُ مَتَى يَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا مِنْهُمْ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّ شَرْطَ الْمَرْهُونِ بِهِ كَوْنُهُ لَازِمًا أَوْ آيِلًا إلَى اللُّزُومِ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَأَخْرَجَا الْكِتَابَةَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ فِي نِسْبَتِهِ لِلْمَذْهَبِ نَظَرٌ، فَإِنْ صَحَّتْ فَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ إذْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ جَوَازُ الرَّهْنِ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَتَبِعَ ابْنُ شَاسٍ الشَّافِعِيَّةَ وَلَا يَبْعُدُ كَوْنُهُ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ لِكَوْنِ الْكِتَابَةِ عَلَى هَذَا لَيْسَتْ دَيْنًا لَازِمًا لَا عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ. اهـ. فَسَلَّمَ اشْتِرَاطَ اللُّزُومِ وَنَازَعَ فِي إخْرَاجِ الْكِتَابَةِ فَهِيَ دَيْنٌ لَازِمٌ عِنْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلِذَا صَحَّ الرَّهْنُ فِيهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ، قَالَ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حَمَالَةً وَالْحَمَالَةُ لَا تَصِحُّ فِي الْكِتَابَةِ. وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَبْعُدُ كَوْنُهُ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ عَلَى الْقَوْلِ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَكُونُ مَا عَلَيْهِ لَازِمًا لَهُ يَتَقَرَّرُ مِنْهُ رَهْنٌ. يُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِامْتِنَاعِ الرَّهْنِ بِكِرَاءِ مُشَاهَرَةٍ وَالْتِزَامُهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ اهـ، الجزء: 5 ¦ الصفحة: 456 لَا فِي مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ   [منح الجليل] فَقَدْ رَدَّ اشْتِرَاطَ اللُّزُومِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلِذَا حَادَ عَمَّا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ فِي الْمَرْهُونِ بِهِ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ لَازِمًا وَقَالَ فِيهِ مَالٌ كُلِّيٌّ لَا يُوجِبُ الرَّهْنَ فِيهِ غَرِمَ رَاهِنُهُ مَجَّانًا بِحَالٍ. فَقَوْلُنَا مَالٌ دُونَ دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ لِيَشْمَلَ الْكِتَابَةَ وَيَخْرُجُ بِالْكُلِّيِّ الْمَالُ الْمُعَيَّنُ لِامْتِنَاعِ الرَّهْنِ بِهِ لِمَلْزُومِيَّةِ انْقِلَابِ حَقِيقَتِهِ أَوْ حَقِيقَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ بَطَلَ كَوْنُهُ مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ بَطَلَ كَوْنُ الرَّهْنِ تَوَثُّقًا بِهِ فَتَبْطُلُ حَقِيقَةُ الرَّهْنِ. وَقَوْلُنَا لَا يُوجِبُ إلَخْ يُدْخِلُ الْكِتَابَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَاتَبِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمًا مَجَّانًا بِحَالٍ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ دُونَ الرَّهْنِ أَوْ بِهِ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ غُرْمًا مَجَّانًا بِحَالٍ، وَإِنْ عَجَزَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِعَجْزِهِ صَارَ مِلْكُهُ مِلْكًا لِسَيِّدِهِ ضَرُورَةَ نُفُوذِ انْتِزَاعِ السَّيِّدِ مَالَهُ، وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ مَجَّانًا بِحَالٍ وَأَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي الْكِتَابَةِ يُوجِبُ عَلَى الرَّاهِنِ غُرْمًا مَجَّانًا فِي حَالِ عَجْزِهِ بَعْدَ أَخْذِ الرَّهْنِ فِيمَا رَهَنَ فِيهِ أَوْ بَعْضِهِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلرَّاهِنِ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامِلْهُ بِهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَهِيَ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ مِنْهَا لِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَادَ عَنْ عِبَارَتِهِمَا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالرَّهْنِ فِي كِرَاءِ الْمُشَاهَرَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَادَّعَى طفي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيِلِ إلَى اللُّزُومِ أَنْ يَرْهَنَ فِيهِ بَعْدَ لُزُومِهِ لَا ابْتِدَاءً قَالَ وَهَذَا مُرَادُهُ مُشْتَرَطُ اللُّزُومِ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِكَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَرْهَنُ فِيهِ قَبْلَ اللُّزُومِ أَيْضًا وَمِنْهُ كِرَاءُ الْمُشَاهَرَةِ فَالظَّاهِرُ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَصِحُّ الرَّهْنُ (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْيَاءِ مُثَقَّلًا كَشِرَاءِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ وَيَأْخُذُ بِهِ رَهْنًا. ابْنُ عَرَفَةَ لِمَلْزُومِيَّتِهِ انْقِلَابَ حَقِيقَتِهِ أَوْ حَقِيقَةَ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ بَطَلَ تَعَيُّنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ مِنْهُ بَطَلَ كَوْنُ الرَّهْنِ مُتَوَثِّقًا بِهِ فِيهِ فَتَبْطُلُ حَقِيقَةُ الرَّهْنِ (أَوْ) فِي (مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ كَاكْتِرَائِهِ دَابَّةً بِعَيْنِهَا وَارْتِهَانِهِ فِي مَنْفَعَتِهَا رَهْنًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 457 وَنَجْمِ كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ؛ وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ، إنْ عُيِّنَتْ بِبَيْعٍ، لَا قَرْضٍ   [منح الجليل] فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الِاشْتِغَالَ بِمُعَيَّنٍ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الرَّهْنِ التَّوَثُّقُ لِلِاسْتِيفَاءِ وَمُحَالٌ اسْتِيفَاءُ الْمُعَيَّنِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ بِالْمُعَارِ الْمُعَيَّنِ يُؤْخَذُ بِهِ رَهْنٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي قِيمَتِهِ بِالتَّعَدِّي عَلَيْهِ أَوْ التَّفْرِيطِ فِيهِ لَا فِي عَيْنِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ اسْتَعَرْت دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْك فَلَا تَضْمَنْهَا، وَإِنْ رَهَنْت بِهَا رَهْنًا فَمُصِيبَتُهَا مِنْ رَبِّهَا وَالرَّهْنُ فِيهَا لَا يَجُوزُ فَإِنْ ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ إذْ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ أَيْ لَا يَنْفُذُ وَلَا يَلْزَمُ، وَقَالَ أَشْهَبُ مَرَّةً هُوَ رَهْنٌ وَمَرَّةً إنْ أُصِيبَتْ الدَّابَّةُ بِمَا يَضْمَنُهَا بِهِ فَهُوَ رَهْنٌ وَإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ مَدٍّ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا، إذْ لَا يَضْمَنُهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَيَجُوزُ الرَّهْنُ بِالْعَارِيَّةِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ. أَبُو الْحَسَنِ كَانَ يَقُولُ لَا أُعِيرُك إلَّا أَنْ تُعْطِيَنِي رَهْنًا عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا وَفِيهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا وَأَعْطَى بِالْأُجْرَةِ رَهْنًا جَازَ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الرَّهْنُ بِثَمَنِ الْمَنَافِعِ كَمَا يَجُوزُ بِثَمَنِ الْأَعْيَانِ. (وَ) لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فِي جِنْسِ (نَجْمٍ) أَيْ مَالٍ مُؤَجَّلٍ بِالْهِلَالِ بِسَبَبِ (كِتَابَةٍ) أَيْ عِتْقٍ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ النَّجْمَ لَيْسَ لَازِمًا لِلْأَجْنَبِيِّ حَالًا وَلَا مَآلًا وَلَا شَرَطَ الْمَرْهُونَ فِيهِ لُزُومَهُ الرَّاهِنَ حَالًا أَوْ مَآلًا. وَمَفْهُومٌ مِنْ أَجْنَبِيٍّ صِحَّةُ الرَّهْنِ فِيهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِطْلَاقُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَدَمَ صِحَّتِهِ فِيهِ خِلَافُ نَصِّهَا وَهُوَ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَيَصِحُّ مِنْهُ (وَجَازَ) لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ لِنَفْسِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا، أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ عُيِّنَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمَنْفَعَةَ بِتَعْيِينِ زَمَنِهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ، وَالثَّانِي كَوْنُ الرَّهْنِ (لِ) ثَمَنِ (بَيْعٍ) إذْ غَايَتُهُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ إذْ تَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَابِلُهَا بَعْضُ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ جَائِزٌ (لَا) يَجُوزُ لِلْمُرْتَهِنِ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ فِي (قَرْضٍ) لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةِ الْمَنْفَعَةِ، وَمَفْهُومُ شَرْطِ أَنْ تَبَرَّعَ الرَّاهِنِ بِهَا لِلْمُرْتَهِنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 458 وَفِي ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ: تَرَدُّدٌ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ؛ إنْ شُرِطَ بِبَيْعٍ وَعُيِّنَ وَإِلَّا فَرَهْنٌ ثِقَةٌ   [منح الجليل] بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ إذْ لَا يُدْرَى كَيْفَ يَرْجِعُ إلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا. وَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِإِطْلَاقِهِ وَلِذِكْرِهِ مَسْأَلَةَ الضَّمَانِ عَقِبَهُ إذْ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يُعَابُ عَلَيْهِ. (وَفِي ضَمَانِهِ) أَيْ الرَّهْنِ كُلِّهِ الْمُشْتَرِطِ مَنْفَعَتَهُ الْمُرْتَهِنُ (إذَا تَلِفَ) وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَأْيُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهُ رَهْنٌ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ شَيْئًا مِنْهُ كَسَائِرِ الْمُسْتَأْجَرَاتِ، وَهُوَ رَأْيُ بَعْضٍ آخَرَ مِنْهُمْ وَضَمَانُهُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ وَهُوَ رَأْيُ التُّونُسِيِّ، قَالَ يُنْظَرُ لِلْقَدْرِ الَّذِي ذَهَبَ مِنْهُ بِالْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ الرُّبْعُ كَانَ رُبْعُهُ مُسْتَأْجَرًا لَا ضَمَانَ فِيهِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ مُرْتَهَنَةً تُضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ (تَرَدُّدٌ) ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ أَنْ يَغْلِبَ فِيهِ حُكْمُ الرَّهْنِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ. عب مَحَلُّهُ إذَا اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ مَجَّانًا وَتَلِفَ فِي مُدَّتِهَا وَالرَّاجِحُ حِينَئِذٍ ضَمَانُهُ كَالرَّهْنِ. فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ مُدَّةِ الْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فَضَمَانُهُ كَالرَّهْنِ بِلَا تَرَدُّدٍ، وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ تَطَوَّعَ الرَّاهِنُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ ضَمَانُ الرَّهْنِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ بِوُقُوعِ الْمَنْفَعَةِ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ صَرَاحَةً أَوْ تَسَاوِي الْقَوْلَيْنِ. (وَ) مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِشَرْطِ رَهْنِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِيهِ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الرَّهْنِ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الرَّاهِنُ (عَلَيْهِ) أَيْ دَفْعِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِأَمِينٍ (إنْ شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الرَّهْنُ (بِبَيْعٍ وَعُيِّنَ) بِضَمِّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّهْنُ كَهَذَا الثَّوْبِ إذْ الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ. عب وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ إذْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الرَّهْنَ الْمُشْتَرَطَ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ (فَرَهْنٌ ثِقَةٌ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 459 وَالْحَوْزُ بَعْدَ مَانِعِهِ لَا يُفِيدُ. وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ. وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوْزِ قَبْلَهُ وَبِهِ عُمِلَ؟   [منح الجليل] يُوَفَّى بِالدَّيْنِ وَاعْتِيدَ رَهْنُ مِثْلِهِ فِي مِثْلِهِ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ دَفْعُهُ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِأَمِينٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ وَشَبَهُهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَبَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ. ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ بِشَبَهِهِ الْمُسْلَفَ. عب عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ سَوَاءٌ عَيَّنَ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ الْمُعَيَّنَ يُجْبَرُ عَلَى عَيْنِهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَعَيَّنَ كَانَ أَوْلَى. (وَالْحَوْزُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ زَايٌ أَيْ حِيَازَةُ الرَّهْنِ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْأَمِينُ وَدَعْوَاهُ (بَعْدَ) حُصُولِ (مَانِعِهِ) أَيْ الْحَوْزِ مِنْ فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضِ الرَّاهِنِ الْمُتَّصِلِينَ بِمَوْتِهِ أَنَّ حِيَازَتَهُ قَبْلَهُ (لَا يُفِيدُ) الْحَوْزُ بَعْدَ مَانِعِهِ اخْتِصَاصَ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ فَيُحَاصِصُهُ فِيهِ سَائِرُ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ الْأَمِينُ لِلْمُرْتَهِنِ بِسَبْقِ حَوْزِهِ مَانِعَهُ، بَلْ (وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ) الَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ مَانِعِهِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ دَعْوَى. وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ. طفي لَيْسَ مُرَادُهُ حُدُوثَ الْحَوْزِ بَعْدَ الْمَانِعِ لِأَنَّ هَذَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَبَطَلَ بِمَوْتِ رَاهِنِهِ وَفَلَسِهِ قَبْلَ حَوْزِهِ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّ وُجُودَهُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْمَانِعِ لَا يُفِيدُ مَعَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَهُ وَعَلَيْهِ تَأْتِي الْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَدُ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْفَلْسِ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْحَوْزُ وَإِنْ اتَّفَقَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلُ. الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى فِيمَا هُوَ مَحُوزٌ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ الْقَائِمِ الْآنَ بِالرَّاهِنِ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْأَمِينُ الَّذِي وُضِعَ الرَّهْنُ تَحْتَ يَدِهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْحَوْزُ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لَهُ قَبْلَهُ. (وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوْزِ) أَيْ الْقَبْضِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمَانِعِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا التَّحْوِيزَ وَلَا عَايَنُوهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُهُ بِتَحْوِيزِ الرَّاهِنِ. ابْنُ عَاتٍ (وَبِهِ) أَيْ الْقَوْلِ بِكِفَايَةِ بَيِّنَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 460 أَوْ التَّحْوِيزُ؟ تَأْوِيلَانِ. وَفِيهِمَا دَلِيلُهُمَا   [منح الجليل] الْحَوْزِ (عُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ (أَوْ) لَا تَكْفِي بَيِّنَةٌ عَلَى الْحَوْزِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى (التَّحْوِيزِ) أَيْ تَسْلِيمِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِأَمِينٍ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ. ابْنُ نَاجِي يَكْفِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ إذَا كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ كَفَى بِاخْتِلَافٍ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (دَلِيلُهُمَا) أَيْ مُفِيدُ الْقَوْلَيْنِ. تت فَدَلِيلُ الْأَوَّلِ قَوْلُ هِبَتِهَا إنْ قَبَضَ الْهِبَةَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَاهِبِ جَازَ قَبْضُهُ إذْ يُقْضَى عَلَى الْوَاهِبِ بِذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ بِالْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ يُوجِبُ كَوْنَ الرَّهْنِ كَذَلِكَ. وَدَلِيلُ الثَّانِي كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ عُمُومِ قَوْلِ هِبَتِهَا لَا يُقْضَى بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ أَوْ رَهْنٍ. أَوْ هِبَةٍ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِشْهَادِ أَوْ الْإِقْرَارِ لَغْوٌ فِي الْحَوْزِ، وَكَانَ يَجْرِي فِي الْمُذَاكَرَاتِ أَنَّ التَّحْوِيزَ شَرْطٌ فِي حَوْزِ الرَّهْنِ لَا يَكْفِي الْحَوْزُ دُونَهُ لِبَقَاءِ مِلْكِ الرَّاهِنِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ اهـ. الْحَطّ أَشَارَ بِهَذَا لِظَاهِرِ كَلَامِهَا فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَنَصُّهُ وَلَا يُقْضَى بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ، وَلَوْ أَقَرَّ الْمُعْطِي فِي صِحَّتِهِ أَنَّ الْمُعْطِيَ قَدْ حَازَ وَقَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُقْضَى بِهِ إنْ أَنْكَرَ وَرَثَتُهُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ. اهـ. وَوَجْهُ كَوْنِهِ دَالًّا عَلَيْهِمَا أَنَّ قَوْلَهَا حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَوْزِ الْحِيَازَةُ وَالِاسْتِيلَاءُ وَوَضْعُ الْيَدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّحْوِيزُ وَالتَّسْلِيمُ وَالدَّفْعُ. وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ مُحْتَمِلَةً لِلْقَوْلَيْنِ وَهِيَ كَعِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَدُ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لَا يَثْبُتُ بِهَا الْحَوْزُ وَإِنْ اتَّفَقَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ مُعَايِنَةٍ أَنَّهُ حَازَ قَبْلَهُ الْمُصَنِّفِ، يَعْنِي إذَا وُجِدَ بِيَدِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عِنْدَ شَخْصٍ سِلْعَةٌ لِلْمَدِينِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا رَهْنٌ عِنْدَهُ فَلَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ وَافَقَهُ الرَّاهِنُ خَشْيَةَ أَنْ يَتَقَارَّا لِإِسْقَاطِ حَقِّ بَاقِي الْغُرَمَاءِ. عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. مُحَمَّدٌ صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا مُعَايَنَةُ الْحَوْزِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ. وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَيْنِ أَيْ هَلْ يُكْتَفَى بِمُعَايَنَةِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 461 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَوْزِ أَوْ التَّحْوِيزِ وَاخْتَارَ الْبَاجِيَّ الْحَوْزَ، قَالَ وَعِنْدِي لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وُجِدَ بِيَدِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ ثُمَّ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ لَوَجَبَ أَنْ يُحْكَمَ لَهُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ، وَلَعَلَّهُ مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ خِلَافُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ حَازَهُ كَانَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْحِيَازَةَ. ثُمَّ قَالَ فِي ضَيْح قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِمُعَايَنَةٍ أَنَّهُ حَازَ يَحْتَمِلُ كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُعَايَنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّحْوِيزِ اهـ. الْحَطّ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاحْتِمَالِ فِي لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، فَعُلِمَ صِحَّةُ قَوْلِهِ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا وَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ و " غ " اهـ. الْبُنَانِيُّ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ النَّاصِرِ وَنَصُّ ابْنِ عَاتٍ إنْ كَانَتْ الْحِيَازَةُ بِالْمُعَايَنَةِ جَازَ وَيَخْرُجُ مِنْ إدَارَتِهِ إلَى إدَارَةِ الْمُرْتَهِنِ وَمِلْكِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بِيَدِهِ وَقَدْ حَازَهُ كَانَ رَهْنًا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْحِيَازَةَ وَلَا عَايَنُوهَا لِأَنَّهُ صَارَ مَقْبُوضًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَبِهِ عُمِلَ إشَارَةً لِكَلَامِ ابْنِ عَاتٍ. " غ " أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا لِقَوْلِ الْمُقَدِّمَاتِ وَلَا تَنْفَعُ الشَّهَادَةُ فِي حِيَازَةِ الرَّهْنِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ فِي تَقَارُرِ الْمُتَرَاهِنِينَ بِالْحِيَازَةِ إسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِمَا إذْ قَدْ يُفْلِسُ الرَّاهِنُ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بَعْدَهُ بِالْحِيَازَةِ وَلَوْ وُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ تَفْلِيسِ الرَّاهِنِ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَهُ قَبْلَهُ وَجَحَدَهُ الْغُرَمَاءُ لَجَرَى عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الصَّدَقَةِ تُوجَدُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَدَّعِي قَبْضَهَا فِي صِحَّتِهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ مَعًا وَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِلْغُرَمَاءِ لَوَجَبَ تَصْدِيقُ الرَّاهِنِ وَقَبُولُ إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ قَدْ حَازَ الرَّهْنَ فَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَى حَقِّهِ إلَى مَبْلَغِ قِيمَتِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ، فَأَنْتَ تَرَى الْمُصَنِّفَ نَزَّلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ رَدَّ دَلِيلَ الْمُدَوَّنَةِ لِبَيِّنَةِ الْحَوْزِ وَالتَّحْوِيزِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا إذَا وُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ بَعْدَ تَفْلِيسِ الرَّاهِنِ فَادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَهُ قَبْلَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ. ثُمَّ قَالَ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ فِي الرَّهْنِ يُوجَدُ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ بَعْدَ مَوْتِ رَاهِنِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 462 وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَوْزِهِ فِي صِحَّتِهِ، وَكَذَا الْهِبَةُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ سَبَبُ الْخِلَافِ الِاسْتِصْحَابَانِ اسْتِصْحَابُ مِلْكٍ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ وَاسْتِصْحَابُ أَنَّ هَذَا الِانْتِقَالَ كَانَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ اهـ فَتَأَمَّلْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ تَنْزِيلِ الْمُصَنِّفِ. تت تَتِمَّةُ صِفَةِ قَبْضِ الرَّهْنِ. الْمَازِرِيُّ نَقَلَ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَنْ رَاهِنِهِ لِمُرْتَهِنِهِ فَمَا يُنْقَلُ يَنْقُلُهُ تَحْتَ يَدِهِ أَوْ يَدِ أَمِينٍ وَمَا يُنْقَلُ كَالرُّبْعِ يَصْرِفُ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَنْ رَاهِنِهِ لِمُرْتَهِنِهِ. وَإِنْ كَانَ بَيْتًا بِهِ مَتَاعُ رَاهِنِهِ فَإِنْ وَلِيَ الرَّاهِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بَطَلَ حَوْزُهُ وَإِنْ خُصَّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ فَقِيلَ حَوْزٌ وَفِيهِ نَظَرٌ. (وَ) إنْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ قَبْلَ حَوْزِهِ عَنْهُ (مَضَى بَيْعُهُ) أَيْ الرَّهْنِ إذَا بَاعَهُ رَاهِنُهُ قَبْلَ (قَبْضِهِ) أَيْ الرَّهْنِ مِنْ رَاهِنِهِ (إنْ فَرَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الرَّهْنِ فِي قَبْضِهِ مِنْ رَاهِنِهِ وَبَقِيَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ مُرْتَهِنُهُ فِي قَبْضِهِ بِأَنْ جَدَّ فِي طَلَبِهِ وَبَادَرَ الرَّاهِنُ بِبَيْعِهِ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي فَهْمِ قَوْلِهَا وَإِنْ بِيعَتْ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةٌ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَك فِي ثَمَنِهَا مَيْمُونًا بِحَقِّك فَفَارَقَك قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ، وَلَك أَخْذُهُ مِنْهُ رَهْنًا مَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ فَتَكُونُ أُسْوَتَهُمْ، فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِك إيَّاهُ مَضَى بَيْعُهُ وَلَيْسَ لَك عَلَيْهِ رَهْنٌ غَيْرُهُ لِأَنَّ تَرْكَك إيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ كَتَسْلِيمِك إيَّاهُ وَبَيْعُك الْأَوَّلُ غَيْرُ مُنْتَقِضٍ، فَفَهِمَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُمَا قَوْلَهَا لِأَنَّ تَرْكَك إيَّاهُ. . . إلَخْ عَلَى أَنَّهُ فَرَّطَ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ تَرْكَك إيَّاهُ. . . إلَخْ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ وَلَمْ يَتَرَاخَ لَمْ يَمْضِ الْبَيْعُ وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ، وَلِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ الْبَيْعِ إنْ أَرَادَ، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ كَانَ ثَمَنُهُ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ الْقَصَّارِ، وَفَهِمَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى مُضِيِّهِ وَجَعَلَ الثَّمَنَ رَهْنًا، وَفَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ مُضِيِّ الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَرَّطَ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ فِي بَيْعِهِ الْأَوَّلِ بَيْنَ فَسْخِهِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتِهَا إنْ فَاتَتْ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهَا بِشَرْطِ هَذَا الرَّهْنِ الْمُعَيَّنِ، فَلَمَّا فَوَّتَهُ كَانَ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ وَإِمْضَائِهِ وَإِبْقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ أَدْخَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي كَلَامِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 463 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ فَقَالَ مَا نَصُّهُ تَحْقِيقُ مَا هُنَا أَنَّ لِلشُّيُوخِ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ ثَلَاثَ طُرُقٍ. الْأُولَى: إذَا لَمْ يُفَرِّطْ يَمْضِي الْبَيْعُ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِرَهْنٍ آخَرَ وَيُخَيَّرُ فِي فَسْخِ بَيْعِهِ الْأَوَّلِ وَإِمْضَائِهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ. الثَّانِيَةُ: يَمْضِي الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ وَالثَّمَنُ رَهْنٌ وَهَذِهِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَالثَّالِثَةُ: تَخْيِيرُ الْمُرْتَهِنِ بَيْنَ رَدِّ بَيْعِهِ وَإِمْضَائِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ فَالثَّمَنُ رَهْنٌ وَهَذِهِ لِابْنِ الْقَصَّارِ. فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي الْمُضِيِّ وَالتَّخْيِيرِ قَوْلَانِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَسْقُطُ طَلَبُ الرَّهْنِ وَيُخَيَّرُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ يَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا قَوْلَانِ، فَقَوْلُهُ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ رَهْنٍ آخَرَ اتِّفَاقًا إنْ فَرَّطَ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَهَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ هُوَ إمَّا الْإِمْضَاءُ فَقَطْ وَالثَّمَنُ رَهْنٌ وَإِمَّا التَّخْيِيرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ وَإِلَّا خُيِّرَ أَنَّ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ لِحَمْلِهِمَا الْمُدَوَّنَةَ عَلَى التَّفْرِيطِ. فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي الْإِمْضَاءِ وَسُقُوطِ الرَّهْنِ وَعَدَمِ الْإِمْضَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الصَّادِقِ بِالْإِمْضَاءِ وَرَهْنُ الثَّمَنِ وَالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ فَتَأَمَّلْ الْمُقَامَ فَإِنَّهُ قَدْ زَلَّتْ فِيهِ الْأَفْهَامُ وَالْأَقْلَامُ. اهـ. وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَأَوَّلَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ فَرَّطَ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لِقَوْلِهِ لِأَنَّ تَرْكَك إيَّاهُ إلَخْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ وَلَا تَوَانٍ لَكَانَ لَهُ مَقَالٌ فِي رَدِّ الْبَيْعِ، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ مُشْتَرِيه كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ تَرَاخَى فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَبَادَرَ الرَّاهِنُ لِلْبَيْعِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ وَمَضَى الْبَيْعُ وَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا فُسِخَ الْبَيْعُ مِنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ فَلَمَّا فَوَّتَهُ الرَّاهِنُ بِبَيْعِهِ كَانَ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَسُقُوطِ الرَّاهِنِ كَمَا فِي التَّفْرِيطِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَإِمْضَائِهِ وَجَعْلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا مَكَانَهُ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَعَدَمُ إمْضَائِهِ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ وَجَعْلُ الرَّهْنِ رَهْنًا كَمَا كَانَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ الْقَصَّارِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 464 وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ، أَوْ دَيْنُهُ عَرْضًا ، وَإِنْ أَجَازَ تَعَجَّلَ   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: قَيَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ إمْضَاءَ بَيْعِ الرَّهْنِ وَعَدَمَ طَلَبِ الرَّاهِنِ بِرَهْنٍ آخَرَ بِمَا إذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ، فَلَوْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا فَرَّطَ أَمْ لَا حَتَّى يَأْتِيَ رَهْنٌ. الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ شُيُوخَ الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَأَخْذُ الرَّهْنِ. وَإِنْ فَاتَ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا أَوْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ، وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا وَعَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ الصَّادِرِ مِنْ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ، وَلَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ. وَنُقِلَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ لَهُ رَدُّ بَيْعِهِ وَيُوضَعُ لَهُ رَهْنٌ مَكَانَهُ. الثَّالِثُ: كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُشْتَرَطِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ. وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعُ بِهِ بَعْدَهُمَا فَحُكْمُ بَيْعِهِ كَحُكْمِ بَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَى، رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهِمَا، فَيُقَالُ هُنَا هَلْ الثَّمَنُ لِلرَّاهِنِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا، أَوْ يَكُونُ رَهْنًا نَقَلَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الرَّابِعُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ عَلَى رَهْنٍ مَضْمُونٍ ثُمَّ سَمَّى لَهُ رَهْنًا ثُمَّ بَاعَهُ فَلَا كَلَامَ أَنَّ بَيْعَهُ مَاضٍ وَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) إنْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ (بَعْدَهُ) أَيْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ بِلَا إذْنِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (رَدُّهُ) أَيْ بَيْعِ الرَّهْنِ (إنْ بِيعَ) الرَّهْنُ (ب) ثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِنْ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ كَانَ أَوْ قَرْضٍ لِضَرَرِهِ بِهِ (أَوْ) بَيْعٍ بِقَدْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ وَكَانَ (دَيْنُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (عَرْضًا) مِنْ بَيْعٍ إذْ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ أَيْضًا، فَإِنْ بَاعَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ الْعَيْنِ مُطْلَقًا أَوْ الْعَرْضِ مِنْ قَرْضٍ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّهُ وَيَتَعَجَّلُ دَيْنُهُ إنْ شَاءَ (وَإِنْ أَجَازَ) الْمُرْتَهِنُ بَيْعَ الرَّهْنِ بِأَقَلَّ أَوْ بِالْمِثْلِ وَدَيْنُهُ عَرْضٌ مِنْ بَيْعٍ (تَعَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ الْمَرْهُونَ فِيهِ قَبْلَ أَجَلِهِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ فَإِنْ وَفَّى بِهِ فَذَاكَ وَإِلَّا اتَّبَعَ الرَّاهِنُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِيَتَعَجَّلَ، هَذِهِ طَرِيقَةُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 465 وَبَقِيَ إنْ دَبَّرَهُ ، وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ، وَعَجَّلَ وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) إنْ دَبَّرَ الرَّاهِنُ الرَّقِيقَ الْمَرْهُونَ (بَقِيَ) الرَّقِيقُ الرَّهْنُ رَهْنًا (إنْ دَبَّرَهُ) الرَّاهِنُ بَعْدَ رَهْنِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ التَّدْبِيرُ كَالْعِتْقِ فَيُعَجِّلُ الْمُوسِرُ الدَّيْنَ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ. عب أَيْسَرَ الرَّاهِنُ أَوْ أَعْسَرَ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ أَمْ لَا، هَذَا ظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِهَا إنْ دَبَّرَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا يُقَالُ تَقَدَّمَ أَنَّ رَهْنَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ بَطَرٌ وَالتَّدْبِيرُ فَائِدَةٌ لِلنَّصِّ عَلَى هَذَا لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ ابْتِدَاءً حَيْثُ كَانَ إنَّمَا يُبَاعُ إنْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَلَا مَالَ لَهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يُبَاعَ إذَا حَلَّ الْحَقُّ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ وَالدَّيْنُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَدْبِيرِهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ، وَأَمَّا طُرُوُّ التَّدْبِيرِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ إذَا حَلَّ الْحَقُّ إنْ لَمْ يَدْفَعْ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ الرَّاهِنُ رَقِيقَهُ الْمَرْهُونَ (مَضَى عِتْقُ) الرَّاهِنِ (الْمُوسِرِ) رَقِيقُهُ الْمَرْهُونُ (وَ) إنْ كَاتَبَهُ مَضَتْ (كِتَابَتُهُ) أَيْ الْمُوسِرُ وَيُعَجِّلُ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِمَا وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ رَهْنٍ آخَرَ وَظَاهِرُهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَشْعَرَ تَعْبِيرُهُ بِالْمُضِيِّ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهُ أَفَادَهُ تت. الْحَطّ أَفَادَ بِقَوْلِهِ مَضَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَكَذَا تَدْبِيرُهُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْحَوْزِ أَوْ بَعْدَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ فِي سَمَاعِ عِيسَى. (وَعَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الرَّاهِنُ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ. أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ تَأْوِيلِ ابْنِ يُونُسَ وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ قَبُولُ رَهْنٍ آخَرَ لِأَنَّ فِعْلَ الرَّاهِنِ بَعْدَ رِضًا بِتَعْجِيلِهِ وَمَحَلُّ تَعْجِيلِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ كَالْعَيْنِ مُطْلَقًا وَالْعَرْضِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ وَرَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِهِ، وَإِلَّا فَفِي غُرْمِ الرَّاهِنِ قِيمَتَهُ وَتُرْهَنُ وَإِتْيَانِهِ بِرَهْنِ مِثْلِهِ وَبَقَائِهِ رَهْنًا بِحَالِهِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ تَرَدُّدٌ (وَ) الرَّاهِنُ (الْمُعْسِرُ) إذَا أَعْتَقَ رَقِيقَهُ الْمَرْهُونَ أَوْ كَاتَبَهُ (يَبْقَى) رَهْنُهُ بِحَالِهِ لِلْأَجَلِ، فَإِنْ أَيْسَرَ قَبْلَ الْأَجَلِ أَخَذَ مِنْهُ الدَّيْنَ وَنَفَذَ عِتْقُهُ وَكِتَابَتُهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُمَا بِقَدْرِ وَفَاءِ الدَّيْنِ إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضًا وَيُعْتِقُ بَاقِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 466 فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ، بِيعَ كُلُّهُ، وَالْبَاقِي لِلرَّاهِنِ وَمُنِعَ الْعَبْدُ مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا   [منح الجليل] (فَإِذَا تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ الْمُيَسَّر بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ (بِيعَ) الرَّقِيقُ (كُلُّهُ) بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ (وَالْبَاقِي) مِنْهُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ مِلْكٌ (لِلرَّاهِنِ) يَفْعَلُ بِهِ مَا يَشَاءُ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا أَوْجَبَ بَيْعَهُ فِي هَذَا الْحَالِ صَيَّرَ الْبَاقِي مِلْكًا لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ بِيعَ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الدَّيْنِ. . إلَخْ مُسْلِمٌ فِي الْعِتْقِ وَغَيْرُ مُسْلِمٍ فِي الْكِتَابَةِ. فَفِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بَعْدَ أَجَلِهِ بِيعَ جَمِيعُهُ. . . إلَخْ مَا نَصَّهُ أَشْهَبُ، وَإِنَّمَا يُبَاعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فِي الْعِتْقِ وَأَمَّا فِي الْوِلَادَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ فَيُبَاعُ الرَّقِيقُ كُلُّهُ وَفَضْلُ ثَمَنِهِ لِسَيِّدِهِ إذْ لَا يَكُونُ بَعْضُ أُمِّ وَلَدٍ وَلَا بَعْضُ مُكَاتَبٍ وَلَا بَعْضُ مُدَبَّرٍ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ قَيَّدَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ عَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا كَاتَبَ الرَّاهِنُ عَبْدَهُ بَعْدَ رَهْنِهِ يَبْقَى مُكَاتَبًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْسُرُ سَيِّدُهُ يَوْمَ الْأَجَلِ فَلَا يَكُونُ فِي ثَمَنِ الْكِتَابَةِ إذَا بِيعَتْ وَفَاءَ الدَّيْنِ فَتَبْطُلُ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ إنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ وَمَضَتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ نُقِضَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا مِثْلَ الدَّيْنِ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَفَاءٌ بِهِ نُقِضَتْ كُلُّهَا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَعْضُهُ مُكَاتَبًا وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْعِتْقِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ الْحَقُّ مُعَجَّلًا وَمَضَى عِتْقُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَفِي الْعَبْدِ فَضْلٌ بِيعَ مِنْهُ وَقُضِيَ الدَّيْنُ وَأَعْتَقَ الْفَضْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حِينَئِذٍ فَضْلٌ اهـ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْعَبْدُ) الْمَرْهُونُ مَعَ أَمَتِهِ (مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (الْمَرْهُونِ هُوَ) أَيْ الْعَبْدُ (مَعَهَا) أَيْ أَمَتِهِ بِأَنْ نَصَّ عَلَيْهَا فِي الرَّهْنِ أَوْ رَهَنَ بِمَالِهِ فَدَخَلَتْ، وَلَوْ قَالَ الْمَرْهُونَةُ مَعَهُ لَشَمِلَ الصُّورَتَيْنِ أَيْضًا وَأَوْلَى إذَا رُهِنَتْ وَحْدَهَا، وَعِلَّتُهُ إنْ رَهَنَهَا يُشْبِهُ انْتِزَاعَهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ لَهَا لِبَيْعِهَا وَإِنْ وَطِئَهَا فَلَا يُحَدُّ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 467 وَحُدَّ مُرْتَهِنٌ وَطِئَ،   [منح الجليل] وَيَسْتَمِرُّ إلَى فَكِّهَا مِنْ الرَّهْنِ فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِلَا تَجْدِيدِ تَمْلِيكٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ رَهْنُهَا انْتِزَاعٌ لَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِتَمْلِيكٍ جَدِيدٍ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ أَمَتُهَا أَنَّ لَهُ وَطْءَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ رَهْنِهَا كَمَا إذَا بَاعَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ عِصْمَتِهِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مَعَهَا أَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ وَحْدَهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالْمَرْهُونُ صِفَةٌ لِأَمَةٍ فَهُوَ بِالْجَرِّ وَأُبْرِزَ الضَّمِيرُ لِجَرَيَانِهِ عَنْ غَيْرِ مَأْهُولِهِ. (وَحُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ (مُرْتَهِنٌ) بِكَسْرِ الْهَاءِ (وَطِئَ) الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ عِنْدَهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَاهِنِهَا إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمِلْكِ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ، وَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ رُهِنَ مَعَهَا وَبِيعَ لِأَنَّهُ ابْنُ زِنَا فَلَا نَسَبَ لَهُ بِالْمُرْتَهِنِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ وَطِئَهَا أَيْ الْمُرْتَهِنُ الْأَمَةَ الْمَرْهُونَةَ عِنْدَهُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ حُدَّ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَكَانَ مَعَ الْأَمَةِ رَهْنًا وَعَلَيْهِ لِلرَّاهِنِ مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إذَا أَكْرَهَهَا. وَكَذَا إذَا طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ اهـ. ابْنُ يُونُسَ وَالصَّوَابُ أَنَّ عَلَيْهِ نَقْصَهَا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ زَانِيَةً وَفِي الطَّوْعِ هِيَ زَانِيَةٌ فَقَدْ أَدْخَلَ عَلَى سَيِّدِهَا عَيْبًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ غُرْمُ قِيمَتِهَا، وَنَحْوُ هَذَا فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، أَنَّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ مَا نَقَصَهَا بِكُلِّ حَالٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِمَّا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا كَالْحُرَّةِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الطَّوْعِ أَحَدُهَا، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ. الثَّانِي عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. وَأَمَّا إذَا غَصَبَهَا فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً يُخْدَعُ مِثْلُهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ الْمُغْتَصَبَةِ. اهـ. فَيَتَحَصَّلُ أَنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا فِي الْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا. وَفِي الطَّوْعِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَرَجَّحَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا أَيْضًا، وَقَوْلُهُ فَوَلَدَتْ أَبُو الْحَسَنِ يُرِيدُ كَذَا إنْ لَمْ تَلِدْ مِنْهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 468 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَعْنِي يُحَدُّ سَوَاءٌ حَمَلَتْ أَمْ لَا. ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمُرْتَهِنُ هَذِهِ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَدُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنُوقِضَ قَوْلُهَا لَا يَعْتِقُ بِقَوْلِهَا لَوْ كَانَ جَارِيَةً فَلَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا، إذْ رُبَّمَا أُخِذَ مِنْ عَدَمِ عِتْقِهِ إبَاحَةَ وَطْئِهَا كَقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَجَوَابُ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ حُكْمَيْنِ لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ عَلَى مُنْصِفٍ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَأْثِيرَ مَانِعِ احْتِمَالِ الْبُنُوَّةِ فِي حِلَّةِ الْوَطْءِ أَخَفُّ مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي رَفْعِ الْمِلْكِ بِالْعِتْقِ. اهـ. وَانْظُرْ الْبُنَانِيَّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 469 إلَّا بِإِذْنٍ، تُقَوَّمُ بِلَا وَلَدٍ. حَمَلَتْ، أَمْ لَا . وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ، إنْ لَمْ يَقُلْ: إنْ لَمْ آتِ:   [منح الجليل] وَيُحَدُّ الْمُرْتَهِنُ بِوَطْءِ الْمَرْهُونَةِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ وَطْئِهَا (بِإِذْنِ) مَنْ رَاهَنَهَا فِي وَطْئِهَا فَلَا يُحَدُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ (وَتُقَوَّمُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ فِي وَطْئِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ لِرَفْعِ إعَارَةِ الْفَرْجِ وَحْدَهَا (بِلَا وَلَدٍ) لِتَخَلُّقِهِ حُرًّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي وَطْئِهَا مُوسِرًا كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ مُعْسِرًا سَوَاءٌ (حَمَلَتْ) الْأَمَةُ مِنْ وَطْءِ مُرْتَهِنِهَا (أَمْ لَا) الْجَلَّابُ وَمَنْ ارْتَهَنَ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ زَانٍ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَوَلَدُهَا رَهْنٌ مَعَهَا يُبَاعُ بِبَيْعِهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَإِحْلَالُهَا لَهُ وَلَمْ تَحْمِلْ لَزِمَ الْمُرْتَهِنَ قِيمَتُهَا وَقَاصَّ الرَّاهِنُ بِهَا مِنْ حَقِّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَمَلَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا دُونَ قِيمَةِ وَلَدِهَا وَيُقَاصُّ بِهَا مِنْ حَقِّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ جَعَلَ الرَّهْنَ بِيَدِ أَمِينٍ وَحَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الرَّاهِنِ فَ (لِلْأَمِينِ) عَلَى الرَّهْنِ (بَيْعُهُ) أَيْ الرَّهْنِ لِتَوْفِيَةِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ (بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ لِلْأَمِينِ (فِي) بَيْعِهِ حَصَلَ هَذَا الْإِذْنُ مِنْهُ حَالَ (عَقْدِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ الْبَيْعَ أَوْ الْقَرْضَ الْمَرْهُونَ فِيهِ وَأَوْلَى إنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَوْكِيلٍ سَالِمٍ عَنْ تَوَهُّمِ إكْرَاهِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ إذْنِهِ فِي الْعَقْدِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ ذَلِكَ لِضَرُورَتِهِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ، وَظَاهِرُهُ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. وَحَكَى الْمُتَيْطِيُّ خِلَافًا فِي دَيْنِ الْقَرْضِ وَلَا يَحْتَاجُ الْأَمِينُ لِإِذْنٍ مِنْ الرَّاهِنِ غَيْرِ الْإِذْنِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ الْحَاكِمِ، وَمَفْهُومٌ بِإِذْنِهِ مَنْعُهُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَمَفْهُومٌ فِي عَقْدِهِ جَوَازُهُ بِإِذْنِهِ فِيهِ بَعْدَهُ بِالْأَوْلَى. وَمَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِ الْأَمِينِ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الرَّاهِنُ فِي صِيغَةِ إذْنِهِ فِي بَيْعِهِ (إنْ لَمْ آتِ) بِالدَّيْنِ فِي أَجَلِ كَذَا فَبِعْهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِيهِ إذْنًا مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَكْشِفُ عَنْ مَجِيئِهِ أَوْ عَدَمِهِ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَسْتَقِلُّ الْأَمِينُ بِالْبَيْعِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ بِشَرْطٍ صَوَابٍ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَوْكِيلٍ سَالِمٍ عَنْ تَوَهُّمِ كَوْنِ الرَّاهِنِ مُكْرَهًا فِيهِ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 470 كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا مَضَى فِيهِمَا   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (ك) بَيْعِ (الْمُرْتَهِنِ) الرَّهْنَ فَيَجُوزُ اسْتِقْلَالُهُ بِهِ إذَا كَانَ الرَّاهِنُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ (بَعْدَهُ) أَيْ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ، فَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ. وَمَفْهُومُ بَعْدَهُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَالَ عَقْدِ الرَّهْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْأَمِينُ الْحَاكِمَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ الَّذِي قَالَ رَاهِنُهُ لَهُ بَعْدَ إنْ لَمْ آتِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ الْمُرْتَهِنُ فِيهِ وَقَدْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ بَعْدَهُ، وَقَالَ إنْ لَمْ آتِ أَوْ حَالَ عَقْدِهِ سَوَاءٌ قَالَ إنْ لَمْ آتِ أَوَّلًا (مَضَى) بَيْعُهُ (فِيهِمَا) أَيْ الْأَمِينِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءُ ظَاهِرِهِ وَلَوْ لَمْ يَفُتْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرُدُّ مَا لَمْ يَفُتْ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ إنْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَنَّهُ مُوَكِّلٌ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ مِثْلُ قَوْلِهِ أَبِيعُك بِكَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي كَذَا وَأَنَا مُوَكَّلٌ عَلَى بَيْعِهِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ عَنْ بَيْعِهِ بِمَالِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ وَهُوَ إسْقَاطُ الْعَنَاءِ عَنْهُ فِي الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ إنْ أَلَدَّ بِهِ، وَإِسْقَاطُ الْإِثْبَاتِ عَنْهُ إنْ أَنْكَرَ أَوْ غَابَ، وَهَذَا قَوْلُ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَالثَّانِي: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً وَلَهُ عَزْلُهُ، وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ بَاعَهُ قَبْلَ عَزْلِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَذَكَرَهَا ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي تَوْكِيلِ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهَا وَكَالَةُ اضْطِرَارٍ لِحَاجَتِهِ إلَى ابْتِيَاعِ مَا اشْتَرَى أَوْ اسْتِقْرَاضِ مَا اُسْتُقْرِضَ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُبَاعُ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا إذَا أَلَدَّ فِي بَيْعِهِ أَوْ غَابَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ قُرْبِ غَيْبَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَذَلِكَ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْقَاضِي فَأَشْبَهَ حُكْمَهُ عَلَى الْغَائِبِ. وَأَمَّا لَوْ طَاعَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ يَرْهَنَهُ رَهْنًا وَيُوَكِّلُهُ عَلَى بَيْعِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ لَجَازَ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الرَّاهِنِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى بَيْعِهِ. اهـ. نَقَلَهُ الْحَطّ، قَالَ وَضَمِيرُ فِيهِمَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومٍ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعٌ بَلْ إذْنُ الْحَاكِمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِدُونِهِ مَضَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رَسْمٍ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلِمَفْهُومِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ فَإِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 471 وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ، وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ ، وَبَاعَ الْحَاكِمُ، إنْ امْتَنَعَ   [منح الجليل] قَالَهُ فَلَيْسَ لِلْأَمِينِ وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِدُونِهِ مَضَى صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَلَا يُعْزَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّايِ (الْأَمِينُ) عَلَى الرَّهْنِ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَغَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي عَزْلِهِ. قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ وَحْدَهُ أَوْ الْمُرْتَهِنِ وَحْدَهُ عَزْلُهُ وَلَوْ إلَى أَوْثَقَ مِنْهُ. بُنَانِيٌّ رَادًّا عَلَى عب فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَزْلِهِ فَهُوَ لَهُمَا وَلَيْسَ لِلْأَمِينِ عَزْلُ نَفْسِهِ فِي صُورَتَيْهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْأَمِينِ عَلَى الرَّهْنِ (إيصَاءٌ) عِنْدَ مَوْتِهِ أَوْ سَفَرِهِ (بِ) حِفْظٍ (هـ) أَيْ الرَّهْنِ لِغَيْرِهِ إذَا لَحِقَ فِيهِ لِلْمُتَرَاهِنَيْنِ وَهُمَا لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ وَالْأَحْسَنُ وَلَا يَنْفُذُ إيصَاؤُهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءُ عَدَمِ النُّفُوذِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَمِثْلُهُ الْقَاضِي، بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ وَالْمُخَيَّرِ وَالْوَصِيِّ وَإِمَامٍ لِلصَّلَاةِ الَّذِي وَلَّاهُ السُّلْطَانُ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ إنْ شَرَطَهُ لَهُ الْوَاقِفُ، فَفِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ قَاعِدَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ مُحْرِزٍ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ، وَنَصُّهُ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوصِيَ بِالْقَضَاءِ لِغَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الْقَضَاءِ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالْإِمَامَةِ الْكُبْرَى، وَالْمَعْنَى الَّذِي تَنْضَبِطُ بِهِ هَذِهِ الْأُصُولُ عَلَى اخْتِلَافِهَا أَنَّ مَنْ مَلَكَ حَقًّا عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ مَعَهُ عَزْلَهُ فَلَهُ أَنْ يُوصَى بِهِ وَيَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كَالْخَلِيفَةِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُخَيَّرَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَإِمَامِ الصَّلَاةِ وَكُلِّ مَنْ مَلَكَ حَقًّا عَلَى وَجْهٍ يَمْلِكُ مَعَهُ عَزْلَهُ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَذَلِكَ كَالْقَاضِي وَالْوَكِيلِ وَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ وَخَلِيفَةِ الْقَاضِي الْمُقَامِ لِلْأَيْتَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَمِنْ يَدِهِ أَخَذَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَبَاعَ الْحَاكِمُ) الرَّهْنَ لِتَوْفِيَةِ الدَّيْنِ (إنْ امْتَنَعَ) الرَّاهِنُ مِنْ أَدَائِهِ أَوْ أَلَدَّ أَوْ غَابَ. فِي التَّوْضِيحِ إذَا رَفَعَ الْمُرْتَهِنُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ أَمَرَ الرَّاهِنَ بِالْوَفَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ قَالَ فِي الْبَيَانِ أَوْ أَلَدَّ أَوْ غَابَ بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ الرَّهْنَ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ مِلْكُ الرَّاهِنِ لَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ يَتَخَرَّجَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ عِنْدِي إنْ أَشْبَهَ كَوْنَهُ لَهُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُشْبِهْ كَوْنَهُ لَهُ كَرَهْنِ الرَّجُلِ حُلِيًّا أَوْ ثَوْبًا لَا يُشْبِهُ لِبَاسَهُ وَكَرَهْنِ الْمَرْأَةِ سِلَاحًا فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا لِلسُّلْطَانِ بَعْدَ إثْبَاتِ الْمِلْكِ. ثُمَّ قَالَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 472 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ وَمِلْكُ الرَّاهِنِ لَهُ وَيُحَلِّفَهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ دَيْنَهُ وَلَا قَبَضَهُ وَلَا أَحَالَهُ بِهِ وَإِنَّهُ لَبَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ اهـ. وَفِي شَرْحِ ابْنِ فَرْحُونٍ ابْنُ الْحَاجِبِ يُثْبِتُ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الرَّاهِنِ إلَى حِينِ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ وَصِحَّةَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ حَوْزَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي إثْبَاتِ مِلْكِ الرَّاهِنِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ: وَالْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ. وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ. وَالثَّالِثُ: اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ. وَالرَّابِعُ: فَتْوَى ابْنِ عَتَّابٍ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا فِي الْعَقَارِ وَهَكَذَا حَصَّلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ. (فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: هَلْ يَتَوَقَّفُ بَيْعُ الْحَاكِمِ الرَّهْنَ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي سَيَتِمُّ بِهِ ثَمَنُ مِثْلِهِ اخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ عَدَمَ ذَلِكَ. الثَّانِي: اخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أَوْلَى مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ نَصَّ ابْنِ يُونُسَ بِخِلَافِهِ، وَأَنَّهُ اخْتَارَ مَا ذُكِرَ لِأَخْذِهِ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي ذَكَرَهُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ وَمُوَافَقَةِ ابْنِ يُونُسَ فَرَاجِعْهُ. الثَّالِثُ: اُنْظُرْ هَلْ يُبَاعُ الرَّهْنُ جَمِيعُهُ أَوْ يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُوَفَّى الدَّيْنُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ النَّظَرُ فِيهِ فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي بَاقِيهِ بِيعَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ. الرَّابِعُ: فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَمَرَ الْإِمَامُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ فَبِيعَ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ تِلْكَ الْفَضْلَةِ. وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيمَا بَقِيَ إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ اهـ. الْخَامِسُ: الْبُرْزُلِيُّ مَنْ أَثْبَتَ دَيْنًا عَلَى غَائِبٍ وَبِيعَتْ دَارُهُ فِيهِ ثُمَّ قَدِمَ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ قَضَاءٌ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 473 وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ رَهْنٌ بِهَا، وَهَلْ وَإِنْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْبَيْعُ نَافِذٌ. وَذَكَرَ ابْنُ فَتْحُونٍ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَثْبَتَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ قَضَاهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ يُنْقَضُ. السَّادِسُ: فِي الْبَيَانِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إلَّا بِجُعْلٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْجُعْلُ عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَاجَةِ وَالرَّاهِنُ يَرْجُو دَفْعَ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ. وَقَالَ عِيسَى عَلَى الرَّاهِنِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ أَفَادَهَا الْحَطّ. (وَ) إذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ نَفَقَةً مُحْتَاجًا إلَيْهَا (رَجَعَ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الرَّهْنِ عَلَى رَاهِنِهِ (بِنَفَقَتِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الرَّاهِنِ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ لَا فِي عَيْنِ الرَّهْنِ عَقَارًا كَانَ الرَّهْنُ أَوْ حَيَوَانًا إنْ أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي الْإِنْفَاقِ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْفِقْ عَلَيْهِ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) الرَّاهِنُ (لَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ غَلَّتَهُ لَهُ وَمَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِأَمْرِ رَبِّهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّاهِنِ. اهـ. حَاضِرًا كَانَ أَوْ غَائِبًا، مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى قِيمَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُؤَنَ تَجْهِيزٍ وَنَحْوِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ فَنَفَقَتُهُ فِي عَيْنِ الرَّهْنِ. (وَلَيْسَ) الرَّهْنُ (رَهْنًا بِهِ) أَيْ مَا أَنْفَقَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الرَّاهِنُ (بِأَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنَ (رَهْنٌ بِهَا) أَيْ النَّفَقَةِ بِأَنْ قَالَ لَهُ الرَّهْنُ رَهْنٌ بِمَا تُنْفِقُهُ عَلَيْهِ فَيَكُونُ رَهْنًا بِهَا. (وَهَلْ) لَا يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهِ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا بِهَا إنْ لَمْ يَقُلْ وَنَفَقَتُكَ فِي الرَّهْنِ بَلْ (وَإِنْ قَالَ) الرَّاهِنُ أَنْفِقْ (وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ) فَإِنْ قَامَ الْغُرَمَاءُ اُخْتُصَّ بِقَدْرِ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ وَحَاصَصَهُمْ بِالنَّفَقَةِ فِي بَاقِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَهْنًا فِيهَا، أَوْ كَوْنَهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 474 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَيْسَ رَهْنًا بِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَإِنْ قَالَهُ فَهُوَ رَهْنٌ بِهِ فَيَخْتَصُّ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْغُرَمَاءِ بِالرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ أَيْضًا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَجَمَاعَةٍ فِي فَهْمِ قَوْلِهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَلَا يَكُونُ مَا أَنْفَقَ فِي الرَّهْنِ إذَا أَنْفَقَ بِأَمْرِ رَبِّهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ فَلَهُ حَبْسُهُ بِنَفَقَتِهِ وَبِمَا رَهَنَهُ إلَّا أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِفَضْلَتِهِ عَنْ دَيْنِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ اهـ. طفي فَهِمَهَا ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ، وَقَوْلُهُ وَالرَّهْنُ رَهْنٌ بِمَا أَنْفَقْت وَجَعَلَ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَتَرْتِيبُهُ وَلَا يَكُونُ مَا أُنْفِقَ فِي الرَّهْنِ إذَا أُنْفِقَ بِأَمْرِ رَبِّهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَلَهُ حَبْسُهُ بِمَا أَنْفَقَهُ وَبِمَا رَهَنَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْهُمْ بِفَضْلَتِهِ عَنْ دَيْنِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ، وَأَنْفِقْ وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ، فَذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَكُونُ رَهْنًا بِالنَّفَقَةِ، فَمَعْنَى أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَنْفِقْ لِتَتْبَعَ وَتَأْخُذَ نَفَقَتَك مِنْ الرَّهْنِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يُعْطِي رَجُلًا سِلْعَةً وَيَقُولُ بِعْهَا وَاسْتَوْفِ دَيْنَك مِنْ ثَمَنِهَا فَفَلِسَ الدَّافِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ وَهِيَ فِي يَدِك رَهْنُ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ الْبَيْعِ، ثُمَّ قَالَ طفي وَفَهِمَهَا ابْنُ شَبْلُونٍ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ لَا مَعَ قَوْلِهِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ، إذْ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا مِنْ الرَّهْنِ لَا أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ بِهَا قَالَهُ عِيَاضٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الرَّاهِنِ قَبْلَ الرَّهْنِ فَهِيَ مَقْصُورَةٌ عَلَى نَفَقَةِ الْحَيَوَانِ، فَفِي إدْخَالِ نَفَقَةِ الْعَقَارِ هُنَا نَظَرٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَلِذَا كَانَتْ فِي الرَّهْنِ لَا فِي ذِمَّتِهِ، وَالْوَاجِبَةُ فِي ذِمَّتِهِ فِي نَفَقَةِ الْعَقَارِ عَلَى الْقَوْلِ يُجْبِرُهُ عَلَى إصْلَاحِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 475 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الرَّاهِنِ الْوَاجِبَةُ قَبْلَ رَهْنِهِ بَاقِيَةٌ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ مُفَرِّعًا عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ نَفَقَةَ الْعَقَارِ وَأَنَّهَا فِي الرَّهْنِ لَا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِهَا لَهُ، وَعَلَى اللُّزُومِ تَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إلَّا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَى الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ بِيَدِهِ فَقَطْ لَا عَلَى عُمُومِ الْعَقَارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَمَا قُلْنَاهُ قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ ابْنُ عَاشِرٍ فِي حَاشِيَتِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ، يَعْنِي الَّتِي شَأْنُهَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَالِكِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَمْلُوكُ رَهْنًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ أَيْ مِمَّا تُوقَفُ سَلَامَتُهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا تَلْزَمُ مَالِكَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا نَفَقَتُهُ، وَبِعَدَمِ اللُّزُومِ فَارَقَتْ هَذِهِ قَوْلَهُ وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ اهـ وَهُوَ صَوَابٌ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّفْرِيقِ ذِكْرُ الْمُدَوَّنَةِ كُلَّ مَسْأَلَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَقَالَتْ وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِأَمْرِ رَبِّهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَا يَكُونُ مِمَّا أَنْفَقَ فِي الرَّهْنِ إلَى أَنْ قَالَتْ. وَأَمَّا الْمُنْفِقُ عَلَى الضَّالَّةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهُ اهـ. وَيَدُلُّ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالضَّالَّةِ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي نَفَقَةِ الْحَيَوَانِ فَقَطْ، ثُمَّ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ الْمُنْهَارِ بِئْرُهُمَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمِسْنَاوِيُّ مَا أَفَادَهُ " ز " مِنْ أَنَّ الْعَقَارَ كَالْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ رَهَنَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِافْتِقَارِهِ إلَى الْإِصْلَاحِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ فَيَرْجِعُ بِهَا فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْأَشْجَارِ. الثَّانِي: قِيلَ قَوْلُهُ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ كَوْنَهُ رَهْنًا لَا يُنَافِي تَعَلُّقَ الْمَرْهُونِ بِهِ بِالذِّمَّةِ لَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ كَوْنِهَا فِي الذِّمَّةِ أَنَّهَا إذَا زَادَتْ عَلَى الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ بِمَا زَادَ فِي ذِمَّتِهِ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ رَهْنًا بِهَا أَمْ لَا. الثَّالِثُ: اُعْتُرِضَ قَوْلُهُ وَهَلْ وَإِنْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ تَأْوِيلَانِ بِأَنَّهُمَا إنَّمَا وَقَعَا فِي أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ وَقَدْ يَبْحَثُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 476 فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ: تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] فِيهِ قَالَهُ عج، أَيْ فِي قِيَاسِ الْوَاوِ عَلَى عَلَى بِأَنَّ عَلَى أَظْهَرُ فِي حَبْسِهِ فِي النَّفَقَةِ مَعَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ لِقُرْبِهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهَنَ بِهَا. وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَعْنَى مَعَ عَلَى أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك بِسَبَبِ الرَّهْنِ فَلِذَا جَاءَ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ. وَقِيَاسُ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ عَلَيْهِ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ ظَاهِرٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ابْنَ يُونُسَ صَاحِبُ التَّأْوِيلِ الثَّانِي يُفِيدُ أَنَّهُ رَهَنَ بِهَا سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك رَهْنٌ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ وَنَصَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَكُونُ مَا أَنْفَقَ فِي الرَّهْنِ إذَا أَنْفَقَ بِأَمْرِ رَبِّهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ، ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ أَنْفِقْ وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ فَذَلِكَ سَوَاءٌ وَيَكُونُ رَهْنًا بِالنَّفَقَةِ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ غَابَ وَقَالَ الْإِمَامُ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَالضَّالَّةِ. اهـ. يَنْقُلُ " ق " فَعَبَّرَ مَرَّةً بِعَلَى وَمَرَّةً بِالْوَاوِ وَلِاسْتِوَائِهِمَا، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَى الرَّهْنِ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِيهِ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِمَا فَضَلَ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ حَقِّهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهُ إلَّا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِبَقِيَّةِ الرَّهْنِ فِي نَفَقَتِهِ مِنْهُمْ: وَرَأَى أَشْهَبُ أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِبَقِيَّةِ الرَّهْنِ فِي نَفَقَتِهِ بِقَوْلِهِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِيهِ اهـ. وَعَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مَحَلِّ التَّأْوِيلِ مِثْلَ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ وَفِيهَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ فَهُوَ بِهَا رَهْنٌ، وَلَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَفِي كَوْنِ فَائِدَتِهِ حَبْسُهُ عَلَى رَبِّهِ فِي النَّفَقَةِ لَا رَهْنًا بِهَا أَوْ رَهْنًا بِهَا قَوْلُ ابْنِ شَبْلُونٍ أَخْذًا بِظَاهِرِهَا وَالصَّقَلِّيُّ مَعَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مُؤَوِّلًا عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ. وَفَرَّعَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ فَقَالَ (فَفِي افْتِقَارِ) صِحَّةِ عَقْدِ (الرَّهْنِ لِلَّفْظِ) مِنْ مَادَّتِهِ (مُصَرَّحٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلًا (بِهِ) وَهُوَ الْآتِي عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَعَدَمُ افْتِقَارِهِ إلَى لَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ وَهُوَ الْآتِي عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ يُونُسَ (تَأْوِيلَانِ) لَازِمَانِ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِمَا قَالَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ أَيْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِأَنَّهُمَا تَأْوِيلَانِ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 477 وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى: كَشَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ: بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَعَلَى التَّقْيِيدِ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ، إنْ كَانَ بِيَدِهِ   [منح الجليل] وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى خَاصَّتِهِ وَهُوَ اخْتِصَاصُ مَنْ حِيزَ لَهُ بِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَفِي لُزُومِ كَوْنِ الدَّلَالَةِ مُطَابِقَةً أَوْ تَكْفِي دَلَالَةُ الِالْتِزَامِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. (وَإِنْ) رُهِنَ شَجَرٌ أَوْ زَرْعٌ بِبِئْرِهِ فَانْهَارَتْ ف (أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ) وَزَرْعٍ (خِيفَ عَلَيْهِ) التَّلَفُ بِانْهِدَامِ بِئْرِهِ وَامْتِنَاعِ الرَّاهِنِ مِنْ إصْلَاحِهَا (بُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الرَّهْنِ (بِالنَّفَقَةِ) عَلَيْهِ عَلَى الدَّيْنِ فَيَسْتَوْفِي مِنْ ثَمَنِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ النَّفَقَةَ وَمَا فَضَلَ عَنْهَا كَانَ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ وَفَاتِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِرَبِّهِ أَوْ غُرَمَائِهِ، فَإِنْ قَصَرَ عَنْهَا فَلَا يَتْبَعُ الرَّاهِنَ بِتَمَامِهَا وَعَبَّرَ بِالشَّجَرِ لِيَشْمَلَ النَّخْلَ وَأَدْخَلَ الزَّرْعَ بِالْكَافِ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِدُونِ عِلْمِهِ فَنَفَقَتُهُ فِي ذِمَّتِهِ. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ) أَيْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالتَّطَوُّعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَرِطًا فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ، وَيُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي إنْفَاقِهِ لِلْإِصْلَاحِ وَيُبْدَأُ بِهِ وَتَرَكَهُ وَقَدَّمَ هَذَا التَّأْوِيلَ لِقُوَّتِهِ عِنْدَهُ وَإِنْ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ (وَ) تَأَوَّلَهَا ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا (عَلَى التَّقْيِيدِ) لِعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى الْإِنْفَاقِ (بِالتَّطَوُّعِ) بِالرَّهْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِلْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ. وَأَمَّا الْمُشْتَرَطُ فِيهِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ. وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ عَقَارِهِ وَعَلَى هَذَا إنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ فَنَفَقَتُهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ. طفي التَّبْدِئَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ فَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَفِي إجْبَارِهِ قَوْلَانِ. وَإِذَا لَمْ يُجْبَرْ فَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ فَفِي الشَّجَرِ يُبْدَأُ بِالنَّفَقَةِ وَمَفْهُومُ خِيفَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (وَضَمِنَهُ) أَيْ الرَّهْنَ (مُرْتَهِنٌ إنْ كَانَ) الرَّهْنُ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ حَالَ كَوْنِ الرَّهْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 478 مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ، أَوْ عُلِمَ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ، إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا، وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ فِي الْعِلْمِ،   [منح الجليل] مِمَّا يُغَابُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ كَحُلِيٍّ (وَلَمْ تَشْهَدْ) لِلْمُرْتَهِنِ (بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ) أَيْ الرَّهْنِ أَوْ سَرِقَتِهِ فَيَضْمَنُهُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ مِنْ ضَمَانِهِ بَلْ (وَلَوْ شَرَطَ) الْمُرْتَهِنُ (الْبَرَاءَةَ) مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَرْطُهَا يُقَوِّيهَا. وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ إنْ شَرَطَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ ضَمَانُ أَصَالَةٍ. اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ إنَّمَا يَحْسُنُ خِلَافُهُمَا فِي الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ، أَمَّا الرَّهْنُ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ فَلَا يَحْسُنُ خِلَافُهُمَا فِيهِ لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِهِ مَعْرُوفٌ، وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لَهُ لِلَغْوِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَعْمَالِ الشَّرْطِ فِي الْعَارِيَّةِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ. اهـ. وَحِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَارِيَّةِ طَرِيقٌ مِنْ طَرِيقَتَيْنِ حَكَاهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا بِقَوْلِهِ وَهَلْ وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ تَرَدَّدَ. وَعَطَفَ عَلَى شَرْطٍ فَقَالَ (أَوْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ) أَيْ الرَّهْنِ الَّذِي اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ وَضَعَهُ فِيهِ وَاحْتَرَقَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِذَلِكَ فَيَضْمَنُهُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَضَعْهُ فِيهِ (إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ) أَيْ الرَّهْنِ حَالَ كَوْنِهِ (مُحَرَّقًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ بِهِ أَثَرُ الْحَرْقِ فَلَا يُقَالُ الصَّوَابُ غَيْرُ مُحَرَّقٍ مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. زَادَ مُحَمَّدٌ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ النَّارَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ خِلَافًا وَهَذَا مُقْتَضَى عَدَمِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَثَّلَ بَقَاءَ بَعْضِهِ مُحَرَّقًا بَقَاؤُهُ مَقْطُوعًا أَوْ مَكْسُورًا أَوْ مَبْلُولًا. (وَأَفْتَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ (بِعَدَمِهِ) أَيْ الضَّمَانِ (فِي) صُورَةِ (الْعِلْمِ) بِاحْتِرَاقِ مَحَلِّ الرَّهْنِ مَعَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ وَضَعَهُ بِهِ وَاحْتَرَقَ أَفْتَى بِهِ الْبَاجِيَّ حِينَ احْتَرَقَتْ أَسْوَاقُ طَرْطُوشَةَ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُونَ أَنَّ الرُّهُونَ احْتَرَقَتْ فِي حَوَانِيتِهِمْ وَخَالَفَهُمْ الرَّاهِنُونَ، قَالَ وَعِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِرَفْعِهِ فِي الْحَوَانِيتِ الَّتِي يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِنَقْلِهِ عَنْهَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 479 وَإِلَّا فَلَا ، وَلَوْ اشْتَرَطَ ثُبُوتَهُ، إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ   [منح الجليل] فَأَحْرَى أَنْ يُصَدَّقَ فِي احْتِرَاقِهِ مَنْ عُرِفَ احْتِرَاقُ حَانُوتِهِ وَبِهِ أَفْتَيْت فِي طَرْطُوشَةَ عِنْدَ احْتِرَاقِ أَسْوَاقِهَا وَكَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ، وَظَنِّي أَنَّ بَعْضَ الطَّلَبَةِ أَظْهَرَ لِي رِوَايَةً عَنْ ابْنِ أَيْمَنَ بِمِثْلِ ذَلِكَ. اهـ. فَتَعَقَّبَ الشَّارِحُ الْمُصَنِّفَ بِأَنَّهُ أَخَلَّ بِقَوْلِ الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ إلَخْ، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ كَلَامُهُ هُنَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ لَمَّا فَتَحَ الرُّومُ الْمُهْدِيَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةِ وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ وَكَثُرَتْ الْخُصُومَاتُ مَعَ الْمُرْتَهِنِينَ وَالصُّنَّاعِ وَفِي الْبَلَدِ مَشَايِخُ مُتَوَافِرُونَ عِلْمًا أَفْتَى جَمِيعُهُمْ بِتَكْلِيفِ الْمُرْتَهِنِينَ وَالصُّنَّاعِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَا عِنْدَهُمْ أَخَذَهُ الرُّومُ، وَأَفْتَيْت بِعَدَمِ الضَّمَانِ، وَكَانَ الْقَاضِي يَعْتَمِدُ فَتَوَايَ لَكِنْ تَوَقَّفَ فِي الْعَمَلِ بِهَا لِكَثْرَةِ مَنْ خَالَفَنِي حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّ شَيْخَ الْجَمَاعَةِ السُّيُورِيَّ أَفْتَى بِمَا أَفْتَيْت بِهِ ثُمَّ قَدَّمَ كِتَابَ الْمُنْتَقَى فَذَكَرَ فِيهِ فِي الِاحْتِرَاقِ مِثْلَ مَا أَفْتَيْت بِهِ، وَذَكَرَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ السَّابِقَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ مُعْتَرِضٌ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَهُ تت. طفي جَعَلَ فِي كَبِيرِهِ مَحَلَّهُ وَالْمَحَلُّ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الرَّهْنُ عَادَةً ثُمَّ قَالَ وَبِمَا قَرَّرْنَا بِهِ مَحَلَّ الرَّهْنِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَصَاحِبِ التَّكْمِلَةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ إلَخْ وَسَبَقَهُ بِذَلِكَ " غ ". ثُمَّ ذَكَرَ الشَّارِحُ فَرْقًا بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيِّ وَهُوَ أَنَّ الْمُصِيبَةَ عَامَّةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمَازِرِيِّ ثُمَّ صَحَّ بِمَفَاهِيمِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَ بِيَدِهِ إلَخْ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَيْهَا وَالتَّفْصِيلِ فِي بَعْضِهَا فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ أَوْ مَتْرُوكًا فِي مَوْضِعِهِ كَثِمَارٍ فِي رُءُوسِ شَجَرِهَا وَزَرْعٍ بِأَرْضِهِ وَسَفِينَةٍ بِمَرْسَاهَا وَعَرْضٍ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِ الرَّاهِنِ مُغْلَقٌ عَلَيْهِ وَمِفْتَاحُهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ أَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ بِهِ أَثَرُ الْحَرْقِ وَعُلِمَ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ أَوْ عُلِمَ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ فَقَطْ عَلَى فَتْوَى الْبَاجِيَّ (فَلَا) يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرَّاهِنُ ضَمَانَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بَلْ (وَلَوْ اشْتَرَطَ) الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ عِنْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ (ثُبُوتَهُ) أَيْ الضَّمَانِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ أَحْوَالِ عَدَمِ ضَمَانِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ وَإِلَّا فَلَا فَقَالَ (إلَّا أَنْ) يَدَّعِيَ الْمُرْتَهِنُ تَلَفَ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ عِنْدَهُ وَ (يُكَذِّبُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (عُدُولٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 480 فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ   [منح الجليل] وَالدَّالِ جَمْعُ عَدْلٍ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ عَدْلَيْنِ وَعَدْلًا وَمَرْأَتَيْنِ لِأَنَّهُ مَالٌ (فِي دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ (مَوْتَ دَابَّةٍ) مَرْهُونَةٍ عِنْدَهُ بِسَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ تَكْذِيبًا صَرِيحًا بِأَنْ قَالُوا بَاعَهَا أَوْ أَوْدَعَهَا أَوْ عِنْدَهُ فِي مَحَلِّ كَذَا، أَوْ ضِمْنًا بِأَنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ مَوْتَ دَابَّةٍ لَهُ وَنَحْنُ مُلَازِمُونَ لَهُ بِسَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. وَمَفْهُومُ عُدُولٍ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ غَيْرُهُمْ فَلَا يَضْمَنُ لِاتِّهَامِهِمْ بِكِتْمَانِ الشَّهَادَةِ. الْمَازِرِيُّ لَوْ كَذَّبَهُ غَيْرُ عُدُولٍ لَمْ يَنْتَقِلْ الْحُكْمُ عَنْ تَصْدِيقِهِ لِتَكْذِيبِهِ بِتَكْذِيبِ قَوْمٍ لَيْسُوا بِعُدُولٍ. أَمَّا لَوْ صَدَّقُوهُ لَتَأَكَّدَ ظَنُّ صِدْقِهِ عُدُولًا كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ، وَيَكْفِي فِي تَصْدِيقِهِ إخْبَارُهُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا دَابَّةً مَيِّتَةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهَا الرَّهْنُ، كَذَا فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ زَادَ وَيَحْلِفُ إنَّمَا هِيَ، قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى صِفَةٍ يَغْلِبُ الظَّنُّ أَنَّهَا لَيْسَتْ غَيْرَ الَّتِي بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، أَوْ يَكُونُ أَمْرُهَا مُحْتَمِلًا لَهَا وَلِغَيْرِهَا عَلَى السَّوَاءِ فَيُسْتَصْحَبُ الْحُكْمُ بَعْدَ ضَمَانِ مَا لَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ تت. عب لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ وَقْتَ ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ. " د " فِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبَضَهُ مُطْلَقًا أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَرَى عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَضْمَنُهَا يَوْمَ رُؤْيَتِهِ عِنْدَهُ. اهـ. فَإِنْ تَكَرَّرَتْ رُؤْيَتُهُ عِنْدَهُ ضَمِنَهَا يَوْمَ آخِرِ رُؤْيَةٍ. الْبُنَانِيُّ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ضَمِنَ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ ضَيَاعِهِ أَوْ يَوْمَ ارْتِهَانِهِ قَوْلَانِ وُفِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَوَّلَ إذَا ظَهَرَ عِنْدَهُ يَوْمَ دَعْوَى تَلَفِهِ وَالثَّانِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَتَى ضَاعَ. (وَ) إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ (حَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ مَعَ غُرْمِ الْقِيمَةِ فَأَوْلَى مَعَ عَدَمِهَا، كَذَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ، وَوَجْهُ يَمِينِهِ مَعَ ضَمَانِهِ تُهْمَتَهُ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي تَغْيِيبِهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ الْعَمَلُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِي نَقْلِهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُوَطَّئِهِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يُؤْخَذْ لِمَنْفَعَةِ رَبِّهِ فَقَطْ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَلَا لِمَنْفَعَةِ إلَّا آخِذٌ فَقَطْ كَالْقَرْضِ فَيَكُونُ مِنْهُ فَقَطْ، بَلْ أَخَذَ نَهْبًا مِنْهَا فَتَوَسَّطَ فِي حُكْمِهِ وَجَعَلَ ضَمَانَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّاهِنِ لِعَدَمِ تُهْمَةِ الْمُرْتَهِنِ، وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 481 أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ، إنْ قُبِضَ الدَّيْنُ، أَوْ وُهِبَ،   [منح الجليل] مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِتُهْمَتِهِ وَصِيغَةُ يَمِينِهِ هُنَا مُخْتَلِفَةٌ فَيَحْلِفُ (أَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنَ (تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ) بِضَمِّ الدَّالِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ كَذِبٍ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ (و) أَنَّهُ ضَاعَ و (لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) فِي دَعْوَى ضَيَاعِهِ فَالْوَاو لِلتَّقْسِيمِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَظَاهِرُهُ حَلَفَ مُتَّهَمًا كَانَ أَمْ لَا لِأَنَّهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ. وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ بِلَا دُلْسَةٍ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ مَعَ أَنَّهُ يَضْمَنُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا السَّبَبُ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ تَلِفَ بِسَبَبِهِ أَمْ لَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الدُّلْسَةِ يَضْمَنُ ضَمَانَ الرَّهْنِ وَمَعَهَا ضَمَانُ التَّعَدِّي وَهُوَ يُخَالِفُ الْأَوَّلَ بِالنَّظَرِ لِوَقْتِ الضَّمَانِ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِخْفَاءُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ. عِيَاضٌ وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الْمُدَوَّنَةَ وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ثَانِيهَا لَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الرَّاهِنُ عِلْمَ دُلْسَتِهِ وَيَحْلِفُ عَلَيْهَا، فَإِنْ حَلَفَ حَلَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ. ثَالِثُهَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ. (وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ) أَيْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ عَلَى مُرْتَهِنِهِ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ و (إنْ قَبَضَ) الْمُرْتَهِنُ (الدَّيْنَ) مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ وَهَبَ) الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ أَوْ أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِصَدَاقِهَا وَتَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ فِي نِكَاحِ تَفْوِيضٍ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَالْمَوْضِعُ لِلْمُبَالَغَةِ كَمَا قَرَّرْنَا. وَلَوْ قَالَ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لَشَمِلَ مَا زِدْنَاهُ وَأَشَارَ لِدَفْعِ تَوَهُّمٍ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتِهِ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قَبْضُهَا لِمَحْضِ الْأَمَانَةِ وَنَفْعِ رَبِّهَا وَقَبَضَهُ تَوَثُّقًا أَوْ نَفْعًا لَهُمَا الرَّاهِنُ بِأَخْذِ الدَّيْنِ وَالْمُرْتَهِنُ بِالتَّوَثُّقِ بِهِ فِيهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَالْمَوْضِعُ لِلْمُبَالَغَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا اسْتِمْرَارَ قَبْلَهَا فَالْأَوْلَى نَسْخُهُ إنْ قَبَضَ بِلَا وَاوٍ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ عَلَى شَخْصٍ دَيْنٌ بِرَهْنٍ وَوَهَبَ الدَّيْنَ لِلْمَدِينِ ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ ضَمِنَهُ الْمُرْتَهِنُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، زَادَ وَيَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِيمَا وَهَبَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَهَبْهُ لِيَتْبَعَ ذِمَّتَهُ بِقِيمَةِ الرَّهْنِ فَيُقَاصِصُهُ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ دَفَعَهُ لِلرَّاهِنِ وَإِنْ زَادَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 482 إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ، أَوْ يَدْعُوهُ لِأَخْذِهِ، فَيَقُولُ: أَتْرُكُهُ عِنْدَك. وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ إنْ أَعْدَمَ، وَإِلَّا بَقِيَ،   [منح الجليل] الدَّيْنُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ هَلْ يُوَافِقُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَشْهَبَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. وَفِي النَّوَادِرِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ لِرَاهِنِهِ فَقَالَ أَشْهَبُ الرَّاهِنُ أَحَقُّ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْقِيمَةَ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ اهـ. وَاسْتَثْنَى مِنْ أَحْوَالِ ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ بَعْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتِهِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لِرَاهِنِهِ (أَوْ يَدْعُوهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (لِأَخْذِهِ) أَيْ الرَّهْنِ بِدُونِ إحْضَارِهِ (فَيَقُولُ) الرَّاهِنُ فِي الثَّانِيَةِ (أَتْرُكُهُ) أَيْ الرَّهْنَ (عِنْدَك) يَا مُرْتَهِنُ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَدِيعَةً لِأَنَّهُ صَارَ أَمَانَةً، فَإِنْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ قَبْلَ بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ اسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ. وَإِنْ أَحْضَرَهُ بَعْدَهَا فَلَا يَضْمَنُهُ وَلَمْ يَقُلْ أَتْرُكُهُ عِنْدَك، وَمِثْلُ إحْضَارِهِ شَهَادَةً بَيِّنَةً بِوُجُودِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَدْعُوهُ لِأَخْذِهِ إذْ مَتَى قَالَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَتْرُكُهُ عِنْدَك وَتَلِفَ بَرِئَ مِنْهُ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَمْ لَا. (وَإِنْ جَنَى) الرَّقِيقُ (الرَّهْنُ) بَعْدَ حِيَازَتِهِ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ (وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ) بِجِنَايَتِهِ (لَمْ يُصَدَّقْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا رَاهِنُهُ فِي اعْتِرَافِهِ بِجِنَايَةِ الرَّهْنِ (إنْ أَعْدَمَ) الرَّاهِنُ وَعَجَزَ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ وَلَوْ بَعْضَهُ حَالَ اعْتِرَافِهِ وَاسْتَمَرَّ أَوْ طَرَأَ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى تَخْلِيصِهِ الرَّهْنَ مِنْ يَدِ مُرْتَهِنِهِ وَدَفَعَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَإِبْقَاءِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي ذِمَّتِهِ بِلَا رَهْنٍ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهِ بِالنِّسْبَةِ لِدَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُؤَاخِذُ بِإِقْرَارِهِ فَإِنْ خَلَصَ الرَّهْنُ مِنْ الدَّيْنِ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ، وَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ اتَّبَعَ مُسْتَحَقُّ الْجِنَايَةِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ مُعْدِمًا خُيِّرَ بَيْنَ إسْلَامِهِ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ مَعَ بَقَائِهِ رَهْنًا فِي الْحَالَيْنِ وَقَدْ أَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ (بَقِيَ) الرَّهْنُ عَلَى رَهِينَتِهِ سَاقِطًا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 483 إنْ فَدَاهُ؛ وَإِلَّا أُسْلِمَ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَدَفْعِ الدَّيْنِ وَإِنْ ثَبَتَتْ، أَوْ اعْتَرَفَا وَأَسْلَمَهُ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ   [منح الجليل] حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ (إنْ فَدَاهُ) أَيْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ الرَّاهِنُ الْمَلِيءُ بَقِيَ أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِهِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ و (أَسْلَمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْجَانِي الرَّهْنَ (بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفَعَ الدَّيْنَ) لِمُسْتَحِقِّ أَرْشِ الْجِنَايَةِ. فَإِنْ أَعْدَمَ قَبْلَ دَفْعِهِ أَوْ فَلَّسَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تُعْرَفْ إلَّا بِإِقْرَارِ الرَّاهِنِ وَتَوَثُّقُ الْمُرْتَهِنِ بِهِ سَابِقٌ عَلَيْهِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَالرَّاهِنُ مَلِيءٌ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ الدَّيْنِ وَعَلَى إسْلَامِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ أَوَّلًا وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ أَرَادَهُ حِينَ الْأَجَلِ وَنَازَعَهُ مُسْتَحَقُّ الْجِنَايَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إذْ لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ. اهـ. وَسَبَقَهُ إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ. وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا بَقِيَ إلَخْ إنْ اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ الْمَلِيءُ أَنَّهُ جَنَى وَهُوَ رَهْنٌ كَمَا أَفَادَهُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الرَّهْنِ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ أَوْ اعْتَرَفَ بِجِنَايَتِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ بَقِيَ رَهْنًا إنْ فَدَاهُ، وَإِنْ أَبَى حَلَفَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِحَمْلِ جِنَايَتِهِ وَأُجْبِرَ عَلَى إسْلَامِهِ وَتَعْجِيلِ الْحَقِّ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ وَلَمْ يَرْضَ مُسْتَحِقُّهُ بِتَعْجِيلِهِ لَغَا إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ تَغْرِيمِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهْنِهِ لِتَعَدِّيهِ وَبَيْنَ صَبْرِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَاعُ فَيُتْبِعُهُ بِثَمَنِهِ أَوْ الْأَرْشِ إنْ كَانَ أَقَلَّ أَفَادَهُ عب (وَإِنْ ثَبَتَتْ) جِنَايَةُ الرَّهْنِ (أَوْ اعْتَرَفَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ بِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا لِلرَّاهِنِ فَلَا يَقْتُلُهُ حَتَّى يُعَجِّلَ الدَّيْنَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِالْعَبْدِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقٌّ لِسَيِّدِهِ وَحَقٌّ لِمُرْتَهِنِهِ وَحَقٌّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ مَالِكُهُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ، فَإِنْ فَدَى بَقِيَ رَهْنًا بِحَالِهِ (وَ) إنْ لَمْ يَفْدِهِ (أَسْلَمَهُ) أَيْ أَرَادَ السَّيِّدُ إسْلَامَهُ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ خُيِّرَ مُرْتَهِنُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ. (فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَسْلَمَهُ الرَّاهِنُ (ف) هُوَ (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَوْ وَلِيِّهِ (بِمَالِهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ مَعَهُ رَهْنُ مَالِهِ مَعَهُ أَمْ لَا. زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَبْقَى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِحَالِهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 484 وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ، إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَلَمْ يَبِعْ إلَّا فِي الْأَجَلِ   [منح الجليل] أَيْ بِلَا رَهْنٍ. ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ، زَادَ فِي النُّكَتِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْمَالَ إذَا قَبَضَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ فَيَغْرَمُ السَّيِّدُ عِوَضَهُ، لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ كَدَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الرَّاهِنُ وَأَبَاهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إدْخَالُهُ مُشْتَرَطًا فِي الرَّهْنِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِيهِ فَإِنْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ فِدَاءَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ كَانَ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ قَالَهُ تت، وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ. (وَإِنْ فَدَاهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْجِنَايَةِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فَفِدَاؤُهُ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي فَدَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْجِنَايَةِ (فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَبْدَأٌ عَلَى الدَّيْنِ لَا فِي مَالِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَكَّهُ لِيَرُدَّهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ، وَهُوَ إنَّمَا كَانَ مَرْهُونًا بِدُونِ مَالِهِ كَمَا قَالَ (إنْ لَمْ يُرْهَنْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ الْعَبْدُ (بِمَالِهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ. وَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ مَعًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَضَعَتْهُ فِي التَّوْضِيحِ بِوَجْهَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ رَهَنَ بِمَالِهِ لَعَادَ مَعَهُ وَكَانَ الْفِدَاءُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا. وَأَمَّا ذِمَّةُ الرَّاهِنِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْفِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا قَالَهُ " د ". تت تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا رَهَنَ فِي خَمْسِينَ بِدُونِ مَالِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ وَفِدَاءُ الْمُرْتَهِنِ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَبِيعَتْ رَقَبَتُهُ بِخَمْسِينَ فَعَلَى الْمَشْهُورِ يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي فَدَاهُ بِهَا مِنْ الْخَمْسِينَ الَّتِي بِيعَ بِهَا وَيَأْخُذُ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ مِنْهَا مِنْ دَيْنِهِ وَيُحَاصِصُ بِالْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ مِنْهُ فِي الْخَمْسِينَ الَّتِي هِيَ مَالُهُ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَأْخُذُ الْخَمْسَةَ وَالسَّبْعِينَ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي هِيَ مَجْمُوعُ ثَمَنِ الرَّقَبَةِ وَالْمَالِ وَالْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ الْبَاقِيَةُ مِنْهَا لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي رَقَبَتِهِ أَنَّهُ لَوْ زَادَ الْفِدَاءُ عَلَى ثَمَنِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ لِاحْتِجَاجِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَنَّ الصَّوَابَ حِينَئِذٍ إسْلَامُهُ فِي جِنَايَتِهِ (وَلَمْ يُبَعْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ الرَّهْنُ الْجَانِي الَّذِي فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِدُونِ إذْنِ رَاهِنِهِ (إلَّا فِي) انْتِهَاءِ (الْأَجَلِ) لِلدَّيْنِ الْمَرْهُونِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 485 وَإِنْ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ وَإِذَا قُضِيَ بَعْضُ الدَّيْنِ أَوْ سَقَطَ، فَجَمِيعُ الرَّهْنِ فِيمَا بَقِيَ   [منح الجليل] فِيهِ أَيْ بَعْدَهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى مَا كَانَ مَرْهُونًا عَلَيْهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُبَاعُ قَبْلَ الْأَجَلِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ. الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا مُنَافٍ لِتَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ بِرُجُوعِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ بَيْعُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ، فَإِنْ زَادَ ثَمَنُهُ عَلَى الْفِدَاءِ وَالدَّيْنِ فَهُوَ لِلرَّاهِنِ إذْ تَسْلِيمُهُ لَمْ يَقْطَعْ حَقَّهُ فِيهِ. (وَإِنْ) فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْجِنَايَةِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فَلَيْسَ) الرَّهْنُ (رَهْنًا بِهِ) أَيْ الْفِدَاءِ وَهُوَ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَكُونُ رَهْنًا بِالْفِدَاءِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَلَوْ قَالَ كَبِإِذْنِهِ لَمَشَى عَلَيْهِ مَعَ إفَادَتِهِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ فَفِدَاؤُهُ إلَخْ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ فَدَاهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ فَفِي كَوْنِهِ رَهْنًا فِيمَا فَدَاهُ بِهِ مَعَ دَيْنِهِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ نَصَّ عَلَى كَوْنِهِ رَهْنًا بِالْفِدَاءِ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ مَالِكٍ وَمُحَمَّدٍ مَعَ أَشْهَبَ. الْمُتَيْطِيُّ خَالَفَ كُلٌّ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَوْلَهُ فِيمَنْ أَمَرَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ سِلْعَةً يَنْقُدُ ثَمَنَهَا عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَكُونُ بِيَدِ الْمَأْمُورِ رَهْنًا فِيمَا دَفَعَ، وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ رَهْنٌ بِهِ. ابْنِ عَرَفَةَ وَيُجَابُ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الدَّافِعَ فِي الْجِنَايَةِ مُرْتَهِنٌ فَانْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ وَصْفِهِ. وَلِأَشْهَبَ يَتَقَدَّمُ اخْتِصَاصُ الرَّاهِنِ بِمَالِ الْعَبْدِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ فَاسْتُصْحِبَ وَعَدَمُ تَقَدُّمِ اخْتِصَاصِ الْأَمْرِ بِالسِّلْعَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ. (وَ) إنْ (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَعْضُ الدَّيْنِ) الْمَرْهُونِ فِيهِ سَوَاءٌ قَضَاهُ الرَّاهِنُ أَوْ نَائِبُهُ وَبَقِيَ عَلَى الرَّاهِنِ بَعْضُهُ (أَوْ سَقَطَ) بَعْضُهُ عَنْ الرَّاهِنِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ بِإِبْرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ طَلَاقٍ قَبْلَ بِنَاءٍ (فَجَمِيعُ الرَّهْنِ) رَهِينٌ (فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ قَضَاءِ بَعْضِهِ أَوْ سُقُوطِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الرَّهْنِ رَهْنٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي رُهِنَ فِيهِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 486 كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ   [منح الجليل] بِمَعْنَى الْكُلِّيَّةِ فِيهِمَا لَا بِمَعْنَى التَّوْزِيعِ إنْ اتَّحَدَ مَالِكُ الدَّيْنِ، وَإِنْ تَعَدَّدَ وَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِ فَعَلَى مَعْنَى التَّوْزِيعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الرَّهْنُ أَوْ تَعَدَّدَ كَثِيَابٍ وَهُوَ كَذَلِكَ تَنْكِيتٌ ظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ اتَّحَدَ الرَّاهِنُ أَوْ تَعَدَّدَ، اتَّحَدَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ تَعَدَّدَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، فَفِي تَوْضِيحِهِ عَنْهَا إذَا أَقْرَضَاهُ جَمِيعًا وَاشْتَرَطَا أَنْ يَرْهَنَهُمَا فَلَا بَأْسَ بِهِ. قِيلَ فَإِنْ قَضَى أَحَدُهُمَا دَيْنَهُ فَهَلْ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجُلَيْنِ رَهَنَا دَارًا لَهُمَا فِي دَيْنٍ فَقَضَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك اهـ. وَاسْتَشْكَلَ بِجَوَلَانِ يَدِ الرَّاهِنِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي لَمْ يُعْطَ دَيْنُهُ وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِحَوْزِ الرَّهْنِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى خُرُوجِ حِصَّةِ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي اسْتَوْفَى حَقَّهُ مِنْ الرَّاهِنِ، وَأَمَّا كَوْنُ بَقَائِهَا تَحْتَ يَدِ الرَّاهِنِ لَا يَبْطُلُ الْحَوْزُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ، وَالْمُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ مُبْطِلٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ الرَّاهِنُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ تُبَاعُ الْحِصَّةُ أَوْ تُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ أَوْ الْمُرْتَهِنُ الْآخَرُ وَتَقَدَّمَ وَحِيزَ بِجَمِيعِهِ إنْ بَقِيَ لِلرَّاهِنِ. وَشَبَّهَ عَكْسَ الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِهَا فِي حُكْمِهَا فَقَالَ (كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِ) أَيْ الرَّهْنِ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ قُسِمَ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ الرَّاهِنِ رَهْنًا وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ الرَّاهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ رَهْنًا وَطُبِعَ عَلَيْهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ تَفِي بِالدَّيْنِ وَمِنْ جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُعَجَّلُ الدَّيْنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَفَادَهُ تت. وَمَفْهُومُ بَعْضِهِ أَنَّهُ إنْ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ كُلَّهُ زَالَتْ رَهِينَتُهُ، فَإِنْ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 487 وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ،   [منح الجليل] كَانَ مُعَيَّنًا وَاسْتُحِقَّ قَبْلَ قَبْضِهِ خُيِّرَ مُرْتَهِنُهُ بَيْنَ فَسْخِ بَيْعِهِ وَلَوْ فَاتَ، وَإِمْضَائِهِ وَإِبْقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمُعَيَّنُ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَمْ يَغُرَّ الرَّاهِنُ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَالْأَخِيرُ الْمُرْتَهِنُ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ اسْتَحَقَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَعَلَى الرَّاهِنِ خَلْفَهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالتَّلَفِ كَالِاسْتِحْقَاقِ. (وَ) إنْ كَانَ لِشَخْصٍ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ وَبِيَدِ رَبِّ الدَّيْنِ مُتَمَوَّلٌ لِلْمَدِينِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَهَنَ فِي الدَّيْنِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَيْسَ رَهْنًا فِيهِ ف (الْقَوْلُ) الْمُعْتَبَرُ الْمَعْمُولُ بِهِ (لِمُدَّعِي) بِكَسْرِ الْعَيْنِ (نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمَدِينُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا فَعَلَى مُدَّعِيهَا إثْبَاتُهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْعَادَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ تُصَدِّقْهُ الْعَادَةُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِنْ قُلْت أَمَّا دَعْوَى رَبِّ الدَّيْنِ الرَّهْنِيَّةَ وَالْمَدِينِ نَفْيَهَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ وَتَقَعُ رَبُّ الدَّيْنِ إنَّمَا هُوَ فِيهَا وَالْمَدِينُ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْيِهَا. قُلْت يُتَصَوَّرُ فِي تَلِفَ مَالِ الْمَدِينِ بِيَدِ رَبِّ الدَّيْنِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ بِتَلَفِهِ فَالْمَدِينُ يَدَّعِيهَا لِيَضْمَنَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَرَبُّ الدَّيْنِ يَنْفِيهَا لِيُسْقِطَ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ نَمَطٌ وَجُبَّةٌ وَهَلَكَ النَّمَطُ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ أَوْدِعْنِي النَّمَطَ وَالْجُبَّةُ رَهْنٌ، وَقَالَ الرَّاهِنُ النَّمَطُ رَهْنٌ وَالْجُبَّةُ هِيَ الْوَدِيعَةُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى الْآخَرِ فَلَا يُصَدَّقُ الرَّاهِنُ فِي تَضْمِينِ الْمُرْتَهِنِ لَمَّا هَلَكَ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْجُبَّةَ رَهْنٌ وَيَأْخُذُهَا رَبُّهَا ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَيَحْلِفَانِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ نَافِي الرَّهِينَةِ بِيَمِينِهِ. الثَّانِي: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَخَلِّفِ فِيهِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا وَسَلَّمَ الرَّاهِنُ رَهِينَةَ بَعْضِهِ وَأَنْكَرَ رَهِينَةَ الْآخَرِ. قَالَ فِي الشَّامِلِ وَصُدِّقَ نَافِي الرَّهْنِيَّةِ كَبَعْضٍ مُتَعَدِّدٍ. الثَّالِثُ: قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا تُصَدِّقُ الْعَادَةُ الْمُرْتَهِنَ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، كَبَيَّاعِ الْخُبْزِ وَشَبَهِهِ يُدْفَعُ إلَيْهِ الْخَاتَمُ وَنَحْوُهُ وَيَدَّعِي الرَّهْنِيَّةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ صَاحِبِهِ أَنَّهُ وَدِيعَةٌ. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَاعْتَمَدَهُ فِي الشَّامِلِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 488 وَهُوَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ، لَا الْعَكْسُ   [منح الجليل] خِلَافٌ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ قَوْلًا ثَالِثًا، وَنَصُّهُ وَلَوْ ادَّعَى حَائِزُ شَيْءٍ ارْتِهَانَهُ وَرَبُّهُ إيدَاعَهُ فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ شَهِدَ عُرْفٌ لِحَائِزِهِ صُدِّقَ كَالْبَقَّالِ فِي الْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ. ابْنُ الْعَطَّارِ لَوْ ادَّعَى حَائِزُ عَبْدَيْنِ أَنَّهُمَا رَهْنٌ وَقَالَ رَبُّهُمَا بَلْ أَحَدُهُمَا صَادِقٌ وَلَوْ ادَّعَى حَائِزُ عَبْدٍ رُهِنَ جَمِيعُهُ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ نِصْفُهُ صُدِّقَ حَائِزُهُ (وَهُوَ) أَيْ الرَّهْنُ بِاعْتِبَارِهِ قِيمَتَهُ وَلَوْ مِثْلِيًّا وَفَاتَ فِي ضَمَانِ مُرْتَهِنِهِ أَوْ كَانَ قَائِمًا (كَالشَّاهِدِ) لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ (فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) الْمَرْهُونِ فِيهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَخَذَهُ وَثِيقَةً بِدَيْنِهِ وَالشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يَتَوَثَّقُ إلَّا بِمِقْدَارِ دِينِهِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ فِي مِائَةٍ وَالْمُرْتَهِنُ فِي مِائَتَيْنِ صُدِّقَ مَنْ شَهِدَ الرَّهْنُ لَهُ وَعَدْلٌ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَنْ شَاهِدٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ فِي أَشْهُرِ الْقَوْلَيْنِ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى الذِّمَّةِ، إذْ لَوْ كَانَ شَاهِدًا عَلَيْهَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ أَبَدًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الرَّاهِنُ. ابْنُ نَاجِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَمْ يَقُلْ شَاهِدٌ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الرَّهْنِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَجَبْته بِأَنَّهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُدَوَّنَةِ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ قَامَ لِلْمُرْتَهِنِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ يُضَمُّ لِلرَّهْنِ وَتَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهَا مَعَ الشَّاهِدِ، نَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ لَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ شَاهِدًا حَقِيقِيًّا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ ارْتَهَنَهُ فِي مِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ الْمِائَةُ لَك عَلَيَّ وَلَمْ أَرْهَنْك إلَّا بِخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ الرَّهْنِ، فَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إلَّا بِخَمْسِينَ فَعَجَّلَهَا الرَّاهِنُ قَبْلَ الْأَجَلِ لِيَأْخُذَ رَهْنَهُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لَا أُسْلِمُهُ حَتَّى آخُذَ الْمِائَةَ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ إذَا عَجَّلَ الْخَمْسِينَ قَبْلَ أَجَلِهَا وَتَبْقَى الْخَمْسُونَ بِغَيْرِ رَهْنٍ كَمَا لَوْ أَنْكَرَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ فَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ بَقَاءُ رَهْنِهِ فِي الْخَمْسِينَ. (لَا) يَكُونُ (الْعَكْسُ) أَيْ شَهَادَةُ الدَّيْنِ بِقَدْرِ الرَّهْنِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِفَتِهِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ ادَّعَى صِفَةً دُونَ مِقْدَارِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْغَارِمُ مُصَدَّقٌ. ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا فِي قَوْلَةٍ شَاذَّةٍ لِأَشْهَبَ قَالَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُ الْمُرْتَهِنِ لِقِلَّةِ مَا ذُكِرَ جِدًّا فَيَصِيرُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ. ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا أَعْرِفُ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 489 إلَى قِيمَتِهِ، وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ، مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ، وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ، وَأَخَذَهُ،   [منح الجليل] يَنْحُو إلَى هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ أَتَى الْمُرْتَهِنُ بِرَهْنٍ يُسَاوِي عُشْرَ الدَّيْنِ مَثَلًا وَقَالَ هَذَا الَّذِي ارْتَهَنْت مِنْك بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَهَلْ يَكُونُ الدَّيْنُ شَاهِدًا لِلرَّاهِنِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ شَاهِدًا اهـ. وَذَكَرَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ قَوْلَيْنِ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ لِلرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَشْبَهَ قَوْلَهُ أَوْ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ وَذَكَرَهُمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى وَفِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْتِهَاءُ شَهَادَةِ الرَّهْنِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ (إلَى) غَايَةِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ بَقِيَ وَاعْتِبَارُهَا إنْ تَلِفَ إذْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الرَّهْنُ (بِيَدِ أَمِينٍ) عَلَيْهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَصَوَّبَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ فِي كَوْنِهِ شَاهِدًا وَلَغْوُهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَالْقَاضِي وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا. وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَنَّ الشَّاهِدَ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِّ وَمَا بِيَدِ الْأَمِينِ لَمْ يَتَمَخَّضْ كَوْنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَمَحَلُّ كَوْنِ مَا بِيَدِ الْأَمِينِ مِنْ الرَّهْنِ شَاهِدًا إذَا كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا بِقَوْلِهِ (مَا) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ (لَمْ يَفُتْ) أَيْ الرَّهْنُ (فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ) بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَلَا بَيِّنَةَ بِهَلَاكِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ بِأَنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَيِّنَةً أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ مُرْتَهِنِهِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ فَتَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فَلَا يُوجَدُ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَهُوَ كَدَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَدِينِ. وَرَتَّبَ عَلَى كَوْنِهِ كَالشَّاهِدِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ لِلرَّهْنِ فَقَالَ (وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الرَّهْنِ الَّذِي شَهِدَ الرَّهْنُ لَهُ بِقَدْرِ دَيْنِهِ (وَأَخَذَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي دَيْنِهِ لِثُبُوتِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِمَالٍ إذَا أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَهُ، وَمُقَابِلُهُ يَحْلِفُ الرَّاهِنُ إذَا حَلَّفَهُ الْمُرْتَهِنُ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ كُلْفَةَ بَيْعِ الرَّهْنِ. وَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 490 إنْ لَمْ يَفْتِكْهُ، فَإِنْ زَادَ حَلَفَ الرَّاهِنُ، وَإِنْ نَقَصَ: حَلَفَا، وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ تَالِفٍ:   [منح الجليل] يَخْشَى اسْتِحْقَاقَ الرَّهْنِ أَوْ ظُهُورَ عَيْبِهِ وَصَحَّحَهُ عِيَاضٌ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْحَلِفِ مَعَ الرَّهْنِ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَعَمِلَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا عَمِلَ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا فَيَعْمَلُ بِقَوْلِهِ إنْ حَلَفَ أَوْ نَكَلَا (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) أَيْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَشَهِدَ لَهُ بِهِ الرَّهْنُ مِنْ قَدْرِ الدَّيْنِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَخْذُهُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ سَلَّمَهُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ. وَأَشَارَ إلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ زَادَ) مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَوَافَقَتْ دَعْوَى الرَّاهِنِ (حَلَفَ الرَّاهِنُ) وَأَخَذَهُ وَدَفَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَعَمِلَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا عَمِلَ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ فَيَعْمَلُ بِقَوْلِهِ إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَا. وَأَشَارَ إلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) مَا ادَّعَاهُ الرَّاهِنُ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ رَهَنَ عَلَى عِشْرِينَ وَالرَّاهِنُ عَلَى عَشْرَةٍ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ خَمْسَةَ عَشْرَ (حَلَفَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ بِالْحَلِفِ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَالشَّاهِدِ لِلْمُرْتَهِنِ إلَى قِيمَتِهِ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَيُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الْإِثْبَاتِ (وَأَخَذَهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ فِي دَيْنِهِ، وَكَذَا إنْ نَكَلَا (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) أَيْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ (بِقِيمَتِهِ) يَوْمَ الْحُكْمِ، فَإِنْ افْتَكَّهُ أَخَذَهُ بِهَا لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ لِأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَيْهَا وَاعْتُبِرَ هُنَا فَكُّهُ بِهَا فَقَطْ لِذَلِكَ وَأَخَذَهُ فِيمَا مَرَّ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ لِتَسْلِيمِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ لَهُ بِهِ وَشَهَادَةِ الرَّهْنِ لَهُ. تت تَنْكِيتٌ فِي قَوْلِهِ حَلَفَا إجْمَالٌ لِاحْتِمَالِهِ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ، وَتَخْيِيرُهُ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَيْهَا وَحَلِفِهِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ. (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ (فِي قِيمَةِ) رَهْنٍ (تَالِفٍ) عِنْدَ مُرْتَهِنِهِ لِتَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 491 تَوَاصَفَاهُ، ثُمَّ قُوِّمَ فَإِنْ اخْتَلَفَا، فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ فَإِنْ تَجَاهَلَا، فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ، وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ، إنْ بَقِيَ.   [منح الجليل] أَوْ لِيَغْرَمَهَا الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ غُرْمُهَا (تَوَاصَفَاهُ) أَيْ ذَكَرَ الْمُتَرَاهِنَانِ صِفَاتِ الرَّهْنِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لِيُقَوِّمُوهُ بِحَسَبِهَا (ثُمَّ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى صِفَاتِهِ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّهْنُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَقُضِيَ بِقَوْلِهِمْ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ، قِيلَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا وَقَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي لَا مُقَوِّمَ هُوَ فِي مُقَوِّمِ الْمُشْتَرَكِ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ لِقِسْمَتِهِ. ابْنُ نَاجِي لَا يَدَّعِي لِلتَّقْوِيمِ جَمَاعَةً إذْ لَا قَائِلَ بِاشْتِرَاطِهَا وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ هَلْ يَكْفِي وَاحِدًا أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ أَوْ شَهَادَةٌ. (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ (فِي صِفَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ التَّالِفِ بِأَنْ وَصَفَهُ الرَّاهِنُ بِمَا يَقْتَضِي كَثْرَةَ قِيمَتِهِ فِي تَغْرِيمِهَا الْمُرْتَهِنَ أَوْ قِلَّتِهَا فِي شَهَادَتِهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَوَصَفَهُ الْمُرْتَهِنُ بِمَا يَقْتَضِي قِلَّتَهَا فِي الْأَوَّلِ وَكَثْرَتَهَا فِي الثَّانِي (فَالْقَوْلُ) الْمَعْمُولُ بِهِ (لِلْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا يَسِيرًا لِأَنَّهُ غَارِمٌ، زَادَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ بِقِلَّةِ مَا ادَّعَاهُ جِدًّا، وَهَذَا إذَا كَانَ التَّوَاصُفُ لِتَغْرِيمِ الْمُرْتَهِنِ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ لِشَهَادَتِهَا بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ تَجَاهَلَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ صِفَاتِ الرَّهْنِ التَّالِفِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لَا أَعْلَمُ صِفَاتِهِ الْآنَ (فَالرَّهْنُ بِمَا) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ رَهْنٌ (فِيهِ) فَلَا يَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ أَصْبَغُ حَدِيثَ الرَّهْنِ بِمَا فِيهِ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْرِي هَلْ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا، وَمَفْهُومُ تَجَاهَلَا أَنَّهُ لَوْ وَصَفَهُ أَحَدُهُمَا وَتَجَاهَلْ الْآخَرُ لِعَمَلٍ بِوَصْفِ الْوَاصِفِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ (وَاعْتُبِرَتْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (قِيمَتُهُ) أَيْ الرَّهْنِ الشَّاهِدَةُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ الْمُتَنَازِعِ فِيهِ (يَوْمَ الْحُكْمِ) بَيْنَ الْمُتَرَاهِنَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (إنْ بَقِيَ) الرَّهْنُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ حَالَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ فَكَذَا الرَّهْنُ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 492 وَهَلْ يَوْمُ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ الرَّهْنِ إنْ تَلِفَ؟ أَقْوَالٌ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَقْبُوضٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ وُزِّعَ بَعْدَ حَلِفِهِمَا:   [منح الجليل] (وَهَلْ) تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الرَّهْنِ التَّالِفِ (يَوْمَ) حُصُولِ (التَّلَفِ) لَهُ لِأَنَّ عَيْنَهُ كَانَتْ شَاهِدًا فَلَمَّا تَلِفَتْ قَامَتْ قِيمَتُهَا مَقَامَهَا فِي الشَّهَادَةِ رَوَاهُ عِيسَى فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَوْ) تُعْتَبَرُ يَوْمَ (الْقَبْضِ) لَهُ مِنْ رَاهِنِهِ لِأَنَّهُ كَشَاهِدٍ وَضَعَ خَطَّهُ وَمَاتَ فَيُعْتَبَرُ خَطُّهُ وَتُعْتَبَرُ عَدَالَتُهُ يَوْمَ كَتَبَهُ رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَقَدَ (الرَّهْنَ) وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا. الْبَاجِيَّ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ غَالِبًا، وَهَذَا الْخِلَافُ (إنْ تَلِفَ) الرَّهْنُ فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنَانِ (فِي) كَيْفِيَّةِ قَبْضِ دَيْنٍ (مَقْبُوضٍ) بِيَدِ صَاحِبِ دِينَيْنِ عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ أَحَدُهُمَا بِرَهْنٍ وَالْآخَرُ بِلَا رَهْنٍ حَالَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ (فَقَالَ الرَّاهِنُ) الْمَقْبُوضُ (عَنْ دَيْنِ الرَّهْنِ) فَقَطْ فَقَدْ خَلَّصَ الرَّهْنَ مِنْ الرَّهِينَةِ فَأَعْطِنِيهِ أَتَصَرَّفُ فِيهِ وَالدَّيْنُ غَيْرُ الْمَرْهُونِ فِيهِ بَاقٍ فِي ذِمَّتِي سَأُوَفِّيكَهُ إذَا حَلَّ أَجَلُهُ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ دَيْنِ غَيْرِ الرَّهْنِ فَقَطْ وَمَا زَالَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي دَيْنِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ تَنَازَعَهُمَا بَعْدَ قَبْضِهِ (وُزِّعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ قُسِّمَ الْمَقْبُوضُ عَلَى الدِّينَيْنِ بِنِسْبَةِ كُلِّ عَدَدٍ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا (بَعْدَ حَلِفِهِمَا) أَيْ الْمُتَرَاهِنِينَ إنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ قَبْضِهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا. فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَإِنْ كَانَ حَالُهُ وُزِّعَ بِلَا يَمِينٍ وَسَوَاءٌ حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَا اسْتَوَى أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ تَقَارُبٌ أَوْ تَبَاعُدٌ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُوَزَّعُ إذَا حَلَّا أَوْ أَجَّلَا بِأَجَلٍ وَاحِدٍ أَوْ بِمُتَقَارِبَيْنِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْقَضَاءَ عَنْ الْحَالِّ أَوْ الْقَرِيبِ. وَظَاهِرُ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحِ عَنْهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْقَضَاءَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّا وَأَجَلُهُمَا الجزء: 5 ¦ الصفحة: 493 كَالْحَمَالَةِ.   [منح الجليل] وَاحِدٌ أَوْ مُتَقَارِبٌ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا فَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ مِئَتَانِ فَرَهَنَك بِمِائَةٍ مِنْهُمَا رَهْنًا ثُمَّ قَضَاك مِائَةً وَقَالَ هِيَ الَّتِي فِيهَا الرَّهْنُ وَقُلْت لَهُ أَنْتِ هِيَ الَّتِي لَا رَهْنَ فِيهَا وَقَامَ الْغُرَمَاءُ أَوْ لَمْ يَقُومُوا فَإِنَّ الْمِائَةَ يَكُونُ نِصْفُهَا بِمِائَةِ الرَّهْنِ وَنِصْفُهَا لِلْمِائَةِ الْأُخْرَى. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَتَحَالَفَا إنْ ادَّعَيَا الْبَيَانَ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقْتَضِي. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا قُسِّمَ الْمَقْبُوضُ بَيْنَ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَالِفِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ سِتِّينَ وَالثَّانِي ثَلَاثِينَ وَاقْتَضَى ثَلَاثِينَ فَلِلْأَوَّلِ عِشْرُونَ وَلِلثَّانِيَّ عَشَرَةٌ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ اخْتَلَفَا عِنْدَ الْقَضَاءِ فِي أَيِّ الْحَقَّيْنِ يَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ فَيَجْرِي الْأَمْرُ عِنْدِي عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَشَبَّهَ فِي التَّوْزِيعِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَقْبُوضٍ فَقَالَ (كَالْحَمَالَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ يَحْتَمِلُ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَدِينٌ بِمِائَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِ أَصَالَةٌ وَالْأُخْرَى حَمَالَةٌ فَقَضَى مِائَةً وَادَّعَى أَنَّهَا مِائَةُ الْأَصَالَةِ وَادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهَا مِائَةُ الْحَمَالَةِ الثَّانِيَةِ مَدِينٌ بِمِائَتَيْنِ أَصَالَةً إحْدَاهُمَا بِحَمَالَةٍ وَالْأُخْرَى بِدُونِهَا، وَقَضَى مِائَةً وَادَّعَى أَنَّهَا مِائَةُ الْحَمَالَةِ وَادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهَا مِائَةُ غَيْرِ الْحَمَالَةِ فَيَحْلِفَانِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَيُوَزَّعُ الْمَقْبُوضُ بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَابْنُ يُونُسَ الْأَوْلَى بِيُسْرِ الْغَرِيمِ وَالْكَفِيلِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ كَفَالَةٍ فَقَضَاهُ أَلْفًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا الْقَرْضُ، وَقَالَ الْمُقْتَضَيْ بَلْ هِيَ الْكَفَالَةُ قَضَى نِصْفَهَا عَنْ الْقَرْضِ وَنِصْفَهَا عَنْ الْكَفَالَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقْتَضِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ مُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلُهُ فِي حَقَّيْنِ أَحَدُهُمَا بِحَمَالَةٍ وَالْآخَرُ بِلَا حَمَالَةٍ وَكَذَا حَقٌّ بِيَمِينِ وَحَقٌّ بِلَا يَمِينٍ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ مَالَهُ. (فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ كَذَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ قَضَاهُ مُبْهَمًا فَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ الجزء: 5 ¦ الصفحة: 494 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ مُبْهَمٌ بِيَمِينِهِ وَيُفَضُّ عَلَى الْمَالَيْنِ أَوْ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِبْهَامِ فُضَّ عَلَيْهِمَا بِالْأَوْلَى. الثَّانِي: فِي نَوَازِلِ عِيسَى سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ دَنَانِيرُ وَنَحْوُهَا عَلَى رَجُلٍ وَلَهُ عَلَى ابْنِهِ مِثْلُهَا فَدَفَعَ الْأَبُ لِابْنِهِ مَا عَلَيْهِ لِيَدْفَعَهُ لِرَبِّهِ فَقَالَ هَذَا مَالُك عَلَى أَبِي ثُمَّ ادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لَهُ قَضَاءً عَنْ الِابْنِ وَأَنْكَرَ قَوْلَ الِابْنِ فَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ بِيَمِينِهِ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الِابْنُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ هَذَا عَنْ أَبِي. قُلْت فَإِنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَمْرِ أَبِيهِ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ عَنْهُ قَالَ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ الدَّفْعِ عِيسَى إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْمَدْفُوعَ مَالُ الْأَبِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَ لِأَنَّ الِابْنَ مُدَّعٍ وَقَدْ حَكَمَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ. الثَّالِثُ: حَكَى ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَيْنِ فِيمَنْ عَلَيْهِ عَشَرَتَانِ لِرَجُلَيْنِ فَوَكَّلَ مَنْ يَقْضِيهِمَا عَنْهُ وَدَفَعَ الْوَكِيلُ عَشَرَةً ثُمَّ فُلِّسَ فَقَالَ الْوَكِيلُ هِيَ لِفُلَانٍ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْآخَرِ أَحَدُهُمَا قَبُولُ قَوْلِ الْوَكِيلِ وَالثَّانِي أَنَّهَا بَيْنَهُمَا وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ اهـ مِنْ الْحَطّ. الجزء: 5 ¦ الصفحة: 495 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابٌ)   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَام إحَاطَة الدَّيْن بِمَالِ الْمدين وَالتَّفْلِيس.] ِ الْأَعَمِّ وَالتَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ عِيَاضٌ مَعْنَى الْفَلَسِ الْعَدَمُ مَأْخُوذٌ مِنْ فُلُوسِ النُّحَاسِ، أَيْ سَارَ صَاحِبَ فُلُوسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَا ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي عَدَمِ الْمَالِ مُطْلَقًا يُقَالُ أَفْلَسَ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَاللَّامِ الرَّجُلُ فَهُوَ مُفْلِسٌ. وَفِي الذَّخِيرَةِ الْفَلَسُ مِنْ الْفُلُوسِ النُّحَاسُ كَأَنَّهُ لَمْ يُتْرَكْ لَهُ شَيْءٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا التَّافِهَ مِنْ مَالِهِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْفَلَسُ الْعَدَمُ وَالتَّفْلِيسُ الْأَعَمُّ قِيَامُ غُرَمَاءِ الْمَدِينِ عَلَيْهِ، وَالتَّفْلِيسُ الْأَخَصُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ الْمَدِينِ مِنْ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ. وَالْمُفْلِسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ، وَبِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ. وَالْمُفْلِسُ بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ. (فَوَائِدُ) الْأُولَى: فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: 282] ، وَقَالَ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11] ، فَدَلَّتَا عَلَى جَوَازِ التَّدَايُنِ إذَا تَدَايَنَ فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا فَسَادٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ ذِمَّتَهُ تَفِي بِمَا يَدَّانُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ اسْتَعَاذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الدَّيْنِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَقَدْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ تُكْثِرُ مِنْهُ فَقَالَ إنَّ الرَّجُلَ إذَا كَثُرَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَأَوْعَدَ فَأَخْلَفَ» . وَقَالَ «إنَّ الدَّيْنَ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَذُلٌّ بِالنَّهَارِ» . وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ، رُوِيَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ نِزَاعٌ. الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ آثَارًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشْدِيدِ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا فِيمَنْ تَدَايَنَ فِي سَرَفٍ أَوْ فَسَادٍ، أَوْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَفِي بِمَا يُدَانُ بِهِ لِقَصْدِ إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ وَقَدْ وَرَدَ «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَهُوَ يُرِيدُ إتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ فَرْضِ الزَّكَاةِ وَنُزُولِ آيَةِ الْفَيْءِ وَالْخُمْسِ. الثَّالِثَةُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَنْ تَدَايَنَ فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا فَسَادٍ عَالِمًا بِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَفِي بِهِ فَغَلَبَهُ الدَّيْنُ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ مِنْ الصَّدَقَاتِ كُلِّهَا إنْ رَأَى ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي رَأَى أَنَّ جَعْلَ الزَّكَاةِ كُلِّهَا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ مُجْزٍ. وَقَدْ قِيلَ لَا تَجُوزُ تَوْفِيَةُ دَيْنِ مَيِّتٍ مِنْ الزَّكَاةِ فَيُؤَدِّيهِ الْإِمَامُ مِنْ الْفَيْءِ. الرَّابِعَةُ: فِيهَا أَيْضًا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ الْوَصِيَّةُ بِأَدَائِهِ عَنْهُ، فَإِنْ أَوْصَى بِهِ وَتُرِكَ وَفَاؤُهُ فَلَا يُحْبَسُ عَنْ الْجَنَّةِ، وَعَلَى الْإِمَامِ وَفَاؤُهُ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّهِ فَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ. وَفِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّابِعَ عَشَرَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَالدَّيْنُ الَّذِي يُحْبَسُ بِهِ صَاحِبُهُ عَنْ الْجَنَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي تُرِكَ وَفَاؤُهُ وَلَمْ يُوصِ بِهِ، أَوْ قَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَلَمْ يُؤَدِّهِ، أَوْ أَدَانَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ أَوْ فِي سَرَفٍ وَمَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّهِ. وَأَمَّا مَنْ أَدَانَ فِي حَقٍّ وَاجِبٍ لِفَاقَتِهِ وَعُسْرِهِ وَلَمْ يُتْرَكْ وَفَاؤُهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَحْبِسُهُ بِهِ عَنْ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ عَنْهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ أَوْ مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ أَوْ مِنْ الْفَيْءِ الرَّاجِعِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ فِي الدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِمَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ الْفُتُوحَاتِ. الْخَامِسَةُ: فِيهَا أَيْضًا قَدْ كَانَ الْحُكْمُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَيْعُ الْمَدِينِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِشَرَائِعِ مَنْ قَبْلَهُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ، وَذَكَرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 4 لِلْغَرِيمِ: مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعِهِ   [منح الجليل] قِصَصًا فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] . (لِلْغَرِيمِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَفَعِيلٌ أَمَّا بِمَعْنَى فَاعِلٍ بِاعْتِبَارِ الدَّفْعِ مِنْهُ ابْتِدَاءً، أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ بِاعْتِبَارِ الدَّفْعِ إلَيْهِ انْتِهَاءً، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَدِينِ أَيْضًا فَيَكُونُ بِالْعَكْسِ. فِي الصِّحَاحِ الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُقَالُ خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوءِ مَاسِحٍ بِالنُّونِ وَقَدْ يَكُونُ الْغَرِيمُ أَيْضًا الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَالَ كَثِيرٌ: قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ ... وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَرِيمُهَا (مَنْعُ) بِسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرُ مَنَعَ بِفَتْحِهَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (مَنْ) أَيْ مَدِينٍ أَوْ الْمَدِينِ الَّذِي (أَحَاطَ) أَيْ سَاوَى أَوْ زَادَ (الدَّيْنُ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَوْ الْمُؤَجَّلُ وَلَوْ بِبَعِيدٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَصِلَةُ أَحَاطَ (بِمَالِهِ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمَدِينِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْعُهُ (مِنْ تَبَرُّعِهِ) أَيْ الْمَدِينِ بِصَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَحْبِيسٍ أَوْ نَحْوِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا مِنْ الشَّارِعِ أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ عِتْقٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا هِبَةٌ إذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَأَمَّا قَبْلُ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا مَا لَزِمَهُ مِنْ نَفَقَةِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَنَفْسِهِ، وَلَا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ كَسْرَةٍ لِسَائِلٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَفَقَةِ عِيدَيْنِ دُونَ سَرَفٍ فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الرَّضَاعِ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مَرَّ، الدُّيُونُ يُغْتَرَقُ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. اهـ. وَبِهَذَا قَرَّرَ " ح " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ يَعْنِي إنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ، وَمُرَادُهُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ. وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَفَلَسٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لِمَنْ أَحَاطَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 5 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الدَّيْنُ بِمَالِهِ فِعْلُهَا وَعَدَمُهُ فَمُرَادُهُ بِهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ اهـ. وَفِي رَسْمِ الْبُيُوعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مَا نَصُّهُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ فَتُحْمَلُ بِحَمَالَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَمَالَةُ أَيْضًا عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ مَفْسُوخَةٌ لَا تَجُوزُ وَرَآهَا مِنْ نَاحِيَةِ الصَّدَقَةِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِبَعْضِ مَالِهِ حَمَالَتُهُ لَا تَجُوزُ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ حَمَالَتُهُ الَّتِي تُحْمَلُ بِهَا لَا يَحْمِلُهَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْمِلُهَا الَّذِي يَفْضُلُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَهِيَ جَائِزَةٌ فِي الْحُكْمِ سَائِغَةٌ فِي فِعْلِهَا اهـ. الْبُنَانِيُّ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى قَبْلَ التَّفْلِيسِ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَأَمَّا قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ شَيْءٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَفِيهَا أَيْضًا وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَلَا تَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا إقْرَارٌ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ مَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذِهِ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعِهِ إلَخْ. الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: تَفْلِيسٌ عَامٌّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ. فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَحَدُّ التَّفْلِيسِ الَّذِي يَمْنَعُ قَبُولَ إقْرَارٍ هُوَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَيَسْجُنُوهُ أَوْ يَقُومُوا عَلَيْهِ فَيَسْتَتِرُ عَنْهُمْ فَلَا يَجِدُونَهُ. مُحَمَّدٌ وَيَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِقْرَارُهُ. جَائِزٌ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ. اهـ. وَإِلَى هَذِهِ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ حَضَرَ أَوْ غَابَ إلَخْ. الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: تَفْلِيسٌ خَاصٌّ وَهُوَ خَلْعُ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا أَمْكَنَهُمْ مِنْ مَالِهِ فَاقْتَسَمُوهُ ثُمَّ تَدَايَنَ مِنْ آخَرِينَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِينَ دُخُولٌ فِيمَا بِيَدِهِ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ. قَالَ هَذَا حَدُّ التَّفْلِيسِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ. اهـ. ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَكَرَ الْحَالَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْبَيَانِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّفْلِيسُ الْخَاصُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ يَخْلَعُ كُلَّ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِحُكْمِ إلَخْ خَلْعُ مَالِهِ بِاسْتِحْقَاقِ عَيْنِهِ مُوجِبُهُ دُخُولُ مَنْعِ دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَيْهِ عَلَى لَاحِقٍ بِمُعَامَلَةٍ بَعْدَهُ، وَالْأَعَمُّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ عَلَى مَدِينٍ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ، رَوَاهُ مُحَمَّدٌ قَائِلًا يُرِيدُ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مُوجِبُهُ مَنْعُ دُخُولِ إقْرَارِ الْمَدِينِ عَلَى مُتَقَدِّمِ دَيْنِهِ، وَإِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَفَلَسٌ إلَخْ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِطَلَبِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَحَلَّ بِهِ إلَخْ طفى تَقْسِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ التَّفْلِيسَ إلَى أَعَمَّ وَأَخَصَّ غَيْرُ مُسْلَمٍ وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ عَنَى قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ حِينَ ذَكَرَ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا مَكَّنَهُمَا مِنْ مَالِهِ فَاقْتَسَمُوهُ ثُمَّ تَدَايَنَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِينَ دُخُولٌ فِيمَا بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلُ رِبْحٍ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ، هَذَا حَدُّ التَّفْلِيسِ الْمَانِعِ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَحَدُّ التَّفْلِيسِ الْمَانِعِ قَبُولُ إقْرَارِ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ فَيَسْجُنُونَهُ أَوْ قِيَامُهُمْ فَيَسْتَتِرُ مِنْهُمْ فَابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُعَبِّرْ عَنْهُمَا بِالْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ، وَأَيْضًا حَدُّهُ الْأَخَصُّ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِحَدِّهِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَحُدَّهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِهِ بَلْ حَدَّهُ بِقِسْمَةِ الْمَالِ إذْ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ دُخُولِ الْأَوَّلِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا فَضَلَتْ فَضْلَةً دَخَلُوا فِيهَا. وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي حَدِّ التَّفْلِيسِ الْمَانِعِ مِنْ قَبُولِ إقْرَارِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ اخْتَلَفَ بِمَاذَا يَكُونُ مُفْلِسًا فَقِيلَ بِالْمُشَاوَرَةِ فِيهِ وَقِيلَ بِرَفْعِهِ لِلْقَاضِي وَقِيلَ بِحَبْسِهِ اهـ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَأَمَّا رَهْنُهُ وَقَضَاؤُهُ بَعْضَ غُرَمَائِهِ دُونَ بَعْضٍ فَجَائِزٌ مَا لَمْ يُفَلَّسْ، اخْتَلَفَ بِمَاذَا يَكُونُ مُفْلِسًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا تَشَاوَرُوا فِي تَفْلِيسِهِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ. وَأَصْبَغُ جَائِزٌ وَإِنْ تَشَاوَرُوا مَا لَمْ يُفَلِّسُوهُ. الشَّيْخُ وَنُسِبَ لِلْكِتَابِ قَوْلَانِ بِالْقِيَامِ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَقُمْ عِنْدَ قِيَامِ الْأَوَّلِينَ وَبِحَبْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا رَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ حَتَّى حَبَسُوهُ فَهَذَا وَجْهُ التَّفْلِيسِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا أَمَّا إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ وَبَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا لَمْ يَتَشَاوَرُوا فِي تَفْلِيسِهِ أَوْ مَا لَمْ يُفَلَّسْ عِنْدَ أَصْبَغَ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا حَبَسَهُ أَهْلُ دَيْنِهِ فَأَقَرَّ فِي الْحَبْسِ أَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ فَقَالَ إذَا صَنَعُوا بِهِ هَذَا وَرَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ حَتَّى حَبَسَهُ فَهَذَا وَجْهُ التَّفْلِيسِ وَلَا يَجُوزُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 7 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إقْرَارُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَيْضًا إذَا قَامُوا وَوَثَبُوا عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْلِيسِ. ابْنُ الْمَوَّازِ يُرِيدُ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ. طفي فَهَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّفْلِيسَ وَاحِدٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ وَلَيْسَ أَعَمَّ وَأَخَصَّ، وَكُلُّهُمْ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمَمْنُوعَةَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ مُسْتَوِيَةٌ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ. وَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ هَذَا تَفْلِيسٌ يَمْنَعُ مِنْ كَذَا، وَهَذَا تَفْلِيسٌ يَمْنَعُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِمَا لِتَرَتُّبِ أَحْكَامِ الْأَعَمِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وُجِدَ الْأَخَصُّ أَوْ لَا، فَأَعَمِّيَّتُهُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّدْقِ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِلْوَانُّوغِيِّ إذْ قَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْأَعَمِّ دَأْبُهُ الِانْطِبَاقُ عَلَى الْأَخَصِّ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ جِنْسَ الْأَخَصِّ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَجِنْسُ الْأَعَمِّ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ. الرَّصَّاعُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَعَمِّيَّةَ وَالْأَخَصِّيَّةَ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّدْقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، يَعْنِي أَنَّ الْأَوَّلَ إذَا ثَبَتَ مُنِعَ مِنْ كُلِّ مَا مَنَعَهُ الثَّانِي دُونَ الْعَكْسِ. اهـ. كَلَامُ الْبُنَانِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ طفى نَفَى انْقِسَامَ التَّفْلِيسِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَفْسِيرِهِ وَأَنَّهُ مُسْتَوْفِي الْأَحْكَامِ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ، فَإِنَّ الْحُكْمَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْقِيَامِ كَحُلُولِ الْمُؤَجَّلِ وَبَيْعِ السِّلَعِ وَالْحَبْسِ. وَقَالَ أَصْبَغُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عِنْدِي تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ. اهـ. فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي أَنَّ التَّفْلِيسَ قِسْمَانِ، وَأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ هُوَ الْأَصْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَانُّوغِيُّ أَثْبَتَ الْقِسْمَيْنِ وَتَخَالُفَهُمَا فِي الْأَحْكَامِ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ فِي الْأَعَمِّيَّةِ وَالْأَخَصِّيَّةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَبَرُّعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 8 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ أَحَاطَ بِمَالِهِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَبَرُّعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْمَشَذَّالِيُّ ابْنُ هِشَامٍ لَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَدْرِي هَلْ يَفِي مَالُهُ بِهَا أَمْ لَا جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فِيمَنْ دَفَعَ لِمُطَلَّقَتِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ فُلِّسَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ يَوْمَ دَفْعِ النَّفَقَةِ قَائِمَ الْوَجْهِ لَمْ يَظْهَرْ فِي فِعْلِهِ سَرَفٌ وَلَا مُحَابَاةٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: قَائِمَ الْوَجْهِ جَائِزَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْفَلَسُ مَأْمُونًا عَلَيْهِ مَعَ كَثْرَةِ دُيُونِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا مُغْتَرِقَةٌ لِجَمِيعِ مَالِهِ فَيَقُومُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا إنَّ مَنْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِقَوْمٍ إلَّا أَنَّهُ قَائِمُ الْوَجْهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَلَسُ، فَإِنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ تُحْصِ الشُّهُودُ قَدْرَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ وَالدُّيُونِ. وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي ابْنُ زَرْبٍ وَيَحْتَجُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَقُولُ لَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ وَاسْتِدْلَالُهُ حَسَنٌ. وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ يَغْتَرِقُ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَيَحُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَيُؤَدِّي مِنْهُ عَقْلَ جُرْحِ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ. لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ جُرْحٍ فِيهِ قِصَاصٌ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ قَائِمَ الْوَجْهَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ فَحَمَالَتُهُ وَصَدَقَتُهُ مَاضِيَةٌ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ دُيُونًا كَثِيرَةً فَهِيَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَهُ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْمَعْرُوفِ. الثَّالِثُ: أَفْهَمَ قَوْلُهُ الدَّيْنُ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ لَا يُفَلَّسُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ، اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي الْكَبِيرِ قَالَهُ تت. طفي أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ اغْتَرَقَتْ التَّبِعَاتُ مَا بِيَدِهِ وَلَا يَعْلَمُ مُنْتَهَى مَا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْحِصَاصِ فِي مَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ لَهُ أَمْ لَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ تَفْلِيسِهِ إذْ فَائِدَتُهُ قَسْمُ مَالِهِ عَلَى دُيُونِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهَا، فَقَوْلُ " ح " لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ تَفْلِيسِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. الْبُنَانِيُّ عج وَمَنْ تَبِعَهُ إنَّمَا قَالُوا لَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 9 وَمِنْ سَفَرِهِ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ   [منح الجليل] دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَفْلِيسِهِ عَدَمُ الْحَجَرِ عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ. عب وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي خِلَافٍ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ قَضَاءُ بَعْضِ غُرَمَائِهِ وَلَوْ بِبَعْضِ مَالِهِ، وَلِمَنْ لَمْ يَقْضِهِ الدُّخُولُ مَعَ مَنْ قَضَاهُ بِالْمُحَاصَّةِ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ، وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ قَضَاؤُهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ بِبَعْضِ مَالِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمْ أَعْيَانُ التَّبِعَاتِ لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ. الْبُنَانِيُّ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ كَالْمُفْلِسِ مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ مُطْلَقًا، وَعَلَى أَنَّهُ كَمَنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ مَنَعَهُ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ فَقَطْ. (وَ) لِلْغَرِيمِ مَنْعُ الْمَدِينِ وَلَوْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (مِنْ سَفَرِهِ) أَيْ الْمَدِينِ (إنْ حَلَّ) دَيْنُهُ أَيْ الْغَرِيمِ (بِغِيبَتِهِ) أَيْ الْمَدِينِ وَأَيْسَرَ وَلَمْ يُوَكِّلْ عَلَى قَضَائِهِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ مُوسِرُهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَقْضِيهِ فِي غِيبَتِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ أَوْ لَمْ يَحُلْ بِغِيبَتِهِ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ مِنْ سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ بَلَدَهُ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَ إرَادَتُهُ السَّفَرَ وَأَمَّا إنْ خَشِيَ سَفَرَهُ وَغِيبَتَهُ لِحُلُولِ الدَّيْنِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ وَانْكَرْهُ فَلِغَرِيمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ، فَإِنْ نَكَلَ أَوْ كَانَ لَا يَتَوَقَّى الْيَمِينَ الْغَمُوسَ كَلَّفَ حَمِيلًا بِالْمَالِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: غ الضَّمِيرُ فِي سَفَرِهِ يَعُودُ عَلَى الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَفِيهَا وَلَك مَنْعُ غَرِيمِك مِنْ بَعِيدِ السَّفَرِ الَّذِي يَحِلُّ دَيْنُك قَبْلَ قُدُومِهِ مِنْهُ، وَلَا تَمْنَعُهُ مِنْ قَرِيبِهِ الَّذِي يُؤَبُّ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّ أَجَلِ دَيْنِك. الثَّانِي: " غ " قَيَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَنْعَهُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ بِعَدَمِ تَوْكِيلِ مَنْ يُوفِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُهَا مَنْعُهُ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَوْكِيلٌ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ مُتَّجَهٌ إنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْحَقَّ وَهُوَ مَلِيءٌ أَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ مَالٌ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ " ح " مَا قَالَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ كُلَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 10 وَإِعْطَاءِ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ،   [منح الجليل] الثَّالِثُ: إذَا وَكَّلَ الْمَدِينُ مَنْ يُوَفِّي دَيْنَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ إلَى بَدَلٍ لَا مُطْلَقًا. وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ. الرَّابِعُ: فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَحْرَى أَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ مَنْعَ مَدِينِهِ مِنْ سَفَرِهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْخَامِسُ: مَفْهُومُ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَحِلُّ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ سَفَرِهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَقَيَّدَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ، وَكَذَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْمَذْهَبَ وَنَصُّهُ وَلِذِي الدَّيْنِ مَنْعُ الْمِدْيَانِ مِنْ سَفَرٍ يَحِلُّ فِيهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُوَفِّيهِ لَا إنْ كَانَ لَا يَحِلُّ بَعْدَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ فِرَارًا وَأَنَّ نِيَّتَهُ الْعَوْدُ لِقَضَائِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ. وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَكَذَا اللَّخْمِيُّ وَنَصُّهُ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ حُلُولِهِ فَلَا يُمْنَعُ إذَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ قَدْرُ سَيْرِهِ وَرُجُوعِهِ وَكَانَ لَا يُخْشَى لَدَدُهُ وَمُقَامُهُ، فَإِنْ خُشِيَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ عُرِفَ بِاللَّدَدِ مُنِعَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَهُ عَقَارٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْقَضَاءِ أَوْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ، وَيَكُونُ النِّدَاءُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِقْدَارِ مَا يُرَى أَنَّهُ يَكْمُلُ الْإِشْهَارَ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ هَلْ أَرَادَ بِسَفَرِهِ تَغَيُّبًا أَمْ لَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا يُسَافِرُ فِرَارًا وَأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْعَوْدَةِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَتُرِكَ. السَّادِسُ: هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدِينِ الْمُوسِرِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي بَابِ الْحَجِّ. السَّابِعُ: سُئِلَ أَبُو إبْرَاهِيمَ عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ أَنَّ الْمَدِينَ أَرَادَ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ فَقَالَ إنْ قَامَ لِلطَّالِبِ شُبْهَةُ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً حَلَفَ الْمَطْلُوبُ مَا أَرَادَ سَفَرًا، نَكَلَ كُلِّفَ حَمِيلًا ثِقَةً بِالْمَالِ. (وَ) لَهُ مَنْعُهُ مِنْ (إعْطَاءِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَانِعُ مِنْ الْغُرَمَاءِ دَيْنُهُ (قَبْلَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 11 أَوْ كُلَّ مَا بِيَدِهِ. : كَإِقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحِّ، لَا بَعْضِهِ   [منح الجليل] لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ فَهُوَ تَبَرُّعُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَيُتَّفَقُ عَلَى رَدِّهِ (أَوْ) إعْطَائِهِ (كُلَّ مَا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ الْمَدِينِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ فَلِغَيْرِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ مَنْعُهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا. " غ " كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَالثَّانِي لِلسُّيُورِيِّ وَأَصْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَنَصُّهُ بِاخْتِصَارِ ابْنِ عَرَفَةَ قَصَرَ السُّيُورِيُّ الْخِلَافَ فِي قَضَاءِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ عَلَى إمْسَاكِهِ بَعْضَ مَالِهِ لِيُعَامِلَ بِهِ النَّاسَ. قَالَ وَلَوْ قَضَى مَا بِيَدِهِ بَعْضُ غُرَمَائِهِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا لِمَعْنَى الَّذِي فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ إعْتَاقِهِ وَقَضَائِهِ بَعْضَ غُرَمَائِهِ مِنْ أَنَّ قَضَاءَ بَعْضِ غُرَمَائِهِ يُؤَدِّي إلَى الثِّقَةِ بِهِ فِي مُعَامَلَتِهِ، وَإِذَا عُومِلَ نَمَا مَالُهُ بِخِلَافَةِ إعْتَاقِهِ، ثُمَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَرَأَيْت فِي تَعَالِيقِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ دَيْنًا لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي رَدِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَحَكَيْتُهُ فِي بَعْضِ الدُّرُوسِ بِحَضْرَةِ بَعْضِ الْمُفْتِينَ فَقَالَ يُرَدُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ أَقَلُّ مِنْ عَدَدِ الْمُؤَجَّلِ، فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهِ هِبَةٌ تُرَدُّ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَحِيحٌ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُرَدُّ كُلُّهُ أَوْ مَا زَادَ عَدَدُهُ عَلَى قِيمَتِهِ مُؤَجَّلًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَعْلِهِ إيَّاهُ مَحَلَّ نَظَرٍ نَظَرٌ لِأَنَّ رَدَّ مَا زَادَ يُؤَدِّي إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ فَيَزَالُ فَاسِدًا لِحَقِّ آدَمِيٍّ بِارْتِكَابِ فَاسِدٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَخَصُّ يَمْنَعُ مَا مَنَعَ الْأَعَمَّ. اهـ. وَتَأَمَّلْ هَلْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا تَجْرِ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ لَيْسَ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ قَصْدًا. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الْغَرِيمِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَقَالَ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (لِ) شَخْصٍ (مُتَّهَمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً وَالْهَاءِ الْمَدِينِ بِالْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ لَهُ (عَلَيْهِ) بِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ أَوْ صُحْبَتِهِ كَزَوْجِهِ وَصِدِّيقِهِ فَلِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ ثُمَّ قَالَ وَأَنْ لَا يَجُوزَ أَحْسَنُ (وَالْأَصَحُّ) الَّذِي قَضَى بِهِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقَفِصَةِ وَشَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَمَفْهُومُ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ إقْرَارِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ (لَا) يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ إعْطَاءِ (بَعْضِهِ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ قَضَاءً لِدَيْنِهِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 12 وَرَهْنِهِ   [منح الجليل] لِلْخِلَافِ فِيهِ فَمَا فِي الْكَافِي مِنْ اتِّفَاقِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى جَوَازِهِ لَعَلَّهُ طَرِيقَةٌ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَشَاوَرَ الْغُرَمَاءُ فِي تَفْلِيسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَفْلِيسًا، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ تَفْلِيسٌ. (وَ) لَا يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ (رَهْنِهِ) أَيْ بَعْضِ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا قَضَاؤُهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ أَوْ رَهْنُهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُفَلَّسْ، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَقُولُ إذَا تَبَيَّنَ فَلَسُهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيَدْخُلُ الْغُرَمَاءُ مَعَهُ فِيهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَى إجَازَتِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ. الْحَطّ هَذَا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مَرِيضًا فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَلَا رَهْنُهُ فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. الرَّجْرَاجِيُّ إذَا كَانَ الْمُقِرُّ مَرِيضًا فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ مِدْيَانًا أَوْ غَيْرَ مِدْيَانٍ، فَإِنْ كَانَ مِدْيَانًا فَتَصَرُّفُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ جَائِزٌ قَوْلًا وَاحِدًا مَا لَمْ يُحَابِ وَتَصَرُّفُهُ فِي الْمَعَارِفِ مَمْنُوعٌ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَفِي قَضَائِهِ وَرَهْنِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِغَيْرِهِ وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالرَّهْنِ وَحَكَاهُ الْوَلِيدُ. اهـ. وَيَعْنِي بِالْمَعَارِفِ الْمَعْرُوفِ كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ، وَنَقَلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَاسْتَحْدَثَ فِي مَرَضِهِ دَيْنًا بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَرَهْنٍ فِيهِ فَلَا كَلَامَ فِي صِحَّتِهِ، وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حِينَ رَهَنَهُ مَرِيضًا فَلَيْسَ بِضَارٍّ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ جَائِزٌ مَا لَمْ يُحَابِ فِيهِ فَكَذَا رَهْنُهُ لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ وَبِسَبَبِهِ كَانَ اهـ. عب لَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ الْبَعْضِ الَّذِي لَا يُمْنَعُ مِنْ إعْطَائِهِ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا تُمْكِنُ الْمُعَامَلَةُ بِهِ قَالَ " د "، أَيْ لِوَفَاءِ مَا بَقِيَ أَوْ جَبْرِ مَا أُعْطِيَ لِلْبَعْضِ بِرِبْحِهِ، وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ بِتَحْرِيكِهِ وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي، وَلَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ لِأَنَّهُ هُنَا تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ وَلَا يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ رَهْنِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ بَعْضَ مَالِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ مُشْتَرَطٍ فِيهَا الرَّهْنُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَالرَّاهِنُ صَحِيحٌ، وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ بِأَنْ لَا يَرْهَنَ كَثِيرًا فِي قَلِيلٍ فَلَا يُمْنَعُ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 13 وَفِي كِتَابَتِهِ: قَوْلَانِ. وَلَهُ التَّزَوُّجُ، وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ بِتَحْرِيكِهِ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ مُشْتَرَطٍ فِيهَا الرَّهْنُ إلَخْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وضيح وَغَيْرِهِمْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ " ح " بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْجَوَازَ فِي الصَّحِيحِ وَالْخِلَافَ فِي الْمَرِيضِ قَالَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ فِي مَرَضِهِ دَيْنًا بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَرَهَنَ فِيهِ رَهْنًا فَلَا كَلَامَ فِي صِحَّتِهِ. اهـ. وَأَيْضًا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ حَادِثَةٌ وَإِنَّهُ أَصَابَ فِيهَا وَجْهَ الرَّهْنِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا لِجَوَازِ مُعَامَلَتِهِ مَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُحَابَاةً اهـ. أَقُولُ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ غَيْرَ كَوْنِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كُلُّهَا ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهَا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي) جَوَازِ (كِتَابَتِهِ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لِرَقِيقِهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِلَا مُحَابَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ وَمَنْعُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْعِتْقِ (قَوْلَانِ) ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ بِلَا عَزْوٍ. عب مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ كَاتِبُهُ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ لَا بِأَقَلَّ فَتُمْنَعُ قَطْعًا، وَلَا بِأَكْثَرَ فَتَجُوزُ قَطْعًا، ثُمَّ طَاهِرُهُ جَرْيُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابَةُ مِثْلِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ. وَلَوْ قِيلَ بِمَنْعِهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ لِمَا بَعْدُ. وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ ضَعِيفٌ (وَلَهُ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (التَّزَوُّجُ) وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْمُفْلِسِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِيمَا بَعْدَهُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجُوزُ إنْفَاقُهُ أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ. تت ظَاهِرُهُ تَزَوَّجَ بِمَنْ تُشْبِهُ أَوْ لَا أَصْدَقَهَا مِثْلَ صَدَاقِهَا أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ وَالْكَافِي وَلِابْنِ رُشْدٍ تَقْيِيدُهُ بِتَزَوُّجِهِ بِمَنْ تُشْبِهُ وَأَصْدَقَهَا مِثْلَ صَدَاقِهَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ لَكَانَ لِغُرَمَائِهِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهَا بِهِ. (وَفِي) جَوَازِ (تَزَوُّجِهِ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (أَرْبَعًا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ وَمَنْعُهُ مِمَّا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّوَسُّعِ تَرَدُّدٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 14 وَتَطَوُّعُهُ بِالْحَجِّ: تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] لِابْنِ رُشْدٍ (وَفِي) جَوَازِ إنْفَاقِهِ فِي (تَطَوُّعِهِ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (بِالْحَجِّ) وَمَنْعِهِ (تَرَدُّدٌ) لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجُوزُ إنْفَاقُهُ الْمَالَ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالتَّزْوِيجِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالْكِرَاءِ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ، وَانْظُرْ هَلْ لَهُ أَنْ يَحُجَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ يَأْتِي ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْحَجِّ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ وَتَدَبَّرْ ذَلِكَ اهـ. " ح " وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِيهَا. " غ " ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ وَسَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ تَطَوُّعًا بِاعْتِبَارِ الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي، أَوْ لِأَنَّ الْفَرْضَ سَاقِطٌ عَنْهُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ. " ح " وَالْعَجَبُ مِنْ تَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحُجُّ الْفَرِيضَةَ. قَالَ فِي بَابِ الِاسْتِطَاعَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فِيمَنْ عَلَيْهِ دِينٌ لَيْسَ عِنْدَهُ لَهُ قَضَاءٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ. قَالَ سَحْنُونٌ وَأَنْ يَغْزُوَ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ كَانَ يَرْجُو قَضَاءَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ قَالَ مُحَمَّدٌ مَعْنَاهُ وَإِنْ يَكُنْ مَعَهُ مِقْدَارُ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ، يُرِيدُ مُحَمَّدٌ إلَّا بِأَنْ يَقْضِيَهُ أَوْ يَتَّسِعَ وَجْدُهُ اهـ. وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ الِاسْتِطَاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دِينٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ فَالدَّيْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ وَأَنْ يَغْزُوَ يُرِيدُ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ يَجِبُ إنْظَارُهُ، فَإِذَا تَحَقَّقَ فَلَسُهُ وَكَانَ جَلَدًا فِي نَفْسِهِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ عَائِقُ الدَّيْنِ، وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ لِقُوَّتِهِ عَلَيْهِ. أَمَّا مَنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُوَفِّي دَيْنَهُ، فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ الْحَجِّ الْفَرْضِ فَمَا بَالُك بِالتَّطَوُّعِ فَقَدْ سَقَطَ التَّرَدُّدُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ لِوُجُودِ النَّصِّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ ذِكْرِ تَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ الظَّاهِرُ مَنْعُهُ مِنْ تَزَوُّجِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ لِقِلَّتِهِ عَادَةً وَكَذَا طَلَاقُهُ وَتَكَرُّرُ تَزَوُّجِهِ لِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 15 وَفُلِّسَ حَضَرَ أَوْ غَابَ، إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ.   [منح الجليل] (وَفُلِّسَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً الْمَدِينُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ سَوَاءٌ (حَضَرَ) الْمَدِينُ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ غَابَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَكْتُبُ لَهُ وَيَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ (أَوْ غَابَ) الْمَدِينُ عَلَى كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ ذَهَابًا، هَذَا ظَاهِرُ مُقَابَلَتِهِ بِحَضَرَ وَعَدَمِ تَفْصِيلِهِ فِي الْغَيْبَةِ بَيْنَ مُتَوَسِّطَةٍ وَبَعِيدَةٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَهِيَ الْمُنَاسَبَةُ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي يُفَلِّسُهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ فِي دَيْنِ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَفْلِيسُهُ فِي مُعَامَلَةِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْحَجْرِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ. تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ تَفْلِيسِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ الْتَمَسَهُ الْغُرَمَاءُ، وَقَرَّرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِي بِالْجَوَازِ تَبَعًا لِصَاحِبِ التَّكْمِلَةِ. عب وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ إلَخْ قَوْلُ عَطَاءٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكَ حُرْمَةِ الْمَدِينِ وَإِذْلَالَهُ. وَأَمَّا وُجُوبُهُ إذَا لَمْ يَتَوَصَّلْ الْغُرَمَاءُ لِدُيُونِهِمْ إلَّا بِهِ فَهُوَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ فَهُوَ مِنْ أَصْلِهِ جَائِزٌ، وَيَجِبُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ لِلْحَقِّ إلَّا بِهِ. وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ تَفْلِيسَ الْغَائِبِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ (مَلَاؤُهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَمْدُودٌ أَيْ غِنَاءُ الْمَدِينِ حَالَ خُرُوجِهِ، فَإِنْ عُلِمَ فَلَا يُفَلَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ قَرُبَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ لَا يُعْلَمُ مَلَاؤُهُ بِفَلَسٍ، أَحْسَنَ مِنْهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ حَدُّ الْقَرِيبِ الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ. قَالَ فِي الْبَيَانِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَخِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنَّمَا هُوَ عِنْدِي فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ اهـ. الْحَطّ أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْغَيْبَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قَرِيبَةٌ حَدَّهَا ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يُفَلَّسُ بَلْ يَكْشِفُ عَنْ حَالِهِ. ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 16 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا، وَمُتَوَسِّطَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ رُشْدٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ فُلِّسَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ عُلِمَ فَلَا يُفَلَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَبَعِيدَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ رُشْدٍ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ. وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ فَأَطْلَقَا فِي الْغَيْبِ الْبَعِيدَةِ وَحَكَيَا فِيهَا الْخِلَافَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا. وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ جَمِيعَهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ وَنَصُّهُ وَفُلِّسَ ذُو غَيْبَةٍ بَعُدَتْ كَشَهْرٍ أَوْ تَوَسَّطَتْ كَعَشَرَةٍ أَيَّامٍ وَجُهِلَ تَقَدُّمُ يُسْرِهِ لَا إنْ قَرُبَ وَكَشَفَ عَنْهُ كَأَنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ يُسْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. الثَّانِي: غَيْبَةُ مَالِهِ كَغَيْبَتِهِ. اللَّخْمِيُّ مَنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ مَالِهِ وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ أَوْ وُجُودِهِ فُلِّسَ وَإِنْ عُلِمَ وُجُودُهُ وَفِيهِ وَفَاءٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفَلَّسُ اهـ. تت " ح " فِي التَّوْضِيحِ أَمَّا لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَغَابَ الْمَالُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفْلِيسَهُ إذَا كَانَتْ غَيْبَةً بَعِيدَةً اهـ وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ. الثَّالِثُ: " ح " فِي الشَّامِلِ وَاسْتُؤْنِيَ بِبَيْعِ سِلَعِ مَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَأَنْ قَرُبَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَيِّتٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الرَّابِعُ: تت فِي كَبِيرِهِ وَأَشَارَ لِلتَّفْلِيسِ الْخَاصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ فَقَالَ وَفُلِّسَ إلَخْ. طفي وَمِثْلُهُ لس وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ التَّفْلِيسِ أَخَصُّ وَأَعَمُّ، بَلْ هُوَ وَاحِدٌ ثُمَّ تَقْرِيرُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْرِيعَ بِقَوْلِهِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ إلَخْ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ الْمَالِ الَّذِي جَعَلُوهُ تَفْلِيسًا خَاصًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مُطْلَقِ التَّفْلِيسِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ هَلْ هُوَ تُشَاوِرُهُمْ فِي تَفْلِيسِهِ أَوْ رَفْعُهُمْ لِلْقَاضِي أَوْ حَبْسُهُ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ. مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ الْحَجْرَ عَلَى مَنْ يَنْقُصُ مَالُهُ عَنْ دَيْنِهِ الْحَالِّ حُجِرَ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ وَلِلْحَجْرِ أَحْكَامٌ مِنْهَا مَنْعُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ وَالْمُصَنِّفُ نَسَجَ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْوَالِهِمَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَفُلِّسَ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ دَيْنًا حَلَّ، وَتَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِّ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ التَّشَاوُرِ أَوْ الرَّفْعِ وَلَا يَحْتَاجُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّوْضِيحِ قَرَّرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا يُنَافِي مَا قَالَاهُ مَا ذَكَرْنَا إذْ لَمْ يَجْعَلَا الْحَجْرَ وَالْمَنْعَ مَوْقُوفًا عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي حَدِّ الْأَعَمِّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ إلَخْ، فَاقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَنْعَ وَهُوَ صَوَابٌ، وَتَقَدَّمَ مُنَازَعَتُنَا لَهُ فِي جَعْلِهِ أَعَمَّ، وَفِي تَفْرِيعِ مَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ فَقَطْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ. ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمَّا عَرَّفَ الْأَخَصَّ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ يُمْنَعُ مَا يَمْنَعُ الْأَعَمَّ وَمُطْلَقُ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ. وَقَالَ فِي الْأَعَمِّ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَاتِ وَتَقَدَّمَ رَدُّنَا لَهُ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَمْنَعُهُمَا الْأَخَصُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ يَمْنَعُهُ الْأَعَمُّ أَيْضًا عَلَى تَفْسِيرِهِ لَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا لَك الْحَقَّ الَّذِي لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَتَثَبَّتَ فِي هَذَا الْمَجَالِ فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ أَفْكَارِ أَئِمَّةٍ فُضَلَاءَ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَعَجَزَ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ تَفْلِيسٌ أَخَصُّ، وَشَرْطُهُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ التَّفْلِيسُ الْأَعَمُّ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي حُكْمٍ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بِمُعَاوَضَةٍ، وَيَنْفَرِدُ الْأَخَصُّ بِحُلُولِ الْمُؤَجَّلِ وَقِسْمَةِ الْمَالِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِهَا، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ تَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ أَوْ التَّشَاوُرِ لَمْ يَحْتَاجُوا لِرَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ، وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُمْ لَوْ مَكَّنَهُمْ فَقَسَّمُوا إلَخْ إذْ لَا يَحْتَاجُونَ لِتَمْكِينِهِ وَلَوْ كَانَ التَّفْلِيسُ مُجَرَّدَ الْقِيَامِ أَوْ التَّشَاوُرِ فِيهِ لَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُمْ شَرْطُ التَّفْلِيسِ طَلَبُ الْغُرَمَاءِ وَلَا قَوْلُهُمْ فُلِّسَ وَلَوْ غَابَ مَعَ أَنَّ أَمْرَ الْغَائِبِ لَا يَحْكُمُ فِيهِ إلَّا الْقُضَاةُ فَتَقْسِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ التَّفْلِيسَ إلَى أَعَمَّ وَأَخَصَّ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ، وَيَأْتِي أَيْضًا فِي شَرْحٍ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ فَبَاعُوا إلَخْ، وَرَدُّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 18 بِطَلَبِهِ؛ وَإِنْ أَتَى غَيْرُهُ دَيْنًا حَلَّ زَادَ عَلَى مَالِهِ،   [منح الجليل] وَأَشَارَ لِشُرُوطِ التَّفْلِيسِ مُعَلِّقًا لَهَا بِفَلَسٍ فَقَالَ (بِطَلَبِهِ) أَيْ الْغَرِيمِ تَفْلِيسَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ إنْ وَافَقَ الطَّالِبُ بَاقِيَ الْغُرَمَاءَ، بَلْ (وَإِنْ أَبَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَنَعَ تَفْلِيسَهُ (غَيْرُهُ) أَيْ الطَّالِبُ وَأَوْلَى إنْ سَكَتَ. ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا إنْ يَدْفَعَ الْآبُونَ لِلطَّالِبِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ مَدِينِهِمْ أَوْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَا يُفَلَّسُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قَامَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمِدْيَانِ فَلَهُ أَنْ يُفَلِّسَهُ كَقِيَامِ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شُرُوطِ التَّفْلِيسِ أَحَدُهَا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ وَقَالَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَخَذَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا بِطَلَبِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ تَفْلِيسَ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. اهـ. وَكَذَا فُهِمَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ هُنَا بِطَلَبِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَلِلْغَرِيمِ مَنْعُ. . . إلَخْ. عب نَعَمْ لِلْمَدِينِ طَلَبُ الْحُكْمِ بِتَقْسِيطِ الدَّيْنِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ وَحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ غَرِيمٌ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُ دَيْنِ الطَّالِبِ (دَيْنًا حَلَّ) أَصَالَةً أَوْ بِانْتِهَاءِ أَجَلِهِ فَلَا يُفَلَّسُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ. بَعْضُ الشُّيُوخِ دَيْنًا مَفْعُولٌ لَهُ لَا بِهِ، أَيْ فُلِّسَ الْمَدِينُ بِسَبَبِ طَلَبِ غَرِيمِهِ تَفْلِيسَهُ لِأَجَلِ دَيْنٍ حَالٍّ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ ضَمِيرِ طَلَبِهِ رَاجِعًا لِلْغَرِيمِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ الطَّلَبِ وَمَفْعُولُهُ دَيْنًا، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الدَّيْنِ طَلَبُ التَّفْلِيسِ وَهُمْ قَدْ جَعَلُوهُ شَرْطًا احْتِرَازًا مِنْ طَلَبِ الْمَدِينِ أَوْ الْحَاكِمِ تَفْلِيسَهُ دُونَ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُفَلَّسُ فِيهَا لِمَالِكٍ إذَا أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ تَفْلِيسَ الْمَدِينِ وَحَبْسَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَدْعُهُ لِيَسْعَى حُبِسَ لِمَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ اهـ (زَادَ) الدَّيْنُ الْحَالُّ الَّذِي لِطَالِبِ تَفْلِيسِهِ (عَلَى مَالِهِ) أَيْ الْمَدِينِ قَالَهُ تت. عب وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ إنْ قَامَ بِهِ مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ وَمَنْ لَمْ يَحُلْ فَلَا يُفَلَّسُ إلَّا أَنْ يَفْتَرِقَ مَا حَلَّ مَا بِيَدِهِ اهـ الْبُنَانِيُّ فِي ضَيْح ذَكَرُوا هُنَا صُوَرًا. الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفَاءُ دَيْنِهِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ فَلَا يُفَلَّسُ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْقُصَ مَا بِيَدِهِ عَنْ الْحَالِّ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُفَلَّسُ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مَا بِيَدِهِ مِقْدَارُ الْحَالِّ فَقَطْ فَلِلْقَرَوِيِّينَ فِي تَفْلِيسِهِ قَوْلَانِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 19 أَوْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ   [منح الجليل] الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ مِقْدَارُ دَيْنِهِ الْحَالِّ وَيَفْضُلُ عَنْهُ فَضْلَةً إلَّا أَنَّهَا لَا تَفِي بِالْمُؤَجَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ، فَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ يُفَلَّسُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُفَلَّسُ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِأَنْ تَبْقَى بِيَدِهِ فَضْلَةٌ يُعَامِلُهُ النَّاسُ عَلَيْهَا وَيَتْجُرُهُ النَّاس بِسَبَبِهَا وَيُرْجَى مِنْ تَنْمِيَتِهِ لَهَا مَا يَقْضِي بِهِ الدُّيُونَ الْمُؤَجَّلَةَ، وَإِذَا كَانَ الْمَعْرُوفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُفَلَّسُ، فَتَفْلِيسُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ إلَّا مِقْدَارُ الْحَالِّ أَوْلَى اهـ. وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَلِعِلَّةِ تَوْفِيقٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. وَفَرَّقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَالِّ مَا يَشْمَلُ دَيْنَ الطَّالِبِ وَغَيْرِهِ خِلَافَ مَا قَيَّدَ بِهِ " ز " تَبَعًا لتت، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ، وَنَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ يَتَقَرَّرُ التَّفْلِيسُ الْأَخَصُّ بِتَوَجُّهِ طَلَبِ ذِي دَيْنِ الْمَدِينِ بِأَزْيَدَ مِمَّا يَمْلِكُهُ الْمَدِينُ، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً مُتَّفِقِينَ فَوَاضِحٌ، فَإِنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمْ دُونَهُمْ وَدَيْنُهُ أَقَلُّ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ فَكَذَلِكَ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ. (أَوْ بَقِيَ) مِنْ مَالِ الْمَدِينِ بَعْدَ قَضَاءِ مَا حَلَّ عَلَيْهِ (مَا) أَيْ قَدْرٌ يَسِيرٌ (لَا يَفِي) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ لَا يُوفِي (بِ) الدَّيْنِ، (الْمُؤَجَّلِ) وَلَا يُرْجَى بِتَحْرِيكِهِ رِبْحٌ يَفِي بِهِ. ابْنُ مُحْرِزٍ وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْحَالِّ إلَّا يَسِيرٌ لَا يُرْجَى فِي تَحْرِيكِهِ لَهُ أَدَاءُ حُقُوقِ الْآخَرِينَ فَيُفَلَّسُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَأَوْلَى إنْ سَاوَى مَالُهُ الْحَالَّ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ لِلْمُؤَجَّلِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ فَلَا يُفَلَّسُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْلِيسُهُ وَلَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. (فَمُنِعَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ يُمْنَعُ الْمُفْلِسُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ، أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ أَدَاءِ دُيُونِهِمْ (مِنْ) كُلِّ (تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) أَيْ فِي الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ وَلَوْ بِمُعَاوَضَةٍ بِدُونِ مُحَابَاةٍ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ. خَلِيلٌ احْتِرَازًا مِمَّا لَمْ يُوجَدْ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَالْتِزَامِهِ عَطِيَّةَ شَيْءٍ إنْ مَلَكَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 20 لَا فِي ذِمَّتِهِ:   [منح الجليل] وَدَيْنُهُمْ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلَهُمْ الْمَنْعُ حِينَئِذٍ. اهـ. وَدَخَلَ فِي التَّصَرُّفِ النِّكَاحُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَأَمَّا بَعْدَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا أَخْذٌ وَلَا عَطَاءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى وَقْفِ تَصَرُّفِهِ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ رَدًّا وَإِمْضَاءً، هَذَا نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ حُفَّاظِ الْمَذْهَبِ. وَفِي التَّوْضِيحِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ أَنَّ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ لَا يَمْضِي. وَفِي الْجَلَّابِ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُحَابَّ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ شُرَّاحِ ابْنِ الْجَلَّابِ تَأَوَّلَ كَلَامَهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْفَلَسُ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي مُعَامَلَتِهِ ثَالِثُهَا بِالنَّقْدِ وَرَابِعُهَا بِمَا يَبْقَى لَا بِمَا يَذْهَبُ فَقَالَ فِيهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ فِي صِحَّةِ مُعَامَلَةِ الْمُفْلِسِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَمُقَابِلُهَا، وَالثَّالِثُ تَصِحُّ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْمُفْلِسُ نَقْدًا وَلَا تَصِحُّ إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا، وَالرَّابِعُ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَسْرُعُ لَهُ التَّلَفُ وَيَبْقَى عَادَةً كَالرُّبْعِ وَلَسْت عَلَى وُثُوقٍ مِنْ نِسْبَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إلَى الْمَذْهَبِ، بَلْ رَأَيْت مِنْ الْحُفَّاظِ مَنْ يُنْكِرُهَا، وَالْمَنْعُ هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ فِي الْمَذْهَبِ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حُجِرَ عَلَى الْمُفْلِسِ وَلَوْ كَانَ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَا كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ كَبِيرَ فَائِدَةٍ، وَإِنَّمَا حُكِيَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالْحَرَامِ أَوْ الْغَصْبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا حُكْمَ الْمُفْلِسِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى حُكْمَهُ حُكْمَ الْمُفْلِسِ فَمَنَعَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ مُطْلَقًا، وَهَكَذَا حَرَّرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ اهـ. وَكَذَا أَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ نَقْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ وَالْبَحْثَ عَلِمَ ضَرُورَةَ عَدَمِ وُجُودِهَا فِي الْمَذْهَبِ، وَكُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى وَقْفِ تَصَرُّفِهِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومٍ مَالِيٍّ فَقَالَ (لَا) يُمْنَعُ الْمُفْلِسُ مِنْ تَصَرُّفٍ (فِي ذِمَّتِهِ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِمَعْلُومٍ فِيهَا أَوْ يَقْتَرِضُ كَذَلِكَ أَوْ يَقْرَأُ، وَيَلْتَزِمُ كَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَصَرُّفُهُ شَارِطًا أَنْ يَقْضِيَ مِنْ غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ صَحِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُرِيدُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 21 كَخُلْعِهِ، وَطَلَاقِهِ، وَقِصَاصِهِ، وَعَفْوِهِ، وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ.   [منح الجليل] شَيْئًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرْطِ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَلَوْ قِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحُكْمَ يَقْتَضِيهِ مَا بَعْدُ. وَفِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ مِمَّا سَيَتَجَدَّدُ لَهُ جَازَ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَقْضِيَ مِنْ غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ جَازَ. الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَصْرُوفًا لِذِمَّتِهِ كَمُسْلِمٍ يُسْلِمُ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ مَوْصُوفٍ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ يَصِحُّ السَّلَمُ إلَيْهِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ فَقَالَ (كَخُلْعِهِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُفْلِسِ زَوْجَتَهُ فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا فِي الْمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِيهِ تَجْدِيدُ مَالٍ (وَطَلَاقِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ زَوْجَتَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ لِذَلِكَ، وَلِإِسْقَاطِهِ نَفَقَتَهَا عَنْهُ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِمُؤَخَّرِ مَهْرِهَا لِحُلُولِهِ بِفَلَسِهِ وَمُحَاصَّتِهَا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُفْلِسَةِ مُخَالَعَةُ زَوْجِهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَتْ فِيهِ. ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا دَامَ قَائِمَ الْوَجْهِ فَإِقْرَاره بِالدَّيْنِ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ مَا لَمْ يُفَلَّسْ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَخْلَعُ زَوْجَهَا بِمَالٍ وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُفْلِسَةَ لَهَا مُخَالَعَةُ زَوْجِهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَتْ فِيهِ (وَقِصَاصِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ مَالُ أَصَالَةٍ (وَعَفْوِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ مَجَّانًا عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ قَاذِفٍ لَهُ أَوْ لِوَلِيِّهِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى مَالٍ وَدَفْعُهُ لِغَيْرِ غُرَمَائِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ، إذْ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ بِالْأَصَالَةِ، وَهَذَا فِي عَمْدٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مَقْدُورٌ وَإِلَّا فَلَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ عَفْوِهِ مَجَّانًا أَوْ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِمْ. (وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ الْأَخَصِّ وَلَوْ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ الْأَعَمِّ فَلَيْسَ لَهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَأَمَّا الَّتِي أَوْلَدَهَا بَعْدَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 22 وَتَبِعَهَا مَالُهَا. إنْ قَلَّ؛ وَحَلَّ بِهِ أَوْ بِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ   [منح الجليل] تَفْلِيسِهِ الْأَخَصِّ فَتُبَاعُ دُونَ وَلَدِهَا فِي الدَّيْنِ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَهُمْ رَدُّ عِتْقِهِ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ الْمُفْلِسُ أُمَّ وَلَدِهِ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ الْأَخَصِّ (تَبِعَهَا) أَيْ الْوَلَدُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مِلْكِ الْمُفْلِسِ (مَالُهَا) الَّذِي مَلَكَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا (إنْ قَلَّ) مَالُهَا فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا اتِّفَاقًا، فَإِنْ كَثُرَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتْبَعُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ الْمُفْلِسُ وَإِلَّا فَلَا يَتْبَعُهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي اتِّبَاعِهَا مَا لَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا قَوْلَانِ. خَلِيلٌ يَعْنِي إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ إمْضَاءِ عِتْقِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ مَالَهَا فَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَتْبَعُهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ بِاعْتِبَارِهَا غَيْرُ مُفْلِسٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا إلَّا الْيَسِيرُ. اهـ. وَصَدَرَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَلَّ. وَالْمُصَنِّفُ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاعْتِبَارِهِ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَلْزَمُ بِانْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَعَطَفَ عَلَى مَنَعَ فَقَالَ (وَحَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ حَالًّا (بِهِ) أَيْ بِسَبَبِ التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ لَا بِالتَّفْلِيسِ الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَسْمِ (وَ) حَلَّ أَيْضًا (بِ) سَبَبِ (الْمَوْتِ) لِلْمَدِينِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِهِ أَمْ لَا، وَفَاعِلُ حَلَّ (مَا) أَيْ دَيْنٌ أَوْ الدَّيْنُ الَّذِي (أُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا عَلَى الْمَدِينِ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ مَوْتِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْمَدِينُ حَالَ تَدَايُنِهِ عَدَمَ حُلُولِ دَيْنِهِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ مَوْتِهِ. فَإِنْ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ فَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ وَإِلَّا إذَا قَتَلَ رَبُّ الدَّيْنِ مَدِينِهِ عَمْدًا فَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ. وَأَمَّا تَفْلِيسُ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مَوْتُهُ فَلَا يَحِلُّ بِهِ مَالُهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ لَا يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ بِتَفْلِيسِ الْمَدِينِ وَلَا بِمَوْتِهِ. وَقِيلَ يَحِلُّ بِهِمَا إنْ لَمْ يَأْتِ الْمُفْلِسُ بِحَمِيلٍ بِالْمُؤَجَّلِ. وَقِيلَ يَحِلُّ الْعَيْنُ دُونَ الْعَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ حُلُولُ دَيْنِ الْمُفْلِسِ الْمُؤَجَّلِ بِتَفْلِيسِهِ كَالْمَوْتِ مُطْلَقًا. وَمَيْلُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 23 وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ،   [منح الجليل] السُّيُورِيِّ وَبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَغَارِبَةِ لِعَدَمِ حُلُولِهِ فِيهِمَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَتَى الْمُفْلِسُ بِحَمِيلٍ فَالْقِيَاسُ بَقَاءُ مَا عَلَيْهِ لِأَجَلِهِ لِأَنَّ تَعْجِيلَهُ إنَّمَا هُوَ خَوْفُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ شَيْءٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يُحَاصِصُ ذُو الدَّيْنِ الْعَرْضَ الْمُؤَجَّلَ بِقِيمَتِهِ حَالًّا، بَلْ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ لِأَجَلِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ. قُلْت فَفِي حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِتَفْلِيسِهِ. ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ. وَرَابِعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَرْضًا لِلْمَعْرُوفِ وَالسُّيُورِيُّ فِيهِ وَفِي الْمَيِّتِ وَاللَّخْمِيُّ وَسَحْنُونٌ. الثَّانِي: فِي التَّوْضِيحِ لَوْ قَالَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ لَا أُرِيدَ حُلُولَ عُرُوضِي، وَقَالَ الْمُفْلِسُ حَكَمَ الشَّرْعُ بِحُلُولِهَا فَلَا أُؤَخِّرُهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُفْلِسِ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى أَخْذِهَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَاعْتَرَضَهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْحُلُولَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ رَبِّ السِّلَعِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي تَأْخِيرِهَا. وَفِي الشَّامِلِ فَلَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ تَأْخِيرَ سِلَعِهِ مُنِعَ وَجُبِرَ عَلَى قَبْضِهَا وَرُجِّحَ قَبُولُهُ اهـ. الثَّالِثُ: لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ نَأْتِي بِحَمِيلٍ وَنُؤَدِّي عِنْدَ الْأَجَلِ وَنَقْسِمُ التَّرِكَةَ كُلَّهَا الْآنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الْحَطّ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ أَيْ جَبْرًا عَلَى الْغُرَمَاءِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَضَمِنَهُ وَارِثُهُ لِيُمَكِّنَهُ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ إنْ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَالْتَزَمَ الضَّامِنُ النَّقْصَ إنْ كَانَ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفَاضِلِ إنْ كَانَ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا إنْ رَضِيَ الْغَرِيمُ. وَبَالَغَ عَلَى حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِالتَّفْلِيسِ وَالْمَوْتِ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ (دَيْنَ كِرَاءٍ) لِعَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ وَجِيبَةٍ لَمْ يُسْتَوْفَ مَنْفَعَتُهُ فَيَحِلُّ بِفَلَسِ الْمُكْتَرِي وَمَوْتِهِ، وَلِلْمُكْرِي أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُسْتَوْفَ شَيْءٌ مِنْ مَنْفَعَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَيْنَ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ وَأَبْقَاهُ حَاصَصَ بِكِرَائِهِ حَالًّا، وَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَى بَعْضَ مَنْفَعَتِهِ حَاصَصَ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَخُيِّرَ فِي أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ فَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَتَرَكَهُ فَيُحَاصَصُ بِهِ حَالًّا كَمَا يُحَاصَصُ فِي الْمَوْتِ وَيَأْخُذُ مِنَّا بِهِ بِالْحِصَاصِ مُعَجَّلًا كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي شَرْحِهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 24 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحَاصَصْ بِهِ وَيُوقِفُ مَا نَابَهُ بِالْحِصَاصِ، فَكُلَّمَا اُسْتُوْفِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَخَذَ الْمُكْرِي مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ وَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْكِرَاءِ وَلَا عَلَى مَا وَجَبَ تَعْجِيلُهُ لِشَرْطِهِ أَوْ عَرَفَهُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِمَا حَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ، وَقَيَّدْنَا الْكِرَاءَ بِالْوَجِيبَةِ لِيَكُونَ لَازِمًا لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَإِنْ حَلَّ، إذْ لَوْ كَانَ مُشَاهَرَةً لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ حَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَمُقَابِلُهُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّوَازِلِ اُنْظُرْ ضَيْح وطفي، وَمَا فِي خش مِنْ تَقْيِيدِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالِاسْتِيفَاءِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَنَصُّ طفي قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ أَيْ الْمُؤَجَّلُ دَيْنَ كِرَاءٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤَجَّلِ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ نَقْدُهُ وَلَمْ يَكُنْ عُرِفَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُؤَجَّلًا أَمْ لَا. أَمَّا الْمُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ، وَكَذَا الْمُشْتَرَطُ نَقْدُهُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ حُلُولُهُ لِقَوْلِهِ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي فَصَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِالْمَتَاعِ، إذْ ظَاهِرُهَا تَعْجِيلُ الْحَقِّ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ. أَبُو الْحَسَنِ يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ، وَلِقَوْلِهَا وَإِنْ مَاتَ الْمُكْتَرِي وَقَدْ سَكَنَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ لَزِمَ وَرَثَتَهُ الْكِرَاءُ. أَبُو الْحَسَنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكِرَاءَ يَحِلُّ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ بِمَوْتِهِ. اهـ. وَقِيلَ لَا يَحِلُّ وَيُحَاصَصُ فِي الْفَلَسِ فَمَا نَابَهُ يُوقَفُ فَكُلُّ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي شَيْئًا دُفِعَ لَهُ بِحَسَبِهِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْعِوَضِ لَمْ يُقْبَضْ. أَبُو الْحَسَنِ اخْتَلَفَ فِي الدُّيُونِ الَّتِي أَعْوَاضُهَا غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ هَلْ تَحِلُّ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهَا تَحِلُّ اهـ. وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ فِيهِ وَيُمْكِنُهُ دَفْعُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَكْتَرِيَ الرَّجُلُ دَارًا بِالنَّقْدِ أَوْ يَكُونُ الْعُرْفُ فِيهِ النَّقْدُ فَيُفَلَّسُ الْمُكْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسَكَنَ الْبَعْضَ مِنْ السُّكْنَى فَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْمُكْرِي الْمُحَاصَّةُ بِكِرَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ السُّكْنَى إذَا شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَلَهُ مِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا إنْ فُلِّسَ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَلِلْمُكْرِي أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصُ بِجَمِيعِ كِرَائِهِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَشْهَبَ الَّذِي رَأَى قَبْضَ أَوَائِلِ الْكِرَاءِ قَبْضًا لِجَمِيعِ الْكِرَاءِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 25 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَيُجِيزُ أَخْذَ الدَّارِ لِلْمُكْرِي مِنْ الدَّيْنِ. وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ بِكِرَاءِ مَا مَضَى وَيَأْخُذَ دَارِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ، وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْكِرَاءِ النَّقْدُ وَلَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ النَّقْدَ لَوَجَبَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا حَاصَصَ أَنْ يُوقَفَ مَا وَجَبَ فِي الْمُحَاصَّةِ، فَكُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أُخِذَ بِقَدْرِهِ. اهـ. فَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ بِالْقَوْلِ الْمُقَابِلِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ، وَهَكَذَا فَعَلَ فِي نَوَازِلِهِ، وَنَصُّهُ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا سِنِينَ مَعْلُومَةً بِنُجُومٍ فَمَاتَ أَوْ فُلِّسَ فَالْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَلَا بِتَفْلِيسِهِ، إذْ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقْبِضْ بَعْدَ عِوَضِهِ وَهَلْ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ قَبْضَ الدَّارِ قَبْضًا لِسُكْنَاهَا، فَيَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَا يَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَيَنْزِلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ. اهـ. وَهَذَا اخْتِيَارٌ لَهُ وَأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، زَادَ فِي نَوَازِلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ رَبُّ الدَّارِ لَا أَرْضَى بِذِمَّتِهِمْ فَلَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ وَأَخْذُ دَارِهِ، وَيَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي التَّفْلِيسِ أَنَّهُ يَأْخُذُ دَارِهِ وَلَا يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِكِرَائِهَا إلَّا بِرِضَاهُمْ، وَمَرَّ قَوْلُهُ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ وَهَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ قَوْلِهِ وَجَرَيَانٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلِهِ وَرُجُوعٌ مِنْهُ إلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ قَبْض الْأَوَائِلِ مِنْ الْكِرَاءِ قَبْضٌ لِلْجَمِيعِ. وَقَالَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ نَوَازِلِهِ وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ جَمِيعَ الْكِرَاءِ يُعَجِّلُ الْمُكْتَرِي مِنْ تَرِكَةِ الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ تَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ عَلَيْهِ مَا قُبِضَ عِوَضُهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْكِرَاءِ لَمْ يُقْبَضْ عِوَضُهُ لِأَنَّهُ مَنَافِعُ تُقْبَضُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ جُعِلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَذَلِكَ لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ، وَقَدْ نَصَّ هُوَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى الرِّوَايَةِ حَتَّى يَعْلَمَ صِحَّتَهَا، يَعْنِي إذَا كَانَ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ فِي التَّرْجِيحِ كَهُوَ فَلَا يَغْتَرُّ بِكَلَامِهِ مِنْ قَصُرَتْ رُتْبَتُهُ عَنْ رُتْبَتِهِ، إذَا تَمَهَّدَ هَذَا عَلِمْت أَنَّ تَقْرِيرَ تت غَيْرُ مُحَرَّرٍ لِجَعْلِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَاعْتَمَدَ فِيمَا لَمْ يُسْتَوْفَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 26 أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ مَلِيًّا وَإِنْ نَكَلَ الْمُفَلِّسُ، حَلَفَ كُلٌّ: كَهُوَ، وَأَخَذَ حِصَّتَهُ، وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ.   [منح الجليل] ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ وَافَقَ اخْتِيَارَ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الرِّوَايَةِ لِاخْتِيَارِ أَحَدِ الشُّيُوخِ وَابْنِ فَرْحُونٍ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ بَلْ عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ قِيلَ بِهِ عَلَى عَادَتِهِ فِي أَلْغَازِهِ يَأْتِي مَا يَأْتِي بِهِ اللُّغْزُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْمَشْهُورِ وَنَصُّهُ فَإِنْ قُلْت رَجُلٌ مَاتَ وَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ إلَّا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ. قُلْت هَذَا فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي دَارًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُوفِيهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ السُّكْنَى فَلَا تَحِلُّ الْمِائَةُ بِمَوْتِهِ، وَتَلْزَمُ الْوَرَثَةَ عَلَى حَسَبِ مَا لَزِمَتْ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ. اهـ. فَلَمْ يَعْزُهُ إلَّا لِأَبِي إبْرَاهِيمَ. وَإِذَا فُلِّسَ الْمَدِينُ وَهُوَ غَائِبٌ حَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ سَوَاءٌ قَدِمَ مِنْ غَيْبَتِهِ وَهُوَ مُعْدَمٌ (أَوْ قَدِمَ) الْمُفْلِسُ (الْغَائِبُ) حَالَ كَوْنِهِ (مَلِيًّا) فَقَدْ حَلَّ الْمُؤَجَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ بِتَفْلِيسِهِ وَهُوَ مُجَوِّزٌ لِقُدُومِهِ مَلِيًّا فَمَضَى حُكْمُهُ وَلَا يَنْفَعُ الْمَدِينَ دَعْوَاهُ تَبَيُّنَ خَطَئِهِ بِمَلَائِهِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْبَغَ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ خِلَافَ مَا حُكِمَ بِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حِينَ قَضَائِهِ بِالْمُحَاصَّةِ كَانَ مُجَوِّزًا لِمَا قَدْ ظَهَرَ الْآنَ، وَأَيْضًا فَهُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ لَا يُرَدُّ ذَلِكَ إذَا قَدِمَ مَلِيًّا فَكَذَلِكَ مَا بَقِيَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَإِنْ) ادَّعَى الْمُفْلِسُ الْأَخَصُّ بِمَالٍ عَلَى شَخْصٍ وَأَنْكَرَهُ وَشَهِدَ لَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَتَانِ وَ (نَكَلَ الْمُفَلِّسُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفَ كُلٌّ) مِنْ غُرَمَائِهِ (ك) حَلِفِهِ (هُوَ) أَيْ الْمُفَلِّسُ فِي كَوْنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْمَشْهُودِ بِهِ لَا عَلَى مَنَابِهِ مِنْهُ فَقَطْ لِحُلُولِهِ مَحَلَّ الْمُفَلِّسِ وَلَا يَكْفِي حَلِفُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ شَخْصٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ (وَ) كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْ الْغُرَمَاءِ (أَخَذَ حِصَّتَهُ) مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَقْسُومًا عَلَى جَمِيعِهِمْ لَا جَمِيعَ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلِّسِ إنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ، بَلْ (لَوْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (غَيْرُهُ) أَيْ الْحَالِفُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 27 عَلَى الْأَصَحِّ وَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِالْمَجْلِسِ، أَوْ قُرْبِهِ: إنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ،   [منح الجليل] مِنْ غُرَمَائِهِ (عَلَى) قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ (الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتُرَدُّ يَمِينُ النَّاكِلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّةُ النَّاكِلِ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَهَا لِأَنَّ نُكُولَهُ كَشَاهِدٍ ثَانٍ وَتُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ مَنْ حَلَفَ وَمَنْ نَكَلَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا النَّاكِلُ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَأْخُذُ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ غَيْرُهُ وَإِنْ طَلَبَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْعَوْدَ لِلْيَمِينِ فَفِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ اظْهَرْهُمَا عَدَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الشَّهَادَاتِ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ نَكَلَ الْمُفْلِسُ أَنَّهُ الْمَطْلُوبُ بِالْيَمِينِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمَدِينُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ لَا يَحْلِفُ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَأَنَّهُ فِي الْحَيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْمَيِّتُ إنْ شَهِدَ لَهُ بِدَيْنٍ عَدْلٌ أَوْ امْرَأَتَانِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ بَدَأَ وَارِثُهُ بِالْيَمِينِ وَلَيْسَ الْغُرَمَاءُ مَا جَبَرَهُ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَبِي حَلَفَ الْغُرَمَاءُ وَأَخَذُوا دُيُونَهُمْ، وَلِلْوَارِثِ الْعَوْدُ لِلْحَلِفِ لِيَأْخُذَ الْفَاضِلَ عَنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ اعْتَقَدَ حَالَ نُكُولِهِ أَنَّهُ لَا يَفْضُلُ شَيْءٌ عَنْهُمْ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْوَرَثَةِ يَسْقُطُ حَقُّهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ حَلَفَ كُلٌّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَهُوَ قَوْلٌ. وَقِيلَ يَحْلِفُ وَلِيُّهُ وَقِيلَ يُؤَخَّرُ لِرُشْدِهِ وَيَشْمَلُ الْمَحْجُورَ غَيْرَ الصَّبِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ يُؤَخَّرُ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ وَأَفْتَى بِهِ. (وَ) إنْ أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ فُلِّسَ لَهُمْ (قُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إقْرَارُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ الْأَخَصِّ أَوْ الْأَعَمِّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ (بِالْمَجْلِسِ) الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ (أَوْ قُرْبِهِ) بِالْعُرْفِ و (إنْ) كَانَ (ثَبَتَ دَيْنُهُ) الَّذِي فُلِّسَ بِهِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ (لَا) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِغَيْرِهِمْ إنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ الَّذِي فُلِّسَ بِهِ (بِبَيِّنَةٍ) عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعَلَيْهِ حَمَلَتْ الْمُدَوَّنَةُ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَبُولَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. خَلِيلٌ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 28 وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ. وَقُبِلَ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ، إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ   [منح الجليل] بِإِقْرَارِهِ، فَإِنْ كَانَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ. وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّ مِنْ أَقَرَّ لَهُ الْمُفْلِسُ إنْ كَانَ عُلِمَ مِنْهُ إلَيْهِ تَعَاطٍ وَمُدَايَنَةٌ وَخُلْطَةٌ حَلَفَ الْمُقِرُّ لَهُ وَدَخَلَ فِي الْحِصَاصِ مَعَ مَنْ لَهُ بِيئَةٌ اهـ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِالْمَجْلِسِ أَوْ قُرْبِهِ أَنَّ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ بِبُعْدٍ لَا يُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نُقُولٍ كَثِيرَةٍ وَكَلَامٍ طَوِيلٍ قُلْت: حَاصِلُهُ أَنَّهُ قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ مَاضٍ اتِّفَاقًا وَلِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِيهِ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ وَبَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِحَجْرِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِيهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّيْخُ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ، وَبَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَقْبُولٌ عَلَى مِنْ لَيْسَ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ إنْ قَارَنَهُ أَوْ قَارَبَهُ، وَفِي قَبُولِهِ عَلَى مَنْ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ كَذَلِكَ وَلَغَوْهُ، ثَالِثُهَا يُقْبَلُ لِمَنْ عُلِمَ لَهُ تَقَاضٍ مِنْهُ لِلَّخْمِيِّ مَعَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ رِوَايَةً. (وَهُوَ) أَيْ مَا أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ لِكَوْنِ الدَّيْنِ الْمُفْلِسِ بِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لِبُعْدِ إقْرَارِهِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ تَفْلِيسِهِ لَازِمٌ لَهُ (فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ يُوفِيهِ مِمَّا يَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَقْتَ تَفْلِيسِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بِمَالٍ دَخَلَ بِهِ مَعَ مَنْ دَايَنَهُ بِبَيِّنَةٍ وَمَا بَعْدَ التَّفْلِيسِ لَا يَدْخُلُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ، فَإِنْ أَفَادَ مَالًا بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ فِيهِ مَعَ مَنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ. (وَ) إنْ كَانَ الْمُفْلِسُ عَامِلَ قِرَاضٍ أَوْ مُودَعًا بِالْفَتْحِ وَعَيَّنَ مَالَ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ بِأَنْ قَالَ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ هَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانٍ (قُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَعْيِينُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ (الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إنْ قَامَتْ) أَيْ شَهِدَتْ (بَيِّنَةٌ) عَدْلَةٌ (بِأَصْلِهِ) أَيْ عَقْدِ الْقِرَاضِ أَوْ الْإِيدَاعِ عَيَّنَتْ الْبَيِّنَةُ رَبَّهُمَا أَمْ لَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَفْهُومُ تَعْيِينِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي مَالِي قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ. وَمَفْهُومُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ عَدَمُ قَبُولِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُقْبَلُ إنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَوْ أَقَرَّ بِمُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ فَفِي قَبُولِهِ ثَالِثُهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 29 وَالْمُخْتَارُ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ   [منح الجليل] إنْ كَانَ عَلَى أَصْلِهَا بَيِّنَةٌ صَدَقَ فِي التَّعْيِينِ، ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ الثَّالِثُ مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ، وَقَيَّدَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مَعَ يَمِينِ الْمُقِرِّ لَهُ وَكَوْنُهُ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. (وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ) بِنُونٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ الْمُفْلِسُ فِي تَعْيِينِ مَصْنُوعَاتِهِ لِأَرْبَابِهَا (بِلَا بَيِّنَةٍ) بِأَصْلِهَا لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصُّنَّاعَ مُنْتَصِبُونَ لِمِثْلِ هَذَا وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ عِنْدَ الدَّفْعِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ. (وَحُجِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا حُجِرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا (إنْ تَجَدَّدَ) لَهُ أَيْ الْمُفْلِسِ، (مَالٌ) بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَقِسْمَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقَايَا سَوَاءٌ تَجَدَّدَ عَنْ أَصْلِ مَالٍ كَرِبْحٍ فِي مَالٍ تَرَكَهُ بِيَدِهِ بَعْضُ غُرَمَائِهِ أَوْ مِنْ مُعَامَلَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ عَنْ غَيْرِ أَصْلٍ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ قَاصِرٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ. وَأَمَّا الْمَالُ الْمُتَجَدِّدُ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ تَجْدِيدِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ. ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْعَمَلُ. وَلِلْبَاجِيِّ فِي سِجِلَّاتِهِ يُجَدِّدُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِانْتِقَالِ الْكَسْبِ. (وَانْفَكَّ) حَجْرُ الْمُفْلِسِ بِأَخْذِ مَا بِيَدِهِ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا أَوْ تَصْدِيقِهِ الْغُرَمَاءَ عَلَيْهِ إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِفَكِّهِ عَنْهُ، بَلْ (وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ) بِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لِاحْتِيَاجِهِ لِلِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبِطُهُ إلَّا الْحَاكِمُ، كَذَا قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَوْلَانِ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِطُرُوِّ الْمَالِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ كَالْحَجْرِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ عَلَى وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ. (وَلَوْ مَكَّنَهُمْ) أَيْ أَرْبَابُ الدَّيْنِ (الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ مِمَّا بِيَدِهِ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 30 فَبَاعُوا وَاقْتَسَمُوا، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ، فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلَيْنِ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ، إلَّا كَإِرْثٍ، وَصِلَةٍ وَجِنَايَةٍ وَبِيعَ مَالُهُ بِحَضْرَتِهِ   [منح الجليل] فَبَاعُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ مِنْ مَالِهِ مَا يَحْتَاجُ فِي قِسْمَتِهِ لِبَيْعِهِ بِلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ (وَاقْتَسَمُوا) أَيْ الْغُرَمَاءُ مَالٌ مَدِينُهُمْ بِحَسَبِ دُيُونُهُمْ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقَايَا مِنْ دُيُونِهِمْ (ثُمَّ دَايَنَ) الْغَرِيمُ بِابْتِيَاعٍ أَوْ اقْتِرَاضٍ (غَيْرَهُمْ) أَيْ الْمُقْتَسِمِينَ ثُمَّ فَلَّسَهُ غَيْرُهُمْ الَّذِينَ تَدَايَنَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَأَرَادُوا قِسْمَةَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ (فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ) فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ شَيْءٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْآخَرِينَ فَيَتَحَاصَّ فِيهِ الْأَوَّلُونَ، كَذَا فِي الْجَلَّابِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا أَنَّهُمْ إنْ قَامُوا وَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئًا فَتَرَكُوهُ لَمْ يَكُنْ تَفْلِيسًا، فَإِنْ دَايَنَ آخَرِينَ وَفَلَّسُوهُ دَخَلَ مَعَهُمْ الْأَوَّلُونَ فِيمَا يُوجَدُ بِيَدِهِ لِأَنَّ تَفْلِيسَهُمْ لَهُ بِلَا حَاكِمٍ (كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) . أَصْبَغُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَفْلِيسُهُمْ إيَّاهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَبَيْنُ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ يَجِدُوا لَهُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ أَوْ السِّقْطَ فِي الْحَانُوتِ الَّذِي يَكْشِفُ فِيهِ وَيُفَالِسُ فَيَأْخُذُونَ مَا وَجَدُوا وَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى تَفْلِيسِهِ وَالْيَأْسِ مِنْ مَالِهِ، فَهُوَ عِنْدِي تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ التَّفْلِيسُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ تَفْلِيسَةٍ. وَاسْتَثْنَى مِمَّا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ مَعَ الْآخَرِينَ فَقَالَ (إلَّا) مَا مَلَكَهُ بِ (كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ) أَيْ عَطِيَّةٍ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (وَ) أَرْشِ (جِنَايَةٍ) عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ وَلِيِّهِ فَلِلْأَوَّلِينَ الدُّخُولُ فِيهِ إذَا فُلِّسَ لِلْآخَرَيْنِ. (وَبِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مَالُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتَهُ وَيُبَاعُ (بِحَضْرَتِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ ظَاهِرُهُ وُجُوبًا، وَمَالَ إلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي قَطْعِ حُجَّتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ دُيُونِ الْقَائِمِينَ وَالْمَوْجُودِينَ وَالْأَعْذَارُ لِلْمُفْلِسِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ وَحَلَفَ كُلٌّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 31 بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَلَوْ كُتُبًا أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ، إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا   [منح الجليل] مِنْ دَيْنِهِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ كُلَّهُ وَلَا بَعْضَهُ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ إلَى الْآنَ وَتَسْمِيَةُ شُهُودِ كُلٍّ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ شَرَطَ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الْمُفْلِسِ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ ثُبُوتَ الدُّيُونِ وَحَلَفَ أَرْبَابُهَا عَلَى بَقَائِهَا كَيَمِينِ بَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَثُبُوتِ مِلْكِ الْمُفْلِسِ مَا يَبِيعُهُ عَلَيْهِ. اهـ. مَيَّارَةُ تَأَمَّلْ هَلْ هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ قَضَاءٍ وَهُمْ إنَّمَا أَوْجَبُوهَا عَلَى طَالِبٍ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ إمَّا حَالًّا فَقَطْ كَالصَّغِيرِ أَوْ حَالًّا وَمَآلًا كَالْمَيِّتِ أَوْ هِيَ يَمِينُ مُنْكِرٍ فَلَا تُتَوَجَّه إلَّا بِدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ إنَّهُ قَبَضَ أَوْ أَسْقَطَ مَثَلًا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَادَّعَى قَضَاءَ مَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ فَيَمِينُ طَالِبِهِ يَمِينُ مُنْكِرٍ لَا يَمِينُ قَضَاءٍ اهـ وَبِيعَ مَالُهُ (بِالْخِيَارِ) لِلْحَاكِمِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ فِي جَمِيعِ السِّلَعِ الَّتِي لَا يُفْسِدُهَا التَّأْخِيرُ لِلِاسْتِزَادَةِ فِي الثَّمَنِ. الْمُصَنِّفُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِبَيْعِ الْمُفْلِسِ فَكُلَّمَا يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ فَهَذَا سَبِيلُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعَادَةُ أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي عَلَى خِيَارِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْعَادَةَ فَلَهُ الْقِيَامُ بِالتَّخْيِيرِ رَدًّا أَوْ إمْضَاءً وَيُبَاعُ مَالُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كُتُبًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَالُهُ (كُتُبًا) فَيَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. عب ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهَا فَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ. اهـ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِكَرَاهَةِ بَيْعِهَا وَحُرْمَتِهِ، وَشَهَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ جَوَازَهُ، فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ. الْخِلَافُ فِي بَيْعِهَا هُنَا جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً وَمَنَعَهُ أُخْرَى وَالْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ جَوَازُ بَيْعِ الْكُتُبِ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ بِيعَتْ كُتُبُ ابْنِ وَهْبٍ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَصْحَابُنَا مُتَوَافِرُونَ حَاضِرُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ وَكَانَ أَبِي الْوَصِيَّ. (أَوْ) كَانَ مَالُهُ (ثَوْبَيْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَنَّى ثَوْبٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى (جُمُعَتِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ اللَّذَيْنِ يُصَلِّيهَا فِيهِمَا وَيَخْلَعُهُمَا فَيَبِيعُهُمَا الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ (إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) عب يُحْتَمَلُ بِالنَّظَرِ لَهُمَا وَيُحْتَمَلُ بِالنَّظَرِ لِصَاحِبِهِمَا وَيَشْتَرِي لَهُ دُونَهُمَا وَلَا يُبَاعُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَنَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامِلُوهُ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 32 وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ: تَرَدُّدٌ. وَأُوجِرَ رَقِيقُهُ، بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ، وَلَا يُلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ   [منح الجليل] لِجُمُعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِمَا اهـ. تت عب وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْمُرَادُ بِهِمَا قَمِيصٌ وَرِدَاءٌ أَوْ جُبَّةٌ وَرِدَاءٌ اهـ. تت وَيُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ مَا كَانَ لِلْقُنْيَةِ كَدَارِهِ وَخَادِمَتِهِ وَدَابَّتِهِ وَسَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ وَخَاتَمِهِ وَمُصْحَفِهِ. الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُبَاعُ مَا لَهُ مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى تُقْبَضَ عِنْدَ حُلُولِهَا. (وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ) بِنُونٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ الْمُفْلِسِ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَهَا. وَقُلْت قِيمَتُهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا أَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا بِيعَتْ بِلَا تَرَدُّدٍ. ابْنُ نَاجِي بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا مَهْدِيٍّ اخْتَارَ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ أَرَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا يَسِيرَةً وَلَا غِنَى عَنْهَا فَتُبَاعُ مَرَازِبُ الْكِمَادَيْنِ فَإِنَّهَا تُسَاوِي بِتُونُسَ الدَّنَانِيرَ الْكَثِيرَةَ كَثَلَاثِينَ دِينَارًا كَبِيرَةً الضَّرْبُ أَمِيرِيَّةٌ فَهُمْ يُعَامَلُونَ عَلَيْهَا كَالدَّارِ (وَأُوجِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (رَقِيقُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَا يُبَاعُ لِشَائِبَةِ حُرِّيَّتِهِ وَفِيهِ خِدْمَةٌ كَثِيرَةٌ كَمُدَبَّرِهِ وَمُعْتِقِهِ لِأَجَلٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْهُ وَأَمَّا الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ بَعْدَ الدَّيْنِ فَيُبَاعُونَ فِيهِ وَيُؤَاجَرُ عَلَيْهِ رَقِيقُ غَيْرِهِ الَّذِي أَخْدَمَهُ إيَّاهُ حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةً لَا مِنْ مَرْجِعِهِ لَهُ بَعْدَ إخْدَامِهِ غَيْرَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ فَلَا يُؤَاجَرُ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ ادَّعَى أَنَّ أَمَتَهُ أَسْقَطَتْ مِنْهُ فَلَا يَصْدُقُ إلَّا بِامْرَأَتَيْنِ أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ حَيٌّ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ مِنْهُ. (وَلَا يُلْزَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّاي الْمُفْلِسُ بَعْدَ أَخْذِ مَا بِيَدِهِ (بِتَكَسُّبٍ) بِتَجْرٍ أَوْ عَمَلٍ لِتَوْفِيَةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ مِنْ دُيُونِهِمْ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ لَا بِبَدَنِهِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ، وَسَوَاءٌ عَامَلَهُ غُرَمَاؤُهُ عَلَى التَّكَسُّبِ أَوَّلًا، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الصَّانِعُ لِأَنَّهُ عُومِلَ عَلَيْهِ لَا التَّاجِرُ وَعَلَى التَّاجِرِ تَكَلَّمَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 33 وَتَسَلُّفٍ وَاسْتِشْفَاعٍ، وَعَفْوٍ لِلدِّيَةِ، وَانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ   [منح الجليل] يُشْتَرَطُ فِي مُعَامَلَتِهِ تَكَسُّبُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ. (وَ) لَا يُلْزَمُ الْمُفْلِسُ ب (تَسَلُّفٍ) لِمَالٍ يَقْضِي بِهِ دَيْنَ غُرَمَائِهِ. عب وَلَا قَبُولِ هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا سَلَفٍ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ. تت الْمُصَنِّفُ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ وَفَاءَ دَيْنِ الطَّالِبِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ فَلَيْسَ لِلْمُفْلِسِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُ لَا لِلْمُفْلِسِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْقَاضِي عَنْهُ ضَرَرَهُ اهـ. بَعْضُ مَشَايِخِي ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ. عب إنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُسَلِّفَ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْرَ مَالِهِ عَلَى الْمَدِينِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ بِلَا عَنَتِهِ فَلَا مَقَالَ لِلْمُفْلِسِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ مِنْ مَنْعِهِ لِقَصْدِ نَفْعِ غَيْرِ الْمُقْتَرِضِ، وَقَدْ قَصَدَ بِهَذَا التَّسْلِيفِ نَفْعَ الْمُفْلِسِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُقْتَرِضِ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُفْلِسِ صَارَ الْقَرْضُ لَهُ، فَلَيْسَ النَّفْعُ فِي هَذَا الْقَرْضِ إلَّا لِلْمُقْتَرَضِ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ الْمُقْتَرِضُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالنَّفْعُ لِلْمَدِينِ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا نَفْعَ لِلْمَدِينِ أَصْلًا لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُعْدِمٌ فَتَأْخِيرُهُ وَاجِبٌ سَلَّفَ رَبَّ الدَّيْنِ أَمْ لَا وَمَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ فِي الْمَدِينِ غَيْرِ الْمُعْدِمِ فَلَا حَاجَةَ لِجَوَابِهِ. (وَ) لَا يُلْزَمُ بِ (اسْتِشْفَاعٍ) أَيْ أَخَذَ الْمُفْلِسُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فِي عَقَارٍ بَعْدَ بَيْعِهِ لِغَيْرِهِ بِالشُّفْعَةِ لِيَرْبَحَ فِيهِ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِأَنَّهُ تَكَسَّبَ (وَ) لَا يُلْزَمُ بِ (عَفْوٍ) عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا لَا دِيَةَ لَهُ (ل) أَخْذًا (لِدِيَةٍ) مِنْ الْجَانِي لِيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِأَنَّ الْعَمْدَ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ لَا مَالَ فِيهِ إنَّمَا فِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا. وَفُهِمَ مِنْ هَذَا مَنْعُهُ مِنْ الْعَفْوِ عَمَّا فِيهِ دِيَةٌ كَالْخَطَإِ وَالْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ دِيَةٌ كَجَائِفَةٍ وَآمَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَصِّ الْجَوَاهِرِ. (وَ) لَا يُلْزَمُ بِ (انْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَا يُبَاعُ، وَجَعَلَ لَهُ الشَّارِعُ انْتِزَاعَ مَالِهِ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يُعَامَلْ إلَّا عَلَى مَا يَمْلِكْهُ بِالْفِعْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ. ابْنُ زَرْقُونٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ حَبْسِ حَبْسًا وَشَرَطَ أَنَّ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 34 أَوْ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ، وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ، كَالشَّهْرَيْنِ   [منح الجليل] بَيْعُهُ فَلِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهُ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا لَا يُجْبَرُ الْمُفْلِسُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ مُنَافَاةُ مَا فِي السَّمَاعِ لِقَوْلِهَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ، وَيُرَدُّ بِحُصُولِ مُتَعَلَّقِ الْجَبْرِ فِي السَّمَاعِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ الْبَيْعُ وَعَدَمُهُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ لِوَقْفِهِ عَلَى الِانْتِزَاعِ (وَ) لَا يُلْزَمُ بِاعْتِصَارِ (مَا وَهَبَهُ) الْمُفْلِسُ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ (لِوَلَدِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ وَحَازَهُ الْوَلَدُ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِ أَبِيهِ، وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا وَحَازَهُ بَعْدَهَا فَلَهُمْ رَدُّهُ (وَعُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بَيْعُ الْحَيَوَانِ) الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْمُفْلِسِ، أَيْ لَا يَسْتَأْنِي بِهِ كَالِاسْتِينَاءِ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرْضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّدَاءِ عَلَيْهِ أَيَّامًا يَسِيرَةً لِأَنَّهُ يَسْرُعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ، وَفِي ذَلِكَ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا وَلَا أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. تت مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ مِنْ رُطَبِ فَاكِهَةٍ وَطَرِيِّ لَحْمٍ فَلَا يَسْتَأْنِي بِهِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَيَسِيرُ الْعُرُوض كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ يُبَاعُ مِنْ حِينِهِ. الْبُنَانِيُّ مِثْلُ الْحَيَوَانِ الْعُرُوض. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَسْتَأْنِي فِي بَيْعِ رُبْعِ الْمُفْلِسِ يَتَسَوَّقُ بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ فَيَتَسَوَّقُ بِهَا يَسِيرًا وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ بَيْعًا اهـ. وَسُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَأْنِي بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ مِثْلَ الدُّورِ. ابْنُ رُشْدٍ لَفْظُهُ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ الْعُرُوضَ يَسْتَأْنِي بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ كَالدُّورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ مِثْلَ الدُّورِ تَفْسِيرٌ لِلْعُرُوضِ، فَمَعْنَاهُ إنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي هِيَ الدُّورُ يَسْتَأْنِي بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي هِيَ كَالدُّورِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ يَسْتَأْنِي بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ. (وَاسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَوْ بِفَتْحِهِمَا أَيْ تَرَبَّصَ وَاسْتَمْهَلَ (بِ) بَيْعِ (عَقَارِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ فَيُنَادَى عَلَيْهِ (كَالشَّهْرَيْنِ) ثُمَّ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 35 وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ لَا يُبَاعُ مَالُ الْمُفْلِسِ بِالْحَضْرَةِ وَيُسْتَأْنَى بِهِ لِيُشْهَرَ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُسْتَأْنَى فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَفِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ يَسِيرًا أَوْ الْحَيَوَانِ دُونَ الْعُرُوضِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْعَطَاءُ الْأَوَّلُ مُسْتَوْفًى لَا تُرْجَى عَلَيْهِ زِيَادَةٌ وَيُرَى أَنَّ الْبِدَارَ لِلْعَقْدِ أَوْلَى خَوْفَ أَنْ يَنْثَنِيَ رَأْيُهُ عَنْ الشِّرَاءِ أَمْضَى ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بِمَا لَا تُرْجَى بَعْدَهُ زِيَادَةٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي الِاسْتِينَاءُ بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَيْنِ أَوْ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ كَالْحَيَوَانِ اخْتِلَافٌ، وَكَوْنُ الْحَيَوَانِ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا الْيَسِيرَ لِأَجْلِ كُلْفَةِ النَّفَقَةِ وَالنَّظَرُ فِي الْعُرُوضِ أَنْ يَسْتَأْنِيَ بِالرَّفِيعِ الْكَثِيرِ الثَّمَنِ مِنْهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَيَسِيرُ الثَّمَنِ كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالسَّوْطِ يُبَاعُ مِنْ سَاعَتِهِ اهـ. الْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ. (وَقُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَالُ الْمُفْلِسِ الْمُجْتَمَعِ مِنْ نَاضِّهِ وَثَمَنُ مَبِيعِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ (بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِنِسْبَةِ مَالِهِ لِلدُّيُونِ بِأَنْ تُجْمَعَ الدُّيُونُ وَيُنْسَبُ مَالُهُ لِمَجْمُوعِهَا وَيُعْطِي لِكُلِّ غَرِيمٍ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ دِينَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ نِسْبَةُ الدُّيُونِ لِمَجْمُوعِهَا، أَيْ نِسْبَةُ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ، وَيُعْطِي لِكُلِّ غَرِيمٍ مِثْلَ نِسْبَةِ دَيْنِهِ لَهُ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ، فَلَوْ كَانَ لِغَرِيمٍ خَمْسُونَ وَلِآخِرٍ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفْلِسِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَمَجْمُوعُ الدُّيُونِ ثَلَثُمِائَةٍ فَبِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَنْسُبُ مِائَةً وَعِشْرِينَ لِثَلَثِمِائَةِ تَجِدُهَا خَمْسِينَ فَتُعْطِي كُلَّ غَرِيمٍ خُمُسَا دَيْنِهِ، فَيَخْرُجُ لِلْأَوَّلِ عِشْرُونَ وَالثَّانِي أَرْبَعُونَ وَلِلثَّالِثِ سِتُّونَ، وَبِالْوَجْهِ الثَّانِي تَنْسُبُ الْخَمْسِينَ لِلثَّلَثِمِائَةِ تَجِدُهَا سُدُسًا فَتُعْطِي صَاحِبَهَا عِشْرِينَ سُدُسَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَتَنْسُبُ الْمِائَةَ لِلثَّلَثِمِائَةِ فَتَكُونُ ثُلُثًا فَتُعْطِي صَاحِبَهَا ثُلُثَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ أَرْبَعِينَ، وَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ نِصْفُ الثَّلَثِمِائَةِ، فَلِصَاحِبِهَا سِتُّونَ نِصْفُ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 36 بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ، وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ، إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَجْهُ التَّحَاصُصِ صَرْفُ مَالِ الْغَرِيمِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ دَنَانِيرَ إنْ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامًا إنْ كَانَ طَعَامًا، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُ دُيُونِهِمْ صَرَفَ الْمَالَ عَيْنًا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَ الصِّنْفَانِ جَارِيَيْنِ بِالْبَلَدِ وَيُبَاعُ مَالُهُ مِنْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى تَرْكِهَا لِحُلُولِهَا، وَيُجْمِلُ جَمِيعَ دُيُونِهِمْ إنْ كَانَتْ بِصِفَةِ وَاحِدَةٍ أَوْ قِيمَتَهَا إنْ اخْتَلَفَتْ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ لِأَنَّ التَّفْلِيسَ اقْتَضَى حُلُولَهَا كَالْمَوْتِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ الْعَرْضُ الْمُؤَجَّلُ يُقَوَّمُ يَوْمَ التَّفْلِيسِ بِنَقْدٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ لِأَجَلِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ لَعَجَّلَ لَهُ حَقَّهُ أَجْمَعَ، وَإِذَا قَالَهُ فِي الْعُرُوضِ فَيُلْزَمُ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّلِ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، فَقَدْرُ مَالِ الْمُفْلِسِ مِنْ الدُّيُونِ قَدْرُ مَا يَصِيرُ لِكُلِّ ذِي دَيْنٍ مِنْ دَيْنِهِ اهـ. (بِلَا بَيِّنَةٍ) شَاهِدَةٌ بِ (حَصْرِهِمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَتَوَقَّفُ قَسْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَهُمْ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ قَسْمِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ اتِّفَاقًا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَرَثَةَ مَعْلُومُونَ لِلْجِيرَانِ وَالْمَعَارِفِ وَأَهْلِ بَلَدِهِمْ بِخِلَافِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْمَدِينِينَ إخْفَاؤُهُمْ (وَاسْتُؤْنِيَ) وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (بِهِ) أَيْ الْقَسْمِ (إنْ عُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنْ أُرِيدَ قَسْمُ مَالِهِ أَيْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ (بِالدَّيْنِ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ التَّدَايُنِ مِنْ غَيْرِهِ وَالِاسْتِينَاءُ (فِي) الْقِسْمَةِ سَبَبُ (الْمَوْتِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْفَلَسِ أَيْضًا لِحَاضِرٍ أَوْ قَرِيبِ غَيْبَةٍ كَبَعِيدِهَا إنْ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا اُسْتُؤْنِيَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. وَأَرَادَ بِالْبَعِيدِ مَا يَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ، وَظَاهِرُهُ الِاسْتِينَاءُ مَعَ الْخَشْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالدَّيْنِ قَالَهُ عب. تت مَا فِي الْمَتْنِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَرَوَى غَيْرُهُ يَسْتَأْنِي فِي الْفَلَسِ كَالْمَوْتِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ قُسِمَ بِلَا اسْتِينَاءٍ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ أَنَّ ذِمَّةَ الْمُفْلِسِ بَاقِيَةٌ، فَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ فَحَقَّةُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا وَالْمَيِّتُ خَرِبَتْ ذِمَّتُهُ، وَإِنَّ الْمُفْلِسَ حَيٌّ يُخَيَّرُ بِغَرِيمِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 37 وَقُوِّمَ مُخَالِفُ النَّقْدِ يَوْمَ الْحِصَاصِ، وَاشْتَرَى لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ، وَمَضَى إنْ رَخُصَ أَوْ غَلَا   [منح الجليل] (تَتْمِيمٌ) أَصْبَغُ إذَا فُلِّسَ الْمِدْيَانُ أَوْ مَاتَ نُودِيَ عَلَيْهِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فِي وَقْتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا فُلِّسَ أَوْ مَاتَ، فَمَنْ لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ أَوْ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ لِلْقَاضِي. (وَ) إذَا كَانَ بَعْضُ الدُّيُونِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا عُرُوضًا، وَاخْتَلَفَتْ صِفَاتُهَا أَوْ أَطْعِمَةٌ كَذَلِكَ (قُوِّمَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا دَيْنُ (مُخَالِفِ النَّقْدِ) أَيْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَهُوَ الْعَرْضُ وَالطَّعَامُ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضُ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ (يَوْمَ الْحِصَاصِ) فَكَسْرُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الْمُحَاصَّةِ وَالْقِسْمَةُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِنَقْدٍ مَنْ صِنْفِ مَا أُرِيدَ قَسْمُهُ، وَيُحَاصُّ لِصَاحِبِ الْمُخَالِفِ بِقِيمَتِهِ. (وَاشْتُرِيَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (لَهُ) أَيْ صَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ (مِنْهُ) أَيْ جِنْسِ وَصِفَةِ دَيْنِهِ اهـ الْمُخَالِفُ لِلنَّقْدِ (بِمَا) أَيْ النَّقْدِ الَّذِي (يَخُصُّهُ) أَيْ يَخْرُجُ وَيَنُوبُ صَاحِبُ الْمُخَالِفِ بِالْمُحَاصَّةِ بِقِيمَةِ دَيْنِهِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيْتِ، فَإِنْ كَانَ مِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ لِشَخْصٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِآخَرَ عَرْضٌ يُسَاوِي مِائَةَ دِينَارٍ وَلِآخَرَ طَعَامٌ كَذَلِكَ دُفِعَ لِصَاحِبِ النَّقْدِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ، وَاشْتَرَى لِصَاحِبِ عَرْضٍ مِثْلَ عَرْضِهِ جِنْسًا وَصِفَةً بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ دِينَارًا وَثُلُثِ دِينَارٍ، وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ وَهَذَا مَعَ الْمُشَاحَةِ، وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَيَجُوزُ أَخْذُ صَاحِبِ الْمُخَالِفِ النَّقْدَ الَّذِي خَصَّهُ بِالْمُحَاصَّةِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ كَمَا يَأْتِي. (وَ) إنْ لَمْ يَشْتَرِ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ أَوْ الطَّعَامِ مِنْهُ حَتَّى رَخُصَ أَوْ غَلَا (مَضَى) الْقَسْمُ أَوْ التَّقْوِيمُ (إنْ رَخُصَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ حَتَّى صَارَ إذَا اشْتَرَى بِمَا خَصَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ أَكْثَرَ مِمَّا خَصَّهُ فَلَا تُحَاصِصُهُ الْغُرَمَاءُ فِي الزَّائِدِ (أَوْ غَلَا) نَوْعُ الطَّعَامِ أَوْ الْعَرْضُ حَتَّى إذَا اشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ أَقَلَّ مِمَّا يَخُصُّهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 38 وَهَلْ يُشْتَرَى فِي شَرْطٍ جَيِّدٍ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطَهُ؟ قَوْلَانِ. وَجَازَ   [منح الجليل] خَصَّهُمْ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، قَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ، قَالَا إلَّا أَنْ يَصِيرَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهِ فَيُرَدُّ الْفَاضِلُ لِلْغُرَمَاءِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ بِبَوَاقِي دُيُونِهِمْ. وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينِ وَصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ فَيَكُونُ الْحِسَابُ بِمَا اشْتَرَى لَا بِثَمَنِهِ، فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ قَدْرَ دَيْنِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمَدِينِ، وَإِنْ اشْتَرَى لَهُ أَقَلَّ مِنْهُ اتَّبَعَ الْمَدِينَ بِبَاقِيهِ. فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيَّ وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إنْ تَأَخَّرَ الشِّرَاءُ حَتَّى غَلَا أَوْ رَخُصَ فَلَا تَرَاجُعَ فِيهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا صَارَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ حَقِّهِ فَيُرَدُّ الْفَضْلُ إلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ لَوْ تَغَيَّرَ السِّعْرُ حَتَّى صَارَ يَشْتَرِي لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَشْتَرِي لَهُ يَوْمَ قِسْمَةِ الْمَالِ، فَالزَّائِدُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهِ كَمَالٌ طَرَأَ لِلْمُفْلِسِ. وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ الَّذِي حَدَثَ بِاخْتِلَافِ السِّعْرِ يَسْتَبِدُّ بِهِ هَذَا الْغَرِيمُ الْمَوْقُوفُ لَهُ الْمَالُ، وَيَشْتَرِي لَهُ بِهِ مِمَّا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مُصِيبَةَ الْمَوْقُوفِ مِمَّنْ لَهُ الدَّيْنُ اهـ. الْحَطّ وَكَلَامُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ قَوْلًا ثَالِثًا كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ، بَلْ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ. (وَ) إنْ كَانَ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ أَوْ جَمِيعِهِمْ دَيْنٌ عَرْضٌ أَوْ طَعَامٌ وَكَانَ اشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْمُعَامَلَةِ كَوْنُهُ جَيِّدًا ف (هَلْ يُشْتَرَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ لَهُ بِمَا خَصَّهُ بِالْمُحَاصَّةِ بِقِيمَتِهِ (فِي) صُورَةِ (شَرْطٍ) كَوْنُهُ مِنْ (جَيِّدٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِ يَشْتَرِي (أَدْنَاهُ) أَيْ الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمَدِينِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (أَوْ) يُشْتَرَى لَهُ (وَسَطُهُ) أَيْ الْجَيِّدُ لِأَنَّهُ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَعْلَى يَضُرُّ الْمَدِينَ، وَشِرَاءُ الْأَدْنَى يَضُرُّ رَبَّ الدَّيْنِ، فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) عب وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْغَالِبِ إنْ وُجِدَ كَمَا قَالَ فِي السَّلَمِ، وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ لِفَلَسِ الْمُسْلِمِ إلَيْهِ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ، أَوْ يُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا أَوْ مَا هُنَا فِي غَيْرِ السَّلَمِ وَمِثْلُ شَرْطِ الْجَيِّدِ شَرْطُ الدَّنِيءِ. (وَ) إنْ رَضِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَيْرِ الْعَيْنِ بِأَخْذِ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ عَيْنًا (جَازَ) أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 39 الثَّمَنُ، إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ. وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ، وَبِصَدَاقِهَا   [منح الجليل] يُؤْخَذَ (الثَّمَنُ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ، أَيْ النَّقْدُ الَّذِي خَصَّهُ بِالْحِصَاصِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِمَانِعٍ) شَرْعِيٍّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ دَنَانِيرَ فِي عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ وَنَابَهُ بِالْمُحَاصَّةِ دَرَاهِمُ، أَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ فِي أَحَدِهِمَا وَنَابَهُ نَقْدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْأَخْذُ هُنَا (كَالِاقْتِضَاءِ) عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ السَّابِقِ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةٌ، وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبٌ عَنْ الْمُفْلِسِ فَلَمْ يَدْفَعْ دُخُولُهُ التُّهْمَةَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ مِنْ صِنْفِ مَالِ الْغَرِيمِ اُبْتِيعَ لَهُ بِمَا صَارَ لَهُ صِنْفُ دَيْنِهِ، فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ مَا صَارَ لَهُ عَيْنًا لَمْ يَجُزْ إنْ كَانَ دَيْنُهُ طَعَامًا مِنْ سَلَمٍ، وَجَازَ إنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ عَرْضًا مِنْ سَلَمٍ لَمْ يَجُزْ. وَقِيلَ إنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ التَّفْلِيسَ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ وَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّ فِي رَفْعِ التَّفْلِيسِ حُكْمَ التُّهْمَةِ رِوَايَاتٌ لِغَيْرِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَهُ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَلِأَنَّ حُكْمَ التَّفْلِيسِ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ خُيِّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مَنْ بَاعَ عَبْدًا فَفُلِّسَ مُشْتَرِيهِ وَقَدْ أَبَقَ بَيْنَ حُصَاصَةِ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَ طَلَبِهِ الْعَبْدَ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ. ثُمَّ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ مَا صَارَ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ جَازَ إنْ كَانَ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ فَأَقَلَّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ طَعَامَ سَلَمٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَظُّهُ فِي الْمُحَاصَّةِ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ طَعَامَ قَرْضٍ جَازَ مُطْلَقًا. (وَ) إنْ أَنْفَقَتْ زَوْجَةٌ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا تَسَلَّفَتْهُ حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا ثُمَّ فُلِّسَ (حَاصَتْ الزَّوْجَةُ) غُرَمَاءَ زَوْجِهَا (بِمَا أَنْفَقَتْ) قَبْلَ تَدَايُنِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ (وَ) حَاصَتْ (بِصَدَاقِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ كُلِّهِ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِفَلَسِهِ، وَإِذَا حَاصَّتْ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِهِ قَوْلَانِ، ثَانِيهِمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْأَوَّلُ لِابْنِ دِينَارٍ قَالَهُ تت، وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الثَّانِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 40 كَالْمَوْتِ، لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ   [منح الجليل] أَيْ وَتُحَاصَصُ فِيمَا رَدَّتْهُ، فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِائَةً وَحَاصَتْ بِهَا فَنَابَهَا خَمْسُونَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ صَدَاقَهَا خَمْسُونَ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ إلَّا بِهَا، وَتَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ اهـ. عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِهِ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الرَّهْنِ، وَإِلَّا قَدَرَ مُحَاصًّا بِمَا بَقِيَ، وَمِثَالُهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَيْهِ مِائَتَانِ وَحَاصَّتْهُمَا بِمِائَةِ صَدَاقُهَا وَمَالُ الْمُفْلِسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ نِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ النِّصْفُ فَأَخَذَ كُلُّ خَمْسِينَ نِصْفَ دَيْنِهِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِذَا قُدِّرَتْ مُحَاصَّةٌ بِخَمْسِينَ نُصِّفَ الصَّدَاقُ نَابَهَا ثَلَاثُونَ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الدُّيُونِ حِينَئِذٍ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفْلِسِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا فَتَرُدُّ عِشْرِينَ لِلْغَرِيمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِيَكْمُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتُّونَ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ، وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُمَا فِيمَا تَرُدُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ " ز " تُحَاصَصُ فِيمَا تَرُدُّهُ، وَقَوْلُهُ تَرُدُّ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ غَيْرُ صَوَابِ، نَعَمْ فِي ضَيْح عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِيَدِ غَرِيمٍ بِالْحِصَاصِ الْأَوَّلِ نِصْفُ حَقِّهِ فَلْتَحْبِسْ هِيَ مِمَّا بِيَدِهَا قَدْرَ نِصْفِهِ وَتَرُدُّ مَا بَقِيَ وَتُحَاصَصُ مَعَهُمْ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا تَرُدُّ مِنْ الْخَمْسِينَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيَبْقَى لَهَا مِنْ دَيْنِهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُونَ، فَمَجْمُوعُ الدُّيُونِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْمَرْدُودَةِ إلَيْهِ الْخُمُسُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمُسَ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ فَتَأْخُذُ خَمْسَةً وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةً. اهـ. لَكِنْ لَا يُقَالُ عَلَى هَذَا تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْمُحَاصَّةِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَصَدَاقِهَا فَقَالَ (كَالْمَوْتِ) لِلزَّوْجِ فَتُحَاصَصُ زَوْجَتُهُ بِنَفَقَتِهَا حَالَ يُسْرِهِ وَبِصَدَاقِهَا غُرَمَاءَهُ، وَإِنْ أَنْفَقَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى وَلَدِ زَوْجِهَا حَالَ يُسْرِهِ ثُمَّ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ (فَلَا) تُحَاصَصُ، (بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) لِأَنَّهَا مَحْضُ مُوَاسَاةٍ، لَكِنْ تَرْجِعُ بِهَا عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَيْسَرَ لِقِيَامِهَا عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ مُحَاصَّتِهَا بِهَا وَلَوْ حَكَمَ بِهَا. وَفِي " د " هَذَا مَا لَمْ تَكُنْ بِقَضِيَّةٍ وَأَنْفَقَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ وَإِلَّا حَاصَتْ بِهَا. اهـ. لَكِنْ ظَاهِرٌ أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَلَا تُحَاصَصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى وَالِدِيهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهَا عَلَيْهِ وَكَانَ مَلِيًّا وَتَسَلَّفَتْ فَتُحَاصِصْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 41 وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ وَإِنْ قَبْلَ فَلَسِهِ: رَجَعَ بِالْحِصَّةِ   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ هَذَا، فَفِي مُنْتَقَى الْبَاجِيَّ حِكَايَتُهُ عَنْ أَصْبَغَ بَعْدَ نَقْلِهِ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تُحَاصَصُ بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا، وَوَجَّهَ كُلًّا مِنْهُمَا وَنَحْوَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَإِنْ) قَسَمَ مَالَ مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ عَلَى غُرَمَائِهِ ثُمَّ (ظَهَرَ دَيْنٌ) عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمْ لَمْ يُعْلَمْ بِقِسْمَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ قَاسَمَهُمْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يُقَاسِمْهُمْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) بِيعَ مَالُهُ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ عَلَى غُرَمَائِهِ ثُمَّ (اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَقَافٍ شَيْءٌ (مَبِيعٌ) عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ إنْ كَانَ مَبِيعًا بَعْدَ تَفْلِيسِهِ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَبِيعًا (قَبْلَ فَلَسِهِ) أَوْ مَوْتِهِ (رَجَعَ) الْغَرِيمُ الظَّاهِرُ فِي الْأُولَى وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (بِالْحِصَّةِ) الَّتِي تَخُصُّهُ لَوْ قَاسَمَهُمْ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْفَلَسِ، وَبِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَهُ لِاقْتِسَامِهِمْ عَيْنَ مَالِهِ وَلِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ فِي هَذَا إنَّمَا هِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَلَهُ سِلْعَتَانِ بِيعَتْ كُلُّ سِلْعَةٍ مِنْهُمَا بِعَشَرَةٍ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ رَجَعَ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ إنْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْفَلَسِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِخَمْسَةٍ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ فِيهِمَا. الْخَرَشِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يُفَلَّسُ وَدَيْنُهُ مُسَاوٍ لِمَا بِيَدِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لِلْحَطِّ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا حِينَ تَفْلِيسِهِ تَنْقُصُ عَنْ عِشْرِينَ ثُمَّ زَادَتْ حِينَ الْبَيْعِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ عَمَّنْ حَضَرَ الْقَسْمَ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ مَانِعٌ لَهُ مِنْ مُقَاسَمَتِهِمْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ وَبَالَغَ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْفَلَسِ لِتَوَهُّمِ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِيهِ لِأَنَّ الْمُقْتَسِمِينَ يَقُولُونَ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ مِنْهُ إنَّمَا اقْتَسَمْنَا مَالَ الْمُفْلِسِ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أَنْتَ شَيْئًا مِنْهُ وَقْتَ الْقِسْمَةِ إنَّمَا طَرَأَ اسْتِحْقَاقُك بَعْدَهَا. وَوَجْهُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ مُحَاصَّتَهُمْ وَقْتَهَا. وَأَمَّا الْمَبِيعُ بَعْدَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 42 كَوَارِثٍ، أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأَقْبَضَ: رُجِعَ عَلَيْهِ؛   [منح الجليل] التَّفْلِيسِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِمْ لِاقْتِسَامِهِمْ عَيْنَ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ بِجَمِيعِهِ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ إنَّمَا هِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ، قَالَهُ الْفِيشِيُّ وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ السُّودَانِيِّ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ هَذَا هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ مَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ مَا اشْتَرَاهُ مِمَّا بِيعَ عَلَى الْمُفْلِسِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، فَقَوْلُهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ ظَاهِرٌ فِي رُجُوعِهِ بِجَمِيعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْمُفْلِسِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَالْمَبِيعُ قَبْلَهُ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ فَقَدْ اخْتَلَفَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَاتَّفَقَا فِي أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى غُرَمَاءِ بَعْدَ قَسْمِ مَالِ الْمَدِينِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالطَّارِئِ وَشُهْرَةِ الْمَدِينِ بِالدَّيْنِ تَبِعَ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا يَجِبُ لَهُ لَوْ حَضَرَ مَعَهُمْ فِيمَا صَارَ لَهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَهُ الْوَفَاءُ مَا فَضَلَ عَنْ دُيُونِهِمْ بِحَقِّ الطَّارِئِ تَبِعَ الْوَرَثَةَ بِمَا فَضَلَ عَنْ دُيُونِهِمْ زَادَ فِي قِسْمَتِهَا وَلَا يَتْبَعُ الْمَلِيءُ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ اهـ. وَشَبَّهَ فِي رُجُوعِ الطَّارِئِ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ فَقَالَ (كَوَارِثٍ) طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ (أَوْ مُوصًى لَهُ) بِفَتْحِ الصَّادِ طَرَأَ (عَلَى مِثْلِهِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ وَارِثٍ فِي الْأَوَّلِ وَمُوصًى لَهُ فِي الثَّانِي بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُوصَى بِهِ فِي الثَّانِي، فَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ لَوْ حَضَرَهَا وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ إلَخْ. (وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ) عَلَيْهِ (أَوْ) لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ و (عَلِمَ وَارِثُهُ) لَوْلَا الدَّيْنُ أَوْ وَصِيُّهُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ (وَأَقْبَضَ) الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ لِلْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ، أَوْ قَبَضَهَا الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ، أَوْ أَقْبَضَهَا لَهُ الْوَصِيُّ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ (رَجَعَ) الْغَرِيمُ الطَّارِئُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ الْمُقْبِضِ لِغَيْرِهِ أَوْ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ بِمَا يَخُصُّهُ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِقْبَاضِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 43 وَأُخِذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ: مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ، وَفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ، وَهَلْ خِلَافٌ، أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ؟ تَأْوِيلَانِ:   [منح الجليل] أَوْ الْقَبْضِ بِالشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ (وَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَارِثٌ (مَلِيءٌ عَنْ) وَارِثٍ (مُعْدِمٍ) وَحَاضِرٌ عَنْ غَائِبٍ وَحَيٌّ عَنْ مَيِّتٍ (مَا لَمْ يُجَاوِزْ) بِجِيمٍ وَزَايٍ، أَيْ يَتَعَدَّ دَيْنُ الطَّارِئِ (مَا) أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي (قَبَضَهُ) الْوَارِثُ الْمَلِيءُ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ سَاوَاهُ، فَإِنْ جَازَ دَيْنُ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ الْمَلِيءُ لِنَفْسِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ الطَّارِئُ بِمَا قَبَضَهُ فَقَطْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِقْبَاضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ فِيهِ احْتِبَاكًا بِحَذْفٍ أَوْ قَبْضٍ عَقِبَ " أَقْبَضَ " بِدَلِيلِ مَا قَبَضَهُ وَحَذَفَ أَوْ أَقْبَضَهُ عَقِبَ قَبْضِهِ بِدَلِيلِ أَقْبَضَ الْأَوَّلُ، وَيَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغُرَمَاءِ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ وَفَرَّقَ بِمُسَاوَاةِ الْغُرَمَاءِ الطَّارِئِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْوَارِثُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ. (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ الْمُقْبِضُ مَعَ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ (رَجَعَ) الْوَارِثُ (عَلَى الْغَرِيمِ) الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ أَوَّلًا، قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (الْبُدَاءَةُ) فِي الرُّجُوعِ (بِالْغَرِيمِ) الَّذِي قَبَضَ مِنْ الْوَارِثِ أَوَّلًا، أَيْ يَرْجِعُ الطَّارِئُ أَوَّلًا عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ لَوْ حَضَرَ، فَإِنْ وَجَدَهُ عَدِيمًا رَجَعَ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا يَخُصُّهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ. (وَهَلْ) بَيْنَهُمَا (خِلَافٌ أَوْ) هُمَا مَحْمُولَانِ (عَلَى التَّخْيِيرِ) لِلطَّارِئِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْغَرِيمِ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ، وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ إلَخْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِيمَنْ تَرَكَ مَالًا يَفِي بِدُيُونِهِ، وَالتَّفْصِيلُ فِيهِ أَمَّا مَنْ تَرَكَ وَفَاءً وَقَضَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ بَعْضَ غُرَمَائِهِ ثُمَّ تَلِفَ مَا بَقِيَ فَلَيْسَ لِلْبَاقِينَ رُجُوعٌ عَلَى مَنْ قَبَضَ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِشَيْءٍ، إذْ فِيمَا بَقِيَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 44 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْبَاقِينَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَهَلْ لِلْبَاقِينَ رُجُوعُ الْوَارِثِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهَا، وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ ضَيَاعُ الْبَقِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إنْ أَمْسَكَهَا الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِدَيْنِ الطَّارِئِ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ضَيَاعِهَا وَإِنْ قَامَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا عَلَى أَصْلِهِ فِي ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ. اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِلْغَرِيمِ فَلَا يَضْمَنُهَا، وَاخْتَلَفَ هَلْ مُصِيبَتُهَا مِمَّنْ وُقِفَتْ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ، أَوْ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". اهـ. فَالرَّاجِحُ أَنَّهَا مِنْ الْمَيِّتِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ الْآتِي وَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ إلَخْ لِأَنَّهُ فِيمَا عَزَلَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؟ الثَّانِي طفي قَوْلُهُ وَأُخِذَ مَلِيءٌ إلَخْ هَذَا خَاصٌّ بِالْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ لَا بِقَيْدِ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ بَلْ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ " س " وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي الْقِسْمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ أُعْسِرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا لِأَنَّهُ مُعْتَرِضٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَطّ هُنَاكَ، فَتَعْمِيمُ " ج " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ قَائِلًا فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ أَوْ أَقْبَضَهُ تَكَلُّفٌ بِلَا مُسَاعِدٍ لَهُ نَقْلًا. الثَّالِثُ: " غ " اشْتَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ وَإِنْ قَبْلَ فَلَسِهِ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ. الثَّانِي طُرُوءُ الْوَارِثِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ. الثَّالِثُ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَارِثُ ضَرْبَانِ مُقْبِضٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَقَابِضٌ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْوَارِثِ الْمُقْبِضِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأَقْبَضَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِلَى الْوَارِثِ الْقَابِضِ بِقَوْلِهِ وَأُخِذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ، وَبَاقِي كَلَامِهِ خَاصٌّ بِالْوَارِثِ الْمُقْبِضِ. فَإِنْ قُلْت فَأَيُّ قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ لِلْمُقْبَضِ دُونَ الْقَابِضِ. قُلْت ذِكْرُ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَرِيمِ يُعَيِّنُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الدَّافِعَ هُوَ الْمُقْبَضُ دُونَ الْقَابِضِ. بِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الرَّابِعُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهِ احْتِبَاكٌ إلَخْ، هَذَا الْوَجْهُ غَيْرُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 45 فَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ: عُزِلَ لَهُ فَمِنْهُ كَعَيْنٍ وُقِفَ لِغُرَمَائِهِ لَا عَرْضٍ؛ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكَدَيْنِهِ؟ تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] صَحِيحٍ أَيْضًا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ أَيْضًا إنْ أَخَذَ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ مَشْرُوطٌ بِالشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. الْخَامِسُ الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأَخْذُ مَلِيءٍ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ مُقْحَمٌ هُنَا كَمَا فِي " ق " و " غ "، وَأَنَّ قَوْلَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ يُوصَلُ بِقَوْلِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ خَاصٌّ بِالْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ لَا يُقَيِّدُ الشُّهْرَةَ أَوْ الْعِلْمَ، بَلْ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ طفي. (فَإِنْ) غَابَ غَرِيمٌ وَقْتَ الْقِسْمَةِ وَعَزَلَ الْقَاضِي لَهُ نَصِيبَهُ و (تَلِفَ نَصِيبُ) غَرِيمٍ (غَائِبٍ عُزِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ عِنْدَ الْقَسْمِ (ف) ضَمَانُهُ (مِنْهُ) أَيْ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ نَائِبَهُ كَوَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقِفَ لِمَنْ غَابَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ حَظُّهُ ثُمَّ إنْ هَلَكَ كَانَ مِنْهُ، وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الضَّمَانِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ فَقَالَ (كَعَيْنٍ) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ (وُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ (ل) تَتَقَسَّمَ عَلَى (غُرَمَائِهِ) وَتَلِفَتْ فَضَمَانُهَا مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ الْمُفْلِسِ أَوْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِتَقْصِيرِ الْغَرِيمِ فِي عَدَمِ قِسْمَتِهَا مَعَ تَهَيُّئِهَا لِلْقَسْمِ (لَا عَرْضٍ) وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ فَتَلِفَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفْلِسِ أَوْ التَّرِكَةِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ دَيْنُهُمْ عَيْنًا. وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ الْعُرُوضَ مِنْ الْمَدِينِ إنْ كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ مُمَاثِلًا لَهَا. اهـ. وَنَحْوَهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ. (وَهَلْ) عَدَمُ ضَمَانِ الْغَرِيمِ الْعَرْضَ الْمَوْقُوفَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِ أَمْ لَا، وَعَلَيْهِ فَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ أَوْ عَدِمَهُ فِي حَالٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْعَرْضُ (بِكَ) جِنْسِ وَصِفَةِ (دَيْنِهِ) أَيْ الْغَرِيمِ الْمَوْقُوفِ لَهُ فَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ فِيهِ كَالْعَيْنِ بِدُونِ احْتِيَاجٍ إلَى بَيْعٍ، وَهَذَا فَهْمُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَابْنِ رُشْدٍ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 46 وَتُرِكَ لَهُ قُوتُهُ، وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتَهُ وَكِسْوَتُهُمْ   [منح الجليل] ضَمَانَ التَّالِفِ مِنْ الْمُفْلِسِ حَقٌّ يَصِلُ لِلْغُرَمَاءِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفَادَهُ تت. طفي اغْتَرَّ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَجَعَلَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْفَهْمَانِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ، فَإِنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَلَمْ يَنْسُبْهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ لَهَا وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا غَيْرُهُمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَعَلَّ أَصْلَهُ فَفَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الَّذِي مَرْجِعُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا رَأَيْته فِي كَبِيرِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ صَغِيرِهِ. (وَتُرِكَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (لَهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي أُرِيدَ قَسْمُهُ عَلَى غُرَمَائِهِ (قُوتُهُ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الْمُفْلِسِ نَفْسِهِ (وَ) تُرِكَ أَيْضًا (النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبِّرِيهِ (لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ أَنْ يُتْرَكَ لَهُ إلَى وَقْتٍ يُؤَدِّي الِاجْتِهَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِي مِثْلِهِ مَا تَتَأَتَّى مِنْهُ مَعِيشَتُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ نَحْوَ الشَّهْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِي الشَّامِلِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَيْسَ خِلَافًا اهـ. تت عب وَالْمُرَادُ الْوَاجِبَةُ أَصَالَةً بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا يُبَاعُ كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ فَلَا تَسَلُّطَ لِغُرَمَائِهِ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ، لِأَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَامَلُوهُ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ أَوْ الْمَوْتِ. فِي الشَّامِلِ مَنْ لَهُ صَنْعَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ. وَقِيلَ إلَّا نَفَقَةُ كَيَوْمَيْنِ خَوْفَ عُطْلَةٍ اهـ. (وَ) تُرِكَ لَهُ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (كِسْوَتُهُمْ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ كُلُّ عُرُوضِهِ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ وَثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُمَا قِيمَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا، ثُمَّ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ تُتْرَكُ لَهُ لُبْسَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ فَتُبَاعُ وَيَشْتَرِي لَهُ دُونَهَا، ثُمَّ قَالَ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُتْرَكُ لَهُ كِسْوَةٌ وَلِابْنِهِ وَفِي كِسْوَةِ الزَّوْجَةِ شَكٌّ. سَحْنُونٌ لَا يُتْرَكُ لَهُ كِسْوَةُ زَوْجَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ شَكَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الجزء: 6 ¦ الصفحة: 47 كُلٌّ دَسْتًا مُعْتَادًا وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ: بِيعَ   [منح الجليل] فِي ذَلِكَ فِي الْمُخْتَصَرِ. اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مَالِكًا وَلَيْسَ فِي الْفِقْهِ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْوَلَدِ، فَإِذَا تُرِكَتْ كِسْوَتُهُ فَتَرْكُ كِسْوَتِهَا أَوْلَى، وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا تُتْرَكُ لَهَا لَا تُتْرَكُ لِلْوَلَدِ وَهُوَ أَبْيَنُ، وَحَسْبُهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ. وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَتْ ثِيَابُ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ خَلَقَةً هَلْ تُجَدَّدُ لَهُمْ وَلَا أَرَى أَنْ يُسْتَأْنَفَ لَهُ كِسْوَةٌ وَيَكْفِيهِ مَا كَانَ يَجْتَزِي بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ شَكَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهَا لِطُولِ بَقَائِهَا فَهِيَ كَالنَّفَقَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ (كُلٌّ) مِنْ الْمُفْلِسِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (دَسْتًا) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْ مَلْبُوسًا (مُعْتَادًا) لِمِثْلِهِ. فِي الْقَامُوسِ الدَّسْتُ الدَّشْتُ وَمِنْ الثِّيَابِ وَالْوَرِقِ وَصَدْرِ الْبَيْتِ مُعَرَّبَاتٌ، ثُمَّ قَالَ الدَّشْتُ الصَّحْرَاءُ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا الدَّسْتُ الدَّشْتُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الصَّحْرَاءِ كَالدَّشْتِ، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الثَّوْبِ إلَخْ. وَأَمَّا الدَّشْتُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فَيُطْلَقُ عَلَى الصَّحْرَاءِ لَا غَيْرُ، وَكَذَا فِي الصِّحَاحِ. الْحَطّ يُعْنَى بِالدَّسْتِ الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ وَالسَّرَاوِيلُ وَالْكَعْبُ أَيْ الْمَدَاسُ، وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ، وَزَادَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ الدُّرَّاعَةَ الَّتِي تُلْبَسُ فَوْقَ الْقَمِيصِ إنْ كَانَتْ تَلِيقُ بِحَالِهِ. وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ الطَّيْلَسَانُ إنْ كَانَ تَرْكُهُ لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ. الشَّارِحُ وَتُرَادُ الْمَرْأَةُ مُقَنَّعَةً وَإِزَارًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهَا. الْخَرَشِيُّ وَأَمَّا ثِيَابُ الزِّينَةِ فَلَا تُتْرَكُ لَهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، قَالَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ، وَيُخَافُ مَوْتُهُ فَيُتْرَكُ لَهُ مَا يَقِيهِ الْبَرْدَ. اهـ. وَمِثْلُ الْمَوْتِ الضَّرَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. عب وَهُوَ قَمِيصٌ وَطَوِيلَةٌ فَوْقَهُ وَعِمَامَةٌ وَسَرَاوِيلُ وَمَدَاسٌ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ لِخَوْفِ هَلَاكٍ أَوْ شَدِيدِ أَذًى، وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مُقَنَّعَةً وَإِزَارًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهَا. (وَلَوْ وَرِثَ) الْمُفْلِسُ الْأَخَصُّ أَوْ الْأَعَمُّ (أَبَاهُ) الرَّقِيقَ مَثَلًا فَشَمِلَ كُلَّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ (بِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَبُوهُ فِي الدَّيْنِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِهِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَعَتَقَ بَاقِيهِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ، وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَيَمْلِكُ الْمُفْلِسُ مَا يَبْقَى مِنْ ثَمَنِهِ (لَا) يُبَاعُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 48 لَا وُهِبَ لَهُ، إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَحُبِسَ   [منح الجليل] أَبُوهُ فِي الدَّيْنِ (إنْ وُهِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَبُو الْمُفْلِسِ الرَّقِيقَ (لَهُ) أَيْ الْمُفْلِسُ فَيُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ هِبَتَهُ (إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ) أَيْ الْأَبُ (أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ (يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ وَاهِبَهُ قَصَدَ عِتْقَهُ حِينَئِذٍ لَا بَيْعَهُ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَبُوهُ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مُفْلِسًا وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْهُ، فَقَالَ إنْ وَرِثَهُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَأَيْنَ أَوْلَى بِهِ كَشَيْءٍ أَفَادَهُ. وَأَمَّا إنْ وُهِبَ لَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الدَّيْنِ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوهَبْ لَهُ لِيَأْخُذَهُ أَهْلُ الدَّيْنِ. اهـ. مِنْ الْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَكَتَ عَنْ شِرَائِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ، أَوْ نَظَرِ الْحَاكِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ الْوَسَطُ، ثُمَّ إنْ رَدَّهُ الْغُرَمَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازُوهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْعِتْقِ يَقُولُهُ لَا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُفْلِسِ. طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ إذْ هُوَ الْمُحَدِّثُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لِجَعْلِهِمَا حَبْسَ الْمُفْلِسِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُفْلِسِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمَاهِيَّةِ تَابِعَةٌ لَهَا، أَمَّا فِي الْوُجُودِ، وَإِمَّا فِي الزَّمَانِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا بِحَبْسِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فَلَسُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِهِ وَوَجَبَ إنْظَارُهُ فَكَيْفَ يُحْبَسُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَأَنْوَاعُ الْمَحْبُوسِينَ بِالدَّيْنِ يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ الْآنَ وَلَيْسَ الْمُفْلِسُ وَاحِدًا مِنْهَا اهـ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُرَادَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ بِكَوْنِ الْحَجْرِ مَلْزُومًا لِلْحَبْسِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْعُسْرُ لَا مُطْلَقًا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ بِهَذَا فَقَالَ الثَّالِثُ حَبَسَهُ إلَى ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَازِمٌ لِلْحَجْرِ، قَالَ فِيهَا وَيَبِيعُ الْإِمَامُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَيَتَوَزَّعُهُ غُرَمَاؤُهُ وَيُحْبَسُ فِيمَا بَقِيَ إنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ أَوْ اُتُّهِمَ. اهـ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ فَلَسُهُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْلِيسَ مَوْقُوفٌ عَلَى إثْبَاتِ الْعُدْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ لَفْظِهَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ضَيْح وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 49 لِثُبُوتِ عُسْرِهِ، إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ فَغَرِمَ، إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ أُثْبِتَ عَدَمُهُ،   [منح الجليل] عب مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ضَمِيرَ حُبِسَ لِلْمِدْيَانِ مُفْلِسًا أَمْ لَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا، وَتُقَيِّدُهُ أَيْضًا التَّبْصِرَةُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ إلَى قَوْلِهِ يَطْلُبُهُ إلَخْ. الْبُنَانِيُّ ضَمِيرُ حُبِسَ لِلْمِدْيَانِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ جُمْلَةَ هَذَا التَّقْسِيمِ ظَاهِرُ الْمَلَأِ وَمَعْلُومِهِ وَغَايَةِ حَبْسِهِ (لِثُبُوتِ عُسْرِهِ) فَإِنْ ثَبَتَ وَجَبَ إنْظَارُهُ، أَفَادَ شَرْطُ حَبْسِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (حَالُهُ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدِمٌ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَلَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ لَا تَقْدِيمًا لِلْغَالِبِ وَهُوَ التَّكَسُّبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، ثُمَّ يَتَكَسَّبُ غَالِبًا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ حَبْسِهِ إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ إنْظَارِهِ. (وَ) إنْ (لَمْ يَسْأَلْ) الْمَدِينُ (الصَّبْرَ) أَيْ تَأْخِيرَ الْحَبْسِ (لَهُ) أَيْ إثْبَاتُ عُسْرِهِ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا (بِحَمِيلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ ضَامِنٍ لَهُ (بِوَجْهِهِ) أَيْ ذَاتِ الْمَدِينِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَالتُّونُسِيُّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمْ. فِي ضَيْح عِيَاضٌ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا هَلْ الْجَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ الصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالْأَنْدَلُسِيِّينَ، وَلَا يَقْتَضِي النَّظَرَ غَيْرُهُ. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِحَمِيلِ الْمَالِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْعَدَمُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَمِيلِ الْمَالِ سُجِنَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ (فَغَرِمَ) الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى مَضْمُونِهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الْحَمِيلُ (بِهِ) أَيْ الْمَضْمُونُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَمُهُ، بَلْ (وَلَوْ أُثْبِتَ) الْحَمِيلُ (عُدْمُهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرُ الْمَضْمُونِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ عُدْمِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُدْمِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْهُ. وَقَالَ فِي بَابِ الضَّمَانِ لَا يَغْرَمُ إنْ أُثْبِتَ عُدْمُهُ أَوْ مَوْتُهُ فِي غَيْبَتِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِحْسَانٌ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ، وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 50 أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ إنْ تَفَالَسَ وَإِنْ وَعَدَ بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ:   [منح الجليل] رُجْحَانَهُمَا، وَشَهَرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ طَرِيقَةَ اللَّخْمِيِّ. بَعْضُ مَشَايِخِ الْبُنَانِيِّ وَبِهَا الْعَمَلُ بِفَاسَ وَمَحَلُّهَا مَنْ لَمْ يُظَنُّ بِهِ كَتْمُ الْمَالِ وَإِلَّا غَرِمَ اتِّفَاقًا. وَعُطِفَ عَلَى جُهِلَ حَالُهُ فَقَالَ (أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ) بِالْمَدِّ أَيْ غِنَى الْمَدِينِ بِسَبَبِ جَمَالِ لُبْسِهِ وَخَدَمِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ حَقِيقَةُ أَمْرِهِ فَيُحْبَسُ (إنْ تَفَالَسَ) أَيْ ادَّعَى فَلَسَ نَفْسِهِ وَقَالَ لَا شَيْءَ لِي يَفِي بِدَيْنِي وَلَمْ يَعُدْ بِقَضَائِهِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ، وَهَلْ وَلَوْ بِالْوَجْهِ كَمَجْهُولِ الْحَالِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ بِالْمَالِ فَقَطْ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى غَيْرِ الْمُلِدِّ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُلِدِّ. (وَإِنْ وَعَدَ) مَنْ ذُكِرَ مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَأِ (بِقَضَاءٍ) لِلدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ (وَسَأَلَ) أَيْ طَلَبَ (تَأْخِيرَ) الْحَبْسِ زَمَنًا يَسِيرًا (كَالْيَوْمِ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ يَوْمًا آخَرَ فَقَطْ (أَعْطَى) أَيْ أَقَامَ الْمَدِينُ (حَمِيلًا بِالْمَالِ) وَأُخِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُؤَخَّرُ ثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَخَمْسًا. فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِحَمِيلِ الْوَجْهِ لِظُهُورِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ لِوَعْدِهِ بِهِ قَالَهُ تت، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ أَوْ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ. الْحَطّ فِي الْمُقْنِعِ يَحْبِسُ الْأَخْرَسُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ، وَيَكْتُبُ أَوْ يُشِيرُ وَهُوَ كَالصَّحِيحِ. وَيُحْبَسُ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَمَنْ لَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ وَجَمِيعُ مَنْ بِهِ وَجَعٌ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مِنْ الْحَبْسِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ بِهِ وَجَعٌ إلَخْ أَنَّ مَنْ مَرَّ بِهِ مَرَضٌ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَبْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ تَلَقَّى الْأَشْيَاخُ بِالْقَبُولِ مَا فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ لَا يُسْجَنُ فِي الْحَدِيدِ إلَّا مَنْ سُجِنَ فِي دَمٍ. قُلْت وَكَذَا مَنْ لَا يُؤْمَنُ هُرُوبُهُ. اهـ. وَانْظُرْ أُجْرَةُ الْحَبَّاسِ عَلَى مَنْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَأُجْرَةِ عَوْنِ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَلِدْ الْمَطْلُوبُ وَيَخْتَفِي قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 51 كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ، وَأُجِّلَ لِبَيْعِ عَرْضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ. وَفِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ تَرَدُّدٌ. وَإِنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ، لَمْ وَيُؤَخِّرْ، وَضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَإِنْ شُهِدَ بِعُسْرِهِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي السِّجْنِ فَقَالَ (كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ) بِالْمَدِّ فَيُسْجَنُ حَتَّى يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ. سَحْنُونٌ وَيُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ السِّجْنِ وَالضَّرْبِ إلَّا حَمِيلُ غَارِمٍ، وَمِثْلُهُ فِي ضَيْح عَنْ عِيَاضٍ، وَنَظَّمَهُ فِي التُّحْفَةِ، وَمَثَّلُوهُ بِمَنْ يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ احْتِرَاقِ مَنْزِلِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا. (وَأُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الْمَدِينُ بِالِاجْتِهَادِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ عُلِمَ مَلَاؤُهُ أَوْ ظَهَرَ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ (لِبَيْعِ عَرْضِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُقَابِلُ النَّقْدِ (إنْ أَعْطَى) أَيْ أَقَامَ الْمَدِينُ (حَمِيلًا بِالْمَالِ) وَاسْتُبْعِدَ كَوْنُ مَجْهُولِ الْحَالِ لَهُ عَرْضٌ (وَإِلَّا) إي وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ (سُجِنَ) وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ بَيْعُ عَرْضِهِ كَبَيْعِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ (وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَوْ مُفْلِسًا لَمْ يُعْلَمْ عِنْدَهُ نَاضٌّ (عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ) بِالنُّونِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمُثَقَّلَةِ، أَيْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَعَدَمِ حَلِفِهِ عَلَيْهِ (تَرَدُّدٌ) فِي التَّنْبِيهَاتِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إخْفَاءِ النَّاضِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ، فَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ يَحْلِفُ. وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ لَا يَحْلِفُ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ يَحْلِفُ أَنْ كَانَ تَاجِرًا وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ. (وَإِنْ عُلِمَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمَدِينُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ (بِالنَّاضِّ لَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُؤَخَّرْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلَةً عَنْ الْحَبْسِ وَلَا يَحْلِفُ (وَضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَعْلُومُ الْمَلَاءِ عَلِمَ بِالنَّاضِّ أَمْ لَا (مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فِي الْعَدَدِ بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِهِ لِظُلْمِهِ بِاللَّدَدِ. (وَإِنْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِعُسْرِهِ) أَيْ الْمِدْيَانِ مَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرِ الْمَلَاءِ، قِيلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 52 أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ، حَلَفَ كَذَلِكَ.   [منح الجليل] فِي أَبِي الْحَسَنِ لَا يَثْبُتُ الْعُسْرُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَكْثَرِ مِنْ عَدْلَيْنِ كَالتَّرْشِيدِ وَالسَّفَهِ وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ (إنَّهُ) أَيْ الْمَدِينُ (لَا يُعْرَفُ) الشَّاهِدُ (لَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا) وَجَوَابُ إنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ (حَلَفَ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْعُسْرِ حَلِفًا (كَذَلِكَ) أَيْ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمْ أَعْرِفْ لِي مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ، فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَيَّدِ، وَذَكَرَ فِي ضَيْح الْخِلَافَ، وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ حَلِفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ، وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ إنْ تَرَكَ مِنْ الْيُمْنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فَلَا تُعَادُ لِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِمَا وَطُلِبَ بِهِمَا ابْتِدَاءً لِزِيَادَةِ الْإِرْهَابِ الَّتِي رُبَّمَا أَوْجَبَتْ ظِهَارَ مَا أَخْفَاهُ، وَلِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ، وَمِنْهَا دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ بِالنَّفَقَةِ، وَمِنْهَا الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ، وَضَابِطُهَا بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ لَهَا بِيَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ إلَّا الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْفَقْرِ لِتَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ فَلَا يَحْلِفُ مَعَ بَيِّنَتِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّفَقَاتِ وَأَثْبَتَا الْعَدَمَ لَا بِيَمِينٍ. الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا يَعْرِفُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ صِفَةُ الشَّهَادَةِ بِالْعُدْمِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ إنَّهُ يَعْرِفُهُ فَقِيرًا عَدِيمًا لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، زَادَ ابْنُ عَاتٍ وَلَا تَبَدَّلَتْ حَالَتُهُ إلَى غَيْرِهَا إلَى حِينِ إيقَاعِهِمْ شَهَادَتَهُمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ قَالَ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى حَمْلِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَنَّهَا عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ لَبَطَلَتْ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ قَدْ تَنْزِلُ مَسَائِلُ لَا تُقْبَلُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ بِالْفَقْرِ مِنْهَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ قَضَى بَعْضَهُ وَادَّعَى عَجْزَهُ عَنْ بَاقِيهِ وَحَالَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَمَنْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ نَفَقَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 53 وَزَادَ وَإِنْ وَجَدَ لِيَقْضِيَنَّ وَأُنْظِرَ وَحَلَّفَ الطَّالِبَ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَ الْعُدْمِ.   [منح الجليل] وَلَدٍ بَعْدَ طَلَاقِ الْأُمِّ وَقَدْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ مَا نَقَلَهُ إلَى الْعَجْزِ. ابْنُ فَتُّوحٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّ الْمَدِينَ مَلِيءٌ بِالْحَقِّ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْهِ حَسَنٌ، فَإِنْ ادَّعَى عَدَمًا فَلَا يَصْدُقُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا، وَيُحْبَسُ وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِعَطَبِ حَلَّ بِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ، وَزَادَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْعُدْمِ تَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي إشْهَادِهِ بِالْمَلَاءِ لَوْلَاهُ مَا دَايَنَهُ أَحَدٌ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ كَفَضْلٍ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَتُهُ وَيُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ. (وَزَادَ) الْمَشْهُودُ بِعَدَمِهِ فِي يَمِينِهِ (وَإِنْ وَجَدَ) مَالًا (لِيَقْضِيَنَّ) بِهِ مَا عَلَيْهِ (وَأُنْظِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُمْهِلَ وَلَا يُطْلَبُ بِمَا عَلَيْهِ إلَى يُسْرِهِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] ، وَلَا يُلَازِمُهُ رَبُّ الدَّيْنِ، وَفَائِدَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَدَمُ تَحْلِيفِهِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا وَأَنْكَرَ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ هَذِهِ الْيَمِينِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَأَيْضًا لَوْلَاهَا لَأَحْلَفَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غُرَمَائِهِ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ حَقُّ الْحَالِفِ فَلَهُ تَرْكُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تَجِبُ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْخُصُومَةِ وَتَقْلِيلِهَا مَا أَمْكَنَ، وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا تَنْفَعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ، وَكَذَا مَنْ أَقَرَّ بِمَلَائِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الْحَقِّ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ. (وَ) إنْ طَلَبَ الْغَرِيمُ حَبْسَ مَدِينِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ دَيْنَهُ أَوْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّ الْغَرِيمَ عَلِمَ عُدْمَهُ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ عِلْمَهُ عُدْمَهُ (حَلَّفَ الطَّالِبَ) عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ عُدْمَ مَدِينِهِ (إنْ ادَّعَى) الْمَدِينُ (عَلَيْهِ) أَيْ الطَّالِبِ (عِلْمَ) الطَّالِبِ بِ (الْعُدْمِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ عَلِمَ عُدْمَهُ وَلَا يُسْجَنُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فَلَا يَمِينَ وَلَا حَبْسَ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ إنْ زَعَمَ الْمَدِينُ عِلْمَ رَبِّ الدَّيْنِ عُدْمَهُ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَدِينُ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَبِهِ كَانَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 54 وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ   [منح الجليل] يُفْتِي ابْنُ الْفَخَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ كَانَ بَعْضُ قُضَاةِ بَلَدِنَا لَا يَحْكُمُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ وَهُوَ حَسَنٌ فِيمَنْ لَا يُظَنُّ عِلْمُهُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ. (وَإِنْ سَأَلَ) رَبُّ الدَّيْنِ (تَفْتِيشَ دَارِهِ) أَيْ الْمَدِينِ لِإِتْهَامِهِ بِأَنَّهُ أَخْفَى مَالَهُ فِيهَا (فَفِي) تَمْكِينِ (هـ) مِنْهُ وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) ابْنُ نَاجِي الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِعَدَمِهِ وَالْحَانُوتُ كَالدَّارِ عِنْدِي وَوَقَعَتْ بِأَحْكَامِي مَسْأَلَةٌ بِبَاجَّةِ وَرَأَيْتهَا أَخَفَّ وَهِيَ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يُجِيبَهُ مَالًا وَسَأَلَ تَفْتِيشَهُ، فَقَالَ الْغَرِيمُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَحَكَمْت بِتَفْتِيشِهِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ، وَالْكَيِّسُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يَحْلِفُ فِي هَذَيْنِ وَشَبَهِهِمَا. الْبُنَانِيُّ أَفْتَى بِتَفْتِيشِ الدَّارِ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَابْنُ مَالِكٍ. ابْنُ سَهْلٍ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ، وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ تَفْتِيشَ دَارِهِ وَعَزَاهُ لِابْنِ شَعْبَانَ، وَنَصَّهُ وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ يَكْشِفُهُ وَيَبْلُغُ مِنْ كَشْفِهِ مَا لَا يَبْلُغُهُ هَؤُلَاءِ مَا يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَتِّشَ عَلَيْهِ دَارِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ أَنَّهُ يُفَتِّشُ عَلَيْهِ دَارِهِ. وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ أَنْ تُفَتَّشَ عَلَيْهِ دَارُهُ فَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ فَادَّعَتْهُ زَوْجَتُهُ كَانَ لَهَا، وَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ عُرُوضِ تِجَارَتِهِ بِيعَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا يَصْدُقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَتِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَرَى ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ. (وَ) أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَلَاءِ الْمَدِينِ وَبَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ (رُجِّحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ) بِالْمَدِّ عَلَى بَيِّنَةِ الْعُدْمِ (إنْ بَيَّنَتْ) بِبَيِّنَةِ الْمَلَاءِ سَبَبُهُ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ أَخْفَاهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَمُثْبِتَةٌ وَشَاهِدَةٌ بِالْعِلْمِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ أَخْفَاهُ قُدِّمَتْ اتِّفَاقًا. الْبُنَانِيُّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَتْ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 55 وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ سِجْنُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، وَالشَّخْصِ وَحُبِسَ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ، وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ،   [منح الجليل] الْمَلَاءِ سَبَبَهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ سَبَبَهُ أَمْ لَا، وَاَلَّذِي جَرَى الْعَمَلُ بِهِ تَقَدُّمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ قَالَهُ عج. (وَأُخْرِجَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ السِّجْنِ الْمَدِينُ (الْمَجْهُولُ) حَالُهُ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ وَلَا عُدْمُهُ (إنْ طَالَ سَجْنُهُ) بِفَتْحِ السِّينِ، وَطُولُهُ يُعْتَبَرُ (بِقَدْرِ الدَّيْنِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً (وَ) حَالِ (الشَّخْصِ) الْمَدِينِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَخُشُونَةً وَرَفَاهِيَةً، وَيُخْلَى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ طُولَ السَّجْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْعُسْرِ. وَمَفْهُومُ الْمَجْهُولِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومَهُ لَا يَخْرُجَانِ بِطُولِ السَّجْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ يَخْرُجُ بَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ، وَالثَّانِي لَا يَخْرُجُ بِهَا، بَلْ إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ بَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ. وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ وَيَجْرِي فِي النِّسَاءِ ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ فَقَالَ (وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (النِّسَاءُ) الْمُفْلِسَاتُ (عِنْدَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ أَوْ ذَاتِ) رَجُلٍ (أَمِينٍ) زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ ذَاتُ أَمِينٍ عُطِفَ عَلَى أَمِينَةٍ فَيُفِيدُ جَوَازَ الْحَبْسِ عِنْدَ ذَاتِ الْأَمِينِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ أَمِينَةً لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمَانَتِهَا أَيْضًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ وَهُوَ أَيِّمٌ أَوْ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ رِجَالٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ كَوْنُهَا أَمِينَةً سَوَاءٌ كَانَتْ وَحْدَهَا أَمْ لَا. (وَ) حُبِسَ (السَّيِّدُ) فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ (لِمُكَاتَبِهِ) إنْ لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي قِيمَتِهَا مَا يَفِي بِهِ، وَلَا يُقَاصِصْهُ السَّيِّدُ جَبْرًا عَلَيْهِ بِهَا إذَا كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا أَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الدَّيْنِ اخْتِلَافًا لَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ مَعَهُ وَيُحْبَسُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَحُبِسَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ بِدَلِيلِ حَبْسِ الْمُسْلِمِ فِي دَيْنِ الْكَافِرِ. وَهَذَا يَقْتَضِي حَبْسَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدِينِ إذَا اُحْتِيجَ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ لِمَالِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَحُبِسَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 56 وَالْجَدُّ، وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ، لَا عَكْسُهُ كَالْيَمِينِ إلَّا الْمُنْقَلِبَةَ   [منح الجليل] الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ فِي دَيْنٍ غَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا فِيهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ، فَلَهُ حَبْسُهُ فِيهَا إنْ رَأَى أَنَّهُ كَتَمَ مَا لَا رَغْبَةَ فِي الْعَجْزِ. أَبُو الْحَسَنِ وَيُحْبَسُ الْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ سَحْنُونٍ هَذَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ فَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ بَيْعَ الْكِتَابَةِ بِنَقْدٍ. ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلْ يُحْبَسُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إنْ لَمْ يَبِعْهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ لِيَبِيعَهَا وَلَا يَبِيعُهَا عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا عَلَى الْمُفْلِسِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْحَقُّ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْمُفْلِسِ جَبْرِيٌّ وَعَلَى الْمَدِينِ اخْتِيَارِيٌّ. (وَ) يُحْبَسُ (الْجَدُّ) لِوَلَدِ وَلَدِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ دُونَ حَقِّ الْأَبِ فِي الْجُمْلَةِ (وَ) يُحْبَسُ (الْوَلَدُ لِأَبِيهِ) وَأَوْلَى لِأُمِّهِ لِأَنَّ حَقَّهَا آكِدُ (لَا) يَثْبُتُ وَلَا يَجُوزُ (الْعَكْسُ) أَيْ حَبْسُ الْوَلَدِ نَسَبًا لِوَلَدِهِ وَلَوْ أَلَدَّ وَيُعَزِّرُهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ الْحَبْسِ مِنْ حَيْثُ اللَّدَدُ لَا مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْوَلَدِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ حَبْسِهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا أَخَذَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ وَادَّعَى ذَهَابَهُ، وَعَلَى الْوَلَدِ دَيْنٌ تَوَقَّفَ وَفَاؤُهُ عَلَى مَا أَخَذَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ فَيُحْبَسُ الْأَبُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ بِمَا أَخَذَهُ قَوْلُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. ثَانِيَتُهُمَا يُحْبَسُ الْأَبُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَيُحْبَسُ الْأَبُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُمْ وَيَقْتُلُهُمْ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُحْبَسُ الْأَبُ فِي دَيْنٍ عَلَى الِابْنِ إنْ كَانَ لَهُ بِيَدِهِ مَالٌ اهـ. وَشَبَّهَ فِي الثُّبُوتِ وَالنَّفْيِ فَقَالَ (كَالْيَمِينِ) فَيَحْلِفُ الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ لَا الْعَكْسُ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ وَلَا يَقْتَضِي بِهِ لِلْوَلَدِ إنْ شَحَّ وَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفِسْقٌ ضَعِيفٌ (إلَّا) الْيَمِينُ (الْمُنْقَلِبَةُ) مِنْ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ بِأَنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ بِحَقٍّ، وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلَدِ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَنَكَلَ فَرُدَّتْ عَلَى الْوَالِدِ فَيَحْلِفُهَا الْوَالِدُ اتِّفَاقًا. وَكَشَهَادَةِ شَاهِدٍ لِلْوَلَدِ بِحَقٍّ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْوَلَدُ فَرُدَّتْ عَلَى الْوَالِدِ فَيَحْلِفُهَا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 57 وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ، وَالزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا،   [منح الجليل] أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْأَبُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْوَلَدُ عَلَيْهِ، وَنَصَّهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ لَا يَقْضِي بِتَحْلِيفِهِ أَبَاهُ وَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ إنْ ادَّعَى إلَيْهِ وَلَا أَنْ يَحُدَّهُ فِي حَدٍّ يَقَعُ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُوقِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَفِي الْحَدِّ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا} [الإسراء: 23] ، وَلَمَّا جَاءَ أَنَّهُ مَا بَرَّ وَالِدَيْهِ مَنْ شَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ» ، وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِتَحْلِيفِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَبِحَدِّهِ فِي قَذْفِهِ، وَيَكُونُ عَاقًّا بِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ أَحَدٌ، وَهَذَا فِيمَا ادَّعَاهُ الْوَلَدُ عَلَى وَالِدِهِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقِّهِ عَلَى وَلَدِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ، وَكَذَا إنْ تَعَلَّقَ بِيَمِينِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ ابْنِهِ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ بِاتِّفَاقٍ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ وَطَلَبَهُ الزَّوْجَ بِجِهَازِهَا، وَكَدَعْوَى زَوْجِ الْبِنْتِ عَلَى أَبِيهَا نِحْلَتَهُ لَهَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَأَنْكَرَ الْأَبُ، اهـ. (وَ) إلَّا الْيَمِينُ (الْمُتَعَلِّقُ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْوَلَدِ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ وَطَلَبَهُ زَوْجَهَا بِجِهَازِهَا، أَوْ أَنَّهُ أَعَارَهَا شَيْئًا مِنْ الْجِهَازِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَيَحْلِفُ الْوَالِدُ (وَلَمْ يُفَرَّقْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا فِي السِّجْنِ (بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ) مِنْ الْأَقَارِبِ (وَالزَّوْجَيْنِ) الْمَحْبُوسَيْنِ فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا (إنْ خَلَا) السِّجْنَ فَلَا يُجَابُ الطَّالِبُ لِلتَّفْرِيقِ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُ حُبِسَ الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلُهُ الْآتِي بِخِلَافِ زَوْجَةٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَاسْتَظْهَرَ مَا لِسَحْنُونٍ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ وَقَبِلَهُ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 58 وَلَا يَمْنَعُ مُسْلِمًا، أَوْ خَادِمًا؛ بِخِلَافِ زَوْجَةٍ، وَأُخْرِجَ لِحَدٍّ، أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ لِعَوْدِهِ. وَاسْتُحْسِنَ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ، وَوَلَدِهِ، وَأَخِيهِ، وَقَرِيبٍ جِدًّا لِيُسَلِّمَ،   [منح الجليل] وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى، وَوَجْهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِكَوْنِهَا مَعَهُ إدْخَالَ الرَّاحَةِ عَلَيْهِ وَالرِّفْقَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ مِنْهُمَا وَالتَّفْرِيقُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ. (وَلَا يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمَحْبُوسِ (مُسَلَّمًا) بِفَتْحِ السِّينِ وَشَدِّ اللَّامِ لَا يُخْشَى تَعْلِيمُهُ حِيلَةً يَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ حَبْسِهِ وَإِلَّا مُنِعَ (وَ) لَا يُمْنَعُ (خَادِمًا) يَخْدُمُهُ فِي مَرَضٍ شَدِيدٍ لَا خَفِيفٍ وَلَا فِي صِحَّةٍ نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَتَبِعَهُ شُرَّاحُهُ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ مُرَاعَاةِ الْعُرْفِ وَكَوْنُهُ أَهْلًا لَأَنْ يُخْدَمَ. (بِخِلَافِ زَوْجَةٍ) غَيْرِ مَحْبُوسَةٍ فَتُمْنَعُ مِنْ سَلَامِهَا عَلَيْهِ حَيْثُ دَخَلَتْ لِبَيَاتِهَا عِنْدَهُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا تُمْنَعُ. " غ " هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَلَيْسَ مُخَالِفًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَوْقَهُ إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، لَكِنَّ ابْنَ رُشْدٍ جَعَلَهُ خِلَافَهُ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ أَظْهَرُ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَأُخْرِجَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَسْجُونُ مِنْ السِّجْنِ (لِ) إقَامَةِ (حَدٍّ) شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ فِعْلُ مُوجَبِهِ فِي السِّجْنِ مِنْ قَذْفٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ (أَوْ) لِ (ذَهَابِ عَقْلِهِ) أَيْ الْمَسْجُونِ لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالضِّيقِ الْمَقْصُودِ مِنْ سَجْنِهِ وَغَايَةِ مُكْثِهِ خَارِجَهُ (لِعَوْدِهِ) أَيْ الْعَقْلِ فَيُعَادُ فِي السِّجْنِ. (وَاسْتُحْسِنَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ إخْرَاجِهِ مِنْ السِّجْنِ (بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ) أَيْ ذَاتِ الْمَسْجُونِ ل (أَجْلِ مَرَضِ) أَحَدِ (أَبَوَيْهِ) أَيْ الْمَسْجُونِ (وَوَلَدِهِ وَأَخِيهِ) وَأُخْتِهِ (وَ) شَخْصٍ (قَرِيبٍ) لِلْمَسْجُونِ قُرْبًا (جِدًّا) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ كَمَا فِي النَّقْلِ فَلَا يَخْرُجُ لِمَرَضِ قَرِيبٍ بَعِيدِ الْقَرَابَةِ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَرَضٍ أَيْ شَدِيدٍ أَوْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَقَدْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَتِهِ مَعَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ (لِيُسَلِّمَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً عَلَى مَنْ ذَكَرَ وَيَعُودُ لِلسِّجْنِ. الْبَاجِيَّ بَعْدَ نَقْلِهِ الِاسْتِحْسَانَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي فَلَا يَخْرُجُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 59 لَا جُمُعَةٍ، وَعِيدٍ، وَعَدُوٍّ، إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ، أَوْ أَسْرِهِ. وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ، لَا الْمَوْتِ،   [منح الجليل] بِحَمِيلٍ وَلَا غَيْرِهِ (لَا) يَخْرُجُ الْمَسْجُونُ لِصَلَاةِ (جُمُعَةٍ) لِسُقُوطِهَا عَنْهُ وَلَهَا بَدَلٌ وَلَا لِلصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ بِالْأَوْلَى وَلَا لِطَهَارَةٍ مُمْكِنَةٍ فِي السِّجْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَخْرُجُ لِفَرْضِ حَجٍّ فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ نَذَرَ أَوْ حَنِثَ ثُمَّ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَبِالدَّيْنِ سُجِنَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ، وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ عَرَفَةَ اُسْتُحْسِنَ أَخْذُ كَفِيلٍ مِنْهُ وَتَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ إلَى فَرَاغِ نُسُكِهِ، ثُمَّ يُسْجَنُ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالنَّفْرُ الْأَوَّلُ التَّعْجِيلُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (وَ) لَا يَخْرُجُ لِصَلَاةِ (عِيدٍ) فِطْرٍ أَوْ أُضَحَّى (وَ) لَا يَخْرُجُ لِفَجْءِ (عَدُوِّ) الْبَلَدِ الْمَحْبُوسِ فِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ أَوْ أَسْرِهِ) أَيْ الْمَسْجُونِ فِي دَيْنٍ إنْ بَقِيَ بِسِجْنِهِ فَيَخْرُجُ وَيُسْجَنُ فِي مَحَلٍّ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا. (وَلِلْغَرِيمِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ وَمَنْ تَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةِ الثَّمَنِ أَوْ حَوَالَةٍ بِهِ (أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ) الَّذِي بَاعَهُ لِلْمُفْلِسِ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ مِنْهُ الثَّابِتُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَتَعَيَّنُ لَهُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ. وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْمُفْلِسِ بِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ. وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ، وَقِيلَ بِدُونِ يَمِينٍ. وَثَانِيهَا عَدَمُ قَبُولِهِ، وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ. وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ عَلَى أَصْلِهَا بَيِّنَةٌ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي تَعْيِينِهَا وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (الْمُحَازِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ، أَيْ الَّذِي حَازَهُ الْمُفْلِسُ عَنْ بَائِعِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثَمَنَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ (فِي) صُورَةِ (الْفَلَسِ) لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ شِرَائِهِ وَقَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ (لَا) أَيْ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي صُورَةِ (الْمَوْتِ) لِلْمَدِينِ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ فَصَارَ رَبُّهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنَ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فِيهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِ أَيْضًا. الْحَطّ مَفْهُومُ الْمُحَازِ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، أَمَّا فِي الْفَلَسِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 60 وَلَوْ مَسْكُوكًا، وَآبِقًا،   [منح الجليل] مِنْ بَابِ أَحْرَى. وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَيْضًا. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا خِلَافَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» . عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوُهُ قَالَ «فَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَأَيُّمَا امْرِئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِئِ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ» ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ «إنْ فُلِّسَ مُبْتَاعُ سِلْعَةٍ قَبْلَ قَبْضِهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا وَلَوْ فِي مَوْتِ مُبْتَاعِهَا وَإِنْ قَبَضَهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا فِي فَلَسِهِ دُونَ مَوْتِهِ» ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لِمَنْ وَجَدَ نَفْسَ سِلْعَتِهِ فِي تَفْلِيسِ مُبْتَاعِهَا أَخَذَهَا عَنْ ثَمَنِهَا. وَبَالَغَ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ فَقَالَ (وَلَوْ) كَانَ مَالُهُ الْمُحَازُ عَنْهُ الثَّابِتُ كَوْنُهُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ وَطَبْعٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ أَوْ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ بِهِ قَبْلَ فَلَسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (مَسْكُوكًا) دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَرَّفَتْهَا الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهَا أَوْ كَانَتْ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا أَخَذَهُ الْمُفْلِسُ رَأْسَ مَالٍ سَلَمٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسًا لَهُ عَلَى السِّلْعَةِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ إنَّمَا فِيهَا مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ وَالْمَسْكُوكُ لَا يُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عُرْفًا (وَ) لِلْمُحَازِ عَنْهُ مَبِيعُهُ وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ أَخَذَهُ وَلَوْ رَقِيقًا (آبِقًا) مِنْ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْمُبَالَغَةِ، وَإِلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا وَاتِّبَاعُ الْآبِقِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 61 وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ، وَلَوْ بِمَالِهِمْ، وَأَمْكَنَ لَا بُضْعٌ، وَعِصْمَةٌ، وَقِصَاصٌ،   [منح الجليل] وَإِذَا رَضِيَ بَائِعُهُ بِأَخْذِهِ حَالَ إبَاقِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْآبِقَ الْبَائِعُ الَّذِي رَضِيَ بِأَخْذِهِ فِي ثَمَنِهِ (إنْ لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْآبِقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ فِي ثَمَنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ يَرْجِعُ لِلْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ بِتَرْكِهِمْ التَّصَرُّفَ حَتَّى يَنْظُرَ هَلْ يَجِدُهُ أَوْ لَا. وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ. وَلِأَخْذِ الْغَرِيمِ عَيْنَ مَالِهِ فِي الْفَلَسِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا قَوْلُهُ (إنْ لَمْ يَفْدِهِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ الشَّيْءَ الْمُحَازِ (غُرَمَاؤُهُ) أَيْ الْمُفْلِسِ بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفْلِسِ فَإِنْ فَدَوْهُ بِمَالِ الْمُفْلِسِ، بَلْ (وَلَوْ بِمَالِهِمْ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَزَادَ أَوْ يَضْمَنُوا الثَّمَنَ وَيُعْطُوهُ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً. ابْنُ كِنَانَةَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ أَرَادَ غُرَمَاؤُهُ أَخْذَهَا بِدَفْعِ ثَمَنِهَا لَهُ فَذَلِكَ لَهُمْ دُونَهُ وَفِي كَوْنِ دَفْعِهِ مِنْ حَيْثُ شَاءُوا وَتَعْيِينِ كَوْنِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، ثَالِثُهَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَأَشْهَبَ وَابْنِ كِنَانَةَ، وَرَابِعُهَا لِلْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِهَا يَحُطُّونَهَا مِنْ دَيْنِهِمْ عَنْ الْمَدِينِ. وَثَانِيهَا قَوْلُهُ (وَأَمْكَنَ) أَخْذُ عَيْنِ الشَّيْءِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَعَيَّنَتْ الْمُحَاصَّةُ وَقَدْ أَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ (لَا بُضْعٌ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ لِزَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَفُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا مَهْرَهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُحَاصَّةُ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُهَا أَخْذُهَا عَيْنَ شَيْئِهَا. الْخَرَشِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُحَازِ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ لَهَا فَسْخَ النِّكَاحِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَحُزْ بُضْعَهَا. عب وَتُحَاصَصُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا وَقَبْلَهُ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ الْكُلَّ بِالْعَقْدِ تُحَاصَصُ بِهِ، وَعَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ بِهِ النِّصْفَ تُحَاصَصُ بِهِ وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ (وَعِصْمَةٌ) لِزَوْجَةٍ خَالَعَهَا زَوْجُهَا عَلَى مَالٍ وَفُلِّسَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا، وَيُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ (وَقِصَاصٌ) صَالَحَ الْجَانِي مُسْتَحِقَّهُ بِمَالٍ وَفُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ الْمُسْتَحَقُّ لِسُقُوطِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 62 وَلَمْ يَنْتَقِلْ، لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ، أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلٍ؛ أَوْ سُمِّنَ زُبْدُهُ، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ، أَوْ ذُبِحَ كَبْشُهُ، أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ؛ كَأَجِيرِ رَعْيٍ، وَنَحْوِهِ   [منح الجليل] بِالْعَفْوِ وَلَهُ مُحَاصَّةُ غُرَمَائِهِ بِالْمَالِ الْمُصَالِحِ بِهِ. قَالَ فِي تَوْضِيحه وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَذَا صُلْحُ الْإِنْكَارِ إذَا فُلِّسَ الْمُنْكَرُ قَبْلَ دَفْعِ الْمَالِ الْمُصَالِحِ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ الْمُدَّعِي لِلدَّعْوَى، وَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِالْمَالِ الْمُصَالِحِ بِهِ. وَثَالِثُهَا بَقَاؤُهَا عَلَى هَيْئَتِهِ، وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَنْتَقِلْ) الشَّيْءُ الْمُحَازُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ بَيْعِهِ، فَإِنْ انْتَقَلَ (كَأَنْ طُحِنَتْ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ (الْحِنْطَةُ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الطَّحْنَ نَاقِلٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ طُحِنَتْ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى لَمْ يَنْتَقِلْ، أَيْ وَاسْتَمَرَّ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِلَا تَغَايُرِ مُتَعَاطِفِيهَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا (أَوْ خُلِطَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الشَّيْءُ الْمُحَازِ (بِغَيْرِ مِثْلٍ) لَهُ وَلَا يَتَيَسَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ كَقَمْحٍ بِشَعِيرٍ أَوْ مُسَوَّسٍ أَوْ نَقِيٍّ بِمَغْلُوثٍ، فَإِنْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ فَلَا يُفِيتُهُ (أَوْ سُمِّنَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً (زُبْدُهُ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ. (أَوْ فُصِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (ثَوْبُهُ) أَيْ الْغَرِيمِ أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا مَثَلًا لَا دَبَغَهُ أَوْ صُبِغَ الثَّوْبُ أَوْ نُسِجَ الْغَزْلُ (أَوْ ذُبِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (كَبْشُهُ أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ) فَلَا يَرْجِعُ بِعَيْنٍ شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، وَيُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِثَمَنِهِ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ. وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ لَا يَفُوتُ الْجِلْدُ بِدَبْغِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا بِقَطْعِهِ نِعَالًا اهـ، وَفِي الْقَطْعِ نَظَرٌ مَعَ تَفْصِيلِ الثَّوْبِ قَالَهُ تت. طفي مَا عَزَاهُ لِلتَّوْضِيحِ لَيْسَ فِيهِ، وَفِيهِ إنْ اشْتَرَى جُلُودًا فَقَطَعَهَا نِعَالًا أَوْ خِفَافًا فَذَلِكَ فَوْتٌ، وَكَذَا فِي الشَّرْحِ وَشَامِلِهِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَتَنْظِيرُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ وَتَعَيُّنِ الْمُحَاصَّةِ فَقَالَ (كَأَجِيرِ رَعْيٍ وَنَحْوِهِ) كَأَجِيرِ عَلَفٍ أَوْ حِرَاسَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فُلِّسَ مُؤَجِّرُهُ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَاشِيَةِ وَالْمَحْرُوسِ فِيهَا، وَلَهُ مُحَاصَّةُ غُرَمَائِهِ بِهَا، وَظَاهِرُهُ كَأَنَّ الرَّاعِيَ يَرُدُّهَا لِتَبِيتَ عِنْدَ صَاحِبِهَا أَمْ لَا. وَقَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 63 وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ، وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ بِعَيْبٍ   [منح الجليل] لُقْمَانُ بْنُ يُوسُفَ قَرَأْت عَلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ خَالِدٍ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّاعِيَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، فَقَالَ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ يَرُدُّهَا لِبَيْتِهَا وَإِنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ وَمَنْزِلِهِ فَهُوَ كَالصَّانِعِ. (وَ) ك (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (حَانُوتٍ) أَوْ بَيْتٍ مُكْتَرَى مُدَّةً مَعْلُومَةً بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ وَجِيبَةٍ أَوْ مُشَاهِرَةٍ فُلِّسَ مُكْتَرِيهِ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُ فَلَا يَكُونُ مُكْرِيهِ أَحَقَّ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُكْتَرِي (فِيمَا بِهِ) مِنْ أَمْتِعَتِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَرْبَابُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ وَلَيْسُوا أَحَقَّ بِمَا فِيهَا (وَ) ك (رَادٍّ لِسِلْعَةٍ) عَلَى بَائِعِهَا (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ بِهَا بَعْدَ شِرَائِهَا وَفُلِّسَ بَائِعُهَا قَبْلَ رَدِّ ثَمَنِهَا لِمُشْتَرِيهَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا. اللَّخْمِيُّ مَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ وَلَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهُ حَتَّى فُلِّسَ بَائِعُهُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِفَلَسِهِ حِينَ رَدَّهَا أَمْ لَا. ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِهِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءَ بَيْعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِمَّا إنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَأَقَرَّ بِهِ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ فَفِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا وَتُبَاعُ فِي الثَّمَنِ، فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَعَدَمُهُ قَوْلَانِ، وَعَلَى الثَّانِي فَفِي تَخْيِيرِهِ فِي إمْسَاكِهِمَا وَلَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ عَيْبِهَا وَرَدِّهَا وَالْمُحَاصَّةِ بِثَمَنِهَا. وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهَا أَوْ الرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَلَهُ رَدُّهَا وَالْمُحَاصَّةُ. " غ " يَعْنِي إذَا رَدَّ السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَوَجَدَ الْمُبْتَاعُ السِّلْعَةَ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ شَاءَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ نَقْضُ بَيْعٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ، هَذَا نَصُّ الْمُقَدِّمَاتِ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَرَدْت الزِّيَادَةَ فَقِفْ عَلَى بَاقِي نَصِّ الْمُقَدِّمَاتِ، وَعَلَى مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ، وَعَلَى مُعَارَضَةِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ بِمَا لِلَّخْمِيِّ. وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَعَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ بَيْعٍ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ فَفُلِّسَ بَائِعُهُ وَالْعَبْدُ بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِ الرَّادِّ ثَمَنَهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ. قُلْت اُنْظُرْ قَوْلَهُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الرَّادِّ ثَمَنَهُ نَصَّ فِي أَنَّهُ فُلِّسَ بَعْدَ الرَّدِّ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ فَلَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهُ حَتَّى فُلِّسَ بَائِعُهُ كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ. وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 64 وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ   [منح الجليل] فُلِّسَ الْبَائِعُ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَيُبَاعُ لَهُ أَوْ يَكُونُ أُسْوَتَهُمْ. وَاخْتُلِفَ عَلَى أَنَّهُ أُسْوَتُهُمْ فَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي حَبْسِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ وَرَدِّهِ وَالْمُحَاصَّةِ. وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ وَقِيمَةُ الْعَيْبِ لِضَرَرِ الْمُحَاصَّةِ إنْ رَدَّهُ وَتَبِعَ الْمَازِرِيُّ اللَّخْمِيَّ فِي كَيْفِيَّةِ نَقْلِهِ. وَلَفْظُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ مِثْلُ لَفْظِ ابْنِ رُشْدٍ فَاعْلَمْهُ. وَمَنْ رَدَّ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِعَيْبٍ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ بَائِعُهَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِنَقْدٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (أُخِذَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبٍ عِوَضًا (عَنْ دَيْنٍ) كَانَ لِآخِذِهَا عَلَى دَافِعِهَا. " غ " تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِمَنْ قَبْلَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا هُنَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ تت وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ فِي عَيْنِهَا، وَلِذَا تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ قَائِلًا إنَّمَا هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْبَابِ فِي السِّلْعَةِ تَشْتَرِي فَاسِدًا وَيَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ فَيَرُدُّهَا فَيَجِدُ الْبَائِعَ مُفْلِسًا يَفْصِلُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَخْذِهَا عَنْ دَيْنٍ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، أَوْ عَنْ نَقْدٍ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَسَادِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. طفي اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَيَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا عَيْبَ فِيهَا، وَإِنَّمَا رُدَّتْ لِلْفَسَادِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطٌ وَيَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ وَعِبَارَتُهُ فِي كَبِيرِهِ كَصَغِيرِهِ. الْحَطّ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّ الرَّادَّ بِعَيْبٍ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِالنَّقْدِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ، فَلَوْ قَالَ وَإِنْ أُخِذَتْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 65 وَهَلْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ، أَوْ كَالْبَيْعِ؟ خِلَافٌ   [منح الجليل] بِالنَّقْدِ كَانَ أَبَيْنَ وَلِأَنَّ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالدَّيْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ إذَا بِيعَتْ بِالنَّقْدِ يَكُونُ أَحَقَّ، وَإِذَا بِيعَتْ بِالدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ عَلَى أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ " غ "، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا التَّفْرِقَةَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْقَوْلِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ أَنَّ الرَّادَّ لِلسِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، فَتَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الرَّادَّ لِلسِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَلَوْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْ دَيْنٍ وَلَمْ يَشْتَرِهَا بِالنَّقْدِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ حِلِّ ابْنِ غَازِيٍّ الْمَسْأَلَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عب بَالَغَ عَلَى الْمُحَاصَّةِ فِي هَذِهِ إمَّا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا لِكَوْنِ الْغَالِبِ فِيمَا يُؤْخَذُ عَنْ دَيْنٍ أَخَذَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَأَخْذِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً فِي عِشْرِينَ فَأَخْذُهَا أَرْفَقُ بِالْمُفْلِسِ، إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ مُخَلَّدَةً فِي ذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِهَا تَسْقُطُ عَنْهَا بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ وَإِمَّا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا وَلَا يُحَاصِصُ بِدَيْنِهِ الْمَأْخُوذِ عَنْهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَلَيْسَتْ وَإِنْ إشَارَةٌ لِخِلَافٍ وَاقْتَصَرَ الْخَرَشِيُّ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَهَلْ الْقَرْضُ) أَيْ الشَّيْءُ الْمُقْرَضُ لِشَخْصٍ ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ وَفَائِهِ وَوَجَدَهُ مُقْرِضُهُ بِعَيْنِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ الشَّيْءُ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ فِي أَنَّ صَاحِبَهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ وَيُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ فِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْقَرْضَ (مُقْتَرِضُهُ) مِنْ مُقْرِضِهِ لِلُزُومِ عَقْدِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ (أَوْ) الْقَرْضُ (كَالْبَيْعِ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ التَّفْلِيسِ أَوْ الْمَوْتِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَانْظُرْ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ هُوَ الْمَشْهُورُ مَعَ عَزْوِ الثَّانِي لِمَنْ ذَكَرَ. وَقَالَ عج مُقْتَضَى نَقْلِ " ق " فِي مَحَلَّيْنِ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ، وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا وَأَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا قُبِضَ أَمْ لَا أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 66 وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ، وَحَاصَّ بِفِدَائِهِ، لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي   [منح الجليل] بِتَرْجِيحِ الثَّانِي، " ق " لَمْ يَنْقُلْ كَلَامَهُ كُلَّهُ، وَنَصَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الرَّجُلَ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ فِي الْفَلَسِ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَأُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ بِالْعَرْضِ وَالْعَيْنِ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ فُلِّسَ فَأَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّمَ بِقَوْلِهِ «فَأَدْرَكَ مَالَهُ» وَلَمْ يَخُصَّ قَرْضًا وَلَا بَيْعًا. وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ» ، الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ مُخَصَّصًا لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمُبِينًا لَهُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبَيْعُ دُونَ الْقَرْضِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْخَاصَّ لَا يُحْمَلُ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ إلَّا إذَا كَانَ مُعَارِضًا لَهُ. اهـ. عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي الْمُرَجَّحُ عِنْدَ عج لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا التَّوْضِيحُ. (وَلَهُ) أَيْ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى رَهْنَهَا مُشْتَرِيهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ فُلِّسَ (فَكُّ الرَّهْنِ) بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ وَأَخَذَهُ فَيَسْقُطُ ثَمَنُهُ عَنْ رَاهِنِهِ الْمُفْلِسِ (وَ) إذَا فَكَّهُ (حَاصَّ) فَاكُّ الرَّهْنِ غُرَمَاءَ الرَّاهِنِ (بِفِدَائِهِ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي فُدِيَ الرَّهْنُ بِهِ وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهِ. وَمَنْ بَاعَ رَقِيقًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى جَنَى وَفُلِّسَ مُشْتَرِي قَبْلَ إسْلَامِهِ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْدَ فَلَسِهِ فَفَدَاهُ بَائِعُهُ مِنْ الْجِنَايَةِ وَأَخَذَهُ فَقَدْ سَقَطَ ثَمَنُهُ عَنْ الْمُفْلِسِ. و (لَا) يُحَاصِصُ الْبَائِعُ غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ (بِفِدَاءِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا مَقْصُورًا وَمَمْدُودًا الْعَبْدِ (الْجَانِي) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ. وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ شَيْءٌ مِنْهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُحَاصِصُ بِفِدَاءِ الْجَانِي إذْ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَحُكْمُ هَذَا الْعَبْدِ كَحُكْمِهِ إذَا رُهِنَ ثُمَّ فُدِيَ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 67 وَنَقْضُ الْمُحَاصَّةِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَرَدُّهَا،   [منح الجليل] الْحُكْمُ فِي مُحَاصَّةِ السَّيِّدِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يُحَاصُّ هُنَا وَيُحَاصُّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الَّذِي أَدَّاهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةُ لَمْ تَكُنْ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُحَاصِصُ إلَخْ نَقَلَهُ الْحَطّ. عب وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ تُوهِمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمَا إنَّمَا نَفَيَا الْمُحَاصَّةَ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ مِنْ الرُّجُوعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ مَعَ أَنَّ نَفْيَ الْأَعَمِّ هُوَ الْمُرَادُ، أَيْ لَا يَرْجِعُ بِفِدَاءِ الْجَانِي، فَإِنَّ فَدَاهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ فَلَسِهِ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَجَّانًا وَإِنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَهُ فَاتَ عَلَى بَائِعِهِ فَلَيْسَ لَهُ فِدَاؤُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مَاضٍ لَا يُرَدُّ كَبَيْعِهِ وَالْأَوْلَى وَحَاصَصَ بِفِكَاكِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ مَفْدِيًّا، وَإِنَّمَا هُوَ مَفْكُوكٌ. أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِدَاءِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي لِيَكُونَ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} [الجن: 6] لِأَنَّ ذُكْرَانَ الْجِنِّ لَا يُقَالُ لَهُمْ رِجَالٌ اهـ. (وَ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى بَاعَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ فُلِّسَ فَحَاصَّ بَائِعُهَا غُرَمَاءً بِثَمَنِهَا ثُمَّ رَدَّهَا مُشْتَرِيهَا عَلَى الْمُفْلِسِ بِعَيْبٍ (نَقْضُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَسْخٌ (الْمُحَاصَّةِ) الَّتِي حَصَلَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ (إنْ رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ السِّلْعَةُ عَلَى الْمُفْلِسِ (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ ظَهَرَ لِمُشْتَرِيهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا أَوْ فَسَادِ الْبَيْعِ الثَّانِي، أَوْ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَخْذَهَا فَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَاصَصَ بِثَمَنِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا أَرْشَ لَهُ، وَلَهُ أَنْ لَا يَنْقُضُ الْمُحَاصَّةَ وَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهَا إنْ رُدَّتْ عَلَى الْمُفْلِسِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ إرْثٍ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ الْمُفْلِسِ، وَالرَّدُّ لِلْفَلَسِ وَالْفَسَادِ مُلْحَقَانِ بِهِ، بِخِلَافِ رَدِّهَا بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ. (وَ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ مُشْتَرِيهَا وَوَجَدَهَا قَائِمَةً فَأَخَذَهَا فِي ثَمَنِهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ فِيهَا عَيْبٌ حَدَثَ فِيهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي (رَدَّهَا) أَيْ السِّلَعَ عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 68 وَالْمُحَاصَّةِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ، أَوْ مِنْ مُشْرِيهِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ   [منح الجليل] تَرَكَهَا لَهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَخْذِهَا (وَالْمُحَاصَّةِ) لِغُرَمَائِهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا (بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ) أَيْ لَا دَخْلَ لِآدَمِيٍّ فِيهِ حَدَثَ فِيهَا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا (أَوْ) نَاشِئٍ (مِنْ) جِنَايَةِ (مُشْتَرِيهِ) أَيْ الْمَبِيعِ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا لِجِنَايَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ (أَوْ) نَاشِئٍ (مِنْ) جِنَايَةِ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (لَمْ يَأْخُذْ) الْمُشْتَرِي (أَرْشَهُ) أَيْ قِيمَةَ الْعَيْبِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي (أَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ (وَعَادَ) الْمَبِيعُ (لِهَيْئَتِهِ) فِيهِمَا لِصَيْرُورَةِ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ أَخَذَ أَرْشَهُ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ، وَلِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ سَوَاءٌ أَخَذَ أَرْشًا أَمْ لَا، هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَقَرَّرَهُ عب وَابْنُ عَاشِرٍ وَاللَّقَانِيُّ، فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشًا أَوْ أَخَذَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ. (ف) يَأْخُذُهَا وَيُحَاصِصُ (بِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِمَا نَشَأَ مِنْ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا بِسَبَبِ الْعَيْبِ النَّاشِئِ عَنْ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلُ وَإِلَّا رَدَّهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا لَهُ أَخْذُهَا بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا وَلَا أَرْشَ لَهُ، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ عَلَى شَيْنٍ. وَأُجِيبَ بِتَصْوِيرِهِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ الَّتِي تُعْقَلُ وَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ أَخَذَهَا فَوَجَدَ عَيْبًا حَادِثًا فَلَهُ رَدُّهَا وَيُحَاصِصُ، أَوْ حَبَسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي لَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّفْلِيسِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَلِلْبَائِعِ رَدُّ السِّلْعَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهَا وَلَهُ التَّمَسُّكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَلَعَلَّ هَذَا كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهَا وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهَا قَبْلَ قَبْضِ بَاقِيهِ وَوَجَدَهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 69 وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ، وَأَخَذَهَا، وَأَخَذَ بَعْضَهُ، وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ: كَبَيْعِ أُمٍّ وَلَدَتْ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَ   [منح الجليل] بَاقِيَةً عِنْدَهُ (رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (وَأَخَذَهَا) أَيْ السِّلْعَةَ وَلَهُ تَرْكُهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِبَاقِي ثَمَنِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (وَ) لِمَنْ بَاعَ سِلَعًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ مُشْتَرِيهَا وَوَجَدَ بَعْضَهَا قَائِمًا بِيَدِ الْمُفْلِسِ، وَبَعْضَهَا فَاتَ (أَخْذُ بَعْضِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْقَائِمِ عَنْ الْمُفْلِسِ (وَحَاصَّ) الْبَائِعُ غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ (بِ) مُقَابِلِ الْبَعْضِ (الْفَائِتِ) مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ ثَمَنِهِ مُقَوَّمًا كَانَ وَمِثْلِيًّا، وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الَّذِي فَاتَ بَعْضُهُ بَعْضَهُ وَأَرَادَ أَخْذَ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ يَفُتْ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ حَتَّى يَرُدَّ مَا نَابَهُ مِمَّا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْهُمَا، مَثَلًا بَاعَ عَبْدَيْنِ بِعِشْرِينَ وَقَبَضَ مِنْهَا عَشَرَةً وَفَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَأْخُذُ الْعَبْدَ الْقَائِمَ حَتَّى يَرُدَّ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا وَلَهُ تَرْكُ الْقَائِمِ وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَقْبِضْ بَعْضَهُ أَوْ بِبَاقِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَهُ. وَمَحَلُّ أَخْذِهِ الْبَعْضَ الْقَائِمَ إنْ لَمْ يَفْدِهِ الْغُرَمَاءُ بِثَمَنِهِ أَوْ بَاقِيهِ وَلَوْ مِنْ مَالِهِمْ، فَإِنْ فَدَوْهُ فَهَلْ يَخْتَصُّونَ عَنْهُ بِهِ إلَى مَبْلَغِ فِدَائِهِ فَلَا يُحَاصِصُهُمْ فِيهِ بِثَمَنِ الْفَائِتِ أَوْ بَاقِيهِ، وَلَا يَخْتَصُّونَ فَيُحَاصِصُهُمْ فِيهِ بِهِ لِأَنَّ مَا فَدَوْهُ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ. وَشَبَّهَ فِي أَخْذِ الْبَعْضِ وَالْمُحَاصَّةِ بِالْفَائِتِ فَقَالَ (كَبَيْعِ أُمٍّ) آدَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا وَحْدَهَا بَعْدَ أَنْ (وَلَدَتْ) عِنْدَهُ ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهَا وَبَقِيَ وَلَدُهَا عِنْدَهُ فَلِبَائِعِهَا الْأَوَّلِ أَخْذُ الْوَلَدِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ ثَمَنِ الْأُمِّ وَالْمُحَاصَّةُ بِمَا يُقَابِلُهَا مِنْهُ، وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا وَيَقُومُ الْوَلَدُ بِهَيْئَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامِ مُقَدِّرًا وُجُودَهُ يَوْمَ بَيْعِهَا الْأَوَّلِ، وَالْأُمُّ يَوْمَ بَيْعِهَا الْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ قِيلَ أَرْبَعُونَ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْوَلَدِ بِهَيْئَتِهِ الْآنَ يَوْمَهُ، فَإِذَا قِيلَ عِشْرُونَ فَمَجْمُوعُهُمَا سِتُّونَ الْأَرْبَعُونَ ثُلُثَاهَا وَالْعِشْرُونَ ثُلُثُهَا، فَإِنْ أَخَذَ الْوَلَدَ فَهُوَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَيُحَاصِصُ بِثُلُثَيْهِ. (فَإِنْ) كَانَ (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأُمُّ وَوَلَدُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي (أَوْ) كَانَ (بَاعَ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 70 الْوَلَدُ، فَلَا حِصَّةَ، وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ، وَالْغَلَّةَ، إلَّا صُوفًا تَمَّ، أَوْ ثَمَرَةً مُوَبَّرَةً   [منح الجليل] الْمُشْتَرِي قَبْلَ تَفْلِيسِهِ (الْوَلَدَ) وَبَقِيَتْ الْأُمُّ عِنْدَهُ حَتَّى فُلِّسَ وَقَامَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا (فَلَا حِصَّةَ) مِنْ الثَّمَنِ لِلْمَيِّتِ فِي الْأَوَّلِ وَلَا لِلْوَلَدِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُخَيَّرُ بَائِعُ الْأُمِّ بَيْنَ أَخْذِ الْحَيِّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الْأُولَى وَالْأُمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَبَيْنَ تَرْكِ الْحَيِّ فِي الْأُولَى وَالْأُمِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُحَاصَّةِ بِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا إنْ شَاءَ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ غَلَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) إنْ بَاعَ شَجَرًا غَيْرَ مُثْمِرٍ بِغَيْرِ مُؤَبَّرٍ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى جَذَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ وَفُلِّسَ (أَخَذَ) الْمُفْلِسُ (الثَّمَرَةَ) أَيْ فَازَ بِهَا مَجَّانًا إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ شَجَرَهُ، فَإِنْ بَقِيَتْ عَلَى الشَّجَرِ إلَى وَقْتِ قِيَامِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا مَعَ الشَّجَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ تَفُوتُ بِتَأْبِيرِهَا (وَ) إنْ بَاعَ شَيْئًا لَهُ غَلَّةٌ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى اسْتَغَلَّهُ مُشْتَرِيهِ مُدَّةً وَفُلِّسَ أَخَذَ الْمُفْلِسُ (الْغَلَّةَ) أَيْ فَازَ بِهَا بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَرَاجِ وَالْخَرَاجُ تَابِعٌ لِلضَّمَانِ (إلَّا صُوفًا) عَلَى غَنَمٍ مَبِيعَةٍ (تَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ كَمُلَ الصُّوفُ، وَاسْتَحَقَّ الْجَزَّ يَوْمَ الْبَيْعِ وَجَزَّهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِ الْغَنَمِ فَلَا يَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعَ الْغَنَمِ، فَإِنْ فَاتَ فَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِمَا قَابَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَمَفْهُومُ تَمَّ أَنَّ غَيْرَ التَّامِّ يَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ جَزَّهُ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (أَوْ) إلَّا (ثَمَرَةً مَأْبُورَةً) وَقْتَ شِرَائِهَا مَعَ الشَّجَرِ فَلَا يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا مَعَ شَجَرِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِمُقَابِلِهَا مِنْ الثَّمَنِ إنْ جُزَّتْ. تت الْمَازِرِيُّ أَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ فَلَا يَأْخُذُهَا مَعَ الْأُصُولِ إذَا جَذَّهَا وَكَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، وَلَكِنْ يُحَاصِصُ بِمَا يَنْوِ بِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَهِيَ لِلْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ حَقِّ مُشْتَرِيهَا مِنْهَا بِتَفْلِيسِهِ وَهِيَ عَلَى أُصُولِهَا. ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَى الْأُصُولَ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ ثُمَّ فُلِّسَ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالنَّخْلِ وَالثَّمَرَةِ، وَإِنْ جُذَّتْ مَا كَانَتْ قَائِمَةً كَمُشْتَرِ سِلْعَتَيْنِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 71 وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ، وَأَرْضَهُ، وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ، ثُمَّ سَاقِيهِ،   [منح الجليل] وَأَشْهَبَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَا جَزَّهُ الْمُفْلِسُ مِنْ صُوفٍ وَحَلَبَهُ مِنْ لَبَنٍ مِمَّا اسْتَرَدَّهُ بَائِعُهُ مِنْهُ لِفَلَسِهِ فَلَا شَيْءَ لِبَائِعِهِ فِيهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الصُّوفِ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ غَلَّةٌ، بِخِلَافِ تَامِّ الصُّوفِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَمَا أُبِّرَ مِنْ ثَمَرٍ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَوْ جُذَّ. وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ جُذَّ فَهُوَ غَلَّةٌ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الصُّوفِ وَنَقَلَهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ جَذَّ الثَّمَرَةَ وَجَزَّ الصُّوفَ فَهُمَا كَالْغَلَّةِ. الصِّقِلِّيُّ وَقَالَ يَحْيَى إنْ جَذَّهَا تَمْرًا رَدَّ مَكِيلَتَهُ، وَإِنْ جَذَّهَا رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهُ يُرِيدُ إنْ فَاتَ. (وَ) مَنْ أَكْرَى دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَلَمْ يَقْبِضْ الْكِرَاءَ حَتَّى فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ (أَخَذَ الْمُكْرِي) إنْ شَاءَ (دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) فَيَسْقُطُ الْكِرَاءُ عَنْ الْمُكْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَحَاصَصَ بِالْكِرَاءِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا لِحُلُولِهِ بِالْفَلَسِ، وَإِنْ فُلِّسَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ فَلِلْمُكْرِي أَخْذُ دَابَّتِهِ وَأَرْضِهِ وَالْمُحَاصَّةُ بِمُقَابِلِ مَا أَسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَلَهُ تَرْكُهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنْ فُلِّسَ مُشْتَرِي مَنَافِعَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا. فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَسِلْعَةٍ بِيَدِ بَائِعِهَا. (وَ) إنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ بِدَيْنٍ وَاسْتَأْجَرَ عَامِلًا فِيهَا بِدَيْنٍ، وَرَهَنَ الزَّرْعَ النَّابِتَ فِيهَا فِي دَيْنٍ ثُمَّ فُلِّسَ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مُكْرِي الْأَرْضِ بِكِرَائِهَا (فِي زَرْعِهَا) لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْهَا وَحَازَتْهُ وَحَوْزُهَا كَحَوْزِ رَبِّهَا (فِي) صُورَةِ طُرُوءِ (الْفَلَسِ) لِلْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ كِرَائِهَا. وَمَفْهُومُ الْفَلَسِ أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ فِيهِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَكُونُ هُوَ وَالسَّاقِي أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِمْ، وَمِثْلُ الزَّرْعِ الشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا أَثْمَرَتْ الزَّرْعَ فَكَأَنَّ رَبَّهَا بَاعَهُ. وَمَعْنَى تَقْدِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي زَرْعِهَا أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الْكِرَاءِ فَيُبَاعُ وَيُؤْخَذُ الْكِرَاءُ مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا يَلْزَمُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا (ثُمَّ) بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُكْرِي كِرَاءَ أَرْضِهِ مِنْ ثَمَنِ زَرْعِهَا يَلِيهِ فِي بَاقِيهِ (سَاقِيهِ) أَيْ الزَّرْعِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إذْ لَوْلَاهُ مَا انْتَفَعَ بِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الزَّرْعِ فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 72 ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ. وَالصَّانِعُ أَحَقُّ، وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ،   [منح الجليل] مِنْهُ قَبْلَ الْمُكْرِي فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ (ثُمَّ) يَلِي السَّاقِي (مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الزَّرْعِ فَيُقَدَّمُ عَلَى بَاقِي الْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمُطَرِّفٌ فِي الْوَاضِحَةِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِهَا وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَرَهَنَ الزَّرْعَ. ابْنُ حَبِيبٍ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ فُلِّسَ فَرَبُّ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرِ يَتَحَاصَّانِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ. وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَتَلَقَّاهُ الْأَشْيَاخُ بِالْقَوْلِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرَ إنْ جُعِلَا كَمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ لَزِمَ تَقْدِيمُ مُرْتَهِنِهَا عَلَيْهِمَا، وَإِنْ جُعِلَا كَمَنْ لَمْ يَدْفَعْهَا بَطَلَ الرَّهْنُ فِيهَا وَالْفَرْضُ صِحَّتُهُ وَحَوْزُهُ هَذَا خَلْفٌ. وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَمَنْعِ كَوْنِهِ مَلْزُومًا لِخِلَافِ الْقَرْضِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُمَا فِيمَا يَسْتَغْرِقُهُ حَقُّهُمَا مِنْ الزَّرْعِ كَمَنْ لَمْ تَخْرُجْ سِلْعَتُهُ مِنْ يَدِهِ ضَرُورَةَ كَوْنِ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ وَهِيَ كَيَدِهِ وَبَقَاءُ يَدِ الْأَجِيرِ عَلَى الزَّرْعِ وَالرَّهِينَةِ فِي هَذَا الْقَدْرِ بَاطِلَةٌ مَمْنُوعُ فَرْضِ صِحَّتِهَا فِيهِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الرَّهِينَةِ فِيهِ تَامَّةٌ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فَرْضُ صِحَّةِ رَهْنِهِ. (تَنْبِيهٌ) فِي كَيْفِيَّةِ تَقْوِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ عِبَارَتَانِ، إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُقَدَّمُ لِعَامِ الْقِيَامِ وَالْأَعْوَامِ الَّتِي قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ، وَسَوَاءٌ جَزَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ لِلسَّنَةِ الْحَاضِرَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا كِرَاءُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْمُسْتَقِلَّةِ فَصَارَتْ الْمَنَافِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ. (وَالصَّانِعُ) بِالنُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْلَةِ (أَحَقُّ) مِنْ بَقِيَّةِ غُرَمَاءِ مَنْ اسْتَصْنَعَهُ فِي فَلَسِهِ، بَلْ (وَلَوْ بِمَوْتٍ) لَهُ وَصِلَةُ أَحَقُّ (بِمَا بِيَدِهِ) أَيْ الصَّانِعِ مِنْ مَصْنُوعَةٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أُجْرَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ كَالرَّهْنِ فِيهَا وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ سَوَاءٌ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا أَمْ لَا، بِدَلِيلِ تَفْصِيلِهِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَشَمِلَ مَا بِيَدِهِ جَمِيعَ مَصْنُوعِهِ وَبَعْضَهُ فَلَهُ حَبْسُهُ فِي أُجْرَةِ مَا بِيَدِهِ وَمَا رَدَّهُ لِرَبِّهِ إنْ كَانَ الْجَمِيعُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلٍّ قَدْرًا، فَإِنْ كَانَ بِعَقْدٍ أَوْ سَمَّى لِكُلِّ قَدْرٍ فَلَا يُحْبَسُ وَاحِدٌ عَنْ أُجْرَةِ غَيْرِهِ، وَهَذَا إذَا فُلِّسَ بَعْدَ الْعَمَلِ، فَإِنْ فُلِّسَ قَبْلَهُ خُيِّرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 73 وَإِلَّا فَلَا، إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا إلَّا النَّسْجَ كَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ.   [منح الجليل] الصَّانِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَمُحَاصَّةِ الْغُرَمَاءِ وَفَسْخِ الْإِجَارَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْنُوعُهُ بِيَدِهِ بِأَنْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يُجِزْهُ أَصْلًا كَبِنَاءٍ (فَلَا) يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ، وَالْمَوْتِ (إنْ لَمْ يُضِفْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الصَّانِعُ (لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا) مِنْ عِنْدِهِ كَخَيَّاطٍ وَصَائِغٍ وَقَصَّارٍ وَبَنَّاءٍ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ إنْ لَمْ يُضِفْ فَقَالَ (إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ) عَلَى الصَّنْعَةِ فِي الْحُكْمِ كَصَبَّاغِ بِصَبْغٍ مِنْ عِنْدَهُ وَرَقَّاعٍ بِرُقَعٍ مِنْ عِنْدَهُ وَمُجَلِّدِ كُتُبٍ بِجِلْدٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَبَيَّنَ حُكْمَ الْمَزِيدِ مُجِيبًا عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ وَمَا حُكْمُ الْمَزِيدِ؟ فَقَالَ (يُشَارِكُ) الصَّانِعُ رَبَّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمَزِيدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ نَقَصَ الْمَصْنُوعُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ إلَّا بِقِيمَةِ مَا أَخْرَجَ وَقِيمَةِ عَمَلِهِ يَكُونُ بِهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ. نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الصَّانِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَصْنُوعَ لِرَبِّهِ أَنْ يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ لَمْ يُضِفْ لَهَا شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ، وَنَقَلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّسْجَ لَا يُشَارِكُ بِهِ الصَّانِعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ النَّسَّاجَ كَالصَّبَّاغِ قِيلَ النَّسَّاجُ مُسْتَثْنًى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّانِعِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا وَمُلْحَقٌ عَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا. اهـ. وَتَعَقَّبَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ نَصَّ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ النَّسَّاجَ كَالصَّبَّاغِ، وَأَنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ إنْ كَانَ لِلصَّانِعِ قَدْ عَمِلَ الصَّنْعَةَ وَرَدَّ الْمَصْنُوعَ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّانِعِ فِيهَا إلَّا عَمَلُ يَدِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالنَّسَّاجِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. عب مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ كَالْمَزِيدِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ بَلْ كَعَمَلِ الْيَدِ، ثُمَّ مَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى النَّسْجِ، وَأَنَّ مَنْ بَاعَ غَزْلًا وَوَجَدَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَلَسِهِ مَنْسُوجًا فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا قَطْعًا وَلَا يَكُونُ هُوَ وَلَا بِنَاءُ الْعَرْصَةِ فَوْتًا عَلَى الرَّاجِحِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 74 وَالْمُكْتَرِي بِالْمُعَيَّنَةِ، وَبِغَيْرِهَا إنْ قُبِضَتْ، وَلَوْ أُدِيرَتْ وَرَبُّهَا بِالْمَحْمُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ مَا فِي ضَيْح وَابْنِ عَرَفَةَ وق " أَنَّ الْمُشْتَرِي يُشَارِكُ فِي هَذِهِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ. (وَالْمُكْتَرِي) دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَنَقَدَ كِرَاءَهَا ثُمَّ فُلِّسَ مُكْرِيهَا وَمَاتَ أَحَقُّ (بِ) الدَّابَّةِ (الْمُعَيَّنَةِ) عِنْدَ فَقْدِ الْكِرَاءِ قَبَضَهَا أَمْ لَا لِقِيَامِ تَعْيِينِهَا مَقَامَ قَبْضِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهَا ثُمَّ تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ (وَ) الْمُكْتَرِي دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَقَدَ كِرَاءَهَا ثُمَّ فُلِّسَ مُكْرِيهَا أَوْ مَاتَ أَحَقُّ (لِغَيْرِهَا) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ (إنْ) كَانَتْ (قُبِضَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ مُكْرِيهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَاسْتَمَرَّتْ بِيَدِ مُكْتَرِيهَا حَتَّى حَصَلَ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَدْرِ الْمُكْرِي الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي، بَلْ (وَلَوْ أُدِيرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ كَانَ الْمُكْرِي يُبَدِّلُ الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي بِأَنْ يُرْكِبُهُ يَوْمًا عَلَى دَابَّةِ، وَاَلَّذِي يَلِيه عَلَى غَيْرِهَا وَهَكَذَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ أُدِيرَتْ، وَعَارَضَ التُّونُسِيُّ الْمَشْهُورَ بِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الرَّاعِي إنَّهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِالدَّوَابِّ قَائِلًا وَأَرَاهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ. وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِعَيْنِ الدَّوَابِّ، بَلْ بِذِمَّةِ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِ مُكْتَرِي الدَّابَّةِ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنِهَا بِتَعْيِينِهَا أَوْ بِقَبْضِهَا. (وَ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا وَفُلِّسَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ دَفْعِ كِرَائِهَا ف (رَبُّهَا) أَيْ الدَّابَّةِ أَحَقُّ (بِالْمَحْمُولِ) عَلَيْهَا إذَا كَانَ رَبُّهَا مَعَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْتَرِي مَعَهَا أَمْ لَا، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) رَبُّهَا (مَعَهَا) بِأَنْ سَلَّمَهَا لِمُكْتِرَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (مَا) دَامَ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا و (لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمَحْمُولَ (رَبُّهُ) قَبْضَ تَسَلُّمٍ بِتَمَامِ الْمَسَافَةِ، فَإِنْ قَبَضَهُ رَبُّهُ كَذَلِكَ فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مَا لَمْ يَقُمْ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَحْمُولِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ بِجَامِعِ الْحَمْلِ. (وَ) مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَدَفَعَ ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا أَوْ أَخَذَهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ فُلِّسَ بَائِعُهَا قَبْلَ نَسْخِ بَيْعِهَا وَهِيَ بِيَدِ مُشْتَرِيهَا أَوْ بَائِعِهَا ف (فِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ) فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 75 أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ يُفْسَخُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، أَوْ لَا، أَوْ فِي النَّقْدِ؟ أَقْوَالٌ.   [منح الجليل] ثَمَنِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَيْثُ (يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَيْ يُسْتَحَقُّ بَيْعُهَا الْفَسْخَ (لِفَسَادِ الْبَيْعِ) الْوَاقِعُ عَلَيْهَا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ (أَوْ لَا) يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ (أَوْ) يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا (فِي) شِرَائِهَا بِ (النَّقْدِ) لَا بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ بَائِعِهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (أَقْوَالٌ) وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْأَوَّلِينَ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ. الثَّانِي: طفي أَوْ فِي النَّقْدِ، أَيْ ابْتَاعَهَا بِنَقْدٍ لَا إنْ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ، هَذَا مَعْنَى الْقَوْلِ ثَالِثُ الْمُفَصَّلِ لَا مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ وَالتَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ بَائِعِهَا إذْ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مَفْرُوضَةً، كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بَيْعًا فَاسِدًا فَفُلِّسَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَإِنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِنَقْدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ قَالَ فَإِنْ قُلْت هَلْ مَعْنَى الشِّرَاءِ إلَى أَجَلٍ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ إنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ السِّلْعَةُ. قُلْت ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ مُحْرِزٍ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ الثَّانِي قَالَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَا نَصُّهُ إنْ بَاعَهَا بِنَقْدٍ فَمُبْتَاعُهَا أَحَقُّ بِثَمَنِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، وَإِنْ أَخَذَهَا بِدَيْنٍ دَخَلَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ دَيْنٌ كَدِينِهِمْ نَصَّ فِي أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمُفْلِسِ، وَهَذَا لَا يَتَقَرَّرُ إلَّا وَالسِّلْعَةُ مُؤَخَّرَةٌ، وَلَمْ يَحْكِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 76 وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ؛   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ غَيْرِ قَوْلَيْ مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ، وَكَذَا الْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَعْزِهِمَا اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَعَلَى الثَّانِي فَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ فَرَضَهَا فِي السَّلَمِ فَقَدْ عَلِمْت فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ تت عَنْ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ يَفْصِلُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَخْذِهَا عَنْ دَيْنٍ إلَخْ مِنْ الْإِيهَامِ اهـ كَلَامُ طفي. قُلْت لَا دَلِيلَ فِي كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ لِمَا ادَّعَاهُ طفي لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ لَا بِتِيَاعِهَا بِدَيْنٍ كَانَ فِي ذِمَّةِ بَائِعُهَا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ وَلَا بِتِيَاعِهَا بِدَيْنٍ يَتَقَرَّرُ فِي ذِمَّةِ مُبْتَاعِهَا بِابْتِيَاعِهِ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنَّهُ الْمُرَادُ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ بِهِ إذْ الْمُشْتَرَى فِيهِ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُفْلِسِ حَتَّى يُقَالَ هُوَ أَحَقُّ بِالسِّلْعَةِ فِي دَيْنِهِ أَوْ لَا، أَوْ فِي النَّقْدِ لَا فِي الدَّيْنِ، بَلْ هُوَ مَدِينٌ لِلْمُفْلِسِ فَتَعَيَّنَ مَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ دَيْنٌ كَدَيْنِهِمْ نَصَّ فِي أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمُفْلِسِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَا شَاهِدَ فِيهِ لطفي، بَلْ هُوَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ لِلْجَمَاعَةِ. الْبُنَانِيُّ مَا شَرَحَ بِهِ " ز " وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ ضَيْح وَمِنْ عِبَارَةِ النَّوَادِرِ الَّتِي نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا فَهْمُ ابْنِ عَرَفَةَ فَمُشْكِلٌ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنْ قُلْت إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. قُلْت قَدْ غَفَلَ الْبُنَانِيُّ أَيْضًا مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي ابْتِيَاعِهَا بِدَيْنٍ يَتَقَرَّرُ عَلَى مُشْتَرِيهَا، وَلَمْ يُفْهَمْ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى وَجْهِهِ كطفي، فَاسْتَشْكَلَهُ وَهُوَ نَصٌّ فِي كَلَامِ الْجَمَاعَةِ وَفَرْضِهِمْ الْمَسْأَلَةَ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ، وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَدَفَعَ ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِفَسَادِ بَيْعِهَا فَوَجَدَ بَائِعَهَا مُفْلِسًا أَوْ مَاتَ وَثَمَنُهُ بِيَدِهِ لَمْ يُفْتِ ف (هُوَ) أَيْ مُشْتَرِي السِّلْعَةِ بِنَقْدٍ شِرَاءً فَاسِدًا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (أَحَقُّ بِثَمَنِهِ) الَّذِي نَقَدَهُ فِيهَا بِعَيْنِهِ فِي مَوْتِ بَائِعِهَا وَفَلَسِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ. " د " لِأَنَّهُ لَمَّا فَسَدَ الْبَيْعُ أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْأَقْوَالِ فِيهَا إذَا فَاتَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْمُفْلِسِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا، وَهَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَفُتْ وَعُرِفَ بِعَيْنِهِ وَتَارَةً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 77 وَبِالسِّلْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِسِلْعَةٍ وَاسْتُحِقَّتْ، وَقُضِيَ بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ أَوْ تَقْطِيعَهَا.   [منح الجليل] يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِعَيْنِ ثَمَنِهَا، وَتَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِعَيْنِ ثَمَنِهَا. (وَ) مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي وَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ الْبَائِعُ فَهُوَ أَحَقُّ (بِالسِّلْعَةِ) الَّتِي دَفَعَهَا لِلْمُشْتَرِي الَّذِي فُلِّسَ إنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا (إنْ بِيعَتْ) السِّلْعَةُ (بِسِلْعَةٍ وَاسْتُحِقَّتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ السِّلْعَةُ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي فُلِّسَ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ يُفْسَخُ فِيهِ الْبَيْعُ بِاسْتِحْقَاقِهِ، فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ الَّذِي أَوْجَبَ خُرُوجَ سِلْعَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا كَالسِّلْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِسِلْعَةٍ إلَخْ كَانَ أَوْلَى (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَمَعَهُ وَثِيقَةٌ بِهِ (بِأَخْذِ الْمَدِينِ) بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (الْوَثِيقَةَ) الْمَكْتُوبَةَ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مَنْ تَنْزِلُ مَنْزِلَتُهُ إذَا قَضَاهُ حَقُّهُ وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِهَا لَهُ لِئَلَّا يَقُومَ بِهَا عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْعُدُولِ أَنَّ مَا فِيهَا قَدْ قُضِيَ لِئَلَّا يَدَّعِيَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا مِنْهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَيُخْرِجُ صُورَتَهَا مِنْ سِجِلِّ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ مُسَجَّلَةً وَيَدَّعِي بِمَا أَخْرَجَهُ. وَقِيلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا لِلْمَدِينِ وَلَوْ خُصِمَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُخْفِيَهَا الْمَدِينُ وَيَدَّعِي أَنَّ مَا دَفَعَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ (أَوْ تَقْطِيعَهَا) إنْ لَمْ تُسَجِّلْ وَإِلَّا قَضَى بِأَخْذِهَا مَخْصُومًا عَلَيْهَا لِئَلَّا يَخْرُجَ غَيْرَهَا. قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَالْحَزْمُ تَقْطِيعُهَا وَكِتَابَةُ بَرَاءَةٍ بَيْنَهُمَا لِمَنْفَعَةِ الْمَدِينِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَنَفْعِ رَبِّ الدَّيْنِ بِاحْتِمَالِ مَوْتِ بَيِّنَتِهِ وَادِّعَاءِ الْمَدِينِ أَنَّ مَا دَفَعَهُ لَهُ سَلَفٌ، وَالْحَزْمُ فِي وَثِيقَةِ الْبَرَاءَةِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ يَكْتُبُ لَهُمَا وَثِيقَتَانِ مَعَ تَقْطِيعِ الْوَثِيقَةِ الْقَدِيمَةِ. سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ بِصَكٍّ وَتَنَازَعَ مَعَ رَبِّهِ بَعْدَ قَضَائِهِ فِي تَقْطِيعِهِ أَوْ تَبْطِيلِهِ بِالْكِتَابَةِ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ مَا فِيهِ وَبَقَائِهِ عِنْدَ رَبِّهِ، فَمَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ؟ فَقَالَ الْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي خَوْفَ لَوْ قُطِعَ أَنْ يَسْأَلَ الْمَدِينُ رَبَّ الدَّيْنِ هَلْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 78 لَا صَدَاقٍ قُضِيَ، وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا وَلِرَاهِنٍ بِيَدِهِ رَهْنُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ؛   [منح الجليل] قَبَضْت مِنْ دَيْنٍ كَانَ لِي عَلَيْك فَلَا يُصَدِّقُهُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَسْلَفَهُ. وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ يَحْلِفُ غَمُوسًا. (لَا) يَقْضِي عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ مَنْ نَزَلَ مَنْزِلَتُهَا بِدَفْعِ وَثِيقَةِ (صَدَاقٍ قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَلَا بِتَقْطِيعِهَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ، بَلْ تَبْقَى مَخْصُومًا عَلَيْهَا لِانْتِفَاعِ الزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا بِهَا مِنْ حَيْثُ الشُّرُوطُ وَلُحُوقُ النَّسَبِ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَقَدْ كُتِبَتْ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ، وَلِاعْتِبَارِ صَدَاقِ أُخْتِهَا بِصَدَاقِهَا، وَإِنْ كَتَبَ تَارِيخَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ انْتَفَعَ بِهَا فِي مَعْرِفَةِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِتَتَزَوَّجَ. (وَ) إنْ وُجِدَتْ وَثِيقَةُ الدَّيْنِ بِيَدِ الْمَدِينِ غَيْرِ مَخْصُومٍ عَلَيْهَا وَادَّعَى دَفْعَ مَا فِيهَا وَأَنْكَرَ رَبُّهَا الْقَبْضَ وَادَّعَى أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَدِينِ ف (لِرَبِّهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ (رَدُّهَا) مِنْ الْمَدِينِ (إنْ ادَّعَى) رَبُّهَا (سُقُوطَهَا) مِنْهُ وَلَا يَصْدُقُ الْمَدِينُ فِي دَعْوَاهُ قَضَاءَ مَا فِيهَا وَاسْتِلَامَهَا مِنْ رَبِّهَا، وَعَلَيْهِ دَفْعُ مَا فِيهَا إنْ حَلَفَ رَبُّهُ عَلَى بَقَائِهِ إذَا الْأَصْلُ فِي كُلِّ مَا كَانَ بِإِشْهَادِ أَنْ لَا يَبْرَأَ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ بِدَفْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا. (وَ) قُضِيَ (لِرَاهِنٍ) بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وُجِدَ (بِيَدِهِ رَهْنُهُ) وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ وَاسْتَلَمَهُ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى سُقُوطَ الرَّهْنِ مِنْهُ فَيُقْضَى لِلرَّاهِنِ (بِدَفْعِ الدَّيْنِ) الْمَرْهُونِ فِيهِ أَيْ بِأَنَّهُ دَفَعَهُ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا خِلَافٍ. فِي الْمُتَيْطِيَّةِ لَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ سُقُوطَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا طَالَ الْأَمْرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ. ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ لَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ رَهْنًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ الرَّهْنَ وَلَمْ يُوفِهِ الْغَرِيمُ حَقَّهُ، وَقَالَ الْغَرِيمُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيَّ رَهْنِي إلَّا بَعْدَ قَبْضِ دَيْنِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَرَى أَنْ يَحْلِفَ الرَّاهِنُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا ادَّعَاهُ رَبُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 79 كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا؛   [منح الجليل] الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ رَبُّ الرَّهْنِ قَبْضَ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ وَقَالَ دَفَعْت إلَيْهِ الرَّهْنَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَنِي بِحَقِّي فَلَمْ يَفْعَلْ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ خِلَافُ مَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا طَالَ الْأَمْرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ سُقُوطَهُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ. اهـ. فَجَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِ الرَّهْنِ لَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُوفِهِ قَالَهُ الْحَطّ. وَشَبَّهَ فِيمَا تَضَمُّنُهُ قَوْلَهُ وَلِرَاهِنٍ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَقَالَ (كَوَثِيقَةٍ) فُقِدَتْ فَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَا الْمَدِينِ (وَزَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا) وَإِنَّ دَيْنَهُ بَاقٍ عَلَى الْمَدِينِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمَدِينُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِ. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَهُوَ مَا إذَا زَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ سُقُوطَ الْوَثِيقَةِ وَادَّعَى الْمَدِينُ الْقَضَاءَ فَالْقَوْلُ لِلْمَدِينِ بِيَمِينِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيَكُونُ فَقْدُ الْوَثِيقَةِ مِنْ يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ شَاهِدًا لِلْمَدِينِ بِالْقَضَاءِ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَعَارَضَهُ " غ " بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا. وَفَرَّقَ بَعْضٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمَّا وُجِدَتْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ الْمَدِينِ غَيْرِ مَخْصُومٍ عَلَيْهَا كَذَّبَهُ الْعُرْفُ بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقْضَى إلَّا بِكُتُبِ قَضَائِهِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ هَذِهِ، وَارْتَضَى طفي هَذَا الْحَمْلَ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصِّ الْكَافِي وَنَصَّ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْكَافِي إذَا كَتَبَ الشَّاهِدُ الْوَثِيقَةَ وَطُولِبَ بِهَا وَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، أَنَّهُ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْحَقَّ لَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدُ حَتَّى يُؤْتِيَ بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَتُهُ بِخَطِّهِ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَخْذُ الْوَثَائِقِ إذَا أَدَّوْا الدُّيُونَ اهـ نَقَلَهُ " غ " وَغَيْرُهُ. قُلْت مُقْتَضَى كَلَامِ الْكَافِي أَنَّ الشَّاهِدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَشْهَدُ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَدِينِ إذْ لَوْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْعِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَائِدَةٌ لِمُوَافَقَتِهَا الْإِقْرَارَ، فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ كَوْنَهُ حُجَّةً، وَإِذَا صَحَّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ " ز " تَبَعًا لعج مِنْ عَدَمِ دَعْوَى الْمَدِينِ الْقَضَاءَ وَلِقِلَّةِ جَدْوَاهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 80 وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا.   [منح الجليل] وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ (شَاهِدُهَا) أَيْ الشَّاهِدُ الَّذِي كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ فِي الْوَثِيقَةِ وَهُوَ يَشْمَلُ الشَّاهِدَيْنِ فَأَكْثَرَ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ بِمَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ (إلَّا بِ) رُئِيَتْ (هَا) أَيْ لِاحْتِمَالِ قَضَاءِ مَا فِيهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَكُتِبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ. تت صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أَيْ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ وَثِيقَتِهِ وَطَالَبَ بِمَا فِيهَا وَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رَدَّ الدَّيْنِ فَلَا يَشْهَدُ شَاهِدُ الْحَقِّ إلَّا بَعْدَ حُضُورِ الْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا خَطُّهُ، كَذَا فِي كَافِي أَبِي عُمَرَ. اهـ. وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ كَوَثِيقَةٍ إلَخْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمَدِينِ إذَا زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهَا سَقَطَتْ وَلَمْ يَقْبِضْ مَا فِيهَا، وَقَالَ الْمَدِينُ بَلْ أَقَبَضْته وَامْتَنَعَ شَاهِدُهَا أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِهِمَا. اهـ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهَا إشْكَالٌ لِأَنَّ الْمَدِينَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ مُدَّعٍ قَضَاءَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ لِلْقَضَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي لَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ عَارَضَهُ عَدَمُ وُجُودِ الْوَثِيقَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَذَكَرَ نَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْكَافِي الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، فَلَا إشْكَالَ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَمَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُمَرَ لَمْ يَشْهَدْ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِ لِتَصْدِيقِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يَصْدُقُ، فَأَطْلَقَ لَمْ يَشْهَدْ تَصْدِيقَهُ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَالشَّهَادَةُ هُنَا لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِإِقْرَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَثِيقَةُ مِنْ شَهَادَتِهِ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ إلَّا بِهَا عَلَى غَيْرِ فَرْضِ أَبِي عُمَرَ، وَأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ لِأَصْلِ الدَّيْنِ، فَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ أَشْهَدَ فِي ذِكْرِ حَقٍّ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ ضَاعَ وَسَأَلَ أَنَّ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا حَفِظُوا فَلَا يَشْهَدُوا وَإِنْ كَانُوا حَافِظِينَ لِمَا فِيهِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَضَى وَمَحْكِيُّ الْكِتَابِ، فَإِنْ جَهِلُوا وَشَهِدُوا بِذَلِكَ قَضَى بِهِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ يَشْهَدُونَ بِمَا حَفِظُوا إنْ كَانَ الطَّالِبُ مَأْمُونًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 81 (بَابٌ)   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَان أَسْبَاب الْحَجَر أَوْ الْوَسْوَاسِ أَوْ صَرْعٍ الْحَجَرُ عَلَيْهِ] بَابٌ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ، وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ، قَالَ وَبِهِ دَخَلَ حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ اهـ. الْحَطّ إنَّ حَجْرَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " بِمَالِهِ " كُلَّ مَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا فِي تَبَرُّعِهِمَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَمْ يَبْلُغْ كُلَّ الْمَالِ، وَإِنْ أَرَادَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَبَيِّنٌ فَسَادُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَشْمَلْ حَدُّهُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الرَّهْنِ وَمَنْ جَنَى رِقَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ قَبْلَ تَحَمُّلِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا مُطْلَقًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّبَرُّعُ بِكُلِّ مَالِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ حَجْرُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ. لِمَنْعِهِمَا مِنْ التَّبَرُّعِ بِكُلِّ مَالِهِمَا، وَجَوَازِ تَبَرُّعِهِمَا بِالثُّلُثِ فَدُونَهُ شَيْءٌ آخَرُ يُعْلَمُ مِنْ خَارِجٍ. وَقَالَ طفي: تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لَمْ يُطَابِقْ مَعْنَاهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ، وَفِي الشَّرْعِ الْمَنْعُ مِنْ شَيْءٍ خَاصٍّ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وضيح، وَاعْتَرَفَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، فَحَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ. وَفِي التَّوْضِيحِ مَنْعُ الْمَالِكِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، هَذَا مَعْنَاهُ فِي الِاصْطِلَاحِ يُطْلِقُونَهُ عَلَى أَصْلِهِ أَصْلًا، وَلِذَا يَقُولُونَ يَحْجُرُ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِكَذَا، وَيُحْجَرُ بِكَذَا وَابْنُ عَرَفَةَ نَفْسُهُ مُعْتَرِفٌ بِذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 82 الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ.   [منح الجليل] اكْتِفَاءُ الْمَازِرِيِّ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ مَا مَعْنَى الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْمَنْعُ، وَالْحَجْزُ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ عُرْفًا كَمَعْنَاهُ لُغَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْعُرْفِيُّ أَخَصُّ. اهـ. فَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ مَنْعٌ خَاصٌّ إذْ هُوَ الْمُقَابِلُ لِلْمَنْعِ الْعَامِّ، فَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَدْ نَاقَشَهُ بِهَذَا الرَّصَّاعُ شَارِحُ حُدُودِهِ فَحَدَّهُ بِتَنَاوُلِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ لَا الْحَجْرِ نَفْسِهِ. وَحَيْثُ بَيَّنَّا الْمُرَادَ فَنُبَيِّنُ حَدَّهُ فَنَقُولُ: أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ عُطِفَ عَلَى تَصَرُّفِهِ وَمَالِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ، فَإِنْ كَانَتْ الْخَاصَّةُ التَّبَرُّعَ بِكُلِّ الْمَالِ كَمَا قَالَ الرَّصَّاعُ يَرِدُ التَّبَرُّعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَبَيَّنَ فَسَادَهُ قَالَهُ " ح ". ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ: أَسْبَابُ الْحَجْرِ سَبْعَةٌ؛ الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالتَّبْذِيرُ وَالرِّقُّ وَالْفَلَسُ وَالْمَرَضُ وَالنِّكَاحُ فِي الزَّوْجَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْحَصْرُ اسْتِقْرَائِيٌّ وَهُوَ فِي الْأُمُورِ الْمَذْهَبِيَّةِ لِلْعَالِمِ بِالْمَذْهَبِ قَطْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ كَمَوْجُودٍ عِنْدَهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ تَرَكَ سَبَبًا وَهِيَ الرِّدَّةُ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا الْحَجْرَ عَلَى الْمَالِكِ فِيمَا يَمْلِكُهُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ مِنْ حَجْرِ الْمَالِكِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مَا وَرِثَ عَنْهُ، وَلَعَلَّهُ تَبِعَ الْقَرَافِيَّ فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ: أَسْبَابُهُ ثَمَانِيَةٌ وَعَدَّ مِنْهَا الرِّدَّةَ. اهـ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ، وَإِذَا تَابَ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ. وَأَمَّا عَدَمُ إرْثِهِ فَلِمَانِعِ حُدُوثِ كُفْرِهِ، وَأَيْضًا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ التَّصَرُّفُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ أَصَالَةً، فَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَزَادَ: الْحَجْرُ عَلَى الرَّاهِنِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ. الْحَطّ: وَيُزَادُ الْحَجْرُ عَلَى مَالِكِ الرَّقِيقِ الْجَانِي قَبْلَ تَحَمُّلِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ. قُلْت: وَيُزَادُ الْحَجْرُ عَلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَّبِّرِ وَالْمُكَاتِبِ وَالْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ وَالْمُخْدِمِ. الشَّخْصُ (الْمَجْنُونُ) بِغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْوَسْوَاسِ أَوْ صَرَعٌ (مَحْجُورٌ) لِأَبِيهِ إنْ كَانَ جُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ، وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَغَايَةُ حَجْرِهِ (لِلْإِفَاقَةِ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 83 وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ   [منح الجليل] مِنْ جُنُونِهِ فَيَزُولُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ. ثُمَّ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مُبَذِّرًا حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَلَا. فِي الذَّخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقِيلَ: لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ «لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِيهِ لِضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ: إذَا بِعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ» ، خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَالِهِ كَالصَّبِيِّ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يُخْدَعُ بِالْيَسِيرِ أَوْ الْكَثِيرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدُ وَيَتَبَيَّنُ لَهُ الْغَبْنُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُشْهِدُ حِينَ بَيْعِهِ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْحَجْرِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يَنْزَجِرَ عَنْ التَّجْرِ اهـ. وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ نُزُولُ ذَلِكَ بِهِ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ التَّجْرِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَفْعَلُ بَعْدَ الْحَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ إمْسَاكِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهُوَ أَوْلَى بِإِمْسَاكِهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْزَجِرُ عَنْ التَّجْرِ اُنْتُزِعَ مِنْهُ. اهـ. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوَّى الْقَوْلَ بِالْحَجْرِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِدُخُولِهِ فِي ضَابِطِ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ لَا يَحْفَظُ الْمَالَ. فِي الذَّخِيرَةِ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَيُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ إذَا عُلِمَ مِنْهُ دُرْبَةُ الْبَيْعِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْخَدِيعَةِ. وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسُرْعَةِ زَوَالِ مَا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مِنْ الْحَطّ (وَالصَّبِيُّ) الذَّكَرُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ، وَيَنْتَهِي الْحَجْرُ عَلَيْهِ (لِبُلُوغِهِ) الْمَازِرِيُّ الْبُلُوغُ قُوَّةٌ تَحْدُثُ لِلشَّخْصِ تَنْقُلُهُ مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى حَالِ الرُّجُولِيَّةِ. عج الْأَحْسَنُ إلَى غَيْرِهَا لِيَشْمَلَ بُلُوغَ الْأُنْثَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَوَامّ، وَلِذَا قَالَ: الْأَحْسَنُ وَإِلَّا فَفِي الصِّحَاحِ الرَّجُلُ خِلَافُ الْمَرْأَةِ، وَيُقَالُ لَهَا رَجُلَةٌ، وَيُقَالُ كَانَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - رَجُلَةَ الرَّأْيِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَفِيهِ أَيْ الْخَبَرِ «أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ» ، أَيْ اللَّاتِي يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِنَّ وَهَيْئَتِهِنَّ، فَأَمَّا فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 84 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ فَمَحْمُودٌ يُقَالُ امْرَأَةٌ رَجُلَةٌ لِمَنْ تَشَبَّهَتْ بِالرِّجَالِ فِي الرَّأْيِ وَالْمَعْرِفَةِ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ انْفَكَّ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ فَيَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ هَلَاكٌ أَوْ فَسَادٌ فَيَمْنَعَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ، أَوْ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ. وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى بِنَاءِ زَوْجِهَا بِهَا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِبُلُوغِهَا إلَّا لِخَوْفٍ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْفِقْهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ: قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ إلَى آخِرِهِ، هَذِهِ الْمُسَوَّدَةُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الصِّحَاحِ وَابْنِ الْأَثِيرِ إنَّمَا يُفِيدُ وَصْفَهَا بِالرُّجُولِيَّةِ إذَا اتَّصَفَتْ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ الرِّجَالِ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ بُلُوغِهَا يُسَمَّى رُجُولِيَّةً كَمَا يُوهِمُهُ رَدُّهُ عَلَى عج. قُلْت رَدُّهُ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ كَلَامِ ابْنِ الْأَثِيرِ لَا بِاعْتِبَارِ كَلَامِ الصِّحَاحِ. الْبُنَانِيُّ: قَوْلُهُ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ، اُنْظُرْ هَذَا النَّقْلَ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيَنْقَطِعُ الصَّبِيُّ بِالْبُلُوغِ وَبِالرُّشْدِ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ، وَفِي الْأُنْثَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيُدْخَلَ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. ضَيْح أَيْ وَيَنْقَطِعُ حَجْرُ الصَّبِيِّ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالِابْتِلَاءُ لِلرُّشْدِ مَطْلُوبٌ. اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِ ابْتِلَاءِ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ قَبْلَهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَالْأَبْهَرِيِّ مَعَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] الْآيَةَ الْمَازِرِيُّ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَهُ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ يُخْتَبَرُ بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَهُ لِيُخْتَبَرَ بِهِ، فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْعُهُ لِقَوْلِهِ إنْ فَعَلَ لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ دَيْنٌ وَلَا فِيمَا بِيَدِ وَصِيِّهِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ يَلْحَقُهُ الدَّيْنُ فِيمَا بِيَدِهِ. الْمَازِرِيُّ فِي إشَارَاتِ الْأَشْيَاخِ اضْطِرَابٌ فِي اخْتِبَارِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ هَذَا التَّخْرِيجُ غَيْرُ لَازِمٍ قَدْ يَكُونُ الدَّفْعُ مُبَاحًا، وَلَكِنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ فَلِذَا لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِهِ. قُلْت كَذَا وَجَدْتُهُ فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ " قَدْ يَكُونُ الدَّفْعُ مُبَاحًا إلَخْ " أَنَّهُ تَعَقُّبٌ عَلَى تَخْرِيجِ مَنْعِ الدَّفْعِ مِنْ عَدَمِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ، وَمَا زَعَمَهُ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 85 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَفْسِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ "؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ نَقِيضُهُ لِأَنَّهُمْ عَامَلُوهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ. وَفِي الْمَعُونَةِ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ أَوْ الصَّغِيرِ دَفْعُ مَالٍ لَهُ يَخْتَبِرُهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بِالصَّغِيرِ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ إنْ رَأَى دَلِيلَ رُشْدِهِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، قَالَ: لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِيَتِيمِهِ بَعْضَ مَالِهِ يَخْتَبِرُهُ بِهِ كَسِتِّينَ دِينَارًا، أَوْ لَا يُكْثِرُ جِدًّا إنْ رَأَى اسْتِقَامَتَهُ، فَإِنْ تَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِاخْتِبَارِهِ ضَمِنَهُ وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ بِذِكْرِهِ فِي عَقْدِ الْإِشْهَادِ مَعْرِفَةَ شَهِيدَيْهِ أَنَّهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ اخْتِبَارُهُ، وَفِيهَا إنْ دَفَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَخْتَبِرُهُ بِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ دَيْنٌ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ: يَلْحَقُهُ فِيهِ مَا عُومِلَ فِيهِ بِنَقْدٍ لَا مَا عُومِلَ فِيهِ بِدَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَلِيُّهُ فَيَكُونَ حَقَّ الَّذِي دَايَنَهُ. فِي الزَّائِدِ إنْ كَانَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ إيَّاهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلشَّيْخِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِلصَّبِيِّ مَالًا يَخْتَبِرُهُ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا نَقَصَ مِنْهُ. ابْنُ حَبِيبٍ وَيُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِيمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إنْ أَنْكَرَهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْيَتِيمَ كَانَ يَتَّجِرُ. قُلْت يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ أَهْلٌ لِاخْتِبَارِهِ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ. زَادَ ابْنُ عَاتٍ: وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ كَدَفْعِ قَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةِ الْمَالِ كُلِّهِ إلَيْهِ وَالنَّفَقَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ. الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إنْ جُعِلَ مَعَهُ مَنْ يَرْقُبُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَصِيُّ، وَعُزِيَ لُحُوقُ الدَّيْنِ فِيمَا اُخْتُبِرَ بِهِ الْيَتِيمُ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. قُلْت فَفِي لُحُوقِ الدَّيْنِ فِيهِ. ثَالِثُهَا إنْ عُومِلَ بِنَقْدٍ لَهُمَا وَمَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَالْقَابِسِيِّ الْمَازِرِيُّ: صِفَةُ اخْتِبَارِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ فِي تَغْذِيَتِهِ وَتَدْبِيرِ طَعَامِهِ دُفِعَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِشِرَاءِ غِذَائِهِ وَنُظِرَ، فَإِنْ سَلَكَ فِيهِ مَسْلَكَ الرُّشَدَاءِ دُفِعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يُنْظَرُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إنْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ الَّذِينَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ التَّجْرُ دُفِعَ لَهُ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَا يُخْتَبَرُ بِهِ، وَالْمَرْأَةُ تُخْتَبَرُ بِتَصَرُّفِهَا فِي أُمُورِ الْغَزْلِ، وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ تَضَمَّنَهُ قَوْلُنَا الْغَرَضُ حُصُولُ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ فَذُو الْأَبِ إنْ بَلَغَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 86 بِثَمَانِ عَشْرَةَ، أَوْ الْحُلُمِ، أَوْ الْحَيْضِ، أَوْ الْحَمْلِ، أَوْ الْإِنْبَاتِ.   [منح الجليل] مَعْلُومَ الرُّشْدِ زَالَ حَجْرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ أَبُوهُ بِإِطْلَاقِهِ وَإِنْ بَلَغَ مَعْلُومَ السَّفَهِ دَامَ حَجْرُهُ بِهِ، وَإِنْ بَلَغَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى الرُّشْدِ قَوْلَانِ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ خَمْسًا مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ مِنْهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَمِنْهَا مُخْتَصٌّ بِالْأُنْثَى عَاطِفًا لَهَا بِأَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَلَامَةَ مَجْمُوعُهَا فَقَالَ (بِثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً) أَيْ بِتَمَامِهَا وَلِلَّخْمِيِّ بِالدُّخُولِ فِي الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ. الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ فِي السِّنِّ أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَفِي رِوَايَةٍ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَزَادَ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ خَمْسَ عَشْرَةَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا فِيمَنْ عُرِفَ مَوْلِدُهُ وَأَمَّا مَنْ جُهِلَ مَوْلِدُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ سِنُّهُ أَوْ جَحَدَهُ فَالْعَمَلُ فِيهِ عَلَى مَا رَوَاهُ رَافِعٌ عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى. اهـ. وَلَعَلَّهُ كَنَّى بِجَرَيَانِ الْمُوسَى عَنْ نَبْتِ الْعَانَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بَيِّنٌ، وَفِي كَلَامِ زَرُّوقٍ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إذَا جُهِلَ تَارِيخُ وِلَادَتِهِ. الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ، فَأَجَابَ النِّسْبَةُ إلَى السَّنَةِ بِالدُّخُولِ بِهَا، فَمَنْ أَكْمَلَ سَنَةً وَخَرَجَ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهَا، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَقْتَضِي النِّسْبَةَ إلَى السَّنَةِ الْكَامِلَةِ كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَيْثُ قَالَ «أَجَازَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنُ عَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ» . (أَوْ الْحُلُمِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ الْإِنْزَالِ فِي النَّوْمِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ فِي الْيَقَظَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْيَ مِثْلُهُ إذْ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ بَالِغٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ (أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَمْلِ) وَلَا يُعْتَبَرُ كِبَرُ النَّهْدِ، أَيْ الثَّدْيِ (أَوْ الْإِنْبَاتِ) عَلَى فَرْجِ الْأُنْثَى وَعَلَى أَعْلَى الذَّكَرِ، أَيْ الْخَشِنِ لَا الزَّغَبِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي زَمَنٍ لَا يَنْبُتُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً لَا عَلَى الْإِبِطِ أَوْ اللِّحْيَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 87 وَهَلْ إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؟ تَرَدُّدٌ وَصُدِّقَ   [منح الجليل] لِتَأَخُّرِهِ عَنْ الْبُلُوغِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَشْهُورُ كَوْنُ الْإِنْبَاتِ عَلَامَةً. اهـ. وَالْمُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ إذْ هُوَ الظَّاهِرُ لَنَا لَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ، إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهِ. (وَهَلْ) هُوَ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ (إلَّا فِي حَقِّهِ) أَيْ اللَّهِ (تَعَالَى) وَهُوَ مَا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَا مَا يُنْظَرُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ بِعَلَامَةٍ فِيهِ، فَلَا يَأْثَمُ بِفِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَا بِتَرْكِ مَا وَجَبَ، فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) الْحَطّ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا كَذَلِكَ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَلَعَلَّ التَّرَدُّدَ فِي مُطْلَقِ الْإِنْبَاتِ. وَأَمَّا الْإِنْبَاتُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَصْفُهُ فَلَا يُوجَدُ إلَّا فِي بَالِغٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَزَادَ الْقَرَافِيُّ فِي الْعَلَامَاتِ: نَتْنَ الْإِبِطِ، وَغَيْرُهُ: فَرْقَ الْأَرْنَبَةِ مِنْ الْأَنْفِ. وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ يَأْخُذُ خَيْطًا وَيُثَبِّتُهُ وَيُدِيرُهُ بِرَقَبَتِهِ وَيَجْمَعُ طَرَفَيْهِ فِي أَسْنَانِهِ، فَإِنْ دَخَلَ رَأْسُهُ مَعَهُ فَقَدْ بَلَغَ وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا فَقَدْ رَأَيْت فِي كُتُبِ التَّشْرِيحِ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْإِنْسَانُ تَغْلُظُ حَنْجَرَتُهُ وَيَضْمَحِلُّ صَوْتُهُ فَتَغْلُظُ رَقَبَتُهُ وَجَرَّبَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ فَصَدَّقَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ مَا قَرَّرَ بِهِ " ز " هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَخِلَافُ مَا فِي " ق " عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَرِيقَةٌ، وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لَهَا، وَلِطَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ وَذَكَرَهُمَا فِي ضَيْح وَنَصُّهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ بَنِي قُرَيْظَةَ حَيْثُ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اُنْظُرُوا إلَى مُؤْتَزَرِهِ فَمَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ» . وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابِ الْقَذْفِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَطْعِ، وَحَمَلَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآدَمِيِّينَ. قَالَ: وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ اهـ. (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الصَّبِيُّ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ بَلَغَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ. الْحَطّ زَرُّوقٌ فَأَمَّا الِاحْتِلَامُ وَالْحَيْضُ وَالْحَمْلُ فَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهَا عَلَامَاتٍ، وَيُصَدَّقُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهَا نَفْيًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 88 إنْ لَمْ يُرَبْ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ؛   [منح الجليل] وَإِثْبَاتًا طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا، وَكَذَا عَنْ الْإِنْبَاتِ وَلَا تُكْشَفُ عَوْرَتُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ يُنْظَرُ فِي الْمِرْآةِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ الْفَقِيهُ الْمُحَدِّثُ قَائِلًا لَا يُنْظَرُ لِلْعَوْرَةِ وَلَا إلَى صُورَتِهَا، وَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ حَيْثُ جُهِلَ التَّارِيخُ (إنْ لَمْ يُرَبْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ، فَإِنْ اُرْتِيبَ فِي صِدْقِهِ فَلَا يُصَدَّقُ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا كَمُدَّعِيهِ لِيُقْسَمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ أَوْ مَطْلُوبًا كَجَانٍ ادَّعَى عَلَيْهِ بُلُوغَهُ لِيُحَدَّ قَالَهُ تت. عج الْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُهُ إذَا كَانَ مَطْلُوبًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ، وَفِي كَلَامِ " ق " مَا يُفِيدُهُ، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ وعب قَالَ فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ وَيُصَدَّقُ فِي الْجِنَايَةِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، وَفِي الطَّلَاقِ فَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِصْحَابًا لِأَصْلِ صِبَاهُ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ، وَاسْتُثْنِيَ دَعْوَى الْحَمْلِ فَيُنْتَظَرُ ظُهُورُهُ إنْ كَانَ خَفِيًّا، وَيَدُلُّ قَوْلُهُ وَلَا نَفَقَةَ بِدَعْوَاهَا الْحَمْلَ بَلْ بِظُهُورِهِ وَحَرَكَتِهِ قَالَهُ " د "، فِي الْحَطّ أَنَّهَا تُصَدَّقُ اهـ. الْحَطّ وَمِنْهُ أَيْ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ السُّيُورِيُّ عَنْ الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَتَدَّعِي الْبُلُوغَ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَوْ تُكْشَفُ فَأَجَابَ يُقْبَلُ قَوْلُهَا اهـ. (وَ) إنْ تَصَرَّفَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ أَوْ سَفِيهٌ فِي الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَ (لِلْوَلِيِّ) عَلَيْهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمِ الْقَاضِي أَوْ الْقَاضِي (رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ) بِمُعَاوَضَةٍ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ سَدَادًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَصْبَغَ لِوُقُوعِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ، وَأَشْعَرَ تَخْيِيرُهُ بِأَنَّهُ رَدُّ إبْطَالٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ " مُمَيِّزٍ " أَنَّ مَنْ لَا تَمْيِيزَ لَهُ أَحْرَى، وَقُيِّدَ الرَّدُّ بِمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى يَتِيمٍ مُوَلًّى عَلَيْهِ، وَاشْتَرَطَ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ لِوَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ شَرْطُهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَبِهِ الْفَتْوَى وَفِيهِ خِلَافٌ أَفَادَهُ تت. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ " ح " هَذَا الْفَرْعَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلِغَيْرِهِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ إلَخْ، وَجَعْلُ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ هُوَ الْمَشْهُورُ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْتُرِضَ هَذَا وَضُعِّفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] وَقَالَ فِي الْتِزَامَاتِهِ عَقِبَ هَذَا الْفَرْعِ قُلْت فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ لَا تَجُوزُ، وَإِطْلَاقَ يَدِ السَّفِيهِ عَلَى الْمَالِ إضَاعَةٌ لَهُ فَالصَّوَابُ بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 89 وَلَهُ إنْ رَشَدَ، وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ   [منح الجليل] الْحَطّ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورَ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ بَالِغًا سَفِيهًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا فَقَالَ: رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ مَحْجُورٍ لَكَانَ أَبَيْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ لِلْإِبَاحَةِ وَأَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِحَسَبِ مَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لَا بِحَسَبِ شَهْوَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَتَصَرَّفُ الْوَلِيُّ إلَّا بِمَا تَقْتَضِيهِ الْمَصْلَحَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 34] فَهُوَ مَعْزُولٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ عَنْ غَيْرِ الْأَحْسَنِ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُمَا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ بِعِوَضٍ. وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الصَّغِيرَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمَحِيضَ مِنْ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ مَعْرُوفٌ مِنْ هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا عَطِيَّةٍ وَلَا عِتْقٍ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ فَعَلَ مَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِمَّا يَخْرُجُ عَلَى عِوَضٍ وَلَا يَقْصِدُ فِيهِ إلَى مَعْرُوفٍ وُقِفَ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ رَآهُ سَدَادًا أَوْ غِبْطَةً أَجَازَهُ، وَإِنْ رَآهُ بِخِلَافِهِ رَدَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قُدِّمَ لَهُ وَلِيٌّ يَنْظُرُ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ حَتَّى وَلِيَ أَمْرَهُ فَلَهُ إجَازَةُ ذَلِكَ أَوْرَدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ سَدَادًا إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِهِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَمَاءٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نُقْصَانٍ فِيمَا ابْتَاعَهُ. (وَ) إنْ تَصَرَّفَ الْمُمَيِّزُ فِي مَالِهِ بِمُعَاوَضَةٍ وَلَا وَلِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يَعْلَمْ تَصَرُّفَهُ قَبْلَ رُشْدِهِ فَ (لَهُ) أَيْ الْمُمَيِّزِ رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ (إنْ رَشَدَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ صَارَ رَشِيدًا مَالِكًا أَمْرَ نَفْسِهِ إنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ، بَلْ وَلَوْ تَصَرَّفَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِيَمِينٍ (حَنِثَ) فِيهَا (بَعْدَ بُلُوغِهِ) رُشْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، سَوَاءٌ لَمْ يَقَعْ تَصَرُّفُهُ الْمَوْقِعَ (أَوْ وَقَعَ) تَصَرُّفُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (الْمَوْقِعَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ وَافَقَ وَنَظَرًا مِمَّا كَانَ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَنْ يَفْعَلَهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَنْقُضَهُ إنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِ ذَلِكَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ نَمَاءٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نُقْصَانٍ فِيمَا ابْتَاعَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 90 وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ   [منح الجليل] فَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ. (وَضَمِنَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُمَيِّزُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (أَفْسَدَ) هـ الْمُمَيِّزُ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ يُؤَمَّنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا أَيْ لَمْ يُجْعَلْ الْمُمَيِّزُ أَمِينًا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُفْسَدِ مِنْ مَالِكِهِ الرَّشِيدِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أُمِّنَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَفْهُومُ الْمُمَيِّزِ أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَهُ دَمًا كَانَ أَوْ مَالًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ. ثَانِيهَا أَنَّهُ كَالْمُمَيِّزِ. ثَالِثُهَا إهْدَارُ الْمَالِ وَدِيَةُ الدَّمِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ ضَمِنَ أَنَّ أَبَاهُ لَا يُتْبَعُ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَالْخَمْرِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ: وَيَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ وَكَسَرَ مِمَّا لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِيمَا أَفْسَدَهُ وَكَسَرَهُ مِمَّا ائْتُمِنَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ عِتْقُ مَا حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ وَحَنِثَ فِيهِ حَالَ صِغَرِهِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَا حَلَفَ بِهِ فِي حَالِ صِغَرِهِ وَحَنِثَ بِهِ فِي حَالِ رُشْدِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَلْزَمُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ يَمِينٌ فِيمَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ، فَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ حَقَّهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا تَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينٌ ثَانِيَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا الصَّبِيَّ حَتَّى يَحْتَلِمَ» اهـ. عب وَضَمِنَ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ خِلَافًا لتت. مَا أَفْسَدَ فِي مَالِهِ وَلَا يُتْبَعُ بِثَمَنِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ فِي فِعْلِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ أُمِّنَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يُصَوِّنَ بِهِ مَالَهُ فَيَضْمَنَ فِي الْمَالِ الَّذِي صَوَّنَهُ، أَيْ حَفِظَهُ خَاصَّةً، فَإِنْ تَلِفَ وَأَفَادَ غَيْرُهُ فَلَا يَضْمَنُ فِيهِ، وَإِنْ بَاعَ مَا أُمِّنَ عَلَيْهِ وَصَوَّنَ بِهِ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِهِ إلَّا قَدْرَ مَا صَوَّنَهُ، وَظَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 91 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غَيْرِهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَنْقُولُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْمَجْنُونُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الْمَالُ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. الثَّانِي: أَنَّهُمَا هَدَرٌ الثَّالِثُ: الْمَالُ هَدَرٌ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. الْبُنَانِيُّ: قَوْلُهُ فِي مَالِهِ وَلَا يُتْبَعُ بِثَمَنِهِ فِي ذِمَّتِهِ تَبِعَ فِيهِ عج قَائِلًا ذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ. طفي هَذَا وَهْمٌ فَاحِشٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ، بَلْ يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا: وَمَنْ أَوْدَعْته وَدِيعَةً فَاسْتَهْلَكَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَهِيَ فِي مَالِ الِابْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ: وَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى حُكْمِ الْخَطَأِ، وَالْكَبِيرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي جِنَايَتِهِ كَالْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ. وَكَلَامُ الرَّجْرَاجِيِّ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ عج عَلَى مَا قَالَ نَقَلَهُ " ح " فِي التَّنْبِيهِ التَّاسِعِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الصَّبِيُّ فِيمَا بَاعَهُ وَأَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَمْ لَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ " ح ". اهـ. أَيْ فِي التَّنْبِيهِ الثَّامِنِ، فَإِنَّ سِيَاقَهُ فِيهِ يُفِيدُ مَا قَالَهُ طفي، وَذَكَرَ الْمِسْنَاوِيُّ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ طفي، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَقَفْتُ عَلَى كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ فِي أَصْلِهِ فَوَجَدْته وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُوَافِقًا لِمَا ظَنَنَّاهُ، وَنَصُّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَعْقُودَةِ لِمَا يَلْزَمُ السَّفِيهَ مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ، وَأَمَّا حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْخُصُوصِ كَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَخْرُجُ عَنْ عِوَضٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَعْرُوفُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ قَدَّمَ الْقَاضِي نَاظِرًا يَنْظُرُ لَهُ فِي ذَلِكَ نَظَرَ الْوَصِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَلَكَ أَمْرَ نَفْسِهِ كَانَ هُوَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ وَإِجَازَتِهِ، فَإِنْ رَدَّ بَيْعَهُ أَوْ ابْتِيَاعَهُ وَكَانَ أَتْلَفَ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوْ السِّلْعَةَ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يُنْفِقَ الثَّمَنَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَوْ فِي غَيْرِهِ. فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ وَاجِبِهِ مِمَّا هُوَ عَنْهُ فِي غِنًى فَلَا يُتْبَعُ بِهِ وَلَا يَتَقَرَّرُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِمَّا يَلْزَمُهُ إقَامَتُهُ مِنْ مَالِهِ فَهَلْ يُتْبَعُ بِهِ فِي مَالِهِ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مُتَأَوَّلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ اهـ. الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: وَلَا خِلَافَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 92 وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ كَالسَّفِيهِ   [منح الجليل] عِنْدَنَا فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ جِنَايَةَ الصَّغِيرِ عَلَى الْمَالِ لَازِمَةٌ لِمَالِهِ وَذِمَّتِهِ. اهـ. قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ مَالِ الْغَيْرِ يُسَاوِي كَثِيرًا إلَخْ، هَذَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، فَفِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ فَأَتْلَفَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ سَلَّطَ عَلَيْهَا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ. اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ، وَلَهُمَا مَالٌ فَيُرْجَعَ عَلَيْهِمَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَتْلَفَا أَوْ صَوَّنَا مِنْ مَالِهِمَا، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَالُ ثُمَّ أَفَادَا غَيْرَهُ فَلَا رُجُوعَ عَلْيِهِمَا فِيهِ. اهـ. وَبِالرُّجُوعِ بِالْأَقَلِّ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَالْمَنْقُولُ فِيمَا يُتْلِفُهُ الْمَحْجُورُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إلَخْ، هَذِهِ الْأَقْوَالُ حَكَاهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَالصَّغِيرُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ مِثْلُ الْمَجْنُونِ فِي الْمَالِ وَالدَّمِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَهُوَ أَنَّ جِنَايَتَهُمَا عَلَى الْمَالِ فِي مَالِهِمَا وَعَلَى الدَّمِ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، فَفِي مَالِهِمَا فَهُمَا كَالْمُمَيِّزِ فِي هَذَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ، زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا التَّمْيِيزُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا مُقْتَضَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، بِخِلَافِ السُّكْرِ، وَعَمْدُهُمَا كَخَطَأٍ فَتَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا إنْ بَلَغَتْ. الثُّلُثَ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ. اهـ. أَيْ إنْ لَمْ تَبْلُغْ الثُّلُثَ فَفِي مَالِ الْجَانِي أَوْ ذِمَّتِهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اللَّقَانِيُّ فَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ فِي ضَيْح. الْمِسْنَاوِيُّ وَعَلَيْهِ فَالذِّمَّةُ ثَابِتَةٌ لِلْجَمِيعِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّمْيِيزُ فَضْلًا عَنْ التَّكْلِيفِ اهـ. وَبِرُجْحَانِ هَذَا الْقَوْلِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إلَخْ يَشْمَلُ الْمُمَيِّزَ وَغَيْرَهُ وَالْمَجْنُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ، وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ (كَ) وَصِيَّةِ (السَّفِيهِ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 93 إنْ لَمْ يُخَلِّطْ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ   [منح الجليل] أَيْ الْبَالِغِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ، لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِأَجْلِهِمَا وَلَوْ حُجِرَ عَلَيْهِمَا فِيهَا لَكَانَ لِغَيْرِهِمَا (إنْ لَمْ يُخَلِّطْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً يَحْتَمِلُ أَنَّ الْفَاعِلَ ضَمِيرُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ الْمُحَدَّثِ عَنْهُ قَبْلُ وَبَعْدَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ضَمِيرُ السَّفِيهِ لِقُرْبِهِ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا عَادَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إرْجَاعِ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ ضَمِيرُ الْأَحَدِ أَوْ الْمَذْكُورِ الصَّادِقِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَفَسَّرَ اللَّخْمِيُّ عَدَمَ التَّخْلِيطِ بِإِيصَائِهِ بِقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ وَأَبُو عِمْرَانَ التَّخْلِيطُ بِأَنْ يَذْكُرَ فِي كَلَامِهِ مَا يُبَيِّنُ عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ مَا ابْتَدَأَ بِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ خَلَّطَ لَمْ تَصِحَّ وَعَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتُلِفَ فِي سِنِّ مَنْ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فَقِيلَ عَشْرٌ أَوْ أَقَلُّ بِيَسِيرٍ أَوْ سَبْعٌ وَهُمَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَوْ إذَا رَاهَقَ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ يُنْظَرُ لِحَالِ كُلٍّ بِانْفِرَادِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ اللَّخْمِيُّ، وَاسْتُظْهِرَ. وَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَى الصَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ (إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ) أَيْ الْبُلُوغِ، وَظَاهِرُهُ انْفِكَاكُ الْحَجْرِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ وَحِفْظِ الْمَالِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْمَازِرِيُّ إذْ اللَّازِمُ لِلْحَاجِرِ حِفْظُ الْمَالِ لَا التَّجْرِبَةُ فَمَالِكُهُ أَوْلَى. وَقِيلَ يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ حُسْنِ التَّنْمِيَةِ إذْ لَوْ لَمْ يُحْسِنْهَا لَأَتْلَفَ مَالَهُ قَالَهُ تت. الْحَطّ هَذَا حَدُّ الرُّشْدِ الَّذِي لَا يُحْجَرُ عَلَى صَاحِبِهِ بِاتِّفَاقٍ. وَاخْتُلِفَ فِي الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْحَجْرِ هَلْ هُوَ ذَلِكَ أَيْضًا أَوْ يُزَادُ فِيهِ حُسْنُ التَّنْمِيَةِ، ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اشْتِرَاطُ الثَّانِي وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّشِيدِ الْعَدَالَةُ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الْيَتِيمُ فَاسِقًا مَرِيدًا وَكَانَ مَعَ هَذَا نَاظِرًا فِي مَالِهِ غَابِطًا لَهُ وَجَبَ إطْلَاقُهُ مِنْ الْوِلَايَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا فِي مَالِهِ فَلَا يَجِبُ إطْلَاقُهُ مِنْهَا. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ صِفَةُ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْرَارِ أَنْ يَكُونَ يُبَذِّرُ مَالَهُ سَرَفًا فِي لَذَّاتِهِ مِنْ الشَّرَابِ وَالْفِسْقِ وَغَيْرِهِ، وَيَسْقُطُ فِيهِ سُقُوطَ مَنْ لَا يَعُدُّ الْمَالَ شَيْئًا وَأَمَّا مَنْ أَحْرَزَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 94 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَالَهُ وَأَنْمَاهُ وَهُوَ فَاسِقٌ فِي حَالِهِ غَيْرُ مُبَذِّرٍ لِمَالِهِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عِنْدَ وَصِيٍّ قَبَضَهُ وَيُحْجَرُ عَلَى الْبَالِغِ السَّفِيهِ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا وَلَا يَتَوَلَّى حَجْرَهُ إلَّا الْقَاضِي، قِيلَ: وَصَاحِبُ الشُّرْطَةِ قَالَ الْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ إلَى الْإِمَامِ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَشَهَّرَهُ فِي الْجَامِعِ وَالْأَسْوَاقِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، فَمَنْ بَاعَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ. عِيَاضٌ: قَوْلُهُ: أَحَبُّ إلَيَّ لِلْوُجُوبِ، وَقَدْ قَالَ شُيُوخُنَا الْحَجْرُ: يَخْتَصُّ بِهِ الْقُضَاةُ دُونَ سَائِرِ الْحُكَّامِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ. اهـ. وَالسَّفَهُ ضِدُّهُ فَهُوَ عَدَمُ حِفْظِ الْمَالِ فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ صَرَفَهُ فِي الْمُبَاحَاتِ أَوْ الْمُحَرَّمَاتِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاعْتَرَضَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ " صَرَفَ فِي اللَّذَّاتِ الْمُحَرَّمَةِ "، قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ: قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ يُبَيِّنُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ بَعْدَهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِبُلُوغِهِ، بَلْ هُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَى ظُهُورِ رُشْدِهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَإِنْ ظَهَرَ رُشْدُهُ، فَإِذَا بَلَغَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ حَجَرَ عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ حَجَرَ عَلَيْهِ وَأَشْهَدَ بِهِ فَحُكْمُهُ كَمَنْ لَزِمَتْهُ الْوِلَايَةُ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ رُشْدَهُ أَوْ سَفَهَهُ عَمِلَ عَلَيْهِ، وَإِنْ جَهِلَ فَالْمَشْهُورُ حَمْلُهُ عَلَى السَّفَهِ. وَرَوَى زِيَادُ بْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَمْلَهُ عَلَى الرُّشْدِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ هَلْ الْوَلَدُ مَحْمُولٌ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ عَلَى الرُّشْدِ أَوْ السَّفَهِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى السَّفَهِ حَتَّى يُعْلَمَ رُشْدُهُ. ابْنُ عَاشِرٍ: يُسْتَثْنَى مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ أَبُوهُ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْدَ أَوَّلِ بُلُوغِهِ فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ إلَّا بِفَكِّ الْأَبِ. اهـ. وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ، وَنَصَّهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْأَبِ تَجْدِيدُ السَّفَهِ عَلَى وَلَدِهِ قُرْبَ بُلُوغِهِ، وَإِذَا بَعُدَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْعَامِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِسَفَهِهِ اهـ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: لَيْسَ لِلْأَبِ الْحَجْرُ عَلَى ابْنِهِ إلَّا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا حِينَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 95 وَفَكِّ وَصِيٍّ، وَمُقَدَّمٍ إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ،   [منح الجليل] الْحُلُمِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، وَضَرَبَ عَلَى يَدَيْهِ وَأَشْهَدَ بِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ، وَلَا يَزَالُ الِابْنُ بَاقِيًا فِي حَجْرِهِ بِذَلِكَ إلَى أَنْ يُرَشِّدَهُ أَبُوهُ أَوْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ بِإِطْلَاقِهِ، وَعَلَى هَذَا بَنَى أَهْلُ الْوَثَائِقِ وَثَائِقَهُمْ وَانْعَقَدَتْ بِهِ أَحْكَامُهُمْ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَغْفَلَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ حَتَّى بَعُدَ عَنْ سِنِّ الِاحْتِلَامِ فَلَيْسَ لَهُ تَسْفِيهُهُ إلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ. (وَ) الْمَحْجُورُ لِوَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ يَسْتَمِرُّ حَجْرُهُ إلَى (فَكِّ وَصِيٍّ) مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ (أَوْ مُقَدَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً عَلَى يَتِيمٍ مِنْ قَاضٍ لِيَنْظُرَ لَهُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَيَتَصَرَّفَ لَهُ فِي مَالِهِ بِهَذَا الْحَجْرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَظُهُورِ رُشْدِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ الْمُقَدَّمُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي فِي فَكِّ حَجْرِهِ. الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ يَحْتَاجُ لِإِذْنِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَحْجُورُ مَعْرُوفًا بِالرُّشْدِ. ابْنُ رَاشِدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ فَإِنَّ حَجْرَ الْأَبِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ حَجْرَ الْأَبِ هُوَ الْأَصْلُ، وَحَجْرَ الْوَصِيِّ مَقِيسٌ عَلَيْهِ، وَجَعَلُوا مَعَ هَذَا حَجْرَ الْأَبِ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكِّ الْأَبِ، وَحَجْرَ الْوَصِيِّ لَا يَنْفَكُّ بِهِمَا إلَّا بِفَكِّهِ، فَمَا وَجْهُ هَذَا؟ وَوُجِّهَ بِأَنَّ حَجْرَ الْأَبِ حَجْرٌ أَصَالَةً بِلَا جُعْلٍ وَلَا إدْخَالِ أَحَدٍ، وَحَجْرَ الْوَصِيِّ بِجُعْلٍ وَإِدْخَالٍ وَلَا يُعْتَرَضُ بِتَجْدِيدِ الْأَبِ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِخْبَارِ بِبَقَاءِ الْحَجْرِ الْأَصْلِيِّ عَلَيْهِ اهـ. وَقَوْلُهُ " وَلَا يُعْتَرَضُ إلَخْ " صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَبَ إذَا جَدَّدَ الْحَجْرَ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ، لَكِنْ مَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيُّ أَقْوَى مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. الْحَطّ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ وَتَصَرَّفَ السَّفِيهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ تَصَرُّفَهُ حِينَئِذٍ كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ فِيهِ وَجْهَ الصَّوَابِ ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ فَقَالَ (إلَّا) تَصَرُّفَهُ بِ (كَدِرْهَمٍ) شَرْعِيٍّ (لِعَيْشِهِ) أَيْ قُوتِ الْمُمَيِّزِ وَعَيْشِ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ فِي خُبْزٍ وَلَحْمٍ وَبَقْلٍ وَدُهْنٍ وَمَاءٍ وَحَطَبٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إذَا أَحْسَنَهُ، وَأَمَّا نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَخَادِمِهَا فَتُعْطَى لَهَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي لِأَنَّهَا لِحُرِّيَّتِهَا أَشْبَهَتْ غَيْرَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً دُفِعَتْ لِسَيِّدِهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 96 لَا طَلَاقِهِ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ، وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ وَقِصَاصٍ وَنَفْيِهِ، وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ   [منح الجليل] وَأَخْرَجَ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُمَيِّزِ الشَّامِلِ لِلْبَالِغِ السَّفِيهِ فَقَالَ (لَا) أَيْ لَيْسَ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ رَدُّ (طَلَاقِهِ) أَيْ السَّفِيهِ زَوْجَتَهُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ خُلْعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (اسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ) مِنْ السَّفِيهِ لِمَجْهُولٍ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُ أَيْضًا (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (نَفْيِهِ) أَيْ النَّسَبِ مِنْ السَّفِيهِ لِحَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ عَنْ نَفْسِهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ تَنْجِيزِ (عِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ السَّفِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَنَفَقَتُهَا أَكْثَرُ مِنْهُمَا وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الرَّاجِحِ. وَمَفْهُومُ مُسْتَوْلَدَتِهِ أَنَّ عِتْقَ غَيْرِهَا لِوَلِيِّهِ رَدُّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ. (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (قِصَاصٍ) طَلَبَهُ السَّفِيهُ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (نَفْيِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ بِعَفْوِ السَّفِيهِ عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ رَدُّ (إقْرَارٍ) مِنْ السَّفِيهِ (بِ) مُوجَبِ (عُقُوبَةٍ) لِلسَّفِيهِ كَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَقَذْفٍ وَقَتْلٍ وَزِنًا. ابْنُ رُشْدٍ: اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أَنَّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ تَلْزَمُهُ جَمِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي أَوْجَبَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ فِي بَدَنِهِ وَمَالِهِ، وَيَلْزَمُهُ مَا وَجَبَ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ وَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ كَانَ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَكَذَلِكَ الظِّهَارُ، وَيَنْظُرُ لَهُ وَلِيُّهُ فِيهِ بِوَجْهِ النَّظَرِ، فَإِنْ رَأَى أَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ وَيُمْسِكَ عَلَيْهِ زَوْجَتَهُ فَعَلَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يُعْتِقَ عَنْهُ وَإِنْ آلَ ذَلِكَ إلَى الْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَجْزِيهِ الصِّيَامُ وَلَا الْإِطْعَامُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَحْمِلُ الْعِتْقَ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ يَمِينٍ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ فِيهَا عَلَى حِنْثٍ أَوْ بِسَبَبِ امْتِنَاعِ وَلِيِّهِ مِنْ تَكْفِيرِهِ عَنْهُ عَنْ ظِهَارٍ لَزِمَهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فَيُنْظَرُ لِيَمِينِهِ فَإِنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا مَا لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَيَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلِيُّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ إيلَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ لَزِمَهُ الْإِيلَاءُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَا يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ. وَإِنْ كَانَتْ بِصِيَامٍ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمُهُ لَزِمَهُ بِهِ الْإِيلَاءُ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 97 وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ، لَا ابْنِ الْقَاسِمِ،   [منح الجليل] عَطِيَّةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يُعْتِقَ أُمَّ وَلَدِهِ فَيَلْزَمَهُ لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَالِهَا هَلْ يَتْبَعُهَا أَمْ لَا؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ يَتْبَعُهَا وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى لَا يَتْبَعُهَا. وَقَالَ أَصْبَغُ يَتْبَعُهَا الْقَلِيلُ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ نَافِعٍ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ فَفِي ثُلُثِهِ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَاسْتَحْسَنَهُ أَصْبَغُ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ. وَأَمَّا بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَنِكَاحُهُ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا جَرَى عَلَى عِوَضٍ فَإِنَّهُ يُوقَفُ عَلَى نَظَرِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ وَإِلَّا قَدَّمَ الْقَاضِي لَهُ نَاظِرًا يَنْظُرُ لَهُ نَظَرَ الْوَصِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَلَكَ أَمْرَهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي رَدِّ ذَلِكَ وَإِجَازَتِهِ اهـ. (وَتَصَرُّفُهُ) أَيْ السَّفِيهِ الْمُهْمَلِ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي مَحْمُولٌ (عَلَى الْإِجَازَةِ) بِالزَّايِ أَيْ الْمُضِيِّ وَاللُّزُومِ (عِنْدَ) الْإِمَامِ (مَالِكٍ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ وَشَهَّرَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ عِنْدَهُ الْحَجْرُ وَلَمْ يُوجَدْ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ الْإِمَامَ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ، وَيُشْهِرُهُ فِي الْجَوَامِعِ وَالْأَسْوَاقِ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَمَنْ عَامَلَهُ بَعْدُ فَمَرْدُودٌ (لَا) عِنْدَ الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ابْنِ الْقَاسِمِ) صَاحِبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فَمَحْمُولٌ عَلَى الرَّدِّ عِنْدَهُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَشَهَّرَهُ فِي الْبَيَانِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ الْمَازِرِيُّ: وَاخْتَارَهُ مُحَقِّقُو أَشْيَاخِي لِأَنَّ الْمَانِعَ عِنْدَهُ السَّفَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ. (تَنْبِيهَانِ) : الْأَوَّلُ: أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ، وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا؟ خِلَافٌ كَعَادَتِهِ. الثَّانِي: أَشْعَرَ ذِكْرُهُ الْقَوْلَيْنِ فِي السَّفِيهِ بِأَنَّ أَفْعَالَ مَجْهُولِ الْحَالِ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَأَفْعَالُهُ مَرْدُودَةٌ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَهُ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 98 وَعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ بَعْدَهُ، وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى   [منح الجليل] الْمُقَدِّمَاتِ. وَأَمَّا الْأُنْثَى السَّفِيهَةُ الْمُهْمَلَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَقَالَهُ فِي غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَحْنُونٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالثَّانِي أَنَّهَا مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ أَوْ تَتَزَوَّجْ وَيَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا وَتُقِمْ مَعَهُ مُدَّةً يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهَا عَلَى الرُّشْدِ قِيلَ: أَدْنَاهَا الْعَامُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَتَّى يَمُرَّ بِهَا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا مِثْلُ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَأَفْعَالُهَا قَبْلَ هَذَا مَرْدُودَةٌ. (وَعَلَيْهِمَا) أَيْ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ) أَيْ السَّفِيهِ (إذَا رَشَدَ) وَتَصَرَّفَ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحَجْرِ وَقَبْلَ فَكِّهِ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، وَمَاضٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِرُشْدِهِ وَزَوَالِ سَفَهِهِ. صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ: وَهُمَا مَنْصُوصَانِ لَا مُخَرَّجَانِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ. وَقَدْ حَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْيَتِيمِ الْمُهْمَلِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ إنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ رَشِيدًا كَانَ أَوْ سَفِيهًا مُعْلَنَ السَّفَهِ أَوْ غَيْرَ مُعْلَنِهِ، اتَّصَلَ سَفَهُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ أَوْ سُفِّهَ بَعْدَ أَنْ أُنِسَ مِنْهُ الرُّشْدُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. الثَّانِي: لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلَ السَّفَهِ فَلَا تَجُوزُ وَإِلَّا جَازَتْ وَلَزِمَتْهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَيْعُهُ بَيْعَ سَفَهٍ وَخَدِيعَةٍ مِثْلُ بَيْعِ مَا بِأَلْفٍ بِمِائَةٍ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُتْبَعُ بِالثَّمَنِ إنْ أَفْسَدَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ مُعْلَنِ السَّفَهِ وَغَيْرِهِ. وَالثَّالِثُ: لِأَصْبَغَ إنْ كَانَ مُعْلَنًا بِهِ فَلَا تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَنْ بِهِ جَازَتْ اتَّصَلَ سَفَهُهُ أَمْ لَا، وَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى أَنْ يُنْظَرَ لَهُ يَوْمَ بَيْعِهِ، فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا جَازَتْ أَفْعَالُهُ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا لَمْ تَجُزْ. (وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَى مَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِهِ عَنْ الذَّكَرِ مِنْ الْبُلُوغِ وَظُهُورِ الرُّشْدِ فِي ذِي الْأَبِ، وَهُمَا وَالْفَكُّ فِي ذِي الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (فِي) فَكِّ حَجْرِ (الْأُنْثَى) شَرْطَانِ أَحَدُهُمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 99 دُخُولُ زَوْجٍ بِهَا، وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا، وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الْأَرْجَحِ   [منح الجليل] دُخُولُ زَوْجٍ) بِهَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ عَلَى الْحَجْرِ، وَلَوْ عُلِمَ رُشْدُهَا وَلَا يُحْتَاجُ لِاخْتِبَارِهَا بِسَنَةٍ بِالنُّونِ بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمَا، وَشَهَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِبَارَهَا بِسَنَةٍ بِالنُّونِ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَصَرَّحَ ابْنُ فَرْحُونٍ بِتَشْهِيرِهِ وَضَبَطَ قَوْلَهُ بِسِتَّةٍ بِالتَّاءِ أَيْ سِتَّةِ أَعْوَامٍ بَعْدَ الدُّخُولِ لِيُوَافِقَ مَا بِهِ الْعَمَلُ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ الْأَبُ عَلَيْهَا حَجْرًا قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَبْعَةُ أَعْوَامٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَبِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا. وَالثَّانِي (شَهَادَةُ الْعُدُولِ) أَيْ أَرْبَعَةٍ فَأَكْثَرَ، هَذَا الَّذِي جَرَى بِهِ عَمَلُ الْمُوَثَّقِينَ. قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عَدْلَانِ كَمَا يُجْزِئُ فِي الْحُقُوقِ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ. أَبُو عَلِيٍّ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِهَا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَالْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ فِي هَذَا أَنَّ تَكْثِيرَ الشُّهُودِ فِي التَّرْشِيدِ وَالتَّسْفِيهِ شَرْطٌ، وَأَقَلُّهَا عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَرْبَعَةٌ وَتَجُوزُ فِيهِمَا شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَوْ الرِّجَالِ فَقَطْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ مِنْ الْجِيرَانِ، وَمَنْ يُرَى أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفْقَدُوا فَيَشْهَدَ الْأَبَاعِدُ (عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا) أَيْ حُسْنِ تَصَرُّفِهَا فِي الْمَالِ وَسَدَادِهِ كَمَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْمُدَوَّنَةِ، فَيَنْفَكُّ حَجْرُهَا وَلَوْ قُرْبَ دُخُولِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ يُجَدِّدْ الْأَبُ حَجْرَهَا، بَلْ (وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا) عَلَيْهَا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ " غ " لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ تَجْدِيدُ حَجْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ حَدَّ لِجَوَازِ أَفْعَالِهَا حَدًّا مِنْ السِّنِينَ، مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَضْرَبَ هُنَا عَنْ الْقَوْلِ بِالتَّحْدِيدِ بِالسِّنِينَ، وَقَدْ قَبِلَ ابْنُ عَرَفَةَ قِيَاسَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا لِابْنِ يُونُسَ، فَفِي هَذَا التَّرْجِيحِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا نِسْبَتُهُ لِابْنِ يُونُسَ، وَالثَّانِي تَفْرِيعُهُ عَلَى غَيْرِ الْقَوْلِ بِالتَّحْدِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ تت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 100 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انْفِكَاكُهُ وَلَوْ ضَمِنَ شُهُودُ تَجْدِيدِ سَفَهِهَا عِلْمَهُمْ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِفَتْوَى ابْنِ الْقَطَّانِ وَالْأَصِيلِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِثْبَاتِ سَفَهِهَا. الثَّانِي: حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ هُنَا إنَّمَا هُوَ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ عَلَيْهَا تَجْدِيدُ حَجْرِهَا عَلَى قَوْلِ مَنْ حَدَّ لِجَوَازِ أَفْعَالِهَا حَدًّا مِنْ السِّنِينَ لِأَنَّهُ حَمَلَهَا بِبُلُوغِهَا إلَيْهِ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَجَازَ أَفْعَالَهَا فَلَا يُصَدَّقُ الْأَبُ فِي إبْطَالِ هَذَا الْحُكْمِ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ سَفَهِهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ صِحَّةُ قَوْلِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 101 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّالِثُ: شَمِلَ قَوْلُهُ الْأُنْثَى الْمُعَنَّسَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ جَعَلَ هَذَا الْحُكْمَ فِي غَيْرِهَا. الرَّابِعُ: نَسَبَ الشَّارِحُ التَّرْجِيحَ لِابْنِ يُونُسَ، وَنَقَلَ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ هُوَ فِي مُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ كَانَا اتَّفَقَا عَلَى تِلْكَ الْعِبَارَةِ فَالْمُنَاسِبُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ، وَإِلَّا فَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْكَاتِبِ اهـ كَلَامُ تت. الْخَامِسُ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ، وَأَمَّا الْمُهْمَلَةُ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا وَالْمَشْهُورُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ، فَذَكَرَ فِي كُلٍّ مِنْ ذَاتِ الْأَبِ وَالْمُهْمَلَةِ سَبْعَةَ أَقْوَالٍ، وَذَكَرَ الْمَشْهُورَ مِنْهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ وَنَصُّهُ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَاتَيْنِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَقِيلَ فِي ذَاتِ الْأَبِ: إنَّهَا تَخْرُجُ بِالْحَيْضِ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا. وَقِيلَ لَا تَخْرُجُ بِهِ حَتَّى تَتَزَوَّجَ وَيَمُرَّ بِهَا عَامٌ وَنَحْوُهُ بَعْدَ الدُّخُولِ. وَقِيلَ: عَامَانِ. وَقِيلَ: سَبْعَةٌ. وَقِيلَ: لَا تَخْرُجُ وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهَا مَعَ زَوْجِهَا حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا. وَقِيلَ: تَخْرُجُ بِالتَّعْنِيسِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا زَوْجُهَا. وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ تَعْنِيسِهَا فَقِيلَ: أَرْبَعُونَ، وَقِيلَ: مِنْ خَمْسِينَ إلَى سِتِّينَ. وَقِيلَ: أَفْعَالُهَا جَائِزَةٌ بَعْدَ التَّعْنِيسِ إذَا أَجَازَهَا الْوَلِيُّ فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ. وَقِيلَ فِي الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ: إنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ بَعْدَ بُلُوغِهَا. وَقِيلَ: لَا تَجُوزُ حَتَّى يَمُرَّ بِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ الْعَامُ وَنَحْوُهُ أَوْ الْعَامَانِ وَنَحْوُهُمَا، وَقِيلَ: الثَّلَاثَةُ الْأَعْوَامِ وَنَحْوُهَا. وَقِيلَ: حَتَّى تَدْخُلَ وَيَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا. وَقِيلَ: إذَا عَنَّسَتْ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً إلَى الْخَمْسِ وَالسِّتِّينَ، وَهُوَ زَمَنُ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا سَابِعٌ وَهُوَ أَنْ تَجُوزَ أَفْعَالُهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 102 وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا كَالْوَصِيِّ، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا.   [منح الجليل] بِمُرُورِ سَبْعَةِ أَعْوَامٍ مِنْ دُخُولِهَا وَالْمَشْهُورُ فِي الْبِكْرِ ذَاتِ الْأَبِ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهَا وَلَا تَجُوزُ أَفْعَالُهَا وَإِنْ تَزَوَّجَتْ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى صَلَاحِ أَمْرِهَا، وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا كَوْنُ أَفْعَالِهَا جَائِزَةً إذَا مَرَّ بِهَا سَبْعَةُ أَعْوَامٍ مِنْ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا عَلَى رِوَايَةٍ مَنْسُوبَةٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ أَنَّ أَفْعَالَهَا جَائِزَةٌ إذَا عَنَّسَتْ أَوْ مَضَى لِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا الْعَامُ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، فَإِنْ عَنَّسَتْ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا جَازَتْ أَفْعَالُهَا بِاتِّفَاقٍ إذَا عُلِمَ رُشْدُهَا أَوْ جُهِلَ حَالُهَا، وَرُدَّتْ إنْ عُلِمَ سَفَهُهَا، هَذَا الَّذِي اعْتَقَدَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِهِمْ اهـ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَأَمَّا الْيَتِيمَةُ ذَاتُ الْوَصِيِّ مِنْ أَبِيهَا أَوْ الْمُقَدَّمِ مِنْ الْقَاضِي. فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَخْرُجُ مِنْ الْوِلَايَةِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَطَالَ زَمَانُهَا وَحَسُنَتْ حَالَتُهَا حَتَّى تُطْلَقَ مِنْ الْحَجْرِ الَّذِي لَزِمَهَا بِمَا يَصِحُّ إطْلَاقُهَا بِهِ مِنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ الْمَعْمُولُ بِهِ اهـ. الْحَطّ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا) أَيْ بِنْتِهِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ (قَبْلَ دُخُولِهَا) بِزَوْجِهَا وَأَوْلَى بَعْدَهُ، هَذَا ظَاهِرُهُ وَبِهِ قَرَّرَ تت. وَقَالَ عب كَالْوَصِيِّ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لتت، وَلِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ. طفي: قَوْلُ تت " قَبْلَ الدُّخُولِ " لَعَلَّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ هَكَذَا فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَرَّرَ عج إنْ عُرِفَ رُشْدُهَا، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (رُشْدُهَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ طفي الصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ إذْ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ، وَبِهِ قَرَّرَ " ج ". فِي الْمُتَيْطِيَّةِ. اُخْتُلِفَ هَلْ لِلْوَصِيِّ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُعْلِمْ الْبَيِّنَةُ رُشْدَهَا. وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ رُشْدِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَاخْتُلِفَ فِي تَرْشِيدِ الْوَصِيِّ إيَّاهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ كَالْأَبِ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ زَوْجُهَا وَيُعْرَفَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 103 وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي: خِلَافٌ وَالْوَلِيُّ الْأَبُ،   [منح الجليل] مِنْ حَالِهَا مَا يُوجِبُ إطْلَاقَهَا. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ بَقِيٍّ: لَيْسَ لِلْوَصِيِّ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِ بَيْتِهَا إلَّا أَنْ تُعَنِّسَ، فَإِنَّ التَّعْنِيسَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. اهـ. وَبِهَذَا يَصِحُّ قَوْلُهُ قَبْلَ دُخُولِهَا اهـ. قُلْت إذَا رَجَعَتْ الْمُبَالَغَةُ الثَّانِيَةُ فَرُجُوعُهَا لِلْأُولَى أَوْلَى لِحَمْلِ تَصَرُّفِ الْأَبِ عَلَى السَّدَادِ لِشَفَقَتِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهَا فِي الْأُولَى لِمُجَرَّدِ دَفْعِ التَّوَهُّمِ لِعَدَمِ الْخِلَافِ فِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي) تَرْشِيدِ (مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ) فَقِيلَ يَجُوزُ كَتَرْشِيدِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً وَهُوَ لِسَحْنُونٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ وَأَقْفَالُهَا بَعْدَهُ مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ أَوْ تَتَزَوَّجْ وَتُقِمْ مُدَّةً بِبَيْتِ زَوْجِهَا مُدَّةً يُحْمَلُ أَمْرُهَا فِيهَا عَلَى الرُّشْدِ طفي أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ اُخْتُلِفَ فِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي هَلْ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْمَشْهُورُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إثْبَاتِ مَا يُوجِبُ إطْلَاقَهَا، وَبَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي لَهُ بِهِ، وَكَمَا أَدْخَلَهَا فِي الْوِلَايَةِ قَاضٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَهَا مِنْهَا إلَّا قَاضٍ، وَقَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَغَيْرُهُ وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ قَاضٍ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا إلَّا بِقَوْلِهِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ مِنْ الْقَاضِي فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَوَصِيِّ الْأَبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ جَبَرَ بِهِ الْخَلَلَ الْكَائِنَ بِتَرْكِ الْأَبِ تَقْدِيمَ وَصِيٍّ لِهَذَا الْوَلَدِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا تَقْرِيرُ تت فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْيَتِيمَةِ غَيْرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهَا هَلْ أَفْعَالُهَا جَائِزَةٌ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ أَوْ مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ تُعَنِّسْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا غَيْرُ مُلْتَئِمٍ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ كَهُمَا إذْ لَمْ يَتَعَرَّضْ سَحْنُونٌ وَلَا غَيْرُهُ لِمُقَدَّمِ الْقَاضِي أَصْلًا،. (وَالْوَلِيُّ) عَلَى الْمَحْجُورِ، مَجْنُونًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا (الْأَبُ) الرَّشِيدُ، كَذَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَشِيدًا فَهَلْ يَكُونُ نَاظِرُهُ نَاظِرًا عَلَى بَنِيهِ أَوْ لَا إلَّا بِتَقْدِيمٍ مُسْتَأْنَفٍ؟ قَوْلَانِ أَفَادَهُ تت، وَعِبَارَةُ عب عَلَى الْمَحْجُورِ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا لَمْ يَطْرَأْ سَفَهُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا أَوْ خُرُوجِهِ بِهِمَا مِنْ حَجْرِ أَبِيهِ الْأَبِ الْمُسْلِمِ الرَّشِيدِ لَا الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 104 وَلَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ   [منح الجليل] وَالْأُمِّ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ إلَّا بِإِيصَاءٍ، وَقَدَّمَ الْحَاكِمُ عَلَى مَنْ طَرَأَ سَفَهُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْ حَجْرِ أَبِيهِ مُقَدَّمًا يَنْظُرُ لَهُ فِي مَالِهِ بِالْمَصْلَحَةِ. الْمُتَيْطِيُّ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ السَّفَهُ فَإِنَّ الْأَبَ يُثْبِتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُقَدِّمُهُ لِلنَّظَرِ لَهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ وَهُوَ أَحَقُّ بِالتَّقْدِيمِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ، وَكَذَا يُقَدَّمُ الْحَاكِمُ عَلَى صَبِيٍّ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ أَبٍ كَافِرٍ، أَوْ سَفِيهٍ مُهْمَلٍ أَوْ ذِي وَصِيٍّ عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ. وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّ الْوَصِيَّ عَلَى الْأَبِ السَّفِيهِ وَصِيٌّ عَلَى أَوْلَادِهِ، قَالَ: وَنَظَرُ الْوَصِيِّ فِي الْمَشْهُورِ ... مُنْسَحِبٌ عَلَى بَنِي الْمَحْجُورِ مَيَّارَةُ: الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ فِي حَيَاةِ الْأَبِ فَقَطْ. وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَكُونُ نَاظِرًا عَلَى بَنِيهِ لِأَنَّ نَظَرَهُ لَهُمْ كَانَ بِحَسَبِ التَّبَعِ لِنَظَرِهِ لِأَبِيهِمْ. (وَلَهُ) أَيْ الْأَبِ الْوَلِيِّ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْمَجْنُونِ (الْبَيْعُ) لِشَيْءٍ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ لَهُ لِيُنْفِقَ ثَمَنَهُ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِغَيْرِ الْعَقَارِ إنْ بَيَّنَ الْأَبُ سَبَبَ بَيْعِهِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ) الْأَبُ (سَبَبَهُ) أَيْ الْبَيْعِ عَلَى وَلَدِهِ تت أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَعَزَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. أَبُو عِمْرَانَ كُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ عَنْ بَيْعِ الْأَبِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ وَلَدِهِ أُطْلِقَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الْوَصِيِّ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ مَحْجُورِهِ قَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَظَرًا، وَحَيْثُ كَانَ الْأَبُ مَحْمُولًا فِي بَيْعِهِ عَلَى السَّدَادِ فَلَا اعْتِرَاضَ لِوَلَدِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِيمَا بَاعَهُ عَلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (تَنْبِيهٌ) : إطْلَاقُهُ جَوَازَ الْبَيْعِ يَشْمَلُ بَيْعَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، لَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ، وَتَحَقُّقُ ذَلِكَ فَسْخٌ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ مَنْفَعَةً غَيْرَ وَاجِبَةٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا يُفْسَخُ كَبَيْعِهِ دَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا لَا تَنْقَسِمُ. طفي: قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِالنَّظَرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ وَجْهِ النَّظَرِ، هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّبَبِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 105 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ الَّذِي بِيعَ ذَلِكَ لِأَجْلِهِ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَبَيْعُ عَقَارِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ قَصْرِهِ عَلَى وُجُوهٍ مَعْدُودَةٍ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ اهـ. فَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّبَبِ مَا يَأْتِي فِي بَيْعِ عَقَارِ الْيَتِيمِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ عَقَارَ ابْنِهِ وَغَيْرَهُ لِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ وَلِغَيْرِهَا. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِالسَّبَبِ وَهُوَ النَّظَرُ، لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذِكْرُهُ لِحَمْلِهِ عَلَيْهِ، إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُ تت وَتَبِعَهُ " ج " قَوْلُهُ " وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ " مُنْتَقَدٌ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ عَنْ كَوْنِهِ يَبِيعُهُ لِسَبَبٍ، لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لَيْسَ كَذَلِكَ، لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَأَنَّهُمَا فَهِمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ مَا يَأْتِي فَقَطْ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ بِمُرَادٍ، قَوْلُ تت إنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ أُطْلِقَ فِي الْفَسْخِ، فَظَاهِرُهُ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَمْ لَا. وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَحُكْمُ مَا بَاعَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ حَابَى بِهِ حُكْمُ مَا وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَيُفْسَخُ فِي الْقِيَامِ، وَحُكْمُهُ فِي الْفَوَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْته فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا غَرِمَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِالثَّمَنِ، وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ أَنْ يَعْتِقَ الرَّجُلُ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ يَتَزَوَّجُ بِهِ فَقَالَ: إنَّ الْعِتْقَ يَنْفُذُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِابْنِهِ، وَيُرَدُّ إنْ كَانَ مُعْدِمًا إلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ فَلَا يُرَدَّ أَصْبَغُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ لَهُ خِلَالَ ذَلِكَ يُسْرٌ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَدِيمًا فِي ذَلِكَ الطُّولِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ، وَقَالَ: الصَّدَقَةُ تُرَدُّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا فَإِنْ تَلِفَتْ الصَّدَقَةُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَغَرِمَ الْأَبُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِهِ بِاسْتِهْلَاكٍ أَوْ أَكْلٍ، وَالْأَبُ عَدِيمٌ غَرِمَ قِيمَتَهَا وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَغَرِمَ الْأَبُ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا رُدَّ عِتْقُهُ إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةٌ فَأَوْلَدَهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ بِمَنْزِلَةِ مَا فَوَّتَهُ بِاسْتِهْلَاكٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 106 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ أَكْلٍ هَذَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِي التَّزْوِيجِ: الْمَرْأَةُ أَحَقُّ بِهِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ مُوسِرًا كَانَ الْأَبُ أَوْ مُعْدِمًا وَيَتْبَعُ الِابْنُ أَبَاهُ بِقِيمَتِهِ. قَالَ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ: يَوْمَ أَخَذَهُ وَأَصْدَقَهُ أَمْر أَنَّهُ يُرِيدُ يَوْمَ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ لَا يَوْمَ دَفْعِهِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ الْمَرْأَةُ وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الِابْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ، وَيَظَلَّ فِي يَدِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا. فَإِنْ قَامَ بَعْدَ قَبْضِهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَالْأَمْرُ الْقَرِيبُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَيَكُونُ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَتَتْبَعُ الْمَرْأَةُ الْأَبَ بِقِيمَتِهِ، وَسَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَخَلَ الْأَبُ بِالْمَرْأَةِ أَمْ لَا، وَفَرَّقَ مُطَرِّفٌ بَيْنَ دُخُولِهِ بِهَا وَعَدَمِهِ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الِابْنُ أَحَقُّ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا قَبَضَتْ أَمْ لَا طَالَ الْأَمْرُ أَمْ لَا، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ أَحَقُّ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا فَالْحَاصِلُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا فَرْقَ بَيْنَ يُسْرِ الْأَبِ وَعُسْرِهِ فِي الْعِتْقِ، وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ، وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا: وَإِذَا قَاسَمَ لِلصَّغِيرِ أَبُوهُ فَحَابَى لَمْ تَجُزْ مُحَابَاتُهُ فِيهَا وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَيُرَدُّ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ بِعَيْنِهِ وَتُرَدُّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا. اهـ. فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلْأَخَوَيْنِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّزْوِيجِ فَأَمْضَيَا ذَلِكَ مَعَ الْيَسَارِ وَرَدَّاهُ مَعَ الْإِعْسَارِ. وَأَطَالَ " ح " بِجَلْبِ كَلَامِهِمَا مِنْ النَّوَادِرِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُعْتَمَدَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ. الْبُنَانِيُّ ابْنُ نَاجِي: قَوْلُهَا فِي الْقِسْمَةِ تُرَدُّ الصَّدَقَةُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا إلَخْ. الْمَغْرِبِيُّ: يَعْنِي وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ هُمَا سَوَاءٌ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْأَخَوَيْنِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ مُطْلَقًا، وَقَوْلَ أَصْبَغَ بِالْمُضِيِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ: قَالَ فِي النُّكَتِ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: الْفَرْقُ بَيْنَ عِتْقِ الْأَبِ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ صَدَقَتِهِ بِمَالِهِ أَوْ هِبَتِهِ لِلنَّاسِ لِأَنَّ الْعِتْقَ أَوْجَبَ بِهِ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 107 ثُمَّ وَصِيُّهُ، وَإِنْ بَعُدَ. وَهَلْ كَالْأَبِ، أَوْ إلَّا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ؟ خِلَافٌ.   [منح الجليل] تَمَلُّكَ شَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ مِلْكُ الْوَلَاءِ، وَإِنْفَاذُ الْعِتْقِ عَلَى نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَمْلِيكٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ مَالَ وَلَدِهِ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ وَلَدِهِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَأَجَزْنَا ذَلِكَ وَأَلْزَمْنَاهُ. وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ مِلْكِ وَلَدِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لِوَلَدِهِ وَلَا لِنَفْسِهِ اهـ. وَقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: الِانْتِقَادُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا أَحَدُ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ إلَخْ، فَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ بِأَنْ يُقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْأَبِ وُجُودُ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ فَضْلًا عَنْ ذِكْرِهِ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا: مُرَادُهُ مُطْلَقُ السَّبَبِ فَلَا إشْكَالَ فِي اشْتِرَاطِ وُجُودِ سَبَبٍ أَيَّ سَبَبٍ كَانَ إذْ لَا يَحِلُّ لِلْأَبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبِيعَ مَالَ وَلَدِهِ بِدُونِ سَبَبٍ أَصْلًا، وَعَلَى هَذَا فَلَا انْتِقَادَ عَلَى الْمُصَنِّفِ. (ثُمَّ) يَلِي الْأَبَ فِي الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ (وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبِ لِنِيَابَتِهِ عَنْهُ ثُمَّ وَصِيُّ وَصِيِّهِ إنْ قَرُبَ، بَلْ (وَإِنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَصِيُّ الْوَصِيِّ (وَهَلْ) الْوَصِيُّ (كَالْأَبِ) فِي حَمْلِ تَصَرُّفِهِ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِ عَلَى السَّدَادِ مُطْلَقًا، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ سَبَبِ تَصَرُّفِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ (أَوْ) هُوَ مِثْلُهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ (إلَّا الرَّبْعَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْعَقَارَ مِنْ الْأَرْضِ، وَمَا اتَّصَلَ مِنْهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ (فَ) يَتَصَرَّفُ فِيهِ (بِ) شَرْطِ (بَيَانِ السَّبَبِ) لِبَيْعِهِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مُشَهَّرَانِ هَذَا ظَاهِرُهُ. طفي لَمْ أَرَ مَنْ شَهَّرَ شَيْئًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ فَالْمَحَلُّ لِتَرَدُّدِ ظَاهِرِ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: أَفْعَالُ الْأَوْصِيَاءِ فِيمَا بَاعُوهُ مِنْ غَيْرِهِمْ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ رُدَّ الْبَيْعُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ لُبَابَةَ وَابْنِ الْعَطَّارِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ: يُحْمَلُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ اهـ. لَكِنْ فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ: فِعْلُ الْوَصِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِالْخِلَافِ لِهَذَا لَكِنْ اُنْظُرْ مَنْ شَهَّرَ الْمُقَابِلَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 108 وَلَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ؛   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا " وَهِبَةُ الْوَصِيِّ شِقْصَ الْيَتِيمِ كَبَيْعِ رِيعِهِ ": لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا بِنَظَرٍ بِمَا نَصَّهُ عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ فِعْلَ الْأَبِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ، وَفِعْلَ الْوَصِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ النَّظَرِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الرِّبَاعِ خَاصَّةً، كَذَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ، قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يُفَسِّرُهُ اهـ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ هَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ رُشْدٍ: بَيْعُ الْأَبِ عَقَارَ ابْنِهِ يُخَالِفُ بَيْعَ الْوَصِيِّ عَقَارَ يَتِيمِهِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَقَارَهُ إلَّا لِوُجُوهٍ مَعْلُومَةٍ حَصَرَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بَعْدَهَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِيهَا أَمْ لَا فَقِيلَ: يُصَدَّقُ فِيهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهَا وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا يُصَدَّقُ فِيهَا وَيَلْزَمُهُ إقَامَتُهَا عَلَيْهَا، وَأَمَّا الْأَبُ فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُ عَقَارِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ إذَا كَانَ بَيْعُهُ وَجْهَ النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ حَصْرِ وُجُوهِهِ فِي ذَلِكَ بِعَدَدٍ، وَبَيْعُهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُفْلِسًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ. وَبِهَذَا اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الثَّانِي " فَبَيَانُ السَّبَبِ " الْمُرَادُ بِهِ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ لَا مُجَرَّدُ ذِكْرِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ مِثْلَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَمِثْلَهُ لِلْجَزِيرِيِّ، وَهُوَ الْحَقُّ. (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (هِبَةٌ) لِشَيْءٍ مِنْ مَالٍ مَحْجُورِهِ (لِلثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَالِيِّ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ بِيَدِهِ فَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَالْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ بِهَا كَالْحَاكِمِ، بِخِلَافِ الْأَبِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، فَإِنْ كَانَ لَهَا فَلَهُ الْبَيْعُ بِهَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ، فَيُقَالُ: لِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي صُورَةِ الْحَاجَةِ هِبَتُهُ لِلثَّوَابِ فَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهَا إنَّمَا يُقْضَى فِيهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَبْلَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهَا وَبَيْنَ دَفْعِ الْقِيمَةِ الَّتِي تَلْزَمُهُ بِفَوَاتِهَا وَهِيَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ فَوَاتِهَا، وَمِنْ الْجَائِزِ نَقْصُهَا يَوْمَ الْفَوَاتِ عَنْهَا يَوْمَ الْهِبَةِ فَلَمْ تَجُزْ الْهِبَةُ لِاحْتِمَالِ تَأْدِيَتِهَا لِلنَّقْصِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِحَاجَةٍ بِهَا، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، فَإِنْ نَقَصَ فَلَا يَعُودُ نَقْصُهُ عَلَى الْمَحْجُورِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 109 ثُمَّ حَاكِمٌ، وَبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ، وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ. وَأَنَّهُ الْأَوْلَى؛ وَحِيَازَةِ الشُّهُودِ لَهُ، وَالتَّسَوُّقِ، وَعَدَمِ إلْغَاءِ زَائِدٍ، وَالسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وَفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ:   [منح الجليل] ثُمَّ) يَلِي الْوَصِيَّ فِي الْوِلَايَةِ (الْحَاكِمُ) أَوْ مُقَامُهُ (وَبَاعَ) الْحَاكِمُ مِنْ عَقَارِ الْيَتِيمِ مَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى صَرْفِ ثَمَنِهِ فِي مَصَالِحِ الْيَتِيمِ (بِثُبُوتِ يُتْمِهِ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ كَوْنِ الصَّبِيِّ يَتِيمًا لِاحْتِمَالِ حَيَاةِ أَبِيهِ (وَإِهْمَالِهِ) أَيْ كَوْنِ الْيَتِيمِ لَا وَصِيَّ وَلَا مُقَدَّمَ لَهُ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ أَحَدِهِمَا (وَمِلْكِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ (لِمَا بِيعَ) أَيْ أُرِيدَ بَيْعُهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ (وَأَنَّهُ) أَيْ مَا أُرِيدَ بَيْعُهُ (الْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ الْأَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) ثُبُوتِ (حِيَازَةِ الشُّهُودِ لَهُ) أَيْ مَا شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ بِأَنْ يَطُوفُوا بِهِ وَيُشَاهِدُوا حُدُودَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ وَيَقُولُوا لِلْحَاكِمِ وَلِمَنْ وَجَّهَهُ الْحَاكِمُ مَعَهُمْ، هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا أَوْ شَهِدَ غَيْرُنَا بِمِلْكِهِ لِلْيَتِيمِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ بِحُدُودِهِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِهَا وَبِمَحَلِّهِ أَغْنَتْ عَنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ خَشْيَةَ أَنْ يُبَاعَ غَيْرُهُ. (وَ) ثُبُوتِ (التَّسَوُّقِ) بِمَا يُبَاعُ أَيْ إشْهَارِهِ لِلْبَيْعِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ مِرَارًا (وَ) ثُبُوتِ (عَدَمِ إلْغَاءِ) بَقَاءِ أَيْ وُجُودِ ثَمَنٍ (زَائِدٍ) عَلَى مَا أُرِيدَ بَيْعُهُ بِهِ (وَ) ثُبُوتِ (السَّدَادِ) أَيْ عَدَمِ النَّقْصِ (فِي الثَّمَنِ) الَّذِي قُصِدَ بَيْعُهُ بِهِ وَكَوْنِهِ عَيْنًا لَا عَرَضًا حَالًّا مُؤَجَّلًا خَوْفًا مِنْ رُخْصِ الْعَرَضِ وَعَدَمِ الْمَدِينِ. وَزَادَ ابْنُ رَاشِدٍ قَبُولَ مَنْ يُقَدِّمُهُ لِلْبَيْعِ لِمَا كَلَّفَهُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَ قَبْلَ قَبُولِهِ كَانَ بَيْعُهُ مَنْظُورًا فِيهِ إذْ لَمْ يَقْبَلْ حِينَ الْإِذْنِ، وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ حِينَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبُولٌ أَفَادَهُ تت، فَإِنْ بَاعَ الْقَاضِي تَرِكَةً قَبْلَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِ بَيْعِهَا فَأَفْتَى السُّيُورِيُّ بِفَسْخِ بَيْعِهِ، وَإِنْ فَاتَ لَزِمَهُ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ يَوْمَ تَعَدِّيهِ بِسِكَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَذَا إذَا فَرَّطَ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ حَتَّى غَابَ الْمُشْتَرُونَ أَوْ هَلَكُوا أَفَادَهُ الْبُرْزُلِيُّ. (وَفِي) وُجُوبِ (تَصْرِيحِهِ) أَيْ الْقَاضِي فِي تَسْجِيلِهِ الْبَيْعَ عَلَى الْيَتِيمِ (بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 110 قَوْلَانِ، لَا حَاضِنٌ: كَجَدٍّ بَيْعِ الْيَسِيرِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَاضِنِ وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ،   [منح الجليل] الَّذِينَ شَهِدُوا عِنْدَهُ بِالْيُتْمِ وَالْإِهْمَالِ وَالْمِلْكِ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى وَالْحِيَازَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي سِجِلِّهِ شَهِدَ عِنْدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِكَذَا، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِكَذَا إلَخْ، لِيَتَيَسَّرَ لِلْيَتِيمِ بَعْدَ رُشْدِهِ الْقَدْحُ فِيمَنْ رَأَى فِيهِ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ، وَعَدَمِ وُجُوبِهِ (قَوْلَانِ) فِي الْحَاكِمِ الْعَدْلِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَسْمَائِهِمْ وَإِلَّا نُقِضَ حُكْمُهُ. الْبُنَانِيُّ: صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ اُنْظُرْ " ق ". وَعَطَفَ عَلَى الْأَبِ أَوْ عَلَى فَاعِلِ " بَاعَ " فَقَالَ (لَا حَاضِنٌ) أَيْ كَافِلٌ وَمُرَبٍّ لِيَتِيمٍ مُهْمَلٍ (كَجَدٍّ) وَأُمٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ فَلَا يَبِيعُ مَتَاعَ مَحْضُونِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُقَاسِمُ عَنْهُ إلَّا لِشَرْطٍ عَلَى أَبِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْضُنُهُ إلَّا إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَيْهِ أَوْ عُرِفَ بِهِ كَعَادَةِ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِتَرْكِ أَحَدِهِمْ الْوَصِيَّةَ عَلَى أَوْلَادِهِ اتِّكَالًا عَلَى قِيَامِ جَدِّهِمْ أَوْ عَمِّهِمْ أَوْ أَخِيهِمْ الرَّشِيدِ بِشَأْنِهِمْ، فَهُوَ كَإِيصَاءِ الْأَبِ مِنْ ذَكَرٍ، نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ، وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ فِي آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِهِ فَقَالَ شَأْنُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ تَصَرُّفُ الْأَكَابِرِ عَلَى الْأَصَاغِرِ يَتْرُكُونَ الْإِيصَاءَ اتِّكَالًا مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ بِغَيْرِ إيصَاءٍ فَالْأَخُ الْكَبِيرُ مَعَ الْأَصَاغِرِ فِي الْبَادِيَةِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ، بِهَذَا الْعُرْفُ، عَلَى هَذَا دَرَجُوا، ثُمَّ نَقَلَ رِوَايَةَ ابْنِ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِأَنَّ الْكَافِلَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ بِدُونِ هَذَا الْعُرْفِ، وَذَكَرَ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ هَذِهِ الرِّوَايَةُ جَيِّدَةٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي لِأَنَّهُمْ يُهْمِلُونَ الْإِيصَاءَ. ابْنُ هِلَالٍ وَبِهِ أَقُولُ وَأَتَقَلَّدُ الْفُتْيَا بِهِ فِي بَلَدِنَا لِأَنَّهَا كَالْبَادِيَةِ. (وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِمْضَاءِ) بَيْعِ (الْيَسِيرِ) مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْحَاضِنِ. تت وَفِي الْعُتْبِيَّةِ جَوَازُهُ، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ، وَلِذَا تَعَقَّبَ لَفْظَ الْإِمْضَاءِ لِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً، وَعُمُومُ قَوْلِهِ " حَاضِنٌ " يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْقَرِيبَ وَالْأَجْنَبِيَّ. الْبُنَانِيُّ ابْنُ هِلَالٍ فِي بَيْعِ الْحَاضِنِ عَلَى مَحْضُونِهِ الْيَتِيمِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَاَلَّذِي جَرَى الْعَمَلُ بِهِ مَا لِأَصْبَغَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَجُوزُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ، ثُمَّ قَالَ فَعَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِشُرُوطٍ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَضَانَةِ وَصِغَرِ الْمَحْضُونِ وَالْحَاجَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْبَيْعِ وَتَفَاهَةِ الْمَبِيعِ، وَأَنَّهُ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ، وَمَعْرِفَةِ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وَتَشْهَدُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ بَيِّنَةٌ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا، وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَوْفًى فِي كُتُبِ الْمُوَثَّقِينَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 111 وَفِي حَدِّهِ: تَرَدُّدٌ وَلِلْوَلِيِّ: تَرْكُ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ فَيَسْقُطَانِ، وَلَا يَعْفُو، وَمَضَى عِتْقُهُ   [منح الجليل] وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا قِيمَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِيمَا ابْتَاعَهُ مِنْ الْكَافِلِ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَزَادَ بَيَانَ أَنَّهُ أَنْفَقَ الثَّمَنَ عَلَيْهِ وَأَدْخَلَهُ فِي مَصَالِحِهِ، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلِلْمَحْضُونِ بَعْدَ رُشْدِهِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، إلَّا كَوْنَ الثَّمَنِ أُنْفِقَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ قَدْرِ الْيَسِيرِ الَّذِي يَمْضِي بَيْعُهُ مِنْ الْحَاضِنِ (تَرَدُّدٌ) فَحَدَّهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَابْنُ الْعَطَّارِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَابْنُ زَرْبٍ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا. أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَعَلَى الثَّانِي الْأَكْثَرُ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ الْحَاضِنُ غَيْرَ وَلِيٍّ فِي الْبَيْعِ وَوَلِيًّا فِي النِّكَاحِ، مَعَ أَنَّ الْبُضْعَ أَقْوَى مِنْ الْمَالِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَسْتَقِلُّ لِلْكَافِلِ بِهِ، وَيَسْتَأْذِنُ الزَّوْجَةَ فِيهِ، وَاَلَّذِي يُبَاشِرُهُ الْكَافِلُ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا إذْنَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ أَذِنَ الْيَتِيمُ فِيهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ، فَلَوْ جَازَ مِنْ الْكَافِلِ لَاسْتَقَلَّ بِهِ. (وَلِلْوَلِيِّ) الْأَبِ أَوْ غَيْرِهِ (تَرْكُ التَّشَفُّعِ) أَيْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ الثَّابِتِ لِمَحْجُورِهِ فِي الشِّقْصِ الَّذِي بَاعَهُ شَرِيكُهُ مِنْ عَقَارٍ قَابِلٍ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَ التَّرْكُ نَظَرًا، أَوْ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ الْيَتِيمِ فَلَا يَقُومُ بِهِ إذَا رَشَدَ، فَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ نَظَرًا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ تَرْكُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَهُ إذَا رَشَدَ الْقِيَامُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَسْقَطَ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ بِلَا نَظَرٍ. (وَ) لَهُ تَرْكُ (الْقِصَاصِ) الثَّابِتِ لِلصَّغِيرِ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ وَأَخْذُ الدِّيَةِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا لَهَا وَالْقِصَاصُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِنْ تَرَكَهُ الْوَلِيُّ فَلَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ تَرَكَ الْوَلِيُّ التَّشَفُّعَ وَالْقِصَاصَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ (فَيَسْقُطَانِ) فَلَيْسَ لِلْمَحْجُورِ قِيَامٌ بِهِمَا بَعْدَ رُشْدِهِ، وَالسَّفِيهُ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ فِي شَأْنِ الْقِصَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَعْفُو) الْوَلِيُّ مَجَّانًا عَنْ جَانٍ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إلَّا أَنْ يُعَوِّضَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ نَظِيرَ مَا فَوَّتَهُ بِعَفْوِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) إنْ أَعْتَقَ الْوَلِيُّ رَقِيقَ مَحْجُورِهِ (مَضَى عِتْقُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ غَيْرِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 112 بِعِوَضٍ: كَأَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ: فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ، وَالْوَصِيَّةِ وَالْحُبُسِ الْمُعَقَّبِ، وَأَمْرِ الْغَائِبِ   [منح الجليل] الْأَبِ رَقِيقَ مَحْجُورِهِ النَّاجِزُ عَنْ نَفْسِ الْوَلِيِّ أَوْ عَنْ مَحْجُورِهِ إنْ كَانَ (بِعِوَضٍ) مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لَا مِنْ مَالِ الرَّقِيقِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بِلَا عِوَضٍ رُدَّ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِ الْمَحْجُورِ فِيهَا. لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ مَنْ يَلِيهِ عَلَى النَّظَرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُ إذْ لَوْ شَاءَ لَانْتَزَعَهُ وَأَبْقَاهُ رَقِيقًا وَلَوْ كَانَ عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ جَازَ عَلَى النَّظَرِ كَبَيْعِهِ. " غ " إلَّا أَنَّ ظَاهِرَهَا جَوَازُهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَكَأَنَّهُ اسْتَرْوَحَ وَلَوْ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ عَلَى عَطِيَّةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ جَازَ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ. وَشَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ فَقَالَ (كَ) عِتْقِ (أَبِيهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ رَقِيقَهُ بِلَا عِوَضٍ مِنْ مَالِ الْأَبِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَيَمْضِي (إنْ أَيْسَرَ) الْأَبُ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِهِ لِوَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّ عِتْقُهُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُوسِرًا. فِي الْعِتْقِ فَيَجُوزَ ذَلِكَ عَلَى الِابْنِ، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي مَالِهِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْهِبَةِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَفِيهَا أَيْضًا وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ جَازَ إنْ كَانَ لِلْأَبِ مَالٌ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُوسِرَ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ فَيَتِمَّ وَيُقَوَّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ الْهِبَةُ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا. تت فَفِي تَشْبِيهِهِ بِمَا يَمْضِي مُسَامَحَةٌ. (وَإِنَّمَا يَحْكُمُ) أَيْ يَجُوزُ حُكْمُهُ ابْتِدَاءً (فِي الرُّشْدِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ إذَا تُنُوزِعَ فِيهِ (وَضِدِّهِ) أَيْ الرُّشْدِ وَهُوَ السَّفَهُ (وَ) شَأْنِ (الْوَصِيَّةِ) مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ وَمِنْ الْوَصِيِّ إذَا تَعَدَّدَ هَلْ يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ يَسْتَقِلُّ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ وَمِنْ دُخُولِ الْحَمْلِ فِي الْمُوصَى بِهِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا وَعَدَمِهِ وَمِنْ صِحَّتِهَا وَعَدَمِهَا (وَالْحُبُسِ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِهَا أَيْ الْوَقْفِ (الْمُعَقَّبِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْقَافِ أَيْ الْمُدْخَلِ فِي مُسْتَحِقِّهِ الْعَقِبُ، أَيْ الذُّرِّيَّةِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ، وَمَفْهُومُ الْمُعَقَّبِ أَنَّ غَيْرَهُ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ لَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ فِيهِ بِالْقُضَاةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمِثْلُ الْمُعَقَّبِ الْحُبُسُ عَلَى مَنْ لَا يُحْصَرُ كَالْفُقَرَاءِ (وَأَمْرِ) أَيْ شَأْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 113 وَالنَّسَبِ، وَالْوَلَاءِ، وَحَدٍّ، وَقِصَاصٍ، وَمَالِ يَتِيمٍ الْقُضَاةُ. وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ، أَوْ غِبْطَةٍ،   [منح الجليل] الْغَائِبِ) الَّذِي عُلِمَ مَوْضِعُهُ وَلَا يَشْمَلُ الْغَائِبُ فِي الِاصْطِلَاحِ الْمَفْقُودَ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ وَلَا حَالُهُ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ تَرْفَعُ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي وَوَالِي الْمُسْلِمِينَ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. (وَ) شَأْنُ (النَّسَبِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالسِّينِ، أَيْ الِانْتِسَابِ لِأَبٍ مُعَيَّنٍ وَالْوَلَاءِ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا الْمُرَتَّبِ عَلَى الْإِعْتَاقِ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ (وَحَدٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ عُقُوبَةٍ لِمَعْصِيَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ كُفْرٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ حِرَابَةٍ أَوْ نَحْوِهَا لِحُرٍّ أَوْ رِقٍّ مُتَزَوِّجٍ مِلْكَ غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَوْ تَزَوَّجَ مِلْكَ سَيِّدِهِ فَلَهُ حَدُّهُ كَمَا يَأْتِي (وَقِصَاصٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ (وَمَالِ يَتِيمٍ) وَفَاعِلُ " يَحْكُمُ " (الْقُضَاةُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ قَاضٍ لِخَطَرِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ، نَصَّ عَلَى الثَّمَانِيَةِ الْأُولَى أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ، وَزَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ الْأَخِيرَيْنِ قَالَهُ تت. طفي فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الَّذِي زَادَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ الْحَدُّ وَالْقِصَاصُ وَمَا عَدَاهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْأَصْبَغِ، كَذَا فِي أَصْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ وَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَهَا وَلَا يَتَوَلَّى الْحَجْرَ إلَّا الْقَاضِي، وَزَادَ بَعْدَ الثَّمَانِيَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَالنَّظَرُ فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ اهـ وَقَدْ أَحْسَنَ " س " عَزْوَهَا. (وَإِنَّمَا يُبَاعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (عَقَارُهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْيَتِيمِ ذِي الْوَصِيِّ، لِأَنَّ الْبَيْعَ لِخُصُوصِ هَذِهِ الْوُجُوهِ فِيهِ خَاصَّةً كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ أَمَّا الْمُهْمَلُ فَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ، وَأَنَّهُ يَبِيعُ لِحَاجَتِهِ فَقَطْ، فَقَوْلُ " س " أَيْ عَقَارُ الْيَتِيمِ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ، وَنَحْوُهُ لِلزَّرْقَانِيِّ وَتَبِعَهُمَا " ج " فِيهِ نَظَرٌ، وَقَوْلُهُمْ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ الْآخَرَ يَقُولُ لَهُ الْبَيْعُ لِغَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ قَالَهُ طفي (لِحَاجَةٍ) تَعَلَّقَتْ بِالْيَتِيمِ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْنٍ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ (أَوْ غِبْطَةٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ رَغْبَةٍ فِي ثَمَنِهِ بِزِيَادَتِهِ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ قَدْرَ ثُلُثِهِ مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 114 أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا، أَوْ حِصَّةً، أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ، أَوْ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ جِيرَانِ سُوءٍ،   [منح الجليل] وَقَوْلُهَا " أَنْ يَزِيدَ أَضْعَافَ الثَّمَنِ " لَعَلَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ فَتُّوحٍ سَحْنُونٌ وَيَكُونُ مَالُ الْمُبْتَاعِ حَلَالًا طَيِّبًا. الْمُتَيْطِيُّ عَنْهُ إنْ كَانَ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قُلْت: الْأَخْذُ بِظَاهِرِ هَذَا يُوجِبُ التَّعَذُّرَ. أَبُو عِمْرَانَ: إنْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّ مَالَ الْمُشْتَرِي كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ خَبِيثٌ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَضْمَنُ وَلَهُ إلْزَامُ الْمُبْتَاعِ ثَمَنًا حَلَالًا أَوْ بَيْعُ الدَّارِ عَلَيْهِ، وَزِيدَ فِي الْبَيْعِ لِلْغِبْطَةِ رَجَاؤُهُ أَنْ يُعَوَّضَ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ أَفْيَدُ مِنْهُ. وَأَمَّا الْأَبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَبِيعُ لِهَذِهِ الْوُجُوهِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مَصْلَحَةٌ كَالتَّجْرِبَةِ. فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ الرَّبْعَ أَوْ غَيْرَهُ لِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِعْلُهُ فِي رَبْعِ وَلَدِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ سِلْعَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاحِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى أَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْوَصِيُّ وَحْدَهُ اهـ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ نَحْوُهُ. (أَوْ لِكَوْنِهِ) أَيْ عَقَارِ الْيَتِيمِ (مُوَظَّفًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ فَفَاءٍ، أَيْ عَلَيْهِ مَالٌ يُدْفَعُ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَقَارٌ غَيْرُهُ مُوَظَّفٌ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (حِصَّةً) أَيْ جُزْءًا مِنْ عَقَارٍ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَمْ لَا، أَرَادَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ أَمْ لَا فَتُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَهُ بِثَمَنِهَا عَقَارٌ كَامِلٌ لَا شَرِكَةَ فِيهِ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً (غَلَّتُهُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا وَأَوْلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ أَصْلًا فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا كَثُرَتْ غَلَّتُهُ. فِي تَوْضِيحِ " يُبَاعُ " فِي حَالَيْنِ، الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَعُودَ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَبِيعَهُ لِيُعَوِّضَ عَلَيْهِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ. الثَّانِي أَنْ يَبِيعَهُ لِيُعَوِّضَهُ مَا هُوَ أَعْوَدُ مِنْهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ قَائِلًا يُشْتَرَى لَهُ لِكَثْرَةِ فَائِدَتِهِ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (بَيْنَ) رِبَاعِ (ذِمِّيِّينَ) فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى لَهُ رَبْعٌ بَيْنَ رِبَاعِ مُسْلِمَيْنِ إنْ كَانَ لِسُكْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ لِلْكِرَاءِ فَلَا يُبَاعُ لِغُلُوِّهِ غَالِبًا. (أَوْ) لِكَوْنِهِ بَيْنَ (جِيرَانِ سُوءٍ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ شَرٍّ وَفِسْقٍ كَزُنَاةٍ وَشَرَبَةِ خَمْرٍ فَيُبَاعُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 115 أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ أَوْ الْخَرَابِ وَلَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ وَالْبَيْعُ أَوْلَى   [منح الجليل] وَيُشْتَرَى لَهُ رَبْعٌ بَيْنَ جِيرَانٍ عُدُولٍ (أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ) أَيْ الْيَتِيمِ فِي الْعَقَارِ (بَيْعًا) لِنَصِيبِهِ وَهُوَ لَا يَنْقَسِمُ (وَ) الْحَالُ (لَا مَالَ لَهُ) أَيْ الْيَتِيمِ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ نَصِيبَهُ شَرِيكُهُ فَيُبَاعُ نَصِيبُ الْيَتِيمِ مَعَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ لَهُ بِثَمَنِهِ خِلَافَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِثَمَنِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ اشْتَرَى لَهُ بِهِ وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُهُ (أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ سُكْنَى النَّاسِ عَنْ الْعَقَارَاتِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ فَيَصِيرُ مُنْفَرِدًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (أَوْ) خَشْيَةِ (الْخَرَابِ) عَلَى عَقَارِ الْيَتِيمِ (وَ) الْحَالُ (لَا مَالَ لَهُ) أَيْ الْيَتِيمِ يُعَمَّرُ بِهِ (أَوْ لَهُ) مَالٌ يُعَمَّرُ بِهِ (وَ) الْحَالُ (الْبَيْعُ) وَشِرَاءُ عَقَارٍ آخَرَ لَا يَحْتَاجُ لِتَعْمِيرٍ (أَوْلَى) أَيْ أَصْلَحُ مِنْ التَّعْمِيرِ لِكَثْرَةِ كُلْفَتِهِ. تت وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا وَجْهٌ مُسْتَقِلٌّ وَعَدَّهُ الشُّرَّاحُ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ وَاحِدًا، وَزَادَ فِي الطُّرَرِ وَجْهًا وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ يُبْغَى عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ زِيَادٍ: كَوْنَ الدَّارِ أَوْ الْحِصَّةِ مُثْقَلَةً بِمَغَارِمَ لَا تَفِي أُجْرَتُهَا بِهَا، وَقَدْ يُقَالُ اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا بِالْمُوَظَّفِ وَابْنُ الطَّلَّاعِ: خَشْيَةَ النُّزُولِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِمَا يُخْشَى انْتِقَالُ الْعِمَارَةِ وَنَظَمَهَا الدَّمَامِينِيُّ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ: إذَا بِيعَ رَبْعٌ لِلْيَتِيمِ فَبَيْعُهُ ... لِأَشْيَاءَ يُحْصِيهَا الذَّكِيُّ بِفَهْمِهِ قَضَاءٍ وَإِنْفَاقٍ وَدَعْوَى مُشَارِكٍ ... إلَى الْبَيْعِ فِيمَا لَا سَبِيلَ لِقَسْمِهِ وَتَعْوِيضِ كُلٍّ أَوْ عَقَارٍ مُحَرَّرٍ ... وَخَوْفِ نُزُولٍ فِيهِ أَوْ خَوْفِ هَدْمِهِ وَبَذْلِ الْكَثِيرِ الْحِلِّ فِي ثَمَنٍ لَهُ ... وَخِفَّةِ نَفْعٍ فِيهِ أَوْ ثِقَلِ غُرْمِهِ وَتَرْكِ جِوَارِ الْكُفْرِ أَوْ خَوْفِ عُطْلِهِ ... فَحَافِظْ عَلَى فِعْلِ الصَّوَابِ وَحُكْمِهِ وَنَظَمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: وَبَيْعُ عَقَارٍ عَنْ يَتِيمٍ لِقُوتِهِ ... وَهَدْمٍ وَمَا يُبْنَى بِهِ غَيْرُ حَاصِلِ وَدَيْنٍ وَلَا مَقْضِيَّ مِنْهُ سَوَاءُ قُلْ ... وَشِرْكٍ بِهِ يُرْجَى بِهِ مِلْكُ كَامِلِ وَدَعْوَى شَرِيكٍ لَا سَبِيلَ لِقَسْمِهِ ... وَذِي ثَمَنٍ حِلٍّ كَثِيرٍ وَطَائِلِ كَذَا الْعَارِ عَنْ نَفْعٍ وَمَا خِيفَ غَصْبُهُ ... أَوْ الدَّارِ فِي دُورِ الْيَهُودِ الْأَرَاذِلِ وَمَا نَالَهُ تَوْظِيفُ أَوْ ثِقْلُ مَغْرَمٍ ... فَخُذْهَا جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ وَدَعْوَى الشَّرِيكِ الْبَيْعَ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ ... بِلَا ثَمَنٍ يُعْطَى لِدَاعٍ مُفَاصِلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 116 وَحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنٍ، وَلَوْ فِي نَوْعٍ فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ.   [منح الجليل] (وَحُجِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَى الرَّقِيقِ) فِي مَالِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مُضَيِّعًا أَوْ حَافِظًا لَهُ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ وَحَقًّا فِي زِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِمِلْكِهِ الْمَالَ وَكَثْرَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ (إلَّا) مَا ارْتَفَعَ حَجْرُهُ عَنْهُ (بِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ نَصًّا أَوْ لُزُومًا كَمُكَاتَبٍ. اللَّخْمِيُّ الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ إنْ كَانَ الْإِذْنُ فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (فِي نَوْعٍ) مَخْصُوصٍ كَالْبَزِّ (فَ) هُوَ (كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلتِّجَارَةِ مَعَ النَّاسِ وَلَمْ يَعْلَمُوا تَخْصِيصَهَا بِنَوْعٍ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي نَوْعٍ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَنْعَةٍ كَالْقِصَارَةِ لَا يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ وَلَا فِي الْمُدَايَنَةِ. الْمُصَنِّفُ لَوْ قَالَ لَهُ: أَدِّ إلَيَّ الْغَلَّةَ فَلَيْسَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، وَشَبَّهَهُ بِالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ اتِّكَالًا عَلَى شُهْرَةِ حُكْمِهِ الْآتِي. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: الْمَأْذُونُ لَهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التَّجْرِ بِمَالِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ رِبْحُهُ لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ أَوْ فِي مَالِ السَّيِّدِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلرَّقِيقِ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَوَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّابِعِ وَالثَّانِي مِلْكُ الْعَبْدِ الْمَالَ فِي الثَّانِي، وَشَرْطُ رِبْحِهِ لِسَيِّدِهِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْهُ، وَإِنْ أُذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ بِمَالِ سَيِّدِهِ جَازَ لَهُ التَّجْرُ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا الْعَكْسُ. الثَّانِي: تَشْبِيهُهُ بِالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إنَّمَا هُوَ فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا فِي جَوَازِ قُدُومِهِ عَلَيْهِ لِمَنْعِ قُدُومِهِ عَلَى التَّجْرِ فِي غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ لَهُ، فَإِنْ صَرَّحَ لَهُ بِمَنْعِ غَيْرِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ رُدَّ تَصَرُّفُهُ إنْ أَشْهَرَهُ وَإِلَّا فَلَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 117 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّالِثُ: شَبَّهَهُ بِالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ " وَكَّلْتُكَ " حَتَّى يُخَصِّصَ أَوْ يُعَمِّمَ كَمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْإِذْنِ لِلرَّقِيقِ فِي التِّجَارَةِ فَيَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ الْمُطْلَقُ. الرَّابِعُ: فِي كِتَابِ الضَّحَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ يُصَدَّقُ الرَّقِيقُ فِي دَعْوَى إذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ. الْخَامِسُ: قَيَّدَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْمَشْهُورَ مِنْ أَنَّهُ إنْ خَصَّهُ بِنَوْعٍ مَضَى تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ بِأَنْ لَا يُشْهِرَهُ وَلَا يُعْلِنَهُ، فَإِنْ أَشْهَرَهُ وَأَعْلَنَهُ فَلَا وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهَا: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا جَازَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِالدَّيْنِ وَالنَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ لَزِمَهُ مَا دَايَنَ بِهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ أَوْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي التَّحْجِيرِ فِي الدَّيْنِ. وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِالدَّيْنِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ إلَّا أَنْ يُشْهِرَ ذَلِكَ وَيُعْلِنَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى قَائِمٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي النَّاسُ لِأَيِّ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ أَقْعَدَهُ. وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّهُ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُونَ بَعْضًا دُونَ الْبَعْضِ. فِي الْبَيَانِ دَلِيلُ قَوْلِ أَصْبَغَ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَنَ وَأَشْهَرَ بِقَصْرِ إذْنِهِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ تَجَرَ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ مَا دَايَنَ بِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ اخْتِلَافٌ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّحْجِيرِ فَعَلَى قَوْلِهَا لَا يَحْجُرُ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا السُّلْطَانُ لَا يَنْفَعُهُ الْإِعْلَانُ بِقَصْرِ إذْنِهِ، وَيَأْتِي عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ " لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى عَبْدِهِ " أَنَّ الْإِشْهَارَ يَنْفَعُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ تَخْرِيجَهُ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لَغْوِ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ، وَعَمِلَ بِهِ لَغْوُهُ فِيمَا قَارَنَ إذْنَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَفِي لُزُومِ تَخْصِيصِ السَّيِّدِ تَجْرَ عَبْدِهِ بِنَوْعٍ وَلَغْوِهِ فَيَعُمُّ. ثَالِثُهَا إنْ أَعْلَنَ بِهِ. وَرَابِعُهَا لِلَّخْمِيِّ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَرَى أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 118 وَلَهُ أَنْ يَضَعَ وَيُؤَخِّرَ وَيُضَيِّفَ   [منح الجليل] مَا حُدَّ لَهُ وَإِلَّا فَالثَّانِي أَنْظَرُ الْحَطّ. (وَلَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (أَنْ يَضَعَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُسْقِطَ بَعْضَ دَيْنٍ لَهُ (وَ) لَهُ أَنْ (يُؤَخِّرَ) دَيْنَهُ الْحَالَّ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ. اللَّخْمِيُّ: إنْ لَمْ تَكْثُرْ الْوَضِيعَةُ وَيَبْعُدْ التَّأْخِيرُ، وَيُرْجَعُ لِلْعُرْفِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ وَالْبُعْدِ. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْجَرِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْأَثْمَانِ طَلَبًا لِمَحْمَدَةِ الثَّنَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَهُ) أَنْ (يُضَيِّفَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا، وَالتَّحْتِيَّةُ عَلَى الْأَوَّلِ مُثَقَّلَةٌ وَسُكُونُهَا عَلَى الثَّانِي النَّاسَ بِطَعَامٍ يَدْعُوهُمْ إلَيْهِ وَلَوْ عَقِيقَةً لِوَلَدِهِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. طفي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْعَبْدِ الْوَاسِعِ الْمَالِ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ وَيَطْعَمَ ذَلِكَ الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا لَهُ أَنْ يَصْنَعَ طَعَامًا وَيَدْعُوَ إلَيْهِ النَّاسَ، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَأْذُونُ اسْتِئْلَافًا فِي التِّجَارَةِ فَيَجُوزَ. أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ " إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الْمَأْذُونُ اسْتِئْلَافًا فِي التِّجَارَةِ فَيَجُوزَ " هَذَا يَعُودُ عَلَى غَيْرِ الْعَقِيقَةِ. طفي وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 119 إنْ اسْتَأْنَفَ، وَيَأْخُذَ قِرَاضًا، وَيَدْفَعَهُ، وَيَتَصَرَّفَ فِي كَهِبَةٍ، وَأُقِيمَ   [منح الجليل] تت وَ " س " وَلَوْ عَقِيقَةً وَأَنَّهُ غَرَّهُمَا ظَاهِرُ لَفْظِهَا، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْوَضْعِ وَالتَّأْخِيرِ وَالتَّضْيِيفِ (إنْ اسْتَأْنَفَ) الْمَأْذُونُ بِهَا لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمَنْعُ مِنْهَا إنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ بِهَا لَهَا. (تَنْبِيهٌ) : فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ مَالِهِ عَارِيَّةً مَأْذُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، وَكَذَلِكَ الْعَطِيَّةُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا يُعِيرُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ غَيْرُهُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ لِلْمَكَانِ الْقَرِيبِ اهـ. (وَ) لَهُ أَنْ (يَأْخُذَ) الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قِرَاضًا) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مَا لَا يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ، وَجُزْؤُهُ كَخَرَاجِهِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ إنْ عَتَقَ لِبَيْعِهِ بِهِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ إجَارَةَ نَفْسِهِ وَالْمُسَاقَاةُ كَالْقِرَاضِ. (وَ) لَهُ أَنْ (يَدْفَعَهُ) أَيْ الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التَّجْرِ الْقِرَاضَ لِأَنَّ أَخْذَهُ وَدَفْعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اسْتِلْزَامِ الْإِذْنِ فِي التَّجْرِ أَخْذَ الْقِرَاضِ وَإِعْطَاءَهُ نَقْلًا الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَجْرٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ إيدَاعٌ لِلْغَيْرِ. اهـ. وَلَهُ التَّسَرِّي وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ وَأَخْذُهُ اللُّقَطَةَ وَهِبَةِ الثَّوَابِ لَا التَّوَكُّلِ وَالِالْتِقَاطِ لِلَّقِيطِ إلَّا بِإِذْنٍ. (وَ) لَهُ أَنْ (يَتَصَرَّفَ) أَيْ الرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التَّجْرِ (فِي كَهِبَةٍ) وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ لَهُ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ لَا بِهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَعَلَّهُ نَصَّ عَلَى هَذَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بِإِذْنٍ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ دُخُولِهِ فِيهِ لِطَرَيَانِهِ بَعْدَهُ (وَأُقِيمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 120 مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ   [منح الجليل] فُهِمَ (مِنْهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (عَدَمُ مَنْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (مِنْ) قَبُولِ (هَا) أَيْ الْهِبَةِ أَقَامَهُ عِيَاضٌ مِنْ قَوْلِهَا وَمَا وُهِبَ لِلْمَأْذُونِ وَقَدْ اغْتَرَقَهُ دَيْنٌ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ شَيْءٌ وَلَا مِنْ خَرَاجِهِ وَأَرْشِ جُرْحِهِ وَقِيمَتِهِ إنْ قُتِلَ وَمَا فَضَلَ بِيَدِهِ مِنْ خَرَاجِهِ، وَإِنَّمَا لَهُمْ ذَلِكَ فِي مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ. اهـ. وَالْإِقَامَةُ مِنْ قَوْلِهَا فَقَبِلَهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ اسْتِقْلَالُهُ بِالْقَبُولِ. (وَلِ) رَقِيقٍ (غَيْرِ مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ (أُذِنَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ (لَهُ) فِي التَّجْرِ (الْقَبُولُ) لِلْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ فِيهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي كَهِبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ مُعْطِيهِ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالسَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ الْفَرَسِ الْعَمَلُ بِشَرْطِ الْمُعْطِي الْمَذْكُورِ خِلَافُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ قُيِّدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5] أَيْ تَحْتَاجُونَ لَهَا فِيهِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا لَا تَحْتَاجُونَ لَهُ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ لَهُمْ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الصِّفَةَ مُخَصِّصَةٌ وَالْمُتَبَادَرُ أَنَّهَا كَاشِفَةٌ (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ وَطَلَبُوا تَفْلِيسَهُ أَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَإِبْطَالَ إذْنِهِ لَهُ (كَ) الْحَجْرِ عَلَى الْمَدِينِ (الْحُرِّ) فِي كَوْنِ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ وَلَا السَّيِّدُ، وَقَبُولِ إقْرَارِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ، وَمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 121 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَى غَيْرِ هَذَا مِمَّا مَرَّ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنْهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فَلِسَيِّدِهِ إسْقَاطُ الدَّيْنِ الَّذِي تَدَايَنَهُ بِلَا إذْنِهِ عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقِيلَ لِسَيِّدِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. وَفَهِمَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَطُلْ تَجْرُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَتَرَدَّدَ النُّوَيْرِيُّ فِي كَوْنِهِ خِلَافًا أَوْ تَقْيِيدًا أَوْ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ الْأَوَّلِ. طفي فَرَضَ تت الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَجْرِ لِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَتَبِعَهُ جَمِيعُ مَنْ وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ، وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَالْحَجْرِ كَالْحُرِّ. وَقِيلَ يَحْجُرُ السَّيِّدُ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَا لَمْ يَطُلْ تَجْرُهُ يَعْنِي أَنَّهُ فِي قِيَامِ غُرَمَائِهِ وَحَجْرِهِمْ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْحَاكِمِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فَجَعَلَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُمَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ فِي قِيَامِ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ. وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَمَعْنَى الْحَجْرُ عَلَيْهِ إبْطَالُ إذْنِهِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَرَدُّهُ لِلْحَجْرِ، وَبِهَذَا قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْحَجْرُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا، وَيَتَبَيَّنُ لَك مَا قُلْنَا بِنَقْلِ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ لِأَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَصَدَ اخْتِصَارَهُ، وَنَصُّهُ: وَلِلسَّيِّدِ الْحَجْرُ عَلَى عَبْدِهِ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ وَإِنْ اغْتَرَقَ الدَّيْنُ مَا بِيَدِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ التِّجَارَةِ ثُمَّ يَكُونُ مَا بِيَدِهِ لِغُرَمَائِهِ دُونَ سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ فَيَكُونَ لَهُ أَوْ يَكُونَ هُوَ أَحَدَهُمْ فَيُشَارِكَهُمْ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَى الْعَبْدِ، لَكِنْ لَهُمْ الْقِيَامُ بِدُيُونِهِمْ فَيُفَلِّسُونَهُ وَهُوَ فِي هَذَا كَالْحُرِّ. وَإِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ دُونَ السُّلْطَانِ حَتَّى يَكُونَ السُّلْطَانُ هُوَ الَّذِي يُوقِفُهُ لِلنَّاسِ فَيَأْمُرُ بِهِ فَيُطَافُ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ دُونَ السُّلْطَانِ فَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ رَدُّهُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ. وَقَالَ غَيْرُهُ حَيْثُ رَدَّهُ السَّيِّدُ فَهُوَ مَرْدُودٌ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَشْتَهِرْ أَجْزَأَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 122 وَأُخِذَ مِمَّا بِيَدِهِ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ:   [منح الجليل] حَجْرُ السَّيِّدِ، وَذَكَرَهُ عِنْدَ مَنْ خَالَطَهُ أَوْ عَامَلَهُ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ وَاشْتَهَرَ الْإِذْنُ لَهُ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلسُّلْطَانِ يُسَمِّعُ ذَلِكَ وَيُظْهِرُهُ اهـ. كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْهُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ هُوَ كَالْحُرِّ فِي كِلَيْهِمَا، إحْدَاهُمَا عِنْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَتَفْلِيسِهِمْ. وَالْأُخْرَى: الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِمَعْنَى إبْطَالِ الْإِذْنِ فِي التَّجْرِ وَرَدِّهِ لِلْحَجْرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فَجَعَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً، وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الْحَجْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ قِيَامَ الْغُرَمَاءِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ قَوْلُهَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيَرْفَعُهُ لِلسُّلْطَانِ لِيُشْهِرَهُ لِلنَّاسِ، وَيُسَمِّعُ بِهِ فِي مَجْلِسِهِ، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَمَنْ بَاعَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْمَأْذُونُ لَا يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيُوقِفُهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ، وَيَأْمُرُ بِهِ فَيُطَافُ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ. أَبُو الْحَسَنِ لَا يَنْبَغِي هُنَا عَلَى بَابِهِ اهـ، وَانْظُرْهُ مَعَ نَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَإِذَا لَحِقَ الْمَأْذُونَ دَيْنٌ يَغْتَرِقُ مَالَهُ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ وَيَمْنَعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ، وَدَيْنُهُ فِي مَالِهِ، وَلَا شَيْءَ لِسَيِّدِهِ فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ، أَوْ يَكُونَ السَّيِّدُ دَايَنَهُ فَيَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَحْجُرُوا عَلَيْهِ الْحَجْرَ الَّذِي يَحْجُرُهُ السَّيِّدُ بِأَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِهِ. وَأَمَّا الْحَجْرُ الَّذِي هُوَ التَّفْلِيسُ فَهُوَ لَهُمْ. طفي فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا الْمَسْأَلَتَانِ وَأَنَّهُ فِيهِمَا كَالْحُرِّ، وَأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَا يُقَيَّدُ بِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ فَافْهَمْ فَقَدْ زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامٌ وَأَطَلْنَا بِالنُّقُولِ إيضَاحًا لِلْحَقِّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَأُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الدَّيْنُ الثَّابِتُ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التَّجْرِ سَوَاءٌ حُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا (مِمَّا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَةٌ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِيَدِهِ أَمْ لَا، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَوْلَدَتِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مَا بِيَدِهِ (مُسْتَوْلَدَتَهُ) أَيْ أُمَّ وَلَدِ الْمَأْذُونِ سَوَاءٌ أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْإِذْنِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَوْ رِبْحِهِ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ وَلَا شَائِبَةَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 123 كَعَطِيَّتِهِ، وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ؟ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] حُرِّيَّةٍ فِيهَا وَإِلَّا لَكَانَتْ أَشْرَفَ مِنْ سَيِّدِهَا وَكَمُسْتَوْلَدَتِهِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ وَحَاشِيَتُهُ الْقَرِيبَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدِهِ حَامِلًا فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَلِدَ لِأَنَّ جَنِينَهَا لِسَيِّدِهِ وَلَهُ بَيْعُ مَنْ ذُكِرَ لِغَيْرِ الدَّيْنِ لَكِنْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِرَعْيِ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ عَتَقَ. وَإِنْ بَاعَ بِلَا إذْنِهِ مَضَى لِأَنَّ رَعْيَ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهُ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ لَا لَهُ، وَإِنْ بِيعَ فُسِخَ بَيْعُهُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ حَامِلًا مِنْهُ أَوْ مَعَ وَلَدٍ مِنْهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَكِنْ تُبَاعُ فِيهِ مَعَ وَلَدِهَا وَإِنْ حَدَثَ الدَّيْنُ بَعْدَ شِرَائِهَا فَالْوَلَدُ لِسَيِّدِهِ، وَتُبَاعُ بَعْدَ وِلَادَتِهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مَعَ وَلَدِهَا بَعْدَ تَقْوِيمِهِمَا لِيُعْلَمَ مَا يَخُصُّهَا فَهُوَ لِلْغُرَمَاءِ وَمَا يَخُصُّ وَلَدَهَا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ بِيعَتْ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ ظَهَرَتْ حَامِلًا فَلِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِحَقِّهِ فِي حَمْلِهَا. وَقِيلَ لَا يَفْسَخُهُ وَشَمِلَ الدَّيْنُ دَيْنَ سَيِّدِهِ فَيُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ وَلَا يُحَاصِصُهُم بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِتَجْرٍ إلَّا أَنْ يُعَامِلَهُ بَعْدَهُ بِسَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ صَحِيحٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ بَاعَ وَلَدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ رُدَّ بَيْعُهُ إذْ لَا اخْتِلَافَ فِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ إذَا عَتَقَ. قُلْت: بَلْ لِأَنَّهُ مَحْضُ مِلْكِ سَيِّدِهِ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ: لَا تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِهِ لِغُرَمَائِهِ وَهِيَ حَامِلٌ، بَلْ حَتَّى تَضَعَ لِأَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِهِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ بَيْعُهَا بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا، وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُؤَخَّرُ بَيْعُهَا حَتَّى تَضَعَ، وَيَكُونُ وَلَدُهَا لِلسَّيِّدِ وَتُبَاعُ بِوَلَدِهَا بَعْدَ تَقْوِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِيُعْلَمَ كُلُّ مَا يَبِيعُ بِهِ مِلْكَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْأَخْذِ فِي الدَّيْنِ فَقَالَ (كَعَطِيَّتِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ هِبَةٍ لَهُ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ أَوْ وَصِيَّةٍ لَهُ فَتُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ. (وَهَلْ) أَخْذُهَا فِيهِ (إنْ) كَانَ (مُنِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُعْطِيَ الْمَأْذُونُ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ أَوْ الْوَصِيَّةَ (لِ) قَضَاءِ (الدَّيْنِ) بِهَا فَإِنْ لَمْ يُمْنَحْ لَهُ فَهِيَ لِسَيِّدِهِ كَخَرَاجِهِ (أَوْ) يَقْضِي دَيْنَهُ بِهَا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَنْحِهِ لِلدَّيْنِ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 124 لَا غَلَّتِهِ، وَرَقَبَتِهِ   [منح الجليل] وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. تت وَهُمَا فِيمَا وُهِبَ لَهُ بَعْدَ قِيَامِهِمْ. قَالَ فِي الشَّامِلِ وَاخْتَصَّ سَيِّدُهُ بِمَا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَالدَّيْنُ قَدْرُ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا. طفي لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا وُهِبَ لَهُ قَبْلَ قِيَامِهِمْ وَبَعْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ وَلَمْ أَرَ هَذَا الْقَيْدَ لِغَيْرِهِ وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَغَرَّهُ كَلَامُ الشَّامِلِ الَّذِي نَقَلَهُ مُحَرَّفًا كَمَا حَرَّفَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَكَلَّفَ لَهُ مَعْنًى يَمُجُّهُ السَّمْعُ وَشَرَحَهُ مُؤَلِّفُهُ عَلَى هَذَا التَّحْرِيفِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ الشَّامِلِ وَاخْتَصَّ سَيِّدُهُ بِمَا رَهَنَهُ؛ بِالرَّاءِ وَالنُّونِ بَعْدَ الْهَاءِ وَكَأَنَّهَا إصْلَاحٌ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْمَدَنِيِّ شَارِحِ الشَّامِلِ فَقَالَ: أَشَارَ بِذَلِكَ لِمَا فِي النَّوَادِرِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا بَاعَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ سِلْعَةً ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا فَلَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُ السَّيِّدِ بِقَدْرِ مَالِ الْعَبْدِ وَمُبَايَعَتُهُ مُبَايَعَةَ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ. وَقِيلَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ اهـ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي كَلَامِ الشَّامِلِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُحَاصِصُ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ عَبْدِهِ بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ مَالٍ فَتَجَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامَلَهُ بِذَلِكَ فَأَسْلَفَهُ أَوْ بَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَإِنْ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ رَهْنًا فِي ذَلِكَ كَانَ السَّيِّدُ أَحَقَّ بِهِ، وَإِنْ ابْتَاعَ مِنْ سَيِّدِهِ سِلْعَةً بِثَمَنٍ كَثِيرٍ لَا يُشْبِهُ الْمُعْتَادَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ تَوْلِيجٌ لِسَيِّدِهِ فَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا يُشْبِهُ الْبَيْعَ فَهُوَ يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّامِلِ وَالدَّيْنُ قَدْرُ مَالِهِ هُوَ قَوْلُهَا بَيْعًا صَحِيحًا وَقَوْلُهَا يُشْبِهُ الْبَيْعَ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا هُوَ قَوْلُهَا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ لَا يُشْبِهُ الثَّمَنَ، وَقَدْ نَبَّهَ " ح " عَلَى كَلَامِ الشَّامِلِ وَتَبِعَ " س " تت. (لَا) يُؤْخَذُ دَيْنُ الْمَأْذُونِ مِنْ (غَلَّتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الْإِذْنِ فَلَا تُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ وَتُؤْخَذُ فِيهِ غَلَّتُهُ الَّتِي بِيَدِهِ قَبْلَ الْإِذْنِ لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ فِي التَّجْرِبَةِ ضِمْنًا (وَ) لَا يُؤْخَذُ دَيْنُ الْمَأْذُونِ مِنْ ثَمَنِ (رَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ دُيُونَ الْغُرَمَاءِ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ الَّتِي هِيَ مِلْكُ سَيِّدِهِ وَمِثْلُ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ. تت وَظَاهِرُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 125 وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ، فَكَغَيْرِهِ، وَلَا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي: كَخَمْرٍ؛ إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ   [منح الجليل] سَوَاءٌ اسْتَهْلَكَهُ فِي التَّجْرِ تَعَدِّيًا أَوْ لَا كَانَ وَغْدًا أَوْ لَا، وَفِيهِمَا خِلَافٌ. طفي هَذَا الْخِلَافُ فِي الْوَدِيعَةِ إذَا اسْتَهْلَكَهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَحَكَى يَحْيَى بْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ إنْ اسْتَهْلَكَهَا تَعَدِّيًا فَهِيَ فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ وَغْدًا لَا يُودَعُ مِثْلُهُ لَا يُتْبَعُ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ) أَيْ ذُو دَيْنٍ عَلَى الْمَأْذُونِ (فَ) الْمَأْذُونُ (كَغَيْرِهِ) مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي أَنَّ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعَ مَالِهِ وَعَدَمَ قَبُولِ إقْرَارِهِ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. طفي تَقْرِيرُ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالِانْتِزَاعِ فَقَطْ صَوَابٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا الِانْتِزَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ غُرَمَاءُ فَكَغَيْرِهِ فَزِيَادَةُ " س " وَ " ج " " وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ " غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا سَبَقَ لَك مِنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالْحُرِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَغَرَّهُمَا تَقْرِيرُ قَوْلِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ مَعَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ. (وَلَا يُمَكَّنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ مُثَقَّلًا رَقِيقٌ (ذِمِّيٌّ) غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّجْرِ أَيْ يَحْرُمُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُمَكِّنَ عَبْدَهُ الذِّمِّيَّ غَيْرَ الْمَأْذُونِ (مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهُ (إنْ اتَّجَرَ) الذِّمِّيُّ (لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهَا كَتِجَارَةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ سَوَاءٌ بَاعَ الذِّمِّيُّ ذَلِكَ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ، لَكِنْ إنْ بَاعَهَا لِمُسْلِمٍ أُرِيقَتْ وَكُسِرَ إنَاؤُهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الذِّمِّيُّ ثَمَنَهَا تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِهِ أَدَبًا لَهُ وَإِنْ قَبَضَهُ فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ " كَخَمْرٍ " فَيَحْرُمَ تَمْكِينُهُ مِنْ تَجْرٍ فِيمَا يُبَاحُ أَيْضًا لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَفْهُومِ مَا هُنَا، وَإِنَّمَا خَصَّ كَالْخَمْرِ هُنَا لِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّجِرْ لِسَيِّدِهِ بِأَنْ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ فِي كَالْخَمْرِ (فَقَوْلَانِ) فِي جَوَازِ تَمْكِينِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَلَيْهِ فَيَحِلُّ لِسَيِّدِهِ تَنَاوُلُ مَا أَتَى بِهِ إنْ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى خِطَابِهِمْ بِهَا، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ لِقَوْلِهِ إنْ تَجَرَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 126 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إنْ تَجَرَ بِمَالِ سَيِّدِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمَأْذُونٍ، بَلْ وَكِيلٍ لَهُ وَنَحْوُهُ فِي " د " وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالشَّارِحِ يُقَيِّدُهُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَأْذُونِ لَكِنْ فِي فَرْضٍ خَاصٍّ وَهُوَ تَجْرُهُ فِي مَالِ نَفْسِهِ عَلَى أَنَّ الرُّبُعَ لِلسَّيِّدِ إذْ لَا يُقَالُ فِيهِ حِينَئِذٍ تَجَرَ لِسَيِّدِهِ قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ نَحْوُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا قَرَّرَهُ " ز " وَغَيْرُهُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَجَوَازُ تَمْكِينِهِ إنْ تَجَرَ لِنَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ وَنَصُّهَا: وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ أَوْ بَيْعِهِمَا أَوْ شِرَائِهِمَا، أَوْ يَأْتِي الْكَنِيسَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ دِينُهُمْ اهـ. عِيَاضٌ قِيلَ مُرَادُهُ بِعَبْدِهِ هُنَا مُكَاتَبُهُ إذْ لَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ هُوَ فِي مَأْذُونٍ لَهُ يَتَّجِرُ بِمَالِ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: فِي قُوتِهِ، وَقِيلَ: فِي مَالٍ تَرَكَهُ سَيِّدُهُ تَوْسِعَةً لَهُ اهـ. طفي نَحْوُ عِبَارَتِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَمُرَادُهُمَا بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ، إذْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيمَا ذُكِرَ، وَفِي غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْوَكَالَةَ: وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَقَاضٍ، وَبِالْحَمْلِ عَلَى مَا قُلْنَا يُوَافِقُ قَوْلَهَا لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ إلَخْ، وَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَيَدُلُّ عَلَى الَّذِي قُلْنَاهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَقَصَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ اخْتِصَارَهُ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَيْهِ، وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ اللَّخْمِيُّ: لَا يَنْبَغِي لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ إمَّا لِأَنَّهُ يَعْمَلُ بِالرِّبَا أَوْ يَخُونُ فِي مُعَامَلَتِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ تَجَرَ وَرَبِحَ وَعَمِلَ بِالرِّبَا تَصَدَّقَ السَّيِّدُ بِالْفَضْلِ، فَإِنْ جَهِلَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ فِي بَيْعِهِ اُسْتُحْسِنَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِالرِّبْحِ بِلَا إجْبَارٍ. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْكِتَابِ لَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَتْجِرَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ وَلَا يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} [النساء: 161] الْمَائِدَةَ اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَتَجَرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَمَا أَتَى بِهِ كَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، وَيَخْتَلِفُ إذَا اتَّجَرَ مَعَ أَهْلِ دِينِهِ فَأَرْبَى أَوْ تَجَرَ فِي الْخَمْرِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. يَكُونُ الْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا بَايَعَ مُسْلِمًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُخَاطَبِينَ بِهَا يَسُوغُ لِلسَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ لِابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 127 وَعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ: كَسِلٍّ، وَقُولَنْجِ   [منح الجليل] عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ يَبِيعُ الْخَمْرَ، هَذَا إذَا كَانَ تَجْرُهُ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ تَجَرَ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَوَلِّي السَّيِّدِ ذَلِكَ الْبَيْعَ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ. اهـ. فَكَأَنَّهُمَا فَهِمَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ. . . إلَخْ جَوَازَ التَّمْكِينِ حَقِيقَةً فَيُقَرَّرُ كَلَامُهُمَا بِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي كَخَمْرٍ اهـ. كَلَامُ طفي الْبُنَانِيُّ: فِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) حُجِرَ (عَلَى) شَخْصٍ (مَرِيضٍ) أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لَهُمَا (حَكَمَ الطِّبُّ) أَيْ فَنُّهُ أَوْ أَهْلُهُ (بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ لِاعْتِيَادِهِ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْكَثْرَةِ الْغَلَبَةُ فَيُقَالُ فِي الشَّيْءِ كَثِيرٌ إذَا سَاوَى وُجُودُهُ عَدَمَهُ وَالْغَلَبَةُ زِيَادَةُ الْوُجُودِ عَلَى الْعَدَمِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالْمَخُوفُ مَا يَحْكُمُ الطِّبُّ أَنَّ الْمَوْتَ بِهِ كَثِيرٌ. خَلِيلٌ مُرَادُهُ بِالْكَثِيرِ مَا يَشْتَهِرُ الْمَوْتُ عَنْهُ فَلَا يُتَعَجَّبُ مِنْ حُصُولِهِ مِنْهُ لَا لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْمَرَضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ. وَمَثَّلَ لِلْمَرَضِ الَّذِي حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ فَقَالَ (كَسِلٍّ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ مَرَضٌ يَنْحُلُ بِهِ الْبَدَنُ، فَكَأَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا كَمَا تَنْسَلُّ الْعَافِيَةُ (وَقُولَنْجِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا أَوْ فَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا مَرَضٌ مِعَوِيٌّ يَعْسُرُ مَعَهُ خُرُوجُ الثُّقْلُ، وَالرِّيحُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. قَوْلُهُ: مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ وَفُتِحَ نِسْبَةً لِلْمِعَى لِحُلُولِهِ فِيهَا أَوْ يُقَالُ فِيهِ: قُولُونُ وَلَيْسَ بِعَرَبِيٍّ، وَفِي نُزْهَةِ دَاوُد الْقُولَنْجُ رِيحٌ غَلِيظٌ يُحْتَبَسُ فِي الْمِعَى وَمِثْلُهُ ذَاتُ الْجَنْبِ وَإِسْهَالُ دَمٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 128 وَحُمَّى قَوِيَّةٍ، وَحَامِلِ سِتَّةٍ، وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ أَوْ لِقَطْعٍ، إنْ خِيفَ الْمَوْتُ   [منح الجليل] (وَحُمَّى) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ (قَوِيَّةٍ) أَيْ مُجَاوِزَةٍ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ وَإِزْعَاجِ الْبَدَنِ مَعَ الْمُدَاوَمَةِ فَتَأْتِي يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ لَا تُخَافُ، وَأَوَّلُ حُمَّى نَزَلَتْ بِالْأَرْضِ حُمَّى الْأَسَدِ بِسَفِينَةِ سَيِّدِنَا نُوحٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَخَافَ مَنْ فِيهَا فَسُلِّطَتْ عَلَيْهِ فَشَغَلَتْهُ. (وَ) مَرْأَةٍ (حَامِلِ) جَنِينٍ بِتَمَامِ (سِتَّةٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ، وَيَكْفِي فِيهِ إخْبَارُهَا فَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ، وَبِهَذَا فَسَّرَ عِيَاضٌ الْمَذْهَبَ، وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ بِدُخُولِهَا فِي السَّادِسِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْحَامِلُ تَبْلُغُ سِتَّةً، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُهُمَا أَفَادَهُ تت، وَقَصَرَهُ عب عَلَى الْأَوَّلِ قَائِلًا أَيْ الْحَامِلِ الْمَنْسُوبَةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَهِيَ لَا تُنْسَبُ لَهَا إلَّا إذَا أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَزَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمَخُوفِ بُلُوغَ حَمْلِ الْمَرْأَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. الْمُتَيْطِيُّ الْحَامِلُ كَالصَّحِيحَةِ حَتَّى تَدْخُلَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ تَدْخُلُ فِي السَّابِعِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَتَّى يَأْخُذَهَا الطَّلْقُ وَبِهِ أَخَذَ الدَّاوُدِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ مِنْ أَوَّلِ حَمْلِهَا ثُمَّ قَالَ: وَدُخُولُهَا فِي السَّابِعِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ عِيَاضٌ الْمَذْهَبَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُوَطَّإِ فَانْظُرْهُ. (وَ) يُحْجَرُ عَلَى (مَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ) ثَبَتَ عَلَيْهِ مُوجَبُهُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ وَلَا يُحْجَرُ عَلَى مَحْبُوسٍ بِتُهْمَةٍ حَتَّى يُتَحَقَّقَ أَمْرُهُ (أَوْ) مَحْبُوسٍ (لِقَطْعٍ) مِنْ خِلَافٍ لِثُبُوتِ حِرَابَتِهِ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ (إنْ خِيفَ) عَلَيْهِ (الْمَوْتُ) بِسَبَبِ الْقَطْعِ تت ظَاهِرُهُ عَطْفُ " لِقَطْعٍ " الجزء: 6 ¦ الصفحة: 129 وَحَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ، لَا كَجَرَبٍ، وَمُلَجَّجٍ بِبَحْرٍ،   [منح الجليل] عَلَى لِقَتْلٍ فَيُفِيدُ الْحَجْرَ عَلَى مَنْ حُبِسَ لِلْقَطْعِ إنْ خِيفَ مَوْتُهُ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ تَعَلُّقَ " لِقَطْعٍ إنْ " بِمَحْذُوفٍ عُطِفَ عَلَى " مَحْبُوسٍ " أَيْ أَوْ مُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُقَرَّبِ لَهُ الْحَجْرُ عَلَى مَنْ حُبِسَ لَهُ لِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْمُقَرَّبِ أَشَدُّ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَفْ مَوْتُهُ بِهِ. عب: أَوْ مُقَرَّبٍ لِقَطْعٍ لَا مَحْبُوسٍ لَهُ إنْ خِيفَ عَلَى الْمُقَرَّبِ لِلْقَطْعِ الْمَوْتُ، وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ. (وَ) يُحْجَرُ عَلَى شَخْصٍ (حَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ) وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ جُرْحٌ لَا صَفَّ النَّظَّارَةِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ التَّوَجُّهِ لِلْقِتَالِ، وَالنَّظَّارَةُ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْمَغْلُوبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاهِدِينَ فَيَنْصُرُونَهُ وَالرَّادُّونَ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَسْلِحَةَ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّوَجُّهُ التَّهَيُّؤُ لِلْقِتَالِ قَبْلَ مُلَاقَاةِ الْعَدُوِّ الْبَاجِيَّ: لَمْ أَرَ فِي صَفِّ الرَّدِّ نَصًّا، وَأَرَى أَنْ لَا يَثْبُتَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ إلَّا بِكَوْنِهِ فِي صَفِّ الْمُقَاتِلَةِ، ومِثْلُ حَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ النَّاسُ زَمَنَ الْوَبَاءِ وَنَحْوِهِ الَّذِي أَذْهَبَ نِصْفَهُمْ أَوْ ثُلُثَهُمْ أَفْتَى بِهِ الْبُرْزُلِيُّ قَائِلًا إنَّهُ كَالْمَرَضِ. قَالَ: وَأَفْتَى صَاحِبُنَا الْقَاضِي الْعَدْلُ أَبُو مَهْدِيٍّ عِيسَى قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِأَنَّهُمْ كَالْأَصِحَّاءِ حَتَّى يُصِيبَهُمْ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ، وَأَفْتَى بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَبَّابُ، وَنَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ هِلَالٍ فِي نَوَازِلِهِ وَكَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. (لَا) يُحْجَرُ بِخَفِيفِ مَرَضٍ (كَجَرَبٍ) وَرَمَدٍ وَحُمَّى يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ، وَرِبْعٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ تَأْتِي رَابِعَ يَوْمٍ أَوْ ثِلْثٍ تَأْتِي ثَالِثَ يَوْمٍ وَبَرَصٍ، وَجُذَامٍ، وَفَالِجٍ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ مِنْهَا وَالْمَوْتُ بِهَا نَادِرٌ، وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ بِهَذِهِ وَلَوْ أَعْقَبَهَا الْمَوْتُ أَوْ زَادَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّبَرُّعِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ آخِرُ الْمُتَطَاوِلِ أَيْ كَالْفَالِجِ وَأَوَّلُهُ إنْ أَعْقَبَهُ الْمَوْتُ مَخُوفٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَخُوفِ إذَا أَعْقَبَهُ الْمَوْتُ يَصِيرُ مَخُوفًا، وَقَيَّدَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَوْنَ الْفَلَجِ وَالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ وَالْقُرُوحِ مِنْ الْخَفِيفِ بِعَدَمِ إقْعَادِهِ وَإِضْنَائِهِ، فَإِنْ أَقْعَدَهُ وَأَضْنَاهُ وَبَلَغَ عَلَيْهِ حَدَّ الْخَوْفِ عَلَيْهِ فَلَهُ حُكْمُ الْمَخُوفِ. (وَلَا) يُحْجَرُ عَلَى (مُلَجِّجٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْأُولَى، أَيْ صَائِرٌ فِي اللُّجَّةِ أَيْ الْمَاءِ الْغَزِيرِ الْغَامِرِ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ أَوْ نِيلٍ أَوْ فُرَاتٍ أَوْ دِجْلَةَ أَوْ بَطَائِحِ بَصْرَةَ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 130 وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ وَمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ، إلَّا لِمَالٍ مَأْمُونٍ، وَهُوَ الْعَقَارُ، فَإِنْ مَاتَ فَمِنْ الثُّلُثِ، وَإِلَّا مَضَى. وَعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا   [منح الجليل] سَفِينَةٍ أَوْ عَائِمًا يُحْسِنُ الْعَوْمَ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُ فَكَمَرِيضٍ بِمَخُوفٍ فِيمَا يَظْهَرُ، اُنْظُرْ " د "، إنْ كَانَ الْبَحْرُ سَاكِنًا، بَلْ (وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) أَيْ خَوْفُ الْغَرَقِ بِشِدَّةِ الرِّيحِ وَكَثْرَةِ الْمَوْجِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذَا حَصَلَ الْهَوْلُ حَقِيقَةً لَا مَجِيءَ وَقْتِهِ مَعَ عَدَمِهِ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ (فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (وَ) غَيْرِ (تَدَاوِيهِ) أَيْ الْمَرِيضِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِمَا إذْ بِهِمَا قِوَامُ بَدَنِهِ (وَ) فِي غَيْرِ (مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَإِجَارَةٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ زَائِدَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، وَمِنْ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَصُلْحُ الْقِصَاصِ. (وَ) إنْ تَبَرَّعَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ بِعِتْقٍ (وُقِفَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ (تَبَرُّعُهُ) وَلَوْ بِثُلُثِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهُ (لِمَالٍ) أَيْ مِنْ مَالٍ لَهُ (مَأْمُونٍ) أَيْ مِنْ التَّغَيُّرِ (وَهُوَ الْعَقَارُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَلَا يُوقَفُ، وَيَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَيَأْخُذْهُ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ مَوْتَ الْمُتَبَرِّعِ، فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ عَاجِلًا، فَإِنْ مَاتَ الْمُتَبَرِّعُ فَلَا يَمْضِي غَيْرُ مَا نَفَذَ وَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً نَفَذَ بَاقِيهِ. (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وُقِفَ تَبَرُّعُهُ مِنْ مَالٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ (فَ) يُخْرَجُ تَبَرُّعُهُ (مِنْ الثُّلُثِ) مُعْتَبِرًا يَوْمَ التَّنْفِيذِ إنْ وَسِعَهُ، أَوْ مَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صُنْعُهُ حَالَ مَرَضِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً (مَضَى) تَبَرُّعُهُ كُلُّهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ فِيهِ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً وَلَيْسَتْ مِنْ التَّبَرُّعِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ لِأَنَّهَا تُوقَفُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا (وَ) يُحْجَرُ (عَلَى الزَّوْجَةِ) الْحُرَّةِ الرَّشِيدَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَجْرِ الرَّقِيقَةِ لِسَيِّدِهَا وَالسَّفِيهَةِ لِوَلِيِّهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 131 وَلَوْ عَبْدًا فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا، وَإِنْ بِكَفَالَةٍ. وَفِي إقْرَاضِهَا: قَوْلَانِ وَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُرَدَّ   [منح الجليل] لِزَوْجِهَا) الْبَالِغِ الرَّشِيدِ لِحَقِّهِ فِي التَّجَمُّلِ بِمَالِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِشُورَتِهَا إنْ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا) عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِحَقِّهِ فِي مَالِهَا كَالْحُرِّ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِخِلَافِ ابْنِ وَهْبٍ، وَحَجْرُ زَوْجَةِ السَّفِيهِ لِوَلِيِّهِ (فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِ) مَالِ (هَا) أَيْ الزَّوْجَةِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ فَلَا حَجْرَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِثُلُثِ مَالِهَا وَلَوْ قَصَدَتْ بِهِ ضَرَرَ زَوْجِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " تَبَرُّعٍ " الْمُعَاوَضَةُ الْمَالِيَّةُ فَلَا حَجْرَ لَهُ عَلَيْهَا فِيهَا، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا كَنَفَقَةِ وَالِدَيْهَا وَرَقِيقِهَا وَحَيَوَانِهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهِ، وَيُحْجَرُ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا إنْ كَانَ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِكَفَالَةٍ) أَيْ ضَمَانٍ لِأَجْنَبِيٍّ مُعْسِرٍ أَوْ مُوسِرٍ، فَإِنْ كَانَتْ لِزَوْجِهَا فَقَدْ لَزِمَتْهَا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ. تت سَوَاءٌ تَكَلَّفَتْ بِمَالٍ أَوْ وَجْهٍ أَوْ طَلَبٍ لِضَرَرِ زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا لِطَلَبِ الْمَضْمُونِ أَوْ حَبْسِهَا فَيُمْنَعُ مِنْهَا، وَظَاهِرُهُ ضَمِنَتْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَفَالَتُهَا كَعَطِيَّتِهَا وَأَفْهَمَتْ عِبَارَتُهُ أَنَّهَا لَوْ تَكَفَّلَتْ عَنْ زَوْجِهَا لَزِمَتْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي فَلَا تُصَدَّقُ. عب هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ أَنَّ ضَمَانَهَا زَوْجَهَا كَضَمَانِهَا أَجْنَبِيًّا، وَهَذَا فِي غَيْرِ كَفَالَةِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ فَلَهُ مَنْعُهُمَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ الثُّلُثَ أَمْ لَا لِضَرَرِ زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا إلَخْ. (وَ) فِي حَجْرِ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ (فِي إقْرَاضِهَا) أَيْ تَسْلِيفِ الزَّوْجَةِ مَالًا زَائِدًا عَلَى ثُلُثِهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهَا عِوَضَهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَهِبَتِهَا وَصَدَقَتِهَا قَالَهُ ابْنُ الشَّقَّاقِ، وَعَدَمِهِ لِأَخْذِهَا عِوَضَهُ قَالَهُ ابْنُ دَحَوْنَ (قَوْلَانِ) وَأَمَّا قِرَاضُهَا أَيْ دَفْعُهَا مَالًا لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ كَالْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا. (وَهُوَ) أَيْ تَبَرُّعُ الزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا (جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْقُدُومُ عَلَيْهِ (حَتَّى يَرُدَّ) الزَّوْجُ جَمِيعَهُ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 132 فَمَضَى، إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى تَأَيَّمَتْ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا: كَعِتْقِ الْعَبْدِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ   [منح الجليل] مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي بُلُوغِهِ زِيَادَةً عَنْ الثُّلُثِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لَهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَلِزَوْجِهَا عَلَى الثَّانِي، وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهَا أَمْ لَا وَمِنْ ثَمَرَتِهِ أَيْضًا مَا فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَمَضَى) أَيْ يَمْضِي تَبَرُّعُ الزَّوْجَةِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ) تَبَرُّعَهَا (حَتَّى تَأَيَّمَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ خَلَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ زَوْجِيَّتِهِ بِطَلَاقِهِ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ حَتَّى تَأَيَّمَتْ (أَوْ) حَتَّى (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَاتَتْ فَلَهُ رَدُّهُ لِأَنَّ لَهُ إرْثَهُ وَلَيْسَ لَهَا رَدُّهُ إنْ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا كَالصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ الَّذِي لَهُ رَدُّ تَبَرُّعِهِ إذَا رَشَدَ قَبْلَ رَدِّ وَلِيِّهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ تَصَرُّفَهَا مِنْ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهَا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَقَدْ زَالَ بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ وَلَمْ يَزُلْ. وَشَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ لَهُ الْحَجْرُ إلَّا بَعْدَهُ فَقَالَ: (كَعِتْقِ الْعَبْدِ) رَقِيقَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَقَدْ مَضَى عِتْقُهُ، فَاسْمُ الْمَصْدَرِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلِهِ أَيْ السَّيِّدِ، أَيْ كَعِتْقِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ بَعْدَ أَنْ تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتٍ لَمْ يَعْلَمْهَا سَيِّدُهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فَتَمْضِيَ تَبَرُّعَاتُهُ، وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ بِهَا وَسَكَتَ حَتَّى أَعْتَقَهُ. فِي كِتَابِ كَفَالَةِ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِعَبْدٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مُدَبَّرٍ وَلَا أُمِّ وَلَدٍ كَفَالَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَإِنْ فَعَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ إنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ رَدَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ، وَإِنْ عَتَقُوا وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقُوا وَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ عَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. اهـ. وَفِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَعْرُوفٌ إلَّا مَا جُرَّ إلَى التِّجَارَةِ، فَأَمَّا هِبَتُهُ أَوْ صَدَقَتُهُ أَوْ عِتْقُهُ فَمَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ السَّيِّدِ أَوْ رَدِّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ حَتَّى يَعْتِقَ مَضَى فَلَزِمَ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّهُ. (وَ) كَتَبَرُّعِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ قَبْلَ (وَفَاءِ الدَّيْنِ) الَّذِي أَحَاطَ بِمَالِهِ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 133 وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ؛ وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ، تَبَرُّعٌ، إلَّا أَنْ يَبْعُدَ.   [منح الجليل] أَيْ رَبِّ الْمُحِيطِ بِمَالِ الْمُتَبَرِّعِ وَلَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِتَبَرُّعِهِ، أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ حَتَّى وَفَاءِ دَيْنِهِ فَقَدْ مَضَى تَبَرُّعُهُ إنْ بَقِيَ مَا تَبَرَّعَ بِهِ بِيَدِهِ، قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهَا: إذَا لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَقْضِ بِرَدٍّ وَلَا إجَازَةٍ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ وَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ نَصَّ خِلَافٍ، وَقَالَ فِي تَبَرُّعِ الْمِدْيَانِ بِغَيْرِ إذْنِ غُرَمَائِهِ: إنَّ ذَلِكَ يَنْفُذُ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ إلَى أَنْ ارْتَفَعَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ بِزَوَالِ الدَّيْنِ. (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ زَوْجَتُهُ وَإِمْضَاؤُهُ (إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) عَنْ ثُلُثِهَا وَرَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ، وَإِمْضَاءُ الثُّلُثِ إلَّا إذَا كَانَ تَبَرُّعُهَا بِعِتْقِ رَقَبَةٍ وَاحِدَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى ثُلُثِهَا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ لِتَأْدِيَتِهِ لِعِتْقِ بَعْضِهَا بِلَا تَكْمِيلٍ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ نَافِعٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً أَوْ يَسِيرَةً. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا إنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ مَضَى، وَإِنْ كَثُرَتْ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ. وَفَرَّقَ فِي التَّوْضِيحِ بَيْنَ تَمْكِينِ الزَّوْجِ مِنْ رَدِّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ وَعَدَمِ تَمْكِينِ الْوَارِثِ مِنْهُ إنْ تَبَرَّعَ الْمَرِيضُ بِزَائِدٍ بِإِمْكَانِ تَدَارُكِ الزَّوْجَةِ التَّبَرُّعَ بِثُلُثِهَا، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ تَمْكِينِهِ هُنَا مِنْهُ وَعَدَمِ تَمْكِينِهِ فِي دَعْوَى الْأَبِ بَعْدَ السَّنَةِ إعَارَتَهَا وَصَدَّقَتْهُ، فَفِي ثُلُثِهَا بِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْأَبِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ وَوَلِيِّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ رَدُّ إبْطَالٍ، وَرَدَّ الْغُرَمَاءِ رَدُّ إيقَافٍ، وَرَدَّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِبْطَالٍ عَلَى مُقَابِلِهِ، وَرَدَّ الْقَاضِي كَرَدِّ مَنْ نَابَ عَنْهُ، وَنَظَمَ هَذَا ابْنُ غَازِي فَقَالَ: أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ وَأَوْقِفْنَ فِعْلَ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفَ (وَلَيْسَ لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (بَعْدَ) تَبَرُّعِهَا بِ (الثُّلُثِ) مِنْ مَالِهَا (تَبَرُّعٌ) مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ بِشَيْءٍ (إلَّا أَنْ يَبْعُدَ) التَّبَرُّعُ الْمُتَأَخِّرُ مِنْ التَّبَرُّعِ الْمُتَقَدِّمِ بِعَامٍ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ وَرُجِّحَ، وَبِسِتَّةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ فَيَصِيرُ الْبَاقِي كَأَنَّهُ مَالٌ مُسْتَقِلٌّ لَمْ تَتَبَرَّعْ مِنْهُ بِشَيْءٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 134 بَابٌ)   [منح الجليل] [بَابٌ الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى] بَابٌ) فِي بَيَانِ أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يُنَاسِبُهَا وَهُوَ لُغَةً قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ وَأَصْلُهُ الْكَمَالُ، يُقَالُ صَلَحَ الشَّيْءُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا إذَا كَمُلَ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ انْتِقَالٌ عَنْ حَقٍّ أَوْ دَعْوَى بِعِوَضٍ لِرَفْعِ نِزَاعٍ أَوْ خَوْفِ وُقُوعِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ قَبْضُ شَيْءٍ عَنْ عِوَضٍ يَشْمَلُ مَحْضَ الْبَيْعِ. وَقَوْلُ عِيَاضٍ هُوَ مُعَاوَضَةٌ عَنْ دَعْوَى يَخْرُجُ عَنْهُ صُلْحُ الْإِقْرَارِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ الصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ كَالْبَيْعِ وَإِبْرَاءٌ وَإِسْقَاطُ تَقْسِيمٍ لَهُ لَا تَعْرِيفٌ فَلَا يُتَوَهَّمُ نَقْضُهُ بِمَحْضِ الْبَيْعِ وَهِبَةِ كُلِّ الدَّيْنِ أَوْ بَعْضِهِ لِعَدَمِ انْدِرَاجِهِمَا تَحْتَ مَوْرِدِ التَّقْسِيمِ. الْحَطّ قَدْ يُقَالُ حَدُّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الصُّلْحَ عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ. طفي قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصُّلْحَ هُوَ الِانْتِقَالُ، بَلْ هُوَ الْمُعَاوَضَةُ وَالِانْتِقَالُ مُفَرَّعٌ عَنْهَا مَعْلُولٌ لَهَا كَمَا أَنَّ الِانْتِقَالَ فِي الْبَيْعِ مُفَرَّعٌ عَنْهُ وَمَعْلُولٌ لَهُ، وَالصُّلْحُ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهِبَةٌ فَيُفَسَّرُ بِالْمُعَاوَضَةِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، فَحَدُّ عِيَاضٍ هُوَ الصَّوَابُ وَيُجَابُ عَنْ خُرُوجِ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الصُّلْحِ كَوْنُهُ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ حَدٌّ لِلْغَالِبِ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ وَالِانْتِقَالِ بِعِوَضٍ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ. (فَوَائِدُ) الْأُولَى: فِي الْمُقَدِّمَاتِ رُوِيَ «أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ تَقَاضَى مِنْ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - دَيْنًا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ حَتَّى كَشَفَ سَجْفَ حُجْرَتِهِ فَنَادَى كَعْبًا فَقَالَ يَا كَعْبُ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ فَقَالَ كَعْبٌ قَدْ فَعَلْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُمْ فَاقْضِهِ» . الثَّانِيَةُ: فِي التَّوْضِيحِ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» . الجزء: 6 ¦ الصفحة: 135 الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بَيْعٌ،   [منح الجليل] الثَّالِثَةُ: ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ أَيْ الصُّلْحُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ عِنْدَ تَعْيِينِ مَصْلَحَتِهِ وَحُرْمَتُهُ وَكَرَاهَتُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ مَفْسَدَةً وَاجِبَةَ الدَّرْءِ أَوْ رَاجِحَتَهُ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ لِلَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا بَأْسَ بِنَدْبِ الْقَاضِي الْخَصْمَيْنِ إلَيْهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَاحْرِصْ عَلَى الصُّلْحِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَك فَصْلُ الْقَضَاءِ. وَقِيلَ فِي بَعْضِ الْمُذَاكَرَاتِ لَا بَأْسَ بِهِ بَعْدَ التَّبَيُّنِ إنْ كَانَ لِرِفْقٍ بِالضَّعِيفِ مِنْهُمَا، كَالنَّدْبِ لِصِدْقِهِ عَلَيْهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُوهِمُ ثُبُوتَ الْحَقِّ عَلَى مَنْ لَهُ الْحَقُّ أَوْ سُقُوطَهُ لَهُ، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَبَاهُ أَحَدُهُمَا فَلَا يُلِحُّ عَلَيْهِ إلْحَاحًا يُوهِمُ الْإِلْزَامَ. الرَّابِعَةُ: ابْنُ عَرَفَةَ قَسَّمُوهُ إلَى صُلْحٍ عَلَى إقْرَارٍ وَصُلْحٍ عَلَى إنْكَارٍ، فَقَوْلُ عِيَاضٍ حُكْمُ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ لِتَكُونَ الْقِسْمَةُ حَقِيقِيَّةً بَيْنَ الشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ أَوْ الْمُسَاوِي لِنَقِيضِهِ اهـ. طفي الشَّيْءُ هُوَ الْإِقْرَارُ وَنَقِيضُهُ لَا إقْرَارُهُ وَمُسَاوِيهِ الْإِنْكَارُ وَالسُّكُوتُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت الشَّيْءُ هُوَ الْإِنْكَارُ وَنَقِيضُهُ لَا إنْكَارَ وَمُسَاوِيهِ الْإِقْرَارُ وَالسُّكُوتُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، فَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَلَا إقْرَارَ وَلَا بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَلَا إنْكَارَ فَافْهَمْ. (الصُّلْحُ) أَيْ عَلَى إقْرَارٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الصُّلْحَ عَلَى سُكُوتٍ وَالصُّلْحَ عَلَى إنْكَارٍ بَعْدَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ، وَبَيَّنَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فَقَالَ (عَلَى) أَخْذِ شَيْءٍ (غَيْرِ الْمُدَّعَى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةٍ وَالْعَيْنِ، وَصِلَتُهُ مَحْذُوفَةٌ أَيْ بِهِ (بَيْعٌ) لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْمَأْخُوذِ إنْ كَانَ ذَاتًا فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ كَدَعْوَاهُ بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ عَقَارٍ، فَيُقِرُّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصَالِحُهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بِهِمَا نَقْدًا أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ، فَقَدْ بَاعَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى بِهِ بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهُ فَجَازَ لِوُجُودِ شُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ شَرْطًا يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ كَأَنْ لَا يَبِيعَ الْمُصَالِحَ بِهِ أَوْ لَا يَلْبَسَهُ أَوْ لَا يَرْكَبَهُ أَوْ لَا يَطَأَ الْجَارِيَةَ أَوْ صَالَحَهُ بِمَجْهُولٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ عَنْ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ مُؤَخَّرًا، وَعَكْسِهِ أَوْ عَنْ طَعَامِ مُعَاوَضَةٍ فَسَدَ لِانْتِفَاءِ الشَّرْطِ أَوْ وُجُودِ الْمَانِعِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 136 أَوْ إجَارَةٌ، وَعَلَى بَعْضِهِ: هِبَةٌ   [منح الجليل] وَذَكَرَ الْقِسْمَ الثَّانِي عَاطِفًا لَهُ بِأَوْ الَّتِي لِلتَّقْسِيمِ فَقَالَ (أَوْ إجَارَةً) لِلْمَأْخُوذِ صُلْحًا إنْ كَانَ مَنَافِعَ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ لِعَدَمِ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَغَايَتُهُ إجَارَةُ الْمَنْفَعَةِ بِمُعَيَّنٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَنْفَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا مَضْمُونَةٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، فَصُورَةُ الْإِجَارَةِ الْجَائِزَةِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ أَوْ طَعَامٍ كَذَلِكَ فَيُقِرُّ بِهِ ثُمَّ يُصَالِحُهُ بِمَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَضْمُونٍ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَضْمُونٍ لَمْ يَسْتَوْفِهَا جَازَ الصُّلْحُ عَنْهَا بِنَقْدٍ مُعَجَّلٍ أَوْ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ أَوْ طَعَامٍ كَذَلِكَ، وَهُوَ إجَارَةٌ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ لَا بِمُؤَخَّرٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. (وَ) الصُّلْحُ (عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ وَتَرْكِ بَاقِيهِ (هِبَةٌ) لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ قَبْلَ مَوْتِ وَاهِبِهِ وَجُنُونِهِ وَمَرَضِهِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ وَقَبْلَ فَلَسِهِ. ابْنُ عَاشِرٍ تَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا الِاشْتِرَاطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَدَدِهِ أَوْ إنْكَارِهِ أَوْ سُكُوتِهِ ادْفَعْ لِي خَمْسِينَ وَأُسْقِطَ لَك الْبَاقِي فَلَمْ يُجِبْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ، فَلَوْ رَضِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدُ لَزِمَ الصُّلْحُ وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يَرْضَ حَتَّى مَاتَ الْمُدَّعِي. الْبُنَانِيُّ قَسَّمَ الصُّلْحَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهِبَةٌ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ ذَاتًا فَهُوَ بَيْعٌ، وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً فَهِيَ إجَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهِيَ هِبَةٌ، وَتَجْرِي هَذِهِ الْأَقْسَامُ فِي الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ وَعَلَى إنْكَارٍ وَعَلَى سُكُوتٍ، أَمَّا فِي الْإِقْرَارِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْمُدَّعَى بِهِ، وَأَمَّا السُّكُوتُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالسُّكُوتُ أَوْ الْإِنْكَارُ فَإِنَّمَا خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِانْفِرَادِهِمَا عَنْ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ ثُمَّ الْمُصَالَحُ بِهِ إنْ كَانَ مَنَافِعَ اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا كَكِتَابٍ مَثَلًا يَدَّعِيهِ عَلَى زَيْدٍ وَهُوَ بِيَدِهِ فَيُصَالِحُهُ بِسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 137 وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ.   [منح الجليل] فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَدَرَاهِمَ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا بِمَنَافِعَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَ) الصُّلْحُ (عَنْ دَيْنٍ بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (يُبَاعُ) الدَّيْنُ (بِهِ) كَالصُّلْحِ عَنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بِهِمَا أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ. وَمَفْهُومُ مَا يُبَاعُ بِهِ مَنْعُ الصُّلْحِ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يَمْنَعُ بَيْعَهُ بِهِ كَصُلْحِهِ عَنْ دَيْنٍ بِمَنْفَعَةٍ لِمَضْمُونٍ أَوْ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، أَوْ عَنْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لَهُ مُؤَجَّلٍ لِأَنَّهُ رِبَا نَسَاءٍ أَوْ عَنْ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَكْسِهِ لِأَنَّهُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ أَوْ عَنْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ مُعَاوَضَةً قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ عَنْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ أَثْوَابٍ مُؤَجَّلَةٍ بِسِتَّةِ دَنَانِيرَ، أَوْ أَثْوَابٍ حَالَّةٍ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ عَنْ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ لِشَهْرٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ نَقْدًا لِحَطِّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك وَيَرُدُّ الْمَمْنُوعَ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ فَاتَ وَيَرْجِعَانِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الصُّلْحِ وَإِلَّا لَزِمَ تَتْمِيمُ الْفَاسِدِ، وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ الْإِذْنَ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ الصُّلْحُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مَنْدُوبٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَإِنْ وَقَعَ بِمَكْرُوهٍ نَفَذَ وَلَوْ أَدْرَكَ بِحِدْثَانِ قَبْضِهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ بِحِدْثَانِهِ، وَيَنْفُذُ إنْ طَالَ كَصُلْحٍ عَنْ دَيْنٍ بِثَمَرَةِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ مُزْهِيَةٍ، وَاشْتُرِطَ تَتَمُّرُهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي قَوْلِهِ فِي بَابِ السَّلَمِ، وَهَلْ الْمُزْهِي كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَأْوِيلَانِ، وَقَرَّرَ ق الْمَكْرُوهَ بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ حَقِيقَةً لَا يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ مُطْلَقًا. الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الْمَكْرُوهُ مَا ظَاهِرُهُ الْفَسَادُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ كَوْنَهُ فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ كَدَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَيَصْطَلِحَانِ عَلَى تَأْخِيرِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لِأَجَلٍ. الْخَرَشِيُّ الْمُرَادُ بِالْمَكْرُوهِ هُنَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَبِالْحَرَامِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَالْمَكْرُوهُ حَقِيقَةً جَائِزٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ فَسْخُهُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، وَكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لَا تَتَأَتَّى هُنَا. طفي وَالْبَنَّانِيُّ الْمُنَاسِبُ فَجَازَ بَقَاءُ التَّفْرِيعِ بَدَلَ الْوَاوِ، وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى مَا يُتَّقَى فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 138 وَعَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ، وَعَكْسَيْهِ، إنْ حَلَّا، وَعُجِّلَ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ عَنْ مِائَتَيْهِمَا   [منح الجليل] الصُّلْحِ مِنْ أَوْجُهِ الْفَسَادِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِ الْقَائِلِ: جَهْلًا وَفَسْخًا وَنَسَا وَحُطَّ ضَعْ ... وَالْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ صَالَحْت دَعْ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْجَهْلَ هُنَا، وَقَدْ قَدَّمَهُ قَبْلَ هَذِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا تُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ مَا يُصَالَحُ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَلَا يَجُوزُ، وَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي صُلْحِ الزَّوْجَةِ عَنْ إرْثِهَا مَعْرِفَتَهَا جَمِيعَ التَّرِكَةِ. اهـ. لَكِنَّ هَذَا إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ جَازَ عَلَى مَعْنَى التَّحَلُّلِ إذْ هُوَ غَايَةُ الْمَقْدُورِ نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ . (وَ) جَازَ الصُّلْحُ (عَنْ ذَهَبٍ) فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ (بِوَرِقٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ فِضَّةٍ حَالَّةٍ مُعَجَّلَةٍ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ الصُّلْحِ عَنْ وَرِقٍ فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ بِذَهَبٍ حَالٍّ مُعَجَّلٍ (إنْ حَلَّا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً، أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَالْمُصَالَحُ بِهِ وَهُوَ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَشَرْطُهُ الْحُلُولُ (وَعُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُصَالَحُ بِهِ بِالْفِعْلِ، إذْ لَوْ أُخِّرَ لَكَانَ صَرْفًا مُؤَخَّرًا وَهُوَ مَمْنُوعٌ، فَإِنْ أُجِّلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا مُنِعَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَمَثَّلَ لِلصُّلْحِ الْجَائِزِ فَقَالَ (كَ) صُلْحٍ بِ (مِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ) وَاحِدٍ حَالَّةٍ مُعَجَّلَةٍ بِالْفِعْلِ (عَنْ مِائَتَيْهِمَا) أَيْ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مُثَنَّى مِائَةٍ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، وَالْمِائَتَانِ حَالَّتَانِ. فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَك عَلَيْهِ مِائَةُ دِينَارٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ حَالَّتَانِ فَصَالَحْته عَنْ ذَلِكَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ جَازَ لِأَنَّك أَخَذْت الدَّنَانِيرَ قَضَاءً عَنْ دَنَانِيرِك وَأَخَذْت دِرْهَمًا مِنْ دَرَاهِمِك وَهَضَمْت بَاقِيَهَا، بِخِلَافِ التَّبَادُلِ بِهَا نَقْدًا. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِخَفَائِهَا، وَذَكَرَهَا مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِقَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ لِلنَّصِّ عَلَى كُلِّ فَرْعٍ بِانْفِرَادِهِ قَالَ تت. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي إنْ حَلَّا وَعُجِّلَ تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَثْنِيَةِ ضَمِيرِ حَلَّا وَإِفْرَادِ ضَمِيرِ عُجِّلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 139 وَعَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ   [منح الجليل] مَعَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ الَّذِي دَعَاهُمَا لِتَثْنِيَةِ الْأَوَّلِ يَجْرِي فِي الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ الْبُنَانِيُّ أَمَّا تَعْجِيلَ الْمُصَالَحِ بِهِ فَطَاهِرٌ، وَأَمَّا تَعْجِيلُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِأَخْذِ الْعِوَضِ مِنْ الْمُدَّعِي لِرَفْعِ نِزَاعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْحَائِزِ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ، فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ شَرْطُ تَعْجِيلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: طفي قَوْلُ تت يُشْتَرَطُ الْحُلُولُ وَالتَّعْجِيلُ، أَمَّا الْحُلُولُ فَنَعَمْ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى ضَعْ وَتُعَجَّلْ، وَأَمَّا التَّعْجِيلُ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَيْعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ وَحَطِيطَةٌ فَلَا تُهْمَةَ فِي التَّأْخِيرِ. أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَسَوَاءٌ أَخَذَ مِنْهُ الدِّرْهَمَ نَقْدًا أَوْ أَخَّرَهُ بِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ الْمِائَةَ دِينَارٍ نَقْدًا أَوْ أَخَّرَهُ بِهَا لِأَنَّهُ لَا مُبَايَعَةَ هُنَا، وَإِنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ وَحَطِيطَةٌ فَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ دِينَارٍ أَوْ الْمِائَةُ دِرْهَمٍ لَمْ تَحِلَّ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ ضَعْ وَتُعَجَّلْ عب قَوْلُ تت فَيَشْتَرِطُ الْحُلُولَ، وَالتَّعْجِيلُ خِلَافُ مَا لِابْنِ يُونُسَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ التَّعْجِيلَ إنْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ حَيْثُ صَالَحَ بِمُعَجَّلٍ مُطْلَقًا أَوْ بِمُؤَجَّلٍ، وَالصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ، فَلَوْ صَالَحَ عَنْ مِائَتَيْهِمَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَدِينَارٍ، فَإِنْ كَانَ نَقْدًا جَازَ لِأَنَّ الْمِائَةَ قَضَاءٌ عَنْ الْمِائَةِ وَالدِّينَارَ صَرْفٌ لِلْمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ. الثَّالِثُ: طفي قَوْلُ تت وَإِنْ دَخَلَتْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا إلَخْ، دُخُولُهَا بِاعْتِبَارِ تَقْرِيرِهِمْ اشْتِرَاطَ الْحُلُولِ وَالتَّعْجِيلِ، وَقَدْ عَلِمْت فَسَادَهُ. الرَّابِعُ: عب قَوْلُهُ وَدِرْهَمٌ عَطْفٌ عَلَى مِائَةٍ وَلَا يُتَوَهَّمُ عَطْفُهُ عَلَى دِينَارٍ وَمَعَ قَوْلِهِ عَنْ مِائَتَيْهِمَا، وَلِكَوْنِ التَّمَثُّلِ لِلصُّلْحِ عَلَى الْبَعْضِ، وَتَبَرَّكَ بِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَوْضَحُ كَدِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ عَنْ مِائَتَيْهِمَا (وَ) جَازَ الصُّلْحُ (عَلَى الِافْتِدَاءِ) بِمَالٍ (مِنْ) حَلِفِ (يَمِينٍ) طُلِبَتْ مِنْهُ لِرَدِّ دَعْوَى مُجَرَّدَةٍ أَوْ مَعَ شَاهِدٍ نَحْوُهُ قَوْلُ أَيْمَانِ الْمُدَوَّنَةِ وَنُذُورُهَا وَمَنْ لَزِمَتْهُ يَمِينٌ وَافْتَدَى مِنْهَا بِالْمَالِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 140 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] جَازَ، وَظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ. ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَعْرُوفُ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ إنْ عَلِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَرَاءَتَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ فَلْيَحْلِفْ وَلَا يُصَالِحْ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ صَالَحَ أَثِمَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، إذْلَالُ نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَذَلَّ نَفْسَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ» ، وَإِضَاعَةُ الْمَالِ وَتَجْزِئَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِطْعَامُهُ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ. وَرُدَّ بِأَنَّ تَرْكَ الْحَلِفِ عِزٌّ لَا إذْلَالٌ، وَلَيْسَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ إضَاعَةُ مَالٍ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلِأَنَّ الْإِضَاعَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا إتْلَافُهُ بِنَحْوِ حَرْقٍ وَإِغْرَاقٍ لَا تَرْكُهُ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ نَحْوِ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَالْإِغْرَاءُ وَإِطْعَامُ مَا لَا يَحِلُّ لَيْسَ عَلَى الْمُصَالِحِ مِنْهَا شَيْءٌ، إنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ. أَبُو الْحَسَنِ لَا يُقَالُ أَطْعَمَهُ مَالَهُ بِالْبَاطِلِ لِأَنَّهُ يَقُولُ دَفَعْت عَنْ نَفْسِي الظُّلْمَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْهُمْ مَنْ افْتَدَى وَمِنْهُمْ مَنْ حَلَفَ. اهـ. وَجَعَلَ الشَّارِحُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ هِشَامٍ تَقْيِيدًا وَجَزَمَ بِهِ فِي شَامِلِهِ. الْحَطّ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرِ، وَلَمْ أَرَ شَيْئًا يُعَارِضُ هَذَا الْإِطْلَاقَ، بَلْ رَأَيْت مَا يُقَوِّيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحُكْمُهُ الْوُجُوبُ عِنْدَ تَيَسُّرِ أَسْبَابِهِ فِي الرُّبُعِ عَلَى عَدَمِ يَمِينٍ مُسْتَحَقَّةٍ وَعَلَى يَمِينِهِ مُبَاحٌ كَغَيْرِ الرُّبُعِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَشَقَّةٌ. وَفِي مَسَائِلِ الْبُرْزُلِيُّ مَنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقٍّ وَاحْتَفَّتْ بِهِ قَرَائِنُ يَحْصُلُ لَهُ بِهَا الْعِلْمُ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ، وَلَهُ تَرْكُ الْحَلِفِ الْحَالَةَ هَذِهِ وَلَيْسَ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَذَكَرَ نُصُوصًا أُخْرَى فَانْظُرْهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 141 أَوْ السُّكُوتِ   [منح الجليل] أَوْ) الصُّلْحُ عَلَى مُقْتَضَى (السُّكُوتِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ إجَابَةِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ حَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ، وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ كَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطُ صُلْحِ الْإِنْكَارِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوَجْهُ جَعْلِهِ مِثْلَهُمَا كَوْنُهُ مُحْتَمِلًا لَهُمَا، فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدِينَارٍ فَسَكَتَ ثُمَّ صَالَحَهُ بِدَرَاهِمَ مُؤَخَّرَةٍ فَلَا يَحِلُّ بِالنَّظَرِ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لِأَنَّ حُكْمَ سُكُوتِهِ حُكْمُ إنْكَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَّ مِنْ قَرْضٍ فَسَكَتَ ثُمَّ صَالَحَهُ بِدَرَاهِمَ فَيَمْتَنِعُ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ بَعْدُ، وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ كَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ. إلَخْ، ظَاهِرُ كَلَامِ " غ " أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مُقَابِلٌ لِلرَّاجِحِ، وَأَنَّ الرَّاجِحَ قَوْلُ عِيَاضٍ حُكْمُ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَعًا، وَكَذَا قَالَ تت فِي كَبِيرِهِ، وَنَصُّهُ وَأَمَّا حُكْمُ السُّكُوتِ فَكَمَا قَدَّمْنَا عَنْ عِيَاضٍ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ. الْفَاكِهَانِيُّ وَهُوَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 142 أَوْ الْإِنْكَارِ، إنْ جَازَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ،   [منح الجليل] الْمَشْهُورُ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ مُحْرِزٍ فِيهِ حُكْمَ الْمُعَاوَضَةِ فِي الْإِقْرَارِ، وَاعْتَبَرَ فِيهِ شَرْطَ صُلْحِ الْإِنْكَارِ. اهـ. فَجَعَلَ كَلَامَ ابْنِ مُحْرِزٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ. طفي وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ يُمْنَعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ طفي. وَقَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَّ مِنْ قَرْضٍ فَسَكَتَ إلَى قَوْلِهِ فَيَمْتَنِعُ بِالنَّظَرِ إلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. . . إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّا إذَا أَنْزَلْنَا السُّكُوتَ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِلْمُدَّعِي، وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ مَنْزِلَةَ الْإِنْكَارِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ وَاعْتَبَرْنَا فِيهِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ فَلَا دَعْوَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَالٍ، فَلَا يُعْتَبَرُ مُنِعَ مِنْ جِهَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهَذَا بَعْدَهُ، إذْ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ بِشَيْءٍ فَالشَّرْطُ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فَقَطْ اهـ وَأَمَّا مُجَرَّدُ الِاحْتِمَالِ فَلَا يُعْتَبَرُ. وَاعْتَرَضَ " ح " عِبَارَةَ ابْنِ مُحْرِزٍ قَائِلًا إذَا اعْتَبَرَ فِيهِ الْوُجُوهَ الثَّلَاثَةَ فَقَدْ اعْتَبَرَ فِيهِ حُكْمَ الْمُعَاوَضَةِ فِي الْإِقْرَارِ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ حُكْمَ الْمُعَاوَضَةِ مُعْتَبَرٌ فِيهِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ، وَيَزِيدُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِاعْتِبَارِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، فَيَئُولُ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ لَا يَأْتِي فِيهِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَاسْتَشْكَلَهُ " ح " قَائِلًا فِي اعْتِبَارِ جَوَازِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ بَحْثٌ، إذْ السَّاكِتُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حَبْسٌ وَأَدَبٌ ثُمَّ حُكْمٌ بِلَا يَمِينٍ. (أَوْ) الصُّلْحُ عَلَى (الْإِنْكَارِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي الظَّاهِرِ. وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرَ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ وَإِلَّا فَحَلَالٌ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ بَاقِي مَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُسَامِحْهُ الْمُدَّعِي. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السُّكُوتَ غَيْرُ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الِافْتِدَاءُ مِنْ يَمِينٍ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ، أَشَارَ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (إنْ جَازَ) الصُّلْحُ (عَلَى دَعْوَى كُلٍّ) مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِطْلَاقُ الدَّعْوَى عَلَى الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ مَجَازٌ، إذْ مَعْنَاهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا ادَّعَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 143 وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ   [منح الجليل] بِهِ عَلَيَّ فَهَذَانِ شَرْطَانِ، أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ إنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خُصُوصَ مَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي، وَأَجَابَ بِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ فَالشَّرْطُ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فَقَطْ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ جَوَازُهُ (عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) الشَّرْعِيِّ أَيْ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ، أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ تُهْمَةُ فَسَادٍ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ وَأَصْبَغُ أَمْرًا وَاحِدًا، وَهُوَ أَنْ لَا تَتَّفِقَ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادِ مِثَالٍ مُسْتَوْفِي الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ حَالَّةٍ فَيُنْكِرُهَا أَوْ يَسْكُتُ فَيُصَالِحُهُ عَنْهَا بِثَمَانِيَةٍ مُعَجَّلَةٍ، أَوْ بِعَرْضٍ حَالٍّ. وَمِثَالُ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيُمْتَنَعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةً فَيُنْكِرُهَا أَوْ يَسْكُتُ فَيُصَالِحُهُ عَلَى تَأْخِيرِهِ بِهَا أَوْ بِخَمْسِينَ مِنْهَا شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَّرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ أَخَّرَهُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ حَقِّهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ بِمَا الْتَزَمَ دَفْعَهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ، وَالْمَنْفَعَةُ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ حِفْظِ الْحَقِّ عَنْ السُّقُوطِ بِحَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَجَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ. وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ فَيَعْتَرِفَ بِالطَّعَامِ وَيُنْكِرُ الدَّرَاهِمَ فَيُصَالِحُهُ بِطَعَامٍ مُؤَجَّلٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِالدَّرَاهِمِ وَيُصَالِحُهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ، فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِهِ وَفَسْخِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ صَرْفٍ مُؤَخَّرٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 144 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَيُنْكِرُهَا ثُمَّ يُصَالِحُهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلَةٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ، وَيَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا افْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَجَائِزٌ عِنْدَ أَصْبَغَ، إذْ لَمْ تَتَّفِقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ. وَمِثَالُ الْمُمْتَنِعِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَّ قَمْحٍ مِنْ قَرْضٍ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ سَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوَهَا مُعَجَّلَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَمُمْتَنِعٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَيَجُوزُ عِنْدَ أَصْبَغَ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ أَيْ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى إلَخْ لَا مَعْنَى لَهُ، إذْ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ، وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَإِنْ فَرَضْنَاهُ الْجَوَازَ صَارَ الْمَعْنَى إنْ جَازَ عَلَى ظَاهِرِ الْجَوَازِ، وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَإِنْ فُرِضَ غَيْرُهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ أَيْضًا إذْ لَا يَكُونُ الْجَوَازُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَنْعِ مَثَلًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ مَا يَطْرَأُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُخَاصَمَةِ وَمَجْلِسِ الْفَصْلِ. وَقَوْلُهُ مِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا. . . إلَخْ طفي اُنْظُرْ ذِكْرَهُمْ فِي الْمِثْلِ الْإِقْرَارُ الْمُخْتَلِطُ بِالْإِنْكَارِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا فَأَحْرَى عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ، فَالصَّوَابُ الِاقْتِصَارُ فِي التَّمْثِيلِ عَلَى مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ الْإِنْكَارُ الْمَحْضُ، إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِ عِيَاضٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَا نَصُّهُ وَحُكْمُ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلَيْهِمَا جَمِيعًا، فَمَا وَقَعَ مِنْ صُلْحٍ حَرَامٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ السُّكُوتِ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَالْبَيْعِ وَكَذَا مَا وَقَعَ مِنْ صُلْحٍ حَرَامٍ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِنْكَارِ فَيُصَالِحُهُ عَمَّا لَوْ انْفَرَدَ بِهِ الْإِقْرَارُ لَمْ يَجُزْ، كَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ وَدَرَاهِمَ فَاعْتَرَفَ بِالطَّعَامِ وَأَنْكَرَ الدَّرَاهِمَ فَصَالَحَهُ بِطَعَامٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ لِأَجَلٍ، أَوْ اعْتَرَفَ بِالدَّرَاهِمِ فَصَالَحَهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ لِأَجَلٍ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُصَالِحٌ بِحَرَامٍ، إذْ الْحَرَامُ فِيمَا حَصَلَ فِيهِ إقْرَارُهُمَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهُوَ مِمَّا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ لِأَنَّ الْحَرَامَ وَقَعَ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ إذَا كَانَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 145 وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ، فَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يَعْلَمْهَا   [منح الجليل] تَوَقُّعُ الْفَسَادِ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ الْمَحْضِ. اهـ. فَالصُّلْحُ فِي الْإِنْكَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِقْرَارِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَعَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الْإِقْرَارُ فَهُوَ كَالصُّلْحِ فِي الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ اهـ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ مِنْ صُوَرِ الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِنْكَارِ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَالْمِثَالِ الْأَخِيرِ عِنْدَ " ز "، فَلَا وَجْهَ لِقَصْرِ الْخِلَافِ عَلَى صُوَرِ الْإِنْكَارِ الْمَحْضِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ الِاقْتِصَارُ فِي التَّمْثِيلِ عَلَى مَحَلِّ الْخِلَافِ لَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ شُرُوطَ الْجَوَازِ فَاقْتَضَى مَفْهُومُهَا صُوَرَ الْأَبَدِ مِنْ التَّمْثِيلِ لَهَا، مِنْهَا مَا هُوَ مَحَلُّ خِلَافٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ، وَلَا يُقَالُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلِطِ بِالْإِنْكَارِ كَالصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَلَا يَنْدَرِجُ هُنَا، لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ فِي هَذَا غَيْرَ الْمُدَّعِي بِهِ، وَأَمْكَنَ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، كَذَلِكَ أَدْرَجُوهُ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ وَجَعَلُوا فِيهِ شُرُوطَهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَلَا يُمْكِنُ فِيهِ الْجَوَازُ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يَحِلُّ) الْمَالُ الْمُصَالَحُ بِهِ (لِلظَّالِمِ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ بِهِ لِلْمَظْلُومِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ حَكَمَ لَهُ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ قَوْلُهُ لِلظَّالِمِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ وَقَعَ فِيمَا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ بَاطِنَهُ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْقَضَاءِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا. وَأَمَّا مَا ظَاهِرُهُ كَبَاطِنِهِ فَيُحِلُّ الْحَرَامَ كَمَا أَفْتَى بِهِ " صر " كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرُفِعَ الْخِلَافُ. وَفُرِّعَ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَيْ فَيَلْزَمُ إلَّا لِعَارِضٍ وَبَيَّنَ الْعَارِضَ، أَوْ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ فَقَالَ (فَلَوْ أَقَرَّ) الظَّالِمُ كَانَ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَوْ مُدَّعِيًا بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ أَوْ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ فَلِلْمَظْلُومِ نَقْضُهُ، لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ (أَوْ شَهِدَتْ) لِلْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ (بَيِّنَةٌ) عَدْلَانِ، فَإِنْ شَهِدَ لَهُ وَاحِدٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ فَلَا يُقْضَى بِنَقْضِ الصُّلْحِ قَالَهُ الْأَخَوَانِ وَعَبْدُ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، نَقَلَهُ الْقَلْشَانِيُّ وَابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ (لَمْ يَعْلَمْهَا) أَيْ الْمَظْلُومُ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ لَهُ حِينَ عَقَدَ الصُّلْحَ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ فَلَهُ نَقْضُهُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 146 أَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا وَجَدَ وَثِيقَتَهُ بَعْدَهُ:   [منح الجليل] (أَوْ) صَالَحَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ يَعْلَمُهَا غَائِبَةٌ بِبَعِيدٍ جِدًّا كَأَفْرِيقِيَّةِ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْأَنْدَلُسِ (وَأَشْهَدَ) الْمَظْلُومُ (وَأَعْلَنَ) أَيْ أَظْهَرَ الْإِشْهَادَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي غَيْبَةِ الظَّالِمِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَظْلُومَ (يَقُومُ بِ) شَهَادَةِ (هَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الظَّالِمِ إذَا حَضَرَتْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلِنْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا لَا إنْ عَلِمَهَا وَقْتَ الصُّلْحِ وَقَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ لَا جِدًّا فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا. (أَوْ) صَالَحَ عَلَى إنْكَارٍ لِعَدَمِ وَثِيقَتِهِ ثُمَّ (وَجَدَ) الْمَصَالِحُ (وَثِيقَتَهُ) أَيْ الْحَقَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ وَقَدْ كَانَ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا إنْ وَجَدَهَا (فَلَهُ) أَيْ الْمَظْلُومِ (نَقْضُهُ) أَيْ الصُّلْحِ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ اتِّفَاقًا، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَإِنْ نَسِيَهَا حَالَ الصُّلْحِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا بَعْدَهُ فَلَهُ نَقْضُهُ أَيْضًا وَالْقِيَامُ بِهَا بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ عَامٌّ وَعَلَيْهِ. " صر " وَشَيْخُهُ بُرْهَانُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ فَيُقَيِّدُ قَوْلَهُ الْآتِي إنْ أَبْرَأَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا إلَخْ، بِمَا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ الْحَقِّ، وَأَمَّا إنْ أَبْرَأَهُ مَعَ الصُّلْحِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ فَلَا يُبَرَّأُ، أَيْ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَلَى دَوَامِ صِفَةِ الصُّلْحِ لَا إبْرَاءٌ مُطْلَقٌ، فَلَمَّا لَمْ يَتِمَّ جَعَلَ لَهُ الشَّارِعُ نَقْضَهُ وَلَمْ يَنْفَعْهُ إبْرَاؤُهُ، وَبِهَذَا سَقَطَ مَا يُقَالُ إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِهِ صَحَّ وَلَزِمَ فَأَوْلَى مِنْ بَعْضِهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ اتِّفَاقًا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ الثَّانِيَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَلَفْظُ ضَيْح وَهُنَا ثَمَانِ مَسَائِلَ أَرْبَعٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَأَرْبَعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، فَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا فَالْأُولَى إذَا صَالَحَ ثُمَّ أَقَرَّ، وَالثَّانِيَةُ إذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ. وَالثَّالِثَةُ إذَا ذَكَرَ ضَيَاعَ صَكِّهِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَهُ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ اُتُّفِقَ فِيهَا عَلَى الْقَبُولِ. وَالرَّابِعَةُ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ فَقِيلَ لَهُ حَقُّك ثَابِتٌ فَائِتٌ بِهِ فَصَالَحَ ثُمَّ وَجَدَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ. وَأَمَّا الْأَرْبَعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا إذَا غَابَتْ بَيِّنَتُهُ وَأَشْهَدَ سِرًّا أَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِحَقِّهِ بَعْدَ الصُّلْحِ لَمْ يَعْلَمْهَا وَالْمَشْهُورُ فِيهِمَا الْقَبُولُ. وَالثَّانِيَةُ إذَا صَالَحَ وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيِّنَتِهِ وَالْمَشْهُورُ فِيهَا عَدَمُ الْقَبُولِ. وَالرَّابِعَةُ مَنْ يُقِرُّ سِرًّا وَيَجْحَدُ عَلَانِيَةً وَذُكِرَ الْخِلَافَ اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 147 كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ، أَوْ يُقِرَّ سِرًّا فَقَطْ عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا   [منح الجليل] قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ. إلَخْ ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ الْإِبْرَاءُ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا الْتَزَمَ فِي الصُّلْحِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً فَلَا قِيَامَ لَهُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَاشِرٍ، وَنَصُّهُ قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيِّ، فَإِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ فِي وَثِيقَةِ الصُّلْحِ أَنَّهُ مَتَى قَامَ عَلَيْهِ فِيمَا ادَّعَاهُ فَقِيَامُهُ بَاطِلٌ وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ، وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ زُورٌ الْمُسْتَرْعَاةُ وَغَيْرُهَا، وَأَسْقَطَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ مَا تَكَرَّرَ فَلَا تُسْمَعُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ بَيِّنَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ عَارِفًا بِهَا حِينَ الصُّلْحِ أَمْ لَا، وَإِنْ سَقَطَ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ الْوَثِيقَةِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْرِفْهَا اهـ. وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ فَقَالَ (كَ) صُلْحِ (مَنْ) أَيْ مَظْلُومٍ غَابَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَعُدَتْ جِدًّا فَأَشْهَدَ سِرًّا أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُ لِغَيْبَتِهَا وَأَنَّهَا إنْ قَدِمَتْ قَامَ بِهَا (وَلَمْ يُعْلِنْ) الْإِشْهَادَ عِنْدَ حَاكِمٍ ثُمَّ قَدِمَتْ بَيِّنَتُهُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَنَقْضُ الصُّلْحِ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ) صُلْحِ مَظْلُومٍ (يُقِرُّ) لَهُ ظَالِمُهُ بِحَقِّهِ عِنْدَهُ (سِرًّا) فِيمَا بَيْنَهُمَا حِينَ لَمْ يَحْضُرْهُمَا مَنْ يَشْهَدُ عَلَى إقْرَارِ وَيَجْحَدُهُ عَلَانِيَةً حِينَ حُضُورِ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ طَلَبِهِ عَاجِلًا أَوْ حَسْبُهُ بَعْدَ إشْهَادِ الْمَظْلُومِ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِيَطْمَئِنَّ وَيَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقِرَّ عَلَانِيَةً فَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِبَاقِي حَقِّهِ، فَإِنْ أَقَرَّ الظَّالِمُ بَعْدَ الصُّلْحِ فَلِمَنْ صَالَحَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي اسْتَرْعَاهَا وَنَقْضُ الصُّلْحِ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِبَاقِي حَقِّهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ الْكَافِ. وَأَشَارَ بِالْأَحْسَنِ فِي الثَّانِيَةِ لِفَتْوَى بَعْضِ أَشْيَاخِ شَيْخِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ لِمُطَرِّفٍ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فَقَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهَا ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَ فِيهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَكْسَ قَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ، وَأَكْثَرُ النُّسَخِ لَيْسَ فِيهِ فِيهِمَا. فَإِنْ قُلْت لَعَلَّ عَلَى الْأَحْسَنِ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ. قُلْت هُوَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِيمَنْ لَمْ يُعْلِنْ بِالْإِشْهَادِ، فَلَا يَكُونُ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُعْلِنِ وَغَيْرِهِ فَائِدَةٌ، وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي يَشْهَدُهَا سِرًّا عَلَى عَدَمِ الْتِزَامِ الصُّلْحِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ تُسَمَّى بَيِّنَةَ الِاسْتِرْعَاءِ، أَيْ إيدَاعَ الشَّهَادَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 148 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ يُقِرُّ فِي السِّرِّ وَيَجْحَدُ فِي الْعَلَانِيَةِ إنْ صَالَحَهُ عَلَى تَأْخِيرِهِ سَنَةً، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِغَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَإِنْ قَدِمَتْ قَامَ بِهَا فَقِيلَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ يَطْلُبُهُ فَيَجْحَدُهُ، وَقِيلَ لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا. قَالَ مُطَرِّفٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمَطْلُوبَ بَعْدِ إنْكَاره، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى تَأْخِيرِهِ سَنَةً بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى إنْكَارِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِيُقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ ثُمَّ صَالَحَهُ وَأَقَرَّ بَعْدَ صُلْحِهِ، فَفِي لُزُومِ أَخْذِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَغْوِ صُلْحِهِ عَلَى تَأْخِيرِهِ وَلَغْوِ إقْرَارِهِ وَلُزُومِ صُلْحِهِ بِتَأْخِيرِهِ نَقَلَا الصِّقِلِّيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ. قُلْت وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ وَالْمُوَثِّقِينَ وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَحْكِ عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرَهُ. وَحَكَى الْمُتَيْطِيُّ ثَانِيًا لَهُ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا يَنْفَعُ إشْهَادُ السِّرِّ إلَّا عَلَى مَنْ لَا يُنْتَصَفُ مِنْهُ كَالسُّلْطَانِ وَالرَّجُلِ الْقَاهِرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِي فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ حَاصِلُ حَقِيقَةِ الِاسْتِرْعَاءِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي وَقْتِنَا إيدَاعًا هُوَ إشْهَادُ الطَّالِبِ أَنَّهُ طَلَبَ فُلَانًا، وَأَنَّهُ أَنْكَرَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ إنْكَارُهُ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَنَّهُ مَهْمَا أَشْهَدَ بِتَأْخِيرِهِ إيَّاهُ بِحَقِّهِ أَوْ بِوَضِيعَةِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بِإِسْقَاطِ بَيِّنَةِ الِاسْتِرْعَاءِ فَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ لِيُقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ وَشَرْطُهُ تَقَدُّمُهُ عَلَى الصُّلْحِ، فَيَجِبُ تَعْيِينُ وَقْتِهِ بِيَوْمِهِ وَفِي أَيِّ وَقْتٍ هُوَ مِنْ يَوْمِهِ خَوْفَ اتِّحَادِ يَوْمِهِمَا، فَإِنْ اتَّحَدَ دُونَ تَعْيِينِ جُزْءِ الْيَوْمِ لَمْ يُفِدْ اسْتِرْعَاؤُهُ. الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَلَا يَنْفَعُ الِاسْتِرْعَاءُ إلَّا مَعَ ثُبُوتِ إنْكَارِ الْمَطْلُوبِ وَرُجُوعِهِ بَعْدَ الصُّلْحِ إلَى الْإِقْرَارِ، فَإِنْ ثَبَتَ إنْكَارُهُ وَتَمَادَى عَلَيْهِ بَعْدَ صُلْحِهِ لَمْ يُفِدْ اسْتِرْعَاؤُهُ شَيْئًا، وَقَوْلُ الْعَوَامّ صُلْحُ الْمُنْكِرِ إثْبَاتٌ لِحَقِّ الطَّالِبِ جَهْلٌ، وَقَوْلُهُمْ فِي الصُّلْحِ تَسَاقَطَا الِاسْتِرْعَاءُ وَالِاسْتِرْعَاءُ فِي الِاسْتِرْعَاءِ، لِأَنَّهُ إذَا اسْتَرْعَى وَقَالَ فِي اسْتِرْعَائِهِ مَتَى أَشْهَدَ بِقَطْعِ اسْتِرْعَائِهِ فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ لِتَحْصِيلِ إقْرَارِ خَصْمِهِ لَمْ يَضُرَّهُ إسْقَاطُهُ فِي الصُّلْحِ اسْتِرْعَاؤُهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِي اسْتِرْعَائِهِ أَنَّهُ مَتَى أَسْقَطَ اسْتِرْعَاءَهُ فَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لَهُ كَإِنَّ إسْقَاطُهُ فِي صُلْحِهِ اسْتِرْعَاءَهُ مُسْقِطًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 149 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَإِذَا قُلْت إنَّهُ قَطَعَ الِاسْتِرْعَاءَ وَالِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ ثُمَّ اسْتَرْعَى وَقَالَ إنَّهُ مَتَى أَشْهَدَ بِقَطْعِ الِاسْتِرْعَاءِ فَهُوَ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لَهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ لِتَحْصِيلِ إقْرَارِ خَصْمِهِ لَمْ يُفِدْهُ، إذْ لَا اسْتِرْعَاءَ، زَادَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ فِيهِ تَنَازُعٌ وَالْأَحْسَنُ مَا قَدَّمْنَاهُ. قُلْت وَلِابْنِ رُشْدٍ كَلَامٌ فِي هَذَا مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ فَرْعٌ إذَا أَشْهَدَ فِي السِّرِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِأَجْلِ إنْكَارِهِ وَأَنَّهُ مَتَى وَجَدَ بَيِّنَةً قَامَ بِهَا فَالصُّلْحُ غَيْرُ لَازِمٍ إذَا ثَبَتَ إنْكَارُهُ وَثَبَتَ الْحَقُّ، وَغَايَةُ مَا عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا عُلِمَ بِبَيِّنَتِهِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَنْفَعُهُ مَا أَشْهَدَ بِهِ فِي السِّرِّ. وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ لَا يَنْفَعُ إشْهَادُ السِّرِّ إلَّا عَلَى مَنْ لَا يُنْتَصَفُ مِنْهُ كَالسُّلْطَانِ وَالرَّجُلِ الْقَاهِرِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِشْهَادُ السِّرِّ فِيهِ بَاطِلٌ. (فَرْعٌ) : إنْ تَقَيَّدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يُودِعْ شَهَادَتَهُ يَعْنِي اسْتِرْعَاءً. وَمَتَى قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 150 لَا إنْ عَلِمَ بِبَيِّنَتِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ، فَقِيلَ لَهُ: حَقُّك ثَابِتٌ بِهِ فَائِتٌ بِهِ، فَصَالَحَ ثُمَّ وَجَدَهُ.   [منح الجليل] بِذَلِكَ فَهِيَ كَاذِبَةٌ. قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا وَكَثِيرًا مَا يُكْتَبُ عِنْدَنَا بِقَفِصَةٍ، وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا قِيَامَ لَهُ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَسْقَطَ الِاسْتِرْعَاءَ سَقَطَ. (فَرْعٌ) : لَوْ قَالَ فِي اسْتِرْعَائِهِ: وَمَتَى أَشْهَدْت عَلَى نَفْسِي أَنِّي قَطَعْت الِاسْتِرْعَاءَ وَالِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ إلَى أَقْصَى تَنَاهِيهِ فَإِنَّمَا أَفْعَلُهُ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ، وَأَنِّي غَيْرُ قَاطِعٍ لِشَيْءٍ مِنْهُ وَأَرْجِعُ فِي حَقِّي فَحَكَى صَاحِبُ الطُّرَرِ أَنَّهُ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّهُ مَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَنَّهُ إنْ قَالَ فِي اسْتِرْعَائِهِ مَتَى أَشْهَدْت بِقَطْعِ الِاسْتِرْعَاءِ فَإِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ اسْتِجْلَابًا لِإِقْرَارِ خَصْمِي فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَا يَضُرُّهُ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ إسْقَاطِ الْبَيِّنَاتِ الْمُسْتَرْعَاةِ. وَإِنْ قَالَ أَنَّهُ أُسْقِطُ الِاسْتِرْعَاءَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِاسْتِرْعَائِهِ. وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَفِيهِ تَنَازُعٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الطُّرَرِ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الصُّلْحِ بِإِنْكَارِهِ، وَالْمُكْرَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قِيلَ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ اسْتِرْعَاؤُهُ مُطْلَقًا لَكَانَ وَجْهًا إذَا ثَبَتَ إنْكَارُهُ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ (لَا) يُنْقَضُ الصُّلْحُ (إنْ عَلِمَ) الْمَظْلُومُ الْمُصَالَحُ عَلَى إنْكَارٍ حِينَ الصُّلْحِ بِبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ (وَلَمْ يُشْهِدْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْمَظْلُومُ قَبْلَ صُلْحِهِ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً جِدًّا وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الصُّلْحِ لِقُوَّةِ أَمْرِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ هِبَةٌ، وَلِأَنَّهُ كَالتَّارِكِ لَهَا حِينَ الصُّلْحِ (أَوْ ادَّعَى) الطَّالِبُ (ضَيَاعَ الصَّكِّ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ الْوَثِيقَةِ الْمَكْتُوبِ حَقُّهُ فِيهَا (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ (حَقُّك ثَابِتٌ) إنْ أَتَيْت بِهِ (فَأْتِ) بِهَمْزٍ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْإِتْيَانِ (بِهِ) أَيْ الصَّكِّ وَخُذْ حَقَّك (فَ) لَمْ يَأْتِ بِهِ وَ (صَالَحَ) الطَّالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (ثُمَّ وَجَدَهُ) أَيْ الطَّالِبُ الصَّكَّ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهِ وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الصَّكِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَقَوْلِهِ أَوْ وَجَدَ وَثِيقَةً بَعْدَهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي هَذِهِ أَقَرَّ إقْرَارًا مُعَلَّقًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِالصَّكِّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ الطَّالِبُ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ، وَمَا سَبَقَ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 151 وَعَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ مِنْ عَرْضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُورِثِهَا مِنْهُ فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ فِيهِ الْحَقُّ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَشْهَدَ الطَّالِبُ أَنَّهُ يُصَالِحُهُ لِضَيَاعِ صَكِّهِ بِدُونِ الْتِزَامٍ، وَأَنَّهُ مَتَى وَجَدَهُ يَقُومُ بِهِ الْبُنَانِيُّ. هَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَنَصُّهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ غَرِيمَهُ فِي هَذِهِ مُعْتَرِفٌ، وَإِنَّمَا طَلَبَهُ بِإِحْضَارِ صَكِّهِ لِيَمْحُوَ مَا فِيهِ فَرَضِيَ الطَّالِبُ بِإِسْقَاطِهِ وَاسْتَعْجَلَ حَقَّهُ، وَالْأَوَّلُ أَنْكَرَ الْحَقَّ وَقَدْ أَشْهَدَ طَالِبُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ لِضَيَاعِ وَثِيقَتِهِ إلَخْ، فَقَوْلُ " ز " مُقِرٌّ لَا مُطْلَقًا، بَلْ بِشَرْطٍ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ مُقِرٌّ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ مَاتَ زَوْجٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ أَوْ أَبٍ وَتَرِكَتُهُ ذَهَبٌ وَوَرِقٌ وَعَرْضٌ وَأَرَادَ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ صُلْحَ زَوْجَتِهِ جَازَ الصُّلْحُ (عَنْ إرْثِ زَوْجَةِ) مَثَلًا (مِنْ عَرْضٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ (وَوَرِقٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ فِضَّةٍ وَسَوَاءٌ حَضَرَ الْعَرْضُ وَالْوَرِقُ أَوْ غَابَا (وَذَهَبٍ) لِزَوْجِهَا الْمَيِّتِ وَصْلَةُ الصُّلْحِ (بِذَهَبٍ مِنْ) ذَهَبِ (التَّرِكَةِ قَدَّرَ مُوَرِّثُهَا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ مِيرَاثِ الزَّوْجَةِ (مِنْهُ) أَيْ الذَّهَبِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ثَمَانِينَ دِينَارًا مَعَ فَرْعٍ وَارِثٍ أَوْ أَرْبَعِينَ مَعَ عَدَمِهِ حَاضِرَةً كُلَّهَا، فَإِنْ غَابَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الْحَاضِرِ فَقَطْ (فَأَقَلُّ) مِنْ مُوَرِّثِهَا كَخَمْسَةٍ مِنْ ثَمَانِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ حَضَرَ الْعَرْضُ وَالدَّرَاهِمُ أَمْ لَا، كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَمْ لَا، وَقِيمَةُ حَظِّهَا مِنْ الْعَرْضِ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا إنَّمَا أَخَذَتْ حَظَّهَا أَوْ بَعْضَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَوَهَبَتْ حَظَّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعَرْضِ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ، فَإِنْ حَازُوهُ قَبْلَ مَانِعِ هِبَتِهَا تَمَّتْ وَإِلَّا فَلَا. (أَوْ أَكْثَرُ) مِنْ مُوَرِّثِهَا مِنْ الذَّهَبِ كَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ ثَمَانِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ (إنْ) حَضَرَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا وَ (قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ أَيْ نَقَصَتْ (الدَّرَاهِمُ) الَّتِي وَرِثَتْهَا عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ قَلَّتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ عَنْهُ، أَوْ كَانَ مَا أَخَذَتْهُ زَائِدًا عَلَى حَظِّهَا دِينَارًا وَاحِدًا بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ لِأَخْذِ نَصِيبِهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَبَيْعِهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 152 لَا مِنْ غَيْرِهَا مُطْلَقًا، إلَّا بِعَرْضٍ إنْ عَرَفَ جَمِيعَهَا وَحَضَرَ، وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ   [منح الجليل] لِبَاقِي الْوَرَثَةِ حَظَّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعَرْضِ بِمَا زَادَ عَلَى حَظِّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِيهِ. فَإِنْ قَلَّتْ إذَا كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ وَقَلَّتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ فَلِمَ جَازَ. قُلْت لِأَنَّهُ لَمَّا قَلَّ الْعَرْضُ صَارَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الصَّرْفُ. فَإِنْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ وَأَخَذَتْ عَنْهُمَا أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ امْتَنَعَ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ، فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَقَطْ. (لَا) يَجُوزُ صُلْحُهَا بِشَيْءٍ (مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً قَلَّ أَوْ كَثُرَ، حَضَرَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَعَرْضٍ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَهَذَا رِبَا فَضْلٍ وَفِيهِ رِبَا النَّسَاءِ إنْ غَابَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَلَوْ الْعَرْضَ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ النَّقْدِ إذَا صَاحَبَهُ (إلَّا) صُلْحُهَا (بِعَرْضٍ) مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَيَجُوزُ (إنْ عَرَفَا) أَيْ الْمُصْطَلَحَانِ (جَمِيعَهَا) أَيْ التَّرِكَةِ لِيَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَعْلُومًا لَهُمَا. (وَ) إنْ (حَضَرَ) جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَقِيقَةً فَقَطْ فِي الْعَيْنِ أَوْ وَلَوْ حُكْمًا فِي غَيْرِهَا بِقُرْبِ غَيْبَتِهِ بِحَيْثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ لِلسَّلَامَةِ مِنْ النَّقْدِ فِي الْغَائِبِ، بِشَرْطٍ (وَ) إنْ (أَقَرَّ الدَّيْنَ) بِمَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَوْ عَرْضًا (وَحَضَرَ) الْمَدِينُ وَقْتَ الصُّلْحِ، إذْ لَوْ غَابَ لَاحْتَمَلَ إنْكَارَهُ إذَا حَضَرَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ وَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُهُ فِي غَيْبَتِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ مِدْفَعًا فِيمَا يَثْبُتُ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِيَعْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 153 وَعَنْ دَرَاهِمَ وَعَرْضٍ تُرِكَا بِذَهَبٍ: كَبَيْعٍ وَصَرْفٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ، فَكَبَيْعِهِ وَعَنْ الْعَمْدِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ   [منح الجليل] دَيْنًا يُبَاعُ وَهُوَ يُحَقِّقُ أَنَّهُ لَا مَدْفَعَ لَهُ فِيهِ، وَلِلِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِهِ فَقَدْ لَا تَرْتَضِي مُعَامَلَتَهُ وَكَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ وَكَانَ الْعَرْضُ الْمُصَالَحُ بِهِ مُخَالِفًا لِلْعَرْضِ الَّذِي عَلَى الْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَوْ وَافَقَهُ لَكَانَ سَلَفًا لَهَا بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا يُصَالِحُهَا بِهِ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهَا. (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ إنْ عَرَفَا جَمِيعَهَا شُرُوطٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَيْضًا، قَالَهُ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ . (وَ) جَازَ الصُّلْحُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا (عَنْ) حَظِّهَا مِنْ (دَرَاهِمَ) أَوْ مِنْ ذَهَبٍ (وَعَرْضٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ (تُرِكَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ تَرَكَهُمَا مَيِّتٌ لِوَرَثَتِهِ (بِذَهَبٍ) أَوْ فِضَّةٍ مِنْ مَالِ الْمُصَالِحِ حَالَ كَوْنِهِ (كَ) ااجْتِمَاعِ (بَيْعِ وَصَرْفِ) بِأَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا بِأَنْ يُصَالِحَهَا بِدِينَارٍ وَاحِدٍ أَوْ يَجْتَمِعَا فِي دِينَارٍ، وَحَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَقَلُّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ، أَوْ يَكُونُ الْعَرْضُ يَسِيرًا جِدًّا لَا يُعْتَبَرُ فِي اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. (وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ التَّرِكَةِ الْمُصَالَحِ عَنْ حَظِّ وَارِثٍ مِنْهَا (دَيْنٍ) لِلْمَيِّتِ عَلَى غَيْرِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ عُرُوضٌ (فَ) الصُّلْحُ عَنْ حَظِّ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْهُ حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ (بَيْعِهِ) أَيْ الدَّيْنِ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمَدِينِ وَإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ وَكَوْنُهُ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ، وَكَوْنُ الدَّيْنِ لَيْسَ طَعَامًا مِنْ سَلَمٍ. عب وَالْخَرَشِيُّ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ اسْتِيفَاءُ الْكَلَامِ عَلَى الْفُرُوعِ الَّتِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَقَوْلُهُ وَعَنْ دَرَاهِمَ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ، وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَقَرَّ الْمَرِيضُ وَحَضَرَ . (وَ) جَازَ الصُّلْحُ (عَنْ) جِنَايَةِ (الْعَمْدِ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا (بِمَا) أَيْ مَالٍ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا، أَيْ نَقَصَ عَنْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ لَوْ كَانَتْ خَطَأً (وَ) بِمَا (كَثُرَ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ زَادَ عَلَيْهَا مُعَيَّنًا قَدْرُهُ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ لَهَا، وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ مَجَّانًا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَ الْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ انْعَقَدَ الصُّلْحُ وَلَزِمَ الْجَانِي دِيَةَ خَطَأٍ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَمَفْهُومُ الْعَمْدِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْخَطَأِ بِأَقَلَّ مِنْ دِيَتِهِ لِأَقْرَبَ مِنْ أَجَلِهَا لِضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَكَذَا الْعَمْدُ الَّذِي لَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 154 لَا غَرَرٍ كَرِطْلٍ مِنْ شَاةٍ؛   [منح الجليل] قِصَاصَ فِيهِ وَلَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ كَجَائِفَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . (لَا) يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ بِذِي (غَرَرٍ كَ) الصُّلْحِ عَنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ بِ (رِطْلٍ مِنْ) لَحْمِ (شَاةٍ) حَيَّةٍ أَوْ قَبْلَ سَلْخِهَا لِجَهْلِ صِفَةِ لَحْمِهَا. تت أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْحَيَّةِ فَفِيهَا وَإِذَا ادَّعَيْت عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا فَصَالَحَك مِنْهُ بِعَشَرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ حَيَّةٍ لَمْ يَجُزْ. طفي أَبُو الْحَسَنِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَفُهِمَ مِنْ تَمْثِيلِهِ بِالرِّطْلِ مَنْعُهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى، وَجَوَازُهُ بِجَمِيعِ الشَّاةِ الْحَيَّةِ أَوْ الْمَذْبُوحَةِ قَبْلَ سَلْخِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَالْبَيْعِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ جَمِيعُهَا الْحَاضِرُ الْمُشَاهَدُ لَا بَعْضُ لَحْمِهَا الْمُغَيَّبِ، فَإِنْ سُلِخَتْ جَازَ الصُّلْحُ بِرِطْلٍ مِنْ لَحْمِهَا إذْ لَا غَرَرَ فِيهِ، وَمِمَّا فِيهِ الْغَرَرُ ثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، فَإِنْ وَقَعَ ارْتَفَعَ الْقِصَاصُ وَقَضَى بِدِيَةِ عَمْدٍ. ابْنُ رَاشِدٍ لَوْ صَالَحَ الْجَانِي عَلَى ارْتِحَالِهِ مِنْ بَلَدِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْقِصَاصِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْقَضُ الصُّلْحُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصُ. وَقَالَ أَصْبَغُ وَالْمُغِيرَةُ يَمْضِي وَيُحْكَمُ عَلَى الْقَاتِلِ بِأَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 155 وَلِذِي دَيْنٍ: مَنْعُهُ مِنْهُ وَإِنْ رُدَّ مُقَوَّمٌ بِعَيْبٍ، أَوْ اُسْتُحِقَّ، رُجِعَ بِقِيمَتِهِ   [منح الجليل] أَبَدًا عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ، وَعَلَى هَذَا إنْ لَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ ثُمَّ عَادَ وَكَانَ الدَّمُ ثَابِتًا فَلَهُمْ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ. أَوْ إنْ كَانَ لَمْ يَثْبُتْ فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ. (وَلِذِي) أَيْ صَاحِبِ (دَيْنٍ) مُحِيطٍ بِمَالٍ الْجَانِي عَمْدًا عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ الْمُسْتَحِقَّ بِمَالِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (مَنْعُهُ) أَيْ الْجَانِي (مِنْهُ) أَيْ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ فِي نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ إذْ هُوَ إتْلَافٌ لِمَالِهِ فِيمَا لَمْ يُعَامِلْهُ عَلَيْهِ كَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ، وَلَيْسَ كَإِنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَدَّمَ حَقَّ الْغُرَمَاءِ عَلَى حَظِّ نَفْسِهِ وَأَعْضَائِهِ وَهُمْ مُؤَخَّرُونَ عَنْ الْقُوتِ الَّذِي يَحْفَظُ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ ظَلَمَ بِجِنَايَتِهِ فَلَا يَلْحَقُ ظُلْمُهُ غُرَمَاءَهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَظْلِمْ فِي الْقُوتِ مَعَ اضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَمُعَامَلَتُهُمْ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الدَّيْنِ غَيْرَ مُحِيطٍ بِمَالِ الْجَانِي فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ مِنْ الصُّلْحِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ بِمَا بَقِيَ وَلَوْ بِتَحْرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ (وَإِنْ) صَالَحَ بِمُقَوَّمٍ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ خَطَأٍ عَلَى إنْكَارِ وَ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ شَيْءٌ (مُقَوَّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ مُصَالَحٍ بِهِ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ خَطَأٍ عَلَى إنْكَارِ وَصْلَةِ رَدٍّ (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِيهِ بَعْدَ الصُّلْحِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ذَلِكَ الْمُقَوَّمُ الْمُعَيَّنُ الْمُصَالَحُ بِهِ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ (رَجَعَ) رَادُّهُ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِالْفَتْحِ عَلَى دَافِعِهِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقِّ مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ عَقْدِ الصُّلْحِ، نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ سَلِيمًا صَحِيحًا لَا بِمَا صُولِحَ عَنْهُ، إذْ لَيْسَ لِجِنَايَةِ الْعَمْدِ دِيَةٌ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ فَيَرْجِعُ بِهَا، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمُقِرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ، وَيُعَوِّضُهُ إنْ فَاتَ. وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَوَّمُ الْمُصَالَحُ بِهِ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 156 كَنِكَاحٍ، وَخُلْعٍ وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ، أَوْ قَطَعُوا جَازَ صُلْحُ كُلٍّ؛ وَالْعَفْوُ عَنْهُ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ أَوْ الْمُسْتَحَقِّ فَقَالَ (كَنِكَاحٍ) بِصَدَاقٍ مُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ فَرَدَّتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ عَقْدِ النِّكَاحِ بِهِ سَلِيمًا صَحِيحًا (وَ) كَ (خُلْعٍ) بِمُقَوَّمٍ مُعَيَّنٍ رَدَّهُ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ بِعَيْبٍ ظَهَرَ فِيهِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُلْعِ سَلِيمًا صَحِيحًا، وَكَذَا إنْ كَانَ الصَّدَاقُ أَوْ الْمُخَالَعُ بِهِ شِقْصًا أُخِذَ بِشُفْعَةٍ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ، وَكَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ بَقِيَّةُ النَّظَائِرِ السَّبْعَةِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ بِقَوْلِهِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إلَّا نِكَاحًا وَخُلْعًا وَصُلْحَ عَمْدٍ، أَيْ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عُمْرَى اهـ. وَالطَّارِئُ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا إمَّا عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ فَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي سَبْعَةٍ نَظَمَهَا (غ) فِي بَيْتٍ وَهُوَ: صُلْحَانِ عِتْقَانِ وَبُضْعَانِ مَعًا ... عُمْرَى لِأَرْشِ عِوَضٍ بِهِ ارْجِعَا (وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ) قَتِيلًا مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا مُكَافِئًا لَهُمْ بِتَمَالُؤٍ، أَوْ اسْتَوَتْ أَفْعَالُهُمْ أَوْ لَمْ تَتَمَيَّزْ (أَوْ قَطَعُوا) عُضْوَ مَعْصُومٍ كَذَلِكَ (جَازَ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ (صُلْحُ كُلٍّ) مِنْ الْجَمَاعَةِ الْقَاتِلِينَ أَوْ الْقَاطِعِينَ (وَ) جَازَ لَهُ (الْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ كُلٍّ، وَجَازَ لَهُ الْقِصَاصُ مِنْ كُلٍّ وَتَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ وَجَازَ لَهُ صُلْحُ بَعْضٍ وَالْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ بَعْضٍ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ يَدَ رَجُلٍ أَوْ جَرَحُوهُ عَمْدًا فَلَهُ صُلْحُ أَحَدِهِمْ وَالْعَفْوُ عَمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَالْقِصَاصُ مِمَّنْ شَاءَ، وَكَذَلِكَ الْأَوْلِيَاءُ فِي النَّفْسِ. وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ اتِّحَادُ الْجَانِي وَتَعَدُّدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ عَمْدًا وَثَبَتَ عَلَيْهِ فَصَالَحَ أَوْلِيَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الدِّيَةِ وَعَفَوَا عَنْ دَمِهِ وَقَامَ أَوْلِيَاءُ الْآخَرِ بِالْقَوَدِ فَلَهُمْ الْقَوَدُ، فَإِنْ اسْتَقَادُوا بَطَلَ الصُّلْحُ، وَيُرَدُّ الْمَالُ إلَى وَرَثَتِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُمْ عَلَى حَيَاتِهِ وَقَتْلِهِ لِبَعْضِ الْمَقْتُولِينَ قُتِلَ لِجَمِيعِهِمْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 157 وَإِنْ صَالَحَ مَقْطُوعٌ، ثُمَّ نُزِيَ فَمَاتَ: فَلِلْوَلِيِّ لَا لَهُ رَدُّهُ، وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ كَأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ   [منح الجليل] وَإِنْ) جَنَى شَخْصٌ عَمْدًا عُدْوَانًا بِقَطْعٍ أَوْ جَرْحٍ وَ (صَالَحَ) شَخْصٌ (مَقْطُوعٌ) عُضْوُهُ أَوْ مَجْرُوحٌ عَمْدًا عُدْوَانًا قَاطِعَهُ أَوْ جَارِحَهُ بِمَالٍ عَنْ الْقَطْعِ أَوْ الْجُرْحِ فَقَطْ (ثُمَّ نُزِيَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ سَالَ دَمُ الْمَقْطُوعِ (فَمَاتَ) الْمَقْطُوعُ (فَلِلْوَلِيِّ) أَيْ مُسْتَحِقِّ دَمِ الْمَقْطُوعِ أَوْ الْمَجْرُوحِ الَّذِي مَاتَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا (لَا لَهُ) أَيْ الْقَاطِعِ (رَدُّهُ) أَيْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ لِلْقَاطِعِ أَوْ الْجَارِحِ (وَ) الْقِصَاصُ أَيْ (الْقَتْلُ) لِلْقَاطِعِ (بِقَسَامَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ، أَيْ خَمْسِينَ يَمِينًا يَحْلِفُهَا الْوَلِيُّ لَمَنْ قَطَعَهُ مَاتَ لِأَنَّ الصُّلْحَ إنَّمَا كَانَ عَنْ الْقَطْعِ وَقَدْ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نَفْسٍ كَامِلَةٍ وَأَقْسَمُوا لَتَأَخَّرَ الْمَوْتُ عَنْ الْقَطْعِ وَلَهُ إمْضَاءُ مُصْلَحِ الْمَقْطُوعِ بِمَا وَقَعَ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ إتْبَاعُ الْقَاطِعِ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ فِيهَا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْقَاطِعَ عَلَى مَالٍ ثُمَّ نُزِيَ فَمَاتَ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْسِمُوا أَوْ يَقْتُلُوا وَيَرُدُّوا الْمَالَ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ، وَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا كَانَ لَهُمْ الْمَالُ الَّذِي أَخَذُوهُ فِي قَطْعِ الْيَدِ اهـ. وَشَبَّهَ فِي تَخْيِيرِ الْوَلِيِّ فَقَالَ (كَ) صُلْحِ مَقْطُوعٍ يَدِهِ مَثَلًا خَطَأً أَوْ مَجْرُوحٍ بِمُوضِحَةٍ مَثَلًا خَطَأً ثُمَّ نُزِيَ فَمَاتَ فَيُخَيَّرُ أَوْلِيَاؤُهُ بَيْنَ الْقَسَامَةِ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ قَطْعِهِ أَوْ جَرْحِهِ وَ (أَخْذِهِمْ) أَيْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْطُوعِ أَوْ الْمَجْرُوحِ (الدِّيَةَ) الْكَامِلَةَ لِلنَّفْسِ مِنْ عَاقِلَةِ الْجَانِي (فِي) جِنَايَةِ (الْخَطَإِ) وَيَرْجِعُ بِمَا صَالَحَ بِهِ وَعَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ مَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْ عَاقِلَتِهِ وَبَيْنَ إمْضَاءِ الصُّلْحِ بِمَا وَقَعَ بِهِ وَأَعَادَ ضَمِيرَ الْجَمْعِ عَلَى الْوَلِيِّ الْمُفْرَدِ بِهِ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِمُتَعَدِّدٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْجُرْحِ دُونَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا مُنِعَ فِي الْخَطَإِ وَكَذَا فِي عَمْدٍ فِيهِ قِصَاصٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ يَأْتِيَانِ فِي الْمَتْنِ. وَأَمَّا مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ حَتَّى الْمَوْتَ امْتَنَعَ أَيْضًا، وَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ دُونَ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ لَا شَيْءَ فِيهِ مُقَدَّرًا لَمْ يُصَالَحْ عَلَيْهِ، إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ قَالَهُ عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 158 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِي الْخَطَإِ إلَخْ، أَيْ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ وَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ عَرَفَةَ الصُّلْحَ فِي الْجِرَاحَاتِ عَلَى تَرَامِيهَا لِلْمَوْتِ فِي الْخَطَإِ، فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ كَالْمُوضِحَةِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي يَوْمَ الصُّلْحِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ، فَإِنْ بَرِئَ فَفِيهِ أَرْشُهُ، فَإِنْ مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةِ، وَفِيمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فِي مَنْعِهِ وَجَوَازِهِ نَقْلًا ابْنُ حَبِيبٍ مَعَ قَوْلِ صُلْحِهَا وَالْجَوَازُ فِيهِ أَظْهَرُ، وَمَا لَا قَوَدَ فِيهِ لَا يَجُوزُ عَلَى تَرَامِيهِ لِلْمَوْتِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَعَلَى الْجُرْحِ دُونَ تَرَامِيهِ لِلْمَوْتِ أَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا فِيهِ عَقْلٌ مُسَمًّى، قَالَ مَرَّةً عَلَيْهِ وَعَلَى مَا تَرَامَى إلَيْهِ دُونَ الْمَوْتِ، وَمَرَّةً قَالَ عَلَيْهِ فَقَطْ. اهـ. وَقَدْ نَقَلَ " ح " كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ مَبْسُوطًا فَانْظُرْهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 159 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَقَوْلُ " ز " عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ غَيْرُ صَوَابٍ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 160 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَلْ الْمُسْتَظْهَرُ الْجَوَازُ لَا الْمَنْعُ، وَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ هُوَ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ لَا " ح " فَانْظُرْهُ. وَنَصُّ " ح " قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ مَقْطُوعٌ ثُمَّ نُزِيَ فَمَاتَ فَلِلْوَلِيِّ لَا لَهُ رَدُّهُ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ كَأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ. قَالَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْقَاطِعَ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ ثُمَّ نُزِيَ فِيهَا فَمَاتَ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا وَيَرُدُّوا الْمَالَ وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا كَانَ لَهُمْ الْمَالُ الَّذِي أَخَذُوا فِي قَطْعِ الْيَدِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مُوضِحَةً خَطَأً فَلَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَيَرْجِعُ الْجَانِي فَيَأْخُذُ مَالَهُ وَيَكُونُ فِي الْعَقْلِ كَرَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ، وَلَوْ قَالَ قَاطِعُ الْيَدِ لِلْأَوْلِيَاءِ حِينَ نَكَلُوا عَنْ الْقَسَامَةِ قَدْ عَادَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا فَاقْتُلُونِي وَرَدُّوا الْمَالَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَالَحَ فَقَالَ ذَلِكَ لَهُمْ وَشَاءَ الْأَوْلِيَاءُ قَطْعَ الْيَدِ وَلَا يُقْسِمُونَ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَقْسَمُوا وَقَتَلُوهُ. اهـ. وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ قَاطِعُ الْيَدِ إلَخْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا لَهُ. وَقَوْلُهُ فِيهَا نُزِيَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ تَزَايَدَ وَتَرَامَى إلَى الْهَلَاكِ، وَأَصْلُهُ مِنْ زِيَادَةِ جَرَيَانِ الدَّمِ. ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ دُونَ مَا تَرَامَى إلَيْهِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ هَذَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ التَّمَسُّكُ بِالصُّلْحِ لَا فِي الْخَطَإِ وَلَا فِي الْعَمْدِ. وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 161 وَإِنْ وَجَبَ لِمَرِيضٍ عَلَى رَجُلٍ   [منح الجليل] الْعَمْدِ فَيُخَيَّرُونَ فِيهِ وَالْخَطَإِ فَلَا يُخَيَّرُونَ، وَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا التَّمَسُّكُ بِهِ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ، وَعَزَا الثَّالِثَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ كَلَامَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ. قُلْت وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ خِلَافُ مَا عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، قَالَ وَأَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى الْجُرْحِ وَمَا تَرَامَى إلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ. أَمَّا جُرْحُ الْخَطَإِ الَّذِي دُونَ الثُّلُثِ كَالْمُوضِحَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الصُّلْحَ فِيهِ عَلَى مَا تَرَامَى إلَيْهِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ. إنْ مَاتَ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَهُوَ لَا يَدْرِي يَوْمَ صَالَحَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ فُسِخَ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ وَاتَّبَعَ فِيهِ مُقْتَضَى حُكْمِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ، فَإِنْ بَرِئَ فَعَلَيْهِ دِيَةُ الْمُوضِحَةِ. وَإِنْ مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ وَإِنْ بَلَغَ الْجُرْحُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا. أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَظَاهِرُ مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَائِزٌ. وَأَمَّا جُرْحُ الْعَمْدِ فَمَا فِيهِ الْقِصَاصُ فَالصُّلْحُ فِيهِ عَلَى وَضْعِ الْمَوْتِ جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ مَا فِي صُلْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ خِلَافُ مَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَالْجَوَازُ فِيهِ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ الْعَفْوُ عَنْ دَمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَا شَاءَ. وَأَمَّا جُرْحُ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهِ عَلَى الْمَوْتِ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصَّ خِلَافٍ. وَأَمَّا الصُّلْحُ فِيهِ عَلَى الْجُرْحِ دُونَ الْمَوْتِ فَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا لَهُ دِيَةٌ مُسَمَّاةٌ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْجَائِفَةِ. قَالَ فِي مَوْضِعٍ الصُّلْحُ فِيهِ جَائِزٌ عَلَى مَا تَرَامَى إلَيْهِ بِمَا دُونَ النَّفْسِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِيهِ بِعَيْنِهِ لَا عَلَى مَا تَرَامَى إلَيْهِ مِنْ زِيَادَةٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيمَا لَا دِيَةَ لَهُ مُسَمَّاةً إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ، فَهَذَا تَحْصِيلُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (وَإِنْ وَجَبَ) أَيْ ثَبَتَ (لِ) شَخْصٍ (مَرِيضٍ) ظَاهِرُهُ، بَلْ صَرِيحَةٌ تَقَدَّمَ مَرَضُهُ عَلَى جُرْحِهِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الْحَطّ وَ " س " وعج وعب. طفي هَذَا لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرَضُ هُنَا مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا صَالَحَهُ بَعْدَ الْبُرْءِ ثُمَّ نُزِيَ جُرْحُهُ. اهـ. وَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا (عَلَى رَجُلٍ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 162 جُرِحَ عَمْدًا فَصَالَحَ فِي مَرَضِهِ بِأَرْشِهِ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ: جَازَ وَلَزِمَ. وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ، لَا مَا يَئُولُ إلَيْهِ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] مَثَلًا (جَرَحَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (عَمْدًا) عُدْوَانًا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْإِضَافَةِ (فَصَالَحَ) الرَّجُلُ الْمَرِيضَ عَلَى جُرْحِهِ (فِي) حَالِ (مَرَضِهِ) مِنْ الْجُرْحِ (بِ) مَالٍ قَدْرِ (أَرْشِهِ) أَيْ دِيَةِ الْجُرْحِ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الْأَرْشِ صَادِقٌ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ مِنْهُ (ثُمَّ مَاتَ) الْمَرِيضُ (مِنْ مَرَضِهِ) مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ (جَازَ) صُلْحُهُ ابْتِدَاءً (وَلَزِمَ) صُلْحُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلَيْسَ لِوَارِثِهِ نَقْضُهُ إذْ لِلْمَرِيضِ الْعَفْوُ عَنْ جَارِحِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا مَجَّانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. (وَهَلْ) جَوَازُ صُلْحِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ عَنْ خُصُوصِ الْجُرْحِ فَيَجُوزُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ أَيْضًا، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ بَعْضُ شَارِحِيهَا كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْعَطَّارِ (أَوْ) جَوَازُهُ (إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ) أَيْ الْجُرْحِ (فَقَطْ لَا) إنْ صَالَحَ عَنْهُ (وَ) عَنْ (مَا) أَيْ الْمَوْتِ الَّذِي (يَئُولُ) الْجُرْحُ (إلَيْهِ) وَعَلَى هَذَا حَمَلَهَا أَكْثَرُ شَارِحِيهَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَنَصُّهَا وَإِذَا وَجَبَ لِمَرِيضٍ عَلَى رَجُلٍ جِرَاحَةُ عَمْدٍ فَصَالَحَ فِي مَرَضِهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ مِنْ أَرْشِ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَازِمٌ، إذْ لِلْمَقْتُولِ الْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي مَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ مَالًا اهـ. عِيَاضٌ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجِرَاحَةِ فَقَطْ لَا عَلَى الْمَوْتِ، وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ الْعَطَّارِ عَلَى مَآلِ الْمَوْتِ وَنَقَلَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَأَوَّلَهَا عَلَى مَا تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ ابْنُ الْعَطَّارِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ لَيْسَتْ هَذِهِ مُعَارَضَةٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْأُولَى وَقَعَ الصُّلْحُ فِيهَا عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ، ثُمَّ نُزِيَ وَمَاتَ مِنْهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ عَنْ جُرْحِهِ عَمْدًا أَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَا مِنْ الْجُرْحِ أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ لَازِمٌ، وَلَا يُقَالُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 163 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هَذَا صُلْحٌ وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ فَيُنْظَرُ فِيهِ هَلْ فِيهِ مُحَابَاةٌ أَمْ لَا. الثَّانِي: عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ الْوَرَثَةَ، وَإِنْ نُزِيَ الْجُرْحُ فَمَاتَ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ وَيُعْمَلُ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ. الثَّالِثُ: عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ فَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ وَإِنْ صَالَحَ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ لَزِمَ الصُّلْحُ فَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ إذَا صَالَحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ ثُمَّ نُزِيَ فِيهِ وَمَاتَ أَنَّ الصُّلْحَ لَازِمٌ لِلْوَرَثَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ الْحَطّ. طفي هَذَا عَلَى تَقْرِيرِ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ غَيْرِ الْجُرْحِ وَأَنَّهُ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَا مِنْ الْجُرْحِ مُفَرِّقًا بِهِ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَلَمَّا ذَكَرَ عِيَاضٌ التَّأْوِيلَيْنِ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ قَبْلَ الْبُرْءِ، قَالَ وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ قَصَرَ أَصْحَابُنَا الْخِلَافَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْجُرْحِ وَمَا تَرَامَى إلَيْهِ، وَهِيَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ الَّتِي فِيهَا التَّأْوِيلَانِ، فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْجُرْحِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمَرَضَ هُنَا مِنْ غَيْرِ الْجُرْحِ. الرَّابِعُ: عب مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ مَرَضِهِ بِمَعْنَى فِي، فَهِيَ ظَرْفِيَّةٌ زَمَانِيَّةٌ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ لَمْ يَأْتِ قَوْلُهُ، وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ " ق " مِنْ بِمَعْنَى بَاءِ السَّبَبِيَّةِ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ، فَلَا يَكْفِي فِي الْمُرَادِ، بَلْ يُوهِمُ خِلَافَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ بِسَبَبِ الْمَرَضِ يَكُونُ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا مَرَّ بِخِلَافِهِ. وَقَالَ الْخَرَشِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ مِنْ سَبَبِيَّةٍ أَيْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ، أَيْ كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ مَرَضَهُ لَا الْجُرْحَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ وَالْإِجْمَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَعْلِ مِنْ ظَرْفِيَّةً. وَقَالَ فِي كَبِيرِهِ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ مِنْ مَرَضِهِ، أَيْ لَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ إذَا شَكَّ فِيهِ. اهـ. وَالْخَرَشِيُّ تَبِعَ الْحَطّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْهُ. الْخَامِسُ: عب وَإِنْ وَجَبَ لِمَرِيضٍ جُرْحٌ عَمْدًا طَرَأَ عَلَى مَرَضِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَتُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 164 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَأَمَّا طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى جُرْحِ عَمْدٍ فَسَيَذْكُرُ فِيهِ خِلَافًا هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ أَيْ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، أَيْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ قَالَهُ عج، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا. " ق " عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْمَرَضِ عَنْ الْجُرْحِ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهُ، وَأَنَّ مَا يَأْتِي لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ صُلْحٌ اهـ، وَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ. السَّادِسُ: طفي ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقُلْنَا إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْجُرْحِ، وَإِنَّهُ مَاتَ مِنْهُ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ وَيَلْزَمُ كَمَا هُوَ نَصُّهَا، وَنَصُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُشْكِلُ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، وَيُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَخْيِيرِ الْأَوْلِيَاءِ إذَا نُزِيَ الْجُرْحُ فَمَاتَ مِنْهُ، وَيُنَاقِضُ قَوْلُهَا وَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا فَعَفَا عَنْهُ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ بِقَسَامَةٍ إنْ كَانَ عَفْوُهُ عَلَى الْيَدِ لَا عَلَى النَّفْسِ. اهـ. بَلْ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ الْعَمْدِ ثُمَّ نُزِيَ فِيهِ فَمَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا أَوْ يَقْتُلُوا لِأَنَّهُ لَمْ يَعْفُ عَنْ النَّفْسِ. أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَفَوْت عَنْ الْجُرْحِ، وَعَمَّا تَرَامَى إلَيْهِ فَيَكُونُ عَفْوًا عَنْ النَّفْسِ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ جَامِعًا بَيْنَ الْعَفْوِ وَالصُّلْحِ، فَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَهُ وَقَالَ أَشْهَبُ. . إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ يُخَيَّرُونَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُمْ خِيَرَةٌ إذَا قَالَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الْخِلَافَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالتَّفْصِيلَ فِيهِ، وَأَنَّ جِرَاحَاتِ الْعَمْدِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصِ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهَا عَمَّا تَرَامَتْ إلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ الْمَنْعِ، فَتَحْصُلُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِأَشْهَبَ عَلَى مَا لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَظَهَرَ لَك تَرْجِيحُ تَأْوِيلِ ابْنِ الْعَطَّارِ، وَهُوَ الَّذِي انْتَحَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَسْأَلَةُ بِقَوْلِهَا إذْ لِلْمَقْتُولِ الْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي مَرَضِهِ، وَالْإِشْكَالُ الَّذِي ذَكَرَ يَأْتِي عَلَى اللُّزُومِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِهَا كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَعِيَاضٌ رَجَعَ التَّأْوِيلَيْنِ لِلْجَوَازِ وَلَمْ يَذْكُرْ اللُّزُومَ، قَالَ فِي تَنْبِيهَاتِهِ وَقَوْلُهُ فِي الَّذِي يُصَالِحُ جَارِحَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِرَاحَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فَمَاتَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 165 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى الصُّلْحِ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَقَطْ لَا مَا تَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ، وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ الْعَطَّارِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْجُرْحِ وَالنَّفْسِ مَعًا. اهـ. وَهَكَذَا نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ اللُّزُومِ مَعَ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِهَا فِي اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ، وَكُلُّ مَنْ نَقَلَهَا نَقَلَهَا بِهِ لَا يُقَالُ لَا إشْكَالَ وَلَا تَنَاقُضَ لِفَرْقِ أَبِي الْحَسَنِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، لِأَنَّا نَقُولُ فَرْقُهُ صُورِيٌّ فَقَطْ، أَمَّا الْحُكْمُ فَسَوَاءٌ، إذْ الْمَدَارُ عَلَى حُصُولِ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ الْبُرْءُ أَوْ قَبْلَهُ، وَقَدْ قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ نَزْوِ الْجُرْحِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، هَذَا مَا حَضَرَنَا مِنْ الْبَحْثِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَتَحْتَاجُ لِمَزِيدِ تَحْرِيرٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَبِكَلَامِ عِيَاضٍ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ مُطْلَقًا مُشَاحَةً، لِأَنَّ ابْنَ الْعَطَّارِ لَمْ يَتَأَوَّلهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ عَلَى الْجُرْحِ وَالنَّفْسِ مَعًا، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ أَنَّهُ إذَا جَازَ عِنْدَهُ عَلَيْهِمَا فَجَوَازُهُ عِنْدَهُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ أَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ، لَكِنْ يَتْبَعُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْمَشَايِخُ لَفْظَ الْكُتُبِ وَيَقِفُ عِنْدَهُ وَلَا يَعْدُوهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَدْ أَسْقَطَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي اخْتِصَارِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ لَفْظَ اللُّزُومِ، وَنَصَّهُ وَفِيهَا صُلْحُ الْمَرِيضِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجُرْحِ أَوْ الدِّيَةِ جَائِزٌ. عِيَاضٌ تَأَوَّلَهَا الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجِرَاحَةِ فَقَطْ لَا عَلَى مَآلِ الْمَوْتِ، وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ الْعَطَّارِ عَلَى مَالِ الْمَوْتِ اهـ. السَّابِعُ: فِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَهُ بِشَيْءٍ عَنْ الْجُرْحِ، وَالْمَوْتِ إنْ كَانَ لَكِنْ يُصَالِحُهُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا، فَإِنْ عَاشَ أَخَذَ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ وَالْقَتْلُ فِي الْعَمْدِ. الثَّامِنُ: الَّذِي فِي الْحَطّ وعج وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إنْ صَالَحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ جَازَ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ، فَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ الْوَرَثَةَ وَإِنْ نُزِيَ فَمَاتَ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي الصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُ الصُّلْحُ وَإِنْ نُزِيَ فَمَاتَ فَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 166 وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ، فَلِلْآخِرِ الدُّخُولُ مَعَهُ، وَسَقَطَ الْقَتْلُ كَدَعْوَاك صُلْحَهُ   [منح الجليل] وَإِنْ) قَتَلَ شَخْصٌ عَمْدًا عُدْوَانًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَ (صَالَحَ أَحَدُ) الـ (وَلِيَّيْنِ) لِلْمَقْتُولِ عَمَّا فِيهِ قِصَاصٌ، إمَّا عَنْ الدَّمِ كُلِّهِ بِدِيَتِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِمَّا عَنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَلِ) لِوَلِيِّ (الْآخَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إذَا طَلَبَ مَا وَجَبَ لَهُ (الدُّخُولُ مَعَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ جَبْرًا فَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَنُوبُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ قَلِيلًا (وَسَقَطَ الْقَتْلُ) عَنْ الْجَانِي بِصُلْحِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الْقِصَاصُ، وَلَهُ عَدَمُ الدُّخُولِ مَعَهُ وَإِتْبَاعُ الْجَانِي بِنَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ وَلَيْسَ لِلْمُصَالِحِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِيهِ وَلِلْآخَرِ الْعَفْوُ مَجَّانًا، وَإِنْ عَفَا الْأَوَّلُ مَجَّانًا فَلِلْآخَرِ الْعَفْوُ أَوْ إتْبَاعُ الْجَانِي بِنَصِيبِهِ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ لَا الْقَتْلِ لِسُقُوطِهِ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ بِالدِّيَةِ كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلِلْوَلِيِّ الْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى حِسَابِ دِيَةِ الْعَمْدِ وَيَضُمَّهُ إلَى مَا صَالَحَ بِهِ صَاحِبُهُ وَيَقْتَسِمَانِ الْجَمِيعَ، كَأَنَّهُ هُوَ الْمُصَالَحُ بِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ لِلْمُصَالِحِ مَا صَالَحَ بِهِ وَيُتْبِعَ الْقَاتِلَ بِحِصَّتِهِ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ مَنْ صَالَحَ عَلَى شَيْءٍ اخْتَصَّ بِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا قَالَ فِيهَا وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا لَهُ وَلِيَّانِ فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَلَى عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِيهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ صَالَحَ عَنْ حِصَّتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ عَلَى عَرْضٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْقَاتِلِ إلَّا بِحِسَابِ دِيَتِهِ اهـ. قَالَ فِي ضَيْح ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ عَفَا الْبَعْضُ عَلَى جَمِيعِ الدِّيَةِ فَلِلْبَاقِينَ نَصِيبُهُمْ عَلَى حِسَابِ دِيَةِ عَمْدٍ ثُمَّ يَضُمُّونَ كُلَّ مَا حَصَلَ لَهُمْ وَيَقْتَسِمُونَهُ، كَأَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا عَلَى الصُّلْحِ اهـ. الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ سَقَطَ الْقَتْلُ عَلَى قَوْلِهِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ لِيُفِيدَ سُقُوطَهُ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْآخَرُ مَعَ الْأَوَّلِ. وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ فَقَالَ (كَدَعْوَاك) أَيْ ادِّعَائِك يَا وَلِيَّ الدَّمِ (صُلْحَهُ) أَيْ قَاتِلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 167 فَأَنْكَرَ وَإِنْ صَالَحَ مُقِرٌّ بِخَطَأٍ بِمَالِهِ: لَزِمَهُ، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَا دَفَعَ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] وَلِيِّك عَمْدًا عُدْوَانًا بِمَالٍ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَأَنْكَرَ) الْقَاتِلُ الصُّلْحَ فَيَسْقُطُ الْقَتْلُ كَالْمَالِ إنْ حَلَفَ الْجَانِي، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَاسْتَحَقَّهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّ دَعْوَى الْوَلِيِّ تَضَمَّنَتْ أَمْرَيْنِ إقْرَارَهُ بِالْعَفْوِ وَاسْتِحْقَاقَهُ الْمَالَ، فَأَخَذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُعْطَى الْمَالَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ . (وَإِنْ) أَقَرَّ مُكَلَّفٌ طَائِعٌ بِقَتْلِهِ نَفْسًا خَطَأً وَ (صَالَحَ) الشَّخْصُ (الْمُقِرُّ) عَلَى نَفْسِهِ (بِ) قَتْلٍ (خَطَأً) وَصِلَةُ صَالَحَ (بِمَالِهِ) أَيْ الْمُصَالِحُ الْمُقِرُّ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ الْمُصَالِحَ الصُّلْحُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ. (وَهَلْ) يَلْزَمُهُ الصُّلْحُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالدَّفْعِ فَيَدْفَعُ الْمُصَالَحُ بِهِ مِنْ مَالِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (أَوْ) إنَّمَا يَلْزَمُهُ (مَا دَفَعَ) مِنْ الْمُصَالَحِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ إذَا قُسِّمَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، وَيَلْزَمُهُ تَكْمِيلُ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَمَّا عَلَيْهِ لِأَنَّ لِدَفْعِهِ بِتَأْوِيلِ أَثَرٍ أَوْ لِتَفْرِيطِهِ فِي الدَّفْعِ قَبْلَ الْعِلْمِ وَلِأَنَّهُ كَمُتَطَوِّعٍ، وَلِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَبَاقِيهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الِاعْتِرَافَ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَالْمُنْبَنِي عَلَيْهِ مَشْهُورٌ وَلَا غَرَابَةَ فِي هَذَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ أَبِي عِمْرَانَ، وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ فِي فَهْمِ قَوْلِهَا وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءَ عَلَى مَالٍ قَبْلَ أَنْ تَلْزَمَ الدِّيَةُ الْعَاقِلَةَ بِقَسَامَةٍ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ خَطَأً، فَقِيلَ عَلَى الْمُقِرِّ فِي مَالِهِ، وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ فِي رِوَايَتَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَبُو الْحَسَنِ. قَوْلُهُ جَائِزٌ أَيْ لَازِمٌ نَافِذٌ، وَانْظُرْ بِمَاذَا يُلْزِمُ أَبُو عِمْرَانَ بِالْعَقْدِ وَأَبُو إِسْحَاقَ بِالدَّفْعِ، وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّقْيِيدُ بِظَنِّ اللُّزُومِ. الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أَقَرَّ بِقَتْلٍ خَطَأً عَلَى أَرْبَعِ رِوَايَاتٍ الْأُولَى أَنَّهُ إنْ اُتُّهِمَ بِإِرَادَةِ إغْنَاءِ وَارِثِ الْمَقْتُولِ كَأَخِيهِ وَصَدِيقِهِ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ كَانَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 168 لَا إنْ ثَبَتَ، وَجَهِلَ لُزُومَهُ، وَحَلَفَ، وَرَدَّ، إنْ طُلِبَ بِهِ مُطْلَقًا، أَوْ طَلَبَهُ وَوُجِدَ   [منح الجليل] مِنْ الْأَبَاعِدِ صُدِّقَ إنْ كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا وَلَمْ يُتَّهَمْ بِارْتِشَائِهِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ. الثَّانِيَةُ أَنَّهَا عَلَى الْمُقِرِّ فِي مَالِهِ. الثَّالِثَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ. الرَّابِعَةُ: تُقْضَ عَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فَمَا أَصَابَهُ غَرِمَهُ وَمَا أَصَابَ الْعَاقِلَةَ فَلَا يَلْزَمُهَا حَكَاهَا ابْنُ الْجَلَّابِ، فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْخَطَأِ لَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ وَتَلْزَمُ عَاقِلَتَهُ بِقَسَامَةٍ إذَا لَمْ يُتَّهَمْ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي دِيَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا، وَذَكَرَ نَصَّهَا الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ فَتَأَوَّلَهَا أَبُو عِمْرَانَ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيمَا دَفَعَ وَفِيمَا لَمْ يَدْفَعْ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَأَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ مُحْرِزٍ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا دَفَعَ دُونَ مَا لَمْ يَدْفَعْ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ، وَأَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَا دَفَعَ تَأْوِيلَانِ. وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْعَاقِلَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَلْزَمُ الْمَالُ الْمُصَالَحُ بِهِ الْمُصَالِحَ (إنْ) (ثَبَتَ) قَتْلُ الْخَطَإِ الْمُصَالَحُ عَنْهُ بِبَيِّنَةٍ (وَجَهِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ اعْتَقَدَ الْقَاتِلُ الْمُصَالِحُ جَهْلًا مِنْهُ (لُزُومَهُ) أَيْ الْعَقْلِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ لَهُ لِجَهْلِهِ (وَحَلَفَ) الْقَاتِلُ الْمُصَالِحُ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ لِظَنِّهِ لُزُومَهُ الدِّيَةُ الْعَوْفِيّ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ أَنَّهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ صُلْحًا لِلْمُصَالِحِ مَا عَدَا مَا يَخُصُّهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فَلَا يُرَدُّ لَهُ لِتَطَوُّعِهِ بِتَعْجِيلِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلِهِ (إنْ طُلِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاتِلُ أَيْ طَلَبَهُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ (بِهِ) أَيْ الصُّلْحِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِوُجُودِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِيَدِ الْأَوْلِيَاءِ فَتُرَدُّ عَيْنُهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَمِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ فَاتَ بِذَهَابِهَا لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَى الصُّلْحِ (أَوْ طَلَبَهُ) أَيْ الْقَاتِلُ الصُّلْحَ (وَوُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَا دَفَعَهُ الْقَاتِلُ لِلْأَوْلِيَاءِ صُلْحًا بِأَيْدِيهِمْ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَيُرَدُّ لَهُ وَمَا فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ كَمُثِيبٍ عَلَى صَدَقَةٍ ظَانًّا لُزُومَ الْإِثَابَةِ قَالَهُ تت، وَيُحْسَبُ لَهُ وَلِلْعَاقِلَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا حُسِبَ لَهَا قَالَهُ الْهَارُونِيُّ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 169 وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ وَارِثَيْنِ، وَإِنْ عَنْ إنْكَارٍ، فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ: كَحَقٍّ لَهُمَا فِي كِتَابٍ، أَوْ مُطْلَقٍ؛   [منح الجليل] وَقَالَ الْبَنَوْفَرِيُّ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا حُسِبَ لَهَا، وَمُقْتَضَى نَقْلِ الشَّارِحِ وَ " ق " أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ وَلَا لِعَاقِلَتِهِ شَيْءٌ مِنْهُ، فَهِيَ ثَلَاثُ مَقَالَاتٍ أَظْهَرُهَا مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ الْأَخِيرَةُ قَالَهُ عج. عب قَدْ يُقَالُ الْأَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ (وَإِنْ) مَاتَ مَنْ خَالَطَ آخَرَ فِي مَالٍ عَنْ وَلَدَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِمَالٍ عَلَى خَلِيطِهِ فَأَقَرَّ بِهِ أَوْ أَنْكَرَهُ وَ (صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ) مَثَلًا (وَارِثَيْنِ) شَخْصًا كَانَ خَلِيطًا لِأَبِيهِمَا فِي الْمَالِ فَادَّعَيَا عَلَيْهِ بِمَالٍ لِأَبِيهِمَا فَصَالَحَ أَحَدُهُمَا عَنْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ، بَلْ (وَإِنْ) صَالَحَهُ (عَنْ إنْكَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ (فَلِصَاحِبِهِ) أَيْ أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ الْمُصَالِحِ وَهُوَ الْوَلَدُ الْآخَرُ مَثَلًا (الدُّخُولُ) مَعَ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ وَلَهُ عَدَمُ الدُّخُولِ مَعَهُ وَمُطَالَبَةُ الْمُقِرِّ بِحِصَّتِهِ كُلِّهَا مِنْ الْمُقِرِّ بِهِ، وَلَهُ تَرْكُهَا، وَلَهُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهَا، هَذَا فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ. وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَأَخَذَ حَظَّهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ صَالَحَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْوَارِثُ أَخَذَ نَصِيبَهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ صَالَحَ عَنْهُ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ إنْ دَخَلَ مَعَهُ أَخُوهُ. تت لَا فَرْقَ فِي الْوَارِثَيْنِ بَيْنَ كَوْنِهِمَا وَلَدَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَلَا بَيْنَ كَوْنِهِمَا اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ الْمُدَوَّنَةَ فِي فَرْضِهَا فِي وَلَدَيْنِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِيَّيْنِ، وَلِذَا قَالَ فَلِصَاحِبِهِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ وَهُوَ وَاضِحٌ. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فِي الدُّخُولِ فَقَالَ (كَ) دُخُولِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ شَرِيكُهُ عَنْ، نَصِيبِهِ مِنْ (حَقٍّ لَهُمَا) مِنْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ مَكْتُوبٍ (فِي كِتَابٍ) وَاحِدٍ (أَوْ مُطْلَقٍ) عَنْ الْكِتَابَةِ، زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُمَا فَبَاعَاهُ صَفْقَةً بِمَالٍ أَوْ بِعَرْضٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ أَقْرَضَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 170 إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ، أَوْ وَرَّثَا هَذَا الذَّكَرَ الْحَقَّ، فَإِنَّ مَا اقْتَضَاهُ مِنْهُ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ، وَكَذَا إنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ بَقِيَّةُ أَشْرَاكِهِ اهـ. الشَّارِحُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ مُطْلَقٌ بِمَا زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَلَا دُخُولَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا اقْتَضَى لِأَنَّ دَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلٌّ لَمْ يُجَامِعْ الْآخَرَ بِوَجْهٍ. ابْنُ يُونُسَ إذَا دَخَلَ شَرِيكُهُ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ كَانَ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَيْنَهُمَا، اُنْظُرْ " ق " لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْضُهُمْ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِلُزُومِ الصُّلْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ الصُّلْحَ لَازِمٌ وَلَمَّا شَارَكَهُ رَبُّ الدَّيْنِ الْآخَرِ فِيمَا اقْتَضَى شَارَكَهُ هُوَ فِي حِصَّتِهِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ، قُلْت الظَّاهِرُ الْوَسَطُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ إلَّا الطَّعَامَ، فَفِي دُخُولِهِ مَعَهُ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ، بَلْ مُرَادُهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَثْنَى الطَّعَامَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ، وَخَالَفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِجَلْبِ كَلَامِهَا وَكَلَامِهِمَا قَالَ فِيهَا وَإِذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ خَلْطَةٌ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ أَنَّ لِأَبِيهِ قَبْلَ خَلِيطِهِ مَالًا فَأَقَرَّ لَهُ أَوْ أَنْكَرَ فَصَالَحَهُ عَنْ حَظِّهِ مِنْ ذَلِكَ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ جَازَ وَلِأَخِيهِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِيمَا أَخَذَ، وَكُلٌّ ذَكَرَ حَقًّا لَهُمَا بِكِتَابٍ أَوْ بِغَيْرِ كِتَابٍ، إلَّا أَنَّهُ مِنْ شَيْءٍ كَانَ بَيْنَهُمَا فَبَاعَاهُ فِي صَفْقَةٍ بِمَالٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ بِمَالٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ أَقْرَضَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ وَرِثَا هَذَا لِذِكْرِ الْحَقِّ، فَإِنَّ مَا قَبَضَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا يَدْخُلُ فِيهِ الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ بَقِيَّةُ أَشْرَاكِهِ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ الْمُقْتَضَى بَعْدَ الْأَعْذَارِ إلَى أَشْرَاكِهِ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ أَوْ الْوَكَالَةِ لَهُ فَامْتَنَعُوا، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِمْ فَلَا يَدْخُلُونَ فِيمَا اقْتَضَى لِأَنَّهُ لَوْ رَفَعَهُمْ إلَى الْإِمَامِ لَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ أَوْ التَّوْكِيلِ، فَإِنْ فَعَلُوا وَإِلَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 171 إلَّا أَنْ يَشْخَصَ، وَيُعْذِرَ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ أَوْ الْوَكَالَةِ   [منح الجليل] خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ اقْتِضَاءِ حَقِّهِ ثُمَّ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ عَلَيْهِ مِنْهُمْ فِيمَا اقْتَضَى اهـ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُ إنَّمَا اسْتَثْنَى الطَّعَامَ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ الْمُقْتَضَى بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَى أَشْرَاكِهِ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ أَوْ الْوَكَالَةِ فَامْتَنَعُوا، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِمْ فَلَا يَدْخُلُونَ فِيمَا اقْتَضَى. قَالَ فَإِذَا كَانَ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْذَنَ لِصَاحِبِهِ فِي الْخُرُوجِ لِاقْتِضَاءِ حَقِّهِ خَاصَّةً لِأَنَّ إذْنَهُ فِي الْخُرُوجِ مُقَاسَمَةٌ لَهُ فِي الطَّعَامِ وَالْمُقَاسَمَةُ فِيهِ كَبَيْعِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، فَلِذَلِكَ قَالَ فِي صَدْرِهَا غَيْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ يُحْتَمَلُ عِنْدِي اسْتِثْنَاؤُهُ الْإِدَامَ وَالطَّعَامَ إنَّمَا هُوَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ أَوْ صُلْحِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الَّذِي لَهُمَا طَعَامًا أَوْ إدَامًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا بَيْعُ نَصِيبِهِ أَوْ مُصَالَحَتُهُ مِنْهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، هَذَا هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ إنَّمَا اسْتَثْنَى هُنَا الطَّعَامَ مِنْ بَيْعٍ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي الْخُرُوجِ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ مُقَاسَمَةً وَالْمُقَاسَمَةُ فِيهِ كَبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُ، وَفِي قِسْمَةِ الْأَسْدِيَةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خِلَافٌ، هَذَا وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ هَلْ الْقِسْمَةُ بَيْعٌ أَوْ تَمْيِيزُ حَقٍّ، وَحَمَلَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَآلِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ عَنْ غَرِيمِهِ وَمُصَالَحَتِهِ إيَّاهُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِآخِرِ الْكِتَابِ، وَكَرَّرَهُ بِلَفْظِهِ فَقَالَ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ فَصَالَحَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ، فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مُرَادُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ طفي فَصَدَقَ قَوْلُ مَنْ قَالَهُ إلَّا الطَّعَامَ، فَفِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهِ تَرَدُّدٌ وَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِقَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَأَبِي عِمْرَانَ أَوْ عَبْدِ الْحَقِّ وَالْأَلْيَقُ تَأْوِيلَانِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَشْخَصَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ يَخْرُجَ بِشَخْصِهِ وَذَاتِهِ، أَيْ يُسَافِرَ لِلْمَدِينِ الْقَابِضِ مِنْهُ (وَيُعْذِرَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ يَقْطَعَ الْعُذْرَ الشَّاخِصَ (إلَيْهِ) أَيْ صَاحِبِهِ الْمُشَارِكِ لَهُ فِي الدَّيْنِ بِأَنْ يَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ أَوْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً (فِي) طَلَبِ (الْخُرُوجِ) مَعَهُ إلَى الْمَدِينِ لِاقْتِضَاءِ دَيْنِهِمَا مِنْهُ (أَوْ الْوَكَالَةِ) أَيْ تَوْكِيلِ الْقَاعِدِ الْخَارِجَ أَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 172 فَيَمْتَنِعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُ الْمُقْتَضِي، أَوْ يَكُونُ بِكِتَابَيْنِ وَفِيمَا لَيْسَ لَهُمَا، وَكُتِبَ فِي كِتَابٍ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] غَيْرَهُ عَلَى اقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ (فَيَمْتَنِعُ) الْقَاعِدُ مِنْ الْخُرْجِ وَالتَّوْكِيلِ فَلَا يَدْخُلُ الْقَاعِدُ فِيمَا قَبَضَهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَدِينِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْهُمَا دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِعَدَمِ دُخُولِهِ مَعَهُ فِيهِ وَإِتْبَاعِهِ ذِمَّةَ الْمَدِينِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمَدِينِ مَالٌ غَيْرُ مَا اقْتَضَاهُ الْخَارِجُ مِنْهُ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) عِنْدَ الْمَدِينِ مَالٌ (غَيْرُ) الْمَالِ (الْمُقْتَضَى) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْخَارِجُ مِنْ الْمَدِينِ. تت فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يَشْخَصُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا وَاقْتَضَى أَحَدُهُمَا مِنْهُ شَيْئًا لَدَخَلَ مَعَهُ الْآخَرُ إنْ شَاءَ، وَمِنْ قَوْلِهِ يُعْذِرُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَهُ بِدُونِ إعْذَارٍ لَدَخَلَ مَعَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ عج الْمَدَارُ عَلَى الْأَعْذَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَفَرٌ. طفي عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَصْلٌ فِي الْغَائِبِ وَسَكَتَ عَنْ الْحَاضِرِ وَهُوَ مِثْلُهُ فِي الْإِعْذَارِ وَعَدَمِهِ. (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَكُونَ) الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ مَكْتُوبًا (بِكِتَابَيْنِ) نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِكِتَابٍ وَنَصِيبُ الْآخَرِ بِكِتَابٍ آخَرَ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ مِنْ مَدِينِهِمَا لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْكِتَابِ كَالْقِسْمَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْحَقُّ إذَا كَانَ بِكِتَابَيْنِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اقْتَضَى وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهِ شَرِيكُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ أَصْلُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ بَاعَاهُ فِي صَفْقَةٍ (وَ) لَوْ كَانَ لِشَخْصَيْنِ دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَكَتَبَاهُمَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ وَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا فِيهِمَا وَاقْتَضَى أَحَدُهُمَا مِنْ مَدِينِهِمَا دَيْنَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَ (فِي) دُخُولِ أَحَدِهِمَا فِيمَا اقْتَضَاهُ الْآخَرُ (مَا لَيْسَ) مُشْتَرَكًا (لَهُمَا) بِأَنْ جَمَعَا سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ (وَكُتِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ثَمَنُهُمَا (فِي كِتَابٍ) وَاحِدٍ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ صَيَّرَهُمَا كَمُشْتَرَكٍ فِيهِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ. قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَصَرِيحُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِالْمُكَاتَبَةِ فِي الْمُفْتَرَقِ يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الِاقْتِضَاءِ. وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ لَا يُوجِبُهُ، وَلِكُلٍّ مَا قَبَضَهُ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 173 وَلَا رُجُوعَ، إنْ اخْتَارَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ وَإِنْ هَلَكَ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ، فَلِلْآخَرِ إسْلَامُهَا، أَوْ أَخْذُ خَمْسَةٍ   [منح الجليل] وَرَدَّهُ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ الْكِتَابَيْنِ يُفَرِّقَانِ مَا أَصْلُهُ الِاشْتِرَاكُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ الْكِتَابُ الْوَاحِدُ مَا أَصْلُهُ الِافْتِرَاقُ. (تَنْكِيتٌ) لَمْ يَحْفَظْ بَعْضُ مَشَايِخِي قَوْلَ سَحْنُونٍ فَقَالَ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُعَادِلَ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ بِبَحْثِ ابْنِ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَرَجَّحَ خِلَافَهُ وَهُوَ ظَاهِرُهَا قَالَهُ تت. " ح " ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا إذَا جَمَعَا سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَهُ لِأَنَّهُمَا كَالشَّرِيكَيْنِ قَبْلَ الْبَيْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ سِلْعَةُ أَحَدِهِمَا وَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي نَقْضُ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِمَا فَكَذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُمَا فِي الِاقْتِضَاءِ حُكْمَ الشَّرِيكَيْنِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ لَا يُوجِبُ الْكَتْبُ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا اقْتَضَى اهـ. قُلْت إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُفَرَّعَةً عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهَا لِأَنَّهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، اهـ كَلَامُ " ح ". الْبُنَانِيُّ إنْ وُجِدَ شَرْطُ جَوَازِ جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا كَانَتْ مُفَرَّعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَقَطَ بَحْثُ " ح ". (وَ) إنْ كَانَ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ وَاقْتَضَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْ مَدِينِهِمَا وَسَلَّمَهُ لَهُ شَرِيكُهُ فَ (لَا رُجُوعَ) لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَقْبِضْ عَلَى الْقَابِضِ بِنَصِيبِهِ مِمَّا قَبَضَهُ (إنْ) كَانَ (اخْتَارَ) غَيْرَ الْقَابِضِ أَنْ يَأْخُذَ (مَا) بَقِيَ (عَلَى الْغَرِيمِ) أَيْ مَدِينِهِمَا مِنْهُ وَرَضِيَ بِاخْتِصَاصِ الْقَابِضِ بِمَا قَبَضَهُ إنْ لَمْ يَهْلِكْ الْغَرِيمُ وَلَا مَالُهُ، بَلْ (وَإِنْ هَلَكَ) الْغَرِيمُ نَفْسُهُ أَوْ مَالُهُ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ إتْبَاعَ الْغَرِيمِ كَالْمُقَاسَمَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَهَا (وَإِنْ كَانَ) لِشَرِيكَيْنِ مِائَةٌ عَلَى مَدِينٍ وَ (صَالَحَ) أَحَدُهُمَا (عَلَى عَشَرَةٍ) وَقَبَضَهَا بَدَلًا (مِنْ خَمْسِينِهِ فَلِ) شَرِيكِهِ ا (لِآخَرَ) الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ (إسْلَامُهَا) أَيْ تَرْكُ الْعَشَرَةِ لِلْمُصَالِحِ وَإِتْبَاعُ الْمَدِينِ بِخَمْسِينَ (أَوْ أَخَذَ خَمْسَةً مِنْ شَرِيكِهِ) الْمُصَالِحِ (وَيَرْجِعُ) الْآخَرُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 174 مِنْ شَرِيكِهِ، وَيَرْجِعُ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ، وَيَأْخُذُ الْآخَرُ خَمْسَةً وَإِنْ صَالَحَ بِمُؤَخَّرٍ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ، لَمْ يَجُزْ إلَّا بِدَرَاهِمَ؛ كَقِيمَتِهِ فَأَقَلَّ، أَوْ ذَهَبَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ:   [منح الجليل] الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ عَلَى الْمَدِينِ بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَمَامِ الْخَمْسِينَ الَّتِي لَهُ (وَيَأْخُذُ الْآخَرُ) الْمُصَالِحُ مِنْ الْمَدِينِ (خَمْسَةً) بَدَلَ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ شَرِيكُهُ لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ، وَهَذَا فِي الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ. وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ عَلَى إنْكَارٍ وَلَا بَيِّنَةٍ فَلِلْآخَرِ أَخْذُ خَمْسَةٍ مِنْ شَرِيكِهِ، وَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا عَلَى الْمَدِينِ وَلَا رُجُوعَ لِلْآخَرِ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ يَرْجِعُ بِنَصِيبِهِ مِنْهُ قَالَهُ عب. وَالْخَرَشِيُّ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُصَالِحْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُؤَدِّيَ أَوْ يُصَالِحَ، وَأَثْبَتَ نُونَ خَمْسِينَ مَعَ إضَافَتِهِ عَلَى لُغَةِ اسْتِعْمَالِهِ كَحَيِّزٍ. (وَإِنْ) أَهْلَكَ شَخْصٌ مُقَوَّمًا وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ حَالَّةً فَ (صَالَحَ) عَنْهَا (بِ) مَالٍ (مُؤَخَّرٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (عَنْ) قِيمَةِ مُقَوَّمٍ (مُسْتَهْلَكٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ (لَمْ يَجُزْ) صُلْحُهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَفْسُوخِ، أَوْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَفْسُوخِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ يُصَالِحَهُ (بِدَرَاهِمَ) مُؤَخَّرَةٍ وَهِيَ (كَقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُسْتَهْلَكِ (فَأَقَلَّ) مِنْهَا فَيَجُوزُ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ إنْظَارٌ بِهَا أَوْ مَعَ إسْقَاطِ بَعْضِهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَحُسْنُ اقْتِضَاءٍ (أَوْ) بِ (ذَهَبٍ كَذَلِكَ) أَيْ قَدْرِ قِيمَتِهِ فَأَقَلَّ مُؤَخَّرٍ فَيَجُوزُ لِذَلِكَ، فَإِنْ صَالَحَهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ ذَهَبٍ مُؤَخَّرٍ أَكْثَرَ مِنْهَا امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. وَأَشَارَ لِشَرْطِ الْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: (وَ) الْحَالُّ (هُوَ) أَيْ الْمُسْتَهْلَكُ (مِنْ) جِنْسِ (مَا) أَيْ شَيْءٍ أَوْ الشَّيْءِ (يُبَاعُ) أَيْ يَجُوزُ بَيْعُهُ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ أَوْ الذَّهَبُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ يُبَاعُ بِالْوَرِقِ فَأَخَذَ ذَهَبًا مُؤَخَّرًا أَوْ عَكْسَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَدَلَّ قَوْلُهُ كَقِيمَتِهِ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَهْلَكَ مُقَوَّمٌ. طفي الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 175 كَعَبْدٍ آبِقٍ وَإِنْ صَالَحَ بِشِقْصٍ عَنْ مُوضِحَتَيْ   [منح الجليل] فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْمُقَوَّمِ، وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ قَيْدَ كَوْنِهِ يُبَاعُ بِهِ بِالْبَلَدِ وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَلِذَا تَارَةً تَكُونُ الْقِيمَةُ ذَهَبًا وَتَارَةً فِضَّةً. وَشَبَّهَ بِمَا تَقَدَّمَ تَشْبِيهًا تَامًّا فَقَالَ (كَ) صُلْحِ غَاصِبٍ (عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ (آبِقٍ) مِنْ عِنْدِ الْغَاصِبِ بِمُؤَخَّرٍ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنِ الْقِيمَةِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْغَاصِبِ بِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ فِي دَيْنِ الْمُصَالِحِ بِهِ الْمُؤَخَّرِ إلَّا بِدَرَاهِمَ أَوْ ذَهَبٍ قَدْرِ قِيمَتِهِ فَأَقَلَّ، وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ. الْحَطّ لَيْسَ هَذَا مِثَالًا لِمَا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا مُشَبَّهٌ بِهِ فِي جَوَازِ الصُّلْحِ نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ، أَيْ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تُصَالِحَ مَنْ غَصَبَكَ عَبْدًا وَأَبَقَ مِنْهُ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ كَقِيمَتِهِ فَأَقَلَّ. قَالَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَإِنْ غَصَبَك عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُصَالِحَهُ عَلَى عَرْضٍ مُؤَجَّلٍ، وَأَمَّا عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ كَالْقِيمَةِ فَأَقَلَّ جَازَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَيْعِ الْآبِقِ، أَيْ لِأَنَّ الْغَاصِبَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ بِمُجَرَّدِ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ فَالْمُصَالَحُ عَنْهُ قِيمَتُهُ لَا نَفْسُهُ حَتَّى يَمْنَعَ بَيْعُهُ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْآبِقِ مَمْنُوعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمُوَافَقَتِهِ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ، إذْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ كُلُّهَا تَبِعَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ (وَإِنْ) جَنَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِمُوضِحَةٍ عَمْدًا وَمُوضِحَةٍ خَطَأً مَثَلًا وَ (صَالَحَ) هـ (بِشِقْصٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ، أَيْ جُزْءٍ مِنْ عَقَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ (عَنْ مُوضِحَتَيْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 176 عَمْدٍ وَخَطَأٍ، فَالشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ، وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] وَالْفَوْقِيَّةِ مُثَنَّى مُوضِحَةٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، أَيْ جُرْحٌ أَظْهَرَ الْعَظْمَ بِإِزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنْ جِلْدٍ وَلَحْمٍ نَشَأَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ فِعْلٍ (عَمْدٍ وَ) الْأُخْرَى عَنْ فِعْلٍ (خَطَإٍ) وَأَرَادَ شَرِيكُ الْجَانِي أَخْذَ الشِّقْصِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُوضِحَةَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ لَهَا إنَّمَا فِيهَا الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ كَسَائِرِ جِنَايَاتِ الْعَمْدِ، وَدِيَةُ مُوضِحَةِ الْخَطَإِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ النَّفْسِ. (فَالشُّفْعَةُ) فِي الشِّقْصِ لِشَرِيكِ الْجَانِي (بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ) الْخَطَإِ، أَيْ يَدْفَعُ الشَّفِيعُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِ الشِّقْصِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَنْ مُوضِحَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا مَالٌ مُقَدَّرٌ، وَيَدْفَعُ لَهُ أَيْضًا دِيَةَ مُوضِحَةِ الْخَطَإِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِهِ الْمُصَالَحِ بِهِ عَنْ مُوضِحَةِ الْخَطَإِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَاعِدَتَهُ إذَا أَخَذَ الشِّقْصَ فِي مُقَابَلَةِ مَعْلُومٍ كَدِيَةِ الْخَطَإِ، وَمَجْهُولٍ كَجُرْحِ الْعَمْدِ أَنْ يُوَزَّعَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلْمَعْلُومِ وَنِصْفٌ لِلْمَجْهُولِ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الصُّلْحِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ جَمِيعِ الشِّقْصِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ مُتَّفِقَيْنِ كَمُوضِحَتَيْنِ فِي قِسْمَةِ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا (إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ) كَقَتْلِ نَفْسٍ خَطَأً وَقَطْعِ يَدٍ عَمْدًا أَوْ عَكْسِهِ صَالَحَ عَنْهُمَا بِشِقْصٍ مِنْ مُشْتَرَكٍ وَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (أَوْ) إنْ اخْتَلَفَ الْجُرْحُ يُقَسَّمُ الشِّقْصُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ دَيْنَيْهِمَا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ ثُلُثَهُ الْمُصَالَحَ بِهِ عَنْ دِيَةِ الْيَدِ، وَثُلُثَيْ قِيمَةِ الشِّقْصِ الْمُصَالَحَ بِهِمَا عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ لِأَنَّ دِيَةَ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ خَطَأً خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَدِيَةَ النَّفْسِ لَوْ كَانَتْ خَطَأً أَلْفُ دِينَارٍ وَمَجْمُوعُهُمَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ نِسْبَةُ الْأَلْفِ لَهُ ثُلُثَانِ وَالْخَمْسُمِائَةِ ثُلُثٌ، وَعَلَى هَذَا قِسْ صُورَةَ الْأَصْلِ فَيَأْخُذُ بِدِيَةِ النَّفْسِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَبِثُلُثِ دِيَةِ الشِّقْصِ، وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْقُرَوِيِّينَ (تَأْوِيلَانِ) وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 177 بَابٌ) شَرْطُ الْحَوَالَةِ: رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ   [منح الجليل] بَابٌ) (فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) (شَرْطُ) صِحَّةِ (الْحَوَالَةِ) عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ التَّحَوُّلِ مِنْ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ، لِأَنَّ الطَّالِبَ تَحَوَّلَ مِنْ طَلَبِ غَرِيمِهِ إلَى طَلَبِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْحَوَالَةُ طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةٍ بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى وَلَا تَرِدُ الْمُقَاصَّةُ إذْ لَيْسَتْ طَرْحًا بِمِثْلِهِ فِي أُخْرَى لِامْتِنَاعِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِذِمَّةِ مَنْ هُوَ لَهُ اهـ. الْحَطّ وَلَا يَشْمَلُ حَوَالَةَ مَنْ تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ أَوْ وَهَبَهُ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ إذْ لَا يُطْلَقُ لَفْظُ الدَّيْنِ عَلَى الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عُرْفًا، وَهِيَ حَوَالَةٌ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي. طفي الطَّرْحُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْحَوَالَةِ لَا نَفْسِهَا وَقَدْ جَعَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ مِنْ أَحْكَامِهَا فَقَالَ أَمَّا حُكْمُهَا فَبَرَاءَةُ الْمُحِيلِ مِنْ دَيْنِ الْمُحَالِ وَتَحْوِيلُ الْحَقِّ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَبَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ. اهـ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَيَتَحَوَّلُ إلَخْ اهـ. الْبُنَانِيُّ الطَّرْحُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِعْلُ الْفَاعِلِ، أَيْ طَرْحُ الْمُحَالِ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ فَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَلَيْسَ هُوَ الْبَرَاءَةُ فِي كَلَامِ الْجَوَاهِرِ، بَلْ هِيَ مُفَرَّعَةٌ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ الْأَكْثَرُ أَنَّهَا رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ بِالْعَيْنِ غَيْرَ يَدٍ بِيَدٍ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ الْبَاجِيَّ لَيْسَتْ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِنَفْسِ الْإِحَالَةِ، فَهِيَ مِنْ بَابِ النَّقْدِ. عِيَاضٌ فِي حَمْلِ الْحَوَالَةِ عَلَى النَّدْبِ أَوْ الْإِبَاحَةِ قَوْلًا الْأَكْثَرُ، وَبَعْضُهُمْ الْبَاجِيَّ هِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ. (رِضَا) الشَّخْصِ (الْمُحِيلِ وَ) رِضَا الشَّخْصِ (الْمُحَالِ) ابْنُ عَرَفَةَ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ أَنَّهُمَا مِنْ شُرُوطِهَا، وَلَمْ يَعُدَّهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْهَا وَهُوَ أَحْسَنُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا جُزْآنِ كُلَّمَا وُجِدَا وُجِدَتْ اهـ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا جُزْآنِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 178 فَقَطْ؛   [منح الجليل] كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ تَعَلُّقِهَا عَلَيْهِمَا وَوُجُودِهَا عَلَيْهِمَا، وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي اشْتِرَاطِ رِضَا الْمُحَالِ، وَإِنَّمَا أَرْكَانُهَا الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ وَالْمُحَالُ بِهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ كُلَّمَا وُجِدَ أَوْ وُجِدَتْ مَمْنُوعٌ فَقَدْ يُوجَدَانِ وَلَا تُوجَدُ إذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهَا. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَحَالَك عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُ دَيْنٌ فَلَيْسَتْ حَوَالَةً وَهِيَ حَمَالَةٌ اهـ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ نَصَّ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ عَلَى أَنَّ حَدَّهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا شَرْطَانِ لَا جُزْآنِ إذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِّ. طفي ابْنُ رَاشِدٍ اشْتَرَطُوا رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لِأَنَّهَا بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَلِذَا قَالَ عِيَاضٌ هِيَ عِنْدَ أَكْثَرِ شُيُوخِنَا مُبَايَعَةٌ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي حَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ، وَحَيْثُ كَانَتْ مُبَايَعَةً فَالرِّضَا شَرْطٌ فِيهَا كَمَا فِيهِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ كُلَّمَا وُجِدَا وُجِدَتْ غَيْرُ مُسْلِمٍ كَتَخَلُّفِ الصِّيغَةِ كَالْبَيْعِ قَدْ يُوجِدُ الرِّضَا، وَتَتَخَلَّفُ صِيغَتُهُ وَإِنَّمَا أَرْكَانُهَا الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ بِهِ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ كَالْبَيْعِ رُكْنُهُ الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِمَا وَالصِّيغَةُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الرُّكْنَ لَا تُتَعَقَّلُ الْمَاهِيَّةُ بِدُونِهِ وَالْحَوَالَةُ لَا يَتَوَقَّفُ تَعَقُّلُهَا عَلَى الرِّضَا. وَأَمَّا رَدُّ " ح " عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ قَدْ يُوجَدَانِ وَلَا تُوجَدُ لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهَا فَغَيْرُ وَارِدٍ، إذْ شَأْنُ الْمَاهِيَّةِ بُطْلَانُهَا عِنْدَ تَخَلُّفِ شَرْطِهَا وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَجْزَاؤُهَا وَمُرَادُهُمْ بِوُجُودِهَا عِنْدَ وُجُودِ أَجْزَائِهَا وُجُودُهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَخَلُّفِ الشَّرْطِ (فَقَطْ) أَيْ لَا رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ شَرْطًا عَلَى الْمَشْهُورِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَيُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَدَاوَةِ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الْمَازِرِيُّ وَإِنَّمَا يَعْرِضُ الْإِشْكَالُ إذَا اسْتَدَانَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ دَيْنًا ثُمَّ حَدَثَتْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ بَعْدَ الِاسْتِدَانَةِ هَلْ يُمْنَعُ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ مِنْ اقْتِضَائِهِ لِئَلَّا يُبَالِغَ فِيهِ وَيُؤْذِيَهُ فَيُؤْمَرُ بِتَوْكِيلِ غَيْرِهِ أَوْ لَا يُمْنَعُ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ، تَرَدَّدَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِي هَذَا وَإِشَارَتُهُ تَقْتَضِي الْمَيْلَ إلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْ اقْتِضَائِهِ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ لَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَدُوًّا لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ اُشْتُرِطَ رِضَاهُ. وَاخْتُلِفَ عَلَى هَذَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ هَلْ يَجِبُ التَّوْكِيلُ أَوْ لَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 179 وَثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ   [منح الجليل] عَلَى شَخْصٍ وَتَجَدَّدَتْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارُهُ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَلِلْمُوَثِّقِينَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَيْضًا الْقَوْلَانِ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إجَازَةُ الْحَوَالَةِ مَعَ الْجَهْلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَ الشُّيُوخِ هَلْ هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَيَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْبُيُوعِ أَوْ هِيَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ. وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ وَلَا حُضُورُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ وَقَعَتْ فُسِخَتْ حَتَّى يَحْضُرَ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ لِلْغَائِبِ مِنْ ذَلِكَ بَرَاءَةٌ. وَفِي الْمُشْتَمَلِ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ إلَّا عَلَى حَاضِرٍ مُقِرٍّ. اهـ. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اقْتَصَرَ الْوَقَارُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ أَحَدٌ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَائِبٍ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا فِي مَالِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَالَ بِهِ عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ بِخِلَافِ الْحَيِّ الْحَاضِرِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ فَاتَتْ، وَذِمَّةَ الْحَيِّ مَوْجُودَةٌ. اهـ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ دَارِهِ أَوْ عَبْدَهُ بِدَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ مُقِرٍّ حَاضِرٍ مَلِيءٍ وَتُحِيلُهُ عَلَيْهِ إنْ شَرَعْت فِي السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ. أَبُو الْحَسَنِ شَرَطَ هُنَا كَوْنَهُ حَاضِرًا مُقِرًّا وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ. الشَّيْخُ فَحَيْثُ ذَكَرَهُ يُقَيِّدُ بِهِ مَا لَمْ تَذْكُرْهُ اهـ الْمَشَذَّالِيُّ قَوْلُهُ مُقِرٌّ حَاضِرٌ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا لَمْ تَجُزْ الْحَوَالَةُ فِي الطُّرَرِ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقُرْطُبِيِّ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى غَائِبٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ فُسِخَتْ لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ لِلْغَائِبِ مِنْ ذَلِكَ بَرَاءَةٌ (وَ) شَرْطُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ (ثُبُوتُ دَيْنٍ) لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لِلْمُحَالِ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِلَّا فَهِيَ حَمَالَةٌ فِي الْأُولَى وَوَكَالَةٌ فِي الثَّانِيَةِ لَا حَوَالَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِهَا وَوُصِفَ دَيْنٌ بِ (لَازِمٍ) فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ عَلَى دَيْنٍ عَلَى صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ تُدَايِنُهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ رَقِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 180 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَإِنْ قِيلَ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِجَوَازِ حَوَالَةِ الْمُكَاتَبِ إلَّا عَلَى سَيِّدِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ الْأَسْفَلِ إذَا بُتَّ عِتْقُ الْأَعْلَى مَعَ أَنَّ مَا عَلَى الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ غَيْرُ لَازِمٍ. فَالْجَوَابُ أَنَّهُ بِتَعْجِيلِ الْعِتْقِ صَارَ دَيْنًا لَازِمًا بِالنَّظَرِ إلَى الْمُحِيلِ، وَاغْتُفِرَ عَدَمُ لُزُومِهِ بِالنَّظَرِ إلَى الْأَسْفَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَسَيِّدِهِ، وَلِذَا امْتَنَعَ أَنْ يُحَالَ أَجْنَبِيٌّ عَلَى الْأَسْفَلِ قَبْلَ أَنْ يُبَتَّ عِتْقُهُ، وَاحْتُرِزَ بِهِ أَيْضًا عَمَّنْ صَرَفَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَأَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَيْهَا فَلَا تَصِحُّ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الصَّرْفِ، وَهُوَ يُوجِبُ فَسْخَهُ، فَالدَّرَاهِمُ لَمْ تَلْزَمْ الْمُحَالَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ تَقَرُّرُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ قَبْلَ الْحَوَالَةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَيَتَحَوَّلُ إلَخْ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا كَمَا قَدَّرْتُهُ وَهِيَ تَقْتَضِي اللُّزُومَ هُنَا. وَيُشْتَرَطُ فِي تَمَامِهَا كَوْنُ الدَّيْنِ اللَّازِمِ عَنْ عِوَضٍ مَالِيٍّ، فَمَنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ بِمَالٍ وَأَحَالَ بِهِ ذَا دَيْنٍ عَلَيْهِ فَمَاتَتْ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهَا رَجَعَ عَلَى الزَّوْجِ بِدَيْنِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَوْلُهُ دَيْنٌ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِمَا عَلَى دَيْنٍ لِلْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَاشِرٍ الْمُرَادُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ وُجُودُهُ لَا الثُّبُوتُ الْعُرْفِيُّ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَحِينَئِذٍ يَكْفِي فِي ثُبُوتِهِ تَصْدِيقُ الْمُحَالِ بِثُبُوتِهِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِالثُّبُوتِ إلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ شَرْطِ الْحُضُورِ وَالْإِقْرَارِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَتَأَمَّلْ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ قَوْلِهِ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ إلَخْ، وَقَدْ أَشَارَ فِي التَّوْضِيحِ إلَى هَذَا الْبَحْثِ عِنْدَ تَعْرِيفِ الْحَوَالَةِ. وَأَجَابَ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ، وَلُزُومِهَا لَا فِي أَصْلِ كَوْنِهَا حَوَالَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَجَابَ " ز " بَعْدُ بِمَا هُوَ غَيْرُ مُقْنِعٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثُّبُوتَ شَرْطٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُحَالُ بِعَدَمِ الدَّيْنِ وَيَرْضَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُهُ لَازِمٌ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَدْ تُوُرِّكَ " ق عَلَيْهِ فِي اشْتِرَاطِهِ قَائِلًا إنَّمَا اشْتَرَطُوا هَذَا فِي الْحَمَالَةِ. لَكِنْ فِي ضَيْح عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ حَوَالَةُ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَهُوَ يُفِيدُ شَرْطَ اللُّزُومِ وَمَا فِي " ز " مِنْ أَنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ دَيْنِ صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَا يُحَالُ بِهِ حَيْثُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 181 فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ: صَحَّ، وَهَلْ إلَّا أَنْ يُفَلَّسَ أَوْ يَمُوتَ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] كَانَ لَهُمَا، وَلَا عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ عَلَيْهِمَا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا خَارِجٌ بِشَرْطِ ثُبُوتِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ هُنَا، وَكَذَا مَنْ صَرَفَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَأَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَيْهَا لَا دَيْنَ لَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّرْفِ فَتَأَمَّلْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ الْمَنْفِيَّ إنَّمَا هُوَ لُزُومُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ) أَحَالَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَ (أَعْلَمَهُ) أَيْ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ (بِعَدَمِهِ) أَيْ الدَّيْنِ بِأَنْ قَالَهُ لَا دَيْنَ لِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلِمَ الْمُحَالُ عَدَمَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُحِيلِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، ظَاهِرُهَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُحِيلُ عِلْمَهُ وَرِضَاهُ بِهَا (وَشَرَطَ) الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحَالِ (الْبَرَاءَةَ) مِنْ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ مَعَ الْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ وَرَضِيَ الْمُحَالُ بِشَرْطِهَا (صَحَّ) عَقْدُ الْحَوَالَةِ فَلَا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ لِلْمُحَالِ تَرْكَ حَقِّهِ مَجَّانًا. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ وَشَرْطُهَا ثُبُوتُ دَيْنٍ. قُلْت نَزَلَ عِلْمُهُ بِعَدَمِهِ وَرِضَاهُ مَنْزِلَةَ ثُبُوتِهِ، لَكِنْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ فُلِّسَ اتِّفَاقًا، مَعَ أَنَّ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) لَا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ الَّذِي أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الْبَرَاءَةَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُفَلَّسَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً الْمُحَالُ عَلَيْهِ (أَوْ يَمُوتُ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلِلْمُحَالِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِشَبَهِ الْحَوَالَةِ حِينَئِذٍ بِالْحَمَالَةِ. فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَوْ فُلِّسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَجَمَعَ أَبُو عِمْرَانَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَالرِّوَايَةَ فِيمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: شَرَطَ الْبَرَاءَةَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحْرَى إنْ اشْتَرَطَ الْمُحَالُ الرُّجُوعَ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 182 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثَلَاثُ مَسَائِلُ، اشْتِرَاطُ الْمُحِيلِ الْبَرَاءَةَ، وَاشْتِرَاطُ الْمُحَالِ الرُّجُوعَ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِنْهُمَا. الثَّانِي: بَعْضُ مَشَايِخِي كَيْفَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ حَيْثُ أَعْلَمَهُ بِأَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ، وَاشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ مَعَ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ ثُبُوتِ دَيْنٍ لَازِمٍ، وَهَلْ هَذَا إلَّا تَنَاقُضٌ. وَأَجَابَ بِعَدَمِ التَّنَاقُضِ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ دَيْنٍ لَازِمٍ حَيْثُ لَمْ يُعْلِمْهُ بِعَدَمِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ، وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ الْإِعْلَامُ وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ أَفَادَهُ تت. طفي قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ. . . إلَخْ، لَوْ قَالَ فَإِنْ عَلِمَ بِعَدَمِهِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَوْلَى، إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلِمَهُ الْمُحِيلُ، وَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْمُحَالِ. وَجَعَلَ تت التَّأْوِيلَيْنِ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحَ وَالتَّوْضِيحَ، وَنَسَبُوا الْوِفَاقَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوِفَاقُ بَيْنَ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ كَمَا فِي ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا يَرْجِعُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مَعَ الْعِلْمِ وَشَرْطُهُ الْبَرَاءَةُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ لَا يَرْجِعُ مَا لَمْ يُفَلَّسْ أَوْ يَمُتْ، وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهُمَا مُحَمَّدٌ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَكَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُحِيلِ. وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ حَرِّقْ صَحِيفَتَك الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ، وَاتَّبِعْنِي بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَوَالَةٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَاتَّبَعَهُ حَتَّى فُلِّسَ الضَّامِنُ، أَوْ مَاتَ وَلَا وَفَاءَ لَهُ أَنَّ لِلطَّالِبِ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مِنْ الْحَوَالَةِ مَا أُحِيلَ بِهِ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ. ابْنُ يُونُسَ وَبِهِ أَخَذَ سَحْنُونٌ. أَبُو عِمْرَانَ جَوَابُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فَأَنْتَ تَرَى التَّوْفِيقَ، الْأَوَّلَ بَيْنَ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، بِخِلَافِ تَوْفِيقِ أَبِي عِمْرَانَ فَإِنَّهُ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ سَابِقًا، فَإِنْ أَعْلَمَهُ بِعَدَمِهِ وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ صَحَّ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 183 وَصِيغَتُهَا   [منح الجليل] أَيْ صَحَّ عَقْدُهَا حَوَالَةً لَازِمَةً وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَا يَنْقَلِبُ حَمَالَةً، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ تَصِحَّ وَتَنْقَلِبُ حَمَالَةً، قَالَ فِيهَا وَإِنْ أَحَالَك عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ قِبَلَهُ دَيْنٌ فَلَيْسَتْ حَوَالَةً وَهِيَ حَمَالَةٌ. اهـ. وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّلُ كَلَامُ بَعْضِ مَشَايِخِ تت، فَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ دَيْنٍ لَازِمٍ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْهُ، أَيْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي كَوْنِهَا حَوَالَةً وَإِلَّا انْقَلَبَتْ حَمَالَةً، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ أَيْ صِحَّتِهَا حَوَالَةً وَلَا تَنْقَلِبُ حَمَالَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ. الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَوَالَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ، لَكِنْ إنْ رَضِيَ لَزِمَهُ وَإِلَّا فَلَا وَالتَّأْوِيلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إنْ شَرَطَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ عَلَى الْحَمِيلِ أَنَّ حَقَّهُ عَلَيْهِ وَأَبْرَأَ الْغَرِيمَ، فَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّرْطَ جَائِزٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَرِيمِ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْحَمِيلُ أَوْ يُفَلَّسُ، ثُمَّ قَالَ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ حَمَلَ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّفْلِيسِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَعْنَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُفَلَّسَ، وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ يُؤَوَّلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ أَبْرَآ الْغَرِيمَ جَمِيعًا مِنْ الدَّيْنِ جُمْلَةً فَابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا سَائِغٌ مُمْكِنٌ مُحْتَمَلٌ. اهـ. فَهِيَ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ، وَعَزَا ابْنُ يُونُسَ الثَّانِي لِمُحَمَّدٍ وَالثَّالِثَ لِأَبِي عِمْرَانَ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مَعَ الْعِلْمِ، وَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمِثْلِ التَّأْوِيلِ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهُ مُحَمَّدٌ، وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّأْوِيلُ الثَّالِثُ لِأَنَّهُ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ، وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ عُلِمَ أَنَّ التَّوْفِيقَ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَوْجُودٌ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ كَمَا وُجِدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ أَشْهَبَ خِلَافًا لطفي فِي إنْكَارِهِ وُجُودَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) شَرْطُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ (صِيغَتُهَا) أَيْ الْحَوَالَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى تَرْكِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 184 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُحَالِ دَيْنَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِمِثْلِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ هَلْ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا تَكُونُ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِلَفْظِهَا، أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ كَخُذْ مِنْهُ حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك وَشَبَهُهُ وَعَلَى هَذَا أَدْرَجَ الشَّارِحُ، أَوْ يُشْتَرَطُ وَعَلَيْهِ مَشَى الْبِسَاطِيُّ، فَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ عَقْدُهَا بِلَفْظِهَا وَوَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ إنَّمَا الْحَوَالَةُ أَنْ يَقُولَ أَحَلْتُك بِحَقِّك عَلَى فُلَانٍ وَأَبْرَأَ مِنْهُ بَعْدَمَا قَالَ فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَجُلٍ، كَذَا وَأَمَرَ الْآخَرَ بِالدَّفْعِ لَيْسَ بِحَوَالَةٍ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ قَالَ خُذْ مِنْ هَذَا حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك بِحَوَالَةٍ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ تت. طفي الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ قَرَارُهُ عَلَى أَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُهَا بِلَفْظِهَا، لَكِنْ لَمَّا أَتَى الشَّارِحُ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ دَلَّ عَلَى عَدَمِ شَرْطِ لَفْظِهَا فَصَحَّ نِسْبَتُهُ لَهُ، وَقَدْ قَالَ " ح " اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ بِصِيغَتِهَا أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِهَا، وَعَلَيْهِ حَمَلَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ لَكِنَّهُ أَتَى بَعْدَهُ بِكَلَامِ الْبَيَانِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَوْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْمُحَالِ دَيْنَهُ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَيَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ. قَالَ يَحْيَى قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ طَلَبَ رَجُلًا بِحَقٍّ فَذَهَبَ بِهِ إلَى غَرِيمِهِ، وَقَالَ لَهُ خُذْ حَقَّك مِنْ هَذَا وَأَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَتَقَاضَاهُ فَقَضَاهُ بَعْضَ حَقِّهِ أَوْ لَمْ يَقْضِهِ شَيْئًا مِنْهُ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ، فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ هَذَا بِوَجْهِ الْحَوَالَةِ اللَّازِمَةِ لِمَنْ احْتَالَ بِحَقِّهِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَحْتَلْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا أَرَدْت أَنْ أَكْفِيَك التَّقَاضِي، وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَوَالَةِ اللَّازِمُ أَنْ يَقُولَ أُحِيلُك عَلَى هَذَا بِحَقِّك وَأَبْرَأُ بِذَلِكَ مِمَّا تَطْلُبُنِي وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِحَقِّهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ يُنْقَلُ بِهَا الدَّيْنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِيَقِينٍ، وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ مِنْ هَذَا حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَاسْتَظْهَرَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 185 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّ مِنْ شَرْطِهَا كَوْنَهَا بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ لِلْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ، وَنَصَّهُ الشَّيْخُ وَلِلْبَرَاءَةِ بِالْحَوَالَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ وَأَنْ تَكُونَ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَأَنْ تَكُونَ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ وَأَنْ لَا يَغُرَّ بِهَا عَلَى مَنْ عَلِمَ عُدْمَهُ. اهـ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِهَا عِنْدَهُ فَكَأَنَّهَا حَمَالَةٌ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ. وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَبْرَأُ بِلَفْظِهَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَخُذْ حَقَّك مِنْ فُلَانٍ وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ قَالَ خُذْ حَقَّك مِنْ هَذَا وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ فَلَيْسَ بِحَوَالَةٍ. اهـ. فَغَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مَا نُقِلَ لَفْظُهُ أَوَّلًا فَقَطْ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَنْتَقِلُ بِهَا الدَّيْنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِيَقِينٍ وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ أَوْ مَا يَنُوبُ مَنَابَهُ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ خُذْ مِنْ هَذَا حَقَّك وَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. اهـ. فَلَوْ وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا، وَالْعَجَبُ مِنْ تت كَيْفَ سَلَّمَهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إذَا قَالَ لَهُ اتَّبِعْ فُلَانًا بِحَقِّك فَهِيَ حَوَالَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَنْ اُتُّبِعَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ» ، قَالَ فَلَمَّا أُتِيَ بِلَفْظٍ يُشْبِهُ النَّصَّ كَانَ حَوَالَةً إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيْنِ، وَإِنَّمَا الْبَيِّنُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ قَدْ أَتْبَعْتُك عَلَى فُلَانٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ اتَّبِعْ فُلَانًا فَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمَا هَلْ الْأَمْرُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِيجَابِ أَمْ لَا، اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. اهـ. وَالْقَوْلَانِ اللَّذَانِ أَشَارَ إلَيْهِمَا هُمَا الرِّوَايَتَانِ فِي قَوْلِ الْبَائِعِ خُذْ هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا هَلْ هُوَ إيجَابٌ لِلْبَيْعِ كَقَوْلِهِ بِعْتُك أَمْ لَا، نَعَمْ فِي عِبَارَةِ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ شُرُوطِ الْحَوَالَةِ كَوْنُهَا بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَأَطْلَقَ وَنَصُّهُ وَلِلْبَرَاءَةِ بِالْحَوَالَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ كَوْنُهَا بِرِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ، وَكَوْنُهَا بِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَكَوْنُهَا عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ وَأَنْ لَا يَغِرَّ بِالْإِحَالَةِ عَلَى مَنْ عَلِمَ عَدَمَهُ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ الْحَوَالَةَ وَالْوَكَالَةَ كَقَوْلِهِ خُذْ الَّذِي لَك عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 186 وَحُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ   [منح الجليل] لِلْمُحَالِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ، وَيَقُولُ إنَّمَا طَلَبْت مِنْهُ ثِيَابَهُ عَنْك لَا عَلَى أَنَّهَا حَوَالَةٌ أَبْرَأْتُك مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) شَرْطُ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ (حُلُولُ) الدَّيْنِ (الْمُحَالِ بِهِ) عَلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا أَدَّى إلَى تَعْمِيرِ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ فَيَلْزَمُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، وَبَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِوَرِقٍ وَلَيْسَ يَدًا بِيَدٍ إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَالًّا وَيَقْبِضُهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا مِثْلُ الصَّرْفِ فَيَجُوزُ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا كَوْنُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ حَالًّا وَوَقَعَ فِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ، وَنَصُّهُ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مِثْلُ طَعَامَك مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَأَلَهُ أَنْ يُوفِيَك أَوْ أَحَالَك بِهِ وَلَمْ تَسْأَلْ أَنْتَ الْأَجْنَبِيَّ، فَذَلِكَ جَائِزٌ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ، فَأَوْرَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حِينَ إقْرَائِهِ هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ مِنْ اشْتِرَاطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ فَلَمْ يَحْضُرْهُ وَلَا غَيْرَهُ جَوَابٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ بَانَ لِي سِرُّهُ بِأَنَّ شَرْطَ الْحُلُولِ فِي الْحَوَالَةِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي هِيَ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ، وَهَذِهِ مَجَازٌ لِأَنَّهَا عَلَى غَيْرِ أَصْلِ دَيْنٍ فَهِيَ حَمَالَةٌ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 187 وَإِنْ كِتَابَةً   [منح الجليل] وَيُشْتَرَطُ حُلُولُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ إنْ كَانَ غَيْرَ دَيْنِ كِتَابَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (كِتَابَةً) أَيْ نُجُومَهَا أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِهَا عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَتَحِلُّ الْحَوَالَةُ بِهَا إنْ حَلَّتْ حَقِيقَةً بِانْقِضَاءِ شُهُورِهَا أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَجَزَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ. ابْنُ جُزَيٍّ فِي قَوَانِينِهِ الْحَوَالَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ إحَالَةُ قَطْعٍ وَإِحَالَةُ إذْنٍ، فَأَمَّا إحَالَةُ الْقَطْعِ فَلَا تَجُوزُ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ، الْأَوَّلُ: كَوْنُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ قَدْ حَلَّ. الثَّانِي: كَوْنُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ مُسَاوِيًا لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الصِّفَةِ وَالْمِقْدَارِ، الثَّالِثُ: كَوْنُ الدَّيْنَيْنِ لَيْسَا مَعًا وَلَا أَحَدُهُمَا طَعَامًا مِنْ سَلَمٍ. وَأَمَّا إحَالَةُ الْإِذْنِ فَهِيَ كَالتَّوْكِيلِ عَلَى الْقَبْضِ وَالْإِقْطَاعِ، فَيَجُوزُ بِمَا حَلَّ بِهَا وَلَمْ يَحِلَّ وَلَا تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْمُحِيلِ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُحَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَالَهُ، وَيَجُوزُ لِلْمُحِيلِ عَزْلُ الْمُحَالِ فِي الْإِذْنِ عَنْ الْقَبْضِ وَلَا يَعْزِلُهُ فِي إحَالَةِ الْقَطْعِ. طفي اشْتِرَاطُ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ حَيْثُ تَئُولُ إذَا لَمْ يُحِلْ لِمَمْنُوعٍ وَإِلَّا جَازَتْ. ابْنُ رُشْدٍ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهَا كَوْنُ دَيْنِ الْمُحَالِ حَالًّا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَالًّا كَانَتْ بَيْعَ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ فَدَخَلَهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ إلَّا يَدًا بِيَدٍ إنْ كَانَ الدِّينَانِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الَّذِي يَنْتَقِلُ إلَيْهِ حَالًّا وَيَقْبِضُ ذَلِكَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا مِثْلُ الصَّرْفِ فَيَجُوزُ. عِيَاضٌ شُرُوطُ الْحَوَالَةِ الَّتِي تَجُوزُ بِهَا وَلَا تَصِحُّ بِدُونِهَا أَرْبَعَةٌ، أَوَّلُهَا: حُلُولُ الدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فَلَا تَصِحُّ إذَا لَمْ يُحِلْ وَصَارَتْ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ حَقِيقَةً، وَمُرَادُ الْأَئِمَّةِ بِهَذَا أَنَّهَا مِنْ أَصْلِهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا حَلَّ الْمُحَالُ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مَحَلُّ الرُّخْصَةِ. عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتَّبِعْ» حُجَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْحَوَالَةُ إلَّا مِنْ دَيْنٍ حَلَّ لِأَنَّ الْمَطْلَ وَالظُّلْمَ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا حَلَّ. وَفِي التَّوْضِيحِ الْحَوَالَةُ رُخْصَةٌ فَيُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَوْرِدِهَا يَعْنِي بِهِ حُلُولَ الْمُحَالِ بِهِ اسْتِقْرَاءُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» . . . الْحَدِيثَ. فَإِنْ خَرَجَتْ عَنْ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ فَأَجْرِهَا عَلَى الْقَوَاعِدِ، فَإِنْ أَدَّتْ إلَى مَمْنُوعٍ مُنِعَتْ وَإِلَّا جَازَتْ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَطْلَقَ الْمَنْعَ مَنْ أَطْلَقَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 188 لَا عَلَيْهِ   [منح الجليل] إذَا لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا ذِمَّةٌ بِذِمَّةٍ، وَتَعْجِيلُ الْحَقِّ يُخْرِجُهَا عَنْ أَصْلِهَا، وَعَلَى التَّعْجِيلِ يُحْمَلُ قَوْلُهَا فِي السَّلَمِ الثَّانِي وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مِثْلَ طَعَامِك مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَأَلَهُ أَنْ يُوَفِّيَك أَوْ أَحَالَك بِهِ وَلَمْ تَسْأَلْ أَنْتَ الْأَجْنَبِيَّ ذَلِكَ جَازَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَبَعْدَهُ، وَبِهِ تَعْلَمُ جَوَابَ مَا أَوْرَدَهُ بَعْضُ أَهْلِ دَرْسٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَيْهِ حِينَ إقْرَائِهِ هَذَا الْمَحَلَّ أَنَّ كَلَامَهَا هَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ مِنْ اشْتِرَاطِ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ فَلَمْ يَحْضُرْهُ وَلَا غَيْرَهُ جَوَابٌ. وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ لِي سِرَّهُ بِأَنَّ شَرْطَ الْحُلُولِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ، وَهَذِهِ مَجَازٌ بِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ فَهِيَ حَمَالَةٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ بِاسْتِقْرَاضِهِ، إذْ الْقَرْضُ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ فَهُوَ دَيْنٌ حَقِيقَةً (لَا) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ حُلُولُ دَيْنِ الْمُحَالِ (عَلَيْهِ) كَانَ كِتَابَةً أَوْ غَيْرَهَا نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ كَوْنُ الْمُحَالِ هُوَ السَّيِّدُ بِأَنْ يُحِيلَهُ مُكَاتَبُهُ بِمَا حَلَّ حَلَّ عَلَيْهِ عَلَى كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ لِلْمُكَاتِبِ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحِيلَ السَّيِّدُ أَجْنَبِيًّا لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَى مُكَاتَبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ التُّونُسِيُّ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَعَزَى ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْقَاسِمِ اشْتِرَاطَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهَا السَّيِّدُ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمَا مَا حَكَيَاهُ مِنْ شَرْطِ حُلُولِهَا بِأَنَّ الْكِتَابَةَ الْمُحَالَ عَلَيْهَا لَمْ يَشْتَرِطْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا غَيْرُهُ حُلُولَهَا وَلَمْ يُعْرَفْ مَنْ قَالَ بِهِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَحَالَك مُكَاتَبُك بِالْكِتَابَةِ عَلَى مُكَاتَبٍ لَهُ وَلَهُ عَلَيْهِ مِقْدَارُ مَا عَلَى الْأَعْلَى فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُبَتَّ عِتْقُ الْأَعْلَى وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ كِتَابَةُ الْأَعْلَى جَازَتْ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ عَجَزَ الْأَسْفَلُ رَقَّ لَك وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمُكَاتِبِ الْأَعْلَى بِشَيْءٍ، لِأَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْبَيْعِ وَقَدْ تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمُحَالِ السَّيِّدَ لَا أَجْنَبِيًّا. التُّونُسِيُّ وَالْمُكَاتَبُ جَائِزٌ لَهُ أَنْ يُحِيلَ سَيِّدَهُ بِمَا حَلَّ مِنْ كِتَابَتِهِ عَلَى مَا لَمْ يَحِلَّ وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ، وَهِيَ لَوْ حَلَّتْ لَمْ تَجُزْ لِلْحَوَالَةِ عَلَيْهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنَّمَا أُجِيزَتْ فِي الْأَجْنَبِيِّ إذَا أُحِيلَ عَلَى مِثْلِ الدَّيْنِ، وَهَا هُنَا قَدْ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَتَصِيرُ الْحَوَالَةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 189 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ لِأَجْنَبِيٍّ فَأَحَالَهُ بِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَلَا تَجُوزُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ فَتَصِيرُ الْحَوَالَةُ قَدْ خَالَفَتْ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْهَا، وَهُوَ كَوْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمُحَالِ بِهِ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَجَزْتُمْ بَيْعَ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ كِتَابَتَهُ تَارَةً وَرَقَبَتَهُ أُخْرَى، قِيلَ أَصْلُ الْحَوَالَةِ رُخْصَةٌ لِأَنَّهَا دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَلَا يَتَعَدَّى بِهَا مَا خَفَّفَ مِنْهَا اهـ، كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَلَخَصَّهُ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِهِ وَحُلُولُ مُحَالٍ بِهِ، ثُمَّ قَالَ لَا مُحَالٍ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُحِيلَ سَيِّدَهُ لَا أَجْنَبِيًّا بِمَا حَلَّ مِنْ كِتَابَتِهِ عَلَى نُجُومِ مُكَاتَبِهِ، وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ. الْبُنَانِيُّ وَفِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا الْكِتَابَةُ الْمُحَالُ بِهَا فَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ حُلُولَهَا، قَالَ وَإِلَّا فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَعْتِقَ مَكَانَهُ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ لَيْسَ دَيْنًا ثَابِتًا، فَقَدْ اشْتَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُلُولَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُحَالِ بِهِ الْحُلُولُ، وَرَأَى غَيْرُهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا، وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ وَابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا، وَحَكَى عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ شُيُوخِهِ أَنَّهُ إنَّمَا اخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إذَا سَكَتَا عَنْ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ، وَعَنْ شَرْطِ بَقَائِهِ مُكَاتَبًا فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نَفْسَخُ مَا لَمْ تَفُتْ بِالْأَدَاءِ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ يُحْكَمُ بِتَعْجِيلِ الْعِتْقِ. وَأَمَّا إنْ أَحَالَهُ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَلَمْ يَخْتَلِفَا فِي جَوَازِهَا بِشَرْطِ عَدَمِهِ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي مَنْعهَا، ابْنُ عَرَفَةَ لَا تَجُوزُ حَمَالَةٌ بِكِتَابَةٍ وَتَجُوزُ الْحَوَالَةُ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ، وَفِي شَرْطِهَا بِحُلُولِهَا قَوْلًا ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِيهَا وَصَوَّبَهُ سَحْنُونٌ وَالصَّقَلِّيُّ وَاللَّخْمِيُّ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ إنْ لَمْ تَحِلَّ الْكِتَابَةُ وَأَحَالَ عَلَيْهَا سَيِّدَهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ عِتْقِهِ أَوْ بِشَرْطِ عَدَمِهِ لَمْ يَخْتَلِفَا فِيهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُفْسَخُ، يُرِيدُ مَا لَمْ تَفُتْ بِالْأَدَاءِ وَغَيْرُهُ يَحْكُمُ بِتَعْجِيلِ الْعِتْقِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ اطَّلَعْت عَلَى تَمَامِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَوَجَدْته نَصَّ عَلَى أَنَّ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ فِي إحَالَةِ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ عَلَى دَيْنٍ لَهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ. وَأَمَّا إذَا أَحَالَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ عِتْقِ الْأَعْلَى حَلَّتْ كِتَابَتُهُ أَوْ لَا، وَنَصُّهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَفِيهَا إنْ أَحَالَك مُكَاتَبُك بِكِتَابَتِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِقَدْرِهَا لَمْ تَجُزْ إلَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 190 وَتَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ قَدْرًا وَصِفَةً، وَفِي تَحَوُّلِهِ عَلَى الْأَدْنَى: تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] بِبَتِّ عِتْقِ الْأَعْلَى، فَإِنْ عَجَزَ الْأَسْفَلُ رَقَّ لَك. الصِّقِلِّيُّ يُرِيدُ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ كِتَابَةُ الْأَعْلَى لِشَرْطِهِ تَعْجِيلَ عِتْقِهِ. الْمَازِرِيُّ قَالُوا لَا مَعْنَى لِشَرْطِ تَعْجِيلِ عِتْقِهِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُهُ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْقِيَاسُ أَنَّ لَفْظَ الْحَوَالَةِ يُوجِبُ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ لِلِاعْتِذَارِ عَنْ شَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ بِمَا تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْحَوَالَةَ إنَّمَا أَوْجَبَتْ بَرَاءَةَ الْمُحِيلِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَلَى مُحَقَّقٍ ثُبُوتُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِاحْتِمَالِ عَجْزِ الْأَسْفَلِ فَلَا يَحْصُلُ نَفْسُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَضَعْفُ إيجَابِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ الْبَرَاءَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْعِتْقِ فَافْتَقَرَ إلَى شَرْطِهَا بِالْعِتْقِ (وَ) شَرْطُ الْحَوَالَةِ (تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ) الْمُحَالِ بِهِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَدْرًا) بِأَنْ يُحِيلَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَلَى مِثْلِهَا لَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا وَلَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلَيْسَ الْمُرَادُ تَسَاوِي مَا عَلَى الْمُحِيلِ لِمَا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ حَتَّى تَمْتَنِعَ الْإِحَالَةُ بِخَمْسَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى الْمُحِيلِ عَلَى خَمْسَةٍ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، أَوْ بِخَمْسَةٍ عَلَى الْمُحِيلِ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ لَهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا تُوهَمُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَسَاوِي مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ بِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَا أَكْثَرَ. (وَ) تُسَاوِيهِمَا (صِفَةً) بِأَنْ يَكُونَا مُحَمَّدِيَّيْنِ أَوْ يَزِيدِيَّيْنِ فَلَا يُحَالُ بِيَزِيدِيٍّ عَلَى مُحَمَّدِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ زَادَ الشَّارِحُ تَسَاوِيهِمَا جِنْسًا كَذَهَبَيْنِ أَوْ فِضَّتَيْنِ فَلَا يُحَالُ بِذَهَبٍ عَلَى فِضَّةٍ وَلَا عَكْسُهُ الْبِسَاطِيُّ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا بِتَسَاوِيهِمَا صِفَةً، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَسَاوِي الصِّفَةِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ كَدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ مُحَمَّدِيَّتَيْنِ أَوْ يَزِيدِيَّتَيْنِ (وَفِي) جَوَازِ (تَحَوُّلِهِ) بِالْأَعْلَى صِفَةً (عَلَى الْأَدْنَى) صِفَةً بِالْأَكْثَرِ قَدْرًا عَلَى الْأَقَلِّ قَدْرًا وَمَنْعِهِ (تَرَدُّدٌ) وَعُلِّلَ الْجَوَازُ بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَالْمَنْعُ بِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْأَشْيَاخَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَرَدَّدُوا فِي جَوَازِ تَحَوُّلِهِ مِنْ الدَّيْنِ الْأَعْلَى إلَى أَدْنَى مِنْهُ يُرِيدُ أَوْ مِنْ الْكَثِيرِ إلَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَأَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى الْجَوَازِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ التَّرَدُّدَ جَارٍ فِي التَّحَوُّلِ مِنْ الْكَثِيرِ إلَى الْقَلِيلِ، بَلْ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ ذَلِكَ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُقَدِّمَاتِ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ شَرَطَ فِيهَا تَمَاثُلَهُمَا فِي الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ وَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 191 وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ:   [منح الجليل] أَدْنَى وَلَا أَفْضَلَ اهـ. قُلْت هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِجُمْلَةِ الْكَثِيرِ عَلَى الْقَلِيلِ كَأَحَلْتُكَ بِالْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ عَلَى فُلَانٍ بِعَشَرَةٍ لِي عِنْدَهُ. أَمَّا إنْ قَالَ لَهُ أَسْقَطْت عَنْك تِسْعِينَ مِنْ الْمِائَةِ وَأَحَلْتُك بِالْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ عَلَى عَشَرَةٍ لِي عَلَى فُلَانٍ فَالظَّاهِرُ فِيهِ التَّرَدُّدُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فِي التَّوْضِيحِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ جَوَازِ التَّحَوُّلِ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى مُوَافِقٌ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ شَاسٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَقْوَى فِي الْمَعْرُوفِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا التَّحَوُّلُ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ فَيَجُوزُ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى مَوْضِعَ عَلَى عَنْ، فَهِيَ بِمَعْنَى عَلَى، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهَا بِمَعْنَاهَا لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى، وَهَذِهِ لَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ يُشْتَرَطُ تَمَاثُلُ صِنْفِ الدَّيْنَيْنِ، وَفِي شَرْطِ تَسَاوِيهِمَا فِي الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ مُطْلَقًا وَجَوَازِ كَوْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَقَلُّ أَوْ أَدْنَى. قَوْلُ الْمُقَدِّمَاتِ شَرْطُهَا تَمَاثُلُهُمَا فِي الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ وَلَا أَدْنَى وَلَا أَفْضَلَ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ مَعَ الْمَازِرِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ، وَقَالَ شُرُوطُهَا سِتٌّ كَوْنُهَا عَلَى دَيْنٍ، وَاتِّحَادُ جِنْسِ الدَّيْنَيْنِ، وَاتِّحَادُ قَدْرِهِمَا وَصِفَتِهِمَا أَوْ كَوْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَقَلَّ أَوْ أَدْنَى اهـ. (تَنْبِيهٌ) فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ حَكَمَ بِالْمَنْعِ فِي هَذَا الْفَصْلِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقَعْ التَّقَابُضُ فِي الْحَالِ فَإِنْ قَبَضَهُ فِيهِ جَازَ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا اخْتَلَفَ الدَّيْنَانِ فِي الصِّنْفِ أَوْ الْجَوْدَةِ وَهُمَا طَعَامٌ أَوْ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَإِنْ حَلَّا مُحَمَّدٌ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا فَتَجُوزُ إلَّا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقْبِضَهُ إلَّا صَاحِبُهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ وَرِقًا فَلَا يُحِيلُهُ بِهِ، وَإِنْ حَلَّا إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ مَكَانَهُ قَبْلَ افْتِرَاقِ الثَّلَاثَةِ وَطُولَ الْمَجْلِسِ. (وَ) شَرْطُهَا (أَنْ لَا يَكُونَا) أَيْ الدَّيْنَانِ الْمُحَالُ بِهِ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ (طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ) فَلَا يَدْخُلُهَا بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَأَفْرَدَ طَعَامًا وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ مُثَنَّى لِكَوْنِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 192 لَا كَشْفُهُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَوْ جَحَدَ،   [منح الجليل] اسْمَ جِنْسٍ صَادِقًا عَلَى الْكَثِيرِ أَيْضًا، كَمَاءٍ وَثَنَّاهُ فِي السَّلَمِ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَشَمِلَ مَنْطُوقُهُ صُورَتَيْنِ كَوْنَهُمَا مِنْ قَرْضٍ، وَيَكْفِي فِي هَذِهِ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ، وَكَوْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرِ مِنْ قَرْضٍ، وَيَكْفِي فِي هَذِهِ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ، وَكَوْنِ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرِ مِنْ قَرْضٍ، وَيَكْفِي فِي هَذِهِ حُلُولُ الْمُحَالِ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ فَاشْتَرَطَ حُلُولَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ وَقَوْلُهُمْ أَصْوَبُ فَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ. ابْنُ عَاشِرٍ عِلَّةُ الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي كَوْنِ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ فَمَا مَعْنَى جَوَازِهَا فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ وَجْهُهُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَرْضِ بِطَعَامِ الْبَيْعِ جَائِزٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَضَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ قُلْت هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْمُحَالُ بِهِ مِنْ قَرْضٍ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعٍ لَا فِي عَكْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (لَا) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ (كَشْفُهُ) أَيْ الْمُحَالِ (عَنْ) حَالِ (ذِمَّةِ) الشَّخْصِ (الْمُحَالِ عَلَيْهِ) مِنْ غِنًى وَفَقْرٍ وَاشْتِغَالٍ بِدَيْنٍ آخَرَ غَيْرِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ، فَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ مَعَ عَدَمِ الْكَشْفِ عَنْهَا، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إجَازَةُ الْحَوَالَةِ مَعَ الْجَهْلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَذْهَبُ، وَنَصُّهُ أَجَازَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْحَوَالَةَ مَعَ الْجَهْلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَدْرِي أَمُوسِرٌ هُوَ أَوْ مُعْسِرٌ الْمَازِرِيُّ شَرْطُ بَيْعِ الدَّيْنِ عِلْمُ حَالِ ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَإِلَّا كَانَ غَرَرًا بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْغُرُورُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ (وَيَتَحَوَّلُ) بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ (حَقُّ) الشَّخْصِ (الْمُحَالِ عَلَى) الشَّخْصِ (الْمُحَالِ عَلَيْهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُفْلِسًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ قَدْ (أَفْلَسَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ حِينَ الْحَوَالَةِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَأَوْلَى إنْ طَرَأَ فَلَهُ بَعْدَهَا إنْ اسْتَمَرَّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ، بَلْ (أَوْ) أَيْ وَإِنْ (جَحَدَ) الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ لِلْمُحِيلِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ لَا قَبْلَهَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ بِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 193 إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ فَقَطْ   [منح الجليل] لِعَدَمِ ثُبُوتِ دَيْنٍ عَلَيْهِ، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ وَاوِ وَيَتَحَوَّلُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُحِيلُ بِإِفْلَاسِهِ) أَيْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُحَالِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فِيهَا وَإِذَا أَحَالَك غَرِيمُك عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَرَضِيت بِاتِّبَاعِهِ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي غَيْبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عُدْمِهِ. أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحَالُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ أَوْ مَاتَ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُغِيرَةِ ابْنِ نَاجِي، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لَمْ أَعْرِفْ فِيهِ خِلَافًا. وَفِي التَّوْضِيحِ مَسْأَلَةُ الْفَلَسِ صَحِيحَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَيَّدَهَا الْمُغِيرَةُ فَقَالَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحَالُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَهُ شَرْطُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ حُدُوثُ فَلَسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَغْوٌ لَا يُوجِبُ نَقْضَهَا، وَسَمِعَ سَحْنُونٌ الْمُغِيرَةَ إنْ شَرَطَ الْمُحَالُ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ لَمْ أَعْرِفْ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِعَقْدِ الْحَوَالَةِ، وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ فِي الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْعَقْدِ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ، وَفِي بَعْضِهَا يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ كَالْبَيْعِ عَلَى أَنْ لَا جَائِحَةَ. ابْنُ سَلْمُونٍ إنْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحَالَةِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُحَالُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْحَوَالَةُ، فَإِنْ انْعَقَدَ فِي الْوَثِيقَةِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُحَالِ بِمُلَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَمَوْضِعِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِوَجْهٍ وَإِنْ كَانَ إفْلَاسُهُ بَعْدَ الْإِحَالَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُحَالِ. الْحَطّ إذَا عَلِمَا جَمِيعًا بِفَلَسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَحْرَى إذَا عَلِمَهُ الْمُحَالُ وَحْدَهُ، فَإِنْ جَهِلَا فَلَسَهُ جَمِيعًا فَاَلَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمُوَضِّحُ وَغَيْرُهُمَا، بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ فَلَسَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَيْبًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، عَلِمَ الْمُحِيلُ بِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 194 وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ، إنْ ظُنَّ بِهِ الْعِلْمَ فَلَوْ أَحَالَ بَائِعٌ عَلَى مُشْتَرٍ بِالثَّمَنِ، ثُمَّ رَدَّ بِعَيْبٍ أَوْ اسْتَحَقَّ وَلَمْ تَنْفَسِخْ، وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ   [منح الجليل] عَيْبٌ مَعَ عِلْمِ الْمُحِيلِ لِغُرُورِهِ، وَأَجَابَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ مَعْرُوفٌ فَسَهُلَ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يَغِرَّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ السَّابِقُ بِهَذَا (وَ) إنْ ادَّعَى الْمُحَالُ عِلْمَ الْمُحِيلِ بِفَلَسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَهُ الْمُحِيلُ (حَلَفَ) الْمُحِيلُ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الْعِلْمِ (إنْ ظُنَّ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (بِهِ) أَيْ الْمُحِيلِ (الْعِلْمُ) أَيْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ، وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْمُحَالُ بِهِ هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ. وَالظَّاهِرُ مِثْلُهُ فِي دَعْوَى الْمُحِيلِ عِلْمَ الْمُحَالِ فَلَسَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَيَتَحَوَّلُ إلَخْ فَقَالَ (فَلَوْ أَحَالَ) شَخْصٌ (بَائِعٌ) شَيْئًا مَعْلُومًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ (عَلَى مُشْتَرٍ) ذَلِكَ الشَّيْءَ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ (ثُمَّ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُحِيلِ بِثَمَنِهِ (بِ) سَبَبِ (عَيْبٍ) قَدِيمٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ بِسَبَبِ فَسَادِ الْبَيْعِ أَوْ بِسَبَبِ إقَالَةٍ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْمَبِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْحَوَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي دَفْعُ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِعِوَضِهِ عَلَى بَائِعِهِ الْمُحِيلِ (وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ) أَيْ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَهُوَ الِانْفِسَاخُ. الْحَطّ وَتَنْفَسِخُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ الْأَئِمَّةُ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ فَقَوْلُهُ وَاخْتِيرَ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ لِأَنَّ مَادَّةَ الِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيُّ وَصِيغَةَ الْفِعْلِ لِاخْتِيَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارٌ هُنَا، وَالْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَنْصُوصٌ وَالْمُخْتَارُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَغَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) هَذَا الْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِظَنِّ الْبَائِعِ أَنَّهُ مَلَكَ مَا بَاعَهُ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً لِرَجُلٍ ثُمَّ بَيْعِهَا لِآخَرَ وَإِحَالَتِهِ عَلَيْهِ بِثَمَنِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 195 وَالْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ، إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ نَفْيُ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ، لَا فِي دَعْوَاهُ وَكَالَةً أَوْ سَلَفًا.   [منح الجليل] قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَابْنِ سَلْمُونٍ، وَنَصُّهُ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ بَاعَ حِصَّةً مِنْ كَرْمٍ وَأَحَالَ عَلَيْهِ بِثَمَنِهَا فَأَثْبَتَ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْتَاعَ الْحِصَّةَ مِنْ الْمُحِيلِ قَبْلَ بَيْعِهَا لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ وَاسْتَحَقَّ الْحِصَّةَ وَفُسِخَ الْبَيْعُ فَقَالَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْت فَتُنْتَقَضُ الْإِحَالَةُ وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ بِدَيْنِهِ عَلَى الَّذِي أَحَالَهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ قِبَلَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِسُقُوطِ الثَّمَنِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عِنْدِي مِنْ الِاخْتِلَافِ لِكَوْنِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْمُحِيلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ كُنْتُ سُئِلْتُ عَنْهَا مِنْ مُدَّةٍ فَأَجَبْت فِيهَا بِمِثْلٍ هَذَا الْجَوَابِ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ خَالَفَهُ فِي اللَّفْظِ (وَ) إنْ ادَّعَى الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ أَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَادَّعَى الْمُحِيلُ أَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ فَلَسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ فَ (الْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ) بِيَمِينٍ (إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ (نَفْيَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، أَيْ عَدَمَ (الدَّيْنِ لِ) الْمُحِيلِ عِنْدَ (الْمُحَالِ عَلَيْهِ) فَإِنْ حَضَرَ وَذَكَرَ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ أَحَدِهِمَا فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا لَهُ أَمْ لَا، وَهَلْ يَجْرِي فِي الْمَلِيءِ وَالْمُعْسِرِ أَمْ لَا. فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَهَا ثُبُوتُ دَيْنٍ لَازِمٍ، فَمُقْتَضَاهُ تَكْلِيفُ الْمُحِيلِ بِإِثْبَاتِهِ، فَجَوَابُهُ أَنَّ رِضَا الْمُحَالِ بِالْحَوَالَةِ ابْتِدَاءً تَصْدِيقٌ مِنْهُ بِثُبُوتِهِ فَصَارَ مُدَّعِيًا وَالْمُحِيلُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَبَضَ شَخْصٌ دَيْنَ آخَرَ مِنْ مَدِينِهِ وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ وَكَّلَ الْقَابِضَ عَلَى قَبْضِهِ أَوْ أَنَّهُ أَسْلَفَهُ إيَّاهُ وَادَّعَى الْقَابِضُ أَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فَ (لَا) يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُحِيلِ (فِي دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُحِيلِ (وَكَالَةً) أَيْ تَوْكِيلًا لِلْمُحَالِ عَلَى قَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْكَارِهِ إحَالَتَهُ لَهُ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ (أَوْ) دَعْوَاهُ (سَلَفًا) أَيْ تَسْلِيفًا لِلْمُحَالِ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعَ صُدُورِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ مِنْ الْمُحِيلِ لِلْمُحَالِ فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مِنْ دَيْنِهِ أَحَالَهُ بِهِ إنْ أَشْبَهَ كَوْنُ مِثْلِهِ يُدَايِنُ الْمُحِيلَ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 196 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ أَوْ سَلَّفَهُ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْوَكَالَةِ وَتَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ فِي السَّلَفِ عَلَيْهَا. وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي السَّلَفِ لِلْمُحِيلِ وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي الْوَكَالَةِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْجَرْيُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، أَيْ فِي الْوَكَالَةِ وَالسَّلَفِ، قَالَ فِي ضَيْح أَرَادَ بِالْأَصَحِّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ فِي الْوَكَالَةِ وَغَيْرِ الْأَصَحِّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي السَّلَفِ. اللَّخْمِيُّ الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ، وَعَلَى هَذَا فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلٌ، وَخَرَجَ فِيهِ آخَرُ مِنْ الْأُخْرَى، وَبِتَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي السَّلَفِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ " ز " يَنْبَغِي لَهُ الْجَرْيُ عَلَيْهِ، أَيْ الْمَنْصُوصِ فِيهِ أَيْ السَّلَفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 197 بَابُ) الضَّمَانِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ،   [منح الجليل] [بَابُ الضَّمَانِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ] بَابٌ) فِي بَيَانِ الضَّمَانِ وَأَقْسَامِهِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الضَّمَانُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا الْمَازِرِيُّ الْحَمَالَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ وَالزَّعَامَةُ كُلُّهَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَةِ، تَقُولُ الْعَرَبُ هَذَا كَفِيلٌ وَحَمِيلٌ وَضَمِينٌ وَزَعِيمٌ، هَذِهِ هِيَ الْأَسْمَاءُ الْمَشْهُورَةُ وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَيْضًا قَبِيلٌ بِمَعْنَى ضَمِينٍ (شَغْلٌ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَيْنِ، أَيْ مَصْدَرُ شَغَلَ بِفَتْحِهِمَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ جِنْسٌ شَمِلَ الضَّمَانَ وَغَيْرَهُ، وَإِضَافَتُهُ لِ (ذِمَّةٍ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ لِشَغْلِ غَيْرِهَا وَنَعْتُ ذِمَّةٍ بِ (أُخْرَى) أَيْ مَعَ الْأُولَى فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ الْحَوَالَةَ وَالْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالنِّكَاحَ وَالْخُلْعَ وَنَحْوَهَا (بِالْحَقِّ) إمَّا ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً، فَشَمِلَ ضَمَانَ الْمَالِ وَضَمَانَ الْوَجْهِ وَضَمَانَ الطَّلَبِ، وَأَلْ فِي الْحَقِّ لِلْعَهْدِ أَيْ الْأَوَّلِ الَّذِي شُغِلَتْ بِهِ الذِّمَّةُ الْأُولَى فَانْدَفَعَ إيرَادُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِشُمُولِهِ بَيْعَ شَيْءٍ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَيْعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى بِدَيْنٍ أَيْضًا وَالتَّشْرِيكُ فِيمَا اشْتَرَى، وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَشْمَلُ التَّوْلِيَةَ، وَيُجَابُ بِخُرُوجِهَا بِأُخْرَى كَالْحَوَالَةِ، وَانْدَفَعَ بِقَوْلِي أَوْ انْتِهَاءً إيرَادُ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ ضَمَانَ الْوَجْهِ وَضَمَانَ الطَّلَبِ. وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي تَعْرِيفِهِ بِمَا ذُكِرَ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ الْحَمَالَةُ الْتِزَامُ دَيْنٍ لَا يُسْقِطُهُ أَوْ طَلَبَهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لَا يَشْمَلُهَا لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ لَازِمٌ لَهَا لَا نَفْسِهَا لِأَنَّهَا مُكْتَسَبَةٌ، وَالشَّغْلُ حُكْمٌ غَيْرُ مُكْتَسَبٍ كَالْمِلْكِ مَعَ الْبَيْعِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إطْلَاقُ الْحَمَالَةِ عَلَى الطَّلَبِ إنَّمَا هُوَ مَجَازٌ عُرْفًا لَا حَقِيقَةً، يُرَدُّ بِمَنْعِهِ لِظَاهِرِ إطْلَاقَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأُمَّهَاتِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالرُّوَاةِ. " غ " فَالضَّمَانُ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ مُنَوَّعٌ إلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ وَالْتِزَامِ طَلَبِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 198 وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ:   [منح الجليل] وَالضَّمَانُ عِنْدَهُ مُكْتَسَبٌ وَالشَّغْلُ لَازِمُهُ كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ مُكْتَسَبٌ وَالْمِلْكَ لَازِمُهُ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ شَغْلٌ مُبَايِنٌ لِلْمَحْدُودِ فَلَيْسَ بِجَامِعٍ وَلَا مَانِعٍ لِأَنَّ الضَّمَانَ سَبَبٌ فِي الشَّغْلِ، فَالشَّغْلُ مُسَبَّبٌ عَنْهُ لَا نَفْسُهُ وَسَلَّمَهُ " غ " وعج وَرَدَّهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الَّذِي لَيْسَ فِعْلًا لِلشَّخْصِ إنَّمَا هُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ. وَأَمَّا شَغْلُهَا فَهُوَ فِعْلُ الشَّخْصِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ، فَقَوْلُهُمْ شَغْلُ ذِمَّةٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِالْحَقِّ أَيْ أَلْزَمَهَا إيَّاهُ، فَهُوَ فِعْلٌ مُكْتَسَبٌ مُسَاوٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْتِزَامُ دَيْنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاحْتَرَزَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ لَا يُسْقِطُهُ عَنْ الْحَوَالَةِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهَا طَرْحُ الدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَدْخُلْ فِي الْتِزَامٍ، فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ لِتَحْقِيقِ الْمَاهِيَّةِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي فُصُولِ الْحَدِّ لَا لِإِخْرَاجِ الْحَوَالَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لِإِخْرَاجِ بَعْضِ صُوَرِ الْحَوَالَةِ وَذَلِكَ إذَا الْتَزَمَ مَدْيَنُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى دَائِنِهِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْحَوَالَةِ، فَهَذِهِ تَخْرُجُ بِقَوْلِهِ لَا يُسْقِطُهُ، وَيَخْرُجُ بِهِ أَيْضًا الْتِزَامُ دَيْنٍ عَلَى آخَرَ أَفَادَهُ عج. (وَصَحَّ) الضَّمَانُ وَلَزِمَ (مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) بِالْمَضْمُونِ فِيهِ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَمِنَ، فِيهِ فَدَخَلَتْ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ بِالنِّسْبَةِ لِلثُّلُثِ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَذِنَ لَهُمَا سَيِّدُهُمَا فِي ضَمَانِهِ. وَمَفْهُومُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ رَقِيقًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ، أَوْ مُؤَجِّرًا نَفْسَهُ لِعَمَلٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ ظِئْرًا فَضَمَانُهُمْ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ إجَازَتُهُ. فِي النَّوَادِرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ تَكَفَّلَ بِوَجْهِ رَجُلٍ فَغَابَ الرَّجُلُ فَأُخِذَ بِهِ الْكَفِيلُ فَأَقَامَ آخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْكَفِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ أَنْ يَبْنِيَ لَهُ دَارِهِ أَوْ يُسَافِرَ مَعَهُ إلَى مَكَّةَ فَالْإِجَارَةُ مُقَدَّمَةٌ وَلَا يُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّ كَفَالَةَ الدَّيْنِ مَعْرُوفٌ مُتَطَوَّعٌ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ ظِئْرًا اُسْتُؤْجِرَتْ لِرَضَاعٍ قَبْلَ كَفَالَتِهَا فَلَا تُحْبَسُ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا، وَالرَّضَاعُ مُقَدَّمٌ، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الرَّضَاعِ طُولِبَتْ بِالْحَمَالَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 199 كَمُكَاتَبٍ، وَمَأْذُونٍ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا، وَزَوْجَةٍ، وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ   [منح الجليل] وَمَثَّلَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ فَقَالَ (كَ) رَقِيقٍ (مُكَاتَبٍ وَ) رَقِيقٍ (مَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (أَذِنَ سَيِّدُهُمَا) لَهُمَا فِي الضَّمَانِ، فَيَصِحُّ مِنْهُمَا، وَيَلْزَمُهُمَا إنْ وَقَعَ مِنْهُمَا. فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَأُتْبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ قَنٌّ وَذُو شَائِبَةٍ كَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ جَوَازِ ضَمَانِهِمَا بِلَا إذْنٍ لِإِحْرَازِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَلِرَفْعِ الْحَجْرِ عَنْ الْمَأْذُونِ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لِسَيِّدِهِ فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَضْمَنَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى عَجْزِهِ. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَوَقُّفُ ضَمَانِهِمَا عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِمَا وَلَوْ ضَمِنَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمُرَادُهُ بِهِمَا غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا لِدَيْنٍ بِدَلِيلِ التَّمْثِيلِ بِهِمَا لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ، فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ بِشُمُولِ كَلَامِهِ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِمَا لِدَيْنٍ، وَأَجَابَ تت بِأَنَّهُ أَطْلَقَ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحَجْرِ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ. الْبُنَانِيُّ الْكَافُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِلتَّشْبِيهِ، وَفِي الْمَعْطُوفِ لِلتَّمْثِيلِ فَهِيَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي مَعْنَيَيْهِ. (وَ) كَ (زَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ) ضَمِنَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا (بِ) قَدْرِ (ثُلُثٍ) مِنْ مَالِهِ أَوْ بِزَائِدٍ عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ كَدِينَارٍ وَمَا خَفَّ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَمْ تَقْصِدْ بِهِ ضَرَرًا فَيَمْضِي الثُّلُثُ مَعَ الزَّائِدِ الْيَسِيرِ لَا بِكَثِيرٍ، فَلَا يَلْزَمُهَا، وَإِنْ ضَمِنَتْ زَوْجَهَا أَوْ ضَمِنَ مَرِيضٌ وَارِثَهُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ صَحِيحًا مُتَوَقِّفًا عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ وَالْوَارِثِ وَلِلزَّوْجِ رَدُّ جَمِيعِهِ إنْ ضَمِنَتْ بِأَزْيَدَ كَمَا مَرَّ وَلَوْ لَهُ هُوَ وَلِلْوَارِثِ رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ وَلَوْ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا كَفَالَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ فِي ثُلُثِهَا إنْ تَكَفَّلَتْ بِزَوْجِهَا فَفِيهَا عَطِيَّتُهَا زَوْجَهَا جَمِيعَ مَالِهَا جَائِزَةٌ، وَكَذَا كَفَالَتُهَا عَنْهُ. الْبَاجِيَّ يُرِيدُ بِإِذْنِهِ وَفِيهَا إنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا فِي كَفَالَتِهَا عَنْهُ فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ. اهـ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَفَالَةِ زَوْجِهَا وَغَيْرِهِ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ وَإِنْ كَاتَبَتْ أَوْ تَكَفَّلَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ أَوْ تَصَدَّقَتْ أَوْ وَهَبَتْ أَوْ صَنَعَتْ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ، فَإِنْ حَمَلَهُ ثُلُثُهَا وَهِيَ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهَا جَازَ وَإِنْ كَرِهَ زَوْجُهَا. وَإِنْ جَاوَزَ ثُلُثَهَا فَلِزَوْجِهَا رَدُّ جَمِيعِهِ أَوْ إجَازَتُهُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تُرِدْ بِهِ ضَرَرَهُ فَيَمْضِي الثُّلُثُ مَعَ الزِّيَادَةِ، ثُمَّ قَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 200 وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ   [منح الجليل] فِيهَا وَإِذَا أَجَازَ الزَّوْجُ كَفَالَةَ زَوْجَتِهِ الرَّشِيدَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا جَازَتْ تَكَفَّلَتْ عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَكَفَّلَتْ عَنْهُ بِمَا يَغْتَرِقُ جَمِيعَ مَالِهَا فَلَمْ يَرْضَ لَمْ يَجُزْ الثُّلُثُ وَلَا غَيْرُهُ. اهـ. وَلَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا حُرَّةً رَشِيدَةً لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَا يَكُونُ ضَمَانُهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ ضَمِنَتْهُ جَازَ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ مَالِهَا لِأَنَّ جَوَازَ هَذَا مَشْرُوطٌ بِإِذْنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالزَّوْجُ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، نَعَمْ يُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لَيْسَتْ يَسِيرَةً كَدِينَارٍ وَمَا خَفَّ وَإِلَّا فَيَمْضِي كُلُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إنْ ضَمِنَ الرَّقِيقُ مَالًا أَوْ وَجْهًا وَتَعَذَّرَ مَضْمُونُهُ (اُتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (ذُو الرِّقِّ) أَيْ الرَّقِيقُ (بِ) غَرَامَاتِ (هـ) أَيْ الضَّمَانِ، سَوَاءٌ ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِلَا إذْنِهِ (إنْ عَتَقَ) الرَّقِيقُ الضَّامِنُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْفَوْقِيَّةِ أَيْ صَارَ حُرًّا بِإِعْتَاقٍ أَوْ أَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَةٍ أَوْ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلِ رَقَبَتِهِ أَوْ حُصُولِ مُعَلَّقٍ عَلَيْهِ أَوْ تَمْثِيلٍ أَوْ نَحْوِهَا إذَا لَمْ يُرِدْ سَيِّدُهُ ضَمَانَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ، فَإِنْ رَدَّ سَقَطَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهِ عَنْهُ لِأَنَّ رَدَّهُ إبْطَالٌ لَا إيقَافٌ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِعَبْدٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مُدَبَّرٍ وَلَا أُمِّ وَلَدٍ كَفَالَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَإِنْ فَعَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ إنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ رَدَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ، وَإِنْ عَتَقُوا وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ حَتَّى عَتَقُوا لَزِمَهُمْ عَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. أَبُو الْحَسَنِ جَعَلَ رَدَّ السَّيِّدِ هُنَا رَدَّ إبْطَالٍ وَمِثْلُهُ فِي الْعِتْقِ، وَجَعَلَهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ رَدَّ إيقَافٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (عَلَيْهِ) أَيْ الضَّمَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِمَا يَضْمَنُهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِهِ فَلَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. اللَّخْمِيُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْبُرَ عَبْدَهُ عَلَى الْكَفَالَةِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ بِقَدْرِهَا، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَلَيْسَ فِي يَدِهِ مَالٌ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْبَرُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُجْبَرُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَشْهَدَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْكَفَالَةُ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا بِرِضَاهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 201 وَعَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ وَالضَّامِنِ   [منح الجليل] وَ) صَحَّ الضَّمَانُ بِمَعْنَى الْحَمْلِ لَا حَقِيقَةِ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لِخَرَابِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، أَيْ صَحَّ الْحَمْلُ وَيَلْزَمُ (عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمُعْسِرِ. قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْحَمَالَةُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَجُوزُ عَنْ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ تَحَمَّلَ عَنْ الْحَيِّ فَأَدَّى عَنْهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ، وَإِتْبَاعُهُ بِهِ إنْ كَانَ مُعْدَمًا تَحَمَّلَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ تَحَمَّلَ عَنْ مَيِّتٍ لَا وَفَاءَ لَهُ بِمَا تَحَمَّلَ عَنْهُ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَنْهُ فِي مَالٍ طَرَأَ لَهُ اهـ. الْمَازِرِيُّ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ الْحَمَالَةِ عَنْ الْحَيِّ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهَا، وَانْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِمَنْعِهَا (وَ) صَحَّ ضَمَانُ (الضَّامِنِ) وَإِنْ تَكَرَّرَ بِأَنْ ضَمِنَ الضَّامِنُ ضَامِنًا وَضَمِنَ ضَامِنُ الضَّامِنِ ضَامِنًا ثَالِثًا، وَضَمِنَ الثَّالِثُ ضَامِنًا رَابِعًا، وَضَمِنَ الرَّابِعُ خَامِسًا وَهَكَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ كَوْنَ الضَّمَانِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَالٍ أَوْ بِوَجْهٍ أَوْ بِطَلَبٍ، أَوْ كَوْنَ الْأَوَّلِ بِمَالٍ، وَالثَّانِي بِوَجْهٍ وَعَكْسَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ وَإِنْ اخْتَلَفَا مِنْ حَيْثُ الرُّجُوعُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ كَفِيلًا لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْكَفِيلَ اهـ. وَفِي الشَّامِلِ وَإِنْ كَانَا مَعًا بِمَالٍ غَرِمَهُ الْأَوَّلُ إنْ حَلَّ وَغَابَ غَرِيمُهُ، فَإِنْ أَعْدَمَ فَالثَّانِي فَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فَأَحْضَرَ الثَّانِي أَحَدَهُمَا مُوسِرًا بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ، فَإِنْ غَابَ الْكُلُّ بَدَأَ بِمَالِ غَرِيمِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْأَوَّلِ، ثُمَّ الثَّانِي وَإِنْ كَانَا مَعًا بِوَجْهٍ فَغَابَ غَرِيمُهُ أَحْضَرَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا غَرِمَ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا بَرِئَ الثَّانِي بِحُضُورِ مَنْ ضَمِنَهُ، وَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا أَحْضَرَ الثَّانِي أَحَدَهُمَا وَإِلَّا غَرِمَ، وَإِنْ غَابَ الْكُلُّ أُخِذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْأَوَّلِ، ثُمَّ الثَّانِي إنْ لَمْ يَثْبُتْ فَقْرُ غَرِيمِهِ مَعَ الْأَوَّلِ. وَإِنْ كَانَا الْأَوَّلُ بِمَالٍ دُونَ الثَّانِي فَغَابَ غَرِيمُهُ غَرِمَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي إنْ كَانَ غَرِيمُهُ فَقِيرًا. فَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فَأَحْضَرَ الثَّانِي غَرِيمَهُ مُوسِرًا أَوْ الْأَوَّلَ مُطْلَقًا بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 202 وَالْمُؤَجَّلُ حَالًّا، إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ وَعَكْسُهُ إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ   [منح الجليل] وَإِنْ غَابَ الثَّانِي أَيْضًا وَوُجِدَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فَقْرُ الْأَوَّلِ. وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِوَجْهٍ دُونَ الثَّانِي فَغَابَ غَرِيمُهُ أَحْضَرَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا غَرِمَ. فَإِنْ أَعْدَمَ غَرِمَ الثَّانِي وَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا بَرِئَ الثَّانِي إنْ أَحْضَرَ غَرِيمَهُ مُطْلَقًا أَوْ الْأَوَّلَ مُوسِرًا، فَإِنْ مَاتَ الْغَرِيمُ بَرِئَ لِبَرَاءَةِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ مَاتَ الثَّانِي جَرَى عَلَى حُكْمِ حَمِيلِ الْمَالِ إذَا مَاتَ عَلَى الْأَظْهَرِ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ لَكِنَّ هَذَا أَخْصَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَأَسْقَطَ الْمَدِينُ حَقَّهُ فِي التَّأْجِيلِ وَرَضِيَ بِتَعْجِيلِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ صَحَّ ضَمَانُ الدَّيْنِ (الْمُؤَجَّلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدًا عَلَى أَنْ يُدْفَعَ (حَالًّا) قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ (إنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مِمَّا يُعَجَّلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ مُشَدَّدًا أَيْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ وَهُوَ الْعَيْنُ مُطْلَقًا وَالْعَرْضُ وَالطَّعَامُ مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ كَعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ ضَمَانُهُ حَالًّا لِأَنَّ فِيهِ حَطَّ الضَّمَانِ، وَأَزِيدُك تَوَثُّقًا بِالضَّمَانِ. الْبُنَانِيُّ كَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا فِي جَوَازِهِ بِقَيْدِهِ ضَمَانَهُ لِدُونِ أَجَلِهِ وَضَمَانَهُ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ وَلِأَبْعَدَ مُمْتَنِعٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ، وَتَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُعَجَّلُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ، فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يَأْخُذُ زِيَادَةً فِي نَفْسِ الْحَقِّ وَلَا مُنْفَصِلَةً يَنْتَفِعُ بِهَا، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّوَثُّقَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي التَّأْخِيرِ وَلَا غَرَضَ لِلْآخَرِ فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ مَعَ التَّأْخِيرِ لَا مَعَ التَّعْجِيلِ، وَتَعَقَّبَ بِمُخَالَفَتِهِ النَّقْلَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِعْطَاءُ حَمِيلٍ بِدَيْنٍ قَبْلَ أَجَلِهِ إلَيْهِ جَائِزٌ مُطْلَقًا، وَإِلَى أَجَلٍ دُونَهُ وَالدَّيْنُ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ وَالْقَصْدُ نَفْعُ الطَّالِبِ بِالتَّعْجِيلِ جَازَ، وَلِنَفْعِ الْمَطْلُوبِ بِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ لَا يَجُوزُ (وَ) يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أَيْ ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا كَأَجَلِ مَدِينِك بِالدَّيْنِ شَهْرًا وَأَنَا ضَامِنُهُ (إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ مَدِينُ الْمَضْمُونِ لَهُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ تَسْلِيفٍ بِضَامِنٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ مِنْهُ (أَوْ) أَعْسَرَ غَرِيمُهُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ وَ (لَمْ) أَيْ وَكَانَ لَا (يُوسِرْ) الْغَرِيمُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 203 فِي الْأَجَلِ وَبِالْمُوسِرِ أَوْ بِالْمُعْسِرِ؛ لَا الْجَمِيعِ بِدَيْنٍ   [منح الجليل] فِي الْأَجَلِ) بِأَنْ كَانَ يَسْتَمِرُّ عُسْرُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ الَّذِي ضَمِنَهُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ انْتَفَعَ بِتَوَثُّقِهِ بِالضَّمَانِ لَمْ يَحْصُلْ تَسْلِيفٌ بِتَأْخِيرِهِ لِوُجُوبِ إنْظَارِهِ لِعُسْرِهِ، فَإِنْ كَانَ يُوسِرُ فِي الْأَجَلِ بِغَلَّةٍ أَوْ مُرَتَّبٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ بَعْدَ يُسْرِهِ تَسْلِيفٌ جَرَّ نَفْعًا بِتَوَثُّقِهِ بِالضَّمَانِ فِيمَا قَبْلَ يُسْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيُسْرَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْحَاصِلِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ وَيُسْرُهُ الْمُتَرَقَّبُ قَدْ لَا يَحْصُلُ فَهُوَ مُعْسِرٌ تَبَرَّعَ بِضَامِنٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِعْطَاؤُهُ أَيْ الْحَمِيلِ بَعْدَ حُلُولِهِ لِتَأْخِيرِ وَالْغَرِيمُ مُوسِرٌ جَائِزٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَالتَّأْخِيرُ لِمَا يَرَى يُسْرَهُ إلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي جَوَازِهِ لِمَا يَرَى يُسْرَهُ قَبْلَهُ قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ (وَ) إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَالْمَدِينُ مُوسِرٌ بِبَعْضِهِ وَمُعْسِرٌ بِبَعْضِهِ صَحَّ ضَمَانُهُ (بِ) الْبَعْضِ (الْمُوسَرِ) بِفَتْحِ السِّينِ بِهِ فَقَطْ مُؤَجَّلًا (أَوْ) ضَمَانُهُ بِالْبَعْضِ (الْمُعْسَرِ) بِفَتْحِ السِّينِ بِهِ إنْ اسْتَمَرَّ عُسْرُهُ بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ (لَا) يَصِحُّ ضَمَانُهُ (بِالْجَمِيعِ) أَيْ الْمُوسَرِ بِهِ وَالْمُعْسَرِ بِهِ مَعًا عَلَى تَأْخِيرِهِ بِالْمُوسَرِ بِهِ لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ بِتَأْخِيرِهِ جَرَّ نَفْعَ التَّوَثُّقِ بِالضَّمَانِ فِي الْمُعْسَرِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ فَالْحَمَالَةُ بِهِ لِيُؤَخِّرَهُ جَائِزَةٌ، وَكَذَا بِمَا هُوَ مُعْسَرٌ بِهِ عَلَى تَعْجِيلِ مَا هُوَ مُوسَرٌ بِهِ وَعَلَى تَأْخِيرِهِ لَا يَجُوزُ. قُلْت وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ جَازَ ضَمَانُ أَحَدِهِمَا لَا الْجَمِيعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ نَظَرٌ إذَا مَرِضَ إنَّ عُسْرَهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْيُسْرِ فِي الْأَجَلِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسِرًا بِالْجَمِيعِ لَجَازَ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ لَجَازَ أَيْضًا. قُلْت لَا يَخْفَى سُقُوطُ احْتِجَاجِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعْسِرًا بِالْجَمِيعِ فَلَا عُوِّضَ عَنْ الْحَمَالَةِ بِوَجْهٍ، وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ فَالْعِوَضُ عَنْهَا مَوْجُودٌ وَهُوَ تَأْخِيرُهُ بِالْبَعْضِ الَّذِي هُوَ مُوسِرٌ بِهِ فَيَدْخُلُهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ وَسَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا حَسْبَمَا قَرَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَشَارَ لِلْمَضْمُونِ فِيهِ بِقَوْلِهِ مُعَلَّقًا لَهُ يَصِحُّ (بِدَيْنٍ) لَا بِمُعَيَّنٍ كَوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَمَالِ قِرَاضٍ وَشَرِكَةٍ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ أَتَى الضَّامِنُ بِعَيْنِهَا لِاسْتِحَالَتِهِ، فَإِنْ ضَمِنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 204 لَازِمٍ، أَوْ آيِلٍ إلَيْهِ لَا كِتَابَةٍ بَلْ كَجُعْلٍ   [منح الجليل] تَلَفِهَا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ مِنْ الْعَرْضِ صَحَّ وَلَزِمَ (لَازِمٌ) كَقَرْضٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ وَأُجْرَةِ مُسْتَأْجَرٍ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِي دَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَدَيْنٍ عَلَى رَقِيقٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ تُدَايِنُهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَوَلِيِّهِ (أَوْ آيِلٌ) بِهَمْزَتَيْنِ وَلَا تَبْدُ الثَّانِيَةُ يَاءً كَبَائِعٍ أَيْ صَائِرٌ (إلَيْهِ) أَيْ اللُّزُومِ كَجُعْلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَضْمُونُ مَا يَأْتِي نَيْلُهُ مِنْ الضَّامِنِ أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ فَيَدْخُلُ الْوَجْهُ، وَكُلُّ الْكُلِّيِّ لَا الْجُزْئِيِّ الْحَقِيقِيِّ كَالْمُعَيَّنِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ، وَلِذَا جَازَتْ بِعَمَلِ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُ كُلِّيٌّ حَسْبَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَجْوِبَتُهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُفْتِينَ وَفِيهَا لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَا ابْتَعْته مِنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَتَجُوزُ بِمَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكٍ فِي الْمَبِيعِ فَيَغْرَمُ الثَّمَنَ حِينَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَعُدْمِهِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ لَازِمٍ فَقَالَ (لَا) يَصِحُّ الضَّمَانُ بِنُجُومِ (كِتَابَةٍ) لِعَدَمِ لُزُومِهَا إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ سَيِّدُهُ عِتْقَهُ أَوْ يَشْتَرِطَ تَنْجِيزَ عِتْقِهِ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ فِيهَا لِلُزُومِهَا، وَإِنْ أَدَّاهَا الضَّامِنُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْمُكَاتَبِ، قَالَ فِي الشَّامِلِ لَا كِتَابَةَ عَلَى الْمَعْرُوفِ إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الْعِتْقِ أَوْ كَانَتْ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الْحَمِيلُ هُوَ عَلَيَّ إنْ عَجَزَ (بَلْ) تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِ (كَجُعْلٍ) أَيْ عِوَضِ عَمَلٍ مُعَلَّقٍ عَلَى التَّمَامِ بِقَوْلِهِ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ فِيهَا وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّامِلِ لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلُّزُومِ، فَلِذَا مَثَّلَ بِهِ لَهُ " غ ". فَإِنْ قُلْت لَوْ قَالَ بِدَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ كَجُعْلٍ لَا كِتَابَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. قُلْت بَلْ صَنِيعُهُ أَمَسُّ لِعَطْفِهِ دَايِنْ عَلَى عَجِّلْ، إذْ هُمَا مِثَالَانِ لِلْآيِلِ إلَيْهِ، وَاقْتَضَى حُسْنُ الْإِلْقَاءِ أَنْ لَا يُقَدِّمَهُمَا لِطُولِ التَّفْرِيعِ فِي الثَّانِيَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا كِتَابَةَ بَلْ بِمُعَجَّلٍ كَجُعْلٍ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الضَّمَانُ بِكِتَابَةٍ، بَلْ إنَّمَا يَجُوزُ بِعِوَضِ عِتْقٍ مُعَجَّلٍ كَمَا يَجُوزُ بِجُعْلٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِكِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ. وَأَمَّا مَنْ عَجَّلَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ فَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِهِ، وَكَذَا مَنْ قَالَ عَجِّلْ عِتْقَ مُكَاتَبِك وَأَنَا بِمَا فِي كِتَابَتِهِ كَفِيلٌ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَأَمَّا الْجُعْلُ فَلَمْ يُوقَفْ فِي عَيْنِهِ عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَلَكِنْ نَصَّ الْمَازِرِيُّ عَلَى جَوَازِ الضَّمَانِ فِيهِ وَلِلَّهِ دَرُّ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ لَمْ يَزَلْ بِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 205 وَدَايِنْ فُلَانًا، وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ   [منح الجليل] نَقْلُ ابْنُ شَاسٍ وَاتَّبَعَهُ فِي ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ شَاسٍ قَالَ لَا يَجُوزُ ضَمَانُ الْجُعْلِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ، وَكَذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا لِأَنَّ الْجَعَالَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ مُنْبَرِمٍ، وَأَشْبَهَتْ الْكِتَابَةَ وَلَمْ يَقْنَعْ حَتَّى زَادَ، وَفِي جَوَازِ الْحَمَالَةِ بِهَا بَعْدَ الْعَمَلِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِلْعَامِلِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي هَذَا نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا لَازِمًا فِي الْحَالِ فَيَلْزَمُ فَهُوَ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ، وَمِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ مَا لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ كَالْجُعْلِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ كَقَوْلِهِ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، فَهَذَا تَصِحُّ الْحَمَالَةُ بِهِ أَيْضًا قَبْلَ الْمَجِيءِ بِالْآبِقِ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ لَزِمَ مَا تَحَمَّلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ اهـ. وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ، وَقَالَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَجُوزُ ضَمَانُ الْجُعْلِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عِنْدِي الْجَوَازُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ غَيْرِهَا بِصِحَّةِ ضَمَانِ مَا هُوَ مُحْتَمِلٌ لِلثُّبُوتِ اسْتِقْبَالًا. وَتَوْجِيهُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ لَيْسَتْ بِعَقْدٍ مُنْبَرِمٍ فَأَشْبَهَتْ الْكِتَابَةَ، يُرَدُّ بِأَنَّ حَمَالَةَ الْكِتَابَةِ تُؤَدِّي إلَى الْغُرْمِ مَجَّانًا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا، وَالْجُعْلُ مَهْمَا غَرِمَهُ الْحَمِيلُ رَجَعَ بِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ، وَفِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ فِي ضَمَانِ الْجُعْلِ فِي الْجَعَالَةِ وَجْهَانِ (وَ) يَصِحُّ الضَّمَانُ مِمَّنْ قَالَ لِشَخْصٍ (دَايِنْ فُلَانًا) أَيْ عَامِلْهُ بِدَيْنٍ بِأَنْ تُقْرِضَهُ أَوْ تُسَلِّمَهُ أَوْ تَبِيعُهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَأَنَا ضَامِنُهُ فِيمَا تُعَامِلُهُ بِهِ (وَ) إنْ دَايَنَهُ (لَزِمَ) الضَّمَانُ الضَّامِنَ (فِيمَا) أَيْ دَيْنٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي (ثَبَتَ) تَدَايُنُهُ مِنْ الْمَقُولِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ تَحَمَّلَ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ قِبَلَ فُلَانٍ فِي لُزُومِ غُرْمِهِ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ بِإِقْرَارِهِ أَوْ وَقَفَهُ عَلَى ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. فِي الْبَزَّازِ وَمَا الْعَادَةُ الْمُدَايَنَةُ فِيهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ أَنَا حَمِيلٌ بِمَا بُويِعَ بِهِ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا بُويِعَ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا مَنْ شُكِيَ إلَيْهِ مَطْلُ رَجُلٍ فَقَالَ مَا عَلَيْهِ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 206 وَهَلْ يُقَيَّدُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ؟ تَأْوِيلَانِ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ، بِخِلَافِ احْلِفْ وَأَنَا ضَامِنٌ بِهِ،   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ قَوْلُهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ إذَا ثَبَتَ مَا بَايَعَهُ بِهِ زَادَ غَيْرُهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُدَايَنَ بِمِثْلِهِ الْمَحْمُولُ عَنْهُ، وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِيهِ، وَلَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّكْوَى اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِي الْحَطّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ مُدَايِنَتِهِ أَوْ مُعَامَلَةِ هَذَا الْمَثَلِ. هَذَا (وَ) اخْتَلَفَ شُيُوخُهَا فِي جَوَابِ (هَلْ يُقَيَّدُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً اللُّزُومُ فِيمَا ثَبَتَ وَصِلَةُ يُقَيَّدُ (بِمَا يُعَامَلُ بِهِ) مِثْلُ الْمَضْمُونِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، فَقَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقٌ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بِذَلِكَ، وَهَذَا تَأْوِيلُ غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ شَارِحِيهَا فَهُوَ خِلَافٌ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الثَّانِي قَالَ لَا أَذْكُرُ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، بَلْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ وَالصَّقَلِّيُّ عَلَى أَنَّهُ وِفَاقٌ. اهـ. فَعُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفَسَّرَ بِهِ الشَّارِحَانِ التَّأْوِيلَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ جَعْلَهُ تَقْيِيدًا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْهُ فَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. (وَلَهُ) أَيْ مَنْ قَالَ دَايِنْ فُلَانًا وَأَنَا ضَامِنُهُ (الرُّجُوعُ) عَنْ الضَّمَانِ (قَبْلَ) حُصُولِ (الْمُعَامَلَةِ) بَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ وَالْمَضْمُونِ لِالْتِزَامِهِ الضَّمَانَ فِيمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِقَدْرٍ كَمِائَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي التَّقْيِيدِ بِقَدْرٍ وَالْآخَرُ لَا رُجُوعَ لَهُ، وَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا، فَإِنْ عَامَلَهُ يَوْمًا مَثَلًا ثُمَّ رَجَعَ الضَّامِنُ لَزِمَهُ مَا عَامَلَهُ بِهِ فِي الْيَوْمِ لَا مَا عَامَلَهُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ قَالَهُ الْجَزِيرِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا حَدَّ لِمَا يُعَامِلُهُ بِهِ حَدًّا كَمِائَةٍ أَوْ لَمْ يَحُدَّ لَهُ حَدًّا وَقُلْنَا يُقَيَّدُ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ مِثْلُهُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا فَائِدَةَ لَهُ قَالَهُ عب، وَفِي قَوْلِهِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي إلَخْ نَظَرٌ، إذْ الْفَائِدَةُ ظَاهِرَةٌ عَلَيْهِ أَيْضًا. (بِخِلَافِ) مَنْ قَالَ لِمُدَّعٍ بِمَالٍ عَلَى مُنْكِرِهِ (احْلِفْ) عَلَى مَا ادَّعَيْت بِهِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 207 إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ضَامِنِهِ وَإِنْ جُهِلَ   [منح الجليل] بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ أَحَلَّ نَفْسَهُ مَحَلَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ إذَا قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَخُذْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ احْلِفْ أَنَّ الَّذِي تَدَّعِيهِ قِبَلَ أَخِي حَقٌّ وَأَنَا ضَامِنٌ ثُمَّ رَجَعَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إنْ حَلَفَ الطَّالِبُ، وَإِنْ مَاتَ كَانَ ذَلِكَ فِي مَالِهِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِمَا غَرِمَ الْحَمِيلُ غَرِمَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَلِلْحَمِيلِ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْحَمِيلِ إذْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَلَا لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الطَّالِبَ لِأَنَّهُ قَدْ حَلَفَ أَوَّلًا، وَأَشْبَهَتْ يَمِينُهُ يَمِينَ التُّهَمِ الَّتِي بِالنُّكُولِ عَنْهَا يَغْرَمُ. اهـ. مِنْ أَبِي الْحَسَنِ. وَأَشَارَ لِلْمَضْمُونِ فِيهِ أَيْضًا بِجَعْلِهِ شَرْطًا فَقَالَ (إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ الْحَقِّ الْمَضْمُونِ (مِنْ ضَامِنِهِ) وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحُدُودِ وَنَحْوِهَا كَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجَرْحِ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الضَّامِنِ، وَهَذِهِ خَارِجَةٌ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ، وَأَيْضًا فَالضَّمَانُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِهَذَا الْقَيْدِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِإِخْرَاجِهِ بِهِ، إذْ هُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَالْمُعَيَّنَاتُ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَمُ وَكَذَا الْحُدُودُ وَنَحْوُهَا لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ لَا بِالذِّمَّةِ، وَهَذَا الْإِيرَادُ الثَّانِي وَارِدٌ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ بِدَيْنٍ، إذْ مُحْتَرَزُهُ الْمُتَقَدِّمُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ، وَلَعَلَّ الْغَرَضَ مِنْ ذِكْرِهِ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى صِفَتِهِ وَهُوَ اللَّازِمُ قَالَهُ " د " (وَ) يَصِحُّ الضَّمَانُ بِالدَّيْنِ الثَّابِتِ اللَّازِمِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا، بَلْ (وَإِنْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الدَّيْنُ حَالًا وَمَآلًا، الْحَطُّ مِنْ صُوَرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا ذَابَ لَك قِبَلَ فُلَانٍ الَّذِي تُخَاصِمُ فَأَنَا بِهِ حَمِيلٌ فَاسْتُحِقَّ قِبَلَهُ مَالًا كَانَ هَذَا الْكَفِيلُ ضَامِنًا لَهُ. عِيَاضٌ ذَابَ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ فَأَلْفٍ سَاكِنَةٍ فَمُوَحَّدَةٍ أَيْ ثَبَتَ وَصَحَّ. فِي التَّوْضِيحِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الضَّمَانِ فَقَوْلَانِ اسْتَقْرَاهُمَا. عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ مِنْهَا ابْنُ الْمَوَّازِ مَا أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْحَمَالَةِ يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ، وَقَيَّدَ ابْنُ سَحْنُونٍ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِعُسْرِ الْغَرِيمِ. وَأَمَّا الْمُوسِرُ فَلَا تُهْمَةَ فِي إقْرَارِهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ تَجُوزُ الْحَمَالَةُ بِالْمَالِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، وَيَضْرِبُ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ بِقَدْرِ مَا يَرَى. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 208 أَوْ مَنْ لَهُ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ: كَأَدَائِهِ رِفْقًا لَا عَنَتًا فَيُرَدُّ: كَشِرَائِهِ،   [منح الجليل] قَالَ لِرَجُلٍ إنْ لَمْ يُوَفِّك فُلَانٌ حَقَّك فَهُوَ عَلَيَّ وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا تَلَوَّمَ لَهُ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَرَى، ثُمَّ يَلْزَمُهُ الْمَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا، وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ يُوَفِّك حَقَّك فُلَانٌ حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ يُرِيدُ عَدِيمًا. ابْنُ يُونُسَ لَوْ مَاتَ الْحَمِيلُ قَبْلَ مَوْتِ الْغَرِيمِ وَجَبَ أَنْ يُوقَفَ مِنْ مَالِهِ قَدْرُ الدَّيْنِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَحْمُولُ عَنْهُ عَدِيمًا أَخَذَ الْمَحْمُولُ لَهُ ذَلِكَ الْمَوْقُوفَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِمَالٍ إلَى خُرُوجِ الْعَطَاءِ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا إنْ كَانَ فِي قَرْضٍ أَوْ فِي تَأْخِيرِ ثَمَنِ بَيْعٍ صَحَّتْ عُقْدَتُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ إذَا كَانَ الْعَطَاءُ مَجْهُولًا. وَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِالدَّيْنِ الثَّابِتِ اللَّازِمِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَضْمُونُ لَهُ (أَوْ) جَهِلَ (مَنْ) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي الدَّيْنُ (لَهُ) إذْ لَا يَخْتَلِفُ الضَّمَانُ بِمَعْرِفَتِهِ وَعَدَمِهَا (وَ) صَحَّ الضَّمَانُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ صِحَّةُ ضَمَانِهِ وَإِنْ جَهِلَهُ الضَّامِنُ. الْبُنَانِيُّ جَرَتْ عَادَةُ الْمُوَثِّقِينَ بِذِكْرِ رِضَا الْمَدِينِ بِضَمَانِهِ، وَسَبَبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْحَمَالَةَ لَا تَلْزَمُ الْمِدْيَانَ إلَّا بِشَرْطِ كَوْنِهَا بِأَمْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُهَا مَعَ غَيْرِهَا بِصِحَّةِ الْحَمَالَةِ دُونَ رِضَا الْمُتَحَمَّلِ عَنْهُ وَاضِحَةٌ. الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ لَا تَلْزَمُ الْحَمَالَةُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ إلَّا بِأَمْرِهِ، وَلِذَا كَتَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ تَحَمَّلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ بِأَمْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَأَدَائِهِ) أَيْ الدَّيْنِ لِرَبِّهِ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ بِلَا إذْنِهِ فَيَصِحُّ إذَا أَدَّاهُ عَنْهُ (رِفْقًا) بِالْمَضْمُونِ فِي الْأُولَى وَبِالْمُؤَدَّى عَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ (لَا) يَصِحُّ الضَّمَانُ وَلَا التَّأْدِيَةُ إنْ ضَمِنَهُ أَوْ أَدَّى عَنْهُ (عَنَتًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْ لِإِضْرَارِهِ بِسُوءِ طَلَبِهِ وَحَبْسِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا (فَيُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَالُ الَّذِي أَدَّاهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ لِمُؤَدِّيهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ فَاتَ رُدَّ لَهُ عِوَضُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِغَيْبَةِ الْمَدْفُوعِ لَهُ أَقَامَ الْحَاكِمُ مَنْ يَقْبِضُ مِنْ الْمَدِينِ وَيَدْفَعُ لِلْمُؤَدِّي عَنَتًا. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ لِلْعَنَتِ وَالرَّدِّ فَقَالَ (كَشِرَائِهِ) أَيْ الدَّيْنِ عَنَتًا فَيُرَدُّ، فَإِنْ فَاتَ رُدَّ عِوَضُهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْهَا مَنْ أَدَّى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 209 وَهَلْ إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؟ تَأْوِيلَانِ ، لَا إنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ فَضَمِنَ ثُمَّ أَنْكَرَ، أَوْ قَالَ لِمُدَّعٍ عَلَى مُنْكِرٍ: إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ، إنْ لَمْ يُثْبِتْ حَقَّهُ بِبَيِّنَةٍ،   [منح الجليل] جَازَ إنْ فَعَلَهُ رِفْقًا بِالْمَطْلُوبِ، وَإِنْ أَرَادَ الضَّرَرَ بِطَلَبِهِ وَإِعْنَاتِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى دَيْنًا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَرُدَّ إنْ عُلِمَ. أَبُو الْحَسَنِ قَصْدُ الضَّرَرِ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ فَإِنَّمَا يُعْلَمُ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بِقَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَيْهِ. (وَهَلْ) رَدُّ شِرَاءِ الدَّيْنِ عَنَتًا (إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ) أَيْ الدَّيْنِ يَقْصِدُ مُشْتَرِيَهُ بِشِرَائِهِ الْعَنَتَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَلَا يُرَدُّ وَيُبَاعُ الدَّيْنُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِشَخْصٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينِ عَدَاوَةٌ لِيَرْتَفِعَ ضَرَرُهُ بِهِ (وَهُوَ) أَيْ التَّقْيِيدُ بِعِلْمِ بَائِعِهِ (الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ خِلَافِ مَنْ تَقَدَّمَهُ. " غ " إنَّمَا وَقَفْت عَلَى هَذَا التَّرْجِيحِ لِابْنِ يُونُسَ، وَعَنْهُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ ابْنُ رُشْدٍ فَصَوَابُهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ثَبَتَ قَصْدُ مُشْتَرِي الدَّيْنِ ضَرَرَ الْمَدِينِ وَالْبَائِعُ جَاهِلٌ بِذَلِكَ، فَفِي فَسْخِ بَيْعِهِ وَمُضِيِّهِ وَيُبَاعُ عَلَى مُشْتَرِيهِ نَقْلًا عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَغَيْرِهِ مَعَ الصِّقِلِّيِّ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ بَائِعِهِ قَصْدَ مُشْتَرِيهِ الضَّرَرَ بِشِرَائِهِ فَيُرَدُّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَائِعُهُ وَهُوَ ظَاهِرُهَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) (لَا) يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ (إنْ ادَّعَى) شَخْصٌ دَيْنًا (عَلَى) شَخْصٍ (غَائِبٍ فَضَمِنَ) شَخْصٌ آخَرُ الْغَائِبَ فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ (ثُمَّ أَنْكَرَ) الْغَائِبُ الدَّيْنَ بَعْدَ حُضُورِهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِبَيِّنَةٍ (أَوْ قَالَ) شَخْصٌ (لِ) شَخْصٍ (مُدَّعٍ عَلَى) شَخْصٍ (مُنْكِرٍ) بِكَسْرِ الْكَافِ لَمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ أَطْلِقْهُ الْيَوْمَ وَأَنَا آتِيك بِهِ غَدًا. وَ (إنْ لَمْ آتِك بِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ (لِغَدٍ) أَيْ فِيهِ (فَأَنَا ضَامِنٌ) مَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَأْتِ) الْقَائِلُ (بِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ فِي الْغَدِ فَلَا يَلْزَمُ الْقَائِلَ شَيْءٌ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ) الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِهَا لَزِمَ الضَّامِنَ مَا ثَبَتَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 210 وَهَلْ بِإِقْرَارِهِ؟ تَأْوِيلَانِ: كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ.   [منح الجليل] وَهَلْ) يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا ثَبَتَ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مَدْلُولُ الْكِتَابِ أَوْ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. عِيَاضٌ لَوْ أَقَرَّ الْمُتَكَفَّلُ عَنْهُ بَعْدُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ وَهُوَ نَصُّ كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْكِتَابَ. فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يَذْكُرْهُمَا الشَّارِحَانِ إلَّا فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ زَادُوا وَأَقْبَلَ بِإِقْرَارِهِ لَكَانَ حَسَنًا فِي عَدَمِ اللُّزُومِ الْمَطْوِيِّ فِي كَلَامِهِ قَالَهُ تت. الْحَطّ الشَّرْطُ وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ، اُنْظُرْ الْمُدَوَّنَةَ فِي الْحَمَالَةِ، وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ. الْبُنَانِيُّ الْأَوَّلُ لِعِيَاضٍ، وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ وَهَلْ وَبِإِقْرَارِهِ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُ " ز " رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ أَصْلُهُ لِلشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ قَائِلًا لِأَنَّ الْأُولَى فَرْضُهَا الْإِنْكَارُ. الْمِسْنَاوِيُّ لَعَلَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِغَيْرِهِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا عَلَيْهِ شُيُوخُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى خِلَافُ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا التَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى خِلَافٌ أَيْضًا، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ بِبَيِّنَةٍ وَفِي لُزُومِهِ حَيْثُ ثَبَتَ بِهَا، وَيُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ هُنَا اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ (كَقَوْلِ) الشَّخْصِ (الْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (عَلَيْهِ) الْمُنْكِرِ لِلْمُدَّعِي (أَجِّلْنِي الْيَوْمَ) وَأَنَا أُوَافِيك غَدًا (فَإِنْ لَمْ أُوَافِك) أَيْ آتِك وَأُلَاقِك (غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً (حَقٌّ) وَأَخْلَفَ وَعْدَهُ وَلَمْ يُوَافِهِ غَدًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الْحَطُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَأَ قَوْلُهُ أُوَافِك بِأَلْفٍ بَعْدَ الْوَاوِ وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ مِنْ الْمُوَافَاةِ، أَيْ الْمُلَاقَاةِ، وَيُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ. وَمِنْ كِتَابِ الْجِدَارِ وَسُئِلَ عِيسَى عَنْ الْخَصْمَيْنِ يَشْتَرِطُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ لَمْ يُوَافِهِ عِنْدَ الْقَاضِي إلَى أَجَلٍ سَمَّيَاهُ فَدَعْوَاهُ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ دَعْوَى صَاحِبِهِ حَقٌّ إنْ كَانَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 211 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مُدَّعَى عَلَيْهِ فَيُخْلِفُهُ هَلْ يَلْزَمُهُ هَذَا الشَّرْطُ قَالَ لَا يُوجِبُ هَذَا الشَّرْطُ حَقًّا لَمْ يَجِبْ وَلَا يُسْقِطُ حَقًّا قَدْ وَجَبَ، وَسُئِلَ عَنْ الْخَصْمَيْنِ يَتَوَاعَدَانِ إلَى الْمُوَافَاةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَهُوَ عَلَى بُعْدٍ مِنْهُمَا يُسَمِّيَانِهَا فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا إنِّي أَخَافُ أَنْ تُخْلِفَنِي فَأَتْعَبَ وَأَغْرَمَ كِرَاءَ الدَّابَّةِ فَيَقُولُ إنْ لَمْ أُوَافِك فَدَعْوَاك حَقٌّ ثُمَّ يُخْلِفُهُ قَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ يَلْزَمُهُ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْرَأَ أُوَفِّك غَدًا بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ التَّوْفِيَةِ وَنَحْوُهُ فِي حَمَالَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلطَّالِبِ أَجِّلْنِي الْيَوْمَ، فَإِنْ لَمْ أُوَافِك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ قِبَلِي حَقٌّ فَهَذِهِ مُخَاطَرَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةً. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ إذْ قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ. (فَرْعٌ) أَبُو الْحَسَنِ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَقْتَ كَذَا فَالْحَقُّ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ مَنْ الْتَزَمَهُ اهـ. (فَرْعٌ) فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ عَجَّلْت لِي مِنْ حَقِّي كَذَا وَكَذَا فَبَقِيَّتُهُ مَوْضُوعَةٌ عَنْك، إمَّا السَّاعَةَ أَوْ إلَى أَجَلٍ سَمَّاهُ فَيُعَجِّلُ ذَلِكَ فِي السَّاعَةِ أَوْ فِي الْأَجَلِ إلَّا الدِّرْهَمَ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْوَضِيعَةُ، فَقَالَ عِيسَى مَا أَرَى الْوَضِيعَةَ تَلْزَمُهُ إذْ لَمْ يُعَجِّلْ جَمِيعَ حَقِّهِ. طفي الَّذِي فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا أُوَفِّك، وَالصَّوَابُ أُوَافِك بِأَلْفٍ بَعْدَ الْوَاوِ مِنْ وَافَى بِمَعْنَى أَتَى، وَالْأُولَى تَصْحِيفٌ مِمَّنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَاهُ إذْ لَا مَعْنَى لِوَفَّى الَّذِي بِمَعْنَى أَدَّى هُنَا، إذْ هَذَا كَصَرِيحِ الْإِقْرَارِ وَمُخَالِفٌ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلطَّالِبِ أَجِّلْنِي يَوْمَيْنِ، فَإِنْ لَمْ أُوَافِك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ قِبَلِي حَقٌّ، فَهَذِهِ مُخَاطَرَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ، إذْ قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَفُهِمَ مِنْ تَوْجِيهِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ وَافَى بِمَعْنَى أَتَى. وَمِمَّا يَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ السَّابِقَةَ أَيْ قَوْلَهُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ عَبَّرَ عَنْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِإِنْ لَمْ أُوَافِك كَمَا فِي هَذِهِ فَخَالَفَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا تَفَنُّنًا، وَنَصُّهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ ادَّعَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 212 وَرَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ مُقَوَّمًا، إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ.   [منح الجليل] عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَا بِهِ كَفِيلٌ إلَى غَدٍ، فَإِنْ لَمْ أُوَافِك فِي غَدٍ بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فِي غَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الْحِيَلَ شَيْءٌ حَتَّى يُثْبِتَ الْحَقَّ بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونَ حَمِيلًا بِهِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَغَيُّرَ تت وَغَيْرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَأَنَّ تَجْوِيزَ الْحَطّ تَشْدِيدَ الْفَاءِ بِمَعْنَى الْوَفَاءِ وَاسْتِدْلَالَهُ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ بِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا تَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ اخْتَصَرَهَا بِلَفْظِ فَإِنْ لَمْ آتِك غَدًا (وَ) إنْ دَفَعَ الضَّامِنُ شَيْئًا لِلْمَضْمُونِ لَهُ (رَجَعَ) عَلَى الْمَضْمُونِ (بِ) مِثْلِ (مَا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (أَدَّى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ دَفَعَهُ الضَّامِنُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَعَيْنٍ وَطَعَامٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مَا أَدَّاهُ (مُقَوَّمًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ، وَمُثَقَّلًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، لِأَنَّهُ كَالسَّلَفِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَوَّمُ عَرْضًا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ حَكَى فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ إنْ لَمْ يُحَابَ، وَسَاقَهُ فِي الشَّامِلِ قَيَّدَ الْحَطّ ابْنُ رُشْدٍ إذَا اشْتَرَى الْكَفِيلُ الْعَرْضَ الَّذِي تَحَمَّلَ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَعْرِفُهُ فِي أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مَا لَمْ يُحَابِ الْبَائِعَ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ إنْ كَانَ ضَمِنَ الْمَضْمُونَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ مَا تَحَمَّلَ بِهِ. وَيَرْجِعُ بِمَا أَدَّى (إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ) مِنْ الضَّامِنِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ بِبَيِّنَةٍ عَايَنَتْ دَفْعَ الدَّيْنِ لِلطَّالِبِ أَوْ بِإِقْرَارِ الطَّالِبِ بِقَبْضِهِ مِنْ الضَّامِنِ، وَأَمَّا إقْرَارُ الْمَطْلُوبِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الدَّفْعُ فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْحَمِيلَ لَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا إقْرَارُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِأَنَّ الضَّامِنَ دَفَعَ الدَّيْنَ لِلطَّالِبِ إذَا أَنْكَرَ الطَّالِبُ الْقَبْضَ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي هَذَا إذَا أَدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْغَرِيمِ وَأَمَّا بِحَضْرَتِهِ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِتَقْصِيرِهِ وَبِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَلَهُ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ يَرْجِعُ لِتَقْصِيرِ الْغَرِيمِ فِيهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 213 وَجَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْأَصَحِّ   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَالَ لِلضَّامِنِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِشْهَادِ عَلَى دَفْعِهِ، وَذَكَرَ الْحَطّ سَمَاعَ عِيسَى وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ تَنْبِيهٌ هَذَا إذَا دَفَعَ الْحَمِيلُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ دَفَعَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ الْمَالَ لِلْحَمِيلِ لِيَدْفَعَهُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فَدَفَعَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ فَإِنْ دَفَعَهُ بِحَضْرَةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمِيلِ الدَّافِعِ وَيَغْرَمُهُ الْمَضْمُونُ ثَانِيَةً بَعْدَ يَمِينِ الطَّالِبِ الْجَاحِدِ، فَإِنْ أَعْدَمَ الْمَطْلُوبُ أَوْ غَابَ أُخِذَ مِنْ الْحَمِيلِ ثَانِيَةً وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَطْلُوبِ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلطَّالِبِ قِبَلَهُ كَمَا لَوْ دَفَعَهُ الْمَطْلُوبُ بِحَضْرَةِ الْحَمِيلِ وَجَحَدَهُ الطَّالِبُ وَأَخَذَهُ مِنْ الْحَمِيلِ ثَانِيَةً لِعَدَمِ الْمَطْلُوبِ أَوْ غَيْبَتِهِ، وَإِنْ دَفَعَهُ الْحَمِيلُ مِنْ مَالِهِ الْمَطْلُوبِ فِي غَيْبَتِهِ ضَمِنَهُ لِلْمَطْلُوبِ وَلَهُ تَضْمِينُهُ وَإِنْ عَلِمَ دَفْعَهُ لِلطَّالِبِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِتَرْكِ إشْهَادِهِ عَلَى دَفْعِهِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى (وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ الضَّامِنِ رَبِّ الدَّيْنِ (عَنْهُ) أَيْ الْمَدِينِ أَوْ الدَّيْنِ (بِمَا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (جَازَ لِلْغَرِيمِ) أَيْ الْمَدِينِ صَلَحَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهِ (عَلَى) الْقَوْلِ (الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْمُصَنِّفُ فَيَنْزِلُ الضَّامِنُ مَنْزِلَةَ الْمَضْمُونِ، فَيَجُوزُ صُلْحُ الضَّامِنِ بَعْدَ الْأَجَلِ عَنْ دَنَانِيرَ جَيِّدَةٍ بِدَنَانِيرَ رَدِيئَةٍ وَعَكْسِهِ لِجَوَازِهِ لِلْمَضْمُونِ. (تَنْكِيتٌ) تَعَقَّبَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِصُورَتَيْنِ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهِمَا لِلْغَرِيمِ وَلَا يَجُوزُ الضَّامِنُ أَحَدُهُمَا طَعَامُ السَّلَمِ الَّذِي حَلَّ أَجَلُهُ، يَجُوزُ لِلْغَرِيمِ الصُّلْحُ عَنْهُ بِأَدْنَى أَوْ أَجْوَدَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ صُلْحُ الْغَرِيمِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ بِشَرْطِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ، وَيُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْأُولَى فِي تَوْضِيحِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ مَا جَازَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَدْفَعَهُ جَازَ لِلضَّامِنِ، قَالَ لَكِنْ قَالَ الْمَازِرِيُّ لَمْ يَطَّرِدْ هَذَا أَيْ الْجَوَازُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الطَّعَامِ مِنْ السَّلَمِ فَإِنَّهُ مَنَعَ الْكَفِيلَ أَنْ يُصَالِحَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ بِطَعَامٍ أَجْوَدَ مِمَّا تَحَمَّلَ بِهِ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَضَاءً عَنْ الْغَرِيمِ لَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ. فَلَمْ يَعْتَمِدْ هُنَا مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 214 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَفِي التَّوْضِيحِ قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ صَفْحَةٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا صَالَحَ بِمِثْلِيٍّ مُخَالِفٍ جِنْسَ الدَّيْنِ فَمَنَعَهُ فِي السَّلَمِ الثَّانِي وَأَجَازَهُ فِي الْكَفَالَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ الْبَابَ مَعْرُوفٌ، وَمَا لَا يَجُوزُ لِلْغَرِيمِ دَفْعُهُ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ فَلَوْ ضَمِنَهُ فِي عُرُوضٍ مِنْ سَلَمٍ فَلَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ الصُّلْحُ عَنْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَدْنَى صِفَةً أَوْ قَدْرًا لِدُخُولِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلَا بِأَكْثَرَ قَبْلَ الْأَجَلِ لِدُخُولِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُ قَالَهُ تت. طفي لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَى الْحَمِيلَ مِثْلَ مَا أَدَّى أَوْ مَا كَانَ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَعْتَمِدْ مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْهَا فِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَبْقَى الْمُصَنِّفُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي مُخَالَفَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُهُ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا صَالَحَ بِمِثْلِيٍّ إلَخْ أَيْ: وَالدَّيْنُ عَيْنٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي مَنْعِهِ عَنْ عَيْنٍ بِمِثْلِيٍّ وَجَوَازِهِ قَوْلًا سَلَمُهَا وَكَفَالَتُهَا، وَنَصُّ سَلَمِهَا وَإِنْ كَانَ دَيْنُك مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ قَرْضٍ فَصَالَحَك الْكَفِيلُ عَنْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَيْءٍ يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ جَازَ ذَلِكَ، وَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ عَلَى الْغَرِيمِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْقِيمَةِ لَمَّا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ صَالَحَك الْكَفِيلُ بِطَعَامٍ أَوْ بِمَا يَقْضِي بِثَمَنِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْغَرِيمَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ إنْ أَعْطَاك مِثْلَهُ أَوْ الدَّيْنَ اهـ. وَنَصُّ كَفَالَتِهَا وَمَنْ تَكَفَّلَ بِمِائَةِ دِينَارٍ هَاشِمِيَّةٍ فَأَدَّاهَا دِمَشْقِيَّةً وَهِيَ دُونَهَا بِرِضَا الطَّالِبِ رَجَعَ بِمِثْلِ مَا أَدَّى، وَلَوْ دَفَعَ فِيهَا عَرْضًا أَوْ طَعَامًا فَالْغَرِيمُ مُخَيَّرٌ فِي دَفْعِ مِثْلِ الطَّعَامِ أَوْ قِيمَةِ الْعَرْضِ أَوْ مَا لَزِمَهُ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ اهـ. فَكِلَاهُمَا فِي الْمُصَالَحَةِ عَنْ الْعَيْنِ بِمِثْلِيٍّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِتَعْمِيمِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، أَمَّا الْمُصَالَحَةُ عَنْ الْعَيْنِ بِمُقَوَّمٍ فَجَائِزَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَصِّ سَلَمِهَا، وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَمَّا الْمُصَالَحَةُ عَنْ الْعِوَضِ بِعَرْضٍ أَوْ عَيْنٍ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي مَنْعِهِ عَنْ عَرْضٍ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهُ سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ. وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْمُصَالَحَةُ عَنْ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِيٍّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَتَمْرٍ عَنْ قَمْحٍ، ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْبِسَاطِيَّ أَطْلَقَ فِي مَنْعِ الْمُصَالَحَةِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ لِلْكَفِيلِ، وَفِيهَا تَفْصِيلٌ. وَقَوْلُ تت فَدَرَجَ هُنَا عَلَى مَا اسْتَقَرَّ بِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَلْزَمُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 215 وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ أَوْ قِيمَتِهِ. وَإِنْ بَرِئَ الْأَصْلُ:   [منح الجليل] عَلَيْهِ مُخَالَفَةُ الْمَشْهُورِ لِأَنَّ مَا فِي سَلَمِهَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا فِي كَفَالَتِهَا مُضْطَرِبٌ. عِيَاضٌ سَقَطَ عِنْدَ ابْنِ عَتَّابٍ ذِكْرُ الطَّعَامِ هُنَا وَثَبَتَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى قَوْلُهُ أَوْ طَعَامٌ لَا يُعْجِبُنِي. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْمُصَالَحَةُ بِالْمُقَوَّمِ عَنْ الْعَيْنِ وَلَمْ يُرِدْ الْمُصَالَحَةَ بِالْمِثْلِيِّ لِقَوْلِهِ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ أَوْ قِيمَتِهِ وَقَدْ أَخَذُوا مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّتِي كَهَذِهِ أَنَّ الصُّلْحَ بِمُقَوَّمٍ فَلَا يَرِدُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ. وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ وَعَكْسِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ، ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَجَزَمَ الْبِسَاطِيُّ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. اهـ. كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ الْمُصَالَحَةُ بِالْمُقَوَّمِ عَنْ الْعَيْنِ نَصَّ عَلَى جَوَازِهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَحَكَى الْمَازِرِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ مَوْجُودًا فِيمَا عِنْدَ غَيْرِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ إذْ لَا أَقُولُ إنَّ الْجَوَازَ فِيهَا هُوَ الرَّاجِحُ، ثُمَّ قَالَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيَّ وَإِلَى مَنْعِ الْمُصَالَحَةِ بِالدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ وَبِالْعَكْسِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَصْحَابُنَا اهـ. وَأَمَّا صُلْحُهُ عَنْ طَعَامَ بِيعَ بِأَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَدْنَى، فَإِنَّ مَنْعَهُ لِلضَّامِنِ دُونَ الْغَرِيمِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ فِي ضَيْح بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ الْكَفِيلَ كَالْغَرِيمِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الصُّلْحِ وَيُمْنَعُ عَنْ الْمَازِرِيِّ مَا نَصُّهُ، لَكِنْ لَمْ يَطَّرِدْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الطَّعَامِ مِنْ السَّلَمِ، فَإِنَّهُ مَنَعَ الْكَفِيلَ أَنْ يُصَالِحَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ بِطَعَامٍ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْهُ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِحُصُولِ الْخِيَارِ لِلْمَدِينِ إلَخْ (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَيْنِ بِمُقَوَّمٍ (بِالْأَقَلِّ مِنْهُ) أَيْ دَيْنِ الْعَيْنِ (أَوْ) مِنْ (قِيمَتِهِ) أَيْ الْمُقَوَّمِ الْمُصَالَحِ بِهِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقَلَّ رَجَعَ بِهِ. فِي الْجَوَاهِرِ إذَا صَالَحَ الْكَفِيلُ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةِ مَا صَالَحَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ سُومِحَ بِحَطِّ قَدْرٍ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ صِفَةٍ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا بَذَلَ اهـ (وَإِنْ بَرِئَ) مِنْ الدَّيْنِ (الْأَصْلُ) أَيْ الْمَضْمُونُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِمُسْتَحِقِّهِ أَوْ هِبَتِهِ لَهُ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ أَوْ مَوْتِهِ مَلِيًّا وَالطَّالِبُ وَارِثُهُ أَوْ إحَالَةٍ عَلَى دَيْنٍ ثَابِتٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 216 بَرِئَ، لَا عَكْسُهُ ، وَعُجِّلَ بِمَوْتِ الضَّامِنِ، وَرَجَعَ وَارِثُهُ بَعْدَ أَجَلِهِ أَوْ الْغَرِيمِ إنْ تَرَكَهُ. وَلَا يُطَالَبُ، إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا، أَوْ لَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ عَلَيْهِ   [منح الجليل] لَازِمٍ (بَرِئَ) مِنْهُ الضَّامِنُ لِأَنَّ طَلَبَهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَضْمُونِ (لَا) يَثْبُتُ (عَكْسُهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ بَرَاءَةِ الْمَضْمُونِ، فَإِنْ أَسْقَطَ رَبُّ الدَّيْنِ الضَّمَانَ عَنْ الضَّامِنِ أَوْ وَهَبَهُ الدَّيْنَ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ لِعَدَمِ الْمَضْمُونِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ كَانَ الضَّمَانُ مُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ وَتَمَّتْ، وَالْمَضْمُونُ حَاضِرٌ مَلِيءٌ بَرِئَ الضَّامِنُ دُونَ الْمَضْمُونِ (وَعُجِّلَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ الْمَضْمُونُ (بِمَوْتِ الضَّامِنِ) لَهُ أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَحَاصَّ مُسْتَحِقُّهُ بِهِ غُرَمَاءَ الضَّامِنِ فِي مَالِهِ إنْ فُلِّسَ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ وَحُلُولِ مَا عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ وَلَوْ حَضَرَ الْمَضْمُونُ مَلِيًّا (وَرَجَعَ وَارِثُهُ) أَيْ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ (بَعْدَ) تَمَامِ (أَجَلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ فَلَوْ مَاتَ الضَّامِنُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْمَضْمُونُ حَاضِرٌ مَلِيءٌ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَالْحَيِّ (أَوْ) مَوْتِ (الْغَرِيمِ) أَيْ الْمَدِينِ الْمَضْمُونِ فَيُعَجَّلُ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ لِذَلِكَ، وَيُعَجَّلُ (إنْ تَرَكَ) الْكَفِيلُ أَوْ الْغَرِيمُ وَفَاءَ (هـ) أَيْ الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْغَرِيمُ وَفَاءَهُ فَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ حَتَّى يَتِمَّ أَجَلُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ بِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ حُلُولُهُ عَلَى الْكَفِيلِ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ (وَ) إنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ الْمَدِينُ فَ (لَا يُطَالَبُ) الضَّامِنُ بِالدَّيْنِ الْمَضْمُونَ فِيهِ (إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ الْمَضْمُونُ حَالَ كَوْنِهِ (مُوسِرًا) بِالدَّيْنِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ الْمَشْهُورُ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَلَهُ فِيهَا أَيْضًا لَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَبِهِ صَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُطَالَبُ أَيْضًا إذَا غَابَ الْغَرِيمُ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ يُعَدَّى فِيهِ أَيْ يُسَلِّطُ الْحَاكِمُ رَبَّ الدَّيْنِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ الْمَلِيءِ فَيُؤَدِّي مِنْ مَالِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ) غَابَ الْغَرِيمُ وَ (لَمْ يَبْعُدْ) أَيْ يَشُقَّ وَيَصْعُبْ (إثْبَاتُهُ) أَيْ مَالُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 217 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْغَرِيمِ الْغَائِبِ (عَلَيْهِ) أَيْ الطَّالِبِ وَلَا النَّظَرُ فِيهِ، وَنَصُّهَا وَإِذَا كَانَ لِلْغَائِبِ مَالٌ حَاضِرٌ يُعَدَّى فِيهِ فَلَا يُتْبَعُ الْكَفِيلُ. وَقَالَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي تَثْبِيتِهِ وَالنَّظَرِ فِيهِ بُعْدٌ فَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَمِيلِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ الْغَيْرِ تَفْسِيرٌ لَا خِلَافٌ، وَكَذَا حَمَلَهُ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ، وَبِهِ الْعَمَلُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ، أَيْ أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ وَحَضَرَ مَالُهُ وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ عَلَيْهِ أَيْ الطَّالِبِ. الْحَطّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ نَفْيَ مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ مَشْرُوطٌ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ إمَّا حُضُورُ الْغَرِيمِ مُوسِرًا أَوْ حُضُورُ مَالِهِ إذَا لَمْ يَبْعُدْ عَلَى الطَّالِبِ إثْبَاتُهُ لِلْمَطْلُوبِ وَالنَّظَرُ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا رَجَعَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ تَخْيِيرِ الطَّالِبِ فِي طَلَبِ الْحَمِيلِ دُونَ الْغَرِيمِ لِوَقْفِهِ عَلَى الْعَجْزِ عَنْ طَلَبِ الْغَرِيمِ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَظْهَرُ فِي أَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَلْزَمُ الْكَفِيلَ مَعَ مَلَاءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَحُضُورِهِ وَاسْتِوَائِهِمَا فِي اللَّدَدِ لِأَنَّهُ إنْ قَضَى لِلْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْكَفِيلِ قَضَى فِي الْحِينِ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَالْقَضَاءُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ أَوْلَى وَأَقَلُّ عَنَاءً. طفي قَوْلُ عج ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ كَثِيرَ الْمَطْلِ وَاللَّدَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُلِدًّا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقِيلَ الَّتِي لِلتَّمْرِيضِ، وَنَسَبَهُ ابْنُ شَاسٍ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ قَالَ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ مُلِدًّا ظَالِمًا، فَلَهُ إتْبَاعُ الْحَمِيلِ وَكَلَامُ الْغَيْرِ هُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ خِلَافُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَإِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي عَدِّهِ خِلَافًا نَظَرٌ، وَجَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ تَقْيِيدًا. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، إذْ قَالَ وَاسْتِوَائِهِمَا فِي اللَّدَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَيْضًا فَسَقَطَ تَوَرُّكُ طفي عَلَى عج. (تَنْبِيهٌ) بِالتَّخْيِيرِ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ الْإِمَامُ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْعَمَلِيَّاتِ عَنْ سَيِّدِي الْعَرَبِيِّ الْفَاسِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 218 وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مُلَائِهِ، وَأَفَادَ شَرْطَ أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَ   [منح الجليل] وَ) إنْ تَنَازَعَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ لَهُ فِي مَلَاءِ الْمَضْمُونِ فَ (الْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الضَّامِنِ (فِي) ثُبُوتِ (مَلَائِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَيْسَ لِلطَّالِبِ طَلَبُ الضَّامِنِ لِتَصْدِيقِهِ فِي مَلَاءِ الْمَضْمُونِ وَلَا طَلَبُ الْمَضْمُونِ لِإِقْرَارِهِ بِعَدَمِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِهِ فَلَهُ طَلَبُ الضَّامِنِ أَوْ تَجَدَّدَ مَالٌ لِلْمَضْمُونِ فَلَهُ طَلَبُهُ حِينَئِذٍ، هَذَا خِلَافُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلطَّالِبِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْحَمِيلُ بَيِّنَةً بِمَلَاءِ الْغَرِيمِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» فَوَجَبَ غُرْمُهُ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُسْقِطُهُ، وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ اسْتَظْهَرَ فِي تَوْضِيحِهِ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلْحَمِيلِ فِي مَلَائِهِ وَمَشَى عَلَيْهِ هُنَا، وَمَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا، لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِشَيْءٍ فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ خَصْمُهُ الْعِلْمَ، وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُقَدِّمَاتِ. سَحْنُونٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُتَحَمِّلِ لَهُ، وَعَلَى الْكَفِيلِ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ أَنَّ الْغَرِيمَ مَلِيءٌ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لِلْغَرِيمِ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَالْحَمِيلُ غَارِمٌ. الْبُنَانِيُّ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَنَصُّهُ وَإِذَا طَالَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَمِيلَ بِدَيْنِهِ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ الْحَمِيلُ شَأْنُك بِغَرِيمِك فَهُوَ مَلِيءٌ بِدَيْنِك. وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْغَرِيمُ مُعْدِمٌ، وَمَا أَجِدُ لَهُ مَالًا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ يُسْرَ الْغَرِيمِ وَمَلَاءَهُ فَيَبْرَأُ فَإِنْ عَجَزَ حَلَفَ لَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ يُسْرِهِ عَلَى إنْكَارِ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ وَغَرِمَ الْحَمِيلُ، وَلَهُ رَدُّ الْيَمِينِ فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْحَمِيلُ وَبَرِئَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ لَيْسَ عَلَى الْحَمِيلِ سَبِيلٌ حَتَّى يَبْدَأَ بِالْغَرِيمِ. اهـ. فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ اسْتِظْهَارَ نَفْسِهِ، وَمَا اسْتَظْهَرَهُ " ح " مِنْ عَدَمِ الْيَمِينِ إلَّا بِدَعْوَى الْعِلْمِ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَأَفَادَ) رَبُّ الدَّيْنِ (شَرْطَ) أَيْ اشْتِرَاطَ (أَخْذِ) أَيْ تَغْرِيمِ (أَيِّهِمَا) أَيْ الضَّامِنِ وَمَضْمُونِهِ (شَاءَ) الْأَخْذَ مِنْهُ مُبْدَأٌ عَلَى الْآخَرِ وَلَوْ حَضَرَ مَلِيًّا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفَائِدَةُ هَذَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 219 وَتَقْدِيمِهِ، أَوْ إنْ مَاتَ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ، أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ، التَّصْدِيقَ فِي الْإِحْضَارِ، وَلَهُ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ   [منح الجليل] الِاشْتِرَاطِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَمِيلِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا، فَإِنْ اخْتَارَ إتْبَاعَ الْحَمِيلِ سَقَطَ إتْبَاعُهُ الْمَدِينَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً لَا يَجُوزُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ إلَّا فِي الْقَبِيحِ الْمُطَالَبَةِ، أَوْ ذِي السُّلْطَانِ، وَقَوْلُهُ إنْ اخْتَارَ إتْبَاعَ الْحَمِيلِ سَقَطَ إتْبَاعُهُ الْمَدِينَ نَقَلَهُ أَحْمَدُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ اهـ بُنَانِيٌّ. (وَ) أَفَادَ شَرْطُ (تَقْدِيمِهِ) أَيْ الْحَمِيلِ فِي الْغُرْمِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَكْسَ الْحُكْمِ السَّابِقِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لِحَقِّ آدَمِيٍّ يُوَفِّي لَهُ بِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لِلشَّرْطِ فَائِدَةٌ لِكَوْنِهِ أَمْلَأَ أَوْ أَسْمَحَ أَوْ أَيْسَرَ قَضَاءً أَوَّلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبَيَانِ وَسَوَاءٌ شَرَطَ بَرَاءَةَ الْمَدِينِ أَمْ لَا، وَإِذَا اخْتَارَ تَقْدِيمَ الْحَمِيلِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَةَ الْمَدِينِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْحَمِيلِ (أَوْ) شَرَطَ الْحَمِيلُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إلَّا (إنْ مَاتَ) الْمَضْمُونُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ يُوَفِّك حَقَّك حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنْ يَمُوتَ عَدِيمًا، فَلَوْ فُلِّسَ أَوْ افْتَقَرَ أَوْ جَحَدَ الْمَدِينُ فَلَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ ضَمِيرِ مَاتَ لِلضَّامِنِ، أَيْ شَرَطَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنْ لَا يُطَالَبَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْحَمِيلِ، وَلَوْ أَعْدَمَ الْمَدِينُ وَشَبَّهَ فِي إفَادَةِ الشَّرْطِ فَقَالَ (كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ) أَيْ ضَامِنِ الْوَجْهِ (أَوْ) شَرْطِ (رَبِّ الدَّيْنِ التَّصْدِيقَ فِي) شَأْنِ (الْإِحْضَارِ) لِلْمَضْمُونِ، يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ إذَا شَرَطَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ إحْضَارَ الْمَضْمُونِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى ضَامِنِ الْوَجْهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ فِي إحْضَارِهِ بِلَا يَمِينٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ. الْمُتَيْطِيُّ إذَا اشْتَرَطَ ضَامِنُ الْوَجْهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ فِي إحْضَارِ مَضْمُونِهِ دُونَ يَمِينٍ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَإِنْ انْعَقَدَ فِي وَثِيقَةِ الضَّمَانِ تَصْدِيقُ الْمَضْمُونِ لَهُ فِي عَدَمِ إحْضَارِهِ إنْ ادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّهُ قَدْ أَحْضَرَهُ دُونَ يَمِينٍ فَهُوَ مِنْ الْحَزْمِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْيَمِينُ إنْ ادَّعَى الضَّامِنُ إحْضَارَهُ. (وَلَهُ) أَيْ الضَّامِنِ (طَلَبُ) الشَّخْصِ (الْمُسْتَحِقِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 220 بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ؛ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ   [منح الجليل] الْمَضْمُونِ لَهُ (بِتَخْلِيصِهِ) أَيْ الضَّامِنِ مِنْ الضَّمَانِ بِأَنْ يَقُولَهُ (عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ وَسُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِ دَيْنِهِ مِنْ الْمَضْمُونِ الْحَاضِرِ الْمَلِيءِ أَوْ تَأْخِيرِهِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ دَيْنَك مِنْ الْمَضْمُونِ أَوْ تُسْقِطَ الضَّمَانَ عَنِّي وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ دَيْنَهُ مِنْ الضَّامِنِ أَوْ لَا. وَمَفْهُومٌ عِنْدَ أَجَلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ. الْحَطّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَرِيحٌ فِي طَلَبِ الضَّامِنِ رَبَّ الدَّيْنِ بِأَنْ يُخَلِّصَ دَيْنَهُ مِنْ الْغَرِيمِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَالَ فِيهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَلَبَ الْكَفِيلُ بِمَا عَلَى الْغَرِيمِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ طَلَبٌ فِي حُضُورِ الْغَرِيمِ وَيُسْرِهِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ لَا يُلَائِمُهُ كُلَّ الْمُلَاءَمَةِ، لَكِنْ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمُعْسِرِ إلَخْ، وَيَشْهَدُ لَهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِلضَّامِنِ الْمُطَالَبَةُ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ الطَّلَبِ يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا تَوَجَّهَ لَهُ الطَّلَبُ عَلَى غَرِيمِهِ فَسَكَتَ عَنْهُ أَيْ نَصَّ عَلَى تَأْخِيرِهِ فَلِلْحَمِيلِ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ، وَيَقُولَ لِرَبِّ الدَّيْنِ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك مِنْ الْغَرِيمِ مُعَجَّلًا وَإِلَّا فَأَسْقِطْ عَنِّي الْحَمَالَةَ لِأَنَّ فِي تَرْكِ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ عِنْدَ وُجُوبِهِ ضَرَرًا بِالْحَمِيلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا الْآنَ وَيُعْسِرُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُطَالَبَةُ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا مَقَالَ لِلْحَمِيلِ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَا طَلَبَ لَهُ عَلَى الْغَرِيمِ فِي هَذَا الْحَالِ اهـ. وَأَمَّا طَلَبُ الضَّامِنِ الْمِدْيَانَ أَنْ يُخَلِّصَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ. وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْكَفِيلِ إجْبَارُ الْأَصْلِ عَلَى تَخْلِيصِهِ إذَا طُولِبَ وَلَيْسَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ اهـ، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي ذَخِيرَتِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ. قُلْت وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهَا فِي السَّلَمِ. الثَّانِي لَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَخْذُ الطَّعَامِ مِنْ الْغَرِيمِ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُوَصِّلَهُ إلَى رَبِّهِ، وَلَهُ طَلَبُهُ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إلَى رَبِّهِ وَيَبْرَأُ مِنْ حَمَالَتِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَهُ طَلَبُ الْمِدْيَانِ بِتَخْلِيصِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ لَكَانَ حَسَنًا اهـ. (لَا) أَيْ لَيْسَ لِلضَّامِنِ طَلَبُ الْمَضْمُونِ (بِتَسْلِيمِ الْمَالِ) الْمَضْمُونِ فِيهِ (إلَيْهِ) أَيْ الضَّامِنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 221 وَضَمِنَهُ إنْ اقْتَضَاهُ لَا أُرْسِلَ بِهِ   [منح الجليل] عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِيُؤَدِّيَهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ (وَ) إنْ سَلَّمَهُ لَهُ فَضَاعَ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْكَفِيلُ الْمَالَ (إنْ اقْتَضَاهُ) أَيْ أَخَذَ الْكَفِيلُ الْمَالَ مِنْ الْمَضْمُونِ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَالتَّخْلِيصِ لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ صَاحِبِ الْمَالِ، فَهُوَ وَكِيلٌ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَعَدِّيًا (لَا) يَضْمَنُ الْكَفِيلُ الْمَالَ الَّذِي اسْتَلَمَهُ مِنْ الْمَضْمُونِ إنْ (أُرْسِلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ السِّينِ، أَيْ الضَّامِنُ أَيْ أَرْسَلَهُ الْمَضْمُونُ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ لِرَبِّهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَمِينٌ لِلْمَضْمُونِ، فَضَمَانُ الْمَالِ عَلَى الْمَضْمُونِ حَتَّى يَصِلَ لِرَبِّهِ. الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا الرَّكْرَاكِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ لَا يَخْلُو قَبْضُ الْكَفِيلِ الطَّعَامَ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى مَعْنَى الرِّسَالَةِ فَلَا يَخْلُو الطَّعَامُ مِنْ كَوْنِهِ قَائِمًا بِيَدِهِ أَوْ فَائِتًا، فَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَالطَّالِبُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْكَفِيلَ، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْأَصْلَ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا. وَإِنْ فَاتَ الطَّعَامُ فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ بِتَلَفٍ أَوْ إتْلَافٍ، فَإِنْ كَانَ بِتَلَفٍ فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ الطَّلَبُ بِالْكَفَالَةِ خَاصَّةً، ثُمَّ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْهُودِ فِي الْحَمَالَةِ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ كَانَ بِإِتْلَافٍ مِنْ الْكَفِيلِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْأَصِيلِ مِثْلَ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَإِنْ غَرِمَ الْكَفِيلُ الطَّعَامَ لِلطَّالِبِ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَصِيلِ، فَإِنْ غَرِمَهُ لِلْأَصِيلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِمِثْلِ طَعَامِهِ أَوْ أَخْذِ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنْ غَرِمَ الْكَفِيلُ الطَّعَامَ لِلطَّالِبِ بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَا أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ فَأَرَادَ الْأَصِيلُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِثْلَ مَا غَرِمَ مِنْ الطَّعَامِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. الثَّانِي: أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى مَعْنَى الْوَكَالَةِ، فَإِذَا قَبَضَهُ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْأَصِيلِ قَوْلًا وَاحِدًا، فَإِنَّ الطَّالِبَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِقَبْضِ الْكَفِيلِ، فَإِنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ الْكَفِيلُ بَعْدَ صِحَّةِ قَبْضِهِ فَالْعَدَاءُ عَلَى الطَّالِبِ وَقَعَ بِلَا إشْكَالٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى مَعْنَى الِاقْتِضَاءِ إمَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِهِ، كَمَا إذَا غَابَ الطَّالِبُ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَخَافَ الْكَفِيلُ إعْدَامَ الْأَصِيلِ وَإِحْدَاثَ الْفَلَسِ، وَبِهَذَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 222 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُؤَوَّلُ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ قَبَضَهُ بِحُكْمِ قَاضٍ أَوْ قَبَضَهُ بِرِضَا الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ بِلَا حُكْمٍ، فَالْكَفِيلُ فِي هَذَا الْوَجْهِ ضَامِنٌ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الطَّعَامِ وَذِمَّتُهُ عَامِرَةٌ بِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إلَى طَالِبِهِ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا مَعَ قِيَامِ الطَّعَامِ بِيَدِ الْكَفِيلِ أَوْ فَوَاتِهِ، فَإِنْ غَرِمَ الْأَصِيلُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ بِطَعَامِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ أَتْلَفَهُ، أَوْ بِثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ. وَلَا يَجُوزُ لِطَالِبِهِ بَيْعُهُ بِهَذَا الْقَبْضِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلَا أَخْذُ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّالِبُ مِثْلَ طَعَامِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ مَا اقْتَضَاهُ سَاغَ الثَّمَنُ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ الْأَصِيلُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مِثْلَ الطَّعَامِ الَّذِي غَرِمَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. الرَّابِعُ: اخْتِلَافُهُمَا فِي صِفَةِ الْقَبْضِ فَادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّهُ عَلَى مَعْنَى الْإِرْسَالِ وَالْأَصِيلُ أَنَّهُ عَلَى مَعْنَى الِاقْتِضَاءِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَصِيلِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْقَرْضِ إذَا قَالَ قَابِضُهُ قَبَضْته عَلَى مَعْنَى الْوَدِيعَةِ. وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بَلْ قَرْضًا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ تَعَارُضُ أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الْمَالَ الْمَقْبُوضَ لِلدَّافِعِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْقَابِضِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ ثُمَّ ادَّعَى مَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْهُ فَالْأَصْلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَالْأُصُولُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَبِهَذَا قِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَصِيلِ، وَالْأَصْلُ الثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ إذَا اجْتَمَعَا أَنْ يَغْلِبَ حُكْمُ الْحَظْرِ، وَالْكَفِيلُ هَاهُنَا قَدْ ادَّعَى قَبْضًا صَحِيحًا، وَالْأَصِيلُ قَدْ ادَّعَى قَبْضًا فَاسِدًا، فَوَجَبَ كَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْقَابِضِ الَّذِي هُوَ الْكَفِيلُ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ أَشْبَهَ وَقَدْ ادَّعَى أَمْرًا مُبَاحًا وَالْأَصِيلُ قَدْ ادَّعَى الْفَسَادَ لِأَنَّ الْكَفِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ الطَّعَامِ مِنْ الْمَكْفُولِ، وَإِنَّمَا لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالدَّفْعِ إلَى الطَّالِبِ لِيَبْرَأَ مِنْ الْكَفَالَةِ، فَإِذَا ادَّعَى الْأَصِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فَقَدْ ادَّعَى أَمْرًا مَحْظُورًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يُصَدَّقَ. الْخَامِسُ: إبْهَامُ الْأَمْرِ وَخُلُوُّ الْقَبْضِ عَنْ الْقَرَائِنِ وَقَدْ مَاتَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ، فَهَلْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 223 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُحْمَلُ عَلَى الْإِرْسَالِ حَتَّى يَثْبُتَ الْقَبْضُ عَلَى الِاقْتِضَاءِ، أَوْ يُحْمَلَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ حَتَّى يَثْبُتَ الْإِرْسَالُ، فَهَذَا مِمَّا يَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا قَبَضَهُ عَلَى مَعْنَى الرِّسَالَةِ وَادَّعَى التَّلَفَ أَنَّهُ يَحْلِفُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ قَبَضَ عَلَى مَعْنَى الرِّسَالَةِ فَالضَّمَانُ مِنْ الدَّافِعِ بَعْدَ يَمِينِ الْقَابِضِ عَلَى التَّلَفِ، وَيَبْقَى الْحَقُّ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا كَانَ قَبْلُ اهـ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْحَمِيلِ فِي دَعْوَاهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ وَإِنْ اُتُّهِمَ أُحْلِفَ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ بِيَمِينِهِ إنْ اُتُّهِمَ، وَإِذَا صُدِّقَ فِيهِ كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْ الطَّالِبِ وَبَرِئَ الْمَطْلُوبُ وَسَقَطَتْ الْكَفَالَةُ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ وَلَا يَكْفِي تَصْدِيقُ الْقَابِضِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَقَوْلُهُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ إذَا قَبَضَهُ عَلَى مَعْنَى الِاقْتِضَاءِ أَنَّ الْكَفِيلَ ضَامِنٌ سَوَاءٌ قَبَضَهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ بِرِضَا مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ خِلَافُهُ. قَالَ قَوْلُهُ بِقَضَاءِ سُلْطَانٍ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ أَنْكَرَ سَحْنُونٌ هَذَا اللَّفْظَ، وَقَالَ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ هُنَا حُكْمٌ. قَالَ وَرَأَيْت فِيمَا أَمْلَاهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَغِيبَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَيَحِلَّ الْأَجَلُ وَيَقُومَ الْكَفِيلُ عَلَى الْمَكْفُولِ، وَيَقُولَ أَخْشَى أَنْ يَعْدَمَ قَبْلَ قُدُومِهِ فَأَغْرَمَ فَيَنْظُرَ الْحَاكِمُ، فَإِنْ كَانَ الْمَكْفُولُ مَلِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْكَفِيلِ، وَإِنْ كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ الْعُدْمُ أَوْ كَانَ مُلِدًّا قَضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَأَبْرَأَهُ مِنْهُ وَجَعَلَهُ عِنْدَ عَدْلٍ أَوْ عِنْدَ الْكَفِيلِ إنْ كَانَ ثِقَةً، وَنَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ مَسْلَمَةَ. أَبُو الْحَسَنِ إلَّا أَنَّ فِي هَذَا إحَالَةً لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ وَجْهِهَا إذْ لَا ضَمَانَ فِي هَذَا الْفَرْضِ، وَمَسْأَلَةُ الْكِتَابِ فِيهَا الضَّمَانُ اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَرَادَ الْحَمِيلُ أَخْذَ الْحَقِّ بَعْدَ مَحِلِّهِ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ وَقَالَ أَخَافُ أَنْ يُفَلَّسَ وَهُوَ مِمَّنْ يُخَافُ عُدْمُهُ قَبْلَ قُدُومِهِ، أَوْ لَا يُخَافُ إلَّا أَنَّهُ كَثِيرُ اللَّدَدِ وَالْمَطْلِ مُكِّنَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَمِينًا أَقَرَّ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَوْدَعَ وَيَبْرَأُ الْحَمِيلُ وَالْغَرِيمُ وَضَمَانُ الْمَالِ مِنْ الْغَائِبِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لَهُ بِالْحَاكِمِ، وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مَلِيًّا وَفِيًّا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 224 وَلَزِمَهُ تَأْخِيرُ رَبِّهِ، الْمُعْسِرِ، أَوْ الْمُوسِرِ، إنْ سَكَتَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا وَإِنْ أَنْكَرَ: حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ وَلَزِمَهُ   [منح الجليل] وَلَزِمَهُ) أَيْ الضَّامِنَ (تَأْخِيرُ رَبِّهِ) أَيْ الدَّيْنِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ الْمَضْمُونَ (الْمُعْسِرَ) ابْنُ رُشْدٍ وَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ فِي هَذَا اتِّفَاقًا لِوُجُوبِ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ، وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يَحْتَجَّ الضَّامِنُ بِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إسْقَاطٌ لِلضَّمَانِ عَنْهُ، فَأَفَادَ أَنَّ التَّأْخِيرَ يَلْزَمُهُ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَالَةُ (أَوْ) تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمَضْمُونَ (الْمُوسِرَ) بِالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ الضَّامِنَ (إنْ سَكَتَ) الضَّامِنُ عَالِمًا بِالتَّأْخِيرِ زَمَانًا يَرَى عُرْفًا أَنَّ سُكُوتَهُ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِبَقَاءِ ضَمَانِهِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي أَخَّرَ إلَيْهِ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الضَّامِنُ بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَخَّرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَضْمُونَ إلَيْهِ، فَالضَّمَانُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى الضَّامِنِ (إنْ حَلَفَ) رَبُّ الدَّيْنِ (أَنَّهُ) أَيْ رَبَّ الدَّيْنِ (لَمْ يُؤَخِّرْهُ) أَيْ الْمَضْمُونَ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْقِطًا) لِلضَّمَانِ عَنْ الضَّمَانِ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَمِيلُ بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ حَلَفَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ لِيُسْقِطَ الْكَفَالَةَ وَيَكُونَ عَلَى حَقِّهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَحِلُّهُ إذَا كَانَتْ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي سَوَاءٌ وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ أَعْسَرَ الْآنَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْحَمِيلِ لِتَفْرِيطِهِ حَتَّى تَلِفَ مَالُ غَرِيمِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْكَفِيلُ فَيُعَدُّ رَاضِيًا. اهـ. فَإِنْ نَكَلَ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا، وَلَوْ أَشْهَدَ رَبُّ الدَّيْنِ حِينَ التَّأْخِيرِ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ الْحَمَالَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَهُ الْحَطّ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الضَّامِنُ التَّأْخِيرَ حِينَ عِلْمِهِ بِهِ (حَلَفَ) الطَّالِبُ (أَنَّهُ) أَيْ الطَّالِبَ (لَمْ يُسْقِطْ) الطَّالِبُ الْحَمَالَةَ بِتَأْخِيرِ الْمَضْمُونِ (وَلَزِمَهُ) أَيْ الضَّمَانُ الضَّامِنَ وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ وَبَقِيَ الدَّيْنُ حَالًّا، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَسَقَطَتْ الْكَفَالَةُ، هَذَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا الْكَفَالَةُ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ. وَقِيلَ لَازِمَةٌ بِكُلِّ حَالٍ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ وَإِنْ أَخَّرَهُ مَلِيًّا فَأَنْكَرَ حَمِيلُهُ فَفِي سُقُوطِهِ حَمَالَتُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 225 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَبَقَائِهَا. ثَالِثُهَا إنْ أَسْقَطَ الْحَمَالَةَ صَحَّ تَأْخِيرُهُ وَإِلَّا حَلَفَ مَا أَخَّرَ إلَّا عَلَى بَقَائِهَا وَسَقَطَ تَأْخِيرُهُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ وَسَقَطَتْ الْكَفَالَةُ. الْحَطّ غَيْرَ أَنَّهُ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي رَأَيْت مِنْ الْبَيَانِ آثَرَ قَوْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ، وَالْكَفَالَةُ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ بِكُلِّ حَالٍ مُشْكِلٍ لِاقْتِضَائِهِ سُقُوطَ الْكَفَالَةِ مَعَ حَلِفِهِ، وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْلِ الثَّانِي. وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِلَفْظٍ وَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ بِأَنَّهُ مِثْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ، وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ فِي غَالِبِ نُسَخِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ لُزُومُ الْكَفَالَةِ إذَا نَكَلَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَاسْتَشْكَلَهُ الْبِسَاطِيُّ بِوَجْهٍ آخَرَ، قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّهَا ثَابِتَةٌ بِكُلِّ حَالٍ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ يَمِينَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِالتَّأْخِيرِ سُقُوطَ الْكَفَالَةِ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقِيَاسُ سُقُوطُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَهَذَا يَرْتَفِعُ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْبَيَانِ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لَا ثَابِتَةٌ، وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَكِنْ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ يَبْقَى الْقَوْلُ الثَّانِي، كَأَنَّهُ الْأَوَّلُ لَا كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مِنْ كَوْنِ الثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ، وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِزَوَالِ قَوْلِهِ بِكُلِّ حَالٍ مِنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَهُ كَذَلِكَ، وَكَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ يُفَرِّقُ بَيْنَ حَلِفِهِ فَلَا يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ وَيُسْقِطُ التَّأْخِيرَ، وَبَيْنَ نُكُولِهِ فَتَسْقُطُ الْكَفَالَةُ وَلَا يُسْقِطُ التَّأْخِيرَ وَقَوْلُ غَيْرِهِ سُقُوطُهَا فِي الْوَجْهَيْنِ بِمُجَرَّدِ التَّأْخِيرِ، وَالثَّالِثُ ثُبُوتُهَا فِيهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي وَاَلَّذِي عَلَيْهِ النَّاقِلُونَ لِكَلَامِ الْبَيَانِ هُوَ نَقْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ. وَقَوْلُ " ح " لِاقْتِضَائِهِ سُقُوطَ الْكَفَالَةِ مَعَ حَلِفِهِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ مُعْتَرِفٌ بِسُقُوطِهَا لِقَوْلِهِ أَوَّلَ كَلَامِهِ، فَإِنْ عَلِمَ فَأَنْكَرَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَالَةُ، وَيُقَالُ لِلطَّالِبِ إنْ أَحْبَبْت أَنْ تُمْضِيَ التَّأْخِيرَ عَلَى أَنْ لَا كَفَالَةَ لَك عَلَى الْكَفِيلِ، وَإِلَّا فَاحْلِفْ أَنَّك إنَّمَا أَخَّرْته عَلَى أَنْ يَبْقَى الْكَفِيلُ عَلَى كَفَالَتِهِ، فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّأْخِيرُ وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 226 وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ بِتَأْخِيرِهِ،   [منح الجليل] التَّأْخِيرُ وَالْكَفَالَةُ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ. . . إلَخْ وَلِأَنَّ حَلِفَهُ إنَّمَا هُوَ لِيُبْطِلَ التَّأْخِيرَ حَيْثُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ كَمَا فِي نَقْلِ " ق "، وَهَكَذَا فِي نَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ وَ " ح " اخْتَصَرَهُ وَأَخَلَّ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْكَفَالَةَ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لَيْسَ هُوَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِسُقُوطِهَا فِي كُلِّ حَالٍ فِي الْأَوَّلِ، أَيْ بِقَيْدِ الْإِنْكَارِ حَلَفَ أَمْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى فَهْمِهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي سُقُوطُهَا بِكُلِّ حَالٍ لَا بِقَيْدِ الْإِنْكَارِ فَعِنْدَهُ أَنَّ نَفْسَ التَّأْخِيرِ مُسْقِطٌ لَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْغَيْرِ، فَافْتَرَقَ الْقَوْلَانِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْكَفِيلُ بِالتَّأْخِيرِ خُيِّرَ الطَّالِبُ، فَأَمَّا إبْرَاءُ الْحَمِيلِ مِنْ حَمَالَتِهِ وَيَصِحُّ التَّأْخِيرُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْحَمِيلِ. فَإِنْ سَكَتَ الْحَمِيلُ وَقَدْ عَلِمَ بِذَلِكَ لَزِمَتْهُ الْحَمَالَةُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى حَلَّ أَجَلُ التَّأْخِيرِ حَلَفَ الطَّالِبُ مَا أَخَّرَهُ لِيُبَرِّئَ الْحَمِيلَ وَثَبَتَتْ الْحَمَالَةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا وَأَخَّرَهُ تَأْخِيرًا بَيِّنًا سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ. اهـ. فَأَنْت تَرَى قَوْلَ الْغَيْرِ بِسُقُوطِ الْحَمَالَةِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْإِنْكَارِ، بَلْ مُطْلَقٌ وَلَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى حَلَّ التَّأْخِيرُ، بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ اتَّضَحَ لَك الْحَقُّ، وَبَانَ لَك أَنَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بَوْنًا، وَإِنْ كَانَ ابْنُ رُشْدٍ أَتَى بِهِمَا فِي قِسْمِ الْإِنْكَارِ، وَلَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ، لِأَنَّهُ أَشَارَ إلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا نَقْلُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْحَمَالَةَ ثَابِتَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى وَجْهِهِ، بَلْ اخْتَصَرَهُ فَطَغَى الْقَلَمُ. وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَعْزِيَ لِابْنِ رُشْدٍ ثُبُوتَ الْحَمَالَةِ بِكُلِّ حَالٍ، وَهُوَ قَدْ قَالَ إنْ عَلِمَ فَأَنْكَرَ فَلَا تَلْزَمُهُ الْحَمَالَةُ فَتَأَمَّلْ مُنْصِفًا، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. تت تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ، هَذَا كُلُّهُ فِي التَّأْخِيرِ الْكَثِيرِ، وَأَمَّا الْيَسِيرِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلضَّامِنِ مَعَ ذِكْرِهِ فِي تَوْضِيحِهِ (وَ) إنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَأَخَّرَ رَبُّهُ الضَّامِنُ (تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (غَرِيمُهُ) أَيْ مَدِينُ رَبِّ الدَّيْنِ (بِ) سَبَبِ (تَأْخِيرِهِ) أَيْ الْحَمِيلِ، فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 227 إلَّا أَنْ يَحْلِفَ وَبَطَلَ، إنْ فَسَدَ مُتَحَمَّلٌ بِهِ أَوْ فَسَدَتْ: كَبِجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ،   [منح الجليل] أَجَلِ التَّأْخِيرِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِتَأْخِيرِهِ الْحَمِيلَ تَأْخِيرَ الْغَرِيمِ، فَلَهُ طَلَبُ الْغَرِيمِ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ تَأْخِيرُ الْغَرِيمِ أَيْضًا، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ تَأَخَّرَ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْحَمِيلَ مَعَ حُضُورِ الْغَرِيمِ وَيُسْرِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ وَالْمَدِينُ مُعْسِرٌ أَوْ غَائِبٌ فَأَيْسَرَ الْغَرِيمُ أَوْ حَضَرَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ مَلِيًّا فَلَا يُطَالَبُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ تَأْخِيرِ الضَّامِنِ (وَبَطَلَ) الضَّمَانُ (إنْ فَسَدَ) الْعَقْدُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَالٌ (مُتَحَمَّلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ، تَحَمَّلَ (بِهِ) الضَّامِنُ عَنْ الْمَدِينِ الَّذِي تَرَتَّبَ الدَّيْنُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ ادْفَعْ لَهُ دِينَارًا فِي دِينَارَيْنِ، أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا إلَى شَهْرٍ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، فَهَذِهِ حَمَالَةٌ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ اتِّفَاقًا فِي الثَّانِي، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ كُلُّ حَمَالَةٍ وَقَعَتْ عَلَيَّ حَرَامٌ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمَا أَوْ بَعْدَهُ، فَهِيَ سَاقِطَةٌ لَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ بِهَا شَيْءٌ عَلِمَ الْمُتَبَايِعَانِ بِحَرَامِ ذَلِكَ أَوْ جَهِلَاهُ عَلِمَ الْحَمِيلُ بِذَلِكَ أَوْ جَهِلَهُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ لَزِمَ فِي الْمُتَحَمَّلِ بِهِ قِيمَتُهُ لِفَوَاتِهِ أَمْ لَا، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَالْجَزِيرِيُّ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْمُتَحَمِّلُ بِفَسَادِ الْحَمَالَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَمِيلَ الْحَمَالَةُ بِالْقِيمَةِ لَا إنْ عَلِمَ (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ الضَّمَانُ أَيْ لَغِيَ وَلَمْ يَلْزَمْ الْحَمِيلَ بِهِ شَيْءٌ إنْ (فَسَدَتْ) الْحَمَالَةُ نَفْسُهَا بِانْتِفَاءِ رُكْنِهَا أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعِهَا فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمُعَلَّقُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا اعْتِرَاضَ بِتَعْلِيقٍ أُنْشِئَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَثَّلَ شَيْنَ الْفَاسِدَةِ فَقَالَ (كَ) حَمَالَةٍ (بِجُعْلٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ، أَيْ عِوَضٍ (مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ) أَيْ الدَّيْنِ (لِمَدِينِهِ) بِأَنْ كَانَ مِنْ رَبِّهِ وَمِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلضَّامِنِ لِأَنَّ الضَّامِنَ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ وَازْدَادَ الْجُعْلَ، وَهَذَا سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَلِأَنَّ الضَّمَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى. وَالثَّانِي الْقَرْضُ، وَالثَّالِثُ الْجَاهُ، فَمَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 228 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْجُعْلُ مِنْ رَبِّهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِمَدِينِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِشَرْطِ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْأَوَّلِ، فَهَذِهِ النُّسْخَةُ صَحِيحَةٌ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ فِي التَّوْضِيحِ لَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ أَنْ يَأْخُذَ جُعْلًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا. الْمَازِرِيُّ لِلْمَنْعِ عِلَّتَانِ أُولَاهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بِيَاعَاتِ الْغَرَرِ لِأَنَّ مَنْ أَخَذَ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يَتَحَمَّلَ بِمِائَةٍ لَمْ يَدْرِ هَلْ يُفْلِسُ مَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ أَوْ يَغِيبُ فَيَخْسَرَ مِائَةً وَلَمْ يَأْخُذْ إلَّا الْعَشَرَةَ أَوْ يَسْلَمُ مِنْ الْغَرَامَةِ وَيَفُوزُ بِالْعَشَرَةِ، ثَانِيَتُهُمَا أَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ مَمْنُوعَيْنِ لِأَنَّهُ إنْ أَدَّى الْغَرِيمُ الدَّيْنَ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَدَّى الضَّامِنُ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ صَارَ كَأَنَّهُ أَسْلَفَ مَا أَدَّى وَرَبِحَ الْجُعْلَ فَكَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ. اهـ. وَالْبُطْلَانُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْجُعْلِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَعِلْمِ رَبِّ الدَّيْنِ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْحَمَالَةُ، وَرَدَّ الْجُعْلَ. قَالَ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ اعْلَمْ أَنَّ الْجُعْلَ إنْ كَانَ لِلْحَمِيلِ رَدَّ الْجُعْلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا، وَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَتَارَةً تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ، وَتَارَةً تَثْبُتُ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ. وَالثَّالِثُ يَخْتَلِفُ فِيهِ فِي الْحَمَالَةِ وَالْبَيْعِ جَمِيعًا، فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْبَائِعِ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيمَا فَعَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْحَمِيلِ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَيْ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِهِ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالْبَيْعِ لِأَنَّ الْحَمِيلَ غَرَّ الْبَائِعَ حَتَّى أَخْرَجَ سِلْعَتَهُ. وَاخْتُلِفَ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ يُرِيدُ وَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَتِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ، وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ اُنْظُرْ " ح "، وَقَوْلُ " ز " وَمَفْهُومُهُ صُورَتَانِ إلَخْ. الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُمَا دَاخِلَةٌ فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَتْ مِنْ مَفْهُومِهِ وَقَدْ عُلِمَ جَوَازُهَا فَتَرِدُ عَلَى الْمَنْطُوقِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 229 وَإِنْ ضَمَانَ مَضْمُونِهِ،   [منح الجليل] وَتَفْسُدُ بِهَا، هَذِهِ النُّسْخَةُ أَعْنِي مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ " غ " فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ أَوْ فَسَدَتْ كَبِجُعْلٍ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ كَمَدِينِهِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ وَالرَّاءِ وَزِيَادَةِ وَإِنْ وَكَمَدِينِهِ بِكَافِ التَّشْبِيهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ أَنْ يَأْخُذَ جُعْلًا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْمَدِينِ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالدَّالِ وَلِمَدِينِهِ بِاللَّامِ، وَصَوَابُهُ عَلَى هَذَا لَا مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ بِلَا النَّافِيَةِ حَتَّى يُطَابِقَ قَوْلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ أَعْطَى الْمِدْيَانَ شَيْئًا عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ حَمِيلًا فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَصِحُّ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ الْجَوَازُ أَبْيَنُ. الْحَطّ هَاتَانِ النُّسْخَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا غَيْرُ مُشْتَهِرَتَيْنِ، وَالنُّسْخَةُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ كَمَا ذَكَرْته أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ وَإِنْ وَغَيْرُ بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَالْيَاءِ وَلِمَدِينِهِ فَاللَّامُ الْجَرِّ، وَهَذِهِ مَعْنَاهَا فَاسِدٌ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَفْسُدُ إذَا دَفَعَ غَيْرُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمِدْيَانِ جُعْلًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لِرَبِّ الدَّيْنِ حَمِيلًا، وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْجُعْلَ لَوْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمِدْيَانِ يَصِحُّ، فَأَحْرَى إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ اللَّامِ كَافٌ صَحَّتْ، لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الْأُولَى غَيْرَ أَنَّهُ يَدَّعِي فِيهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَحْرَوِيًّا فَأَوْلَى النُّسَخِ وَأَحْسَنُهَا النُّسْخَةُ الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ غَازِيٍّ. وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِكَجُعْلٍ جَمِيعُ الصُّوَرِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِيهَا الْحَمَالَةُ لِدُخُولِ الْفَسَادِ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ لِلضَّامِنِ إنْ كَانَ الْجُعْلُ مَالًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْجُعْلُ (ضَمَانَ مَضْمُونِهِ) أَيْ الضَّامِنِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ الضَّامِنُ بِأَنْ ضَمَّنَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِيُضَمِّنَهُ الْآخَرُ بِأَنْ تَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ، وَيُضَمِّنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ إذَا شَرَطَا ذَلِكَ لَا إنْ اتَّفَقَ بِدُونِ شَرْطٍ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُ مَفْعُولِ الْمَصْدَرِ مَدِينُ الضَّامِنِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اضْمَنِّي وَأَنَا أَضْمَنُ لَك مَدِينَك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 230 إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ بَيْنَهُمَا، أَوْ بَيْعِهِ، كَقَرْضِهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ أُتْبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ،   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَالَ (إلَّا) تَضَامُنُهُمَا (فِي) ثَمَنٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا بِسَبَبِ (اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ مُشْتَرَكٍ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُتَضَامِنَيْنِ بِأَنْ يَشْتَرِيَا شَيْئًا مُعَيَّنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِالنِّصْفِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ عَلَيْهِمَا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِلْبَائِعِ فَيَجُوزُ لِعَمَلِ السَّلَفِ (أَوْ) تَضَامُنُهُمَا فِي عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ بِ (بَيْعِهِ) لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَقَرْضِهِمَا) أَيْ تَسَلُّفِ شَخْصَيْنِ شَيْئًا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَتَضَامُنِهِمَا فِيهِ فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْعَطَّارِ خِلَافًا لِابْنِ الْفَخَّارِ رَآهُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً. تت وَقَيَّدْنَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا قَدْرَ مَا ضَمِنَهُ الْآخَرُ فِيهِ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ. عب جَازَ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِعَمَلِ الْمَاضِينَ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا امْتَنَعَ، وَالْجَوَازُ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يُضَمِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ فِي قَدْرِ مَا ضَمَّنَهُ فِيهِ الْآخَرُ وَإِلَّا امْتَنَعَ، فَإِذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ، فَإِنْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِي جَمِيعِ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ ضَمِنَ ذُو الثُّلُثِ نِصْفَ مَا لِصَاحِبِهِ جَازَ (وَإِذَا تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مَمْدُودًا جَمْعُ حَمِيلٍ، وَأَرَادَ بِهِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَيَشْمَلُ الِاثْنَيْنِ أَيْضًا لِمَدِينٍ ضَمِنُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَغَابَ الْغَرِيمُ أَوْ أَفْلَسَ (اتَّبَعَ) الْمَضْمُونُ لَهُ (كُلًّا) مِنْ الْحُمَلَاءِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ الْحَمِيلِ الْمُتَّبِعِ فَقَطْ مِنْ قِسْمَةِ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ فِيهِ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَلَا يَكُونُ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضِهِمْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 231 إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ: كَتَرَتُّبِهِمْ، وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي بِغَيْرِ الْمُؤَدَّى عَنْ نَفْسِهِ بِكُلِّ مَا عَلَى الْمُلْقِي؛ ثُمَّ سَاوَاهُ،   [منح الجليل] فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَلِيءٍ حِصَّةُ مُعْدِمٍ، وَلَا مِنْ حَاضِرٍ نَصِيبُ غَائِبٍ، وَلَا مِنْ حَيٍّ حَظُّ مَيِّتٍ، بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمْ ضَمَانُهُ عَلَيْنَا وَوَافَقَهُ الْبَاقِي، أَوْ قِيلَ لَهُمْ تَضْمَنُونَ فُلَانًا فَقَالُوا جَمِيعًا نَعَمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ مُتَعَاقِبِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) الْمَضْمُونُ لَهُ فِي عَقْدِ الضَّمَانِ (حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْحُمَلَاءِ (عَنْ بَعْضٍ) فَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ حَقِّهِ مِنْ بَعْضِهِمْ إنْ غَابَ غَيْرُهُ أَوْ أَعْدَمَ وَإِنْ حَضَرُوا أَمْلِيَاءَ اتَّبَعَ كُلًّا بِحِصَّتِهِ فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ قَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت حَقِّي مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ حَقِّهِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَلَوْ حَضَرَ غَيْرُهُ مَلِيًّا. وَأَقْسَامُ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ، تَعَدُّدُهُمْ بِلَا شَرْطٍ فَلَا يَتَّبِعُ كُلًّا إلَّا بِحِصَّتِهِ. تَعَدُّدُهُمْ وَاشْتِرَاطُ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت حَقِّي مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ شَاءَ وَلَوْ حَضَرُوا أَمْلِيَاءَ. تَعَدُّدُهُمْ بِشَرْطِ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَمْ يَقُلْ أَيُّكُمْ إلَخْ، فَيَأْخُذُ جَمِيعَ حَقِّهِ مِمَّنْ حَضَرَ مَلِيًّا إنْ غَابَ الْبَاقِي أَوْ أَعْدَمَ وَإِنْ حَضَرُوا أَمْلِيَاءَ اتَّبَعَ كُلًّا بِحِصَّتِهِ. تَعَدُّدُهُمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَقَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت حَقِّي مِنْهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ شَاءَ وَلَوْ حَضَرُوا أَمْلِيَاءَ. وَشَبَّهَ فِي أَخْذِهِ الْحَقَّ مِمَّنْ شَاءَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَتَرَتُّبِهِمْ) أَيْ الْحُمَلَاءِ فِي الْحَمَالَةِ بِأَنْ ضَمِنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مِمَّنْ شَاءَ، وَلَوْ حَضَرُوا جَمِيعًا أَمْلِيَاءَ إنْ أَعْدَمَ الْمَضْمُونُ أَوْ غَابَ، وَسَوَاءٌ شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَمْ لَا عَلِمَ الْمُتَأَخِّرُ بِالتَّقَدُّمِ أَمْ لَا، " غ " كَأَنَّهُ يُشِيرُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ كَفِيلًا بَعْدَ كَفِيلٍ فَلَهُ فِي عُدْمِ الْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ بِجَمِيعِ حَقِّهِ أَيَّ الْكَفِيلَيْنِ شَاءَ (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ (الْمُؤَدِّي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلًا، وَمَفْهُومُهُ مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ، أَيْ الدَّيْنِ الْمَضْمُونُ فِيهِ (بِغَيْرِ) الْقَدْرِ (الْمُؤَدَّى) بِفَتْحِ الدَّالِ مُثَقَّلًا (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُؤَدِّي، وَأَبْدَلَ مِنْ بِغَيْرِ إلَخْ قَوْلُهُ (بِكُلِّ مَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (عَلَى) الشَّخْصِ (الْمُلْقِي) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ (ثُمَّ سَاوَاهُ) أَيْ الْمُؤَدِّي الْمُلْقِي بِالْكَسْرِ فِيهِمَا فِيمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 232 فَإِنْ اشْتَرَى سِتَّةٌ بِسِتِّمِائَةٍ بِالْحَمَالَةِ فَلَقِيَ أَحَدَهُمْ: أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ، ثُمَّ إنْ لَقِيَ أَحَدَهُمْ: أَخَذَهُ بِمِائَةٍ، ثُمَّ بِمِائَتَيْنِ، فَإِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمَا ثَالِثًا: أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ: فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ رَابِعًا: أَخَذَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ   [منح الجليل] أَدَّاهُ عَنْ صَاحِبِهِمَا الْغَائِبِ إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ، بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ الْآتِي أَوْ حُمَلَاءَ فَقَطْ، وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي هَذَا كَثَلَاثَةٍ اشْتَرَوْا سِلْعَةً بِثَلَاثِمِائَةٍ عَلَى كُلِّ مِائَةٍ وَتَضَامَنُوا فَلَقِيَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمْ فَأَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَيْنِ عَنْ صَاحِبَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَ الْغَارِمُ أَحَدَهُمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمِائَةَ الَّتِي دَفَعَهَا عَنْهُ وَخَمْسِينَ نِصْفَ الْمِائَةِ الَّتِي دَفَعَهَا عَنْ صَاحِبِهِمَا ثُمَّ كُلُّ مَنْ وُجِدَ مِنْهُمَا. الثَّالِثُ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحُمَلَاءِ السِّتَّةِ الَّتِي أُفْرِدَتْ بِالتَّصَانِيفِ مُفَرِّعًا لَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ (فَإِنْ اشْتَرَى سِتَّةٌ) سِلْعَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً (بِسِتِّمِائَةٍ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مِائَةٌ (بِ) شَرْطِ (الْحَمَالَةِ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِبَاقِيهِمْ (فَلَقِيَ) الْبَائِعُ (أَحَدَهُمْ فَأَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ) أَيْ السِّتَّمِائَةِ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ أَصَالَةً لَا يَرْجِعُ بِهَا، وَخَمْسَمِائَةٍ حَمَالَةً عَنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِينَ يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِمْ (ثُمَّ إنْ لَقِيَ) الدَّافِعُ (أَحَدَهُمْ) أَيْ الْخَمْسَةِ (أَخَذَهُ) أَيْ الدَّافِعُ الْمُلْقِي (بِمِائَةٍ) عَنْ نَفْسِ الْمُلْقِي تَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ لِلدَّافِعِ فَيُسَاوِي الْمُلْقِي فِيهَا فَيَأْخُذَهُ (بِمِائَتَيْنِ) فَيَصِيرُ كُلٌّ مِنْهُمَا غَرِمَ مِائَتَيْنِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ. (فَإِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الدَّافِعُ وَالْمُلْقِي الْأَوَّلُ (ثَالِثًا) مِنْ السِّتَّةِ الْمُتَضَامِنِينَ (أَخَذَهُ) أَيْ أَحَدَهُمَا الْمُلْقِي الثَّالِثُ (بِخَمْسِينَ) عَنْ نَفْسِ الْمُلْقِي الثَّالِثِ رُبْعَ الْمِائَتَيْنِ الْمَدْفُوعَتَيْنِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ يَبْقَى مِنْ الْمِائَتَيْنِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَيُسَاوِي أَحَدَهُمَا فِيهَا الْمُلْقِي الثَّالِثُ (وَ) يَأْخُذُهُ (بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ) عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ. (فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثَ) الَّذِي دَفَعَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ حَمَالَةً عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ (رَابِعًا) مِنْ السِّتَّةِ (أَخَذَهُ) أَيْ الثَّالِثُ الرَّابِعَ (بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) عَنْ نَفْسِ الرَّابِعِ يَبْقَى مِنْ الْخَمْسَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 233 وَبِمِثْلِهَا، ثُمَّ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ، وَبِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ   [منح الجليل] وَالسَّبْعِينَ الَّتِي دَفَعَهَا الثَّالِثُ حَمَالَةً خَمْسُونَ فَيُسَاوِي الثَّالِثُ الرَّابِعَ فِيهَا (وَ) يَأْخُذُهُ (بِمِثْلِهَا) أَيْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ حَمَالَةً عَنْ الْبَاقِيَيْنِ. (ثُمَّ) إنْ لَقِيَ هَذَا الرَّابِعُ خَامِسًا مِنْ السِّتَّةِ أَخَذَهُ (بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ) عَنْ نَفْسِ الْخَامِسِ يَبْقَى لِلرَّابِعِ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٍ فَيُسَاوِي الْخَامِسَ فِيهَا (وَ) يَأْخُذُهُ (بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ) حَمَالَةً عَنْ السَّادِسِ، فَإِنْ لَقِيَ الْخَامِسُ السَّادِسَ أَخَذَهُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا أَيْضًا كَيْفِيَّةَ اسْتِيفَاءِ الْعَمَلِ حَتَّى يَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ دَافِعًا الْمِائَةَ الَّتِي عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْمَازِرِيِّ بَعْضُ مَشَايِخِي فِيهِ تَطْوِيلٌ تَنْفِرُ مِنْهُ النُّفُوسُ، وَذَكَرَ طَرِيقًا قَالَ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كُلَّ الْمُنَاسَبَةِ فَقَالَ إذَا لَقِيَ الْبَائِعُ أَحَدَ الْمُشْتَرِينَ وَأَخَذَ مِنْهُ السِّتَّمِائَةِ، ثُمَّ لَقِيَ هَذَا الدَّافِعُ وَاحِدًا مِنْ شُرَكَائِهِ فِي الشِّرَاءِ طَالَبَهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ مِائَةٍ تَخُصُّهُ وَمِائَتَيْنِ بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ قَدْ دَفَعْت سِتَّمِائَةٍ مِائَةً تَخُصُّنِي لَا رُجُوعَ لِي بِهَا وَخَمْسَمِائَةٍ عَنْك، وَعَنْ أَصْحَابِك يَخُصُّك مِنْهَا مِائَةٌ تَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ عَنْ أَصْحَابِنَا الْأَرْبَعَةِ أَنْتَ حَمِيلٌ مَعِي بِهَا فَلِذَلِكَ يُطَالِبُهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ. فَإِذَا أَخَذَهَا مِنْهُ اسْتَقَرَّ، أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَفَعَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَقَدْ عَلِمْت تَفْصِيلَهَا، فَإِذَا لَقِيَا ثَالِثًا طَالَبَاهُ بِمِائَةٍ تَخُصُّهُ وَتَبْقَى ثَلَاثُمِائَةٍ هُوَ مَعَهُمَا حَمِيلٌ بِهَا فَيُطَالِبُهُ بِمِائَةٍ مِنْهَا بِالْحَمَالَةِ فَيَأْخُذَانِ الْمِائَتَيْنِ فَيَقْتَسِمَانِهِمْ افَيَبْقَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ، وَلِلثَّالِثِ أَيْضًا مِائَةٌ، فَإِذَا لَقِيَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ رَابِعًا طَالَبُوهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ، وَيَبْقَى لَهُمْ مِائَتَانِ هُوَ حَمِيلٌ بِهِمَا مَعَهُمْ فَيُطَالِبُونَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ وَهِيَ خَمْسُونَ، وَيَتَقَاسَمُ الثَّلَاثَةُ هَذِهِ الْمِائَةُ وَالْخَمْسِينَ أَثْلَاثًا فَيَبْقَى لِكُلٍّ خَمْسُونَ وَلِلرَّابِعِ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَهِيَ الَّتِي دَفَعَهَا بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ فَالْبَاقِي مِائَتَانِ. فَإِذَا لَقِيَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ خَامِسًا طَالَبُوهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبِعِشْرِينَ مِنْ الْمَائِهِ السَّادِسَةِ لِأَنَّ الْخَمْسَةَ حُمَلَاءُ بِهَا فَتُضَمُّ هَذِهِ الْعِشْرُونَ إلَى الْمِائَةِ، وَيُوَزَّعُ الْمَجْمُوعُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَيَنُوبُ كُلًّا ثَلَاثُونَ، وَيَبْقَى لِكُلٍّ عِشْرُونَ، وَلِلْخَامِسِ أَيْضًا عِشْرُونَ، وَمَجْمُوعُهَا مِائَةٌ فَيَأْخُذُهَا الْخَمْسَةُ مِنْ السَّادِسِ إذَا ظَفِرُوا بِهِ وَيَتَقَاسَمُونَهَا أَخْمَاسًا فَيَظْفَرُ كُلٌّ بِمَجْمُوعِ حَقِّهِ اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 234 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] (تَنْبِيهٌ) هَذَا الْعَمَلُ نَحْوُهُ عَمِلَ الطُّنَيْزِيُّ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ قَالَهُ تت فِي الصَّغِيرِ طفي جَعْلُهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِهِ طَرِيقًا آخَرَ لَا يُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوًا لِعَمَلِ الطُّنَيْزِيِّ وَهُمْ، بَلْ هُوَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ التَّرَاجُعِ تُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَتْ طَرِيقًا أُخْرَى، لِأَنَّ صُوَرَ التَّرَاجُعِ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِيمَا ذَكَرَ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ اعْلَمْ أَنَّ وُجُوهَ التَّرَاجُعِ لَا تَنْحَصِرُ بَيْنَهُمْ فِي عَدَدٍ، إذْ قَدْ يَلْتَقُونَ عَلَى رُتَبٍ مُخْتَلِفَةٍ وَصُوَرٍ شَتَّى لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إمَّا أَنْ يَلْقَى جَمِيعَهُمْ أَوْ يَلْقَى خَمْسَةً مِنْهُمْ أَوْ أَرْبَعَةً أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدًا، وَإِذَا لَقِيَ أَرْبَعَةً مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ فَأَخَذَ مَالَهُ مِمَّنْ لَقِيَ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْغَرِيمَ إمَّا أَنْ يَلْقَى سَائِرَهُمْ مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبَيْ الْمُلْتَقِينَ أَوْ مُجْتَمَعِينَ فِي جَانِبٍ وَمُفْتَرِقِينَ فِي آخَرَ وَالِافْتِرَاقُ عَلَى أَقْسَامٍ كَثِيرَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ التَّرَاجُعِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إلَى أَنْ قَالَ وَإِنْ لَقِيَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَاحِدًا رَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا أَدَّيَا عَنْهُ مِنْ أَصْلِ الْحَقِّ وَبِثُلُثِ مَا أَدَّيَا عَنْ أَصْحَابِهِ بِالْحَمَالَةِ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَقُوا وَاحِدًا رَجَعُوا عَلَيْهِ بِمَا أَدَّوْا عَنْهُ بِحِمَالَةِ مَا أَدَّوْا عَنْ أَصْحَابِهِ بِالْحَمَالَةِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ هَذِهِ وُجُوهٌ مُفَرَّعَةٌ عَلَى طَرِيقِ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا طَرِيقًا مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَالطُّنَيْزِيِّ حَيْثُ لَقِيَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ الثَّالِثَ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ حَسْبَمَا هُوَ مَفْرُوضٌ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ أَمَّا إنْ لَقِيَاهُ مَعًا كَمَا فَرَضَ بَعْضُ مَشَايِخِ تت فَلَا خِلَافَ فِيهَا، وَلَا تَنْحُو لِمَا قَالَ الطُّنَيْزِيُّ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: وَضَابِطُ تَرَاجُعِهِمْ فِي ثَمَنِ مَا ابْتَاعُوهُ مُتَحَامِلِينَ رُجُوعُ كُلِّ غَارِمٍ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمَا غَرِمَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ مَا ابْتَاعَهُ، وَبِمَا يُوجِبُ مُسَاوَاتَهُ إيَّاهُ فِيمَا غَرِمَهُ بِالْحَمَالَةِ عَنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى حَالِ لِقَاءِ الْغَارِمِ مَنْ لَقِيَهُ فَقَطْ أَوْ عَلَى مُقْتَضَى مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ كُلِّ مَنْ غَرِمَ لَوْ لَقِيَهُمْ رَبُّ الْحَقِّ مُجْتَمِعِينَ قَوْلًا الْأَكْثَرُ. وَنَقَلَ عِيَاضٌ حَيْثُ قَالَ لَوْ لَقِيَ ثَانِي السِّتَّةِ ثَالِثُهُمْ فَفِيهَا يَأْخُذُهُ بِخَمْسِينَ قَضَاهَا عَنْهُ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 235 وَهَلْ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟   [منح الجليل] خَاصَّتِهِ، وَبِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ نِصْفِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ فَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَعَلَى هَذَا حَسَبَ كُلُّ الْفُقَهَاءِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّرَاجُعِ بَيْنَهُمْ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطُّنَيْزِيُّ الْفَارِضِيُّ هَذَا غَلَطٌ فِي الْحِسَابِ وَالْوَاجِبُ إذَا الْتَقَى الثَّالِثُ مَعَ أَحَدِ الْأَوَّلِينَ أَنْ يَقُولَ الثَّالِثُ نَحْنُ كَأَنَّا اجْتَمَعْنَا مَعًا بِاجْتِمَاعِ بَعْضِنَا بِبَعْضٍ، وَلَوْ اجْتَمَعْنَا مَعًا كَانَ الْمَالُ عَلَيْنَا أَثْلَاثًا عَلَيَّ مِنْهُ مِائَتَانِ غَرِمْتُهُمَا أَنْتَ وَصَاحِبُك عَنِّي خُذْ مِائَتَك وَادْفَعْ لِصَاحِبِك مِائَتَهُ إذَا لَقِيته وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْمَسْأَلَةِ. قُلْت قَبِلَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَهُوَ غَلَطٌ فِي الْفِقْهِ لِأَنَّ مَآلَهُ عَدَمُ غُرْمِ الثَّالِثِ شَيْئًا بِالْحَمَالَةِ لِأَنَّ جُمْلَةَ مَا غَرِمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي لِقَائِهِ. الثَّانِي مِائَةٌ وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَاسْتِوَاؤُهُمَا فِي الْتِزَامِ الْحَمَالَةِ يُوجِبُ اسْتِوَاءَهُمَا فِي الْغُرْمِ بِهَا وَاسْتِوَاؤُهُمَا فِيهِ يُوجِبُ رُجُوعَ الثَّانِي عَلَى الثَّالِثِ بِمَا قَالَ الْفُقَهَاءُ (وَ) إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غَيْرَ غُرَمَاءَ بِأَنْ ضَمِنُوا شَخْصًا فِي مَالٍ عَلَيْهِ بِشَرْطِ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَأَدَّى بَعْضُهُمْ الْحَقَّ لِرَبِّهِ لِعَدَمِ الْغَرِيمِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَلَقِيَ الْمُؤَدِّي أَحَدَ أَصْحَابِهِ فَ (هَلْ لَا يَرْجِعُ) الْمُؤَدِّي عَلَى الْمُلْقِي (بِمَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي أَيْ الْمُؤَدَّى (أَيْضًا) أَيْ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ (إذَا كَانَ الْحَقُّ) الْمَضْمُونُ (عَلَى غَيْرِهِمْ) أَيْ الْحُمَلَاءِ الْمُشْتَرَطِ حَمَالَةُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ ابْتِدَاءً وَعَلَيْهِمْ ثَانِيًا بِالْحَمَالَةِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُؤَدِّي بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى الْمُلْقِي (الْأَكْثَرُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَيْفِيَّةُ التَّرَاجُعِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ إذَا تَحَمَّلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ وَاحِدٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَغَرِمَهَا أَحَدُهُمْ ثُمَّ لَقِيَ آخَرَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَخَمْسِينَ بِحَمَالَةِ الثَّالِثِ، وَمَنْ لَقِيَ مِنْهُمَا الثَّالِثَ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ. وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي طَوَاهُ الْمُصَنِّفُ تَقْدِيرُهُ أَوْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ، وَكَيْفِيَّةُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَارِمَ الْأَوَّلَ يَأْخُذُ مِنْ الْمُلْقِي الْأَوَّلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ بِالْحَمَالَةِ، وَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ فَيَأْخُذُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 236 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ، وَإِذَا لَقِيَهُ الْآخَرُ طَالَبَهُ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ فَيَقُولُ لَهُ الثَّالِثُ دَفَعْت لِصَاحِبِنَا الَّذِي لَقِيَنِي قَبْلَك خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَاوَيْتُك فِيهَا يَبْقَى لَك زَائِدًا مِثْلُهَا فَخُذْ نِصْفَهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا، ثُمَّ كُلُّ مَنْ لَقِيَ مِنْهُمَا الَّذِي لَمْ يَدْفَعْ إلَّا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ أَخَذَ مِنْهُ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا فَيَسْتَوِي الْجَمِيعُ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دَفَعَ مِائَةً بِالْحَمَالَةِ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ تَرَاجُعِهِمْ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَكَلَامُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا وَافٍ بِالْمَقْصُودِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَلْ كَذَا إنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ لَكَانَ أَوْلَى لِاخْتِصَارِهِ وَإِفَادَتِهِ جَرَيَانَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْأَوْلَى فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ سَاوَاهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. طفي قَوْلُهُ وَهَلْ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ. . . إلَخْ، أَيْ إذَا أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمْ مَا يَخُصُّهُ فَقَطْ فَهَلْ لَا يَرْجِعُ بِهِ كَمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ أَوْ يَرْجِعُ بِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ، وَالْمَسْأَلَةُ هَكَذَا مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ فَإِنْ تَحَمَّلَ بِالْمَالِ حُمَلَاءُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا يَنُوبُهُ مِنْهُ مُوَزَّعًا عَلَى عَدَدِهِمْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ بِجَمِيعِ الْمَالِ، أَوْ لَمْ يَقُلْ فَيُؤْخَذُ مَلِيُّهُمْ بِمُعْدِمِهِمْ كَأَخْذِهِمْ بِعُدْمِ الْغَرِيمِ، وَيَأْخُذُ أَيَّهُمْ شَاءَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعَلَى كِلَيْهِمَا إنْ اشْتَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمْ شَاءَ، فَإِنْ أَخَذَا أَحَدَهُمْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الْمَالِ فَاخْتُلِفَ هَلْ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى يُسَاوِيَهُ فِيهِ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ. وَقِيلَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ مَا يَنُوبُهُ مِنْهُ إنَّمَا أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْآتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السِّتَّةِ كُفَلَاءُ اهـ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَ " ق ". وَأَمَّا فَرْضُهَا فِي أَخْذِ جَمِيعِ الْحَقِّ مِنْ أَحَدِهِمْ فَلَا يَظْهَرُ لِلْخِلَافِ فِيهِ مَعْنًى لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ وَإِنْ كَانَ جَمْعٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ فَرَضُوهُ فِيهِ كَعِيَاضٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ، بَلْ وَجَمِيعُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِمْ إلَّا ابْنَ رُشْدٍ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْقُلُوا إلَّا كَلَامَهُ، وَلَعَلَّهُمْ حَرَّفُوهُ وَإِنْ بَعُدَ تَوَاطُؤُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْأَجِلَّاءِ عَلَى التَّحْرِيفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فَرْضُهُمْ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 237 تَأْوِيلَانِ وَصَحَّ بِالْوَجْهِ وَلِلزَّوْجِ: رَدُّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ   [منح الجليل] يُتَّبَعَ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِيمَا فَرَضُوهُ لَا تَأْوِيلَ فِيهِ وَلَا خِلَافَ، وَنَصُّهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْحُمَلَاءِ فَقَطْ إنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمْ جَمِيعَ الْمَالِ رَجَعَ الْغَارِمُ عَلَى صَاحِبَيْهِ إذَا لَقِيَهُمَا بِالثُّلُثَيْنِ، وَإِنْ لَقِيَ أَحَدَهُمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهَا صَرَّحْت بِمَا يَرْجِعُ بِهِ وَهُوَ كَلَامٌ ظَاهِرٌ لَا تَأْوِيلَ فِيهِ وَلَا خِلَافَ، فَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِيمَا فَرَضُوهُ لَنَبَّهُوا عَلَى نَصِّهَا إذْ يَبْعُدُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى التُّونُسِيِّ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَسَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَيُتْرَكَ نَصُّهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَبِهِ يَظْهَرُ لَك مَا فِي تَقْرِيرِ تت وَبَعْضِ مَشَايِخِهِ مِنْ الْخَبْطِ، لَكِنَّ الْعُذْرَ لَهُمَا أَنَّهُمَا مَسْبُوقَانِ بِذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ قَدَمٌ رَاسِخٌ فِي التَّحْقِيقِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَالْمَحَلُّ لَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّأْوِيلَيْنِ، إذْ لَمْ يُؤَوِّلَا عَلَيْهَا. وَجَعْلُ تت فِي كَبِيرِهِ تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ نَصَّهَا الْمُتَقَدِّمَ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَانْدَفَعَ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ مَا هَوَّلَ بِهِ طفي، ثُمَّ قَالَ سَلَّمْنَا وُجُودَ الْخِلَافِ فِي فَرْضِ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا بَيَّنَهُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ عَلِمْت ثَمَرَتَهُمَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ قُلْت الْعَجَبُ كَيْفَ حَمَلَهُ عَدَمُ فَهْمِهِ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ فِي فَرْضِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الثَّانِي بِالنِّصْفِ فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ لِسُكُوتِهِ عَنْ رُجُوعِ أَحَدِهِمَا عَلَى الثَّالِثِ، فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لطفي، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) تت. (تَنْبِيهٌ) أَوَّلًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُنَوَّنٌ كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ الْأَقْفَهْسِيِّ مَضْبُوطًا بِالْقَلَمِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ. وَأَمَّا بِغَيْرِ تَنْوِينٍ نَفْيًا لِقَوْلِهِ لَا يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِينَ، فَيَنْعَكِسُ النَّقْلُ إذْ يَصِيرُ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَصَحَّ) الضَّمَانُ (بِالْوَجْهِ) أَيْ الذَّاتِ أَيْ الْإِتْيَانُ بِالْمَدِينِ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي صِحَّتِهِ عِنْدَنَا، وَتَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَعْبِيرِهِ يَصِحُّ، وَعَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ بِجَازِ كَمَا لِإِرْشَادٍ. وَفِي الشَّامِلِ وَجَازَ بِوَجْهٍ وَالْعُضْوُ الْمُعَيَّنُ كَالْجَمِيعِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ (وَ) إنْ ضَمِنَتْ زَوْجَةٌ بِالْوَجْهِ فَ (لِلزَّوْجِ رَدُّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ) أَيْ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَالٍ، لِأَنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 238 وَبَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ، وَإِنْ بِسِجْنٍ،   [منح الجليل] يَقُولُ قَدْ تَخْرُجُ لِلتَّفْتِيشِ عَلَى الْمَضْمُونِ وَإِحْضَارِهِ، وَذَلِكَ عَارٌ عَلَيَّ وَمِثْلُهُ ضَمَانُ الطَّلَبِ. وَأَمَّا ضَمَانُ الْمَالِ فَقَدَّمَ صِحَّتَهُ فِي قَدْرِ ثُلُثِ مَالِهَا. الْحَطّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَضْمُونُ فِيهِ دُونَ ثُلُثِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّامِلِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَبِلُوهُ، وَزَادَ وَلَوْ شَرَطَتْ عَدَمَ الْغُرْمِ فِي التَّوْضِيحِ وَلَوْ تَكَفَّلَتْ ذَاتُ زَوْجٍ بِوَجْهِ رَجُلٍ عَلَى أَنْ لَا مَالَ عَلَيْهَا فَلِزَوْجِهَا رَدُّهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ وَامْتَنَعَ مِنْهَا وَتَخْرُجُ لِلْخُصُومَةِ، وَذَلِكَ شَيْنٌ عَلَيَّ فَلَهُ مَنْعُ تَحَمُّلِهَا بِالطَّلَبِ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَبَرِئَ) ضَامِنُ الْوَجْهِ (بِتَسْلِيمِهِ لَهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَكَانٍ فِيهِ حَاكِمٌ، وَإِمَّا مَكَان لَا سُلْطَانَ فِيهِ أَوْ فِي حَالِ فِتْنَةٍ أَوْ مَفَازَةٍ أَوْ بِمَكَانٍ يَقْدِرُ الْغَرِيمُ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَمْ يَبْرَأْ أَفَادَهُ تت، وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ فِي مَكَان يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ حَقِّهِ مِنْهُ فِيهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ سِجْنٍ، بَلْ (وَإِنْ) سَلَّمَهُ لَهُ (بِسِجْنٍ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ مَحَلٍّ مَسْجُونٍ فِيهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ يُسْجَنُ لَهُ بَعْدَ تَمَامِ مَا حُبِسَ فِيهِ. الْبَاجِيَّ سَوَاءٌ كَانَ سَجْنُهُ فِي دَمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَكْفِي قَوْلُهُ بَرِئْت مِنْهُ إلَيْك وَهُوَ فِي السِّجْنِ فَشَأْنُك بِهِ كَانَ سَجْنُهُ فِي حَقٍّ أَوْ تَعَدِّيًا. اللَّخْمِيُّ وَلَوْ تَعَدِّيًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّعَدِّي نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِإِخْرَاجِهِ بِرَفْعِ التَّعَدِّي عَنْهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِإِمْكَانِ مُحَاكَمَتِهِ فِي الْحِينِ، فَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ جَرَى مَجْرَى مَوْتِهِ، فَفِي التَّوْضِيحِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ سَوَاءٌ سُجِنَ بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ لِإِمْكَانِ مُحَاكَمَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ، فَإِنْ مُنِعَ هَذَا الطَّالِبُ مِنْهُ وَمِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ فَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى مَوْتِهِ، وَمَوْتُهُ يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ. (فَرْعٌ) إنْ أَحْضَرَهُ بِزَاوِيَةٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهَا، فَاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ أَنَّهُ كَإِحْضَارِهِ يَبْرَأُ بِهِ، قَالَ فِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ: وَضَامِنٌ مَضْمُونَهُ قَدْ أَحْضَرَ ... بِمَوْضِعٍ إخْرَاجُهُ تَعَذَّرَا يَكْفِيهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ الْإِحْضَارُ لَهْ ... بِمَجْلِسِ الشَّرْعِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَهْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 239 أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ، إنْ أَمَرَهُ بِهِ، إنْ حَلَّ الْحَقُّ، وَبِغَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ، وَبِغَيْرِ بَلَدِهِ، إنْ كَانَ بِهِ   [منح الجليل] اهـ. بُنَانِيٌّ (أَوْ بِتَسْلِيمِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ (نَفْسِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَيَبْرَأُ الْحَمِيلُ بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَزَادَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (إنْ أَمَرَهُ) أَيْ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ (بِهِ) أَيْ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ لِأَنَّهُ كَوَكِيلِهِ فَإِنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بِدُونِ أَمْرِهِ فَلَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ سَلَّمْت نَفْسِي نِيَابَةً عَمَّنْ تَحَمَّلَ بِي كَمَا لَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِدُونِ أَمْرِ الضَّامِنِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّالِبُ قَبُولَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ الْحَمِيلُ وَلَوْ قَبْلَهُ بَرِئَ كَمَنْ دَفَعَ دَيْنًا عَنْ أَجْنَبِيٍّ لِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ إلَّا بِتَوْكِيلِ الْغَرِيمِ، وَلَهُ قَبُولُهُ فَيَبْرَأُ، زَادَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ كَوْنَ الْحَمِيلِ أَمَرَهُ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ، فَإِنْ شَهِدَ بِهِ أَحَدٌ بَرِئَ الْحَمِيلُ. وَفِي الشَّامِلِ لَوْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ أَمْرَهُ لَهُ بَرِئَ إنْ شَهِدَ لَهُ بِهِ أَحَدٌ. وَشَرْطُ بَرَاءَةِ الْحَمِيلِ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ (إنْ حَلَّ الْحَقُّ) الْمَضْمُونُ بِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إحْضَارِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عج أَيْ عَلَى الْغَرِيمِ كَمَا فِي الشَّرْحِ، وَلَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَى الضَّامِنِ بِأَنْ أَخَّرَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَأْخِيرَ الْغَرِيمِ، قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ كَضَامِنِ الْمَالِ فِي هَذَا (وَ) بَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ (بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْمَضْمُونُ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ تَسْلِيمَهُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ بِهِ قَالَهُ فِي الْكَافِي، وَلَوْ أَحْضَرَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَوَجَدَ الْمَضْمُونَ لَهُ غَائِبًا فَلَا يَبْرَأُ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الضَّامِنُ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْهُ بِإِحْضَارِهِ لَوْ لَمْ يَجِدْهُ وَلَا وَكِيلَهُ لَكِنَّهُ يُشْهِدُ عَلَى إحْضَارِهِ، وَيَبْرَأُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ بَقِيَ مَجْلِسُ الْحُكْمِ بِحَالِهِ أَوْ خَرِبَ وَلَمْ تَجْرِ فِيهِ الْأَحْكَامُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ تت عب فَإِنْ خَرِبَ وَانْتَقَلَ الْعُمْرَانُ لِغَيْرِهِ فَفَيْءُ بَرَاءَتِهِ بِإِحْضَارِهِ فِيمَا خَرِبَ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ مَبْنَاهُمَا مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ أَوْ الْمَعْنَى ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَ) بَرِئَ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ (بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ الِاشْتِرَاطِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَشْتَرِطُ (إنْ كَانَ بِهِ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 240 حَاكِمٌ وَلَوْ عَدِيمًا، وَإِلَّا أُغْرِمَ بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ، إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ: كَالْيَوْمِ وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ بِإِحْضَارِهِ؛ إنْ حَكَمَ بِهِ،   [منح الجليل] أَيْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (حَاكِمٌ) شَرْعِيٌّ يُخَلِّصُ الْحَقَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَاكِمٌ فَلَا يَبْرَأُ بِهِ، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ بِهِ حَكَاهُمَا عَبْدُ الْحَكَمِ الْمَازِرِيُّ وَهَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي عِنْدِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الشَّرْطِ الَّذِي لَا يُقَيَّدُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَدْ يَكُونُ هَذَا الشَّرْطُ مُقَيَّدًا بِأَنْ كَانَ الْبَلَدُ الْمُشْتَرَطُ إحْضَارُهُ فِيهِ مَوْضِعَ سُكْنَى الْبَيِّنَةِ، أَوْ كَانَ الْحَقُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلِلطَّالِبِ غَرَضٌ فِي أَخْذِهِ فِي مَحَلِّ الِاشْتِرَاطِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ شَرَطَ إحْضَارَهُ بِبَلَدٍ فَأَحْضَرَهُ بِغَيْرِهِ حَيْثُ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ، فَفِي بَرَاءَتِهِ بِإِحْضَارِهِ فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَيُفْهَمُ مِمَّا ذَكَرَ بَرَاءَتَهُ بِالْأَحْرَى إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ إحْضَارَهُ بِبَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَأَحْضَرَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الضَّمَانِ مِمَّا يَأْخُذُهُ الْحُكْمُ فِيهِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِذَا أَحْضَرَهُ بَرِئَ إنْ كَانَ مَلِيًّا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (عَدِيمًا) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْجَهْمِ وَابْنِ اللَّبَّادِ لَا يَبْرَأُ بِإِحْضَارِهِ عَدِيمًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ الْحَمِيلُ بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (أُغْرِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الضَّامِنُ الْحَقَّ الْمَضْمُونَ فِيهِ (بَعْدَ خَفِيفِ) أَيْ يَسِيرِ (تَلَوُّمٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَأْخِيرٍ (إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) أَيْ مَضْمُونِ الضَّامِنِ (كَالْيَوْمِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ يَوْمًا آخَرَ، فَإِنْ بَعُدَتْ أُغْرِمَ بِلَا تَلَوُّمٍ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ عَدَمُ التَّلَوُّمِ إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ التَّلَوُّمُ فِي حُضُورِهِ أَيْضًا. فَلَوْ قَالَ إنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ لَوَفَّى بِمَا فِيهَا وَالتَّلَوُّمُ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَلَوْ أَدَّاهُ إلَى أَمَدٍ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى الظَّاهِرِ (وَ) إنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَلَمْ يَحْضُرْ ضَامِنُ الْوَجْهِ الْمَضْمُونِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى ضَامِنٍ بِغُرْمِ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ فَأَحْضَرَ الضَّامِنُ الْمَضْمُونَ فَ (لَا يَسْقُطُ) الْغُرْمُ عَنْ ضَامِنِ الْوَجْهِ (بِإِحْضَارِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ (إنْ) كَانَ (حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الضَّامِنِ (بِهِ) أَيْ الْغُرْمِ قَبْلَ إحْضَارِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى. فَإِنْ كَانَ دَفَعَ الْمَالَ ثُمَّ أَحْضَرَهُ مَضَى اتِّفَاقًا قَالَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 241 لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ، أَوْ مَوْتَهُ فِي غَيْبَتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ   [منح الجليل] فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُخَيَّرُ الطَّالِبُ فِي إتْبَاعِ الْغَرِيمِ أَوْ الْحَمِيلِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ أَحْضَرَهُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالدَّعْوَى، وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْغُرْمُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِالْحُكْمِ فَقِيلَ هُوَ إشْهَادُ الْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِهِ بِالْغُرْمِ وَقِيلَ الْقَضَاءُ بِالْمَالِ وَدَفْعِهِ لِرَبِّهِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِيُسْرِ الْمَضْمُونِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا رُدَّ الْحُكْمُ بِالْغُرْمِ، وَرَجَعَ الضَّامِنُ بِمَا دَفَعَهُ لِقَوْلِهِ (لَا) يَغْرَمُ الضَّامِنُ (إنْ ثَبَتَ عُدْمُهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرُ الْمَضْمُونِ وَعَجْزُهُ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ الْمَضْمُونِ فِيهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَى الضَّامِنِ بِالْغُرْمِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِعُدْمِهِ اسْتِظْهَارٌ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْفَلَسِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ بِغُرْمِهِ وَلَوْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ فِي غَيْبَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَتْمِيمٌ لِلنِّصَابِ وَرَجَعَ تت وَغَيْرُهُ مَا هُنَا (أَوْ) أَيْ وَلَا يَغْرَمُ ضَامِنُ الْوَجْهِ إنْ أَثْبَتَ (مَوْتَهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ، فَإِنْ أَثْبَتَ مَوْتَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِهِ فَهُوَ حُكْمٌ مَضَى وَيَلْزَمُهُ الْغُرْمُ، فَإِنْ سَبَقَ الْحُكْمُ الْمَوْتَ لَزِمَ الْغُرْمُ، وَإِنْ سَبَقَ الْمَوْتُ الْحُكْمَ لَمْ يَلْزَمْ لِتَبَيُّنِ خَطَإِ الْحُكْمِ، وَقَوْلُهُ (فِي غَيْبَتِهِ) قَيْدٌ فِي ثُبُوتِ عُدْمِهِ فَقَطْ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ إثْبَاتِ عُدْمِهِ فِي حَالِ حُضُورِهِ مَعَ عَدَمِ إحْضَارِهِ لِلطَّالِبِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْغُرْمُ عَنْ الْحَمِيلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إثْبَاتِ الْعُدْمِ مِنْ حَلِفِ مَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِعُدْمِهِ إذَا حَضَرَ، بِخِلَافِ الْغَائِبِ فَيَثْبُتُ عُدْمُهُ بِمُجَرَّدِ الْبَيِّنَةِ وَيَسْقُطُ غُرْمُ ضَامِنِ الْوَجْهِ بِثُبُوتِ مَوْتِ الْمَضْمُونِ بِبَلَدِ الضَّمَانِ، بَلْ (وَلَوْ) مَاتَ (بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ الضَّمَانِ لِذَهَابِ الذَّاتِ الْمَكْفُولَةِ. أَشْهَبُ لَا أُبَالِي مَاتَ غَائِبًا أَوْ بِبَلَدِهِ فَيَبْرَأُ الْحَمِيلُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَمَالَةَ تَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمِدْيَانِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ مَاتَ بِبَلَدِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ بِغَيْرِ بَلَدِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ إحْضَارُهُ فِيهِ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنْ الْبَلَدِ الَّذِي مَاتَ بِهِ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ تَفْرِيطَهُ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 242 وَرَجَعَ بِهِ وَبِالطَّلَبِ، وَإِنْ فِي قِصَاصٍ كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ، أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ، أَوْ قَالَ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ،   [منح الجليل] الْغَرِيمِ حَتَّى خَرَجَ عَنْ الْبَلَدِ كَعَجْزِهِ عَنْ إحْضَارِهِ حَيًّا لِأَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِحِلِّ الْأَجَلِ وَهُوَ بِالْبَلَدِ وَتَمَكُّنِ الطَّالِبِ مِنْهُ وَإِلَّا سَقَطَ، وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَحْضُرْ ضَامِنُ الْوَجْهِ الْمَضْمُونِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ وَغَرِمَ ثُمَّ أَثْبَتَ الضَّامِنُ مَوْتَ الْمَضْمُونِ أَوْ عُدْمَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (رَجَعَ) الضَّامِنُ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ وَغَرِمَ فَيَرْجِعُ (بِهِ) أَيْ مَا غَرِمَهُ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الْغَرِيمَ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ أَعْدَمَ حِينَ حَلَّ الْحَقُّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِإِثْبَاتِ الْعُدْمِ وَالْمَوْتِ كَمَا فِي طخ. وَأَمَّا إذَا غَرِمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي غَيْبَةِ الْغَرِيمِ بِلَا قَضَاءٍ ثُمَّ أَثْبَتَ مَوْتَهُ أَوْ عُدْمَهُ فَلَا يَرْجِعُ لِتَبَرُّعِهِ كَمَا فِي. طخ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ غَرِمَ الْحَمِيلُ ثُمَّ أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ رَجَعَ الْحَمِيلُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بِمَا أَدَّى، لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ حِينَ طَلَبَ الْحَمِيلُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا تَقَعُ الْحَمَالَةُ بِالنَّفْسِ مَا كَانَ حَيًّا. الْحَطّ وَانْظُرْ إذَا غَرِمَ ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا قَبْلَ الْقَضَاءِ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ لَمْ أَجِدْ فِي طخ رُجُوعَهُ فِي إثْبَاتِ أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا قَبْلَ الْقَضَاءِ (وَ) صَحَّ الضَّمَانُ (بِالطَّلَبِ) أَيْ التَّفْتِيشِ عَلَى الْمَضْمُونِ وَإِعْلَامِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِمَحَلِّهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ إنْ كَانَ فِي مَالٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (فِي) شَأْنِ (قِصَاصٍ) مِنْ نَفْسِهَا أَوْ دُونِهَا إذْ لَا يَلْزَمُ ضَامِنَ الطَّلَبِ إلَّا طَلَبُ الْمَضْمُونِ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ حَمَالَةُ الطَّلَبِ لَا تُوجِبُ غُرْمَ مَالٍ، وَأَشَارَ لِصِيغَتِهِ بِقَوْلِهِ (كَ) قَوْلِ الضَّامِنِ (أَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ أَوْ عَلَى طَلَبِهِ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا طَلَبَهُ أَوْ عَلَى إحْضَارِهِ أَوْ الْتَزَمْت بِإِحْضَارِهِ أَوْ أَنَا مُطَالَبٌ بِطَلَبِهِ (أَوْ اشْتَرَطَ) الضَّامِنُ (فَفِي) أَيْ عَدَمِ ضَمَانِ (الْمَالِ) بِالتَّصْرِيحِ بِأَنْ قَالَ أَضْمَنُ وَجْهَهُ لَا الْمَالَ الَّذِي عَلَيْهِ (أَوْ قَالَ) الضَّامِنُ (لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ) أَيْ الْمَضْمُونَ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَصِيغَتُهَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ وَمُرَادِفُهُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهَا أَنَا حَمِيلُ الْوَجْهِ أَطْلُبُهُ، فَإِنْ لَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 243 وَطَلَبَهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ، وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ، وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَهُ، وَعُوقِبَ،   [منح الجليل] أَجِدْهُ بَرِئْت مِنْ الْمَالِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ قَائِلٌ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ لَا يَلْزَمُهُ. ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنَا ضَامِنٌ لِوَجْهِهِ وَلَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ عَلَيْهِ وَمَنْ ضَمِنَ الْوَجْهَ ضَمِنَ الْمَالَ كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَسْلَفَنِي فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمَا أَسْلَفَنِي إلَّا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إذَا كَانَ لِكَلَامِهِ بِسَاطٌ يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْمَالِ مِثْلُ أَنْ يُقَالَ تَحَمَّلْ لَنَا بِوَجْهِ فُلَانٍ، فَإِنْ جِئْت بِهِ بَرِئْت مِنْ الْمَالِ فَيَقُولُ لَا أَضْمَنُ لَكُمْ إلَّا وَجْهَهُ وَشَبِيهُ ذَلِكَ اهـ. (وَطَلَبَهُ) أَيْ ضَامِنُ الطَّلَبِ الْمَضْمُونِ وُجُوبًا (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ أَوْ الشَّيْءِ الَّذِي (يَقْوَى) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْوَاوِ وَسُكُونِ الْقَافِ، أَيْ يَقْدِرُ ضَامِنُ الطَّلَبِ (عَلَيْهِ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ عَلِمَ مَوْضِعَهُ أَوْ جَهِلَهُ فِي الْبَلَدِ وَقُرْبَهُ. وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ. وَقِيلَ وَإِنْ بَعُدَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ، وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ نَحْوِ شَهْرٍ هَذَا عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ، وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ إنْ بَعُدَ أَوْ جَهِلَ مَوْضِعَهُ (وَحَلَفَ) حَمِيلُ الطَّلَبِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَضْمُونَهُ وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ وَصِيغَةُ يَمِينِهِ أَنَّهُ (مَا قَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي الطَّلَبِ وَلَا دَلَّسَ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لَهُ مَحَلًّا. (وَغَرِمَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ حَمِيلُ الطَّلَبِ الْمَالَ الَّذِي عَلَى مَضْمُونِهِ (إنْ فَرَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حَمِيلُ الطَّلَبِ فِي مَضْمُونِهِ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ حَتَّى هَرَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ (أَوْ هَرَّبَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أَمَرَ الْحَمِيلُ الْمَضْمُونَ بِهُرُوبِهِ مِنْ الطَّالِبِ فَهَرَبَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَحَلَّهُ (وَعُوقِبَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ يُؤَدَّبُ حَمِيلُ الطَّلَبِ الَّذِي فَرَّطَ أَوْ هَرَّبَ بِمَا يَرَى السُّلْطَانُ بِاجْتِهَادِهِ مِنْ حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ. الْحَطُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَمْعُ التَّغْرِيمِ وَالْعُقُوبَةِ، وَاَلَّذِي فِي الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُحْبَسُ إذَا فَرَّطَ فِي الطَّلَبِ حَتَّى يَجْتَهِدَ فِيهِ. وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ فِيهِ بِأَنْ لَقِيَهُ وَتَرَكَهُ أَوْ غَيَّبَهُ وَهَرَّبَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ فَقَطْ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا عُقُوبَةً. عج إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ فِيهِ قِصَاصًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُرْمُ بِتَفْرِيطِهِ يَضْمَنُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 244 وَحُمِلَ فِي مُطْلَقٍ: أَنَا حَمِيلٌ، وَزَعِيمٌ، وَأَذِينٌ، وَقَبِيلٌ، وَعِنْدِي وَإِلَيَّ وَشِبْهِهِ عَلَى الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ   [منح الجليل] دِيَةَ عَمْدٍ، وَلَكِنْ مُفَادُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَاقَبَ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قُصُورٌ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ إنَّمَا قَالَ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ فِي الْقِصَاصِ أَنَّ الضَّامِنَ يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَكْفُولِ، قَالَ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسِ فِي قِصَاصٍ أَوْ جِرَاحٍ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَجِئْ بِهِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحَةِ، وَكَانَتْ لَهُ فِي مَالِ الْجَانِي إذْ لَا قِصَاصَ عَلَى الْكَفِيلِ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَاهُ إنَّمَا عَزَا لُزُومَ الدِّيَةِ لِعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ إلَّا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فَأَلْزَمَهُ دِيَةَ النَّفْسِ فِي الْقَتْلِ وَأَرْشَ الْجِرَاحَاتِ وَلِأَصْبَغَ فِي الْفَاسِقِ الْمُتَعَسِّفِ عَلَى النَّاسِ بِالْقَتْلِ وَأَخْذِ الْمَالِ فَيُؤْخَذُ وَيُعْطَى حَمِيلًا بِمَا عَلَيْهِ مِنْ قَتْلٍ، وَأَخْذِ مَالٍ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ الْحَمِيلُ بِمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْفَاسِقُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ. فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ هَلْ أَرَادَ يُؤْخَذُ بِالْمَالِ خَاصَّةً أَوْ بِهِ وَبِالدِّيَةِ فِي الْقَتْلِ. عِيَاضٌ وَهُوَ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي مُوَافِقٌ لِعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ اهـ. تت تَكْمِيلٌ بَقِيَ نَوْعٌ مِنْ الضَّمَانِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَّاهُ ضَمَانَ الدَّرْكِ، فَقَالَ وَمَنْ تَكَفَّلَ لِرَجُلٍ بِمَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكٍ فِي جَارِيَةٍ ابْتَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِمَا جَازَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ حِينَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَعُدْمِهِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ. (وَحُمِلَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الضَّمَانُ (فِي مُطْلَقِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ قَوْلِ الضَّامِنِ أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَالِ وَالْوَجْهِ وَالطَّلَبِ (أَنَا حَمِيلٌ أَوْ) أَنَا (زَعِيمٌ أَوْ) أَنَا (أَذِينٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهَا وَكَسْرِ ثَانِيهَا وَإِعْجَامِ الذَّالِ (وَ) أَنَا (قَبِيلٌ) كَذَلِكَ (وَعِنْدِي وَإِلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ (وَشَبَهِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الصِّيَغِ. كَعَلَيَّ بِشَدِّ الْيَاءِ وَصَبِيرٍ وَكَوَيْنَ بِالنُّونِ مِنْ كُنْت لَهُ بِكَذَا، وَكَفِيلٌ وَضَامِنٌ وَغُرَيْرٌ بِمُعْجَمَةٍ فَرَاءَيْنَ مُهْمَلَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ. عِيَاضٌ وَكُلُّهَا مِنْ الْحِفْظِ وَالْحِيَاطَةِ، وَصْلَةٌ حُمِلَ (عَلَى) ضَمَانِ (الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ لِقَوْلِهِ هُوَ الصَّوَابُ (وَ) عَلَى (الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ هُوَ الْأَصَحُّ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى الْحَقِيقَةِ عُرْفًا فِيهَا مَنْ قَالَ أَنَا حَمِيلٌ بِفُلَانٍ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 245 لَا إنْ اخْتَلَفَا، وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ   [منح الجليل] كَفِيلٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ قَبِيلٌ أَوْ هُوَ لَك عِنْدِي أَوْ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ أَوْ قِبَلِي فَهِيَ حَمَالَةٌ لَازِمَةٌ إنْ أَرَادَ الْوَجْهَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالَ لَزِمَهُ. عِيَاضٌ وَمِثْلُهَا قَبِيلٌ وَأَذِينٌ وَعَوِينٌ وَصَبِيرٌ وَكَوِينٌ، وَفِي حَمْلِ لَفْظِهَا الْمُبْهَمِ الْعُرْيُ عَنْ بَيَانِ لَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ عَلَى الْمَالِ أَوْ النَّفْسِ نَقْلًا عِيَاضٍ عَنْ شُيُوخِنَا. ابْنِ رُشْدٍ الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَمِيلُ غَارِمٌ» . وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُطْلَقٌ عَمَّا لَوْ قَيَّدَ بِالْمَالِ أَوْ الْوَجْهِ أَوْ الطَّلَبِ فَيَلْزَمُهُ مَا قَيَّدَ بِهِ بِلَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ. فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَمَدَ هُنَا عَلَى الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ الْعُرْفِ فِي الضَّمَانِ اهـ. وَتَلَخَّصَ مِنْ مَنْطُوقِ كَلَامِهِ وَمَفْهُومِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ الْأَوَّلُ: عَرْوُ الصِّيغَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَالِ وَالْوَجْهِ لَفْظًا وَنِيَّةً، وَهَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ. وَالثَّانِي. تَقْيِيدُهَا بِأَحَدِهِمَا لَفْظًا وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ مَا قَيَّدَ بِهِ. وَالثَّالِثُ: تَقْيِيدُهَا نِيَّةً وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِهِ أَيْضًا كَمَا فِي نَصِّهَا السَّابِقِ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَقَدْ تَعَقَّبَ الْبِسَاطِيُّ الْمُصَنِّفَ بِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (لَا) تُحْمَلُ صِيغَةُ الضَّمَانِ عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ (إنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ لَهُ بِأَنْ قَالَ الضَّامِنُ إنَّمَا ضَمِنْت الْوَجْهَ وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ بَلْ ضَمِنْت الْمَالَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ. وَقَالَ الْبِسَاطَيْ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ بَحْثٌ لِقَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْحَمِيلِ (وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ وَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَوْكِيلَ ثِقَةٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ خَائِفًا مِنْ هُرُوبِهِ (لَمْ) الْأُولَى لَا (يَجِبْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ وَادَّعَى الْمُدَّعِي غَيْبَةَ بَيِّنَتِهِ وَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَوْكِيلَ ثِقَةٍ مَأْمُونٍ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ إذَا حَضَرَتْ بَيِّنَتُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَكِيلٌ) أَيْ تَوْكِيلُهُ (لِلْخُصُومَةِ) عَنْهُ إذَا حَضَرَتْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى وَغَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الشَّهَادَاتِ اخْتِلَافَ الشُّيُوخِ فِي فَهْمِ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (وَلَا) يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ (كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِ) سَبَبٍ مُجَرَّدِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 246 بِالدَّعْوَى، إلَّا بِشَاهِدٍ وَإِنْ ادَّعَى بَيِّنَةً بِكَالسُّوقِ أَوْقَفَهُ الْقَاضِي عِنْدَهُ.   [منح الجليل] الدَّعْوَى) صِلَةُ يَجِبْ الْمَنْفِيُّ، وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِإِلْزَامِ الْمَطْلُوبِ بِحَمِيلٍ، وَجْهٌ بِالدَّعْوَى سَوَاءٌ ادَّعَى الطَّالِبُ قُرْبَ بَيِّنَتِهِ أَوْ بُعْدَهَا. بُنَانِيٌّ (إلَّا بِ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) وَاحِدٍ وَزَعَمَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَهُ شَاهِدٌ آخَرُ وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِحْضَارِهِ وَقَالَ أَخَافُ هُرُوبَ الْمَطْلُوبِ فَلْيَأْتِ بِوَكِيلٍ أَوْ كَفِيلٍ بِوَجْهِهِ فَيَلْزَمُهُ لِتَقْوَى دَعْوَاهُ بِالشَّاهِدِ وَسَيَأْتِي آخَرَ الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ يَجِبُ كَفِيلٌ بِالْمَالِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَهُ تت. الْحَطّ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْكَفِيلِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَفَالَةِ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْهَا خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ يَجِبُ لِلْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهَا فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ، وَكَلَامُ الشُّيُوخِ عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ وِفَاقًا أَوْ خِلَافًا. الْبُنَانِيُّ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ الشَّاهِدِ إلَّا حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ حَمِيلٌ بِالْمَالِ ذَكَرَ الْخِلَافَ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُفِيدِ، وَقَالَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ ادَّعَى) شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ وَطَلَبَ الْقَاضِي مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فَأَجَابَهُ الطَّالِبُ بِأَنَّ لَهُ (بَيِّنَةً) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ (بِكَالسُّوقِ) وَجَانِبِ الْبَلَدِ الْآخَرِ وَالْمَكَانِ الْآخَرِ وَبَعْضِ الْقَبَائِلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَقَفَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْقَاضِي عِنْدَهُ) مِقْدَارَ مَا يَأْتِي بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا خَلَّى سَبِيلَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 247 (بَابٌ) الشَّرِكَةُ: إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِمَا   [منح الجليل] [بَابٌ الشَّرِكَةِ] (الشَّرِكَةُ) بِفَتْحِ الشِّينِ مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَبِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَالْأُولَى أَفْصَحُهَا وَهِيَ لُغَةً الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ، وَشَرْعًا (إذْنٌ) مِنْ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا) أَيْ الْآذِنَيْنِ فِي مَالِهِمَا أَوْ بِبَدَنِهِمَا أَوْ عَلَى ذِمَّتَيْهِمَا (مَعَ) بَقَاءِ تَصَرُّفِ (أَنْفُسِهِمَا) لَهُمَا فِيهِمَا، أَيْ أَنْ يَأْذَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَجْمُوعٍ مِنْ مَالِهِمَا أَوْ بِبَدَنِهِمَا أَوْ عَلَى ذِمَمِهِمَا وَمَا يَنْشَأُ عَنْ تَصَرُّفِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ لَهُمَا وَالْخُسْرِ عَلَيْهِمَا، فَقَوْلُهُ: إذْنٌ جِنْسٌ شَمِلَ الشَّرِكَةَ وَغَيْرَهَا وَقَوْلُهُ فِي التَّصَرُّفِ فَصْلٌ مُخْرِجٌ الْإِذْنَ فِي غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ لَهُمَا صِلَةُ التَّصَرُّفِ فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ تَوْكِيلَ كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ الْآخَرَ عَلَى التَّصَرُّفِ لَهُ فِي مَالِهِ، وَقَوْلُهُ مَعَ أَنْفُسِهِمَا فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ دَفْعَ كُلٍّ مِنْ شَخْصَيْنِ مَالًا لِلْآخَرِ لِيَتَّجِرَ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّرِكَةُ الْأَعَمِّيَّةُ تَقَرُّرُ مُتَمَوَّلٍ بَيْنَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ مِلْكًا فَقَطْ، وَالْأَخَصِّيَّةُ بَيْعُ مَالِكٍ كُلَّ بَعْضِهِ بِبَعْضِ كُلِّ الْآخَرِ يُوجِبُ صِحَّةَ تَصَرُّفِهِ فِي الْجَمِيعِ فَيَدْخُلُ فِي الْأُولَى شَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ لَا شَرِكَةُ التَّجْرِ، وَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَكْسِ، وَشَرِكَةُ الْأَبْدَانِ وَالْحَرْثِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ فِي الثَّانِيَةِ وَنِيَّةِ عِوَضِهِ فِي الْأُولَى، وَقَدْ يَتَبَايَنَانِ فِي الْحُكْمِ، فَشَرِكَةُ الشَّرِيكِ بِالْأُولَى جَائِزَةٌ، وَبِالثَّانِيَةِ مَمْنُوعَةٌ فِيهَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفَاوِضَ شَرِيكًا دُونَ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَلَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا دُونَ إذْنِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِمَا قَبِلُوهُ، وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِقَوْلِ مَالِكِ شَيْءٍ لِآخَرَ أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مَعِي، وَقَوْلِ الْآخَرِ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ شَرِكَةً إذْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 248 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَوْ هَلَكَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ لَازِمُ الشَّرِكَةِ، وَنَفْيُ اللَّازِمِ يَنْفِي الْمَلْزُومَ وَعَكْسُهُ بِخُرُوجِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ كَالْوَرَثَةِ وَشَرِكَةِ الْمُبْتَاعَيْنِ شَيْئًا بَيْنَهُمَا، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا إذْ لَا إذْنَ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا، وَلِذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ تَصَرُّفِ أَحَدِهِمَا كَغَاصِبٍ أَمْ لَا، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِأَحَدِ مَالِكَيْ عَبْدٍ ضَرْبُهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهُ إلَّا فِي ضَرْبٍ لَا يَتْلَفُ فِي مِثْلِهِ أَوْ ضَرْبِ أَدَبٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَجْنَبِيٍّ. ابْنُ رُشْدٍ رَأْيُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - شَرِكَتُهُ شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الضَّمَانَ فِي ضَرْبِ الْأَدَبِ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ لِأَنَّ تَرْكَ ضَرْبِهِ أَدَبًا يُفْسِدُهُ وَعَلَيْهِ زَرْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَبِنَاؤُهُ فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فِي كَوْنِهِ كَغَاصِبٍ يُقْلَعُ زَرْعُهُ وَبِنَاؤُهُ أَوْ لَا لِشَبَهِ الشَّرِكَةِ فَلَهُ الزَّرْعُ، وَإِنْ لَمْ يُفْتِ إلَّا بَانٍ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ لِنِصْفِ شَرِيكِهِ وَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إيلَادِ الْعَبْدِ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرٍّ نِصْفُ قِيمَتِهَا جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ هُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِمَا نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا اهـ. وَأُجِيبَ عَنْ إبْطَالِ الطَّرْدِ بِتَعْلِيقٍ لَهُمَا بِالتَّصَرُّفِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَنْ إبْطَالِ الْعَكْسِ بِأَنَّ سِيَاقَ ابْنِ الْحَاجِبِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ حَدُّ شَرِكَةِ التَّجْرِ، وَأَنَّهَا الْمَعْقُودُ لَهَا الْبَابُ، وَذِكْرُ غَيْرِهَا فِيهِ اسْتِطْرَادٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى تَسْمِيَةُ الْأُولَى أَعَمِّيَّةً مَعَ خُرُوجِ بَعْضِ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ عَنْهَا بِمَا ذَكَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قُلْت إذَا حَذَفَ قَوْلَهُ فَقَطْ ظَهَرَتْ الْأَعَمِّيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّصَّاعُ فِي اسْتِثْنَائِهِ شَرِكَةَ التَّجْرِ نَظَرٌ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْأَعَمِّ صِدْقُهُ عَلَى الْأَخَصِّ، فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِيهِ وَإِلَّا انْتَفَى عُمُومُهُ، فَالْأَوْلَى حَذْفُ مِلْكًا فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ كَجُزْأَيْهَا الْبَيْعِ وَالْوَكَالَةِ وَعُرُوضُ وُجُوبِهَا بَعِيدٌ، بِخِلَافِ عُرُوضِ مُوجِبِ حُرْمَتِهَا وَكَرَاهَتِهَا، وَدَلِيلُهَا الْإِجْمَاعُ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد بِسَنَدِهِ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمْ» ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَصَحَّحَهُ بِسُكُوتِهِ عَنْهُ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، وَفِيهِ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 249 وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ   [منح الجليل] ابْنُ شَاسٍ وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ: الْعَاقِدَانِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْأَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَصَرِّفٌ لِصَاحِبِهِ بِإِذْنِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ فَقَالَ (وَإِنَّمَا تَصِحُّ) الشَّرِكَةُ (مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ) لِغَيْرِهِ عَنْ نَفْسِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ (وَ) أَهْلِ (التَّوَكُّلِ) عَنْ غَيْرِهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمُوَكِّلِ، وَأَهْلُهُمَا الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ الْمُسْلِمُ غَيْرُ الْعَدُوِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَبِعُوا كُلُّهُمْ وَجِيزَ الْغَزَالِيِّ وَيَرُدُّ بِوُجُوبِ زِيَادَةِ وَأَهْلِ الْبَيْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَبَاعَ لِصَاحِبِهِ بَعْضَ مَالِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهَا أَهْلِيَّةُ الْوَكَالَةِ لِجَوَازِ تَوْكِيلِ الْأَعْمَى اتِّفَاقًا وَتَوَكُّلِهِ، وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ اهـ. وَذَكَرَهُ " غ " كَالْمُنَكِّتِ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ. الْحَطّ لَا يَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ أَهْلِيَّةِ الْبَيْعِ لِأَنَّ بَيْعَ الْأَعْمَى جَائِزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا فَرَّعَ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ اقْتَصَرُوا عَلَى أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ فَقَالُوا مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ أَوْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ لَكَفَى إذْ مَنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ جَازَ تَوْكِيلُهُ وَجَازَ كَوْنُهُ وَكِيلًا إلَّا لِمَانِعٍ، وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِهِ. فَإِنْ قُلْت قَدْ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ التَّوْكِيلُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ كَالذِّمِّيِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ وَلَا يَجُوزُ تَوَكُّلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ، وَكَالْعَدُوِّ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ عَلَى عَدُوِّهِ كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِقَوْلِهِمَا إلَّا لِمَانِعٍ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إخْرَاجَ ذَلِكَ مِنْ الشَّرِكَةِ أَيْضًا. قُلْت أَمَّا أَوَّلًا فَعَلَى تَسْلِيمِهِ، فَكَانَ يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَقْتَصِرُوا عَلَى قَوْلِهِمْ مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَهْلِيَّةَ التَّوْكِيلِ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الذِّمِّيَّ وَالْعَدُوَّ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّوَكُّلِ لِأَنَّ تَوَكُّلَهُمَا إنَّمَا امْتَنَعَ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ الْأَشْخَاصِ فَقَطْ، وَأَيْضًا فَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ جَوَازُ مُشَارَكَةِ الْعَدُوِّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ صِحَّةُ مُشَارَكَةِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ ابْتِدَاءً، قَالَ فِيهَا فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَلَا يَصْلُحُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُشَارِكَ ذِمِّيًّا إلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا قَضَاءٍ وَلَا اقْتِضَاءٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ وَقَعَ اُسْتُحِبَّ صَدَقَتُهُ بِرِبْحِهِ إنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِالرِّبَا، وَبِجَمِيعِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 250 وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا: كَاشْتَرَكْنَا   [منح الجليل] مَالِهِ إنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِهِ فِي خَمْرٍ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ مُشَارَكَةِ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُحَافِظُ عَلَى دِينِهِ فِي التَّصَدُّقِ بِالرِّبْحِ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ فَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ شَرِكَةَ الذِّمِّيِّ إذَا لَمْ يَغِبْ صَحِيحَةٌ، بَلْ وَجَائِزَةٌ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ وَكُرِهَتْ مُشَارَكَةُ ذِمِّيٍّ وَمُتَّهَمٍ فِي دِينِهِ إنْ تَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، وَإِلَّا جَازَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صِحَّةَ مُشَارَكَةِ النِّسَاءِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَبَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إنْ كَانَتْ مُتَجَالَّةً أَوْ شَابَّةً وَلَا تُبَاشِرُهُ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ كَثْرَةَ مُحَادَثَةِ الشَّابَّةِ الرَّجُلَ يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةُ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةٌ فَلَا بَأْسَ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ وَاسِطَةً مَأْمُونَةً. ابْنُ الْهِنْدِيِّ إنَّمَا تَجُوزُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا كَانَا صَالِحَيْنِ مَشْهُورَيْنِ بِالْخَيْرِ وَالدِّينِ وَالْفَضْلِ وَإِلَّا فَلَا. أَبُو الْحَسَنِ أَوْ مَعَ ذِي مُحْرِمٍ. وَفِيهَا تَجُوزُ شَرِكَةُ الْعَبِيدِ الْمَأْذُونِ لَهُمْ فِي التِّجَارَةِ. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَوَلِيَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، فَلَا يَضْمَنُ وَضِيعَةَ الْمَالِ وَلَا تَلَفَهُ، وَكَذَا إنْ وَلِيَا مَعًا الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَوَزَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مَنَابَهُ وَأَغْلَقَا عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَنْفَرِدْ الْحُرُّ بِهِمَا، وَإِنْ انْفَرَدَ بِتَوَلِّي ذَلِكَ ضَمِنَ رَأْسَ الْمَالِ إنْ هَلَكَ أَوْ خَسِرَ. اهـ. فَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ تَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهُمَا وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ مَالَ الْحُرِّ إنْ ضَاعَ. وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّانِي وَهِيَ الصِّيغَةُ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ) الشَّرِكَةُ (بِمَا يَدُلُّ) عَلَيْهَا (عُرْفًا) مِنْ قَوْلٍ (كَاشْتَرَكْنَا) وَتَعَامَلْنَا فِي هَذَا الْمَالِ عَلَى كَذَا وَنَحْوِهِ، أَوْ فِعْلٍ كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَالْعَمَلِ فِيهِمَا وَشَمِلَ مَا يَدُلُّ عُرْفًا الْإِشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ شُهِرَ هَذَا فِي الْمُعِينِ. وَقِيلَ جَائِزَةٌ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْخَلْطِ. الْبُنَانِيُّ لُزُومُهَا بِالْقَوْلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ، وَنَصُّهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ الشَّرِكَةُ عَقْدٌ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَهِيَ رُخْصَةٌ فِي بَابِهَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِهَا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْخَلْطِ اهـ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ الرَّفِيعِ فِي لُزُومِهَا بِالْقَوْلِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَذْهَبُ لُزُومُ شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 251 بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا   [منح الجليل] بِالْعَقْدِ دُونَ الشُّرُوعِ اهـ وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا مَتَى شَاءَ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ. خَلِيلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمْ وَمُرَادُ ابْنِ يُونُسَ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ بِاعْتِبَارِ الضَّمَانِ، أَيْ إذَا هَلَكَ شَيْءٌ بَعْدَ الْعَقْدِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالْخَلْطِ اهـ. الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ. اهـ. وَوَفَّقَ الْعَوْفِيُّ تَوْفِيقًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ اللُّزُومَ بِالْعَقْدِ بِاعْتِبَارِ بَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضَ مَالِهِ الْآخَرَ، وَعَدَمِ اللُّزُومِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَصِلَ مَتَى شَاءَ كَمَا هُوَ صَرِيحُ ابْنِ رُشْدٍ وَإِذَا تَفَاصَلَا اقْتَسَمَا مَا صَارَ بَيْنَهُمَا لَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ، فَإِذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ عَرْضًا فَالشَّرِكَةُ لَزِمَتْهُمَا بِالْعَقْدِ، فَإِنْ انْفَصَلَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْعَيْنِ وَنِصْفُ الْعَرْضِ. وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي يُشْتَرَكُ بِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالْمَحِلِّ فَقَالَ وَمَحِلُّهَا الْمَالُ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ تَصِحُّ (بِذَهَبَيْنِ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (أَوْ) ب (وَرِقَيْنِ) مِنْهُمَا بِكَسْرِ الرَّاءِ إنْ (اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) أَيْ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْوَرِقَيْنِ وَوَزْنُهُمَا وَيُغْتَفَرُ الْفَضْلُ الْيَسِيرُ فِي الْوَزْنِ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ سِكَّتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ هَاشِمِيَّةٍ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ مِثْلَ وَزْنِهَا دَنَانِيرَ دِمَشْقِيَّةٍ أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ يَزِيدِيَّةٍ وَالْآخَرُ وَزْنَهَا مُحَمَّدِيَّةٍ وَصَرْفُهُمَا مُخْتَلِفٌ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي الِاخْتِلَافِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا بَالَ لَهُ فَيُجَوِّزُوهُمَا فِيمَا كَثُرَ كَتَفَاضُلِ الْمَالَيْنِ، وَلَوْ جَعَلَا الرِّبْحَ وَالْعَمَلَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ فَضْلِ مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ لَمْ يَجُزْ إذْ صَرَفَاهُمَا إلَى الْقِيَمِ وَحُكْمُهُمَا الْوَزْنُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ. أَبُو الْحَسَنِ صُورَةُ الْقِيمَةِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْمُحَمَّدِيَّةِ، فَيُقَالُ عَشَرَةٌ، وَمَا قِيمَةُ الْيَزِيدِيَّةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ، فَيَشْتَرِكَانِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَيَلْزَمُ التَّفَاضُلُ. ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ نَزَلَ أَخَذَ كُلٌّ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ مِنْ سِكَّتِهِ وَمِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ وَزْنِ رَأْسِ مَالِهِ لَا عَلَى فَضْلِ مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَعَلَّ مُحَمَّدًا أَرَادَ إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ سُوقُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ الشَّرِكَةِ إلَى الْقِسْمَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَيَظْلِمُ الَّذِي زَادَ سُوقُ سِكَّتِهِ صَاحِبَهُ إذَا أَخَذَ مِثْلَ رَأْسِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 252 وَبِهِمَا مِنْهُمَا، وَبِعَيْنٍ: وَبِعَرْضٍ، وَبِعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا وَكُلٌّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ أُحْضِرَ، لَا فَاتَ، إنْ صَحَّتْ   [منح الجليل] مَالِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اتَّفَقَتْ السِّكَّتَانِ فِي الصَّرْفِ يَوْمَ الشَّرِكَةِ جَازَتْ، فَإِنْ افْتَرَقَا وَقَدْ حَالَّ الصَّرْفُ فَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَيَقْتَسِمَانِ مَا بِأَيْدِيهِمَا عَرْضًا كَانَ أَوْ طَعَامًا أَوْ عَيْنًا أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَ) تَصِحُّ الشَّرِكَةُ (بِهِمَا) أَيْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ مَعًا (مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ بِأَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَوَرِقًا وَالْآخَرُ مِثْلَهُمَا اتِّفَاقًا بِشَرْطِ اسْتِوَاءِ الذَّهَبَيْنِ وَالْوَرِقَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَالصَّرْفِ (وَ) تَصِحُّ (بِعَيْنٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ بِهِمَا مِنْ أَحَدِهِمَا (وَبِعَرْضٍ) مِنْ الْآخَرِ، وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الطَّعَامَ (وَ) تَصِحُّ (بِعَرْضَيْنِ) غَيْرِ طَعَامَيْنِ مِنْ كُلِّ شَرِيكٍ عَرْضٌ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِاتِّحَادِ جِنْسِهِمَا فَتَجُوزُ بِعَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ، وَشَمِلَ عَرْضًا مِنْ أَحَدِهِمَا وَطَعَامًا مِنْ الْآخَرِ. فَفِي الْمُدَوَّنَةِ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ وَبِعَيْنٍ وَعَرْضٍ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقِيَمِ، وَبِقَدْرِهَا يَكُونُ الرِّبْحُ وَالْعَمَلُ. (وَكُلٌّ) مِنْ الْعَرْضِ الْمُتَشَارَكِ بِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا يُعْتَبَرُ رَأْسَ مَالٍ (بِالْقِيمَةِ) لَهُ (يَوْمَ أُحْضِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْعَرْضُ لِلشَّرِكَةِ، فَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ الْعَرْضَيْنِ أَوْ قِيمَةُ الْعَرْضِ وَالْعَيْنِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ فَالشَّرِكَةُ بِالنِّصْفِ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ الِاخْتِلَافِ (لَا) تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْفَوَاتِ إنْ (فَاتَ) الْعَرْضُ (إنْ صَحَّتْ) الشَّرِكَةُ، فَإِنْ فَسَدَتْ فَلَا يُقَوَّمُ وَرَأْسُ مَالِ مُخْرِجِ الْعَرْضِ مَا يُبَاعُ بِهِ عَرْضُهُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَضَمَانِهِ إلَيَّ بَيْعِهِ كَالْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا. " غ " عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُوهِمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ فِي الْفَاسِدَةِ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَبْيَنُ مِنْهَا إذَا قَالَ فَلَوْ وَقَعَتْ فَاسِدَةً فَرَأْسُ مَالِهِ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ وَقَالَ الصَّقَلِّيَّانِ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا مَا بِيعَتْ سِلْعَتَاهُمَا بِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ عَرْضِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ اهـ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا وَقَعَتْ الشَّرِكَةُ فِي طَعَامٍ فَاسِدَةً فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا بِيعَ بِهِ طَعَامُهُ إذْ هُوَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُبَاعَ وَلَوْ خُلِطَ قَبْلَ بَيْعِهِ فَرَأْسُ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ طَعَامِهِ يَوْمَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 253 إنْ خَلَطَا وَلَوْ حُكْمًا   [منح الجليل] خَلْطِهِ. طفي اُنْظُرْ فَائِدَةَ قَوْلِهِ لَا فَاتَ لِأَنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا اُسْتُقْرِئَ مِنْ كَلَامِهِ إذَا نَفَى شَيْئًا فَإِنَّمَا يُنَكِّتُ بِهِ عَلَى مَنْ قَالَ بِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ فِي الصَّحِيحَةِ يَوْمَ الْفَوَاتِ مَعَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْفَاسِدَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ " غ ". وَإِنْ اشْتَرَكَ شَخْصَانِ أَوْ أَكْثَرُ شَرِكَةً صَحِيحَةً ثُمَّ تَلِفَ مَالُ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضُهُ ضَمِنَهُ شَرِيكُهُ مَعَهُ (إنْ خَلَطَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ مَا أَخْرَجَاهُ لِلشَّرِكَةِ بِهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ حَقِيقَةً، بَلْ (وَلَوْ حُكْمًا) بِجَعْلِهِمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ بِلَا خَلْطٍ فَهُوَ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَقِبَهُ، وَإِلَّا فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ. وَقَالَ الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي حُصُولِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الضَّمَانِ. قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى أَنَّ الْخَلْطَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ فِي التَّوَاءِ، أَيْ الْهَلَاكِ لَا فِي النَّمَاءِ لِأَنَّهُ قَالَ مَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَمَا ضَاعَ فَهُوَ مِنْ صَاحِبِهِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْطِ ثُبُوتِ لَازِمِهَا وَهُوَ ضَمَانُ الْمُشْتَرَكِ مِنْهُمَا بِالْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ فَضْلًا عَنْ الْحِسِّيِّ، أَوْ بِالْحِسِّيِّ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِيهَا، وَالْحُكْمُ كَوْنُ الْمَالَيْنِ فِي حَوْزِ وَاحِدٍ وَلَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَقْصَدِ الْمَحْمُودِ وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَلِذَا تَأَوَّلَهُ " ح "، ثُمَّ قَالَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ يَكُونُ ضَمَانُ كُلِّ مَالِ مِنْ صَاحِبِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ، فَإِنْ وَقَعَ الْخَلْطُ وَلَوْ حُكْمًا فَالضَّمَانُ مِنْهُمَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 254 وَإِلَّا فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ، وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ فَبَيْنَهُمَا، وَعَلَى الْمُتْلِفِ نِصْفُ الثَّمَنِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ؟ أَوْ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْأَخْذَ لَهُ؟ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ لِلْمَالَيْنِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَتَلِفَ الْمَالَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (فَ) الْمَالُ (التَّالِفُ) ضَمَانُهُ (مِنْ رَبِّهِ) خَاصَّةً (وَمَا) أَيْ الْعَرْضُ الَّذِي (اُبْتِيعَ) أَيْ اُشْتُرِيَ لِلتِّجَارَةِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ التَّالِفِ (فَ) هُوَ مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) أَيْ صَاحِبِ السَّالِمِ وَصَاحِبِ التَّالِفِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ رَبِحَ فَلَهُمَا وَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيْهِمَا (وَعَلَى الْمُتْلِفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، أَيْ الَّذِي تَلِفَ مَالُهُ (نِصْفُ الثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَرْضَ إنْ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا بِالنِّصْفِ وَإِلَّا فَبِحَسَبِ مَالِهِ فَلَوْ قَالَ ثَمَنُ حِصَّتِهِ لَشَمِلَهُمَا. (وَهَلْ) يَكُونُ الْعَرْضُ الْمُشْتَرَى بِالسَّالِمِ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) صَاحِبُ السَّالِمِ (بِالتَّلَفِ) لِمَالِ شَرِيكِهِ حِينَ شِرَائِهِ، فَإِنْ عَلِمَهُ حِينَهُ فَلَا يَكُونُ الْعَرْضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَيَخْتَصُّ بِهِ ذُو السَّالِمِ (فَلَهُ) أَيْ رَبِّ السَّالِمِ رِبْحُ مَا اشْتَرَاهُ إنْ رَبِحَ فِيهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ رَبِّ السَّالِمِ نِصْفُهُ إنْ خَسِرَ فِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ (أَوْ) هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ عِلْمِ رَبِّ السَّالِمِ تَلَفَ مَالِ شَرِيكِهِ حِينَ شِرَائِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ، وَالْخِلَافُ الْمُتَقَدَّمُ فِي كُلِّ حَالٍّ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) رَبُّ السَّالِمِ أَنَّهُ قَصَدَ (الْأَخْذَ) أَيْ الشِّرَاءَ (لِنَفْسِهِ) خَاصَّةً، فَإِنْ ادَّعَى ذَلِكَ فَيَخْتَصُّ بِمَا ابْتَاعَهُ اتِّفَاقًا، فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) فِي فَهْمِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بَقِيَتْ صُرَّةُ كُلٍّ بِيَدِ رَبِّهَا حَتَّى ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا بِصُرَّتِهِ أَمَةً عَلَى الشَّرِكَةِ وَتَلِفَتْ الصُّرَّةُ الْأُخْرَى فَالصُّرَّةُ التَّالِفَةُ مِنْ رَبِّهَا وَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا، فَفَهِمَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَابْنُ يُونُسَ عَلَى الثَّانِي، فَالْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ تَأْوِيلَانِ قَالَهُ تت. طفى قَرَّرَ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مَعَ أَنَّهُ مُنْتَقَدٌ مِنْ " ح " وَمَنْ تَبِعَهُ، وَهُوَ انْتِقَادٌ صَحِيحٌ. وَحَاصِلُ النَّقْلِ عَنْ جَمِيعِ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ بَيْنَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ مَعَ عَبْدِ الْحَقِّ فَابْنُ رُشْدٍ عِنْدَهُ إنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 255 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اشْتَرَى بَعْدَ تَلَفِ مَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُلْزِمَهُ حِصَّتَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ أَوْ يَنْفَرِدَ بِهِ عَنْهُ، وَإِنْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالتَّلَفِ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً هَكَذَا فِي مُقَدِّمَاتِهِ، وَهَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ. وَعِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَعَبْدِ الْحَقِّ إنْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ التَّلَفَ فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا أَوْ يَدَعَهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ حِينَ اشْتَرَى فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى فَتَلِفَتْ الصُّرَّةُ الْأُخْرَى، هَكَذَا فِي نَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ فَابْنُ رُشْدٍ عَكَسَ مَا قَالَاهُ إذْ التَّخْيِيرُ عِنْدَهُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِمَا، وَقَدْ أَحْسَنَ صَاحِبُ الشَّامِلِ فِي عَزْوِهِمَا، وَنَصُّهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالتَّلَفِ فَيُخَيَّرُ، وَإِنْ عَلِمَ يَخْتَصُّ بِهِ أَوْ يُخَيَّرُ الْآخَرُ مَعَ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ ابْتَاعَ لِنَفْسِهِ تَرَدُّدٌ اهـ. وَقَالَ تت فِي كَبِيرِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السَّالِمَ صُرَّتُهُ تَلْزَمُهُ الشَّرِكَةُ فِيمَا اُبْتِيعَ بِهَا بِشَرْطِهِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ، وَاَلَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَهُ هُنَا، وَدَرَجَ عَلَيْهِ فِي شَامِلِهِ ثُمَّ سَاقَ كَلَامَ الشَّامِلِ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ السَّالِمُ صُرَّتُهُ، كَمَا عَلِمْت، وَكَمَا فِي الشَّامِلِ، وَقَدْ نَقَلَ لَفْظَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ فِي صَغِيرِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الْحَطّ الْأَلْيَقُ بِاصْطِلَاحِهِ تَأْوِيلَانِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ بَقِيَتْ كُلٌّ صُرَّةٍ بِيَدِ رَبِّهَا حَتَّى ابْتَاعَ أَحَدَهُمَا بِصُرَّتِهِ أَمَةً عَلَى الشَّرِكَةِ وَتَلِفَتْ الصُّرَّةُ الْأُخْرَى وَالْمَالَانِ مُتَّفِقَانِ، فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا وَالصُّرَّةُ مِنْ رَبِّهَا. ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ فَالْأَمَةُ بَيْنَهُمَا يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهَا عَلَى الشَّرِكَةِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ التَّلَفِ عَالِمًا بِهِ فَشَرِيكُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا أَوْ يَدَعَهَا لَهُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِي فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّلَفِ حَتَّى اشْتَرَى الْأَمَةَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثُمَّ تَلِفَتْ صُرَّةُ الْآخَرِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. أَبُو الْحَسَنِ وَلِابْنِ رُشْدٍ عَكْسُ هَذَا، قَالَ إنْ اشْتَرَى بَعْدَ التَّلَفِ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُلْزِمَهُ مَا اشْتَرَاهُ أَوْ يَنْفَرِدَ بِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْت تَلَفَهُ لَمْ أَشْتَرِ إلَّا لِنَفْسِي، وَمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 256 وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ يَبْعُدْ وَلَمْ يُتَّجَرْ لِحُضُورِهِ   [منح الجليل] اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ تَلَفَ مَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُهُ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً. اهـ. فَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَا اشْتَرَى بِالسَّالِمِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ التَّلَفَ، فَإِنْ عَلِمَهُ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ فَالسِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا بِلَا خِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ. فَإِنْ قِيلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ إلَّا أَنْ يَدَّعِي، يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ. قُلْت لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى لِلشَّرِكَةِ وَلَمْ يَدَّعِ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ، فَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ وَإِنَّهُ بَيْنَهُمَا لُزُومًا. وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ، إلَّا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا خِيَارَ لِأَحَدِهِمَا سَوَاءٌ اشْتَرَى بَعْدَ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ أَوْ قَبْلَهُ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ التَّلَفَ يُخَيَّرُ شَرِيكُهُ الَّذِي تَلِفَتْ صُرَّتُهُ فِي شَرِكَتِهِ وَتَرْكِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ إنْ أَحْضَرَ مَا أَخْرَجَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، بَلْ (وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ الَّذِي شَارَكَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ بِقَيْدَيْنِ، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) النَّقْدُ الْغَائِبُ، زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ جِدًّا، فَإِنْ بَعُدَ النَّقْدُ الْغَائِبُ جِدًّا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهِ (وَلَمْ يُتَّجَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً وَالْجِيمِ بِنَقْدِ أَحَدِهِمَا الْحَاضِرِ (لِحُضُورِهِ) أَيْ النَّقْدِ الْغَائِبِ، وَاَلَّذِي فِي تَوْضِيحِهِ لِقَبْضِهِ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ حُضُورَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ تت. فَإِنْ اتَّجَرَ بِالْحَاضِرِ قَبْلَ حُضُورِ الْغَائِبِ فَلَا تَصِحُّ. طفي جَعَلَهُ تت مُبَالَغَةً فِي لُزُومِهَا، وَتَبِعَهُ " س "، وَاعْتَرَضَهُمَا عج بِاقْتِضَائِهِ عَدَمَ لُزُومِهَا مَعَ الْبُعْدِ أَوْ التَّجْرِ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَالْمُرَادُ مَنْعُهَا وَجَعْلُهُ مُبَالَغَةً فِي جَوَازِهَا. قُلْت الْأَوْلَى كَوْنُهُ مُبَالَغَةً فِي صِحَّتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ، قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 257 لَا بِذَهَبٍ وَبِوَرِقٍ   [منح الجليل] الْمُسْتَتِرَ لِلَّخْمِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْقَيْدُ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ، وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافٌ. اهـ. وَنَصُّهُ وَفِي الشَّرِكَةِ بِمَالٍ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، نَقَلَ اللَّخْمِيُّ صِحَّتَهَا عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَمَنَعَهَا عَنْ سَحْنُونٍ، وَنَقَلَ التُّونُسِيُّ عَنْهُ الْكَرَاهَةَ وَالصَّقَلِّيُّ الْفَسَادَ، وَفِي كَوْنِ قَوْلِ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ إنَّمَا تَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِشَرْطِ قُرْبِ الْغَيْبَةِ وَوَقْفُ التَّجْرِ بِالْحَاضِرِ عَلَى حُضُورِ الْغَائِبِ تَقْيِيدًا نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافٌ لِاحْتِجَاجِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْجَوَازِ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا اُنْظُرْ تَمَامَهُ. (لَا) تَصِحُّ الشَّرِكَةِ (بِذَهَبٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا (وَوَرِقٍ) مِنْ الْآخَرِ لِاجْتِمَاعِ الشَّرِكَةِ وَالصَّرْفِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ احْتِجَاجُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ صَرْفٌ وَشَرِكَةٌ غَيْرُ بَيِّنٍ ` لِأَنَّ الْعُقُودَ الْمُنْضَمَّةَ إلَى الشَّرِكَةِ إنَّمَا تُمْنَعُ صِحَّتُهَا إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا، نَصَّ عَلَى مَعْنَى هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَرَفَةَ، قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْهَا ظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْخَارِجَةِ غَيْرُ مَانِعَةٍ صَرْفًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا قَالَهُ فِيمَا لَيْسَ صَرْفًا لِأَجْلِ ضِيقِ الصَّرْفِ وَشِدَّتِهِ، وَإِنَّمَا الْغَيُّ مَانِعِيَّةُ الصَّرْفِ فِي الشَّرِكَةِ. سَحْنُونٌ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ. اهـ. وَقِيلَ عِلَّةُ الْمَنْعِ أَنَّ يَدَ كُلٍّ جَائِلَةٌ فِي نَقْدِهِ فَهُوَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِهِ فَهُوَ صَرْفٌ بِتَأْخِيرٍ، وَقَدْ يُقَالُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 258 وَبِطَعَامَيْنِ، وَلَوْ اتَّفَقَا؛   [منح الجليل] إنَّ فِيمَا أَجَازُوهُ مِنْ الشَّرِكَةِ بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ بَدَلَا التَّأْخِيرِ لِجَوَلَانِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نَقْدِهِ، وَفِيهِ اجْتِمَاعُ الشَّرِكَةِ وَالْبَدَلِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْبَدَلِ بِتَأْخِيرٍ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى إجَازَةِ الشَّرِكَةِ بِالدَّنَانِيرِ مِنْ كِلَا الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ مِنْ كِلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا عَدَمَ الْمُنَاجَزَةِ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ لِبَقَاءِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا بَاعَ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ وَهُوَ إجْمَاعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، وَكَأَنَّهُمْ رَخَّصُوا فِي النُّقُودِ لِأَنَّهَا أُصُولُ الْأَثْمَانِ، وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْمُعَيَّنِ فِي أَمْوَالِهِمْ. وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِلشَّرِكَةِ فِيهِ ضَرُورَةٌ اهـ. (وَلَا) تَصِحُّ (بِطَعَامَيْنِ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ قَدْرًا، بَلْ (وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَصِفَةً عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاعَ لِلْآخَرِ بَعْضَ طَعَامِهِ بِبَعْضِ طَعَامِ الْآخَرِ وَبَقِيَ الْبَعْضُ الَّذِي بَاعَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا تَحْتَ يَدِهِ، فَإِذَا بِيعَ لِأَجْنَبِيٍّ فَقَدْ بِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا فِي الشَّرِكَةِ بِطَعَامٍ وَعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ، وَقَدْ أَجَازَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأُجِيبَ بِاغْتِفَارِهِ فِي هَذِهِ لِتَبَعِيَّةِ الطَّعَامِ النَّقْدَ أَوْ الْعَرْضَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ بِطَعَامَيْنِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ كَثِيرًا مَمْنُوعَةٌ. الصِّقِلِّيُّ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ تُمْنَعُ قَائِلًا لَمْ يُجِزْهُ مُنْذُ لَقِينَاهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا مَا عَلِمْت لِكَرَاهَةٍ فِيهَا وَجْهًا، وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ بِخَلْطِ الطَّعَامِ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ وَعَبْدُ الْحَقِّ بِبَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِسْمَاعِيلُ بِافْتِقَارِ الشَّرِكَةِ إلَى اسْتِوَاءِ الْقِيمَةِ وَالْبَيْعِ إلَى اسْتِوَاءِ الْكَيْلِ، وَلَا يَكَادُ أَنْ يُوجَدَا. وَزَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا بِعَيْنَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لَمْ يَقِسْ عَلَيْهِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا الْقَوْلِ جَوَازَهَا بِطَعَامَيْنِ وَأَبُو الْحَسَنِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ فِي الطَّعَامِ مُطْلَقًا لِفَسْخِ بَيْعِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ، وَعَدَمِ اخْتِلَافِهَا فِي الْعَيْنِ لِعَدَمِ فَسْخِهِ فِيهِ فَصَارَ مُتَمَاثِلَا الطَّعَامِ كَمُخْتَلِفَيْهِ، بِخِلَافِ مُتَمَاثِلَيْ الْعَيْنِ، وَنَظَمَ " غ " الْمَسْأَلَةَ وَعَلَّلَهَا فَقَالَ: الجزء: 6 ¦ الصفحة: 259 ثُمَّ إنْ أَطْلَقَا التَّصَرُّفَ وَإِنْ بِنَوْعٍ، فَمُفَاوَضَةٌ وَلَا يُفْسِدُهَا: انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ؛   [منح الجليل] شَارِكْ بِجِنْسِ الْعَيْنِ وَالطَّعَامِ ... وَالثَّانِ لِلْعُتَقِيِّ لَا الْإِمَامِ لِلنَّقْلِ وَالْخَلْطِ وَالْأَرْشِ وَالْغَرَضْ ... وَعِلَلٍ وَإِنْ كَلَامًا قَبَضْ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ فِي الْعَيْنِ، وَبِالْأَرْشِ الْقِيمَةُ الَّتِي تَفْتَقِرُ الشَّرِكَةُ إلَى الِاسْتِوَاءِ فِيهَا، وَبِالْغَرَضِ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ فِي الطَّعَامِ وَتَنْكِيرُ عِلَلٍ لِلتَّكْثِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَوَازِهَا بِدَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَطَعَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَعَرْضَيْنِ كَذَلِكَ وَمَنَعَهَا فِي الْجَمِيعِ. ثَالِثُهَا تَجُوزُ فِي الْعَرْضَيْنِ فَقَطْ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ وَسَحْنُونٍ، وَالثَّانِي لِأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَالثَّالِثُ لِأَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِاجْتِمَاعِ عِلَّتَيْنِ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَهُمَا عَدَمُ الْمُنَاجَزَةِ وَالْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَانْفِرَادُ عِلَّةٍ فِي الْعَرْضَيْنِ هِيَ الْبَيْعُ وَالشَّرِكَةُ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ نَقْدِهَا مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ أَجَازَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَاعِ فِي الشَّرِكَةِ عَدَمَ التَّنَاجُزِ وَلَا الصَّرْفِ وَالشَّرِكَةِ وَلَا الْبَيْعِ إذَا دَخَلَا فِيهَا. وَلَمَّا كَانَتْ الشَّرِكَةُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُفَاوَضَةٍ وَعِنَانٍ وَجَبْرٍ وَعَمَلٍ وَذِمَمٍ وَمُضَارَبَةٍ وَهُوَ الْقَرَّاضُ ذَكَرَهَا مُرَتَّبَةً كَهَذَا وَأَفْرَدَ الْأَخِيرَ بِبَابٍ فَقَالَ: (ثُمَّ) بَعْدَ لُزُومِهَا بَدَا لَهَا عُرْفًا (إنْ أَطْلَقَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (التَّصَرُّفَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ مَا يَتَّجِرَانِ فِيهِ بِأَنْ جَعَلَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ، وَبِلَا إذْنِهِ وَعِلْمِهِ، وَفِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَالِاكْتِرَاءِ وَالْإِكْرَاءِ وَنَحْوِهَا إنْ كَانَ الْإِطْلَاقُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ مَا يُتَّجَرُ فِيهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِنَوْعٍ) وَاحِدٍ مِمَّا يُتَّجَرُ فِيهِ كَالْبَزِّ بِالزَّايِ أَوْ الْعِطْرِ (فَ) هِيَ (مُفَاوَضَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ لَا غَيْرُ أَيْ تُسَمَّى بِهَذَا (وَلَا يُفْسِدُهَا) أَيْ الْمُفَاوَضَةَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ (انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (بِشَيْءٍ) مِنْ الْمَالِ يَتَّجِرُ فِيهِ لِخَاصَّةِ نَفْسِهِ إذَا دَخَلَا عَلَى عَمَلِهِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ بِقَدْرِ مَالِهِ فِيهَا يَكُونَانِ مُتَفَاوِضَيْنِ وَلِأَحَدِهِمَا عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ دُونَ صَاحِبِهِ، وَلَا يُفْسِدُ ذَلِكَ الْمُفَاوَضَةُ بَيْنَهُمَا. وَفِي التَّوْضِيحِ وَلَا يُفْسِدُ عِنْدَنَا وُجُودُ مَالٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى حِدَتِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 260 وَلَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ، إنْ اسْتَأْلَفَ بِهِ أَوْ خَفَّ، كَإِعَارَةِ آلَةٍ، وَدَفْعِ كِسْرَةٍ وَيُبْضِعَ وَيُقَارِضَ   [منح الجليل] (وَلَهُ) أَيْ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ (أَنْ يَتَبَرَّعَ) بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (إنْ اسْتَأْلَفَ) الْمُتَبَرِّعُ (بِهِ) أَيْ التَّبَرُّعِ لِلتِّجَارَةِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْلِفْ بِهِ مُنِعَ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ مِمَّا يَخُصُّهُ (أَوْ) لَمْ يَسْتَأْلِفْ بِهِ لَهَا و (خَفَّ) أَيْ قَلَّ الْمُتَبَرَّعُ بِهِ (كَإِعَارَةِ آلَةٍ) جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِعَارَتِهَا كَدَلْوٍ وَفَأْسٍ وَرَحًى (وَدَفْعِ كِسْرَةٍ) مِنْ رَغِيفٍ لِفَقِيرٍ وَشَرْبَةِ مَاءٍ وَإِعَارَةِ غُلَامٍ لِنَحْوِ سَقْيِ دَابَّةٍ. وَمَفْهُومُ خَفَّ مَنْعُ الْكَثِيرِ فِيهَا وَإِنْ أَخَّرَ أَحَدُهُمَا غَرِيمًا بِدَيْنٍ أَوْ وَضَعَ لَهُ مِنْهُ نَظَرًا وَاسْتِئْلَافًا فِي التِّجَارَةِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَازَ، وَكَذَلِكَ وَكِيلُ الْبَيْعِ إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ وَمَا صَنَعَهُ غَيْرُ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ مِنْ شَرِيكٍ أَوْ وَكِيلٍ فَلَا يَلْزَمُ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي حِصَّتِهِ وَيَرُدُّ صَنِيعَ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ مَا صَنَعَهُ الْوَكِيلُ فَيَضْمَنُهُ. اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُوسِعَ لَهُ فِيهِ شَرِيكُهُ، أَوْ يَكُونَ شَيْئًا خَفِيفًا كَعَارِيَّةِ غُلَامٍ لِيَسْقِيَ دَابَّةً وَنَحْوِهِ، فَأَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَالْعَارِيَّةُ مِنْ الْمَعْرُوفِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا فِعْلُهُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ. وَإِنْ وَهَبَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَعَارَ عَلَى الْمَعْرُوفِ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ لِلِاسْتِئْلَافِ فَلَا يَضْمَنُ (وَ) لَهُ أَنْ (يُبْضِعَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ يَدْفَعُ مَالًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِمَنْ يَشْتَرِي بِهِ بِضَاعَةً مَعْلُومَةً مِنْ بَلَدِ كَذَا وَيُرْسِلُهَا أَوْ يَقْدُمُ بِهَا لِلشَّرِيكَيْنِ (وَ) لَهُ أَنْ (يُقَارِضَ) أَيْ يَدْفَعُ مَالًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ فِيهَا لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ وَيُقَارِضَ دُونَ إذْنِ الْآخَرِ. اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ الْمَالُ وَاسِعًا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ عَنْهُمَا فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ نَظَرِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ فِي شَيْءٍ بَارَ عَلَيْهِمَا وَبَلَغَهُ نَفَاقُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَلَا يَجِدُ لِلسَّفَرِ بِهِ إلَيْهِ سَبِيلًا، أَوْ يَبْلُغُهُ عَنْ سِلَعٍ صَلَاحًا بِبَلَدٍ فَيَبْعَثُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَبْعَثَ بِهِ مِنْ مِثْلِ مَا بِأَيْدِيهِمَا، وَمِثْلُ هَذَا يُعْرَفُ عِنْدَ نُزُولِهِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ وِفَاقٌ لَهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 261 وَيُودِعَ لِعُذْرٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ وَيُشَارِكُ فِي مُعَيَّنٍ   [منح الجليل] وَ) لَهُ أَنْ (يُودِعَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الدَّالِ مَالَ الْمُفَاوَضَةِ عِنْدَ أَمِينٍ (لِعُذْرٍ) كَهَدْمِ جِدَارٍ وَحُدُوثِ جَارِ سَوْءٍ وَحُدُوثِ فِتْنَةٍ وَسَفَرٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِيدَاعُ لِعُذْرٍ وَضَاعَ الْمَالُ (ضَمِنَ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِمَّا أَوْدَعَهُ. اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُودَعَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ إلَّا لِعُذْرٍ، وَكَذَلِكَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، وَلَهُ قَبُولُ الْوَدِيعَةِ اخْتِيَارًا بِلَا عُذْرٍ. فَإِنْ مَاتَ الْمُودِعُ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ كَانَ مُفَاوَضًا أَمْ لَا، وَفِيهَا وَأَمَّا إيدَاعُهُ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَنُزُولِهِ بَلَدًا فَرَأَى أَنْ يُودِعَ، إذْ مَنْزِلَةُ الْفُنْدُقِ وَلَا يُؤْمَنُ مِنْ السَّرِقَةِ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَوْدَعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ضَمِنَهُ. أَبُو الْحَسَنِ فَذَلِكَ لَهُ أَيْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَهُ) أَنْ (يُشَارِكَ فِي) مَالٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً شَرِكَةَ غَيْرَ مُفَاوَضَةٍ، كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ. طفي بَلْ وَلَوْ مُفَاوَضَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَرَّهُ قَوْلُهَا، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُفَاوِضَ شَرِيكًا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. وَأَمَّا إنْ شَارَكَهُ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا غَيْرِ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ فَجَائِزٌ لِأَنَّهَا تِجَارَةٌ مِنْ التِّجَارَاتِ. اهـ. وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهَا غَيْرُ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ بِعَيْنِهَا، بَلْ مُرَادُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَارِكَهُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ حَتَّى يَكُونَ ثَالِثَهُمَا، فَفِي شَرْحِهَا اللَّخْمِيُّ مُشَارَكَتُهُ ثَالِثًا إنْ شَارَكَهُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ سِلْعَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ بِدَنَانِيرَ يُخْرِجُهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَيُشَارِكُ بِهَا آخَرَ لِيَتَّجِرَ فِي ذَلِكَ جَازَ، فَإِنْ جَعَلَهُ ثَالِثًا لَهُمَا لَمْ يَجُزْ فَقَوْلُهُ فِيهَا غَيْرُ مُفَاوَضَةٍ أَيْ بِجَعْلِهِ ثَالِثًا لَهُمَا. أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَلِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَنْ يُبْضِعَ وَيُقَارِضَ دُونَ إذْنِ الْآخَرِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ دَفْعَهُ الْبِضَاعَةَ وَمُقَارَضَةَ غَيْرِهِ وَشَرِكَتَهُ فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي سِلَعٍ مِنْ التِّجَارَةِ مُوَسَّعٌ لَهُ فِيهِ. وَأَمَّا شَرِكَتُهُ شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ فَقَدْ مَلَكَ هَذَا الشَّرِيكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحُزْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. اهـ. فَجَعَلَ مَحَلَّ الْمَنْعِ حَيْثُ جَعَلَهُ ثَالِثًا فَصَحَّ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ كَمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 262 وَيُقِيلَ وَيُوَلِّيَ ويَقْبَلَ الْمَعِيبَ وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ وَيُقِرُّ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَيَبِيعَ بِالدَّيْنِ لَا الشِّرَاءُ بِهِ   [منح الجليل] أَطْلَقَ غَيْرُهُ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ، وَفَسَدَ التَّقْيِيدُ. وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ. اهـ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ لِمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَهُ أَنْ (يُقِيلَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ أَيْ يَرُدُّ سِلْعَةً لِلشَّرِكَةِ بِثَمَنِهَا الَّذِي بَاعَهَا بِهِ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ (وَ) لَهُ أَنْ (يُوَلِّيَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً، أَيْ يَبِيعُ سِلْعَةً مُشْتَرَكَةً بِمِثْلِ ثَمَنِهَا إذَا خَافَ كَسَادَهَا أَوْ خُسْرَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يُجَابَّ. (وَ) لَهُ أَنْ (يَقْبَلَ الْمَعِيبَ) أَيْ الْمَرْدُودَ بَعْدَ بَيْعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا إنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ، بَلْ (وَإِنْ أَبَى) شَرِيكُهُ (الْآخَرُ) قَبُولَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُفَاوِضَ إذَا ظَهَرَ لَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ أَوْ شَرِيكُهُ فَلَهُ قَبُولُهُ وَعَدَمُ رَدِّهِ عَلَى بَائِعِهِ، وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ قَبُولَهُ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَضِيَهُ هُوَ أَوْ شَرِيكُهُ لَزِمَ ذَلِكَ الْآخَرَ، فَإِنْ رَدَّهُ مُبْتَاعُهُ وَرَضِيَهُ شَرِيكُهُ لَزِمَ رِضَاهُ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ بِهِ لَزِمَ الشَّرِيكَ. (وَ) لَهُ أَنْ (يُقِرُّ بِدَيْنٍ) فِي مَالِ الْمُفَاوَضَةِ، وَيَلْزَمُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْآخَرَ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ (لَا يُتَّهَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً الْمُقِرُّ (عَلَيْهِ) بِالْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ لَهُ بِأَنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا غَيْرَ مُلَاطِفٍ لِلْمُقِرِّ أَوْ بَعِيدَ الْقَرَابَةِ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَأَبَوَيْهِ وَأَوْلَادِهِ وَصَدِيقِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. (وَ) لَهُ أَنْ (يَبِيعَ) سِلْعَةً مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ (بِالدَّيْنِ) لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (لَا) يَجُوزُ لَهُ (الشِّرَاءُ) لِسِلْعَةٍ لِلْمُفَاوَضَةِ (بِهِ) أَيْ الدَّيْنِ. طفي سِوَى ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ الشِّرَاءُ بِالْبَيْعِ فِي الْجَوَازِ فَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ مَا قَالَهُ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُ أَنْ يُخْرِجَا مَالًا عَلَى أَنْ يَتَّجِرَا بِهِ وَبِالدِّينِ مُفَاوَضَةً، فَإِنْ فَعَلَا فَمَا اشْتَرَاهُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 263 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْهُمَا فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاوَزَ رُءُوسَ أَمْوَالِهَا، فَأَيْنَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ قَالَ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ عَلَى النَّقْدِ بَعْدَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ جَازَ، وَهَذَا لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ. اهـ. فَتَبِعَهُ خَلِيلٌ فِي تَعَقُّبِهِ وَاسْتِدْلَالِهِ بِكَلَامِهَا، وَلِذَا فَرَّقَ فِي مُخْتَصَرِهِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. وَفِي اسْتِدْلَالِهِمَا عَلَى التَّعَقُّبِ بِكَلَامِهَا وَهْمٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فِي تَعَاقُدِهِمَا عَلَى الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ، وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَيْسَ فِي ذَلِكَ فَبَيْنَهُمَا مَا بَيْنَ الضَّبِّ وَالنُّونِ، وَإِنَّمَا كَلَامُهَا فِي شَرِكَةِ الذِّمَمِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا الْمَذْكُورِ وَهَذِهِ تُفَسِّرُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا، وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهَا، أَمَّا الذِّمَمُ بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَا مَا ابْتَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا. وَأَرَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَعْضِ الشُّيُوخِ اللَّخْمِيَّ، قَالَ وَلَا يَشْتَرِي بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي خَاصَّةً، ثُمَّ قَالَ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا لَا يَكُونُ ثَمَنُهُ مَعَهُ عَلَى النَّقْدِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَهَذَا مِمَّا لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْهُ، فَلَوْ اسْتَدَلَّا عَلَى تَعَقُّبِهَا بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ كَمَا فَعَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ لَأَجَادَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ لَيْسَ هُوَ الْمَذْهَبَ، وَلِذَا لَمْ يُدْرِجْ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ، وَقَدْ أَقَرَّ كَلَامَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى تَعَقُّبِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِحَالٍ، وَقَدْ نَازَعَ الْبِسَاطِيُّ الْمُصَنِّفَ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ بِمَا قُلْنَاهُ، قَالَ وَالْحَقُّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى بَابِهَا، وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يُنَافِيهَا اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ التَّعَقُّبِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ فَرْضَ ابْنِ الْحَاجِبِ خِلَافُ فَرْضِهَا فَكَيْفَ لَا يُنَافِيهَا. وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَقَدْ حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمَنْعِ قَائِلًا لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ فَسْخٌ فَكُلُّ مَا يُفْسَخُ إذَا وَقَعَ تَكُونُ الْكَرَاهَةُ فِيهِ الْمَنْعَ اهـ كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْجَوَازَ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ صَوَابٌ، إذْ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي قَوْلِهَا وَمَا ابْتَاعَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَزِمَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 264 كَكِتَابَةٍ،   [منح الجليل] الْآخَرَ وَيَتْبَعُ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي فَوْتِ الْفَاسِدِ أَيَّهُمَا شَاءَ. اهـ. وَهُوَ يَشْمَلُ الشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ وَبِالدَّيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِالْجَوَازِ، وَنَصُّ السَّمَاعِ أَصْبَغُ ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا عَلَى أَخْذِ مَتَاعٍ بِدَيْنٍ يَكُونُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا وَلَهُمَا مَالٌ أَوْ لَا مَالَ لَهُمَا، قَالَ إنْ كَانَا يَشْتَرِكَانِ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا يَشْتَرِيَانِهَا بِدَيْنٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَانَ لَهُمَا رَأْسُ مَالٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ كَانَا إنَّمَا يَشْتَرِكَانِ عَلَى مَا يَشْتَرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولَانِ مَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بِدَيْنٍ وَلَا مَالَ لَهُمَا فَنَحْنُ فِيهِ شُرَكَاءُ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ. أَصْبَغُ فَإِنْ وَقَعَ نَفَذَ عَلَى سُنَّةِ الشَّرِكَةِ وَضَمِنَاهُ جَمِيعًا وَفُسِخَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ إنَّهُمَا إنْ اشْتَرَكَا فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا بِدَيْنٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِيهَا كَانَ لَهُمَا مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ، فَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَائِعُ عَلَيْهِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا حِصَّةُ حَقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ النِّصْفُ إنْ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا عَلَى النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثُ أَوْ الثُّلُثَانِ إنْ كَانَتْ شَرِكَتُهُمَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَلِلْآخِرِ الثُّلُثَانِ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ، إلَّا أَنْ يَكُونَا شُرَكَاءَ عَقْدٍ قَدْ اشْتَرَكَا شَرِكَةً صَحِيحَةً عَلَى مَالٍ لَهُمَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ صَاحِبُهُ بِدَيْنٍ اجْتَمَعَا فِي أَخْذِ الْمَتَاعِ بِالدَّيْنِ أَوْ افْتَرَقَا. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَكَا وَلَا مَالَ لَهُمَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالدَّيْنِ وَيَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ صَاحِبُهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ بِالذِّمَمِ وَلَا تَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الشَّرِكَةُ بِالذِّمَمِ لِأَنَّهَا غَرَرٌ اهـ. فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا شُرَكَاءَ عَقْدٍ نُصَّ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ رُشْدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْبَيَانَ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ هَارُونَ وَابْنُ سَلْمُونٍ، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ مَا لِلَّخْمِيِّ، وَرَدُّ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ، وَإِنَّ الْجَوَازَ هُوَ الْمَذْهَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَقَالَ: (كَكِتَابَةٍ) لِرَقِيقٍ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 265 وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَإِذْنٍ لِعَبْدٍ فِي تِجَارَةٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ وَاسْتَبَدَّ آخِذُ قِرَاضٍ وَمُسْتَعِيرُ دَابَّةٍ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ لِلشَّرِكَةِ   [منح الجليل] فَلَا تَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ (وَعِتْقٍ) الرَّقِيقَ مِنْهُ (عَلَى مَالٍ) مُعَجَّلٍ مِنْ الرَّقِيقِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ بِلَا عِتْقٍ وَأَمَّا مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلِ قِيمَتِهِ فَيَجُوزُ كَبَيْعِهِ (وَ) كَ (إذْنٍ لِعَبْدٍ) مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ (فِي تِجَارَةٍ) فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ (أَوْ) شَرِكَةٍ (مُفَاوَضَةٍ) فِي مَالِ الْمُفَاوَضَةِ لِثَالِثٍ تَجُولُ يَدُهُ فِيهِ مَعَهُمَا فَلَا تَجُوزُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ (وَاسْتَبَدَّ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ اسْتَقَلَّ وَاخْتَصَّ شَرِيكُ مُفَاوَضَةٍ (آخِذُ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (قِرَاضٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ مَالٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ رِبْحِهِ بِالرِّبْحِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي أَخْذِهِ لِأَنَّهُ فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ فِيهِ الْخَارِجِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) اسْتَبَدَّ شَرِيكٌ مُفَاوَضٌ (مُسْتَعِيرُ دَابَّةٍ) لِحَمْلِ أَمْتِعَةِ الْمُفَاوَضَةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ شَرِيكِهِ (وَإِنْ) اسْتَعَارَهَا (لِ) حَمْلِ سِلَعِ (الشَّرِكَةِ) وَاوُهُ لِلْحَالِ وَإِنْ صِلَةٌ فَيَخْتَصُّ بِالرِّبْحِ أَيْ أُجْرَةِ الْحَمْلِ وَالْخُسْرِ، أَيْ ضَمَانُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَعَهَا كَلِجَامٍ وَإِكَافٍ. الْحَطّ أَشَارَ إلَى قَوْلِهَا وَإِنْ اسْتَعَارَ أَحَدُهُمَا مَا حَمَلَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ فَتَلَفَ فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ كُنْت اسْتَأْجَرْت فَلَا تَضَمُّنٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ إلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّابَّةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَصْلِهِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ إلَّا بِالتَّعَدِّي، فَذَهَبَ حَمْدِيسٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا يُغْلَبُ عَلَيْهِ كَالْإِكَافِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ بَعْدَ تَبَيُّنِ كَذِبِهِ فِي الْحَيَوَانِ فَقَوْلُ غَيْرِهِ تَفْسِيرٌ. وَقَالَ الْقَابِسِيُّ إنَّهُ يَضْمَنُ الْحَيَوَانَ إذَا قَضَى بِهِ قَاضٍ يَرَى ذَلِكَ وَهُوَ رَأْيُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ قَاضِي مِصْرَ يَوْمَئِذٍ رَأَى ذَلِكَ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مَعْنَى اسْتِبْدَادِهِ بِالْخُسْرِ هُنَا تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهِ بِتَعَدِّيهِ أَوْ ظُهُورِ كَذِبِهِ أَوْ بِحُكْمِ مَنْ رَآهُ، وَأَمَّا اسْتِبْدَادُهُ بِالرِّبْحِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 266 وَمُتَّجِرٌ بِوَدِيعَةٍ بِالرِّبْحِ وَالْخُسُرِ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ فِي الْوَدِيعَةِ؛ وَكُلٌّ وَكِيلٌ، فَيُرَدُّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ، كَالْغَائِبِ   [منح الجليل] وَانْظُرْ هَلْ مَعْنَاهُ طَلَبُ شَرِيكِهِ بِمَا يَنْوِيهِ مِنْ كِرَائِهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِيهِ اهـ. طفي فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِعَارَةَ فِي دَابَّةٍ تَبَعًا لِلَفْظِ التَّهْذِيبِ وَلَفْظِ الْأُمَّهَاتِ. وَإِنْ اسْتَعَارَ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلَكَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ الدَّابَّةَ إلَّا بِالتَّعَدِّي، ثُمَّ قَالَ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْإِتْيَانُ بِلَفْظِ الْأُمَّهَاتِ الْقَابِلِ لِلتَّأْوِيلَاتِ. (وَ) اسْتَبَدَّ شَرِيكٌ مُفَاوِضٌ (مُتَّجِرٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بِوَدِيعَةٍ) عِنْدَهُ وَصِلَةُ اسْتَبَدَّ (بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ) فِيهَا. طفي الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ اتِّكَالًا عَلَى ذِهْنِ السَّمِيعِ اللَّبِيبِ فِي رَدِّ كُلِّ مَا يَلِيقُ بِهِ، إذْ الْعَارِيَّةُ لَا يُتَصَوَّرُ اسْتِبْدَادُهُ بِالرِّبْحِ فِيهَا، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الضَّمَانِ وَذَكَرَهُمَا مَعًا فِي الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ. وَأَمَّا تَصْوِيرُ عج فَمَعَ كَوْنِهِ لَا نَقْلٌ يُعَضِّدُهُ فَهُوَ بَعِيدٌ لَا يَكَادُ أَنْ يُقَالَ بِهِ، وَيَخْتَصُّ الْمُتَّجِرُ بِوَدِيعَةٍ بِالرِّبْحِ وَالْخُسْرِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ) بِالتَّجْرِ (فِي الْوَدِيعَةِ) وَيَرْضَى بِتَجْرِهِ فِيهَا فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِمَا. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَوْدَعَ رَجُلٌ لِأَحَدِهِمَا وَدِيعَةً فَعَمَل فِيهَا تَعَدِّيًا فَرَبِحَ، فَإِنْ عَلِمَ شَرِيكُهُ بِالْعَدَاءِ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ بِهَا بَيْنَهُمَا فَالرِّبْحُ لَهُمَا وَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالرِّبْحُ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ خَاصَّةً اهـ. (وَكُلٌّ) مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ (وَكِيلٌ) أَيْ كَوَكِيلٍ عَنْ الْآخَرِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالِاكْتِرَاءِ وَالْإِكْرَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْقِيَامِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَضَمَانِ الْعَيْبِ، وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَيُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ مَا بَاعَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ غَابَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ ظَهَرَ لِمُشْتَرِيهِ بَعْدَ شِرَائِهِ فَلَهُ رَدُّهُ بِهِ (عَلَى شَرِيكٍ حَاضِرٍ) لِبَائِعِهِ (لَمْ يَتَوَلَّ) أَيْ الشَّرِيكُ بَيْعَهُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَمَّنْ تَوَلَّاهُ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُتَوَلِّي فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَى غَيْرِهِ حَالَ كَوْنِ الرَّدِّ عَلَى الشَّرِيكِ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي (كَ) الرَّدِّ عَلَى الْبَائِعِ (الْغَائِبِ) الَّذِي ظَهَرَ فِي مَبِيعِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 267 إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ   [منح الجليل] لِمُشْتَرِيهِ بَعْدَ شِرَائِهِ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى إثْبَاتِ شِرَائِهِ بِعُهْدَةٍ وَتَارِيخُ الشِّرَاءِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ فِي مَبْحَثِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إلَخْ. وَأَفَادَ شَرْطُ الرَّدِّ عَلَى الشَّرِيكِ غَيْرِ الْمُتَوَلِّي بِقَوْلِهِ (إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الشَّرِيكِ الْغَائِبِ الَّذِي تَوَلَّى بَيْعَ الْمَعِيبِ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْيَوْمَيْنِ مَعَ خَوْفِهِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ غَيْبَتُهُ فَلَيْسَ ضَمِيرُ غَيْبَتِهِ لِلْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَهُوَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: 11] فَاطِرٌ أَيْ مُعَمَّرٍ آخَرَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَةُ الشَّرِيكِ الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أَخَّرَ الرَّدَّ إلَى قُدُومِهِ لِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَمْرِ الْمَبِيعِ وَلِئَلَّا تَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ. طفي قَوْلُهُ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَيَرُدُّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ وَالضَّمِيرُ لِلْغَائِبِ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ، فَهُوَ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ كَالْغَائِبِ، لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ قُرْبِ الْغَيْبَةِ وَبَعْدَهَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْبَةِ الشَّرِيكِ الْمُفَاوِضِ. وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ كَالْغَائِبِ مَا قَدَّمَهُ فِي الْعُيُوبِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ قُضِيَ إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إلَخْ، وَهَذَا حَاصِلُ تَقْرِيرِ " غ "، وَنَصُّهُ أَصْلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُهُ فِي آخِرَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا مِنْ أَحَدِهِمَا فَظَهَرَ عَيْبُهُ فَلَهُ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ إنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ فَلْيَنْتَظِرْ لَعَلَّ لَهُ حُجَّةً. وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً فَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ عَلَى بَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ نَظَرَ فِي الْعَيْبِ، فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بَعْدَ شِرَائِهِ رَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ الشَّرِيكُ بِاَللَّهِ مَا عَلِمَ هَذَا الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَنَا وَبَرِئَ؛ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ. اهـ. فَبِسَبَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ يَرُدُّ وَاجِدُ الْعَيْبِ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ الْبَيْعَ لِتَعَذُّرِ وُجُودِ الْغَائِبِ الَّذِي تَوَلَّاهُ حَالَ كَوْنِ هَذَا الرَّدِّ كَالرَّدِّ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ فِي افْتِقَارِ الْمُشْتَرِي الرَّادِّ إلَى إثْبَاتِ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتَهُ، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْحَاضِرِ الَّذِي لَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 268 وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ وَتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ، وَلِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ.   [منح الجليل] يَتَوَلَّ إنَّمَا هُوَ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ وَإِلَّا انْتَظَرَ، فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ لَا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ، وَبِهَذِهِ التَّمْشِيَةِ يَكُونُ كَلَامُهُ مُطَابِقًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُتَضَمِّنًا لِفُصُوصٍ نَصُّهَا، فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَلْطَفَ إشَارَتَهُ. فَإِنْ قُلْت وَأَيْنَ تَقَدَّمَ لَهُ الْغَائِبُ الَّذِي أَحَالَ عَلَيْهِ. قُلْت قَوْلُهُ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ. فَإِنْ قُلْت عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْغَائِبِ الْمُشَبَّهِ بِهِ يُغَيِّرُ فِي وَجْهِ هَذِهِ التَّمْشِيَةِ. قُلْت سَلَّمْنَا عَوْدَهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدُّهُ لِلْغَائِبِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ، فَقُصَارَاهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، وَقَدْ قِيلَ بِنَحْوِ هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت: 62] وَفِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: 11] وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَالرِّبْحُ) فِي مَالِ الشَّرِكَةِ (وَالْخُسْرُ) فِيهِ يُقْسَمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ (بِقَدْرِ) أَصْلِ (الْمَالَيْنِ) الْمُشْتَرَكِ بِهِمَا وُجُوبًا تَسَاوَيَا أَوْ لَا (وَتَفْسُدُ) الشَّرِكَةُ (بِشَرْطِ) أَيْ اشْتِرَاطِ (التَّفَاوُتِ) أَيْ قِسْمَةِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرِ بِغَيْرِ قَدْرِ الْمَالَيْنِ فِي عَقْدِهَا كَكَوْنِ مِائَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَخَمْسِينَ لِلْآخَرِ وَشَرَطَا قَسْمَ الرِّبْحِ بِالنِّصْفِ وكَوْنِ الْمَالَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ وَشَرَطَا لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ وَإِنْ عَمَلَا قُسِمَ الرِّبْحُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ. (وَلِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (أَجْرُ عَمَلِهِ لِلْآخَرِ) " غ " كَأَنَّهُ أَطْلَقَ أَجْرَ الْعَمَلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَحَقِيقَتُهُ الْأُجْرَةُ التَّابِعَةُ لِلْعَمَلِ وَمَجَازُهُ الرِّبْحُ التَّابِعُ لِلْمَالِ، وَسَهَّلَ لَهُ هَذَا قَرِينَةُ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْجَانِبَيْنِ وَزِيَادَةُ الْعَمَلِ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا، وَكَذَا زِيَادَةُ الرِّبْحِ. فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخِرِ الثُّلُثَانِ وَشَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ فِي الْعَمَلِ وَالرِّبْحِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الثُّلُثَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِسُدُسِ الرِّبْحِ وَصَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثَيْنِ بِأُجْرَةِ سُدُسِ الْعَمَلِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 269 وَلَهُ التَّبَرُّعُ، وَالسَّلَفُ، وَالْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ وَلِآخِذٍ لَائِقٍ لَهُ، وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا   [منح الجليل] (وَلَهُ) أَوْ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (التَّبَرُّعُ) لِشَرِيكِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِشَرْطٍ (وَ) لَهُ (السَّلَفُ) لِشَرِيكِهِ (وَ) لَهُ (الْهِبَةُ) لِشَرِيكِهِ وَتَنَازُعُ التَّبَرُّعِ وَالسَّلَفِ وَالْهِبَةِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) لِلشَّرِكَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعَقْدِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهِ فَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَلَا تَجُوزُ قَبْلَهُ لِتَوَافُقِهِمَا عَلَى الْفَسَادِ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِهَا بَعْدَهُ فِي كِتَابِ شَرِكَةِ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُمَا إذَا عَقَدَاهَا عَلَى شَرْطِ التَّفَاوُتِ تَفْسُدُ مَا نَصُّهُ، وَلَوْ صَحَّ عَقْدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ فِي الْمَالِ ثُمَّ تَطَوَّعَ الَّذِي لَهُ الْأَقَلُّ فَعَمَلَ فِي الْجَمِيعِ جَازَ وَلَا أَجْرَ لَهُ اهـ. (وَإِنْ) ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَلَفَ بَعْضِ مَالِ الشَّرِكَةِ الَّذِي بِيَدِهِ أَوْ خُسْرَهُ وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ فَ (الْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ) بِلَا تَجْرٍ، بَلْ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ (وَالْخُسْرِ) بِالتَّجْرِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ ظُهُورِ كَذِبِهِ، فَإِنْ اتَّهَمَهُ شَرِيكُهُ حَلَّفَهُ وَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُ ضَمِنَ (وَ) إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا شِرَاءَ شَيْءٍ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً وَالْآخَرُ اشْتَرَاهُ لِلشَّرِكَةِ فَالْقَوْلُ (لِآخِذِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ شَيْءٍ (لَائِقٍ) أَيْ مُشْبِهٍ وَمُنَاسِبٍ (لَهُ) مِنْ طَعَامٍ وَلِبَاسٍ لَا عُرُوضٍ وَعَقَارٍ وَحَيَوَانٍ غَيْرِ عَاقِلٍ أَوْ عَاقِلٍ وَلَوْ لَائِقًا بِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِأَجِيرٍ فَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَلِشَرِيكِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ اللَّائِقِ. (وَ) إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَنَا بِالنِّصْفِ وَالْآخَرُ بِالثُّلُثَيْنِ لَهُ وَالثُّلُثِ لِلْآخَرِ فَالْقَوْلُ (لِمُدَّعِي النِّصْفِ) بِيَمِينٍ (وَحُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الِاشْتِرَاكُ (عَلَيْهِ) أَيْ النِّصْفِ (فِي) حَالِ (تَنَازُعِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ فِي كَوْنِ شَرِكَتِهِمَا بِالنِّصْفِ أَوْ غَيْرِهِ " غ "، لَعَلَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ وَإِذَا أَشْرَكَ مِنْ مَالِهِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ أَشْرَكْتُك بِالرُّبْعِ وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ، وَقَالَا نَطَقْنَا بِهِ أَوْ أَضْمَرْنَاهُ بِغَيْرِ نُطْقٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 270 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى مِنْهُمَا النِّصْفَ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَحَدُهُمَا رُدَّ إلَيْهِ أَصْلُ شَرِكَتِهِمَا فِي الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً، فَعَلَى عَدَدِهِمْ، وَهَكَذَا مَا كَانُوا ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا إنْ أَشْرَكَ رَجُلًا فِي سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا هَكَذَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا نَوَيَا وَلَمْ يَنْطِقَا بِهِ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ فَعَلَى عَدَدِهِمْ، وَقَالَ قَبْلَ هَذَا وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ شَرِيكُهُ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ شَرِيكُهُ بِالرُّبْعِ أَوْ إنَّمَا هُوَ شَرِيكُهُ فِي مِائَةِ دِينَارٍ فَإِنَّهُ شَرِيكُهُ بِالنِّصْفِ. اهـ. مَا قُصِدَ نَقْلُهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ. فَإِنْ قُلْت يَصِيرُ عَلَى هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ آخِرَ فَصْلِ الْخِيَارِ وَإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ إنْ أَطْلَقَ عَلَى النِّصْفِ. قُلْت تَكْرَارُهُ مَعَ مَا طَالَ وَتُنُوسِيَ أَهْوَنُ مِنْ تَكْرَارِهِ مَعَ مَا يَلِيهِ وَحَمْلِهِ عَلَى تَنَازُعِهِمَا. عب وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا مَنْ سَلِمَ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ، وَيُقْسَمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ طَلَّقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَجَهِلَتْ وَدَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ لِلْمَدْخُولِ بِهَا الصَّدَاقُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِيرَاثِ، وَلِغَيْرِهَا رُبْعُهُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الصَّدَاقِ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا يُقْسَمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا عَلَى الدَّعْوَى إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا كَالْعَوْلِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الشَّهَادَاتِ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ابْنِ زَمَنِينَ إلَخْ هَذَا مِنْ تَمَامِ قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَدْ تَرَكَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْمُصَنِّفِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ أَشْهَبَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ أَوْلَى وَنَصُّهَا وَلَوْ ادَّعَى الثُّلُثَيْنِ وَالْآخَرُ النِّصْفَ دُفِعَ لِكُلٍّ مَا سَلِمَ لَهُ وَقُسِمَ السُّدُسُ بَيْنَهُمَا. وَقِيلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 271 وَلِلِاشْتِرَاكِ فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا، إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى: كَإِرْثِهِ، وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ لَهَا إنْ شَهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِالْإِقْرَارِ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ.   [منح الجليل] يَحْلِفَانِ وَيُنَصَّفُ. اهـ. وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَسْقَطَ الْيَمِينَ لِاسْتِشْكَالِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَهَا بِأَنْ حَلَفَ مَنْ ادَّعَى الثُّلُثَيْنِ لَهُ ثُمَّ يَأْخُذُ النِّصْفَ لَا يَحْتَمِلُهُ الْأُصُولُ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَانْفَصَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ أَشْهَبَ لَمْ يَبْنِ عَلَى رَعْيِ دَعْوَاهُمَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا بَنَى عَلَى رَعْيِ تَسَاوِيهِمَا فِي الْحَوْزِ وَالْقَضَاءِ بِالْحَوْزِ لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِهِ دُونَ يَمِينِ الْحَائِزِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ النِّصْفُ يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ. (وَ) إنْ حَازَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شَيْئًا وَادَّعَى اخْتِصَاصَهُ بِهِ وَقَالَ شَرِيكُهُ هُوَ مِنْ مَالٍ الْمُفَاوَضَةِ فَالْقَوْلُ (ل) مُدَّعِي (الِاشْتِرَاكِ فِيمَا) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي (بِيَدِ) أَيْ حَوْزِ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ دُونَ قَوْلِ مُدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ فِي كُلِّ حَالٍّ (إلَّا لِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ عَلَى كَارِثَةٍ) أَيْ مُدَّعِي الِاخْتِصَاصِ الشَّيْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ فَيَخْتَصُّ بِهِ إنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ نَعْلَمُ تَأَخُّرَ إرْثِهِ عَنْ اشْتِرَاكِهِمَا، بَلْ (وَإِنْ قَالَتْ) الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِإِرْثِهِ (لَا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ) أَيْ الْإِرْثِ وَلَا تَأَخُّرَهُ (لَهَا) أَيْ عَنْ الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا إنْ قَالَتْ نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الِاشْتِرَاكِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِعَدَمِ إدْخَالِهِ فِيهَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ، وَذَكَرَ شَرْطَ كَوْنِ الْقَوْلِ الْمُدَّعِي الِاشْتِرَاكَ فِيمَا قَبْلُ إلَّا فَقَالَ (إنْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِالْمُفَاوَضَةِ) بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ، أَيْ بِتَصَرُّفِهِمَا تَصَرُّفَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَالْإِقْرَارِ مِنْهُمَا بِهَا وَأَوْلَى إنْ شُهِدَ بِعَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُشْهَدْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ (بِالْإِقْرَارِ) مِنْهُمَا (بِهَا) أَيْ الْمُفَاوَضَةِ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ، فَأَشَارَ بِالْأَصَحِّ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَأَشَارَ بِوَ لِخِلَافِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَابْنِ دَحُونٍ وَابْنُ الشَّقَّاقِ بِقَوْلِهِمْ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ أَقَرَّا عِنْدَنَا بِالْمُفَاوَضَةِ وَأَشْهَدَانَا بِهَا. وَنَصُّ ابْنِ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ: أَفْتَى ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ الشُّهُودَ إذَا قَالُوا نَعْرِفُ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ مُتَفَاوِضَانِ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِمَا إلَى آخِرِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 272 وَلِمُقِيمِ بَيِّنَةٍ بِأَخْذِ مِائَةٍ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الْآخِذِ،   [منح الجليل] الْعَقْدِ أَنَّهَا شَهَادَةٌ نَاقِصَةٌ لَا يَجِبُ بِهَا قَضَاءٌ بِشَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا إذْ لَمْ يُفَسِّرُوا مَعْرِفَتَهُمْ بِهَا إنْ كَانَتْ بِإِشْهَارٍ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارٍ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَعْرِفُوا ذَلِكَ بِسَمَاعٍ يُذْكَرُ، وَهَذَا غَيْرُ عَامِلٍ، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الشُّهُودُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَهِدْت الشُّورَى فِيهَا وَقَدْ نَزَلَتْ. وَقَالَ ابْنُ الشَّقَّاقِ وَابْنُ دَحُونٍ بِهَذَا وَنَفَذَ الْحُكْمُ بِهِ. وَأَفْتَى ابْنُ مَالِكٍ بِأَنَّهُ يَحْسُنَ أَنْ يَسْأَلَ مَنْ عُدُولُ الْبَيِّنَةِ الَّتِي قُيِّدَتْ بِهَا الشَّهَادَةُ عَنْ وَجْهِ مَعْرِفَتِهَا الْمُفَاوَضَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَإِنْ فَسَّرُوا أَنَّهُمَا عَلِمَاهَا بِإِعْلَامِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ إيَّاهُمَا بِذَلِكَ أُعْمِلَتْ الشَّهَادَةُ وَنَابَ الْحَاضِرُ مِنْهُمَا عَنْ الْغَائِبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ قَرِيبٌ فَهُوَ أَتَمُّ وَأَطْيَبُ لِلنَّفْسِ وَأَوْلَى. أَبُو الْأَصْبَغِ قَوْلُهُ أَتَمُّ هُوَ نَصُّ ابْنِ الْقَطَّانِ فِي وَثَائِقِهِ. قَالَ فِي بَعْضِ عُقُودِهَا لِلْأَوْصِيَاءِ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْإِيصَاءَ الْمَذْكُورَ. ثُمَّ قَالَ إنْ قُلْت مِمَّنْ يَعْرِفُهُ بِإِشْهَادِهِ إيَّاهُ عَلَيْهِ فَهُوَ أَتَمُّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ تَامَّةٌ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الشَّاهِدُ الْوَجْهَ الَّذِي عَلِمَ بِهِ ذَلِكَ. وَذَكَرَ هُوَ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِهِمْ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْإِيصَاءَ، وَمِمَّنْ يَعْرِفُ لِلتَّوْكِيلِ مِنْ غَيْرِ تَبْيِينِ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَتَّابٍ عَنْ أَبِي عُمَرَ الْإِشْبِيلِيِّ أَنَّهُ أَفْتَى فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تَامَّةٌ مَعْمُولٌ بِهَا، وَنَحْوُهُ فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُفَاوَضَةٌ وَلَمْ تَشْتَرِطْ تَعْيِينًا فَالتَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الشَّقَّاقِ وَابْنِ دَحُونٍ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي جَوَابِهِ عَنْهُمَا اهـ. كَلَامُ ابْنِ سَهْلٍ. (وَ) إنْ أَخَذَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ مِائَةً مَثَلًا مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ وَادَّعَى رَدَّهَا لَهُ وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ فِي رَدِّهَا لَهُ وَادَّعَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ أَخْذِهَا فَالْقَوْلُ (لِ) شَرِيكٍ (مُقِيمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ مُشْهِدِ (بَيِّنَةٍ) عَلَى شَرِيكِهِ (بِأَخْذِ مِائَةٍ) مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ ادَّعَى الْآخِذُ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ وَكَذَّبَهُ شَرِيكُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي (أَنَّهَا) أَيْ الْمِائَةَ (بَاقِيَةٌ) عِنْدَ أَخْذِهَا (إنْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهَا) أَيْ الْمِائَةِ (عِنْدَ الْآخِذِ) لَهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، سَوَاءٌ طَالَتْ الْمُدَّةُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَنَازُعِهِمَا أَمْ لَا فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِإِشْهَادٍ عَلَى رَدِّهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ (أَوْ) لَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 273 أَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ:   [منح الجليل] يُشْهِدْ بِهَا عِنْدَ أَخْذِهَا و (قَصُرَتْ الْمُدَّةُ) بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَنَازُعِهِمَا فِي رَدِّهَا، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِهَا عِنْدَهُ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ. الْمُصَنِّفُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْأَخْذِ قَصْدُهُ لِلتَّوَثُّقِ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عِنْدَ الْإِيدَاعِ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الرَّدِّ مَعَهُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، فَالْأَوْلَى إنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَهُ رُبَاعِيًّا فِيهَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَأَقَامَ صَاحِبُهُ بَيِّنَةً أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ الشَّرِكَةِ عِنْدَ الْمَيِّتِ فَلَمْ تُوجَدْ وَلَمْ يُعْلَمْ مَسْقَطُهَا، فَإِنْ قَرُبَ مَوْتُهُ مِنْ أَخْذِهَا فِيمَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَمْ يَشْغَلْهَا فِي تِجَارَةٍ فَهِيَ فِي حِصَّتِهِ وَمَا تَطَاوَلَ وَقْتُهُ لَا يَلْزَمُهُ، أَرَأَيْت لَوْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَبَضَهَا مُنْذُ سَنَةٍ وَهُمَا يَتَّجِرَانِ أَيَلْزَمُهُ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ هَذَا وَبِأَنَّ مُحَمَّدًا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ إنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِهَا شَاهِدَيْنِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ رَدَّهَا وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِلَا تَعَمُّدِ إشْهَادٍ وَلَا كِتَابٍ فَكَمَا قَالَ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ قَوْلَهُ وَلَا كِتَابٍ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِكِتَابٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا بِكِتَابٍ فَقَدْ وُثِّقَ آخِذُهَا فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِدَلِيلٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ اهـ. فِي التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ، وَأَمَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِأَخْذِهَا فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِإِشْهَادٍ بِأَنَّهُ رَدَّهَا طَالَ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ مُحَمَّدٍ بِقَوْلِهِ أَشْهَدَ كَوْنُ الْبَيِّنَةِ قُصِدَتْ لِلتَّوَثُّقِ كَالْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تُقْبَلُ مَعَهَا دَعْوَى رَدِّ الْوَدِيعَةِ قَالُوا هِيَ الَّتِي تُشُهِّدَ عَلَى دَفْعِهَا لِلْمُودِعِ. وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ بِحَضْرَةِ قَوْمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّوَثُّقَ بِشَهَادَتِهِمْ فَلَا، وَهَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ. وَأَمَّا إنْ كَانَ إقْرَارُهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ إشْهَادٍ فَكَمَا ذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَيَتَعَيَّنُ أَنَّ قَوْلَهُ أَشْهَدُ بِهَمْزَةٍ فِي أَوَّلِهِ عَلَى أَنَّهُ رُبَاعِيٌّ، أَيْ أَشْهَدُ بِهَا قَاصِدًا التَّوَثُّقَ كَمَسْأَلَةِ الْمُودِعِ وَقَدْ نُبِّهَ عَلَى هَذَا " غ " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ هُوَ الْإِشْهَادُ بِأَخْذِهَا لِقَصْدِ التَّوَثُّقِ، وَلَا يَسْقُطُ بِطُولٍ لِزَمَانٍ وَلَوْ زَادَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ، فَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا فِي قَوْلِهِ إلَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 274 كَدَفْعِ صَدَاقٍ عَنْهُ فِي أَنَّهُ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ إلَّا أَنْ يَطُولَ كَسَنَةٍ، وَإِلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى: كَإِرْثِهِ،   [منح الجليل] كَعَشْرٍ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ مَقْصُودٍ بِهِ التَّوَثُّقُ. وَأَمَّا مَعَهُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِدَفْعِهَا بِإِشْهَادٍ، فَإِنْ مَاتَ الشَّرِيكُ وَلَمْ يُوصِي بِمَا أَشْهَدَ أَنَّهُ عِنْدَهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ أَوْ بِإِشْهَادٍ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ التَّوَثُّقُ فَيَكْفِي فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ بِهَا مُضِيُّ سَنَةٍ وَنَحْوِهَا، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الشَّرِيكَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا بِخِلَافِ الْمُودِعِ. الثَّانِي: عُلِمَ مِنْ هَذَا إنَّمَا يُفِيدُ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ تَحْتَ يَدِ الْآخِذِ وَهُوَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْبَعْضَ الَّذِي أَخَذَهُ. وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ فَلَا يُفِيدُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِائَةِ وَجَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ حَبَسَهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَإِنْ كَانَ الْإِشْهَادُ قُصِدَ لِلتَّوَثُّقِ بِهِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ وَإِلَّا فَلَا. الثَّالِثُ: ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ أَقَرَّ الشَّرِيكُ أَنَّ بِيَدِهِ مِائَةً مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا، وَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهَا فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ أَنَّهُ رَدَّهَا. اهـ. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْآخِذِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الضَّمَانَ لِلْمُفَاوَضَةِ فَقَالَ (كَدَفْعِ صَدَاقٍ) مِنْ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ (عَنْهُ) أَيْ الْآخَرِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَوْنَهُ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ أَوْ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ أَوْ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، ثُمَّ ادَّعَى الدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الدَّافِعِ وَادَّعَى الْمَدْفُوعُ عَنْهُ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ، وَأَنَّهُ رَدَّهُ إلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ، أَيْ ادَّعَى الْمَدْفُوعُ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْخَاصِّ بِهِ وَالدَّافِعُ أَوْ وَارِثُهُ أَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ، فَالْقَوْلُ لِلْمَدْفُوعِ عَنْهُ (فِي أَنَّهُ) أَيْ الصَّدَاقَ الْمَدْفُوعَ (مِنْ) مَالِ (الْمُفَاوَضَةِ) وَيُطَالَبُ بِهِ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَطُولَ) الزَّمَنُ بَيْنَ دَفْعِهِ وَالتَّنَازُعِ (كَسَنَةٍ) فَيُصَدَّقُ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ فِي رَدِّهِ لَهَا، وَيَبْرَأُ مِنْهُ، وَهَذَا فِي صُورَةِ الْأَصْلِ وَلِلدَّافِعِ أَوْ وَارِثِهِ فِي أَنَّهُ مِنْهَا فِي صُورَةِ الْعَكْسِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) بِأَنَّ الصَّدَاقَ الْمَدْفُوعَ حَصَلَ لِلْمَدْفُوعِ عَنْهُ (عَلَى كَإِرْثٍ) أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 275 وَإِنْ قَالَتْ: لَا نَعْلَمُ وَإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ بَعْدَ تَفَرُّقٍ أَوْ مَوْتٍ: فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ   [منح الجليل] أَوْ خُلْعٍ أَوْ أَرْش جِنَايَةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ نَحْوَهَا، فَيُقْضَى لِلْمَدْفُوعِ عَنْهُ بِأَنَّهُ مِنْ مَالِهِ وَيَبْرَأُ مِنْهُ إنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ عَلِمْنَا تَأَخُّرَهُ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ، بَلْ (وَإِنْ قَالَتْ) الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِأَنَّهُ مِنْ كَإِرْثٍ (لَا نَعْلَمُ) تَأَخُّرَهُ عَنْهَا. " غ " فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ عَنْ أَخِيهِ وَهُوَ شَرِيكُهُ مُفَاوَضَةَ صَدَاقِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ أَخِيهِ أَوْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ حَتَّى مَاتَ الدَّافِعُ فَقَامَ فِي ذَلِكَ وَرَثَتُهُ، وَقَالُوا هُوَ مِنْ مَالِ وَلِيِّنَا، فَأَجَابَ إذَا دَفَعَ وَهُمَا مُتَفَاوِضَانِ ثُمَّ أَقَامَا سِنِينَ كَثِيرَةً فِي تَفَاوُضِهِمَا لَا يَطْلُبُ أَخَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذَا ضَعِيفٌ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ، فَذَلِكَ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ وَيُحَاسَبُ بِهِ الْبَاقِي إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حُجَّةٌ. اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّ الصَّدَاقَ الْمَدْفُوعَ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ إلَّا فِي وَجْهَيْنِ، أَحَدِهِمَا، أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ كَسَنَةٍ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي التَّحْدِيدِ بِالسَّنَةِ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِ سَحْنُونٍ وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَذَلِكَ بَيْنَهُمَا، وَرَأَى أَنَّ مَا عَارَضَ هَذَا الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ فِي مُقَابَلَةِ سِنِينَ كَثِيرَةٍ غَيْرَ مَقْصُودٍ. وَثَانِيهِمَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا لِبَيِّنَةٍ بِكَإِرْثِهِ، وَإِنْ قَالَتْ لَا نَعْلَمُ وَهَكَذَا هُوَ فِي عِدَّةِ نُسَخٍ بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ قَبْلَ إلَّا، وَهُوَ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْبَاقِي حُجَّةٌ، فَإِنَّ الْبَاقِي مِنْ الْأَخَوَيْنِ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ الصَّدَاقَ الْمَدْفُوعَ كَانَ مِنْ إرْثٍ مَثَلًا كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً لَهُ، وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ لَا نَعْلَمُ تَأَخُّرَ هَذَا الْإِرْثِ عَنْ الْمُفَاوَضَةِ فَهَذَا أَمْثَلُ مَا انْقَدَحَ لَنَا فِي تَشْقِيقِ كَلَامِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِدَيْنٍ مَثَلًا تَدَايَنَاهُ حَالَ شَرِكَتِهِمَا، وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِمَا، وَصِلَةُ أَقَرَّ (بَعْدَ تَفَرُّقٍ) بَيْنَمَا مِنْ الشَّرِكَةِ (أَوْ) أَقَرَّ بِهِ (بَعْدَ مَوْتٍ) لِشَرِيكِهِ وَأَنْكَرَهُ شَرِيكُهُ أَوْ وَارِثُهُ (فَ) الْمُقِرُّ (شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ) أَيْ الْمُقِرُّ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ إقَامَةُ آخَرَ مَعَهُ أَوْ الْحَلِفُ، وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَ غَيْرِهِ وَلَزِمَ الْمُقِرَّ نَصِيبُهُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 276 وَأُلْغِيَتْ نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا، وَإِنْ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ: كَعِيَالِهِمَا إنْ تَقَارَبَا   [منح الجليل] وَ) إنْ أَنْفَقَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ اكْتَسَى مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ (أُلْغِيَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تُرِكَتْ وَلَمْ تُحْسَبْ (نَفَقَتُهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا (وَ) أُلْغِيَتْ (كِسْوَتُهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ لِأَنْفُسِهِمَا إنْ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِبَلَدَيْنِ مُتَّفِقَيْ السِّعْرِ لِلْمَأْكُولِ وَالْمَلْبُوسِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ) لِذَلِكَ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَدُخُولِهِمَا عَلَيْهِ مِنْ قِلَّةِ مُؤْنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَاسْتُسْهِلَ اخْتِلَافُ السِّعْرَيْنِ مَعَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا أَقَامَ لِلتَّجْرِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَشَبَّهَ فِي الْإِلْغَاءِ فَقَالَ (كَ) نَفَقَةِ وَكِسْوَةِ (عِيَالِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ فَتُلْغَيْ أَيْضًا (إنْ تَقَارَبَا) أَيْ الْعِيَالَانِ عَدَدًا وَسِنًّا بِالْعُرْفِ وَلَوْ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لِمَالِكٍ لَغْوُ نَفَقَتِهِمَا إنْ كَانَا ذَوَيْ عِيَالٍ وَلَوْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ السِّعْرِ. الصِّقِلِّيُّ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ لِابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا إذَا تَقَارَبَا فِي الْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِيَالٌ وَاخْتَلَفَ سِعْرُ بَلَدَيْهِمَا اخْتِلَافًا بَيِّنًا أَنْ تُحْسَبَ النَّفَقَةُ إذْ نَفَقَةُ الْعِيَالِ لَيْسَتْ مِنْ التَّجْرِ. اللَّخْمِيُّ الْقِيَاسُ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي قَرَارِهِ وَسِعْرِهِ أَغْلَى يُحَاسَبُ بِمَا بَيْنَ السِّعْرَيْنِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ لِتَجْرٍ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَغْلَاهُمَا فَلَا يُحَاسَبُ بِالْفَضْلِ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ فِي قَرَارِهِ وَكَانَ أَغْلَاهُمَا سِعْرًا مَنْ هُوَ فِي قَرَارِهِ دُونَ مَنْ خَرَجَ لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ كَانَ لِأَقَلِّهِمَا سِعْرًا أَنْ يُحَاسِبَ الْآخَرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ نَفَقَةَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ لِلْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِنْفَاقُ مِنْ الْوَسَطِ جَازَ عَلَى مَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْإِنْفَاقِ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ تُلْغَى النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا إنَّمَا أَنْفَقَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ وَالْكِسْوَةُ لَهُمَا وَلِعِيَالِهِمَا تُلْغَى لِأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ تُلْغَيْ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ مِنْ النَّفَقَةِ. قُلْت وَهَذَا نَصٌّ فِي لُزُومِ كِسْوَةِ مَنْ الْتَزَمَتْ نَفَقَتُهُ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا فِي النَّفَقَةِ، وَفِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كِسْوَةً لَيْسَتْ مِمَّا يَبْتَذِلُهُ الْعِيَالُ مِثْلَ الْقَسِّيِّ وَالشَّوْكِيِّ وَالْوَشْيِ، فَهَذِهِ لَا تُلْغَيْ، وَأَسْقَطَ شَرْطًا وَهُوَ كَوْنُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَقَطْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 277 وَإِلَّا حَسَبَا كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ وَإِنْ اشْتَرَى جَارِيَةً لِنَفْسِهِ، فَلِلْآخَرِ رَدُّهَا؛ إلَّا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ   [منح الجليل] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كُلُّ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ إلْغَاءِ النَّفَقَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى النِّصْفِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الثُّلُثِ فَتُحْسَبُ نَفَقَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ اشْتَرَكَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَتَسَاوَيَا فِي الْعِيَالِ فَلَا يُنْفِقُ صَاحِبُ الثُّلُثِ إلَّا بِقَدْرِ جُزْئِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْفِقَ بِقَدْرِ عِيَالِهِ لِيُحَاسَبَ بِذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إنْ عَقَدَا الشَّرِكَةَ عَلَى ذَلِكَ، لَوْ كَانَ تَطَوُّعًا بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ كَانَ كَالسَّلَفِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَارَبْ الْعَيَّالَانِ بِأَنْ اخْتَلَفَا عَدَدًا أَوْ سِنًّا اخْتِلَافًا غَيْرَ مُتَقَارِبٍ (حَسَبَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ مَا أَنْفَقَاهُ عَلَى عِيَالِهِمَا مَا لَمْ يَسْتَوِيَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ اكْتَفَى أَحَدُهُمَا بِجَرِيشِ الطَّعَامِ وَغَلِيظِ اللِّبَاسِ وَالْآخَرُ بِضِدِّهِمَا حُسِبَ كُلُّ مَا أَنْفَقَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْحَسَبِ فَقَالَ (كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (بِهِ) أَيْ الْعِيَالِ أَوْ الْإِنْفَاقِ فَيُحْسَبُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى عِيَالِهِ أَوْ نَفْسِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عِيَالٌ وَوَلَدٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عِيَالٌ وَلَا وَلَدٌ حَسَبُ كُلُّ مَا أُنْفِقَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الشَّارِحِ و " ق " وَغَيْرِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وَمَا اشْتَرَى مِنْ طَعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ لِنَفْسِهِ وَلِعِيَالِهِ فَلِبَائِعِهِ أَخْذُ ثَمَنِهِ مِمَّنْ قُدِّرَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ إنَّهُ يُلْغَى. اللَّخْمِيُّ إنْ تُسَاوَى الْعِيَالَانِ فِي الْعَدَدِ وَتَبَايَنَا فِي السِّنِّ تَحَاسَبَا بِالْفَضْلِ كَتَبَايُنِ الْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُبْتَذَلُ وَاشْتُرِيَتْ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَرِبْحُهَا لِلشَّرِكَةِ وَخَسَارَتُهَا عَلَى مُشْتَرِيهَا وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ وَزْنِ الثَّمَنِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ إلَّا عَلَى الْمُفَاضَلَةِ فِيهِ. (وَإِنْ اشْتَرَى) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (جَارِيَةً لِنَفْسِهِ) لِاسْتِخْدَامِهَا أَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا وَدَفَعَ ثَمَنَهَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ (فَلِلْآخَرِ رَدُّهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ لِلشَّرِكَةِ وَلَهُ تَرْكُهَا لِمُشْتَرِيهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) إذَا كَانَ اشْتَرَاهَا (لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ) أَيْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِلشَّرِكَةِ فَيَخْتَصُّ الْمُشْتَرِي بِهَا فَلَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ خُسْرُهَا لِأَنَّ شَرِيكَهُ أَسْلَفَهُ نِصْفَ ثَمَنِهَا، وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهَا بِإِذْنِهِ لِلْخِدْمَةِ، نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 278 وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ،   [منح الجليل] وَنَصُّ الْوَجْهِ الثَّانِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِنَفْسِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا إنْ هَلَكَتْ فَلَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ خَسَارَتُهَا، فَهَذَا قَدْ أَسْلَفَهُ شَرِيكُهُ نِصْفَ ثَمَنِهَا فَلَهُ النَّمَاءُ وَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِيَطَأهَا عَلَى أَنَّهَا لِلشَّرِكَةِ بِمَعْنَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُمَا وَالْخَسَارَةَ عَلَيْهِمَا فَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهَا كَالْمُحَلَّلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَطَأَهَا رُدَّتْ لِلشَّرِكَةِ، وَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا جَبْرًا عَلَيْهِمَا فَاشْتَرَكَ هَذَا، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَافْتَرَقَا مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ اشْتَرَاهَا بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ " غ " مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ بِإِذْنِهِ بِجَرِّ اللَّفْظَيْنِ بِالْبَاءِ، وَعَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ بِأَوْ بَدَلَ قَوْلِهِ إلَّا لِلْوَطْءِ. أَتَمُّ فَائِدَةٍ حَسْبَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ تُفِيدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ. وَفِي الثَّانِي بِإِذْنِهِ، وَتُفِيدُ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْوَجْهِ مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَطَأْ. (وَإِنْ وَطِئَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (جَارِيَةً) اشْتَرَاهَا (لِلشَّرِكَةِ) وَصِلَةُ وَطِئَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فِي وَطْئِهَا قُوِّمَتْ عَلَى وَاطِئِهَا جَبْرًا عَلَيْهِمَا، وَسَوَاءٌ حَمَلَتْ مِنْ وَطْئِهِ أَمْ لَا رَدًّا لِإِعَارَةِ الْفَرْجِ (أَوْ) وَطِئَهَا (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ (وَحَمَلَتْ قُوِّمَتْ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً عَلَى وَاطِئِهَا وُجُوبًا إنْ كَانَ مَلِيًّا. الْحَطّ تَنْبِيهٌ هَذَا أَنَّ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي وُجُوبِ الْقِيمَةِ فَهُمَا مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّهُ إنْ أُعْدِمَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَحَمَلَتْ الْأَمَةُ مِنْهُ فَلَا تُبَاعَ وَيُتْبَعُ بِقِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَتُبَاعُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْهَا فِي الْمُحَلَّلَةِ، وَأَمَّا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ شَرِيكَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِنَصِيبِهِ وَإِتْبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَاتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمْلِهَا فَيُبَاعُ نِصْفُهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَيَأْخُذُهُ إنْ كَانَ كَفَافًا بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَتَبِعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ دَيْنًا، وَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُ نِصْفِهَا عَنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا اتَّبَعَهُ بِبَاقِيهِ وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 279 وَإِلَّا فَلِلْآخَرِ إبْقَاؤُهَا، أَوْ مُقَاوَاتُهَا وَإِنْ اشْتَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ مِنْ وَطْئِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (فِي إبْقَائِهَا) أَيْ الْأَمَةِ لِلشَّرِكَةِ (وَتَقْوِيمِهَا) أَيْ الْأَمَةِ عَلَى وَاطِئِهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمُقَاوَمَتِهَا بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ وَيُرْجَعُ لِلْأَوَّلِ بِتَكَلُّفٍ، وَفِي بَعْضِهَا وَمُقَاوَاتُهَا أَيْ الْمُزَايَدَةِ فِيهَا حَتَّى تَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَكِنَّهُ خِلَافُ مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهَا لِلشَّرِكَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ وَطْئِهَا ثُمَّ وَطْئِهَا وَشِرَائِهَا لَوَطِئَهَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُمَا وَالْخَسَارَةَ عَلَيْهِمَا، وَمِثْلُهُمَا شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَوَطْئِهَا. الثَّانِي: إذَا تَمَسَّكَ الشَّرِيكُ بِنَصِيبِهِ وَلَمْ يُقَوِّمْهَا مَنَعَ وَاطِئَهَا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لِئَلَّا يَعُودَ لِوَطْئِهَا وَيُعَاقَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ وَلَكِنْ عُقُوبَتُهُ أَخَفُّ مِنْ عُقُوبَةِ الْعَالِمِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. الْحَطّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهَا فِي كِتَابِ الْقَذْفِ إنْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَمَةً بَيْنَهُمَا وَهُوَ عَالَمٌ بِتَحْرِيمِهِ فَلَا يُحَدُّ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَيُؤَدَّبُ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ حَمَلَتْ قُوِّمَتْ عَلَى وَاطِئِهَا يَوْمَ وَطْئِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَلَا يَتَمَاسَكُ شَرِيكُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَيْضًا تُقَوَّمُ يَوْمَ حَمَلَتْ. وَقِيلَ يَوْمَ الْحُكْمِ. وَعَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ شَاءَ يَوْمَ الْوَطْءِ، وَإِنْ شَاءَ يَوْمَ الْحُكْمِ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُعَسِّرًا فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَرَّةً هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِوَاطِئِهَا وَيَتْبَعُ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى تَخْيِيرِ شَرِيكِهِ فِي تَمَاسُكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا مَعَ اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ وَلَدِهَا، وَفِي تَقْوِيمِهِ نِصْفُهَا وَنِصْفُ قِيمَةِ وَلَدِهَا وَيُبَاع لَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ فِيمَا لَزِمَ لَهُ. (وَإِنْ شَرَطَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (نَفْيَ) أَيْ عَدَمِ (الِاسْتِبْدَادِ) بِالتَّصَرُّفِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 280 فَعِنَانٌ وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ وَذِي طَيْرَةٍ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ   [منح الجليل] فَ) الشَّرِكَةُ (عِنَانٌ) أَيْ تُسَمَّى بِهَذَا. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ ضَبَطْنَاهُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ فَتْحُهَا وَلَمْ أَرَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِفَتْحِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِكَسْرِهَا وَهِيَ جَائِزَةٌ وَلَازِمَةٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ شَرَطَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ لَزِمَ وَتُسَمَّى شَرِكَةَ الْعِنَانِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ شَرِيكِهِ فِي حَضْرَتِهِ وَمَعَ غَيْبَتِهِ، فَلَوْ شَرَطَا أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَمُوَافَقَتِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى نَفْيِ الِاسْتِبْدَادِ لَزِمَ الشَّرْطُ، وَتُسَمَّى شَرِكَةَ عِنَانٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي تَسْمِيَتِهَا بِهَذَا الِاسْمِ حُصُولُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي نَوْعٍ مِنْ الْمَتْجَرِ أَوْ لَا. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ سَوَاءٌ شُرِطَ ذَلِكَ الشَّرْطُ أَمْ لَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهِ مِنْ مَاذَا هُوَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا شَرِكَةُ الْعِنَانِ فَلَا نَعْرِفُهَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَعْرِفُهَا، قِيلَ لَمْ يُعْرَفْ اسْتِعْمَالُ هَذَا اللَّفْظِ بِبَلَدِهِمْ. قُلْت وَقَدْ عَلَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُكْمَ عَلَى شَرِكَةِ الْعِنَانِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يُفَسِّرْهَا. (وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ) ذَكَرٍ (وَذِي طَيْرَةٍ) أُنْثَى (أَنْ يَتَّفِقَا) أَيْ ذُو الطَّيْرِ وَذُو الطَّيْرَةِ عَلَى جَمِيعِ الطَّيْرِ وَالطَّيْرَةِ (عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْفِرَاخِ) الْحَاصِلَةِ مِنْهُمَا، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْحَمَامِ لِتَعَاوُنِهِمَا فِي الْحَضْنِ. ابْنُ سَلْمُونٍ سُئِلَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشُّورَى عَنْ الرَّجُلِ يَجْعَلُ دِيكًا وَيَجْعَلُ الْآخَرُ دَجَاجَةً وَيَشْتَرِكَانِ فِي الْفَلَالِيسِ، فَقَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الدِّيكَ لَا يَحْضُنُ. قَالَ فَإِنْ جَعَلَ أَحَدُهُمَا حَمَامَةً أُنْثَى وَالْآخَرُ ذَكَرًا، قَالَ جَازَتْ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الذَّكَرَ يَحْضُنُ كَالْأُنْثَى، فَفِي شَرِكَةِ الْعُتْبِيَّةِ سَحْنُونٌ أَخْبَرْنَا ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الرَّجُلِ يَأْتِي بِحَمَامَةٍ أُنْثَى وَيَأْتِي الْآخَرُ بِحَمَامَةٍ ذَكَرٍ، عَلَى أَنْ تَكُونَ الْفِرَاخُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْفِرَاخَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا يَتَعَاوَنَانِ جَمِيعًا عَلَى الْحَضَانَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 281 وَاشْتَرِ لِي وَلَك، فَوَكَالَةٌ. وَجَازَ: وَانْقُدْ عَنِّي، إنْ لَمْ يَقُلْ وَأَبِيعُهَا لَك،   [منح الجليل] " غ " ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْفَوَاتِ لِأَنَّهُ قَالَ هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي أَنَّ الزَّرْعَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَاحِبَيْ الْعَمَلِ وَالْأَرْضِ يُرِيدُ وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْأُنْثَى عَلَى صَاحِبِ الذَّكَرِ بِمِثْلِ نِصْفِ بَيْضِ حَمَامَتِهِ، وَيَأْتِي عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الزَّرْعَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ لِصَاحِبِ الْبَزْرِ أَنَّ الْفِرَاخَ لِصَاحِبِ الْأُنْثَى لِأَنَّ الْبَيْضَ لَهُ وَلِصَاحِبِ الذَّكَرِ قِيمَةُ حَضَانَتِهِ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَجَازَ لِذِي طَيْرٍ إلَخْ، ظَاهِرُهُ الْجَوَازُ ابْتِدَاءً وَهُوَ صَرِيحُ ابْنِ يُونُسَ، وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَنَقَلَ " غ " أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْفَوَاتِ فَانْظُرْهُ. تت تَنْبِيهٌ أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِذَوَيْ رَقِيقَيْنِ أَنْ يُزَوِّجَاهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْأَوْلَادِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبِأَنَّ مِنْ جَاءَ لِشَخْصٍ بِبَيْضٍ، وَقَالَ لَهُ اجْعَلْهُ تَحْتَ دَجَاجَتِكَ وَالْفِرَاخُ بَيْنَنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ كَمَا أَشْعَرَ لَكِنَّهُ لَمْ يُفِدْ الْحُكْمَ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَهُوَ أَنَّ الْفِرَاخَ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ وَلِصَاحِبِ الْبَيْضِ مِثْلُ بَيْضِهِ. زَادَ " غ " وَهُوَ مِثْلُ مَنْ جَاءَ بِقَمْحٍ لِرَجُلٍ وَقَالَ ازْرَعْهُ بِأَرْضِك وَمَا يَخْرُجُ بَيْنَنَا فَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ وَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ. (وَ) إنْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ (اشْتَرِ) سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا (لِي وَلَك فَ) هِيَ (وَكَالَةٌ) عَلَى الشِّرَاءِ خَاصَّةً فَلَا تَتَعَدَّاهُ إلَى الْبَيْعِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ الْخَاصَّةَ لَا يَتَعَدَّى الْوَكِيلُ فِيهَا لِغَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ مُنَاقَشَةٌ لَفْظِيَّةٌ وَهُوَ الْفَاءُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا قَالَ تت (وَ) إنْ قَالَ اشْتَرِ لِي وَلَك (جَازَ) أَنْ يَقُولَ (وَانْقُدْ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ، أَيْ ادْفَعْ ثَمَنَ نَصِيبِي مِمَّا تَشْتَرِيهِ نِيَابَةً (عَنِّي) لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يَصْنَعُهُ الْمَأْمُورُ مَعَ آمِرِهِ بِتَسْلِيفِهِ وَنِيَابَتِهِ عَنْهُ فِي الشِّرَاءِ (إنْ لَمْ يَقُلْ) الْآمِرُ (وَ) أَنَا (أَبِيعُهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الَّتِي تَشْتَرِيهَا لِي وَلَك أَيْ أَتَوَلَّى بَيْعَهَا (لَك) أَيْ نِيَابَةً عَنْك فِي نَصِيبِك، فَإِنْ قَالَهُ امْتَنَعَ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ وَهِيَ تَوَلِّي الْآمِرُ بَيْعَ نَصِيبِ الْمَأْمُورِ. الْبَاجِيَّ فَإِنْ وَقَعَ فَالسِّلْعَةُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ بَيْعُ نَصِيبِ الْمَأْمُورِ إلَّا تَطَوُّعًا أَوْ بِإِجَازَةٍ صَحِيحَةٍ، وَيَلْزَمُهُ مَا دَفَعَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 282 وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَاحْبِسْهَا، فَكَالرَّهْنِ، وَإِنْ أَسْلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي جَازَ، إلَّا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي   [منح الجليل] الْمَأْمُورُ عَنْهُ نَقْدًا، فَإِنْ كَانَ بَاعَ فَلَهُ جَعْلُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ بَيْعَ نَصِيبِ الْمَأْمُورِ وَلَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ النَّقْدِ لَأَمْسَكَ الْمَأْمُورُ وَلَا يُنْقَدُ وَهُمَا شَرِيكَانِ فِي السِّلْعَةِ فَيَبِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا أَوْ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ مِنْ بِنَاءٍ. (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ (حَبْسُهَا) أَيْ مَنْعُ الْآمِرِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَصِيبِهِ مِنْ السِّلْعَةِ لِلتَّوَثُّقِ فِيمَا دَفَعَهُ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ نَصِيبِهِ. الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت لِلْبَائِعِ حَبَسَهَا حَتَّى يَقْبِضَ فَمَا الْفَرْقُ. قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ عِوَضُ الثَّمَنِ، وَالْخَارِجَ مِنْ يَدِ الْمُسَلِّفِ لَيْسَ عِوَضَهُ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا وَفِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْآمِرُ اشْتَرِ لِي وَلَك وَانْقُدْ عَنِّي (وَاحْبِسْهَا) حَتَّى أَدْفَعَ لَك نَصِيبِي مِنْ ثَمَنِهَا (فَ) يَصِيرُ نَصِيبُ الْآمِرِ مِنْ السِّلْعَةِ (كَالرَّهْنِ) عِنْدَ الْمَأْمُورِ فِيمَا يَدْفَعُهُ عَنْهُ أَيْ إذَا اشْتَرَيْتهَا وَصَارَتْ فِي مِلْكِي صَيَّرْتهَا رَهْنًا عِنْدَك فِيمَا تَدْفَعُهُ عَنِّي فَهُوَ عَقْدُ رَهْنٍ مُعَلَّقٌ عَلَى الْمِلْكِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَالرَّهْنِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى تَلَفِهِ وَعَدَمِهِ، وَلَعَلَّهُ قَالَ كَالرَّهْنِ لِاحْتِيَاطِهِ لِلَفْظٍ صَرِيحٍ مِنْ مَادَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ. (وَإِنْ أَسْلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ الْآمِرُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ نَصِيبِهِ مِمَّا يَشْتَرِيهِ لَهُمَا، بِأَنْ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَيْنِ الدِّينَارَيْنِ اشْتَرِ بِهِمَا سِلْعَةَ كَذَا لِي وَلَك وَانْقُدْهُمَا عَنِّي وَعَنْك، وَتَرُدَّ لِي عِوَضَ مَا تَدْفَعُهُ عَنْك إذَا تَيَسَّرَتْ (جَازَ) إسْلَافُ الْآمِرِ الْمَأْمُورَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) إذَا كَانَ دَفْعُ الْآمِرِ عَنْ الْمَأْمُورِ (لِكَبَصِيرَةِ) أَيْ خِبْرَةِ وَمَعْرِفَةِ (الْمُشْتَرِي) بِالشِّرَاءِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ حَظِّهِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا. وَفِي الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ إذَا صَحَّتْ النِّيَّةُ وَمَنْعُهُ إذَا قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ. فِي الْعُتْبِيَّةِ سَحْنُونٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ دَعَا أَخَاهُ إلَى أَنْ أَسُلَفَهُ ذَهَبًا وَيُخْرِجُ مِثْلَهُ وَيُشَارِكُهُ بِهِ وَيَتَّجِرَانِ جَمِيعًا بِهِمَا فِي مَوْضِعِهِمَا أَوْ يُسَافِرَانِ فِي ذَلِكَ، قَالَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ مِنْهُ لِأَخِيهِ وَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 283 وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا، إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ، لَا لِكَسَفَرٍ وَقِنْيَةٍ، وَغَيْرُهُ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ   [منح الجليل] حَاجَةَ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ إلَّا الرِّفْقُ بِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي بَصِيرَةٍ فِي الْبَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ وَإِنْقَاذِ التِّجَارَةِ وَتَعْلِيمِهِ وَنَحْوِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ. وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعْدَ هَذَا الْأَخِيرِ فِيهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَتَفْصِيلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَلَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ إلَّا الرِّفْقُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لِارْتِفَاعِهِ بِمُشَارَكَتِهِ إيَّاهُ فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَانَ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً، وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا» ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا قَصَدَ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْهُمَا فَرَأَى الْإِمَامُ مَرَّةً النِّيَّةَ فِيهِ مُحْتَمَلَةً فَسَأَلَ عَنْهَا وَصَدَّقَهُ فِيهَا وَمَرَّةً رَآهَا بَعِيدَةً، وَإِلَّا ظَهَرَ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ سُؤَالِهِ إيَّاهُ الشَّرِكَةَ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يُسَلِّفَهُ وَيُشَارِكَهُ لَوَجَبَ أَنْ يَسْأَلَ فِي ذَلِكَ نِيَّتَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا يُؤْمَرُ بِهِ ابْتِدَاءً وَيُنْهَى عَنْهُ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ وَادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ نَفْعَ نَفْسِهِ لِيَأْخُذَ سَلَفَهُ مُعَجَّلًا، إنْ كَانَ أَجَلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ عَرْضًا وَفَاتَ، فَعَلَى الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ نِيَّتِهِ ابْتِدَاءً لَا يُصَدَّقُ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيُنْهَى عَنْهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَيَأْخُذُ سَلَفَهُ مُعَجَّلًا اهـ. أَفَادَهُ الْحَطّ، وَانْظُرْ الْحُكْمَ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَمَلِ. (وَأُجْبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُشْتَرِي (عَلَيْهَا) أَيْ شَرِكَةٍ غَيْرُهُ مَعَهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ (إنْ اشْتَرَى) الْمُشْتَرِي الَّذِي تَضَمَّنَهُ اشْتَرَى (شَيْئًا) طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَخَصَّهُ أَشْهَبُ بِالطَّعَامِ بِشَرْطِ كَوْنِ الشِّرَاءِ (بِسُوقِهِ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ، وَكَوْنِ شِرَائِهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ فِي بَلَدِ الشِّرَاءِ (لَا) إنْ اشْتَرَاهُ (لِكَسَفَرٍ) بِهِ لِلتِّجَارَةِ بِبَلَدٍ آخَرَ (وَ) لَا إنْ اشْتَرَاهُ (لِقِنْيَةٍ) أَوْ عَاقِبَةٍ أَوْ مَهْرٍ أَوْ فِدَاءِ أَسِيرٍ، وَإِذَا نُوزِعَ فِي نِيَّتِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ بِقَرِينَةٍ كَكَثْرَةِ مَا اشْتَرَاهُ جِدًّا وَمِنْ الشُّرُوطِ شِرَاؤُهُ (وَغَيْرُهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَاوُهُ لِلْحَالِ (حَاضِرٌ) الشِّرَاءَ (لَمْ يَتَكَلَّمْ) حَالَ كَوْنِهِ (مِنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 284 لَا بِبَيْتِهِ وَهَلْ وَفِي الزُّقَاقِ لَا كَبَيْتِهِ؟ قَوْلَانِ. وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ، إنْ اتَّحَدَ، أَوْ تَلَازَمَ،   [منح الجليل] تُجَّارِهِ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَشَدِّ الْجِيمِ جَمْعِ تَاجِرٍ، أَيْ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى. فَلَوْ غَابَ غَيْرُهُ حِينَ شِرَائِهِ أَوْ حَضَرَ وَزَادَ فِي السَّوْمِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ تُجَّارِهِ فَلَا يُجْبَرُ. الْحَطّ بَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يُبَيِّنَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ ذَلِكَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَشْرِيكِ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ تَبْيِينُهُ لِتُجَّارِ السِّلْعَةِ الَّذِينَ أَرَادُوا مُشَارَكَتَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا لَمْ يُبَيِّنْ مُتَوَلِّي الشِّرَاءِ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ أَحَدًا مِنْهُمْ وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ زَادَ، فَإِذَا بَيَّنَ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ حَضَرَ دُخُولُهُ مَعَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَنَّهُمْ لَوْ تَكَلَّمُوا حِينَ الشِّرَاءِ وَقَالُوا أَشْرَكْنَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ سَكَتَ لِجَبْرٍ بِالْأُولَى، وَلَهُ جَبْرُهُمْ عَلَى مُشَارَكَتِهِ إنْ امْتَنَعُوا مِنْهَا لِظُهُورِ خَسَارَةٍ، وَلَوْ قَالَ لَا لَا يُجْبَرُ لَهُمْ وَلَا يُجْبَرُونَ لَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ اشْتَرَى أَنَّهُمْ لَوْ حَضَرُوا السَّوْمَ فَقَطْ وَاشْتَرَى بَعْدَ ذَهَابِهِمْ فَلَا يُجْبَرُ وَلَوْ قَالُوا لَهُ أَشْرِكْنَا وَلَكِنَّهُ يَحْلِفُ مَا اشْتَرَى لَهُ وَلَهُمْ وَلَوْ أَرَادَهُ هُوَ لَزِمَهُمْ لِسُؤَالِهِمْ، كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ بِسُوقِهِ فَقَالَ (لَا) يُجْبَرُ عَلَيْهَا إنْ اشْتَرَاهَا (بِبَيْتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ أَوْ مَجْلِسِهِ أَوْ حَانُوتِهِ بِغَيْرِ سُوقِهِمَا اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ (وَهَلْ) يُجْبَرُ إنْ اشْتَرَى بِسُوقِهِ (وَفِي الزُّقَاقِ) بِزَايٍ وَقَافَيْنِ، أَيْ طَرِيقٍ غَيْرِ مُعَدٍّ لِلشِّرَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ (لَا) الشِّرَاءُ فِي الزُّقَاقِ (كَ) الشِّرَاءِ فِي (بَيْتِهِ) فِي عَدَمِ الْجَبْرِ، وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ، الْجَوَابُ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ حَكَاهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَالشَّارِحُ، وَفِي الشَّامِلِ كَذَا فِي النُّسْخَةِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا تت، وَفِي نُسْخَةٍ وَهَلْ وَفِي الزُّقَاقِ لَا كَبَيْتِهِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الْخَرَشِيِّ وعب. (وَجَازَتْ) الشَّرِكَةُ (بِالْعَمَلِ) اتِّفَاقًا (إنْ اتَّحَدَ) الْعَمَلُ كَخَيَّاطَيْنِ (أَوْ) اخْتَلَفَ و (تَلَازَمَ) بِأَنْ يَلْزَمَ مِنْ رَوَاجِ أَحَدِهِمَا رَوَاجُ الْآخَرِ كَنَسْجٍ وَإِصْلَاحِ غَزْلٍ بِتَهْيِئَتِهِ لِلنَّسْجِ لَا إنْ اخْتَلَفَ وَلَمْ يَتَلَازَمْ، إذْ قَدْ تَرُوجُ صَنْعَةُ أَحَدِهِمَا دُونَ صَنْعَةِ الْآخَرِ فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا غَلَّةَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 285 وَتَسَاوَيَا فِيهِ، أَوْ تَقَارَبَا، وَحَصَلَ التَّعَاوُنُ، وَإِنْ بِمَكَانَيْنِ وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ   [منح الجليل] الْآخَرِ بَاطِلًا (وَتَسَاوَيَا) أَيْ الْعَامِلَانِ (فِيهِ) أَيْ الْعَمَلِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فِي الْمُتَّحَدِ، وَقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي الْمُتَلَازِمِ، فَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ فَلِلْأَوَّلِ ثُلُثُ الْغَلَّةِ وَلِلثَّانِي ثُلُثَاهَا، فَلَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ اسْتِوَاءِ الْعَمَلَيْنِ أَوْ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ بِأَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي الْعَمَلِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا. (أَوْ) لَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ و (تَقَارَبَا) فِيهِ عُرْفًا كَعَمَلِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةً عَنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ يَسِيرًا وَالْآخَرِ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ احْتَاجَا مَعَ الصَّنْعَةِ لِمَالٍ أَخْرَجَ كُلٌّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ (وَ) إنْ (حَصَلَ التَّعَاوُنُ) مِنْهُمَا فِي الْعَمَلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَلَا تَجُوزُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَنْ صَيَّادِينَ مَعَهُمْ شِبَاكٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَتَعَاوَنُ وَمَا أَصَبْنَا بَيْنَنَا فَنَصَبَ أَحَدُهُمْ شَبَكَتَهُ فَأَخَذَ صَيْدًا وَأَبَى أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرِينَ فَقَالَ ذَلِكَ لَهُ وَلَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مِمَّا أَصَابَ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ لَا تَحِلُّ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِيمَا يَحْتَاجُ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ إلَى التَّعَاوُنِ لِأَنَّهُمْ مَتَى اشْتَرَكُوا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ كَانَ مِنْ الْغَرَرِ الْبَيِّنِ، وَتَصِحُّ بِاسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ إنْ كَانَ بِمَكَانٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (بِمَكَانَيْنِ) إنْ اتَّحَدَتْ الصَّنْعَةُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَشَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ اتِّحَادَ صَنْعَتِهِمَا وَمَكَانِهِمَا، وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ مَا بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ، وَهُوَ رَأْيُ اللَّخْمِيِّ أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا بِسُوقٍ وَاحِدٍ أَوْ سُوقَيْنِ نَفَاقُهُمَا وَاحِدٌ وَتَجُولُ أَيْدِيهِمَا بِعَمَلِهِمَا أَوْ يَجْتَمِعَانِ بِمَكَانٍ لِأَخْذِ الْمَصْنُوعَاتِ، ثُمَّ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ بَعْضَهَا يَذْهَبُ بِهَا لِحَانُوتِهِ بِعَمَلِهِ فِيهِ لِرِفْقِهِ بِهِ لِسَعَتِهِ أَوْ قُرْبِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ) مِنْ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ (آلَةٍ) لَهَا قَدْرٌ كَآلَةِ النِّجَارَةِ وَالصِّيَاغَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مُخْرِجِهَا ذَاتًا وَمَنْفَعَةً، هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِيهَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضٌ آخَرُ عَلَيْهِ تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 286 وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ؟ تَأْوِيلَانِ:   [منح الجليل] وَ) فِي جَوَازِ (اسْتِئْجَارِهِ) لِلْآلَةِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَيْ اسْتِئْجَارِ غَيْرِ الْمَالِكِ (مِنْ) الشَّرِيكِ (الْآخَرِ) الْمَالِكِ الْآلَةَ قَدْرُ نَصِيبِهِ مِنْهَا عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (أَوْ لَا بُدَّ) فِي صِحَّةِ الشَّرِكَةِ فِي الْعَمَلِ الْمُحْتَاجِ لِآلَةٍ لَهَا بَالٌ (مِنْ) اشْتِرَاكِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْآلَةِ ب (مِلْكٍ) لَهُمَا (أَوْ) ب (كِرَاءٍ) لَهَا مِنْ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ أَيْضًا (تَأْوِيلَانِ) وَقَوْلَانِ فَقَدْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ تَأْوِيلَانِ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا عَلَيْهِ. الْحَطّ ذَكَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَسْأَلَتَيْنِ، أُولَاهُمَا هَلْ يَكْفِي فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مِنْهُمَا آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ الْآخَرِ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْآلَةِ بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ وَلَوْ بِأَنْ يَكْتَرِيَ مِنْ شَرِيكِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، بَلْ صَرِيحُهَا كَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الرَّحَى وَالْبَيْتِ وَالدَّابَّةِ لَكِنَّهُ قَالَ فِيهَا إنْ وَقَعَ مَضَى وَصَحَّتْ الشَّرِكَةُ. الثَّانِيَةُ: هَلْ يَكْفِي فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْآلَةِ كَوْنُهَا لِأَحَدِهِمَا وَاسْتِئْجَارُ الْآخَرِ نِصْفَهَا مِنْهُ. عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْمِلْكِ أَوْ الْكِرَاءِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. قُلْت كَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي تَطَوُّعِ أَحَدِهِمَا بِكَثِيرِ الْآلَةِ، وَمَسْأَلَةُ الْبَيْتِ وَالرَّحَى صَرِيحٌ فِي الْأَوَّلِ، فَفِي تَسْوِيَةِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي هَذِهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إخْرَاجِ كُلِّ آلَةٍ تُسَاوِي آلَةَ صَاحِبِهِ وَسَكَتَا عَنْ الْكِرَاءِ، هَذِهِ ذَاتُ التَّأْوِيلَيْنِ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ الْجَوَازُ، وَتَأَوَّلَ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ فِي مَسْأَلَةِ الثَّلَاثَةِ لِأَحَدِهِمْ الْبَيْتُ وَلِلْآخَرِ الدَّابَّةُ وَلِلْآخَرِ الرَّحَى قَائِلًا إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ كِرَاءُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَخْتَلِفُ، وَقَالَ عِيَاضٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الثَّلَاثَةِ ظَاهِرُ هَذَا، أَنَّ مَذْهَبَ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ إذَا كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ مَضَى، هَذَا تَحْصِيلُ مَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ. فَقَوْلُ تت تَأْوِيلَانِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 287 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَوْلَانِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ إلَّا مَا فَهِمَهُ عِيَاضٌ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ مِنْ الْآخَرِ فَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْآلَةَ لِأَحَدِهِمَا وَأَجْرَ نِصْفِهَا لِصَاحِبِهِ وَتَبِعَهُ تت وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَصْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ قَائِلًا، قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْجَوَازُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَهَذَا وَهْمٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ عِيَاضًا لَمْ يَقُلْ هَذَا فِي تَصْوِيرِهِ وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيمَا إذَا أَخْرَجَ كُلٌّ آلَةً وَآجَرَ نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَأْوِيلَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا فِي الْمُقَدِّمَةِ. وَنَصُّهُ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ آلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ هُوَ وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْجَوَازُ. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ الْمَنْعُ إلَّا بِالتَّسَاوِي فِي الْمِلْكِ وَالْكِرَاءِ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إكْرَاءً وَاسْتَوَيَتَا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ، وَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ، فَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَهُ اشْتَمَلَ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ آلَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَأْوِيلَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا الْجَوَازَ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَنْعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ. الثَّانِيَةِ: أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ آلَةً مُسَاوِيَةً لِآلَةِ صَاحِبِهِ وَيَسْكُتَا عَنْ الْكِرَاءِ وَهِيَ ذَاتُ التَّأْوِيلَيْنِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ نِسْبَةِ الْمُصَنِّفِ لِعِيَاضٍ، ظَاهِرُ الْكِتَابِ الْجَوَازُ فِي تَصْوِيرِهِ، وَجَعَلَ فِيهِ تَأْوِيلَيْنِ وَتَبِعُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ الْحَطَّابُ كَلَامَهُ وَقِبَلَهُ تَقْلِيدًا وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَالَ تت تَأْوِيلَانِ وَقَوْلَانِ فِي هَذَا أَيْضًا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا ذَلِكَ كُلُّهُ، وَعَلَى فَرْضِ عِيَاضٍ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ بِالْمَنْعِ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ بِالْجَوَازِ. فَإِنْ قُلْت مَا الْحُكْمُ فِيمَا فَرَضُوهُ، قُلْت صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِجَوَازِهِ، فَفِيهَا وَأَمَّا إنْ تَطَاوَلَ أَحَدُهُمَا بِأَدَاةٍ لَا يُلْغَى مِثْلُهَا لِكَثْرَتِهَا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي مِلْكِهَا أَوْ يَكْتَرِي مِنْ الْآخَرِ نِصْفَهَا اهـ. وَلَا شَكَّ فِي مَنْعِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمِلْكِ أَوْ الْكِرَاءِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْخِلَافِ فِيهَا وَأَنَّ جَوَازَهَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 288 وَصَائِدَيْنِ فِي الْبَازَيْنِ. وَهَلْ وَإِنْ افْتَرَقَا؟   [منح الجليل] وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلُ بِمَنْعِهَا لِلْعُتْبِيَّةِ فَهِيَ ذَاتُ خِلَافٍ أَيْضًا، وَإِنَّمَا نَقَمْنَا عَلَى الْمُصَنِّفِ نِسْبَتَهُمَا لِعِيَاضٍ وَذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ فِيهَا جَوَازُهَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ الْحَطّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَهَا كَمَا فَرَضُوا قَائِلًا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ تَطَوُّعِ أَحَدِهِمَا بِكَثِيرِ الْآلَةِ، وَفِي مَسْأَلَةِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَالرَّحَى صَرِيحٌ فِي جَوَازِهَا فَفِي تَسْوِيَةِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي هَذِهِ نَظَرٌ اهـ. إلَّا أَنَّهُ سَلَّمَ التَّأْوِيلَيْنِ تَقْلِيدًا لِلْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمَيْنِ فِيهَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ حَقَّ التَّأَمُّلِ، وَشُدَّ يَدَك عَلَيْهِ، فَلَعَلَّك لَا تَجِدُ تَحْقِيقَهُ فِي غَيْرِ هَذَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ عِيَاضٍ وَاخْتَلَفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إلَخْ، يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا تَكُونُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَأْوِيلَانِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِئْجَارُهُ مِنْ الْآخَرِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُمَا، أَيْ وَاسْتِئْجَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ إلَخْ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ فِي الْمَتْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهٌ) هَذَا فِيمَا يَحْتَاجُ لِآلَةٍ لَهَا قِيمَةٌ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى آلَةٍ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى آلَةٍ لَا قَدْرَ لَهَا كَالْخَيَّاطَةِ، فَلَا كَلَامَ فِيهِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ قَالَهُ الْحَطّ. وَمَثَّلَ لِشَرِيكَيْ الْعَمَلِ فَقَالَ كَطَبِيبَيْنِ اتَّحَدَ طِبُّهُمَا كَكَحَّالَيْنِ أَوْ تَلَازَمَ (اشْتَرَكَا) أَيْ الطَّبِيبَانِ (فِي الدَّوَاءِ) بِشِرَاءٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ أَحَدُهُمَا يَعْمَلُ وَيَشْتَرِي الْآخَرُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ طِبُّهُمَا وَلَمْ يَتَلَازَمْ فَلَا تَصِحُّ شَرِكَتُهُمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ (وَ) كَصَائِدَيْنِ اشْتَرَكَا (فِي) مِلْكِ أَوْ كِرَاءِ (الْبَازَيْنِ) أَوْ الْكَلْبَيْنِ أَوْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَارِحًا وَاسْتَأْجَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ جَارِحِ صَاحِبِهِ بِنِصْفِ جَارِحِهِ أَوْ سَكَتَا أَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا جَارِحًا وَأَكْرَى نِصْفَهُ لِلْآخَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وِفَاقًا وَخِلَافًا إذَا كَانَ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدًا لَا يَفْتَرِقَانِ كَمَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ. (وَهَلْ) يَجُوزُ اشْتِرَاكُهُمَا إنْ اشْتَرَكَا فِي الْجَارِحَيْنِ بِمُلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ مِنْ غَيْرِهِمَا (إنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 289 رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا   [منح الجليل] افْتَرَقَا) أَيْ الصَّائِدَانِ فِي الْمَكَانِ أَوْ الِاصْطِيَادِ أَوْ لَا يَجُوزُ (رُوِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ إنْ افْتَرَقَا. الْبُنَانِيُّ لَفْظُهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَصِيدَا بِبَازَيْهِمَا أَوْ كَلْبَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَمْلِكَا رِقَابَهُمَا أَوْ يَكُونَ الْكَلْبَانِ أَوْ الْبَازَانِ طَلَبُهُمَا وَاحِدًا لَا يَفْتَرِقَانِ فَجَائِزٌ. عِيَاضٌ رُوِيَتْ بِالْوَاوِ وَبِأَوْ وَعَزَا الرِّوَايَةَ بِأَوْ لِأَكْثَرِ النُّسَخِ وَلِرِوَايَتِهِ عَنْ شُيُوخِهِ. " ق " عَلَى مَعْنَى أَوْ حَمَلَهَا. ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَتَّابٍ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ فَالظَّاهِرُ وَهَلْ إنْ اتَّفَقَا فِي الْمِلْكِ وَالطَّلَبِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَافٍ اُنْظُرْ الْحَطّ، وَنَصُّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي شَرِكَةِ الصَّائِدَيْنِ مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْبَازَيْنِ، ثُمَّ هَلْ يَجُوزُ وَإِنْ افْتَرَقَا أَوْ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا، وَقَدْ يَتَبَادَرُ هَذَا الْفَهْمُ مِنْ كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ لَكِنْ إذَا تَأَمَّلْته وَجَدْته يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا رُوِيَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْبَازَيْنِ وَأَنْ لَا يَفْتَرِقَا بِأَنْ يَكُونَ طَلَبُهُمَا وَاحِدًا، وَالثَّانِي أَنَّ الشَّرْطَ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي الْبَازَيْنِ فَتَجُوزُ الشَّرِكَةُ وَإِنْ افْتَرَقَا أَوْ يَجْتَمِعَا فِي الطَّلَبِ فَتَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي رِقَابِ الْبَازَيْنِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَصِيدَا بِبَازَيْهِمَا أَوْ كَلْبَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَمْلِكَا رِقَابَهُمَا أَوْ يَكُونَ الْبَازَانِ أَوْ الْكَلْبَانِ طَلَبُهُمَا وَأَخْذُهُمَا وَاحِدٌ لَا يَفْتَرِقَانِ. عِيَاضٌ كَذَا فِي رِوَايَتِي عَنْ شُيُوخِي، يَعْنِي بِأَوْ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَيَكُونُ الْبَازَانِ، فَعَلَى هَذَا لَا يَفْتَرِقُ الصَّائِدَانِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِيهِمَا كَالصَّانِعَيْنِ وَنَحْوِهِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَوْ فَاسْتَدَلَّ مِنْهُ الْأَشْيَاخُ عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ إذَا حَصَلَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُهَا وَيَجُوزُ الْإِفْرَاقُ، وَيُسْتَدَلُّ مِنْهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ التَّسَاوِي فِي الْآلَةِ يَجُوزُ مَعَ الِاشْتِرَاكِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِيهَا. اهـ. فَآخِرُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ كَافٍ. وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَافٍ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْبُزَاةُ أَوْ الْكِلَابُ مُشْتَرَكَةً جَازَ وَإِنْ افْتَرَقَا فِي الِاصْطِيَادِ. وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي الْبُزَاةِ وَالْكِلَابِ جَازَتْ الشَّرِكَةُ إنْ كَانَ الصَّيْدُ بِهِمَا مَعًا يَتَعَاوَنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ، فَيَكُونُ مَضْمُونُ الشَّرِكَةِ عَمَلًا بِعَمَلٍ وَلَا يَجُوزُ إذَا افْتَرَقَا اهـ. فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَائِدَيْنِ وَهَلْ إنْ اشْتَرَكَا فِي الْبَازَيْنِ وَلَمْ يَفْتَرِقَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَافٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 290 وَحَافِرَيْنِ بِكَرِكَازٍ، وَمَعْدِنٍ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ، وَأَقْطَعَهُ الْإِمَامُ، وَقُيِّدَ بِمَا لَمْ يَبْدُ   [منح الجليل] رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا لَكَانَ مُوفِيًا بِالرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَى رِوَايَةٍ أَوْ اخْتَصَرَهَا. ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو سَعِيدٍ وَغَيْرُهُمَا ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ قَوْلًا كَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. التُّونُسِيُّ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَازٌ وَلِلْآخَرِ كَلْبٌ وَكَانَا يَتَعَاوَنَانِ فِي الصَّيْدِ فَيَجُوزُ. (وَ) كَ (حَافِرَيْنِ) اشْتَرَكَا (بِ) حَفْرٍ عَلَى كَ (رِكَازٍ) أَيْ مَدْفُونٍ جَاهِلِيٍّ (وَمَعْدِنٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَبِئْرٍ وَعَيْنٍ وَقَبْرٍ إنْ اتَّحَدَ الْمَوْضِعُ: الْمُتَيْطِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ هَذَا فِي غَارٍ مِنْ مَعْدِنٍ، وَهَذَا فِي غَارٍ سِوَاهُ (وَ) إنْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِشَخْصٍ فِي الْعَمَلِ فِي مَعْدِنٍ وَأَخَذَ خَارِجَهُ لِنَفْسِهِ وَمَاتَ الْمَأْذُونُ لَهُ قَبْلَ تَمَامِهِ (لَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ (بَقِيَّتَهُ) أَيْ الْمَعْدِنِ (وَ) رَجَعَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ فَ (أَقْطَعَهُ) أَيْ أَعْطَى الْمَعْدِنَ (الْإِمَامُ) لِمَنْ شَاءَ مِنْ وَارِثِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ. (وَقُيِّدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ وَارِثِهِ بَقِيَّةَ الْمَعْدِنِ (بِمَا) إذَا (لَمْ يَبْدُ) أَيْ يَظْهَرُ النَّيْلُ بِعَمَلِ مُوَرِّثِهِ أَوْ يُقَارِبُ الْبُدُوَّ، فَإِنْ بَدَا أَوْ قَارَبَ بُدُوَّهُ بِعَمَلِهِ وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا أَوْ أَخَرَجَ بَعْضَهُ وَإِنْ زَادَ الْعُرْفُ عَلَى مُقَابِلِ عَمَلِهِ فِيمَا يَظْهَرُ اسْتَحَقَّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ النَّيْلُ الَّذِي بَدَا أَوْ قَارَبَ، وَإِنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ كُلَّهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ بَقِيَّةَ الْعَمَلِ. الْحَطّ وَالْمُقَيِّدُ بِذَلِكَ الْقَابِسِيُّ، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا بَعْدَ إدْرَاكِهِ النَّيْلَ فَلَا يُوَرَّثُ حَظُّهُ مِنْ الْمَعْدِنِ، وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْطَعَهُ لِمَنْ يَرَى وَيَنْظُرَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ. فِي النُّكَتِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَدْرَكَا نَيْلًا أَنَّهُمَا أَخْرَجَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ فَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ التَّمَادِي عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمَعْدِنِ إلَّا بِإِقْطَاعٍ مِنْ الْإِمَامِ لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يُخْرِجَا شَيْئًا اهـ، فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ يُرِيدُ بِهِ فِي الْأَنْيَالِ الَّتِي لَمْ تَبْدُ. وَأَمَّا النَّيْلُ الَّذِي بَدَا وَعَمَلَ فِيهِ أَوْ قَارَبَ أَنْ يَبْدُو فَلِوَرَثَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ لَفْظُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 291 وَلَزِمَهُ مَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ وَضَمَانُهُ وَإِنْ تَفَاصَلَا   [منح الجليل] التَّهْذِيبِ قُلْت فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا بَعْدَ إدْرَاكِهِ النَّيْلَ قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَعَادِنِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّهَا إذَا مَاتَ صَاحِبُهَا الَّذِي عَمِلَهَا أَقْطَعَهَا الْإِمَامُ غَيْرَهُ فَأَرَى الْمَعَادِنَ لَا تُورَثُ اهـ. عِيَاضٌ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ إذْ لَمْ يُجِبْ عَنْ مَسْأَلَتِهِ، وَإِنَّمَا أَجَابَ عَنْ حُكْمِ الْمَعْدِنِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنْ أَدْرَكَ النَّيْلَ كَانَ لِوَرَثَتِهِ اهـ. طفي وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهَا مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا بَعْدَ إدْرَاكِهِ النَّيْلَ يُنَافِي الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ، حَمَلَهُ الْقَابِسِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُدْرَكَ أَخْرَجَاهُ وَاقْتَسَمَاهُ فَلَوْ بَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ مَا صَحَّ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ. (وَ) إنْ اُسْتُؤْجِرَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ (لَزِمَهُ) أَيْ الشَّرِيكَ الَّذِي كَانَ غَائِبًا حِينَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْعَمَلُ فِي (مَا يَقْبَلُهُ) أَيْ يَسْتَأْجِرُ عَلَى عَمَلِهِ صَاحِبَهُ، أَيْ شَرِيكَهُ فِي الْعَمَلِ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا عَقْدُهُمَا مَعًا (وَ) لَزِمَهُ أَيْضًا (ضَمَانُهُ) أَيْ مَا يَقْبَلُهُ (صَاحِبُهُ) إنْ اسْتَمَرَّا عَلَى الشَّرِكَةِ، بَلْ وَلَوْ (تَفَاصَلَا) مِنْ الشَّرِكَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا يَقْبَلُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلصَّنْعَةِ لَزِمَ الْآخَرَ عَمَلُهُ وَضَمَانُهُ فَيُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ افْتَرَقَا. اللَّخْمِيُّ إنْ عَقَدَ الشَّرِيكَانِ الْإِجَارَةَ عَلَى عَمَلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ فَعَلَى الْآخَرِ أَنْ يُوَفِّيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَلَى أَعْيَانِهِمَا لِأَنَّهُمَا عَلَى ذَلِكَ اشْتَرَكَا. أَحْمَدُ بَابَا إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَلِفَ قَبْلَ الْمَقَالَةِ فَالْمُبَالَغَةُ ضَائِعَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَهَا فَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِمَّنْ هَلَكَ بِيَدِهِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَلَفُهُ بَعْدَهَا وَضَمِنَاهُ كَضَمَانِ الْوَصِيَّيْنِ إذَا اقْتَسَمَا الْمَالَ وَضَاعَ مَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَضَمَانُهُ عَلَيْهِمَا لِتَعَدِّي وَاضِعِ الْيَدِ بِاسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، وَالْآخَرِ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ. اهـ. وَقَرَّرَهُ الْحَطّ بِتَلَفِهِ قَبْلَهَا وَتَأَخُّرِ الطَّلَبِ بِهِ بَعْدَهَا، وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ إذَا قَبِلَ شَيْئًا لِيَعْمَلَا فِيهِ لَزِمَ شَرِيكَهُ الْآخَرَ أَنْ يَعْمَلَهُ مَعَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْقِدَا مَعًا، وَيَلْزَمُ أَحَدَهُمَا الضَّمَانُ فِيمَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَإِنْ افْتَرَقَا، كَمَا إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا لِيَعْمَلَا فِيهِ فَتَلِفَ ثُمَّ تَفَارَقَا فَجَاءَ صَاحِبُهُ يَطْلُبُ بِهِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ، فَإِنَّ ضَمَانَهُ عَلَيْهِمَا مَعًا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا يَقْبَلُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَى آخَرِ مَا تَقَدَّمَ. الْبُنَانِيُّ فَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 292 وَأُلْغِيَ مَرَضُ كَيَوْمَيْنِ وَغَيْبَتُهُمَا، لَا إنْ كَثُرَ   [منح الجليل] وَأُلْغِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يُعْتَبَرُ (مَرَضُ) أَحَدِ شَرِيكَيْ الْعَمَلِ (كَيَوْمَيْنِ وَ) أُلْغِيَتْ (غَيْبَتُهُمَا) أَيْ الْيَوْمَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْهُمَا فَمَا عَمَلَهُ أَحَدُهُمَا فِي مُدَّةِ مَرَضِ الْآخَرِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَأُجْرَتُهُ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (لَا) يُلْغَى مَرَضُ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْبَتُهُ (إنْ كَثُرَ) أَيْ طَالَ زَمَنُ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا مَرِضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الصَّنْعَةِ أَوْ غَابَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَائِزٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَ، فَإِنَّ الْعَامِلَ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ مَا عَمِلَ جَازَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَعْقِدَا فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ أَنَّ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمَا أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً فَمَا عَمِلَ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ قَوْلُهُ كَيَوْمَيْنِ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَارَبَهُمَا لَهُ حُكْمُهُمَا، وَقَدْ اقْتَصَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْيَوْمَيْنِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهَا فِي الشِّقِّ الثَّانِي إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ، وَكَأَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى الْعُرْفِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي الرَّدِّ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَا بَاعَهُ الْآخَرُ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ أَنَّ الْقَرِيبَ الثَّلَاثَةُ وَالْبَعِيدَ الْعَشَرَةُ، وَأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا يَلْحَقُ بِمَا قَارَبَهُ اهـ، وَيَنْبَغِي مِثْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُهُ مِنْ الْأَبْوَابِ. الثَّانِي: ضَمِيرُ غَيْبَتِهِمَا رَاجِعٌ إلَى الْيَوْمَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ. الثَّالِثُ: هَلْ يُلْغَى مِنْ الْكَثِيرَةِ يَوْمَانِ. الْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُلْغَى مِنْهَا شَيْءٌ. الْحَطّ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَهُ. الرَّابِعُ: عُلِمَ مِنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَنَّ الْمَوْتَ كَالْغَيْبَةِ وَالْمَرَضِ، عَلَيْهِ فَيَنْغِي أَنْ يُقَالَ إنْ عَمِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَوْمَيْنِ أُلْغِيَ وَإِنْ كَثُرَ فَلَا يُلْغَى. الْخَامِسُ: عُلِمَ مِنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ مَرِضَ أَحَدُهُمَا إلَخْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ الشَّيْءِ الَّذِي يَعْمَلَانِ فِيهِ فِي صِحَّتِهِمَا أَوْ مَرَضِ أَحَدِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 293 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] السَّادِسُ: ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا فِي شَرِكَةِ الْعَمَلِ، وَأَمَّا فِي شَرِكَةِ الْمَالِ فَلِلَّذِي عَمِلَ نِصْفُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَالَ جَرَّهُ. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ إنْ مَرِضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ مَالِيَّةٌ بَيْنَهُمَا فَالرِّبْحُ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ عَمَلِهِ لِأَنَّ سَبَبَ الرِّبْحِ الْمَالُ. وَأَمَّا الْبَدَنِيَّةُ فَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ مِمَّا الْغَالِبُ التَّسَامُحُ فِيهِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ لِلْمُعَافَى عَلَى الْمَؤُوفِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَهَلْ يَكُونُ الْمُعَافَى مُتَطَوِّعًا لِلْمَؤُوفِ قَوْلَانِ. أَشْهَبُ مُتَطَوِّعٌ لَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ مُتَطَوِّعًا لَهُ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، وَيَخْتَصُّ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ. اهـ. وَالْمَؤُوفُ هُوَ الْمَرِيضُ. السَّابِعُ: اللَّخْمِيُّ إنْ عَقَدَ أَحَدُهَا إجَارَةً بَعْدَ طُولِ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ فَذَلِكَ لَهُ وَحْدَهُ لِانْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ وَضَمَانِ مَا هَلَكَ إنْ لَمْ تَنْقَطِعْ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ انْقَطَعَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضٍ وَأَقَرَّهُ. الثَّامِنُ: لَمْ يُفْهَمْ مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ كَثُرَ كَيْفَ يَعْمَلُ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْعَامِلِ بِأُجْرَةِ مَا عَمِلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمَا وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ عَمَلِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ عَقَدَ الشَّرِيكَانِ الْإِجَارَةَ عَلَى عَمَلٍ ثُمَّ مَرِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْآخَرِ أَنْ يُوفِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ فِي أَعْيَانِهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا عَلَى ذَلِكَ وَلِدُخُولِ مُسْتَأْجَرِهِمَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُمَا مُتَضَامِنَانِ فَيَلْزَمُ أَحَدَهُمَا مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ. وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ أَحَدُهُمَا مَرَضًا خَفِيفًا أَوْ طَوِيلًا أَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا إلَى مَوْضِعٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ فَعَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقِيَامُ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ، وَكَذَا إذَا عَقَدَ الْإِجَارَةَ عَلَى شَيْءٍ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَرَأَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، أَوْ فِي سَفَرِ أَحَدِهِمَا إلَى مَكَان قَرِيبٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ فِي أَنَّ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاضِرِ الْقِيَامَ بِجَمِيعِ الْعَمَلِ، هَذَا فِي حَقِّ الَّذِي لَهُ الْعَمَلُ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَمَّى الَّذِي عَقَدَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي رُجُوعِ الَّذِي عَمِلَ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا وَالسَّفَرُ قَرِيبًا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْعَفْوُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَلَوْلَاهَا لَرَجَعَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 294 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ. إنْ طَالَ الْمَرَضُ أَوْ السَّفَرُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ. اهـ. وَالْأُجْرَةُ الَّتِي آجَرَا بِهَا بَيْنَهُمَا وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَبِلَهُ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي السَّادِسِ نَصُّهُ أَفَادَهُ الْحَطّ. طفي فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ، الْأَوَّلِ: رَدُّهُ عَلَى الشَّارِحِ وَكَلَامُهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا مَرِضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الصَّنْعَةِ أَوْ غَابَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَائِزٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَ، فَإِنَّ الْعَامِلَ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ مَا عَمِلَ جَازَ ذَلِكَ. أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ لَمْ يُحِبَّ فَلَا يُعْطِيهِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إذَا تَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا بَعْدَ طُولِ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ أَوْ مَرَضِهِ فَهُوَ لَهُ، وَإِذَا تَقَبَّلَا جَمِيمًا ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا غَيْبَةً طَوِيلَةً كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا، وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى شَرِيكِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ حَمِيلًا لِصَاحِبِهِ بِالْعَمَلِ. اهـ. وَنَحْوِهِ اللَّخْمِيُّ. الثَّانِي: قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ، مَعَ أَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِالْمُرَادِ. الثَّالِثِ: جَزْمُهُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمَا، وَإِطْلَاقُهُ فِي ذَلِكَ وَاسْتِدْلَالُهُ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَعَ تَفْصِيلِهِ كَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَقَدْ نَقَلَ هُوَ كَلَامَهُ، وَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ. وَأَمَّا نَقْلُهُ عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا وَيُطَالِبُهُ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافُ تَفْصِيلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاللَّخْمِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَفْرِيعٌ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ تَبِعَهُ عج وَمَنْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَحَلُّ كَلَامِهِ فِيمَا قَبِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْغَيْبَةِ الطَّوِيلَةِ وَالْمَرَضِ الطَّوِيلِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ التَّنْبِيهَاتِ قَالَ التَّنْبِيهُ الثَّامِنُ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ عَقَدَ أَحَدُهُمَا إجَارَةً بَعْدَ طُولِ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَحْدَهُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ حِينَئِذٍ قَدْ انْقَطَعَتْ. اهـ. فَهَذَا يُقَيِّدُ إطْلَاقَهُ أَوَّلًا، لَكِنَّهُ بَعِيدٌ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ فَرَضَ الْكَلَامَ أَوَّلًا فِيمَا عَقَدَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْغَيْبَةِ الطَّوِيلَةِ أَوْ الْمَرَضِ الطَّوِيلِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ بِأُجْرَةِ نِصْفِ الْعَمَلِ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ مَا قَبِلَهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ الطَّوِيلِ، وَلِكَوْنِ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 295 وَفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ كَكَثِيرِ الْآلَةِ،   [منح الجليل] كَلَامَهُ بَعِيدًا جَزَمَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَلَمْ يُفَصِّلْ. (وَفَسَدَتْ) شَرِكَةُ الْعَمَلِ (بِ) سَبَبِ (اشْتِرَاطِهِ) أَيْ لَغْوِ كَثِيرِ الْمَرَضِ أَوْ الْغَيْبَةِ، وَمَفْهُومُ اشْتِرَاطِهِ أَنَّهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَأَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نَصِيبَهُ مِمَّا عَمِلَهُ جَازَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَفِيهَا وَإِذَا مَرِضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الصَّنْعَةِ أَوْ غَابَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَمِلَ صَاحِبُهُ فَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَائِزٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَ، فَإِنَّ الْعَامِلَ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُعْطِيَ لِصَاحِبِهِ نِصْفَ مَا عَمِلَ جَازَ إنْ لَمْ يَعْقِدَا أَصْلَ الشَّرِكَةِ، عَلَى أَنَّ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمَا أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً فَمَا عَمِلَ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عَقَدَا عَلَى هَذَا لَمْ تَجُزْ الشَّرِكَةُ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ كَانَ مَا اجْتَمَعَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا وَمَا انْفَرَدَ بِهِ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً. اهـ. زَادَ الْقَرَافِيُّ عَقِبَ قَوْلِهِ لَمْ تَجُزْ لِلْغَرَرِ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ كَلَامَهَا الْمَذْكُورَ يُرِيدُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ إنْ لَمْ يَعْقِدَا عَلَى هَذَا لَا نَبْغِي أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ الَّذِي لَوْ صَحَّ هَذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَيُتَسَامَحُ فِي الشَّرِكَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ التَّفَاضُلِ الْيَسِيرِ. وَأَمَّا إذَا فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ فَلَا يُسْمَحُ فِي ذَلِكَ اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْقَدْرُ لَهُ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ جُزْءَ الْجُمْلَةِ هَلْ يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا كَمَنْ يَسْجُدُ عَلَى أَنْفِهِ وَهُوَ يُومِئُ، وَهَذَا هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي أَشَرْت إلَيْهِ فِي التَّنْبِيهُ الثَّالِثِ مِنْ الْقَوْلَةِ السَّابِقَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ فَقَالَ (كَ) انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِ (كَثِيرِ الْآلَةِ) لِعَمَلِهِمَا فَيُفْسِدُ الشَّرِكَةَ. الْحَطّ وَلَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَاحْتُرِزَ بِكَثِيرِهَا مِنْ يَسِيرِهَا فَتَطَوُّعُ أَحَدِهِمَا بِهِ لَا يُفْسِدُهَا، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ، وَقَيَّدَهُ الْبِسَاطِيُّ بِالِاشْتِرَاطِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لَهَا فَفِيهَا وَإِنْ تَطَاوَلَ أَحَدُ الْقَصَّارَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ تَافِهٍ مِنْ الْمَاعُونِ لَا قَدْرَ لَهُ فِي الْكِرَاءِ كَالْقَصْرِيَّةِ وَالْمِدَقَّةِ جَازَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ تَطَاوَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِأَدَاةٍ لَا يُلْغَى مِثْلُهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 296 وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] لِكَثْرَتِهَا فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَشْتَرِكَا فِي مِلْكِهَا، أَوْ يَكْتَرِي مِنْ الْآخَرِ نِصْفَهُ اهـ الْحَطّ. وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا تَطَوَّعَ أَحَدُهُمَا بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى تَطَاوَلَ تَفَضَّلَ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهَا لَا يَجُوزُ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَإِنَّمَا تُلْزِمُ بِالشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تُلْزِمُ بِالْعَقْدِ فَتَجُوزُ. اهـ. فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَخَّرَهُ أَبُو الْحَسَنِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَفَهِمَهَا الْحَطّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَطَوَّلَ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ، وَبِهِ قَرَّرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَتْرُوكًا عَلَى الْبِسَاطِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَتَبِعَهُ عج، وَنَقَلَ كَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ. الْبُنَانِيُّ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَجَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى لُزُومِهَا بِهِ، وَكَلَامُ الْحَطّ جَارٍ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَهَلْ يُلْغَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (الْيَوْمَانِ) أَيْ مَرَضُهُمَا وَغَيْبُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ إلْغَاءِ الْكَثِيرِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي أُجْرَةِ عَمَلِ الْيَوْمَيْنِ، وَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ الْعَمَلِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا (كَ) إلْغَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ (الصَّحِيحَةِ) وَهَذَا لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَوْ لَا يُلْغَيَانِ فَيَخْتَصُّ الْعَامِلُ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِيهِمَا أَيْضًا، وَهَذَا لِابْنِ يُونُسَ، فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَهُ تت. الْحَطّ وَجَعَلَ الشَّارِحَانِ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاللَّخْمِيِّ، مَعْنَى قَوْلِهِ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ. قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ يُلْغَى ذَلِكَ وَيَخْتَصُّ بِمَا زَادَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُلْغَى، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَنَحْوِهِ فِي الصَّغِيرِ وَفِي الشَّامِلِ فَإِنْ شُرِطَ عَدَمُهُ فِي الْعَقْدِ أَوْ كَثِيرُ آلَةٍ فَسَدَتْ وَلَا يُلْغَى الْيَوْمَانِ فِيهِمَا عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ. الْحَطّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَلَا يُسَامَحُ بِالْيَسِيرِ فِي الْفَاسِدَةِ، وَإِنَّمَا يُسَامَحُ فِيهِ فِي الصَّحِيحَةِ فَكَلَامُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ اشْتَرَكَا عَلَى الْعَفْوِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ شَرِكَةً فَاسِدَةً وَلَوْ فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، لَكَانَ التَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 297 وَبِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ أَنْ يَشْتَرِيَا بِلَا مَالٍ وَهُوَ بَيْنَهُمَا   [منح الجليل] قَرِيبِ ذَلِكَ وَبَعِيدِهِ اهـ. وَلَمْ أَقِفْ عَلَى الْقَوْلِ بِلَغْوِ الْيَوْمَيْنِ فِي الْفَاسِدَةِ بَعْدَ مُرَاجَعَةِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالرَّجْرَاجِيِّ وَالذَّخِيرَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّوْضِيحِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالْقَصِيرَةِ تَرَدُّدٌ، وَيَكُونُ مُرَادُهُ وَهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ مِنْ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ كَمَا يُلْغَيَانِ فِي الْقَصِيرَةِ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ أَوْ لَا يُلْغِيَانِ، وَهُوَ الَّذِي نَسَبَهُ أَبُو الْحَسَنِ لِلَّخْمِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ شَرِكَةَ الذِّمَمِ وَتُسَمَّى شَرِكَةَ الْوُجُوهِ أَيْضًا فَقَالَ (وَ) فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ (بِاشْتِرَاكِهِمَا) أَيْ الشَّخْصَيْنِ (بِالذِّمَمِ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ ذِمَّةٍ بِكَسْرِهَا وَشَدِّ الْمِيمِ وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى (أَنْ يَشْتَرِيَا) مَا تَيَسَّرَ لَهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا (بِلَا مَالٍ) مُشْتَرَكٍ بَيْنَهَا يَدْفَعَانِ مِنْهُ ثَمَنَ مَا يَشْتَرِيَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ دَيْنًا بِذِمَّتِهِمَا، وَبَيَّنَ الْحُكْمَ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَقَالَ (وَهُوَ) أَيْ مَا اشْتَرَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهَا يَخْتَصُّ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ أَوْ بِعَمَلِ الْأَبْدَانِ إنْ كَانَ صَنْعَةً وَاحِدَةً فَأَمَّا بِالذِّمَمِ بِغَيْرِ مَالٍ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ابْتَاعَ الْآخَرُ فَلَا تَجُورُ كَانَا بِبَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِبَلَدَيْنِ يُجَهِّزُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الرَّقِيقِ أَوْ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ أَوْ بَعْضِهَا، وَكَذَا اشْتِرَاكُهُمَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ لِصَاحِبِهِ تَحْمِلُ عَنِّي بِنِصْفِ مَا أَشْتَرِي وَأَتَحَمَّلُ عَنْك بِنِصْفِ مَا تَشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِكَا فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ حَاضِرَةٍ أَوْ غَائِبَةٍ فَيَبْتَاعَانِهَا بِدَيْنٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَا حَاضِرَيْنِ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ وَقَعَتْ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ، قَالَ فِيمَا يَأْتِي وَأَكْرَهُ أَنْ يُخْرِجَا مَالًا عَلَى أَنْ يَتَّجِرَا بِهِ وَبِالدَّيْنِ مُفَاوَضَةً، فَإِنْ فَعَلَا فَمَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ جَاوَزَ رَأْسَ مَالَيْهِمَا. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ قَالَ فِيهَا فَإِذَا وَقَعَ بِالذِّمَمِ فَمَا اشْتَرَيَا فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا عَقَدَا وَتُفْسَخُ الشَّرِكَةُ مِنْ الْآنِ. أَبُو الْحَسَنِ الْفَسْخُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى فِي الرَّجُلِ قَالَ لِصَاحِبِهِ اُقْعُدْ فِي هَذَا الْحَانُوتِ تَبِيعُ فِيهِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 298 وَكَبَيْعِ وَجِيهٍ مَالٍ خَامِلٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَكَذِي رَحًى وَذِي بَيْتٍ، وَذِي دَابَّةٍ   [منح الجليل] وَأَنَا آخُذُ الْمَتَاعَ بِوَجْهِي وَالضَّمَانُ عَلَيَّ وَعَلَيْك، قَالَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَعَامَلَا عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ أُجْرَةَ مَا يَفْضُلُهُ بِهِ فِي الْعَمَلِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الرِّبْحَ تَابِعٌ لِلضَّمَانِ إذَا عَمِلَا بِمَا تَدَايَنَا بِهِ كَمَا يَتْبَعُ الْمَالُ إذَا عَمِلَا بِمَا أَخْرَجَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمَالِ. اهـ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَقْعَدْت صَانِعًا فِي حَانُوتٍ عَلَى أَنْ تَنْقُلَ إلَيْهِ الْمَتَاعُ وَيَعْمَلُ هُوَ فِيمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ بَيْنَكُمَا نِصْفَيْنِ فَلَا يَجُوزُ. اهـ. وَفِي سَمَاعِ عِيسَى فِي رَجُلٍ قَالَ اُقْعُدْ فِي حَانُوتٍ وَأَنَا آخُذُ لَك مَتَاعًا تَبِيعُهُ وَلَك نِصْفُ رِبْحِهِ أَوْ ثُلُثُهُ، فَلَا يَصْلُحُ، فَإِنْ عَمِلَا عَلَيْهِ فَلِلَّذِي فِي الْحَانُوتِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلَّذِي أَجْلَسَهُ فِي الْحَانُوتِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرِّبْحَ تَابِعٌ لِلضَّمَانِ، فَإِنْ كَانَ ضَمَانُ السِّلَعِ مِنْ الَّذِي أَجْلَسَهُ وَجَبَ كَوْنُ جَمِيعِ الرِّبْحِ لَهُ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَفَادَهُ الْحَطّ. وَذَكَرُ الْمُصَنِّفُ تَفْسِيرًا ثَانِيًا لِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ فَقَالَ (وَكَبَيْعِ) شَخْصٍ تَاجِرٍ (وَجِيهٍ) أَيْ مَرْغُوبٍ فِي الشِّرَاءِ مِنْهُ مَشْهُورٍ بَيْنَ النَّاسِ (مَالَ) أَيْ عَرْضَ تَاجِرٍ (خَامِلٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، أَيْ خَفِيٍّ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَرْغَبُونَ فِي شِرَاءِ عُرُوضِهِ، وَصِلَةُ بَيْعٍ (بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ) أَيْ مَالِ الْخَامِلِ كَثُلُثِهِ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ، وَإِنْ نَزَلَ فَلِلْوَجِيهِ جَعْلُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ السِّلْعَةِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا لِأَنَّ الْوَجِيهَ غَشَّهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ، وَفُسِّرَتْ بِأَنَّ بَيْعَ الْوَجِيهِ مَالَ الْخَامِلِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ. وَقِيلَ هِيَ شَرِكَةُ الذِّمَمِ يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَةٌ وَتُفْسَخُ، وَمَا اشْتَرَيَاهُ فَبَيْنَهُمَا عَلَى الْأَشْهَرِ اهـ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ، وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْفَسَادِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَ) شَرِكَةِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (رَحًى) أَيْ آلَةِ طَحْنِ الْحَبِّ (وَذِي بَيْتٍ) تُنْصَبُ الرَّحَى فِيهِ (وَذِي دَابَّةٍ) أَيْ بَعِيرٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 299 لِيَعْمَلُوا إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ، وَتَرَادُّوا الْأَكْرِيَةَ   [منح الجليل] أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ بَقَرَةٍ تَدُورُ بِالرَّحَى (لِيَعْلَمُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ فِي طَحْنِ الْحُبُوبِ الَّتِي تَأْتِيهِمْ بِأَجْرٍ يَقْسِمُونَهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا فَهِيَ شَرِكَةٌ فَاسِدَةٌ (إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ لِلرَّحَى وَالْبَيْتِ وَالدَّابَّةِ) بِأَنْ كَانَ كِرَاءُ الرَّحَى اثْنَيْنِ وَالْبَيْتُ وَاحِدًا وَالدَّابَّةُ ثَلَاثَةً، وَبَيَّنَ حُكْمَهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا فَقَالَ (وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ) النَّاشِئَةِ مِنْ عَمَلِهِمْ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِمْ عَمَلُ أَيْدِيهِمْ وَقَدْ تَكَافَئُوا فِيهِ (وَتَرَادُّوا) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (الْأَكْرِيَةَ) لِلرَّحَى وَالْبَيْتِ وَالدَّابَّةِ، أَيْ يَتَسَاوَوْنَ فِيهَا بِأَنْ يَدْفَعَ مَنْ نَقَصَ كِرَاءُ شَيْئِهِ عَنْ شَيْءِ صَاحِبِهِ نِصْفَ الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا فَيَدْفَعُ ذُو الْبَيْتِ وَاحِدًا لِذِي الدَّابَّةِ فِي الْمِثَالِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهُمْ بِرَحًى وَالْآخَرُ بِدَابَّةٍ وَالْآخَرُ بِبَيْتٍ عَلَى الْعَمَلِ بِأَيْدِيهِمْ وَالْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ، فَعَمِلُوا عَلَى ذَلِكَ، وَجَهِلُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَيُقْسَمُ مَا أَصَابُوهُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا إنْ كَانَ كِرَاءُ الْبَيْتِ وَالرَّحَى وَالدَّابَّةِ مُعْتَدِلًا، وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعَهُ بِمَتَاعِ صَاحِبِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّحَى وَالْبَيْتَ وَالدَّابَّةَ لَوْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمْ فَأَكْرَى ثُلُثَيْ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبَيْهِ وَعَمِلُوا جَازَتْ الشَّرِكَةُ، وَإِنْ كَانَ مَا أَخْرَجُوهُ مُخْتَلِفًا قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا لِأَنَّ رُءُوسَ أَمْوَالِهِمْ إعْمَالُ أَيْدِيهِمْ وَقَدْ تَكَافَئُوا فِيهَا، وَرَجَعَ مَنْ لَهُ فَضْلُ كِرَاءٍ عَلَى صَاحِبِهِ فَيَتَرَادُّونَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا شَيْئًا لِأَنَّ مَا أَخْرَجُوهُ مِمَّا يُكْرَى قَدْ أُكْرِيَ كِرَاءً فَاسِدًا، وَلَا يَتَرَاجَعُونَ فِي إعْمَالِ أَيْدِيهِمْ لِتُسَاوِيهِمْ فِيهَا اهـ. وَظَاهِرُهَا أَنَّهَا لَا تَجُورُ ابْتِدَاءً حَتَّى يُكْرِيَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ، لَكِنَّهَا إنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ إنْ تَسَاوَتْ الْأَكْرِيَةُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ، وَتَأَوَّلَهَا سَحْنُونٌ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تَمْتَنِعُ إذَا كَانَ كِرَاءُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُخْتَلِفًا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْرَى مَتَاعَهُ بِمَتَاعِ صَاحِبِهِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى تَصِحُّ أَنَّهَا تَئُولُ إلَى الصِّحَّةِ لَا أَنَّهَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَعَلَى تَأْوِيلِ سَحْنُونٍ مَشَى الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ أَعْنِي قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ أَنَّهُ إذَا تَسَاوَى الْكِرَاءُ جَازَتْ، وَقَوْلُهُ وَتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ قَابِلٌ لَأَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَأَنْ يَكُونَ تَقْرِيرًا لِحُكْمِهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ، وَصِفَةُ التَّرَادِّ ذَكَرَهَا ابْنُ يُونُسَ عَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 300 وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ: فَالْغَلَّةُ لَهُ، وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُمَا وَقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ:   [منح الجليل] أَبِي زَيْدٍ، وَنَقَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَالشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ قَالَهُ الْحَطّ. تت وَكَيْفِيَّةُ الرُّجُوعِ أَنْ تُجْمَعَ الْأَكْرِيَةُ وَتُفْضِي عَلَى جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيُرَدُّ مَنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِمُسْتَحِقِّهِ، فَإِنْ كَانَ كِرَاءُ الرَّحَى ثَلَاثَةً وَالْبَيْتُ اثْنَيْنِ وَالدَّابَّةُ وَاحِدًا مَثَلًا، فَالْمَجْمُوعُ سِتَّةٌ تُفَضُّ عَلَى الثَّلَاثَةِ بِالسَّوِيَّةِ، فَيَكُونُ عَلَى كُلٍّ اثْنَانِ فَلِصَاحِبِ الْبَيْتِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَدْفَعُ شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا، وَصَاحِبُ الرَّحَى عَلَيْهِ اثْنَانِ وَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ بِوَاحِدٍ. (وَإِنْ اُشْتُرِطَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ فِي عَقْدِ شَرِكَةِ ذِي الرَّحَى وَذِي الْبَيْتِ وَذِي الدَّابَّةِ، وَنَائِبُ فَاعِلِ اُشْتُرِطَ (عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ) وَحْدَهُ وَعَمِلَ وَحْدَهُ (فَالْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ عَمَلِهِ (لَهُ) أَيْ رَبِّ الدَّابَّةِ وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ رَبِّ الدَّابَّةِ (كِرَاؤُهُمَا) أَيْ الرَّحَى وَالْبَيْتِ. الْحَطّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ وكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَامِلُ صَاحِبَ الرَّحَى، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكُونُ مَا أَصَابَ لَهُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْآخَرَيْنِ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْبَيِّنِ، وَأَرَى أَنْ يَكُونَ مَا أَصَابَ مَفْضُوضًا عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّحَى وَالدَّابَّةِ فَمَا نَابَ الرَّحَى مِنْ الْعَمَلِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ فِيهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الرَّحَى لَمْ يَبِعْ مَنَافِعَهَا مِنْ الْعَامِلِ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ وَأَجِّرْهَا وَلَك بَعْدُ مَا تُؤَاجِرُهَا بِهِ، فَإِنَّمَا يُؤَاجِرُهَا عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهَا ثُمَّ يَغْرَمَانِ جَمِيعًا أُجْرَةَ الْبَيْتِ. اهـ. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَامِلُ رَبَّ الْبَيْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لَا الْغَلَّةُ تَابِعَةٌ لِلْعَمَلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ حُكِمَ (عَلَى) شَخْصٍ (شَرِيكٍ) امْتَنَعَ مِنْ الْعِمَارَةِ (فِيمَا) أَيْ عَقَارٍ (لَا يَنْقَسِمُ) كَحَمَّامٍ وَبُرْجٍ احْتَاجَ لِلْعِمَارَةِ، وَصِلَةُ قُضِيَ ب (أَنْ يُعَمِّرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَعَ شَرِيكِهِ الدَّاعِي لِلْعِمَارَةِ (أَوْ) بِأَنْ (يَبِيعَ) نَصِيبَهُ مِنْهُ لِمَنْ يُعَمِّرُ. عب وَالْمَعْنَى يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالتَّعْمِيرِ بِلَا حُكْمٍ عَلَيْهِ بِهَا، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ فَالْقَضَاءُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 301 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إنَّمَا هُوَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْبَيْعُ، فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَعْنَى الْأَمْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْمِيرِ، وَبِمَعْنَى الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَلَا يَتَوَلَّى الْقَاضِي الْبَيْعَ. طفي ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِأَحَدِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْأَمْرُ، أَيْ يُؤْمَرُ بِأَحَدِهِمَا فَيَكُونُ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُشْتَرَكُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ يَلْزَمُ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ وَإِلَّا بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُعَمِّرُ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُ شَرِيكَيْنِ مَا لَا يَنْقَسِمُ لِإِصْلَاحِهِ أُمِرَ الْآبِي بِهِ، فَإِنْ أَبَى فَفِي جَبْرِهِ عَلَى بَيْعِهِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ أَوْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ مِنْ حَظِّهِ بِقَدْرِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْعَمَلِ فِيمَا يَبْقَى مِنْ حَقِّهِ بَعْدَمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ مِنْهُ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مَلِيًّا جُبِرَ عَلَى الْإِصْلَاحِ، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ وَسَحْنُونٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِبَيْعِ بَعْضِ حَظِّهِ إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مُرَتَّبًا عَلَى إبَايَتِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ فَقَطْ لَا عَلَيْهَا مَعَ إبَايَتِهِ عَنْ بَيْعِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُ، وَهُوَ فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِمَا مَعًا، فَهُوَ إنْ صَحَّ قَوْلٌ رَابِعٌ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إذَا لَمْ يُصْلِحْ وَأَرَادَ الْبَيْعَ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي بَحْثِهِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْنُ وَالْبِئْرُ الْمُشْتَرَكَانِ، وَقَدْ قُسِمَتْ أَرْضُهُمَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا زَرْعٌ وَلَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ يُخَافُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْآبِيَ مِنْ الْعَمَلِ لَا يُلْزَمُ بِهِ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِهِ أَصْلِحْ وَلَك الْمَاءُ كُلُّهُ أَوْ مَا زَادَ بِعَمَلِك إلَى أَنْ يَأْتِيَك صَاحِبُك بِمَا عَلَيْهِ مِمَّا أَنْفَقْته، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ كَلَامِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ أَوْ يَبِيعَ مِمَّنْ يَعْمَلُ وَإِنْ كَانَ مَقْسُومًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَيْهَا شَجَرٌ أَوْ زَرْعٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَالْمَخْزُومِيُّ إنَّ الشَّرِيكَ فِي الْعَيْنِ وَالْبِئْرِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ مَعَهُ أَوْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِمَّنْ يُعَمِّرُ كَالْعُلْوِ لِرَجُلٍ وَالسُّفْلِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 302 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِآخَرَ فَيَنْهَدِمُ وَهُوَ نَظِيرٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَا يَقْدِرُ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عُلْوَهُ حَتَّى يَبْنِيَ صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ، وَيَقْدِرُ الَّذِي يُرِيدُ السَّقْيَ مِنْ الْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا إذَا انْهَدَمَتْ أَنْ يَصِلَ إلَى مَا يُرِيدُ مِنْ السَّقْيِ بِأَنْ يُصْلِحَ الْبِئْرَ، وَيَكُونَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَائِهَا إلَى أَنْ يَأْتِيَهُ صَاحِبُهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ النَّفَقَةِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْمَخْزُومِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فُرُوعٌ) : الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا، فَإِنَّ الْقَاضِي يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ بِالْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يُعَمِّرُ بِهِ نَصِيبَهُ نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ. الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ كَفُرْنٍ ثُمَّ خَرِبَ وَصَارَ أَرْضًا تُقْبَلُ الْقِسْمَةُ، فَإِنَّهُ يُقْسَمُ نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ إسْكَنْدَرِيَّةَ. الثَّالِثُ: فِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ سَحْنُونٌ فِي رَجُلَيْنِ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْمِلَ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا مَتَاعًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ يَحْمِلُهُ فِي نَصِيبِهِ، فَقَالَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ لَا أَدَعُكَ تَحْمِلُ فِيهَا شَيْئًا إلَّا بِكِرَاءٍ. وَقَالَ الْأَوَّلُ إنَّمَا أَحْمِلُ فِي نَصِيبِي، قَالَ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ فِي نَصِيبِهِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ بِكِرَاءٍ، فَأَمَّا أَنْ يَحْمِلَ فِي نَصِيبِهِ مِثْلَ مَا يَحْمِلُ صَاحِبُهُ مِنْ الشَّحْنِ وَالْمَتَاعِ، وَإِلَّا بِيعَ الْمَرْكَبُ عَلَيْهِمَا. اهـ. وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ، وَزَادَ وَلَوْ أَوْسَقَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَجِدْ الْآخَرُ مَا يُوسِقُ لَكَانَ لِهَذَا أَنْ يُسَفِّرَ الْمَرْكَبَ وَلَا مَقَالَ لِشَرِيكِهِ فِي كِرَاءٍ وَلَا بَيْعٍ، لِأَنَّهُ وَسَقَهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ إذْنٌ بِتَسْفِيرِهِ تِلْكَ الطَّرِيقَ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا حِينَ أَوَسْقَ وَلَمَّا حَضَرَ أَنْكَرَ وَلَمْ يَجِدْ كِرَاءً لَكَانَ لَهُ أَنْ يَدْعُوهُ إلَى بَيْعِهِ، فَإِنْ صَارَ لِمَنْ أَوَسْقَهُ أَقَرَّ وَسْقَهُ، وَإِنْ صَارَ لِلْغَائِبِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ أَمَرَ أَنْ يَحُطَّ وَسْقَهُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى كِرَاءٍ فَيَتْرُكَ وَهَذَا إذَا كَانَ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ حَالِ الْمَرْكَبِ تَحْتَ الْمَاءِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْكِرَاءِ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ حَتَّى يُعَامِلَهُ عَلَيْهِ أَوْ يَنْفَصِلَا بِبَيْعِهِ وَقِسْمَةِ ثَمَنِهِ. الْبُرْزُلِيُّ وَالدَّوَابُّ وَالْعَبِيدُ كَالْمَرْكَبِ. الْحَطّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 303 كَذِي سُفْلٍ، وَإِنْ وَهِيَ   [منح الجليل] لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يَقْضِي الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مَا يَحْمِلُهُ بِكِرَاءٍ عَلَى الْآخَرِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ مُطْلَقًا، وَلَا يَقْضِي لِلْآخَرِ بِالسَّفَرِ بِهِ مُطْلَقًا، بَلْ إمَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى كِرَاءٍ أَوْ عَلَى شَيْءٍ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعُ: إذَا زَرَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي بَعْضِ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، فَفِي سَمَاعِ عِيسَى إذَا كَانَ الشَّرِيكُ حَاضِرًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا تَرَكَهُ رَاضِيًا بِزَرْعِهِ، وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ. الْخَامِسُ: ابْنُ يُونُسَ فِي مَرْكَبٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ نِصْفَيْنِ خَرِبَ أَسْفَلُهُ حَتَّى صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَأَصْلَحَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، قَالَ فَالشَّرِيكُ بِالْخِيَارِ إمَّا أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ وَيَكُونَ الْمَرْكَبُ بَيْنَهُمَا أَوْ يَأْخُذَ مِنْ شَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ خَرِبًا إنْ شَاءَ شَرِيكُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَيَا فَلِلَّذِي أَنْفَقَ بِقَدْرِ مَا زَادَتْ نَفَقَتُهُ مَعَ حِصَّتِهِ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَرِبًا مِائَةً وَمَصْلُوحًا مِائَتَيْنِ فَلِلَّذِي أَنْفَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَاَلَّذِي أَرَى أَنَّ شَرِيكَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ أَوْ نِصْفَ مَا زَادَ فِي الْمَرْكَبِ، وَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ بِقَدْرِ مَا زَادَ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْ الْآنَ وَخُذْ مَا زَادَ. وَشَبَّهَ فِي الْأَمْرِ بِالتَّعْمِيرِ وَالْقَضَاءِ بِالْبَيْعِ إنْ أَبَى فَقَالَ (كَذِي) بِنَاءٍ (سُفْلٍ) أَيْ مُنْخَفِضٍ وَعَلَيْهِ بِنَاءٌ لِآخَرَ فَيُؤْمَرُ ذُو السُّفْلِ بِتَعْمِيرِهِ، فَإِنْ أَبَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ (إنْ وَهَى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْهَاءِ أَيْ ضَعُفَ وَأَشْرَفَ عَلَى السُّقُوطِ وَخِيفَ سُقُوطُ الَّذِي عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَنْزِلِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا الْعُلْوُ وَلِلْآخَرِ السُّفْلُ فَيَنْكَسِرُ سَقْفُ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ، فَعَلَى صَاحِبِهِ إصْلَاحُهُ، وَكَذَا لَوْ انْهَدَمَ جِدَارُ الْأَسْفَلِ فَعَلَيْهِ بِنَاؤُهُ وَتَسْقِيفُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ فِيهَا. وَدَلِيلُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 304 وَعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ وَالسَّقْفُ وَكَنْسُ مِرْحَاضٍ   [منح الجليل] صِحَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] فَلَمَّا أَضَافَ السَّقْفَ لِلْبَيْتِ وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ بِالسَّقْفِ لِحَاجِبِ الْبَيْتِ الْأَسْفَلِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ مَعَ صَاحِب الْأَعْلَى فَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ وَأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَهُ فَيَلْزَمُهُ بِنَاؤُهُ إنْ نَفَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ لِصَاحِبِهِ لِيُوجِبَ عَلَيْهِ بُنْيَانَهُ. (فَرْعٌ) إذَا كَانَ سَبَبُ انْهِدَامِ السُّفْلِ وَهَاءَ الْعُلْوِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ السُّفْلِ حَاضِرًا عَالِمًا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْعُلْوِ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ غَائِبًا، فَإِنْ كَانَ وَهَاءُ الْعُلْوِ مِمَّا لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ، فَهَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَإِنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ وَلَمْ يُصْلِحْ ضَمِنَ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ سَبَبُ انْهِدَامِ الْعُلْوِ وَهَاءَ السُّفْلِ اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ ذِي السُّفْلِ (التَّعْلِيقُ) لِلْأَعْلَى أَيْ حَمْلُهُ عَلَى خَشَبٍ وَنَحْوَهُ حَتَّى يَبْنِيَ (وَ) عَلَيْهِ (السَّقْفُ) السَّاتِرُ لِسُفْلِهِ، إذْ لَا يُسَمَّى السُّفْلُ بَيْتًا إلَّا بِهِ. (تَتْمِيمٌ) سَمِعَ أَشْهَبُ بَابُ الدَّارِ عَلَى رَبِّ السُّفْلِ (وَ) عَلَيْهِ (كَنْسُ) فَضَلَاتِ (مِرْحَاضٍ) سَقَطَتْ فِيهِ مِنْ ذِي الْأَعْلَى وَذِي الْأَسْفَلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِأَنَّهُ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ كَالسَّقْفِ. وَقِيلَ عَلَيْهِمَا مَعًا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ رَقَبَةٌ لِلْأَعْلَى أَمْ لَا. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَخَذَ بَعْضُ مُتَوَلِّي الْحُكْمِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا بِالْأَوَّلِ إنْ كَانَ فِي الدَّارِ رَقَبَةٌ وَبِالثَّانِي إنْ كَانَ فِي الْفِنَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ كَنْسِ مِرْحَاضٍ بِالسُّفْلِ يُلْقِي فِيهِ رَبُّ الْعُلْوِ فَضْلَتَهُ عَلَى رَبِّ السُّفْلِ أَوْ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ الْجَمَاجِمِ نَقْلًا ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ بَاعَ شَاةً مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ عَنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ لِأَشْهَبَ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ وَعَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي كَنْسِ كَنِيفِ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ. أَشْهَبُ عَلَى رَبِّهَا، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَسَمِعَ أَبُو زَيْدِ بْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُكْتَرِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَصْبَغَ وَابْنِ وَهْبٍ وَفِيهَا دَلِيلُ الْقَوْلَيْنِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 305 لَا سُلَّمٌ وَبِعَدَمِ زِيَادَةِ الْعُلْوِ، وَإِلَّا الْخَفِيفَ وَبِالسَّقْفِ لِلْأَسْفَلِ وَبِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ   [منح الجليل] قُلْت وَزَادَ الشَّيْخُ وَقَالَ لَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَتْ رَقَبَةُ الْبِئْرِ لِرَبِّ أَسْفَلَ فَالْكَنْسُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لِرَبِّ الْعُلْوِ رَقَبَةٌ فَرَقَبَةُ الْبِئْرِ مِلْكٌ فَالْكَنْسُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْجَمَاجِمِ. الشَّيْخُ خَرَّجَ عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ لِرَبِّ الْعُلْوِ مِلْكٌ فِي الْبِئْرِ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ وَابْنُ وَهْبٍ لَا يَسْأَلُهُ عَنْ الرَّقَبَةِ الْكَنْسَ عَلَى كُلِّ مَنْ انْتَفَعَ وَأَخَذَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا مِمَّنْ وَلِيَ الْحُكْمَ فَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ إنْ كَانَتْ مَحْفُورَةً فِي الْفِنَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مَحْفُورَةً فِي الدَّارِ فَالْكَنْسُ عَلَى مَنْ مَلَكَ رَقَبَةَ الْبِئْرِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ وَالْقَوْلُ فِي مِرْحَاضٍ بَيْنَ دَارَيْنِ كَالْقَوْلِ فِي الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ فِيمَنْ لَهُ رَقَبَةُ الْبِئْرِ أَوْ لَيْسَتْ لَهُ. (لَا) يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْأَسْفَلِ (سُلَّمٌ) بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدًا يَرْقَى عَلَيْهِ رَبُّ الْأَعْلَى فَهُوَ عَلَى رَبِّ الْأَعْلَى لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِعُ بِهِ، وَكَذَا الْبَلَاطُ عَلَى السَّقْفِ. وَشَمِلَ كَلَامَهُ عَلْوَانَ عَلَى سُفْلٍ فَلَيْسَ عَلَى ذِي السُّفْلِ شَيْءٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْوَسَطِ سُلَّمٌ لِلْأَعْلَى مِنْهُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ سُلَّمٌ مِنْ الْأَسْفَلِ إلَى مَحِلِّهِ الْوَسَطِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّوْضِيحُ لِتَوَقُّفِ انْتِفَاعِهِ بِالْوَسَطِ عَلَيْهِ وَإِنْ انْتَفَعَ بِهِ الْأَعْلَى أَيْضًا وَعَلَى ذِي الْأَعْلَى سُلَّمٌ مِنْ الْوَسَطِ إلَى أَعْلَاهُ. (وَ) قُضِيَ عَلَى ذِي عُلْوٍ (بِعَدَمِ زِيَادَةِ) بِنَاءِ (الْعُلْوِ) الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تَضُرُّ السُّفْلَ (إلَّا) الشَّيْءَ (الْخَفِيفَ) الَّذِي لَا يَضُرُّ السُّفْلَ حَالًا وَمَآلًا (وَ) قُضِيَ (بِالسَّقْفِ) الْحَامِلِ لِلْأَعْلَى الْمُتَنَازَعِ فِي أَخْذِ نَقْضِهِ بَعْدَ هَدْمِهِ (لِ) رَبِّ (الْأَسْفَلِ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَسْفَلَ لَا يُسَمَّى بَيْتًا إلَّا بِهِ، وَلِلْقَضَاءِ عَلَى ذِي الْأَسْفَلِ بِوَضْعِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ (و) قُضِيَ (بِالدَّابَّةِ) الْمُتَنَازَعِ فِي مِلْكِهَا رَاكِبُهَا وَالْقَائِدُ لَهَا بِزِمَامِهَا أَوْ السَّائِقُ لَهَا (لِلرَّاكِبِ) عَلَيْهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَأَوْلَى بَيِّنَةٍ، فَإِنْ تَنَازَعَ فِيهَا رَاكِبَانِ عَلَى ظَهْرِهَا قُضِيَ بِهَا لِلْمُقَدَّمِ، فَإِنْ رَكِبَاهَا بِجَنْبَيْهَا قُضِيَ بِهَا لَهُمَا، فَإِنْ سَاقَاهَا تَابِعَيْنِ لَهَا أَوْ سَاقَهَا أَحَدُهُمَا وَقَادَهَا الْآخَرُ فَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ رَكِبَهَا وَاحِدٌ عَلَى ظَهْرِهَا وَاثْنَانِ عَلَى جَنْبَيْهَا قُضِيَ بِهَا لِمَنْ عَلَى ظَهْرِهَا إلَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 306 لَا مُتَعَلِّقٍ بِلِجَامٍ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ رَحًى إذْ أَبَيَا، فَالْغَلَّةُ لَهُمْ، وَيَسْتَوْفِي مِنْهَا: مَا أَنْفَقَ   [منح الجليل] لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَأَوْلَى بَيِّنَةٍ (لَا) يُقْضَى بِالدَّابَّةِ لِشَخْصٍ (مُتَعَلِّقٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (بِلِجَامٍ) لِلدَّابَّةِ الْمُتَنَازَعِ فِي مِلْكِهَا إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَأَوْلَى بَيِّنَةٍ. (وَإِنْ) اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي رَحًى وَخَرِبَتْ فَ (أَقَامَ) أَيْ أَصْلَحَ (أَحَدُهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ (رَحًى) مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ (إذْ) بِسُكُونِ الذَّالِ أَيْ حِينَ (أَبَيَا) أَيْ امْتَنَعَ شَرِيكَاهُ فِيهَا مِنْ إصْلَاحِهَا مَعَهُ (فَالْغَلَّةُ) لِلرَّحَى بَعْدَ إصْلَاحِهَا (لَهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ بِحَسَبِ أَنْصِبَائِهِمْ فِيهَا (وَيَسْتَوْفِي) مُقِيمُهَا (مِنْهَا) أَيْ الْغَلَّةِ (مَا) أَيْ الْمَالَ الَّذِي (أَنْفَقَ) هـ مُقِيمُهَا فِي إقَامَتِهَا أَوَّلًا، ثُمَّ تُقْسَمُ غَلَّتُهَا بَيْنَهُمْ. الْحَطّ هَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَإِذَا انْهَدَمَتْ الرَّحَى الْمُشْتَرَكَةُ فَأَقَامَهَا أَحَدُهُمْ إذْ أَبَى الْبَاقِي فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِمُقِيمِهَا، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ نَصِيبِهِمْ خَرَابًا، وَعَنْهُ أَيْضًا يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْغَلَّةِ بِمَا زَادَ بِعِمَارَتِهِ؛ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا عَشَرَةً وَبَعْدَ عِمَارَتِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَهُ ثُلُثُ غَلَّتِهَا بِعِمَارَتِهِ وَبَاقِيهَا بَيْنَهُمْ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ يَدْفَعُ لَهُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ قِيمَتِهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَقِيلَ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ وَيَسْتَوْفِي مِنْهَا مَا أَنْفَقَ اهـ. وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ فَتَحَصَّلَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُحَاصِصُ بِالنَّفَقَةِ فِي الْغَلَّةِ انْهَدَمَتْ الرَّحَى أَوْ انْخَرَقَ سَدُّهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِهَا فِيهَا فِي الْوَجْهَيْنِ. وَالثَّالِثُ: الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا وَكُلُّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَعَلَى أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِهَا فِيهَا فِي الْغَلَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: كُلُّهَا لِلْعَامِلِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ شَرِيكُهُ الدُّخُولَ مَعَهُ، وَيَأْتِيهِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ مِنْ الرَّحَى فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ بِئْرٍ غَارَ مَاؤُهَا أَوْ انْهَدَمَتْ نَاحِيَةٌ مِنْهَا فَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَمَلَ وَأَبَى صَاحِبُهُ فَقِيلَ لِمَنْ أَبَى اعْمَلْ مَعَهُ أَوْ بِعْ مِمَّنْ يَعْمَلُ فَأَبَى وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَمَلِ وَحْدَهُ فَالْمَاءُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ حَتَّى يَدْفَعَ لَهُ نَصِيبَهُ مِنْ النَّفَقَةِ فَكَذَلِكَ الرَّحَى، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُ قَوْلِهِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لَحَظِّ شَرِيكِهِ مِنْ الرَّحَى أَنَّهَا لَا كِرَاءَ لَهَا مَا دَامَتْ مَهْدُومَةً، وَإِنَّمَا صَارَ لَهَا الْكِرَاءُ بِإِصْلَاحِهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 307 وَبِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ   [منح الجليل] وَالثَّانِي: أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الرَّحَى وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا تُكْرَى لِمَنْ يُعَمِّرُهَا وَقَدْ عَمَّرَهَا الْعَامِلُ وَانْتَفَعَ بِهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ كِرَائِهَا، وَهُوَ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ قَوْلِ عِيسَى وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ كِرَاءِ نَصِيبِ الْآبِي. وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمَا وَلِغَيْرِ الْعَامِلِ يُقَدَّرُ حَظُّهُ مِنْ الرَّحَى خَرِبَةً وَلِلْعَامِلِ بِقَدْرِ حَظِّهِ مِنْهَا أَيْضًا وَيُقَدَّرُ عَمَلُهُ إلَى أَنْ يُرِيدَ شَرِيكُهُ الدُّخُولَ مَعَهُ وَيَأْتِيهِ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيمَا عَمِلَ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ بَعْدَهُ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ فَهِمَ هَذَا التَّحْصِيلَ إجْمَالُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. الْحَطّ وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ نَاقِلًا عَنْ أَنَّ عَبْدَ السَّلَامِ أَثَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَبِالثَّانِي قَالَ ابْنُ دِينَارٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالثَّالِثُ أَقْوَاهَا عِنْدِي. وَفِي الثَّانِي إلْزَامُهُمْ الشِّرَاءَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ أَوْ انْفِرَادُهُ بِأَكْثَرَ الْغَلَّةِ عَنْهُمْ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ لِاسْتِلْزَامِهِ حَجْرُ مِلْكِهِمْ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ إلَّا أُجْرَةَ الْخَرَابِ. فَإِنْ قِيلَ الثَّالِثُ ضَعِيفٌ أَيْضًا لِأَنَّ مُتَوَلِّي النَّفَقَةَ أَخْرَجَ مِنْ يَدِهِ مَا أَنْفَقَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَيَأْخُذُهُ مِنْ الْغَلَّةِ مُقَطَّعًا، قِيلَ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ اخْتِيَارًا، وَلَوْ شَاءَ لَرَفَعَهُمْ إلَى الْقَاضِي فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِمَا قَالَهُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ إمَّا أَنْ يُسَلِّمُوا أَوْ يَبِيعُوا مِمَّنْ يُصَلَّحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) قَضَى عَلَى جَارٍ (بِالْإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ) دَارِهِ (لِإِصْلَاحِ جِدَارٍ وَنَحْوَهُ) أَيْ الْجِدَارِ كَخَشَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ الْإِصْلَاحِ كَإِخْرَاجِ ثَوْبِهِ الْوَاقِعِ فِي الدَّارِ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لَهُ، لَكِنْ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْجَارِ، بَلْ كُلُّ مَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ فِي دَارِ غَيْرِهِ حُكْمُهُ كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَلَوْ قَلَعَ الرِّيحُ ثَوْبَ رَجُلٍ فَأَلْقَتْهُ فِي دَارِ آخَرَ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ دُخُولِهَا لِأَخْذِهِ إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لَهُ اهـ. الْبِسَاطِيُّ مِثْلُهُ دُخُولُ دَابَّةٍ فِي دَارِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ إخْرَاجَهَا مِنْهَا إلَّا مَالِكُهَا. الْحَطّ وَهُوَ وَاضِحٌ، فَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْإِصْلَاحِ أَحْسَنُ لِشُمُولِهِ مَا ذَكَرَ أَيْضًا وَتَفَقُّدُ الْجِدَارِ مِنْ بَيْتِ الْجَارِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 308 وَبِقِسْمَتِهِ، إنْ طُلِبَتْ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوَرِ لِمَنْ لَهُ حَائِطٌ بِدَارِ رَجُلٍ بِالدُّخُولِ إلَيْهِ لِافْتِقَادِهِ كَمَنْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي دَارِ رَجُلٍ. ابْنُ فَتُّوحٍ مَنْ ذَهَبَ إلَى طَرِّ حَائِطٍ مِنْ نَاحِيَةِ جَارِ دَارِهِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَاجُ إلَى الطَّرِّ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلِجَارِهِ مَنْعُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا كَالْمُخَالِفِ لِقَوْلِ الْمُشَاوِرِ لَهُ الدُّخُولُ لِافْتِقَادِهِ. الْحَطّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَتُّوحٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْمُشَاوِرِ لِأَنَّهُ فِي الْجِدَارِ الَّذِي فِي دَارِ الرَّجُلِ وَلَا يُمْكِنُهُ النَّظَرُ إلَيْهِ إلَّا مِنْ دَارِ جَارِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَشْبِيهُهُ بِالشَّجَرَةِ وَكَلَامُ ابْنِ فَتُّوحٍ فِي الْجِدَارِ الْمُجَاوِرِ، وَهَذَا يُمْكِنُهُ نَظَرُهُ مِنْ دَارِ نَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ فِي جَوَابِهِ حَبِيبًا مَنْ أَرَادَ أَنْ يُطِرَّ حَائِطَهُ مِنْ دَارِ جَارِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ دُخُولِهَا لِطَرِّهِ. ابْنُ حَارِثٍ لَيْسَ لَهُ الطَّرُّ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي هَوَاءِ جَارِهِ إلَّا أَنْ يَنْحِتَ مِنْ حَائِطٍ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّرُّ. اهـ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَطُرَّ دَاخِلَ دَارِهِ وَلِجَارِهِ حَائِطٌ فِيهَا فَيَمْنَعُهُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا لَهُ وَلَا يَضُرُّ جَارَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ الدُّخُولَ لِطَرِّ جِدَارِهِ، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ إدْخَالِ الْجَصِّ وَالطِّينِ وَيَفْتَحُ فِي حَائِطِهِ كُوَّةً لِأَخْذِ ذَلِكَ. ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فَإِنْ أَرَادَ طَرَّ حَائِطِهِ فَذَهَبَ جَارُهُ إلَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ الْبِنَاءِ وَالْأُجَرَاءِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ بِأَنْفُسِهِمْ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ صِفْ لَهُمْ مَا تُرِيدُ وَأَمَّا أَنْتَ فَلَا تَدْخُلْ دَارِهِ لِكَرَاهَةِ جَارِك دُخُولَك فِيهَا، فَإِنْ مَنَعَ إدْخَالَ الطِّينِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْبَابِ أُمِرَ صَاحِبُ الْحَائِطِ بِفَتْحِ مَوْضِعٍ فِي حَائِطِهِ لِيُدْخِلَ مِنْهُ الطِّينَ وَالطُّوبَ وَالصَّخْرَ وَسَائِرَ مَا يَحْتَاجُ الْحَائِطُ إلَيْهِ وَيَعْجِنُ الطِّينَ فِي دَارِهِ وَيُدْخِلُهُ إلَى دَارِ جَارِهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فَتَحَهُ، فَإِذَا أَتَمَّ الْعَمَلَ بَنَى ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَحَصَّنَهُ. (وَ) إذَا كَانَ حَائِطٌ مُشْتَرَكًا وَطَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَتَهُ قُضِيَ (بِقِسْمَتِهِ) أَيْ الْحَائِطِ (إنْ طُلِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قِسْمَتُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ قِيلَ لَهُ إنْ كَانَ لِكُلٍّ جُذُوعٌ عَلَيْهِ، قَالَ إنْ كَانَ جُذُوعُ هَذَا مِنْ هُنَا وَهَذَا مِنْ هُنَا فَلَا تُسْتَطَاعُ قِسْمَتُهُ وَيَتَقَاوَيَانِهِ كَمَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ، وَصِفَةُ قَسْمِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 309 لَا بِطُولِهِ عَرْضًا   [منح الجليل] يُقْسَمَ (طُولًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ امْتِدَادِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ لِجِهَةِ الْمَغْرِبِ أَوْ جِهَةِ الْجَنُوبِ إلَى جِهَةِ الشِّمَالِ لَا بِاعْتِبَارِ ارْتِفَاعِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى جِهَةِ السَّمَاءِ، فَإِذَا كَانَ طُولُهُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ ذِرَاعٌ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً بِعَرْضِهَا بِالْقُرْعَةِ. و (لَا) يَصِحُّ قِسْمَةٌ (بِطُولِهِ) أَيْ امْتِدَادِ الْحَائِطِ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ وَمِنْ جِهَةِ الشَّمَالِ إلَى جِهَةِ الْجَنُوبِ (عَرْضًا) أَيْ بِاعْتِبَارِ عَرْضِهِ بِأَنْ يَصِيرَ نِصْفُ عَرْضِهِ مِنْ أَوَّلِهِ لِآخِرِهِ لِأَحَدِهِمَا وَنِصْفُ الْآخَرِ لِلْآخَرِ بِالْقُرْعَةِ لِاحْتِمَالِ إخْرَاجِهَا قَسْمَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي جِهَةٍ لِآخَرَ، فَيَتَعَذَّرُ الِانْتِفَاعُ بِمَا تُخْرِجُهُ لَهُ الْقُرْعَةُ " غ " أَيْ وَلَا بِقِسْمَةِ طُولِهِ عَرْضًا، فَإِذَا كَانَ الْجِدَارُ جَارِيًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ مَثَلًا عَلَى صُورَةِ سُورٍ لَهُ شُرُفَاتٌ وَمَمْشًى، فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمَا بِقَسْمِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا جِهَةَ الشُّرَّافَاتِ وَالْآخَرُ جِهَةَ الْمَمْشَى، وَلَكِنْ يُقْسَمُ عَلَى أَخْذِ أَحَدِهِمَا الْجِهَةَ الشَّرْقِيَّةَ بِشُرُفَاتِهَا وَمَمْشَاهَا وَالْآخَرِ الْجِهَةَ الْغَرْبِيَّةَ كَذَلِكَ، فَلَفْظُ عَرْضًا عَلَى هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِالْمُضَافِ الْمُقَدَّرِ أَيْ قِسْمَةٍ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِلَفْظِ قِسْمَةِ الظَّاهِرِ. وَفِي نُسْخَةٍ بِقِسْمَتِهِ إنْ طُلِبَتْ عَرْضًا لَا بِطُولِهِ وَيَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِلْأَوَّلِ وَهُوَ يُحَرَّمُ عَلَى إثْبَاتِ الصِّفَةِ الَّتِي قَالَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَحَكَاهَا ابْنُ الْعَطَّارِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَفْيُ الصِّفَةِ الَّتِي تَأَوَّلَهَا أَبُو إبْرَاهِيمَ الْفَاسِيُّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَحَكَاهَا ابْنُ الْعَطَّارِ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَيَتِمُّ هَذَا بِالْوُقُوفِ عَلَى نُصُوصِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُقْسَمُ الْجِدَارُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ. أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي بِالْقُرْعَةِ. وَأَمَّا بِالتَّرَاضِي فَيَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ وَيَأْتِي الِاعْتِرَاضُ الَّذِي فِي قَسْمِ السَّاحَةِ بَعْدَ قَسْمِ الْبُيُوتِ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْجِهَةُ الَّتِي تَلِي الْآخَرَ إلَّا أَنْ يَقْتَسِمَا عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ جِهَةُ الْآخَرِ يَكُونُ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ الْحَمْلُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ صِفَةُ الْقَسْمِ فِيهِ إذَا كَانَ جَارِيًا مِنْ الْمَشْرِقِ إلَى الْمَغْرِبِ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَالْآخَرُ مِمَّا يَلِي الْجَوْفَ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِقِسْمَةٍ لِأَنَّ كُلَّ مَا يَضَعُهُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا مِنْ خَشَبٍ وَبِنَاءٍ فَثَقْلُهُ وَمَضَرَّتُهُ عَلَى جَمِيعِ الْحَائِطِ، وَلَا يَخْتَصُّ النَّوْلُ وَالضَّرَرُ بِمَا يَلِيهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَقْسِمَا الْأَعْلَى مِثْلَ كَوْنِ عَرْضِهِ شِبْرَيْنِ فَيَبْنِي كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى أَعْلَاهُ يَسِيرًا مِمَّا يَلِيهِ لِنَفْسِهِ، وَيَكُونُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 310 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هَذَا انْضِمَامًا لِلْأَعْلَى وَجُمْلَةُ الْحَائِطِ عَلَى الشَّرِكَةِ الْأُولَى، فَإِذَا انْهَدَمَ اقْتَسَمَا أَرْضَهُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهُ مِمَّا يَلِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَصِفَةُ قَسْمِهِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ أَنْ يُقْسَمَ طُولًا لَا عَرْضًا. وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قِسْمَتُهُ عَرْضًا لِقَوْلِهِ وَكَانَ يَنْقَسِمُ، قَالَ وَأَمَّا طُولًا فَيَنْقَسِمُ وَإِنْ قَلَّ، وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ سُنَّةُ قَسْمِ الْحَائِطِ أَنْ يُقْسَمَ بِخَيْطٍ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ فَيَقَعُ جَمِيعُ الشَّطْرِ لِوَاحِدٍ، وَجَمِيعُ الشَّطْرِ الْآخَرِ لِوَاحِدٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يُتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ عَرْضِهِ عَلَى طُولِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَعِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَرْضًا بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ مِمَّا يَلِيهِ، فَإِنْ كَانَ عَرْضُهُ شِبْرَيْنِ أَخَذَ هَذَا شِبْرًا مِمَّا يَلِي دَارِهِ، وَهَذَا شِبْرًا مِمَّا يَلِي دَارِهِ وَلَا تَصْلُحُ الْقُرْعَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِسْمَةِ. ابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَالْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُمَدُّ الْحَبْلُ بَيْنَهُمَا فِيهِ طُولًا ارْتِفَاعًا مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ، وَيُرْسَمُ مَوْقِفُ نِصْفِ الْحَبْلِ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَانِبُ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ قُرْعَتُهُ. زَادَ ابْنُ فَتُّوحٍ إلَى نَاحِيَةٍ بِعَيْنِهَا وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ فِيهِ إلَّا هَكَذَا. اهـ. وَإِذَا طُوِيَ الْحَبْلُ الْمَذْكُورُ حَقَّقَ نِصْفَهُ. وَإِذَا عَرَفْت أَنَّ الطُّولَ وَالْعَرْضَ يُعْقَلَانِ نِسْبَةً وَإِضَافَةً أَمْكَنَك الْجَمْعَ بَيْنَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ رَاجِعٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ الْعَطَّارِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَنَّ تَأْوِيلَ أَبِي إبْرَاهِيمَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ رَاجِعٌ لِمَا حَكَاهُ ابْنُ الْعَطَّارِ عَنْ عِيسَى وَهُوَ الَّذِي نَفَاهُ الْمُصَنِّفُ. (تَكْمِيلٌ) فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَلَا يُقْسَمُ وَيَتَقَاوَيَاهُ. اللَّخْمِيُّ لَيْسَ هَذَا بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ الْقَسْمَ كَمَا لَا يَمْنَعُ قَسْمَ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ وَحَمْلَ الْعُلْوِ عَلَى السُّفْلِ وَأَرَى أَنْ يُقْسَمَ طَائِفَتَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ لَهُ طَائِفَةٌ كَانَتْ لَهُ وَلِلْآخَرِ الْحَمْلُ عَلَيْهَا، فَإِذَا جَازَتْ الْمُقَاوَاةُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ بِالْأَوْلَى. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتَقَاوَيَاهُ كَمَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ عَرْضٍ وَحَيَوَانٍ أَنَّهُ لَا حَمْلَ فِيهِ عَلَى مَنْ صَارَ لَهُ. اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 311 وَبِإِعَادَةِ السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ، إنْ هَدَمَهُ ضَرَرًا، لَا لِإِصْلَاحٍ أَوْ هَدْمٍ   [منح الجليل] كَلَامُ " غ ". الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ " غ " فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَافٍ فِي بَيَانِهَا. (وَ) إنْ هَدَمَ شَخْصٌ حَائِطَهُ السَّاتِرَ لِجَارِهِ قُضِيَ عَلَيْهِ (بِإِعَادَةِ) جِدَارِهِ (السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ) عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ (إنْ هَدَمَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْجِدَارَ السَّاتِرَ لِجَارِهِ (ضَرَرًا) أَيْ لِقَصْدِ ضَرَرِ جَارِهِ بِانْكِشَافِهِ (لَا) يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ إنْ هَدَمَهُ (لِإِصْلَاحٍ) أَيْ لِمَصْلَحَةٍ، كَخَوْفِ سُقُوطِهِ أَوْ لِيُعِيدَهُ أَوْثَقَ أَوْ لِإِخْرَاجِ مَا تَحْتَهُ (أَوْ) أَيٍّ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِعَادَتِهِ لِ (هَدْمٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ انْهِدَامٍ لِلْجِدَارِ بِلَا فِعْلِ مَخْلُوقٍ. الْحَطّ فُرُوعٌ أَوَّلُ: فِي الْمَسَائِلِ، الْمَلْقُوطَةِ إذَا كَانَ حَائِطٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَانْهَدَمَ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إعَادَتَهُ مَعَ صَاحِبِهِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، فَعَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " رِوَايَتَانِ فِيهِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْآبِي مِنْهُمَا عَلَى الْإِعَادَةِ، وَيُقَالُ لِطَالِبِهَا اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك وَابْنِ إنْ شِئْت، وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ مَعَهُ عَرْضَ الْجِدَارِ وَيَبْنِي لِنَفْسِهِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى إنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ مَعَ شَرِيكِهِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا اهـ. الثَّانِي فِي عُمْدَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ حَائِطًا بَيْنَ دَارَيْنِ وَلَا بَيِّنَةَ حُكِمَ بِهِ لِمَنْ إلَيْهِ وُجُوهُ الْآخَرِ وَاللَّبِنُ وَالطَّاقَاتُ وَمَعَاقِدُ الْقُمُطِ، فَإِنْ لَمْ تَدُلَّ إمَارَةٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ فَتْحِ بَابٍ أَوْ كُوَّةٍ وَنَحْوِهَا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ سُتْرَةً بَيْنَهُمَا فَانْهَدَمَ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إصْلَاحَهُ وَأَبَاهُ الْآخَرُ فَهَلْ يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ، وَعَلَى عَدَمِ جَبْرِهِ تُقْسَمُ الْعَرْصَةُ لِيَبْنِيَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَلَوْ هَدَمَهُ أَحَدُهُمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْبِئْرِ الْمُشْتَرَكَةِ تَنْهَارُ اهـ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَيْءٍ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ دُونَ إذْنِ شَرِيكِهِ لِمَلْزُومِيَّتِهِ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. إلَّا خِوَانٌ لَيْسَ لِأَحَدِ مَالِكَيْ جِدَارٍ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ حَمْلِ مِثْلِهِ عَلَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْنَعُ صَاحِبَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ كَحَمْلِ سَقْفِ بَيْتٍ أَوْ غَرْزِ خَشَبَةٍ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 312 وَبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ   [منح الجليل] وَ) قُضِيَ (بِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ) عَامٍّ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ أَضَرَّ الْمَارِّينَ اتِّفَاقًا، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ) الْبِنَاءُ الْمَارِّينَ لِاتِّسَاعِ الطَّرِيقِ جِدًّا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ هَدْمِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ. وَأَمَّا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ. فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ زُونَانَ سَأَلَتْهُ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَيَّدُ فِي دَارِهِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ذِرَاعًا أَوْ ذِرَاعَيْنِ فَيَبْنِي بِهِ جِدَارًا وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُهُ بَيْتًا فَيَقُومُ عَلَيْهِ جَارُهُ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُهُ مِنْ جَانِبِ الطَّرِيقِ الْآخَرِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ مَا تَزَيَّدَ وَرَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ، وَأَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ مَا تَزَيَّدَ مِنْ الطَّرِيقِ وَزَعَمَ أَنَّ سَعَةَ الطَّرِيقِ كَانَ رِفْقًا بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِنَاءً لَهُ وَمَرْبِطًا لِدَابَّتِهِ وَفِي بَقِيَّةِ الطَّرِيقِ مَمَرٌّ لِلنَّاسِ، وَكَانَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ سَعَةِ الطَّرِيقِ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ أَوْ تِسْعَةٌ فَهَلْ لِذَلِكَ الْقَائِمِ إلَى هَدْمِ بُنْيَانِ جَارِهِ سَبِيلٌ؟ أَوْ رَفَعَ ذَلِكَ بَعْضُ مَنْ كَانَ يَسْلُكُ تِلْكَ الطَّرِيقَ وَفِي بَقِيَّةِ سَعَتِهِ مَا قَدْ أَعْلَمْتُكَ؟ فَقَالَ يُهْدَمُ مَا بُنِيَ كَانَ فِي سَعَةِ الطَّرِيقِ ثَمَانِيَةُ أَذْرُعٍ أَوْ تِسْعَةٌ، إذْ لَا يَنْبَغِي التَّزَيُّدُ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي ذَلِكَ إلَى النَّاسِ وَيَسْتَنْهِي إلَيْهِمْ أَنْ لَا يُحْدِثَ أَحَدٌ بُنْيَانًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ. وَذَكَرَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ الْحَكَمِ الْحِذَامِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ حَدَّادًا ابْتَنَى كِيرًا فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَرَآهُ فَقَالَ لَقَدْ اسْتَنْقَصْتُمْ السُّوقَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَهَدَمَهُ. أَشْهَبُ يَأْمُرُ السُّلْطَانُ بِهَدْمِهِ رَفَعَ إلَيْهِ ذَلِكَ مَنْ يَسْلُكُهُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ جِيرَانِهِ، إذْ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ التَّزَيُّدُ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الطَّرِيقِ سَعَةٌ وَلَمْ يَكُنْ مُضِرًّا لَهُ مَا تَزَيَّدَ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى النَّاسِ فِي ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَزَيَّدَ أَحَدٌ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ رُشْدٍ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْتَطِعَ أَحَدٌ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَيَزِيدُهُ فِي دَارِهِ وَيُدْخِلُهُ فِي بُنْيَانِهِ، وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا جِدًّا لَا يَضُرُّهُ مَا اقْتَطَعَ مِنْهُ، وَاخْتَلَفُوا إنْ تَزَيَّدَ فِي دَارِهِ مِنْ الطَّرِيقِ الْوَاسِعَةِ مَا لَا يَضُرُّ بِهَا وَلَا يُضَيِّقُهَا عَلَى الْمَارَّةِ فِيهَا فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ يُهْدَمُ عَلَيْهِ مَا تَزَيَّدَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَتُعَادُ إلَى حَالِهَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 313 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْأَبْرِحَةِ يَبْنِيهَا الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ مُلْصَقَةً بِجِدَارِهِ اخْتِيَارًا. ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى ظَاهِرِ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْكِيرِ الَّذِي اُبْتُنِيَ بِالسُّوقِ فَأَمَرَ بِهِ فَهُدِمَ، وَوَجْهُ هَذَا قَوْلُ أَنَّ الطَّرِيقَ حَقٌّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ كَالْحَبْسِ، فَوَجَبَ أَنْ يُهْدَمَ عَلَى الرَّجُلِ مَا تَزَيَّدَهُ فِي دَارِهِ مِنْهَا كَمَا يُهْدَمُ عَلَيْهِ بِمَا تَزَيَّدَ مِنْ أَرْضٍ مُحْبَسَةٍ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ مِلْكٍ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ. وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُهْدَمُ عَلَيْهِ مَا تَزَيَّدَ مِنْ الطَّرِيقِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِهَا لِسَعَتِهَا لِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ فِيهِ، إذْ هُوَ فِنَاؤُهُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَكِرَاؤُهُ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَضَى بِالْأَفْنِيَةِ لِأَرْبَابِ الدُّورِ وَأَفْنِيَتُهَا مَا أَحَاطَ بِهَا مِنْ جَمِيعِ نَوَاحِيهَا، فَلَمَّا كَانَ مُخْتَصًّا بِالِانْتِفَاعِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا إلَّا إذَا اسْتَغْنَى هُوَ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ لَا يُهْدَمَ عَلَيْهِ بُنْيَانُهُ فَيَذْهَبُ مَالُهُ هَدَرًا، وَهُوَ أَعْظَمُ النَّاسِ حَقًّا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، بَلْ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، فَكَيْفَ إذَا لَمْ يُصَلْ إلَى أَخْذِهِ مِنْهُ مَعَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ إلَّا بِهَدْمِ بُنْيَانِهِ وَتَلَفِ مَالِهِ، وَهَذَا بَيِّنٌ لَا سِيَّمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً. فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ سَمْعَانَ عَمَّنْ أَدْرَكَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالُوا فِي الطَّرِيقِ أَرَادَ أَهْلُهَا بُنْيَانَ عَرْصَتِهَا أَنَّ الْأَقْرَبِينَ إلَيْهَا يَقْتَطِعُونَهَا عَلَى قَدْرِ مَا شُرِعَ فِيهَا مِنْ رُبَاعِهِمْ بِالْحِصَصِ، فَيُعْطَى صَاحِبُ الرُّبْعِ الْوَاسِعِ بِقَدْرِهِ، وَصَاحِبُ الصَّغِيرِ بِقَدْرِهِ، وَيَتْرُكُونَ لِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ثَمَانِيَةَ أَذْرُعٍ احْتِيَاطًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى زِيَادَةِ الذِّرَاعِ وَنُقْصَانِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَظْهَرُ، وَالْقَائِلُونَ بِهِ أَكْثَرُ، وَكُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَقَدْ نَزَلَتْ بِقُرْطُبَةَ قَدِيمًا فَأَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ وَأَبُو صَالِحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ وَلِيدٍ بِأَنَّهُ لَا يُهْدَمُ مَا تَزَيَّدَهُ مِنْ الطَّرِيقِ إذْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا، وَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَسَعِيدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مُطَيَّرٍ بِهَدْمِ مَا تَزَيَّدَ مِنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. وَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يُهْدَمُ مَا تَزَيَّدَ مِنْ الطَّرِيقِ إذَا كَانَ لَا يُضَرُّ بِهِ، أَفْتَى بِهِ أَيْضًا فِي نَوَازِلِهِ، وَرَجَّحَهُ فِي سُؤَالٍ كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ عِيَاضٌ عَمَّنْ بَنَى حَائِطًا فِي بَطْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 314 وَبِجُلُوسِ بَاعَةٍ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ لِلْبَيْعِ إنْ خَفَّ   [منح الجليل] وَادٍ وَقَدْ كَانَ حَائِطٌ دُونَ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ إنْ كَانَ الْحَائِطُ الَّذِي بَنَاهُ يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ أَوْ بِجَارِهِ فَيُهْدَمُ وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ لَا يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ وَلَا بِجَارِهِ فَلَا يُهْدَمُ. وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ تَزَيَّدَ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِهِ مَا لَا يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ لَا يُهْدَمُ بُنْيَانُهُ، وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يُهْدَمُ عَلَيْهِ بُنْيَانُهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ لِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي أَقُولُ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لَا سِيَّمَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَبَاحَ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً. أَصْبَغُ وَسَأَلْت أَشْهَبَ عَنْ رَجُلٍ تَهَدَّمَ دَارُهُ وَلَهُ فِنَاءٌ وَاسِعٌ فَيَزِيدُ فِيهَا مِنْهُ يُدْخِلُهُ بُنْيَانَهُ ثُمَّ يُعْلَمُ ذَلِكَ فَقَالَ لَا يُعْرَضُ لَهُ إذَا كَانَ الْفِنَاءُ وَاسِعًا رَحْرَاحًا لَا يَضُرُّ الطَّرِيقَ، وَقَدْ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَأَنَا أَكْرَهُهُ وَلَا آمُرُهُ بِهِ وَلَا أَقْضِي عَلَيْهِ بِهَدْمِهِ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا رَحْرَاحًا لَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يُقَارِبُهُ الْمَشْيُ، ثُمَّ قَالَ الْحَطَّابُ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ يَحْصُلُ مِنْ هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ ابْتِدَاءً أَنْ يَقْطَعَ مِنْ الطَّرِيقِ شَيْئًا وَيُدْخِلَهُ فِي بُنْيَانِهِ وَإِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَاسِعًا جِدًّا لَا يَضُرُّهُ مَا اقْتَطَعَ مِنْهُ، فَإِنْ اقْتَطَعَ شَيْئًا مِنْهُ وَأَدْخَلَهُ فِي بُنْيَانِهِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَضُرُّ بِهَا وَيُضَيِّقُهَا عَلَى الْمَارَّةِ فَيُهْدَمُ عَلَيْهِ مَا تَزَيَّدَ مِنْهَا وَتُعَادُ لِحَالِهَا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَضُرُّ بِهَا وَلَا يُضَيِّقُهَا عَلَى الْمَارَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ، الْأَوَّلُ: يُهْدَمُ مَا تَزَيَّدَ مِنْهَا وَتُعَادُ لِحَالِهَا وَهُوَ الَّذِي شَهَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي: لَا يُهْدَمُ، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَرَجَّحَهُ فِي نَوَازِلِهِ، وَأَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِوَلَوْ لَمْ يَضُرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ لَهُ ابْتِدَاءً لَا يُنَافِي قَوْلَهُ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْخَارِجِينَ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) قُضِيَ (بِجُلُوسِ بَاعَةٍ) جَمْعِ بَائِعٍ كَحَاكَةٍ جَمْعِ حَائِكٍ وَصَاغَةٍ جَمْعِ صَائِغٍ (بِأَفْنِيَةٍ) جَمْعِ فِنَاءٍ كَأَبْنِيَةٍ جَمْعِ بِنَاءٍ، أَيْ فُسُحَاتِ (الدُّورِ) بِضَمِّ الدَّالِ جَمْعِ دَارٍ، وَصِلَةُ جُلُوسٍ (لِلْبَيْعِ) لَا لِلْحَدِيثِ أَوْ اللَّعِبِ (إنْ خَفَّ) الْجُلُوسُ لِلْبَيْعِ وَظَاهِرُهُ لِأَرْبَابِ الدُّورِ وَغَيْرِهِمْ وَقَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ، وَاَلَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَرْبَابِ الدُّورِ، وَبِهِ قَرَّرَ الْبِسَاطِيُّ وَبَعْضُ مَشَايِخِي قَالَهُ تت. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 315 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِنَاءُ الدَّارِ مَا بَيْنَ يَدَيْ بِنَائِهَا فَاضِلًا عَنْ مَمَرِّ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ غَالِبًا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوْ غَيْرِهِ، وَكَانَ بَعْضٌ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ مَا بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهَا وَإِنْ قَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ طَائِفَةً، فَمَنْ صَارَتْ لَهُ الْأَجْنِحَةُ فِي حَظِّهِ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُعَدُّ مِنْ الْفِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ فِي هَوَاءِ الْأَفْنِيَةِ وَفِنَاءُ الدَّارِ لَهُمْ أَجْمَعِينَ الِانْتِفَاعُ بِهِ. الْحَطّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي تَفْسِيرِ الْفِنَاءِ إلَّا مَا أَخَذَ عَنْ نَصِّهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ فَقَالَ الْأَفْنِيَةُ دُونَ الدُّورِ كُلِّهَا مُقْبِلِهَا وَمُدْبِرِهَا. الثَّانِي: مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَفْنِيَةُ الَّتِي فِي الطَّرِيقِ يُكْرِيهَا أَهْلُهَا أَذَلِكَ لَهُمْ وَهُوَ طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ أَمَّا كُلُّ فِنَاءٍ ضَيِّقٍ إذَا وُضِعَ فِيهِ شَيْءٌ أَضَرَّ بِالْمُسْلِمِينَ فِي طَرِيقِهِمْ فَلَا أَرَى أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ الِانْتِقَاعِ بِهِ وَأَنْ يُمْنَعُوا وَأَمَّا كُلُّ فِنَاءٍ إنْ انْتَفَعَ بِهِ أَهْلُهُ فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مُرُورِهِمْ لِسَعَتِهِ فَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّ لِأَرْبَابِ الْأَفْنِيَةِ أَنْ يَكْرُوهَا مِمَّنْ يَصْنَعُ بِهَا مَا لَا يُضَيِّقُ بِهِ الطَّرِيقَ عَلَى الْمَارَّةِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ بِهَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَكَانُوا أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُكْرُوهَا لِأَنَّ مَا كَانَ لِلرَّجُلِ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَانَ لَهُ كِرَاؤُهُ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُسَلَّمَةٌ، لِأَنَّ بَعْضَ مَا لِلرَّجُلِ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ كِرَاؤُهُ كَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ وَبَيْتٍ وَمَدْرَسَةٍ لِطَالِبٍ وَنَحْوِهِمَا. الثَّالِثُ: سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَمَّنْ لَهُ دَارَانِ بَيْنَهُمَا رَحْبَةٌ، وَأَهْلُ الطَّرِيقِ رُبَّمَا ارْتَفَقُوا بِهِ إذَا ضَاقَ الطَّرِيقُ عَنْ الْأَحْمَالِ وَمَا أَشْبَهَهَا فَدَخَلُوهُ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهِ نِجَافًا وَبَابًا حَتَّى تَكُونَ الرَّحْبَةُ فِنَاءً لَهُ. وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا بَابٌ وَلَا نِجَافٌ فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ عَلَى الرَّحْبَةِ نِجَافًا وَلَا بَابًا لِيَخْتَصَّ بِمَنْفَعَتِهَا وَيَقْطَعُ حَقَّ النَّاسِ مِنْهَا فِي الِارْتِفَاقِ بِهَا لِأَنَّ الْأَفْنِيَةَ لَا تُحْجَرُ إنَّمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 316 وَلِلسَّابِقِ   [منح الجليل] لِأَرْبَابِهَا الِانْتِفَاعُ بِهَا وَكِرَاؤُهَا فِيمَا لَا يُضَيِّقُهَا عَلَى الْمَارَّةِ فِيهَا مِنْ النَّاسِ. الرَّابِعُ: مَفْهُومُ إنْ خَفَّ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِجُلُوسِهِمْ لَمَّا كَثُرَ وَطَالَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُمْنَعُ فِيمَا خَفَّ الْبَاعَةُ وَلَا غَيْرُهُمْ. التَّوْضِيحُ اُحْتُرِزَ بِمَا خَفَّ مِمَّا يُسْتَدَامُ. خَلِيلٌ وَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْرِزُونَ الْخَشَبَ فِي الشَّوَارِعِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُمْ غُصَّابٌ لِلطَّرِيقِ، وَقَالَهُ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. الْخَامِسُ: رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ اقْتَطَعَ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَفْنِيَتِهِمْ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» وَقَضَى عُمَرُ بِالْأَفْنِيَةِ لِأَرْبَابِ الدُّورِ. ابْنُ حَبِيبٍ أَيْ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمَجَالِسِ وَالْمَرَابِطِ وَالْمَسَاطِبِ وَجُلُوسِ الْبَاعَةِ لِلْبَيْعِ الْخَفِيفِ. وَمَرَّ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِكِيرِ حَدَّادٍ فِي السُّوقِ فَأَمَرَ بِهِ فَهُدِمَ، وَقَالَ يُضَيِّقُونَ عَلَى النَّاسِ السُّوقَ اهـ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَسَاطِبِ الدِّكَكُ الَّتِي تُبْنَى إلَى جَانِبِ الْأَبْوَابِ، وَأَمَامَ الْحَوَانِيتِ. السَّادِسُ: ابْنُ رُشْدٍ أَفْنِيَةُ الدُّورِ الْمُتَّصِلَةُ بِالطَّرِيقِ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لِأَرْبَابِ الدُّورِ كَالْأَمْلَاكِ الْمَحُوزَةِ، فَإِذَا كَانَ لِقَوْمٍ فِنَاءٌ وَغَابُوا فَاتُّخِذَ مَقْبَرَةً، فَمِنْ حَقِّهِمْ أَنْ يَعُودُوا إلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا لِلرَّمْيِ فِيهَا إذَا قَدِمُوا إلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ لَهُمْ دَرْسَهَا إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً مُسَنَّمَةً لَمْ تَنْدَرِسْ وَلَمْ تَعْفُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَأَنْ يَمْشِيَ أَحَدُكُمْ عَلَى الرَّضْفِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَبْرِ أَخِيهِ» ، وَقَوْلِهِ «الْمَيِّتُ يُؤْذِيهِ فِي قَبْرِهِ مَا يُؤْذِيهِ فِي بَيْتِهِ» ، فَلَوْ كَانَتْ مِنْ الْأَمْلَاكِ الْمَحُوزَةِ وَدُفِنَ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ كَانَ مِنْ حَقِّهِمْ نَبْشُهَا وَتَحْوِيلُهُمْ إلَى مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ. (وَ) قُضِيَ بِفِنَاءِ الدُّورِ (لِلسَّابِقِ) إلَيْهِ مِنْ الْبَاعَةِ لِلْبَيْعِ الْخَفِيفِ إنْ نَازَعَهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَقَامَ مِنْهُ نَاوِيًا الْعُودَ إلَيْهِ فَسَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَيْهِ فَقِيلَ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَقْضِيَ غَرَضَهُ. وَقِيلَ هُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فَمَنْ سَبَقَ إلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ. وَفِي الشَّامِلِ وَلِلْبَاعَةِ وَغَيْرِهِمْ الْجُلُوسُ فِيمَا خَفَّ، وَالسَّابِقُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ كَمَسْجِدٍ، وَيَسْقُطُ حَقُّهُ إنْ قَامَ لَا بِنِيَّةِ عَوْدِهِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ " غ " قَوْلَيْنِ فِيمَنْ قَامَ مِنْ الْبَاعَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ نَاوِيًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 317 كَمَسْجِدٍ   [منح الجليل] الرُّجُوعَ إلَيْهِ فِي غَدٍ فَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُتِمَّ غَرَضَهُ. وَقِيلَ هُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ، فَلِمَنْ سَبَقَ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ، وَهَذَا الَّذِي اخْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ وَقَضَى لِلسَّابِقِ وَشَبَّهَ فِي الْقَضَاءِ لِلسَّابِقِ فَقَالَ (كَمَسْجِدٍ) فَيُقْضَى بِهِ لِمَنْ سَبَقَ بِالْجُلُوسِ بِهِ. (فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: الْعَوْفِيُّ مَنْ وَضَعَ بِمَسْجِدٍ شَيْئًا لِحَجْرِهِ بِهِ كَفَرْوَةٍ حَتَّى يَأْتِيَ إلَيْهِ لِلصَّلَاةِ بِهِ، يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ التَّحْجِيرَ يُعَدُّ إحْيَاءً. الْحَطّ سَيَأْتِي فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْإِحْيَاءِ، وَنَصَّ فِي الْمَدْخَلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّابِقُ إلَى الْمَسْجِدِ بِإِرْسَالِ سَجَّادَتِهِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ غَاصِبٌ لِذَلِكَ الْمَحِلِّ. قَالَ فِي فَصْلِ اللِّبَاسِ فِي ذَمِّ الطُّولِ وَالتَّوْسِيعِ فِيهِ أَنَّ أَحَدَهُمْ إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ ضَمَّ ثَوْبَهُ وَقَعَ فِي النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّهُ أُفْرِشَ عَلَى الْأَرْض وَأَمْسَكَ بِهِ مَكَانًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا مَوْضِعُ قِيَامِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا بَسَطَ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ احْتَاجَ أَنْ يَبْسُطَ شَيْئًا كَبِيرَ السَّعَةِ كَثَوْبِهِ فَيُمْسِكُ بِهِ مَوْضِعَ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ هَابَهُ النَّاسُ لِكِبَرِ كُمِّهِ وَثَوْبِهِ وَتَبَاعَدُوا مِنْهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَيُمْسِكُ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ بَعَثَ سَجَّادَتَهُ إلَى الْمَسْجِدِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ فَفُرِشَتْ فِيهِ وَتَأَخَّرَ إلَى أَنْ يَمْتَلِئَ الْمَسْجِدُ بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَأْتِي يَتَخَطَّى رِقَابَهُمْ فَيَقَعُ فِي مَحْذُورَاتٍ جُمْلَةً مِنْهَا غَصْبُهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي فُرِشَتْ بِهِ السَّجَّادَةُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَجْرُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ إلَّا مَوْضِعَ صَلَاتِهِ، وَمَنْ سَبَقَ فَهُوَ أَوْلَى، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ إنَّ السَّبْقَ لِلسَّجَّادَاتِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِبَنِي آدَمَ فَوَقَعَ فِي الْغَصْبِ لِمَنْعِهِ السَّابِقَ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَمِنْهَا تَخْطِي رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتَّخَذَ جِسْرًا إلَى جَهَنَّمَ» ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ تَخَطَّى رَقَبَةَ أَخِيهِ جَعَلَهُ اللَّهُ جِسْرًا» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السَّبَقَ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أُمِرَ إنْسَانٌ أَنْ يُبَكِّرَ إلَى الْجَامِعِ فَيَأْخُذَ لَهُ مَكَانًا يَقْعُدَ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ الْآمِرُ يَقُومُ لَهُ مِنْهُ الْمَأْمُورُ وَيَقْعُدُ الْآمِرُ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ، لِمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 318 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] رُوِيَ أَنْ ابْنَ سِيرِينَ كَانَ يُرْسِلُ غُلَامَهُ إلَى مَجْلِسٍ لَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَجْلِسُ فِيهِ، فَإِذَا جَاءَ قَامَ لَهُ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى هَذَا مَنْ أَرْسَلَ بِسَاطًا أَوْ سَجَّادَةً لِتُبْسَطَ لَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَارِيخِ الْمَدِينَةِ مُحْتَجًّا بِهِ. الْحَطّ وَتَخْرِيجُهُ إرْسَالَ سَجَّادَةٍ عَلَى إرْسَالِ الْغُلَامِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ مِنْ أَنَّ السَّبَقَ بِالْفُرُشِ لَا يُعْتَبَرُ. الثَّانِي الْقُرْطُبِيُّ إذَا قَعَدَ إنْسَانٌ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُقِيمَهُ وَيَجْلِسَ فِي مَكَانِهِ. الثَّالِثُ: الْقُرْطُبِيُّ إذَا قَامَ الْقَاعِدُ فِي مَكَان مِنْ الْمَسْجِدِ لِيَجْلِسَ غَيْرُهُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي قَامَ إلَيْهِ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي الْفَضِيلَةِ لَمْ يُكْرَهْ قِيَامُهُ، وَإِلَّا كُرِهَ لِإِيثَارِهِ غَيْرَهُ فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ. الرَّابِعُ: ابْنُ فَرْحُونٍ يُنْدَبُ لِلْقَاضِي وَالْعَالَمِ وَالْمُفْتِي اتِّخَاذُ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ لِلْجُلُوسِ فِيهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَيْهِمْ مَنْ أَرَادَهُمْ، وَفِي الْمَدَارِك أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ يَجْلِسُ فِيهِ مِنْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مَكَانُ الْإِمَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الْمَكَانُ الَّذِي كَانَ يُوضَعُ فِيهِ فِرَاشُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا اعْتَكَفَ. الْخَامِسُ: فِي إقْلِيدِ، التَّقْلِيدِ لِابْنِ أَبِي جَمْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ اتِّخَاذَ الْعُلَمَاءِ الْمَسَاطِبَ وَالْمَنَابِرَ فِي الْمَسْجِدِ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّذْكِيرِ جَائِزٌ، وَهُمْ أَحَقُّ بِهِ، وَإِقْرَارُ الْعُلَمَاءِ مَا فِي جَوَامِعِ مِصْرَ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ، وَأَمَّا الْمَوْضِعُ لِطَلَبِ الْأُجْرَةِ كَمُعَلِّمِي الْقُرْآنِ فَلَا حَقَّ، فَيَنْبَغِي إزَالَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسُ: إذَا جَلَسَ إنْسَانٌ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَامَ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ تَجْدِيدِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 319 وَبِسَدِّ كُوَّةٍ فُتِحَتْ أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا   [منح الجليل] وُضُوءٍ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» . السَّابِعُ: إذَا عُرِفَ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَسْجِدِ بِجُلُوسِ إنْسَانٍ فِيهِ لِتَعْلِيمِ عِلْمٍ أَوْ فُتْيَا وَسَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ عُرِفَ بِالْمَوْضِعِ أَحَقُّ بِهِ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُوَ أَحَقُّ بِهِ اسْتِحْسَانًا لَا وُجُوبًا، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَ) قُضِيَ عَلَى جَارٍ (بِسَدِّ كُوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ فِي الْأَشْهَرِ وَضَمِّهَا وَشَدِّ الْوَاوِ، أَيْ طَاقَةٍ (فُتِحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أَحْدَثَ فَتْحَهَا وَيُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ و (أُرِيدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سَدٌّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ مُنَوَّنًا (خَلْفَهَا) أَيْ دَاخِلَهَا مِنْ نَاحِيَةِ مَنْ فَتَحَهَا وَإِبْقَاؤُهَا مَفْتُوحَةً مِنْ نَاحِيَةِ جَارِهِ وَلَمْ يَرْضَهُ، إذْ لَا يَكْفِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، إذْ ذَاكَ زَرِيعَةٌ إلَى ادِّعَاءِ فَاتِحِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَدِمَهَا وَاسْتِدْلَالِهِ عَلَيْهِ بِفَتْحِهَا مِنْ جِهَةِ جَارِهِ، وَمَفْهُومُ فُتِحَتْ أَنَّ الْقَدِيمَةَ لَا يُقْضَى بِسَدِّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ فَتَحَ فِي جِدَارِهِ كُوَّةً أَوْ بَابًا يَضُرُّ بِجَارِهِ فِي الْإِشْرَافِ عَلَيْهِ مِنْهُ مُنِعَ، فَأَمَّا كُوَّةٌ قَدِيمَةٌ أَوْ بَابٌ قَدِيمٌ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ، وَفِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى جَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ أَبُو الْحَسَنِ الْكُوَّةُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّاقِ. ابْنُ يُونُسَ رَأَيْت بَعْضَ فُقَهَائِنَا يُفْتِي وَيَسْتَحْسِنُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ عَنْ التَّكَشُّفِ وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً، وَإِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ فَلَا يُتْرَكَا لِرِضَاهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ، وَالصَّوَابُ جَبْرُ الْمُحْدِثِ عَلَى السَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ مُحْدِثِ الْبُنْيَانِ أَبُو الْحَسَنِ الْقِدَمُ طُولُ الْمُدَّةِ لَا إنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ جَارِهِ، وَفِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ الْقِدَمَ إمَّا سُكُوتُ الثَّانِي مُدَّةَ حِيَازَةِ الضَّرَرِ أَوْ التَّقَدُّمُ عَلَى بِنَائِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِسَدِّ الْكُوَّةِ الْقَدِيمَةِ وَقَوَّى ابْنُ عَبْدِ النُّورِ فِي حَاوِيهِ سَدَّهَا، وَلَكِنْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْقَضَاءِ بِسَدِّهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَى الْجَارِ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ كُوَّةٌ قَدِيمَةٌ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ فَلَا قِيَامَ لِلْجَارِ فِيهَا وَيَجِبُ فِي التَّحَفُّظِ بِالدِّينِ التَّطَوُّعُ بِغَلْقِهَا مِنْ جِهَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَوْرَاتِ وَالتَّحَفُّظُ بِالدِّينِ أَوْكَدُ مِنْ حُكْمِ السُّلْطَانِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 320 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْقَضَاءَ بِسَدِّهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِقُرْبِهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ التَّطَلُّعُ مِنْهَا بِلَا تَكَلُّفٍ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ رَفَعَ بِنَاءَهُ وَفَتَحَ كُوًى يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ مُنِعَ وَكَتَبَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا أَنْ يُوقَفُ عَلَى سَرِيرٍ، فَإِنْ نَظَرَ إلَى مَا فِي دَارِ جَارِهِ مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا يُمْنَعُ، وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ ضَرَرٌ، وَأَمَّا لَا يَنَالُ النَّظَرُ مِنْهُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ فَلَا يُمْنَعُ عِيَاضٌ الْمُرَادُ بِالسَّرِيرِ السَّرِيرُ الْمَعْلُومُ، وَمِثْلُهُ الْكُرْسِيُّ وَشَبَهَهُ لَا السُّلَّمُ لِأَنَّ فِي وَضْعِهِ إيذَاءٌ وَالصُّعُودُ عَلَيْهِ تَكَلُّفٌ لَا يُفْعَلُ إلَّا لِمُهِمٍّ وَلَا يَسْهُلُ صُعُودُهُ لِكُلِّ أَحَدٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنْ نَظَرَ إلَخْ أَيْ اطَّلَعَ مِنْ الْكُوَّةِ وَاسْتَبَانَ مِنْهَا مِنْ دَارِ الْآخَرِ الْوُجُوهَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ الْوُجُوهَ فَلَيْسَ ذَلِكَ ضَرَرًا أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ مَالِكٍ مَا فِيهِ ضَرَرٌ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِسَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ. الثَّانِي: ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُ قَوْلِ الرِّسَالَةِ فَلَا يَفْعَلُ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ وَمَنْ فَتَحَ كُوَّةً قَرِيبَةً يَكْشِفُ جَارَهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى بُسْتَانِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ، وَهُوَ أَحَدُ نَقْلَيْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ. قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى الْمَزَارِعِ. الثَّالِثُ: الْمُسْتَنَدُ إلَى مَا يُسَدُّ بِالْحُكْمِ تُزَالُ شَوَاهِدُهُ فَتُقْلَعُ عَتَبَةُ الْبَابِ لِأَنَّهَا إنْ تُرِكَتْ وَطَالَ الزَّمَانُ وَنُسِيَ الْأَمْرُ كَانَتْ حُجَّةً لِلْمُحْدِثِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا غَلَقَهُ لِيُعِيدَهُ مَتَى شَاءَ. وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِي كَيْفِيَّةِ قَطْعِ ضَرَرِ الِاطِّلَاعِ قَوْلَيْنِ، أَحَدَهُمَا وُجُوبُ الْحُكْمِ بِسَدِّهِ وَإِزَالَةِ أَثَرِهِ خَوْفَ دَعْوَى قِدَمِهِ لِسَمَاعِ أَشْهَبَ. الثَّانِي عَدَمُ وُجُوبِ سَدِّهِ وَالِاكْتِفَاءُ بِجَعْلِ مَا يَسْتُرُهُ أَمَامَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْمُتَيْطِيُّ إذَا حُكِمَ بِسَدِّ الْبَابِ أُزِيلَتْ أَعْتَابُهُ وَعَضَائِدُهُ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ قَالَهُ سَحْنُونٌ. الرَّابِعُ: ابْنُ فَرْحُونٍ مَنْ أَحْدَثَ ضَرَرًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ اطِّلَاعٍ أَوْ خُرُوجِ مَاءِ مِرْحَاضٍ قُرْبَ جِدَارِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَحْدَاثِ الْمُضِرَّةِ وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَلَمْ يُعَارِضْ فِيهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا، بِلَا عُذْرٍ مَانِعٍ مِنْ الْقِيَامِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَهَا، وَهُوَ كَالِاسْتِحْقَاقِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَنْقَطِعُ الْقِيَامُ فِي إحْدَاثِ الضَّرَرِ إلَّا بَعْدَ سُكُوتٍ عِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوَهَا وَبِالْأَوَّلِ الْقَضَاءُ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي حِيَازَةِ الضَّرَرِ الْمُحْدَثِ فَقِيلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 321 وَبِمَنْعِ دُخَانٍ: كَحَمَّامٍ، وَرَائِحَةٍ: كَدِبَاغٍ، وَأَنْدَرٍ قِبَلَ بَيْتٍ   [منح الجليل] لَا يُحَازُ أَصْلًا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَقِيلَ يُحَازُ بِمَا تُحَازُ بِهِ الْأَمْلَاكُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا، قَالَهُ أَصْبَغُ، وَقَالَ أَيْضًا لَا يُحَازُ إلَّا بِعِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوِهِمَا. وَكَانَ ابْنُ زَرْبٍ يَسْتَحْسِنُ فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُحَازُ بِأَرْبَعِ سِنِينَ لِأَنَّ الْجَارَ قَدْ يَتَغَافَلُ عَنْ جَارِهِ فِي نَحْوِ السَّنَتَيْنِ. وَقِيلَ إنْ كَانَ ضَرَرُهُ بِحَدٍّ وَاحِدٍ فَهُوَ الَّذِي يُحَازُ بِالسُّكُوتِ، وَإِنْ كَانَ يَتَزَايَدُ كَالْمَطْمُورِ إلَى جَانِبِ الْحَائِطِ فَلَا يُحَازُ. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. الْخَامِسُ: مَنْ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرَى مَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَمْ لَا، قَوْلَانِ وَقِيلَ يُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِ بَيْعِهِ بَعْدَ خِصَامِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْقِيَامُ وَكَوْنِهِ قَبْلَهُ فَلَا قِيَامَ لَهُ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ وَحَلَّ مُبْتَاعٌ مَحَلَّ بَائِعٍ خَاصَمَ، وَبَاعَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا قَبْلَ قِيَامِهِ. (وَ) قُضِيَ (بِمَنْعِ) إحْدَاثِ ذِي (دُخَانٍ كَحَمَّامِ) بِشَدِّ الْمِيمِ وَفُرْنٍ وَمَطْبَخٍ وَمُجَيِّرَةٍ وَمُجَيِّسَةٍ (وَ) قُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ ذِي (رَائِحَةٍ) كَرِيهَةٍ (كَدِبَاغٍ) وَمَذْبَحٍ وَمَسْمَطٍ وَمِرْحَاضٍ الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّائِحَةِ وَالدُّخَانِ وَالْكُلُّ دُخَانٌ وَمَشْمُومٌ، قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ عُنِيَ بِالدُّخَانِ الْمَحْسُوسِ بِالْبَصَرِ وَبِالرَّائِحَةِ الْمَحْسُوسِ بِالشَّمِّ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ دُخَانًا وَالدُّخَانُ يَضُرُّ غَيْرَ الشَّمِّ، كَتَسْوِيدِ الثِّيَابِ وَالْحِيطَانِ وَشَبَهِهَا (وَ) قُضِيَ بِمَنْعِ إحْدَاثِ (أَنْدَرُ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ مَوْضِعُ لِدَرْسِ الزَّرْعِ وَتَذْرِيَتِهِ (قِبَلَ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مُقَابِلَ بَابِ (بَيْتٍ) الْحَطّ لَا مَفْهُومَ لِقِبَلِ، وَكَذَا إحْدَاثُهُ جَنْبَ بَيْتٍ مِنْ أَيْ جِهَةٍ، وَالْجِنَانُ كَالْبَيْتِ نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُ. (تَنْبِيهٌ) ابْنُ الْهِنْدِيِّ إنْ قَامَ رَجُلٌ عَلَى جَارِهِ فِي شَيْءٍ أَرَادَ إحْدَاثَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ يَضُرُّهُ، وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ يَضُرُّهُ بِاطِّلَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَمْنَعُ جَارُهُ مِنْ عَمَلِ مَا أَرَادَهُ، وَإِذَا تَمَّ عَمَلُهُ وَثَبَتَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 322 وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَإِصْطَبْلٍ أَوْ حَانُوتٍ قِبَالَةَ بَابٍ   [منح الجليل] الضَّرَرُ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهَدْمِهِ إذَا طَلَبَهُ جَارُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْفَعٌ. (وَ) قَضَى بِمَنْعِ إحْدَاثِ كُلِّ شَيْءٍ (مُضِرٍّ بِجِدَارٍ) لِجَارِهِ خَوْفَ سُقُوطِهِ أَوْ وَهَنِهِ أَوْ تَسْخِيمِهِ كَطَاحُونٍ وَمِرْحَاضٍ وَمِدَقٍّ (وَ) يُمْنَعُ إحْدَاثُ (إصْطَبْلٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ كَذَلِكَ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَعْجَمِيٌّ مُعْرَبٌ، مَعْنَاهُ بَيْتُ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا صَاحِبُ الْمُفِيدِ تَابِعًا لِابْنِ فَتُّوحٍ يُمْنَعُ مِنْ إحْدَاثِ إصْطَبْلٍ عِنْدَ بَيْتِ جَارِهِ لِضَرَرِهِ بِبَوْلِ الدَّوَابِّ وَزِبْلِهَا وَحَرَكَتِهَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ الْمَانِعَةِ مِنْ النَّوْمِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ مُسْتَغْنَى عَنْهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَنَعَهُ لِلرَّائِحَةِ فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَرَائِحَةٍ كَدِبَاغٍ وَإِنْ كَانَ لِإِضْرَارِهِ بِالْحِيطَانِ فَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَمُضِرٍّ بِجِدَارٍ وَإِنْ كَانَ لِلتَّضَرُّرِ بِالصَّوْتِ فَسَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ وَصَوْتٍ كَكَمْدٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَرَادَ النَّصَّ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمُونَ. (أَوْ) إحْدَاثُ (حَانُوتٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَمِّ النُّونِ آخِرَهُ مُثَنَّاةٌ فَوْقَ أَيْ مَحَلٍّ مُعَدٍّ لِإِدَامَةِ الْجُلُوسِ بِهِ لِبَيْعٍ أَوْ صَنْعَةٍ أَوْ شَهَادَةٍ (قِبَالَةَ) بِكَسْرِ الْقَافِ فَمُوَحَّدَةٍ أَيْ مُقَابِلَ (بَابٍ) لِدَارٍ " غ " كَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ مَعْطُوفًا بِأَوْ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي إحْدَاثِ إصْطَبْلٍ فِي قِبَالَةِ الْبَابِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَحَانُوتٍ بِالْوَاوِ مَعْطُوفًا عَلَى دُخَانٍ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فَكَلَامُهُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ لِقَوْلِهِ فِي مُقَابِلِهِ وَبَابٌ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ عَلَى أَنَّ مَا هُنَا مُسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ آخِرًا إلَّا بَابًا نَكَبَ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ، وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي آخَرِ كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ رُشْدٍ يَتَحَصَّلُ فِي فَتْحِ الرَّجُلِ بَابًا أَوْ حَانُوتًا فِي مُقَابَلَةِ بَابِ جَارِهِ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ. ثَانِيًا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ جُمْلَةً إلَّا إنْ نَكَبَهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ. ثَالِثُهَا: لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً، قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاسِعَةُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ. وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ رَجُلَيْنِ مُتَجَاوِرِينَ بَيْنَهُمَا زُقَاقٌ نَافِذٌ فَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ بَابًا وَحَانُوتَيْنِ يُقَابِلُ بَابَ دَارِ جَارِهِ وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْ دَارِهِ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا عَلَى نَظَرٍ مِنْ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ فِي الْحَانُوتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِعَمَلِ صِنَاعَتِهِمْ، وَذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يُثْبِتُهُ صَاحِبُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 323 وَبِقَطْعِ مَا أَضَرَّ مِنْ شَجَرَةٍ بِجِدَارٍ، إنْ تَجَدَّدَتْ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ لَا مَانِعَ: ضَوْءٍ، وَشَمْسٍ، وَرِيحٍ   [منح الجليل] الدَّارِ وَكَشَقَّةٍ لِعِيَالِهِ فَأَجَابَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْت فَيُؤْمَرُ أَنْ يَنْكُبَ بَابَهُ وَحَانُوتَيْهِ عَنْ مُقَابَلَةِ بَابِ جَارِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا وَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا تُرِكَ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَلْقِهَا. اهـ. وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الْحَطّ هَذَا اقْتَضَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْحَانُوتِ وَالْبَابِ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ. الْبُرْزُلِيُّ فِي الرِّوَايَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَانُوتِ وَالْبَابِ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَاحِدٌ، حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ السُّلْطَانِ، وَرَأَيْت فِي التَّعْلِيقَةِ الْمَنْسُوبَةِ لِلْمَازِرِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ السُّيُورِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ الْحَانُوتَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ الْبَابِ لِلَازِمَةِ الْجُلُوسِ فِيهِ، وَأَنَّهُ يَمْنَعُ بِكُلِّ حَالٍ وَوَقَعَتْ بِتُونُسَ، وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ بِالتَّسْوِيَةِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ. (وَ) قَضَى (بِقَطْعِ مَا أَضَرَّ مِنْ) أَغْصَانِ (شَجَرَةٍ بِجِدَارٍ) لِجَارٍ (إنْ تَجَدَّدَتْ) أَيْ حَدَثَتْ الشَّجَرَةُ بَعْدَ الْجِدَارِ اتِّفَاقًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَتَجَدَّدْ بِأَنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى بِنَاءِ الْجِدَارِ (فَ) فِي الْقَضَاءِ بِقَطْعِ أَغْصَانِهَا الَّتِي أَضَرَّتْ بِالْجِدَارِ الْحَادِثِ عَلَيْهَا وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) مُطَرِّفٌ يَقْضِي بِهِ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَيَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَا يُقْضَى بِهِ لِأَنَّ بَانِي الْجِدَارِ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ وَتَعَدَّى عَلَى حَرِيمِهَا، وَأَمَّا أَصْلُهَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ إنْ كَانَ عَلَى حَالِ مَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ مِنْ انْبِسَاطِهِ فَلَا يُقْطَعُ قَالَهُ تت ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ قَدِيمَةً قَبْلَ الْجِدَارِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ قَلْعُهَا وَلَوْ أَضَرَّتْ بِجِدَارِهِ، وَفِي قَطْعِهِ مَا أَضَرَّ بِهِ مِنْ أَغْصَانِهَا قَوْلَا أَصْبَغَ مَعَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ حَالِ الشَّجَرَةِ، فَقَدْ حَازَ ذَلِكَ مِنْ حَرِيمِهَا، الْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَإِنْ أَحْدَثَ الْجَارُ مَا مَنَعَ الضَّوْءَ أَوْ الشَّمْسَ أَوْ الرِّيحَ عَنْ جَارِهِ فَ (لَا) يُقْضَى بِإِزَالَةِ شَيْءٍ (مَانِعِ ضَوْءٍ) عَنْ جَارٍ (وَ) لَا بِإِزَالَةِ مَانِعِ شُعَاعِ (شَمْسٍ) عَنْهُ (وَ) لَا مَانِعِ (رِيحٍ) عَنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَنَعَ الثَّلَاثَةَ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ فَسَدَّ عَلَى دَارِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 324 إلَّا لِأَنْدَرِ وَعُلُوِّ بِنَاءٍ وَصَوْتٍ كَكَمْدٍ   [منح الجليل] جَارِهِ كُوَاهَا وَأَظْلَمَتْ عَلَيْهِ أَبْوَابُ غُرَفِهِ وَكُوَاهَا وَمَنَعَ الشَّمْسَ أَنْ تَقَعَ فِي حُجْرَتِهِ، وَمَنَعَ الْهَوَاءَ أَنْ يَدْخُلَ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ، وَظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَصَدَ ضَرَرَ جَارِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ يُمْنَعُ مِنْ رَفْعِهِ الْمُضِرِّ دُونَ مَنْفَعَةٍ يُحْتَمَلُ الْخِلَافُ وَالتَّقْيِيدُ قَالَهُ تت. طفي قَوْلُهُ ابْنُ نَافِعٍ لَعَلَّهُ ابْنُ كِنَانَةَ إذْ هُوَ الْمُفَصِّلُ، وَأَمَّا ابْنُ نَافِعٍ فَالْمَنْعُ عِنْدَهُ مُطْلَقًا، كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ. الْحَطّ هَذَا الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا إحْدَاثُ مَا يُنْقِصُ الْغَلَّةَ فَلَا يُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَإِحْدَاثِ فُرْنٍ قُرْبَ فُرْنٍ وَحَمَّامٍ قُرْبَ حَمَّامٍ قَالَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَالتَّبْصِرَةِ (إلَّا) مَانِعَ. شَمْسٍ وَرِيحٍ (لِأَنْدَرِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ أَيْ عَنْهُ فَيُقْضَى بِمَنْعِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ. الْبَاجِيَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ مُلَاصِقَةُ أَنْدَرِ غَيْرِهِ وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا مَا يَمْنَعُ الرِّيحَ عَنْ الْأَنْدَرِ وَيَقْطَعُ مَنْفَعَتَهُ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُمْنَعُ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ بِجَارِهِ فِي قَطْعِ مَرَافِقِ الْأَنْدَرِ الَّذِي تَقَادَمَ ابْنُ يُونُسَ وَالْأَنَادِرُ كَالْأَفْنِيَةِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّضْيِيقُ فِيهَا وَلَا قَطْعُ مَنَافِعِهَا وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ. الْعُتْبِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى مَوَّاقٌ. وَعَطَفَ بِالْجَرِّ عَلَى مَانِعٍ فَقَالَ (وَ) لَا يُقْضَى بِمَنْعِ زِيَادَةِ (عُلُوِّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ رَفْعٍ وَإِطَالَةِ (بِنَاءٍ) عَلَى جَارِهِ وَإِنْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ التَّطَلُّعِ عَلَيْهِ وَالْإِضْرَارِ بِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذُو الْعُلْوِ ذِمِّيًّا. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ الطُّرْطُوشِيِّ يُمْنَعُونَ مِنْ إعْلَاءِ بِنَائِهِمْ أَيْ الذِّمِّيِّينَ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِي الْمُسَاوَاةِ قَوْلَانِ وَلَوْ اشْتَرَوْهَا عَالِيَةً أُقِرُّوا، إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَالْمُصَوِّبِ لَهُ (وَ) لَا يُمْنَعُ مِنْ (صَوْتٍ كَكَمْدٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ. الْمِيمِ أَيْ دَقِّ الْقُمَاشِ لِيُحَسَّنَ، وَأَدْخَلْت الْكَافُ الْقَصْرَ وَالنَّدْفَ وَصُنْعَ الْحَدِيدِ وَنَجْرَ الْخَشَبِ وَتَجْرِبَةَ الْآلَاتِ الْمُبَاحَةِ وَتَعْلِيمَ الْأَنْغَامِ وَالصَّبِيَّانِ وَاِتِّخَاذِ السُّمَّانِ وَالْعَصَافِيرِ وَالْحَمَامِ الْهَدَّارِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اشْتَدَّ وَدَامَ. وَفِي " ق " خِلَافُهُ قَالَهُ عب، وَنَصَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي ضَرَرِ صَوْتِ الْحَرَكَاتِ طُرِقَ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَحْدَثَ رَحًى تَضُرُّ بِجَارِهِ مُنِعَ. الْبَاجِيَّ أَمَّا الرَّحَى فَإِنْ ثَبَتَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 325 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّهَا تَضُرُّ بِجُدْرَانِ الْجَارِ مُنِعَ مِنْهَا، وَأَمَّا صَوْتُهَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْغَسَّالِ وَالضَّرَّابِ يُؤْذِي جَارَهُ وَقْعُ صَوْتِهِ إنَّهُ لَا يُمْنَعُ، وَتَحْتَمِلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْخِلَافَ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ الضَّرَرِ الَّذِي يُمْنَعُ مِنْهُ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ إنَّمَا ذَاكَ فِي الصَّوْتِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ مَضَرَّةٍ أَوْ مَا لَا يُسْتَدَامُ. وَأَمَّا مَا كَانَ صَوْتًا شَدِيدًا مُسْتَدَامًا كَالْكَمَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ وَالرَّحَى ذَاتِ الصَّوْتِ الشَّدِيدِ، فَإِنَّهُ ضَرَرٌ يُمْنَعُ مِنْهُ كَالرَّائِحَةِ، وَلَمْ يَحْكِ الصِّقِلِّيُّ غَيْرَ نَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ. ابْنُ رُشْدٍ ضَرَرُ الْأَصْوَاتِ كَالْحَدَّادِ وَالْكَمَّادِ وَالنَّدَّافِ، حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ، وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَى مَنْعِ ضَرَرِ الصَّوْتِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ لِبُرْدٍ اُطْرُدْ هَذَا الْقَارِئَ عَنِّي فَقَدْ آذَانِي. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَشْهَبَ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حَسَنَ الصَّوْتِ وَيَخْرُجُ فِي آخَرِ اللَّيْلِ يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَقَرَأَ جَهْرًا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ لِبُرْدٍ اُطْرُدْ هَذَا الْقَارِئَ عَنِّي فَقَدْ آذَانِي، فَسَكَتَ بُرْدٌ، فَقَالَ سَعِيدٌ وَيْحَك. يَا بُرْدُ اُطْرُدْ هَذَا الْقَارِئَ عَنِّي فَقَدْ آذَانِي، فَقَالَ لَهُ إنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ لَنَا خَاصَّةً، إنَّمَا هُوَ لِلنَّاسِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ وَتَنَحَّى ابْنُ رُشْدٍ أَمْرُ سَعِيدٍ بِطَرْدِ الْقَارِئِ عَنْهُ يُرِيدُ بِهِ مِنْ جِوَارِهِ لَا مِنْ الْمَسْجِدِ جُمْلَةً، وَلَمْ يَنْتَهِ لِمَكَانِهِ مِنْ الْخِلَافَةِ لِجَزَالَتِهِ وَقُوَّتِهِ فِي الْحَقِّ وَقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالْأَئِمَّةِ، وَلَمْ يَأْنَفْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ قَوْلِهِ لِفَضْلِهِ وَانْقِيَادِهِ لِلْحَقِّ. ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ مَالِكٍ كَانَ النَّاسُ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ يَتَوَاعَدُونَ لِقِيَامِهِمْ لِأَسْفَارِهِمْ بِقِيَامِ الْقُرَّاءِ بِالْمَسْجِدِ بِالْأَسْحَارِ تُسْمَعُ أَصْوَاتُهُمْ مِنْ كُلِّ مَنْزِلٍ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَاتٍ عَلَى جَوَازِ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ عَلَى أَنَّ الْأَصْوَاتَ مِنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَجِبُ الْحُكْمُ بِإِزَالَتِهِ عَلَى الْجَارِ بِقَطْعِهِ عَنْ جَارِهِ كَالْحَدَّادِينَ وَالْكَمَّادِينَ وَالنَّدَّافِينَ، وَشِبْهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِدَلِيلٍ بَيِّنٍ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ مِمَّا يَتَأَذَّى بِهِ جَارُهُ بِخِلَافِهِ مَا يَفْعَلُهُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ رَفْعِ صَوْتِهِ لِتَسَاوِي النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ رَفَعَ رَجُلٌ فِي دَارِهِ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ لَمَا وَجَبَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ، وَالرِّوَايَةُ مَنْصُوصَةٌ فِي أَنَّهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 326 وَبَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ   [منح الجليل] لَيْسَ لِلرَّجُلِ مَنْعُ جَارِهِ الْحَدَّادِ مِنْ ضَرْبِ الْحَدِيدِ فِي دَارِهِ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ. قُلْت وَقَالَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى رَأَيْت لِابْنِ دَحُونٍ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْكَمَّادِ وَالطَّحَّانِ أَنَّهُمَا لَا يُمْنَعَانِ وَإِنْ كَانَ مُحْدَثًا يَضُرُّ بِأَسْمَاعِ الْجِيرَانِ، فَإِنْ أَضَرَّ بِالْبِنَاءِ مَنَعَ الْمُتَيْطِيُّ فِي ثَمَانِيَةٍ. أَبِي زَيْدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ سَأَلَتْ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْحَدَّادُ جَارُ الرَّجُلِ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا إلَّا حَائِطٌ يَضْرِبُ الْحَدِيدَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَيُؤْذِي جَارَهُ فَيَقُولُ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَنَامَ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ لَا، هَذَا رَجُلٌ يَعْمَلُ لِمَعَاشِهِ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الضَّرَرَ. ابْنُ عَتَّابٍ تَنَازَعَ شُيُوخُنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيمَنْ يَجْعَلُ بِدَارِهِ رَحًى وَشَبَهَهُ مِمَّا لَهُ دَوِيٌّ أَوْ صَوْتٌ يَضُرُّ بِهِ جَارَهُ كَالْحَدَّادِ وَشَبَهِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُمْنَعُ إذَا عَمِلَهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. وَقَالَ طَائِفَةٌ لَا يُمْنَعُ. وَقَالَ أَصْبَغُ اتَّفَقَ شُيُوخُنَا عَلَى مَنْعِهِ اللَّيْلَ لِمَنْ أَضَرَّ بِجَارِهِ وَلَا يُمْنَعُ بِالنَّهَارِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنْ اجْتَمَعَ ضَرَرَانِ أُسْقِطَ الْأَكْثَرُ وَمُنِعَ الرَّجُلُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمَالِهِ. وَصَنْعَتُهُ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ التَّأَذِّي بِدَوِيِّ مَا يُمْنَعُ. ابْنُ عَتَّابٍ الَّذِي أَقُولُهُ وَأَتَقَلَّدُهُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ جَمِيعَ مَا يَضُرُّ الْجَارَ يَجِبُ قَطْعُهُ إلَّا رَفْعَ الْبِنَاءِ الْمَانِعِ مِنْ الرِّيحِ وَضَوْءَ الشَّمْسِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، فَلَا يُقْطَعُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ قَصْدَ مُحْدِثِهِ ضَرَرَ جَارِهِ، وَكَذَا كُلُّ ضَرَرٍ يَئُولُ لِلْفَسَادِ كَالْكَمَّادِ وَالنَّدَّافِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمَجَالِسِ قَضَى شُيُوخُ الْفُتْيَا بِطُلَيْطُلَةَ بِمَنْعِ الْكَمَّادِينَ إذَا اسْتَضَرَّ بِهِمْ الْجِيرَانُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فَفِي لَغْوِ إحْدَاثِ صَوْتِ الْحَرَكَةِ وَمَنْعِهِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا إنْ عَمِلَ نَهَارًا لَا لَيْلًا، وَرَابِعُهَا إنْ خَفَّ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ مَضَرَّةٍ. (وَ) لَا يُمْنَعُ الْجَارُ مِنْ إحْدَاثِ (بَابٍ) لِدَارِهِ (بِسِكَّةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ الْكَافِ، أَيْ طَرِيقٍ (نَافِذَةٍ) أَيْ يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى جِهَةٍ أُخْرَى، ظَاهِرُهُ وَاسِعَةً كَانَتْ أَوْ ضَيِّقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ. وَمَفْهُومُ نَافِذَةٍ إنْ أَحْدَثَ بَابًا بِسِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لِجَارٍ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ قَابَلَ بَابَهُ لَا إنْ لَمْ يُقَابِلْهُ، وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا فِيهَا. وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ فَلَكَ أَنْ تَفْتَحَ مَا شِئْت أَوْ تُحَوِّلَ بَابَك حَيْثُ شِئْت مِنْهَا. اهـ. وَكَذَا فِي الْعُتْبِيَّةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 327 وَرَوْشَنٍ وَسَابَاطٍ لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ، بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ، وَإِلَّا، فَكَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ إلَّا بَابًا، إنْ نُكِّبَ   [منح الجليل] (وَ) لَا يُمْنَعُ مَنْ لَهُ جَانِبٌ وَاحِدٌ عَلَى سِكَّةٍ نَافِذَةٍ مِنْ إحْدَاثِ (رَوْشَنٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ آخِرَهُ نُونٌ، أَيْ جَنَاحٌ فِي أَعْلَى الْحَائِطِ لِتَوْسِعَةِ الدَّارِ وَالتَّطَلُّعِ عَلَى السِّكَّةِ بِشَرْطِ رَفْعِهِ عَنْ رُءُوسِ الْمَارِّينَ رَفْعًا بَيِّنًا الْجَوْهَرِيِّ الرَّوْشَنُ الْكُوَّةُ الْمُحْكَمُ، الرَّوْشَنُ الرَّفُّ. الْبَاجِيَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْعَسَاكِرِ وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إلَى طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ. رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَنَاحُ بِأَسْفَلِ الْجِدَارِ حَيْثُ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّرِيقِ فَيُمْنَعُ. (وَ) لَا يُمْنَعُ (مِنْ سَابَاطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ سَقْفٍ عَلَى حَائِطَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سِكَّةٌ بِالنِّسْبَةِ (لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ) لِلسِّكَّةِ الْمُتَقَابِلَانِ الْأَيْمَنُ وَالْأَيْسَرُ مِنْ دَارَيْنِ مَثَلًا وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْعَسَاكِرِ وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إلَى طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ بِالْمَدِينَةِ فَلَا يُنْكِرُونَهَا، وَاشْتَرَى مَالِكٌ دَارًا لَهَا عَسْكَرٌ. اهـ. نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ وَالْجَوَاهِرِ وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِمَنْ لَهُ دَارَانِ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى جِدَارَيْهِمَا غُرْفَةً فَوْقَ الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِتَضْيِيقِ الطَّرِيقِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا إنْ رَفَعَ بِنَاءً رَفْعًا يُجَاوِزُ رَأْسَ الْمَارِّ رَاكِبًا وَنَحْوِهِ فِي الزَّاهِي وَكَذَا الْأَجْنِحَةُ اهـ. مَوَّاقٌ إنْ كَانَ الرَّوْشَنُ وَالسَّابَاطُ مُحْدَثَيْنِ (بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ) إلَى جِهَةٍ أُخْرَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ الَّتِي أُحْدِثَ فِيهَا الْبَابُ أَوْ الرَّوْشَنُ أَوْ السَّابَاطُ نَافِذَةً بِأَنْ سُدَّ آخِرُهَا (فَ) السِّكَّةُ (كَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ) أَيْ الْجِيرَانِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ إحْدَاثُ رَوْشَنٍ أَوْ سَابَاطٍ بِهَا إلَّا بِإِذْنِ بَاقِيهِمْ وَقَالَ كَالْمِلْكِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُمْ، وَإِلَّا لَكَانَ لَهُمْ تَحْجِيرُهَا بِغَلْقٍ وَنَحْوِهِ. (فَائِدَةٌ) فِي الذَّخِيرَةِ هَوَاءُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَهَوَاءُ الْمَوَاتِ مَوَاتٌ وَهَوَاءُ الْمَمْلُوكِ مَمْلُوكٌ. (إلَّا بَابًا) أُحْدِثَ بِسِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ إنْ (نُكِّبَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 328 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْكَافِ مُشَدَّدَةً، أَيْ أُمِيلَ عَنْ مُقَابَلَةِ بَابِ الْجَارِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَإِنْ فَتَحَ مُقَابِلًا لَهُ فَلَهُ مَنْعُهُ. ابْنُ عَاتٍ حَصَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي فَتْحِ الرَّجُلِ بَابًا أَوْ تَحْوِيلِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، أَحَدِهَا: إنَّهُ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ إلَّا بِإِذْنِ بَاقِيهِمْ، ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ زَرْبٍ وَأَقَامَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ. ثَانِيهَا: إنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا مَا يُقَابِلُ بَابَ جَارِهِ أَوْ يَقْرُبُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَقْطَعُ مِرْفَقًا عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ وَهْبٍ. ثَالِثُهَا: لَهُ تَحْوِيلُ بَابِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إذَا سَدَّ الْبَابَ الْأَوَّلَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا بَابًا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ بِحَالٍ، وَهَذَا دَلِيلُ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي سَمَاعِ زُونَانَ. وَيَتَحَصَّلُ فِي فَتْحِ الرَّجُلِ بَابًا أَوْ حَانُوتًا فِي مُقَابَلَةِ بَاب جَارِهِ فِي زُقَاقٍ نَافِذٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدِهَا: أَنَّ ذَلِكَ لَهُ جُمْلَةً مِنْ غَيْر تَفْصِيلٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبَ هَاهُنَا. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ إلَّا أَنْ يَنْكُبَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ. وَالثَّالِثِ: إنَّ ذَلِكَ لَهُ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ هَاهُنَا، وَالسِّكَّةُ الْوَاسِعَةُ مَا فِيهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الطَّرِيقُ الْمِيتَاءِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ» ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فِيهَا لَيْسَ لَك أَنْ تَفْتَحَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَابًا يُقَابِلُ بَابَ جَارِك أَوْ يُسَاوِيهِ وَلَا تُحَوِّلُ بَابًا هُنَاكَ إذَا مَنَعَك لِأَنَّهُ يَقُولُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَفْتَحَ فِيهِ بَابَك لِي فِيهِ مِرْفَقٌ أَفْتَحُ فِيهِ بَابِي فِي سُتْرَةٍ وَلَا أَدَعُكَ أَنْ تَفْتَحَ قُبَالَةَ بَابِي أَوْ قُرْبَهُ فَتَتَّخِذَ عَلَيَّ، فِيهِ الْمَجَالِسَ وَشِبْهَ هَذَا مِنْ الضَّرَرِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ مَا يَضُرُّ بِهِ. وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ فَلَكَ أَنْ تَفْتَحَ مَا شِئْت أَوْ تُحَوِّلَ بَابَك حَيْثُمَا شِئْت وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يُمْنَعُ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ مِنْ أَنْ يَضُرَّ بِجَارِهِ فِي أَنْ يَفْتَحَ قُبَالَتَهُ أَوْ بِقُرْبٍ مِنْ بَابِهِ وَلَا يُمْنَعُ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا النَّافِذَةُ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنْ الْأَبْوَابِ أَوْ يُقَدِّمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ الْحَدِيثَ السَّابِقَ فِي تَحْدِيدِ الطَّرِيقِ قَالَ الْمِيتَاءُ الْوَاسِعَةُ اهـ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 329 وَصُعُودِ نَخْلَةٍ، وَأَنْذَرَ، بِطُلُوعِهِ   [منح الجليل] الْحَطّ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ بَلْ ذُكِرَتْ فِي هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْهَا تَأَمَّلْ الْمِيتَاءُ مَا هِيَ، وَتَفْسِيرُ الْمِيتَاءِ الْوَاسِعَةُ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الْهَمْزَةِ مِنْ بَاب الْمُعْتَلِّ وَالْمِيتَاءُ الطَّرِيقُ الْعَامِرَةُ وَمُجْتَمَعُ الطَّرِيقِ أَيْضًا مِيتَاءٌ وَمِبْدَادٌ انْتَهَى. وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ وَطَرِيقٌ مِيتَاءٌ تَأْتِيهِ النَّاسُ كَثِيرًا، وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ، وَنَظِيرُهُ دَارٌ مِحْلَالٌ لِلَّتِي تُحَلُّ كَثِيرًا. وَفِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ الْمِيمِ مَعَ الْيَاءِ، وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطَةِ مَا وَجَدْتَ فِي طَرِيقٍ مِيتَاءٍ فَعَرِّفْهُ سَنَةً أَيْ طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَبَابُهُ الْهَمْزَةُ انْتَهَى، يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمِيمِ تَسْهِيلًا عَلَى الطَّالِبِ عَلَى عَادَتِهِ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فِي بَابِ الْمِيمِ وَفِي الْحَدِيثِ طَرِيقٍ مِيتَاءٍ بِكَسْرِ الْمِيم وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ وَالْمَدُّ وَتَسَهُّلٌ فَيُقَالُ مِيتَاءٌ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ مَعْنَاهُ كَثِيرُ السُّلُوكِ عَلَيْهِ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ اهـ. وَفِي فَتْحِ الْبَارِي الْمِيتَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالْمَدِّ بِوَزْنِ مِفْعَالٍ مِنْ الْإِتْيَانِ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ. أَبُو عُمَرَ وَالشَّيْبَانِيُّ الْمِيتَاءُ أَعْظَمُ الطُّرُقِ، وَهِيَ الَّتِي يَكْثُرُ مُرُورُ النَّاسِ بِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعَةُ وَقِيلَ الْعَامِرَةُ. اهـ. وَرَأَيْت فِي الْبَيَانِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ عَرَفَةَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَفِي الصِّحَاحِ الْمِيْتَاءُ الْأَرْضُ السَّهْلَةُ، وَالْجَمْعُ مِيَتٌ مِثْلُ هَيْفَاءَ وَهِيفٌ وَنَحْوِهِ فِي الْقَامُوسِ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُرَادٍ هُنَا. (وَ) إلَّا (صُعُودِ) بِضَمِّ الصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ رُقِيِّ (نَخْلَةٍ) أَوْ شَجَرَةٍ غَيْرِهَا فِي دَارِهِ يُشْرِفُ الصَّاعِدُ عَلَيْهَا عَلَى دُورِ الْجِيرَانِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ إذَا كَانَ لِإِصْلَاحِهَا أَوْ جَنْيِ ثَمَرِهَا وَيُحْتَمَلُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مَانِعٍ (وَأَنْذَرَ) أَيْ أَعْلَمَ الصَّاعِدُ عَلَى النَّخْلَةِ الْمُشْرِفَةِ الْجِيرَانَ (بِطُلُوعِهِ) عَلَيْهَا وُجُوبًا لِيَسْتُرُوا مَا يَكْرَهُونَ اطِّلَاعَ صَاعِدِهَا عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ صَعِدَ إلَى شَجَرَةٍ لِيَجْنِيَهَا فَيَرَى مِنْهَا مَا فِي دَارِ جَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَلَكِنْ يُؤْذَنُ جَارُهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ وَهْبٍ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 330 وَنُدِبَ: إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ   [منح الجليل] الْحَطّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ أُحِبُّ أَنْ يُعْلِمَهُمْ لِمَوْضِعِ حَقِّ الْجِوَارِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ فَتَاوَى ابْنِ زَرْبٍ. " غ " فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ عِيَاضًا سَأَلَهُ عَنْ صَوْمَعَةٍ أُحْدِثَتْ فِي مَسْجِدٍ فَشَكَا مِنْهَا بَعْضُ الْجِيرَانِ الْكَشْفَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ فِيهَا مَقَالٌ وَقَدْ أَبَاحَ أَئِمَّتُنَا لِمَنْ فِي دَارِهِ شَجَرَةٌ صُعُودُهَا لِجَمْعِ ثَمَرَتِهَا مَعَ الْإِنْذَارِ بِطُلُوعِهِ وَأَوْقَاتُ الطُّلُوعِ لِلْأَذَانِ مَعْلُومَةٌ وَفِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَإِنَّمَا يَتَوَلَّاهَا غَالِبًا أَهْلُ الصَّلَاحِ وَمَنْ لَا يَقْصِدُ مُضِرَّةً؟ فَأَجَابَ لَيْسَتْ الصَّوْمَعَةُ فِي الْمَسْجِدِ كَالشَّجَرَةِ فِي دَارِ الرَّجُلِ لِأَنَّ الطُّلُوعَ لِجَنْيِ الثَّمَرَةِ نَادِرٌ، وَالصُّعُودَ فِي الصَّوْمَعَةِ لِلْأَذَانِ يَتَكَرَّرُ مِرَارًا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَالرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِالْمَنْعِ مِنْ الصُّعُودِ فِيهَا وَالرُّقِيِّ عَلَيْهَا مَنْصُوصَةٌ عَلَى عِلْمِك، وَالْمَعْنَى فِيهَا صَحِيحٌ فِيمَا أَقُولُ، وَإِنْ كَانَ يَطَّلِعُ مِنْهَا عَلَى الدُّورِ مِنْ بَعْضِ نَوَاحِيهَا دُونَ بَعْضٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الْوُصُولِ مِنْهَا إلَى الْجِهَةِ إلَتِي يَطْلُعُ مِنْهَا إلَّا بِحَاجِزٍ يُبْنَى بَيْنَ تِلْكَ الْجِهَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِهَاتِ اهـ. وَالرِّوَايَةُ عَنْ سَحْنُونٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ يُمْنَعُ الصُّعُودُ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي أَنَّ الِاطِّلَاعَ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ الَّذِي يَجِبُ الْقَضَاءُ بِقَطْعِهِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عِنْدَ مَنْ رَأَى مِنْ أَصْحَابِهِ إنْ أَحْدَثَ فِي مِلْكِهِ اطِّلَاعًا عَلَى جَارِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَدِّهِ، وَيُقَالُ لِجَارِهِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك فِي مِلْكِك، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ الْمَنَارَ لَيْسَ مِلْكًا لِلْوَزْنِ، وَإِنَّمَا يُصْعَدُ فِيهِ ابْتِغَاءَ الْخَيْرِ وَالثَّوَابِ وَاطِّلَاعُهُ عَلَى حَرَمِ النَّاسِ مَحْظُورٌ، وَلَا يَحِلُّ الدُّخُولُ فِي نَافِلَةٍ مِنْ الْخَيْرِ بِمَعْصِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدُّورُ عَلَى الْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ إلَّا لِبُعْدٍ كَثِيرٍ لَا تَبِينُ مَعَهُ الْأَشْخَاصُ وَلَا الْهَيْئَاتُ وَلَا الذُّكُورُ مِنْ الْإِنَاثِ فَلَا يُعْتَبَرُ الِاطِّلَاعُ مَعَهُ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ يَسْتَدِلُّ عَلَى هَذَا بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - إنْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ لَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ» وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْجَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ (إعَارَةُ جِدَارِهِ) أَيْ الْجَارِ لِجَارِهِ (لِ) أَجْلِ (غَرْزِ) أَيْ إدْخَالِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 331 وَإِرْفَاقٌ بِمَاءٍ وَفَتْحُ بَابٍ.   [منح الجليل] خَشَبَةٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَالسِّينِ الْمُعْجَمَيْنِ وَبِالتَّاءِ مُفْرَدًا أَوْ بِضَمِّهَا، وَالْإِضَافَةُ لِلْهَاءِ جَمْعًا فِي الْجِدَارِ الْمُعَارِ لِاسْتِنَادٍ إلَيْهِ أَوْ جَعْلِ سَقْفٍ عَلَيْهِ لِخَبَرِ الْمُوَطَّإِ وَالصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ» ، رُوِيَ بِالْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ. أَبُو هُرَيْرَةَ لَمَّا نَكَّسُوا رُءُوسَهُمْ عِنْدَ رِوَايَتِهِ مَالِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ، وَاَللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ، رُوِيَ بِالْمُثَنَّاةِ فَوْقَ جَمْعُ كَتِفٍ بِكَسْرِهَا، وَبِالنُّونِ جَمْعُ كَنَفٍ بِفَتْحِهَا حَمَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى النَّدْبِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَأَبُو ثَوْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَعْنَى الْحَدِيثِ الْوُجُوبُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الْجِدَارِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا رُوِيَ، وَمَا كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِمْ غَيْرَ وَاجِبٍ وَبِأَنَّهُ قَضَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَرْفَاقِ، وَقَوْلُهُ لَا يَحِلُّ مَالُ إلَخْ فِي التَّمَلُّكِ وَالِاسْتِهْلَاكِ لَا فِي الْإِرْفَاقِ وَبِقَضَاءِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِهِ، وَقَوْلُهُ لِابْنِ مَسْلَمَةَ وَاَللَّهِ لَيَرْمُنَّ بِهِ وَلَوْ عَلَى بَطْنِك، وَلَمْ تَمْنَعْ أَخَاك مَا يَنْفَعُهُ وَلَا يَضُرُّك وَبِقَضَاءِ عُمَرَ بِهِ لِابْنِ عَوْفٍ عَلَى ابْنِ زَيْدٍ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي لَهُ مَنْعُهُ وَإِنْ مَنَعَهُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ. الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ هَلْ لِجَارِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ لِلشُّيُوخِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِجَوَازِ التَّعْلِيقِ لِلْمَسَاجِدِ الْمُتَّصِلَةِ بِالدُّورِ وَلَمْ يَضُرَّهَا، وَجَوَازُ غَرْزِ جَارِهَا خَشَبَةً بِحَائِطِهَا وَنَقَلَهُ عَنْ الشُّيُوخِ، قَالَ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيهِ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الدُّورِ بِهِ وَلَوْ اتَّصَلَتْ بِهِ جَازَ عِنْدِي، وَافَتَى ابْنُ الْقَطَّانِ بِمَنْعِ الْغَرْزِ وَابْنُ مَالِكٍ بِمَنْعِهِ وَمَنْعِ التَّعْلِيقِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى حَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ، وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ يُمْنَعُ فَتْحُ بَابٍ فِي الْمَسْجِدِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) نُدِبَ لِلْجَارِ (إرْفَاقٌ) أَيْ إعَانَةٌ وَمُسَاعَدَةٌ لِجَارِهِ (بِ) دَفْعِ (مَاءٍ) بِالْمَدِّ حُلْوٍ أَوْ مِلْحٍ (وَ) بِ (فَتْحِ بَابٍ) لِلْمُرُورِ مِنْهُ فِي ذَاتِ الْبَابَيْنِ. الْبَاجِيَّ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ كُلُّ مَا يَطْلُبُهُ جَارُهُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ أَوْ إرْفَاقٍ بِمَاءٍ أَوْ طَرِيقٍ وَشَبَهِهِ فَهُوَ مِثْلُهُ، أَيْ غَرْزُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 332 وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَفِيهَا: إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ، وَفِي مُوَافَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ: تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] الْخَشَبِ فِي الْجِدَارِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِمَّا لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَنْفَعُهُ مَنْعُهُ وَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ (وَ) إنْ أَعَارَ جَارٌ أَرْضًا لِجَارِهِ فَبَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَ (لَهُ) أَيْ الْمُعِيرِ (أَنْ يَرْجِعَ) فِيمَا أَعَارَهُ (إنْ دَفَعَ) الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ (مَا) أَيْ مِثْلَ الْمَالِ الَّذِي (أَنْفَقَهُ) الْمُسْتَعِيرُ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ وَفِيهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ (أَوْ قِيمَتَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَائِمًا. (وَفِي مُوَافَقَتِهِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِحَمْلِ مَا أَنْفَقَ عَلَى شِرَائِهِ مَا عَمَّرَ بِهِ وَقِيمَتُهُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ حُمِلَ الْأَوَّلُ عَلَى رُجُوعِهِ بِالْقُرْبِ وَالثَّانِي عَلَى رُجُوعِهِ بَعْدَ طُولٍ أَوْ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَكُنْ غَبْنٌ فِي شِرَاءِ مَا عَمَّرَ بِهِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا فِيهِ غَبْنٌ (وَمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الثَّانِي الْأَوَّلَ (تَرَدُّدٌ) حَكَاهُ صَاحِبُ النُّكَتِ وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ تَأْوِيلَاتٌ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَذِنْت لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِك أَوْ يَغْرِسَ فَلَمَّا فَعَلَ أَرَدْت إخْرَاجَهُ فَإِمَّا بِقُرْبِ إذْنِك لَهُ مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ تُعِيرَهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ الْقَرِيبَةِ فَلَيْسَ لَك إخْرَاجُهُ إلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ. وَقَالَ فِي بَابٍ بَعْدَ هَذَا قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تَرَكْته إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّك أَعَرْته إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْأَمَدِ. أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ أَعَارَ جَارَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جِدَارِهِ ثُمَّ أَغْضَبَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِأَمْرٍ نَزَلَ بِهِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِهِ فَقَالَ انْزَعْ خَشَبَك فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. الْبَاجِيَّ رَوَى مَرْوَانُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْزِعَهَا وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَاحْتَاجَ إلَى جِدَارِهِ مَاتَ أَوْ عَاشَ أَوْ بَاعَ. وَقَالَ أَصْبَغُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَتَى عَلَيْهِ مِنْ الزَّمَانِ مَا يُعَارُ مِثْلُهُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ فَلَهُ مَنْعُهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِهِمْ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيهَا يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ إذَا أَخْرَجَ مَنْ عِنْدِهِ آجُرًّا أَوْ جِيرًا وَخَشَبًا وَنَحْوَهَا، وَقَوْلُهُ مَا أَنْفَقَ إذَا أَخْرَجَ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لَا يَكُونُ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ رَأَى مَرَّةً أَنْ يُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَغَابُنٌ أَوْ فِيهِ تَغَابُنٌ يَسِيرٌ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 333 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَمَرَّةً رَأَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَعْدَلُ إذْ قَدْ يَتَسَامَحُ مَرَّةً فِيمَا يَشْتَرِيهِ، وَمَرَّةً يُغْبَنُ فِيهِ، فَإِذَا أَعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ بِنَائِهِ لَمْ يَظْلِمْ. ابْنُ يُونُسَ فَلَا يَكُونُ عَلَى هَذَا اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ تَأْوِيلَ وِفَاقٍ، وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقِيلَ لَيْسَ اخْتِلَافًا فَلَهُ النَّفَقَةُ إذَا كَانَ لَمْ يُغْبَنْ فِيهَا وَقِيمَتُهَا إذَا كَانَ غَبْنٌ فَيَرْجِعُ إلَى أَنَّ لَهُ الْأَقَلَّ مِنْ النَّفَقَةِ أَوْ قِيمَتِهَا. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ يُونُسَ وَالتَّأْوِيلَانِ مُحْتَمَلَانِ، وَقِيلَ الثَّانِي خَطَأٌ. عب قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ إلَخْ، إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ أَعَارَ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ لَا فِيمَنْ أَعَارَ جِدَارًا لِغَرْزِ خَشَبَةٍ فِيهِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وتت، إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ كَمَا تَبَيَّنَّ مِمَّا تَقَدَّمَ الْحَطّ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا طَالَ الزَّمَانُ أَمْ لَا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْعَرْصَةِ الْمُعَارَةِ لِبِنَاءٍ، لَكِنْ جَمَعَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ مَسْأَلَةَ الْجِدَارِ وَمَسْأَلَةَ الْعَرْصَةِ، وَحَكَيَا الْخِلَافَ فِيهِمَا وَتَبَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا أَيْضًا. فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَرْصَةِ الْمُعَارَةِ لِبِنَائِهَا، وَلَكِنْ جَمَعَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ مَسْأَلَتَيْ الْجِدَارِ وَالْعَرْصَةِ، وَحَكَيَا الْخِلَافَ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَتَبَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ هُنَا وَفِي الْعَارِيَّةِ الْبُنَانِيُّ لَكِنْ قَوْلُهُ فِيهَا إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَا قَصَدَ إلَّا مَسْأَلَةَ الْعَرْصَةِ لِأَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ إلَّا فِيهَا وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ لَمْ يَنْسُبَا الْخِلَافَ فِي الْجِدَارِ لِلْمُدَوَّنَةِ، فَاعْتِذَارُ الْحَطّ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 334 فَصْلٌ) لِكُلٍّ، فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ   [منح الجليل] [فَصْلٌ فِي بَيَان أَحْكَام الشَّرِكَة فِي الزَّرْع] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الشَّرِكَةِ فِي الزَّرْعِ (لِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الزَّرْعِ (فَسْخُ) عَقْدِ (الْمُزَارَعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُزَارَعَةُ شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ، وَبِالثَّانِي عَبَّرَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَبَّرَ بِالْأَوَّلِ كَثِيرٌ، سَمَعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا عَلَى مُزَارَعَةٍ وَرَوَى الْبَزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقُولَن أَحَدُكُمْ زَرَعْت وَلْيَقُلْ حَرَثْت» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلَا يَزْرَعُ مُسْلِمٌ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ» . الْبُرْزُلِيُّ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَا يَقُولَن أَحَدُكُمْ زَرَعَتْ وَلْيَقُلْ حَرَثْت فَإِنَّ الزَّارِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى» . أَبُو هُرَيْرَةَ لِقَوْلِهِ {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63] {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْله تَعَالَى {كَمَثَلِ حَبَّةٍ} [البقرة: 261] الْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اتِّخَاذَ الْحَرْثِ مِنْ أَعْلَى الْحِرَفِ الْمُتَّخَذَةِ لِلْمَكَاسِبِ، وَيَشْتَغِلُ بِهَا الْعُمَّالُ، وَلِهَذَا ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَثَلَ بِهَا قَالَ وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْتَمِسُوا الرِّزْقَ فِي خَبَايَا الْأَرْضِ» يَعْنِي الزَّرْعَ وَفِي حَدِيثِ مَدْحِ النَّخْلِ «هُنَّ الرَّاسِخَاتُ فِي الْوَحْلِ وَالْمُطْعِمَاتُ فِي الْمَحْلِ» . قَالَ وَالْمُزَارَعَةُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ غَرْسِ الشَّجَرِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَقِيَ ابْنَ شِهَابٍ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى مَالٍ أُعَالِجُهُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ: أَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ لَقِيتُهُ ... وَقَدْ شَدَّ أَحْلَاسَ الْمَطِيِّ مُشَرِّقَا اتْبَعْ خَبَايَا الْأَرْضِ وَادْعُ مَلِيكَهَا ... لَعَلَّك يَوْمًا أَنْ تُجَابَ فَتُرْزَقَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 335 إنْ لَمْ يُبْذَرْ   [منح الجليل] الْقُرْطُبِيُّ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَرْمِي الْبَذْرَ أَنْ يَقُولَ عَقِبَ الِاسْتِعَاذَةِ {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} [الواقعة: 63] {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 64] بَلْ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الزَّارِعُ الْمُنْبِتُ الْمُبَلِّغُ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَارْزُقْنَا خَيْرَهُ وَجَنِّبْنَا ضَرَرَهُ، وَاجْعَلْنَا لِأَنْعُمِكَ مِنْ الشَّاكِرِينَ اهـ. قَالَ وَهَذَا الْقَوْلُ أَمَانٌ لِلزَّرْعِ مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ الدُّودِ وَالْجَرَادِ وَغَيْرِهِمَا، سَمِعْته مِنْ ثِقَةٍ وَجُرِّبَ فَوُجِدَ كَذَلِكَ وَاخْتُلِفَ هَلْ الْأَفْضَلُ الزِّرَاعَةُ لِكَثْرَةِ التَّنَاوُلِ مِنْهَا أَوْ الْغِرَاسَةُ لِدَوَامِهَا الْبُرْزُلِيُّ وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ زَرْعِهِ أَوْ غَرْسِهِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُهُ مَا دَامَ قَائِمًا عَلَى أُصُولِهِ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ. وَلَا تَلْزَمُ الْمُزَارَعَةُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهَا فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا (إنْ لَمْ يُبْذَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْوَحْدَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَمْ يُجْعَلْ الْبَذْرُ بِالْأَرْضِ، فَإِنْ بُذِرَ لَزِمَتْ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْعَمَلِ بَذْرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَبِهِ جَرَتْ الْفَتْوَى بِقُرْطُبَةَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُزَارَعَةِ لِأَنَّهَا شَرِكَةٌ وَإِجَارَةٌ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُقْتَضِيَةٌ لِلْأُخْرَى بِكُلِّيَّتِهَا لَا فَضْلَ فِيهَا عَنْهَا، فَاخْتُلِفَ أَيُّهُمَا تُغَلَّبُ، فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ لَمْ يَرَهَا لَازِمَةً بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُجِزْهَا إلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ وَالِاعْتِدَالِ، إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَا لَا فَضْلَ لِكِرَائِهِ. وَمِنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ أَلْزَمَهَا بِالْعَقْدِ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُرَاعِ التَّكَافُؤَ غَيْرَ ابْنِ حَبِيبٍ، قَالَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ الْأَمْرُ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ فِي الْبُيُوعِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ ذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ تَفَاحَشَ الْفَضْلُ فِي قِيمَةِ الْكِرَاءِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ لَهُ بَالٌ لَمْ يُخْرِجْ صَاحِبُهُ عِوَضًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَغَلُّبِ الْإِجَارَةِ وَإِلْزَامِ الْعَقْدِ أَنْ يَجُوزَ التَّفَاضُلُ بِكُلِّ حَالٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ خَلِيلٌ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ دَوَرَانُهَا بَيْنَ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهَا شَرِكَةٌ حَقِيقِيَّةٌ إلَّا أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَعْمَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ أَوْ الشُّرُوعِ ثَالِثُهَا بِالْأَبْذَارِ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 336 وَصَحَّتْ، إنْ سَلِمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ، وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ، وَتَسَاوَيَا   [منح الجليل] وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمَبْسُوطَةِ وَبِهِ جَرَتْ الْفُتْيَا بِقُرْطُبَةَ. وَهُوَ عَلَى قِيَاسِ رِوَايَةِ عَلَى لُزُومِ الْجُعْلِ بِالشُّرُوعِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ سَمَاعِهِ أَصْبَغَ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرَ الْأَوَّلِ، وَقَالَ اتَّفَقُوا عَلَى انْعِقَادِهَا بِالْعَمَلِ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَصَحَّتْ) الْمُزَارَعَةُ (إنْ سَلِمَا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمُتَزَارِعَانِ أَيْ عَقْدُهُمَا الشَّرِكَةَ فِي الزَّرْعِ (مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِ) شَيْءٍ (مَمْنُوعٍ) كِرَاؤُهَا بِهِ، وَهُوَ الطَّعَامُ، وَلَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ الْأَرْضُ كَالسَّمْنِ وَعَسَلِ النَّحْلِ وَمَا تُنْبِتُهُ وَلَا تَطُولُ إقَامَتُهُ بِهَا وَلَوْ غَيْرَ طَعَامٍ، كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ (وَ) إنْ (قَابَلَهَا) أَيْ الْأَرْضَ شَيْءٌ (مُسَاوٍ) لِكِرَائِهَا مِنْ عَمَلِ يَدٍ أَوْ بَقَرٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَصْحَابِهِ. سَحْنُونٌ وَهُوَ صَوَابٌ. فَالْمُسَاوَاةُ شَرْطٌ، وَعَدَمُهَا مَانِعٌ، وَكَثِيرًا مَا يُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ الشَّرْطَ عَلَى عَدَمِ الْمَانِعِ، وَمَفْهُومُ مُسَاوٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قَابَلَهَا أَكْثَرُ مِنْ كِرَائِهَا بِكَثِيرٍ فَسَدَتْ وَبِيَسِيرٍ اُغْتُفِرَ أَفَادَهُ تت. (وَ) إنْ (تَسَاوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِيمَا يُخْرِجَانِهِ وَالْأَرْضُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُبَاحَةٌ لِعُمُومِ النَّاسِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَكِرَاؤُهَا يَسِيرٌ لَا خَطْبَ لَهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ تُلْغَى الْأَرْضُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كِرَاءٌ " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الزَّرْعِ إلَّا أَنْ يُخْرِجَا الْبَذْرَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَتَسَاوَيَا فِي قِيمَةِ أَكْرِيَةِ مَا يُخْرِجَانِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَلِلْآخِرِ الْبَقَرُ، وَالْعَمَلُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ عَلَيْهِمَا إذَا تَسَاوَيَا وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ وَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا وَقِيمَةُ الْبَذْرِ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ سَوَاءٌ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ أَكْرَى نِصْفَ أَرْضِهِ بِطَعَامٍ، وَلَوْ اكْتَرَيَا الْأَرْضَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ كَانَتْ لَهُمَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ كُلَّهُ وَالْآخَرُ الْبَقَرَ وَالْعَمَلَ وَكِرَاءُ ذَلِكَ وَقِيمَةُ الْبَذْرِ سَوَاءٌ. وَإِذَا سَلِمَ الْمُتَزَارِعَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ أَنَّ الْأَرْضَ لِوَاحِدٍ وَالْبَذْرُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 337 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ جَازَتْ الشَّرِكَةُ إنْ تَسَاوَيَا وَلَمْ يَفْضُلْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ فِي عَمَلٍ وَلَا نَفَقَةٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ. سَحْنُونٌ أَنْ تَفَاضَلَا فِي الْعَمَلِ تَفَاضُلًا كَثِيرًا لَهُ بَالٌ، فَالشَّرِكَةُ تَفْسُدُ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ التَّفَاضُلُ يَسِيرًا لَمْ تَفْسُدْ الشَّرِكَةُ كَمَا أَجَازَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ تُلْغَى الْأَرْضُ الَّتِي لَا كِرَاءَ لَهَا ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمْ الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ فَهَذِهِ إجَارَةٌ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَأَجَازَ سَحْنُونٌ أَنْ يَكُونَ كِرَاءُ الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ لِأَنَّ ذَلِكَ إجَارَةٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى التَّسَاوِي، وَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يَبْذُرَ مَعَ صَاحِبِهِ لِلُزُومِ الشَّرِكَةِ. وَنَقَلَ أَهْلُ كُتُبِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْمُتَزَارِعَيْنِ إذَا سَلِمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزَّرْعِ فَيُخْرِجُ أَحَدُهُمَا أَرْضًا لَهَا قَدْرٌ مِنْ الْكِرَاءِ فَيُلْغِيهَا لِصَاحِبِهِ وَيَعْتَدِلَانِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَ صَاحِبُهُ نِصْفَ كِرَاءِ الْأَرْضِ، وَيَكُونُ جَمِيعُ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ تَكُونُ أَرْضًا لَا خَطْبَ لَهَا فِي الْكِرَاءِ فَيَجُوزُ أَنْ يُلْغِيَ كِرَاءَهَا لِصَاحِبِهِ وَيُخْرِجَانِ مَا عَدَاهَا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا. سَحْنُونٌ إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَقِيمَتُهُ مُسَاوِيَةٌ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ جَازَ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلُ سَحْنُونٍ هُوَ الْأَشْبَهُ، وَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ بِبَيِّنٍ وَإِذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ فَهَذِهِ إجَارَةٌ تَلْزَمُ بِعَقْدِهَا " غ " قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ فَهُوَ مُغْنٍ عَنْهُ " ح " قَوْلُهُ تَسَاوَيَا لَا شَكَّ فِي إغْنَائِهِ عَنْ قَوْلِهِ، وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ فَشَرْطُهَا شَيْئَانِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ. وَلَا تَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَسْلَمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَأَنْ يَعْتَدِلَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ عب الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ شَرْطُهُمَا قَسْمُ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَاهُ كَأَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْبَقَرِ وَالْعَمَلِ خَمْسِينَ، وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 338 إلَّا لِتَبَرُّعٍ بَعْدَ الْعَقْدِ   [منح الجليل] وَلِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثُ، فَتَجُوزُ، وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا ذُكِرَ بِعَكْسِ مَا مَرَّ جَازَ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَسَدَتْ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ، وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ خَمْسِينَ وَالْبَقَرِ وَالْعَمَلِ كَذَلِكَ جَازَ إنْ دَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَسَدَتْ فَالْمُرَادُ. بِالتَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُطَابِقًا لِلْمُخْرَجِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْخَارِجِ وَالْمُخْرَجِ جَمِيعًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذَلِكَ. طفي لَيْسَ الْمُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُزَارَعَةِ إلَّا شَرْطَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِ وَتَسَاوَيَا، فَيُغْنِي عَنْهُ كَمَا قَالَ " غ " وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَخَلْطُ بَذْرٍ فَلَيْسَ مِنْ شُرُوطِهَا لِأَنَّ شَرْطَهَا مَا كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ صُوَرِهَا، وَهَذَا خَاصٌّ بِبَعْضِ الصُّوَرِ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ كَانَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَهَا شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ السَّلَامَةُ مِنْ مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ أَوْ بَعْضِهَا بِمَا لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ، الثَّانِي: التَّعَادُلُ بَيْنَ الْإِشْرَاكِ فِي قِسْمَةِ الْمُخْرَجِ أَوْ قِيمَتِهِ بِحَسَبِ حِصَصِ الْإِشْرَاكِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَجْزَاءِ، عَلَى أَنَّ لَهُ مِمَّا يَخْرُجُ مَالًا يَكُونُ قَدْرَ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا لَا يُؤْبَهُ لَهُ فَلَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ. وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ وَقَابَلَهَا صَارَ فَإِنَّهُ، قَالَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَا يُقَابِلُهَا مُعَادِلًا لِكِرَائِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا يُغْنِي عَنْهُ وَهُوَ التَّسَاوِي فِي الْمُخْرَجِ، فَجَاءَ كَلَامُهُ حَسَنًا اهـ. قُلْت شَاعَ أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ بِإِغْنَاءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ لِوُقُوعِ الْأَوَّلِ فِي مَرْكَزِهِ. وَلَا يُغْنِي عَنْ الْمُتَأَخِّرِ فَاحْتِيجَ لِلثَّانِي، فَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ أَحْسَنُ مِنْ صَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِإِخْلَالِهِ بِشَرْطِ التَّسَاوِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ وَمُتَسَاوِيًا فَقَالَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَدَمُ التَّسَاوِي (لِتَبَرُّعٍ) مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْ الْمُزَارَعَةِ بِزِيَادَةِ عَمَلٍ أَوْ قَدْرٍ مِمَّا يَخْرُجُ لِلْآخَرِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) فَلَا تَفْسُدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْبَذْرِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 339 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ق " ابْنُ حَبِيبٍ إنْ تَفَاضَلَا فِيمَا أَخْرَجَهُ الْمُتَزَارِعَانِ فَإِنْ كَانَا عَقَدَا عَلَى الِاعْتِدَالِ جَازَ مَا فَضَلَ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ طَوْعًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ إنْ اعْتَدَلَا فِي الزَّرِيعَةِ سَحْنُونٌ إنْ صَحَّ الْعَقْدُ جَازَ أَنْ يَتَفَاضَلَا، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ زَرِيعَةٍ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا لَوْ أَسْلَفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ وَأْيٍ وَلِإِعَادَةِ الشَّيْخِ يُرِيدُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِعَقْدِهَا كَالْبَيْعِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى إنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى غَيْرِ شَرْطِ سَلَفٍ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُسْلِفَهُ الزَّرِيعَةَ فَفَعَلَ فَلَا بَأْسَ بِهِ نَظَرٌ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَفْسُدْ الْمُزَارَعَةُ إذَا كَانَ السَّلَفُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ غَيْرَ لَازِمَةٍ بِهِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ رَآهَا لَازِمَةً بِهِ وَلَعَلَّهُمَا ظَنَّا لُزُومَهَا بِهِ فَبَعُدَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُمَا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ " غ " قَوْلُهُ إلَّا لِتَبَرُّعٍ بَعْدَ الْعَقْدِ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ اللَّازِمِ بِالْبَذْرِ، فَأَلْ عَهْدِيَّةٌ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا قَصَدَ بِهَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَجَابَ عَنْهُ وَهُوَ لَا شَكَّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَنَصُّ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي حَرْثٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ أَسْلِفْنِي بَعْدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ لِلسَّلَفِ الَّذِي أَسْلَفَهُ مِنْ الزَّرِيعَةِ إنْ كَانَا اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ عَلَى غَيْرِ سَلَفٍ ثُمَّ سَأَلَهُ ذَلِكَ فَفَعَلَ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَالشَّرِكَةُ حَلَالٌ جَائِزَةٌ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَمَلِ مُكَافِئَةً لِقِيمَةِ الْأَرْضِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ فَلَيْسَ بِهِ بَأْسٌ نَظَرٌ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجُوزَ السَّلَفُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَقْدَ عِنْدَهُ، وَلَا دَلِيلَ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى ذَلِكَ، إذْ قَدْ ذَكَرَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ حَلَالٌ جَائِزَةٌ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَمَلِ مُكَافِئَةً لَقِيمَةِ الْأَرْضِ لِأَنَّ مَنْ يَرَاهَا لَازِمَةً بِالْعَقْدِ يُجِيزُ التَّفَاضُلَ فِيهَا وَلَا يَشْتَرِطُ جَوَازُهَا التَّكَافُؤَ فِيمَا يُخْرِجَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَفْسُدْ إذَا كَانَ السَّلَفُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُ غَيْرَ لَازِمَةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 340 وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ كَانَ، وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا   [منح الجليل] بِهِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ رَآهَا لَازِمَةً بِهِ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ بِعَدَمِ لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ وَيَجُوزُ التَّبَرُّعُ بَعْدَهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُخَالِفِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارٍ عَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِتَأْوِيلِهِ وَإِخْرَاجِهِ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِهِ يَسْقُطُ بَحْثُ اللَّقَانِيِّ، وَأَمَّا بَحْثُ طفي مَعَ " غ " بِأَنْ حَمَلَ الْعَقْدَ عَلَى اللَّازِمِ بِالْبَذْرِ، رَأَى تَمَامَهُ نَقَلَ مَعَهُ فَائِدَةَ التَّبَرُّعِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ، فَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ التَّبَرُّعِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَذْرِ بِالسَّقْيِ أَوْ التَّنْقِيَةِ أَوْ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ فِي حِصَّتِهِ أَوْ نَحْوِهَا. (وَخَلْطُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ مَصْدَرُ خَلَطَ بِفَتْحِهَا فَاعِلُ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى سَلِمَ شَرْطُ أَنْ أَيْ وَحَصَلَ خَلْطُ (بَذْرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زَرِيعَةٌ فَشَمِلَ الزَّرِيعَةَ الْخُضَرَ الَّتِي تُنْقَلُ كَالْبَصَلِ وَالْقَصَبِ، هَذَا هُوَ الشَّائِعُ فِي قِرَاءَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ عَطْفٌ عَلَى سَلِمَ (إنْ كَانَ) الْبَذْرُ مِنْهُمَا، وَيَكْفِي الْخَلْطُ (وَلَوْ) كَانَ (بِإِخْرَاجِهِمَا) أَيْ شَرِيكَيْ الْمُزَارَعَةِ بَذْرَيْهِمَا وَزَرْعِهِمَا فِي نَاحِيَتَيْنِ مُتَمَيِّزٌ كُلٌّ بَذْرُهُ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ الْآتِي، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا. . . إلَخْ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يَكْفِي هَذَا وَلَا بُدَّ مِنْ خَلْطِهِمَا فِي الزِّرَاعَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْبَذْرُ الْمُشْتَرَكُ شَرْطُهُ الْخَلْطُ كَالْمَالِ الْمُوَضِّحُ لَمَّا كَانَ الْخَلْطُ ظَاهِرًا فِي عَدَمِ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَالْمَالِ مُشِيرًا إلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ كِفَايَةِ كَوْنِهِ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَكَذَا قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 341 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - اللَّخْمِيُّ وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ مَرَّةً إنَّمَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ إذَا خَلَطَا الزَّرِيعَةَ أَوْ جَمَعَاهَا فِي بَيْتٍ أَوْ حَمَلَاهَا إلَى فَدَّانٍ وَنَصُّ هَذَا الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، وَإِذَا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ فِي الزِّرَاعَةِ وَأَخْرَجَا الْبَذْرَ جَمِيعًا إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَخْلِطَا فَزَرَعَ هَذَا فِي فَدَّانٍ أَوْ فِي بَعْضِهِ، وَزَرَعَ الْآخَرَ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى وَلَمْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرِكَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَثْبَتَ حَبُّهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي فَضْلِ الْأَكْرِيَةِ، وَيَتَقَاصَّانِ، وَإِنَّمَا تَتِمُّ الشَّرِكَةُ إذَا خَلَطَا مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ الزَّرِيعَةِ أَوْ جَمَعَاهَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ أَوْ حَمَلَاهَا جَمِيعًا إلَى الْفَدَّانِ وَبَذَرَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرَفِهِ فَزَرَعَا وَاحِدَةً ثُمَّ زَرَعَا الْأُخْرَى فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ جَمَعَا فِي بَيْتِ، بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ خَلَطَا أَوْ لَمْ يَخْلِطَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إمَّا سَكَتَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِشَرِكَةٍ جَائِزَةٍ خَلَطَا أَمْ لَمْ يَخْلِطَا لِاحْتِمَالِهِ جَوَازَ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ مَمْنُوعٌ أَوْ لَا لَكِنَّهُ إنْ وَقَعَ مَضَى وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَفْرِيعِهِ اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ فَصْلٌ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِهِمَا هَلْ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ أَنْ يَخْلِطَاهُ قَبْلَ الْحَرْثِ فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الشَّرِكَةَ إذَا أَخْرَجَا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَا وَهُوَ أَيْضًا أَصْلُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَاخْتُلِفَ عَنْ سَحْنُونٍ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ. اهـ. فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْخَلْطَ يَكْفِي فِيهِ إخْرَاجُهُمَا الْبَذْرَ وَلَوْ لَمْ يَخْلِطَا كَمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَأَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ مَا فَرَّعَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ كَانَ إلَخْ، هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا يُعْرَفُ لِسَحْنُونٍ وَإِلَيْهِ عَزَاهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا عَلَى أَصْلِهِمَا فِي شَرِكَةِ الْمَالِ وَسَحْنُونٌ عَلَى أَصْلِهِ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ فِيهَا، فَكُلُّ طَرْدٍ أَصْلُهُ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 342 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْبَذْرُ الْمُشْتَرَكُ شَرْطُهُ الْخَلْطُ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ خَلَطَا أَوْ لَمْ يَخْلِطَا عَلَى مَا حَكَاهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ. اهـ. وَمَا عَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ هُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ يُونُسَ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ شَرْطَهَا خَلْطُ الْبَذْرِ أَوْ جَمْعُهُ فِي بَيْتٍ أَوْ حَمْلُهُ جَمِيعًا إلَى الْفَدَّانِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلْطَ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا فَفِي شَرْطِهَا بِخَلْطِهِ قَوْلَا سَحْنُونٍ وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. سَحْنُونٌ جَمَعَهُ فِي بَيْتٍ أَوْ حَمَلَهُ جَمِيعًا لِلْفَدَّانِ زَرِيعَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي ظَرْفِهِ زَرْعًا وَاحِدًا ثُمَّ الْآخَرُ كَخَلْطِهِمَا. اهـ. فَظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ شَرْطَ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ عِنْدَ سَحْنُونٍ فَقَطْ. وَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ مَا يُخَالِفُ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَذْرُ الْمُشْتَرَكُ شَرْطُهُ الْخَلْطُ كَالْمَالِ مَا نَصُّهُ: وَلَمَّا كَانَ الْخَلْطُ ظَاهِرًا فِي عَدَمِ تَمَيُّزِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَالْمَالِ، فَأَشَارَ إلَى مَا قَدَّمَهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، وَهَكَذَا قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. اللَّخْمِيُّ وَاخْتُلِفَ عَنْ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً إلَخْ مَا تَقَدَّمَ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَا بِشَرْطِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ هُنَا وَفِي شَرِكَةِ الْمَالِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الصِّحَّةِ عِنْدَهُمَا فِيهِمَا كَمَا عَلِمْت. وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ فَفِي شَرْطِهَا بِالْخَلْطِ الْحِسِّيِّ الْمُفِيدِ عَدَمَ تَمِزْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، أَوْ بِمُجَرَّدِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي حَوْزٍ وَاحِدٍ ثَالِثُهَا هَذَا، أَوْ شِرَاءُ كُلٍّ بِمَالِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فِي ثُبُوتِهَا فِيهِ لِلَّخْمِيِّ عَنْ الْغَيْرِ وَعَنْ سَحْنُونٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخَلْطِ لِسَحْنُونٍ فَقَطْ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَدَمُهُ وَكُلٌّ عَلَى أَصْلِهِ فِي شَرِكَةِ الْمَالِ وَفِي شَرِكَةِ الزَّرْعِ، فَمَا نَسَبَهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَتْبَعُهُ الْمُصَنِّفُ غَالِبًا، وَعَلَى مَا قَالَ لَا يَصِحُّ كَلَامُهُ إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي وَافَقَ فِيهِ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَوْلِهِ الْآخِرِ لِشَرْطِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ فِيهِمَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 343 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَدْ اغْتَرَّ " ح " بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّ الْخَلْطَ يَكْفِي فِيهِ إخْرَاجُهُمَا الْبَذْرَ وَلَوْ لَمْ يَخْلِطَاهُ كَمَا هُوَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ بِلَوْ، وَحَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - " شَرَطَا الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت، وَظَهَرَ لَك أَنَّ الصَّوَابَ حَمْلُ الشَّارِحِ، وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ صَدْرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الدَّالِّ عَلَى الْمُرَادِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ وَلَا لِمَا فِي كَلَامِ التَّوْضِيحِ مِنْ اتِّحَادِ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا الْمُرَادُ بِإِخْرَاجِهِمَا كَمَا فِي " ح " إنْ خَرَجَا مَعًا بِالْبَذْرِ وَلَوْ زَرَعَ هَذَا بَذْرَهُ فِي نَاحِيَةٍ، وَهَذَا فِي نَاحِيَةٍ، وَزَرْعُ أَحَدِهِمَا مُتَمَيِّزٌ عَنْ الْآخَرِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَالْمُرَادُ بِلَوْ قَوْلُهُ الْآخَرُ إنَّهُ لَا يَكْفِي إخْرَاجُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ الْبَذْرَانِ بَعْدَ زَرْعِهِمَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهَا عَنْ الْآخَرِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ شَاسٍ، فَحَمْلُ " ز " الْإِخْرَاجَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي غَيْرُ صَوَابٍ. وَقَوْلُهُ وَرَدُّ الْمُصَنِّفِ بِلَوْ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ، ثُمَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ طفي الْمُتَقَدِّمِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ فِي التَّوْضِيحِ حَمْلَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ وَأَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالْخَلْطِ فِي كَلَامِهِ تَسَامُحٌ بِقَرِينَةِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ كَالْمَالِ، فَتَبِعَهُ " ح "، عَلَى ذَلِكَ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِرَارًا مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 344 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّ مَالِكًا وَابْنَ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - " قَالَا بِشَرْطِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ اتِّحَادُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ، لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْقَوْلِ بِالْخَلْطِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَلْطِهِمَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ بِخِلَافِهِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إذْ قَالَ لَوْ بَذَرَ كُلٌّ بَذْرَهُ فِي نَاحِيَةٍ عَلَى الشَّرِكَةِ فَلَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ، وَيَتَرَاجَعَانِ فِي فَضْلِ الْأَكْرِيَةِ. ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هِيَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ صَحِيحَةٌ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَمِثْلُهُ فِي " ح "، وَأَرَادَ طفي حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا إلَخْ، فَإِنَّهُ لَا يَتَفَرَّعُ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى شَرْطِ الْخَلْطِ وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ عِنْدَهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشَّرِكَةِ مُطْلَقًا أَنْبَتَ بَذْرُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَمْ لَا. وَبَقِيَ شَرْطٌ وَهُوَ تَمَاثُلُ الْبَذْرَيْنِ جِنْسًا، فَإِنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ شَعِيرًا أَوْ سُلْتًا أَوْ صِنْفَيْنِ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ، فَقَالَ سَحْنُونٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ، ثُمَّ قَالَ تَجُوزُ إذَا اعْتَدَلَتْ الْقِيمَةُ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ وَالْمَكِيلَةُ ذَكَرَهُ " ح ". عج وَالْخِلَافُ جَارٍ أَيْضًا إذَا كَانَ بَدَلُ الشَّعِيرِ فُولًا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ تَمْتَنِعُ الشَّرِكَةُ بِالْقَمْحِ وَالْفُولِ اتِّفَاقًا أَفَادَهُ عب، وَتَمَامُ عِبَارَةِ ح، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَزَادَ بَعْدَهُ. قَالَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 345 فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا وَعُلِمَ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ، وَإِنْ غَرَّ، وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ، وَإِلَّا فَعَلَى كُلٍّ: نِصْفُ بَذْرِ الْآخَرِ، وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا:   [منح الجليل] بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَنْ لَمْ يُجِزْ الشَّرِكَةَ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لَمْ يُجِزْ الْمُزَارَعَةَ بِطَعَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَوْ اعْتَدَلَتْ قِيمَتُهُمَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ لِبَقَاءِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى طَعَامِهِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ طَعَامُهُ، وَلَا يَكُونُ التَّمْكِينُ قَبْضًا كَالشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِالْعُرُوضِ لَا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ سِلْعَةَ صَاحِبِهِ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِكَانِ بِأَثْمَانِ السِّلَعِ الَّتِي وَقَعَتْ الشَّرِكَةُ فِيهَا فَاسِدَةً اهـ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا) أَيْ شَرِيكَيْ الْمُزَارَعَةِ (وَعُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ صَاحِبُ الْبَذْرِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بِأَنْ بَذَرَ كُلٌّ بَذْرَهُ فِي نَاحِيَةٍ مُتَمَيِّزَةٍ عَنْ النَّاحِيَةِ الَّتِي بَذَرَ الْآخَرُ فِيهَا وَعُلِمَتْ النَّاحِيَتَانِ (لَمْ يُحْتَسَبْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ (بِهِ) أَيْ الْبَذْرِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ فِيمَا أُخْرِجَ لِلشَّرِكَةِ وَيَضِيعُ عَلَى صَاحِبِهِ (إنْ غَرَّ) صَاحِبُ الْبَذْرِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ شَرِيكَهُ بِأَنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ لِإِصَابَتِهِ الدُّخَّانَ مَثَلًا كَبِزْرِ الْكَتَّانِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَارِّ لِشَرِيكِهِ (مِثْلُ نِصْفِ) الْبَذْرِ (النَّابِتِ) وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ عَلَى الْغَارِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَمَلِ الْمُصَنِّفُ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ كِرَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي غُرَّ فِيهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ صَاحِبُ الْبَذْرِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ شَرِيكَهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ عِلَّتَهُ (فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ مِثْلُ (نِصْفِ بَذْرِ الْآخَرِ) فَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ الَّذِي نَبَتَ مِثْلُ نِصْفِ الْبَذْرِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ مِثْلُ نِصْفِ الْبَذْرِ الَّذِي نَبَتَ (وَالزَّرْعُ) مُشْتَرَكٌ (لَهُمَا) فِي الصُّورَتَيْنِ. " غ " أَصْلُ هَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَنَصَّهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ. وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خَلَطَا أَوْ لَمْ يَخْلِطَا الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ، وَإِذَا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ فِي هَذَا فَنَبَتَ زَرْعُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَنْبُتْ زَرْعُ الْآخَرِ فَإِنْ غُرَّ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ بَذْرِ صَاحِبِهِ لِصَاحِبِهِ، وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا عِوَضَ لَهُ فِي بَذْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ وَلَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 346 كَأَنْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ   [منح الجليل] يَغُرَّهُ، فَعَلَى الَّذِي نَبَتَ بَذْرُهُ أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهِ مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ عَلَى أَنْ يَنْبُتَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ الَّذِي نَبَتَ، وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ، غَرَّهُ أَوْ لَمْ يَغُرَّهُ، وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ غَرَّ صَاحِبَهُ فَأَخْرَجَ زَرِيعَةً يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْبُتُ فَلَمْ تَنْبُتْ فَضَمَانُهَا مِنْهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِثْلَ مَكِيلَتِهَا مِنْ زَرِيعَةٍ تَنْبُتُ فَيَزْرَعُهَا فِي ذَلِكَ الْقَلِيبِ، وَهُمَا عَلَى شَرِكَتِهَا وَلَا غُرْمَ عَلَى الْآخَرِ الْغَارِّ، وَإِنْ لَمْ يَغُرَّ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلْيُخْرِجَا جَمِيعًا قَفِيزًا آخَرَ فَيَزْرَعَاهُ فِي الْقَلِيبِ إنْ أَحَبَّا وَهُمَا عَلَى شَرِكَتِهِمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سَكَتَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ رُجُوعِ الْمَغْرُورِ عَلَى الْغَارِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَمَلِ فِيمَا لَمْ يَنْبُتْ إنْ كَانَ الْعَمَلُ عَلَى الْمَغْرُورِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ غُرُورٌ بِالْفِعْلِ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَزَادَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ كِرَاءِ الْأَرْضِ الَّتِي غَرَّهُ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ وَنَصَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ زَارَعَ بِمَا لَا يَنْبُتُ فَنَبَتَ شَعِيرُ صَاحِبِهِ دُونَ شَعِيرِهِ، فَإِنْ دَاسَ رَجَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِنِصْفِ مَكِيلَتِهِ مِنْ شَعِيرٍ صَحِيحٍ وَنِصْفِ كِرَاءِ الْأَرْضِ الَّذِي أَبْطَلَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ. وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ مِثْلَهُ إلَّا الْكِرَاءَ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ، فَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ سُقُوطُ الْكِرَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ غَرَّ فِي إنْكَاحِ غَيْرِهِ أَمَةً أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ الصَّدَاقَ، وَلَا يَغْرَمُ لَهُ مَا يَغْرَمُهُ الزَّوْجُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مَنْ بَاعَ عَبْدًا سَارِقًا دَلَّسَ فِيهِ فَسَرَقَ مِنْ الْمُبْتَاعِ فَرَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبِهِ فَذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا مَا، وَأَظُنُّ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ مَنْ بَاعَ مَطْمُورَةً دَلَّسَ فِيهَا بِعَيْبِ السُّوسِ فَخَزَنَ الْمُبْتَاعُ فِيهَا طَعَامًا فَاسْتَاسَ فِيهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهَا بِمَا اسْتَاسَ فِيهَا. قَالَ وَلَوْ أَكْرَاهَا لَرَجَعَ عَلَيْهِ، وَنَحْوُ الْمَوَّاقِ وَالْحَطّ. وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ مَسَائِلَ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (تَسَاوَيَا) أَيْ الْمُتَزَارِعَانِ (فِي الْجَمِيعِ) أَيْ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَالْبَقَرِ وَالْبَذْرِ وَجَوَّزَ الشَّارِحُ كَوْنَ التَّشْبِيهِ فِي كَوْنِ الزَّرْعِ بَيْنَهُمَا قَالَهُ تت. " غ " تَمْثِيلٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 347 أَوْ قَابَلَ بَذْرَ أَحَدِهِمَا: عَمَلٌ، أَوْ أَرْضُهُ وَبَذْرُهُ، أَوْ بَعْضُهُ، إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ،   [منح الجليل] لِمَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ " ق " الْمُتَيْطِيُّ سُنَّةُ الْمُزَارَعَةِ الِاعْتِدَالُ وَالتَّسَاوِي فِي الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ وَالْبَقَرِ وَالْأَدَاةِ وَالْعَمَلِ كُلِّهِ حَتَّى يَصِيرُ مَا هَلَكَ مِنْ ذَلِكَ فِي ضَمَانِهِمَا مَعًا، وَهَذِهِ غَايَةُ الْكَمَالِ فِيهَا. الْبَرْقِيُّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا إنْ اشْتَرَكَا فِي زَرْعٍ فِي بَلَدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَحْرُثُ فِي بَلَدِهِ وَيُشَارِكُهُ صَاحِبُهُ فِي حَرْثِهِ وَتَكَافَآ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَنَّ الْمُزَارَعَةَ جَائِزَةٌ كَمَا فِيهَا فِي مُسَاقَاةِ حَائِطَيْنِ فِي بَلَدَيْنِ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ، وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ حَيْدَرَةَ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ. (أَوْ) لَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَ (قَابَلَ بَذْرُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَزَارِعَيْنِ (عَمَلٌ) مِنْ الْآخَرِ وَالْأَرْضُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا بِمِلْكٍ أَوْ اكْتِرَاءٍ فِيهَا إنْ اكْتَرَيَا الْأَرْضَ أَوْ كَانَتْ لَهُمَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ كُلَّهُ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ (أَوْ) قَابَلَ أَحَدُهُمَا مِنْ عِنْدِ شَرِيكِهِ (أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ) أَيْ شَرِيكُ الْعَامِلِ سَحْنُونٌ إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ الْعَمَلَ جَازَ. (أَوْ) قَابَلَ الْأَرْضَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَعْضَ الْبَذْرِ عَمَلٌ مِنْ الْآخَرِ (وَبَعْضُهُ) أَيْ الْبَذْرِ، فَالْمَعْنَى أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ فَتَصِحُّ شَرِكَتُهُمَا (إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الزَّرْعِ (عَنْ نِسْبَةِ) قَدْرِ (بَذْرِهِ) لِمَجْمُوعِ بَذْرِهِمَا بِأَنْ زَادَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ عَنْ نِسْبَةٍ بَذْرِهِ أَوْ سِوَاهَا فَالثَّانِي كَمَا لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ وَثُلُثَ الْبَذْرِ، وَالْآخَرُ الْأَرْضَ وَثُلُثَيْ الْبَذْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ ثُلُثَ الزَّرْعِ، وَالْأَوَّلُ كَذَلِكَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ ثُلُثَيْ الزَّرْعِ. وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَنْقُصْ إلَخْ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ كَإِخْرَاجِهِ ثُلُثَيْ الْبَذْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَهُ فَلَا تَجُوزُ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْبَذْرِ. " ق " سَحْنُونٌ وَابْنُ حَبِيبٍ إذَا اشْتَرَكَ رَجُلَانِ فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَثُلُثَيْ الزَّرِيعَةِ وَالْآخَرُ ثُلُثَ الزَّرِيعَةِ وَالْعَمَلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. ابْنُ حَبِيبٍ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ إذَا سَاوَى الْعَمَلُ وَمَا فَضَلَهُ بِهِ مِنْ الزَّرِيعَةِ كِرَاءَ الْأَرْضِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 348 أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْجَمِيعُ، وَإِلَّا الْعَمَلَ، إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ، لَا الْإِجَارَةِ، أَوْ مُطْلَقًا   [منح الجليل] لِأَنَّ زِيَادَةَ الزَّرِيعَةِ بِإِزَاءِ عَمَلِ الْعَامِلِ. سَحْنُونٌ وَابْنُ حَبِيبٍ إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْ الْأَرْضِ وَثُلُثَ الْبَذْرِ وَأَخْرَجَ الْآخَرُ ثُلُثَ الْأَرْضِ وَثُلُثَيْ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَمْ تَجُزْ وَكَأَنَّهُ أَكْرَى سُدُسَ أَرْضِهِ بِسُدُسِ بَذْرِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ نَزَلَ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْبَذْرِ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي فَضْلِ الْأَكْرِيَةِ ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. (أَوْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَزَارِعَيْنِ (الْجَمِيعُ) أَيْ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْبَذْرُ الْأَدَاةُ (إلَّا الْعَمَلَ) بِالْيَدِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْآخَرِ وَلَهُ الرُّبْعُ مَثَلًا فَتَصِحُّ شَرِكَتُهُمَا (إنْ عَقَدَا) هَا (بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ لَا) بِلَفْظِ (الْإِجَارَةِ أَوْ) إنْ (أَطْلَقَا) أَيْ لَلْعَاقِدَانِ الشَّرِكَةُ عَنْ تَسْمِيَتِهَا شَرِكَةً أَوْ إجَارَةً فَلَا تَصِحُّ فِيهِمَا " ق " سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ مَا تَقُولُ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزِّرَاعَةِ عَلَى أَنْ جَعَلَ أَحَدُهُمَا، الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ وَالْبَقَرَ، وَجَعَلَ الثَّانِي الْعَمَلَ وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ، فَأَجَابَ إنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ جَازَتْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَجَرَّدَ عَقْدُهَا مِنْ اللَّفْظَيْنِ أَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ. تت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ هِيَ عَلَى مَا فِي تَوْضِيحِهِ حَيْثُ تَعَقَّبَ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ أَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ الْبَقَرُ وَالْآلَةُ فِيهَا مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مَعْلُومٌ يُسَاوِي قِيمَةَ عَمَلِهِ، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِالْوُقُوفِ عَلَى مَا فِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ يَتَفَضَّلُ الْفَقِيهُ الْأَجَلُّ قَاضِي الْجَمَاعَةِ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ بِالْجَوَابِ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزَّرْعِ عَلَى أَنْ جَعْلَ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ، وَالثَّانِي الْعَمَلُ، وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ أَمْ لَا، فَأَجَابَ تَصَفَّحْت سُؤَالَك، فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الِاشْتِرَاكِ فِي الزَّرْعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْت فَلَا يَخْلُو الْأَمْرُ فِيهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا أَنْ يَعْقِدَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ، وَالثَّانِي أَنْ يَعْقِدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 349 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يُسَمِّيَا إجَارَةً وَلَا شَرِكَةً، وَأَنَّمَا قَالَ أَدْفَعُ إلَيْك أَرْضِي وَبَقَرِي وَبَذْرِي وَتَتَوَلَّى أَنْتَ الْعَمَلَ، وَيَكُونُ لَك رُبْعُ الزَّرْعِ أَوْ خُمُسُهُ أَوْ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ يُسَمِّيَانِهِ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهُ، هَذَا تَحْصِيلُ الْقَوْلِ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ شُيُوخِنَا لَا يُحَصِّلُونَهَا هَذَا التَّحْصِيلَ، وَيَذْهَبُونَ إلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةُ اخْتِلَافٍ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي بِصَحِيحٍ اهـ الْبُنَانِيُّ هَذَا النَّقْلُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ " غ "، فَانْظُرْهُ، وَالْعَجَبُ مِنْ " ق " كَيْفَ خَالَفَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ ذِي الْأَرْضِ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ فَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ. سَحْنُونٌ إنْ اشْتَرَكَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ ثُلُثَ مَا يَحْصُلُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلِذِي الْعَمَلِ ثُلُثٌ وَالْبَقَرُ ثُلُثٌ وَالْقَيِّمُ كَذَا جَازَ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ فَقَطْ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي مِثْلِ هَذَا هُوَ فَاسِدٌ، وَهَذَا خِلَافُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ سَلِمَ الْمُتَزَارِعَانِ مِنْ مُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الْبَذْرَ جَازَتْ الشَّرِكَةُ إذَا تَسَاوَيَا. قُلْت تُرَدُّ مُنَاقَضَتُهُ مُحَمَّدًا بِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمُتَزَارِعَيْنِ وَلَا يَصْدُقُ هَذَا اللَّفْظُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِزَرِيعَةٍ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ نَزَلَ فَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ، وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ تَعَالَ نَتَزَارَعُ عَلَى أَنَّ نِصْفَ أَرْضِي وَنِصْفَ بَذْرِي وَنِصْفَ بَقَرِي كِرَاءُ نِصْفِ عَمَلِك، فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ قَبَّضَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ فِي أُجْرَتِهِ وَضَمَّهُ وَالصَّوَابُ قَوْلُ سَحْنُونٍ إذَا دَخَلَا عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَعْمَلَا الْبَذْرَ عَلَى أَمْلَاكِهِمَا جَازَ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ مَا يَخْرُجُ فَسَدَتْ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِمَجْهُولٍ. قُلْت قَوْلُهُ فَسَدَتْ قَوْلًا وَاحِدًا نَصٌّ فِي أَنَّ مَعْنَى إجَازَةِ سَحْنُونٍ إنَّمَا هِيَ إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَا الْبَذْرَ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ بِبَلَدِنَا، وَقَالَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ إنْ عَقَدَهَا بِلَفْظِ الشَّرِكَةِ جَازَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا. وَإِنْ عَرِيَ الْعَقْدُ مِنْ اللَّفْظَيْنِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَرَى أَنَّهُ تَحْقِيقُ الْمَذْهَبِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 350 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قُلْت جَوَابُ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَسْئِلَتِهِ مَا نَصُّهُ مَا تَقُولُ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الزِّرَاعَةِ عَلَى أَنْ جَعْلَ أَحَدِهِمَا الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرَ، وَالثَّانِي الْعَمَلَ، وَيَكُونُ الرُّبْعُ لِلْعَامِلِ فَأَجَابَ بِالتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْهُ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهَا وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ وَهْمٌ، لِأَنَّ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجِزْهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فَأَجَازَهُ هَذَا تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. وَزَعْمُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ عُرْفِنَا هِيَ مَسْأَلَةُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ، فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنَّ مَسْأَلَتَهُمَا لَيْسَ فِيهَا اخْتِصَاصُ رَبِّ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الْحَرْثِ، وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ فِي زَمَنِهِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَهُ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَنَّ كُلَّ التِّينِ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ. الثَّانِي أَنَّ مَسْأَلَةَ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ بِالْعَمَلِ أَخْرَجَ مَعَهُ الْبَقَرَ وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا لَا يَأْتِي الْعَامِلُ فِيهَا إلَّا بِعَمَلِ يَدِهِ فَقَطْ، وَكَوْنُهُ كَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ أَجِيرًا، وَيَمْنَعُ كَوْنَهُ شَرِيكًا. وَدَلَالَةُ جَوَابِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا عَلَى خِلَافِ مَا قُلْنَاهُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ فَقَطْ تُرَدُّ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ شَرْطَ الشَّرِكَةِ كَوْنُ عَمَلِهَا مَضْمُونًا لَا مُعَيَّنًا فِي عَامِلٍ مُعَيَّنٍ، وَمَسْأَلَةُ عُرْفِنَا إنَّمَا يَدْخُلُونَ فِيهَا عَلَى أَنَّ عَمَلَهَا مُعَيَّنٌ بِنَفْسِ عَامِلِهَا وَحَامِلُهُمْ عَلَى هَذَا خَوْفُ الِاغْتِرَارِ بِقَوْلِهِ فَيَفْتَقِرُ فِي مَسْأَلَةِ عُرْفِنَا إلَى قَوْلٍ بِالصِّحَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَقَدْ أَجَادَ، وَنَصَحَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْمُحَصِّلُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ عُمَرَ الْهَنْتَانِيُّ الْهَكْوَرِيُّ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ فِي الزَّرْعِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الزَّرْعِ، هَلْ تَجُوزُ أَمْ لَا، وَهَلْ يَنْتَهِضُ عُذْرًا فِي إبَاحَتِهِ تَعَذُّرُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَيْسَتْ شَرِكَةً لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَسْتَدْعِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْأُصُولِ الَّتِي هِيَ مُسْتَنَدُ الْأَرْبَاحِ، وَعَدَمُ الْمُسَاعِدِ عَلَى مَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ لَا يَنْهَضُ عُذْرًا لِأَنَّ غَلَبَتَهُ فِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ إنَّمَا هِيَ مِنْ إهْمَالِ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ وَلَوْ تَعَرَّضُوا لِفُسُوخِ عُقُودِ ذَوِي الْفَسَادِ لَمَا اسْتَمَرُّوا عَلَى فَسَادِهِمْ، وَأَنَّ حَاجَةَ الضَّعِيفِ لِلْفَتْوَى أَشَدُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ - فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف: 6 - 7] {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: 8] الجزء: 6 ¦ الصفحة: 351 كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ، وَتَسَاوَيَا غَيْرَهَا   [منح الجليل] ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نُصُوصٍ طَوِيلَةٍ قُلْت تَقْرِيرُ كَوْنِ مَا قَالُوهُ هُوَ الصَّوَابُ أَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ عَدَمُ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرِ بِإِخْرَاجِ الْعَمَلِ، وَالْإِجَارَةُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِطَرِيقِ نِسْبَةِ بَعْضِ الشَّيْءِ إلَيْهِ كَالنِّصْفِ لَا بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَحُكْمُ الْإِجَارَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِعَكْسِ ذَلِكَ، وَالْمُزَارَعَةُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هِيَ شَرِكَةٌ وَإِجَارَةٌ، فَمَنْ غَلَّبَ الشَّرِكَةَ لَمْ يَجْعَلْهَا لَازِمَةً بِعَقْدِهَا، وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ جَعَلَهَا لَازِمَةً بِهِ، إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَكُلَّمَا لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا فِي الْمُزَارَعَةِ بِإِخْرَاجِ مَالٍ كَانَ شَبِيهًا بِالشَّرِكَةِ ثَابِتًا ضَرُورَةَ اشْتِمَالِهَا عَلَى خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ، وَكُلَّمَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرُ بِالْعَمَلِ بَطَلَ كَوْنُهَا مُزَارَعَةً لِانْتِفَاءِ لَازِمِهَا حِينَئِذٍ وَهُوَ اشْتِمَالُهُمَا عَلَى خَاصِّيَّةِ الشَّرِكَةِ، وَصَارَتْ مَحْضَ إجَارَةٍ لِمُمَاثَلَتِهَا حِينَئِذٍ إيَّاهَا، فَيَجِبُ كَوْنُهَا فَاسِدَةً لِأَنَّ حُكْمَ الْإِجَارَةِ وُجُوبُ كَوْنِ فَائِدَتِهَا مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا. (تَنْبِيهٌ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْعَمَلُ الْمُشْتَرَطُ هُوَ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ. التَّوْضِيحِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ إنَّهُ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ مَجْهُولَانِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ كَانَ الْعُرْفُ بِالْبَلَدِ أَنَّ الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ وَالتَّصْفِيَةَ عَلَى الْعَامِلِ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ جَمِيعِ الْعَمَلِ مُسَاوِيًا لِكِرَاءِ الْأَرْضِ جَازَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ يُجِزْهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَمَلُهَا مَئُونَةُ الزَّرْعِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِيُبْسِهِ. وَفِي كَوْنِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ نَقْلًا الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَتِمُّ وَلَا كَيْفَ يَكُونُ وَصَوَّبَهُ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَكَذَا شَرْطُ النَّقَاءِ اهـ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ إلَخْ فَقَالَ (كَإِلْغَاءٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عَدَمِ حَسْبِ كِرَاءِ (أَرْضٍ) لَهُ قَدْرٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَتَسَاوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي (غَيْرِهَا) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 352 أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصٌ وَعَمَلٌ عَلَى الْأَصَحِّ   [منح الجليل] أَيْ الْأَرْضِ مِنْ بَذْرٍ وَبَقَرٍ وَعَمَلِ يَدٍ فَلَا تَصِحُّ شَرِكَتُهُمَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ، فِيهَا إنْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا أَرْضًا لَهَا قَدْرٌ مِنْ الْكِرَاءِ. وَأَلْغَاهَا لِصَاحِبِهِ وَاعْتَدَلَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعْطِيَ شَرِيكَهُ نِصْفَ كِرَاءِ أَرْضِهِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (أَرْضٌ رَخِيصَةٌ) أَيْ قَلِيلَةُ الْكِرَاءِ (وَلَهُ) أَيْ مُخْرِجُ الْأَرْضِ الرَّخِيصَةِ (عَمَلٌ) بِيَدِهِ وَبَقَرِهِ وَلِلْآخِرِ الْبَذْرُ فَفَاسِدَةٌ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بَعْضَ الْبَذْرِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَأَشَارَ إلَى تَرْجِيحِهِ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ الْأَصَحِّ بِالْأَرْجَحِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَرْضٌ وَعَمَلٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَرْضٌ وَبَذْرٌ وَلِلْآخِرِ الْعَمَلُ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ لَمْ تُقَابِلُ الْأَرْضُ الْبَذْرَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمَنْطُوقِ، وَلِذَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْعَمَلَ بِكَوْنِهِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي الرِّوَايَةِ قَالَهُ طفي. " غ " أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ وَعَمَلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ فَهُوَ أَيْضًا مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ وَعَنْ هَذَا عَبَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ بِقَوْلِهِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَالْأَرْضَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهَا خَطْبٌ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَطْبٌ فَقَوْلَانِ الْجَوَازُ لِسَحْنُونٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بِالتَّافِهِ فِي الْعَقْدِ وَالْمَنْعُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ، وَرَأَى أَنَّهُ يَدْخُلُهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ. فَلَعَلَّ الْأَصَحَّ تَصْحِيفُ الْأَرْجَحِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ فِي بَابٍ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرْضًا لَا كِرَاءَ لَهَا، وَقَدْ تُسَاوَيَا فِيمَا سِوَاهَا فَأَخْرَجَ هَذَا الْبَذْرَ وَهَذَا الْعَمَلَ وَقِيمَتُهَا سَوَاءٌ، فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا كِرَاءَ لَهَا. وَأَنْكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ هَذَا وَقَالَ إنَّمَا أَجَازَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ تُلْغَى الْأَرْضُ إذَا تَسَاوَيَا فِي إخْرَاجِ الْبَذْرِ وَالْعَمَلِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْرَجُ الْبَذْرِ غَيْرَ مُخْرَجِ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَتْ لَا كِرَاءَ لَهَا، إذْ يَدْخُلُهُ كِرَاؤُهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنْ لَوْ أُكْرِيَتْ هَذِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ. الْبُنَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا ابْنُ يُونُسَ، فَلَفْظُ الْأَصَحِّ فِي مَحَلِّهِ، وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ فِيهِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 353 وَإِنْ فَسَدَتْ وَتَكَافَآ عَمَلًا، فَبَيْنَهُمَا، وَتَرَادَّا غَيْرَهُ، وَإِلَّا فَلِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، كَانَ لَهُ بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ، أَوْ أَرْضٌ؛ أَوْ كُلٌّ لِكُلٍّ.   [منح الجليل] وَإِنْ فَسَدَتْ) الْمُزَارَعَةُ لِعَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شَرْطَيْ صِحَّتِهَا وَعُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَإِنْ عَمِلَا (وَتَكَافَآ) أَيْ الشَّرِيكَانِ (عَمَلًا) أَيْ تَسَاوَى عَمَلُهُمَا فِي الْقِيمَةِ، وَكَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (فَ) الزَّرْعُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ لِكُلٍّ نِصْفُهُ (وَتَرَادَّا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (غَيْرَهُ) أَيْ الْعَمَلِ وَهُوَ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ، فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ مِثْلُ نِصْفِ مَكِيلَةِ الْبَذْرِ لِصَاحِبِهِ، وَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفَسَدَتْ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ الْبَذْرَ. عب وَإِنْ عَمِلَا مَعًا وَتَفَاوَتَا فِيهِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْأَوْلَى وَعَمِلَا بَدَلَ وَتَكَافَآ عَمَلًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلَا مَعًا بِأَنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْعَمَلِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ عَمَلُهُمَا بِلَا تَكَافُؤٍ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ (فَ) الزَّرْعُ كُلُّهُ (لِلْعَامِلِ) وَحْدَهُ إذَا انْضَمَّ لِعَمَلِهِ شَيْءٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَانَ لَهُ بَذْرٌ إلَخْ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا. (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ الْمُخْتَصِّ بِالزَّرْعِ (الْأُجْرَةُ) لِلْأَرْضِ الَّتِي انْفَرَدَ الْآخَرُ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُ الْبَذْرِ سَوَاءٌ (كَانَ لَهُ) أَيْ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ (بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) أَيْ عَمَلِهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ فَسَدَتْ لِمُقَابَلَةِ الْبَذْرِ بَعْضَ الْأَرْضِ " غ " فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْعَامِلِ وَحْدَهُ أَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ مَعَ عَمَلٍ (أَوْ) كَانَ لَهُ (أَرْضٌ) وَالْبَذْرُ لِلْآخَرِ وَفَسَادُهَا لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بَعْضَ الْبَذْرِ (أَوْ) كَانَ (كُلٌّ) مِنْ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ (لِكُلٍّ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَالْمَوْضُوعُ عَمَلُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَفَسَادُهَا لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ، فَالزَّرْعُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ، وَعَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ مِثْلُ مَكِيلَةِ بُذُورِهِ وَكِرَاءِ أَرْضِهِ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا فَاتَتْ بِالْعَمَلِ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَيُؤَدِّي لِأَصْحَابِهِ كِرَاءَ مَا أَخْرَجُوهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 354 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ شَيْئًا مِنْ ثَلَاثَةِ أُصُولٍ، هِيَ الْبَذْرُ، وَالْأَرْضُ، وَالْعَمَلُ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْهَا أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْهَا دُونَ صَاحِبِهِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتِيَارُ ابْنِ الْمَوَّازِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَالرَّابِعُ: إنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ عَلَى هَذَا التَّرَيُّبِ وَهِيَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ. وَالْخَامِسُ: إنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْضًا، وَهِيَ الْأَرْضُ الْبَذْرُ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ. وَالسَّادِسُ: قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّ الْفَسَادَ إنْ سَلِمَ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ اهـ بِلَفْظِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَسَبَ ابْنُ الْحَاجِبِ السِّتَّةَ لِلْبَاجِيِّ وَهُوَ وَهْمٌ نَشَأَ عَنْ تَقْلِيدِهِ ابْنَ شَاسٍ وَظَنِّهِ بِقَوْلِهِ الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ أَنَّهُ الْبَاجِيَّ. " غ " فِي التَّكْمِيلِ وَيُقَرِّبُ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ لِلْحِفْظِ أَنْ تَقُولَ: الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ أَوْ لِلْبَاذِرْ ... فِي فَاسِدٍ أَوْ لِسِوَى الْمُخَابِرْ أَوْ مَنْ لَهُ حَرْفَانِ مِنْ إحْدَى الْكَلِمْ ... عَابَ وَعَاثَ ثَاعِبٌ لِمَنْ فَهِمْ وَمُرَادُهُ بِالْمُخَابَرِ هُنَا الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَالْعَيْنَاتُ لِلْعَمَلِ، وَالْأَلِفَاتُ لِلْأَرْضِ، وَالْبَاءَانِ لِلْبَذْرِ، وَالثَّاءَانِ لِلثِّيرَانِ اهـ. الْبُنَانِيُّ إنَّ مَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ، وَهُوَ الْمُرْتَضَى، فَقَوْلُ " ز " لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 355 بَابٌ) صِحَّةُ الْوَكَالَةِ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَام الْوَكَالَةِ] ِ (صِحَّةُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ، وَفِي بَعْضِهَا بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي (الْوَكَالَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً الْحِفْظُ وَالْكِفَايَةُ وَالضَّمَانُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا} [الإسراء: 2] قِيلَ حَافِظًا، وَقِيلَ كَافِيًا، وَقِيلَ ضَامِنًا قَالَهُ عِيَاضٌ. وَاصْطِلَاحًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نِيَابَةُ ذِي حَقٍّ غَيْرِ ذِي إمْرَةٍ وَلَا عِبَادَةٍ لِغَيْرِهِ فِيهِ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ بِمَوْتِهِ، فَتَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبِ الصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ، فَلَا يُقَالُ لِنِيَابَةٍ فِي حَقِّ ذِي إمْرَةٍ وَكَالَةٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ تَجْرِي الْوَكَالَةُ فِي إقَامَةِ الْحُدُودِ لِأَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ مُجَرَّدُ فِعْلٍ لَا إمْرَةَ فِيهِ، هَذَا ظَاهِرُ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ. وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وِلَايَةَ الْإِمْرَةِ وَكَالَةً وَنَحْوُهُ قَوْلُ عِيَاضٍ، اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْوَكَالَةِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي النِّيَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ وَمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ عَلِمَ صِحَّةَ مَا قُلْنَاهُ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرَ لِلذِّهْنِ عُرْفًا، وَيَأْتِي لَهُمْ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ وَكِيلِي أَوْ وَصِيِّي. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ النِّيَابَةُ مُسَاوِيَةٌ لِلْوَكَالَةِ فِي الْعُرْفِ فَتَعْرِيفُهَا بِهَا دَوْرٌ فَيُقَالُ هِيَ جَعْلُ ذِي أَمْرٍ غَيْرِ إمْرَةِ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِغَيْرِهِ الْمُوجِبَ لُحُوقَ حُكْمِهِ جَاعِلَهُ، كَأَنَّهُ فَعَلَهُ فَتَخْرُجُ نِيَابَةُ إمَامِ الطَّاعَةِ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ إمَامِ الصَّلَاةِ، لِعَدَمِ لُحُوقِ حُكْمِ فِعْلِ النَّائِبِ فِي الْحُكْمِ أَوْ فِي الصَّلَاةِ الْجَاعِلَ وَالْوَصِيَّةُ لِلُحُوقِ حُكْمِ فِعْلِ فَاعِلِهَا غَيْرَ الْجَاعِلِ. " ح " الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَسْقَطَ مِنْ النُّسْخَةِ الْمَنْقُولِ مِنْهَا عَقِبَ قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ فِيهِ إمَّا مَالُهُ أَوْ التَّصَرُّفُ كَمَا لَهُ يَظْهَرُ هَذَا بِتَأَمُّلِ الْكَلَامِ الْآتِي مِنْ أَوَّلِهِ إلَخْ. الْبُنَانِيُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ التَّعْرِيفُ تَامٌّ بِغَيْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَقَدْ تَضَافَرَتْ نُسَخٌ كَثِيرَةٌ عَلَى سُقُوطِهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّعْرِيفَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 356 فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ   [منح الجليل] غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الْوَكَالَةُ مِنْهُ، وَهُوَ تَوْكِيلُ الْإِمَامِ فِي حَقٍّ لَهُ قِبَلَ شَخْصٍ، فَلَوْ أَسْقَطَ ذِي مِنْ قَوْلِهِ ذِي إمْرَةٍ وَجَعَلَ غَيْرَ نَعْتًا لِحَقٍّ لَشَمِلَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهَا لِذَاتِهَا الْجَوَازُ رَوَى أَبُو دَاوُد «عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمْت عَلَيْهِ وَقُلْت أَرَدْت الْخُرُوجَ إلَى خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَتَيْت وَكِيلِي فَخُذْ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَسْقًا، فَإِنْ ابْتَغَى آيَةً فَضَعْ يَدَك عَلَى تَرْقُوَتِهِ» ، وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ بِسُكُوتِهِ عَلَيْهِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِيهِ رَمَاهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالْكَذِبِ، وَقَالَ نَحْنُ نَفَيْنَاهُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَيَعْرِضُ لَهَا سَائِرُ الْأَحْكَامِ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا كَقَضَاءِ دَيْنٍ تَعَيَّنَ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ الْمَكْرُوهِ وَالْحَرَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهَا. وَتَنَازَعَ صِحَّةَ وَالْوَكَالَةَ (فِي) شَيْءٍ (قَابِلِ) بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ صَالِحِ (النِّيَابَةِ) فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ وَاقْتِضَاءِ الدَّيْنِ وَقَضَائِهِ وَعَقْدِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَبَعْضِ الْقُرَبِ، وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ، إلَّا أَنَّهُ أَضَافَ ذَلِكَ لِلنِّيَابَةِ لَا لِلْوَكَالَةِ. قَالَ وَلَا تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي أَعْمَالِ الْبَدَنِ الْمَحْضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَيُنْقَضُ قَوْلُهُ فِي أَعْمَالِ الْأَبْدَانِ الْمَحْضَةِ بِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الرَّمْيِ لِمَرَضِهِ فِي الْحَجِّ يَرْمِي عَنْهُ نَائِبُهُ. ابْنُ شَاسٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْعِبَادَاتِ إلَّا فِي الْمَالِيَّةِ، كَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَفِي الْحَجِّ خِلَافٌ، وَلَا تَجُورُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَيَلْحَقُ بِالْعِبَادَةِ الشَّهَادَةُ وَالْأَيْمَانُ وَاللِّعَانُ وَالْإِيلَاءُ مِنْهَا، وَتَجُوزُ فِي الْكَفَالَةِ كَالْحَوَالَةِ وَالْبَيْعِ، وَلَا تَصِحُّ بِالظِّهَارِ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَزُورٌ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَكَفَّلُ عَنْهُ فِي حَقٍّ وَجَبَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيمَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ وَكَفَالَةُ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ مُمْتَنِعَةٌ. ابْنُ هَارُونَ هُوَ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ عَنْهُ لِفُلَانٍ بِمَا عَلَى فُلَانٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 357 مِنْ فَسْخٍ، وَقَبْضِ حَقٍّ وَعُقُوبَةٍ؛ وَحَوَالَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثَةُ   [منح الجليل] أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي هَذَا الْمِثَالِ يَصِحُّ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ بِحَيْثُ صَارَ الْإِتْيَانُ بِالْكَفِيلِ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ، وَخَرَّجَ ابْنُ هَارُونَ عَلَى الظِّهَارِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ زَوْجَةُ مُوَكِّلِي عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، كَقَوْلِهِ امْرَأَةُ مُوَكِّلِي طَالِقٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الظِّهَارَ وَالطَّلَاقَ إنْشَاءٌ مُجَرَّدٌ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ. وَأَمَّا الْيَمِينُ فَمُتَضَمِّنَةٌ لِلْخَبَرِ عَنْ فِعْلِ الْمُوَكِّلِ وَلَا يَدْرِي الْوَكِيلُ حَقِيَةَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِعِلْمِهِ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ مُوَكِّلِهِ بِذَلِكَ، وَيُرَدُّ قِيَاسُهُ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ وَجَمْعُهُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِنْشَاءِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّ الْمُوَكِّلِ، بِخِلَافِ الظِّهَارِ، وَالِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حَقُّ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَيْهِ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ جَازَ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ. وَقَوْلُنَا غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ احْتِرَازٌ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِغَيْرِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى أَدَائِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ لِأَنَّ حَلِفَ غَيْرِهِ غَيْرُ حَلِفِهِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ. وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ تَصِحُّ فِي الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا ابْنُ عَاتٍ فِي الْمُكَافِئِ لِأَبِي عُمَرَ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي. وَزَعَمَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ. وَبَيَّنَ قَابِلَ النِّيَابَةِ فَقَالَ (مِنْ عَقْدٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَنِكَاحٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَقَرْضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَشَرِكَةٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهَا (وَفَسْخٍ) لِعَقْدٍ يَجُوزُ فَسْخُهُ أَوْ يَتَحَتَّمُ (وَقَبْضِ حَقٍّ) لِلْمُوَكِّلِ وَقَضَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ (وَعُقُوبَةٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ كَحَدٍّ وَقِصَاصٍ وَتَأْدِيبٍ (وَحَوَالَةٍ) لِغَرِيمِ الْمُوَكِّلِ عَلَى مَدِينِهِ (وَإِبْرَاءٍ) لِمَنْ عَلَيْهِ حَقُّ الْمُوَكِّلِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا، بَلَى (وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْحَقَّ الْمُبْرَأَ مِنْهُ (الثَّلَاثَةُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ وَوَكِيلُهُ وَمَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 358 وَحَجٍّ وَوَاحِدٍ فِي خُصُومَةٍ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ   [منح الجليل] عَلَيْهِ الْحَقُّ. " ق " ابْنُ الْحَاجِبِ الْوَكَالَةُ نِيَابَةٌ فِيمَا لَا تَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ، فَتَجُوزُ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْجَعَالَةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ. ابْنُ شَاسٍ وَأَنْوَاعِ الْبَيْعِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ، وَيَجُوزُ أَيْضًا التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ، وَالتَّوَكُّلُ بِالْإِبْرَاءِ لَا يَسْتَدْعِي عِلْمَ الْمُوَكِّلِ بِمَبْلَغِ الدَّيْنِ الْمُبْرَأِ مِنْهُ، وَلَا عِلْمَ الْوَكِيلِ بِهِ، وَلَا عِلْمَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا كَضَرُورِيٍّ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَرْكٍ، وَالتَّرْكُ لَا مَانِعِيَّةَ لِلْغَرَرِ فِيهِ. (وَحَجٍّ) عَنْ الْمُوَكِّلِ. اللَّخْمِيُّ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْأَعْمَالِ الْمَحْضَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْعَاجِزِ عَنْ الْحَجِّ لِمَرَضِهِ إلَّا أَنَّهُ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَأَدَاءُ زَكَاةٍ وَتَذْكِيَةٍ (وَ) صَحَّ تَوْكِيلُ شَخْصٍ (وَاحِدٍ) فَقَطْ (فِي خُصُومَةٍ) بَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَغَيْرِهِ لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ ادَّعَى شَرِيكَانِ مَعًا عَلَى رَجُلٍ حَقًّا وَقَالَا لِلْقَاضِي مَنْ حَضَرَ مِنَّا يُخَاصِمُهُ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ، لِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ عِنْدَ الْقَاضِي ثَلَاثًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ ادَّعَوْا مَنْزِلًا بِيَدِ رَجُلٍ فَلَا يُخَاصِمُهُ كُلُّ وَاحِدٍ لِنَفْسِهِ، بَلْ يُقِيمُونَ رَجُلًا يُخَاصِمُهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلَيْنِ يُخَاصِمَانِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ إنْ غَابَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا خَاصَمَ لَهُ الْآخَرُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُصُومَةٍ جَوَازُ تَوْكِيلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. الْمُتَيْطِيُّ لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخِصَامِ أَكْثَرَ مِنْ وَكِيلٍ وَاحِدٍ اهـ. وَلِلشَّخْصِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخُصُومَةِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا إنْ رَضِيَ خَصْمُهُ، بَلْ (وَإِنْ كَرِهَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ (خَصْمُهُ) تَوْكِيلَهُ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ أَرَادَ شَخْصٌ التَّوْكِيلَ عَلَى الْخِصَامِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. فِي الْجَوَاهِرِ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ بِرِضَا خَصْمِهِ وَبِغَيْرِ رِضًا فِي حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ وَغَيْبَتِهِ، وَلَا يَفْتَقِرُ إثْبَاتُهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَى حُضُورِهِ أَيْضًا. وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يُعْذَرَ إلَيْهِ فِي تَوْكِيلِ خَصْمِهِ، قَالَ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِنْ السَّلَاطِينِ ضَرَبَ لِأَحَدٍ أَجَلًا فِي تَوْكِيلٍ، وَإِنَّمَا السِّيرَةُ عِنْدَ الْقُضَاةِ أَنْ يَثْبُتَ التَّوْكِيلُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ يَسْمَعُ مِنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 359 لَا إنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ: كَثَلَاثٍ، إلَّا لِعُذْرٍ وَحَلَفَ فِي: كَسَفَرٍ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ: عَزْلُهُ وَلَا لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَا الْإِقْرَارُ، إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ،   [منح الجليل] الطَّالِبِ وَيَنْظُرُ فِيمَا جَاءَ بِهِ. ابْنُ الْهِنْدِيِّ الْإِعْذَارُ إلَى الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ مِنْ تَمَامِ الْوَكَالَةِ، فَإِنْ لَمْ يَعْذِرْ إلَيْهِ جَازَ ابْنُ عَتَّابٍ كَانَ الْإِعْذَارُ مِنْ الشَّأْنِ الْقَدِيمِ ثُمَّ تُرِكَ ابْنُ بَشِيرٍ تُرِكَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْذِرَ إلَيْهِ عِنْدَ إرَادَةِ الْحُكْمِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فِي آخِرِ الْأَمْرِ، فَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَوَّلًا ابْنُ سَهْلٍ هَذِهِ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ. (لَا) يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْخُصُومَةِ (إنْ قَاعَدَ) الْمُوَكِّلُ (خَصْمَهُ) بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي (كَثَلَاثٍ) مِنْ الْمَجَالِسِ لِانْعِقَادِ الْمَقَالَاتِ بَيْنَهُمَا وَقُرْبِ انْفِصَالِ خُصُومَتِهِمَا وَالتَّوْكِيلُ يُؤَدِّي إلَى طُولِهَا وَلَا خَيْرَ فِيهِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّوْكِيلُ بَعْدَ الْمُقَاعَدَةِ ثَلَاثَةً (إلَّا لِ) طَرَيَان (عُذْرٍ) كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ خَاصَمَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَقَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثَ مَجَالِسَ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَكَلَّمُ لَهُ إذَا مَنَعَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ يُرِيدَ السَّفَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ فِي السَّفَرِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ لِلتَّوْكِيلِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا لَمْ يُتَّجَهْ تَوْكِيلُهُ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ. (وَ) إنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ وَأَرَادَ السَّفَرَ وَالتَّوْكِيلَ (حَلَفَ فِي كَسَفَرٍ) وَاعْتِكَافٍ وَمَرَضٍ خَفِيفٍ أَنَّهُ مَا قَصَدَهُ لِلتَّوْكِيلِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ قَاعَدَ وَكِيلُهُ خَصْمَهُ ثَلَاثًا (عَزْلُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ عَنْ وَكَالَتِهِ فِي الْخُصُومَةِ لِذَلِكَ (وَلَا) أَيْ لَيْسَ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (عَزْلُ نَفْسِهِ) عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، قَالَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ عَنْهَا مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ فِي الْخِصَامِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ عَنْهَا وَتَوْكِيلُ غَيْرِهِ أَوْ خِصَامُهُ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ قَاعَدَ الْوَكِيلُ خَصْمَهُ الْمَرَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي الْمَكَانِ الَّذِي لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ عَنْ الْخِصَامِ لَا يَكُونُ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ. (وَلَا) أَيْ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي الْخُصُومَةِ (الْإِقْرَارُ) عَلَى مُوَكِّلِهِ لِخَصْمِهِ (إنْ لَمْ يُفَوِّضْ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 360 أَوْ يَجْعَلْ لَهُ   [منح الجليل] مُوَكِّلُهُ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ فِي الْوَكَالَةِ (أَوْ) إنْ لَمْ (يَجْعَلْ) الْمُوَكِّلُ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ الْإِقْرَارَ، فَإِنْ فَوَّضَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ أَوْ جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ فَلَهُ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ فِي التَّوْضِيحِ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهِ، فَلَوْ أَقَرَّ فَلَا يَلْزَمُهُ، هَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ قَالَهُ فِي الْكَافِي. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ الْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَشْمَلُ صُلْحًا وَلَا إقْرَارًا فَلَا يَصِحُّ أَحَدُهُمَا مِنْ الْوَكِيلِ إلَّا بِنَصٍّ عَلَيْهِ مِنْ مُوَكِّلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا فِيهِ اهـ. فِي الشَّامِلِ يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ كَانَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وُكِّلَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ. ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْمُخَاصَمَةِ الَّتِي وُكِّلَ عَلَيْهَا. ابْنُ سَهْلٍ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. الْحَطّ لَا شَكَّ أَنَّهُ قَاضٍ قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تُخَصَّصُ وَتُقَيَّدُ بِالْعُرْفِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَاضٍ بِأَنَّ مَنْ وَكَّلَ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ وَجَعَلَ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ إنَّمَا يُرِيدُ فِيمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وَكَّلَ فِيهَا. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَنْعُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بَعْدَ مُقَاعَدَتِهِ الْخَصْمَ ثَلَاثًا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ غِشِّهِ مُوَكِّلَهُ وَمَيْلِهِ مَعَ خَصْمِهِ وَإِلَّا فَلَهُ عَزْلُهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ مَا لَمْ يُنَاشِبْ الْخُصُومَةَ، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ نَاشَبَ خَصْمَهُ وَجَالَسَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ غِشٌّ أَوْ تَدْخِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ، وَمَيْلٌ مَعَ الْمُخَاصِمِ لَهُ فَلَهُ عَزْلُهُ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَجْرٍ فَظَهَرَ غِشُّهُ كَانَ عَيْبًا وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَكَالَتَهُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ. 1 - الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكِيلَ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ لِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ الْوَكَالَةِ مَتَى شَاءَ أَحَدُهُمَا اتِّفَاقًا إلَّا فِي وَكَالَةِ الْخِصَامِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ أَنْ انْتَشَبَ الْخِصَامُ وَالْمُفَوَّضُ وَالْمَخْصُوصُ إلَيْهِ سَوَاءٌ اهـ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 361 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ الْوَكِيلِ تَلْزَمُهُ إذَا قَبِلَهَا وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْخِصَامِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَكَهُمَا، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ تَرَدُّدٌ. الثَّالِثُ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْمَوَّازِ يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي عُذْرِ الْخِصَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رِضَا مُوَكِّلِهِ، إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ، وَيَكُونُ فِي عَزْلِ نَفْسِهِ إبْطَالٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِمَنَافِعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ فَهِيَ إجَارَةٌ تَلْزَمُهُمَا بِعَقْدِهَا وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ التَّخَلِّي وَتَكُونُ بِعِوَضٍ مُسَمًّى وَإِلَى أَجَلٍ مَضْرُوبٍ وَفِي عَمَلٍ مَعْرُوفٍ. 1 - الرَّابِعُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مَنْعِ عَزْلِ وَكِيلِ الْخِصَامِ بَعْدَ الْمُقَاعَدَةِ ثَلَاثًا أَحَدُ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ، حَصَّلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ كَلَامِ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ فَفِي مَنْعِ الْعَزْلِ بِمُجَرَّدِ إنْشَابِ الْخِصَامِ أَوْ بِمُقَاعَدَتِهِ ثَلَاثًا ثَالِثُهَا بِمُقَاعَدَتِهِ مُقَاعَدَةً تَثْبُتُ فِيهَا الْحُجَجُ، وَرَابِعُهَا مَا لَمْ يُشْرِفْ عَلَى تَمَامِ الْحُكْمِ، وَخَامِسُهَا عَلَى الْحُكْمِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَهُ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَثَانِيهِمَا وَمُحَمَّدٌ. 1 - الْخَامِسُ: ابْنُ عَرَفَةَ الْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ لِمَرَضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ سَفَرِهِ أَوْ كَوْنِهِ امْرَأَةً لَا يَخْرُجُ مِثْلُهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا الْمُتَيْطِيُّ وَكَذَا الْوَكَالَةُ لِعُذْرٍ بِشُغْلِ الْأَمِيرِ أَوْ خُطَّةٍ لَا يَسْتَطِيعُ مُفَارَقَتَهَا كَالْحِجَابَةِ وَغَيْرِهَا، وَفِي جَوَازِهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ ثَالِثُهَا لِلطَّالِبِ لَا لِلْمَطْلُوبِ لِمَعْرُوفٍ مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي جَوَازِهَا مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَهُمَا مَا يَكُونُ مِنْ دَعْوَى وَإِقْرَارٍ نَقْلًا ابْنِ سَهْلٍ قَائِلًا ذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ الْمُجَاوَبَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْهُ لِأَنَّ اللَّدَدَ ظَاهِرٌ فِيهِ، وَمُرَادُهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ مَا فِيهِ تَشْغِيبٌ وَنَصَّ ابْنُ سَهْلٍ إنْ أَرَادَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسَا فِيهِ التَّوْكِيلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ، فَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَهُمَا إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَ أَصَحُّ لِأَنَّهُ قَدْ أُجِيزَ لِلْحَاضِرِ ابْنُ الْعَطَّارِ لَهُ التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْمُجَاوَبَةِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْحَضْرَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 362 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَيُجَاوِبُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْ فَيُقَالُ بَعْدَ الْأَدَبِ قُلْ الْآنَ مَا تَأْمُرُ بِهِ وَكِيلَك أَنْ يَقُولَهُ عَنْك فَإِنْ أَبَى عُلِمَ أَنَّهُ مُلِدٌّ الْمُتَيْطِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِهَذَا إذَا لَمْ يُوَكِّلَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حَتَّى حَضَرَا عِنْدَ الْقَاضِي، أَمَّا لَوْ وَكَّلَا أَوَّلًا فَلَا كَلَامَ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ مُرَادَهُمْ مَا لَمْ يَجْلِسَا ثَلَاثًا عِنْدَ الْحَاكِمِ. السَّادِسُ ابْنُ فَرْحُونٍ مَنْ وَكَّلَ ابْتِدَاءً ضَرَرًا لِخَصْمِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ. 1 - السَّابِعُ: ابْنُ فَرْحُونٍ مُحَمَّدٌ وَابْنُ لُبَابَةَ كُلُّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ عِنْدَ الْقَاضِي لَدَدٌ وَتَشْغِيبٌ فِي خُصُومَةٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ فِي وَكَالَةٍ، وَلَا يَحِلُّ إدْخَالُ اللَّدَدِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ سَهْلٍ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ النَّاسُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ قَبُولُ الْوُكَلَاءِ إلَّا مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ تَشْغِيبٌ وَلَدَدٌ، فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إبْعَادُهُ وَأَنْ لَا تُقْبَلَ لَهُ وَكَالَةٌ عَلَى أَحَدٍ. 1 - الثَّامِنُ: فِي الْمُتَيْطِيَّةِ كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " لِذَوِي الْهَيْئَاتِ الْخُصُومَاتِ، قَالَ مَالِكٌ كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ الْخُصُومَةَ وَيَتَنَزَّهُ عَنْهَا، وَكَانَ إذَا نَازَعَهُ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ قَالَ لَهُ إنْ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ لِي فَهُوَ لَك، وَإِنْ كَانَ لَك فَلَا تَحْمَدْنِي عَلَيْهِ وَكَانَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ شَيْءٌ لَا يُخَاصِمُهُ وَيَقُولُ الْمَوْعِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " مَنْ عَلِمَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ يُوَفَّوْنَ حُقُوقَهُمْ مِنْ الْحَسَنَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَطِبْ بِذَلِكَ نَفْسًا، فَإِنَّ الْأَمْرَ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَك وَبَيْنَ الْآخِرَةِ وَمَا فِيهَا إلَّا خُرُوجُ رُوحِك حَتَّى تَنْسَى ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى كَأَنَّك مَا كُنْت فِيهِ وَلَا عَرَفْتَهُ. ابْنُ شَعْبَانَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ خَاصَمَ رَجُلُ سَوْءٍ ابْنُ مَسْعُودٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " كَفَى بِك ظُلْمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا وَقَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» . التَّاسِعُ: ابْنُ الْعَطَّارِ لَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ أَبَاهُ لَهُ لِيَطْلُبَ لَهُ حَقًّا لِأَنَّهَا اسْتِهَانَةٌ لِلْأَبِ. 1 - الْعَاشِرُ: مَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ فَأَرَادَ خَصْمُهُ تَوْكِيلَهُ فَأَبَى الْأَوَّلُ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَوْرَاتِهِ وَوُجُوهِ خُصُومَاتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلِخَصْمِهِ تَوْكِيلُهُ، قَالَهُ فِي الِاسْتِغْنَاءِ ابْنُ فَرْحُونٍ يَنْغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ تَوْكِيلِهِ، لِأَنَّهُ صَارَ كَعَدُوِّهِ وَلَا يُوَكَّلُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ. 1 - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 363 وَلِخَصْمِهِ اضْطِرَارُهُ إلَيْهِ قَالَ وَإِنْ قَالَ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ، فَإِقْرَارٌ   [منح الجليل] الْحَادِي عَشَرَ: ابْنُ فَرْحُونٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ لِلْمُتَّهَمِ بِدَعْوَى الْبَاطِلِ وَلَا الْمُجَادَلَةُ عَنْهُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] . إنَّ النِّيَابَةَ عَنْ الْمُتَّهَمِ الْمُبْطِلِ فِي الْخُصُومَةِ لَا تَجُوزُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لِرَسُولِهِ {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 106] ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ أَنْ يَتَحَفَّظَ بِدَيْنِهِ وَلَا يَتَوَكَّلَ إلَّا فِي مَطْلَبٍ يَقْبَلُ فِيهِ يَقِينُهُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ فِيهِ عَلَى حَقٍّ فَقَدْ جَاءَ فِي جَامِعِ السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ضَادَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي أَمْرِهِ، وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي خُصُومَةٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَنْزِعَ. (وَلِخَصْمِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِالْكَسْرِ عَلَى خُصُومَةٍ (اضْطِرَارُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (إلَيْهِ) أَيْ جَعْلُ الْإِقْرَارِ لِوَكِيلِهِ عَلَيْهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ لَا أَقْبَلُ تَوْكِيلَهُ وَلَا أُخَاصِمُهُ حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ. الْمُتَيْطِيُّ قَوْلُنَا فِي النَّصِّ وَكَّلَهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا، وَعَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَالْإِنْكَارِ عَنْهُ هُوَ مِمَّا لَا يَتِمُّ التَّوْكِيلُ فِي الْخِصَامِ إلَّا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يَضْطَرَّهُ إلَى التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ. ابْنُ الْعَطَّارِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ مِنْ حَقِّ الْخَصْمِ أَنْ لَا يُخَاصِمَ الْوَكِيلَ حَتَّى يَجْعَلَ مُوَكِّلُهُ لَهُ الْإِقْرَارَ. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ (أَقَرَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُثَقَّلًا فِعْلُ أَمْرٍ نِيَابَةً (عَنِّي بِأَلْفٍ) مَثَلًا (فَ) قَوْلُهُ لِوَكِيلِهِ أَقَرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ (إقْرَارٌ) مِنْ نَفْسِ الْمُوَكِّلِ بِالْأَلْفِ سَوَاءٌ أَقَرَّ وَكِيلُهُ عَنْهُ بِهِ أَوْ لَا. الْحَطّ هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكَلَامُ الْمَازِرِيِّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ، وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ أَقَرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا مِنْ الْآمِرِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقَرَّ عَنِّي فَأَضَافَ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ مَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا وَجَعَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْهُ كَنَفْسِهِ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ يَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَلِكَ فِي أَقِرَّ عَنِّي. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 364 لَا فِي كَيَمِينٍ، وَمَعْصِيَةٍ: كَظِهَارٍ   [منح الجليل] وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ كَبِيرُ شَاهِدٍ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مَحْضُ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مُقَابَلَةِ مُسْتَدَلٍّ عَلَيْهِ، وَاسْتِشْهَادُ الْمَازِرِيِّ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ بِفِعْلِ شَيْءٍ وَبَيْنَ جَعْلِهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِيَدِهِ كَقَوْلِهِ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ جَعَلْت بَيْعَهُ بِيَدِكَ، هَذَا إنْ حَمَلْنَا قَوْلَ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ ذَلِكَ كَقَوْلِ مُوَكِّلِهِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ لُزُومَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ عَنْهُ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقِرَّ عَنِّي، وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ أَقِرَّ عَنِّي بِكَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِذَلِكَ. قَالَ ابْنُ شَاسٍ مَا نَصُّهُ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ بِهَذَا الْقَوْلِ كَالْمُقِرِّ بِأَلْفِ، قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، وَاسْتِقْرَاءٌ مِنْ نَصِّ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. قُلْت فَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى هَذَا صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ كَبِيرُ شَاهِدٍ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ قَابِلِ النِّيَابَةِ فَقَالَ (لَا) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ (كَيَمِينٍ) وَطَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وَشَهَادَةٍ وَمِنْ الْيَمِينِ الْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ. ابْنُ شَاسٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الشَّهَادَةِ وَالْأَيْمَانِ وَالْإِيلَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِقْرَاءُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ حَقٌّ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ عَلَيْهِ غَيْرَ خَاصٍّ بِهِ جَازَ فِيهِ التَّوْكِيلُ، وَقَوْلُنَا غَيْرَ خَاصٍّ بِهِ احْتِرَازًا مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ لِغَيْرِهِ فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى حَلِفِهَا فَإِنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ لِأَنَّ حَلِفَ غَيْرِهِ غَيْرُ حَلِفِهِ فَهُوَ غَيْرُ الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (وَ) كَ (مَعْصِيَةٍ) كَقَتْلِ عَمْدٍ عُدْوَانٍ وَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ. ابْنُ شَاسٍ لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ (وَ) كَ (ظِهَارٍ) . ابْنُ شَاسٍ لَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِالظِّهَارِ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ، وَخَرَّجَ ابْنُ هَارُونَ عَلَيْهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ فِي الظِّهَارِ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنْشَاءٌ مُجَرَّدٌ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ قِيَاسُهُ الظِّهَارَ عَلَى الطَّلَاقِ وَجَمْعُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِنْشَاءِ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقٍّ لِلْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الظِّهَارِ. 1 - (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْمِسْنَاوِيُّ الْأَفْعَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا تَحْصُلُ مَصْلَحَتُهُ إلَّا بِمُبَاشَرَةٍ قَطْعًا لِكَوْنِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 365 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا يَشْتَمِلُ عَلَى مَصْلَحَةٍ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ، بَلْ بِالنَّظَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَا تَحْصُلُ بِدُونِهَا قَطْعًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ فَاعِلِهِ، وَهُوَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَهُمَا، فَاخْتُلِفَ فِي إلْحَاقِهِ بِأَيِّهِمَا، مِثَالُ الْأَوَّلِ الْإِيمَانُ وَالصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْيَمِينُ، إذْ مَصْلَحَةُ الْأَيْمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إجْلَالُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِظْهَارُ عُبُودِيَّتِهِ، وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ فَاعِلِهَا وَمَصْلَحَةُ الْيَمِينِ دَلَالَتُهَا عَلَى صِدْقِ حَالِفِهَا وَلَا تَحْصُلُ بِحَلِفِ غَيْرِهِ، وَلِذَا لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَالنِّكَاحُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ مِنْ الْأَوَّلِ، إذْ مَصْلَحَتُهُ الْعِفَّةُ وَانْتِسَابُ الْوَلَدِ، وَلَا يَحْصُلُ هَذَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ، وَبِمَعْنَى الْعَقْدِ مِنْ الثَّانِي، إذْ مَصْلَحَتُهُ تُحَقِّقُ سَبَبَ إبَاحَةِ الْوَطْءِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِعَقْدِ الْوَكِيلِ كَتَحَقُّقِهِ بِعَقْدِ الْأَصْلِ. وَمِثَالُ الثَّانِي رَدُّ الْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَأَدَاءُ الزَّكَاةِ، فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا إيصَالُ الْحَقِّ لِأَهْلِهِ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ الْأَصِيلُ. وَمِثَالُ الثَّالِثِ الْحَجُّ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَأْدِيبُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارُ الِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ تَعَالَى، وَأَنَّ إنْفَاقَ الْمَالِ فِيهِ عَارِضٌ يُمْكِنُ بِدُونِهِ كَحَجِّ مُسْتَطِيعِ الْمَشْيِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَمِنًى وَعَرَفَةَ وَنَحْوِهِمْ أَلْحَقَهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَالِحَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ النَّائِبِ، وَمَنْ رَأَى اشْتِمَالَهُ عَلَى إنْقَاقٍ غَالِبًا أَلْحَقَهُ بِالثَّانِي. 1 - الثَّانِي الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الْخَامِسِ وَمِائَةٍ إنْ وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِوَظِيفَةِ الْإِمَامَةِ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ الْخُطْبَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَنَاوَلَ مِنْ رِيعِ ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا إذَا قَامَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، فَإِنْ اسْتَنَابَ غَيْرَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْأَعْذَارِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا مِنْ رِيعِ ذَلِكَ الْوَقْفِ، أَمَّا النَّائِبُ فَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ اسْتِحْقَاقِهِ صِحَّةَ وِلَايَتِهِ وَمَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهَا مِنْ نَاظِرٍ، وَهَذَا الْمُسْتَنِيبُ لَيْسَ نَاظِرًا إنَّمَا هُوَ إمَامٌ أَوْ مُؤَذِّنٌ أَوْ خَطِيبٌ أَوْ مُدَرِّسٌ فَلَا تَصِحُّ الْوِلَايَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُسْتَنِيبُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَيْضًا لِعَدَمِ قِيَامِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، فَإِنْ اسْتَنَابَ فِي أَيَّامِ الْأَعْذَارِ جَازَ لَهُ بِتَنَاوُلِ رِيعِ الْوَقْفِ، وَأَنْ يُطْلِقَ لِنَائِبِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ ذَلِكَ الرِّيعِ. اهـ. وَسَلَّمَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَالْبَيْغُورِيُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 366 بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا   [منح الجليل] وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ أَجِيرَ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا فِي الْحَجِّ وَلَا يَقْضِي بِهَا دَيْنَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ وَأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ غَرَضِ الْمُوصِي. وَأَشَارَ إلَى هَذَا فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلٍ وَجَنَى إنْ وَفَّى دِينَهُ وَمَشَى مَا نَصُّهُ، وَكَانَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ وَمِثْلُ هَذَا الْمَسَاجِدُ وَنَحْوُهَا يَأْخُذُهَا الْوَجِيهُ بِوَجَاهَتِهِ، ثُمَّ يَدْفَعُ مِنْ مَرْتَبَاتِهَا شَيْئًا قَلِيلًا لِمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ، فَأَرَى أَنَّ الَّذِي أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ حَرَامٌ لِأَنَّهُ اتَّخَذَ عِبَادَةَ اللَّهِ تَعَالَى مَتْجَرًا وَلَمْ يُوَفِّ بِقَصْدِ صَاحِبِهَا إذْ مُرَادُهُ التَّوْسِعَةُ لِيَأْتِيَ الْأَجِيرُ بِذَلِكَ مَشْرُوحَ الصَّدْرِ، قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَى شَيْءٍ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنِّي أَعْذِرُهُ لِضَرُورَتِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ فِي مَدْخَلِهِ وَهُوَ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَشَيْخُ الْمَنُوفِيِّ. الْمِسْنَاوِيُّ مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَنُوفِيِّ الَّذِي أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ حَرَامٌ اسْتِحْقَاقُ النَّائِبِ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِالْحُرْمَةِ عَلَى مَا أَبْقَاهُ الْمُسْتَنِيبُ لِنَفْسِهِ لَا عَلَى مَا أَخَذَهُ النَّائِبُ، خِلَافُ قَوْلِ الْقَرَافِيِّ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا، وَلَعَلَّ مَنْشَأَ الْخِلَافِ كَوْنُ التَّوْلِيَةِ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ غَيْرَ شَرْطٍ فِيهِ كَمَا فِي كَلَامِ السُّبْكِيّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَكَوْنُهَا شَرْطًا فِيهِ هُوَ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي أَجْوِبَةِ الْعَبْدُوسِيِّ فِي الْمِعْيَارِ، وَقَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ اُضْطُرَّ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيمَا حَرُمَ عَلَى الْأَوَّلِ إبْقَاؤُهُ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَرَافِيِّ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَاخْتَارَ عج جَوَازَ مَا يُبْقِيهِ الْمُسْتَنِيبُ لِنَفْسِهِ وَإِنْ اسْتَنَابَ اخْتِيَارًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَأَخَذَهُ مِنْ جَوَابِ الْقَاضِي مَنْصُورٍ فِي نَوَازِلِ الْإِحْبَاسِ مِنْ الْمِعْيَارِ، وَنَحْوِ مَا لعج لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمِسْنَاوِيُّ فِي تَأْلِيفِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ تَكُونُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى مَجْرَى الْعَادَةِ وَمُوَافَقَةَ الْعُرْفِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ فِيهَا إلَى حَدِّ الْإِفْرَاطِ وَالزِّيَادَةِ الْمُعْتَادِ فِي الْبَلَدِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ كَوْنِهَا دَائِمًا أَوْ غَالِبًا أَوْ كَثِيرًا بِغَيْرِ سَبَبٍ يُعْذَرُ بِهِ عَادَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ (بِمَا) أَيْ شَيْءٍ (يَدُلُّ) عَلَيْهَا (عُرْفًا) وَلَا يُشْتَرَطُ لِانْعِقَادِهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ قَالَهُ الْحَطّ فِي اللُّبَابِ مِنْ أَرْكَانِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ وَهِيَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَدُلُّ عَلَى التَّوْكِيلِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا. فِي التَّوْضِيحِ أَيْ الْمُعْتَبَرُ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 367 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] صِحَّةِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ كَوَكَّلْتُكَ وَأَنْتَ وَكِيلِي، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، كَقَوْلِهِ تَصَرَّفْ عَنِّي فِي هَذَا أَوْ كَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ اهـ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ هَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا فَوْرًا. فَفِي اللُّبَابِ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ التَّوْكِيلِ، فَإِنْ تَرَاخَى قَبُولُهُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ، فَإِنْ أَجَابَ فِي الْمَجْلِسِ قُبِلَ اخْتِيَارُهَا. اهـ. وَأَصْلُهُ لِلذَّخِيرَةِ وَزَادَ فِيهِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عَنْ الْمَازِرِيِّ. قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْعَادَةِ هَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ شَاسٍ لَا بُدَّ فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْقَبُولِ، فَإِنْ وَقَعَ بِالْفَوْرِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَفِي لَغْوِهِ قَوْلَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي لَغْوِ التَّخْيِيرِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ. الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ الرُّجُوعُ لِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ وَالْعَادَةِ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ اسْتِدْعَاءُ الْجَوَابِ عَاجِلًا أَوْ وَلَوْ كَانَ مُؤَخَّرًا. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ. الثَّانِي: الْحَطّ مَا فَسَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى كَوْنِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ، وَهَذَا أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ بَعْدُ، بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَتُخَصَّصُ وَتُقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَأَلْجَأَ الشَّارِحَ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَعْنَاهُ مَعَ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ بِأَنْ يُقَالَ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا، وَلَيْسَ مُطْلَقُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَافِيًا فِيهَا، إذْ لَا يَصْدُقُ الْمُطْلَقُ مَعَ التَّفْوِيضِ وَالتَّعْيِينِ وَالْأَعَمُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ. اهـ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ لَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرُّكْنِ. الثَّالِثُ: أَعْنِي الْمُوَكَّلَ فِيهِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالذَّخِيرَةِ، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالرُّكْنِ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ، وَالْمَعْنَى تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَلِهَذَا أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: الْبِسَاطِيُّ يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكَالَةِ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ، بَلْ كُلُّ مَا يَدُلُّ لُغَةً أَوْ عُرْفًا فَإِنَّهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 368 لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك، بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ   [منح الجليل] تَنْعَقِدُ بِهِ، فَإِنْ خَالَفَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَالْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ اهـ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ. الرَّابِعُ: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ عُرْفًا الْعَادَةُ، كَمَا إذَا كَانَ رِيعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَالْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً ثُمَّ تَنَازَعَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ دَفَعَ لِأُخْتِهِ حَظَّهَا. ابْنُ نَاجِي عَنْ شَيْخِهِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَتَصَرُّفُ الزَّوْجِ فِي مَالِ زَوْجَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي. الْخَامِسُ: أَرْكَانُ الْوَكَالَةِ أَرْبَعَةٌ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَتَقَدَّمَ شَرْطُهُمَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ، وَالثَّالِثُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ، وَالرَّابِعُ الصِّيغَةُ، وَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا وَعَدَّهَا جَمَاعَةٌ ثَلَاثَةً. الْمَشَذَّالِيُّ أَرْكَانُ الْوَكَالَةِ الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ وَالْعَاقِدَانِ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَشَرْطُ الْمُوَكِّلِ جَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا وَكَّلَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ مِنْ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَحْجُورِ فِي الْخُصُومَةِ. السَّادِسُ: تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ وَكَالَةَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ جَائِزَةٌ، وَفِي تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ طَرِيقَانِ. وَفِي النَّوَادِرِ إذَا وَكَّلَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لَزِمَتْهُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا. (لَا) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ (بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك) الْخَالِي عَنْ التَّفْوِيضِ وَالتَّعْيِينِ (بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ فِي التَّوَكُّلِ عَنْهُ فِي جَمِيعِ حُقُوقِهِ الْقَابِلَةِ لِلنِّيَابَةِ أَوْ يُعَيِّنَ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُقَيِّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِالتَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَقَالَ وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إنْ قَصُرَتْ طَالَتْ، وَإِنْ طَالَتْ قَصُرَتْ. أَبُو الْحَسَنِ فَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعَادَةُ قَالَ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 369 فَيَمْضِي النَّظَرُ، إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ   [منح الجليل] التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْتَضِيهِ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَكَالَةِ، وَيَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. الثَّانِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَهَيِّئٌ لِلتَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَيَفْتَقِرُ إلَى تَقْرِيرِ مَا أَبْقَى وَالْمُوصِي لَا تَصَرُّفَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى تَقْرِيرٍ. وَإِذَا فَوَّضَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ وَتَصَرَّفَ الْوَكِيلُ (فَيَمْضِي النَّظَرُ) أَيْ السَّدَادُ وَالْمَصْلَحَةُ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ وَيَحُوزُ ابْتِدَاءً وَيُرَدُّ غَيْرُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْمُوَكِّلُ فَوَّضْت لَك النَّظَرَ (وَغَيْرَ النَّظَرِ) فَيَمْضِي غَيْرُ النَّظَرِ أَيْضًا. " ق " ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ وَكَّلْتُك بِمَا إلَيَّ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ شَمِلَتْ يَدُ الْوَكِيلِ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ، وَمَضَى فِعْلُهُ فِيهَا إذَا كَانَ نَظَرًا وَمَا لَيْسَ بِنَظَرٍ فَهُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ عَادَةً إلَّا أَنْ يَقُولَ افْعَلْ مَا شِئْت وَلَوْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ، وَمُقْتَضَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ مَنْعُ التَّوْكِيلِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ لِأَنَّهُ فَسَادٌ، وَقَيَّدُوا بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَسَادِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْعَ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ اهـ. خَلِيلٌ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَأْذَنُ الشَّرْعُ فِي السَّفَهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُمَا ذَلِكَ. اهـ. وَفَهِمَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِخِلَافِ مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فَقَالَ إثْرَهُ هَذَا مِثَالٌ لِوَكَالَةِ التَّفْوِيضِ وَلَفْظِ مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ وَمَعْنَاهُ فَلَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك بِمَا إلَيَّ تَعَاطِيهِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقَلِيلِ الْأَشْيَاءِ وَكَثِيرِهَا جَازَ فِعْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَعَكْسُهُ هُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا رَأَيْتَ كَانَ نَظَرًا عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ، أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ افْعَلْ مَا شِئْت وَإِنْ كَانَ سَفَهًا كَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ اهـ. الْحَطّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَنْعِ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ وَهُوَ أَحَدُ طَرِيقَتَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى جَوَازِ تَوْكِيلِهِ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ، وَالْحَقُّ أَنَّ النَّظَرَ هُنَا فِي مَقَامَيْنِ، أَحَدُهُمَا: جَوَازُ التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَالثَّانِي: مُضِيُّ أَفْعَالِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِ تَضْمِينِهِ، فَأَمَّا جَوَازُ التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِذْنُ فِيمَا هُوَ السَّفَهُ عِنْدَ الْوَكِيلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 370 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَنْبَغِي التَّوْقِيتُ فِيهِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِذْنُ فِيمَا يَرَاهُ الْوَكِيلُ صَوَابًا، وَإِنْ كَانَ سَفَهًا عِنْدَ النَّاسِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَعْلُومَ السَّفَهِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ جَازَ. وَأَمَّا مُضِيُّ أَفْعَالِ الْوَكِيلِ وَعَدَمُ تَضْمِينِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَفْعَالَهُ مَاضِيَةٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ لِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ لَهُ فِيهِ، وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ فِيمَنْ أَذِنَ لِإِنْسَانٍ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَهَا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِإِذْنِهِ لَهُ فِيهِ فَالْمَالُ أَحْرَى، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، بَلْ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِمْ مَضَى، أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً. نَعَمْ بَقِيَ وَجْهٌ لِحَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى الْجَوَازِ ابْتِدَاءً، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا صَنَعَهُ مُفَوَّضٌ إلَيْهِ مِنْ شَرِيكٍ أَوْ وَكِيلٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا يَلْزَمُ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي حِصَّتِهِ، وَيُرَدُّ صَنِيعُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ مَا صَنَعَهُ الْوَكِيلُ فَيَضْمَنُهُ الْوَكِيلُ، فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ بِمُضِيِّ النَّظَرِ أَيْ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا لِتَبَرُّعَاتٍ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَذِنْت لَك أَنْ تَفْعَلَ جَمِيعَ مَا تَرَاهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَمْضِي التَّبَرُّعَاتُ، وَلَا يُقَالُ فِيهَا إنَّهَا سَفَهٌ وَفَسَادٌ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْهَا وَخَرَجَ عَنْ الْحَدِّ، وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ فَأَحْرَى غَيْرُهُ. وَفِي الْكَافِي مَا نَصُّهُ وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُقِيلَ وَيُؤَجِّرَ وَأَنْ يَهْضِمَ الشَّيْءَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ، وَفِعْلُهُ كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ، فَإِذَا بَانَ تَعَدِّيهِ أَوْ فَسَادُهُ ضَمِنَ وَمَا خَالَفَ فِيهِ الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلِمُوَكِّلِهِ تَضْمِينُهُ إنْ شَاءَ اهـ. الْحَطّ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ لَهُ وَجْهٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 371 إلَّا الطَّلَاقَ، وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ، وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ،   [منح الجليل] وَجْهٌ يَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ، كَمَا قَالُوا فِي الشَّرِيكِ إنَّهُ يَمْضِي إذَا قَصَدَ بِهِ الِاسْتِئْلَافَ لِلتِّجَارَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - الثَّانِي: إذَا ابْتَدَأَ الْوَكَالَةَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَأَنْزَلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَجَعَلَ لَهُ النَّظَرَ بِمَا يَرَاهُ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ التَّفْوِيضُ إلَى مَا سَمَّاهُ وَلَا يَتَعَدَّاهُ. لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا سَمَّاهُ وَعَادَ إلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا قَالَ وَكَّلْتُهُ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً فَهَذَا التَّوْكِيلُ تَامٌّ فِي جَمِيعِ أُمُورِ الْوَكَالَةِ فَيَجُوزُ فِعْلُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَصُلْحٍ وَغَيْرِهَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، قَالَ وَإِنْ قَالَ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً جَامِعَةً لِجَمِيعِ وُجُوهِ التَّوْكِيلِ وَمَعَانِيهِ كَانَ أَبْيَنَ فِي التَّفْوِيضِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ زَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إذَا طَالَتْ قَصُرَتْ، وَإِذَا قَصُرَتْ طَالَتْ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْبَرْزَلِيِّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ عَنْ ابْنِ عَاتٍ. الثَّالِثُ: الْمُتَيْطِيُّ اخْتِصَارُ لَفْظِ التَّوْكِيلِ الشَّامِلِ الْعَامِّ أَنْ يَقُولَ وَكَّلَ فُلَانٌ فُلَانًا تَوْكِيلًا مُفَوَّضًا جَامِعًا لِمَعَانِي التَّوْكِيلِ كُلِّهِ لَا يَشِذُّ عَنْهُ فَصْلٌ مِنْ فُصُولِهِ، وَلَا فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ أَصْلٍ مِنْ أُصُولِهِ دَائِمًا مُسْتَمِرًّا، وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ مَنْ شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنْ فُصُولِهِ فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ تَوْكِيلَ غَيْرِهِ عَنْهُ فَفِي دُخُولِهِ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمُتَقَدِّمِينَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَحْفَظْ فِيهِ قَوْلًا لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَنْزَلَهُ مَنْزِلَتَهُ وَجَعَلَهُ بِمَثَابَتِهِ. 1 - الرَّابِعُ: ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ كَانَ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ، فَإِنَّمَا يُوَكِّلُ أَمِينًا وَظَاهِرُ مَا فِي التَّوْكِيلِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي الْأَمَانَةِ، وَظَاهِرُ إجَارَتِهَا اشْتِرَاطُ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِيهَا وَلِلْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ التَّصَرُّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِمُوَكِّلِهِ. (إلَّا الطَّلَاقَ) لِزَوْجَةِ مُوَكِّلِهِ (وَإِنْكَاحَ) أَيْ تَزْوِيجَ (بِكْرِهِ) أَيْ مُوَكِّلِهِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ) أَيْ مُوَكِّلِهِ (وَ) بَيْعَ (عَبْدِ) خَدَمْتِ (هـ) أَيْ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي وَكَالَةِ التَّفْوِيضِ الْعَامَّةِ الْجَامِعَةِ. ابْنُ فَرْحُونٍ بَعْضُهُمْ يَسْتَثْنِي مِنْ الْوَكَالَةِ الْمُفَوَّضَةِ بَيْعَ دَارِ السُّكْنَى وَطَلَاقَ الزَّوْجَةِ وَبَيْعَ الْعَبْدِ الْقَائِمِ بِأُمُورِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 372 أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ، وَتَخَصَّصَ، وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ فَلَا يَعْدُهُ إلَّا عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ،   [منح الجليل] الْمُوَكِّلِ وَزَوَاجَ الْبِكْرِ، لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّهَا لَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهَا الْوَكِيلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ. وَفِي اللُّبَابِ إنْ فَوَّضَ إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِهِ. وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ مَعْزُولٌ عُرْفًا عَنْ طَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَبَيْعِ دَارِ السُّكْنَى وَتَزْوِيجِ الْبِنْتِ وَعِتْقِ الْعَبْدِ. وَعَطَفَ عَلَى يُفَوِّضَ (أَوْ يُعَيِّنَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدَةً الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ (بِنَصٍّ) كَوَكَّلْتُكَ عَلَى كَذَا (أَوْ) بِ (قَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عَلَى تَوْكِيلِهِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرِينَةِ أَوْ الْعَادَةِ، فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فَلَا يُقَيَّدُ حَتَّى يُقَيِّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ (وَتَخَصَّصَ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا لَفْظُ الْوَكَالَةِ الْعَامِّ كَاشْتَرِ لِي أَيْ الْأَثْوَابَ، فَيُخَصِّصُهُ الْعُرْفُ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِ مُوَكِّلِهِ، وَكَبَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ فِي أَيِّ سُوقٍ وَلَهَا سُوقٌ خَاصٌّ فَيُخَصِّصُهُ الْعُرْفُ بِهِ (وَتَقَيَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لَفْظُ الْمُوَكِّلِ الْمُطْلَقِ، وَتَنَازَعَ تَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ فِي قَوْلِهِ (بِالْعُرْفِ) كَاشْتَرِ لِي ثَوْبًا وَبِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ فِي سُوقٍ فَيُقَيِّدُهُ الْعُرْفُ بِلَائِقِ الثِّيَابِ وَمُعْتَادِ الْأَسْوَاقِ لِبَيْعِهَا وَالْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ بِلَا حَصْرِ وَتَخْصِيصُهُ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَالْمُطْلَقُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَتَقْيِيدُهُ تَعْيِينُ بَعْضِ أَفْرَادِهِ. وَإِذَا خُصِّصَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ أَوْ قُيِّدَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ (فَلَا يَعْدُهُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ أَيْ لَا يُجَاوِزُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ بِالتَّصَرُّفِ إلَى غَيْرِهِ (إلَّا) إذَا وَكَّلَهُ (عَلَى بَيْعِ) شَيْءٍ مُعَيِّنٍ (فَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (طَلَبُ الثَّمَنِ) مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْهُ الشَّيْءَ الَّذِي وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ (وَ) لَهُ (قَبْضُهُ) أَيْ الثَّمَنِ مِنْهُ، وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِهِ لَهُ وَإِذَا تَلِفَ مِنْ الْوَكِيلِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ فَلَا يَضْمَنُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَمْلِكُ الْوَكِيلُ الْمُطَالَبَةَ بِالثَّمَنِ وَقَبْضَهُ. خَلِيلٌ يَعْنِي أَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْمَبِيعِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْوَكِيلِ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ وَقَبْضُهُ فَلَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ وَتَعَذَّرَ قَبْضُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 373 أَوْ اشْتِرَاءٍ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَرَدُّ الْمَعِيبِ، إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ   [منح الجليل] (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ لَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ عَدَمَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ. الثَّانِي: قَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ لُزُومَهُ قَبْضَ الثَّمَنِ بِمَا إذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِعَدَمِ قَبْضِهِ. أَبُو عِمْرَانَ لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي الرِّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبِيَعِ لَا يَقْبِضُ ثَمَنَهَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِهِ إلَيْهِ. وَفِي الشَّامِلِ وَلَهُ قَبْضُ ثَمَنِ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ إلَّا الْعَادَةَ. ابْنُ فَرْحُونٍ الْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ إنْ أَرَادَ قَبْضَ ثَمَنِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ مِنْهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى بَيْعِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ، لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ أَنَّ وَكِيلَ بَيْعِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ لَا يَقْبِضُ ثَمَنَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ خَاصٍّ عَلَى قَبْضِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَلَدٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّ مُتَوَلِّي بَيْعِهَا يَتَوَلَّى قَبْضَ ثَمَنِهَا فَيُجْزِئُهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى الْبَيْعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَكِيلِ بَيْعِ السِّلْعِ فَلَهُ قَبْضُ ثَمَنِهَا، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ لَا غِنَى عَنْ قَوْلِهِ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ. (أَوْ) إلَّا إذَا وُكِّلَ عَلَى (اشْتِرَاءٍ فَلَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ بَائِعِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ، وَفِي قَبُولِهِ مُطْلَقًا نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ فَحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ، وَحَيْثُ لَا يَجِبُ لَا يَجِبُ لِلنُّكْتَةِ الَّتِي فَرَّقُوا بِهَا بَيْنَ وُجُوبِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ مَا بَاعَهُ وَعَدَمِ صِحَّةِ قَبْضِ وَلِيِّ الثَّيِّبِ نَقْدَ وَلِيَّتِهِ دُونَ تَوْكِيلٍ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ هُوَ مُسَلِّمٌ الْمَبِيعَ لِمُبْتَاعِهِ، وَلَيْسَ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ اهـ. الْحَطّ مَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِيهِ دَفْعُ الثَّمَنِ. (وَ) لِلْوَكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ (رَدُّ الْمَعِيبِ) بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَالَ شِرَائِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِدُونِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ الْمَعِيبَ (مُوَكِّلُهُ) حِينَ تَوْكِيلِهِ عَلَى شِرَائِهِ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَّا بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ اتِّفَاقًا لِاحْتِمَالِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ وَاغْتِفَارِهِ لِغَرَضِهِ فِي الْمَبِيعِ. وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِمُخَالَفَةِ الصِّفَةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 374 وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ، مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ كَبَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ، لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك، وَبِالْعُهْدَةِ، مَا لَمْ يَعْلَمْ   [منح الجليل] رَدُّهُ وَإِنْ رَدَّهُ فَلِلْمُوَكِّلِ قَبُولُهُ وَتَضْمِينُ الْوَكِيلِ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ أَبُو عِمْرَانَ وَإِذَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِعَدَمِ الرَّدِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ فَالْمَخْلَصُ مِنْهُ رَفْعُهُ لِلْحَاكِمِ فَيَحْكُمُ لَهُ بِأَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ بِالْمَذْهَبِ الْآخَرِ. (وَطُولِبَ) وَكِيلُ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ (بِثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ) وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ (مَا لَمْ يُصَرِّحْ) الْوَكِيلُ حِينَ الشِّرَاءِ أَوْ الْبَيْعِ (بِالْبَرَاءَةِ) مِنْ دَفْعِهِ الثَّمَنَ أَوْ الْمُثْمَنَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِهَا فَلَا يُطَالِبُ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا الْمَطَالِبُ بِهِ مُوَكِّلُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُطَالِبُ بِالثَّمَنِ وَالْمَثْمُونِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ وَالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَكَالَةِ فِي النِّدَاءِ فِي التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ مِنْهَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ وَأَعْلَمَ بَائِعَهَا أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهَا لِفُلَانٍ فَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ نَقْدًا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا، حَتَّى يَقُولَ لَهُ فِي الْعَقْدِ إنَّمَا يَنْقُدُك فُلَانٌ دُونِي فَالثَّمَنُ عَلَى الْآمِرِ حِينَئِذٍ. وَشَبَّهَ فِي مُطَالَبَةِ الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِ الْوَكِيلِ لِلْبَائِعِ (بَعَثَنِي فُلَانٌ) إلَيْك (لِتَبِيعَهُ) أَيْ فُلَانًا سِلْعَةَ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا، فَإِنْ بَاعَهُ فَالثَّمَنُ يُطْلَبُ مِنْ فُلَانٍ لَا مِنْ الرَّسُولِ إنْ أَقَرَّ فُلَانٌ بِإِرْسَالِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ فَيَطْلُبُ مِنْ الرَّسُولِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ فُلَانٌ بَعَثَنِي إلَيْك لِتَبِيعَهُ فَهَذَا كَالشَّرْطِ الْمُؤَكَّدِ فَلَا يَتْبَعُ إلَّا فُلَانًا، فَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ غَرِمَ الرَّسُولُ رَأْسَ الْمَالِ (لَا) يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ فُلَانٌ إنْ قَالَ الرَّسُولُ بَعَثَنِي إلَيْك (لِأَشْتَرِيَ مِنْك) سِلْعَةَ كَذَا. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ قَالَ إنِّي أَبْتَاعُهُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ يَنْقُدُك دُونِي فَلْيَتْبَعْ الْمَأْمُورَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْآمِرُ فَلْيَتْبَعْ أَيَّهُمَا شَاءَ. ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْمَأْمُورِ فَيَحْلِفُ وَيَبْرَأُ وَيَتْبَعُ الْمَأْمُورَ. (وَ) طُولِبَ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ (بِالْعُهْدَةِ) أَيْ ضَمَانِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ وَاسْتِحْقَاقٍ (مَا يَعْلَمُ) الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَالْمَطَالِبُ بِالْعُهْدَةِ الْمُوَكِّلُ لَا الْوَكِيلُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا مُفَوَّضًا، فَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا طُولِبَ بِهَا وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 375 وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ، نَقْدُ الْبَلَدِ وَلَائِقٌ بِهِ،   [منح الجليل] سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ أَمْ لَا. " ق " فِيهَا مَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ بِأَمْرِهِ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقْدِ إنَّهَا لِفُلَانٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ فَعَلَى رَبِّهَا تُرَدُّ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ لَا عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِفُلَانٍ حَلَفَ الْوَكِيلُ وَإِلَّا رُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَيْهِ وَمَا بَاعَ الطَّوَّافُونَ وَالنَّخَّاسُونَ وَمَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ لِلنَّاسِ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا اسْتِحْقَاقَ وَالتِّبَاعَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ. ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ شِرَاءِ الْوَكِيلِ وَبَيْعِهِ إنْ قَالَ الْمَبِيعُ لِفُلَانٍ فَالْعُهْدَةُ عَلَى فُلَانٍ، وَإِنْ قَالَ أَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ يَنْقُدُ دُونِي، لِأَنَّ الْعُهْدَةَ أَمْرُهَا خَفِيفٌ، وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَبَدًا وَالثَّمَنُ فِي شِرَائِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْوَكِيلُ قَدْ وَلِيَ مُعَامَلَتَهُ وَقَبَضَ سِلْعَتَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ عَلَى فُلَانٍ. (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (فِي) التَّوْكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ (الْمُطْلَقِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِنَقْدٍ مَخْصُوصٍ، وَفَاعِلُ تَعَيَّنَ (نَقْدُ الْبَلَدِ) الَّذِي يَبِيعُ الْوَكِيلُ فِيهِ، " ق " فِي الْكَافِي مَنْ وُكِّلَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " أَنْ يُبَاعَ الْعَرْضُ، فَإِنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ فَهُوَ لِلْآمِرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقْصَانٌ ضَمِنَهُ الْوَكِيلُ. تت سَكَتَ عَنْ حُكْمِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ وَبَيْعِهِ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْآمِرُ فِعْلَهُ وَيَأْخُذَ مَا بَاعَ بِهِ، كَذَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي، وَفِي وَكَالَتِهَا إنْ بَاعَ بِعَرْضٍ وَلَمْ يَفُتْ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُ، وَيُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ نَقْضِهِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ، وَإِنْ فَاتَ خُيِّرَ فِيمَا بِيعَتْ بِهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهَا وَيُسَلَّمُ الْعَرْضُ لِلْوَكِيلِ. عِيَاضٌ وَهُوَ وِفَاقٌ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ غَالِبِهِ. (وَ) تَعَيَّنَ فِي التَّوْكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ الْمُطْلَقِ شَيْءٌ (لَائِقٌ) أَيْ مُنَاسِبٌ (بِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ. " ق " فِي سَلَمِهَا الثَّانِي مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " مَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً أَوْ ثَوْبًا وَلَمْ يَصِفْ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ثِيَابِ الْآمِرِ وَخَدَمِهِ جَازَ وَلَزِمَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 376 إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَتَرَدُّدٌ وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَإِلَّا خُيِّرَ،   [منح الجليل] الْآمِرَ، وَإِنْ ابْتَاعَ لَهُ مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَدَمِهِ وَلَا مِنْ ثِيَابِهِ فَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْمَأْمُورِ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، وَيَتَعَيَّنُ اللَّائِقُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ) الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ (الثَّمَنَ) الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهِ، وَنَقَصَ الْمُسَمَّى عَنْ ثَمَنِ اللَّائِقِ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ إلَّا مَا لَا يَلِيقُ (فَتَرَدُّدٌ) أَيْ تَأْوِيلَانِ فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا لَا يَلِيقُ وَعَدَمِهِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ سَمَّى الثَّمَنَ وَلَمْ يَصِفْ فَلَا يُبَالِي مَا اشْتَرَى لَهُ كَانَ يُشْبِهُهُ أَوْ لَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَبَانَ لَهُ قَدْرَ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يُشْبِهُهُ وَإِنْ سَمَّى الثَّمَنَ خَاصَّةً، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، ثَانِيهَا لَمْ يُسَمِّ وَلَمْ يَصِفْ فَيَلْزَمُهُ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ مِمَّا يُشْبِهُهُ مِنْ ثِيَابِهِ وَخَدَمِهِ. وَثَالِثُهَا أَنْ يُسَمِّيَ وَيَصِفَ فَيَلْزَمَهُ مَا يَشْتَرِيهِ بِالْمُسَمَّى أَوْ فَوْقَهُ بِيَسِيرٍ أَوْ بِدُونِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَرَابِعُهَا أَنْ يَصِفَ وَلَا يُسَمِّيَ فَلَا يُبَالِي بِمَا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (وَ) تَعَيَّنَ فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ (ثَمَنُ الْمِثْلِ) لِلْمَبِيعِ أَوْ الْمُشْتَرَى. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " إنْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَا يَلْزَمُك كَبَيْعِهِ الْأَمَةَ ذَاتَ الثَّمَنِ الْكَثِيرِ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ كُلُّهُ إنْ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْقِيمَةُ وَلَوْ بَاعَ بِمَا يُشْبِهُ جَازَ بَيْعُهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِ التَّسْمِيَةِ لِلثَّمَنِ مُسْقِطَةً عَنْ الْوَكِيلِ النِّدَاءَ وَالْإِشْهَارَ وَالْمُبَالَغَةَ فِي الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا ابْنُ بَشِيرٍ لَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِ إشْهَارٍ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إمْضَاؤُهُ، وَالثَّانِي رَدُّهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّسْمِيَةِ عَدَمُ نَقْصِ الثَّمَنِ وَطَلَبُ الزِّيَادَةِ وَلَوْ ثَبَتَ أَحَدُ الْقَصْدِينَ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ. وَبَيَّنَ حُكْمَ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ نَقْدَ الْبَلَدِ وَاللَّائِقَ وَثَمَنَ الْمِثْلِ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ بِأَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَى بِزَائِدٍ عَلَيْهِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً الْمُوَكِّلُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " إنْ بَاعَ بِغَيْرِ الْعَيْنِ عَنْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَضْمَنَ الْمَأْمُورُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْآمِرُ فِعْلَهُ وَيَأْخُذَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 377 كَفُلُوسٍ، إلَّا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ لِخِفَّتِهِ، كَصَرْفِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّأْنَ، وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرًى عُيِّنَ،   [منح الجليل] مَا بَاعَ بِهِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِغَيْرِ الْعَيْنِ فَلَهُ تَرْكُ مَا اشْتَرَى وَالرِّضَا بِهِ وَيَدْفَعُ مِثْلَ مَا أَدَّى. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِهِ بِ (فُلُوسٍ) نُحَاسٍ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ لِأَنَّهَا كَالْعَرْضِ (إلَّا مَا) أَيْ عَرْضًا (شَأْنُهُ ذَلِكَ) أَيْ بَيْعُهُ بِفُلُوسٍ (لِخِفَّةِ) ثَمَنِ (هـ) فَبَيْعُهُ بِهَا لَازِمٌ الْمُوَكِّلَ، إذْ الْفُلُوسُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ، فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ بِفُلُوسٍ فَهِيَ كَالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ تَكُونَ سِلْعَةً خَفِيفَةَ الثَّمَنِ إنَّمَا تُبَاعُ بِالْفُلُوسِ وَمَا أَشْبَهَهَا، فَالْفُلُوسُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَيْ وَبَاعَهَا بِالْعُرْفِ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَمْ يَتَعَدَّ. وَعَطَفَ عَلَى كَفُلُوسٍ الْمُشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَصَرْفِ ذَهَبٍ) دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ لِيُسْلِمَهُ فِي طَعَامٍ لَهُ فَصَرَفَهُ (بِفِضَّةٍ) وَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْوَكِيلُ الطَّعَامَ خُيِّرَ مُوَكِّلُهُ فِي قَبْضِهِ وَتَرْكِهِ وَتَغْرِيمِ الْوَكِيلِ مِثْلَ ذَهَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ تَعَيَّنَ تَغْرِيمُهُ مِثْلَ الذَّهَبِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْمُوَكِّلِ الطَّعَامَ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِانْعِقَادِ السَّلَمِ لِلْوَكِيلِ بِمُخَالِفَتِهِ وَفُسِخَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) صَرْفُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِهِ (الشَّأْنَ) أَيْ الْمُعْتَادَ بَيْنَ النَّاسِ فِي شِرَاءِ تِلْكَ السِّلْعَةِ أَنْ لَا يُسْلِمَ إلَّا الْفِضَّةَ وَيَكُونُ نَظَرًا فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ. " ق " فِيهَا إنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ يُسْلِمُهَا لَك فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يُسْلِمْ حَتَّى صَرَفَهَا دَرَاهِمَ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الشَّأْنَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَكَانَ نَظَرًا لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ فِيمَا يُسْلَمُ فِيهِ أَفْضَلُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِلَّا كَانَ مُتَعَدِّيًا، وَضَمِنَ الدَّنَانِيرَ وَلَزِمَهُ الطَّعَامُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ لَك إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ دَنَانِيرِك مِنْهُ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي التَّخْيِيرِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الشِّرَاءِ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ عَيَّنَهُ الْمُوَكِّلُ كَاشْتَرِ لِي الْفَرَسَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 378 أَوْ سُوقًا، أَوْ زَمَانًا أَوْ بَيْعِهِ بِأَقَلَّ، أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا؛   [منح الجليل] الْفُلَانِيَّ فَاشْتَرَى لَهُ غَيْرَهُ فَلِمُوَكِّلِهِ الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ وَالرِّضَا بِهِ، وَيَصِحُّ كَسْرُ الرَّاءِ كَبِعْ لِفُلَانٍ فَبَاعَ لِغَيْرِهِ. " ق " ابْنُ الْحَاجِبِ مُخَصَّصَاتُ الْمُوَكِّلِ مُتَعَيِّنَةٌ كَالْمُشْتَرَى وَالزَّمَانِ وَالسُّوقِ، فَإِنْ خَالَفَ فَالْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ (أَوْ) مُخَالَفَتِهِ بِبَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ (فِي سُوقٍ) غَيْرِ السُّوقِ الَّذِي عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فَيُخَيَّرُ (أَوْ) مُخَالَفَتِهِ فِي (زَمَانٍ) عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ لِلْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ فِيهِ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى فِي غَيْرِهِ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ. " ق " ابْنُ شَاسٍ مُخَصَّصَاتُ الْمُوَكِّلِ مُعْتَبَرَةٌ لَوْ قَالَ بِعْ مِنْ زَيْدٍ فَلَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ خَصَّصَ سُوقًا تَتَفَاوَتُ فِيهَا الْأَغْرَاضُ تَخَصَّصَ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أُمِرَ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِبَلَدٍ فَاشْتَرَاهَا بِبَلَدٍ دُونَهُ خُيِّرَ الْآمِرُ فِي أَخْذِهَا وَضَمَانِهَا مِنْ الْمَأْمُورِ، زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ كَانَتْ بِالْمَوْضِعِ الْمُسَمَّى أَرْخَصَ أَوْ أَغْلَى. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ تَسَاوَى سِعْرَا الْمَوْضِعَيْنِ فَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ وَضَمَانُهَا مِنْ الْآمِرِ. (أَوْ) خَافَ بِ (بَيْعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِ) ثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِمَّا سَمَّى لَهُ مُوَكِّلُهُ وَلَوْ يَسِيرًا فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الْبَيْعِ طَلَبُ الزِّيَادَةِ. " ق " سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِخَمْسَةٍ، فَإِنَّ عَلَيْهِ تَمَامَ الْعَشَرَةِ لَا الْقِيمَةَ. ابْنُ بَشِيرٍ إذَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعٍ فَبَاعَ بِأَقَلَّ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلَوْ نَقَصَ الْيَسِيرَ (أَوْ) خَالَفَ فِي (اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) مِمَّا سُمِّيَ لَهُ (كَثِيرًا) فَيُخَيَّرُ، وَأَمَّا يَسِيرًا فَلَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ تُسْتَخَفُّ فِي الشِّرَاءِ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَجَمَاعَةٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَسَاوِيهِمَا وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ النَّظَائِرِ وَالتِّلْمِسَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِحَذْفِ كَثِيرًا مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي. الْحَطّ وَتَخْيِيرُهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَا بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَبِعَدَمِ الْتِزَامِ الْوَكِيلِ الزِّيَادَةَ كَمَا سَيَأْتِي. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " وَمَنْ أَبْضَعَ مَعَ رَجُلٍ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ وَوَصَفَهَا لَهُ فَاشْتَرَاهَا لَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بِنِصْفِهِ أَوْ بِزِيَادَةِ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُزَادُ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 379 إلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ وَصُدِّقَ فِي دَفْعِهِمَا وَإِنْ سَلِمَ، مَا لَمْ يَطُلْ   [منح الجليل] الثَّمَنِ لَزِمَتْ الْآمِرَ إنْ كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ وَكَانَتْ مُصِيبَتُهَا مِنْهُ إنْ مَاتَتْ، وَإِنْ زَادَ زِيَادَةً كَثِيرَةً لَا يُزَادُ مِثْلُهَا عَلَى الثَّمَنِ خُيِّرَ الْآمِرُ فِي دَفْعِ الزِّيَادَةِ، وَأَخْذِ الْجَارِيَةِ، فَإِنْ أَبَى لَزِمَتْ الْمَأْمُورَ وَغَرِمَ لِلْآمِرِ مَا أَبْضَعَ مَعَهُ، وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْآمِرُ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمَأْمُورِ وَيَغْرَمُ لِلْآمِرِ مَالَهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ فَقَالَ (إلَّا كَدِينَارَيْنِ) يَزِيدُهُمَا الْوَكِيلُ (فِي) شِرَاءِ مَا وُكِّلَ عَلَى شِرَائِهِ بِ (أَرْبَعِينَ) دِينَارًا فَلَا يُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ تُغْتَفَرُ لِتَحْصِيلِ الْغَرَضِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا دِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ بَدَلَ الِاسْتِثْنَائِيَّة الْحَطّ وَهُوَ أَحْسَنُ فَهُوَ مُخْرِجٌ مِنْ قَوْلِهِ بِأَقَلَّ، قَالَهُ تت. طفي كَذَا فِي النُّسَخِ، وَكَذَا فِي كَبِيرِهِ، وَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْوَكِيلُ (فِي) دَعْوَى (دَفْعِهِمَا) أَيْ الدِّينَارَيْنِ اللَّذَيْنِ زَادَهُمَا عَلَى الْأَرْبَعِينَ الَّتِي أَمَرَهُ مُوَكِّلُهُ بِالشِّرَاءِ بِهَا مِنْ مَالِهِ لِلْبَائِعِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ لِمُوَكِّلِهِ، وَكَذَا (إنْ سَلَّمَ) هـ لَهُ (مَا لَمْ يَطُلْ) الزَّمَنُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَإِنْ طَالَ فَلَا يُصَدَّقُ، فِي التَّوْضِيحِ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي دَفْعِهِ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ تَرَدَّدَ فِيهِ التُّونِسِيُّ، وَيَلْزَمُ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي دَفْعِهَا قَبُولُ قَوْلِهِ فِيهَا، فَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ. " ق " ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَ زِدْت دِينَارًا وَدِينَارَيْنِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَيْت، وَلَمْ يَعْلَمْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ حَلَفَ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِيهِ، وَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ مَحْصُورَةً فِي هَذَا الْحِسَابِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَا يُزَادُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَزِيدَهُ إنَّمَا هَذَا إذَا زَادَهُ لَزِمَ مُوَكِّلَهُ ابْنُ شَاسٍ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ قَبْلَ تَسْلِيمِ السِّلْعَةِ أَوْ قُرْبَ التَّسْلِيمِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي ذِكْرِهِ بَعْدَ الطُّولِ. (تَنْبِيهٌ) الْحَطّ هَذَا كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ الْحُكْمَ بَعْدَ الْوُقُوعِ بِقَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ إلَخْ. تت ذَكَرَ مَسْأَلَةَ اللَّائِقِ مَعَ فَهْمِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَتَخَصَّصَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 380 وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَاءٍ لَزِمَهُ، إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ، كَذِي عَيْبٍ، إلَّا أَنْ يَقِلَّ، وَهُوَ فُرْصَةٌ، أَوْ فِي بَيْعٍ، فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ وَلَوْ رِبَوِيًّا بِمِثْلِهِ   [منح الجليل] بِالْعُرْفِ لِلنَّصِّ عَلَى عَيْنِهَا وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يُسَمَّى فَتَرَدَّدَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا لَا يَنْدَرِجُ فِيمَا قَبْلَهُ، فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِ الدَّابَّةِ عَلَى الْحِمَارِ، وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ دَابَّةً فَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا حِمَارًا، فَإِنْ كَانَ أَفْرَادُ الْحَمِيرِ مُتَفَاوِتَةً فَلَا يَشْتَرِي لَهُ إلَّا حِمَارًا لَائِقًا بِهِ، فَاللَّائِقُ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ، إذْ هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ. الْبُنَانِيُّ لَعَلَّ " ح " رَاعَى الْعُرْفَ الْخَاصَّ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ وَابْنُ عَاشِرٍ رَاعَى عُرْفَ الْبَلَدِ، وَمَا ذَكَرَهُ " ح " ظَاهِرٌ. (وَحَيْثُ خَالَفَ) الْوَكِيلُ (فِي اشْتِرَاءٍ) بِأَنْ اشْتَرَى غَيْرَ لَائِقٍ أَوْ غَيْرَ مَا عَيَّنَهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ (لَزِمَهُ) أَيْ الِاشْتِرَاءُ الْوَكِيلَ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِهِ (إنْ لَمْ يَرْضَهُ) أَيْ الْمُشْتَرَى بِفَتْحِ الرَّاءِ (مُوَكِّلُهُ) وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْوَكِيلِ فَقَالَ (كَ) مُشْتَرَى بِالْفَتْحِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (عَيْبٍ) أَيْ مَعِيبٍ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ عَلِمَهُ الْوَكِيلُ حِينَ شِرَائِهِ أَوْ رَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ، فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَشَدِّ اللَّامِ الْعَيْبُ (وَ) الْحَالُ (هُوَ) أَيْ الشِّرَاءُ (فُرْصَةٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ، أَيْ نَادِرُ الْوُقُوعِ لِكَثْرَةِ الرُّخْصِ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ (أَوْ) خَالَفَ الْوَكِيلُ (فِي بَيْعٍ) بِأَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى لَهُ (فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ) فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ، فَإِنْ فَاتَ فَلِمُوَكِّلِهِ تَغْرِيمُهُ نَقْصَ مَا بَاعَ بِهِ عَنْ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (رِبَوِيًّا) أَيْ يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا بَاعَهُ (بِمِثْلِهِ) أَيْ الرِّبَوِيِّ. " ق " ابْنُ بَشِيرٍ خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَ رِبَوِيًّا بِرِبَوِيٍّ كَعَيْنٍ بِعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ فَهَلْ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ قَوْلَانِ وَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالشَّرْطِيِّ. اللَّخْمِيُّ إنْ بَاعَ طَعَامًا بِطَعَامٍ فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ الثَّانِيَ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ، وَقَالَ لَيْسَ لِلْآمِرِ إلَّا مِثْلُ طَعَامِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ، قَالَ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 381 إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى الْأَحْسَنِ لَا إنْ زَادَ فِي بَيْعٍ، أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءٍ، أَوْ اشْتَرِ بِهَا فَاشْتَرَى   [منح الجليل] حُرَّةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ زَنَتْ قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ السَّيِّدُ فَقَالَ إنْ أَجَازَ السَّيِّدُ رُجِمَتْ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا تُرْجَمُ فَجَعَلَهُ إذَا أَجَازَهُ كَأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ مِنْ الْأَوَّلِ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ الثَّانِيَ. وَمَحَلُّ تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ (إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ) لِمُوَكِّلِهِ (الزَّائِدَ) عَلَى مَا بَاعَ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَعَلَى مَا سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ فِي الشِّرَاءِ، فَإِنْ الْتَزَمَهُ فَلَا خِيَارَ لِمُوَكِّلِهِ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْخِلَافِ " ق " فِيهَا إنْ بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ وَلَهُ رَدُّهُ مَا لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ قِيمَتُهَا ابْنُ بَشِيرٍ إنْ قَالَ أَنَا أُتِمُّ مَا نَقَصَتْ فَهَلْ يَتْرُكُ وَيَمْضِي الْبَيْعُ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ لِتَعَدِّيهِ فِي الْبَيْعِ، وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِتَمَامِ مَقْصِدِ الْآمِرِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَحْكِ الصِّقِلِّيُّ غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يُلْزِمَ الْآمِرَ بِالْمُشْتَرَى بِمَا أَمَرَهُ، وَيَحُطُّ الزِّيَادَةَ عَنْهُ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مِنْهُ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ مَنْ أُمِرَ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِأَلْفٍ فَزَوَّجَهُ بِأَلْفَيْنِ فِيمَا رَجَعَ إلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ وَلَا يَجْرِي مِنْ الْقَوْلِ بِقَبُولِ إتْمَامِ الْمَأْمُورِ فِي الْبَيْعِ الْقَوْلُ بِقَبُولِهِ إتْمَامَهُ فِي النِّكَاحِ لِأَنَّ قَبُولَهُ فِي النِّكَاحِ غَضَاضَةٌ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ إنْ حَدَثَ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجِبُ جَرْيَ الْقَوْلِ الْآخَرِ أَحْرَوِيًّا. (لَا) يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ (إنْ زَادَ) الْوَكِيلُ (فِي بَيْعٍ) عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ كَبِعْ هَذَا بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ (أَوْ نَقَصَ) الْوَكِيلُ عَمَّا سَمَّى لَهُ (فِي اشْتِرَاءٍ) كَاشْتَرِ بِعَشَرَةٍ هَذَا الشَّيْءَ فَاشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ لِأَنَّ هَذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُوَكِّلِ " ق " ابْنُ بَشِيرٍ إنْ خَالَفَ فِي بَيْعٍ بِزِيَادَةٍ كَقَوْلِهِ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَوْ بِعْهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ فَبَاعَهُ بِهَا نَقْدًا فَقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَرْطِ مَا لَا يُفِيدُ يُوَفَّى بِهِ أَمْ لَا. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا كَمَا قَالَ (أَوْ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ إنْ دَفَعَ لِوَكِيلِهِ عَشَرَةً وَقَالَ لَهُ (اشْتَرِ بِهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ سِلْعَةَ كَذَا (فَاشْتَرَى) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 382 فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا وَعَكَسَهُ، أَوْ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا   [منح الجليل] الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ الَّتِي سَمَّاهَا مُوَكِّلُهُ بِعَشَرَةٍ (فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا) أَيْ دَفَعَ الْعَشَرَةَ لِلْبَائِعِ (وَ) لَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ فِي (عَكْسِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِأَنْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ عَشَرَةً. وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا بِعَشَرَةٍ فِي الذِّمَّةِ وَادْفَعْ الْعَشَرَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَخَالَفَ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَاشْتَرَى السِّلْعَةَ الَّتِي سَمَّاهَا الْمُوَكِّلُ بِعَيْنِ الْعَشَرَةِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا أَسْلَمَ لَهُ أَلْفًا وَقَالَ اشْتَرِ بِهَا كَذَا فَاشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَ الْأَلْفَ أَوْ اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ وَسَلِّمْ الْأَلْفَ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ صَحَّ فِيهِمَا اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِشَرْطٍ لَا يُقَيَّدُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ، أَمَّا إنْ ظَهَرَ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَكِّلِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا إشْكَالٍ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ لِلشَّافِعِيَّةِ كَلَامًا فِيهَا، ثُمَّ قَالَ إنْ ظَهَرَ فِيمَا رَسَمَهُ الْمُوَكِّلُ غَرَضٌ فَمُخَالَفَتُهُ عَدَاءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُ إلَّا تَحْصِيلَ السِّلْعَةِ فَلَيْسَ بِعَدَاءٍ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ دَفَعَ الدَّنَانِيرَ وَدِيعَةً فَدَفَعَهَا الْوَكِيلُ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا إذَا قِيلَ بِتَعَيُّنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، إذْ قَدْ يَتَعَلَّقُ لِلْآمِرِ بِعَيْنِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ إمَّا لِشُبْهَةٍ فِيهَا فَلَا يَجِبُ تَفْوِيتُهَا بِالشِّرَاءِ بِهَا حَتَّى يَنْظُرَ فِي إصْلَاحِ شُبْهَتِهَا أَوْ يَتَحَقَّقَ كَسْبَهَا فَيَجِبُ الشِّرَاءُ بِهَا لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْصِدُهُ الْعُقَلَاءُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ بِحُكْمِ التَّعَدِّي بِقَيْدِ كَوْنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ بِحُكْمِ التَّعَدِّي مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، رُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِالتَّعَدِّي لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِتَعَدِّيهِ غُرْمُ مِثْلِ دَنَانِيرِ الْآمِرِ وَيَجِبُ عَلَى الْآمِرِ غُرْمُ مِثْلِهِ وَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ اهـ. (أَوْ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ إنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ (شَاةً) مَثَلًا (بِدِينَارٍ) مَثَلًا دَفَعَهُ لَهُ (فَاشْتَرَى) الْوَكِيلُ (بِهِ) أَيْ الدِّينَارِ شَاتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُ) إحْدَا (هُمَا) عَنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 383 وَإِلَّا خُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ،   [منح الجليل] الْأُخْرَى بِالشِّرَاءِ لِامْتِنَاعِ الْبَائِعِ مِنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ إفْرَادُ إحْدَاهُمَا بِالشِّرَاءِ وَاشْتَرَاهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَزِمَتْ الْأُولَى إنْ اشْتَرَاهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، وَإِحْدَاهُمَا إنْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا الْمُوَكِّلُ. (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً الْمُوَكِّلُ (فِي) أَخْذِ الشَّاةِ (الثَّانِيَةِ) وَتَرْكِهَا لِلْوَكِيلِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَصْبَغُ تَلْزَمَانِ الْمُوَكِّلَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ وُكِّلَ عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ مَوْصُوفَةٍ بِثَمَنٍ فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَتَيْنِ بِصِفَتِهَا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ اشْتَرَاهُمَا فِي عُقْدَتَيْنِ أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ لَزِمَتْ الْأَوْلَى أَوْ الَّتِي عَلَى الصِّفَةِ وَالْآمِرُ فِي الْأُخْرَى بِالْخِيَارِ، وَإِلَّا فَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غَيْرِهِمَا لَزِمَتَا الْآمِرَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهِمَا أَوْ إحْدَاهُمَا بِمَنَابِهَا مِنْ الثَّمَنِ أَصْبَغُ يَلْزَمَانِهِ مُطْلَقًا عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهِمَا أَوْ تَرْكِهِمَا. وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شِرَاءِ وَاحِدَةٍ لَزِمَتَاهُ أَحْسَنَ، وَلَا يَخْتَلِفُ فِيهِ إنَّمَا الْخِلَافُ إنْ قَدَرَ الْمَازِرِيُّ يَحْتَجُّ لِأَصْبَغَ «بِحَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ بِدِينَارٍ وَبَاعَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِدِينَارٍ وَأَتَاهُ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى لَهُ تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ» ، فَلَوْلَا أَنَّ الشَّاةَ الْمَبِيعَةَ لَازِمَةٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَارَتْ عَلَى مِلْكِهِ لَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهَا وَلَا أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ إنَّ الشَّاةَ الْمَبِيعَةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ عَلَى مِلْكِ حَكِيمٍ لَمَا بَاعَهَا وَلَا أَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَيْعِهَا وَإِنَّمَا بَاعَهَا عَلَى مِلْكِهِ، وَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخِيَارُ فِي قَبُولِهَا، لِأَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قُلْت حَدِيثُ حَكِيمٍ لَمْ أَعْلَمْهُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى الْأُضْحِيَّةَ فَرَبِحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا فَجَاءَ بِالْأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ» ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ حَكِيمٍ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ شَبِيبِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ سَمِعْت أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ شَاةً قَالَ فَاشْتَرَيْت شَاتَيْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 384 أَوْ أَخَذَ فِي سَلَمِك حَمِيلًا، أَوْ رَهْنًا، وَضَمِنَهُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ، وَرِضَاك وَفِي بِذَهَبٍ بِدَرَاهِمَ، وَعَكْسِهِ، قَوْلَانِ   [منح الجليل] فَبِعْت إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَجِئْت بِالشَّاةِ وَالدِّينَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْت لَهُ مَا كَانَ مِنْ الْأَمْرِ فَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَةِ يَمِينِك، فَكَانَ يَخْرُجُ إلَى سُوقِ الْكُوفَةِ فَيَرْبَحُ الرِّبْحَ الْعَظِيمَ» . قُلْت فَالِاسْتِدْلَالُ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ هُوَ الصَّوَابُ لَا بِحَدِيثِ حَكِيمٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي سَمَاعِهِ عِيسَى بْنَ رُشْدٍ قَوْلُ مُحَمَّدٍ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا. (أَوْ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لَك يَا مُوَكِّلُ إنْ دَفَعْت لِوَكِيلِك مَالًا وَقُلْت لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا فَأَسْلَمَهُ فِيهِ وَ (أَخَذَ) الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَمْرِك (فِي سَلَمِك) يَا مُوَكِّلُ الَّذِي وَكَّلْته عَلَيْهِ (حَمِيلًا) بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ تَوَثُّقٌ وَمَصْلَحَةٌ لَك (أَوْ) أَخَذَ لَك فِي سَلَمِك (رَهْنًا) بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِذَلِكَ (وَضَمِنَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ الرَّهْنَ الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي أَخَذَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي سَلَمِك إنْ تَلِفَ (قَبْلَ عِلْمِك) يَا مُوَكِّلُ (بِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (وَرِضَاك) يَا مُوَكِّلُ (بِهِ) وَمَفْهُومُ قَبْلَ عِلْمِكَ بِهِ. . . إلَخْ أَنَّ ضَمَانَهُ بَعْدَهُمَا مِنْك، وَهُوَ كَذَلِكَ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ رَدَدْته لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ حَبْسُهُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَمَرْته أَنْ يُسْلِمَ لَك فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ وَأَخَذَ رَهْنًا أَوْ حَمِيلًا بِغَيْرِ أَمْرِك جَازَ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ فَهُوَ مِنْ الْوَكِيلِ، وَإِنْ هَلَكَ بَعْدَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك فَهُوَ مِنْك وَإِنْ رَدَدْته لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ حَبْسُهُ. (وَفِي) تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِوَكِيلِهِ بِعْ هَذَا الشَّيْءَ بِ (ذَهَبٍ) فَخَالَفَهُ وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ (فِي) بَيْعِهِ (بِدَرَاهِمَ وَفِي عَكْسِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِذَهَبٍ (قَوْلَانِ) الْمَازِرِيُّ عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ أَوْ جِنْسٌ، وَالْمُعْتَدُّ اعْتِبَارُ عَادَةِ الْمُتَعَامِلِينَ فِي تُسَاوِيهِمَا وَعَدَمِهِ. اللَّخْمِيُّ مَحَلُّهُمَا عِنْدَ اتِّحَادِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ قَالَهُ تت " ق " اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَ بِدَنَانِيرَ فَبَاعَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَ بِدَنَانِيرَ وَمَا بَاعَ بِهِ مِثْلُ مَا سَمَّى لَهُ فِي الْقِيمَةِ، وَأَرَى أَنَّهُ مَاضٍ لِسَدِّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 385 وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ فِي: لَا أَفْعَلُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ   [منح الجليل] كُلٍّ مِنْهُمَا مَسَدَّ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ لِغَرَضِ الْآمِرِ فَيَرُدَّ الْبَيْعَ فِيهِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَإِنْ فَاتَ وَغَابَ الْمُشْتَرِي فَالْآمِرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ أَوْ يُبَاعَ الثَّمَنُ وَيَشْتَرِيَ بِهِ مِثْلَ مَا أَمَرَ الْمَازِرِيُّ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ أَوْ جِنْسَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا جِنْسَانِ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَهُ دَنَانِيرَ فَتَسَلَّفَهَا وَرَدَّهَا دَرَاهِمَ لَمْ يَبْرَأْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ دَنَانِيرَ فَرَدَّهُ الْعَامِلُ دَرَاهِمَ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَالِ قَبُولُهَا. (وَحَنِثَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ خَالَفَ الْمُوَكِّلُ يَمِينَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِيهِ حِنْثُهُ مِنْ كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (بِ) سَبَبِ (فِعْلِهِ) أَيْ وَكِيلِهِ (فِي) حَلِفِ الْمُوَكِّلِ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَثَلًا (لَا أَفْعَلُهُ) أَيْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ فَعَلَهُ وَكِيلُهُ فَيَحْنَثُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ تَلَبُّسِهِ (بِنِيَّةٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ حَالَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَكِيلُهُ " ق " ابْنُ رُشْدٍ يَدُ الْوَكِيلِ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ فِيمَا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ، فَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا وَوَكَّلَ عَلَى فِعْلِهِ فَهُوَ حَانِثٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِهِ فَقَدْ بَرِئَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ الْحَطّ وَنَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ذِمِّيٌّ) أَيْ تَوْكِيلُهُ (فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ) لِدَيْنٍ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ شُرُوطَهَا وَمَوَانِعَهَا وَلِتَعَمُّدِ مُخَالَفَتِهَا إنْ عَلِمَهَا لِاعْتِقَادِهِ عَدَمَ صِحَّتِهَا وَأَوْلَى حَرْبِيٌّ " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَأْجِرَ نَصْرَانِيًّا إلَّا لِلْخِدْمَةِ فَأَمَّا لِبَيْعٍ أَوْ لِشِرَاءٍ أَوْ لِتَقَاضٍ أَوْ لِيُبْضِعَ مَعَهُ فَلَا يَجُوزُ لِعَمَلِهِمْ بِالرِّبَا وَاسْتِحْلَالِهِمْ لَهُ، وَكَذَلِكَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَلَا شِرَائِهِ وَلَا اقْتِضَائِهِ وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ أَنْ يَأْتِيَ الْكَنِيسَةَ وَلَا مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُشَارِكُ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا إلَّا أَنْ لَا يَغِيبَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ إلَّا بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقِيَهُ إذَا كَانَ الذِّمِّيُّ لَا يَعْصِرُ حِصَّتَهُ خَمْرًا وَلَا أُحِبُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَدْفَعَ لِذِمِّيٍّ قِرَاضًا لِعَمَلِهِ بِالرِّبَا وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 386 وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ   [منح الجليل] قِرَاضًا لِئَلَّا يُذِلَّ نَفْسَهُ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَإِنْ وَقَعَ فَلَا يُفْسَخُ الْحَطّ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ اطَّلَعَ الْمُسْلِمُ فِي تَعَاوُضِ الذِّمِّيِّ لِوَكَالَتِهِ فِي خَمْرِهِ تَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا وَفِي الرِّبَا بِالزِّيَادَةِ فَقَطْ. وَلَوْ فَعَلَ وَهُوَ يَعْلَمُ حُرْمَتَهُ وَعَدَمَ إرَادَةِ الْمُسْلِمِ لَهُ غَرِمَ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ اهـ. وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ. (وَ) مُنِعَ أَنْ يُوَكَّلَ (عَدُوٌّ) مُسْلِمٌ (عَلَى عَدُوِّهِ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الضَّرَرِ وَالضِّرَارِ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَلِلْحَاكِمِ عَزْلُهُ. " ق " ابْنُ شَاسٍ مِنْ الْمَوَانِعِ مِنْ التَّوْكِيلِ الْعَدَاوَةُ فَلَا يُوَكَّلُ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ لِمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ الضَّرَرِ وَالضِّرَارِ. الْحَطّ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُبَاحُ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ عَلَى الْخِصَامِ وَلَا عَدُوَّ الْمُخَاصِمِ عَنْ خَصْمِهِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ. ابْنُ سَلْمُونٍ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْخِصَامِ فَوَكَّلَ خَصْمَهُ وَكِيلًا آخَرَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْوَكِيلَيْنِ عَدَاوَةٌ فَقَالَ الَّذِي أَرَاهُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ عَلَى الْخِصَامِ، وَلَا عَدُوِّ الْمُخَاصِمِ عَنْهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ. زَادَ الْبُرْزُلِيُّ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ دَعْوَاهُ الْبَاطِلَ لِعَدَاوَتِهِ لِخَصْمِهِ. ابْنُ الْحَاجِّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ نَفْسِهِ عَدُوَّهُ، بِخِلَافِ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ إلَّا أَنْ يُسْرِعَ لِأَذَاهُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ لَهُ وَكِّلْ غَيْرَك بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْيَهُودِيِّ مُخَاصَمَةُ الْمُسْلِمِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَشَدُّ عَدَاوَةً. اهـ. وَهَلْ الْمَنْعُ مِنْ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى مُخَاصَمَةِ عَدُوِّهِ لِحَقِّهِ، فَإِذَا رَضِيَ بِهِ جَازَ، وَبِهِ صَرَّحَ مُصَنِّفُ الْإِرْشَادِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَنَقَلَهُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَنَصُّهُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي مُخَاصَمَةٍ جَازَ كَانَ خَصْمُهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 387 وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ، إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ وَبَيْعُهُ لِنَفْسِهِ وَمَحْجُورِهِ   [منح الجليل] رَضِيَ أَوْ لَمْ يَرْضَ، إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْوَكِيلِ عَدَاوَةٌ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَاهُ اهـ. الْحَطّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْعَهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْعَدُوُّ، لِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي إذَايَتِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِيهِ غَيْرَ مَا لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ دَفَعَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ، وَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي شَيْءٍ مَوْصُوفٍ فَخَالَفَهُ وَأَسْلَمَهُ فِي غَيْرِهِ مُنِعَ (الرِّضَا) مِنْ الْمُوَكِّلِ (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (فِي) عَقْدِ (سَلَمٍ إنْ) كَانَ (دَفَعَ) الْمُوَكِّلُ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (الثَّمَنَ) وَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا فَأَسْلَمَهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ جَازَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ ذَلِكَ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيُسْلِمَهَا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَأَسْلَمَهَا فِي بِسَاطِ شَعْرٍ أَوْ يَشْتَرِيَ لَك بِهَا ثَوْبًا فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أَوْ فِي غَيْرِ مَا أَمَرْته بِهِ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ فَلَيْسَ لَك أَنْ تُجِيزَ فِعْلَهُ، وَتَطْلُبَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ تَدْفَعَ إلَيْهِ مَا زَادَ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمَّا تَعَدَّى عَلَيْهَا صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَفَسَخَتْهُ فِيمَا لَا تَتَعَجَّلْهُ، وَذَلِكَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَيَدْخُلُ فِي أَخْذِك الطَّعَامَ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا بَيْعهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا شَكَّ فِيهِ وَسَلَمُ الْمَأْمُورِ لَازِمٌ لَهُ لَيْسَ لَك وَلَا لَهُ فَسْخُهُ وَلَا شَيْءَ لَك أَنْتَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا عَلَى مَأْمُورِك مَا دَفَعْت إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ. ابْنُ بَشِيرٍ مَنْ أُمِرَ أَنْ يُسْلِمَ فِي شَيْءٍ فَأَسْلَمَ فِي خِلَافِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَأْسُ الْمَالِ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَالْآمِرُ لَهُ الرِّضَا أَوْ رَدُّ السِّلْعَةِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ، فَإِنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ وَفَاتَ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَهَلْ لَهُ الرِّضَا فِيهِ قَوْلَانِ. (وَ) مُنِعَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (لِنَفْسِهِ) مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ (أَوْ) بَيْعِهِ لِ (مَحْجُورِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنْ فَعَلَ خُيِّرَ مُوَكِّلُهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِتَغَيُّرِ بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَيَلْزَمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ. " ق " اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا لِيُسْلِمَ فِي طَعَامٍ فَأَسْلَمَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مَنْ يَلِيهِ مِنْ يَتِيمٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَجُزْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 388 بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ، إنْ لَمْ يُحَابِ وَاشْتِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، إلَّا فَعَلَى آمِرِهِ   [منح الجليل] (بِخِلَافِ) بَيْعِهِ لِ (زَوْجَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (وَرَقِيقِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (إنْ لَمْ يُحَابِ) أَيْ بَيْعُ الْوَكِيلِ لَهُمَا بِنَاقِصٍ عَمَّا يَبِيعُ بِهِ لِغَيْرِهِمَا اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنِهِ الرَّشِيدِ أَوْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ شَرِيكِهِ غَيْرِ الْمُفَاوِضِ جَازَ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ أَسْلَمَهُ إلَى ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ أَوْ إلَى يَتِيمِهِ جَازَ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَفِي كَوْنِ مَنْعِ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ لِعَدَمِ دُخُولِ الْمُخَاطَبِ تَحْتَ الْخِطَابِ، أَوْ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ مُحَابَاةِ نَفْسِهِ قَوْلَانِ، وَيُمْنَعُ لَوْ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، لِاحْتِمَالِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهَا فِيهِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ إذْنِهِ لَهُ فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ جَازَ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بُعِثَ مَعَهُ مَالٌ مِنْ الْحُجَّاجِ أَوْ الْغُزَاةِ لِيُعْطِيَهُ لِمَنْ انْقَطَعَ وَاحْتَاجَ الْمَبْعُوثُ مَعَهُ وَانْقَطَعَ فَلَهُ إنْفَاقُهُ عَلَى نَفْسِهِ. (وَ) مُنِعَ (اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ بِمَالٍ مُوَكِّلِهِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ مُوَكِّلِهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَحَوَاشِيهِ الْقَرِيبَةِ (إنْ عَلِمَ) الْوَكِيلُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ (وَ) الْحَالُ (لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (مُوَكِّلُهُ) لِلشِّرَاءِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ (عَتَقَ) الرَّقِيقُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَكِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ عِتْقَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ قَرَابَتَهُ لَهُ أَمْ لَا، كَمَا قَالَ عِيَاضٌ، أَوْ عَلِمَ عِتْقَهُ عَلَيْهِ وَعَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ لِلشِّرَاءِ (وَ) يَعْتِقُ (عَلَى آمِرِهِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْمُوَكِّلِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ أَمَرْته بِشِرَاءِ عَبْدٍ فَابْتَاعَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْك، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَهُ يَلْزَمُك. يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يَعْنِي وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ وَيَسْتَرِقُّهُ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْبَرْقِيِّ إنْ عَلِمَ الْمَأْمُورُ عِتْقَ الْعَبْدِ ضَمِنَ لِلْآمِرِ ثَمَنَهُ. ابْنُ يُونُسَ ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 389 وَتَوْكِيلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِهِ أَوْ يَكْثُرَ،   [منح الجليل] لُزُومِ شِرَاءِ الْمَرْءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى أَنَّ مَا تَلِفَ عَلَى يَدِ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ دُونَ عَمْدٍ مِنْ رَبِّهِ لَا مِنْ الْمَأْمُورِ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ كَخَطَأِ الْقَاضِي فِي مَالٍ عَنْ اجْتِهَادٍ هَلْ يُقِيمُهُ أَمْ لَا، وَفِيهَا وَإِنْ ابْتَاعَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْك غَيْرَ عَالِمٍ لَزِمَك وَعَتَقَ عَلَيْك. (وَ) مُنِعَ (تَوْكِيلُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ فِيمَا وُكِّلَ هُوَ فِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ (أَنْ لَا يَلِيقَ) الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ فَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِيهِ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ مُوَكِّلُهُ أَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا أَنْ (يَكْثُرَ) الْفِعْلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَى الْوَكِيلِ اسْتِقْلَالُهُ فِيهِ فَلَهُ تَوْكِيلُ مَنْ يُعِينُهُ عَلَيْهِ لَا مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ لَمْ أَحْفَظْ فِي جَوَازِ تَوْكِيلِهِ غَيْرَهُ نَصًّا، وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَمْ أَحْفَظْ خِلَافًا فِي الْوَكِيلِ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يُسْلِمُ لَهُ فِي طَعَامٍ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ أَرَادَ لَا يَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِهِ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ فَفَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ، فَذَلِكَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَجَلُ السَّلَمِ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَ لَهُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَمِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يَتَوَلَّى السَّلَمَ بِنَفْسِهِ فَيَجُوزُ لِلْآمِرِ أَنْ يَرْضَى بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَازَ لَهُ فَلَمْ يَتَخَلَّدْ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ. ابْنُ شَاسٍ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ عَجْزَ الْوَكِيلِ بِانْفِرَادِهِ عَمَّا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَدَمَ مُبَاشَرَتِهِ ذَلِكَ عَادَةً يُجِيزُ لَهُ تَوْكِيلَ غَيْرِهِ وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ الْقَرِينَةُ تُسَوِّغُ لَهُ الِاسْتِعَانَةَ بِوَكِيلٍ وَلَا تُسَوِّغُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ وَكِيلًا أَوْ وُكَلَاءَ يَنْظُرُونَ فِيمَا كَانَ يَنْظُرُ هُوَ فِيهِ، وَالْقَرِينَةُ الْأُولَى تُسَوِّغُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ الْأَعْلَى النَّظَرُ عَلَى مَنْ تَحْتَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْوَكِيلُ بِالتَّعْيِينِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا فِيمَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَوْ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ لِكَثْرَتِهِ. خَلِيلٌ احْتَرَزَ بِالتَّعْيِينِ مِنْ الْمُفَوَّضِ فَلَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 390 فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ   [منح الجليل] التَّوْكِيلُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ، قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَحَلَّهُ مَحَلَّ نَفْسِهِ فَكَانَ كَالْوَصِيِّ. اهـ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْوَكِيلُ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَلِي مَا وُكِّلَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَلِيَهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ عَلِمَ مُوَكِّلُهُ بِذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ الْمُوَكِّلُ عَلَى عِلْمِهِ بِذَلِكَ إنْ اُشْتُهِرَ بِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِذَلِكَ فَرَضَاهُ بِالْوَكَالَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَتَوَلَّى حَتَّى يَعْلَمَ مُوَكِّلُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى، وَهُوَ مُتَعَدٍّ بِالتَّوْكِيلِ وَضَامِنٌ لِلْمَالِ وَرَبُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ. (وَ) إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلُ لِعَدَمِ اللِّيَاقَةِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَوَكِيلُهُ وَكِيلٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ (فَلَا يَنْعَزِلُ) الْوَكِيلُ (الثَّانِي بِعَزْلِ) الْمُوَكِّلِ لِوَكِيلِهِ (الْأَوَّلِ) وَكَأَنَّهُ وَكَّلَ وَكِيلًا بَعْدَ وَكِيلٍ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ إذَا وَكَّلَ الْوَكِيلَ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ مَاتَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا وَهُوَ إمْضَاءُ تَصَرُّفِ مَا أَبْضَعَ مَعَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ مُفَاصَلَتِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُعْزَلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَاسْتِقْلَالُهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ اتِّفَاقًا. اهـ. فَالْإِضَافَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِعَزْلِ الْأَوَّلِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ لَكِنَّهُمْ إنَّمَا قَالُوا لَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الْأَوَّلِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنِ عَزْلِهِ وَمَوْتِهِ أَوْ رَآهُ مَنْصُوصًا، وَلَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ إذَا عَزَلَهُ الْأَوَّلُ لِحِكَايَةِ ابْنِ عَرَفَةَ الِاتِّفَاقَ عَلَى انْعِزَالِهِ بِعَزْلِهِ، ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ فَرْعًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلَ وَكِيلِ وَكِيلِهِ وَنَصُّهُ: فَإِنْ قُلْت رَجُلٌ غَيْرُ حَاكِمٍ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَ رَجُلٍ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ وَيُعَلِّقُ عَزْلَهُ عَلَى شَيْءٍ، قُلْت إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ وَكِيلًا وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا فَلِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ. اهـ. وَهَذَا الْفَرْعُ وَفَرْعُ ابْنِ عَرَفَةَ عَزِيزَانِ. ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَنْعَزِلُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 391 وَفِي رِضَاهُ إنْ تَعَدَّى بِهِ تَأْوِيلَانِ وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ، إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ بِمُسَمَّاهُ   [منح الجليل] الْوَكِيلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الَّذِي وَكَّلَهُ، وَيَنْعَزِلَانِ مَعًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ. فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ مَا قَبَضَهُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِمَنْ أَرَادَ قَبْضَهُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ مُوَكِّلَهُ أَوْ مُوَكِّلَ مُوَكِّلِهِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَالَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ مُوَكِّلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِبَرَاءَتِهِ بِالدَّفْعِ إلَى أَيِّهِمَا. (وَفِي) مَنْعِ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِتَصَرُّفِ وَكِيلِ وَكِيلِهِ (إنْ) كَانَ قَدْ (تَعَدَّى) الْوَكِيلُ (بِهِ) أَيْ التَّوْكِيلِ بِأَنْ وَكَّلَ فِي لَائِقٍ غَيْرِ كَثِيرٍ بِلَا إذْنٍ وَجَوَازُهُ (تَأْوِيلَانِ) فِي قَوْلِهَا مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يُسْلِمُ لَهُ فِي طَعَامٍ فَوَكَّلَ الرَّجُلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ، حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَجُزْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنِ مُوَكِّلِهِ، وَبَعْدُ فَلِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءِ فِعْلِ وَكِيلِ وَكِيلِهِ وَرَدِّهِ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ، وَحَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ عَلَى مَعْنَى لَمْ يَجُزْ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِتَصَرُّفِ وَكِيلِ وَكِيلِهِ، إذْ بِتَعَدِّي وَكِيلِهِ صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَلَا يَفْسَخُهُ فِي سَلَمِ الْوَكِيلِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَّ أَجَلُهُ وَقَبَضَهُ فَيَحُوزُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالسَّلَمِ. (وَ) مُنِعَ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ بِتَصَرُّفِ وَكِيلِهِ (بِ) سَبَبِ (مُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ لَهُ (فِي سَلَمٍ) تَنَازَعَ فِيهِ رِضًا وَمُخَالَفَةٌ (إنْ) كَانَ قَدْ (دَفَعَ) الْمُوَكِّلُ (الثَّمَنَ) لِوَكِيلِهِ وَحَصَلَتْ مُخَالَفَتُهُ (بِمُسَمَّاهُ) أَيْ فِي الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ بِأَنْ زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرًا لَا يُزَادُ مِثْلُهُ عَادَةً كَدَفْعِهِ لَهُ عَشَرَةً لِيُسْلِمَهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَسْلَمَ فِيهِ عِشْرِينَ فَيُمْنَعُ رِضَا مُوَكِّلِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الْمُسَمَّى دَيْنًا عَلَيْهِ، فَالرِّضَا بِهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَزِيدُ الطَّعَامُ بِبَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَبِمُسَمَّاهُ صِلَةُ مُخَالَفَةٌ وَبَاؤُهُ بِمَعْنَى فِي، فَلَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي هَذِهِ فِي الثَّمَنِ، وَفِي الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَقَدْ جَمَعَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ وَإِنْ دَفَعَتْ إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيُسْلِمَهَا فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ، إلَخْ، نَصُّهَا السَّابِقُ عِنْدَ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ. . . إلَخْ، وَفِيهَا عَقِبَهُ، وَلَوْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 392 أَوْ بِدَيْنٍ إنْ فَاتَ، وَبِيعَ، فَإِنْ وَفَّى بِالتَّسْمِيَةِ، أَوْ الْقِيمَةِ، وَإِلَّا غَرِمَ، وَإِنْ سَأَلَ   [منح الجليل] الثَّمَنَ وَأَمَرْته أَنْ يُسْلِمَ لَك مِنْ عِنْدِهِ فِي قَمْحٍ أَوْ فِي جَارِيَةٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ وَلَمْ تَصِفْهَا لَهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ فِي غَيْرِ مَا أَمَرْته بِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ فِيمَا لَا يُشْتَرَى لِمِثْلِك مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ ثَوْبٍ فَلَكَ أَنْ تَتْرُكَهُ، وَلَا يَلْزَمُك الثَّمَنُ أَوْ تَرْضَى بِهِ وَتَدْفَعُ إلَيْهِ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَفْسَخَهُ، وَكَأَنَّهُ وَلَّاك وَلَا يَجُوزُ هُنَا أَنْ يُؤَخِّرَك بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَرَاضَيْتُمَا بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْك مَا أَسْلَمَ فِيهِ إلَّا بِرِضَاك، فَكَأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِدَيْنٍ لَهُ وَتَوْلِيَةٌ فَتَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِيهِ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. اهـ. وَتَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا مُشَوِّشٌ فَلَوْ جَمَعَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ اسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ. . . إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَطَفَ عَلَى بِمُخَالَفَتِهِ وَعَلَى بِمُسَمَّاهُ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَمُنِعَ رِضَا الْمُوَكِّلِ (بِدَيْنٍ) بَاعَ بِهِ وَكِيلُهُ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِنَقْدٍ أَوْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُسَمِّ نَقْدًا وَلَا مُؤَجَّلًا (إنْ) كَانَ قَدْ (فَاتَ) الْمَبِيعُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لَزِمَ أَيْضًا رِبَا الْفَضْلِ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الْمُسَمَّى دَيْنًا عَلَيْهِ حَالًّا، فَلَيْسَ لِمُوَكِّلِهِ الرِّضَا بِالدَّيْنِ إلَى أَجَلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِالدَّيْنِ وَقِيلَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ يُسَمِّ، وَيَبْقَى الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ لِأَجَلِهِ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ فَاتَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفُتْ فَلَا يَمْتَنِعُ رِضَاهُ بِالدَّيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَإِنْشَاءِ بَيْعٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ بِهِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ وَإِمْضَائِهِ بِالدَّيْنِ إلَى أَجَلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ. (وَ) حَيْثُ مُنِعَ الرِّضَا بِالدَّيْنِ (بِيعَ) الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِعَرْضٍ حَالٍّ ثُمَّ بِيعَ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ حَالٍّ (فَإِنْ وَفَّى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدًا ثَمَنَ الدَّيْنِ (بِالْقِيمَةِ) لِسِلْعَةِ الْمُوَكِّلِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا حِينَ التَّوْكِيلِ عَلَى بَيْعِهَا (أَوْ) وَفَّى بِ (التَّسْمِيَةِ) أَيْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى لَهَا حِينَهُ فَلَا كَلَامَ لِمُوَكِّلٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَ الدَّيْنِ بِالْقِيمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ بِأَنْ كَانَ بِأَقَلَّ (غَرِمَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْوَكِيلُ تَمَامَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ بِيعَ الدَّيْنُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فَجَمِيعُهُ لِلْمُوَكِّلِ إذْ لَا رِبْحَ لِلْمُتَعَدِّي عَلَى مَالِ غَيْرِهِ (وَإِنْ سَأَلَ) أَيْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 393 غُرْمَ التَّسْمِيَةِ، أَوْ الْقِيمَةِ، وَيَصْبِرُ لِيَقْبِضَهَا وَيَدْفَعُ الْبَاقِيَ: جَازَ، إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ؛   [منح الجليل] طَلَبَ الْوَكِيلُ (غُرْمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ دَفْعَ (التَّسْمِيَةِ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ حِينَ التَّوْكِيلِ لِسِلْعَتِهِ مِنْ مَالِهِ حَالًّا (أَوْ) غُرْمَ (الْقِيمَةِ) لِسِلْعَةِ الْمُوَكِّلِ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا حِينَ التَّوْكِيلِ مِنْ مَالِهِ حَالَّةً وَأَنْ لَا يُبَاعَ الدَّيْنُ (وَيَصْبِرَ) الْوَكِيلُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ (لِيَقْبِضَهَا) أَيْ الْوَكِيلُ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ الَّتِي غَرِمَهَا لِمُوَكِّلِهِ مِمَّنْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا. (وَيَدْفَعُ) الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ (الْبَاقِيَ) مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ (جَازَ) لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِمَا سَأَلَهُ الْوَكِيلُ (إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الدَّيْنِ لَوْ بِيعَ وَقْتَ السُّؤَالِ (مِثْلَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (فَأَقَلَّ) إذْ لَيْسَ فِيهِ تَرْكُ قَلِيلٍ حَالٍّ لِأَخْذِ كَثِيرٍ مُؤَجَّلٍ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِمَا سَأَلَ الْوَكِيلُ إذْ يَلْزَمُهُ فَسْخُ مَا زَادَتْهُ قِيمَةُ الدَّيْنِ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ بَاقِي الدَّيْنِ وَهَذَا رِبَا فَضْلٍ، كَمَا لَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ عَشَرَةً وَالدَّيْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَقِيمَتُهُ الْآنَ اثْنَا عَشَرَ، فَإِذَا أَخَذَ الْمُوَكِّلُ مِنْ وَكِيلِهِ عَشَرَةً وَصَبَرَ حَتَّى تُقْبَضَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَيَأْخُذَ مِنْهَا خَمْسَةً فَقَدْ تَرَكَ اثْنَيْنِ اسْتَحَقَّهُمَا حَالًا لِيَأْخُذَ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ خَمْسَةً، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ الرِّضَا بِقَوْلِ الْوَكِيلِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ أَفَادَهُ الْحَطّ، " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ وَكَّلْته عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِدَيْنٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّ لَهَا ثَمَنًا فَبَاعَهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَرَضِيَ بِهِ الْآمِرُ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ تَفُتْ فَرِضَاهُ جَائِزٌ، وَإِنْ فَاتَتْ لَمْ يَجُزْ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَمَرْته بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي عَرْضٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ بَاعَهَا بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، فَإِنْ أَدْرَكَ الْبَيْعَ فُسِخَ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ بِيعَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ نَقْدًا أَوْ بِيعَتْ الدَّنَانِيرُ بِعَرْضٍ نَقْدًا ثُمَّ بِيعَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ نَقْدًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فَأَكْثَرَ إنْ سُمِّيَتْ كَانَ ذَلِكَ لَك وَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ الْمَأْمُورُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 394 وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ، أُغْرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ؛ وَاسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لِأَجَلِهِ فَبِيعَ، وَغَرِمَ النَّقْصَ، وَالزِّيَادَةُ لَك   [منح الجليل] وَرَوَى عِيسَى لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ بِيعَ الدَّيْنُ بِعَرْضٍ، ثُمَّ بِيعَ الْعَرْضُ بِعَيْنٍ، فَإِنْ نَقَصَ عَنْ عَشَرَةٍ غَرِمَ تَمَامَهَا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا فَهُوَ لِلْآمِرِ، وَلَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ لِلْآمِرِ أَنَا أُعْطِيك عَشَرَةً نَقْدًا وَانْتَظِرْ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ حُلُولَهَا فَأَقْبِضُ مِنْهَا عَشَرَةً وَأَدْفَعُ لَك الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ فَرَضِيَ الْآمِرُ، فَإِنْ كَانَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لَوْ بِيعَتْ بِيعَتْ بِعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ جَازَ إذَا عَجَّلَ الْعَشَرَةَ، وَإِنْ كَانَتْ تُبَاعُ بِاثْنَيْ عَشَرَ لَمْ يَحُزْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دِينَارَيْنِ فِي خَمْسَةٍ إلَى أَجَلٍ. (وَإِنْ أُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْوَكِيلُ (بِبَيْعِ سِلْعَةٍ) سَمَّى لَهَا ثَمَنًا أَمْ لَا (فَأَسْلَمَهَا) أَيْ الْمَأْمُورُ السِّلْعَةَ (فِي طَعَامٍ) مُنِعَ الرِّضَا بِهِ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَبِيعَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَ (أُغْرِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَأْمُورُ (التَّسْمِيَةَ) أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي سَمَّاهُ الْآمِرُ لِلسِّلْعَةِ حَالَّةً إنْ كَانَ سَمَّى لَهُ (أَوْ) أُغْرِمَ (الْقِيمَةَ) إنْ لَمْ يُسَمِّ (وَاسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ اُسْتُمْهِلَ (بِ) بَيْعِ (الطَّعَامِ) الْمُسْلَمِ فِيهِ (لِأَجَلِهِ) لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَ) إذَا حَلَّ أَجَلُهُ (بِيعَ) الطَّعَامُ الْمُسْلَمُ فِيهِ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، فَإِنْ سَاوَى ثَمَنُهُ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَخَذَهُ الْمَأْمُورُ عِوَضًا عَمَّا غَرِمَهُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهَا (غَرِمَ) الْمَأْمُورُ (النَّقْصَ) أَيْ اسْتَمَرَّ غُرْمُهُ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ قَدْ غَرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوَّلًا. (وَ) إنْ زَادَ عَلَيْهَا فَ (الزِّيَادَةُ لَك) يَا آمِرُ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ أَمَرْته أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ، أَغْرَمْته الْآنَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ تُسَمِّ ثُمَّ اُسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ، فَإِذَا حَلَّ أَجَلُهُ اسْتَوْفَى ثُمَّ بِيعَ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ لَك وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الطَّعَامِ مِقْدَارَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ الَّتِي لَزِمَتْهُ، وَالزَّائِدُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ لِلْآمِرِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 395 وَضَمِنَ، إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يُشْهِدْ   [منح الجليل] وَ) إنْ وَكَّلَهُ عَلَى إقْبَاضِ دَيْنٍ فَأَقْبَضَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ مُسْتَحِقُّهُ قَبْضَهُ مِنْهُ وَحَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ (ضَمِنَ) الْوَكِيلُ الدَّيْنَ (إنْ أَقْبَضَ) الْوَكِيلُ (الدَّيْنَ) لِمُسْتَحِقِّهِ (وَلَمْ يُشْهِدْ) الْوَكِيلُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْبَاضِهِ لَهُ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْضَهُ لِتَفْرِيطِ الْوَكِيلِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ تَرْكَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ عَدَمَهُ وَحُكْمُ إقْبَاضِهِ الْمَبِيعَ بِلَا إشْهَادٍ وَجَحْدِهِ أَوْ الثَّمَنَ كَذَلِكَ وَجَحْدِهِ الْبَائِعَ حُكْمُ إقْبَاضِ الدَّيْنِ بِلَا إشْهَادٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ مَفْعُولَ أَقْبَضَ فَيَعُمُّ الدَّيْنَ وَغَيْرَهُ، وَهَذِهِ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الرَّجْرَاجِيِّ، وَنَصُّهُ فَإِنْ جَحَدَ لَهُ الثَّمَنَ جُمْلَةً فَهَلْ يُصَدَّقُ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا يَضْمَنُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْوَكِيلِ وَالْمَبْعُوثِ مَعَهُ مَالٌ لِيَدْفَعَهُ لِرَجُلٍ فَزَعَمَ دَفْعَهُ لَهُ وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ دَفْعَهُ لَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْيَوْمَ تَرْكُ الْإِشْهَادِ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَابْنُ الْقَاسِمِ ضَمَّنَهُمَا فِي الْجَمِيعِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ أَوْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ضَمِنَ وَلَوْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ فَكَذَلِكَ. وَقَبِلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ التَّرْكَ، وَالطَّرِيقَةُ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا جَرَتْ بِالْأَمْرَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ، وَهَذِهِ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ لِلَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فِيهَا ضَمَانُ الْوَكِيلِ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الدَّفْعِ لِتَفْرِيطِهِ. الثَّانِي: مَحَلُّ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ، فَفِي كِتَابِ الْقِرَاضِ وَإِذَا دَفَعَ الْعَامِلُ ثَمَنَ سِلْعَةٍ بِلَا بَيِّنَةٍ فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ وَحَبَسَ السِّلْعَةَ فَالْعَامِلُ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ يَدْفَعُ الثَّمَنَ بِلَا بَيِّنَةٍ فَيَجْحَدُهُ الْبَائِعُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُغَرِّمَهُمَا وَإِنْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ بِقَبْصِ الثَّمَنِ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيَطِيبُ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 396 أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ. نَقْدًا مَا لَا يُبَاعُ بِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ، فَنُوزِعَ   [منح الجليل] مَا يُقْضَى لَهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْوَدِيعَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْبَيَانِ نَحْوُهُ. وَعَطَفَ عَلَى أَقْبَضَ فَقَالَ (أَوْ) أَيْ وَضَمِنَ الْوَكِيلُ إنْ (بَاعَ) الْوَكِيلُ (بِكَطَعَامٍ) وَعَرْضٍ (نَقْدًا) أَيْ حَالًّا، وَمَفْعُولُ بَاعَ (مَا) أَيْ عَرْضًا (لَا يُبَاعُ) عَادَةً (بِهِ) أَيْ كَالطَّعَامِ (وَادَّعَى) الْوَكِيلُ (الْإِذْنَ) لَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ فِي بَيْعِهِ بِكَطَعَامٍ (فَنُوزِعَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ إذْنَهُ لَهُ فِي بَيْعِهِ بِذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ. الْحَطّ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ، وَهَلْ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَوْ فَوَاتِهِ وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ أَوْ نَقْضِهِ وَأَخْذِهِ مَبِيعَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاتَ خُيِّرَ فِي أَخْذِ مَا بِيعَ بِهِ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهُ. قَالَ فِيهَا إنْ بَاعَ الْمَأْمُورُ سِلْعَةً بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ نَقْدًا، وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتنِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا تُبَاعُ بِذَلِكَ ضَمِنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَلَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ وَيُخَيَّرُ الْآمِرُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ نَقْضِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فَاتَتْ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهَا وَتَسْلِيمِ ذَلِكَ إلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ ضَمِنَ، ظَاهِرُهُ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَمْ لَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ ضَمِنَ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَقَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقٌ. قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ فَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يُرِيدُ مَعَ فَوَاتِهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَيُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ بَيْعِهَا وَأَخْذِهِ مَا بِيعَتْ بِهِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِهَا بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ الْآتِي وَقَوْلُهُ نَقْدًا احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا بَاعَ بِذَلِكَ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِهِ وَلَا أَخْذُ الْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ اُنْظُرْ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ لَمْ يُعْلِمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَاحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِهِ وَالْخِصَامُ فِيهِ هَلْ هُوَ فَوْتٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ وَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا إشْكَالَ فِيهِ إذَا أَعْلَمَ الْمَأْمُورُ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّيهِ. اهـ. وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ فَنُوزِعَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 397 أَوْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ، فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ، فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ: كَالْمِدْيَانِ   [منح الجليل] عَلَى أَنَّ مُنَازَعَتَهُ فِي الْإِذْنِ وَمُخَاصَمَتَهُ فِيهِ وَتَوْجِيهَ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَوْتٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ هَلْ السِّلْعَةُ قَائِمَةٌ أَوْ فَاتَتْ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَمَا كَانَ لِذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَائِدَةٌ لَاسْتَفَادَتْهَا مِمَّا تَقَدَّمَ. 1 - (فَرْعٌ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ، لِلْمُوَكِّلِ رَدُّ بَيْعِ وَكِيلِهِ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ وَتَضْمِينُ الْوَكِيلِ الْقِيمَةَ إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ. اهـ. مِنْ الْجَزِيرِيِّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ فَرْعٌ، قَالَ عَلِيٌّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ رُدَّ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِعَزْلِهِ عَنْ ذَلِكَ عَادَةً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَصِحُّ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يَتَنَاوَلُهُ لِأَنَّهُ أَعَمُّ. وَجَوَابُهُ عُمُومُهُ مُقَيَّدٌ بِالْعَادَةِ، وَكَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بَيْعَهُ بِالدَّيْنِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ الْإِطْلَاقِ، وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ. قُلْت وَهَذَا أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَضَمِنَ إنْ (أَنْكَرَ) الْوَكِيلُ (الْقَبْضَ) لِمَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَوْ دَيْنٍ (فَقَامَتْ) أَيْ شَهِدَتْ (الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ فَادَّعَى تَلَفَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، أَوْ دَفَعَهُ لِمُوَكِّلِهِ (فَشَهِدَتْ) لَهُ بَيِّنَةٌ أُخْرَى (بِالتَّلَفِ) أَوْ الدَّفْعِ الَّذِي ادَّعَاهُ فَيَضْمَنُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَةٌ لِتَكْذِيبِهَا بِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ بِإِنْكَارِ الْقَبْضَ وَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِهِ مَعَ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى بِالْبَرَاءَةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ (كَالْمِدْيَانِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فَيُنْكِرُ التَّدَايُنَ فَتَشْهَدُ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَيَدَّعِي الْإِقْبَاضَ وَتَشْهَدُ بِهِ بَيِّنَةٌ أُخْرَى فَلَا تَنْفَعُهُ لِتَكْذِيبِهَا بِإِنْكَارِهِ التَّدَايُنَ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ لِمَنْ شَهِدَتْهُ لَهُ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى الْبُرْزُلِيُّ مِثْلُ ذَلِكَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى قَضَاءَهُ هُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَنْكَرَ حَقًّا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَادَّعَى قَضَاءَهُ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، سَوَاءٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ فِي هَذَا الْأَصْلُ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ الثَّانِيَةُ. وَذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَسَائِلَ جَزَمَ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 398 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْوَدِيعَةِ هَذَا الْأَصْلَ، وَذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا. وَذَكَرَ عَنْ ابْن زَرْقُونٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا تَنْفَعُهُ وَلَكِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ تَشْهِيرَهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ أَمَّا مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَوْ أَنْكَرَ الدَّعْوَى فِي الرُّبُعِ أَوْ فِيمَا يُفْضِي إلَى الْحَدِّ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ لِأَمْرٍ ادَّعَاهُ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: لِابْنِ نَافِعٍ تُقْبَلُ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. الثَّانِي لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ. الثَّالِثُ: لِابْنِ الْمَوَّازِ تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحَدِّ دُونَ غَيْرِهِ. الرَّابِعُ: تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحَدِّ وَالْأُصُولِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُقُوقِ مِنْ الدُّيُونِ، وَشَبَهِهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ إنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتنِي شَيْئًا فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَالَ مَا لَك عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ. الْحَطّ وَهُوَ ظَاهِرٌ جَارٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ، فَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا مِنْ سَلَفٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا خَافَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَقَرَّ وَادَّعَى فِيهِ وَجْهًا مِنْ الْوُجُوهِ يُرِيدُ إسْقَاطَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ، وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ أَخِيرًا لِأَنَّ جُحُودَهُ أَوَّلًا أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ فَلَا تُسْمَعُ، وَإِنْ كَانَتْ عُدُولًا. الثَّانِي: وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَقَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً عَلَى رَدِّ السَّلَفِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ أَوْ الرِّسَالَةِ أَوْ عَلَى هَلَاكِ ذَلِكَ فَلَا تَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِهِ مُكَذِّبٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ، هَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ أَجْمَعِينَ. ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. الثَّالِثُ: إنْ قَالَ لَا سَلَفَ لَك عَلَيَّ وَلَا ثَمَنَ سِلْعَةٍ وَلَا لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلَا بِضَاعَةٌ فَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَقَرَّ بِهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ وَالسَّلَفَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَدَّعِي بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَا هُنَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا لَك الجزء: 6 ¦ الصفحة: 399 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] شَيْءٌ أَرَادَ بِهِ فِي وَقْتِي هَذَا، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَقَدْ قَالَ فِيهَا مَا أَوْدَعْتنِي أَوْ مَا أَسْلَفْتنِي فَلَيْسَ مِثْلَ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ مَا لَك عَلَيَّ سَلَفٌ. ابْنُ حَبِيبٍ وَهَذَا مِمَّا لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَ الرُّوَاةِ إلَّا أَنِّي رَأَيْت فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ السَّمَاعِ شَيْئًا يُخَالِفُ هَذَا، وَأَظُنُّ لَهُ وَجْهًا يَصِحُّ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ مَعَهُ رَجُلٌ بِعِشْرِينَ دِينَارًا يُبَلِّغُهَا إلَى الْجَارِ وَالْجَارُ مَوْضِعٌ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِ فَحَمَلَ الْكِتَابَ وَبَلَّغَهُ إلَى مَنْ أُرْسِلَ إلَيْهِ فَلَمَّا قَرَأَ مَسْأَلَةً عَنْ الذَّهَبِ فَجَحَدَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ إنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ الذَّهَبَ وَقَالَ لَهُ إنِّي أَشْهَدْت عَلَيْك فَقَالَ لَهُ إنْ كُنْت دَفَعْت إلَيَّ شَيْئًا فَقَدْ ضَاعَ، فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " مَا أَرَى عَلَيْهِ إلَّا يَمِينًا وَأَرَى هَذَا مِنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " إنَّمَا هُوَ فِي الْجَاهِلِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْإِنْكَارَ يَضُرُّهُ. وَأَمَّا الْعَالِمُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ مِنْ كِتَابِ الرُّعَيْنِيِّ. اهـ. كَلَامُ التَّبْصِرَةِ وَزَادَ الرُّعَيْنِيُّ بَعْدَهُ، وَرَأَيْت لِابْنِ مُزَيْنٍ أَنَّهُ قَبِلَ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ جَحَدَهُ، وَقَالَ مَا أَسْلَفَنِي قَطُّ شَيْئًا، أَوْ الْأَوَّلُ أَصْوَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ جَمِيعِهِ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَادَّعَى مَا يُسْقِطُ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ عَادِلَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَا لَك عِنْدِي سَلَفٌ وَلَا وَدِيعَةٌ وَلَا قِرَاضٌ، أَوْ مَا لَك عِنْدِي حَقٌّ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَادَّعَى مَا يُسْقِطُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَبِهِ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ، فَقَالَ وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبَ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ، بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ. الرَّابِعُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا قَالَ الرُّعَيْنِيُّ وَهُوَ كَوْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْرِفُ أَنَّ الْإِنْكَارَ يَضُرُّهُ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا أَسْلَفْتنِي وَمَا أَوْدَعْتنِي، وَقَوْلِهِ مَا لَك عِنْدِي سَلَفٌ وَلَا وَدِيعَةٌ فَيُعْذَرُ بِجَهْلِهِ إلَّا إذَا حَقَّقَ عَلَيْهِ وَقَرَّرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 400 وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ: قَبَضْت وَتَلِفَ، بَرِئَ، وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ: غُرْمُ الثَّمَنِ، إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ، إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ   [منح الجليل] عَلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ أَنْتَ تُنْكِرُ هَذَا أَصْلًا فَإِذَا قَامَتْ عَلَيْك الْبَيِّنَةُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُك، فَإِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ. الْخَامِسُ: يَنْبَغِي، أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْحُدُودِ وَالْأُصُولِ، لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ ابْنِ مُزَيَّفٍ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَوْ قَالَ) الْوَكِيلُ (غَيْرُ الْمُفَوَّضِ) إلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ كَقَبْضِ دَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ وَمَفْعُولُ قَالَ (قَبَضْت) مَا وُكِّلْت عَلَى قَبْضِهِ (وَتَلِفَ) مَا قَبَضْته بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ (بَرِئَ) الْوَكِيلُ فَلَا يَغْرَمُ عِوَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ (وَلَمْ يَبْرَأْ) الشَّخْصُ (الْغَرِيمُ) الَّذِي أَقْبَضَ الْوَكِيلُ مَا كَانَ عِنْدَهُ لِلْمُوَكِّلِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ رَهْنٍ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْوَكِيلِ وَتَوَاطُئِهِ مَعَ الْغَرِيمِ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لِلْغَرِيمِ بِمُعَايَنَةِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْهُ مَا كَانَ عِنْدَهُ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِذَا غَرِمَ الْغَرِيمُ لِلْمُوَكِّلِ فَهَلْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَمَفْهُومُ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ بَرَاءَةُ الْغَرِيمِ لِلْمُوَكِّلِ بِإِقْرَارِ الْمُفَوَّضِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ وَدَعْوَى التَّلَفِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَالْوَصِيِّ، وَنَصُّهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَقْبِضُ لَهُ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ قَبَضْته وَضَاعَ مِنِّي أَوْ قَالَ بَرِئَ إلَيَّ مِنْ الْمَالِ، وَقَالَ الرَّجُلُ دَفَعْته إلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الدَّافِعُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ يَأْتِيَ الْوَكِيلُ بِالْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا إلَيْهِ أَوْ وَصِيًّا فَهُوَ مُصَدَّقٌ، بِخِلَافِ وَكِيلٍ مَخْصُوصٍ. (وَ) مَنْ وَكَّلَ شَخْصًا عَلَى شِرَاءِ شَيْءٍ فَاشْتَرَاهُ لَهُ ثُمَّ دَفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَغَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ زَعَمَ تَلَفَهُ قَبْلَ دَفْعِهِ الْبَائِعَ (لَزِمَ الْمُوَكِّلَ غُرْمُ الثَّمَنِ) وَلَوْ ضَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ مِرَارًا (إلَى أَنْ يَصِلَ) الثَّمَنُ (لِرَبِّهِ) أَيْ الْبَائِعِ، وَمَحَلُّ لُزُومِ الْمُوَكِّلِ غُرْمَ الثَّمَنِ الَّذِي ضَاعَ مِنْ وَكِيلِهِ (إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ (لَهُ) أَيْ الْوَكِيلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 401 وَصُدِّقَ فِي الرَّدِّ:   [منح الجليل] مُوَكِّلِهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بِوُصُولِهِ لِلْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ لَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ وَضَاعَ فَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى الشِّرَاءِ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ، فَذَهَبَ وَذِمَّتُهُ لَمْ تَشْتَغِلْ بِشَيْءٍ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ وَكَّلْت رَجُلًا بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ وَلَمْ تَدْفَعْ لَهُ ثَمَنًا فَاشْتَرَى بِمَا أَمَرْته بِهِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْك الثَّمَنَ لِيَدْفَعَهُ فِيهَا فَضَاعَ مِنْهُ فَعَلَيْك غُرْمُهُ ثَانِيَةً. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ ضَاعَ مِرَارًا حَتَّى يَصِلَ إلَى الْبَائِعِ. ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَوْ كُنْت دَفَعْت إلَيْهِ الثَّمَنَ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَذَهَبَ مِنْهُ بَعْدَهُ فَلَا يَلْزَمُك غُرْمُهُ إنْ أَبَيْت مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالٌ بِعَيْنِهِ ذَهَبَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّتِك فَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِك حَتَّى يَصِلَ إلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا الثَّانِي إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى مَالٍ بِعَيْنِهِ، فَإِذَا ذَهَبَ فَلَا يَلْزَمُك غُرْمُهُ وَيَلْزَمُ الْمَأْمُورَ وَالسِّلْعَةُ لَهُ إلَّا أَنْ تَشَاءَ أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ ثَانِيَةً وَتَأْخُذَهَا. (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ (فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) أَيْ دَفْعِ ثَمَنِ مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ مَثْمُونِ مَا وُكِّلَ عَلَى الشِّرَاءِ أَوْ مَا وُكِّلَ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ مَدِينٍ أَوْ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ أَوْ مُرْتَهِنٍ أَوْ وَاهِبٍ أَوْ مُتَصَدِّقٍ لِمُوَكِّلِهِ قَصُرَ الزَّمَانُ أَوْ طَالَ مُفَوَّضًا كَانَ أَوْ لَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وَالْوَكِيلُ عَلَى بَيْعٍ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ ثَمَنِهِ لِلْآمِرِ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُبْضَعُ مَعَهُ فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ طُولِبَ بِهَا فَقَالَ قَدْ رَدَدْت إلَيْك بِضَاعَتَك قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُصَدَّقُ أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ الدَّفْعَ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إلَى الْبَاعِثِ بِلَا بَيِّنَةٍ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْأَوْصِيَاءَ بِالْإِشْهَادِ بِالدَّفْعِ إلَى غَيْرِ الْيَدِ الَّتِي أَعْطَتْهُمْ وَهُمْ الْأَيْتَامُ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْيَدِ الَّتِي أَعْطَتْك لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] . ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ أَوْ الْمَخْصُوصِ أَوْ الزَّوْجِ يُوَكِّلُونَ عَلَى قَبْضِ حَقٍّ فَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ قَبَضُوهُ وَدَفَعُوهُ إلَى مَنْ وَكَّلَهُمْ أَنَّهُمْ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ كَالْمُودَعِ، يَقُولُ رَدَدْت الْوَدِيعَةَ وَيُنْكِرُهُ رَبُّهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ حَبِيبٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 402 كَالْمُودَعِ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي التَّصْدِيقِ فَقَالَ (كَالْمُودَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ يَدَّعِي رَدَّ الْوَدِيعَةِ لِمُودِعِهَا وَيُنْكِرُهُ الْمُودِعُ فَيُصَدَّقُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِيَمِينٍ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْوَدِيعَةَ بِبَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. الْحَطّ قَوْلُهُ وَصُدِّقَ فِي الرَّدِّ أَيْ مَعَ يَمِينِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ أَوْ طَالَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ أَمْ لَا. هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْوَكِيلِ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ إلَى مُوَكِّلِهِ مَا قَبَضَهُ مِنْ غُرَمَائِهِ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ مَتَاعَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ جُمْلَةً بِلَا تَفْصِيلٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ شَيْئًا، وَعَلَى الْوَكِيلِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ تَبَاعَدَ الْأَمْرُ كَالشَّهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ جِدًّا فَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ. وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ جِدًّا صُدِّقَ بِدُونِ يَمِينٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَالرَّابِعُ: تَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ وَالْمُفَوَّضُ يُصَدَّقُ فِي الْقُرْبِ بِيَمِينِهِ، وَفِي الْبُعْدِ بِدُونِهَا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ لَفْظَ صُدِّقَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُصَدَّقُ فِيهِ بِلَا يَمِينٍ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عَبْدُ الْوَهَّابِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ وَالْمُودَعُ وَالْمُرْسَلُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا لِأَنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ قَدْ ائْتَمَنُوهُمْ فَكَانَ قَوْلُهُمْ مَقْبُولًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا عَامِلُ الْقِرَاضِ مُؤْتَمَنٌ بِالْفَتْحِ فِي رَدِّ الْقِرَاضِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَخَذَ الْمَالَ بِبَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يُبْرِئُهُ دَعْوَى رَدِّهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمْ يَأْتَمِنْهُ حِينَ اسْتَوْثَقَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ أَشَارَ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 403 فَلَا يُؤَخَّرُ لِلْإِشْهَادِ   [منح الجليل] لِرَبِّهِ إذَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ إشْهَادٍ، وَأَمَّا مَا قَبَضَهُ بِإِشْهَادٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ. الثَّالِثُ: ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ طَالَ الزَّمَانُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ سُقُوطُهَا بِطُولِهِ. الرَّابِعُ: يُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي الرَّدِّ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَصَرَّحَ بِهِ الْبُرْزُلِيُّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَنَبَّهْت عَلَيْهِ لِتَوَقُّفِ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ فِيهِ حَتَّى أَطْلَعْته عَلَى النَّصِّ. الْخَامِسُ: ابْنُ نَاجِي يَقُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَك بِغَيْرِ أَمْرِك مِنْ وَلَدِك أَوْ بَعْضِ عِيَالِك لِيَكْفِيَك مُؤْنَتَهَا، فَذَلِكَ مُجْزٍ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَبْعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتِهِ، وَتَوَلَّى الْأَخُ عَقْدَ كِرَائِهِ وَقَبَضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً ثُمَّ طَالَبَتْهُ أُخْتُهُ بِمَنَابِهَا مِنْ الْكِرَاءِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَعَمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا مِنْهُ وَادَّعَى دَفْعَهُ لَهَا، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، إذْ هُوَ وَكِيلُهَا بِالْعَادَةِ وَوَقَعَتْ بِمَدِينَةِ الْمَهْدِيَّةِ وَأَفْتَى فِيهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ بِلَا دَلِيلٍ، وَتَأَخَّرَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ ابْنُ عَرَفَةَ فَأَفْتَى فِيهَا أَبُو مَهْدِيٍّ بِعَكْسِهَا، وَجِيءَ لِلْقَاضِي بِالْفَتْوَيَيْنِ فَتَوَقَّفَ حَتَّى وَصَلَ تُونُسَ، فَتَأَوَّلَ أَبُو مَهْدِيٍّ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَكَتَبَ تَحْتَهُ رَأَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ فَقَبِلَ قَوْلَهُ وَبِهِ أَقُولُ، وَقَطَّعَ مَا أَفْتَى بِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ مَا خَالَفْته فِي حَيَاتِهِ فَلَا أُخَالِفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَحَيْثُ كَانَ الْوَكِيلُ وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مُصَدَّقَيْنِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا بِرَدِّ مَا بِيَدِهِ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ (فَلَا يُؤَخِّرُ) أَيْ الْوَكِيلُ وَالْمُودَعُ بِالْفَتْحِ رَدَّهُ إلَيْهِ (لِلْإِشْهَادِ) عَلَيْهِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَرُدُّ حَتَّى أُشْهِدَ عَلَيْهِ، إذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ لَوْ قِيلَ لَهُمَا تَأْخِيرُ الدَّفْعِ حَتَّى يُشْهِدَا لَكَانَ حَسَنًا لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَوْ لَمْ نُشْهِدْ لَتَوَجَّهَتْ عَلَيْنَا الْيَمِينُ قُلْنَا التَّأْخِيرُ لَنُسْقِطَهَا. الْبُنَانِيُّ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ ابْنَ هَارُونَ وَفِيهِ نَظَرٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُودَعِ مَقَالٌ فِي وَقْفِ الدَّفْعِ عَلَى الْبَيِّنَةِ وَإِنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 404 وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ: الِاسْتِبْدَادُ، إلَّا لِشَرْطٍ   [منح الجليل] كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْقِطُ الْيَمِينَ عَنْهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ هُوَ نَصُّ الْغَزَالِيِّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْقَلَ عَنْ الْمَذْهَبِ مَا هُوَ نَصٌّ لِغَيْرِ الْمَذْهَبِ لَا سِيَّمَا وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي خِلَافَهُ حَسْبَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَشَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ. (وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ فِيمَا يَفْعَلُهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ دُونَ إطْلَاعِ الْوَكِيلِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ، وَفَرَّقَ بِتَعَذُّرِ النَّظَرِ مِنْ الْمُوصِي فِي الرَّدِّ دُونَ الْمُوَكِّلِ إنْ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى أَمْرِ عَزْلِهِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمَا فَيَتَّبِعَ شَرْطَهُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَجَمَاعَةٌ، وَتَعَقَّبَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ قَائِلًا بَلْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ. وَلَمَّا رَأَى الشَّارِحُ قُوَّةَ التَّعَقُّبَ قَالَ فِي شَامِلِهِ وَلَا يَسْتَبِدُّ أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ، وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ قَالَهُ تت. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ يَجُوزُ تَوْكِيلُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِ الْخِصَامِ. ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ أَمْرَ الْوَكِيلَيْنِ يُخَالِفُ الْوَصِيَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا الِاسْتِبْدَادُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ هَارُونَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْهُ لِغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ، فَفِيهَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَمَرَ رَجُلَيْنِ يَشْتَرِيَانِ لَهُ سِلْعَةً أَوْ يَبِيعَانِهَا لَهُ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا أَوْ اشْتَرَى، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " وَسَمِعَ يَحْيَى إنْ مَاتَ أَحَدُ وَكِيلَيْنِ عَلَى تَقَاضٍ فَلَا يَتَقَاضَى الْبَاقِي دُونَ إذْنِ الْقَاضِي بَهْرَامَ الْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ هُنَا " غ " فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ قَالَ هُنَا وَلَا لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ بِزِيَادَةِ لَا النَّافِيَةِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يُؤَخِّرُ لِلْإِشْهَادِ، وَأَسْقَطَهَا النَّاقِلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَبِعَ مَنْ ذَكَرْنَا مُنْشِدًا بِلِسَانِ حَالِهِ: وَهَلْ أَنَا إلَّا مِنْ غَزِيَّةَ إنْ غَوَتْ ... غَوَيْت وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدُ الْبُنَانِيُّ أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْوَكِيلَانِ الْمُرَتَّبَانِ، وَأَمَّا الْوَكِيلَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا لِشَرْطٍ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا بِعِطْفِ الِاسْتِبْدَادِ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ مُنِعَ أَوْ بِتَقْدِيرِ لَا قَبْلَ لِأَحَدِ، وَكِلَاهُمَا بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 405 وَإِنْ بِعْتَ وَبَاعَ، فَالْأَوَّلُ، إلَّا بِقَبْضٍ وَلَك قَبْضُ سَلَمِهِ لَك، إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ   [منح الجليل] وَإِنْ) وَكَّلْت شَخْصًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ ثُمَّ (بِعْت) هَا لِشَخْصٍ (وَبَاعَ) هَا الْوَكِيلُ الْآخَرَ (فَالْأَوَّلُ) مِنْ الْبَيْعَيْنِ هُوَ اللَّازِمُ، وَالثَّانِي بَيْعُ فُضُولِيٍّ لِانْتِقَالِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ تَلَبُّسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (بِقَبْضٍ) لِلسِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي فَيَمْضِي الْبَيْعُ الثَّانِي وَيُرَدُّ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ الثَّانِي وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ. وَإِلَّا فَهِيَ لِلْأَوَّلِ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ فِيهَا وَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَبِيعُ لَهُ سِلْعَةً فَبَاعَهَا الْآمِرُ وَبَاعَهَا الْمَأْمُورُ فَأَوَّلُ الْبَيْعَيْنِ أَحَقُّ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الثَّانِي السِّلْعَةَ فَهُوَ أَحَقُّ كَإِنْكَاحِ الْوَلِيَّيْنِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ فِي النِّكَاحِ، إلَّا أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الثَّانِي. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ. إنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ إذَا قَبَضَ السِّلْعَةَ وَلَمْ يَعْلَمْ بَيْعَ الْأَوَّلِ هُوَ وَلَا الَّذِي بَاعَ لَهُ، وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ أَحَقُّ قَالَهُ فِي رَسْمِ نَذَرَ سَنَةً مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. الثَّانِي: إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ لِشَخْصٍ ثُمَّ بَاعَ لِآخَرَ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ دَفَعْت لِرَجُلٍ مَالًا وَوَكَّلْته عَلَى إسْلَامِهِ فِي سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَأَسْلَمَهُ فِيهَا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ وَغَابَ وَكِيلُك فَ (لَك) يَا مُوَكِّلُ (قَبْضُ سَلَمِهِ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُك (لَك) فِي غَيْبَةِ وَكِيلِك وَيَبْرَأُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَفْعِهِ لَك (إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) أَنَّ وَكِيلَك أَسْلَمَ فِيهِ لَك، وَلَيْسَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِهِ لَك لِأَنَّك لَمْ تُسْلِمْهُ رَأْسَ الْمَالِ، لِأَنَّ إسْلَامَ وَكِيلِك كَإِسْلَامِك. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ فَلَيْسَ لَك قَبْضُهُ جَبْرًا عَنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ بَيَّنَ لَهُ أَنَّ السَّلَمَ لَك، فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا بِحَلِفِ الْمُوَكِّلِ مَعَهُ وَيَقْبِضُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْهُ أَوْ لَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ جَرَّ لَهُ نَفْعَ تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَوْلَانِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " وَلَك قَبْضُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُك لَك بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ، وَيَبْرَأُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إذَا دَفَعَهُ لَك إنْ كَانَتْ لَك بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِيهِ لَك، وَإِلَّا فَالْمَأْمُورُ أَوْلَى بِقَبْضِهِ مِنْك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 406 وَالْقَوْلُ لَك إنْ ادَّعَى الْإِذْنَ، أَوْ صِفَةً لَهُ،   [منح الجليل] أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ الْقَابِسِيُّ لَوْ أَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِأَنَّهُ لَك فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَك وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِ مَنْفَعَةً لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يُفَرِّغَ ذِمَّتَهُ. وَرَأَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ لَك، فَإِنْ جَاءَ الْمَأْمُورُ فَصَدَّقَهُ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ ثَانِيَةً. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ نَحْوُهُ لِسَحْنُونٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ شَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُقِرُّ لَهُ وَيَقْبِضُ مِنْهُ وَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَفْرِيعِ ذِمَّتِهِ بِدَفْعِهِ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ الْمُسْلِمِ، فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ لَا، وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا أَوْ لَا قَوْلَانِ وَجَزَمَ فِي الْمَعُونَةِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ. (وَ) إنْ تَصَرَّفَ شَخْصٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ اكْتِرَاءٍ وَادَّعَى أَنَّ الْمَالِكَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الْإِذْنَ فِيهِ (فَالْقَوْلُ لَك) يَا مَالِكُ لِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ غَيْرُك فِي عَدَمِ الْإِذْنِ لَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ (إنْ ادَّعَى) الْمُتَصَرِّفُ (الْإِذْنَ) مِنْك لَهُ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ وَأَنْكَرْت الْإِذْنَ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ (وَ) إنْ وَكَّلْته فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِكِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ وَادَّعَى (صِفَةً لَهُ) أَيْ التَّصَرُّفَ وَخَالَفْته فِيهَا بِأَنْ بَاعَهُ وَقُلْت لَهُ لَمْ آمُرْك بِبَيْعِهِ، بَلْ رَهْنِهِ مَثَلًا أَوْ بَاعَهُ بِعَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ وَقُلْت بَلْ بِنَقْدٍ، أَوْ بِمُؤَجَّلٍ وَقُلْت بَلْ بِحَالٍّ، أَوْ بِقَدْرٍ وَقُلْت بَلْ بِأَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لَك. " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِذْنِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ، فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتنِي وَقَالَ الْآخَرُ مَا وَكَّلْتُك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَفِيهَا إنْ بَاعَ الْمَأْمُورُ سِلْعَةً بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضَ نَقْدًا وَقَالَ بِهِ أَمَرْتنِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُبَاعُ بِذَلِكَ ضَمِنَ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَا يَضْمَنُ وَيُخَيَّرُ الْآمِرُ فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ، فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ فِي أَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا. عِيَاضٌ قَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقٌ وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرَنِي رَبُّهَا، وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ أَمَرْتُك بِرَهْنِهَا صُدِّقَ رَبُّهَا بِيَمِينِهِ فَاتَتْ أَوْ لَمْ تَفُتْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 407 إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ، فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ، وَحَلَفَ: كَقَوْلِهِ: أَمَرْت بِبَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ، وَأَشْبَهْت، وَقُلْت بِأَكْثَرَ، وَفَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ، أَوْ لَمْ يَفُتْ، وَلَمْ تَحْلِفْ   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ لَك فَقَالَ (إلَّا أَنْ) تَدْفَعَ ثَمَنًا لِشَخْصٍ وَتُوَكِّلُهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِهِ فَيَقْبِضَهُ (وَيَشْتَرِيَ) الْوَكِيلُ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي دَفَعْته لَهُ عَبْدًا مَثَلًا (فَزَعَمْت) يَا مُوَكِّلُ (أَنَّك أَمَرْته) أَيْ الْوَكِيلَ (بِ) شِرَاءِ (غَيْرِهِ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ كَثَوْبٍ (وَحَلَفَ) الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّك أَمَرْته بِشِرَاءِ مَا اشْتَرَاهُ لَا بِشِرَاءِ غَيْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مُسْتَهْلَكٌ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْيَمِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَعْدَ يَمِينِهِ، وَهَذَا إذَا فَاتَ الثَّمَنُ فَإِنْ بَقِيَ بِيَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ أَعْلَمَهُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ اتِّفَاقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ أَفَادَهُ الْحَطّ. وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْوَكِيلِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (أَمَرْت) ني (بِبَيْعِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلُ عَلَى بَيْعِهِ (بِعَشَرَةٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (وَ) قَدْ (أَشْبَهَتْ) الْعَشَرَةُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنَهُ (وَقُلْت) يَا مُوَكِّلُ أَمَرْتُك بِبَيْعِهِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ الْعَشَرَةِ كَاثْنَيْ عَشَرَ (وَ) قَدْ (فَاتَ الْمَبِيعُ) فَوَاتًا مُصَوَّرًا (بِزَوَالِ عَيْنِهِ) فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآمِرُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ اثْنَيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَمَفْهُومُ أَشْبَهَتْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَكِيلُ مَا لَمْ يُشْبِهْ فَلَا يُصَدَّقْ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ مُيَسِّرٍ. وَمَفْهُومُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ عَدَمُ فَوَاتِهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ فَاتَ فَقَالَ (أَوْ لَمْ يَفُتْ) مَا بَاعَهُ الْوَكِيلُ (وَلَمْ يَحْلِفْ) مُوَكِّلُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ " ق "، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ دَفَعْت إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا تَمْرًا أَوْ ثَوْبًا وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتنِي، وَقُلْت أَنْتَ مَا أَمَرْتُك إلَّا بِحِنْطَةٍ فَالْمَأْمُورُ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ إذْ الثَّمَنُ مُسْتَهْلَكٌ كَفَوْتِ السِّلْعَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَبِهِ أَقُولُ وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ بِعَشَرَةٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 408 وَإِنْ وَكَّلْتَهُ عَلَى أَخْذِ جَارِيَةٍ فَبَعَثَ بِهَا فَوُطِئَتْ، ثُمَّ قَدِمَ بِأُخْرَى، وَقَالَ هَذِهِ لَك، وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ: أَخَذَهَا: إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِكَوَلَدٍ، أَوْ تَدْبِيرٍ: إلَّا لِبَيِّنَةٍ، وَلَزِمَتْك الْأُخْرَى   [منح الجليل] وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرَنِي رَبُّهَا وَقَالَ رَبُّهَا مَا أَمَرْتُك إلَّا بِاثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنْ فَاتَتْ حَلَفَ الْمَأْمُورُ وَبَرِئَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يَبِعْ بِمَا يُسْتَنْكَرُ وَفَوْتُهَا هُنَا زَوَالُ عَيْنِهَا، وَكَذَلِكَ رَوَى الْأَنْدَلُسِيُّونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " فَإِنْ لَمْ تَفُتْ حَلَفَ الْآمِرُ وَأَخَذَهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ عَشَرَةٌ. (وَإِنْ وَكَّلْته) أَيْ مُرِيدَ السَّفَرِ إلَى جِهَةٍ تُجْلَبُ الْجَوَارِي مِنْهَا (عَلَى شِرَاءِ جَارِيَةٍ) لَك مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي أَرَادَ السَّفَرَ إلَيْهَا (فَبَعَثَ) الْمَأْمُورُ (بِهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ إلَيْك (فَوُطِئَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ التَّاءِ مِنْك أَوْ مِمَّنْ زَوَّجْتهَا لَهُ (ثُمَّ قَدِمَ الْمَأْمُورُ) مِنْ سَفَرِهِ مُتَلَبِّسًا (بِ) جَارِيَةٍ (أُخْرَى، وَقَالَ) الْمَأْمُورُ (هَذِهِ) الْجَارِيَةُ الْأُخْرَى الَّتِي قَدِمْت بِهَا هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا (لَك) يَا آمِرُ (وَ) الْجَارِيَةُ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ الَّتِي بَعَثْت بِهَا (وَدِيعَةٌ) عِنْدَك. (فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) الْمَأْمُورُ حِينَ بَعَثَ الْجَارِيَةَ الْأُولَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ (وَحَلَفَ) الْمَأْمُورُ عَلَى أَنَّهَا وَدِيعَةٌ (أَخَذَهَا) أَيْ الْوَكِيلُ الْجَارِيَةَ الْأُولَى وَتَرَكَ لَك الْجَارِيَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي قَدِمَ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) الْجَارِيَةُ الْأُولَى (بِكَوَلَدٍ) مِنْك (أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ عِتْقٍ نَاجِزٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَا يَأْخُذُهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لِلْوَكِيلِ، عَلَى أَنَّ الْأُولَى وَدِيعَةٌ فَيَأْخُذُهَا مَعَ قِيمَةِ وَلَدِهَا إنْ كَانَ (وَلَزِمَتْك) يَا مُوَكِّلُ الْأَمَةُ (الْأُخْرَى) الَّتِي قَدِمَ الْمَأْمُورُ بِهَا. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً بَرْبَرِيَّةً فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ فَوَطِئَهَا ثُمَّ قَدِمَ الْوَكِيلُ بِأُخْرَى، فَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ بَيَّنَ ذَلِكَ حِينَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 409 وَإِنْ أَمَرْتَهُ بِمِائَةٍ، فَقَالَ: أَخَذْتُهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ: خُيِّرْت فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْك إلَّا الْمِائَةُ وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُكَ لِزَيْفٍ: فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك: لَزِمْتُك،   [منح الجليل] بَعَثَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّانِيَةَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ فَاتَتْ الْأُولَى بِوَلَدٍ مِنْهُ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ فَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً فَيَأْخُذَهَا. سَحْنُونٌ وَيَأْخُذَ قِيمَةَ وَلَدِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَلْزَمُ الْجَارِيَةُ الثَّانِيَةُ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. (وَإِنْ أَمَرْته) أَيْ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ لَك (بِمِائَةٍ) فَاشْتَرَى جَارِيَةً وَأَرْسَلَهَا إلَيْك ثُمَّ قَدِمَ (فَقَالَ) الْمَأْمُورُ (أَخَذْتهَا) أَيْ اشْتَرَيْت الْجَارِيَةَ الَّتِي أَرْسَلْتهَا (بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ) الْجَارِيَةُ الَّتِي أَرْسَلَهَا لَك بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (خُيِّرْت) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَفَتْحِ تَاءِ الْمُخَاطَبِ يَا مُوَكِّلُ (فِي أَخْذِهَا) أَيْ قَبُولِ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَرْسَلَهَا لَك (بِمَا) أَيْ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ الَّتِي (قَالَ) الْوَكِيلُ إنَّهُ أَخَذَهَا بِهَا أَوْ رَدِّهَا لِلْوَكِيلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك إنْ كُنْت وَطِئْتهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ فَاتَتْ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ (وَلَمْ يَلْزَمْك) يَا آمِرُ (إلَّا الْمِائَةُ) الَّتِي أَمَرْته بِالشِّرَاءِ بِهَا، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِك حِينَ إرْسَالِهَا فَكَأَنَّهُ تَبَرَّعَ لَك بِالْخَمْسِينَ الَّتِي زَادَهَا. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " مَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ جَارِيَةً بِمِائَةٍ فَبَعَثَ بِهَا إلَيْهِ، وَلَمَّا قَدِمَ قَالَ ابْتَعْتهَا بِخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَ الْآمِرُ بَيْنَ أَخْذِهَا بِمَا قَالَ الْمَأْمُورُ أَوْ رَدِّهَا وَإِنْ كَانَتْ حَمَلَتْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إلَّا الْمِائَةُ. أَبُو الْحَسَنِ إنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَ الْآمِرُ يُرِيدُ بَعْدَ حَلِفِ الْمَأْمُورِ لَقَدْ اشْتَرَيْتهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ. (وَإِنْ) دَفَعْت دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ وَوَكَّلْته عَلَى إسْلَامِهَا فِي طَعَامٍ مَثَلًا لَك فَأَسْلَمَهَا فِيهِ وَغَابَ عَلَيْهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ثُمَّ (رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (دَرَاهِمُك) أَيْ رَدَّهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (لِزَيْفٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَفَاءٍ، أَيْ عَيْبٍ بِهَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهَا (فَإِنْ عَرَفَهَا) أَيْ الدَّرَاهِمَ (مَأْمُورُك لَزِمَتْك) صَدَّقَتْهُ أَمْ لَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 410 وَهَلْ، وَإِنْ قَبَضْت؟ تَأْوِيلَانِ، وَإِلَّا فَإِنْ قَبِلَهَا، حَلَفْت   [منح الجليل] (وَهَلْ) تَلْزَمُك إنْ لَمْ تَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ، بَلْ (وَإِنْ) كُنْت (قَبَضْت) يَا آمِرُ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ، أَوْ إنَّمَا تَلْزَمُك إنْ لَمْ تَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ، فَإِنْ كُنْت قَبَضْته فَلَا تَلْزَمُك وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَأْمُورِك عَلَيْك، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا بَعْضُ الشُّيُوخِ فِيهِ (تَأْوِيلَانِ) " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَمَرْت رَجُلًا يُسْلِمُ لَك دَرَاهِمَ دَفَعْتهَا إلَيْهِ فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ ثُمَّ أَتَى الْبَائِعُ بِدَرَاهِمَ زَائِفَةٍ لِيُبَدِّلَهَا وَزَعَمَ أَنَّهَا الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ مَأْمُورِك، فَإِنْ عَرَفَهَا الْمَأْمُورُ لَزِمَتْ الْآمِرَ أَنْكَرَهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَمِينُهُ. ابْنُ يُونُسَ قِيلَ إنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ السَّلَمَ، وَأَمَّا لَوْ قَبَضَهُ فَلَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَذَلِكَ عِنْدِي سَوَاءٌ قَبَضَ الْآمِرُ السَّلَمَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْمَأْمُورُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ أَمْ لَا. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ، وَأَمَّا إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَهُ فَإِنَّ وَكَالَتَهُ تَنْقَضِي بِنَفْسِ دَفْعِهِ الدَّرَاهِمَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى الْآمِرِ، وَيُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَبْدَلَهَا وَيَحْلِفُ الْآمِرُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ، الثَّانِي قَيَّدَ الرَّجْرَاجِيُّ الْخِلَافَ بِالْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِفَرَاغِهِ مِمَّا وُكِّلَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي أَنَّ مَا قَبِلَهُ مَقْبُولٌ فَيَلْزَمُ الْآمِرَ الْبَدَلُ. الثَّالِثُ: عِيَاضٌ إذَا أَبْدَلَهَا الْآمِرُ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ أَبْدَلَهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُودَعِ، وَحَكَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يُبَدِّلُهَا بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ أَنَّهَا هِيَ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدٍ أَمِينَةٍ وَغَابَتْ عَنْهُ. أَبُو الْحَسَنِ لَعَلَّ قَوْلَ أَشْهَبَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ الْبَائِعُ عَنْ يَمِينِهِ فَيَسْقُطَ إبْدَالُهَا عَنْ الْآمِرِ. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَهَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ غَابَ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ قَدْ أَبْدَلَهَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا مَأْمُورُك (فَإِنْ قَبِلَهَا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَأْمُورُك الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِتَبَدُّلِهَا لَهُ وَامْتَنَعْت مِنْ إبْدَالِهَا (حَلَفْت) يَا آمِرُ وَيَأْتِي مَفْعُولُهُ فِي قَوْلِهِ مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 411 وَهَلْ مُطْلَقًا، أَوْ لِعُدْمِ الْمَأْمُورِ مَا دَفَعْتَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك وَلَزِمَتْهُ؟ تَأْوِيلَانِ، وَإِلَّا حَلَفَ كَذَلِكَ، وَحَلَّفَ الْبَائِعُ، وَفِي الْمُبَدَّإِ: تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] (وَهَلْ) تَحْلِفُ حَلِفًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعُدْمِ مَأْمُورِك وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) إنَّمَا تَحْلِفُ (لِعُدْمِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ عُسْرِ (الْمَأْمُورِ) وَأَمَّا مَعَ يُسْرِهِ فَلَا تَحْلِفُ، وَإِلَيْهِ نَحَا أَبُو عِمْرَانَ، وَمَفْعُولُ حَلَفْت (مَا دَفَعْتَ) بِفَتْحِ تَاءِ خِطَابِ الْآمِرِ (إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ صَرَّافًا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقِيلَ يَحْلِفُ الصَّرَّافُ بَتًّا وَإِذَا حَلَفْت كَذَلِكَ (لَزِمَتْهُ) أَيْ الدَّرَاهِمُ الْمَأْمُورُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الْمَأْمُورُ وَقَبِلَهَا حَلَفَ الْآمِرُ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُ أَنَّهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ، وَمَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَبَرِئَ وَأَبْدَلَهَا الْمَأْمُورُ لِقَبُولِهِ إيَّاهَا عِيَاضٌ قِيلَ حَلِفُ الْآمِرِ هُنَا هُوَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي أَيْمَانِ التُّهَمِ، وَقِيلَ بَلْ وَجَدَ الْمَأْمُورَ عَدِيمًا فَلِذَلِكَ حَلَّفَهُ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ مُوسِرًا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْآمِرِ سَبِيلٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَأْمُورُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا (حَلَفَ) الْمَأْمُورُ حَلِفًا (كَذَلِكَ) أَيْ حَلَفَ الْآمِرُ فِي أَنَّ صِيغَتَهُ مَا دَفَعْتُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِي، وَبَرِئَ " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا الْمَأْمُورُ وَلَا عَرَفَهَا حَلَفَ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ مَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ، وَبَرِئَ. (وَحَلَفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فَاعِلُهُ (الْبَائِعُ) وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ الْآمِرُ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ أَيْضًا وَلَزِمَتْ الْبَائِعَ (وَفِي الْمُبَدَّأِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً بِالتَّحْلِيفِ مِنْ الْآمِرِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ وَالْمَأْمُورُ لِأَنَّهُ الَّذِي بَاشَرَ الدَّفْعَ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا وَلَمْ يَقْبَلْهَا الْمَأْمُورُ وَلَا الْآمِرُ (تَأْوِيلَانِ) " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْبَائِعِ، أَنْ يُحَلِّفَ الْآمِرَ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَأَنَّهُ مَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ ثُمَّ تَلْزَمُ الْبَائِعَ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الرُّتْبَةُ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِ الْآمِرِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِيَمِينِ الْمَأْمُورِ لِأَنَّهُ الَّذِي عَامَلَهُ وَلَهُ عِنْدِي أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي وَلَّى مُعَامَلَتَهُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَحْلِفُ إلَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 412 وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، إنْ عَلِمَ،   [منح الجليل] لَك، إذْ لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْآمِرِ، وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْآمِرَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّ هَذَا وَكِيلُهُ وَهَذِهِ دَرَاهِمُهُ، فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُمَا وَيَبْدَأَ بِمَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. الْحَطّ ذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ تَبْدِئَةَ الْآمِرِ وَتَبْدِئَةَ الْمَأْمُورِ وَتَخْيِيرَ الْبَائِعِ قَالَ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ تَبْدِئَةَ الْمَأْمُورِ، وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَاخْتَصَرَهَا عَلَيْهِ وَتَبْدِئَةَ الْآمِرِ، وَلَمْ يَعْزُهُ الرَّجْرَاجِيُّ لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ وَقَالَ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ، وَالثَّالِثُ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُس. (تَكْمِيلٌ) إنْ بَدَأَ بِالْآمِرِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ الْآمِرُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَتَّهِمَهُ بِتَبْدِيلِهَا فَيُحَلِّفَهُ، وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَأْمُورَ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ يَمِينِ الْآمِرِ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ الْمَأْمُورِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْمَأْمُورِ وَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَبْدَلَهَا الْمَأْمُورُ، ثُمَّ هَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْآمِرِ أَمْ لَا قَوْلَانِ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ. (وَانْعَزَلَ) الْوَكِيلُ (بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ إنْ عَلِمَ) الْوَكِيلُ مَوْتَهُ إذْ هُوَ نَائِبُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ، وَقَدْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَ مِلْكًا لِوَارِثِهِ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَشْرَفَ عَلَى فَصْلِ الْخُصُومَةِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ قِيلَ قَبَضَ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ، وَظَاهِرُهُ كَانَ مَخْصُوصًا أَوْ مُفَوَّضًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْمَعْرُوفُ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ بِعِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَمَرَ رَجُلًا يَشْتَرِي لَهُ سِلْعَةً ثُمَّ يَدْفَعُ لَهُ ثَمَنَهَا أَوْ دَفَعَهُ لَهُ فَاشْتَرَاهَا الْوَكِيلُ بَعْدَ مَوْتِ الْآمِرِ، فَذَلِكَ لَازِمٌ لِوَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِ الْآمِرِ، فَلَا تَلْزَمُ الْوَرَثَةَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الثَّمَنِ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَدْ انْفَسَخَتْ قَبْلَ شِرَائِهِ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ لَهُ وَكِيلٌ بِبَلَدٍ يُجَهِّزُ إلَيْهِ الْمَتَاعَ أَنَّ مَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِ الْآمِرِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ لِوَرَثَتِهِ وَمَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ لَا يَلْزَمُهُمْ لِأَنَّ وَكَالَتَهُ قَدْ انْفَسَخَتْ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 413 وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ وَفِي عَزْلِهِ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ: خِلَافٌ   [منح الجليل] (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ مَوْتَ مُوَكِّلِهِ وَتَصَرَّفَ فِي الْمَالِ بَعْدَهُ (فَ) فِي مُضِيِّ تَصَرُّفِهِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا عَامَّةُ الْأَشْيَاخِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ (تَأْوِيلَانِ) " ق " ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ عَزْلِهِ فَقِيلَ إنَّهُ مَعْزُولٌ بِنَفْسِ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي حَجَرَ عَلَى وَكِيلِهِ فَقَبَضَ مِنْ غُرَمَائِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَبْرَءُونَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِعَزْلِهِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الشُّيُوخُ يَحْمِلُونَهُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ التُّونُسِيُّ. فَإِذَا لَمْ يَبْرَأْ الْغُرَمَاءُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ لَا يَبْرَأُ هُوَ وَلِلْغُرَمَاءِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ أَخْطَأَ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ، فَهَذَا بَيِّنٌ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَنْفَسِخُ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ عَامَلَهُ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِنَفْسِ الْعَزْلِ أَوْ الْمَوْتِ، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ فِي حَقِّ أَحَدٍ إلَّا بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ فَيَنْعَزِلُ بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ، وَفِي حَقِّ مَنْ بَايَعَهُ أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ بِوُصُولِ الْعِلْمِ إلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوَكَالَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَكَذَلِكَ يَبْرَأُ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ مَوْتَ مُوَكِّلِهِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ هَذَا لَوْ عَلِمَ الْوَكِيلُ مَوْتَ مُوَكِّلِهِ فَبَاعَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَتَلِفَتْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ عِنْدَهُ ضَمِنَهَا الْوَكِيلُ لِانْفِسَاخِ الْوَكَالَةِ فِي حَقِّهِ لِعِلْمِهِ مَوْتَهُ وَتَعَدِّيهِ فِيمَا لَا يَنْصَرِفُ لَهُ فِيهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْغَلَّةِ إذَا أُخِذَتْ السِّلْعَةُ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِمَوْتِهِ وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ إذَا أُخِذَتْ السِّلْعَةُ مِنْهُ لِتَعِدِيهِ بِابْتِيَاعِ مَا قَدْ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ فِيهِ فِي حَقِّهِ. (وَفِي عَزْلِهِ) أَيْ انْعِزَالِ الْوَكِيلِ (بِعَزْلِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْوَكِيلُ بِعَزْلِهِ لَهُ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ لَهُ بَعْدَهُ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَعَدَمِهِ حَتَّى يَعْلَمَ فَيَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ لَهُ بَعْدَهُ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ إذْ مَا فِي شَرِكَتِهَا مَشْهُورٌ أَيْضًا " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 414 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ التُّونُسِيُّ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلٌ أَوَّلُ. الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَشْهَبَ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَمَوْتِ مُوَكِّلِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَوْ فِي حَقِّ مَدِينِ مُوَكِّلِهِ. الْقَوْلُ الثَّالِثُ يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ مَعَ عِلْمِهِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ فَقَطْ، وَفِي حَقِّ الْمَدِينِ بِعِلْمِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوَّلَ وَكَالَتِهَا مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّرِيكَيْنِ. الْقَوْلُ الرَّابِعُ يَنْعَزِلُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَفِي الْعَزْلِ إنْ عَلِمَ رَوَاهُ اللَّخْمِيُّ اهـ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الثَّانِيَ وَالرَّابِعَ لَمْ يُشْهَرَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، فَانْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ انْعِزَالُ الْوَكِيلِ بِعِلْمِهِ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مُطَرِّفٍ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَوَّضًا إلَيْهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ حَارِثٍ عَنْهُ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُفَوَّضًا إلَيْهِ، وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ تَفْوِيضٍ، وَكَذَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ، قَالَ فِيهَا وَلِأَصْبَغَ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ فَلَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ لَا بِتَوْكِيلِ الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ وَلِيَ الْبَيْعَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ الْوَارِثُ. قُلْت فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ الْمَعْرُوفُ وَنَقْلَانِ عَنْ مُطَرِّفٍ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي تَقَرُّرِ انْعِزَالِهِ بِنَفْسِ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَلَوْ فِي حَقِّ مَدِينِ مُوَكِّلِهِ ثَالِثُهَا بِعِلْمِهِ فَقَطْ فِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ الْمَدِينِ بِعِلْمِهِ، وَرَابِعُهَا بِنَفْسِ الْمَوْتِ فِيهِ وَيُعْلِمُهُ فِي الْعَزْلِ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ قَائِلًا عَلَيْهِ حَمَلَ الشُّيُوخُ وَالتُّونُسِيُّ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ نَاقِلًا عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَابْنُ رُشْدٍ مَعَ سَمَاعِ سَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ وَلِلْمُقَدِّمَاتِ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوَّلُ وَكَالَتِهَا مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّرِيكَيْنِ يَفْتَرِقَانِ، فَيَقْضِي الْغَرِيمُ أَحَدَهُمَا إنْ عَلِمَ افْتِرَاقَهُمَا ضَمِنَ حَظَّ مَنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ، وَرَجَعَ عَلَى مَنْ دَفَعَ لَهُ بِمَا غَرِمَ لِلْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يَضْمَنُهُ وَرِوَايَةُ اللَّخْمِيِّ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 415 وَهَلْ لَا تَلْزَمُ، أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ، فَكَهُمَا، وَإِلَّا لَمْ تَلْزَمْ؟ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] (وَهَلْ لَا تَلْزَمُ) الْوَكَالَةُ الْمُوَكِّلَ وَلَا الْوَكِيلَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَلُّهَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا سَوَاءٌ وَقَعَتْ بِأُجْرَةِ أَوْ جُعْلٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا جُعْلٍ (أَوْ وَقَعَتْ) الْوَكَالَةُ (بِأُجْرَةٍ) مَعْلُومَةٍ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَتَوْلِيَتِهِ عَلَى تَقَاضِي دَيْنٍ قَدَّرَهُ، كَذَا مِنْ فُلَانٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (أَوْ جُعْلٍ) مَعْلُومٍ عَلَى تَقَاضِي دِينِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ قَدْرِهِ أَوْ تَعْيِينِهِ دُونَ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ (ف) الْوَكَالَةُ بِأُجْرَةِ وَالْوَكَالَةُ بِجُعْلٍ (كَهُمَا) أَيْ الْإِجَارَةِ فِي اللُّزُومِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَالْجَعَالَةِ فِي عَدَمِهِ بِهِ، وَاللُّزُومُ بِالشُّرُوعِ لِلْجَاعِلِ لَا لِلْمَجْعُولِ لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقَعْ بِأُجْرَةٍ وَلَا جُعْلٍ، بِأَنْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ (لَمْ تَلْزَمْ) الْمُوَكِّلَ وَلَا الْوَكِيلَ وَهَذَا تَمَامُ الْقَوْلِ الثَّانِي، فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ لَا تَلْزَمُ فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. " ق " ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ جَبْرًا كَالْوَصِيَّةِ وَوِلَايَةِ الْيَتِيمِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ الِانْصِرَافُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِنْ كَانَتْ اخْتِيَارًا، فَإِنْ كَانَتْ بِثَمَنٍ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيل الْإِجَارَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ مِنْ الْمُتَعَاقِدِينَ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبِيلِ الْجَعَالَةِ فَقِيلَ إنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَقِيلَ مُنْحَلَّةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَقِيلَ لَازِمَةٌ لِلْجَاعِلِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِعِوَضِ فَهِيَ إجَارَةٌ تَلْزَمُهُمَا جَمِيعًا وَلَا تَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ وَأَجَلٍ مَضْرُوبٍ وَعَمَلٍ مَعْرُوفٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ الْوَكِيلِ يَلْزَمُهُ إذَا قَبِلَ الْوَكَالَةَ مَا الْتَزَمَهُ وَلِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ فِي الْخِصَامِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ عَقْدُ الْوَكَالَةِ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ الْخِصَامِ وَالْوَكِيلُ مُخَيَّرٌ فِي قَبُولِهَا فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبُولُهُ عَنْ عِلْمِهِ بِهَا فَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنْ قَبِلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا يَشْتَرِيهَا الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ السِّلْعَةَ لِلْآمِرِ، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا لِلْوَكِيلِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 6 ¦ الصفحة: 416 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَيُصَدَّقُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِ هَلْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ فَالْمَشْهُورُ أَنْ ذَلِكَ لَهُ إذَا لَمْ يُوَكَّلْ بِأَجْرٍ. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِتَمَامِ الْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُوَكِّلًا عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، فَإِنْ كَانَ مُفَوِّضًا فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِعَزْلِ مُوَكِّلِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ بِمُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، هَذَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ فِي الْوَكَالَةِ بِالدَّوَامِ وَالِاسْتِمْرَارِ وَإِلَّا فَتَسْتَمِرُّ قَالَهُ فِي الْقَوَانِينَ. 1 - الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ جُنُونُ الْوَكِيلِ لَا يُوجِبُ عَزْلَهُ إنْ بَرَأَ فَكَذَا جُنُونُ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ فَإِنْ طَالَ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي كُلِّ أَمْرِهِ وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ لَا يُوجِبُ عَزْلَهَا عَنْ وَكَالَةِ مُطَلِّقِهَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى فِعْلَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا وَالْأَظْهَرُ انْعِزَالُهُ عَنْ وَكَالَتِهَا إيَّاهُ بِطَلَاقِهَا، قَالَ وَالرِّدَّةُ لَغْوٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَرْضَى فِعْلَهُ بَعْدَ رَدَّتِهِ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِي الِانْعِزَالِ بِطُولِ مُدَّةِ التَّوْكِيلِ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَبَقَائِهِ قَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَسْتَكْثِرُ إمْسَاكَ الْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوَهَا، وَيَرَى تَجْدِيدَ التَّوْكِيلِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ الْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ إذَا سَقَطَ مِنْ رَسْمِهَا لَفْظُ دَائِمَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ وَإِنْ طَالَ أَمَدُهَا كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ سَقَطَتْ إلَّا بِتَوْكِيلٍ ثَانٍ، وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَامَ بِتَوْكِيلٍ عَلَى خُصُومَةٍ سَنَتَيْنِ، وَقَدْ أَنْشَبَ الْخُصُومَةَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْشَبْهَا إلَّا بَعْد مُضِيِّ سَنَتَيْنِ يَسْأَلُ مُوَكِّلَهُ عَنْ بَقَاءِ تَوْكِيلِهِ أَوْ عَزْلِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ. ابْنُ فَتُّوحٍ إنْ خَاصَمَ وَاسْتَمَرَّ خِصَامُهُ سِنِينَ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ تَوْكِيلٍ. 1 - الرَّابِعُ: إذَا وَكَّلَ عَبْدًا عَلَى عَمَلٍ وَطَلَبَ سَيِّدُهُ أَجَرْتَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَا أُجْرَةُ لَهُ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُودَعُ فَيَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ إذْن سَيِّدِهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ مَنْ وَكَّلَهُ أَجَرْتَهُ لِسَيِّدِهِ الشَّيْخِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ لَا خَطَبَ لَهُ، كَكَوْنِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 417 بَابٌ) يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ، بِلَا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ   [منح الجليل] الْمِسَلَّةِ إلَيْهِ أَتَى إلَى مَنْزِلِ هَذَا الْعَبْدِ فَلَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كَمُنَاوَلَةِ الْقَدَحِ وَالنَّعْلِ اهـ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَام الْإِقْرَار] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِقْرَارِ (يُؤَاخَذُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَمَدِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ يَلْزَمُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّايِ الشَّخْصَ (الْمُكَلَّفَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا، أَيْ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ حَالَ كَوْنِهِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِأَنْ كَانَ حُرًّا رَشِيدًا غَيْرَ مُفْلِسٍ وَلَوْ زَوْجَةً أَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 418 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَرِيضًا فِي زَائِدِ الثُّلُثِ. طفي وَهِمَ الشَّارِحُ فِي إخْرَاجِ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ، وَتَبِعَهُ تت وَغَيْرُهُ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِمَا فِي الْإِقْرَارِ وَلَوْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ، إذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ التَّبَرُّعِ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ قَائِلًا فَقَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ، أَيْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَتَدْخُلُ الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَصِلَةُ يُؤَاخَذُ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ فِي الذَّخِيرَةِ، هَذِهِ الْمَادَّةُ وَهِيَ الْإِقْرَارُ وَالْقَرَارُ وَالْقَرُّ وَالْقَارُورَةُ أَصْلُهَا السُّكُونُ وَالثُّبُوتُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَالْمُقِرُّ أَثْبَتَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْقَرَارُ مَحِلُّ السُّكُونِ، وَالْقَرُّ الْبَرْدُ وَهُوَ يُسْكِنُ الدِّمَاءَ وَالْأَعْضَاءَ، وَالْقَارُورَةُ يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْمَائِعُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يُعَرِّفُوهُ وَكَأَنَّهُ بَدِيهِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ يُنْصِفُ لَا يَدَّعِي بَدَاهَتَهُ لِأَنَّ مُقْتَضَى حَالِ مُدَّعِيهَا أَنَّهُ قَوْلٌ يُوجِبُ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ فَيُعْرَفُ بِأَنَّهُ خَبَرٌ يُوجِبُ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ بِلَفْظِهِ أَوْ لَفْظِ نَائِبِهِ فَيَدْخُلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ وَتَخْرُجُ الْإِنْشَاءَاتُ كَبِعْتُ وَطَلَّقْت وَنُطْقُ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَازَمَهَا الْإِخْبَارُ عَنْهَا بِلَفْظِ بِعْت وَطَلَّقْت وَأَسْلَمْت وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ وَالْقَذْفُ كَقَوْلِهِ زَيْدٌ زَانٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ حُكْمًا عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ هُوَ حُكْمَ مُقْتَضَى صِدْقِهِ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَنُطْقُ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِيهِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ مِنْهُ إنْشَاءٌ، وَجَوَّزَ الرَّصَّاعُ فِيهِ الْخَبَرِيَّةَ وَرَدَّ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ الْقَلْبِيَّ مِنْ قَبِيلِ الْعُلُومِ أَوْ مِنْ تَوَابِعِهَا لِأَنَّهُ الْمَعْرِفَةُ أَوْ حَدِيثُ النَّفْسِ التَّابِعُ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ الْقَبُولُ وَالْإِذْعَانُ لِمَا عَرَّفَهُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَكَلِمَةُ الشَّهَادَةِ عِبَارَةٌ عَنْهُ فَهُوَ يُخْبِرُ أَنَّهُ اعْتَقَدَ مَضْمُونَهَا وَأَقَرَّ بِهِ فَهِيَ خَبَرٌ مِنْ الْأَخْبَارِ فَتَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهَا إنْشَاءً فَمُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُنْشَأَ إنْ كَانَ مَا فِي الِاعْتِقَادِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ سَابِقٌ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَا وَالْمُنْشَأُ يَلْزَمُ تَأَخُّرُهُ عَنْ صِيغَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ فَهُوَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ النُّطْقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ أَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مَعْنَاهَا الْخَبَرِيِّ، وَأَيْضًا فَيَلْزَمُهُ أَنَّ كُلَّ إقْرَارٍ إنْشَاءٌ لِدُخُولِ كُلِّ مُقِرٍّ فِي الْتِزَامِ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، فَالصَّوَابُ أَنَّ نُطْقَ الْكَافِرِ بِهَا إخْبَارٌ عَنْ اعْتِقَادِهِ، وَكَذَا الذَّاكِرُ بِالْأَحْرَى، نَعَمْ إذَا قَصَدَ الذَّاكِرُ إنْشَاءَ الثَّنَاءِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 419 لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ، وَلَمْ يُتَّهَمْ،   [منح الجليل] بِهَا نَاقِلًا لَهَا عَنْ مَعْنَاهَا صَحَّ ذَلِكَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْكَافِرِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةِ إنَّمَا تَحْصُلُ بَعْدَ الْإِيمَانِ. الْحَطّ وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى الصَّحِيحِ. الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يَكُونَ بِإِكْرَاهٍ، وَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِ الْمَحْبُوسِ وَالْمُهَدَّدِ بِإِقْرَارِهِ وَاضْطَرَبَ الْمَذْهَبُ فِيهِ هَلْ يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ لَا يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ يُفَرَّقُ، فَيُقْبَلُ إذَا عَيَّنَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ سَرِقَةٍ، وَلَا يُقْبَلُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. الدَّمَامِينِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَذْعُورَ لَا يَلْزَمُهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي حَالِ ذُعْرِهِ مِنْ بَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَغَيْرِهِمَا. " ق " ابْنُ شَاسٍ الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ فَالْمُطْلَقُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي كُلِّ مَا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ وَبَدَنِهِ، وَالْمَحْجُورُ سِتَّةُ أَشْخَاصٍ الصَّبِيُّ وَإِقْرَارُهُ مَسْلُوبٌ قَطْعًا مُطْلَقًا نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ فِي وَقْتِ إمْكَانِهِ لَصُدِّقَ، إذْ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَالْمَجْنُونُ وَهُوَ مَسْلُوبُ الْقَوْلِ مُطْلَقًا وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ اهـ. (فَائِدَةٌ) الْإِقْرَارُ وَالشَّهَادَةُ وَالدَّعْوَى إخْبَارٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الْخَبَرَ إنْ كَانَ حُكْمُهُ قَاصِرًا عَلَى قَائِلِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ لَهُ فَدَعْوًى وَإِلَّا فَشَهَادَةٌ. (لِأَهْلِ) أَيْ صَالِحِ الْمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلٍ وَمَسْجِدٍ وَقَنْطَرَةٍ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ بِمَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ أَهْلٍ كَجَبَلٍ وَبَحْرٍ وَسَبُعٍ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلِاسْتِحْقَاقِ، فَلَوْ قَالَ لِهَذَا الْحَجَرِ أَوْ الْحِمَارِ عَلَيَّ أَلْفٌ بَطَلَ (لَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ الْأَهْلُ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ شَرْطِ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا أَنْ لَا يُكَذِّبَ الْمُقِرَّ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا يَسْلَمُ لَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَيُتْرَكُ بِيَدِ الْمُقِرِّ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ، إذْ لَا يَصِحُّ دُخُولُ مِلْكِ الْغَيْرِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ جَبْرًا إلَّا فِي الْمِيرَاثِ (وَلَمْ يُتَّهَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ مَفْتُوحَةً هِيَ وَالْهَاءُ، أَيْ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ بِكَذِبٍ لَا كَيْدِ قَرَابَةٍ أَوْ صَدَاقَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 420 كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ،   [منح الجليل] " ق " هَذَا الشَّرْطُ لَا يُحْتَاجُ لَهُ فِي إقْرَارٍ صَحِيحٍ غَيْرِ مَحْجُورٍ، اُنْظُرْ أَوَّلَ الْإِقْرَارِ مِنْ الْكَافِي، فَإِنَّهُ قَالَ إقْرَارُ غَيْرِ الْمَحْجُورِ بِأَمْرٍ لَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ، وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ يَلْزَمُهُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالْقَهْرِ وَالتَّعَدِّي. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغَرِيمِ مَنْعُ إقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ. " طفي " قَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ، إذْ هُوَ مَخْرَجٌ لِلْمَرِيضِ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ الْمُقِرُّ يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمَحْجُورٍ فَالْمُطْلَقُ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ سِتَّةٌ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُبَذِّرُ وَالْمُفْلِسُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. اهـ. أَيْ وَعَدَمُ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِحَمْلِ الْحَجْرِ الْمَنْفِيِّ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحَجْرِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عب إنَّمَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ الِاتِّهَامِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ. الْبُنَانِيُّ يَعْنِي بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْمُفْلِسَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَازِمٌ، لَكِنْ لَا يُحَاصَصُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ وَيَتْبَعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ هُنَا مِنْ بُطْلَانِهِ فَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَثَّلَ لِمَنْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَنْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ مُؤَاخَذَتِهِ بِهِ فَقَالَ (كَالْعَبْدِ) غَيْرِ الْمَأْذُونِ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ (فِي غَيْرِ الْمَالِ) كَجُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ عَمْدًا مِمَّا يَجِبُ فِيهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ كَقَذْفٍ وَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ لَا لِغُرْمِ الْمَسْرُوقِ، وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ عَلَى أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ شَرْعِيَّةٌ، يَعْنِي أَنَّ الشَّارِعَ حَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ الْأَمْرَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فَيُؤَاخَذُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ، كَالسَّرِقَةِ فَيُقْطَعُ، وَلَا يَغْرَمُ وَلَمْ يُقَيَّدُ الْعَبْدُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ أَغْنَى عَنْهُ، وَبِهَذَا انْدَفَعَ قَوْلُ الشَّارِحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ قَالَهُ تت، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ وعب، وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَهُ بِلَا حَجْرٍ يُفِيدُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 421 وَأَخْرَسَ، وَمَرِيضٍ، إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ لِأَبْعَدَ   [منح الجليل] تَقْيِيدَهُ بِالْمَأْذُونِ لَا بِغَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ الْعَدَوِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَالِ يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِغَيْرِ الْمَأْذُونِ، لِأَنَّ الْمَأْذُونَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَيَكُون فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ لِأَنَّهُمَا لِسَيِّدِهِ وَمَا زَادَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْهَا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ، وَلَا يَلْزَمُ فِي مَالِهِ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ سَيِّدُهُ أَوْ السُّلْطَانُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ حَجْرُ الرِّقِّ يُلْغِي الْإِقْرَارَ فِي الْمَالِ لَا الْبَدَنِ، فَفِي جِنَايَاتِهَا إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ صُدِّقَ فِيهِ وَمَا آلَ إلَى غُرْمِ سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَصْحَابُهُ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَصْبٍ لَازِمٍ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ بِبَيْعٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ جَائِزٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَالِكٌ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ عَبْدٍ قَالَ فُلَانٌ أَوْدَعَنِيهِ وَسَيِّدُهُ يَدَّعِيهِ إنَّ السَّيِّدَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ. اهـ. عَبْدُ الْحَقِّ وَيَحْلِفُ إنْ قَالَ هُوَ لِي عَلَى الْبَتِّ، أَوْ قَالَ هُوَ لِعَبْدِي أُعْلِمَ شِرَاؤُهُ أَوْ مِلْكُهُ. وَأَمَّا إنْ قَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي أَوْ حَوْزِهِ فَلْيَحْلِفْ مَا عَلِمْت لَك فِيهِ حَقًّا. (وَ) كَشَخْصٍ (أَخْرَسَ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ مِنْ إشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ إقْرَارِهِ. " ق " لَمْ أَجِدْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْبَابِ (وَ) كَشَخْصٍ (مَرِيضٍ) فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ وَلَوْ زَائِدًا عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمَرِيضَ (وَلَدٌ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ وَلَدُ ابْنٍ إذَا أَقَرَّ (لِ) قَرِيبٍ (أَبْعَدَ) مِنْ الْوَلَدِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ جَمِيعَ مَالِهِ كَابْنٍ أَوْ بَعْضَهُ كَبِنْتٍ. ابْنُ رُشْدٍ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ غَيْرُ وَارِثٍ أَوْ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ. قِيلَ جَائِزٌ مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَّا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَهُمَا قَائِمَانِ مِنْهَا. عب لَكِنَّ الَّذِي فِي الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ مَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ الْمَشْهُورُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَائِمًا مِنْهَا أَيْضًا إذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ قِيَامِهِ مِنْهَا كَوْنُهُ مَشْهُورًا. الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 422 أَوْ لِمُلَاطِفِهِ، أَوْ لِمَنْ يَرِثُهُ،   [منح الجليل] وَنَصَّهُ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَوْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ لَا كَلَالَةٍ. وَقِيلَ إنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ كَأَنْ يُورَثَ بِكَلَالَةٍ أَوْ بِوَلَدٍ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ قِيلَ إنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ بِكَلَالَةٍ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ، وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. (أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (لِ) صَدِيقِ (مُلَاطِفِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مُعَامِلٍ لَهُ مُعَامَلَةً جَمِيلَةً أَجْنَبِيٍّ مِنْ نَسَبِهِ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ، وَمَفْهُومُ أَبْعَدَ وَمُلَاطِفٍ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ لِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِيهِ. " غ " الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَنْ بَعْدَ الْأَبْعَدِ وَاحْتَرَزَ بِالْأَبْعَدِ مِنْ الْأَقْرَبِ وَالْمُسَاوِي وَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَحْكَامِهِمْ فِيمَا بَعْدَ وَقَصَدَ اخْتِصَارَ تَحْصِيلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي ثَانِي مَسْأَلَةٍ مِنْ رَسْمِ لَيَفْعَلَن (أَوْ) أَقَرَّ مَرِيضٌ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ قَرِيبٍ (لَمْ يَرِثْهُ) أَيْ الشَّخْصُ الْمُوصَى لَهُ الْمَرِيضَ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَخَالِهِ وَأَبِي أُمِّهِ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ. الْحَطّ يَعْنِي لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ وَلَا يُرِيدُ الْأَجْنَبِيَّ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا. طفي قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ، أَيْ مَعَ كَوْنِهِ قَرِيبًا إذْ الْكَلَامُ فِيهِ فَزِيَادَةُ. تت أَوْ أَجْنَبِيَّا غَيْرُ ظَاهِرَةٍ. تت تَنْكِيتُ تَمْثِيلِ الْبِسَاطِيِّ بِقَوْلِهِ أَوْ حَجْبًا لَكِنَّهُ قَرِيبٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ لَا بَعْدُ. طفي فَهِمَ تت أَنَّ الْمَحْجُوبَ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ لَا بَعْدُ فَعِنْدَهُ الْأَبْعَدُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الْإِرْثُ سَوَاءٌ وَرِثَ بِالْفِعْلِ أَوْ حُجِبَ، وَلِذَا قَالَ سَوَاءٌ اسْتَغْرَقَ الْوَلَدُ الْمَالَ أَوْ لَا. وَهَذَا اغْتِرَارٌ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اشْتِرَاطِهِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَبْعَدِ وُجُودُ وَلَدٍ وَهُوَ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ فِيهِ، إذْ لَا مُسْتَنَدَ لِلْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ وَاعْتِمَادُهُ فِي هَذَا عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ لَمْ يُشْتَرَطْ فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ كَإِقْرَارِهِ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ ابْنَةٌ أَوْ لِأَخٍ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ أَوْ لِأَخٍ شَقِيقٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَهُ أُمٌّ جَازَ إقْرَارُهُ اتِّفَاقًا. اهـ. وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ، وَإِنَّمَا شَرَطَ وُجُودَ الْوَلَدِ فِي الْإِقْرَارِ لِلْمُلَاطِفِ أَوْ لِلْقَرِيبِ غَيْرِ الْوَارِثِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 423 أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ:   [منح الجليل] فَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ هُوَ الصَّوَابُ وَالْجَارِي عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، فَقَوْلُهُ لِأَبْعَدَ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ وَارِثًا بِالْفِعْلِ، وَالْقَرِيبُ غَيْرُ الْوَارِثِ هُوَ قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَرِثُ أَصْلًا أَوْ حَجْبًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ، فَالْإِقْرَار لِلْبَعِيدِ الْمَحْجُوبِ مَشْرُوطٌ بِإِرْثِ وَلَدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصَّهُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ أَوْ لِأَخٍ لِأُمٍّ وَلَهُ أَخٌ شَقِيقٌ إلَخْ، قَوْلُهُ أَنْ يُقِرَّ لِعَصَبَةٍ وَلَهُ أَبٌ، هَكَذَا رَأَيْته فِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ الْمَوَّاقِ بِلَفْظِ وَلَهُ يَدُلُّ عَلَى شُمُولِ الْأَبْعَدِ لِمَنْ لَا يَرِثُ لِحَجْبِ الْعَصَبَةِ بِالْأَبِ وطفي نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِلَفْظٍ وَلَهُ ابْنَةٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا رَأَيْته فِي نُسَخِ " ق " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت وَاَلَّذِي فِي نُسْخَةِ " ق " الَّتِي رَأَيْتهَا بِلَفْظٍ وَلَهُ ابْنَةٌ (أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (لِ) شَخْصٍ (مَجْهُولٍ حَالُهُ) مَعَ الْمَرِيضِ الْمُقَرِّ لَهُ هَلْ هُوَ قَرِيبُهُ وَارِثُهُ أَوْ غَيْرُ وَارِثِهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ مُلَاطِفٌ لَهُ أَوْ غَيْرُهُ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ. (تَنْبِيهٌ) الشَّرْطُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ قُيِّدَ فِي إقْرَارِهِ لِلْمُلَاطِفِ وَغَيْرِ الْوَارِثِ وَالْمَجْهُولِ لَا فِي الْإِقْرَارِ لِلْأَبْعَدِ، وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ زَوْجٍ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ لِوَارِثٍ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ لِمُلَاطِفٍ لِمَجْهُولٍ لِأَجْنَبِيٍّ قَالَهُ تت. " ق " ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِمَجْهُولٍ، فَإِنْ وَرِثَ بِوَلَدٍ جَازَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ وَرِثَ بِكَلَالَةٍ، فَفِي كَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ قَلَّ وَإِنْ كَثُرَ بَطَلَ، ثَالِثُهَا إنْ أَوْصَى بِوَقْفِهِ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ بَطَلَ مُطْلَقًا. الْحَطّ سَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقَفَ لَهُ فَذَلِكَ شَرْطُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلْمَجْهُولِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ، وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا كَمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 424 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَحَدُهَا: أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ أَوْصَى أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ، وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا بَطَلَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا بِالْبُطْلَانِ مُطْلَقًا، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ. قُلْت جَوَابُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّفْصِيلِ فِي الْمَفْهُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ لِمَنْ لَا يُعْرَفُ وَفِي رَسْمٍ إنْ خَرَجَتْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى أَنَّ عَلَيْهِ لِأُنَاسٍ لَا يُعْرَفُونَ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ غَيْرُ حَاضِرِينَ وَلَا مَعْرُوفِينَ بِالْعَيْنِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ يُورَثُ بِوَلَدٍ جَازَ إقْرَارُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوقَفَ لَهُ. عب مَفْهُومُ مَرِيضٍ أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ صَحِيحٌ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُتَّهَمْ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ أَوْ الدَّيْنِ أَوْ الْبِرِّ آتٍ أَوْ قَبَضَ أَثْمَانَ الْمَبِيعَاتِ فَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ، وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَكَذَا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصِّحَّةِ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ. اهـ. فَإِذَا قَامَ بَقِيَّةُ أَوْلَادِ مَنْ مَرِضَ بَعْدَ إشْهَادِهِ فِي صِحَّتِهِ لِبَعْضِ وَلَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ إنْ كَانَ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّ الصَّحِيحَ قَبَضَ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ فَقِيلَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا. وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ الْأَبُ بِالْمِيلِ لَهُ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا. الْبُنَانِيُّ إقْرَارُ الصَّحِيحِ جَائِزٌ بِلَا شَرْطٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ أَقَرَّ لِمَنْ عُلِمَ مِيلُهُ إلَيْهِ أَمْ لَا، وَرِثَ بِوَلَدٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَامَ الْمُقِرُّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ بَاعَ لَهُ شَيْئًا، أَوْ أَخَذَ مِنْ مَوْرُوثٍ لَهُ شَيْئًا، فَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ الرَّجُلَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 425 كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا أَوْ جُهِلَ، وَوَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ بَنُونَ، إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ   [منح الجليل] يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ إنْ عَرَفَ وَجْهَهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ الصِّحَّةُ، وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُهَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا طُلِبَ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَوْلِيجًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ لُحُوقُ الْيَمِينِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ لَمْ يُعْمِلْ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِلُزُومِهَا إنْ ثَبَتَ مِيلُ الْمَيِّتِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَمِثْلُ الْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ تَصْيِيرُ الْأَبِ لِابْنِهِ دَوْرًا أَوْ عُرُوضًا فِي دَيْنٍ أَقَرَّ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ سَبَبَ الدَّيْنِ جَازَ التَّصْيِيرُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَصْلَهُ فَكَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا نُفُوذُهُ وَيُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ. وَشَبَّهَ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِالْإِقْرَارِ فَقَالَ (كَ) إقْرَارِ (زَوْجٍ) لِزَوْجَتِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ إنْ (عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ ثَبَتَ (بُغْضُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ أَوْ انْفَرَدَتْ بِصَغِيرٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالنَّاصِرِ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (أَوْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَالُهُ مَعَهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (وَرِثَهُ) أَيْ الزَّوْجَ فِي هَذَا الْحَالِ فَقَطْ (ابْنٌ) صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا (أَوْ) وَرِثَهُ (بَنُونَ) ذُكُورٌ وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَهُمْ إنَاثٌ. وَأَمَّا إنْ وَرِثَهُ إنَاثٌ فَقَطْ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ، فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا مَعَ الْبَنِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ) الزَّوْجَةُ الْمَجْهُولُ حَالُهُ مَعَهَا (بِ) الْوَلَدِ (الصَّغِيرِ) وَلَوْ أُنْثَى قَالَهُ أَحْمَدُ، فَإِنْ انْفَرَدَتْ بِصَغِيرٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهَا مِنْ زَوْجَاتِهِ وَلَدٌ صَغِيرٌ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ لَهَا، سَوَاءٌ كَانَ الْكَبِيرُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهُمَا مَعًا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّغِيرِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَانَ جُهِلَ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ كَبِيرٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 426 وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ، قَوْلَانِ، كَإِقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ، أَوْ لِأُمِّهِ   [منح الجليل] مُطْلَقًا أَوْ صَغِيرَةً مِنْ غَيْرِهَا مَعَ كَبِيرٍ مُطْلَقًا لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَمَفْهُومه أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ أَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا إذَا جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا. (وَ) فِي مُؤَاخَذَتِهِ بِإِقْرَارِهِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا (مَعَ) وُجُودِ (الْإِنَاثِ) مِنْ أَوْلَادِ الزَّوْجِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ مِنْهُمَا (وَالْعَصَبَةِ) لَهُ كَأَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ نَظَرًا لِبُعْدِهَا عَنْ الْإِنَاثِ وَعَدَمِهَا نَظَرًا لِقُرْبِهَا عَنْ الْعَصَبَةِ (قَوْلَانِ) " ق " ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ إقْرَارِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ فِي مَرَضِهِ عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهَا وَصَبَابَتُهُ بِهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا، وَإِنْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا وَشَنَآنُهُ لَهَا صَحَّ إقْرَارُهُ لَهَا وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا سَقَطَ إقْرَارُهُ لَهَا إنْ وُرِّثَ بِكَلَالَةٍ وَإِنْ وُرِّثَ بِوَلَدٍ غَيْرِ ذَكَرٍ مَعَ عَصَبَةٍ سَوَاءٌ كُنَّ وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا صِغَارًا أَوْ كِبَارًا مِنْ غَيْرِهَا أَوْ كِبَارًا مِنْهَا، فَيَخْرُجُ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إقْرَارَهُ لَهَا جَائِزٌ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي إقْرَارِهِ لِبَعْضِ الْعَصَبَةِ إذَا تَرَكَ ابْنَهُ وَعَصَبَةً وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَاحِدًا جَازَ إقْرَارُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا عَدَدًا جَازَ إقْرَارُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا مِنْهَا وَبَعْضُهُمْ كَبِيرًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ تُهْمَتَهُ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا وَسَمِعَهُ أَصْبَغُ. وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ لِأَبٍ (لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ) لَهُ بِشَدِّ الْقَافِ، أَيْ الْخَارِجِ عَنْ طَاعَتِهِ مَعَ وُجُودِ وَلَدٍ آخَرَ بَارٍّ لَهُ، فَفِي صِحَّتِهِ نَظَرًا لِكَوْنِ عُقُوقِهِ صَيَّرَهُ كَالْبَعِيدِ وَبُطْلَانِهِ نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِلْبَارِّ فِي وَلَدِيَّتِهِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ أَحَدُهُمْ عَاقًّا وَالْآخَرُ بَارًّا وَأَقَرَّ لِلْعَاقِّ تَخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ (أَوْ أَقَرَّ لِأُمِّهِ) أَيْ الْعَاقِّ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا. فَفِي مَنْعِهِ نَظَرًا لِكَوْنِ عُقُوقِهِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ، وَجَوَازِهِ نَظَرًا لِوَلَدِيَّتِهِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَرْفَعُ التُّهْمَةَ عَنْ الْأَبِ فِي إقْرَارِهِ لَهَا عَاقًّا لَهُ لَمْ يَرْفَعْ التُّهْمَةَ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 427 أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ وَأَقْرَبُ، لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ   [منح الجليل] أَوْ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ) الْمُقِرُّ (لَهُ) بَعْضَهُ (أَبْعَدَ) مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ (وَ) بَعْضَهُ الْآخَرَ (أَقْرَبُ) مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُخْتِهِ مَعَ وُجُودِ أُمِّهِ وَعَمِّهِ فَقِيلَ صَحِيحٌ نَظَرًا لِبُعْدِهَا عَنْ الْأُمِّ، وَقِيلَ بَاطِلٌ نَظَرًا لِقُرْبِهَا عَنْ الْعَمِّ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَبْعَدُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ وَلَهُ ابْنٌ وَأَخٌ، فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ، وَكَذَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ مُسَاوِيًا لِلْمَقَرِّ لَهُ وَبَعْضُهُمْ أَقْرَبُ مِنْهُ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِ إخْوَتِهِ مَعَ بِنْتِهِ (لَا) يَصِحُّ إقْرَارُهُ إلَى قَرِيبِهِ (الْمُسَاوِي) لِغَيْرِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَمْ يُقِرَّ لَهُمْ كَأَحَدِ ابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ (وَ) لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِقَرِيبِهِ (الْأَقْرَبِ) لِلْمُقِرِّ مِمَّنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ كَإِقْرَارِهِ لِأُمِّهِ مَعَ وُجُودِ أُخْتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرَّبَهُ مِنْهُ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْ سَائِرِهِمْ سَقَطَ. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: حُكْمُ إقْرَارِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا كَحُكْمِ إقْرَارِ الزَّوْجِ لَهَا. 1 - الثَّانِي: طفي مَا تَقَدَّمَ كُلُّهُ مِنْ إقْرَارِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِبَعْضٍ وَمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَالْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ. أَمَّا إقْرَارُ الصَّحِيحِ فَصَحِيحٌ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ وَلَا تَفْصِيلَ، سَوَاءٌ أَقَرَّ لِمَنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهُ أَمْ لَا وَرِثَهُ كَلَالَةً أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ قَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ، فَفِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَسَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يُقِرُّ لِوَلَدِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ لِبَعْضِ مَنْ يَرِثُهُ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ الرَّجُلُ بَعْدَ سِنِينَ فَيَطْلُبُ الْوَارِثُ الدَّيْنَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ قَالَ ذَلِكَ لَهُ إذَا أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي الْمَبْسُوطَةِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى هَلَكَ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ قَدْ بَاعَ لَهُ رَأْسًا أَوْ أَخَذَ مِنْ مُورِثٍ لَهُ شَيْئًا، فَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ وَجْهٌ مِنْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 428 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] النَّظَرِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُتَّهَمُ أَنْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ فِي صِحَّتِهِ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى أَنْ لَا يَقُومَ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ اهـ. وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ عَمَّهُ وَأُمَّهُ وَتَقُومُ الْأُمُّ بِدَيْنٍ لَهَا كَأَنْ أَقَرَّ لَهَا بِهِ فِي صِحَّتِهِ، قَالَ لَا كَلَامَ لِعَمِّهِ. قُلْت أَرَأَيْت إنْ طَلَبَ مِنْهَا الْيَمِينَ أَنَّ ذَلِكَ مَا كَانَ تَوْلِيجًا، قَالَ أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَلَا تَلْزَمُهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ لِوَارِثِهِ بِالدَّيْنِ فِي الصِّحَّةِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ كِنَانَةَ وَالْمَخْزُومِيِّ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ وَالدَّيْنِ وَقَبَضَ أَثْمَانَ الْمَبِيعَاتِ، فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ عَلَيْهِ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ وَالْأَجْنَبِيُّ وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَكَذَا الْقَرِيبُ وَالْعَدُوُّ وَالصَّدِيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ، وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِبَيْعِ شَيْءِ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ قَبْضَ الثَّمَنِ اهـ. وَقَالَ فِي فَصْلِ التَّصْيِيرِ الْإِقْرَارُ لِلْوَارِثِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ فَفِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الْمَوْتِ وَيُحَاصَصُ بِهِ الْغُرَمَاءُ فِي الْفَلَسِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ فِي الْفَلَسِ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ لِلتُّهْمَةِ. اهـ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الصِّحَّةِ لِلْوَارِثِ إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ يُعْرَفُ وَجْهُهُ وَسَبَبُهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَفِيهِ قَوْلَانِ الصِّحَّةُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَمُخْتَارُ ابْنِ رُشْدٍ، فَمَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِيمَنْ أَشْهَدَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ لِابْنِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ، وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يُكْرِيهَا لَهُ وَيَغْتَلُّهَا بِاسْمِهِ وَالِابْنُ صَغِيرٌ لَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ هُوَ تَوْلِيجٌ فَهُوَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ. اهـ. وَمَا فِي ابْنِ سَلْمُونٍ مِنْ قَوْلِهِ سَأَلَ الْفُقَهَاءُ بِقُرْطُبَةَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ نِصْفَ دَارٍ لَهُ فِي صِحَّتِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَقَامَ أَخُوهُ وَأَثْبَتَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 429 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّ أَخَاهُ لَمْ يَزَلْ سَاكِنًا فِي الدَّارِ إلَى أَنْ مَاتَ وَبِعَدَاوَةِ الْأَخِ لَهُ وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا أُوَرِّثُهُ شَيْئًا، فَأَجَابَ ابْنُ عَتَّابٍ إذَا ثَبَتَ سُكْنَاهُ لَهَا فَذَلِكَ يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الثَّمَنِ، إذْ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ هِبَةَ الدَّارِ وَإِسْقَاطَ الْحِيَازَةِ، وَبِهَذَا قَالَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ شُيُوخِنَا، وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ رُشْدٍ. وَأَجَابَ ابْنُ الْحَاجِّ مَا عُقِدَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا نَافِذٍ، وَمَا ثَبَتَ مِنْ السُّكْنَى مُبْطِلٌ لَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتَضَمَّنْ مُعَايَنَةَ الْقَبْضِ لِلثَّمَنِ، وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَرَابُ فِيهِ وَيُظَنُّ بِهِ الْقَصْدُ إلَى التَّوْلِيجِ وَالْخَدِيعَةِ، وَبِذَلِكَ جَاءَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ إنِّي قَدْ بِعْت مَنْزِلِي هَذَا مِنْ امْرَأَتِي أَوْ ابْنِي أَوْ وَارِثِي بِمَالٍ عَظِيمٍ وَلَمْ يَرَ أَحَدٌ مِنْ الشُّهُودِ الثَّمَنَ وَلَمْ يَزَلْ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا، وَلَيْسَ بَيْعًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْلِيجٌ وَخَدِيعَةٌ وَوَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَهَذَا نَصٌّ فِي النَّازِلَةِ اهـ كَلَامُ ابْنِ سَلْمُونٍ كُلُّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ، وَلَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ وَالْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ إنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ لَا تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِهِ تَوْلِيجٌ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِيلٌ وَمَحَبَّةٌ لِلْمُقِرِّ أَمْ لَا، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ مِيلٌ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَا كَانَ ذَلِكَ تَوْلِيجًا، وَأَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاصِمٍ وَغَيْرُهُ وَمَا زِلْت أَتَعَجَّبُ مِنْ أَجْوِبَةِ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ وَعَدَمِ تَنْبِيهِهِمْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَشْهُورِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَمَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ أَصْلُهُ لِأَصْبَغَ آخِرَ كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ جَعَلَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ إذَا اشْتَرَى الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ رَبْعًا أَوْ غَيْرَهُ، وَقَالَ إنَّ الْمَالَ لِلِابْنِ وَإِنْ عَرَفَ الشُّهُودُ الْوَجْهَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَبُ أَوْ عَرَفَهُ غَيْرُهُمْ مَعْنَى ذَلِكَ لِلِابْنِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْأَبُ وَجْهًا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ لِلِابْنِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَصِحُّ لِلِابْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْآخَرُ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَانَ تَوْلِيجًا مِنْ الْأَبِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ فِيمَنْ اشْتَرَى لِابْنِهِ الصَّغِيرِ غُلَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لَهُ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 430 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إنْ مَاتَ دُخُولٌ فِيهِ مَعَ الصَّغِيرِ. اهـ. وَإِطْلَاقُهُ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَخَرَجْت عَمَّا قَصَدْته مِنْ الِاخْتِصَارِ وَتَتَبُّعِ أَلْفَاظِ تت، لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهَا مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا. وَقَدْ اغْتَرَّ عج بِبَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَتَاوَى ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَتَوَرَّكَ بِهَا عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّحِيحَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا. وَأَجَابَ بِأَنَّهَا تَعُودُ بِالتَّخْصِيصِ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَرِيضٌ، وَهُوَ جَوَابٌ غَيْرُ صَحِيحٍ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّحْقِيقِ، بَلْ لَا يُخَصِّصُ الْمَفْهُومَ بِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْفَتَاوَى. الثَّالِثُ تت لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقِرَّ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِدَيْنٍ أَوْ بِأَنَّهُ قَبَضَ مَالَهُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ. طفي هَذَا نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْسِيمِهِ وَإِطْلَاقُهُ يَشْمَلُ الْأَصْدِقَةَ وَغَيْرَهَا، لَكِنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إلَّا مِنْ وَارِثِهِ أَوْ مَنْ يُتَّهَمُ فِيهِ بِتَوْلِيجٍ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الزَّوْجَةِ بِقَبْضِ الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِهَا وَأَبْقَاهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَزَادَ أَبُو عِمْرَانَ وَكَذَا غَيْرُ الْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ. الشَّيْخُ وَقَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَهَذَا إنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنْ أَقَرَّتْ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ قَبْلَ الدُّخُولِ صُدِّقَتْ اهـ. وَفِي الْمُقَرِّبِ قُلْت فَإِنْ قَالَتْ فِي مَرَضِهَا قَبَضْت مِنْ زَوْجِي مُؤَخَّرَ صَدَاقِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، قَالَ لَا، هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ اهـ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَالَتْ عِنْدَ مَوْتِهَا قَبَضْت صَدَاقِي مِنْ زَوْجِي، فَقَالَ أَمَّا الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا وَلَدَ لَهَا وَمِثْلُهَا يُتَّهَمُ فَلَا يَجُوزُ قَوْلُهَا، وَأَمَّا الَّتِي لَهَا أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَلَعَلَّهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا غَيْرُ الْحُسْنَى فَهَذِهِ لَا تُتَّهَمُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا السَّمَاعِ اعْتَمَدَ عَبْدُ الْحَقِّ فَقَالَ إقْرَارُ الزَّوْجَةِ فِي مَرَضِهَا بِقَبْضِهَا مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَإِقْرَارُ الزَّوْجِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا أَنَّهَا أَخَذَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ حَيٌّ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمْرٌ سَيِّئٌ. اهـ. فَاشْتَرَطَ عَبْدُ الْحَقِّ الْبُغْضَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ السَّمَاعِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ مُوَافَقَتُهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَمُخَالَفَتُهُ لِتَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي سَلَكَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 431 كَأَخِّرْنِي لِسَنَةٍ؛ وَأَنَا أُقِرُّ، وَرَجَعَ لِلْخُصُومَةِ   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ الْمُخَالِفُ لِإِطْلَاقِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ. وَأَمَّا إنْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ أَوْ مَهْرٍ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ إلَيْهَا انْقِطَاعٌ وَنَاحِيَةٌ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِانْقِطَاعٍ إلَيْهَا وَمَوَدَّةٍ وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ تَفَاقُمٌ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ قِيلَ أَفَغَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ فِيمَنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَوْ بُعْدٌ قَالَ، وَإِنَّمَا رَأَى مَالِكٌ لِلزَّوْجَةِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مِنْهَا وَلَمْ يُعْرَفْ بِانْقِطَاعِ مَوَدَّةٍ إلَيْهَا أَنْ يُقِرَّ إلَيْهَا بِمَالِهِ عَنْ وَلَدِهِ، ثُمَّ قَالَتْ وَأَصْلُ هَذَا قِيَامُ التُّهْمَةِ، فَإِذَا لَمْ يُتَّهَمْ لِمَنْ يُقِرُّ إلَيْهِ دُونَ مَنْ يَرِثُ مَعَهُ جَازَ إقْرَارُهُ فَهَذَا أَصْلُ ذَلِكَ. اهـ. فَإِنْ تَأَمَّلْتهَا وَجَدْتهَا مُخَالِفَةً لِتَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ لِإِطْلَاقِهَا فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَتَقْيِيدِهَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ مَعَ زَوْجَتِهِ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهَا، وَتَقْيِيدُهَا مَنْ عُلِمَ بِالِانْقِطَاعِ إلَيْهَا يَكُونُ الزَّوْجُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ تَفَاقُمٌ، وَقَوْلُهَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَالَ لَا. عِيَاضٌ كَذَا فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَحْنُونٍ، وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَعَلَيْهَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْوَرَثَةِ أَنَّ الْوَرَثَةَ فِي الظِّنَّةِ أَقْوَى لِبَقَاءِ نَسَبِهِمْ، وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ. عِيَاضٌ وَعِنْدَ ابْنِ وَضَّاحٍ وَآخَرِينَ أَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بِإِسْقَاطِ لَا، فَعَلَى هَذَا غَيْرُهَا مِنْ الْوَرَثَةِ بِمَنْزِلَتِهَا، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ بُعْدٌ، وَأَصْلُ هَذَا قِيَامُ التُّهْمَةِ، فَالْأَوْلَى الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِهَا وَتَرْكُ تَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي بَعْضُهُ اخْتِيَارٌ لَهُ وَإِجْرَاءٌ اهـ كَلَامُ طفي وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ الَّذِي أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبُ فَقَالَ (كَ) قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ لِلْمُدَّعِي (أَخِّرْنِي) بِمَا تَدَّعِيهِ عَلَيَّ (لِسَنَةٍ) مَثَلًا (وَأَنَا أُقِرُّ) لَك بِهِ فَلَا يُعَدُّ قَوْلُهُ هَذَا إقْرَارًا (وَرَجَعَ) الْمُدَّعِي (لِخُصُومَتِهِ) فِي الِاسْتِغْنَاءِ إنْ قَالَ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي قِبَلَك، فَقَالَ إنْ أَخَّرْتنِي بِهَا سَنَةً أَقْرَرْت لَك بِهَا، أَوْ إنْ صَالَحَتْنِي عَنْهَا صَالَحْتُك لَمْ يَلْزَمْهُ، وَيَحْلِفُ. " غ " التَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ فِي قَوْلِهِ: الْمُسَاوِي وَالْأَقْرَبِ، وَعَلَى نَفْيِ اللُّزُومِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 432 وَلَزِمَ لِحَمْلٍ، إنْ وُطِئَتْ، وَوُضِعَ لِأَقَلِّهِ، وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ،   [منح الجليل] يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِخُصُومَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الِاسْتِغْنَاءِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اقْضِي الْمِائَةَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. طفي فَفَرَضَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّعْبِيرِ بِالْمَاضِي، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لَفُهِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمُضَارِعِ بِالْأَوْلَى، وَأَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ لِلتَّوَرُّكِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِنَقْلِ كَلَامِ الِاسْتِغْنَاءِ. (وَلَزِمَ) الْإِقْرَارُ (لِحَمْلٍ) فِي بَطْنِ امْرَأَةٍ (إنْ وُطِئَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا (وَوُضِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ وَلَدُ الْحَمْلِ (لِأَقَلِّهِ) أَيْ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ. وَمَفْهُومُ لِأَقَلِّهِ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّهَا تُوطَأُ فَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ قَوْلَهُمْ لِأَقَلِّهِ بِأَنَّ حُكْمَ أَقَلِّهِ حُكْمُ مَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِينَ حَيْثُ أَبْقَيَا الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ قَالَهُ تت. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَوُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ وَهُوَ الصَّوَابُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا (فَ) يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ إنْ وَضَعَتْهُ (لِأَكْثَرِهِ) أَيْ الْحَمْلِ وَهِيَ أَرْبَعُ سِنِينَ أَوْ خَمْسٌ عَلَى الْخِلَافِ. وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ فَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ لَهُ وَلِأَقَلَّ مِنْهُ يَلْزَمُ بِالْأَوْلَى فَتَحَصَّلَ أَنَّ وَضْعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَطْعًا، وَوَضْعُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ الْخَمْسِ أَوْ الْأَرْبَعِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَوَضْعُهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا مُحْتَمِلٌ لَهُمَا، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُودِ إذْ لَا تَحِلُّ إضَافَتُهُ لِلزِّنَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ، قَالَ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا أَوْ مِيرَاثٍ صَحَّ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا يَمْتَنِعُ بَطَلَ كَقَوْلِهِ لِهَذَا الْحَمْلِ مِائَةُ دِينَارٍ عَامَلَنِي بِهَا ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِحَمْلٍ، فَإِنْ وُلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ لَهُ، وَإِنْ قَالَ وَهَبْته ذَلِكَ أَوْ تَصَدَّقْت أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أُخِذَ مِنْهُ مَا قَالَ وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَوْجُهَا مُرْسَلٌ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذَكَرَ، وَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا فَقَدْ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ إنْ وَضَعَتْهُ لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَذَلِكَ أَرْبَعُ سِنِينَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 433 وَسُوِّيَ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ، إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ بِعَلَيَّ، أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَخَذْتُ مِنْك، وَلَوْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ،   [منح الجليل] (وَسُوِّيَ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً (بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) أَيْ الْحَمْلِ فِي قِسْمَةِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ) لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى بِأَنْ قَالَ مِنْ دَيْنٍ لِأَبِيهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ فَالْإِقْرَارُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ وَضَعَتْ أَحَدَهُمَا مَيِّتًا اسْتَقَلَّ الْحَيُّ بِهِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لَهُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ أَنَا وَصِيُّ أَبِي هَذَا الْحَمْلِ وَتَرَكَ مِائَةً فَأَكَلْتهَا فَالْمَائِدَةُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. وَقِيلَ تُقْسَمُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ لِلذَّكَرِ جُزْءٌ وَلِلْأُنْثَى جُزْءٌ وَالْجُزْءُ الثَّالِثُ يَدَّعِيهِ الذَّكَرُ كُلُّهُ وَالْأُنْثَى نِصْفُهُ وَسَلَّمَتْ نِصْفَهُ لِلذَّكَرِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا لِتَدَاعِيهِمَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ، لِلذَّكَرِ سَبْعَةٌ، وَلِلْأُنْثَى خَمْسَةٌ، وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحُكْمِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ زَوْجَةً فَلَهَا ثُمُنُهُ وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ وَبَيَّنَ صِيَغَ الْإِقْرَارِ الصَّرِيحَةِ بِقَوْلِهِ (بِعَلَيَّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ كَذَا لِفُلَانٍ (أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي) كَذَا لِفُلَانٍ (أَوْ أَخَذْتُ) بِضَمِّ التَّاءِ (مِنْك) كَذَا وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَلْ (وَلَوْ قَالَ) الْمُقِرُّ عَقِبَ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ) تَعَالَى أَوْ قَضَى أَوْ أَرَادَ أَوْ يَسَّرَ أَوْ أَحَبَّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِالْمَشِيئَةِ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ. ابْنُ سَحْنُونٍ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي لَزِمَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 434 أَوْ قَضَى، أَوْ وَهَبْتُهُ لِي، أَوْ بِعْتُهُ، أَوْ وَفَّيْتُهُ،   [منح الجليل] ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَأَنَّهُ أَدْخَلَ مَا يُوجِبُ الشَّكَّ نَقَلَهُ فِي الِاسْتِغْنَاءِ. وَأَشَارَ ب وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زَادَ بَدَلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ لِلْإِمَامِ نَصٌّ فِي مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ، فَلِذَا تَجِدُ أَكْثَرَهَا مُشْكِلًا. الْبِسَاطِيُّ أَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ فِي الْإِقْرَارِ كَتَسَلَّفْتُ وَغَصَبْت وَفِي ذِمَّتِي وَالرِّوَايَاتُ فِي عَلَيَّ كَذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الْمُعْتَمَدِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [البقرة: 262] وقَوْله تَعَالَى {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 100] ،. اهـ. نَقَلَهُ " ق "، وَقَالَ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ دَعْوَى الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَتْبِهِ أَوْ إشَارَتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الصَّرِيحَةِ كَتَسَلَّفْتُ وَغَصَبْت وَفِي ذِمَّتِي وَالرِّوَايَاتُ فِي عَلَيَّ كَذَلِكَ وَأَوْدَعَ عِنْدِي وَرَهَنَ عِنْدِي كَذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ عِنْدِي أَلْفٌ أَوْ عَلَيَّ إقْرَارٌ. قُلْت قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ بِمَا هُوَ جَوَابٌ لَهُ مِنْ ذِكْرِ دَيْنٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ قَرِينَةٌ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ كَالْجَمَلِ. الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ أَخَذْت كَذَا مِنْ دَارِ فُلَانٍ أَوْ بَيْتِهِ أَوْ مَا يَحُوزُهُ فُلَانٌ بِغَلْقٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ رَحْبٍ وَيَمْنَعُ مِنْهُ النَّاسَ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهِ مِنْ يَدِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَهُ، وَلَوْ قَالَ مِنْ فُنْدُقِ فُلَانٍ أَوْ حَمَّامِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَلَوْ قَالَ أَخَذْت السَّرْجَ مِنْ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ فَإِقْرَارٌ لَهُ بِهِ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ الدَّابَّةُ فِي حَوْزِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ، هَذَا أَصْلُ الْبَابِ. (أَوْ) قَالَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ لِمُدَّعِيهِ أَنْتَ (وَهَبْتَهُ لِي أَوْ بِعْتَهُ) لِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي وَدَعْوَى هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعِي. ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ صِيغَةِ الْإِقْرَارِ وَهَبْته لِي أَوْ بِعْته مِنِّي. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ فِي الدَّارِ أَوْ الدَّابَّةِ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا لِي وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَتْ مِنْهُ. (أَوْ) قَالَ لِمَنْ طَالَبَهُ بِدَيْنٍ (وَفَّيْتُهُ) فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ تَدَايَنَ مِنْهُ وَدَعْوَى التَّوْفِيَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 435 أَوْ أَلَيْسَ أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَمَا أَقْرَضْتَنِي، أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي، أَوْ سَاهِلْنِي، أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي، أَوْ لَا قَضَيْتُكَ الْيَوْمَ، أَوْ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ، جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك،   [منح الجليل] فَتَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعِي بِهَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ إيَّاهَا لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ أَلَمْ أُوَفِّك الْعَشَرَةَ الَّتِي لَك عَلَيَّ فَقَالَ لَا فَهُوَ إقْرَارٌ. مُحَمَّدٌ يَغْرَمُ لَهُ الْعَشَرَةَ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الِاسْتِفْهَامِ، وَيَقُولَ بَلْ قَضَيْتُك فَتَلْزَمَهُ الْيَمِينُ (أَوْ) قَالَ (أَلَيْسَ أَقْرَضْتنِي) أَلْفًا فَهُوَ إقْرَارُ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي بِالْأَمْسِ أَلْفًا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ، فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْمَالَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ. (أَوْ) قَالَ (أَمَا أَقْرَضْتنِي) أَوْ قَالَ (أَلَمْ تُقْرِضْنِي) فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَيَلْزَمُهُ. ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ أَمَا أَقْرَضْتنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي لَزِمَهُ الْمَالُ إنْ ادَّعَاهُ طَالِبُهُ (أَوْ) قَالَ (سَاهِلْنِي) لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك، كَذَا فَإِقْرَارٌ لَازِمٌ (أَوْ) قَالَ لَهُ (اتَّزِنْهَا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ فِعْلُ أَمْرٍ افْتِعَالٌ مِنْ الْوَزْنِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (لَا قَضَيْتُكَ الْيَوْمَ) فَقَدْ أَقَرَّ وَلَزِمَهُ (أَوْ قَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ (أَوْ أَجَلْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُخَفَّفَةً وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى نَعَمْ (جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك) فَهُوَ إقْرَارٌ لَازِمٌ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ فَقَالَ بَلَى أَوْ أَجَلْ أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ، فَهُوَ إقْرَارٌ. وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ نَعَمْ فَكَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَامِّيِّ، أَيْ وَصِيَغُ الْإِقْرَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى اللُّغَةِ لِأَنَّ نَعَمْ تُقَرِّرُ الْكَلَامَ الَّذِي قَبْلَهَا مَنْفِيًّا كَانَ أَوْ مُوجِبًا، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي قَوْله تَعَالَى {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] ، لَوْ قَالُوا نَعَمْ لَكَفَرُوا وَأَمَّا بَلَى فَتُوجِبُ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ، أَيْ تُصَيِّرُهُ مُوجِبًا وَلَا يُقَالُ الِاسْتِفْهَامُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ وَلَيْسَ لِلنَّفْيِ وَنَفْيِ النَّفْيِ إيجَابٌ فَتَكُونُ نَعَمْ وَاقِعَةً بَعْدَ الْإِيجَابِ، لِأَنَّ مَحِلَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 436 أَوْ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ لَا أُقِرُّ،   [منح الجليل] كَوْنِ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إذَا كَانَ إنْكَارِيًّا، أَمَّا غَيْرُهُ كَمَا هُنَا فَلَيْسَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إجْمَاعًا. (أَوْ) قَالَ لَهُ (لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ) فَإِقْرَارٌ. ابْنِ شَاسٍ إذَا قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ، أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَك يَقْبِضْهَا، أَوْ أَنْظِرْنِي بِهَا فَكُلُّهُ إقْرَارٌ، إذْ كَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ وَسَأَلَهُ الْمُسَاهَلَةَ أَوْ الصَّبْرَ أَوْ أَمَرَهُ بِاتِّزَانِهَا أَوْ ادَّعَى الْعُسْرَ. ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ سَأُعْطِيك أَوْ أَبْعَثُ لَك بِهِ أَوْ لَيْسَ عِنْدِي الْيَوْمَ، أَوْ ابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي فَهُوَ إقْرَارٌ، وَكَذَا أَجِّلْنِي فِيهِ شَهْرًا أَوْ نَفِّسْنِي بِهِ، وَلَفْظُ ابْنِ شَاسٍ سَاهِلْنِي فِيهَا دُونَ نَفِّسْنِي لَمْ أَجِدْهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهَا أَوْ حَتَّى يَحِلَّ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ إلَى الْأَجَلِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْ أَوْ اجْلِسْ فَانْتَقِدْ أَوْ زِنْ لِنَفْسِك أَوْ يَأْتِي وَكِيلِي يَزِنُ لَك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ إنْ حَلَفَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ سَاهِلْنِي فِيهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ. وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ إنَّمَا أَبْعَثُ بِهَا إلَيْك أَوْ أُعْطِيكهَا غَدًا فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ. (لَا) يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِ الشَّخْصِ (أُقِرُّ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الرَّاءِ بِكَذَا لِفُلَانٍ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك، كَذَا لِأَنَّهُ وَعْدٌ " غ " لَا النَّافِيَةُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ قَالَ أُقِرُّ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُثْبَتِ لَمْ يَلْزَمُهُ إقْرَارٌ وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْفَرْعَ، هَكَذَا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا رَأَيْته فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ لَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ بِهِ فَقِيلَ إنَّهُ إقْرَارٌ وَقِيلَ إنَّهُ وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ. وَاَلَّذِي فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ أَنَّ مَنْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ لَك بِكَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فِي التَّمَادِي وَالرُّجُوعِ عَنْ هَذَا الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ مَالًا كَانَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوْ طَلَاقًا. اهـ. وَاقْتَصَرَ " ق " عَلَى مُحَاذَاةِ الْمَتْنِ بِكَلَامِ الْمُفِيدِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 437 أَوْ: عَلَيَّ، أَوْ: عَلَى فُلَانٍ، أَوْ مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا وَفِي حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهِهِ، أَوْ اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ: قَوْلَانِ:   [منح الجليل] (أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِهِ (عَلَيَّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ (أَوْ عَلَى فُلَانٍ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك، كَذَا الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَصْلِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَى فُلَانٍ لَزِمَهُ دُونَ فُلَانٍ نَقَلَهُ " ق ". الْخَرَشِيُّ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَةٌ لِلتَّرْدِيدِ فِي الْكَلَامِ، وَسَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا وَصَغِيرًا. ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا جِدًّا كَابْنِ شَهْرٍ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ كَقَوْلِهِ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ وَنَحْوُهُ لعب. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك مِائَةٌ (مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ) أَيْ نَوْعٍ (تَأْخُذُهَا) أَيْ الْمِائَةَ الَّتِي ادَّعَيْت عَلَيَّ بِهَا (مَا أَبْعَدَك) مَا تَعَجُّبِيَّةٌ وَأَبْعَدَ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْعَيْنِ فِعْلُ تَعَجُّبٍ، أَيْ شَيْءٌ عَظِيمٌ صَيَّرَك بَعِيدًا (مِنْهَا) أَيْ الْمِائَةِ. " ق " ابْنُ سَحْنُونٍ اتَّزِنْ أَوْ اتَّزِنْهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ. ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَوْلُهُ اتَّزِنْهَا كَقَوْلِهِ اتَّزِنْ وَانْتَقِدْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ. تت وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنَّهُ أَجَابَ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا فَوَاضِحٌ، وَكَذَا بِالثَّانِي. وَأَمَّا بِالْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إقْرَارٌ إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْإِنْكَارَ أَوْ التَّهَكُّمَ أَوْ شِبْهَهُ. (وَفِي) كَوْنِ قَوْلِهِ (حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهُهُ) أَيْ الْوَكِيلُ كَغُلَامِي (أَوْ) قَوْلُهُ (اتَّزِنْ أَوْ خُذْ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك إقْرَارًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ زَادَ مِنِّي عَقِبَ اتَّزِنْ أَوْ خُذْ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ لِنِسْبَتِهِ لِنَفْسِهِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي يَزِنُ لَك لَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 438 كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ عِلْمِي وَلَزِمَ إنْ نُوكِرَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ،   [منح الجليل] يَكُنْ إقْرَارًا وَيَحْلِفُ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا قَوْلَانِ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اجْلِسْ فَزِنْ كَوْنُهُ إقْرَارًا نَقْلًا الْمَازِرِيِّ عَنْهُمَا. وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ (لَك عَلَيَّ أَلْف) مَثَلًا (فِيمَا أَعْلَمُ) أَوْ أَعْتَقِدُ (أَوْ أَظُنُّ) أَوْ فِيمَا ظَنَنْت أَوْ حَسِبْت أَوْ رَأَيْت أَوْ رَأْيِي (أَوْ عِلْمِي) أَوْ اعْتِقَادِي فَقَالَ سَحْنُونٌ إقْرَارٌ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ شَكٌّ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ، وَرَدَّهُ سَحْنُونٌ بِأَنَّ الشَّكَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ. طفي تَسْوِيَةُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ نَحْوُهَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهُ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَكَذَا النَّقْلُ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ دَوَاوِينِ الْمَالِكِيَّةِ، فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ يُسْتَفَادُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا قَالَ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِي ظَنِّي فَإِنْ قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَطْعًا غَيْرُ صَوَابٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا نَقْلًا يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا قَالُوا سِوَى تَمَسُّكِهِمْ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ شَكٌّ قَالُوا لِأَنَّهُ شَكٌّ لَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي وَهُوَ تَمَسُّكٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الشَّكِّ وَلِذَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْقَطْعُ. (وَ) إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ فَنَاكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ (لَزِمَ) الْإِقْرَارُ (إنْ نُوكِرَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْكَافِ الْمُقِرُّ (فِي) سَبَبِ تَرَتُّبِ (أَلْفٍ) فِي ذِمَّتِهِ أَقَرَّ بِهَا وَقَالَ عَقِبَهُ (مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَنَاكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَقَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَيُعَدُّ نَادِمًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِتَعْمِيرِ ذِمَّتِهِ، وَمُعَقِّبًا لَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مَنْ يُبَعِّضُ كَلَامَ الْمُقِرِّ. وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَا يُبَعِّضُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ عَدَمُ لُزُومِهِ لِارْتِبَاطِ آخِرِ الْكَلَامِ بِأَوَّلِهِ، وَمَفْهُومُ إنْ نُوكِرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ سَلَّمَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 439 أَوْ عَبْدٍ، وَلَمْ أَقْبِضْهُ كَدَعْوَاهُ الرِّبَا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ، لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرَّبَّا أَوْ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ،   [منح الجليل] " ق " ابْنُ شَاسٍ الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ، وَلَهُ صُوَرٌ: الْأُولَى إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ، بَلْ هِيَ مِنْ ثَمَنِ بَزٍّ أَوْ شِبْهِهِ فَيَلْزَمُهُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، فَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (أَوْ) أَيْ وَلَزِمَ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ (عَبْدٍ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ ابْتَعْته مِنْك (وَلَمْ أَقْبِضْهُ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْك وَيُعَدُّ قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا وَتَعْقِيبًا لِلْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ. " ق " ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ سَلَّمَهُ الْعَبْدَ، وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ و (دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُقِرِّ عَقِبَهُ (الرِّبَا) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهَا (وَأَقَامَ) الْمُقِرُّ (بَيِّنَةً أَنَّهُ) أَيْ الْمُقَرَّ لَهُ (رَابَاهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (فِي أَلْفٍ) فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ (لَا) تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ (إنْ أَقَامَهَا) أَيْ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ (عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي) بِ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إلَّا الرِّبَا) وَيَلْزَمُ الْأَصْلُ قَوْلًا وَاحِدًا. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَامَ بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ رِبًا وَإِنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ تَسَتُّرًا لَزِمَهُ الْمَالُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا. وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا وَيُرَدُّ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ وَبِالْأَوَّلِ. قَالَ سَحْنُونٌ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ وَلَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ (اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ) " ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 440 أَوْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ، أَوْ أَقْرَرْت بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ   [منح الجليل] لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا (أَوْ) قَالَ (اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) ابْنُ عَرَفَةَ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا نَسَقًا مُتَتَابِعًا قَبْلَ قَوْلِهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الشِّرَاءَ الْمُجَرَّدَ عَنْ الْقَبْضِ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ بِالثَّمَنِ. الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى. الْحَطّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ الصَّحِيحِ الْحَاضِرِ الَّذِي لَا حَقَّ تَوْفِيَةً فِيهِ وَلَا عُهْدَةً ثَلَاثٌ وَلَا شَرْطَ خِيَارٍ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالتَّسْلِيمِ لِمَا فِي يَدِهِ أَنْ يُجْبَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا، فَهَذَا يَقْتَضِي قَبُولَ قَوْلِهِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ لِاحْتِجَاجِهِ بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَنْ نَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ حَتَّى يَقُولَا وَقَبْضُ السِّلْعَةِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ (أَقْرَرْت لَك بِكَذَا) أَيْ أَلْفٍ مَثَلًا (وَأَنَا صَبِيٌّ) إذَا قَالَهُ نَسَقًا مُتَتَابِعًا. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلَوْ قَالَ أَقْرَرْت لَك فِي نَوْمِي أَوْ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُصَدَّقُ. " ق " فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ كُنْت غَصَبْتُك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْله غَصَبْتُك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَا خِلَافَ فِي لُزُومِهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ وَكَسَّرَ، وَقَوْلُهُ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيهَا طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالْخَاتَمِ لِرَجُلٍ، وَقَالَ الْفَصُّ لِي أَوْ بِالْبُقْعَةِ، وَقَالَ الْبُنْيَانُ لِي وَالْكَلَامُ نَسَقٌ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ، وَوَصَلَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 441 كَأَنَا مُبَرْسَمٌ إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا،   [منح الجليل] بِكَلَامِهِ لِيَخْرُجَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِينَارٍ، قَالَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ كَانَ نَسَقًا، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَصَحُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ، فَالْمَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ مِثْلُ قَوْلِهِ كُنْت اسْتَلَفْتهَا مِنْك وَأَنَا صَبِيٌّ لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَلْزَمَانِهِ فِي حَالِ الصِّبَا. اهـ. فَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَ ابْنِ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ، فَلِذَا عَطَفَهُ عَلَى مَا يَنْتَفِي فِيهِ اللُّزُومُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ و (أَنَا مُبَرْسَمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ (إنْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْبِرْسَامُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ (لَهُ) أَيْ الْمُقِرِّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُهُ لَهُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ. " ق " فِي الْمُفِيدِ إذَا قَالَ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ (أَقَرَّ) بِشَيْءٍ لِفُلَانٍ طَلَبَ مِنْهُ إعَارَتَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ (اعْتِذَارًا) لِلطَّالِبِ حَتَّى لَا يُمَكِّنَهُ مِنْهُ. الْخَرَشِيُّ وعب بِشَرْطِ كَوْنِ السَّائِلِ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ إلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ. طفي لَمْ يَذْكُرْ فِي السَّمَاعِ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ. " ق " سَمِعَ أَشْهَبُ مَنْ اشْتَرَى مَالًا فَسُئِلَ الْإِقَالَةَ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى ابْنِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ بِهَذَا. ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَإِنْ سُئِلَ كِرَاءَ مَنْزِلِهِ فَقَالَ هُوَ لِابْنَتِي ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهَا بِهَذَا وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً فِي حِجْرِهِ لِأَنَّهُ يُعْتَذَرُ بِمِثْلِ هَذَا مِمَّنْ يُرِيدُ مَنْعَهُ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ لَوْ سَأَلَهُ ابْن عَمّه أَنْ يُسْكِنَهُ مَنْزِلًا فَقَالَ هُوَ لِزَوْجَتِي، ثُمَّ قَالَهُ لِثَانٍ وَثَالِثٍ ثُمَّ قَامَتْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا قُلْته اعْتِذَارًا لِأَمْنَعَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 442 أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ   [منح الجليل] فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِهَذَا، وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلسُّلْطَانِ فِي الْأَمَةِ وَلَدَتْ مِنِّي وَفِي الْعَبْدِ هُوَ مُدَبَّرٌ لِئَلَّا يَأْخُذَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا شَهَادَةَ فِيهِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ (أَقَرَّ بِقَرْضٍ) مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا (شُكْرًا) لَهُ بِأَنْ قَالَ أَقْرَضَنِي زَيْد أَلْفًا وَوَسَّعَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْتُهُ جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا فَلَا يَلْزَمُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ التَّوْفِيَةِ. ابْنُ يُونُسَ وَكَذَا عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ كَأَقْرَضَنِي فُلَانٌ وَأَسَاءَ مُعَامَلَتِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَلْزَمُهُ فِي الذَّمِّ وَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. (تَنْبِيهٌ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَفْرِقَةُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مِنْ اللُّزُومِ فِي الذَّمِّ وَعَدَمِهِ فِي الْمَدْحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْمَفْهُومَ وَأَنَّهُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَحِلِّ مُسْتَشْكِلًا قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ تَصْوِيبَ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ فِي الذَّمِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَفِيهِ إجْمَالٌ فَالْأَوْلَى كَذَمٍّ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِقَرْضٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَا بِقَرْضٍ بِأَنْ قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَقَضَيْته مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَيَّ أَوْ الْإِسَاءَةِ لِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ نَسَقَ وَهُوَ كَذَلِكَ، حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، قَالَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِبَيِّنَةٍ بِإِجْمَاعِنَا. " ق " فِي شَهَادَاتِهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ زَمَنٍ لَمْ يَطُلْ غَرِمَ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ ذَلِكَ حَلَفَ وَبَرِئَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الشُّكْرِ فَيَقُولَ جَزَى اللَّهُ فُلَانًا عَنِّي خَيْرًا أَسْلَفَنِي وَقَضَيْتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قُرْبُ الزَّمَانِ أَوْ بُعْدٌ. اهـ. فَلَا مَعْنَى لِلْأَصَحِّ هَاهُنَا، وَيَبْقَى النَّظَرُ إذَا قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ فَتَقَاضَاهُ مِنِّي أَسْوَأَ التَّقَاضِي فَلَا جُزِيَ خَيْرٌ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّيْنُ بَاقٍ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَيْسَ كَمَنْ يُقِرُّ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ، هَذَا نَصُّ سَمَاعِ سَحْنُونٍ، وَلَمْ يُفَرِّقْ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ، فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ لِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعْنًى، وَفِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 443 وَقُبِلَ أَجَلُ مِثْلِهِ فِي: بَيْعٍ،   [منح الجليل] الْغَالِبِ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ وَمَا كَانَ لِيَتْرُكَ الْإِقْرَارَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ وَهُوَ مَذْكُورٌ مِنْ حَيْثُ نَقْلُ الْحَطّ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْقَرْضِ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَالشُّكْرُ إنَّمَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي قَضَاءِ السَّلَفِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يُوجِبُ شُكْرًا، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ وَادَّعَى قَضَاءَهُ لَمْ يُصَدَّقْ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَوْ لَا. اهـ. وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ تَقَاضَى مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَإِنَّهُ أَحْسَنَ قَضَائِي فَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ قَدْ كَذَبَ إنَّمَا أَسْلَفْته الْمِائَةَ سَلَفًا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ مَا فِي آخِرِ الْمِدْيَانِ مِنْهَا وَمَا فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اقْتِضَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ. وَفِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَلَفٍ ادَّعَى قَضَاءَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ أَنَّ السَّلَفَ مَعْرُوفٌ يَلْزَمُهُ شُكْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14] وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَزْكَتْ إلَيْهِ يَدٌ فَلْيَشْكُرْهَا» ، فَحَمَلَ الْمُقِرَّ بِالسَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ إلَى أَدَاءِ مَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّكْرِ لِفَاعِلِهِ لَا إلَى الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يُوجِبُ السَّلَفَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَضَاهُ إيَّاهُ، وَحُسْنُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُقْتَضِي أَنْ يَشْكُرَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الدَّعْوَى، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقْتَضِي وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (وَ) إنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَقَالَ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ (قُبِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (أَجَلُ مِثْلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ إذَا كَانَ (فِي بَيْعٍ) وَأَنْكَرَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 444 لَا قَرْضٍ وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي: كَأَلْفٍ، وَدِرْهَمٍ   [منح الجليل] الْبَائِعُ التَّأْجِيلَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمَفْهُومُ أَجَلِ مِثْلِهِ إنْ ادَّعَى أَجَلًا زَائِدًا عَلَى أَجَلِ مِثْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُهُ حَالًّا (لَا) يُقْبَلُ أَجَلُ مِثْلِهِ إذَا ادَّعَاهُ (فِي قَرْضٍ) وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُهُ حَالًّا، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحُلُولُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ، بَلْ قَبُولُهُ فِي الْقَرْضِ أَوْلَى لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْبَيْعِ النَّقْدُ، وَغَالِبُ الْقَرْضِ التَّأْجِيلُ. الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ سَبَقَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، اخْتَصَرَ كَلَامَهُ فِي أَنَّ حُكْمَ الْقَرْضِ الْحُلُولُ دُونَ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِ، وَأَصْلُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ حَلَّ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسِّلْعَةِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ تُبَاعُ عَلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ مِنْهُمَا، وَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَرْضَ حَالٌّ فَادَّعَى الْأَجَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقْرِضِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ اهـ. وَمَحِلُّ قَوْلِهَا فِي الْبَيْعِ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَإِلَّا فُسِخَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَبِكَلَامِهَا رَدٌّ عج عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ نَقَلَ " غ " وتت وَغَيْرُهُمَا كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَقَرُّوهُ حَتَّى قَالَ الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ صَحِيحٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَسْتَحْضِرُوا كَلَامَهَا، مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ الْحِفْظُ لِمَسَائِلِهَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. زَادَ الْبُنَانِيُّ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ الْكُبْرَى وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ شَاسٍ، وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ. (وَ) قُبِلَ مِنْ الْمُقِرِّ بِأَلْفٍ مُبْهَمَةٍ عَاطِفًا عَلَيْهَا شَيْئًا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ (تَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي كَ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ) أَوْ وَبَيْضَةٌ أَوْ رَغِيفٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ عَبْدٌ، وَيَلْزَمُهُ مَا يُفَسِّرُ بِهِ لَا غَيْرُهُ، وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ الْمُعَيَّنُ مُفَسِّرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 445 وَخَاتَمٌ فَصُّهُ لِي نَسَقًا، إلَّا فِي غَصْبٍ فَقَوْلَانِ   [منح الجليل] الْمُبْهَمِ، سَوَاءٌ فَسَّرَ بِمَا اُعْتِيدَ أَمْ بِغَيْرِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ وَلَمْ يُسَمِّ الْأَلْفَ مِنْ أَيْ جِنْسٍ هِيَ فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يَكُونُ الدِّرْهَمُ الزَّائِدُ تَفْسِيرًا لِلْأَلْفِ، بَلْ يَكُونُ الْأَلْفُ مَوْكُولًا إلَى تَفْسِيرِهِ فَيُقَالُ لَهُ سَمِّ أَيَّ جِنْسٍ شِئْت، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَوْزَةً أَوْ أَلْفَ بَيْضَةٍ قُبِلَ مِنْهُ وَأُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ إنْ خَالَفَهُ الْمُدَّعِي، وَقَالَ الْأَلْفُ دَرَاهِمَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَعَبْدٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ لَمْ يَكُنْ الْمَعْطُوفُ تَفْسِيرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْعَشَرَةَ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ اُنْظُرْ الْجَوَاهِرَ. (وَ) إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مُخْرِجًا بَعْضَهُ نَسَقًا بِلَا فَصْلٍ قَبْلَ إخْرَاجِهِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ الْبَاقِي الِاسْمَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي (خَاتَمٌ فَصُّهُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا (لِي) أَوْ جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا لِي أَوْ سَيْفٌ غِمْدُهُ لِي أَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي بَابٌ مَسَامِيرُهُ لِي إذَا قَالَهُ (نَسَقًا) أَيْ مُتَّصِلًا بِلَا تَرَاخٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ نَسَقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَصُّهُ لِي " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَجَاءَ بِهِ وَفِيهِ فَصٌّ فَقَالَ مَا أَرَدْت الْفَصَّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَك هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي أَوْ أَقَرَّ لَك بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ أَقَرَّ لَك بِدَارٍ ثُمَّ قَالَ وَبِنَاؤُهَا لِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا (إلَّا) إخْرَاجَ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ (فِي غَصْبٍ) كَقَوْلِهِ غَصَبْت هَذَا الْخَاتَمَ مِنْ فُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي (فَ) فِي قَبُولِ إخْرَاجِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَعَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلَانِ) الْحَطّ كَذَا ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي أَوْ أَقَرَّ بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَقَالَ بِنَاؤُهَا لِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا اهـ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ نَحْوَهُ خِلَافَ قَوْلِهِ فِيهَا أَصَحُّ وَأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ أَرْجَحُهُمَا قَبُولُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَمَاعُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 446 لَا بِجِذْعٍ، وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ: كَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ   [منح الجليل] أَصْبَغُ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ السَّمَاعَ ضَعِيفٌ وَأَنَّ مَا فِيهَا أَصَحُّ وَأَوْلَى، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْن يُونُس وَابْنِ رُشْدٍ وَإِلَّا قَالَ وَلَوْ غَصْبًا. (لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ مَا أَبْهَمَهُ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ (بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ (لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ) إلَى هَذَا رَجَعَ سَحْنُونٌ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ فَقَالَ (كَ) تَفْسِيرِهِ الْمُبْهَمَ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَعَ تَعْبِيرِهِ وَبِلَفْظٍ (فِي) بَدَلَ مِنْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ (فِي) بَدَلَ مِنْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ فَلَا يُقْبَلُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ لِأَنَّ فِي لِلنَّظَرِ فِيهِ، بِخِلَافِ مِنْ فَإِنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذِهِ الْحَائِطِ أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا شَائِعًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا وَلَوْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَتَفْسِيرِهِ بِهَذَا الْجِذْعِ، أَوْ هَذَا الْبَابِ الْمُرَكَّبِ، أَوْ هَذَا الثَّوْبِ الَّذِي فِي الدَّارِ، وَهَذَا الطَّعَامِ، أَوْ سُكْنَى هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ سَحْنُونٌ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ حَقًّا فِي الْأَصْلِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَائِطِ حَقٌّ، وَفَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مُرَكَّبٍ وَشَبَّهَهُ فَثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ مِنْ وَفِي. الْحَطّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي قَوْلِهِ لَهُ فِي هَذَا الدَّارِ حَقٌّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ سَحْنُونًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ إذْ قَالَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ مِنْ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ قَالَ فِي قُبِلَ فَالْخِلَافُ فِي قَوْلِهِ فِي وَفِي قَوْلِهِ مِنْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ بِقَبُولِ تَفْسِيرِهِ فِي مِنْ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَصَارَ كَالْعَدَمِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ إلَّا فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَقَرُّرِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ فِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَابَ الْمُرَكَّبَ فِيهَا كَالْجُزْءِ مِنْهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 447 وَمَالٌ نِصَابٌ وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ: كَشَيْءٍ،   [منح الجليل] وَلَمْ يَحْكِ الْمَازِرِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ غَيْرَ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ. (وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (مَالٌ) لَزِمَهُ (نِصَابٌ) لِلزَّكَاةِ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ نِصَابُ السَّرِقَةِ إذْ فِيهِ الْقَطْعُ وَبِهِ يَحِلُّ الْبِضْعُ، وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِهِ نِصَابٌ إجْمَالٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ الثَّانِي (وَالْأَحْسَنُ) عِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ (تَفْسِيرُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَبُولُ مَا فُسِّرَ بِهِ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ خَالَفَهُ " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ أَوْصَى أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مَالًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ كَانَ بِالشَّامِ أَوْ بِمِصْرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ فِي الْعِرَاقِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ إنْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْكِيسِ مَالًا أُعْطِيَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَاهِمُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَخَذَهَا وَحَلَفَ، وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَهُ مَالٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَقُولُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ، وَعَزَاهُ فِي الْمَعُونَةِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا بِزِيَادَةٍ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ فِي الْإِقْرَارِ بِمَالٍ نِصَابَ زَكَاةِ مَالِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ الْعَيْنِ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَوْ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْمُقِرُّ. ثَالِثُهَا نِصَابُ السَّرِقَةِ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِلْمَازِرِيِّ عَنْ الْأَشْهَرِ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ مَعَ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَابْنُ سَحْنُونٍ مَعَ اخْتِيَارِهِ الْأَبْهَرِيَّ وَابْنَ الْقَصَّارِ قَائِلًا لَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَعُونَةِ وَالثَّانِي لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا بِزِيَادَةٍ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ قُبِلَ الْمَازِرِيُّ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ رَدُّ الْحُكْمِ لِمُقْتَضَى اللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ. قُلْت تَقَدَّمَ مِنْهَا فِي الْأَيْمَانِ مَا فِي الْمَعُونَةِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ لَزِمَهُ أَقَلُّ نِصَابٍ مِنْهَا. وَشَبَّهَ فِي التَّفْسِيرِ فَقَالَ (كَ) إقْرَارِهِ بِ (شَيْءٍ) لِفُلَانٍ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ بِأَقَلِّ الْأَشْيَاءِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 448 وَكَذَا وَسُجِنَ لَهُ، وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ، وَسَقَطَ فِي كَمِائَةٍ وَشَيْءٍ   [منح الجليل] وَ) كَإِقْرَارِهِ بِ (كَذَا) لِفُلَانٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ لَا بِجُزْءٍ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِح ابْنُ عَرَفَةَ فِي مَنْعِ تَفْسِيرِ كَذَا بِجُزْءٍ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ ذَلِكَ إذَا ذَكَرَ مُضَافًا وَالْفَرْضُ كَوْنُهُ مُفْرَدًا " ق " الْمَازِرِيُّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ لِأَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يَصْدُقُ عَلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَجْنَاسِ وَالْمَقَادِيرِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ ابْنُ شَاسٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مَا يُتَمَوَّلُ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ وَشَيْءٌ مِمَّا يُتَمَوَّلُ الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ عِنْدِي كَذَا كَقَوْلِهِ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ لَهُ عِنْدِي وَاحِدٌ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ. وَفِي الصِّحَاحِ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الشَّيْءِ وَتَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ. (وَ) إنْ امْتَنَعَ الْمُقِرُّ مِنْ تَفْسِيرِ مَا لَزِمَهُ تَفْسِيرُهُ (سُجِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُقَرُّ (لَهُ) أَيْ التَّفْسِيرِ وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ الْغَايَةِ الْمَازِرِيُّ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَ، وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي التَّفْسِيرِ مُنَبِّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَ) إقْرَارِهِ بِ (عَشَرَةٍ وَنَيِّفٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً وَسُكُونِهَا أَمَّا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ فَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ وَيُقْبَلُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ النَّيِّفِ، وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ، وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ " ق " وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ تَفْسِيرَ الْعَشَرَةِ فَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْأَلْفِ فِي قَوْلِهِ وَقُبِلَ تَفْسِيرُ أَلْفٍ (وَسَقَطَ) مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّفْسِيرِ مِنْ لَفْظِ شَيْءٍ أَوْ كَذَا أَوْ نَيِّفٍ (فِي) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي (مِائَةٌ وَشَيْءٌ) أَوْ كَذَا أَوْ وَنَيِّفٌ. " ق " ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَيْءٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ فَالشَّيْءُ سَاقِطٌ وَيَلْزَمُهُ مَا سُمِّيَ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ شَيْءٍ مُفْرَدًا وَمَعْطُوفًا، أَنَّ لَغْوَهُ مُفْرَدًا يُؤَدِّي إلَى إهْمَالِ اللَّفْظِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِذَا كَانَ مَعْطُوفًا سَلِمَ مِنْ الْإِهْمَالِ لِإِعْمَالِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجْهُ سُقُوطِهِ الْعُرْفِ إذْ الْمَقْصُودُ بِعِنْدِي مِائَةٌ وَشَيْءٌ مَثَلًا تَحْقِيقُ أَنَّ عِنْدِي مِائَةً كَامِلَةً كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ وَرُبُعٌ أَوْ رَجُلٌ وَنِصْفٌ أَيْ كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 449 وَكَذَا، دِرْهَمًا وَعِشْرُونَ وَكَذَا، وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَكَذَا، وَكَذَا أَحَدَ عَشَرَ وَبِضْعٌ أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا التَّوْجِيهُ خِلَافُ تَعْلِيلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَاشَ يَسْأَلُ، وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ " غ " فَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا فِي إطْلَاقِهِ نَقْلَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ. (وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (كَذَا دِرْهَمًا) لَزِمَهُ (عِشْرُونَ دِرْهَمًا) لِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمَنْصُوبَ إنَّمَا يُمَيِّزُ الْعِشْرِينَ وَالتِّسْعِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعُقُودِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ إلَّا بِمُحَقِّقٍ وَهُوَ الْعِشْرُونَ هُنَا (وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (كَذَا وَكَذَا) لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمَعْطُوفَ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَالْمُحَقَّقُ هُنَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ (وَ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (كَذَا كَذَا) لَزِمَهُ (أَحَدَ عَشَرَ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ فَهُوَ الْمُحَقَّقُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَيَقْصِدُهَا بِكَلَامِهِ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا التَّفْصِيلَ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (بِضْعٌ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْبِضْعِ، إذْ هُوَ مِنْهَا إلَى تِسْعَةٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ عِنْدِي (دَرَاهِمُ) لَزِمَهُ (ثَلَاثَةٌ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ، أَيْ كَذَا بِحَسَبِ إعْرَابِ مَا وَقَعَ بَعْدَهَا مِنْ التَّفْسِيرِ، فَفِي كَذَا دَرَاهِمَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا. وَفِي قَوْلِهِ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ دِرْهَمٌ، وَقَالَ لِي بَعْضٌ يَلْزَمُهُ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ. قُلْت فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ الْقَصَّارِ مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَفِي كَذَا وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا، وَفِي كَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا. الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا صُدِّقَ فِيمَا يُسَمِّي مَعَ يَمِينِهِ، وَقَدْ قَالَ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يَكُونُ فِي اللُّغَةِ، قَالَ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 450 وَكَثِيرَةٌ، أَوْ لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ   [منح الجليل] أَوْ دِينَارًا يُنْظَرُ أَقَلُّ مَا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا الْعَدَدُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَنِصْفُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ الْمَازِرِيُّ هَذَا حُكْمُ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ بِالنَّصْبِ أَوْ الْخَفْضِ، وَلَوْ قَالَهُ بِالرَّفْعِ فَلَا نَصَّ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ، أَيْ هُوَ دِرْهَمٌ. الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النَّيِّفِ وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْبِضْعُ فِي كَوْنِهِ وَاحِدًا حَتَّى أَرْبَعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ ثَلَاثَةً حَتَّى سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ، خَامِسُهَا حَتَّى عَشْرٍ، ثُمَّ قَالَ فَفَائِدَةُ أَقَلِّهِ إنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَفَائِدَةُ أَكْثَرِهِ إنْ قَالَ لَهُ أَكْثَرُ الْبِضْعِ فَفَسَّرَهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (كَثِيرَةٌ) لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ فَهِيَ الْمُحَقَّقَةُ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ (لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ) لَزِمَهُ (أَرْبَعَةٌ) حَمْلًا لِلْكَثْرَةِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهَا دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ " ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ وَحْدَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دُنَيْرَاتٍ فَثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسَمَّى، فَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَحْدَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ، قُلْت فِي الْمَعُونَةِ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَصْحَابِنَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْآخَرُ لَزِمَهُ تِسْعٌ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الَّذِي دَرَسْنَا عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، لِأَنَّ أَصْلَهُ فِي مَالٍ عَظِيمٍ أَنَّهُ نِصَابٌ، قُلْت هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ، مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَفِي دَنَانِيرَ كَثِيرَةٍ عِشْرُونَ دِينَارًا. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا لِقَوْلِ النُّعْمَانِ عَشَرَةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 451 وَدِرْهَمٌ، الْمُتَعَارَفُ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ وَقَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ إنْ وَصَلَ   [منح الجليل] دَرَاهِمَ، قُلْت الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمًّى لِجَمْعِ الْكَثْرَةِ قَالَ وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ أَمْرٌ لَا يُقْتَصَرُ عَنْهُ، وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِهِ، وَكَذَا إبِلٌ كَثِيرَةٌ أَوْ بَقَرٌ كَثِيرَةٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَرَجَعَ فِيهَا لِتَفْسِيرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا ثَلَاثَةٌ فَقَطْ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ تَخْرِيجًا أَحْرَوِيًّا. (وَ) وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ (الْمُتَعَارَفُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عِنْدَ النَّاسِ إطْلَاقُ الدِّرْهَمِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ دِرْهَمٌ مُتَعَارَفٌ (فَ) يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ (الشَّرْعِيُّ) الْمُصَنِّفُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَالْجُودَةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُقِرِّ عَلَى أَقَلِّهَا وَزْنًا وَصِفَةً، فَإِنْ خَالَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حَلَفَ، " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقْرَارُ بِمُطْلَقٍ مِنْ صِنْفٍ أَوْ نَوْعٍ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ أَوْ السِّيَاقِ، فَإِنْ عُدِمَا فَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ. فِي الْمَعُونَةِ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ وَلَمْ يَقُلْ جَيِّدًا وَلَا رَدِيئًا وَلَا نَاقِصًا وَمَاتَ حُكِمَ بِجَيِّدِ وَازِنٍ بِنَقْدِ بَلَدِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ دِينَارٌ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ، وَيَحْلِفُ إنْ اسْتَحْلَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُ الْأَصْنَافِ أَغْلَبَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ وَلَمْ أَعْرِفْ قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَارَفٌ، فَالشَّرْعِيُّ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ أَوْ نَاقِصٌ (قُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْهُ (غِشُّهُ وَنَقْصُهُ إنْ وَصَلَ) الْمُقِرُّ قَوْلُهُ مَغْشُوشٌ أَوْ نَاقِصٌ بِصِيغَةِ إقْرَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ مِنْ الْغِشِّ وَلَا كَامِلُ الْوَزْنِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ فَلَا يُقْبَلُ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ خَالِصًا كَامِلَ الْوَزْنِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ مَغْشُوشٍ وَنَاقِصٍ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ نَاقِصٌ فَيُقْبَلُ إنْ وَصَلَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ مُقَيَّدًا لَزِمَهُ بِقَيْدِهِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ وَصَلَ كَلَامُهُ. الْمَازِرِيُّ إنْ قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِصِفَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 452 وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ تَحْتَهُ، أَوْ فَوْقَهُ، أَوْ عَلَيْهِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ بَعْدَهُ؛ أَوْ فَدِرْهَمٌ، أَوْ ثُمَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ، وَسَقَطَ فِي، لَا بَلْ دِينَارَانِ،   [منح الجليل] بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهَا ثَمَنًا لِمَبِيعٍ وَيُخَالِفُهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَرْجِعُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَرْضٍ قُبِلَ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يُقْرِضُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا الْغَالِبُ أَنْ لَا يُقْرِضَهُ تَخَرَّجَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَقَرَّ بِقَرْضِ فُلُوسٍ، قَيَّدَهَا بِأَنَّهَا الْفُلُوسُ الْكَاسِدَةُ، فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا، وَلَوْ وَصَلَ إقْرَارُهُ بِكَوْنِهَا وَدِيعَةً ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ بَهَارِجُ قُبِلَ قَوْلُهُ، بِخِلَافِ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهَا غَصْبًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ بَهَارِجُ فَلَا يُقْبَلُ. ابْنُ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْغَصْبِ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ فَسَّرَهَا بِأَنَّهَا رَصَاصٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَصْفِهَا بِكَوْنِهَا زُيُوفًا أَوْ رَصَاصًا إلَّا أَنْ يَصِفَهَا بِمَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ دَرَاهِمَ كَقَوْلِهِ هِيَ رَصَاصٌ مَحْضٌ لَا فِضَّةَ فِيهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَتَقْيِيدٌ بِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ عَنْ وَزْنِ الْبَلَدِ أَوْ بَهَارِجُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِإِقْرَارِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ بِهَا وَدِيعَةً حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ. وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ وَدِيعَةٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ مَغْشُوشَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ) دِرْهَمٌ (تَحْتَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَوْقَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (عَلَيْهِ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (قِبَلَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (بَعْدَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَدِرْهَمٌ أَوْ) دِرْهَمٌ (ثُمَّ دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ (دِرْهَمَانِ) فِي كُلِّ صُورَةٍ. " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ قُضِيَ لَهُ بِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ قَفِيزِ حِنْطَةٍ قُضِيَ لَهُ بِالْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ قُضِيَ لَهُ بِدِرْهَمَيْنِ. ابْنُ شَاسٍ ثُمَّ قَالَ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ (وَسَقَطَ) الدِّرْهَمُ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ (فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (لَا) أَيْ لَيْسَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (بَلْ) عَلَيَّ لَهُ (دِينَارَانِ) أَوْ بَلْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 453 وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ، أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٌ، وَحَلَفَ مَا أَرَادَاهُمَا، كَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ   [منح الجليل] دِينَارٌ وَلَزِمَهُ الدِّينَارَانِ أَوْ الدِّينَارُ، فَفَاعِلُ سَقَطَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ، الْمَعْنَى إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ نَفَاهُ بِلَا، وَأَضْرَبَ بِبَلْ إلَى أَعْظَمَ مِنْهُ سَقَطَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ وَثَبَتَ الثَّانِي " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ أَلْفَانِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ، وَإِنْ قَالَ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ قُبِلَ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ نَسَقًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ سُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا يُصَدَّقُ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ نِصْفُهُ، وَقَالَ غَيْرُنَا إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ لَا بَلْ مِائَتَانِ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ فِي الْقِيَاسِ، لَكِنَّا نَدَعُهُ وَنَسْتَحْسِنُ أَنَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ. ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِينَارٌ فَهِيَ زِيَادَةٌ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ وَيَسْقُطُ الدِّرْهَمُ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ) ذَاكِرًا الدِّرْهَمَ مَرَّتَيْنِ بِإِضَافَةِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي أَوْ تَوْكِيدِهِ بِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (بِدِرْهَمٍ) لَزِمَهُ (دِرْهَمٌ) وَاحِدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ إضَافَةَ الْبَيَانِ أَوْ التَّوْكِيدَ، وَالثَّانِيَةُ بَاءُ الْعِوَضِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ (وَحَلَفَ) الْمُقِرُّ (مَا أَرَادَهُمَا) أَيْ الدِّرْهَمَيْنِ مَعًا بِإِقْرَارِهِ لِاحْتِمَالِ الْأُولَى حَذْفَ الْعَاطِفِ وَالثَّانِيَةُ بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ وَالْمَعِيَّةِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ، وَلِلطَّالِبِ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا أَرَادَ دِرْهَمَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ وَاحِدٍ وَالْحَلِفِ فَقَالَ (كَإِشْهَادٍ) عَلَى نَفْسٍ (فِي ذُكْرٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ وَثِيقَةٍ يَتَذَكَّرُ مِنْهَا مَا فِيهَا (بِمِائَةٍ) لِزَيْدٍ (وَ) إشْهَادٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذُكْرٍ آخَرَ (بِمِائَةٍ) لِزَيْدٍ أَيْضًا وَالْمِائَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ صِنْفًا وَصِفَةً وَسَبَبًا، فَتَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْلِفُ عَلَى الْأُخْرَى إنْ ادَّعَاهَا الْمُقَرُّ لَهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَتَا نَوْعًا أَوْ صِفَةً أَوْ سَبَبًا لَزِمَتَاهُ مَعًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَشْهَدَ فِي ذُكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ فَآخِرَ قَبُولُهُ مِائَةً فَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَوَّرَهُ بِأَنَّهُ أَشْهَدَ فِي وَثِيقَةٍ بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهَا، ثُمَّ أَشْهَدَ لَهُ فِي وَثِيقَةٍ أُخْرَى بِمِائَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ، وَكَذَا ابْنُ هَارُونَ، وَتَبِعُوا فِي ذَلِكَ لَفْظَ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ وَهْمٌ وَغَفْلَةٌ، لِأَنَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 454 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] النُّصُوصَ فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ ذَلِكَ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَشْهَدَ لِرَجُلٍ فِي مَوْطِنٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ الطَّالِبُ هُمَا مِائَتَانِ، وَقَالَ الْمُقِرُّ هِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا لَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ، بِخِلَافِ أَذْكَارِ الْحُقُوقِ وَلَوْ أَشْهَدَ لَهُ فِي صَكٍّ بِمِائَةٍ وَفِي صَكٍّ آخَرَ بِمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ وَهُوَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ، قَالَ أَذْكَارُ الْحُقُوقِ أَمْوَالٌ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا لَوْ أَشْهَدَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ قَوْمًا أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ آخَرِينَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَشْهَدَ آخَرِينَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ. قَالَ أَصْبَغُ يَعْنِي إذَا أَشْهَدَهُمْ مُفْتَرِقِينَ وَادَّعَى أَنَّهَا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرَى إنْ كَانَ لَهُ كُتُبٌ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ فَهِيَ أَمْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَإِنْ كَانَ كِتَابًا وَاحِدًا فَهُوَ حَقٌّ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ كَتْبٍ فَهِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْلِفُ وَكَذَا إنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُشْهِدَ هُنَا قَوْمًا وَيَقُومَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَيُشْهِدَ آخَرِينَ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُلَفَّقُ، وَأَنَّهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ فِي يَوْمِ كَذَا وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ فِي الْغَدِ بِمِائَةٍ وَثَالِثٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ فَحَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ، وَيَسْتَحِقُّ ثَلَثَمِائَةٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تُلَفَّقُ فَيَأْخُذُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِائَةً وَاحِدَةً لِاجْتِمَاعِ الشُّهُودِ عَلَيْهَا بِتَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ، وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ أَشْهَدَ لَهُ بِهَا شَاهِدًا بَعْدَ شَاهِدٍ بَعْدَ شَاهِدٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا وَيَأْخُذُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مِائَةً وَاحِدَةً، وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَشْهَدَ بِهَا شُهُودًا بَعْدَ شُهُودٍ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَأَخَذَ الثَّلَثَمِائَةِ. قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ يُرِيدُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَأَخَذَ الثَّلَثَمِائَةِ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهَا حَقٌّ وَاحِدٌ وَأَدَّى مِائَةً وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ فِي الْحَقِّ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الشَّهَادَاتِ أَوْ كَتَبَ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ كِتَابَ تَفْرِقَةٍ صَحِيحَةٍ إذَا لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ، وَكَذَا لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ قَوْمًا فِي كِتَابٍ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةً الجزء: 6 ¦ الصفحة: 455 وَبِمِائَةٍ، وَبِمِائَتَيْنِ، الْأَكْثَرُ   [منح الجليل] ثُمَّ أَشْهَدَ فِي كِتَابٍ آخَرَ بِمِائَةٍ ثَانِيَةٍ، ثُمَّ أَشْهَدَ فِي كِتَابٍ آخَرَ بِمِائَةٍ ثَالِثَةٍ فَقَامَ الطَّالِبُ بِالْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالثَّلَثِمِائَةِ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْخِلَافِ إذَا أَشْهَدَ شُهُودًا بَعْدَ شُهُودٍ بِغَيْرِ كَتْبٍ وَبَيْنَهُمَا مُدَّةٌ مِنْ الزَّمَانِ، وَإِنْ كَتَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ كُلَّ جَمَاعَةٍ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ الْخِلَافِ. قُلْت وَهَذَا نَصٌّ بِخِلَافِ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْمَذْهَبِ فَتَحَقَّقْهُ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صُوَرَهَا ثَلَاثٌ إحْدَاهَا أَنْ يُشْهِدَ الْمُقِرُّ جَمَاعَةً بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةً، ثُمَّ يُشْهِدَ أُخْرَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ إنْ حَلَفَ وَلَمْ يَكْتُبْ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمُقِرُّ بِكِتَابَةِ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ فَيَكْتُبَاهُ فِي ذَكَرَيْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي هَذَا لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ بِالْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ اُكْتُبُوا لِي مَا سَمِعْتُمْ مِنْ فُلَانٍ فَلَا تَلْزَمُ الْمُقِرَّ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ أُرِيدَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُمِلَ عَلَى هَذِهِ لَكِنَّهُ فِي التَّوْضِيحِ قَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ أَنَّ الْآمِرَ بِالْكِتَابَةِ الْمُقِرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ لِفُلَانٍ (بِمِائَةٍ) فِي زَمَنٍ (أَوْ) أَشْهَدَ لَهُ فِي زَمَنٍ آخَرَ (بِمِائَتَيْنِ) لَزِمَهُ (الْأَكْثَرُ) فَقَطْ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْأَقَلُّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ فَقَطْ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوَّلًا لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُهُ الثَّلَثُمِائَةِ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ وَلَمْ أَعْرِفْ الثَّانِيَ إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ. " ق " فَانْظُرْ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلٍ لَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَنَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ نَصِّ ابْنِ الْحَاجِبِ. قُلْت تَقَدَّمَ عَزْوُ الشَّيْخِ لُزُومَ الثَّلَثِمِائَةِ مُطْلَقًا لِمُحَمَّدٍ، وَعَزْوُهُ الثَّالِثُ لِأَصْبَغَ، وَلَا أَعْرِفُ ثُبُوتَ الثَّانِي وَهُوَ لُزُومُ أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ فَقَطْ فِي الْمَذْهَبِ نَصًّا إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ نَقْلِ الشَّيْخِ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي غَيْرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ اضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا، وَآخِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِإِقْرَارِهِ بِمِائَةٍ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 456 وَجُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا، أَوْ نَحْوُهَا الثُّلُثَانِ، فَأَكْثَرُ، وَبِالِاجْتِهَادِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي عَشْرَةٍ فِي عَشْرَةٍ، عِشْرُونَ، أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ   [منح الجليل] بِمَائِهِ وَشَاهِدًا بِخَمْسِينَ، فَإِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إلَّا فِي أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ فِي أَقَلِّهِمَا لَا فِي مَجْمُوعِهِمَا، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ شُيُوخِنَا هَذَا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ وَادَّعَى الطَّالِبُ الْمَالَيْنِ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ. (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (جُلُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ أَكْثَرُ (الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (أَوْ نَحْوُهَا) لَزِمَهُ (الثُّلُثَانِ) مِنْهَا (فَأَكْثَرُ) مِنْهُمَا (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ. سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، لَكِنْ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِقْرَارِ هُنَا، وَقِيلَ يُقْتَصَرُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، " ق " سَحْنُونٌ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ جُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُ الْمِائَةِ أَوْ نَحْوُ الْمِائَةِ أَوْ مِائَةٌ إلَّا قَلِيلًا أَوْ الْأَشْيَاءُ. فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يُعْطَى مِنْ ثُلُثَيْ الْمِائَةِ إلَى أَكْثَرَ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ. ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ سُؤَالُهُ عَنْ مُرَادِهِ، وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ إنْ نَازَعَهُ فِيهِ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ وَحَقَّقَ دَعْوَاهُ، وَإِلَّا فَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ اهـ. (وَهَلْ يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ عِشْرُونَ) وَهَذَا أَقْرَبُ لِعُرْفِ الْعَامَّةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بِفِي مَعْنَى مَعَ (أَوْ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ مَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِينَارٌ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ، فَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ سِوَى وَاحِدَةٍ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ الْأَوَّلُ، وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّصْنِيفَ، وَضَرْبَ الْحِسَابِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا إنْ عَرَفَ الْمُقِرُّ الْحِسَابَ لَزِمَهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ اتِّفَاقًا صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَوَّلُ نَقْلَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَعَشَرَةٌ فِي الجزء: 6 ¦ الصفحة: 457 وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ، وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ وَفِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ   [منح الجليل] عَشَرَةٍ قِيلَ عِشْرُونَ، وَقِيلَ مِائَةٌ، وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ لَمْ أَعْرِفْهُ وَلَا لِابْنِ شَاسٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَقْل الشَّيْخِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قَالَ غَصَبْتُك ثَوْبًا فِي ثَوْبٍ مَا نَصُّهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابِهِ، قِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، وَقِيلَ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا، قُلْت فِي كَحَرْفِ الْعَطْفِ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ لِقَوْلِهِ مَخْرَجًا بِقَوْلِهِ أَعْطَانِيهَا فِيهَا، وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ، سُئِلَ الْمُقِرُّ فَإِنْ قَالَ أَقْرَضَنِي عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ أَوْ فِي عِشْرِينَ، أَوْ بَاعَنِي عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ أَوْ بِعِشْرِينَ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا زَعَمَ. وَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ يُؤْخَذُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ قَبْلِ الْحِسَابِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَصْرِيفِ الْعَدَدِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ مَا يُخْرِجُهُ الضَّرْبُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ مَعَ مِثْلِهِ، وَفِي إلْزَامِهِ ذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ مَعَ عَامِّيٍّ نَظَرٌ. (وَ) لَوْ قَالَ عِنْدِي لِفُلَانٍ (ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ) لَزِمَهُ الثَّوْبُ وَالزَّيْتُ و (فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ) وَهُوَ الصُّنْدُوقُ وَالْجَرَّةُ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِهِ وَجَمَاعَةٍ فِيمَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَعَدَمِ لُزُومِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْعَيْنِ " ق " ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ كَانَ مُقِرًّا بِالزَّيْتِ وَالظَّرْفِ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ دُونَ الْوِعَاءِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ الْوِعَاءُ أَيْضًا، وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَسَلٌ فِي زِقٍّ كَانَ مُقِرًّا بِالْعَسَلِ وَالزِّقِّ إذْ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ إنْ أَقَرَّ بِذِي وِعَاءٍ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ كَقَوْلِهِ غَصَبْت ثَوْبًا فِي عَيْبَةٍ أَوْ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ أَوْ قَمْحًا فِي شِكَارَةٍ، فَفِي تَقَرُّرِ الْإِقْرَارِ بِالْوِعَاءِ قَوْلَانِ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ. قُلْت لَمْ يُحْكَ فِي الْمَعُونَةِ عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرُهُ. وَفِي النَّوَادِرِ عَزْوُ الثَّانِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ غَصَبْتُك ثَوْبًا مَرْوِيًّا فِي ثَوْبٍ، فَذَكَرَ الْجِنْسَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ فِي مِائَةِ ثَوْبٍ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 458 لَا دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ وَأَلْفٍ، إنْ اسْتَحَلَّ أَوْ أَعَارَنِي، لَمْ يَلْزَمْ كَإِنْ حَلَفَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى،   [منح الجليل] مِنْ كَلَامِ النَّاسِ أَنَّ الثِّيَابَ تَكُونُ فِي ثَوْبٍ وِعَاءً لَهَا، وَلَا يُقَالُ ثَوْبٌ فِي ثِيَابٍ وِعَاءً لَهُ، وَفِي قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ، بِخِلَافِ زَيْتٍ فِي جَرَّةٍ ظَاهِرُهُ فَفِي الْخِلَافِ فِي الْجَرَّةِ وَهُوَ وَهْمٌ تَبِعَ فِيهِ ظَاهِرَ لَفْظِ ابْنِ شَاسٍ لِذِكْرِ الشَّيْخِ فِيهِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ نَصًّا. (لَا) يَلْزَمُهُ الْإِصْطَبْلُ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي (دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ) " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ أَوْ نَخْلَةٌ فِي بُسْتَانٍ، فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا يَلْزَمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَفْظُ الْكَرْمِ يَشْمَلُ. أَرْضَهُ وَالْبُسْتَانُ يَشْمَلُ شَجَرَهُ وَأَرْضَهُ وَلَفْظُ النَّخْلِ يَشْمَلُ مَوْضِعَ أَصْلِهَا وَطَرِيقِهَا، وَمَا بَيْنَ النَّخْلِ مِنْ أَرْضٍ إلَّا أَنْ تَقِلَّ النَّخْلُ وَتَكْثُرَ الْأَرْضُ فَيَشْمَلَ أَصْلَهَا دُونَ الْأَرْضِ بَيْنَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ أُصُولٍ مِنْ هَذَا الْكَرْمِ كَانَتْ بِأُصُولِهَا. ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ شَجَرُ هَذَا الْبُسْتَانِ لِفُلَانٍ فَلَهُ بِأُصُولِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ لَهُ الشَّجَرُ دُونَ الْأَرْضِ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ لِفُلَانٍ وَوَلَدُهَا لِي كَلَامًا نَسَقًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ لَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلَدَ فَوَلَدُهَا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَلَدَ قُضِيَ بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِفُلَانٍ لِلْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ. (وَ) لَوْ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إنْ اسْتَحَلَّ) بِهَا فَقَالَ اسْتَحْلَلْتهَا (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (إنْ أَعَارَنِي) ثَوْبَهُ مَثَلًا فَأَعَارَهُ (لَمْ يَلْزَمْ) الْأَلْفُ الْمُقِرَّ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّهُ أَوْ لَا يُعَيِّرُنِي. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (إنْ حَلَفَ) فَحَلَفَ فَلَا تَلْزَمُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ (فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَاطِلًا وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 459 أَوْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ   [منح الجليل] وَحَلَفَ لَزِمَهُ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يُوَجِّهْ الْحَاكِمُ الْيَمِينَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ تَوْجِيهِهَا عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ إذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى حَلَفَ أَوْ حِينَ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِهِ فَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ وَنَكَلَ الْمُقِرُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إجْمَاعِنَا، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ مَتَى حَلَفْت أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مَعَ يَمِينِك أَوْ فِي يَمِينِك فَحَلَفَ بَرِئَ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الطَّالِبُ لَا تَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا إنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنَا أَغْرَمُ فَحَلَفَ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ قَوْلِهِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا إنْ حَلَفَ مُطَلِّقًا أَوْ بِطَلَاقِهِ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَوْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ إنْ أَعَارَنِي دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ فَأَعَارَهُ ذَلِكَ. (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ (شَهِدَ) لَهُ (فُلَانٌ) فَشَهِدَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا إذَا شَهِدَ (غَيْرُ الْعَدْلِ) قَالَ وَأَمَّا الْعَدْلُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْ إنْ شَهِدَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ فَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُهُ، وَلَوْ قَالَ إنْ حُكِمَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَحُكِمَ بِهَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ. الْحَطّ مَفْهُومُ غَيْرِ الْعَدْلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا لَزِمَهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ، وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبْكِيتِ لِصَاحِبٍ وَتَنْزِيهِ الشَّاهِدِ مِنْ الْكَذِبِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ عَلَى وَجْهِ التَّبْكِيتِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يُحَقِّقَ مَا نَازَعَهُ فِيهِ خَصْمُهُ أَوْ لَا يُحَقِّقَهُ إلَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ يَمِينِ الْمُدَّعِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يُحَقِّقَ مَا نَازَعَهُ فِيهِ خَصْمُهُ أَوَّلًا وَيُؤْخَذَ مِنْهُ دُونَ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 460 وَهَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ، لَزِمَتْهُ الشَّاةُ، وَحَلَفَ عَلَيْهَا   [منح الجليل] وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ يُحَقِّقُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ وَابْنِ كِنَانَةَ وَاخْتِيَارُ سَحْنُونٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا أَوْ نَصْرَانِيًّا. وَقَدْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ، وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْ صُورَةِ تَرَاجُعِهِمَا التَّبْكِيتَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ فِيمَا نَازَعَهُ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ قَالَهُ أَوْ فِعْلٍ فَعَلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبْكِيتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ الرِّضَا، وَالْتِزَامُ الْحُكْمِ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِيمَا نَازَعَهُ مِنْ حُدُودِ أَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ التَّبْكِيتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ التَّبْكِيتُ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرِّضَا بِقَوْلِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهِ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الرِّضَا بِالتَّحْكِيمِ، إذْ لَا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْزِعَ بَعْدَ الْحُكْمِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ؟ . اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ عَدْلًا فَلَا يَلْزَمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْعَدْلِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُؤَثِّرُ أَصْلًا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ آخَرَ أَوْ يَمِينٍ، وَأَوَّلُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعَدْلُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ حَيْثُ قَالَهُ وَأَمَّا الْعُدُولُ فَيُقْبَلُ عَلَيْهِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنَّ مُرَادَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُ النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا قُبِلَ عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ أَشَارَ الْحَطّ لِلْمُنَاقَشَةِ فِي اشْتِرَاطِ نَفْيِ الْعَدَالَةِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ مِنْ بَابِ الثَّوْبِ بِالْبَيِّنَةِ لَا مِنْ بَابِ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي (هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (الشَّاةُ) الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا (وَحَلَفَ) الْمُقِرُّ (عَلَيْهَا) أَيْ النَّاقَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَظَاهِرٌ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَرْفَعَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، بَقِيَ الْمُقِرُّ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ، وَحَلِفُهُ وَاضِحٌ إذَا زَالَ شَكُّهُ. وَأَمَّا عَلَى بَقَائِهِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَحْلِفُ أَنَّ النَّاقَةَ لَيْسَتْ لِلْمَقَرِّ لَهُ، وَلِذَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَلَوْ قَدَّمَ النَّاقَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ هَذِهِ النَّاقَةُ أَوْ هَذِهِ الشَّاةُ لَزِمَتْهُ النَّاقَةُ بِلَا يَمِينٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْإِقْرَارِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ اضْطِرَابُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ هَذِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 461 وَغَصَبْته مِنْ فُلَانٍ، لَا بَلْ مِنْ آخَرَ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَقُضِيَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ   [منح الجليل] الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَك لَزِمَتْ الشَّاةُ، وَحَلَفَ مَا النَّاقَةُ لَهُ. مُحَمَّدٌ يُقَالُ لَهُ أَعْطِهِ أَيَّهمَا شِئْت بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الطَّالِبُ أَرْفَعَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَيَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا دُونَ يَمِينٍ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فَقَالَ مَا لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَةِ أَدْنَاهُمَا. وَقَالَ أَشْهَبُ بِأَدْنَاهُمَا. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ قَالَ مَالَهُ شَيْءٌ. مِنْهُمَا وَادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَةِ أَدْنَاهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَلِسَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٌ أَوْ سُودٌ لَزِمَتْهُ الْبِيضُ وَحَلَفَ فِي السُّودِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ وَيَحْلِفُ عَلَى الْأَكْثَرِ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَأَخَذَ الْأَلْفَ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْخَمْسُمِائَةِ، وَكَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ نِصْفُهَا. سَحْنُونٌ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ لَزِمَتْهُ الْحِنْطَةُ وَحَلَفَ فِي الشَّعِيرِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَكُرُّ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي إجْمَاعِهِمْ. سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ الدِّينَارُ وَيَحْلِفُ فِي الْكُرِّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْكُرَّ مَعَ الْأَلْفِ وَالدِّينَارِ، وَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ سَقَطَ الْكُرُّ وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَالدِّينَارَ. (وَ) لَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الْعَبْدُ مَثَلًا (غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ) كَزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ (لَا) أَيْ لَمْ أَغْصِبْهُ مِنْ زَيْدٍ (بَلْ) غَصَبْته (مِنْ) شَخْصٍ (آخَرَ) مُعَيَّنٍ كَعَمْرٍو (فَهُوَ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ (لِ) لِشَخْصِ (الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ أَوَّلًا وَيُتَّهَمُ فِي إخْرَاجِهِ عَنْهُ ثَانِيًا. (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِ) لِشَخْصِ الْمُقَرِّ لَهُ (الثَّانِي بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا، وَقَالَ عِيسَى إنْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ الثَّانِي فَلَهُ تَحْلِيفُ الْأَوَّلِ، فَإِنْ حَلَفَ فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الثَّانِي وَأَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ شَاسٍ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 462 وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عَيَّنَ وَإِلَّا فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا، حَلَفَ، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي، حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا   [منح الجليل] أَنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ وَبَعْدَ يَمِينِهِ، وَيُقْضَى لِلْآخَرِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ فِي إجْمَاعِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ غَصَبْت الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَغَرِمَ لِلثَّانِيَّ قِيمَتَهُ، وَبِالْإِجْمَاعِ رَدَّ سَحْنُونٌ قَوْلَ أَشْهَبَ مَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، بَلْ مِنْ خَالِدٍ الْعَبْدُ لِزَيْدٍ، وَيَحْلِفُ لِمَنْ شَكَّ فِيهِ، وَيُجَابُ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَطْفِ لِلْإِضْرَابِ عَنْ كَوْنِ، الشَّكِّ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ لِكَوْنِهِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ لَا لِلْإِضْرَابِ عَنْ الشَّكِّ إلَى الْجَزْمِ، فَإِنَّهُ لِلْأَخِيرِ، وَاتِّفَاقًا فِي قَوْلِهِ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، بَلْ مِنْ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا وَالْإِضْرَابُ أَوْجَبَ لِزَيْدِ قِيمَتَهُ أَجْمَعَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ نِصْفِهِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، فَإِنْ نَكَلَ مُسْتَحِقُّ النِّصْفِ وَحَلَفَ الْآخَرُ اُخْتُصَّ بِهِ وَغُرِّمَ لِلنَّاكِلِ نِصْفٌ فَقِيمَتُهُ لِإِتْلَافِهِ عَلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوَّلًا بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ نَكَلَ مُسْتَحِقُّ جَمِيعِهِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُقِرِّ. (وَ) لَوْ قَالَ (لَك) عِنْدِي (أَحَدُ ثَوْبَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ أَوْ إحْدَى هَاتَيْنِ الْأَمَتَيْنِ أَوْ الشَّاتَيْنِ (عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُقِرُّ أَحَدَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ الْإِبْهَامَ وَالشَّكَّ، وَلَهُ دَعْوَى زَوَالِ الشَّكِّ، فَإِنْ عَيَّنَ أَحْسَنَهُمَا مَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَكَذَا إنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَإِنْ خَالَفَهُ حَلَفَ الْمُقِرُّ وَدَفَعَهُ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَخَذَ الْأَعْلَى. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقِرُّ وَبَقِيَ عَلَى شَكِّهِ (فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ عَيَّنَ الْأَدْنَى أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ (وَإِنْ قَالَ) الْمُقَرُّ لَهُ (لَا أَدْرِي) عَيْنَ ثَوْبِي مِنْهُمَا (حَلَفَا) أَيْ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) مِنْهُمَا بِعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي الثَّوْبَيْنِ، بِالنِّصْفِ وَنُكُولُهُمَا أَوْ نُكُولُ أَحَدِهِمَا كَحَلِفِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ قَالَ فِي ثَوْبَيْنِ بِيَدِهِ أَحَدُهُمَا لِفُلَانٍ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ، وَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا فَصَدَّقَهُ فَكَذَلِكَ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ كَذَّبَهُ أَحْلَفَهُ، وَإِنْ شَكَّ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَدْنَاهُمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 463 وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ   [منح الجليل] أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَجْوَدَهُمَا فَفِي أَخْذِهِ بِيَمِينٍ أَوْ دُونَهَا نَقْلَا ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ، وَإِنْ شَكَّا فَفِي سَمَاعِ عِيسَى يَحْلِفَانِ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا أَيْ فِي صِيَغِ الْإِقْرَارِ (كَ) الِاسْتِثْنَاءِ فِي صِيَغِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْإِقْرَارِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي كَوْنِهِ بِإِحْدَى أَدَوَاتٍ مَخْصُوصَةٍ وَشَرْطُ اتِّصَالِهِ وَالنُّطْقُ بِهِ وَإِنْ سَرَّ أَوْ قَصَدَهُ وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ. ابْنُ شَاسٍ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الْإِقْرَارِ مَا لَا يَسْتَغْرِقُ صَحَّ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ، إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوَاعِدِهِ وَتَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الطَّلَاقِ، وَإِيجَازُ تَحْصِيلِهِ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ فِي غَيْرِ الْعَدَدِ اتِّفَاقًا. وَفِي كَوْنِهِ فِيهِ كَغَيْرِهِ وَقَصْرُ جَوَازِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْكَسْرِ أَوْ شَبَهِهِ كَكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى قَبْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِمَرْتَبَتَيْنِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الطَّيِّبِ، وَفِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَحْمَدَ. الْمَازِرِيُّ اعْتَذَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي حُكْمِهِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي اسْتِعْمَالِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا تِسْعِينَ إنَّمَا تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ. قُلْت وَحَكَى فِي الْمَحْصُولِ وَالْمُسْتَصْفَى الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فِي عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً، وَرَدَّهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيُّ بِأَنَّ خِلَافَ أَحْمَدَ يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الْإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُسْتَغْرِقِ طَرِيقَانِ الْأَكْثَرُ عَلَى نَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِهِ الْقَرَافِيُّ حَكَى ابْنُ طَلْحَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَدْخَلِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَالْآخَرُ لَا يَنْفَعُهُ وَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ. الْقَرَافِيُّ وَنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ عَطْفًا كَقَوْلِهِ قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَخَالِدٌ إلَّا عُمْرًا، وَجَوَّزَ أَصْحَابُنَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 464 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قُلْت مَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَلَكِنْ يَتَقَرَّرُ السُّؤَالُ بِجَوَازِهِ الْبَعْضَ فَضْلًا عَنْ الْأَكْثَرِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَعْطُوفِ، قَالُوا وَعَلَّلُوا جَوَازَهُ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ لِلثَّلَاثِ عِبَارَتَيْنِ الثَّلَاثُ وَوَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ، فَكَمَا صَحَّ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ فِي الْمَعْطُوفَاتِ، وَبِأَنَّ خُصُوصَ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ مَقْصُودًا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ، بِخِلَافِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ، وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ نَقْلًا. قُلْت: قَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا قُصُورٌ، لِنَقْلِ الْمَازِرِيِّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مَا نَصُّهُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا مَسْلَكَانِ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْعَرَبِ بَيْنَ قَوْلِهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَعِبَارَةِ الثَّلَاثِ وَلِأَنَّ النَّحْوِيِّينَ جَعَلُوا جَاءَنِي الزَّيْدُون بَدَلًا مِنْ جَاءَنِي زَيْدٌ وَزَيْدٌ وَزَيْدٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَاسْتِثْنَاءِ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ فَيَبْطُلُ، وَفِي النَّوَادِرِ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا فَإِنَّ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا كِلَاهُمَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالُوا عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ الْعَدَدِ وَصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ وَكَوْنِهِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً ثُمَّ كَذَا إلَى وَاحِدٍ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ قُلْت ضَابِطُهُ أَنْ تَطْرَحَ مَجْمُوعَ كُلِّ اسْتِثْنَاءٍ وَهُوَ وِتْرٌ وَهُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَجْمُوعُ تِسْعَةٍ وَسَبْعَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَوَاحِدٍ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ مَجْمُوعِ كُلِّ اسْتِثْنَاءٍ هُوَ شَفْعٌ، وَهُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا ثَمَانِيَةٌ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلًا، وَهُوَ عَشَرَةٌ جَمِيعُ ذَلِكَ ثَلَاثُونَ، وَاطْرَحْ مِنْهَا الْمَجْمُوعَ الْأَوَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَالْبَاقِي خَمْسَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ الْمُقَرُّ بِهِ، فَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي إلَّا سَبْعَةً إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا وَاحِدًا فَالِاسْتِثْنَاءَات الْوِتْرُ فِيهَا سَبْعَةٌ وَوَاحِدَةٌ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ تَطْرَحُهَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّفْعِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَقَطْ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلًا، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَالْبَاقِي سَبْعَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ. تت فَتُحَطُّ الْأَخِيرَةَ مِمَّا يَلِيهِ ثُمَّ بَاقِيَهُ مِمَّا يَلِيهِ، وَكَذَلِكَ حَتَّى الْأَوَّلِ، فَمَا حَصَلَ فَهُوَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 465 وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ، كَأَلْفٍ، إلَّا عَبْدًا، وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ   [منح الجليل] الْبَاقِي فَيُحَطُّ الْوَاحِدُ مِنْ الِاثْنَيْنِ يَبْقَى وَاحِدٌ فَيُحَطُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ فَيُحَطَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ أَيْضًا، فَيُحَطَّانِ مِنْ خَمْسَةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ، فَتُحَطُّ مِنْ سِتَّةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، فَتُحَطُّ مِنْ سَبْعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ، فَتُحَطُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، فَتُحَطُّ مِنْ تِسْعَةٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ، فَتُحَطُّ مِنْ عَشَرَةٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ أَيْضًا وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ. (وَصَحَّ) الِاسْتِثْنَاءُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا وَلَوْ خَالَفَ اللُّغَةَ بِعَدَمِ أَدَائِهِ لُغَةً كَقَوْلِهِ (لَهُ) أَيْ زَيْدٍ مَثَلًا هَذِهِ (الدَّارُ) الَّتِي فِي حَوْزِي (وَالْبَيْتُ) الْفُلَانِيُّ مِنْهَا (لِي) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ لِي قُبِلَ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَكَذَا إلَّا تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا. وَمَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهَا لِي صُدِّقَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ غَصَبْته جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ وَبَيْتُهَا لِي فَلَا يُقْبَلُ، وَقَدْ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ جَمِيعَهَا كَأَنَّهُ قَالَ غَصَبْته بَيْتًا هُوَ لِي، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي بَيْتٌ مِنْهَا صَدَّقَهُ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ قَوْلُهُ غَصَبْت هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا لِي، أَوْ قَالَ فِي الْجُبَّة بِطَانَتُهَا لِي إذَا نَسَّقَ الْكَلَامَ مِثْلُ قَوْلِهِ هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي. (وَ) صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (بِغَيْرِ الْجِنْسِ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (كَ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ (أَلْفٌ إلَّا عَبْدًا) عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ رَاشِدٍ بِالْمَشْهُورِ فَيُوصَفُ وَيُقَوَّمُ وَتُطْرَحُ قِيمَتُهُ مِنْ الْأَلْفِ وَلِذَا قَالَهُ (وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ، وَإِلَّا كَانَ اسْتِثْنَاءً مُسْتَغْرِقًا لَا يَتَأَتَّى إسْقَاطُهُ، وَكَذَا لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا فَتُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّانِي مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. الْمَازِرِيُّ مَذْهَبُنَا صِحَّتُهُ. ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ فَيَسْقُطُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِصَرْفِهِمَا، وَعَلَى صِحَّتِهِ فِي الْقَمْحِ مِنْ الدَّنَانِيرِ تَسْقُطُ قِيمَتُهُ مِنْهَا، وَكَذَا فِي مِائَةِ دِينَارٍ إلَّا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا يَصِفُهُمَا الْمُقِرُّ وَتُطْرَحُ قِيمَتُهُ، وَكَذَا فِي لَهُ عِنْدِي عَبْدًا إلَّا ثَوْبًا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 466 وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ، أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، أَوْ أَبْرَأهُ، بَرِئَ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ، وَإِنْ بِصَكٍّ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَنَّهُ بَعْدَهُ   [منح الجليل] تُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَارَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْأَشْيَاخِ لَغْوَ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَعَدَّهُ نَادِمًا. (وَإِنْ أَبْرَأ) الرَّشِيدُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ (فُلَانًا) بِضَمِّ الْفَاءِ كِنَايَةً عَنْ عَلَمِ شَخْصٍ كَزَيْدٍ (مِمَّا) أَيْ كُلِّ حَقٍّ ثَبَتَ (لَهُ) أَيْ الرَّشِيدِ الْمُبْرِئِ بِكَسْرِ الرَّاءِ (قِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ الْمُبْرَإِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بَرِئَ مُطْلَقًا (أَوْ) أَبْرَأهُ (مِنْ كُلِّ حَقٍّ) لَهُ قِبَلَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا (أَوْ أَبْرَأهُ) أَيْ الرَّشِيدُ فُلَانًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُبْرَأَ مِنْهُ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَبْرَأْتُك (بَرِئَ) الْمُبْرَأُ بِفَتْحِ الرَّاءِ إبْرَاءً (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ (وَ) بَرِئَ (مِنْ) الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ أَيْضًا مِثْلِ حَدِّ (الْقَذْفِ) وَالْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَأَرَادَ الْمَقْذُوفُ سِتْرَ نَفْسِهِ لَا الشُّفْعَةَ عَلَى قَاذِفِهِ. (وَ) بَرِئَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي يَفُوتُهَا الْإِتْلَافُ كَغُرْمِ مَالِ (السَّرِقَةِ) لَا قَطْعُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا الْمَسْرُوقُ مَالُهُ، وَإِنْ أَبْرَأهُ بِصِيغَةٍ مِمَّا مَرَّ ثُمَّ ادَّعَى الْمُبْرِئُ بِالْكَسْرِ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ بِحَقٍّ نَسِيَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ حِينَ الْإِبْرَاءِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ إبْرَاءَهُ إنَّمَا كَانَ مِمَّا فِيهِ الْخُصُومَةُ وَهَذَا غَيْرُهُ (فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِصَكٍّ، بَلْ (وَإِنْ) أَتَى (بِصَكٍّ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ وَثِيقَةٍ مَكْتُوبَةٍ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَأْتِيَ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ (أَنَّهُ) أَيْ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ تَجَدَّدَ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِبْرَاءِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ. الْحَطّ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَفُلَانٌ بَرِئَ فِي إجْمَاعِنَا مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى قِبَلَهُ قَذْفًا أَوْ سَرِقَةً فِيهَا قَطْعٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَلَا يُقْبَل ذَلِكَ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ فَعَلَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 467 وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا مَعَهُ، بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ لَا الدَّيْنِ   [منح الجليل] بَعْدَ الْبَرَاءَةِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَهُ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ بِقِصَاصٍ وَلَا حَدٍّ وَلَا أَرْشٍ وَلَا كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ وَلَا بِمَالٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا مُضَارَبَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَا دَارٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَا يُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فِي إجْمَاعِنَا. سَحْنُونٌ إذَا قَالَ فُلَانٌ بَرِئَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، أَوْ قَالَ مِمَّا لِي عَلَيْهِ أَوْ مِمَّا لِي عِنْدَهُ أَوْ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ، وَهُوَ بَرِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمَانَةٍ أَوْ ضَمَانٍ مُحَمَّدٍ وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ فِي قَوْلِهِ هُوَ بَرِئَ مِنْ حَقِّهِ قِبَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ جَمِيعِ حَقِّهِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَبْرَأْته مِنْ بَعْضِ حَقِّي وَبَقِيَ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَالْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ فِي إجْمَاعِنَا فِي جَمِيعِ حَقِّهِ اهـ، وَهُوَ مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ وَهَذَا آخِرُ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ، فَفِي النَّوَادِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَبْرَأهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَأَنَّهَا آخِرُ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَطَلَبَ مِنْ جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ غَلِطَ أَوْ نَسِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقٍّ مُسَمًّى، وَفِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا قِبَلَهُ حَقٌّ وَلَا عِنْدَهُ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ غَيْرُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ مَعًا قَبْلَ تَارِيخِ الْكِتَابِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَدَّيْت عَلَيَّ وَغَلِطْت فِي الْحِسَابِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْحَقِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا نَفَعَتْ الْبَرَاءَةُ وَلَا انْقَطَعَتْ الْمُعَامَلَةُ. (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ) وَدِيعَةً كَانَتْ أَوْ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا (لَا) يَبْرَأُ (مِنْ الدَّيْنِ) " غ " سَكَتَ عَنْ لَفْظِ عِنْدَ وَعَلَيَّ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إذَا قَالَ مَالِي قِبَلَهُ حَقٌّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ كَانَتْ دُيُونًا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَمَانَةً عِنْدَهُ، وَإِذَا قَالَ مَالِي عِنْدَهُ حَقٌّ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الَّذِي خَصَّصَهُ بِالْأَمَانَاتِ، وَإِنْ قَالَ مَالِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَقَالَ سَحْنُونٌ يَعُمُّ الدَّيْنَ وَالْأَمَانَةَ، وَقَالَ ابْنُهُ يَخُصُّ الْمَضْمُونَ كَالدِّينِ وَالْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ، وَعِنْدِي أَنَّ لَفْظَةَ عَلَيَّ لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 468 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَدْخَلَ سَحْنُونٌ فِيهَا الْمَضْمُونَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْقِرَاضَ، إذَا يَجِبُ رَدُّهُمَا كَالدِّينِ وَصَرَفَ ابْنُهُ عَلَيَّ لِنَفْسِ الْمَالِ لَا لِرَدِّهِ فَنَفْسُ الْوَدِيعَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُودَعِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّهَا وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الِالْتِفَاتُ إلَى الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عُرْفِ التَّخَاطُبِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ عَشَرَةً وَشَهِدَ لَهُ آخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ يَمِينًا وَأَخَذَ الثَّلَاثِينَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ قَوْلَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ عِنْدَهُ خِلَافُ قَوْلِ الْآخَرِ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ عِنْدَ تَقْتَضِي الْأَمَانَةَ، وَعَلَيَّ تَقْتَضِي الذِّمَّةَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَسْتَحِقَّ الثَّلَاثِينَ، وَإِنْ شَاءَ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْجَمِيعِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْعِشْرِينَ دُونَ يَمِينٍ، إذْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةً وَالْآخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ فَلَهُ أَخْذُ الْعَشَرَةِ دُونَ يَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهَا، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْعِشْرِينَ وَيَأْخُذَهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَقِرَّ لَهُ بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ الْإِشْهَادُ بِمَجْلِسَيْنِ فَهُمَا حَقَّانِ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيَسْتَحِقُّ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ إنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَوْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا حَقَّانِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بِحَقٍّ حَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطَّابُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي مُبَارَآت الْوَصِيِّ عَنْ يَتِيمِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا دَعْوَى وَلَا حُجَّةٌ وَلَا يَمِينٌ وَلَا عَلَّقَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَقٍّ قَبْلَ تَارِيخِ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ صَاحِبَهُ بِهِ، وَلَا يَضُرُّهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُسْقِطَا فِيهِ الْبَيِّنَةَ اهـ. الْبُرْزُلِيُّ فَعَلَى هَذَا يُفْتَقَرُ إلَى ذِكْرِ إسْقَاطِ الْبَيِّنَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ، وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 469 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَيِّنَةً فَهُوَ زُورٌ آفِكَةٌ لَا عَمَلَ عَلَيْهَا. الْبُرْزُلِيُّ وَمَا قَالَ ابْنُ عَاتٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ صَرِيحُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ " غ " أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ وَهِيَ مُعَيَّنَاتٌ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَنَصُّهُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ فَلَا صَحَّ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِك لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْإِسْقَاطُ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَسْقُطُ، نَعَمْ تَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِك أَسْقَطَتْ مُطَالَبَتِي بِهَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْإِسْقَاطَ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْإِبْرَاءَ أَعَمُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: إذَا عُمِّمَتْ الْمُبَارَأَةُ بَعْدَ عَقْدِ الْخُلْعِ فَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الدَّعَاوَى كُلِّهَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُلْعِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْخُلْعِ خَاصَّةً، ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْخُلْعِ. الرَّابِعُ: الْحَطّ تَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمُبْرِئُ قَبْلَ تَارِيخِ الْبَرَاءَةِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْبَرَاءَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الطَّالِبُ أَنَّهُ نَسِيَهُ أَوْ غَلِطَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِرُمَّتِهِ، وَرَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى هَامِشِ، النُّسْخَةِ فِي لُحُوقِ الْيَمِينِ خِلَافٌ، وَبِلُحُوقِهَا الْعَمَلُ اُنْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ الْحَاجِّ وَالْمُفِيدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الْخَامِسُ: الْحَطّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، وَقَالَ عَقِبَ دَعْوَى وَأَنَا لِي عَلَيْك أَيْضًا حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ سَمَّاهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا، نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ. السَّادِسُ: الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي الْمَسْكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَاءَ قَوْمًا فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِينَارًا وَفُلَانٌ مَعَهُمَا سَاكِتٌ لَمْ يَقُلْ نَعَمْ وَلَا لَا وَلَمْ يَسْأَلْهُ الشُّهُودُ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَا شَيْءَ لَك عَلَيَّ فَقَالَ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 470 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِسُكُوتِهِ حِينَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي السُّكُوتِ هَلْ يُعَدُّ إذْنًا فِي الشَّيْءِ وَإِقْرَارًا عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ، وَأَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذْنٌ، وَثَانِيهَا لَيْسَ بِإِذْنٍ وَأَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ، لِأَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّمْتِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا فِي النِّكَاحِ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَاسَ مَا عَدَاهُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُعْلَمُ بِمُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْكُتُ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضًا مِنْهُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ السُّكُوتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِهِ كَمَنْ يَرَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ وَيَسْكُتُ وَلَا يُنْكِرُهُ ثُمَّ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ اهـ. ثُمَّ قَالَ وَفِي مَذْهَبِ ابْنِ رَاشِدٍ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سُئِلَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَلْ لِأَحَدٍ عِنْدَك شَيْءٌ فَقَالَ لَا، قِيلَ وَلَا لِامْرَأَتِك وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهَا عَلَيْهِ إلَى الْآنِ وَتَأْخُذُهُ إنْ قَامَتْ لَهَا بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فُلَانٌ السَّاكِنُ فِي مَنْزِلِك بِمَ أَسْكَنْته فَقَالَ أَسْكَنْته بِلَا كِرَاءٍ وَالسَّاكِنُ سَامِعٌ لَمْ يُنْكِرْ وَلَمْ يُغَيِّرْ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ فَقَالَ لَا يَقْطَعُ سُكُوتُهُ دَعْوَاهُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ، وَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ يُلَاعِبُهُ، زَادَ ابْنُ سَلْمُونٍ كَتَبَ شَجَرَةُ إلَى سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَقَالَ لَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا، وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ قُسِمَ بَعْضُ عَقَارِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ حِينَ قِسْمَتِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْكَلَامَ، فَإِنَّ بَاقِيَ الْعَقَارِ لَمْ يُقْسَمْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ إذَا دَفَعَ وَدِيعَةً لِرَسُولٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَأَعْلَمَهُ بِهِ فَسَكَتَ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَمَرَ الرَّسُولَ بِقَبْضِهَا وَمَا كَانَ سُكُوتُهُ رِضًا بِقَبْضِهِ، ثُمَّ يُغَرِّمُهُ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لِلدَّافِعِ كَلِّمْ فُلَانًا الْقَابِضَ يَحْتَالُ لِي فِي الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْك كَانَ رِضًا بِقَبْضِهِ فَيَطْلُبُهُ بِهِ، وَبَرِئَ الدَّافِعُ وَمِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 471 فَصْلٌ) إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ   [منح الجليل] [فَصْلٌ أَقَرَّ رَجُلٌ بِابْنٍ] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الِاسْتِلْحَاقِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ، وَأَفْرَدَهُ بِتَرْجَمَةٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَحْكَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الِاسْتِلْحَاقُ ادِّعَاءُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَبٌ لِغَيْرِهِ، فَيَخْرُجُ هَذَا أَبِي أَوْ أَبُو فُلَانٍ. الرَّصَّاعُ لَا يُقَالُ الِاسْتِلْحَاقُ طَلَبُ اللُّحُوقِ وَالِادِّعَاءُ إخْبَارٌ، فَكَيْفَ يُفَسِّرُهُ بِهِ، لِأَنَّهُ يُقَالُ هَذَا أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ، وَغَلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ " ق ". رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الِاسْتِحْسَانُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَهَذَا الْبَابُ أَكْثَرُهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. الْبُنَانِيُّ ابْنُ رُشْدٍ الِاسْتِحْسَانُ الَّذِي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى يَكُونَ أَغْلَبَ مِنْ الْقِيَاسِ هُوَ أَنْ يَكُونَ طَرْدُ الْقِيَاسِ يُؤَدِّي إلَى غُلُوٍّ فِي الْحُكْمِ وَمُبَالَغَةٍ فِيهِ، فَيُعْدَلُ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِمَعْنًى يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ، فَيَخْتَصُّ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَالْحُكْمُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ، وَمِنْ الِاسْتِحْسَانِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي الْمَذْهَبِ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَسْخُهُ طَلَاقٌ، وَفِيهِ الْإِرْثُ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَنْحَصِرَ. وَأَمَّا الْعُدُولُ عَنْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ اسْتِحْسَانًا لِمَعْنًى لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْهَوَى الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: 26] . (إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ) ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِابْنٍ جَازَ إقْرَارُهُ وَلَحِقَ بِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا أَنْكَرَ الِابْنَ أَوْ أَقَرَّ، وَفِيهَا مَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ صَبِيٌّ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ أَكْذَبَهُ الْوَلَدُ لَا الْأُمُّ اتِّفَاقًا وَلَا الْجَدُّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَحَكَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 472 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْجَدَّ يَسْتَلْحِقُ، وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِحَمْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ الْجَدُّ أَبُو هَذَا ابْنِي، فَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ قُلْت فَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَ وَلَدٍ فَقَالَ هَذَا ابْنُ ابْنِي وَابْنُهُ مَيِّتٌ هَلْ يُلْحَقُ بِهِ إذَا كَانَ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ كَمَا يَلْحَقُهُ بِهِ ابْنُهُ لِصُلْبِهِ، قَالَ لَا، لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ وَالْعَصَبَةِ وَالْمَوْلَى لَا يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُهُ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَهُ لَوْ كَانَ حَيًّا فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَدِّ اسْتِلْحَاقُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُلْحِقَ وَلَدَهُ وَلَدًا هُوَ لَهُ مُنْكِرٌ. وَقِيلَ إذَا اسْتَلْحَقَ الْجَدُّ وَلَدَ وَلَدِهِ لَحِقَ بِهِ حَكَاهُ التُّونُسِيُّ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَّا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، فَإِنْ قَالَ ابْنُ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ ابْنِي فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ قَالَ أَبُو هَذَا وَلَدِي أَوْ وَالِدُ هَذَا ابْنِي صُدِّقَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدٍ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقِهِ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ اهـ. زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَا يَصْلُحُ اسْتِلْحَاقُ الْجَدِّ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْأَبِ مَا عَلِمْت فِيهِ خِلَافًا. وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ وَالْجَدُّ. اهـ. وَنَقْلُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ كَالْمُنَكِّتِ بِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ابْنُ عَرَفَةَ اسْتِلْحَاقُ الْأُمِّ لَغْوٌ. وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِي رَجُلٍ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ وَلَدُهَا مِنْ زَوْجٍ غَيْرِهِ، وَزَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا اسْتِلْحَاقُ وَلَدٍ بِخِلَافِ الْأَبِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ، وَلَوْلَا مَا حَكَمَ بِهِ لَكَانَ نِسْبَتُهُ إلَى أُمِّهِ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَخَصُّ بِهِ مِنْ أَبِيهِ، لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْمَاءِ، وَاخْتَصَّتْ بِالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْقَذْفِ مِنْهَا إنْ نَظَرَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ فَقَالَتْ ابْنِي وَمِثْلُهُ يُولَدُ لَهَا وَصَدَّقَهَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا، إذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ، وَفِي الْوَلَاءِ مِنْهَا إنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِغُلَامٍ مَفْصُولٍ فَادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا فَلَا يُلْحَقُ بِهَا فِي مِيرَاثٍ وَلَا يُحَدُّ مَنْ افْتَرَى عَلَيْهَا بِهِ. ابْنُ يُونُسَ سَحْنُونٌ مَا عَلِمْت بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافًا أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ بِوَلَدِ وَلَدٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 473 مَجْهُولَ النَّسَبِ، إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ، أَوْ الْعَادَةُ   [منح الجليل] أَخٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَثْبُتُ مَعَ وَارِثٍ مَعْرُوفٍ أَوْ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ. قَالَ هُوَ وَأَصْبَغُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوْلًى غَيْرُ هَذَا الْمُقَرِّ بِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ وَيَسْتَوْجِبُ مِيرَاثَهُ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبٌ. وَإِنْ أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَارِثُهُ كَانَ أَحَقَّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ أَيْضًا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ وَلَا يَرِثُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ بِذَلِكَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ. أَصْبَغُ إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَارِثُهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ مَعْرُوفُونَ وَلَمْ يَمُتْ لِمُقِرٍّ حَتَّى مَاتَ وَرَثَتُهُ الْمَعْرُوفُونَ، فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِهَذَا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ وَارِثُهُ وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ. وَإِنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ (مَجْهُولَ النَّسَبِ) فِيهَا لِمَالِكٍ مَنْ ادَّعَى وَلَدًا لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ فِيهِ لَحِقَ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ بِهِ كَذِبُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ هُوَ مِنْ الْمَحْمُولِينَ مِنْ بَلْدَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا كَالزِّنْجِ وَالصَّقَالِبَةِ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ حَتَّى مَاتَتْ، وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَ مَحْمُولًا مِنْ بَلْدَةٍ دَخَلَهَا لَحِقَ بِهِ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ بَعْضُ أَشْيَاخِنَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّ الصَّبِيِّ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَكَذَا نَحَّى بَعْضُ أَشْيَاخِنَا أَنَّهُ إذَا عُرِفَ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ وَادَّعَاهُ رَجُلٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ الْمُدَّعِي، وَكَأَنَّهُ نَفَاهُ مِنْ نَسَبِهِ، وَفِي هَذَا عِنْدِي نَظَرٌ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ يُحَدُّ حَدَّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ نَفَاهُ عَنْ نَسَبِهِ. (إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ الْأَبُ فِي اسْتِلْحَاقِهِ (الْعَقْلَ لِصِغَرِهِ) أَيْ الْأَبِ عَمَّنْ اسْتَلْحَقَهُ الْأَبُ عِلَّةً لِتَكْذِيبِهِ، وَعَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ بِالْحِسِّ بَدَلَ الْعَقْلِ (أَوْ) لَمْ تُكَذِّبْهُ (الْعَادَةُ) لِكَوْنِ الْمُسْتَلْحِقِ بِكَسْرِ الْحَاءِ لَمْ يَدْخُلْ الْبَلَدَ الَّذِي وُلِدَ بِهِ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِهَا (أَوْ) لَمْ يُكَذِّبْهُ (الشَّرْعُ) كَاسْتِلْحَاقِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيُبْطِلُهُ مَانِعُ الْعَقْلِ كَكَوْنِهِ لَيْسَ بِأَسَنَّ مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ الْعَادَةُ كَكَوْنِهِ لَمْ يَدْخُلْ حَيْثُ وُلِدَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ الشَّرْعُ كَشُهْرَةِ نِسْبَتِهِ لِغَيْرِهِ فِيهَا مَنْ بَاعَ صَغِيرًا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ صُدِّقَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَوْ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 474 إنْ لَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ بِهِ أَوْ مَوْلًى، لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ   [منح الجليل] كَمَنْ وُلِدَ بِأَرْضِ شِرْكٍ وَأُتِيَ بِهِ فَادَّعَاهُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ تِلْكَ الْبَلْدَةَ قَطُّ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ حَتَّى مَاتَتْ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مِلْكًا لِفُلَانٍ فَلَا أَدْرِي، وَلَعَلَّهُ تَزَوَّجَهَا وَفِيهَا مِمَّا يَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ لَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ أَبٌ مَعْرُوفٌ. (وَ) إنْ (لَمْ يَكُنْ) الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ (رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ فِي اسْتِلْحَاقِهِ، فَإِنْ كَانَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الظَّاهِرِ فِي اسْتِلْحَاقِهِ لِاتِّهَامِهِ بِرَفْعِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَنْهُ (أَوْ) أَيْ لَمْ يَكُنْ (مَوْلًى) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ عَلَيْهِ وَلَا بِالْعِتْقِ لِمُكَذِّبِهِ، فَإِنْ كَانَ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الظَّاهِرِ لِاتِّهَامِهِ بِرَفْعِ الْوَلَاءِ عَنْهُ (لَكِنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ (يُلْحَقُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ (بِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ فِي الْبَاطِنِ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ ابْنًا لِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ، وَمَوْلًى لِمُعْتَقِهِ أَوْ رِقًّا لِمَالِكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ وَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ غَيْرَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إنْ أَكْذَبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ وَلَا يَرِثُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ مَضَى ذَلِكَ وَأُلْحِقَتْ بِهِ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَمْ أَزَلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمَا وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، لِأَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ. وَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ أَنْ تُقْبَلَ دَعْوَاهُ وَيُنْقَضَ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَا يُعْتَقَ، قَالَ أَرَى إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. سَحْنُونٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعْدَلُ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْأَصْلِ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ ابْنُهُ لَحِقَ بِهِ وَرَدَّ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ. ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى يَوْمِ اسْتِحْقَاقِهِ كَمَنْ تَعَمَّدَ طَرْحَ وَلَدِهِ. وَقِيلَ بَلْ هُوَ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ لَا يَغْرَمُ أَجْرَ خِدْمَتِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 475 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَكَذَلِكَ هَذَا لَا يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا. وَقَالَ غَيْرُهُمَا إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ فِيهِ رَجَعَ بِنَفَقَتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِدْمَةٌ وَأَقَرَّ الْمُبْتَاعُ بِاسْتِخْدَامِهِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالنَّفَقَةُ بِالْخِدْمَةِ. ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَعْدَلُهَا، وَذَكَرَ مِثْلَهُ عَنْ سَحْنُونٍ أَفَادَهُ. " ق ". الْحَطّ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا، وَظَاهِرُهُ مُتَدَافِعٌ، لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ رِقًّا لِمَنْ يُكَذِّبُ الْمُسْتَلْحِقَ، أَوْ مَوْلًى لَهُ، وَأَنَّهُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ، وَقَوْلُهُ آخَرُ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ مُنَاقِضٌ لَهُ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ فَلَا يُصَدَّقُ إذَا أَكْذَبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ وَلَا يَرِثُهُ لَا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ لِابْنِ يُونُسَ، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَلَدًا وُلِدَ عِنْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ بَيْعِهَا بِمِثْلِ مَا يُلْحَقُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ الْمُبْتَاعُ وَلَا زَوْجَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ، فَهَذَا يُلْحَقُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ. وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَلَدًا لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِلْكُ أُمِّهِ بِشِرَاءٍ وَلَا نِكَاحٍ، فَهَذَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ سَحْنُونٍ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَلَدًا وُلِدَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ، فَهَذَا لَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُلْحَقُ بِهِ وَيَكُونُ ابْنًا لَهُ وَمَوْلًى لِمَنْ أَعْتَقَهُ، أَوْ عَبْدًا لِمَنْ مَلَكَهُ اهـ. فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَ، وَأَنَّهُ يُلْحَقُ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ مَعَ بَقَاءِ رِقِّهِ أَوْ وَلَائِهِ لِحَائِزِهِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهُ، وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي أَوَّلِ سَمَاعٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ نَحْوَهُ. وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّحِيحُ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ وَلَدًا لِلْمَقَرِّ بِهِ الْمُسْتَلْحِقِ لَهُ وَعَبْدًا لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، وَقَالَ هُوَ خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. الْبُنَانِيُّ، كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ. أَمَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 476 وَفِيهَا أَيْضًا، وَيُصَدَّقُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ،   [منح الجليل] أَشْهَبُ فَلِأَنَّهُ قَالَ يُلْحَقُ بِهِ مَعَ بَقَائِهِ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ وَمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَلِكَ، وَأَيْضًا قَوْلُ أَشْهَبَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفُ عَزَا مَا هُنَا لَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا إلَخْ. وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا التَّفْصِيلُ وَاحِدًا مِنْهَا. الْأَوَّلُ: مَنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إذَا كَذَّبَهُ الْحَائِزُ لَهُ. الثَّانِي: مَنْ بَاعَ صَبِيًّا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ. الثَّالِثُ: فِيمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَقَعْ عِتْقٌ وَإِلَّا مَضَى لِلْعِتْقِ وَالْوَلَاءُ لِمُبْتَاعٍ وَالْمَوَاضِعُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمُصَنَّفِ، وَنَقَلَ لَفْظَهَا " ق " و " ح "، وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ لَا يَجْرِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا. فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى جَمْعِ الْعَوْفِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، قُلْت لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ الثَّانِيَ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ لَا اللُّحُوقُ فَقَطْ، وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ وُقُوعِ الْبَيْعِ دُونَ عِتْقٍ فَيُنْقَصُ، وَمَعَهُ فَلَا يُنْقَضُ، ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ طخ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ كَوْنُ قَوْلِهِ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، أَيْ إنْ اشْتَرَاهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ إلَخْ، وَأَمَّا جَعْلُهُ رَاجِعًا لِلْمَنْطُوقِ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِيهَا مَا سَبَقَ مِنْ شَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ رِقًّا وَلَا مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ، قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ (يُصَدَّقُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَيُنْقَضُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مُشْتَرِيهِ، بَلْ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ (مُشْتَرِيهِ) مِنْ مُسْتَلْحِقِهِ بِالْكَسْرِ فَيُنْقَضُ عِتْقُهُ وَيُرَدُّ لِمُسْتَلْحِقِهِ، وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ (إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ (عَلَى كَذِبِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ فِي اسْتِلْحَاقِهِ بِعَقْلٍ أَوْ عَادَةٍ أَوْ شَرْعٍ. الْحَطّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ أَرَأَيْت مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ مُبْتَاعُهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ أَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيُنْقَضُ بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ، فَقَالَ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. ابْنُ يُونُسَ سَحْنُونٌ هَذَا أَعْدَلُ قَوْلِهِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 477 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِي هَذَا الْأَصْلِ. اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ مُشْتَرِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوَّلَ الْبَابِ إنْ أَكْذَبَهُ مَنْ أَعْتَقَهُ فَلَا يُصَدَّقُ، وَقَالَ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَرَجَّحَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ هُوَ أَعْدَلُ قَوْلِهِ اهـ. وَفَرَّقَ أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَمْلِكْ أُمَّهُ فَلَيْسَ مَعَهُ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ. اهـ. وَهَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يَدْخُلْ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ كَانَ أَبْيَنَ، فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ كَانَ الْعَبْدُ أَوْ أُمُّهُ فِي مِلْكِهِ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَكْثَرِ مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِيهَا مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَرَدَّ ثَمَنَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ، فَظَاهِرُ هَذَا سَوَاءٌ مَلَكَ أُمَّهُ أَمْ لَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَاعَهُ وَنَقَضَ ثُمَّ قَالَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ يَدَّعِهِ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، وَيُرَدُّ الْبَيْعُ، وَتَعُودُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ أَلْحَقَتْ بِهِ نَسَبَ الْوَلَدِ وَلَمْ أُزِلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمَا، وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا، وَلَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ خَاصَّةً لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ وَقَبِلْتُهُ فِي الْوَلَدِ، وَلَحِقَ بِهِ، وَرَدَّ الثَّمَنَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدِهِ. وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ خَاصَّةً هُوَ الْمُعْتَقُ لَثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ، وَأَلْحَقْت الْوَلَدَ لِمُسْتَلْحِقِهِ وَأَخَذَ الْأُمَّ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا لِدَنَاءَتِهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ، وَإِنْ اتَّهَمَ فِيهَا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا بَاعَ الْأَمَةَ وَهِيَ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فِيمَا ذَكَرْنَا. اهـ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَلَحِقَ بِهِ مُطْلَقًا. أَيْ سَوَاءٌ أَعْتَقَ الْأُمَّ أَوْ لَمْ يَعْتِقْهَا أَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا أَلْحَقْت بِهِ نَسَبَ الْوَلَدِ، وَلَمْ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 478 وَإِنْ كَبِرَ   [منح الجليل] أُزِلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ، فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ هُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ وَلَائِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ وَيُلْحَقُ وَبِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِهِ هُوَ الظَّاهِرُ. فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي مِلْكِ مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، وَيُنْقَضُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مُشْتَرِيهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِنَقْضِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ إذَا اُسْتُلْحِقَ الْوَلَدُ الَّذِي بَاعَ أُمَّهُ وَكَانَ وُلِدَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَهُوَ حَيٌّ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَرُدُّ إلَيْهِ وَلَدًا وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ أُعْتِقَ وَيُنْقَضُ الْعِتْقُ وَقِيلَ لَا يُنْقَضُ. وَيَلْحَقُ مَجْهُولُ النَّسَبِ مُسْتَلْحِقَهُ إنْ صَغُرَ بَلْ (وَإِنْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ، أَيْ كَانَ بَالِغًا حِينَ اسْتِلْحَاقِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لَا كَلَامَ لِلْمُسْتَلْحِقِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا فَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ دُونَ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِ، وَذَكَرْت فِي اخْتِصَارِ الْحُوفِيَّةِ أَنَّ فِي شَرْطِ الِاسْتِلْحَاقِ بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَلْحَقِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ طُرُقًا، الْأُولَى: لِابْنِ خَرُوفٍ وَالْحُوفِيِّ اشْتِرَاطُهُ. الثَّانِيَةُ: لِلْبَيَانِ وَالْجَوَاهِرِ عَدَمُهُ. الثَّالِثَةُ: لِلصَّقَلِّيِّ يُشْتَرَطُ فِي مَجْهُولِ حَوْزِ الْأُمِّ لَا فِي غَيْرِهِ وَفِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْهَا مَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ صَبِيٌّ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْوَلَدُ. وَفِي الشَّهَادَاتِ مِنْهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وَالِدُهُ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ، فَظَاهِرُهُ شَرْطُ التَّصْدِيقِ، وَكَذَا قَوْلُهَا فِي الْوَلَاءِ وَالْمَوَارِيثِ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أَنَّهُ مَوْلَاهُ مِنْ فَوْقُ أَوْ مِنْ أَسْفَلُ وَفُلَانٌ يَجْحَدُ فَلَهُ إيقَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، وَيُقْضَى لَهُ. وَفِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ النَّوَادِرِ مُحَمَّدٌ مَنْ ادَّعَى فِي وَلَدٍ مِنْ امْرَأَةٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْهَا فَقَالَتْ، بَلْ هُوَ وَلَدِي مِنْ غَيْرِك وَلَمْ تُسَمِّ أَحَدًا، فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ نَسَبٌ لَحِقَ بِمُسْتَلْحِقِهِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ، وَإِنْ سَمَّتْ غَيْرَهُ وَحَضَرَ فَادَّعَاهُ كَانَ أَحَقَّ بِهِ وَإِنْ كَانَا طَارِئَيْنِ، وَإِلَّا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 479 أَوْ مَاتَ وَوَرِثَهُ، إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ،   [منح الجليل] نَظَرَ مَنْ كَانَ يَعْرِفُ بِحَوْزِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِيَازَةِ أَحَدٍ كَانَ وَلَدَ زِنًا، وَلَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. قُلْت هَذَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِشَرْطِ الِاسْتِلْحَاقِ بِثُبُوتِ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْمُسْتَلْحِقِ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ مِلْكِهِ إيَّاهَا وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا إنْ لَمْ تُسَمِّ أَحَدًا أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِمُسْتَلْحِقِهِ فَتَأَمَّلْهُ. وَيَلْحَقُ مَجْهُولُ النَّسَبِ مُسْتَلْحِقَهُ إنْ كَانَ حَيًّا، بَلْ (أَوْ) أَيْ وَإِنْ (مَاتَ) الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ. " ق " فِيهَا مَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَالٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي مِيرَاثِهِ وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ وَمِنْ الِاسْتِفْتَاءِ أَشْهَبُ إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ عَنْ مَالٍ وَمَوَالٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ الْمُلَاعِنُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ فَلَا يُصَدَّقْ لِاتِّهَامِهِ بِجَرِّ الْوَلَاءِ وَالْمَالِ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ وَجَبَ لِأُمِّهِ وَمَوَالِيهِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صُدِّقَ وَلَحِقَ بِهِ وَوَرِثَ نَصِيبَهُ مِنْ بَنِيهِ أَوْ بَنَاتِهِ وَضُرِبَ الْحَدَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ أَمْ لَمْ يَلْحَقْ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ أَمَةً حَامِلًا ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ مَوْتِ وَلَدِهَا بِأَنَّهُ ابْنُهُ فَلَا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدِهِ. (وَ) إذَا اسْتَلْحَقَ مَيِّتًا (وَرِثَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ بِالْفَتْحِ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ (ابْنٌ) الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي إرْثِهِ مِنْهُ، وَأَمَّا نَسَبُهُ فَلَاحِقٌ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ، وَفِيهِ خِلَافٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُهُ إذَا وَرِثَهُ ابْنٌ ذَكَرٌ وَأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ بِنْتٌ أَوْ غَيْرُهَا لَا يَرِثُهُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي اللِّعَانِ، فَإِنْ قَالَ فِيهِ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحَقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ. وَمَا فِي اللِّعَانِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَنَصُّهَا وَمَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَالٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِ فِي مِيرَاثِهِ، وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ. أَبُو الْحَسَنِ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ يَسِيرًا غَيْرَهُ أَوْ يَكُونَ وَلَدُهُ عَبْدًا، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمِيرَاثِ. وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَاحِقٌ لِأَنَّ إلْحَاقَ النَّسَبِ يَنْفِي كُلَّ تُهْمَةٍ. الشَّيْخُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 480 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَرِثَ، وَلَكِنْ سَبَقَ النَّفْيُ إلَى هَذَا الْوَلَدِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَقِبَ نَقْلِهِ كَلَامَهَا ظَاهِرُ كَلَامِهَا وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا فَلَا يَرِثُ مَعَهَا، بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَإِنَّهُ إنْ تَرَكَ بِنْتًا صَحَّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ قَدْرَ إرْثِهَا. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ نَفَى الْوَلَدَ وَلَاعَنَ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ وَوَلَدٍ وَأَقَرَّ الْمُلَاعِنُ بِهِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يَلْحَقُهُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمِيرَاثِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِتُهْمَتِهِ فِي إرْثِهِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا قُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَسَبٌ يُلْحَقُ بِهِ، وَرَوَى الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمِيرَاثَ قَدْ تُرِكَ لِمَنْ تَرَكَ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا. أَبُو إبْرَاهِيمَ فَضْلٌ إنْ كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا قُبِلَ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ اسْتِلْحَاقِهِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ مُثْلَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ إنَّمَا يُتَّهَمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فِي وَارِثِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا نَسَبُهُ فَثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَنَصَّهُ سَحْنُونٌ فِي ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَهْلَكُ عَنْ بِنْتٍ وَعَصَبَةٍ ثُمَّ يَسْتَحْلِقُهُ الْمُلَاعِنُ تَلْحَقُ ابْنَةُ الْمَيِّتِ بِجَدِّهَا، وَيَرْجِعُ الْجَدُّ عَلَى الْعَصَبَةِ بِالنِّصْفِ الَّذِي أَخَذُوا مِنْ مِيرَاثِ وَلَدِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَهُ الْمَيِّتَ الَّذِي لَاعَنَ بِهِ اسْتِلْحَاقٌ لِابْنَتِهِ فَتَلْحَقُ بِجَدِّهَا، وَهَذَا مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ لَهُ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ الَّذِي لَاعَنَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَلْحَقَهُ لِيَرِثَهُ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَكَمَا لَا يُتَّهَمُ مَعَ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَعَهُ السُّدُسُ فَكَذَلِكَ لَا يُتَّهَمُ مَعَ الْبِنْتِ، وَإِنْ وَرِثَ مَعَهَا النِّصْفَ إذْ قَدْ يَكُونُ مَالُ الَّذِي تَرَكَ الِابْنَ كَثِيرًا فَيَكُونُ سُدُسُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَالِ مَنْ تَرَكَ بِنْتًا. اهـ. فَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ لَفْظَ الْوَلَدِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الذَّكَرِ لَكِنَّهُ سَاوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبِنْتِ فِي الْحُكْمِ. (فَرْعٌ) لَوْ وَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ غَيْرَ وَلَدٍ فَلَا يُصَدَّقُ مُسْتَلْحَقُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَصْدِيقِهِ مَعَ الْوَلَدِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 481 أَوْ بَاعَهُ، وَنُقِضَ، وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ وَإِنْ ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بِسَابِقٍ فَقَوْلَانِ، فِيهَا:   [منح الجليل] لُحُوقُ نَسَبِ الْوَلَدِ، وَهَذَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ. فَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَجَنَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي جِنَايَةً مَاتَ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيَرِثُ مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا وَرِثَ الْأَبُ مَعَهُ حَظَّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَرِثَ جَمِيعَهَا لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ وَاسْتِلْحَاقُ النَّسَبِ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فِي الْمِيرَاثِ. وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَائِدَتَانِ، إحْدَاهُمَا أَنَّهُ إنْ وُجِدَ لِلْمُسْتَلْحِقِ وَلَدٌ كَافِرٌ وَرِثَهُ الْمُسْتَلْحَقُ وَإِنْ حُجِبَ الْكَافِرُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ اللِّعَانِ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ " غ ". وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهُ، وَمَا فِي كَلَامِ سَحْنُونٍ مُوَافِقٌ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ (وَنُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ فُسِخَ بَيْعُهُ فَيَرُدُّ الْمُسْتَلْحِقُ ثَمَنَهُ (وَرَجَعَ) مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ (بِنَفَقَتِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ (إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ (خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ إلَى يَوْمِ اسْتِلْحَاقِهِ كَمَنْ تَعَمَّدَ طَرْحَ وَلَدِهِ، وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِهَا كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ، وَقِيلَ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ لَهُ رَجَعَ بِنَفَقَتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ خِدْمَةٌ أَقَرَّ بِهَا الْمُبْتَاعُ أَوْ ثَبَتَتْ فَلَا يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَعْدَلُهَا. (وَإِنْ) بَاعَ أَمَةً بِلَا وَلَدٍ ثُمَّ (ادَّعَى) بَائِعُهَا (اسْتِيلَادَهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي بَاعَهَا (بِ) وَلَدٍ (سَابِقٍ) مِنْهُ عَلَى بَيْعِهَا (فَ) فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَنَقْضِ بَيْعِهَا وَعَدَمِهِمَا (قَوْلَانِ) مَنْصُوصَانِ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ " غ " فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ بَاعَ أَمَةً فَأُعْتِقَتْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَوْلَدَهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ. عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الْآبِقِ قَالَ مَرَّةً لَا تَرَدُّدَ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، وَقَالَ مَرَّةً تُرَدُّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا. وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي كِتَابِ الْآبِقِ لَهُ رَدُّهَا مُطْلَقًا أَيْضًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَتِنَا. اهـ. وَأَرَادَ بِبَعْضِهِمْ اللَّخْمِيَّ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 482 وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ: لَحِقَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِيهَا، إنْ اُتُّهِمَ بِمَحَبَّةٍ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ، أَوْ وَجَاهَةٍ، وَرَدَّ ثَمَنَهَا، وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ:   [منح الجليل] فَمَعْنَى قَوْلِهِ بِسَابِقٍ بِوَلَدٍ سَابِقٍ احْتِرَازًا مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا، وَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا لِلْمُدَوَّنَةِ، (وَإِنْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَمَةَ (فَوَلَدَتْ) عِنْدَ مُشْتَرِيهَا لِأَقَلَّ مِنْ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ (فَاسْتَلْحَقَهُ) أَيْ الْبَائِعُ وَلَدَهَا بِأَنْ قَالَ هُوَ ابْنُهُ (لَحِقَ) وَلَدُهَا بِهِ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُصَدَّقْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا بَائِعُهَا (فِيهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي بَاعَهَا وَاسْتَلْحَقَ وَلَدَهَا فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ (وَإِنْ اُتُّهِمَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيِّ مَشْدُودَةً وَكَسْرِ الْهَاءِ بَائِعُهَا فِيهَا (بِ) سَبَبِ (مَحَبَّةٍ) مِنْهُ لَهَا (أَوْ عَدَمِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ أَيْ فَقَدْ (ثَمَنٍ) لَهَا مِنْ يَدِهِ بِإِنْفَاقِهِ مَثَلًا بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ مُشْتَرِيهَا (أَوْ) بِسَبَبِ (وَجَاهَةٍ) أَيْ نَبَاهَةٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حُسْنٍ (وَرَدَّ) بَائِعُهَا ثَمَنَهَا لِمُشْتَرِيهَا. ابْنُ يُونُسَ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَا تُبَاعُ (وَلَحِقَ بِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (الْوَلَدُ) الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ لُحُوقًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِيهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ بِعَدَمِ عِتْقِهَا أَوْ بِحَيَاةِ الْوَلَدِ. " ق " فِيهَا وَمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً وَوَلَدَهَا أَوْ ابْتَاعَهَا دُونَ وَلَدٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ لِمَا تُلْحَقُ فِيهِ الْأَنْسَابُ وَلَمْ يَدَّعِهِ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ، وَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَتَعُودُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ اُتُّهِمَ فِيهَا وَهُوَ مَلِيءٌ وَلَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ إلَّا الْوَلَدُ بِحِصَّتِهِ، وَلَا تُرَدُّ هِيَ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ خَصْلَتَيْنِ الْعَدَمُ وَالصَّبَابَةُ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ عَدِيمًا لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِصَبَابَةٍ وَلَا بِمَا صَلَحَتْ فِي بَدَنِهَا وَفَرِهَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَهُوَ عَدِيمٌ لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ أَقَرَّ بِهِ يُرِيدُ عَلَى الْحِصَّةِ وَلَا تُرَدُّ الْأَمَةُ إلَيْهِ. اهـ. مِنْ ابْنِ يُونُسَ (وَإِنْ) اسْتَلْحَقَ رَجُلٌ رَقِيقًا لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ مَالِكُهُ فَأُلْغِيَ اسْتِلْحَاقُهُ ثُمَّ (اشْتَرَى) الْمُسْتَلْحَقَ بِالْكَسْرِ (مُسْتَلْحَقَةً) بِالْفَتْحِ (وَ) الْحَالُ (الْمِلْكُ) جَارٍ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 483 عَتَقَ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ: لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ   [منح الجليل] لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ حِينَ اسْتِلْحَاقِهِ فَأُلْغِيَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ (عَتَقَ) بِفَتَحَاتِ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ عَلَى مُسْتَلْحِقِهِ بِالْكَسْرِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَالْأَبُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى ابْنِهِ، وَقَوِيَ الْحُكْمُ بِعِتْقِهِ بِالتَّشْبِيهِ فَقَالَ (كَ) عِتْقِ الرَّقِيقِ عَلَى (شَاهِدٍ) لَهُ بِالْعِتْقِ عَلَى مَالِكِهِ فَلَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَ (رُدَّتْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (شَهَادَتُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ بِالْعِتْقِ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الشَّاهِدُ الرَّقِيقَ الْمَشْهُودَ لَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ. " ق " فِيهَا إنْ اسْتَلْحَقَ ابْنٌ أَمَةً لِرَجُلٍ وَادَّعَى نِكَاحَهَا وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيُلْحَقَ بِهِ، وَيَكُونَ حُرًّا كَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وُلِدَ بِنِكَاحٍ لَا بِحَرَامٍ، وَإِنْ ابْتَاعَ الْأُمَّ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ أَوْلَدَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَادَّعَى أَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بِنِكَاحٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِهِ وَتَكُونُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ. الْحَطّ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ ابْتَاعَهُ مِنْهُ أَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَصَارَ الْعَبْدُ فِي قَسْمِهِ أَوْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ شَهِدَ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَهُ وَالْبَائِعُ مُنْكِرًا، أَوْ قَالَ كُنْت بِعْت عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ، وَفُلَانٌ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حُرٌّ بِالْقَضَاءِ، وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ زَعَمَ هَذَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) شَخْصٌ شَخْصًا (وَارِثًا غَيْرَ وَلَدٍ) لِمُسْتَلْحِقِهِ بِالْكَسْرِ كَأَخٍ وَعَمٍّ وَأَبٍ وَأُمٍّ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ لَهُ و (لَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يَرِثْهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ (إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ (وَارِثٌ) لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّرْطِ الْمُثْبَتِ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ الْحَطّ اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ، فَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ إنْ يَكُنْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَإِسْقَاطِ لَمْ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مُقَابِلَةٍ عَلَى نُسْخَةٍ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ كَانَ وَارِثٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا مُوَافِقَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَهَذَا هُوَ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 484 وَإِلَّا فَخِلَافٌ   [منح الجليل] الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ، وَلِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِثُبُوتِ لَمْ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي عَكْسَ الْمُرَادِ، وَالْمَعْنَى عَلَى النُّسْخَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ فَلَا يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ وَلَدٍ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ (فَ) فِي إرْثِهِ (خِلَافٌ) هَذَا الَّذِي فَرَضَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَكْسَ هَذَا، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا هَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ ذَا مَالٍ، وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ فِي الْعَكْسِ فَتَأَمَّلْ اهـ. وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا أَخِي وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ، وَلِذَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا، وَشَرَحَ تت نُسْخَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَالَ وَلَمْ يَرِثْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ هُنَا وَارِثٌ غَيْرُهُ فَخِلَافٌ هَلْ يَرِثُ مَعَهُ أَوْ لَا، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ عَكْسُ مَا عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا، وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَعَ عَدَمِ الْوَارِثِ، وَأَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا. اهـ. وَمَا تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ مِثْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلِ التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ خِلَافٌ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحَيْنِ كَوْنُهُمَا لَمْ يُنَبِّهَا عَلَى ذَلِكَ. " ق " لَا شَكَّ أَنَّ الْعِبَارَةَ خَانَتْهُ هَاهُنَا، وَقَدْ قَالَهُ بَهْرَامُ ابْنُ عَرَفَةَ إقْرَارُ مَنْ يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ يُحِيطُ بِإِرْثِهِ وَلَوْ بِوَلَاءٍ لَغْوٌ اتِّفَاقًا، وَمِنْ تَرْجَمَةِ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ مِنْ فَرَائِضِ ابْنِ يُونُسَ إنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ أَوْ الرَّجُلُ بِزَوْجَةٍ وَصَدَّقَ الْآخَرُ صَاحِبَهُ فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ طَارِئَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا، خِلَافًا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي قَبُولِ قَوْلِهِمَا مُطْلَقًا، وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ بِمَوْلًى فَقَالَ هَذَا مَوْلَايَ أَعْتَقَنِي فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ إقْرَارَهُ يَثْبُتُ، وَهُوَ وَارِثُهُ بِالْوَلَاءِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ، فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ يَجُوزُ إقْرَارُهُمْ وَيُورَثُونَ فَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدٌ غَيْرَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ أَخٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ لَمْ يَجُزْ اسْتِلْحَاقُهُ، لَكِنْ إنْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوْ الْمُقَرُّ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ يُحِيطُ بِالْمَالِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقَرِّ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 485 وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ   [منح الجليل] شَيْءٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ ذَا فَرْضٍ لَا يَسْتَوْعِبُ الْمَالَ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ فَرْضَهُ وَيَكُونُ مَا يَبْقَى لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا فِي قَوْلَةٍ شَاذَّةٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ مَا بَقِيَ لِلْمَقَرِّ لَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْعَصَبَةِ، وَبِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ مِنْ عَصَبَةٍ وَذِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ لَهُ ذَا رَحِمٍ مِثْلِ الْخَالِ وَالْخَالَةِ، فَإِنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا فِي الْقَوْلَةِ الشَّاذَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَالَ لِلْمَقَرِّ لَهُ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْمَالُ لِذِي الرَّحِمِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ وَدُونَ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ ذُو سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٌ وَلَا ذُو رَحِمٍ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إلَّا فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَالَ لِلْمَقَرِّ لَهُ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ الْمُقَرِّ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ إنْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوَالِي غَيْرَ هَذَا الْمُقَرِّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ، وَيَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثَهُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبُهُ أَبُو عَمْرٍو قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. أَبُو بَكْرٍ اُسْتُحِبَّ فِي زَمَنِنَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ يُصْرَفُ فِي مَوَاضِعِهِ، وَسُئِلَ ابْنُ عَتَّابٍ عَمَّنْ أَقَرَّتْ بِابْنِ عَمٍّ أَبِيهَا فِي عَقْدٍ فَقَالَ فِيهِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ رَفْعِ الْعَاقِدِ نَسَبَهَا لِجَدٍّ يَجْمَعُهُمَا، وَأَرَى لَهُ مُصَالَحَةَ صَاحِبِ الْمَوَارِيثِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَيَرِثُ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِثُبُوتِ إرْثِهِ بِلَا يَمِينٍ، فَقَدْ تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ لَا إرْثَ بِإِقْرَارٍ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِرْثُ بِالْإِقْرَارِ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِمَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (وَخَصَّهُ) أَيْ الْخِلَافَ فِي إرْثِ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الْمُقِرِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ (الْمُخْتَارُ) أَيْ اللَّخْمِيُّ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ هُنَا (بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ) بِالْوَارِثِ، وَأَمَّا مَعَ الطُّولِ فَلَا خِلَافَ عِنْدَهُ فِي الْإِرْثِ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى صِدْقِهِ " ق " اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ هَذَا أَخِي، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذُو نَسَبٍ ثَابِتٍ يَرِثُهُ فَقِيلَ الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى، وَهَذَا الجزء: 6 ¦ الصفحة: 486 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَحْسَنُ لِأَنَّ لَهُ بِذَلِكَ شُبْهَةً، وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَخِي، أَوْ يَقُولُ هَذَا عَمِّي وَيَقُولُ الْآخَرُ ابْنُ أَخِي وَمَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ. السُّنُونَ وَلَا أَحَدَ يَدَّعِي بُطْلَانَ ذَلِكَ لَكَانَ حَوْزًا. قِيلَ لِسَحْنُونٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مُقِرًّا فِي حَيَاتِهِ أَنَّ فُلَانًا مَوْلَاهُ فَلَمَّا مَرِضَ قَالَ فُلَانٌ ابْنُ عَمِّي لِرَجُلٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ قَالَ ابْنُ عَمِّي وَلَمْ يَقُلْ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ وَالْمِيرَاثِ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ انْعَقَدَ لَهُ الْوَلَاءُ قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ مَوْلَايَ فِي مَرَضٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فُلَانٌ ابْنُ عَمِّي لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ لِلْمَوْلَى وَلَا يَكُونُ لِلَّذِي أَقَرَّ بِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ شَيْءٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَارِثٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لَا يَرِثُهُ الْمُقَرُّ بِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْمَعْرُوفُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِإِرْثِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ إقْرَارُ مَنْ لَهُ وَارِثٌ يُحِيطُ بِإِرْثِهِ وَلَوْ بِوَلَاءٍ لَغْوٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُحِطْ كَذِي بِنْتٍ فَقَطْ، فَفِي إعْمَالِ إقْرَارِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مِنْ الِاسْتِلْحَاقِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا وَسَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ وَالْبَاجِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَأَصْبَغَ وَأَوَّلِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَثَانِيهِمَا مَعَ أَشْهَبَ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا قُوَّةُ الْقَوْلِ بِالْإِرْثِ، وَإِنْ جَعَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ شَاذًّا لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَزَا مُقَابِلَهُ لِسَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي مَعَ أَشْهَبَ، وَعَزَا الْقَوْلَ بِالْإِرْثِ لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ. وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَقَالَ بِهِ الْعَمَلُ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ هُوَ شَاذٌّ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي زَمَانِهِ قَائِلًا لَيْسَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْوَارِثِ وَعَدَمِهِ، إنَّمَا هُوَ يَوْمَ مَوْتِ الْمُقِرِّ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَالَهُ أَصْبَغُ فِي نَوَازِلِهِ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَهُ. الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمِيرَاثَ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 487 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَوْلٍ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ قَدْ قِيلَ إنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُتَوَفَّى حَقٌّ وَيَقُومُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْوَلَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ كَانَ يُفْتِي بِهِ، وَحَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ آخِرَ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَصَلَ فِي ثَالِثِهَا بَيْنَ بَيَانِ الْمُقِرِّ وَجْهَ اتِّصَالِ نَسَبِهِ بِالْمُقَرِّ لَهُ فِي رَجُلٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَمِينَ وَعَدَمِهِ فَتَجِبُ الْيَمِينُ. الرَّابِعُ: إنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ وَجْهَ نِسْبَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ هَذَا أَخِي شَقِيقِي أَوْ لِأَبِي أَوْ لِأُمِّي فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَجْمَلَ كَقَوْلِهِ هَذَا أَخِي أَوْ ابْنُ عَمِّي فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي أَقُولُ بِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ فُلَانٌ وَارِثِي وَلَمْ يُفَسِّرْ حَتَّى مَاتَ أَنَّ لَهُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَنْ يَرِثُهُ مِمَّنْ لَا يَرِثُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَرِثُهُ بِقَوْلِهِ فُلَانٌ وَارِثِي حَتَّى يَقُولَ عَمِّي أَوْ ابْنُ عَمِّي الشَّقِيقُ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ مَوْلَايَ أَعْتَقَنِي أَوْ أَبِي أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَنِي أَوْ مَا أَشْبَهَ، وَكَذَا إنْ قَالَ فُلَانٌ أَخِي قَاصِدًا لِلْإِشْهَادِ لَهُ بِالْمِيرَاثِ، كَقَوْلِهِ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ هَذَا أَخِي يَرِثُنِي، أَوْ يُقَالُ لَهُ هَلْ لَك وَارِثٌ فَيَقُولُ نَعَمْ هَذَا أَخِي وَشِبْهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ قَالَ عَلَى غَيْرِ سَبَبٍ هَذَا أَخِي أَوْ فُلَانٌ أَخِي فَلَا يَرِثُ إلَّا السُّدُسَ لِاحْتِمَالِهِ كَوْنَهُ أَخَاهُ لِأُمِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ فُلَانٌ أَخِي أَوْ هَذَا أَخِي، وَإِنَّمَا سَمِعُوهُ يَقُولُ يَا أَخِي فَلَا يَجِبُ لَهُ بِذَلِكَ مِيرَاثٌ، لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَقُولُ أَخِي أَخِي لِمَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَالسُّنُونَ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَدْعُو صَاحِبَهُ بِاسْمِ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ فَيَتَوَارَثَانِ. الْخَامِسُ: إنْ مَاتَ الْمُقَرُّ بِهِ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ ثُمَّ مَاتَ الْمُقِرُّ وَقَامَ أَوْلَادُ الْمُقَرِّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ فَلَا يَجِبُ لَهُمْ بِهِ مِيرَاثُ الْمُقِرِّ، إذَا لَمْ يُقِرَّ لِلْمَيِّتِ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا حِينَ مَوْتِهِ فَوَلَدُهُ الذُّكُورُ بَنُو ابْنِ عَمِّهِ وَوَرَثَتُهُ الْمُحِيطُونَ بِمِيرَاثِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ. ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ إنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْمُقِرَّ وَإِنْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ وَابْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَتَّابٍ أَفْتَوْا بِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسُ: ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ إذَا كَانَ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ، الْإِقْرَارُ بِوَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهَا وَلَدٌ، فَإِنْ أَقَرَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 488 وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ: أَحَدُهُمْ وَلَدِي: عَتَقَ الْأَصْغَرُ، وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ، وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ   [منح الجليل] بِوَلَدٍ لَحِقَ بِهِ نَسَبُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ الْوَلَدِ فَلَا يَحِقُّ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ الْوَلَدُ فَيَكُونَ هُوَ مُسْتَلْحِقَهُ، أَوْ يَكُونَ قَدْ عَرَّفَهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ فَيَكُونَ اسْتَلْحَقَ هُوَ الْوَلَدَ، وَإِذَا أَقَرَّ بِأَبٍ فَلَا يُلْحَقُ وَيَرِثُهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ فَيَكُونَ الْأَبُ هُوَ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِجَدٍّ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْجَدُّ بِابْنِهِ، وَيُقِرَّ أَبُوهُ بِهِ، فَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ اسْتَلْحَقَ ابْنَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ فَإِقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ يَرْفَعُ تُهْمَةَ إقْرَارِهِ بِهَا فَتَرِثُهُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَلَا عُرِفَتْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. السَّابِعُ: إنْ أَقَرَّ هَذَا الْمُشْهِدُ لِآخَرَ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ نَفَذَ إقْرَارُهُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ الثَّانِي، قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ. الثَّامِنُ: إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ وَدُفِعَ الْمِيرَاثُ لِلْمُسْتَلْحِقِ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورِينَ ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَلْحِقِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ قَالَ) الْمُكَلَّفُ (لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ) الثَّلَاثَةِ أَيْ فِي شَأْنِهِمْ (أَحَدُهُمْ) أَيْ أَوْلَادِ الْأَمَةِ (وَلَدِي) وَمَاتَ الْقَائِلُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَلَدَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ (عَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ الْوَلَدُ (الْأَصْغَرُ) كُلُّهُ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُقَرَّ بِهِ وَعِتْقُهُ ظَاهِرٌ، أَوْ كَانَ غَيْرَهُ وَعَتَقَهُ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ، وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ أَمَةٍ فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ (وَ) عَتَقَ (ثُلُثَا) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَاللَّامِ أَوْ سُكُونِهَا مُثَنَّى ثُلُثٍ، كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْوَلَدِ (الْوَسَطِ) لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرَيْنِ كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ وَكَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَكْبَرَ وَرُقَّ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ الْأَصْغَرَ (وَ) عَتَقَ (ثُلُثُ) الْوَلَدِ (الْأَكْبَرِ) لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ وَرُقَّ بِتَقْدِيرَيْنِ كَوْنُهُ الْأَوْسَطَ أَوْ الْأَصْغَرَ. سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي فَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ اسْتَلْحَقَ الْكَبِيرَ فَالْأَوْسَطُ وَالصَّغِيرُ حُرَّانِ بِحُرِّيَّةِ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 489 وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ: فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ   [منح الجليل] الْأَوْسَطَ فَالصَّغِيرُ حُرٌّ، وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرَ فَالْكَبِيرُ وَالْأَوْسَطُ عَبْدَانِ فَفِيهِمَا الشَّكُّ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَرَادَ الْأَكْبَرَ فَكُلُّهُمْ أَحْرَارٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَوْسَطَ فَهُوَ وَالصَّغِيرُ حُرَّانِ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَصْغَرَ فَهُوَ حُرٌّ وَحْدَهُ فَالْأَصْغَرُ لَا تَجِدُهُ إلَّا حُرًّا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَالْأَوْسَطُ ثَابِتُ الْعِتْقِ فِي حَالَيْنِ، وَيُرَقُّ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَالْأَكْبَرُ ثَابِتُ الْعِتْقِ فِي حَالٍ، وَيُرَقُّ فِي حَالَيْنِ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْتَقُونَ كُلُّهُمْ بِالشَّكِّ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ. الْحَطّ هَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ، وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا أَنَّ الْأَصْغَرَ حُرٌّ بِلَا خِلَافٍ، وَفِي الْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا، قَالَ لِأَنَّا نُحِيطُ عِلْمًا بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَمِلْهُ لَفْظُهُ، وَالثَّانِي الْقُرْعَةُ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ أَيْضًا لِلشَّكِّ، وَخَرَّجَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ إلَخْ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. (فَرْعٌ) فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي هَذَا. (فَرْعٌ) فِيهَا أَيْضًا لَا مِيرَاثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، إذْ قَدْ صَحَّ الْمِيرَاثُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَدْرِ لِمَنْ هُوَ، فَإِنْ ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ إيمَانِهِمْ إنْ حَلَفُوا جَمِيعًا أَوْ نَكَلُوا، فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ اُخْتُصَّ بِهِ، وَإِنْ قَالُوا لَا عِلْمَ عِنْدَنَا كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ أَرَادَ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ وَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ كَانَ لَهُ حَظُّهُ مِنْ الْإِرْثِ وَيُوقَفُ حَظُّ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ فَإِنْ عَتَقَ أَخَذُوهُ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ رُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ) أَيْ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ قَالَ فِي شَأْنِهِمْ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَلَدٍ مِنْ أَمَةٍ (فَوَاحِدٌ) مِنْهُمْ حُرٌّ (بِالْقُرْعَةِ) وَأُمُّهُ حُرَّةٌ تَبَعٌ لَهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 490 وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَا عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ،   [منح الجليل] سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ لِأُمٍّ، فَقَالَ فِي مَرَضِهِ أَحَدُهُمْ ابْنِي وَمَاتَ فَقَوْلُ الرُّوَاةِ كَقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ فَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ، مِنْهَا قَوْلٌ وَاحِدٌ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ، وَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِغَيْرِهِمَا، وَأَحَدُ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَتَرَكَ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانُوا مُفْتَرِقِينَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَمَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ فِي عِتْقِ أَحَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ أَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَالثُّلُثُ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَالرُّبُعُ ثَالِثُهَا لِلْوَرَثَةِ تَعْيِينُ أَحَدِهِمْ لِلْعِتْقِ، وَرَابِعُهَا يُعْتَقُ مِنْهُمْ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ، وَخَامِسُهَا إنْ اتَّفَقَ الْوَرَثَةُ فَالثَّالِثُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ، وَسَادِسُهَا وَإِلَّا فَالثَّانِي الثَّلَاثَةُ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَالرَّابِعُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَالْأَخِيرَانِ لِسَحْنُونٍ، وَسَابِعُهَا عَتَقَ جَمِيعُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْعِتْقِ بِالشَّكِّ، وَثَامِنُهَا وَقْفُ الْوَرَثَةِ عَنْ جَمِيعِهِمْ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ يَعْتِقُوهُ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ بَقِيَ يُعْتَقُ فَيُؤْمَرُونَ بِهِ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّكّ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْيَقِينِ. (وَإِذَا وَلَدَتْ) حُرَّةٌ (زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ) رَجُلٍ (آخَرَ) نَزَلَ بِهَا ضَيْفًا عِنْدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَمَةُ زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَتُهُ (وَاخْتَلَطَا) أَيْ الْوَلَدَانِ وَلَمْ تَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَهَا أَوْ تَدَاعَيَتَا أَحَدَهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ (عَيَّنَتْهُ) أَيْ الْوَلَدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا (الْقَافَةُ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ، أَيْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعَرَبِ خَصَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِالشَّبَهِ فِي الْخِلْقَةِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ آخَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا فَلَا قَافَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَشَمِلَ مَنْطُوقُهُ مَسْأَلَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ إحْدَاهُمَا نَزَلَ ضَيْفٌ بِأَمَتِهِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ، أَوْ نَزَلَ الضَّيْفُ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ أَمَةٌ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَلِدَ أَمَةٌ زَوْجَةً لِرَجُلٍ وَأَمَتَهُ. " ق " أَشْهَبُ مَنْ نَزَلَ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ هِيَ وَامْرَأَةُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 491 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الضَّيْفِ فِي لَيْلَةٍ صَبِيَّيْنِ وَلَمْ تَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَهَا دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ وَنَفَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ مَا سِوَاهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ كَأَمَةِ الشَّرِيكَيْنِ يَطَأْنَهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَلِدُ وَلَدًا يَدَّعِيَانِهِ مَعًا. الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَفَرَضَهَا كَمَا فَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ فِي زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَةِ آخَرَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَبِيًّا بِعَيْنِهِ غَيْرَ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ، وَيُلْحِقَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَنْفِيَ الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُلْحَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ادَّعَاهُ. وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا وَلَدِي وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ، وَلَوْ أَرَادَا فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدًا يَكُونُ ابْنَهُ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَدَّعِي عِلْمَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ، وَتُدْعَى الْقَافَةُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ، أَنْ يَدَّعِيَا جَمِيعًا صَبِيًّا مُعَيَّنًا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ هَذَا وَلَدِي وَيَنْفِيَانِ الْآخَرَ عَنْهُمَا، وَالْوَاجِبُ فِي هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ، إذْ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَنْفِيَا الْآخَرَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ ابْنُ أَحَدِهِمَا. وَاَلَّذِي ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ اهـ. وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْقَافَةَ يُحْكَمُ بِهَا فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ هِيَ قُوَّةُ الْفِرَاشِ فِي النِّكَاحِ فَيُلْحَقُ الْوَلَدُ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ، وَذَلِكَ مَعْدُومٌ هُنَا، إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِصِحَّتِهِمَا جَمِيعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبُرْزُلِيُّ إذَا عُدِمَتْ الْقَافَةُ، فَإِذَا كَبِرَ الْوَلَدُ وَإِلَى أَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا إذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَى الْقَافَةِ أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَرِثَاهُ وَإِذَا مَاتَا وَرِثَهُمَا مَعًا. الثَّانِي: الْقَرَافِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَائِفِ كَوْنُهُ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، فَإِذَا كَانَ فِي أَيِّ عَصْرٍ مَنْ أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الْخَاصَّةَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُدْلِجٍ، الْآبِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 492 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَقِيُّ الدِّينِ، اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي اخْتِصَاصِ الْقَافَةِ بِبَنِي مُدْلِجٍ وَعَدَمِهِ، لِأَنَّ الْمُرَاعَى فِيهَا إنَّمَا هُوَ إدْرَاكُ الشَّبَهِ وَهُوَ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِمْ، وَيُقَالُ إنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قُوَّةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ، وَكَانَ يُقَالُ فِي عُلُومِ الْعَرَبِ ثَلَاثَةٌ: السِّيَافَةُ وَالْعِيَافَةُ، وَالْقِيَافَةُ فَالسِّيَافَةُ شَمُّ تُرَابِ الْأَرْضِ وَالْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ وَالطِّيَرَةِ وَالتَّفَاؤُلِ وَنَحْوِهِمَا وَالْقِيَافَةُ اعْتِبَارُ الشَّبَهِ فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ اهـ. الثَّالِثُ: طفي قَوْلُ تت الثَّانِيَةُ إذَا وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ جَارِيَةً وَأَمَتُهُ جَارِيَةً أَيْ أَمَةُ رَجُلٍ آخَرَ غَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ شَاسٍ، وَإِلَّا فَلَا قَافَةَ وَنَصَّ ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ غُلَامًا وَأَمَتُهُ غُلَامًا وَمَاتَا فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا ابْنِي وَلَمْ أَعْرِفْهُ دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ، فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لَحِقَ بِهِ، وَيُلْحَقُ الْآخَرُ بِالْآخِرِ اهـ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَأَمَتِهِ أَيْ الرَّجُلِ لَا بِقَيْدِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ غُلَامًا وَأَمَةُ آخَرَ غُلَامًا وَمَاتَتَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَلَدِي وَلَا أَعْرِفُهُ إلَخْ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْفَرْضِ، إذْ لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَا قَافَةَ لِاتِّحَادِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَلَا يَشْمَلُهَا قَوْلُهُ أَمَةُ آخَرَ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ خِلَافَ مَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ لَمْ يُرِدْ بِهِ إلَّا وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا الرَّقِيقَ، وَقَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِزَوْجَةِ رَجُلٍ مَا هُوَ أَعَمُّ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ، إذَا الْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ كَالْحُرَّةِ الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُيَسِّرٍ مَنْ وَضَعَتْ زَوْجَتُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ فِي لَيْلَةٍ ابْنًا وَبِنْتًا وَجُهِلَتْ مَنْ وَلَدَتْ الِابْنَ وَكِلْتَاهُمَا تَدَّعِيهِ فَنَسَبُهُمَا مَعًا ثَابِتٌ يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَافَةَ تُلْحِقُ الْأَبْنَاءَ بِالْأُمَّهَاتِ، فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ أَنَّهُمْ يُلْحِقُونَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِوَلَدِهَا اهـ. وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ " ز "، أَنَّ الْمَسَائِلَ أَرْبَعٌ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ إنْ اتَّحَدَ الْوَلَدُ وَتَعَدَّدَ الْأَبُ، وَثَلَاثٌ يُسَوَّى فِيهِنَّ الْإِمَاءُ وَالْحَرَائِرُ، وَهُوَ تَعَدُّدُ الْوَلَدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، أَوْ مَعَ تَعَدُّدِ الْأُمِّ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَقُولُ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى إذَا حَمَلَ عَلَى زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَةِ آخَرَ كَانَ عَيْنَ فَرْعِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَا قَافَةَ لِاتِّحَادِ الْأَبِ مَمْنُوعٌ، إذْ وَلَدُ الزَّوْجَةِ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 493 وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تُلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا   [منح الجليل] الرَّقِيقَةِ رِقٌّ لِسَيِّدِهَا وَوَلَدُ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ حُرٌّ فَتُدْعَى الْقَافَةُ لِتُمَيِّزَ الْحُرَّ مِنْ الرَّقِيقِ، وَإِنْ اتَّحَدَ أَبُوهُمَا، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُحُوقِ نَسَبِهِمَا بِأَبِيهِمَا وَاتِّحَادِهِ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِلْقَافَةِ. إذْ يُحْتَاجُ لَهَا لِتُعَيِّنَ لِكُلِّ أُمٍّ وَلَدَهَا كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (فِيمَنْ) أَيْ امْرَأَةٍ أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْ بِنْتًا وَخَشِيَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِرَاقَهَا لِكَرَاهَتِهِ الْبِنْتَ فَطَرَحَتْهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا، عَسَى أَنْ يَلْتَقِطَهَا مَنْ يُرَبِّيهَا فَلَمَّا حَضَرَ زَوْجُهَا أَلْزَمَهَا بِالْإِتْيَانِ بِهَا فَذَهَبَتْ لَهَا فَ (وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا) الَّتِي طَرَحَتْهَا بِنْتًا (أُخْرَى) وَلَمْ تَعْرِفْ بِنْتَهَا مَنْ هِيَ مِنْهُمَا فَ (لَا تُلْحَقُ بِهِ) أَيْ الزَّوْجِ (وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٌ. وَقَالَ سَحْنُونٌ تُدْعَى الْقَافَةُ لِتُلْحِقَ بِهِ إحْدَاهُمَا " ق " الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُيَسِّرٍ مَنْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ الْحَامِلِ إنْ وَلَدَتْ الْمَرَّةَ جَارِيَةً لَأَغِيبَنَّ عَنْكِ غَيْبَةً طَوِيلَةً، فَوَلَدَتْ جَارِيَةً فِي سَفَرِهِ فَبَعَثَتْ بِهَا خَادِمَهَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ لِتَطْرَحَهَا عَلَى بَابِ قَوْمٍ فَفَعَلَتْ، فَتَقَدَّمَ زَوْجُهَا فَوَافَى الْخَادِمَ رَاجِعَةً، فَأَنْكَرَ خُرُوجَهَا لَيْلًا وَحَقَّقَ عَلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَرَدَّهَا لِتَأْتِي بِالصَّبِيَّةِ فَوَجَدَتْ صَبِيَّتَيْنِ فَأَتَتْ بِهِمَا فَأَشْكَلَ عَلَى الْأُمِّ أَيُّهُمَا هِيَ مِنْهُمَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُلْحَقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ. وَقَالَ سَحْنُونٌ تُدْعَى الْقَافَةُ لَهُمَا، وَبِهِ أَقُولُ الْحَطّ كَذَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا وَنَسَبَهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، لَكِنْ زَادَ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَافَةُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ كَأَنَّهُ أَتَى بِهَذَا الْفَرْعِ إثْرَ الْأَوَّلِ إشَارَةً إلَى تَعَارُضِهِمَا فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى تَخْرِيجِ الْخِلَافِ مِنْ الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَى، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ. تت قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهُمَا التَّعَارُضُ، أَيْ لِأَنَّهُمْ أَعْمَلُوا الْقَافَةَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ عَدَمَ إعْمَالِهَا فِي هَذِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْبِنْتِ الْأُخْرَى بِنْتَ حُرَّةٍ، وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ اهـ. طفي ظَاهِرُهُ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 494 وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ   [منح الجليل] أَنَّ الْقَائِلَ بِنَفْيِ الْقَافَةِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ قَالَهُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَحِلُّ الْكَلَامِ فِي مُتَزَوِّجَةٍ فِي عِدَّتِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا بِيعَتْ بَعْدَ وَطْئِهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ وَوَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ دَعَتْ لَهُ الْقَافَةَ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ حَيْضِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَالثَّانِي لَا فِرَاشَ لَهُ، هَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي هَذَا الْفَرْضِ فَقَطْ، وَمُرَادُهُمْ الْمُتَزَوِّجَاتُ وَلَوْ كُنَّ إمَاءً لِأَنَّهُنَّ لَهُنَّ فِرَاشٌ حِينَئِذٍ. أَمَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْفَرْضِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ، وَمِنْهُ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقَامُ مِنْهُ الْقَافَةُ فِي الْحَرَائِرِ لِأَنَّ مَا اعْتَلَّ بِهِ التَّفْرِقَةُ وَهُوَ قُوَّةُ فِرَاشِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا مَزِيَّةَ فِي هَذِهِ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ اهـ، ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ لَك أَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَى الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَأَنَّ الْمُعَارَضَةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا قَالَ " ح " وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ لَا تَكُونُ الْقَافَةُ بَيْنَ، الْحَرَائِرِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فَقَطْ كَمَا سَبَقَ إلَى ذِهْنِ كُلِّ قَاصِرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ إلَخْ، إذْ مَوْضُوعُهَا فِي الْأَمَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكَانِ كَمَا ذَكَرْت لَك عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَا تَدْخُلُ فِي الْحُرَّةِ يَطَؤُهَا الزَّوْجَانِ فَمُرَادُهُمْ لَا تَدْخُلُ فِي الْحَرَائِرِ أَيْ الْحُرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَالْمُرَادُ كَمَا سَبَقَ الْمُتَزَوِّجَةُ وَلَوْ أَمَةً مَا عَدَا هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرَائِرِ، وَالْإِمَاءِ فَتَدْخُلُ فِي الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ زَوْجٌ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَكَذَا بَيْنَ الْأَمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِسَيِّدِهَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ، إذْ فِي هَذَا كُلِّهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ) فِي الْإِلْحَاقِ (عَلَى) مُشَابَهَةِ (أَبٍ) حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ (لَمْ يُدْفَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ لَا عَلَى شَبَهِ عَصَبَةِ الْأَبِ الْمَدْفُونِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ قَالَهُ تت. " ق " سَحْنُونٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ إلَّا لِأَبٍ حَيٍّ، فَإِنْ مَاتَ فَلَا كَلَامَ لِلْقَافَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَرَابَتِهِ إذْ لَا تُعْتَمَدُ عَلَى شَبَهِ غَيْرِ الْأَبِ. الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي قَصْرِ الْقَافَةِ عَلَى الجزء: 6 ¦ الصفحة: 495 وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ، ثَبَتَ النَّسَبُ، وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ   [منح الجليل] الْوَلَدِ الْحَيِّ وَعُمُومِهَا فِيهِ حَيًّا وَمَيِّتًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِهَا عَلَى الْوَلَدِ حَيًّا، وَعُمُومِهَا فِيهِ حَيًّا وَمَيِّتًا سَمَاعُ أَصْبَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ وَضَعَتْهُ تَامًّا مَيِّتًا فَلَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ. قُلْت يُحْتَمَلُ رَدُّهُمَا إلَى وِفَاقٍ لِأَنَّ السَّمَاعَ فِيمَنْ وُلِدَ مَيِّتًا، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِيمَنْ وُلِدَ حَيًّا وَلَمْ أَقِفْ لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى نَقْلِ خِلَافٍ فِيهَا. فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْقَائِفِ الْوَاحِدِ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ. (وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ) مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ (بِثَالِثٍ) مُسَاوٍ لَهُمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَابْنٍ أَوْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ (ثَبَتَ النَّسَبُ) وَالْمِيرَاثُ مِنْ الْمَيِّتِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ غَيْرُ عَدْلَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إجْمَاعًا، حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: تَعْبِيرُهُ بِأَقَرَّ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ زَرْقُونٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، صَوَابُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَالْحُوفِيُّ إنْ شَهِدَ وَارِثَانِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِمَا يَظُنُّهُ دُونَ تَحْقِيقٍ وَلَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ. الثَّانِي: يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمِيرَاثُ بِعَدْلَيْنِ أَجْنَبِيَّيْنِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بِثَالِثٍ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ قَالَهُ تت " ق " أَيْ نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَأَخَذَ جَمِيعُ مُورِثِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا، أَوْ لِأَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ غَيْرُ عُدُولٍ، أَوْ لِأَنَّهُنَّ نِسَاءٌ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ بِسُفَهَاءَ فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ. وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي يَغْرَمُونَهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ إلَى أَنَّ الْمُقِرَّ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ مَا يَجِبُ لَهُ فِي مَالِ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ فِي الْإِنْكَارِ يَدْفَعُهُ إلَى الْمُقَرِّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَفْضِلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ. (وَ) إنْ أَقَرَّ (عَدْلٌ) وَاحِدٌ (يَحْلِفُ) الْمُقَرُّ بِهِ (مَعَهُ) أَيْ الْعَدْلُ الْمُقِرُّ (وَيَرِثُ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 496 وَلَا نَسَبَ وَإِلَّا فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ، كَالْمَالِ، وَهُوَ أَخِي   [منح الجليل] الْمَيِّتُ مَعَ الْمُقِرِّ (وَ) الْحَالُ (لَا نَسَبَ) ثَابِتٌ لَهُ بِإِقْرَارِ الْعَدْلِ وَحَلِفِهِ مِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَالطُّرْطُوشِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالذَّخِيرَةِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِنَقْلِ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ الْعَدْلَ كَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ، إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ بِإِقْرَارٍ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا مَا فِي وَلَاءِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّتْ ابْنَتَانِ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ أَبَاهُمَا وَهُمَا عَدْلَتَانِ حَلَفَ وَوَرِثَ الْبَاقِيَ عَنْهُمَا قَالَهُ تت. " غ " قَوْلُهُ وَعَدْلٌ يَحْلِفُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ قَدْ سَلَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ قَوْلُهُ آخِرَ كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأُخْتٍ لَهُ فَلْيُعْطِهَا خُمُسَ مَا بِيَدِهِ وَلَا تَحْلِفُ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ الْمُقِرِّ بِهَا لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ الْبَاجِيَّ وَافَقَ عَلَى هَذَا فِي بَابِ مِيرَاثِ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ، وَخَالَفَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ فَقَالَ مَنْ تَرَكَ وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ شَهَادَتِهِ، وَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ وَلَا تَثْبُتُ نِسْبَتُهُ وَاتَّبَعَهُ عَلَى هَذَا الطُّرْطُوشِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَضَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ الْبِنْتَانِ أَنَّ فُلَانًا مَوْلَى أَبِيهِمَا وَهُمَا عَدْلَتَانِ حَلَفَ مَعَهُمَا وَوَرِثَ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَحَقَّ مِنْهُ مِنْ وَلَاءٍ وَلَا عَصَبَةٍ وَلَا وَلَدٍ مَعْرُوفٍ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءَ، وَبِمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَعَصَبَةً فَأَقَرَّتْ الْبِنْتَانِ بِأَخٍ فَإِنْ لَمْ تَكُونَا عَدْلَتَيْنِ أَعْطَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ رُبُعَ مَا بِيَدِهَا، وَإِنْ كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ حَلَفَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخَذَ تَمَامَ النِّصْفِ مِنْ الْعَصَبَةِ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى هَذَا الْقَوْلَ قَدْ انْتَعَشَ، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ عَدْلًا (فَحِصَّةُ) الشَّخْصِ (الْمُقِرِّ) بِوَارِثٍ (كَالْمَالِ) الْمَتْرُوكِ أَيْ كَأَنَّهَا جَمِيعُ التَّرِكَةِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ بِهِ، فَإِنْ كَانَا وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ النِّصْفُ فَيُقَدَّرُ أَنَّهُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ، وَيُقْسَمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَيَنُوبُ الْمُقَرَّ بِهِ ثُلُثُهُ فَيَأْخُذُ وَثُلُثَاهُ لِلْمُقِرِّ. (وَ) إنْ قَالَ أَحَدُ عَاصِبِي مَيِّتٌ (هَذَا) الشَّخْصُ الثَّالِثُ (أَخِي) وَأَنْكَرَهُ أَخُوهُ ثُمَّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 497 بَلْ هَذَا، فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ وَإِنْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا، فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ، فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ   [منح الجليل] أَضْرَبَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ لِهَذَا الثَّالِثِ وَقَالَ (بَلْ هَذَا) لِشَخْصٍ آخَرَ رَابِعٍ أَخِي (فَلِلْ) مُقَرِّ بِهِ الـ (أَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ) أَيْ الْمُقِرِّ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِهِ وَإِضْرَابُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُهُ لِأَنَّهُ بَعُدَ نَدَمًا (وَلِلْ) مُقَرِّ بِهِ (الثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ) بِيَدِ الْمُقِرِّ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِهِ، فَإِنْ أَضْرَبَ عَنْ الثَّانِي أَيْضًا لِثَالِثٍ فَلَهُ نِصْفُ مَا بَقِيَ، وَهَكَذَا " ق " سَحْنُونٌ لَوْ تَرَكَ وَلَدًا وَاحِدًا فَقَالَ لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ هَذَا أَخِي، بَلْ هَذَا أَخِي فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ مَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَقِبَلِي لَهُ جَمِيعُهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا أَصَحُّ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ لَهُ أَنْتَ أَتْلَفْت عَلَيَّ مُورِثِي وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالْأَخِ ثَانِيًا إنَّمَا أَقَرَّ بِمَا بِيَدِهِ حِينَ شَرَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْإِرْثِ فَكَانَ كَإِقْرَارِ وَارِثٍ مَعَهُ وَارِثٌ بِوَارِثٍ. (وَإِنْ تَرَكَ) مَيِّتٌ (أُمًّا وَأَخًا) ثَابِتَيْنِ (فَأَقَرَّتْ) الْأُمُّ (بِأَخٍ) آخَرَ لِلْمَيِّتِ وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّابِتُ (فَلَهُ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ (مِنْ) حِصَّتِ (هَا) أَيْ الْأُمِّ مِنْ تَرِكَةِ ابْنِهَا (السُّدُسُ) لِاعْتِرَافِهَا لَهُ بِهِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْمُنْكِرِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الثُّلُثَ كَلَامٌ لِلْأُمِّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ أَخَاهُ وَأُمَّهُ فَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ أَخْرَجَتْ الْأُمُّ نِصْفَ مَا بِيَدِهَا وَهُوَ السُّدُسُ قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " فِي الْمُوَطَّإِ، وَعَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَلْحَقُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ هُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخِ الْآخَرِ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ. مُحَمَّدٌ الْأَوَّلُ قَوْلُنَا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَذَكَرَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْقَوْلَ الَّذِي أَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ يَأْخُذُ الْمُقَرُّ بِهِ نِصْفَ السُّدُسِ وَنِصْفُهُ لِلْمُنْكِرِ قُلْت تَقَدَّمَ لَنَا فِي اخْتِصَارُ الْحُوفِيَّةِ أَنَّ فِي كَوْنِ نِصْفِ مَا بِيَدِ الْأُمِّ لِلْمُقَرِّ بِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخِ الثَّابِتِ نِصْفَيْنِ. ثَالِثُهَا يُوقَفُ نِصْفُ الثَّابِتِ، فَإِنْ صَدَّقَ الْأُمَّ عُمِلَ عَلَى تَصْدِيقِهِ. وَرَابِعُهَا يُوقَفُ عَلَى إقْرَارِهَا، فَإِنْ صَدَقَهَا عُمِلَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهَا كَانَ السُّدُسُ لِلْمُقَرِّ بِهِ، الجزء: 6 ¦ الصفحة: 498 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَإِنْ شَكَّ كَانَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ، هَذَا نَقْلُ الْحَوفِيِّ، وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ الْأَوَّلَ لِلْقِرَاضِ وَمَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَاخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ، وَالثَّالِثُ لِسَحْنُونٍ، وَلَمْ يَحْفَظْ الرَّابِعَ، قَالَ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ نِصْفَ السُّدُسِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيفِهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ نَقْلِ الشَّيْخِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنَّهُ مَسْأَلَةُ مَنْ تَرَكَ أَخَاهُ وَأُمَّهُ وَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ مَنْصُوصَةٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ فِي الْمُوَطَّإِ بِحَالٍ، وَإِنَّمَا فِي الْمُوَطَّإِ كَوْنُ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُقِرِّ إعْطَاءَهُ عَلَى إقْرَارِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَيْنِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ الْمُقِرَّةِ بِأَخٍ فَفَهِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا مُمَاثِلَةٌ لِمُطْلَقِ سَائِرِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ الْمَذْكُورِ حُكْمُهَا فِي الْمُوَطَّإِ، فَنَقَلُوا فِيهَا قَوْلَهُ فِي الْمُوَطَّإِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ عِنْدِي عَدَمُ مُمَاثَلَةِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ لِمُطْلَقِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ، فَلَا يَصِحُّ عَزْوُهَا لِلْمُوَطَّأِ وَلَا ثُبُوتُ أَقْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ فِي مُطْلَقِ وَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى ذِكْرِهَا. الْحُوفِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ مُطْلَقِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَبَيَانُ عَدَمِ مُمَاثَلَتِهَا مُطْلَقَ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ إقْرَارِ الْأُمِّ بِأَخٍ ثَانٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ بِهَا مُنَاسِبٌ لِتَوَجُّهِ مُنَازَعَةِ الْمُنْكِرِ فِي فَضْلِ إقْرَارِ الْأُمِّ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دُونِي أَخَذَتْ الثُّلُثَ وَبَيْتُ الْمَالِ الثُّلُثَيْنِ، فَإِنْ أَقَرَّتْ لَك مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي إقْرَارِهَا بِك فَضْلٌ عَلَى إنْكَارِهَا تَسْتَحِقُّهُ أَنْتَ، وَلَمَّا لَمْ تَنْفَرِدْ دُونِي كَانَ وُجُودِي سَبَبًا فِي تَقَرُّرِ الْفَضْلِ، فَيَجِبُ فِيهِ حَقٌّ بِتَبَرُّئِهَا مِنْهُ، وَهَذِهِ الْحُجَّةُ مُنَاسِبَةٌ لِمُقَاسَمَةِ الْأَخِ الثَّابِتِ الْأَخَ الْمُقَرَّ بِهِ فِي الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ، وَلَا تُقَرَّرُ هَذِهِ الْحُجَّةُ لِلْمُنْكِرِ فِي مُطْلَقِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ، ثُمَّ وَقَفْت لِلْمَازِرِيِّ عَلَى مَا يُشِيرُ لِمَا أَبْدَيْنَاهُ مِنْ الْحُجَّةِ لِلْأَخِ الْمُنْكِرِ، وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْأُمِّ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا فَضَلَ بِإِقْرَارِهِ الْأُمُّ بَيْنَ الْمُنْكِرِ وَالْمُقَرِّ بِهِ بِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَحْتَجُّ بِأَنَّ لَهُ مُشَارَكَةً فِي خُرُوجِ هَذَا السَّهْمِ مِنْ يَدِ الْأُمِّ لِأَنَّهَا لَا تُحْجَبُ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلَّا بِأَخَوَيْنِ هُوَ أَحَدُهُمَا " غ " نَازَعَ الْبُنَانِيُّ فِي شَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّة. ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْبَحْثِ نَقِفُ عَلَيْهِ فِي مَحِلِّهِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 499 وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ، وَالْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ، فَهُنَّ أَحْرَارٌ، وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ   [منح الجليل] وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ) بَعْدَ إقْرَارِهِ فِي حَيَاتِهِ (بِأَنَّ فُلَانَةَ) كِنَايَةً عَنْ عَلَمٍ أُنْثَى كَسَعِيدَةٍ (جَارِيَتِهِ) أَيْ أَمَةِ الْمُقِرِّ (وَلَدَتْ مِنْهُ) أَيْ الْمُقِرِّ (فُلَانَةَ) كِنَايَةً عَنْ اسْمِ أُنْثَى كَمَسْعُودَةٍ، وَذَكَرَ هَذَا الِاسْمَ حِينَ إقْرَارِهِ (وَ) الْحَالُ (لَهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةُ (ابْنَتَانِ أَيْضًا) مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ (وَنَسِيَتْهَا) أَيْ الْبِنْتَ الْمُعَيَّنَةَ الْمُقَرَّ بِهَا (الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ) الشَّاهِدَةُ بِإِقْرَارِهِ، (فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ) أَيْ إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِوِلَادَةِ الْأَمَةِ مِنْهُ إحْدَى بَنَاتِهَا (الْوَرَثَةِ) وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ نَسُوا اسْمَهَا وَجَهِلُوا عَيْنَهَا (فَهُنَّ) أَيْ الْبَنَاتُ الثَّلَاثُ (أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ) أَيْ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ (مِيرَاثُ بِنْتٍ) وَاحِدَةٍ وَهُوَ النِّصْفُ لِتَحَقُّقِ بُنُوَّةِ إحْدَاهُنَّ، بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ لِجَهْلِ عَيْنِ مَنْ تَسْتَحِقُّهُ مِنْهُنَّ وَاسْتِوَائِهِنَّ فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِهِ كُلِّهِ (إلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ وَأَنْكَرُوهُ جُمْلَةً مَعَ نِسْيَانِ الْبَيِّنَةِ اسْمَهَا (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يَعْتِقُ شَيْءٌ) مِنْ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ اللَّاتِي أَقَرَّ بِأَنَّ إحْدَاهُنَّ بِنْتُهُ وَنُسِيَتْ، وَمَفْهُومُ وَنَسِيَتْهَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَنْسَهَا يُحْكَمُ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ، سَوَاءٌ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ أَوْ أَنْكَرُوا. " ق " مِنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتُهُ وَلَدَتْ مِنْهُ ابْنَتَهَا فُلَانَةَ وَلِلْأَمَةِ ابْنَتَانِ أُخْرَيَانِ سِوَى الْمُقَرِّ بِهَا فَمَاتَ وَأُنْسِيَتْ الْبَيِّنَةُ وَالْوَرَثَةُ اسْمَهَا، فَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ أَحْرَارٌ، وَلَهُنَّ مِيرَاثُ وَاحِدَةٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لِلْوَرَثَةِ بِذَلِكَ وَأُنْسِيَتْ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُنَّ، وَإِنْ قَالَ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا. وَقَوْلُهُ يُعْتَقْنَ كُلُّهُنَّ خِلَافُ قَوْلِهِ فِيمَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ فِي عَبِيدٍ لَهُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهُمْ ابْنِي، وَقَوْلُهُ إنْ جَحَدُوا لَا عِتْقَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إنْ لَمْ تَعْلَمْ الْبَيِّنَةُ أَيَّتَهنَّ هِيَ، هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 500 وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ، فَلَا يَرِثُهُ، وَوُقِفَ مَالُهُ، فَإِنْ مَاتَ، فَلِوَرَثَتِهِ، وَقُضِيَ دِينُهُ، وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ: أَخَذُوهُ.   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي بِأَنَّ تِلْكَ لَيْسَ فِيهَا وَارِثٌ يُكَذِّبُهُ، وَهَذِهِ فِيهَا وَرَثَةٌ تُكَذِّبُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. طفي فِيهِ نَظَرٌ لِمُعَارَضَةِ ابْنِ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا. وَقَوْله يُعْتَقْنَ كُلُّهُنَّ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي السَّابِقَةِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِتْقُهُنَّ كُلِّهِنَّ جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي السَّابِقَةِ يُعْتَقُ الْجَمِيعُ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَاهُمْ أَجْرَوْا هَذِهِ عَلَى خِلَافِ مَا أَجْرَوْا عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَلَوْ كَانَ الْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ تت لَمْ يَجْعَلُوا الْمُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا. الثَّانِي: الْحَطّ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَالَ إحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) الْمُكَلَّفُ (وَلَدًا) فِي صُورَةٍ يُلْحَقُ بِهِ فِيهَا (ثُمَّ أَنْكَرَهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ أَيْ نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ وَقَالَ لَيْسَ بِوَلَدِي (ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ) عَنْ مَالِ مُسْتَلْحِقِهِ حَيٍّ (فَلَا يَرِثُهُ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ لِنَفْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي إرْثِهِ (وَوُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَالُهُ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ (فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ) الَّذِي اسْتَلْحَقَ وَرَجَعَ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ (بِ) الْمَالِ الْوُقُوفِ (لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْأَبِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ (دَيْنُهُ) أَيْ الْأَبِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. (وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ الْأَبِ الَّذِينَ لَهُمْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَبُ (حَيٌّ أَخَذُوهُ) الجزء: 6 ¦ الصفحة: 501 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَيْ الْمَالَ الْمَوْقُوفَ إنْ كَانَ قَدْرَ دَيْنِهِمَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَإِلَّا أَخَذُوا مِنْهُ قَدْرَ دَيْنِهِمْ وَتَرَكُوا بَاقِيَهُ مَوْقُوفًا حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُسْتَلْحِقُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُوقَفُ ذَلِكَ الْمَالُ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَلْحَقُ صَارَ هَذَا الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ، وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوا ذَلِكَ الْمَالَ فِي دُيُونِهِمْ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ هَكَذَا قَالَ فِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ يُوقَفُ نَظَرٌ، وَالْوَاجِبُ كَوْنُ مِيرَاثِهِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَهُمْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهُمْ فِيهِ وَهُمْ لَا يُكَذِّبُونَهُ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيفِهِ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقْبَلَ رُجُوعُهُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ اسْتِلْحَاقِ ابْنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِرُجُوعِهِ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ. الثَّانِي: إنْ مَاتَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ اسْتِلْحَاقِ وَرَثَةِ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ وَاسْتِلْحَاقِهِ وَلَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِرُجُوعِهِ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ، ثُمَّ إنْ مَاتَ الِابْنُ وَرِثَهُ عَصَبَةُ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ. الثَّالِثُ: فِي الْمُقْنِعِ إذَا اسْتَلْحَقَ رَجُلٌ رَجُلًا لَحِقَ بِهِ نَسَبُ أَوْلَادِ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ، وَمَنْ نَفَى وَلَدَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ. الرَّابِعُ: يَجْتَمِعُ لُحُوقٌ لِلْوَلَدِ وَالْحَدُّ فِي مَسَائِلِ ضَابِطِهَا كُلُّ حَدٍّ يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ وَيَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ، فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ مَعَهُ وَكُلُّ حَدٍّ لَازِمٌ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتُ مَعَهُ مِنْهَا مَنْ أَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا فَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِاتِّهَامِهِ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ نَسَبِهِ وَيُحَدُّ وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّتِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهَا فَيُحَدُّ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى إحْدَى جَارِيَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي إحْدَاهُمَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ اخْتَارَ وَاحِدَةً ثُمَّ وَطِئَ الْأُخْرَى وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَيُحَدُّ وَيُلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ، وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا فَخَاصَمَهُ رَبُّهَا بِطَلَبِ ثَمَنِهَا فَقَالَ إنَّمَا أَوْدَعْتنِي إيَّاهَا وَأَمَّنْتنِي عَلَيْهَا فَيُحَدُّ الجزء: 6 ¦ الصفحة: 502 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَيَلْحَقُهُ وَلَدُهَا، وَمِنْهَا مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّ امْرَأَتِهِ وَأَوْلَدَهَا عَالِمًا فَيُحَدُّ، وَيَلْحَقُهُ وَلَدُهَا، وَذَكَرَهَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَالتَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْرِيمِهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا إيَّاهُ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَهُ فَهُوَ زِنًا مَحْضٌ لَا يُلْحَقُ مَعَهُ الْوَلَدُ وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِعِتْقِهَا عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ مُحَلِّلٍ عَالِمًا. وَمِنْهَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهَا خَامِسًا وَأَنَّهُ عَلِمَ حُرْمَتَهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهَا أَفَادَهَا الْحَطّ بِنُصُوصِهَا. الْخَامِسُ: السُّهَيْلِيُّ فِي شَرْحِ السِّيرَةِ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَخْبَرَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ تَوْبَتِهَا بِأَنَّهُ لِغَيْرِ رَشْدَةٍ لِيَتَعَفَّفَ عَنْ الْمِيرَاثِ، وَعَنْ نَظَرِ عَوْرَاتِهِمْ أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ابْنِ الزِّنَا أَنَّهُ شَرُّ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ أُوِّلَ بِوُجُوهٍ هَذَا أَقْرَبُهَا. اهـ. وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ إذَا عَمِلَ بِعَمَلِ وَالِدِيهِ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ الشَّعْبِيِّ وَلَدُ الزِّنَا خَيْرُ الثَّلَاثَةِ إذَا اتَّقَى اللَّهَ تَعَالَى، فَقِيلَ لَهُ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ شَرُّ الثَّلَاثَةِ، وَقَالَ هَذَا قَالَهُ كَعْبٌ لَوْ كَانَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ لَمْ تُنْظَرْ أُمُّهُ بِوِلَادَتِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّمَا قِيلَ شَرُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ شَرَّهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا اُنْتُظِرَ بِأُمِّهِ أَنْ تَضَعَهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَكْرِمُوا وَلَدَ الزِّنَا وَأَحْسِنُوا إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - هُوَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ أَحْسَنَ أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ، وَإِنْ أَسَاءَ عُوقِبَ وَقَالَ أَعْتِقُوا أَوْلَادَ الزِّنَا وَأَحْسَنُوا إلَيْهِمْ وَاسْتَوْصُوا بِهِمْ، أَفَادَهُ الْحَطّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 6 ¦ الصفحة: 503 (بَابٌ) الْإِيدَاعُ: تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ   [منح الجليل] [بَابٌ الْإِيدَاعُ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَعَرَّفَ الْمُصَنِّفُ مَصْدَرَهَا لِاسْتِلْزَامِ مَعْرِفَتِهَا مَعْرِفَتَهُ فَقَالَ (الْإِيدَاعُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (تَوْكِيلٌ) جِنْسٌ شَمِلَ سَائِرَ أَنْوَاعِهِ (بِحِفْظِ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ التَّوْكِيلَ بِغَيْرِهِ وَإِضَافَتُهُ إلَى (مَالٍ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ التَّوْكِيلَ بِحِفْظِ غَيْرِ الْمَالِ كَالتَّوْكِيلِ بِحِفْظِ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْوَدِيعَةُ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ نَقْلُ مُجَرَّدِ حِفْظِ مِلْكٍ يُنْقَلُ، فَيَدْخُلُ الْإِيدَاعُ الْوَثَائِقَ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ، وَيَخْرُجُ حِفْظُ الْإِيصَاءِ وَالْوَكَالَةِ لِأَنَّهُمَا لِأَزْيَدَ مِنْهُ وَحِفْظُ الرُّبْعِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ كَابْنِ شَاسٍ تَابِعِينَ لِلْغَزَالِيِّ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظِ الْمَالِ يُبْطِلُ عَكْسُهُ مَا دَخَلَ، وَطَرْدُهُ مَا خَرَجَ، وَبِمَعْنَى لَفْظِهَا مُتَمَلِّكُ نَقْلِ مُجَرَّدِ حِفْظِهِ يَنْتَقِلُ وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ اهـ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 3 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَطّ قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ صِفَةُ مُتَمَلِّكٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ إلَيْهِ لَكَانَ أَبْيَنَ وَيَدْخُلُ فِي حَدِّهِ اسْتِئْجَارُ حَارِسِ الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ وَإِخْرَاجُهُ حِفْظَ الرِّيعِ مِنْ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَفِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا قُلْتَ قَبِلْتُ وَقَبَضْتُ فِي الْأَرْضِ الْغَائِبَةِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا، وَذَلِكَ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْحَوْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي يَدِك أَرْضٌ أَوْ دَارٌ أَوْ رَقِيقٌ بِكِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَذَلِكَ بِبَلَدٍ آخَرَ فَوَهَبَك ذَلِكَ، فَإِنَّ قَوْلَك قَبِلْت حَوْزٌ. اهـ. وَبِهَذَا رَدَّ الْوَانُّوغِيُّ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُنْقَضُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ رَادًّا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ حِفْظَ الرِّيعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُنْقَلُ يُبْطِلُ طَرْدَ حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ، قَالَ وَدَعْوَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ فِي هَذَا الْمَقَامِ بَعِيدٌ اهـ. الْمَشَذَّالِيُّ وَجْهُ النَّقْضِ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ أَوْ وَدِيعَةً رُجُوعُهُ لِلْأَرْضِ وَمَا مَعَهَا، فَصَحَّ كَوْنُ الرِّبْحِ عِنْدَهُ مِمَّا يَصِحُّ إيدَاعُهُ فَبَطَلَ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُودَعِ مِمَّا يُنْقَلُ فَهُوَ مُرَادُ الدُّخُولِ لَا مُرَادُ الْخُرُوجِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَدَعْوَى اللَّفِّ إلَخْ فَهُوَ اسْتِبْعَادٌ لِدَفْعِ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ لَا تُسَلَّمُ صِحَّةُ النَّقْضِ، وَقَوْلُكُمْ إنَّ وَدِيعَةً رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مَمْنُوعٌ، بَلْ الْكَلَامُ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ، فَقَوْلُهُ عَارِيَّةٌ رَاجِعٌ لِلْأَرْضِ وَالدَّارِ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَدِيعَةٌ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ. الْمَشَذَّالِيُّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ كَمَا قَالَ، لِكَوْنِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَلَا دَلِيلَ يَصْرِفُ عَنْهُ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ إخْرَاجَ الْعَقَارِ مِنْ حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَاشِرٍ قَوْلُهُ تَوْكِيلٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِيدَاعَ شَرْطُهُ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ شَرْطَهُ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ فِعْلِهِ وَقَبُولِهِ حَاجَةُ الْفَاعِلِ، وَظَنُّ صَوْنِهَا مِنْ الْقَابِلِ فَيَجُوزُ مِنْ صَبِيٍّ خَائِفٍ عَلَيْهَا إنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُودِعَ مَا خِيفَ تَلَفُهُ بِيَدِ مُودَعِهِ إنْ ظَنَّ صَوْنَهُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لِاحْتِرَامِهِمَا وَثِقَتِهِمَا كَالْأَوَّلِ الْمُحْتَرَمِينَ وَعَبِيدِهِمْ عِنْدَ نُزُولِ بَعْضِ الظَّلَمَةِ بِبَعْضِ الْبِلَادِ أَوْ لِقَاءِ الْأَعْرَابِ الْقَوَافِلَ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ وَنَهْيٍ عَنْ إضَاعَتِهِ، وَشَرْطُهُ بِاعْتِبَارِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 4 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ضَمَانِ الْقَابِلِ عِنْدَ مُوجِبِ الضَّمَانِ وَنَفْيِهِ عِنْدَ نَفْيِهِ عَدَمَ حَجْرِهِ وَحَجْرِ الْفَاعِلِ. 1 - الثَّانِي: الْحَطّ فِي الْكِتَابِ أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْمُودِعُ وَالْمُودَعُ، أَمَّا الصِّيغَةُ فَهِيَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ دَالٌّ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي حِفْظِ الْمَالِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْوَدِيعَةُ تَفْتَقِرُ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ، وَأَصْلُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فِيهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ. اهـ. وَاتَّفَقَ أَنَّ رَجُلًا جَالِسًا فَوَضَعَ آخَرُ أَمَامَهُ مَتَاعًا وَذَهَبَ فَتَرَكَهُ الْجَالِسُ فَضَاعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِدَلَالَةِ سُكُوتِهِ حِينَ وَضَعَهُ عَلَى قَبُولِ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُ الْإِيدَاعِ وَقَبُولُهُ الْإِبَاحَةُ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ كَخَائِفٍ فَقْدَ مَالٍ مُوجِبٍ هَلَاكًا أَوْ فَقْرًا إنْ لَمْ يُودِعْهُ مَعَ وُجُودِ قَابِلٍ لَهُ قَادِرٍ عَلَى حِفْظِهِ وَحُرْمَتِهِ، كَإِيدَاعِ مَغْصُوبٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَحْدِهِ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ الْمُودِعُ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ مَنْ قَبِلَ وَدِيعَةً مِنْ مُسْتَغْرِقِ ذِمَّتِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لَهُ يَضْمَنُهَا لِلْفُقَرَاءِ. ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ سَأَلَ قَبُولَ وَدِيعَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. قُلْتُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبُولُهَا بِخَوْفِ هَلَاكِهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى حِفْظِهَا كَرُفْقَةٍ فِيهَا مَنْ يَحْتَرِمُهُ مَنْ أَغَارَ عَلَيْهَا أَوْ ذِي حُرْمَةٍ حَاضِرَةٍ تَعَرَّضَ ظَالِمٌ لِبَعْضِ أَهْلِهَا، وَنَدْبُهُ حَيْثُ يَخْشَى مَا يُوجِبُهُ دُونَ تَحَقُّقِهِ، وَكَرَاهَتُهُ حَيْثُ يَخْشَى مَا يُحَرِّمُهُ دُونَ تَحَقُّقِهِ. اهـ. بِتَصَرُّفٍ. ابْنُ الْمُمْسِي اسْتَشَارَهُ جَارُهُ فِي قَبُولِ وَدِيعَةِ دِينَارٍ مِنْ غَاصِبٍ يَخْشَى ضَرَرَهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُمْسِي يَا أَخِي إنْ كُنْت تَقْدِرُ عَلَى غُرْمِهَا فَخُذْهَا مِنْهُ وَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَإِذَا طَلَبَهَا الْمُودِعُ فَاغْرَمْ لَهُ عِوَضَهَا مِنْ مَالِكَ. وَقَدْ سُئِلَ أَصْحَابُ سَحْنُونٍ عَنْ رَجُلٍ سُرِقَ مَتَاعُهُ وَمِنْهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ ثُمَّ رَأَى الثَّوْبَ فِي يَدِ جُنْدِيٍّ فَجَزَمَ بِأَنَّهُ ثَوْبُهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ، وَلَمَّا فَارَقَهُ تَأَمَّلَهُ فَوَجَدَهُ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَرَجَعَ إلَى الْجُنْدِيِّ وَقَالَ أَمَا ظَنَنْتُهُ ثَوْبِي فَاشْتَرَيْتُهُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ غَيْرُهُ، فَقَالَ لَهُ الْجُنْدِيُّ لَا بَأْسَ عَلَيْك، وَحَلَّ مِنْطَقَتَهُ وَصَبَّ مِنْهَا دَنَانِيرَ وَعَدَّ سَبْعَةً مِنْهَا فَأَعْطَاهَا لَهُ وَأَخَذَ الثَّوْبَ، فَاتَّفَقَ أَصْحَابُ سَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّنَانِيرِ وَبِقِيمَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى غَيْرِهِ مَالِكِهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ غَصَبَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 5 تُضْمَنُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا، لَا إنْ انْكَسَرَتْ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا، وَبِخَلْطِهَا، إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لِلْإِحْرَازِ. ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ: فَبَيْنَكُمَا، إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ   [منح الجليل] شَيْئًا وَأَوْدَعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ تَضْمِينُ الْمُودَعِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ إلَّا إذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا. وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى جُمْلَةٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّعَدِّي عَلَيْهَا فَقَالَ (تُضْمَنُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْوَدِيعَةُ، أَيْ يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (بِ) سَبَبِ (سُقُوطِ شَيْءٍ) مِنْهُ (عَلَيْهَا) فَأَتْلَفَهَا وَلَوْ خَطَأً لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ (لَا) تُضْمَنُ (إنْ انْكَسَرَتْ فِي) حَالِ (نَقْلِ) هَا نَقْلَ (مِثْلِهَا) بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، فَإِنْ نَقَلَهَا نَقْلًا مُخَالِفًا لِنَقْلِ مِثْلِهَا فَتَلِفَتْ فَيَضْمَنُهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا. " قِ " أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ أُودِعَ جِرَارًا فِيهَا إدَامٌ، أَوْ قَوَارِيرُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَانْكَسَرَتْ أَوْ رَمَى شَيْئًا فِي بَيْتِهِ يُرِيدُ غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا فَانْكَسَرَتْ ضَمِنَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اسْتَوْدَعَ جِرَارًا وَشِبْهَهَا فَنَقَلَهَا نَقْلَ مِثْلِهَا فَتَكَسَّرَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ فَكَسَرَهَا فَيَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَأٍ. (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (خَلْطِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةُ بِغَيْرِهَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ خَلْطًا يَتَعَسَّرُ مَعَهُ تَمْيِيزُهَا مِنْ غَيْرِهَا (إلَّا) خَلْطُ (كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ) جِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يَضْمَنُهَا. الْحَطّ قَوْلُهُ كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ شَامِلٌ لِخَلْطِ كُلِّ جِنْسٍ بِجِنْسِهِ الْمُمَاثِلِ لَهُ حَتَّى الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا وَالدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا (وَ) إلَّا خَلْطُهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا مَعَ تَيَسُّرِ تَمْيِيزِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ كَخَلْطِ (دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ) وَقُطْنٍ بِكَتَّانٍ فَلَا تُضْمَنُ إذَا كَانَ الْخَلْطُ (لِلْإِحْرَازِ) أَيْ الْحِفْظِ فِيهِمَا، هَذَا ظَاهِرُهُ هُنَا. وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّهُ قَيْدٌ فِي الْأُولَى فَقَطْ وَكَأَنَّهُ رَأَى هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ الْمَخْلُوطِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ الْمُتَمَيِّزِ عَنْهُ (فَ) التَّالِفُ (بَيْنَكُمَا) بِالْمُحَاصَّةِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ وَالسَّالِمُ كَذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ مَالِ أَحَدِكُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ (إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ) مَالُ أَحَدِكُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَمُصِيبَةُ كُلِّ مَالٍ مِنْ رَبِّهِ. فِي الْجَوْهَرِ الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ خَلْطُهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ عَنْهُ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُمَاثِلٍ لَهَا، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 6 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَخَلْطِ قَمْحٍ بِشَعِيرٍ وَشَبَهِهِ. وَأَمَّا خَلْطُهَا بِجِنْسِهَا الْمُمَاثِلِ لَهَا جُودَةً وَرَدَاءَةً كَحِنْطَةٍ بِمِثْلِهَا أَوْ ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ وَلَا يَخْتَلِطُ بِهِ كَذَهَبٍ بِوَرِقٍ فَلَا يَضْمَنُ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ ضَاعَ بَعْضُهُ كَانَ مَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ بَيْنَكُمَا، لِأَنَّ دَرَاهِمَك لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَلَوْ عُرِفَتْ بِعَيْنِهَا كَانَتْ مُصِيبَةُ دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَلَا يُغَيِّرُهَا الْخَلْطُ، وَإِنْ أَوْدَعْتَهُ حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِحِنْطَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا وَخَلَطَهَا لِلْإِحْرَازِ وَالرَّفْعِ فَهَلَكَ الْجَمِيعُ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْمُودَعَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ دَخَلَ، وَقَدْ يَشُقُّ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يَجْعَلَ مَا أُودِعَهُ عَلَى حِدَةٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا فَأَكَلَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ رَدِّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَخَلْطُهَا بِمِثْلِهَا كَرَدِّ مِثْلِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا إذَا ضَاعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَيَضْمَنُ وَكَذَلِكَ إنْ خَلَطَ حِنْطَتَك بِشَعِيرٍ ثُمَّ ضَاعَ الْجَمِيعُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ قَدْ أَفَاتَهَا بِالْخَلْطِ قَبْلَ هَلَاكِهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ وَلَيْسَ كَخَلْطِ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ. " غ " فَقَيْدُ الْإِحْرَازِ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا أَصْلًا. اهـ. وَقِيلَ إنَّهُ خَاصٌّ بِبَعْضِ أَفْرَادِ الصُّورَةِ الْأُولَى كَالْحِنْطَةِ وَمَا شَابَهَهَا. وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ خَلْطِهَا لِلْإِحْرَازِ. الْحَطّ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ، فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا. الشَّيْخُ يَعْنِي عَلَى وَجْهِ الْإِحْرَازِ وَالرَّفْعِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ فِي الطَّعَامِ بَعْدَهُ اهـ. وَأَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَوْلِهِ أَبُو عِمْرَانَ فِي الطَّعَامِ بَعْدَهُ أَنَّ أَبَا عُمَرَ لِمَ تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِهَا فِي الطَّعَامِ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِهَا عَلَى الْإِحْرَازِ قَالَ وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْحِنْطَةِ إذَا خَلَطَهَا عَلَى وَجْهِ الرَّفْعِ وَالْإِحْرَازِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ هَذَا وَشِبْهُهُ مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا أَحْرَزُ لَهُمَا مِنْ تَفْرِيقِهِمَا وَأَرْفَقُ لَهُمَا مِنْ شَغْلِ مَخْزَنَيْنِ بِذَلِكَ وَكِرَائِهِمَا وَحِرَاسَتِهِمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ، وَأَنَّ الْخَلْطَ إذَا كَانَ لِغَيْرِ هَذَا مَنْ قَعَدَ أَوْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ فِيهِ ضَامِنٌ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الطَّعَامِ وَالدَّرَاهِمِ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ دَرَاهِمَ هَذَا لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِ الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ الْمُخْتَلِفَةَ لَا يَضْمَنُ بِهِ لِأَنَّهَا تَتَمَيَّزُ. وَكَذَا تَجِبُ لَوْ خَلَطَ دَنَانِيرَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 7 وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا أَوْ سَفَرِهِ، إنْ قَدَرَ   [منح الجليل] بِدَرَاهِمَ لَهُ فِي كِيسٍ فَلَا يَضْمَنُ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَازَ قَيْدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اللَّخْمِيُّ إذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا أَوْ الطَّعَامَ بِمِثْلِهِ ثُمَّ ضَاعَ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَاخْتَلَفَ فِي هَذَا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ الضَّيَاعِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ. قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اخْتَلَطَ لَهُ دِينَارٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا دِينَارٌ فَهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ صَاحِبُ الْوَاحِدِ بِجُزْءٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ، وَصَاحِبُ الْمِائَةِ بِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ مَسْلَمَةَ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ أَوْ لَوْ وَيَقْتَسِمَانِ دِينَارًا لَمْ يَبْقَ إلَّا دِينَارٌ لَقُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ. (تَنْبِيهٌ) إذَا خَلَطَتْ الْوَدِيعَةُ بِمَا لَا يَجُوزُ خَلْطُهَا بِهِ، وَقُلْنَا يَضْمَنُهَا فَلَيْسَ مَعْنَاهُ يَضْمَنُهَا إلَّا إذَا تَلِفَتْ، بَلْ يَضْمَنُهَا بِهِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهَا، قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَتَانِ قَمْحٌ وَشَعِيرٌ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَ مَالِهِ اهـ حط. (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (انْتِفَاعِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ وَتَلَفُهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ كَطَعَامٍ أَكَلَهُ أَوْ مُقَوَّمَةً كَدَابَّةٍ رَكِبَهَا وَثَوْبٍ لَبِسَهُ فِيمَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْدَعَك عَبْدًا فَبَعَثْتَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ أَمْرٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ ضَمِنْتَهُ وَأَمَّا إنْ بِعْتَهُ لِشِرَاءِ بَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حَاجَةٍ تَقْرُبُ مِنْ مَنْزِلِك فَلَا تَضْمَنُ، لِأَنَّ الْغُلَامَ لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمِثْلِ هَذَا فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ. ابْنُ نَاجِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَعْطَبُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا، وَالْمُرَادُ هَلَكَ بِسَبَبِ مَا بَعَثْته فِيهِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي ضَمَانِهِ، وَأَمَّا لَوْ بَعَثْته فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ نَادِرًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ. وَاخْتَلَفَ إذَا هَلَكَ فِي اسْتِعْمَالِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِالْعَدَاءِ كَغَاصِبٍ وَاعْتِبَارُ غَالِبِ السَّلَامَةِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خَاصٌّ بِالرَّقِيقِ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ تَعْلِيلُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ سَفَرِهِ) أَيْ الْمُودَعِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ مِنْهُ فَيَضْمَنُهَا (إنْ قَدَرَ) الْمُودَعُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 8 عَلَى أَمِينٍ؛ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً.   [منح الجليل] بِالْفَتْحِ (عَلَى) رَدِّهَا لِرَبِّهَا أَوْ إيدَاعِهَا عِنْدَ شَخْصٍ (أَمِينٍ) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَخَشِيَ تَلَفَهَا بِتَرْكِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَيَضْمَنُهَا بِالِانْتِفَاعِ وَالسَّفَرِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تُرَدَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْوَدِيعَةُ الَّتِي انْتَفَعَ أَوْ سَافَرَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِهَا لِمَحَلِّ إيدَاعِهَا حَالَ كَوْنِهِمَا (سَالِمَةً) مِنْ التَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ، ثُمَّ تَتْلَفُ بَعْدَ رَدِّهَا فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ مُوجِبَ ضَمَانِهِ هَلَاكُهَا لَا مُجَرَّدُ انْتِفَاعِهِ أَوْ سَفَرِهِ بِهَا وَظَاهِرُهُ تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَى رَدِّهَا سَالِمَةً بِلَا إشْهَادٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ سَفَرُهُ لِنُقْلَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ قَالَهُ فِي الْكَافِي. " ق " فِيهَا وَمَنْ أَوْدَعْته دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَاسْتُهْلِكَ بَعْضُهَا ثُمَّ هَلَكَ بَاقِيهَا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا اُسْتُهْلِكَ أَوَّلًا، وَلَوْ كَانَ قَدْرَ مَا اُسْتُهْلِكَ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا إنْ ضَاعَتْ وَهُوَ مُصَدَّقٌ، أَنَّهُ رَدَّ فِيهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا كَتَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا إلَيْك وَفِي تَلَفِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ جَمِيعَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا مَكَانَهَا لَبَرِئَ كَانَ أَخَذَهَا عَلَى السَّلَفِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا، وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ اسْتَوْدَعَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا فَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْفَتْحِ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلَبِسَ الثَّوْبِ وَقَالَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ رَدَدْته صُدِّقَ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَضْمَنُ بِالتَّعَدِّي بِرُكُوبِهَا أَوْ لُبْسِهَا إلَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا سَالِمَةً ثُمَّ تَلِفَتْ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَضْمَنُهَا حَتَّى يَرُدَّهَا بِحَالِهَا. ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَدِّهِ لِمَا تَلِفَ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَفِيهَا إنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ فَلْيُودِعْهَا ثِقَةً. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهَا وَلَوْ دُونَهُ فِي ثِقَتِهِ، ابْنُ شَاسٍ إنْ سَافَرَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ يَضْمَنُهَا، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ مَثَلًا فَلَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ رَدَّهَا فَلَا يَضْمَنُهَا بَعْدُ كَرَدِّهِ مَا تَسَلَّفَ مِنْهَا، الْحَطُّ اُنْظُرْ إذَا انْتَفَعَ بِهَا وَرَدَّهَا سَالِمَةً فَهَلْ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ مِثْلِهَا أَمْ لَا وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْغَصْبِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 9 وَحَرُمَ سَلَفُ: مُقَوَّمٍ وَمَعْدُومٍ، وَكُرِهَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ:   [منح الجليل] (وَحَرُمَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ عَلَى مُودَعٍ بِالْفَتْحِ مَلِيءٍ أَوْ مُعْدِمٍ (سَلَفٌ) أَيْ تَسَلُّفُ شَيْءٍ (مُتَقَوِّمٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا كَمَرَضٍ وَحَيَوَانٍ مُودَعٍ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا لِاخْتِلَافِ الْأَعْرَاضِ فِي عَيْنِهِ، فَلَا يَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ تَمَلُّكِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طِيبِ مَالِكِهِ (وَ) حَرُمَ سَلَفُ شَخْصٍ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ (مُعْدِمٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ فَقِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ مَا يَتَسَلَّفُهُ مِنْ مِثْلِيٍّ مُودَعٍ عِنْدَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ بِيَدِهِ قَدْرُهَا أَوْ زَائِدٌ عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ كَالْمُعْدِمِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الشَّامِلِ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يَتَسَلَّفَ (النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ) أَيْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْمَلِيءِ تت كَذَا فِي وَدِيعَتِهَا وَفِي لُقَطَتِهَا الْمَنْعُ. " ق " اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عُرُوضًا أَوْ مِمَّا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَكَانَ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ وَلَا يَتَحَصَّلُ أَمْثَالُهُ كَالْكَتَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُوسِرِ أَيْضًا أَنْ يَتَسَلَّفَهَا. الْبَاجِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي جَوَازِ التَّسَلُّفِ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا، فَفِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ وَأَشْهَدَ فَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ. الْبَاجِيَّ وَهَذَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. وَوَجْهُ الْجَوَازِ إذَا قُلْنَا إنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ فَإِنَّهُ لَا مَضَرَّةَ عَلَى الْمُودِعِ فِي انْتِفَاعِ الْمُودَعِ بِهَا إذَا أَرَادَ مِثْلَهَا، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا وَيَتَمَسَّكَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَلِأَنَّ الْمُودِعَ قَدْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَجَازَ لِلْمُودِعِ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الِانْتِفَاعِ بِظِلِّ حَائِطِهِ وَضَوْءِ سِرَاجِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ إثْمٌ اهـ. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُ هَلْ يُلْحَقُ بِالدَّنَانِيرِ فِي الْجَوَازِ؟ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ إنْ تَسَلَّفَ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالزَّيْتَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ مَضَى عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لِأَنَّهُ أَجَازَ إذَا تَسَلَّفَ ذَلِكَ أَنْ يُخْرِجَ الْمِثْلَ مِنْ ذِمَّتِهِ كَالدَّرَاهِمِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَالْعُرُوضِ لَمْ يَصِحَّ إخْرَاجُ الْمِثْلِ مِنْ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَجُزْ السَّلَفُ. الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 10 كَالتِّجَارَةِ، وَالرِّبْحُ لَهُ.   [منح الجليل] الْمَنْعُ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إبَاحَةَ ذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْمُودَعِ، فَإِنْ كَانَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُودِعِ أَوْ مَعَهُ كَرَمُ طَبْعٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عُلِمَتْ مِنْهُ الْكَرَاهِيَةُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ حِينَ الدَّفْعِ أَوْ قَالَ احْذَرْ أَنْ تَتَسَلَّفَهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي مَنْعِهِ مِنْهُ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ كُرِهَ. وَشَبَّهَ بِالسَّلَفِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَمَامِهِ فَقَالَ (كَالتِّجَارَةِ) وَفِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوِّمِ مُطْلَقًا. وَمِنْ الْمُعْدِمِ فِي الْمُنْقِدِ وَالْمِثْلِيِّ وَتُكْرَهُ فِيهِمَا مِنْ الْمَلِيءِ قَالَهُ صر. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ. وَأَمَّا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ مَالًا فَتَجَرَ بِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَتُكْرَهُ التِّجَارَةُ الْوَدِيعَةِ. اهـ. فَإِنَّمَا هِيَ فِي وَدِيعَةِ الْمَالِ، أَيْ النَّقْدِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُهَا لَا مُطْلَقًا (وَ) إنْ اتَّجَرَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةِ وَرَبِحَ فِيهَا فَ (الرِّبْحُ لَهُ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، إذْ لَوْ تَلِفَتْ لَضَمِنَهَا وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ. " ق " فِي لُقَطَتِهَا لَا يَتَّجِرُ بِاللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا كَالْوَدِيعَةِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالًا فَابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَى صَاحِبِهِ. فِي الِاسْتِذْكَارِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ. وَأَبِي يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمَالَ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ غَاصِبًا كَانَ لِلْمَالِ أَوْ مُسْتَوْدَعًا عِنْدَهُ وَتَعَدَّى فِيهِ. الْبَاجِيَّ. قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ أَرَادَ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ عَيْنًا، وَهَذَا عِنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ بِغَصْبِهَا، وَلِذَلِكَ قَالَ إنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ طَعَامًا فَبَاعَهُ بِثَمَنٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ، أَوْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالصِّفَةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَعْنًى آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يُبْطِلْ عَلَى الْمُودَعِ غَرَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا، وَلَوْ كَانَتْ بِضَاعَةً أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ بِضَاعَتِهِ أَوْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَى بِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ مِنْ بِضَاعَتِهِ وَيَسْتَأْثِرَ بِرِبْحِهَا، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 11 وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ   [منح الجليل] فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْمَعُونَةِ وَمَنْ أَبْضَعَ مَعَهُ بِبِضَاعَةٍ يَشْتَرِي بِهَا شَيْئًا فَتَجَرَ فِيهَا، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا، وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمُبْضِعَ طَلَبَ الرِّبْحَ فَلَيْسَ لِلْمُبْضِعِ مَعَهُ قَطْعُهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ. وَفِي الْمُنْتَقَى وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمُبْضِعَ مَعَهُ الْمَالُ يَبْتَاعُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَا ابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ يُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْهُ فِي عَرْضِهِ وَابْتِيَاعِ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِمَا ابْتَاعَهُ، وَهَذَا إذَا ظَفِرَ بِالْأَمْرِ قَبْلَ بَيْعِ مَا ابْتَاعَهُ، فَإِنْ فَاتَ مَا ابْتَاعَهُ بِهِ فَإِنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَخَسَارَتَهُ عَلَى الْمُبْضِعِ مَعَهُ. (وَبَرِئَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الَّذِي تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ تَسَلُّفًا مَكْرُوهًا بِأَنْ كَانَتْ مِثْلِيًّا وَهُوَ مَلِيءٌ (إنْ رَدَّ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْمَالَ (غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثْقَلًا تَسَلَّفَهُ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ مَعَ كَوْنِهِ مَلِيًّا لِمَحَلِّ إيدَاعِهِ ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ رَدِّهِ، سَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ رَدِّهَا إلَّا بِيَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا تَسَلَّفَ مَالًا يُحَرَّمُ تَسَلُّفُهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ مَكَانَهُ فَتَلِفَ الْمِثْلُ بَرِئَ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَيَّدَ بِمَا لَا يُحَرَّمُ تَسَلُّفُهُ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمَكْرُوهُ وَيَخْرُجَ مِنْهُ الْعَرْضُ وَتَسَلُّفِ الْمُعْدِمِ الْعَيْنَ، وَفِي خُرُوجِ تَسَلُّفِ الْمُعْدِمِ الْعَيْنَ مِنْهُ نَظَرٌ لِأَنَّ رَبَّهَا إنَّمَا يَكْرَهُ تَسَلُّفَهَا الْمُعْدِمِ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَرُدَّهَا أَوْ يَرُدَّهَا بِعُسْرٍ، فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا مُنِعَ تَسَلُّفُهَا، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَفِيهَا لَوْ كَانَتْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا. أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ رَدَّ الْقِيمَةَ لَبَرِئَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ سَوَاءٌ أَوْقَفَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ اهـ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَبْرَأُ، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ، ثَالِثُهَا يَبْرَأُ إنْ رَدَّهَا بِإِشْهَادٍ، وَرَابِعُهَا يَبْرَأُ إنْ كَانَتْ مَنْثُورَةً وَإِنْ كَانَتْ مَصْرُورَةً ضَمِنَهَا، وَلَوْ رَدَّهَا. فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى بَرَاءَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا دُونَ يَمِينِهِ أَوْ بِهَا. ثَالِثُهَا إنْ تَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ صُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِ الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَمِينًا مَعَ قَوْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 12 إلَّا بِإِذْنٍ، أَوْ يَقُولَ: إنْ احْتَجْتَ فَخُذْ وَضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ أَوْ بِقُفْلٍ بِنَهْيٍ.   [منح الجليل] الْبَاجِيَّ، ظَاهِرُهَا نَفْيُهَا وَالشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَنْثُورَةِ. وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ الثَّالِثَ اخْتِيَارًا لَهُ وَلَمْ يَعْزِهِ، وَقَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إشْهَادُهُ لِخَوْفِ مَوْتِهِ حِفْظًا لِحَقِّ الْمُودِعِ فَيَبْرَأُ أَوْ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى رَدِّهَا اهـ. الْحَطُّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ الْمُعْدِمَ مِنْ الْبَرَاءَةِ إذَا تَسَلَّفَ النَّقْدَ وَالْمِثْلِيَّ وَرَدَّهُ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْبَرَاءَةِ بِرَدِّ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ (إلَّا) مَا اسْتَلَفَهُ الْمُودَعُ مِنْ الْوَدِيعَةِ (بِإِذْنٍ) مِنْ الْمُودِعِ فِي تَسَلُّفِهِ مُطْلَقٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالِاجْتِيَاحِ (أَوْ) مُقَيَّدٍ بِهِ كَأَنْ (يَقُولَ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ (إنْ احْتَجْتَ) يَا مُودَعُ بِالْفَتْحِ لِتَسَلُّفِ شَيْءٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ (فَخُذْ) مِنْهَا مَا تَحْتَاجُهُ سَلَفًا فَتَسَلَّفَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا وَرَدَّ مِثْلَ مَا تَسَلَّفَهُ لِمَكَانِهِ فَضَاعَ فَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ اسْتَلَفَهُ مِنْ مَالِكِهِ فَلَا يُبَرِّئُهُ إلَّا رَدُّهُ إلَيْهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ. الْبَاجِيَّ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَهَذَا إذَا تَسَلَّفَ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا، وَأَمَّا مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً وَقِيلَ لَهُ تَسَلَّفْ مِنْهَا إنْ شِئْت فَتَسَلَّفَ مِنْهَا، وَقَالَ رَدَدْتُهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا يُبَرِّئُهُ رَدُّهُ إيَّاهَا إلَّا إلَى رَبِّهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ صَارَ هُوَ الْمُسَلِّفُ فَلَا يَبْرَأُ الْمُسَلَّفُ إلَّا بِرَدِّهِ إلَيْهِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّفَهَا، فَإِذَا رَدَّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا. (وَ) إنْ أَخَذَ الْمُودَعُ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ بِإِذْنٍ مُطْلَقٍ أَوْ مُقَيَّدٍ وَرَدَّهُ وَضَاعَ مَعَ الْبَاقِي (ضَمِنَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْبَعْضَ (الْمَأْخُوذَ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَعْضِ غَيْرِ الْمَأْخُوذِ فَلَا يَضْمَنُهُ فِيهَا. وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَاسْتَهْلَكَ بَعْضَهَا ثُمَّ هَلَكَ بَاقِيهَا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا اسْتَهْلَكَ أَوَّلًا، وَلَوْ كَانَ قَدْرُ مَا اسْتَهْلَكَ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا إنْ ضَاعَتْ وَهُوَ مُصَدَّقٌ أَنَّهُ رَدَّ فِيهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا (أَوْ) أَيْ وَيَضْمَنُهَا إنْ ضَاعَتْ (بِ) سَبَبِ وَضْعِ (قُفْلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ آلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ تُجْعَلُ عَلَى الْبَابِ لِمَنْعِ فَتْحِهِ مُتَلَبِّسٍ (بِنَهْيٍ) مِنْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَنْ وَضْعِهِ عَلَى مَا هِيَ فِيهِ فَوَضَعَهُ عَلَيْهِ فَسُرِقَتْ فَيَضْمَنُهَا لِإِغْرَائِهِ السَّارِقَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 13 أَوْ بِوَضْعٍ بِنُحَاسٍ فِي أَمْرِهِ بِفَخَّارٍ، لَا إنْ زَادَ قُفْلًا، أَوْ عَكَسَ فِي الْفَخَّارِ، أَوْ أَمَرَ بِرَبْطٍ بِكُمٍّ فَأَخَذَهَا بِالْيَدِ:   [منح الجليل] بِوَضْعِهِ، وَمَفْهُومٌ بِنَهْيٍ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَلَا يَضْمَنُهَا. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِمَنْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً أَجْعَلُهَا فِي تَابُوتِك وَلَمْ يَقُلْ غَيْرَ هَذَا فَلَا يَضْمَنُ إنْ قَفَلَ عَلَيْهَا، وَلَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ السَّارِقَ بِرُؤْيَةِ الْقُفْلِ أَطْمَعُ. (أَوْ) أَيْ وَتُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (وَضْعٍ) لِلْوَدِيعَةِ (بِ) وِعَاءٍ (نُحَاسٍ) فَسُرِقَتْ مِنْهُ (فِي) صُورَةٍ (أَمَرَهُ) أَيْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ بِوَضْعِهَا (بِ) وِعَاءٍ (فَخَّارٍ) لِأَنَّ وَضْعَهَا فِي النُّحَاسِ يُغْرِي السَّارِقَ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ اجْعَلْهَا فِي سَطْلِ فَخَّارٍ فَجَعَلَهَا فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ ضَمِنَ وَفِي الْعَكْسِ الْعَكْسُ (لَا) تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ (إنْ زَادَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قُفْلًا) عَلَى مَا فِيهِ الْوَدِيعَةُ فَسُرِقَتْ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ اقْفِلْ عَلَيْهَا قَفْلًا وَاحِدًا فَقَفَلَ عَلَيْهَا قُفْلَيْنِ فَلَا يَضْمَنُهَا. ابْنُ يُونُسَ السَّارِقُ أَطْمَعُ إذَا كَانَتْ بِقُفْلَيْنِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى كَثْرَةِ الْمَنْقُولِ عَلَيْهِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ الضَّمَانُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَاقْفِلْ وَاحِدًا فَقَفَلَ اثْنَيْنِ قَوْلَانِ. خَلِيلٌ الْقَوْلُ يَنْفِي الضَّمَانَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَزَادَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إغْرَاءُ اللِّصِّ فَيَضْمَنُ، وَالْقَوْلُ بِالضَّمَانِ مَالَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ، وَلَمْ أَعْلَمْهُ مَنْصُوصًا. وَفِي الشَّامِلِ وَبِقُفْلٍ نَهَاهُ عَنْهُ وَاخْتِيرَ سُقُوطُهُ لَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ أَوْ زَادَ قُفْلًا إلَّا فِي حَالِ إغْرَاءِ لِصٍّ. (أَوْ) أَيٍّ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إنْ (عَكَسَ فِي) صُورَةِ (الْفَخَّارِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهَا فِي نُحَاسٍ فَوَضَعَهَا فِي فَخَّارٍ فَسُرِقَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا (أَوْ أَمَرَ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ (بِرَبْطٍ) لِلْوَدِيعَةِ (بِكُمٍّ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدَّ الْمِيمِ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (فَأَخَذَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ (بِالْيَدِ) فَسُرِقَتْ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الْيَدَ أَصَوْنُ مِنْ الْكُمِّ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَالَ لَهُ ارْبِطْهَا فِي كُمِّك فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ هَاهُنَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِجَعْلِهَا فِي الْكُمِّ إخْفَاءَهَا عَنْ غَاصِبٍ فَيَضْمَنُ بِجَعْلِهَا فِي الْيَدِ، وَتَوَرَّكَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ زِيَادَةَ الرَّبْطِ فِي الرِّوَايَةِ غَيْرَ ظَاهِرٍ، لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَيْسَ مُقَيِّدًا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الرِّوَايَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَوْ رَبَطَهَا فِي دَاخِلِ كُمِّهِ أَوْ خَارِجَهُ كَانَ حِرْزًا، وَلَوْ شَدَّهَا فِي وَسَطِهِ كَانَ حِرْزًا، وَلَوْ ثَنَى عَلَيْهَا بِالسَّرَاوِيلِ بِغَيْرِ شَدِّهَا لَمْ يَكُنْ حِرْزًا، حَكَى هَذَا عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 14 كَجَيْبِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَبِنِسْيَانِهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ (كَ) وَضْعِهَا فِي (جَيْبِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَسُرِقَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا (عَلَى الْمُخْتَارِ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ. الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ الزَّاهِيُّ لَوْ جَعَلَ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ ضَمِنَهَا، وَقِيلَ لَا وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَلَامَ ابْنِ شَعْبَانَ قَالَ اخْتِيَارُهُ صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْجَيْبَ لَيْسَ مِنْ الْعَادَةِ أَنْ تُرْفَعَ إلَيْهِ الْوَدَائِعُ، وَجَاعِلُهَا فِيهِ مُتَعَرِّضٌ لِتَلَفِهَا. اللَّخْمِيُّ لَوْ لَقِيَهُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي وَسَطِك فَجَعَلَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ حَيْثُ يَجْعَلُهَا فَجَعَلَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ فِي عِمَامَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ، وَفِي جَعْلِهَا فِي الْجَيْبِ نَظَرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَخْتَلِفُ فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ النَّاسِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ سُقُوطُ الضَّمَانِ فِي الْجَيْبِ، فَإِنَّهُ أَصَوْنُ لَهَا وَلَا سِيَّمَا فِي لِبَاسِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَزَادَ وَأَمَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَكْتُومُ عِنْدَنَا فَالْكُمُّ أَحْفَظُ مِنْهُ، وَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَكْتُومِ عُرْفِنَا. اهـ. وَمَا عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِلَّخْمِيِّ مِنْ الِاخْتِيَارِ فَقَدْ أَشَارَ الْمَوَّاقُ إلَى اعْتِرَاضِهِ بِقَوْلِهِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. اهـ. مَا أَلْفَيْتُهُ لِلَّخْمِيِّ اهـ، فَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ مُشِيرًا بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (نِسْيَانِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا) ابْنُ يُونُسَ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ اسْتَوْدَعَ وَدِيعَةً فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ فَجَعَلَهَا عَلَى نَعْلَيْهِ فَذَهَبَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا. قُلْتُ أَلَمْ يُضَيِّعْ إذْ لَمْ يَرْبِطْهَا قَالَ يَقُولُ لَا خَيْطَ مَعِي. قُلْتُ يَرْبِطُهَا فِي طَرَفِ رِدَائِهِ قَالَ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيَّ رِدَاءٌ. قُلْتُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ قَالَ لَا يَضْمَنُ كَانَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. ابْنُ حَبِيبٍ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ نَسِيَهَا فِي مَوْضِعٍ دُفِعَتْ إلَيْهِ فِيهِ وَقَامَ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَلَيْسَ كَسُقُوطِهَا مِنْ كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ لِأَخْذِهَا، هَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ نِسْيَانُهُ حَتَّى سَقَطَتْ مِنْ كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ كَنِسْيَانِهِ لِأَخْذِهَا وَيَجِبُ أَنْ لَا يَضْمَنَ. (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (دُخُولِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ مُتَلَبِّسًا (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 15 وَبِخُرُوجِهِ بِهَا يَظُنُّهَا لَهُ فَتَلِفَتْ، لَا إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ فَوَقَعَتْ   [منح الجليل] الْحَمَّامَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ. سَحْنُونٌ مِنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَصَرَّهَا فِي كُمِّهِ مَعَ نَفَقَتِهِ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ فَضَاعَتْ ثِيَابُهُ بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ ضَامِنٌ. ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ إنَّمَا ضَمَّنَهُ لِدُخُولِهِ بِهَا الْحَمَّامَ. (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (خُرُوجِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَيْتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (يَظُنُّهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ مِلْكًا (لَهُ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (فَضَاعَتْ) الْوَدِيعَةُ مِنْهُ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَأٍ، وَهِيَ كَالْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ. مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ أَوْدَعَهَا وَكَانَ فِي بَيْتِهِ فَأَخَذَهَا يَوْمًا فَأَدْخَلَهَا فِي كُمِّهِ وَخَرَجَ بِهَا يَظُنُّهَا دَرَاهِمَهُ فَسَقَطَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. ابْنُ يُونُسَ أَمَّا هَذِهِ فَصَوَابٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ، فَنِسْيَانُهُ فِي هَذَا كَعَمْدِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ. وَأَمَّا فِي وَضْعِهَا عَلَى نَعْلِهِ أَوْ حَمْلِهَا مِنْ مَوْضِعِ إيدَاعِهَا إلَى دَارِهِ فِي يَدِهِ أَوْ كُمِّهِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ، فَنِسْيَانُهُ إيَّاهَا فِي مَوْضِعِهِ أَوْ فِي كُمِّهِ حَتَّى سَقَطَتْ أَمْرٌ يُعْذَرُ بِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ (لَا) تُضْمَنُ (إنْ نَسِيَهَا) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ حَالَ كَوْنِهَا (فِي كُمِّهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَسَقَطَتْ مِنْهُ حَيْثُ أُمِرَ بِجَعْلِهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، تَقَدَّمَ شَاهِدُهُ فِي كَلَامِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ يُونُسَ. ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ نَسِيَهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا ضَمِنَ بِخِلَافِ نِسْيَانِهَا فِي كُمِّهِ فَتَقَعُ. وَقِيلَ سَوَاءٌ. خَلِيلٌ إذَا نَسِيَهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، بِخِلَافِ نِسْيَانِهَا فِي كُمِّهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ سَوَاءٌ يُحْتَمَلُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَلَمْ أَرَهُ فِي الْأُولَى مَنْصُوصًا. نَعَمْ خَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَخَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْمُودَعِ مِائَةٌ دِينَارٍ فَيَدَّعِيهَا رَجُلَانِ وَنَسِيَ أَيَّهمَا أَوْدَعَهُ، وَمِمَّنْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِالْخِيَارِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَاخْتَلَطَا وَلَمْ يَدْرِ لِمَنْ الْجَيِّدُ مِنْهُمَا فَاخْتَلَفَ هَلْ يَضْمَنُ لَهُمَا أَوْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ الْعُذْرُ بِالنِّسْيَانِ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ بِهِ مُفْرِطًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ سَوَاءٌ أَيْ فِي الضَّمَانِ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ بِالضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ الْمُتَقَدِّمِ وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ مَا نَصُّهُ لَوْ أَوْدَعَهُ بِالطَّرِيقِ فَمَضَى لِحَاجَةٍ قَبْلَ إحْرَازِهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ جَعَلَهَا فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 16 وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَبِإِيدَاعِهَا وَإِنْ بِسَفَرٍ لِغَيْرِ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ اُعْتِيدَا بِذَلِكَ.   [منح الجليل] كُمِّهِ مُلْقَاةً لَمْ يَكُنْ حِرْزًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ فِي سُقُوطِهَا مِنْ كُمِّهِ لَا يَضْمَنُهَا خِلَافُ مَا قَالَهُ فِي الزَّاهِيِّ، وَبِهِ يُفَسَّرُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. وَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ نَسِيَهَا فِي مَحَلِّ إيدَاعِهَا ضَمِنَهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ، ثُمَّ قَالَ لَا إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ فَسَقَطَتْ عَلَى الْأَصَحِّ. ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ هَذَا أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ نِسْيَانَهُ جِنَايَةً مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ عَذَرَهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَلَا) تُضْمَنُ (إنْ شَرَطَ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (الضَّمَانَ) بِلَا سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِهَا (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (إيدَاعِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَتَلِفَتْ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَمِينًا إذْ لَمْ يَرْضَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ إنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ بِحَضَرٍ، بَلْ (وَإِنْ) أُودِعَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ (بِسَفَرٍ) فَلَيْسَ إيدَاعُهَا عِنْدَهُ وَهُوَ مُسَافِرٌ عُذْرًا مُبِيحًا لِإِيدَاعِهَا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَمَحَلُّ ضَمَانِهِ إنْ أَوْدَعَهَا (لِغَيْرِ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ) ، فَإِنْ أَوْدَعَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فَضَاعَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ. زَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (إنْ اُعْتِيدَا) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ بِالْإِيدَاعِ عِنْدَهُمَا مِنْ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَحِفْظُهُمَا لَهُ مَا أَوْدَعَهُمَا إيَّاهُ، وَحَمَلَهُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى التَّفْسِيرِ وَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ وَأَقَلُّهُمْ عَلَى خِلَافِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الضَّمَانُ إنْ أَوْدَعَ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً لَمْ يُعْتَدْ إيدَاعُهُ عِنْدَهَا فَضَاعَتْ بِأَنْ أَوْدَعَهَا عَقِبَ تَزَوُّجِهَا أَوْ تَمَلُّكِهَا أَوْ لَمْ يَأْتَمِنْهَا عَلَى مَالِهِ، وَشَمِلَ غَيْرَ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ أَجِيرَ الْخِدْمَةِ وَالْعَبْدَ اللَّذَيْنِ فِي عِيَالِهِ وَجَعَلَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ صَاحِبُ الشَّامِلِ، وَهَلْ حُكْمُ إيدَاعِ الزَّوْجَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا كَحُكْمِ إيدَاعِهِ عِنْدَهُمَا أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَأَسْقَطَتْ تَاءُ التَّأْنِيثِ مِنْ اُعْتِيدَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا شَخْصَيْنِ وَإِلَّا فَهِيَ لَازِمَةٌ أَفَادَهُ تت. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبُ ضَمَانِهِ الْوَدِيعَةَ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنٍ عَادِيٍّ أَوْ جَحَدَهَا فَمَا فَوْقَهُمَا فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إيدَاعُهُ إيَّاهَا لَا لِعُذْرٍ فِي غَيْبَةِ رَبِّهَا يُوجِبُ ضَمَانَهُ إيَّاهَا، وَفِيهَا إنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 17 إلَّا لِعَوْرَةٍ حَدَّثَتْ، أَوْ لِسَفَرٍ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ   [منح الجليل] أَوْدَعْتَ لِمُسَافِرٍ مَالًا فَأَوْدَعَهُ فِي سَفَرِهِ فَضَاعَ ضَمِنَ وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ مَالًا فَدَفَعَهُ إلَى زَوْجَتِهِ أَوْ خَادِمِهِ لِتَرْفَعَهُ لَهُ فِي بَيْتِهِ، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهَا فَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْهُ، وَهَذَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ أَوْ رَفَعَهُ فِي صُنْدُوقِهِ أَوْ بَيْتِهِ وَنَحْوَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَى أَهْلِهِ وَأَنَّهُ أَوْدَعَهُ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ. ابْنُ يُونُسَ وَكَانَ الْمُودِعُ أَوْدَعَهُ عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ كَالْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلِمَ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تَرْفَعَ لَهُ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَأَنَّهُ كَانَ لَا يَثِقُ بِمَالِهِ إلَيْهِمْ وَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ يُؤَيِّدُ هَذَا. مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَرَفَعَهَا عِنْدَ غَيْرِ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ مَالُهُ وَالْقِيَامُ لَهُ يَضْمَنُهَا. . وَاسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِهَا لِغَيْرِ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ مُعْتَادِينَ بِهِ فَقَالَ (إلَّا) إيدَاعُهَا (لِعَوْرَةٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَأَيُّ صِفَةٍ وَحَالَةٍ يُخْشَى ضَيَاعُ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِهَا إنْ بَقِيَتْ فِي مَحَلِّهَا كَانْهِدَامِ الدَّارِ أَوْ زِيَادَتِهِ وَمُجَاوَرَةِ مَنْ يُخْشَى شَرُّهُ (حَدَثَتْ) أَيْ تَجَدَّدَتْ الْعَوْرَةُ بَعْدَ الْإِيدَاعِ فَلَا يَجِبُ ضَمَانُهَا، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَمِلَهَا الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إيدَاعُهَا، فَإِنْ أَوْدَعَهَا فَيَضْمَنُهَا. " ق " اللَّخْمِيُّ إذَا خَافَ الْمُودَعُ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ أَوْ جَارٍ سُوءٍ وَكَأَنَّ ذَلِكَ أَمْرًا حَدَثَ بَعْدَ الْإِيدَاعِ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَهَا وَلَا يَضْمَنَهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُتَقَدِّمًا قَبْلَ الْإِيدَاعِ وَالْمُودِعُ عَالِمٌ بِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إيدَاعُهَا، فَإِنْ أَوْدَعَهَا فَيَضْمَنْهَا. (أَوْ) أَيْ وَإِلَّا إيدَاعُهَا (لِ) إرَادَةِ (سَفَرٍ) مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (عِنْدَ) عَجْزِهِ عَنْ (الرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ لِمُودَعِهَا لِغَيْبَتِهِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ فَلَا يُوجِبُ ضَمَانَهَا. " ق " فِيهَا إنْ أَرَادَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ وَرَبُّهَا غَائِبٌ فَلْيُودِعْهَا ثِقَةً. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ فِي ثِقَتِهِ فَسَفَرُهُ وَخَوْفُ عَوْرَةِ مَنْزِلِهِ عُذْرٌ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَلَا يَضْمَنُهَا وَلَوْ دَفَعَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. ابْنُ يُونُسَ كَدَفْعِهِ لِزَوْجَتِهِ وَخَادِمِهِ. وَيَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ ضَمَانُهُ إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِدَفْعِهِ لِغَيْرِ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُضَمِّنُوهُ لِعُذْرِهِ. وَمَفْهُومُ الطَّرَفِ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 18 وَإِنْ أَوْدَعَ بِسَفَرٍ، وَوَجَبَ الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ وَبَرِئَ، إنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً   [منح الجليل] الِاسْتِثْنَاءِ، وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَتَرَدَّدَ الْبِسَاطِيُّ فِي جَعْلِ الْعَجْزِ عَنْ الرَّدِّ قَيْدًا فِي هَذِهِ فَقَطْ أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَيْضًا. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي رُجُوعِهِ لَهُمَا كَمَا فِي " ق " وطفى، قَالَ هَذَا التَّرَدُّدُ وَمَا ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ فِي السَّفَرِ فَقَطْ وَقَبُولُ ذَلِكَ قُصُورٌ مَعَ قَوْلِهَا، وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا حَاضِرًا فَيَرُدُّهَا إلَيْهِ فَلْيُودِعْهَا ثِقَةً وَلَا يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ ثُمَّ لَا يَضْمَنُ. اهـ. وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْإِيدَاعِ لِعُذْرٍ حَدَثَ فَقَالَ هَذَا إنْ أَوْدَعَهَا بِحَضَرٍ، بَلْ. (وَإِنْ أَوْدَعَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ لِغَيْرِهِ (بِسَفَرٍ) ابْنِ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ إنْ أَوْدَعَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَوْدَعْت مُسَافِرًا فِي سَفَرِهِ مَالًا فَأَوْدَعَهُ فَضَاعَ ضَمِنَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّهُ اللُّصُوصُ فَيُسَلِّمُهُ لِمَنْ يَنْجُو بِهِ. اهـ. وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً تَحْتَ يَدِهِ لِعُذْرٍ فَلَا يَضْمَنُهَا وَلَوْ أَوْدَعَهَا لِغَيْرِهِ فِي السَّفَرِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَبِهِ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ. (وَوَجَبَ) عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إذَا خَافَ عَلَى الْوَدِيعَةِ مِنْ عَوْرَةِ مَنْزِلِهِ الَّتِي حَدَثَتْ أَوْ أَرَادَ السَّفَرَ وَإِيدَاعَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ غَيْرِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ (الْإِشْهَادُ) لِعَدْلَيْنِ (بِ) مُعَايَنَةِ (الْعُذْرِ) الَّذِي حَدَثَ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْهَدُوا أَنِّي أُودِعُهَا لِعُذْرٍ. " ق " فِيهَا لَا يُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ السَّفَرِ أَوْ خَوْفِ عَوْرَةِ الْمَنْزِلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اللَّخْمِيُّ إنْ ثَبَتَ الْإِيدَاعُ وَالْوَجْهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ وَهُوَ خَوْفُ مَوْضِعِهِ أَوْ لِلسَّفَرِ بَرِئَ الْمُودَعُ. (وَ) إنْ أَوْدَعَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ لِعُذْرٍ ثُمَّ زَالَ الْعُذْرُ الْمُوجِبُ إيدَاعَهَا بِأَنْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ بَنَى بَيْتَهُ أَوْ انْتَقَلَ عَنْهُ جَارُ السَّوْءِ وَرَدَّ الْوَدِيعَةَ لِمَحَلِّ إيدَاعِهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ مِنْهُ أَوْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ثُمَّ رَدَّهَا مِمَّنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ لِمَحَلِّ إيدَاعِهَا الْأَوَّلِ ثُمَّ تَلِفَتْ مِنْهُ (بَرِئَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مِنْ ضَمَانِهَا (إنْ رَجَعَتْ) الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمُودَعِ الثَّانِي لِلْمُودَعِ الْأَوَّلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 19 وَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا إنْ نَوَى الْإِيَابَ   [منح الجليل] بِالْفَتْحِ فِيهِمَا حَالَ كَوْنِهَا (سَالِمَةً) مِنْ التَّلَفِ وَالْعُيُوبِ ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدَ رُجُوعِهَا. " ق " فِيهَا مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا مِنْهُ فَضَاعَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا، كَقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَنْفَقَ مِنْهَا ثُمَّ رَدَّ مَا أَنْفَقَ فَلَا يَضْمَنُهُ. (وَ) إنْ أَوْدَعَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِإِرَادَتِهِ السَّفَرَ وَسَافَرَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (اسْتِرْجَاعُهَا) أَيْ أَخْذُ الْوَدِيعَةِ مِمَّنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ وَرَدَّهَا إلَى مَحَلِّ إيدَاعِهَا الَّذِي كَانَتْ بِهِ (إنْ) كَانَ (نَوَى) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (الْإِيَابَ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ، أَيْ الرُّجُوعَ مِنْ السَّفَرِ الَّذِي أَوْدَعَهَا حِينَ إرَادَتِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ لِأَجَلِهِ لِالْتِزَامِهِ حِفْظَهَا لِرَبِّهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهَا إلَّا زَمَنَ عُذْرِهِ بِالسَّفَرِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ عِنْدَ سَفَرِهِ بِأَنْ كَانَ يَنْوِي عَدَمَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ ثُمَّ عَادَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا. الْبِسَاطِيُّ وَالْمَنْصُوصُ نَدْبُهُ. " ق " اللَّخْمِيُّ إنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ حُدُوثِ سَفَرٍ ثُمَّ عَادَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ سَافَرَ لِيَعُودَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَحْفَظَهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهَا حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي سَافَرَهُ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهُ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَالِ ثُمَّ عَادَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إنْ أَوْدَعَهَا لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ ثُمَّ زَالَتْ فَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا، فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ نَوَى الْإِيَابَ أَوْ زَالَتْ الْعَوْرَةُ لَشَمِلَ هَذَا. الثَّانِي: إنْ أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا. الثَّالِثُ: إنْ تَرَكَ اسْتِرْجَاعَهَا الْوَاجِبَ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِمَنْزِلَةِ إيدَاعِهَا بِلَا عُذْرٍ. الرَّابِعُ: إذَا طَلَبَهَا مِمَّنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ فَمَنَعَهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِرَدِّهَا لَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ، فَفِي النَّوَادِرِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَا وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ وَدِيعَةً ثُمَّ أَقْرَرْتَ أَنَّهَا لِزَيْدٍ الْغَائِبِ ثُمَّ طَلَبْتَ قَبْضَهَا فَلَكَ ذَلِكَ بِالْحُكْمِ، وَلَيْسَ إقْرَارُكَ أَنَّهَا لِزَيْدٍ يَمْنَعُكَ مِنْ قَبْضِهَا فِي غَيْبَةِ زَيْدٍ لِأَنَّكَ الَّذِي أَوْدَعْتَهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 20 وَبِبَعْثِهِ بِهَا   [منح الجليل] (و) تُضْمَنُ بِسَبَبِ (بَعْثٍ) أَيْ إرْسَالٍ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا بِغَيْرِ إذْنٍ فَتَتْلَفُ، وَلَوْ ادَّعَى إذْنَهُ وَأَنْكَرَهُ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ. " ق " فِيهَا لَوْ قَالَ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ قَدْ رَدَدْتُ ذَلِكَ مَعَ رَسُولِي إلَى رَبِّهِ ضَمِنَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَبُّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ. أَشْهَبُ سَوَاءٌ أَوْدَعْتَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَا. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُودَعِ يَأْتِيهِ رَجُلٌ زَعَمَ أَنَّ رَبَّهَا أَمَرَهُ بِأَخْذِهَا فَصَدَّقَهُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَدَفَعَهَا لَهُ فَضَاعَتْ مِنْهُ وَأَنْكَرَ رَبُّهَا أَمْرَهُ فَيَضْمَنُهَا الدَّافِعُ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى قَابِضِهَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا سَافَرَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةِ إلَى رَبِّهَا فَتَلِفَتْ مِنْهُ قَبْلَ رَدِّهَا لَهُ فَضَمِنَهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ فَكَتَبَ وَصِيُّهَا إلَى وَرَثَتِهَا بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرُدُّوا لَهُ جَوَابًا، فَسَافَرَ بِتَرِكَتِهَا إلَيْهِمْ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا لِسَفَرِهِ بِهَا بِغَيْرِ أَمْرِ أَرْبَابِهَا. اهـ. وَأَقَرَّهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْخَرَشِيِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا، وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ وَنَقَلَ عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ أَنَّ الْحَقَّ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ إنْ أَغَرَّ بِهَا بِسَفَرِهِ بِهَا فِي وَقْتٍ مَخُوفٍ فَيَضْمَنُهَا وَإِلَّا فَلَا. اهـ. الْبُنَانِيُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ هُوَ الضَّمَانُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ. الثَّانِي: ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَوْدَعْتَ مَعَهُ وَدِيعَةً لِبَلَدٍ فَعَرَضَتْ لَهُ إقَامَةٌ فِي الطَّرِيقِ قَصِيرَةٌ كَالْأَيَّامِ أَوْ طَوِيلَةٌ كَالسَّنَةِ أَوْ مُتَوَسِّطَةٌ كَالشَّهْرَيْنِ فَإِنْ بَعَثَهَا فِي الْقَصِيرَةِ فَضَاعَتْ فَيَضْمَنُهَا وَإِنْ حَبَسَهَا فِي الطَّوِيلَةِ فَضَاعَتْ فَيَضْمَنُهَا، وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ اهـ. الْحَطُّ هَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَجَمَعَ بِهِ بَيْنَ أَقْوَالِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. الثَّالِثُ: مَنْ أُرْسِلَ بِمَالٍ إلَى شَخْصٍ فَلَمْ يَجِدْهُ فَرَجَعَ بِهِ فَضَاعَ مِنْهُ حَالَ رُجُوعِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ فِي رُجُوعِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَجِدْهُ إيدَاعُهُ عِنْدَ ثِقَةٍ. الرَّابِعُ: فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَنْ أَبْضَعَ مَعَهُ بِبِضَاعَةٍ فَلَيْسَ لَهُ إيدَاعُهَا غَيْرَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 21 وَبِإِنْزَائِهِ عَلَيْهَا فَمِتْنَ، وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ وَبِجَحْدِهَا   [منح الجليل] وَلَا بَعْثُهَا مَعَ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَحْدُثَ لَهُ إقَامَةٌ فِي بَلْدَةٍ وَلَمْ يَجِدْ صَاحِبَهَا وَوَجَدَ مَنْ يَخْرُجُ إلَى حَيْثُ أَمَرَهُ صَاحِبُهَا فَلَهُ تَوْجِيهُهَا، ثُمَّ قَالَ قَالَ مُطَرِّفٌ لَوْ قَالَ الْآمِرُ قَدْ أَمَرْتُك أَنْ لَا تُخْرِجَهَا مِنْ يَدِك وَلَا تَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِكَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمَأْمُورُ فَالْمَأْمُورُ مُصَدَّقٌ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ فِيهِ لَوْ اجْتَهَدَ فِي أَنَّهُ أَمِينٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ أَمِينٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اهـ. . (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (إنْزَائِهِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِالزَّايِ آخِرَهُ هَمْزٌ أَيْ إرْسَالُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْفَحْلَ عَلَيْهَا لِتَحْمِلَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (فَمُتْنَ) أَيْ الْإِنَاثُ الْمُودَعَاتُ مِنْ الْإِنْزَاءِ، بَلْ (وَإِنْ) مُتْنَ (مِنْ الْوِلَادَةِ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَضْمَنُهَا إنْ مَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُهَا وَلَوْ مَاتَتْ مِنْ الْإِنْزَاءِ قَالَهُ تت. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَمَةٍ) مُودَعَةٍ بِالْفَتْحِ (زَوَّجَهَا) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْأَمَةَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (فَمَاتَتْ) الْأَمَةُ (مِنْ الْوِلَادَةِ) تت وَكَذَا مَوْتُهَا مِنْ وَطْئِهَا. ابْنُ نَاجِي عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ فَمَاتَتْ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَمَفْهُومُ أَمَةٍ إنَّ تَزْوِيجَ الْعَبْدِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُخَيِّرُهُ سَيِّدُهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهِ، فَفِي النَّوَادِرِ وَلَوْ كَانُوا ذُكُورًا فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجِيزَهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَقَدْ أَجَازَ فِعْلَهُ، وَإِنْ فَسَخَهُ رَجَعَ الْعَبْدُ لِحَالِهِ بِلَا نَقْصٍ اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ " ق " فِيهَا وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ بَقَرًا أَوْ نُوقًا أَوْ أُتُنًا فَأَنْزَى عَلَيْهِنَّ فَحَمَلْنَ فَمُتْنَ مِنْ الْوِلَادَةِ أَوْ كَانَتْ أَمَةٌ فَزَوَّجَهَا فَحَمَلَتْ فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَلِكَ لَوْ عَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ. (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (جَحْدِ) إيدَاعِ (هَا) ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَادَّعَى رَدَّهَا أَوْ تَلَفَهَا، فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى جَحْدِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَلَا يَضْمَنُهَا وَلَوْ لَمْ يَجْحَدْ الْإِيدَاعَ، وَإِنَّمَا قَالَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْكَ ثُمَّ قَامَتْ لِلْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالْإِيدَاعِ فَادَّعَى الرَّدَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 22 ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ وَبِمَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ، وَلَمْ تُوجَدْ؛ إلَّا لِكَعَشْرِ سِنِينَ   [منح الجليل] أَوْ الضَّيَاعَ لَقُبِلَ قَوْلُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ (ثُمَّ) إنْ أَقَامَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بَيِّنَةً بِرَدِّ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ أَوْ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِهِ وَكَانَ جَحْدُهُ أَوَّلًا فَ (فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ) الْمُودِعِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِ (الرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ لِمُوَدِّعِهَا لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا يُنْظَرُ لِتَضَمُّنِ جَحْدِهِ تَكْذِيبَهَا، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَدَمُهُ لِتَكْذِيبِهَا بِجَحْدِهِ ابْتِدَاءً وَهُوَ الْمَشْهُورُ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. " ق " اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ، فَلَمَّا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالرَّدِّ فَقِيلَ لَا تُقْبَلُ بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ كَذَّبَهَا بِقَوْلِهِ مَا أَوْدَعْتَنِي، وَكَذَا إذَا قَالَ مَا اشْتَرَيْت مِنْك فَلَمَّا أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالشِّرَاءِ أَقَامَ هُوَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِالدَّفْعِ وَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْوَضْعَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَرَدْت أَنْ لَا أَتَكَلَّفَ بَيِّنَةً. ابْنُ حَبِيبٍ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ مَنْ اسْتَوْدَعَ وَدِيعَةً بِبَيِّنَةٍ فَجَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ رَدَّهَا وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِرَدِّهَا فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا إنْ قَالَ لَمْ أَجِدْهَا، يُرِيدُ أَوْ قَالَ مَا أَوْدَعَتْنِي شَيْئًا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ فَالْبَيِّنَةُ بِالْبَرَاءَةِ تَنْفَعُهُ، وَكَذَلِكَ فِي الْغِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ اهـ. ابْنُ زَرْقُونٍ تَحَصَّلَ فِيمَنْ أَنْكَرَ أَمَانَةً ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهَا أَوْ رَدَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا. الثَّانِي لِمَالِكٍ أَيْضًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا. الثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ دُونَ الرَّدِّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى ضَيَاعِهِ أَوْ رَدِّهِ فَإِنَّهَا تَنْفَعُهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ. ابْنُ شَاسٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِتَنَاقُضِ كَلَامَيْهِ. (وَ) تُضْمَنُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يُوصِ) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِهَا (وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (لَمْ تُوجَدْ) الْوَدِيعَةُ بِعَيْنِهَا فِي تَرِكَتِهِ فَيُؤْخَذُ عِوَضُهَا مِنْهَا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا أَوْ أَتْلَفَهَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) يَطُولَ الزَّمَانُ (لِ) مُرُورِ (كَعِشْرِينَ سَنَةً) مِنْ يَوْمِ إيدَاعِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى رَدِّهَا لِرَبِّهَا. وَمَفْهُومُ لَمْ يُوصِ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِهَا وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا يَضْمَنُهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ فَتُحْمَلُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 23 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّهَا سُرِقَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ حَالَ مَرَضِهِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ سَوَاءٌ ثَبَتَ الْإِيدَاعُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ الْمُودَعِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُمْ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَتَعَقَّبَهُمْ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَتَى مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِهَا وَلَمْ تُوجَدْ ضَمِنَ، قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا لَمْ تَتَقَادَمْ كَعَشْرِ سِنِينَ فَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ بِإِطْلَاقِهِ، وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَتَى بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ بِإِطْلَاقِ لَفْظِهِ، فَقَالَ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا قَبَضَ عَلَى الْأَمَانَةِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى ذَلِكَ، وَقُصَارَى هَذِهِ الْقَرِينَةِ أَنْ تُوجِبَ شَكًّا وَالذَّمُّ لَا تُعَمَّرُ بِالشَّكِّ. وَلِأَجْلِ هَذَا اسْتَثْنَى مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِقَوْلِهِ مَا لَمْ تَتَقَادَمْ لِضَعْفِ مُوجِبِ الضَّمَانِ فِي الْأَصْلِ، وَلَوْ وَجَبَ مُحَقَّقًا مَا سَقَطَ بِهَذَا الطُّولِ وَرَأَى أَنَّ هَذَا الطُّولَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَبَّهَا أَخَذَهَا وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ الْمُنْضَمَّةِ إلَى الْأَصْلِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهَذَا يَدُلُّ مِنْ تَأَمُّلِهِ عَلَى فَهْمِهِ وَحَمْلِهِ لَفْظَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْوَدِيعَةُ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِاعْتِرَافِ الْمُودَعِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ ذَلِكَ، وَهُوَ ثُبُوتُ كَوْنِهَا فِي ذِمَّتِهِ مُطْلَقًا كَانَتْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ، لَكِنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ يُقَيِّدُهُ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ، سُئِلَ عَنْ الْوَدِيعَةِ يُقِرُّ بِهَا الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ دُونَ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِهَذِهِ الْأُمُورِ وُجُوهٌ أَرَأَيْتَ لَوْ مَرَّ عَلَيْهَا عِشْرُونَ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ فَقَامَ رَبُّهَا يَطْلُبُهَا مَا رَأَيْتُ لَهُ شَيْئًا، وَكَأَنِّي رَأَيْتُهُ يَرَى إنْ كَانَ قَرِيبًا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ رَأْيِي لَوْ كَانَ إنَّمَا لِذَلِكَ السَّنَةِ وَشَبَهِهَا ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ طَلَبَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ لَرَأَيْتُهُ فِي مَالِهِ اهـ. ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ دُونَ أَنْ يُشْهَدَ بِهَا عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا وَادَّعَى رَدَّهَا لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 24 وَأَخَذَهَا إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ، أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ، أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ وَبِسَعْيِهِ بِهَا لِمُصَادِرٍ   [منح الجليل] قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا لَمْ تَتَقَادَمْ دُونَ تَقْيِيدِ ثُبُوتِ الْوَدِيعَةِ بِإِقْرَارِ الْمُودَعِ غَفْلَةً أَوْ غَلْطَةً وَالتَّعْقِيبُ عَلَى شَارِحِيهِ أَشَدُّ. . (وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ لَهُ وَدِيعَةً عِنْدَ مَيِّتٍ وَوُجِدَتْ فِي تَرِكَتِهِ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا أَنَّهَا لِلْمُدَّعِي (أَخَذَهَا) أَيْ اسْتَحَقَّ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ أَنْ يَأْخُذَ وَدِيعَتَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (أَنَّهَا) أَيْ الْوَدِيعَةُ (لَهُ) أَيْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَقَدْ تَنَازَعَ فِي أَنَّهَا لَهُ ثَبَتَ وَكِتَابَةُ (إنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْكِتَابَةِ (خَطُّهُ) أَيْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ (أَوْ) ثَبَتَ أَنَّهُ (خَطُّ) الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ (الْمَيِّتِ) قَالَهُ أَصْبَغُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَأْخُذُهَا إنْ وُجِدَ عَلَيْهَا خَطُّ الْمَيِّتِ لَا خَطُّ الْمُودِعِ. ابْنُ دَحُونٍ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَخْرَجَهَا لَهُ فَكَتَبَ عَلَيْهَا اسْمَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ انْفَرَدَتْ هَذِهِ الْوَدِيعَةُ بِالْكِتَابَةِ عَلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا. (ق) سَمِعَ أَبُو زَيْدِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ وَدَائِعَ وَلَمْ يُوصِ فَتُوجَدُ صُرَرٌ فِيهَا وَدِيعَةُ فُلَانٍ، وَفِيهَا كَذَا وَكَذَا دِينَارٌ، وَلَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اسْتَوْدَعَهَا إيَّاهُ إلَّا بِقَوْلِهِ، وَوَجَدُوهَا عِنْدَ الْهَلَاكِ كَمَا ادَّعَى لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا ابْنُ رُشْدٍ لَا يَقْضِي لِمَنْ وَجَدَ عَلَيْهَا اسْمَهُ إنْ لَمْ تَكُنْ بِخَطِّهِ وَلَا بِخَطِّ الْمُودَعِ، فَإِنْ كَانَتْ بِخَطِّ الْمُتَوَفَّى الَّذِي وُجِدَتْ عِنْدَهُ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَ اسْمَهُ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَرَى الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ، وَإِنْ كَانَ بِخَطِّ مُدَّعِي الْوَدِيعَةَ فَقَالَ أَصْبَغُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِهَا مَعَ كَوْنِهَا فِي حَوْزِ الْمُسْتَوْدَعِ اسْمُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ جُعْلًا. (وَ) تُضْمَنُ (بِسَعْيِهِ) أَيْ مَشْيِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (لِمُصَادِرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ ظَالِمٍ أَوْ فَتْحِهَا أَيْ لِلْمُودَعِ الَّذِي صَادَرَهُ ظَالِمٌ لِيَأْخُذَ مَالَهُ ظُلْمًا وَدَفَعَهَا لَهُ بِحَضْرَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ لَوْ سَعَى بِهَا إلَى مُصَادِرٍ ضَمِنَهَا وَاضِحٌ لِتَسَبُّبِهِ فِي تَلَفِهَا وَلَمْ أَعْلَمْ نَصَّ الْمَسْأَلَةِ إلَّا لِلْغَزَالِيِّ، وَنَصَّ الْوَجِيزِ السَّادِسِ مِنْ مُوجِبَاتِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 25 وَبِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ لِبَلَدٍ، إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ   [منح الجليل] الضَّمَانِ التَّضْيِيعُ وَذَلِكَ أَنْ يُلْقِيَهُ فِي مَضْيَعَةٍ، أَوْ يَدُلَّ عَلَيْهِ سَارِقًا، أَوْ يَسْعَى بِهِ إلَى مَنْ يُصَادِرُ الْمَالِكَ فَيَضْمَنُ. (وَ) إنْ أُرْسِلَ شَخْصٌ بِمَالٍ إلَى بَلَدٍ فَمَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَالُ فِي تَرِكَتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (بِمَوْتِ) الشَّخْصِ (الْمُرْسَلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمَالُ مَعَهُ (لِبَلَدٍ) يُعْطِيه لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ أَوْ يُفَرِّقَهُ عَلَى فُقَرَائِهِ (إنْ لَمْ يَصِلْ) الْمُرْسَلُ مَعَهُ (إلَيْهِ) أَيْ الْبَلَدِ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَالُ فِي تَرِكَتِهِ فَيُؤْخَذُ عِوَضُهُ مِنْهَا حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ اسْتَلَفَهُ وَأَنْفَقَهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ وَصَلَهُ وَمَاتَ بَعْدَ وُصُولِهِ بِمُدَّةٍ يُمْكِنُهُ فِيهَا دَفْعُ الْمَالِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ دَفَعَهُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ بَعَثْت بِمَالٍ إلَى رَجُلٍ بِبَلَدٍ فَقَدَمَهَا الرَّسُولُ ثُمَّ مَاتَ بِهَا وَزَعَمَ الرَّجُلُ أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَك فِي تَرِكَةِ الرَّسُولِ وَلَك الْيَمِينُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ لَكَ شَيْئًا وَلَوْ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْبَلَدَ وَلَمْ يُوجَدْ لِلْمَالِ أَثَرٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ. اللَّخْمِيُّ وَجْهُ هَذَا أَنَّهُ فِي الطَّرِيقِ مُودَعٌ وَبِوُصُولِهِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ امْتَثَلَ مَا وَكَّلَ عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَخْفَى عَلَى وَرَثَتِهِ مَنْ كَانَ أَشْهَدَهُ عَلَى دَفْعِهِ فَلَا يَضْمَنُ بِالشَّكِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ بَعَثَ مَعَهُ بِمَالٍ لِرَجُلٍ بِبَلَدٍ فَمَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ لَهُ قَبْضَهُ فَفِي ضَمَانِهِ الْمَبْعُوثَ مَعَهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ، ثَالِثُهَا عَكْسُهُ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ قَائِلًا فِي رِوَايَتِهَا هِيَ رِوَايَةُ سُوءٍ، وَلَهَا لِلْمَوَّازِيَّةِ وَفِيهَا إنْ مَاتَ بَعْدَ وُصُولِهِ حَلَفَ مِنْ وَرَثَتِهِ مَنْ كَانَ فِيهِمْ كَبِيرًا مَا يَعْلَمُ لَك شَيْئًا. اللَّخْمِيُّ يَحْسُنُ تَضْمِينُهُ بِمَوْتِهِ بِالطَّرِيقِ إنْ أَقَامَ بَعْدَ قَبْضِهَا وَهِيَ عَيْنٌ، وَمِثْلُهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْوَدِيعَةِ. عِيَاضٌ حَمَلَ الْأَكْثَرُ قَوْلَ أَشْهَبَ عَلَى الْخِلَافِ وَتَأَوَّلَ حَمْدِيسٌ قَوْلَهَا عَلَى أَنَّهُ فِيمَا تَطَاوَلَ، وَأَنَّ الَّذِي عَلَى أَصْلِهِ فِي الْقُرْبِ أَنْ يَضْمَنَ، وَكَذَا ضَمِنَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. قُلْتُ فَعَلِيٌّ عَدَّ التَّأْوِيلَ قَوْلًا وَهُوَ فِعْلُ ابْنِ رُشْدٍ الْأَقْوَالُ خَمْسَةٌ الثَّلَاثَةُ وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَتَأْوِيلُ حَمْدِيسٍ. . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 26 وَبِكَلُبْسِ الثَّوْبِ، وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ وَإِنْ أَكْرَاهَا لِمَكَّةَ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا، إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا، فَلَكَ قِيمَتُهَا يَوْمَ كِرَائِهِ، وَلَا كِرَاءَ   [منح الجليل] وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ انْتِفَاعِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِهَا (كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ) إذَا تَلِفَتْ الشَّارِحَانِ، هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا. تت قَدْ يُقَالُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (رَدَّهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ لِمَحَلِّهَا بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا (سَالِمَةً) مِنْ التَّلَفِ وَالْعَيْبِ، ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدَ رَدِّهَا فَلَا يَضْمَنُهَا (إنْ) كَانَ (أَقَرَّ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (بِالْفِعْلِ) أَيْ لُبْسِ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ مَثَلًا. فَإِنْ أَنْكَرَهُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. مُحَمَّدٌ أَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْفَتْحِ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَقَالَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ رَدَدْت فَهُوَ مُصَدَّقٌ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ هَلَكَ مَا لَبِسَهُ الْمُودَعُ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ رَكِبَهُ مِنْ دَابَّةٍ فَفِي تَصْدِيقِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ هَلَكَ بَعْدَ رَدِّهِ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ تَضْمِينُهُ مُطْلَقًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا وَهِيَ سَلِيمَةٌ. ثَالِثُهَا يَضْمَنُ حَتَّى يَرُدَّهَا لِمُحَمَّدٍ قَائِلًا هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِ يُونُسَ. (وَإِنْ كَرَاهَا) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ بِلَا إذْنِ مُودِعِهَا بِالْكَسْرِ لِشَخْصٍ يَرْكَبُهَا أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا مَتَاعًا (لِمَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ مَثَلًا فَانْتَفَعَ بِهَا الْمُكْتَرِي (وَرَجَعَتْ) الْوَدِيعَةُ (بِحَالِهَا) الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ سَالِمَةً (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ إكْرَاءَهَا (حَبَسَهَا) أَيْ أَخَّرَ الْوَدِيعَةَ (عَنْ) بَيْعِهَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً فِي (أَسْوَاقِهَا) الَّتِي ارْتَفَعَتْ قِيمَتُهَا فِيهَا (فَلَكُ) يَا مُودِعُ بِالْكَسْرِ (قِيمَتُهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ) عَقْدِ (كِرَائِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ إذْ هُوَ يَوْمُ التَّعَدِّي عَلَيْهَا (وَ) إذَا أَخَذْت قِيمَتَهَا يَوْمَ كِرَائِهَا فَ (لَا كِرَاءَ) لَك فَهُوَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ مِلْكُهُ الْوَدِيعَةَ يَوْمَ إكْرَائِهَا (أَوْ) لَك (أَخْذُهُ) أَيْ كِرَاءِ الْوَدِيعَةِ الَّذِي أَكْرَاهَا بِهِ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (وَ) لَك (أَخْذُهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ مَعَ كِرَائِهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 27 أَوْ أَخْذُهُ وَأَخْذُهَا، وَبِدَفْعِهَا مُدَّعِيًا أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِهِ، وَحَلَفْت وَإِلَّا حَلَفَ، وَبَرِئَ، إلَّا بِبَيِّنَةِ عَلَى الْآمِرِ، وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ   [منح الجليل] ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَوْدَعْته إبِلًا فَأَكْرَاهَا إلَى مَكَّةَ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا وَمَنَافِعِك بِهَا فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ فِي تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَا كِرَاءَ لَكَ، أَوْ تَأْخُذَهَا وَتَأْخُذَ كِرَاءَهَا وَكَذَلِكَ الْمُسْتَعِيرُ يَزِيدُ فِي الْمَسَافَةِ أَوْ الْمُكْتَرِي. (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (دَفْعِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ مِنْ مُودَعِهَا بِالْفَتْحِ لِشَخْصٍ غَيْرِكَ حَالَ كَوْنِهِ (مُدَّعِيًا أَنَّكَ) يَا مُودِعُ بِالْكَسْرِ (أَمَرْتَهُ) أَيْ مُودَعَهَا بِالْفَتْحِ (بِهِ) أَيْ دَفْعِ الْوَدِيعَةِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنْكَرْتَ ذَلِكَ (وَحَلَفْتَ) يَا مُودِعُ أَنَّك لَمْ تَأْمُرْ بِهِ (وَإِلَّا) وَأَيْ إنْ لَمْ تَحْلِفْ عَلَى عَدَمِ أَمْرِك (حَلَفَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَنَّك أَمَرْتَهُ بِهِ (وَ) إنْ حَلَفَ (بَرِئَ) مِنْ ضَمَانِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا بِ) شَهَادَةٍ (بَيِّنَةٍ عَلَى الْأَمْرِ) مِنْك بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، هَذَا عَلَى ضَبْطِهِ بِالْقَصْرِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَدُّ وَكَسْرِ الْمِيمِ فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ، وَإِذَا غَرِمَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عِوَضَ الْوَدِيعَةِ (رَجَعَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (عَلَى الْقَابِضِ) بِعِوَضِ مَا غَرِمَهُ إنْ شَاءَ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْدَعْته وَدِيعَةً فَادَّعَى أَنَّك أَمَرْته بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ فَفَعَلَ وَأَنْكَرْت أَنْتَ أَنْ تَكُونَ أَمَرْتَهُ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّكَ أَمَرْتَهُ بِهِ. أَشْهَبُ وَسَوَاءٌ أَوْدَعْتَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. سَحْنُونٌ وَيَحْلِفُ رَبُّهَا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُودَعُ وَبَرِئَ وَإِنْ غَرِمَهَا الدَّافِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا فَيَأْخُذَهَا مِنْهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَوْ مَاتَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ وَادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى فُلَانٍ وَدَفَعَهَا لَهُ فَيَضْمَنُهَا، وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِأَمْرِهِ بِهِ. الثَّانِي: فِي كِتَابِ صَدَقَاتِهَا لَوْ دَفَعْت فِي حَالِ صِحَّتِك مَالًا لِمَنْ يُفَرِّقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ مِتّ أَنْتَ قَبْلَ إنْفَاذِهِ، فَإِنْ كُنْتَ أَشْهَدْتَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُنْفِذُ مَا فَاتَ وَمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 28 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ تُشْهِدْ فَالْبَاقِي لِوَرَثَتِكَ وَلَوْ فَرَّقَ بَاقِيَهُ بَعْدَ مَوْتِكَ ضَمِنَهُ لِوَارِثِكَ. عِيَاضٌ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ بِذَلِكَ وَلَوْ نَازَعُوهُ لَضَمِنَ مَا فَرَّقَ، وَمَا بَقِيَ إنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنْ يَحْلِفَ مِنْهُمْ مِنْ يَدَّعِي عِلْمَهُ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَظُنُّ بِهِ عِلْمَهُ بِذَلِكَ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ نَازَعُوهُ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ بِهِ. الثَّالِثُ: اللَّخْمِيُّ لَيْسَ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَدِيعَةَ بِأَمَارَةِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَلَا بِكِتَابَةٍ وَإِنْ اعْتَرَفَ الْمُودِعُ أَنَّهُ خَطُّهُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الرَّسُولُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ خَطُّ الْمُودِعِ. مُحَمَّدٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا لَمْ يَأْخُذْهَا حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ بِمَا يَبْرَأُ بِهِ، يُرِيدُ أَنَّ مِنْ حَقِّهِ الْإِبْرَاءُ وَإِشْهَادُهُ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ إذَا جَحَدَ الْمُودِعُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْمُودِعُ أَنَّهُ رَضِيَ لِصَاحِبِهَا بِتَسْلِيمِهَا بِذَلِكَ أَوْ رَضِيَ الْآنَ بِتَسْلِيمِهَا بِذَلِكَ، فَيَلْزَمُهُ مَا رَضِيَ بِهِ. وَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَدْفَعَهَا لِلرَّسُولِ بِغَيْرِ أَمَارَةٍ وَلَا كِتَابٍ الْوَدِيعَةُ عَيْنٌ وَالْمُودِعُ مُوسِرٌ جَازَ بِرِضَاهُ وَلَزِمَهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُودِعُ أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ قَامَ الْمُودَعُ بِالْمِثْلِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَيْنًا أَوْ الْمُودِعُ مُعْسِرٌ لَمْ يَجُزْ وَرَدَّ رِضَاهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى صَاحِبِهَا إنْ قَالَ لَمْ أَبْعَثْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ ثِقَةً مَأْمُونًا مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فَيُمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهَا، وَيَلْزَمُ الْآخَرَ مَا رَضِيَ بِهِ. الرَّابِعُ: إذَا رَفَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ لِغَيْرِ الْمُودِعِ بِأَمَارَةٍ أَوْ كِتَابٍ بِلَا ثُبُوتٍ أَوْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الرَّسُولِ، ثُمَّ قَدَمَ الْمُودِعُ وَأَنْكَرَ بَعْثَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْهُ وَلَمْ يَكْتُبْهُ ثُمَّ يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ الرَّسُولُ أَوْ الْمُودَعُ. فَإِنْ أَغْرَمَ الرَّسُولَ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُودِعِ. وَاخْتَلَفَ إذَا أَغْرَمَهَا الْمُودَعَ هَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا صَدَّقَ الرَّسُولَ وَدَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ قَدَمَ الْمُودِعُ وَأَنْكَرَ وَأَغْرَمَ الْمُودَعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي مُدَوَّنَتِهِ لَا يَرْجِعُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا دَفَعَ بِالْكِتَابِ أَوْ بِإِمَارَةٍ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُودِعُ وَحَلَفَ ثُمَّ أَغْرَمَ الْمُودِعَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ الْمُودَعُ أَمَرْتَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا إلَى فُلَانٍ صَدَّقَهُ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ صَاحِبُهَا ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِي إخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُغَرِّمَهَا أَيَّهمَا شَاءَ فَإِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 29 وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ، فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ وَأَنْكَرْت: فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ،   [منح الجليل] رَجَعَ عَلَى مُتْلِفِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الرَّسُولِ، وَاخْتَلَفَ إذَا رَجَعَ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى الرَّسُولِ هَلْ يَرْجِعُ الرَّسُولُ عَلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ، فَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَرْجِعُ وَأَرَى الرُّجُوعَ فِي هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ الْأَرْبَعَةِ مُفْتَرِقًا فَيَسْقُطُ رُجُوعُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَعْتَرِفُ فِيهِ الْمُودَعُ بِأَنَّ الْقَابِضَ قَبَضَ صَحِيحًا بِأَنْ دَفَعَ لَهُ بِخَطِّ الْمُودِعِ أَوْ أَمَارَتِهِ، أَوْ بِقَوْلِهِ لَهُ ادْفَعْهَا لَهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا لَهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ أَرْسَلَنِي إلَيْك فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ حَمَلْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُودِعَ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَلَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يُخَالِفُك مَا دَفَعْتُهَا إلَيْكَ. الْخَامِسُ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ لَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ دَفْعُ الْوَدِيعَةِ بِأَمَارَةٍ أَوْ بِكِتَابٍ، فَإِنْ فَعَلَ وَجَاءَ الْمُودِعُ وَأَنْكَرَ حَلَفَ مَا أَمَرَهُ وَلَا كَتَبَ إلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَغَرَّمَهُ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُودَعُ عَلَى الْقَابِضِ مِنْهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ تَصْدِيقُهُ فِيمَا أَتَى بِهِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ بِصِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ وَشَهَادَتُهُ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ. اهـ. وَذَكَرَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَا الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَالْوَكِيلُ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْمُرْسَلِ. السَّادِسُ: يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِنْ التَّلَفِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِيهِ وَيَضْمَنُهَا إنْ أَتْلَفَهَا. ابْنُ سَلْمُونٍ فِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ إنْ قَالَ رَبُّهَا لِلْمُودَعِ أَلْقِهَا فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي النَّارِ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ كَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي أَوْ وَلَدِي وَلَا شَكَّ فِي الْحُرْمَةِ. وَأَمَّا الضَّمَانُ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ دُخُولُ الْخِلَافِ فِيهِ لِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي ذَلِكَ كَمَنْ أَذِنَ لِرَجُلٍ فِي قَطْعِ يَدِهِ. . (وَإِنْ بَعَثْتَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَعَثْتَ (بِمَالٍ) وَقَبَضَهُ مِنْ الرَّسُولِ ثُمَّ اخْتَلَفْتُمَا (فَقَالَ) الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْمَالُ (تَصَدَّقْتَ) يَا بَاعِثُ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ (عَلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ (وَأَنْكَرْتَ) يَا بَاعِثُ التَّصَدُّقَ بِهِ عَلَيْهِ، وَقُلْتَ بَلْ هِيَ وَدِيعَةٌ تَحْفَظُهَا لِي وَآخُذُهَا مِنْك مَتَى شِئْتَ (فَالرَّسُولُ) الْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْمَالَ (شَاهِدٌ) بَيْنَكُمَا إمَّا بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، فَإِنْ شَهِدَ بِالصَّدَقَةِ حَلَفَ عَلَيْهَا الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَتَمَّتْ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ لِلْبَاعِثِ بِلَا يَمِينٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 30 وَهَلْ مُطْلَقًا؟ أَوْ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَنُكُولِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، وَإِنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ أَخَذَهُ الْبَاعِثُ بِلَا يَمِينٍ لِشَهَادَةِ الرَّسُولِ لَهُ وَتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِ الْمَالِكِ فِي إخْرَاجِ مَالِهِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَعَدَمِ الصَّدَقَةِ، وَإِنْ قَالَ الرَّسُولُ لَا أَدْرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَيْضًا لَكِنْ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ. (وَ) إنْ شَهِدَ الرَّسُولُ بِأَنَّهَا صَدَقَةٌ فَ (هَلْ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبُولًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْمَالِ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ بِأَمْرِهِ بِدَفْعِهِ لِلْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) إنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالصَّدَقَةِ (إنْ كَانَ الْمَالُ) بَاقِيًا (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَأَوْلَى بِيَدِ الرَّسُولِ لِعَدَمِ إتْمَامِهِ حِينَئِذٍ بِخَوْفِ الْغُرْمِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ الْمَالُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِالصَّدَقَةِ لِاتِّهَامِهِ بِخَوْفِ غُرْمِهِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فَمَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى دَفْعِهِ بَيِّنَةٌ وَالْمَبْعُوثُ إلَيْهِ مُعْدِمٌ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ أَوْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَوْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ بِهَا اتِّفَاقًا لِانْتِفَاءِ اتِّهَامِهِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ بَعَثْتَ إلَى رَجُلٍ بِمَالٍ فَقَالَ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَصَدَّقَهُ الرَّسُولُ وَأَنْتَ مُنْكِرٌ لِلصَّدَقَةِ وَتَقُولُ بَلْ هُوَ إيدَاعٌ فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ لَهُ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَيَكُونُ الْمَالُ صَدَقَةً عَلَيْهِ. قِيلَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَيْفَ يَحْلِفُ وَلَمْ يَحْضُرْ، قَالَ كَمَا يَحْلِفُ الصَّبِيُّ مَعَ شَاهِدِهِ فِي دَيْنِ أَبِيهِ. ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَرَادَ إذَا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ عَدِيمًا قَدْ أَتْلَفَ الْمَالَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ، فَأَمَّا وَهُوَ مَلِيٌّ حَاضِرٌ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ مَعَ يَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ فِي عَدَمِ الْمَشْهُودِ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَقَوْلُ أَشْهَبَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ عَلَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَّلَ غَيْرَهُ قَوْلُ أَشْهَبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ دَفَعَ دَفْعًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْآمِرَ إنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ عَلَى جِهَةِ إيدَاعِهِ فَدَفَعَ هُوَ عَلَى جِهَةِ التَّمْلِيكِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا يُؤْخَذُ الْآمِرُ بِغَيْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّفْعِ عَلَى وَجْهِ الْإِيدَاعِ، قَالَ وَابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 31 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إنَّمَا أَجَازَ شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدَّفْعِ فَدَفَعَ وَالْمَالُ حَاضِرٌ لَمْ يُسْتَهْلَكْ بِدَفْعِهِ عَلَى حُجَّةِ التَّمْلِيكِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت هَذَانِ التَّأْوِيلَانِ لَيْسَا كَعَادَتِهِ، بَلْ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ. الثَّانِي: عِيَاضٌ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ شَهَادَتِهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَهَا الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ لِإِقْرَارِ رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ ذُكِرَ. وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الرَّسُولِ بَعْدُ لَمْ يَدْفَعْهُ، أَوْ أَنَّهُمَا حَاضِرَانِ وَالْمَالُ حَاضِرٌ، وَلَوْ أَنْفَقَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الضَّمَانَ. وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلَ أَشْهَبَ بِقَرِيبٍ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ بِأَنَّ الْمُصَدَّقَ عَلَيْهِ عَدِيمٌ وَقَدْ أَتْلَفَ الْمَالَ وَلَا بَيِّنَةَ لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ. وَأَمَّا وَهُوَ مَلِيٌّ أَوْ قَامَتْ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وِفَاقًا عَلَى نَحْوِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ مَفْهُومُ كِتَابِ مُحَمَّدٍ. الثَّالِثُ: أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ جَعَلَهُ يَحْلِفُ هُنَا، وَهَلْ هِيَ يَمِينٌ غَمُوسٌ، أَوْ إنَّمَا يَحْلِفُ إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ عِنْدَهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، وَاخْتَلَفَ فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ. الرَّابِعُ: فِيهَا مَنْ أَوْدَعَك مَالًا وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ حَلَفَ فُلَانٌ مَعَ شَهَادَتِك وَاسْتَحَقَّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا، أَوْ إنْ كَانَ غَائِبًا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُك لَهُ إنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ تَنْتَفِعُ أَنْتَ فِي مِثْلِهَا. أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ لَا تَنْتَفِعُ فِي مِثْلِهَا فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ لِارْتِفَاعِ التُّهْمَةِ. عَبْدُ الْحَقِّ سَأَلْتُ بَعْضَ شُيُوخِنَا فَقُلْتُ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لِلسُّلْطَانِ خُذْهَا مِنْ يَدِي لَا أُرِيدُ إمْسَاكَهَا، فَقَالَ إنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ حِينَ أَتَى يَشْهَدُ بِأَنْ قَالَ لِلْحَاكِمِ أَوْدَعَنِي فُلَانٌ كَذَا وَكَذَا، وَقَالَ تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ، وَإِنْ شَهِدَ وَلَمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 32 وَبِدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى وَارِثِك، أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ:   [منح الجليل] يَذْكُرْ ذَلِكَ ثُمَّ أَتَى بِقَوْلِهِ هَذَا فَيُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ لِيَنْفِيَ الظِّنَّةَ عَنْهُ الَّتِي قَدْ أَبْطَلَتْ شَهَادَتُهُ. أَبُو الْحَسَنِ فَلَوْ قَدَمَ الْغَائِبُ وَأَرَادَ أَنْ يَقُومَ بِشَهَادَتِهِ. قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهَا قَدْ رُدَّتْ. . (وَ) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى الرَّدِّ) مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ لِلْوَدِيعَةِ (عَلَى وَارِثِك) يَا مُودَعُ إلَيْهِ تَنَازَعَ فِيهِ دَعْوَى وَالرَّدُّ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يَدْفَعْهَا لِلْمُودَعِ وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَيْهَا. ابْنُ شَاسٍ أَمَّا دَعْوَاهُ الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ كَدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى وَارِثِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ دَعْوَى وَارِثِ الْمُودِعِ رَدَّهَا عَلَى الْمَالِكِ تَفْتَقِرُ إلَى الْبَيِّنَةِ أَيْضًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبْضُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ بَيِّنَةٌ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ الْمُودَعُ أَوْ الْعَامِلُ رَدَدْتُ الْمَالَ لِوَصِيِّ الْوَارِثِ لِمَوْتِ رَبِّهِ فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الْوَصِيِّ، وَلَوْ كَانَ قَبَضَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِأَنَّهُمَا دَفَعَهَا إلَى غَيْرِ مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْوَارِثِ فَلَا يُقْبَلُ، وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ الرَّدَّ أَوْ عَلَى الْمُودِعِ أَوْ عَلَى وَارِثِهِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَأْتَمِنَاهُ كَالْيَتِيمِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَأَحْرَى إذَا مَاتَ الْمُودَعُ وَالْمُودِعُ وَادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ رَدَّهَا إلَى وَارِثِ الْمُودِعِ. (أَوْ) أَيْ وَتُضْمَنُ بِدَعْوَى الدَّفْعِ إلَى (الْمُرْسِلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا وَكَسْرِ سِينِ الْأَوَّلِ وَكَافِ الثَّانِي فِيهَا إنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَقَالَ دَفَعْتُهُ إلَيْهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ الدَّافِعُ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ ضَمِنَ ذَلِكَ، سَوَاءٌ قَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. وَلَوْ شَرَطَ الرَّسُولُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ إلَى مَنْ أَمَرْتُهُ بِدَفْعِهِ لَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ إذَا ثَبَتَ هَذَا الشَّرْطُ. أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُ الْمُنْكِرِ لَوْ أَقَرَّ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ لَبَرِئَ الدَّافِعُ، وَفِيهَا أَيْضًا مَنْ بَعَثَ مَعَهُ بِمَالٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ صَدَقَةً أَوْ صِلَةً أَوْ سَلَفًا أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ لِيَبْتَاعَ لَك بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ دَفَعْته لَهُ وَكَذَّبَهُ الرَّجُلُ فَلَا يَبْرَأُ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَذَّبَهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ لَبَرِئَ وَظَاهِرُهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الصُّوَرِ وَذَكَرَ فِيهَا السَّلَفَ، وَفِيهِ انْتِقَالٌ مِنْ أَمَانَةٍ إلَى ذِمَّةٍ، فَإِنْ كَانَ قَائِمَ الذِّمَّةِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَبْرَأُ وَإِنْ كَانَ خَرِبَ الذِّمَّةِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الصِّلَةُ أَوْ ثَمَنُ السِّلْعَةِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 33 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَفِي الْمُقَدَّمَاتِ مَنْ دَفَعَ الْأَمَانَةَ إلَى غَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْهَا إلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ الَّذِي عَلَى وَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الدَّفْعِ إذَا أَنْكَرَهُ الْقَابِضُ وَلَمْ أَحْفَظْ فِي هَذَا الْوَجْهِ نَصَّ خِلَافِ الْأَقْوَالِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ بَعَثَ بِبِضَاعَةٍ مَعَ رَجُلٍ إلَى رَجُلٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ، وَيُصَدَّقُ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْقَابِضُ كَانَ دَيْنًا أَوْ صِلَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ بِالْمَعْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ اللُّؤْلُؤِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَادَّعَى التَّلَفَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْضٌ إلَى ذِمَّةٍ أَوْ إلَى أَمَانَةٍ، فَإِنْ كَانَ قَبْضًا إلَى أَمَانَةٍ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَرَّةً يَبْرَأُ الدَّافِعُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ وَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْآمِرِ، وَقَالَ مَرَّةً لَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ إلَّا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ، أَوْ إتْيَانِ الْقَابِضِ بِالْمَالِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبْضٌ إلَى ذِمَّةٍ مِثْلُ قَوْلِهِ لَهُ ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ الَّتِي عِنْدَك إلَى فُلَانٍ سَلَفًا أَوْ تَسْلِيفًا فِي سِلْعَةٍ أَوْ إلَى صَانِعٍ يَعْمَلُ فِيهَا عَمَلًا، فَإِنْ كَانَتْ الذِّمَّةُ خَرِبَةً فَاخْتَلَفَ فِيهِ فَقِيلَ يَبْرَأُ الدَّافِعُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِهِ إيَّاهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ. وَأَمَّا إنْ دَفَعَ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ دَفَعَهُ إلَى أَمَانَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ أَوْ إتْيَانِ قَابِضِ الْمَالِ بِهِ، هَذَا نَصُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِيهِ خِلَافًا إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَإِنْ دَفَعَ إلَى ذِمَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ كَانَتْ خَرِبَةً فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الدَّفْعِ، هَذَا الَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي عَلَى مَذَاهِبِهِمْ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِيهَا نَصَّ خِلَافٍ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا الْخِلَافُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأَمَانَةِ فَهِيَ أَرْبَعَةُ وُجُوهٍ دَفْعٌ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَمِنْ أَمَانَةٍ إلَى أَمَانَةٍ، وَمِنْ أَمَانَةٍ إلَى ذِمَّةٍ، وَمِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ اهـ. وَقَوْلُهُ إذَا دَفَعَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ لَا يَبْرَأُ بِتَصْدِيقِ الْقَابِضِ إنْ ادَّعَى التَّلَفَ، أَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي غَيْرِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ. ابْنُ الْحَاجِبِ أَمَّا لَوْ لَمْ يَمُتْ وَأَكْذَبَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَرَادَ لَوْ لَمْ يَمُتْ الرَّسُولُ وَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ أَمَرَهُ رَبُّهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 34 كَعَلَيْك، إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ مَقْصُودَةٌ   [منح الجليل] بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَضَاعَتْ وَأَنْكَرَ رَبُّهَا دَفْعَهَا فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهَا إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا ضَمِنَ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ اهـ. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُنْكِرُ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْكِرْ لَا يَضْمَنُ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَتَرَكَ مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الرَّدَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِيصَالِ مُسَامَحَةً، وَإِنَّمَا فِيهَا دَعْوَى الْإِيصَالِ. الثَّانِي: عَبْدُ الْحَقِّ إذَا شَرَطَ الرَّسُولُ أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَى الدَّفْعِ يَنْفَعُهُ، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا حِينَ وُجُوبِ تَوَجُّهِهَا فَكَأَنَّهُ شَرَطَ سُقُوطَ أَمْرٍ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِيمَا أَرَاهُ. الثَّالِثُ: إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ هُنَا الضَّمَانَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ إنْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَهُ صُدِّقَ الْمُودَعُ. الرَّابِعُ: تَصْدِيقُ رَبِّ الْمَالِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ. الْخَامِسُ: فِيمَا إنْ أَمَرْته بِصَدَقَةٍ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَصَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ ضَمِنَ حِصَّةَ مَنْ كَذَّبَهُ وَلَوْ أَمَرْته بِصَدَقَةٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَ) دَعْوَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ رَدَّ الْوَدِيعَةِ (عَلَيْك) يَا مُودِعُ فَلَا تُقْبَلُ وَيَضْمَنُهَا (إنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ (بِبَيِّنَةٍ) شَاهِدَةٍ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (مَقْصُودَةً) لِلتَّوَثُّقِ عَلَى الْمُودَعِ خَوْفًا مِنْ دَعْوَاهُ رَدَّهَا، فَلَمْ يَأْتَمِنْهُ فِيهِ، فَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ لِائْتِمَانِهِ عَلَى حِفْظِهَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قَبَضَهَا بِلَا بَيِّنَةٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ أَوْ مَقْصُودَةٍ لِغَيْرِ التَّوَثُّقِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 35 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَادَّعَى رَدَّهَا فَيُصَدَّقُ فِيهِ. " ق " فِيهَا وَمَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ أَوْ أَقْرَاضٌ لِلرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ رَدَدْته إلَيْك فَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ ضَاعَ مِنِّي أَوْ سُرِقَ صَدَّقَهُ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَمَانَاتُ الَّتِي بَيْنَ الْمَخْلُوقِينَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّقْوَى فِيهَا وَالْأَدَاءِ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ، كَمَا أَمَرَ الْوَصِيَّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْتَمَنُونَ فِي الرَّدِّ إلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ دُونَ إشْهَادٍ فَوَجَبَ أَنْ يُصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْفَتْحِ فِي دَعْوَاهُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ بِيَمِينِهِ إنْ أَكْذَبَهُ الْمُودِعُ كَمَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِيمَا ائْتَمَنَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِمَّا خُلِقَ فِي رَحِمِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ وَالْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِإِشْهَادٍ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ إنَّمَا ائْتَمَنَهُ عَلَى حِفْظِهَا وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَى رَدِّهَا فَيُصَدَّقُ فِي الضَّيَاعِ الَّذِي ائْتَمَنَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الرَّدِّ الَّذِي اسْتَوْثَقَ مِنْهُ وَلَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ عَرَفَةَ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَالصَّقَلِّيُّ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّهَا قُصِدَ بِهَا التَّوَثُّقُ. عَبْدُ الْحَقِّ مَنْ أَخَذَ وَدِيعَةً بِحَضْرَةِ قَوْمٍ لَمْ يَقْصِدْ إشْهَادَهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الرَّدِّ، وَلَيْسَ كَمَنْ أَخَذَهَا بِبَيِّنَةٍ قَصَدَ إشْهَادَهَا عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ الْمُودَعُ عِنْدَ بَيِّنَةٍ أَنَّهُ قَبَضَ وَدِيعَةً مِنْ فُلَانٍ، وَفِي الْحُكَّامِ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى الْمُودَعُ رَدَّهَا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا ضَمِنَ بَعْدَ يَمِينِ رَبِّهَا وَلِرَبِّهَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُودَعِ. وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إنْ زَعَمَ الْمُسْتَوْدَعُ عِنْدَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ رَدَّهَا لِرَبِّهَا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلَا يُبَرِّئُهُ قَوْلُهُ وَلَهُ الْيَمِينُ عَلَى رَبِّهَا، فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا غَرِمَهَا الْمُودَعُ عِنْدَهُ، وَإِنْ نَكَلَ رَبُّهَا عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُودَعِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ. (تَنْبِيهٌ) يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِقَصْدِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ بِالْبَيِّنَةِ التَّوَثُّقُ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ الَّذِي حَرَّرَ هَذَا اللَّفْظَ فِي رِسَالَتِهِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَهَا بِإِشْهَادٍ. ابْنِ يُونُسَ مَنْ أَخَذَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 36 لَا بِدَعْوَى التَّلَفِ: أَوْ عَدَمِ التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ،   [منح الجليل] الْوَدِيعَةَ بِمَحْضَرِ قَوْمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ إشْهَادَهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَقَبْضِهَا بِلَا بَيِّنَةٍ حَتَّى يَقْصِدَ الْإِشْهَادَ عَلَى نَفْسِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْقَبْضُ بِبَيِّنَةٍ لِيَكُونَ الرَّدُّ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْإِشْهَادُ خَوْفَ الْمَوْتِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ أَوْ قَالَ الْمُودَعُ أَخَافُ أَنْ تَقُولَ هِيَ سَلَفٌ فَاشْهَدْ لِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّوَثُّقَ مِنْ الْقَابِضِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهَا بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَوْ تَبَرَّعَ الْمُودِعُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِإِشْهَادٍ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ حُكْمَ الْإِشْهَادِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ هُوَ مُصَدَّقٌ. (لَا) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى) الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (التَّلَفَ) لِلْوَدِيعَةِ وَلَوْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ (أَوْ) دَعْوَى (عَدَمِ الْعِلْمِ) مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِ) مَا حَصَلَ لِلْوَدِيعَةِ مِنْ (التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ) أَيْ لَا يَضْمَنُهَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ لِكِفَايَةِ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي عَدَمِ الضَّمَانِ، وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي أَتَلِفَتْ أَمْ رَدَدْتهَا أَوْ لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَمْ رَدَدْتهَا. وَاحْتَاجَ لِتَقْيِيدِهِ عَدَمَ ضَمَانِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بِالْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَقَيَّدَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الثَّانِي بِعَدَمِ بَيِّنَةِ التَّوَثُّقِ أَفَادَهُ تت. " ق " فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ لَوْ قَالَ لِمُودِعِهَا مَا أَدْرِي أَرَدَدْتُهَا إلَيْك أَمْ تَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَوْدَعَهُ إيَّاهَا بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَيَحْلِفُ مَا هِيَ عِنْدَهُ وَلَقَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ أَوْ تَلِفَتْ. طفى مَا حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ كَذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ " ح " الصَّوَابُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِالرَّدِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ. (وَحَلَفَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (الْمُتَّهَمُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ بِالتَّسَاهُلِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ إذَا ادَّعَى رَدَّهَا حَيْثُ تُقْبَلُ مِنْهُ، أَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِالرَّدِّ أَوْ الضَّيَاعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ لَا يَحْلِفُ وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِلَا نِزَاعٍ لِأَنَّهُ تَحَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَفِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ مَشْهُورُهَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ لِتَعَيُّبِهِ بِهِ، لَكِنَّهُ عَلَى هَذَا يَفُوتُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ. تت فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 37 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَظَرٌ، بَلْ حَلِفُ الْمُتَّهَمِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ، وَفِي دَعْوَى التَّلَفِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الْوَسَطِ دَعْوَى الرَّدِّ مَوْضِعُ الْخِلَافِ وَالتَّلَفُ مَوْضُوعُ الِاتِّفَاقِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَلِذَا أُصْلِحَ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ. طفى لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ شَأْنِهِ التَّسَاهُلُ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ، بَلْ الَّذِي لَمْ تُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ إلَّا مُجَرَّدُ التُّهْمَةِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ، وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ حَلِفُ الْمُتَّهَمِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ هُوَ الصَّوَابُ لِحِكَايَةِ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا الِاتِّفَاقَ عَلَى الْحَلِفِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ، وَأَطْلَقُوا سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا، وَاعْتَرَضَتْ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَبَيَّنَهُ فِي التَّوْضِيحِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ قَبَضَهُ أَيْ الْوَدِيعَةَ أَوْ الْقِرَاضَ بِبَيِّنَةٍ فَقَالَ ضَاعَ مِنِّي صُدِّقَ أَرَادَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُتَّهَمُ عَنْ الْيَمِينِ ضَمِنَ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ هَاهُنَا. ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ دَعْوَى الرَّدِّ وَدَعْوَاهُ الضَّيَاعَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ يَدَّعِي يَقِينًا أَنَّهُ كَاذِبٌ فَيَحْلِفُ مُتَّهَمًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ. وَفِي دَعْوَى الضَّيَاعِ لَا عِلْمَ لَهُ بِحَقِيقَةِ دَعْوَاهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ جِهَةِ الْمُودَعِ فَلَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. " ح " هَذَا إذَا ادَّعَى التَّلَفَ وَلَمْ يُحَقِّقْ رَبُّهَا عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ فَيَحْلِفُ بِاتِّفَاقٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحَيْثُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ بِيَمِينٍ، وَاعْتَرَضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَبِاشْتِمَالِ كِتَابِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا كَانَ مُحَقِّقُو شُيُوخِنَا يُنْكِرُونَ كِتَابَ ابْنِ الْحَاجِبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 38 وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطُ نَفْيِهَا، فَإِنْ نَكَلَ: حَلَفْت   [منح الجليل] الْفِقْهِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ شَرَطَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حِينَ الْإِيدَاعِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ بِلَا يَمِينٍ (لَمْ يُفِدْهُ) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (شَرْطُ نَفْيِهَا) أَيْ الْيَمِينُ. " ق " فِيهَا مَنْ دَفَعْت لَهُ مَالًا لِيَدْفَعَهُ لِرَجُلٍ لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. عَبْدِ الْحَقِّ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفَعْهُ شَرْطُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا حِينَ تَوَجُّهِهَا فَكَأَنَّهُ شَرَطَ إسْقَاطَ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ، بِخِلَافِ شَرْطِهِ دَفْعَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ الْقَوْلِ بِالْوَفَاءِ بِشَرْطِ التَّصْدِيقِ فِي دَعْوَى عَدَمِ الْقَضَاءِ. " ق " وَعَلَى هَذَا فَرَبُّ الْوَدِيعَةِ يَدَّعِي يَقِينًا كَمَا تَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ، فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطُ نَفْيِهَا لَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ، وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ لِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ وَتَلْزَمُهُ فَإِنْ حَلَفَ صُدِّقَ فَ (إنْ نَكَلَ) الْمُتَّهَمُ عَنْ الْيَمِينِ (حَلَفْت) يَا مُودِعُ بِالْكَسْرِ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ الْمُودَعِ وَيَغْرَمُهَا لَك الْمُتَّهَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ تت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 39 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ق " هَذَا مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ نَكَلَ الْمُتَّهَمُ فَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ وَمَا نَقَلَ غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ أَنْ تَلْحَقَ الْيَمِينُ إذَا قَوِيَتْ التُّهْمَةُ وَتَسْقُطَ إذَا ضَعُفَتْ وَأَنْ لَا تَرْجِعَ إذَا لَحِقَتْ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا دَعْوَى قَابِضِيهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةِ رَدِّهَا مَقْبُولَةً مَعَ يَمِينِهِ. اللَّخْمِيُّ يَحْلِفُ وَلَوْ مَأْمُونًا لِدَعْوَى رَبِّهَا عَلَيْهِ التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا فِيهِ لِمَا عُلِمَ مِنْ قِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ أَوْ تَمُرُّ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَتَضْعُفُ الْيَمِينُ إنْ كَانَ الْمُودَعُ عَدْلًا، وَنَقْلُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَدَمَ حَلِفِهِ مُطْلَقًا لَا أَعْرِفُهُ، وَلَوْ صَحَّ كَانَتْ الْأَقْوَالُ ثَلَاثَةً هُوَ وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَمَنْصُوصُ الْمَذْهَبِ وَدَعْوَاهُ ضَيَاعَهَا فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَقْبُولَةٌ وَلَوْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ وَفِي لُزُومِ حَلِفِهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُتَّهَمًا ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَّهَمُ يَحْلِفُ بِاتِّفَاقٍ خِلَافُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَدَمَ حَلِفِهِ مُطْلَقًا، قَالَ لِأَنَّهُ أَمَّنَهُ، وَلَمَّا حَكَى الْأَوَّلَ قَالَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ رَجُلٌ بِالصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ. وَعَبَّرَ عَنْ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدْلًا. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ نَكَلَ ضَمِنَ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ هُنَا عَلَى رَبِّهَا وَلِابْنِ زَرْقُونٍ اخْتَلَفَ فِي تَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِمُجَرَّدِ التُّهْمَةِ، فَفِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَالشَّرِكَةِ تَعَلُّقَهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِهَا. أَشْهَبُ لَا تَتَعَلَّقُ. قُلْتُ فِي آخِرِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ الْأَظْهَرُ أَنْ تَلْحَقَ إذَا قَوِيَتْ التُّهْمَةُ وَتَسْقُطَ إذَا ضَعُفَتْ وَأَنْ لَا تَرْجِعَ إذَا لَحِقَتْ. وَفِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ فِي التُّهْمَةِ، وَالْخِلَافُ فِي رَدِّهَا وَفِي لُحُوقِهَا ابْتِدَاءً مَشْهُورُ. ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي يَمِينِهِ ثَالِثُهَا الْمَشْهُورُ يَحْلِفُ الْمُودَعُ وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَا يَغْرَمُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ يَغْرَمُ بِنُكُولِهِ دُونَ حَلِفِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ حَتَّى رَبِّ الْوَدِيعَةِ. قُلْتُ وُجُودُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَاضِحٌ، الْأَوَّلُ بِنَاءٌ عَلَى عَدَمِ تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ وَالثَّانِي عَلَى تَوَجُّهِهَا وَعَدَمِ انْقِلَابِهَا، وَالثَّالِثُ عَلَى انْقِلَابِهَا. وَأَمَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ، وَحَيْثُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَا خِلَافًا أَنَّهُ بِيَمِينٍ وَلَا فِي انْقِلَابِهَا إنْ نَكَلَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِي حَلِفِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ قَوْلَيْنِ أَشْهُرُهُمَا حَلِفُهُ، وَأَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 40 وَلَا إنْ شَرَطَ الدَّفْعَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَبِقَوْلِهِ: تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي بَعْدَ مَنْعِهِ دَفْعَهَا كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ بِلَا عُذْرٍ،   [منح الجليل] إنْ نَكَلَ فَفِي غُرْمِهِ دُونَ حَلِفِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ قَوْلَانِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ الْعِبَارَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ، ظَاهِرُهُ قَبُولُهَا وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ هَذَا الْخِلَافُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَصْوَبُ، وَبِاشْتِمَالِ كِتَابِهِ عَلَى مِثْلِ هَذَا كَانَ مُحَقِّقُو شُيُوخِنَا يُنْكِرُونَ كِتَابَ ابْنِ الْحَاجِبِ الْفِقْهِيَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ أُرْسِلَ رَجُلٌ بِمَالٍ إلَى آخَرَ وَسَلَّمَهُ لَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَأَنْكَرَ اسْتِلَامَهُ مِنْهُ فَ (لَا) ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ (إنْ) كَانَ (شَرَطَ) الرَّسُولُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ بِالْمَالِ حِينَ إرْسَالِهِ (الدَّفْعَ لِ) شَخْصِ (الْمُرْسَلِ) بِفَتْحِ السِّينِ (إلَيْهِ بِلَا) إشْهَادِ (بَيِّنَةٍ) عَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ الشَّرْطُ بِإِقْرَارِ الْمُرْسَلِ أَوْ بَيِّنَةٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ شَرَطَ الرَّسُولُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَلَا يَضْمَنُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» . (وَ) تُضْمَنُ (بِقَوْلِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ (تَلِفَتْ) بِكَسْرِ اللَّامِ الْوَدِيعَةُ (قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَبْلَ لُقِيِّك إيَّايَ بِالْأَمْسِ مَثَلًا، وَصِلَةُ قَوْلِهِ (بَعْدَ مَنْعِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (دَفَعَهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ لِلْمُودِعِ بِالْكَسْرِ لِعُذْرٍ أَبْدَاهُ لِرَبِّهَا وَأَوْلَى بِلَا عُذْرٍ. رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مَالٌ وَدِيعَةٌ فَطَلَبَهُ مِنْهُ فَاعْتَذَرَ بِشُغْلٍ وَأَنَّهُ يَرْكَبُ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ فَتَصَايَحَا فَحَلَفَ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي غَدٍ قَالَ ذَهَبْتَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي ضَمِنَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا. وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى ذَهَبْت حَلَفَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. أَصْبَغُ وَيَحْلِفُ مَا عَلِمَ بِذَهَابِهَا حِينَ مَنَعَهُ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ تَلِفَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ لُقِيِّك إيَّايَ فَيَضْمَنُهَا إنْ كَانَ مَنَعَهَا (بِلَا عُذْرٍ) فَإِنْ كَانَ مَنَعَهَا لِعُذْرٍ فَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا. ابْنُ يُونُسَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ ذَهَبْت بَعْدَمَا حَلَفْت وَفَارَقْتُك ضَمِنَهَا لِأَنَّهُ مَنَعَهَا إيَّاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ عَلَى أَمْرٍ لَا يَسْتَطِيعُ فِيهِ الرُّجُوعَ وَفِيهِ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فَلَا يَضْمَنُهَا. ابْنُ عَبْدِ الْحُكْمِ إذَا قَالَ أَنَا مَشْغُولٌ إلَى عُذْرٍ فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ تَلِفَتْ قَبْلَ مَجِيئِك الْأَوَّلُ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا بِالسُّلْطَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 41 لَا إنْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ وَيَمْنَعُهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ   [منح الجليل] فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا يَقُولُ خِفْتُ شَغَبَهُ وَأَذَاهُ (لَا) يَضْمَنُ (إنْ قَالَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بَعْدَ مَنْعِهَا (لَا أَدْرِي) جَوَابُ (مَتَى تَلِفَتْ) الْوَدِيعَةُ قَبْلَ لُقِيِّك أَوْ بَعْدَهُ وَحَلَفَ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ ضَمَانِهَا. . (وَ) تُضْمَنُ (بِ) سَبَبِ (مَنْعِ) الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ دَفْعَ (هَا) لِمُودِعِهَا عِنْدَ طَلَبِهَا (حَتَّى يَأْتِيَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (الْحَاكِمَ) أَوْ هُوَ فَاعِلُ يَأْتِي إذَا كَانَ عِنْدَ طَلَبِهَا غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ، وَتَلِفَتْ قَبْلَ إتْيَانِهِ فَيَضْمَنُهَا (إنْ لَمْ تَكُنْ) الْوَدِيعَةُ مَقْبُوضَةً (بِبَيِّنَةٍ) شَاهِدَةٍ بِقَبْضِهَا لِلتَّوَثُّقِ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي رَدِّهَا حِينَئِذٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، وَمَنَعَهَا بَعْدَ طَلَبِهَا حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ فَتَلِفَتْ قَبْلَ إتْيَانِهِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا بِلَا بَيِّنَةٍ. الْبِسَاطِيُّ هَلْ الْحَاكِمُ خُصُوصِيَّةٌ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بَيِّنَةٌ يُشْهِدُهَا بِالرَّدِّ وَامْتَنَعَ مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ فَيُعْذَرُ أَوْ الْمَقْصُودُ مَا يُبْرِيهِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْحَاكِمِ، فَإِنْ مَنَعَهَا مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ فَتَلِفَتْ قَبْلَ إتْيَانِ الْحُكْمِ فَيَضْمَنُهَا. تت فِي تَعْلِيلِ بَعْضِ الْأَقْوَالِ مَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِيَّةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَخَافُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ سَفَهٌ أَوْ نَحْوُهُ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ لَوْ أَبَى مِنْ دَفْعِهَا إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَهَلَكَتْ فِي زَمَنِ تَرَافُعِهِمَا، فَفِي ضَمَانِهِ فِيهَا، وَفِي الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ وَنَفَيَا وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِابْنِ دَحُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَنَصُّهُ سَمِعَ أَبُو زَيْدِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَبِّ الْوَدِيعَةِ يَطْلُبُهَا وَالرَّاهِنُ يَطْلُبُ فِكَاكَهُ فَيَأْبَى الَّذِي ذَلِكَ فِي يَدِهِ أَنْ يَدْفَعَهُ حَتَّى يَأْتِيَ السُّلْطَانُ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِدَفْعِهِ فَهَلَكَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَضِيَّةِ، وَبَعْدَ طَلَبِ أَرْبَابِهِ قَالَ إنْ كَانَ دَفَعَ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا إذَا طَلَبَهُ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَهُ وَهِيَ بِحَيْثُ يَمُدُّ يَدَهُ إلَيْهَا بِلَا مُؤْنَةٍ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا أَنَّهُ يَضْمَنُهَا إنْ هَلَكَتْ. وَاخْتَلَفَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ فَوْقَ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ وَعَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي رُجُوعِهِ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ ضَمِنَهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 42 لَا إنْ قَالَ ضَاعَتْ مُنْذُ سِنِينَ، وَكُنْت أَرْجُوهَا، وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا كَالْقِرَاضِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا،   [منح الجليل] وَقَالَ أَصْبَغُ قَدْ يَعُوقُ الرَّجُلُ الْعَائِقَ الَّذِي لَا يَظْهَرُ وَلِلنَّاسِ أَعْذَارٌ بَاطِنَةٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَحْلِفُ وَيَبْرَأُ. . (لَا) تُضْمَنُ (إنْ قَالَ) لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عِنْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ (ضَاعَتْ مِنْ) مُدَّةِ (سِنِينَ) مَضَتْ (وَكُنْتُ أَرْجُو) عَوْدَ (هَا) فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ لَمْ يَضْمَنْهَا صَاحِبُهَا، بَلْ (وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا) وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِضَيَاعِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ طُلِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ فَقَالَ ضَاعَتْ مُنْذُ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهَا وَأَطْلُبُهَا وَشِبْهُهُ، وَلَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ وَرَبُّهَا حَاضِرٌ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ لَهُ فَلَا يَضْمَنُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَبَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ بِهَا ثُمَّ قَالَ ضَاعَتْ مُنْذُ سِنِينَ فَيَضْمَنُهَا وَالْقِرَاضُ مِثْلُهَا. أَصْبَغُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ طَلَبٌ وَلَا ذَكَرَ لِرَبِّهَا وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَا مُصِيبَةَ تَطْرُقُ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا طَالَ جِدًّا وَادَّعَى أَمْرًا قَرِيبًا لَا ذِكْرَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا قَالُوا إنْ سُمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي طُلِبَتْ فِيهِ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ (كَ) دَعْوَى عَامِلِ (الْقِرَاضِ) ضَيَاعَهُ مُنْذُ سِنِينَ فَلَا يَضْمَنُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهُ وَلَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ طَلَبِهِ مِنْهُ (وَ) مَنْ ظَلَمَهُ إنْسَانٌ فِي مَالٍ ثُمَّ أَوْدَعَ الظَّالِمُ عِنْدَهُ مَالًا قَدْرَ مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَ (لَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ (الْأَخْذُ مِنْهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ حَالَ كَوْنِهَا مَمْلُوكَةً (لِمَنْ ظَلَمَهُ) أَيْ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ فِي بَيْعٍ أَوْ إيدَاعٍ أَوْ غَصْبٍ (بِمِثْلِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. فِي الْمُدَوَّنَةِ لِحَدِيثِ «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» . ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ ظَفِرَ بِمَالٍ لِمَنْ جَحَدَهُ مِثْلُهُ فَفِيهِ اضْطِرَابٌ، وَقَالَ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ. الْمَازِرِيُّ مَنْ غُصِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَدَرَ عَلَى اسْتِرْدَادِهِ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ تَحْرِيكِ فِتْنَةٍ وَسُوءِ عَاقِبَةٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 43 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِأَنْ يُعَدَّ سَارِقًا وَنَحْوَهُ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ الْمَالِيِّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، فَفِيهِ طُرُقٌ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَوْدَعَ رَجُلًا وَدِيعَةً فَجَحَدَهُ إيَّاهَا ثُمَّ اسْتَوْدَعَهُ وَدِيعَةً أَوْ ائْتَمَنَهُ عَلَى شَيْءٍ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجْحَدُهُ. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَهُ أَخْذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ فَبِقَدْرِ حِصَاصِهِ مِنْهُ. الْمَازِرِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغُرَمَاءَ عَالِمِينَ بِفَلَسِهِ أَوْ شَاكِّينَ وَتَرَكُوهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي جَازَ لَهُ حَبْسُ جَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ عِنْدَهُمْ الْيُسْرُ، وَلَوْ عَلِمُوا ضَرَبُوا عَلَى يَدَيْهِ جَازَ لَهُ أَخْذُ مَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ يَصِيرُ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عَرْضًا فَلَهُ بَيْعُهَا وَيُحْبَسُ مِنْ ثَمَنِهَا مَالَهُ عَلَيْهِ. الْمَازِرِيُّ لَا يَأْخُذُ الْعَرْضَ يَتَمَلَّكُهُ عِوَضَ حَقِّهِ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِلْبَائِعِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ عَنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَسَامَحَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا لِلضَّرُورَةِ. قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ فَهَلْ لَهُ بَيْعُهُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ إنْ رَفَعَهُ لِلْقَاضِي كَلَّفَهُ إثْبَاتُ دَيْنِهِ اخْتَارَ بَعْضُ أَشْيَاخِي هَذَا، وَيَبِيعُ بِنَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي نَبَّهْنَا عَلَيْهَا. ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ، لَوْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فَمَتَى لَمْ يَضُرَّ بِالْغُرَمَاءِ، وَأَخَذَ مَا يَنُوبُهُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا فَإِنْ حَلَفَ فَحَلَفَ مَا ضَرَّهُ ذَلِكَ كَالْمُكْرَهِ عَلَى الْيَمِينِ فِي أَخْذِ مَالِهِ فَيَحْلِفُ وَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْحَدَهُ إذَا أَمِنَ أَنْ يُحَلِّفَهُ كَاذِبًا يُرِيدُ أَنَّ الْمُودِعَ يَقُولُ لَهُ احْلِفْ لِي أَنِّي مَا أَوْدَعْتُك. وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا يَلْزَمُنِي رَدُّهُ. وَقِيلَ يَنْوِي مِثْلَهُ أَوْ يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْحَدَ مَا أَوْدَعَهُ مَكَانَ حَقِّهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وَلِحَدِيثِ هِنْدَ. وَقِيلَ مَعْنَى «لَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» لَا تَأْخُذْ فَوْقَ حَقِّك اهـ. وَحَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ تَرْشِيحُ جَوَازِ الْأَخْذِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ إبَاحَةُ الْأَخْذِ. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مَيِّتٍ أَوْصَى لِصَغِيرٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 44 وَلَا أُجْرَةُ حِفْظِهَا، بِخِلَافِ مَحَلِّهَا، وَلِكُلٍّ تَرْكُهَا وَإِنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا، أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ، بَاعَهُ فَأَتْلَفَ: لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ   [منح الجليل] بِدَنَانِيرَ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا إلَّا الْوَصِيُّ، فَإِنْ خَفِيَ لَهُ دَفْعُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يُتَّبَعَ بِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ دُونَ السُّلْطَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَفَعَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ السُّلْطَانُ، ثُمَّ خَفِيَ لَهُ دَفْعُ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ. (وَلَا) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (أُجْرَةُ حِفْظِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّتِهَا وَلِخُرُوجِهَا يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ عَنْ اسْمِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَمَّا أُجْرَةُ الْحِفْظِ فَقَدْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِإِطْرَاحِهَا وَأَنَّ الْمُودِعَ لَا يَطْلُبُ أُجْرَتَهُ، وَبِهَذَا سَقَطَتْ، وَإِلَّا فَالْحِفْظُ يَجُوزُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِرَاسَةِ. (بِخِلَافِ) أُجْرَةِ (مَحَلِّهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ فَلِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَخْذُهَا ابْنُ الْحَاجِبِ لَهُ أُجْرَةُ مَوْضِعِهَا دُونَ حِفْظِهَا، أَيْ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَشْغَلُ مَنْزِلًا فَطَلَبَ أُجْرَةَ مَوْضِعِهَا فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هَذَا، وَعِنْدِي أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ طَلَبَ الْأُجْرَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي رَبِّ الدَّابَّةِ يَأْذَنُ لِرَجُلٍ فِي رُكُوبِهَا فَيَقُولُ رَاكِبُهَا إنَّمَا رَكِبْتُهَا عَارِيَّةً وَيَقُولُ رَبُّهَا إنَّمَا هُوَ بِإِجَارَةٍ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُكْرِي الدَّوَابَّ، وَلَمْ يَعْتَدَّ الْمُصَنِّفُ بِهِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَقَرَّهُ قَالَهُ تت (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (تَرْكُ) إيدَاعِ (هَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا، وَلِلْأَمِينِ رَدُّهَا. ابْنُ شَاسٍ الْإِيدَاعُ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ مُبَاحٌ لِلْفَاعِلِ وَالْقَابِلِ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ أَوْدَعَ) ذُو مَالٍ (صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ) أَيْ الصَّبِيُّ أَوْ السَّفِيهُ (أَوْ بَاعَهُ) أَيْ الصَّبِيُّ أَوْ السَّفِيهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ أَسْلَمَهُ فِي مُؤَجَّلٍ (فَتَلِفَ) الْمَالُ الْمُودَعُ أَوْ الْمُقْرَضُ أَوْ الْمَبِيعُ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ السَّفِيهِ (لَمْ يَضْمَنْ) الصَّبِيُّ أَوْ السَّفِيهُ شَيْئًا مِنْهُ إنْ قَبِلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ، بَلْ (وَإِنْ) قَبِلَهُ (بِإِذْنِ أَهْلِهِ) وَهَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَيُكْرَهُ لَهُمْ إذْنُهُمْ لَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 45 وَتَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ الْمَأْذُونِ عَاجِلًا، وَبِذِمَّةِ غَيْرِهِ إذَا عَتَقَ؛ إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا   [منح الجليل] فِيهِ لِأَنَّهُ تَقْرِيرٌ بِإِتْلَافِ الْمَالِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا وَدِيعَةً بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَوْ بِدُونِهِ فَضَاعَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا، أَرَادَ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ لِأَنَّ أَصْحَابَ ذَلِكَ سَلَّطُوا يَدَهُ عَلَى إتْلَافِهِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَمَنْ بَاعَ مِنْهُ سِلْعَةً فَأَتْلَفَهَا فَلَيْسَ لَهُ اتِّبَاعُهُ بِثَمَنِهَا، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الصَّبِيُّ سِلْعَةً وَقَبَضَ ثَمَنَهَا وَأَتْلَفَهُ فَالْمُبْتَاعُ ضَامِنٌ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ لَهُ قِبَلَ الصَّبِيِّ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِهَا. اللَّخْمِيُّ لَا تَبَاعَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا عَلَى سَفِيهٍ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُمَا أَنْفَقَا ذَلِكَ فِيمَا لَا غِنَى لَهُمَا عَنْهُ فَيُتْبَعَانِ فِي الْمَالِ الَّذِي صُوِّنَاهُ، فَإِنْ ذَهَبَ وَأَفَادَا غَيْرَهُ فَلَا يُتَّبَعَانِ فِيهِ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ أَوْدَعَ عِنْدَ صَبِيٍّ شَيْئًا بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَأَتْلَفَهُ الصَّبِيُّ أَوْ ضَيَّعَهُ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ بَاعَهُ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ. (وَ) إنْ أَوْدَعَ مَالًا عِنْدَ رَقِيقٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَتْلَفَهُ (تَعَلَّقَتْ) الْوَدِيعَةُ أَيْ قِيمَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا (بِذِمَّةِ) الرَّقِيقِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (الْمَأْذُونِ) لَهُ مِنْ مَالِكِهِ الرَّشِيدِ فِي التِّجَارَةِ تَعَلُّقًا (عَاجِلًا) أَيْ حَالًّا فَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ الْآنَ كَالْحُرِّ وَلَا يَسْتَأْنِي بِهِ عِتْقُهُ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَا بِمَالِ سَيِّدِهِ الَّذِي بِيَدِهِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهَا عَنْهُ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا أَتْلَفَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مِنْ وَدِيعَةٍ بِيَدِهِ فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ لَا فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّ الَّذِي أَوْدَعَهُ تَطَوَّعَ بِالْإِيدَاعِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَفْسَخَ ذَلِكَ عَنْهُ. (وَ) إنْ أَوْدَعَ رَقِيقًا غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِيهَا وَأَتْلَفَهَا تَعَلَّقْت (بِذِمَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ لَا عَاجِلًا، بَلْ (إذَا عَتَقَ إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ) أَيْ مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ (لِلسَّيِّدِ) عَنْهُ، فَإِنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ قَبْلَ عِتْقِهِ سَقَطَ لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ فَلَا يُتَّبَعُ بِهِ " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ أَوْدَعْت عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَدِيعَةً فَأَتْلَفَهَا فَهِيَ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا إلَّا أَنْ يَفْسَخَهُ عَنْهُ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي الرِّقِّ فَذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ فَيُسْقِطُهُ عَنْ الْعَبْدِ فِي رَقِّهِ وَلَا يُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ. (وَإِنْ) كَانَتْ وَدِيعَةً بِيَدِ شَخْصٍ وَادَّعَاهَا اثْنَانِ مَثَلًا، وَ (قَالَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (هِيَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 46 وَنَسِيتُهُ: تَحَالَفَا، وَقُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَيْنِ: جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ.   [منح الجليل] أَيْ الْوَدِيعَةُ (لِأَحَدِكُمَا) خَاصَّةً (وَنَسِيتُهُ) فَلَا أَعْلَمُهُ الْآنَ (تَحَالَفَا) أَيْ يَحْلِفُ الْمُتَنَازِعَانِ فِيهَا كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ (وَقُسِمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْوَدِيعَةُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهَا نِصْفَيْنِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَيَأْخُذُهَا الْحَالِفُ وَحْدَهُ. " ق " ابْنُ يُونُسَ سَمِعَ عِيسَى بْنَ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ مِائَةُ دِينَارٍ فَأَتَاهُ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَدْرِ لِمَنْ هِيَ مِنْهُمَا، قَالَ تَكُونُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، فَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَهِيَ كُلُّهَا لِمَنْ حَلَفَ. مُحَمَّدٌ لَوْ قَالَ دَفَعْتهَا لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيتُهُ وَأَنْكَرَا قَبْضَهَا حَلَفَا وَغَرِمَ لِكُلٍّ مِائَةٌ وَمَنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَا مَعًا فَلَيْسَ عَلَى الْمُقِرِّ إلَّا مِائَةٌ يَقْتَسِمَانِهَا دُونَ يَمِينٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ أَبَى الْيَمِينَ وَرَدَّهَا بَعْدَ أَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُودَعُ وَقَالَ أَحْلِفُ أَنَّهَا لِهَذَا فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ أَحْلِفُ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ غُرْمِهِ مِائَةً يَقْتَسِمَانِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ عَلَيْهِ دَيْنًا فِيمَا ذَكَرْنَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَلَوْ قَالَ فِي مِائَةِ دِينَارٍ دَيْنٍ عَلَيْهِ لَا أَدْرِي أَلِفُلَانٍ هِيَ أَمْ لِفُلَانٍ الْآخَرَ فَادَّعَاهَا كِلَاهُمَا وَحَلَفَا غَرِمَ مِائَتَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةً لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ فِي أَمَانَتِهِ وَالدَّيْنَ فِي ذِمَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ عَكْسُهُ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ. (وَإِنْ أَوْدَعَ) ذُو مَالٍ عِنْدَ (اثْنَيْنِ) وَدِيعَةً وَتَنَازَعَا فِي حِيَازَتِهَا لِحِفْظِهَا لَهُ وَغَابَ (جُعِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْوَدِيعَةُ (بِيَدِ) أَيْ فِي حِيَازَةِ الشَّخْصِ (الْأَعْدَلِ) مِنْهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جُعِلَتْ بِيَدِهِمَا مَعًا يَجْعَلُهَا فِي مَحَلٍّ بِقُفْلَيْنِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِفْتَاحًا. " ق " فِيهَا قُلْت فَالرَّجُلُ يَسْتَوْدِعُ الرَّجُلَيْنِ بِبَعْضِهِمَا عِنْدَ مَنْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمَا، فَقَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوَصِيِّينَ يُجْعَلُ الْمَالُ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ وَضَعَهُ السُّلْطَانُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا وَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُمَا إذَا لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ شَيْئًا وَأَرَاهُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 47 بَابٌ) أَحْكَام الْعَارِيَّة   [منح الجليل] مِثْلَهُ. سَحْنُونٌ إنْ اقْتَسَمَ الْمُودَعَانِ وَالْعَامِلَانِ الْمَالَ وَالْقِرَاضَ فَلَا يَضْمَنَانِ. يَحْيَى وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيَّانِ إذَا اقْتَسَمَاهُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا سَلَّمَ وَمَا صَارَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِتَسْلِيمِ مَا سَلَّمَ وَبِالِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا بَقِيَ بِيَدِهِ. فِي التَّنْبِيهَاتِ الْخَلْعُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَدَالَةِ مُخْتَصٌّ بِالْوَصِيَّيْنِ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ مَشْرُوعٌ عِنْدَ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ وَلَا يُوصَى الْفَاجِرُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ هُمَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّيْنِ لَا يَكُونُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُمَا وَلَا يَقْتَسِمَانِهِ وَيَجْعَلَانِهِ حَيْثُ يَثِقَانِ بِهِ وَأَيْدِيهِمَا فِيهِ وَاحِدَةٌ اهـ. [بَابٌ أَحْكَام الْعَارِيَّة] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْعَارِيَّةُ ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوْهَرِيُّ الْعَارِيَّةُ بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ، لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَالْعَارَّةُ مِثْلُ الْعَارِيَّةُ، يُقَالُ هُمْ يَتَعَيَّرُونَ الْعَوَارِيَّ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ مُسْتَعَارٌ بِمَعْنَى مُتَعَاوَرٌ، أَيْ مُتَدَاوَلٌ. وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الصِّحَاحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْعَارِ وَإِنْ كَانَ قِيلَ فَلَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مِنْ التَّعَاوُرِ الَّذِي هُوَ التَّدَاوُلُ وَزْنُهَا فَعْلِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مِنْ عَرَاهُ يَعْرُوهُ إذَا قَصَدَهُ، فَوَزْنُهَا فَاعُولَةٌ أَوْ فَلْعِيَّةٌ عَلَى الْقَلْبِ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهَا مَنْسُوبَةً إلَى الْعَارِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالُوا يَتَعَيَّرُونَ، لِأَنَّ الْعَارَ عَيْنُهُ يَاءٌ. قُلْتُ فِي الْمُخَصَّصِ لِابْنِ سِيدَهْ مَا نَصُّهُ وَتَعَوَّرْنَا الْعَوَارِيَّ وَتَعَوَّرْنَا الشَّيْءَ تَدَاوَلْنَاهُ. وَقِيلَ الْعَارِيَّةُ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ لِأَنَّهَا عَارٌ عَلَى صَاحِبِهَا، وَقَدْ تَعَيَّرُوهَا بَيْنَهُمْ. قُلْت وَهَذَا نَصٌّ بِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ، وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ وَالْعَارِيَّةُ الْمِنْحَةُ. قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا مِنْ الْعَارِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ غَرَّهُ قَوْلُهُمْ يَتَعَيَّرُونَ الْعَوَارِيَّ وَلَيْسَ عَلَى وَضْعِهِ إنَّمَا هِيَ مُعَاقِبَةٌ مِنْ الْوَاوِ إلَى الْيَاءِ. قُلْتُ وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُعَاقَبَةِ اهـ، وَفِي رَدِّهِ عَلَى ابْنِ سِيدَهْ بِمِثْلِ هَذَا نَظَرٌ. وَفِي الْقَامُوسِ وَالْعَارِيَّةُ مُشَدَّدَةٌ وَقَدْ تُخَفَّفُ، وَالْعَارَةُ مَا تَدَاوَلُوهُ بَيْنَهُمْ وَالْجَمْعُ عَوَارِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 48 صَحَّ وَنُدِبَ: إعَارَةُ مَالِكِ مَنْفَعَةٍ بِلَا حَجْرٍ: وَإِنْ مُسْتَعِيرًا   [منح الجليل] مُشَدَّدَةً وَمُخَفَّفَةً ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مَصْدَرًا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ لَا بِعِوَضٍ فَتَدْخُلُ الْعُمْرَى وَالْإِخْدَامُ لَا الْحَبْسُ وَاسْمًا مَالُ ذُو مَنْفَعَةٍ مُؤَقَّتَةٍ مُلِكَتْ بِلَا عِوَضٍ، وَنُقِضَ طَرْدُهُمَا بِإِرْثِ مَنْفَعَةٍ مِمَّنْ حَصَّلَهَا بِعِوَضٍ لِحُصُولِهَا لِلْوَارِثِ بِلَا عِوَضٍ مِنْهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ عُمُومَ نَفْيِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يُخْرِجُهَا لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ لِمَالِكِ الْعَيْنِ مِنْ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَمْلِيكُ مَنَافِعِ الْعَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِالْحَبْسِ، وَعَكْسُهُ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهَا إلَّا مَصْدَرًا. وَالْعُرْفُ إنَّمَا هُوَ اسْتِعْمَالُهَا اسْمًا لِلشَّيْءِ الْمُعَارِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ صَادِقٌ إلَخْ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَ التَّمْلِيكِ لَا يَشْمَلُهَا إذْ الْإِرْثُ مِلْكٌ لَا تَمْلِيكٌ، وَانْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَخْرَجَ ابْنُ عَرَفَةَ الْحَبْسَ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ لَفْظِ مَنْفَعَةٍ كَمَا فَهِمَهُ الرَّصَّاعُ قَائِلًا لِأَنَّ فِيهِ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ لَا الْمَنْفَعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَا فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤَاجِرُ لِغَيْرِهِ. ثَانِيهِمَا أَنَّ حَمْلَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ الْمَعْنَى الْأَخَصِّ يُخْرِجُ الْعَارِيَّةَ الَّتِي اشْتَرَطَ رَبُّهَا عَلَى مُسْتَعِيرِهَا انْتِفَاعَهُ بِهَا بِنَفْسِهِ فَقَطْ، فَيَصِيرُ التَّعْرِيفُ غَيْرَ جَامِعٍ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ مُؤَقَّتَةً وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَبْسَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُؤَقَّتَ مِنْ إفْرَادِ الْعَارِيَّةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (صَحَّ وَنُدِبَ إعَارَةُ) شَخْصٍ رَشِيدٍ (مَالِكِ مَنْفَعَةٍ) تَبَعًا لِمِلْكِ الذَّاتِ أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا مِلْكُ الذَّاتِ، فَفِي وَصَايَا الْمُدَوَّنَةِ الثَّانِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ حَالَ كَوْنِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ (بِلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ) إنْ كَانَ مَالِكًا لِلذَّاتِ وَالْمَنْفَعَةِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ بِإِجَارَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مُسْتَعِيرًا) فَلَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 49 ؛ لَا مِلْكَ انْتِفَاعٍ   [منح الجليل] تَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ مَرَضٍ، أَوْ مِنْ مُسْتَعِيرٍ حَجَرَ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ. ابْنُ يُونُسَ الْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] ، وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» . ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِأَنَّهَا إحْسَانٌ {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] ، وَيَعْرِضُ وُجُوبُهَا كَغِنًى عَنْهَا لِمَنْ يُخْشَى هَلَاكُهُ بِعَدَمِهَا وَحُرْمَتُهَا لِكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَعْصِيَةٍ، وَكَرَاهَتُهَا لِكَوْنِهَا مُعِينَةً عَلَى مَكْرُوهٍ وَتُبَاحُ لِغَنِيٍّ عَنْهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَرَاهَتِهَا فِي حَقِّهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْقُرْطُبِيُّ مِنْ الْغُلُوِّ مَنْعُ الْكُتُبِ عَنْ أَهْلِهَا، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا. الثَّانِي: الْحَطُّ مُرَادُهُ هُنَا بِالْحَجْرِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْحَجْرِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِهِ لِيَشْمَلَ حَجْرَ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْإِعَارَةِ، فَلَا تَصِحُّ إعَارَتُهُ. ابْنُ سَلْمُونٍ الْعَارِيَّةُ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَتَصِحُّ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ مَلَكَهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ مَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِمُدَّةٍ أَوْ اكْتَرَاهُ فَلَهُ أَنْ يُعِيرَهُ لِمِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ. الثَّالِثُ: عب قَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ مُتَعَلِّقٌ يَصِحُّ لَا يُنْدَبُ لِإِبْهَامِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ تَصِحُّ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. الرَّابِعُ: عب قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَعِيرًا مُبَالَغَةً فِي الصِّحَّةِ لَا فِي النَّدْبِ إذْ إعَارَةُ الْمُسْتَعِيرِ مَكْرُوهَةٌ إنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ. الْخَامِسُ: مِثْلُ الْحَجْرِ الصَّرِيحِ الْحَجْرُ الضِّمْنِيُّ نَحْوُ لَوْلَا أُخُوَّتُك، أَوْ لَوْلَا صَدَاقَتُك مَا أَعَرْتُك أَفَادَهُ عب. (لَا) تَصِحُّ إعَارَةُ شَخْصٍ (مَالِكِ انْتِفَاعٍ) بِنَفْسِهِ فَقَطْ كَمُحْبَسٍ عَلَيْهِ لِسُكْنَاهُ وَمُسْتَعِيرٍ شَرَطَ عَلَيْهِ مُعِيرُهُ أَنْ لَا يُعِيرَ لِغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ أَيْضًا، وَمِنْ هَذَا النُّزُولُ عَنْ الْوَظِيفَةِ بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْوَظِيفَةُ مَالِكُ انْتِفَاعٍ. وَأَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ قَسْمِ الزَّوْجَاتِ مِنْ الْجَوَازِ فَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ إلَخْ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 50 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ جَوَازَ الْأَخْذِ عَلَى رَفْعِ الْأَيْدِي فِي الْمَعَادِنِ مَا نَصُّهُ هَذَا وَنَحْوُهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مَا يُفْعَلُ الْيَوْمَ فِي الْبِلَادِ الشَّرْقِيَّةِ مِنْ بَيْعِ وَظِيفَةٍ فِي حَبْسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ مُرَتَّبَاتِ الْأَجْنَادِ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَهُ خَاصَّةً، وَقَدْ مَضَى لَنَا عَنْ أَشْيَاخِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُسْقِطَ لَا يَمْلِكُ إلَّا الِانْتِفَاعَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِيهِ بَيْعٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا إعَارَةٌ. الثَّانِي عَلَى تَسْلِيمِ جَوَازِ بَيْعِهَا فَهِيَ مَجْهُولَةٌ لَا يَدْرِي مَا فِيهَا وَلَا قَدْرَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْجَعَائِلِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ حَقِيقَةً. وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ جَيْشِهِ وَدِيوَانِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. " غ " أَصْلُ هَذَا التَّحْرِيرِ فِي الْفَرْقِ الثَّلَاثِينَ مِنْ قَوَاعِدِ الْقَرَافِيِّ، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ الشَّاطِّ وَفِي الْإِجَارَاتِ مِنْ قَوَاعِدِ الْمُقْرِي مَنْ مَلَكَ مَنْفَعَةً فَلَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ عِوَضِهَا، وَمَنْ مَلَكَ أَنْ يَنْتَفِعَ فَلَيْسَ الْمُعَاوَضَةُ كَسُكْنَى الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّرِيقِ. الْقَرَافِيُّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجُزْ قَبَالَةُ الْمَدَارِسِ إذَا عُدِمَ السَّاكِنُ لِأَنَّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ لِلسُّكْنَى لَا لِلْغَلَّةِ، كَجَعْلِ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ. تت وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ إنْزَالِ الضَّيْفِ الْمَدَارِسَ الْمُدَّةَ الْيَسِيرَةَ فَلَا يَجُوزُ إسْكَانُ بَيْتِ الْمَدْرَسَةِ دَائِمًا وَلَا إيجَارُهُ إنْ عُدِمَ السَّاكِنُ وَلَا الْحُزْنُ فِيهِ وَلَا بَيْعُ مَاءِ الصَّهَارِيجِ، وَلَا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ الْعَادَةُ، وَلَا يُبَاعُ زَيْتُ الِاسْتِصْبَاحِ، وَلَا يَتَغَطَّى بِبُسُطِ الْوَقْفِ، وَلَيْسَ لِلضَّيْفِ بَيْعُ الطَّعَامِ وَلَا إطْعَامُهُ وَلَا إطْعَامُ الْهِرِّ وَالسَّائِلِ. عب وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْفَعَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ كَمَا وَقَعَ لِلْبَرْزَلِيِّ فِي سُكْنَى خَلْوَةِ النَّاصِرِيَّةِ مِمَّنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ، وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَمْلِكُهَا دَافِعُ الدَّرَاهِمِ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِإِصْلَاحٍ وَلَهُ عَقَارٌ مُحْبَسٌ عَلَيْهِ يُكْرَى بِثَلَاثِينَ فَيَأْخُذُ النَّاظِرُ مَالًا مَعْلُومًا مِمَّنْ يَسْكُنُهُ لِإِصْلَاحِ الْمَسْجِدِ وَيَجْعَلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَتَصِيرُ مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَدَافِعِ الدَّرَاهِمِ، وَيُسَمَّى نَصِيبُهُ خُلُوًّا فَيُقَالُ أُجْرَةُ الْوَقْفِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا وَأُجْرَةُ الْخُلُوِّ كَذَلِكَ مَثَلًا، وَمَا يَقَعُ بِمِصْرَ مِنْ خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 51 مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ   [منح الجليل] مِمَّنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهَا كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ نَظَرًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ الْخُلُوِّ، وَيُورَثُ عَنْهُ. وَأَمَّا إجَارَتُهُ لِغَيْرِهِ إجَارَةً لَازِمَةً فَلَا نِزَاعَ فِيهَا، وَقَدْ أَفْتَى شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ وَأَخُوهُ نَاصِرُ الدِّينِ بِأَنَّ الْخُلُوَّ الْمَذْكُورَ مُعْتَدٌّ بِهِ لِكَوْنِ الْعُرْفِ جَرَى بِهِ قَالَهُ " د ". عج الْمُسْتَأْجِرُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ فَمَا مَعْنَى الْخُلُوِّ وَمَا فَائِدَتُهُ؟ يُقَالُ فَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا، سَوَاءٌ كَانَ مَالِكًا أَوْ نَاظِرًا أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةَ مُشَاهَرَةً وَنَصُّ مَا رَأَيْتُ، سُئِلَ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ مَا تَقُولُ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ الَّذِي صَارَ عُرْفًا بَيْنَ النَّاسِ فِي مِصْرَ وَغَيْرِهَا وَتَغَالَتْ النَّاسُ فِيهِ حَتَّى وَصَلَ الْحَانُوتُ فِي بَعْضِ الْأَسْوَاقِ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ ذَهَبًا جَدِيدًا، فَهَلْ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَلَهُ وَارِثٌ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ؟ وَهَلْ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُوَفَّى مِنْ خُلُوِّ حَانُوتِهِ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ، إذَا مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ، فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ خُلُوَّ حَانُوتِ مُوَرِّثِهِ عَمَلًا بِعُرْفِ النَّاسِ، وَإِذَا مَاتَ مِنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بَيْتُ الْمَالِ، وَإِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّهُ يُوَفَّى مِنْهُ اهـ. وَسُئِلَ " س " السَّنْهُورِيُّ عَمَّنْ لَهُ خُلُوٌّ فَتَعَدَّى آخَرُ عَلَى الْمَحَلِّ وَاسْتَأْجَرَهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَسَكَنَهُ مُدَّةً فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَتُفَضُّ عَلَى الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ الَّذِي سَكَنَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَتُقْسَمُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْخُلُوِّ بِحَسَبِ مَالِهِمَا. اهـ. وَكَذَا أَفْتَى مُعْظَمُ شُيُوخِنَا أَنَّ مَنْفَعَةَ مَا فِيهِ الْخُلُوُّ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَالْوَقْفِ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقُ صَاحِبُ الْخُلُوِّ وَالنَّاظِرُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ فَتْوَى النَّاصِرِ اهـ. الْبُنَانِيُّ بِمِثْلِ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ وَقَعَتْ الْفَتْوَى مِنْ شُيُوخِ فَاسَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالشَّيْخِ الْقَصَّارِ وَابْنِ عَاشِرٍ وَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِيِّ وَعَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ وَأَضْرَابِهِمْ، وَيُعَبِّرُونَ عَنْ الْخُلُوِّ الْمَذْكُورِ بِالْجِلْسَةِ، وَجَرَى الْعُرْفُ بِهَا لِمَا رَأَوْهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا فَهِيَ عِنْدَهُمْ كِرَاءٌ عَلَى التَّبْقِيَةِ، وَقَدْ أَشَارَ لَهَا فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ. وَصِلَةُ إعَارَةٍ (مِنْ) أَيْ لِ (لِأَهْلِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ (التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ) بِالشَّيْءِ الْمُعَارِ، وَهَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 52 عَيْنًا لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا وَجَارِيَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ خِدْمَةٍ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ؛   [منح الجليل] هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُسْتَعِيرُ قَابِلٌ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلَا يُعَارُ كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَلَا وَلَدٌ وَالِدَهُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ عَلَيْهِ قَاصِرٌ لِأَنَّ الْكَافِرَ وَالْوَلَدَ أَهْلُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ. وَجَوَابُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُسْتَعَارِ بِخُصُوصِيَّتِهِ يُرَدُّ بِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَا يَصِحُّ كَذَلِكَ لِصِحَّةِ تَغَيُّرِهِ بِمَا بِهِ يَصِحُّ اهـ. الْبُنَانِيُّ إنَّمَا يُقَالُ هَذَا حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى الْقَيْدِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ، وَهُوَ تَعْقِيبُهُ بِقَوْلِهِ لَا كَذِمِّيٍّ مُسْلِمًا، وَمَفْعُولُ إعَارَةُ الْمُضَافُ لِفَاعِلَةِ قَوْلُهُ (عَيْنًا) أَيْ ذَاتًا (لِ) اسْتِيفَاءِ (مَنْفَعَةٍ) مِنْهَا مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ، وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ، وَنُعِتَ مَنْفَعَةٌ بِ (مُبَاحَةٍ) . اللَّخْمِيُّ الْإِعَارَةُ هِبَةُ الْمَنَافِعِ دُونَ الرِّقَابِ. ابْنُ شَاسٍ فَلَا تُعَارُ الْمَكِيلَاتُ وَلَا الْمَوْزُونَاتُ وَإِنَّمَا يَكُونُ قَرْضُهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ إلَّا لِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا إلَّا أَنْ يَسْتَعِيرَهَا، كَالصَّيْرَفِيِّ يَجْعَلُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَرَى أَنَّهُ ذُو مَالٍ فَيَقْصِدَهُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، فَهَذِهِ تُضْمَنُ إذَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهَا وَلَا تُضْمَنُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَمِنْ شُرُوطِ الْمُسْتَعَارِ كَوْنُ الِانْتِفَاعِ بِهِ مُبَاحًا فَلَا تُعَارُ الْجَوَارِي لِلتَّمَتُّعِ بِهِنَّ، وَيُكْرَهُ إخْدَامُ الْأَمَةِ إلَّا لِمَحْرَمٍ أَوْ مَرْأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ. . وَذَكَرَ بَعْضَ مَفْهُومِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ فَقَالَ (لَا) تَصِحُّ إعَارَةُ (كَذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمُ مُشَدَّدَةٌ رَقِيقًا (مُسْلِمًا) لِإِذْلَالِ الْمُسْلِمِ الْكَافِرَ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] . وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8] وَأَوْلَى لِحَرْبِيٍّ وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْمُصْحَفُ وَالسِّلَاحُ لِقَتْلِ مُسْلِمٍ وَالْإِنَاءُ لِشُرْبِ نَحْوِ خَمْرٍ. (وَ) لَا تَصِحُّ إعَارَةُ (جَارِيَةٍ لِوَطْءٍ) لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إلَّا بِمِلْكٍ تَامٍّ أَوْ نِكَاحٍ، وَالْأَحْسَنُ إبْدَالُ وَطْءٍ بِتَمَتُّعٍ وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَفْهُومُ مُبَاحَةٍ (أَوْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِ (خِدْمَةٍ لِ) رَجُلٍ (غَيْرِ مَحْرَمٍ) لَهَا لِتَأْدِيَتِهَا لِاخْتِلَائِهِ بِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَأْمُونًا أَوْ لَهُ أَهْلٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُتَجَالَّةً، أَوْ كَانَ الرَّجُلُ شَيْخًا فَانِيًا وَلِلَّخْمِيِّ جَوَازُهَا لِلْمَأْمُونِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 53 أَوْ لِمَنْ لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَهِيَ لَهَا وَالْأَطْعِمَةُ وَالنُّقُودُ: قَرْضٌ بِمَا يَدُلُّ، وَجَازَ: أَعِنِّي بِغُلَامِكَ لِأُعِينَكَ إجَارَةً   [منح الجليل] ذِي الْأَهْلِ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ مَحْرَمٍ جَوَازُ إعَارَتِهَا لِمَحْرَمِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ. اللَّخْمِيُّ شَرْطُ عَارِيَّةِ خِدْمَةِ الْإِمَاءِ كَوْنُهَا لِمَنْ لَا تُخْشَى مُتْعَتُهُ بِهِنَّ كَمَرْأَةٍ وَصَبِيٍّ وَذِي مَحْرَمٍ كَابْنٍ وَأَبٍ وَأَخٍ وَابْنِ أَخٍ وَجَدٍّ وَعَمٍّ، ثُمَّ هَؤُلَاءِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْخِدْمَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَصِحُّ مِنْهُ مِلْكُ رَقَبَةِ الْمُخْدِمِ جَازَ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ، وَمَنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ مِلْكُ رَقَبَتِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَتَكُونُ مَنَافِعُ ذَلِكَ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ لَهُمَا دُونَ مَنْ وُهِبَتْ لَهُ. وَإِعَارَةُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ كَانَ عَزَبًا فَلَا تَجُوزُ مَأْمُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ وَهُوَ مَأْمُونٌ جَازَتْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَلَهُ أَهْلٌ فَلَا تَجُوزُ، وَإِذَا كَانَتْ مُتَجَالَّةً لَا إرْبَ فِيهَا جَازَتْ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ شَابَّةً وَهُوَ شَيْخٌ فَإِنْ. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ إعَارَتُهَا (لِ) خِدْمَةٍ (مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (تَعْتِقُ) الْجَارِيَةُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهَا وَفَرْعِهَا وَحَاشِيَتِهَا الْقَرِيبَةِ (وَ) إنْ أُعِيرَتْ لِخِدْمَةِ مَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ فَ (هِيَ) أَيْ الْخِدْمَةُ (لَهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ زَمَنَ إعَارَتِهَا لَهُ لَا لِلْمُعِيرِ وَلَا لِلْمُعَارِ لَهُ. (تَنْبِيهٌ) تَخْصِيصُ الْأَمَةِ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ظَاهِرٌ إذْ لَا يُعَارُ الْعَبْدُ لِلِاسْتِمْتَاعِ وَلَا لِخِدْمَةِ غَيْرِ مَحْرَمٍ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَهُ تت. (وَالْأَطْعِمَةُ) جَمْعُ طَعَامٍ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (وَالنُّقُودُ) أَيْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ الْإِرْفَاقُ بِهَا (قَرْضٌ) أَيْ تَسْلِيفٌ لَا عَارِيَّةٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا إلَّا بِإِهْلَاكِ عَيْنِهَا. وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ لِلْإِعَارَةِ فَقَالَ (بِمَا يَدُلُّ) عَلَى تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ بِلَا عِوَضٍ قَوْلًا كَانَ كَأَعَرْتُك وَنَعَمْ جَوَابًا لِأَعِرْنِي أَوْ فِعْلًا كَمُنَاوَلَةٍ مَعَ تَقَدُّمِ طَلَبِهَا أَوْ إيمَاءً بِرَأْسِهِ (وَجَازَ) قَوْلُهُ (أَعِنِّي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونُ مُشَدَّدَةٌ (بِغُلَامِك) مَثَلًا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَثَلًا (لِأُعِينَك) بِضَمِّ الْهَمْزِ بِغُلَامِي كَذَلِكَ، حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ (إجَارَةً) أَوْ وَيَكُونُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 54 وَضَمِنَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ؛ إلَّا لِبَيِّنَةٍ وَهَلْ، وَإِنْ شَرَطَ نَفْيَهُ؟   [منح الجليل] إجَارَةً. وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْعَمَلِ الْمُتَعَاوَنِ فِيهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا عِوَضٌ عَنْ الْآخَرِ. ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ لِئَلَّا يَلْزَمَ النَّقْدُ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا. " ق " أَشْهَبُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ عَبْدَ الْآخَرِ النَّجَّارَ يَعْمَلُ لَهُ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ عَبْدَهُ الْخَيَّاطَ يَخِيطُ لَهُ غَدًا، وَإِنْ قَالَ اُحْرُثْ لِي فِي الصَّيْفِ وَأَحْرُثُ لَك فِي الشِّتَاءِ، فَلَا خَيْرَ فِيهِ وَتَقُولُ الْمَرْأَةُ لِلْمَرْأَةِ انْسِجِي لِي الْيَوْمَ وَأَنْسِجُ لَك غَدًا لَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَلِكَ اغْزِلِي لِي الْيَوْمَ وَأَغْزِلُ لَكِ غَدًا إذَا وَصَفَتْ الْغَزْلَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَجْرِي مَسْأَلَةُ دُولَةِ النِّسَاءِ الْوَاقِعَةِ فِي عَصْرِنَا فِي اجْتِمَاعِهِنَّ فِي الْغَزْلِ لِبَعْضِهِنَّ حَتَّى يَسْتَوْفِينَ، فَإِنْ قَرُبَتْ مُدَّةُ اسْتِيفَائِهَا مِنْ الْغَزْلِ لِجَمِيعِهِنَّ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا وَعَيَّنَتْ الْمَبْدَأَ لَهَا وَمَنْ يَلِيهَا إلَى آخِرِهِنَّ وَصِفَةَ الْغَزْلِ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَتْ اهـ. ابْنُ سِرَاجٍ قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ تَضْيِيقٌ فَقَدْ يَفْسَخُ كَوْنُ الْمُدَّةِ أَكْثَرَ مِنْهَا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ، وَلِمُقْتَضَى نَصِّ أَشْهَبَ أَنَّ الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ قَوْلُهُ اُحْرُثْ لِي فِي الصَّيْفِ أَحْرُثْ لَك فِي الشِّتَاءِ. (وَ) إنْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ تَلَفَ الشَّيْءِ الْمُعَارُ لَهُ (ضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ الشَّيْءَ الْمُعَارَ لَهُ (الْمَغِيبَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الَّذِي يُغَابُ (عَلَيْهِ) أَيْ يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ كَالثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَالْعُرُوضِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) بِتَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ وَلَمْ يُضَيِّعْ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْعَارِيَّةُ مَضْمُونَةٌ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّ ذَلِكَ هَلَكَ أَوْ سُرِقَ أَوْ تَحَرَّقَ أَوْ انْكَسَرَ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَعَلَيْهِ فِيمَا أَفْسَدَ فَسَادًا يَسِيرًا مَا نَقَصَهُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ كُلَّهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّ ذَلِكَ هَلَكَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ تَضْيِيعٌ أَوْ تَفْرِيطٌ فَيَضْمَنُ. . (وَهَلْ) يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْمَغِيبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ نَفْيَهُ، بَلْ (وَإِنْ شَرَطَ) الْمُسْتَعِيرُ (نَفْيَهُ) أَيْ الضَّمَانَ فَشَرْطُهُ لَغْوٌ، وَعَزَاهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 55 تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَهُ وَلِأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ إنْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بَعْدَ مَعْرُوفِ الْإِعَارَةِ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، فِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَفِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنْ شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي تَلَفِ الثِّيَابِ وَشَبَهِهَا فَلَهُ شَرْطٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَ ضَمَانِهِ، فَفِي لَغْوِهِ وَإِعْمَالِهِ نَقَلَ الْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ سَمَاعِهِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَتَخْرِيجِ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ عَدَمَ إعْمَالِهِ فِي شَرْطِ الصَّانِعِ بِأَنَّهُ لَوْ أُعْمِلَ لَمَا عَمِلَ عَامِلٌ إلَّا بِشَرْطِهِ فَيَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ الضَّرَرُ. قُلْتُ وَفِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنْ شَرَطَ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي تَلَفِ الثِّيَابِ وَشَبَهِهَا فَلَهُ شَرْطُهُ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ قُلْتُ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافُ نَقْلِ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْهُمَا، وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ وَشَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ فِي عَدَمِ التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. الثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ وَقْتَ ضَمَانِهِ وَلَا مَنْ يَضْمَنُهُ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ الْعَارِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ يَوْمَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ الْمَأْذُونُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَقَدْ ضَاعَتْ ضَيَاعًا لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ عَلَى أَخْذِهَا بِقِيمَتِهَا بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا. وَفِي الشَّامِلِ وَحَيْثُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَارَ فَإِنْ رَأَتْهُ الْبَيِّنَةُ عِنْدَهُ فَلِآخَرَ رُؤْيَةٌ وَإِلَّا فَلِرَبِّهِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَوْ تَلَفِهِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ غَرِمَ قَدْرَ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ قَدْرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي مُدَّةِ الْإِعَارَةِ أَيْ أَنْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ وَلَوْ بَاعَهُ فَشَرِيكٌ بِقَدْرِهِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُسْتَعِيرِ وَقَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَسْتَأْجِرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مِنْهَا مِثْلَهُ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ مِثْلَهُ أَوْ يَغْرَمُ قِيمَةَ تِلْكَ الْمَنَافِعِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ، وَقَالَ إذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 56 لَا غَيْرَهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ   [منح الجليل] أَتْلَفَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْوَاهِبِ يَبِيعُ الثَّوْبَ قَبْلَ قَبْضِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ ضَمَانِ مَا يَضْمَنُ مِنْهَا يَوْمَ الْعَارِيَّةِ أَوْ يَوْمَ ضَاعَتْ قِيَاسُهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرَّهْنِ فَإِنْ رَأَتْ الْبَيِّنَةُ الْعَارِيَّةَ عِنْدَهُ بِالْأَمْسِ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمئِذٍ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ فَإِنْ لَمْ تَرَ مِنْ يَوْمِ أُعِيرَتْ وَقِيمَتُهَا يَوْمَ إعَارَتِهَا عَشَرَةٌ وَيَوْمَ ضَاعَتْ ثَمَانِيَةٌ غَرِمَ عَشَرَةً لِأَنَّ الْمُعِيرَ يُكَذِّبُهُ فِي بَقَائِهَا لِيَوْمِ ضَيَاعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْيَوْمَيْنِ عَلَى الْعَكْسِ أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يُصَدِّقُهُ فِي دَعْوَى بَقَائِهَا وَالْقَدْرِ الْمَضْمُونِ مِنْهَا جَمِيعِهَا أَنْ لَمْ يُنْقِصْهَا اسْتِعْمَالُهَا بِحَسَبِ ذَاتِهَا أَوْ قِصَرِ مُدَّتِهَا وَمَا يُنْقِصُهَا اسْتِعْمَالُهَا يَضْمَنُ بَاقِيَهَا بَعْدَ نَقْصِهَا ذَلِكَ، وَلَوْ ثَبَتَ اسْتِهْلَاكُهُ إيَّاهَا قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا لِأَنَّهُ صَارَ بِهِ فِيهَا كَشَرِيكٍ. قُلْتُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا كَامِلَةً إنْ كَانَتْ لَا يُنْقِصُهَا الِاسْتِعْمَالُ كَالْعَبْدِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اسْتِهْلَاكِهَا أَجْنَبِيٌّ، قَالَ وَإِنْ أَهْلَكَهَا الْمُعِيرُ بَعْدَ قَبْضِهَا الْمُسْتَعِيرَ فَفِي غُرْمِهِ قِيمَتَهَا يَسْتَأْجِرُ مِنْهَا لِلْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ الْأُولَى، أَوْ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهَا مِثْلَهَا، ثَالِثُهَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ قِيَاسًا عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِيمَنْ أَوْلَدَ أَمَةً بَعْدَ أَنْ أَخَدَمَهَا رَجُلًا وَلَوْ أَهْلَكَهَا قَبْلَ قَبْضِهَا مُسْتَعِيرَهَا، فَفِي كَوْنِهِ كَإِهْلَاكِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا أَوْ لَا يَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا قَوْلَانِ عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيمَنْ بَاعَ مَا وَهَبَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَوْهُوبَ لَهُ. (لَا) يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعَارَ (غَيْرَهُ) أَيْ الْمَغِيبِ عَلَيْهِ أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِهِ كَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ، وَلَوْ كَطَيْرٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَصْحَابِهِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ ضَمَانَةَ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ إعَارَتُهُ مُتَلَبِّسَةً (بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَشَرْطُهُ لَغْوٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَمْرٍ خَافَهُ كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَتَعْدِيَةِ نَهْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي تَلَفِهِ، وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِمَّا أَصَابَهُ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِتَعَدِّيهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الضَّمَانَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 57 وَحَلَفَ فِيمَا عُلِمَ أَنَّهُ بِلَا سَبَبِهِ، كَسُوسٍ: أَنَّهُ مَا فَرَّطَ وَبَرِئَ فِي كَسْرِ: كَسَيْفٍ، إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ، أَوْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ   [منح الجليل] تَفْصِيلٍ حَاشَا مُطَرِّفًا، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْحَيَوَانَ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَضْمَنُ سَرْجَهُ وَلِجَامَهُ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ الْعَبْدَ وَلَا كِسْوَتَهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لَهَا. (وَحَلَفَ) الْمُسْتَعِيرُ (فِيمَا) أَيْ التَّلَفُ الَّذِي عَرَضَ لِلْمُعَارِ وَ (عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَنَّهُ) أَيْ التَّلَفُ حَصَلَ لِلْمُعَارِ (بِلَا سَبَبِهِ) أَيْ الْمُعِيرِ (كَسُوسٍ) فِي ثَوْبٍ أَوْ حَبٍّ وَقَرْضِ فَأْرٍ وَحَرْقِ نَارٍ وَصِيغَةُ يَمِينِهِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ (مَا فَرَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي حِفْظِ الْمُعَارِ وَبَرِئَ مِنْ ضَمَانِهِ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مَا عَلِمَ أَنَّهُ بِغَيْرِ سَبَبِهِ كَالسُّوسِ فِي الثَّوْبِ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ فَسَادًا وَيَبْرَأُ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَضْمَنُ مَا بِهِ مِنْ حَرْقٍ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَيَضْمَنُ السُّوسَ وَالْفَأْرَ لِأَنَّهُمَا مَا لَا يَحْدُثَانِ إلَّا عَنْ غَفْلَةِ لِبَاسِهِ أَوْ عَمَلِ طَعَامٍ فِيهِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا ثَبَتَ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ صَانِعٍ أَنَّهُ قَرْضُ فَأْرٍ دُونَ تَضْيِيعٍ فَهُوَ مِنْ رَبِّهِ وَإِنْ جَهِلَ تَضْيِيعَهُ وَأَنْكَرَهُ، فَفِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَمُ تَضْيِيعِهِ قَوْلَانِ لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ ظَاهِرِهَا، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ فِيهِ مَعَ لَحْسِ السُّوسِ مَعَ التُّونُسِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ عَنْ قَوْلِهَا إنْ أَفْسَدَ السُّوسُ الرَّهْنَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ مَا ضَيَّعْتُ وَلَا أَرَدْتُ فَسَادًا قَائِلِينَ، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي قَرْضِ الْفَأْرِ التُّونُسِيِّ وَقَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي النَّارِ أَوْ يُقَالُ النَّارُ هُوَ قَادِرٌ عَلَى عَمَلِهَا فَيَجِبُ ضَمَانُهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ زَادَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا شَبَهَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ قُلْتُ وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي الرُّهُونِ وَنَحْوُهُ فِي تَضْمِينِ الصَّانِعِ وَيَجْرِي كُلُّهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ. (وَبَرِئَ) الْمُسْتَعِيرُ مِنْ الضَّمَانِ (فِي) تَلَفِ الْمُعَارِ بِسَبَبِهِ مِثْلُ (كَسْرِ) آلَةِ حَرْبٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ (إنْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (أَنَّهُ) أَيْ السَّيْفَ مَثَلًا كَانَ (مَعَهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (فِي) حَالِ (اللِّقَاءِ) لِلْأَعْدَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ بِالتَّفْرِيطِ فِيهِ أَوْ التَّعَدِّي عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لِتَوَقُّفِ حَيَاتِهِ وَصِيَانَةِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ (ضَرَبَ بِهِ) أَيْ لِلسَّيْفِ مَثَلًا (ضَرْبَ مِثْلَهُ) فَانْكَسَرَ بِأَنْ ضَرَبَ بِهِ الْعَدُوَّ ضَرْبًا قَوِيًّا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 58 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غَيْرِ مِثْلِهِ بِأَنْ ضَرَبَ بِهِ حَجَرًا أَوْ شَجَرًا فَانْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَنَصُّهَا، وَإِنْ اسْتَعَارَ سَيْفًا لِيُقَاتِلَ بِهِ فَضَرَبَ بِهِ فَانْكَسَرَ فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ عُرْفٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ، زَادَ سَحْنُونٌ أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ ضَرْبَ مِثْلِهِ وَلَا يَأْبَاهُ مَا فِيهَا إذْ لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَانْكَسَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ عُرْفٌ أَعَمُّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبِالثَّانِيَةِ قَوْلَ سَحْنُونٍ وَمَعْنَى أَوْ عُرْفٌ أَيْ اشْتَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِهِ، وَبِالثَّانِيَةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ ضَرَبَ مِثْلَهُ أَفَادَهُ تت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 59 وَفَعَلَ الْمَأْذُونَ، وَمِثْلَهُ وَدُونَهُ، لَا أَضَرَّ   [منح الجليل] الْقَرَافِيُّ إذَا اسْتَعَارَ شَيْئًا فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ أَوْ هَلَكَ فِي الْعَمَلِ الْمُسْتَعَارِ لَهُ مِنْ غَيْرِ عُدْوَانٍ وَلَا مُجَاوَزَةٍ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي الِانْتِفَاعِ بِتِلْكَ الْعَارِيَّةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الَّذِي أَعَارَهُ أَذِنَ لَهُ فِيمَا حَصَلَ بِهِ الْهَلَاكُ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا ضَمَانٌ لِعَدَمِ إذْنِ صَاحِبِ الْعَارِيَّةِ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ الْخَاصِّ، إنَّمَا وُجِدَ الْإِذْنُ الْعَامُّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا أَتَى بِهِ مُسْتَعِيرُهُ مِنْ فَاسَ وَنَحْوِهِ مَكْسُورًا فِي ضَمَانِهِ إيَّاهُ حَتَّى يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ انْكَسَرَ فِيمَا اسْتَعَارَهُ لَهُ وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا يُشْبِهُ فِي ذَلِكَ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ مَعَ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ قَائِلًا مِنْ مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ إصْلَاحُهُ. ابْنُ رُشْدٍ وَثَالِثُهَا قَوْلُهَا فِي السَّيْفِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي اللِّقَاءِ وَرَابِعُهَا قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ ضَرَبَ بِهِ فِي اللِّقَاءِ ضَرْبًا يَجُوزُ لَهُ، وَهَذَا أَبْعَدُهَا وَأَصْوَبُهَا قَوْلُ عِيسَى مَعَ يَمِينِهِ. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا الرُّمْحُ أَوْ الْقَوْسُ، وَأَمَّا الرَّحَى يَسْتَعِيرُهَا لِلطَّحْنِ فَيَأْتِي بِهَا وَقَدْ حَفِيَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. (وَفِعْلُ) الْمُسْتَعِيرِ الشَّيْءَ (الْمَأْذُونَ) لَهُ فِي فِعْلِهِ مِنْ الْمُعِيرِ كَاسْتِعَارَتِهِ دَابَّةً لِحَمْلِ إرْدَبِّ بُرٍّ عَلَيْهَا مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ (وَ) فَعَلَ (مِثْلَهُ) أَيْ الْمَأْذُونَ كَحَمْلِ إرْدَبِّ عَدَسٍ بَدَلَ إرْدَبِّ قَمْحٍ (وَ) فَعَلَ (دُونَهُ) أَيْ أَخَفَّ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَحَمْلِ إرْدَبِّ شَعِيرٍ بَدَلَ إرْدَبِّ قَمْحٍ (لَا) يَفْعَلُ (أَضَرَّ) مِنْهُ كَإِرْدَبِّ فُولٍ بَدَلَ إرْدَبِّ قَمْحٍ. " ق " فِيهَا مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً فَكُلُّ مَا حَمَلَ مِمَّا هُوَ أَضَرُّ بِهَا مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ فَعَطِبَتْ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ فِي الضَّرَرِ فَلَا يَضْمَنُ كَحَمْلِهِ عَدَسًا فِي مَكَانِ حِنْطَةٍ أَوْ كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا فِي مَكَانِ بَزٍّ، وَكَذَلِكَ مَنْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ، فَأَكْرَاهَا مِنْ غَيْرِهِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهَا لَهُ فَعَطِبَتْ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اكْتَرَاهَا لِحَمْلِ حِنْطَةٍ فَرَكِبَهَا فَعَطِبَتْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَضَرَّ وَأَثْقَلَ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ اسْتَأْجَرْتَ ثَوْبًا تَلْبَسُهُ إلَى اللَّيْلِ فَلَا تُعْطِيهِ غَيْرَكَ لِيَلْبَسَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ وَالْأَمَانَةِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِمُكْتَرِي دَابَّةٍ لِرُكُوبِهِ كِرَاءَهَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ وَمَا مُنِعَ فِي الْإِجَارَةِ فَأَحْرَى فِي الْعَارِيَّةِ. ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَلَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 60 وَإِنْ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ، فَلَهُ قِيمَتُهَا، أَوْ كِرَاؤُهُ: كَرَدِيفٍ،   [منح الجليل] يُرْكِبُهَا غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الْخِفَّةِ وَالْحَالِ. طفى قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ هَذَا فِي الْحَمْلِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَغَيْرُهَا فَلَا يَشْمَلُ الْمِثْلَ فِي الْمَسَافَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ لِيَجْرِيَ كَلَامُهُ عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ فِي الْإِجَارَةِ فَأَحْرَى هُنَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ رَوَى عَلِيٌّ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً إلَى بَلَدٍ فَرَكِبَهَا إلَى غَيْرِهِ فَعَطِبَتْ، فَإِنْ كَانَ مَا رَكِبَهَا إلَيْهِ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي السُّهُولَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِذَلِكَ، وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِرُكُوبِهَا لِغَيْرِ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا فِي الرَّوَاحِلِ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً إلَى بَلَدٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ فِي آخِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ اخْتَلَفَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِمَوْضِعٍ فَرَكِبَهَا إلَى مِثْلِهِ فِي الْحُزُونَةِ وَالسُّهُولَةِ وَالْبُعْدِ فَهَلَكَتْ فَرَوَى عَلِيٌّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا يَضْمَنُ. اهـ. فَأَنْتَ تَرَى الضَّمَانَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَجَعَلَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِلْمَسَافَةِ وَأَنَّهُ الرَّاجِحُ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. . (وَإِنْ زَادَ) الْمُسْتَعِيرُ عَلَى مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (تَعْطَبُ) الْعَارِيَّةُ (بِ) سَبَبِ (هـ) فَعَطِبَتْ (فَلَهُ) أَيْ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (قِيمَتُهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ فَقَطْ يَوْمَ إعَارَتِهَا أَوْ (كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ الْمُتَعَدِّي بِهِ فَقَطْ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ بِالتَّخْيِيرِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِحَمْلِ شَيْءٍ فَحَمَلَ غَيْرَهُ أَضَرَّ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي زَادَهُ مِمَّا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَعَطِبَتْ خُيِّرَ رَبُّهَا فِي تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا أَوْ أَخَذَ كِرَاءَ الزَّائِدِ وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ، وَمَعْرِفَتُهُ أَنْ يُقَالَ كَمْ كِرَاؤُهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ، فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ، قِيلَ وَكَمْ كِرَاؤُهَا فِيمَا حَمَلَ عَلَيْهَا، فَإِنْ قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ دَفَعَ لَهُ الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى كِرَاءِ مَا اسْتَعَارَهَا لَهُ. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَأَخْذِ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَقَالَ (كَ) مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً وَتَعَدَّى بِإِرْدَافِ (رَدِيفٍ) خَلْفَهُ عَلَيْهَا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ إرْدَافِهِ وَأَخْذِ كِرَاءِ الرَّدِيفِ. " ق " فِيهَا إنْ اسْتَعَارَهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 61 وَاتُّبِعَ إنْ أَعْدَمَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ، وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ لِانْقِضَائِهِ، وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ   [منح الجليل] مُعَيَّنٍ فَرَكِبَهَا وَأَرْدَفَ رَدِيفًا خَلْفَهُ تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الرَّدِيفِ فَقَطْ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ إرْدَافِهِ (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مُشَدَّدَةً وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الرَّدِيفُ، وَصِلَةُ اُتُّبِعَ (بِهِ) أَيْ كِرَاءِ الرَّدِيفِ (إنْ أَعْدَمَ) أَيْ افْتَقَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُرْدِفُ وَالرَّدِيفُ مَلِيٌّ (وَ) الْحَالُ أَنَّ الْمُرْدِفَ (لَمْ يُعْلِمْ) الرَّدِيفَةَ (بِالْإِعَارَةِ) بِأَنْ ظَنَّ أَنَّ مُرْدِفَهُ مَالِكُهَا، لِأَنَّ الْخَطَأَ كَالْعَمْدِ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ مَلِيًّا وَالرَّدِيفُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهَا فَلَا يُتَّبَعُ الرَّدِيفُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الرَّدِيفُ عَالِمًا بِالْإِعَارَةِ اتَّبَعَ الْمُعِيرُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَكَذَا إنْ أَعْدَمَ الْمُسْتَعِيرُ وَعَلِمَ الرَّدِيفُ الْإِعَارَةَ. " ق " أَشْهَبُ وَلَا يُلْزَمُ الرَّدِيفُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَدِيمًا. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ شُيُوخِنَا هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فِي عَدَمِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَوَهَبَهُ وَهَلَكَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَضْمَنُ فِي عَدَمِ الْغَاصِبِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الرَّدِيفُ أَنَّهَا مُسْتَعَارَةٌ، فَإِنْ عَلِمَ فَهُوَ كَالْمُسْتَعِيرِ فَلَهُ بِهِمَا تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّائِدُ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ، سَوَاءٌ عَطِبَتْ أَوْ سَلِمَتْ أَوْ كَانَ مِمَّا تَعْطَبُ بِهِ وَسَلِمَتْ (فَ) لِلْمُعِيرِ (كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ فَقَطْ. ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ كَانَ مَا حَمَلَهَا بِهِ لَا تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ عَطَبَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا مِنْ الزِّيَادَةِ. (وَلَزِمَتْ) الْإِعَارَةُ (الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ) كَحَرْثِ فَدَّانٍ أَوْ زَرْعِهِ كَذَا أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ رُكُوبٍ مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ (أَوْ) الْمُقَيَّدَةُ (بِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا الْمُعِيرِ (لِانْقِضَائِهِ) أَيْ الْعَمَلِ أَوْ الْأَجَلِ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْوَفَاءُ بِالْإِعَارَةِ لَازِمٌ فَفِيهَا مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ، وَيَدْخُلُهَا الشَّاذُّ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْهِبَةِ بِالْقَوْلِ. اللَّخْمِيُّ إنْ أُجِّلَتْ الْإِعَارَةُ بِزَمَنٍ أَوْ انْقِضَاءِ عَمَلٍ لَزِمَتْ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُقَيَّدْ الْإِعَارَةُ بِعَمَلٍ وَلَا بِزَمَنٍ كَأَعَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الدَّابَّةَ (فَ) الْعَمَلُ أَوْ الزَّمَانُ (الْمُعْتَادُ) فِي مِثْلِهَا لَازِمٌ لِمُعِيرِهَا لِأَنَّ الْعَادَةَ كَالشَّرْطِ، وَظَاهِرُهُ لُزُومُهَا بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَهَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 62 وَلَهُ الْإِخْرَاجُ فِي: كَبِنَاءٍ، إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ، وَفِيهَا أَيْضًا قِيمَتُهُ، وَهَلْ خِلَافٌ، أَوْ قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ، أَوْ إنْ طَالَ أَوْ إنْ اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ؟   [منح الجليل] وَرَوَى الدِّمْيَاطِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ لِيَبْنِيَ أَوْ يَسْكُنَ وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَا يُعَارُ لِمِثْلِهِ مِنْ الْأَجَلِ. ابْنُ يُونُسَ صَوَابٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ تُؤَجَّلْ كَأَعَرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ أَوْ الثَّوْبَ فَفِي صِحَّةِ رَدِّهَا وَلَوْ بِفَوْرِ قَبْضِهَا وَلُزُومِ قَدْرِ مَا تُعَارُ لَهُ. ثَالِثُهَا إنْ أَعَارَهُ لِيَسْكُنَ أَوْ يَبْنِيَ فَالثَّانِي وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا مَعَ أَشْهَبَ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِمَا وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ. (وَ) إنْ أَعَارَ شَخْصٌ شَخْصًا أَرْضًا بَرَاحًا لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ فِيهَا بِلَا ذِكْرِ أَجَلٍ وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَ (لَهُ) أَيْ الْمُعِيرُ الَّذِي لَمْ يُقَيِّدْ بِعَمَلٍ وَلَا أَجَلٍ (الْإِخْرَاجُ) أَيْ إخْرَاجُ الْمُسْتَعِيرِ مِمَّا أَعَارَهُ لَهُ (فِي) إعَارَتِهِ لِ (كَبِنَاءٍ) وَغَرْسٍ (إنْ دَفَعَ) الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ (مَا أَنْفَقَ) الْمُسْتَعِيرُ فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُ مَا لَا غَايَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يُقَيِّدُهُ فَلَيْسَ هُوَ كَتَقْيِيدِ الشَّرْطِ فِيهَا مَنْ أَذِنْتُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَرْضِك أَوْ يَغْرِسَ، فَلَمَّا فَعَلَ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُشْبِهُ أَنْ يُعِيرَهُ إلَى مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ الْقَرِيبَةِ، فَلَيْسَ لَك إخْرَاجُهُ إلَّا أَنْ تُعْطِيَهُ مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فِي كِتَابٍ آخَرَ بَعْدَهُ (قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ) وَإِلَّا تَرَكَهُ إلَى مِثْلِ مَا يَرَى النَّاسُ أَنَّك أَعَرْتَهُ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الْأَمَدِ. (وَ) اخْتَلَفَ الشَّارِحُونَ (هَلْ) مَا فِي الْوَضْعَيْنِ (خِلَافٌ) وَهُوَ تَأْوِيلٌ غَيْرُ وَاحِدٍ (أَوْ وِفَاقٌ) بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، الْأَوَّلُ (قِيمَتُهُ) أَيْ مَا أَنْفَقَ (إنْ لَمْ يَشْتَرِهِ) بِأَنْ كَانَ مَا بَنَى بِهِ أَوْ غَرَسَهُ مِنْ عِنْدِهِ، وَمَا أَنْفَقَ إنْ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ. وَالثَّانِي قَوْلُهُ (أَوْ) قِيمَتُهُ (إنْ طَالَ) الزَّمَانُ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لِتَغَيُّرِهِ وَمَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ بِالْقُرْبِ جِدًّا. وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (أَوْ) قِيمَتُهُ (إنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ مَا بَنَى بِهِ أَوْ غَرَسَ (بِغَبْنٍ كَثِيرٍ) فَيُعْطِي قِيمَتَهُ بِالْعَدْلِ وَمَا أَنْفَقَ إنْ اشْتَرَاهُ بِلَا غَبْنٍ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 63 تَأْوِيلَاتٌ.   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ الثَّالِثَ تَأْوِيلٌ بِالْوِفَاقِ كَاَلَّذِينَ قَبْلَهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاَلَّذِي لِعَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ تَأْوِيلُ خِلَافٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، وَنَصُّهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ، وَذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ فَعَلَى هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ لَا يَكُونُ اخْتِلَافًا مِنْ قَوْلِهِ الثَّالِثِ لَهُ مَا أَنْفَقَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغَابُنٌ أَوْ كَانَ فِيهِ تَغَابُنٌ يَسِيرٌ وَمَرَّةٌ رَأَى أَنَّ الْقِيمَةَ أَعْدَلُ إذْ قَدْ يُسَامِحُ مَرَّةً فِيمَا يَشْتَرِيه وَمَرَّةً يُغْبَنُ فِيهِ، فَإِذَا أَعْطَى قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمَ بِنَائِهِ لَمْ يُظْلَمْ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا خِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ. اهـ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. طفى وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا كَلَامٌ عَلَى ذَلِكَ آخِرَ الشَّرِكَةِ فَرَاجِعْهُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) . (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَا أَنْفَقَ أَنَّهُ لَا يُعْطِيه أُجْرَةَ قِيَامِهِ عَلَى الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ. وَفِي تَوْضِيحِهِ عَنْ حَمْدِيسٍ إذَا أَعْطَاهُ مَا أَنْفَقَ يُعْطِيه أُجْرَةَ مِثْلِهِ فِي قِيَامِهِ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ قَدْ يَجِدُ مَا يُنْفِقُ وَيَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَشَاءَ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ أَنْ يُعَبِّرَ أَرْضَهُ، فَإِذَا اسْتَوَى الْبِنَاءُ أَوْ الْغَرْسُ أَخْرَجَهُ وَقَالَ هَذِهِ نَفَقَتُكَ. الثَّانِي: أَبُو الْحَسَنِ إذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَإِنَّمَا هِيَ لِتَمَامِ الْمُدَّةِ. طفى عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَقَالُوا إذَا أَعْطَى قِيمَتَهُ قَائِمًا فَمَعْنَاهُ عَلَى التَّأْبِيدِ، بِخِلَافِ أَوَّلِ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ قَائِمًا لِتَمَامِ الْمُدَّةِ، قَالُوا وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ غَيْرُهُ، وَهُنَا الْإِذْنُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ اهـ. وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِحْقَاقِ هِيَ قَوْلُهَا أَوْ كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ مِنْ مُبْتَاعِهَا وَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَهُمَا فَلِرَبِّهَا إمْضَاءُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ، فَإِنْ أَمْضَاهُ كَانَ لَهُ مَنَابُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَأَمَرَهُ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ أَوْ أَخَذَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا مَقْلُوعَيْنِ وَلَهُ فَسْخُ كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَأَمَرَهُ بِقَلْعِهِمَا أَوْ أَخَذَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا قَائِمَيْنِ، فَإِنْ أَبَى أَخَذَهُمَا قِيلَ لِلْمُكْتَرِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ، فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ. اهـ. فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قِيمَتَهُمَا قَائِمَيْنِ إنَّمَا هِيَ عَلَى أَنْ يُقْلَعَا إلَى غَايَةِ وَقْتِ الْكِرَاءِ، وَكَذَا إذَا وَجَبَتْ الشَّرِكَةُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 64 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَيْنَهُمَا بِقِيمَتِهِمَا وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٌ مِنْ شُيُوخِنَا. اهـ. وَبَحَثَ فِيهِ الصِّقِلِّيُّ فَقَالَ اُنْظُرْ كَيْفَ تَقْوِيمُ الْبِنَاءِ عَلَى قَلْعَةٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ. فَإِنْ قُلْتَ بِكَمْ يَبْنِي مِثْلَهُ عَلَى أَنْ يُقْلَعَ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فَالْقِيمَةُ لَا تَخْتَلِفُ، سَوَاءٌ قَالَ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عِشْرِينَ سَنَةً، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَلَمْ يُحِدَّهُ بِوَقْتٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ مَعْنَى ذَلِكَ قَائِمًا هُوَ مَا زَادَ الْبِنَاءُ فِي قِيمَةِ الْأَرْضِ، يُقَالُ عَلَيْهِ كَمْ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَرَاحًا، فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً قِيلَ كَمْ قِيمَتُهَا بِهَذَا الْبِنَاءِ عَلَى أَنْ يُقْلَعَ لِعَشْرِ سِنِينَ، فَيُقَالُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَيُعْلَمُ أَنَّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ خَمْسُونَ. وَعَلَى تَأْوِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكَمْ يَبْنِي مِثْلَ هَذَا الْبِنَاءِ، فَيُقَالُ خَمْسُونَ أَوْ مِائَةٌ، فَهَذِهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ قُلْتُ هَذَا صَوَابٌ جَارٍ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِي تَفْسِيرِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ التُّونُسِيِّ حَاصِلُهُ أَنَّهُ فَسَّرَ قِيمَتَهُ قَائِمًا بِأَنَّهَا عَلَى بَقَائِهِ فِي الْأَرْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 66 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَى الْأَمَدِ الْمَذْكُورِ لَا بِمَا يَبْنِي بِهِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِلصَّقَلِّيِّ، وَقَوْلُ الصِّقِلِّيِّ هُوَ الصَّوَابُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ بَعْدَ كَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكُلُّ هَذَا تَخْلِيطٌ. وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ لِلصَّقَلِّيِّ حَسْبَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالْمَعْرُوفُ فِي بِنَاءِ الْمُشْتَرِي وَغَرْسِهِ قِيمَتُهُ قَائِمًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 67 وَإِنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ: فَكَالْغَصْبِ   [منح الجليل] الْعَارِيَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْعَارِيَّةِ هُوَ قِيمَةُ مَا يُبْنَى بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَأْتِي تَقْيِيدُ عَبْدِ الْحَقِّ الْمَذْكُورِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ حَسْبَمَا أَشَارَ لَهُ الصِّقِلِّيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَعْنَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا قِيمَةُ مَا يَبْنِي بِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ مُكْتَرٍ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى التَّقْيِيدُ الْمَذْكُورُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ، وَلَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَارِيَّةِ وَمَسْأَلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ إذْ الْكَلَامُ سَوَاءٌ، وَلَا تَخْتَلِفُ الْقِيمَةُ بِذَلِكَ كَمَا عَلِمْتَ وَأَطَلْتُ لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ مِنْ الشُّرَّاحِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الثَّالِثُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مُخَالَفَةٌ بِظَاهِرِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ صَوَّبَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ الْإِخْرَاجُ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، فَكَلَامُهُ مُتَنَاقِضٌ، فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَفِيهَا لَهُ الْإِخْرَاجُ فِي كَبِنَاءٍ لَا جَادٍّ قَالَهُ " غ " " ح "، وَكَلَامُ " غ " صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَتَأَوَّلَ عج تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ، تَقْرِيرَهُ بِمَا ذَكَرَهُ " ز " لِيُوَافِقَ الْمُدَوَّنَةَ وَلَمْ يَرْتَضِهِ " ح " لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَقْدِيرِ كَثِيرٍ. (وَإِنْ) أَعَارَ أَرْضًا لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَفَعَلَ وَ (انْقَضَتْ مُدَّةُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي عَقْدِ الْإِعَارَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ إنْ أُطْلِقَتْ (فَ) حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ وَغَرْسِهِ (كَ) حُكْمِ بِنَاءِ وَغَرْسِ ذِي (الْغَصْبِ) لِلْأَرْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 68 وَإِنْ ادَّعَاهَا الْآخِذُ وَالْمَالِكُ: الْكِرَاءَ؛ فَالْقَوْلُ لَهُ، إلَّا أَنْ يَأْنَفَ مِثْلُهُ   [منح الجليل] فِي تَخْيِيرِ مَالِكِهَا فِي تَكْلِيفِ الْبَانِي وَالْغَارِسِ بِقَلْعِ بِنَائِهِ وَغَرْسِهِ وَنَقْلِ نَقْضِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا لِبَانِيهِ وَغَارِسِهِ مَطْرُوحًا مِنْهَا أُجْرَةُ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيَةِ إنْ كَانَ الْبَانِي وَالْغَارِسُ لَا يَتَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ وَلَا بِخَدَمِهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَرَدْتَ إخْرَاجَهُ بَعْدَ أَمَدٍ يُشْبِهُ أَنَّك أَعَرْتَهُ إلَى مِثْلِهِ فَلَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَقْلُوعًا. مُحَمَّدٌ بَعْدَ طَرْحِ أَجْرِ الْقَلْعِ وَإِلَّا أَمَرْتُهُ بِقَلْعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ وَلَا نَفْعَ فِيهِ إذَا قَلَعَ مِثْلَ الْجِصِّ فَلَا شَيْءَ لِلِبَانِي فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبْتَ لِعَارِيَّتِهِ أَجَلًا فَبَلَغَهُ فَلَيْسَ لَك هَاهُنَا إخْرَاجُهُ قَبْلَ الْأَجَلِ، وَإِنْ أَعْطَيْته قِيمَةَ ذَلِكَ قَائِمًا. (وَإِنْ ادَّعَاهَا) أَيْ الْإِعَارَةَ (الْآخِذُ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِأَرْضِ غَيْرِهِ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ أَوْ الزَّارِعِ أَوْ السَّاكِنِ فِيهَا أَوْ غَيْرِهَا كَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ (وَادَّعَى الْمَالِكُ) لِلْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا (الْكِرَاءَ) وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى دَعْوَاهُ (فَالْقَوْلُ) الْمُعْتَبَرُ الْمَحْكُومُ بِهِ (لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُعَاوَضَةُ (بِيَمِينٍ) مِنْ الْمَالِكِ أَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ وَآجَرَهُ لِدَفْعِ دَعْوَى الْأَخْذِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَأْنَفَ) أَيْ يَتَحَاشَى وَيَتَعَالَى (مِثْلُهُ) أَيْ الْمَالِكُ فِي الْمَنْزِلَةِ وَالْعَظَمَةِ (عَنْهُ) أَيْ الْكِرَاءِ فَالْقَوْلُ لِلْآخِذِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مَا أَكْرَاهُ، وَلَقَدْ أَعَارَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ وَأَخَذَ الْكِرَاءَ الَّذِي ادَّعَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ أَفَادَهُ تت. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ إلَى بَلَدٍ وَادَّعَى أَنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ أَكْرَيْتُهَا مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ لَا يُكْرِي الدَّوَابَّ لِشَرَفِهِ وَقَدْرِهِ اهـ. ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْعُرْفُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنْ لَا تَكُونَ عَادَةُ الْمَالِكِ أَنْ يُكْرِي مَا تَنَازَعَا فِيهِ، بَلْ مُرَادُهُمْ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ شَرَفُهُ يَأْبَى الْكِرَاءَ لِغَيْرِهِ وَيَأْنَفُ مِنْ مِثْلِهِ، وَتَبِعَهُ التَّوْضِيحِ وَالْمُخْتَصَرُ. قُلْتُ وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 69 كَزَائِدِ الْمَسَافَةِ إنْ لَمْ يَزِدْ، وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ،   [منح الجليل] طفى قَوْلُ تت فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ كِرَاءَ مِثْلِهِ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ، وَعَزَاهُ لِأَشْهَبَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّوَادِرِ، وَنَصُّهَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ لِلشَّرِيفِ الْعَظِيمِ الَّذِي يَأْنَفُ مِثْلُهُ مِنْ كِرَاءِ دَابَّتِهِ صُدِّقَ الرَّاكِبُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّهَا وَأَخَذَ الْكِرَاءَ الَّذِي زَعَمَ، فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ كِرَاءَ مِثْلِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ. اهـ. وَانْظُرْ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَالِكِ فَقَالَ (كَ) تَنَازُعِ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَعِيرِ فِي (زَائِدِ الْمَسَافَةِ) بِأَنْ قَالَ الْمَالِكُ أَعَرْتُك الدَّابَّةَ لِتَرْكَبَهَا مِنْ مِصْرَ إلَى الْعَقَبَةِ، وَقَالَ الْمُسْتَعِيرُ بَلْ إلَى الْأَزْلَمِ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لِلْمَالِكِ (إنْ لَمْ يَزِدْ) أَيْ لَمْ يَرْكَبْ الْمُسْتَعِيرُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْمَسَافَةِ الَّتِي وَافَقَهُ عَلَيْهَا الْمَالِكُ بِأَنْ تَنَازَعَا عِنْدَ الْعَقَبَةِ أَوْ قَبْلَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ زَادَ الْمُسْتَعِيرُ أَيْ رَكِبَ الْمَسَافَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى مَا قَالَ الْمَالِكُ بِأَنْ تَنَازَعَا بَعْدَ بُلُوغِ الْأَزْلَمِ وَالْمُسْتَعِيرُ أَيْ رَاكِبٌ عَلَيْهَا (فَ) الْقَوْلُ (لِلْمُسْتَعِيرِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ) إذَا تَعَيَّبَتْ الدَّابَّةُ فِي الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا قَالَ الْمَالِكُ (وَ) نَفْيُ (الْكِرَاءِ) لِلْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا قَالَ الْمَالِكُ إنْ بَلَغَتْ الْأَزْلَمَ سَالِمَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَدْت فِي مَسَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ فِيمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً فَرَكِبَهَا إلَى مَوْضِعٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُ زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهُ أَعَارَهُ إيَّاهَا إلَى دُونِهِ أَوْ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصًّا، سَوَاءٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ وَذَلِكَ إذَا رَكِبَ وَرَجَعَ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ بَعْدُ فَالْمُعِيرُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَمَنْ أَسْكَنْتَهُ دَارَك أَوْ أَخْدَمْتَهُ عَبْدًا فَبَعْدَ سَنَةٍ قَالَ هِيَ الْمُدَّةُ سَنَةٌ، وَقُلْتَ أَنْتَ شَهْرٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْك مَا لَا يُشْبِهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَسْكَنَ وَلَا الْعَبْدَ فَأَنْتَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِك. ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ يُؤَيِّدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي رَفْعِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ لِأَنَّ مُسْتَعِيرَ الدَّارِ وَلَوْ ثَبَتَ عَدَاؤُهُ لِمُجَاوَزَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَ إلَيْهَا فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 70 وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ   [منح الجليل] تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَدَّى عَلَى السُّكْنَى فَلَا يَكُونُ أَسْوَأَ حَالًا مِنْ غَاصِبِ السُّكْنَى، فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَاؤُهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا فَلَا يَبْقَى إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي السُّكْنَى وَرَفْعِ الْكِرَاءِ. طفى فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ صَرَّحَ بِهِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَطْ لَا فِي نَفْيِ الْكِرَاءِ. الْبُنَانِيُّ فِي ضَيْحٍ أَيْ وَإِنْ رَكِبَ إلَى الْغَايَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَهَذَا الْحُكْمُ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ بِهِ، بَلْ قَالَ وَجَدْت فِي مَسَائِلَ عَبْدِ الرَّحِيمِ ذَلِكَ نَعَمْ ظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِذَلِكَ. وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْكِرَاءِ، وَأَنَّ سَحْنُونًا وَأَشْهَبَ قَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ فَقَطْ، وَالْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ فِي الْكِرَاءِ يَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ وَالْمُعِيرُ لِأَخْذِ الْكِرَاءِ. وَبَالَغَ عَلَى كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمَالِكِ إذَا تَنَازَعَا فِي زَائِدِ الْمَسَافَةِ قَبْلَ رُكُوبِهَا، وَكَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَهُ إنْ كَانَ قَبَضَهَا الْمُسْتَعِيرُ بِنَفْسِهِ مِنْ مَالِكِهَا الْمُعِيرِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ قَبَضَهَا (بِرَسُولٍ) مِنْ الْمُسْتَعِيرِ لِلْمُعِيرِ (مُخَالِفٍ) لِلْمُعِيرِ إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ، وَلِلْمُسْتَعِيرِ إنْ تَنَازَعَا بَعْدَهَا فَتُلْغَى شَهَادَتُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. " ق " أَشْهَبُ مَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ يُعِيرُهُ دَابَّةً إلَى بَرْقَةَ فَأَعَارَهُ فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى بَرْقَةَ فَعَطِبَتْ فَقَالَ الْمُعِيرُ إنَّمَا أَعَرْته إلَى فِلَسْطِينَ، وَقَالَ الرَّسُولُ إلَى بَرْقَةَ فَشَهَادَةُ الرَّسُولِ هُنَا لَا تَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ وَلَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَيَحْلِفُ الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ مَا اسْتَعَارَهَا إلَّا لِبَرْقَةَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ. فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِرَسُولٍ مُوَافِقٍ أَوْ مُخَالِفٍ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَسَاوِي الْحُكْمِ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَشْهَبَ صَحِيحٌ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ بَعَثَ رَسُولًا إلَى رَجُلٍ لِيُعِيرَهُ دَابَّتَهُ إلَى بَرْقَةَ فَقَالَ الرَّسُولُ إلَى فِلِسْطِينَ فَعَطِبَتْ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ وَاعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْكَذِبِ ضَمِنَهَا، وَإِنْ قَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَأَكْذَبَهُ الْمُعِيرُ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ شَاهِدًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 71 كَدَعْوَاهُ رَدَّ مَا لَمْ يَضْمَنْ   [منح الجليل] لِأَنَّهُ خَصْمٌ، وَتَمَّتْ الْمَسْأَلَةُ هُنَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْبَرَادِعِيُّ، وَزَادَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ، وَصَحَّتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عَمْرٍو عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ مُتَسَاوِيًا اهـ كَلَامُ ضَيْحٍ وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى جَرْيُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَكُونُ دَرَجَ عَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ فِي عَدَمِ زِيَادَةِ الضَّمَانِ، إذْ الْمُخَالَفَةُ لِأَشْهَبَ إنَّمَا تَأْتِي عَلَيْهَا. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَ أَشْهَبَ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَ أَشْهَبَ وَلَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ، وَذَكَرَ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ فَقَالَ فَأَوْرَثَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ إشْكَالًا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ وَافَقَ أَشْهَبَ عَلَى سُقُوطِ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَخَالَفَهُ فِي هَذِهِ. اهـ. فَظَهَرَ لَك أَنْ لَا حَاجَةَ لِجَرْيِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَأَنَّ قَوْلَ تت وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ لَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَغَرَّهُ فِيهِ نَقْلُهُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى ثُبُوتِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ عَلَى سُقُوطِهَا هُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَضَيْحٍ. وَعِبَارَةُ عِيَاضٍ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا زَعَمَ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي كُتُبِنَا وَأُصُولِ شُيُوخِنَا فِي كَثِيرٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ، وَلَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَالِمٍ وَلَا يَزِيدَ بْنِ أَيُّوبَ، وَصَحَّتْ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّبِيدِيُّ وَهِيَ مَطْرُوحَةٌ مِنْ رِوَايَةِ جَبَلَةَ بْنِ حَمُّودٍ، وَأَدْخَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُخْتَصِرِينَ وَأَسْقَطَهَا الْبَرَادِعِيُّ، وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَمَرَهُ إلَّا إلَى بَرْقَةَ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَقُولَ ابْنُ الْقَاسِمِ. . وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ (كَدَعْوَاهُ) فِي الْمُسْتَعِيرِ (رَدَّ مَا) أَيْ الْمُعَارِ الَّذِي (لَمْ يَضْمَنْ) هـ الرَّسُولُ وَهُوَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْحَيَوَانِ لِمُعِيرِهِ، وَأَنْكَرَهُ مُعِيرُهُ فَيُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ بِيَمِينِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ كُلُّ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ فَهُوَ مَقْبُولٌ فِي الرَّدِّ، وَلَوْ رَدَّهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ فَعَطِبَتْ أَوْ ضَلَّتْ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ شَأْنُ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 72 وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ وَتَلِفَ ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ، إنْ صَدَّقَهُ، وَإِلَّا حَلَفَ وَبَرِئَ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ، ضَمِنَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ،   [منح الجليل] وَهُوَ مَأْمُونٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ رَدٌّ مَا لَمْ يَضْمَنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى رَدَّ مَا يَضْمَنُ وَهُوَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ تت. " ق " مُطَرِّفٌ يُصَدَّقُ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا ادَّعَى رَدَّ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُعِيرِ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا إشْهَادٍ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ لَا تُضْمَنُ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ مَا لَا يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِهِ. مُحَمَّدٌ سَوَاءٌ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. (وَإِنْ) أَتَى شَخْصٌ شَخْصًا وَ (زَعَمَ) أَيْ قَالَ الشَّخْصُ الْحُرُّ أَوْ الْعَبْدُ الْآتِي (إنَّهُ مُرْسَلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ (لِاسْتِعَارَةِ حَلْيٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَوْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَدَفَعَهُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ لِلرَّسُولِ (وَتَلِفَ) الْحَلْيُ مِنْ الرَّسُولِ (ضُمَّنهُ) أَيْ الْحَلْيَ (مُرْسِلُهُ) أَيْ الرَّسُولِ بِكَسْرِ السِّينِ (إنْ صَدَّقَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ الْمُرْسِلُ الرَّسُولَ فِي أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَا يَضْمَنُهُ الرَّسُولُ لِائْتِمَانِهِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي إخْبَارِهِ بِإِرْسَالِهِ (حَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِرْسَالَ أَنَّهُ مَا أَرْسَلَهُ (وَبَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ (ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ) أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَبَرِئَ أَيْضًا. " ق " سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ تَأْتِي قَوْمًا تَسْتَعِيرُ مِنْهُمْ حُلِيًّا لِأَهْلِهَا وَتَقُولُ هُمْ بَعَثُونِي فَيَتْلَفُ، فَإِنْ صَدَّقَهَا أَهْلُهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ وَبَرِئَتْ، وَإِنْ جَحَدُوا حَلَفُوا وَبَرِئُوا وَحَلَفَتْ لَقَدْ بَعَثُوهَا وَبَرِئَتْ، لِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ صَدَّقُوهَا أَنَّهَا أُرْسِلَتْ إلَيْهِمْ. (وَإِنْ اعْتَرَفَ) أَيْ أَقَرَّ الرَّسُولُ (بِالْعَدَاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْلَةِ مَمْدُودًا، أَيْ التَّعَدِّي وَالْكَذِبِ فِي الْإِخْبَارِ بِالْإِرْسَالِ (ضَمِنَ الْحُرُّ) لِأَنَّ الْمُسْتَعَارَ فِي ذِمَّتِهِ (وَ) ضَمِنَ (الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) لَا فِي رَقَبَتِهِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 73 إنْ عَتَقَ، وَإِنْ قَالَ أَوْصَلْتُهُ لَهُمْ، فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ   [منح الجليل] وَيُتَّبَعُ (إنْ عَتَقَ) سَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَقَرَّ الرَّسُولُ أَنَّهُ تَعَدَّى وَهُوَ حُرٌّ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا، وَلَا يُلْزَمُ رَقَبَتُهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ أَوْصَلْتُ ذَلِكَ إلَى مَنْ بَعَثَنِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ إلَّا الْيَمِينُ. (وَإِنْ قَالَ) أَيْ الرَّسُولُ (أَوْصَلْتُهُ) أَيْ الْمُسْتَعَارَ (لَهُمْ) أَيْ الْبَاعِثِينَ وَأَنْكَرُوا أَيْضًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ الرَّسُولِ الْيَمِينُ أَنَّهُ أَوْصَلَهُمْ (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الْبَاعِثِينَ (الْيَمِينُ) أَنَّهُ لَمْ يُوصِلْهُمْ وَبَرِئُوا. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلُّهُ نَصُّ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ إذَا قَالَ الْعَبْدُ سَيِّدِي أَرْسَلَنِي وَأَوْصَلْت الْعَارِيَّةَ إلَيْهِ أَوْ تَلِفَتْ وَسَيِّدُهُ مُنْكِرٌ فَذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ، كَجِنَايَتِهِ وَلَوْ كَانَ حُرًّا كَانَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَسَأَلْت عَنْهَا ابْنَ الْقَاسِمِ فَقَالَ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِإِرْسَالِهِ غَرِمَ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ فَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ خَدَعَ الْقَوْمَ. أَبُو عِمْرَانَ أَرَادَ إنْ ثَبَتَ أَخْذُهُ الْمُعَارَ بِبَيِّنَةٍ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ هُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْهَا. اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُخَالِفٌ لَهَا وَلِمَا قَدَّمَهُ فِي الْوَدِيعَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بِدَفْعِهَا مُدَّعِيًا أَنَّك أَمَرْته بِهَا، إلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ. طفى وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ إلَخْ طفى لَا يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ أَنْكَرَ الْإِرْسَالَ أَمْ لَا. أَمَّا الْأَوَّلُ فَكَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الرَّسُولَ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ، صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ، وَقَوْلُ الْحَطّ وَالزَّرْقَانِيِّ إنْ أَقَرُّوا بِالْإِرْسَالِ ضَمِنُوا غَيْرُ ظَاهِرٍ. . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 74 وَمُؤْنَةُ أَخْذِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ: كَرَدِّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَفِي عَلَفِ الدَّابَّةِ قَوْلَانِ   [منح الجليل] وَمَؤُنَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْهَمْزَةِ، أَيْ مَا يُصْرَفُ فِي (أَخْذِهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ أَيْ حَمْلُهَا لِمَكَانِ مُسْتَعِيرِهَا (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ أُجْرَةُ حَمْلِ الْعَارِيَّةُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَشَبَّهَ فِي كَوْنِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَقَالَ (كَ) مُؤْنَةِ (رَدِّهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ لِمَكَانِ مُعِيرِهَا فَإِنَّهَا عَلَى مُسْتَعِيرِهَا أَيْضًا (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ فِي أُجْرَةِ رَدِّ الْعَارِيَّةِ فَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّ الْمُعِيرَ فَعَلَ مَعْرُوفًا فَلَا يَغْرَمُ أُجْرَةَ مَعْرُوفٍ صَنَعَهُ. (وَفِي) كَوْنِ (عَلَفِ الدَّابَّةِ) الْمُسْتَعَارَةِ وَهِيَ عِنْدَ مُسْتَعِيرِهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مُعِيرِهَا، إذْ لَوْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً، وَرُبَّمَا يَكُونُ عَلَفُهَا أَكْثَرَ مِنْ كِرَائِهَا فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ، فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ وَتَصِيرُ كِرَاءً (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَكَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ طَالَتْ مَدُّهُ الْعَارِيَّةِ، أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ هُوَ عَلَى الْمُعِيرِ فِي اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ، وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِمَا قَالَهُ تت. " ق " فِي الِاسْتِغْنَاءِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً أَوْ شَيْئًا لَهُ نَفَقَةٌ فَذَلِكَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً وَيَكُونُ الْعَلَفُ فِي الْغَلَاءِ أَكْثَرُ مِنْ الْكِرَاءِ، وَيَخْرُجُ مِنْ عَارِيَّةٍ إلَى كِرَاءٍ وَلِبَعْضِ الْمُفْتِينَ إلَّا فِي اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ، فَذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَقِيلَ أَيْضًا فِي اللَّيْلَةِ وَاللَّيْلَتَيْنِ عَلَى رَبِّهَا، وَأَمَّا فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالسَّفَرِ الْبَعِيدِ فَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ الْمُخْدَمِ، وَكَأَنَّهُ أَقْيَسُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ اللَّائِقُ بِاصْطِلَاحِهِ التَّعْبِيرُ بِالتَّرَدُّدِ، وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ مِرَارًا بِأَنَّ مُرَادَهُ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى كَذَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَام الْغَصْبُ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْغَصْبِ وَأَحْكَامِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 75 (بَابٌ) الْغَصْبُ، أَخْذُ مَالٍ، قَهْرًا، تَعَدِّيًا، بِلَا حِرَابَةٍ   [منح الجليل] الْغَصْبُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا، وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ أَخْذُ شَيْءٍ ظُلْمًا. الْجَوْهَرِيُّ غَصَبَ الشَّيْءَ أَخَذَهُ ظُلْمًا وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ (أَخْذُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٌ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، جِنْسٌ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ، وَإِضَافَتُهُ لِ (مَالٍ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ أَخْذَ غَيْرِهِ أَخْذًا (قَهْرًا) فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ أَخْذَ مَالٍ بِلَا قَهْرٍ بِاشْتِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَعَارِيَّةٍ الْوَدِيعَةٍ وَرَهْنٍ، أَوْ بِسَرِقَةٍ أَوْ اخْتِلَاسٍ (تَعَدِّيًا) أَيْ ظُلْمًا، فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ أَخْذَ مَالٍ قَهْرًا بِحَقٍّ كَأَخْذِ دَيْنٍ الْوَدِيعَةٍ وَدِيَةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَعِوَضِ مُتْلَفٍ وَمَسْرُوقٍ وَمَغْصُوبٍ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ قَهْرًا (بِلَا حِرَابَةٍ) أَيْ مُقَاتَلَةٍ، فَصْلٌ رَابِعٌ مُخْرِجٌ الْحِرَابَةَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا بِخَوْفِ قِتَالٍ فَيَخْرُجُ أَخْذُهُ غِيلَةً، إذْ لَا قَهْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَحِرَابَةً، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُخْتَصَرًا كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ أَخْذُ الْمَالِ عُدْوَانًا قَهْرًا مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِأَخْذِ الْمَنَافِعِ كَذَلِكَ، كَسُكْنَى رَبْعٍ وَخَرِبَةٍ وَلَيْسَ غَصْبًا، بَلْ تَعَدِّيًا، وَتَعَقَّبَ بِتَرْكِيبِهِ وَهُوَ وَقْفُ مَعْرِفَتِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ أَعَمَّ مِنْهُ وَلَا أَخَصَّ مِنْ أَعَمِّهِ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ذِكْرُ الْقُيُودِ فِي الرَّسْمِ بِحَرْفِ السَّلْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ تَمْيِيزٌ، بَلْ يُوجِبُ إجْمَالًا، فَإِنَّك لَا تَشَاءُ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي حَدٍّ أَوْ رَسْمٍ إلَّا قُلْته يُرَدُّ بِأَنَّ الْعَدَمَ الْإِضَافِيَّ يُفِيدُ نَفْيَ مَا كَانَ مُحْتَمِلًا الثُّبُوتَ، إفَادَةً ظَاهِرَةً، وَلِذَا صَحَّ وُرُودُهُ فِي النُّعُوتِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَالْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ، وَالْخَاصِّيَّةُ مِنْ الْمَاهِيَّاتِ الْجَعْلِيَّةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ يَصِحُّ كَوْنُهَا عَدَمِيَّةً، وَلِذَا لَمْ يَتَعَقَّبْ الْأَشْيَاخُ حَدَّ الْقَاضِي الْقِيَاسَ بِقَوْلِهِ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا أَوْ نَفْيِهِ عَنْهُمَا بِأَمْرٍ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا مِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 76 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إثْبَاتِ حُكْمٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَفْيِهَا بِاشْتِمَالِهِ عَلَى قَيْدَيْنِ عَدَمِيَّيْنِ، مَعَ كَثْرَةِ إيرَادِ الْأَسْئِلَةِ عَلَيْهِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ عَرَّفَ بَعْضُهُمْ الْغَصْبَ بِأَنَّهُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُسْتَحِقَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ قَهْرًا. وَقِيلَ وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ قَهْرًا، وَيَنْبَغِي عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ الْغَاصِبَ مِنْ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ عَلَى الثَّانِي، لَا عَلَى الْأَوَّلِ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْفَعْ الْيَدَ الْمُسْتَحِقَّةَ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَالِ وَإِنْ يُجِزْهُ الْغَاصِبُ لِنَفْسِهِ بِالْفِعْلِ، فَإِذَا اسْتَوْلَى الظَّالِمُ عَلَى مَالِ شَخْصٍ قَهْرًا تَعَدِّيًا فَاسْتِيلَاؤُهُ غَصْبٌ، وَلَوْ أَبْقَاهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ رَبُّهُ فِيهِ. الثَّانِي: فِي الْمُقَدِّمَاتِ التَّعَدِّي عَلَى رِقَابِ الْأَمْوَالِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ لِكُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا حُكْمٌ يَخُصُّهُ، وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَهِيَ الْحِرَابَةُ وَالْغَصْبُ، وَالِاخْتِلَاسُ وَالسَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْإِدْلَالُ وَالْجَحْدُ. الثَّالِثُ: فِي التَّنْبِيهَاتِ الْغَصْبُ يُطْلَقُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ عَلَى أَخْذِ كُلِّ مِلْكٍ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ مِنْ ذَوَاتٍ أَوْ مَنَافِعَ، وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَوْ اخْتِلَاسًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ خِيَانَةً أَوْ قَهْرًا، غَيْرَ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي أَخْذِ أَعْيَانِ الْمُتَمَلَّكَاتِ بِغَيْرِ رِضَا أَرْبَابِهَا وَغَيْرِ مَا يَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ غَيْرِ ذِي سُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ، وَاسْتُعْمِلَ التَّعَدِّي عُرْفًا فِي التَّعَدِّي عَلَى عَيْنِهَا أَوْ مَنَافِعِهَا، سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُتَعَدِّي فِي ذَلِكَ يَدٌ بِإِذْنِ أَرْبَابِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَالْقِرَاضِ وَالْوَدَائِعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّنَّاعِ وَالْبَضَائِعِ وَالْعَوَارِيِّ وَفَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْمَغْصُوبَ يَوْمَ غَصْبِهِ لِأَنَّهُ يَوْمُ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَالْمُتَعَدِّيَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ وَالْمُتَعَدِّيَ لَا يَضْمَنُ إلَّا الْكَثِيرَ، وَأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ كِرَاءَ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ وَأُجْرَتَهُ بِكُلِّ حَالٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ فِي الْغَاصِبِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَفِي هَذِهِ الْأُصُولِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا مَعْلُومٌ. الرَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرِفَةُ حُرْمَتِهِ فِي الدِّينِ ضَرُورِيَّةٌ لِأَنَّ حِفْظَ الْأَمْوَالِ إحْدَى الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي اجْتَمَعَتْ الْمِلَلُ عَلَيْهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 77 وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ كَمُدَّعِيهِ عَلَى صَالِحٍ   [منح الجليل] وَأُدِّبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (غَاصِبٌ مُمَيِّزٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَلَوْ صَبِيًّا بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لِدَفْعِ الْفَسَادِ بَيْنَ الْعِبَادِ كَتَأْدِيبِهِ عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا تَحْقِيقًا لِلْإِصْلَاحِ وَتَهْذِيبًا لِلْأَخْلَاقِ، وَتُضْرَبُ الْبَهَائِمُ لِلِاسْتِصْلَاحِ وَالتَّهْذِيبِ، وَمَفْهُومُ مُمَيِّزٍ عَدَمُ تَأْدِيبِ غَيْرِهِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَنْ حُرُمَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، إلَّا إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، فَإِنَّ الْأَدَبَ يَسْقُطُ عَنْهُ لِحَدِيثِ «رُفِعَ الْقَلَمُ» . الْحَدِيثَ. وَقِيلَ إنَّ الْإِمَامَ يُؤَدِّبُهُ كَمَا يُؤَدَّبُ الصَّغِيرُ فِي الْمَكْتَبِ وَيُؤْخَذُ بِحَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ. وَقِيلَ إنَّ مَا أَصَابَهُ هَدَرٌ كَالْبَهِيمَةِ الْعَجْمَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ. ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَعْبَانَ وَغَيْرُهُمْ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ بِقَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ. فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ السِّنَّ فَفِي سُقُوطُ أَدَبِهِ لِرَفْعِ الْإِثْمِ عَنْهُ وَثُبُوتُهُ كَمَا يُؤَدَّبُ فِي الْمَكْتَبِ قَوْلَانِ وَالْغَصْبُ بَيْنَ الْكَافِرِينَ كَالْغَصْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ شَعْبَانَ وَكَذَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَبَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، وَفِي اغْتِصَابِ الْوَالِدِ مِنْ وَلَدِهِ خِلَافٌ، وَبِهَذَا أَقُولُ وَيَتَعَلَّقُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِمَالِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فِي حَمَالَتِهَا، وَيَلْزَمُ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ مَا كَسَرَهُ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ اخْتَلَسَهُ وَمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ، وَفِيهَا مَنْ أَوْدَعْته حِنْطَةً فَخَلَطَهَا صَبِيٌّ أَجْنَبِيٌّ بِشَعِيرٍ لِلْمُودَعِ ضَمِنَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ وَفِي دِيَاتِهَا وَإِذَا جَنَى الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِسَيْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ كُلُّهُ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ فَفِي مَالِهِ يُتَّبَعُ بِهَا دَيْنًا فِي عُدْمِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ لَا يَعْقِلُ فَفِي إهْدَارِ جِنَايَتِهِ فِي الدَّمِ وَالْمَالِ كَالْعَجْمَاءِ أَوْ كَالْمُمَيِّزِ، ثَالِثُهَا إهْدَارُ مَا أَصَابَ مِنْ مَالٍ وَاعْتِبَارُ مَا أَصَابَ مِنْ الدَّمِ. وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مُدَّعِيهِ) أَيْ الْغَصْبَ (عَلَى) شَخْصٍ، (صَالِحٍ) أَيْ عَدْلٍ لَا يُتَّهَمُ بِالْغَصْبِ فَيُؤَدَّبُ لَهُ لِجِنَايَتِهِ عَلَى عِرْضِهِ، فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْهَا، وَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ غَصْبًا وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ عُوقِبَ الْمُدَّعِي. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ آخِرَ سَرِقَتَهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 78 وَفِي حَلِفِ الْمَجْهُولِ: قَوْلَانِ.   [منح الجليل] فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَمِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِهَذَا أُدِّبَ الَّذِي ادَّعَى ذَلِكَ. قُلْت ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ إنَّمَا يُؤَدَّبُ الْمُدَّعِي عَلَى غَيْرِ مُتَّهَمٍ بِالسَّرِقَةِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ، أَمَّا عَلَى وَجْهِ الشَّكْوَى فَلَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَفِي حَلِفِ) الشَّخْصِ (الْمَجْهُولِ) حَالُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَغَرِمَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَدَمُ حَلِفِهِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَاسْتُظْهِرَ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا فِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِذَلِكَ نَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ وَأَحْلَفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي كَسَائِرِ الْحُقُوقِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ النَّاسُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ هُدِّدَ وَسُجِنَ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا حَلَفَ وَفَائِدَةُ تَهْدِيدِهِ لَعَلَّهُ يُخْرِجُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ تُعْرَفُ عَيْنُهُ. وَأَمَّا مَا لَا تُعْرَفُ فَلَا فَائِدَةَ لِتَهْدِيدِهِ إذْ لَوْ أَخْرَجَ بِهِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يُؤْخَذُ حَتَّى يُقِرَّ آمِنًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَسَطِ النَّاسِ لَا يَلِيقُ بِهِ غَصْبٌ فَلَا تَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَا يَلْزَمُ رَامِيهِ بِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالدِّينِ لَزِمَ الْقَائِلَ بِذَلِكَ الْأَدَبُ اهـ. وَفِي آخِرِ كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ النُّكَتِ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَنْ اُتُّهِمَ بِالسَّرِقَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، مُبَرَّزٌ بِالْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُؤَدَّبُ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَمُتَّهَمٌ مَعْرُوفٌ بِمِثْلِ هَذَا فَيَحْلِفُ وَيُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَرَجُلٌ مُتَوَسِّطُ الْحَالِ بَيْنَ هَذَيْنِ عَلَيْهِ الْيَمِينُ اهـ. اللَّخْمِيُّ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الْغَصْبُ فَالْحُكْمُ فِي تَعْلِيقِ الْيَمِينِ بِهِ وَعُقُوبَتُهُ يَرْجِعُ إلَى حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ عُوقِبَ الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِذَلِكَ وَأَشْكَلَ حَالُهُ فَلَا يُعَاقَبُ الْمُدَّعِي وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُشْبِهُهُ ذَلِكَ وَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ يَحْلِفُ وَلَا يُعَاقَبُ الْمُدَّعِي. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالتَّعَدِّي وَالْغَصْبِ يَحْلِفُ وَيُضْرَبُ وَيُسْجَنُ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الْجُحُودِ تُرِكَ وَاخْتُلِفَ إذَا اعْتَرَفَ بَعْدَ التَّهْدِيدِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، قِيلَ لَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَيَّنَ الْمُدَّعَى فِيهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ. وَقِيلَ إنْ عَيَّنَ الْمُدَّعَى فِيهِ أُخِذَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 79 وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ،   [منح الجليل] وَقَالَ سَحْنُونٌ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ عَيَّنَ الْمُدَّعَى فِيهِ أَمْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، قَالَ وَلَا يَعْرِفُ هَذَا إلَّا مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ، أَيْ الْقَضَاءِ وَمَا شَابَهَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْإِكْرَاهَ كَانَ بِوَجْهٍ جَائِرٍ، وَإِذَا كَانَ مِنْ الْحَقِّ عُقُوبَتُهُ وَسَجْنُهُ إذَا عُرِفَ مِنْ حَالِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنَّمَا الْإِكْرَاهُ الَّذِي لَا يُؤَاخَذُ بِهِ مَا كَانَ ظُلْمًا أَنْ يُضْرَبَ وَيُهَدَّدَ مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُ ذَلِكَ بِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ النَّاسُ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْقِتَالِ وَالسَّيْفِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ كَالطَّائِعِ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ بِحَقٍّ، وَلَوْ أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ عَلَى الْإِسْلَامِ فَلَا يَكُونُ إسْلَامُهُ إسْلَامًا إنْ رَجَعَ عَنْهُ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ لِلْإِكْرَاهِ لِأَنَّ الذِّمَّةَ الَّتِي عُقِدَتْ لَهُمْ تَمْنَعُ إكْرَاهَهُمْ فَإِكْرَاهُهُمْ ظُلْمٌ. ابْنُ فَرْحُونٍ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ فَلَا تَجُوزُ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا، وَاخْتُلِفَ فِي عُقُوبَةِ مُتَّهِمِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُعَاقَبُ، ثُمَّ قَالَ قَالَ الْبَاجِيَّ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْهُولَ الْحَالِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنْ لَا أَدَبَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ دُونَ يَمِينٍ أَفَادَهُ الْحَطّ. (وَضَمِنَ) الْغَاصِبُ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ (بِ) مُجَرَّدِ (الِاسْتِيلَاءِ) عَلَيْهِ وَحَوْزِهِ وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ» لِأَنَّ عَلَى لِلْوُجُوبِ وَقَدْ رَتَّبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى وَصْفِ الْأَخْذِ فَأَفَادَ أَنَّهُ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ مُجَرَّدُ حُصُولِ الْمَغْصُوبِ فِي حَوْزِ الْغَاصِبِ يُوجِبُ ضَمَانَهُ، وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ يَضْمَنُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ وَإِنْ هَلَكَ مِنْ سَاعَتِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوْ جِنَايَةِ غَيْرِهِ أَوْ كَانَ دَارًا فَانْهَدَمَتْ. ابْنُ عَرَفَةَ مُجَرَّدُ الِاسْتِيلَاءِ هُوَ حَقِيقَةُ الْغَصْبِ فَيُوجِبُ الضَّمَانَ. رَوَى ابْنُ وَهْبٍ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَمَاتَ مِنْ وَقْتِهِ ضَمِنَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ غَصَبَ دَارًا فَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى انْهَدَمَتْ غَرِمَ قِيمَتَهَا، وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَمُجَرَّدُ حُصُولِ الْمَغْصُوبِ فِي حَوْزِ الْغَاصِبِ يُوجِبُ ضَمَانَهُ وَلَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَفِيهَا مَا مَاتَ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ انْهَدَمَ مِنْ رَبْعٍ بِيَدِ غَاصِبِهِ بِقُرْبِ غَصْبِهِ أَوْ بِغَيْرِ قُرْبِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، وَإِنْ تَعَيَّبَ يَضْمَنُ تَمَامَ قِيمَتِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 80 وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ:   [منح الجليل] ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَكُونُ بِالتَّفْوِيتِ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ بِإِثْبَاتِ الْيَدِ الْعَادِيَةِ، فَالْمُبَاشَرَةُ كَالْقَتْلِ، وَالْأَكْلِ وَالْإِحْرَاقِ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ فِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ، وَفِي الْعَقَارِ بِالِاسْتِيلَاءِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ. قُلْت قَالُوا ضَمِيرُ يَكُونُ عَائِدٌ عَلَى الضَّمَانِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ إثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ فِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ هَذَا الْوَجْهُ مِنْ وَجْهَيْ إثْبَاتِ الْيَدِ الْعَادِيَةِ سَبَبٌ اتِّفَاقًا، وَهُوَ نَقْلُ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ يَنْقُلُهَا الْغَاصِبُ فَتَهْلِكُ تَحْتَ يَدِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ فِي الْعَقَارِ بِالِاسْتِيلَاءِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - خِلَافُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. قُلْت فَحَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَشَارِحِيهِ أَنَّ غَيْرَ الْعَقَارِ لَا يَتَقَرَّرُ فِيهِ الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ، وَلَيْسَ الْمَذْهَبُ كَذَلِكَ، بَلْ مُجَرَّدُهُ حَقِيقَةُ الْغَصْبِ يُوجِبُهُ، فَلَوْ غَصَبْتَهُ أَمَةً أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْمُتَمَلَّكَاتِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا دُونَ رَبِّهَا ضَمِنَهَا رِوَايَاتُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِهَذَا لِمَنْ تَأَمَّلَهَا، مِنْهَا قَوْلُ الْبَاجِيَّ، رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَمَاتَ مِنْ وَقْتِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ ضَمِنَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ غَصَبَ دَارًا فَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى انْهَدَمَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. قُلْت كَذَا فِي النَّوَادِرِ، قَالَ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. ابْنُ عَبْدُوسٍ وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا. اهـ. " غ " تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنَ شَاسٍ وَعِبَارَتُهُمَا مَنْسُوجَةٌ عَلَى مِنْوَالِ وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ فِي هَذَا الْمَحِلِّ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا أَوْ رَكِبَ يَحْتَمِلُ الْإِشَارَةَ إلَيْهِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْغَاصِبِ اسْتِيلَاءٌ عَلَى الْمَغْصُوبِ (فَتَرَدُّدٌ) فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ يُمَثَّلُ لِهَذَا بِمَنْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ فِيهَا دَوَابُّ وَأَهْلُهَا فِيهَا فَذَهَبَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِوُجُودِ الْحَافِظِ، وَيَضْمَنُ عِنْدَ أَشْهَبَ إنْ كَانَتْ مُسَرَّحَةً لِتَيَسُّرِ خُرُوجِهَا قَبْلَ عِلْمِ أَهْلِ الدَّارِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ قَالَهُ الشَّارِحُ وَتَبِعَهُ تت، وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ لَا يُنَاسِبُ تَعْبِيرَهُ بِتَرَدُّدٍ. وَقَالَ " غ " أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَاصِبُ مُمَيِّزًا، بَلْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَقَدْ تَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ هَلْ الْخِلَافُ فِي تَضْمِينِهِ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ فِي الْمُخْرِجِ لَهُ إلَى التَّمْيِيزِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 81 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَقِيلَ الْمَالُ فِي مَالِهِ وَالدَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ كَالْمَجْنُونِ. وَقِيلَ كِلَاهُمَا هَدَرٌ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَعَلَ مَوْرِدَ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَدَمَ التَّمْيِيزِ وَهُوَ حَسَنٌ فِي الْفِقْهِ، غَيْرَ أَنَّ الرِّوَايَاتِ لَا تُسَاعِدُهُ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضُوا لِلتَّحْدِيدِ فِيهَا بِالسِّنِينَ، فَقِيلَ ابْنُ سَنَتَيْنِ، وَقِيلَ ابْنُ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَبِلَهُ الْمُوَضِّحُ وَأَشَارَ إلَيْهِ هُنَا. وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ قَوْلُهُ وَالرِّوَايَاتُ لَا تُسَاعِدُهُ يُرَدُّ بِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ، إذْ قَالَ لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ حُكْمَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ ابْنِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ وَنَحْوِهِ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْمَالِ وَالدَّمِ وَحُكْمَ الْمَجْنُونِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ سَوَاءٌ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ جِنَايَتَهُمْ عَلَى الْمَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَعَلَى الدَّمِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَفِي أَمْوَالِهِمْ. وَالثَّانِي أَنَّهَا هَدَرٌ فِي الْمَالِ وَالدَّمِ. وَالثَّالِثُ: تَفْرِقَتُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ الْمَالِ وَالدَّمِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ فَلَا اخْتِلَافَ فِي ضَمَانِهِ مَا جَنَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَإِنَّ عَمْدَهُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الدَّمِ خَطَأٌ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةِ ذَلِكَ فِي مَالِهِ مَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ. وَأَمَّا الْكَبِيرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ فِي جِنَايَتِهِ فِي الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ حُكْمُ الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ فَيَضْمَنُ مَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ فِيمَا جَنَاهُ عَمْدًا مِنْ الدِّمَاءِ. (تَنْبِيهٌ) قَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَفِي الْمَجْنُونِ عَلَى حَدِّ سَوَاءٍ وَكَذَلِكَ صَرَّحَ بِهَا فِي الْمَجْنُونِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَفِي رَسْمٍ مُرْضٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا قَبْلَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ كَالْمَجْنُونِ الْمُقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَجْرِي فِي الْمَجْنُونِ، وَلَمْ يَتَنَازَلْ ابْنُ عَرَفَةَ لِهَذَا الْبَحْثِ، وَإِنَّهُ لِمَنْ وَظِيفَتِهِ وَلَا مِرْيَةَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ اخْتَصَرَ هُنَا كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ الْمُخْتَصِرِ لِكَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهُ اُخْتُلِفَ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ، فَقِيلَ مَا أَصَابَ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ هَدَرٌ كَالْبَهِيمَةِ الْعَجْمَاءِ الَّتِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُرْحَهَا جُبَارًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 82 كَأَنْ مَاتَ، أَوْ قُتِلَ عَبْدٌ قِصَاصًا،   [منح الجليل] وَقِيلَ مَا أَصَابَ مِنْ الْأَمْوَالِ فِي مَالِهِ وَمَا أَصَابَ مِنْ الدِّمَاءِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ، وَحُكْمُ هَذَا حُكْمُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ. اهـ. وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا فِي الْبَيَانِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَحُكْمُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ فِي جَرَيَانِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَاخْتِصَارُ ابْنِ شَاسٍ لَا يَأْبَى هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّهُ نَقَلَ مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى تَرْتِيبِهِ، وَخَتَمَهُ بِقَوْلِهِ كَالْمَجْنُونِ فَلَا يَمْتَنِعُ انْطِبَاقُ هَذَا التَّشْبِيهِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَرْجِعُ لِمَا فِي الْبَيَانِ. وَلَمَّا فَهِمَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ التَّشْبِيهَ قَاصِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يَلِيهِ وَقَدَّمَ وَأَخَّرَ تَحَوَّلَ الْمَعْنَى فَلْيَتَأَمَّلْهُ مَنْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَالتَّحْقِيقِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ طفي إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى " غ " أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي اخْتِلَافِ الطَّرِيقِ يَكُونُ مَوْضُوعُهُ وَاحِدًا وَتَخْتَلِفُ الطُّرُقُ فِيهِ، وَالْمَوْضُوعُ هُنَا مُتَعَدِّدٌ، إذْ مِنْهُمْ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي السِّنِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَاهُ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَمَنْ حَكَاهُ فِي مَحِلٍّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَحِلِّ الْآخَرِ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُعَدُّ طَرِيقَةً لِرَدِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (مَاتَ) عَبْدٌ مَغْصُوبٌ بِيَدِ غَاصِبِهِ سَاعَةَ غَصْبِهِ فَيَضْمَنُهُ غَاصِبُهُ (أَوْ قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَبْدٌ) تَنَازَعَ فِيهِ مَاتَ وَقُتِلَ قِصَاصًا فِي قَتِيلِهِ عَمْدًا بَعْدَ غَصْبِهِ فَيَضْمَنُهُ غَاصِبُهُ. طفي كَذَا قَرَّرَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ جَنَى قَبْلَ غَصْبِهِ وَقُتِلَ قِصَاصًا بَعْدَهُ فَلَا وَجْهَ لِضَمَانِهِ الْغَاصِبَ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ قَبْلَ غَصْبِهِ جِنَايَةً وَبَعْدَهُ أُخْرَى عَلَى رَجُلَيْنِ فَقَالَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ رَبُّهُ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ لَهُمَا تَبِعَ الْغَاصِبَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالْأَرْشَيْنِ وَتَبِعَ غَاصِبَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ الثَّانِيَةِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِنَايَةَ السَّابِقَةَ عَلَى غَصْبِهِ لَا يَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا مَاتَ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ انْهَدَمَ مِنْ الرَّبْعِ بِيَدِ غَاصِبِهِ بِقُرْبِ غَصْبِهِ أَوْ بِغَيْرِ قُرْبِهِ بِغَيْرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 83 أَوْ رَكِبَ، أَوْ ذَبَحَ   [منح الجليل] سَبَبِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَوْتُ الْمَغْصُوبِ بِحَقِّ قِصَاصٍ أَوْ حِرَابَةٍ كَمَوْتِهِ. (أَوْ رَكِبَ) الْغَاصِبُ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ فَهَلَكَتْ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، وَهَذَا عُلِمَ مِنْ سَابِقِهِ بِالْأَوْلَى. ابْنُ شَاسٍ مِنْ مُوجَبِ الضَّمَانِ إثْبَاتُ الْيَدِ فِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ إلَّا فِي الدَّابَّةِ فَيَكْفِي فِيهَا الرُّكُوبُ وَيَثْبُتُ الْغَصْبُ فِي الْعَقَارِ بِالدُّخُولِ وَإِزْعَاجِ الْمَالِكِ وَبِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهُ (أَوْ ذَبَحَ) الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ إنْ شَاءَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَذْبُوحًا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ. تت فِي قَوْلِهِ أَوْ رَكِبَ أَوْ ذَبَحَ إشْكَالٌ لِأَنَّهُ مُضَمَّنٌ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْجَلَّابُ مَنْ غَصَبَ شَاةً وَذَبَحَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا وَكَانَ لَهُ أَكْلُهَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا مَذْبُوحَةً وَحَيَّةً، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ ذَبْحَهَا فَوْتٌ يُوجِبُ قِيمَتَهَا لَمْ أَعْرِفْهُ فِي الذَّبْحِ نَصًّا، بَلْ تَخْرِيجًا مِمَّا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ فِي طَحْنِ الْقَمْحِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ رَبَّهَا مُخَيَّرٌ، هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ الصُّبْرَةِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا وَلَا ذَكَرَ فِي أَنَّ لِرَبِّهَا أَخْذَهَا مَذْبُوحَةً خِلَافًا. طفي لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ كَأَنْ مَاتَ إلَخْ مِثَالٌ لِلْمُفَوِّتِ الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عِنْدَهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِمُفَوِّتٍ، فَقَوْلُهُ أَوْ رَكِبَ دَابَّةً إنْ عَنَى بِهِ مُجَرَّدَ الرُّكُوبِ فَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ مَعَ مُنَاقَضَتِهِ لِقَوْلِهِ وَضَمِنَهُ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَى هَذَا يَأْتِي إشْكَالُ تت، وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا مَا حَكَاهُ مِنْ أَنَّ ذَبْحَهَا مُفِيتٌ يُوجِبُ قِيمَتَهَا لَمْ أَعْرِفْهُ نَصًّا، فَقَوْلُ تت فِيهِمَا إشْكَالٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي هَذِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْأُولَى عَلَى وَجْهٍ كَمَا سَبَقَ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ إنْكَارِ ابْنِ عَرَفَةَ لَا مِمَّا قَالَهُ، فَقَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ إنْ جَمْعًا مِنْ شَارِحِيهِ قَرَّرُوهُ عَلَى أَنَّهُ فِي الذَّبْحِ بِالْخِيَارِ فِي أَخْذِهَا مَذْبُوحَةً، وَمَا نَقَصَهَا الذَّبْحُ أَوْ إلْزَامِهِ قِيمَتَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 84 أَوْ جَحَدَ وَدِيعَةً، أَوْ أَكَلَ بِلَا عِلْمٍ   [منح الجليل] بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ اخْتَارَ أَخْذَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا نَقَصَهَا، وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَقَطْ. اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مَذْبُوحَةً وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا، قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَأَخَذَ بِهِ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لَهُ أَخْذُهُ وَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا وَحَيًّا. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَلَمْ يَعْزِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ أَخْذَهَا وَمَا نَقَصَهَا إلَّا لِابْنِ مَسْلَمَةَ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي. (أَوْ جَحَدَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (وَدِيعَةً) ثُمَّ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ فَيَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا لَهَا يَجْحَدُهَا ابْنُ شَاسٍ جَحْدُهَا مِنْ مَالِكِهَا بَعْدَ طَلَبِهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْ رَدِّهَا مُوجِبٌ لِضَمَانِهَا، بِخِلَافِ جَحْدِهَا مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ أَكَلَ) مِنْ شَخْصٍ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا (بِلَا عِلْمٍ) بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ عَدِيمًا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَغْرِيمِهِ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْآكِلُ عَلَى الْغَاصِبِ لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَهُ، فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا ضَمِنَهُ غَاصِبُهُ لِتَسَبُّبِهِ فِي إتْلَافِهِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ غَصَبَ طَعَامًا أَوْ إدَامًا أَوْ ثِيَابًا ثُمَّ وَهَبَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ فَأَكَلَ الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ وَلَبِسَ الثِّيَابَ حَتَّى أَبْلَاهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ رَجُلٌ فَلْيَرْجِعْ بِذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ إنْ كَانَ مَلِيًّا، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بِشَيْءٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَتَّبِعُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُشْتَرِي يَأْكُلُ الطَّعَامَ أَوْ يَلْبَسُ الثِّيَابَ أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَتَّبِعَ أَيَّهُمَا وَيَبْتَدِئَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ غَيْرَ غَاصِبٍ فَلَا يَتَّبِعُ إلَّا الْمَوْهُوبَ الْمُنْتَفِعَ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا خِلَافٌ فِي مُكْرِي الْأَرْضِ يُحَابِي فِي كِرَائِهَا ثُمَّ يَطْرَأُ لَهُ أَخٌ يُشْرِكُهُ، وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْمُحَابَاةِ عَلَى أَخِيهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رَجَعَ عَلَى الْمُكْتَرِي فَقَدْ سَاوَى فِي هَذَا بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرِهِ، وَهَذَا أَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ أَوَّلًا عَلَى الْوَاهِبِ إلَّا أَنْ يَعْدَمَ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ عَالِمًا بِالْغَاصِبِ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 85 أَوْ أَكْرَهَ غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ   [منح الجليل] أُمُورِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ. ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَقْيَسُ وَلَا يَكُونُ الْمَوْهُوبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَبِهِ أَقُولُ. (أَوْ أَكْرَهَ) شَخْصٌ شَخْصًا (غَيْرَهُ عَلَى التَّلَفِ) أَيْ إتْلَافِ شَيْءٍ لِغَيْرِ الْمُكْرَهِ فَيَضْمَنُهُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَدِيمًا، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَغْرِيمِهِ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُهُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشِرِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ. " ق " سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْعُمَّالِ أَكْرَهَ رَجُلًا أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ رَجُلٍ لِيُخْرِجَ مِنْهُ مَتَاعًا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ فَأَخْرَجَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ عُزِلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ الْغَاصِبُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ طَلَبُ مَالِهِ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُبَاشِرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ، وَلِلْمُبَاشِرِ طَلَبُ الْعَامِلِ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَائِبًا لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا الْمَأْخُوذُ بِهِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّهُ يُوقَفُ لِصَاحِبِهِ عِنْدَ أَمِينٍ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ الْمُبَاشِرُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ وَلِسَحْنُونٍ أَيْضًا مَنْ أَكْرَهَ عَلَى رَمْيِ مَالِ غَيْرِهِ فِي مَهْلَكَةٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ رَبِّهِ بِلَا إكْرَاهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ، وَإِنْ أَكْرَهَ رَبَّهُ عَلَى الْإِذْنِ فَالْفَاعِلُ ضَامِنٌ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْفَاعِلِ إذَا أَيْسَرَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ عَدِيمًا أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَى الْآمِرِ الْمُكْرِهِ هُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي نَوَازِلِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالَ الْمُكْرَهَ عَلَى أَخْذِهِ قَبَضَهُ الْآمِرُ الْمُكْرِهُ فِي مَسْأَلَةِ نَوَازِلِهِ فَنَاسَبَ كَوْنَهُ أَحَدَ الْغَرِيمَيْنِ عَلَى السَّوِيَّةِ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَالْمَالُ الْمُكْرَهُ عَلَى أَخْذِهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَيْسَ مَآلُهُ لِانْتِفَاعِ الْآمِرِ بِهِ، فَنَاسَبَ كَوْنَ غُرْمِهِ مَشْرُوطًا بِفَلَسِ الْفَاعِلِ. فَإِنْ قُلْت فِي ضَمَانِ الْفَاعِلِ مَعَ اسْتِنَادِهِ لِإِذْنِ الْمَالِكِ الْمُكْرَهِ عَلَى إذْنِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ فِعْلِ الْفَاعِلِ وَإِذْنِ الْمَالِكِ سَبَبٌ عَنْ إكْرَاهِ الْآمِرِ لَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْمُكْرَهِ لَغْوًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا كَانَ إذْنُ الْمَالِكِ مُعْتَبَرًا، وَمَتَى كَانَ مُعْتَبَرًا لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ مُتَعَدِّيًا فَلَا يَضْمَنُ. قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَوْلًا كَانَ لَغْوًا، وَإِنْ كَانَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 86 أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا،   [منح الجليل] فِعْلًا كَانَ مُعْتَبَرًا حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّنَا وَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْفَاعِلِ فِعْلٌ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ، وَفِي حَقِّ الْمَالِكِ قَوْلٌ يُوجِبُ لَغْوَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ اهـ. الْحَطّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالْإِكْرَاهُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ يُوجِبُ ضَمَانَهَا وَهُوَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ وَالْعِلْمُ، فَلَا فَرْقَ فِي الْإِتْلَافِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ وَالْمُكْرَهِ وَالطَّائِعِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِلضَّرْبِ وَالْحَبْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّهْدِيدِ وَالْإِكْرَاهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ يَنْفَعُهُ الرُّجُوعُ فِيهِ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ جَاءَ ظَالِمٌ يَطْلُبُ إنْسَانًا مُخْتَفِيًا لِيَقْتُلَهُ أَوْ يَطْلُبُ وَدِيعَةَ إنْسَانٍ لِيَأْخُذَهَا غَصْبًا، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ إخْفَاؤُهُ وَإِنْكَارُ الْعِلْمِ بِهِ اهـ. ابْنُ نَاجِي يَجِبُ الْكَذِبُ لِإِنْقَاذِ مُسْلِمٍ أَوْ مَالِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ قَوْلُهُمْ الْكُفْرُ وَالْقَذْفُ لَا يُبَاحُ فِي الضَّرُورَةِ كَمَا أُبِيحَتْ الْمَيْتَةُ أَفْسَدُوهُ بِإِجْمَاعِهِمْ مَعَنَا عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ بِتَهْدِيدٍ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ أَوْ ضَرْبٍ يَخَافُ مِنْهُ تَلَفَهُ عَلَى أَخْذِ مَالِ فُلَانٍ يَدْفَعُهُ لِمَنْ أَمَرَهُ وَأَكْرَهَهُ أَنَّهُ فِي سَعَةٍ مِنْ أَخْذِ مَالِ الرَّجُلِ وَدَفْعِهِ إلَيْهِ وَيَضْمَنُ الْآمِرُ وَلَا يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ. قَالَ مَنْ حَالَفْنَا وَإِنَّمَا يَسَعُهُ هَذَا مَا دَامَ حَاضِرًا عِنْدَ الْآمِرِ، فَلَوْ أَرْسَلَهُ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ فَخَافَ إنْ ظَفِرَ بِهِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا هَدَّدَهُ بِهِ فَلَا يَسَعُهُ فِعْلُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَسُولُ الْآمِرِ فَخَافَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فَيَكُونُ كَالْحَاضِرِ. مُحَمَّدٌ إنْ رَجَا الْمُكْرَهُ الْخَلَاصَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَسَعُهُ الْفِعْلُ كَانَ مَعَهُ رَسُولٌ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ نُزُولَ الْفِعْلِ بِهِ وَسِعَهُ كَانَ مَعَهُ رَسُولٌ أَمْ لَا، وَإِنْ هَدَّدَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَالَ مُسْلِمٍ بِدَفْعِهِ لَهُ فَأَبَى فَقَتَلَهُ كَانَ عِنْدَنَا فِي سَعَةٍ وَإِنْ أَخَذَهُ كَانَ فِي سَعَةٍ. (أَوْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا) بِأَنْ حَفَرَهَا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَلِفَ فِيهَا آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ فَيَضْمَنُهُ حَافِرُهَا لِتَسَبُّبِهِ فِي تَلَفِهِ، وَمَفْهُومُ تَعَدِّيًا أَنَّهُ لَوْ حَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلَا يَضْمَنُ مَا يَهْلِكُ فِيهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 87 وَقُدِّمَ عَلَيْهِ الْمُرْدِي، إلَّا لِمُعَيِّنٍ فَسِيَّانِ،   [منح الجليل] وَ) إنْ حَفَرَ بِئْرًا تَعَدِّيًا وَأَرْدَى غَيْرُهُ فِيهَا آدَمِيًّا أَوْ حَيَوَانًا (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي الضَّمَانِ الشَّخْصُ (الْمُرْدِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ الْمُسْقِطُ عَلَى الْحَافِرِ، لِأَنَّ الْمُرْدِيَ مُبَاشِرٌ وَالْحَافِرَ مُتَسَبِّبٌ، وَالْأَوَّلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الثَّانِي فِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) الْحَافِرَ تَعَدِّيًا (لِ) قَصْدِ إتْلَافِ شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا وَأَرْدَاهُ غَيْرُهُ فِيهَا فَمَاتَ (فَ) الْحَافِرُ وَالْمُرْدِي (سِيَّانِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ آدَمِيًّا وَضَمَانِ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ غَيْرَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ غَيْرَهَا حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ، أَوْ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ لِمَا لَا يَجُوزُ لَهُ ضَمِنَ مَا هَلَكَ بِذَلِكَ. " ق " وَنَصَّهَا مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَفَرَ حَفِيرًا فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَعَطِبَ فِيهِ إنْسَانٌ ضَمِنَهُ الْحَافِرُ، وَإِذَا حَفَرَ حَفِيرًا فِي دَارِهِ أَوْ جَعَلَ حِبَالَةً لِيُعْطِبَ بِهَا سَارِقًا فَعَطِبَ بِهِ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِذَلِكَ. أَشْهَبُ لِأَنَّهُ احْتَفَرَ لِمَا لَا يَحِلُّ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ جَعَلَ فِي حَائِطِهِ حَفِيرًا لِلسِّبَاعِ أَوْ حِبَالَةً فَلَا يَضْمَنُ مَا يَعْطَبُ بِهِ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ جَعَلَ بِبَابِ جِنَانِهِ نُصُبًا تَدْخُلُ فِي رِجْلِ مَنْ يَدْخُلُهُ أَوْ اتَّخَذَ تَحْتَ عَتَبَتِهِ مَسَامِيرَ لِمَنْ يَدْخُلُ أَوْ رَشَّ مَاءً يُرِيدُ بِهِ زَلْقَ مَنْ يَسْلُكُهُ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ أَوْ اتَّخَذَ فِيهِ كَلْبًا عَقُورًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ رَشَّهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ مَا يَعْطَبُ بِهِ كَحَافِرِ بِئْرٍ فِي دَارِهِ لِحَاجَتِهِ لَا لِإِرْصَادِ سَارِقٍ فَهُوَ مُفْتَرِقٌ. ابْنُ شَاسٍ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَحِلٍّ عُدْوَانًا فَتَرَدَّتْ فِيهِ بَهِيمَةٌ أَوْ إنْسَانٌ فَإِنْ رَدَاهُ غَيْرُهُ فَعَلَى الْمُرْدِي تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشِرِ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ. ابْنُ عَرَفَةَ كَذَا نَقَلَهُ الطُّرْطُوشِيُّ فِي مَسْأَلَةِ حَلِّ الْقَفَصِ الْآتِيَةِ وَعَارَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِتَسْوِيَةِ سَحْنُونٍ بَيْنَ الْمُكْرِهِ غَيْرَهُ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ لَهُ مَالَ رَجُلٍ مِنْ بَيْتِهِ وَيَدْفَعَهُ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمُكْرِهَ مُتَسَبِّبٌ وَالْمَأْمُورَ مُبَاشِرٌ. وَأَجَابَ بِأَنَّ التَّسَبُّبَ بِالْإِكْرَاهِ أَشَدُّ مِنْ التَّسَبُّبِ بِالْحَفْرِ. قُلْت الْحَقُّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي مَسْأَلَةِ سَحْنُونٍ مُبَاشِرَانِ مَعًا ضَرُورَةَ مُبَاشَرَةِ الْآمِرِ الْمُكْرِهِ أَخْذَ الْمَالِ مِنْ مُخْرِجِهِ وَاسْتِقْرَارُهُ بِيَدِهِ وَالْآخِذُ مِنْ الْغَاصِبِ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ غَاصِبٌ. " ق " قَوْلُهُ إلَّا لِمُعَيَّنٍ فَسِيَّانِ هَذَا قَوْلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 88 أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ لِئَلَّا يَأْبَقَ أَوْ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ، إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ،   [منح الجليل] الْقَاضِي أَبِي الْحَسَنِ ابْنِ شَاسٍ. وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ الْمُرْدِي إلَّا أَنْ عُلِمَ بِتَقَدُّمِ فِعْلِ الْحَافِرِ وَقَصْدِهِ فَيَقْتُلَانِ مَعًا كَبَيِّنَةِ الزُّورِ مَعَ الْقَاضِي الْعَالِمِ بِزُورِهَا. . (أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ) قُيِّدَ (لِئَلَّا يَأْبَقَ) فَأَبَقَ فَيَضْمَنُهُ الْفَاتِحُ سَوَاءٌ أَبَقَ عَقِبَ فَتْحِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَمَفْهُومُ لِئَلَّا يَأْبَقَ أَنَّهُ لَوْ قُيِّدَ نَكَالًا فَلَا يَضْمَنُهُ مَنْ فَتَحَ قَيْدَهُ " ق " فِي لُقَطَتِهَا مَنْ حَلَّ عَبْدًا مِنْ قَيْدٍ قُيِّدَ بِهِ لِخَوْفِ إبَاقِهِ فَذَهَبَ الْعَبْدُ ضَمِنَ (أَوْ) فَتَحَ بَابًا (عَلَى) حَيَوَانٍ (غَيْرِ عَاقِلٍ) مِنْ بَهِيمَةٍ أَوْ طَيْرٍ فَذَهَبَ فَيَضْمَنُهُ الْفَاتِحُ لِتَسَبُّبِهِ فِي ضَيَاعِهِ " ق " فِي لُقَطَتِهَا مَنْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ فِيهِ طَيْرٌ فَذَهَبَ الطَّيْرُ ضَمِنَ وَمَنْ حَلَّ دَوَابَّ مِنْ مَرَابِطِهَا فَذَهَبَتْ ضَمِنَهَا كَالسَّارِقِ يَدَعُ بَابَ الْحَانُوتِ مَفْتُوحًا وَلَيْسَ فِيهِ رَبُّهُ فَيَذْهَبُ مَا فِي الْحَانُوتِ فَالسَّارِقُ يَضْمَنُهُ (إلَّا) فَتْحَهُ (بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) فَيَذْهَبُ مَا فِيهِ فَلَا يَضْمَنُهُ الْفَاتِحُ إلَّا الطَّيْرَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ عَادَةً " ق " فِي لُقَطَتِهَا مَنْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ فِيهَا دَوَابُّ فَذَهَبَتْ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَسْكُونَةً فِيهَا أَهْلُهَا فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَرْبَابُهَا فَيَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ فِيهَا رَبُّهَا نَائِمًا فَلَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَدَعُ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَأَهْلُ الدَّارِ فِيهَا نِيَامٌ أَوْ غَيْرُ نِيَامٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا ذَهَبَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَلَيْسَ أَرْبَابُ الْبَيْتِ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي حَلِّ رِبَاطِ زِقٍّ مَمْلُوءٍ زَيْتًا لِرَجُلٍ أَبْقَاهُ مُسْتَنِدًا كَمَا وَجَدَهُ فَأَسْقَطَهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ حَلَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ أَوْ رِيحٍ وَضَمَّنُوا مَنْ أَسْقَطَهُ غَيْرَ قَاصِدٍ إتْلَافَ مَا فِيهِ، لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ إتْلَافَهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى اشْتِرَاكُهُمَا فِي ضَمَانِهِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ مَرْبُوطًا لَا يَذْهَبُ مَا فِيهِ، وَلَوْ بَقِيَ مَحْلُولًا لَا يُسْقِطُهُ أَحَدٌ لَا يَذْهَبُ مَا فِيهِ لِأَنَّ التَّلَفَ إنَّمَا حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَحْصُلْ فَهُمَا كَرَجُلَيْنِ أَخْرَجَا شَيْئًا ثَقِيلًا مِنْ حِرْزٍ لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِهِ مَعًا. الصِّقِلِّيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مَنْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ رَجُلٍ فِي الصَّلَاةِ فَقَامَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 89 أَوْ حِرْزًا لِمِثْلِيٍّ، وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ   [منح الجليل] رَبُّهُ وَهُوَ تَحْتَ الْجَالِسِ فَتَقَطَّعَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَالِسِ إذْ لَا يَجِدُ النَّاسُ مِنْ هَذَا بُدًّا فِي صَلَاتِهِمْ. قُلْت وَالْأَظْهَرُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا كَمُحْرِمٍ جَلَسَ عَلَى صَيْدٍ مُحَرَّمٍ فَقَتَلَهُ، وَفِي لُقَطَتِهَا مَنْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ فِيهِ طَيْرٌ فَذَهَبَ الطَّيْرُ ضَمِنَ. (أَوْ فَتَحَ حِرْزًا) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ بَيْتًا أَوْ حَانُوتًا أَوْ مَطْمُورًا أَوْ قَبْرًا مَثَلًا فِيهِ مَالٌ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَذَهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَضْمَنُهُ فَاتِحُهُ. قَالَ الشَّارِحُ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ فَقَالَ (وَ) يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الشَّيْءَ (الْمِثْلِيَّ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَالْمَعْدُودَ إذَا عَيَّبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ إذَا سَاوَى سِعْرُهُ وَقْتَ تَضْمِينِهِ سِعْرَهُ وَقْتَ غَصْبِهِ، بَلْ (وَلَوْ) غَصَبَهُ (بِغَلَاءٍ) وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ وَقْتَ رَخَاءٍ فَيَضْمَنُهُ (بِمِثْلِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَصِفَةً وَكَذَا عَكْسُهُ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ الْمِثْلِيُّ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ الَّذِي لَا تَخْتَلِفُ أَعْيَانُ عَدَدِهِ كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ غَصَبَ لِرَجُلٍ طَعَامًا أَوْ إدَامًا فَاسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ غَصْبِهِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هُنَاكَ مِثْلَهُ لَزِمَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ جَائِزٍ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ غَصَبَهُ طَعَامًا مَا فِي شِدَّةٍ ثُمَّ صَارَ إلَى رَخَاءٍ هَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَعَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ فَيَغْرَمُ أَعْلَى الْقِيمَةِ. الْمَازِرِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ وَيُقْضَى بِمِثْلِهِ اهـ. الْحَطّ هَذَا إذَا فَاتَ الْمَغْصُوبُ، أَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا بِيَدِ الْغَاصِبِ وَأَرَادَ بِهِ أَخْذَهُ وَالْغَاصِبُ إعْطَاءَ مِثْلِهِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا كَانَ الْحَرَامُ قَائِمًا عِنْدَ آخِذِهِ لَمْ يَفُتْ رُدَّ بِعَيْنِهِ إلَى رَبِّهِ وَمَالِكِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَيْ الْغَاصِبِ مَالٌ حَلَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ إنْ كَانَ عَرْضًا وَلَا يُبَايِعُهُ فِيهِ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَا يَأْكُلُهُ إنْ كَانَ طَعَامًا وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ شَيْئًا هِبَةً وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ فِي حَقٍّ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ عَالِمٌ كَانَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ الْغَاصِبِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْطَعُ تَخْيِيرَ صَاحِبِهِ فِي أَخْذِهِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ أَفَاتَهُ الْغَاصِبُ إفَاتَةً لَا تَقْطَعُ تَخْيِيرَ صَاحِبِهِ فِي أَخْذِهِ، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ شَاةً فَيَذْبَحَهَا أَوْ بُقْعَةً فَيَبْنِيَهَا دَارًا أَوْ ثَوْبًا فَيَخِيطَهُ أَوْ يَصْبُغَهُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 90 وَصَبَرَ لِوُجُودِهِ،   [منح الجليل] وَلَوْ أَفَاتَهُ إفَاتَةً يَلْزَمُهُ بِهَا الْقِيمَةُ أَوْ الْمِثْلُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ وَسَقَطَ خِيَارُ رَبِّهِ فِي أَخْذِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَفِضَّةٍ صَاغَهَا حُلِيًّا وَصُفْرٍ صَنَعَهُ قَدَحًا وَخَشَبٍ صَنَعَهُ تَوَابِيتَ أَوْ أَبْوَابًا وَصُوفٍ وَحَرِيرٍ وَكَتَّانٍ عَمِلَهُ ثِيَابًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَمَا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِخِلَافِ مَنْ قَالَ مِنْ الْعُلَمَاءِ لِرَبِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَخْذُ فِضَّتِهِ مَصُوغَةً وَصُفْرِهِ مَصْنُوعًا وَخَشَبِهِ مَعْمُولًا وَصُوفِهِ وَحَرِيرِهِ وَكَتَّانِهِ مَنْسُوجًا دُونَ شَيْءٍ يَكُونُ عَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، رُوِيَ بِتَنْوِينِ عِرْقٍ عَلَى أَنَّ ظَالِمًا نَعْتُهُ، وَبِعَدَمِهِ لِإِضَافَتِهِ لَهُ، وَفِي النُّكَتِ عِرْقُ الظَّالِمِ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَغْصُوبِ. ابْنُ شَعْبَانَ الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ ظَاهِرَانِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ، وَبَاطِنَانِ الْآبَارُ وَالْعُيُونُ ابْنُ بَشِيرٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ تَتَعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ كَانَ مَالُهُ حَرَامًا أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ، فَإِذَا أَرَادَ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أَخْذَ عَيْنِ دَنَانِيرِهِ وَدَرَاهِمِهِ مِنْ الْغَاصِبِ الَّذِي مَالُهُ حَرَامٌ أَوْ فِيهِ شُبْهَةٌ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ. وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا رَبُّهَا بِعَيْنِهَا وَأَرَادَ أَخْذَهَا وَأَبَى الْغَاصِبُ أَنْ يَرُدَّهَا وَأَرَادَ رَدَّ مِثْلَهَا فَذَلِكَ لِلْغَاصِبِ دُونَ رَبِّهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ ذَلِكَ لِرَبِّهَا دُونَ غَاصِبِهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ لَمْ يَقُلْ هَذَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ، وَإِنَّمَا تُؤُوِّلَ عَلَيْهِ هَذَا فِي الْبَيْعِ وَلَا شُبْهَةَ، وَهُوَ مَا فِي كِتَابِ السَّلَمِ فِيمَنْ أَسْلَمْته فِي طَعَامٍ ثُمَّ أَقَالَك قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَدَرَاهِمُك فِي يَدِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَك غَيْرَهَا فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كُنْت شَرَطْت عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعَهَا بِعَيْنِهَا سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ مَا فِي الْجَلَّابِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالْقَرَافِيِّ عَنْهَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِرَبِّهَا أَخْذَهَا فَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَحْبِسَ الْمِثْلِيَّ وَيَدْفَعَ مِثْلَهُ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَ) إذَا غَصَبَ مِثْلِيًّا فِي إبَّانِهِ وَفَاتَ وَانْعَدَمَ الْمِثْلِيُّ بِفَوَاتِ إبَّانِهِ (صَبَرَ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (لِوُجُودِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ فِي إبَّانِهِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْغَاصِبِ بِمِثْلِهِ قَبْلَ إبَّانِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ فُقِدَ الْمِثْلِيُّ حِينَ طَلَبِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُهُ اللَّخْمِيُّ أَرَادَ أَنَّهُ يَصْبِرُ حَتَّى يُوجَدَ أَشْهَبُ يُخَيَّرُ الطَّالِبُ فِي الصَّبْرِ أَوْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 91 وَلِبَلَدِهِ وَلَوْ صَاحَبَهُ، وَمُنِعَ مِنْهُ لِلتَّوَثُّقِ، وَلَا رَدَّ لَهُ:   [منح الجليل] الْقِيمَةِ (وَ) إذَا غَصَبَ مِثْلِيًّا فِي بَلَدٍ وَانْتَقَلَ الْغَاصِبُ لِبَلَدٍ آخَرَ وَلَقِيَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِيهِ صَبَرَ وُجُوبًا حَتَّى يَرْجِعَ الْغَاصِبُ (لِبَلَدِهِ) أَيْ الْغَصْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ، بَلْ (وَلَوْ صَاحَبَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ الْغَاصِبَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِثْلُهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْنَ أَخْذِهِ فِيهِ أَوْ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي هُوَ فِيهِ قَرِيبًا مِنْ بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ بَعِيدًا مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ لَقِيَهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَهُ فِيهِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ هُنَاكَ بِمِثْلِهِ وَلَا قِيمَتِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ بِمَوْضِعِ غَصْبِهِ فِيهِ فِي الذَّخِيرَةِ نَقْلُ الْمَغْصُوبِ تَشَعَّبَتْ فِيهِ الْمَذَاهِبُ وَاضْطَرَبَتْ فِيهِ الْآرَاءُ وَتَبَايَنَتْ بِنَاءً عَلَى مُلَاحَظَةِ أُصُولٍ وَقَوَاعِدَ، مِنْهَا أَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ كُلْفَةَ النَّقْلِ، لِأَنَّ مَالَهُ مَعْصُومٌ كَمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَفِي الْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الطَّعَامِ يُسْرَقُ فَيَجِدُهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ بَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبَ أَوْ السَّارِقَ بِمِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ سَرِقَتِهِ أَوْ غَصْبِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بِمَوْضِعِ نَقْلِهِ أَوْ يَأْخُذُ فِيهِ ثَمَنًا جَازَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ طَعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الطَّعَامُ مَعَهُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَصْبِرُ لِقُدُومِهِ بَلَدَ الْغَصْبِ لِيُغَرِّمَهُ مِثْلَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي غَيْرِ الطَّعَامِ طَرِيقَانِ. ابْنِ رُشْدٍ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ نَقْلُهُ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَوْتٌ فِي الرَّقِيقِ وَالْعَرْضِ لَا الْحَيَوَانِ. (وَ) إذَا لَقِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ وَمَعَهُ الْمَغْصُوبُ (مُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْغَاصِبُ (مِنْ) أَنْ يَتَصَرَّفَ بِنَحْوِ بَيْعِ الـ (هـ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْمِثْلِيِّ (لِلتَّوَثُّقِ) عَلَى الْغَاصِبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِرَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ اتِّفَاقًا " ق " أَصْبَغُ إنْ كَانَ الْبَلَدُ بَعِيدًا فَالْقَوْلُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَيُتَوَثَّقُ لِرَبِّ الطَّعَامِ بِحَقِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ لَقِيَ مَنْ غَصَبَهُ بِغَيْرِ بَلَدِ غَصْبِهِ وَالطَّعَامُ مَعَهُ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْغَاصِبَ يُمْنَعُ مِنْهُ حَتَّى يُتَوَثَّقَ مِنْهُ. (وَ) إنْ طَلَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ الْغَاصِبِ رَدَّ الْمِثْلِيِّ لِبَلَدِ غَصْبِهِ لِيَأْخُذَهُ بِعَيْنِهِ فَ (لَا رَدَّ لَهُ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 92 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهِ جَبْرُ الْغَاصِبِ عَلَى رَدِّهِ لِبَلَدِهِ، وَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ أَكْرَى مَلَّاحًا عَلَى حَمْلٍ تِينٍ مِنْ إشْبِيلِيَّةَ إلَى سَبْتَةَ فَحَمَلَهُ إلَى سَلَا يَغْرَمُ الْمَلَّاحُ مِثْلَ التِّينِ بِإِشْبِيلِيَّةَ، وَحَمْلَهُ إلَى سَبْتَةَ فَقِيلَ لَهُ أَفْتَى غَيْرُك بِوُجُوبِ رَدِّ الْمَلَّاحِ إلَى سَبْتَةَ وَهُوَ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهَا فَقَالَ ذَكَرَ هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ، وَمَا قُلْته هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: تت قَوْلُهُ وَلَا رَدَّ لَهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَصَبَرَ لِبَلَدِهِ. الثَّانِي: الشَّارِحُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَا رَدَّ لَهُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ مِثْلِيٌّ وَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ وَحُكِمَ لَهُ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ وُجِدَ الْمِثْلُ فَلَا يُرَدُّ لَهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى، قَالَ وَإِنَّمَا يَأْتِي هَذَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ مَنْ غَصَبَ خَشَبَةً مِنْ عَدَنَ وَأَوْصَلَهَا لِجُدَّةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَلِرَبِّهَا تَكْلِيفُهُ رَدَّهَا أَوْ أَخَذَهَا بِعَيْنِهَا اهـ تت فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْخَشَبَةُ مِنْ الْمُقَوَّمِ. طفي الشَّارِحُ صَدَّرَ بِقَوْلِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِعَدَمِ الْمِثْلِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ ثُمَّ وُجِدَ الْمِثْلُ فَإِنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ مَضَى، ثُمَّ ذَكَرَ الِاحْتِمَالَ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ تت، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ مَنْ غَصَبَ خَشَبَةً مِنْ عَدَنَ وَأَوْصَلَهَا لِجُدَّةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ فَلِرَبِّهَا أَنْ يُكَلِّفَهُ بِرَدِّهَا أَوْ أَخَذَهَا بِعَيْنِهَا. فَقَالَ تت وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَالْخَشَبَةُ مِنْ الْمُقَوَّمِ. اهـ. وَتَنْظِيرُهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ قَرَّرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمِثْلِيِّ كَمَا قَرَّرَهُ تت، وَنَصُّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْغَاصِبَ أَنْ يَرُدَّ الْمِثْلِيَّ إلَى بَلَدِ الْغَصْبِ اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافَ الْمُغِيرَةِ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ فِي الْمُقَوَّمِ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ تت وَمَثَّلَ لَهُ بِمِثَالٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَثِّلْ لِلِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ. وَلَمَّا ذَكَرَ الشَّارِحُ الِاحْتِمَالَيْنِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْأَئِمَّةِ تَأَمُّلَ تَحْقِيقٍ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا رَدَّ لَهُ هُنَا، وَإِنَّمَا مَحِلُّهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُقَوَّمِ، إذْ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ بِرَدِّهِ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى نَفْيِهِ، وَكَيْفَ يُخَالِفُ الْمُغِيرَةُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 93 كَإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ مَعِيبًا زَالَ، وَقَالَ أَجَزْت لِظَنِّ بَقَائِهِ:   [منح الجليل] فِيهِ، وَلِذَا صَرَّحَ تت بِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَصَبَرَ لِبَلَدِهِ. وَفِي الْمُقَوَّمِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّهِ جَبْرُ الْغَاصِبِ عَلَى رَدِّهِ لِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلِلْمُغِيرَةِ لِمَنْ نَقَلَ خَشَبَةً مِنْ عَدَنَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. وَهَكَذَا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي مَعْرِضِ الْمِثْلِيِّ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُصَرِّحَا بِفَرْضِهَا فِي الْمِثْلِيِّ، فَلَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَهَا فِي مَعْرِضِ الْكَلَامِ عَلَى الْمِثْلِيِّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ، بِخِلَافِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمِثْلِيِّ قَالَ فَرْعٌ فَلَوْ أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَكْلِيفَ الْغَاصِبِ بِرَدِّ شَيْئِهِ إلَى مَكَان الْغَصْبِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ. اهـ. فَلَفْظُ فَرْعٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ خِلَافَ الْمُغِيرَةِ فِي الْخَشَبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك أَنَّ تَقْرِيرَ الشُّرَّاحِ بِالْمِثْلِيِّ لَا سَلَفَ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ مُجَرَّدُ اغْتِرَارٍ بِظَاهِرِ كَلَامِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الرَّدِّ فَقَالَ (كَإِجَازَتِهِ) بِالزَّايِ، أَيْ إمْضَاءِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (بَيْعَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْضًا، وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ مَغْصُوبًا (مَعِيبًا) بِعَيْبٍ قَدِيمٍ سَابِقٍ عَلَى غَصْبِهِ (زَالَ) عَيْبُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِزَوَالِهِ حِينَ إجَازَتِهِ بَيْعَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ وَأَرَادَ رَدَّ بَيْعِ الْغَاصِبِ (وَقَالَ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إنَّمَا (أَجَزْت) بَيْعَهُ (لِظَنِّ) يَ بِ (بَقَائِهِ) أَيْ الْعَيْبِ فَلَا رَدَّ لَهُ لِتَفْرِيطِهِ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ قَبْلَ إجَازَةِ بَيْعِهِ. " ق " فِيهَا مَنْ غَصَبَ أَمَةً بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ فَبَاعَهَا ثُمَّ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ وَأَجَازَ رَبُّهَا بَيْعَهَا، ثُمَّ عَلِمَ بِذَهَابِ الْبَيَاضِ فَقَالَ إنَّمَا أَجَزْت الْبَيْعَ وَلَمْ أَعْلَمْ بِذَهَابِهِ وَأَمَّا الْآنَ فَلَا أُجِيزُهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُكْتَرِي يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ فَتَضِلُّ الدَّابَّةُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ فَهِيَ لِلْمُكْتَرِي وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا فِيهَا. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لَوْ ذَهَبَ الْبَيَاضُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَمَفْهُومُهُ لَوْ ذَهَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَكَانَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 94 كَنُقْرَةٍ صِيغَتْ، وَطِينٍ لُبِّنَ، وَقَمْحٍ طُحِنَ، وَبَذْرٍ زُرِعَ   [منح الجليل] الْحُكْمُ خِلَافَ هَذَا ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لَوْ ذَهَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَجَازَ الْبَيْعَ لَانْبَغَى أَنَّ لَهُ التَّكَلُّمَ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الَّتِي يَعْرِفُهَا فَيَقُولُ إنَّمَا أَجَزْت الْبَيْعَ عَلَى مَا كُنْت أَعْرِفُ. ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ إنَّمَا أَجَزْت بَيْعَ جَارِيَةٍ عَوْرَاءَ بِهَذَا الثَّمَنِ وَلَوْ عَلِمْت أَنَّ بَيَاضَهَا قَدْ زَالَ قَبْلَ بَيْعِهَا مَا بِعْتهَا بِهَذَا الثَّمَنِ. وَأَمَّا الَّتِي بِيعَتْ عَوْرَاءَ فَقَدْ بِيعَتْ عَلَى مَا كَانَ يَعْرِفُ فَقَدْ رَضِيَ بِتَسْلِيمِهَا عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا حُجَّةَ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ اسْتَثْبَتَ وَلَمْ يُعَجِّلْ وَهُوَ حُجَّةُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْأُولَى. عَبْدُ الْحَقِّ لَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ شَاءَ لَمْ يُعَجِّلْ يَعُمُّ الْوَجْهَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ تَسَلُّطِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِبَلَدِهِ فَقَالَ (كَنُقْرَةٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ، أَيْ قِطْعَةٍ مَسْبُوكَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَقَبْلَ سَبْكِهَا تُسَمَّى تِبْرًا (صِيغَتْ) حُلِيًّا بَعْدَ غَصْبِهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا مَصُوغَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفَوَاتِهَا بِالصِّيَاغَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُهَا وَزْنًا وَصِفَةً. " ق " ابْنُ يُونُسَ لَوْ غَصَبَهُ سَوِيقًا فَلَتَّهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا أَنْ يَأْخُذَهُ وَيُعْطِيَهُ مِثْلَ مَا لَتَّهُ بِهِ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ لِأَنَّهُ تَفَاضُلٌ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ الْفِضَّةَ دَرَاهِمَ أَوْ صَاغَهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَيُعْطِيهِ أُجْرَتَهُ لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا. (وَ) كَ (طِينٍ لُبِّنَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ ضُرِبَ لَبِنًا بَعْدَ غَصْبِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ، وَإِنَّمَا لَهُ مِثْلُ طِينِهِ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ (وَ) كَ (قَمْحٍ) غُصِبَ وَ (طُحِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ بِطَحْنِهِ إنَّمَا لَهُ مِثْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا (وَ) كَ (بَذْرٍ) بِفَتْحِ فَسُكُونٍ مُنَوَّنًا (زُرِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ طُرِحَ عَلَى الْأَرْضِ لِلنَّبَاتِ بَعْدَ غَصْبِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا مِثْلُهُ، فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الْخَشَبَةِ بَابًا أَوْ غَصَبَ تُرَابًا فَعَمِلَ مِنْهُ بَلَاطًا أَوْ غَصَبَ حِنْطَةً فَزَرَعَهَا وَحَصَلَ مِنْهَا حَبٌّ كَثِيرٌ أَوْ غَصَبَ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ غَصَبَ فِضَّةً فَصَاغَهَا حُلِيًّا أَوْ ضَرَبَهَا دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ فِي هَذَا كُلِّهِ مِثْلُ مَا غَصَبَ فِي صِفَتِهِ وَوَزْنِهِ وَكَيْلِهِ أَوْ الْقِيمَةُ فِيمَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ، وَكَذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 95 وَبَيْضٍ أُفْرِخَ، إلَّا مَا بَاضَ، إنْ حَضَنَ، وَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ،   [منح الجليل] فِي السَّرِقَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ غَصَبَ قَمْحًا فَطَحَنَهُ ضَمِنَ مِثْلَهُ وَلَا يُمَكَّنُ رَبُّ الْقَمْحِ مِنْ أَخْذِ الدَّقِيقِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ أَخْذُهُ وَاتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ إنْ طَحَنَ الْقَمْحَ سَوِيقًا وَلَتَّهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ. (وَ) كَ (بَيْضٍ) لِدَجَاجٍ أَوْ حَمَامٍ أَوْ إوَزٍّ غُصِبَ وَحُضِنَ حَتَّى (أَفْرَخَ) أَيْ صَارَ فِرَاخًا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا مِثْلُهُ وَالْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ (إلَّا) فِرَاخَ (مَا) أَيْ الطَّيْرَ الَّذِي (بَاضَ) فَهِيَ لِرَبِّهِ (إنْ حَضَنَ) الطَّيْرُ بَيْضَهُ كَدَجَاجِ وَحَمَامٍ وَإِوَزٍّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الذَّكَرُ لِلْغَاصِبِ وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ حَضَنَهُ تَحْتَ غَيْرِهِ أَوْ غَصَبَ الطَّيْرَ وَحَضَنَهُ بَيْضَ غَيْرِهِ لَكَانَتْ الْفِرَاخُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْحَضْنِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ. " ق " أَشْهَبُ مَنْ غَصَبَ بَيْضَةً فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَتِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَجَاجَةٌ فَعَلَيْهِ بَيْضَةُ مِثْلِهَا كَغَاصِبِ الْقَمْحِ يَزْرَعُهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُ الْقَمْحِ وَالزَّرْعُ لَهُ، وَلَوْ غَصَبَ دَجَاجَةً فَبَاضَتْ عِنْدَهُ فَحَضَنَتْ بَيْضَهَا فَفِرَاخُهَا لِرَبِّهَا كَالْوِلَادَةِ، وَلَوْ حَضَنَ بَيْضَ الْمَغْصُوبَةِ تَحْتَ دَجَاجَةٍ لِلْغَاصِبِ وَبَيْضَ دَجَاجَتِهِ تَحْتَ الْمَغْصُوبَةِ فَمَا خَرَجَ مِنْ الْفَرَارِيجِ لِلْغَاصِبِ وَالدَّجَاجَةُ لِرَبِّهَا، وَلَهُ مِثْلُ بَيْضِهَا وَفِيمَا حَضَنَتْ كِرَاءُ مِثْلِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ مَعَ مَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ نُقْصَانًا بَيِّنًا فَلِرَبِّهَا قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ بَيْضِهَا وَلَا مِنْ فَرَارِيجِهَا. وَلَوْ غَصَبَ حَمَامَةً فَزَوَّجَهَا ذَكَرًا لَهُ فَبَاضَتْ وَأَفْرَخَتْ فَالْحَمَامَةُ وَفَرَاخُهَا لِرَبِّهَا وَلَا شَيْءَ لِغَاصِبِهَا فِيمَا أَعَانَهَا ذَكَرُهُ مِنْ حَضَانَتِهِ، وَلِرَبِّهَا فِيمَا حَضَنَتْ مِنْ بَيْضِ غَيْرِهَا قِيمَةُ حَضَانَتِهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا حَضَنَهُ غَيْرُهَا مِنْ بَيْضِهَا وَإِنَّمَا لَهُ بَيْضٌ مِثْلُ بَيْضِ حَمَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ مِثْلِ بَيْضِهَا ضَرَرٌ فِي تَكَلُّفِ حَمَامَةٍ تَحْضُنُهُ فَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْبَيْضِ. (وَ) كَ (عَصِيرٍ) غُصِبَ وَ (تَخَمَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَارَ خَمْرًا بَعْدَ غَصْبِهِ فَلِرَبِّهِ عَصِيرُ مِثْلِهِ لِفَوَاتِهِ بِانْقِلَابِهِ لِمَا لَا يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ. الْمَازِرِيُّ إنْ غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَأَرَاقَهَا فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ مِنْ إرَاقَتِهَا الَّتِي وَجَبَتْ عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَلَوْ أَمْسَكَهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ غَصَبَهَا مِنْهُ، وَقَدْ خَرَّجَ حُذَّاقُ شُيُوخِنَا فِي هَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 96 وَإِنْ تَخَلَّلَ: خُيِّرَ: كَتَخَلُّلِهَا لِذِمِّيٍّ، وَتَعَيَّنَ لِغَيْرِهِ   [منح الجليل] خِلَافًا، لِأَنَّهُ كَمَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى طَائِرٍ لَا يَحُوزُهُ أَحَدٌ. اللَّخْمِيُّ مَنْ غَصَبَ خَمْرًا فَتَخَلَّلَتْ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهُ، وَإِنْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ أُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ وَغَرِمَ مِثْلَهُ. (وَإِنْ تَخَلَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَارَ الْعَصِيرُ الْمَغْصُوبُ خَلًّا (خُيِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَالِكُهُ بَيْنَ أَخْذِ عَصِيرٍ مِثْلِهِ أَوْ أَخْذِهِ خَلًّا. اللَّخْمِيُّ مَنْ غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَلَّلَ خُيِّرَ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَخْذِ مِثْلِهِ. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ (كَتَخَلُّلِهَا) أَيْ صَيْرُورَةِ الْخَمْرِ خَلًّا بَعْدَ غَصْبِهَا حَالَ كَوْنِهَا (لِذِمِّيٍّ) فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الْخَلِّ وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْخَمْرِ عَلَى الْأَشْهَرِ لَا فِي أَخْذِهِ مِثْلَ الْخَمْرِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْخَلِّ (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَخْذُ الْخَلِّ الَّذِي تَحَوَّلَتْ الْخَمْرَةُ الْمَغْصُوبَةُ إلَيْهِ حَالَ كَوْنِهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ الذِّمِّيِّ وَهُوَ الْمُسْلِمُ فَقَطْ، هَذَا مُرَادُهُ، وَإِنْ تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ غَيْرَ الذِّمِّيِّ يَشْمَلُ الْحَرْبِيَّ وَالْمُعَاهَدَ وَنَحْوَهُمَا مَعَ أَنَّهُمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 97 وَإِنْ ضَيَّعَ كَغَزْلٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ مِثْلِيٍّ: فَقِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ،   [منح الجليل] كَالذِّمِّيِّ فِي التَّخْيِيرِ، فَلَوْ قَالَ كَتَخَلُّلِهَا لِكَافِرٍ لَكَانَ أَحْسَنَ. أَشْهَبُ إنْ غَصَبَ مُسْلِمٌ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ فَتَخَلَّلَهَا خُيِّرَ الذِّمِّيُّ فِي أَخْذِهَا خَلًّا وَقِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، وَفِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ اسْتَهْلَكَ مُسْلِمٌ خَمْرًا لِذِمِّيٍّ أُغْرِمَ قِيمَتَهَا الْمَازِرِيُّ إنْ غَصَبَ مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا وَأَمْسَكَهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَنْ غَصَبَهَا مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ غَصَبَ خَمْرًا فَفِي كَوْنِهَا يَتَخَلَّلُهَا عِنْدَ غَاصِبِهَا لَهُ أَوْ لِرَبِّهَا. ثَالِثُهَا إنْ تَسَبَّبَ لِتَخْرِيجِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَالْمَعْرُوفِ. وَمَفْهُومِ تَعْلِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ. وَشَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ الْمُقَوَّمِ الْمَغْصُوبِ فَقَالَ (وَإِنْ ضَيَّعَ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً فَعَيْنٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ مَغْصُوبًا مُقَوَّمًا (كَغَزْلٍ وَحُلِيٍّ وَغَيْرِ مِثْلِيٍّ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ كَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ (فَقِيمَتُهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ تَلْزَمُ الْغَاصِبَ مُعْتَبَرَةٌ (يَوْمَ غَصْبِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَلْزَمُهُ أَعْلَى قِيمَةٍ مَضَتْ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى يَوْمِ تَلَفِهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ تت ذَكَرَ بَعْضُ مَنْ وَقَفَ عَلَى خَطِّ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ وَغَصَبَهُ فِعْلٌ مَاضٍ. طفي قَوْلُهُ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا مِنْ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ، وَأَصْلُهُ تَصْحِيفٌ، إذْ الرَّفْعُ لَا يُلَائِمُ بِنَاءَ ضَيَّعَ لِلْفَاعِلِ. الْحَطّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ رَأَى خَطَّ الْمُصَنِّفِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا غَصَبَ غَزْلًا ثُمَّ ضَاعَ بِسَبَبِ الْغَاصِبِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ قِيمَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَكَذَا الْحُلِيُّ إذَا غَصَبَهُ وَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ قِيمَتِهِ، وَنَبَّهَ بِالْغَزْلِ وَالْحُلِيِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمِثْلِيِّ إذَا صُنِعَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُقَوَّمًا " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا صَنَعَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلنَّائِبِ، فَيَنْبَغِي نَصْبُ لَفْظِ غَيْرِ عَلَى الْأَوَّلِ وَرَفْعُهُ عَلَى الثَّانِي عَلَى حَسَبِ مَحِلِّ الْكَافِ، وَكَأَنَّهُ مِنْ بَابِ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا، أَيْ أَوْ فَوَّتَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصَّنْعَةَ أَوَّلًا نَظَرًا إلَى الْغَالِبِ، وَفَرَّ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا التَّخْصِيصِ فَضَبَطَ ضَيَّعَ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةً مَبْنِيًّا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 98 وَإِنْ جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ، أَوْ كَلْبًا وَلَوْ قَتَلَهُ تَعَدِّيًا   [منح الجليل] لِلْفَاعِلِ أَوْ لِلنَّائِبِ أَيْضًا، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ صَنَعَ إغْيَاءٌ لِمَسْأَلَةِ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ، أَيْ وَإِنْ خُلِّلَ، وَهَذَا مَعْرُوفُ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ، إذْ قَالَ فَفِي كَوْنِهَا بِتَخْلِيلِهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ لَهُ أَوْ لِرَبِّهَا ثَالِثُهَا إنْ تَسَبَّبَ فِي تَخْلِيلِهَا لِتَخْرِيجِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَالْمَعْرُوفِ وَمَفْهُومِ تَعْلِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ فَصُنِعَ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ لَيْسَ إلَّا، وَغَيْرُ مَجْرُورٌ عَطْفًا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ وَبِقِيمَتِهِ بِبَاءِ جَرٍّ مَكَانَ فَاءِ الْجَوَابِ، وَالْمُشَبَّهُ بِهِ هُوَ قَوْلُهُ الْمِثْلِيُّ وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَضَمِنَ الْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ كَضَمَانِ الْغَزْلِ وَحُلِيٍّ وَغَيْرَ مِثْلِيٍّ بِقِيمَتِهِ اهـ. فِي الشَّامِلِ لَوْ اسْتَهْلَكَ غَزْلًا أَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا فَالْقِيمَةُ. تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَزْلَ وَالْحُلِيَّ مِثْلِيٌّ لِقَوْلِهِ وَغَيْرَ مِثْلِيٍّ عَلَى أَصْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الصَّنْعَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِثْلِيَّ، وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ يَصِيرُ مُقَوَّمًا فَهُمَا مُقَوَّمَانِ عَلَيْهِ. وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ الْمُقَوَّمِ الَّذِي تَلِفَ بِيَدِهِ إذَا كَانَ يَجُوزُ بَيْعُهُ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (جِلْدَ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا مَنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ غَيْرَ مَدْبُوغٍ فَعَلَيْهِ إنْ أَتْلَفَهُ قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ كَمَا لَا يُبَاعُ كَلْبُ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ وَعَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ. الْبُنَانِيُّ لَوْ عَبَّرَ بِلَوْ بَدَلَ إنْ كَانَ أَوْلَى لِرَدِّ الْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ. ابْنُ رُشْدٍ عَقِبَ نَصِّهَا وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ دُبِغَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَقِيلَ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُدْبَغَ فَفِيهِ قِيمَتُهُ. وَقِيلَ إنْ دُبِغَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قِيمَةُ دَبْغِهِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يَلْزَمَهُ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ لِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَوْ) إنْ كَانَ (كَلْبًا) مَأْذُونًا فِيهِ لِصَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ. اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَ كَلْبَ دَارٍ فَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ، وَعَلَى الْغَاصِبِ الْقَاتِلِ الْكَلْبَ الْمَأْذُونَ فِيهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ إنْ قَتَلَهُ بَعْدَ غَصْبِهِ لَهُ قَبْلَ قَتْلِهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَسَحْنُونٌ لِرَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَتْلِهِ، وَمَفْهُومُ تَعَدِّيًا أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ حِينَ عَدَاءِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ الْحَطّ، وَنَصُّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِعَدَاءٍ بِبَاءِ جَرٍّ دَاخِلَةٍ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 99 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَدَاءٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ وَهُوَ تَجَاوُزُ الْحَدِّ وَالظُّلْمُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ تَعَدِّيًا بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ أَوَّلَهُ وَالتَّحْتِيَّةِ آخِرَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمُقَوَّمَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَلَوْ قَتَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ تَعَدِّيًا مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَهُ أَخْذُهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَتْلِ كَالْأَجْنَبِيِّ. " غ " قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ تَعَدِّيًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَرَدُّهُ لِلْكَلْبِ كَمَا فِي الشَّامِلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. تت إنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْكَلْبِ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْقَتْلَ كَالْغَصْبِ فِي إيجَابِ الْقِيمَةِ عَلَى الْقَاتِلِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إتْلَافَ الْمُقَوَّمِ يُوجِبُ قِيمَتَهُ، فَلَمْ يُفِدْ شَيْئًا غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي تَقْوِيمِهِ يَوْمُ غَصْبِهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ بِذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَعْطَى حُكْمًا كُلِّيًّا يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ، وَنَحْوُهُ مَا فِي الشَّامِلِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ شَيْءٌ حَسَنٌ، وَأَيْضًا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ قَتْلٍ بِغَيْرِ غَصْبٍ، فَلَا يَتَأَتَّى مَا قَالَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِي الْكَلْبِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ قِيمَتِهِ. طفي جَعْلُهُ الْمُبَالَغَةَ فِي الْكَلْبِ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَغَيْرَ مِثْلِيٍّ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ قَتَلَ الْمَغْصُوبَ تَعَدِّيًا مِنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَتْلِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْمُدَوَّنَةِ، وَبِهِ قَرَّرَ الْحَطّ وَغَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّهُ إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْغَاصِبِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَتْلِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِالْإِتْلَافِ كَابْنِ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَعَمَّ، وَأَصْلُ هَذَا التَّقْرِيرِ لِابْنِ غَازِيٍّ وَتَحَامَلَ عَلَيْهِ تت فِي كَبِيرِهِ، وَذَكَرَ نَصَّهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي مُجَرَّدِ قَتْلِهِ بِلَا غَصْبٍ غَيْرُ صَوَابٍ إذْ هُوَ خُرُوجٌ عَمَّا الْكَلَامُ فِيهِ، وَلَا تَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ، إذْ لَا خِلَافَ يُشِيرُ إلَيْهِ بِهَا وَيُفَوِّتُ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا قَتَلَ الْمَغْصُوبَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ مَشْهُورَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ. ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَالْخِلَافُ فِيهَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ فِي الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ مِنْ فَاعِلٍ وَاحِدٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 100 وَخُيِّرَ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ تَبِعَهُ تَبِعَ هُوَ الْجَانِيَ، فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ أَقَلَّ: فَلَهُ الزَّائِدُ   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يُوَقِّتْ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَثْمَانِ الْكِلَابِ بِأَنَّ فِي كَلْبِ الْمَاشِيَةِ شَاةً، وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَفِي كَلْبِ الزَّرْعِ فَرَقًا مِنْ طَعَامٍ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا، وَإِنَّمَا قَالَ فِيهَا عَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ. الثَّانِي: أَطْلَقَ الْكَلْبَ اعْتِمَادًا عَلَى قَوْلِهِ تَعَدِّيًا أَوْ بِعَدَاءٍ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ قَتْلُهُ مُبَاحٌ. الثَّالِثُ: لِهَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَائِرُ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ مَعَ امْتِنَاعِ الْبَيْعِ وَهِيَ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ وَلَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَخَمْرُ الذِّمِّيِّ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالزَّرْعُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْمُدَبَّرُ. . (وَ) إنْ جَنَى عَلَى الْمَغْصُوبِ غَيْرُ غَاصِبِهِ فَأَتْلَفَهُ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (فِي) اتِّبَاعِ (الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الْغَاصِبِ الْجَانِي عَلَى الْمَغْصُوبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ أَوْ الْغَاصِبِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ، لِحُصُولِ سَبَبِ الضَّمَانِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا الْغَصْبُ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْإِتْلَافُ مِنْ الْجَانِي. وَمَفْهُومُ الْأَجْنَبِيِّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي إتْلَافِ الْغَاصِبِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ الْمُشَارُ إلَيْهِمَا بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الصَّوَابِ، وَإِنَّمَا لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ تَعَدُّدَ أَسْبَابِ الضَّمَانِ مِنْ وَاحِدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الصَّوَابُ. (فَإِنْ تَبِعَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ وَأَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ (تَبِعَ هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ (الْجَانِيَ) بِقِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ يَوْمَ غَصْبِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَالْحُكْمُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَوِيَا (فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (أَقَلَّ) الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ الْجَانِي وَأَخَذَ الْغَاصِبُ أَكْثَرَهُمَا مِنْ الْجَانِي بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَوْمَ الْجِنَايَةِ عَشَرَةً أَوْ بِالْعَكْسِ، وَأَخَذَ رَبُّهُ الْعَشَرَةَ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ مِنْ الْجَانِي (فَلَهُ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 101 مِنْ الْغَاصِبِ فَقَطْ، وَلَهُ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ   [منح الجليل] أَيْ رَبِّ الْمَغْصُوبِ (الزَّائِدُ) عَلَى أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ الْمُتَمِّمِ لِأَكْثَرِهِمَا كَالْخَمْسَةِ فِي الْمِثَالِ، أَيْ أَخَذَهُ حَالَ كَوْنِهِ (مِنْ الْغَاصِبِ فَقَطْ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيَوْمَ الْجِنَايَةِ عَشَرَةً، وَأَخَذَهَا رَبُّهُ مِنْ الْجَانِي فَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِخَمْسَةٍ تَمَامِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ، وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الزَّائِدُ حَالَ كَوْنِهِ مِنْ الْجَانِي، بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ عَشَرَةً وَيَوْمَ الْجِنَايَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَأَخَذَ رَبُّهُ مِنْ الْغَاصِبِ عَشَرَةً فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْخَمْسَةِ لَا مِنْ الْغَاصِبِ وَلَا مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمَشْهُورِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ غَصَبَ أَمَةً فَزَادَتْ قِيمَتُهَا عِنْدَهُ أَوْ نَقَصَتْ ثُمَّ قَتَلَهَا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ غَصْبِهَا فَقَطْ وَلَوْ قَتَلَهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ أَجْنَبِيٌّ وَقِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُ الْقَاتِلِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَتْلِهَا بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا يَوْمَئِذٍ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِتَمَامِ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا عَلَى الْغَاصِبِ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَوْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا وَكَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَتْلِهَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى قَاتِلِهَا بِشَيْءٍ، وَلِلْغَاصِبِ طَلَبُ الْقَاتِلِ بِجَمِيعِ قِيمَتِهَا يَوْمَ قَتْلِهَا. (وَ) مَنْ غَصَبَ عَمُودًا أَوْ خَشَبًا أَوْ حَجَرًا وَبَنَى عَلَيْهِ بِنَاءً فَ (لَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (هَدْمُ بِنَاءٍ) وَلَوْ عَظُمَ كَالْقُصُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَهْدِمُ الْعَظِيمَ بَنَى (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ وَأَخْذُهُ وَلَهُ تَرْكُهُ لِلْغَاصِبِ وَأَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْغَاصِبُ مِنْ دَفْعِهَا مَعَ رِضَا رَبِّ الْمَغْصُوبِ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا وَلَهُ هَدْمُ بِنَائِهِ وَدَفَعَ الْمَغْصُوبَ لِرَبِّهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا لِأَنَّ هَدْمَ بِنَائِهِ إضَاعَةٌ لِلْمَالِ. " ق " فِيهَا مَنْ غَصَبَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا فَبَنَى عَلَيْهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَهَدْمُ الْبِنَاءِ وَكَذَلِكَ إنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَجَعَلَهُ ظِهَارَةً لِجُبَّةٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ أَوْ تَضْمِينُهُ قِيمَتَهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ لَهُ عَيْنُ شَبَهٍ وَيَفْتُقُ لَهُ الْجُبَّةَ وَيَهْدِمُ لَهُ الْبِنَاءَ وَالْهَدْمُ وَالْفَتْقُ عَلَى الْغَاصِبِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ الْخَشَبَةِ وَكَأَنَّ الْغَاصِبَ أَفَاتَهَا بِالْتِزَامِ قِيمَتِهَا، وَانْظُرْ لَوْ أَنْشَأَ سَفِينَةً عَلَى لَوْحٍ مَغْصُوبٍ أَوْ غَصَبَ خَيْطًا خَاطَ بِهِ جُرْحًا هَلْ يَتَخَرَّجُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 102 وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ   [منح الجليل] تَهَوُّنِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ. الْمَازِرِيُّ وَمِنْ هَذَا الْكَبْشُ يُدْخِلُ رَأْسَهُ فِي قِدْرِ غَيْرِ رَبِّهِ وَالدِّينَارُ يَقَعُ فِي إنَاءِ الْغَيْرِ، وَلَا يُقْدَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِكَسْرِ الْإِنَاءِ، وَمِنْ الْحَاوِي مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ابْتَاعَ خَشَبَةً وَبَنَى عَلَيْهَا وَاسْتُحِقَّتْ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا قَلْعُهَا لِلضَّرَرِ وَلِأَنَّ الْبَانِيَ لَيْسَ بِغَاصِبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ إدْخَالُ الْغَاصِبِ لَوْحًا فِي سَفِينَةٍ أَنْشَأَهَا كَالْحَجَرِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ بِنَاءٌ مُعْتَبَرٌ إنْ كَانَ نَزْعُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ مَوْتَ آدَمِيٍّ وَلَا إتْلَافَ مَالٍ لِغَيْرِ الْغَاصِبِ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذَا اعْتِبَارُ أَشَدِّ الضَّرَرَيْنِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِ الضَّرَرِ وَمَنْ يَلْحَقُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ غَاصِبًا وَغَيْرَ غَاصِبٍ، وَكَذَا غَصْبُ خَيْطٍ خِيطَ بِهِ جُرْحٌ إنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ نَزْعُهُ إتْلَافَ عُضْوٍ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ أَوْ حُدُوثَ مَرَضٍ بِهِ مَخُوفٍ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ وَاسْتَلْزَمَ تَأْخِيرَ بُرْءٍ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِنْ هَذَا إدْخَالُ كَبْشٍ رَأْسَهُ فِي قِدْرِ لِغَيْرِ رَبِّهِ لَا بِتَسَبُّبٍ مِنْ أَحَدِ مَالِكَيْهِمَا فَلَا يَضْمَنُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ شَيْئًا وَهُوَ مِنْ جُرْحِ الْعَجْمَاءِ، وَكَذَا دُخُولُ دِينَارٍ فِي دَوَاةِ غَيْرِ رَبِّهِ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهَا إلَّا بِكَسْرِهَا، وَكَانَ شَيْخُنَا إذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ يَحْكِي أَنَّ جَمَلَيْنِ اجْتَمَعَا فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُ نَجَاةُ أَحَدِهِمَا إلَّا بِنَحْرِ الْآخَرِ، فَحَكَمَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِنَحْرِ أَحَدِهِمَا وَيَشْتَرِكَانِ فِي الْبَاقِي كَالْمَطْرُوحِ مِنْ السَّفِينَةِ لِنَجَاتِهَا، وَمِنْهَا إنْ عَمِلَ الْغَاصِبُ الْخَشَبَةَ بَابًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا. وَإِنْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَهَا أَوْ بَنَى بِهَا شَيْئًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا قِيلَ لِلْغَاصِبِ اقْلَعْ الْأُصُولَ وَالْبِنَاءَ إنْ كَانَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ إنْ يَشَاءُ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْأَصْلِ مَقْلُوعًا، وَكُلُّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْغَاصِبِ بَعْدَ قَلْعِهِ كَالْجِصِّ وَالنَّقْشِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ؛ وَكَذَا مَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ مِطْمَرًا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ذَلِكَ، اهـ. . (وَ) لَهُ (غَلَّةُ) مَغْصُوبٍ (مُسْتَعْمَلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مِنْ رَقِيقٍ وَدَابَّةٍ وَدَارٍ وَغَيْرِهَا، سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ الْغَاصِبُ أَوْ أَكْرَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَصَاحِبِ الْمُعِينِ وَهُوَ الصَّحِيحُ إذْ لَا حَقَّ لِلْغَاصِبِ. وَرَوَى الْمَازِرِيُّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ مُطْلَقًا وَرُجِّحَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 103 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِخَبَرِ «الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ» ، وَمَفْهُومُ مُسْتَعْمَلٍ أَنَّ مَا لَهُ غَلَّةٌ وَلَمْ يُسْتَعْمَلْ كَالرَّقِيقِ لَا يَسْتَعْمِلُهُ وَالدَّارُ يُغْلِقُهَا وَالْأَرْضُ يُبَوِّرُهَا وَالدَّابَّةُ يَحْبِسُهَا لَا تَلْزَمُهُ غَلَّتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ تَلْزَمُهُ وَصَوَّبَهُ الْأَشْيَاخُ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ غُصِبَتْ دَنَانِيرُهُ أَوْ دَرَاهِمُهُ وَأَنْفَقَهَا الْغَاصِبُ أَوْ اتَّجِرْ بِهَا فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ وَشُهِرَ. وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا أَنَّ الرِّبْحَ لِلْغَاصِبِ فِيمَا غَصَبَهُ مِنْ مَالٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَالْخَسَارَةَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ لَهُ رِبْحُهُ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُعْسِرًا. وَقِيلَ لَهُ مِقْدَارُ مَا كَانَ يَرْبَحُ فِيهِ لَوْ كَانَ بِيَدِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَأْخُذُ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتَهُ وَنَحْوُهُ فِي الْكَافِي أَفَادَهُ تت. طفي لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ هَذَا وَإِنْ عَزَاهُ فِي الْكَافِي لِأَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَا أَثْمَرَ عِنْدَ الْغَاصِبِ مِنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ تَنَاسَلَ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ جَزَّ مِنْ الصُّوفِ أَوْ حَلَبَ مِنْ اللَّبَنِ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعَ مَا اغْتَصَبَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَمَا أَكَلَ يَرُدُّ الْمِثْلَ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ وَالْقِيمَةَ فِيمَا لَا يُقْضَى فِيهِ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَ الْوَلَدُ أَوْ مَا جَزَّ مِنْهَا وَحَلَبَ يُخَيِّرُ رَبُّهَا، فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الْأُمَّهَاتِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ وَلَدٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ لَبَنٍ وَلَا فِي ثَمَنِهِ إنْ بِيعَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْوَلَدَ إنْ كَانَ وَلَدٌ أَوْ ثَمَنَ مَا بِيعَ مِنْ صُوفٍ أَوْ لَبَنٍ وَنَحْوِهِ، وَمَا أَكَلَ الْغَاصِبُ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِيمَا لَهُ مِثْلٌ وَالْقِيمَةُ فِيمَا يُقَوَّمُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ غَصَبَ أَمَةً ثُمَّ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ ثُمَّ مَاتَتْ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَ أَوْلَادَهَا وَقِيمَةَ الْأَمَةِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُ ثَمَنِهَا مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، أَوْ يَأْخُذُ الْوَلَدَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي بَيَانِهِ وَمُقَدِّمَاتِهِ عَلَى هَذَا، وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا فِي الْكَافِي عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ تت خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّهُ حَكَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ فَلَا غَلَّةَ لَهُ، قَالَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي أَنَّ لَهُ أَخْذَ الْقِيمَةِ مَعَ الْغَلَّةِ، قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 104 كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا وَأَمَرَهُ الْغَاصِبُ بِالصَّيْدِ وَصَيْدُ عَبْدٍ، وَجَارِحٍ   [منح الجليل] مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ فِي غُرْمِ الْغَاصِبِ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَكُلُّ رَبْعٍ اغْتَصَبَهُ غَاصِبٌ فَسَكَنَهُ أَوْ اغْتَلَّهُ، أَوْ أَرْضٍ فَزَرَعَهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ أَوْ زَرَعَ لِنَفْسِهِ وَغَرِمَ مَا أَكْرَاهَا بِهِ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَمْ يُحَابِ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْهَا وَلَا انْتَفَعَ بِهَا وَلَا اغْتَلَّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا اغْتَصَبَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَرَقَهُ فَاسْتَعْمَلَهَا شَهْرًا وَطَالَ مُكْثُهَا بِيَدِهِ أَوْ أَكْرَاهَا وَقَبَضَ كِرَاءَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَلَهُ مَا قَبَضَ مِنْ كِرَائِهَا وَإِنَّمَا لِرَبِّهَا عَيْنُ شَيْئِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهَا إذَا كَانَتْ عَلَى حَالَتِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى تَغَيُّرِ سُوقِهَا. وَأَمَّا الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا، أَوْ بِحَبْسِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا فَرَبُّهَا يُخَيِّرُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي، أَوْ يَأْخُذُهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهِ إيَّاهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ، وَلَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْمُكْتَرِي الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَالسَّارِقُ أَوْ الْغَاصِبُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ وَلَا كِرَاءٌ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا، وَلَوْلَا مَا قَالَهُ مَالِكٌ لَجَعَلْت عَلَى السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ كِرَاءَ رُكُوبِهِ إيَّاهَا وَأُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا كَالْمُكْتَرِي، وَلَكِنِّي آخُذُ فِيهِمَا بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ. الْبَاجِيَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَ الرَّقَبَةَ فَيَضْمَنُهَا دُونَ مَنَافِعِهَا، بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ فَتَعَدَّى عَلَى الْمَنَافِعِ فَضَمِنَهَا. الْحَطّ قَوْلُهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ رِبَاعٍ وَحَيَوَانٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ لَا يَرُدُّ غَلَّةَ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ لَا يَرُدُّ غَلَّةَ الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ وَغَيْرُهُمَا بِتَشْهِيرِهِ، وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. . (وَ) لَهُ (صَيْدُ) أَيْ مَصِيدُ (عَبْدٍ) مَغْصُوبٍ اتِّفَاقًا (وَ) مَصِيدُ (جَارِحٍ) كَبَازٍ وَكَلْبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا وَأَمَرَهُ الْغَاصِبُ بِالصَّيْدِ فَلَا خِلَافَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 105 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّ صَيْدَهُ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ آلَةً كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ صَيْدَهُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ انْتِفَاعِهِ بِهِ. وَإِنْ كَانَ فَرَسًا فَقَدْ أَلْحَقُوهُ بِالْآلَاتِ، وَإِنْ كَانَ جَارِحًا كَالْبَازِي وَالْكَلْبِ فَهَلْ يُلْحَقُ بِالْعَبْدِ أَوْ بِالْآلَاتِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ الَّذِي يَتَعَدَّى عَلَى فَرَسٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ نَبْلٍ فَيَصِيدُ بِهِ، فَإِنَّ الصَّيْدَ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْفَرَسِ وَالْقَوْسِ وَالنَّبْلِ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَيْضًا فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدٍ فَبَعَثَهُ يَصْطَادُ أَنَّ الصَّيْدَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ. وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى كَلْبٍ أَوْ بَازٍ فَاصْطَادَ بِهِ وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَنَّهُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدٍ فَأَرْسَلَهُ يَصْطَادُ لَهُ، لِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا هُوَ لِلْكَلْبِ وَالْبَازِي لِأَنَّهُمَا هُمَا التَّابِعَانِ الصَّيْدَ الْآخِذَانِ لَهُ، وَإِنَّمَا لِلْمُتَعَدِّي فِي ذَلِكَ الْإِرْسَالُ وَالْإِشْلَاءُ خَاصَّةً، فَوَجَبَ كَوْنُ صَاحِبِ الْكَلْبِ وَالْبَازِي أَحَقَّ بِالصَّيْدِ لِأَنَّ لَهُ فِي صَيْدِهِ شَيْئَيْنِ الِاتِّبَاعَ وَالْأَخْذَ، وَلَيْسَ لِلْمُتَعَدِّي فِيهِ إلَّا التَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا تُؤُوِّلَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ فِيهَا لِمَنْ أَخْرَجَ شَيْئَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي غُرْمِ الْغَاصِبِ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا وَنَفْيِهِ، ثَالِثُهَا: غَلَّةُ الرِّبَاعِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ لَا الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ، وَرَابِعُهَا: مَا اسْتَقَلَّ لَا مَا اُسْتُغِلَّ. وَخَامِسُهَا: غَلَّةُ الرِّبَاعِ وَالنَّخْلِ لَا غَلَّةُ الْعَبْدِ وَالْحَيَوَانِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي غَلَّةِ الْمَغْصُوبِ فَقَالَ أَشْهَبُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَغْصُوبِ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ أَكْثَرُ مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا حُكْمُهَا خِلَافُ حُكْمِ الْمَغْصُوبِ اخْتَلَفُوا بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ بِبَيِّنَةٍ لَا يَضْمَنُهَا، وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. وَتَحْصِيلُ اخْتِلَافِهِمْ أَنَّ مَا تَوَلَّدَ عَنْ الْمَغْصُوبِ عَلَى هَيْئَتِهِ وَخِلْقَتِهِ وَهُوَ الْوَلَدُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَرُدُّهُ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَتِهِ وَهُوَ السَّمْنُ وَاللَّبَنُ وَالصُّوفُ وَشِبْهُهُ فِي كَوْنِهِ لِلْغَاصِبِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ قَوْلَانِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ خُيِّرَ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْغَلَّةِ وَأَخْذِ الْغَلَّةِ دُونَ قِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ غَيْرُ مُتَوَلِّدٍ كَالْأَكْرِيَةِ وَالْخَرَاجَاتِ فِي وُجُوبِ رَدِّهَا وَنَفْيِهِ. ثَالِثُهَا يَرُدُّ إنْ أَكْرَى أَوْ انْتَفَعَ لَا إنْ عَطَّلَ. وَرَابِعُهَا إنْ أَكْرَى لَا إنْ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ. وَخَامِسُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ اهـ. . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 106 وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ كَمَرْكَبٍ نَخِرٍ، وَأَخَذَ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ،   [منح الجليل] وَ) لَهُ (كِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ) دَارًا أَوْ نَحْوَهَا وَسَكَنَهَا الْغَاصِبُ أَوْ اسْتَغَلَّهَا. اللَّخْمِيُّ لَمْ أَعْلَمْهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَاهَا ثُمَّ سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ سِوَى غَلَّةِ الْقَاعَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً وَبَنَى فِيهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ غَرَسَ فَلْيَقْتَسِمَا، فَإِنْ وَقَعَ بِنَاؤُهُ أَوْ غَرْسُهُ فِي حِصَّتِهِ دَفَعَ لِشَرِيكِهِ أُجْرَةَ الْأَرْضِ فِيمَا مَضَى، وَإِنْ وَقَعَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ خُيِّرَ مَنْ وَقَعَتْ فِي حِصَّتِهِ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوْ أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ فِيمَنْ غَصَبَ بِنَاءً خَرِبًا وَأَصْلَحَهُ وَاغْتَلَّهُ فَقَالَ أَشْهَبُ مَا زَادَ فِي غَلَّتِهِ فَلِلْغَاصِبِ كَسَاحَةٍ يَعْمُرْهَا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ وَوَافَقَ أَصْبَغُ أَشْهَبَ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ فَيُقَوَّمُ الْأَصْلُ قَبْلَ إصْلَاحِهِ فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يُؤَاجَرُ بِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلْغَاصِبِ. وَرَأَى مُحَمَّدٌ أَنَّ جَمِيعَ الْغَلَّةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَهُ أَخْذُ الدَّارِ مُصْلَحَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةُ مَا لَوْ نَزَعَهُ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَرَأَى الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ الْبِنَاءَ بِقِيمَتِهِ فَتَكُونُ غَلَّتُهُ لَهُ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ كِرَاءَ الْأَصْلِ الْخَرِبِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ لِلْمَالِكِ وَالزَّائِدَ بِالْإِصْلَاحِ لِلْغَاصِبِ فَقَالَ (كَمَرْكَبٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَفِينَةٍ (نَخِرٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ بَالٍ مُتَخَرِّبٍ غَصَبَهُ وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَغَلَّهُ فَغَلَّةُ الْأَصْلِ لِلْمَالِكِ وَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ تُسَاوِي أُجْرَتُهُ نَخِرًا لِمَنْ يُعَمِّرُهُ وَيَسْتَغِلُّهُ، فَمَا قِيلَ لَزِمَ الْغَاصِبَ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ. اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ. ابْنُ رَاشِدٍ أَقْيَسُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِي أَظْهَرُ. (وَ) إذَا أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَرْكَبَ (أَخَذَ) مَعَهُ بِلَا عِوَضٍ (مَا) أَيْ الْمُصْلَحَ بِهِ الَّذِي (لَا عَيْنَ) أَيْ ذَاتَ (لَهُ) بَعْدَ قَلْعِهِ (قَائِمَةٌ) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ كَالزِّفْتِ وَالْقُلْفُطَةِ. وَأَمَّا مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالْحِبَالِ وَالْمَجَاذِيفِ وَالسَّوَارِي وَالْقِلَاعِ وَالْهُلْبِ الَّذِي يُرْمَى فِي الْبَحْرِ لِحَبْسِ الْمَرْكَبِ عَنْ السَّيْرِ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ إنْ كَانَ الْمَرْكَبُ فِي مَرْسَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ وَتَوَقَّفَ سَيْرُهُ إلَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ بَدَلَهُ يُسَيِّرُهَا بِهِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 107 وَصَيْدِ شَبَكَةٍ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ   [منح الجليل] فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَرْكَبِ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَيْفَ كَانَتْ وَتَسْلِيمِهِ لِلْغَاصِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ غَصَبَ مَرْكَبًا خَرِبًا وَأَنْفَقَ فِي قَلْفَطَتِهِ وَرَقَبَتِهِ وَآلَتِهِ ثُمَّ اغْتَلَّ فِيهِ غَلَّةً كَثِيرَةً فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَصْلُوحًا بِجَمِيعِ غَلَّتِهِ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْفَقَ الْغَاصِبُ إلَّا فِي الصَّارِي وَالْأَرْجُلِ وَالْحِبَالِ، وَمَا لَهُ ثَمَنٌ إنْ أُخِذَ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا تُوجَدُ فِيهِ آلَتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَرْيِهِ حَتَّى يَرِدَ إلَى مَوْضِعِهِ، وَمَا لَا يُوجَدُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ فَرَبُّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ ذَلِكَ بِقِيمَتِهِ. (وَ) لَهُ كِرَاءُ (صَيْدِ شَبَكَةٍ) وَشَرَكٍ وَرُمْحٍ وَنَبْلٍ وَقَوْسٍ وَحَبْلٍ وَسَيْفٍ مَغْصُوبَةٍ فَصَيْدٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الِاصْطِيَادُ. وَأَمَّا الْمَصِيدُ بِهَا فَهُوَ لِلْغَاصِبِ اتِّفَاقًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَهُ صَيْدُ شَبَكَةٍ وَالضَّمِيرُ الْغَاصِبُ، وَالصَّيْدُ بِمَعْنَى الْمَصِيدِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهَا تَشْتِيتُ مَرْجِعِ ضَمِيرِ لَهُ فَإِنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ رَاجِعٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَهُنَا رَاجِعٌ لِلْغَاصِبِ، وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ أَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءَ الشَّبَكَةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا صَيْدَ شَبَكَةٍ أَيْ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا صِيدَ بِشَبَكَتِهِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا. ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ آلَةً كَسَيْفٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الصَّيْدَ لِلْغَاصِبِ وَمِثْلُ السَّيْفِ الشِّبَاكُ وَالْحِبَالَاتُ. (وَمَا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (أَنْفَقَ) هـ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ وَمُؤْنَةُ الرَّقِيقِ الْمَغْصُوبِ وَكِسْوَتُهُ وَسَقْيُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَعِلَاجُهَا وَحَصْدُ الزَّرْعِ الْمَغْصُوبِ وَدَرْسُهُ وَتَذْرِيَتُهُ وَسَقْيُ الشَّجَرِ الْمَغْصُوبِ وَعِلَاجُهُ كَائِنٌ (فِي الْغَلَّةِ) لِلْمَغْصُوبِ لَا يَتَعَدَّاهَا إلَى ذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ غَلَّةٌ أَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا فَلَا رُجُوعَ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنْ الْغَلَّةِ فِي النَّفَقَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى غُرْمِ الْغَاصِبِ الْغَلَّةَ فِي رُجُوعِهِ بِالنَّفَقَةِ فِيهَا طَرِيقَانِ. اللَّخْمِيُّ فِي رُجُوعِهِ بِنَفَقَةِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ ثَلَاثَةٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 108 وَهَلْ إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] يَرْجِعُ بِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْغَلَّةَ، ثُمَّ قَالَ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْحَائِطُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ بِيَدِ رَبِّهِ اسْتَأْجَرَ لَهُ فَهُوَ كَطَعَامِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ، لِأَنَّ لَهُ عَبِيدًا وَدَوَابَّ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُمْ بَعْدَ غَصْبِ الْحَائِطِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ بَعْضُ ذَلِكَ رَجَعَ بِأَجْرِ مَا يَعْجِزُ رَبُّ الْحَائِطِ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُمْ رَبُّهُمْ بَعْدَ غَصْبِ الْحَائِطِ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْأَجْرَ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِمْ وَلِأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى رَجُلٍ فَسَقَى لَهُ شَجَرَهُ أَوْ حَرَثَ أَرْضِهِ أَوْ حَصَدَ زَرْعَهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَجْرَ ذَلِكَ إنْ كَانَ رَبُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِمَّنْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ أَجْرُهَا، وَإِنْ كَانَ يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ مَنْ يَلِي ذَلِكَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَرَى أَنَّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْأَقَلَّ مِنْ إجَارَةِ الْمِثْلِ فِيمَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ، أَوْ مَا أَجَرَ هُوَ بِهِ عَبِيدَهُ أَوْ الْغَلَّةَ. قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّ ثَالِثَ الْأَقْوَالِ هُوَ اخْتِيَارُهُ كَعَدِّ ابْنِ رُشْدٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ اخْتِيَارَهُ قَوْلًا، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِ أَصْبَغَ ثَالِثًا لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ غَاصِبٍ لِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَدَّى مُفَسِّرًا لَهُ بِقَوْلِهِ فَسَقَى إلَخْ الصِّقِلِّيُّ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَهَا بِرُجُوعِ الْغَاصِبِ بِمَا أَنْفَقَ وَسَقَى وَعَالَجَ وَرَعَى فِي الْغَلَّةِ، قَالَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِلْغَلَّةِ وَأَخَذَ بِهِ مُحَمَّدٌ. قَالَ إذْ لَيْسَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا هُوَ مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ قَلْعِهِ. قُلْت وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. . (وَ) إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ شَيْءٌ مُقَوَّمٌ سَامَهُ أَشْخَاصٌ بِقَدْرٍ وَاحِدٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ وَغَصَبَهُ غَاصِبٌ وَأَتْلَفَهُ فَ (هَلْ) يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الثَّمَنُ الَّذِي سَامَهُ الْأَشْخَاصُ (إنْ) كَانَ (أَعْطَاهُ) أَيْ سَامَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ (فِيهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْمُقَوَّمِ (مُتَعَدِّدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْأُولَى (عَطَاءً) أَيْ ثَمَنًا وَاحِدًا كَعَشَرَةٍ (فَ) يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (بِهِ) أَيْ الْعَطَاءِ الْوَاحِدِ لَا بِقِيمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ (أَوْ) يَضْمَنُهُ (بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ) أَيْ الْعَطَاءِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ (وَمِنْ الْقِيمَةِ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 109 وَإِنْ وَجَدَ غَاصِبُهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ مَحِلِّهِ، فَلَهُ تَضْمِينُهُ، وَمَعَهُ أَخَذَهُ   [منح الجليل] وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى (تَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي قَوْلِ عِيسَى، هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَسَحْنُونٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، أَوْ هُوَ تَفْسِيرٌ لَهُمَا، فَقَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالْعَطَاءِ أَيْ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فِيهَا كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ بِالْقِيمَةِ أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى. وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْعُتْبِيَّةِ مَنْ تَسَوَّقَ بِسِلْعَةٍ فَأَعْطَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِهَا ثَمَنًا ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا رَجُلٌ فَلْيَضْمَنْ مَا أُعْطِيَ فِيهَا، وَلَا يَنْظُرُ إلَى قِيمَتِهَا إذَا كَانَ عَطَاءً قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ، وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بِهِ بَاعَ لِأَنَّ هَذَا يُعَيِّنُ الْقِيمَةَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقِيمَةُ. وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ أَفَادَهُ تت، وَنَحْوُهُ لِلْحَطِّ، زَادَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْعُتْبِيِّ وَابْنِ يُونُسَ أَيْضًا أَنَّ الْمُسْتَهْلِكَ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا أُعْطِيَ فِيهَا، سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ نَقَصَ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ. قَالَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهَا مَعْنَاهُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فِيهَا فَقَوْلُ عِيسَى يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي فَهْمِ كَلَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَلَوْ قَالَ وَعَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَعْطَى فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فِيهِ، وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ؟ تَرَدُّدٌ لَكَانَ وَاضِحًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَإِنْ) غَصَبَ شَخْصٌ مُقَوَّمًا وَانْتَقَلَ لِآخَرَ وَتَبِعَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَ (وَجَدَ) الْمَغْصُوبَ مِنْهُ (غَاصِبَهُ) مُصْطَحِبًا (بِغَيْرِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْمُقَوَّمِ (وَ) فِي (غَيْرِ مَحِلِّهِ) أَيْ الْغَصْبِ (فَلَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (تَضْمِينُهُ) أَيْ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا لِمَا عَلَيْهِ فِي الصَّبْرِ إلَى رُجُوعِهِ إلَى مَحِلِّهِ مِنْ الضَّرَرِ، وَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَحِلِّهِ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَوْ وَكِيلَهُ الرُّجُوعُ مَعَهُ لِإِقْبَاضِ ذَلِكَ (وَ) إنْ وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِغَيْرِ مَحِلِّهِ وَالْمَغْصُوبُ الْمُقَوَّمُ (مَعَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (أَخَذَهُ) الْمَغْصُوبَ الْمُقَوَّمَ مِنْ الْغَاصِبِ عِنْدَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 110 إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ، ظَاهِرُهُ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ عَرْضًا لِأَنَّ نَقْلَهُ لَيْسَ فَوْتًا وَهَذَا (إنْ لَمْ يَحْتَجْ) الْمَغْصُوبُ (لِكَبِيرِ حَمْلٍ) كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ، فَإِنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ فَثَالِثُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهُ، وَفِي غَيْرِهِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ. الْمُوَضَّحُ الْأَوَّلُ لَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَالثَّانِي يُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَظَاهِرُ رِوَايَتِهِ عَنْ أَشْهَبَ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْعَرْضِ وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ ذِكْرِهِ وَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكِرَاءِ عَلَيْهِ كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْكِرَاءِ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ كَالْعَرْضِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَبِهَا صَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ فِي كَوْنِ نَقْلِهِ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَوْتًا فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ غَيْرَ فَوْتٍ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ، ثَالِثُهَا فَوْتٌ فِي الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ لَا فِي الْحَيَوَانِ غَيْرُهُ لِأَصْبَغَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَهُ طفي. ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ لِرَبِّهِ جَبْرُهُ عَلَى رَدِّهِ لِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلِلْمُغِيرَةِ مَنْ نَقَلَ خَشَبَةً مِنْ عَدَنَ لِجِدَّةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ جُبِرَ نَاقِلُهَا عَلَى عَوْدِهَا لِمَحِلِّهَا، قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَخْطَأَ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ لِبَلَدِ فَحَمَلَهُ إلَى غَيْرِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُقِلَ مِنْهُ وَأَخْذِهِ بِغُرْمِ كِرَائِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَخْذِهِ بِدُونِ غُرْمٍ أَصْبَغَ لِرَبِّهِ جَبْرُهُ عَلَى رَدِّهِ لِمَا مِنْهُ نَقَلَهُ أَوْ أَخَذَهُ مَجَّانًا، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَبَّهُ كَانَ رَاغِبًا فِي وُصُولِهِ فَيَلْزَمُهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ أَفَادَهُ تت " ق " ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا إذَا غَصَبَهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ، وَلَا تَجِبُ لَهُ قِيمَتُهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً ثُمَّ لَقِيَهُ بِهَا بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَلَا تَجِبُ لَهُ قِيمَتُهُ وَلَا أَنْ يَأْخُذَهُ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ وَجَدَ الْغَاصِبَ خَاصَّةً فَلَهُ تَضْمِينُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ، وَقَالَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 111 لَا إنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ، أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ صَنْعَةً ثُمَّ عَادَ   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ إنْ لَقِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَهُ فِيهِ يَعْنِي وَلَيْسَ مَعَهُ الْمَغْصُوبُ فَأَرَادَ أَنْ يُغَرِّمَهُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ النَّقْلُ فَوْتٌ فِي الرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ دُونَ الْحَيَوَانِ. قَالَ الْبَاجِيَّ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ الْعَبْدِ وَالدَّوَابِّ، وَيُخَيَّرُ فِي الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ فِي أَخْذِ عَيْنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا. ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَالرَّقِيقِ يُسْرَقُ فَيَجِدُهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ، قَالَ أَمَّا الطَّعَامُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبَ وَالسَّارِقَ بِمِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ سَرِقَتِهِ وَأَمَّا الْعَبِيدُ وَالدَّوَابُّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُمْ إلَّا حَيْثُ وَجَدَهُمْ لَا غَيْرَ ذَلِكَ، أَرَادَ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرُوا، وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَرَبُّهَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ بِمَوْضِعِ سَرِقَتِهِ وَأَشْهَبُ يُخَيِّرُهُ فِي الْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ أَيْضًا. . (لَا) خِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (إنْ هَزِلَتْ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ رَقَّتْ (جَارِيَةٌ) عِنْدَ غَاصِبِهَا ثُمَّ عَادَتْ لِسِمَنِهَا فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَخْذُهَا (أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ) مَغْصُوبٌ (صَنْعَةً) عِنْدَ الْغَاصِبِ (ثُمَّ عَادَ) الْعَبْدُ لِمَعْرِفَتِهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ قَائِلًا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمَا. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ هَزِلَتْ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا حَصَلَ الْجَبْرُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ فِي الْمَذْهَبِ نَصًّا فِي هَذَا إلَّا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، بَلْ الْغَزَالِيُّ قَالَ فِي وَجِيزِهِ وَلَوْ هَزَلَتْ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا أَوْ أَبْطَلَ صَنْعَةَ الْإِنَاءِ ثُمَّ أَعَادَ مِثْلَهُ فَفِي حُصُولِ الْجَبْرِ وَجْهَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِنَاءَ لَا يَنْجَبِرُ بِذَلِكَ، وَمَسْأَلَةُ الْغَصْبِ عِنْدِي تَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمُودِعِ يَتَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ ثُمَّ يُعِيدُهَا لِحَالِهَا فِي الْمِثْلِيِّ مِنْهَا. وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمَا أَنَّ الْهُزَالَ فِي الْجَارِيَةِ يُوجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانَهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهَا وَمَنْ غَصَبَ شَاةً فَهَرِمَتْ فَهُوَ فَوْتٌ مَعَ قَوْلِهَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي، أَنَّ هُزَالَ الْجَارِيَةِ لَغْوٌ، بِخِلَافِ هُزَالِ الدَّابَّةِ خِلَافُ ذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 112 أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ   [منح الجليل] أَوْ خَصَاهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (فَلَمْ يَنْقُصْ) ثَمَنُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ وَعَدَمُ نَقْصِهِ صَادِقٌ بِبَقَائِهِ بِحَالِهِ وَبِزِيَادَتِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ يَضْمَنُ نَقْصَهُ نَصَّ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي الْجَوَاهِرِ، وَزَادَ وَيُعَاقَبُ " غ " بِهَذَا جَزَمَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَاَلَّذِي فِي رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ عَدَا عَلَى غُلَامٍ فَخَصَاهُ فَزَادَ فِي ثَمَنِهِ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ الْخِصَاءُ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ إذَا لَمْ يُرِدْ تَضْمِينَهُ وَاخْتَارَ حَبْسَهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِ الطَّوْلِ مِنْ الْأَعْرَابِ وَشِبْهِهِمْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخُصْيَانِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَبْدٍ دَنِيءٍ يُنْقِصُ مِنْ مِثْلِهِ الْخِصَاءُ، فَمَا نَقَصَ مِنْهُ كَانَ عَلَى الْجَانِي عَلَى هَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يَقَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي قِيمَتِهِ، فَيَجْعَلَ ذَلِكَ نُقْصَانًا مِنْهَا يَكُونُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ وَذَلِكَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ فِي النَّظَرِ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ إنْ خَصَاهُ فَقَطَعَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَإِنْ قَطَعَهُمَا جَمِيعًا فَقِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ إذَا قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ دِيَتَانِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمُوضِحَةِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قِيمَةٌ بِحِسَابِ الْجُزْءِ مِنْ دِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إذَا زَادَهُ الْخِصَاءُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَشِبْهِهِمَا مِمَّا لَا نُقْصَانَ فِيهِ بَعْدَ بُرْئِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ حَسَنٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ هَذَا هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، زَادَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَمَعَ هَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مَنْ خَصَى عَبْدًا فَنَقَصَهُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ كَجِرَاحِهِ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ نَظَرٌ إلَى مَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْسَطِ صِنْفِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ عُشْرًا كَانَ لَهُ عُشْرُ ثَمَنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ الْخِصَاءُ فِي ثَمَنِهِ الثُّلُثَ، فَعَلَى الْجَانِي ثُلُثَ قِيمَتِهِ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ مِثْلَ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ غَرِمَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ سَاعَدَهُ اللَّفْظُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يُنْقِصُ مِنْهُ الْخِصَاءُ الَّذِي زَادَ فِي قِيمَتِهِ كَمْ كَانَ يُنْقِصُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يُرْغَبْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 113 أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ   [منح الجليل] فِيهِ مِنْ أَجَلِ خِصَائِهِ إذْ لَا شَكَّ فِي نَقْصِ الْخِصَاءِ بَعْضَ مَنَافِعِهِ فَأَرَادَ فِي الرِّوَايَةِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا نَقَصَ مِنْهُ الْخِصَاءُ لَوْ لَمْ يُرْغَبْ فِيهِ لِأَجْلِ خِصَائِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ زَادَ فِيهِ نُظِرَ إلَى عَبْدٍ دَنِيءٍ يُنْقِصُ مِثْلَهُ الْخِصَاءُ، فَيُقَالُ مَا يُنْقِصُهُ أَنْ لَوْ أُخْصِيَ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَيَغْرَمُ الْجَانِي خُمُسَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ النَّبِيلِ الرَّائِعِ أَكْثَرَ مِمَّا يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْوَخْشِ، فَمَا أَوَّلْنَاهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَصَحُّ. وَلِابْنِ عَبْدُوسٍ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْجَانِي، وَاَلَّذِي أَقُولُ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَعَلَى الْجَانِي جَمِيعُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْخِصَاءَ يَقْطَعُ النَّسْلَ، وَفِيهِ فِي الْحُرِّ كَمَالُ الدِّيَةِ فَيَكُونُ فِيهِ فِي الْعَبْدِ كَمَالُ قِيمَتِهِ قِيَاسًا عَلَى مُوضِحَتِهِ وَمُنَقِّلَتِهِ وَمَأْمُومَتِهِ اهـ. الْحَطّ يُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا أَنَّ الْخِصَاءَ لَيْسَ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ لَعَتَقَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَغَرِمَ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ قَطَعَ لَهُ جَارِحَةً أَوْ جَارِحَتَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادًا فَاحِشًا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ اهـ. (أَوْ جَلَسَ) شَخْصٌ (عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ) وَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْقَطَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَالِسِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَلَا يَجِدُ النَّاسُ مِنْ هَذَا بُدًّا فِي الصَّلَوَاتِ وَالْمَجَالِسِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ، وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ " غ " كَذَا لِابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهَا ضَمَانُ مَوْتِ فَرَسِ أَحَدِ الْمُصْطَدِمَيْنِ فِي مَالِ الْآخَرِ، وَحَدُّهُ ضَمَانُ الْجَالِسِ عَلَى الثَّوْبِ وَحْدَهُ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا بِأَخْذٍ مِنْهَا، وَلَا ظَهَرَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا كَمُحْرِمٍ حَبَسَ صَيْدًا لِمُحْرِمٍ فَقَتَلَهُ عب. وَعَلَّلَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ ضَمَانِ الْجَالِسِ أَيْضًا بِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِقَطْعِهِ وَالْجَالِسُ تَسَبَّبَ سَبَبًا ضَعِيفًا، وَالْمُبَاشِرُ يُقَدَّمُ عَلَى ذِي السَّبَبِ الضَّعِيفِ، بِخِلَافِ السَّبَبِ الْقَوِيِّ فَيَضْمَنَانِ مَعًا كَمَا سَيَقُولُ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَعْلِ غَيْرِهِ فَمَشَى صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَ فَيَضْمَنُ الْوَاطِئُ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ وَأَرْشَ نَقْصِ الْأُخْرَى فِيمَا يَظْهَرُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا يُطْلَبُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا، بِخِلَافِ الطُّرُقِ، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ وَمِثْلُ وَطْءِ النَّعْلِ قَطْعُ حَامِلِ حَطَبٍ ثِيَابَ مَارٍّ بِطَرِيقٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَنْذَرَ وَيَنْبَغِي عَدَمُهُ مَعَهُ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَتْحُ بَابٍ أُسْنِدَتْ لَهُ جَرَّةُ زَيْتٍ مَثَلًا فَانْكَسَرَتْ فَقَدْ نَفَى الضَّمَانَ عَنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ فَقَالَ لَمْ أَذْكُرْ فِيهِ نَصًّا لِأَحَدٍ، وَيَجْرِي فِيهِ عَلَى أُصُولِهِمْ قَوْلَانِ تَضْمِينُ الْفَاتِحِ وَعَدَمُهُ وَبِهِ كُنْت أَقْضِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي زَعْبَلٍ مَا نَصُّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رَجُلٍ وَضَعَ جَرَّةً حِذَاءَ بَابِ رَجُلٍ فَفَتَحَ الرَّجُلُ بَابَهُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِالْجَرَّةِ، وَقَدْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ وَغَيْرَ مَمْنُوعٍ أَنْ يَفْتَحَ بَابَهُ، وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ فَضَمَّنَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ هُوَ فِي نَفْسِ مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِذَاءَ بَابِ رَجُلٍ مَعَ قَوْلِهِ أَخِيرًا أَنْ يَفْتَحَ بَابَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْجَرَّةَ لَمْ تُوضَعْ عَلَى خَشَبِ الْبَابِ، بَلْ بِقُرْبِهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَمْ أَعْرِفْ فِيهَا نَصًّا، وَفَرَّقَ بَعْضَ الشُّيُوخِ بَيْنَ فَتْحِ الْبَابِ الْمَعْهُودِ فَتْحُهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَبَيْنَ فَتْحِ الْمَعْهُودِ عَدَمُ فَتْحِهِ فَيَضْمَنُ قُلْت وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَوْتِ الصَّيْدِ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. الشَّعْبِيُّ مَنْ أَفْتَى بِغُرْمِ مَا لَا يَجِبُ فَقَضَى بِهِ غَرِمَهُ، قَالَهُ أَصْبَغُ بْنُ خَلِيلٍ اهـ. عب اخْتَارَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ سَوَاءٌ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ، وَحَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ، وَنَسَبَهُمَا لِابْنِ سَهْلٍ، ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ سَهْلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ الْآنَ اهـ. وَالظَّاهِرُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ، وَأَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَنَقَلَهُ الْوَانُّوغِيُّ، وَنَصُّهُ سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الَّذِي جَعَلَ جَرَّةً عَلَى بَابِ رَجُلٍ فَفَتَحَ الْبَابَ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ فَيَضْمَنُهَا الْفَاتِحُ، وَبَيْنَ مَنْ بَنَى تَنُّورًا فِي دَارِهِ لِخَبْزِهِ فَاحْتَرَقَتْ مِنْهُ الدَّارُ وَبُيُوتُ الْجِيرَانِ فَلَا يَضْمَنُ حَسْبَمَا فِي كِتَابِ الدُّورِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 أَوْ دَلَّ لِصًّا،   [منح الجليل] وَإِيقَادِ التَّنُّورِ، فَقَالَ الْفَرْقُ أَنَّ فَاتِحَ الْبَابِ كَانَ فَتْحُهُ لَهُ وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْجَرَّةِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُبَاشِرٌ لِكَسْرِهَا، وَالْبَانِي أَوَّلُ فِعْلِهِ جَائِزٌ وَلَا جِنَايَةَ فِيهِ، وَإِنَّمَا نَشَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُبَاشِرٍ فَافْتَرَقَا. الْوَانُّوغِيُّ لَمْ يَقِفْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْهَا مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ مَاءً أَوْ نَارًا فَوَصَلَ لِأَرْضِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ، فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا ذَلِكَ فَتَحَامَلَتْ النَّارُ بِرِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ذَلِكَ لِقُرْبِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَا الْمَاءُ وَمَا قَتَلَتْ النَّارُ مِنْ نَفْسٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ مُرْسِلِهَا، وَمِثْلُهُ لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْمَازِرِيُّ مَنْ نَصَبَ شَبَكَةً لِحِرْزِ غَنَمِهِ مِنْ الذِّئْبِ فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَهُ مَعْنَاهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا آدَمِيٌّ اهـ. . (أَوْ دَلَّ لِصًّا) بِكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ سَارِقًا عَلَى مَالٍ فَسَرَقَهُ أَوْ دَلَّ غَاصِبًا عَلَى مَالٍ فَغَصَبَهُ، وَلَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا عَرَفَاهُ فَلَا يَضْمَنُهُ الدَّالُّ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَضَمَّنَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا " ق " أَبُو مُحَمَّدٍ مَنْ أَخْبَرَ بِمُطْمَرِ رَجُلٍ سَارِقًا أَوْ أَخْبَرَ بِهِ غَاصِبًا، وَقَدْ بَحَثَ عَنْ مُطْمَرِهِ أَوْ مَالِهِ فَدَلَّهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَلَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا عَرَفُوهُ فَضَمَّنَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ بَعْضُهُمْ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَمَّا الرَّجُلُ يَأْتِي السُّلْطَانُ بِأَسْمَاءِ قَوْمٍ وَمَوَاضِعِهِمْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَظْلِمُهُمْ بِهِ السُّلْطَانُ ظُلْمٌ فَيَنَالُهُمْ بِسَبَبِ تَعْرِيفِهِ بِهِمْ غُرْمٌ أَوْ عُقُوبَةٌ فَأَرَاهُ ضَامِنًا لِمَا غَرَّمَهُمْ مَعَ الْعُقُوبَةِ الْمُوجِعَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ إذَا دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِمَا الْجَزَاءُ جَمِيعًا وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَجْرِي مَسَائِلُ الدَّالِّ فِيمَا ذَكَرْنَا. الْمَازِرِيُّ فِي ضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ بِقَوْلٍ كَصَيْرَفِيٍّ قَالَ فِيمَا عَلِمَهُ زَائِفًا طَيِّبًا، وَكَخَبَرٍ عَمَّنْ أَرَادَ صَبَّ زَيْتٍ فِي إنَاءٍ مَعَ عِلْمِهِ مَكْسُورًا بِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَكَدَالٍّ ظَالِمًا عَلَى مَالٍ أَخْفَاهُ رَبُّهُ عَنْهُ قَوْلَانِ، كَقَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ مَنْ دَلَّ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ بِدَلَالَتِهِ. الْحَطّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ، وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ: كَكَسْرِهِ؛ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ أَوْ أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً   [منح الجليل] اُنْظُرْ كَيْفَ مَشَى هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هُنَا لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَلَالَةِ الْمُحْرِمِ عَلَى الصَّيْدِ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ، وَنَقَلَ فِيهَا الْقَوْلَيْنِ بِالتَّضْمِينِ وَعَدَمِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَنَا أَقُولُ بِتَضْمِينِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ التَّغْرِيرِ، وَكَذَا نَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ أَفْتَى بِالضَّمَانِ. (أَوْ) غَصَبَ مَصُوغًا وَكَسَرَهُ (وَأَعَادَ) الْغَاصِبُ شَيْئًا (مَصُوغًا) بَعْدَ كَسْرِهِ (عَلَى حَالِهِ) الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِمُجَرَّدِ كَسْرِهِ وَاسْتَظْهَرَ " ق ". ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابَ فِيمَنْ كَسَرَ حُلِيًّا اغْتَصَبَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى هَيْئَتِهِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَاغَةَ غَيْرُ تِلْكَ، فَكَأَنَّهُ أَفَاتَ الْحُلِيَّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَفَاتَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ (وَ) إنْ أَعَادَهُ (عَلَى غَيْرِهَا) أَيْ حَالِهِ الْأَوَّلِ (فَقِيمَتُهُ) أَيْ الْمَصُوغِ يَضْمَنُهَا غَاصِبُهُ. " ق " ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ صَاغَهُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَتِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ فَقَالَ (كَكَسْرِهِ) أَيْ الْمَصُوغِ غَاصِبُهُ وَلَمْ يَصُغْهُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، إلَى هَذَا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ قَبْلَهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ صِيَاغَتِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَلْزَمُهُ صَوْغُهُ عَلَى حَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ (أَوْ غَصَبَ) أَيْ قَصَدَ الْغَاصِبُ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى الشَّيْءِ قَهْرًا تَعَدِّيًا (مَنْفَعَةً) أَيْ اسْتِيفَاءَهَا لَا تَمَلُّكَ الذَّاتِ (فَتَلِفَتْ الذَّاتُ) الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا مَنْفَعَتُهَا فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُتَعَدِّي. " ق " ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سَكَنَ دَارًا غَاصِبًا لِلسُّكْنَى مِثْلَ مَا سَكَّنَ السَّوْدَة حِينَ دَخَلُوا فَانْهَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا قِيمَةَ السُّكْنَى، إلَّا أَنْ تَنْهَدِمَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَمَّا لَوْ غَصَبَ رَقَبَةَ الدَّارِ فَانْهَدَمَتْ ضَمِنَ مَا انْهَدَمَ وَكِرَاءَ مَا سَكَنَ وَقَالَهُ أَصْبَغُ (أَوْ أَكَلَهُ) أَيْ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ (مَالِكُهُ) أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ، أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ   [منح الجليل] الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنْ قَدَّمَهُ لَهُ غَاصِبُهُ (ضِيَافَةً) فَأَكَلَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ طَعَامُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَاصِبِهِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ وَمَالِكَهُ بَاشَرَ وَأَحْرَى إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ حِينَ أَكَلَهُ أَنَّهُ طَعَامُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ ضِيَافَةً لَشَمِلَ أَكْلَهُ مُكْرَهًا مِنْ غَاصِبِهِ وَأَكْلَهُ خُفْيَةً عَنْهُ بِأَنْ دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ وَأَكَلَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ غَاصِبُهُ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَدَّمَ الْغَاصِبُ الطَّعَامَ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ، بَلْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ لَبَرِئَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا أَكَلَهُ طَائِعًا فَلَمْ أَعْرِفْهُ لِغَيْرِهِ وَالْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يُحَاسَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يَقْضِي عَلَيْهِ، لَوْ أَطْعَمَهُ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ بِسَرَفٍ فِي حَقِّ الْآكِلِ. وَأَمَّا أَكْلُهُ مُكْرَهًا فَهُوَ كَمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى إتْلَافِ مَالٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ. . (أَوْ نَقَصَتْ) قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ (لِ) تَغَيُّرِ (السُّوقِ) أَيْ الْقِيمَةِ وَالْمَغْصُوبُ بَاقٍ بِحَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَاصِبِهِ. " ق " فِيهَا مَا اغْتَصَبَهُ غَاصِبٌ فَأَدْرَكَهُ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى نَقْصِ قِيمَتِهِ بِاخْتِلَافِ سُوقِهِ طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ سِنِينَ أَوْ كَانَ سَاعَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ بَدَنِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي فِي حَبْسِ الدَّابَّةِ مِنْ مُكْتَرٍ وَمُسْتَعِيرٍ يَأْتِي بِهَا أَحْسَنَ حَالًا، فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ الْكِرَاءِ أَوْ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي لِأَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا إلَّا فِي الْحَبْسِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ سُوقٌ أَوْ بَدَنٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَصْلُهُ الْأَمَانَةِ فَتَعَدَّى فِيهِ بِإِكْرَاءٍ أَوْ رُكُوبٍ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ فَهَذَا سَبِيلُهُ، وَهُوَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ. ابْنُ يُونُسَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْمُتَعَدِّي وَكَمَا كَانَ يَضْمَنُ فِي النَّقْصِ الْيَسِيرِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ فِي نَقْصِ السُّوقِ، وَقَدْ نَحَا ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا لَوْلَا خَوْفُهُ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (أَوْ) غَصَبَ دَابَّةً وَسَافَرَ بِهَا وَ (رَجَعَ) الْغَاصِبُ (بِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (مِنْ سَفَرٍ) وَلَمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 وَلَوْ بَعُدَ:   [منح الجليل] تَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهَا الَّذِي غَصَبَهَا وَهِيَ بِهِ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا كِرَائِهَا إنْ قَصُرَ السَّفَرُ، بَلْ (وَلَوْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ طَالَ أَفَادَهُ تت. " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ مَا اغْتَصَبَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَرَقَ وَطَالَ مُكْثُهُ بِيَدِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ سُوقِهِ، بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ، ثُمَّ قَالَ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إنْ سَافَرَ غَاصِبُ الدَّابَّةِ سَفَرًا بَعِيدًا ثُمَّ رَدَّهَا بِحَالِهَا خُيِّرَ رَبُّهَا. ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَمْرُ الْمُكْتَرِي وَالْغَاصِبِ وَاحِدٌ. الْحَطّ قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ الْغَاصِبِ لَيْسَ بِفَوْتٍ يُوجِبُ تَخْيِيرَ رَبِّهَا فِيهَا، وَفِي قِيمَتِهَا، وَلِيُبَيِّنَ أَنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَعَدِّي كَالْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَيْسَ مُعَارِضًا لِمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكِرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ يَحْتَاجُ أَنْ يُقَيِّدَ مَا تَقَدَّمَ بِذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَمَّا عَدَّدَ بَعْضَ مَا يَكُونُ فَوْتًا يُوجِبُ تَخْيِيرَ رَبِّ السِّلْعَةِ فِيهَا وَفِي قِيمَتِهَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ رَجَعَ بِالدَّابَّةِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ بِحَالِهَا فَلَا يَلْزَمُ سِوَاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، بِخِلَافِ تَعَدِّي الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ، وَفِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ اُسْتُغِلَّ أَوْ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْحَصْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَلْزَمْ سِوَاهَا، يَحْتَمِلُ أَنْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءٌ فِي سَفَرِهِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ الَّتِي يُخَيَّرُ فِيهَا رَبُّ الدَّابَّةِ فِي التَّعَدِّي لَا كِرَائِهَا. اهـ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَقْوَالَ فِي الْغَلَّةِ قَالَ فِي كَلَامِهِ هُنَا يَحْتَمِلُ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلًا إلَّا الْمَشْهُورَ، وَهُوَ ضَمَانُ غَلَّةِ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَعْمَلِ مُطْلَقًا، فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُقَيَّدَ فَيَصِحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي تَقْرِيرُ تت يُنَاقِضُ تَعْمِيمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ غَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 119 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِيهَا وَمَا اغْتَصَبَ أَوْ سَرَقَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ فَاسْتَعْمَلَهَا شَهْرًا وَطَالَ مُكْثُهَا بِيَدِهِ أَوْ أَكْرَاهَا وَقَبَضَ كِرَاءَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ كِرَائِهَا، وَإِنَّمَا لِرَبِّهَا عَيْنُ شَيِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهَا إذَا كَانَتْ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنٍ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ سُوقٍ وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ هُوَ مَا شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَازِرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ لَا يَرُدُّ غَلَّةَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ، بِخِلَافِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَلَك أَنْ تَخُصَّ قَوْلَهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ بِغَيْرِ الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَتَقْرِيرُ تت فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ، وَأَصْلُهُ لِلتَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ رَجَعَ بِالدَّابَّةِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ بِحَالِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا تَقْرِيرُ الْحَطّ لِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ أَنَّهُ بَيَّنَ بِهِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَيْسَ بِفَوْتٍ يُوجِبُ خِيَارَ رَبِّهَا فِيهَا وَفِي قِيمَتِهَا، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ فَبَعِيدٌ عَنْ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَاذَاةَ الْمُدَوَّنَةِ، بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالسَّارِقِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْكِرَاءِ فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ، فَأَفَادَ أَنَّ مُرَادَهُ نَفْيُ الْكِرَاءِ فِي الْغَاصِبِ، فَهُوَ كَقَوْلِهَا عَقِبَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ كِرَاءُ مَا رَكِبَا مِنْ الدَّوَابِّ، بِخِلَافِ مَا سُكِنَ مِنْ الرَّبْعِ أَوْ زُرِعَ. وَأَمَّا الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُسْتَعِيرُ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا أَوْ يَحْبِسُهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يَرْكَبْهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ أَخْذِهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهِ إيَّاهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ، وَلَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْمُكْتَرِي الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَالسَّارِقُ أَوْ الْغَاصِبُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ وَلَا كِرَاءٌ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْلَا مَا قَالَهُ مَالِكٌ لَجَعَلَتْ عَلَى السَّارِقِ كِرَاءَ رُكُوبِهِ إيَّاهَا أَوْ أُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا كَالْمُكْتَرِي، وَلَكِنْ آخُذُ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَبِنَصِّهَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِهِ وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ إلَخْ مِنْ الْإِجْمَالِ، وَقَدْ تَوَلَّى تَفْصِيلَهُ الْحَطَّابُ وَ " ج ". الجزء: 7 ¦ الصفحة: 120 كَسَارِقٍ، وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ: كِرَاءُ الزَّائِدِ، إنْ سَلِمَتْ، وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ، وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ وَإِنْ تَعَيَّبَ، وَإِنْ قَلَّ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا، أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ، خُيِّرَ فِيهِ:   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَالَ (كَسَارِقٍ) دَابَّةً سَافَرَ بِهَا وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُهَا وَلَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا أَوْ طَالَ حَبْسُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (وَلَهُ) أَيْ الْمَالِكِ (فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ دَابَّةً الْمَسَافَةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لَهَا أَوْ الْحَمْلُ كَذَلِكَ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُسْتَعِيرَ (كِرَاءُ الزَّائِدِ) عَلَى الْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ أَوْ الْمُسْتَعَارِ لَهَا أَوْ الْحَمْلِ كَذَلِكَ (إنْ سَلِمَتْ) الدَّابَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً رَبُّهَا (فِي) كِرَاءِ (هـ) أَيْ الزَّائِدِ مَعَهَا (وَفِي قِيمَتِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ مُعْتَبَرَةً (وَقْتَهُ) أَيْ التَّعَدِّي. " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ يَتَعَدَّى ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا أَنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهِ إيَّاهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي، بِخِلَافِ السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ زَادَ مُكْتَرِي الدَّابَّةِ أَوْ مُسْتَعِيرُهَا فِي الْمَسَافَةِ مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ وَخُيِّرَ رَبُّهَا، فَإِمَّا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ كِرَاءَ الزِّيَادَةِ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالزِّيَادَةُ يَسِيرَةٌ مِثْلُ الْبَرِيدِ وَالْيَوْمِ وَشِبْهِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ كِرَاءُ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ، عَنَى بِهِ الزَّائِدَ الْيَسِيرَ. . (وَإِنْ تَعَيَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَغْصُوبُ الْمُقَوَّمُ بِسَمَاوِيٍّ وَهُوَ فِي حَوْزِ غَاصِبِهِ إنْ كَثُرَ عَيْبُهُ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) عَيْبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْقَلِيلِ بِقَوْلِهِ (كَكَسْرِ) أَيْ انْكِسَارِ وَارْتِخَاءِ (نَهْدَيْهَا) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْهَاءِ مُثَنَّى نَهْدٍ كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، أَيْ ثَدْيَيْ الْجَارِيَةِ وَكَانَتْ حِينَ غَصْبِهَا قَائِمَتَهُمَا (أَوْ جَنَى هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ (أَوْ) جَنَى (أَجْنَبِيٌّ) عَلَى الْمَغْصُوبِ، وَجَوَابُ إنْ تَعَيَّبَ قَوْلُهُ (خُيِّرَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 كَصَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ وَأَخْذِ ثَوْبِهِ، وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ   [منح الجليل] بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الْمَالِكُ (فِيهِ) أَيْ الْمَعِيبِ وَفِيهِ إجْمَالٌ، وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهُوَ تُعَيِّبُهُ بِسَمَاوِيٍّ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الْمَغْصُوبِ بِلَا أَرْشٍ لِعَيْبِهِ وَتَرْكِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. قَالَ فِيهَا وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ بِيَدِ غَاصِبِهَا مِنْ عَيْبٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا مَعِيبَةً أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُلْزِمَ رَبَّهَا أَخْذَهَا وَيُعْطِيهِ مَا نَقَصَهَا إذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَ قِيمَتِهَا. اهـ. وَذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا. وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ تُعَيِّبُهُ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ الْغَاصِبِ وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ مِنْهُ يَوْمَ غَصْبِهِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ الْجَارِيَةِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَمَا نَقَصَهَا أَوْ يَدَعَهَا وَيَأْخُذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا. ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَهَا أَرَادَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا قَوْلَيْنِ هَذَا، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا بِغَيْرِ أَرْشٍ أَوْ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ الْمَذْهَبَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت، وَلَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ الثَّانِيَ وَلَا مَنْ شَهَّرَهُ. وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ تُعَيِّبُهُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ يُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ عَيْبِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ مِنْ الْغَاصِبِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ قَطَعَ يَدَهَا أَيْ الْجَارِيَةِ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُ الْغَاصِبِ بِمَا نَقَصَهَا، وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا، ثُمَّ لِلْغَاصِبِ اتِّبَاعُ الْجَانِي بِمَا جَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ شَاءَ رَبُّهَا أَخَذَهَا وَاتَّبَعَ الْجَانِيَ بِمَا نَقَصَهَا دُونَ الْغَاصِبِ. اهـ. وَذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا، أَفَادَهُ الْحَطّ. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ (كَصَبْغِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ ثَوْبًا أَبْيَضَ فَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِأَنْ زَادَتْ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا فَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (فِي) أَخْذِ (قِيمَتِهِ) أَبْيَضَ يَوْمَ غَصْبِهِ (أَوْ أَخْذِ ثَوْبِهِ) مَصْبُوغًا (وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا صَبَغَ بِهِ كَالزَّعْفَرَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ، وَدَفْعِ قِيمَةَ نَقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا؛   [منح الجليل] لِلْغَاصِبِ، وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِصَبْغِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَرْشِ نَقْصِهِ، أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا صَبَغَ الثَّوْبَ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالثَّوْبِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصِّبْغِ، أَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِيمَا ذُكِرَ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قَيَّدْنَا بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ فِي قَسِيمِهِ أَمَّا لَوْ نَقَصَتْ إلَخْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ عَيْبٌ فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ اهـ. قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ إلَخْ نَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِذَا كَانَ عَيْبًا فَالظَّاهِرُ أَنْ يَغْرَمَ الْغَاصِبُ الْأَرْشَ إذَا اخْتَارَ رَبُّ الثَّوْبِ أَخْذَهُ لِحُدُوثِهِ مِنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ تَغْرِيمُهُ الْأَرْشَ مَعَ أَخْذِ السِّلْعَةِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْهَا وَلَك أَخْذُ مَا خَاطَهُ الْغَاصِبُ بِلَا غُرْمِ أَجْرِ الْخِيَاطَةِ لِتَعَدِّيهِ. قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ بِإِدْخَالِ صَنْعَةٍ فِي الْمَغْصُوبِ فَأَشْبَهَ الْبِنَاءَ وَالْخِيَاطَةُ مُجَرَّدُ عَمَلٍ فَأَشْبَهَتْ التَّزْوِيقَ. (وَ) إنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَيُخَيَّرُ مَالِكُهَا (فِي) أَخْذِ (بِنَائِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ أَوْ غَرْسِهِ (وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَنْقُوضًا (بَعْدَ سُقُوطِ) أُجْرَةِ (كُلْفَةٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ نَقْضِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ (لَمْ يَتَوَلَّهَا) أَيْ يُبَاشِرُ الْغَاصِبُ الْكُلْفَةَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِابْتِيَاعِهِ، أَيْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ شَأْنُهُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهَا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ تَوَلِّيَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَحْوِ خَدَمِهِ فَلَا يَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ شَيْءٌ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ بِهَدْمِ بِنَائِهِ أَوْ قَلْعِ شَجَرِهِ وَنَقْلِ أَنْقَاضِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا غَرْسًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا قِيلَ لِلْغَاصِبِ اقْلَعْ الْأُصُولَ وَالْبِنَاءَ إنْ كَانَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ، إلَّا أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ، وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ،   [منح الجليل] يَشَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْأَصْلِ مَقْلُوعًا. ابْنُ الْمَوَّازِ بَعْدَ طَرْحِ أُجْرَةِ الْقَلْعِ فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مِمَّنْ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِعَبِيدِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُحَطُّ مِنْ ذَلِكَ أَجْرُ الْقَلْعِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ دَحُونٍ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ هَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَدْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بُنْيَانِ الْغَاصِبِ مَا لَهُ قِيمَةٌ إذَا قَلَعَهُ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، وَنَصُّهَا وَكُلُّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْغَاصِبِ بَعْدَ قَلْعِهِ كَالْجِصِّ وَالنَّقْشِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ، وَكَذَا مَا حَفَرَ مِنْ بِئْرٍ. اهـ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذَ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ قَلْعِهِ بِلَا عِوَضٍ. . (وَ) إنْ غَصَبَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَوَطِئَهَا فَيَضْمَنُ (مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْفَرْجِ بِالتَّفْوِيتِ أَيْ الْوَطْءِ، فَعَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً (وَ) إنْ غَصَبَ شَخْصًا حُرًّا وَاسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ فَيَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الشَّخْصِ (الْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ) أَيْ الِاسْتِعْمَالِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ الْبُضْعَ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ الْحُرَّةَ وَلَا الْأَمَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ اخْتَلَى بِهَا وَمَنَعَهَا مِنْ التَّزَوُّجِ وَالْوِلَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ رَائِعَةً وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْحُرَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُ وَلَوْ عَطَّلَهُ عَنْ عَمَلِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً. ابْنُ شَاسٍ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ، فَفِي وَطْءِ الْحُرَّةِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ لَا يُضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا فِي السَّرِقَةِ وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ إنْ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا فِي مُتَعَمِّدَةٍ إرْضَاعَ مَنْ يُوجِبُ رَضَاعُهَا فَسْخَ نِكَاحٍ، وَاخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَمَنْ مَنَعَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً التَّزْوِيجَ فَلَا يَضْمَنُ صَدَاقًا، لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَا يَتَخَرَّجْ مِنْهُ خِلَافٌ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّخْرِيجِ لَمْ أَعْرِفْهُ لِأَحَدٍ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِي النِّكَاحِ مَا يُنَاسِبُ هَذَا الْأَصْلَ، وَهُوَ مَنْعُ مَنْفَعَةِ النِّكَاحِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 124 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَعَدِّيًا إلَّا قَوْلَ اللَّخْمِيِّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ بَاعَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ بِمَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ زَوْجُهَا عَلَى جِمَاعِهَا فِيهِ فَلَهُ الصَّدَاقُ، وَلَا أَرَى لِلزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ شَيْئًا إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا أَوْ مِنْ سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِشَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى تَخْرِيجِ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْغَصْبِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ تَامٍّ، وَهَذَا لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَقُلْ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ بِالْعُضْوِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا إنَّمَا اخْتَارَ سُقُوطَ عِوَضِهَا الْمَالِيِّ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ عِوَضًا فِيهَا لِطَالِبِهِ بِتَعَمُّدِ إتْلَافِهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْمَالِ بِالتَّعَدِّي ثُبُوتُ الْمَالِ عَنْ مُجَرَّدِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِيٍّ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِوَضٌ مَالِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَخَرَّجَ فِيهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ مَا عَطَّلَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا وَالْعَبْدِ يَمْنَعُ مِنْهُ سَيِّدَهُ مُدَّةً، ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ، وَهَذَا أَيْضًا لَمْ أَعْرِفْهُ لِلْمَازِرِيِّ، إنَّمَا ذَكَرَ إذَا غَابَ غَاصِبٌ عَلَى رَائِعَةٍ شَكَّ فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا فِي ضَمَانِهِ إيَّاهَا قَوْلَا الْأَخَوَيْنِ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ أَنَّ شَهِيدَيْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ إذَا رَجَعَا فَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا. وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " غَرَامَتَهُمَا لِإِتْلَافِهِمَا مَنَافِعَ الْبُضْعِ، وَهِيَ مِمَّا يُقَدَّمُ عَلَى الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، وَاعْتَمَدَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ أَرْضَعَتْ كُبْرَاهُمَا صُغْرَاهُمَا فَحَرُمَتَا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهَا فِيمَا حَرَّمَتْ بِهِ فَرْجَهَا عَلَيْهِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ زَوْجَةَ رَجُلٍ لَا يَغْرَمُ لَهُ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ مِنْ مُتْعَةٍ. وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا هُوَ نَصُّهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَالْأَمَةُ كَالسِّلْعَةِ عَلَى وَاطِئِهَا غَصْبًا مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا، وَمِثْلُهُ فِي الْقَذْفِ وَفِي الرُّهُونِ مِنْهَا إنْ وَطِئَ الْأَمَةِ مُرْتَهِنُهَا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا، وَكَذَا إنْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَالْمُرْتَهِنُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. قُلْت فِي تَفْرِقَتِهِ فِي الثَّيِّبِ بَيْنَ وَطْئِهَا طَائِعَةً وَمُكْرَهَةً نَظَرٌ وَالصَّوَابُ عَكْسُ تَفْرِقَتِهِ، لِأَنَّهُ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا طَائِعَةً أَحْدَثَ فِيهَا عَيْبًا هُوَ زِنَاهَا وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فِي وَطْئِهَا مُكْرَهَةً لِأَنَّهَا غَيْرُ زَانِيَةٍ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ زِنَاهَا عَيْبٌ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 125 كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ، وَمَنْفَعَةَ غَيْرِهِمَا بِالْفَوَاتِ وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ لِمُغَرِّمٍ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (حُرٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ (بَاعَهُ) أَيْ الْحُرَّ شَخْصٌ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ (وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ) أَيْ الْحُرِّ وَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ ظُنَّ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَيُكَلَّفُ بَائِعُهُ بِطَلَبِهِ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ أُغْرِمَ دِيَتَهُ كَامِلَةً لِوَرَثَتِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ رُشْدٍ نَزَلْت بِطُلَيْطِلَةَ فَكَتَبَ قَاضِيهَا لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ قَاضِي قُرْطُبَةَ، فَجَمَعَ ابْنُ بَشِيرٍ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَفْتَوْا بِذَلِكَ، فَكَتَبَ أَنْ غَرِّمْهُ دِيَتَهُ كَامِلَةً فَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا. الْحَطّ فِي مَسَائِلِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَكِتَابِ الِاسْتِيعَابِ وَكِتَابِ الْفُصُولِ فِيمَنْ بَاعَ حُرًّا مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ، قَالَ يُحَدُّ أَلْفَ جَلْدَةٍ وَيُسْجَنُ سَنَةً، فَإِذَا أُيِسَ مِنْهُ أَدَّى دِيَتَهُ إلَى أَهْلِهِ اهـ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ أَلْفَ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي عُقُوبَةِ قَاتِلِ الْعَمْدِ مِائَةً. ابْنُ يُونُسَ مَنْ اتَّفَقَ مَعَ حُرٍّ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِالرَّقَبَةِ لِيَبِيعَهُ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ فَفَعَلَا وَهَلَكَ الْبَائِعُ فَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ الثَّمَنَ لِلْمُبْتَاعِ لِتَغْرِيرِهِ. (وَ) يَضْمَنُ الْمُتَعَدِّي مَنْفَعَةَ (غَيْرِهِمَا) أَيْ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ (بِالْفَوَاتِ) أَيْ عَدَمِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَعَدِّي، وَلَا بِاسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ كَدَارٍ غَلَّقَهَا وَرَقِيقٍ وَدَابَّةٍ حَبَسَهُمَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُمَا عِنْدَ مُطَرِّفٍ. وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَصُوِّبَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ ضَمَانِهَا بِفَوَاتِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا قَوْلَيْنِ مَشْهُورًا وَمُصَوَّبًا قَالَهُ تت. " غ " هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ اعْتَمَدَ الْمَشْهُورَ أَوَّلًا وَالْمُصَوَّبَ ثَانِيًا. " ق " لَمْ يَذْكُرْ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَدْ قَالَ ضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ. عب هَذَا إذَا غَصَبَ الْمَنْفَعَةَ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ لِأَنَّهُ فِي غَاصِبِ الذَّاتِ وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ. . (وَ) إنْ شَكَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَاصِبَهُ لِظَالِمٍ فَغَرَّمَهُ زَائِدًا عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ فَ (هَلْ يَضْمَنُ) مَغْصُوبٌ مِنْهُ (شَاكِيهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (لِ) شَخْصٍ (مُغَرِّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 126 زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّسُولِ إنْ ظَلَمَ، أَوْ الْجَمِيعَ، أَوْ لَا؟ أَقْوَالٌ   [منح الجليل] الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ صِلَةُ شَاكِي وَفَتْحُهَا صِلَةُ يَضْمَنُ مَالًا (زَائِدًا عَلَى قَدْرِ) أُجْرَةِ (الرَّسُولِ) الَّذِي يَجْلِبُهُ لِلْقَاضِي (إنْ ظَلَمَ) الشَّاكِي فِي شَكْوَاهُ بِأَنْ وَجَدَ حَاكِمًا مُنْصِفًا وَاشْتَكَاهُ إلَى الظَّالِمِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ وَيُغَرِّمَهُ زَائِدًا عَمَّا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ. وَمَفْهُومُ إنْ ظَلَمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْلِمْ فِي شَكْوَاهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنُهُ أَخْذُ حَقِّهِ إلَّا بِشَكْوَاهُ لِلظَّالِمِ فَلَا يَغْرَمُ الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ، وَيَغْرَمُ أُجْرَتَهُ فَقَطْ لِأَنَّهَا عَلَى الطَّالِبِ. (أَوْ) يَضْمَنُ الشَّاكِي لِمُغَرِّمِ الظَّالِمِ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَا غَرَّمَهُ الظَّالِمُ لِلْمَشْكُوِّ ابْنُ يُونُسَ بِهِ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا وَإِنْ لَمْ يَظْلِمْ فِي شَكْوَاهُ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا أَصْلًا (أَوْ لَا) يَضْمَنُ لِلشَّاكِي شَيْئًا مُطْلَقًا، وَإِنْ ظَلَمَ فِي شَكْوَاهُ وَإِنْ أَثِمَ وَأُدِّبَ إنْ ظَلَمَ وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ. " ق " ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِ مَنْ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَالْمُعْتَدِي يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ إلَيْهِ يَتَجَاوَزُ فِي ظُلْمِهِ، وَيُغَرِّمُهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ، وَقَدْ أَثِمَ، وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُفْتِي فِي مِثْلِ هَذَا إذَا كَانَ هَذَا السَّاعِي إلَى السُّلْطَانِ الظَّالِمِ أَوْ الْعَامِلِ وَهُوَ ظَالِمٌ لَهُ فِي شَكْوَاهُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا أَغْرَمَهُ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ، وَإِنْ كَانَ السَّاعِي مَظْلُومًا وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْتَصِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَشَكَاهُ فَأَغْرَمَهُ السُّلْطَانُ وَعَدَا عَلَيْهِ ظُلْمًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الشَّاكِي لِأَنَّ النَّاسَ يَلْجَئُونَ مِنْ الظَّلَمَةِ إلَى السُّلْطَانِ، وَيَلْزَمُ السُّلْطَانَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَغْرَمَ الشَّاكِيَ ظُلْمًا، وَكَذَلِكَ مَا أَغْرَمَتْ الرُّسُلُ إلَى الْمَشْكِيِّ وَهُوَ مِثْلُ مَا أَغْرَمَهُ السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ ظُلْمِ الشَّاكِي وَعَدَمِهِ، وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّاكِي رَجُلًا فِي إحْضَارِ الْمَشْكِيِّ، فَذَلِكَ عَلَى الشَّاكِي عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا أَغْرَمَتْهُ الرُّسُلُ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ حَسْبَمَا قَدَّمْنَاهُ. " غ " زَائِدًا مَفْعُولُ يَضْمَنُ، وَفَاعِلُ ظَلَمَ الشَّاكِي. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَمْ يَغْرَمْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ فَقَطْ قَوْلُهُ أَوْ الْجَمِيعَ أَيْ أَوْ يَضْمَنَ إنْ ظَلَمَ جَمِيعَ الْمَغْرَمِ مِنْ قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَالزَّائِدَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 127 وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ، وَلَوْ غَابَ   [منح الجليل] لَمْ يَظْلِمْ لَا يَغْرَمُ الْقَدْرَ وَلَا الزَّائِدَ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ قَوْلِهِ أَوَّلًا، أَيْ أَوْ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي الظَّالِمُ شَيْئًا فَأَحْرَى إنْ لَمْ يَظْلِمْ فَهَذَا مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَاَللَّذَانِ قَبْلَهُ مَفْهُومَا مُخَالَفَةٍ، فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَقْوَالِ ابْنِ يُونُسَ الثَّلَاثَةِ. وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ، وَنَصُّهُ الْمَازِرِيُّ فِي ضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ فِي إتْلَافٍ بِقَوْلِهِ كَصَيْرَفِيٍّ، قَالَ فِيمَا عَلِمَهُ زَائِفًا طَيِّبًا وَكَخَبَرِ مَنْ أَرَادَ صَبَّ زَيْتٍ فِي إنَاءٍ عَلِمَهُ مَكْسُورًا بِأَنَّهُ صَحِيحٌ، وَكَدَالٍّ ظَالِمًا عَلَى مَا أَخْفَاهُ رَبُّهُ عَنْهُ قَوْلَانِ، وَعَزَاهُمَا أَبُو مُحَمَّدٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. الْمَازِرِيُّ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ مَنْ دَلَّ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ بِدَلَالَتِهِ، وَلَوْ شَكَا رَجُلٌ رَجُلًا لِظَالِمٍ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِي الْمَشْكُوِّ أَوْ يُغَرِّمُهُ مَالًا وَالْمَظْلُومُ لَا تِبَاعَةَ لِلشَّاكِي عَلَيْهِ، فَفِي ضَمَانِ الشَّاكِي مَا غَرِمَهُ الْمَشْكُوُّ قَوْلَانِ، وَثَالِثُهَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا. الْحَطّ اُنْظُرْ إذَا شَكَاهُ لِظَالِمٍ لَا يَتَوَقَّفُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فَضَرَبَهُ حَتَّى مَاتَ، فَهَلْ يَلْزَمُ الشَّاكِيَ شَيْءٌ أَمْ لَا اهـ. قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ كَحُرٍّ بَاعَهُ إلَخْ، فَقَدْ قَالُوا لَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ، بَلْ كُلُّ مَنْ فَعَلَ بِحُرٍّ فِعْلًا تَعَذَّرَ عَوْدُهُ مَعَهُ، فَهَذَا حُكْمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. . (وَمَلَكَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (إنْ اشْتَرَاهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حَاضِرًا بِبَلَدِ شِرَائِهِ، بَلْ (وَلَوْ غَابَ) الْمَغْصُوبُ بِبَلَدٍ آخَرَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَتُهُ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ إنَّمَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ غَائِبًا إذَا عَرَفَ قِيمَتَهُ وَبَذَلَ مَا يَجُوزُ بَذْلُهُ فِيهَا، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ مُدَّةً، وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ، وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةٌ تَرَدُّدٌ. " غ " أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِهَا فِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَلَوْ غَصَبَك جَارِيَةً جَازَ أَنْ تَبِيعَهَا مِنْهُ هِيَ غَائِبَةٌ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَيَنْقُدَك إذَا وَصَفَهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ، وَالدَّنَانِيرُ فِي ذَلِكَ أَبْيَنُ. وَأَشَارَ بِالْإِغْيَاءِ إلَى خِلَافِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّمَا يَجُوزُ أَنْ تَبِيعَهَا مِنْهُ وَهِيَ غَائِبَةٌ إذَا عَرَفَ الْقِيمَةَ، وَبَذَلَ مَا يَجُوزُ فِيهَا وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَصْلِ السَّلَامَةِ وَوُجُوبِ الْقِيمَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 128 أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا   [منح الجليل] دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ بَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ وَيَبْقَى بِيَدِ رَبِّهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، كَمَا شَرَطَهُ بَعْضُهُمْ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ وَمَغْصُوبٌ إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ، وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةٌ تَرَدُّدٌ. (أَوْ) أَيْ وَمَلَكَهُ إنْ (غَرِمَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ دَفَعَ الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِأَنْ ادَّعَى إبَاقَهُ أَوْ تَلَفَهُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ (إنْ لَمْ يُمَوِّهْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً، أَيْ يَكْذِبْ الْغَاصِبُ فِي دَعْوَاهُ تَلَفَ الْمَغْصُوبِ أَوْ إبَاقَهُ فَإِنْ مَوَّهَ فِيهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ رَدُّ الْقِيمَةِ وَأَخْذُ عَيْنِ شَيِّهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَضَى عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْفَاهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَرَدُّ مَا أَخَذَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَأْخُذُهَا رَبُّهَا إلَّا أَنْ تَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنْ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِتَمَامِ قِيمَتِهَا، وَقَالَهُ أَشْهَبُ، قَالَ وَمَنْ قَالَ لَهُ أَخْذُهَا فَقَدْ أَخْطَأَ. (وَ) إنْ غَابَ الْمَغْصُوبُ وَوَصَفَهُ غَاصِبُهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ وَصْفِهِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ (رَجَعَ) مَالِكُ الْمَغْصُوبِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (بِفَضْلَةٍ) أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا (أَخْفَا) الْغَاصِبُ سَبَبَ (هَا) أَيْ الْفَضْلَةِ، وَهُوَ الْوَصْفُ الْمُوجِبُ لَهَا. " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلِرَبِّهَا الرُّجُوعُ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ وَكَأَنَّ الْغَاصِبَ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَجَحَدَ بَعْضَهَا. عِيَاضٌ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا لِرَبِّ الْجَارِيَةِ أَخْذُهَا وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَحَبَسَ مَا أَخَذَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَحَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: انْحِصَارُ حَقِّهِ فِي تَمَامِ قِيمَتِهَا لِلْمُدَوَّنَةِ. وَالثَّانِي تَخْيِيرُهُ فِيهِ وَفِي أَخْذِهَا وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ وَهُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَشْهَبُ. وَالثَّالِثُ: تَخْيِيرُهُ فِي أَخْذِهَا، وَفِي التَّمَسُّكِ بِمَا أَخَذَ فَقَطْ لِبَعْضِ رِوَايَاتِهَا، قَالَ وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْمَشْهُورِ وَلَمْ يُفَسِّرْ مُقَابِلَهُ فَيَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَخِيرَيْنِ، وَكَانَ يَمْضِي لَنَا إجْرَاءُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّكْفِيرِ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفْيَ الصِّفَةِ الثَّابِتَةِ لِلْمَوْصُوفِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِنَفْيِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّكْفِيرِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفْيَ الصِّفَةِ الثَّابِتَةِ لِلْمَوْصُوفِ يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِنَفْيِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 129 وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ، وَحَلَفَ:   [منح الجليل] الْحَطّ أَشْهَبُ مَنْ قَالَ لَهُ أَخْذُهَا فَقَدْ أَخْطَأَ كَمَا لَوْ نَكَلَ الْغَاصِبُ وَحَلَفْت عَلَى صِفَتِك ثُمَّ ظَهَرَتْ خِلَافَ ذَلِكَ كُنْت قَدْ ظَلَمْته فِي الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْك بِمَا زِدْت عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْجَارِيَةِ. اهـ. وَانْظُرْ لَوْ وَصَفَهَا الْغَاصِبُ ثُمَّ ظَهَرَتْ أَنْقَصَ مِمَّا وَصَفَهَا فَهَلْ لَهُ رُجُوعٌ أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ وَصَفَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَتْ أَزْيَدَ. . (وَ) إنْ ادَّعَى الْغَاصِبُ تَلَفَ الْمَغْصُوبِ وَأَنْكَرَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَ (الْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ (وَ) إنْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي وَصْفِ الْمَغْصُوبِ لِتَقْوِيمِهِ بِحَسَبِهِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ (فِي نَعْتِهِ) أَيْ وَصْفِ الْمَغْصُوبِ إنْ وَصَفَهُ بِمَا يُشْبِهُ، وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي ذَاتِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ غَصَبَنِي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ بَلْ هَذَا فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ (وَالْقَوْلُ) لِلْغَاصِبِ إنْ اخْتَلَفَا فِي (قَدْرِهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (وَحَلَفَ) الْغَاصِبُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ إنْ أَشْبَهَ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَأَشْبَهَ رَبُّهُ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَقَالَ ابْنُ نَاجِي يَحْلِفَانِ وَيُقْضَى بَيْنَهُمَا بِأَوْسَطِ الْقِيَمِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قَالَ عُمْيًا صُمًّا وَمُرَاعَاةُ الشَّبَهِ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُمْ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي نَقْلِهِ وَالْكَثْرَةُ لِلثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ. ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ. الْحَطّ فِي الْوَسَطِ أَيْ الْغَاصِبُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْقَدْرِ وَالْوَصْفِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْيَمِينِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ فِي الْأُمَّهَاتِ وُجُوبَ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ، لَكِنْ نَصَّ فِيهَا فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي تَلَفَهُ، وَكَذَا فِي رَهْنِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ هُنَا فِي التَّلَفِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ، قَالَ فِيهَا إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ مَا غَصَبَ مِنْ أَمَةٍ أَوْ سِلْعَةٍ فَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ غَاصِبُهَا بِيَمِينِهِ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَمَةَ وَالسِّلْعَةَ وَقَدْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 130 كَمُشْتَرٍ مِنْهُ،   [منح الجليل] تَقَدَّمَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى، وَكَذَا فِي رَهْنِ مَا يُغَابُ، وَكَيْفَ يَكُونُ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْنَى مَا قَالَهُ هُنَاكَ الْمَغْصُوبُ صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ عَلَى مَا ادَّعَى بَيِّنَةً اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. " ق " فِيهَا مَنْ غَصَبَ أَمَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي صِفَتِهَا مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَمَنْ انْتَهَبَ صُرَّةً ثُمَّ قَالَ كَانَ فِيهَا كَذَا وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ انْتَهَبَهَا وَطَرَحَهَا فِي مُتْلِفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهَبِ مِنْهُ. ابْنُ يُونُسَ إذَا طَرَحَهَا وَلَمْ يَفْتَحْهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهَبِ مِنْهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَحْقِيقًا. وَإِنْ غَابَ الْغَاصِبُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الَّذِي فِيهَا كَذَا وَكَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. تت يَدْخُلُ فِي تَخَالُفِهِمَا فِي الْقَدْرِ مَسْأَلَتَانِ، الْأُولَى غَاصِبُ صُرَّةٍ يُلْقِيهَا فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا وَلَمْ يَفْتَحْهَا، أَوْ لَا يُلْقِيهَا وَيَدَّعِي رَبُّهَا أَنَّهَا كَذَا، وَيُخَالِفُهُ الْغَاصِبُ، فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ مَا فِيهَا بِاطِّلَاعٍ سَابِقٍ أَوْ بِحَبْسِهَا. وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ الْقَوْلُ لِرَبِّهَا بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ لِادِّعَائِهِ تَحْقِيقًا وَالْآخَرِ تَخْمِينًا وَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ. الثَّانِيَةُ: قَوْمٌ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ وَلَمْ يَشْهَدْ أَحَدٌ بِعَيْنِ الْمَنْهُوبِ، بَلْ بِالْإِغَارَةِ وَالنَّهْبِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مُحْتَجًّا لَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الصُّرَّةِ. وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْقَوْلُ لِلْمُغَارِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ، وَالْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا فَفِيهَا عَنْ مَالِكٍ إذَا انْتَهَبَهَا أَوْ غَصَبَهَا بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ قَالَ كَانَ فِيهَا كَذَا وَادَّعَى رَبُّهَا أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ طَرَحَهَا فِي مُتْلِفٍ أَمْ لَا. اهـ. وَإِنْ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُغِيرِينَ ضَمِنَ الْجَمِيعُ كَالسُّرَّاقِ وَالْمُحَارَبِينَ. وَشَبَّهَ فِي التَّصْدِيقِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ بِالْيَمِينِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مُشْتَرٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 131 ثُمَّ غَرِمَ لِآخِرِ رُؤْيَتِهِ؛   [منح الجليل] مِنْهُ) أَيْ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ صِفَتَهُ وَخَالَفَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَاَلَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ التَّلَفَ صُدِّقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ، وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ، وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ هَلَكَ، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ، وَأَقَرَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ، قَالَ وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. قِيلَ وَإِذَا صُدِّقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ كَالرَّهْنِ وَالْعَوَارِيِّ، وَأَطْلَقَ هُنَا أَفَادَهُ تت. " ق " مَنْ رَسْمٍ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا اُغْتُصِبَتْ مِنْهُ فَزَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا هَلَكَتْ، قَالَ إنْ كَانَتْ حَيَوَانًا فَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَأُحْلِفَ أَنَّهَا هَلَكَتْ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا. قِيلَ فَإِنْ كَانَ بَاعَهَا، قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا ثَمَنُهَا، وَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي الثَّمَنِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ جَيِّدَةٌ، وَقَوْلُهُ يَحْلِفُ إنْ ادَّعَى تَلَفَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ غَيَّبَهَا، وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالصَّانِعِ يَدَّعُونَ تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ. وَبَيَّنَ مَتَى يَضْمَنُ مَا يُغَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ (ثُمَّ غَرِمَ) الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ (لِ) حَالِهَا يَوْمَ آخِرِ (رُؤْيَةٍ) رُئِيَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهِ، بِخِلَافِ الصَّانِعِ وَالْمُرْتَهِنِ يَدَّعِي ضَيَاعَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُمَا قَبَضَاهُ عَلَى الضَّمَانِ وَلَمَّا غَيَّبَاهُ اُتُّهِمَا فِي اسْتِهْلَاكِهِ فَأَشْبَهَا الْمُتَعَدِّيَ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَقَدْ قَبَضَهُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ فَلَا يُتَّهَمُ. الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ وَالنَّعْتِ وَالْقَدْرِ وَيَحْلِفُ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي هَلَاكِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا حَلِفَهُ، لَكِنْ شَبَّهُوهُ بِالرُّهُونِ وَالْعَوَارِيِّ فَاقْتَضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ. وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَقَالُوا إذَا بَاعَهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ. وَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي قَدْرِهِ هَذَا مَا رَأَيْته فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 132 وَلِرَبِّهِ: إمْضَاءُ بَيْعِهِ،   [منح الجليل] سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْغَصْبِ، سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ اشْتَرَى سِلْعَةً فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْهُ فَزَعَمَ مُشْتَرِيهَا هَلَاكَهَا، فَقَالَ إنْ كَانَتْ حَيَوَانًا صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ وَأُحْلِفَ وَأُغْرِمَ قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَلَاكِهَا بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، كَسَرِقَةٍ وَغَرَقٍ وَنَارٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قِيلَ فَإِنْ بَاعَهَا، قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا ثَمَنُهَا. قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَالَ بِعْتُهَا بِكَذَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ إلَّا قَوْلُهُ أَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ. قَالَ قَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ الشَّيْءُ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ عِنْدَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ بِكَسْرٍ أَوْ عَوَرٍ أَوْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى تَلَفَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ غَيَّبَهَا اهـ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْيَمِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعَ الضَّمَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. . (وَ) إنْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فَ (لِرَبِّهِ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الَّذِي بَاعَهُ غَاصِبُهُ (إمْضَاءُ بَيْعِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ لِصِحَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ، وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِغَصْبِهِ أَمْ لَا، كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا حِينَ بَيْعِهِ أَوْ لَا، قَرِيبَ الْمَكَانِ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى مُشْتَرِيهِ فِي الصَّبْرِ إلَى عِلْمِ مَا عِنْدَهُ أَوْ لَا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ، وَفِي كُلٍّ خِلَافٌ. " ق " فِيهَا مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَبَاعَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَهِيَ بِحَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهَا وَإِنْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا أَوْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا وَجَدَهَا بِيَدِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ ضَاعَ الثَّمَنُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُهُ وَلَيْسَ الرِّضَا بِبَيْعِهِ يُوجِبُ لَهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ فِي الثَّمَنِ، وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ غَرِمَ الْمُبْتَاعُ الْقِيمَةَ لِرَبِّهِ يَوْمَ لُبْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ أَجَازَ بَيْعَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ، وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ضَمِنَهُ اهـ. اللَّخْمِيُّ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ ثُمَّ أَتَى صَاحِبُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ وَلَا بَدَنُهُ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 133 وَنَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي، وَإِجَازَتُهُ وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ   [منح الجليل] إجَازَةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمَ الْعَيْنِ وَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْعَهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَاسِدَ الذِّمَّةِ بِالْحَرَامِ أَوْ غَيْرِهِ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْغَاصِبِ وَهُوَ فَقِيرٌ وَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْهُ. اهـ. وَضَعَّفَ فِي النَّوَادِرِ الثَّانِيَ وَأَنْكَرَهُ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: اللَّخْمِيُّ إنْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ بَائِعَهُ غَاصِبٌ وَأَرَادَ رَدَّ الْبَيْعِ قَبْلَ قُدُومِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، وَلَهُ ذَلِكَ إذَا بَعُدَتْ لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّبْرِ إلَى قُدُومِهِ. الثَّانِي: إذَا غُصِبَ الْمُشْتَرَكُ بِاسْمِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ مِنْهُمَا أَوْ خَاصٌّ بِمَنْ أُخِذَ بِاسْمِهِ. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمَأْخُوذَ بَيْنَهُمَا وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا، وَبِهَذَا أَفْتَى السُّيُورِيُّ وَبَحَثَ فِيهِ الْبُرْزُلِيُّ. (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ رَقِيقًا مِنْ غَاصِبٍ وَأَعْتَقَهُ فَلِرَبِّهِ (نَقْضُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ فَسْخُ وَرَدُّ (عِتْقِ الْمُشْتَرِي) الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ (وَ) لَهُ (إجَازَتُهُ) بِالزَّايِ أَيْ إمْضَاءُ وَتَنْفِيذُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي، وَاتَّبَعَ الْغَاصِبَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ أَجَازَهُ فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ، وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةٍ وَإِرْثٍ وَنَحْوِهِمَا. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ وَرِثَتْ الْأَمَةُ الْأَحْرَارَ وَشَهِدَتْ الشَّهَادَاتِ ثُمَّ أَجَازَ مَالِكُهَا بَيْعَهَا أَوْ أَغْرَمَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا فَلَا يُنْقَضُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَخَذَهَا سَيِّدُهَا نُقِضَ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهَا فَاقْتَصَّتْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ أَخَذَهَا سَيِّدُهَا رَجَعَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ بِدِيَةِ الْيَدِ، وَيَرْجِعُ سَيِّدُهَا عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَهَا أَفَادَهُ تت. " ق " فِي التَّهْذِيبِ مَنْ غَصَبَ أَمَةً فَبَاعَهَا فَقَامَ رَبُّهَا وَقَدْ أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَنَقْضُ عِتْقِهَا نَقَصَتْ أَمْ زَادَتْ، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ، فَإِنْ أَجَازَهُ فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ. . (وَ) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مَغْصُوبًا غَيْرَ عَالِمٍ وَأَتْلَفَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ (ضَمِنَ) شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) قِيمَةَ مَا اشْتَرَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَوْمَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَعْلَمْ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 134 فِي عَمْدٍ لَا سَمَاوِيٍّ وَغَلَّةٍ، وَهَلْ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] حِينَ شِرَائِهِ كَوْنَهُ مَغْصُوبًا (فِي) إتْلَافِهِ بِفِعْلٍ (عَمْدٍ) كَأَكْلِ طَعَامٍ، وَإِبْلَاءِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ، وَهَدْمِ بِنَاءٍ. وَمَفْهُومُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِغَصْبِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ غَاصِبِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَنَظَرَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَغْرِيمِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ لُبْسِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ، وَهُوَ إذَا لَبِسَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِإِتْلَافِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ هَلَاكُهُ بِانْتِفَاعِهِ بِهِ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَعَدِّي إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ شَبَّهَهُ بِقَتْلِهِ، فَلِذَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ لُبْسِهِ وَكَمَا لَوْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ مُودَعًا عِنْدَهُ. وَحُكْمُ الْمُصَنِّفُ بِتَضْمِينِ الْمُشْتَرِي لَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي تَغْرِيمِ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ أَوْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ ثَمَنَهُ (لَا) يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي غَيْرُ الْعَالِمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ (بِ) أَمْرٍ (سَمَاوِيٍّ) بِفَتْحِ السِّينِ مُخَفَّفًا أَيْ مَنْسُوبٍ لِلسَّمَاءِ لِصُدُورِهِ مِنْ خَالِقِهَا مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبِ الْمُشْتَرِي فِيهِ. . (وَ) وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي غَيْرِ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ (فِي غَلَّةٍ) اسْتَغَلَّهَا مِمَّا اشْتَرَاهُ فَيَفُوزُ بِهَا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ، وَنَفْيُ ضَمَانِهِ السَّمَاوِيَّ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ الْغَلَّةَ، وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ إنَّمَا يَقْتَضِي نَفْيَ اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ إذَا كَانَ نَفْيًا مُطْلَقًا، وَالْمَنْفِيُّ هُنَا ضَمَانُ السَّمَاوِيِّ فَقَطْ. (وَهَلْ الْخَطَأُ) فِي إتْلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مُشْتَرِيهِ غَيْرِ الْعَالِمِ بِغَصْبِهِ (كَالْعَمْدِ) مِنْهُ فِي ضَمَانِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْقِيَاسُ (أَوْ هُوَ) أَيْ الْخَطَأُ (كَالسَّمَاوِيِّ) فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرِ الْعَالِمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ، فَفِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ فِي حَمْلِهَا عَلَى أَيِّ الْقَوْلَيْنِ فَجَعَلَ فِي الْبَيَانِ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرًا لَهَا وَحَمَلَ مَا فِيهَا مِنْ الضَّمَانِ إذَا قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهَا عَلَى الْعَمْدِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ جِنَايَتِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ أَيْ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ رُبَّمَا تُؤَوَّلُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قُلْت الْحُكْمُ بِأَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ مَعَ الْحُكْمِ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ الْخَطَأَ وَالسَّمَاوِيَّ مُتَنَافِيَانِ، قُلْت الجزء: 7 ¦ الصفحة: 135 وَوَارِثُهُ، وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا: كَهُوَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ،   [منح الجليل] لَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضْمَنْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَفَادَهُ تت، وَفِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ غَرِمَ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ يَوْمَ لُبْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ أَجَازَ بَيْعَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَضْمَنُهُ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَ غَاصِبِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ضَمِنَهُ اهـ. أَشْهَبُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ مَوْتِهَا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ رَجَعَ عَلَى غَاصِبِهَا بِثَمَنِهَا إلَّا بِتَدْبِيرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ وَكِتَابُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَابْنُ يُونُسَ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَتَلَ الْجَارِيَةَ مُبْتَاعُهَا مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَتْلِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ مَا ابْتَاعَهُ مِنْ طَعَامٍ فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابٍ فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا فَلِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ أَخْذٌ بِمِثْلِ الطَّعَامِ وَقِيمَةِ الثِّيَابِ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُبْتَاعِ كُلُّ مَا عُرِفَ هَلَاكُهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا مَا كَانَ هَلَاكُهُ مِنْ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ. عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ عَمْدًا، وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ذَهَبَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَشْهَبُ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ ابْنُ رُشْدٍ تَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى تَفْسِيرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ. . (وَ) إنْ مَاتَ الْغَاصِبُ أَوْ وَهَبَ الْمَغْصُوبَ لِشَخْصٍ فَقَبِلَهُ مِنْهُ فَ (وَارِثُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (وَمَوْهُوبُهُ) أَيْ الَّذِي وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لَهُ حُكْمُهُمَا فِي ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ وَغَلَّتِهِ (كَ) حُكْمِهِ (هُوَ) أَيْ الْغَاصِبِ فِيهِ (إنْ عَلِمَا) أَيْ وَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ بِغَصْبِهِ، لِأَنَّ عِلْمَهُمَا بِهِ هُوَ صَيَّرَهُمَا غَاصِبَيْنِ مُتَعَدِّيَيْنِ فِي اسْتِيلَائِهِمَا عَلَى الْمَغْصُوبِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ غَاصِبِهِ أَوْ قَبِلَهُ مِنْهُ هِبَةً وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْهُوبُهُ بِغَصْبِهِ (بُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِالْغَاصِبِ) فِي تَغْرِيمِهِ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ الْمَوْهُوبِ وَغَلَّتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 136 وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ، فَإِنْ أَعْسَرَ، فَعَلَى الْمَوْهُوبِ   [منح الجليل] قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَقِيلَ يُبْدَأُ بِالْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ. (وَ) إنْ بُدِئَ بِالْغَاصِبِ (رَجَعَ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (بِغَلَّةِ) الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَغَلَّةِ (مَوْهُوبِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ اللَّخْمِيُّ اتِّفَاقًا لِأَنَّ هِبَتَهُ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ غَصْبِهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (فَإِنْ أَعْسَرَ) الْغَاصِبُ (فَ) يَرْجِعُ الْمَالِكُ بِالْغَلَّةِ (عَلَى الْمَوْهُوبِ) لَهُ مِنْ الْغَاصِبِ لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَهَا، وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ إنْ أَيْسَرَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا مِنْ غَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُ زَمَنًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا وَلَمْ يَدْرِ بِمَ كَانَ لَهُ فَاسْتَغَلَّهُ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِأَبِيهِ هُوَ الَّذِي غَصَبَ هَذَا الشَّيْءَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَغَلَّةُ مَا مَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ جَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الشِّرَاءِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ، وَمَنْ غَصَبَ دَارًا أَوْ عَبِيدًا فَوَهَبَهُمْ لِرَجُلٍ فَاغْتَلَّهُمْ وَأَخَذَ كِرَاءَهُمْ ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَالِمًا بِغَصْبِهِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ أَوَّلًا بِالْغَلَّةِ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَأَكَلَهُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ أَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَبَاعَهَا وَأَكَلَ ثَمَنَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بَعْدَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَعَلَى مَا ذُكِرَ، وَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ نَفْسَهُ اغْتَلَّ الْعَبْدَ وَأَخَذَ كِرَاءَ الدَّارِ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ وَالْكِرَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ، وَلَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَاسْتَغَلَّهَا وَلَدُهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَغَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَكُونُ فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْوَارِثِ أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ قَمْحًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا وَأَكَلَ لَحْمَهَا، ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ رَجُلٌ أَنَّهُ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ غُرْمَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يُوضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ، وَإِنْ هَلَكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 137 وَلُفِّقَ شَاهِدٌ بِالْغَصْبِ لِآخَرَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ:   [منح الجليل] بِيَدِ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَانْتِفَاعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ وَقَامَتْ بِهَلَاكِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالرَّبْعِ وَانْهَدَمَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، فَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ أَكَلَ أَوْ لَبِسَ لَا يَضَعُ عَنْهُ شِرَاؤُهُ الضَّمَانَ كَانَ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ أَحْرَى أَنْ يَرُدَّ مَا اسْتَغَلَّ فِي عُدْمِ الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ أَخَذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ. مُحَمَّدٌ وَأَشْهَبُ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ لَهُ الْغَلَّةُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ كَالْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَخْتَلِفْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَنَّ مَا اسْتَغَلَّ الْمُشْتَرِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ سَكَنَ أَوْ زَرَعَ لَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّةٍ وَلَا كِرَاءٍ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ لَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِغَصْبِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ كَالْغَاصِبِ اهـ. وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ دُورًا أَوْ أَرْضِينَ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثِيَابًا أَوْ مَا لَهُ غَلَّةٌ أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَتْ عِنْدَهُ فَالْغَلَّةُ وَالثَّمَرَةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ إلَى يَوْمِ يَسْتَحِقُّهَا رَبُّهَا. وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ إنَّمَا وَهَبَهُ ذَلِكَ لَرَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْغَلَّةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي عُدْمِ الْغَاصِبِ وَيَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ قِيمَةُ عَمَلِهِ وَعِلَاجِهِ اهـ. مِنْهَا. (وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِمُعَايَنَةِ غَصْبِهِ وَشَاهِدًا آخَرَ بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ (لُفِّقَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ ضُمَّ (شَاهِدٌ) شَهِدَ (بِ) مُعَايَنَةِ (الْغَصْبِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي (لِ) شَهَادَةِ شَاهِدٍ (آخَرَ) شَهِدَ لِلْمُدَّعِي (عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِالْغَصْبِ) لِمَالِ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ الْغَصْبُ بِشَهَادَتِهِمَا فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَعِوَضِهِ إنْ كَانَ فَاتَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَقَمْت شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا غَصَبَك هَذِهِ الْأَمَةَ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَكهَا تَمَّتْ الشَّهَادَةُ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ بِالْغَصْبِ، وَقُضِيَ لَك بِهَا بِلَا يَمِينِ الْقَضَاءِ وَلَمْ تَتِمَّ بِالْمِلْكِ عِيَاضٌ إذْ قَدْ تَكُونُ بِيَدِك وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِأُجْرَةٍ وَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا قَوْلُهَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ بِقَتْلِ خَطَأٍ وَآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّهُ هُنَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَلَزِمَهُ إقْرَارُهُ وَهُنَاكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ أَفَادَهُ تت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 138 كَشَاهِدٍ بِمِلْكِك: لِثَانٍ بِغَصْبِك، وَجُعِلَتْ ذَا يَدٍ، لَا مَالِكًا، إلَّا أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ، وَيَمِينَ الْقَضَاءِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي التَّلْفِيقِ فَقَالَ (كَشَاهِدٍ بِمِلْكِك) لِمَا ادَّعَيْت غَصْبَهُ مِنْك (لِ) شَاهِدٍ (ثَانٍ) شَهِدَ (بِغَصْبِك) أَيْ بِغَصْبِهَا مِنْك (وَجُعِلْتَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَفَتْحِ تَاءِ خِطَابِ الْمُدَّعِي (ذَا) أَيْ صَاحِبَ (يَدٍ) أَيْ حَائِزًا فَقَطْ لِلْمُدَّعَى بِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَائِزًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَيَعْنِي بِلَا يَمِينٍ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ لِاجْتِمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى حَوْزِ الْمَشْهُودِ لَهُ، فَإِنْ فَاتَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا إلَّا إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَهَذَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبِعَ فِيهِ مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ لِعِيَاضٍ، وَنَقَلَ " غ " كَلَامَهُ وَسَيَأْتِي. وَعَطَفَ عَلَى ذَا يَدٍ أَوْ حَائِزًا بِلَا فَقَالَ (لَا مَالِكًا) لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ شَاهِدَ الْغَصْبِ لَمْ يُثْبِتْ لَك مِلْكًا لِاحْتِمَالِ أَنَّك حُزْتهَا بِإِيدَاعٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَحْلِفَ) يَا مُدَّعِي (مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ) أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ حَقٌّ وَأَنَّك مَالِكٌ لَهُ (وَ) تَحْلِفُ أَيْضًا (يَمِينَ الْقَضَاءِ) أَنَّك لَمْ تَبِعْهَا وَلَمْ تَتَصَدَّقْ بِهَا وَلَمْ تَهَبْهَا وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِك بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لِأَنَّ شَاهِدَ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ لَك غَصْبًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِك بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَهَذَا عَلَى ثُبُوتِ الْوَاوِ، وَكَمَا فِي الْأَقْفَهْسِيِّ مِنْ مُسْوَدَّةِ الْمُصَنِّفِ، وَكَثِيرٍ وَعِنْدَ الشَّارِحِينَ بِغَيْرِ وَاوٍ فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً يَجْمَعُ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا. " غ " هَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ، أَمَّا الْأُولَى: فَقَالَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَقَمْت شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا غَصَبَك هَذِهِ الْأَمَةَ، وَشَاهِدًا آخَرَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَكهَا تَمَّتْ الشَّهَادَةُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ بِالْغَصْبِ، وَيُقْضَى لَك بِهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْقَضَاءِ وَلَمْ تَتِمَّ بِالْمِلْكِ إذْ قَدْ تَكُونُ بِيَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِأُجْرَةٍ. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَقَالَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَك وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَكهَا فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى إيجَابِ مِلْكِك لَهَا فَيُقْضَى لَك بِهَا وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إيجَابِ غَصْبِك، فَإِنْ دَخَلَ الْجَارِيَةَ نَقْصٌ كَانَ لَك أَنْ تَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْغَصْبِ وَتُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْقِيمَةَ، هَكَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 139 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَأَكْثَرُهُمْ، تَبَعًا لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي فِي الْأُمَّهَاتِ لَوْ أَنِّي أَقَمْت شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ غَصَبَنِيهَا وَأَقَمْت آخَرَ عَلَى أَنَّهَا جَارِيَتِي قَالَ لَأَرَاهُمَا شَهَادَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ دَخَلَ الْجَارِيَةَ نَقْصٌ حَلَفَ مَعَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ غَصَبَهَا وَأَخَذَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ. قَالَ عِيَاضٌ لَمْ يَجْعَلْهُمَا شَهَادَةً وَاحِدَةً، إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْغَصْبِ فَيُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فِي الْفَوَاتِ، وَلَا عَلَى الْمِلْكِ فَيَأْخُذَهَا بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي الْقِيَامِ أَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْهَا، وَأَنَّهَا مِلْكُهُ، إذْ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُ الْغَصْبِ بِالْمِلْكِ التَّامِّ، وَإِذْ لَوْ شَهِدَ بِالْمِلْكِ التَّامِّ مَا حَكَمَ لِرَبِّهَا حَتَّى يَحْلِفَ يَمِينَ الْقَضَاءِ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَوْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ بِالْغَصْبِ لَمْ تَتِمَّ بِالْمِلْكِ إذْ يَقُولُ لَا أَدْرِي أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَعَلَّهَا عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ رَهْنٌ أَوْ بِإِجَارَةٍ، وَإِنَّمَا رَأَيْته أَخَذَهَا مِنْ يَدِهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَجَعَ عَمَّا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ، وَقَالَ أَرَاهُمَا شَهَادَةً وَاحِدَةً لِمَا قُلْنَاهُ، وَجَعَلَهُمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى شَهَادَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَقُلْ تَامَّةً لِأَنَّهَا تُوجِبُ فِي قِيَامِهَا تَقْدِيمَ يَدِ الْقَائِمِ عَلَيْهَا دُونَ الْحُكْمِ لَهُ بِمِلْكِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَيَمِينِ الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ جَاءَ آخَرُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْ شَاهِدٍ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ كَانَ أَحَقَّ بِهِ، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ هَذَا مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَمِينُهُ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ مُعَارِضٌ لِشَاهِدَيْنِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ يَرْجَحُ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ؟ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتَصَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ، وَقَالَ فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى إيجَابِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إيجَابِ الْغَصْبِ، وَتَبِعَهُ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ، وَقَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ فَقَدْ شَهِدُوا أَنَّهَا لَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ أَمَا كُنْت تَرْدُدْهُ عَلَيْهِ وَهَذَا إنَّمَا أَرَادَ رَدَّهَا إلَيْهِ بِتَقْدِيمِ يَدِهِ عَلَيْهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ،. اهـ. وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ لَا مَالِكًا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ إذْ لَا شَاهِدَ مِلْكٍ فِي الْأُولَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَقَمْت شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا غَصَبَك هَذِهِ الْأَمَةَ وَشَاهِدًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 140 وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا   [منح الجليل] آخَرَ أَنَّهَا لَك فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى إيجَابِ مِلْكِك لَهَا فَيُقْضَى لَك بِهَا بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ أَنَّك مَا بِعْت وَلَا وَهَبْت كَمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا بِبَيِّنَةٍ وَذَلِكَ إذَا ادَّعَاهَا الْغَاصِبُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إيجَابِ الْغَصْبِ. ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ شَهَادَتُهُمَا مُخَالِفَةٌ، فَإِذَا لَمْ تَفُتْ حَلَفَ مَعَ أَيِّ الشَّاهِدَيْنِ شَاءَ. إنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ حَلَفَ لَقَدْ شَهِدَ شَاهِدُهُ بِحَقٍّ وَرُدَّتْ إلَى يَدِهِ بِالْحِيَازَةِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا وَشَاهِدُ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ غَصْبًا، إذْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ إلَى الَّذِي هِيَ بِيَدِهِ، فَلَمَّا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى مِلْكٍ وَلَا عَلَى غَصْبٍ حَلَفَ كَمَا قَدَّمْنَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ دَخَلَ الْجَارِيَةَ نَقْصٌ كَانَ لَك أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَتُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْقِيمَةَ قَوْلُهُ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ لَا مَالِكًا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ مُعَارِضٌ لَهَا، وَإِنَّمَا هُوَ إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَلَمْ يَذْكُرْ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ خَلِيلٌ أَنْ يَحْلِفَ. طفي أَنْتَ تَرَى أَنَّ ابْنَ يُونُسَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا عَلَى عَدَمِ التَّلْفِيقِ، وَأَنَّ الشَّهَادَةَ مُخْتَلِفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ أَحَدِهِمَا لِانْفِرَادِ كُلٍّ بِشَهَادَةٍ. وَأَمَّا عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّلْفِيقِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ عَلَى الْحَوْزِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ مَعَهُ، بَلْ قَالَ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ فَقَطْ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحَانِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَالْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَهْمٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَلَكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ طَرِيقَ عِيَاضٍ فِي التَّلْفِيقِ وَكَوْنِهَا شَهَادَةً بِالْمِلْكِ غَيْرِ التَّامِّ، وَطَرِيقُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُخْتَصِرِينَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ تَامَّةٌ يُقْضَى بِهَا بِالْمِلْكِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ التَّنْبِيهَاتِ وَ " غ "، فَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ وَلَمَّا لَمْ يَقِفْ " ق " عَلَى كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ خَالَفَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَوَهَمَ الشَّارِحَانِ فَحَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِالتَّلْفِيقِ وَلِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْيَمِينَ. . (وَإِنْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ (اسْتِكْرَاهًا) أَيْ إكْرَاهًا عَلَى الزِّنَا بِهَا كَذَا وُجِدَ فِي نُسْخَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 141 عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ: حُدَّتْ لَهُ   [منح الجليل] الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَهُ بَيَاضٌ خَالٍ عَنْ الْكِتَابَةِ فَكَتَبَ فِيهِ تِلْمِيذُهُ الْأَقْفَهْسِيُّ بِخَطِّهِ (عَلَى) رَجُلٍ (غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ) الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا لِعَدَالَتِهِ، وَصِلَةُ ادَّعَتْ (بِلَا تَعَلُّقٍ) مِنْهَا بِالرَّجُلِ الَّذِي ادَّعَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ زِنَاهُ بِهَا (حُدَّتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ بِسَبَبِ قَذْفِهَا (لَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرِ اللَّائِقِ بِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ الشَّارِحَانِ. وَفِي الشَّامِلِ وَحُدَّتْ مُدَّعِيَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ وَنَظَرَ الْحَاكِمُ إنْ اُتُّهِمَ. اهـ. وَفِي غَصْبِ الْمُقَدِّمَاتِ إنْ ادَّعَتْ الِاسْتِكْرَاهَ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَهِيَ غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الرَّجُلِ، وَأَنَّهَا تُحَدُّ لَهُ حَدَّ الْقَذْفِ وَحَدَّ الزِّنَا إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَوْ بِوَطْءِ حُرَّةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَيُحَدُّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يُحَدُّ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ، وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَهَذَا يُسْقِطُ عَنْهَا حَدَّ الزِّنَا لِمَا بَلَغَتْ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَتُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ عَلَى فَاسِقٍ وَلَمْ تَأْتِ مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَلَا تُحَدُّ لَهُ الْقَذْفَ وَلَا تُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي أَمْرِهِ. وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَذَا الْفَاسِقِ سَقَطَ عَنْهَا حَدُّ الْقَذْفِ وَحَدُّ الزِّنَا. وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ، فَقَدْ أَطَالَ هُنَا، وَذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي فَصْلِ الصَّدَاقِ أَفَادَهُ " غ " وَ " ق ". الْحَطّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِلَا تَعَلُّقٍ أَنَّهَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ لَا تُحَدُّ لَهُ. وَمَفْهُومُ غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَائِقًا بِهِ لَا تُحَدُّ لَهُ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ. وَفِي الْإِكْمَالِ وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ مِثْلَ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حُدَّتْ لَهُ لِلْقَذْفِ وَكَذَّبْنَاهَا، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا، وَلَا تَلْحَقُهُ تَبِعَةٌ بِقَوْلِهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ مُتَعَلِّقَةً بِهِ تَدْمَى مُسْتَغِيثَةً لِأَوَّلِ حَالِهَا وَكَانَ لَمْ يَشْتَهِرْ بِخَيْرٍ وَلَمْ يُعْرَفْ بِذَكَاءٍ. وَأَمَّا إنْ جَاءَتْ مُتَعَلِّقَةً بِمَنْ لَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ عِنْدَنَا فِي حَدِّهَا لِقَذْفِهِ فَقِيلَ تُحَدُّ. وَقِيلَ لَا تُحَدُّ لِمَا بَلَغَتْ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلزِّنَا وَلِبَعْضِ أَصْحَابِنَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 142 وَالْمُتَعَدِّي: جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا   [منح الجليل] فِي الْمُشْتَهِرَةِ بِذَلِكَ مِثْلِ صَاحِبَةِ جَرِيرٍ أَنَّهَا تُحَدُّ لِلزِّنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا تُصَدَّقُ بِتَعَلُّقِهَا وَفَضِيحَتِهَا نَفْسَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مُفْتَضِحَةً بِحَالِهَا، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ اهـ. . وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْغَاصِبِ عَقَّبَهُ الْكَلَامَ عَلَى الْمُتَعَدِّي لِتَنَاسُبِهِمَا فَقَالَ (وَ) الشَّخْصُ (الْمُتَعَدِّي) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ التَّعَدِّي الْمَازِرِيُّ هُوَ غَيْرُ الْغَصْبِ أَحْسَنُ مَا مُيِّزَ بِهِ عَنْهُ أَنَّ التَّعَدِّيَ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ الرَّقَبَةَ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ بَعْضِهِ دُونَ قَصْدٍ تَمَلُّكِهِ. قُلْت وَحَاصِلُ مَسَائِلِ التَّعَدِّي أَنَّهُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِ الْغَيْرِ دُونَ حَقٍّ فِيهِ خَطَؤُهُ كَعَمْدِهِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا إذْنِ قَاضٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِفَقْدِهِمَا، فَيَدْخُلُ تَعَدِّي الْمُقَارِضِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ وَالْأَجَانِبِ شَخْصٌ (جَانٍ) بِجِيمٍ وَنُونٍ مِنْ الْجِنَايَةِ (عَلَى بَعْضٍ) مِنْ شَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَشْمَلْ هَذَا تَعَدِّيَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ دَابَّةً الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَى أَوْ اسْتَعَارَ لَهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا كُلِّهَا زَادَ لِإِدْخَالِهِ (غَالِبًا) إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ التَّعَدِّيَ عَلَى جَمِيعِ الشَّيْءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَاسْتِعْمَالِ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَدِيعَةً. " غ " اخْتَصَرَ هُنَا قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهَا الْمُتَعَدِّي يُفَارِقُ الْغَاصِبَ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ جَنَى عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ وَالْغَاصِبَ أَخَذَهَا، كَكَسْرِ الصَّفْحَةِ وَتَحْرِيقِ الثَّوْبِ وَزَادَ غَالِبًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ يَكُونُ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الْمُتَعَدِّي لَا حُكْمَ الْغَاصِبِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ دَابَّةٌ أَوْ ثَوْبٌ فَاسْتَعْمَلَهَا فَهَذَا الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهَا لَا يَكْفِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ عَلَى الدَّابَّةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ أَجْزَائِهَا مِلْكَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَأْخُوذَةً وَجِنَايَتُهُمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ، وَلِذَا فُرِّقَ فِيهَا بَيْنَ هِبَةِ الْعَبْدِ وَبَيْنَ هِبَةِ خِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ وَرَقَبَتَهُ بَعْدَهُ لِآخَرَ فِي زَكَاةِ فِطْرِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ. وَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ غَصَبَ السُّكْنَى فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أُجْرَةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 143 فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ: كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ، أَوْ أُذُنِهَا. أَوْ طَيْلَسَانِهِ،   [منح الجليل] السُّكْنَى. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ لِلذَّاتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ مِلْكَ رَقَبَتِهَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَقَدْ عُلِمَ الْفَرْقُ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَالْغَاصِبِ وَهُوَ حَسَنٌ لَوْ طَرَدُوهُ، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا الْمُتَعَدِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ أَوْ الْمُعَارَةِ ضَامِنًا لِلرَّقَبَةِ. فَإِنْ قُلْت الْمُتَعَدِّي عَلَى الدَّابَّةِ نَاقِلٌ لَهَا. قُلْت أَسْقَطَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَصْفَ النَّقْلِ فِي حَدِّ الْمَغْصُوبِ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْمُتَعَدِّي. قُلْت ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَشَارِحِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الدَّارَ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا سَكَنَ جَمِيعَهَا أَوْ بَعْضَهَا، وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ لَوْ غَصَبَ السُّكْنَى فَقَطْ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ إلَّا مَوْضِعَ سُكْنَاهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَلَوْ انْهَدَمَ مَسْكَنُهُ لَضَمِنَ قِيمَتَهُ وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ إجْرَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى حُكْمِ هَلَاكِ الْمُتَعَدِّي فِيهِ مُدَّةَ التَّعَدِّي بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَا تَسَبُّبَ فِيهِ لِلْمُتَعَدِّي، وَتَقَدَّمَ تَحْصِيلُهُ فِي الْعَارِيَّةِ، فَنَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى لَغْوِ ضَمَانِهِ بِذَلِكَ، وَنَقْلُ ابْنُ شَاسٍ عَلَى ضَمَانِهِ بِذَلِكَ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ لَك ضَعْفُ مُنَاقَضَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّعَدِّي بِالسُّكْنَى وَمَسْأَلَةِ التَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ لِأَنَّ الْهَلَاكَ فِي زَمَنِ التَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْمُتَعَدِّي، وَالْهَدْمُ يُعْلَمُ كَوْنُهُ لَا بِسَبَبِهِ وَقِيَاسُهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ التَّعَدِّيَ عَلَى الْغَصْبِ وَاضِحٌ رَدُّهُ بِمَا فَرَّقَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بَيْنَ التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ مِنْ ذَلِكَ اعْتِبَارُ لَازِمَيْ ذَاتَيْهِمَا لَازِمُ ذَاتِ الْغَصْبِ قَصْدُ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ مَعَهُ فِي الضَّمَانِ إلَى نَقْلٍ وَلَازِمُ ذَاتِ التَّعَدِّي الْبَرَاءَةُ مِنْ قَصْدِ تَمَلُّكِ الذَّاتِ فَنَاسَبَ وَقْفَ ضَمَانِهَا عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالنَّقْلِ. . (فَإِنْ أَفَاتَ) الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ النَّفْعَ (الْمَقْصُودَ) مِمَّا تَعَدَّى هُوَ عَلَيْهِ (كَقَطْعِ) ذَنَبِ (دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ) أَيْ عَظَمَةٍ وَعُلُوِّ مَنْزِلَةٍ كَقَاضٍ وَإِمَامٍ (أَوْ) قَطْعِ (أُذُنِهَا) عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ وَصَوَّبَهَا اللَّخْمِيُّ (أَوْ طَيْلَسَانِهِ) أَيْ ذِي الْهَيْئَةِ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ مَا يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِهِ فِي الشِّتَاءِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ وَقَلَنْسُوَتِهِ لِأَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 144 أَوْ لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ، وَقَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ،   [منح الجليل] إتْلَافٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا، إذْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِمَا ذُو الْهَيْئَةِ، وَالدَّابَّةُ تَشْمَلُ الْبَغْلَةَ وَالْفَرَسَ وَالْحِمَارَ الْفَارِهَ، وَنُسْخَةُ الْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ بَغْلَةٍ بَدَلَ دَابَّةٍ. (وَ) قَطْعِ (لَبَنِ) نَحْوِ (شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ) مِنْ اقْتِنَائِهَا، وَكَذَا تَقْلِيلُهُ عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، وَمَفْهُومُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا فَإِتْلَافُهُ يُوجِبُ أَرْشَهُ فَقَطْ (وَ) كَ (قَلْعِ عَيْنَيْ) مُثَنَّى عَيْنٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ لِ (عَبْدٍ أَوْ) قَطْعِ (يَدَيْهِ) وَجَوَابُ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ (فَلَهُ) أَيْ مَالِكِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ (وَ) أَخْذُ أَرْشِ (نَقْصِهِ وَ) لَهُ تَرْكُهُ لِلْمُتَعَدِّي وَأَخْذُ (قِيمَتِهِ) مِنْهُ يَوْمَ تَعَدِّيهِ. " ق " اللَّخْمِيُّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ يَسِيرٌ لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، وَيَسِيرٌ أَبْطَلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَثِيرٌ لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ مِنْهُ، وَكَثِيرٌ أَبْطَلَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَالْيَسِيرُ الَّذِي يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فِيهِ خِلَافٌ. ابْنُ الْقَصَّارِ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ، فَإِنْ قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةِ الْقَاضِي أَوْ أُذُنَهَا ضَمِنَهَا وَكَذَا مَرْكُوبُ كُلِّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَرْكَبُ مِثْلَ ذَلِكَ فَذَلِكَ سَوَاءٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْكُوبِ وَالْمَلْبُوسِ كَقَلَنْسُوَةِ الْقَاضِي وَطَيْلَسَانِهِ وَعِمَامَتِهِ، وَكَذَا مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا قَصَدَ إلَيْهِ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَوْ تَعَدَّى عَلَى شَاةٍ بِأَمْرٍ قَلَّ لَبَنُهَا بِهِ، فَإِنْ كَانَ عُظْمُ مَا تُرَادُ لَهُ اللَّبَنَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ رَبُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا. وَأَمَّا النَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ فَإِنَّمَا فِيهِمَا مَا نَقَصَهُمَا، وَإِنْ كَانَتَا غَزِيرَتَيْ اللَّبَنِ لِأَنَّ فِيهِمَا مَنَافِعُ غَيْرُهُ بَاقِيَةٌ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَقَدْ أَبْطَلَهُ، وَيَضْمَنُ الْجَارِحُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ، مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ لَهُ عَيْنًا وَاحِدَةً أَوْ جَدَعَ أَنْفَهُ وَشِبْهَهُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَلَا يَعْتِقْ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ قَطَعَ الْوَاحِدَةَ مِنْ صَانِعٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ اتِّفَاقًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 145 وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصِهِ: كَلَبَنِ بَقَرَةٍ، وَيَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ، إنْ قُوِّمَ، وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ فِي الْفَاحِشِ عَلَى الْأَرْجَحِ،   [منح الجليل] وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمُتَعَدِّي الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ (فَ) أَرْشُ (نَقْصِهِ) أَيْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّهُ مَالِكُهُ مِنْ الْمُتَعَدِّي، وَمَثَّلَ لِغَيْرِ الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ (كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) أَوْ نَاقَةٍ وَلَوْ مَقْصُودًا مِنْهُمَا لِأَنَّ فِيهِمَا مَنَافِعُ غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَبَنُ الْبَقَرَةِ الْمَقْصُودُ كَلَبَنِ الشَّاةِ (وَ) قَطْعِ (يَدِ عَبْدٍ وَ) قَلْعِ (عَيْنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لَا يُفِيتُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ لِبَقَاءِ مَنَافِعِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ يَدَيْهِ وَعَيْنَيْهِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَانِعًا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَطَرِيقُ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ يَدَ الصَّانِعِ أَوْ قَلَعَ عَيْنَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ اتِّفَاقًا. (وَ) إنْ تَعَدَّى عَلَى رَقِيقِ غَيْرِهِ بِقَطْعٍ أَوْ فَقْءٍ، (عَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ لِرَقِيقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي (إنْ قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي بِأَنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ تَغْرِيمَهُ قِيمَتَهُ، وَمَفْهُومُ إنْ قُوِّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ فَلَا يَعْتِقُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ مُفِيتِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ. وَأَشَارَ إلَى الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ (وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ بِقَطْعٍ أَوْ فَقْءٍ مِنْ التَّقْوِيمِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْمُتَعَدِّي (فِي) التَّعَدِّي (الْفَاحِشِ) الْمُفَوِّتِ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ يَدَيْهِ أَوْ قَلْعِ عَيْنَيْهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْجَانِيَ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً مُفْسِدَةً يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، إنَّمَا هَذَا إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ. وَأَمَّا إنْ أَبَى فَلَهُ أَخْذُ الْعَبْدِ وَمَا نَقَصَهُ وَلَيْسَ الْعِتْقُ بِأَمْرٍ وَجَبَ لِلْعَبْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالصَّوَابُ مِنْ هَذَا، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّهُ إذَا أَفْسَدَهُ هَكَذَا أَنْ يَغْرَمَ الْجَانِي قِيمَتَهُ وَيَعْتِقَ عَلَيْهِ مَا أَحَبَّ سَيِّدُهُ أَوْ كَرِهَ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِوَضُهُ فَهُوَ مُضَادٌّ فِي تَرْكِ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَأَخْذِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِحْرَامِ الْعَبْدِ الْعِتْقَ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ، مِثْلُ أَنْ يَقْفَأَ عَيْنَهُ الْوَاحِدَةَ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ الْوَاحِدَةَ لَمْ يَذْهَبْ بِهَا أَكْثَرُ مَنَافِعِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَمَا نَقَصَهُ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 146 وَرَفَا الثَّوْبَ مُطْلَقًا، وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ يَغْرَمُ الْجَانِي قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَظُلْمِهِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ يَسِيرَةً مِثْلَ أَنْ يَجْدَعَ أُذُنَهُ أَوْ يَقْطَعَ أُصْبُعَهُ وَلَمْ يُفْسِدْهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ طفي فَاخْتِلَافُ ابْنِ يُونُسَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ قَطَعَ لَهُ جَارِحَةً أَوْ جَارِحَتَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادًا فَاحِشًا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ. اهـ. فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ التَّأْوِيلَانِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقْتَصِرْ ابْنُ يُونُسَ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلَ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثًا مُفْسِدًا فَاحِشًا، وَكَثِيرًا غَيْرَ مُفْسِدٍ، وَيَسِيرًا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ إلَى اخْتِيَارِهِ، وَلِذَا قَيَّدَ بِالْفَاحِشِ إشَارَةً إلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَهُ الْمَنْعُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرَفَا) بِالْفَاءِ أَيْ أَصْلَحَ الْمُتَعَدِّي (الثَّوْبَ) الَّذِي خَرَقَهُ بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ وَشَعَبَ الْقَصْعَةَ الَّتِي شَقَّهَا رَفْوًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسَارَةِ أَوْ الْكَثْرَةِ وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ بَعْدَ رَفْوِهِ فِي الْيَسِيرِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْكَثِيرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَلْزَمُهُ رَفْوُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ضِعْفَ قِيمَتِهِ كُلِّهِ وَالْمُتَعَدِّي لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَتُهُ (وَفِي) لُزُومِ (أُجْرَةِ الطَّبِيبِ) الَّذِي يُدَاوِي الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ بِقَطْعِ أَوْ فَقْءِ الْمُتَعَدِّي تَنْزِيلًا لِلتَّطْبِيبِ مَنْزِلَةَ الرَّفْوِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَدَمِ لُزُومِهَا لِأَنَّ الرَّفْوَ مُحَقَّقٌ نَفْعُهُ بِخِلَافِ التَّطْبِيبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَشَهَّرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى صَحْفَةٍ أَوْ عَصًا لِرَجُلٍ فَكَسَرَهَا أَوْ خَرَقَ ثَوْبَهُ، فَإِنْ أَفْسَدَ ذَلِكَ فَسَادًا كَثِيرًا خُيِّرَ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ جَمِيعِهِ أَوْ أَخْذِهِ بِعَيْنِهِ وَأَخْذِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمُتَعَدِّي، وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ يَسِيرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَسَادًا كَثِيرًا وَاخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَمَا نَقَصَهُ فَإِنَّمَا يَعْنِي أَنْ يُرْفَى وَيُخَاطَ وَتُشْعَبُ الْقَصْعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فِي الْفَسَادِ الْيَسِيرِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَمَا نَقَصَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَعْدَ رَفْوِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي أَنْ يَغْرَمَ إلَّا مَا نَقَصَ بَعْدَ أَنْ يُدَاوِيَ الدَّابَّةَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَا يُعْلَمُ هَلْ تَرْجِعُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَالرَّفْوُ وَالْخِيَاطَةُ مَعْلُومٌ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا وَيَرْجِعَانِ إلَى مَا كَانَا. ابْنُ يُونُسَ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ فِي الثَّوْبِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ، وَوَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ فِي رَفْوِ الثَّوْبِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا، وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فَصْلٌ زَرَعَ غَاصِبٌ أَوْ مُتَعَدٍّ أَرْضًا فَاسْتُحِقَّتْ] (بَابٌ) (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الِاسْتِحْقَاقِ) وَيَتَوَقَّفُ بَيَانُ أَحْكَامِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ وَسَبَبِهِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَحُكْمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ مِنْ تَرَاجُمِ كُتُبِهَا، وَعَرَّفَهُ بِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ. قَوْلُهُ رَفْعُ جِنْسٌ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّفْعِ، وَإِضَافَتُهُ لِلْمِلْكِ فَصْلٌ مُخْرِجٌ رَفْعَ غَيْرِ الْمِلْكِ. وَقَوْلُهُ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ رَفْعَ الْمِلْكِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ أَسْبَابِ رَفْعِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ أَيْ أَوْ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ حُرِّيَّتِهِ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ رَفْعَ مِلْكٍ مَا عُرِفَ لِمُعَيَّنٍ مَعْصُومٍ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ قَسْمِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ إلَّا بِثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا. وَقَالَ فِي اللُّبَابِ هُوَ الْحُكْمُ بِإِخْرَاجِ الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ إلَى يَدِ مُدَّعِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ وَشُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْ تَعْرِيفٍ. ابْنُ عَرَفَةَ اعْتِصَارُ الْهِبَةِ. اهـ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ اسْتِحْقَاقَ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ اسْتِحْقَاقٌ شَرْعِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ يَشْمَلُهُ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْحُرِّيَّةِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَفْسِهِ وَاسْتِحْقَاقَهُ بِرِقِّيَّتِهِ يَرْفَعُ مِلْكَهُ عَنْهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. الْعَدَوِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَكَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّيَّتِهِ، فَالتَّقْدِيرُ أَوْ رَفْعُ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ أَيْ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ. فَإِنْ قُلْتَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِحْقَاقَ بِحُرِّيَّةٍ فَالْجَوَابُ لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ اسْتِحْقَاقًا حَقِيقِيًّا، وَأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَيْهِ مَجَازٌ فَلَا حَاجَةَ لِإِدْخَالِهِ فِي التَّعْرِيفِ، وَعَدَمُ إدْخَالِهِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ إدْخَالِ الِاسْتِحْقَاقِ بِرِقِّيَّةِ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُهُ الْوُجُوبُ عِنْدَ تَيَسُّرِ سَبَبِهِ فِي الرُّبُعِ عَلَى عَدَمِ يَمِينِ مُسْتَحِقِّهِ وَعَلَى يَمِينِهِ مُبَاحٌ كَغَيْرِ الرُّبُعِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَشَقَّةٌ اهـ. أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّيَّةِ وَاجِبٌ عِنْدَ تَيَسُّرِ سَبَبِهِ، وَبِغَيْرِهِمَا مُبَاحٌ عِنْدَهُ وَلَوْ عَلَى عَدَمِ الْيَمِينِ لِأَنَّ تَرْكَهُ لَيْسَ مِنْ الْإِضَاعَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَسَبَبُهُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَيْنِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي لَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهُ وَلَا خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ عَنْهُ حَتَّى الْآنَ، وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ، وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَحِيَازَتُهُ وَهِيَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي عَدْلَيْنِ، وَقِيلَ أَوْ عَدْلًا مَعَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْمِلْكِيَّةِ، فَإِذَا كَانَتْ دَارًا مَثَلًا قَالُوا لَهُمَا مَثَلًا هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي شَهِدْنَا فِيهَا عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الشَّهَادَةَ الْمُقَيَّدَةَ أَعْلَاهُ. الثَّانِي: الْأَعْذَارُ فِي ذَلِكَ إلَى الْحَائِزِ، فَإِنْ ادَّعَى مَدْفَعًا أَجَّلَهُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ. الثَّالِثُ: يَمِينُ الِاسْتِبْرَاءِ. وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَمْعِ الْأَشْيَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ. الثَّانِي: لَا يَمِينَ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ. الثَّالِثِ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَقَارِ وَيَحْلِفُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ. وَفِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] سِجِلَّاتِ الْبَاجِيَّ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ غَاصِبٍ فَلَا يَحْلِفُ. ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ خَصْمُهُ مَا يُوجِبُهَا. وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ اهـ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُ الْأُصُولِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا فَيَكْتُبُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا يَعْرِفُ شُهُودُهُ فُلَانًا وَيَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا وَمِلْكًا جَارِيَةً، وَصِفَتُهَا كَذَا، أَوْ فَرَسًا أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا، وَلَا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ حَتَّى الْآنِ. وَقَيَّدُوا عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى عَيْنِ الثَّوْبِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْجَارِيَةِ فِي كَذَا، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ، وَنَصُّهُ حَلَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي بِقَرْيَةِ كَذَا فُلَانٌ الْمَذْكُورُ فِي رَسْمِ الِاسْتِرْعَاءِ بِكَذَا، بِحَيْثُ يَجِبُ وَكَمَا تَجِبُ يَمِينًا قَالَ فِيهَا وَبِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا بِعْتُ الْفَرَسَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الْجَارِيَةَ الْمَشْهُودَ لِي بِهِ فِيهِ، وَلَا فَوَّتَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِي بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَاتِ حَتَّى الْآنِ وَمَنْ حَضَرَ الْيَمِينَ الْمَنْصُوصَةَ عَنْ الْإِذْنِ وَاسْتَوْعَبَهَا مِنْ الْحَالِفِ وَعَرَفَهُ قَيَّدَ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُ فِي كَذَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى عَيْنِ الْجَارِيَةِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الثَّوْبِ، وَهُوَ يُشِيرُ إلَيْهَا فِي يَمِينِهِ، زِيَادَةُ بَيَانِ الْيَمِينِ فِي هَذَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ. بِخِلَافِ الْأُصُولِ فَلَا يَمِينَ فِيهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ. وَحَكَى ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْخَصْمُ مَا يُوجِبُهَا، وَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى النَّصِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُهُ وَأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ. ابْنُ سَهْلٍ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ. وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ غَائِبَةً فَالشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى النَّعْتِ وَالِاسْمِ جَائِزَةٌ، فَإِنْ وُجِدَتْ جِوَارِي كَثِيرَةٌ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ يُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ الْمُسْتَحِقُّ وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهَا فَلَا يُكَلَّفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. اهـ. وَمَانِعُهُ فِعْلٌ وَسُكُوتٌ، فَالْفِعْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ حَائِزِهِ، فَلَوْ قَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ خَوْفَ أَنْ يُغَيِّبَهُ، فَإِذَا أَثْبَتَهُ رَجَعْتُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. أَصْبَغُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَتُهُ بَعِيدَةً جِدًّا، وَيَشْهَدُ قَبْلَ شِرَائِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ لِذَلِكَ فَذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ، وَهُوَ يَرَى أَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ، ثُمَّ وَجَّهَ بَيِّنَةً فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَأَخْذُ ثَمَنِهِ أَصْبَغُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 (فَصْلٌ) وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالزَّرْعِ: أُخِذَ بِلَا شَيْءٍ،   [منح الجليل] وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا السُّكُوتُ، فَمِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ بِلَا مَانِعٍ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ. (وَإِنْ زَرَعَ) غَاصِبٌ أَوْ مُتَعَدٍّ أَرْضًا (فَاسْتُحِقَّتْ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْأَرْضُ، أَيْ قَامَ مَالِكُهَا عَلَى زَارِعِهَا وَرَفَعَ مِلْكَهُ أَيْ حَوْزَهُ لِلتَّصَرُّفِ بِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ قِبَلَهُ بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ، إذْ مُرَادُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمِلْكِ فِي تَعْرِيفِهِ مُطْلَقَ الْحَوْزِ لِلتَّصَرُّفِ وَالْكَوْنُ تَحْتَ الْيَدِ مَجَازًا وَقَرِينَتُهُ إضَافَةُ رَفْعِ إلَيْهِ إذْ الْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ لَا يُرْفَعُ بِذَلِكَ، وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ طفي، الِاسْتِحْقَاقُ الْمَشْهُورُ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَسَبَقَ الْبِسَاطِيُّ طفي إلَى مَا قَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (بِالزَّرْعِ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ طَوْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ إذَا قُلِعَ بِأَنْ لَمْ يُنْبِتْ أَوْ نَبَتَ وَصَغَرَ (أُخِذَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الْأَرْضَ أَخْذُ الزَّرْعِ مَعَهَا (بِلَا شَيْءٍ) يَغْرَمُهُ لِلزَّارِعِ عِوَضًا عَنْ الْبَذْرِ وَالْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَغَيْرِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَزْوِيقِ الْجِدَارِ وَشَبَهِهِ وَأَحْرَى لَا شَيْءَ لِلْمُتَعَدِّي إنْ حَرَثَهَا وَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ زَرْعِهَا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أُخِذَ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِهِ، وَلَوْ أَرَادَ الزَّارِعُ قَلْعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهُ مَجَّانًا كَانَ إبْقَاؤُهُ بِكِرَاءٍ بَيْعًا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْكِرَاءِ عَلَى تَبْقِيَتِهِ، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِلْغَرَرِ وَخَرَجَ جَوَازُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَوْ يَمْلِكُ لَا يُعَدُّ مَالِكًا وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ، فَيَخْرُجُ عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا لَا يُعَدُّ مُنْتَقِلًا إذْ عَلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى تَبْقِيَتِهِ. وَمَنَعَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى عَدِّهِ مُنْتَقِلًا، أَفَادَهُ تت. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 وَإِلَّا فَلَهُ قَلْعُهُ، إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ   [منح الجليل] طفي قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ إلَخْ. فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَجَّانًا كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمْ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إنْ كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا إذَا قُلِعَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَضَى بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ وَلَا شَيْءٍ وَمَا عَزَاهُ لِلتَّوْضِيحِ لَيْسَ فِيهِ، وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَ قِيَامُهُ بَعْدَ الزَّرْعِ وَقَبْلَ ظُهُورِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الِانْتِقَاعِ بِهِ فِيهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ أَوْ يَأْخُذَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ اهـ. (وَإِلَّا) لَمْ يَبْلُغْ الزَّرْعُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِأَنْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ بُلُوغِهِ طَوْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ إذَا قُلِعَ وَلَوْ لِرَعْيِ الْبَهَائِمِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ (قَلْعُهُ) أَيْ أَمَرَ زَارِعَهُ بِهِ (إنْ لَمْ يَفُتْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْفَاءِ، أَيْ يَمْضِ (وَقْتُ مَا) أَيْ الزَّرْعِ الَّذِي (تُرَادُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأَرْضُ (لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ زَرْعِ الْمُتَعَدِّي أَمْ لَا كَمَا لَوْ زُرِعَتْ سِمْسِمًا وَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ زَرْعَهَا مِقْثَأَةً أَوْ بَقْلًا. ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ قَلْعَهُ بَعْدَ خُرُوجِ إبَّانِ الزَّرْعِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَصْلُحُ لِزَرْعِ الْمَقَاثِي وَالْبُقُولِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَمْ يَقْصِدْ إضْرَارَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُتَعَدِّي بِتَكْلِيفِهِ بِقَلْعِ زَرْعِهِ، وَإِنَّمَا رَغِبَ فِي الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِهِ لِلْمِقْثَأَةِ أَوْ الْبَقْلِ إذْ قَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ بِهَذَا أَكْثَرَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِالزَّرْعِ. وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ خِلَافُ هَذَا، وَحَمَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ. الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ مَا زَرَعَهُ فِيهَا الْغَاصِبُ أَوْ الْمُتَعَدِّي فَقَطْ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بِالْأَوَّلِ أَفَادَهُ تت. طفي تَنْبِيهٌ " غ " شَمِلَ قَوْلُهُ مَا تُرَادُ لَهُ الزَّرْعَ وَالْمَقَاثِيَ وَالْبَقْلَ وَغَيْرَهَا مِنْ جِنْسِ مَا زَرَعَ الْمُتَعَدِّي فِيهَا وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا لِأَصْبَغَ فِي نَوَازِلِهِ، وَخِلَافُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ إبَّانَ مَا زَرَعَ الْغَاصِبُ فِيهَا خَاصَّةً، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا فِي تَوْضِيحِهِ، فَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ ثُمَّ سَاقَ نَصَّهُ. اهـ. وَتَبِعَهُ تت، وَفِيمَا قَالَهُ " غ " نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْأَوَّلُ: لَيْسَ الْمُرَادُ وَلَا الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا تُرَادُ لَهُ مَا قَالَ، وَإِنَّمَا مُرَادُ مَا تُرَادُ تِلْكَ الْأَرْضُ وَتُقْصَدُ لَهُ وَهُوَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا غَالِبًا لَا كُلُّ شَيْءٍ، وَلَوْ أَرَادَ مَا قَالَ " غ " لَقَالَ إنْ لَمْ نُفِتْ الِانْتِفَاعَ بِهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ. الثَّانِي: أَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى إبَّانِ مَا زَرَعَ الْغَاصِبُ فِيهَا، وَكَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ يَظْهَرُ مِنْهُ خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمُوضِحِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَاللَّفْظُ لَهُمَا. عَبْدُ الْحَقِّ إنَّمَا يُرِيدُونَ إبَّانَ الشَّيْءِ الْمَزْرُوعِ فِيهَا لَا غَيْرُهُ، فَإِذَا فَاتَ إبَّانُ مَا يُزْرَعُ فِيهَا فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَكَلُّفُ الْغَاصِبِ الْقَلْعَ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهَا مَقْثَأَةٌ أَوْ شَيْءٌ غَيْرُ الَّذِي زَرَعَ فِيهَا وَهَذَا لِأَصْبَغَ مُبَيَّنٌ هَكَذَا فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهَكَذَا حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ اهـ. فَقَوْلُهُ إبَّانُ الشَّيْءِ الْمَزْرُوعِ فِيهَا أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُزْرَعَ فِيهَا وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلِذَا حَادَ عَنْ عِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ الزَّرْعِ الْمَقْصُودِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ بِإِبَّانِ الزِّرَاعَةِ إبَّانُ الشَّيْءِ الَّذِي يُزْرَعُ فِيهَا لَا غَيْرُهُ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي زَرَعَ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يُزْرَعَ فِيهَا وَفَاتَ إبَّانُهُ وَلَمْ يَفُتْ إبَّانُ الْمَقْصُودِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ، وَتَفُوتُ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَا غَيْرُهُ، وَبِنَقْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ تت الْمُرَادُ بِالْإِبَّانِ إبَّانُ مَا زَرَعَ فِيهَا الْغَاصِبُ فَقَطْ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ. وَمَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ قَوْلُهَا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا وَزَرَعَ فِيهَا وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا إلَخْ، ثُمَّ قَالَتْ وَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ إلَخْ فَعَلَّقَتْ الْأَمْرَ عَلَى عَادَتِهَا وَمَا يُقْصَدُ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَصْبَغَ يَدُلُّ لِمَا فَهِمَهُ " غ "، وَنَصُّهَا وَمَنْ تَعَدَّى فَزَرَعَ أَرْضَ رَجُلٍ فَقَامَ عَلَيْهِ بِمَدٍّ إبَّانِ الْحَرْثِ وَقَدْ كَبَرَ الزَّرْعُ وَاشْتَدَّ فَأَرَادَ قَلْعَ الزَّرْعِ، وَقَالَ أُرِيدُ أَكْرِيهَا مَقْثَأَةً أَوْ أَزْرَعُهَا بَقْلًا وَهِيَ أَرْضُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 153 وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَإِلَّا فَكِرَاءُ السَّنَةِ:   [منح الجليل] سَقْيٍ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ إبَّانِ الزَّرْعِ إلَّا كِرَاؤُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْضَ سَقْيٍ يَنْتَفِعُ بِمَا ذَكَرْت، وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَفُتْ إبَّانُ الزَّرْعِ الَّذِي فِيهَا وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَلْبَهَا وَالْكِرَاءُ لَهُ عِوَضٌ عَنْ ذَلِكَ اهـ. (وَلَهُ) أَيْ مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (أَخْذُهُ) أَيْ الزَّرْعِ الَّذِي يُنْتَقَعُ بِهِ وَوَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ لَمْ يَفُتْ فَلَهُ أَخْذُهُ (بِقِيمَتِهِ) مَقْلُوعًا مَطْرُوحًا مِنْهَا أُجْرَةُ قَلْعِهِ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الزَّارِعُ لَوْ كُلِّفَ بِهِ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ. وَمَفْهُومُ بِقِيمَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ فَقَالَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَفُتْ إلَخْ بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ (فَكِرَاءُ السَّنَةِ) كُلِّهَا يَلْزَمُ الزَّارِعَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ وَيَبْقَى زَرْعُهُ فِيهَا إلَى انْتِهَائِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ قَلْعُهُ، إذْ لَوْ قُلِعَ فَلَا يُنْتَفَعُ بِالْأَرْضِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى أَرْضِ رَجُلٍ فَزَرَعَهَا فَقَامَ رَبُّهَا وَقَدْ نَبَتَ الزَّرْعُ فَإِنْ قَامَ فِي إبَّانٍ يُدْرَكُ فِيهِ الْحَرْثُ فَلَهُ قَلْعُهُ، يُرِيدُ وَعَلَى زَارِعِهِ قَلْعُهُ وَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ. أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ غَاصِبُ الْأَرْضِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إذَا قُلِعَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَضَى بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ وَلَا شَيْءٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا فِي الْإِبَّانِ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ تَرْكَهُ وَأَخْذَ الْكِرَاءِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، فَكَأَنَّهُ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ إذَا قُلِعَ يُنْتَقَعُ بِهِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُ الْكِرَاءِ أَوْ أَمْرُهُ بِقَلْعِهِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَمْرٍ يَجُوزُ، وَإِنْ رَضِيَ الزَّارِعُ أَنْ يَتْرُكَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ جَازَ إذَا رَضِيَ رَبُّ الْأَرْضِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ نَفْعٌ تُرِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْبَاهُ فَيَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» ، وَهَذَا عِرْقٌ ظَالِمٌ. وَلِأَنَّ مَنَافِعَهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلزَّارِعِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ إشْغَالُهَا عَلَى رَبِّهَا، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ فَاتَ الْإِبَّانُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَا يَنْتَفِعُ الْمَالِكُ بِأَرْضِهِ إنْ قَلَعَ الزَّرْعَ فَقِيلَ لَهُ قَلْعُهُ. وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 154 كَذِي شُبْهَةٍ   [منح الجليل] وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّ الزَّرْعَ إذَا سُبِّلَ لَا يُقْلَعُ لِأَنَّ قَلْعَهُ مِنْ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ نَحْرِ الْفَتِيِّ مِنْ الْإِبِلِ مِمَّا فَوْقَهُ الْحُمُولَةُ وَذَوَاتُ الدَّرِّ مِنْ الْغَنَمِ. قَالَ غَيْرُهُ وَكَمَا نُهِيَ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَاحْتِكَارِ الطَّعَامِ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمَنَعَ الْخَاصَّ مِنْ بَعْضِ مَنَافِعِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْعَامَّةِ. اللَّخْمِيُّ إنْ زَرَعَ الْغَاصِبُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ الْأَرْضِ قَبْلَ الْحَرْثِ وَبَعْدَهُ وَلَا عِوَضَ عَلَيْهِ عَنْ الْحَرْثِ بِانْفِرَادِهِ، وَأَخَذَ الزَّرْعَ إذَا لَمْ يَبْرُزْ أَوْ بَرَزَ وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ إنْ قُلِعَ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَحَبَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيُقِرَّهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ أَصْوَبُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْبَقَاءِ فِيمَا يَزِيدُ لِلْبَقَاءِ نَمَاءٌ، وَلَا يَدْرِي هَلْ يُسَلِّمُ، وَهَذَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَطْرُوحًا. وَشَبَّهَ فِي حُكْمِ اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ قَبْلَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ فَقَالَ (كَ) اسْتِحْقَاقُ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ مِنْ شَخْصٍ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (شُبْهَةٍ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ قَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِ مَا تُرَادُ لَهُ مَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ سَنَةٍ لِمُسْتَحِقِّهَا، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ زَرْعِهِ وَلَا أَخْذُهُ. بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِلْبَنِينَ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعًا فَالْغَلَّةُ لَهُ بِالضَّمَانِ إلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ كِرَاءَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ أَوْ يَفْسَخَ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا تُزْرَعُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً فَاسْتَحَقَّهَا وَهِيَ مَزْرُوعَةٌ قَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ، فَكِرَاءُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ زَرَعَ فِيهَا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ. طفي لَك أَنْ تُبْقِيَ الْوَارِثَ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ كَانَ وَارِثًا غَاصِبًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي لُزُومِ كِرَاءِ السَّنَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ زَرْعِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ وَارِثِ الْغَاصِبِ وَوَارِثِ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْغَلَّةِ، فَوَارِثُ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ شُبْهَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ قَلْعِ زَرْعِهِ وَوَارِثُ صَاحِبِ الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ ذُو شُبْهَةٍ مُطْلَقًا، وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 155 أَوْ جُهِلَ حَالُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ   [منح الجليل] وَارِثُ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ، وَكَذَا إنْ وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يُدْرَ بِمَ كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَارِثِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَهُوَ غَاصِبٌ أَمْ لَا، وَلِذَا ضَبَطَ قَوْلَهُ وَلَمْ يُدْرَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ. (أَوْ) اسْتِحْقَاقُ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ مِنْ شَخْصٍ (جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ (حَالُهُ) فِي كَوْنِهِ غَاصِبًا أَوْ مُتَعَدِّيًا أَوْ ذَا شُبْهَةٍ بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاء غَيْرِ عَالِمٍ بِغَصْبِ بَائِعِهِ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ مَا تُرَادُ لَهُ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ سَنَةٍ لِمُسْتَحِقِّهَا، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ زَرْعِهِ. " ق " فِيهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّهَا بَعْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ زَرَعَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ مُكْتَرٍ مِنْهُ فَلَا كِرَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَكِرَاؤُهَا لِلَّذِي أَكْرَاهَا إنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا، وَكَانَتْ فِي يَدِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ، وَكَذَا إنْ سَكَنَ الدَّارَ مُشْتَرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا أَمَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بَعْدَ الْأَمَدِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَكِرَاؤُهَا لِلْمُبْتَاعِ، وَإِذَا كَانَ مُكْرِي الْأَرْضِ لَمْ يَعْلَمْ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ مُبْتَاعٌ فَزَرَعَهَا الْمُكْتَرِي مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ فَمُكْتَرِيهَا كَالْمُشْتَرِي يَعْنِي فِي الْغَلَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ. (وَ) إنْ اكْتَرَى شَخْصٌ أَرْضًا بِمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكِرَاءَ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ قَبْلَ حَرْثِهَا وَالْعَمَلِ فِيهَا انْفَسَخَ الْكِرَاءُ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ عَيْنَ شَيْئِهِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَالْمُكْرِي أَرْضَهُ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْدَ حَرْثِهَا (فَاتَتْ) الْأَرْضُ أَيْ لَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهَا (بِ) سَبَبِ (حَرْثِهَا) قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَفَوَاتِهَا (فِيمَا) أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي (بَيْنَ مُكْرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ (وَمُكْتَرٍ) فَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي كِرَاءَ مِثْلِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُكْتَرِي. " ق " فِيهَا مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَاسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ تُزْرَعَ وَتُحْرَثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَ مُسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَجَزْت بَيْعَهُ وَأَخَذَ الْأَرْضَ مَحْرُوثَةً فَذَلِكَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 156 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَارِثِ قِيمَةَ حَرْثِهِ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ، وَقَدْ قَالُوا فِيمَنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا بَعْدَ حَرْثِهَا أَنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَةَ الْحَرْثِ وَيَأْخُذُهَا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْحَارِثِ أَعْطِهِ كِرَاءَ سَنَةٍ، فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا بِحَرْثِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا. " غ " السِّيَاقُ يُعْطِي أَنَّ هَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا فَرْضُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ فَقَالَ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ بِثَوْبٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ بِمَا يُوزَنُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ يَعْرِفَانِ وَزْنَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَحْرُثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا زَرَعَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ. عِيَاضٌ هُوَ بَيَّنَ أَنَّ نَفْسَ الْحِرَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي، فَأَنْتَ تَرَى الْمُصَنِّفَ قَدْ اسْتَعْمَلَ عِبَارَةَ عِيَاضٍ بِعَيْنِهَا. الْحَطّ أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِثَوْبٍ أَوْ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ بِمَا يُوزَنُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ يَعْرِفَانِ وَزْنَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَحْرُثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا زَرَعَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ، وَفِي كِرَاءِ الْأَرَضِينَ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا بِحَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَا وَزْنَهُ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ زَرَعَهَا أَوْ حَرَثَهَا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ. وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا بِحَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَا وَزْنَهُ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَرَعَهَا أَوْ حَرَثَهَا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ اهـ. عِيَاضٌ هُوَ بَيَّنَ أَنَّ نَفْسَ الْحِرَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ فَوْتٌ وَلِلْمُكْرِي كِرَاءُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ زُرِعَتْ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي، فَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حُرِثَتْ الْأَرْضُ أَوْ لَمْ تُحْرَثْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 157 وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا، وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَرْثِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لَهُ أَعْطِ كِرَاءَ سَنَةٍ، وَإِلَّا أَسْلِمْهَا بِلَا شَيْءٍ   [منح الجليل] وَلِلْمُسْتَحِقِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِلْكِرَاءِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لِلْأَرْضِ (أَخْذُهَا) أَيْ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ كِرَاؤُهَا الْمُعَيَّنُ أَوْ نَفْسُهَا بَعْدَ حَرْثِهَا مِنْ مُكْتَرِيهَا (وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَرْثِ) لِمُكْتَرِيهَا الَّذِي حَرَثَهَا (فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ أُجْرَةِ حَرْثِهَا (قِيلَ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (لَهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي (أَعْطِ) الْمُسْتَحِقَّ (كِرَاءَ سَنَةٍ) وَازْرَعْهَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ فَوَاضِحٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ (أَسْلِمْهَا) أَيْ الْأَرْضَ لِلْمُسْتَحِقِّ (بِلَا شَيْءٍ) لَك فِي حَرْثِك. " ق " يَحْيَى سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَمَّنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا وَقَدْ قَلَّبَهَا الَّذِي كَانَتْ بِيَدِهِ وَأَنْعَمَ حَرْثَهَا لِيَزْرَعَهَا فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ عَمَلِهِ وَأَخَذَهَا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّذِي اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدَيْهِ إنْ شِئْت فَاغْرَمْ كِرَاءَهَا، وَإِنْ شِئْت فَأَسْلِمْهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْعَمَلِ وَلَا شَيْءَ لَك. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ زَبَّلَهَا لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ فِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ إذْ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ، وَإِنَّمَا عَمِلَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَلَا يُظْلَمُ عَمَلُهُ. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ شِئْت فَأَسْلِمْهَا وَلَا شَيْءَ لَك عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ. قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي إذَا أَبَى أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كِرَائِهَا ذَلِكَ الْعَامِ رَبُّ الْأَرْضِ بِقِيمَةِ كِرَائِهَا غَيْرَ مَحْرُوثَةٍ وَرَبُّ الْحَرْثِ بِقِيمَتِهِ، وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَهُوَ يَظُنُّهَا مَوَاتًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قِيلَ لِمُسْتَحِقِّهَا ادْفَعْ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ، فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ فِيهَا، هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَهَذَا بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ أَنْ يُقَوِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَهُ عَلَى حِدَتِهِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِمَا زَادَتْ الْعِمَارَةُ إذْ قَدْ لَا تَزِيدُ. الْحَطّ يَصِحُّ أَنَّهُ أَرَادَ مُسْتَحِقَّ الْأَرْضِ أَوْ مُسْتَحِقَّ الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ الْمُكْتَرِي بِهِ أَوْ هُمَا مَعًا لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ إنْ أَرَادَ مُسْتَحِقُّ الْعَبْدِ أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ عَبْدِهِ بِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ، وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ إنْ لَمْ تُحْرَثْ لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ حُرِثَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُكْتَرِي حَقَّ حَرْثِهِ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 158 وَفِي سِنِينَ يَفْسَخُ أَوْ يُمْضِي،   [منح الجليل] لِأَنَّهُ كَمُسْتَحِقٍّ لِمَنْفَعَتِهَا وَوَجَدَ مَنْفَعَتَهَا بَاقِيَةً فَهُوَ كَمَنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا بَعْدَ أَنْ حَرَثَهَا مُكْتَرِيهَا فِي أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّ حَرْثِهَا وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ دَفَعَ لَهُ الْمُكْتَرِي كِرَاءَ سَنَةٍ، فَإِنْ امْتَنَعَ سَلَّمَهَا بِحَرْثِهَا فَحُكْمُ مُسْتَحِقِّ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ كَحُكْمِ مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ. وَفِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَاعْتَرَضَ قَوْلَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهَا بِلَا شَيْءٍ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَهُمَا شَرِيكَيْنِ فِي كِرَاءِ ذَلِكَ الْعَامِ الْأَرْضَ مَحْرُوثَةً الْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَةِ كِرَائِهَا غَيْرَ مَحْرُوثَةٍ، وَالْمُكْتَرِي بِقِيمَةِ حَرْثِهِ وَعَمَلِهِ، وَقَالَ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِقِيمَةِ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ. طفي قَرَّرَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ، وَنَقَلَ كَلَامَ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَقَرَّرَ الْفَوَاتَ بِقَوْلِهِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا مِنْ آخَرَ وَحَرَثَهَا، فَإِنَّهَا تَفُوتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيُقَرُّ فِيهَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا حَتَّى يَدْفَعَ كِرَاءَ حَرْثِهَا. اهـ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي مَعْنَى الْفَوَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا فَلَا فَوَاتَ، وَقَدْ عَرَّضَ " ح " بِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حُرِثَتْ أَوْ لَمْ تُحْرَثْ. اهـ. وَكَذَا ابْنُ غَازِيٍّ حَيْثُ قَالَ السِّيَاقُ يُعْطِي أَنَّ هَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَإِنَّمَا فَرْضُهُ فِيهَا فِي اسْتِحْقَاقِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ اهـ فَتَعَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَقَوْلَهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا إلَخْ، يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ، أَشَارَ بِهِ لِمَا فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ لَهُمَا مَعًا إذْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) إنْ أَكْرَى الْأَرْضَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِتُزْرَعَ أَوْ تُغْرَسَ أَوْ تُبْنَى (فِي سِنِينَ) وَزُرِعَتْ أَوْ غُرِسَتْ أَوْ بُنِيَتْ فِي بَعْضِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَقَامَ مُسْتَحِقُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أُجْرَةِ مَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، وَيُخَيَّرُ فِي بَاقِيهَا فَ (يَفْسَخُ) مُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ كِرَاءَهَا فِي بَاقِي السِّنِينَ إنْ شَاءَ فَسَخَهُ فِيهَا (أَوْ يُمْضِي) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُسْتَحِقُّهَا كِرَاءَ بَاقِيهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 159 إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ، وَانْتَقَدَ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ، وَأُمِنَ هُوَ   [منح الجليل] إنْ شَاءَ إمْضَاءَهُ وَيَسْتَحِقُّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْكِرَاءِ (إنْ) كَانَ (عَرَفَ) الْمُسْتَحِقُّ (النِّسْبَةَ) لِمَا يَخُصُّ بَاقِيَهَا لِجُمْلَةِ الْكِرَاءِ كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ لِأَنَّ إمْضَاءَهُ إنْشَاءٌ لِعَقْدِ الْكِرَاءِ فِي الْبَاقِي فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ عِلْمُهُ مَا يَخُصُّهُ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَلَيْسَ لَهُ الْإِمْضَاءُ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ بِمَجْهُولٍ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُهُ فِي الْبَاقِي. " ق " ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمَدِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعًا فَلَهُ غَلَّتُهَا بِضَمَانِهَا إلَى يَوْمِ اسْتِحْقَاقِهَا، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ كِرَاءَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ أَوْ يَفْسَخَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُجِيزُ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يُجِزْ جَمْعَ سِلْعَتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فِي بَيْعِهِمَا حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ لِيُجِيزَ بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ أَجَازَ فَلَهُ حِصَّةُ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ. (وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي) فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ أَمْضَاهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَصِلَةُ خِيَارٍ (لِ) يَتَخَلَّصَ الْمُكْتَرِي مِنْ (الْعُهْدَةِ) أَيْ ضَمَانُ كِرَاءِ الْبَاقِي إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ (وَانْتَقَدَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ كِرَاءَ بَاقِي الْمُدَّةِ مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ أَمْضَى كِرَاءَهُ أَيْ يَقْضِي لَهُ بِأَخْذِهِ حَالًّا (إنْ) كَانَ (انْتَقَدَ) أَيْ قَبَضَ الْمُكْرِي (الْأَوَّلُ) كِرَاءَ جَمِيعِ الْمُدَّةِ مِنْ الْمُكْتَرِي حَالًّا (وَأُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (هُوَ) أَيْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَأْمُونًا بِأَنْ كَانَ عَدْلًا مَلِيًّا حَسَنَ الْمُعَامَلَةِ. " ق " فِيهَا وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا سَنَةً مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ فَلَمْ يَنْقُدْهُ الْكِرَاءُ حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فِي نِصْفِهِ السَّنَةِ، فَكِرَاءُ مَا مَضَى لِلْمُكْرِي الْأَوَّلِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ فَسْخُ مَا بَقِيَ أَوْ الرِّضَا بِهِ فَلَهُ كِرَاءُ بَقِيَّةِ السَّنَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ فَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي فَسْخُهُ فِرَارًا مِنْ عُهْدَتِهِ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ، فَإِنْ عَطِبَتْ الدَّارُ أَدَّى بِحِسَابِ مَا سَكَنَ، وَلَوْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ كِرَاءَ السَّنَةِ لَهَا لَدَفَعَ إلَى الْمُسْتَحِقِّ حِصَّةَ كِرَاءِ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ يَخَفْ مِنْ دَيْنٍ يُحِيطُ بِهِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يُرَدُّ بَاقِي الْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 160 وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ:   [منح الجليل] أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ قِيلَ لِلْمُكْتَرِي إنْ شِئْتَ أَنْ تَدْفَعَ إلَى الْمُسْتَحَقِّ كِرَاءَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَتَسْكُنَ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت أَنْ تُجِيزَ الْكِرَاءَ عَلَى أَنْ لَا تَأْخُذَ إلَّا كِرَاءَ مَا سَكَنَ كُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَتْ بِحِسَابِهِ، وَإِلَّا فَلَكَ الْفَسْخُ لِكِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ. ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي دَارٍ يَخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمَ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةَ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَنْ يَنْتَقِدَ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِسُكْنَى الدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ. الْعَدَوِيُّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ يَخَافُ الْمُكْتَرِي أَنْ يَسْتَحِقَّهُ آخَرُ فَيُضَيِّعَ عَلَيْهِ مَا افْتَقَدَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ أَوْ مَطْلِهِ فَلَا وَجْهَ لِبَحْثِ ابْنِ يُونُسَ. (وَالْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفَتْحِ (لِ) حَائِزِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الشُّبْهَةِ) فِي حَوْزِهِ كَمُكْتَرٍ وَمُشْتَرٍ (أَوْ الْمَجْهُولِ) حَالُهُ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَغَاصِبٌ هُوَ أَوْ ذُو شُبْهَةٍ مُنْتَهِيًا اسْتِحْقَاقُهَا (لِلْحُكْمِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ تَكُونُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ. " ق " فِي الْحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشَّيْءِ الَّذِي اغْتَلَّهُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ وَضَاعَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الَّذِي نَقَدَهُ فِيهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبِيدًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَدْرِ بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ، وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِأَبِيهِ غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ مِمَّنْ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ وَارِثُهُ فَغَلَّةُ مَا مَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ، فَإِنْ جَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الشِّرَاءِ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ. الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ مُسْتَحِقِّهِ، وَتَكُونُ غَلَّتُهُ لَهُ وَيَجِبُ التَّوْقِيفُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا حَتَّى يُقْضَى بِهِ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا لِلطَّالِبِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفَ غَلَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرِّبَاعَ الَّتِي لَا تَحُولُ وَلَا تَزُولُ لَا تُوقَفُ مِثْلُ مَا يَحُولُ وَيَزُولُ، وَإِنَّمَا تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 161 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْقَوْلِ الثَّانِي: أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إذَا ثَبَتَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ. وَالثَّالِثِ: إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الثَّمَرَةُ فِي اسْتِحْقَاقِ أَصْلِهَا غَلَّةً يَسْتَوْجِبُهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِبُلُوغِهَا إلَيْهِ، إمَّا بِالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ، وَإِمَّا بِثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ، وَإِمَّا بِأَنْ يَشْهَدَ لِلْمُسْتَحِقِّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ، فَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُجَذَّ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ، وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ تُطْلَبْ إنْ اشْتَرَى الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ الْأَصْلَ قَبْلَ إبَارِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ جُذَّتْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُجَذَّ، فَإِنْ جُذَّتْ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي. وَإِنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَثَمَرَتُهُ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ كَيْفَ كَانَتْ يَبِسَتْ، أَوْ جَذَّهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ أَكَلَهَا وَيَغْرَمُ مَكِيلَتَهَا إنْ عَرَفَهَا وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا. وَإِنْ كَانَ بَاعَهَا يَغْرَمُ ثَمَنَهَا الَّذِي بَاعَهَا بِهِ إنْ فَاتَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ مُبْتَاعِهَا خُيِّرَ فِي أَخْذِهَا أَوْ إنْفَاذِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ إلَّا بِالْيُبْسِ أَوْ الْجِذَاذِ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ غَلَّةً لَهُ بِطِيبِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا إذَا أَزْهَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَلَّةً لَهُ بِطِيبِهَا، وَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ النَّخْلَ وَحْدَهُ، وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا نَابَ الثَّمَرَةَ لِبَقَائِهَا بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاؤُهُ إيَّاهَا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مُشْتَرٍ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْإِبَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ اشْتَرَاهَا قَبْلَ إبَارِهَا. وَالثَّانِي: اشْتِرَاؤُهَا بِثَمَرَتِهَا بَعْدَهُ. وَالثَّالِثُ: اشْتِرَاؤُهَا بِثَمَرَتِهَا بَعْدَ إزْهَائِهَا وَطِيبِهَا وَالنَّفَقَةِ الْقِيَاسُ جَرَيَانُهَا عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْغَلَّةِ. فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 كَوَارِثٍ، وَمَوْهُوبٍ، وَمُشْتَرٍ مِنْهُ،   [منح الجليل] أَنْفَقَ عَلَى مَا فِي ضَمَانِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَكَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ. وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةِ فِي كَوْنِهِمَا تَابِعَيْنِ لِلضَّمَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالصَّوَابُ وَفَرَّقَ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةِ فَقَالَ النَّفَقَةُ مِمَّنْ تَصِيرُ إلَيْهِ، وَالْغَلَّةُ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ، وَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ فَقَالَ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ فَقَالَ (كَوَارِثٍ) الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْوَارِثِ سَوَاءٌ كَانَ وَارِثًا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَى لِغَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ، وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ كَهُوَ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْهَا وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا، فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَدْرِ بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ اهـ. (وَ) كَشَخْصٍ (مَوْهُوبٍ) لَهُ مِنْ غَاصِبٍ الْحَطّ أَرَادَ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْغَلَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةٍ مَوْهُوبَةٍ فَإِنْ أَعْسَرَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ اللَّخْمِيُّ إذَا وَهَبَ مَا غَصَبَهُ فَاغْتَلَّهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ أَشْهَبُ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُشْتَرِي، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ مِثْلَهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ أَعْدَمَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ أَبْيَنُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ، وَوَارِثِ الْغَاصِبِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وَارِثِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ، فَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَالِمُ بِهِ. اهـ. فَالْوَارِثُ هُنَا إمَّا وَارِثُ الْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَارِثُ ذِي الشُّبْهَةِ وَلِابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِيهَا وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ وَجَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ حُمِلَ عَلَى الشِّرَاءِ. (وَ) كَشَخْصٍ (مُشْتَرٍ) مِنْ غَاصِبٍ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ:   [منح الجليل] لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ يُرِيدُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَلَّةِ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ وَارِثُ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي بِالْغَصْبِ " ق " فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ. ابْنُ زَرْبٍ مَنْ وَرِثَ مَالًا فَاسْتَحَقَّ حَبْسًا فَلِلْوَارِثِ مَا اغْتَلَّ وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ سَهْلٍ هُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ اشْتَرَى بِكْرًا فَوَطِئَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّتِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا صَدَاقَ وَلَا مَا نَقَصَهَا وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُ الْوَارِثِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ أَبِي عِمْرَانَ لَا يُنْظَرُ لِمَعْرِفَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِمَعْرِفَةِ النَّاسِ لِذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ. (بِخِلَافِ ذِي) أَيْ صَاحِبِ (دَيْنٍ) عَلَى مَيِّتٍ طَرَأَ ذُو الدَّيْنِ (عَلَى وَارِثِ) الْمَدِينِ وَقَدْ تَرَكَ عَقَارًا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَارِثُهُ وَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ يَغْتَرِقُ الْعَقَارَ وَغَلَّتَهُ فَيَرُدُّ الْوَارِثُ لِذِي الدَّيْنِ الْعَقَارَ وَغَلَّتَهُ، فَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ كَوَارِثٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَارِثًا طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ، فَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ وَارِثٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالْإِخْرَاجِ مِمَّا مَرَّ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ غَلَّةَ التَّرِكَةِ لِذِي دَيْنٍ وَلَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ أَوْ وَصِيِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَاتَّجَرَ الْوَارِثُ أَوْ وَصِيُّهُ فِيهَا فَصَارَتْ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ، وَظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ دَيْنًا فَيَسْتَحِقُّ ذُو الدَّيْنِ جَمِيعَ السِّتِّمِائَةِ الَّتِي بِيَدِ الْوَارِثِ أَوْ وَصِيِّهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الثَّلَاثَمِائَةِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمَيِّتُ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَهُ " د " الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الدَّيْنِ وَلَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي انْفَصَلَ عَنْهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةُ سَيِّدِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَاجِّ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْأَيْتَامِ لَا لِرَبِّ الدَّيْنِ، وَأَنَّ مَا فِي " ز " غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَطّ أَشَارَ إلَى مَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى فِي الْوَرَثَةِ يَقْتَسِمُونَ التَّرِكَةَ فَتَنْمُو فِي أَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَطْرَأُ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهَا بِنَمَائِهَا أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ مَا أَخَذُوا بِنَمَائِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا نَقَصَ إلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكُوهُ فَعَلَيْهِمْ عِوَضُهُ، وَكَذَلِكَ الْمُوصَى لَهُمْ بِأَشْيَاءَ بِأَعْيَانِهَا وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهُ الْوَرَثَةُ مِنْ التَّرِكَةِ فَحُوسِبُوا بِهِ فِي مِيرَاثِهِمْ، أَوْ اشْتَرَاهُ الْمُوصَى لَهُمْ فَحُوسِبُوا بِهِ فِي وَصَايَاهُمْ فَلَهُمْ نَمَاؤُهُ، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْمُوصَى لَهُمْ فَيُحَاسَبُوا بِهِ فِي مِيرَاثِهِمْ، وَفِي وَصَايَاهُمْ وَبَيْنَ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَدَفَعَ الثَّمَنَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْبِسَاطِيُّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَدَفَعَ لَهُ فِيهِ مِلْكًا وَرِثَهُ فَاغْتَلَّهُ ذُو الدَّيْنِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْغَلَّةَ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ لِنَصِّ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوثَقِينَ، عَلَى أَنَّ التَّصْيِيرَ فِي الدَّيْنِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْمُوصَى لَهُمْ وَحُوسِبُوا بِهِ فِيمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ أَوْ فِي مِيرَاثِهِمْ فَلَهُمْ نَمَاؤُهُ، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. طفي لَيْسَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى تَصْرِيحٌ بِرَدِّ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْغَلَّةَ لِذِي الدَّيْنِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَنَمَاؤُهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَفِيهِ بُعْدٌ، إذْ رُبَّمَا يُقَالُ الْمُرَادُ نَمَاؤُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ بِوِلَادَةٍ وَلِذَا لَمَّا نَقَلَ " ق " قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ لَا خِلَافَ إذَا طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ مَا أَكَلُوهُ أَوْ اسْتَهْلَكُوهُ أَوْ اسْتَنْفَقُوهُ، قَالَ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْغَلَّةِ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ بَعْدُ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَهَا. اهـ. عَلَى أَنَّ هَذَا السَّمَاعَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِطُرُقِ الْغَرِيمِ، فَيَكُونُ ضَمَانُ مَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ أَوْ نَمَا مِنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْصُوصِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَأَشَارَ لِقَوْلِهِمَا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَمَّا مَا مَاتَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هَلَكَ بِيَدِهِ وَضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَانَتْ بَيْنَهُمْ بَاطِلَةً لِلدَّيْنِ ثُمَّ قَالَتْ لَا يَضْمَنُ الْوَرَثَةُ مَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ وَيَضْمَنُونَ مَا ذَهَبَ بِانْتِفَاعِهِمْ. اهـ. فَقَدْ اضْطَرَبَ قَوْلُهَا، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ اضْطَرَبَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ حِكَايَةَ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَالظَّاهِرُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ جَمِيعِهِمْ فِي السَّمَاوِيِّ أَوْ الْغَلَّةِ لَهُمْ اهـ. الْبُنَانِيُّ اعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ، وَصَوَّبَ مَا قَالَهُ " ح " وَمَا قَالَهُ طفي غَلَطٌ نَشَأَ مِنْ عَدَمِ فَهْمِ كَلَامِ الْبَيَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ الْغَرِيمُ وَانْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّ مَا هَلَكَ بِيَدِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِسَمَاوِيٍّ لَا يَضْمَنُهُ، وَحْدَهُ بَلْ ضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ تَقَعْ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَهُ لِلْغُرَمَاءِ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَطْ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا فَضَلَ شَيْءٌ بِيَدِهِمْ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَنْ هَلَكَ حَظُّهُ وَمَنْ بَقِيَ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَا مَا نَمَا بِيَدِ أَحَدِهِمْ وَفَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ نَمَا بِيَدِهِ، بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمْ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا حَكَاهُ " ق " عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانُوا يَضْمَنُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبِهَذَا أَيْضًا جَمَعُوا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ اضْطَرَبَ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ مُرَادُهُ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ قَالَ بِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ مَرَّةً، وَقَالَ مَرَّةً بِعَدَمِ انْتِفَاضِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ السَّمَاوِيَّ لِلْغُرَمَاءِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا دِيوَانٍ حَتَّى فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَضَيْحٍ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْغُرَمَاءِ يَكْمُلُ دَيْنُهُمْ بِهَا كَمَا فَهِمَهُ " ح " وَلَا يَكُونُ مِنْهَا لِلْوَرَثَةِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ، وَأَنَّ اسْتِظْهَارَ طفي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ انْتِقَاضَ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِطُرُوءِ غَرِيمٍ عَلَيْهِمْ، نَصُّهُمَا وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا مَالَ الْمَيِّتِ ضَامِنُونَ لِمَا أَكَلُوا أَوْ اسْتَهْلَكُوا مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا ذَهَبَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الطَّارِئِ عَلَيْهِمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ، إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ   [منح الجليل] وَلَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى عَلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتْبَعُونَ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُقَدِّمَاتِ نَصُّهَا فَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَتُنْقَضُ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تُنْقَضُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَاضْطَرَبَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي انْتِقَاضِهَا فَمَرَّةً قَالَ إنَّهَا تُنْقَضُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فَيَخْرُجُ الدَّيْنُ الطَّارِئُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي، ثُمَّ قَالَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فِي أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَضْمَنُونَ بِالْقِسْمَةِ التَّلَفَ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ إذَا لَحِقَ الدَّيْنَ اهـ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ فَقَالَ: (كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى) وَارِثٍ (مِثْلِهِ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَوْلَى عَلَى مَنْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِهِ بَعْدَ اسْتِغْلَالِ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ التَّرِكَةُ، فَإِنَّ الْمَطْرُوءَ عَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَيَقْسِمَانِهَا وَإِنْ كَانَ الطَّارِئُ يَجْحَدُ الْمَطْرُوءَ عَلَيْهِ فَجَمِيعُهَا لِلطَّارِئِ، قَالَ " د " فَلَوْ قَالَ طَرَأَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَانَ أَوْلَى، فَيَضْمَنُ الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ الْغَلَّةَ لِلطَّارِئِ الَّتِي تَخُصُّهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ) الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَكَانَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَمَا فِي التَّوْضِيحِ وتت وعب وَالْخَرَشِيِّ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاقِلِ لَا شَكَّ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَابَا وطفي وَالْبَنَّانِيُّ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالطَّارِئِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ فَلَا يُحَاسِبُ الطَّارِئُ الْمَطْرُوءَ عَلَيْهِ بِانْتِفَاعِهِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ إنْ طَرَأَ عَلَى الْوَارِثِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْوِرَاثَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَرُدُّ مَا اغْتَلَّ وَسَكَنَ لِانْتِفَاءِ وُجُوهِ الضَّمَانِ عَنْهُ، فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ شَرِيكُهُ فِي الْمِيرَاثِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا سَكَنَ وَلَمْ يُكْرِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ وَفِيهَا إنْ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ بَعْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ زَرَعَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ مُكْتَرٍ مِنْهُ فَلَا كِرَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَكِرَاؤُهَا لِلَّذِي أَكْرَاهَا إنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا وَكَانَتْ فِي يَدِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ، وَكَذَلِكَ إنْ سَكَنَ الدَّارَ مُشْتَرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا أَمَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بَعْدَ الْأَمَدِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَكِرَاؤُهَا لِلْمُبَاعِ، وَإِذَا كَانَ مُكْرِي الْأَرْضَ وَارِثًا طَرَأَ لَهُ أَخٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 وَإِنْ غَرَسَ، أَوْ بَنَى: قِيلَ لِلْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا؛ فَإِنْ أَبَى: فَلَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ، فَإِنْ أَبَى: فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ، إلَّا الْمُحَبَّسَةَ: فَالنَّقْضُ؛   [منح الجليل] لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إنْ سَكَنَهَا هَذَا الْوَارِثُ أَوْ زَرَعَ فِيهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ طَرَأَ أَخٌ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ وَرِثَ دَارًا فَسَكَنَهَا ثُمَّ قَدِمَ أَخٌ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي السُّكْنَى. ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْكِرَاءُ فِي هَذَا بِخِلَافِ السُّكْنَى. (وَإِنْ غَرَسَ) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ بَنَى) فِي أَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ (قِيلَ لِلْمَالِكِ) الَّذِي اسْتَحَقَّهَا مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ بَعْدَ غَرْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ بِهَا (أَعْطِهِ) أَيْ الْبَانِيَ أَوْ الْغَارِسَ بِشُبْهَةٍ (قِيمَتَهُ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) وَخُذْ الْأَرْضَ بِبِنَائِهَا أَوْ غَرْسِهَا (فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ إعْطَاءِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَائِمًا (فَلَهُ) أَيْ الْغَارِسِ أَوْ الْبَانِي بِشُبْهَةٍ (دَفَعَ قِيمَةَ الْأَرْضِ) لِمَالِكِهَا خَالِيَةً مِنْ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ (فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسُ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ (فَ) هُمَا (شَرِيكَانِ) الْمَالِكُ بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَالْبَانِي أَوْ الْغَارِسُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ، وَبِهَذَا قَضَى سَيِّدُنَا الْإِمَامُ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ (يَوْمَ الْحُكْمِ) " ق " الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بِنَاءٍ أَوْ يَوْمَ الْمُحَاكَمَةِ قَوْلَانِ، وَلَمْ يُشْهِرْ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا مِنْهُمَا (إلَّا) الْأَرْضَ (الْمُحَبَّسَةَ) الَّتِي بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا ذُو شُبْهَةٍ (فَ) لَا يُقَالُ لِلنَّاظِرِ عَلَيْهَا أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا، فَإِنْ أَبَى إلَخْ، وَيَتَعَيَّنُ (النَّقْضُ) أَيْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْغَرْسِ عَلَى الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ. " ق " فِيهَا مَنْ بَنَى دَارِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ هَدْمُهُ. سَحْنُونٌ كَأَنَّهُ نَحَا إلَى أَنَّ النَّقْضَ لَمَّا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَأْخُذُ قِيمَتَهُ، وَلَكِنْ يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَمَنْ بَنَى فِي أَرْضٍ فَثَبَتَ أَنَّهَا حَبْسٌ فَإِنَّ بِنَاءَهُ يُهْدَمُ. ابْنُ عَبْدُوسٍ كَيْفَ يُهْدَمُ بِنَاءٌ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَقَالَ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قُلْتُ أَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا لِلْحَبْسِ وَسَحْنُونٌ يَسْمَعُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ فَقُلْت يُعْطِي الْمُحْبَسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 وَضَمِنَ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ، وَوَلَدَهَا يَوْمَ الْحُكْمِ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ. الْحَطّ يَعْنِي إلَّا الْأَرْضَ الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا حَمْلُ أَنْقَاضِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْخِلَافَ فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا حَمْلُ أَنْقَاضِهِ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْحَبْسِ. اهـ. وَهَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ النَّقْضِ، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُعْطِيهِ ذَلِكَ فَيَدْفَعُ لَهُ وَلَا امْتِنَاعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا صُرِّحَ بِهَذَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، وَنَصُّهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ فِيمَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ نَحْوَ السَّنَتَيْنِ ثُمَّ بَاعَهُ مِمَّنْ نَقَضَهُ وَبَنَاهُ بَيْتًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ قَالَ يَفْسَخُ مَا فَعَلَ، وَيُرَدُّ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَسْجِدًا، وَهُوَ كَالْحَبْسِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا تَحْوِيلُهُ وَلِلْبَانِي نَقْضُ بِنَائِهِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَحْتَسِبْ فِي تَرْكِهِ، وَإِنْ أَرَادَ نَقْضَهُ فَأَعْطَاهُ مُحْتَسِبٌ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا لِيُقِرَّهُ لِلْمَسْجِدِ أَجِيرُ الْبَانِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا مَا لَا حَاجَةَ بِهِ مِنْهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِهِ فَيَتْرُكُ ذَلِكَ كُلَّهُ. قُلْتُ فَنَقْضُ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ أَيَجِبُ عَلَى مَنْ نَقَضَهُ أَنْ يُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، قَالَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَائِمًا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي نَقْضِهِ وَهَدْمِهِ ثُمَّ يَبْنِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي أَصْبَغُ مِثْلَهُ. (وَ) مَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِرَقَبَتِهَا لِغَيْرِهِ (ضَمِنَ) (قِيمَةَ) الْأَمَةِ (الْمُسْتَحَقَّةِ) بِرَقَبَةٍ لِمُسْتَحِقِّهَا (وَ) ضَمِنَ قِيمَةَ (وَلَدِهَا) لِمُسْتَحِقِّهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهَا (يَوْمَ الْحُكْمِ) وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". " قِ " فِيهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلِمُسْتَحَقِّهَا أَخْذُهَا إنْ شَاءَ مَعَ قِيمَةِ وَلَدِهَا عَبِيدًا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقَالَ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا يَوْمَ يَسْتَحِقُّهَا، زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَإِذَا أُخِذَتْ مِنْهُ كَانَ قَارًّا عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهِ. ابْنِ حَبِيبٍ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقَالَ لَيْسَ لِمُبْتَاعِهَا إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ وَطِئَهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَبِهِ أَفْتَى لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ أُمُّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ، وَقِيلَ أُمُّ وَلَدِهِ مُحَمَّدٌ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 169 وَالْأَقَلَّ، إنْ أَخَذَ دِيَةً   [منح الجليل] بِقَوْلِهِ وَبِهِ حُكِمَ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ أُمِّ وَلَدِهِ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَضَاءُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَالْوَلَدُ فِيهِ لَاحِقٌ وَلَا يَلْحَقُ فِي الْوَطْءِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ، وَأَنَّ الْوَلَدَ بِخِلَافِ الْغَلَّةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. أَشْهَبُ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ بِالشِّرَاءِ أَوْ النِّكَاحِ إنَّمَا لَزِمَ الْأَبَ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَلَّةً فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُهَا، وَلَا يُرَقُّ فَيَأْخُذُهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ، وَجُعِلَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ حُرٌّ فِي الرَّحِمِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعَلُّقِ حَقِّ مُسْتَحِقِّهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَيْنِهَا اضْطِرَابٌ، فَإِنْ أَعْدَمَ الْأَبُ اتَّبَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَقِيمَةِ الْأَمَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ قِيمَتَهُ فَقَطْ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ. ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ. إنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَالِابْنُ مَلِيًّا فَلْيَأْخُذْ مِنْ الِابْنِ قِيمَةَ نَفْسِهِ، وَهِيَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ سَيِّدُ أُمِّهِ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ وَقِيمَتُهُ بِمَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْ مَالِهِ، فَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا قَالَ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ مَالِهِ، وَبِهِ يَصِحُّ قَوْلُهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنْ مَالِهِ. قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ كَسَبَهُ فَلَا يُقَوَّمُ بِمَالِهِ، بِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ الْأَبُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ شَيْءٌ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْلَدَهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مُبْتَاعِهَا فِي وَطْئِهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَهُوَ كَذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ حَامِلًا فَعَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُهَا تُؤَخَّرُ لِوَضْعِهَا فَيَأْخُذُهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا، فَإِنْ أَسْقَطَتْ أَوْ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَعَلَى أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَظِرُ وَضْعَهَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ حَمَلَتْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) إنْ قَتَلَ الْوَلَدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ضَمِنَ أَبُوهُ لِمُسْتَحِقِّ أُمِّهِ. (الْأَقَلَّ) مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا حَيًّا وَمِنْ دِيَتِهِ (إنْ) كَانَ (أَخَذَ) أَبُوهُ (دِيَةً) مِنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا أَوْ عَاقِلَتِهِ فِي قَتْلِهِ خَطَأً، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ أَبُوهُ دِيَتَهُ بِأَنْ عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا أَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ. لِلْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ. " ق " ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَتَلَ الْوَلَدُ خَطَأً فَدِيَتُهُ لِأَبِيهِ مُنَجَّمَةً بِثَلَاثِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 170 لَا صَدَاقَ حُرَّةٍ أَوْ غَلَّتَهَا   [منح الجليل] سِنِينَ وَلِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهَا قِيمَتُهُ يَأْخُذُ فِيهَا أَوَّلَ نَجْمٍ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ أَخَذَ تَمَامَهَا مِنْ الثَّانِي ثُمَّ مِمَّا يَلِيهِ حَتَّى تَتِمَّ، ثُمَّ يُورَثُ عَنْ الِابْنِ مَا فَضَلَ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قَتَلَ الْوَلَدُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْأَبُ فِيهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَتْلِهِ، فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ أَوْ الدِّيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا فَلِأَبِيهِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ، وَلَا مَقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا عَلَى الْأَبِ. (وَ) مَنْ اشْتَرَى أَمَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَوَطِئَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّتِهَا فَ (لَا) يَضْمَنُ (صَدَاقَ حُرَّةٍ) اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ نَفْسَهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يَضْمَنُ صَدَاقَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ، وَلَا مَا نَقَصَهَا فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ (أَوْ) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي (غَلَّتَهَا) أَيْ الْحُرَّةِ كَمَنْ وَرِثَ دَارًا مَثَلًا فَاسْتُحِقَّتْ حَبْسًا فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ أَوْ بِكْرٌ فَافْتَضَّهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ لَا صَدَاقَ وَلَا مَا نَقَصَهَا. ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ رَأَى لَمَّا وُطِئَتْ عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَدَاقٌ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ لَوْ اغْتَلَّهَا أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا غَلَّةَ لَهُ إذْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَرَجَعَ بِثَمَنِهِ. الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْهَبُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا اغْتَلَّهُ مِنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ وَأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَا بِأُجْرَةِ مَا اسْتَخْدَمَهُ فِيهِ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ بَعْدَ قَبْضِ السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا، بِخِلَافِ جُرْحِهِ وَأَخَذَ السَّيِّدُ أَرْشَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ جَارِحِهِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ اشْتَرَاهُ مَعَهُ أَوْ أَفَادَهُ الْعَبْدُ مِنْ فَضْلِ خَرَاجِهِ أَوْ عَمَلِهِ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ وُهِبَ لَهُ فَانْتَزَعَهُ سَيِّدُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِهِ. أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ السَّيِّدُ مَالًا أَوْ اسْتَخْيَرَهُ بِمَالٍ فَاسْتَفَادَ فِيهِ، وَقَالَ إنَّمَا دَفَعْته إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدِي، وَكُنْتُ أَرَى أَنَّ لِي انْتِزَاعَهُ مَتَى شِئْتُ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ذَلِكَ كُلِّهِ. وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِك فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ. وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْطَاهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ، فَقِيلَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَقِيلَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، قَالَهُ جَمِيعَهُ فِي رَسْمِ يُدَبَّرُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِحَبْسٍ لَا يَرْجِعُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْحَبْسِ مِنْ نَوَازِلِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ يَدُهُ بِالْحَبْسِ. فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَاسْتَغَلَّهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِغَلَّتِهِ إلَّا إذَا كَانَ بَائِعُ الْحَبْسِ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا عَالِمًا بِالْحَبْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِذَلِكَ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ، وَنَصَّهُ ابْنُ الْعَطَّارِ إذَا فَسَخَ بَيْعَ الْحَبْسِ فَغَلَّتُهُ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَ ثُبُوتِ تَحْبِيسِهِ لِلْمُبْتَاعِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَبْسِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَمَا كَانَ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ مِنْ التَّمْرِ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فَهُوَ لِلَّذِي ثَبَتَ لَهُ أَصْلُ التَّحْبِيسِ فِي حِينِ ثَبَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْحَبْسِ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَثَبَتَ عَدَمُهُ حَلَفَ لِلْمُبْتَاعِ وَأَخَذَ مِنْ غَلَّةِ الْحَبْسِ عَامًا بِعَامٍ، فَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ رَجَعَ الْحَبْسُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ شَيْءٌ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْحَبْسِ كَبِيرًا عَالِمًا بِالتَّحْبِيسِ عُوقِبَ بِالْأَدَبِ وَالسِّجْنِ عَلَى بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ. ابْنُ سَهْلٍ يَنْبَغِي إنْ كَانَ مَالِكًا لِنَفْسِهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ طَلَبُ الْمُبْتَاعِ بِشَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِنْ عَلِمَ حِينَ ابْتِيَاعِهِ أَنَّهُ حُبِسَ. وَقَدْ نَزَلْتُ بِقُرْطُبَةَ، وَأَفْتَيْتُ فِيهَا بِذَلِكَ، وَخَالَفَنِي فِيهَا غَيْرِي وَخِلَافُهُ خَطَأٌ اهـ. وَصَرَّحَ لِهَذَا الْمَشَذَّالِيُّ، وَنَصُّهُ سَأَلَ اللُّؤْلُؤِيُّ عَمَّنْ حُبِسَ عَلَيْهِ حَبْسٌ فَبَاعَهُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِأَنَّهُ حَبْسٌ فَاسْتَغَلَّهُ مُدَّةً ثُمَّ نَقَضَ الْبَيْعَ، فَقَالَ لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ لِأَنَّ الْبَائِعَ عَالِمٌ فَهُوَ وَاهِبٌ الْغَلَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ يَكُونَ الْحَبْسُ مُعَقَّبًا فَلِشَرِيكِهِ نَصِيبُهُ مِنْهَا اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ، إذْ قَالَ فِيهَا: الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172 وَإِنْ هَدَمَ مُكْتَرٍ تَعَدِّيًا: فَلِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ مُكْرِيهِ كَسَارِقِ عَبْدٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ؛   [منح الجليل] وَمَا يَبِيعُ مَنْ عَلَيْهِ حُبِسَا ... يُرَدُّ مُطْلَقًا وَمَعْ عِلْمٍ أَسَا وَالْخَلْفُ فِي الْمُبْتَاعِ هَلْ يُعْطِي الْكِرَا ... وَاتَّفَقُوا مَعْ عِلْمِهِ قَبْلَ الشِّرَا ابْنُ النَّاظِمِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ سَهْلٍ مُعَارِضٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى رَدِّ الْغَلَّةِ إذَا عَلِمَ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ لَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ وَالْأَظْهَرُ رُجْحَانُ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ فِي تَسْوِيغِ الْغَلَّةِ لِلْعَالِمِ بِالتَّحْبِيسِ قَبْلَ ابْتِيَاعِهِ وَتَمْكِينِهِ مِنْ ثَمَرَةِ عَقْدٍ بَاطِلٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، إذْ عِلْمُهُ بِالتَّحْبِيسِ قَبْلَ الشِّرَاءِ دُخُولٌ عَلَى فَسْخِهِ وَرُجُوعُ ثَمَنِهِ لَهُ بَعْدَ غَيْبَةِ بَائِعِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ سَلَفٌ، وَالْغَلَّةُ مَنْفَعَةٌ فِي السَّلَفِ اهـ. (وَإِنْ) اكْتَرَى شَخْصٌ دَارًا مَثَلًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ، وَ (هَدَمَ) الـ (مُكْتِرِ) ي الدَّارَ هَدْمًا (تَعَدِّيًا) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ مُكْرِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ (فَلِلْمُسْتَحِقِّ) عَلَى الْمُكْتَرِي الْمُتَعَدِّي بِالْهَدْمِ (النُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَنْقُوضِ مِنْ حَجَرٍ وَآجُرَ وَخَشَبٍ وَنَحْوِهَا (وَقِيمَةُ) أَيْ أَرْشُ نَقْصِ (الْهَدْمِ) بِأَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَثَلًا مَبْنِيَّةً وَمَهْدُومَةً، وَيَلْزَمُ الْهَادِمَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ إنْ لَمْ يَبَرَّهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مُكْرِيهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَبْرَأَهُ) أَيْ الْهَادِمُ (مُكْرِيهِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ الَّذِي أَكْرَى لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْهَدْمِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ، وَمَفْهُومُ تَعَدِّيًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الْهَدْمِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُكْرِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْهَدْمِ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا النَّقْضُ إنْ بَقِيَ أَوْ ثَمَنُهُ إنْ بِيعَ وَفَاتَ. وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ الْمُتَعَدِّي وَإِنْ أَبْرَأَهُ الْجَائِزُ فَقَالَ (كَسَارِقِ عَبْدٍ) بِإِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِمَفْعُولِهِ، أَيْ رُقَّ مِنْ مُبْتَاعٍ أَبْرَأَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ قِيمَتِهِ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْعَبْدُ فَلِمُسْتَحِقِّهِ قِيمَتُهُ عَلَى سَارِقِهِ لَا عَلَى مُبْتَاعِهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقُّهَا فَلَهُ أَخْذُ النَّقْضِ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنْ الْهَادِمِ وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِي قَدْ تَرَكَ لِلْمُكْتَرِي قِيمَةَ الْهَدْمِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَرَجَعَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173 بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةً، إلَّا الْقَلِيلَ،   [منح الجليل] الْهَادِمِ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ بِتَعَدِّيهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِي، إذْ لَمْ يَتَعَدَّ وَفَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ كَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَسَرَقَهُ مِنْهُ رَجُلٌ فَتَرَكَ لَهُ قِيمَتَهُ، ثُمَّ قَامَ رَبُّهُ فَإِنَّمَا يَتْبَعُ السَّارِقَ خَاصَّةً فِي التَّنْبِيهَاتِ. قَوْلُهُ قِيمَةُ الْهَدْمِ قِيلَ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بُقْعَةً وَأَنْقَاضًا وَقِيمَتِهَا بِذَلِكَ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ مَا أُفْسِدَ مِنْ الْبِنَاءِ. وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُ مَا يُنْفِقُ فِي الْبِنَاءِ. وَقِيلَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ يَغْرَمُ لَهُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْهَدْمِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ عِيَاضٍ بِمَا بَيْنَهَا بُقْعَةً يَعْنِي مَعَ الْأَنْقَاضِ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْتُهُ أَيْ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ فِي كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مُسْتَحِقُّهُ، فَعَلَى مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا، وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى سِلْعَةٍ بِإِفْسَادٍ كَثِيرٍ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَتَكُونُ لَهُ، وَعَلَى مَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ يَكُونُ هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي. وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ غَلَّتَهَا فَقَالَ (بِخِلَافِ) شَخْصٍ (مُسْتَحِقٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ شَخْصٍ (مُدَّعِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ (حُرِّيَّةً) لِنَفْسِهِ نَزَلَ بَلَدًا وَاسْتَعْمَلَهُ شَخْصٌ فِي أَعْمَالٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ (إلَّا) الْعَمَلَ (الْقَلِيلَ) كَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَشِرَاءِ فَاكِهَةٍ أَوْ لَحْمٍ مِنْ سُوقٍ قَرِيبٍ. " ق " فِيهَا لَوْ نَزَلَ عَبْدٌ بِبَلَدٍ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَاسْتَعَانَهُ رَجُلٌ فَعَمِلَ لَهُ عَمَلًا لَهُ بَالٌ مِنْ غِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ وَهَبَهُ مَالًا، فَلِرَبِّهِ إذَا اسْتَحَقَّهُ أَخْذُ قِيمَةِ عَمَلِهِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلًا لَا بَالَ لَهُ كَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ عَمَلِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَمْ لَا. وَفِي النُّكَتِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ فِي عَمَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ ثُمَّ أَتَى سَيِّدُهُ وَقَدْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْأُجْرَةَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ، وَكَذَا حَكَى بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ طَالَتْ إقَامَةُ الْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَتْ حُرِّيَّتُهُ وَإِلَّا غَرِمَ دَافِعُ الْأَجْرِ ثَانِيَةً، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَقَالَ يَغْرَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَاعَ سِلْعَةَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَبْرَأُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174 وَلَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ: فَكَالْمَبِيعِ،   [منح الجليل] مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ، قَالَ وَهَذَا عِنْدِي أَقْيَسُ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ مَاتَ فَأُنْفِذَتْ وَصَايَاهُ وَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ اهـ كَلَامُ الشَّارِحِ. (وَ) مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بِأَرْضِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا غَيْرُهُ فَ (لَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ) وَيَأْخُذُ الْبَانِي نَقْضَهُ يَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بَنَى دَارِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ هَدْمُهُ كَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ نَمْ اُسْتُحِقَّ فَلِرَبِّهِ نَقْضُ بَيْعِهِ وَعِتْقُهُ. سَحْنُونٌ كَأَنَّهُ نَحَا إلَى أَنَّ النَّقْضَ لَمَّا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَأْخُذُ قِيمَتَهُ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ. (وَ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلَعًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (وَاسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (بَعْضٌ) مِنْهَا (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ (الْمَبِيعِ) وَفِي نُسْخَةٍ الْبَيْعِ، وَفِي أُخْرَى الْعَيْبِ وَهِيَ أَنَصُّ عَلَى الْمَقْصُودِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَيَجُوزُ وَفِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اشْتَرَى ثِيَابًا كَثِيرَةً فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّهَا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ. مُحَمَّدٌ بِأَنْ يَقَعَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ اُنْتُقِضَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَرُدَّ مَا بَقِيَ، ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ، إذْ لَا يَعْرِفُ حَتَّى يُقَوَّمَ وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ فَصَارَ بَيْعًا مُؤْتَنَفًا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَلَوْ كَانَ مَا ابْتَاعَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتُحِقَّ الْقَلِيلُ مِنْهُ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَزِمَهُ مَا بَقِيَ. وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّهُ، وَكَذَلِكَ فِي جُزْءٍ شَائِعٍ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ شَائِعًا مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَلَيْسَ مِنْ رِبَاعِ الْغَلَّةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَاسُكِ وَالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي رَدّ بَاقِيهِ وَأَخْذِ جَمِيعِ ثَمَنِهِ دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ أَقَلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ، وَإِنْ كَانَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175 وَرُجِعَ لِلتَّقْوِيمِ وَلَهُ رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ اُسْتُحِقَّ أَفْضَلُهُمَا   [منح الجليل] مِمَّا يَنْقَسِمُ أَوْ كَانَ مُتَّخِذًا لِلْغَلَّةِ خُيِّرَ فِي اسْتِحْقَاقِ الثُّلُثِ وَوَجَبَ التَّمَسُّكُ فِيمَا دُونَهُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُقَوَّمٍ كَعُرُوضٍ وَحَيَوَانٍ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ بِالْقِيمَةِ لَا بِالتَّسْمِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجَّهَ الصَّفْقَةَ، وَإِنْ كَانَ وَجَّهَهَا تَعَيَّنَ رَدُّ الْبَاقِي وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَقَلُّهُ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ خُيِّرَ فِي التَّمَسُّكِ بِبَاقِيهِ وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ، وَفِي رَدِّهِ وَأَخْذِ جَمِيعِ الثَّمَنِ، وَكَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ شَائِعٍ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ قَبْلَ التَّمَسُّكِ بِهِ. (وَ) إنْ اشْتَرَى سِلَعًا فِي صَفْقَةٍ وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أَوْ ظَهَرَ عَيْبُهُ (رُجِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (لِلتَّقْوِيمِ) مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَسَبِ الصِّفَاتِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ حَالَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَمَّى لِلشَّيْءِ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ غَيْرِهِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا كَثِيرَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّمَا يَقَعُ لِكُلِّ سِلْعَةٍ مِنْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ، وَمَنْ ابْتَاعَ صُبْرَةَ قَمْحٍ وَصُبْرَةَ شَعِيرٍ جِزَافًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ صُبْرَةٍ خَمْسِينَ دِينَارًا وَثِيَابًا أَوْ رَقِيقًا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فَاسْتُحِقَّتْ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ أَوْ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُ الثِّيَابِ، فَإِنَّ الثَّمَنَ يُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِ الصَّفْقَةِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا سَمَّيَا مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ هَذِهِ بِكَذَا إلَّا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِكَذَا قَبَضَهَا يَحْمِلُ بَعْضًا. مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْحِصَّةِ الَّتِي قَابَلَتْ مِنْهُ الْمُسْتَحَقَّ، أَرَادَ مِثْلَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَبْدًا وَقَدْ اسْتَحَقَّ رُبُعَ الصَّفْقَةِ فَيَرْجِعُ بِرُبُعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَ عَيْبًا بِبَعْضِ الصَّفْقَةِ. (وَ) إنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَاسْتُحِقَّ أَجْوَدُهُمَا فَ (لَهُ) أَيْ الْمُبْتَاعِ (رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ) اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَ (اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ (أَفْضَلُهُمَا) وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْعَيْبِ، فَلَعَلَّ مَا هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ بِجَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَمَا تَقَدَّمَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 176 بِحُرِّيَّةٍ كَأَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ بِآخَرَ،   [منح الجليل] قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْحَطّ كَذَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فِي تَهْذِيبِهِ، وَنَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ وَجَّهَ الصَّفْقَةَ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَّهَهَا لَزِمَهُ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي، وَإِنَّمَا رَدَّ الْبَاقِيَ فَهَذِهِ مُتَعَقَّبَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ فَهُوَ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ. اهـ. وَمَا وَرَدَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ (بِحُرِّيَّةٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ اسْتِحْقَاقُ أَحَدِهِمَا بِرَقَبَةٍ كَذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْعَيْبِ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا صَفْقَةٌ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا فَتُرَدُّ كُلُّهَا وَلَمْ تُرَدَّ كُلُّهَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. " غ " كَذَا فَرْضُ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. أَبُو الْحَسَنِ لَمْ يَرَهُ مِنْ بَابِ صَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ، فَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعُيُوبِ وَكَذَا مَنْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا غَيْرَ زَكِيَّةٍ أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا، أَوْ دَارًا فَوَجَدَ بَعْضَهَا حَبْسًا مَقْبَرَةً أَوْ غَيْرَهَا. اهـ. فَكَأَنَّهُ قَصَدَ الْوَجْهَ الْمُشْكِلَ. وَشَبَّهَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْصِيلِ فِي الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ بَيْنَ كَوْنِهِ وَجَّهَ الصَّفْقَةَ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَوْنِهِ غَيْرَ وَجَّهَهَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ فَقَالَ: (كَأَنْ) اشْتَرَى عَبْدًا مَثَلًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يُبِيحُ رَدَّهُ فَأَرَادَ رَدَّهُ فَ (صَالَحَ) الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ (عَنْ عَيْبٍ) ظَهَرَ فِي الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ (بِ) عَبْدٍ (آخَرَ) مَثَلًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّهُمَا بِيعَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُمَا وَجَّهَهَا فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا جَازَ. " غ " وَالْحَطّ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَأَنْ صَالَحَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ، فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ حُكْمَ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَصَالَحَ عَنْهُ بِعَبْدٍ آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا كَحُكْمِ اشْتِرَائِهِمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ الْعَيْبِ بِعَبْدٍ آخَرَ دَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ، وَكَأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَلْيُفِضْ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا وَيَنْظُرُ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 177 وَهَلْ يُقَوَّمُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الصُّلْحِ أَوْ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ تَأْوِيلَانِ وَإِنْ صَالَحَ فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ مُدَّعِيهِ: رَجَعَ فِي مُقِرٍّ بِهِ لَمْ يَفُتْ، وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ:   [منح الجليل] أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي فِيمَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ. وَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِتِلْكَ كَمَا فِي تَهْذِيبِ أَبِي سَعِيدٍ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ فِي هَذِهِ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَ مِنْهُ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَسَبِيلُهُمَا سَبِيلُ مَا اشْتَرَى فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، يُرِيدُ إنْ كَانَا مُتَكَافِئَيْنِ أَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَدْنَى وَرَجَعَ بِمَا يَنُوبُ الْمُسْتَحِقَّ، وَلَزِمَ الْآخَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ الْأَوَّلَ أَوْ الْآخَرَ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَجْوَدُ رُدَّ الْآخَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَهَلْ يُقَوَّمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُثْقَلًا أَيْ يُعْتَبَرُ الْعَبْدُ (الْأَوَّلُ) الْمُشْتَرَى بِصِفَاتِهِ (يَوْمَ الصُّلْحِ) مَعَ تَقْوِيمِ الْمُصَالِحِ بِهِ يَوْمَهُ. عِيَاضٌ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ قَبْضِهِمَا وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ (أَوْ) يُقَوَّمُ الْأَوَّلُ (يَوْمَ الْبَيْعِ) وَالثَّانِي يَوْمَ الصُّلْحِ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا كَأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ، وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ فَقَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا فِيهِمَا كَأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ، وَهُوَ قَالَ فِي صَفْقَتَيْنِ. (وَإِنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ) وَ (صَالَحَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِيَ بِشَيْءٍ (وَاسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ (مَا) أَيْ الشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ الَّذِي (بِيَدِ مُدَّعِيهِ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (رَجَعَ) الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي) شَيْءٍ مُعَيَّنٍ (مُقَرٍّ) بِفَتْحِ الْقَافِ (بِهِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ (لَمْ يَفُتْ) الْمُقِرَّ بِهِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ وَلَا ذَاتٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ (وَإِلَّا) لَمْ يَفُتْ بِأَنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ (فَ) يَرْجِعُ الْمُدَّعِي (فِي عِوَضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ رَجُلٍ ثُمَّ اصْطَلَحَ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى عِوَضٍ فَاسْتُحِقَّ مَا أَخَذَ الْمُدَّعِي فَلْيَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 كَإِنْكَارٍ عَلَى الْأَرْجَحِ، لَا إلَى الْخُصُومَةِ   [منح الجليل] فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ. ابْنُ يُونُسَ تَحْصِيلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعِي وَالصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي شَيْئِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ فَاتَ كَالْبَيْعِ، فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْعِوَضِ لِشُمُولِهِ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ. وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ فَقَالَ (كَ) ادِّعَائِهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِيَدِ آخَرَ فَأَنْكَرَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى (إنْكَارٍ) بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمُصَالَحُ بِهِ فَلِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ. " ق " سَحْنُونٌ إنْ اُسْتُحِقَّ مَا قَبَضَ الْمُدَّعِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ فَلْيَرْجِعْ بِقِيمَةِ مَا قَبَضَ أَوْ مِثْلِهِ إنْ وُجِدَ لَهُ مِثْلٌ. ابْنُ اللَّبَّادِ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْخُصُومَةِ. ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ قَوْلُ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلْخُصُومَةِ غَرَرٌ، إذْ لَا يَدْرِي مَا يَصِحُّ لَهُ إنْ رَجَعَ لَهَا فَلَا يَرْجِعْ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَجْهُولٍ، وَيَكُونُ كَمَنْ صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَجَبَ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ، فَكَذَا هُنَا. الْحَطّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ كَالْإِنْكَارِ عَلَى الْأَرْجَحِ أَيْ وَإِنْ فَاتَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِتَغَيُّرِ بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَيَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ عِوَضِ الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْإِنْكَارِ بِعِوَضِ الشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ، وَهَذَا يُفَرِّقُهُ ذِهْنُ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ فِي الْإِقْرَارِ ثَبَتَ الشَّيْءُ لَهُ، وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَلَمْ يَثْبُتْ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِوَضَ الْمُصَالَحِ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَ (لَا) يَرْجِعُ (إلَى الْخُصُومَةِ) لِلْغَرَرِ كَمَا تَقَدَّمَ طفي رَامَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا اخْتِصَارَ الْمُدَوَّنَةِ، فَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِبَارَةُ، فَلَوْ قَالَ فَفِي قِيمَتِهِ لَطَابَقَ قَوْلَهَا، فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ أَخَذَ قِيمَتَهُ. اهـ. وَلَا نَقَلَ " ق " لَفْظَهَا قَالَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ. وَقَالَ " غ " لَا يَخْلُو هَذَا الْكَلَامُ مِنْ نَظَرٍ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِعِوَضِهِ قِيمَةَ الْمُقَرِّ بِهِ الْفَائِتِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، فَهَذَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَشْبِيهُ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 وَمَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ، وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ:   [منح الجليل] بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِعِوَضِهِ عَرْضَ الْمُسْتَحَقِّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ، وَلَكِنَّ تَشْبِيهَ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ بِهِ صَحِيحٌ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ، وَقَدْ أَشَارَ الْحَطّ لِدَفْعِ اسْتِشْكَالِ " غ " بِتَقْرِيرِهِ السَّابِقِ وَقَوْلِهِ وَهَذَا يُفَرِّقُهُ ذِهْنُ الطَّالِبِ إلَخْ، وَتَبِعَهُ " ز " وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ الْبُنَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ (مَا) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ الَّذِي (بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي) الصُّلْحِ عَلَى (الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي (بِمَا) أَيْ عَيْنِ الْمُصَالَحِ بِهِ الَّذِي (دَفَعَ) هـ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي إنْ لَمْ يَفُتْ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ ذَاتٍ (فَ) يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي (بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ. (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي) الصُّلْحِ عَلَى (الْإِقْرَارِ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ (لَا يَرْجِعُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي (بِشَيْءٍ) لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ الَّذِي صَالَحَهُ، وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ الثَّانِيَ ظَلَمَهُ فِيهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ بِمَا دَفَعَ إنْ لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ. أَشْهَبُ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى الْإِقْرَارِ فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ فَلْيَرْجِعْ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ. الطَّحَاوِيُّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا. قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ. أَبُو الْحَسَنِ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ، وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ تَأْخُذُ النُّسْخَةَ وَتَرْجِعُ عَلَى بَائِعِك بِالثَّمَنِ أَوْ تُخَاصِمْ، ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَك. اهـ. الْحَطّ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي مَعْنَى الْحُكَّامِ إذَا أَعْذَرَ لِلَّذِي أَلْقَى فِي يَدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ، لَا إنْ قَالَ دَارِهِ؛   [منح الجليل] حُجَّةَ لِي إلَّا أَنْ أَرْجِعَ عَلَى مَنْ بَاعَ، فَإِنْ ادَّعَى مَطْعَنًا فِي الشُّهُودِ أُجِّلَ فَإِنْ عَجَزَ حُكِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ قِيَامَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُعْذِرَ لَهُ فِيهَا، فَإِذَا طَعَنَ فِيهَا فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ شَيْءٌ وَادَّعَى فِيهِ دَافِعًا وَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ فَقَالَ (كَعِلْمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا وَاسْتُحِقَّ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ (صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ) الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ. عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِتَحَقُّقِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ، قَالَ غَيْرُهُمَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ (لَا) يَنْتَفِي رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ (إنْ قَالَ) الْمُشْتَرِي حَالَ قِيَامِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ هَذِهِ (دَارُهُ) أَيْ الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذَا لَا يُفِيدُ عِلْمُهُ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ. " ق " الْمُتَيْطِيُّ مَنْ ابْتَاعَ مِلْكًا وَعَلِمَ صِحَّةَ تَمَلُّكِ بَائِعِهِ لَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ تَحْوِيرُهُ لَهُ وَلَا إنْزَالُهُ فِيهِ، فَإِنْ دَفَعَهُ عَنْهُ دَافِعٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَوْلُنَا ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ مَثَلًا أَوْلَى مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يُقَالَ دَارُهُ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهَا، فَقِيلَ إذَا أُضِيفَ ذَلِكَ إلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمُبْتَاعِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ بِتَحَقُّقِ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ. وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأُصُولُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ أَضَافَ الْمَبِيعَ إلَيْهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا مَضَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَقْدِ الْوَثَائِقِ يَفْتَتِحُونَهَا بِاشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مَا حَوَتْهُ أَمْلَاكُهُ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إضَافَةِ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ إقْرَارٌ مِنْ الْمُبْتَاعِ بِتَمَلُّكِ الْبَائِعِ لَهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ دَارُهُ بِزَعْمِهِ، وَلَوْ أَنَّ الْمُبْتَاعَ صَرَّحَ بِتَمْلِيكِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ، وَاَلَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ الرُّجُوعُ هَذَا فِي صَرِيحِ الْإِقْرَارِ، فَكَيْفَ فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُهُ إلَّا بِبُعْدٍ. وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ غَيْرُ الْأُصُولِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ تُكْتَبُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا يُعَرِّفُ شُهُودَهُ أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى الْآنِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِرْعَاءُ وَالْيَمِينُ أَعْذِرُ إلَى الَّذِي أَلْقَى ذَلِكَ بِيَدِهِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181 وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ، إلَّا نِكَاحًا وَخُلْعًا، وَصُلْحَ عَمْدٍ،   [منح الجليل] فَإِنْ ادَّعَى مِدْفَعًا أَجَّلَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلِّ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْذَبَ مَا ثَبَتَ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ مِدْفَعًا رَجَعَ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ مِنْهُ وَتُكْتَبُ أَعْذَرَ إلَى فُلَانٍ فِيمَا ثَبَتَ فَقَالَ لَا مَقَالَ لِي فِي ذَلِكَ وَلَا مِدْفَعَ إلَّا الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ ابْتَعْتُ مِنْهُ. (وَ) إنْ بِيعَ عَرْضٌ بِعَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (فِي) بَيْعِ (عَرْضٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ كَعَبْدٍ (بِعَرْضٍ) كَجَمَلٍ (بِمَا) أَيْ الْعَرْضِ الَّذِي (خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) أَيْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ إنْ لَمْ يَفُتْ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ (أَوْ) بِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إنْ فَاتَ وَكَانَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ، وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ " ق " لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا مِنْ يَدِ مُبْتَاعِهِ أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي عَبْدِهِ الَّذِي أَعْطَاهُ فَيَأْخُذُهُ إنْ وُجِدَ، وَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قِيمَتُهُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَلَا يَجْتَمِعُ لِأَحَدٍ فِي هَذَا خِيَارٌ فِي أَخْذِ السِّلْعَةِ أَوْ قِيمَتِهَا. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى يَوْمُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ الْهِبَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الرُّجُوعِ بِمَا خَرَجَ أَوْ قِيمَتِهِ فَقَالَ: (إلَّا نِكَاحًا) أَصْدَقَهَا فِيهِ عَرْضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهَا بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ لَا بِبَعْضِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَصَدَاقِ مِثْلِهَا بَعْدَهُ (وَ) إلَّا (خُلْعًا) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طَلَاقًا بِعَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ عَلَى دَافِعِ الْعَرْضِ بِقِيمَتِهِ لَا بِالْعِصْمَةِ وَلَا بِخُلْعِ الْمِثْلِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ فَلْيَأْخُذْهُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ لَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَنْ نَكَحَ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهَا تَرُدُّهُ وَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيَمِهِ الْعَبْدِ لَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَتَبْقَى زَوْجَةً لَهُ وَالْخُلْعُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. أَشْهَبُ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ. (وَ) إلَّا (صُلْحَ) جَانٍ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ أَوْ وَلِيَّهُ عَنْ جُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ (عَمْدٍ) لَا دِيَةَ لَهُ مُقَدَّرَةٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182 وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ   [منح الجليل] عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ بِعَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْجَانِي بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَا يَرْجِعُ لِلْقِصَاصِ " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى عَبْدٍ جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ (أَوْ) عَرْضًا (مُقَاطَعًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ (بِهِ عَنْ) عِتْقِ (عَبْدٍ) قِنٍّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَرْضُ فَلِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى مِلْكِ الْعَبْدِ " ق " وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ فَالْعِتْقُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ، وَهَذَا بَيِّنٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مَالٌ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ. اهـ. اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ. وَنَقَلَ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَجَعَ إلَى رُجُوعِ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَوْ) عَرْضًا مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ (مُكَاتَبٍ) ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلِسَيِّدِهِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ لَا بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَرْضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا دَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَرُدَّ الْعِتْقَ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ قَاطَعَ سَيِّدُهُ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَلْيَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ. الْحَطّ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا بِعْت عَبْدَك مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَةٍ لَهُ فَقَبَضْتهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدْت بِهَا عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَك رَدُّهَا عَلَيْهِ، وَكَأَنَّك انْتَزَعْتَهَا مِنْهُ وَأَعْتَقْته، وَلَوْ بِعْته نَفْسَهُ بِهَا وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ رَجَعْت عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَتِهِ كَمَا لَوْ قَاطَعْت مَكَاتِبُك عَلَى أَمَةٍ فِي يَدَيْهِ فَقَبَضْتهَا وَأَعْتَقْته وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدْت بِهَا عَيْبًا فَإِنَّك تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا، وَهَذَا كَالنِّكَاحِ بِهَا، بِخِلَافِ الْبُيُوعِ اهـ. قَوْلُهُ وَلَوْ بِعْته بِهَا نَفْسَهُ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ. ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى وَهِيَ بِعَيْنِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَاطَعْت مُكَاتَبَك إلَخْ. أَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجُوزُ أَنْ يُقَاطِعَ الْمُكَاتَبَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ فَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لِأَنَّ سَيِّدَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 183 أَوْ عُمْرَى؛ وَإِنْ أُنْفِذَتْ وَصِيَّةَ مُسْتَحَقٍّ بِرِقٍّ:   [منح الجليل] كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ، فَهُوَ بِخِلَافِ الْقِنِّ. وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ فِي صِفَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَفِي الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ مَعَ بَقِيَّةِ النَّظَائِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ عَلَى الْمُعَيَّنِ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي يَدِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلِقَوْلِ الْبُنَانِيِّ فِي أَوَّلِ الْقَوْلَةِ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَاطَعَهُ عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبَعْدُ فَلَعَلَّهُ خَاصٌّ بِالْمُقَاطَعَةِ لِلْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصُّوا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِغَرَرِهِ وَالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَوْ) عَرْضًا مُصَالَحًا بِهِ عَنْ (عُمْرَى) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَقْصُورًا، أَيْ مَنْفَعَةِ نَحْوِ الدَّارِ وَهَبَهَا مَالِكُهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا حَيَاةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَرْضُ الْمُصَالَحُ بِهِ، أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ، أَوْ كَانَ شِقْصًا فَأُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةُ الْعَرْضِ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ الشَّافِعِ. الْحَطّ أَرَادَ أَنَّ مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا حَيَاتَهُ دَارًا ثُمَّ أَعْطَى الْمُعَمِّرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْمُعَمَّرَ بِفَتْحِهَا عَبْدًا عِوَضًا عَلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ الْعُمْرَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى رَجُلٌ عَبْدَ رَجُلٍ لِيَعْمُرَهُ دَارًا فَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ سِتَّ نَظَائِرَ، وَالسَّابِعَةُ الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ إذَا اُسْتُحِقَّ. الْعُتْبِيُّ الْمُصَالَحُ بِهِ. الْخَرَشِيُّ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ، وَهِيَ النِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ، وَصُلْحُ الْعَمْدِ عَنْ إقْرَارٍ، وَصُلْحُهُ عَنْ الْإِنْكَارِ، وَالْقُطَاعَةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْعُمْرَى، وَسَكَتَ عَنْ الْأَخْذِ فِيهَا بِالشُّفْعَةِ وَعَنْ الرَّدِّ فِيهَا بِعَيْبٍ، وَقَدْ مَرَّتْ فِي بَابِ الصُّلْحِ نَثْرًا وَنَظْمًا، فَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) نَزَلَ عَبْدٌ بِبَلَدٍ مُدَّعِيًا الْحُرِّيَّةَ وَأَوْصَى بِتَفْرِقَةِ مَالٍ وَحَجٍّ عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ وَ (أُنْفِذَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (وَصِيَّةُ) شَخْصٍ (مُسْتَحَقٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (بِرِقٍّ) لِشَخْصٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 184 لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ وَحَاجٌّ: إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ، وَأَخَذَ السَّيِّدُ مَا بِيعَ، وَلَمْ يَفُتْ بِالثَّمَنِ: كَمَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ، إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ، وَمَا فَاتَ، فَالثَّمَنُ: كَمَا لَوْ دَبَّرَ، أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ.   [منح الجليل] بَعْدَ مَوْتِهِ صُورَتُهَا أَنَّ شَخْصًا نَزَلَ بِبَلَدٍ وَادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ وَأَوْصَى بِوَصِيَّةٍ وَمَاتَ فَأُنْفِدَتْ وَصِيَّتَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِرَقَبَتِهِ لَهُ (لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ) أَنْفَذَ وَصِيَّتَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ مَا أَنْفَذَهُ وَصَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ (وَ) لَمْ يَضْمَنْ شَخْصٌ (حَاجٌّ) حَجَّ نِيَابَةً عَنْهُ بِأُجْرَةٍ بِإِيصَائِهِ بِهِ مَا أَنْفَقَهُ فِي حَجِّهِ (إنْ عُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُسْتَحَقُّ بِالْفَتْحِ بِالْحُرِّيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَالْحَاجُّ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالٍ مُسْتَحِقٍّ بِالْكَسْرِ بِلَا إذْنٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ. (وَأَخَذَ السَّيِّدُ) اُسْتُحِقَّ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَا وَجَدَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ وَ (مَا بِيعَ) مِنْهَا (وَلَمْ يَفُتْ) بِيَدِ مُشْتَرِيهِ، وَصِلَةُ أَخَذَ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فَيَدْفَعُهُ لِمُشْتَرِيهِ، وَشَبَّهَ فِي النُّفُوذِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (مَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ) فِي غَيْبَتِهِ بِيعَتْ تَرِكَتُهُ مِنْ رَقِيقٍ وَغَيْرِهِ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا فَيَنْفُذُ بَيْعُ مَا فَاتَ (إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ) الشَّاهِدَةُ بِمَوْتِهِ بِأَنْ رَأَتْهُ صَرِيعًا فِي مَعْرَكَةِ الْقَتْلَى، وَتُرَدّ لَهُ زَوْجَتُهُ وَيَأْخُذُ مَا وَجَدَهُ مِنْ مَتَاعِهِ لَمْ يُبَعْ، وَمَا بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ لَهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ، وَمَا فَاتَ عِنْدَ مُبْتَاعِهِ بِتَغَيُّرِ بَدَنِهِ أَوْ عِتْقِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ أَوْ إيلَادِهِ مَضَى بَيْعُهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَتُهُ بِأَنْ تَعَمَّدَتْ الزُّورَ (فَ) الْمُشْتَرِي مَتَاعَهُ (كَالْغَاصِبِ) فِي تَخْيِيرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَخْذِ شَيْئِهِ وَإِجَازَةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ. وَذَكَرَ مَفْهُومَ وَلَمْ يَفُتْ فَقَالَ (وَمَا فَاتَ) مِنْ مَتَاعِ مَنْ مَاتَ مَعْرُوفًا بِالْحُرِّيَّةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِرَقَبَتِهِ بِيَدِ مُبْتَاعِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ (فَالثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَ بِهِ (لَهُ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَمَثَّلَ لِلْفَوَاتِ فَقَالَ (كَمَا لَوْ دَبَّرَ) الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (أَوْ كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (صَغِيرٌ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَوْصَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 185 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ فَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَأُنْفِذَتْ وَصِيَّتُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَلَا مُتَوَلِّي الْحَجَّ شَيْئًا، وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا وَجَدَهُ قَائِمًا مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ، وَمَا بِيعَ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِ مُبْتَاعِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ إلَّا بِثَمَنِهِ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ شَهِدَ بِمَوْتِهِ بَيِّنَةٌ فَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا، فَإِنْ ذَكَرَ الشُّهُودُ مَا يُعْذَرُونَ بِهِ فِي دَفْعِ الْكَذِبِ عَنْهُمْ مِثْلَ رُؤْيَتِهِ فِي مَعْرَكَةِ الْقَتْلَى صَرِيعًا فَيَنْظُرُونَ مَوْتَهُ أَوْ مَطْعُونًا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ حَيَاتُهُ، أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَهَذَا تُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مَتَاعِهِ إلَّا مَا وَجَدَهُ لَمْ يُبَعْ، وَمَا بِيعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا. وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ عَيْنُهُ بِيَدِ مُبْتَاعِهِ أَوْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ فِي بَدَنِهِ أَوْ فَاتَ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ فَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ، فَإِنْ لَمْ تَأْتِ الْبَيِّنَةُ بِمَا تُعْذَرُ بِهِ مِنْ شُبْهَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ كَتَعَمُّدِهِمْ الزُّورَ، فَلْيَأْخُذْ مَتَاعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَتُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ، وَلَهُ أَخْذُ مَا أُعْتِقَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ كُوتِبَ أَوْ دُبِّرَ أَوْ كَبِرَ أَوْ أَمَةٍ أَوْ وَلَدَتْ فَلْيَأْخُذْهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَالْمَغْصُوبَةِ يَجِدُهَا بِيَدِ مُشْتَرٍ. ابْنُ يُونُسَ يُشْبِهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَسْأَلَةُ مَنْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَتَاعَهُ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ دَفَعَهُ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ الَّذِي بِيعَ حَتَّى يَدْفَعَ ثَمَنَهُ لِمُبْتَاعِهِ. ابْنُ يُونُسَ أَعْرِفُ أَنَّ كُلَّ مَا بَاعَهُ الْإِمَامُ يَظُنُّهُ لِرَجُلٍ، فَإِذَا هُوَ لِغَيْرِهِ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ أَصْلُهُ مَا بِيعَ فِي الْمَغَانِمِ. الْبُنَانِيُّ وَبِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ يَظْهَرُ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فِيهِ نَظَرٌ، سَوَاءٌ أَعَدْته لِمَنْ وُجِدَ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ أَوْ لِلْمُتَصَرِّفِ فِي الْمَالِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ يَجْعَلْهُ فِيهَا كَالْغَاصِبِ كَمَا رَأَيْت إذْ لَوْ كَانَ كَهُوَ لَحُدَّ، وَلَمْ يَلْحَقْ الْوَلَدُ بِهِ، بَلْ هُوَ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَلِذَا أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِهِ وَحُكْمُهُ فِيهَا بِأَخْذِ الْأَمَةِ، وَقِيمَةِ الْوَلَدِ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ، إذْ هُوَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الثَّانِي فَكَذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهَا كَالْمَغْصُوبَةِ يَجِدُهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي. الْحُكْمُ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَكَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَأَجَادَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 186 (بَابٌ) الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان حَقِيقَة الشُّفْعَة وَأَحْكَامهَا] (الشُّفْعَةُ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْأَصْلُ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ الْجَاهِلَ كَانَ إذَا اشْتَرَى حَائِطًا أَوْ مَنْزِلًا أَوْ شِقْصًا مِنْ حَائِطٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَتَاهُ الْمُجَاوِرُ أَوْ الشَّرِيكُ فَشَفَعَ إلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ لِيَتَّصِلَ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ يَنْدَفِعَ عَنْهُ الضَّرَرُ حَتَّى يُشَفِّعَهُ فِيهِ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ شُفْعَةً وَالْآخِذُ شَفِيعًا وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَشْفُوعًا عَلَيْهِ، أَيْ حَقِيقَتُهَا شَرْعًا (أَخْذُ شَرِيكٍ) الْحَطّ تَمَامُ الرَّسْمِ قَوْلُهُ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ عَقَارًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ. اهـ. وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهَا أَخْذُ الشَّرِيكِ حِصَّةً جَبْرًا شِرَاءً، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ رَسْمٌ لِلْأَخْذِ بِهَا لَا لِمَاهِيَّتِهَا وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا، وَالْمَعْرُوضُ لِشَيْئَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لَيْسَ عَيْنَ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ، وَرَسَمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَهُ مَبِيعَ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ اهـ. الْحَطّ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ. الْبُنَانِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الشُّفْعَةَ هِيَ الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ، وَلَيْسَتْ مَعْرُوضَةً لَهُ وَلِلتَّرْكِ، إذْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ أَنَّهُ شُفْعَةٌ. قُلْت لَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِيهِ، وَتَعْلِيلُ عَدَمِ ظُهُورِهِ بِعَدَمِ صِدْقِ الشُّفْعَةِ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ بِهَا غَفْلَةٌ ظَاهِرَةٌ، إذْ ابْنُ عَرَفَةَ صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْآخِذِ، وَأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ فِي رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 187 وَلَوْ ذِمِّيًّا بَاعَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ: كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا،   [منح الجليل] الشُّفْعَةِ فِي الْعُرُوضِ، وَهِيَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ لِذِي فَهْمٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقْضُ طَرْدِهِ بِأَخْذِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَا يَنْقَسِمُ بِمَا يَقِفُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ إذَا دُعِيَ أَحَدُهُمَا لِبَيْعِهِ، قَالَ وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الْمَأْخُوذَ هُوَ كُلُّ الْمُشْتَرَكِ لَا حَظُّ الشَّرِيكِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ. قُلْت قَوْلُهُ جَبْرًا يَمْنَعُ دُخُولَهُ لِأَنَّ قُدْرَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِهِ تَمْنَعُ كَوْنَ أَخْذِهِ مِنْهُ جَبْرًا. الْحَطّ قَوْلُهُ أَخْذُ شَرِيكٍ أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ لَا بِأَذْرُعٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، فَفِيهَا خِلَافٌ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا شُفْعَةَ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَفْتَى بِهِ، وَحَكَمَ بِهِ بِأَمْرِهِ، وَأَثْبَتَهَا أَشْهَبُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ حُكْمِهَا تَعَبُّدًا أَوْ مُعَلَّلًا بِمَا يَأْتِي نَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لِأَجْلِ دَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الَّذِي أَدْخَلَهُ الْبَائِعُ، وَفِيهِ مُنَافَاةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فِي كَوْنِهَا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْقَسْمِ قَوْلَا الْمُتَأَخِّرِينَ. وَتَتَعَلَّقُ بِمَبِيعِ الشَّرِيكِ مُشَاعًا مِنْ رُبُعٍ يَنْقَسِمُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيًّا بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ (ذِمِّيًّا بَاعَ) شَرِيكُهُ (الْمُسْلِمُ) شِقْصَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (لِذِمِّيٍّ) آخَرَ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شُفْعَةَ فِي هَذِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ فِيهَا بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَلَا نَحْكُمُ فِيهِ حَتَّى يَتَرَافَعَا إلَيْنَا رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا. وَشَبَّهَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَقَالَ (كَ) الشُّفْعَةِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَمُشْتَرٍ مِنْ أَحَدِهِمَا (ذِمِّيَّيْنَ) بِكَسْرِ الْيَاءِ الْأُولَى جَمْعُ ذِمِّيٍّ (تَحَاكَمُوا) أَيْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لِنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَنَحْكُمَ بِهَا بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَلَا، وَكَذَا إنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ حُكْمَنَا وَأَبَى غَيْرُهُ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَ دَارٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَبَاعَ الْمُسْلِمُ حِصَّتَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الذِّمِّيِّ الشُّفْعَةُ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَوْضُوعٌ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ شِقْصَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ وَالشَّفِيعُ نَصْرَانِيٌّ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ الْخَصْمَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 188 أَوْ مُحَبِّسًا لِيُحَبِّسَ:   [منح الجليل] نَصْرَانِيَّانِ، وَلَوْ بَاعَ النَّصْرَانِيُّ نَصِيبَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ فَلِلْمُسْلِمِ الشُّفْعَةُ أَرَادَ بِلَا خِلَافٍ، قَالَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ أَقْضِ بَيْنَهُمَا بِالشُّفْعَةِ، إلَّا إذَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ أَنَّ تَخْصِيصَ الذِّمِّيِّ الَّذِي بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِلْمُسْلِمِ وَلَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الذِّمِّيُّ لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ اُخْتُلِفَ أَيَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ أَوْ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. الثَّالِثُ: فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَسَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ النَّصْرَانِيِّينَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ أَيَقْضِي لَهُ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا فَقَالَ أَمَّا عَلَى الْمُسْلِمِ فَيَقْضِي بِهَا لِلنَّصْرَانِيِّ، لِأَنِّي قَدْ كُنْت أَقْضِي بِهَا لِلْمُسْلِمِ عَلَى النَّصْرَانِيِّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ نَصْرَانِيًّا لَوْ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَاشْتَرَى نَصْرَانِيٌّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ الْمُسْلِمِ فَلَا أَرَى أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ نَصْرَانِيَّانِ، فَيُرَدَّانِ إلَى أَهْلِ دِينِهِمَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَقُولُ لَيْسَ فِي دِينِنَا الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ، فَلَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ أَوْ الْمَشْفُوعُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ حَكَمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ وَالْمَشْفُوعُ عَلَيْهِ نَصْرَانِيَّيْنِ وَالْبَائِعُ مُسْلِمًا فَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْضَى فِي ذَلِكَ بِهَا، وَيُرَدَّانِ إلَى أَهْلِ دِينِهِمَا لِأَنَّهُمَا نَصْرَانِيَّانِ. وَفِي الْأَسَدِيَّةِ وَبَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يُقْضَى بِهَا فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مُسْلِمًا، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ اهـ. (أَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ (مُحَبِّسًا) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةٍ لِنَصِيبِهِ أَرَادَ أَخْذَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ (لِيُحَبِّسَ) هـ فَلَهُ أَخْذُهُ لِبَقَاءِ شِقْصِهِ الْمُحَبَّسِ عَلَى مِلْكِهِ. وَمَفْهُومُ لِيُحَبِّسَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 189 كَسُلْطَانٍ لَا مُحَبِّسٍ عَلَيْهِ، أَوْ لِيُحَبِّسَ   [منح الجليل] أَخْذَهُ لِيَتَمَلَّكَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ حَبَسَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ حَظَّهُ مِنْهَا عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فِي الدَّارِ حَظَّهُ فَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وَلَا لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُحَبِّسُ فَيَجْعَلَهُ فِيمَا جَعَلَ نَصِيبَهُ الْأَوَّلَ، وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَقَالَ: (كَسُلْطَانٍ) وَرِثَ شِقْصًا فِي عَقَارٍ عَنْ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ بَاقِيًا بَعْدَ فَرْضٍ أَوْ عَنْ مُرْتَدٍّ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الشِّقْصِ الْآخَرِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ. الشَّيْخُ سَحْنُونٌ فِي مُرْتَدٍّ قُتِلَ بَعْدَ بَيْعِ شَرِيكِهِ فِي عَقَارٍ يَنْقَسِمُ شِقْصُهُ فَلِلسُّلْطَانِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَحَكَى ابْنُ زَرْبٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لِنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ إذَا وَقَعَتْ حِصَّةٌ فِيهِ مِنْ عَقَارٍ بِالْمِيرَاثِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَّجِرُ لِلْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَجْمَعُ مَا يَجِبُ لَهُمْ وَيَحْفَظُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لِأَنَّهُ قَالَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّلْطَانِ. وَقَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الْمَوَارِيثِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ، فَلَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ مَسْأَلَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمَوْرُوثَ فِيهَا الشُّفْعَةُ نَفْسُهَا، وَظَاهِرُ مَسْأَلَةِ ابْنِ زَرْبٍ أَنَّ الْمَوْرُوثَ إنَّمَا هُوَ الشِّقْصُ الَّذِي تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِهِ. (لَا) أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِشَخْصٍ (مُحَبَّسٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً (عَلَيْهِ) شِقْصُ عَقَارٍ يَنْقَسِمُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِيَتَمَلَّكَ، بَلْ (وَلَوْ) أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ (لِيُحَبِّسَ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَهُ الْأَخْذُ لِلتَّحْبِيسِ. " ق " سَوَّى ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ الْمُحَبِّسِ وَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ، وَنَصُّهُ فِي رَسْمِ كَتَبَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَرَادَ الْمُحَبِّسُ أَوْ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادُوا إلْحَاقَهُ بِالْحَبْسِ فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ الْأَخْذَ بِهَا لِلْحَبْسِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ اهـ. " غ " قَبِلَ تَخْرِيجَهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ. أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَهُ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّ الْمُحَبِّسَ وَالْمُحَبَّسَ عَلَيْهِمْ كُلٌّ مِنْهُمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 190 وَجَارٍ وَإِنْ مَلَكَ تَطَرُّقًا وَنَاظِرِ وَقْفٍ،   [منح الجليل] شَرِيكٌ إمَّا فِي الذَّاتِ وَإِمَّا فِي الْمَنْفَعَةِ. بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَدَارُ الشُّفْعَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ. الْبُنَانِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ. " ق " فَانْظُرْ هَذَا مَعَ تَفْرِيقِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَهُمَا. عب مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ ذَكَرَ الشَّارِحُ مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ لِقَوْلِهِ إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَالْمُحَبِّسِ ضَعِيفٌ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " ذَكَرَ الشَّارِحُ مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ إلَخْ، غَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ فِي الْمُحَبِّسِ وَلَمْ تَذْكُرْهُ فِي الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيهِ الْأَخَوَانِ وَأَصْبَغُ. وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَقَعَ فِي الْمُخْتَلِطَةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَبَسَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ فَبَاعَ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يُحَبِّسْ نَصِيبَهُ فَأَرَادَ الْمُحَبِّسُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ إلَّا إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ لِيُلْحِقَهُ بِالْأَوَّلِ فِي تَحْبِيسِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ أَخْذَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا أَصْلَ لَهُمْ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إنْ أَرَادَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ إلْحَاقَهُ بِالْحَبْسِ فَلَهُمْ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْحَبْسَ هُوَ التَّشْرِيكُ. اهـ. فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْخِلَافِ، وَفَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْوِفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا أَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِ (جَارٍ) لِمَنْ بَاعَ دَارِهِ مَثَلًا إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَطَرُّقًا، بَلْ (وَإِنْ مَلَكَ) الْجَارُ (تَطَرُّقًا) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً فَقَافٍ، أَيْ طَرِيقًا لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ بِأَنْ كَانَ شَرِيكًا فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَلَكَ طَرِيقًا فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ. الْحَطّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ بِالْجِوَارِ وَالْمُلَاصَقَةِ فِي سِكَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَا بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ حَقٌّ فِي جِوَارٍ لَا فِي نَفْسِ الْمِلْكِ. (وَ) لَا شُفْعَةَ لِ (نَاظِرِ وَقْفٍ) فِي شِقْصٍ مَمْلُوكٍ لِشَرِيكِ الْوَاقِفِ بَاعَهُ مَالِكُهُ. " غ " بِهَذَا قَطَعَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ لَيْسَ لِنَاظِرِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، وَزَادَ فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ نَقَلَهُ، وَلَيْسَ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 191 وَكِرَاءٍ،   [منح الجليل] يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِلْحَبْسِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحَبِّسِ وَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ، وَقَبِلَ هَذَا الْإِلْزَامَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَابْنُ عَرَفَةَ. الْحَطّ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ عَلَى مَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ شُفْعَةٌ وَلَوْ لِيُحَبِّسَ، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ عِنْدَ قَوْلِهَا الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمَا لَيْسَ لَهُمْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. ابْنُ سَهْلٍ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْمَوَارِيثِ لَا يَشْفَعُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْمَسَاجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ لَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِي كَلَامِ الشَّامِلِ هُوَ تَخْرِيجُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْأَجْنَبِيِّ، إذْ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَخَصُّ مِنْهُ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مِنْ قَوْلِ " ق " الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ بِهَا لِلتَّحْبِيسِ فَذَلِكَ لَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحَبِّسِ وَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ اهـ. وَقَوْلُ " غ " وَلَيْسَ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ فِي (كِرَاءٍ) فَإِنْ اكْتَرَى شَخْصَانِ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ أَكْرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ مَنْفَعَتِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اكْتَرَى رَجُلَانِ دَارًا بَيْنَهُمَا فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكْرِيَ حِصَّتَهُ مِنْهَا. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ. ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكْرِيَ حِصَّتَهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ لَهُ الشُّفْعَةُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الثِّمَارِ وَالْكِتَابَةِ وَإِجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ قَوْلَانِ، الْمُوضِحُ لَمْ يُرِدْ خُصُوصِيَّةَ إجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ، بَلْ كُلُّ كِرَاءٍ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ سُقُوطُهَا وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٍ وَالْمُغِيرَةِ، وَبِوُجُوبِهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ،   [منح الجليل] قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَأَشْهَبُ. وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْكِرَاءِ وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهَا لَا يُسَاوِي الضَّرَرَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي وَرِثَ الشُّفْعَةَ فِيهِ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. (وَفِي) ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِ (نَاظِرِ الْمِيرَاثِ) أَيْ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ عَلَى النَّظَرِ فِي تَرِكَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ بَاقِيهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا، الْأَوَّلُ لِلْمُغِيرَةِ، وَالثَّانِي لِابْنِ زَرْبٍ. ابْنُ رُشْدٍ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ، وَصِلَةُ أَخَذَ (مِمَّنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (تَجَدَّدَ) أَيْ حَدَثَ وَطَرَأَ (مِلْكُهُ) عَلَى الشَّفِيعِ، فَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ دَارًا مَثَلًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ (اللَّازِمُ) فَلَا شُفْعَةَ فِي مَبِيعٍ بِخِيَارٍ قَبْلَ بَتِّ بَيْعِهِ وَلَا لِمَحْجُورٍ قَبْلَ إمْضَاءِ وَلِيِّهِ (اخْتِيَارًا) فَلَا شُفْعَةَ فِي مَوْرُوثٍ لِشَرِيكِ الْمُوَرِّثِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ الشُّفْعَةِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَهُوَ كُلُّ مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ بِاخْتِيَارٍ، احْتَرَزَ بِالتَّجَدُّدِ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا دَارًا مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَاحْتَرَزَ بِاللَّازِمِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ فَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ بَتِّهِ، وَصِلَةُ تَجَدَّدَ (بِمُعَاوَضَةٍ) فَلَا شُفْعَةَ فِي مَوْهُوبٍ أَوْ مُتَصَدَّقٍ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا شُفْعَةَ فِيمَا حَدَثَ مِلْكُهُ بِهِبَةٍ لَا لِثَوَابٍ وَلَا فِي صَدَقَةٍ، وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الشُّفْعَةِ فِي الْمِيرَاثِ. ابْنُ شَاسٍ وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمُعَاوَضَاتِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ كَمَهْرٍ وَخُلْعٍ وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ دَمٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا شُفْعَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إلَّا بَعْدَ قَبُولِ الْعِوَضِ، قِيلَ فَلِمَ أَجَازَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْهِبَةَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ مُسَمًّى. قَالَ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ فِي النِّكَاحِ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، وَلَكِنْ قَدْ أَجَازَهُ النَّاسُ إنْ كَانَ مَا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِمَسَاكِينَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 وَلَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ لَا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ عَقَارًا؛   [منح الجليل] بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُوصًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (بِبَيْعِهِ) أَيْ الشِّقْصِ (لِمَسَاكِينَ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُمْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَفِيهِ عَقَارٌ فَبَاعَهُ وَصِيُّهُ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ وَتَفْرِقَةِ ثَمَنِهِ عَلَيْهِمْ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِوَرَثَتِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ. وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ. " ق " الْبَاجِيَّ لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالثُّلُثِ فَبَاعَ السُّلْطَانُ ثُلُثَ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ، إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ قَالَهُ سَحْنُونٌ. وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ أَشْرَاكٌ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الدَّارِ، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ. اللَّخْمِيُّ إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُبَاعَ نَصِيبٌ مِنْ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ، لِأَنَّ قَصْدَ الْمَيِّتِ أَنْ يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ فَالشُّفْعَةُ رَدٌّ لِوَصِيَّتِهِ، وَجَعَلَ سَحْنُونٌ الْجَوَابَ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ نَصِيبٍ لِيَصْرِفَ ثَمَنَهُ فِي الْمَسَاكِينِ كَذَلِكَ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ قَالَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَشْفِعَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَخَّرَ الْبَيْعَ لِبَعْدِ الْمَوْتِ وَلِوَقْتٍ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الشَّرِكَةِ. (لَا) شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ فِي شِقْصٍ مِنْ دَارٍ مَثَلًا بِيعَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ (مُوصًى لَهُ) مِمَّنْ مَاتَ (بِبَيْعِ جُزْءٍ) مَعْلُومٍ كَثُلُثِ دَارِهِ لِأَنَّهَا تُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ شَرِيكٌ فِي تِلْكَ الدَّارِ لِتُثْبِتَ لَهُ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ قَالَهُ الْحَطّ وَمَفْعُولُ أَخْذُ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (عَقَارًا) أَيْ جُزْأَهُ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ عَرْضٍ وَحَيَوَانٍ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ تَتَعَلَّقُ الشُّفْعَةُ بِمَبِيعِ الشَّرِيكِ مُشَاعًا مِنْ رُبُعٍ يَنْقَسِمُ اتِّفَاقًا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِعَرْضٍ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَرْضٌ لَا يَنْقَسِمُ فَأَرَادَ بَيْعَ حِصَّتِهِ قِيلَ لِشَرِيكِهِ بِعْ مَعَهُ أَوْ خُذْ بِمَا يُعْطِي، فَإِنْ رَضِيَ وَبَاعَ أَوْ أَخَذَ بِمَا يُعْطِي فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَبَى وَبَاعَ شَرِيكُهُ حِصَّةً مُشَاعَةً فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 194 وَلَوْ مُنَاقَلًا بِهِ إنْ انْقَسَمَ، وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ،   [منح الجليل] ابْنُ سَهْلٍ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ عُرُوضٍ وَغَيْرِهَا إلَّا بِضَرَرٍ يُبَاعُ وَيَقْتَسِمُ الشُّرَكَاءُ ثَمَنَهُ، وَمَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ أَخْذَهُ بِمَا بَلَغَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فِيهِ تَزَايَدُوا فِيهَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَيَأْخُذَهُ وَيُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ أَنْصِبَاءَهُمْ مِمَّا أَخَذَهُ بِهِ، وَلِلشَّرِيكِ أَخْذُ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ إنْ بِيعَ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُنَاقَلًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ (بِهِ) أَيْ الْعَقَارِ أَيْ مَبِيعًا بِعَقَارٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُنَاقَلَةُ بَيْعُ الشِّقْصِ بِعَقَارٍ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ بَاعَ الرَّجُلُ شِقْصَهُ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَصْلٍ أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ أَصْلٍ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ لَا شِرْكَ لَهُ فِيهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الشُّفْعَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُنَاقَلَةُ لَا الْمُبَايَعَةُ أَمْ لَا، كَانَ الْمُنَاقَلُ مَعَهُ شَرِيكًا لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ لَا، دَفَعَ مَعَ مَا نَاقَلَ بِهِ نَقْدًا أَوْ لَا وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ، وَلَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُتَنَاقِلَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ وَتَرَكَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِي دَارٍ لِيَأْخُذَ حِصَّةَ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ شَرِيكَيْنِ فَالشُّفْعَةُ، وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ (إنْ انْقَسَمَ) أَيْ قَبِلَ الْعَقَارُ الْقِسْمَةَ فَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْمَعْصَرَةِ وَالْمُحَبَّسَةِ وَالْحَانُوتِ الصَّغِيرِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ الشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يُقْسَمُ مِنْ الْأُصُولِ دُونَ مَا لَا يَنْقَسِمُ، وَهَذَا أَمْرٌ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَتْ نَخْلَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِهِ فِيهَا (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا (الْإِطْلَاقُ) لِلْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِقَبُولِهِ الْقِسْمَةَ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ تَكُونَ فِيهِ الشُّفْعَةُ مِنْ الْأَرْضِينَ لِمَا فِي قَسْمِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَجْمَعُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَبَى الْإِمَامُ مَالِكٌ مِنْ الشُّفْعَةِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ قِيلَ إنَّهُ لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 195 وَعُمِلَ بِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَلَوْ دَيْنًا   [منح الجليل] يَنْقَسِمُ، وَأَنَا أَرَى فِيهِ الشُّفْعَةَ. الْبُنَانِيُّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يُقْسَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ، فَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ لَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّهُ لَا يُجَابُ لِقِسْمَتِهِ مِنْ طَلَبِهَا، حَتَّى يَلْزَمَ ضَرَرُ الشَّرِيكِ بِهَا، وَعَلَى أَنَّهَا دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ مُطْلَقًا إذْ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ حَاصِلَةٌ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ تَقْيِيدَ الشُّفْعَةِ بِمَا يَنْقَسِمُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَنَّ صَاحِبَ الْمُعِينِ ذَكَرَ أَنَّ بِهِ الْقَضَاءَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ (بِهِ) أَيْ الْإِطْلَاقِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَبِهِ الْقَضَاءُ. ابْنُ حَارِثٍ وَهُوَ جَارٍ بِقُرْطُبَةَ، وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاؤُهَا أَفَادَهُ تت. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَ أَهْلِ الشُّورَى بِقُرْطُبَةَ عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الْحَمَّامِ. طفي تَبِعَ تت الشَّارِحَ فِي عَزْوِهِ لِصَاحِبِ الْمُعِينِ وَهُوَ سَهْوٌ. قَالَ فِي الْمُعِينِ إذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا تَتَهَيَّأُ فِيهِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ كَالْحَمَّامَاتِ وَالْأَرْحَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْقَضَاءُ، فَأَنْتَ تَرَاهُ قَالَ إنَّ الْقَضَاءَ بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ، وَهَكَذَا عَزَّاهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَصِلَةُ أَخْذُ (بِمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (الثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَى الشِّقْصَ بِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إنْ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِهِ لِلْبَائِعِ حِينَ شِرَائِهِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الثَّمَنُ الْمِثْلِيُّ (دَيْنًا) عَلَى بَائِعِ الشِّقْصِ لِمُشْتَرِيهِ فَدَفَعَ لَهُ الشِّقْصَ عِوَضًا عَنْهُ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ اشْتَرَى بِعَنْبَرٍ فَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ. " ق " فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَا اُشْتُرِيَ بِعَيْنٍ أَوْ مِثْلِيٍّ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ أَتَى بِضَامِنٍ ثِقَةٍ مَلِيءٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَهُ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ أَنَا أَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَالِي عَلَى الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ دَيْنِهِ فِي دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ. عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَى سَنَةٍ فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ إلَّا بِقِيمَةِ الدَّيْنِ عَرْضًا يَدْفَعُهُ الْآنَ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَرْضٌ مِنْ الْعُرُوضِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقُمْ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 196 أَوْ قِيمَتِهِ بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ؛ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ، وَعَقْدِ شِرَاءٍ وَفِي الْمَكْسِ: تَرَدُّدٌ، أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي: كَخُلْعٍ،   [منح الجليل] أَوْ) بِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ عَقَارٍ، فِيهَا مَا اشْتَرَى بِعَبْدٍ شَفَعَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ، وَمَا اشْتَرَى بِعَرْضٍ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ (وَ) إنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ مَعَ رَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ (بِ) مِثْلِهِ مَعَ مِثْلِ (رَهْنِهِ وَضَامِنِهِ) وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَمْلَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي تَحْقِيقًا لِلتَّمَاثُلِ. " ق " أَشْهَبُ إنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ فَقَامَ الشَّفِيعُ وَهُوَ أَمْلَأُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا مِثْلَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَلَوْ جَاءَ بِرَهْنٍ لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ وَفَاءً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَ بِرَهْنٍ وَحَمِيلٍ فَجَاءَ بِرَهْنٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمِيلٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ. (وَ) يَأْخُذُ بِمِثْلِ (أُجْرَةِ دَلَّالٍ وَ) أُجْرَةِ كَاتِبٍ (عَقْدِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ وَثِيقَةَ (شِرَاءٍ) " ق " الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَى الشَّفِيعِ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ وَأُجْرَةُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ وَثَمَنُ مَا كَتَبَ بِهِ يَغْرَمُ ذَلِكَ كُلَّهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ وَصَلَ إلَى الِابْتِيَاعِ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَدَّى مِنْ الْأُجُورِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْهُودِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ سِوَى الْمَعْهُودِ، بِهَذَا أَفْتَى الْإِمَامُ ابْنُ عَتَّابٍ وَالْإِمَامُ ابْنُ مَالِكٍ وَالْإِمَامُ ابْنُ الْقَطَّانِ. ابْنُ سَهْلٍ وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفًا وَهُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (وَفِي) لُزُومِ مِثْلِ (الْمَكْسِ) لِلشَّفِيعِ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ ظُلْمًا لِأَنَّهُ مَالٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَصَّلْ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ إلَّا بِهِ، كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ لِكَوْنِهِ ظُلْمًا (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ. " ق " ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ لَوْ غَرِمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّقْصِ غُرْمًا هَلْ يَغْرَمُهُ لَهُ الشَّفِيعُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ هَلْ يَأْخُذُ رَبَّهُ بِغُرْمٍ أَوْ بِغَيْرِ غُرْمٍ (أَوْ) بِ (قِيمَةِ الشِّقْصِ) الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّذِي أَخَذَهُ الزَّوْجُ (فِي كَخُلْعٍ) وَالزَّوْجَةُ فِي مَهْرٍ إذْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ وَالْمَالُ الْمُتَزَوَّجُ بِهِ لَا حَدَّ لَهُمَا، فَرُبَّ كَارِهَةٍ زَوْجَهَا تَدْفَعُ لَهُ فِي الْخُلْعِ كَثِيرًا، وَرُبَّ رَاغِبٍ فِي زَوْجَةٍ يَدْفَعُ لَهَا أَضْعَافَ مَهْرِ مِثْلِهَا، فَالرُّجُوعُ لِقِيمَةِ الشِّقْصِ أَعْدَلُ، وَلَا يَشْفَعُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَإِنْ اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 197 وَصُلْحِ عَمْدٍ، وَجُزَافِ نَقْدٍ، وَبِمَا يَخُصُّهُ، إنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي   [منح الجليل] (وَ) بِقِيمَةِ الشِّقْصِ الْمَدْفُوعِ فِي (صُلْحِ) جِنَايَةِ (عَمْدٍ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقَوَدُ وَلَا قِيمَةَ لَهُ. وَمَفْهُومُ عَمْدٍ أَنَّ الْمَدْفُوعَ فِي صُلْحِ جِنَايَةٍ خَطَأٍ يُؤْخَذُ بِمِثْلِ دِيَتِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، وَبِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ. " ق ". فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ نَكَحَ أَوْ خَالَعَ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى شِقْصٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ، يُرِيدُ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِشْفَاعُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَخَذَ الشِّقْصَ عَنْ دَمِ خَطَأٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِالدِّيَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ إبِلٍ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَهْلَ ذَهَبٍ أَخَذَهُ بِذَهَبٍ بِنَجْمٍ عَلَى الشَّفِيعِ كَتَنْجِيمِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ. (وَ) بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَوْمَ شِرَائِهِ بِ (جُزَافِ نَقْدٍ) " ق " ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَدَرَاهِمَ جُزَافًا فِي صِحَّةِ فَرْضِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ نَظَرٌ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا، وَإِنَّمَا تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ الشَّافِعِيَّةَ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ اشْتَرَاهُ بِحُلِيٍّ جُزَافٍ شَفَعَ بِقِيمَتِهِ، وَكَذَا السَّبَائِكُ وَالطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ، فَإِنْ كَانَ الْحُلِيُّ ذَهَبًا قُوِّمَ بِفِضَّةٍ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً قُوِّمَ بِذَهَبٍ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُقَالُ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى مَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا جُزَافًا، لِأَنَّا نَقُولُ إذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَتِهِ كَالطَّعَامِ الْمُصَبَّرُ لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَفَرْضُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ مَعَ غَيْرِهِ فِي صَفْقَةٍ (بِمَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (يَخُصُّهُ) أَيْ الشِّقْصَ مِنْ الثَّمَنِ (إنْ صَاحَبَ) الشِّقْصَ (غَيْرُهُ) فِي الْبَيْعِ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا، وَقُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتَيْهِمَا. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ وَعَرَضَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ فَالشُّفْعَةُ فِي الشِّقْصِ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ، تَغَيَّرَتْ الدَّارُ لِسُكْنَاهُ أَمْ لَمْ تَتَغَيَّرْ (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) الْمُصَاحِبُ لِلشِّقْصِ فِي الصَّفْقَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَرْضِ وَلَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 198 وَإِلَى أَجَلِهِ إنْ أَيْسَرَ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيٌّ، وَإِلَّا عُجِّلَ الثَّمَنُ؛ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا عُدْمًا عَلَى الْمُخْتَارِ وَلَا يَجُوزُ إحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ،   [منح الجليل] ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ أَبَاهُ. ابْنُ يُونُسَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الشُّفْعَةَ كَالِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ الْجُلَّ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الْعَرْضِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ جُلَّ صَفْقَتِهِ، وَعَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ كَبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ فَلَا رَدَّ لَهُ بِحَالٍ. (وَ) إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ مُؤَجَّلًا (إلَى أَجَلِهِ) أَيْ ثَمَنِ الشِّقْصِ (إنْ أَيْسَرَ) الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ (أَوْ) لَمْ يُوسِرْ بِهِ وَ (ضَمِنَهُ) أَيْ الشَّفِيعَ ضَامِنٌ ثِقَةٌ (مَلِيٌّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَى أَجَلِهِ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ وَطَلَبَ تَأْخِيرَهُ إلَى أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْبَغَ وَغَيْرِهِمَا، إذْ الْأَوَّلُ ضُرِبَ لَهُمَا مَعًا. وَلِمُطَرِّفٍ مَنْ وَافَقَهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ كَالْأَوَّلِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ، وَفِيهَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لِأَجَلٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ أَتَى بِضَامِنٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّفِيعُ مَلِيًّا وَلَمْ يَأْتِ بِضَامِنٍ مَلِيءٍ (عَجَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الشَّفِيعُ (الثَّمَنَ) لِلْمَشْفُوعِ مِنْهُ فِيهَا إنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ الْمُبْتَاعَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَجِّلَهُ لِلْبَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ (عُدْمًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرًا، فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ فَقِيرَيْنِ وَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي الْفَقْرِ، وَأَنَّ الشُّفْعَةَ لَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِمِلْكِ النِّصْفِ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ. وَمَفْهُومُ يَتَسَاوَيَا إنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ فَقْرًا سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ اتِّفَاقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَلَا تَجُوزُ إحَالَةُ الْبَائِعِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلِهِ، وَالْأَصْلُ إحَالَةُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. ابْنُ يُونُسَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَرْضَى أَنْ يَبْقَى مَالِي عَلَى الشَّفِيعِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ فِي دَيْنٍ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 199 كَأَنْ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ وَيَرْبَحَ، ثُمَّ لَا يَأْخُذَ لَهُ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ   [منح الجليل] آخَرَ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (أَخَذَ) مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ (مِنْ) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ لِلشُّفْعَةِ (مَالًا لِيَأْخُذَ) الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبِيعُ مَا يَأْخُذُهُ لِمَنْ دَفَعَ لَهُ الْمَالَ (وَيَرْبَحُ) الشَّفِيعُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ أَخْذِهِ مِنْهُ الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ (ثُمَّ) إذَا وَقَعَ ذَلِكَ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَ (لَا أَخْذَ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ، وَلَيْسَ غَرَضُ الْأَجْنَبِيِّ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلشَّفِيعِ إلَّا ضَرَرُ الْمُشْتَرِي، وَيَرْبَحُ الشَّفِيعُ الْمَالَ. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا أَيْضًا أَفَادَهُ " ق ". فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَأَتَاهُ أَجْنَبِيٌّ فَقَالَ خُذْهَا بِشُفْعَتِك وَلَك مِائَةُ دِينَارٍ وَأُرَبِّحُك فِيهَا فَلَا يَجُوزُ. وَيُرَدُّ إنْ وَقَعَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ لِغَيْرِهِ اهـ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ بَاعَ حَظَّهُ وَشَرِيكُهُ مُفْلِسٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اشْفَعْ وَأُرَبِّحُك فَأَخَذَ وَأَرْبَحَهُ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارِ الشَّفِيعِ رَدَّ الشِّقْصَ لِمُبْتَاعِهِ. ابْنُ سَهْلٍ فَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَسْخٍ أَخَذَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. طفي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ، وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمِلَةً لَهُ، وَيَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ فِيهِ اهـ. الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ. وَعَطَفَ عَلَى أَخَذَ فَقَالَ (أَوْ بَاعَ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ لِأَجْنَبِيٍّ (قَبْلَ أَخْذِهِ) بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَلَا يَأْخُذُ بِهَا بَعْدَ بَيْعِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ الشِّقْصَ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالشُّفْعَةِ، لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك، وَهَذَا بِخِلَافِ تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي عَلَى مَالٍ يَأْخُذُ مِنْهُ فَذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ شِقْصًا إنَّمَا بَاعَ مِنْهُ حَقًّا وَجَبَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 200 بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ لِيُسْقِطَ كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ بِأَرْضٍ حُبِسَ، أَوْ مُعِيرٍ   [منح الجليل] مَنْ بَاعَ شِقْصَهُ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْفَعَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الشُّفْعَةُ. (بِخِلَافِ أَخْذِ) الشَّفِيعِ مَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ بِ (مَالٍ بَعْدَهُ) أَيْ الشِّرَاءِ (لِيُسْقِطَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فَتَجُوزُ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِهِ، وَمَفْهُومُ بَعْدِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مَالًا قَبْلَهُ وَإِنْ وَقَعَ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِذَا أَسْلَمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَبْطَلَ وَرَدَّ الْمَالَ وَكَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ. وَشَبَّهَ بِالْعَقَارِ فِي اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ فَقَالَ (كَ) شِقْصِ (شَجَرٍ) مُشْتَرَكٍ بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ مُعَارَةٍ لِلشُّرَكَاءِ الْغَارِسِينَ بِهَا، فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ (وَ) كَ (بِنَاءٍ) مُشْتَرَكٍ (بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ) بِأَرْضِ شَخْصٍ (مُعِيرٍ) بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُهُ بِهَا. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ ثَمَرٍ، وَإِذَا بَنَى قَوْمٌ فِي أَرْضٍ حُبِسَتْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَأَرَادَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ بَيْعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْبِنَاءِ فَلِإِخْوَتِهِ الشُّفْعَةُ فِيهِ اسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ مَا سَمِعْت فِيهِ بِشَيْءٍ تت، هَذِهِ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعِ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إلَيْهَا. وَالثَّانِيَةُ الشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ. وَالثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَالرَّابِعَةُ جَعْلُ دِيَةِ أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَمَا اسْتَحْسَنَ الْمَتْبُوعُ إنْ عُدَّ أَرْبَعٌ ... فَالِاثْنَانِ مِنْهَا صَاحِبُ الْوِتْرِ يَشْفَعُ بِنَاءٌ وَثَمْرٌ وَالْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ ... وَأُنْمُلَةُ الْإِبْهَامِ لِلْخَمْسِ تُرْبِعُ وَنَظَمَهَا " غ " فَقَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ بِالِاخْتِيَارِ ... فِي شُفْعَةِ الْأَنْقَاضِ وَالثِّمَارِ وَالْجُرْحُ مِثْلُ الْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ ... وَالْخَمْسُ فِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ، وَإِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ، وَإِلَّا فَقَائِمًا   [منح الجليل] ح " فَإِنْ قُلْت بَقِيَتْ خَامِسَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ إذَا هَلَكَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا وَلَدٌ يَتِيمٌ لَا وَصِيَّ لَهُ فَأَوْصَتْ بِالْوَلَدِ وَالْمَالِ إلَى رَجُلٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا نَحْوَ سِتِّينَ دِينَارًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْ الْوَصِيِّ اسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَدْ عَدَّهَا ابْنُ نَاجِي خَمْسًا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَذَكَرَ هَذِهِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَقُلْ بِالِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي الْأَرْبَعِ وَلَمْ يَعُدُّوا مِنْهَا هَذِهِ. أَبُو الْحَسَنِ الْمَسَائِلُ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعٌ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْخَامِسَةَ سَبَقَهُ إلَيْهَا غَيْرُهُ. " ج " نَظَمْتهَا تَبَعًا لِابْنِ نَاجِي، فَقُلْت: وَفِي وَصِيِّ الْأُمِّ بِالْيَسِيرِ ... مِنْهَا وَلَا وَلِيَّ لِلصَّغِيرِ طفي حَصَرَهَا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ اسْتِحْسَانًا كَثِيرًا، حَتَّى قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الِاسْتِحْسَانُ فِي الْعِلْمِ أَغْلَبُ مِنْ الْقِيَاسِ، وَقَالَ الْإِمَامُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ. ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَلَيْهِ عَوَّلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَبَنَى عَلَيْهِ أَبْوَابًا وَمَسَائِلَ إلَّا أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَافَقَ اسْتِحْسَانُهُ فِيهِ قَوْلًا لِغَيْرِهِ، وَإِذَا تَصَفَّحْت مَسَائِلَ الْمَذْهَبِ ظَهَرَ لَك ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَ) إنْ أَعَارَ شَخْصٌ أَرْضَهُ لِقَوْمٍ يَبْنُونَ أَوْ يَغْرِسُونَ فِيهَا فَفَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّخْصُ (الْمُعِيرُ) عَلَى شُرَكَاءِ الْبَائِعِ فِي أَخْذِ الْحَظِّ الْمَبِيعِ (بِ) قِيمَةِ (نَقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ، أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ مَنْقُوضًا (أَوْ بِثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فَالْخِيَارُ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَحَكَاهُمَا عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ تَأْوِيلَيْنِ لِلْمُدَوَّنَةِ (إنْ) كَانَ قَدْ (مَضَى زَمَنٌ) هُوَ (مَا) أَيْ الزَّمَنُ الَّذِي (تُعَارُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأَرْضُ (لَهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مَا تُعَارُ لَهُ (فَ) يُقَدَّمُ الْمُعِيرُ فِي أَخْذِهِ بِقِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) أَوْ ثَمَنِهِ. تت هَذَا فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ زَمَنُ مَا تُعَارُ لَهُ. وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُنْقَضْ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْإِعَارَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 وَكَثَمَرَةٍ،   [منح الجليل] عَلَى الْبَقَاءِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ، وَلَا مَقَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إنْ بَاعَهُ عَلَى الْبَقَاءِ، وَإِنْ بَاعَ عَلَى النَّقْضِ قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا بَنَى رَجُلَانِ فِي عَرْصَةِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ النَّقْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوْ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ لِلضَّرَرِ، إذْ هُوَ أَصْلُ الشُّفْعَةِ " غ " عِيَاضٌ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ رَبَّ الْعَرْصَةِ مُقَدَّمٌ فِي الْأَخْذِ عَلَى الشَّفِيعِ، لَكِنْ لَيْسَ لِلشُّفْعَةِ، بَلْ لِرَفْعِ الضَّرَرِ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّ عَلَى الْمُعِيرِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَقْلُوعٌ، سَوَاءٌ مَضَى زَمَنٌ تُعَارُ تِلْكَ الْأَرْضُ إلَى مِثْلِهِ أَمْ لَا، لَكِنْ قَيَّدَهَا أَبُو عِمْرَانَ بِمَا إذَا مَضَى زَمَنٌ تُعَارُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَقَالَ هَكَذَا وَقَعَ لِسَحْنُونٍ. أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ فَكَانَ مِثْلَ مُضِيِّ مَا تُعَارُ إلَى مِثْلِهِ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا، وَمَنْ بَنَى فِي عَرْصَةِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَلِرَبِّ الْعَرْصَةِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ النَّقْضِ، أَوْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ مُعِيدًا لِكَافِ التَّشْبِيهِ لِلْإِيضَاحِ (وَكَثَمَرَةٍ) مُشْتَرَكَةٍ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا نَصِيبَهُ مِنْهَا فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ. " ق " فِيهَا إذَا كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ ثَمَرٌ فِي شَجَرٍ قَدْ أَزْهَى فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ قَبْلَ قِسْمَتِهِ وَالْأَصْلُ لَهُمْ أَوْ بِأَيْدِيهِمْ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ حَبْسٍ فَاسْتَحْسَنَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِشُرَكَائِهِ فِيهِ الشُّفْعَةَ، مَا لَمْ تَيْبَسْ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ، أَوْ تَبِعَ وَهِيَ يَابِسَةٌ وَقَالَ مَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَدِيثِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا فِيهَا، وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ أَنْ تُبَاعَ دُونَ أَصْلِهَا بَعْدَ زَهْوِهَا أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ إبَارِهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا إنْ بِيعَتْ قَبْلَ إبَارِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، إذْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 وَمَقْثَأَةٍ، وَبَاذِنْجَانٍ، وَلَوْ مُفْرَدَةً، إلَّا أَنْ تَيْبَسَ وَحُطَّ حِصَّتُهَا إنْ أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ،   [منح الجليل] مَا لَمْ تُجَذَّ أَوْ تَيْبَسْ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِشْفَاعِ. (وَ) كَ (مَقْثَأَةٍ) مُشْتَرَكَةٍ (وَبَاذِنْجَانٍ) وَقَرْعٍ وَقُطْنٍ الْبَاجِيَّ وَكُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ، كَذَا فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ فِيهِ. " ق " الْبَاجِيَّ إذَا قُلْنَا بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَوَّازِيَّةِ الشُّفْعَةُ فِي الْعِنَبِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَقَاثِئُ عِنْدِي فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ. وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَالَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ كَالشَّجَرِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ نَبْتٌ لَا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ ثَابِتٍ. أَصْلُ ذَلِكَ مَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَا شُفْعَةَ فِي الزَّرْعِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ حَتَّى يَيْبَسَ وَتَثْبُتَ فِي الثَّمَرَةِ، إنْ بِيعَتْ مَعَ أَصْلِهَا بَعْدَ زَهْوِهَا أَوْ قَبْلَهُ، بَلْ (وَلَوْ) بِيعَتْ بَعْدَ زَهْوِهَا حَالَ كَوْنِهَا (مُفْرَدَةً) عَنْ أَصْلِهَا شَمِلَ بَيْعَهُمَا الْأَصْلَ ثُمَّ بَيْعَ أَحَدِهِمَا حَظَّهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَبَقَاءِ الْأَصْلِ، وَبَيْعَ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا وَبَيْعَ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْهُمَا بَعْدَ شِرَائِهِمَا إيَّاهَا وَحْدَهَا. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَرَةِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) الثَّمَرَةُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ بَيْعَهَا قَبْلَ يُبْسِهَا وَقِيَامَ الشَّفِيعِ بَعْدَهُ وَبَيْعَهَا يَابِسَةً وَهُمَا لِمَالِكٍ فِيهَا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ رُشْدٍ الْمُرَادُ بِيُبْسِهَا حُصُولُ وَقْتِ جُذَاذِهَا لِلتَّيْبِيسِ إنْ كَانَتْ تَيْبَسُ أَوْ إلَّا إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ يُبْسَهَا ارْتِفَاعُ مَنْفَعَتِهَا بِبَقَائِهَا فِي أَصْلِهَا لَا حُضُورُ وَقْتِ قِطَافِهَا، فَقَدْ يَحْضُرُ وَيَكُونُ لِبَقَائِهَا زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ كَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ عِنْدَنَا. (وَ) إذَا بِيعَ الْأَصْلُ مَعَ ثَمَرَتِهِ وَيَبِسَتْ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَقُلْنَا لَا يَأْخُذُهَا بِهَا وَأَخَذَ الْأَصْلَ وَحْدَهُ بِهَا (حُطَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ أُسْقِطَ عَنْ الشَّفِيعِ (حِصَّتُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ مِنْ ثَمَنِهَا مَعَ أَصْلِهَا (إنْ) كَانَتْ (أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ) بِضَمِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 204 وَفِيهَا: أَخْذُهَا: مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ، وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً يَوْمَ شِرَائِهَا مَعَ أَصْلِهَا لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ " ح " وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْحَطِّ إنْ لَمْ تُؤَبَّرْ يَوْمَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا ابْتَاعَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ مَأْبُورَةً أَوْ مُزْهِيَةً وَاشْتَرَطَهَا الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا فَلَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ بِاسْتِحْقَاقِهِ، وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَرَةِ بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأَصْلِ مَا لَمْ تُجَذَّ حِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِشُفْعَتِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ مَجْمُوعِ قِيمَتِهِ قِيمَةً مَعَ الثَّمَرَةِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهَا وَقَعَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا (أَخَذَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ بِالشُّفْعَةِ (مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ وَ) اُخْتُلِفَ (هَلْ هُوَ) أَيْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ) فَمَرَّةً قَالَ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَمَرَّةً قَالَ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ، أَوْ وِفَاقٌ، وَالْأَوَّلُ إذَا اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً فَالشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ، فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ يُبْسِهَا فَفِيهَا الشُّفْعَةُ، وَالثَّانِي إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ أَصْلِهَا فَالشُّفْعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ. فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ يُبْسِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) . " غ " الْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا أَخَذَهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا مَا لَمْ تُجَذَّ وَكَذَا هُوَ فِي الْأُمَّهَاتِ، فَقَالَ عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ فَقَالَ يَأْخُذُهَا مَا لَمْ تُجَذَّ، وَإِذَا اشْتَرَاهَا وَحْدَهَا قَالَ الشُّفْعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ، وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ. وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ، فَمَرَّةً قَالَ فِيهِمَا حَتَّى تَيْبَسَ، وَمَرَّةً قَالَ حَتَّى تُجَذَّ، وَظَاهِرُ اخْتِصَارِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ، لَكِنْ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ قَالَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ يُبْسِ الثَّمَرَةِ وَجُذَاذِهَا فَنَبَّهَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّوَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ لَا غَيْرِهِ، وَأَمَّا أَبُو سَعِيدٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَيْبَسْ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 205 وَإِنْ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَقَطْ: أُخِذَتْ، وَإِنْ أُبِّرَتْ وَرَجَعَ بِالْمُؤْنَةِ، وَكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا   [منح الجليل] وَقَالَ فِي الثَّانِي فَإِنْ قَامَ بَعْدَ يُبْسِ الثَّمَرَةِ أَوْ جُذَاذِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ شُفْعَةٌ. أَبُو الْحَسَنِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ. فَإِنْ قُلْت مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إلَّا أَنْ تَيْبَسَ، وَلَعَلَّهُ حَاذَى اخْتِصَارَ أَبِي سَعِيدٍ فَأَشَارَ لِمَا فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ أَوْ تُجَذَّ. قُلْت النَّسْجُ عَلَى مِنْوَالِ الْأُمَّهَاتِ أَصْوَبُ وَأَجْرَى، مَعَ قَوْلِهِ وَهَلْ اخْتِلَافٌ تَأْوِيلَانِ؟ الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ الْأُمَّ عَلَى مَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْجَذِّ قَبْلَ الْيُبْسِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْيُبْسَ مُفِيتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَجَعَلَ قَوْلَهُ هُنَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ كُلَّهُ مَوْضِعًا وَاحِدًا، وَمَا تَقَدَّمَ مَوْضِعًا آخَرَ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ هُنَا وَغَيْرُهُ. وَإِنْ قَالَ. غ النَّسْجُ عَلَى مِنْوَالِ الْأُمَّهَاتِ أَصْوَبُ. (وَإِنْ اشْتَرَى) الْمُبْتَاعُ (أَصْلِهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الثَّمَرَةِ لِعَدَمِ وُجُودِهَا فِيهِ حِينَ الشِّرَاءِ ثُمَّ أَثْمَرَ وَقَامَ الشَّفِيعُ (أُخِذَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الثَّمَرَةُ مَعَ أَصْلِهَا بِالشُّفْعَةِ إنْ لَمْ تُؤَبَّرْ، بَلْ (وَإِنْ أُبِّرَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الثَّمَرَةُ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ (بِالْمُؤْنَةِ) لِلثَّمَرَةِ مِنْ تَأْبِيرٍ وَسَقْيٍ وَنَحْوِهِمَا وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ الْمُؤْنَةِ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ. " ق " مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهِمَا ثَمَرٌ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَاسْتَشْفَعَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنْ قَامَ يَوْمَ الْبَيْعِ أَخَذَ النِّصْفَ بِمِلْكِهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِشُفْعَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى عَمِلَ الْمُشْتَرِي فَأُبِّرَتْ وَفِيهَا الْآنَ بَلَحٌ أَوْ فِيهَا زَهْوٌ لَمْ يَيْبَسْ فَكَمَا ذَكَرْنَا، وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِثَمَرِهِ وَعَلَيْهِ لِلْمُبْتَاعِ قِيمَةُ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ فِيمَا اسْتَحَقَّ وَاسْتَشْفَعَ، فَإِنْ قَامَ بَعْدَ يُبْسِ الثَّمَرَةِ أَوْ جُذَاذِهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا كَبَيْعِهَا حِينَئِذٍ وَيَأْخُذُ الْأُصُولَ بِالشُّفْعَةِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ لِلثَّمَرَةِ شَيْءٌ إذْ لَمْ يَقَعْ لَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الشُّفْعَةِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهَا مُعِيدًا كَافَ التَّشْبِيهِ لِذَلِكَ فَقَالَ (وَكَبِئْرٍ) وَعَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ (لَمْ تُقْسَمْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (أَرْضُهَا) أَيْ الْبِئْرِ الَّتِي تُسْقَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 206 وَإِلَّا فَلَا، وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ لَا عَرْضٍ   [منح الجليل] بِمَائِهَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهَا نَصِيبَهُ مِنْهَا فَفِيهِ الشُّفْعَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا (فَلَا) شُفْعَةَ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَذَهَبَ الْبَاجِيَّ إلَى أَنَّ مَا فِيهِمَا خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ كَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالنَّخْلَةِ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمُتَّحِدَةِ، وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْمُتَعَدِّدَةِ. وَابْنُ لُبَابَةَ إلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى بِئْرٍ لَا فِنَاءَ لَهَا. وَأَشَارَ لِلْمُوَفِّقِينَ وَالْخِلَافِ فَقَالَ: (وَأُوِّلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا أُوِّلَتْ بِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَمُخَالَفَةِ مَا فِيهَا لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ (بِ) الْبِئْرِ (الْمُتَّحِدَةِ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَغَيْرِ ذَاتِ الْفِنَاءِ. " ق " فِيهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَنَخْلٌ وَلَهَا عَيْنٌ فَاقْتَسَمَا النَّخْلَ وَالْأَرْضَ خَاصَّةً ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِيهِ مَا جَاءَ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْبِئْرِ خَاصَّةً، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْعَيْنِ جَمِيعِهِ، فَفِي ذَلِكَ الشُّفْعَةُ وَيُقْسَمُ شِرْبُ الْعَيْنِ بِالْقَلْدِ، وَهِيَ الْقَدْرُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَقْسِمُهُ الْوَرَثَةُ بَيْنَهُمْ بِالْأَقْلَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي الْأَرْضِينَ الَّتِي تُسْقَى بِتِلْكَ الْعَيْنِ وَالْحَوَائِطِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَهْلُ كُلِّ قَلْدٍ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ دُونَ اشْتِرَاكِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ بِيعَ شِقْصٌ مِنْ الْبِئْرِ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ دُونِهِ وَلَمْ تُقْسَمْ الْأَرْضُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ قَسْمِ الْأَرْضِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَسَمِعَ يَحْيَى فِيهِ الشُّفْعَةُ. سَحْنُونٌ لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ، وَمَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تُقْسَمُ، وَمَعْنَى سَمَاع يَحْيَى أَنَّهَا آبَارٌ كَثِيرَةٌ تُقْسَمُ (لَا) شُفْعَةَ فِي شِقْصِ (عَرْضٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ فِي الْعُرُوضِ وَالْأَمْتِعَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الشَّرِيكُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ انْبِرَامِ الْبَيْعِ، أَمَّا قَبْلُ انْبِرَامِهِ فَالشَّرِيكُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا شُفْعَةً لِأَنَّهَا أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 207 أَوْ كِتَابَةٍ وَدَيْنٍ وَعُلْوٍ عَلَى سُفْلٍ وَعَكْسِهِ وَزَرْعٍ، وَلَوْ بِأَرْضِهِ   [منح الجليل] وَهَذَا أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ " ز "، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَنَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ كُلُّ مُشْتَرَكٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَبَاعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلِمَنْ بَقِيَ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُعْطَى فِيهِ مَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي نُجُومِ (كِتَابَةٍ) مُشْتَرَكَةٍ بَاعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِيهَا نَصِيبَهُ مِنْهَا. " ق ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ إنْ كَاتَبَا عَبْدًا بَاعَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْ كِتَابَتِهِ أَنَّ ثَمَّ قَوْلٌ أَنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَشْفَعَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَإِنَّمَا فِي الْمَذْهَبِ كَوْنُ الْمُكَاتَبِ أَحَقُّ بِمَا بِيعَ مِنْ كِتَابَتِهِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ الْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِكِتَابَتِهِ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا. ابْنُ رُشْدٍ أَيْ بِمَا يُعْطَى فِيهَا مَنْ لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ فَظَاهِرُهَا أَنَّهُ أَحَقُّ وَإِنْ نَفَذَ بَيْعُهَا، وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَغَيْرُهُ مِثْلَهَا. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ (دَيْنٍ) مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الشُّفْعَةِ فِي الْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ يُبَاعَانِ هَلْ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْمَدِينِ شُفْعَةٌ فِي ذَلِكَ. أَبُو عُمَرَ جَاءَ فِي الْأَثَرِ عَنْ السَّلَفِ أَنَّ الْمِدْيَانَ أَحَقُّ مِنْ مُشْتَرِي الدَّيْنِ، وَاخْتَلَفَ فِي هَذَا أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَإِطْلَاقُ الشُّفْعَةِ فِي هَذَا مَجَازٌ. (وَ) لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ (عُلُوٍّ عَلَى) صَاحِبِ سُفْلٍ (سُفْلٍ وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (عَكْسِهِ) أَيْ لِصَاحِبِ سُفْلٍ عَلَى صَاحِبِ عُلُوٍّ إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُمَا جَارَانِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ لَهُ دَارٌ وَلِآخَرَ سُفْلُهَا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَ الْآخَرُ مِنْهُمَا. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ (زَرْعٍ) مُشْتَرَكٍ بِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ وَحْدَهُ، بَلْ (وَلَوْ) بِيعَ (بِأَرْضِهِ) أَيْ مَعَهَا وَالشُّفْعَةُ فِي شِقْصِ الْأَرْضِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَسَوَاءٌ بِيعَ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ وَالثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا اسْتَثْنَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ إبَارِهَا لَمْ يَجُزْ، وَإِذَا اسْتَثْنَى الزَّرْعَ جَازَ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا حِينَئِذٍ وَبِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ وِلَادَةً وَالثَّمَرَةَ وِلَادَةٌ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَمَّا الزَّرْعُ الْمُشْتَرَكُ إذَا بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ بَعْدَ يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَهُوَ لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 208 وَبَقْلٍ، وَعَرْصَةٍ وَمَمَرٍّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ، وَحَيَوَانٍ إلَّا فِي: كَحَائِطٍ   [منح الجليل] يُبَاعُ حَتَّى يَيْبَسَ، وَمَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ ثُمَّ قَامَ شَفِيعٌ بَعْدَ طِيبِهِ فَإِنَّمَا لَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهَا مِنْهَا مَعَ قِيمَةِ الزَّرْعِ عَلَى غَرَرِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْهُ فِي الصَّفْقَةِ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ (بَقْلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَخَسٍّ وَفُجْلٍ مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهَا لَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي جُزْءِ (عَرْصَةٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ فُسْحَةٍ بَيْنَ بُيُوتِ الدَّارِ السُّفْلَى مُشْتَرَكَةٍ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْبُيُوتِ أَوْ بَعْدَهَا. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي جُزْءِ (مَمَرٍّ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ مَحَلِّ مُرُورٍ لِلدَّارِ وَهُوَ طَرِيقُهَا الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْجِيرَانِ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ (قُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَتْبُوعُهُ) أَيْ الْمَمَرِّ وَالْعَرْصَةِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِتَأْوِيلِهِمَا بِمَذْكُورٍ وَالْمَتْبُوعُ الدِّيَارُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا مِنْهُ. " غ " يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ ضَمِيرُ مَتْبُوعِهِ لَهُمَا، وَأَفْرَدَ عَلَى مُلَاحَظَةِ مَا ذُكِرَ " ق " الرِّسَالَةِ لَا شُفْعَةَ فِي عَرْصَةٍ قَدْ قُسِمَتْ بُيُوتُهَا. اللَّخْمِيُّ إنْ قُسِمَتْ بُيُوتُ الدَّارِ دُونَ مَرَافِقِهَا مِنْ سَاحَةٍ وَطَرِيقٍ وَبِئْرٍ وَمَأْجَلٍ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حَظَّهُ مِنْ بُيُوتِهَا بِمَرَافِقِهَا الَّتِي تُقْسَمُ فَلَا يَسْتَشْفِعُ فِيمَا قُسِمَ بِالشَّرِكَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَلَا فِي السَّاحَةِ وَالطَّرِيقِ وَالْبِئْرِ وَالْمَأْجَلِ لِأَجْلِ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ مَنْفَعَةِ مَا قُسِمَ وَمَصْلَحَتِهِ. فَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ السَّاحَةِ وَالْبِئْرِ وَالْمَأْجَلِ خَاصَّةً كَانَ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَرُدُّوا بَيْعَهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَتَصَرَّفُ إلَى الْبُيُوتِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا بِهِمْ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسْقَطَ تَصَرُّفَهُ فِيهَا وَصَرَفَ بُيُوتَهُ إلَى مَرَافِقَ أُخَرَ فَإِنْ بَاعَهَا مِنْ أَهْلِ الدَّارِ جَازَ لِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ الشُّفْعَةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ كَانَ لَهُمْ رَدُّ بَيْعِهِ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّاكِنِ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ غَيْرِ السَّاكِنِ، وَلَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ وَيَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي بَعْضِ (حَيَوَانٍ) مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ فِيهَا لَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ (إلَّا) حَيَوَانًا (فِي كَحَائِطٍ) مُشْتَرَكٍ عَامِلًا أَوْ مُعَدًّا لِلْعَمَلِ فِيهِ. فَفِي شِقْصِهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِشِقْصِ الْحَائِطِ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ حَائِطٍ بِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 وَإِرْثٍ، وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ، وَإِلَّا فَبِهِ بَعْدَهُ   [منح الجليل] رَقِيقٌ يَعْمَلُونَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ إلَّا فِي الشِّقْصِ وَرَقِيقِهِ لَا فِي أَحَدِهِمَا. " غ " فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا رَقِيقُ الْحَائِطِ وَالرَّحَا أَيْ حَجَرِ الرَّحَا فَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهِمَا إذَا بِيعَا مَعَ الْأَصْلِ، فَإِذَا انْفَرَدَ الْمَبِيعُ فِيهِمَا عَنْ الْأَصْلِ لَمْ يَكُنْ فِي شُفْعَةٍ بِاتِّفَاقٍ. اهـ. وَلَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ، اخْتَلَفَ فِي رَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الدَّوَابِّ إذَا بِيعَتْ بِانْفِرَادِهَا أَوْ مَعَ الْأَرْضِ، وَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا رَقِيقُ الْحَائِطِ وَدَوَابُّهُ إذَا بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ بِانْفِرَادِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَالرَّحَى أَشْبَهُ بِالْأَرْضِ مِنْ الْحَيَوَانِ. الْبَاجِيَّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ اقْتَسَمَا الْحَائِطَ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْآلَةُ لَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْآخَرِ. أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ بِيعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ مَا دَامَ الْأَصْلُ لَمْ يُقْسَمْ اهـ. وَأَمَّا الشُّفْعَةُ فِي نَفْسِ دَابَّةِ بَيْتِ الرَّحَى وَالْمَعْصَرَةِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا، فَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْكَافِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَائِطٍ الشَّارِحُ لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِالْكَافِ حَيَوَانَ الْمَعْصَرَةِ وَالرَّحَى وَالْمُحَبَّسَةِ. طفي فِي دَلَالَةِ الْكَافِ عَلَى هَذَا نَظَرٌ، إذْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِي الرَّحَى وَلَوْ بِيعَتْ مَعَ أَرْضِهَا فَفِيهَا، وَلَيْسَ فِي رَحَى الْمَاءِ شُفْعَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ الْبِنَاءِ إنَّمَا هِيَ حَجَرٌ مُلْقًى وَلَوْ بِيعَ مَعَهَا الْأَرْضُ أَوْ الْبَيْتُ الَّذِي نُصِبَتْ فِيهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ دُونَ الرَّحَى بِحِصَّتِهِ، وَسَوَاءٌ جَرَّهَا الْمَاءُ أَوْ الدَّوَابُّ. اهـ. وَإِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِالشُّفْعَةِ فِي الرَّحَى وَالْمَعْصَرَةِ وَالْمُحَبَّسَةِ قُصَارَاهُمَا أَنْ يَكُونَا كَالرَّحَى، وَقَدْ قَالَ " غ " وَأَمَّا الشُّفْعَةُ فِي دَابَّةِ بَيْتِ الرَّحَى إلَخْ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (إرْثٍ) أَيْ شِقْصٍ مَوْرُوثٍ لِشَرِيكِ الْمَيِّتِ. ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الشُّفْعَةِ فِي الْمِيرَاثِ (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (هِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ) ابْنُ عَرَفَةَ لَا شُفْعَةَ فِيمَا حَدَثَ مِلْكُهُ بِهِبَةٍ لَا ثَوَابَ فِيهَا وَلَا فِي صَدَقَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِثَوَابٍ (فَ) فِيهَا الشُّفْعَةُ (بِ) عِوَضِ (هـ) أَيْ الثَّوَابِ (بَعْدَ) أَنْ يَأْخُذَ (هـ) أَيْ الثَّوَابَ الْوَاهِبُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْمِلْكِ، وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْحُكْمَ بِهِ كَأَخْذِهِ. " ق " اللَّخْمِيُّ مَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 وَخِيَارٍ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ، وَوَجَبَتْ لِمُشْتَرِيهِ، إنْ بَاعَ نِصْفَيْنِ خِيَارًا ثُمَّ بَتْلًا فَأَمْضَى وَبَيْعٍ فَاسِدٍ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ، فَبِالْقِيمَةِ،   [منح الجليل] وَهَبَ شِقْصًا لِلثَّوَابِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ، لَكِنْ لَا شُفْعَةَ إلَّا بَعْدَ الثَّوَابِ فَاتَتْ الْهِبَةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ وَلَا تَجِبُ قَبْلَ الثَّوَابِ وَقَبْلَ الْفَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ وَاخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَقَبْلَ الثَّوَابِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّوَابَ أَوْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ وَيَعْرِفَ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي مَبِيعٍ بِشَرْطِ (خِيَارٍ) لِبَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ (إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ) أَيْ الْبَيْعِ بِإِمْضَاءِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ وَالشِّقْصُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ فِيهَا لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ بَتِّهِ (وَوَجَبَتْ) أَيْ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ (لِ) شَخْصٍ (مُشْتَرِي) جُزْءَ عَقَارٍ بِشَرْطِ (هـ) أَيْ الْخِيَارِ أَوَّلًا عَلَى مُشْتَرِي بَاقِيهِ بَتْلًا ثَانِيًا أَمْضَى الْخِيَارَ وَالشِّرَاءَ (إنْ) كَانَ قَدْ (بَاعَ) الْمَالِكُ دَارِهِ مَثَلًا (نِصْفَيْنِ) نِصْفًا (خِيَارًا) ابْتِدَاءً (ثُمَّ) بَاعَ نِصْفَهَا لِآخَرَ بَيْعًا (بَتْلًا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ لَازِمًا مُنْبَرِمًا (فَأَمْضَى) بَيْعَ الْخِيَارِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِ بَيْعِ الْخِيَارِ وَإِمْضَاؤُهُ تَتْمِيمٌ، فَقَدْ تَجَدَّدَ مِلْكُ مُشْتَرِي الْبَتْلَ عَلَى مِلْكِ مُشْتَرِي الْخِيَارَ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ وَالْإِمْضَاءُ إنْشَاءٌ لِلْبَيْعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالشُّفْعَةُ لِمُشْتَرِي الْبَتْلَ لِتَجَدُّدِ مِلْكِ مُشْتَرِي الْخِيَارَ عَلَيْهِ. " ق " اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلٍ فَبَاعَ نِصْفَهَا مِنْ رَجُلٍ بِالْخِيَارِ ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ آخَرَ بَتْلًا ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ كَانَتْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمُشْتَرِي الْخِيَارَ عَلَى مُشْتَرِي الْبَتْلَ. (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ عَقَارٍ مَبِيعٍ بِ (بَيْعٍ فَاسِدٍ) لِعَدَمِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ مِلْكَهُ لِمُشْتَرِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الشِّقْصُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ (فَ) فِيهِ الشُّفْعَةُ (بِالْقِيمَةِ) الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ بِالْفَوْتِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُفْسَخُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ إذَا لَمْ يَفُتْ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَلَوْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَسَخَ بَيْعَ الشُّفْعَةِ وَالْبَيْعَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ دَخَلَ مَدْخَلَ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ حَتَّى فَاتَ الشِّقْصُ وَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ فَفِيهِ حِينَئِذٍ الشُّفْعَةُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 211 إلَّا بِبَيْعٍ صَحَّ، فَبِالثَّمَنِ فِيهِ وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ، إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا، وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ أَوْ اشْتَرَى،   [منح الجليل] ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ الْقِيمَةَ الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ (إلَّا) أَنْ يُفِيتَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ الَّذِي اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا (بِبَيْعٍ صَحِيحٍ فَ) فِيهِ الشُّفْعَةُ (بِالثَّمَنِ فِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ. وَمَفْهُومُ صَحِيحٍ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يُفَوِّتُ الْأَوَّلَ فِيهَا، وَإِنْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ بَيْعًا صَحِيحًا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِثَمَنِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَيَتَرَادُّ الْأَوَّلَانِ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ الْفَاسِدِ. (وَ) لَا شُفْعَةَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعَ (تَنَازُعٍ) بَيْنَهُمَا (فِي سَبْقِ مِلْكٍ) لِأَحَدِهِمَا عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ مِلْكَهُ لِنَصِيبِهِ مِنْ الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا سَبَقَ مِلْكَ الْآخَرِ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا) عَنْ الْحَلِفِ عَلَى سَبْقِ مِلْكِهِ وَحَلَفَ الْآخَرُ عَلَى سَبْقِ مِلْكِهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ عَلَى النَّاكِلِ وَحَلِفُهُمَا أَوْ نُكُولُهُمَا هُوَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا تَسَاوَقَ الشَّرِيكَانِ لِحَاكِمٍ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ شِرَاءَ الْآخَرِ مُتَأَخِّرٌ، وَأَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عِصْمَةِ مِلْكِهِ عَنْ الشُّفْعَةِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا سَقَطَ قَوْلَاهُمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَضَى لِمَنْ حَلَفَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى مَنْ نَكَلَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذَا إلَّا لِلْغَزَالِيِّ وَأُصُولُ مَذْهَبِنَا تُوَافِقُهُ وَهِيَ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ. (وَسَقَطَتْ) الشُّفْعَةُ (إنْ قَاسَمَ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا. " ق " اللَّخْمِيُّ الشُّفْعَةُ تَسْقُطُ بِسَبْعَةٍ، أَحَدِهَا: إسْقَاطِ الشَّفِيعِ حَقَّهُ بِالْقَوْلِ بِأَنْ قَالَ تَرَكْت مَثَلًا. الثَّانِي: أَنْ يُقَاسِمَ بِمَا بِهِ الشُّفْعَةُ، الثَّالِثِ: أَنْ يَمْضِيَ مِنْ طُولِ الْأَمَدِ مَا يَرَى بِهِ أَنَّهُ تَرَكَهَا. الرَّابِعِ: مَا يُحْدِثُهُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ مِنْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ. الْخَامِسِ: خُرُوجِهِ عَنْ الْيَدِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ رَهْنٍ. السَّادِسِ: مَا يَكُونُ مِنْ الشَّفِيعِ مِنْ مُسَاوَمَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ كِرَاءٍ. السَّابِعِ: بَيْعِ الشَّفِيعِ النَّصِيبَ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ. (أَوْ اشْتَرَى) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي. ابْنُ شَاسٍ ابْتِيَاعُ الشَّفِيعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 212 أَوْ سَاوَمَ، أَوْ سَاقَى، أَوْ اسْتَأْجَرَ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ، إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ، وَإِلَّا سَنَةً:   [منح الجليل] الشِّقْصَ مِنْ الْمُبْتَاعِ أَوْ مُسَاوَمَتُهُ لَهُ فِيهِ مُسْقِطٌ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهِ الْحِصَّةَ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمُقَاسَمَةِ وَشِرَائِهِ وَمُسَاوَمَتِهِ (أَوْ سَاوَمَ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الشِّقْصِ (أَوْ سَاقَى) أَيْ جَعَلَ الشَّفِيعُ نَفْسَهُ سَاقِيًا لِشِقْصِ الْحَائِطِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ ثَمَرَتِهِ (أَوْ اسْتَأْجَرَ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ. " ق " فِيهَا وَمُسَاوَمَةُ الشَّفِيعِ مُشْتَرِي شِقْصَ شَرِيكِهِ أَوْ مُسَاقَاتُهُ أَوْ اكْتِرَاؤُهُ مِنْهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَوْ بَاعَ) الشَّفِيعُ (حِصَّتَهُ) الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا. " ق " ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعَ بَتْلٍ وَلَمْ يَأْخُذْ شَرِيكُهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى بَاعَ هُوَ أَيْضًا نَصِيبَهُ مِنْ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ، وَلَمْ يَبْقَ فِي الدَّارِ شِرْكٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَالشُّفْعَةُ لَهُ ثَابِتَةٌ وَلَا يُبْطِلُهَا بَيْعُهُ لِنَصِيبِهِ كَانَ بِذَلِكَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا لِأَنَّهَا قَضَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَقٌّ وَجَبَ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَالشُّفْعَةُ لَهُ وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ. وَقَالَ أَشْهَبُ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ بَيِّنٌ. (أَوْ سَكَتَ) الشَّفِيعُ سُكُوتًا مَصْحُوبًا (بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ عَالِمٌ هَذَا هُوَ الْمُسْقِطُ الرَّابِعُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (أَوْ) سَكَتَ الشَّفِيعُ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ (شَهْرَيْنِ) فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ (إنْ) كَانَ (حَضَرَ) الشَّفِيعُ (الْعَقْدَ) أَيْ شِرَاءَ الشِّقْصِ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِالشِّرَاءِ فِي وَثِيقَتِهِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ سُقُوطَهَا بِسُكُوتِ شَهْرَيْنِ يَكْتُبُ شَهَادَتَهُ فِيهَا وَسَيَأْتِي نَصُّهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ سَقَطَتْ بِسُكُوتِهِ (سَنَةً) " غ " هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، قَالَ فِي رَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ وَقَامَ بِالْقُرْبِ مِثْلَ الشَّهْرَيْنِ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ دُونَ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ السَّبْعَةِ أَوْ التِّسْعَةِ أَوْ السَّنَةِ عَلَى مَا فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213 كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ، إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا، فَعِيقَ   [منح الجليل] الْمُدَوَّنَةِ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْقِيَامَ رَاضِيًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ أَكْثَرَ مِنْ السَّنَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ. وَأَمَّا إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ وَقَامَ بِالْقُرْبِ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامَ وَنَحْوَهَا كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ يَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي إسْقَاطِ شُفْعَةِ السَّاكِتِ شَهْرَيْنِ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي رَسْمِ الشِّرَاءِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى. الثَّانِي: قَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْصِيلَ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ وَلَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا لِكَتْبِ شَهَادَتِهِ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ تَأْثِيرًا، إذْ قَالَ فِيهَا وَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَتْرُكَ أَوْ يَأْتِيَ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ، مَا يَعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ تَرَكَ شُفْعَتَهُ. وَإِذَا عَلِمَ بِالِاشْتِرَاءِ فَلَمْ يَطْلُبْ شُفْعَتَهُ سَنَةً فَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ مَعَ أَنَّهُ قَطَعَ هُنَا بِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ. زَادَ " ق " عَقِبَ وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ التِّسْعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا السَّنَةَ بِكَثِيرٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَبَاعَدَ هَكَذَا يَحْلِفُ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِشُفْعَتِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَحْلِفُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ وَلَا يَحْلِفُ فِي شَهْرَيْنِ. وَأَمَّا إذَا حَضَرَ الشِّرَاءَ وَكَتَبَ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَشَدُّ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَرْكًا لِشُفْعَتِهِ، وَيَأْخُذُهَا اهـ. مِنْ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِسُكُوتِ الشَّفِيعِ سَنَةً فَقَالَ (كَأَنْ عَلِمَ) الشَّفِيعُ بَيْعَ شَرِيكِهِ شِقْصَهُ (فَغَابَ) الشَّفِيعُ، أَيْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ الشِّقْصِ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ) الشَّفِيعُ حَالَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ (الْأَوْبَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ فَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الرُّجُوعَ مِنْ سَفَرِهِ (قَبْلَ) تَمَامِ (هَا) أَيْ السَّنَةِ (فَعِيقَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ الْأَوْبَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214 وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ،   [منح الجليل] وَ) إنْ كَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا وَقْتَ الشِّرَاءِ وَسَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ قَامَ بِشُفْعَتِهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ (حَلَفَ) بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا سَكَتَ تَارِكًا لِحَقِّهِ (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ قِيَامُهُ مِنْ الشِّرَاءِ كَسَبْعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ فَلَا يَحْلِفُ. الْحَطّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا سَنَةً، وَالْمَعْنَى إذَا قُلْنَا أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْحَاضِرِ فِي السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ بَعِيدًا مِنْ الْعَقْدِ، وَحَدُّ الْبُعْدِ فِي ذَلِكَ السَّبْعَةُ الْأَشْهُرُ. وَمَا بَعْدَهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَلْ يَحْلِفُ إذَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ فِي السَّنَةِ نَقَلَ فِي الْكَافِي عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إنْ قَامَ عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ فَلَا يَحْلِفُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَوْ قَامَ بَعْدَ جُمُعَةٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ التِّسْعَةَ الْأَشْهُرَ، وَفِي رِوَايَةٍ السَّبْعَةَ الْأَشْهُرَ، وَلَا السَّنَةَ كَثِيرًا، أَيْ قَاطِعًا لِحَقِّهِ فِي الشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَبَاعَدَ هَكَذَا يَحْلِفُ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِلشُّفْعَةِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَحْلِفُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَا شَهْرَيْنِ. ابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي السَّبْعَةِ وَإِذَا قُلْنَا أَنَّ الْحَاضِرَ إذَا قَامَ بَعْدَ الْبُعْدِ فِي السَّنَةِ يَحْلِفُ فَأَوْلَى إذَا عَلِمَ وَغَابَ، وَكَانَ يَظُنُّ الْأَوْبَةَ قَبْلَ السَّنَةِ فَعِيقَ وَقُلْنَا لَهُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ شُفْعَتَهُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ لَا مَعْنَى لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ بَعِيدًا مِنْ الْعَقْدِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّنَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِأَنَّهَا مِنْ حِينِ عِلْمِهِ وَبِهِ قَرَّرَ عج، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي تَنْقَطِعُ بِهِ شُفْعَةُ الْحَاضِرِ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدِهَا سَنَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَكِبَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَجَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ تَارَةً، وَعَلَى غَيْرِهِ تَارَةً، فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَنَةً عُلِمَ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَشَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ إلَخْ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا فِي الْأَوَّلِ إذَا عَلِمَ بِالِاشْتِرَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ شُفْعَتَهُ سَنَةً فَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ. وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 215 وَصُدِّقَ إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ: لَا إنْ غَابَ أَوَّلًا   [منح الجليل] الِاشْتِرَاءِ. اهـ. وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَشَهْرَيْنِ بِكِتَابَةِ شَهَادَتِهِ كَمَا هُوَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي تَبِعَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُدَوَّنَةِ. (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ (إنْ أَنْكَرَ) الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ (عِلْمَهُ) بَيْعَ شَرِيكِهِ شِقْصَهُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ. أَبُو الْحَسَنِ بِيَمِينِهِ. " ق " الْمُتَيْطِيُّ وَالْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِالِابْتِيَاعِ لَا تَنْقَطِعُ شُفْعَتُهُ إلَّا بَعْدَ عَامٍ مِنْ عِلْمِهِ، فَإِنْ قَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ، وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِالْبَيْعِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ (لَا) تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِطُولِ الْغَيْبَةِ (إنْ غَابَ) الشَّفِيعُ عَنْ بَلَدِ الشِّقْصِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ قَبْلَ بَيْعِ شَرِيكِهِ شِقْصَهُ فَبَاعَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ بَعْدَ قُدُومِهِ وَلَوْ غَابَ سِنِينَ كَثِيرَةً. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَذَلِكَ أَحْرَى. زَادَ الْحَطّ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «يَنْتَظِرُ إنْ كَانَ غَائِبًا» وَقَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالشُّفْعَةِ لِلْغَائِبِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بِمَا يُجْهَلُ فِيهِ أَصْلُ الْبَيْعِ، وَتَمُوتُ فِيهِ الشُّهُودُ، فَأَرَى الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ. فَأَمَّا فِي قُرْبِ الْأَمْرِ مِمَّا يَرَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ أَخْفَى الثَّمَنَ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ فَلْتُقَوَّمْ الْأَرْضُ عَلَى مَا يَرَى مِنْ ثَمَنِهَا يَوْمَ بَيْعِهَا فَيَأْخُذُهَا بِهِ اهـ. الرَّجْرَاجِيُّ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ إلَخْ، قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ الْمُبْتَاعُ نَسِيت الثَّمَنَ فَإِنْ مَضَى مِنْ الطُّولِ وَالسِّنِينَ مَا يَنْدَرِسُ فِيهِ الْعِلْمُ وَتَمُوتُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَتَرْتَفِعُ فِيهَا التُّهْمَةُ فَالشُّفْعَةُ سَاقِطَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ غَائِبًا. وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَالشُّفْعَةُ قَائِمَةٌ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ. ابْنُ عَبْدُوسٍ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا جَاءَ الشَّفِيعُ إلَى وَلَدِ الْمُبْتَاعِ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ فَلْيَحْلِفْ الْوَلَدُ مَا عِنْدَهُ عِلْمُ ذَلِكَ ثُمَّ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ حَيًّا، وَقَالَ لَا أَدْرِي بِكَمْ اشْتَرَيْت فَلْيَحْلِفْ الْمُبْتَاعُ، فَإِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 216 أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ، وَحَلَفَ أَوْ فِي الْمُشْتَرَى، أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ انْفِرَادِهِ،   [منح الجليل] نَكَلَ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ إنْ شَاءَ، وَقِيلَ لِلْمُبْتَاعِ مَتَى أَحْبَبْت حَقَّك فَخُذْهُ وَإِنْ حَلَفْت فَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَسْلَمْته إلَى الشَّفِيعِ، وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَا أَقْبِضُهُ، إذْ لَعَلَّ ثَمَنَهُ كَثِيرٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ الْمُبْتَاعُ مَا يَعْلَمُهُ أَوْ يُسْجَنُ. وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُشْبِهُ أَوْ جَهِلَا الثَّمَنَ اسْتَشْفَعَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ ابْتَاعَهُ. (أَوْ أَسْقَطَ) الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ (لِكَذِبٍ فِي) قَدْرِ (الثَّمَنِ) ثُمَّ ظَهَرَ دُونَ ذَلِكَ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ (وَحَلَفَ) الشَّفِيعُ أَنَّهُ مَا أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ إلَّا لِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ كَثْرَةِ الثَّمَنِ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ دُونَهُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا سَلَّمَ إلَّا لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ (أَوْ) أَسْقَطَ لِكَذِبٍ (فِي الْمُشْتَرَى) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ اشْتَرَى شِقْصَ شَرِيكِك فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِفَتْحِهَا بِأَنْ قِيلَ لَهُ بَاعَ شَرِيكُك بَعْضَ شِقْصِهِ أَوْ جَمِيعَهُ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بَاعَ الْجَمِيعَ فِي الْأُولَى أَوْ الْبَعْضَ فِي الثَّانِيَةِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قِيلَ لَهُ قَدْ ابْتَاعَ فُلَانٌ نِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِك فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ابْتَاعَ جَمِيعَ النَّصِيبِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ النِّصْفِ الَّذِي سَلَّمَهُ إنْ أَرَادَهُ الْمُبْتَاعُ. ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ الشَّفِيعُ لَمْ يَكُنْ لِي غَرَضٌ فِي أَخْذِ النِّصْفِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بَعْدُ قَائِمَةٌ فَلَمَّا عَلِمْت أَنَّهُ ابْتَاعَ الْكُلَّ أَخَذْت لِارْتِفَاعِ الشَّرِكَةِ وَزَوَالِ الضَّرَرِ. ابْنُ الْمَوَّازِ قُلْت فَإِنْ سُمِّيَ لِي الْمُشْتَرِي فَسَلَّمْت فَإِذَا هُوَ غَيْرُ مَنْ سُمِّيَ لِي فَبَدَا لِي فَرَجَعْت فِي أَخْذِ شُفْعَتِي قَالَ ذَلِكَ لَك كَائِنًا مَنْ كَانَ الرَّجُلُ. " غ " يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي الْمُشْتَرَى أَوْ الْمُشْتَرِي بِلَفْظَيْنِ: الْأَوَّلُ اسْمُ مَفْعُولٌ، وَالثَّانِي اسْمُ فَاعِلٍ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ انْفِرَادِهِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ النَّاسِخَ مِنْ الْمُبَيَّضَةِ ظَنَّ التَّكْرَارَ فَأَسْقَطَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ. (أَوْ) أَسْقَطَ لِكَذِبٍ بِ (انْفِرَادِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ تَعَدُّدُهُ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قِيلَ لَهُ ابْتَاعَهُ فُلَانٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ مَعَ آخَرَ لَهُ الْقِيَامُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 217 أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ وَشَفَعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ   [منح الجليل] وَأَخْذُ حِصَّتِهِمَا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ لِلْوَاحِدِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنِّي إنْ أَخَذْت حِصَّةَ مَنْ لَمْ أُسَلِّمْ لَهُ فَقَطْ تَبَعَّضَ الشِّقْصُ عَلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَهُ يَضِيقُ لِقِلَّتِهِ (أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ) شُفْعَةً ثَبَتَتْ لِمَحْجُورِهِ (بِلَا نَظَرٍ) أَيْ مَصْلَحَةٍ وَنَفْعٍ لِلْمَحْجُورِ بِأَنْ كَانَ النَّظَرُ الْأَخْذَ بِهَا، فَإِذَا رَشَدَ الْمَحْجُورُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا. وَمَفْهُومُ بِلَا نَظَرٍ أَنَّهُمَا لَوْ أَسْقَطَا النَّظَرَ سَقَطَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ. " ق " فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِلصَّغِيرِ الشُّفْعَةُ يَقُومُ بِهَا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَالْإِمَامُ يَنْظُرُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ وَهُوَ بِمَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ وَلَوْ سَلَّمَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ شُفْعَةَ الصَّبِيِّ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَا قِيَامَ لَهُ إنْ كَبِرَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ فَلَمْ يَأْخُذْ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَتْرُكْ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ عَشْرُ سِنِينَ فَلَا شُفْعَةَ لِلصَّبِيِّ لِأَنَّ وَالِدَهُ بِمَنْزِلَتِهِ إنْ مَاتَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي سُكُوتِ الْوَصِيِّ مُدَّةً تَنْقَطِعُ فِي مِثْلِهَا الشُّفْعَةُ. اللَّخْمِيُّ إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلصَّغِيرِ فَالْأَمْرُ فِيهَا لِوَلِيِّهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ مِنْ أَخْذٍ أَوْ تَرْكٍ، فَإِنْ رَشَدَ الصَّبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ مَا تَرَكَ وَلَا تَرْكُ مَا أَخَذَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْأَخْذَ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُسْنِ النَّظَرِ لِغَلَاءٍ، أَوْ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُحَابَاةَ مَنْ كَانَ اشْتَرَى فَلِلصَّبِيِّ إذَا رَشَدَ نَقْضُ ذَلِكَ. (وَ) إنْ كَانَ عَقَارٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَلِيٍّ وَمَحْجُورِهِ أَوْ بَيْنَ مَحْجُورَيْنِ لِوَلِيٍّ وَبَاعَ شِقْصَ مَحْجُورٍ أَوْ أَحَدِ مَحْجُورَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ (شَفَعَ) الْوَلِيُّ (لِنَفْسِهِ) فِيمَا بَاعَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ لِمَصْلَحَةٍ (أَوْ) شَفَعَ الْوَلِيُّ (لِيَتِيمٍ) مَحْجُورٍ لِلْوَلِيِّ الْبَائِعِ فِيمَا بَاعَهُ عَلَى يَتِيمٍ آخَرَ مَحْجُورٍ لَهُ أَيْضًا. " ق " عَبْدُ الْمَلِكِ إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ شِقْصًا لِأَحَدِ الْأَيْتَامِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِبَاقِيهِمْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ وَلَا حُجَّةَ عَلَى الْوَصِيِّ بِأَنَّهُ بَائِعٌ لِأَنَّهُ بَاعَ عَلَى غَيْرِهِ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ لَهُ مَعَهُمْ شِقْصٌ لَدَخَلَ فِي تِلْكَ الشُّفْعَةِ وَالرَّفْعُ لِلْإِمَامِ أَحَبُّ إلَيَّ، فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَمْضَاهُ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ شِقْصَ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ شَرِيكَهُ أَوْ يَأْخُذَ بِهَا لِيَتِيمٍ آخَرَ فِي حِجْرِهِ مُشَارَكٍ فِيهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 218 أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَحَلَفَ وَأَقَرَّ بِهِ بَائِعُهُ   [منح الجليل] قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ لَهُ شِقْصًا أَوْ يَشْتَرِيهِ وَالْوَكِيلُ شَفِيعُهُ فَفَعَلَ لَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ. أَبُو الْحَسَنِ فَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ إذَا بَاعَ الْأَبُ شِقْصَ ابْنِهِ مِنْ دَارٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ، فَقَالَ إذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلٍ وَوَلَدِهِ فَبَاعَ الْأَبُ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ لِوَلَدِهِ، وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَ وَلَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا كَانَ شَرِيكًا لِمَحْجُورِهِ إنْ بَاعَ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِمَحْجُورِهِ، وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَ مَحْجُورِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ لِيَرْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ تُهْمَةً بِبَيْعِ نَصِيبِ مَحْجُورِهِ بِنَجَسٍ لِيَشْفَعَ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ بِغَلَاءٍ لِيَأْخُذَهُ لِمَحْجُورٍ بِمُوَاطَأَةٍ مَعَ مُبْتَاعِهِ، فَإِنْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لَهُ رُفِعَ لَهُ، فَإِنْ رَآهُ سَدَادًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ أَرْبَعَةٌ بَيْعُهُمْ إسْقَاطٌ لِشُفْعَتِهِمْ، الْأَبُ يَبِيعُ حِصَّةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا، وَالْوَصِيُّ يَبِيعُ حِصَّةَ مَحْجُورِهِ وَأَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، وَالْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ شِقْصٍ هُوَ شَفِيعُهُ، فَهَؤُلَاءِ لَا شُفْعَةَ لَهُمْ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَسْلِيمٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ. وَقِيلَ فِي الْوَكِيلِ لَا شُفْعَةَ. اهـ. وَهَذَا خِلَافُ مَا فِيهَا إلَّا فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا يَأْتِي لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شُفْعَةٌ فِيمَا بَاعَ الْآخَرُ. وَعَطَفَ عَلَى مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَقَالَ (أَوْ) ادَّعَى مَالِكُ شِقْصِ عَقَارٍ أَنَّهُ بَاعَهُ لِفُلَانٍ وَ (أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الشِّرَاءَ وَحَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْمُدَّعِيَ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ (وَ) لَوْ (أَقَرَّ بِهِ) أَيْ الْبَيْعِ (بَائِعُهُ) أَيْ مُدَّعِي بَيْعَ الشِّقْصِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ فَلَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الشِّقْصِ. " ق " لَعَلَّ هَذَا كَانَ مُخْرَجًا قَبْلُ، وَشَفَعَ لِنَفْسِهِ فَأَقْحَمَهُ النَّاسِخُ بَعْدَهُ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَتَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لِأَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ فَ (هِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ بِمَعْنَى الْمَشْفُوعِ فِيهِ تُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 219 وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ، وَطُولِبَ بِالْأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ   [منح الجليل] الشُّفَعَاءِ (عَلَى) قَدْرِ (الْأَنْصِبَاءِ) الْمَشْفُوعِ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقَضَاءُ فِي الشُّفْعَةِ إذَا وَجَبَتْ لِلشُّرَكَاءِ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِهِمْ. أَشْهَبُ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ لِشَرِكَتِهِمْ لَا لِعَدَدِهِمْ فَيَجِبُ تَفَاضُلُهُمْ فِيهَا بِحَسَبِ تَفَاضُلِهِمْ فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ، فَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ وَلِلثَّالِثِ السُّدُسُ فَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ قُسِمَ عَلَى خَمْسَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِذِي الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ قُسِمَ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِذِي السُّدُسِ وَاحِدٌ. وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ قُسِمَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِذِي الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَلِذِي السُّدُسِ وَاحِدٌ. (وَ) إذَا كَانَ مُشْتَرِي الشِّقْصَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ (تُرِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِلشَّرِيكِ) الْمُشْتَرِي (حِصَّتُهُ) مِنْ الشِّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الَّتِي يَشْفَعُ فِيهَا لَوْ بِيعَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ اشْتَرَى ذُو السُّدُسِ النِّصْفَ تُرِكَ لَهُ ثُلُثُهُ وَأَخَذَ ذُو الثُّلُثِ ثُلُثَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ ذُو الثُّلُثِ تُرِكَ لَهُ ثُلُثَاهُ وَأَخَذَ ذُو السُّدُسِ ثُلُثَهُ، وَإِنْ اشْتَرَى ذُو النِّصْفِ السُّدُسَ تُرِكَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَأَخَذَ ذُو الثُّلُثِ خُمُسَيْهِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ ذُو الثُّلُثِ تُرِكَ لَهُ خُمُسَاهُ وَأَخَذَ ذُو النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى ذُو النِّصْفِ الثُّلُثَ تُرِكَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَأَخَذَ ذُو السُّدُسِ رُبُعَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ ذُو السُّدُسِ تُرِكَ لَهُ رُبُعُهُ وَأَخَذَ ذُو النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ سَهْمٌ مُتَقَدِّمٌ حَاصَصَهُمْ بِهِ، وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ فَلَا يَدْخُلُ الْبَائِعُ مَعَ شَرِيكِهِ فِي الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ رَغِبَ فِي الْبَيْعِ وَرَضِيَ بِتَجَدُّدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ لَوْ بَاعَ بَعْضَ شِقْصِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الثَّالِثُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ ثَانٍ فَلَعَلَّهُ يَرْضَى بِالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. (وَطُولِبَ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الشَّفِيعُ (بِالْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَرْكِهِ (بَعْدَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 220 لَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ: كَهِبَةٍ، وَصَدَقَةٍ وَالثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ، إنْ عَلِمَ شَفِيعَهُ   [منح الجليل] اشْتِرَائِهِ) أَيْ الشِّقْصِ لَتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ التَّصَرُّفِ فِيمَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَأْخُذَ الشَّفِيعُ أَوْ يَتْرُكَ. " ق " اللَّخْمِيُّ لِلْمُشْتَرِي وَقْفُ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ، فَإِنْ أَبَى جَبَرَهُ الْحَاكِمُ وَفِيهَا قُلْت فَمَنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ الثَّمَنُ أَيُتَلَوَّمُ لَهُ قَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَأَيْت الْقُضَاةَ عِنْدَنَا، يُؤَرِّخُونَ الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ فِي النَّقْدِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَرَأَيْته حَسَنًا وَمَذْهَبًا لِي. ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يُؤَخَّرُ هَكَذَا إذَا أَخَذَ شُفْعَتَهُ، فَأَمَّا إذَا أَوْقَفَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ أَخَّرُونِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِأَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَيُقَالُ لَهُ بَلْ خُذْ شُفْعَتك الْآنَ فِي مَقَامِك وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَك، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُؤَخِّرُهُ السُّلْطَانُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِيَسْتَشِيرَ وَيَنْظُرَ اهـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ (لَا) يُطَالَبُ الشَّفِيعُ بِالْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ (قَبْلَهُ) أَيْ اشْتِرَاءِ الشِّقْصِ. (وَ) إنْ طُولِبَ قَبْلَهُ فَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الشَّفِيعَ (إسْقَاطٌ) لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهُ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُبْتَاعِ اشْتَرِ فَقَدْ سَلَّمْت لَك الشُّفْعَةَ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ فَلَهُ الْقِيَامُ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ بَعْدُ. ابْنُ يُونُسَ وَلِأَنَّ مَنْ وَهَبَ مَا لَا يَمْلِكُ لَمْ تَصِحَّ هِبَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِهَذَا نَظَائِرُ مِنْهَا إسْقَاطُ الْجَائِحَةِ قَبْلَ حُصُولِهَا وَالْيَمِينُ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ وَإِذْنُ الزَّوْجَةِ فِي التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا، وَحَظُّهَا فِي الْمَبِيتِ وَهِبَتُهُ دَمَهُ وَرَدُّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَحَدُّ الْقَذْفِ قَبْلَهُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ. (وَ) إنْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ فَ (لَهُ) أَيْ الشَّفِيعِ الْأَخْذُ وَ (نَقْضُ وَقْفٍ) وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ النَّقْضِ فَقَالَ (كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ قَبْلَ قِيَامِ شَفِيعِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ (وَالثَّمَنُ) الَّذِي يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ فِي الشِّقْصِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ يَكُونُ (لِمُعْطَاهُ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ (إنْ) كَانَ (عَلِمَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 221 لَا إنْ وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا، وَمُلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ، أَوْ إشْهَادٍ   [منح الجليل] الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ حِينَ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ (شَفِيعَهُ) أَيْ الشِّقْصِ لِدُخُولِهِ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ لَهُ شَفِيعٌ غَائِبٌ فَقَاسَمَ الشَّرِيكُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَلَهُ نَقْضُ الْقَسْمِ وَأَخْذُهُ وَلَوْ بَنَى فِيهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَسْمِ مَسْجِدًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ وَهَدْمُ الْمَسْجِدِ. وَلَوْ وَهَبَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَى مِنْ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ لِلشَّفِيعِ إذَا قَدِمَ نَقْضُ ذَلِكَ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا، فَكَأَنَّهُ وَهَبَهُ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا وَقَالَهُ سَحْنُونٌ. (لَا إنْ) لَمْ يَعْلَمْ شَفِيعَهُ بِأَنْ (وَهَبَ دَارًا) بَعْدَ شِرَائِهَا (فَاسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (نِصْفُهَا) أَيْ الدَّارِ مَثَلًا فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي الْوَاهِبُ عَلَى بَائِعِهَا بِنِصْفِ ثَمَنِهَا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ النِّصْفِ الْآخَرِ بِالشُّفْعَةِ وَثَمَنُهُ لِلْوَاهِبِ أَيْضًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ شَفِيعَهُ " ق " فِيهَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَأَخَذَ بَاقِيَهَا بِالشُّفْعَةِ فَثَمَنُ النِّصْفِ الْمُسْتَشْفَعِ لِلْوَاهِبِ، بِخِلَافِ مَنْ وَهَبَ شِقْصًا ابْتَاعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا فَهَذَا ثَمَنُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ (وَمَلَكَ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ (بِ) سَبَبِ (حُكْمٍ) مِنْ حَاكِمٍ لَهُ بِهِ (أَوْ دَفْعِ ثَمَنِ) الْمُشْتَرَى وَلَمْ يَرْضَ بِهِ (أَوْ إشْهَادٍ بِالْأَخْذِ) لِلشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ. " ق " ابْنُ شَاسٍ يَمْلِكُ الْأَخْذَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَبِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ. ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَ فِي هَذَا الْغَزَالِيَّ لِظَنِّهِ مُوَافَقَتَهُ الْمَذْهَبَ، وَهَذَا دُونَ بَيَانٍ لَا يَنْبَغِي. " غ " أَصْلُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مَا نَصُّهُ الْبَابُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ وَالنَّظَرِ فِي أَطْرَافِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ. وَيَمْلِكُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي، وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَبِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْأَخْذِ، وَبِقَوْلِهِ أَخَذْت وَتَمَلَّكْت ثُمَّ يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ عَلِمَ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 222 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِي اخْتِصَارِهِ وَيَمْلِكُ بِتَسْلِيمٍ أَوْ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِالْقَضَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ يَمْلِكُهَا الشَّفِيعُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، وَمُرَادُهُ الْإِشْهَادُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لَهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ هَذَا الْمَوْضِعَ بِمَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَهُ السُّلْطَانُ بِثَمَنِ الشِّقْصِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهَا. وَقَالَ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ التَّأْخِيرَ بَعْدَ أَخْذِهِ فَأَخَّرَ ثُمَّ بَدَا لَهُ وَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَهُ فَالْأَخْذُ قَدْ لَزِمَ الشَّفِيعَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ حَظُّهُ الَّذِي اسْتَشْفَعَ فِيهِ وَحَظُّهُ الْأَوَّلُ الَّذِي اسْتَشْفَعَ بِهِ حَتَّى يُتِمَّ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ حَقِّهِ وَلَا إقَالَةَ لَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُشْتَرِي. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى إذَا أَوْقَفَ الْإِمَامُ الشَّفِيعَ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدِهَا: أَنْ يَقُولَ أَخَذْت وَالْمُشْتَرِي وَأَنَا قَدْ سَلَّمْت فَيُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَأْتِي بِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا الْتَزَمَهُ، وَيَحْكُمُ عَلَى الشَّفِيع بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ. وَالْوَجْهِ الثَّانِي: أَنْ يُوقِفَهُ الْإِمَامُ فَيَقُولَ أَخَذْت وَيَسْكُتَ الْمُشْتَرِي وَيُؤَجِّلَهُ فِي الثَّمَنِ يَأْتِيَ بِهِ، فَهَذَا إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبَاعَ لَهُ فِي الثَّمَنِ مِلْكَ الشَّفِيعِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ شِقْصَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي. وَالثَّالِثِ: أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ وَلَا يَقُولَ أَنَا آخُذُ وَلَا يَقُولَ أَخَذْت فَيُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ فِي الثَّمَنِ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ فَقِيلَ يَرْجِعُ الشِّقْصُ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إمْضَائِهِ لِلشَّفِيعِ وَاتِّبَاعِهِ بِثَمَنِهِ. وَقِيلَ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُلْزِمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيُبَاعُ مَالُهُ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَرُدَّ الشِّقْصَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ اهـ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 223 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْلَمْ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَ ابْنُ شَاسٍ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَتَبِعَ فِيهِ وَجِيزَ الْغَزَالِيِّ عَلَى عَادَتِهِ فِي إضَافَةِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ لِلْمَذْهَبِ لِظَنِّهِ مُوَافَقَتَهُ إيَّاهُ، وَهَذَا دُونَ بَيَانٍ لَا يَنْبَغِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَمْلُوكَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ هُوَ نَفْسُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَا نَفْسُ الشِّقْصِ، وَرِوَايَاتُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِهِ، وَإِنْ مَلَكَ الْأَخْذَ نَفْسَهُ إنَّمَا هُوَ بِثُبُوتِ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِشِقْصٍ شَائِعٍ مِنْ رُبُعٍ وَاشْتِرَاءِ غَيْرِهِ شِقْصًا آخَرَ، فَهَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْأَخْذَ، وَلِذَا يُكَلِّفُهُ الْقَاضِي إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْحُكْمَ لَهُ بِالْأَخْذِ إثْبَاتَ ذَلِكَ. ابْنُ فَتُّوحٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاللَّفْظُ لِابْنِ فَتُّوحٍ وَإِذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الْمُبْتَاعَ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِهَا حَتَّى يَثْقُبَ عِنْدَهُ الْبَيْعَ وَالشَّرِكَةَ، أَوْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ وَيُثْبِتَ عَيْنَهُ عِنْدَهُ وَيُقِرَّ لِلشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ وَبِالشَّرِكَةِ وَيُقِرَّ الْمُبْتَاعُ بِالِابْتِيَاعِ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَيُثْبِتَ أَيْضًا عَيْنَهُ عِنْدَهُ. فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ دُونَ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ وَالْإِشَاعَةِ، وَلَا مِنْ ثُبُوتِ الْبَيْعِ أَوْ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِهِ فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ حِينَئِذٍ بَيْنَهُمَا فِي الشُّفْعَةِ، وَلَا يَحْكُمُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْبَيْعُ، وَمِمَّا يَتِمُّ بِهِ تَسْجِيلُ الْحُكْمِ وَيُوجِبُ إنْزَالَ الشَّفِيعِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْبَيْعُ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَمَلَكَ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ، وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورِينَ ابْنُ عَرَفَةَ. أَمَّا مِلْكُ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِيهَا، وَإِذَا قَالَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا إنِّي قَدْ أَخَذْت شُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ فَإِنْ كَانَ عَلِمَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْأَخْذِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ، ثُمَّ قَالَ " غ " وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ وَرَأَيْت فِي الْكَافِي لِأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَا نَصُّهُ وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْبَيْعِ التَّامِّ، وَتُسْتَحَقُّ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُخْتَصَرِ وُجُوهُ ابْنِ رُشْدٍ الثَّلَاثَةُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى. طفي فَتَعَقُّبُ ابْنِ عَرَفَةَ لَا يَأْتِي عَلَى تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بَلْ عَلَى تَقْرِيرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ هَذَا عَلَى تَسْلِيمِ تَعَقُّبِ ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَقَوْلُهُ وَرِوَايَاتُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِهِ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ فَرَّقَ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ وَمِلْكِهَا الَّذِي هُوَ ثُبُوتُهَا وَحُصُولُهَا، وَكَذَا الْأَخْذُ فَرَّقَ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِهِ وَحُصُولِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِمِلْكِهِ، فَمِلْكُ الشُّفْعَةِ هُوَ حُصُولُهَا وَهُوَ نَفْسُ مِلْكِ الْأَخْذِ وَحُصُولِهِ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِمِلْكِ الْأَخْذِ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي اخْتِصَارِهِ لَهُ بِتَمَلُّكِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الشُّفْعَةِ، فَمَا جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَبَبًا لِمِلْكِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِشِقْصٍ شَائِعٍ إلَخْ لَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهَا، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ فِي تَعَقُّبِهِ تَعْرِيفَ ابْنِ الْحَاجِبِ الشُّفْعَةَ بِأَنَّهَا أَخْذُ شَرِيكٍ حِصَّةً إلَخْ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ أَخْذَهَا لَا مَاهِيَّتَهَا، وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا، وَعَرَّفَهَا هُوَ بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ، فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْأَخْذَ غَيْرُهَا، وَلَيْسَ مَعْنَى مِلْكِ الْأَخْذِ إلَّا حُصُولُهُ وَثُبُوتُهُ، وَكَذَا مِلْكُ الشُّفْعَةِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ الشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْبَيْعِ التَّامِّ وَتُسْتَحَقُّ وَتُمْلَكُ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ اهـ. وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ تُسْتَحَقُّ تَحْصُلُ فَفَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجِبُ بِهِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْأَخْذِ الَّذِي هُوَ حُصُولُهُ وَثُبُوتُهُ وَمِلْكُ الشُّفْعَةِ كَذَلِكَ مِلْكُ الشِّقْصِ الْمُسْتَشْفَعِ فِيهِ، وَلِذَا قَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمِلْكِ الشِّقْصِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ هَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى مِلْكِ الْأَخْذِ إشَارَةً لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ تَلَازُمِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلِذَا قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَمَا نَقَلْنَاهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْعُتْبِيَّةِ يَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ بِهِ هَذَا الْمَوْضِعَ، ثُمَّ قَالَ وَلِابْنِ رُشْدٍ كَلَامٌ تَرَكْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ، فَجَعَلَ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ لُزُومِ الْأَخْذِ وَبَيْعِ الشِّقْصِ فِي الثَّمَنِ تَفْسِيرًا لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِلْكُ الْأَخْذِ وَمِلْكُ الشُّفْعَةِ مِلْكُ الشِّقْصِ، فَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا مِلْكُ الشِّقْصِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِبَيَانِهِ كَمَا عَلِمْت، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ. وَبِمَا قُلْنَاهُ يَظْهَرُ لَك أَنَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَلَكَ بِحُكْمِ إلَخْ، مَعَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225 وَاسْتُعْجِلَ؛ إنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي إلَّا كَسَاعَةٍ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ   [منح الجليل] نَوْعُ تَكْرَارٍ، وَقَدْ أَلَمَّ " غ " بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ أَتَمَّ إلْمَامٍ حَتَّى قَالَ " ح " اُنْظُرْ " غ ". فِيمَا أَتَى بِهِ فَإِنَّهُ جَيِّدٌ مَعَ أَنَّهُ أَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ مَا فِيهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ مِلْكَ الشُّفْعَةِ وَاسْتِحْقَاقَهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّ تُمْلَكَ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ بِمَعْنَى تَلْزَمُ مَجَازًا لَرُبَّمَا كَانَ ظَاهِرًا، فَمَعْنَى تُمْلَكُ الشُّفْعَةُ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا الْأَخْذُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا يُحْمَلُ كَلَامُ الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَاسْتُعْجِلَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَرْكِهِ (إنْ قَصَدَ) الشَّفِيعُ (ارْتِيَاءً) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَالْفَوْقِيَّةِ، أَيْ تَأْجِيلًا يَتَرَوَّى وَيَسْتَشِيرُ فِيهِ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ (أَوْ) قَصَدَ (نَظَرًا لِ) شِقْصٍ (لِلْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَيُوصَفُ لَهُ وَيُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ أَوْ تَرْكِهِ حَالًا بِلَا تَأْخِيرٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّقْصِ (كَسَاعَةٍ) فَلَكِيَّةٍ فَيُؤَخَّرُ لِنَظَرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُؤَخَّرُ وَلَوْ لِسَاعَةٍ " ق " سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ بَاعَ شِقْصًا فِي حَائِطٍ فَقَالَ الشَّفِيعُ حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ أَيْنَ شُفْعَتِي فَقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَرَاجَعَهُ السَّائِلُ فَقَالَ إنْ كَانَ الْحَائِطُ عَلَى سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا ابْنُ رُشْدٍ نَحْوَ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ لِلْمُشْتَرِي وَقْفُ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ فَإِنْ أَبَى جَبَرَهُ الْحَاكِمُ. ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا أَوْقَفَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ شُفْعَتَهُ فَقَالَ أَخِّرُونِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِأَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَيُقَالُ بَلْ خُذْ شُفْعَتَك الْآنَ فِي مَقَامِك وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَك، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُؤَخِّرُهُ السُّلْطَانُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِيَسْتَشِيرَ وَيَنْظُرَ. (وَلَزِمَ) الشَّفِيعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (إنْ أَخَذَ) أَيْ قَالَ أَخَذْت بِصِيغَةِ الْمَاضِي (وَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 226 وَعَرَفَ الثَّمَنَ فَبِيعَ لِلثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي إنْ سَلَّمَ، فَإِنْ سَكَتَ: فَلَهُ نَقْضُهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُ: أُجِّلَ ثَلَاثًا لِلنَّقْدِ، وَإِلَّا سَقَطَتْ   [منح الجليل] الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (عَرَفَ) الشَّفِيعُ (الثَّمَنَ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ، فَإِنْ أَخَذَ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ، فَإِذَا عَرَفَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْأَخْذِ، وَإِذَا عَرَفَ الثَّمَنَ وَقَالَ أَخَذْته وَلَزِمَهُ الْأَخْذُ وَلَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ (فَبِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يُبَاعُ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ مَا يُوَفِّي ثَمَنُهُ بِثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعُ فِيهِ الشِّقْصُ أَوْ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِهِ أَوْ غَيْرَهُمَا. (وَ) لَزِمَ الْأَخْذُ (الْمُشْتَرِيَ) أَيْضًا (إنْ) كَانَ (سَلَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَالَ سَلَّمْت بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْت فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا (فَإِنْ سَكَتَ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ وَأَخَذْت وَلَمْ يَقُلْ سَلَّمْت وَأَجَّلَ فِي الثَّمَنِ فَتَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (نَقْضُهُ) أَيْ فَسْخُ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَأَخْذِ الشِّقْصِ وَسَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، فِيهَا إنْ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا أَنِّي أَخَذْت بِشُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ، فَإِنْ عَلِمَ الثَّمَنَ قَبْلَ أَخْذِهِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ. اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنْ يَرْجِعَ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ فَاسِدٌ وَيُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَوْقَفَهُ الْحَاكِمُ فَقَالَ أَخَذْت وَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت فَعَجَزَ عَنْ الثَّمَنِ بِيعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي الثَّمَنِ، وَلَا رَدَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَخْذِ وَالتَّسْلِيمِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا، وَإِنْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ سَلَّمْت فَأَجَّلَهُ الْحَاكِمُ لِلثَّمَنِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى الْأَجَلِ فَلِلْمُشْتَرِي بَيْعُ مَالِ الشَّفِيعِ أَوْ أَخْذُ شِقْصِهِ. (وَإِنْ قَالَ) الشَّفِيعُ (أَنَا آخُذُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَطَلَبَ التَّأْخِيرَ (أُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (لِلنَّقْدِ) أَيْ دَفْعِ الثَّمَنِ، فَإِنْ أَتَى بِهِ فِيهَا ثُمَّ أَخَذَهُ بِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ وَرَجَعَ الشِّقْصُ لِمُشْتَرِيهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِهِ لِلشَّفِيعِ وَاتِّبَاعِهِ بِثَمَنِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَطَلَبَ التَّأْخِيرَ بِالثَّمَنِ فَأَخَّرَهُ السُّلْطَانُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 227 وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ وَالْبَائِعُ: لَمْ تُبَعَّضْ: كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، عَلَى الْأَصَحِّ،   [منح الجليل] وَإِنْ) اشْتَرَى شَخْصٌ أَشْقَاصًا مِنْ عَقَارَاتٍ مِنْ أَشْخَاصٍ (اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ عَقْدُ الشِّرَاءِ (وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ) الْمُشْتَرَاةُ كَنِصْفِ دَارٍ وَثُلُثِ خَانْ وَسُدُسِ حَائِطٍ (وَ) تَعَدَّدَ (الْبَائِعُ) وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ وَلَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي (لَمْ تُبَعَّضْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ بَعْضِ الْحِصَصِ بِالشُّفْعَةِ وَتَرْكُ بَعْضِهَا " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ ثَلَاثَةَ أَشْقَاصٍ مِنْ دَارٍ أَوْ دُورٍ فِي بَلَدٍ أَوْ بُلْدَانٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رِجَالٍ وَذَلِكَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَفِيعُ ذَلِكَ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْجَمِيعَ أَوْ يُسَلِّمَ، وَلَوْ ابْتَاعَ ثَلَاثَةٌ مَا ذَكَرْنَا وَاحِدًا وَمِنْ ثَلَاثَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَالشَّفِيعُ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ دُونَ الْآخَرِ، وَلْيَأْخُذْ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعْ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً وَرَجَعَ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ. بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَلَامُ أَشْهَبَ هُوَ الصَّحِيحُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ فَقَالَ (كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) شِقْصًا أَوْ أَشْقَاصًا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ فَقَطْ، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَوْ يَدَعَ لِجَمِيعِهِمْ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ " غ " هُوَ أَيْ الْمُصَنِّفُ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُسْتَغْنٍ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَوْ قَالَ عِوَضًا مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَوْجَزَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ قَالَ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَصَحَّحَ خِلَافَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأُفِيدُ " ق " اُنْظُرْ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ لَوْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ. الْحَطّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ أَنَّهَا لَوْ تَعَدَّدَتْ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا وَمَنْ اشْتَرَى حَظَّ ثَلَاثَةٍ مِنْ دَارٍ فِي ثَلَاثِ صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يَأْخُذَ الْأُولَى لَمْ يَشْفَعْ مَعَهُ فِيهَا الْمُبْتَاعُ وَإِنْ أَخَذَ الثَّانِيَةَ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ مَعَهُ الشُّفْعَةُ بِقَدْرِ حِصَّةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 228 وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ، أَوْ غَابَ   [منح الجليل] صَفْقَتِهِ الْأُولَى فَقَطْ، وَإِنْ أَخَذَ الثَّالِثَةَ خَاصَّةً شَفَعَ فِيهَا بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ. 1 - (فَرْعٌ) لَوْ تَعَدَّدَ الشَّفِيعُ فَقَطْ فَفِيهَا مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَشَفِيعُ كُلِّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ شُفْعَتَهُ فِي الَّتِي هُوَ شَفِيعُهَا دُونَ الْأُخْرَى. أَبُو الْحَسَنِ تَعَدَّدَ هُنَا الشَّفِيعُ وَالصَّفْقَةُ وَاحِدَةٌ وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ وَالْمُبْتَاعُ وَاحِدٌ، وَانْظُرْ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُبْتَاعِ وَالْبَائِعِ حُجَّةً بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ جُلَّ الصَّفْقَةِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا جَرَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ ابْتِدَاءً بَيْعٌ. 1 - (فَرْعٌ) لَوْ تَعَدَّدَ الشَّفِيعُ مَعَ تَعَدُّدِ الْبَائِعِ فَفِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مَنْ ابْتَاعَ حَظًّا مِنْ دَارِ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ وَحَظًّا مِنْ حَائِطٍ مِنْ آخَرَ وَشَفِيعُهُمَا وَاحِدٌ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ إلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ يَتْرُكَ. ابْنُ عَبْدُوسٍ عَبْدُ الْمَلِكِ مُحَمَّدٌ أَنَا أُنْكِرُ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلَانِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلْيَرُدَّ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ فَيَنْفُذُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ. أَشْهَبُ وَكَذَا إنْ كَانَتْ الشُّفَعَاءُ جَمَاعَةً فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا النَّخْلَ دُونَ غَيْرِهَا، فَإِمَّا أَخَذُوا الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكُوا، فَإِنْ أَخَذُوا الْجَمِيعَ عَلَى أَنَّ النَّخْلَ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الدُّورُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّ فِي هَذَا تَعَدُّدَ الشُّفَعَاءِ وَاشْتَرَكُوا فِي كُلِّ حِصَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ مُشَبَّهًا فِيهِ فَقَالَ (وَكَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِبَاقِيهِمْ التَّبْعِيضُ، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَهُ (أَوْ غَابَ) بَعْضُهُمْ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ، إلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكُهُ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا لَهُ شَفِيعَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ إذَا أَبَى عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ، فَإِمَّا أَخَذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكَهُ، وَإِنْ شَاءَ هَذَا الْقَائِمُ أَخْذَ الْجَمِيعِ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَقُولَ لَا تَأْخُذْ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِك وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 229 أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي، وَلِمَنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ، وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ: كَغَيْرِهِ، وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ   [منح الجليل] مِنْ دَارٍ لَهُ شُفَعَاءُ غُيَّبٌ إلَّا وَاحِدًا حَاضِرًا فَأَرَادَ أَخْذَ الْجَمِيعِ وَمَنَعَهُ الْمُبْتَاعُ أَخَذَ حُظُوظَ الْغُيَّابِ، أَوْ قَالَ لَهُ الْمُبْتَاعُ خُذْ الْجَمِيعَ، وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا آخُذُ إلَّا حِصَّتِي، فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكَهُ. وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ حِصَّتِي وَإِذَا قَدِمَ أَصْحَابِي فَإِنْ أَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ وَإِلَّا أَخَذْت لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ سَلَّمَ فَلَا آخُذُ لَهُ مَعَ أَصْحَابِهِ إنْ قَدِمُوا وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعُوا فَإِنْ سَلَّمُوا إلَّا وَاحِدًا قِيلَ لَهُ خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ دَعْهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا كُلَّهُمْ مَعَهُ إنْ أَحَبُّوا أَوْ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ كَالْغَائِبِ وَبُلُوغُهُ كَقُدُومِ الْغَائِبِ. (أَوْ أَرَادَهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ (الْمُشْتَرِي) وَأَبَاهُ الشَّفِيعُ فَلَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِرِضَا الشَّفِيعِ (وَ) إنْ أَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ مَا يَشْفَعُ فِيهِ هُوَ وَشَرِيكُهُ الْغَائِبُ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَ (لِمَنْ حَضَرَ) بَعْدَ غَيْبَتِهِ مِنْ الشُّفَعَاءِ (حِصَّتُهُ) مِنْ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّذِي أَخَذَهُ الْحَاضِرَانِ إنْ أَحَبَّ الْأَخْذَ فِيمَا لَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا كُلَّهُمْ مَعَهُ إنْ أَحَبُّوا فَيَأْخُذُوا بِقَدْرِ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ شُفْعَتِهِمْ. (وَ) اُخْتُلِفَ فِي جَوَابِ (هَلْ الْعُهْدَةُ) أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِ حِصَّةِ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إنْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّفِيعِ الَّذِي حَضَرَ ابْتِدَاءً وَأَخَذَ الْجَمِيعَ لِأَنَّ الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إنَّمَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ الَّذِي حَضَرَهَا لَوْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَلَا تَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي، بَلْ تَبْقَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً (أَوْ) الْعُهْدَةُ (عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الشَّفِيعَ الْأَوَّلَ إنَّمَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْغَائِبِ نِيَابَةً عَنْهُ، وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ (كَ) عُهْدَةِ (غَيْرِهِ) أَيْ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُقِلْهُ الْبَائِعُ، بَلْ (وَلَوْ أَقَالَهُ) أَيْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْإِقَالَةِ، وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْإِقَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى إسْقَاطِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 230 إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهَا؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] الشُّفْعَةِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَيْضًا يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي جَعْلِ عُهْدَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ هُنَا بَيْعٌ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا (أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُسَلِّمَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ لِلْمُشْتَرِي وَيَتْرُكَ الْأَخْذَ بِهَا (قَبْلَهَا) أَيْ الْإِقَالَةِ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ عَكْسَهُ، فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَائِعِ فَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهَا صَارَتْ بَيْعًا حَادِثًا. عِيَاضٌ بِاتِّفَاقٍ، وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ بَعْدَهَا فَلَا شُفْعَةَ لِإِسْقَاطٍ لَهُ حَقُّهُ، وَلَيْسَ ثَمَّ مُوجِبٌ يَأْخُذُ بِهِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ. " غ " قَوْلُهُ وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَبِهِ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَنَصُّهَا عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ، سَوَاءٌ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَهُ، هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَإِذَا بَاعَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إذَا غَابَ الشُّفَعَاء إلَّا وَاحِدًا فَأَخَذَ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ ثُمَّ جَاءَ أَحَدُ الْغُيَّبِ كَانَ مُخَيَّرًا فِي كَتْبِ عُهْدَتِهِ إنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْأَخْذِ فَهُوَ كَمُشْتَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي. وَإِنْ جَاءَ ثَالِثٌ كَانَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ كَتَبَ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي. فَقِيلَ قَوْلُ أَشْهَبَ هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ. عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عِنْدِي وَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ مُفَسِّرٌ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْقَادِمَ مُخَيَّرٌ، فَأَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَطَعَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ نَسَخَ مِنْ الْمُبَيَّضَةِ ظَنَّ تَكْرَارَ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 231 وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ، وَإِنْ كَأُخْتٍ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا،   [منح الجليل] فَأَسْقَطَهَا، وَهَذَا مُخْتَلٌّ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ تَعْيِينُ عُهْدَةِ الْقَادِمِ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَهُ، وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ مَارَسَ اصْطِلَاحَهُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلتَّأْوِيلِ الثَّانِي فَقَطْ، وَأَنَّ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ اهـ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا ثُمَّ اسْتَقَالَ مِنْهُ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِعُهْدَةِ الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ، وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ، وَالْإِقَالَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَيْعٌ حَادِثٌ فِي الْأَشْيَاءِ إلَّا فِي هَذَا. ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ أَمْرُهُ عَلَى أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ الْعُهْدَةِ. أَشْهَبُ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ لَمْ أَعْبَهُ وَلَكِنْ الِاسْتِحْسَانُ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ شُفْعَةٌ إلَّا عَلَى الْمُشْتَرِي لِفِرَارِهِ مِنْ الْعُهْدَةِ فِيهَا وَإِنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ ثُمَّ تَقَابَلَ الْمُتَبَايِعَانِ كَانَ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَائِعِ، وَتَصِيرُ بَيْعًا حَادِثًا لِزَوَالِ التُّهْمَةِ. الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَالشُّفْعَةُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ اتِّفَاقًا. الْبَاجِيَّ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ كَالْإِقَالَةِ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ شُرَكَاءُ مَنْ بَاعَ شِقْصَهُ فِي عَقَارٍ يَنْقَسِمُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّرَجَاتِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي أَخْذِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ قُدِّمَ (مُشَارِكُهُ) أَيْ الْبَائِعِ (فِي السَّهْمِ) أَيْ الْفَرْضِ عَلَى مُشَارَكَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَعَلَى مُشَارِكِهِ فِي أَصْلِ الْإِرْثِ، كَدَارٍ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ جَدَّتَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ وَشَقِيقَتَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى النِّسَاءِ شِقْصَهَا فَتَخْتَصُّ شَرِيكَتُهَا فِي فَرْضِهِمَا بِالشُّفْعَةِ، فَإِنْ تَرَكَتْ شُفْعَتَهَا اخْتَصَّ بَاقِي الْوَرَثَةِ، فَإِنْ تَرَكُوهَا فَهِيَ لِلْأَجْنَبِيِّ إنْ كَانَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ إحْدَى جَدَّتَيْنِ أَوْ زَوْجَتَيْنِ أَوْ شَقِيقَتَيْنِ مَثَلًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (كَأُخْتٍ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا) مَعَ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَخَذَتْ نِصْفًا لِأَنَّ السُّدُسَ مَعَ النِّصْفِ فَرْضُ وَاحِدٍ وَهُوَ الثُّلُثَانِ فَإِنْ بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ شِقْصَهَا فَالشُّفْعَةُ فِيهِ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَعَكْسِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 232 وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ: كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ   [منح الجليل] وَدَخَلَ) ذُو السَّهْمِ (عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ ذِي السَّهْمِ مِنْ عَاصِبٍ وَأَجْنَبِيٍّ، وَمَثَّلَ لِلدُّخُولِ فَقَالَ (كَذِي) أَيْ صَاحِبِ (سَهْمٍ) أَيْ فَرْضٍ (عَلَى وَارِثٍ) عَاصِبٍ أَفَادَهُ تت. طفي تَقْرِيرُهُ بِذِي السَّهْمِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ مِثَالًا تَنْبُو عَنْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ فِي الْمِثَالِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ عُمُومٌ يَنْدَرِجُ الْمِثَالُ فِيهِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَتَبِعَ تت الشَّارِحَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ، أَيْ الْأَخَصِّ غَيْرِ ذِي السَّهْمِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ أَيْ الْحَظِّ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَمْ لَا، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ حَصَلَتْ شَرِكَةٌ بِوِرَاثَةٍ عَنْ وِرَاثَةٍ لَكَانَ أَهْلُ الْوِرَاثَةِ السُّفْلَى أَوْلَى، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي إرْثِ ثَلَاثَةِ بَنِينَ دَارًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَوْلَادٍ، فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ أَوْلَادِ الْوَلَدِ شِقْصَهُ مِنْهَا قُدِّمَ إخْوَتُهُ فِي الشُّفْعَةِ ثُمَّ أَعْمَامُهُ ثُمَّ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْأَعْمَامِ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّتِهِمْ مَعَ بَنِي أَخِيهِمْ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ أَبِيهِمْ، فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْأَخَصَّ يَدْخُلُ عَلَى الْأَعَمِّ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ اهـ كَلَامُ ضَيْح، فَهَذَا مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَبِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ، كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّرِيكُ الْأَخَصُّ أَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ، وَفِي دُخُولِ ذَوِي السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ قَوْلَانِ وَالْمُصَنِّفُ يَنْسِجُ عَلَى مِنْوَالِهِ. وَقَالَ " غ " وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَأَمَّا دُخُولُهُ عَلَى الْعَاصِبِ فَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ أَيْ عَاصِبٍ وَرَدَّهُ تت فِي كَبِيرِهِ، قَالَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِلَّا لَدَخَلَتْ الزَّوْجَاتُ فِي الْفَرْضِ السَّابِقِ مَعَ الْبَنَاتِ. اهـ. وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى " غ " لِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ، نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَخَصِّ فِي دُخُولِهِ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ، بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فَثَقُلَ جَدْوَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، إذْ هُوَ فِي الِاخْتِصَاصِ وَلَا اخْتِصَاصَ هُنَا كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ كَانَ هَذَا خِلَافَ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّرِيكُ الْأَخَصُّ أَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ أُسْقِطَ فَالْأَعَمُّ كَالْجَدَّتَيْنِ وَالزَّوْجَتَيْنِ وَالْأُخْتَيْنِ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ الْأَجَانِبُ فَجَعَلَ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعًا، وَبِهِ قَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 233 وَوَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ، ثُمَّ الْوَارِثُ، ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ   [منح الجليل] قَالَ قَوْلُهُ فَإِنْ أُسْقِطَ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَتَكُونُ لِبَقِيَّةِ ذَوِي السِّهَامِ ثُمَّ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَيْ الْعَصَبَةِ إنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ عَصَبَةٌ، فَإِنْ أُسْقِطَ الْعَصَبَةُ فَالشُّرَكَاءُ الْأَجَانِبُ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ أُسْقِطَ الْأَخَصُّ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ دَخَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ ذُو السَّهْمِ وَالْعَصَبَةُ، فَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ بَاعَتْ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ أَوْ الْأُخْتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَتَيْنِ شَفَعَتْ الْأُخْرَى خَاصَّةً، فَإِنْ سَلَّمَتْ شَفَعَ بَقِيَّةُ أَهْلِ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةُ، فَإِنْ سَلَّمُوا شَفَعَتْ الشُّرَكَاءُ الْأَجَانِبُ اهـ. وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَمَاعِ يَحْيَى، وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي نَصُّهُ، وَتَعَقَّبَ نَاصِرُ الدِّينِ ضَيْحَ فِيمَا قَالَهُ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الصَّوَابِ، فَقَدْ اتَّضَحَ لَك مُسَاوَاةُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَاصِبًا وَذَا سَهْمٍ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ إنْ أُسْقِطَ شَرِيكُهُ الْأَخَصُّ، فَأَيْنَ يَكُونُ الْأَخَصُّ يَدْخُلُ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ وَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي امْتِيَازِهِ بِحَظِّ شَرِيكِهِ وَبِدُخُولِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ مَا نَصُّهُ لِمَا قَرَّرَ أَنَّ الشَّرِيكَ الْأَخَصَّ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ إذَا بَاعَ أَحَدُ الْأَخَصَّيْنِ فَلَا دُخُولَ لِلْأَعَمِّ، بَيَّنَ هُنَا أَنَّ لِلْأَخَصِّ مَزِيَّةً أُخْرَى، وَأَنَّهُ إذَا بَاعَ أَحَدُ الْأَعَمَّيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالشُّفْعَةِ الْأَعَمُّ، بَلْ يَدْخُلُ مَعَهُ الشَّرِيكُ الْأَخَصُّ. اهـ. وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) دَخَلَ (وَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ ثُمَّ) يَلِي الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ إذَا تَرَكَ الشُّفْعَةَ (الْوَارِثُ) ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ) " ق " ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَ فِي الشُّرَكَاءِ مَنْ لَهُ شَرِيكٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 234 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَخَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْرَاكِ فَهُوَ أَشْفَعُ وَأَوْلَى مِمَّنْ لَهُ شِرْكٌ أَعَمُّ، وَذَلِكَ كَأَهْلِ الْمُوَرِّثِ الْوَاحِدِ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ دُونَ الشُّرَكَاءِ الْأَجَانِبِ، ثُمَّ أَهْلُ السَّهْمِ الْوَاحِدِ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ صَاحِبِ شِرْكٍ أَخَصُّ فَهُوَ أَشْفَعُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَيَشْفَعُ صَاحِبُ الشِّرْكِ الَّذِي يَلِيهِ، أَيْ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ، فَإِنْ سَلَّمَ أَيْضًا شَفَعَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ، وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ تَرَكَ دَارًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَوَرَثَتُهُ عَصَبَةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَبَقِيَّتُهُمْ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مُوَرِّثٍ، فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ، وَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَخَذَتْ الشَّقِيقَةُ النِّصْفَ وَأَخَذَتْ الْأُخْتَانِ لِأَبٍ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الْأُخْتِ الْأُخْرَى لِلْأَبِ وَبَيْنَ الشَّقِيقَةِ، إذْ هُنَّ أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ فَاللَّتَانِ لِلْأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْعَصَبَةِ وَإِنْ بَاعَ الْعَصَبَةُ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَإِنْ بَاعَ جَمِيعُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ فَالشَّقِيقَةُ أَحَقُّ مِنْ الْعَصَبَةِ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا وَرِثَ الْجَدَّتَانِ السُّدُسَ فَبَاعَتْ إحْدَاهُمَا فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبَتِهَا دُونَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمَا أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ، وَفِي دُخُولِ ذِي السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ قَوْلَانِ، وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَعَصَبَةً فَبَاعَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ فَأُخْتُهَا أَشْفَعُ مِنْ الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُمَا أَهْلُ سَهْمٍ، فَإِنْ سَلَّمَتْ فَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ مِمَّنْ أَشْرَكَهُمْ بِمِلْكٍ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مُوَرِّثٍ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ وَلِلْبَنَاتِ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ لَيْسَ لَهُمْ فَرْضٌ مُسَمًّى. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ لَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ جَدَّاتٍ وَزَوْجَاتٍ وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَعَصَبَةً فَبَاعَتْ إحْدَى الْجَدَّاتِ أَوْ بَعْضُ أَهْلِ السِّهَامِ الْمَفْرُوضَةِ نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّةِ أَشْرَاكِهِ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَإِنْ سَلَّمَ بَقِيَّةُ أَهْلِ السَّهْمِ كَانَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةِ سَوَاءً فِي تَحَاصُصِهِمْ فِي هَذَا الْحَقِّ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِالْمَيِّتِ فَلَا فَضْلَ لِأَهْلِ السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ، فَإِنْ سَلَّمَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ فَالشُّرَكَاءُ بَعْدَهُمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَقُولُ مَرَّةً فِي الْعَصَبَةِ أَهْلَ سَهْمٍ أَصْبَغُ ثُمَّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 235 وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ، وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ، وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ، وَلَهُ غَلَّتُهُ   [منح الجليل] ثَبَتَ عَلَى أَنَّ السَّهْمَ الْمَفْرُوضَ هُمْ الَّذِينَ يَتَشَافَعُونَ خَاصَّةً وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ. وَرَوَى أَشْهَبُ مَنْ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِثُلُثِ حَائِطِهِ أَوْ بِسَهْمٍ مَعْلُومٍ فَيَبِيعُ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّ شُرَكَاءَهُ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا بَاعَ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَرَثَةِ الدُّخُولُ مَعَهُ كَالْعَصَبَةِ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الشَّرِيكُ الْأَخَصُّ أَوْلَى ثُمَّ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ الْأَجَانِبُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ بَعْضُ الْمُوصَى لَهُمْ دَخَلَ مَعَ بَقِيَّتِهِمْ أَهْلُ الْمِيرَاثِ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ أَوْ كَانَ غَائِبًا (أَخَذَ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ (بِأَيِّ بَيْعٍ) شَاءَ الْأَخْذَ بِهِ (وَعُهْدَتُهُ) أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ عَيْبُهُ (عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ أَخَذَ بِشِرَائِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا ثُمَّ بَاعَهُ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِأَيِّ صَفْقَةٍ شَاءَ، وَيُنْقَضُ مَا بَعْدَهَا وَإِنْ أَخَذَهُ بِالْبَيْعِ الْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبُيُوعُ كُلُّهَا. أَشْهَبُ إنْ تَبَايَعَهُ ثَلَاثَةٌ فَأَخَذَهَا مِنْ الْأَوَّلِ كَتَبَ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ وَدَفَعَ مِنْ ثَمَنِ الشِّقْصِ إلَى الثَّالِثِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَدْفَعُ الشِّقْصَ حَتَّى أَقْبِضَ مَا دَفَعْت فِيهِ، وَيَدْفَعُ فَضْلَهُ إنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ فَضَلَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الثَّانِي، وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِتَمَامِ بَيْعِهِمَا، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الثَّالِثِ كَتَبَ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ وَتَمَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ بَيْعٍ. (وَنُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ فُسِخَ (مَا) أَيْ الْبَيْعُ الَّذِي (بَعْدَهُ) أَيْ الْبَيْعِ الَّذِي أَخَذَ الشَّفِيعُ بِهِ، وَثَبَتَ مَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ أَوْ اخْتَلَفَتْ، فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نُقِضَ جَمِيعُ مَا بَعْدَهُ، وَبِالْوَسَطِ تَمَّ مَا قَبْلَهُ وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ وَبِالْأَخِيرِ تَمَّتْ الْبِيَاعَاتِ كُلُّهَا (وَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ (غَلَّتُهُ) أَيْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ. فِي الْحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ق فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ فَزَرَعَهَا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَا كِرَاءَ لَهُ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ، وَمَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا فَاغْتَلَّهَا سِنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلشَّفِيعِ مِنْ الْغَلَّةِ. (وَ) إنْ أَكْرَى الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَقَبَضَ كِرَاءَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أُخِذَ مِنْهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 236 وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ: تَرَدُّدٌ وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا، وَلِلشَّفِيعِ: النُّقْضُ   [منح الجليل] بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ فَ (فِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَجَمَاعَةٌ وَعَدَمِ فَسْخِهِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ مُغِيثٍ وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ، مَبْنَاهُ هَلْ الشُّفْعَةُ اسْتِحْقَاقٌ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّونَ أَوْ بَيْعٌ قَالَهُ الطُّليْطِليُّونَ. " ق " تَرَدُّدٌ ابْنُ سَهْلٍ إنْ أَكْرَى الشِّقْصَ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ فَأَخَذَهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ ذَلِكَ الْكِرَاءَ، أَفْتَى ابْنُ مُغِيثٍ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ فَسْخِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ بِفَسْخِهِ، وَنَصُّ ابْنِ سَهْلٍ إنْ أَكْرَى الشِّقْصَ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ نَزَلَتْ بِطُلَيْطِلَةَ وَأَكْرَاهُ لِعَشَرَةِ أَعْوَامٍ، فَأَفْتَى ابْنُ مُغِيثٍ وَابْنُ رَافِعٍ رَأْسَهُ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ، إنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِالشِّقْصِ. الشَّارِقِيُّ وَكَتَبْتهَا إلَى قُرْطُبَةَ فَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَأَنْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ، وَقَدْ نَزَلَتْ مَرَّةً أُخْرَى فَأَفْتَى فِيهَا ابْنُ عَتَّابٍ بِفَسْخِ الْكِرَاءِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ كَشَهْرٍ، هَذَا إنْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَإِلَّا فَلَا يَفْسَخُ إلَّا فِي الْوَجِيبَةِ الطَّوِيلَةِ وَأَمَّا فِيمَا يَتَقَارَبُ كَالسَّنَةِ وَنَحْوِهَا فَذَلِكَ نَافِذٌ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَازَ لَهُ. ابْنُ سَهْلٍ هَذَا رُجُوعٌ مِنْهُ عَمَّا حَكَاهُ الشَّارِقِيُّ عَنْهُمْ. (وَ) إنْ نَقَصَ الشِّقْصُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ صِفَةٍ وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ مِلْكِهِ وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَ (لَا يَضْمَنُ) الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ (نَقْصَهُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ، أَيْ مَا نَقَصَ مِنْ الشِّقْصِ. " ق " فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يَضْمَنُ الْمُبْتَاعُ لِلشَّفِيعِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ فِي الشِّقْصِ مِنْ هَدْمٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ مَا غَارَ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِذَلِكَ إمَّا أَخَذَهُ وَإِمَّا تَرَكَهُ (فَإِنْ هَدَمَ) الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ، (وَبَنَى) الْمُشْتَرِي بَدَلَ مَا هَدَمَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قِيمَتُهُ) أَيْ الْبِنَاءِ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ مَعَ مَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (وَلِلشَّفِيعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 237 إمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ،   [منح الجليل] النُّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِيمَا بَنَاهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ. " ق " فِيهَا لَوْ هَدَمَ الْمُبْتَاعُ وَبَنَى قِيلَ لِلشَّفِيعِ خُذْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَقِيمَةِ مَا عَمَّرَ فِيهَا أَشْهَبُ يَوْمَ الْقِيَامِ وَلَهُ قِيمَةُ النُّقْضِ الْأَوَّلِ مَنْقُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ يَحْسِبُ كَمْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ، وَكَمْ قِيمَةِ النُّقْضِ مَهْدُومًا ثُمَّ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ النُّقْضُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ فَهُوَ الَّذِي يَجِبُ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَغْرَمُ مَا بَقِيَ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا. ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، قِيلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ كَيْفَ يُمْكِنُ إحْدَاثُ بِنَاءٍ فِي مُشَاعٍ قَالَ قَدْ يَكُونُ قَدْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَأَنْفَقَ وَبَنَى وَغَرَسَ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ ذَلِكَ مُشَاعًا، أَيْ وَأَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَكُونُ شَرِيكُ الْبَائِعِ غَائِبًا فَيَرْفَعُ الْمُشْتَرِي إلَى السُّلْطَانِ يَطْلُبُ الْقَسْمَ وَالْقَسْمُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، وَلَا يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ اهـ. " ق " وَعِبَارَةُ تت قِيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ يُمْكِنُ إحْدَاثُ بِنَاءٍ فِي مُشَاعٍ مَعَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَقَدْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْبَانِي مُتَعَدٍّ فَلَا يَكُونُ لَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَالْحُكْمُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا مُتَنَافِيَانِ. " غ " وَقَدْ انْفَصَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِخَمْسَةِ أَجْوِبَةٍ، أَحَدِهَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَابَ وَوَكَّلَ فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ ثُمَّ قَاسَمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ وَلَمْ يَأْخُذْ لِمُوَكِّلِهِ بِالشُّفْعَةِ. ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ غَائِبًا وَلَهُ وَكِيلٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ فَبَاعَ الشَّرِيكُ فَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَقَاسَمَ الْمُبْتَاعَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَيْنِ مَعًا بِقَوْلِهِ (إمَّا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ (لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ) أَيْ الشِّقْصِ حِينَ اشْتِرَائِهِ (فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ) أَيْ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَالْوَكِيلُ صَادِقٌ بِوَكِيلٍ عَلَى مُقَاسَمَةِ شَرِيكٍ سَابِقٍ عَلَى شِرَاءِ الشِّقْصِ، وَبِوَكِيلٍ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 238 أَوْ قَاضٍ عَنْهُ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا   [منح الجليل] ثَالِثِهَا: أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ غَائِبًا وَيَرْفَعُ الْمُشْتَرِي إلَى الْحَاكِمِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ وَالْقَسْمُ عَلَيْهِ جَائِزٌ فَقَسَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ، وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَهُوَ لَا يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَاسَمَ (قَاضٍ عَنْهُ) أَيْ الْغَائِبِ. رَابِعِهَا: أَنْ يَكْذِبَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَيَتْرُكَ الشَّفِيعُ وَيُقَاسِمَ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ تَرَكَ) الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ (لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ) وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ فَهَدَمَ وَبَنَى. خَامِسِهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَهَدَمَ وَبَنَى وَغَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا وَأُخِذَ نِصْفُهَا الْآخَرُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا وَهَدَمَ وَبَنَى ثُمَّ (اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (نِصْفُهَا) أَيْ الدَّارِ، فَالثَّالِثُ وَالْخَامِسُ ذَكَرَهُمَا ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَبَاقِيهَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَزَادَ سَادِسًا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي وَهَبَنِي الشَّرِيكُ الشِّقْصَ بِغَيْرِ ثَوَابٍ فَيُقَاسِمُهُ الشَّفِيعُ ثُمَّ يَثْبُتُ بَعْدَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ الشِّرَاءُ فَأَمَّا جَوَابَا ابْنِ الْمَوَّازِ فَصَحِيحَانِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ فِي قَسْمِ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنَّهُ قَسَمَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ غَائِبٌ فَقَطْ لَا عَلَى أَنَّهُ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ، وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ، إذْ لَوْ جَازَ قَسْمُهُ لَكَانَ كَقَسْمِهِ هُوَ بِنَفْسِهِ، إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ الْحَاكِمُ عَنْ غَائِبٍ إلَّا مَا يَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ فِعْلُهُ، فَلَوْ جَازَ قَسْمُهُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ شُفْعَتِهِ لَمَا كَانَتْ لَهُ شُفْعَةٌ، وَلَمَا تَقَرَّرَتْ شُفْعَتُهُ لِغَائِبٍ لِقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى إبْطَالِهَا بِهَذَا. وَأَمَّا أَجْوِبَةُ ابْنِ شَاسٍ فَقَبِلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَكَّلَ فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ الْمُعَيَّنِ لَا فِي مُقَاسَمَتِهِ مُطْلَقَ شَرِيكٍ، فَهَذَا رَاجِعٌ لِأَحَدِ جَوَابَيْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْقَسْمِ عَنْهُ لِظَنِّ الْقَاسِمِ صِحَّتَهُ، فَبَانَ خَطَؤُهُ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي مُقَاسَمَةِ مُطْلَقِ شَرِيكٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَامْتَنَعَ كَوْنُهُ تَصْوِيرًا لِلْمَسْأَلَةِ. وَالثَّانِي وَاضِحٌ رُجُوعُهُ لِأَحَدِ جَوَابَيْ مُحَمَّدٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْقَسْمِ عَنْهُ لِظَنِّ الْقَاسِمِ صِحَّتَهُ فَبَانَ خَطَؤُهُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 239 وَحُطَّ مَا حُطَّ لِعَيْبٍ، أَوْ لِهِبَةٍ، إنْ حُطَّ عَادَةً أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ   [منح الجليل] وَالرَّابِعُ وَالسَّادِسُ بَاطِلَانِ فِي أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ كَذِبَ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى الثَّمَنِ الْكَثِيرِ، وَفِي دَعْوَى الْهِبَةِ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا فِي بِنَائِهِ كَغَاصِبٍ بِيَدِهِ عَرْصَةٌ بَنَى بِهَا بِنَاءً، وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ مَالِكٌ، فَبَانَ أَنَّهُ غَاصِبٌ، فَحُكْمُهُ فِي بِنَائِهِ حُكْمُ الْغَاصِبِ الْمَعْلُومِ غَصْبُهُ ابْتِدَاءً، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ أَيْضًا، فَقَالَ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلْ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَذَبَ فِي الثَّمَنِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا صَدَقَةٌ وَنَحْوُهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ كَالْمُتَعَدِّي وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا قِيمَةُ النُّقْضِ، فَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَا أَظْهَرَ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ خِلَافِ الْمُشْتَرِي. اهـ. وَهَذَا الْحَمْلُ لَا يَقْبَلُهُ لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ، وَيَقْبَلُهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ جَوَابَيْنِ آخَرَيْنِ، فَقَالَ أَوْ يَكُونُ قَسَمَ مَعَ رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ أَوْ يَكُونُ الْعَقَارُ بَيْنَ أَحَدِهِمْ غَائِبٍ فَبَاعَ أَحَدُ الْحَاضِرَيْنِ نَصِيبَهُ فَقَسَمَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْحَاضِرِ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ غَيْرُهُ. (وَحُطَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أُسْقِطَ (عَنْ) الشَّخْصِ (الشَّفِيعِ مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي (حُطَّ) عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ (لِ) ظُهُورِ (عَيْبٍ) بِالشِّقْصِ (أَوْ) مَا حُطَّ (لِهِبَةٍ) وَنَحْوَهَا كَتَبَرُّعٍ (إنْ حُطَّ) ذَلِكَ الْقَدْرُ (عَادَةً) بَيْنَ النَّاسِ (أَوْ) لَمْ يُحَطَّ عَادَةً وَ (أَشْبَهَ الثَّمَنَ) الْمُعْتَادَ بَيْنَ النَّاسِ لِمِثْلِ الشِّقْصِ الْبَاقِي (بَعْدَهُ) أَيْ مَا حُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ كَشِرَاءِ الشِّقْصِ بِأَلْفٍ وَحَطَّ الْبَائِعُ تِسْعَمِائَةٍ مِنْهُ وَالْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ ثَمَنٌ مُعْتَادٌ لِمِثْلِهِ فَقَطْ التِّسْعُمِائَةِ عَنْ الشَّفِيعِ وَيَأْخُذُهُ بِمِائَةٍ. " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ أَرْشِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِهِ رَدَّهُ هُوَ حِينَئِذٍ عَلَى بَائِعِهِ، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ إلَّا أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مَنَعَهُ مِنْ رَدِّهِ فَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَذَلِكَ الْأَرْشُ يُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِيهَا مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ الْبَائِعُ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ قَبْلَهُ نَظَرٌ، فَإِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الشِّقْصِ بَيْنَ النَّاسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ إذَا تَغَابَنُوا بَيْنَهُمْ، أَوْ اشْتَرَوْا بِغَيْرِ تَغَابُنٍ وُضِعَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ لِأَنَّ مَا أَظْهَرَا مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنَّمَا كَانَ سَبَبًا لِقَلْعِ الشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ مِائَةً. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 240 وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا: رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا   [منح الجليل] ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعَمِائَةٍ لَمْ يَحُطَّ لِلشَّفِيعِ شَيْئًا وَكَانَتْ الْوَضِيعَةُ هِبَةً لِلْمُبْتَاعِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ حُطَّ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُحَطَّ فِي الْبُيُوعِ وُضِعَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحَطُّ مِثْلُهُ فَهِيَ هِبَةٌ، وَلَا يَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْئًا ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ. (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (الثَّمَنُ) الْمَدْفُوعُ فِي الشِّقْصِ وَهُوَ مَفْهُومٌ كَعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ أَوْ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ رَجَعَ الْبَائِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْ يَدِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ (أَوْ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الثَّمَنُ الْمُقَوَّمُ أَوْ الْمِثْلِيُّ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِعَيْبٍ بَعْدَ) الْأَخْذِ (بِهَا) أَيْ الشُّفْعَةِ تَنَازَعَ فِيهِ اُسْتُحِقَّ وَرُدَّ (رَجَعَ الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِقِيمَةِ شِقْصِهِ) لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ هُوَ وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا بَلْ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا) قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا، وَصَوَّبَهُ جَمَاعَةٌ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ الْمَعِيبِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ بِيَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِ الشِّقْصِ وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَعُهْدَتِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، فَإِنْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ وَجَدَ بَائِعُ الشِّقْصِ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قِيمَةَ شِقْصِهِ وَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ بِشُفْعَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّذِي تَبْطُلُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَسَدَ لِعَيْنِهِ وَالْعَيْبُ لَوْ رَضِيَهُ الْبَائِعُ لَتَمَّ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّقْصِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ وَيَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَامِلًا كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ فِيهِ مِنْ الشَّفِيعِ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ، إذْ الشُّفْعَةُ كَبَيْعٍ ثَانٍ. وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِحِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 241 إلَّا النَّقْدَ، فَمِثْلُهُ وَلَمْ يُنْتَقَضْ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهَا بَطَلَتْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ:   [منح الجليل] شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ، وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَ الْحِنْطَةَ بِثَمَنٍ فَاسْتُحِقَّتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ عَلَى بَائِعِهَا الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَضَى ذَلِكَ الْأَخْذُ وَرَجَعَ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمِثْلِ الْحِنْطَةِ. ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا غَلَطٌ، بَلْ يَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ. (إلَّا) الثَّمَنَ (النَّقْدَ) أَيْ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ بَائِعِ الشِّقْصِ أَوْ الَّذِي رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ قَبْلَهُ فَيَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِمِثْلِهِ لَا بِقِيمَةِ شِقْصِهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا شِقْصًا كَانَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِلشَّفِيعِ، لِأَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ غَرِمَ مِثْلَهَا وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ: عب وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِهِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَيْ إنْ فَاتَ وَقَدْ فَاتَ الشِّقْصُ هُنَا بِأَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْمَسْكُوكَ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا زِيَادَةُ بَيَانٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَهِيَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقَوَّمِ إلَّا النَّقْدَ. إنْ اُسْتُحِقَّ ثَمَنُ الشِّقْصِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ (وَإِنْ) (لَمْ يُنْتَقَضْ مَا) أَيْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ الَّذِي حَصَلَ (بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي) بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فِيهَا إذَا وَجَدَ الْبَائِعُ عَيْبًا فِي الثَّمَنِ رَدَّهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الشِّقْصِ وَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ، وَفِيهَا أَيْضًا وَمَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي. (وَإِنْ وَقَعَ) الِاسْتِحْقَاقُ أَوْ الرَّدُّ بِعَيْبٍ لِثَمَنِ الشِّقْصِ (قَبْلَ) أَخْذِ (هَا) أَيْ الشُّفْعَةِ (بَطَلَتْ) الشُّفْعَةُ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ الَّذِي حَصَلَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ نَقْدٍ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ مُشْتَرِي الشِّقْصَ وَشَفِيعُهُ (فِي) قَدْرِ (الثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَى الشِّقْصَ بِهِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي مِائَةً وَعَشَرَةً وَقَالَ الشَّفِيعُ مِائَةً فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (فَالْقَوْلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 242 فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ: كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ فِي مُجَاوِرِهِ وَإِلَّا فَلِلشَّفِيعِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَرُدَّ إلَى الْوَسَطِ   [منح الجليل] لِلْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ) كَوْنُهُ ثَمَنًا مُعْتَادًا لِمِثْلِ الشِّقْصِ (بِيَمِينٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَشْبَهَ الشَّفِيعَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ الْمُشْتَرِيَ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ إنْ أَشْبَهَ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ يَرْغَبُ أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ اللَّاصِقَةِ بِدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا فِي اخْتِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُبْتَاعِ يَمِينًا. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّهُ حَضَرَ الْمُبَايَعَةَ وَعَلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ أَقَلُّ مِمَّا ادَّعَى الْمُشْتَرِي حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ لَا حَقِيقَةَ عِنْدَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي. ابْنُ يُونُسَ هَذَا صَوَابٌ لِأَنَّ إحْلَافَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ ضَرْبٌ مِنْ التُّهَمِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ فِيهَا إلَّا لِمَنْ تَلِيقُ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. وَمَثَّلَ لِلْمُشَبَّهِ فَقَالَ (كَكَبِيرٍ) قَدْرَهُ مِنْ نَحْوِ سُلْطَانٍ (يَرْغَبُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّهَا (فِي) شِرَاءِ (مُجَاوِرِهِ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي مُجَاوَرَتِهِ فَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لِذَلِكَ. " غ " يَرْغَبُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَمُجَاوِرُهُ بِكَسْرِ الْوَاوِ اسْمُ فَاعِلٍ، كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ يَرْغَبُ أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ اللَّاصِقَةِ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِهَا يُشْبِهُ (فَ) الْقَوْلُ (لِلشَّفِيعِ) إنْ أَشْبَهَ (فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا) أَيْ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي (حَلَفَ) كُلٌّ عَلَى كُلِّ نَفْيٍ دَعْوَى الْآخَرِ، وَتَحْقِيقُ دَعْوَاهُ مُقَدِّمًا النَّفْيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الشَّفِيعُ (إلَى) الثَّمَنِ (الْوَسَطِ) أَيْ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ النَّاسِ لِمِثْلِ الشِّقْصِ، بِأَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ فَيَأْخُذُ بِهِ إنْ شَاءَ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى الْحَالِفُ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَتَى الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَتَى الشَّفِيعُ بِمَا يُشْبِهُ فَمَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ قَوْلَ الشَّفِيعِ. ابْنُ يُونُسَ اخْتَلَفَ إنْ أَتَى الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَتَى الشَّفِيعُ بِمَا لَا يُشْبِهُ، وَأَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ أَنْ يَحْلِفَا جَمِيعًا وَيَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 243 وَإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ، فَفِي الْأَخْذِ بِمَا ادَّعَى أَوْ أَدَّى: قَوْلَانِ وَإِنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا فَقَطْ، وَاسْتَشْفَعَ: بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ:   [منح الجليل] مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ إنْ أَتَيَا مَعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرُدَّ إلَى الْوَسَطِ فَيَأْخُذُ بِهِ أَوْ يَدَعْ. (وَإِنْ) اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ مِائَتَيْنِ وَالْمُشْتَرِي مِائَةً وَقُلْنَا الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ بِيَمِينِهِ فَ (نَكَلَ) شَخْصٌ (مُشْتَرٍ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي مِائَتَيْنِ (فَفِي الْأَخْذِ) لِلشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ (بِمَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (ادَّعَى الْمُشْتَرِي) وَهِيَ مِائَةٌ فِي الْمِثَالِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِائَةٌ، وَأَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ فِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ (أَوْ) بِمَا (أَدَّى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ مُشَدَّدًا، أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَهُمَا الْمِائَتَانِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ إنَّمَا خَلَّصْت الشِّقْصَ بِالْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنِّي اشْتَرَيْته بِمِائَتَيْنِ، وَلَوْ حَلَفْت لَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَتْ الشُّفْعَةُ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. " غ " لَيْسَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى اخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ، بَلْ عَلَى اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ. ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِمِائَتَيْنِ وَنَكَلَ الْمُبْتَاعُ لَزِمَهُ الشِّرَاءُ بِمِائَتَيْنِ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمِائَةٍ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ إنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ وَأَخَذَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ يَأْخُذُ بِمِائَتَيْنِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ إنَّمَا خَلَّصْت الشِّقْصَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ حَلَفْت لَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةٌ. (وَإِنْ ابْتَاعَ) أَيْ اشْتَرَى شَخْصٌ (أَرْضًا بِ) شَرْطِ دُخُولِ (زَرْعِهَا الْأَخْضَرِ) فِي الِابْتِيَاعِ (فَاسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (نِصْفُهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ زَرْعِهِ (وَاسْتَشْفَعَ) أَيْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ شَرِيكٌ لِلْبَائِعِ (بَطَلَ الْبَيْعُ) فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ (وَفِي نِصْفِ الزَّرْعِ) الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ (لِبَقَائِهِ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244 كَمُشْتَرٍ قِطْعَةً مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيَتَوَصَّلَ لَهُ مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي،   [منح الجليل] أَيْ الزَّرْعِ (بِلَا أَرْضٍ) أَيْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ بِيعَ وَحْدُهُ بِلَا أَرْضٍ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَبَيْعُهُ كَذَلِكَ فَاسِدٌ لِغَرَرِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ خَاصَّةً وَاسْتَشْفَعَ فَالْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ بَاطِلٌ، وَيَبْطُلُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الَّذِي بِهِ لِانْفِرَادِهِ بِلَا أَرْضٍ، فَيَرُدُّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ لِيَشْتَرِيَ وَيَصِيرُ لَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ نِصْفُ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي أَخْذِ نِصْفِ الْأَرْضِ الْبَاقِي، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ بِهِ شُفْعَةٌ، وَرَجَعَ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ يَأْخُذُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ وَقِيمَةِ نِصْفِ الزَّرْعِ عَلَى غَرَرِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ فَإِنْ أَخَذَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ كَمَا وَصَفْنَا رَجَعَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ الَّذِي زَرَعَهُ لِأَنَّهُ صَغِيرٌ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ بِلَا أَرْضٍ، وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كُلَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا مَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ، وَعَلَى الْبَائِعِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ لِلْمُسْتَحِقِّ دُونَ مَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَنْكَرَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلَهُ رَجَعَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ، وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِنِصْفِ الزَّرْعِ الَّذِي قَابَلَ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَضْ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَصْوَبُ. وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ فَقَالَ (كَ) شِرَاءِ شَخْصٍ (مُشْتَرٍ قِطْعَةً مِنْ جِنَانٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بُسْتَانٍ (بِإِزَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مَمْدُودًا، أَيْ مُقَابَلَةِ (جِنَانِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (لِيَتَوَصَّلَ) الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ الْقِطْعَةِ، وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا بِاعْتِبَارِ تَسْمِيَتِهَا مَبِيعًا مَثَلًا (مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ) أَيْ الشِّقْصِ، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (جِنَانُ الْمُشْتَرِي) " غ " هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَا وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْجِنَانُ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَنَّةٍ بِفَتْحِهَا كَقَصْعَةٍ وَقِصَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ الْعَطَّارِ بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْقِطْعَةِ لِبَقَائِهَا بِلَا مَمَرٍّ مُوَصِّلٍ إلَيْهَا، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ أَيْضًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245 وَرَدَّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ، وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلًا بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ أَوْ لَا فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ.   [منح الجليل] ق " مِنْ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ مَا نَصُّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَنِي ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ ابْتَاعَ قَطِيعًا مِنْ جَنَّةٍ عَلَى أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى دَارِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ طَرِيقٌ عَلَى جِنَانِ بَائِعِهِ وَصَرَفَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُبْتَاعِ فَجَاوَبْته بِأَنَّهُ يُنْقَضُ. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَنَا بِالْقَيْرَوَانِ فَأَفْتَيْت فِيهَا بِهَذَا. ابْنُ عَاتٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالْمُبْتَاعِ. وَتَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْأَرْضِ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَقَالَ: (وَرَدَّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ) لِلْمُشْتَرِي لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَزَرْعِهِ (وَلَهُ) أَيْ الْبَائِعِ (نِصْفُ الزَّرْعِ) الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ مُشَدَّدَةً (الشَّفِيعُ) الَّذِي اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، صِلَةُ خُيِّرَ، أَيْ قَبْلَ تَخْيِيرِ الْمُبْتَاعِ وَصِلَةُ خُيِّرَ (بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ) أَيْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ تَجَدَّدَ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي (أَوْ لَا) يَشْفَعُ، فَإِنْ شَفَعَ فَشُفْعَتُهُ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ فَقَطْ، وَالزَّرْعُ قِيلَ يَرْجِعُ لِزَارِعِهِ الْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ كُلِّهِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ. وَقِيلَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ. (فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ) بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ نِصْفُ الْأَرْضِ بِزَرْعِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ مَا لَهُ بَالٌ وَهُوَ النِّصْفُ، وَفِي التَّمَسُّكِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ الْبَاقِي بِزَرْعِهِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الْمُسْتَحَقَّ وَزَرْعَهُ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ الصَّفْقَةِ وَأَخْذِ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْ صَفْقَتِهِ مَا لَهُ بَالٌ، وَعَلَيْهِ فِيهِ الضَّرَرُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ الزَّرْعِ، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. طفي قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ صَفْقَتِهِ مَا لَهُ بَالٌ وَجْهُهُ أَنَّ الْأَرْضَ تَنْقَسِمُ وَمَا يَنْقَسِمُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 246 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا يَكُونُ الْخِيَارُ فِيهِ إلَّا بِاسْتِحْقَاقِ مَالَهُ بَالٌ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمُ أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ فِي الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا مِمَّنْ حَشَى تت اعْتَرَضَهُ بِمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ اغْتِرَارًا مِنْهُ بِظَاهِرِهِ لِقُصُورِ بَاعَهُ وَقِلَّةِ اطِّلَاعِهِ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ. [بَابٌ أَقْسَام الْقِسْمَة الشَّرْعِيَّة] (بَابٌ) فِي بَيَانِ الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْقِسْمَةُ، تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ، فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدَّيْنٍ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي طَعَامِ سَلَمٍ وَيُخْرِجُ تَعْيِينُ مُعْتِقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ أَحَدَهُمَا، وَتَعْيِينُ مُشْتَرِي أَحَدِ ثَوْبَيْنِ أَحَدَهُمَا، وَتَعْيِينُ مُطْلَقِ عَدَدٍ مُوصًى بِهِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ يَمُوتُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَعْيِينِهِ بِالْقِسْمَةِ، وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا شَارِحُوهُ. وَعَرَّفَهَا الْغُبْرِينِيُّ: بِأَنَّهَا اخْتِصَاصُ الشَّرِيكِ بِمَا كَانَ لَهُ مُشَاعًا، يُرَدُّ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ الشَّرِيكِ بِالْمُشَاعِ ثَابِتٌ حَالَ شَرِكَتِهِ خَاصَّةً لَهَا أَوْ عَرْضًا عَامًّا لَهَا وَلِمُقَابِلِهَا، فَهُوَ مُبَايِنٌ لِلْقِسْمَةِ أَوْ أَعَمُّ مِنْهَا، فَيَمْتَنِعُ تَعْرِيفُهَا بِهِ وَدَلِيلُ ثُبُوتِهِ حَالَ الشَّرِكَةِ فَقَوْلُهُ مَعَ غَيْرِهَا إنْ بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ الْوَارِثَتَيْنِ دَارًا حَظَّهَا مِنْهَا، فَالْأُخْرَى أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، فَلَوْلَا اخْتِصَاصُهَا بِحَظِّهَا مُشَاعًا مَا كَانَتْ أَشْفَعَ، وَإِنْ عَنَى بِقَوْلِهِ اخْتِصَاصُ الشَّرِيكِ أَنْ يَتَعَيَّنَ لَهُ مَا كَانَ مُشَاعًا فَفِيهِ عِنَايَةٌ بِغَيْرِ لَفْظٍ يُعَيِّنُهَا مَعَ يُسْرِهِ، وَيَبْطُلُ اطِّرَادُهُ بِاخْتِصَاصِ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَاخْتِصَاصُ مَنْ تَعَدَّى عَلَى شَرِيكِهِ مَا أَتْلَفَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا الْمِثْلِيُّ قَدْرُ حَظِّ الْمُتَعَدِّي كَنَقْلِهِ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بَيْنَهُمَا فِي مَفَازَةٍ غَرَرًا تَلِفَ قَدْرُ حَظِّ النَّاقِلِ مِنْهُ. اهـ. وَتَعَقَّبَ ابْنُ نَاجِي حَدَّ ابْنِ عَرَفَةَ بِمَنْ اشْتَرَى وَيْبَةً مَثَلًا مِنْ صُبْرَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْهَا وَهِيَ لَيْسَتْ بِقِسْمَةٍ وَحَدُّهُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْوَيْبَةِ صَارَ مَالِكًا لَهَا فِي الصُّبْرَةِ الْبِسَاطِيُّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 247 (بَابٌ) الْقِسْمَةُ: تَهَايُؤٌ فِي زَمَنٍ: كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا، وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ:   [منح الجليل] فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ إنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَهُوَ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْقِسْمَةِ. غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ التَّعْيِينَ وَهُوَ لَا يَقْدَحُ فِيهَا، أَفَادَهُ تت فِي كَبِيرِهِ. أَقُولُ لَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ وُرُودِ هَذَيْنِ الْإِيرَادَيْنِ عَلَى حَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ. أَمَّا إيرَادُ ابْنِ نَاجِي فَلِأَنَّ شِرَاءَ الْوَيْبَةِ مِنْ الصُّبْرَةِ لَيْسَ تَصْيِيرَ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ مُعَيَّنًا، بَلْ هُوَ تَصْيِيرُ بَعْضِ مَمْلُوكِ مَالِكٍ وَاحِدٍ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ شَائِعًا، فَكَيْفَ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدُّهُ، وَتَعْلِيلُهُ لَا يُنْتِجُ انْطِبَاقَهُ عَلَيْهِ، فَدَعْوَاهُ وَدَلِيلُهُ بَاطِلَانِ. وَأَمَّا إيرَادُ الْبِسَاطِيِّ فَلِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الِانْحِلَالُ، وَأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ. وَتَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ، فَتَعْيِينُ أَحَدِهِمَا لَيْسَ قِسْمَةً لِأَنَّهُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ وَحَذَفَ وَلَوْ زَادَ أَوْ قَبِلَ بِقُرْعَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (الْقِسْمَةُ) الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ (تَهَايُؤٌ) بِفَتْحِ فَوْقِيَّةٍ أَوَّلَهُ وَنُونٍ أَوْ تَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ عَقِبَ الْأَلِفِ أَوْ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَيَلِيهَا هَمْزٌ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَتَحْتِيَّةٌ عَلَى الْأَخِيرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ، وَهَيَّأَهُ وَجَهَّزَ لَهُ وَوَهَبَهُ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ التَّهْنِئَةِ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ التَّهْيِئَةِ، وَعَلَى الثَّالِثِ مِنْ الْهِبَةِ لَكِنْ بِقَلْبٍ مَكَانِيٍّ. الرَّجْرَاجِيُّ الْمُهَأنَاةُ تُقَالُ بِالْمُنَوَّنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا أَرَادَهُ، وَتُقَالُ بِالْبَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَتُقَالُ بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بِاثْنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ، وَالتَّهَانِيءُ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ (فِي زَمَنٍ) مَعْلُومٍ كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ وَمَثَّلَ لَهَا بِقَوْلِهِ (كَخِدْمَةِ) رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ (شَهْرًا) وَيَخْدُمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ شَهْرًا أَيْضًا وَهَكَذَا (وَسُكْنَى دَارِ) أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ (سِنِينَ) وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا، أَوْ زِرَاعَةُ أَرْضٍ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا. " ق " ابْنُ شَاسٍ الْقِسْمَةُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مُهَايَأَةٌ وَهِيَ ضَرْبَانِ، مُهَايَأَةٌ فِي الْأَعْيَانِ، وَمُهَايَأَةٌ بِالزَّمَانِ. ابْنُ رُشْدٍ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ لَا تَجُوزُ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 248 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْمُرَاضَاةِ وَالْمُهَايَأَةِ، وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ بِالْأَزْمَانِ، مِثْلُ أَنْ يَتَّفِقَا أَنْ يَسْتَغِلَّ أَحَدُهُمَا الدَّابَّةَ أَوْ يَسْتَخْدِمَهَا أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ أَوْ يَحْرُثَ الْأَرْضَ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْآخَرُ مِثْلُهَا أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، فَهَذِهِ يَفْتَرِقُ فِيهَا الِاسْتِغْلَالُ وَالِاسْتِخْدَامُ. الْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ التَّهَايُؤُ فِي الْأَعْيَانِ بِأَنْ يَسْتَخْدِمَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا أَوْ يَزْرَعَ هَذَا أَرْضًا وَهَذَا أَرْضًا، أَوْ يَسْكُنَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا. أَمَّا التَّهَايُؤُ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي الشَّهْرِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ قَلِيلًا. وَأَمَّا التَّهَايُؤُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ فَيَجُوزُ فِيهَا السُّنُونَ الْمَعْلُومَةُ وَالْأَجَلُ الْبَعِيدُ كَكِرَائِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مَأْمُونَةٌ إلَّا أَنَّ التَّهَايُؤَ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِأَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً بِمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ. غ إنْ قُلْت قَدْ قَرَّرَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وَابْنُ شَاسٍ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ ضَرْبَانِ مُهَايَأَةٌ فِي الْأَعْيَانِ وَمُهَايَأَةٌ فِي الزَّمَانِ، فَالْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا يَسْكُنُهَا، وَالْآخَرُ دَارًا يَسْكُنُهَا، وَهَذَا أَرْضًا يَزْرَعُهَا، وَالْآخَرُ أَرْضًا يَزْرَعُهَا. وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ بِالْأَزْمِنَةِ، كَدَارٍ يَسْكُنُهَا هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا، وَأَرْضٍ يَزْرَعُهَا هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً، وَبِذَا فَسَّرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَمَا بَالُهُ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْأَزْمَانِ دُونَ الْأَعْيَانِ حَيْثُ قَالَ فِي زَمَنٍ. قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْقِسْمَيْنِ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمَعْلُومَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِمَا، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا يَتَنَاوَلُ صُورَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْوَاحِدُ بَيْنَ الشَّرِيكِ يَسْتَخْدِمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا شَهْرًا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَبْدَانِ يَسْتَخْدِمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ شَهْرًا وَالْآخَرُ الْآخَرَ كَذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْمُدَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ حَصْرُهُمَا، وَأَفْهَمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 249 كَالْإِجَارَةِ   [منح الجليل] السُّكْنَى جَوَازًا، وَفِي الْغَلَّةِ مَنْعًا، وَمِمَّا يَزِيدُ هَذَا وُضُوحًا مُنَاقَشَةُ ابْنِ عَرَفَةَ عِيَاضًا إذْ قَالَ وَقَوْلُ عِيَاضٍ هِيَ ضَرْبَانِ مُقَاسَمَةُ الزَّمَانِ وَمُقَاسَمَةُ الْأَعْيَانِ يُوهِمُ عُرُوَّ الثَّانِي عَنْ الزَّمَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمَحْمَلُهُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ الْقَسْمُ بِالزَّمَانِ لِذَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ مُتَعَدِّدًا فَتَعَلَّقَ الْقَسْمُ فِيهِ بِالزَّمَانِ بِالْعَرْضِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ بِالذَّاتِ بَعْضُ آحَادِ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الزَّمَانِ إذْ بِهِ يُعْرَفُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ. وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَنْوَاعٌ، الْأَوَّلُ: قِسْمَةُ مُهَانَأَةٍ بِالنُّونِ وَبِالْيَاءِ، وَهِيَ اخْتِصَاصُ كُلِّ شَرِيكٍ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ عَنْ شَرِيكِهِ فِيهِ زَمَنًا مُعَيَّنًا مِنْ مُتَّحِدٍ أَوْ مِنْ مُتَعَدِّدٍ وَتَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَفِي مُدَّتِهَا ثَلَاثَةٌ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ أَخْتَدِمُهُ أَنَا الْيَوْمَ وَأَنْتَ غَدًا أَوْ شَهْرًا بِشَهْرٍ جَائِزٌ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ وَشَبَهِهِ. مُحَمَّدٌ إنَّمَا تَجُوزُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَالرُّبُعُ. ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجُوزُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا هُوَ مَأْمُونُ التَّهَايُؤِ السِّنِينَ الْمَعْلُومَةِ وَالْأَجَلِ كَكِرَائِهَا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ، وَإِنْ تَهَايَئُوا فِي دُورٍ أَوْ أَرَضِينَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ أَوْ يَزْرَعَ نَاحِيَةً جَازَ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ فِي الدَّابَّةِ أَنْ يَقُولَ خُذْ كَسْبَهَا الْيَوْمَ وَآخُذُ كَسْبَهَا غَدًا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ابْنُ عَاتٍ قِيلَ فِي غَلَّةِ الرَّحَى يَوْمَانِ. وَقَوْلُ عِيَاضٍ هِيَ ضَرْبَانِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. (كَالْإِجَارَةِ) فِي اللُّزُومِ، وَشَرْطُ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا يَخْدُمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ شَهْرًا وَالْآخَرُ يَخْدُمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ كَذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ، إنَّمَا الشَّرْطُ حَصْرُهُمَا. الْحَطّ نَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ التَّهَايُؤِ إذَا كَانَتْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ لَازِمَةٌ كَالْإِجَارَةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَقْسُومَ الْمُتَّحِدَ يَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَالْمَقْسُومُ الْمُتَعَدِّدُ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ وَاحِدًا مِنْهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ فِيهِمَا. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي زَمَنٍ كَالْإِجَارَةِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَمَنٍ لَا تَكُونُ كَالْإِجَارَةِ، وَهُوَ يُشِيرُ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَالْأُولَى أَيْ الْمُهَايَأَةُ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ يَأْخُذُهَا كُلُّ وَاحِدٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 250 لَا فِي غَلَّةٍ، وَلَوْ يَوْمًا   [منح الجليل] مِنْهُمَا، أَوْ إحْدَاهُمَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَغَيْرُ لَازِمَةٍ كَدَارَيْنِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ سُكْنَى دَارٍ اهـ. فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْقِسْمُ أَيْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ مُقَاسَمَةُ زَمَانٍ وَمُقَاسَمَةُ أَعْيَانٍ، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فَالْأَوْلَى إلَى قَوْلِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَقَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا رَاجِعٌ إلَى الدَّارَيْنِ، وَقَوْلُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً يَعُمُّ الصُّورَتَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الثَّانِيَةِ وَيُضْمَرُ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ، وَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا قِسْمَةُ زَمَانٍ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ، فَإِنَّهَا مُقَاسَمَةُ أَعْيَانٍ. وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ كَدَارَيْنِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُكْنَى دَارٍ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ هَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْخِيَارِ، وَلَا يُشْتَرَطُ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ مِنْ مِثَالَيْ اللَّازِمَةِ إلَّا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بَيْتًا مِنْ الدَّارِ مَثَلًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ كَذَلِكَ. (لَا) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي غَلَّةٍ) لِلْمُشْتَرَكِ إنْ كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ، بَلْ (وَلَوْ يَوْمًا) كَخُذْ غَلَّتَهُ يَوْمًا وَأَنَا آخُذُهَا يَوْمًا، وَهَكَذَا لِلْغَرَرِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تَسْهُلُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ. " ق " ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَيْنَكُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لَهُ مَا كَسَبْت الْيَوْمَ فَلِي، وَمَا تَكْتَسِبُ غَدًا فَلَكَ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْهُ إنْ قَالَ اسْتَخْدِمْهُ أَنْتَ الْيَوْمَ وَأَنَا غَدًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ شَهْرًا وَأَنَا شَهْرًا. مُحَمَّدٌ لَا يُجَوِّزُ فِي الْكَسْبِ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا، وَقَدْ سَهَّلَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْيَوْمِ وَكَرِهَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ. اهـ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ إنَّمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ بِالْمُرَاضَاةِ لَا بِالْإِجْبَارِ وَالْقُرْعَةِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَبِهِ قَطَعَ عِيَاضٌ. وَاَلَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ بِالْمُهَايَأَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا بِالْمُرَاضَاةِ. الثَّانِي: فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ هَذَا الْبَابِ قِسْمَةُ الْحَبْسِ لِلِاغْتِلَالِ فَقِيلَ إنَّهُ يُقْسَمُ وَيُجْبَرُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 251 وَمُرَاضَاةٌ فَكَالْبَيْعِ   [منح الجليل] الْقَسْمِ مَنْ أَبَاهُ، وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْوِلَادَةِ مَا يُغَيِّرُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِمْ فِيمَنْ حُبِسَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّ الْحَبْسَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَيْ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الظَّوَاهِرِ الْمَوْجُودَةِ فِي مَسَائِلِهِمْ. وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُقْسَمُ بِحَالٍ. وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْحَبْسَ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَلَا يُجَزَّأُ. وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُقْسَمُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ عَلَى قِسْمَتِهِ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ، وَقَدْ عَزَا ابْنُ سَهْلٍ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لِأَشْيَاخِ السُّيُورِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْقَسْمِ عَلَى ثَمَنِ الْمَنْفَعَةِ وَمَنْعُهُ عَلَى الرِّبْحِ الْمُحْبَسِ نَفْسِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) الثَّانِي (مُرَاضَاةٌ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ فِي قِسْمَةِ ذَاتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ (فَ) هِيَ (كَالْبَيْعِ) فِي أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ اخْتَصَّ بِمِلْكِهِ وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ وَفِيمَا اخْتَلَفَ وَفِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا بِغَبْنٍ إنْ لَمْ يُدْخِلَا فِيهَا مُقَوَّمًا، وَأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلٍ وَلَا إلَى تَقْوِيمٍ، وَأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا. الْحَطّ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ، وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ قِسْمَةَ بَيْعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَخْذُ بَعْضِهِمْ بَعْضَ مَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَا يُعَدُّ لَهُ بِتَرَاضٍ مِلْكًا لِلْجَمِيعِ وَهُوَ قِسْمَانِ، قِسْمٌ بَعْدَ تَقْوِيمِ وَتَعْدِيلٍ وَهَذَا لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى مَنْ أَبَاهُ، وَيُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْأَجْنَاسِ وَالْأَصْنَافِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا مَا يُدَّخَرُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ، وَيُقَامُ فِيهِ بِالْغَبْنِ إذَا ظَهَرَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ وَقَسْمٌ بِلَا تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي بِتَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ إلَّا فِي الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ وَهُوَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ، قَالَهُ فِي الْمُعِينِ وَغَيْرِهِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالتَّنْبِيهَاتِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: شَبَّهَ الْمُرَاضَاةَ بِالْبَيْعِ مَعَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا بَيْعٌ لِإِجَازَتِهِمْ الْفَضْلَ فِي قِسْمَةِ قَفِيزِ بُرٍّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِالتَّرَاضِي عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَهُ، فَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا مَحْضًا لَمْ تَجُزْ لِلرِّبَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 252 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: ابْنُ رَاشِدٍ يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِهِمْ قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ إجَازَتُهُمْ فِيهَا قَسْمَ قَفِيزِ بُرٍّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَامْتَنَعَتْ بِهَذَا الْوَجْهِ لِلرِّبَا. طفي جَوَابُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِمْ لَوْ أَطْلَقُوا فِي قَوْلِهِمْ إنَّهَا بَيْعٌ. أَمَّا حَيْثُ قَيَّدُوا فَلَا، وَيُصْرَفُ قَوْلُهُمْ إنَّهَا بَيْعٌ لِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ وَجَمْعِ الْأَجْنَاسِ وَجَمْعِ حَظَّيْنِ، وَعَدَمِ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ، وَاسْتَثْنَوْا الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْمُقَاسَمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالتَّرَاخِي جَائِزٌ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصُّبْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قَسْمِهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَعَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفْضِيلُ أَمْ لَا، وَيَجُوزُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ قَسْمَهُ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا تَحَرٍّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا دَخَلَهُ أَيْضًا التَّفْضِيلُ وَقِسْمَتُهُ تَحَرِّيًا جَائِزَةٌ فِي الْمَوْزُونِ دُونَ الْمَكِيلِ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُبْرَةً وَاحِدَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ مَحْمُولَةٍ وَسَمْرَاءَ وَنَقِيٍّ وَمَغْلُوثٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِاعْتِدَالِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ، وَصَنْجَةٍ مَعْلُومَةٍ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ جَازَ قَسْمُهُ عَلَى الْفَضْلِ الْبَيِّنِ وَالِاعْتِدَالِ بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَوَجَبَ قَسْمُ كُلِّ صُبْرَةٍ وَحْدَهَا، وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ قَسْمَ الصُّبْرَةِ لَيْسَ قَسْمًا حَقِيقِيًّا، إنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ حَقٍّ. اهـ. فَإِذَا أَحَطْت بِهَذَا عِلْمًا فَلَكَ أَنْ تُجِيبَ عَنْ مُنَاقَضَةِ ابْنِ رَاشِدٍ بِمَا قُلْنَاهُ، وَلَك أَنْ تَرُدَّ الْمُنَاقَضَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَتَبْقَى الْقِسْمَةُ بَيْعًا حَتَّى فِي مَنْعِ الْفَضْلِ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا إجَازَتُهُمَا قَسْمَ الْقَفِيزِ عَلَى ثُلُثَيْنِ وَثُلُثٍ لِأَنَّ قِسْمَةَ الصُّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّحَادِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الصَّوَابُ، فَلَا مُعَارَضَةَ وَلَا تَعْكِيرَ أَصْلًا، فَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ. وَلِذَا أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَغَيْرُهُ فِي الْمُرَاضَاةِ مَنْعَهَا فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الْفَضْلُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الصُّبْرَةَ الْوَاحِدَةَ وَالْقَفِيزَ الْوَاحِدَ لَيْسَتْ قِسْمَتُهُ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً، وَقَدْ اقْتَصَرَ " ح " عَلَى كَلَامِ الْمُعِينِ، وَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَسْمَ الْمُرَاضَاةِ إلَى وَجْهَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 253 وَقُرْعَةٌ، وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ، وَكَفَى قَاسِمٌ، لَا مُقَوِّمٌ   [منح الجليل] بِتَعْدِيلٍ وَبِغَيْرِهِ فَقَالَ الْوَجْهَانِ يَصِحَّانِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَفِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ صِنْفًا وَاحِدًا مُدَّخَرًا لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ فِيهِ. (وَ) النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ (قُرْعَةٌ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ فِعْلُ مَا يُعَيِّنُ حَظَّ كُلِّ شَرِيكٍ مِمَّا بَيْنَهُمْ مِمَّا يَمْتَنِعُ عِلْمُهُ حِينَ فَعَلَهُ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إذْ الْمُهَايَآتُ إجَارَةٌ وَلَهَا بَابٌ، وَالْمُرَاضَاةُ بَيْعٌ وَلَهُ بَابٌ (وَهِيَ) أَيْ الْقُرْعَةُ (تَمْيِيزُ حَقٍّ) مُشَاعٍ عِنْدَ سَحْنُونٍ. عِيَاضٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا. ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِي الشَّامِلِ هُوَ الْأَصَحُّ. وَلِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ هِيَ بَيْعٌ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَطْرَبُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِي قَسْمِ التَّرَاضِي بِالتَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ دُونَ قُرْعَةٍ هَلْ هُوَ بَيْعٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، وَقَسْمُ التَّرَاضِي دُونَ تَعْدِيلٍ بَيْعٌ اتِّفَاقًا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَسْمَ الْقُرْعَةِ تَمْيِيزٌ، وَقَسْمَ التَّرَاضِي بَيْعٌ. قُلْت ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالتَّقْوِيمِ هَلْ تَمْيِيزٌ أَوْ بَيْعٌ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا لِلْبَاجِيِّ فِي قَسْمِ الصَّيْحَانِيِّ وَالْعَجْوَةِ بِالْخَرْصِ، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّمْيِيزُ خَاصًّا بِالْقُرْعَةِ لَمَا صَحَّ اسْتِدْلَالُهُ بِهِ عَلَيْهَا. (وَكَفَى) فِي الْقِسْمَةِ (قَاسِمٌ) وَاحِدٌ وَالْأَوْلَى اثْنَانِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِكَفَى، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَاشْتَرَطَهُمَا ابْنُ شَعْبَانَ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالْقَسْمِ إلَّا الْمَأْمُونَ الْمَرَضِيَّ الْعَارِفَ وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَهُمَا أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ كَفَى. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالتَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَعِلْمُهُ بِالْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ وَالتَّقْوِيمِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا مَا يُخَالِفُ هَذَا. اهـ. قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (لَا) يَكْفِي (مُقَوِّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً. الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُقَوِّمَ السِّلَعِ الْمُتْلَفَةِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَنَحْوِهِمَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُقَوِّمَ السِّلَعِ الْمَقْسُومَةِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاسِمَ هُوَ الَّذِي يُقَوِّمُ الْمَقْسُومَ وَيُعَدِّلُهُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 254 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوَاعِدِهِ فِي الصُّورَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ رَابِعُهَا مُقَوِّمُ السِّلَعِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَكْفِي الْوَاحِدُ بِالتَّقْوِيمِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْقِيمَةِ حَدٌّ كَالسَّرِقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ. وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ حُصُولُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ شِبْهُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَشِبْهُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْمُقَوِّمَ مُتَصَدٍّ لِمَا لَا يَتَنَاهَى لَا الْمُتَرْجِمُ وَالْقَائِفُ وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ كَذَلِكَ وَشِبْهُ الْحَاكِمِ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَنْفُذُ فِي الْقِيمَةِ، وَالْحَاكِمُ يُنْفِذُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مَنْ شِبْهِ الرِّوَايَةِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِإِخْبَارِهِ حَدٌّ تَعَيَّنَ مُرَاعَاةُ الشَّهَادَةِ لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا قُوَّةُ مَا يُفْضِي إلَيْهِ هَذَا الْإِخْبَارُ، وَيَنْبَنِي عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ قَطْعُ عُضْوٍ مَعْصُومٍ. وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهِ رِوَايَةً أَوْ شَهَادَةً شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ، ثُمَّ قَالَ وَخَامِسُهَا الْقَاسِمُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ، وَالْأَحْسَنُ اثْنَانِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ شِبْهُ الْحُكْمِ أَوْ الرِّوَايَةِ أَوْ الشَّهَادَةِ، وَالْأَظْهَرُ شِبْهُ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ اسْتَنَابَهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اهـ. ابْنُ فَرْحُونٍ ابْنُ الْقَصَّارِ يُقْبَلُ قَوْلُ التَّاجِرِ فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا حَدُّ تَقْوِيمِ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ لِيُعْلَمَ هَلْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ النِّصَابَ أَمْ لَا، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اثْنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَاسِمِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَمَا يُقَلَّدُ الْمُقَوِّمُ لِأَرْشِ الْجِنَايَاتِ لِمَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَتْ عِنْدَهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمُقَوِّمِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ أَنَّ الْقَاسِمَ نَائِبٌ عَنْ الْحَاكِمِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدٍ، وَالْمُقَوِّمُ كَالشَّاهِدِ عَلَى الْقِيمَةِ. طفي فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُقَوِّمَ غَيْرُ الْقَاسِمِ لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَالْمُعَدِّلِ فَفِي التُّحْفَةِ: وَأَجْرُ مَنْ يَقْسِمُ أَوْ يُعَدِّلُ ... عَلَى الرُّءُوسِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلَدُهُ فِي شَرْحِهِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَالْمُعَدِّلِ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ الْمُقَوِّمُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَهُمْ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ طفي إنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 255 وَأَجْرُهُ بِالْعَدَدِ وَكُرِهَ، وَقُسِمَ الْعَقَارُ، وَغَيْرُهُ بِالْقِيمَةِ،   [منح الجليل] (وَأَجْرُهُ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْقَاسِمُ عَلَى قِسْمَتِهِ يُقْسَمُ عَلَى الشُّرَكَاءِ (بِ) حَسَبِ (الْعَدَدِ) لِرُؤْسِهِمْ لَا بِحَسَبِ مَقَادِيرِ أَنْصِبَائِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ. " ق " فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَهْلُ مُوَرِّثٍ أَوْ مَغْنَمٍ قَاسِمًا بِرِضَاهُمْ وَأَجْرُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَنْ طَلَبَ الْقَسْمَ وَمَنْ أَبَاهُ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَيَكُونُ الْأَجْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى عَدَدِهِمْ لَا عَلَى أَنْصِبَائِهِمْ. التَّاوَدِيُّ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ، وَقَوِيَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً مَثَلًا لِأَحَدِهِمْ الْعُشْرُ رُبَّمَا كَانَ ثُلُثُ الْأُجْرَةِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ عُشْرِ الْمَقْسُومِ، فَلَا يَكْفِي النَّصِيبُ فِي الْأُجْرَةِ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْقَاسِمِ أَخْذُ أُجْرَةِ الْقَسْمِ مِنْ الْمَقْسُومِ بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفٍ فَلَا يُكْرَهُ أَخْذُهَا، وَمَحَلُّهُ فِي الْقَاسِمِ الَّذِي قَدَّمَهُ الْقَاضِي لِلْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ. " ق " كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِقُسَّامِ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى الْقَسْمِ أَجْرًا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ قُسَّامُ الْغَنَائِمِ وَلَوْ كَانَتْ أَرْزَاقُ الْقُسَّامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ. ابْنُ رُشْدٍ وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَأْجَرَ الْقَوْمُ قَاسِمًا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَمِنْ هَذَا جَعَلَ الشُّرَطَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّمَا رِزْقُ الشُّرَطِ عَلَى السُّلْطَانِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ عَلَى الطَّالِبِ فِي إحْضَارِ خَصْمِهِ إلَّا أَنْ يَلِدَ الْمَطْلُوبُ وَيَخْتَفِيَ فَيَكُونُ الْجُعْلُ فِي إحْضَارِهِ عَلَيْهِ. (وَ) قُسِمَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (الْعَقَارُ) أَيْ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ (وَ) قُسِمَ (غَيْرُهُ) أَيْ الْعَقَارِ مِنْ سَائِرِ الْمُقَوَّمَاتِ (بِالْقِيمَةِ) لَا بِالْمِسَاحَةِ وَلَا بِالْعَدَدِ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ أَنْ تُقْسَمَ الرُّبَاعُ وَالْأُصُولُ بِالسَّهْمِ إذَا عُدِلَتْ بِالْقِيمَةِ اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الدَّارَيْنِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا يَسِيرٌ مِثْلُ كَوْنِ قِيمَةِ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى تِسْعِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَرِعَا عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ الَّتِي قِيمَتُهَا مِائَةٌ يُعْطِي صَاحِبَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا يَتَّفِقُ فِي الْغَالِبِ كَوْنُ قِيمَتِهِمَا سَوَاءً، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 256 وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ،   [منح الجليل] فَانْظُرْهُ فَلَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا تَجُوزُ الْقُرْعَةُ فِيهِ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ تَجُوزُ فِيهِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ. (وَأُفْرِدَ) الْقَاسِمُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلُّ نَوْعٍ) مِنْ الْمَقْسُومِ الْحَطّ، يَعْنِي أَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 257 وَجُمِعَ دُورٌ وَأَقْرِحَةٌ   [منح الجليل] لَا يَجُوزُ جَمْعُ جِنْسَيْنِ وَلَا نَوْعَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تُقْسَمُ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ بِالسَّهْمِ مِثْلُ أَنْ يَجْعَلُوا الدُّورَ حَظًّا وَالرَّقِيقَ حَظًّا وَيَسْتَهِمُونَ وَإِنْ اتَّفَقَتْ قِيَمُ ذَلِكَ أَنَّهُ خَطَرٌ، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ، الْبَقَرُ عَلَى حِدَةٍ، وَالْغَنَمُ عَلَى حِدَةٍ، وَالْعُرُوضُ عَلَى حِدَةٍ، إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ. وَكَذَلِكَ أَنْ يَجْعَلُوا دَنَانِيرَ نَاحِيَةً، وَمَا قِيمَتُهُ مِثْلُهَا نَاحِيَةً مِنْ رَبْعٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ، وَيَقْتَرِعُوا. وَإِمَّا بِالتَّرَاضِي بِغَيْرِ قُرْعَةٍ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا دَارَانِ فِي مَوْضِعٍ وَإِنْ تَفَاضَلَتَا فِي الْبِنَاءِ كَوَاحِدَةٍ جَدِيدَةٍ وَأُخْرَى رَثَّةٍ أَوْ دَارٍ بَعْضُهَا رَثٌّ وَبَاقِيهَا جَدِيدٌ فَذَلِكَ يُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنْ جَيِّدٍ وَدُونٍ بِالْقِيَمِ كَقَسْمِ الرَّقِيقِ عَلَى تَفَاوُتِهِ، وَكُلُّ صِنْفٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْمِلُ الْقِسْمَةَ بِيعَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِمْ، وَقُسِمَ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى قَسْمِ شَيْءٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ فَيَجُوزُ. اهـ. (وَجُمِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (دُورٌ) بِضَمِّ الدَّالِ جَمْعُ دَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَتْ مَوَاضِعُ الدُّورِ مُخْتَلِفَةً مِمَّا يَتَشَاحُّ النَّاسُ فِيهَا الْعُمْرَانَ أَوْ غَيْرَهُ قُسِمَتْ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مِنْهَا دَارَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي الصِّفَةِ وَالنِّفَاقِ فِي مَوَاضِعِهَا فَتُجْمَعُ الْمُنْفَقَةُ فِي الْقَسْمِ وَيُقْسَمُ بَاقِيهَا كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ (أَوْ أَقْرِحَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ قَرَاحٍ بِفَتْحِ الْقَافِ، أَيْ أَرْضُ زِرَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا بِنَاءٌ وَلَا فِيهَا شَجَرٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 258 وَلَوْ بِوَصْفٍ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً وَرَغْبَةً، وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ، إنْ دَعَا إلَيْهِ أَحَدُهُمْ   [منح الجليل] " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَقْرِحَةُ وَهِيَ الْفَدَادِينُ إذَا كُنْت بَيْنَ قَوْمٍ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ فِي الْقَسْمِ نَصِيبُهُ مِنْهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ وَكَانَتْ فِي الْكَرَمِ سَوَاءً جُمِعَتْ فِي الْقَسْمِ، وَجُعِلَ نَصِيبُ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي قُرْبِ الْأَرْضِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ حَدًّا وَأَرَى الْمِيلَ وَشِبْهَهُ قَرِيبًا فِي الْحَوَائِطِ وَالْأَرَضِينَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرِحَةُ مُخْتَلِفَةً وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ كَانَتْ فِي الْكَرَمِ سَوَاءً وَبَيْنَهُمَا تَبَاعُدٌ كَالْيَوْمَيْنِ قُسِمَ كُلُّ قَرِيحٍ عَلَى حِدَتِهِ. الْحَطّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَقْرِحَةٌ بِالْوَاوِ، وَفِي بَعْضِهَا أَوْ أَقْرِحَةٌ بِأَوْ، وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى قَالُوا بِمَعْنَى أَوْ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الدُّورَ تُجْمَعُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَقْرِحَةُ عَلَى حِدَةٍ، وَلَا يُرِيدُ أَنَّ الدُّورَ تُجْمَعُ مَعَ الْأَقْرِحَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَتُجْمَعُ الدُّورُ الْمُتَقَارِبَةُ الْمَكَانِ الْمُسْتَوِيَةِ النِّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ مَهْمَا دَعَا إلَيْهِ أَحَدُهُمْ، ثُمَّ قَالَ وكَذَلِكَ الْقُرَى وَالْحَوَائِطُ وَالْأَقْرِحَةُ يُجْمَعُ مَا تَقَارَبَ مَكَانُهُ كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ وَتَسَاوَى فِي كَرَمِهِ وَعُيُونِهِ بِخِلَافِ الْيَوْمِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يُرِدْ النِّصْفَ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ قُرَى وَحَوَائِطَ وَأَقْرِحَةٍ تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ، وَلَكِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهَا تُجْمَعُ أَفْرَادُهُ. الرَّجْرَاجِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ الدُّورُ مَعَ الْحَوَائِطِ وَلَا الْحَوَائِطُ مَعَ الْأَرَضِينَ، وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ وَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِشُرُوطٍ نَذْكُرُهَا. اهـ. إنْ كَانَتْ الدُّورُ وَالْأَقْرِحَةُ حَاضِرَةً، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَوْضِعِ الْقَسْمِ وَتُقْسَمُ فِي غَيْبَتِهَا (بِوَصْفٍ) مِمَّنْ يَعْرِفُهَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُقَوِّمُ وَالْمُعَدِّلُ وَالْقَاسِمُ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَسِمَا دَارًا غَائِبَةً عَلَى مَا يُوصَفُ لَهُمَا مِنْ بُيُوتِهَا وَسَاحَتِهَا وَيُمَيِّزَا حِصَّتَيْهَا مِنْهَا بِالصِّفَةِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالصِّفَةِ. وَلِجَمْعِ الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ تَسَاوَتْ) الدُّورُ وَالْأَقْرِحَةُ (قِيمَةً وَرَغْبَةً وَتَقَارَبَتْ) مَوَاضِعُهَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا (كَالْمِيلِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (إنْ دَعَا إلَيْهِ) أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 259 وَلَوْ بَعْلًا وَسَيْحًا إلَّا مَعْرُوفَةً كَالسُّكْنَى، فَالْقَوْلُ لِمُفْرَدِهَا، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ   [منح الجليل] جَمَعَهَا فِي الْقِسْمَةِ (أَحَدُهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ لِيَجْتَمِعَ حَظُّهُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ أَبَاهُ غَيْرُهُ إنْ كَانَتْ كُلُّهَا بَعْلًا أَوْ سَيْحًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ بَعْضُهَا (بَعْلًا) يَشْرَبُ زَرْعُهُ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ، لَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ (وَ) بَعْضُهَا (سَيْحًا) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ يَشْرَبُ زَرْعُهُ بِمَا يَسِيحُ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ نِيلٍ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لِزَكَاةِ زَرْعِهِمَا بِالْعُشْرِ. وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ جَمْعِهِمَا. وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَا يُجْمَعَانِ لِلنَّضْحِ وَهُوَ الَّذِي يَسْقِي زَرْعَهُ بِآلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِزَكَاةِ زَرْعِهِ بِنِصْفِ عُشْرِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ دَعَا أَحَدُ الْأَشْرَاكِ إلَى قَسْمِ مَا يَنْقَسِمُ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا اشْتِرَاكُهُمْ بِمُوَرِّثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ جُبِرَ عَلَى الْقَسْمِ مَنْ أَبَاهُ. وَفِي الْمُوَطَّإِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا يُقْسَمُ مَا يُسْقَى بِالنَّضْحِ وَالسَّوَانِي مَعَ مَا يُسْقَى بِالْعُيُونِ، وَلَا يُقْسَمُ الْبَعْلُ مَعَ السَّقْيِ وَإِنْ تَقَارَبَتْ الْحَوَائِطُ، وَيُقْسَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ عَلَى حِدَةٍ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا أَنْ يَجْمَعُوهُ فِي الْقَسْمِ، فَذَلِكَ لَهُمْ. سَحْنُونٌ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَلَا يَصِحُّ بِهَا لِاخْتِلَافِهَا، وَيَصِيرُ كَجَمْعِ حِمَارٍ وَفَرَسٍ فِي الْقُرْعَةِ. وَجَوَّزَ فِي الْمُوَطَّإِ قَسْمَ الْبَعْلِ مَعَ مَا يُسْقَى بِالْعُيُونِ سَيْحًا دُونَ نَضْحٍ. الْبَاجِيَّ هَذَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ بِالْعُشْرِ، بِخِلَافِ النَّضْحِ الْمُزَكَّى بِنِصْفِ الْعُشْرِ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الدُّورِ الَّتِي تُجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ جَبْرًا عَلَى مَنْ أَبَاهُ لِمَنْ طَلَبَهُ فَقَالَ (إلَّا دَارًا مَعْرُوفَةً بِالسُّكْنَى) لِمُوَرِّثِهِمْ دَعَا أَحَدُهُمْ لِإِفْرَادِهَا بِالْقَسْمِ وَبَعْضُهُمْ لِجَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِيهِ (فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ طَالِبِ إفْرَادِهَا بِالْقَسْمِ لِيَحْصُلَ لَهُ مِنْهَا حَظٌّ إنْ احْتَمَلَتْ الْقَسْمَ، وَتَأَوَّلَ الْأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ. ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً، أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُفْرِدِهَا (بِخِلَافِهِ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ دَعَا لِجَمْعِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ دَارٌ غَيْرُهَا يَسْكُنُهَا، وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَإِنْ كَانَ لَهُ دَارٌ أُخْرَى كَانَ يَسْكُنُهَا جُمِعَتَا فِي الْقَسْمِ، وَلَا يُجَابُ مَنْ دَعَا لِإِفْرَادِهِمَا أَفَادَهُ تت. عج هَذَا لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الثَّانِيَ أَرْجَحُ مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ لِفَضْلٍ وَحْدَهُ طفي قَوْلُ تت وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ إلَخْ، زَادَ فِي كَبِيرِهِ وَهُوَ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ وَتَرَكَ دَارًا كَانَ يَسْكُنُهَا وَلَهَا حُرْمَةٌ بِسُكْنَاهُ وَتَرَكَ دُورًا غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا فَتَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي تِلْكَ الدَّارِ، وَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ حَظَّهُ مِنْهُ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ وَحْدَهَا إنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ، وَيَعْمَلُ فِي غَيْرِهَا مَا يَنْبَغِي، فَجَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَلِذَا عَزَاهُ لِلْأَكْثَرِ تَبَعًا لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالْأَكْثَرُ مِمَّنْ لَقِينَاهُ عَلَى مَا فِي الْوَاضِحَةِ. اهـ. وَكَلَامُ تت غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا عَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَكْثَرَ مَنْ لَقِيَهُ لَيْسَ هُوَ تَأْوِيلًا عَلَيْهَا بِنَفْسِ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَنَصُّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْعِبَارَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَلْفَاظٍ مُضْطَرِبَةٍ، وَالْأَكْثَرُ مِمَّنْ لَقِينَاهُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَسَاقَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ، فَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِكَوْنِهِمْ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إفْرَادُهَا بِالْقَسْمِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ شَرِيفًا وَلَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فِيهَا، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَلَا فِي ابْنِ نَاجِي وَلَا فِي تَنْبِيهَاتِ عِيَاضٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فَضْلٌ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَجَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ ثَالِثًا مُخَالِفًا لَهُمَا، فَقَالَ وَفِي كَوْنِ الْمَعْرُوفَةِ بِسُكْنَى الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا وَقَبُولُ قَوْلِ مُرِيدِ إفْرَادِهَا. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ شَرِيفًا لَهَا بِهِ حُرْمَةٌ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ أَكْثَرِ مُخْتَصِرِيهَا وَفَضْلٍ وَابْنِ حَبِيبٍ، فَفِي تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مَعْرُوفَةً بِسُكْنَاهُمْ فَتُفْرَدُ إنْ تَشَاحُّوا فِيهَا بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، نَظَرٌ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ وَإِيَّاهُمَا تَبِعَ تت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْفَقُ بِقَوْلِهَا وَإِذَا تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الْمَيِّتِ كَانُوا يَسْكُنُونَهَا فَأَرَادَ كُلُّ وَارِثٍ أَخْذَ حَظِّهِ مِنْهَا لِفَرْضِهَا الْمَسْأَلَةَ فِي سُكْنَاهُمْ لَا فِي انْفِرَادِ الْمَيِّتِ بِالسُّكْنَى، وَأَنَّهُمْ تَشَاحُّوا فِي إفْرَادِهَا وَكُلٌّ أَرَادَ أَخْذَ حَظِّهِ مِنْهَا بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 261 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَابْنِ عَرَفَةَ، وَأَبْقَى عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ تَخْصِيصُ السَّاكِنِينَ بِكَوْنِهِمْ مِنْ الْوَلَدِ دُونَ الْعَصَبَةِ، قَالَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الشَّرِيفِ أَمَّا الرَّجُلُ الشَّرِيفُ فَسَوَاءٌ بَنُوهُ وَعَصَبَتُهُ مِمَّنْ سَكَنَهَا أَوْ لَمْ يَسْكُنْهَا إذْ لَهَا حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهَا تُوجِبُ إفْرَادَهَا بِالْقَسْمِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً وَرَغْبَةً عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ نَفَاقًا وَرَغْبَةً، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ فِي النَّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ فِي مَوَاضِعِهَا وَتَشَاحِّ النَّاسِ فِيهَا سَوَاءً، وَكَانَ بَعْضُهَا قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ جُمِعَتْ فِي الْقَسْمِ، وَكَذَا عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَاقِ الرَّغْبَةُ وَالتَّشَاحُّ فَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ، وَلِذَا اكْتَفَى ابْنُ عَرَفَةَ بِالنَّفَاقِ فَقَالَ فِي جَمِيعِ الدُّورِ فِي الْقَسْمِ بِتَقَارُبِ مَوَاضِعِهَا أَوْ تَسَاوِي نَفَاقِهَا ثَالِثُهُمَا بِهِمَا. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالنَّفَاقِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِمَحَلٍّ مَرْغُوبٍ فِيهِ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِمَحَلَّةٍ شَرِيفَةٍ وَالْأُخْرَى مَرْغُوبٌ عَنْهَا فَلَا يُجْمَعَانِ وَلَمْ أَرَ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْقِيمَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِوَاءَ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرُ قِيمَةِ هَذِهِ كَهَذِهِ فَلَا أَخَالُهُمْ يَشْتَرِطُونَهُ. سَحْنُونٌ إنْ كَانَ بِنَاءُ إحْدَاهُمَا أَجْوَدَ جُمِعَتَا إنْ كَانَتَا فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالنَّمَطِ التَّقَارُبُ، وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقُرْبِ وَتَسَاوِي النَّفَاقِ لِسَحْنُونٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى تَأْوِيلِ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِوَاءَ فِي الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا صَغِيرَةً قَدْرَ نِصْفِ الْأُخْرَى تَكُونُ قِيمَتُهَا قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِهَا فَهُوَ يَرْجِعُ إلَى النَّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ. الْبُنَانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ نَفَاقًا بَدَلَ قِيمَةٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، إذْ هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَطْفُ الرَّغْبَةِ عَلَى النَّفَاقِ إمَّا عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَلِذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ذِكْرِ النَّفَاقِ، وَيُحْمَلُ النَّفَاقُ عَلَى رَغْبَةِ الْأَجَانِبِ وَالرَّغْبَةُ عَلَى رَغْبَةِ الشُّرَكَاءِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ رَغْبَةِ الْأَجَانِبِ اتِّحَادُ رَغْبَةِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّ رَغْبَتَهُمْ فِي مَسْكَنِ مُوَرِّثِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ رَغْبَتِهِمْ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ فِي الْقِيمَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 262 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ جَزْمًا كَمَا يُفِيدُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ. الثَّانِي: طفي جَمَعَ الْمُصَنِّفُ الدُّورَ وَالْأَقْرِحَةَ وَجَعَلَ كَالْمِيلِ حَدًّا لِلْقُرْبِ فِيهِمَا، وَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تَجْعَلْهُ حَدًّا لَهُ إلَّا فِي الْأَرَضِينَ وَالْحَوَائِطِ، فَفِي الْأُمِّ لَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قُرْبَ الْأَرْضِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأَرَى الْمِيلَ وَشِبْهَهُ قَرِيبًا فِي الْحَوَائِطِ وَالْأَرَضِينَ، وَفِي التَّهْذِيبِ فِيمَا تَقَارَبَ فِي أَمَاكِنِهِ وَتَسَاوَى فِي كَرَمِهِ مِنْ قُرًى كَثِيرَةٍ أَوْ حَوَائِطَ أَوْ أَقْرِحَةٍ جُمِعَ فِي الْقَسْمِ، وَالْمِيلُ وَشِبْهُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ، وَأَمَّا الدُّورُ فَلَمْ أَرَ فِيهَا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهَا وَكَانَ بَعْضُهَا قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ قَالَتْ: وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَتَسَاوَى الْمَوْضِعَانِ فِي الرَّغْبَةِ وَالنَّفَاقِ فَلَا تُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ اهـ. وَقَدْ نَسَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى مِنْوَالِهَا فَقَالَ: وَتُجْمَعُ الدُّورُ الْمُتَقَارِبَةُ الْمَكَانِ الْمُسْتَوِيَةُ نَفَاقًا وَرَغْبَةً، ثُمَّ قَالَهُ وَكَذَلِكَ الْقُرَى وَالْحَوَائِطُ وَالْأَقْرِحَةُ يُجْمَعُ مَا تَقَارَبَ مَكَانُهُ كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ وَتَسَاوَى فِي كَرَمِهِ وَعُيُونِهِ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتُجْمَعُ الدُّورُ الْمُتَقَارِبَةُ قَالَ وَالتَّقَارُبُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَتَكَلَّمْ عَلَى الْحَدِّ فِي الدُّورِ وَكَأَنَّهُ أَيْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْقُرْبِ فِي الدُّورِ. وَنَصَّ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ الْمِيلَ قُرْبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدُّورِ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَلَا يُجْمَعَانِ أَبُو الْحَسَنُ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا فِي الْمِصْرِ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَادِيَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ مِثْلُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّقْرِيبِ اهـ. وَفِي الْأَخْذِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ عَنْ التَّقْرِيبِ هُوَ قَوْلُهُ وَفِي التَّقْرِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْقُرَى، أَيْ الْقُرْبُ بِالْمِيلِ وَنَحْوِهِ أَمَّا بَيْنَ الدِّيَارِ فِي الْبَلَدِ فِي الِاخْتِلَافِ يَحْصُلُ بِنِصْفِ الْمِيلِ. اللَّخْمِيُّ يُرَاعَى قَسْمُ الدُّورِ فِي مَوَاضِعِهَا، فَإِنْ كَانَتَا فِي مَحَلَّتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ جَمِيعًا كَانَتَا فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَوْ طَرَفِهِ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِوَسَطِهِ وَالْأُخْرَى فِي طَرَفِهِ فَلَا تُجْمَعَانِ. الثَّالِثُ: الْبُنَانِيُّ جَرَى الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَوْ بَعْلًا إلَخْ عَلَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ جَوَازُ الْجَمْعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 263 وَفِي الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ: تَأْوِيلَانِ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ، إنْ احْتَمَلَ، إلَّا كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ مُخْتَلِفَةٌ،   [منح الجليل] بَيْنَهُمَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ بِالْعُشْرِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ لَا يُجْمَعُ الْبَعْلُ مَعَ النَّضْحِ وَلَا مَعَ السَّيْحِ اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ. اللَّخْمِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا يُجْمَعُ النَّضْحُ مَعَ السَّقْيِ بِالْعَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يَنُصَّ هَلْ يُجْمَعُ مَا يُسْقَى بِالْعَيْنِ مَعَ الْبَعْلِ أَوْ لَا ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ مِثْلُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ، وَنَصُّ سَمَاعِ أَشْهَبَ خِلَافُهُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَسْمِ الْبَعْلِ مَعَ الْعَيْنِ إذَا كَانَ يُشْبِهُهَا اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي) جَوَازِ جَمْعِ (الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ) فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ الصَّالِحَيْنِ لَهُ وَمَنْعِهِ (تَأْوِيلَانِ) وَأَمَّا بِالتَّرَاضِي فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا. طفي قَوْلُ تت وَفِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْقُرْعَةِ أَيْ أَوْ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ الْمُجِيزَ بِالْقُرْعَةِ يَقُولُ بِالتَّرَاضِي مِنْ بَابِ أَوْلَى، فَاقْتَصَرْت عَلَى التَّوَهُّمِ فَهُوَ كَقَوْلِ عِيَاضٍ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْخِرَاصَاتِ لَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى مَا جَاءَ مُفَسَّرًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَا فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ وَالْعِلَّةُ أَنَّهُ كَقَسْمِ شَيْئَيْنِ إذْ لَا سَاحَةَ لِلْعُلُوِّ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرْتَفِقٌ لِلسُّفْلِ، وَالْأَكْثَرُ أَجَازُوهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ بِالسَّهْمِ وَالْمُرَاضَاةِ، وَرَجَّحَهُ أَبُو عِمْرَانَ، وَهَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ. (وَأُفْرِدَ) الْقَاسِمُ فِي قِسْمَةِ الشَّجَرِ الْمُخْتَلِفِ الْأَصْنَافِ بِالْقُرْعَةِ (كُلُّ صِنْفٍ) كَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَنَخْلٍ (إنْ احْتَمَلَ) أَيْ قَبِلَ وَصَلُحَ كُلُّ صِنْفٍ لِقَسْمِهِ وَحْدَهُ بِحَيْثُ يَنُوبُ كُلَّ شَرِيكٍ شَجَرَةٌ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَصْنَافُ فِي حَوَائِطَ أَوْ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ، وَتَمَيَّزَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِأَنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ بِهِ (إلَّا) أَصْنَافًا مُجْتَمِعَةً فِي (كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ مُخْتَلِفَةٌ) كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ وَعَجْوَةٍ وَلِينَةٍ وَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِجِهَاتٍ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَنَخْلَةٍ فَزَيْتُونَةٍ فَرُمَّانَةٍ فَتُفَّاحَةٍ وَهَكَذَا فَتُجْمَعُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ التُّفَّاحُ جِنَانًا عَلَى حِدَةٍ وَالرُّمَّانُ جِنَانًا عَلَى حِدَةٍ، وَكُلُّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 264 أَوْ أَرْضٍ بِشَجَرٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَجَازَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ، إنْ جُزَّ، وَإِنْ لِكَنِصْفِ شَهْرٍ وَأَخَذَ وَارِثٍ عَرْضًا وَآخَرَ دَيْنًا، إنْ جَازَ بَيْعُهُ؛   [منح الجليل] نَوْعٍ جِنَانٌ عَلَى حِدَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَحْمِلُ الْقَسْمَ فَلْيُقْسَمْ كُلُّ جِنَانٍ وَحْدَهُ بِالْقِيمَةِ. وَأَمَّا الْأَشْجَارُ الْمُخْتَلِفَةُ مِثْلُ تُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ وَكُلُّهَا فِي جِنَانٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِطَةٌ، فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كُلُّهُ مُجْتَمِعًا بِالْقِيمَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي النَّخْلِ تَكُونُ فِي حَائِطٍ فَمِنْهُ الْبَرْنِيُّ وَالصَّيْحَانِيُّ وَالْجُعْرُورُ، وَأَنْوَاعُ الثَّمَرِ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الْقِيمَةِ، وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْحَائِطِ، وَالِالْتِفَاتُ إلَى مَا يَصِيرُ فِي حَظِّ أَحَدِهِمْ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ دُونَ غَيْرِهِ. (أَوْ) كَ (أَرْضٍ) مُتَلَبِّسَةٍ (بِشَجَرٍ مُتَفَرِّقَةٍ) فِيهَا مَلَكَهَا الشُّرَكَاءُ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُجْمَعُ الْأَرْضُ مَعَ الشَّجَرِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ وَلَا تُفْرَدُ عَنْهُ لِئَلَّا يَقَعَ شَجَرُ أَحَدِهِمْ فِي أَرْضِ الْأُخْرَى، وَعَكْسُهُ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ وَرِثَ قَوْمٌ أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ مُتَفَرِّقَةٌ هَاهُنَا شَجَرَةٌ وَهَاهُنَا شَجَرَةٌ، فَأَرَادُوا قَسْمَهَا فَلْيَقْتَسِمُوا الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ جَمِيعًا إذْ لَوْ قَسَمُوا الْأَرْضَ عَلَى حِدَةٍ وَالشَّجَرَ عَلَى حِدَةٍ صَارَ لِكُلٍّ شَجَرُهُ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ. (وَجَازَ) أَنْ يُقْسَمَ (صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ) لِلْغَنَمِ (إنْ جُزَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الزَّايِ، أَيْ شَرَعَ فِي جَزِّهِ حِينَ قَسَمَهُ، بَلْ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ جَزِّهِ (لِكَنِصْفِ شَهْرٍ) " ق ". فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ إنْ جَزَّهُ الْآنَ أَوْ إلَى أَيَّامٍ قَرِيبَةٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ فِيمَا بَعْدُ تت وَبَيَّنَ حَدَّ الْقُرْبِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ بِنَحْوِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. طفي لَمْ يُبَيِّنْهُ فِي الصُّوفِ، بَلْ فِي الزَّرْعِ وَلَمَّا سَاقَ فِي كَبِيرِهِ كَلَامَهَا قَالَ وَحُكْمُ الصُّوفِ كَذَلِكَ. (وَ) إنْ مَاتَ عَنْ عَرْضٍ وَدَيْنٍ وَلَهُ وَارِثَانِ أَرَادَ قَسْمَهُمَا فَيَجُوزُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (أَخَذَ وَارِثٌ عَرْضًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ (وَ) أَخَذَ وَارِثٌ (آخَرُ دَيْنًا) بِفَتْحِ الدَّالِ مِنْهَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ يَتْبَعُ الْمَدِينَ بِهِ (إنْ) كَانَ قَدْ (جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 265 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الدَّيْنِ بِحُضُورِ الْمَدِينِ وَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ " ق ". فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَدُيُونًا عَلَى رِجَالٍ شَتَّى فَاقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ الْعُرُوضَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدُّيُونَ عَلَى أَنْ يَتْبَعَ الْغُرَمَاءَ فَإِنْ كَانُوا حَاضِرِينَ مُقِرِّينَ وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ جَازَ، وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ لَا يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى غَرِيمٍ غَائِبٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ تَرَكَ دُيُونًا عَلَى رِجَالٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّجَالَ فَتَصِيرُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ، وَلْيَقْتَسِمُوا مَا كَانَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ الذِّمَّةُ بِالذِّمَّةِ مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ. طفي زَادَ عج عَلَى قَوْلِهِ وَلْيَقْتَسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ، أَيْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الْقِسْمَةِ فَيَدْخُلُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ غَائِبًا، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ مَقْصُودُهُ بَيَانُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْقِسْمَةِ يَجْرِي حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ. اهـ. وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَوَابٍ، بَلْ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا لِأَنَّ قَسْمَ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ فِي الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ إذَا شَخَّصَ أَحَدُهُمْ دُونَ الْإِعْذَارِ إلَيْهِمْ، فَلِشُرَكَائِهِ أَنْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَى أَوْ يُسَلِّمُوا لَهُ مَا قَبَضَ، وَيَتَّبِعُوا الْغَرِيمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ لِلدَّيْنِ. أَبُو الْحَسَنِ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ الدَّيْنِ عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يَكُنْ مَحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَمَلَ بَيْعِ مَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِ مَدِينِهِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ، فَإِنْ ثَبَتَ فَلَهُمَا جَمِيعًا، وَإِنْ بَطَلَ فَلَهُمَا جَمِيعًا فَلَا غَرَرَ فِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الدَّيْنِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ، حُكْمُهُ كَحُكْمِ بَيْعِ الدَّيْنِ، وَقَسْمُ الدُّيُونِ عَلَى رِجَالٍ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ، وَقَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا، وَالْعَجَبُ مِنْ الرَّصَّاعِ شَارِحِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ غَائِبًا، تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الصُّلْحِ وَهُوَ مُخَالَفَةٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الرَّسْمَ عَلَى مَا يَعُمُّ الْمَشْهُورَ وَغَيْرَهُ. اهـ. فَلَيْتَ شِعْرِي أَنَّى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 266 وَأَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً، وَالْآخَرِ قَمْحًا وَخِيَارُ أَحَدِهِمَا كَالْبَيْعِ وَغَرْسُ أُخْرَى؛ إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك مِنْ أَرْضِ غَيْرِك، إنْ لَمْ تَكُنْ أَضَرَّ   [منح الجليل] كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي جَعَلَهُ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ. (وَ) يَجُوزُ (أَخْذُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ (قُطْنِيَّةً) كَفُولٍ (وَ) أَخَذَ (الْآخَرِ قَمْحًا) فِيهَا لَوْ اقْتَسَمَا قَمْحًا وَقِطْنِيَّةً فَأَخَذَ هَذَا الْحِنْطَةَ وَأَخَذَ هَذَا الْقَطْنِيَّةَ يَدًا بِيَدٍ جَازَ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَمْحُ وَهَذَا الْقَطْنِيَّةُ زَرْعًا قَدْ بَلَغَ وَطَابَ لِلْحَصَادِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَحْصُدَاهُ مَكَانَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ فِي حَصَادِهِ تَأْخِيرُ دَخْلِهِ بِيعَ طَعَامٌ غَيْرُ يَدٍ بِيَدٍ. (تَنْبِيهٌ) ابْنُ عَاشِرٍ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ إلَى قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ صِفَةٌ كُلُّهُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ. وَقَوْلُهُ بَزٌّ خَاصٌّ بِالْقُرْعَةِ بِدَلِيلِ لَا كَبَعْلٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ فِيهِمَا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَجِدُهُ فِي غَايَةِ الْإِجْحَافِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) يَجُوزُ (خِيَارُ) أَيْ شَرْطُهُ فِي الْقِسْمَةِ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ (كَ) خِيَارِ (الْبَيْعِ) الْمُشْتَرَطِ فِيهِ فِي قَدْرِ مُدَّتِهِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَبَهِيمٍ وَعَرْضٍ وَفِيمَا يَقْطَعُهُ " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ عُرُوضًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْخِيَارَ أَيَّامًا يَجُوزُ مِثْلُهَا فِي الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فَجَائِزٌ، وَلَيْسَ لِمَنْ لَا خِيَارَ لَهُ رَدُّ ذَلِكَ لِمُشْتَرِطِهِ، وَإِذَا بَنَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ هَدَمَ أَوْ سَاوَمَ لِلْبَيْعِ فَذَلِكَ كَالْبَيْعِ. (وَ) يَجُوزُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَانْقَلَعَتْ (غَرْسُ) شَجَرَةٍ (أُخْرَى) فِي مَكَان شَجَرَتِهِ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِهِ (إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك مِنْ أَرْضِ غَيْرِك) بِقَلْعِك أَوْ بِنَحْوِ رِيحٍ وَسَيْلٍ (إنْ لَمْ تَكُنْ) الشَّجَرَةُ الَّتِي أَرَدْت غَرْسَهَا مَكَانَ الْمُنْقَلِعَةِ (أَضَرَّ) مِنْ الْمُنْقَلِعَةِ بِأَنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهَا أَوْ خَفِيفَةً عَنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ أَضَرَّ بِكَثْرَةِ عُرُوقِهَا فَلَا يَجُوزُ لَك غَرْسُهَا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الْأَرْضِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا انْقَلَعَتْ نَخْلَةٌ لَك فِي أَرْضِ رَجُلٍ مِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 267 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الرِّيحِ أَوْ قَلَعْتهَا أَنْتَ فَلَكَ أَنْ تَغْرِسَ مَكَانَهَا أُخْرَى. ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْ مِنْ سَائِرِ الشَّجَرِ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أَكْثَرَ انْتِشَارًا وَلَا أَكْثَرَ ضَرَرًا بِالْأَرْضِ مِنْ النَّخْلَةِ وَلَا يَغْرِسُ مَكَانَهَا نَخْلَتَيْنِ وَانْظُرْ لَوْ احْتَاجَتْ هَذِهِ النَّخْلَةُ لِتَدْعِيمٍ. ابْنُ سِرَاجٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعَمَهَا إلَّا فِي حَرِيمِهَا، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ سَقَطَتْ الشَّجَرَةُ وَنَبَتَتْ فِيهَا خُلُوفٌ، فَالْخُلُوفُ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ إنْ نَبَتَتْ فِي مَوْضِعِ الشَّجَرَةِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلَهُ مَوْضِعُهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِقَدْرِهِ حَدٌّ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرَةُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ يَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ فَلَهُ قَلْعُهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِقِيمَتِهَا حَطَبًا إنْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ وَإِلَّا فَبِغَيْرِ شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهَا مُضِرًّا بِأَصْلِ الشَّجَرَةِ كَانَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ قَطْعُهَا بِكُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الَّذِي ظَهَرَتْ فِي أَرْضِهِ الْعُرُوقَ الْمُتَّصِلَةَ بِالشَّجَرَةِ حَتَّى لَا تَضُرَّ بِهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ لَهَا قِيمَةٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) . الْأَوَّلُ: سَقْيُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي أَرْضِ غَيْرِ مَالِكِهَا عَلَى مَالِكِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ وَشَرِبَتْ مِنْ مَاءِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ سَقْيِهَا، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فِيمَنْ اشْتَرَى زَيْتُونَةً عَلَى أَنْ يَقْلَعَهَا فَتَوَانَى فِي قَلْعِهَا حَتَّى أَثْمَرَتْ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّمَرَةُ لِمُشْتَرِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ قِيَامِهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ يَسْقِيهَا وَلَمْ يَسْقِهَا الْمَطَرُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ إنْ كَانَ غَائِبًا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عَلَى اخْتِلَافٍ. الثَّانِي: ابْنُ الْحَاجِّ إنْ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى مَنْ يَحْرُسُ لَهُمْ جِنَانَهُمْ أَوْ كُرُومَهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ مَعَهُمْ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ فِي الدَّوَرَانِ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ وَأَبَى بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْكَرْمِ أَنَا أَحْرُسُهُ بِنَفْسِي أَوْ يَحْرُسُهُ غُلَامِي أَوْ أَخِي فَلَهُ ذَلِكَ. الثَّالِثُ: أُجْرَةُ إمَامَةِ الصَّلَاةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهَا لِكَرَاهَتِهَا وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ، وَيَنْبَغِي فِي أُجْرَةِ إمَامِ الْجُمُعَةِ أَنْ تَلْزَمَ مَنْ أَبَاهَا لِأَنَّ شُهُودَهَا فَرْضُ عَيْنٍ أَفَادَهُ الْحَطّ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 268 كَغَرْسِهِ بِجَانِبِ نَهْرِك الْجَارِي فِي أَرْضِهِ وَحُمِلَتْ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ، إنْ وَجَدْت سَعَةً وَجَازَ ارْتِزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لَا شَهَادَتُهُ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَغَرْسِهِ) أَيْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَشْجَارًا (بِجَانِبِ نَهْرِك الْجَارِي فِي أَرْضِهِ) فَيَجُوز وَلَيْسَ لَك مَنْعُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِمَاءِ نَهْرِك، لِهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا لَا يَضُرُّ وَهُوَ مُقْتَضَى تَمَامِ التَّشْبِيهِ. (وَ) إنْ كَنَسْت نَهْرَك (حُمِلَتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ (فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ) أَيْ النَّهْرِ الَّذِي بِأَرْضِ غَيْرِك (عَلَى الْعُرْفِ) الْجَارِي بَيْنَ أَهْلِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ جَرَى بِطَرْحِهَا بِحَافَّتِهِ وَكَانَ بِحَافَّتِهِ شَجَرٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (لَمْ تَطْرَحْ) أَنْتَ كُنَاسَةَ نَهْرِك (عَلَى حَافَّتِهِ) وَفِي نُسْخَةِ شَجَرِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا " غ " (إنْ وَجَدْت سَعَةً) تَطْرَحُهَا بِهَا. فَإِنْ لَمْ تَجِدْ سَعَةً بَعِيدَةً عَنْ الشَّجَرِ وَوَجَدْت سَعَةً بَيْنَهُ فَاطْرَحْهَا بِهَا، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ الْعُرْفُ الطَّرْحَ بِحَافَّتِهِ. " ق " إنْ كَانَ لَك نَهْرٌ مَمَرُّهُ فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَلَيْسَ لَك مَنْعُهُمْ أَنْ يَغْرِسُوا بِحَافَّتِهِ شَجَرًا، فَإِذَا كَنَسْت نَهْرَك حُمِلَتْ عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الطَّرْحُ بِضِفَّتَيْهِ فَلَا تَطْرَحْهَا عَلَى شَجَرِهِمْ إنْ أَصَبْت دُونَهَا مِنْ ضِفَّتَيْهِ مُتَّسَعًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبَيْنَ الشَّجَرِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهَا طَرَحْت فَوْقَ شَجَرِهِمْ إنْ كَانَتْ سُنَّةُ بَلَدِهِمْ طَرْحَ طِينِ النَّهْرِ عَلَى حَافَّتِهِ. أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّتُهُمْ ذَلِكَ فَعَلَى رَبِّ النَّهْرِ حَمْلُهَا إلَى حَيْثُ تُطْرَحُ. (وَجَازَ) لِلْقَاسِمِ (ارْتِزَاقُهُ) أَيْ أَخْذُ الْقَاسِمِ أُجْرَةً عَلَى قَسْمِهِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا جَوَازُ إعْطَاءِ نَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ الْأُجْرَةَ لِلْقَاسِمِ كَالْقَاضِي وَالْعَامِلِ وَالسَّاعِي وَكُلِّ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ (لَا) تَجُوزُ (شَهَادَتُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ بِمَا خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي الَّذِي وَلَّاهُ الْقَسْمَ أَوْ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَثِيقَةُ. " ق " سَمِعَ الْقَرِينَانِ إذَا قَدَّمَ الْقَاضِي عَدْلًا لِلْقَسْمِ بَيْنَ قَوْمٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَارَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قَضَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بِقَوْلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَكَذَا مَا لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 269 وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ، وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ   [منح الجليل] يُبَاشِرُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا بَعْدَ أَنْ نَفَذَ بَيْنَهُمْ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْقَاسِمُ وَلَمْ يُوجَدْ رَسْمُ أَصْلِ الْقِسْمَةِ الَّتِي قَضَى بِهَا، فَقَوْلُ الْقَاسِمِ وَحْدَهُ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي قَدَّمَهُ، لَا عِنْدَ غَيْرِهِ، كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى مَاضِي حُكْمِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقُسَّامِ فِيمَا قَسَمُوا. ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفَسَّرَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ مِنْهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ الْعَاقِدُ وَالْمُحَلَّفُ وَالْكَاتِبُ وَالنَّاظِرُ لِلْعَيْبِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَمَرَهُمْ وَحْدَهُمْ وَلَا مَعَ غَيْرِهِمْ كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَعْزُولِ فِيمَا يَذْكُرُ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ شَهَادَةَ الْقُسَّامِ فِيمَا قَسَمُوهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَائِزَةٌ عِنْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ إنْفَاذِ حُكْمِهِ بِالْقِسْمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ وَضَيَاعِ الْمُسْتَنَدِ الَّذِي فِيهِ الْقِسْمَةُ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَمَرَهُمْ لَا وَحْدَهُمْ وَلَا مَعَ غَيْرِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَ لِلْمُشْتَرِكِينَ عَلَى السَّوَاءِ (فِي قَفِيزٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْفَاءِ آخِرُهُ زَايٌ. فِي الْمِصْبَاحِ الْقَفِيزُ مِكْيَالٌ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ وَجَمْعُهُ أَقْفِزَةٌ وَقُفْزَانٌ. ثُمَّ قَالَ وَالْمَكُّوكُ مِكْيَالٌ وَهُوَ ثَلَاثُ كِيلَجَاتٍ، وَالْكِيلَجَةُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ مَنًا، ثُمَّ قَالَ وَالْمَنُّ الَّذِي يُكَالُ بِهِ السَّمْنُ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ يُوزَنُ بِهِ رِطْلَانِ وَتَثْنِيَتُهُ مَنَوَانِ وَجَمْعُهُ أَمْنَاءٍ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ. وَفِي لُغَةِ تَمِيمٍ مَنٌّ بِالتَّشْدِيدِ وَجَمْعُهُ أَمْنَانٍ، وَتَثْنِيَتُهُ مَنَّانِ عَلَى لَفْظِهِ مِنْ بُرٍّ مَثَلًا (أَخَذَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْقَفِيزِ (ثُلُثَيْهِ) أَيْ الْقَفِيزِ وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ بِقِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّ أَخْذَ الثُّلُثِ أَخْذُ بَعْضِ حَقِّهِ وَوَهَبَ لِشَرِيكِهِ السُّدُسَ تَمَامَ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ. " ق " ابْنُ رُشْدٍ الصُّبْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قَسْمِهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ، وَعَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ الْمُدَّخَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَبِالصَّنْجَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَجْهُولَةِ، وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ قَسْمَهُ جُزَافًا بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا تَحَرٍّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُدَّخَرِ دَخَلَهُ أَيْضًا عَدَمُ الْمُمَاثَلَةِ. وَأَمَّا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 270 لَا إنْ زَادَ عَيْنًا، أَوْ كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ وَفِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا، أَوْ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا: أَخَذَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَعِشْرِينَ قَفِيزًا إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ صِفَةً،   [منح الجليل] قَسْمُهُ تَحَرِّيًا فَلَا يَجُوزُ فِي الْمَكِيلِ وَيَجُوزُ فِي الْمَوْزُونِ. اللَّخْمِيُّ الْفَضْلُ يَجُوزُ فِي الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي قَفِيزِ طَعَامٍ بِالنِّصْفِ فَاقْتَسَمَاهُ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ جَازَ، وَالتَّرَاخِي جَائِزٌ كَمَا جَازَ الْقَرْضُ يَأْخُذُ مِائَةَ دِينَارٍ لِيَرُدَّهَا بَعْدَ سَنَةٍ، وَفِيهَا لَوْ قَسَمَا مِائَةَ قَفِيزٍ قَمْحًا وَمِائَةً شَعِيرًا فَأَخَذَ هَذَا سِتِّينَ قَمْحًا وَأَرْبَعِينَ شَعِيرًا وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتِّينَ شَعِيرًا وَأَرْبَعِينَ قَمْحًا، فَذَلِكَ جَائِزٌ. أَبُو الْحَسَنِ جَعَلَ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزًا فَلِذَلِكَ أَجَازَهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا بِطَعَامٍ وَالْآخَرُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ إلَخْ. وَلَوْ جَعَلَهَا بَيْعًا لَمَنَعَهَا كَمَا قَالَ فِي السَّلَمِ لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مُدَّ قَمْحٍ وَمُدَّ شَعِيرٍ، وَالْآخَرُ مِثْلَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. (لَا) يَجُوزُ الْقَسْمُ لِمُشْتَرَكٍ رِبَوِيٍّ كَعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ مُخْتَلِفٍ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَلَى أَخْذِ أَحَدِهِمَا الْجَيِّدَ وَالْآخَرِ الرَّدِيءَ (إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُقْسِمِينَ وَهُوَ آخِذُ الْجَيِّدِ (عَيْنًا) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لِأَخْذِ الرَّدِيءِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ الْمَعْرُوفِ بِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَدَنَانِيرَ عَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ وَأَحَدَ عَشَرَ يَزِيدِيَّةً يَأْخُذُ هَذَا الْمُحَمَّدِيَّةَ وَهَذَا الْيَزِيدِيَّةَ، وَكَإِرْدَبِّ قَمْحٍ جَيِّدٍ وَإِرْدَبِّ قَمْحٍ رَدِيءٍ يَأْخُذُ الْجَيِّدَ وَالْآخَرُ يَأْخُذُ الرَّدِيءَ، وَيَزِيدُهُ آخِذُ الْجَيِّدِ دِينَارًا (أَوْ) زَادَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ آخِذُ الْجَيِّدِ (كَيْلًا) فِي قِسْمَةِ طَعَامَيْنِ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ (لِدَنَاءَةٍ) فِي قَسْمِ الْمَزِيدِ لَهُ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ جَيِّدٍ وَإِرْدَبَّيْ قَمْحٍ رَدِيءٍ يَأْخُذُ هَذَا الْجَيِّدَ وَالْآخَرُ الرَّدِيءَ وَإِرْدَبِّ قَمْحٍ وَإِرْدَبَّيْ شَعِيرٍ. " ق " فِيهَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ فِي قِسْمَةِ ثَمَرِ الْحَائِطِ تَفْضِيلٌ فِي الْكَيْلِ لِرَدَاءَةِ حَظِّهِ وَلَا التَّسَاوِي فِي الْمِقْدَارِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ آخِذُ الْجَيِّدِ ثَمَنًا لِصَاحِبِهِ. (وَ) جَازَ لِمُشْتَرِكَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ (فِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا) قَمْحًا مَثَلًا (وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا أَخْذُ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بِالْمُرَاضَاةِ (عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا) وَأَخَذَ الْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ (إنْ اتَّحَدَ الْقَمْحُ صِفَةً) بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً نَقِيًّا أَوْ غَلْثًا، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 271 وَوَجَبَ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ لِبَيْعٍ؛ إنْ زَادَتْ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَإِلَّا نُدِبَتْ وَجَمْعُ بَزٍّ،   [منح الجليل] فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ فَلَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ، فَيَنْتَقِي الْمَعْرُوفَ؛ وَلِأَنَّ عُدُولَهُمَا عَنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ أَخْذُ كُلِّ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَقْفِزَةِ إلَى غَيْرِهِ إنَّمَا يَكُونُ لِغَرَضٍ وَهُوَ هُنَا الْمُكَايَسَةُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا، لَكِنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِأَعْيَانِهَا. " ق " الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ قَسَمَا ثَلَاثِينَ قَفِيزًا مِنْ الْقَمْحِ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَأَخَذَ وَاحِدٌ الدَّرَاهِمَ وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ وَأَخَذَ الْآخَرُ عِشْرِينَ قَفِيزًا جَازَ إنْ تَسَاوَى الْقَمْحُ فِي النَّفَاقِ وَالْجَوْدَةِ وَالْجِنْسِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا فِيهِ بِطَعَامٍ وَأَتَى الْآخَرُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ فَيَكُونُ فَاسِدًا. (وَ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَ قَمْحٍ مَثَلًا مَغْلُوثٍ بِنَحْوِ تِينٍ وَطِينٍ (وَجَبَتْ) عَلَيْهِ وُجُوبًا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ (غَرْبَلَةُ) كَ (قَمْحٍ لِ) إرَادَةِ (بَيْعٍ) لَهُ (إنْ زَادَ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ) لِأَنَّ بَيْعَهُ بِدُونِ غَرْبَلَتِهِ غَرَرٌ وَخَطَرٌ لِجَهْلِ قَدْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ غَلْثُهُ عَلَى ثُلُثِهِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ (نُدِبَتْ) غَرْبَلَتُهُ، فَلَوْ قَالَ حَبٌّ بَدَلَ قَمْحٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ الْقَمْحَ وَغَيْرَهُ، وَمَفْهُومُ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ غَرْبَلَتُهُ لِإِرَادَةِ قِسْمَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهَا يُغَرْبَلُ الْقَمْحُ الْمَبِيعُ، وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ مَغْلُوثٌ وَهُوَ صُبْرَةٌ وَاحِدَةٌ جَازَ أَنْ يَقْسِمَاهُ. الْمُتَيْطِيُّ أَمَّا غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ مِنْ التِّبْنِ وَالْغَلْثِ فَذَلِكَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَاجِبٌ إنْ كَانَ التِّبْنُ وَالْغَلْثُ فِيهِ كَثِيرًا يَقَعُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ بَيْعَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْغَرَرِ، وَتُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ التِّبْنُ وَالْغَلْثُ فِيهِ يَسِيرًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزٌ لَا بَيْعٌ. وَفِي نُسْخَةٍ كَبَيْعٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ، وَهَذِهِ تُفِيدُ وُجُوبَ الْغَرْبَلَةِ بِشَرْطِهَا فِي الْقِسْمَةِ أَيْضًا، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ. أَبُو الْحَسَنِ عَقِبَ نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْغَلْثُ كَثِيرًا، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَاهُ فِي الْخَفِيفِ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ فِي صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَ) جَازَ (جَمْعُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (بَزٍّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الزَّايِ، أَيْ ثِيَابٍ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 272 وَلَوْ كَصُوفٍ، وَحَرِيرٍ لَا كَبَعْلٍ، وَذَاتِ بِئْرٍ أَوْ غَرْبٍ وَثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ، إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ:   [منح الجليل] فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ مِنْ أَصْنَافٍ (صُوفٍ وَحَرِيرٍ) وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرَأَيْت مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ثِيَابَ حَرِيرٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَجِبَابًا وَأَكْسِيَةً أَيُقْسَمُ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ أَمْ يُجْعَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْقَسْمِ كَنَوْعٍ وَاحِدٍ، قَالَ أَرَى أَنْ يُجْمَعَ الْبَزُّ كُلُّهُ فِي الْقِسْمَةِ فَيُجْعَلَ نَوْعًا وَاحِدًا فَيُقْسَمَ عَلَى الْقِيمَةِ مِثْلُ الرَّقِيقِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَوْعٌ وَاحِدٌ، وَفِيهِمْ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْهَرِمَةُ وَالْجَارِيَةُ الْفَارِهَةُ وَثَمَنُهُمْ مُتَفَاوِتٌ بِمَنْزِلَةِ النَّوْعَيْنِ أَوْ أَشَدَّ، فَالْبَزُّ عِنْدِي بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، وَكَذَلِكَ تُقْسَمُ الْإِبِلُ وَفِيهَا أَصْنَافٌ، وَالْبَقَرُ وَفِيهَا أَصْنَافٌ، فَتُجْمَعُ كُلُّهَا فِي الْقَسْمِ عَلَى الْقِيمَةِ. عِيَاضٌ الْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ عَلَى كُلِّ مَا يُلْبَسُ كَانَ صُوفًا أَوْ خَزًّا أَوْ كَتَّانًا أَوْ قُطْنًا أَوْ حَرِيرًا مَخِيطًا أَوْ غَيْرَ مَخِيطٍ. (لَا) يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كَبَعْلٍ) أَيْ أَرْضٍ يَشْرَبُ زَرْعُهَا بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَوَاتِهَا فَيَسْتَغْنِي عَنْ السَّقْيِ (وَ) أَرْضٍ (ذَاتِ) أَيْ صَاحِبَةِ (بِئْرٍ) يُسْقَى زَرْعُهَا بِمَائِهِ (أَوْ) ذَاتِ (غَرْبٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ دَلْوٍ كَبِيرٍ يُنْزَعُ بِهِ الْمَاءُ مِنْ الْبِئْرِ لِسَقْيِ الزَّرْعِ لِأَنَّ زَكَاةَ زَرْعِ الْبَعْلِ الْعُشْرُ وَزَكَاةَ زَرْعِ ذَاتِ الْبِئْرِ أَوْ الْغَرْبِ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَعْلًا وَسَيْحًا لَكَانَ أَحْسَنَ. " ق " فِي الْمُوَطَّإِ يَجُوزُ قَسْمُ الْبَعْلِ مَعَ مَا يُسْقَى سَيْحًا دُونَ نَضْحٍ. الْبَاجِيَّ هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ بِالْعُشْرِ. ابْنُ زَرْقُونٍ لَا يُجْمَعُ الْبَعْلُ مَعَ النَّضْحِ وَلَا مَعَ السَّيْحِ اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فِيهِ فِي قَسْمِهِ تَحَرِّيًا. (وَلَا) يَجُوزُ قَسْمُ (ثَمَرٍ) عَلَى شَجَرِهِ (وَزَرْعٍ) قَائِمٍ بِأَرْضِهِ بِالتَّحَرِّي (إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ) أَيْ لَمْ يَدْخُلْ الْمُتَقَاسِمَانِ عَلَى جَذِّ الثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ عَقِبَ قَسْمِهِ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى إبْقَائِهِ إلَى انْتِهَاءِ طِيبِهِ أَوْ أَطْلَقَا، فَإِنْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ عَقِبَهُ جَازَ. " غ " أَشَارَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ إلَى قَوْلِهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 273 كَقَسْمِهِ بِأَصْلِهِ، أَوْ قَتًّا أَوْ زَرْعًا   [منح الجليل] لَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا إذَا اجْتَهَدَا حَتَّى يَخْرُجَا مِنْ وَجْهِ الْخِطَارِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَتُهُمَا إلَيْهِ، وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ وَفَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ فَضْلُهُ جَازَ ذَلِكَ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بَلَحُ نَخْلَةٍ بِبَلَحِ نَخْلَتَيْنِ، عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا، وَلِمَفْهُومِ قَوْلِهَا قَبْلَهُ لَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَحْصُدَاهُ مَكَانَهُمَا إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا فِي قَسْمِهِ تَحَرِّيًا، وَكَذَلِكَ الْقَضْبُ وَالتِّبْنُ، فَإِنْ تَرَكَا الزَّرْعَ حَتَّى صَارَ حَبًّا انْتَقَضَ قَسْمُهُ وَقُسِمَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَيْلًا. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَقَسْمِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِأَصْلِهِ) أَيْ مَعَ شَجَرِهِ أَوْ أَرْضِهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ وَشَجَرٍ أَوْ أَرْضٍ بِمِثْلِهِمَا (أَوْ) قَسْمُ الزَّرْعِ (قَتًّا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ جَزْمًا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُمَاثَلَتِهَا (أَوْ) قَسْمُهُ (ذَرْعًا) أَيْ بِالذِّرَاعِ وَالْقَصَبَةِ وَالْفَدَّانِ فَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا وَفِيهَا ثَمَرٌ فَلَا يَقْسِمُونَ الثِّمَارَ مَعَ الْأَصْلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ طَلْعًا أَوْ بَلَحًا إلَّا أَنْ يَجُذُّوهُ مَكَانَهُ. الْبَاجِيَّ مَنَعَ قَسْمَهَا مَعَ الطَّلْعِ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا، وَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا دُونَ الطَّلْعِ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ طَلْعًا أَوْ بَلَحًا حُلْوًا فَيَجُوزُ قَسْمُهُ مَعَ النَّخْلِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ لَا يُقْسَمُ مَعَ الْأَرْضِ، وَلَكِنْ تُقْسَمُ الْأَرْضُ وَالْأُصُولُ وَتُتْرَكُ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ، وَيَحِلُّ بَيْعُهُ فَيَقْسِمُونَهُ حِينَئِذٍ أَوْ يَبِيعُونَهُ، وَيَقْسِمُونَ ثَمَنَهُ وَلَا يُقْسَمُ الزَّرْعُ فَدَادِينَ وَلَا مُزَارَعَةً وَلَا قَتًّا. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأُصُولَ الَّتِي لَمْ يُؤَبَّرْ ثَمَرُهَا لَا يَجُوزُ قَسْمُهَا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ ثَمَرِهَا لِأَنَّ قَسْمَهَا وَحْدَهَا فِيهِ اسْتِثْنَاءُ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ وَقَسْمُهَا مَعَ ثَمَرِهَا فِيهِ طَعَامٌ وَعَرْضٌ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ، وَجَعَلَ الثَّمَرَ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ طَعَامًا لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَيْهِ. ابْنُ سَلْمُونٍ وَإِذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ مُسْتَكِنٌّ أَوْ فِي الْأُصُولِ ثَمَرَةٌ غَيْرُ مَأْبُورَةٍ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَرْضِ وَالْأُصُولِ بِحَالٍ حَتَّى تُؤَبَّرَ الثَّمَرَةُ وَيَظْهَرَ الزَّرْعُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 274 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اسْتِثْنَاؤُهُ، حَكَى هَذَا سَحْنُونٌ فِي الثَّمَرِ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ بَيِّنٌ صَحِيحٌ عَلَى أُصُولِهِمْ وَالزَّرْعُ عِنْدِي مِثْلُهُ. " غ " وَأَمَّا الْكَتَّانُ فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يَعْتَدِلُ قَسْمُ الْكَتَّانِ قَتًّا وَزَرِيعَتُهُ فِيهِ، أَوْ بَعْدَ زَوَالِهَا حَتَّى يُدَقَّ فَيُقْسَمَ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَزَادَ وَفِي كَوْنِ الْقُطْنِ قَبْلَ زَوَالِ حَبِّهِ كَذَلِكَ نَظَرٌ وَالْأَحْوَطُ مَنْعُهُ وَفِي النَّوَادِرِ أَيْضًا ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ قَسْمُ الْكَتَّانِ قَائِمًا لَمْ يُجْمَعْ وَحُزَمًا قَدْ جُمِعَ قَبْلَ إدْخَالِهِ الْمَاءَ وَبَعْدَ إخْرَاجِهِ وَقَبْلَ نَفْضِهِ وَبَعْدَهُ عَلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّحَرِّي أَوْ الرِّضَا بِالتَّفْضِيلِ. اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ كُلُّ مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَلَا بَأْسَ بِقِسْمَتِهِ فِي شَجَرِهِ عَلَى التَّحَرِّي رَطْبًا وَيَابِسًا أَوْ بِالْأَرْضِ مُصَبَّرًا مِثْلُ الْفَوَاكِهِ الرَّطْبَةِ وَثَمَرِ الْبَحَائِرِ وَالْكَتَّانِ وَالْخَبْطِ وَالنَّوَى وَالتِّبْنِ تَحَرِّيًا، وَإِنْ كَانَ الْكَتَّانُ أَوْ الْحِنَّاءُ قَائِمًا قَبْلَ أَنْ يُجْمَعَ أَوْ بَعْدَ مَا جُمِعَ. طفي وَثَمَرٌ وَزَرْعُ الثَّمَرِ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ جَمِيعَ الثِّمَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَحَمَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الشُّرَّاحِ عَلَى قَسْمِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فِي الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُعِينِ، فَإِنْ اقْتَسَمَا الزَّرْعَ الْأَخْضَرَ فَدَادِينَ عَلَى التَّحَرِّي، أَوْ اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ قَبْلَ طِيبِهَا فَذَلِكَ لَهُمَا إذَا حَصَدَا وَجَذَّا ذَلِكَ مَكَانَهُمَا. وَلَا يَجُوزُ عَلَى التَّأْخِيرِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَمَنْ أَرَادَ التَّبْقِيَةَ مِنْهُمَا أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ عَلَيْهَا. اهـ. وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِقَسْمِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا إنْ كَانَ يُسْتَطَاعُ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمْ فِي قَسْمِهِ تَحَرِّيًا، وَكَذَلِكَ الْقَضْبُ وَالتِّبْنُ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِقَسْمِ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا إذَا اجْتَهَدُوا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ وَجْهِ الْخِطَارِ، وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَتُهُمَا إلَيْهِ وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ، وَفَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ فَضْلُهُ جَازَ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ بَلَحُ نَخْلَةٍ بِبَلَحِ نَخْلَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَجُذَّاهُ مَكَانَهُمَا. اهـ. ثُمَّ قَالَ وَلَك أَنْ تُعَمِّمَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الثَّمَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ طِيبِهِ أَوْ بَعْدَهُ فِي الْفَوَاكِهِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ فَيَجُوزُ قَسْمُهَا جَمِيعُهَا بَعْدَ طِيبِهَا بِالتَّحَرِّي عَلَى أَنْ يَجُذَّا مَكَانَهُمَا، فَفِيهَا لَا يُعْجِبُنِي قَسْمُ الْبَقْلِ بِالْخَرْصِ لِأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرِهَهُ فِي الثِّمَارِ، وَالْبَقْلُ أَبْعَدُ فِي الْخَرْصِ مِنْهَا فَأَكْرَهُ قَسْمَهُ بِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 275 أَوْ فِيهِ فَسَادٌ: كَيَاقُوتَةٍ، أَوْ كَجَفِيرٍ   [منح الجليل] وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْسَمُ بِهِ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ، فَقَالَ عِيَاضٌ قَوْلُهُ فِي الْبَقْلِ لَا يُعْجِبُنِي بِالْخَرْصِ، ثُمَّ ذَكَرَ قِيَاسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي مَنْعِ قِسْمَةِ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ، ثُمَّ قَالَ وَالْبَقْلُ أَبْعَدُ مِنْ الثِّمَارِ، فَاخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهَا فَحَمَلَهَا سَحْنُونٌ عَلَى الْمَنْعِ جُمْلَةً، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ، وَقَالَ إنَّمَا مَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا كَانَتْ عَلَى التَّأْخِيرِ. وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَتَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. وَهَذَا دَلِيلُ الْكِتَابِ بَعْدُ عِنْدَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّرْعِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَرْصِ عَلَى الْجُذَاذِ، وَكَذَلِكَ فِي الْبَلَحِ الصَّغِيرِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي فَدَّانَيْ كُرَّاثٍ بِفَدَّانِ كُرَّاثٍ أَوْ سَرِيسٍ أَوْ سَلْقٍ، قَالَ لَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا عَلَى الْجَزِّ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَلِكَ الْبَقْلُ عِنْدِي كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الْمَنْعَ عِنْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجَزِّ. اهـ. وَكَلَامُهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَقْلِ لَكِنْ يُؤْخَذُ الْعُمُومُ مِنْ اسْتِدْلَالِهِ فِي جَمِيعِ الثِّمَارِ وَلَوْ بَعْدَ طِيبِهَا مَا عَدَا مَا يَحْرُمُ الْفَضْلُ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثِّمَارَ الَّتِي مَنَعَ مَالِكٌ الْخَرْصَ فِيهَا بَعْدَ الطِّيبِ. وَالْمُرَادُ بِالتَّأْخِيرِ غَيْرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَسْمُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى أَنْ يُحْصَدَ مِنْهُمَا مَكَانَهُ جَائِزٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي قِسْمَةِ الْبَقْلِ الْقَائِمِ بِالْخَرْصِ وَالثَّمَرِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَقْلِ وَالثِّمَارِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الْفَضْلُ وَالزَّرْعُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِاشْتِرَاكِ الْجَمِيعِ فِي الْعِلَّةِ، وَهُوَ جَوَازُ الْفَضْلِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَقْلِ غَيْرُ مَا يَحْرُمُ الْفَضْل فِيهِ كَالْبَصَلِ وَنَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ بَيْنَ طِيبِهِ وَعَدَمِهِ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى جَزِّهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (أَوْ) قَسْمٌ (فِيهِ فَسَادٌ) لِلْمَقْسُومِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ (كَيَاقُوتَةٍ أَوْ كَجَفِيرٍ) كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِجِيمٍ وَفَاءٍ عَقِبَهَا تَحْتِيَّةٌ وَرَاءٌ، وَفِي بَعْضٍ كَخُفَّيْنِ مُثَنَّى خُفٍّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَعْنَى ظَاهِرٌ وَهُوَ مَنْعُ قِسْمَةِ مَا يَفْسُدُ بِهَا لَا بِالْقُرْعَةِ وَلَا بِالْمُرَاضَاةِ، كَلُؤْلُؤَةٍ وَفَصٍّ وَخَاتَمٍ وَجَفِيرِ سَيْفٍ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلَا يَخْلُو الْكَلَامُ مِنْ إشْكَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنَّ الْمَنْفِيَّ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ فَيُفْهَمُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ جَائِزَةٌ فِي الْيَاقُوتَةِ وَالْجَفِيرِ جَمِيعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ قَسْمَ اللُّؤْلُؤَةِ وَالْفَصِّ وَالْخَاتَمِ وَالْيَاقُوتَةِ لَا يَجُوزُ بِالْمُرَاضَاةِ وَلَا بِالْقُرْعَةِ. وَإِمَّا أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 276 أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ: كَبَقْلٍ   [منح الجليل] يَكُونَ الْمَنْفِيُّ الْقِسْمَةَ مُطْلَقًا فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَّيْنِ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُمَا بِالْمُرَاضَاةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَجُوزُ قَسْمُ الْخُفَّيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ وَالْبَابِ وَالثَّوْبِ الْمُلَفَّقِ مِنْ قِطْعَتَيْنِ وَالرَّحَى بِالْمُرَاضَاةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. أَبُو الْحَسَنِ فِي قَسْمِ الرَّحَى بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا حَجَرًا وَهَذَا حَجَرًا. قُلْت مِثْلُهُ الْكِتَابُ مِنْ سِفْرَيْنِ أَوْ أَسْفَارٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالسِّوَارَانِ وَالْقُرْطَانِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْعَيْبُ بِأَحَدِ الْمُزْدَوِجَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ وَمَا لَهُ أَخٌ لَا يُقْسَمُ إلَّا بِالتَّرَاضِي. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَمَا هُوَ زَوْجٌ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ صَاحِبِهِ كَالْخُفَّيْنِ وَالْبَابَيْنِ وَالْغِرَارَتَيْنِ فَلَا يُقْسَمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ إلَّا بِالتَّرَاضِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فِيهَا قَالَ الْإِمَام مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْجِذْعِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا قِسْمَتَهُ وَأَبَاهَا صَاحِبُهُ لَا يُقْسَمُ. أَشْهَبُ إنَّمَا الْقَسْمُ فِي غَيْرِ الرُّبَاعِ وَالْأَرَضِينَ فِيمَا لَا يُحَالُ عَنْ حَالِهِ وَلَا يَحْدُثُ بِقَسْمِهِ قَطْعٌ وَلَا زِيَادَةُ دَرَاهِمَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقْسَمُ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ، وَكَذَا الْخُفَّانِ وَالنَّعْلَانِ وَالْجَلُّ وَالْخُرْجُ لَا يُقْسَمُ إذَا أَبَى ذَلِكَ أَحَدُهُمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْفَصُّ وَالْيَاقُوتَةُ وَاللُّؤْلُؤَةُ وَالْخَاتَمُ، هَذَا كُلُّهُ لَا يُقْسَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفِي الذَّخِيرَةِ قَاعِدَةٌ يَمْتَنِعُ الْقَسْمُ تَارَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْغَرَرِ كَقِسْمَةِ الْمُخْتَلِفَاتِ بِالْقُرْعَةِ أَوْ لِلرِّبَا كَقَسْمِ الثِّمَارِ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ إلَى طِيبِهَا لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ غَيْرِ مَعْلُومَيْ التَّمَاثُلِ أَوْ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ كَقَسْمِ يَاقُوتَةٍ، وَتَارَةٍ لِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَسْمِ دَارٍ صَغِيرَةٍ وَحَمَّامٍ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ، وَيَجُوزُ بِالتَّرَاضِي إذْ لِلْآدَمِيِّ إسْقَاطُ حَقِّهِ، بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ. (أَوْ قَسْمُ) ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ (فِي أَصْلِهِ) أَيْ الشَّجَرِ (بِالْخَرْصِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ الْحَزْرُ فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ، وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَ) قَسْمِ (بَقْلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ قَائِمٌ بِأَرْضِهِ بِالْخَرْصِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا وَرِثَ قَوْمٌ بَقْلًا قَائِمًا فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَقْتَسِمُوهُ بِالْخَرْصِ وَلْيَبِيعُوهُ وَيَقْتَسِمُوا ثَمَنَهُ لِأَنَّ مَالِكًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 277 إلَّا التَّمْرَ أَوْ الْعِنَبَ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ، وَإِنْ بِكَثْرَةِ أَكْلٍ   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَرِهَ قَسْمَ مَا فِيهِ تَفَاضُلٌ مِنْ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ فَكَذَلِكَ الْبَقْلُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَرِ فِي أَصْلِهِ فَقَالَ (إلَّا التَّمْرَ) بِالْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ الْبَلَحِ الَّذِي قَدْ يَئُولَ إلَى كَوْنِهِ تَمْرًا (وَالْعِنَبَ) فَيَجُوزُ قَسْمُهُمَا فِي أَصْلِهِمَا بِالْخَرْصِ لِسُهُولَةِ خَرْصِهِمَا وَخِفَّةِ غَرَرِهِ لِظُهُورِهِمَا وَعَدَمِ اسْتِتَارِهِمَا، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَّا ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ فَإِنَّهُ إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاحْتَاجَ أَهْلُهُ إلَى قَسْمِهِ، فَإِنْ كَانَتْ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ وَاحِدَةً مِثْلَ أَنْ يُرِيدُوا كُلُّهُمْ أَكْلَهُ أَوْ بَيْعَهُ رُطَبًا فَلَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُمْ إلَيْهِ وَاحِدَةً كَانَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ الْمَوْضُوعِ بَيْنَهُمْ فَلَا يَقْسِمُونَهُ إلَّا كَيْلًا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا غَيْرَ النَّخْلِ فَلَا يَقْسِمُونَ مَا عَلَى رُءُوسِهَا إذَا طَابَ بِالْخَرْصِ وَالْفَوَاكِهِ مِنْ الرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالْفِرْسِكِ. وَمَا أَشْبَهَهُ لَا تُقْسَمُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَهْلُهُ، وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ إنْ اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ إلَيْهِ فَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَبِيعَ وَآخَرُ أَنْ يُتَمِّرَ وَآخَرُ أَنْ يَأْكُلَ رُطَبًا وَحَلَّ بَيْعُهُ إذَا وَجَدُوا عَالِمًا بِالْخَرْصِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَطِبْ ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبُ فَلَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ وَيَجُذُّونَهُ إنْ أَرَادُوا قَسْمَهُ ثُمَّ يَقْسِمُونَهُ كَيْلًا وَسَاوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ بَيْنَ ثِمَارِ الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَإِلَى هَذَا السَّمَاعِ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَالِكًا أَرْخَصَ فِي قَسْمِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ، وَهَذَا السَّمَاعُ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ فِي الْمَعْنَى مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَيَجُوزُ قَسْمُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ (إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ) بِأَنْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ تَتْمِيرَهُ وَبَعْضُهُمْ أَكْلَهُ رُطَبًا وَبَعْضُهُمْ بَيْعَهُ وَبَعْضُهُمْ إهْدَاءَهُ، فَهَذَانِ شَرْطَانِ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَاخْتِلَافُهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَيْهِ أَوْ اتَّفَقَتْ حَاجَتُهُمْ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِمَا مَرَّ جَازَ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ اخْتِلَافُهَا (بِكَثْرَةِ آكِلٍ) وَقِلَّتِهِ بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْكَافِ أَوْ بِقَصْرِهِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَاسْتَظْهَرَ الْبِسَاطِيُّ الْأَوَّلَ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَ حَاجَتُهُمَا لِفَضْلِ عِيَالِ أَحَدِهِمَا عَلَى عِيَالِ الْآخَرِ جَازَ أَنْ يَقْتَسِمَا بِالْخَرْصِ الْقَدْرَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَكْثَرُهُمَا عِيَالًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 278 وَقَلَّ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاتَّحَدَ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ: لَا تَمْرٍ، وَقُسِمَ بِالْقُرْعَةِ بِالتَّحَرِّي، كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ،   [منح الجليل] (وَ) إذَا (قَلَّ) الثَّمَرُ الْمَقْسُومُ بِالْخَرْصِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَرَاهَةِ الْخَرْصِ فِي الْكَثِيرِ رِوَايَتَا الْبَاجِيَّ، وَظَاهِرُهَا (وَ) إذَا (حَلَّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً، أَيْ جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الثَّمَرِ بِطِيبِهِ وَبُدُوِّ صَلَاحِهِ فِيهَا لَا يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ إلَّا إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ (وَ) إذَا (اتَّحَدَ) طَوْرُ الْمَقْسُومِ بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ (مِنْ بُسْرٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (أَوْ رُطَبٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ. أَشْهَبُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا بُسْرٌ وَرُطَبٌ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا الْبُسْرَ وَالْآخَرِ الرُّطَبَ بِالْخَرْصِ وَلْيَقْتَسِمُوا كُلًّا مِنْهُمَا بِهِ، وَهَذَانِ شَرْطَانِ اتِّحَادُ الطَّوْرِ وَكَوْنُهُ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومٍ ثَانِيهَا فَقَالَ (لَا) يُقْسَمُ بِالْخَرْصِ مَا اتَّحَدَ مِنْ (تَمْرٍ) بِالْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ وَعَجْوَةٍ (وَقُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ (بِالْقُرْعَةِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ (بِالتَّحَرِّي) أَيْ الْحَزْرِ. الْبَاجِيَّ هَذِهِ الْقِسْمَةُ لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْقُرْعَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ تَمْيِيزُ حَقٍّ وَلِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ بَيْعٌ مَحْضٌ فَلَا تَجُوزُ فِي الْمَطْعُومِ إلَّا بِقَبْضٍ نَاجِزٍ. وَشَرْطُ هَذَا الْقَسْمِ تَسَاوِي الْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَفْضَلَ كَالْعِنَبِ الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ، وَيُجْمَعُ عَلَى التَّسَاوِي. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ أَنْ يُفَضَّلَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ فَيَأْخُذَ مَا خَرْصُهُ عَشَرَةُ أَوْسُقٍ وَالْآخَرُ مَا خَرْصُهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إلَّا إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ أَدْنَى. الْبَاجِيَّ فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمْ قُسِمَ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنْ يُحِبَّا الْمُقَاوَاةَ. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ قَسْمِ الثَّمَرِ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ فَقَالَ (كَ) قَسْمِ (الْبَلَحِ الْكَبِيرِ) فِيهَا يَجُوزُ قَسْمُ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ وَهُوَ كَالْبُسْرِ فِي حُرْمَةِ الْفَضْلِ، وَمَنْ عَرَفَ حَظَّهُ فَهُوَ قَبْضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهُ، وَإِنْ جَذَّهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ جَازَ مَا لَمْ يَتْرُكْهُ حَتَّى يُزْهِيَ، فَإِنْ أَزْهَى بَطَلَ قَسْمُهُ وَنَاقَضَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ قَوْلِهَا إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا وَإِجَازَتِهَا قَسْمَ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ. الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا شَرَطُوا الطِّيبَ هُنَا لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ الْقَسْمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 279 وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ: كَبَائِعِهِ الْمُسْتَثْنِي ثَمَرَتَهُ، حَتَّى يُسَلِّمَ، أَوْ فِيهِ تَرَاجُعٌ،   [منح الجليل] إلَى أَنْ يَصِيرَ تَمْرًا وَلَا يَبْطُلُ الْقَسْمُ، بِخِلَافِ الْبَلَحِ، فَإِنَّهُ إذَا تُرِكَ حَتَّى أَزْهَى بَطَلَ الْقَسْمُ. أَبُو الْحَسَنِ مَنْ دُعِيَ إلَى قَسْمِ الْمُزْهِيَةِ بِالْخَرْصِ فَذَلِكَ لَهُ، وَمَنْ دُعِيَ إلَى قَسْمِ الْبَلَحِ الْكَبِيرِ لَا يُجَابُ وَلَا يَقْسِمُ بِالْخَرْصِ إلَّا مُرَاضَاةً وَالْفَرْقُ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مُزْهِيَةً فَالدَّاعِي مِنْهُمَا إلَى بَقَاءِ الثَّمَرَةِ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ، وَإِنْ كَانَتْ بَلَحًا فَلَا يَقْدِرُ الَّذِي أَرَادَ الْبَقَاءَ عَلَى مَا أَرَادَ لِأَنَّ بَقَاءَهَا إلَى الطِّيبِ يُفْسِدُ الْقَسْمَ فَاعْلَمْ ذَلِكَ. اهـ. (وَ) إذَا قُسِمَتْ الثَّمَرَةُ لِاخْتِلَافِ الْحَاجَةِ ثُمَّ قُسِمَتْ الْأُصُولُ فَوَقَعَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي أَصْلِ الْآخَرِ (سَقَى ذُو) أَيْ صَاحِبُ (الْأَصْلِ) أَصْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَتُهُ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ السَّقْيِ فَقَالَ (كَ) سَقْيِ (بَائِعِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (الْمُسْتَثْنِي) بِكَسْرِ النُّونِ، أَيْ الْمُشْتَرِطِ (ثَمَرَتَهُ) أَيْ الْأَصْلِ الْمَبِيعِ فَسَقْيُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَجُذَّ ثَمَرَتَهُ وَيُسَلِّمَهُ لِمُشْتَرِيهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اقْتَسَمَا الثَّمَرَةَ كَمَا وَصَفْنَا بَعْدَ قِسْمَةِ الْأُصُولِ كَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَقْيُ نَخْلَةٍ، وَإِنْ كَانَ ثَمَرُهَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ عَلَى صَاحِبِ الْأَصْلِ سَقْيُهُ إذَا بَاعَ ثَمَرَتَهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ السَّقْيُ هَاهُنَا عَلَى رَبِّ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْقَسْمَ تَمْيِيزُ حَقٍّ. ابْنُ يُونُسَ مَا قَالَ سَحْنُونٌ هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطٍ دُونَ ثَمَرَتِهِ فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يُسَلِّمُ لَهُ الْأَصْلَ حَتَّى يَجُذَّ الْبَائِعُ ثَمَرَتَهُ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَعَطَفَ عَلَى الْمَمْنُوعِ فَقَالَ (أَوْ فِيهِ) أَيْ الْقَسْمِ (تَرَاجُعٌ) أَيْ رُجُوعُ أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بِمَالٍ عَلَى الْآخَرِ لِعَدَمِ تَسَاوِي الْقِسْمَيْنِ فِي الْقِيمَةِ، كَدَارَيْنِ قِيمَةُ إحْدَاهُمَا مِائَةٌ وَالْأُخْرَى خَمْسُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ لَهُ ذَاتُ الْمِائَةِ يَدْفَعُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِمَنْ صَارَتْ لَهُ ذَاتُ الْخَمْسِينَ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْهُمَا حِينَ الْقَسْمِ هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ. وَأَمَّا فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ وَيَمْتَنِعُ بِالْقُرْعَةِ فِي كُلِّ حَالٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 280 إلَّا أَنْ يَقِلَّ أَوْ لَبَنٌ فِي ضُرُوعٍ، إلَّا لِفَضْلٍ بَيِّنٍ أَوْ قَسَمُوا بِلَا مَخْرَجٍ مُطْلَقًا   [منح الجليل] إلَّا أَنْ يَقِلَّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَا يَرْجِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَيُغْتَفَرُ، وَيَجُوزُ الْقَسْمُ الْمُشْتَمِلُ عَلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يَتَّفِقُ فِي الْغَالِبِ كَوْنُ قِيمَتَيْ الدَّارَيْنِ سَوَاءً، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتَا الدَّارَيْنِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا يَسِيرٌ مِثْلُ كَوْنِ قِيمَةِ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى تِسْعِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَرِعَا عَلَى أَنَّ مَنْ تَصِيرُ لَهُ الَّتِي قِيمَتُهَا مِائَةٌ يُعْطِي صَاحِبَهُ خَمْسَةً، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَانْظُرْهُ، وَنَصُّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ مَنْعُ التَّعْدِيلِ فِي قَسْمِ الْقُرْعَةِ بِالْعَيْنِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ قَسْمِ الدُّورِ اسْتِقْلَالُ شَرِيكٍ بِدَارٍ كَامِلَةٍ. وَفِي الرِّسَالَةِ وَقَسْمُ الْقُرْعَةِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ وَلَا يُؤَدِّي أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ثَمَنًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَرَاجُعٌ فَلَا يَجُوزُ الْقَسْمُ إلَّا بِتَرَاضٍ. عِيَاضٌ لَا يَجُوزُ تَعْدِيلُ السِّهَامِ بِزِيَادَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَقْسُومِ مِنْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ، وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ بِمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ قَسْمُ لَبَنٍ) لِنَعَمٍ وَهُوَ (فِي ضُرُوعٍ) بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً يَحْلِبُهَا وَالْآخَرُ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً يَحْلُبُهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِفَضْلٍ بَيِّنٍ) بِكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ ظَاهِرٍ فَيَجُوزُ بِالتَّرَاضِي، كَأَخْذِ أَحَدِهِمَا شَاةً وَالْآخَرِ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ قَسْمُ اللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ. وَأَمَّا إنْ فَضَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَكَانَ إذَا هَلَكَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا مِنْ الْغَنَمِ يَرْجِعُ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا تَرَكَ لِلْآخَرِ فَضْلًا بِغَيْرِ مَعْنَى الْقَسْمِ. (أَوْ قَسَمُوا دَارًا) مَثَلًا عَلَى أَنَّ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ (بِلَا مَخْرَجٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ بَابٍ يُخْرَجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرَجُ مِنْ الْبَابِ الَّذِي فِي نَصِيبِ الْآخَرِ، وَلَا يُمْكِنُ فَتْحُ بَابٍ آخَرَ يُخْرَجُ مِنْهُ لِإِحَاطَةِ أَمْلَاكِ النَّاسِ بِهَا فَلَا يَجُوزُ (مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا إضَاعَةُ مَالٍ فِيهَا، وَإِنْ اقْتَسَمَا دَارًا أَيْ بِتَرَاضٍ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 281 وَصَحَّتْ إنْ سَكَتَا عَنْهُ، وَلِشَرِيكِهِ الِانْتِفَاعُ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ   [منح الجليل] دُبُرَهَا وَالْآخَرُ مُقَدَّمَهَا عَلَى أَنْ لَا طَرِيقَ لِصَاحِبِ الْمُؤَخَّرِ عَلَى الْخَارِجِ جَازَ عَلَى مَا شَرَطَاهُ، وَرَضِيَاهُ إنْ كَانَ لَهُ مَوْضِعٌ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَابُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَلِكَ إنْ اقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا الْغُرَفَ عَلَى أَنْ لَا طَرِيقَ لَهُ فِي السُّفْلِ، فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ اقْتَسَمَا أَرْضًا عَلَى أَنْ لَا طَرِيقَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ لَا يَجِدُ طَرِيقًا إلَّا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَسْمِ الْمُسْلِمِينَ. (وَصَحَّتْ) الْقِسْمَةُ لِمَا لَهُ مَخْرَجٌ وَاحِدٌ وَلَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ (إنْ سُكِتَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَنْهُ) أَيْ الْمَخْرَجِ حَالَ الْقَسْمِ بِأَنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا شَيْئًا وَوَقَعَ الْمَخْرَجُ فِي قَسْمِ أَحَدِهِمْ وَصَارَ مِلْكًا لَهُ وَحْدَهُ (وَلِشَرِيكِهِ) أَيْ مَنْ وَقَعَ الْمَخْرَجُ فِي نَصِيبِهِ (الِانْتِفَاعُ) بِالْمُرُورِ مِنْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فِيهَا إنْ اقْتَسَمُوا الْبِنَاءَ ثُمَّ اقْتَسَمُوا السَّاحَةَ وَلَمْ يَذْكُرُوا الطَّرِيقَ فَوَقَعَ بَابُ الدَّارِ فِي حَظِّ أَحَدِهِمْ وَرَضِيَ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي أَصْلِ الْقَسْمِ أَنَّ طَرِيقَ كُلِّ حِصَّةٍ وَمَدْخَلَهَا فِيهَا خَاصَّةً، فَإِنَّ الطَّرِيقَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهَا وَمِلْكُ بَابِ الدَّارِ لِمَنْ وَقَعَ فِي حَظِّهِ وَلِبَاقِيهِمْ فِيهِ الْمَمَرُّ. (وَ) إنْ اشْتَرَكُوا فِي الْمَاءِ وَمَجْرَاهُ وَطَلَبَ أَحَدُهُمْ قَسْمَ مَجْرَاهُ وَأَبَاهُ الْآخَرُ فَ (لَا يُجْبَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْآبِي (عَلَى قَسْمِ مَجْرَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَيْ مَحَلِّ جَرَيَانِ (الْمَاءِ) لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ مَجْرَاهُ لَا يَسْتَوِي جَرْيُهُ فِيهِ، بَلْ قَدْ يَجْرِي فِي بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ جَرَيَانِهِ فِي غَيْرِهِ فَيَلْزَمُ غَبْنُ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فِيهِ، فَلَا يُقْسَمُ أَصْلُ الْعَيْنِ وَالْآبَارِ، وَلَكِنْ يُقْسَمُ شِرْبُهَا بِالْقِلْدِ وَلَا يُقْسَمُ مَجْرَى الْمَاءِ، وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا أَجَازَهُ وَإِنْ وَرِثُوا قَرْيَةً عَلَى أَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ وَلَهَا مَاءٌ وَمَجْرَى مَاءٍ وَرِثُوا أَرْضَهَا وَمَاءَهَا وَشِرْبَهَا وَشَجَرَهَا قُسِمَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ. أَبُو الْحَسَنِ أَطْلَقَ الْمَجْرَى هُنَا عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَلَمْ يُرِدْ مَوْضِعَهُ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ. اهـ. ابْنُ نَاجِي أَطْلَقَ الْمَجْرَى هُنَا عَلَى الْمَاءِ الْجَارِي، وَإِنَّمَا مُنِعَ قَسْمُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّقْصِ وَالضَّرَرِ لِأَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 282 وَقُسِمَ بِالْقِلْدِ:   [منح الجليل] لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِحَاجِزٍ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ أَمَّا فِي أَصْلِ الْعَيْنِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى نَقْصِ الْمَاءِ أَوْ غَوْرِهِ إنْ صَادَفَ الْحَاجِزُ الْيَنْبُوعَ. وَأَمَّا فِي مَحَلِّ جَرْيِهِ وَهُوَ لَا يَضْبِطُ الْأَنْصِبَاءَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَمِيلُ بِهِ إلَى إحْدَى الْجِهَتَيْنِ. الْبِسَاطِيُّ أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ جَرْيِ الْمَاءِ إذْ الْمَاءُ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي جَرْيِهِ لِأَنَّهُ يَعْرِضُ لَهُ مِنْ الرِّيحِ مَا يَمِيلُ بِهِ عَمَّا كَانَ مَائِلًا عَنْهُ وَمَفْهُومُ عَدَمِ الْجَبْرِ جَوَازُهُ بِالتَّرَاضِي. (وَقُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ الْمُشْتَرَكُ (بِالْقِلْدِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَدَالٌ مُهْمَلَةٌ، أَيْ الْقِدَرُ الْمَمْلُوءَةُ مَاءً الْمَثْقُوبَةُ مِنْ أَسْفَلِهَا الْمُتَعَلِّقَةُ حَتَّى يَفْرُغَ الْمَاءُ الَّذِي فِيهَا، وَأَصْلُهُ الْمَاءُ الْمَجْعُولُ فِيهَا، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِيهَا لِعَلَاقَةِ الْحَالِيَّةِ ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً، وَقَدْ يَتَجَوَّزُ بِهِ إلَى آلَةِ إيصَالِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ لِعَلَاقَةِ الْخَاصِّيَّةِ. ابْنُ حَبِيبٍ تَفْسِيرُ قِسْمَةِ الْمَاءِ بِالْقِلْدِ إنْ تَحَاكَمُوا فِيهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى قَسْمِهِ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ رَجُلَيْنِ مَأْمُونَيْنِ أَوْ يَجْتَمِعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الرِّضَا بِهِمَا فَيَأْخُذَانِ قِدْرًا مِنْ فَخَّارٍ أَوْ شَبَهِهِ فَيَثْقُبَانِ فِي أَسْفَلِهَا بِمُثْقِبٍ يُمْسِكَانِهِ عِنْدَهُمَا، ثُمَّ يُعَلِّقَانِهَا وَيَجْعَلَانِ تَحْتَهَا قَصْرِيَّةً وَيَعُدَّانِ الْمَاءَ فِي جِرَارٍ، ثُمَّ إذَا انْصَدَعَ الْفَجْرُ صَبَّا الْمَاءَ فِي الْقِدْرِ فَيَسِيلُ الْمَاءُ مِنْ الثَّقْبِ فَكُلَّمَا هَمَّ الْمَاءُ أَنْ يَفْرُغَ صَبَّا حَتَّى يَكُونَ سَيْلُ الْمَاءِ مِنْ الثَّقْبِ مُعْتَدِلًا النَّهَارَ كُلَّهُ وَاللَّيْلَ كُلَّهُ إلَى انْصِدَاعِ الْفَجْرِ فَيُنَحِّيَانِهَا وَيَقْسِمَانِ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الْمَاءِ عَلَى مَقَامِ أَقَلِّهِمْ سَهْمًا كَيْلًا أَوْ وَزْنًا، ثُمَّ يَجْعَلَانِ لِكُلِّ وَارِثٍ قِدْرًا يَحْمِلُ سَهْمَهُ مِنْ الْمَاءِ يَثْقُبَانِ كُلَّ قِدْرٍ مِنْهَا بِالْمِثْقَبِ الَّذِي ثَقَبَا بِهِ الْقِدْرَ الْأُولَى، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ السَّقْيَ عَلَّقَ قِدْرَهُ بِمَائِهِ وَصَرَفَ الْمَاءَ كُلَّهُ إلَى أَرْضِهِ فَيَسْقِي مَا سَالَ الْمَاءُ مِنْ قِدْرِهِ، ثُمَّ كَذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ، ثُمَّ إنْ تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ أَسْهَمُوا. ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِدْرٌ يَحْمِلُ سَهْمَهُ إنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ لِأَنَّ الْقِدْرَ كُلَّمَا كَبُرَتْ ثَقُلَ الْمَاءُ فِيهَا وَقَوِيَ جَرْيُهُ مِنْ الثَّقْبِ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَيْ مَا يَجْرِي مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ أَكْثَرَ، وَاَلَّذِي أَرَى أَنْ يُقْسَمَ الْمَاءُ بِقِدْرِ أَقَلِّهِمْ سَهْمًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ السَّهْمِ قِدْرًا وَيَأْخُذُ صَاحِبُ عَشَرَةِ الْأَسْهُمِ عَشَرَةَ قُدُورٍ وَهَذَا بَيِّنٌ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 283 كَسُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ، إلَّا بِرِضَاهُمْ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ فَقَالَ (كَ) بِنَاءِ (سُتْرَةٍ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ حَائِطٍ سَاتِرٍ (بَيْنَهُمَا) سَكَتَا عَنْ شَرْطِ بِنَائِهِ بَيْنَهُمَا حِينَ الْقَسْمِ وَدَعَا أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِبِنَائِهِ فَأَبَى فَلَا يُجْبَرُ، فَإِنْ شَرَطَا الِاشْتِرَاكَ فِي بِنَائِهِ حِينَهُ جُبِرَ الْآبِي عَلَى بِنَائِهِ مَعَ الدَّاعِي " ق ". مِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْجِدَارِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَسْقُطُ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، وَيُقَالُ لِلْآخَرِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أُمِرَ الْآبِي أَنْ يَبْنِيَ مَعَ صَاحِبِهِ إنْ طَلَبَ ذَلِكَ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إذَا اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ الدَّارَ وَلَمْ يَشْتَرِطَا أَنْ يُقِيمَا بَيْنَهُمَا حَاجِزًا فَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمَا، وَيُقَالُ لِمَنْ دُعِيَ إلَى ذَلِكَ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك فِي حَظِّك إنْ شِئْت، وَإِنْ اشْتَرَطَا ذَلِكَ وَلَمْ يَحُدَّاهُ أُخِذَ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ بِنَاءِ الْجِدَارِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقَلَّ نَصِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ تَكُونُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوَاءِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ السَّتْرِ إذْ لَمْ يَحُدَّا فِيهِ حَدًّا وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا أَعْلَمُهُ. اهـ. وَانْتَحَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحْجِيزًا يَسْتَتِرُ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الرِّضَا بِغَيْرِ تَحْجِيزٍ لِأَنَّ فِيهِ كَشْفًا لِحَرِيمِهِمْ فِي تَصَرُّفِهِمْ، وَدُخُولَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. اهـ. وَأَمَّا الْجِدَارُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يَسْقُطُ فَحَصَلَ فِي بِنَائِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ قَالَهُ " غ ". (وَ) إذَا قُسِمَتْ تَرِكَةٌ بَيْنَ عَصَبَةٍ فَقَطْ فَ (لَا يَجْمَعُ) الْقَاسِمُ فِي الْقَسْمِ (بَيْنَ) نَصِيبَيْ (عَاصِبَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا بِرِضَاهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ، وَلِذَا جَمَعَ الضَّمِيرَ " ق " سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُجْمَعُ حَظُّ اثْنَيْنِ فِي الْقَسْمِ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ قَوْلُهُ فِيهَا، وَمَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ سَهْمٍ وَاحِدٍ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ نَصِيبَيْنِ فِي الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي، وَمَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْقُرْعَةِ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ يَرِثُونَ الثُّلُثَ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ اقْسِمُوا حِصَّتِي عَلَى حِدَةٍ، فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ، وَيُقْسَمُ لَهُ وَلِإِخْوَتِهِ جَمِيعًا الثُّلُثُ ثُمَّ يُقَاسِمُ بَعْدُ إنْ شَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فِي أَهْلِ السَّهْمِ الْوَاحِدِ كَالْبَنَاتِ وَالزَّوْجَاتِ وَنَحْوِهِمْ. وَأَمَّا الْعَصَبَةُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 284 إلَّا مَعَ، كَزَوْجَةٍ؛ فَيُجْمَعُونَ أَوَّلًا: كَذِي سَهْمٍ، وَوَرَثَةٍ.   [منح الجليل] فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا نَصِيبَهُمْ إنْ أَرَادُوا ذَلِكَ عَدَدًا (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْعَصَبَةُ (مَعَ) ذِي فَرْضٍ (كَزَوْجَةٍ) وَبِنْتٍ وَأُخْتٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لِأُمٍّ (فَيُجْمَعُونَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَيْ الْعَصَبَةُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا وَيُسْهَمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذِي الْفَرْضِ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ ثَانِيًا إنْ شَاءُوا فِيهَا لَا يُجْمَعُ حَظُّ رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ إلَّا إنْ تَرَكَ زَوْجَةً وَوَلَدًا عَدَدًا أَوْ عَصَبَةً غَيْرَ وَلَدٍ فَيُسْهَمُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَيَكُونُ الْبَاقِي لِلْوَلَدِ أَوْ الْعَصَبَةِ. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ فَقَالَ (كَذِي) أَيْ صَاحِبِ (سَهْمٍ) أَيْ نَصِيبٍ كَنِصْفٍ مِنْ نَحْوِ دَارٍ وَبَاقِيهَا لِشَرِيكِهِ وَمَاتَ عَنْ سَهْمِهِ (وَ) عَنْ (وَرَثَةٍ) فَتُجْمَعُ الْوَرَثَةُ وَيُسْهَمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شَرِيكِ مُوَرِّثِهِمْ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ ثَانِيًا إنْ شَاءُوا. (تَنْبِيهَانِ) . الْأَوَّلُ: طفي تَفْسِيرُ ضَمِيرِ رِضَاهُمْ بِالْوَرَثَةِ تَتَبَّعَ فِيهِ الشَّارِحَ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ، لِأَنَّهُمَا عَزَوْا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ رِضَا جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، بَلْ الْعَصَبَةِ فَقَطْ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي جَمْعِ الْعَصَبَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا أَنَّهُمْ كَأَهْلِ السَّهْمِ الْوَاحِدِ يُقْسَمُ لَهُمْ حَقُّهُمْ مَعًا ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ بَعْدُ إنْ شَاءُوا، وَهُوَ سَمَاعُ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَيْسُوا كَأَهْلِ سَهْمٍ وَاحِدٍ فَلَا يُجْمَعُ حَظُّهُمْ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ، وَإِنْ رَضَوْا وَأَرَاهُ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ. وَالثَّالِثُ: لَا يُجْمَعُ حَظُّهُمْ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ إلَّا أَنْ يُرِيدُوا أَنْ لَا يَقْتَسِمُوا، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَ مَالِكٍ فِيهَا فِيمَنْ تَرَكَ زَوْجَةً وَعَصَبَةً وَتَرَكَ أَرْضًا أَنَّ الْمَرْأَةَ يُضْرَبُ لَهَا بِحَقِّهَا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَقَالَ مَعْنَاهُ عِنْدِي إنْ كَانَ الْعَصَبَةُ وَاحِدًا أَوْ عَدَدًا لَا يُرِيدُونَ الْقِسْمَةَ. اهـ. وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ، فَإِيَّاهُ أَرَادَ فَأَرْجَعَ الضَّمِيرَ فِي رِضَاهُمْ لِلْعَصَبَةِ، وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي وَسَطِهِ. وَفِي شَامِلِهِ وَفِي جَمْعِ الْعَصَبَةِ ثَالِثُهَا فِيهَا إنْ رَضَوْا. وَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ إذَا كَانَ الْوَلَدُ عَدَدًا مَعَ الزَّوْجَةِ، فَقَالَ الْإِمَامُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 285 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً هُمْ كَأَهْلِ سَهْمٍ وَاحِدٍ يُقْسَمُ أَثْمَانًا، فَمَا صَارَ لِلزَّوْجَةِ أَخَذْته، وَمَا صَارَ لِلْوَلَدِ اسْتَأْنَفُوا قَسْمَهُ إنْ كَانَ يَنْقَسِمُ، وَإِلَّا بَاعُوهُ، وَفِيهَا أَيْضًا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ فَيُقْسَمُ عَلَى أَقَلِّهِمْ. وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُمْ لَيْسُوا كَأَهْلِ سَهْمٍ فَيُقْسَمُ عَلَى وَاحِدٍ إنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يَجْمَعُوا وَيُضْرَبُ سَهْمٌ وَاحِدٌ لِلِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ. اهـ. فَلَمْ يَكُنْ فِي قَوْلٍ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ اشْتِرَاطُ رِضَا جَمِيعِ الْوَرَثَةِ، وَبِمَا تَقَدَّمَ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا مَعَ كَزَوْجَةٍ. اهـ. الثَّانِي: طفي قَوْلُ تت مَعَ ذِي فَرْضٍ وَهُوَ الْأَجْنَبِيُّ تَقْيِيدُهُ يُوهِمُ الِاخْتِصَاصَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ جَمِيعُ ذَوِي الْفُرُوضِ سَوَاءٌ فِي هَذَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ الَّذِي فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُمْ إذَا رَضَوْا بِالْجَمْعِ جَمَعَ بَيْنَهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ وَنَحْوِهَا كَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ. اهـ. وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَلِذَا أَتَى بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَزَوْجَةٍ وَكَأَنَّ تت غَرَّهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاسْتَثْنَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَسْأَلَةَ الزَّوْجَةِ مِنْ عُمُومِ الْمَسْأَلَةِ. اهـ. فَفُهِمَ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِهَا، وَفِيمَا قَالَاهُ نَظَرٌ، بَلْ لَمْ يَسْتَثْنِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَسْأَلَةَ الزَّوْجَةِ فَقَطْ. فَفِي التَّنْبِيهَاتِ لِعِيَاضٍ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَصِيبِ اثْنَيْنِ فِي الْقَسْمِ، وَإِنْ أَرَادَ فَابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَأَوَّلَهُ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ جُمْلَةً سَهْمُ اثْنَيْنِ اتَّفَقَا أَوْ اخْتَلَفَا رَضِيَا أَوْ كَرِهَا جَمَعَهُمْ أَوْ فَرَّقَهُمْ إلَّا الْعَصَبَةُ إذَا رَضَوْا بِذَلِكَ، وَغَيْرُهُ رَأَى جَمْعَ أَهْلِ كُلِّ سَهْمٍ فِي سَهْمٍ وَاحِدٍ، وَيُضْرَبُ لَهُمْ بِهِ شَاءُوا ذَلِكَ أَمْ كَرِهُوهُ، ثُمَّ هُمْ بَعْدُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَبْقَوْا شُرَكَاءَ فِي سَهْمٍ أَوْ يَسْتَأْنِفُوا الْقِسْمَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ. اهـ. وَقَالَ قَبْلَ هَذَا قَالُوا وَتَأْوِيلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا عَلَى مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خِلَافٌ وَقَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمُرَادُهُ وَلَمْ يُرِدْ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَجْمَعُ الْأَنْصِبَاءَ فِي وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ بِالْقُرْعَةِ، وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَا هُمْ فِيهِ سَوَاءً فِي السِّهَامِ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فَكَانَ لِقَوْمٍ مِنْهُمْ الثُّلُثُ وَلِآخَرِينَ مِنْهُمْ السُّدُسُ، وَلِآخَرِينَ مِنْهُمْ النِّصْفُ، فَإِنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 286 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُجْمَعُ أَهْلُ كُلِّ سَهْمٍ بِالْقُرْعَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهُوا ذَلِكَ، كَذَا فَسَّرَهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ ابْنِ نَافِعٍ وَأَشْهَبَ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ قَالُوا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. اهـ. وَنَصُّ الْعُتْبِيَّةِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ أَشْهَبُ وَسَأَلْته عَنْ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ يَرِثُونَ الثُّلُثَ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ اقْسِمُوا إلَيَّ حِصَّتِي عَلَى حِدَةٍ وَلَا تَضُمُّونِي لِإِخْوَتِي، فَقَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ حَتَّى يُقْسَمَ لَهُ، وَلِإِخْوَتِهِ جَمِيعًا الثُّلُثُ ثُمَّ يُقَاسِمُهُمْ بَعْدُ إنْ شَاءَ، وَكَذَلِكَ أَزْوَاجُ الْمَيِّتِ يَرِثْنَ الرُّبْعَ أَوْ الثُّمُنَ، وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ الْإِخْوَةُ وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ اقْسِمُوا إلَيَّ حِصَّتِي لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُجْمَعُ حَظُّ رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الْبَاقُونَ فِي مِثْلِ هَذَا يَعْنِي الزَّوْجَةَ مَعَ الْعَصَبَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مِثْلِ هَذَا عَدَمُ اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالزَّوْجَةِ كَمَا عَلِمْت وَالْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَامَ حَوْلَ كَلَامِهَا، وَأَرَادَ تَأْدِيَةَ ذَلِكَ فَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِبَارَةُ، وَلِذَا قُلْنَا تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ الصَّوَابُ إسْقَاطُ إلَّا، أَوْ يَقُولُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَّا الْعَصَبَةُ مَعَ كَزَوْجَةٍ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. الْبُنَانِيُّ جَمْعُ ذِي السَّهْمِ الْوَاحِدِ كَالزَّوْجَاتِ فِي الْقَسْمِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْهُ هُوَ الَّذِي حَكَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَنَصُّهُ أَمَّا أَهْلُ السَّهْمِ الْوَاحِدِ وَهُمْ الزَّوْجَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ وَالْجَدَّاتُ وَالْإِخْوَةُ لِأُمٍّ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِنَحْوِ الثُّلُثِ، فَلَا خِلَافَ أَحْفَظُهُ أَنَّهُمْ يُجْمَعُ حَظُّهُمْ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّوِيَّةِ شَاءُوا أَوْ أَبَوْا؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ. اهـ. لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا، وَلَا يُجْمَعُ حَظُّ رَجُلَيْنِ فِي الْقَسْمِ، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الْبَاقُونَ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا، أَيْ الْعَصَبَةِ مَعَ أَهْلِ السَّهْمِ، قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ إلَخْ نَصُّهَا الْمُتَقَدِّمُ ثُمَّ قَالَ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَهَذَا لِلثَّانِي هُوَ الَّذِي حَكَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَهُوَ وَإِنْ انْتَقَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا ذَكَرَ عِيَاضٌ مِنْ الْخِلَافِ، لَكِنْ لَا يَخْفَى رُجْحَانُهُ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ، وَلِذَا قَرَّرَ بِهِ " غ " وَغَيْرُهُ، فَاعْتِرَاضُ طفي عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَيْفَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا عِنْدَ الْجَمَاعَةِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 287 وَكَتَبَ الشُّرَكَاءَ، ثُمَّ رَمَى   [منح الجليل] وَبَيَّنَ صِفَةَ الْقُرْعَةِ فَقَالَ (وَكَتَبَ) الْقَاسِمُ (الشُّرَكَاءَ) أَيْ أَسْمَاءَهُمْ كُلَّ اسْمٍ فِي وَرَقَةٍ صَغِيرَةٍ، وَلَبِسَ عَلَيْهَا بِشَمْعٍ مَثَلًا كَالْبُنْدُقَةِ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَجَزَّأَ الْمَقْسُومَ أَجْزَاءً مُسْتَوِيَةً فِي الْقِيمَةِ بِعَدَدِ سِهَامِ مَقَامِ أَصْغَرِهِمْ نَصِيبًا، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً لِأَحَدِهِمْ نِصْفٌ، وَلِلثَّانِي ثُلُثٌ وَالثَّالِثُ سُدُسٌ قَسَمَهُ سِتَّةَ أَقْسَامٍ (ثُمَّ رَمَى) الْقَاسِمُ بُنْدُقَةً عَلَى أَوَّلِ قِسْمٍ ثُمَّ يَفْتَحُهَا وَيَنْظُرُ الِاسْمَ الَّذِي فِيهَا، فَإِنْ كَانَ اسْمَ صَاحِبِ السُّدُسِ فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ لَهُ ثُمَّ يَرْمِي بُنْدُقَةً ثَانِيَةً عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، ثُمَّ يَنْظُرُ مَا فِيهَا، فَإِنْ كَانَ اسْمَ صَاحِبِ الثُّلُثِ فَلَهُ الْقِسْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ الَّذِي يَلِيهِ، وَتَعَيَّنَتْ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ فَلَا حَاجَةَ لِرَمْيِ وَرَقَتِهِ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا كُتِبَتْ وَصُنِعَ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ لِاحْتِمَالِ رَمْيِهَا أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا. وَإِنْ كَانَ فِي الْبُنْدُقَةِ الْأُولَى اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ كُمِّلَ لَهُ مِمَّا يَلِيهِ، ثُمَّ يَرْمِي بُنْدُقَةً أُخْرَى عَلَى أَوَّلِ الْبَاقِيَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا اسْمُ صَاحِبِ السُّدُسِ فَهُوَ لَهُ وَتَعَيَّنَ الْقِسْمَانِ الْبَاقِيَانِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ. وَإِنْ كَانَ فِيهَا اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ تُمِّمَ لَهُ مِمَّا يَلِيهِ وَتَعَيَّنَ الْقِسْمُ الْبَاقِي لِصَاحِبِ السُّدُسِ. ابْنُ عَرَفَةَ الثَّالِثُ قَسْمُ الْقُرْعَةِ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ بِالذَّاتِ، وَهِيَ فِعْلُ مَا يُعَيِّنُ حَظَّ كُلِّ شَرِيكٍ مِمَّا بَيْنَهُمْ مَا يَمْتَنِعُ عِلْمُهُ حِينَ فَعَلَهُ، فَيُجَزَّأُ الْمَقْسُومُ بِالْقِيمَةِ عَلَى عَدَدِ مَقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا. الْبَاجِيَّ صِفَتُهَا أَنْ يَقْسِمَ الْعَرْصَةَ عَلَى أَقَلِّ سِهَامِ الْفَرِيضَةِ فَمَا هُوَ مُتَسَاوٍ يُقْسَمُ بِالذِّرَاعِ، وَمَا اُخْتُلِفَ يُقْسَمُ بِالْقِيمَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا. الْقَاضِي رُبَّ جَرِيبٍ يَعْدِلُ جَرِيبَيْنِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَلِابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ فِي قَسْمِ الشَّجَرِ تُقَوَّمُ كُلُّ شَجَرَةٍ وَيُسْأَلُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِيمَةِ، وَمَنْ عَرَفَ حِمْلَ كُلِّ شَجَرَةٍ رُبَّ شَجَرَةٍ لَهَا مَنْظَرٌ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَأُخْرَى بِالْعَكْسِ. فَإِذَا قُوِّمَ ذَلِكَ جَمَعَ الْقِيمَةَ فَقَسَمَهَا عَلَى قَدْرِ السِّهَامِ ثُمَّ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الشُّرَكَاءِ فِي رِقَاعٍ، وَتُجْعَلُ فِي طِينٍ أَوْ شَمْعٍ ثُمَّ يَرْمِي كُلَّ بُنْدُقَةٍ فِي جِهَةٍ اهـ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ كَيْفِيَّةَ قَسْمِ الْحَائِطِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ أَنْ تُقْسَمَ عَلَى أَدْنَاهُمْ سَهْمًا ثُمَّ يُضْرَبَ لِأَحَدِهِمْ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ ثُمَّ يُضْرَبَ لِمَنْ بَقِيَ فِيمَا بَقِيَ كَذَلِكَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بَعْدَ الَّذِي عُزِلَ، فَإِذَا وَقَعَ سَهْمُ أَحَدِهِمْ فِي شِقٍّ ضُمَّ إلَيْهِ تَمَامُ نَصِيبِهِ حَيْثُ وَقَعَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] سَهْمُهُ حَتَّى يَكُونَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مُجْتَمِعًا، كَذَا فَسَّرَ لِي مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَوَصَفَ فَإِنْ كَانَ أَدْنَاهُمْ سَهْمًا ذَا سُدُسٍ قُسِمَتْ الْأَرْضُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مُسْتَوِيَةٍ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ فُضِّلَتْ بِالْقِيمَةِ عَلَى قَدْرِ تَفَاضُلِهَا فَقَدْ تَكْثُرُ الْأَرْضُ فِي بَعْضِ تِلْكَ السِّهَامِ لِرَدَاءَتِهَا وَتَقِلُّ فِي بَعْضِهَا لِكَرَمِهَا، فَإِذَا اسْتَوَتْ فِي الْقِيمَةِ كَتَبَ كُلَّ اسْمِ ذِي سَهْمٍ ثُمَّ أَسْهَمَ فِي الطَّرَفَيْنِ مَعًا، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِي طَرَفٍ ضُمَّ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّهِ. عِيسَى إنْ احْتَمَلَتْ الْكَرِيمَةُ الْقِسْمَةَ قُسِمَتْ عَلَى حِدَتِهَا ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ يُقْسَمُ عَلَى أَدْنَى سِهَامِهِمْ مَعْنَاهُ إنْ كَانَتْ فَرِيضَتُهُ تُقْسَمُ عَلَى أَدْنَاهُمْ سَهْمًا كَمَنْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا لِأُمٍّ تُقْسَمُ أَسْدَاسًا ثُمَّ يُضْرَبُ بِأَسْمَائِهِمْ عَلَى الطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ الزَّوْجِ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَاسْمُ الْأُمِّ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ كَانَ لِلْأُخْتِ السُّدُسُ الْبَاقِي الْوَسَطُ، وَإِنْ خَرَجَ فِي الطَّرَفَيْنِ اسْمَا الْأُخْتِ فَالْوَسَطُ لِلزَّوْجِ، وَكَذَا إنْ خَرَجَ اسْمَا الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ عَلَى الطَّرَفَيْنِ فَسَهْمُ الْأُمِّ وَسَطٌ، وَقِيلَ إنَّمَا يُضْرَبُ بِأَحَدِ أَسْمَائِهِمْ عَلَى الطَّرَفِ الْوَاحِدِ أَبَدًا وَهُوَ الثَّابِتُ فِي كُلِّ رِوَايَاتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَرِيضَتُهُمْ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى أَدْنَاهُمْ قُسِمَتْ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَبْلَغِ سِهَامِ فَرِيضَتِهِمْ الَّتِي تَنْقَسِمُ مِنْهَا وَإِنْ انْتَهَى سَهْمُ أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا إلَى عَشَرَةِ أَسْهُمٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ وَابْنَةٍ فَصَحَّ فَرِيضَتُهُمْ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ تُضْرَبُ أَسْمَاؤُهُمْ عَلَى الطَّرَفَيْنِ كَمَا مَرَّ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ اسْمُهُ عَلَى طَرَفٍ أُخِذَ مِنْهُ كُلُّ سِهَامِهِ ثُمَّ يُسْهَمُ بَيْنَ الْبَاقِينَ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى طَرَفٍ ضُمَّ لَهُ بَقِيَّةُ حَقِّهِ وَلِلْبَاقِي مَا بَقِيَ. وَقِيلَ لَا يُسْهَمُ إلَّا عَلَى طَرَفٍ بَعْدَ طَرَفٍ، فَإِنْ شَاءُوا فِي أَيِّ الطَّرَفَيْنِ يُسْهَمُ عَلَيْهِ أَوَّلًا أُسْهِمُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهَا فَفِي كَيْفِيَّةِ تَعْيِينِ الْحَظِّ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ سَمَاعُ عِيسَى يَطْرَحُ اسْمَيْنِ عَلَى الطَّرَفَيْنِ وَيَضُمُّ لِكُلِّ ذِي أَسْهُمٍ كُلَّ حَظِّهِ، فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ أَخَذَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ طَرَحَ كُلَّ اسْمٍ عَلَى طَرَفٍ، وَمَا بَقِيَ لِمَنْ بَقِيَ، وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرُ فَكَمَا فَعَلَ أَوَّلًا وَلِابْنِ رُشْدٍ كُلُّ رِوَايَاتِهَا إنَّمَا يُسْهَمُ طَرَفٌ وَاحِدٌ. عِيَاضٌ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَضَّاحٍ فِيهَا إذَا ضَرَبَ عَلَى أَيِّ الطَّرَفَيْنِ كَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ كُلَّ حَظِّهِ كَانَ زَوْجَةً أَوْ أُمًّا أَوْ غَيْرَهُمَا، ثُمَّ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ عَلَى أَقَلَّ مَنْ بَقِيَ سَهْمًا، وَيَبْتَدِئُ الْقِسْمَةَ وَالْقُرْعَةَ عَلَى أَيِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289 أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ، وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ   [منح الجليل] الطَّرَفَيْنِ فَأَنْكَرَهَا سَحْنُونٌ، وَقَالَ يُقْسَمُ عَلَى أَقَلِّ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى تَنْفُذَ السِّهَامُ. وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ مَذْهَبُهَا إنْ ابْتَدَأَ بِالضَّرْبِ لِذِي الْحَظِّ الْأَقَلِّ، وَحَكَاهُ فَضْلٌ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ الْمُغِيرَةُ خِلَافُهُ يُسْهَمُ لِلزَّوْجَةِ حَيْثُمَا خَرَجَ سَهْمُهَا اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ. (أَوْ كَتَبَ) الْقَاسِمُ (الْمَقْسُومَ) بَعْدَ تَجْزِئَتِهِ أَجْزَاءَ مُسْتَوِيَةً بِالْقِيمَةِ بِعَدَدِ آحَادِ مَقَامِ أَقَلِّهِمْ حَظًّا بِأَنْ يَكْتُبَ كُلَّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ أَجْزَائِهِ فِي وَرَقَةٍ وَيُلْبِسَهَا شَمْعًا أَوْ نَحْوَهُ حَتَّى لَا تَتَمَيَّزَ (وَأَعْطَى) الْقَاسِمُ (كُلًّا) مِنْ الْبُنَانِيِّ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ الْأَجْزَاءِ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمَقْسُومِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَيْنَهُمْ، أَيْ يُعْطِي كُلَّ شَرِيكٍ بُنْدُقَةً يَفْتَحُهَا وَلَهُ مُسَمَّى الِاسْمِ الَّذِي فِيهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا اسْتَوَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَيُعْطِي وَاحِدًا مِنْ الشُّرَكَاءِ بُنْدُقَةً يَفْتَحُهَا وَلَهُ مُسَمَّى مَا فِيهَا مِنْ الْأَجْزَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ وَاحِدٌ فَقَدْ تَمَّ الْقَسْمُ لَهُ فَيُعْطِي غَيْرَهُ بُنْدُقَةً، وَإِنْ زَادَ مَالُهُ عَلَى جُزْءٍ كُمِّلَ لَهُ مِمَّا يَلِي مَا خَرَجَ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ إلَى تَمَامِ الْعَمَلِ. ابْنُ شَاسٍ وَقِيلَ تُكْتَبُ الْأَسْمَاءُ وَالْجِهَاتُ ثُمَّ يُخْرِجُ أَوَّلَ بُنْدُقَةٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَبُنْدُقَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ فَيُعْطِي مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ نَصِيبَهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، أَيْ يَكْتُبُ أَسْمَاءَ الْمَقْسُومِ بَيْنَهُمْ وَأَسْمَاءَ الْأَجْزَاءِ وَيُبَنْدِقُهَا، وَيُخْرِجُ بُنْدُقَةً مِنْ هَذِهِ وَبُنْدُقَةً مِنْ هَذِهِ، وَيَفْتَحُهُمَا وَيُعْطِي مُسَمَّى اسْمِ الْجُزْءِ لِلشَّرِيكِ الَّذِي خَرَجَ اسْمُهُ وَيُكَمِّلُ حَظَّهُ مُتَّصِلًا، إنْ زَادَ عَلَى وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ. طفي قَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ عِبَارَةُ غَيْرِهِ كَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَاللَّخْمِيِّ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَوْ كَتَبَ الْجِهَاتِ أَيْ الَّتِي يَرْمِي عَلَيْهَا فَهِيَ مُرَادُهُ بِالْمَقْسُومِ لَا كُلُّ أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ كَتْبِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ إمَّا أَنْ تُرْمَى عَلَى الْجِهَاتِ أَوْ تُكْتَبَ الْجِهَاتُ وَتُقَابَلَ بِهَا، وَالْكُلُّ سَوَاءٌ، وَلِذَا قَالَ " غ " أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ عَطْفٌ عَلَى رَمَى لَا عَلَى كَتْبِ الشُّرَكَاءِ. وَقُلْنَا لَا كُلُّ جُزْءٍ لِأَنَّ الرَّمْيَ لَا يَقَعُ فِيهَا كُلِّهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إذَا وَقَعَتْ عَلَى أَقَلِّهِمْ جُزْءًا كَالسُّدُسِ إنْ كَانَ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ، فَإِنَّ الرَّمْيَ يَقَعُ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَطْ، بَلْ فِي اثْنَيْنِ لِأَنَّ الْأَخِيرَ لَا يَحْتَاجُ لِضَرْبٍ، فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ صَاحِبِ النِّصْفِ عَلَى جُزْءٍ فَيَأْخُذُهُ وَمَا يَلِيهِ إلَى تَمَامِ حَظِّهِ، وَكَذَا اسْمُ صَاحِبِ الثُّلُثِ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ بُطْلَانَ تَفْسِيرِ مَنْ فَسَّرَ الْمَقْسُومَ بِجَمِيعِ الْأَجْزَاءِ كَالسِّتَّةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ قَائِلًا يَكْتُبُ سِتَّةَ أَوْرَاقٍ فِي كُلِّ وَرَقَةٍ اسْمَ سُدُسٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يُعْطِي لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةَ أَوْرَاقٍ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَرَقَتَيْنِ، وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَرَقَةً ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ تَفْرِيقُ النَّصِيبِ الْوَاحِدِ، وَأَجَابَ بِمَا فِيهِ خَبْطٌ، ثُمَّ قَالَ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ لَا يَتَوَقَّفُ الْقَسْمُ فِيهَا عَلَى كَتْبِ الشُّرَكَاءِ. قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ يَعْنِي مَعَ الشُّرَكَاءِ لَيْسَ قَصْدُهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ لِيُوَافِقَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291 وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ الْخَارِجِ   [منح الجليل] مَا نَقَلَهُ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ. اهـ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ مُرَادَ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْلِيطِ الْأَجْزَاءِ، وَمُرَادُ الْأَئِمَّةِ بِالْقُرْعَةِ أَخْذُ كُلِّ أَحَدٍ حَظَّهُ مُجْتَمِعًا، وَتَقْرِيرُ تت قَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ كَتْبِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي كَبِيرِهِ قَائِلًا وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ أَظْهَرُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ مَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ فَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ كَتْبَ الْجِهَاتِ عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ فَهُوَ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ لِأَنَّهُ الْمَفْرُوضُ فِي كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (اشْتِرَاءُ) الْجُزْءِ (الْخَارِجِ) أَيْ الَّذِي يَخْرُجُ بِالْقِسْمَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ عَلَى مَنْعِ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ التَّهْذِيبِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَجْنَبِيٍّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَحَدِهِمْ مَا يَخْرُجُ لَهُ بِالسَّهْمِ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ إذْ لَا شَرِكَةَ لَهُ فِيهَا، وَإِنَّمَا جَازَ مَا أَخْرَجَ السَّهْمُ فِي تَمْيِيزِ حَظِّ الشَّرِيكِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْقَسْمَ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْقَسْمُ يُفَارِقُ الْبَيْعَ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ. اهـ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِجَهْلِ الْخَارِجِ وَالْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مَا لَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ، وَتَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ قَالَهُ تت. طفي قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ عَلَى مَنْعِ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ اغْتِرَارًا بِظَاهِرِ لَفْظِهَا، وَتَبِعَهُمَا تت فِي كَبِيرِهِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ شِرَاءُ مَا يَخْرُجُ بِالسَّهْمِ لِشَرِيكِهِ، وَقَدْ رَدَّ الْحَطّ عَلَى الشَّارِحِ بِكَلَامِهِ وَتَبِعَهُ عج قَائِلًا قَصْرُ الشَّارِحُ وتت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ تَبَعًا لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَنَصُّ أَبِي الْحَسَنِ هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ لِمَ أَجَزْت مَا يَخْرُجُ بِالْقَسْمِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَمْ تُجِزْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بَاعَ بَعْضَ نَصِيبِهِ بِبَعْضِ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الْقِسْمَةِ مَجْهُولٌ إذْ لَا يُدْرَى أَيُّهُمَا يَصِيرُ لَهُ وَمَا قَدْرُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْعًا فَإِنَّهَا تُفَارِقُ الْبُيُوعَ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ، وَقَوْلُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292 وَلَزِمَ وَنُظِرَ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ، وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ، فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَا: نُقِضَتْ:   [منح الجليل] إذْ لَا شَرِكَةَ لَهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا التَّفْرِيقَ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَالْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ شِرَاءُ مَا يَخْرُجُ بِالسَّهْمِ لِشَرِيكِهِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إذَا قُسِمَ الْمُشْتَرَكُ بِوَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِ الْقِسْمَةِ صَحِيحٌ (لَزِمَ) قَسْمُهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ نَقْضُهُ " ق " فِيهَا إذَا قَسَمَ الْقَاضِي بَيْنَ قَوْمٍ دُورًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ عُرُوضًا فَلَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمْ بِمَا أَخْرَجَ السَّهْمُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ قَالَ لَمْ أَظُنَّ أَنَّ هَذَا يَخْرُجُ لِي فَقَدْ لَزِمَهُ وَقَسْمُ الْقَاضِي مَاضٍ كَانَ فِي رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. (وَ) إنْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ (نُظِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (فِي دَعْوَى جَوْرٍ) أَيْ عُدُولٍ مِنْ الْقَاسِمِ عَنْ الْحَقِّ عَمْدًا (أَوْ غَلَطٍ) أَيْ عُدُولٍ عَنْهُ مِنْهُ خَطَأً، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْهُمَا مَضَى الْقَسْمُ وَلَزِمَ وَإِنْ اعْتَرَفَ الشَّرِيكُ بِهِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ اعْتِرَافُهُ (وَ) إنْ أَنْكَرَ (حَلَفَ الْمُنْكِرُ) عَلَى عَدَمِ مَا ادَّعَاهُ مُقَاسَمَةً مِنْ جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا قَالُوا لِلْقَاسِمِ غَلِطْت أَوْ لَمْ تَعْدِلْ نَظَرَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ عَدَلَ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ، وَلَمْ يَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَسْمَ الْقَاسِمِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ. (فَإِنْ تَفَاحَشَ) الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ (أَوْ ثَبَتَا) بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (نُقِضَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقِسْمَةُ. طفي أَيْ مَعَ الْقِيَامِ وَمَعَ الْفَوَاتِ يَتَرَادَّانِ فِي الْقِيمَةِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ تُنْقَضُ مَا لَمْ يَفُتْ الْإِمْلَاكُ بِبِنَاءٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَاتِ، فَإِنْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرْنَا رَجَعَا فِي ذَلِكَ إلَى الْقِيمَةِ، وَيَقْتَسِمُونَهَا، وَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ سَائِرُهُ عَلَى حَالِهِ قُسِمَ مَا لَمْ يَفُتْ مَعَ قِيمَةِ مَا فَاتَ. اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقَسْمِ دُونَ بَيِّنَةٍ وَلَا تَفَاحُشٍ يُوجِبُ حَلِفَ الْمُنْكِرِ وَبِأَحَدِهِمَا يُوجِبُ نَقْضَهُ. الْبَاجِيَّ فِي الْقُرْبِ وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ إنَّمَا يُقَامُ بِالْغَبْنِ فِيمَا قَرُبَ، وَأَمَّا مَا بَعُدَ أَمَدُهُ وَطَالَ تَارِيخُهُ فَلَا يُقَامُ فِيهِ بِغَبْنٍ. أَبُو إبْرَاهِيمَ وَحَدُّ ذَلِكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293 كَالْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا   [منح الجليل] الْعَامُ وَيَفُوتُهُ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ أَيْضًا. وَفِي الْمُعِينِ إذَا ثَبَتَ الْغَبْنُ فِي الْقِسْمَةِ انْتَقَضَتْ مَا لَمْ تَفُتْ الْأَمْلَاكُ بِبِنَاءٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْفَوْتِ، فَإِنْ فَاتَتْ الْأَمْلَاكُ بِمَا ذَكَرْنَا رَجَعَا فِي ذَلِكَ إلَى الْقِسْمَةِ يَقْتَسِمُونَهَا، وَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ سَائِرُهُ عَلَى حَالِهِ اقْتَسَمَ مَا لَمْ يَفُتْ مَعَ قِيمَةِ مَا فَاتَ، أَفَادَهُ الْحَطّ. طفي وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ، وَزَادَ فِي مُؤَلَّفِهِ ابْنُ لُبَابَةَ إذَا فَاتَ الْمَقْسُومُ بِبِنَاءٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بَيْعٍ مَضَى الْقَسْمُ وَلَا كَلَامَ لِلْقَائِمِ بِغَلَطٍ أَوْ غَبْنٍ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ فَوْتُهُ بِالْبَيْعِ لَغْوٌ مَا لَمْ يَفُتْ بِبِنَاءِ مُبْتَاعِهِ. اهـ. فَلَوْ فَصَلَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْفَوْتِ لَكَانَ أَوْلَى، وَهَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ. وَشَبَّهَ بِهَا فِي النَّقْضِ فَقَالَ (كَ) قِسْمَةِ (الْمُرَاضَاةِ) فَتُنْقَضُ بِتَفَاحُشِ الْجَوْرِ أَوْ الْغَلَطِ أَوْ ثُبُوتِهِ فِيهَا (إنْ) كَانَا (أَدْخَلَا) أَيْ الْمُقْتَسِمَانِ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (مُقَوِّمًا) بِكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً، فَإِنْ لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا فَلَا تُنْقَضُ بِذَلِكَ. الْحَطّ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْغَلَطَ بَعْدَ الْقَسْمِ، فَإِنْ كَانُوا قَسَمُوا بِالتَّرَاضِي بِلَا سَهْمٍ وَهُوَ جَائِزٌ، وَالْأَمْرُ فَلَا يُنْظَرُ إلَى دَعْوَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْغَلَطُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَمْرٍ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ التَّسَاوُمِ يَلْزَمُ فِيهِ الْغَبْنُ وَإِنْ قَسَمُوا بِالسَّهْمِ عَلَى تَعْدِيلِ الْقِيمَةِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ. أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى وَجْهٍ وَهُوَ إذَا تَوَلَّوْا الْقِسْمَةَ بِأَنْفُسِهِمْ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَأَمَّا إنْ كَانُوا أَدْخَلُوا بَيْنَهُمْ مِنْ قَوْمٍ لَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا الْغَبْنُ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ سَمَّوْهَا تَرَاضِيًا لَمْ يَدْخُلُوا إلَّا عَلَى التَّسَاوِي اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُدْخِلُوا مُقَوِّمًا بَيْنَهُمْ وَقَوَّمُوا لِأَنْفُسِهِمْ لَا يُقَامُ فِيهَا بِالْغَبْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ إذَا كَانَتْ بِلَا تَعْدِيلٍ وَلَا تَقْوِيمٍ لَا يُقَامُ بِالْغَبْنِ فِيهَا، وَمَتَى كَانَتْ بِتَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ فَيُقَامُ بِالْغَبْنِ فِيهَا، سَوَاءٌ كَانَ التَّقْوِيمُ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْهُمْ. اللَّخْمِيُّ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَعْدِلَا ذَلِكَ ثُمَّ يَقْتَرِعَا، أَوْ يَأْخُذَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ ثُمَّ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا غَلَطًا فَهَذَا يَنْظُرُ فِيهِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنْ كَانَ سَوَاءً أَوْ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ فَلَا يُنْقَضُ، وَإِلَّا فَيُنْقَضُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْغَلَطِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَقُولَا هَذِهِ الدَّارُ تُكَافِئُ هَذِهِ وَهَذَا الْعَبْدُ يُكَافِئُ هَذَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ ثُمَّ يَقْتَرِعَا أَوْ يَأْخُذَا ذَلِكَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. وَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ مَفْهُومَ ذَلِكَ التَّعْدِيلُ وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْقِيَمِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَا هَذِهِ الدَّارُ تُكَافِئُ هَذَا الْمَتَاعَ أَوْ هَذِهِ الْعَبِيدَ ثُمَّ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ بِالتَّرَاضِي بِغَيْرِ قُرْعَةٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقِيَمَ مُخْتَلِفَةٌ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا خُذْ هَذِهِ الدَّارَ وَهَذَا الْعَبْدَ وَأَنَا آخُذُ هَذِهِ الدَّارَ، وَهَذَا الْعَبْدَ مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ وَلَا ذِكْرِ مُكَافَأَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي مَضَى الْغَبْنُ عَلَى مَنْ كَانَ فِي نَصِيبِهِ وَإِلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يُمْضِهِ فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْقُرْعَةِ وَهُمَا عَالِمَانِ بِهِ فَسَدَتْ فَتُفْسَخُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا. وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَإِنْ كَانَا ظَنَّا التَّسَاوِيَ صَحَّتْ، وَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ فِيهَا كَالْعَيْبِ. وَالرَّابِعُ: اخْتِلَافُهُمَا فِي صَفْقَةِ الْمُقْسَمِ كَقَسْمِهِمَا عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فَكَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا سِتَّةٌ، وَقَالَ هِيَ نَصِيبِي عَلَيْهِ اقْتَسَمْنَاهُ. وَقَالَ الْآخَرُ وَاحِدٌ مِنْهَا لِي وَأَنَا سَلَّمْتُك غَلَطًا، فَاخْتُلِفَ فِيهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلُ قَوْلُ حَائِزِهِ بِيَمِينِهِ، إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ لِإِقْرَارِ الْآخَرِ بِالْقَسْمِ وَادِّعَائِهِ بَعْضَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ لِلْحَائِزِ بِيَمِينِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 وَأُجْبِرَ لَهَا كُلٌّ، إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ   [منح الجليل] يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ ذَلِكَ الثَّوْبَ وَحْدَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي هَذَا الْقِسْمِ الرَّابِعِ. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ فَذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلُوا الْقَسْمَ بِأَنْفُسِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنْ يُقَدِّمُوا مَنْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ تَوَلَّوْهُ بِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْغَلَطَ فَذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّخْمِيُّ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا إنْ قَدَّمُوا مَنْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمْ إنَّ الْقَاسِمَ جَارَ أَوْ غَلِطَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمْ وَلْيُتِمَّ قِسْمَتَهُ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ فِيهَا، فَإِنْ وَجَدَهَا عَلَى التَّعْدِيلِ مَضَى مَا قَسَمَ وَلَا يُرَدُّ، فَإِنْ رَضِيَ جَمِيعُهُمْ بِرَدِّهِ وَنَقْضِهِ وَاسْتِئْنَافِ الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ أَوْ التَّرَاضِي فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمْ يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ، وَهُوَ مَا يَخْرُجُ لَهُمْ بِالْقِسْمَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ تَرَاضَوْا بِنَقْضِهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ شَيْئًا مَعْلُومًا مُعَيَّنًا جَازَ، وَإِنْ وَجَدَ السُّلْطَانُ فِيهِ غَبْنًا فَاحِشًا نَقَضَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَاحِشٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا يُرَدُّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُرَدُّ اهـ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْقِسْمَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ قِسْمَةُ حُكْمٍ وَإِجْبَارٍ، وَهِيَ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ، وَقِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ وَتَقْوِيمٍ، وَقِسْمَةُ مُرَاضَاةٍ عَلَى غَيْرِ تَعْدِيلٍ، وَحُكْمُ هَذِهِ حُكْمُ الْبَيْعِ فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يُرْجَعُ فِيهَا بِالْغَبْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُرْجَعُ بِهِ فِي الْبَيْعِ، وَيُرْجَعُ بِالْغَبْنِ فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَيَعْنِي عَنْ الْيَسِيرِ مِنْ ذَلِكَ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي. وَاخْتُلِفَ فِي الْيَسِيرِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ كَالدِّينَارِ وَالدِّينَارَيْنِ مِنْ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، فَذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَبَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَأَبَى ذَلِكَ آخَرُونَ وَقَالُوا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ فِي الْحُكْمِ يَجِبُ فَسْخُهُ وَلَا يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إذَا طَلَبَ بَعْضُ الْمُشْتَرِكِينَ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ وَأَبَاهَا غَيْرُهُ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (لَهَا) أَيْ عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلٌّ) مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ، سَوَاءٌ كَانَتْ حِصَّةُ طَالِبِهَا مُسَاوِيَةً لِحِصَّةِ غَيْرِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ (إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ) مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الَّتِي تَخْرُجُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبًا أَوْ آبِيًا، وَلِذَا أَعَادَ إذْ لَوْ اكْتَفَى بِضَمِيرِهِ لَأَوْهَمَ أَنَّ الشَّرْطَ انْتِفَاعُ الْآبِي لَا الطَّالِبِ لِوُقُوعِ لَفْظِ كُلٌّ الْأَوَّلِ عَلَى الْآبِي فَقَطْ الْحَطّ فَلَا يُقْسَمُ الْفُرْنُ وَالرَّحَى وَالْمَعْصَرَةُ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّ الدَّارَ لَا تُقْسَمُ حَتَّى يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ مِنْ السَّاحَةِ وَالْبُيُوتِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَسْتَتِرُ فِيهِ عَنْ صَاحِبِهِ. اهـ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْجُبْرَانِ لَمْ يَنْتَفِعْ كُلٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهَاتٌ) . الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَإِنْ طَلَبَ الْقِسْمَةَ صَاحِبُ الْحَظِّ الَّذِي لَا يَصِيرُ لَهُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ قُسِمَ لَهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالضَّرَرِ لِنَفْسِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَتَّابٍ، وَكَانَ يُفْتِي بِهِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَالْقَضَاءُ. مُطَرِّفٌ وَبِهِ كَانَ يَقْضِي قُضَاةُ الْمَدِينَةِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. الثَّانِي: قَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ الْجَبْرَ بِكَوْنِ الْمُشْتَرَكِ لِلْقِنْيَةِ أَوْ مَوْرُوثًا، فَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِهِ مَنْ أَبَاهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ ثَمَنُهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. الثَّالِثُ: طفي أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الِانْتِفَاعِ فَهَلْ يَبْقَى عَلَى إطْلَاقِهِ، فَيَكْفِي حُصُولُ انْتِفَاعٍ مَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ يُقَيَّدُ بِالِانْتِفَاعِ بِالسُّكْنَى الْمُعْتَادَةِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَهُوَ مَا عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّ الدَّارَ لَا تُقْسَمُ حَتَّى يَصِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السَّاحَةِ وَالْبُيُوتِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَيَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ. اهـ اعْتِمَادُهُ، وَأَنَّهُ الَّذِي أَرَادَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ فَيُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْجَبْرِ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ لَوْ لَمْ يَصِرْ مُنْتَفِعًا بِهِ فِي حَظٍّ، أَوْ إنْ صَارَ لِكُلِّ شَرِيكٍ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي وَجْهٍ مَا ثَالِثُهَا وَلَوْ لِوَاحِدٍ، وَرَابِعُهَا إنْ صَارَ لِكُلِّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَيَنْتَفِعُ بِسُكْنَاهُ. اهـ. فَالرَّابِعُ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ. (وَ) إنْ أَرَادَ أَحَدُ الْمُشْتَرِكِينَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ بَيْعَ حِصَّتِهِ مِنْهُ وَطَلَبَ مِنْ شَرِيكِهِ بَيْعَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297 وَلِلْبَيْعِ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مُفْرَدَةً   [منح الجليل] نَصِيبِهِ مَعَهُ لِيَكْثُرَ الثَّمَنُ فَأَبَى أُجْبِرَ (لِلْبَيْعِ) أَيْ عَلَيْهِ شَرِيكٌ فِي كُلِّ مَا لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ (إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ) أَيْ آبِي الْبَيْعِ إنْ بِيعَتْ حَالَ كَوْنِهَا (مُفْرَدَةً) عَنْ حِصَّةِ الْآبِي، أَيْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَمَّا يَخُصُّهَا مِنْ ثَمَنِ الْكُلِّ. " ق " فِيهَا إذَا دُعِيَ أَحَدُ الْأَشْرَاكِ إلَى بَيْعِ مَا لَمْ يَنْقَسِمْ جُبِرَ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ، ثُمَّ لِلْآبِي أَخْذُ الْجَمِيعِ بِمَا يُعْطِي فِيهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ شَرِكَتُهُمْ بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَعْرُوفُ الْحُكْمُ بِبَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ بِدَعْوَى شَرِيكٍ فِيهِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَقَيَّدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِنَقْصِ ثَمَنِ حَظِّهِ مُنْفَرِدًا عَنْ ثَمَنِهِ فِي بَيْعِ كُلِّهِ. " ع " ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَلَوْ الْتَزَمَ أَدَاءَ النَّقْصِ لِشَرِيكِهِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ، وَإِنْ أَوْصَى بِبَنِيهِ الصِّغَارِ إلَى عَبْدِهِ فَدُعِيَ الْكِبَارُ إلَى بَيْعِ أَنْصِبَائِهِمْ مِنْهُ، فَإِنْ رَضَوْا بِبَيْعِ أَنْصِبَائِهِمْ خَاصَّةً جَازَ وَبَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى حَالِهِ فِي الْوَصِيَّةِ. وَإِنْ دَعَوْا إلَى بَيْعِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ فِي بَيْعِ أَنْصِبَائِهِمْ بِانْفِرَادِهَا بَخْسًا كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنْ يَرَى الْحَاكِمُ أَخْذَ بَقِيَّتِهِ حُسْنَ نَظَرٍ، أَوْ يَدْفَعُ إلَى الْكِبَارِ قَدْرَ ذَلِكَ الْبَخْسِ فَلَا يُبَاعُ عَلَى الصِّغَارِ أَنْصِبَاؤُهُمْ. اهـ. وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ هَاهُنَا مَعَ قُوَّةِ عَارِضَتِهِ. الْبُنَانِيُّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا فِي الْوَصَايَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا خِلَافٌ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الْعَبْدِ الْوَصِيِّ لَا تُنْقَضُ هَذَا الظَّاهِرُ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى بَيْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ الْوَصِيِّ يُكْرَهُ عَلَى أَصْلِ الْإِيصَاءِ بِالْإِبْطَالِ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْأَصَاغِرِ نَصِيبَ الْكِبَارِ مِنْهُ بِالْقِيمَةِ، كَأَخْذِ مَا يُجَاوِرُ الْمَسْجِدَ لِتَوْسِعَتِهِ فَلَا يَجْرِي ذَلِكَ فِي مُشْتَرَكِ غَيْرِ الْعَبْدِ الْوَصِيِّ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ التَّادَلِيِّ أَنَّ مَسْأَلَةَ اللَّخْمِيِّ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ. (تَنْبِيهٌ) . الْبُنَانِيُّ الْمُنَاسِبُ لِفِقْهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ وَمَنْ دُعِيَ لِبَيْعِ جُمْلَةِ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ لِنَقْصِ حِصَّتِهِ إنْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً مُكِّنَ مِنْهُ إذَا كَانَ فِي التَّشَارُكِ فِيهِ ضَرَرٌ، ثُمَّ لِلْآبِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298 لَا: كَرَبْعِ غَلَّةٍ   [منح الجليل] أَخْذُهُ بِمَا يُعْطِي فِيهِ قَبْلَ بَيْعِهِ. فَإِنْ بِيعَ مَضَى وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ إلَّا بِمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ، كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضَّحُ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا وَقَفَ عَلَى ثَمَنٍ بَعْدَ الْبَدَاءِ عَلَى جَمِيعِهِ أَنَّ لِمَنْ أَرَادَ أَخْذَهُ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ طَالِبَ بَيْعِهِ أَوْ آبِيهِ وَبِهِ الْقَضَاءُ. وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ لَيْسَ التَّمَسُّكُ إلَّا لِغَيْرِ طَالِبِهِ وَعَلَيْهِ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ. (لَا) يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْآبِي بَيْعَ نَصِيبِهِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَنْقُصْ ثَمَنُ نَصِيبِ طَالِبِ الْبَيْعِ إنْ بِيعَ مُفْرَدًا عَمَّا يَخُصُّهُ مِنْ ثَمَنِ الْجَمِيعِ (كَرَبْعِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ عَقَارِ (غَلَّةٍ) أَيْ مُقْتَنًى لِكِرَائِهِ وَأَخْذِ أُجْرَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يُحْكَمُ بِبَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ إذَا دُعِيَ إلَيْهِ أَحَدُ الْأَشْرَاكِ إلَّا فِيمَا كَانَ فِي التَّشَارُكِ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ كَالدَّارِ وَالْحَائِطِ. وَأَمَّا مِثْلُ الْحَمَّامِ وَالرَّحَى مِمَّا هُوَ لِلْغَلَّةِ فَلَا. اهـ. فِي التَّنْبِيهَاتِ كَانَ شَيْخُنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ يَذْهَبُ فِي رِبَاعِ الْغَلَّاتِ وَمَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلسُّكْنَى، وَالِانْفِرَادُ إلَى أَنَّ مَنْ أَرَادَ فِي مِثْلِ هَذَا بِيعَ نَصِيبُهُ أَوْ مُقَاوَاتَهُ فَلَا يُجْبَرُ شَرِيكُهُ، بِخِلَافِ مَا يُرَادُ لِلسُّكْنَى وَالِانْفِرَادِ بِالْمَنَافِعِ وَالسُّكْنَى فِيهِ لِأَنَّ رِبَاعَ الْغَلَّةِ إنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهَا الْغَلَّةُ وَلَا يَنْحَطُّ ثَمَنُ بَعْضِهَا إذَا بِيعَ عَنْ ثَمَنِهِ فِي بَيْعِ جُمْلَتِهَا، بَلْ رُبَّمَا كَانَ الرَّاغِبُ فِي شِرَاءِ بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ الرَّاغِبِ فِي شِرَاءِ جَمِيعِهَا، بِخِلَافِ دُورِ السُّكْنَى وَمَا يُرِيدُ أَحَدُ الْأَشْرَاكِ فِيهِ الِاخْتِصَاصَ بِهِ لِمَنْفَعَةٍ مَا اهـ. وَلِابْنِ رُشْدٍ نَسَبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَمَا قَرَّرَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ. وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَنَقَلَ مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ ثَمَنَ الْجُمْلَةِ أَكْثَرُ فِي رِبَاعِ الْغَلَّةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَهُمْ بِالْأَنْدَلُسِ، وَإِنْ كَانَ فَهُوَ نَادِرٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي التَّنْبِيلِ وَكَانَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ يُفْتِي أَنَّ الْجَبْرَ عَلَى الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ لَطِيفَ الثَّمَنِ كَالدِّيَارِ وَالْحَوَانِيتِ. وَأَمَّا الرِّبَاعُ الْكَثِيرَةُ الْأَثْمَانِ كَالْفَنَادِقِ وَالْحَمَّامَاتِ الَّتِي النَّصِيبُ فِيهَا أَفْضَلُ وَأَرْغَبُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ شِرَاءِ جَمِيعِهَا، فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي إفْرَادِ بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا خَاصَّةً إذْ لَا يَنَالُهُ فِي ذَلِكَ بَخْسٌ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299 أَوْ اشْتَرَى بَعْضًا وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ فَلَهُ رَدُّهَا،   [منح الجليل] يَرْغَبُ فِي شِرَاءِ النَّصِيبِ مِنْ الْحَمَّامِ وَالْفُنْدُقِ لِقِلَّةِ ثَمَنِهِ، وَلَا يَرْغَبُ فِي شِرَاءِ جَمِيعِهِ لِكَثْرَةِ ثَمَنِهِ وَتَعَذُّرِهِ. اهـ. وَبِهَذَا ظَهَرَ وَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَسَقَطَ اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ اشْتَرَى) مَنْ أَرَادَ بَيْعَ نَصِيبِهِ (بَعْضًا) مُنْفَرِدًا وَطَلَبَ مِنْ شَرِيكِهِ بَيْعَ نَصِيبِهِ مَعَهُ فَأَبَى فَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ مَعَهُ. " غ " فِي التَّنْبِيهَاتِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَبْرُ فِيمَا وَرِثَ أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَشْرَاكُ جُمْلَةً، وَفِي صَفْقَةٍ فَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُزْءًا مُفْرَدًا أَوْ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَعْضٍ فَلَا يُجْبَرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إجْمَالِ الْبَيْعِ مَعَ صَاحِبِهِ إذَا دُعِيَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمَا اشْتَرَى مُفْرَدًا كَذَلِكَ يَبِيعُ مُفْرَدًا، وَلَا حُجَّةَ لَهُ هَاهُنَا فِي بَخْسِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ مُفْرَدًا لِأَنَّهُ كَذَلِكَ اشْتَرَى فَلَا يُطْلَبُ فِيهِ بِإِخْرَاجِ شَرِيكِهِ مِنْ مَالِهِ، وَعَنْهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ وَالْمَعْرُوفُ الْحُكْمُ بِبَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ بِدَعْوَى شَرِيكٍ فِيهِ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَقَيَّدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِنَقْصِ ثَمَنِ حَظِّهِ مُفْرَدًا عَنْ ثَمَنِهِ فِي بَيْعِ كُلِّهِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلْمَسَاكِينِ فَبَاعَ وَصِيُّهُ ثُلُثَ أَرْضِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ قَالَهُ سَحْنُونٌ. وَقَالَهُ غَيْرُهُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَرُبَّمَا آلَ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِمْ إذَا دُعِيَ مُشْتَرِيهِ إلَى مُقَاسَمَتِهِمْ وَلَمْ يَحْتَمِلْ الْقَسْمَ. ابْنُ عَرَفَةَ تَعْلِيلُهُ نَصٌّ فِي قَبُولِ دَعْوَى الْبَيْعِ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَى الشَّرِكَةِ. اهـ. وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مَا نَصُّهُ طَرِيقُ عِيَاضٍ اشْتِرَاطُ اتِّحَادِ الْمَدْخَلِ فِي دَعْوَى الشَّرِيكِ إلَى الْبَيْعِ، وَطَرِيقُ اللَّخْمِيِّ، خِلَافُ هَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَصْلَ فِيمَا جُعِلَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ مَا لَا يَنْقَسِمُ خَوْفَ أَنْ يَدْعُوَ الْمُشْتَرِي لِلْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا دَخَلَ وَحْدَهُ وَقَدْ جَعَلَهُ يَدْعُو إلَى الْبَيْعِ، وَتَكَرَّرَ هَذَا كَلَامُهُ فِي بَابِ تَشَافُعِ الْوَرَثَةِ وَالشُّرَكَاءِ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ. اهـ. عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ عَزَا قَوْلَ عِيَاضٍ لِلَّخْمِيِّ. (وَإِنْ وَجَدَ) أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ (عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ) مِنْ نَصِيبِهِ الَّذِي خَصَّهُ بِالْقِسْمَةِ بِأَنْ زَادَ عَلَى نِصْفِهِ (فَلَهُ) أَيْ وَاجِدِ الْعَيْبِ (رَدُّهَا) أَيْ فَسْخُ الْقِسْمَةِ إنْ كَانَتْ الْأَجْزَاءُ الَّتِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300 فَإِنْ فَاتَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ بِكَهَدْمٍ: رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ، مَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا، وَمَا بِيَدِهِ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ الْمَعِيبِ مِمَّا بِيَدِهِ ثَمَنًا، وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا.   [منح الجليل] خَصَّتْ شُرَكَاءَهُ قَائِمَةً بِأَيْدِيهِمْ لَمْ تَفُتْ وَابْتَدَأَ الْقِسْمَةَ (فَإِنْ) كَانَ وُجُودُ الْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ (فَاتَ مَا) أَيْ النَّصِيبُ الَّذِي كَانَ (بِيَدِ صَاحِبِهِ) أَيْ وَاجِدِ الْعَيْبِ (بِكَهَدْمٍ) وَبِنَاءٍ وَقَطْعِ ثَوْبٍ تَبَابِينَ وَغَرْسٍ وَقَلْعٍ وَتَحْبِيسٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ (رَدَّ) صَاحِبُ الْفَائِتِ (نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْفَائِتِ لِمَنْ وَجَدَ الْعَيْبَ فِي نَصِيبِهِ مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ قَبْضِهِ) أَيْ الْفَائِتِ (وَمَا) أَيْ النَّصِيبُ الَّذِي (سَلِمَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مِنْ الْفَوَاتِ وَهُوَ الْمَعِيبُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ نَقْضٌ لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا لِقِيَامِ قِيمَةِ مَا فَاتَ مَقَامَهُ. (وَ) إنْ فَاتَ (مَا بِيَدِهِ) أَيْ وَاجِدِ الْمَعِيبِ وَهُوَ الْمَعِيبُ (رَدَّ) وَاجِدُ الْعَيْبِ عَلَى الَّذِي بِيَدِهِ السَّالِمُ مِنْ الْعَيْبِ (نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَعِيبِ يَوْمَ قَبْضِهِ (وَمَا) أَيْ النَّصِيبُ الَّذِي (سَلِمَ) مِنْ الْعَيْبِ وَالْفَوَاتِ (بَيْنَهُمَا) وَهَذَا نَقْضٌ لَهَا أَيْضًا فِي الْحَقِيقَةِ. الْمُصَنِّفُ وَكَذَا لَوْ فَاتَ النَّصِيبَانِ مَعًا فَيَرُدُّ آخِذُ السَّالِمِ نِصْفَ فَضْلِ قِيمَتِهِ عَلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَيْبُ بِالْأَكْثَرِ بِأَنْ كَانَ بِالنِّصْفِ أَوْ أَقَلَّ فَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، وَ (رَجَعَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ عَلَى آخِذِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ (بِ) مِثْلِ (نِصْفِ) قِيمَةِ النَّصِيبِ (الْمَعِيبِ مِمَّا) أَيْ النَّصِيبِ الَّذِي (فِي يَدِهِ) أَيْ آخِذِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُمَاثِلِ (ثَمَنًا) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ، أَيْ قِيمَةً لِلسَّالِمِ فَ (لَا) يَرْجِعُ (شَرِيكًا) فِي عَيْنِهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ (وَ) النَّصِيبُ (الْمَعِيبُ) مُشْتَرَكٌ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اقْتَسَمَ شَرِيكَانِ دُورًا أَوْ أَرَضِينَ أَوْ عُرُوضًا أَوْ رَقِيقًا فَوَجَدَ أَحَدُهُمْ بِبَعْضِ مَا أَخَذَهُ عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ وَجْهُ مَا نَابَهُ وَأَكْثَرُهُ رَدَّ الْجَمِيعَ وَابْتَدَأَ الْقَسْمَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ، فَيَرُدُّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ فَيَقْتَسِمَانِ تِلْكَ الْقِيمَةَ مَعَ الْحَاضِرِ الْمَرْدُودِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ رَدَّ قِيمَةَ مَا فَاتَ فَكَانَ ذَلِكَ مَعَ مَا لَمْ يَفُتْ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ بَعْضُ النَّصِيبِ الْمَعِيبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301 اُسْتُحِقَّ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ: خُيِّرَ لَا رُبْعٌ، وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ:   [منح الجليل] يَرُدُّ نِصْفَ قِيمَةِ مَا فَاتَ مِنْهُ لِصَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الْأَقَلَّ رَدَّهُ، وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ إذْ لَمْ يُنْتَقَضْ الْقَسْمُ، وَلَكِنْ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ قَدْرَ سُبْعِ مَا بِيَدِهِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ سُبْعِ مَا أَخَذَ ثَمَنًا، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْمَعِيبَ، وَلَوْ بَنَى أَحَدُهُمَا فِي حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ وَهَدَمَ بَعْدَ الْقَسْمِ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا فَذَلِكَ فَوْتٌ، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ ثَمَنًا عَلَى مَا فَسَّرْنَا. (تَنْبِيهٌ) الْبُنَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ " غ " الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ، فَهُوَ بِمَعْنَى الْكَثِيرِ لَا حَقِيقَةُ اسْمِ التَّفْضِيلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّصْفُ فَدُونَ فَالْخِيَارُ لَهُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْقِسْمَةِ، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَى صَاحِبِ السَّلِيمِ مِنْ الْعَيْبِ، وَفِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي السَّالِمِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّالِمِ، وَيَكُونُ لِصَاحِبِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ قَدْرُ مَا يَكُونُ لِصَاحِبِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّالِمِ فَلَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِي الْكُلِّ، بَلْ فِي الْبَعْضِ وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَهُ الْخِيَارُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْمَعِيبِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، أَوْ فَسَخَ الْقِسْمَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَعَلَيْهِ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ رَدُّهَا إجْمَالٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ) مِنْ بَعْضِ أَنْصِبَاءِ الْمَقْسُومِ بَيْنَهُمْ. (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً الْمُسْتَحِقُّ مِنْ يَدِهِ بَيْنَ نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَبَقَائِهَا وَالرُّجُوعِ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ. الشَّارِحُ وَيُحْتَمَلُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ نَقْضِهَا وَرُجُوعِهِ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ بِقَدْرِ نِصْفِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، وَ (لَا) يُخَيَّرُ إنْ اُسْتُحِقَّ (رُبْعٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ فَأَقَلُّ مِنْهُ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ (وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقِسْمَةُ (فِي) اسْتِحْقَاقِ (الْأَكْثَرِ) مِنْ النِّصْفِ وَلَا خِيَارَ وَلَا رُجُوعَ وَتُفْسَخُ فِي اسْتِحْقَاقِ كُلِّ النَّصِيبِ بِالْأَوْلَى. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اقْتَسَمَا عَبْدَيْنِ فَأَخَذَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ عَبْدِ أَحَدِهِمَا، فَلِلَّذِي اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 302 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِرُبْعِ قِيمَتِهِ يَوْمَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا. أَبُو مُحَمَّدٍ لَمَّا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا صَارَ إلَيْك لَمْ يَكُنْ لَك رَدُّ بَاقِيهِ، بِخِلَافِ مُبْتَاعِ عَبْدٍ يَرُدُّهُ بِاسْتِحْقَاقِ أَيْسَرِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا لَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ إلَّا بِاسْتِحْقَاقِ جُلِّ نَصِيبِهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ فَلَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبْعِ قِيمَةِ مَا بِيَدِهِ وَلَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ فِي هَذَا. " غ " ابْنُ يُونُسَ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي يَتَحَصَّلُ عِنْدِي فِي وُجُودِ الْعَيْبِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ يَطْرَأُ بَعْدَ الْقَسْمِ أَنْ يُنْظَرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَالرُّبْعِ فَأَقَلَّ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ ثَمَنًا، وَإِنْ كَانَ نَحْوَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ يَكُونُ شَرِيكًا بِحِصَّةِ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَلَا يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ، وَإِنْ كَانَ فَوْقَ النِّصْفِ انْتَقَضَ الْقَسْمُ وَابْتَدَأَهُ، وَاسْتَحْسَنَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا التَّحْصِيلَ وَقَالَ لَيْسَ فِي الْبَابِ مَا يُخَالِفُهُ إلَّا مَسْأَلَةُ الدَّارِ يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا رُبْعَهَا وَالْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا، فَيُسْتَحَقُّ نِصْفُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ قَالَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ، وَلَوْ قَالَ يَرْجِعُ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ لَاسْتَوَتْ الْمَسَائِلُ وَحَسُنَ التَّأْوِيلُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ تَنَاقُضٌ. وَلَمَّا ذَكَرَ عِيَاضٌ اخْتِلَافَ أَجْوِبَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ فَبِحَسَبِ ذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهَا الْمُتَأَوِّلُونَ وَحَارَ فِيهَا الْمُتَأَمِّلُونَ، وَكَثُرَ فِيهَا كَلَامُ الْمُدَقِّقِينَ وَتَعَارَضَتْ فِيهَا مَذَاهِبُ الْمُحَقِّقِينَ، فَذَهَبَ الْقَرَوِيُّونَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ، فَمَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الْمَعْلُومُ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الثُّلُثَ كَثِيرٌ يُرَدُّ مِنْهُ، وَأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ تَسْتَوِي مَعَ الْبَيْعِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَرُدَّانِ مِنْهُ وَذَلِكَ الرُّبْعُ، وَفِي الْجُلِّ يُرَدُّ مِنْهُ الْبَيْعُ وَيَنْفَسِخُ الْقَسْمُ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُفْسَخُ عِنْدَهُمَا فِي اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ، وَيُشَارِكُ بِذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ، وَهَذَا نَحْوُ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ. فَإِنْ قُلْت لَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا مَا خَصَّهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلَا ذَكَرَ التَّخْيِيرَ فِي الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ، بَلْ كَانَ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِحِصَّةِ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ قُلْت لَعَلَّهُ لَمْ يُرِدْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 303 كَطُرُوِّ غَرِيمٍ، أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ   [منح الجليل] خُصُوصِيَّةَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ ضَبْطَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِهَذَا الْبَابِ، وَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَ الْقَرَوِيِّينَ إنْ كَانَ نَحْوَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ يَكُونُ شَرِيكًا بِحِصَّتِهِ، مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَانِ) . الْأَوَّلُ: الْحَطّ ظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَحَقِّ شَائِعًا فِي جَمِيعِ الْمَقْسُومِ أَوْ فِي حِصَّةِ أَحَدِهِمْ أَوْ مُعَيَّنًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ أَوْ شَائِعٌ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ فَيُفَصَّلُ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَفِيهِ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ. " غ " وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَقْسُومِ فَلَا كَلَامَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ " لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مِثْلُ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ. الثَّانِي: عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ جَاءَ فِي مَسْأَلَةِ وُجُودِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَلْفَاظٌ مُشْكِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ وَمَقَالَاتٌ مُطْلَقَةٌ اضْطَرَبَ بِسَبَبِهَا تَأْوِيلُ الشُّيُوخِ، فَإِنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ بِشَائِعٍ فَلَا يُنْقَضُ الْقَسْمُ وَاتَّبَعَ الْمُسْتَحِقُّ كُلَّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا صَارَ مِنْ حَقِّهِ، وَلَا يُتَّبَعُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُهُ رَجَعَ فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَرَّةً يُنْقَضُ الْقَسْمُ كُلُّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ، وَقَالَ مَرَّةً يَرْجِعُ فَيُسَاوِي صَاحِبَهُ فِيمَا بِيَدِهِ بِقَدْرِ نِصْفِ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقِّ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا، وَقَالَ مَرَّةً يُنْقَضُ فِي الْكَثِيرِ وَيَرْجِعُ فِي الْيَسِيرِ شَرِيكًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ فَقَالَ (كَطُرُوِّ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَالرَّاءِ وَشَدِّ الْوَاوِ، أَيْ طَرَيَان (غَرِيمٍ) أَيْ صَاحِبِ دَيْنٍ وَحْدَهُ عَلَى وَرَثَةٍ وَحْدَهُمْ بَعْدَ قَسْمِهِمْ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِمْ فَيُنْقَضُ الْقَسْمُ، وَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا إنْ اسْتَغْرَقَهَا دَيْنُهُ أَوْ عَلَى وَرَثَةٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ فَكَذَلِكَ (أَوْ) طُرُّوهُ (مُوصًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ (لَهُ بِعَدَدٍ) مِنْ دَنَانِيرَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 304 عَلَى وَرَثَةٍ، أَوْ عَلَى وَارِثٍ، وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ وَالْمَقْسُومُ: كَدَارِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا، أَوْ مِثْلِيًّا، رَجَعَ عَلَى كُلٍّ، وَمَنْ أَعْسَرَ: فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَضَتْ:   [منح الجليل] وَنَحْوِهَا (عَلَى وَرَثَةٍ) وَحْدَهُمْ بَعْدَ قَسْمِهِمْ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِمْ (أَوْ) طُرُوءِ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ وَحْدَهُ (عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ) مَثَلًا بَعْدَ إعْطَاءِ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ وَقَسْمِ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَتُفْسَخُ الْقَسِيمَةُ وَيُعْطَى الْغَرِيمُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ حَقَّهُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ الْقَسْمُ. (وَ) الْفَسْخُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ (الْمَقْسُومُ) مُقَوَّمًا (كَدَارٍ) أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ لِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِعَيْنِهِ فِيهَا إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دَارًا وَلَيْسَ فِيهَا عَيْنٌ فَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ ثُمَّ قَدِمَ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِثُلُثٍ نُقِضَ الْقَسْمُ كَانُوا قَدْ جَمَعُوا الدُّورَ فِي الْقَسْمِ أَوْ اقْتَسَمُوا كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ. (وَإِنْ كَانَ) الْمَقْسُومُ (عَيْنًا) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ (أَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا غَيْرَ عَيْنٍ فَلَا يُفْسَخُ الْقَسْمُ (وَرَجَعَ) الْغَرِيمُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدِ الطَّارِئِ (عَلَى كُلٍّ) مِمَّنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا يَخُصُّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ بِمِثْلِهِ (وَمَنْ أَعْسَرَ) مِنْ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِمْ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْسِرِ يَرْجِعُ الطَّارِئُ وَيَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا عَلَيْهِ عَلَى مَلِيءٍ مِنْ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِمْ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) حِينَ الْقَسْمِ بِالطَّارِئِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ وَقَسَمُوا رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْمَلِيءِ بِمَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَعَلَى الْحَيِّ بِمَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَعَلَى الْحَاضِرِ بِمَا عَلَى الْغَائِبِ لِتَعَدِّيهِمْ. وَمَحَلُّ فَسْخِ قِسْمَةِ الْمُقَوَّمِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ لِلطَّارِئِ حَقَّهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا طَرَأَ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِثُلُثٍ بَعْدَ الْقَسْمِ وَالتَّرِكَةُ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ، فَإِنَّمَا يَتْبَعُ كُلَّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَلِيءَ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ. (وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَوْ بَعْضُهُمْ لِلطَّارِئِ حَقَّهُ (مَضَتْ) الْقِسْمَةُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 305 كَبَيْعِهِمْ بِلَا غَبْنٍ اسْتَوْفَى مِمَّا وَجَدَ ثُمَّ تَرَاجَعُوا. وَمَنْ أَعْسَرَ: فَعَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا   [منح الجليل] يَفْتَكَّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ بِأَدَاءِ مَا يَنُوبُهُ، فَإِنْ قَالَ وَاحِدٌ أَنَا أُؤَدِّي جَمِيعَ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ طَعَامًا وَلَا أَتْبَعُكُمْ بِشَيْءٍ وَلَا تَنْقُضُوا الْقَسْمَ لِرَغْبَتِهِ فِي حَظِّهِ، وَقَدْ قَسَمُوا رَبْعًا أَوْ حَيَوَانًا، فَذَلِكَ لَهُ. وَشَبَّهَ فِي مُضِيِّ الْقَسْمِ وَعَدَمِ فَسْخِهِ فَقَالَ (كَبَيْعِهِمْ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ أَنْصِبَاءَهُمْ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ قَسْمِهَا (بِلَا غَبْنٍ) أَيْ مُحَابَاةٍ لَا حَقِيقَةِ الْغَبْنِ، وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لِلْمُصَنِّفِ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَجَازِ بِلَا قَرِينَةٍ وَعُدُولِهِ عَنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَمُجَرَّدُ الِاخْتِصَارِ لَا يُسَوِّغُ ذَلِكَ، فَإِنْ بِيعَ بِمُحَابَاةٍ فَكَالْهِبَةِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْهِبَةُ لَا تُرَدُّ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَضْمَنُ الْوَاهِبُ وَالْمُعْتِقُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَيَدْفَعُ لِلْغَرِيمِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَذَهَبَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيُرَدُّ الْعِتْقُ. فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْبَيْعُ يَمْضِي مُطْلَقًا فَلِمَ قَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ الْمُحَابَاةِ؟ . قُلْت قَوْلُهَا وَمَا بَاعَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ لَا قِيمَتُهُ إنْ لَمْ يُحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْمُحَابَاةِ قَيْدٌ فِي إعْطَاءِ الثَّمَنِ لَا فِي الْإِمْضَاءِ فَتُؤُوِّلَ عِبَارَتُهَا بِذَلِكَ، أَيْ كَبَيْعِهِمْ يَمْضِي وَعَلَيْهِمَا الثَّمَنُ إنْ بَاعُوا بِلَا مُحَابَاةٍ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَيَضْمَنُونَ الدَّيْنَ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ وَلَمْ يَبِعْ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ. (اسْتَوْفَى) الطَّارِئُ جَمِيعَ حَقِّهِ (مِمَّا وَجَدَ) مِنْ التَّرِكَةِ (ثُمَّ تَرَاجَعُوا) أَيْ رَجَعَ الْوَارِثُ الْمَأْخُوذُ نَصِيبُهُ فِي الدَّيْنِ عَلَى مَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ (وَمَنْ أَعْسَرَ) مِنْهُمْ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُعْسِرِ يَرْجِعُ الطَّارِئُ بِمَا عَلَيْهِ وَيَتْبَعُ ذِمَّتَهُ وَلَا يَأْخُذُهُ مِنْ مَلِيءٍ غَيْرِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ بِالطَّارِئِ، فَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ أَخَذَ مِنْ الْمَلِيءِ مَا عَلَى الْمُعْسِرِ. الْحَطّ ذَكَر الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَرْبَعَ مَسَائِلَ، الْأُولَى: أَنْ يَطْرَأَ غَرِيمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَطْرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 306 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّالِثَةُ: أَنْ يَطْرَأَ غَرِيمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَطْرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ بَعْدَهَا أَيْضًا، وَذَكَرَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِاسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ، لَكِنْ شُرِطَ فِيهِ كَوْنُ الْمَقْسُومِ مُقَوَّمًا كَدَارٍ وَعَبِيدٍ وَثِيَابٍ. وَاحْتَرَزَ عَنْ كَوْنِهِ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا فَلَا تُنْقَضُ، وَصَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ وَشَرْطُ نَقْضِهَا فِي الْمُقَوَّمِ أَنْ لَا يَدْفَعَ الْوَرَثَةُ أَوْ أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ وَلَا الْعَدَدَ الْمُوصَى بِهِ. وَقَوْلُهُ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا وَطَرَأَ غَرِيمٌ بَعْدَ قَسْمِهَا وَوَجَدَ بَعْضَهُمْ مُوسِرًا وَبَعْضَهُمْ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُوسِرِ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ، وَيَتْبَعُ الْمُعْسِرَ بِحِصَّتِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا الدَّيْنَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إنَّمَا هَذَا فِي طُرُوءِ غَرِيمٍ عَلَى غُرَمَاءَ أَوْ وَارِثٍ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مُوصًى لَهُمْ. وَأَمَّا إذَا طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ فَيَرْجِعُ عَلَى مَلِيئِهِمْ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَهُ هُوَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعْسِرِ بِمَا يَخُصُّهُ، سَوَاءٌ عَلِمُوا الدَّيْنَ أَمْ لَمْ يَعْلَمُوهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَفِي قِسْمَتِهَا وَمَنْ هَلَكَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ دُورًا وَرَقِيقًا وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ فَجَهِلَ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَاقْتَسَمُوا مِيرَاثَهُ ثُمَّ عَلِمُوا الدَّيْنَ فَتُرَدُّ الْقِسْمَةُ حَتَّى يُوَفِّيَ الدَّيْنَ إنْ كَانَ مَا اقْتَسَمُوا قَائِمًا، فَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضُهُمْ حَظَّهُ وَبَقِيَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ حَظُّهُ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُ دَيْنِهِ مِمَّا بِيَدِهِ، فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِهِ أَخَذَ قَدْرَ دَيْنِهِ وَضُمَّ مَا بِيَدِ هَذَا الْوَارِثِ بَعْدَ الدَّيْنِ إلَى مَا أَتْلَفَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، فَكَانَ هُوَ التَّرِكَةَ، وَمَا بَقِيَ بِيَدِ الْغَارِمِ فَهُوَ لَهُ، وَيَتْبَعُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ بِتَمَامِ مِيرَاثِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّيْنِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ، وَيَضْمَنُ كُلُّ وَارِثٍ مَا أَكَلَهُ وَمَا اسْتَهْلَكَهُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَا بَاعَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ إنْ لَمْ يُحَابِ. طفي قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا الظَّاهِرُ أَنَّهُ وَهْمٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا غَيْرِهِمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ، بَلْ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَى قَوْلِهِ يُوَفِّي دَيْنَهُ مِمَّا وَجَدَ وَيَتَرَاجَعُونَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَ فِي تَرَاجُعِهِمْ مَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا إذْ لَا مَعْنَى لِهَذَا الشَّرْطِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْعِلْمِ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اتِّبَاعُ كُلٍّ بِحِصَّتِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. وَإِنْ قِيلَ مَحَلُّهُ التَّأْخِيرُ فَتَأْخِيرُ الَّذِي قَبْلَهُ كَمَا قُلْنَاهُ يُغْنِي عَنْهُ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ الْحَطّ بَعْدَ اسْتِشْكَالِ الَّذِي قَبْلَهُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَا مَاتَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ مَلَكَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ قَسْمَهُمْ بَاطِلٌ لِلدَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ قَسَمَ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ انْتَقَضَ كَقَسْمِهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَهُمْ رِجَالٌ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقَسْمِ وَالتَّرِكَةُ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ، فَإِنَّمَا يَتْبَعُ كُلَّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا يَصِيرُ إلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ، وَلَا يَتْبَعُ الطَّارِئُ الْمَلِيءَ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ كَالْغَرِيمِ الطَّارِئِ عَلَى وَرَثَةٍ، وَلَكِنْ كَغَرِيمٍ طَرَأَ عَلَى غُرَمَاءَ وَقَدْ قَسَمُوا مَالَ الْمَيِّتِ أَجْمَعَ، فَأَعْدَمَ بَعْضُهُمْ فَلَا يَتْبَعُ الْمَلِيءَ إلَّا بِمَا عِنْدَهُ مِنْ حِصَّتِهِ بِالْحِصَاصِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دُورًا وَلَا عَيْنَ فِيهَا فَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ ثُمَّ قَدِمَ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِثُلُثٍ نُقِضَ الْقَسْمُ كَانُوا قَدْ جَمَعُوا الدُّورَ فِي الْقَسْمِ أَوْ قَسَمُوا كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ قَدِمَ مُوصًى لَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا كَانَ كَلُحُوقِ دَيْنٍ، إمَّا أَنْ يُؤَدُّوهُ أَوْ يُنْقَضَ الْقَسْمُ، وَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى أَدَائِهِ مِنْ مَالِهِمْ وَمَالُ الْمَيِّتِ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ طَاعَ أَكْثَرُهُمْ بِأَدَاءِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمْ وَقَالَ اُنْقُضُوا الْقَسْمَ وَبِيعُوا لِذَلِكَ وَاقْتَسِمُوا مَا بَقِيَ فَذَلِكَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دُعُوا إلَى نَقْضِ الْقَسْمِ إلَّا وَاحِدًا قَالَ أَنَا أُؤَدِّي جَمِيعَ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ طَعَامًا، وَلَا أَتْبَعُكُمْ بِشَيْءٍ وَلَا تُنْقِضُوا الْقِسْمَةَ لِرَغْبَتِهِ فِي حَظِّهِ، وَقَدْ قَسَمُوا رَبْعًا وَحَيَوَانًا فَذَلِكَ لَهُ. اهـ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَقْسُومِ مُقَوَّمًا، وَكَوْنِهِ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي طَرَيَان وَارِثٍ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ جَرَيَانُهُ فِي طَرَيَان غَرِيمٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي اللُّبَابِ قَالَ وَإِذَا طَرَأَ دَيْنٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يَغْتَرِقُ التَّرِكَةَ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَغْتَرِقُهَا وَكُلُّهُمْ حَاضِرٌ مُوسِرٌ غَيْرُ مُلِدٍّ أَخَذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ مُلِدًّا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ غَيْرِ الْمُلِدِّ وَيَتْبَعُ هُوَ أَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا أَوْ رَقِيقًا فُسِخَتْ حَتَّى يُوَفِّيَ الدَّيْنَ عَلِمُوا بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ لَا يُفْسَخُ وَيُفَضُّ الدَّيْنُ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ بِالْحِصَصِ طفي فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ اللُّبَابِ لِأَنَّ الْفَسْخَ فِي الْمِثْلِيِّ إنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ إذَا هَلَكَ إمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا يُفْسَخُ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ صَاحِبُ اللُّبَابِ عَلَى هَذَا، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ، وَفِي هَذَا لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ، بَلْ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمُصَنِّفِ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ لِقَوْلِهِ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ وَهُوَ، قَالَ عَلِمُوا بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَقَوْلُهُ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْحَاضِرِ مَعْنَاهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ. الثَّانِي: " غ " اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ نَوْعًا الَّتِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِيَةَ لِرُجُوعِهَا لِلثَّمَانِيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. اهـ. قُلْت وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ طُرُوءُ غَرِيمٍ عَلَى غُرَمَاءَ وَوَرَثَةٍ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا أَخَذَهُ الْوَرَثَةُ كَفَافُ الدَّيْنِ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي طُرُوءِ غَرِيمٍ عَلَى وَرَثَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَافُ دَيْنِهِ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِبَقِيَّةِ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُحَاصَّةِ كَرُجُوعِ غَرِيمٍ عَلَى غُرَمَاءَ الثَّانِيَةُ طُرُوءُ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ وَوَرَثَةٍ، وَحُكْمُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيمَا أَخَذَهُ الْوَرَثَةُ زَائِدٌ عَلَى الثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ كَفَافُ الْجُزْءِ الطَّارِئِ كَانَ كَطُرُوءِ الْمُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَفَافٌ رَجَعَ بِبَاقِي مَا يَخُصُّهُ بِالْمُحَاصَّةِ فِي الثُّلُثِ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ، وَالثَّانِيَةُ طُرُوءُ غَرِيمٍ عَلَى وَرَثَةٍ وَمُوصًى لَهُمْ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَحُكْمُهَا إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ لَا فِي عَدَمِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَهُ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ عَلَى مَنْ وَجَدَهُ مَلِيًّا مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ. وَأَمَّا قَدْرُ الثُّلُثِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ إلَّا فِي عَدَمِ الْوَرَثَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّالِثُ: طفي قَوْلُهُ كَطُرُوءِ غَرِيمٍ إلَخْ تَشْبِيهٌ فِي الْفَسْخِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، فَقَوْلُهُ وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ إلَخْ لَا يَصِحُّ هُنَا، وَمَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ إلَخْ، كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَنَحْوِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَقْدِيمُهُ هُنَا وَهْمٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَوْ مُخَرِّجِ الْمُبَيَّضَةِ لِأَنَّ النَّقْضَ فِي طُرُوءِ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ مُطْلَقٌ وَلِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءَ عَنْ الْمُعْدِمِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْفَلَسِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِمْ وَعَدَمِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْسَرَ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا، وَإِنَّمَا هَذَا التَّفْصِيلُ فِي طُرُوءِ الْوَارِثِ عَلَى مِثْلِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَجَعَ الْقَادِمُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَتْبَعُ الْمَلِيءَ فِي كُلِّ حَظِّهِ بِالْإِرْثِ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ، بِخِلَافِ طُرُوئِهِ عَلَى غُرَمَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ إذَا طَرَأَ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بَعْدَمَا قَسَمَهَا الْوَرَثَةُ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: نَقْضُ الْقِسْمَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى شَاءَ الْوَرَثَةُ أَوْ أَبَوْا فَمَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ مِنْ جَمِيعِهِمْ وَمَا نَمَا لِجَمِيعِهِمْ فَيُخْرَجُ الدَّيْنُ أَوْ الْوَصِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَيُقْسَمُ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". الثَّانِي: نَقْضُهَا إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ عَلَى عَدَمِهِ وَإِخْرَاجِ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، فَذَلِكَ لَهُمْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْصُوصُ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ فَائِدَةَ نَقْضِهَا وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مِثْلِيًّا الضَّمَانُ مِنْ جَمِيعِهِمْ إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ، وَإِذَا كَانَ الْمِثْلِيُّ قَائِمًا بِأَيْدِيهِمْ فَلَا تُنْقَضُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ وَجَدَ مَا قَسَمُوهُ بِأَيْدِيهِمْ فَلَا يُنْتَقَضُ قَسْمُهُ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَلِهَذَا قَيَّدَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَسْأَلَةَ أَوَّلًا بِغَيْرِ الْمِثْلِيِّ إشَارَةً إلَى أَنَّ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ يُنْقَضُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَعَ الْهَلَاكِ، إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ كَلَامُهُ يُفِيدُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَأَمَّا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيَحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْهُ بِأَنْ يُقَالَ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ كَدَارٍ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمِثْلِيَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ عَدَمُ النَّقْضِ مَعَ وُجُودِهِ، وَالنَّقْضُ مَعَ هَلَاكِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَ بِالْمِثْلِيِّ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ فَابْنُ رُشْدٍ عَمَّمَ كَمَا تَرَى. وَأَطْلَقَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 310 وَإِنْ طَرَأَ: غَرِيمٌ، أَوْ وَارِثٌ، أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ، أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ اتَّبَعَ كُلًّا بِحِصَّتِهِ وَأُخِّرَتْ لَا دَيْنٌ لِحَمْلٍ، وَفِي الْوَصِيَّةِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] وَاحِدٍ وَالْعَجَبُ مِنْ شُرَّاحِهِ كَيْفَ قَرَّرُوهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ قَوْلُ " غ " رَتَّبَ الْمُصَنِّفُ الطَّوَارِئَ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَرَتَّبَهَا عَلَى تَرْتِيبِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِأُصُولِهَا مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرَتِّبْهَا كَذَلِكَ، وَقَدْ تَنَبَّهَ لِمَا قُلْنَا شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ، فَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْفِ الْغَلِيلَ بِإِيرَادِ النُّقُولِ، وَقَدْ أَوْرَدْنَا لَك مَا شَفَى وَكَفَى، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ) أَيْ صَاحِبُ دَيْنٍ عَلَى مِثْلِهِ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمَيِّتِ (أَوْ) طَرَأَ (وَارِثٌ) عَلَى مِثْلِهِ بَعْدَ الْقَسْمِ (أَوْ) طَرَأَ (مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ) طَرَأَ (مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ) كَسُدُسٍ (عَلَى وَارِثٍ) بَعْدَهُ (اتَّبَعَ) الطَّارِئُ (كُلًّا) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ اللَّامِ، أَيْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِمْ (بِحِصَّتِهِ) الَّتِي تَخُصُّهُ بِالْمُحَاصَّةِ وَلَا يُنْقَضُ الْقَسْمُ وَلَا يُغَرِّمُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ، فَإِنْ وَجَدَ مَا أَخَذُوهُ قَائِمًا بِأَيْدِيهِمْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ مَا يَجِبُ لَهُ عِنْدَهُ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَقَارًا انْفَسَخَتْ الْقِسْمَةُ لِتَضَرُّرِهِ بِتَبْعِيضِ حِصَّتِهِ قَالَهُ تت. الْحَطّ هَذَا إنْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ دَارًا فَلِلطَّارِئِ، نَقْضُ الْقِسْمَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَنَصُّهُ وَلَوْ طَرَأَ وَارِثٌ وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ، فَلَهُ الْفَسْخُ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا رَجَعَ عَلَيْهِمْ، وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْلَمُوا بِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ مَنْ أَعْسَرَ فَعَلَى الْجَمِيعِ. فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ فَلَهُ الْفَسْخُ أَيْ وَلَهُ مُشَارَكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُمَا وَاللُّبَابِ. (وَأُخِّرَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ الَّذِينَ أَحَدُهُمْ حَمْلٌ (لَا) يُؤَخَّرُ (دَيْنٌ) أَيْ دَفْعُهُ مِنْ التَّرِكَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَصِلَةُ أُخِّرَتْ (لِ) وَضْعِ (حَمْلِ) وَارِثٍ (وَفِي) تَأْخِيرِ إخْرَاجِ (الْوَصِيَّةِ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ لِوَضْعِ الْحَمْلِ وَتَعْجِيلِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 311 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ق " ابْنُ رُشْدٍ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ امْرَأَةً حَمْلُهَا وَارِثُهُ يَجِبُ أَنْ لَا يُعَجَّلَ قَسْمُ تَرِكَتِهِ حَتَّى تُسْأَلَ، فَإِنْ قَالَتْ إنَّهَا حَامِلٌ وُقِفَتْ التَّرِكَةُ حَتَّى تَضَعَ أَوْ يَظْهَرَ عَدَمُ حَمْلِهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا، وَإِنْ قَالَتْ لَا أَدْرِي أُخِّرَ الْقَسْمُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنْ لَا حَمْلَ بِهَا بِحَيْضَةٍ أَوْ بِمُضِيِّ أَمَدِ الْعِدَّةِ وَلَا رِيبَةَ حَمْلٍ بِهَا إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ عَجِّلُوا لِي ثَمَنِي لِتَحَقُّقِهِ لِي لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ. وَأَمَّا الدَّيْنُ فَيُؤَدَّى وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ الْوَضْعُ. الْبَاجِيَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِابْنِ أَيْمَنَ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَنْفُذُ حَتَّى تَلِدَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَقَالَهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ لِأَنَّ مَا يَهْلِكُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَمَا يَزِيدُ مِنْهُ، أَرَادَ فَيَكُونُ الْمُوصَى لَهُ اسْتَوْفَى وَصِيَّتَهُ عَلَى غَيْرِ مَا يَرِثُهُ الْوَرَثَةُ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ وَيُؤَخَّرُ قَسْمُ الْإِرْثِ حَتَّى تَلِدَ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلْ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وَقَالَهُ ابْنُ مَسْلَمَةَ. " غ " أَشَارَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ قِفْ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثِ مَسَائِلَ: الدَّيْنُ يُؤَدَّى بِاتِّفَاقٍ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَالتَّرِكَةُ لَا يَقْسِمهَا الْوَرَثَةُ بِاتِّفَاقٍ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ وَالْوَصَايَا اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ يُعَجَّلُ إنْفَاذُهَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ لَا يُعَجَّلُ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ؟ قَالَ لَمْ أَعْرِفْ فِي الدَّيْنِ خِلَافًا إلَّا مَا ذُكِرَ فِيهِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ مِنْ الْغَلَطِ الَّذِي لَا يُعَدُّ مِنْ الْخِلَافِ. وَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ شَهِدْت ابْنَ أَيْمَنَ حَكَمَ فِي مَيِّتٍ عَنْ امْرَأَتِهِ حَامِلًا أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ مِيرَاثُهُ وَلَا يُؤَدَّى دَيْنُهُ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ، فَأَنْكَرْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ هَذَا مَذْهَبُنَا، وَلَمْ يَأْتِ بِحُجَّةٍ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُؤَدَّى دَيْنُهُ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَلَا يَدْخُلُهُ اخْتِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي تَوْقِيفِ الْوَصِيَّةِ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ رَأَى ذَلِكَ لِعِلَّةٍ هِيَ أَنَّ بَقِيَّةَ التَّرِكَةِ قَدْ تَتْلَفُ فِي حَالِ التَّنْفِيذِ قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ، فَيَجِبُ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِثُلُثَيْ مَا قَبَضُوا، وَلَعَلَّهُمْ مُعْدِمُونَ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنِينَ، فَلَا يَجِدُونَ مَنْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا تَأْخِيرُ الدَّيْنِ حَتَّى يُوضَعَ الْحَمْلُ فَلَا عِلَّةَ تُوجِبُهُ، بَلْ يَجِبُ تَعْجِيلُ أَدَائِهِ خَوْفًا مِنْ هَلَاكِ الْمَالِ فَيَبْطُلُ حَقُّ صَاحِبِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ وَإِذَا وَجَبَ قَضَاءُ دَيْنِ الْغَائِبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 312 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِمَا وُجِدَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَعَ بَقَاءِ ذِمَّتِهِ إنْ تَلِفَ الْمَوْجُودُ لَهُ، فَأَحْرَى أَنْ يُؤَدَّى الدَّيْنُ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ تَرِكَتِهِ لِوَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ انْقَضَتْ ذِمَّتُهُ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَجِبُ لَهُ فِي التَّرِكَةِ حَقٌّ حَتَّى يُولَدَ حَيًّا وَيَسْتَهِلَّ صَارِخًا، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُورَثْ عَنْهُ نَصِيبُهُ، وَالْغَائِبُ حَقُّهُ وَاجِبٌ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ، وَلَوْ مَاتَ وَرِثَ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يُنْتَظَرْ الْغَائِبُ مَعَ وُجُوبِ الْمَالِ الَّذِي يُؤَدَّى مِنْهُ الدَّيْنُ الْآنَ لَهُ كَانَ أَحْرَى أَنْ لَا يُنْتَظَرَ الْحَمْلُ الَّذِي لَمْ يَجِبْ لَهُ فِي التَّرِكَةِ حَقٌّ، وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ حَقًّا عَلَى صَغِيرٍ قُضِيَ لَهُ بِهِ وَلَمْ يُجْعَلْ لِلصَّغِيرِ وَكِيلٌ يُخَاصِمُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا قُضِيَ عَلَى الصَّغِيرِ بَعْدَ وَضْعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَامَ لَهُ وَكِيلٌ فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ وَضْعِ الْحَمْلِ بِتَأْدِيَةِ دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا كُلُّهُ بَيِّنٌ لَا ارْتِيَابَ فِيهِ وَلَا إشْكَالَ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إلَى قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ مَنْفَعَةٍ فِي ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ، فَقَالَ فِي تَغْلِيطِهِ ابْنَ أَيْمَنَ وَقَوْلُهُ لَا حُجَّةَ لَهُ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ الْأَظْهَرُ، وَبِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَدَلِيلُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ بِحُكْمِ قَاضٍ بِهِ، وَحُكْمُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ثُبُوتِ مَوْتِ الْمَدِينِ وَعَدَدِ وَرَثَتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَدَدُ وَرَثَتِهِ إلَّا بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَالْحُكْمُ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ، وَقَضَاءُ الدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْحُكْمِ، وَالْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْمُتَوَقِّفِ عَلَى أَمْرٍ مُتَوَقِّفٍ عَلَى ذَلِكَ. الْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالدَّيْنِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِعْذَارِ لِكُلِّ الْوَرَثَةِ وَالْحَمْلُ مِنْهُمْ، وَلَا يَتَقَرَّرُ الْإِعْذَارُ فِي جِهَتِهِ إلَّا بِوَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ، وَكِلَاهُمَا يَسْتَحِيلُ قَبْل وَضْعِهِ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. الْحَطّ مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ لِابْنِ أَيْمَنَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِالْقَضَاءِ ثُبُوتُ عَدَدِ الْوَرَثَةِ الْمَوْجُودِينَ وَالْحَمْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْحَمْلِ وَصِيٌّ وَلَا وَلِيٌّ وَابْنُ رُشْدٍ لَا يُسَلِّمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي رَسْمِ مَرَضٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ بِأَنَّ لِلنَّاظِرِ عَلَى الْحَمْلِ أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ عَلَى مِيرَاثِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ كَأَنْ يَتْرُكَ زَوْجَةً حَامِلًا وَبَنِينَ وَنَصُّهُ، وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي أَنَّ لِلنَّاظِرِ عَلَى الْحَمْلِ أَنْ يُجِيزَ الصُّلْحَ عَلَيْهِ، وَيُمْضِيَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 313 وَقَسَمَ عَنْ صَغِيرٍ: أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ وَمُلْتَقِطٌ: كَقَاضٍ عَنْ غَائِبٍ   [منح الجليل] إذَا رَآهُ نَظَرًا لَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَرٌ، وَلَا فَسَادَ لِعِلْمِ الزَّوْجَةِ بِنَصِيبِهَا وَلَا فِي أَنَّ لِلنَّاظِرِ لِلْحَمْلِ أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ عَنْهُ قَبْلَ وَضْعِهِ إذَا كَانَ نَصِيبُهَا مَعْلُومًا، وَذَكَرَ فِي رَسْمِ الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا عَزَلُوا لِلْحَمْلِ مِيرَاثَ ذَكَرٍ، وَقَسَمُوا بَقِيَّةَ التَّرِكَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ فِيمَا عَزَلُوهُ لِلْحَمْلِ إنْ نَقَصَ مَا بِأَيْدِيهِمْ أَوْ هَلَكَ، وَإِنْ تَلِفَ مَا وَقَفُوهُ لَهُ يُرْجَعُ عَلَيْهِمَا إنْ وَجَدَهُمْ أَمْلِيَاءَ، وَإِنْ أَعْدَمَ بَعْضُهُمْ يُرْجَعُ عَلَى الْأَمْلِيَاءِ فَيُقَاسِمُهُمْ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ، فَإِنْ نَمَا بِأَيْدِيهِمْ فَلَهُ الرُّجُوعُ لِأَنَّ قَسْمَهُمْ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَمَا مَا وَقَفُوهُ لَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ قَوْلٌ فِيهِ لِأَنَّهُمْ قَدْ رَضَوْا بِمَا أَخَذُوا فَالْقِسْمَةُ لَزِمَتْهُمْ، وَلَا تَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ لِلْحَمْلِ نَاظِرٌ قُسِمَ عَلَيْهِ لَجَازَتْ الْقِسْمَةُ لَهُمْ، وَعَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ تَرَكَ زَوْجَتَهُ حَامِلًا وَأَبَوَيْهِ الْوَاجِبُ وَقْفُ الْمِيرَاثِ حَتَّى تَضَعَ، فَإِنْ جَعَلُوا الْحَمْلَ ذَكَرًا وَعَزَلُوا لَهُ مِيرَاثَهُ وَاقْتَسَمُوا مَا بَقِيَ كَانَتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. اهـ. (وَ) إنْ أَرَادَ الشُّرَكَاءُ قَسْمَ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمْ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ (قَسَمَ عَنْ) الـ (صَغِيرِ أَبٌ) لَهُ مُسْلِمٌ لِأَنَّهُ وَلِيُّهُ لَا أُمُّهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ، وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّ الْأَبَ لَا يَقْسِمُ عَنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ الْغَائِبِ (أَوْ وَصِيٌّ) مِنْ الْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمٌ مِنْ الْقَاضِي عَلَى يَتِيمٍ لَا وَصِيَّ لَهُ (وَمُلْتَقِطٌ) بِكَسْرِ الْقَافِ عَنْ لَقِيطِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ أَنْ يُقَاسِمَ عَنْ الصَّغِيرِ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ الدَّارَ وَالْعَقَارَ وَغَيْرَهُمَا مَلَكَ ذَلِكَ بِإِرْثٍ عَنْ أُمِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَلَا يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ حَتَّى يَرْفَعَ ذَلِكَ فَيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ إذَا رَآهُ نَظَرٌ، أَوْ إذَا قَسَمَ لِلصَّغِيرِ أَبُوهُ فَحَابَى فَلَا تَجُوزُ مُحَابَاتُهُ فِيهَا وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ فِي مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَيُرَدُّ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ وَلَمْ تَفُتْ عَيْنُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا، فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ ضَمِنَهُ الْأَبُ. ابْنُ الْحَاجِّ الْقِسْمَةُ بِالتَّعْدِيلِ بَيْنَ الْأَيْتَامِ جَائِزَةٌ إذَا ثَبَتَ السَّدَادُ وَالْقُرْعَةُ أَحْسَنُ. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْقَاسِمِ فَقَالَ (كَ) قَسْمِ (قَاضٍ عَنْ) رَشِيدٍ (غَائِبٍ) فَيَجُوزُ قَسْمُهُ عَنْهُ إنْ طَلَبَهُ شُرَكَاؤُهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شِقْصَ دَارٍ وَالشَّرِيكُ غَائِبٌ فَأَحَبُّوا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 314 لَا ذِي شُرْطَةٍ أَوْ كَنَفَ أَخًا، أَوْ أَبٍ عَنْ كَبِيرٍ، وَإِنْ غَابَ، وَفِيهَا: قَسْمُ نَخْلَةٍ، وَزَيْتُونَةٍ إنْ اعْتَدَلَتَا، وَهَلْ هِيَ قُرْعَةٌ   [منح الجليل] الْقَسْمَ فَالْقَاضِي يَلِي ذَلِكَ عَلَى الْغَائِبِ، وَيَعْزِلُ حَظَّهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الرَّقِيقِ وَجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ (لَا) كَ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (شُرْطَةٍ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ عَلَامَةٍ فِي لُبْسِهِ تُمَيِّزُهُ، وَهُمْ جُنُودُ السُّلْطَانِ فَلَا يَقْسِمُ عَنْ صَغِيرٍ وَلَا عَنْ غَائِبٍ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ طَلَبَ شَرِيكُ الْغَائِبِ الْقَاسِمَ فَالْقَاضِي يَلِي ذَلِكَ وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ، وَيَعْزِلُ نَصِيبَ الْغَائِبِ، فَإِنْ رَفَعُوا ذَلِكَ إلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ قَسْمُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَإِنْ غَابَ، وَلَا الْأُمِّ عَلَى ابْنِهَا الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً. الْحَطّ إنْ كَانَ الصَّغِيرُ مُتَّحِدًا وَشَرِيكُهُ أَخٌ كَبِيرٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُطَالَعَةِ حَاكِمٍ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الصِّغَارُ وَكَانَ الشَّرِيكُ كَبِيرًا فَإِنْ كَانَ حَظُّ الصِّغَارِ مُشْتَرَكًا جَازَ الْقَسْمُ أَيْضًا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ تَمَيَّزَتْ حُظُوظُهُمْ فَقِيلَ يَجُوزُ وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْقَسْمُ بَيْنَ الصِّغَارِ فَقَطْ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ يَجُوزُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَخٌ (كَنَفَ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالنُّونِ وَالْفَاءِ أَيْ رَبَّى أَخٌ (أَخًا) لَهُ يَتِيمًا فَلَا يَقْسِمُ عَنْهُ وَلَا يَبِيعُ عَنْهُ، وَمَفْهُومُ كَنَفَ أَحْرَى بِالْمَنْعِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْقَاضِي وَهُوَ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ أَبٌ) فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ (عَنْ) وَلَدٍ (كَبِيرٍ) رَشِيدٍ إنْ حَضَرَ، بَلْ (وَإِنْ غَابَ) الِابْنُ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (قَسْمُ نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ) مُشْتَرِكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا النَّخْلَةَ وَالْآخَرُ الزَّيْتُونَةَ (إنْ اعْتَدَلَا) أَيْ النَّخْلَةُ وَالزَّيْتُونَةُ، وَذُكِرَ بِاعْتِبَارِ عِنْوَانِ الشَّيْئَيْنِ مَثَلًا فِي الْقِيمَةِ. وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ أَصْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنَعَ جَمِيعَ الْجِنْسَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ، فَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي جَوَابِ (هَلْ هِيَ) أَيْ قِسْمَةُ النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ (قُرْعَةٌ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 315 وَجَازَتْ لِلْقِلَّةِ، أَوْ مُرَاضَاةٌ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] وَأُجِيزَتْ فِي الْجِنْسَيْنِ (لِلْقِلَّةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ لِقَوْلِهَا وَإِنْ تَرَكُوهَا لَمْ يُجْبَرُوا وَلِقَوْلِهَا اعْتَدَلَتَا (أَوْ) هِيَ (مُرَاضَاةٌ) اعْتِبَارًا بِقَوْلِهَا تَرَاضَيَا، وَاعْتَذَرَ عَنْ قَوْلِهَا اعْتَدَلَتَا بِأَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الِاعْتِدَالِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي التَّرَاضِي فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَمَفْهُومُ اعْتَدَلَتَا امْتِنَاعُ الْقَسْمِ إنْ لَمْ تَعْتَدِلَا، فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ نَخْلَةٌ وَزَيْتُونَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَهَلْ يَقْتَسِمَانِهَا فَقَالَ إنْ اعْتَدَلَتَا فِي الْقَسْمِ وَتَرَاضَيَا بِذَلِكَ قَسَمْتَهُمَا بَيْنَهُمَا يَأْخُذُ هَذَا وَاحِدَةً وَهَذَا وَاحِدَةً، وَإِنْ كَرِهَا فَلَا يُجْبَرَانِ. ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ تَرَاضَيَا أَيْ عَلَى أَنْ يَسْتَهِمَا عَلَيْهِمَا فَلِذَلِكَ شَرَطَ الِاعْتِدَالَ. سَحْنُونٌ تَرَكَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْقَسْمِ. عِيَاضٌ حَمَلَ بَعْضُهُمْ مَسْأَلَةَ النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ عَلَى قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِقَوْلِهِ اعْتَدَلَتَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى الْإِسْهَامِ عَلَيْهِمَا، قَالُوا وَهَذَا نُزُوعٌ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ فِي جَمْعِ الْجِنْسَيْنِ بِالسَّهْمِ عَلَى التَّرَاضِي وَابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يُجِزْهُ، وَقَدْ يُقَالُ لَا نُزُوعَ لِشَرْطِهِ فِي مَنْعِ الْجَمْعِ احْتِمَالَ كُلِّ صِنْفٍ الْقَسْمَ وَإِلَّا جَازَ كَمَا هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ الْمُرَادُ بِهَا قَسْمُ الْمُرَاضَاةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 316 بَابٌ) الْقِرَاضُ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان الْقِرَاضُ وَأَحْكَامه] ِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) (الْقِرَاضُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْقَرْضِ، وَهُوَ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ لِيُجَازَى عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، فَلَمَّا اتَّفَقَ صَاحِبُ الْمَالِ وَالْعَامِلُ فِيهِ عَلَى أَنْ يَنْفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ اُشْتُقَّ لَهُ هَذَا الِاسْمُ، وَهُوَ الْقِرَاضُ وَالْمُقَارَضَةُ بِصِيغَةِ الْمُفَاعَلَةِ الدَّالَّةِ عَلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَهَذَا اسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَلَمْ يَقُولُوا قَرْضًا أَلْبَتَّةَ، وَلَا عِنْدَهُمْ كِتَابُ الْقِرَاضِ، وَقَالُوا مُضَارَبَةٌ، وَكِتَابُ الْمُضَارَبَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [النساء: 101] ، وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ} [المزمل: 20] ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفَعُ مَالَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَخْرُجَ بِهِ إلَى الشَّامِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَبْتَاعَ الْمَتَاعَ عَلَى شَرْطِ قِسْمَةِ رِبْحِهِ بَيْنَهُمَا، وَفِي قَوْلِ الصَّحَابَةِ لِلْإِمَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي قِصَّةِ ابْنَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَوْ جَعَلْته قِرَاضًا دَلِيلٌ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 317 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] صِحَّةِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ فِي اللُّغَةِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ اللِّسَانِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ، وَأَرْبَابُ الْبَيَانِ وَإِذَا كَانَ يُحْتَجُّ فِي اللُّغَةِ بِقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ وَالنَّابِغَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَالِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَقْوَى وَأَوْلَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ لَهُ اسْمَانِ الْقِرَاضُ وَالْمُضَارَبَةُ، أَمَّا لَفْظُ الْقِرَاضِ فَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ يُقَالُ أَقْرَضْتُ الرَّجُلَ إذَا أَعْطَيْته لِيُعْطِيَك، فَالْمُقَارِضُ يُعْطِي الرِّبْحَ كَمَا يُعْطِي الْمُقْتَرِضُ مِثْلَ مَا اقْتَرَضَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ مِنْ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ، وَمِنْهُ تَقَارَضَ الشَّاعِرَانِ، إذَا تَسَاوَيَا فِي الْإِنْشَادِ؛ لِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الِانْتِفَاعِ بِالرِّبْحِ. وَقِيلَ مِنْ الْقَرْضِ الَّذِي هُوَ الْقَطْعُ، لِأَنَّك قَطَعْت لَهُ مِنْ مَالِك جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ بِسَعْيِهِ، وَعَبَّرَ بِالْمُفَاعَلَةِ الْمُقْتَضِيَةِ حُصُولَ الْفِعْلِ مِنْ فَاعِلَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرِّبْحِ أَوْ فِي الْقَطْعِ أَوْ فِي الْعَقْدِ أَوْ هِيَ مِنْ الصِّيَغِ الْخَارِجَةِ عَنْ أَصْلِهَا نَحْوُ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَطَارَقْتُ النَّعْلَ أَيْ جَعَلْته طَاقًا عَلَى طَاقٍ، وَأَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَهِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الرِّبْحِ بِنَصِيبٍ، وَأَمَّا مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ السَّفَرُ. ابْنُ عَطِيَّةَ فَرَّقَ بَيْنَ ضَرْبٍ فِي الْأَرْضِ وَضَرْبِ الْأَرْضِ أَنَّ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَسَائِرِ الْقُرُبَاتِ، كَأَنَّ التَّاجِرَ يَنْغَمِسُ فِي الْأَرْضِ وَمَتَاعِهَا وَالْمُتَقَرِّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَرِيءٌ مِنْ الدُّنْيَا، وَالْمُقَارِضُ بِكَسْرِ الرَّاءِ رَبُّ الْمَالِ، وَبِالْفَتْحِ الْعَامِلُ وَالْمُضَارِبُ بِكَسْرِهَا الْعَامِلُ، وَبِفَتْحِهَا رَبُّ الْمَالِ عَكْسُ الْأَوَّلِ. وَقَالَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّينَ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ اسْمٌ مِنْ الْمُضَارَبَةِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 318 تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ، وَفِي نَقْدٍ مَضْرُوبٍ، مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ   [منح الجليل] وَحَقِيقَتُهُ شَرْعًا (تَوْكِيلٌ) جِنْسٌ فِي التَّعْرِيفِ شَمِلَ كُلَّ تَوْكِيلٍ (عَلَى تَجْرٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ شِرَاءٍ وَبَيْعٍ لِحُصُولِ رِبْحٍ فَصَلَ مَخْرَجَ التَّوْكِيلِ عَلَى غَيْرِهِ (فِي نَقْدٍ) أَيْ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَصَلَ مَخْرَجَ التَّوْكِيلِ عَلَى تَجْرٍ بِعَرْضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ حَيَوَانٍ فَهُوَ قَرْضٌ فَاسِدٌ (مَضْرُوبٍ) أَيْ مَسْكُوكٍ مَخْتُومٍ بِخَتْمِ الْإِمَامِ، فَصَلَ مَخْرَجَ التَّوْكِيلِ عَلَى تَجْرٍ بِنَقْدٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ فَهُوَ قَرْضٌ فَاسِدٌ (مُسَلَّمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا، أَيْ مَدْفُوعٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ فَصَلَ مَخْرَجَ التَّوْكِيلِ عَلَى التَّجْرِ بِنَقْدٍ مَضْرُوبِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْمَالِ فَهُوَ قَرْضٌ فَاسِدٌ (بِجُزْءٍ) فَصَلَ مَخْرَجَ التَّوْكِيلِ عَلَى التَّجْرِ بِنَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسَلَّمٍ بِجَمِيعِ رِبْحِهِ فَهُوَ قَرْضٌ لَا قِرَاضٌ، أَوْ مَجَّانًا فَهَذَا مَعْرُوفٌ أَوْ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ فَهُوَ إجَارَةٌ (مِنْ رِبْحِهِ) أَيْ الْمَالِ فَصَلَ مَخْرَجَ التَّوْكِيلِ عَلَى التَّجْرِ بِنَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسَلَّمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِ مَالٍ آخَرَ فَهُوَ قِرَاضٌ فَاسِدٌ. وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ تَمْكِينُ مَالٍ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ فَيَدْخُلُ بَعْضُ الْفَاسِدِ كَالْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ، وَيَخْرُجُ عَنْهُ قَوْلُهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَعْطَى رَجُلًا مَالًا يَعْمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. عِيَاضٌ سَحْنُونٌ هُوَ ضَامِنٌ كَالسَّلَفِ فَضَّلَ هَذَا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. مُحَمَّدٌ إنْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا وَلَك رِبْحُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ خُذْهُ وَاعْمَلْ بِهِ وَلَك رِبْحُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِرَاضًا فَهُوَ ضَامِنٌ. الْبَاجِيَّ يَجُوزُ شَرْطُ كُلِّ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى مَشْهُورِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ أُرِيدَ إدْخَالُهُ عَلَى أَنَّهُ قِرَاضٌ قَبْلَ عَقْدٍ عَلَى التَّجْرِ بِمَالٍ لِعِوَضٍ لَيْسَ مِنْ غَيْرِ رِبْحِهِ. اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. الْحَطّ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْأَخِيرِ مَا شُرِطَ كُلُّ رِبْحِهِ لِرَبِّ الْمَالِ وَحُكْمُهُ الْجَوَازُ، فَفِي التَّوْضِيحِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَوَازِهِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ وَمِنْ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ، وَفِي التَّنْبِيهَاتِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْقِرَاضِ وَأَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ وَمِنْ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ هَذَا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ، وَكُلُّ سَلَفٍ مَضْمُونٌ وَحِكْمَةُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 319 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَشْرُوعِيَّتِهِ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ فَرُبَّ ذِي مَالٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّجْرِ بِهِ، وَرُبَّ قَادِرٍ عَلَى التَّجْرِ لَا مَالَ لَهُ فَهُوَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ . فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَانَ الْقِرَاضُ مَعْرُوفًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأُقِرَّ فِي الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِاحْتِيَاجِ النَّاسِ إلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَتَنْمِيَتِهَا بِالتَّجْرِ فِيهَا، وَلَيْسَ كُلٌّ يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيَضْطَرُّ إلَى الِاسْتِنَابَةِ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَعْمَلُ لَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِجَرَيَانِ عَادَةِ النَّاسِ بِالْقِرَاضِ فَرُخِّصَ فِيهِ لِهَذِهِ الضَّرُورَةِ، وَاسْتُخْرِجَ بِسَبَبِ هَذِهِ الْعِلَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ عَلَى نَحْوِ مَا أَرْخَصَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَشِرَاءِ الْعَرَبَةِ بِخَرْصِهَا وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ فِيهِ. اهـ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ رُشْدٍ الْقِرَاضُ جَائِزٌ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَكَذَلِكَ النُّقْرُ وَالْإِتْبَارُ، أَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالْمَسْكُوكِ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِالْبَقَرِ بِالْبَلَدِ الَّذِي يَتَبَايَعُونَ بِهَا فِيهِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ. أَبُو عُمَرَ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - جَوَازَ الْقِرَاضِ بِنَقْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ لِأَنَّ النَّاسَ تَقَارَضُوا قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سَهَّلَ فِي ذَلِكَ، وَأَجَازَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ بِالْمَصُوغِ. وَرُوِيَ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ الْكَرَاهَةُ زَادَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ نَزَلَ فَلَا يُفْسَخُ. الثَّانِي: الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَضْرُوبٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِ أَوْ بِالتِّبْرِ دُونَهُ بِأَنْ فُرِضَ أَنَّ الْمَضْرُوبَ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَيُتَعَامَلُ بِالتِّبْرِ كَمَا فِي غَالِبِ بِلَادِ السُّودَانِ عَلَى مَا قِيلَ وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ حِينَئِذٍ وَلَعَلَّهُ فَهِمَهُ مِنْ كَلَامِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ لَا فِي التَّنْبِيهَاتِ وَلَا فِي غَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ جَائِزٌ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْعُرُوضِ مَا كَانَتْ. الثَّالِثُ: فِي التَّنْبِيهَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الشُّرُوطِ الَّتِي يَصِحُّ الْقِرَاضُ بِهَا فَعِنْدَنَا شُرُوطُهُ عَشَرَةٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 320 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَقْدُ رَأْسِ الْمَالِ لِلْعَامِلِ، وَكَوْنُهُ مَعْلُومًا، وَكَوْنُهُ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ بِمَا يُتَابَعُ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْ الْعَيْنِ مَسْكُوكًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، وَمَعْرِفَةُ الْجُزْءِ الَّذِي تَقَارَضَا عَلَيْهِ مِنْ رِبْحِهِ، وَكَوْنُهُ مُشَاعًا لَا مُقَدَّرًا بِعَدَدٍ وَلَا تَقْدِيرٍ، وَأَنْ لَا يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ سِوَاهُ إلَّا مَا يَضْطَرُّ إلَيْهِ الْعَامِلُ مِنْ نَفَقَةٍ وَمُؤْنَةٍ فِي السَّفَرِ وَاخْتِصَاصُ الْعَامِلِ بِالْعَمَلِ، وَأَنْ لَا يُضَيَّقَ عَلَيْهِ بِتَحْجِيرٍ أَوْ بِتَخْصِيصٍ يَضُرُّ بِالْعَامِلِ، وَأَنْ لَا يُضْرَبَ لَهُ أَجَلٌ اهـ. قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ مِمَّا يُتَابَعُ بِهِ إلَخْ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ زَرُّوقٌ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَا تَقْدِيرَ فَسَّرَهُ ابْنُ شَاسٍ بِأَنَّهُ مِثْلُ مَا قَارَضَ بِهِ فُلَانٌ، ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ تَوَفَّرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ جَازَ الْقِرَاضُ وَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا فَسَدَ. اهـ. الرَّابِعُ: أَوَّلُ قِرَاضٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ قِرَاضُ يَعْقُوبَ مَوْلَى الْحَرِقَةِ مَعَ عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعَثَ مَنْ يُقِيمُ مِنْ السُّوقِ مَنْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ فَأُقِيمَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ أُقِيمَ، فَجَاءَ إلَى عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَأَخْبَرَهُ فَأَعْطَاهُ مِزْوَدَ تِبْرٍ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، وَقَالَ لَهُ إنْ جَاءَك مَنْ يَعْرِضُ لَك فَقُلْ لَهُ الْمَالُ لِعُثْمَانَ فَقَالَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقُمْ، فَجَاءَ بِمِزْوَدَيْنِ مِزْوَدٌ رَأْسُ الْمَالِ وَمِزْوَدٌ رِبْحٌ، وَيُقَالُ أَوَّلُ قِرَاضٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ قِرَاضُ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " خَرَجَا فِي جَيْشٍ إلَى الْعِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلَا مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ، ثُمَّ قَالَ لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا لَفَعَلْت، ثُمَّ قَالَ هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّفُكُمَاهُ فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مَتَاعًا مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ فَتَأْوِيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَكُونُ رِبْحُ الْمَالِ لَكُمَا فَقَالَا وَدِدْنَا، فَفَعَلَ، وَكَتَبَ إلَى عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِينَةَ بَاعَا فَرَبِحَا وَدَفَعَا رَأْسَ الْمَالِ لِعُمَرَ، قَالَ أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفَكُمَا فَقَالَا لَا فَقَالَ عُمَرُ ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَفَكُمَا أَدِّيَا رِبْحَ الْمَالِ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لَك هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ لَضَمِنَّاهُ، فَقَالَ أَدِّيَاهُ فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ جَعَلْته قِرَاضًا، فَقَالَ عُمَرُ قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا فَأَخَذَ نِصْفَ الرِّبْحِ وَتَرَكَ لَهُمَا نِصْفَهُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَإِنْ قِيلَ أَبُو مُوسَى حَاكِمٌ عَدْلٌ وَقَدْ تَصَرَّفَ بِمَصْلَحَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّتِهِمَا فَإِسْلَافُهُ أَوْلَى مِنْ بَعْثِهِ أَمَانَةً لَا تُضْمَنُ مُضَافًا إلَى إكْرَامِ مَنْ يَنْبَغِي إكْرَامُهُ، فَهُوَ تَصَرُّفٌ جَامِعٌ لِلْمَصَالِحِ فَيَتَعَيَّنُ تَنْفِيذُهُ، فَجَوَابُهُ أَنَّ عَدَمَ الِاعْتِرَاضِ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ النُّظَرَاءِ مِنْ الْأُمَرَاءِ أَمَّا الْخَلِيفَةُ فَلَهُ النَّظَرُ فِي أَمْرِ نُوَّابِهِ، وَإِنْ كَانَ سَدَادًا أَوْ إنَّ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ تُهْمَةً تَتَعَلَّقُ بِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِسَبَبِ أَنَّهُ إكْرَامٌ لِابْنَيْهِ، فَأَرَادَ إبْطَالَهَا أَوْ الذَّبَّ عَنْ عِرْضِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَفِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمَالَ صَارَ مَضْمُونًا إلَخْ نَظَرٌ لِأَنَّ دَفْعَهُ لِهَذَا الْقَصْدِ يَصِيرُ سَفْتَجَةً وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْعُهَا، وَلِذَا قَالَ الْبَاجِيَّ لَمْ يُرِدْ أَبُو مُوسَى " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إحْرَازَ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِمَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْعَهُمَا بِالسَّلَفِ، وَإِنْ اقْتَضَى ضَمَانُهُمَا الْمَالَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ السَّلَفُ لِمُجَرَّدِ دَفْعِ الْمُتَسَلِّفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَلِّفُ صَاحِبَ الْمَالِ أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَهُ النَّظَرُ عَلَيْهِ مِنْ إمَامٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ أَبٍ، فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسَلِّفَ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لِيُحْرِزَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُتَسَلِّفِ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ. ثُمَّ قَالَ وَفِعْلُ أَبِي مُوسَى هَذَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لِمُجَرَّدِ نَفْعِ عَبْدِ اللَّهِ وَعُبَيْدِ اللَّهِ وَجَازَ لَهُ لِأَنَّ الْمَالَ كَانَ بِيَدِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَلَفَهُ لِنَفْسِهِ بِإِسْلَافِهِمَا إيَّاهُ، فَلَوْ تَلِفَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا لَضَمِنَهُ أَبُو مُوسَى، وَثَانِيهِمَا أَنَّ لِأَبِي مُوسَى النَّظَرَ فِي الْمَالِ بِالتَّثْمِيرِ وَالْإِصْلَاحِ، وَإِذَا أَسْلَفَهُ فَلِلْإِمَامِ تَعَقُّبُهُ فَتَعَقَّبَهُ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَرَدَّهُ إلَى الْقِرَاضِ وَقَوْلُ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَكُلُّ الْجَيْشِ تَعَقُّبٌ مِنْهُ لِفِعْلِ أَبِي مُوسَى، وَنَظَرٌ فِي تَصْحِيحِ أَفْعَالِهِ وَتَبْيِينٌ لِمَوْضِعِ الْمَحْظُورِ مِنْهُ وَمَوْضِعِ الْمُحَابَاةِ مِنْ كَوْنِهِمَا ابْنَيْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا مِمَّا كَانَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَتَوَرَّعُ عَنْهُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ مِمَّنْ يَنْتَمِي إلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ بَعْدَ احْتِجَاجِ عُبَيْدِ اللَّهِ إعْرَاضٌ عَنْهُ لِأَنَّ الْمُبْضَعَ مَعَهُ يَضْمَنُ الْبِضَاعَةَ إذَا اشْتَرَى بِهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ دَخَلَهَا نَقْصٌ جَبَرَهُ وَرِبْحُهَا لِرَبِّ الْمَالِ. فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ جَعَلَهُ قِرَاضًا وَقَدْ دَخَلَا عَلَى الْقَرْضِ وَغَايَةُ الْأَمْرِ كَانَ لِعُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إمَّا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 322 إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا، وَلَوْ مَغْشُوشًا   [منح الجليل] إجَازَةُ فِعْلِ أَبِي مُوسَى وَتَرْكُ جَمِيعِ الرِّبْحِ لَهُمَا، أَوْ رَدُّهُ وَأَخْذُ جَمِيعِ الرِّبْحِ، فَجَوَابُهُ مَا فِي سِرَاجِ الْمُلُوكِ لِلطُّرْطُوشِيِّ وَهُوَ أَنَّ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَعَلَ لِانْتِفَاعِهِمَا بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ نِصْفَ الرِّبْحِ لِلْمُسْلِمِينَ كَأَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَاعَدُوهُمَا فِي الْعَمَلِ، وَهُوَ مُسْتَنَدُهُ فِي تَشْطِيرِ عُمَّالِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ فَهُوَ كَالْقِرَاضِ. وَيَصِحُّ الْقِرَاضُ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ الْمُسَلَّمِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ (إنْ عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (قَدْرُهُمَا) أَيْ الْمَالِ الْمُقَارَضِ بِهِ وَجُزْءِ رِبْحِهِ، أَمَّا الْمَالُ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ عَدَدِهِ وَجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ نِسْبَتِهِ لِجُمْلَةِ الرِّبْحِ كَثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الْمَالِ كَوْنُهُ عَيْنًا مَعْلُومًا مَحُوزًا أَوْ أَصْلُهَا كَالنُّقْرَةِ حَيْثُ التَّعَامُلُ بِهَذَا اللَّخْمِيُّ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَإِلَّا فَطُرُقٌ، وَشَرَطَ ابْنُ شَاسٍ كَوْنَ الْمَالِ مَعْلُومًا احْتِرَازًا مِنْ دَفْعِ صُرَّةٍ عَيْنًا قِرَاضًا لِأَنَّ جَهْلَ الْمَالِ يُؤَدِّي إلَى جَهْلِ رِبْحِهِ وَاضِحٌ مِنْ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ حَظُّ الْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومَ النِّسْبَةِ مِنْهُ إنْ كَانَ النَّقْدُ غَيْرَ مَغْشُوشٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ النَّقْدُ الْمَضْرُوبُ (مَغْشُوشًا) بِدَنِيءٍ عَنْهُ. " ق " الْبَاجِيَّ الْمَغْشُوشُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ حَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ مَضْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَضْرُوبٍ، وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ كَانَ النِّصْفَ فَأَقَلَّ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَا يَجُوزُ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ السِّكَّةُ الَّتِي يُتَعَامَلُ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ الَّتِي يُتَعَامَلُ بِهَا فَيَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ أُصُولَ الْأَثْمَانِ وَقِيَمَ الْمُتْلَفَاتِ، وَقَدْ جَوَّزُوا الْقِرَاضَ بِالْفُلُوسِ، فَكَيْفَ بِهَذِهِ، وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي تَعَلُّقِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ عُرُوضًا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِأَعْيَانِهَا، وَلَا يُعْتَرَضُ بِجَوَازِ قَطْعِهَا فَيَسْتَحِيلُ سَوْقُهَا لِجَرَيَانِهِ فِي الْخَالِصَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَجُوزُ بِالْمَغْشُوشِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا كَ الْمُصَنِّفِ، وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَقَبِلَهُ، وَعَزَى مُقَابِلَ الْأَصَحِّ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَأَنَّ الْبَاجِيَّ قَيَّدَهُ بِعَدَمِ التَّعَامُلِ بِهِ هَذَا كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 323 لَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ، وَاسْتَمَرَّ، مَا لَمْ يُقْبَضْ، أَوْ يُحْضِرْهُ، وَيُشْهِدْ   [منح الجليل] أَنَّ الْقَاضِيَ أَطْلَقَ الْمَنْعَ. وَالْبَاجِيِّ قَيَّدَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا قَوْلًا بِجَوَازِهِ بِالْمَغْشُوشِ مُطْلَقًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنَعَهُ الْقَاضِي بِالْعَيْنِ مَغْشُوشَةً. الْبَاجِيَّ إلَّا حَيْثُ يُتَعَامَلُ بِهَا لِتَقْوِيمِ الْمُتْلَفِ بِهَا كَالْخَالِصَةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِهَا. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَجُوزُ بِالْمَغْشُوشَةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِإِطْلَاقٍ يُرَدُّ بِاتِّفَاقِ الْقَاضِي وَالْبَاجِيِّ عَلَى مَنْعِهِ حَيْثُ لَا يُتَعَامَلُ بِهِ. ابْنُ شَاسٍ وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ بِالِارْتِفَاعِ وَالِانْخِفَاضِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ رَأْسَ مَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَرْتَفِعَ قِيمَتُهُ فَيُجْبَرُ بِجَمِيعِ الرِّبْحِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ فَيَصِيرُ بَعْضُهُ رِبْحًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَصِحُّ الْقِرَاضُ (بِدَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَقُولَ لِمَدِينِهِ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا بِنِصْفِ رِبْحِهِ مَثَلًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ. وَمَفْهُومُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي. (وَ) إنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ (اسْتَمَرَّ) الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ فِي الضَّمَانِ وَاخْتِصَاصُ الْمَدِينِ بِرِبْحِهِ إنْ كَانَ وَعَلَيْهِ خُسْرُهُ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ مُسَلَّمٍ (مَا لَمْ يُقْبَضْ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الدَّيْنُ مِنْ الْمَدِينِ، فَإِنْ قَبَضَهُ رَبُّهُ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهُ قِرَاضًا صَحَّ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ تَأْخِيرِهِ بِزِيَادَةٍ، وَتَحَقَّقَ شَرْطُ تَسْلِيمِهِ بِقَبْضِهِ وَدَفْعِهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ كَانَ لَك عِنْدَ رَجُلَيْنِ دَيْنٌ فَقُلْت لَهُ اعْمَلْ بِهِ قِرَاضًا فَلَا يَجُوزُ إنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ الْوَضِيعَةُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَهُ فَقَالَ لَهُ خُذْهُ قِرَاضًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَصَدَ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِالدَّيْنِ وَيَزِيدَهُ الْوَدِيعَةُ مِثْلُهُ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَ الْوَدِيعَةَ فَصَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِضَهُ بِدَيْنٍ عَلَى غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ ثُمَّ يَعْمَلَ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ غَيْرِ مُلِدٍّ جَازَ. (أَوْ) مَا لَمْ (يُحْضِرْهُ) أَيْ الْمَدِينُ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ (وَيُشْهِدْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ الْمَدِينُ عَلَى إحْضَارِ الدَّيْنِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ فَيَصِحُّ قِرَاضُهُ بِهِ بَعْدَ إحْضَارِهِ وَالْإِشْهَادِ، فَإِنْ أَحْضَرَهُ بِلَا إشْهَادٍ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. اللَّخْمِيُّ الْقِرَاضُ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ وَأَحْضَرَ الْعَامِلُ الْمَالَ وَأَشْهَدَ عَلَى وَزْنِهِ وَزَالَ عَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 324 وَلَا بِرَهْنٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ، وَلَوْ بِيَدِهِ وَلَا بِتِبْرٍ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ بِبَلَدِهِ: كَفُلُوسٍ   [منح الجليل] ضَمَانِهِ ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ، وَالْخَسَارَةُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ. الْحَطّ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقْبَضْ نَحْوُهُ، فِيهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِهِ يَصِحُّ الْقِرَاضُ بِهِ وَإِنْ أَعَادَهُ لَهُ بِالْقُرْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَبِي الْحَسَنِ. (وَلَا) يَصِحُّ الْقِرَاضُ (بِرَهْنٍ) بِيَدِ الْعَامِلِ فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَلَا بِيَدِ أَمِينٍ. " ق " ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ أَعَرْته دَنَانِيرَ فَلَا تَدْفَعْهَا إلَيْهِ قِرَاضًا حَتَّى تَقْبِضَهَا وَلَوْ كَانَ عَرْضًا فَلَا يَجُوزُ، وَمَنْ لَك عِنْدَهُ دَنَانِيرُ رَهْنًا فَقَارَضْته بِهَا فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَرُدَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ أَمِينٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُعْطِيَهَا لِلْأَمِينِ قِرَاضًا حَتَّى تُؤَدِّيَ الْحَقَّ إلَى رَبِّهِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ (بِوَدِيعَةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ لِضَرُورَةٍ حَدَثَتْ أَوْ لِسَفَرِهِ إنْ كَانَ الرَّهْنُ أَوْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ، (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ. " غ " ظَاهِرُهُ انْطِبَاقُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَإِنَّمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ فِيمَا رَأَيْنَا وَلَوْ سُلِّمَ فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ غَايَةَ مَا بِيَدِ أَمِينِهِ لَا مَا بِيَدِهِ فِيهِمَا مَعًا. وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِهِ لَمْ يَفُتْ، وَفِيهِ بُعْدٌ. اهـ. الْبُنَانِيُّ لِأَنَّ مَا بِيَدِهِ يُشْبِهُ الدَّيْنَ وَمَا بِيَدِ غَيْرِهِ يُشْبِهُ مَا إذَا قَالَ اقْتَضِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَشَدُّ فِي الْمَنْعِ، فَمَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ هُوَ الثَّانِي كَمَا قَالَ " غ ". (وَلَا) يَصِحُّ الْقِرَاضُ (بِتِبْرٍ) بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ رَاءٌ، أَيْ ذَهَبٌ غَيْرُ مَضْرُوبٍ (لَمْ يُتَعَامَلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ، أَيْ لَمْ يُبَعْ وَيُشْتَرَ (بِهِ) أَيْ التِّبْرِ (بِبَلَدِهِ) أَيْ الْقِرَاضِ، هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَإِنْ تُعُومِلَ بِهِ فِيهِ جَازَ الْقِرَاضُ بِهِ اتِّفَاقًا، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَامُلُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، بَلْ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فَقَطْ، وَهَذَا مُقَابِلُ مَضْرُوبٍ، وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ: (كَفُلُوسٍ) مِنْ نُحَاسٍ فَلَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ بِهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 325 وَعَرْضٍ،   [منح الجليل] فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِالْفُلُوسِ لِأَنَّهَا تُحَوَّلُ إلَى الْفَسَادِ وَالْكَسَادِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَرَدَّ فُلُوسًا مِثْلَهَا. الْحَطّ يُرِيدُ وَلَوْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهَا أَوَّلَ كِتَابِ الْقِرَاضِ. وَفِي الشَّامِلِ وَلَا يَجُوزُ بِالْفُلُوسِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَثَالِثُهَا إنْ كَثُرَتْ، وَرَابِعُهَا الْكَرَامَةُ، وَعَلَى الْمَنْعِ لَهُ أَجْرُهُ فِي بَيْعِهَا وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِيمَا نَضَّ وَيَرُدُّ فُلُوسًا. اهـ. وَفِيهِ سَقْطٌ، وَصَوَابُهُ وَقِيلَ تَمْضِي وَيَرُدُّ فُلُوسًا. الْبَاجِيَّ إذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ الْقِرَاضُ بِالنِّقَارِ أَخَفُّ، وَالْفُلُوسُ كَالْعُرُوضِ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ، وَلَهُ فِي بَيْعِ الْفُلُوسِ أُجْرَةً مِنْهُ، وَفِيمَا نَضَّ مِنْ ثَمَنِهَا إقْرَاضُ مِثْلِهِ. وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ كَالنِّقَارِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مِثْلَهُ وَيَرُدُّ فُلُوسًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِ صَرْفَهَا ثُمَّ الْعَمَلَ بِهَا فَالْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فَهِمَهُ الْبَاجِيَّ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا يَصِحُّ الْقِرَاضُ بِ (عَرْضٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٌ مُعْجَمَةٌ (إنْ تَوَلَّى) الْعَامِلُ (بَيْعَهُ) أَيْ الْعَرْضِ، فَإِنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ غَيْرُ الْعَامِلِ فَيَجُوزُ بِأَنْ دَفَعَ لَهُ عَرْضًا يَدْفَعُهُ لِفُلَانٍ يَبِيعُهُ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهُ، وَيَدْفَعُهُ لَهُ لِيَعْمَلَ بِهِ قِرَاضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَافِعِ الْعَرْضِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى أَنَّهُ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَرُدُّ مِثْلَهُ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَغْلُوَ غُلُوًّا يَسْتَغْرِقُ رَأْسَ الْمَالِ وَالرِّبْحَ، فَيُؤَدِّيَ إلَى حِرْمَانِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْح، أَوْ يَرْخُصَ فَيَأْخُذُ الْعَامِلُ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ قِيمَتُهُ الْآنَ أَوْ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْغَرَرُ، وَلَا أَنْ يَبِيعَهُ، وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَأْسَ الْمَالِ فِيهَا وَيُفْسَخُ وَإِنْ بِيعَ مَا لَمْ يَعْمَلْ بِالثَّمَنِ. وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ بِمَا فِي بَيْعِهِ كُلْفَةٌ وَأُجْرَةٌ لَهَا خَطْبٌ وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ لَا خَطْبَ لَهَا، أَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهُ قِرَاضًا، أَوْ يَقُولُ كَلِّفْ مَنْ يَبِيعُ وَيَأْتِيك بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْمُصَنِّفُ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ وَجَعَلَهُ خِلَافًا. الْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الْعَرْضَ وَامْضِ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ وَادْفَعْهُ إلَى فُلَانٍ يَبِيعُهُ وَيَقْبِضُ ثَمَنَهُ، فَإِذَا قَبَضَهُ فَخُذْهُ مِنْهُ وَاعْمَلْ بِهِ قِرَاضًا بَيْنِي وَبَيْنَك جَازَ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي الْقِرَاضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 326 إنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ: كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى دَيْنٍ، أَوْ لِيَصْرِفَ، ثُمَّ يَعْمَلَ، فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ، ثُمَّ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ : كَلَكَ شِرْكٌ،   [منح الجليل] بِالْعَرْضِ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ لَهُ الْعُرُوض لَا يَتَوَلَّى بَيْعَهَا بِنَفْسِهِ. اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ بِلَا خِلَافٍ، فَقَالَ إنْ تَوَلَّى بَيْعَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا خَيْرَ فِي الْقِرَاضِ بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ لَا وَلَا لِلْغَرَرِ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ عِنْدَ الْمُفَاصَلَةِ وَيُفْسَخُ، وَإِنْ بِيعَ مَا لَمْ يَعْمَلْ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ عَمِلَ بِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِهِ وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي ثَمَنِهِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا شُرِطَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (وَكَّلَهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ (عَلَى) قَبْضِ (دَيْنٍ) مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعْمَلُ بِهِ قِرَاضًا فَلَا يَجُوزُ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى حَاضِرٍ مَلِيءٍ غَيْرِ مُلِدٍّ وَأَجَازَهُ اللَّخْمِيُّ حِينَئِذٍ (أَوْ) دَفَعَ لَهُ نَقْدًا (لِيَصْرِفَهُ) الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِهِ بِنَقْدٍ آخَرَ (ثُمَّ يَعْمَلَ) الْعَامِلُ بِمَا يَقْبِضُهُ قِرَاضًا فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ عَمِلَ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَرْضِ أَوْ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الصَّرْفِ (فَ) لَهُ (أَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (فِي تَوَلِّيهِ) أَيْ الْعَامِلِ بَيْعَ الْعَرْضِ أَوْ قَبْضَ الدَّيْنِ أَوْ الصَّرْفِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ وَلَوْ تَلِفَ أَوْ خَسِرَ (ثُمَّ) لَهُ أَيْضًا (قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ) أَيْ الْمَالِ، فَإِنْ تَلِفَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ. " ق " فِيهَا وَإِنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ دَنَانِيرَ لِيَصْرِفَهَا ثُمَّ يَعْمَلُ بِهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْ غَرِيمِك دَيْنًا ثُمَّ يَعْمَلَ بِهِ فَلَهُ أَجْرُ الصَّرْفِ أَوْ التَّقَاضِي وَقِرَاضُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ. ابْنُ حَبِيبٍ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا الْعَرْضَ قِرَاضًا أَوْ بِعْهُ وَاعْمَلْ بِهِ قِرَاضًا وَلَهُ أَجْرُهُ فِي الْبَيْعِ وَالتَّقَاضِي وَقِرَاضُ مِثْلِهِ فِي الثَّمَنِ. وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ لَا تَدْفَعْ إلَيْهِ سِلْعَتَك وَتَقُولُ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَبَيْنِي وَبَيْنَك، وَهَذَا لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، وَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ لَك وَعَلَيْك. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ لِلْعَامِلِ قِرَاضَ مِثْلِهِ مَا يَكُونُ فِيهِ) فَقَالَ: (كَ) قِرَاضٍ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ فِيهِ (لَك شِرْكٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ جُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ (وَ) الْحَالُ (لَا عَادَةَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 327 وَلَا عَادَةَ، أَوْ مُبْهَمٍ، أَوْ أُجِّلَ، أَوْ ضُمِّنَ؛ أَوْ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ، ثُمَّ اتَّجِرْ فِي ثَمَنِهَا؛   [منح الجليل] لِأَهْلِ بَلَدِهِمَا فِي قَدْرِ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنْ الرِّبْحِ، فَإِنْ اعْتَادُوا أَخْذَ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ مَثَلًا صَحَّ وَعُمِلَ بِهَا (أَوْ) الْقِرَاضُ بِجُزْءٍ (مُبْهَمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ كَاعْمَلْ وَلَك جُزْءٌ مِنْ رِبْحِهِ وَلَا عَادَةَ، فَإِنْ عَمِلَ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ فِيهِمَا. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَك شِرْكٌ فِي الْمَالِ وَلَمْ يُسَمِّهِ كَانَ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ. ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَ لَهُمْ عَادَةٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى النِّصْفِ أَوْ عَلَى الثُّلُثِ فَهُمْ عَلَى مَا اعْتَادُوا. (أَوْ) قِرَاضٌ (أُجِّلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا، أَيْ جُعِلَ لِعَمَلِهِ أَجَلٌ مَحْدُودٌ إمَّا ابْتِدَاءً كَدَفْعِ الْمَالِ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ عَلَى أَنْ لَا يَعْمَلَ بِهِ حَتَّى يَسْتَهِلَّ رَجَبٌ، أَوْ انْتِهَاءً كَاعْمَلْ فِيهِ إلَى رَجَبٍ، فَإِنْ عَمِلَ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَخَذَ قِرَاضًا إلَى أَجَلٍ رُدَّ إلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ. الْأَبْهَرِيُّ لِأَنَّ حُكْمَ الْقِرَاضِ أَنْ يَكُونَ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَرْكُهُ مَتَى شَاءَ، فَإِذَا شُرِطَ الْأَجَلُ فَكَأَنَّهُ قَدْ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ تَرْكِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فَوَجَبَ رَدُّهُ لِقِرَاضِ مِثْلِهِ لِقَاعِدَةِ رَدِّ كُلِّ فَاسِدٍ لَهُ أَصْلٌ إلَى حُكْمٍ صَحِيحٍ أَصْلُهُ. قُلْت وَلِأَنَّهُ زِيَادَةُ غَرَرٍ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ وَقْتِ ارْتِفَاعِ السُّوقِ. (أَوْ) قِرَاضٌ (ضُمِّنَ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً، أَيْ شُرِطَ عَلَى عَامِلِهِ ضَمَانُ رَأْسِ مَالِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ عَمِلَ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ. اللَّخْمِيُّ إذَا شُرِطَ عَلَى الْعَامِلِ ضَمَانُ الْقِرَاضِ إنْ هَلَكَ أَوْ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى هَلَاكِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ. كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ قَالَ هَلَكَ أَوْ خَسِرَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَفِيهِ قِرَاضُ مِثْلِهِ. (أَوْ) قِرَاضٌ قَالَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ (اشْتَرِ) بِرَأْسِ الْمَالِ (سِلْعَةَ فُلَانٍ) ثُمَّ بِعْهَا (ثُمَّ اتَّجِرْ فِي ثَمَنِهَا) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ الَّذِي تَبِيعُهَا بِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ عَمِلَ فَلَهُ قِرَاضُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 328 أَوْ بِدَيْنٍ، أَوْ مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرِّبْحِ، وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ   [منح الجليل] مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعُ فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ. " ق " فِيهَا إنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ عَبْدَ فُلَانٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ بَعْدَ بَيْعِهِ مَا شَاءَ فَهُوَ أَجِيرٌ فِي شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ، وَفِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ. (أَوْ) قِرَاضٌ قَالَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ لَا تَشْتَرِ إلَّا (بِدَيْنٍ) فِي ذِمَّتِك ثُمَّ تَدْفَعْ رَأْسَ الْمَالِ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا بِدَيْنٍ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ دَفَعْتَ إلَى رَجُلٍ قِرَاضًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ إلَّا بِالنَّسِيئَةِ فَبَاعَ بِالنَّقْدِ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ نَزَلَ كَانَ أَجِيرًا. ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَجِبْ ابْنُ الْقَاسِمِ مَاذَا يَكُونُ عَلَيْهِ إنْ نَزَلَ، وَمِنْ مَذْهَبِهِ فِي التَّحْجِيرِ أَنْ يُرَدَّ إلَى إجَارَةِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يَعْنِ خَلِيلٌ هَذَا بِقَوْلِهِ أَوْ بِدَيْنٍ لِقَوْلِهِ بَعْدُ: وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. (أَوْ) قِرَاضٌ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ فِيهِ أَنْ يَتَّجِرُ (فِيمَا) أَيْ نَوْعٍ مِنْ السِّلَعِ (يَقِلُّ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ اللَّامِ وُجُودُهُ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ، وَإِنْ عَمِلَ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ، وَنَصُّهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَارِضَ رَجُلًا عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا الْبَزَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَيَجُوزُ، ثُمَّ لَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ. الْبَاجِيَّ فَإِنْ كَانَ يَتَعَذَّرُ وُجُودُهُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ ثُمَّ قَالَ فِيهَا فَإِنْ اشْتَرَى غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَقَدْ تَعَدَّى، فَإِنْ رَبِحَ فَلَهُ فِيمَا رَبِحَ قِرَاضُ مِثْلِهِ، وَإِنْ خَسِرَ ضَمِنَ وَلَا أَجْرَ لَهُ فِي الْوَضِيعَةِ وَلَا أُعْطِيهِ إنْ رَبِحَ إجَارَتَهُ، إذْ لَعَلَّهَا تَفْتَرِقُ الرِّبْحُ وَتَزِيدُ فَيَصِلُ بِتَعَدِّيهِ إلَى مَا يُرِيدُ. وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ فَقَالَ (كَاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْعَامِلِ وَرَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ (فِي قَدْرِ) جُزْءِ (الرِّبْحِ) الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ (وَادَّعَيَا) أَيْ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ (مَا) أَيْ قَدْرًا (لَا يُشْبِهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ الْقَدْرَ الْمُعْتَادَ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدِهِمَا بِأَنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ أَقَلَّ مِنْهُ جِدًّا وَالْعَامِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ جِدًّا فَيُرَدَّانِ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِمَا، فَإِنْ ادَّعَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 329 وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ: أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ : كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ   [منح الجليل] أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ فَالْقَوْلُ لَهُ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَقَارِضَانِ فِي أَجْزَاءِ الرِّبْحِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْتُهُ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَ لِلْعَامِلِ، وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى أَنَّ الثُّلُثَيْنِ لِي وَرَدَّ الْمَالَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْعَامِلُ بِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا جَاءَ بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا رُدَّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ وَكَذَا الْمُسَاقَاةُ، وَنَظَمَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ النَّظَائِرَ فَقَالَ: لِكُلِّ قِرَاضٍ فَاسِدٍ جَعْلُ مِثْلِهِ ... سِوَى تِسْعَةٍ قَدْ فُصِّلَتْ بِبَيَانِ قِرَاضٌ بِدَيْنٍ أَوْ بِعَرْضٍ وَمُبْهَمٍ ... وَبِالشِّرْكِ وَالتَّأْجِيلِ أَوْ بِضَمَانِ وَلَا يَشْتَرِي إلَّا بِدَيْنٍ فَيَشْتَرِي ... بِنَقْدٍ وَأَنْ يَبْتَاعَ عَبْدَ فُلَانِ وَتَتَّجِرْ فِي أَثْمَانِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ ... الصَّمَدْ إنْ عُدَّتْ تَمَامُ ثَمَانِ وَلَا تَشْرِ إلَّا مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ ... فَيَشْرِي سِوَاهُ اسْمَعْ لِحُسْنِ بَيَانِ كَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَإِنَّهُ ... خَبِيرٌ بِمَا يَرْوِي فَصِيحُ لِسَانِ (وَفِي) كُلِّ (مَا) أَيْ قِرَاضٍ (فَسَدَ) حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ حَالَ كَوْنِهَا (فِي الذِّمَّةِ) لِرَبِّ الْمَالِ وَلَوْ تَلِفَ أَوْ خَسِرَ، بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ الَّتِي فِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ فِي الرِّبْحِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عُثِرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَا يُفْسَخُ، بِخِلَافِ مَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَيُفْسَخُ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَبِأَنَّ الْعَامِلَ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِيمَا فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأُسْوَتُهُمْ فِيمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، إلَّا مَا اُشْتُرِطَ عَلَى الْعَامِلِ عَمَلُ يَدِهِ كَالْخِيَاطَةِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ صَانِعٌ، وَهَلْ تَقْدِيمُهُ بِمُقَابِلِ صَنْعَتِهِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِمُقَابِلِ عَمَلِ الْقِرَاضِ. قَوْلَانِ. فِي شَرْحِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ. وَمَثَّلَ لِمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِ (كَ) قِرَاضٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى (اشْتِرَاطِ) رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَمَلَ (يَدِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ مَعَ الْعَامِلِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَجُوزُ، وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330 أَوْ مُرَاجَعَتِهِ أَوْ أَمِينًا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ بِنَصِيبٍ لَهُ،.   [منح الجليل] مَنْ أَخَذَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ نَزَلَ كَانَ الْعَامِلُ أَجِيرًا، وَإِنْ عَمِلَ رَبُّ الْمَالِ فِيهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَرِهْتُهُ إلَّا الْعَمَلَ الْيَسِيرَ. ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَفَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ فَعَلَ الْعَامِلُ بِصَاحِبِهِ شَيْئًا مِنْ الرِّفْقِ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً شَرْطُهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ لَا يُفْسِدُ الْقِرَاضَ وَلَا يُغَيِّرُ الرِّبْحَ، غَيْرَ أَنَّ الصَّانِعَ إنْ عَمِلَ بِيَدِهِ بِغَيْرِ الشَّرْطِ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ، وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ إنْ أَعْطَى صَانِعًا بِيَدِهِ مَالًا لِيَشْتَرِيَ جُلُودًا وَيَعْمَلَهَا وَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى فَبَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ أَيُّوبَ إنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ جَازَ. مُحَمَّدٌ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ. ابْنُ مُيَسِّرٍ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَهُوَ عَلَى قِرَاضِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَالًا يَصْنَعُهُ حُلِيًّا وَيَبِيعُهُ، وَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا إذَا أَخَذَ الصَّانِعُ أَجْرَ صِيَاغَتِهِ. (أَوْ) قِرَاضٍ بِشَرْطِ (مُرَاجَعَتِهِ) أَيْ مُشَاوَرَةِ الْعَامِلِ رَبَّ الْمَالِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ (أَوْ) قِرَاضٍ اشْتَرَطَ رَبُّ الْمَالِ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ شَخْصًا (أَمِينًا) مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ، وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيهِمَا " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَجُوزُ أَنْ تُقَارِضَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ هُوَ وَتَنْقُدَ أَنْتَ وَتَقْبِضَ ثَمَنَ مَا بَاعَ أَوْ تَجْعَلَ مَعَهُ غَيْرَك لِمِثْلِ ذَلِكَ أَمِينًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الْقِرَاضُ أَنْ تُسَلِّمَ إلَيْهِ الْمَالَ. ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ كَانَ أَجِيرًا. (بِخِلَافِ) شَرْطِ عَمَلِ (غُلَامٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَبْدًا وَوَلَدٍ لِرَبِّ الْمَالِ مَعَ الْعَامِلِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (غَيْرِ عَيْنٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ جَاسُوسٍ عَلَى الْعَامِلِ، بَلْ لِمُجَرَّدِ مُسَاعَدَتِهِ عَلَى الْعَمَلِ فَيَجُوزُ (بِنَصِيبٍ) مِنْ الرِّبْحِ (لَهُ) أَيْ الْغُلَامِ. " ق " رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا دَفَعَ إلَى رَجُلٍ وَإِلَى عَبْدِهِ مَالًا قِرَاضًا لِيَكُونَ عَيْنًا عَلَيْهِ، أَوْ لِيُعَلِّمَهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَا آمِنَيْنِ بِأَجْرَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ صَوَابٌ. وَلَيْسَ بِخِلَافٍ لِلْأَوَّلِ، وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعِينَهُ بِعَبْدِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ فِي الْمَالِ خَاصَّةً لَا فِي غَيْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُمَا جَمِيعًا، فَلَيْسَ بِزِيَادَةٍ انْفَرَدَ بِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331 وَكَأَنْ يَخِيطَ، أَوْ يَخْرِزَ، أَوْ يُشَارِكَ؛ أَوْ يَخْلِطَ،   [منح الجليل] اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي اشْتِرَاطِ عَوْنِ غُلَامِ رَبَّ الْمَالِ وَإِجَارَةَ الْبَيْتِ، وَمَنَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. وَمَفْهُومُ بِنَصِيبٍ أَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا نَصِيبٍ بِالْأَوْلَى. وَمَفْهُومُ لَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِنَصِيبٍ لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ. (وَكَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّمْثِيلِ يَشْتَرِطُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يَخِيطَ) الثِّيَابَ (أَوْ يَخْرِزَ) الْجُلُودَ الَّتِي يَشْتَرِيهَا بِمَالٍ الْقِرَاضِ لِلتِّجَارَةِ فِيهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ، وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَمَلِ يَدِ الْعَامِلِ لِخِفَافٍ أَوْ صِيَاغَةٍ، فَإِنْ نَزَلَ كَانَ أَجِيرًا وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ (أَوْ) قِرَاضٍ شَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يُشَارِكَ) الْعَامِلُ بِمَالٍ الْقِرَاضِ ذَا مَالٍ. الْبَاجِيَّ مَنَعَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي حَالِ الْعَقْدِ أَنْ يُشَارِكَهُ الْعَامِلُ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَجَازَهُ فِي الْوَاضِحَةِ. اللَّخْمِيُّ لَا بَأْسَ أَنْ يَخْلِطَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ فِي يَدَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَفِيهَا لَا خَيْرَ فِيهِ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِهِ. اللَّخْمِيُّ وَأَنْ يَجُوزَ أَحْسَنُ، وَعَلَى الْمَنْعِ إنْ نَزَلَ وَفَاتَ بِالْعَمَلِ فَقِيلَ قِرَاضُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَارِضَ وَيُشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُبْضِعَ الْمَالَ وَيُقَارِضَ أَوْ يُشَارِكَ بِهِ أَحَدًا أَوْ يَجْلِسَ بِهِ فِي حَانُوتٍ وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ قَالَ إنْ شِئْتَ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ فَهُوَ إذْنٌ، وَلَا بَأْسَ بِالْإِذْنِ فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا. (أَوْ) قِرَاضٍ شَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يَخْلِطَ) الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالٍ قِرَاضٍ آخَرَ بِيَدِهِ ثُمَّ يَعْمَلَ فِيهِمَا، فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ نَزَلَ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. " ق " فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَوْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِرَاضًا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ يَشْغَلُهُ عَنْهُ فَلَا يَأْخُذُ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِهِ شَيْئًا. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَخَذَ وَهُوَ يَحْمِلُ الْعَمَلَ بِهِمَا فَلَهُ أَنْ يَخْلِطَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَفِيهَا مَنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ مِائَتَيْنِ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 332 أَوْ يُبْضِعَ، أَوْ يَزْرَعَ؛   [منح الجليل] بِكُلِّ مِائَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَرِبْحُ مِائَةٍ لِأَحَدِكُمَا وَرِبْحُ الْأُخْرَى بَيْنَكُمَا، أَوْ رِبْحُ مِائَةٍ بِعَيْنِهَا لَك وَرِبْحُ الْأُخْرَى لِلْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ، وَيَكُونُ الْعَامِلُ أَجِيرًا فِي الْمَالَيْنِ وَكَذَلِكَ عَلَى مِائَةٍ عَلَى النِّصْفِ وَمِائَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، وَيَعْمَلُ بِكُلِّ مِائَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ إذَا كَانَ لَا يَخْلِطُهُمَا وَكَذَلِكَ فِي مُسَاقَاةِ الْحَائِطَيْنِ حَتَّى يَكُونَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ. (أَوْ) قِرَاضٍ اشْتَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يُبْضِعَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُرْسِلُ مَالَ الْقِرَاضِ مَعَ رَجُلٍ مُسَافِرٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدِ كَذَا. فِيهَا إنْ أَبْضَعَ الْعَامِلُ ضَمِنَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ عَلَى ذَلِكَ. (أَوْ) قِرَاضٍ اشْتَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يَزْرَعَ) الْعَامِلُ بِمَالٍ الْقِرَاضِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ نَزَلَ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ مَالَ الْقِرَاضِ فِي الزِّرَاعَةِ إنْ كَانَ بِمَوْضِعِ أَمْنٍ وَعَدْلٍ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَجْلِسَ بِالْمَالِ هَاهُنَا فِي حَانُوتٍ مِنْ الْبَزَّازِينَ أَوْ السَّقَّاطِينَ يَعْمَلُ فِيهِ، وَلَا يَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يَجْلِسَ فِي الْقَيْسَارِيَّةِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَّجِرَ إلَّا فِي سَاعَةِ كَذَا وَلَيْسَ وُجُودُهَا بِمَأْمُونٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ كُلُّهُ، فَإِنْ نَزَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْعَامِلُ أَجِيرًا، وَمَا كَانَ مِنْ زَرْعٍ أَوْ فَضْلٍ أَوْ خَسَارَةٍ فَلِرَبِّ الْمَالِ، وَعَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ يَجْلِسُ فِي حَانُوتٍ فَهُوَ جَائِزٌ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ زَرَعَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي أَرْضٍ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ اكْتَرَاهَا جَازَ إنْ كَانَ بِمَوْضِعِ أَمْنٍ وَعَدْلٍ فَلَا يَضْمَنُ. وَأَمَّا إنْ خَاطَرَ بِهِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ وَغَرَرٍ يَرَى أَنَّهُ خَطَرٌ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ، وَلَوْ أَخَذَ الْعَامِلُ نَخْلًا مُسَاقَاةً أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَانَ كَالزَّرْعِ وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا. اهـ. وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ لَا يَنْبَغِي عَلَى الْمَنْعِ فَالْمُضِرُّ الشَّرْطُ فَقَطْ، وَقَالَ قَوْلُهُ فِي حَانُوتٍ هَذَا إذَا كَانَ الْحَانُوتُ صَغِيرًا جِدًّا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَّسِعًا فَلَيْسَ بِتَحْجِيرٍ. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا إنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَى بَلَدِ كَذَا أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ، إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ   [منح الجليل] اشْتَرَطَ قَيْسَارِيَّةً بِعَيْنِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً لَا يَتَعَذَّرُ جُلُوسُهُ فِيهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اشْتِرَاطُ الزِّرَاعَةِ بِمَالِ الْقِرَاضِ مَنَعَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّرْعُ تَعْسُرُ مُحَاوَلَتُهُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ سَهْلَةً كَمَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّجْرَ فِي نَوْعٍ مِنْ السِّلَعِ. اهـ. طفي وَهُوَ ظَاهِرٌ كَقَوْلِهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقَارِضَ رَجُلًا عَلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا الْبَزَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَيَجُوزُ، ثُمَّ لَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ. وَقَوْلُهَا وَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَّجِرُ إلَّا فِي سِلْعَةِ كَذَا وَلَيْسَ وُجُودُهَا بِمَأْمُونٍ فَلَا يَنْبَغِي اهـ. (أَوْ) قِرَاضٌ شَرَطَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ لَا (يَشْتَرِيَ) بِمَالٍ الْقِرَاضِ سِلَعًا حَتَّى يَبْلُغَ (إلَى بَلَدِ كَذَا) فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ نَزَلَ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَخَذَ قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهِ لِبَلَدِ كَذَا فَيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَتَاعًا فَلَا خَيْرَ فِيهِ يُعْطِيهِ الْمَالَ، وَيَقُودُهُ كَمَا يَقُودُ الْبَعِيرَ. ابْنُ الْقَاسِمِ كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ. (أَوْ) أَخَذَ شَخْصٌ مَالًا قِرَاضًا (بَعْدَ اشْتِرَائِهِ) أَيْ آخِذُ الْمَالِ سِلْعَةً لِلتِّجَارَةِ لِيَدْفَعَهُ فِي ثَمَنِهَا الَّذِي لَزِمَهُ بِشِرَائِهَا، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ مُنَاصَفَةً مَثَلًا فَ (إنْ أَخْبَرَهُ) أَيْ آخِذُ الْمَالِ رَبَّهُ بِالسِّلْعَةِ وَبَائِعُهَا بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت سِلْعَةَ كَذَا مِنْ فُلَانٍ أَعْطِنِي ثَمَنَهَا أَدْفَعُهُ لَهُ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً فَدَفَعَهُ لَهُ (فَ) هُوَ (قَرْضٌ) فَاسِدٌ لِجَرِّهِ النَّفْعَ لِمُقْرِضِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ فَوْرًا، وَمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَلَهُ وَعَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْ رَبَّ الْمَالِ بِشِرَائِهِ وَلَمْ يُسَمِّ السِّلْعَةَ وَلَا بَائِعَهَا جَازَ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَعَجَزَ عَنْ بَعْضِ ثَمَنِهَا فَأَتَى إلَى رَجُلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ قِرَاضًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَهُ فِي بَقِيَّةِ ثَمَنِهَا وَيَكُونُ قِرَاضًا فَلَا أُحِبُّهُ، وَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَغْلَى، وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَجَازَ، وَفِيهَا لَهُ أَيْضًا لَوْ ابْتَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَنْقُدُهُ فِيهِ وَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَهُمَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، فَإِنْ نَزَلَ لَزِمَهُ رَدُّ الْمَالِ لِرَبِّهِ وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَلَهُ وَعَلَيْهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 أَوْ عَيَّنَ شَخْصًا؛ أَوْ زَمَنًا، أَوْ مَحَلًّا : كَأَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَخْرُجَ بِهِ لِبَلَدٍ فَيَشْتَرِي؛ وَعَلَيْهِ كَالنَّشْرِ، وَالطَّيِّ: الْخَفِيفَيْنِ، وَالْأَجْرُ إنْ اسْتَأْجَرَ؛   [منح الجليل] أَوْ) قِرَاضٌ (عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا رَبُّ الْمَالِ فِيهِ لِلْعَامِلِ (شَخْصًا) يَشْتَرِي مِنْهُ سِلَعَ التِّجَارَةِ وَمَنَعَهُ مِنْ شِرَائِهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ نَزَلَ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (أَوْ) عَيَّنَ لَهُ (زَمَنًا) لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَمَنَعَهُ مِنْهُمَا فِي غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ (أَوْ) عَيَّنَ لَهُ (مَحَلًّا) يَتَّجِرُ فِيهِ كالقيسارية فَلَا يَجُوزُ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ وَلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ النُّزُولِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (أَخَذَ) شَخْصٌ مِنْ آخَرَ (مَالًا لِيَخْرُجَ) الْآخِذُ بِالْمَدِّ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ (إلَى بَلَدٍ) مُعَيَّنٍ (فَيَشْتَرِيَ) الْآخِذُ بِالْمَالِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ، وَيَأْتِيَ بِهَا إلَى بَلَدِ الْعَقْدِ لِيَبِيعَهَا فِيهِ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ نَزَلَ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. فِيهَا مَنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدٍ يَشْتَرِي مِنْهُ تِجَارَةً فَلَا خَيْرَ فِيهِ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُعْطِيهِ وَيَقُودُهُ كَمَا يُقَادُ الْبَعِيرُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهِ مِنْ بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ كَبِيرًا فَيَجُوزُ، إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّسِعٍ، بَلْ هُوَ صَغِيرٌ، فَهَذَا التَّحْجِيرُ وَفِيهَا وَلِلْعَامِلِ أَنْ يَتَّجِرَ بِالْمَالِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ حِينَ دَفَعَهُ بِالْفُسْطَاطِ لَا تَخْرُجْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أَوْ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ. اهـ. فَالتَّحْجِيرُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَامِلِ الْقِرَاضِ مَا اُعْتِيدَ (كَالنَّشْرِ) أَيْ بَسْطِ السِّلْعَةِ لِمَنْ أَرَادَ نَظَرَهَا لِيَشْتَرِيَهَا إنْ أَعْجَبَتْهُ (وَالطَّيِّ) لِلسِّلْعَةِ بَعْدَ نَظَرِهَا مِمَّنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا (الْخَفِيفَيْنِ وَ) عَلَيْهِ (الْأَجْرُ إنْ اسْتَأْجَرَ) الْعَامِلُ عَلَى مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّانِي الْعَمَلُ وَهُوَ عِوَضُ جُزْءِ الرِّبْحِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ نَشْرٍ وَطَيٍّ وَفِعْلٍ خَفِيفٍ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ. وَفِيهَا لِلْعَامِلِ أَنْ يُؤَجِّرَ أَجِيرًا لِلْأَعْمَالِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ فِيهَا وَيُكْرِي الْبُيُوتَ وَالدُّورَ وَالدَّوَابَّ. ابْنُ فَتُّوحٍ لِلْعَامِلِ أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 وَجَازَ أَنْ يَجْعَل لِلْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ رِبْح مَال الْقِرَاض وَجَازَ جُزْءٌ: قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ وَرِضَاهُمَا بَعْدُ عَلَى ذَلِكَ   [منح الجليل] يَسْتَأْجِرَ مِنْ الْمَالِ إذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ مَنْ يَكْفِيهِ بَعْضَ مُؤْنَتِهِ مِنْ الْأَعْمَالِ أَعْمَالٌ لَا يَعْمَلُهَا الْعَامِلُ وَلَيْسَ مِثْلُهُ يَعْمَلُهَا. (وَجَازَ) أَنْ يُجْعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ رِبْحِ مَالِ الْقِرَاضِ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ عَنْ جُزْءِ رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ (أَوْ كَثُرَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ أَيْ زَادَ عَلَيْهِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاتُهُ لَهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَجُوزُ الْمُقَارَضَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى النِّصْفِ وَالْخُمُسِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ (وَ) أَقَلَّ وَإِنْ عَقَدَ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ وَالْقِرَاضُ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ مِنْ رِبْحِهِ جَازَ (رِضَاهُمَا) أَيْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (بَعْدُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةُ مَعْنَاهُ، أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ الْعَمَلِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَا قَلَّ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ أَعْطَيْتَهُ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ ثُمَّ تَرَاضَيْتُمَا بَعْدُ إنْ عَمِلَ عَلَى أَنْ تَجْعَلَاهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ لَهُ أَوْ لَك جَازَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ الْمَالُ حِينَ تَرَاضَيَا عَيْنًا لَا زِيَادَةَ وَلَا نَقْصَ فِيهِ حَرَّكَهُ أَوْ لَمْ يُحَرِّكْهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَوْ نَقْصٌ أَوْ كَانَ فِي سِلَعٍ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَالَ إنْ كَانَ عَيْنًا فَكَأَنَّهُمَا ابْتَدَآ الْآنَ الْعَقْدَ لِأَنَّ الْقِرَاضَ لَا يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَلِمَنْ شَاءَ حَلُّهُ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ فِي سِلَعٍ أَوْ يَظْعَنُ بِهِ لِتِجَارَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ فِي سِلَعٍ فَهِيَ هِبَةٌ تَطَوَّعَ بِهَا أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ وَهِبَةُ الْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ. الْحَطّ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْعَامِلِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ لِقَبْضِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِرَبِّ الْمَالِ فَقِيلَ تَبْطُلُ لِعَدَمِ حَوْزِهَا. وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِصِحَّتِهَا فِي التَّلْقِينِ مَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ إلَى النُّفُوذِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ، وَنَاقَضَ أَبُو الْحَسَنِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا فِي الْقَرْضِ مِنْ امْتِنَاعِ مُهَادَاةِ الْمُتَقَارِضَيْنِ، وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْهَدِيَّةَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ لِإِمْكَانِ عَدَمِ الرِّبْحِ، بِخِلَافِ الْهَدِيَّةِ فَإِنَّهَا مَنْفَعَةٌ مُحَقَّقَةٌ. الْبُنَانِيُّ مَا عَلَّلُوا بِهِ الْمَنْعَ فِي بَابِ الْقَرْضِ مِنْ اتِّهَامِهِ عَلَى قَصْدِ اسْتِدَامَةِ الْقِرَاضِ مَوْجُودٌ هُنَا، وَعِبَارَةُ الْحَطّ تَنْبِيهٌ. فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا التَّرَاضِي عَلَى جُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ. وَقَالَ فِي بَابِ الْآجَالِ وَإِنْ قَارَضْتَ رَجُلًا أَوْ أَسْلَفْتَهُ مَالًا فَلَا تَقْبَلْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 336 وَزَكَاتُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ؛ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ   [منح الجليل] مِنْهُ هَدِيَّةً. أَبُو الْحَسَنِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْهَدِيَّةَ مُحَقَّقَةٌ وَهَذِهِ مُتَوَهَّمَةٌ، أَوْ أَنَّهُ فِي كِتَابِ الْآجَالِ لَمْ يَعْمَلْ وَهُنَا عَمِلَ. (وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (زَكَاتِهِ) أَيْ الرِّبْحِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ جُزْءٌ إلَخْ (عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا زَكَاةُ رِبْحِهِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ رِبْحِهِ نِصَابًا. ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ زَكَاةِ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ. وَاخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَطَ أَحَدُ الْمُتَقَارِضَيْنِ زَكَاةَ رِبْحِ الْمَالِ عَلَى صَاحِبِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا أَنَّهُ جَائِزٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِأَنَّهُ يُرْجَعُ إلَى جُزْءٍ مُسَمًّى، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ صَارَ عَمَلُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَعْشَارِ الرِّبْحِ وَثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ عُشْرِهِ، وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ صَارَ عَمَلُهُ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ كَامِلًا. (وَهُوَ) أَيْ جُزْءُ الزَّكَاةِ الْمُشْتَرَطِ عَلَى أَحَدِهِمَا (لِ) رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ (الْمُشْتَرِطِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الزَّكَاةَ عَلَى صَاحِبِهِ (إنْ لَمْ تَجِبْ) الزَّكَاةُ فِي الرِّبْحِ لِكَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ رِبْحِهِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ أَوْ لِتَمَامِ الْعَمَلِ، أَوْ رَدَّ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، أَوْ لِكَوْنِ الْعَامِل رَقِيقًا مَثَلًا. ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى جَوَازِ شَرْطِ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَتَفَاصَلَا قَبْلَ وُجُوبِهَا، فَفِي كَوْنِ جُزْئِهَا لِمُشْتَرِطِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا. رَابِعُهَا الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةِ أَجْزَاءٍ خَمْسَةٍ لِرَبِّ الْمَالِ وَأَرْبَعَةٍ لِلْعَامِلِ اُنْظُرْهُ () . الجزء: 7 ¦ الصفحة: 337 وَالرِّبْحُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ؛ إنْ لَمْ يَنْفِهِ، وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا؛   [منح الجليل] وَ) جَازَ أَنْ يُجْعَلَ (الرِّبْحُ) كُلُّهُ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (أَوْ لِغَيْرِهِمَا) فِيهَا قُلْت فَإِنْ أَعْطَيْتَهُ مَالًا قِرَاضًا عَلَى أَنَّ رِبْحَهُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ قَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ أَعْطَى لِرَجُلٍ مَالًا يَعْمَلُ بِهِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَاهُ نَخْلًا مُسَاقَاةً عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. الْبَاجِيَّ يَجُوزُ شَرْطُ كُلِّ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا فِي مَشْهُورِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اشْتَرَطَ الْمُتَقَارِضَانِ عِنْدَ مُعَامَلَتِهِمَا ثُلُثَ الرِّبْحِ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ، وَلَا أُحِبُّ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا فِيهِ وَلَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِمَا. (وَضَمِنَهُ) أَيْ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ (فِي) الصُّورَةِ الَّتِي اُشْتُرِطَ فِيهَا (الرِّبْحُ) كُلُّهُ (لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ صَارَ قَرْضًا بِهَذَا الشَّرْطِ، فَانْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ لِلذِّمَّةِ (إنْ لَمْ يَنْفِهِ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ الضَّمَانَ عَنْ الْعَامِلِ، فَإِنْ نَفَاهُ عَنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ (وَ) إنْ (لَمْ يُسَمِّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلَةً الْمَالَ حِينَ دَفَعَهُ لَهُ (قِرَاضًا) فَإِنْ سَمَّاهُ رَبُّ الْمَالِ قِرَاضًا بِأَنْ قَالَ خُذْهُ قِرَاضًا وَلَك رِبْحُهُ كُلُّهُ فَلَا يَضْمَنُهُ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ حِينَ دَفَعَ لَهُ الْمَالَ خُذْهُ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ لَك جَازَ، وَكَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ، وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ إنْ خَسِرَ أَوْ تَلِفَ، وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ قِرَاضًا، وَإِنَّمَا قَالَ خُذْهُ وَاعْمَلْ بِهِ وَالرِّبْحُ لَك جَازَ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا تَلِفَ أَوْ خَسِرَ، يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 338 وَشَرْطُهُ: عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ، أَوْ دَابَّتِهِ فِي الْكَثِيرِ وَخَلْطُهُ؛ وَإِنْ بِمَالِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ إنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا: رُخْصًا،   [منح الجليل] وَ) جَازَ (شَرْطُهُ) أَيْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (عَمَلُ غُلَامٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَبْدِ (رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ مَجَّانًا فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ (أَوْ) عَمَلُ (دَابَّتِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (فِي) الْمَالِ (الْكَثِيرِ) فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعِينَهُ بِعَبْدِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ فِي الْمَالِ خَاصَّةً لَا فِي غَيْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَهُمَا جَمِيعًا فَلَيْسَتْ بِزِيَادَةٍ انْفَرَدَ الْعَامِلُ بِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي اشْتِرَاطِ عَوْنِ غُلَامِ رَبِّ الْمَالِ، وَأَجَازَهُ اللَّيْثُ وَمَنَعَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: " ق " قَوْلُهُ فِي الْكَثِيرِ لَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا طفي، وَكَذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ قَائِلًا كَمَا قَالُوا فِي الْمُسَاقَاةِ. اهـ. وَمُرَادُهُ ابْنُ زَرْقُونٍ وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَكَرَ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَالِ كَثِيرًا يَعْنِي كَمَا فِي الْمُسَاقَاةِ. اهـ. وَمُرَادُهُ ابْنُ زَرْقُونٍ فَالْقَيْدُ لَهُ فَقَطْ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِحَالٍ. الْبُنَانِيُّ وَفِي الْكَثِيرِ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَيْطِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الثَّانِي: طخ اُنْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْغُلَامِ أَوْ الدَّابَّةِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ كَمَا فِي الْمُسَاقَاةِ أَوْ لَا، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ، وَلَا فِي التَّوْضِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. ابْنُ عَاشِرٍ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ الْخَلَفَ، قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ خَلَفِ الدَّابَّةِ وَالْغُلَامِ إنْ هَلَكَ، فَإِنْ اُشْتُرِطَ رُدَّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ. (وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (خَلْطُهُ) أَيْ مَالِ الْقِرَاضِ بِمَالٍ آخَرَ وَالتِّجَارَةُ بِهِمَا مَعًا وَقِسْمَةُ الرِّبْحِ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِ غَيْرِ الْعَامِلِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْخَلْطُ (بِمَالِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (وَهُوَ) أَيْ الْخَلْطُ (الصَّوَابُ إنْ خَافَ) الْعَامِلُ (بِتَقْدِيمِ) التِّجَارَةِ بِ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمَالَيْنِ (رُخْصًا) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فِي الْبَيْعِ وَغَلَاءً فِي الشِّرَاءِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا خَافَ الْعَامِلُ إنْ قَدَّمَ مَالَهُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 339 وَشَارَكَ؛ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ   [منح الجليل] وَقَعَ الرُّخْصُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَالصَّوَابُ خَلْطُهُمَا وَيَكُونُ مَا اشْتَرَى بِهِمَا مِنْ السِّلَعِ عَلَى الْقِرَاضِ وَعَلَى مَا نَقَدَ فِيهَا، فَحِصَّةُ الْقِرَاضِ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ، وَحِصَّةُ الْعَامِلِ مَا نَقَدَ فِيهَا وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ إنْ خَلَطَهُمَا بِغَيْرِ شَرْطٍ. ابْنُ يُونُسَ لَا يَنْبَغِي شَرْطُ الْخَلْطِ وَلَا عَلَى إنْ شَاءَ خَلَطَهُ. أَصْبَغُ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَكِنَّهُ مِنْ الذَّرَائِعِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا أَفْسَخُهُ. (وَ) إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً بِمَالٍ الْقِرَاضِ وَزِيَادَةٍ مِنْ عِنْدِهِ مُعَجَّلَةٍ شَارَكَ الْقِرَاضَ بِعَدَدِهَا وَإِنْ اشْتَرَى بِزِيَادَةٍ مُؤَجَّلَةٍ (شَارَكَ) الْعَامِلُ الْقِرَاضَ (إنْ زَادَ) الْعَامِلُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ ثَمَنًا (مُؤَجَّلًا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ كَاشْتِرَائِهِ سِلْعَةً بِمِائَتَيْنِ إحْدَاهُمَا حَالَّةٌ وَهِيَ مَالُ الْقِرَاضِ وَالْأُخْرَى مُؤَجَّلَةٌ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَيُشَارِكُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي زَادَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْعَيْنُ بِعَرْضٍ ثُمَّ يُقَوَّمَ بِعَيْنٍ وَيُشَارِكُهُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْقِيمَةِ مِنْ مَجْمُوعِهَا مَعَ مَالِ الْقِرَاضِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا أَخَذَ الْعَامِلُ مِائَةً قِرَاضًا فَاشْتَرَى سِلْعَة بِمِائَتَيْنِ نَقْدًا صَارَ شَرِيكًا فِيهَا لِرَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ نِصْفُهَا عَلَى الْقِرَاضِ، وَنِصْفُهَا لِلْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الثَّانِيَةُ مُؤَجَّلَةً عَلَى الْعَامِلِ قُوِّمَتْ الْمِائَةُ الْمُؤَجَّلَةُ بِالنَّقْدِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا خَمْسِينَ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ، هَكَذَا أَصْلَحَهَا سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُشَارِكُ بِمَا زَادَتْهُ قِيمَةُ السِّلْعَةِ عَلَى مِائَةِ الْقِرَاضِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ. وَهِيَ رِوَايَةُ الْقَابِسِيِّ عَنْ الدَّبَّاغِ الْإِبْيَانِيِّ، هَكَذَا النَّقْلُ فِي تَنْبِيهَاتِ عِيَاضٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَصْلًا، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي تَقْوِيمِ الْمِائَةِ أَوْ السِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِالْمِائَتَيْنِ، وَكَيْفِيَّةِ تَقْوِيمِ الْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ أَنْ تُقَوَّمَ أَوَّلًا بِعَرْضٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ الْعَرْضُ بِنَقْدٍ، بِأَنْ يُقَالَ كَمْ يُشْتَرَى مِنْ نَوْعِ كَذَا مِنْ السِّلَعِ الَّتِي وَصْفُهَا كَذَا بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا، فَيُقَالُ كَذَا، ثُمَّ يُقَالُ هَذَا إذَا بِيعَ بِالنَّقْدِ كَمْ يُسَاوِي، فَيُقَالُ ثَمَانُونَ مَثَلًا، فَهِيَ قِيمَةُ الْمِائَةِ الْمُؤَجَّلَةِ، وَلَا يُقَوَّمُ النَّقْدُ الْمُؤَجَّلُ بِنَقْدٍ حَالٍّ لِأَنَّهُ رِبًا، وَهَكَذَا فَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ فِي كَوْنِ الْعَامِلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِمَالِ الْقِرَاضِ مَعَ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِأَجَلٍ شَرِيكًا فِيهَا بِقِيمَةِ الدَّيْنِ عَرْضًا يُقَوَّمُ بِعَيْنٍ نَقْدًا أَوْ بِفَضْلِ قِيمَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 340 وَسَفَرُهُ؛ إنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِهِ   [منح الجليل] السِّلْعَةِ يَوْمَ شِرَائِهَا عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ لِمُحَمَّدٍ مَعَ رِوَايَتِهِ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مَعَ الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ، فَجَعْلُ الشَّارِحُ الْقَوْلَ بِتَقْوِيمِ الدَّيْنِ بِعَرْضٍ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الدَّيْنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَدَرَجَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَامِلِهِ حَيْثُ قَالَ قُوِّمَ الْمُؤَجَّلُ، وَهَلْ يُنْقَدُ ابْتِدَاءً أَوْ بِعَرْضٍ، ثُمَّ يُنْقَدُ قَوْلَانِ، وَرُوِيَ بِمَا زَادَتْ السِّلْعَةُ إلَخْ، أَفَادَهُ طفي. (تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ مُشَارَكَةِ الْعَامِلِ بِعَدَدِ النَّقْدِ وَقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ لِلْقِرَاضِ، وَأَبَى رَبُّ الْمَالِ دَفَعَ الزَّائِدَ إذْ الْخِيَارُ لَهُ إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ، وَلَوْ فِي الْمُؤَجَّلِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَأَقَرَّهُ طفي. فِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ فِي الْمُؤَجَّلِ وَتَعْيِينُ الْمُشَارَكَةِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ شِرَاءَ الْعَامِلِ بِدَيْنٍ لِلْقِرَاضِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، فَكَيْفَ يُخَيَّرُ، وَعَلَى هَذَا قَرَّرَ تت فِي كَبِيرِهِ وَالشَّارِحُ فَجَعَلَا تَخْيِيرَ رَبِّ الْمَالِ فِيمَا دَفَعَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ نَقْدًا فَقَطْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ. الْبُنَانِيُّ بَلْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِجَوَازِ شِرَائِهِ بِالدَّيْنِ لِلْقِرَاضِ إنْ أَذِنَ رَبُّ الْمَالِ لَهُ مُتَحَمِّلًا ضَمَانَهُ وَنَصُّهُ وَلِلْعَامِلِ إذَا كَانَ مُدِيرًا أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى الْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ إلَى أَنْ يَبِيعَ وَيَقْضِيَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحْتَكِرًا فَاشْتَرَى سِلْعَةً بِجَمِيعِ مَالِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ غَيْرَهَا بِالدَّيْنِ عَلَى الْقِرَاضِ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْقِرَاضِ وَكَانَ لَهُ رِبْحُهَا، وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى الْقِرَاضِ عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَاعَ مَالُ الْقِرَاضِ كَانَ ضَامِنًا لِذَلِكَ فَيَجُوزُ وَتَكُونُ السِّلْعَةُ عَلَى الْقِرَاضِ. اهـ. فَحَيْثُ كَانَ لَهُ الْإِذْنُ فِي الشِّرَاءِ بِدَيْنٍ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ وُقُوعِهِ. (وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (سَفَرُهُ) بِمَالٍ الْقِرَاضِ لِبَلَدٍ آخَرَ يَتَّجِرُ بِهِ فِيهِ أَوْ يَبِيعُ فِيهِ سِلَعَ الْقِرَاضِ أَوْ يَجْلِبُ مِنْهُ سِلَعًا لِبَلَدِهِ (إنْ لَمْ يَحْجُرْ) عَلَيْهِ رَبُّهُ أَيْ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَرِ بِهِ (قَبْلَ شُغْلِهِ) أَيْ الْمَالِ بِسِلَعِ السَّفَرِ بِأَنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ شُغْلِهِ بِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ شُغْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ. سَحْنُونٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْمُقَارِضِ أَنْ يُسَافِرَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 341 وَادْفَعْ لِي، فَقَدْ وَجَدْت رَخِيصًا أَشْتَرِيهِ. وَبَيْعُهُ بِعَرْضٍ، وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ، وَلِلْمَالِكِ: قَبُولُهُ؛ إنْ كَانَ الْجَمِيعَ وَالثَّمَنَ عَيْنٌ   [منح الجليل] بِالْمَالِ الْقَلِيلِ سَفَرًا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لِلْعَامِلِ أَنْ يَتَّجِرَ فَالْمَالُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَحَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ حِينَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِالْفُسْطَاطِ لَا تَخْرُجْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أَوْ الْفُسْطَاطِ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَخْرُجَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلِرَبِّ الْمَالِ رَدُّهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِ الْعَامِلُ أَوْ يَظْعَنْ بِهِ لِسَفَرٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ لَوْ تَجَهَّزَ وَاشْتَرَى مَتَاعًا يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ الْبُلْدَانِ فَهَلَكَ رَبُّ الْمَالِ فَلِلْعَامِلِ النُّفُوذُ بِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ وَهُوَ فِي هَذَا كَوَكِيلِهِمْ. (وَ) جَازَ الْقِرَاضُ إذَا قَالَ الْعَامِلُ لِشَخْصٍ (ادْفَعْ لِي) مَالًا قِرَاضًا (فَقَدْ وَجَدْتُ) شَيْئًا (رَخِيصًا اشْتَرِيهِ) بِهِ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ ابْتَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ سَأَلَ رَجُلًا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَنْقُدُهُ فِيهَا وَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَهُمَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ فَإِنْ نَزَلَ لَزِمَهُ رَدُّ الْمَالِ لِرَبِّهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ رِبْحٍ أَوْ وَضِيعَةٍ فَلَهُ وَعَلَيْهِ، وَهُوَ كَمَنْ أَسْلَفَهُ رَجُلٌ ثَمَنَ سِلْعَةٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ رِبْحِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْجِبَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا لَجَازَ إذَا لَمْ يُسَمِّ لَهُ السِّلْعَةَ وَلَا بَائِعَهَا. وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ وَجَدْت سِلْعَةً مَرْجُوَّةً فَأَعْطِنِي قِرَاضًا أَبْتَاعُهَا بِهِ فَفَعَلَ. (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ عَامِلُ الْقِرَاضِ سِلَعَ الْقِرَاضِ (بِعَرْضٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا يَجُوزُ كَوْنُ الْعَامِلِ مُدِيرًا وَقَوْلُهَا تَجُوزُ زِرَاعَتُهُ حَيْثُ الْأَمْنُ جَوَازُ بَيْعِهِ بِالْعُرُوضِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَلَمْ أَذْكُرْ فِيهِ نَصًّا إلَّا قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالْعُرُوضِ (وَ) إنْ ظَهَرَ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ عَيْبٌ فِي سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَالَ شِرَائِهَا جَازَ لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الْعَامِلِ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا عَلَى بَائِعِهَا (بِعَيْبٍ) وَإِنْ أَبَى رَبُّ الْمَالِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْعَامِلِ بِرِبْحِهَا (وَلِلْمَالِكِ) لِمَالِ الْقِرَاضِ (قَبُولُهُ) أَيْ الْمَعِيبِ لِنَفْسِهِ وَمَنْعُ الْعَامِلِ مِنْ رَدِّهِ (إنْ كَانَ) الْمَعِيبُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ (وَالثَّمَنَ) الَّذِي اشْتَرَى الْمَعِيبَ بِهِ (عَيْنٌ) أَيْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ إذْ مِنْ حُجَّةِ رَبِّهِ أَنْ يَقُولَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 342 وَمُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَأَجِيرِهِ وَدَفْعُ مَالَيْنِ، أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ؛ وَإِنْ بِمُخْتَلِفَيْنِ: إنْ شَرَطَا خَلْطًا،   [منح الجليل] لَوْ رَدَدْته لَنَضَّ الْمَالُ وَكَانَ لِي أَخْذُهُ مِنْك، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِرَجَاءِ الْعَامِلِ الرِّبْحَ فِيهِ إنْ رَدَّ الْمَعِيبَ وَأَخَذَهُ مِنْهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ بِجَمِيعِ الْمَالِ عَبْدًا ثُمَّ رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَرَضِيَهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنْ أَخَذَهُ كَذَلِكَ جَبَرَ خُسْرَ مَا فِيهِ بِرِبْحِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ إنْ أَبَيْت فَاتْرُكْ الْقِرَاضَ وَاخْرُجْ لِأَنَّك أَرَدْت رَدَّهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ فَيَصِيرُ الْقِرَاضُ نَقْدًا، وَلِي أَخْذُهُ مِنْك فَإِمَّا أَنْ تَرْضَى بِهِ وَإِلَّا فَاتْرُكْ الْقِرَاضَ وَاخْرُجْ وَأَنَا أَقْبَلُهُ بِجَمِيعِ مَالِي، وَلَوْ رَضِيَ الْعَامِلُ بِالْمَعِيبِ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ جَازَ، وَإِنْ حَابَاهُ فَهُوَ مُتَعَدٍّ. (وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (مُقَارَضَةُ عَبْدِهِ) أَيْ مُعَاقَدَتُهُ عَلَى دَفْعِ مَالٍ لَهُ لِيَتَّجِرَ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ (وَ) جَازَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِخِدْمَةٍ أَوْ عَمَلِ مُقَارَضَةٍ (أَجِيرِهِ) أَيْ دَفْعِ مَالٍ لَهُ لِيَتَّجِرَ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ أَنْ يُقَارِضَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ لِلْخِدْمَةِ إنْ كَانَ مِثْلَ الْعَبْدِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ الْأَجِيرُ مِثْلَ الْعَبْدِ، إذْ يَدْخُلُ فِي الْأَجِيرِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. ابْنُ يُونُسَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْأَجِيرُ مِثْلَ الْعَبْدِ إذَا مَلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ جَمِيعَ خِدْمَتِهِ كَالْعَبْدِ، وَكَانَ مَا اسْتَأْجَرَهُ فِيهِ يُشْبِهُ عَمَلَ الْقِرَاضِ بِأَنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِي السُّوقِ وَيَخْدُمَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَمِثْلُ هَذَا قَارَضَهُ لَمْ يُنْقَلْ مِنْ عَمَلٍ إلَى خِلَافِهِ، وَلَوْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ مُعَيَّنٍ مِثْلِ الْبِنَاءِ وَالْقِصَارِ فَنَقَلَهُ إلَى التِّجَارَةِ لَدَخَلَهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ. (وَ) جَازَ إنْ أَرَادَ الْقِرَاضَ (دَفْعُ مَالَيْنِ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِعَامِلٍ وَاحِدٍ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ (أَوْ) دَفْعُ مَالَيْنِ (مُتَعَاقِبَيْنِ) أَيْ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ إنْ كَانَ دَفَعَ الثَّانِي (قَبْلَ شَغْلِ) الْمَالِ (الْأَوَّلِ) أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ بِهِ إنْ كَانَا بِجُزْأَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ كَالثُّلُثِ فِي كُلٍّ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (بِ) جُزْأَيْنِ (مُخْتَلِفَيْنِ) كَنِصْفٍ فِي أَحَدِهِمَا وَثُلُثٍ فِي الْآخَرِ (إنْ) كَانَا (شَرَطَا) أَيْ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ (خَلْطًا) لِلْمَالَيْنِ وَقْتَ الْعَقْدِ فِي دَفْعِهِمَا مَعًا، وَعِنْدَ دَفْعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 343 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ جُزْءَاهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِسْمَيْنِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا عَدَمَهُ أَوْ أَطْلَقَا فَلَا يَجُوزُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَارَضْتَ رَجُلًا عَلَى النِّصْفِ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ حَتَّى زِدْتَهُ مَالًا آخَرَ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ لَا يَخْلِطَهُمَا فَلَا يَجُوزُ. سَحْنُونٌ وَيَجُوزُ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا لِرُجُوعِهِمَا إلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ مَعْلُومٍ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ الْخَلْطِ وَإِنْ كَانَا عَلَى نِصْفٍ وَنِصْفٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ كَانَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ جَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ مَالٍ عَلَى حِدَةٍ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا اُشْتُرِطَ أَنْ يَخْلِطَاهُمَا جَازَ كَانَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ أَوْ جُزْأَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مُسَمًّى مِثَالُهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مِائَتَيْنِ مِائَةً عَلَى الثُّلُثِ لِلْعَامِلِ وَمِائَةً عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا، فَحِسَابُهُ أَنْ نَنْظُرَ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَثُلُثٌ صَحِيحٌ تَجِدُهُ سِتَّةً، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْعَامِلِ مِنْ رِبْحِ إحْدَى الْمِائَتَيْنِ نِصْفَهُ وَمِنْ رِبْحِ الْأُخْرَى ثُلُثَهُ فَخُذْ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَهَا، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ، وَلِرَبِّ الْمَالِ نِصْفُ رِبْحِ الْمِائَةِ الْوَاحِدَةِ وَثُلُثَا رِبْحِ الْأُخْرَى، فَخُذْ لَهُ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَيْهَا وَذَلِكَ سَبْعَةٌ فَتَجْمَعُهَا مَعَ الْخَمْسَةِ فَيَكُونُ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَقْسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا لِلْعَامِلِ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ وَذَلِكَ رُبْعُ الرِّبْحِ وَسُدُسُهُ، وَلِرَبِّ الْمَالِ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ وَذَلِكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَرُبْعُهُ، وَقَدْ غَلِطَ فِي حِسَابِهَا. ابْنُ مُزَيْنٍ طفي قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا شُرِطَ فِي مُتَّفِقَيْ الْجُزْأَيْنِ وَمُخْتَلِفِيهِمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَقَطْ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ لَقَالَ كَأَنْ اخْتَلَفَا إنْ شَرَطَا خَلْطًا، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَقَطْ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمُتَّفِقَيْنِ وَالْمُخْتَلِفِينَ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. طفي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمُخْتَلِفَيْنِ فَقَطْ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُهُ، وَلِذَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَهُوَ الَّذِي يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 344 أَوْ شَغْلَهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ: كَنُضُوضِ الْأَوَّلِ، إنْ سَاوَى؛ وَاتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا   [منح الجليل] (أَوْ) دَفَعَ الْمَالَ الثَّانِي لِلْعَامِلِ بَعْدَ أَنْ (شَغَلَهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْمَالَ الْأَوَّلَ بِشِرَاءِ السِّلَعِ بِهِ فَيَجُوزُ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الْخَلْطَ بِأَنْ شَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ أَطْلَقَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجُزْأَيْنِ، وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُعْجِبُنِي مَعَ اخْتِلَافِهِمَا أَيْ لِلتُّهْمَةِ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَهُ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ اتَّفَقَ الْجُزْءَانِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْسَرُ فِي الثَّانِي فَيَجْبُرُ خُسْرَهُ رِبْحُ الْأَوَّلِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَخَذَ الْأَوَّلَ عَلَى النِّصْفِ فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً ثُمَّ أَخَذَ الثَّانِيَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ بِالْأَوَّلِ لَمْ يُعْجِبْنِي. فَأَمَّا عَلَى أَنْ لَا يُخْلَطَ فَجَائِزٌ فَإِنْ خَسِرَ فِي الْأَوَّلِ وَرَبِحَ فِي الْآخَرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ جَبْرُ هَذَا بِهَذَا. طفي بَيْنَ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَعِبَارَتُهَا عَلَى أَنْ لَا يُخْلَطَ بَوْنٌ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَعِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ الْإِطْلَاقُ كَاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ، قَالَ وَدَفْعُ مَالَيْنِ مَعًا لِعَامِلٍ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ بِشَرْطِ خَلْطِهِمَا أَوْ مُطْلَقًا جَائِزٌ، وَظَاهِرُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ عَلَى الْخَلْطِ حَتَّى يُشْتَرَطَ نَفْيُهُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ يُخَالِفُ قَوْلَهَا عَلَى أَنْ لَا يُخْلَطَ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهَا أَوَّلًا عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُ وَمَا لَهُ هُنَا نَحْوُهُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) دَفْعِ الْمَالِ الثَّانِي لِلْعَامِلِ بَعْدَ (نُضُوضِ) بِضَمِّ النُّونِ وَضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْأُولَى، أَيْ صَيْرُورَةِ الْمَالِ (الْأَوَّلِ) نَاضًّا، أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِبَيْعِ السِّلَعِ وَقَبْضِ ثَمَنِهَا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَيَجُوزُ (إنْ سَاوَى) النَّاضُّ رَأْسَ الْمَالِ بِلَا رِبْحٍ وَلَا خُسْرٍ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ أَلْفًا وَنَضَّ أَلْفًا (وَ) إنْ (اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا) أَيْ جُزْءَا الرِّبْحِ الْمَشْرُوطَانِ لِلْعَامِلِ فِيهِمَا كَالثُّلُثِ عَنْ رِبْحِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ نَضَّ الْأَوَّلُ بِرِبْحٍ أَوْ خُسْرٍ أَوْ اخْتَلَفَ جُزْءَاهُمَا فَلَا يَجُوزُ. طفي قَوْلُهُ إنْ سَاوَى إلَخْ، هَذَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَخْلِطَهُمَا، وَلَوْ شَرَطَ خَلْطَهُمَا لَجَازَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ الْجُزْءَانِ أَوْ اخْتَلَفَا فَدَفْعُهُ بَعْدَ النُّضُوضِ الْمُسَاوِي كَدَفْعِهِ قَبْلَ شُغْلِ الْأَوَّلِ، فَفِيهَا وَإِنْ تَجَرَ فِي الْأَوَّلِ فَبَاعَ وَنَضَّ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَخَذَ الثَّانِي، فَإِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ جَازَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 345 اشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ إنْ صَحَّ وَاشْتِرَاطُهُ: أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا، أَوْ يَمْشِيَ بِلَيْلٍ، أَوْ بِبَحْرٍ، أَوْ يَبْتَاعَ سِلْعَةً، وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ:   [منح الجليل] أَخْذُهُ لِلثَّانِي عَلَى مِثْلِ جُزْءِ الْأَوَّلِ لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إذَا أَخَذَهُ عَلَى أَنْ لَا يَخْلِطَهُمَا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْخَلْطِ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَكِنَّ تَقْيِيدَ ابْنِ يُونُسَ يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إذَا اتَّفَقَ الْجُزْءُ يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ شَرْطِ عَدَمِ الْخَلْطِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ خِلَافُ الرَّاجِحِ، وَلِذَا قَالَ التُّونُسِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِهَا إنْ نَضَّ الْأَوَّلُ دُونَ رِبْحٍ وَنَقْصٍ جَازَ إعْطَاءُ آخَرَ إنْ كَانَ بِمِثْلِ الْأَوَّلِ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ شَرْطَ مُمَاثَلَةِ الْجَزَاءِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْخَلْطِ. (وَ) جَازَ (اشْتِرَاءُ رَبِّهِ) أَيْ الْقِرَاضِ سِلْعَةً (مِنْهُ) أَيْ الْعَامِلِ مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ (إنْ صَحَّ) قَصْدُهُ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ بِالشِّرَاءِ التَّوَصُّلَ إلَى اخْتِصَاصِهِ بِشَيْءٍ مِنْ رِبْحِهِ قَبْلَ تَفَاضُلِهِمَا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِشِرَائِهِ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُوَطَّإِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا يَشْتَرِي مِنْ السِّلَعِ إذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ. الْبَاجِيَّ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ مَا لَمْ يَتَوَصَّلْ بِذَلِكَ إلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ رِبْحِهِ قَبْلَ الْمُقَاسَمَةِ. (وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ (أَنْ لَا يَنْزِلَ) بِالْمَالِ فِي حَالِ سَفَرِهِ بِهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ (وَادِيًا) أَيْ مَكَانًا مُنْخَفِضًا يَجْتَمِعُ فِيهِ السَّيْلُ النَّازِلُ مِنْ الْجِبَالِ وَالْأَرْضِ الْمُرْتَفِعَةِ، وَيَجْرِي إلَى الْبَحْرِ الْمِلْحِ خَوْفًا مِنْ هُجُومِ السَّيْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ بِهِ فَيَحْمِلُهُ إلَى الْبَحْرِ قَهْرًا عَنْهُ وَمِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَاللُّصُوصِ، فَإِنَّ شَأْنَهُمْ الْكُمُونُ فِيهِ وَالِاسْتِتَارُ بِهِ. (أَوْ) لَا (يَمْشِيَ) وَهُوَ مُسَافِرٌ بِالْمَالِ (بِلَيْلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُقْمِرًا خَوْفًا مِنْ الْقُطَّاعِ وَاللُّصُوصِ وَالتَّوَهَانِ عَنْ الطَّرِيقِ (أَوْ) لَا يَرْكَبَ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ خَوْفًا مِنْ غَرَقِهِ (أَوْ) لَا (يَبْتَاعَ) أَيْ يَشْتَرِيَ بِمَالِ الْقِرَاضِ (سِلْعَةً) مُعَيَّنَةً كَالرَّقِيقِ وَالطَّعَامِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَقِلَّةِ رِبْحِهَا وَخَوْفِ الْوَضِيعَةِ فِيهَا (وَضَمِنَ) الْعَامِلُ مَا تَلِفَ أَوْ خَسِرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (إنْ خَالَفَ) الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ فِي شَيْءٍ مِمَّا نَهَاهُ عَنْهُ. " ق " قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 346 كَأَنْ زَرَعَ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا   [منح الجليل] مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مَعَ مَشْيَخَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ نُظَرَائِهِمْ أَهْلِ فِقْهٍ وَفَضْلٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى عَامِلِهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِهِ بَطْنَ وَادٍ وَلَا يَسِيرَ بِهِ بِلَيْلٍ وَلَا يَحْمِلَهُ فِي بَحْرٍ وَلَا يَبْتَاعَ بِهِ سِلْعَةَ كَذَا فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَ الْمَالَ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَأَنْ زَرَعَ) الْعَامِلُ (أَوْ سَاقَى) أَيْ جَعَلَ الْعَامِلُ نَفْسَهُ عَامِلَ مُسَاقَاةٍ لِشَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَصَرَفَ مَالِ الْقِرَاضِ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَتَنَازَعَ زَرَعَ وَسَاقَى (بِمَوْضِعِ جَوْرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَرَاءٌ، أَيْ ظُلْمٍ بِالنِّسْبَةِ (لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْضِعَ جَوْرٍ لِغَيْرِهِ أَيْضًا أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ جَوْرٍ لَهُ لِوَجَاهَتِهِ وَبَسْطِ يَدِهِ بِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَ جَوْرٍ لِغَيْرِهِ فِيهَا إنْ خَاطَرَ بِالزَّرْعِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ ضَمِنَ. الْحَطّ يَعْنِي إذَا زَرَعَ الْعَامِلُ أَوْ سَاقَى بِمَوْضِعِ جَوْرٍ وَظُلْمٍ لَهُ أَيْ لِلْعَامِلِ أَيْ فِي مَوْضِعٍ يَرَى أَنَّهُ يُظْلَمُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَهُ مِمَّا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ فِيهِ ظُلْمٌ أَوْ جَوْرٌ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّهُ هُوَ لَا يُظْلَمُ لِوَجَاهَتِهِ وَنَحْوِهَا، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ وَيُسَاقِيَ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعَ ظُلْمٍ فَيَضْمَنُ. ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ ظُلْمٍ يَضْمَنُ، وَفِيهَا إنْ خَاطَرَ بِهِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ أَوْ غَرَرٍ فَهُوَ ضَامِنٌ فَزَادَ الْمُخَاطَرَةَ، وَقَدْ يَكُونُ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ ظُلْمٍ وَلَا يُعَدُّ الزَّارِعُ فِيهِ مُخَاطِرًا لِوَجَاهَتِهِ بِهِ وَنَحْوِهَا، وَإِذَا ضَمِنَ لِمُخَاطَرَتِهِ بِزَرْعِهِ فِي مَوْضِعِ ظُلْمٍ لَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْخَسَارَةِ مِنْ سَبَبِ الزَّرْعِ أَوْ مِنْ سَبَبِ الظُّلْمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لِتَعَدِّيهِ فِي أَصْلِ فِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ حَرَّكَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ اتَّجِرْ لِلْعَامِلِ بِالْمَالِ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ وَانْتِقَالِهِ لِوَرَثَتِهِ حَالَ كَوْنِ الْأَوَّلِ (عَيْنًا) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِلَا إذْنٍ مِنْهُمْ لِانْحِلَالِ الْقِرَاضِ بِمَوْتِ رَبِّهِ وَهُوَ عَيْنٌ وَوُجُوبُ رَدِّهِ لِلْوَرَثَةِ أَوْ إذْنُهُمْ لَهُ فِي الْعَمَلِ بِهِ. وَمَفْهُومُ عَيْنًا أَنَّهُ إنْ كَانَ عَرْضًا فَلَا يَضْمَنُهُ بِتَحْرِيكِهِ، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ مِنْهُ وَهُمْ فِي ذَلِكَ كَمُوَرِّثِهِمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 347 أَوْ شَارَكَ وَإِنْ عَامِلًا أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ   [منح الجليل] سَوَاءٌ، وَحُكْمُهُ بِضَمَانِهِ يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهِ ابْتِدَاءً. وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى. ابْنُ الْحَاجِبِ فَالْأَوْلَى لِلْعَامِلِ أَنْ لَا يُحَرِّكَهُ. خَلِيلٌ إنَّمَا الَّذِي فِيهَا فَلَا يَعْمَلُ بِصِيغَةِ النَّهْيِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهَا وَنَقَلَهَا ابْنُ شَاسٍ عَلَى الصَّوَابِ مِثْلُ ظَاهِرِ قَوْلِهَا اهـ. طفي اُنْظُرْ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ شَاسٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ عَيْنًا عِنْدَ مَوْتِ رَبِّهِ فَلَا يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ تَحْرِيكُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. اهـ. وَلِذَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَالْأَوْلَى نَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا عَلِمَ الْعَامِلُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَالْمَالُ بِيَدِهِ عَيْنًا. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَهُوَ فِي بَلَدِ رَبِّ الْمَالِ لَمْ يَظْعَنْ مِنْهَا لِتِجَارَةٍ فَلَا يَعْمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ حَتَّى ابْتَاعَ سِلَعًا مَضَى عَلَى الْقِرَاضِ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ إنْ ظَعَنَ بِهِ لِسَفَرٍ فَلْيَمْضِ عَلَى قِرَاضِهِ شَغَلَ الْمَالَ أَوْ لَمْ يَشْغَلْهُ. (أَوْ شَارَكَ) الْعَامِلُ بِمَالٍ الْقِرَاضِ صَاحِبَ مَالٍ بِلَا إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَيَضْمَنُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا آخَرَ لِرَبِّ الْمَالِ، بَلْ (وَإِنْ) شَارَكَ (عَامِلًا) آخَرَ لِرَبِّ الْمَالِ فَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا دَفَعَهُ لَهُ رَبُّ الْمَالِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُشَارِكَ بِمَالِ الْقِرَاضِ أَحَدًا وَإِنْ عَمِلَا جَمِيعًا فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ عَامِلًا آخَرَ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا لَا يَسْتَوْدِعُ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ مَنْ لِرَبِّهَا عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَلَا عِنْدَ غَيْرِهِ، فَهَذَا إنْ شَارَكَ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ غَيْرَهُ. (أَوْ بَاعَ) الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ (بِدَيْنٍ) بِلَا إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَيَضْمَنُ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَبِيعَ بِالنَّسِيئَةِ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ، وَهَذَا مَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ بُيُوعَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا هِيَ بِالنَّقْدِ فِي الْغَالِبِ، فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْقِرَاضِ مُبْهَمًا انْصَرَفَ إلَى الْعُرْفِ. اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُرْفُ الْبَيْعَ بِالدَّيْنِ انْصَرَفَ الْمُبْهَمُ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ طفي. (أَوْ قَارَضَ) الْعَامِلُ بِمَالٍ الْقِرَاضِ عَامِلًا آخَرَ وَتَنَازَعَ زَرَعَ وَسَاقَى، وَشَارَكَ وَبَاعَ وَقَارَضَ فِي (بِلَا إذْنٍ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَيَضْمَنُ فِيهَا لَا يُبْضِعُ الْعَامِلُ مِنْ الْمَالِ بِضَاعَةً. فَإِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 348 وَغَرِمَ لِلْعَامِلِ الثَّانِي، إنْ دَخَلَ عَلَى أَكْثَرَ: كَخُسْرِهِ، وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا:   [منح الجليل] فَعَلَ ضَمِنَ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ جَازَ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ، وَلَا يُشَارِكُ بِالْمَالِ أَوْ يُقَارِضُ بِهِ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ قَارَضَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَمِنَ (وَغَرِمَ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ (لِلْعَامِلِ الثَّانِي) الزَّائِدَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ (إنْ دَخَلَ) الْعَامِلُ الثَّانِي مَعَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ (عَلَى) جُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ (أَكْثَرَ) مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ رُبْعًا وَالثَّانِي نِصْفًا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَحِقُّ الثَّانِي مَا دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا زَادَ. وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ عَلَى أَقَلَّ مِمَّا دَخَلَ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ مَعَ رَبِّ الْمَالِ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ نِصْفًا وَالثَّانِي رُبْعًا لَكَانَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ، فِيهَا إنْ أَخَذَ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ فَتَعَدَّى فَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِهِ قِرَاضًا عَلَى الثُّلُثَيْنِ ضَمِنَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَإِنْ عَمِلَ بِهِ الثَّانِي فَرَبِحَ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ نِصْفُ الرِّبْحِ، وَلِلْعَامِلِ الثَّانِي نِصْفُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ الثَّانِي بِبَقِيَّةِ شَرْطِهِ وَهُوَ السُّدُسُ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ. الصَّوَابُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْمُسَاقَاةِ بِرُبْعِ قِيمَةِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ بَاعَ بِثَمَرَةٍ اسْتَحَقَّ رُبْعَهَا. وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي تَمَامَ مَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ: (كَخُسْرِهِ) أَيْ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ وَدَفَعَ بَاقِيَهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ بِلَا إذْنِ رَبِّهِ فَرَبِحَ قِيمَةَ مَا يَجْبُرُ الْخُسْرَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَيُجْبَرُ الْمَالُ بِرِبْحِ الثَّانِي، وَيَغْرَمُ لَهُ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ مِمَّا جُبِرَ بِهِ الْخُسْرُ. وَأَصْلُ الْخُسْرِ النَّقْصُ بِسَبَبِ التَّجْرِ وَأَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ النَّقْصِ سَوَاءٌ كَانَ بِتَجْرٍ أَوْ نَحْوِ سَرِقَةٍ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ الْخُسْرُ بِعَمَلِهِ، (وَإِنْ) كَانَ الْخُسْرُ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِي الْمَالِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ ثُمَّ دَفَعَ بَاقِيَهُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي فَرَبِحَ فِيهِ مَا يَجْبُرُ خُسْرَ الْأَوَّلِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، فَيُجْبَرُ رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الْعَامِلِ الثَّانِي. (وَالرِّبْحُ) أَيْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ مِنْهُ عَلَى مَا يُجْبَرُ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ (لَهُمَا) أَيْ رَبِّ الْمَالِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 349 كَكُلِّ آخِذِ مَالٍ لِلتَّنْمِيَةِ فَتَعَدَّى،   [منح الجليل] وَالْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى حَسَبِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ، وَيَغْرَمُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي حِصَّتَهُ مِمَّا جُبِرَ بِهِ رَأْسُ الْمَالِ وَتَمَامُ مَا دَخَلَ مَعَهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ مَعَ الْأَوَّلِ، مِثَالُهُ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ لِلْأَوَّلِ خَمْسِينَ يَعْمَلُ بِهَا عَلَى ثُلُثِ رِبْحِهَا فَنَقَصَتْ عِشْرِينَ بِتَجْرِهِ أَوْ نَحْوِ سَرِقَةٍ وَدَفَعَ الثَّلَاثِينَ الْبَاقِيَةَ لِمَنْ يَعْمَلُ بِهَا عَلَى نِصْفِ رِبْحِهَا، فَصَارَتْ بِتَجْرِ الثَّانِي مِائَةً وَعَشَرَةً فَلِرَبِّ الْمَالِ خَمْسُونَ رَأْسُ مَالِهِ وَالْبَاقِي سِتُّونَ، يُعْطِي الْعَامِلُ الثَّانِي ثُلُثَهَا عِشْرِينَ وَيَأْخُذُ ثُلُثَيْهَا أَرْبَعِينَ، وَيَغْرَمُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي عَشَرَةً عِوَضَ نِصْفِ الْعِشْرِينَ الَّتِي جُبِرَ بِهَا الْمَالُ مِنْ رِبْحِ الثَّانِي، وَعَشَرَةً أَيْضًا تَمَامَ نِصْفِ السِّتِّينَ، فَيَتِمُّ لَهُ أَرْبَعُونَ، وَهِيَ نِصْفُ رِبْحِهِ وَهُوَ ثَمَانُونَ فِيهَا إذَا أَخَذَ الْمُقَارِضُ الْمَالَ عَلَى النِّصْفِ فَدَفَعَهُ إلَى آخَرَ عَلَى الثُّلُثِ فَالسُّدُسُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَارِضِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ فَلَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَلَوْ كَانَتْ ثَمَانُونَ دِينَارًا فَخَسِرَ الْأَوَّلُ مِنْهَا أَرْبَعِينَ ثُمَّ دَفَعَ الْأَرْبَعِينَ إلَى الثَّانِي عَلَى النِّصْفِ أَيْضًا، فَصَارَتْ مِائَةً وَلَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي ذَلِكَ فَرَبُّ الْمَالِ أَحَقُّ بِأَخْذِ الثَّمَانِينَ رَأْسِ مَالِهِ وَنِصْفِ مَا بَقِيَ، وَهِيَ عَشَرَةٌ، وَيَأْخُذُ الثَّانِي عَشَرَةً وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَهِيَ تَمَامُ نِصْفِ رِبْحِهِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا، أَيْ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فَقَالَ (كَكُلِّ آخِذِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (مَالٍ) مِنْ مَالِكِهِ (لِلتَّنْمِيَةِ) لِمَالِكِهِ كَوَكِيلٍ عَلَى التَّجْرِ وَمُبْضِعٍ مَعَهُ (فَتَعَدَّى) عَلَى الْمَالِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِغَيْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ مَالِكُهُ، فَإِنْ رَبِحَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ، وَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيْهِ خُسْرُهُ نَظَرًا لِمَا دَخَلَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا شَارَكَ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ مَثَلًا بِلَا إذْنِ رَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ خَسِرَ الْمَالَ فَعَلَيْهِ خَسَارَتُهُ لِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ نَظَرًا لِمَا دَخَلَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، إلَّا إذَا تَعَدَّى بِالْمُقَارَضَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمَفْهُومُ لِلتَّنْمِيَةِ أَنَّ مَنْ أَخَذَهُ لَا لَهَا كَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَلِلْوَصِيِّ وَالْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ وَاتَّجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ فَلَهُ رِبْحُهُ وَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيْهِ خُسْرُهُ. " ق " أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُقَارِضُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي تَحْرِيكِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 350 لَا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ أَوْ جَنَى كُلٌّ، أَوْ أَخَذَ شَيْئًا فَكَأَجْنَبِيٍّ   [منح الجليل] الْمَالِ إلَى مَا يُنَمِّيهِ، فَإِنْ حَرَّكَهُ إلَى غَيْرِ مَا لَهُ أَخِذُهُ ضَمِنَ هَلَاكَهُ وَنَقْصَهُ، وَإِنْ حَرَّكَهُ بِالتَّعَدِّي إلَى مَا أَنْمَاهُ دَخَلَ رَبُّهُ فِي نَمَائِهِ، وَلَا يَكُونُ أَوْلَى بِهِ لِتَعَدِّيهِ، وَفَارَقَ تَعَدِّي الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ إذْ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُمَا فِي تَحْرِيكِ الْمَالِ فَتَعَدِّي الْعَامِلِ يُشْبِهُ تَعَدِّي الْوَكِيلِ وَالْمُبْضِعِ مَعَهُ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا تَعَدَّى بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَضَمَّنَّاهُ فَلَا يَخْتَصُّ بِالرِّبْحِ، وَلَا يُقَالُ كَمَا يَخْتَصُّ بِالْخُسْرِ يَخْتَصُّ بِالرِّبْحِ كَالْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، بَلْ الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِبْدَادِ بِالرِّبْحِ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَلِأَنَّ اسْتِبْدَادَهُ بِهِ يَحْمِلُهُ عَلَى التَّعَدِّي لِيَسْتَقِلَّ بِالرِّبْحِ. (لَا) يُشَارِكُ رَبُّ الْعَامِلِ فِي رِبْحِهِ (إنْ نَهَاهُ) أَيْ رَبُّ الْعَامِلِ (عَنْ الْعَمَلِ) فِي مَالِ الْقِرَاضِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعَمَلِ فَخَالَفَهُ وَتَعَدَّى وَعَمِلَ فِيهِ فَيَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا لَهُ كَالْغَاصِبِ. ابْنُ الْحَاجِبِ أَمَّا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَاشْتَرَى فَكَالْوَدِيعَةِ لَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ غُرْمُهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا إذَا لَمْ يُشَغِّلْ الْعَامِلُ الْمَالَ حَتَّى نَهَاهُ رَبُّهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهِ فَتَعَدَّى فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَيَضْمَنُ الْمَالَ وَالرِّبْحُ لَهُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً فَيَضْمَنُهَا وَالرِّبْحُ لَهُ، بِخِلَافِ الَّذِي نَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ عَنْ شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَإِنْ نَهَيْتَهُ عَنْ شِرَاءِ سِلْعَةٍ فِي عَقْدِ الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ أَوْ بَعْدَ عَقْدِهِ وَقَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ، فَلَكَ تَرْكُهَا عَلَى الْقِرَاضِ أَوْ تَضْمِينُهُ الْمَالَ وَلَوْ كَانَ قَدْ بَاعَهَا كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُ فَرَّ بِالْمَالِ مِنْ الْقِرَاضِ حِينَ تَعَدَّى عَلَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ رِبْحُهُ وَكَذَلِكَ إنْ تَسَلَّفَ مِنْ الْمَالِ مَا ابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ فَيَضْمَنُ مَا خَسِرَ وَمَا رَبِحَ كَانَ بَيْنَكُمَا. (أَوْ جَنَى كُلٌّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ فَأَتْلَفَ بَعْضَهُ أَوْ جَمِيعَهُ عَطْفٌ عَلَى نَهَاهُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ جَنَى كُلٌّ. " غ " وَهُوَ مُطَابِقُ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ (أَوْ أَخَذَ) أَحَدُهُمَا (شَيْئًا) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (فَ) الْجَانِي أَوْ الْآخِذُ (كَأَجْنَبِيٍّ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 351 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] جَنَى عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ فِي الِاتِّبَاعِ بِعِوَضِ مَا جَنَى عَلَيْهِ، أَوْ أَخَذَهُ بِلَا غُرْمِ رِبْحِهِ عَلَى فَرْضِ التَّجْرِبَةِ، فَهُوَ مُشَارِكُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ كَوْنِ الرِّبْحِ لَهُمَا. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ جَنَى الْعَامِلُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْمَالِ جِنَايَةً أَوْ أَخَذَ شَيْئًا كَانَ عَلَيْهِمَا كَأَجْنَبِيٍّ وَالْبَاقِي عَلَى الْقِرَاضِ حَتَّى يَتَفَاصَلَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَرَادَ أَنَّ مَا جَنَاهُ الْعَامِلُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ لَا يُعَدُّ رِبْحًا وَمَا بَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ رَأْسُ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُفَاصَلَةَ فِي الرِّبْحِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَخْذُ أَحَدِهِمَا كَأَخْذِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى الْمَالِ كَمَا يُرَدُّ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ. اهـ. طفي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْأَخْذِ قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ أَوْ بَعْدَهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ مَا اسْتَهْلَكَ الْعَامِلُ مِنْهُ مِثْلَ مَا ذَهَبَ أَوْ خُسِرَ لِأَنَّ مَا اُسْتُهْلِكَ قَدْ ضَمِنَهُ وَلَا حِصَّةَ لِذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ. أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَمَا بَقِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ يُعْمَلُ بِهِ هُوَ الَّذِي عَلَى الْقِرَاضِ، وَلَيْسَ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ عَلَى الْقِرَاضِ. الشَّيْخُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُحَاسَبُ بِقَدْرِ مَا كَانَ يَرْبَحُ فِيمَا تَسَلَّفَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهَا وَلَا حِصَّةَ لِذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا أَنَّهُ تَمَامُ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ تَسَلَّفَ الْعَامِلُ نِصْفَ الْمَالِ أَوْ أَكَلَهُ فَالنِّصْفُ الْبَاقِي رَأْسُ الْمَالِ، وَرِبْحُهُ عَلَى مَا شَرَطَا، وَعَلَى الْعَامِلِ غُرْمُ النِّصْفِ فَقَطْ وَلَا رِبْحَ لَهُ، وَإِنْ أَخَذَ مِائَةً قِرَاضًا فَرَبِحَ فِيهَا مِائَةً ثُمَّ أَكَلَ مِائَةً مِنْهُمَا وَتَجَرَ فِي الْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ فَرَبِحَ مَالًا فَمِائَةٌ فِي ضَمَانِهِ، وَمَا رَبِحَ أَوَّلًا وَآخِرًا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا. وَلَوْ ضَاعَ ذَلِكَ وَلَمْ تَبْقَ إلَّا الْمِائَةُ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ ضَمِنَهَا لِرَبِّ الْمَالِ وَلَا تُعَدُّ رِبْحًا إذْ لَا رِبْحَ إلَّا بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ. وَإِنْ اشْتَرَى بِالْقِرَاضِ وَهُوَ مِائَةُ دِينَارٍ عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَجَنَى عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ فَنَقَصْته مِائَةً وَخَمْسِينَ ثُمَّ بَاعَهُ الْعَامِلُ بِخَمْسِينَ فَعَمِلَ فِيهَا فَرَبِحَ مَالًا أَوْ وَضَعَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ قَبْضًا لِرَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ حَتَّى يُحَاسِبَهُ وَيُفَاصِلَهُ وَيَحْسِبَهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَذَلِكَ دَيْنٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مُضَافٌ إلَى هَذَا الْمَالِ. اهـ كَلَامُهَا، وَقَدْ نَقَلَهُ كُلَّهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَقَلَ بَعْضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ. فَقَوْلُ عج هَذَا الْجِنَايَةُ يُضَافُ لِمَا بَقِيَ وَرِبْحِهِ، وَيُجْعَلُ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ فِي الْبَاقِي لَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 352 وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ   [منح الجليل] خَاصَّةً، ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ، وَقَالَ فَإِذَا بَاعَهُ بِخَمْسِينَ، وَأَبْحَرَ فِيهَا فَأَصْبَحَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا نَقَصَتْهُ جِنَايَتُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ رِبْحٌ فَيَأْخُذُ الْعَامِلُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ مِائَةً مِنْ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ خَمْسِينَ فَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَخَذَ مَالَهُ، وَهِيَ مِائَةٌ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَهِيَ مِائَةٌ وَأَخَذَ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ، فَلَوْ كَانَتْ جِنَايَةُ رَبِّ الْمَالِ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مَا كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ مِنْ الْخَمْسِينَ وَرِبْحِهَا لِأَنَّ جِنَايَةَ رَبِّ الْمَالِ قَدْ اسْتَوْفَتْ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ إذَا تَأَمَّلْته وَجَدْته تَهَافُتًا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ يَكُونُ الْبَاقِي رَأْسَ مَالٍ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَهُ خَطَأٌ فَاحِشٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الرِّبْحُ لَا يَجْبُرُ الْأَخْذَ وَلَا الْجِنَايَةَ لَا قَبْلَ شَغْلِ الْمَالِ وَلَا بَعْدَهُ. الْعَدَوِيُّ حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا جَبْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَتُنَزَّلُ جِنَايَةُ الْعَامِلِ أَوْ أَخْذُهُ أَوْ جِنَايَةُ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَخْذُهُ مَنْزِلَةَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَخْذِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ جَنَى أَجْنَبِيٌّ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ الْجِنَايَةِ وَيُضَمُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَيُعْطِي رَبَّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَيُعْطِي الْعَامِلَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ فَكَذَا لَوْ جَنَى أَوْ أَخَذَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلُ، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا عَبْدًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ فَقَطَعَ يَدَهُ رَبُّ الْمَالِ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَبَاعَهُ الْعَامِلُ بِخَمْسِينَ وَاتَّجَرَ بِهَا، فَصَارَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ، فَتُضَمُّ لِلْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ الَّتِي لَزِمَتْ رَبَّ الْمَالِ بِجِنَايَتِهِ فَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ ثَلَاثَمِائَةٍ مِنْهَا مِائَةٌ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمِائَتَانِ رِبْحٌ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةٌ، وَلِلْعَامِلِ مِائَةٌ، فَيُحْسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ الَّتِي لَزِمَتْ بِهَا، وَيُعْطِيهِ الْعَامِلُ خَمْسِينَ تَمَامَ الْمِائَتَيْنِ رَأْسُ مَالِهِ وَحَظَّهُ مِنْ الرِّبْحِ وَيَبْقَى لِلْعَامِلِ مِائَةٌ هِيَ حِصَّتُهُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يَجُوزُ) لِلْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ (اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ سِلْعَةً لِلْقِرَاضِ (مِنْ رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ شِرَائِهِ مِنْهُ لِنَفْسِهِ، وَأَبْقَاهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى ظَاهِرِهَا خَوْفَ مُحَابَاةِ الْعَامِلِ رَبَّ الْمَالِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 353 أَوْ بِنَسِيئَةٍ، وَإِنْ أَذِنَ   [منح الجليل] مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا، فَيُؤَدِّي إلَى أَنْ يَجْبُرَ الْعَامِلُ النَّقْصَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ الْمُحَابَاةِ بِالرِّبْحِ، فَيَصِيرُ لِرَبِّهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَخَلَا عَلَيْهِ فِيهَا، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ سِلْعَةً وَإِنْ صَحَّ الْقَصْدُ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ مِنْ غَيْرِهِمَا. ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَرِهَهُ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ رَجَعَ لِرَبِّهِ فَصَارَ الْقِرَاضُ بِهَذَا الْغَرَضِ. ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شِرَاءِ الْعَامِلِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ فَرَوَى عَبْدُ الرَّحِيمِ أَنَّهُ خَفَّفَهُ إنْ صَحَّ الْقَصْدُ، وَكَرِهَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَذَا إنْ صَرَفَ مِنْهُ. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ لَا لِلْقِرَاضِ فَذَلِكَ جَائِزٌ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاءُ الْعَامِلِ سِلْعَةً لِلْقِرَاضِ (بِنَسِيئَةٍ) أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ، بَلْ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَاخْتَصَّ بِرِبْحِهِ. " ق " ابْنُ الْمَوَّازِ شِرَاؤُهُ بِالدَّيْنِ عَلَى الْقِرَاضِ أَوْ تَسَلُّفُهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَذِنَ فِيهِ رَبُّ الْمَالِ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ، وَكَيْفَ يَأْخُذُ رِبْحَ مَا يَضْمَنُهُ الْعَامِلُ فِي ذِمَّتِهِ. طفي مَحَلُّ مَنْعِ شِرَائِهِ بِالدَّيْنِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدِيرٍ، أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْمُدِيرُ فَلَهُ الشِّرَاءُ بِالدَّيْنِ عَلَى الْقِرَاضِ. قُلْت لِأَنَّ عُرُوضَ الْمُدِيرِ كَالْعَيْنِ فِي الزَّكَاةِ، وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِ ثَمَنِ مَا يَشْتَرِيهِ بِهِ يَفِي بِهِ مَالُ الْقِرَاضِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. عج لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ وَشَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ هَذَا فِي شِرَائِهِ لِلْقِرَاضِ وَذَلِكَ فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ. اهـ. وَالصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ بَيَانٌ لِمَا يُفْعَلُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، سَوَاءٌ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الْقُدُومِ نَعَمْ يُخَصُّ مَا هُنَا بِشِرَائِهِ لِلْقِرَاضِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِي شِرَاءِ الْعَامِلِ الْمَتَاعَ بِنَظِرَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ الدَّيْنَ إنْ تَلِفَ، وَإِنْ رَبِحَ فِيهِ أَعْطَاهُ نِصْفَ الرِّبْحِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ نَزَلَ فَالرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ أَنْ يَشْتَرِيَ عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَاعَ مَالُ الْقِرَاضِ يَضْمَنُ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ فَيَجُوزُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 354 أَوْ بِأَكْثَرَ، وَلَا أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِهِ، إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ وَلَا بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً بِلَا إذْنٍ، وَجُبِرَ خُسْرُهُ، وَمَا تَلِفَ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ،   [منح الجليل] وَتَكُونُ السِّلْعَةُ عَلَى الْقِرَاضِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لِلَّخْمِيِّ مِنْ كَوْنِ الْعَامِلِ فِي ذَلِكَ أَجِيرًا وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ بَعْدَ اشْتِغَالِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُدِيرِ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَامِلِ لِلْقِرَاضِ سِلَعًا (بِ) ثَمَنٍ (أَكْثَرَ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِضَمَانِهِ الزَّائِدَ فِي ذِمَّتِهِ فَيَلْزَمُ أَخْذُ رَبِّ الْمَالِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ " ق " فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعَامِلِ يَشْتَرِي سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالٍ لِيَضْمَنَ مَا زَادَ دَيْنًا وَيَكُونُ فِي الْقِرَاضِ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ (وَلَا) يَجُوزُ لِلْعَامِلِ (أَخْذُهُ) أَيْ الْعَامِلِ مَالَ قِرَاضٍ (مِنْ) شَخْصٍ (غَيْرِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (إنْ كَانَ) الْعَمَلُ فِي الْمَالِ الثَّانِي (يَشْغَلُهُ) أَيْ الْعَامِلَ (عَنْ) الْعَمَلِ فِي الْمَالِ (الْأَوَّلِ) وَإِلَّا جَازَ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ أَخَذَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِرَاضًا مِنْ رَجُلٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ كَثِيرًا يَشْغَلُهُ الثَّانِي عَنْهُ، فَلَا يَأْخُذُ حِينَئِذٍ شَيْئًا مِنْ غَيْرِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ أَخَذَ وَهُوَ يَحْمِلُ الْعَمَلَ بِهِمَا فَلَهُ خَلْطُهُمَا وَلَا يَضْمَنُ، وَلَا يَجُوزُ خَلْطُهُمَا بِشَرْطٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي. (وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ رَبِّ الْمَالِ سِلْعَةً) مِنْ الْقِرَاضِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْعَامِلِ، فَإِنْ نَزَلَ فَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ، فَأَحْرَى بَيْعُ الْجَمِيعِ بِالْمَنْعِ وَالرَّدِّ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَبِيعُ رَبُّ الْمَالِ عَبْدًا مِنْ الْقِرَاضِ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ، وَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ أَوْ إجَازَتُهُ (وَ) إنْ خَسِرَ أَوْ تَلِفَ بَعْضُ مَالِ الْقِرَاضِ وَاتَّجَرَ الْعَامِلُ فِي بَاقِيهِ فَرَبِحَ (جُبِرَ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (خُسْرُهُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ نَقْصُ مَالِ الْقِرَاضِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ بِهِ (وَ) جُبِرَ (مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي (تَلِفَ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ هَلَكَ مِنْهُ أَوْ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ إنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ عَمَلِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّلَفُ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ الْعَامِلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 355 إلَّا أَنْ يَقْبِضَ، وَلَهُ الْخَلَفُ، فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْخَلَفُ   [منح الجليل] بِالْمَالِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُقْبَضَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ أَيْ يَقْبِضَهُ رَبُّهُ مِنْ الْعَامِلِ ثُمَّ يَرُدُّهُ لَهُ فَيَرْبَحُ فِيهِ، فَلَا يَجْبُرُ رِبْحُهُ خُسْرَ الْأَوَّلِ وَلَا تَالِفَهُ لِأَنَّ هَذَا قِرَاضٌ مُؤْتَنَفٌ. " ق " لَوْ قَالَ وَجُبِرَ الْخُسْرَانُ وَمَا تَلِفَ وَإِنْ قَبْلَ عَمَلِهِ بِالرِّبْحِ مَا لَمْ يُقْبَضْ لَكَانَ أَبْيَنَ. ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ فِي الْقِرَاضِ أَنْ لَا يُقْسَمَ رِبْحُهُ إلَّا بَعْدَ كَمَالِ رَأْسِ الْمَالِ، وَأَنَّ الْمُقَارِضَ مُؤْتَمَنٌ لَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا ضَاعَ بَعْضُ الْمَالِ بِيَدِ الْعَامِلِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ خَسِرَ أَوْ أَخَذَهُ لِصٌّ أَوْ الْعَاشِرُ ظُلْمًا فَلَا يَضْمَنُهُ الْعَامِلُ إلَّا أَنَّهُ إنْ عَمِلَ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ جُبِرَ بِمَا رَبِحَ فِيهِ أَصْلُ الْمَالِ، فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ تَمَامِ رَأْسِ الْمَالِ الْأَوَّلِ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ قَدْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَا أَعْمَلُ حَتَّى تَجْعَلَ مَا بَقِيَ رَأْسَ الْمَالِ فَفَعَلَا وَأَسْقَطَا الْخَسَارَةَ فَهُوَ أَبَدًا عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ حَاسَبَهُ وَأَحْضَرَهُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ أَصْبَغُ عَلَى بَابِ الصِّحَّةِ وَالْبَرَاءَةِ. (وَ) إنْ تَلِفَ كُلُّ الْمَالِ أَوْ بَعْضُهُ فَ (لَهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (الْخَلَفُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ فَفَاءٌ، أَيْ دَفْعُ بَدَلِ مَا تَلِفَ لِلْعَامِلِ لِيَتَّجِرَ بِهِ وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ قَبُولُهُ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ (فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ) أَيْ مَالُ الْقِرَاضِ مِنْ يَدِ الْعَامِلِ (لَمْ يَلْزَمْ الْخَلَفُ) الْعَامِلَ لِانْفِسَاخِ الْقِرَاضِ وَانْقِطَاعِ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُمَا. " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْنَا عَلَيْهَا، وَلَعَلَّ صَوَابَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْجَبْرُ وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ لِلْعَامِلِ فَيُطَابِقُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَى بِجَمِيعِهِ فَتَلِفَ قَبْلَ إقْبَاضِهِ فَأَخْلَفَهُ فَلَا يُجْبَرُ التَّالِفُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ نَقَدَ فِيهَا رَبُّ الْمَالِ كَانَ مَا نَقَدَ الْآنَ رَأْسَ مَالِهِ دُونَ الذَّاهِبِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَاعَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ انْقَطَعَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْآنَ رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا فَهُوَ كَابْتِدَاءِ قِرَاضٍ، وَلَوْ أَنَّهُ إنَّمَا ضَاعَ بَعْضُ الْمَالِ فَأَتَمَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ بَقِيَّةَ ثَمَنِ السِّلْعَةِ فَهَاهُنَا يَكُونُ رَأْسُ الْمَالِ جَمِيعَ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ أَوَّلًا وَآخِرًا، وَلَا يَسْقُطُ مَا ذَهَبَ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ بَيْنَهُمَا تُعَدُّ قَائِمَةً فَلَمْ يَتَفَاصَلَا فِيهَا، ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِي النُّسَخِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ جَمِيعُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ قِرَاضٌ مُؤْتَنَفٌ وَهُوَ جَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَلَزِمَتْهُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ تَعْلِيلِ ابْنِ يُونُسَ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 356 وَلَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ: فَالرِّبْحُ: كَالْعَمَلِ   [منح الجليل] " ق " اُنْظُرْ مَا نَقَصَ هُنَا، فَلَوْ قَالَ وَلَوْ ضَاعَ الْمَالُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ وَلَا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ أَخْلَفَهُ فَلَا يُجْبَرُ الْأَوَّلُ بِرِبْحِهِ وَإِنْ أَبَى فَرِبْحُ السِّلْعَةِ وَنَقْصُهَا لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ لَوَافَقَ ابْنُ عَرَفَةَ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَخَذَ مِائَةً قِرَاضًا فَأَخَذَ لَهُ اللُّصُوصُ خَمْسِينَ فَأَرَادَ رَدَّ مَا بَقِيَ فَأَتَمَّ لَهُ الْمِائَةَ لِتَكُونَ هِيَ رَأْسَ الْمَالِ، فَإِنَّ رَأْسَهُ فِي هَذَا مِائَةٌ وَخَمْسُونَ حَتَّى يَقْبِضَ مَا بَقِيَ عَلَى الْمُفَاصَلَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَضِيَ أَنْ يَبْقَى مَا بَقِيَ رَأْسُ الْمَالِ فَلَا يَنْفَعُ ذَلِكَ. وَأَمَّا لَوْ أَخَذَ اللُّصُوصُ جُمْلَةَ رَأْسِ الْمَالِ فَأَعْطَاهُ رَبُّهُ مَالًا آخَرَ فَلَا جَبْرَ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ شَيْءٌ. (وَ) إنْ تَلِفَ الْمَالُ كُلُّهُ وَاشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً (لَزِمَتْهُ) أَيْ السِّلْعَةُ الْعَامِلَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا عَلَى بَائِعِهَا، وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ فِي دَفْعِ ثَمَنِهَا، وَتَكُونُ عَلَى الْقِرَاضِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ فَيَلْزَمُ الْعَامِلَ دَفْعُهُ مِنْ مَالِهِ، وَيَخْتَصُّ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتُبَاعُ عَلَيْهِ فِيهِ، فَإِنْ رَبِحَتْ فَلَهُ، وَإِنْ خَسِرَتْ فَعَلَيْهِ فِيهَا، وَإِذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ كُلُّهُ خُيِّرَ رَبُّهُ فِي دَفْعِ ثَمَنِهَا عَلَى الْقِرَاضِ، فَإِنْ أَبَى لَزِمَ الْعَامِلَ الثَّمَنُ وَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً. (وَإِنْ تَعَدَّدَ) الْعَامِلُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ بِأَنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ وَرَبِحُوا (فَالرِّبْحُ) يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ (كَالْعَمَلِ) فَإِنْ كَانُوا مُسْتَوِينَ فِي الْعَمَلِ قُسِمَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَإِنْ تَفَاوَتُوا فِيهِ تَفَاوَتُوا فِي الرِّبْحِ بِحَسَبِ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْعَمَلِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِوَاؤُهُمْ فِي الرِّبْحِ مَعَ تَفَاوُتِهِمْ فِي الْعَمَلِ، وَلَا عَكْسُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، " ق " فِيهَا لِ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَارَضْتَ رَجُلَيْنِ عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ وَلِأَحَدِهِمَا ثُلُثَهُ وَلِلْآخَرِ سُدُسَهُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ اشْتَرَكَ الْعَامِلَانِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ بَعْضَ رِبْحِ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَصْبَغُ وَيُفْسَخُ، فَإِنْ فَاتَ الْعَمَلُ كَانَ نِصْفُ الرِّبْحِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالنِّصْفُ بَيْنَ الْعَامِلَيْنِ عَلَى مَا شَرَطَا، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ السُّدُسِ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ بِإِجَارَتِهِ فِي فِعْلِ جُزْئِهِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى قَدْرِ أَجْزَائِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ لَكَانَ مَكْرُوهًا إلَّا أَنَّهُ إنْ نَزَلَ مَضَى. عِيَاضٌ فَضْلٌ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَمَلُهُمَا عَلَى قَدْرِ أَجْزَائِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ جَازَ، وَنَحْوُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 357 وَأَنْفَقَ، إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ،   [منح الجليل] لِحَمْدِيسٍ. بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ الصَّوَابُ جَوَازُهُ، وَأَرَادَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ خَالَفَتْ أَعْمَالُهُمْ أَجْزَاءَ الرِّبْحِ وَفَاتَ الْعَمَلُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ يُقْسَمُ الرِّبْحُ عَلَى مَا سَمَّوْا، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْقَلِيلِ عَلَى صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِفَضْلِ عَمَلِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ بَلْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ بَلْ يُرَدَّانِ إلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ التُّونُسِيُّ يَكُونَانِ أَجِيرَيْنِ. وَقَالَ فَضْلٌ لَهُمَا قِرَاضُ مِثْلِهِمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ التُّونُسِيِّ أَظْهَرُ وَأَجْرَى عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ. الْحَطّ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِهِ وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، أَيْ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (إنْ سَافَرَ) الْعَامِلُ بِهِ مِنْ بَلَدِ الْقِرَاضِ بِبَلَدٍ آخَرَ لِلتِّجَارَةِ بِهِ فِي سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ بِبَلَدِ التَّجْرِ حَتَّى يَعُودَ لِبَلَدِ الْقِرَاضِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ إنْ لَمْ يُسَافِرْ وَلَوْ فِي وَقْتِ شِرَائِهِ وَتَجْهِيزِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ شَغَلَهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ. " ق " ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ أَنَّ لِلْعَامِلِ النَّفَقَةَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ إذَا شَخَصَ لِلسَّفَرِ بِهِ لَا قَبْلَ ذَلِكَ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا كَانَ الْعَامِلُ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ الْمَالِ وَلَا كِسْوَةَ وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ فِي تَجْهِيزِهِ إلَى سَفَرِهِ حَتَّى يَظْعَنَ، فَإِذَا شَخَصَ بِهِ مِنْ بَلَدِهِ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي سَفَرِهِ مِنْ الْمَالِ فِي طَعَامِهِ، وَفِيمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ ذَاهِبًا وَرَاجِعًا إنْ كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ وَلَا يُحَاسَبُ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي رِبْحِهِ، وَلَكِنْ يُلْغَى وَسَوَاءٌ فِي قُرْبِ السَّفَرِ أَوْ بُعْدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ بَعْدَ النَّفَقَةِ إلَى صَاحِبِهِ، فَإِذَا وَصَلَ إلَى مِصْرِهِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ. (وَ) إنْ (لَمْ يَبْنِ) الْعَامِلُ فِي سَفَرِهِ (بِزَوْجَتِهِ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ، فَإِنْ بَنَى بِهَا فِيهِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يُسْقِطُهَا فِيهَا لَوْ خَرَجَ بِالْمَالِ إلَى بَلَدٍ فَنَكَحَ بِهَا، فَإِذَا دَخَلَ وَأَوْطَنَهَا فَمِنْ يَوْمَئِذٍ تَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 358 وَاحْتَمَلَ الْمَالُ لِغَيْرِ أَهْلٍ، وَحَجٍّ، وَغَزْوٍ بِالْمَعْرُوفِ فِي الْمَالِ، وَاسْتَخْدَمَ، إنْ تَأَهَّلَ   [منح الجليل] (وَ) إنْ (احْتَمَلَ الْمَالُ) الْمُقَارَضُ بِهِ الْإِنْفَاقَ لِكَثْرَتِهِ فَلَا يُنْفَقُ مِنْ الْيَسِيرِ وَلَمْ يُحَدَّ الْكَثِيرُ. وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُرْجَعُ فِيهِ لِلِاجْتِهَادِ وَوَقَعَ لَهُ السَّبْعُونَ قَلِيلٌ وَلَهُ يُنْفِقُ فِي الْخَمْسِينَ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى سَفَرٍ بَعِيدٍ، وَالثَّانِي عَلَى سَفَرٍ قَرِيبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لِلَّخْمِيِّ إنْ كَانَ بِيَدِهِ مَالَانِ حَمْلَ مَجْمُوعِهِمَا، وَلَا يَحْمِلُهُ أَحَدُهُمَا بِانْفِرَادِهِ، فَلَهُ النَّفَقَةُ وَالْقِيَاسُ سُقُوطُهَا لِحُجَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لَهُ مَالًا تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ أَجِدْهَا فِي النَّوَادِرِ، وَهِيَ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ جَنَى عَلَى رَجُلَيْنِ مَالًا يَبْلُغُ أَرْشَ جِنَايَتِهِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثَ الدِّيَةِ وَأَرْشُ مَجْمُوعِهِمَا يَبْلُغُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ. اهـ. (وَ) إنْ كَانَ سَفَرُهُ (لِغَيْرِ أَهْلٍ) أَيْ زَوْجَةٍ (وَ) غَيْرِ (حَجٍّ وَ) غَيْرِ (غَزْوٍ) أَيْ جِهَادِ الْكُفَّارِ بِأَنْ كَانَ لِلتَّجْرِ بِالْمَالِ. فِيهَا قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عِنْدَنَا تُجَّارٌ يَأْخُذُونَ الْمَالَ قِرَاضًا وَيَشْتَرُونَ بِهِ مَتَاعًا يَشْهَدُونَ بِهِ الْمَوْسِمَ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا خَرَجُوا هَلْ لَهُمْ فِي الْمَالِ نَفَقَةٌ، فَقَالَ لَا نَفَقَةَ لِحَاجٍّ وَلَا لِغَازٍ فِي مَالٍ الْقِرَاضِ فِي ذَهَابٍ وَلَا فِي رُجُوعٍ، وَإِنْ كَانَ إنْفَاقُهُ مِنْ الْمَالِ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ مُنَاسِبًا لِحَالِ الْمَالِ عَادَةً بِلَا إسْرَافٍ تَقَدَّمَ فِي نَصِّهَا، فَإِذَا شَخَصَ بِهِ مِنْ بَلَدِهِ كَانَ نَفَقَتُهُ فِي سَفَرِهِ مِنْ الْمَالِ فِي طَعَامِهِ، وَفِيمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ فِي غَيْرِ سَرَفٍ، وَإِذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ وَأَنْفَقَ فَمَا أَنْفَقَهُ (فِي الْمَالِ) الْمُقَارَضِ بِهِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ثُمَّ تَلِفَ مَالُ الْقِرَاضِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَذَا إنْ زَادَ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ. (وَاسْتَخْدَمَ) الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ، أَيْ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَنْ يَخْدُمُهُ فِي سَفَرِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلَ الْهَاءِ أَيْ كَانَ أَهْلًا لِاِتِّخَاذِ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ بِأَنْ كَانَتْ خِدْمَتُهُ نَفْسَهُ تَزْرِي بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَكَابِرِ النَّاسِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْعَامِلِ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَنْ يَخْدُمُهُ فِي سَفَرِهِ إنْ كَانَ الْمَالُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 359 لَا دَوَاءً، وَاكْتَسَى، إنْ بَعُدَ   [منح الجليل] كَثِيرًا وَكَانَ مِثْلُهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِدْمَةُ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَكُلُّ مَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْأَعَمِّ فَشَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ. (لَا) يُنْفِقُ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي (دَوَاءٍ) لِمَرَضٍ أَصَابَهُ فِي سَفَرِهِ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى التِّجَارَةِ. سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَيَشْرَبُ الدَّوَاءَ وَيَدْخُلُ الْحَمَّامَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. قَالَ مَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَوْمَ كَانَ الْقِرَاضُ إنْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ أَخَذَ مِنْ شَعْرِهِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقِرَاضِ، وَأَمَّا الْحِجَامَةُ وَالْحَمَّامُ فَخَفِيفٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ مَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ يَوْمَ كَانَ الْقِرَاضُ أَرَادَ مَا كَانَ يُؤْخَذُ عَلَيْهَا فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ أَعْوَاضٌ، وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ لِلْعُرْفِ فِي كُلِّ زَمَنٍ وَبَلَدٍ، فَمَا الْعَادَةُ أَنْ لَا يُؤْخَذَ عَلَيْهِ عِوَضٌ فَلَا يُعْطَى عَلَيْهِ عِوَضًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَمَا لِلْعَادَةِ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ، وَقَدْرٌ يَسِيرٌ مُتَكَرِّرٌ جَازَ أَنْ يُعْطَى عَلَيْهِ مِنْهُ لِدُخُولِ رَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ لِتَكَرُّرِهِ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ. (وَاكْتَسَى) الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ جَوَازًا (إنْ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ طَالَ سَفَرُهُ بِحَيْثُ يَمْتَهِنُ ثِيَابَهُ الَّتِي عَلَيْهِ وَأُلْحِقَ بِبُعْدِ سَفَرِهِ طُولُ إقَامَتِهِ بِمَوْضِعٍ لِلتَّجْرِ بِهِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَكْتَسِي فِي السَّفَرِ الْقَرِيبِ. ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا بَيْنَ مِصْرَ وَدِمْيَاطَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ جَمِيعَ الْكِسْوَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْعَامِلِ أَنْ يَكْتَسِيَ مِنْ الْمَالِ فِي بَعِيدِ السَّفَرِ إنْ كَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ ذَلِكَ لَا قَرِيبِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِمَوْضِعِ إقَامَةٍ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى الْكِسْوَةِ. (تَنْبِيهٌ) أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ مَالَ الْبِضَاعَةِ لَيْسَ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ. وَالثَّانِي كَالْقِرَاضِ فِيهِمَا. وَالثَّالِثُ كَرَاهَتُهُمَا مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الْبِضَاعَةِ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَسُقُوطِهِمَا فِيهَا. ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ الْقَرَوِيِّينَ وَرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَصَوَّبَ هُوَ وَاللَّخْمِيُّ الثَّانِي، ثُمَّ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْعَادَةُ الْيَوْمَ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَعْمَلَ مُكَارَمَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 360 وَوُزِّعَ، إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، وَإِنْ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى، وَتَزَوَّدَ   [منح الجليل] وَ) إنْ سَافَرَ الْعَامِلُ لِلتَّجْرِ بِمَالٍ الْقِرَاضِ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ لَهُ غَيْرِ الْحَجِّ وَالْغَزْوِ وَالْأَهْلِ وَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مَالًا فِي سَفَرِهِ (وُزِّعَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ الْمَالُ، أَيْ قُسِمَ الْمَالُ الَّذِي أَنْفَقَهُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ لَوْ سَافَرَ لَهُ وَحْدَهُ وَمَا كَانَ يُنْفِقُهُ فِي سَفَرِهِ لِحَاجَتِهِ، لَوْ سَافَرَ لَهَا وَحْدَهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَيُقْسَمُ مَا أَنْفَقَهُ نِصْفُهُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ رِبْحُ الْأَوَّلِ مِائَتَيْنِ وَالثَّانِي مِائَةً فَثُلُثَاهُ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ وَثُلُثَهُ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَالثَّانِي مِائَتَيْنِ فَعَلَى مَالِ الْقِرَاضِ الثُّلُثُ وَعَلَى الْعَامِلِ الثُّلُثَانِ إنْ كَانَ قَصْدُ خُرُوجِهِ لِثَانِيهِمَا قَبْلَ تَزَوُّدِهِ وَاكْتِرَائِهِ لِلْأَوَّلِ، بَلْ (وَإِنْ) قَصَدَ الْخُرُوجَ لِلثَّانِي (بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ) لِلسَّفَرِ الْأَوَّلِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ تَجَهَّزَ لِسَفَرٍ بِمَالٍ أَخَذَهُ قِرَاضًا مِنْ رَجُلٍ وَاكْتَرَى وَتَزَوَّدَ ثُمَّ أَخَذَ قِرَاضًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِهِ فَلْيَحْسِبْ نَفَقَتَهُ وَرُكُوبَهُ عَلَى الْمَالَيْنِ بِالْحِصَصِ وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ مَالًا قِرَاضًا فَسَافَرَ بِهِ وَبِمَالِ نَفْسِهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَالَيْنِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَإِنْ خَرَجَ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ فِي سَفَرِهِ وَمَبْلَغِ الْقِرَاضِ، فَيَأْخُذُ مِنْ الْقِرَاضِ حِصَّتَهُ وَيَكُونُ بَاقِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُنْظَرُ قَدْرُ نَفَقَتِهِ فِي طَرِيقِهِ لِحَاجَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ مِائَةً وَالْقِرَاضُ سَبْعُمِائَةٍ، فَعَلَى الْمَالِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ النَّفَقَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا التَّوْزِيعِ نَظَرٌ، إذْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُحَاصَّةُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ فِي حَاجَتِهِ مَعَ مَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ، فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي حَاجَتِهِ مِنْ أَثَرِهَا كَمَا أَنَّ نَفَقَتَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنْ آثَارِهِ، فَيَنْبَغِي كَوْنُ الْمُحَاصَّةِ فِي الْآثَارِ بِحَسَبِ مُؤَثِّرَاتِهَا وَعِلَلِهَا لَا بِحَسَبِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مَعَ الْمُؤَثِّرِ. اهـ. وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَجْهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَجْعَلُ قَضَاءَ حَاجَتِهِ رَأْسَ مَالٍ يَفُضُّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقِرَاضِ. اهـ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ نَحْوُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، فَفِيهَا وَإِنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ فِي سَفَرِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَبْلَغِ الْقِرَاضِ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ الصَّحِيحُ حَمْلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 361 وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّهِ عَالِمًا: عَتَقَ عَلَيْهِ، إنْ أَيْسَرَ، وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَرِبْحِهِ قَبْلَهُ، وَعَتَقَ بَاقِيهِ،   [منح الجليل] أَنَّ الْحَاجَةَ أَقَلُّ مِنْ مَسَافَةِ الْقِرَاضِ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي الْقِرَاضِ، فَلِذَا اعْتَبَرَ الْقِيمَةَ لِاخْتِلَافِ النَّفَقَةِ، فَلَوْ سُئِلَ عَنْ تَسَاوِي الْمَسَافَتَيْنِ وَالْإِقَامَتَيْنِ لَأَجَابَ بِمَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ عَنْ مُوضِحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ أَنَّهُمَا نِصْفَانِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْظَرُ كَمْ نَفَقَتُهُ لَوْ ذَهَبَ فِي حَاجَتِهِ فَقَطْ وَكَمْ نَفَقَتُهُ لَوْ ذَهَبَ لِلْقِرَاضِ فَقَطْ وَتُفَضُّ النَّفَقَةُ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَجْعَلُ قَضَاءَ حَاجَتِهِ رَأْسَ مَالٍ تُفَضُّ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقِرَاضِ اهـ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّوْزِيعَ عَلَى نَفَقَةِ حَاجَتِهِ وَنَفْسِ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَإِنَّمَا وَجَّهَهُ بِتَنْزِيلِ نَفَقَةِ حَاجَتِهِ مَنْزِلَةَ رَأْسِ مَالِ قِرَاضٍ لِرَدِّ بَحْثِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ اشْتَرَى) الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَى رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ لِكَوْنِهِ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ أَوْ حَاشِيَتَهُ الْقَرِيبَةَ حَالَ كَوْنِهِ (عَالِمًا) بِقَرَابَتِهِ لَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ الْمُشْتَرَطُ هُنَا لَا عِلْمُهُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ (عَتَقَ) الرَّقِيقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ لِتَعَدِّيهِ بِشِرَائِهِ عَالِمًا (إنْ أَيْسَرَ) الْعَامِلُ، أَيْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الشِّرَاءِ فَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ رِبْحِهِ فِيهِ قَبْلَ شِرَاءِ الرَّقِيقِ وَوَلَاؤُهُ لِرَبِّ الْمَالِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا حِينَ شِرَائِهِ (بِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ الرَّقِيقِ (بِقَدْرِ ثَمَنِهِ) أَيْ رَأْسِ مَالِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، لَا الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ بِهِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى. وَيَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ رَأْسَ الْمَالِ قَوْلُهُ (وَ) قَدْرَ (رِبْحِهِ) أَيْ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الْمَالِ (قَبْلَ) الشِّرَاءِ لِ (هـ) أَيْ الرَّقِيقِ، وَأَمَّا رِبْحُهُ فِي نَفْسِ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ كَشِرَائِهِ بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ مِائَتَانِ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ إذْ لَا يَرْبَحُ الشَّخْصُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (وَعَتَقَ بَاقِيهِ) أَيْ الرَّقِيقِ عَلَى الْعَامِلِ، وَمَحَلُّ بَيْعِ بَعْضِهِ إنْ وَجَدَ مَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362 وَغَيْرَ عَالِمٍ، فَعَلَى رَبِّهِ، وَلِلْعَامِلِ: رِبْحُهُ فِيهِ   [منح الجليل] يَشْتَرِيهِ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْحِصَّةِ، وَإِنَّمَا يَشْتَرِي بِأَكْثَرَ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، مِثَالُهُ أَصْلُ مَالِ الْقِرَاضِ مِائَةٌ وَرَبِحَ فِيهَا قَبْلَ شِرَاءِ الْقَرِيبِ مِائَةً وَاشْتَرَاهُ بِالْمِائَتَيْنِ، وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ فَيُبَاعُ نِصْفُهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، مِائَةٌ رَأْسُ الْمَالِ، وَالْخَمْسُونَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي رَبِحَهَا قَبْلَ شِرَاءِ الْقَرِيبِ، وَيَعْتِقُ نِصْفُهُ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ خَمْسُونَ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِشِرَائِهِ، وَالْمِائَةُ الزَّائِدَةُ فِي قِيمَةِ الرَّقِيقِ هَدَرٌ. (وَ) إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ عَالِمٍ) بِقَرَابَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ (فَ) يَعْتِقُ (عَلَى رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَامِلِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقَرَابَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ (وَ) عَلَى رَبِّهِ (لِلْعَامِلِ رِبْحُهُ) أَيْ الْعَامِلِ الْحَاصِلِ (فِيهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي عَتَقَ عَلَى رَبِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ أَبَا رَبِّ الْمَالِ وَلَمْ يَعْلَمْ عَتَقَ عَلَى الِابْنِ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ حِصَّةُ رِبْحِهِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَإِنْ عَلِمَ الْعَامِلُ وَهُوَ مَلِيءٌ عَتَقَ عَلَيْهِ لِضَمَانِهِ بِالتَّعَمُّدِ وَالْوَلَاءُ لِلِابْنِ، وَيَغْرَمُ الْعَامِلُ ثَمَنَهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ إتْلَافَهُ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَغْرَمَهُ لَهُ وَهُوَ حُرٌّ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامِلِ مَالٌ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِ الِابْنِ وَحِصَّةِ رِبْحِهِ وَعَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ مَا بَقِيَ مِنْهُ. عج وَعَلَى رَبِّهِ لِلْعَامِلِ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْمَالِ قَبْلَ شِرَاءِ الرَّقِيقِ بِالْأَوْلَى، وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ. طفي مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ رِبْحُهُ فِيهِ الرِّبْحُ الْكَائِنُ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَهُوَ كَقَوْلِهَا وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ حِصَّةُ رِبْحِهِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ يَوْمَ الشِّرَاءِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْقِرَاضِ مِائَةً فَرَبِحَ فِيهَا مِائَةً أُخْرَى ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِالْمِائَتَيْنِ فَنَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْهُ عَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ الرُّبْعُ، فَيَغْرَمُ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ قِيمَةَ رُبْعِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْحُكْمِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ كُلُّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَقِيَ رُبْعُهُ رَقِيقًا لِلْعَامِلِ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ بِعِتْقِ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ وَلَا مَالَ لَهُ يُقَوَّمُ فِيهِ نَصِيبُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 363 وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ،   [منح الجليل] شَرِيكِهِ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْكِتَابِ وَإِرَادَتِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ لِلْغِرْيَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ رِبْحٌ، وَلَكِنْ إنْ بِيعَ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمَ وَأَقَرَّهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَقَالَ قَوْلُهُ قِيمَةُ رُبْعِ الْعَبْدِ صَوَابُهُ رُبْعُ قِيمَةِ الْعَبْدِ. اهـ. إذَا عَلِمْت هَذَا، فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ رِبْحُهُ فِيهِ وَأَوْلَى رِبْحُهُ قَبْلَهُ غَيْرُ صَوَابٍ. اهـ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لِلْعَامِلِ قِيمَةُ رُبْعِ الْعَبْدِ، وَتَصْوِيبُ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ بِرُبْعِ قِيمَتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ لَهُ نَصِيبًا مِنْ الرِّبْحِ الْوَاقِعِ فِيهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رُبْعُ الثَّمَنِ فِي مِثَالِهِ اهـ. قُلْت وَكَذَا قَوْلُهُ فَنَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْهُ الرُّبْعُ. (وَ) إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِمَالٍ الْقِرَاضِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ (وَ) قَدْ (عَلِمَ) الْعَامِلُ حَالَ شِرَائِهِ بِقَرَابَتِهِ لَهُ (عَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ (الرَّقِيقُ) عَلَى الْعَامِلِ وَتَبِعَهُ رَبُّ الْمَالِ (بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ) يَوْمَ الْحُكْمِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَوْضِيحِهِ (وَ) مِنْ (ثَمَنِهِ) لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ لِتَنْمِيَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ إتْلَافُ بَعْضِهِ بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ بِزَائِدٍ عَنْ قِيمَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ مُوسِرٌ وَفِيهِ رِبْحٌ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُؤَدِّي إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ يَوْمَ الْحُكْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَيُؤَدِّي إلَى رَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهُ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ يَعْتِقُ فَقَدْ رَضِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، فَيَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ أَخْذُهُ بِالْأَكْثَرِ هَذَا إذَا حَصَلَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ، وَالْعَامِلُ حِينَئِذٍ فِي قَرِيبِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ، وَيُكَمِّلُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ رِبْحٌ فَاضِلٌ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 364 وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ، إنْ أَيْسَرَ فِيهِمَا، وَإِلَّا بِيعَ   [منح الجليل] عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهُ عَالِمًا فَكَأَنَّهُ اسْتَلَفَ الْمَالَ، فَلَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَقَدْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ غَيْرِهِ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ، وَيُكَمِّلَ عَلَيْهِ مَا لِشَرِيكِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُغِيرَةُ، وَأَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِوَلَوْ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. وَقَالَ طفي الْمُرَادُ بِالْمَالِ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ وَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ لَكَانَ أَبْيَنَ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ لِرَبِّ الْمَالِ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَالِمٌ مُوسِرٌ وَلَا رِبْحَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُؤَدِّي إلَى رَبِّ الْمَالِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَمِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَقَدْ رَضِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ وَهُوَ عَالِمٌ مُوسِرٌ وَفِيهِ رِبْحٌ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَغَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَالْأَكْثَرَ مِنْ حَظِّ رَبِّهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَيَوْمَ الْحُكْمِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ غَرِمَ الْأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ بِقَرَابَةٍ قَرِيبَةٍ وَقْتَ شِرَائِهِ وَفِيهِ رِبْحٌ (فَ) يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَتْبَعُهُ رَبُّ الْمَالِ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَعْتِقُ نَصِيبُ الْعَامِلِ مِنْ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ لِرَبِّهِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ (إنْ أَيْسَرَ) الْعَامِلُ أَيْ كَانَ مُوسِرًا حِينَ شِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (فِيهِمَا) أَيْ صُورَتَيْ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ مُوسِرًا، وَفِيهِ رِبْحٌ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ، وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ سَائِرُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَكَالْعَبْدِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ سَائِرُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ، وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ وَهُوَ مُوسِرٌ وَلَا رِبْحَ فِيهِ فَيُبَاعُ وَيَدْفَعُ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَالَهُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا فِيهِمَا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ، وَلَا يُبَاعُ الرَّقِيقُ كُلُّهُ إذْ لَا تَسَلُّطَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى مَا يُقَابِلُ رِبْحَ الْعَامِلِ وَ (بِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 365 بِمَا وَجَبَ   [منح الجليل] بِ) قَدْرِ (مَا وَجَبَ) أَيْ ثَبَتَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتِهِ مِنْ رِبْحِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَعَتَقَ الْبَاقِي عَلَى الْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً وَرَبِحَ فِيهِ مِائَةً أُخْرَى وَاشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِائَتَيْنِ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَقُوِّمَ يَوْمَ الْحُكْمِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَيَعْتِقُ بَاقِيهِ، وَيَتْبَعُ رَبُّ الْمَالِ ذِمَّتَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ وَمُعْسِرٌ، وَفِيهِ فَضْلٌ يُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّةِ رَبِّهِ مِنْ رِبْحِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ، وَيَعْتِقُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهِ فَيُبَاعُ وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ مَالَهُ فَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ، وَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الْعَامِلَ حِينَ الشِّرَاءِ إمَّا عَالِمٌ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا مُوسِرٌ أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَمْ لَا. طفي وَتَلْخِيصُهَا عَلَى مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا فَضْلَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا يُبَاعُ وَيُسَلَّمُ ثَمَنُهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ كَالْعَبْدِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَعَتَقَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ حَظُّهُ مِنْهُ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ رَبِّ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ حَظُّهُ مِنْهُ، وَبَقِيَ حَظُّ رَبِّ الْمَالِ رَقِيقًا إلَّا أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ وَيَطْلُبَ مَالَهُ فَيُبَاعُ لَهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مُوسِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ وَأَدَّى لِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا مُعْسِرًا بِيعَ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ بِرَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ وَعَتَقَ الْبَاقِي إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْمَالِ أَوْ بِيعَ وَأُسْلِمَ لَهُ ثَمَنُهُ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِيعَ يَقْتَضِي تَحَتُّمَهُ مَعَ أَنَّهُ إنْ شَاءَ وَلِإِطْلَاقِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الْحُكْمُ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ أَمْ لَا، مَعَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ يُبَاعُ وَيُسَلَّمُ لَهُ ثَمَنُهُ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ، سَوَاءً كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا خِلَافًا لِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ الْبَيْعَ بِالْإِعْسَارِ، وَإِطْلَاقُهُ فِي ذَلِكَ وَفِي الْعِلْمِ أَوْ الْإِسْلَامِ مَعَ الْإِعْسَارِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ بِمَا وَجَبَ، وَالْوَاجِبُ لَهُ فِي الْعِلْمِ الْأَكْثَرُ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يُبَاعُ لَهُ بِمَالِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 366 وَإِنْ أَعْتَقَ مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ: غَرِمَ ثَمَنَهُ وَرِبْحَهُ، وَلِلْقِرَاضِ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ، إلَّا رِبْحَهُ، فَإِنْ أَعْسَرَ: بِيعَ مِنْهُ بِمَا لِرَبِّهِ   [منح الجليل] مِنْ الْأَكْثَرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُبَاعُ لَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ لِتَحَقُّقِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ بِمَا لَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ، لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي عِبَارَتِهِ. (وَإِنْ أَعْتَقَ) الْعَامِلُ رَقِيقًا (مُشْتَرًى) بِمَالٍ الْقِرَاضِ (لِ) قَصْدِ (الْعِتْقِ) وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيْهِ وَ (غَرِمَ) الْعَامِلُ (ثَمَنَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (وَرِبْحَهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالثَّمَنِ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُرَادُ بِالرِّبْحِ الرِّبْحُ الْكَائِنُ فِي الْمَالِ قَبْلَ شِرَاءِ الرَّقِيقِ لَا فِيهِ، فَلَوْ قَالَ كَابْنِ رُشْدٍ غَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ، وَرِبْحَهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ لَكَانَ أَحْسَنَ، فَلَا يُعْتَبَرُ الرِّبْحُ الَّذِي فِي الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهُ لِلْعِتْقِ صَارَ مُتَسَلِّفًا ثَمَنَهُ، أَفَادَهُ طفي. (وَ) إنْ أَعْتَقَ الْعَامِلُ رَقِيقًا مُشْتَرًى مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (لِ) قَصْدِ (الْقِرَاضِ) وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ لِرَبِّهِ (قِيمَتَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ مُعْتَبَرَةً (يَوْمَئِذٍ) أَيْ يَوْمَ عِتْقِهِ لِتَفْوِيتِهِ عَلَيْهِ وَغَرِمَ لَهُ أَيْضًا (رِبْحَهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ، أَيْ حَظَّهُ مِنْهُ يَوْمَ إعْتَاقِهِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ عَنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ شِرَائِهِ مَثَلًا اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ حِينَئِذٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ وَأَعْتَقَهُ وَقِيمَتُهُ حِينَئِذٍ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ، إلَّا رِبْحَهُ بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا بِوَاوِ الْعَطْفِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالضَّمِيرُ فِي رِبْحِهِ لِلْعَامِلِ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا فَاشْتَرَاهُ لِلْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ إلَّا قَدْرَ حَظِّهِ مِنْهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُوسِرًا فِيهِمَا. (وَإِنْ أَعْسَرَ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُعْسِرًا (فِيهِمَا) أَيْ شِرَائِهِ لِلْعِتْقِ وَشِرَائِهِ لِلْقِرَاضِ (بِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مِنْهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (بِ) قَدْرِ (مَا) وَجَبَ (لِرَبِّهِ) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَحَظِّهِ مِنْ رِبْحِهِ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ عَلَى الْعَامِلِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ شَيْءٌ مِنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَعْتَقَ الْعَامِلُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَاشْتَرَاهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 367 وَإِنْ وَطِيء أَمَةً: قَوَّمَ رَبُّهَا، أَوْ أَبْقَى، إنْ لَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ أَعْسَرَ اتَّبَعَهُ بِهَا، وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ، أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَا لَهُ   [منح الجليل] لِلْعِتْقِ أُعْتِقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ وَرِبْحَهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ لِلْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَغَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعِتْقِ إلَّا قَدْرَ حَظِّهِ مِنْهُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلٌ فَيُبَاعُ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ، وَيَعْتِقُ الْبَاقِي عَلَى الْعَامِلِ. (وَإِنْ وَطِئَ) الْعَامِلُ (أَمَةً) اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لَهُ (قَوَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (رَبُّهَا) أَيْ الْأَمَةِ عَلَى الْعَامِلِ أَيْ أَلْزَمَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا وَتَرَكَهَا لَهُ إنْ شَاءَ (أَوْ أَبْقَى) رَبُّهَا الْأَمَةَ عَلَى الْقِرَاضِ إنْ شَاءَ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) الْأَمَةُ مِنْ وَطْءِ الْعَامِلِ مُوسِرًا كَانَ الْعَامِلُ أَوْ مُعْسِرًا، فَتُبَاعُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بِقِيمَتِهَا اتَّبَعَهُ رَبُّهَا بِتَمَامِهَا فِي ذِمَّتِهِ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ، فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ (فَإِنْ أَعْسَرَ الْعَامِلُ اتَّبَعَهُ) رَبُّهَا الْعَامِلَ (بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (وَبِحِصَّةِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ حَظِّ رَبِّهَا مِنْ قِيمَةِ (الْوَلَدِ) إنْ شَاءَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ وَطْئِهَا (أَوْ) إنْ شَاءَ رَبُّهَا (بَاعَ) الْحَاكِمُ لِيَدْفَعَ (لَهُ) أَيْ رَبُّهَا فَيَبِيعُ جُزْءًا مِنْهَا (بِقَدْرِ مَا) أَيْ الْحَقِّ الَّذِي وَجَبَ (لَهُ) أَيْ رَبِّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَبْقَى بَاقِيهَا عَلَى حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ لِلْعَامِلِ. وَمَفْهُومُ إنْ أَعْسَرَ أَنَّهَا إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ مُوسِرٌ أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحُكْمُهَا أَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِ الْعَامِلِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ وَطِئَ الْعَامِلُ أَمَةً مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَمْ تَحْمِلْ فَلِلصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا بِيعَتْ فِيهَا. ابْنُ شَاسٍ إنْ وَطِئَهَا الْعَامِلُ وَلَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا فَرَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا أَوْ يُلْزِمَهُ إيَّاهَا بِثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِيعَتْ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ ثَمَنٍ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ أَمَةَ الْقِرَاضِ ثُمَّ تَعَدَّى عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ وَلَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَطْئِهَا فَيُجْبَرُ بِهَا الْقِرَاضُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 368 وَإِنْ أَحْبَلَ مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ: فَالثَّمَنُ، وَاتُّبِعَ بِهِ، إنْ أَعْسَرَ   [منح الجليل] وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ بِيعَتْ وَاتَّبَعَ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ دَيْنًا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ بِيعَ مِنْهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَرِبْحِهِ وَلَهُ مَا بَقِيَ بِحُكْمِ أُمِّ وَلَدٍ وَقِيلَ حُكْمُهَا كَحُكْمِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ. (وَإِنْ أَحْبَلَ) الْعَامِلُ الْمُوسِرُ أَمَةً (مُشْتَرَاةً) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (لِلْوَطْءِ) مِنْ الْعَامِلِ (فَالثَّمَنُ) أَيْ عِوَضُهُ يَغْرَمُهُ الْعَامِلُ لِرَبِّ الْمَالِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْعَامِلُ (بِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (إنْ أَعْسَرَ) الْعَامِلُ بِ ابْنِ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ وَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَلَا تُبَاعُ، وَيُتْبَعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ فِي ذِمَّتِهِ قَوْلًا وَاحِدًا. ابْنُ يُونُسَ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا تَسَلَّفَ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ مَا ابْتَاعَ بِهِ أَمَةً وَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ فَقَدْ عَرَّفْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ فِي مَلَائِهِ، وَيُتْبَعُ بِهِ فِي عَدَمِهِ. وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَتَعَدَّى فَوَطِئَهَا وَثَبَتَ ذَلِكَ، فَهَذِهِ تُبَاعُ فِي عَدَمِهِ عِيسَى وَيُتْبَعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَيْنًا لَا أَنْ يَكُونَ فِي الْقِرَاضِ فَضْلٌ فَيَكُونُ كَمَنْ وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) . الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى، عَلَى هَذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَطْئِهَا، إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ، فَقَالَ يَعْنِي إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِمَالِ الْقِرَاضِ جَارِيَةً خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ، فَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهَا عَلَى الْقِرَاضِ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ مِنْ تَخْيِيرِ رَبِّ الْمَالِ فِي أَخْذِ الْقِيمَةِ وَإِبْقَائِهَا عَلَى الْقِرَاضِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الْفِقْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَإِلْزَامُ الْعَامِلِ الثَّمَنَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدِ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهَا عَلَى الْقِرَاضِ وَهُوَ بَعِيدٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهِ أَنَّ لَهُ إلْزَامَهُ الثَّمَنَ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا يُلْزِمُهُ بِهِ إذَا نَكَلَ الْعَامِلُ عَنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 369 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَعْضِهِمْ هُوَ مُقْتَضَى مَا يَأْتِي عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا حَلَّفَهُ، وَفِي تَبْعِيدِهِ كَوْنُهُ لَيْسَ بِهِ إبْقَاؤُهَا عَلَى الْقِرَاضِ نَظَرٌ لِقَوْلِهَا فِي وَطْءِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَمَةً بَيْنَهُمَا بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ إيَّاهَا إنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ شَرِيكُهُ بِالثَّمَنِ وَقَالَ أَرُدُّهَا لِلشَّرِكَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْمُقَارَضِ أَحْرَى لِاخْتِصَاصِهِ بِحَوْزِ مَالِ الْقِرَاضِ وَهَذِهِ الْأَحْرَوِيَّةُ تَمْنَعُ تَخْرِيجَ قَوْلِ الْغَيْرِ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فَنَفَى الْقَوْلَ بِالْإِبْقَاءِ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ نَصًّا وَتَخْرِيجًا فَالصَّوَابُ حَمْلُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ، إذْ مِثْلُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ مَتْبُوعٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ غَالِبًا وَنَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ أَيْضًا، وَنَصُّهُ وَإِنْ ابْتَاعَ الْعَامِلُ بِمَالٍ الْقِرَاضِ جَارِيَةً لَهُ أَوْ لِلْقِرَاضِ فَوَطِئَهَا وَلَمْ تَحْمِلْ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَرَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْنَ تَضْمِينِهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا أَوْ ثَمَنَهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُبَاعُ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا. اهـ. وَقَدْ اعْتَمَدَ نَاصِرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَةِ التَّوْضِيحِ كَلَامَ الْمُتَيْطِيِّ، وَقَالَ عَقِبَهُ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ تَخْيِيرَهُ فِي الْإِبْقَاءِ عَلَى الْقِرَاضِ غَيْرُ مَنْقُولٍ مَعَنَا، بَلْ الْمَنْقُولُ فِي الْأَمَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكُ وَلَمْ تَحْمِلْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضُ أَحْرَى، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَدْ رَدَّ عج كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَاصِرِ الدِّينِ فَقَالَ قَوْلُهُ بَلْ الْمَنْقُولُ فِي الْأَمَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكُ وَلَمْ تَحْمِلْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمَعْرُوفَ وَالْمَشْهُورَ أَنَّ لِلشَّرِيكِ غَيْرِ الْوَاطِئِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَكَلَامُهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ. اهـ. وَرَدُّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ إذَا اشْتَرَاهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِغَيْرِ الشَّرِكَةِ بِهِ لِنَفْسِهِ، وَهِيَ الَّتِي قَالَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِلشَّرِكَةِ بَعْدَ الْوَطْءِ، أَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ لِلشَّرِيكِ غَيْرِ الْوَاطِئِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 370 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُشْتَرَاةِ لِلشَّرِكَةِ فَتَعَدَّى عَلَيْهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَوَطِئَهَا، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَهَا وَكَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ ظَهَرَ لَهُ مَا قُلْنَا. وَلَمْ يُفَرِّقْ عج بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَتَجَاسَرَ بِرَدِّ كَلَامِ مَنْ عَظُمَ قَدْرُهُ وَارْتَفَعَ أَمْرُهُ فِي الْعِلْمِ بِدُونِ إمْعَانِ النَّظَرِ، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ، وَالْعَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ سَلَكَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ وَغَفَلَ عَنْهُ هُنَا، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهَا لِنَفْسِهِ وَشِرَائِهَا لِلْقِرَاضِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي الَّتِي أُحْبِلَتْ خِلَافًا لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ تَبِعَهُ تت. الْبُنَانِيُّ مَنْ تَأَمَّلَ عَلِمَ أَنَّ كَلَامَ عج ظَاهِرٌ، وَأَنَّ اعْتِرَاضَ طفي عَلَيْهِ تَحَمُّلٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمُشْتَرَاةِ الْقِرَاضُ، فَرَدُّ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَيْهِ بِالْأَمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِنَفْسِهِ غَيْرُ وَاضِحٍ، وَحَيْثُ صَحَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمُشْتَرَاةِ لِلشَّرِكَةِ أَنَّ لِغَيْرِ وَاطِئِهَا إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ فَاَلَّتِي لِلْقِرَاضِ مِثْلُهَا، وَهَذَا يُقَوِّي مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ طفي مِنْ التَّهْوِيلِ لَيْسَ عَلَيْهِ تَعْوِيلٌ، عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ النَّوَادِرِ، مَا نَصُّهُ وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَرَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ قَائِلًا تَرْكُ تَضْمِينِهِ هُوَ إبْقَاؤُهُ لِلْقِرَاضِ لَا غَيْرُ، وَبِإِبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ صَرَّحَ الْعَبْدُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (الثَّانِي) : طفي قَوْلُهُ اتَّبَعَهُ بِهَا وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ بِهَذَا قَرَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِي اتِّبَاعِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَوْلَانِ، وَنَصُّهُ يَعْنِي فِي اتِّبَاعِ رَبِّ الْمَالِ الْعَامِلِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْوَلَدِ إذَا كَانَ الْعَامِلُ مُعْسِرًا قَوْلَانِ الِاتِّبَاعُ لِعِيسَى. الْبَاجِيَّ وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ. اهـ. فَظَاهِرُهُ اتِّبَاعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ، وَعَلَى هَذَا جَرَى هُنَا فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ يَعْنِي وَحَيْثُ كَانَ الْعَامِلُ مُعْسِرًا وَبَقِيَتْ مِنْ قِيمَةِ الْأَمَةِ بَقِيَّةٌ فِي ذِمَّتِهِ، فَهَلْ يَلْزَمُ الْعَامِلَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِنِسْبَةِ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. فَجَعَلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 371 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَحَلَّ الِاتِّبَاعِ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ إذَا بَقِيَتْ مِنْ الْقِيمَةِ بَقِيَّةٌ، وَذَلِكَ إذَا بِيعَتْ فِي قِيمَتِهَا وَلَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ لِنَصِّ غَيْرِ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَبِعَهُ بِقِيمَتِهَا لَا يَتْبَعُهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَ نَاصِرُ الدِّينِ عَلَى الْمُوَضِّحِ، وَتَقْرِيرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَاةً لِلْقِرَاضِ كَانَ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ إيَّاهَا وَيَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا مِمَّا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ شَيْءٌ وَبَيْنَ أَنْ يُبَاعَ جَمِيعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ بِيعَ مِنْهَا بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّةِ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَبْقَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ الرِّبْحِ بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ نَقَصَ ثَمَنُ مَا بِيعَ مِنْهَا عَنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا لَأَتْبَعَهُ بِذَلِكَ النُّقْصَانِ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ شَاءَ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا وَاتَّبَعَهُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَالَهُ عِيسَى الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اهـ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ، وَأَرَادَ بِالْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ، إذْ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِهَذَا وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَمِنْ الْمَالِ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِلَّا بِيعَتْ كُلُّهَا وَاتُّبِعَ بِمَا بَقِيَ. وَفِي اتِّبَاعِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ قَوْلَانِ. اهـ. فَاخْتَصَرَ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ إذْ هُوَ يَتْبَعُهُ فِي الْغَالِبِ، وَيُخْتَصَرُ كَلَامُهُ فَتَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ مُرَادِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَلَهُ ذَلِكَ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَطْئِهَا أَوْ يَوْمَ حَمْلِهَا عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي قَدَّمَهُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ رَبُّ الْمَالِ اتِّبَاعَهُ فَمِنْ الْمَالِ إلَخْ وَنَحْوُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ لِلْمُتَيْطِيِّ، وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا وَالْجَارِيَةُ لِلْقِرَاضِ وَأَحْبَلَهَا فَرَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهَا شَيْءٌ وَبَيْنَ بَيْعِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ إذَا وَضَعَتْ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا، وَيَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ وَلَدِهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ فَيُبَاعُ مِنْهَا بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَنَصِيبُ رَبِّهَا مِنْ الرِّبْحِ. وَيَتْبَعُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهَا وَإِنْ شَاءَ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ مِنْهَا، وَاتَّبَعَهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَةِ وَلَدِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ عِيسَى. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ، فَقَدْ تَضَافَرَتْ النُّصُوصُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 372 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنَّهُ إنْ تَبِعَهُ بِقِيمَتِهَا لَا يَتْبَعُهُ بِحِصَّةِ وَلَدِهَا، وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الْمُصَنِّفَ، وَكَذَا فِي شَامِلِهِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ وَطْئِهَا أَوْ حَمْلِهَا أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ. الثَّالِثُ: تت سَكَتَ عَنْ حُكْمِ شِرَائِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ اشْتَرَاهَا الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ أَوْ لِنَفْسِهِ، فَحَمَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى شِرَائِهَا لِلْقِرَاضِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَتُبَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَا تُبَاعُ عِنْدَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ فَلَا تُبَاعُ بِاتِّفَاقٍ. طفي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ هَذَا الْحُكْمُ، سَوَاءٌ عَلِمَ الشِّرَاءَ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْعَامِلِ، فَلَمَّا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ طُرُقٍ، الْأُولَى: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُشْتَرَاةِ لِلْقِرَاضِ وَالْمُشْتَرَاةِ لِلْوَطْءِ. الثَّانِيَةُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْعَامِلِ. الثَّالِثَةُ: طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَفِي بَيْعِهَا لِجَبْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ لَهُ وَلِحَظِّهِ مِنْ الرِّبْحِ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِوَطْئِهَا اُتُّبِعَ بِالثَّمَنِ، ثَالِثُهَا إنْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ شِرَاؤُهَا لِلْقِرَاضِ بِيعَتْ أَوْ أُلْزِمَ قِيمَتَهَا يَوْمَ وَطْئِهَا، وَإِنْ عُلِمَ بِهَا شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ اُتُّبِعَ بِالثَّمَنِ اتِّفَاقًا فِيهِمَا وَإِلَّا جَاءَ الْقَوْلَانِ لِحَمْلِ بَعْضِ أَهْلِ النَّظَرِ الرِّوَايَاتِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الثَّانِي. اهـ. عَلَى أَنَّ تت لَمْ يُحْسِنْ سِيَاقَ طَرِيقَةِ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي بَيْعِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الْمَسْأَلَةَ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ بِاتِّبَاعِ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ أَقُولُ فِيهَا إنَّ الْخِلَافَ فِي بَيْعِهَا إذَا حَمَلَتْ وَهُوَ عَدِيمٌ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ أَوْ لِنَفْسِهِ بِمَا اسْتَلَفَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ إلَّا بِقَوْلِهِ فَحَمَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى أَنَّهُ لِلْقِرَاضِ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، وَلِذَا قَالَ تُبَاعُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 373 وَلِكُلٍّ: فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ: كَرَبِّهِ، وَإِنْ تَزَوَّدَ لِسَفَرٍ وَلَمْ يَظْعَنْ،   [منح الجليل] وَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِهِ سَلَفًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ وَإِنْ زَعَمَ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ لَا تُبَاعُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إرَادَتِهِ بِبَيْعِ أُمِّ وَلَدِهِ. وَأَمَّا إنْ عُلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ بِمَالِ سَلَفٍ مِنْ الْقِرَاضِ فَلَا تُبَاعُ، وَيُتْبَعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا يَخْتَلِفُ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ وَطْئِهَا فَحَمَلَتْ، وَلَا مَالَ لَهُ فِي أَنَّهَا تُبَاعُ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا. اهـ. (وَلِكُلٍّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَلِلْعَامِلِ (فَسْخُهُ) أَيْ الْقِرَاضِ (قَبْلَ) الشُّرُوعِ فِي (عَمَلِهِ) أَيْ الْقِرَاضِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ الْحَطّ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ لَازِمٍ، فَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ إلَّا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ، وَشَبَّهَ فِي التَّمْكِينِ مِنْ الْفَسْخِ فَقَالَ (كَرَبِّهِ) أَيْ الْقِرَاضِ فَلَهُ فَسْخُهُ (إنْ تَزَوَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ اشْتَرَى الْعَامِلُ الزَّادَ لِلسَّفَرِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ. " غ " كَذَا كَتَبَهُ بَعْضُهُمْ بِإِسْقَاطِ وَاوِ النِّكَايَةِ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ تَكْرَارٍ (وَلَمْ يَظْعَنْ) أَيْ يَشْرَعُ الْعَامِلُ فِي السَّفَرِ مِنْ بَلَدِهِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ ظَعَنَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ لِلُزُومِهِ حِينَئِذٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِرَبِّ الْمَالِ رَدُّهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ الْعَامِلُ بِهِ أَوْ يَظْعَنْ بِهِ لِسَفَرٍ وَإِنْ ابْتَاعَ بِهِ سِلَعًا وَتَجَهَّزَ يُرِيدُ بَعْضَ الْبُلْدَانِ فَنَهَاهُ رَبُّهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ بَعْدَ شِرَائِهِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ عَمَلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلَعًا فَأَرَادَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ مَكَانَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ فَيُؤَخِّرُ مِنْهَا مَا يُرْجَى لَهُ سُوقٌ لِئَلَّا يَدَعَ عَمَلَ الْعَامِلِ بَاطِلًا. مُحَمَّدٌ لَوْ اشْتَرَى مِثْلَ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ يَأْخُذُ ذَلِكَ بِمَا اشْتَرَاهُ فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ لَا يُمْنَعُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إنْ عُدِمَ الْمَنْعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ مِنْ الْمَالِ مِثْلُ السُّفْرَةِ وَالزَّادِ يُرِيدُ السَّفَرَ بِالْمَالِ ثُمَّ طَلَبَ هُوَ أَوْ رَبُّ الْمَالِ الِانْحِلَالَ مِنْ الْقِرَاضِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا طَلَبَ الِانْحِلَالَ حِينَئِذٍ يُمَكَّنُ مِنْهُ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّ الْعَامِلَ إذَا أَرَادَ الِانْحِلَالَ يُمَكَّنُ مِنْهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَقْصُورٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 374 وَإِلَّا فَلِنَضُوضِهِ، وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ: فَالْحَاكِمُ   [منح الجليل] فَإِذَا رَضِيَ بِرَدِّ السُّفْرَةِ وَالزَّادِ فَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ عَلَيْهِ مَقَالٌ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ، وَإِذَا طَلَبَهُ الْعَامِلُ وَامْتَنَعَ رَبُّ الْمَالِ كَانَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ ذَهَابِ بَعْضِ رَأْسِ مَالِهِ الْمَصْرُوفِ فِي الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظُ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى مِثْلَ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ، فَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ بِأَخْذِ ذَلِكَ بِمَا اشْتَرَاهُ فَذَلِكَ لَهُ إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنْ زَعَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ حَلَّهُ بِإِلْزَامِهِ رَبَّهُ بِأَخْذِ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ بِثَمَنِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ضَرَرِ رَبِّ الْمَالِ إنَّمَا يَلْزَمُ بِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ. وَمَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ لِلْعَامِلِ حَلَّهُ لِدَفْعِهِ لِرَبِّهِ ثَمَنَهُمَا كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِرَبِّهِ، وَإِذَا كَانَ هَذَا لِرَبِّهِ كَانَ لِلْعَامِلِ أَحْرَى. بَيَانُ الْأَحْرَوِيَّةِ أَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ لِرَبِّهِ يُدْخِلُ عَلَى الْعَامِلِ تَصْيِيرَ تَكَلُّفِهِ شِرَاءَ الزَّادِ وَالسُّفْرَةِ مَجَّانًا، وَثُبُوتُهُ لِلْعَامِلِ بِغُرْمِ ثَمَنِهِ لَا يُدْخِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ضَرَرًا بِحَالٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، قَالَ وَكَذَلِكَ، إذَا أَرَادَ الْعَامِلُ رَدَّ الْمَالِ بَعْدَ أَنْ أَنْفَقَ فِي الزَّادِ فَلَهُ أَنْ يَغْرَمَ ذَلِكَ وَيَرُدَّ الْمَالَ اهـ. وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّهُ تَنَازَلَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَوَرَّكَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ فَقَطْ، وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا لِلْعَامِلِ الِانْحِلَالَ لَضَرَّ ذَلِكَ بِرَبِّ الْمَالِ بِسَبَبِ مَا صُرِفَ مِنْ مَالِهِ فِي السُّفْرَةِ وَالزَّادِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَحْسِبَ الْعَامِلُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَرُدَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى ذَلِكَ بِهِ، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ هَذَا. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ شَرَعَ الْعَامِلُ فِي الْعَمَلِ أَوْ ظَعَنَ فِي السَّفَرِ (فَ) يَلْزَمُهُمَا الصَّبْرُ (لِنَضُوضِهِ) أَيْ صَيْرُورَةِ الْمَالِ نَاضًّا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِبَيْعِ السِّلَعِ بِهَا وَقَبْضِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَيْنًا. (وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ) أَيْ طَلَبَ رَبُّ الْمَالِ بَيْعَ السِّلَعِ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ الْعَامِلِ وَأَبَى الْعَامِلُ الْبَيْعَ فِي الْحَالِ وَطَلَبَ التَّأْخِير (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِيهِ، فَإِنْ رَأَى تَأْخِيرَهُ مَصْلَحَةً حَكَمَ بِهِ وَإِلَّا أَمَرَهُ بِبَيْعِهَا حَالًا بِلَا تَأْخِيرٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 7 ¦ الصفحة: 375 وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكَمِّلَهُ، وَإِلَّا أَتَى بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ، وَإِلَّا سَلَّمُوا هَدَرًا وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ وَخُسْرِهِ،   [منح الجليل] لَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ جَبْرُ الْعَامِلِ عَلَى بَيْعِ سِلَعِ قِرَاضِهِ لِأَخْذِ رَأْسِ مَالِهِ، وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهَا، فَإِنْ رَأَى وَجْهَ بَيْعِهَا عَجَّلَهُ وَإِلَّا أَخَّرَهُ إلَى إبَّانِ سُوقِهَا كَالْحُبُوبِ تُشْتَرَى فِي الْحَصَادِ وَتُرْفَعُ إبَّانَ لِإِنْفَاقِهَا وَالضَّأْنُ تُشْتَرَى قَبْلَ أَيَّامِ النَّحْرِ وَتُرْفَعُ لِيَوْمِهِ. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا الْعَامِلُ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ بَيْعِهَا وَأَبَاهُ رَبُّهَا. (وَإِنْ مَاتَ) الْعَامِلُ قَبْلَ نُضُوضِهِ (فَلِوَارِثِهِ) أَيْ الْعَامِلِ (الْأَمِينِ أَنْ يُكَمِّلَهُ) أَيْ الْعَمَلَ وَيَأْخُذَ حَظَّ مُوَرِّثِهِ مِنْ الرِّبْحِ (وَإِلَّا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثُ الْعَامِلِ أَمِينًا (أَتَى) وَارِثُ الْعَامِلِ غَيْرِ الْأَمِينِ (بِ) شَخْصٍ (أَمِينٍ كَ) الْعَامِلِ (الْأَوَّلِ) الَّذِي مَاتَ قَبْلَ تَكْمِيلِ الْعَمَلِ فِي الْأَمَانَةِ يُكَمِّلُ الْعَمَلَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْوَارِثُ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ (سَلَّمُوا) بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا الْمَالَ لِرَبِّهِ وَجَمَعَ ضَمِيرَ الْوَارِثِ وَهُوَ مُفْرَدٌ لَفْظًا لِاكْتِسَابِهِ الْعُمُومَ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ فَصَارَ جَمْعًا فِي الْمَعْنَى تَسْلِيمًا (هَدَرًا) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ أَيْ بِلَا أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ فِي نَظِيرِ عَمَلِ مَنْ مَاتَ لِأَنَّ الْمُقَارَضَةَ كَالْمُجَاعَلَةِ لَا يُسْتَحَقُّ جُعْلُهَا إلَّا بِالتَّمَامِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَخَذَ قِرَاضًا فَعَمِلَ بِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ التَّكْمِيلِ، فَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ مَأْمُونِينَ قِيلَ لَهُمْ تَقَاضَوْا الدُّيُونَ وَبِيعُوا السِّلَعَ وَأَنْتُمْ عَلَى سَهْمِ وَلِيِّكُمْ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنُوا وَأَتَوْا بِأَمِينٍ ثِقَةٍ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ وَلَمْ يَكُونُوا مُؤْتَمَنِينَ سَلَّمُوهُ إلَى رَبِّهِ وَلَا رِبْحَ لَهُمْ. (وَ) إنْ ادَّعَى الْعَامِلُ تَلَفَ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ خُسْرَهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّهُ فَ (الْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ) أَيْ مَالِ الْقِرَاضِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَيْهِ (وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ) لِأَنَّهُ رَضِيَهُ أَمِينًا (وَ) الْقَوْلُ لَهُ فِي دَعْوَى (خُسْرِهِ) أَيْضًا بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ السِّينِ، أَيْ نَقَصَ الْمَالُ بِسَبَبِ التَّجْرِ بِهِ، وَإِنْ اتَّهَمَهُ رَبُّ الْمَالِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ حَقَّقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ اتِّفَاقًا، وَظَاهِرُهُ قَبُولُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا، وَقَيَّدَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 376 وَرَدِّهِ إلَى رَبِّهِ إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ بِشَبَهِهِ وَيُعْرَفُ بِسُؤَالِ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلَعِ هَلْ حَصَلَ فِيهَا خُسْرٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَمْ لَا، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ صُدِّقَ الْعَامِلُ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَامِلُ أَمِينٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ضَيَاعِهِ وَخُسْرَانِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَا فِي تَلَفِهِ فَقَالَ الْعَامِلُ ضَاعَ أَوْ سَقَطَ مِنِّي أَوْ سُرِقَ أَوْ غَرِقَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَالْأَمِينُ يُصَدَّقُ فِي أَمَانَتِهِ مَأْمُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ رَضِيَهُ أَمِينًا وَاخْتُلِفَ فِي يَمِينِهِ. (وَ) إنْ ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ الْمَالِ لِرَبِّهِ وَأَنْكَرَهُ رَبُّهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي دَعْوَى (رَدِّهِ) أَيْ مَالَ الْقِرَاضِ لِرَبِّهِ (إنْ) كَانَ (قُبِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ مِنْ رَبِّهِ (بِلَا بَيِّنَةٍ) فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى رَدِّهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيَحْلِفُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَقَّقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتَنْقَلِبُ عَلَيْهِ إنْ نَكَلَ الْعَامِلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ شَرْطِ قَصْدِ التَّوَثُّقِ وَالِاكْتِفَاءِ بِحُضُورِهَا قَبَضَهُ بِلَا قَصْدِ تَوَثُّقٍ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ تَقْيِيدُهَا بِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهِ وَكَانَ أَخَذَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّحْقِيقَ، وَإِنْ أَخَذَهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهَاتٌ) . الْأَوَّلُ: الْحَطّ هَذَا أَيْ تَصْدِيقُ الْعَامِلِ فِي الرَّدِّ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَهُ أَوْ رَدَّ بَعْضَهُ وَكَانَ الْبَاقِي لَا يَفِي بِرَأْسِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَفِي بِمَا رَدَّهُ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَاقِي يَفِي بِرَأْسِ الْمَالِ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ قَالَ الْعَامِلُ رَدَدْت إلَيْك رَأْسَ مَالِكَ، وَاَلَّذِي بِيَدِي رِبْحٌ. وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْبَيِّنَةُ. ابْنُ يُونُسَ حَكَى عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ إذَا قَالَ مَا فِي يَدِي هَذَا رِبْحٌ بَيْنِي وَبَيْنَك، لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّ رَبِّ الْمَالِ قَائِمٌ بِيَدِهِ بَعْدُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ رَدَدْت إلَيْك الْمَالَ وَحِصَّتَك مِنْ الرِّبْحِ، وَمَا فِي يَدَيْ حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ لَكَانَ الْقَوْلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377 أَوْ قَالَ قِرَاضٌ، وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ، أَوْ عَكْسُهُ   [منح الجليل] قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا كَانَ قَبَضَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ. فِي الْمَالِ رِبْحٌ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ اهـ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَ كَلَامِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ هَذَا رِبْحِي، وَكَمَا لَوْ قَالَ رَدَدْت بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ رَدَدْت بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ جَمِيعَهُ دُونَ الرِّبْحِ أَوْ لَمْ أَرْبَحْ شَيْئًا أَوْ رَبِحْت وَسَلَّمْت لَك رَأْسَ مَالِكَ وَرِبْحَك، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَسَاقِي يَقُولُ بَعْدَ جِذَاذِ الثَّمَرَةِ دَفَعْت إلَيْك نَصِيبَك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا الَّذِي فِي يَدِي نَصِيبِي فَكَذَلِكَ الْقِرَاضُ. اهـ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ، فَفِي قَبُولِ دَعْوَى الْعَامِلِ رَدَّ الْمَالِ مُقِرًّا بِبَقَاءِ رِبْحٍ بِيَدِهِ. ثَالِثُهَا إنْ ادَّعَى رَدَّ حَظِّ رَبِّ الْمَالِ مِنْهُ لِلَّخْمِيِّ وَلَهَا وَلِلْقَابِسِيِّ اهـ. الْجُزُولِيُّ مِنْ مَالٍ رَدَدْت إلَيْك مَا وَكَّلْتنِي عَلَيْهِ وَعَلَى بَيْعِهِ أَوْ دَفَعْت إلَيْك ثَمَنَهُ أَوْ وَدِيعَتَك أَوْ قِرَاضَك فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ رَدَدْت إلَيْك رَأْسَ الْمَالِ، وَاَلَّذِي بِيَدِي رِبْحٌ بَيْنِي وَبَيْنَك، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ لِي شَيْئًا صُدِّقَ رَبُّ الْمَالِ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْبَيِّنَةُ وَهَذَا نَصُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. (الثَّانِي) : الْحَطّ لَوْ ادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالْمَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَلَمْ أَرَ الْآنَ فِيهِ نَصًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (الثَّالِثُ) : حُكْمُ الْمُبْضِعِ مَعَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالتَّلَفِ حُكْمُ الْمُقَارَضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ قَالَ) الْعَامِلُ هُوَ (قِرَاضٌ بِجُزْءٍ) مِنْ رِبْحِهِ (وَ) قَالَ (رَبُّهُ) أَيْ الْمَالِ هُوَ (بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ) مَعْلُومٍ كَعَشَرَةٍ، فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ أَخْذُ الْجُزْءِ الَّذِي ادَّعَاهُ إنْ أَشْبَهَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ وَدَفَعَ الْأَجْرَ. فِيهَا إنْ قَالَ الْعَامِلُ قِرَاضًا وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ أَبْضَعْتُكَهُ لِتَعْمَلَ بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ كَانَ أَمْرُهُمْ أَنَّ لِلْبِضَاعَةِ أَجْرًا فَالْأَشْبَهُ كَوْنُ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَامِلِ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ قَالَ الْعَامِلُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 378 أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبَ أَوْ قَالَ أَنْفَقْتُ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي جُزْءِ الرِّبْحِ إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا، وَالْمَالُ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ، وَإِنْ لِرَبِّهِ،   [منح الجليل] وَرَبُّهُ قِرَاضًا بِجُزْءٍ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْعَامِلِ أَيْضًا. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ الْعَامِلُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرِهِ وَصَاحِبُ الْمَالِ قِرَاضًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ. (أَوْ ادَّعَى) رَبُّ الْمَالِ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ (الْغَصْبَ) أَوْ السَّرِقَةَ لِلْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَقَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ دَفَعْته لِي قِرَاضًا. أَعْمَلُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْغَصْبِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ قَالَ الْعَامِلُ قِرَاضًا وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بَلْ غَصَبْته فَلَا يُصَدَّقُ، وَقِيلَ إلَّا أَنْ يُشْبِهَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ نَصَّ هَذَا الْفَرْعِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهَا إنْ قَالَ لِصَانِعٍ اسْتَعْمَلْتَنِي هَذَا الْمَتَاعَ وَقَالَ رَبُّهُ سَرَقْته مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ عُوقِبَ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِلَّا فَلَا يُعَاقَبُ. (أَوْ قَالَ) الْعَامِلُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ (أَنْفَقْت) عَلَى نَفْسِي فِي سَفَرِي لِلتَّجْرِ جِمَالَ الْقِرَاضِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَالِ لِأَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَالِ، وَقَالَ رَبُّهُ أَنْفَقْت مِنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي الْأَوَّلِ، سَوَاءٌ رَبِحَ الْمَالَ أَوْ خَسِرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا أَوْ سِلَعًا. فِيهَا إنْ قَالَ أَنْفَقْت فِي سَفَرِي مِنْ مَالِي مِائَةَ دِرْهَمٍ لِأَرْجِعَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ صُدِّقَ وَلَوْ خَسِرَ وَيَرْجِعُ بِهَا فِيهِ إنْ أَشْبَهَتْ نَفَقَةَ مِثْلِهِ، وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ فَلَا يُصَدَّقُ. (وَ) إنْ تَنَازَعَ رَبُّ الْمَالِ وَالْعَامِلُ (فِي) قَدْرِ (جُزْءِ الرِّبْحِ) بَعْدَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ (إنْ ادَّعَى) الْعَامِلُ قَدْرًا (مُشْبِهًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ مُمَاثِلًا مَا يُقَارِضُ بِهِ مِثْلَهُ فِي بَلَدِهِ. الْبَاجِيَّ سَوَاءٌ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ مُشْبِهًا أَيْضًا أَمْ لَا (وَ) إنْ كَانَ (الْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ الْعَامِلِ حِينَ تَنَازُعِهِمَا فِي قَدْرِ جُزْءِ رِبْحِهِ حِسًّا أَوْ مَعْنًى بِأَنْ كَانَ (وَدِيعَةً) لِأَجْنَبِيٍّ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ وَدِيعَةً (لِرَبِّهِ) أَيْ عِنْدَ رَبِّ الْمَالِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي جُزْءِ الرِّبْحِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَوْ عِنْدَ رَبِّهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْجُزْءِ فَقَالَ الْعَامِلُ أَخَذْته عَلَى النِّصْفِ، وَقَالَ رَبُّهُ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 وَلِرَبِّهِ إنْ ادَّعَى الشَّبَهَ فَقَطْ أَوْ قَالَ قَرْضٌ فِي قِرَاضٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ فِي جُزْءٍ قَبْلَ الْعَمَلِ مُطْلَقًا، وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً ضَمِنَهُ الْعَامِلُ، وَإِنْ عَمِلَ   [منح الجليل] الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَعْمَلْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَحَبَّ الْعَامِلُ أَنْ يَعْمَلَهُ عَلَى الثُّلُثِ عَمِلَ أَوْ رَدَّهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْعَمَلِ وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ أَوْ سَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الْإِيدَاعِ حَتَّى يَتَفَاصَلَا فِيهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ، وَإِنْ سَلَّمَ الْمَالَ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ رَبُّهُ وَيَكُونُ جُزْءُ الرِّبْحِ سَلَفًا عِنْدَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ أَنَّهُ عَلَى الثُّلُثِ. (وَ) الْقَوْلُ (لِرَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ فِي قَدْرِ الْجُزْءِ بِيَمِينِهِ (إنْ ادَّعَى) رَبُّهُ (الشَّبَهَ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ جُزْءًا مُشْبِهًا لِلْمُعْتَادِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَامِلِ. وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا مَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرُدَّا إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. (أَوْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (قَرْضٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَلَفٌ (فِي) قَوْلِ الْعَامِلِ (قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ) فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَخَذَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَالَ هُوَ بِيَدِي وَدِيعَةٌ أَوْ قِرَاضٌ، وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ أَسْلَفْتُكَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْعَامِلَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ قِبَلَهُ مَالًا وَادَّعَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ رَبُّهُ قِرَاضًا وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ سَلَفًا صُدِّقَ الْعَامِلُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُدَّعٍ هَاهُنَا فِي الرِّبْحِ فَلَا يُصَدَّقُ. (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي) قَدْرِ (جُزْءٍ) مِنْ الرِّبْحِ (قَبْلَ الْعَمَلِ) فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِإِتْيَانِهِ بِمَا يُشْبِهُ تَقَدُّمَ شَاهِدِهِ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (وَإِنْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ أَعْطَيْتُك الْمَالَ (وَدِيعَةً) عِنْدَك وَقَالَ الْعَامِلُ قِرَاضًا (ضَمِنَهُ) أَيْ الْمَالَ (الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ) أَيْ صَارَ مُعَرِّضًا لِضَمَانِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ خَسِرَ لِدَعْوَاهُ. إنَّ رَبَّ الْمَالِ أَذِنَ لَهُ فِي تَحْرِيكِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ وَضَاعَ الْمَالُ أَوْ تَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَانَةً الجزء: 7 ¦ الصفحة: 380 وَلِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَمَنْ هَلَكَ وَقَبِلَهُ: كَقِرَاضٍ أُخِذَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَحَاصَّ غُرَمَاءَهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ، وَقُدِّمَ صَاحِبُهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ   [منح الجليل] لِاشْتِرَاكِ الْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ وَدِيعَةٌ ضَمِنَهَا الْعَامِلُ بَعْدَ الْعَمَلِ لَا قَبْلَهُ. (وَ) إنْ تَنَازَعَا فِي صِحَّةِ الْقِرَاضِ وَعَدَمِهَا فَالْقَوْلُ (لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ رَبَّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلَ. فِيهَا إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَالًا يَجُوزُ كَدَعْوَاهُ أَنَّ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَنِصْفَ مَا بَقِيَ صُدِّقَ مُدَّعِي الْحَلَالِ مِنْهُمَا إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. (وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ مَاتَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ (وَقِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ عِنْدَهُ (كَقِرَاضِ) أَيْ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ وَالْعَارِيَّةَ وَاللُّقَطَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ رَدَّهُ، وَلَمْ يَدَّعِ تَلَفَهُ وَوَجَدَ بِعَيْنِهِ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَوْ رَبِّهِ إنَّ هَذَا قِرَاضٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةُ فُلَانٍ أَوْ لُقَطَةٌ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ (أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ تَرِكَتِهِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَصَيْرُورَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. (وَ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَمْ تَفِ تَرِكَتُهُ بِهَا (حَاصَّ) صَاحِبُ الْقِرَاضِ وَنَحْوُهُ (غُرَمَاءَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ ضَمَانُ الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ ضَمَانَهَا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الطَّوْلِ. (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقِرَاضُ وَنَحْوُهُ (بِوَصِيَّةٍ) بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فُلَانٍ (وَقُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا صَاحِبُهُ عَلَى أَصْحَابِ الدُّيُونِ فَلَيْسَ لَهُمْ مُحَاصَّتَهُ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ دُيُونُهُمْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ (فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ) فِيهَا وَمَنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ بِقِرَاضٍ بِعَيْنِهِ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِبَيِّنَةٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ، هَذَا قَبْلَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ بَعْدَ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ أَخْذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ دُونَ غُرَمَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا وَجَبَ التَّحَاصُصُ بِهَا مَعَ غُرَمَائِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 381 وَلَا يَنْبَغِي لِعَامِلٍ: هِبَةٌ، وَتَوْلِيَةٌ وَوَسَّعَ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ، إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ، وَإِلَّا فَلْيَتَحَلَّلْهُ،   [منح الجليل] (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت لَمْ يَذْكُرْ تَقْيِيدَ الْوَصِيَّةِ بِالْقِرَاضِ الْوَدِيعَةِ بِكَوْنِهَا لِمَنْ لَا يَهْتَمُّ فِي الْإِيصَاءِ لَهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ صَحِيحٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، إمَّا لِوُضُوحِهِ أَوْ اسْتِغْنَاءً بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ. الثَّانِي: ابْنُ عَاشِرٍ قَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ إلَخْ الظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُ بِوَصِيَّةٍ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ. الثَّالِثُ: طفي قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ أَيْ فِي مَرَضِهِ، إذْ هِيَ مَفْرُوضَةٌ كَذَلِكَ، فَفِيهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ قِرَاضٍ بِعَيْنِهِ فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِبَيِّنَةٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ بِإِقْرَارٍ فِي مَرَضِهِ، هَذَا قَبْلَ إقْرَارِهِ بِذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ فَلِرَبِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَخْذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ دُونَ غُرَمَائِهِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا الْفَرْضِ يَأْتِي التَّقْيِيدُ بِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَمَا قَيَّدَهَا بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارِهِ فِي مَرَضِهِ يُرِيدُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. اهـ. وَفِيهَا فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ وَهَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ صُدِّقَ. اهـ. أَمَّا الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ فَيُقْبَلُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ غَيْرَ مُفْلِسٍ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لَا يُقَدَّمُ أَيْ قُدِّمَ عَلَى الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، وَبِهَذَا قَرَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ كَعِبَارَتِهِ هُنَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ تَقْرِيرُ ابْنِ عَاشِرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ لَا يَجُوزُ (لِعَامِلٍ) فِي مَالِ الْقِرَاضِ (هِبَةٌ) لِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (أَوْ تَوْلِيَةٌ) أَيْ بَيْعُ سِلْعَةٍ مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ بِمِثْلِ ثَمَنِهَا بِلَا رِبْحٍ إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ بَيْعِهَا بِنَاقِصٍ عَنْهُ لِتَفْوِيتِهِ حِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهَا (وَوَسَّعَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، أَيْ جَوَّزَ لِلْعَامِلِ (أَنْ يَأْتِيَ) عَامِلُ الْقِرَاضِ (بِطَعَامٍ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِيَأْكُلَهُ مَعَ غَيْرِهِ (كَ) طَعَامِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْعَامِلِ الْآكِلِ مَعَهُ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ) لِعَامِلٍ (التَّفَضُّلَ) أَيْ الزِّيَادَةَ عَلَى مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الطَّعَامِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ التَّفَضُّلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 382 فَإِنْ أَبَى: فَلْيُكَافِئْهُ.   [منح الجليل] بِطَعَامٍ أَفْضَلَ مِمَّا أَتَى بِهِ غَيْرُهُ (فَلْيَتَحَلَّلْهُ) أَيْ يَطْلُبُ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْمَال أَنْ يُسَامِحَهُ وَيَجْعَلَهُ فِي حِلٍّ. (فَإِنْ) سَامَحَهُ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَإِنْ (أَبَى) تَحْلِيلَهُ (فَلْيُكَافِئْهُ) أَيْ يُعْطِهِ عِوَضَ مَا تَفَضَّلَ بِهِ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ شَيْئًا وَلَا يُوَلِّي وَلَا يُعْطِي عَطِيَّةً وَلَا يُكَافِئُ مِنْهُ أَحَدًا، فَأَمَّا أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ إلَى قَوْمٍ وَيَأْتُونَ بِمِثْلِهِ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ وَاسِعًا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَلْيَتَحَلَّلْ صَاحِبَهُ، فَإِنْ حَلَّلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَرَّرَهُ الْبَاجِيَّ بِقَوْلِهِ إنْ اجْتَمَعَ مَعَ رُفَقَائِهِ فَجَاءُوا بِطَعَامٍ عَلَى مَا يَتَخَارَجُهُ الرُّفَقَاءُ فِي السَّفَرِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ يَصُومُ فِي يَوْمٍ دُونَ رُفَقَائِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يُتَسَاوَى فِيهِ ثُمَّ يُنْفِقُونَ مِنْهُ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا تُلْجِئُهُمْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ انْفِرَادَ كُلِّ إنْسَانٍ بِتَوَلِّي طَعَامِهِ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَيُشْغِلُهُ عَمَّا هُوَ مُسَافِرٌ بِسَبَبِهِ مِنْ أَمْرِ تِجَارَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمُسَافِرِينَ، قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيت، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ عَلَى الْعَامِلِ فِي إعْطَائِهِ السَّائِلَ الْكِسْرَةَ وَكَذَا الْقُرَّاتُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُتَشَاحُّ فِي مِثْلِهِ وَكَذَا الْوَصِيُّ يُعْطِي السَّائِلَ مِنْ مَالِ يَتِيمِهِ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: 61] الْآيَةَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 383 بَابٌ) إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الْمُسَاقَاةُ] (إنَّمَا تَصِحُّ) أَيْ تُوَافِقُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ (مُسَاقَاةٌ) مُشْتَقَّةٌ مِنْ السَّقْيِ لِأَنَّهُ غَالِبُ عَمَلِهَا وَهُوَ مِنْ الْعَامِلِ فَقَطْ فَهِيَ عَنْ الْمُسْتَعْمَلِ فِي فِعْلِ فَاعِلٍ وَاحِدٍ كَسَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ قَلِيلٌ، وَالْكَثِيرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي فِعْلِ فَاعِلَيْنِ عَلَيْهِمَا كَالْمُشَارَكَةِ وَالْمُقَاصَّةِ وَهِيَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ بِمَجْهُولٍ وَكِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى بَيَاضٍ، أَيْ أَرْضٌ خَالِيَةٌ يَزْرَعُهَا الْعَامِلُ وَبَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، بَلْ قَبْلَ وُجُودِهَا وَبَيْعُ الْغَرَرِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُسَاقَاةُ، عَقْدٌ عَلَى عَمَلِ مُؤْنَةِ النَّبَاتِ بِقَدْرٍ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ لَا بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ جُعْلٍ فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا لَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرِ لِلْعَامِلِ وَمُسَاقَاةَ الْبَعْلِ اهـ. الْحَطّ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِعَقْدِهَا بِلَفْظِ عَامَلْتُك لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسَاقَاةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. " غ فِي تَكْمِيلِهِ اُنْظُرْ هَلْ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِالْمُسَاقَاةِ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْقَدْرِ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ بِقَدْرٍ بِبَعْضِ غَلَّتِهِ أَوْ كُلِّهَا لَكَانَ أَحْسَنَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا تَلْزَمُ بِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. الْأَوَّلُ الْعَقْدُ. الثَّانِي الشُّرُوعُ. الثَّالِثُ حَوْزُ الْمُسَاقِي فِيهِ. الرَّابِعُ أَوَّلُهَا لَازِمٌ وَآخِرُهَا كَالْجُعْلِ، وَالْأَوَّلُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ هِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالْغَرَرِ لِأَنَّهُ إنْ أُصِيبَتْ الثَّمَرَةُ كَانَ عَمَلُهُ بَاطِلًا مَعَ انْتِفَاعِ رَبِّ الْحَائِطِ بِهِ وَالْجَهْلُ بِقَدْرِ الْحَظِّ وَرِبَا الطَّعَامِ نَسِيئَةٌ إنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ حَيَوَانٌ يُطْعِمُهُ الْعَامِلُ، وَيَأْخُذُ عِوَضَهُ طَعَامًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَالدَّيْنُ بِالدَّيْنِ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي الذِّمَّةِ وَعِوَضُهُ مُتَأَخِّرٌ. ابْنُ شَاسٍ وَمِنْ الْمُخَابَرَةِ وَهُوَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إنْ كَانَ فِيهَا بَيَاضٌ يَزْرَعُهُ الْعَامِلُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 384 شَجَرٍ وَإِنْ بَعْلًا ذِي ثَمَرٍ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ   [منح الجليل] (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: نَظَرَ طفى فِي جُعْلِ الْمُسَاقَاةِ لَمَّا كَانَ مِنْ فَاعِلٍ وَاحِدٍ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي فَاعَلَ اقْتِسَامُ الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ وَهِيَ الْمُشَارَكَةُ، وَوُرُودُهُ لِلْوَاحِدِ قَلِيلٌ مَحْصُورٌ عِنْدَ النُّحَاةِ، إمَّا لِمُوَافَقَةِ أَفْعَلَ ذِي التَّعَدِّي نَحْوَ عَالَيْت رَحْلِي عَلَى النَّاقَةِ وَأَعْلَيْته، أَوْ لِمُوَافَقَةِ فَعَلَ نَحْوَ جَاوَزْت الشَّيْءَ وَجُزْتُهُ، وَوَاعَدْتُ زَيْدًا وَوَعَدْتُهُ، أَوْ لِلْإِغْنَاءِ عَنْهُمَا كَقَامُوا وَبَارَكَ اللَّهُ، وَمِنْهُ سَافَرَ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ سَفَرًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى السَّمَاعِ فَلَيْسَ لَنَا اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الْمُفَاعَلَةِ إلَّا بِسَمَاعٍ، فَلَا يُسْتَعْمَلُ ضَارِبٌ بِمَعْنَى ضَرَبَ، وَمِنْهُ سَاقَى فَيَتَعَيَّنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. الثَّانِي: مَصَبُّ الْحَصْرِ الشُّرُوطُ أَوْ الشَّجَرُ بِقَيْدٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لَا تَصِحُّ صِحَّةً مُطْلَقَةً عَنْ شَرْطِ عَجْزِ رَبِّهِ إلَّا فِي الشَّجَرِ (شَجَرٍ) ذِي أَصْلٍ ثَابِتٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَتَبْقَى أُصُولُهُ، وَشَمِلَ الشَّجَرُ النَّخْلَ إنْ كَانَ الشَّجَرُ يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ، بَلْ (وَإِنْ كَانَ بَعْلًا) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ لِشُرْبِهِ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ كَشَجَرِ الشَّامِ وَإِفْرِيقِيَّةَ فِيهَا لَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ النَّخْلِ وَفِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى سَقْيِهِ كَمُسَاقَاةِ شَجَرِ الْبَعْلِ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى عَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ. الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شَجَرِ الْبَعْلِ وَالسَّقْيِ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ كَانَ فِي خَيْبَرَ الْبَعْلُ وَالسَّقْيُ وَكَانَتْ عَلَى سِقَاءٍ وَاحِدٍ (ذِي ثَمَرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ. عِيَاضٌ مِنْ شُرُوطِ الْمُسَاقَاةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي أَصْلٍ يُثْمِرُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَزْهَارِ وَالْأَوْرَاقِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا كَالْوِرْدِ وَالْآسِ فَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِيمَا لَا يُثْمِرُ أَصْلًا كَالصِّفَافِ وَالْأَثْلِ وَالصَّنَوْبَرِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يُثْمِرُ فِي عَامِهِ فَلَا تَصِحُّ فِي الْوَدْيِ الَّذِي لَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ إلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا تَابِعًا لِمَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ، فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْحَائِطِ، وَفِيهِ مَا لَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ وَيَكُونُ مَا لَا يُثْمِرُ فِي عَامِهِ تَابِعًا لِمَا يُثْمِرُ فِيهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُنْتَقَى فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا تَبَعًا رَاجِعٌ لِهَذِهِ أَيْضًا، أَفَادَهُ الْحَطّ (لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) أَيْ الثَّمَرُ فَإِنْ حَلَّ بَيْعُهُ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُسَاقَاةُ فِي كُلِّ ذِي أَصْلٍ مِنْ الشَّجَرِ جَائِزَةٌ مَا لَمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 385 وَلَمْ يُخْلِفْ إلَّا تَبَعًا   [منح الجليل] يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبْعٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَتَجُوزُ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ كَالرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ مُسَاقَاةُ مَا حَلَّ بَيْعُهُ كَالْإِجَارَةِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي مُسَاقَاةِ مَا حَلَّ بَيْعُهُ هِيَ إجَارَةٌ جَائِزَةٌ. ابْنُ يُونُسَ لِجَوَازِ بَيْعِ نِصْفِهِ وَلِأَنَّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِهِ اهـ. " ق " الْحَطّ احْتَرَزَ مِمَّا حَلَّ بَيْعُهُ بِأَنْ أَزْهَى بَعْضُ الْحَائِطِ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ، فَفِيهَا وَإِنْ أَزْهَى بَعْضُ الْحَائِطِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ جَمِيعِهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ. ابْنُ نَاجِي تَسَامَحَ فِي قَوْلِهِ مُسَاقَاةُ جَمِيعِهِ، وَمُرَادُهُ مُسَاقَاةُ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى رَبِّهِ فِي عَدَمِهَا لِجَوَازِ بَيْعِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ اهـ. قُلْت يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُسَاقَاةُ فِي الْحَائِطِ الَّذِي لَمْ يُزْهَ ثَمَرُهُ إذَا أَزْهَى مَا يُجَاوِرُهُ مِنْ الْحَوَائِطِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ بِإِزْهَاءِ مُجَاوِرِهِ، وَإِذَا عَمِلَ رَبُّ الْحَائِطِ فِي حَائِطِهِ مُدَّةً ثُمَّ سَاقَى عَلَيْهِ قَبْلَ إثْمَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ حِلِّ بَيْعِهِ جَازَ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى الْعَامِلِ بِأُجْرَةِ سَقْيِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ سَاقَاهُ بَعْدَ أَنْ سَقَى أَشْهُرًا عَلَى أَنْ يُتْبِعَهُ بِمَا سَبَقَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ. (وَلَمْ يُخْلِفْ) الشَّجَرُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ لَا يُثْمِرُ ثَمَرَةً ثَانِيَةً قَبْلَ جَذِّ الثَّمَرَةِ الْأُولَى فِي عَامِهِ. الْحَطّ احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا يُخْلِفُ كَالْبُقُولِ وَالْقَضْبِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَوْزِ وَالْقُرْطِ بِضَمِّ الْقَافِ وَبِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ وَالْكُرَّاتِ وَكُلِّ مَا لَيْسَ بِشَجَرٍ، وَإِذَا جُزَّ أَخْلَفَ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ عَجَزَ رَبُّهُ عَنْ عَمَلِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ أَنَّ الْبَصَلَ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِقَلْعِهِ بِأُصُولِهِ، وَالْكُرَّاثُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِجَزِّهِ وَإِبْقَاءِ أُصُولِهِ فِي الْأَرْضِ لِتُخَلِّفَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَا لَا يُثْمِرُ، وَمَا حَلَّ بَيْعُ ثَمَرِهِ وَمَا يُخْلِفُ ثَمَرُهُ (تَبَعًا) لِمَا يُثْمِرُ وَلِمَا لَمْ يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهِ وَمَا لَا يُخْلِفُ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْجَمِيعِ. " غ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُنْطَبِقًا عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَلَمْ يُخْلِفْ. أَمَّا الثَّانِي فَظَاهِرٌ مِنْ لَفْظِهِ لِاتِّصَالِهِ بِهِ وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْمَوْزِ فِي رَسْمِ سِنٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ، وَنَصُّهُ سَهَّلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 7 ¦ الصفحة: 386 بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، شَاعَ وَعُلِمَ   [منح الجليل] عَنْ الرَّجُلِ يُسَاقِي النَّخْلَ، وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَوْزِ الثُّلُثُ فَدُونَهُ فَقَالَ إنِّي أَرَاهُ خَفِيفًا. سَحْنُونٌ إنْ كَانَ الْمَوْزُ يُسَاقَى مَعَ النَّخْلِ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ أَنْ يُسَاقِيَ الْحَائِطَ وَفِيهِ مِنْ الْمَوْزِ مَا هُوَ تَبَعٌ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ، وَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سِقَاءٍ وَاحِدٍ مِثْلَ الزَّرْعِ الَّذِي مَعَ النَّخْلِ، وَهُوَ تَبَعٌ لَهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي تَعَرَّضَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ وَيُغْتَفَرُ طِيبُ نَوْعٍ يَسِيرٍ مِنْهُ، أَيْ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ حَلَّ بَيْعُ بَعْضِهَا وَكَانَ الَّذِي أَزْهَى مِنْهُ الْأَقَلَّ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، حَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْهَا الْمَنْعَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِمَّا طَابَ وَمَا لَمْ يَطِبْ كَثِيرًا وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَزَادَ أَمَّا لَوْ كَانَ الْحَائِطُ كُلُّهُ نَوْعًا وَاحِدًا وَطَابَ بَعْضُهُ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ لِأَنَّهُ يَطِيبُ بَعْضُهُ حَلَّ بَيْعُهُ، قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ احْتَرَزَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ نَوْعٌ، وَجَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ نَقْلَ الْبَاجِيَّ خِلَافُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ. وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَوْنُهَا (بِجُزْءٍ) مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ (قَلَّ) الْجُزْءُ كَرُبْعِ عُشْرٍ أَوْ كَثُرَ كَتِسْعَةِ أَعْشَارٍ (شَاعَ) الْجُزْءُ فِي جَمِيعِ الثَّمَرَةِ. عِيَاضٌ شَرْطُهَا أَنْ تَكُونَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مُقَدَّرٍ (وَعُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْجُزْءُ، أَيْ عُلِمَتْ نِسْبَتُهُ لِجَمِيعِ الثَّمَرَةِ كَثُلُثِهَا. الْحَطّ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِجُزْءٍ وَإِنَّمَا نَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِكَيْلٍ مُسَمًّى مِنْ الثَّمَرَةِ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ بِجَمِيعِ الثَّمَرِ لِلْعَامِلِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. ابْنُ نَاجِي وَظَاهِرُ كَلَامِهَا أَنَّهَا مُسَاقَاةٌ حَقِيقَةً، وَيُجْبَرُ الْعَامِلُ عَلَى الْعَمَلِ أَوْ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْمَلُ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ الْهِبَةِ لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ وَكَثْرَةِ الثَّمَرَةِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَقَالَ التُّونُسِيُّ هِيَ الْهِبَةُ وَإِنْ انْتَفَعَ رَبُّهَا بِسَقْيِ أُصُولِهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ بَطَلَتْ. اللَّخْمِيُّ وَمَتَى أَشْكَلَ الْأَمْرُ حُمِلَ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 387 بِسَاقَيْتُ، لَا نَقْصَ مَنْ فِي الْحَائِطِ وَلَا تَجْدِيدَ   [منح الجليل] الْمُعَاوَضَةِ لِقَوْلِهِ أُسَاقِيك وَرَبُّ الْحَائِطِ أَعْلَمُ بِمَنَافِعِهِ وَمَصْلَحَةِ مَالِهِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ تَجُوزُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا لِلْعَامِلِ بِعَمَلِهِ. وَقِيلَ هِيَ مِنْحَةٌ فَتَفْتَقِرُ إلَى حِيَازَةٍ وَتَبْطُلُ بِالْمَوْتِ قَبْلَهُ وَهَذَا بَعِيدٌ اهـ. قُلْت وَأَمَّا عَكْسُهُ فَظَاهِرُ جَوَازِهِ وَهُوَ كَوْنُ الثَّمَرَةِ كُلِّهَا لِرَبِّ الْحَائِطِ لِأَنَّ الْعَامِلَ تَبَرَّعَ بِعَمَلِهِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِي أَصْنَافِ الثَّمَرَةِ بِأَنْ يَكُونَ بِنِصْفِ بَعْضِهَا وَثُلُثِ صِنْفٍ آخَرَ مَثَلًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَائِطُ الْمُخْتَلِفُ أَنْوَاعُ شَجَرِهِ مُخْتَلِطًا كَمُتَّحِدٍ. اللَّخْمِيُّ وَاخْتِلَافُ ثَمَرَتِهِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَتَسَاوِيهَا وَتَعَدُّدُ الْحَوَائِطِ وَثَمَرُهَا سَوَاءٌ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالْعَمَلِ أَوْ تَقَارُبُهَا كَوَاحِدَةٍ اهـ. وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ (بِ) مَادَّةٍ (سَاقَيْت) فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمُسَاقَاةُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى عَمَلِ حَائِطِي هَذَا بِنِصْفِ ثَمَرَتِهِ، فَلَا تَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ، وَذَلِكَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ إذَا سَاقَاهُ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ قَدْ طَابَ بَعْضُهَا فَلَا يَجُوزُ، وَأَجَازَهَا سَحْنُونٌ، وَجَعَلَهَا إجَارَةً. وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُهُ، وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ اهـ. الْحَطّ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ اقْتَصَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ الصِّيغَةُ مِثْلُ سَاقَيْتُك أَوْ عَامَلْتُك عَلَى كَذَا، فَيَقُولُ قَبِلْت وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ اهـ. عِيَاضٌ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى عَمَلِ حَائِطِي أَوْ سَقْيِهِ بِنِصْفِ ثَمَرَتِهِ أَوْ رُبْعِهَا فَلَا تَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَاهَا مُسَاقَاةً. وَفِي الشَّامِلِ وَصَحَّتْ بِلَفْظِهَا لَا بِعَامَلْت خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، وَنَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ وضيح وَغَيْرِهِمَا، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، وَفِيهِ تَصْحِيحُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَلَا) تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ بِشَرْطِ (نَقْصِ) أَيْ إخْرَاجِ (مَنْ فِي الْحَائِطِ) يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ رَقِيقٍ وَدَوَابَّ رَبِّهِ وَإِتْيَانِ الْعَامِلِ بِخَلَفِهِمْ مِنْ مَالِهِ (وَلَا) تَصِحُّ بِاشْتِرَاطِ (تَجْدِيدٍ) لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمَ الْمُسَاقَاةِ كَبِئْرٍ وَعَبِيدٍ وَدَوَابَّ مِنْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا الْيَسِيرَ، كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 388 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَائِطِ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ غِلْمَانٍ أَوْ دَوَابَّ فَيَصِيرَ كَزِيَادَةِ شَرْطِهِمَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ. قَالَ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا مَا قَلَّ، كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَائِطٍ صَغِيرٍ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ لَا يُخْرِجَ رَبُّ الْحَائِطِ مَا فِيهِ مِنْ دَوَابَّ وَعَبِيدٍ وَأُجَرَاءَ وَآلَةٍ يَوْمَ عَقْدِهَا وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ رَقِيقٍ وَدَوَابَّ لِرَبِّهِ، فَلِلْعَامِلِ اشْتِرَاطُهُمْ فِيهَا، وَلَا يَنْبَغِي لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُسَاقِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ مِنْهُ فَيَصِيرُ كَزِيَادَةِ شُرُوطِهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَكَشَرْطِ رَبِّ الْحَائِطِ إخْرَاجَ رَقِيقِهِ وَدَوَابِّهِ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَالثَّمَرَةُ لِرَبِّهَا أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى لَا يَنْبَغِي الْمَنْعُ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَزَعَهُمْ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ اهـ. ابْنُ نَاجِي لَا يَنْبَغِي عَلَى التَّحْرِيمِ لِلتَّعْلِيلِ، وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ. الْحَطّ وَآخِرُ كَلَامِهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ مِمَّا تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ بِهِ. ابْنُ نَافِعٍ وَيَحْيَى إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ رَقِيقٌ فَلَا يَدْخُلُونَ إلَّا بِشَرْطٍ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَاقَى أَهْلَ خَيْبَرَ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا مِمَّا فِي الْحَوَائِطِ» قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَفِي الْأُمِّ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُمْ الْعَامِلُ وَأَرَادَ الْمَالِكُ إخْرَاجَهُمْ قَالَ قَالَ مَالِكٌ أَمَّا عِنْدَ مُعَامَلَتِهِ وَاشْتِرَاطِهِ فَلَا يَنْبَغِي إخْرَاجُهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ وَهَلْ هُوَ مُطْلَقٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ أَوْ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ قَصْدِ إخْرَاجِهِمْ مِنْ الْمُسَاقَاةِ كَمَنْ أَرَادَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَسْكَنِهَا لِتَعْتَدَّ خَارِجَهُ. أَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ إنْ أَرَادَ أَنْ يُسَاقِيَ حَائِطَهُ فَأَخْرَجَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ يَسُومُ بِهِ فَلَا بَأْسَ، إنَّمَا الَّذِي لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُمْ عِنْدَ إرَادَةِ عَقْدِهَا مَعَ مَنْ تَكَلَّمَ مَعَهُ فِيهِ. الْحَطّ هَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَيْضًا أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُحَدِّدَ دَوَابَّ وَأُجَرَاءَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ حِينَ الْعَقْدِ، فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، كَدَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَائِزَاتِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 389 وَلَا زِيَادَةَ لِأَحَدِهِمَا وَعَمَلُ الْعَامِلِ: جَمِيعَ مَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ عُرْفًا:   [منح الجليل] فَإِطْلَاقُهُ هُنَا يُقَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ الْعَقْدِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا مَا قَلَّ، كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُهُ فِي صَغِيرٍ وَرَبُّ حَائِطٍ تَكْفِيهِ دَابَّةٌ وَاحِدَةٌ لِصِغَرِهِ فَيَصِيرُ كَاشْتِرَاطِ جَمِيعِ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَا قَلَّ فِيمَا كَثُرَ، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقًا لَيْسُوا فِي الْحَائِطِ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى لَا يَنْبَغِي لَا يَجُوزُ. ابْنُ نَاجِي لَا يَنْبَغِي عَلَى التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. ابْنُ نَافِعٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ مِنْ الرَّقِيقِ مَا لَيْسَ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ هَذَا أَقْيَسُ. (وَلَا) يَصِحُّ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِشَرْطِ (زِيَادَةٍ) مِنْ غَيْرِ الثَّمَرَةِ كَعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ مِنْهَا مُعَيَّنًا كَوَسْقٍ (لِأَحَدِهِمَا) أَيْ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلِ عَلَى الْآخَرِ. عِيَاضٌ وَلَا يُشْتَرَطُ أَحَدُهُمَا مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا شَيْئًا مُعَيَّنًا خَاصًّا لِنَفْسِهِ. أَوْرَدَ الْبِسَاطِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ التَّجْدِيدِ الزِّيَادَةُ، أَيْ فَاشْتِرَاطُ عَدَمِ شَرْطِهِ أَغْنَى عَنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الزِّيَادَةِ، وَأَجَابَ بِأَنَّ نَفْيَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَهَا فَيَنْتَفِي مَعَ ثُبُوتِهَا فِي شَرْطِ عَمَلِ الْعَامِلِ فِي حَائِطٍ آخَرَ لِرَبِّ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ. (وَعَمِلَ) عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ (جَمِيعَ مَا) أَيْ الْعَمَلُ الَّذِي (يُفْتَقَرُ) أَيْ يَحْتَاجُ الْحَائِطُ (إلَيْهِ عُرْفًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ فِي عُرْفِ وَعَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهُ لِقِيَامِ الْعُرْفِ مَقَامَ الْوَصْفِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ مِنْ عَدَدِ حَرْثٍ وَسَقْيِ مَاءٍ وَسَائِرِ الْأَعْمَالِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَمِيعُ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ وَجَمِيعُ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ. الْحَطّ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ عَمِلَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي مِنْ الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ فَاعِلُهُ وَجَمِيعُ مَفْعُولِهِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعَلَى الْعَامِلِ بِجَرِّ الْعَامِلِ بِعَلَى وَرَفْعِ جَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ عَلَى أَنَّ عَلَى أَبْيَنُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى اللُّزُومِ فِيهَا وَجْهُ الْعَمَلِ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّ جَمِيعَ الْعَمَلِ وَالنَّفَقَةِ وَجَمِيعَ الْمُؤْنَةِ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ. اهـ. يَعْنِي جَمِيعَ الْعَمَلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 390 كَإِبَارٍ، وَتَنْقِيَةٍ،   [منح الجليل] الَّذِي تَفْتَقِرُ إلَيْهِ الثَّمَرَةُ وَيَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا أَوْ يَبْقَى بَعْدَهَا مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ عَمَلُ الْحَائِطِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ إلَّا الْيَسِيرُ كَسَدِّ الْحَظِيرِ وَإِصْلَاحِ الضَّفِيرَةِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِإِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ وَكَانَ يَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا وَيَبْقَى بَعْدَهَا مِنْهُ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَهَذَا الَّذِي يَلْزَمُ السَّاقِيَ كَالْحَظْرِ وَالسَّقْيِ وَزَبْرِ الْكُرُومِ وَتَقْلِيمِ الشَّجَرِ وَالتَّسْرِيبِ وَالتَّسْدِيدِ وَإِصْلَاحِ مَوَاضِعِ السَّقْيِ وَالتَّذْكِيرِ وَالْجَذَاذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ يَتَأَبَّدُ وَيَبْقَى بَعْدَ انْقِطَاعِ الثَّمَرَةِ كَإِنْشَاءِ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ إنْشَاءِ ضَفِيرَةٍ أَوْ إنْشَاءِ غِرَاسٍ أَوْ بِنَاءِ بَيْتٍ تُجْنَى فِيهِ الثَّمَرَةُ كَالْجَرِينِ وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْعَامِلَ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُسَاقَاةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الْعَمَلِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّ مُرَادَهُ إنْ كَانَ الْعُرْفُ مُنْضَبِطًا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ. (كَإِبَارٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ تَأْبِيرُ النَّخْلِ بِتَعْلِيقِ ثَمَرِ الذَّكَرِ وَوَضْعِهِ عَلَى ثَمَرَةِ الْأُنْثَى. عِيَاضٌ الْإِبَّارُ وَالتَّلْقِيحُ وَالتَّذْكِيرُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الصِّحَاحِ إبَارُ النَّخْلِ تَلْقِيحُهُ، يُقَالُ نَخْلَةٌ مُؤَبَّرَةٌ مِثْلُ مَأْبُورَةٍ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الْإِبَارُ أَوْ عَلَى وَزْنِ الْإِزَارِ. اهـ. وَالْجَارِي عَلَى الْأَلْسِنَةِ التَّشْدِيدُ وَهُوَ جَائِزٌ. الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا} [النبأ: 28] فُعَالٌ فِي بَابِ فَعَلَ فَاشٍ فِي كَلَامِ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ لَا يَقُولُونَ غَيْرَهُ، وَسَمِعَنِي بَعْضُهُمْ أُفَسِّرُ آيَةً فَقَالَ لَقَدْ فَسَّرْتُهَا فِسَّارًا مَا سُمِعَ بِمِثْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ لُغَةٌ يَمَانِيَّةٌ وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ التَّلْقِيحِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ فَعَلَى الْعَامِلِ. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْإِبَّارِ فَجَعَلَهُ مَرَّةً عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَمَرَّةً عَلَى الْعَامِلِ، فَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَلَى رَبَّ الْحَائِطِ الشَّيْءَ الَّذِي يُلَقَّحُ بِهِ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْعَمَلُ. اللَّخْمِيُّ وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ. (وَ) كَ (تَنْقِيَةٍ) لِعَيْنٍ وَمَنَافِعِ شَجَرٍ قَالَهُ تت. طفى الصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى تَنْقِيَةِ الْحِيَاضِ الَّتِي حَوْلَ الشَّجَرِ لَا عَلَى تَنْقِيَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ كَنْسَ الْعَيْنِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا غَيْرَ الْكَنْسِ فَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ، إذْ لَمْ يُرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 391 وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ، وَأَنْفَقَ، وَكَسَا   [منح الجليل] فَإِنْ قُلْت كَنْسُ الْحِيَاضِ أَيْ تَنْقِيَتُهَا سَوَّى فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَنْسِ الْعَيْنِ فِي كَوْنِهِمَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا لِشَرْطٍ، فَفِيهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا تَقِلُّ مُؤْنَتُهُ مِثْلَ سَرْوِ الشَّرَبِ، وَهِيَ تَنْقِيَةُ مَا حَوْلَ النَّخْلِ مِنْ مَنَاقِعِ الْمَاءِ، وَخَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ كَنْسُهَا اهـ. قُلْت الْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ التَّابِعَ لِابْنِ شَاسٍ الْقَائِلَ: وَعَلَى الْعَامِلِ السَّقْيُ وَالْإِبَّارُ وَالتَّقْلِيمُ وَسَرْوُ الشَّرَبِ وَهِيَ تَنْقِيَةُ الْحِيَاضِ الَّتِي حَوْلَ الشَّجَرِ، ثُمَّ قَالَ فَأَمَّا سَدُّ الْحِظَارِ وَخَمُّ الْعَيْنِ وَهُوَ كَنْسُهَا وَرَمُّ الْقُفِّ وَهُوَ الْحَوْضُ الَّذِي يَسْقُطُ فِيهِ مَاءُ الدِّلَاءِ ثُمَّ يَجْرِي مِنْهُ إلَى الضَّفِيرَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ جَازَ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ اهـ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنْقِيَةِ تَنْقِيَةُ النَّبَاتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْعَمَلُ هُوَ الْقِيَامُ بِمَا تَفْتَقِرُ إلَيْهِ الثَّمَرَةُ مِنْ السَّقْيِ وَالْإِبَّارِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالْجَذَاذِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَعْنَى السَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةُ الدِّرَاسُ. ابْنُ فَرْحُونٍ يَدْخُلُ فِي التَّنْقِيَةِ تَنْقِيَةُ الْحَبِّ وَلَقْطُهُ فِي الْحَصَادِ وَتَنْقِيَةُ الثَّمَرِ يَوْمَ الْجَذَاذِ. اهـ. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهَا بِمَا ذَكَرَهُ تت تَبَعًا لِلشَّارِحِ. عِيَاضٌ سَرْوُ الشَّرَبِ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فِي الْكَلِمَةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ فِي الْكَلِمَةِ الثَّانِيَةِ الشَّرْبَةُ الْحُفْرَةُ حَوْلَ النَّخْلَةِ يَجْتَمِعُ الْمَاءُ فِيهَا يَسْقِيهَا جَمْعُهَا شَرَبَاتٌ وَسَرْوُهَا كَنْسُهَا مِمَّا يَقَعُ فِيهَا. (وَ) كَ (دَوَابَّ وَأُجَرَاءَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْجِيمِ مَمْدُودًا جَمْعُ أَجِيرٍ، مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ السُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنَّ عَلَى الْعَامِلِ جَمِيعَ الْمُؤْنَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالْأُجَرَاءِ وَالدَّوَابِّ وَالدِّلَاءِ وَالْجِمَالِ وَالْأَدَاةِ مِنْ حَدِيدٍ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، فَلِلْعَامِلِ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ. (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ عَلَى دَوَابِّ الْحَائِطِ وَرَقِيقِهِ فِيمَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ دَوَابِّ الْحَائِطِ وَرَقِيقِهِ كَانُوا لَهُ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ (وَكَسَا) الْعَامِلُ رَقِيقَ الْحَائِطِ الْمُحْتَاجِ لِكِسْوَةٍ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ وَأَنْ يَكْسُوَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا لَهُ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 392 لَا أُجْرَةَ مَنْ كَانَ فِيهِ،   [منح الجليل] هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِيهَا وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ دَوَابِّ الْحَائِطِ وَرَقِيقُهُ كَانُوا لَهُ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ نَفَقَتَهُمْ أَوْ نَفَقَةَ نَفْسِهِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ. رَبِيعَةُ وَلَا بَيْنَهُمَا، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ النَّفَقَةِ فِي ثَمَرَةِ الْحَائِطِ. اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ رَبِيعَةَ تَفْسِيرُ اللَّخْمِيِّ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ نَفَقَةُ دَوَابِّ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَيْهِ (لَا) يَلْزَمُ الْعَامِلَ (أُجْرَةُ مَنْ) أَيْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ الَّذِي (كَانَ فِيهِ) أَيْ الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ الْأُجْرَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ أُجْرَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ هُوَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فَأُجْرَتُهُ عَلَى رَبِّهِ فِي التَّوْضِيحِ، كَذَا فِي الْوَاضِحَةِ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً، قَالَ وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ غَيْرَ وَجِيبَةٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَا أُجَرَاءَ فِيهِ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْبَاجِيَّ، وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ وَجِيبَةٍ، قَالَ هَذَا إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا لِجَمِيعِ الْعَامِلِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا لِبَعْضِهِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ نَصًّا، وَعِنْدِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُتِمُّ الْعَمَلَ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ لَلَزِمَهُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْوَاضِحَةِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِيهَا وَمَا كَانَ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ التَّعَاقُدِ مِنْ دَوَابَّ وَرَقِيقٍ فَخَلَفَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ ذَلِكَ، وَأَنَّ عَلَيْهِمْ عَمَلَ الْعَامِلِ وَلَوْ شَرَطَ خَلَفَهُمْ عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَيْسَ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا كَلَامُ اللَّخْمِيِّ فَخَالَفَ لِظَاهِرِهَا لِأَنَّهُ إذْ كَانَ عَلَيْهِ خَلَفَ مَنْ مَاتَ مِنْ الْأَجْرِ، فَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَجِيبَةً أَوْ غَيْرَهَا وَكَذَلِكَ إذَا انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ فِي بَعْضِ الْعَامِ فَظَاهِرُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْأُجْرَةِ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ أَوْ اسْتِئْجَارُ شَخْصٍ خَلْفَهُ. ابْنُ نَاجِي ذِكْرُ الْمَوْتِ فِيهَا طَرْدِيٌّ، لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْإِبَاقُ وَالتَّلَفُ فِي أَوَّلِ الْعَمَلِ وَالْمَوْتِ قُلْت وَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَيْضًا لَوْ أَرَادَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنْ يُخْرِجَ مَنْ فِيهِ وَيَأْتِيَ بِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ فَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِيهِ مَقَالٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 393 أَوْ خَلَفَ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ كَمَا رَثَّ عَلَى الْأَصَحِّ:   [منح الجليل] أَوْ خَلَفَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ أَيْ تَعْوِيضُ (مَنْ مَاتَ) مِنْ رَقِيقٍ الْحَائِطِ وَدَوَابِّهِ (أَوْ) مَنْ مَرِضَ فَلَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ، بَلْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ فِيهَا لَا يَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ خَلْفَ مَا أَدْخَلَ الْعَامِلُ فِيهِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابَّ إنْ هَلَكَ وَأَمَّا مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ التَّعَاقُدِ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ فَخَلَفَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِمْ عَمَلُ الْعَامِلِ، وَلَوْ شَرَطَ خَلَفَهُمْ عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ خَلَفَ مَا أَدْخَلَ الْعَامِلُ فِيهِ أَوْ شَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ خَلَفَ مَا هَلَكَ مِمَّا كَانَ لِرَبِّ الْحَائِطِ فِيهِ رَدَّ الْعَامِلُ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ. الْبَاجِيَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْأُجَرَاءِ وَالدَّوَابِّ أَوْ مَرِضَ أَوْ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ مِمَّنْ هُوَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَعَلَيْهِ خَلْفُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ عَلَى عَمَلٍ فِي ذِمَّةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَكِنْ تَعَيَّنَ بِهَؤُلَاءِ بِالتَّسْلِيمِ وَالْيَدِ. وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْعَامِلِ فَقَالَ (كَ) خَلْفِ (مَا رَثَّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُثَلَّثَةُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ بَلَى وَتَقَطَّعَ مِنْ الدِّلَاءِ وَالْحِبَالِ إذَا فَنِيَتْ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَفْنَى فِيهِ مِثْلُهَا عَادَةً فَخَلَفُهَا عَلَى الْعَامِلِ لَا عَلَى رَبِّهَا لِأَنَّ لَهَا وَقْتًا مَعْلُومًا تَفْنَى فِيهِ، بِخِلَافِ ضَيَاعِهَا وَمَوْتِ الدَّوَابِّ فَخَلَفُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ الْبَاجِيَّ مِنْ الْخِلَافِ. قَالَ لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الْحِبَالِ وَالْآلَةِ حَتَّى خَلِقَ فَعَلَى الْعَامِلِ خَلَفُهُ، وَلَوْ سُرِقَ فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ خَلَفُهُ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. وَقِيلَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ خَلَفُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ هَذَا عَقِبَ قَوْلِهِ وَأَنْفَقَ وَكَسَا، وَقَبْلَ قَوْلِهِ لَا أُجْرَةَ مَنْ كَانَ فِيهِ لِإِيهَامِ تَأْخِيرِهِ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْعَامِلِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَوْلًا إلَّا أَنَّ الْبَاجِيَّ لَمْ يُصَحِّحْهُ فَلَا يَصِحُّ تَمْشِيَةُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا مَا رَثَّ عَلَى الْأَصَحِّ بِالنَّفْيِ، أَيْ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ خَلَفُ مَا رَثَّ، وَهَذَا صَحِيحٌ، وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّشْبِيهِ وَعَلَى هَذَا فَمِنْ حَقِّهِ ذِكْرُهُ قَبْلِ قَوْلِهِ لَا أُجْرَةَ إلَخْ الْحَطّ يَعْنِي إنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ مِنْ حِبَالٍ وَأَدْلِيَةٍ وَآلَاتٍ وَحَدِيدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عِنْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 394 كَزَرْعٍ، أَوْ قَصَبٍ، وَبَصَلٍ، وَمَقْثَأَةٍ؛ إنْ عَجَزَ رَبُّهُ، وَخِيفَ مَوْتُهُ   [منح الجليل] فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ إخْرَاجُهُ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ فَعَلَى الْعَامِلِ الْإِتْيَانُ بِهِ، فَإِذَا رَثَّ مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ مِنْ الْآلَاتِ أَيْ بَلِيَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ ذَكَرَ الْبَاجِيَّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ قَالَ وَكَوْنُهُ عَلَى الْعَامِلِ أَظْهَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ حَتَّى تَهْلَكَ عَيْنُهُ وَأَمَدُ انْتِهَائِهَا مَعْلُومٌ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَمَدَ هَلَاكِهِمَا، وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ خَلَفَهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ فَقَوْلُهُ كَمَا رَثَّ إنْ كَانَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ كَمَا فِي غَالِبِ النُّسَخِ حَقُّهُ ذِكْرُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ لَا أُجْرَةَ مَنْ كَانَ فِيهِ قَالَهُ " غ " لِأَنَّهُ مُشَبَّهٌ بِمَا هُوَ عَلَى الْعَامِلِ خَلَفٌ وَإِنْ كَانَ بِلَا النَّافِيَةِ فَهُوَ مِنْ الْمَنْفِيِّ قَبْلَهُ أَيْ لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ خَلَفُ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ مِمَّنْ كَانَ فِيهِ، وَعَلَيْهِ خَلَفُ مَا رَثَّ، فَلَوْ سُرِقَ مَا كَانَ فِي الْحَائِطِ مِنْ الْآلَاتِ كَانَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إخْلَافُهَا اتِّفَاقًا، فَإِذَا أَخْلَفَهَا رَبُّهُ انْتَفَعَ الْعَامِلُ بِهَا قَدْرَ مَا كَانَ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْمَسْرُوقُ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَمَنْ قَالَ إذَا بَلِيَ يَلْزَمُ رَبَّهُ خَلَفُهُ. قَالَ يَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَنْ قَالَ الْخَلَفُ عَلَى الْعَامِلِ قَالَ لِرَبِّهِ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ فَقَالَ (كَ) مُسَاقَاةِ (زَرْعٍ وَقَصَبِ) لِسُكْرِ (وَبَصَلٍ وَمَقْثَأَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ فَمُثَلَّثَةٍ (إنْ عَجَزَ رَبُّهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْكَافِ عَنْ عَمَلِهِ الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِ. الْبَاجِيَّ أَيْ عَنْ عَمَلِهِ الَّذِي يَتِمُّ بِهِ أَوْ يَنْمُو أَوْ يَبْقَى وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ. ابْنُ رُشْدٍ مَا غَيْرُ ثَابِتِ الْأَصْلِ كَالْمَقْثَأَةِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالزَّرْعِ وَالْكَمُّونِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ حَتَّى يَعْجِزَ عَنْهُ رَبُّهُ، هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ رَأَى أَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِالْمُسَاقَاةِ فِي الثِّمَارِ، فَجَعَلَ الزَّرْعَ وَمَا أَشْبَهَهُ أَحَطَّ رُتْبَةً مِنْهَا، فَلَمْ يُجِزْهَا فِيهِ إلَّا عِنْدَ شِدَّةِ الضَّرُورَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ إجَازَةِ الْمُسَاقَاةِ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ وَبَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ يَصِيرُ نَبَاتًا كَالشَّجَرِ. (وَ) إنْ (خِيفَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ (مَوْتُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 395 وَبَرَزَ، وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، وَهَلْ كَذَلِكَ الْوَرْدُ وَنَحْوُهُ وَالْقُطْنُ؟ أَوْ كَالْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] بَعْدَ الْكَافِ إنْ لَمْ يُسَقْ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (بَرَزَ) مِنْ أَرْضِهِ وَاسْتَقَلَّ (وَ) إنْ (لَمْ يَبْدُ) بِفَتْحٍ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَظْهَرُ (صَلَاحُهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْكَافِ فِيهَا إنَّمَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الزَّرْعِ إذَا اسْتَقَلَّ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَسْبَلَ إذَا احْتَاجَ إلَى الْمَاءِ وَكَانَ إنْ تُرِكَ مَاتَ فَأَمَّا بَعْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ. (وَ) اُخْتُلِفَ فِي جَوَابِ (هَلْ كَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْكَافِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ مُسَاقَاتِهِ عَلَى عَجْزِ رَبِّهِ وَخَوْفِ مَوْتِهِ وَبُرُوزِهِ وَعَدَمِ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (الْوَرْدُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَذَلِكَ (وَنَحْوُهُ) أَيْ الْوَرْدُ مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ فِي الْأَرْضِ كَالْيَاسَمِينِ وَالْآسِ بِمَدِّ الْهَمْزِ (وَالْقُطْنُ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ عُطِفَ عَلَى الْوَرْدِ الَّذِي يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِجَنْيِ ثَمَرَتِهِ مِرَارًا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَجَنْيِهَا مَرَّةً فَقَطْ فِي بَعْضٍ آخَرَ (أَوْ) الْوَرْدُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (كَالْأَوَّلِ) فِي صِحَّةِ مُسَاقَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ عَنْهُ رَبُّهُ وَلَمْ يَخَفْ مَوْتَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ كَوْنُهُ كَالْأَوَّلِ (الْأَكْثَرُ) مِنْ شَارِحِيهَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ يُفْهِمَانِ لِشَارِحَيْهَا. ابْنُ رُشْدٍ كَانَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَحْمِلُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْجَوَازِ فِي الْقُطْنِ وَالزَّرْعِ والمقاثئ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَجْزُ، وَفِيهَا مَنْعُهَا فِي الْقُرْطِ وَالْقَضْبِ وَالْمَوْزِ ابْنُ يُونُسَ وَمِثْلُ الْقَضْبِ الْبَقْلُ وَالْكُرَّاثُ، وَاخْتُلِفَ فِي الرَّيْحَانِ وَالْقَصَبِ الْحُلْوِ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَصَبُ السُّكَّرِ مِثْلُ الزَّرْعِ وَالْكَمُّونِ أَفَادَهُ " ق " الْحَطّ كَلَامُهَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ كَالشَّجَرِ، وَنَصُّهُ وَلَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالْقُطْنِ، وَأَمَّا المقاثئ وَالْبَصَلُ وَقَصَبُ السُّكَّرِ فَكَالزَّرْعِ يُسَاقَى إنْ عَجَزَ رَبُّهُ اهـ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا أَظْهَرُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْيَاسَمِينِ وَالْوَرْدِ جَائِزَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ لَمْ يَعْجِزْ صَاحِبُهُمَا عَنْ عَمَلِهِمَا. وَأَمَّا الْقُطْنُ فَاسْتَبْعَدَ ابْنُ رُشْدٍ الْجَوَازَ فِيهِ، وَأَشَارَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 396 وَأُقِّتَتْ بِالْجَذَاذِ، وَحُمِلَتْ عَلَى الْأَوَّلِ، إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ،   [منح الجليل] ابْنُ يُونُسَ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْقُطْنِ يَنْبَغِي أَنَّهُ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَيَكُونُ شَجَرُهُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَالْأُصُولِ الثَّابِتَةِ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ سِنِينَ، وَفِي بَعْضِهَا يَكُونُ كَالزَّرْعِ لَا أَصْلَ لَهُ ثَابِتٌ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ فِي الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ، فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي الْقُطْنِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ضَيْح وَ " ح " و " ق " إلَّا فِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَرْدَ وَنَحْوَهُ كَالشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ. (وَأُقِّتَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً، أَيْ أُجِّلَ كَذَلِكَ عَمَلُ الْمُسَاقَاةِ (بِالْجَذَاذِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَإِعْجَامِ الذَّالَيْنِ أَوْ إهْمَالُهُمَا، أَيْ بِقَطْعِ الثَّمَرَةِ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الشَّأْنُ فِي الْمُسَاقَاةِ إلَى الْجَذَاذِ لَا يَجُوزُ شَهْرًا وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً، وَهِيَ إلَى الْجَذَاذِ إذَا لَمْ يُؤَجِّلَا. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ تُطْعِمُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَهِيَ إلَى الْجَذَاذِ الْأَوَّلِ حَتَّى يَشْتَرِطَ الثَّانِي. الْحَطّ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ التَّوْقِيتُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا أَمْ لَا، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ يُشْتَرَطُ تَأْقِيتُهَا وَأَقَلُّهُ إلَى الْجَذَاذِ وَإِنْ أُطْلِقَتْ حُمِلَتْ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اشْتِرَاطُ التَّأْقِيتِ مَعَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْمُطَلَّقَةِ بَعِيدٌ. فَإِنْ قُلْت لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْجَهَالَةَ تُفْسِدُهَا وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى إطْلَاقِهَا. قُلْت فَتَكُونُ الْجَهَالَةُ مَانِعَةً مِنْ الصِّحَّةِ لَا أَنَّ التَّأْقِيتَ شَرْطُ صِحَّةٍ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا لَا تَجُوزُ شَهْرًا وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً، ظَاهِرُهُ كَانَ الْأَجَلُ يَنْقَضِي قَبْلَ أَجَلِ الْجَذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَنْقَضِي إلَّا بَعْدَ الْجَذَاذِ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ يَنْقَضِي قَبْلَهُ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَى الْجَذَاذِ، فَلِذَا قَالَ لَا تَجُوزُ شَهْرًا وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً. (وَ) إنْ أُقِّتَتْ بِالْجَذَاذِ وَكَانَ الشَّجَرُ يُطْعِمُ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ (حُمِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُسَاقَاةُ (عَلَى) جَذَاذِ بَطْنِ (أَوَّلَ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَقَاؤُهَا إلَى أَنْ يَجُذَّ بَطْنَ (ثَانٍ) فَإِنْ اُشْتُرِطَ اسْتَمَرَّتْ إلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ تُطْعِمُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 397 وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ؛ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ، وَكَانَ ثُلُثًا بِإِسْقَاطِ كُلْفَةِ الثَّمَرَةِ: وَإِلَّا فَسَدَ:   [منح الجليل] فَهِيَ إلَى الْجَذَاذِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُشْتَرَطَ الثَّانِي، وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ نَخْلٍ يُطْعِمُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ كَمَا تَجُوزُ مُسَاقَاةُ عَامَيْنِ، وَلَيْسَ مَا ذُكِرَ هُنَا كَمُسَاقَاةِ الْقَضْبِ يَحِلُّ بَيْعُهُ وَبَيْعُ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ وَالشَّجَرُ لَا تُبَاعُ ثِمَارُهَا قَبْلَ أَنْ تُزْهَى اهـ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَزَرْعٍ الْمُشَبَّهَ بِالشَّجَرِ فِي صِحَّةِ مُسَاقَاتِهِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهَا فَقَالَ (وَكَبَيَاضٍ) أَيْ أَرْضٍ خَالِيَةٍ مِنْ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ سُمِّيَتْ بَيَاضًا لِإِشْرَاقِهَا فِي النَّهَارِ بِشُعَاعِ الشَّمْسِ. وَفِي اللَّيْلِ بِنُورِ الْكَوَاكِبِ، فَإِنْ اسْتَتَرَتْ عَنْ ذَلِكَ بِوَرَقِ الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ سُمِّيَتْ سَوَادًا لَا سَوَادُهَا بِالظِّلِّ بَيْنَ (نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ) أَوْ مُجَاوِرٍ لَهُ فَيَصِحُّ إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِمَّا يُزْرَعُ فِيهِ (إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ) الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْجُزْءُ الْمَشْرُوطُ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ كَالثُّلُثِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا كَثُلُثِ أَحَدِهِمَا وَنِصْفِ الْآخَرِ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَصْبَغُ مُوَافَقَةَ الْجُزْءِ، وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ عِنْدَنَا بِفَاسَ بِأَنَّ الْبَيَاضَ لَا يُعْطَى إلَّا بِجُزْءٍ أَكْثَرَ فَلَهُ مُسْتَنَدٌ فَلَا يُشَوِّشُ عَلَى النَّاسِ، إذْ ذَاكَ يُذْكَرُ الْمَشْهُورُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. اهـ. بُنَانِيٌّ. (وَ) إنْ (بَذَرَهُ) أَيْ الْبَيَاضَ (الْعَامِلُ) مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ بَذْرُهُ مِنْ مَالِ رَبِّهِ أَوْ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَلَا تَصِحُّ، وَإِنْ نَزَلَ فَيُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ فِي النَّخْلِ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي الْبَيَاضِ (وَ) إنْ (كَانَ) كِرَاءُ الْبَيَاضِ (ثُلُثًا) مِنْ مَجْمُوعِهِ مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ أَوْ الْحَبِّ (بِإِسْقَاطِ كُلْفَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ مَا كُلِّفَتْ بِهِ وَأُنْفِقَ عَلَى (الثَّمَرَةِ) أَوْ الزَّرْعِ بِأَنْ كَانَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ عَشَرَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهَا عِشْرِينَ مَثَلًا. الْحَطّ وَبَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ وَهُوَ كَوْنُ حَرْثِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى الْعَامِلِ فَفِيهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ نِصْفُ الْبَذْرِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ حَرْثِ الْبَيَاضِ فَقَطْ وَإِنْ جَعَلَا الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَعْمَلَهُ وَمَا أَنْبَتَ فَبَيْنَهُمَا فَجَائِزٌ اهـ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ انْتَفَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا (فَسَدَ) عَقْدُ مُسَاقَاةِ الْبَيَاضِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 398 كَاشْتِرَاطِهِ رَبُّهُ، وَأُلْغِيَ لِلْعَامِلِ، إنْ سَكَنَا عَنْهُ، أَوْ اشْتَرَطَهُ   [منح الجليل] فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْبَيَاضُ الْمُتَّبَعُ مِثْلُ الثُّلُثِ فَأَدْنَى لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى مِثْلِ مَا أَخَذَ الْأُصُولُ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُلْغَى لِلْعَامِلِ وَهُوَ أَهْلُهُ، فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا فَجَائِزٌ إنْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْمُؤْنَةُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ يَسْقِيهِ. ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ بَعْلًا أَوْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ فَجَائِزٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا بَيَاضُ الزَّرْعِ كَبَيَاضِ النَّخْلِ، وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِلْمَوَّازِيَّةِ. ابْنُ عَبْدُوسٍ صِفَةُ اعْتِبَارِ التَّبَعِيَّةِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ خَمْسَةٌ، وَإِلَى غَلَّةِ النَّخْلِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ قَدْرِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، فَإِنْ بَقِيَ عَشَرَةٌ فَكِرَاءُ الْأَرْضِ الثُّلُثُ فَيَجُوزُ إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُ تَبَعٌ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ ثَمَانِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِزِيَادَةِ الْخَمْسَةِ عَلَى ثُلُثِ الْجُمْلَةِ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ مَعَ النَّخْلِ قَوْلًا وَاحِدًا. فِي ضَيْح الْبَيَاضُ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِنْ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ السَّوَادِ أَوْ مُنْفَرِدًا عَنْهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَبَيَاضِ شَجَرٍ لِكُلٍّ أَشْمَلَ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ فَقَالَ (كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الْبَيَاضَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلِهِ (رَبُّهُ) أَيْ الْبَيَاضُ لِيَزْرَعَهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فِي الْمُوَطَّإِ لَا يَصْلُحُ لِنَيْلِهِ سَقْيُ الْعَامِلِ، فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا رَبُّهُ عَلَى الْعَامِلِ، وَفِيهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ الْعَامِلُ يَسْقِيهِ (وَأُلْغِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تُرِكَ الْبَيَاضُ (لِلْعَامِلِ) يَبْذُرُهُ مِنْ مَالِهِ وَيَعْمَلُ فِيهِ وَيَخْتَصُّ بِمَا يُنْبِتُهُ (إنْ سَكَتَا) أَيْ رَبُّ الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ وَالْعَامِلُ (عَنْهُ) أَيْ الْبَيَاضِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَيْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ لَهُمَا وَلِأَحَدِهِمَا (أَوْ) إنْ (اشْتَرَطَهُ) أَيْ الْبَيَاضَ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ سَكَتَا عَنْ الْبَيَاضِ فِي الْعَقْدِ فَمَا زَرَعَ فِيهِ الْعَامِلُ فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً وَكَذَلِكَ لَوْ سَكَتَا عَنْهُ ثُمَّ تَشَاحَّا فِيهِ عِنْدَ الزِّرَاعَةِ فَهُوَ لِلْعَامِلِ وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. ابْنُ عَبْدُوسٍ وَإِذَا أُلْغِيَ لِلْعَامِلِ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِحِصَّةِ الْعَامِلِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ خِلَافَ هَذَا. وَقَالَ الْبَاجِيَّ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 399 وَدَخَلَ شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا وَجَازَ زَرْعٌ وَشَجَرٌ وَإِنْ غَيْرَ تَبَعٍ وَحَوَائِطَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِجُزْءٍ، إلَّا فِي صَفَقَاتٍ   [منح الجليل] يُرَاعَى فِي الْبَيَاضِ كَوْنُهُ تَبَعًا لِثَمَرَةِ جَمِيعِ الْحَائِطِ فَمَا يُلْغَى لِلْعَامِلِ، وَفِيمَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهُ فِي مُسَاقَاةِ النَّخْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَبَعِيَّتُهُ لِجَمِيعِ ثَمَرِ الْحَائِطِ فِي لَغْوِهِ وَفِي إدْخَالِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إنَّمَا ذَلِكَ فِي إدْخَالِهِ فِيهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي لَغْوِهِ لِلْعَامِلِ تَبَعِيَّتُهُ لِحَظِّهِ فَقَطْ اهـ. (وَ) إنْ عَقَدَ الْمُسَاقَاةَ لِزَرْعٍ فِيهِ شَجَرٌ تَابِعٌ لَهُ (دَخَلَ) فِيهَا لُزُومًا (شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ ثَمَرَتِهِ عَلَى مَا تَكُونُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ ثُلُثَ مَجْمُوعِهَا مَعَ قِيمَةِ الزَّرْعِ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ بِحَسَبِهَا، فَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِأَحَدِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ وَلَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِ مُسَاقَاةِ الزَّرْعِ لِأَنَّهُ الْمَتْبُوعُ، وَحُكْمُ عَكْسِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ فَيَدْخُلُ الزَّرْعُ التَّابِعُ لِلشَّجَرِ فِي مُسَاقَاتِهِ لُزُومًا، فَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِأَحَدِهِمَا وَالْمُعْتَبَرُ شُرُوطُ مُسَاقَاةِ الشَّجَرِ لِأَنَّهُ الْمَتْبُوعُ. (وَجَازَ) أَيْ يَجُوزُ (زَرْعٌ وَشَجَرٌ) أَيْ مُسَاقَاتِهِمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا (غَيْرَ تَبَعٍ) لِلْآخَرِ فِيهَا مَنْ سَاقَى رَجُلًا زَرْعًا عَلَى الثُّلُثِ وَنَخْلًا عَلَى النِّصْفِ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَا عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ جَمِيعًا وَيَعْجِزُ عَنْ الزَّرْعِ رَبُّهُ وَإِنْ كَانَا فِي نَاحِيَتَيْنِ (وَ) يَجُوزُ (حَوَائِطُ) أَيْ مُسَاقَاتِهَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ إنْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ، (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) أَصْنَافُهَا وَكَانَتْ (بِجُزْءٍ) وَاحِدٍ كَثُلُثِ كُلٍّ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، لِمُسَاقَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى الشَّطْرِ، وَفِيهِ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجُزْءَانِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَرُبْعٍ مِنْ الْآخَرِ فَلَا تَصِحُّ فِي كُلِّ حَالَةٍ (إلَّا فِي صَفَقَاتٍ) بِأَنْ تُعْقَدَ الْمُسَاقَاةُ عَلَى كُلِّ حَائِطٍ وَحْدَهُ، فِيهَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ إلَى رَجُلٍ حَائِطَيْنِ مُسَاقَاةُ أَحَدِهِمَا عَلَى النِّصْفِ وَالْآخَرُ عَلَى الثُّلُثِ فِي صَفْقَةٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ فِي السُّوقِ كَانَ هَذَا عَلَى الثُّلُثِ. وَهَذَا عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَقَدْ كَانَ فِي خَيْبَرَ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ حِينَ سَاقَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الشَّطْرِ كُلِّهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 400 وَغَائِبٍ إنْ وُصِفَ، وَوَصَلَهُ قَبْلَ طِيبِهِ وَاشْتِرَاطِ جُزْءِ الزَّكَاةِ   [منح الجليل] تَجُوزُ حَوَائِطُ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُتَّفِقَةٌ فِي صَفْقَةٍ بِشَرْطِ جُزْءٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا فِي صَفَقَاتٍ فَلَا شَرْطَ فِيهَا. (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُسَاقِيَ حَائِطَ (غَائِبٍ) بَعِيدٍ عَنْ بَلَدِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (إنْ وُصِفَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْحَائِطُ وَمَا فِيهِ مِنْ الشَّجَرِ (وَ) إنْ (وَصَلَهُ) أَيْ الْحَائِطُ الْغَائِبُ الْعَامِلَ إنْ سَافَرَ إلَيْهِ عَقِبَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (قَبْلَ طِيبِ) ثَمَرِ (هـ) فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طِيبِهِ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ حَائِطٍ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ إذَا وُصِفَ كَالْبَيْعِ، يُرِيدُ إذَا كَانَ يَصِلُ إلَيْهِ قَبْلَ طِيبِهِ، الْمُرَادُ بِوَصْفِهِ ذِكْرُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ، فَيَذْكُرُ مَا فِيهِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ إنْ كَانَ أَوَانُهُ لَا شَيْءَ فِيهِ مِنْهُمَا، وَهَلْ هُوَ بَعْلٌ أَوْ يُسْقَى بِعَيْنٍ أَوْ غَرْبٍ، وَوَصَفَ أَرْضَهُ مِنْ صَلَابَةٍ أَوْ ضِدِّهَا وَمَا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّجَرِ وَعَدَدِهَا وَالْقَدْرِ الَّذِي اُعْتِيدَ إثْمَارُهُ، أَشَارَ لَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي وَصْفُ رَبِّ الْحَائِطِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا قَالَهُ الْحَطّ. قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا وُصِفَ كَالْبَيْعِ. الثَّانِي: الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ رُؤْيَةَ الْعَامِلِ الْحَائِطَ السَّابِقَةَ الَّتِي لَا يَتَغَيَّرُ الْحَائِطُ بَعْدَهَا كَافِيَةٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ. الثَّالِثُ: الْحَطّ هَلْ تَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْغَائِبِ بِلَا وَصْفٍ وَبِلَا رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ، بِشَرْطِ خِيَارِ الْعَامِلِ بِالرُّؤْيَةِ كَالْبَيْعِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ تَشْبِيهِهَا فِيهَا بِالْبَيْعِ. الرَّابِعُ: فَإِنْ عَقَدَا فِي زَمَنٍ يَصِلُ الْعَامِلُ الْحَائِطَ فِيهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَتَوَانَى الْعَامِلُ فَلَمْ يُصَلِّ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طِيبِهِ فَلَا تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ قَالَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ. الْخَامِسُ: نَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي حَالِ سَفَرِهِ لِلْحَائِطِ فِي مَالِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) يَجُوزُ (اشْتِرَاطُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) عَلَى أَحَدِهِمَا، فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ تُشْتَرَطَ الزَّكَاةُ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 401 عَلَى أَحَدِهِمَا وَسِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا بِلَا حَدٍّ   [منح الجليل] حَظِّ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ سَاقَى عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا فَشَأْنُ الزَّكَاةِ أَنْ يَبْدَأَ بِهَا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُسَاقَاةَ مُزَكَّاةٌ عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ بِحَسَبِ ضَمِّهَا لِمَا لَهُ مِنْ غَيْرِهَا وَيُزَكَّى جَمِيعُهَا وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَرَبُّهَا مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا الزَّكَاةَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْحَائِطِ نِصَابٌ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ يُونُسَ بِلَا عَزْوٍ وَلَا تَشْهِيرٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْوَاجِبُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ جُمْلَةِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا أَوْ كَانَ لِرَبِّ الْحَائِطِ مَا إنْ ضَمَّهُ إلَيْهِ بَلَغَتْهُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ أَفَادَهُ " ق " الْحَطّ إنَّمَا يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ إذَا كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا وَفِي الْحَائِطِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ أَقَلُّ وَلَهُ ثَمَرٌ آخَرُ إذَا ضُمَّ إلَيْهِ بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ حُرًّا مُسْلِمًا أَمْ لَا، حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ أَمْ لَا، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْحَائِطِ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي حِصَّتِهِ، وَلَا فِي حِصَّةِ الْعَامِلِ، وَلَوْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا حَصَلَ لَهُ نِصَابٌ وَلَوْ حَصَلَ لِلْعَامِلِ مِنْ حَائِطٍ لَهُ غَيْرِ حَائِطِ الْمُسَاقَاةِ بَعْضُ نِصَابٍ فَلَا يَضُمُّهُ إلَى مَا حَصَلَ لَهُ فِي الْحَائِطِ، سَوَاءٌ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ أَمْ لَمْ تَجِبْ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، قَائِلًا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ الزَّكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ وَنَقَصَ ثَمَرُ الْحَائِطِ عَنْ النِّصَابِ، فَقِيلَ يَقْتَسِمَانِ الثَّمَرَةَ نِصْفَيْنِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لِرَبِّ الْحَائِطِ سِتَّةُ أَعْشَارِهَا وَلِلْعَامِلِ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ يَقْتَسِمَانِ الثَّمَرَةَ أَتْسَاعًا لِرَبِّ الْحَائِطِ خَمْسَةٌ وَلِلْعَامِلِ أَرْبَعَةٌ. وَقِيلَ يَقْتَسِمَانِهَا مِنْ عِشْرِينَ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا وَلِلْعَامِلِ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَهَذَا حَيْثُ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ النِّصْفَ وَإِلَّا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ. (وَ) تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ لِشَجَرٍ (سِنِينَ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (مَا لَمْ تَكْثُرْ) السُّنُونَ الْمُسَاقَى فِيهَا (جِدًّا) بِحَيْثُ تَتَغَيَّرُ الْأُصُولُ (بِلَا حَدٍّ) بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ فِي كُلِّ صُورَةٍ فِي الْمُعَيَّنِ مِنْ سِتَّةٍ لِأَرْبَعٍ، فَإِنْ كَثُرَتْ جِدًّا فُسِخَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَجُوزُ أَنْ يُسَاقِيَهُ سِنِينَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 402 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا، قِيلَ فَعَشَرَةٌ قَالَ لَا أَدْرِي تَحْدِيدَ عَشْرِ سِنِينَ وَلَا ثَلَاثِينَ وَلَا خَمْسِينَ. فِي التَّوْضِيحِ هَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ السَّنَةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ، فَلَوْ حُدِّدَ لَفُهِمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِّ فِي كُلِّ حَائِطٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْمُعِينِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا مِنْ سَنَةٍ إلَى أَرْبَعٍ وَذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ أَيْضًا ابْنُ الْحَاجِبِ تَجُوزُ سَنَتَيْنِ وَالْأَخِيرَةُ بِالْجَذَاذِ. الْمُوَضِّحُ فِي الْبَيَانِ لَا خِلَافَ فِي هَذَا، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْجَذَاذُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهَا. وَفِي الْمُعِينِ الصَّوَابُ فِيهَا أَنْ تُؤَرَّخَ بِالشُّهُورِ الْعَجَمِيَّةِ الَّتِي فِيهَا الْجَذَاذُ، فَإِنْ أُرِّخَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ فَانْقَضَتْ قَبْلَ الْجَذَاذِ فَعَلَى الْعَامِلِ التَّمَادِي إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ تَنْتَقِلُ. الْحَطّ فَإِنْ قَصَدَ تَحْدِيدَهَا بِالْعَرَبِيِّ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ عَلَى الْجَذَاذِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَسَدَتْ، وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ سَأَلْته عَنْ الَّذِي سَاقَى ثَلَاثَ سِنِينَ أَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ جَذَاذٍ إلَى جَذَاذٍ قَالَ بَلَى. ابْنُ رُشْدٍ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ أَنَّ السِّنِينَ فِي الْمُسَاقَاةِ إنَّمَا هِيَ بِالْأَهِلَّةِ لَا بِالْجَذَاذِ فَإِنْ سَاقَاهُ السِّنِينَ وَاشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْخُرُوجَ قَبْلَ الْجَذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ. اللَّخْمِيُّ الْمُسَاقَاةُ إلَى السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أُرِيدَ انْقِضَاءُ السَّقْيِ بِانْقِضَاءِ الثَّمَرَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي السَّنَتَيْنِ جَازَتْ، وَإِنْ قَصَدَ التَّمَادِي بِالْعَمَلِ إلَى انْقِضَاءِ شُهُورِ السَّنَةِ، وَإِنْ جُذَّتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَهَا فَلَا تَجُوزُ، وَلِلْعَامِلِ فِي السِّنِينَ الْأُولَى مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ، وَفِي الْأَخِيرَةِ حِينَ جَذِّ الثَّمَرَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَجْرُ مِثْلِهِ. الْحَطّ فَتَحْصُلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهَا تَحْدِيدُهَا بِالْجَذَاذِ؛ سَوَاءٌ عَقَدَاهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ أَوْ لِسِنِينَ فَإِنْ أَطْلَقَاهَا حُمِلَتْ عَلَى الْجَذَاذِ، وَإِنْ أَرَادَ التَّحْدِيدَ بِانْقِضَاءِ السَّنَةِ أَوْ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْجَذَاذِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ فَسَدَتْ. طفى فَالْمُعْتَبَرُ الْجَذَاذُ لَا الزَّمَانُ، فَلَا حَاجَةَ لِلتَّوْرِيخِ بِالْعَجَمِيِّ وَلَا بِالْعَرَبِيِّ، فَمَعْنَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجَذَاذُ، فَإِذَا أَرَّخَ فَيَكُونُ بِالْعَجَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجَذَاذُ عِنْدَهُ لَا مُطْلَقُهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْجَذَاذِ وَكَذَلِكَ بِالْعَرَبِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجَذَاذُ عِنْدَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِلِانْضِبَاطِ بِالْجَذَاذِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْعَجَمِيُّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 403 وَعَامِلٍ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا فِي الْكَبِيرِ وَقَسْمُ الزَّيْتُونِ حَبًّا كَعَصْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا   [منح الجليل] مِنْ الْعَرَبِيِّ إذَا كَثُرَ السُّنُونَ، فَإِذَا أَرَّخَ بِالْعَجَمِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجَذَاذُ عِنْدَهُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِكَثْرَةِ السِّنِينَ، بِخِلَافِ التَّوْرِيخِ بِالْعَرَبِيِّ الَّذِي يَكُونُ الْجَذَاذُ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ عِنْدَ كَثْرَةِ السِّنِينَ لِلِانْتِقَالِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجَذَاذُ قَوْلُهَا لَا تَجُوزُ شَهْرًا وَلَا سَنَةً مَحْدُودَةً، وَقَوْلُ الْمُعِينِ الصَّوَابُ فِي الْمُسَاقَاةِ أَنْ تُؤَرِّخَ بِالشُّهُورِ الْعَجَمِيَّةِ الَّتِي فِيهَا الْجَذَاذُ، فَقَيَّدَ الْعَجَمِيَّةَ بِاَلَّتِي فِيهَا الْجَذَاذُ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي فِيهَا الْجَذَاذُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يَجُوزُ اشْتِرَاطُ (عَامِلٍ) عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (دَابَّةً أَوْ غُلَامًا) أَيْ رَقِيقًا لِرَبِّ الْحَائِطِ يَعْمَلُ مَعَهُ (فِي) الْحَائِطِ (الْكَبِيرِ) وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ، فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا مَعًا. وَمَفْهُومُ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا فِي الْحَائِطِ الصَّغِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، إذْ قَدْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ فَيَصِيرُ الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ. الْحَطّ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ مَجْمُوعِهِمَا، بَلْ يُقَالُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الدَّابَّتَيْنِ وَالْغُلَامَيْنِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا. ابْنُ يُونُسَ إذَا اشْتَرَطَ الدَّابَّةَ أَوْ الْغُلَامَ فَخَلَفَ مَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، إذْ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الْعَامِلِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانُوا فِيهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ شَرَطَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَانَ عَلَى رَبِّهِ خَلَفُهُ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ. وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا شَرَطَ غُلَامًا أَوْ دَابَّةً فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ، وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ، وَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ. فِي الْبَيَانِ هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ. وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ وَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِجَمِيعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الْغُلَامَ أَوْ الدَّابَّةَ بِإِشَارَةٍ أَوْ تَسْمِيَةٍ فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ، وَإِلَّا فَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ اهـ. (وَ) يَجُوزُ اشْتِرَاطُ (قَسْمُ الزَّيْتُونِ حَبًّا) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) شَرْطِ (عَصْرِهِ) أَيْ الزَّيْتُونِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ الْعَامِلِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 404 وَإِصْلَاحِ جِدَارٍ، وَكَنْسِ عَيْنٍ، وَسَدُّ حَظِيرَةٍ، وَإِصْلَاحِ ضَفِيرَةٍ   [منح الجليل] أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِمَا وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَذَاذُ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ شَرَطَا قَسْمَ الزَّيْتُونِ حَبًّا جَازَ، وَلَوْ شَرَطَ عَصْرَهُ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ لِيَسَارَتِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْطٌ فَعَصْرُهُ بَيْنَهُمَا. اللَّخْمِيُّ عَصْرُ الزَّيْتُونِ عَلَى مَنْ شَرْطَاهُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. " ق " الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ قَسْمِ الزَّيْتُونِ حَبًّا وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَصْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَزِمَهُمَا أَنْ يَعْصِرَاهُ وَلَا يَقْتَسِمَاهُ إلَّا بَعْدَ عَصْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ مُنْتَهَى الْمُسَاقَاةِ فِي الزَّيْتُونِ جَنْيُهُ. فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الزَّيْتُونِ إنْ شَرَطَا قَسْمَهُ حَبًّا جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَطَا عَصْرَهُ عَلَى الْعَامِلِ جَازَ. أَبُو الْحَسَنِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِيَسَارَتِهِ. أَبُو إِسْحَاقَ إنْ شَرَطَ عَصْرَهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ جَازَ. ابْنُ يُونُسَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْطٌ فَعَصْرُهُ بَيْنَهُمَا، وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ. سَحْنُونٌ مُنْتَهَى مُسَاقَاتِهِ جَنَاهُ. اهـ. الْحَطّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يَجُوزُ اشْتِرَاطُ (إصْلَاحِ جِدَارٍ وَكَنْسِ عَيْنٍ وَشَدٍّ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ رَبْطٌ وَإِهْمَالُهَا أَيْ تَرْقِيعُ (حَظِيرَةٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أَعْوَادٌ تُجْعَلُ عَلَى أَعْلَى الْحَائِطِ لِمَنْعِ تَخَطِّيهِ فَفَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ (وَإِصْلَاحُ ضَفِيرَةٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ أَعْوَادٌ مَضْفُورَةٌ مُلْبِسَةٌ بِطِينٍ مُحِيطَةٌ بِالْمَاءِ الْمَجْمُوعِ لِسَقْيِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ لِمَنْعِهِ مِنْ السَّيَلَانِ كَالْحَوْضِ عَلَى الْعَامِلِ لِيَسَارَتِهَا فِيهَا تَنْقِيَةُ مَنَافِعِ الْمَاءِ وَخَمِّ الْعَيْنِ وَهُوَ كَنْسُهَا وَقَطْعُ الْجَرِيدِ وَإِبَارُ النَّخْلِ وَسَدُّ الْحِظَارِ، وَالْيَسِيرُ مِنْ إصْلَاحِ الضَّفِيرَةِ وَنَحْوِهَا. مِمَّا تَقِلُّ مُؤْنَتُهُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ حَبِيبٍ سَدُّ الْحِظَارِ هُوَ تَحْصِينُ الْجُدُرِ وَتَزْرِيبُهَا، وَالضَّفِيرَةُ هِيَ مَحْبِسُ الْمَاءِ وَمُجْتَمَعُهُ كَالصِّهْرِيجِ، فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَى الْعَامِلِ فَهِيَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا الْجَذَاذُ وَالتَّذْكِيرُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 405 أَوْ مَا قَلَّ   [منح الجليل] وَسَرْوِ الشَّرَبِ، فَإِنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ عِيَاضٌ الشَّرَبَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ: الْحُفْرَةُ حَوْلَ النَّخْلِ يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ لِسَقْيِهَا وَتَشْرَبُ عُرُوقُ النَّخْلَةِ مِنْهَا وَسَرْوُهَا بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ كَنْسُهَا وَتَنْقِيَتُهَا مِمَّا يَقَعُ فِيهَا وَتَوْسِعَتُهَا لِيَكْثُرَ فِيهَا الْمَاءُ. وَخَمٌّ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَنْسُ الْعَيْنِ مِمَّا لَعَلَّهُ يَسْقُطُ فِيهَا أَوْ يَنْهَارُ مِنْ التُّرَابِ. وَسَدُّ الْحِظَارِ بِالسِّينِ وَالشِّينِ، وَقِيلَ مَا حُظِرَ بِزَرْبٍ فَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَمَا كَانَ بِجِدَارٍ فَبِالْمُهْمَلَةِ. وَالضَّفِيرَةُ عِيدَانٌ تُنْسَجُ وَتُضَفَّرُ وَتُطَيَّنُ فَيَجْتَمِعُ الْمَاءُ فِيهَا كَالصِّهْرِيجِ. وَقِيلَ هِيَ مِثْلُ الْمُسَاقَاةِ الطَّوِيلَةِ فِي الْأَرْضِ تُجْعَلُ يَجْرِي الْمَاءُ فِيهَا بِخَشَبٍ وَحِجَارَةٍ يُضَفَّرُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ تَمْنَعُ مِنْ انْتِشَارِ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى يَصِلَ إلَى الْحَائِطِ، وَفِيهَا لِمَنْ أَخَذَ نَخْلًا مُسَاقَاةً فَغَارَ مَاؤُهَا بَعْدَ سَقْيِهِ أَنْ يُنْفِقَ فِيهَا بِقَدْرِ حَظِّ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ ثَمَرَةِ تِلْكَ السَّنَةِ لَا أَكْثَرَ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى حَظِّ رَبِّ الْحَائِطِ لَا يَلْزَمُهُ وَمِثْلُهُ فِي رُهُونِهَا خِلَافُ سَمَاعِ سَحْنُونٍ لُزُومُ الرَّاهِنِ إصْلَاحُهَا، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْمُسَاقَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْحَائِطِ غَيْرُهُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُصْلِحُهَا لِئَلَّا يَذْهَبَ عَمَلُ الْعَامِلِ هَدَرًا. (أَوْ) اشْتِرَاطُ (مَا) أَيْ عَمَلٌ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامُ مُثَقَّلَةٌ عَلَى الْعَامِلِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ لِيَسَارَتِهِ وَعَدَمِ بَقَائِهِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ غَالِبًا. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْكَثِيرِ عَلَى الْعَامِلِ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَفَتْقِ عَيْنٍ وَبِنَاءِ حَائِطٍ وَإِنْشَاءُ ضَفِيرَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْحَطّ لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِصْلَاحُ جِدَارٍ وَأَدْخَلَ عَلَيْهِ كَافًا فَقَالَ كَإِصْلَاحِ جِدَارٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ عِلَّةَ جَوَازِ اشْتِرَاطِهَا عَلَى الْعَامِلِ يَسَارَتُهَا، قَالَ فِيهَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا تَقِلُّ مُؤْنَتُهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إنْ كَانَ يَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهَا أَوْ يَبْقَى بَعْدَهَا مِنْهُ الشَّيْءُ فَهُوَ جَائِزٌ مِثْلُ التَّذْكِيرِ وَالتَّلْقِيحِ وَالسَّقْيِ وَإِصْلَاحِ مَوَاضِعِهِ وَجَلْبِ الْمَاءِ وَالْجَذَاذِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ، فَهَذَا وَشِبْهُهُ لَازِمٌ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أَخْذُ الْعِوَضِ، وَإِنْ كَانَ يَبْقَى بَعْدَ انْقِطَاعِهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 406 وَتَقَايُلُهُمَا هَدَرًا وَمُسَاقَاةُ الْعَامِلِ آخَرَ وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً،   [منح الجليل] أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ رَبُّهَا مِثْلَ حَفْرِ بِئْرٍ بِهَا أَوْ بِنَاءِ بَيْتٍ يَجْنِي فِيهِ كَالْجَرِينِ أَوْ إنْشَاءِ غَرْسٍ فَهَذَا لَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ يَنْفَرِدُ بِهَا رَبُّ الْحَائِطِ فَهِيَ كَالْوَجْهِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَا يَتَعَلَّقُ بِالثَّمَرَةِ. (وَ) يَجُوزُ (تَقَايُلُهُمَا) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ تَقَايُلًا (هَدَرًا) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ سَاقَى رَجُلًا ثَلَاثَ سِنِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ إلَّا أَنْ يَتَتَارَكَا بِغَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْآخَرِ فَيَجُوزُ، وَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إذْ لِلْعَامِلِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ، فَرَبُّهُ إذًا تَارِكُهُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَمَنْ سَاقَيْتُهُ حَائِطَكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيلَكَ عَلَى شَيْءٍ تُعْطِيهِ إيَّاهُ كَانَ قَدْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ غَرَّرَ إنْ كَانَ أَثْمَرَ النَّخْلُ، فَإِنَّهُ بَيْعٌ لِلثَّمَرِ قَبْلَ زَهْوِهِ، وَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ فَهُوَ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ إذْ لِلْعَامِلِ أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ اسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ مُتَارَكَةِ رَبِّ الْحَائِطِ بِجَوَازِ مُسَاقَاةِ الْغَيْرِ، فَجَعَلَ الْمُتَارَكَةَ مُسَاقَاةً انْعَقَدَتْ بِغَيْرِ لَفْظِهَا لِأَنَّهَا إقَالَةٌ وَهِيَ مَعْرُوفٌ، فَإِنْ تَقَايَلَا عَلَى شَيْءٍ يُعْطِيهِ إيَّاهَا وَلَمْ يَعْثُرْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى فَاتَ بِالْعَمَلِ رُدَّ فِيمَا عَمِلَ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَى جُزْءٍ مُسَمًّى فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ خَوْفَ أَنْ تَكُونَ الْمُسَاقَاةُ أَظْهَرَتْ أَوَّلًا وَآخِرًا ذَرِيعَةً لِإِجَارَةٍ فِي مُدَّةِ عَمَلٍ بِجُزْءِ الثَّمَرَةِ، فَيُرَدُّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ تَقَايَلَا عَلَى الْجُزْءِ لِأَمْرٍ بَدَا لَهُمَا دُونَ دُلْسَةٍ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهَا مُسَاقَاةٌ صَحِيحَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقِبَلَهُ الْمُوَضِّحُ. (وَ) تَجُوزُ (مُسَاقَاةُ الْعَامِلِ) عَامِلًا (آخَرَ) إنْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ فِي الْأَمَانَةِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (أَقَلَّ أَمَانَةً) مِنْهُ. فِيهَا لِمَنْ سُوقِي فِي أُصُولٍ أَوْ زَرْعِ مُسَاقَاةَ غَيْرِهِ فِي مِثْلِ أَمَانَتِهِ، فَإِنْ سَاقَى غَيْرَ أَمِينٍ ضَمِنَ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ دَفْعُهُ لِأَمِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 407 وَحُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا، وَضَمِنَ. فَإِنْ عَجَزَ وَلَمْ يَجِدْ: أَسْلَمَهُ هَدَرًا وَلَمْ تَنْفَسِخْ بِفَلَسِ رَبِّهِ، وَبِيعَ: مُسَاقًى   [منح الجليل] الْأَمَانَةِ، وَحَمَلَ عَلَى ضِدِّهَا وَضَمِنَ الْحَطّ تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ عَامِلًا آخَرَ عَلَى مِثْلِ الْجُزْءِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَبْلَهُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا لَازِمَةٌ، وَعَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ فَلَا تَجُوزُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ إلَّا بِرِضَا رَبِّهِ، وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي سَاقَى عَلَيْهِ رَبُّ الْحَائِطِ كَأَنْ سَاقَاهُ بِالنِّصْفِ وَقَدْ سُوقِيَ بِالرُّبْعِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الثَّانِيَ يَأْخُذُ مَا سَاقَى عَلَيْهِ رَبَّ الْحَائِطِ، وَيُتْبِعُ الْأَوَّلَ بِتَمَامِ مَا سَاقَاهُ بِهِ، وَإِنْ سَاقَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا سَاقَاهُ بِهِ رَبُّ الْحَائِطِ بِأَنْ سَاقَاهُ بِالرُّبْعِ وَقَدْ سَاقَاهُ رَبُّ الْحَائِطِ بِالنِّصْفِ فَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْعَمَلِ كَانَ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَازِمَةٌ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَحُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْعَامِلُ الثَّانِي عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِ (عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ الْأَمَانَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمِينٌ (وَضَمِنَ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مُوجِبَ فِعْلِ الثَّانِي غَيْرَ الْأَمِينِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي شَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ (فَإِنْ عَجَزَ) الْعَامِلُ عَمَّا يَلْزَمُهُ عَمَلُهُ فِي الْحَائِطِ أَوْ الزَّرْعِ (وَلَمْ يَجِدْ) أَمِينًا يُسَاقِيهِ (أَسْلَمَهُ) أَيْ الْعَامِلُ الْحَائِطَ أَوْ الزَّرْعَ لِرَبِّهِ (هَدَرًا) أَيْ بِلَا شَيْءٍ يَأْخُذُهُ مِنْ رَبِّهِ لِأَنَّهَا كَالْجُعْلِ فِي تَوَقُّفِ اسْتِحْقَاقِ عِوَضِهَا عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ. فِيهَا إنْ عَجَزَ عَنْ السَّقْيِ قِيلَ لَهُ سَاقِ مَنْ شِئْت أَمِينًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَسْلَمَ الْحَائِطَ لِرَبِّهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ. (وَلَمْ تَنْفَسِخْ) الْمُسَاقَاةُ (بِفَلَسِ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطِ سَوَاءٌ فَلَسَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (وَ) بِيعَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْحَائِطُ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِ رَبِّهِ عَلَى أَنَّهُ (مُسَاقًى) فِيهَا إنْ فَلَسَ رَبُّ الْحَائِطِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ كَانَ قَدْ عَمِلَ أَمْ لَا، وَيُقَالُ لِلْغُرَمَاءِ بِيعُوا الْحَائِطَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ فِي مُسَاقًى كَمَا هُوَ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ أَجَزْته وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ حَائِطَهُ قَبْلَ الْإِبَارِ وَاسْتَثْنَى ثَمَرَتَهُ فَلَا تُجِيزُهُ. قَالَ هَذَا وُجِدَ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ، وَلَيْسَ هَذَا عِنْدِي اسْتِثْنَاءَ ثَمَرَةٍ. الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِيعَ سَوَاءٌ كَانَ سَاقَاهُ سَنَةً أَوْ سِنِينَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ فِي السِّنِينَ، وَصَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 408 وَمُسَاقَاةُ وَصِيٍّ وَمَدِينٍ بِلَا حَجْرٍ. وَدَفْعُهُ لِذِمِّيٍّ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا. لَا مُشَارَكَةُ رَبِّهِ   [منح الجليل] وَ) تَجُوزُ (مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ) حَائِطَ مَحْجُورِهِ لِأَنَّهَا مِنْ تَصَرُّفِهِ لَهُ (وَ) تَجُوزُ مُسَاقَاةُ (مَدِينٍ بِلَا حَجْرٍ) مِنْ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ حَائِطُهُ لِأَنَّهَا كَكِرَائِهِ لِأَرْضِهِ وَدَارِهِ وَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ فَسْخُهَا، فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ نَزَلَتْ فَلَهُمْ فَسْخُهَا فِيهَا لِلْوَصِيِّ دَفْعُ حَائِطِ الْأَيْتَامِ مُسَاقَاةً، لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ لَهُمْ جَائِزٌ، وَلِلْمَأْذُونِ دَفْعُ الْمُسَاقَاةِ وَأَخْذُهَا، وَلِلْمِدْيَانِ دَفْعُ الْمُسَاقَاةِ كَكِرَائِهِ أَرْضَهُ وَدَارَهُ ثُمَّ لَيْسَ لِغُرَمَائِهِ فَسْخُ ذَلِكَ وَلَوْ سَاقَى أَوْ أَكْرَى بَعْدَ قِيَامِهِمْ فَلَهُمْ فَسْخُهُ. (وَ) يَجُوزُ (دَفْعُهُ) أَيْ الْحَائِطِ (لِذِمِّيٍّ) يَعْمَلُ فِيهِ مُسَاقَاةً إنْ (لَمْ يَعْصِرْ) الذِّمِّيُّ (حِصَّتَهُ) أَيْ الذِّمِّيِّ الَّتِي يَأْخُذُهَا فِي نَظِيرِ عَمَلِهِ مِنْ الْعِنَبِ وَنَحْوِهِ (خَمْرًا) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ رَبُّ الْحَائِطِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يَعْصِرُهَا خَمْرًا فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَهُ عَلَى عِصْيَانِهِ. فِيهَا كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَخْذُك مِنْ نَصْرَانِيٍّ مُسَاقَاةً أَوْ قِرَاضًا وَلَسْتُ أَرَاهُ حَرَامًا، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَدْفَعَ نَخْلَك إلَى نَصْرَانِيٍّ مُسَاقَاةً إنْ أَمِنْت أَنْ يَعْصِرَ حِصَّتَهُ خَمْرًا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ كَيْفَ قَالَ مَالِكٌ هَذَا وَقَدْ «سَاقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْأَمْنَ مِنْ عَصْرِ الْخَمْرِ» إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَمْنُوعُ إذَا كَانُوا يَسْقُونَهَا مُسْلِمًا وَلَا يُقَالُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ لِأَنَّ فَتْحَ خَيْبَرَ بَعْدَ تَحْرِيمِهَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ حَمْلُهُ عَلَى عَدَمِ الْأَمْنِ حَتَّى يُعْلَمَ الْأَمْنُ (لَا) تَجُوزُ (مُشَارَكَةُ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطِ الْعَامِلَ فِي عَمَلِ الْمُسَاقَاةِ، سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِ أَنْتَ وَأَنَا حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ أَنْ يُسَلِّمَ الْحَائِطَ إلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ وَفَاتَ فَالْعَامِلُ أَجِيرٌ، لِأَنَّ رَبَّهُ شَرَطَ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ إنَّمَا أَعْطَاهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ رَبُّ الْحَائِطِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ نَزَلَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُرَدُّ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ وَلَا يُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ كَاشْتِرَاطِهِ غُلَامًا أَوْ دَابَّةً يَعْمَلُ مَعَهُ إذَا كَانَ الْحَائِطُ كَبِيرًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 409 أَوْ إعْطَاءُ أَرْضٍ لِتُغْرَسَ، فَإِذَا بَلَغَتْ، كَانَتْ مُسَاقَاةً، أَوْ شَجَرٍ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ، وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا. وَفُسِخَتْ فَاسِدَةٌ بِلَا عَمَلٍ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ: إنْ وَجَبَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ،   [منح الجليل] أَوْ) أَيْ لَا يَجُوزُ (إعْطَاءُ أَرْضٍ) شَخْصًا (لِيَغْرِسَ) الشَّخْصُ فِيهَا شَجَرَ كَذَا وَكَذَا وَيَخْدُمَهَا (فَإِذَا بَلَغَتْ) الْأَشْجَارُ الْإِثْمَارَ (كَانَتْ مُسَاقَاةً) سِنِينَ سَمَّاهَا فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَتْ فُسِخَتْ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ فَلَا تُفْسَخُ الْمُسَاقَاة، وَلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ، وَفِي سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فَضْلٌ، وَلَهُ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَانَتْ مُسَاقَاةً بِأَنْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَاغْرِسْهَا نَوْعًا مُعَيَّنًا فَإِنْ بَلَغَتْ قَدْرًا مَخْصُوصًا كَانَ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ بَيْنَنَا صَحَّتْ، وَكَانَتْ مُغَارَسَةً، فَإِنْ انْخَرَمَ شَرْطٌ مِنْهَا فَسَدَتْ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَعَلَى الْغَارِسِ نِصْفُ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ غَرْسِهَا بَرَاحًا وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ يَوْمَ بَلَغَ وَهُمَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا. (أَوْ) أَيْ لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ (شَجَرٍ لَمْ تَبْلُغْ) الْإِثْمَارَ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهَا (خَمْسَ سِنِينَ وَهِيَ) أَيْ الشَّجَرُ (تَبْلُغُ) الْإِثْمَارَ (أَثْنَاءَهَا) أَيْ الْخَمْسِ سِنِينَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مَثَلًا عَبْدُ الْحَقِّ فَإِنْ عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ بُلُوغِهَا الْإِطْعَامُ فُسِخَ وَلَهُ نَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَإِذَا عَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَالْعَمَلِ فَلَا تُفْسَخُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَلَهُ فِيهَا مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ، قَوْلُهُ نَفَقَتُهُ أَيْ مَا أَنْفَقَهُ فِي الشَّجَرِ (وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُسَاقَاةٌ (فَاسِدَةً) بِعَدَمِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ (بِلَا عَمَلٍ) أَيْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ فِيهَا مُسَاقَاةَ الْمِثْلِ، أَوْ أُجْرَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُضَيِّعُ شَيْئًا عَلَى الْعَامِلِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي جَوَّزَهُ الشَّارِعُ فَإِنَّهَا تُفْسَخُ مَا لَمْ تَفُتْ بِالْعَمَلِ وَيُرَدُّ الْحَائِطُ إلَى رَبِّهِ. (أَوْ) ظَهَرَ فَسَادُهَا (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْعَمَلِ (أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ) مُسَاقًى عَلَيْهِ فَتُفْسَخُ (إنْ وَجَبَتْ) فِيهَا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِلْعَامِلِ، وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ السَّابِقِ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 410 وَبَعْدَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ: إنْ خَرَجَا عَنْهَا كَإِنْ ازْدَادَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا، وَإِلَّا فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ:   [منح الجليل] فَسْخِهَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ تَجِبُ فِيهَا مُسَاقَاةٌ فَلَا تُفْسَخُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِئَلَّا يَضِيعَ عَمَلُ الْعَامِلِ فَيُتَمِّمَ الْعَمَلَ، وَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ الْعِوَضَ إلَّا مِنْ الثَّمَرَةِ، فَلَوْ فُسِخَتْ قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَنَّهَا كَالْجُعْلِ لَا يَسْتَحِقُّ عِوَضَهَا إلَّا بِالْإِتْمَامِ. ابْنُ رُشْدٍ مَا يُرَدُّ فِيهِ الْعَامِلُ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ يُفْسَخُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ. عِيَاضٌ وَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ عَمَلِهِ، وَأَمَّا مَا يُرَدُّ فِيهِ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ فَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَعْمَلْ، فَإِنْ فَاتَ بِابْتِدَائِهِ الْعَمَلُ بِمَا لَهُ بَالٌ فَلَا تُفْسَخُ إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا، وَلَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْوَامِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ. (وَ) إنْ ظَهَرَ فَسَادُهَا (بَعْدَ) تَتْمِيمِ الْعَامِلِ لَ (هـ) أَيْ الْعَمَلِ فَلَهُ (أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ) كَانَا (خَرَجَا) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلُ فِي عَقْدِهِمَا (عَنْ) حَقِيقَتِهَا (هَا) أَيْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (كَأَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّمْثِيلِ صِلَتُهُ (ازْدَادَ) أَيْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ زِيَادَةً عَنْ حَظِّهِ عَنْ الثَّمَرِ، وَمَفْعُولُ ازْدَادَ (عَيْنًا أَوْ عَرْضًا) فَإِنْ كَانَ آخِذُ الْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ الْعَامِلَ فَقَدْ خَرَجَ إلَى إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إذْ آلَ أَمْرُهُمَا إلَى اسْتِئْجَارِ رَبِّ الْحَائِطِ الْعَامِلَ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ، وَبِجُزْءِ الثَّمَرَةِ الْمَجْهُولِ، وَإِنْ كَانَ آخِذُهُ رَبَّ الْحَائِطِ فَقَدْ خَرَجَا إلَى بَيْعِ جُزْءِ الثَّمَرِ قَبْلَ زَهْوِهِ بِالْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ وَعَمَلِ الْعَامِلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا فِي عَقْدِهِمَا عَنْ حَقِيقَةِ الْمُسَاقَاةِ (فَ) لَهُ (مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ الْجُزْءُ الَّذِي يُسَاقَى بِهِ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَائِطِ فِي الثَّمَرَةِ فَإِنْ أُجِيحَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، فَفِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ أُجِيحَتْ. عِيَاضٌ الْخِلَافُ الْجَارِي فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ كُلُّهُ جَارٍ فِي الْمُسَاقَاةِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ فَاتَتْ بِالْعَمَلِ فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُمَا إذَا خَرَجَا فِيهَا عَنْ حُكْمِهَا إلَى حُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِمَا اشْتَرَطَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ زِيَادَةٍ يَزِيدُهَا إيَّاهَا خَارِجَةٍ عَنْهَا، فَإِنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهَا حَتَّى فَاتَتْ بِالْعَمَلِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 411 كَمُسَاقَاتِهِ مَعَ ثَمَرٍ أَطْعَمَ، أَوْ مَعَ بَيْعٍ، أَوْ اشْتَرَطَ عَمَلَ رَبِّهِ، أَوْ دَابَّةٍ، أَوْ غُلَامٍ، وَهُوَ صَغِيرٌ، أَوْ حَمْلَهُ لِمَنْزِلِهِ، أَوْ يَكْفِيهِ مُؤْنَةً أُخْرَى، أَوْ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ بِسِنِينَ أَوْ حَوَائِطَ:   [منح الجليل] يُسَاقِيَهُ فِي حَائِطِهِ عَلَى أَنْ يُزِيدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا مِنْ الْعُرُوضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنْ سَاقَاهُ عَلَى أَنْ يُزِيدَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلِ حَائِطِهِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْعُرُوضِ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ، فَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إذَا سَاقَاهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْعَامِلَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا فَقَدْ اشْتَرَى جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الْعُرُوضِ وَبِعَمَلِهِ فِي الْحَائِطِ، فَوَجَبَ رَدُّهُ إلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَيْضًا. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْرُجَا عَنْ حُكْمِهَا فَإِنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ. وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِمَا يُرَدُّ فِيهِ لِمُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فَقَالَ (كَمُسَاقَاتِهِ) لِحَائِطَيْنِ (مَعَ شَجَرٍ أَطْعَمَ) أَيْ بَلَغَ الْإِثْمَارَ فِي أَحَدِهِمَا، وَشَجَرٍ لَمْ يُطْعِمْ، أَيْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ فِي الْحَائِطِ الْآخَرِ أَوْ لِحَائِطٍ وَاحِدٍ فِيهِ شَجَرٌ مُطْعِمٌ وَشَجَرُ غَيْرِهِ مُطْعِمٌ، وَلَيْسَ الثَّانِي تَبَعًا لِلْأَوَّلِ (أَوْ) مُسَاقَاةِ شَجَرًا أَوْ زَرْعًا (مَعَ بَيْعٍ) فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ (أَوْ) مُسَاقَاةٍ (اشْتَرَطَ) الْعَامِلُ فِيهَا (عَمَلَ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطِ مَعَهُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَائِطُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (أَوْ) مُسَاقَاةٍ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ فِيهَا عَمَلَ (دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ) لِرَبِّ الْحَائِطِ مَعَهُ فِيهِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَائِطُ (صَغِيرًا أَوْ) مُسَاقَاةٍ اشْتَرَطَ فِيهَا رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ مَا يَخُصُّ رَبَّ الْحَائِطِ مِنْ الثَّمَرَةِ مِنْ الْحَائِطِ (حَمْلَهُ لِمَنْزِلِهِ) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ. (أَوْ) مُسَاقَاةٍ اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ فِيهَا عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يَكْفِيَهُ) أَيْ الْعَامِلُ رَبَّ الْحَائِطِ (مُؤْنَةَ) حَائِطٍ (آخَرَ) بِأَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ بِلَا جُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ (أَوْ) مُسَاقَاةِ الْحَائِطِ سِنِينَ وَ (اخْتَلَفَ الْجُزْءُ) الْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ (بِ) اخْتِلَافِ (سِنِينَ) كَثُلُثٍ فِي سَنَةٍ وَنِصْفٍ فِي أُخْرَى وَرُبْعٍ فِي أُخْرَى (أَوْ) مُسَاقَاةِ حَوَائِطَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَ الْجُزْءُ بِاخْتِلَافِ (حَوَائِطَ) كَنِصْفٍ فِي حَائِطٍ وَثُلُثٍ فِي حَائِطٍ. وَشَبَّهَ فِي مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فَقَالَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 412 كَاخْتِلَافِهِمَا، وَلَمْ يُشْبِهَا. وَإِنْ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْتَهُ، فَأَلْفَيْته سَارِقًا: لَمْ تَنْفَسِخْ، وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ : كَبَيْعِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَلَسِهِ   [منح الجليل] (كَاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلُ بَعْدَ الْعَمَلِ فِي قَدْرِ الْجُزْءِ الْمَشْرُوطِ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ (وَلَمْ يُشْبِهَا) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلُ بِأَنْ ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ جُزْءًا أَقَلَّ مِنْ الْمُعْتَادِ جِدًّا وَالْعَامِلُ أَكْثَرَ مِنْهُ جِدًّا فَيُرَدَّانِ إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا. ابْنُ رُشْدٍ وَاَلَّذِي وُجِدَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُرَدُّ فِيهِ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ، اثْنَانِ مِنْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُمَا إذَا سَاقَاهُ فِي حَائِطٍ وَفِيهِ ثَمَرٌ قَدْ أَطْعَمَ، وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُسَاقِي عَلَى الْمُسَاقَى لَهُ يَعْمَلُ مَعَهُ فِي الْحَائِطِ، وَاثْنَانِ مِنْهَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُمَا الْبَيْعُ وَالْمُسَاقَاةُ فِي صَفْقَةٍ وَالْمُسَاقَاةُ سَنَتَيْنِ إحْدَاهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالْأُخْرَى عَلَى النِّصْفِ، فَفِي هَذِهِ كُلِّهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ. عِيَاضٌ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةٌ خَامِسَةٌ وَهِيَ مُسَاقَاةُ حَائِطٍ عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ مُؤْنَةَ أُخْرَى، وَكَذَلِكَ تَلْزَمُ فِي حَائِطَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَجْزَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا لَيْسَ فِي الْحَائِطِ وَهُوَ صَغِيرٌ تَكْفِيهِ الدَّابَّةُ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ حَظَّ رَبِّ الْمَالِ إلَى مَنْزِلِهِ فَفِي هَذِهِ يُرَدُّ إلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ. (وَإِنْ سَاقَيْته) حَائِطَك (أَوْ أَكْرَيْتَهُ) دَارَك (فَأَلْفَيْتُهُ) بِالْفَاءِ أَيْ وَجَدْته (سَارِقًا) يُخْشَى مِنْهُ سَرِقَةُ الثَّمَرَةِ وَمَا يَسْقُطُ مِنْ الشَّجَرِ أَوْ الْأَبْوَابِ وَنَحْوِهَا (لَمْ تَنْفَسِخْ) مُسَاقَاتُهُ وَلَا كِرَاؤُهُ (وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ) رَبُّ الْحَائِطِ أَوْ الدَّارِ. وَأَمَّا إنْ اكْتَرَيْتُهُ لِلْخِدْمَةِ فَوَجَدْته سَارِقًا فَلَكَ الْفَسْخُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ. فِيهَا وَمَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَأَلْفَاهُ سَارِقًا فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، فَقِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَجِيرَ فِي الْخِدْمَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهُ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كِرَاءَ الْعَبْدِ لِلْخِدْمَةِ وَقَعَ فِي مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ فَهُوَ كَمَنْ اشْتَرَى دَابَّةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَالْمُفْلِسِ وَالْمُسَاقِي فَإِنَّمَا وَقَعَ الْكِرَاءُ فِيهَا عَلَى الذِّمَّةِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ فَقَالَ (كَبَيْعِهِ) أَيْ الْمُفْلِسِ سِلْعَةً يَقْبِضُ مِنْهُ ثَمَنَهَا (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْبَائِعُ لَهُ (بِفَلَسِهِ) فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ لِتَفْرِيطِهِ فِي عَدَمِ السُّؤَالِ عَنْ حَالِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ لَهُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 413 وَسَاقِطُ النَّخْلِ: كَلِيفٍ: كَالثَّمَرَةِ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ   [منح الجليل] فِيهَا وَمَنْ سَاقَيْته حَائِطَك أَوْ أَكْرَيْتَهُ دَارَك ثُمَّ أَلْفَيْته سَارِقًا فَلَا يُفْسَخُ سِقَاءٌ وَلَا كِرَاءٌ وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ فَإِذَا هُوَ مُفْلِسٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ بِفَلَسِهِ أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ لَزِمَهُ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ حَقَّكَ فِي السِّقَاءِ وَالْكِرَاءِ وَقَعَ عَلَى مَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ وَالْمُكْتَرِي وَالْمُفْلِسُ، إنَّمَا وَقَعَ شِرَاؤُك عَلَى الذِّمَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهُ أَكْرَى عَلَيْهِ وَسُوقِيَ عَلَيْهِ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ. (وَسَاقِطُ النَّخْلِ) أَيْ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ (كَلِيفٍ) وَجَرِيدٍ وَثَمَرَةٍ تُلْقِيهَا الرِّيحُ أَوْ غَيْرُهَا (كَالثَّمَرَةِ) فِي الْقَسْمِ بَيْنَ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا كَانَ مِنْ سَوَاقِطِ النَّخْلِ مِنْ بَلَحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْجَرِيدِ وَاللِّيفِ وَتِبْنِ الزَّرْعِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا مِنْ الْأَجْزَاءِ (وَ) إنْ تَنَازَعَا فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَفَسَادِهَا فَ (الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَلَبَ فَسَادُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّوَابِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَسَاقِيَيْنِ فَسَادًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ. اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَلَالِ، سَوَاءٌ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَيَحْلِفُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ وَفَصَّلَ فِي تَوْجِيهِ الْيَمِينِ فِي اخْتِلَافِهِمَا قَبْلَهُ لَا بَعْدَهُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ. الْحَطّ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّامِلِ وَصُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ. أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ مَا فِي الشَّامِلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ، فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ يُونُسَ وَالتَّلْقِينِ وَالتُّونُسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا بَعْدَ الْعَمَلِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا تَعَاقَدَا فَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنَا سَاقَيْتُك الْحَائِطَ وَحْدَهُ دُونَ دَوَابَّ وَلَا رَقِيقٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ بِدَوَابِّهِ وَرَقِيقِهِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ. التُّونُسِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ مُدَّعِي الْفَسَادَ وَحْدَهُ. وَأَمَّا بَعْدَ فَوَاتِ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ الْعُرْفَ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ فَوَجَبَ كَوْنُ الْقَوْلِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ، لَكِنْ قَالَ (غ) حَمَلَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ يُونُسَ رِوَايَةَ الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى جَوَازِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 414 وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ: حُطَّ بِنِسْبَتِهِ.   [منح الجليل] الْمُسَاقَاةِ عَلَى إخْرَاجِ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الدَّوَابِّ فَكِلَاهُمَا مُدَّعٍ لِلصِّحَّةِ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِيهَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَأَمَّا عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَتَحْصُلُ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِمَا التَّفْصِيلُ، وَعَلَيْهَا مَا فِي الشَّامِلِ. وَمَحَلُّ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ مَا لَمْ يَغْلِبْ فَسَادُهَا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ ابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِالْعُرْفِ، أَيْ فَإِنْ عُكِسَ الْعُرْفُ عُلِّلَ بِهِ تَرْجِيحُ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ مُدَّعِي الْفَسَادِ لِشَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ. (وَإِنْ قَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (عَامِلٌ عَمَّا) أَيْ بَعْضُ الْعَمَلِ الَّذِي (شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ شَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَيْهِ عَمَلَهُ (حُطَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ أَسْقَطَ مِنْ الْجُزْءِ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ فِي عَقْدِهَا جُزْءٌ مِنْ حَظِّهِ نِسْبَتُهُ لَهُ (بِ) مِثْلِ (نِسْبَتِهِ) أَيْ الْعَمَلِ الَّذِي تَرَكَهُ لِجَمِيعِ الْعَمَلِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ، فَإِذَا شَرَطَ عَلَيْهِ الْحَرْثَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَرَثَ مَرَّتَيْنِ حَطَّ مِنْ جُزْئِهِ ثُلُثَهُ. سَحْنُونٌ مَنْ أَعْطَيْتُهُ كَرْمَةً أَوْ زَيْتُونَةً مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ يَسْقِيَ وَيَقْطَعَ وَيَجْنِيَ، وَعَلَى أَنَّهُ يَحْرُثُهُ ثَلَاثَ حَرْثَاتٍ فَعَمِلَ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَحْرُثْهُ إلَّا حَرْثَتَيْنِ قَالَ يُنْظَرُ عَمَلُ جَمِيعِ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ مِنْ سِقَاءِ حَرْثٍ وَقَطْعٍ وَجَنْيٍ فَيَنْظُرُ مَا عَمِلَ مَعَ مَا تَرَكَ مَا هُوَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَا تَرَكَ يَكُونُ مِنْهُ الثُّلُثُ حَطَّ مِنْ النِّصْفِ ثُلُثَهُ إنْ كَانَ سَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ سَاقَاهُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ حَطَّ مِنْهُ ثُلُثَهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَصَّرَ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ السَّقْيَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَقَى اثْنَيْنِ وَأَغْنَى الْمَطَرُ عَنْ الثَّالِثَةِ فَلَا يَحُطُّ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْءٌ. ابْنُ رُشْدٍ بِلَا خِلَافٍ، قَالَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَى سِقَايَةِ حَائِطِهِ زَمَنَ السَّقْيِ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، فَجَاءَ مَاءُ السَّمَاءِ فَأَقَامَ بِهِ حِينًا فَيَحُطُّ مِنْ إجَارَتِهِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ كَالْبَيْعِ، وَالْمُسَاقَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. 1 - قَالَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْعَالِمُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا كَانَ بَابُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 415 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُغَارَسَةِ مِمَّا يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِينَ الْمُخْتَصِرِينَ التَّعَرُّضَ لَهُ، وَذِكْرَ أَحْكَامِ الْمُغَارَسَةِ وَمَسَائِلِهَا فِيهِ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا، وَلَمَّا ذُكِرَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا، وَلَا أَدْرِي مَا قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ، وَلَا مَا أَرَادُوهُ هُنَا لَك، وَعَنَيْت بِمَنْ أَشَرْت إلَيْهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الْقُدْوَةُ الْكَامِلُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّيْخُ الْفَاضِلُ وَالْأُسْوَةُ الْكَامِلُ خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَنَفَعَنَا بِهِمَا وَبِأَمْثَالِهِمَا وَلَا حَادَ بِنَا عَنْ طَرِيقِهِمَا وَنَهْجِهِمَا وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَعْلَى اللَّهُ تَعَالَى مَقَامَهُ وَرَفَعَ فِي الدَّارَيْنِ ذِرْوَتَهُ وَسَنَامَهُ، كَتَبَ إلَيَّ أَنْ أَكْتُبَ بَعْضَ مَسَائِلِهَا، وَمَا يَصِحُّ مِنْهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى فَاسِدِهَا، فَكَتَبْت إلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَعْضَ مَا حَضَرَنِي، ثُمَّ طَلَبَ مِنِّي بَعْضُ إخْوَانِي مِنْ الطَّلَبَةِ، وَرَغَّبَ إلَيَّ بَعْضُ أَحْبَابِي مِنْ أَهْل النِّسْبَةِ، أَنْ أَجْمَعَ فِي الْبَابِ مَسَائِلَ جَمَّةً، وَأَنْ أَذْكُرَ فِيهِ أَحْكَامًا مُهِمَّةً، هَذَا مَعَ مَا عُلِمَ مِنْ جَهْلِي وَقُصُورِي وَبُعْدِي عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ بِالْكُلِّيَّةِ وَتَقْصِيرِي، لَكِنْ لَمَّا رَأَيْت مِنْ تَأْكِيدِ طُلْبَتِهِمْ، وَحَثِيثِ رَغْبَتِهِمْ أَسْعَفْتهمْ لِمَا طَلَبُوا، وَأَجَبْتهمْ لِمَا فِيهِ رَغِبُوا؛ رَجَاءً فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ، وَاتِّقَاءً لِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَذَابِ الْجَلِيلِ، نَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِتَوْبَةٍ نَصُوحٍ، بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مَعَهَا إلَى الْمُخَالَفَةِ مَيْلٌ وَلَا جُنُوحٌ، وَأَنْ يَصْحَبَنَا بِعَوْنِهِ، وَيَكُونَ مَعَنَا دَائِمًا بِلُطْفِهِ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ. ثُمَّ إنِّي رَأَيْت أَنْ أَذْكُرَ مَا حَضَرَ لِي فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الَّتِي اخْتَطَفْتهَا مِنْ غَيْرِ مَا كِتَابٍ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي اصْطِلَاحِهِ وَمُحَاذَاةِ عِبَارَاتِهِ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِ مَا حَضَرَ كَالشَّرْحِ لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَالْبَيَانِ، لِمَا فِيهَا مِنْ مَقَاصِدَ وَأَغْرَاضَ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى التَّوْفِيقَ لِلصَّوَابِ، وَأَنْ يَسْلُكَ بِنَا الزُّلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ، بِجَاهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى آلِهِ وَالْأَصْحَابِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 416 بَابٌ) نُدِبَ الْغَرْسُ، وَجَازَتْ الْمُغَارَسَةُ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الْمُغَارَسَةُ] (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْغَرْسُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ الشَّجَرُ يُثْمِرُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلَّا كَانَ مَا أَكَلَ مِنْهُ صَدَقَةٌ وَمَا سُرِقَ مِنْهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَ مِنْهُ السَّبُعُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا أَكَلَتْ الطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ". وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَغْرِسُ مُسْلِمٌ غَرْسًا وَلَا يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ إنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ رَجُلٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ الْغَرْسِ» ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَنَى بُنْيَانًا فِي غَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا اعْتِدَاءٍ أَوْ غَرَسَ غَرْسًا فِي غَيْرِ ظُلْمٍ وَلَا اعْتِدَاءٍ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ جَارِيًا مَا انْتَفَعَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى» . وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا أَوْ أَجْرَى نَهْرًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ غَرَسَ نَخْلًا أَوْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ» (وَجَازَتْ الْمُغَارَسَةُ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى غَرْسِ شَجَرٍ فِي أَرْضٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَيْرِهِمَا إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهُمَا شَرِكَةً، فَالْعَقْدُ جِنْسٌ شَمَلَ الْمُعَرَّفَ وَسَائِرَ الْعُقُودِ، وَعَلَى غَرْسِ شَجَرٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ الْعَقْدَ عَلَى غَيْرِهِ، وَبِعِوَصٍ مَعْلُومٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ التَّوْكِيلَ عَلَى غَرْسِ شَحْرٍ بِلَا عِوَضٍ وَمِنْ غَيْرِهِمَا، أَيْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا إجَارَةً، أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ اللَّازِمَةِ بِعَقْدِهَا الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ فِي اسْتِحْقَاقِ عِوَضِهَا تَوَقُّفُهُ عَلَى الْإِتْمَامِ أَوْ جَعَالَةً، أَيْ عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ بِعَقْدِهَا الْمُتَوَقِّفِ اسْتِحْقَاقُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 417 فِي الْأُصُولِ، أَوْ مَا يَطُولُ مُكْثُهُ: كَزَعْفَرَانٍ وَقُطْنٍ: إجَارَةً وَجَعَالَةً بِعِوَضٍ وَشَرِكَةَ جُزْءٍ مَعْلُومٍ: فِي الْأَرْضِ. وَالشَّجَرِ،   [منح الجليل] عِوَضِهَا عَلَى الْإِتْمَامِ أَوْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ عُطِفَ عَلَى بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ مِنْهُمَا، أَيْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ شَرِكَةٌ، أَيْ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ. فِي الذَّخِيرَةِ الْمُغَارَسَةُ مُفَاعَلَةٌ وَأَصْلُهَا كَوْنُهَا لِصُدُورِ الْفِعْلِ مِنْ فَاعِلَيْنِ عَلَيْهِمَا كَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالْمُدَافَعَةِ، فَيَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَغْرِسُ لِصَاحِبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُجَابُ بِأَنَّهَا هُنَا بِاعْتِبَارِ حُصُولِ الْعَقْدِ مِنْهُمَا وَتَجُوزُ الْمُغَارَسَةُ (فِي الْأُصُولِ) أَيْ الْأَشْجَارِ (أَوْ مَا) أَيْ زُرِعَ (يَطُولُ مُكْثُهُ) فِي الْأَرْضِ (سِنِينَ) وَتُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فِيهَا (كَزَعْفَرَانٍ وَقُطْنٍ) فَلَا تَجُوزُ فِيمَا يُزْرَعُ كُلَّ سَنَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ شَرْطِهَا كَوْنُهَا فِي أَصْلٍ لَا فِي زَرْعٍ وَلَا فِي بَقْلٍ، وَفِي جَوَازِهَا فِي الزَّعْفَرَانِ الَّذِي يُقِيمُ أَعْوَامًا ثُمَّ يَنْقَطِعُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ سَحْنُونًا وَتَجُوزُ فِي الْقُطْنِ الَّذِي يَبْقَى سِنِينَ لَا فِيمَا يُزْرَعُ كُلَّ سَنَةٍ، وَتَجُوزُ فِيمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ كَانَ عَقْدُهَا (إجَارَةً) لَازِمَةً بِمُجَرَّدِ عَقْدِهَا غَيْرِ مُتَوَقِّفِ اسْتِحْقَاقِ عِوَضِهَا عَلَى الْإِتْمَامِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اغْرِسْ لِي هَذِهِ الْأَرْضَ نَخْلًا أَوْ عِنَبًا أَوْ تِينًا، وَلَك كَذَا دِينَارًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضٍ، كَذَا أَوْ كَذَا عَبْدًا إنْ كَانَ الْغَرْسُ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ سَمَّى لَهُ عَدَدًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْعُرْفِ (وَجَعَالَةً) غَيْرَ لَازِمَةٍ بِعَقْدِهَا مُتَوَقِّفًا عِوَضُهَا عَلَى الْإِتْمَامِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اغْرِسْ هَذِهِ الْأَرْضَ نَخْلًا أَوْ عِنَبًا أَوْ تِينًا، وَلَك بِكُلِّ شَجَرَةٍ تَنْبُتُ أَوْ تُثْمِرُ كَذَا دِينَارًا وَدَرَاهِمَ أَوْ عِرْضٍ كَذَا وَتَنَازَعَ إجَارَةٌ وَجَعَالَةٌ فِي قَوْلِهِ (بِعِوَضٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، أَيْ مَعْلُومٍ سَوَاءٌ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا فَلَا تَجُوزُ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّهُ غَرَرٌ. (وَشَرِكَةَ) بَيْنَهُمَا ب (جُزْءٍ مَعْلُومٍ) نِسْبَتُهُ لِكُلِّهِ كَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ فَحَذَفَ لَفْظَ مَعْلُومٍ مِنْ الْعِوَضِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ، وَصِلَةُ شَرِكَةٍ (فِي الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ) الَّذِي يُغْرَسُ بِهَا وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهَذَا الْبَابِ لِأَنَّ لِلْإِجَارَةِ وَالْجُعْلِ بَابَيْنِ (لَا) تَصِحُّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 418 لَا فِي أَحَدِهِمَا وَدَخَلَ مَا بَيْنَ الشَّجَرِ مِنْ الْأَرْضِ، إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ أَوَّلًا   [منح الجليل] الْمُغَارَسَةُ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ (فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَوْرِدِهَا. فِيهَا إنْ قُلْت لَهُ اغْرِسْ هَذِهِ الْأَرْضَ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا، فَإِذَا بَلَغَتْ كَذَا وَكَذَا فَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ جَازَ، وَإِنْ قَالَ فَالْأُصُولُ بَيْنَنَا فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مَعَ مَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَشَرَطَ تَرْكَ الْأُصُولِ فِي أَرْضِهِ حَتَّى تَبْلَى فَلَا يَجُوزُ. اهـ. وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الشَّجِرِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ مِنْهَا إلَّا بِغَلَّتِهَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ صِحَّتِهَا كَوْنُ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ بَيْنَهُمَا. (وَدَخَلَ) فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا بِالْمُغَارَسَةِ (مَا بَيْنَ الشَّجَرِ مِنْ الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ) أَيْ يَشْتَرِطُ رَبُّ الْأَرْضِ عَدَمَ دُخُولِهِ فِيهَا (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ أَيْ حِينَ عَقَدَهَا. اعْلَمْ أَنَّ الْأَرْضَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ: الْمَوْضِعُ الْمَغْرُوسُ فِيهِ الشَّجَرُ وَدُخُولُهُ فِيهَا شَرْطُ صِحَّةٍ. الثَّانِي: الْأَرْضُ الَّتِي بَيْنَ الشَّجَرِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، فَلِلْعَامِلِ جُزْؤُهُ مِنْهُ مَعَ بَقَاءِ الشَّجَرِ وَبَعْدَ فِنَائِهِ إلَّا إذَا اسْتَثْنَاهَا رَبُّهَا حِينَ الْعَقْدِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْهَا. الثَّالِثُ: الْأَرْضُ الْبَعِيدَةُ عَنْ الْغَرْسِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْهَا أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهَا رَبُّهَا وَهَذِهِ وَالْأُولَى مَفْهُومُ مَا بَيْنَ الشَّجَرِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَأَنَّهُ قَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ الْمُغَارَسَةَ إلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُغَارَسَةُ جُعْلٌ وَإِجَارَةٌ وَشَرِكَةٌ فِي الْأُصُولِ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَاضَى رَجُلًا عَلَى غَرْسِ نَخْلٍ أَرْضِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ نَخْلَةٍ تَنْبُتُ جُعْلًا مُسَمًّى، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ شَرَطَا النَّخْلَ قَدْرًا يُعْرَفُ أَرْبَعَ سَعَفَاتٍ أَوْ خَمْسًا. ابْنُ رُشْدٍ الْمُغَارَسَةُ عَلَى الْجُعْلِ جَائِزَةٌ وَكَذَا عَلَى الْإِجَارَةِ وَعَلَى جُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ، وَفِيهَا إنْ قُلْت لَهُ اغْرِسْ لِي أَرْضِي هَذِهِ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا بِطَائِفَةٍ أُخْرَى مِنْ أَرْضِك جَازَ كَكِرَاءِ الْأَرْضِ بِالْخَشَبِ، وَإِنْ قُلْت لَهُ اغْرِسْهَا شَجَرًا أَوْ نَخْلًا، فَإِذَا بَلَغَتْ كَذَا وَكَذَا سَعَفَةً وَالشَّجَرُ قَدْرَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 419 إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ تَبْلُغُهُ الشَّجَرُ، وَلَا ثَمَرَ دُونَهُ:   [منح الجليل] كَذَا فَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ قَالَ فَالْأَصْلُ بَيْنَنَا فَقَطْ، فَإِنْ كَانَ مَعَ مَوَاضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَاشْتَرَطَ بَقَاءَ تِلْكَ الْأُصُولِ فِي أَرْضِهِ حَتَّى تَبْلَى فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُغَارَسَةِ سُنَّةٌ تَخُصُّهَا فَلَيْسَتْ مَحْضَ إجَارَةٍ وَلَا جُعْلٍ بَلْ تُشْبِهُ الْإِجَارَةَ بِلُزُومِ عَقْدِهَا، وَالْجُعْلَ بِوَقْفِ عِوَضِهَا عَلَى ثُبُوتِ الْغَرْسِ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ لَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى غَرْسِ أَرْضِي هَذِهِ كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً إنْ نَبَتَ فَهِيَ بَيْنَنَا جَازَ، وَهُوَ جُعْلٌ لَا إجَارَةٌ لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَلَوْ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جُعْلًا مَا جَازَ إذْ لَعَلَّهُ أَنْ يَعْمَلَ فَيُبْطِلَ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْرِجَ فَيَذْهَبَ عَمَلُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِي حَائِطِهِ هَذَا، كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً بِنِصْفِ أَرْضِهِ هَذِهِ لَجَازَ، وَكَانَتْ إجَارَةً وَلَا تَرَكَ لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ غَرْسِهِ، فَإِنْ غَرَسَهَا وَغَيَّبَهَا فِي أَرْضِهِ ثَبَتَ أَجْرُهُ وَلَوْ عَطِبَتْ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَتْ فَهِيَ بَيْنَنَا يُرِيدُ وَمَا نَبَتَ مِنْهَا فَهُوَ أَيْضًا بَيْنَنَا لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى طَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ إلَّا بِثُبُوتِ كُلِّ النَّخْلِ، لَلَزِمَ إنْ ثَبَتَ بَعْضُهَا فَقَطْ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ فِيهِ شَيْءٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى لَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ اسْتَأْجَرْتُك لِمَا شُرِطَ فِيهَا لِعَمَلٍ عَلَى حُكْمِ الْجُعْلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهَا لَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَلَوْ مَاتَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ الْفِعْلُ لَا الْقَوْلُ. وَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُغَارَسَةَ فِي الْأَرْضِ عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْجُعْلِ، بِأَنْ لَا يَلْزَمَ التَّمَادِي، وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، بِخِلَافِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا فِي الْأَرْضِ عَلَى جُزْءٍ جَائِزَةٌ عَلَى لُزُومِ عَقْدِهَا لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُهُ الْقِيَاسُ قِيَاسًا عَلَى الْمُسَاقَاةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ اعْتِرَاضٌ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُجَاعَلَةِ كَوْنُ الْجُعْلِ فِيهَا مَعْلُومًا وَالْجُعْلُ فِي هَذِهِ الْمُغَارَسَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَعْدَ غَرْسِهَا وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْغَرْسُ. وَتَصِحُّ الْمُغَارَسَةُ (إنْ اتَّفَقَا) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْغَارِسُ (عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ تَبْلُغُهُ الشَّجَرُ وَلَا تُثْمِرُ) الشَّجَرُ (دُونَهُ) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهَا الْقَدْرَ الْمَعْلُومَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 7 ¦ الصفحة: 420 كَتَحْدِيدِهَا بِالْإِثْمَارِ، أَوْ أَجَلٍ لَا بَعْدَهُ   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَادَ كَالْقَامَةِ أَوْ نِصْفِهَا، زَادَ غَيْرُهُ أَوْ سِتَّةُ أَشْبَارٍ وَنَحْوُهَا بِشِبْرٍ مُتَوَسِّطٍ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَحْدِيدِهَا بِقَدْرٍ لَا تَبْلُغُهُ الشَّجَرُ إلَّا بَعْدَ إثْمَارِهَا فَسَدَتْ. ابْنُ رُشْدٍ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا تَوْفِيَتُهَا بِشَبَابٍ مَعْلُومٍ قَبْلَ الْإِطْعَامِ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ جَعَلَاهَا إلَى قَدْرٍ سَمَّيَاهُ وَيُثْمِرُ الشَّجَرُ قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ حُسَيْنِ بْنِ عَاصِمٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا حَدُّ الشَّبَابِ الَّذِي وَصَفَ مَالِكٌ، قَالَ حَدُّ الشَّجَرِ فِي ارْتِفَاعِهَا قَدْرًا مَعْلُومًا كَقَامَةٍ أَوْ نِصْفِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فِي سَعَفَاتٍ يُلْقِيهَا الشَّجَرُ مَعْرُوفَةٌ وَالسَّعَفَةُ بِالتَّحْرِيكِ غُصْنُ النَّخْلِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَتَحْدِيدِهَا) أَيْ الْمُغَارَسَةِ (بِالْإِثْمَارِ) ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ جَوَازَ حَدِّهَا بِالْإِثْمَارِ. ابْنُ رُشْدٍ أَجَازَهُ فِي هَذَا السَّمَاعِ وَفِي رَسْمِ الْجَوَابِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَلَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا مَنْعُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى تُثْمِرُ. الْمُصَنِّفُ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ خِلَافًا حَقِيقِيًّا، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُعْلَمُ وَقْتُ إطْعَامِهِ بِالْعَادَةِ، وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا يُعْلَمُ وَقْتُ إطْعَامِهِ. (أَوْ) تَحْدِيدُهَا بِ (أَجَلٍ) مِنْ الْأَشْهُرِ وَالسِّنِينَ يَتِمُّ (دُونَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِثْمَارِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ حَدَّهَا بِأَجَلٍ دُونَ الْإِطْعَامِ، فَفِي صِحَّتِهَا وَمَنْعِهَا أَوَّلَ سَمَاعِ حُسَيْنِ بْنِ عَاصِمٍ ابْنَ الْقَاسِمِ وَمَا فِي أَثْنَائِهِ مَعَ رِوَايَةِ الْوَاضِحَةِ (لَا) يَجُوزُ تَحْدِيدُهَا بِأَجَلٍ تَبْلُغُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْإِطْعَامِ. الْكَافِي الْمُغَارَسَةُ إلَى الْإِطْعَامِ هِيَ الْجَائِزَةُ الصَّحِيحَةُ. ابْنُ سَلْمُونٍ الْمُغَارَسَةُ إلَى الْإِثْمَارِ جَائِزَةٌ، وَتَجُوزُ إلَى شَبَابٍ مَعْلُومٍ مَا لَمْ يَكُنْ يُثْمِرُ قَبْلَهُ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ جُعِلَتْ إلَى الْإِثْمَارِ كَانَ حَسَنًا لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ، وَمِثْلُهُ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ. وَفِي الْمُهَذَّبِ الرَّائِقِ فِي تَدْرِيبِ الْقُضَاةِ وَأَهْلِ الْوَثَائِقِ. ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَجَلُ إلَى مَا فَوْقَ الْإِطْعَامِ فَلَا تَجُوزُ الْمُفِيدُ، فَإِنْ حَدَّا شَبَابًا يَكُونُ بَعْدَ الْإِطْعَامِ أَوْ مُدَّةً تَكُونُ فَوْقَهُ فَلَا تَجُوزُ وَتُفْسَخُ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُهَذَّبِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا أَرْضَهُ لِيَغْرِسَهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ بَلَغَتْ كَذَا قَدْرًا سَمَّيَاهُ فَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا فَأَطْعَمَتْ قَبْلَهُ، قَالَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَعَامَلَ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَلَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ فِي هَذَا لَا عَلَى مَا دُونَ الْإِطْعَامِ أَوْ إلَى الْإِطْعَامِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 421 وَحُمِلَا عَلَيْهِ عِنْدَ السُّكُوتِ، وَصَحَّتْ: كَاشْتِرَاطِهِ عَلَى الْعَامِلِ مَا خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَزَرْبٍ لَا مَا عَظُمَ مِنْ بُنْيَانٍ. وَهَلْ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ؟   [منح الجليل] (وَحُمِلَا) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ الْعَاقِدَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْإِثْمَارِ (عِنْدَ السُّكُوتِ) عَنْ التَّحْدِيدِ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَصَحَّتْ) الْمُغَارَسَةُ الَّتِي سَكَتَا عَنْ تَحْدِيدِهَا حِينَ عَقْدِهَا فِي الْمُهَذَّبِ عَنْ الْمُنْتَخَبِ. ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ لَمْ يُذْكَرْ لِلشَّجَرِ حَدٌّ لَجَازَ وَجُعِلَ الْإِثْمَارُ وَالشَّبَابُ التَّامُّ الَّذِي يُعْرَفُ لِأَنَّهُ الْأَمْرُ الَّذِي عَرَفَهُ النَّاسُ فِي الْمُغَارَسَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ سَكَتَا عَنْ التَّحْدِيدِ فَفِي جَوَازِهَا وَمَنْعِهَا سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَجَعَلَهُ لِلْإِثْمَارِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِينَ فِي الْبَابِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلِذَا اقْتَصَرْت عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ، وَهَذَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَحْدِيدِهَا بِالْإِثْمَارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي بَعْضِ مَنْ عَقَدَهَا عَلَى عَمَلِ الْعَامِلِ مَا عَاشَ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِصِحَّتِهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحْدِيدَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا لِعَقْدِ الْمُغَارَسَةِ صِيغَةً مُعَيَّنَةً. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَاشْتِرَاطِهِ) أَيْ رَبِّ الْأَرْضِ (عَلَى الْعَامِلِ مَا) أَيْ عَمَلًا (خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ كَزَرْبٍ لَا) يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ (مَا عَظُمَ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (مِنْ بُنْيَانٍ) لِحَائِطٍ مَثَلًا (وَحَفْرِ بِئْرٍ وَإِزَالَةِ شَعْرَاءَ) كَحَمْرَاءَ، أَيْ أَشْجَارٍ نَابِتَةٍ بِنَفْسِهَا لَا ثَمَرَ لَهَا. فِي الْمُتَيْطِيَّةِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُشْعِرَةً كُلَّهَا فَلَا تَجُوزُ الْمُغَارَسَةُ لِأَنَّ تَنْقِيَتَهَا مِنْ الشَّعْرَاءِ لَهَا قَدْرٌ وَبَالٌ، وَهِيَ زِيَادَةٌ فِي الْمُجَاعَلَةِ وَكَذَلِكَ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ بِنَاءَ جِدَارٍ حَوْلَ الْأَرْضِ مِمَّا تَكْثُرُ النَّفَقَةُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ، وَهُوَ غَرَرٌ لِأَنَّ الْغَرْسَ رُبَّمَا لَمْ يَنْبُتْ أَوْ يَهْلَكْ قَبْلَ بُلُوغِ الْحَدِّ الْمُشْتَرَطِ فَتَرْجِعُ الْأَرْضُ إلَى رَبِّهَا، وَقَدْ انْتَفَعَ بِتَنْقِيَتِهَا وَالْبُنْيَانِ حَوْلَهَا وَيَذْهَبُ عَمَلُ الْغَارِسِ بَاطِلًا، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا لُمَعٌ يَسِيرَةٌ مِنْ الشَّعْرِ تُخَفْ إزَالَتُهَا فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ. ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مَا تَعْظُمُ نَفَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ التَّزْرِيبَ الْخَفِيفَ أَوْ مَا قَلَّ مِنْ الْبِنَاءِ. (وَهَلْ تَلْزَمُ) الْمُسَاقَاةُ عَاقِدَيْهَا (ب) مُجَرَّدِ (الْعَقْدِ أَوْ) لَا تَلْزَمُهُمَا (إلَّا إنْ شَرَعَ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 422 أَوْ إلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ؟ خِلَافٌ وَعَمِلَ الْعَامِلُ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ عُرْفًا، أَوْ تَسْمِيَةً. وَضُمِنَ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ عَجَزَ أَوْ غَابَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَعَمِلَ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ: فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إنْ شَاءَ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ أَوَّلًا   [منح الجليل] الْعَامِلُ (فِي الْعَمَلِ) فِي الْجَوَابِ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ، قَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَشْهُورِيَّةِ لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ وَأَقَرَّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي فَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِينَ وَالْمُوثَقِينَ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَتْ الْمُغَارَسَةُ بِإِجَارَةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَلَا جُعْلٍ مُنْفَرِدٍ، وَإِنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهَا وَأَصْلٌ فِي نَفْسِهَا أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْبَابَيْنِ أَشْبَهَتْ الْإِجَارَةَ مِنْ جِهَةِ لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ وَالْجُعْلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْغَارِسَ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْغَرْسِ وَبُلُوغِهِ الْحَدَّ الْمُشْتَرَطَ، فَإِنْ بَطَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُعِيدَهُ مَرَّةً أُخْرَى. (وَعَمِلَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ (الْعَامِلُ) وُجُوبًا (مَا) أَيْ الْعَمَلُ الَّذِي (دَخَلَ) لِعَامِلٍ فِي عَقْدِ الْمُغَارَسَةِ (عَلَى) عَمَلِ (هـ حِينَ عَقَدَهَا عُرْفًا) أَيْ بِسَبَبِ عَادَتِهِمْ فِيهَا (أَوْ تَسْمِيَةٍ) مِنْ الْعَاقِدَيْنِ (وَضَمِنَ) الْعَامِلُ مَا تَلِفَ مِنْ الشَّجَرِ (إنْ فَرَّطَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْعَامِلُ فِي تَعَاهُدِهِ. فِي الْمُتَيْطِيَّةِ يَتَعَاهَدُ الْعَامِلُ الْأَشْجَارَ بِالْحَفْرِ وَالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ إلَى أَنْ تَبْلُغَ الْإِثْمَارَ أَوْ الْحَدَّ الْمُشْتَرَطَ، فَإِنْ فَرَّطَ فِيهَا حَتَّى أَصَابَهَا مَا أَهْلَكَهَا بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ فَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْأَرْضِ نَصِيبَهُ مِنْهَا، نَقَلَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ عَنْ الْوَغْلِيسِيِّ. (فَإِنْ عَجَزَ) الْعَامِلُ عَنْ عَمَلِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ بِمَانِعٍ طَرَأَ لَهُ (أَوْ غَابَ) أَيْ سَافَرَ الْعَامِلُ مِنْ الْبَلَدِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) لِلْمُغَارَسَةِ وَقَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الْعَمَلِ (أَوْ عَمِلَ) الْعَامِلُ (الْبَعْضَ) مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ (وَعَمِلَ رَبُّهُ) أَيْ الشَّجَرِ (أَوْ غَيْرُهُ) الْبَاقِيَ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْعَامِلُ (فَهُوَ) أَيْ الْعَامِلُ (عَلَى حَقِّهِ) فِي الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ (إنْ شَاءَ) الْعَامِلُ الْبَقَاءَ عَلَى مُغَارَسَتِهِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ (الْأُجْرَةُ) لِمَا عَمِلَهُ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتْرُكَهُ) أَيْ الْعَامِلُ عَمَلَ الْمُغَارَسَةِ وَيَفْسَخَهُ عَنْ نَفْسِهِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ، أَيْ قَبْلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 423 وَوَجَبَ بَيَانُ مَا يُغْرَسُ: كَعَدَدِهِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ عِنْدَ أَهْلِهِ،   [منح الجليل] عَمَلِ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَلِ بِمَانِعٍ حَدَثَ لَهُ أَوْ تَرَكَهُ لِغَيْبَتِهِ بَعْدَ عَقْدِهَا وَقَبْلَ عَمَلِهِ شَيْئًا أَوْ بَعْدَ غَرْسِهِ بَعْضًا فَأَقَامَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ غَرْسِهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ غَرَسَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَقَامَ مَنْ تَوَلَّى مَا غَرَسَهُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ بِالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ وَنَحْوِهِمَا، حَتَّى تَمَّ الْغَرْسُ، ثُمَّ قَامَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ أَوْ قَدِمَ وَأَرَادَ الدُّخُولَ فِي حَقِّهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مَا عَمِلَهُ غَيْرُهُ، هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ عَارَضَهُ بِمَالِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَنَحْوِهَا، وَخَرَجَ الْخِلَافُ هُنَا مِنْ تِلْكَ فَإِنْ تَرَكَ حَقَّهُ وَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَخْذَهُ بِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ الْأَوَّلُ حَقَّهُ وَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي بِهِ وَطَلَبَ الَّذِي عَمِلَ عَنْهُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ مِنْهُ لِتَخْرُجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي لُزُومِ الْمُغَارَسَةِ بِالْعَقْدِ كَالْمُسَاقَاةِ، وَعَدَمِ لُزُومِهَا بِهِ كَالْجُعْلِ وَلَوْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ تَفُوتَ الْمُغَارَسَةُ فِي الْأَرْضِ فَغَارَسَ رَبُّهَا فِيهَا غَيْرَهُ كَانَ الْأَوَّلُ أَحَقَّ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ عَمَلِ الثَّانِي، وَإِنْ تَرَكَ حَقَّهُ أَوَّلًا وَسَلَّمَ فِيهِ قَبْلَ عَمَلِ غَيْرِهِ ثُمَّ عَمِلَ غَيْرُهُ ثُمَّ أَرَادَ الْأَوَّلُ الرُّجُوعَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (وَوَجَبَ) شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْمُغَارَسَةِ (بَيَانُ) نَوْعِ (مَا) أَيْ الشَّجَرِ الَّذِي (يُغْرَسُ) بِالْأَرْضِ لِاخْتِلَافِ الْأَشْجَارِ فِي مُدَّةِ الْإِثْمَارِ وَخِدْمَتِهَا بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ. وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ فَقَالَ (كَعَدَدِهِ) أَيْ مَا يُغْرَسُ فَيَجِبُ بَيَانُهُ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ صِلَتُهُ (يُعْرَفُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ يَكُونُ قَدْرَ مَا يُغْرَسُ فِيهَا مَعْرُوفًا (عِنْدَ أَهْلِهِ) أَيْ الْغَرْسَ بَعْضُ الْمُوثَقِينَ تُكْتَبُ فِي عَقْدِ الْمُغَارَسَةِ دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ أَرْضَهُ لِيَغْرِسَهَا كَذَا وَكَذَا شَجَرَةً مِنْ جِنْسِ كَذَا وَكَذَا مِنْ زَيْتُونٍ أَوْ رُمَّانٍ حُلْوٍ أَوْ حَامِضٍ أَوْ مُرٍّ. وَأَمَّا تَسْمِيَةُ عَدَدِ مَا يُغْرَسُ فَحَسَنٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُرْهَا جَازَ لِأَنَّ مَا يَبْقَى شَجَرُهُ وَأُخْرَى مَعْرُوفٌ. بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّمَا تَجُوزُ مُغَارَسَةُ الْأَنْوَاعِ إذَا كَانَ إطْعَامُهَا مُتَّفِقًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ مَثَلًا حَقًّا، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِالتَّبْكِيرِ وَالتَّأْخِيرِ فَلَا تَجُوزُ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. الْبُرْزُلِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 424 وَمُنِعَ جَمْعُهَا مَعَ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ: كَجُعْلٍ، وَصَرْفٍ وَمُسَاقَاةٍ، وَشَرِكَةٍ، وَنِكَاحٍ. وَقِرَاضٍ، وَقَرْضٍ وَاقْتَسَمَاهَا إنْ بَلَغَ الْحَدَّ الْمُشْتَرَطَ، أَوْ تَوَلَّيَا الْعَمَلَ، وَإِنْ هَلَكَتْ الْأَشْجَارُ بَعْدَهُ، فَالْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيمَا قَلَّ، إنْ بَطَلَ الْجُلُّ، إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ بِنَاحِيَةٍ،   [منح الجليل] وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (جَمْعُهَا) أَيْ الْمُغَارَسَةُ (مَعَ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَ) جَمْعِهَا مَعَ (جُعْلٍ وَصَرْفٍ وَمُسَاقَاةٍ وَشَرِكَةٍ وَنِكَاحٍ وَقِرَاضٍ وَقَرْضٍ) ثُمَّ قَالَ (وَاقْتَسَمَاهَا) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْغَارِسُ بِهَا الْأَشْجَارَ (إنْ بَلَغَ) الشَّجَرُ (الْحَدَّ الْمُشْتَرَطَ) حَالَ عَقْدِ الْمُغَارَسَةِ كَالْإِثْمَارِ أَوْ الْقَامَةِ أَوْ نَحْوِهَا أَوْ الْأَشْبَارِ (أَوْ) أَبْقَيَاهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَ (تَوَلَّيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ فِي الْأَشْجَارِ (الْعَمَلَ) فِيهَا بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ بِأُجَرَائِهِمَا. فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَتَعَاهَدُ الْعَامِلُ الْأَشْجَارَ بِالْحَفْرِ وَالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ حَتَّى تَبْلُغَ الْإِطْعَامَ أَوْ تَبْلُغَ كُلُّ شَجَرَةٍ مِنْهَا قَامَةً أَوْ نَحْوَهَا، أَرَادَ عَلَى حَسَبِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَتَكُونُ الْأَرْضُ حِينَئِذٍ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا فَيَقْتَسِمَانِهِمْ ا، إنْ أَحَبَّا أَوْ يُنَقِّيَانِهِمَا مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُمَا عَلَى الشُّيُوعِ إنْ شَاءَا وَيَكُونُ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ حَظِّ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَإِنْ هَلَكَتْ الْأَشْجَارُ بَعْدَهُ) أَيْ الْحَدِّ الْمُشْتَرَطِ بِآفَةٍ أَوْ عَاهَةٍ أَوْ جَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ احْتِرَاقٍ (فَالْأَرْضُ) مُشْتَرَكَةٌ (بَيْنُهُمَا) أَيْ رَبُّهَا وَالْعَامِلُ عَلَى حَسَبِ مَا عَقَدَا عَلَيْهِ مِنْ مُنَاصَفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. ابْنُ سَلْمُونٍ إذَا بَلَغَ الْغَرْسُ الْحَدَّ الْمُشْتَرَطَ وَجَبَ لِلْعَامِلِ حَظُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمَاهُ وَاحْتَرَقَ الْغَرْسُ أَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ آفَةٌ فَالْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَنَحْوُهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ. وَمَفْهُومُ بَعْدَهُ أَنَّهَا إنْ هَلَكَتْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ كَالْجَعَالَةِ (وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيمَا) أَيْ الشَّجَرِ الَّذِي (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا (إنْ بَطَلَ الْجُلُّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ هَلَكَ أَكْثَرُ الشَّجَرِ وَلَمْ يَنْبُتْ فِي حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ) الْأَقَلُّ السَّالِمُ (بِنَاحِيَةٍ) مِنْ الْأَرْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 425 أَوْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَلَيْسَ لَهُ قَبْلَهُ جُعْلٌ، كَبَقْلٍ، إلَّا بِإِذْنٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجُزْءِ: حُمِلَا عَلَى الْعُرْفِ، وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ،   [منح الجليل] (أَوْ كَانَ) الْأَقَلُّ (لَهُ) أَيْ الْأَقَلِّ (قَدْرٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، فَلِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ مِنْهُ يَعْنِي أَنَّ الْأَشْجَارَ إذَا خَابَتْ لَمْ يَنْبُتْ مِنْهَا إلَّا الْقَلِيلُ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ إذَا كَانَ الْأَقَلُّ مُتَفَرِّقًا وَكَانَ لَا قَدْرَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ كَانَ لَهُ قَدْرٌ وَبَالٌ فَلَهُ حَظُّهُ مِنْهُ. (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ بُطْلَانُ الْأَقَلِّ وَسَلَامَةُ الْجُلِّ فَلِلْعَامِلِ نَصِيبُهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ ابْنُ سَلْمُونٍ إنْ أَثْمَرَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَثْمَرَ أَكْثَرُهَا كَانَ غَيْرُهُ تَبَعًا لَهُ وَاقْتَسَمَا الْجَمِيعَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ فَإِنْ كَانَ إلَى نَاحِيَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا وَسَقَطَ الْعَمَلُ بِهَا وَيَعْمَلُ الْبَاقِي حَتَّى يُثْمِرَ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا لَزِمَهُ الْعَمَلُ فِي الْجَمِيعِ حَتَّى يُثْمِرَ مُعْظَمُهُ وَالثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا، وَنَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ. (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْعَامِلِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْحَدِّ الْمُشْتَرَطِ مِنْ الْإِثْمَارِ أَوْ غَيْرِهِ (جَعْلٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ زَرْعٌ (كَبَقْلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ بَيْنَ الشَّجَرِ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْهَا إلَّا بِالتَّمَامِ. سُئِلَ الْوَنْشَرِيسِيُّ عَمَّنْ أَخَذَ أَرْضًا مُغَارَسَةً فَغَرَسَهَا، ثُمَّ جَعَلَ فِي عِمَارَةِ الْغَرْسِ مَقَاثِئَ وَبُقُولًا فَأَجَابَ لَيْسَ لِلْغَارِسِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْأَرْضِ شَيْئًا إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا، فَإِنْ عَمِلَ قَبْلَ إذْنِهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ. قَالَ وَسُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ الْغَارِسِ يَزْرَعُ فُولًا بَيْنَ الْأَشْجَارِ قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَيَطْلُبُ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ الْإِبَّانِ أَوْ بَعْدَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ إذْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْأَرْضِ إلَّا بَعْدَ الْإِطْعَامِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْقَلْعُ فِي الْإِبَّانِ وَالْكِرَاءُ بَعْدَهُ، وَيَمْنَعُ رَبُّ الْأَرْضِ الضَّامِنَ زِرَاعَتَهَا لِأَنَّهُ يَضُرُّ الْغَرْسُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُمْ عَادَةٌ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْعَامِلُ بَعْدَ الْعَمَلِ (فِي الْجُزْءِ) الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ (حُمِلَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْعَامِلُ (عَلَى الْعُرْفِ) بَيْنَ أَهْلِ بَلَدِهِمْ فِي مُغَارَسَتِهِمْ (وَ) إنْ اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهَا وَعَدَمِهَا فَ (ا) لِقَوْلِ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 426 إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْفَسَادُ وَفُسِخَتْ فَاسِدَةٌ بِلَا عَمَلٍ. وَإِلَّا، فَهَلْ تَمْضِي وَيَتَرَادَّانِ الْأَرْضَ وَالْعَمَلَ إنْ جُعِلَ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ؟ أَوْ إنْ كَانَ كَذَلِكَ قِيمَةُ غَرْسِهِ وَعَمَلِهِ فَقَطْ؟ وَإِلَّا فَفِي كَوْنِهِ كِرَاءً فَاسِدًا أَوْ إجَارَةً فَاسِدَةً كَذَلِكَ؟   [منح الجليل] لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَغْلِبَ الْفَسَادُ) فِي عُرْفِهِمْ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ لِنَسْخِهِ الْأَصْلَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهِ خِلَافٌ. (وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُغَارَسَةٌ (فَاسِدَةٌ) إنْ كَانَتْ (بِلَا عَمَلٍ) مِنْ الْعَامِلِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ ظُهُورِ فَسَادِهَا فَتُرَدُّ الْأَرْضُ لِرَبِّهَا وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلَا عَمَلٍ بِأَنْ عَمِلَ الْعَامِلُ فِيهَا قَبْلَ ظُهُورِ فَسَادِهَا (فَهَلْ تَمْضِي) الْمُغَارَسَةُ بَيْنَهُمَا إلَى تَمَامِهَا بِالْحَدِّ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ كَالصَّحِيحَةِ (وَيَتَرَادَّانِ) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ وَغَارِسُهَا (قِيمَةَ الْأَرْضِ وَ) قِيمَةُ (الْعَمَلِ) فَيَرْجِعُ رَبُّ الْأَرْضِ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا عَلَى الْعَامِلِ وَالْعَامِلُ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَمَلِهِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ الْأَرْض فَيَتَقَاصَّانِ وَمَنْ زَادَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَدْفَعُهُ لِلْآخَرِ (إنْ) كَانَ (جَعَلَ) رَبُّ الْأَرْضِ (لِلْعَامِلِ جُزْءًا) مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ حِينَ عَقْدِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ جُزْءًا فَتُفْسَخُ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ بَعْضِ الْمُؤَلِّفِينَ فِيهَا غَيْرَ ابْنِ رُشْدٍ (أَوْ إنْ كَانَ) عَقْدُ الْمُغَارَسَةِ (كَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ فِي كَوْنِهِ بِجُزْءٍ لِلْعَامِلِ، وَالْمَوْضُوعُ ظُهُورُ الْفَسَادِ بَعْدَ الْعَمَلِ (فَلَهُ) أَيْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ (قِيمَةُ غَرْسِهِ وَعَمَلِهِ فَقَطْ) أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ (وَإِلَّا) إي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فِي كَوْنِهَا بِجُزْءٍ لِلْعَامِلِ، بِأَنْ كَانَتْ بِلَا جُزْءٍ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ (فَفِي كَوْنِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (كِرَاءً) لِلْأَرْضِ (فَاسِدًا) فَالْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى، وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ فِي إلْزَامِهِ بِقَلْعِ غَرْسِهِ وَإِبْقَائِهِ لِنَفْسِهِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ لَهُ مَقْلُوعًا. (أَوْ) كَوْنِهِ (إجَارَةً) لِلْعَامِلِ (فَاسِدَةً) فَالْأَرْضُ وَالشَّجَرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا لِلْعَامِلِ حَالَ كَوْنِهَا (كَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَامِلِ إلَّا قِيمَةُ غَرْسِهِ وَعَمَلِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 427 قَوْلَانِ تَرَدُّدٌ   [منح الجليل] (قَوْلَانِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ فِي كَوْنِهِ كِرَاءً فَاسِدًا أَوْ إجَارَةً كَذَلِكَ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ فِي جَوَابِ هَلْ تَمْضِي إلَخْ، يَعْنِي أَنَّ الْمُغَارَسَةَ الْفَاسِدَةَ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي عَمَلِهَا فَإِنَّهَا تُفْسَخُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْغَرْسِ وَمُعَالَجَتِهِ فَفِيهَا طَرِيقَتَانِ، الْأُولَى لِبَعْضِ الْمُؤَلِّفِينَ النَّظَرُ فِي الْمُغَارَسَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا جُزْءٌ لِلْعَامِلِ مِنْ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَفَسَدَتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَكَوْنِهَا لِأَجَلٍ بَعِيدٍ يُثْمِرُ الشَّجَرُ قَبْلَهُ أَوْ يَخْدُمُهَا الْعَامِلُ مَا عَاشَ فَتَمْضِي، وَيَتَرَادَّانِ قِيمَتَيْ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ بَيْنَهُمَا أَيْ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأَرْضِ، وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ جُزْءًا مِنْهُمَا تُفْسَخُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ وَمَفْهُومُهُ لَمْ يَذْكُرُوهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَخَذْنَاهُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ. الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ. لِابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ جُزْءٌ لِلْعَامِلِ فَلَهُ قِيمَةُ غَرْسِهِ، أَيْ الْأَعْوَادُ الَّتِي غَرَسَهَا وَعَمَلُهُ أَيْ مُعَالَجَتُهُ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ إذَا جَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُغَارَسَةِ كَقَوْلِهِ اغْرِسْ هَذِهِ الْأَرْضَ وَقُمْ عَلَى غَرْسِهَا كَذَا وَكَذَا سَنَةً أَوْ حَتَّى تَبْلُغَ كَذَا وَكَذَا لِأَجَلٍ أَوْ حَتَّى يَكُونَ الْإِطْعَامُ دُونَهُ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهَا إجَارَةٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْغَارِسُ مَا أَخَذَ مِنْهَا يُرِيدُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَكِيلَتَهَا إنْ عُرِفَتْ وَخَرْصَهَا إنْ جُهِلَتْ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَالْغَرْسُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْعَامِلِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُجْعَلْ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ بِأَنْ قَالَ لَهُ اغْرِسْهَا وَالثَّمَرُ فَقَطْ بَيْنَنَا وَالثَّمَرُ وَالشَّجَرُ فَقَطْ بَيْنَنَا وَلَا شَيْءَ لَك مِنْ الْأَرْضِ أَوْ قَالَ لَهُ مَا دَامَتْ الْأَشْجَارُ قَائِمَةً فَإِنَّك تَنْتَفِعُ بِهَا فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ ذَهَبَتْ فَلَا حَقَّ لَك فِيهَا، فَقِيلَ إنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَعَلَى أَنَّهُ كِرَاءٌ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاءُ أَرْضِهِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَهَا. وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ غَرَسَهَا. وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ إثْمَارِهَا وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ فِي أَمْرِهِ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَإِعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا. وَقِيلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ غَرَسَهُ بِشُبْهَةٍ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 428 وَمَا فَاتَ مِنْ غَلَّةٍ: رَجَعَ صَاحِبُهَا بِمِثْلِهَا، إنْ عُلِمَتْ: كَالْمِثْلِيِّ فِي غَيْرِهَا وَإِذَا غَرَسَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ بَنَى: فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ، وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ ذَلِكَ قَائِمًا.   [منح الجليل] وَعَلَى أَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ فَالْعِلَّةُ كُلُّهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَيَرْجِعُ بِمَكِيلَةِ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا إنْ عُلِمَتْ وَخَرْصِهَا إنْ جُهِلَتْ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي غَرْسِهِ وَسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ، وَفِيهَا أَقْوَالٌ أُخَرُ. (وَمَا فَاتَ مِنْ غَلَّةٍ) بَيَانُ مَا عِنْدَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْعَامِلِ (رَجَعَ صَاحِبُهَا) أَيْ الْغَلَّةِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ رَبُّ الْأَرْضِ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَالْعَامِلُ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ عَلَى مَنْ فَاتَتْ بِيَدِهِ، وَهُوَ الْعَامِلُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَرَبُّ الْأَرْضِ فِي الْكِرَاءِ الْفَاسِدِ، وَصِلَةٍ رَجَعَ (بِمِثْلِ) كَيْلِ (هَا) أَوْ وَزْنِهَا (إنْ عُلِمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْغَلَّةُ قَدْرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (وَ) رَجَعَ صَاحِبُهَا (بِقِيمَتِهَا) أَيْ الْغَلَّةِ (إنْ جُهِلَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْغَلَّةُ قَدْرًا مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (كَ) الرُّجُوعِ بِ (الْمِثْلِيِّ) الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ أَوْ الْمَعْدُودِ الْمَجْهُولِ الْفَائِتِ بِيَدِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ الْمُغَارَسَةِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ جُهِلَتْ يَرْجِعُ بِخَرْصِهَا، أَيْ قَدْرِهَا بِالتَّقْدِيرِ وَالِاجْتِهَادِ وَالْحَزْرِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِتَأْدِيَةِ الرُّجُوعِ بِالْخَرْصِ إلَى رِبَا الْفَضْلِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مَنْ اسْتَهْلَكَ فُولًا مَجْهُولَ الْقَدْرِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا مِثْلُهُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ غَاصِبُ الطَّعَامِ يَغْرَمُ مِثْلَهُ صِفَةً وَقَدْرًا، فَإِنْ كَانَ جُزَافًا جُهِلَ كَيْلُهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ. (وَإِذَا غَرَسَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ بَنَى) فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ أَوْ حُضُورِهِ غَيْرَ عَالِمٍ (فَلِ) لِشَرِيكِ (الْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يَغْرِسْ وَلَمْ يَبْنِ (الدُّخُولُ مَعَهُ) أَيْ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ فِيمَا غَرِمَهُ أَوْ بَنَاهُ (وَيُعْطِيهِ) أَيْ الْآخَرُ الدَّاخِلُ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسُ (قِيمَةَ ذَلِكَ) الْغَرْسِ أَوْ الْبِنَاءِ حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) لِوَضْعِهِ بِشُبْهَةِ الشَّرِكَةِ أَيْ حِصَّتُهُ مِنْهَا. سَحْنُونٌ أَخْبَرَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي أَرْضٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ احْتَفَرَ أَحَدُهُمَا بِئْرًا أَوْ غَرَسَ غَرْسًا، فِيهَا فَأَرَادَ الْآخَرُ الدُّخُولَ مَعَهُ أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ فِي الْبِئْرِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِي الْأَرْضِ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إنْ أَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 429 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَدْخُلَ مَعَ شَرِيكِهِ فِيمَا بَنَى أَوْ حَفَرَ أَوْ غَرَسَ فَعَلَيْهِ فِي الْبِئْرِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِي الْأَرْضِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ يَكُونُ حَظُّهُ مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ قَائِمًا أَوْ مَنْقُوضًا، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ أَوْ الْحَفْرُ مَعَ غَيْبَةِ الشَّرِيكِ الثَّانِي أَوْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ عَالِمًا أَوْ مَعَ إذْنِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا غَيْرَ عَالِمٍ فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ، أَنْ يَكُونَ لَهُ قَدْرُ حَظِّ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ عَمَلِهِ قَائِمًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْأَرْضِ شُبْهَةٌ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ حَظِّهِ مِنْ النَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي أَنَّ الشَّرِكَةَ لَيْسَتْ شُبْهَةً فَلَيْسَ لَهُ سِوَى قِيمَةِ حَظِّهِ مَنْقُوضًا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرْسِ وَنَحْوُهُ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ. فَإِنْ قُلْنَا السُّكُوتُ إذْنٌ فَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ كِرَاءُ حِصَّتِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلَ قِيَامِهِ أَمْ لَا، عَلَى قَوْلَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا سَكَتَ رَاضِيًا بِتَرْكِ حَقّه، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ السُّكُوتُ إذْنًا فَلَهُ كِرَاءُ الْمَاضِي قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ الْغَرْسُ وَنَحْوُهُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي السُّكُوتِ عَلَى أَنَّهُ إذْنٌ وَإِنْ أَرَادَ مُقَاسَمَتَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقْسَمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ بُنْيَانُهُ وَغَرْسُهُ فِيمَا صَارَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ انْتِفَاعِهِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ خُيِّرَ الَّذِي صَارَ فِي حَظِّهِ بَيْنَ إعْطَائِهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا وَبَيْنَ إسْلَامِهِ إلَيْهِ وَنَقْضِهِ، هَذَا كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى الْقِسْمَةِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلَا إشْكَالَ فِيهَا وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُعْطِيَ الْقَائِمُ لِشَرِيكِهِ قَدْرَ حَظِّهِ م، ن الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ أَوْ يَتْرُكَانِ اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانُهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَالْأَصْحَابِ. تَمَّ الرُّبْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْكِتَابِ بِمَحْضِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَلِكِ الْوَهَّابِ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ دَائِمًا بَعْدَ عَصْرِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِخَمْسٍ بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ مِنْ سَنَةِ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ غَايَةُ الشَّرَفِ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، كَتَبَهُ مُحَمَّدُ عُلَيْشٍ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرَحِمَهُ وَوَالِدَيْهِ وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ آمِينَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 430 بَابُ) صِحَّةِ الْإِجَارَةِ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الْإِجَارَةُ وَكِرَاء الدَّوَابّ وَغَيْرهَا] بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَمَا يُنَاسِبُهَا (صِحَّةُ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْحَاءِ، أَيْ مُوَافَقَةُ (الْإِجَارَةِ) الشَّرْعَ بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَحُكِيَ ضَمُّهُ مِنْ الْأَجْرِ، أَيْ الْجَزَاءِ، وَفِي فِعْلِهَا الْمَدُّ وَالْقَصْرُ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْمَدَّ. عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَنَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَادَّةِ الثَّوَابَ عَلَى الْعَمَلِ، وَهُوَ مَنْفَعَةٌ خَصَّتْ الْإِجَارَةَ فِي إصْلَاحِ الشَّرْعِ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ عَلَى قَاعِدَةِ الْعُرْفِ مِنْ تَخْصِيصِ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ جِنْسٍ بِاسْمٍ لِيَحْصُلَ التَّعَارُفُ عِنْدَ التَّخَاطُبِ، وَقَدْ عُلِمَ وَضْعُ الْفِعَالَةِ بِالْكَسْرِ لِلصَّانِعِ نَحْوِ الصِّبَاغَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالْفَعَالَةُ بِالْفَتْحِ لِأَخْلَاقِ النُّفُوسِ، كَالسَّمَاحَةِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْفَصَاحَةِ وَالْفُعَالَةُ بِالضَّمِّ لِمَا يُطْرَحُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ نَحْوُ الْكُنَاسَةِ وَالْقُمَامَةُ وَالنُّخَالَةُ، أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. وَفِي اللُّبَابِ حَقِيقَتُهَا تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةِ عَلَى مَنْفَعَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ غَيْرَ سَفِينَةٍ وَبَهِيمَةٍ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْهَا بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا فَيَخْرُجُ كِرَاءُ الدُّورِ وَالسُّفُنِ وَالرَّوَاحِلِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُغَارَسَةُ وَالْجَعْلُ قَالَ وَقُلْت بَعْضُهُ يَتَبَعَّضُ خَوْفَ نَقْضِ عَكْسِهِ بِمِثْلِ قَوْله تَعَالَى {أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] ، فَإِنَّهَا إجَارَةٌ إجْمَاعًا لِقَوْلِهَا {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} [القصص: 26] ، وَعِوَضُهَا لَا يَتَبَعَّضُ، وَقَوْلُ الْقَاضِي هِيَ مُعَاوَضَةٌ عَلَى مَنَافِعِ الْأَعْيَانِ لَا يَخْفَى بُطْلَانُ طَرْدِهِ، وَنَحْوُهُ قَوْل عِيَاضٍ بَيْعُ مَنَافِعَ مَعْلُومَةٍ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ مَعَ خُرُوجِ فَاسِدِهَا عَنْهُ، وَالْحَدُّ يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 431 بِعَاقِدٍ، وَأَجْرٍ: كَالْبَيْعِ   [منح الجليل] وَقَوْلُهَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَرِيقًا فِي دَارِ رَجُلٍ أَوْ مَسِيلَ صَبِّ مِرْحَاضٍ مَجَازًا لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الِاشْتِرَاكِ، وَاعْتَرَضَهُ " غ " بِأَنَّ لَفْظَ الْبَعْضِ مُبْهَمٌ لَا يُنَاسِبُ التَّعْرِيفَ، وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ دُخُولُ الْجُعْلِ فِي التَّعْرِيفِ فَيَبْطُلُ طَرْدُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ لَفْظُ بَعْضٍ لَمْ تَخْرُجْ الْإِجَارَةُ بِالْبِضْعِ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ، وَهُوَ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا فَتَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ يَتَبَعَّضُ إلَخْ، أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، وَلَوْ قَالَ يَتَبَعَّضُ بِتَبْعِيضِهَا أَوْ بِضْعًا وَحَذَفَ لَفْظَ بَعْضٍ الْمُسَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. الْغَرْنَاطِيُّ الْإِجَارَةُ تُطْلَقُ اصْطِلَاحًا عَلَى الْعَقْدِ عَلَى الْعَاقِدِ وَالْمَنْقُولِ إلَّا السَّفِينَةَ وَالْبَهِيمَةَ وَالْكِرَاءَ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى مَنَافِعِ مَا لَا يُنْقَلُ وَالسَّفِينَةُ وَالْبَهِيمَةُ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَقَدْ يُطْلَقُ أَحَدُهُمَا عَلَى مَعْنَى الْآخَرِ، فَفِيهَا إنْ اسْتَأْجَرَتْ مِنْهُ دَارًا بِثَوْبٍ إلَخْ. وَفِي اللُّبَابِ خُصَّ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ الْآدَمِيِّ بِاسْمِ الْإِجَارَةِ وَتَمْلِيكُ مَنْفَعَةِ الْمَمْلُوكَاتِ بِاسْمِ الْكِرَاءِ وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ ابْتِدَاءً وَاللُّزُومُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ مَا يُفْسِدُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ هِيَ جَائِزَةٌ إجْمَاعًا. الصِّقِلِّيُّ خِلَافُ الْأَصَمِّ فِيهَا لَغْوٌ لِأَنَّهُ مُبْتَدِعٌ، وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا عَقْدُهَا لَازِمٌ كَالْبَيْعِ. اهـ. وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا الْوُجُوبُ إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ وَوَجَبَتْ إعَانَتُهُ وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهَا التَّعَاوُنُ وَدَفْعُ الْحَاجَاتِ، وَقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] ، وَخَبَرُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ (ب) جِنْسِ (عَاقِدٍ) فَشَمَلَ الْمُؤَجِّرَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْمُسْتَأْجِرَ كَذَلِكَ (وَأَجْرُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ عِوَضٌ مُتَمَوَّلٌ (ك) عَاقِدٍ وَعِوَضِ (الْبَيْعِ) فِي كَوْنِ الْأَوَّلِ مُمَيَّزًا، وَالثَّانِي ظَاهِرًا مُنْتَفِعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ. ابْنُ شَاسٍ أَرْكَانُ الْإِجَارَةِ ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ وَلَا يَخْفَى أَمْرُهُمَا. الرُّكْنُ الثَّانِي الْأُجْرَةُ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَاقِدَانِ كَالْمُتَبَايِعِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالْأَجْرُ كَالثَّمَنِ يُطْلَبُ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا قَدْرًا وَصِفَةً، وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ ثَمَنًا يَصْلُحُ أَجْرًا، وَهَذَا مَنْقُوضٌ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ وَالطَّعَامِ، فَإِنَّهُمَا يَصْلُحَانِ ثَمَنًا وَلَا يَصْلُحَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 432 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَجْرًا لَهَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ مَا يَصْلُحُ لِلثَّمَنِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَصْلُحُ أَجْرًا كَذَلِكَ، وَهُنَا عَدَمُ الصَّلَاحِيَّةِ لِمَانِعٍ عَارِضٍ، وَهُوَ النَّهْيُ كَالْبَيْعِ وَقْتَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا إيرَادَ، إذْ مِمَّا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ عَدَمَ النَّهْيِ، وَقَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَبِالطَّعَامِ فَانْتَفَى الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ عَدَمُ النَّهْيِ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي فَسَادَ إجَارَةِ الْخَيَّاطِ وَالْحَجَّامِ وَكِرَاءِ الْحَمَّامِ إذَا لَمْ تُعَيَّنْ الْأُجْرَةُ ابْتِدَاءً، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِنْ صِحَّتِهِمَا إذَا كَانَ مُخَالِطًا وَأَرْضَاهُ بَعْدَ عَمَلِهِ كَمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. وَأُجِيبَ بِنُدُورِ هَذَا، وَالْكَلَامُ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ. وَنَصُّ السَّمَاعِ سُئِلَ الْإِمَام مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْخَيَّاطِ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُ الْخُلْطَةُ وَلَا يَكَادُ يُخَالِفُنِي أَسْتَخِيطُهُ الثَّوْبَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ وَجَاءَ بِهِ أَرْضَيْته بِشَيْءٍ أَدْفَعُهُ إلَيْهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَجَازُوهُ وَمَضَوْا عَلَيْهِ، وَهُوَ نَحْوُ مَا يُعْطَى الْحَجَّامُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَارِطَهُ عَلَى أُجْرَةِ عَمَلِهِ قَبْلَهُ وَمَا يُعْطَى فِي الْحَمَّامِ وَالْمَنْعِ مِنْ هَذَا، وَشِبْهُهُ تَضْيِيقٌ عَلَى النَّاسِ، وَحَرَجٌ فِي الدِّينِ وَغُلُوٌّ فِيهِ، وَاَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَقَالَ {لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] ، وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ مَا ثَبَتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَمَهُ أَبُو طِيبَةَ فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ خَرَاجَهُ» ، وَأَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُؤَاجَرَ الْخَيَّاطُ عَلَى خِيَاطَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنْ الثِّيَابِ فِي السُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ عَلَى خَبْزِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْخُبْزِ سَنَةً أَوْ شَهْرًا إذَا عَرَفَ عِيَالَ الرَّجُلِ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا مَعْرُوفٌ لِأَنَّ الْأَكْلَ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَمِقْدَارُ أَكْلِ النَّاسِ مَعْرُوفٌ، وَالثِّيَابُ قَرِيبٌ مِنْهُ، وَكَرِهَ اللَّخْمِيُّ اسْتِعْمَالَ الصَّانِعِ حَتَّى يُقَاطِعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى، وَكَرِهَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَيْضًا، قَالَ وَلَا يَبْلُغُ التَّحْرِيمَ وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاسِعٌ. (فُرُوعٌ) الْأَوَّلُ: فِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ يُونُسَ إذَا قُلْت خَطَّهُ بِدِرْهَمٍ، وَقَالَ بِدِرْهَمَيْنِ فَخَاطَهُ فَلَيْسَ لَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 433 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَّا دِرْهَمٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّك أَعْلَمْته بِمَا تَرْضَى بِهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ سَاكِنِ الدَّارِ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَنْ دَفَعَ ثَوْبًا لِخَيَّاطِ فَقَالَ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمَيْنِ، وَقَالَ رَبُّهُ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمٍ، وَجَعَلَهُ عِنْدَهُ فَخَاطَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا دِرْهَمٌ، وَمَنْ سَكَنَ مَنْزِلًا فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ بِدِينَارَيْنِ فِي السَّنَةِ، وَقَالَ السَّاكِنُ لَا أُعْطِي إلَّا دِينَارًا وَإِلَّا فَاخْرُجْ إنْ لَمْ تَرْضَ فَسَكَتَ وَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ حَتَّى تَمَّتْ السَّنَةُ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِينَارٌ. ابْنُ رُشْدٍ مَسْأَلَةُ الْخَيَّاطِ لَا تُشْبِهُ كِرَاءَ الْمَنْزِلِ لِأَنَّ رَبَّ الثَّوْبِ لَمْ يَتَوَلَّ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُصَاحِبِ الثَّوْبِ وَالسَّاكِنُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ مَعَ عِلْمِ رَبِّ الْمَنْزِلِ بِهِ فَفَرَّقُوا بَيْنَ تَقَدُّمِ قَوْلِهِ عَلَى قَوْلِ رَبِّهِ وَتَأَخُّرِهِ عَنْهُ. الثَّانِي: سُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ حَارِسِ الزَّرْعِ وَالزَّيْتُونِ لَيْلًا وَنَهَارًا بِالضَّمَانِ أَوْ بِغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ عَلَيْهِ مُدَّانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَهَلْ يَصِحُّ؟ وَهَلْ يَلْزَمُهُمْ تَفْرِيغُ الشِّبَاكِ وَالْأَحْمَالِ؟ فَأَجَابَ أَمَّا اسْتِئْجَارُهُمْ لِكُلِّ قَفِيزٍ مُدَّانِ فَجَائِزٌ وَسَوَاءٌ قَلَّتْ الْأَقْفِزَةُ أَوْ كَثُرَتْ لِاغْتِفَارِ جَهْلِ الْجُمْلَةِ إذَا عُلِمَ التَّفْصِيلُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ شَرَطُوا تَفْرِيغَ الشِّبَاكِ وَتَنْزِيلَ الْأَحْمَالِ فَيَلْزَمُ، وَإِلَّا فَلَا، وَشَرْطُ الضَّمَانِ عَلَيْهِمْ لَا يَلْزَمُ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مِمَّنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. الثَّالِثُ: سُئِلَ أَيْضًا عَنْ حِرَاسَتِهِمْ الْأَنْدَرَ كُلَّهُ بِأَقْفِزَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَلْفٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ مِائَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَكْثَرُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ أَقَلُّ، هَلْ هُوَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ أَوْ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ؟ فَأَجَابَ إنْ كَانَ اسْتِئْجَارُهُمْ قَبْلَ حُصُولِهِ فِي الْأَنْدَرِ وَرُؤْيَتِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حُصُولِهِ وَرُؤْيَتِهِ فَيَجُوزُ وَنُقِضَ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ. وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَى الرُّءُوسِ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. الرَّابِعُ: فِيهَا لَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ طَائِفَةً مِنْ دَارِك وَقَدْ عَلِمْت بِهِ وَلَمْ تُخْرِجْهُ فَيَلْزَمُهُ كِرَاءُ مَا سَكَنَ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ لَا الْإِرْفَاقُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْك إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْك أَنَّك أَرْفَقْته فَتَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ. الْخَامِسُ: فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ لِاقْتِضَائِهِ دُونَ إذْنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 434 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] صَاحِبِهِ فَاقْتَضَاهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِهِ وَجَبَتْ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا خَرَجَ لِذَلِكَ مُتَطَوِّعًا إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَأْخُذُ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ. السَّادِسُ: سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَمَّنْ رُهِنَتْ عِنْدَهُ دَارٌ وَاقْتَضَى غَلَّتَهَا ثُمَّ طَلَبَ أُجْرَةَ اقْتِضَائِهِ إيَّاهَا فَقَالَ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فَالرَّجُلُ الَّذِي يُشْبِهُ أَنْ يَعْمَلَ بِأُجْرَةٍ وَمِثْلُهُ يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ فِي مِثْلِهِ فَأَرَى ذَلِكَ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ مِثْلُهُ بِعَيْنٍ فَلَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ يَمِينِهِ مَا قَامَ بِهِ احْتِسَابًا، وَإِنَّا فَعَلَ ذَلِكَ لِيَقُومَ بِأُجْرَتِهِ. السَّابِعُ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ إذَا عَجَزَ رَبُّ الدَّابَّةِ عَنْ عَلَفِهَا وَتَرَكَهَا فِي الصَّحْرَاءِ فَعَلَفهَا غَيْرُهُ ثُمَّ وَجَدَهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى تَرْكِهَا بِالْإِضْرَارِ بِهِ، وَيَدْفَعُ مَا أُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ هِيَ لِعَالِفِهَا لِإِعْرَاضِ رَبِّهَا عَنْهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي قِيَامِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَامَ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ. الثَّامِنُ: عُلِمَ مِنْ تَشْبِيهِ عَاقِدِهَا بِعَاقِدِ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ إذَا أَجَرَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ صَحَّ وَتَوَقَّفَ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ لَيْسَ لِذِي الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ فَعَلَ نَظَرَ فِيهِ وَلِيُّهُ فَيُمْضِيهِ أَوْ يَرُدُّهُ مَا لَمْ يَعْمَلْ، فَإِنْ كَانَ عَمِلَ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ عَمَلِهِ فَلَهُ أَرْشُ النَّقْصِ، وَإِنْ هَلَكَ فَلَهُ الدِّيَةُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ إلَى يَوْمِ الْإِصَابَةِ، وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ غَيْرِ الْعَمَلِ شَيْءٌ. التَّاسِعُ: إنْ أَجَرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ لَا يُؤَجَّرُ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَيُنْفِقُ الْأَبُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَنِيًّا وَلَا مَالَ لِلْوَلَدِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ فِيمَا لَا مَعَرَّةَ فِيهِ عَلَى الِابْنِ إنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا أَوْ مُقِلًّا أَوْ أَرَادَ تَعْلِيمَهُ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لَهُ ذَلِكَ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ، فَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ حَبَسَهُ لَهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مَا فَضَلَ مِنْ عَمَلِ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا خَوْفًا مِنْ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ الصَّبِيُّ مِنْ الْعَمَلِ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 435 وَعُجِّلَ، إنْ عُيِّنَ أَوْ بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ،   [منح الجليل] الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لِمَرَضٍ فَلَا يَجِدُ مَا يَأْكُلُ. وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ. الْعَاشِرُ: الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ يَجُوزُ عَقْدُ الْحَاضِنَةِ عَلَى مَحْضُونِهَا إمَّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا، وَلَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يُزَادَ فِي أُجْرَةِ الصَّبِيِّ فَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَيُفْسَخُ عَقْدُ الْأُمِّ وَيُنْظَرُ لَهُ أَحْسَنُ الْمَوَاضِعِ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ فِي عَقْدِ الْوَصِيِّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ غَبْنٌ عَلَى الْيَتِيمُ. الْحَادِيَ عَشَرَ: لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْعَزَبِ امْرَأَةً لِخِدْمَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَلَوْ كَانَ مَأْمُونًا، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ جَازَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا، أَوْ كَانَتْ شَابَّةً وَمُسْتَأْجِرُهَا شَيْخٌ كَبِيرٌ. الثَّانِيَ عَشَرَ: سُئِلَ الْإِمَام مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تَلْجَأُ إلَى الرَّجُلِ فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ هَلْ تَرَى لَهُ ذَلِكَ حَسَنًا، قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلْيَدْخُلْ مَعَهُ غَيْرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَلَى مَا قَالَ إذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِمَّا يَظْهَرُ مِنْ زِينَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَجَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى الدُّخُولِ عَلَيْهَا أَدْخَلَ غَيْرَهُ مَعَهُ لِيُبْعِدَ سُوءَ الظَّنِّ عَنْ نَفْسِهِ. فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّا عَلَيْهِ لَيْلًا وَمَعَهُ صَفِيَّةُ زَوْجَتُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - فَسَلَّمَا عَلَيْهِ وَانْطَلَقَا فَقَالَ لَهُمَا عَلَى رِسْلِكُمَا إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ فَقَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيت أَنْ يُلْقِيَ فِي قُلُوبِكُمَا فَتَهْلِكَا» . (وَعُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْأَجْرُ وُجُوبًا شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ (إنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْأَجْرُ كَإِجَارَةِ رَجُلٍ لِخِدْمَةِ سِنِّهِ بِعَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَيَجِبُ تَعْجِيلُهُ لِأَنَّ عَدَمَهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَفِيهِ غَرَرٌ (أَوْ) لَمْ يُعَيَّنْ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ (بِشَرْطِ) لِتَعْجِيلِهِ فَيَجِبُ وَفَاءً بِالشَّرْطِ (أَوْ) لَمْ يُعَيَّنْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَهُ وَوَقَعَتْ الْإِجَارَةُ مَصْحُوبَةً ب (عَادَةٍ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 436 أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ فِيهَا،   [منح الجليل] لِتَعْجِيلِهِ فَيَجِبُ لِأَنَّهَا كَالشَّرْطِ (أَوْ) لَمْ يُعَيِّنْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُهُ وَلَمْ يَعْتَدْ وَوَقَعَتْ الْإِجَارَةُ (فِي) مَنْفَعَةٍ (مَضْمُونَةٍ) فِي ذِمَّةِ الْمُؤَجِّرِ كَإِجَارَةٍ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ، فَيَجِبُ تَعْجِيلُهُ تَخَلُّصًا مِنْ ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ إنْ (لَمْ يَشْرَعْ) الْعَامِلُ (فِيهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ الْمَضْمُونَةِ، فَإِنْ شُرِعَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِنَاءً عَلَى قَبْضِ الْأَوَّلِ كَقَبْضِ الْآخَرِ. الْحَطّ قَوْلُهُ أَوْ فِي مَضْمُونِهِ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا، أَرَادَ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا إلَّا بَعْدَ طُولٍ، وَأَمَّا إنْ قَرُبَ الشُّرُوعُ فَيَحُوزُ تَأْخِيرُ الْكِرَاءِ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ فِي الْكِرَاءِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَوْ فِي الْغَدِ فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْكِرَاءِ إلَى أَجَلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْعَرْضُ الْمُعَيَّنُ أَجْرًا كَشِرَائِهِ فَيَجِبُ تَعْجِيلُهُ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ، أَوْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ سَنَةُ الْكِرَاءِ بِالْبَلَدِ النَّقْدَ جَازَ وَقَضَى بِنَقْدِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سَنَتُهُمْ بِالنَّقْدِ فَلَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ، إنْ عُجِّلَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ إلَى شَهْرٍ، وَيُفْسَخُ ذَلِكَ اهـ. ابْنُ يُونُسَ الْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَنَةٌ رَاتِبَةٌ، وَكَانُوا يَكُرُّونَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةُ وَأَبْهَمُوا الْكِرَاءَ، فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ لَا يُوجِبُ نَقْدَ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفًا أَوْ شَرْطًا وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُدَ إلَّا بِقَدْرِ مَا رُكِّبَ أَوْ سَكَنَ بِخِلَافِ شِرَاءِ السِّلَعِ الْمُعَيَّنَةِ، هَذِهِ بِتَمَامِ عَقْدِ شِرَائِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهَا لِأَنَّهُ يَنْتَقِدُهَا فَوَجَبَ عَلَيْهِ نَقْدُ ثَمَنِهَا وَالرُّكُوبُ وَالسُّكْنَى لَمْ يَنْقُدْهُ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْقُدَ إلَّا ثَمَنَ مَا قُبِضَ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ عَقْدُ الْكِرَاءِ لَا يُوجِبُ انْتِقَادَ ثَمَنِهِ فَكَأَنَّهُمَا دَخَلَا فِي الْكِرَاءِ بِهَذِهِ الْمُعَيَّنَاتِ عَلَى التَّأْخِيرِ فَوَجَبَ فَسَادًا الْكِرَاءُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ اكْتَرَى مَا ذَكَرْنَا بِدَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ، فَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 437 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَقْدًا قَضَى بِنَقْدِهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِهَا فِي الْعَقْدِ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اسْتَأْجَرَ صَانِعًا عَلَى عَمَلٍ عُرِفَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ فَسَأَلَهُ تَقْدِيمَ الْأُجْرَةِ وَهُوَ يَقُولُ لَا أَعْمَلُهُ إلَى شَهْرٍ فَلَا يَصْلُحُ تَقْدِيمُ أُجْرَةٍ لَهُ حَتَّى يَشْرَعَ فِي عَمَلِهِ، فَإِنْ شَرَعَ فِيهِ قَدَّمَهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا أَرَادَ الصُّنَّاعُ وَالْأُجَرَاءُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَامْتَنَعَ رَبُّ الْعَمَلِ حُمِلُوا عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَنَةٌ فَلَا يَقْضِي لَهُمْ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ أَعْمَالِهِمْ. وَأَمَّا فِي الْأَكْرِيَةِ فِي دَارٍ أَوْ رَاحِلَةٍ أَوْ إجَارَةِ بَيْعِ السِّلَعِ وَنَحْوِهَا. فَبِقَدْرِ مَا مَضَى، وَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ نِصْفَ الثَّوْبِ أَخْذُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ حَتَّى يَتِمَّ إذْ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَاطَهُ كُلَّهُ ثُمَّ ضَاعَ الثَّوْبُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَجْرٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَكَذَلِكَ إذَا خَاطَ بَعْضَهُ. ابْنُ رُشْدٍ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ كَنَسْجِ الْغَزْلِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ أَوْ الشُّرُوعِ، وَإِنْ تَأَخَّرَا كَانَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. الْحَطّ التَّعْيِينُ تَارَةً يَكُونُ فِي الْأُجْرَةِ وَتَارَةً فِي الْمَنْفَعَةِ، وَيُقْضَى بِتَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إذَا شَرَطَ التَّعْجِيلَ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ التَّعْجِيلَ فِيهِمَا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمَضْمُونَةِ، وَيُقْضَى بِهِ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مَضْمُونَةً، وَتَأَخَّرَ شُرُوعُهُ فِيهَا يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ تَأَخَّرَ يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ، فَقَوْلُهُ إنْ عَيَّنَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّهُ إنْ شَرَطَ أَوْ اُعْتِيدَ تَعْجِيلُهُ صَحَّتْ، وَقَضَى بِهِ، وَهَذَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ وَلَمْ يَعْتَدْ تَعْجِيلَهُ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ كَمَا سَيَقُولُ، وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى شَرْطُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَلَا يَرُدُّ هَذَا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ يُعَجَّلُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَلَا شَرْطٌ بِالتَّعْجِيلِ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفٌ إلَخْ، إنَّمَا هُوَ صِحَّةُ الْعَقْدِ مَعَ عُرْفِ التَّعْجِيلِ، وَلَا يُفْهَمُ الْجَبْرُ عَلَى الدَّفْعِ فَعُرْفُ التَّعْجِيلِ يَدْفَعُ الْفَسَادَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 438 إلَّا كَرِيِّ حَجٍّ: فَالْيَسِيرُ   [منح الجليل] وَالْجَبْرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَعُجِّلَ إنْ عَيَّنَ فَالْأَوَّلُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّانِي حَقُّ الْآدَمِيِّ، فَقَوْلُهُ وَعُجِّلَ إنْ عُيِّنَ أَيْ مَعَ شَرْطِهِ أَوْ اعْتِيَادِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِشَرْطٍ إلَخْ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ كَمَا قَالَ. الْحَطّ فَالْحَقُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ بِشَرْطٍ إلَخْ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مَعْنَى إنْ عُيِّنَ أَيْ أَوْ عُجِّلَ بِتَعْيِينِهِ أَوْ بِشَرْطٍ إلَخْ، وَأَنَّ مَا أَوْرَدَهُ الْحَطّ لَازِمٌ لَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ عُيِّنَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ إنْ اُشْتُرِطَ أَوْ اُعْتِيدَ تَعْجِيلُهُ فَهُوَ مُتَدَرِّجٌ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ أَوْ لَا عُرْفَ أَصْلًا، فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ كَمَا قَالَ. وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ وَالتَّعْجِيلُ فَرْعُ صِحَّتِهَا اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ اعْتَرَضَ بِإِغْنَاءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ شَاعَ عَدَمُ تَوَجُّهِهِ لِوُقُوعِ الْأَوَّلِ فِي مَرْكَزِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَضْمُونِ الَّذِي يَجِبُ تَعْجِيلُهُ، فَقَالَ (إلَّا كَرِيَّ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ كَارِيَ إبِلٍ مَضْمُونَةٍ فِي ذِمَّتِهِ لِرُكُوبِهَا أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا لَك (حَجٍّ) مِنْ كُلِّ مَوْسِمٍ لَهُ وَقْتٌ مَخْصُوصٌ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ قَبْلَ وَقْتِهِ (ف) لَا يَجِبُ تَعْجِيلُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ وَيُعَجَّلُ (الْيَسِيرُ) مِنْهُ وُجُوبًا وَيَقُومُ مَقَامَ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّهُ إذَا عُجِّلَ الْجَمِيعُ لِلْكَرِيِّ قَبْلَ وَقْتِ السَّفَرِ يُخْشَى هُرُوبُهُمْ بِهِ وَعَدَمُ إتْيَانِهِمْ بِالْإِبِلِ وَقْتَهُ فَيُضِيعُ الْكِرَاءُ عَلَى الْمُكْتَرِي. ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ تَكَارَى كِرَاءً مَضْمُونًا إلَى أَجَلٍ مِثْلِ الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَانَةٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ النَّقْدُ، وَلَكِنْ يُعَجَّلُ مِثْلُ الدِّينَارَيْنِ وَنَحْوُهُمَا، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ لَا يَنْبَغِي إلَّا بِنَقْدٍ مِثْلِ ثُلُثَيْ الْكِرَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ قَدْ اقْتَطَعَ الْأَكْرِيَاءُ أَمْوَالَ النَّاسِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرُوهُمْ بِالنَّقْدِ وَلْيَنْقُدُوهُمْ الدِّينَارَ وَشِبْهَهُ. أَبُو مُحَمَّدٍ أَرَادَ لَوْ كَانَ مَضْمُونًا بِغَيْرِ أَجَلٍ وَشَرَعَ فِي الرُّكُوبِ جَازَ بِغَيْرِ نَقْدٍ لِأَنَّ نَقْدَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 439 وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةٌ   [منح الجليل] أَوَائِلِ الرُّكُوبِ كَقَبْضِ جَمِيعِهِ، إذْ هُوَ أَكْثَرُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فِي قَبْضِهِ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ إنْ اكْتَرَى كِرَاءً مَضْمُونًا لَا يَرْكَبُ فِيهِ إلَّا إلَى أَجَلٍ فَالنَّقْدُ فِيهِ جَائِزٌ، بَلْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ كُلِّهِ بِشَرْطٍ فِي هَذَا الْمَضْمُونِ كَتَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ مَالِكٌ، إذَا أَخَّرَ بَعْضَ النَّقْدِ لِأَنَّ الْأَكْرِيَاءَ اقْتَطَعُوا أَمْوَالَ النَّاسِ فَأَجَازَ فِيهِ تَأْخِيرَ بَعْضِ الثَّمَنِ لِهَذِهِ الضَّرُورَة بِخِلَافِ تَأْخِيرِ بَعْضِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. طفي فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْحَجِّ، إذْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي يَتَأَخَّرُ الشُّرُوعُ فِيهِ، وَقَدْ نُقِلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامُ الْمَوَّازِيَّةِ الدَّالُّ عَلَى الْعُمُومِ فِي كُلِّ مَضْمُونٍ مُؤَجَّلٍ، وَمَعَ ذَلِكَ خُصَّ الْحَجُّ وَأَخَلَّ بِالتَّأْجِيلِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ النَّقْدِ، إذْ لَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ يُقَالُ فَرْضُهُ فِي الْحَجِّ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ وَمِنْهُ عُلِمَ شَرْطُ التَّأْجِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْحَطّ لَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى حَجٍّ لَكَانَ أَشْمَلَ الْمُتَيْطِيُّ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ، وَنَصُّهُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطٍ، وَاخْتُلِفَ فِي تَعْجِيلِ بَعْضِهِ وَتَأْخِيرِ بَاقِيه دُونَ شَرْطٍ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ أَكْرَى إلَى الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ لِيَخْرُجَ فِي إبَّانِهِ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَدِّمَ مِنْهُ الدِّينَارَ وَالدِّينَارَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ غَيْرُهُ. وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ، وَقَالَ كَمْ كَرِيٌّ قَدْ هَرَبَ بِالْكِرَاءِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ تَأْخِيرِ النَّقْدِ إلَّا أَنْ يَنْقُدَ أَكْثَرَهُ أَوْ ثُلُثَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ قَدْ اقْتَطَعَ الْأَكْرِيَاءُ أَمْوَالَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْقُدَهُ الدِّينَارَ وَالدِّينَارَيْنِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَرَادَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُ الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ وَالْيَسِيرُ الدِّينَارُ وَالدِّينَارَانِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجْرُ مُعَيَّنًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَهُ وَلَمْ يُجَرِّبْهُ الْعُرْفُ وَلَمْ تَكُنْ الْمَنْفَعَةُ مَضْمُونَةً لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا بِأَنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً شُرِعَ فِيهَا (فَمُيَاوَمَةٌ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 440 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِضَمِّ الْمِيمِ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ وَفَتْحِ الْوَاوِ، أَيْ كَمَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ مَنْفَعَةَ يَوْمٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ دَفْعُ أُجْرَتِهِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْجِيلُ شَيْءٍ قَبْلَهُ. الْحَطّ وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَيَانِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ أُخِذَ مُيَاوَمَةً بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يَتَنَاوَلُ الصُّنَّاعَ، بَلْ الْإِجَارَةُ فِي الْعِرَاقِ مَقْصُورَةٌ عَلَيْهَا. وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الصَّانِعَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ. اهـ. فَفِيهَا إذَا أَرَادَ الصُّنَّاعُ وَالْأُجَرَاءُ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَامْتَنَعَ رَبُّ الْعَمَلِ حُمِلُوا عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سَنَةٌ فَلَا يُقْضَى لَهُمْ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ أَعْمَالِهِمْ وَأَمَّا فِي الْأَكْرِيَةِ فِي دَارٍ أَوْ رَاحِلَةٍ أَوْ فِي إجَارَةِ بَيْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهِ فَبِقَدْرِ مَا مَضَى، وَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ نِصْفَ الْقَمِيصِ أَخْذُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ حَتَّى يُتِمَّ، إذْ لَمْ يَأْخُذْ عَلَى ذَلِكَ. الثَّانِي: مَحَلُّ جَوَازِ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ إذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ أَوْ تَأَخَّرَ نَحْوَ عَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَإِنْ طَالَ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ. ابْنُ رُشْدٍ الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِثْلِ نَسْجِ الْغَزْلِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَضْمُونَةٌ فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ، فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ أَوْ الشُّرُوعُ فِي الْعَمَلِ أَوْ تَعْجِيلُهُمَا وَمُعَيَّنَةٌ فِي عَيْنِهِ فَتَجُوزُ بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ، وَتَأْخِيرِهِ عَلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ. اهـ. وَتَأْخِيرُ الشُّرُوعِ إلَى يَوْمَيْنِ لَا يَضُرُّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. أَبُو الْحَسَنِ وَإِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ مُعَيَّنًا عَلَى أَنْ لَا يُشْرَعَ فِيهِ إلَى أَجَلٍ، وَكَانَ الْأَجْرُ شَيْئًا مُعَيَّنًا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ لِاقْتِضَاءِ تَعَيُّنِ الْأَجْرِ وُجُوبَ التَّقْدِيمِ وَتَأْخِيرِ الشُّرُوعِ وُجُوبَ التَّأْخِيرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ صَرَّحَ بِكَوْنِ الْعَمَلِ مَضْمُونًا كَأَسْتَأْجِرُكَ عَلَى كَذَا فِي ذِمَّتِك إنْ شِئْت عَمِلْته بِيَدِك أَوْ بِغَيْرِك أَوْ مُعَيَّنًا، كَأَسْتَأْجِرُكَ عَلَى عَمَلِ كَذَا بِنَفْسِك فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 441 وَفَسَدَتْ، إنْ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ: كَمَعَ جُعْلٍ،   [منح الجليل] حُكْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَظَاهِرُ لَفْظِهِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ كَأَعْطَيْتُكَ كَذَا عَلَى خِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ حُمِلَ عَلَى الْمَضْمُونِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ، أَوْ كَانَ عَمَلُهُ بِيَدِهِ، أَوْ كَانَ عَمَلُهُ بِيَدِهِ مَقْصُودًا لِرِقَّتِهِ وَإِحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ التَّعْيِينَ كَأَسْتَأْجِرُكَ عَلَى خِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ أَوْ عَلَى أَنْ تُخَيِّطَهُ، فَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ أَوْ الْمُعَيَّنِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَضْمُونِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ أَوْ يَقْصِدُ عَمَلَهُ بِيَدِهِ لِدِقَّتِهِ وَإِحْكَامِهِ. الرَّابِعُ: ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَقْدَ الْكِرَاءِ فِي السُّفُنِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْبَلَاغِ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ، وَقَالَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ مَا قُطِعَ. فَإِنْ عَطِبَتْ قَبْلَ الْبَلَاغِ وَادَّعَيْت النَّقْدَ صَدَقَ عَلَيْك لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. وَقِيلَ تَجُوزُ كَمَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفَسَدَتْ) الْإِجَارَةُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ (إنْ انْتَفَى) مِنْهَا (عُرْفُ تَعْجِيلِ) الْأَجْرِ (الْمُعَيَّنِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْيَاءُ مُثَقَّلَةٌ بِأَنْ كَانَ الْعُرْفُ تَأْخِيرَهُ أَوَّلًا عَرَفَ بِأَحَدِهِمَا بِأَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِمَا مَعًا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ، وَكَانُوا يَكْرُونَ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَأَبْهَمُوا الْكِرَاءَ، فَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ لَا يُوجِبُ تَقْدِيمَ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفًا أَوْ بِشَرْطٍ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُدَ إلَّا بِقَدْرِ مَا رُكِّبَ أَوْ سَكَنَ، بِخِلَافِ شِرَاءِ السِّلَعِ الْمُعَيَّنَةِ هَذِهِ بِتَمَامِ عَقْدِ شِرَائِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَقْدُ ثَمَنِهَا. وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ فَقَالَ (ك) إجَارَةٍ (مَعَ جُعْلٍ) فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَفْسُدُ إنْ عَلَى الْمَشْهُورِ لِتَنَافِيَ أَحْكَامِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي الْبَيْعِ وَالْجُعْلِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجْتَمِعُ الْجُعْلُ وَالْإِجَارَةُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا مَعْلُومًا فِي مَعْلُومٍ، وَالْجُعْلُ يَجُوزُ فِي الْمَجْهُولِ فَهُمَا مُخْتَلِقَا الْأَحْكَامِ مَتَى جُمِعَا فَسَدَا، وَعَنْ سَحْنُونٍ إجَازَةُ الْمُغَارَسَةِ مَعَ الْبَيْعِ وَهُوَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى. الْحَطّ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْإِجَارَةِ مَعَ السَّلَفِ، فَفِيهَا إنْ دَفَعْت إلَى حَائِكٍ غَزْلًا يَنْسِجُهُ لَك ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُسْلِفَك فِيهِ رَطْلَيْنِ مِنْ غَزْلٍ فَلَا يَجُوزُ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 442 لَا بَيْعٍ وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ،   [منح الجليل] لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ. ابْنُ يُونُسَ الْإِجَارَةُ بَيْعٌ فِيهَا مَا يَحْرُمُ فِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ. (لَا) تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ الْمُجْتَمِعَةُ (مَعَ بَيْعٍ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْأَحْكَامِ. تت شَمِلَ كَلَامُهُ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: كَوْنُهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَشِرَائِهِ جُلُودًا عَلَى أَنْ يُخَرِّزَهَا لَهُ الْبَائِعُ خِفَافًا. وَالثَّانِيَةُ: كَوْنُهُمَا فِي مَحَلَّيْنِ كَشِرَائِهِ جُلُودًا بِكَذَا عَلَى أَنْ يَخِيطَ الْبَائِعُ ثَوْبًا فَيَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا. فِيهَا لَا بَأْسَ بِاجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْمَبِيعِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ جَائِزَةٌ فِي الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ، أَوْ أَمْكَنَتْ إعَادَتُهُ كَالصُّفْرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ الْبَائِعُ قَدَحًا. الْحَطّ أُطْلِقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ بِأَنْ بَاعَ لَهُ جُلُودًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ نِعَالًا لِلْمُشْتَرِي فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهَا قَوْلٌ مَشْهُورٌ بِالْمَنْعِ. خَلِيلٌ هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ، سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَقَالَ جَائِزٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ خِيَاطَتَهُ أَوْ قَمْحًا، عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ طَحْنَهُ أَوْ فِيمَا لَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ وَتُمْكِنُ إعَادَتُهُ كَبَيْعِهِ صُفْرًا عَلَى أَنَّ عَلَى بَائِعِهِ صِيَاغَتَهُ قَدَحًا، فَإِنْ كَانَتْ فِيمَا لَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ وَلَا تُمْكِنُ إعَادَتُهُ لِلْعَمَلِ كَبَيْعِهِ غَزْلًا، عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ نَسْجَهُ أَوْ الزَّيْتُونَ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ أَوْ الزَّرْعَ، عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ حَصْدَهُ وَدَرْسَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ اهـ. وَعُطْفُ عَلَى كَمَعَ جَعَلَ الْمُشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ: (وك) إجَارَةٍ عَلَى سَلْخٍ ب (جِلْدٍ لِسَلَّاخٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَشَدِّ اللَّامِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِلْغَرَرِ بِتَقَطُّعِ الْجِلْدِ حَالَ سَلْخِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 443 أَوْ نُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ، وَجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ أَوْ رَضِيعٍ وَإِنْ مِنْ الْآنِ   [منح الجليل] وَ) إجَارَةٌ عَلَى طَحْنٍ بِ (نُخَالَةٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الْخَاءِ (لِطَحَّانٍ) لِلْغَرَرِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا وَصِفَتِهَا. فِيهَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى سَلْخِ شَاةٍ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ بِالْجِلْدِ وَالطَّحَّانَ بِالنُّخَالَةِ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْجِلْدُ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِهِ وَالنُّخَالَةُ تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الدَّقِيقِ، وَفِيهَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبّ حِنْطَةٍ بِدِرْهَمٍ وَقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهِ، لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّاةِ حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا مَنَعَ لِأَنَّ السَّلَّاخَ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بَعْدَ سَلْخِهِ، وَلَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ سَلِيمًا مِنْ الْقَطْعِ أَوْ لَا، وَفِي أَيِّ جِهَةٍ يَكُونُ قَطْعُهُ، وَأَتَى بِالْكَافِ لِيَدْخُلَ اللَّحْمُ، وَانْظُرْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِرَأْسٍ أَوْ بِالْأَكَارِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى الذَّبْحِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِ، وَعَلَى السَّلْخِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ أَمْ لَا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ الْحَطّ. (وَ) كَإِجَارَةٍ ب (جُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ) عَلَى النَّسْجِ لِجَهْلِ صِفَتِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ. فِيهَا وَإِنْ أَجَرْته عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ وَعَمَلِهَا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ إذَا فَرَغَ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ، وَلِأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَأْجَرَ بِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا إنْ قَالَ لَك نِصْفُ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ تَنْسِجَ لِي نِصْفَهُ، فَيَجُوزُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَجُزْءُ ثَوْبٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بِجُزْءِ الْغَزْلِ أَوْ الْجِلْدِ أَوْ الْجُلُودِ قَبْلَ الدَّبْغِ لَجَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ شُرِطَ تَعْجِيلُهُ، أَوْ عُرِفَ وَإِلَّا فَسَدَتْ. (أَوْ) إجَارَةٌ عَلَى إرْضَاعٍ بِجُزْءِ (رَضِيعٍ) رَقِيقٍ أَوْ بَهِيمٍ إنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ فِطَامِهِ، بَلْ (وَإِنْ كَانَ) عَلَى أَنْ يَمْلِكَهُ (مِنْ الْآنَ) أَيْ وَقْتَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَرْضَعَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الرَّضِيعِ الرَّقِيقِ بَعْدَ الْفِطَامِ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 444 وَبِجُزْءِ مَا سَقَطَ، أَوْ خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ، أَوْ عَصْرِهِ،   [منح الجليل] بِشَخْصِهَا إلَّا لِلْغَزَالِيِّ، وَهِيَ نَحْوُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ وَأُجْرَتُهُ عَلَى تَعْلِيمِ عَبْدِك الْكِتَابَ سَنَةً وَلَهُ نِصْفُهُ، فَلَا يَجُوزُ، إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَبْضِ مَالِهِ فِيهِ قَبْلَ السَّنَةِ، وَقَدْ يَمُوتُ الرَّضِيعُ فِيهَا فَيَذْهَبُ إرْضَاعُهُ بَاطِلًا. أَبُو مُحَمَّدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعَلِّمُ نِصْفَهُ الْآنَ عَلَى سَنَةٍ فَلَا يَجُوزُ. " غ " كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي مُخْتَصَرِ الْمَبْسُوطَةِ، سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ يُعْطِي فَصِيلَهُ لِمَنْ يُغَذِّيهِ بِنَاقَتِهِ وَيَكُونُ الْفَصِيلُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا ابْتَدَأَ لَهُ بِسَاعَةٍ يَدْفَعُهُ لَهُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ الْآنِ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الرَّضِيعِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ الْفِطَامِ، لَكِنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعَلِّمُ نِصْفَهُ الْآنَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ سَنَةً فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا كَانَ مُعَيَّنًا وَلَوْ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ خَلْفُهُ صَارَ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهِ كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ بِشَرْطٍ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ جَزَاءً مِنْهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَيُشَارِكُهُ فِي هَذَا مَسْأَلَةُ الرَّضِيعِ. (وَ) إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى نَفْضِ زَيْتُونٍ أَوْ عَصْرِهِ (بِجُزْءٍ) مِ (مَا سَقَطَ) مِنْهُ بِسَبَبِ نَفْضِهِ كَثُلُثِهِ (أَوْ) بِجُزْءٍ مِمَّا (خَرَجَ) مِنْ زَيْتِهِ بِسَبَبِ عَصْرِهِ. وَصِلَةُ سَقَطَ (مِنْ نَفْضٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَنَقْطِ الضَّادِ، أَيْ ضَرْبِ (زَيْتُونٍ) وَصِلَةُ خَرَجَ مِنْ (عَصْرِهِ) أَيْ الزَّيْتُونِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِالْقَدْرِ فِي الْأُولَى وَالصِّفَةِ فِي الثَّانِيَةِ. فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ اُنْفُضْ شَجَرِي أَوْ حَرِّكْهَا فَمَا نَفَضْت أَوْ سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ، فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ. وَإِنْ قَالَ اعْصِرْ زَيْتُونِي أَوْ جُلْجُلَانِي فَمَا عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ، وَإِذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إذَا شَرَعَ وَلَيْسَ هَكَذَا الْجَعْلُ. اهـ. فَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَ عَدَمِ جَوَازِ عَصْرِ الزَّيْتُونِ بِجُزْءِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ. وَأَمَّا وَجْهُ عَدَمِ جَوَازِ النَّفْضِ وَالتَّحْرِيكِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ لِأَنَّ الشَّجَرَ يَخْتَلِفُ، فَمِنْهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 445 وَكَاحْصِدْ، وَادْرُسْ، وَلَك نِصْفُهُ، وَكِرَاءُ أَرْضٍ بِطَعَامٍ، أَوْ بِمَا يُثْبِتُهُ   [منح الجليل] مَا هُوَ نَاصِحٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ. اهـ. فَلَا يَصِحُّ إجَارَةً وَلَا جُعْلًا لِلْجَهْلِ الْمَذْكُورِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ الْقَصَّارِ مَعْنَى التَّحْرِيكِ هُنَا النَّفْضُ بِالْيَدِ، وَأَمَّا بِالْقَضِيبِ فَهُوَ كَالْحَصْدِ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ. الثَّانِي: فِي التَّوْضِيحِ عَقِبَ مَسْأَلَةِ النَّفْضِ. ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَالَ اُنْفُضْهُ كُلَّهُ وَلَك نِصْفُهُ جَازَ، وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفْهَمُ أَنَّهُ لِابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. الثَّالِثُ: إذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْفَاسِدَةِ وَأَتَمَّ الْعَمَلَ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَجَمِيعُ الزَّرْعِ لِرَبِّهِ، فَإِنْ اقْتَسَمَا عَلَى مَا قَالَا فَمَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ حَرَامٌ، وَمَا أَخَذَهُ رَبُّ الزَّرْعِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّرْعَ جَمِيعَهُ لَهُ أَفَادَهُ الْحَطّ. وَشَبَّهَ فِي الْفَسَادِ فَقَالَ: (ك) قَوْلِهِ (اُحْصُدْ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا (وَادْرُسْ) بِضَمِّ الرَّاءِ هَذَا الزَّرْعَ (وَلَك نِصْفُهُ) فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ إذْ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ فِيهَا إنْ قَالَ اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ وَلَك نِصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ، وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ. وَعُطِفَ عَلَى اُحْصُدْ فَقَالَ (وَ) ك (كِرَاءِ الْأَرْضِ) لِتُزْرَعَ (بِطَعَامٍ) فَهُوَ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، سَوَاءٌ أَنْبَتَتْهُ كَالْقَمْحِ أَمْ لَا كَاللَّبَنِ (أَوْ) كِرَائِهَا لَهُ (بِمَا تُنْبِتُهُ) مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ، وَأَمَّا كِرَاؤُهَا لِلْبِنَاءِ فِيهَا بِمَا ذُكِرَ فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَيْءٍ مِمَّا يَنْبُتُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَلَا بِطَعَامٍ تُنْبِتُ مِثْلَهُ أَوْ لَا تُنْبِتُهُ، وَلَا بِمَا تُنْبِتُهُ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ أُصْطُبَّةٍ وَهُوَ الْمُشَاقُّ، إذْ قَدْ يُزْرَعُ ذَلِكَ فِيهَا فَيَصِيرُ مُحَاقَلَةً وَلَا بِقَضْبٍ وَقَصَبٍ وَقُرْطٍ أَوْ تِبْنٍ أَوْ عَلَفٍ، وَلَا بِلَبَنٍ مَحْلُوبٍ أَوْ فِي ضُرُوعِهِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 446 إلَّا كَخَشَبٍ   [منح الجليل] وَلَا بِجُبْنٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ صُبْرٍ أَوْ مِلْحٍ وَلَا بِسَائِرِ الْأَشْرِبَةِ وَالْأَنْبِذَةِ. وَإِذَا خِيفَ فِي اكْتِرَائِهَا بِبَعْضِ مَا تَنْبُتُ مِنْ الطَّعَامِ أَنْ يَدْخُلَهُ طَعَامٌ بِمِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ خِيفَ فِي اكْتِرَائِهَا بِطَعَامٍ لَا تُنْبِتُهُ أَنْ يَكُونَ طَعَامًا بِطَعَامٍ خِلَافِهِ إلَى أَجَلٍ، وَلَا تُكْرَى بِالْفِلْفِلِ وَلَا بِزَيْتِ زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَلَا بِزَيْتِ الْجُلْجُلَانِ وَلَا بِالسَّمَكِ وَلَا بِطَيْرِ الْمَاءِ وَلَا بِشَاةِ لَحْمٍ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ الطَّعَامِ وَلَا بِزَعْفَرَانٍ، لِأَنَّهَا تُنْبِتُهُ، وَلَا بِوَرْسٍ وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهِمَا وَلَا بِعُصْفُرٍ (إلَّا كَخَشَبٍ) . فِيهَا قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا بِالْعُودِ، أَرَادَ الْهِنْدِيَّ وَبِالصَّنْدَلِ وَالْحَطَبِ وَالْخَشَبِ وَالْجُذُوعِ وَبِالْعَيْنِ. سَحْنُونٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِطُولِ مُكْثِهَا وَوَقْتِهَا فَلِذَلِكَ سَهُلَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ تُنْبِتُهَا الْأَرْضُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا بِالْمَاءِ وَلَا يَتَخَرَّجُ مَنْعُهَا بِهِ عَلَى أَنَّهُ طَعَامٌ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ، وَهُوَ يُجِيزُهُ بِالطَّعَامِ غَيْرِ الْحِنْطَةِ وَجِنْسِهَا: وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ الْقَصَبَ كَالْجُذُوعِ وَقَبُولِهِ. ابْنُ هَارُونَ لَمْ أَعْرِفْهُ، بَلْ قَوْلُهَا لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْقَصَبِ. اهـ. وَضَبَطَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ، نُقِلَ الْجَوَازُ عَنْ صَاحِبِ التَّلْقِينِ فَيَرِدُ إنْكَارُ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّمَا هُوَ الْقَضْبُ بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، كَذَا رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ، وَيَدُلُّ لَهُ ذِكْرُهُ مَعَ الْقُرْطِ وَالتِّينِ قَالَهُ الْحَطّ. الْبُنَانِيُّ وَكَذَا ضَبَطَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ قَائِلًا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْقَصَبِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ جَوَازُ كِرَائِهَا بِهِ كَالْخَشَبِ، وَأَنَّ الْقَضْبَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ السَّاكِنَةِ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ غَيَّرَتْهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْمَصْطَكَى نَصٌّ فِي أَنَّهَا غَيْرُ طَعَامٍ، الثَّالِثُ: فِيهَا مَنْ أَكْرَى أَرْضَهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ وَحَلَّتْ فَلَا يَأْخُذْ بِهَا طَعَامًا وَلَا إدَامًا وَلْيَأْخُذْ مَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ كِرَاءَهَا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 447 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الرَّابِعُ. فِيهَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَجَرٍ بِأُصُولِهَا يَأْخُذُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ثَمَرٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ فَلَا يَجُوزُ. الْخَامِسُ: فِيهَا يَجُوزُ بَيْعُ رَقَبَةِ الْأَرْضِ بِشَجَرٍ فِيهَا ثَمَرٌ كَمَا تُبَاعُ بِطَعَامٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ. وَفِي النَّوَادِرِ لَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا طَعَامٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تُكْرِيَ بِئْرًا إلَى جَانِبِ أَرْضِك لِتَسْقِيَهَا بِمَائِهَا بِمَا شِئْت مِنْ الطَّعَامِ. اهـ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي سَلَمِهَا الثَّالِثِ. السَّادِسُ: إذَا وَقَعَ كِرَاؤُهَا بِمَا مُنِعَ كِرَاؤُهَا بِهِ، فَإِنَّمَا لَهُ كِرَاؤُهَا بِالدَّرَاهِمِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ عِيسَى بْنَ مِسْكِينٍ وَغَيْرَهُ مِنْ قُضَاةِ أَصْحَابِنَا بِأَفْرِيقِيَّةِ حَكَمُوا بِأَنْ يُعْطِيَ لَهُ قِيمَةَ الْجُزْءِ الَّذِي يَقَعُ لَهُ مِنْ ثُلُثِ أَوْ رُبُعِ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ لَهَا بِالْمَغْرِبِ قِيمَةُ كِرَاءٍ بِالْعَيْنِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ قِيمَةُ كِرَائِهَا يَوْمَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي الْأَرْضِ إذَا لَمْ يُصِبْ شَيْئًا فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ أَرْضُ الْأَنْدَلُسِ عِنْدِي بِخِلَافِ ذَلِكَ الْكِرَاءِ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَعْرُوفٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُقْضَى فِيهَا بِكِرَاءِ الْمِثْلِ. وَقُلْت وَكَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي أَرْضِ تُونُسَ، وَفِي قَوْلِهِمْ فَنَظَرَ إلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ ثُلُثِ أَوْ رُبُعِ دَرَاهِمَ نَظَرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْبِنَاءُ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ، وَهُوَ عَقْدٌ فَاسِدٌ فَيَجِبُ لَغْوٌ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ فِيهِ، وَيَنْظُرُ إلَى قِيمَتهَا بِالْجُزْءِ أَنْ لَوْ جَازَ فِيهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ. اهـ. الْحَطّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ، فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. السَّابِعُ: شَدَّدَ سَحْنُونٌ فَقَالَ مَنْ أَكْرَاهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَذَلِكَ جُرْحَةٌ فِيهِ، وَتَأَوَّلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى مَنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَذْهَبُهُ، أَوْ قَلَّدَ مَنْ مَذْهَبُهُ الْمَنْعُ. سَحْنُونٌ وَلَا يُؤْكَلُ طَعَامُهُ وَلَا يُشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ الطَّعَامُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ كِرَائِهَا، وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْوَرَعِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - شِرَاءَ طَعَامٌ مِنْ مُكْتَرِي الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ، وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الطَّعَامَ كُلَّهُ لِمُكْتَرِي الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهَا عَيْنًا. الْحَطّ هَذَا إنْ لَمْ يَتُبْ وَيُصْلِحْ مَا وَقَعَ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا يَظْهَر لِلتَّوَقُّفِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 448 وَحَمْلِ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ، إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ،   [منح الجليل] حِينَئِذٍ وَجْهٌ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مَغْصُوبَةٍ جَوَازُ شِرَاءِ مَا يَحْصُلُ بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ قَبْلَ أَنْ يُصْلِحَا شَأْنَهُمَا، قَالَ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ شِرَاءُ الطَّعَامِ مِنْ مُكْتَرِي الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُصْلِحَ شَأْنَهُ مَعَ رَبِّهَا، فَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ عَلَى التَّنَزُّهِ وَهُوَ الْأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (و) فَسَدَتْ إجَارَةٌ عَلَى (حَمْلِ طَعَامٍ) مِنْ بَلَدٍ (لِبَلَدٍ) مُعَيَّنَيْنِ (بِنِصْفِهِ) أَيْ الطَّعَامِ مَثَلًا لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) بِشَرْطِ (أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ الْمُكْرِي الطَّعَام (الْآنَ) أَيْ وَقْتَ عَقْدِ الْكِرَاءِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ. فِيهَا لَوْ قُلْت احْمِلْ طَعَامِي إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَلَك نِصْفُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إنْ تَنْقُدَهُ الْآنَ مَكَانَك وَإِنْ أَخَّرْته إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْمِلُهُ إلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ بَيْعُهُ بَيْعٌ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ إلَى أَجَلٍ. ابْنُ يُونُسَ إذَا وَقَعَ الْأَمْرُ مُبْهَمًا فَهُوَ فَاسِدٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَجَائِزٌ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَجَرْت رَجُلًا عَلَى حَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَكُمَا إلَى بَلَدٍ يَبِيعُهُ بِهِ عَلَى أَنَّ عَلَيْك كِرَاءَ حِصَّتِك وَسَمَّيْتُمَا ذَلِكَ، فَإِنْ شَرَطْت أَنْ لَا يُمَيِّزَ حِصَّتَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى الْبَلَدِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ أَوْ يَخْرُجُ جَازَ إنْ كَانَ ضَرَبَ لِلْمَبِيعِ أَجَلًا، أَرَادَ بَعْدَ وُصُولِ الْبَلَدِ وَلَا يَنْقُدُهُ أُجْرَةَ الْبَيْعِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَاجَرْتَهُ عَلَى طَحِينِهِ، فَإِنْ كَانَ إذَا شَاءَ أَفْرَدَ طَحَنَ حِصَّتَهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنْ لَا يَطْحَنَهُ إلَّا مُجْتَمِعًا فَلَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إنْ وَاجَرْتَهُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ بَيْنَكُمَا جَازَ وَلَزِمَتْهُ الْإِجَارَةُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُقَاسِمَك حِصَّتَهُ وَيَبِيعَهَا مَتَى شَاءَ وَضَرَبْت لِلرِّعَايَةِ أَجَلًا إنْ شَرَطْت خَلَفَ مَا يَهْلِكُ مِنْ حِصَّتِك. وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَمْلِ الطَّعَامِ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ وَحَمْلِهِ إلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ أَخِي ابْنُ هِشَامٍ لِلْجَمَّالِ نِصْفُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِع الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ، وَلَهُ كِرَاءُ حَمْلِ النِّصْفِ الْآخَرِ. ابْنُ يُونُسَ عَابَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَائِلًا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ نِصْفِ الطَّعَامِ إذَا هَلَكَ لِأَنَّهُ لَزِمَ ذِمَّتَهُ بِقَبْضِهِ وَهَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ فَسَادَ الْمُعَامَلَةِ مَنَعَ الْمُكَارِي مِنْ قَبْضِ حِصَّتِهِ إلَى وُصُولِهِ لِلْبَلَدِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 449 وَكَإِنْ خِطْته الْيَوْمَ بِكَذَا، وَإِلَّا فَبِكَذَا،   [منح الجليل] الْمَحْمُولِ إلَيْهِ، فَكَيْفَ يَضْمَنُهُ إذَا هَلَكَ قَبْلَهُ وَهُوَ لَا يَصِيرُ لَهُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الطَّعَام كُلُّهُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهِ كُلِّهِ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ دَبْغِ الْجُلُودِ وَنَسْجِ الثَّوْبِ عَلَى أَنَّهُ لَهُ نِصْفُهُ إذَا فَرَغَ فَعَمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ، وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا، فَكَذَا هَذَا. أَبُو الْحَسَنِ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ أَخِي ابْنِ هِشَامٍ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا لِأَنَّهُ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ بِيعَ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ، فَإِنْ أَفَاتَهُ الْجَمَّالُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِلْبَلَدِ الْمَحْمُولِ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِيهِ، وَلَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعُطِفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْفَسَادِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وك) إجَارَتِهِ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ قَائِلًا (إنْ خِطْته) أَيْ الثَّوْبَ (الْيَوْمَ) مَثَلًا فَهِيَ (بِكَذَا) كَدِرْهَمٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخِطْهُ الْيَوْمَ (ف) خِيَاطَتُهُ (بِكَذَا) أَيْ أُجْرَةً أَقَلَّ كَنِصْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ نَزَلَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ زَادَ أَوْ نَقَصَ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَجَّرْت رَجُلًا يَخِيطُ لَك ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهُ آجَرَ نَفْسَهُ بِمَا لَا يُعْرَفُ. ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ الْإِمَام مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ أَجَّرَ مَنْ يُبْلِغُ لَهُ كِتَابًا إلَى ذِي الْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ بَلَّغْته فِي يَوْمَيْنِ فَلَكَ زِيَادَةُ كَذَا، فَكَرِهَهُ وَاسْتَخَفَّهُ فِي الْخِيَاطَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إجَازَتُهُ أَحَبُّ إلَيْنَا وَبِهَا أَخَذَ سَحْنُونٌ. وَفِيهَا إنْ أَجَرْت رَجُلًا يَخِيطُ ثَوْبًا إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قُلْت لَهُ إنْ خِطْته خِيَاطَةً رُومِيَّةً فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خِطْته خِيَاطَةً عَجَمِيَّةً فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يَجُوزُ وَهُوَ مِنْ وَجْهٍ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ، فَإِنْ خَاطَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَ. قَالَ غَيْرُهُ فِي الْأَوْلَى إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ أَوْ يَنْقُصَ عَنْ نِصْفِهِ فَلَا يُزَادُ وَلَا يُنْقَصُ. أَبُو الْحَسَنِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّقَوُّمِ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْخِيرُ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ قِيمَةُ خِيَاطَةِ مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ، وَكَمْ قِيمَةُ خِيَاطَتِهِ إلَى غَدٍ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ. سَحْنُونٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 450 وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ: فَلَكَ نِصْفُهُ، وَهُوَ لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا.   [منح الجليل] فَرْعَانِ) الْأَوَّلُ: إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عَجِّلْ فِي الْيَوْمِ وَأَزِيدُك نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنْ يُمْكِنَهُ تَعْجِيلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي إذَا أَجْهَدَ نَفْسَهُ هَلْ يُتِمُّهُ فِي الْيَوْمِ أَمْ لَا، فَكَرِهَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمِثْلُهُ اسْتِئْجَارُ رَسُولٍ عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ لِبَلَدِ كَذَا، ثُمَّ زِيَادَتُهُ عَلَى أَنْ يُسْرِعَ السَّيْرَ فَيُبْلِغَهُ فِي يَوْمِ كَذَا يَفْصِلُ فِيهِ، هَذَا الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الرَّجُلِ يَسْتَخِيطُ الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَجِّلْهُ إلَى الْيَوْمِ وَلَك نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَلَمْ يَرَهُ كَالرَّسُولِ يُزَادُ لِسُرْعَةِ السَّيْرِ. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الَّذِي يَسْتَخِيطُ الثَّوْبَ بِأَجْرٍ مُسَمَّى ثُمَّ يَزِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِهِ لِأَنَّ تَعْجِيلَهُ مُمْكِنٌ لَهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَمَّدَ تَأْخِيرَهُ وَمَطْلِهِ إضْرَارًا بِهِ لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَلَهُ أَنْ يَتَّسِعَ فِي عَمَلِهِ وَيُؤَخِّرَهُ فِي عَمَلِ غَيْرِهِ قَبْلَهُ، أَوْ لِلِاشْتِغَالِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ عَلَى مَا جَرَى عُرْفُ الصُّنَّاعِ فِي التَّرَاخِي فِي أَعْمَالِهِمْ، فَإِذَا زَادَهُ عَلَى أَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُ وَيُعَجِّلَهُ جَازَ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا زَادَهُ عَلَى فِعْلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَبَعْضُهُ فِي التَّوْضِيحِ. الثَّانِي: فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِنْ الْإِجَارَةِ مَنْ اسْتَأْجَرَ غِلْمَانًا يَخِيطُونَ الثِّيَابَ كُلَّ شَهْرٍ بِشَيْءٍ مُسَمًّى فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطْرَحَ عَلَى أَحَدِهِمْ ثِيَابًا عَلَى أَنَّهُ إنْ فَرَغَ مِنْهَا فِي يَوْمِهَا فَلَهُ بَقِيَّةُ يَوْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْرَغْ مِنْهَا فِيهِ فَعَلَيْهِ يَوْمٌ آخَرُ لَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ شَهْرِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا خَفَّ ذَلِكَ. (وَ) كَقَوْلِهِ (اعْمَلْ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ (عَلَى دَابَّتِي) بِاحْتِطَابٍ أَوْ احْتِشَاشٍ أَوْ سَقْيِ مَاءٍ وَبَيْعِهِ أَوْ بِتَحْمِيلِهَا بِأُجْرَةٍ (فَمَا حَصَلَ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ (فَلَكَ نِصْفُهُ) فَفَاسِدٌ لِلْغَرَرِ (وَ) إنْ نَزَلَ فَ (هُوَ) أَيْ الْحَاصِلُ (لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ (كِرَاؤُهَا) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 451 عُكِسَ لِتُكْرِيَهَا،   [منح الجليل] أَيْ الدَّابَّةُ وَذَلِكَ (عَكْسُ) حُكْمِ خُذْ دَابَّتِي (لِتُكْرِيهَا) أَيْ الدَّابَّةَ وَلَك نِصْفُ كِرَائِهَا، وَهُوَ أَنَّ مَا حَصَلَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْعَامِلِ. فِيهَا وَإِنْ دَفَعْت إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ إبِلًا أَوْ دَارًا أَوْ سَفِينَةً أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنْ يُكْرِيَ ذَلِكَ وَلَهُ نِصْفُ الْكِرَاءِ فَلَا يَجُوز، فَإِنْ نَزَلَ كَانَ لَك جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ كَمَا لَوْ قُلْت لَهُ بِعْ سِلْعَتِي فَمَا بِعْتهَا بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك، أَوْ قُلْت لَهُ فَمَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ فَبَيْنَنَا فَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَالثَّمَنُ لَك وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. ابْنُ يُونُسَ سَاوَى بَيْنَ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالسُّفُنِ إذَا قَالَ اكْرِهَا وَلَك نِصْفُ الْكِرَاءِ أَنَّ الْكِرَاءَ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ إجَارَةُ الْمِثْلِ لِلرَّجُلِ وَهُوَ أَصْوَبُ، وَلَوْ أَعْطَيْته الدَّابَّةَ أَوْ السَّفِينَةَ أَوْ الْإِبِلَ لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا فَمَا أَصَابَ بَيْنَكُمَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فَإِنْ عَمِلَ عَلَيْهَا فَالْكَسْبُ هَاهُنَا لِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ مَا بَلَغَ، وَكَأَنَّهُ اكْتَرَى ذَلِكَ كِرَاءً فَاسِدًا وَالْأَوَّلُ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْك فَاسِدَةٌ فَافْتَرَقَا. " غ "، قَوْلُهُ فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ، أَيْ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَكْسِ، وَزَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَهَا فِيهِ الْحَمَّامُ وَالدَّارُ وَسَكَتَ فِي الْأَصْلِ عَنْ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ فَقَالَ عِيَاضٌ لِأَنَّ مَا لَا يَذْهَبُ بِهِ وَلَا عَمَلَ فِيهِ لِمُتَوَلِّيهِ كَالرِّبَاعِ فَهُوَ فِيهَا أَجِيرٌ وَالْكَسْبُ لِرَبِّهَا، وَيَسْتَوِي فِيهَا اعْمَلْ وَأَجِّرْ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَقَبِلَهُ اللَّخْمِيُّ. قَوْلُهُ فِي السَّفِينَةِ اكْرِهَا وَاعْمَلْ عَلَيْهَا سَوَاءٌ إنْ كَانَ فِيهَا قَوْمَةُ رَبِّهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ فَغَلَّتُهَا لِرَبِّهَا وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَوْ سَافَرَ فِيهَا بِمَتَاعِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَلِرَبِّهَا الْإِجَارَةُ وَالْحَمَّامُ، وَالْفُرْنُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا دَوَابُّ وَلَا آلَةٌ كَانَ مَا يُؤَاجِرُ بِهِ الْعَامِلُ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَإِنْ كَانَا بِدَوَابِّهِمَا وَيَشْتَرِي الْحَطَبَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا أَوْ مِنْ غَلَّتِهَا فَمَا أَصَابَ فَلِرَبِّهَا وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ قِيَمٌ فِيهِمَا، وَكَذَا الْفُنْدُقُ مَا أَكْرَى بِهِ مَسَاكِنُهُ لِرَبِّهِ وَلِلْقَيِّمِ أُجْرَتُهُ. الثَّانِي: لَا فَرْقَ إذَا قَالَ أَعْمَلُ عَلَى دَابَّتِي أَوْ فِي سَفِينَتِي أَوْ إبِلِي بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِي أَوْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 452 وَكَبَيْعِهِ نِصْفًا: بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا، إلَّا فِي الْبَلَدِ، إنْ آجِلًا وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا.   [منح الجليل] لَا يَقُولُهَا عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ، وَصَرِيحِ رِوَايَةِ الدَّبَّاغِ. وَفِي الْجَلَّابِ إذَا قَالَ اعْمَلْ لِي كَانَ الْكَسْبُ كُلُّهُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ. عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِي أَوْ لَا يَقُولُهَا، إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. الثَّالِثُ: إذَا أُصِيبَ مَا عَمِلَ عَلَيْهَا قَبْلَ بَيْعِهِ فَهُوَ مِنْ الْعَامِلِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. الرَّابِعُ: إذَا قَالَ اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَعَمِلَ وَلَمْ يُحَصِّلْ شَيْئًا فَقَالَ الصِّقِلِّيُّ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ. وَلِابْنِ حَبِيبٍ إنْ عَرَفَ أَنَّهُ عَاقَهُ عَائِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُكْرِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ. الْخَامِسُ: لَوْ قَالَ اكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا فَالْكَسْبُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّهَا كِرَاءُ مِثْلِهَا، وَإِنْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَكْرَيْت بِهِ لِلْأَجِيرِ وَلِرَبِّهَا أُجْرَةُ مِثْلِهَا. وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَا أَكْرَيْت بِهِ لِرَبِّهَا لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْهُ. وَعُطِفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْفَسَادِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَبَيْعِهِ) أَيْ الْمَالِكِ شَيْئًا كَامِلًا وَمَفْعُولُ بَيْعٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ (نِصْفًا) مِنْهُ وَصِلَةُ بَيْعٍ (بِأَنْ يَبِيعَ) أَيْ الْمُشْتَرِي (نِصْفًا) ثَانِيًا مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ فَثَمَنُ النِّصْفِ الْأَوَّلِ بَيْعُ النِّصْفِ الثَّانِي فَهِيَ فَاسِدَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. أَبُو إِسْحَاقَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَهُوَ بُلُوغُهُ الْبَلَدَ الْآخَرَ الَّذِي يَبِيعُ فِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْبَيْعِ (بِالْبَلَدِ) الَّذِي هُمَا بِهِ فَيَجُوزُ. وَلِابْنِ لُبَابَةَ غَيْرُ الْبَلَدِ كَالْبَلَدِ (إنْ أَجَّلَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ جَعَلَ الْعَاقِدَانِ لِلْبَيْعِ أَجَلًا مَعْلُومًا لِيَخْرُجَا عَنْ الْبَيْعِ وَالْجُعْلِ، فَإِنْ جَمَعَهُمَا مُمْتَنِعٌ وَالْإِجَارَةُ الْجَائِزُ اجْتِمَاعُهُمَا (وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ) أَيْ الْمَبِيعُ وَهُوَ النِّصْفُ الْأَوَّلُ (مِثْلِيًّا) مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَسَدَتْ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِ وَالثَّمَنِ. سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ قَبَضَ أُجْرَتَهُ وَهِيَ طَعَامٌ لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ يَبِيعُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَيَرِدُ نِصْفُ الْأُجْرَةِ فَتَصِيرُ إجَارَةً وَسَلَفًا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ ثَوْبٍ أَوْ نِصْفَ دَابَّةٍ أَوْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 453 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غَيْرَهُمَا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالْبَلَدِ جَازَ إنْ ضَرَبَ لِبَيْعِ ذَلِكَ أَجَلًا مَا خَلَا الطَّعَامَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ. سَحْنُونٌ لِأَنَّهُ قَبَضَ إجَارَتَهُ وَهِيَ طَعَامٌ لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ، وَقَدْ يَبِيعُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَيَرِدُ حِصَّةُ ذَلِكَ فَتَصِيرُ إجَارَةً وَسَلَفًا، أَرَادَ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَأَجَازَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ لَمْ يَضْرِبْ لِبَيْعِهِ أَجَلًا لَمْ يَجُزْ شَرْطُ بَيْعِهِ فِي الْبَلَدِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ الْإِمَام مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ نِصْفَ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ. تت ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ بَاعَ لَهُ نِصْفَ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَهَا أَوْ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَهَا فَثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ أَجَلًا جَازَ، وَرَابِعُهَا عَكْسُهُ، أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِهَا بِالْبَلَدِ أَوْ بِغَيْرِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ. وَالْجَوَازُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ فِي الْبَلَدِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ، غَيْرَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ هِيَ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ، ثُمَّ قَالَ وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْجَوَازِ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ كَوْنُ الْبَيْعِ بِالْبَلَدِ وَكَوْنُهُ لِأَجَلٍ، وَكَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَعَلِمْت أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ ذَكَرَ صُورَتَيْنِ، وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى ثَانِيَتِهِمَا، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا هُنَا النِّصْفُ فِيهَا مَجْمُوعُ الثَّمَنِ، أَيْ لِبَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ، بِخِلَافِ الْأُخْرَى، فَإِنَّ بَيْعَ النِّصْفِ بَعْضُ الثَّمَنِ كَقَوْلِك أَبِيعُك النِّصْفَ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَبِيعَ النِّصْفَ الْآخَرَ اهـ. وَرَأَى ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ مَعَهُ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا، وَرُبَّمَا أَشْعَرَ بِهَذَا اسْتِثْنَاءُ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْأُخْرَى، وَدَعْوَى الْبِسَاطِيِّ تَعَسُّفَ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ إنَّ الَّتِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا وَقَرَّرَ كَلَامَهُ عَلَيْهَا اعْتَرَضَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا دُونَ الْأَجَلِ مُجَرَّدُ جَعْلٍ، وَبِهِ إجَارَةٌ فَلَا مَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْضًا لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إنَّمَا تَعَقَّبَ عَلَى ابْنِ هَارُونَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ، لِأَنَّهُ دُونَ أَجَلٍ مُجَرَّدُ جَعْلٍ وَبِهِ إجَارَةٌ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ اهـ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَوَازِ بَيْعِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 454 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نِصْفِ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ مُشْتَرِيهِ بَاقِيَهُ لِبَائِعِهِ. ثَالِثُهَا إنْ ضَرَبَ لِبَائِعِهِ أَجَلًا. وَرَابِعُهَا إنْ ضَرَبَهُ كُرِهَ وَإِلَّا جَازَ. لِعِيَاضٍ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ مَعَ الْمُوَطَّإِ وَالصَّقَلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ إحْدَى رِوَايَتَيْهَا وَالْمَشْهُورُ مِنْهُمَا وَاللَّخْمِيُّ عَنْ رِوَايَةِ مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ مَعَ قَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ نَحْوُهُ، رَوَى أَشْهَبُ فِيمَا ذُكِرَ فَضْلٌ وَلِعِيَاضٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَ فِيمَا يَنْقَسِمُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مَتَى شَاءَ جَازَ إنْ ضَرَبَ الْأَجَلَ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ. فِيهَا قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْجُعْلِ أَوْ الْإِجَارَةِ، كَذَا نَقَلَ عَنْهُ عِيَاضٌ، وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْهُ لَا بِقَيْدٍ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَتَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ مَا نَصُّهُ مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَشْرِكْنِي بِنِصْفِهَا وَأَنَا أَبِيعُهَا لَك جَمِيعًا فَلَا يَجُوزُ، وَقَبِلَ عِيَاضٌ قَوْلَ ابْنِ لُبَابَةَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ بَيْعُ نِصْفِ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ حَلَالٌ أَحْسِبُهُ يُرِيدُ ضَرَبَ أَجَلًا أَمْ لَا فِي بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهُ مِنْ الْأَجَلِ إنْ لَمْ يَضْرِبْ قَدْرُ مَا ابْتَاعَ إلَيْهِ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ أَشْرَكَ فِي لُؤْلُؤٍ اشْتَرَاهُ قَوْمًا عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ لَهُمْ وَلَوْ بَارَ وَذَهَبَ الَّذِي كَانَ يُرِيدُ بَيْعَهُ إلَيْهِ فَلَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُ لَهُمْ الَّذِي لَهُمْ بِمُقَاسَمَتِهِ إيَّاهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُهُ جَوَازُهُ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ لِبَيْعِهِ أَجَلًا وَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ جُعْلٌ وَبَيْعٌ، وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ رَأَى فِيهَا أَنَّ مَا يُبَاعُ لَهُ اللُّؤْلُؤُ مَعْرُوفٌ بِالْعَادَةِ فَهُوَ كَالْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ، وَهَذَا بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ بَارَ اللُّؤْلُؤُ وَذَهَبَ الَّذِي كَانَ يُرَادُ بَيْعُهُ إلَيْهِ يُرِيدُ وَيَسْتَوْجِبُ الْبَائِعُ كُلَّ الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ لَرَجَعَ الْمُبْتَاعُونَ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ. وَيَقْتَضِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمَ وُجُودِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ بَاعَهُ نِصْفَ سِلْعَةٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَهَا، أَوْ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَهَا، ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ أَجَلًا جَازَ، وَرَابِعُهَا عَكْسُهُ فَلَمْ يَعْزُ ابْنُ هَارُونَ الْقَوْلَ الرَّابِعَ وَاسْتَبْعَدَهُ، وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَزَادَ وَيَقْرَبُ مِنْهُ مَا فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ. قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّهُ هُوَ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 455 وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا   [منح الجليل] وَاشْتُهِرَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرِهِ إطْلَاقُ لَفْظِ الْمَكْرُوهِ عَلَى الْمُحَرَّمِ قَالَهُ فِي جَامِعِ الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهِ، وَقَبُولُهُمَا نَقَلَهُ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ فِي بَيْعِ نِصْفِ سِلْعَةٍ بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَهَا غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّهُ دُونَ أَجَلٍ مُجَرَّدٍ جُعْلٌ، وَبِالْأَجَلِ إجَارَةٌ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ بَيْعِهِ بِالْبَلَدِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَالْجَوَازُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ فِي الْبَلَدِ. وَتَقَدَّمَ لِابْنِ كِنَانَةَ غَيْرِ الْبَلَدِ كَالْبَلَدِ اهـ. طفي وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ كَيْفَ ذَكَرَ الْفَرْضَ الْمُتَعَقِّبَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَتَرَكَ الْفَرْضَ السَّالِمَ مِنْ التَّعَقُّبِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي تَوْضِيحِهِ. وَأَعْجَبُ مِنْهُ تَقْرِيرُ تت لَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَتَعْلِيلُهُ بِاجْتِمَاعِ الْجُعْلِ وَالْبَيْعِ، وَقَدْ تَكَلَّفَ مَنْ جَعَلَ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَلَى. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْمُثْمَنِ وَهُوَ النِّصْفُ الْمَبِيعُ، وَبِهِ عَبَّرَ الْخَرَشِيُّ أَوَّلًا فَقَالَ الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْ ثَمَنُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّمْسَرَةُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ مِثْلِيًّا، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثْمَنِ أَوْ بِالْمَبِيعِ، وَبِعِبَارَةِ الثَّمَنُ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، أَيْ وَإِذَا كَانَ النِّصْفُ مِثْلِيًّا تَضَمَّنَ ذَلِكَ كَوْنَهَا كُلِّهَا مِثْلِيَّةً، وَقَالَ طفي الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْمُثْمَنُ اهـ. الثَّانِي: الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ، أَيْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَى مِثْلِهِ، وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّهُ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ. الثَّالِثُ: اشْتَرَطَ الْأَجَلَ لِيَكُونَ إجَارَةً وَهِيَ تُجَامِعُ الْبَيْعَ، وَإِذَا لَمْ يُؤَجَّلْ كَانَ جُعْلًا وَهُوَ لَا يُجَامِعُ الْبَيْعَ. الرَّابِعُ: اُشْتُرِطَ كَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً سَلَفًا إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ مِثْلًا، وَرُدَّ مَا زَادَ عَلَى مَا يَخُصُّ بَيْعَهُ فِي نِصْفِهِ، وَتَارَةً ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِهِ أَوْ بَعْدَهُ. (وَجَازَ) الْكِرَاءُ لِدَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ (بِنِصْفِ مَا) أَيْ الْحَطَبُ الَّذِي (يُحْتَطَبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ يُحْمَلُ (عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ مِنْ غَايَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 456 وَصَاعِ دَقِيقٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ   [منح الجليل] بَلَدٍ مَعْلُومٍ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعٍ مَعْلُومٍ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، وَمِثْلُ الْحَطَبِ الْكَلَأُ وَالْمَاءُ وَالْحَجَرُ وَنَحْوُهَا بِأَنْ كَانَتْ نَقْلَةٌ لِهَذَا وَنَقْلَةٌ لِلْآخَرِ، أَوْ يَوْمٌ لِأَحَدِهِمَا وَيَوْمٌ لِلْآخَرِ، أَوْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ لِأَحَدِهِمَا وَخَمْسَةٌ لِلْآخَرِ. ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا خَيْرَ فِي أَنْ يَدْفَعَ الرَّجُلُ دَابَّةً لِمَنْ يَحْطِبُ عَلَيْهَا عَلَى النِّصْفِ. مُحَمَّدٌ أَرَادَ نِصْفَ ثَمَنِ الْحَطَبِ وَلَوْ جَعَلَ لَهُ نِصْفَ النَّقْلَةِ لَجَازَ، وَكَذَلِكَ عَلَى نَقَلَاتٍ مَعْرُوفَةٍ، أَوْ قَالَ لِي نَقْلَةٌ وَلَك نَقْلَةٌ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ. يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إذَا قَالَ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا مِنْ الْحَطَبِ فَلِي نِصْفُهُ وَلَك نِصْفُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ تُعْطِيَهُ دَابَّتَك يَعْمَلُ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهَا غَدًا لِرَبِّهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ قَالَ خُذْ دَابَّتِي فَاعْمَلْ عَلَيْهَا لِنَفْسِك وَتَعْمَلُ عَلَيْهَا لِنَفْسِي فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي مِثْلِ خَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَسِتُّهَا، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يَصْلُحُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ وَيَنْقُدَهُ الْأُجْرَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ. ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ إذَا كَانَ يَقْتَضِي إلَى خَمْسَةِ أَيَّامٍ. مُحَمَّدٌ لَا يَصْلُحُ إنْ اسْتَأْجَرَهُ يَعْمَلُ لَهُ بَعْدَ شَهْرٍ وَيَنْقُدُهُ كِرَاءَهُ الْآنَ لِأَنَّ دَفْعَهُ دَابَّتَهُ يَعْمَلُ عَلَيْهَا هَذَا الشَّهْرَ هُوَ أُجْرَتُهُ. وَأَمَّا فِي الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ مِثْلُ الَّذِي أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَلَا يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، لِأَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجَازَ أَنْ يَكْتَرِيَ الرَّجُلُ دَارًا لِيَسْكُنَهَا سَنَةً بِسُكْنَى دَارٍ لَهُ السَّنَةَ الْمُقْبِلَةَ، وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الْحَيَوَانِ. ابْنُ يُونُسَ لِقِلَّةِ أَمْنِ الْحَيَوَانِ فَصَارَ النَّقْدُ فِيهِ إذَا لَمْ يُقْبَضْ غَرَرًا وَلَا غَرَرَ فِيمَا قَرُبَ. (وَ) جَازَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى طَحْنِ حَبٍّ أَوْ عَلَى عَصْرِ زَيْتُونٍ ب (صَاعِ دَقِيقٍ مِنْهُ) أَيْ الْحَبِّ (أَوْ) صَاعٍ (مِنْ زَيْتٍ) لِلزَّيْتُونِ الَّذِي يُعْصَرُ (إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) الْمَذْكُورُ مِنْ الدَّقِيقِ وَالزَّيْتِ فِي الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا، وَلَا فِي الْخُرُوجِ بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ دَقِيقًا أَوْ زَيْتًا، فَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِي الْخُرُوجِ فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَجِّرَهُ عَلَى طَحْنِ إرْدَبٍّ بِدِرْهَمٍ وَبِقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهِ، إذْ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِهِ. وَلَوْ أَجَرْته الجزء: 7 ¦ الصفحة: 457 وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ وَتَعْلِيمِهِ بِعَمَلِهِ سَنَةً مِنْ أَخْذِهِ   [منح الجليل] يَطْحَنُهُ لَك بِدِرْهَمٍ وَبِقِسْطٍ مِنْ زَيْتِ زَيْتُونٍ قَبْلَ أَنْ يُعْصَرَ جَازَ، وَلَوْ بِعْت مِنْهُ دَقِيقَ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ قَبْلَ أَنْ يَطْحَنَهَا جَازَ لِأَنَّ الدَّقِيقَ لَا يَخْتَلِفُ، فَإِنْ تَلِفَتْ هَذِهِ الْحِنْطَةُ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الزَّيْتُ وَالدَّقِيقُ مُخْتَلِفًا خُرُوجُهُ إذَا عُصِرَ أَوْ طُحِنَ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُطْحَنَ أَوْ يُعْصَرَ، وَقَدْ خَفَّفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ طَحَنَهَا، إذْ لَا يَكَادُ الدَّقِيقُ يَخْتَلِفُ وَلَوْ كَانَ خُرُوجُهُ مُخْتَلِفًا لَمَا جَازَ. (وَ) إنْ اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ شَيْئًا لِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَتِهِ بِاسْتِخْدَامٍ أَوْ اسْتِصْنَاعٍ أَوْ اكْتِرَاءٌ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ زَرْعٍ وَمَلَكَ مَنْفَعَتَهُ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الِاكْتِرَاءِ وَاحْتَاجَ لَهَا مُؤَجِّرُهُ أَوْ مُكْرِيهِ الْمَالِكُ لِذَاتِهِ جَازَ (اسْتِئْجَارُ) أَوْ اكْتِرَاءُ الشَّخْصِ (الْمَالِكِ) لِذَاتِ الشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ أَوْ الْمُكْتَرَى بِالْفَتْحِ تِلْكَ الذَّاتَ (مِنْهُ) أَيْ مُسْتَأْجِرُهَا أَوْ مُكْتَرِيهَا. الْحَطُّ أَرَادَ إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى دَفْعِ قَلِيلٍ، أَيْ أَوْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ أَوْ صَرْفٍ مُؤَخَّرٍ كَمَا فِي بُيُوعِ الْآجَالِ حَلَّ وَلَوْ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَ اسْتِئْجَارُهُ بِجِنْسِ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ إلَى أَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ هُنَا مَا يَمْتَنِعُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ، وَيَجُوزُ هُنَا مَا يَجُوزُ هُنَاكَ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ مَنَافِعَ فَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْبَيْعِ. (وَ) جَازَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى (تَعْلِيمِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ صَنْعَةً (بِعَمَلِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ لِمُعَلِّمِهِ فِي تِلْكَ الصَّنْعَةِ (سَنَةً) مَثَلًا مُبْتَدَأَةٌ (مِنْ) حِينَ (أَخَذَهُ) أَيْ الرَّقِيقَ الْمُعَلَّمَ لِتَعَلُّمِهِ. فِيهَا إنْ دَفَعْت غُلَامَك إلَى خَيَّاطٍ أَوْ قَصَّارٍ لَيُعَلِّمَهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِعَمَلِهِ سَنَةً جَازَ. وَقَالَ غَيْرُهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ أُجَوِّزُ. الصِّقِلِّيُّ يَحْيَى وَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمَ أَخَذَهُ. أَبُو الْحَسَنِ عَقِبَ نَقْلِهِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَالتُّونُسِيِّ كَلَامًا طَوِيلًا، تَحْقِيقُ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغُلَامِ أَنَّ مُعَلِّمَ الصِّنَاعَةِ بَاعَ مَنَافِعَهُ بِمَنَافِعِ الْغُلَامِ سَنَةً، فَإِنْ مَاتَ الْغُلَامُ عِنْدَ تَمَامِهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَهَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ الْمُعَلِّمُ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِيمَا عَلِمَهُ، وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهَا فَيَتَحَاسَبَانِ، فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ عَلَّمَهُ ثُلُثَيْ الصَّنْعَةِ وَعَمِلَ الْغُلَامُ ثُلُثَ الْعَمَلِ فَقَطْ وَجَبَ لِلْمُعَلِّمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 458 وَاحْصُدْ هَذَا وَلَك نِصْفُهُ، وَمَا حَصَدْت: فَلَكَ نِصْفُهُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ لِكَذَا   [منح الجليل] الرُّجُوعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِثُلُثِ أُجْرَةِ تَعْلِيمِهِ، إذْ هِيَ بَقِيَّةُ قِيمَةِ مَنَافِعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ عَمِلَ ثُلُثَيْ الْعَمَلِ وَعَلَّمَهُ الْمُعَلِّمُ ثُلُثَ الصَّنْعَةِ وَجَبَ لِسَيِّدِهِ الرُّجُوعُ عَلَى مُعَلِّمِهِ بِثُلُثِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ. وَإِنْ كَانَا مُسْتَوِيَيْنِ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا حَاصِلُهُ إنْ مَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِثْلَيْ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَقِيمَةُ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ نِصْفَ قِيمَةِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى رَبِّهِ بِثُلُثِ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ. قُلْت الْأَظْهَرُ مَنْعُ إجَارَتِهِ بِعَمَلِهِ لِاخْتِلَافِ عَمَلِهِ بِحَسَبِ سُرْعَةِ تَعَلُّمِهِ وَبَعْدَهُ. (وَ) جَازَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَصْدِ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ بِقَوْلِهِ (اُحْصُدْ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا (هَذَا) أَيْ الزَّرْعَ الْمُعَيَّنَ الْحَاضِرَ (وَلَك نِصْفُهُ) أَيْ الزَّرْعِ (وَ) يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ (مَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا وَتَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ فِي الْإِطْلَاقِ، وَقَيَّدَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ بِمَا إذَا عَلِمَ كَمْ الزَّرْعُ وَنَظَرَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا خَيْر فِيهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ، أَوْ جِدَّ نَخْلِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ جَازَ، وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ، وَكَذَلِكَ لَقْطُ الزَّيْتُونِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَالْعَمَلُ فِي تَهْذِيبِهِ بَيْنَهُمَا أَرَادَ لَوْ شَرَطَ قَسْمَ الزَّرْعِ حَبًّا فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بِالْحَصَادِ فَجَائِزٌ، وَإِنْ قَالَ فَمَا حَصَدْت أَوْ لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ، وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ لِأَنَّ هَذَا جُعْلٌ. (وَ) جَازَ (إجَارَةُ دَابَّةٍ) مِنْ كَذَا كَمِصْرٍ (لِكَذَا) كَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 459 عَلَى إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا: حَاسَبَ،   [منح الجليل] أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ (عَلَى) شَرْطِ (إنْ اسْتَغْنَى) الْمُكْتَرِي عَنْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ (فِي) أَثْنَاءِ (هَا) أَيْ الْمَسَافَةِ لِظَفَرِهِ بِحَاجَتِهِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا مِنْ وُجُودِ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ مَدِينٍ هَارِبٍ مَثَلًا فَسَخَ الْإِجَارَةَ و (حَاسَبَ) رَبَّ الدَّابَّةِ بِأُجْرَةِ الْمَسَافَةِ الَّتِي رَكِبَهَا قَبْلَ اسْتِغْنَائِهِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ، إذْ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ عَدَمُ اسْتِغْنَائِهِ فِيهَا، فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ مَا وَجْهُ جَوَازِهَا، مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ، وَأَجَابَ بِيَسَارَةِ الْغَرَرِ لِمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَكَارَى دَابَّةً بِدِينَارٍ إلَى بَلَدِ كَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ تَقَدَّمَ بِهَا فَبِحِسَابِ مَا تَكَارَى مِنْهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا سَمَّى مَوْضِعَ التَّقَدُّمِ أَوْ عَرَفَ نَحْوَهُ وَقَدَّرَهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ عَبْدِي الْآبِقُ بِذِي الْمَرْوَةِ فَاكْتَرَى مِنْك إلَيْهَا بِدِينَارٍ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ عُرِفَ وَجْهُهُ، فَهُوَ كَتَسْمِيَةِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ تَكَارَى مِنْهُ إلَى مَوْضِعٍ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ أَيْنَمَا يَبْلُغُ مِنْ الْأَرْضِ كُلِّهَا فَبِحِسَابِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، مَرَّةً يَذْهَبُ إلَى الْعِرَاقِ وَمَرَّةً إلَى الْغَرْبِ، فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ مَوْضِعُ التَّقَدُّمِ مَعْلُومًا مُسَمًّى أَوْ أَمْرًا لَهُ وَجْهٌ يُعْرَفُ قَدْرُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ ابْنُ الْمَوَّازِ، ثُمَّ لَا يَنْقُدُهُ إلَّا كِرَاءَ الْغَايَةِ الْأُولَى، فَإِنْ نَقَدَهُ الْكِرَاءَيْنِ دَخَلَهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فِي طَلَبِ ضَالَّةٍ أَوْ آبِقٍ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُسَمِّيَ مَوْضِعًا، فَإِنْ سَمَّاهُ وَقَالَ إنْ وَجَدْت حَاجَتِي دُونَ ذَلِكَ رَجَعْت وَكَانَ عَلَيَّ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ هُوَ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اكْتِرَاءِ الدَّارِ سَنَةً، عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ قَبْلَهَا حَاسَبَهُ بِمَا سَكَنَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي إجَارَةِ الرَّجُلِ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَتَى شَاءَ تَرَكَ أَنَّهُ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَنْقُدْ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِخِيَارِ فَضْلٍ، وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ، لِأَنَّهُ خِيَارٌ إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ بِالْخِيَارِ فِي الْجَمِيعِ الْآنَ، وَكُلَّمَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ شَيْءٌ كَانَ بِالْخِيَارِ فِيمَا بَقِيَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 460 وَاسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ، أَوْ مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهُ، وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا   [منح الجليل] وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَهُ مُؤَجِّرُهُ أَوْ غَيْرُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّيْءَ الْمُسْتَأْجَرَ رَقِيقًا أَوْ عَقَارًا أَوْ بَهِيمًا تَجُوزُ إجَارَتُهُ لِمَنْ هُوَ مُسْتَأْجِرُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى (أَوْ) أَيْ وَجَازَ اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ مَبِيعٍ (مُسْتَثْنًى) يُفْتَح النُّونِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ (مَنْفَعَتُهُ) مِنْ بَائِعِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً يَبْقَى الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ غَالِبًا لَا يُغَيَّرُ عَنْهُ إلَى انْتِهَائِهَا، فَلِمُشْتَرِيهِ إجَارَتُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً تَلِي مُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الرَّقَبَةِ وَهِيَ مُسْتَأْجَرَةٌ، أَوْ مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهَا مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا غَالِبًا وَالنَّقْدُ فِيهَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الرَّقَبَةُ تَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَغَيْرَهُ. أ (وَ) يَجُوزُ (النَّقْدُ) أَيْ تَعْجِيلُ الْأَجْرِ (فِي) إيجَارٍ (هـ) أَيْ الْمُؤَجَّرِ أَوْ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمُؤَجَّرُ أَوْ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ إنْ ظَنَّ أَوْ تَحَقَّقَ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِ حَتَّى تَتِمَّ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْغَرَرِ، وَإِذَا أَجَازُوا شَرْطَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ سِنِينَ، وَلَمْ يُجِيزُوهُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَعَشَرَةِ الْأَيَّامِ. ابْنُ شَاسٍ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ الدَّارَ إلَى حَدٍّ لَا تَتَغَيَّرُ فِيهِ غَالِبًا وَيَنْتَقِدُ. فَأَمَّا مَا لَا يُؤْمَنُ تَغَيُّرُهَا فِيهِ لِطُولِ الْمُدَّةِ أَوْ ضَعْفِ الْبِنَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ الْعَقْدُ دُونَ النَّقْدِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَبْقَى إلَى الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا إلَيْهَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَالدَّوْرُ أَبْيَنُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيهَا، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ فِيهِ بِشَرْطٍ. ابْنُ يُونُسَ تَجُوزُ إجَارَةُ الدُّورِ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ. الْبُنَانِيُّ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَيْ فِي الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ وَالصُّوَرُ هُنَا ثَلَاثَةٌ غَلَبَةُ سَلَامَتِهِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةُ وَغَلَبَةُ تَغَيُّرِهِ فِيهَا وَاحْتِمَالُ الْأَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَإِنْ غَلَبَ التَّغَيُّرُ امْتَنَعَ الْعَقْدُ، وَإِنْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ جَازَ الْعَقْدُ وَالنَّقْدُ، وَإِنْ احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ جَازَ الْعَقْدُ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ شَاسٍ، وَامْتَنَعَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُوَضِّحِ. فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 461 وَعَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ وَكِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا مُدَّةً. وَالنَّقْضُ لِرَبِّهِ إذَا انْقَضَتْ.   [منح الجليل] يَتَغَيَّرْ غَالِبًا شَامِلٌ لِصُورَتَيْ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ وَاحْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ فَهُوَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ، هَذَا إنْ رَجَعَ الشَّرْطُ لِلْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ، لَكِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ النَّقْدَ جَائِزٌ فِي الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَذَا إنْ رَجَعَ لَهُ وَلِمَا بَعْدَهُ، فَإِنْ رَجَعَ لِقَوْلِهِ وَالنَّقْدُ فَقَطْ اقْتَضَى مَعَ ذَلِكَ أَنَّ النَّقْدَ جَائِزٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالنَّقْدُ فِيهِ إنْ سَلِمَ غَالِبًا لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا هُوَ إنْ لَمْ يَغْلِبْ تَغَيُّرُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ انْتَفَى التَّغَيُّرُ غَالِبًا، أَيْ إنْ كَانَ الْغَالِبُ انْتِفَاءً. فَالْحَالُ قَيْدٌ فِي النَّفْيِ لَا فِي الْمَنْفِيِّ، فَيَسْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يَجُوزُ إيجَارُ الشَّيْءِ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَ (عَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ) قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْهَا كَمَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بِدُونِ تَسْمِيَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ شَهْرٍ مِنْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الرُّبْعِ عِدَّةَ سِنِينَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ لِكُلِّ سَنَةٍ قَدْرًا مِنْ الْكِرَاءِ كَالْأَشْهُرِ فِي السَّنَةِ، وَفِيهَا إنْ أَكْرَيْت أَرْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا لِكُلِّ سَنَةٍ عَشَرَةٌ. قَالَ لَا بَلْ تُحْسَبُ عَلَى قَدْرِ نِفَاقِهَا كُلَّ سَنَةٍ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ لَوْ آجَرَ سِنِينَ وَلَمْ يَقْدُرْ حِصَّةَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْأُجْرَةِ صَحَّ كَمَا فِي الْأَشْهُرِ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. (وَ) يَجُوزُ (كِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَالْحَاءِ الْمُعْجَمَةِ (مَسْجِدًا مُدَّةً) بِضَمِّ الْمِيمِ مُعَيَّنَةً وَبَعْدَهَا تَزُولُ مَسْجِدِيَّتِهَا (وَالنَّقْضُ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْقَافِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ، أَيْ الْحَجَرُ وَالْآجُرُّ وَالْخَشَبُ وَنَحْوُهَا الْمَنْقُوضَةُ الْمَهْدُومَةُ مِنْ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ مِلْكٌ (لِرَبِّهِ) أَيْ النَّقْضُ الَّذِي بُنِيَ بِهِ الْمَسْجِدُ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمَا يَشَاءُ (إذَا انْقَضَتْ) مُدَّةُ الْكِرَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَلَا يُجْبَرُ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى بَقَائِهِ مَسْجِدًا إنْ أَرَادَهُ الْبَانِي. وَلَا الْبَانِي إنْ أَرَادَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَتْ الْأَرْضُ إلَى رَبِّهَا وَكَانَ النَّقْضُ لِمَنْ بَنَاهُ. سَحْنُونٌ يَجْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ. أَبُو مُحَمَّدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ مِثْلُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 462 وَعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ. وَالْقِصَاصُ وَالْأَدَبُ. وَعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشْرَ عَامًا. وَيَوْمٍ   [منح الجليل] الْأَرْض تُسْتَحَقُّ وَقَدْ بُنِيَتْ مَسْجِدًا، أَرَادَ فَنَقْضُ هَذَا يُجْعَلُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالْآخَرُ إنَّمَا جَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى إلَى مُدَّةٍ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِهَا. ابْنُ يُونُسَ كَمَنْ دَفَعَ فَرَسَهُ لِمَنْ يَغْزُو بِهِ غَزْوَةً ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ. (وَ) يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ (عَلَى طَرْحِ) أَيْ حَمْلِ (مَيْتَةٍ) أَوْ عُذْرَةٍ أَوْ دَمٍ مِنْ بَيْتٍ مَثَلًا لِطَرْحِهَا خَارِجَ الْبَلَدِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّلَطُّخُ بِالنَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى طَرْحِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْعُذْرَةِ. (وَ) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ (عَلَى الْقِصَاصِ) مِنْ جَانٍ عَمْدًا عُدْوَانًا بِقَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ. فِيهَا مَنْ قَتَلَ رَجُلًا ظُلْمًا بِأَجْرٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ، وَمَنْ وَجَبَ لَهُمْ الدَّمُ قِبَلَ رَجُلٍ فَقَتَلُوهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهُوا إلَى الْإِمَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ الْأَدَبِ لِئَلَّا يُجَرَّأَ عَلَى الْعَدَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ الَّذِي لَهُ الْقَوَدُ فِي الْجِرَاحِ أَنْ يَقْتَصَّ بِنَفْسِهِ وَيَقْتَصَّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ الْقِصَاصَ بِأَرْفَقِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأُجْرَتُهُ عَلَى مَنْ يُقْتَصُّ لَهُ. وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ فَيُدْفَعُ الْقَاتِلُ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ فَيَقْتُلُهُ وَيُنْهَى عَنْ الْعَبَثِ فِيهِ، وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى قَتْلِ قِصَاصٍ أَرَادَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِحُكْمِ قَاضٍ عَدْلٍ اللَّخْمِيُّ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَتْلِ وَالْجُرْحِ جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَنْ قِصَاصٍ أَوْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَسْتَأْجِرُ فِي ذَلِكَ إلَّا مَنْ يَرَى أَنَّهُ يَأْتِي بِالْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَا يَعْبَثُ فِي الْقَتْلِ وَلَا يُجَاوِزُ الْحَدَّ فِي الْجُرْحِ. (وَ) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (الْأَدَبِ) لِرَقِيقٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِمْ، فِيهَا لَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى ضَرْبِ عَبْدِك أَوْ وَلَدِك لِلْأَدَبِ، وَأَمَّا عَلَى غَيْرِ مَا لَا يَنْبَغِي مِنْ الْأَبِ فَلَا يُعْجِبُنِي. أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ أَنَّ الْعَبْدَ فَعَلَ مَا يُوجِبُ ذَلِكَ، فَلَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَبَ، فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ الضَّرْبِ الْيَسِيرِ دُونَ سَبَبٍ أَوْ لَا، فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ أَنَّ زَوْجَتَهُ فَعَلَتْ مُوجِبَ الْأَدَبِ، اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) تَجُوزُ إجَارَةُ (عَبْدٍ) أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ وَنَحْوَهَا (خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا) فِيهَا لَا بَأْسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 463 أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا. وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا، أَوْ مُطْلَقًا؟ خِلَافٌ   [منح الجليل] بِإِجَارَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَالدَّارُ أَبْيَنُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيهَا، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ فِيهِ بِشَرْطٍ. ابْنُ يُونُسَ تَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَالْمُؤَجَّلِ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ وَبِعِبَارَةٍ يَنْظُرُ لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالشَّيْخِ وَالْهَرَمِ، وَلِلدَّابَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْقَوِيَّةِ وَالضَّعِيفَةِ، وَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ وَالنَّقْدِ فِيهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ يَسْتَأْجِرُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا. اللَّخْمِيُّ الْأَمَدُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَأَوْسَعُهَا فِي الْأَجَلِ الْأَرَضُونَ ثُمَّ الدُّورُ ثُمَّ الْعَبِيدُ ثُمَّ الدَّوَابُّ ثُمَّ الثِّيَابُ، فَيَحُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَرْبَعِينَ بِغَيْرِ نَقْدٍ، إلَّا أَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةَ الشِّرْبِ فَيَجُوزُ مَعَ النَّقْدِ، وَيَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الدُّورِ إذَا كَانَتْ جَدِيدَةً مَأْمُونَةَ الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً فَدُونَ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ يَأْمَنُ سَلَامَتَهَا فِي الْغَالِبِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْعَبِيدِ، فَأَجَازَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْعِشْرِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا، وَمَنَعَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعِشْرِينَ، وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى سَنِّ الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانَاتُ اُخْتُلِفَ فِي كِرَائِهَا بِاخْتِلَافِ الْعَادَةِ فِي إعْمَارِهَا، فَالْبِغَالُ أَوْسَعُهَا أَجَلًا لِأَنَّهَا أَطْوَلُهَا أَعْمَارًا، وَالْحَمِيرُ دُونَ ذَلِكَ، وَالْإِبِلُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَالْمَلَابِسُ فِي الْأَجَلِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَيَفْتَرِقُ الْأَجَلُ فِي الْحَرِيرِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَالْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ فَيَضْرِبُ مِنْ الْأَجَلِ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِهِ. (وَ) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى خِيَاطَةِ (يَوْمٍ) مَثَلًا (أَوْ) عَلَى (خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْيَوْمِ لِإِدْخَالِ الْأُسْبُوعِ وَالشَّهْرِ وَالْعَامِ، وَلِلْخِيَاطَةِ لِإِدْخَالِ سَائِرِ الصَّنَائِعِ (وَهَلْ تَفْسُدُ) الْإِجَارَةُ (إنْ جَمَعَهُمَا) أَيْ التَّحْدِيدُ بِالزَّمَنِ وَالْعَمَلِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ فِي يَوْمٍ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (تَسَاوَى) الزَّمَنُ وَالْعَمَلُ بِأَنْ كَانَ الْيَوْمُ يَسَعُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ لَا أَكْثَرَ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَعَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (أَوَّلًا) تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ مَعَ تَسَاوِيهِمَا، وَهُوَ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (أَوْ تَفْسُدُ) الْإِجَارَةُ يَجْمَعُهُمَا فَسَادًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 464 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِضِيقِ الزَّمَنِ عَنْ الْعَمَلِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ لَهُ، وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، فِي الْجَوَابِ (خِلَافَ) ابْنِ شَاسٍ اسْتِصْنَاعَ الْآدَمِيِّ يُعْرَفُ إمَّا بِالزَّمَنِ أَوْ بِمَحَلِّ الْعَمَلِ، كَاسْتِئْجَارِ الْخَيَّاطِ يَوْمًا أَوْ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ، فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَسْتَأْجِرُك لِتَخِيطَ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَلَا يَصِحُّ. ابْنُ رُشْدٍ الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِ غَزْلٍ أَوْ طَحْنِ قَمْحٍ وَشِبْهِهِ مِمَّا الْفَرَاغُ مِنْهُ مَعْلُومٌ لَا يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ بِوَقْتٍ يَشُكُّ فِي سَعَتِهِ لَهُ. وَإِنْ كَانَ لَا إشْكَالَ فِي سَعَتِهِ لَهُ، فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا يَطْحَنُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ فَوَجَدَهُ يَطْحَنُ إرْدَبًّا فَقَطْ لَهُ رَدَّهُ وَلَمْ يَفْسَخْ الْإِجَارَةَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَجَازَ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُعَلِّمِ تَعْلِيمَ الْغُلَامِ الْقُرْآنَ الشَّرِيفَ عَلَى الْحَذْقَةِ نَظَرًا أَوْ حِفْظًا سَمَّيَا فِي ذَلِكَ أَجَلًا أَوْ لَمْ يُسَمِّيَا، وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ يَمْضِيَ أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَتْ صَنْعَةً يَجُوزُ أَنْ تُقَيَّدَ بِزَمَنٍ كَخِيَاطَةِ يَوْمٍ، أَوْ بِمَحَلِّهَا كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلًا. فَإِنْ جَمَعَا بَيْنَهُمَا أَيْ التَّقْيِيدَ بِالْمَحَلِّ وَالزَّمَنِ، فَفِي الْبَيَانِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ مُشْكِلًا فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الْعَمَلَ يُمْكِنُ تَمَامُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ إمْضَاءَهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي ارْتَضَاهُ الشُّيُوخُ أَنَّ الزَّمَنَ الَّذِي قُيِّدَتْ الْإِجَارَةُ بِهِ إنْ كَانَ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ بِكَثِيرٍ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي جَوَازِهَا، وَإِنْ كَانَ أَضْيَقَ بِكَثِيرٍ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي مَنْعِهَا، وَإِنْ تَسَاوَيَا فَقَوْلَانِ اُخْتُلِفَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْهُمَا، فَالضَّيِّقُ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا الْمُسَاوِي عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَعَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَصَدَّرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِالْفَسَادِ لِقُوَّتِهِ، لِحِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ، وَعَقَّبَهُ بِعَدَمِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ، وَالزَّمَنُ الزَّائِدُ عَنْ الْعَمَلِ كَثِيرًا، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ الْفَسَادَ لِتَشْهِيرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَعْتَبِرْ حِكَايَةَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 465 وَبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ، وَأَرْضٌ لِعَشْرٍ، وَاسْتِرْضَاعٌ،   [منح الجليل] مَنْ لَمْ يَحْفَظْ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلضَّيِّقِ لِوُضُوحِ فَسَادِهِ وَعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُسَاوِي، فَقَوْلُهُ وَتَسَاوَيَا فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ فَالضَّيِّقُ تَفْسُدُ فِيهِ بِالْأَوْلَى، وَالْوَاسِعُ تَصِحُّ فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مُطْلَقًا أَيْ تَفْسُدُ سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا أَمْ وَاسِعًا عج. وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ تَرَدُّدُ بَدَلِ خِلَافٍ. (وَ) جَازَ (بَيْعُ دَارٍ) وَاسْتِثْنَاءُ الْبَائِعِ مَنْفَعَتَهَا عَامًّا (لِتَقْبِضَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ يَقْبِضُهَا الْمُشْتَرِي (بَعْدَ عَامٍ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا مِنْهَا مِنْ التَّغَيُّرِ لَا أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا جَوَازُ بَيْعِ الدَّارِ وَاسْتِثْنَاءُ سُكْنَاهَا مُدَّةً لَا تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا، وَفِي حَدِّهَا سِتَّةُ أَقْوَالٍ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ سَمَاعِ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ سَنَةً قَائِلًا وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فِي التَّوْضِيحِ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِثْنَاءَ سُكْنَى الدَّارِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَامِ، وَلَمْ يَجُزْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِهَا. وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ السَّنَةَ وَنِصْفًا إلَخْ، قَالَ وَالْخِلَافُ خِلَافٌ فِي حَالٍ لَا فِي فِقْهٍ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا جَازَ. (أَوْ) بَيْعُ (أَرْضٍ) وَاسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا (لِ) تُقْبَضَ بَعْدَ (عَشْرٍ) مِنْ السِّنِينَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِعَدَمِ تَغَيُّرِهَا فِيهَا غَالِبًا. ابْنُ رُشْدٍ وَبَيْعُ الْأَرْضِ وَاسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا أَعْوَامًا أَخَفُّ. ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ. (وَ) جَازَ (اسْتِرْضَاعٌ) لِرَضِيعٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْدًا، وَلِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ عَلَى جَوَازِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ نَقْدًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ كَحِمَارٍ فَتُكْرَى حِمَارَةٌ لِإِرْضَاعِهِ لِلضَّرُورَةِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ الظِّئْرِ عَلَى إرْضَاعِ الصَّبِيِّ حَوْلًا وَحَوْلَيْنِ بِكَذَا وَكَذَا، إلَّا إنْ شَرَطَتْ عَلَيْهِمْ طَعَامَهَا وَكِسْوَتَهَا فَهُوَ جَائِزٌ. ابْنُ حَبِيبٍ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ عَلَى قَدْرِهَا وَقَدْرِ هَيْئَتِهَا وَقَدْرِ أَبِي الصَّبِيِّ فِي غِنَاهُ وَفَقْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَدْخُلُهَا طَعَامٌ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ لِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْأَطْعِمَةِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِاقْتِيَاتِهَا. وَأَمَّا الْإِرْضَاعُ فَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ عَلَى جَوَازِهِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَلَا خِلَافَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 466 وَالْعُرْفُ فِي: كَغَسْلِ خِرْقَةٍ، وَلِزَوْجِهَا فَسْخُهُ، إنْ لَمْ يَأْذَنْ، كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ،   [منح الجليل] فِيهِ، وَلِأَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي يَرْضَعُهُ الصَّبِيُّ لَا قَدْرَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ، وَأَكْثَرُ الْإِجَارَةِ لِقِيَامِهَا بِالصَّبِيِّ وَتَكَلُّفِهَا جَمِيعَ مُؤْنَتِهِ فَكَانَ اللَّبَنُ فِي جَنْبِ ذَلِكَ لَا قَدْرَ لَهُ. (وَ) وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ غَسْلَ خِرْقَةٍ عَلَى الظِّئْرِ وَلَا عَلَى أَهْلِ الطِّفْلِ فَ (الْعُرْفُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ يُعْمَلُ بِهِ (فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) أَيْ الرَّضِيعِ وَرَبْطِهِ فِي تَخْتِهِ وَحَمْلِهِ وَدَهْنِهِ وَتَحْمِيمِهِ وَتَكْحِيلِهِ وَدَقِّ رَيْحَانِهِ وَطِيبِهِ فِيهَا وَيَحْمِلُونَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الصَّبِيُّ مِنْ الْمُؤْنَةِ فِي غَسْلِ خِرَقِهِ وَحَمِيمِهِ وَدَهْنِهِ وَدَقِّ رَيْحَانِهِ وَطِيبِهِ عَلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُحْمَلُ فِي الدِّهَانِ وَغَسْلِ الْخِرَقِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْعُرْفِ، وَقِيلَ عَلَى الظِّئْرِ. التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ أَيْ كَحَمِيمِهِ وَدَقُّ رَيْحَانِهِ وَنَحْوُهُمَا عَلَى الْعُرْفِ، فَإِنْ اقْتَضَى أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ فَعَلَيْهِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِالْحُكْمِ إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَنَصَّ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْعُرْفِ عَلَى الْأَبِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الظِّئْرِ أَيْ مَعَ عَدَمِ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْعُرْفَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَكَلَامُهُ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ ثُبُوتِ الْعُرْفِ. (وَ) إنْ آجَرَتْ ذَاتُ زَوْجٍ نَفْسَهَا لِإِرْضَاعِ طِفْلٍ فَ (لِزَوْجِهَا فَسْخُهُ) أَيْ الْإِيجَارِ وَإِلْزَامُهَا بِرَدِّ الطِّفْلِ لِأَهْلِهِ (إنْ لَمْ يَأْذَنْ) الزَّوْجُ لَهَا فِي إيجَارِهَا لِلْإِرْضَاعِ لِتَضَرُّرِهِ بِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِالرَّضِيعِ، وَتَغَيُّرِ حَالِهَا إنْ كَانَتْ خِدْمَةُ الرَّضِيعِ عَلَيْهَا بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهَا فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا إنْ أَجَرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ إجَارَتَهَا وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَأْتِيَ بِغَيْرِهَا تُرْضِعُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا اُكْتُرِيَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ بِنَفْسِهَا، وَإِنْ أَرَادَ الْأَبَوَانِ السَّفَرَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَخْذُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَا لِظِئْرِهِ جَمِيعَ الْأَجْرِ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ فَقَالَ (كَأَهْلِ الطِّفْلِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ فَلَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ (إذَا حَمَلَتْ) الظِّئْرُ لِأَنَّ لَبَنَهَا يَضُرُّ الطِّفْلَ. تت وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 467 وَمَوْتُ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ   [منح الجليل] حَمَلَتْ وَخَافُوا عَلَى الطِّفْلِ أَلَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ، قَالَ نَعَمْ وَلَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ مَالِكٍ اهـ. فَإِنْ قَيَّدَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهِ وَافَقَ مَا فِيهَا اهـ. وَقَدْ يُقَالُ إرْضَاعُ الْحَامِلِ مَظِنَّةُ ضَرَرِ الطِّفْلِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِهِ لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِهِ، وَأَمَّا الَّذِي قَدْ يَكُونُ فَهُوَ حُصُولُ الضَّرَرِ اهـ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا احْتَاجَ لِذِكْرِهِ فِيهَا وَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُخْتَصِرُونَ فَفِي التَّهْذِيبِ إذَا حَمَلَتْ الظِّئْرُ وَخِيفَ عَلَى الْوَلَدِ وَإِبْقَاؤُهَا. أَبُو الْحَسَنِ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَالَ ظَاهِرُهُ إذَا تَحَقَّقَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ، وَقَيَّدَ الشَّارِحُ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ يُرِيدُ وَخِيفَ عَلَى الْوَلَدِ نَعَمْ لَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهَا وَنَقَلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَسْخَهَا بِمُجَرَّدِ الْحَمْلِ لَا بِقَيْدِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَلَدِ قَالَ لِأَنَّ رَضَاعَ الْحَامِلِ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ. اهـ. فَلَعَلَّ هَذَا يُرَشِّحُ مَا قَالَ تت تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ وَإِذَا فُسِخَتْ فَلَهَا بِحِسَابِ مَا أَرْضَعَتْ، فَلَوْ دَفَعَتْ لَهَا الْأُجْرَةَ فَأَكَلَتْهَا فَلَا تُحْسَبُ عَلَيْهَا لِتَبَرُّعِهِمْ بِدَفْعِهَا لَهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْهُ فَإِنَّمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَعَلَّهُ مُقَابِلٌ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا فِي التَّوْضِيحِ، وَنَصُّهُ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَأْتِيَ بِأُخْرَى تُرْضِعُهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْتِيَ بِغَيْرِهَا إنْ كَانَ نَقَدَهَا الْأَبُ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فِي دَيْنٍ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَّا جَازَ اهـ. وَنَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ مَا فِي الْخَرَشِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَا يُرَدُّ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ هَلَكَ الْأَبُ فَحِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ قَدَّمَهُ الْأَبُ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ، وَتَرْجِعُ حِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ قَدَّمَهُ الْأَبُ مِيرَاثًا وَلَيْسَ ذَلِكَ عَطِيَّةٌ وَجَبَتْ اهـ. وَعُطِفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ مُشَبَّهًا فِيهِ فَقَالَ (وَ) ك (مَوْتِ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ) بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ مُثَنَّى ظِئْرٍ كَذَلِكَ أَيْ مُرْضِعُ الْمُسْتَأْجَرَتِي نِ لِرَضَاعِ صَغِيرٍ فَيُتِيحُ لِلْبَاقِيَةِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِتَضَرُّرِهَا بِإِرْضَاعِهِ وَحْدَهَا. فِيهَا مَنْ أَجَّرَ ظِئْرَيْنِ فَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَلِلْبَقِيَّةِ أَنْ تُرْضِعَ وَحْدَهَا. سَحْنُونٌ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. الْحَطّ الظِّئْرُ بِكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ الْمُرْضِعُ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا مَعًا أَوْ الثَّانِيَةَ بَعْدَ الْأُولَى عَالِمَةً بِهَا، فَفِيهَا وَمَنْ أَجَرَ ظِئْرَيْنِ فَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَلِلْبَاقِيَةِ أَنْ لَا تُرْضِعَهُ وَحْدَهَا، وَمَنْ أَجَرَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 468 وَمَوْتُ أَبِيهِ، وَلَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً، إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ،   [منح الجليل] وَاحِدَةً ثُمَّ أَجَرَ أُخْرَى فَمَاتَتْ الثَّانِيَةُ فَالْإِرْضَاعُ لَازِمٌ لِلْأُولَى كَمَا كَانَتْ قَبْلَ مُؤَاجَرَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ مَاتَتْ الْأُولَى فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ تُرْضِعُ مَعَ الثَّانِيَةِ. أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا إنْ عَلِمَتْ الثَّانِيَةُ حِينَ إجَارَتِهَا أَنَّ مَعَهَا غَيْرَهَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَلَا كَلَامَ لَهَا، لِأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى أَنْ تُرْضِعَهُ وَحْدَهَا، وَكَذَا ذَكَرَ حَمْدِيسُ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَ) ك (مَوْتِ أَبِيهِ) أَيْ الرَّضِيعِ (وَلَمْ تَقْبِضْ) ظِئْرُهُ (أُجْرَةً) لِمُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ يَنْتَهِي بِهَا إرْضَاعُهُ السَّنَتَيْنِ، وَلَمْ يَتْرُكْ الْأَبُ مَالًا وَلَا مَالَ لِلرَّضِيعِ فَلِلظِّئْرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ) بِهَا (مُتَطَوِّعٌ) فَلَيْسَ لَهَا فَسْخُهَا. فِيهَا إنْ هَلَكَ الْأَبُ فَحِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ قَدَّمَهُ الْأَبُ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ، وَتَرْجِعُ حِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ قَدَّمَهُ الْأَبُ مِيرَاثًا لِأَنَّهَا نَفَقَةٌ قَدَّمَهَا الْأَبُ وَلَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ انْقَطَعَ عَنْهُ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ مِنْ أَجْرِ رَضَاعِهِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعَطِيَّةٍ وَجَبَتْ، إذْ لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ فَلَا تُورَثُ عَنْهُ، وَكَانَ ذَلِكَ لِلْأَبِ خَاصَّةً دُونَ أُمِّهِ، فَفَارَقَ الضَّامِنُ الَّذِي قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ لِفُلَانٍ أَوْ بِعْهُ سِلْعَتَك وَالثَّمَنُ لَك عَلَيَّ فَالثَّمَنُ فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ إنْ مَاتَ، وَلَا طَلَبَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَلَا عَلَى الْمَعْمُولِ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَجْرَ الرَّضَاعِ لَمْ يَلْزَمْ الْأَبَ، وَإِنَّمَا قَدَّمَهُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الصَّبِيَّ يَحْيَا، وَأَنَّهُ لَازِمُهُ فَلَمَّا مَاتَ الصَّبِيُّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَوَجَبَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ، وَاَلَّذِي قَالَ بِعْ سِلْعَتَك مِنْ فُلَانٍ وَالثَّمَنُ عَلَى تَطَوُّعٍ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ يَلْزَمُهُ، فَلَمَّا تَطَوَّعَ بِهِ وَضَمِنَهُ لِلْبَائِعِ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلَمْ تَبْقَ لَهُ حُجَّةٌ. فِيهَا وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَلَمْ يَدَعْ مَالًا وَلَمْ تَأْخُذْ الظِّئْرُ مِنْ إجَارَتِهَا شَيْئًا فَلَهَا فَسْخُهَا، وَلَوْ تَطَوَّعَ رَجُلٌ بِأَدَائِهَا فَلَا تُفْسَخُ، وَمَا وَجَبَ لِلظِّئْرِ فِيمَا مَضَى فَفِي مَالِ الْأَبِ وَذِمَّتِهِ وَلَا طَلَبَ فِيهِ عَلَى الصَّبِيِّ أَرَادَ وَلَوْ قَبَضَتْ أُجْرَتَهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا فَلَا يَكُونُ لِلْوَرَثَةِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَأَخْذُ حِصَّةِ بَاقِي الْمُدَّةِ مِنْهَا، وَلَكِنْ يَتْبَعُونَ الصَّبِيَّ بِمَا يَنُوبُهُمْ مِنْهَا. ابْنُ يُونُسَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَتَوَسُّطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي النُّكَتِ وَهَذَا بِخِلَافِ تَقْدِيمِ الْأَبِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 469 وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجِرٍ أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا، وَمَنْعِ زَوْجٍ رَضِيَ مَنْ وَطِئَ وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ   [منح الجليل] أُجْرَةَ تَعْلِيمِ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا تَكُونُ مِيرَاثًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّعْلِيمَ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ، وَلَمَّا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَأَمَّا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَبِ، فَإِنَّمَا قَدَّمَ مَا يَلْزَمُهُ، وَإِذَا مَاتَ سَقَطَ عَنْهُ لَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْأَبَ قَدَّمَهَا لِلْوَلَدِ خَوْفَ مَوْتِهِ فَهِيَ عَطِيَّةٌ أَوْجَبَهَا فِي صِحَّتِهِ، فَلَا سَبِيلَ إلَى رُجُوعِهَا مِيرَاثًا، وَتُسَوَّى أُجْرَةُ الظِّئْرِ وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ وَأَعْرِفُ نَحْوَ هَذَا التَّفْسِيرِ لِابْنِ الْمَوَّازِ. وَعَطَفَ عَلَى أَهْلِ الطِّفْلِ الْمُشَبَّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَظُهُورِ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ تَبَيُّنِ شَخْصٍ (مُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ عَلَى خِدْمَةٍ أَوْ عَمَلِ صَنْعَةٍ أَوْ رَعْيِ مَاشِيَةٍ أَوْ حِرَاسَةٍ (أُوجِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ (بِأَكْلِهِ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ مَثَلًا حَالَ كَوْنِهِ (أَكُولًا) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ، أَيْ كَثِيرِ الْأَكْلِ جِدًّا فَلِمُسْتَأْجِرِهِ فَسْخُ إجَارَتِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِطَعَامٍ وَسَطٍ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُهَا. ابْنُ يُونُسَ إنْ وُجِدَ الْأَجِيرُ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ بِطَعَامِهِ أَكُولًا خَارِجًا عَنْ عَادَةِ النَّاسِ فِي الْأَكْلِ فَفِي الْمَبْسُوطِ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ وَجَدَهُ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْأَجِيرُ بِطَعَامٍ وَسَطٍ. وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَجَدَهَا أَكُولَةً خَارِجَةً عَنْ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ نِكَاحِهَا فَإِمَّا أَشْبَعَهَا وَإِمَّا طَلَّقَهَا لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ إلَّا مِنْ الْعُيُوبِ التِّسْعَةِ، الْأَرْبَعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْخَمْسَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا فَهُوَ كَوُجُودِهَا عَوْرَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ وَلَوْ شَاءَ لَاسْتَثْبَتَ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (زَوْجٌ) لِظِئْرٍ (رَضِيَ) الزَّوْجُ بِإِجَارَتِهَا لِلْإِرْضَاعِ فَيُمْنَعُ (مِنْ وَطْءٍ) لِزَوْجَتِهِ الظِّئْرِ إنْ كَانَ يَضُرُّ الرَّضِيعَ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ) الْوَطْءُ الرَّضِيعَ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَسَوَاءٌ حَضَرَ الْعَقْدَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ شُرِطَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ أَمْ لَا. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ حُصُولِ ضَرَرٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَمَّ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ فَبَلَغَهُ أَنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ يُغِيلُونَ وَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا. ابْنُ حَبِيبٍ قَوْلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 470 وَسَفَرٌ كَأَنْ تَرْضِعَ مَعَهُ، لَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً: كَعَكْسِهِ، وَبَيْعِهِ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً، إنْ شَرَطَ الْخُلْف:   [منح الجليل] أَحَبُّ إلَيَّ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَكُونُ مُولِيًا بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِهِ مُدَّةَ إرْضَاعِهَا، وَنَصُّهَا لَيْسَ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا إنْ أَجَرَتْ نَفْسَهَا بِإِذْنِهِ. فَإِنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهَا فَلِأَبِ الرَّضِيعِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِمَا يُتَّقَى مِنْ ضَرَرِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا. (وَ) مُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ مِنْ (سَفَرٍ بِهَا) أَيْ الظِّئْرِ مِنْ بَلَدِ أَهْلِ الرَّضِيعِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ آجَرَتْ نَفْسَهَا لِلْإِرْضَاعِ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تُرْضِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الظِّئْرُ (مَعَهُ) أَيْ الرَّضِيعِ رَضِيعًا (غَيْرَهُ) فَتُمْنَعُ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ لَهُمَا، لِأَنَّهُمْ مَلَكُوا جَمِيعَ لَبَنِهَا، وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَ عَلَيْهَا عَدَمُ إرْضَاعِ غَيْرِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ شَرَطَتْ إرْضَاعَ غَيْرِهِ فَلَا تُمْنَعُ مِنْهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ أَجَّرَهَا عَلَى رَضَاعِ صَبِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ مَعَهُ غَيْرَهُ (وَلَا يَسْتَتْبِعُ) الِاسْتِرْضَاعُ (حَضَانَةً) أَيْ حِفْظًا وَخِدْمَةً لِلرَّضِيعِ. وَشَبَّهُ فِي عَدَمِ الِاسْتِتْبَاعِ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ لَا تَسْتَتْبِعُ الْحَضَانَةُ الْإِرْضَاعَ، فَلَا يَلْزَمُ الظِّئْرَ حَضَانَةٌ وَلَا الْحَاضِنَةَ إرْضَاعٌ. ابْنِ شَاسٍ الْإِجَارَةُ عَلَى الْإِرْضَاعِ لَا تُوجِبُ الْحَضَانَةَ وَلَا الْعَكْسَ. ابْنُ عَرَفَةَ لِعَدَمِ اسْتِلْزَامِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْآخَرِ كَالْخِيَاطَةِ وَالطَّرْزِ. (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَالِكِ الرَّشِيدِ (سِلْعَةً) بِمِائَةٍ مَثَلًا (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ يَتَّجِرَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِثَمَنِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ كَمِائَةِ دِينَارٍ (سَنَةً) مَثَلًا وَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَيْعٌ لِلسِّلْعَةِ بِالْمِائَةِ مَثَلًا وَاتِّجَارُ الْمُشْتَرِي بِهَا سَنَةً وَإِجَارَةٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى التَّجْرِ بِالْمِائَةِ مَثَلًا سَنَةً بِبَعْضِ السِّلْعَةِ وَجَمْعُهُمَا جَائِزٌ لِاتِّفَاقِ أَحْكَامِهِمَا (إنْ شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي حَالِ الْعَقْدِ (الْحَلِفُ) لِلثَّمَنِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ إنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 471 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَلِفَ لِيَسْتَمِرَّ التَّجْرُ بِهِ سَنَةً وَيَخِفَّ الْغَرَرُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ فَلَا يَجُوزُ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرُ لَهُ بِثَمَنِهَا سَنَةً، فَإِنْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ إنْ تَلِفَ الثَّمَنُ أَخْلَفَ لَهُ الْبَائِعُ حَتَّى يَتِمَّ عَمَلُهُ بِهِ سَنَةً جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. فَإِنْ شَرَطَهُ فَضَاعَ الثَّمَنُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَخْلُفَهُ حَتَّى تَتِمَّ السَّنَةُ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْأَجِيرِ اذْهَبْ بِسَلَامٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرْت رَجُلًا يَعْمَلُ لَك بِهَذِهِ الْمِائَةِ دِينَارٍ سَنَةً جَازَ ذَلِكَ إنْ شُرِطَتْ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ أَخْلَفْتهَا لَهُ، فَإِنْ ضَاعَتْ كَانَ لَك أَنْ تُخْلِفَهَا أَوْ تَدَعَ وَقَدْ لَزِمَتْك الْأُجْرَةُ، وَإِنْ لَمْ تَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ فَلَا يَجُوزُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَلِكَ إنْ أَجَرَهُ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِعَيْنِهَا سَنَةً، فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَنَّ مَا هَلَكَ مِنْهَا أَوْ بَاعَهُ أَوْ ضَاعَ أَخْلَفَهُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ شَرَطَهُ وَضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا قِيلَ لِلْأَجِيرِ أَوْفِ الْإِجَارَةَ وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَاشِيَةِ بَيْنَ خَلَفِ مَا ضَاعَ وَعَدَمِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَجَّرَهُ عَلَى رِعَايَةِ مِائَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ لِمَا مَاتَ وَلِرَبِّهَا خَلَفُ مَا مَاتَ بِالْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَلَا بُدَّ مِنْ الشَّرْطِ فِيهَا. وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ فِي الْمُعَيَّنَةِ مِنْ غَنَمٍ أَوْ دَنَانِيرَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِط خَلَفَ مَا هَلَكَ، وَالْحُكْمُ يُوجِبُ عَلَيْهِ خَلَفَ مَا هَلَكَ. ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ عِنْدِي أَصْوَبُ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهَا لَا تَتَعَيَّنُ، فَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ طَعَامٍ أَوْ مَتَاعٍ مَا احْتَاجَ إلَى شَرْطِ خَلَفِهِ إنْ هَلَكَ، وَالْحُكْمُ يُوجِبُ خَلَفَهُ، وَكَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ. الْبَاجِيَّ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَصْدِ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ فَهَلَكَ فَقَالَ أَشْهَبُ تَنْفَسِخُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَنْفَسِخُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَعَذَّرَ الْحَرْثُ بِنُزُولِ الْمَطَرِ سَقَطَ الْأَجْرُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْحَرْثُ بِكَسْرِ الْمِحْرَاثِ أَوْ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ فَلَا يَسْقُطُ أَجْرُهُ. وَلِسَحْنُونٍ إنْ مَنَعَ أَجِيرُ الْبِنَاءِ أَوْ الْحَصَادِ أَوْ عَمِلَ مَاءَ مَطَرٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا بِحِسَابِ مَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 472 كَغَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ، وَإِلَّا فَلَهُ الْخُلْفُ عَلَى آجِرِهِ:   [منح الجليل] عَمِلَ مِنْ النَّهَارِ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ كُلُّ الْأَجْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ نَوَازِلَ تُونُسَ لِتَقَرُّرِ الْعُرْفِ عِنْدَهُمْ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِكَثْرَةِ الْمَطَرِ وَنُزُولِ الْخَوْفِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (ك) إجَارَةٍ عَلَى رَعْيِ (غَنَمٍ لَمْ تُعَيَّنْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْغَنَمُ فِي الْعَقْدِ عَلَى رَعْيِهَا فَتَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ خَلَفُ مَا يَمُوتُ مِنْهَا أَوْ يَضِيعُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عُيِّنَتْ فَتَجُوزُ إنْ شُرِطَ الْخَلَفُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ هَلَكَتْ (فَلَهُ) أَيْ الرَّاعِي (الْخَلَفُ) لَهَا (عَلَى آجِرِهِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ مُسْتَأْجَرِهِ، فَإِنْ أَبَى لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ. الْحَطُّ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ بِلَمْ قَبْلَ الْمُضَارِعِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْغَنَمَ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى رَعْيِهَا إلَّا بِشَرْطِ خَلَفِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ إنْ حَمَلَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ عُيِّنَتْ فَلَهُ الْخَلَفُ، وَأَرَادَ مَعَ عَدَمِ شَرْطِهِ فَلَا يَصِحُّ لِفَسَادِ الْعَقْدِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَرَادَ مَعَ الشَّرْطِ فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ. وَتَكَلَّفَ الْبِسَاطِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَصْحِيحَهُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بَيْنَ الْغَنَمِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَبَيْنَ التَّجْرِ بِثَمَنِ السِّلْعَةِ مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ فِي أَنَّ عَلَى الْمَالِكِ الْخَلَفَ لَا فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِالشَّرْطِ وَعَدَمِهَا بِعَدَمِهِ، يَعْنِي أَنَّ الْغَنَمَ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى رَعْيِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ، وَيَقْضِي عَلَى رَبِّهَا بِهِ. بِخِلَافِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِهِ فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ كَاللُّغْزِ، وَبِأَنَّهُ فِي الْجَوَازِ أَيْ يَجُوزُ كَذَا كَمَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى رَعْيِ غَنَمِ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ. وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ مَعْنَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِالْخَلَفِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ وَإِنْ عُيِّنَتْ أَيْ مَعَ شَرْطِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْخَلَفِ أَوْ يَدْفَعَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ. وَمَعْنَاهُ عَلَى الثَّانِي أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى رَعْيِ الْغَنَمِ الْمُعَيَّنَةِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ، وَهُوَ عَلَى أَجْرِهِ الْأَوَّلِ. اهـ. هُوَ فِي غَايَةِ التَّكَلُّفِ بَعِيدُ الْمُلَاءَمَةِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ بِالْفِعْلِ الْمَاضِي الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخَلَفُ عَلَى أَجْرِهِ، وَهَذِهِ لَا إشْكَالَ فِيهَا، وَمَعْنَاهَا أَنَّ الْغَنَمَ الْمُعَيَّنَةَ تَجُوزُ الْإِجَارَةَ عَلَى رَعْيِهَا إذَا شُرِطَ خَلَفُهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةٌ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى الشَّرْطِ، وَلَهُ الْخَلْف عَلَى آجِرِهِ، يُرِيدُ أَوْ يَدْفَعُ لَهُ الْأُجْرَةَ كَامِلَةً، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ مُطَبِّقَةٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 473 كَرَاكِبٍ وَحَافَتَيْ نَهْرِك لِيَبْنِيَ بَيْتًا وَطَرِيقٍ فِي دَارٍ   [منح الجليل] الْمُتَقَدِّمِ. وَقَوْلُهُ عَلَى آجِرِهِ أَتَى بِهِ لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْخَلَفُ إنَّمَا هُوَ الْآجِرُ أَيْ رَبِّ الْغَنَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَقِيَّةُ شُرُوطِهَا وَتَفْرِيعَاتِهَا مَبْسُوطَةٌ فِي شُرُوحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرُوا مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِهَا أَنْ لَا يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ التَّجْرَ بِالرِّبْحِ، بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْغَنَمِ فَيَجُوزُ شَرْطُ رَعْيِهَا عَلَى رَاعِي أُمَّهَاتِهَا، قَالُوا لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ، وَمَا تَلِدُهُ الْغَنَمُ مَعْرُوفٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ، نَعَمْ غَرَرُهُ أَخَفُّ مِنْ غَرَرِ الرِّبْحِ. وَشَبَّهَ فِي الْقَضَاءِ بِالْخَلَفِ فَقَالَ (كَرَاكِبٍ) أَيْ مُرِيدِ رُكُوبٍ مَثَلًا اكْتَرَى دَابَّةً مَضْمُونَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعِ كَذَا فَهَلَكَتْ قَبْلَهُ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ، فَعَلَى رَبِّهَا خَلَفُهَا قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ، وَيَحْتَمِلُ كَرَاكِبٍ تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ فَيَجِبُ خَلَفُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا تَكَارَى قَوْمٌ دَابَّةً لِيَزِفُّوا عَلَيْهَا عَرُوسًا لَيْلَتَهُمْ فَلَمْ يَزِفُّوهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَعَلَيْهِمْ الْكِرَاءُ، وَإِنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيُشَيِّعَ عَلَيْهَا رَجُلًا إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ سَمَّاهُ فَبِدَالِهِ أَوْ لِلرَّجُلِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ، وَلْيُكْرِ الدَّابَّةَ إلَى الْمَوْضِعِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى. وَإِنْ اكْتَرَاهَا إلَى الْحَجِّ أَوْ إلَى بَيْتِ الْقُدْسِ أَوْ إلَى مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَاقَهُ مَرَضٌ أَوْ سَقْطَةٌ أَوْ مَاتَ أَوْ عَرَضَ لَهُ غَرِيمٌ حَبَسَهُ فِي الطَّرِيقِ فَالْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ، وَلَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ كِرَاؤُهَا فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَى، وَصَاحِبُ الْإِبِلِ أَوْلَى بِمَا عَلَى إبِلِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ. (وَ) جَازَ إيجَارُ (حَافَتَيْ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مُثَنَّى حَافَةٍ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، أَيْ جَانِبَيْ (نَهْرِك ل) مَنْ أَرَادَ أَنْ (يَبْنِيَ) عَلَيْهِمَا جِدَارَيْنِ، وَيَرْفَعَهُمَا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِمَا (بَيْتًا) يَجْرِي نَهْرُك مِنْ تَحْتِهِ. الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْإِضَافَةِ، فَإِنْ جَرَى نَهْرُ غَيْرِك بِأَرْضِك فَلَكَ كِرَاءُ حَافَتَيْهِ لِمَنْ يَبْنِي عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَك. ابْنُ نَاجِي قُلْت فِي دَرْسِ شَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الْبِنَاءِ، بِخِلَافِ مَنْ اكْتَرَى جِدَارًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ لِتَضَرُّرِ الْجِدَارِ، بِخِلَافِ الْأَرْضِ فَاسْتَحْسَنَهُ تت، وَفِيهِ بَحْثٌ. (وَ) جَازَ إجَارَةُ (طَرِيقٍ فِي دَارٍ) يَمُرُّ مِنْهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِدَارِهِ مَثَلًا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَكْلِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 474 وَمَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ، لَا مِيزَابٍ، إلَّا لِمَنْزِلِك فِي أَرْضِهِ وَكِرَاءُ رَحَى مَاءٍ بِطَعَامٍ، أَوْ غَيْرِهِ   [منح الجليل] أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ أَنْ تُؤَاجِرَ حَافَتَيْ نَهْرِك مِمَّنْ يَبْنِي عَلَيْهِ بَيْتًا أَوْ يَنْصِبُ عَلَيْهِ رَحًى، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَرِيقًا فِي دَارٍ، وَجَائِزٌ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَصَبَّ مِرْحَاضٍ مِنْ دَارٍ. وَأَمَّا مَسِيلُ مَاءِ مَيَازِيبِ الْمَطَرِ مِنْ دَارٍ فَلَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّ الْمَطَرَ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَيَكُونُ وَلَا يَكُونُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ شُيُوخِنَا إنَّمَا افْتَرَقَ جَوَابُهُ فِي مَسِيلِ الْمِرْحَاضِ وَمَسِيلِ الْمِيزَابِ لِافْتِرَاقِ السُّؤَالِ. وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي اسْتَأْجَرَ مَسِيلَ الْمِرْحَاضِ إنَّمَا اسْتَأْجَرَ مَسِيلَ الْمِرْحَاضِ مِنْ دَارِهِ عَلَى دَارِ صَاحِبِهِ، فَذَلِكَ كَطَرِيقٍ اسْتَأْجَرَهَا. وَأَمَّا مَسِيلُ مَاءِ الْمِيزَابِ فَإِنَّمَا اشْتَرَى الْمَاءَ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهَا. وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ جَوَازَ الْمَاءِ عَلَيْهِ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ جَوَازِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (مَسِيلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَوْضِعِ سَيَلَانٍ (مَصَبِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَصْبُوبِ (مِرْحَاضٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِهْمَالِ الْحَاءِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ، أَيْ مَوْضِعِ الرَّحْضِ أَيْ الطَّرْحِ لِلْفَضْلَةِ لِيَجْرِيَ فِيهِ إلَى الْخَلَاءِ أَوْ الْبَحْرِ مَثَلًا (لَا) يَجُوزُ شِرَاءُ الْمَطَرِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْ (مِيزَابٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَإِعْجَامِ الزَّايِ، ثُمَّ بَاءَ مُوَحَّدَةٍ آلَةٌ تُجْعَلُ بِطَرَفِ سَطْحٍ يَسِيلُ مِنْهَا مَاءُ الْمَطَرِ الْمُجْتَمِعِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ، وَإِنْ كَانَ فَتَارَةً يَكْثُرُ وَتَارَةً يَقِلُّ، وَلَا يَدْرِي وَقْتَهُ (إلَّا) أَيْ لَكِنْ يَجُوزُ كِرَاءُ مَسِيلٍ مَصَبِّ مِيزَابٍ (لِمَنْزِلِك) حَالَ كَوْنِ الْمَسِيلِ (فِي أَرْضِهِ) أَيْ الْمُكْرِي. " قِ " لَوْ قَالَ وَطَرِيقٌ فِي دَارٍ أَوْ مَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ أَوْ مَسِيلِ مَصَبِّ مَاءِ مِيزَابٍ. لَا مَاءَ مِيزَابٍ فِي أَرْضِهِ لَا لَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ مَا حَكَاهُ. ابْنُ يُونُسَ الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ وَمَسِيلُ مَاءِ مِرْحَاضٍ أَوْ مِيزَابٍ لَا مَاؤُهُ فِي أَرْضِك لَكَانَ أَجْرَى عَلَى قَصْدِهِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ. (وَ) جَازَ (كِرَاءُ رَحَى) حَبٍّ تَدُورُ ب (مَاءٍ بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الطَّعَامُ فِيهَا لِلْإِمَامِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 475 وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً، أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ، وَأَخْذُهَا، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ.   [منح الجليل] مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ رَحَى الْمَاءِ بِالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهَا فَهُوَ عُذْرٌ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِهِ، وَإِنْ رَجَعَ الْمَاءُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ بَاقِيهَا، كَقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعَبْدِ يَمْرَضُ ثُمَّ يَصِحُّ قَالُوا نَبَّهَ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الطَّحْنِ بِالْمَاءِ، فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْأَرْضِ وَيُصْنَعُ الطَّعَامُ بِهَا يَمْتَنِعُ كِرَاؤُهَا بِالطَّعَامِ كَأَرْضِ الزِّرَاعَةِ. الْمَشَذَّالِيُّ وَنَحْوُهُ كِرَاءُ الْمِعْصَرَةِ بِالزَّيْتِ وَالْمِلَاحَةِ بِالْمِلْحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَتْ الْإِجَارَةُ (عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ، أَيْ كُلَّ شَهْرٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ إنْ لَمْ يَذْكُرْ مَا يُعَلِّمُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِلَّا جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي جَمْعِ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ (أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ، أَيْ الْحِفْظِ لِكُلِّ الْقُرْآنِ أَوْ بَعْضٍ مِنْهُ مَعْلُومٍ كَسُورَةِ يس أَوْ ثُلُثُهُ مَثَلًا، أَوْ عَلَى قِرَاءَتِهِ نَظَرًا فِي الْمُصْحَفِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ لِلْقُرْآنِ بِكَذَا أَوْ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ أَوْ سُدُسَهُ بِكَذَا. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ مَعَ أَجْرِهِ شَيْئًا مَعْلُومًا كُلَّ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى. (وَأَخْذُهَا) أَيْ الْأُجْرَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ أَوْ الْحَذْقَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْحِذَاقَةِ الْمُعَلِّمُ إنْ اُشْتُرِطَتْ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الرَّاءِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا بَأْسَ بِمَا يَأْخُذُهُ الْمُعَلِّمُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ سُئِلَ الْإِمَامُ سَحْنُونٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَيَجْرِي لَهُ الدِّرْهَمُ وَالدِّرْهَمَانِ كُلَّ شَهْرٍ ثُمَّ يَحْذِقُهُ الْمُعَلِّمُ فَيَطْلُبُ الْحَذْقَةَ وَيَأْبَاهَا الْأَبُ، وَيَقُولُ حَقُّك فِيمَا قَبَضْت، فَقَالَ يُنْظَرُ إلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فَيُحْمَلَانِ عَلَيْهَا، وَلَيْسَ فِي الْحَذْفَةِ حَدٌّ مَعْرُوفٌ إلَّا عَلَى قَدْرِ الرَّجُلِ وَحَالِهِ، وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْقُرْآنِ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْخَتْمَةُ بِمَنْزِلَةِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِمَا مَا لَمْ يَتَقَارَبْ عِتْقُهُمَا بِمَرَضِ السَّيِّدِ، فَلَا يَنْتَزِعُ مِنْهُمَا شَيْئًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 476 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ حَبِيبٍ نَحْنُ نُوجِبُ حَقَّ الْحَذْقَةِ وَنَقْضِي بِهَا لِلْمُعَلِّمِ. الْحَذْقَةُ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْخَتْمَةِ وَأَمَّا عِنْدَنَا الْيَوْمَ فَهِيَ عَلَى الْأَجْزَاءِ، إلَّا أَنَّهُ مَعْرُوفٌ. الْقَابِسِيُّ فِي أَحْكَامِ الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ الْحَذْقَةُ فِي السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَتْ بِهِ عُرْفًا مِثْلُ لَمْ يَكُنْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَالْفَتْحِ وَالصَّافَّاتِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَذْكُرْ الْفَاتِحَةَ وَهِيَ حَذْقَةٌ فِي عُرْفِنَا. الْقَابِسِيُّ، وَكَذَا عَطِيَّةُ الْعَبْدِ يَثْبُتُ بِالْعُرْفِ. سَحْنُونٌ لَا تَلْزَمُ الْحَذْقَةُ إلَّا فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ وَغَيْرُهَا تَفَضُّلٌ، وَمَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً بِغَيْرِهَا. الْمُتَيْطِيُّ اخْتَلَفَ فِي الْحَذْقَةِ فَقِيلَ لَا حَذْقَةَ عَلَيْهِ لِلْمُؤَدِّبِ بِحُكْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطٍ لِشَيْءٍ مَعْلُومٍ. وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ، فَإِنْ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِهَا حُكِمَ لَهُ بِهَا بِقَدْرِ مَا يَرَى عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ ظَاهِرًا أَوْ نَظَرًا وَإِنْ كَانَ يُخْطِئُ فِي الْحَرْفِ وَالْحَرْفَيْنِ، وَإِذَا حَسُنَ خَطُّهُ وَهِجَاؤُهُ وَكَتَبَ كُلَّ مَا يُمْلَى عَلَيْهِ وَقَرَأَ جُلَّ مَا رَآهُ وَجَبَ عَلَيْهِ حَذْقَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَجُوزُ عَلَى الْقُرْآنِ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» . وَفِيهَا لَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ بِكَذَا، أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ لِلْقُرْآنِ أَوْ عَلَى تَعَلُّمِهِ كُلِّهِ أَوْ سُدُسِهِ بِكَذَا، وَنَحْوُهُ سَمِعَ الْقَرِينَانِ ابْنَ رُشْدٍ إجَازَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَهُمْ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، وَاحْتَجَّ ابْنُ رُشْدٍ بِحَدِيثِ جَوَازِ الْجُعْلِ عَلَى الرُّقْيَةِ بِالْقُرْآنِ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ مُشَاهَرَةً وَمُقَاطَعَةً عَلَى جَمِيعِهِ، أَوْ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ نَظَرًا أَوْ ظَاهِرًا، أَوْ وَجِيبَةٌ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الشُّهُورِ أَوْ الْأَعْوَامِ، فَالْمُشَاهَرَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِأَحَدِهِمَا، وَالْوَجِيبَةُ وَالْمُقَاطَعَةُ لَازِمَةٌ لَهُمَا. وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يُسَمِّيَ فِي الْمُقَاطَعَةِ أَجَلًا، وَرَوَاهُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ فِي تَوْقِيتِ مَا أَجَّلَهُ فَرَاغُهُ، وَقَالَ يُقْضَى بِالْحَذْقَةِ فِي النَّظَرِ. وَالظَّاهِرُ بِقَدْرِ حَالِ الْأَبِ وَيُسْرِهِ وَقُوَّةِ حِفْظِ الْوَلَدِ وَتَجْوِيدِهِ لِأَنَّهَا مُكَارَمَةٌ جَرَى النَّاسُ عَلَيْهَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَبُ تَرْكَهَا، فَإِنْ أَخْرَجَ الْأَبُ ابْنَهُ قُرْبَ الْحَذْقَةِ لَزِمَتْهُ، وَإِنْ بَقِيَ لَهَا مَا لَهُ بَالٌ كَالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ سَقَطَتْ، وَلَيْسَ لَهُ حِسَابُ مَا مَضَى مِنْهَا، وَإِنْ شَرَطَ الْمُعَلِّمُ الْحَذْقَةَ فَلَا تَجُوزُ دُونَ تَسْمِيَتِهَا، وَإِنْ أَخْرَجَ الْأَبُ ابْنَهُ قَبْلَ بُلُوغِهَا لَزِمَهُ بِحِسَابِ مَا مَضَى وَلَوْ قَلَّ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 477 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُقْضَى بِالْإِخْطَارِ فِي الْأَعْيَادِ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ مُسْتَحَبًّا فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُكْرَهُ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى كَالنَّيْرُوزِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبِلَهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ، قُلْت فَلَا يَحِلُّ قَبُولُ هَدَايَا النَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا الْيَهُودُ وَكَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْفَطِيرَةِ عِنْدَهُمْ وَغَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَأَيْت أَنْ أُكْمِلَ هَذَا الْفَصْلَ بِالضَّرُورِيِّ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُعَلِّمِينَ وَالْمُتَعَلِّمِينَ عَلَى وَجْهِ الْإِيجَازِ، قَالَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» يَشْمَلُ الْوَالِدَ بِتَعْلِيمِهِ وَلَدَهُ إيَّاهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ تَعْلِيمِهِ الْمُعَلِّمَ، وَلَقَدْ أَجَابَ ابْنُ سَحْنُونٍ أَبَا وَلَدٍ كَانَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ عَلَيْهِ عَنْ قَوْله أَنَا أَتَوَلَّى الْعَمَلَ بِنَفْسِي وَلَا أَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ فِيهِ أَجْرُك فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ. الْقَابِسِيُّ إنْ تَرَكَ الْأَبُ تَعْلِيمَ وَلَدِهِ الْقُرْآنَ لِشُحٍّ قَبُحَ فِعْلُهُ وَلِقِلَّةِ عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ فَلَا يَدَعُهُ دُونَ تَعْلِيمٍ وَلِيُّهُ أَوْ قَاضِي بَلَدِهِ أَوْ جَمَاعَتُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ تَوَجَّهَ حُكْمُ النَّدْبِ عَلَى وَلِيِّهِ وَأُمِّهِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ وَتَعْلِيمُ مَنْ أَسْلَمَ مَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ انْفَرَدَ بِهِ دُونَ عِوَضٍ وَتَعْلِيمُ الْأُنْثَى مَا تُصَلِّي بِهِ كَالذَّكَرِ، كَذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ لِلْأُنْثَى حَسَنٌ، وَكَذَا الْعِلْمُ لَا الرَّسَائِلُ وَالشِّعْرُ وَتَرْكُ تَعْلِيمِهَا الْخَطَّ أَصْوَنُ، وَيَكُونُ الْمُعَلِّمُ مَعَهُمْ مَهِيبًا لَا فِي عُنْفٍ لَا يَكُونُ عَبُوسًا مُغْضَبًا وَلَا مُنْبَسِطًا مُرْفَقًا بِالصِّبْيَانِ دُونَ لِينٍ. قُلْت وَيَكْتَفِي فِي إبَاحَةِ انْتِصَابِهِ بِسِتْرِ الْحَالِ لِلْمُتَزَوِّجِ وَيَسْأَلُ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ عَنْهُ إلَّا الْعَفَافَ أُبِيحَ لَهُ، وَيَمْنَعُ مَنْ يَتَحَدَّثُ عَنْهُ بِسَوْءٍ مُطْلَقًا، وَبِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ وَهُوَ الْحَقُّ، قَالَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَزْجُرَ الْمُتَخَاذِلَ فِي حِفْظِهِ أَوْ صَنِفَةِ كُتُبِهِ بِالْوَعِيدِ وَالتَّقْرِيعِ لَا بِالشَّتْمِ كَيَا قِرْدُ، فَإِنْ لَمْ يُفْدِ الْقَوْلُ انْتَقَلَ لِلضَّرْبِ بِسَوْطٍ مِنْ وَاحِدٍ إلَى ثَلَاثَةٍ ضَرْبَ إيلَامٍ فَقَطْ دُونَ تَأْثِيرٍ فِي الْعُضْوِ، فَإِنْ لَمْ يُفِدْ زَادَ إلَى عَشْرٍ. قُلْت ضَرَبَ مُعَلِّمٌ صَبِيًّا بِالسَّوْطِ فِي رِجْلِهِ لِتَقَرُّرِ قِلَّةِ حِفْظِهِ فَحَدَثَتْ بِرِجْلِهِ مِنْ ضَرْبِهِ قُرْحَةٌ صَارَتْ نَاصُولًا يَشُكُّ فِي مَوْتِهِ بِهِ، قَالَ وَمَنْ نَاهَزَ الْحُلُمَ وَغَلُظَ خُلُقُهُ وَلَمْ تَرْعُهُ الْعَشْرُ فَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ. قُلْت الصَّوَابُ اعْتِبَارُ حَالِ الصِّبْيَانِ، شَاهَدْت غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ مُعَلِّمِينَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 478 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الصُّلَحَاءِ يَضْرِبُ الصَّبِيُّ نَحْوَ الْعِشْرِينَ وَأَزْيَدَ، وَكَانَ مُعَلِّمُنَا يَضْرِبُ مَنْ عَظُمَ جُرْمُهُ بِالْعِصِيِّ فِي سَطْحٍ أَسْفَلَ رِجْلَيْهِ الْعِشْرِينَ وَأَكْثَرَ، وَمَنْعُهُ الزَّجْرَ بِيَا قِرْدُ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ فِعْلُ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ، وَقَدْ أَجَازُوهُ لِلْقَاضِي لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ضَرْبِهِ، وَكَذَا كَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَزْجُرُ بِهِ فِي مَجْلِسِ إقْرَائِهِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الزَّجْرَ لِتَعَذُّرِهِ بِالضَّرْبِ، وَنَقَلُوهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِمْ، وَسَمِعْنَا مِنْهُمْ عَنْ شُيُوخِهِمْ فِي ذَلِكَ مَقَالَاتٍ مِمَّنْ نَقَلْنَا عَنْهُ شَائِعًا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الْعَادِلُ الْخَطِيبُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرْجِينِيُّ، وَالشَّيْخِ النَّحْوِيِّ الْمَشْهُورِ بِالزَّلْدَوِيِّ، وَكَانَ يَصْدُرُ كَثِيرًا مِنْ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْن وَالْبَاقِلَّا، وَقَلِيلًا مِنْ شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَفَائِدَةٌ وَاضِحَةٌ لِمَنْ أَنْصَفَ، لِأَنَّهَا تُكْسِبُ تَثَبُّتَ الطَّالِبِ فِيمَا يُرِيدُ أَنْ يَقُولَهُ مِنْ بَحْثٍ أَوْ نَقْلٍ، وَقَدْ وَاَللَّهِ سَمِعْت شَيْخَنَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ زَجَرَ بَعْضُ أَهْلِ مَجْلِسِنَا فِي مَدْرَسَةِ السَّمَّاعِينَ فِي قَوْلٍ قَالَهُ بِمَا يَقُولُ هَذَا مُسَلَّمٌ، وَكَانَ هَذَا الْمَقُولُ لَهُ مُتَّصِفًا بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ الْمُنْتَصِبِينَ لِلشَّهَادَةِ وَخُطَّةِ الْقَضَاءِ بِالْبِلَادِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَلَمْ يَتْرُكْ لِذَلِكَ مَجْلِسَهُ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَالْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ. قَالَ وَمَنْ اتَّصَفَ مِنْ الصِّبْيَانِ بِأَذًى أَوْ لَعِبٍ أَوْ هُرُوبٍ مِنْ الْمَكْتَبِ اسْتَشَارَ وَلِيَّهُ فِي قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ الزِّيَادَةِ فِي ضَرْبِهِ قَدْرَ مَا يُطِيقُ. قُلْت أَمَّا فِي الْإِذَايَةِ فَلَا يَسْتَشِيرُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ يَتَعَذَّرُ طَلَبُهُ عِنْدَ غَيْرِ مُعَلِّمِهِ لِتَعَسُّرِ إثْبَاتِ مُوجِبِهِ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَبَّ سَحْنُونٌ أَنْ لَا يُوَلِّيَ أَحَدًا مِنْ الصِّبْيَانِ ضَرْبَ غَيْرِهِ مِنْهُمْ. سَحْنُونٌ وَلَا يَضْرِبْ وَجْهًا وَلَا رَأْسًا، وَمِنْ حُسْنِ النَّظَرِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. سَحْنُونٌ أَكْرَهُ خَلْطَهُمْ لِتَأْدِيَتِهِ لِلْفَسَادِ. قُلْت مَنْ بَلَغَ حَدَّ التَّفْرِقَةِ فِي الْمَضْجَعِ فَوَاجِبٌ تَفْرِيقُهُ مِنْهُمْ، قَالَ وَيُحْتَرَزُ مِمَّنْ يُخَافُ فَسَادُهُ عَلَى الصَّبِيَّانِ مِمَّنْ قَارَبَ الْحُلُمَ، أَوْ كَانَ ذَا جُرْأَةٍ. قُلْت الصَّوَابُ فِي هَذَا مَنْعُ تَعْلِيمِهِ مَعَهُمْ، قَالَ وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَنْ عَرَفَهُ بِالصِّدْقِ، فَيَقْبَلُ قَوْلَهُ، قَالَ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الرِّبَا فِي تَبَايُعِهِمْ طَعَامًا بِطَعَامٍ، وَيَفْسَخُهُ إنْ نَزَلَ وَمَا فَاتَ فَهُوَ فِي مَالِ مُفَوِّتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ. سَحْنُونٌ وَشِرَاءُ الْفَلَقَةِ وَالدِّرَّةِ وَكِرَاءُ مَوْضِعِ التَّعْلِيمِ عَلَى الْمُعَلِّمِ، فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى تَعْلِيمِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 479 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] صِبْيَانٍ مَعْلُومِينَ سَنَةً مَعْلُومَةً فَعَلَى أَوْلِيَائِهِمْ كِرَاءُ الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا تَعْلِيمُهُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مَبْلَغَ الْأَدَبِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْتَى بِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَقَرُّ بِهِ وَيَعْبَثُ فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ. وَرَوَى سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَحَفَّظُونَ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَأَجَابَ سَحْنُونٌ عَنْ مُعَلِّمٍ أَرَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِبَعْضِ الصِّبْيَانِ لِبُعْدِهِ مِنْ دَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عَقْدُ إجَارَتِهِ مَعَ مَنْ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ عَلَى اللُّزُومِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَإِلَّا جَازَ دُونَ إذْنِهِ، وَمُتَعَلِّقُ تَعْلِيمِهِ بِالذَّاتِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ حِفْظًا أَوْ نَظَرًا. ابْنُ سَحْنُونٍ يَنْبَغِي أَنْ يُعَلِّمَهُمْ إعْرَابَ الْقُرْآنِ وَيُلْزِمَهُ ذَلِكَ وَالشَّكْلَ وَالْهِجَاءَ وَالْخَطَّ الْحَسَنَ وَحُسْنَ الْقِرَاءَةِ بِالتَّرْتِيلِ وَأَحْكَامَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَفَرَائِضَهُمَا وَسُنَنَهُمَا وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَدُعَاءَهَا وَصَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْخُسُوفِ. قُلْت مَحْمَلُ قَوْلِهِ عِنْدِي إعْرَابُ الْقُرْآنِ هُوَ تَعْلِيمُهُ مُعْرَبًا احْتِرَازًا مِنْ اللَّحْنِ، إذْ الْإِعْرَابُ النَّحْوِيُّ مُتَعَذِّرٌ وَحُسْنُ الْقِرَاءَةِ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّجْوِيدَ فَهُوَ لَازِمٌ فِي عُرْفِنَا إلَّا عَلَى مَنْ شُهِرَ بِتَعْلِيمِهِ. وَأَمَّا أَحْكَامُ الْوُضُوءِ وَمَا بَعْدَهُ فَوَاضِحٌ عَدَمُ لُزُومِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُعَلِّمِينَ لَا يَقُومُونَ بِذَلِكَ. قَالَ وَيَجِبُ عَدْلُهُ بَيْنَهُمْ فِي التَّعْلِيمِ لَا يُفَضَّلُ بَعْضُهُمْ فِيهِ عَلَى بَعْضٍ، وَلَوْ تَفَاضَلُوا فِي الْجُعْلِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِوَلِيِّهِ فِي عَقْدِهِ، أَوْ يَكُونُ تَفْصِيلُهُ فِي وَقْتٍ غَيْرِ وَقْتِ تَعْلِيمِهِ وَلَا يُعَلِّمُهُمْ قِرَاءَتَهُ بِالْأَلْحَانِ لِنَهْيِ مَالِكٍ عَنْهَا. ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ وَلَا يُعَلِّمُهُمْ أباجاد وَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، لِأَنِّي سَمِعْت حَفْصَ بْنَ غَيَّاثٍ يُحَدِّثُ أَبَاجَادَ أَسْمَاءُ الشَّيَاطِينِ أَلْقَوْهَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَتَبُوهَا. مُحَمَّدٌ فَكَتْبُهَا حَرَامٌ. وَأَخْبَرَنِي سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ قَوْمٌ يَنْظُرُونَ النُّجُومَ يَكْتُبُونَ أَبَاجَادَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ. قُلْت لَعَلَّ الْأُسْتَاذَ الشَّاطِبِيَّ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ هَذَا، أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ، أَوْ رَأَى النَّهْيَ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِهَا عَلَى أَصْلِ مَا وُضِعَتْ لَهُ لَا مَعَ تَغَيُّرِهَا بِالنَّقْلِ لِمَعْنًى صَحِيحٍ، وَعَلَى هَذَا يَسُوغُ اسْتِعْمَالُهَا عَدَدًا كَسَرَّاجِ الْيَمَنِ فِي التَّحْصِيلِ وَاخْتِصَارِ الْأَرْبَعِينَ وَغَيْرِهِ عَقَدَهَا يَجُوزُ مُؤَجَّلًا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَيَلْزَمُ، وَمُشَاهَرَةً فَلَا يَلْزَمُ أَحَدُهُمَا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 480 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ حَبِيبٍ مَالِكٌ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِطَ الْمُعَلِّمُ عَلَى الْحَذْقَةِ ظَاهِرًا أَوْ نَظَرًا وَلَوْ سَمَّيَا أَجَلًا. أَصْبَغُ إنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَحْذِقْهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. الْقَابِسِيُّ فَرَّقَ أَصْبَغُ بَيْنَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لِلْمُعَلِّمِ وَالْخَيَّاطِ إذَا كَانَ الْفِعْلُ يُمْكِنُ الْفَرَاغُ مِنْهُ فِيهِ. قُلْت سَوَّى اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا. الْقَابِسِيُّ الْحَذْقَةُ ظَاهِرًا حِفْظُ كُلِّ الْقُرْآنِ، وَنَظَرًا قِرَاءَتُهُ فِي الْمُصْحَفِ، وَقَدْرُ عِوَضِهَا مَا اشْتَرَطَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَهِيَ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْأَبِ فِي كَسْبِهِ وَحِفْظِ الصَّبِيِّ وَقِرَاءَتِهِ مَعَ اعْتِبَارِ حُسْنِ خَطِّهِ، فَإِنْ نَقَصَ تَعَلُّمُ الصَّبِيِّ فِي أَحَدِهِمَا فَلِمُعَلَّمِهِ مِنْ الْحَذْقَةِ بِقَدْرِ مَا تَعَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ الصَّبِيُّ فِي الْحِفْظِ أَوْ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ فَلَا شَيْءَ لِمُعَلِّمِهِ، وَيُؤَدِّبُ الْمُعَلِّمُ عَلَى تَفْرِيطِهِ إنْ كَانَ يُحْسِنُ التَّعْلِيمَ، وَعَلَى تَقْرِيرِهِ إنْ لَمْ يُحْسِنْهُ، فَإِنْ اعْتَذَرَ بِبَلَادَةِ الصَّبِيِّ اُخْتُبِرَ، فَإِنْ بَانَ صِدْقُهُ فَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ حَزْرِهِ وَتَأْدِيبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَرَّفَ أَبَاهُ بِبَلَهِهِ. قُلْت أَوْ يَكُونُ الْأَبُ عَرَفَ ذَلِكَ قَالَ وَمَحَلُّ الْحَذْقَةِ مِنْ السُّوَرِ مَا تَقَرَّرَ فِيهِ عُرْفًا مِثْلُ: لَمْ يَكُنْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَالْفَتْحِ وَالصَّافَّاتِ. قُلْت لَمْ يَذْكُرْ الْفَاتِحَةَ وَهِيَ حَذْقَةٌ فِي عُرْفِنَا قَالَ وَكَذَا عَطِيَّةُ الْعِيدِ تَثْبُتُ بِالْعُرْفِ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ لَا تَلْزَمُ الْحَذْقَةُ إلَّا فِي خَتْمِ الْقُرْآنِ، لَعَلَّ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ تَكُنْ عَادَةٌ بِغَيْرِهَا، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجِبُ الْإِخْطَارُ وَلَا يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ فِي عِيدِ الْعَجَمِ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يُكْرَهُ إعْطَاءُ الْمُعَلِّمِ فِي النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ، إنَّمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَعْرِفُونَ حَقَّ الْمُعَلِّمِ فِي الْعِيدَيْنِ وَرَمَضَانَ وَقُدُومِ غَائِبٍ. الْقَابِسِيُّ أَمَّا الْعِيدَانِ فَفِعْلُ الْعَامَّةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا وَعَاشُورَاءُ فَفِعْلُ الْخَاصَّةِ، وَأَجَابَ عَمَّنْ عَلَّمَهُ مُعَلِّمٌ بَعْضَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ أَكْمَلَهُ لَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْحَذْقَةِ بِقَدْرِ مَا عَلَّمَ أَنْصَافًا أَوْ أَثْلَاثًا وَنَحْوَهُمَا، وَرُبَّمَا اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ فَقَطْ إنْ بَلَغَ مِنْ تَعْلِيمِهِ مُقَارَبَةَ الْخَتْمِ بِحَيْثُ يَبْلُغُ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ الْمُعَلِّمِ، وَرُبَّمَا اسْتَحَقَّهَا الثَّانِي فَقَطْ إنْ قَلَّ لَبْثُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَنَلْ مِنْ تَعْلِيمِهِ مَا لَهُ بَالٌ. ابْنُ حَبِيبٍ إنْ شَرَطَ الْمُعَلِّمُ أَجْرًا مَعْلُومًا فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَقَدْرًا مَعْلُومًا فِي الْحَذْقَةِ فَلِوَلِيِّهِ إخْرَاجُهُ، وَعَلَيْهِ مِنْ الْحَذْقَةِ بِقَدْرِ مَا قَرَأَ مِنْهُ مِنْهَا إلَّا الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ فَعَلَيْهِ بِحِسَابِهِ لِاشْتِرَاطِهِ مَا سُمِّيَ مَعَ إخْرَاجِهِ وَلَوْ شَارَطَهُ عَلَى أَنْ يَحْذِقَهُ بِكَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 481 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُخْرِجَهُ حَتَّى يَتِمَّ حَذْقَتَهُ. الْقَابِسِيُّ فَرَّقَ هَذَا التَّفْرِيقَ وَلَمْ يُقِمْ حُجَّةً عَلَيْهِ، وَقَالَ مَا حَاصِلُهُ إنَّهُمَا سَوَاءٌ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْتِزَامِ الْوَلِيِّ الْحَذْقَةَ، وَاخْتِصَاصِ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ بِزِيَادَةِ قَدْرٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ لَا يُوجِبُ حِلَّ مَا لَزِمَ بِالْتِزَامِ الْحَذْقَةِ، وَأَنَّ لِوَلِيِّهِ إخْرَاجَهُ وَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ مِنْهَا. قُلْت تَقْرِيرُ وَجْهِ تَفْرِقَتِهِ أَنَّهُ إذَا شَارَطَهُ فِي الْحَذْقَةِ فَقَطْ كَانَ أَمَدُهَا الْعُرْفِيُّ كَمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ عَاقَدَهُ عَلَيْهَا غَيْرُ مَقْرُونَةٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَى انْحِلَالِ عَقْدِهَا، فَإِنْ ضُمَّ إلَيْهَا شَرْطٌ قُدِّرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَانَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ لُزُومِ عَقْدِهِ وَصَرْفِهِ لِحُكْمِ عَقْدِ الْمُشَاهَرَةِ. قَالَ وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهُ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ إذَا أَخْرَجَهُ فِي الْمُشَارَطَةِ عَلَى الْحَذْقَةِ، لِأَنِّي رَأَيْته مِنْ تَجْوِيزِ الْإِجَارَةِ الَّتِي لَمْ يُشْتَرَطْ لَهَا غَايَةٌ، فَمَا حَصَلَ مِنْهَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِهِ. وَأَمَّا حُكْمُ بَطَالَةِ الصِّبْيَانِ فَقَالَ سَحْنُونٌ تَسْرِيحُهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سُنَّةُ الْمُعَلِّمِينَ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِمَنْ اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا بَطَالَةُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكُهُ مِنْ عَشِيَّةِ يَوْمِ الْخَمِيسِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ وَبَطَالَتُهُ كُلَّ يَوْمِهِ بَعِيدٌ لِأَنَّ غَرَضَهُمْ إجْزَاؤُهُمْ فِيهِ مِنْ عَشِيِّ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ وَبَطَالَتُهُمْ فِي الْأَعْيَادِ عَلَى الْمَعْرُوفِ هِيَ فِي الْفِطْرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَكَذَا فِي الْأَضْحَى وَلَا بَأْسَ بِالْخَمْسَةِ. سَحْنُونٌ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ بَطَالَةُ الصِّبْيَانِ فِي الْخَتْمَةِ الْيَوْمَ وَبَعْضَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ أَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ، قِيلَ لَهُ رُبَّمَا أَهْدَى الصَّبِيُّ لِلْمُعَلِّمِ لِيَزِيدَهُ فِي الْبَطَالَةِ. قَالَ هَذَا لَا يَجُوزُ. الْقَابِسِيُّ وَمِنْ هُنَا سَقَطَتْ شَهَادَةُ أَكْثَرِ الْمُعَلِّمِينَ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُؤَدِّينَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَبَعَثَهُمْ لِمَنْ تَزَوَّجَ أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ لِيُعْطُوا شَيْئًا لِيَأْتُوا بِهِ مُؤَدِّبَهُمْ لَا يَجُوزُ وَكَذَا مَا يَأْتُونَ بِهِ مِنْ بُيُوتِ آبَائِهِمْ إلَّا بِإِذْنِهِمْ. قُلْت بَعْثُهُمْ لِدَارِ بَعْضِ الْأَوْلَادِ لِخَتْمَةٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ خِتَانٍ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ فِي بَلَدِنَا، وَالْغَالِبُ أَنْ لَا يَكُونَ مَسِيرُ الْوَلَدِ لِذَلِكَ إلَّا بِعِلْمٍ مِنْ وَلِيِّهِ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْشُونَ بِذَلِكَ بِمُعْتَادِ ثِيَابِهِمْ، بَلْ بِثِيَابِ التَّجْمِيلِ وَالتَّزَيُّنِ فِي الْأَعْيَادِ. قَالَ وَاِتَّخَذَهُ بَعْضُهُمْ فِي حَوَائِجِهِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْ تَعْلِيمِهِمْ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ ضَرُورَةٌ اسْتَنَابَ مِثْلَهُ فِيمَا قَرُبَ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 482 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] سَحْنُونٌ لِمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى تَعْلِيمِ صِبْيَانٍ تَعْلِيمُ غَيْرِهِمْ مَعَهُمْ إنْ لَمْ يَضْرِبْهُمْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمْ وَشَرِكَةُ الْمُعَلِّمِينَ جَائِزَةٌ إنْ كَانُوا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَجْوَدَ تَعْلِيمًا مِنْ بَعْضٍ لِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا يَمْرَضُ أَحَدُهُمْ فَيَقُومُ الصَّحِيحُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ عَرَبِيَّ الْقِرَاءَةِ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يَلْحَنُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعَنْ مَالِكٍ لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَسْتَوِيَا فِي الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَعْلَمْهُمَا فَضْلٌ مِنْ الْكَسْبِ بِقَدْرِ فَضْلِ مَا عَمِلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ. الْقَابِسِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ إلَّا إنْ يُعْرِبَ قِرَاءَتَهُ وَالْآخَرُ لَا يُعْرِبُهَا وَلَا يَلْحَنُ، وَأَحَدُهُمَا رَفِيعُ الْخَطِّ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يَكْتُبُ وَيَتَهَجَّى فَهَذَا قَرِيبٌ مُغْتَفَرٌ فِي الشَّرِكَةِ فِي الصَّنَائِعِ وَالتِّجَارَاتِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقُومُ بِالشَّكْلِ وَالْهِجَاءِ وَعِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ وَالشَّعْرِ وَالنَّحْوِ وَالْحِسَابِ، وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ مُعَلِّمُ الْقُرْآنِ بِجَمْعِهِ لَجَازَ شَرْطُ تَعْلِيمِهِ إيَّاهُ مَعَ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِأَنَّهُ يُعِينُ عَلَى ضَبْطِهِ وَحُسْنِ مَعْرِفَتِهِ، وَهَذَا إنْ شَارَكَ مَنْ لَا يُحْسِنُ إلَّا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا مُتَفَاضِلَةً عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى قَدْرِ عِلْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ أَحَدُهُمَا عَلَى النَّحْوِ وَالشَّعْرِ وَشِبْهِهِمَا وَالْآخَرُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالْحِسَابِ مَا صَحَّتْ شَرِكَتُهُمَا. وَقِيلَ لِأَنَسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَيْفَ كَانَ الْمُؤَدِّبُونَ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - "، قَالَ كَانَ لِلْمُؤَدِّبِ إجَّانَةٌ يَجِيءُ كُلُّ صَبِيٍّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ بِمَاءٍ ظَاهِرٍ يَصُبُّهُ فِيهَا يَمْحُونَ بِهَا أَلْوَاحَهُمْ، ثُمَّ يَصُبُّونَ ذَلِكَ فِي حُفْرَةٍ بِالْأَرْضِ فَيَنْشَفُ. قُلْت الْجَوَاهِرِيُّ الْإِجَّانَةُ وَاحِدَةُ الْأَجَاجِينَ وَلَا يُقَالُ إنْجَانَةٌ، وَفِي بَابٍ آخَرَ الْمِرْكَنُ بِالْكَسْرِ الْإِجَّانَةُ الَّتِي تُغْسَلُ فِيهَا الثِّيَابُ. ابْنُ سِيدَهْ يُقَالُ إجَّانَةٌ وَإِنْجَانَةٌ، وَبِنَبْغِي أَنْ يُصَبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ بِالْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَكَانَ مُعَلِّمُنَا يَأْمُرُنَا بِصَبِّهِ فِي حُفْرَةٍ بَيْنَ الْقُبُورِ، وَيَنْبَغِي التَّحَفُّظُ مِنْهُ لِأَنَّ غَالِبَ الصِّبْيَانِ لَا يَتَحَفَّظُونَ فِي أَيْدِيهمْ مِنْ نَجَاسَةِ أَبْوَالِهِمْ. مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ قَالَ كَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ يَقُولُ مِنْ الْمُرُوءَةِ أَنْ يُرَى فِي ثَوْبِ الرَّجُلِ وَشَفَتَيْهِ مِدَادٌ، وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى سَبِيلِ الرَّشَادِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 483 وَإِجَارَةِ مَاعُونٍ: كَصَحْفَةٍ، وَقِدْرٍ، وَعَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إجَارَةٌ، وَجَعَالَةً   [منح الجليل] وَ) جَازَ (إجَارَةُ مَاعُونٍ كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَمُنْخُلٍ وَغِرْبَالٍ وَفَأْسٍ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ يُمْنَعُ كِرَاءُ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَقِدْرِ الْفَخَّارِ الَّتِي غَيَّرَهَا الدُّخَانُ فَصَارَتْ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِنَقْشِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا قُصُورٌ (وَ) جَازَ الْعَقْدُ (عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ) حَالَ كَوْنِهِ (إجَارَةٌ) بِتَعْيِينِ مِقْدَارِ الْحَفْرِ وَصِفَتِهِ وَإِنْ انْهَدَمَ فِي الْأَثْنَاءِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ (وَ) حَالَ كَوْنِهِ (جَعَالَةً) بِعَدَمِ التَّعْيِينِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا بِتَمَامِ الْحَفْرِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَجَرْته عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ مِنْ صِفَتِهَا كَذَا تَمَّ انْهَدَمَتْ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَهُ، وَلَوْ انْهَدَمَتْ بَعْدَ فَرَاغِهَا أَخَذَ جَمِيعَ الْأَجْرِ حَفَرَهَا فِي مِلْكٍ أَوْ فِي مَوَاتٍ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَهِيَ تَجُوزُ فِي مِلْكٍ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْفَلَوَاتِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْجُعْلِ تُجْعَلُ لَهُ دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَك بِئْرًا مِنْ صِفَتِهَا كَذَا وَكَذَا فَحَفَرَ نِصْفَهَا ثُمَّ انْهَدَمَتْ، فَإِنْ انْهَدَمَتْ فِي هَذَا قَبْلَ إسْلَامِهَا إلَيْك فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِسْلَامُهَا إلَيْك فَرَاغُهُ مِنْ حَفْرِهَا، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْأَجِيرِ عَلَى حَفْرِ قَبْرٍ انْهَدَمَ قَبْلَ فَرَاغِهِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ انْهَدَمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَلَهُ الْأُجْرَةُ. ابْنُ الْقَاسِمِ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَرَضِينَ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَ الْمَوَّازِ لَا يَكُونُ الْجُعْلُ فِي شَيْءٍ إذَا أَرَادَ الْمَجْعُولُ لَهُ تَرْكَ الْعَمَلِ بَعْدَ أَنْ شَرَعَ فِيهِ يَبْقَى مِنْ عَمَلِهِ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ الْجَاعِلُ. مُحَمَّدٌ هَذَا أَبْيَنُ فَرْقٍ بَيْنَ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ فَالْبِنَاءُ وَالْحَفْرُ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَرَضِينَ لَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا الْإِجَارَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ الْجَمُّ الْغَفِيرُ عَلَى قَوْلِ الْمَوَّازِ وَزَادَ شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ أَحَدُهُمَا اخْتِيَارُ الْأَرْضِ فِي لِينِهَا وَقَسَاوَتِهِمَا. وَالثَّانِي اسْتِوَاءُ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ فِي الْعِلْمِ أَوْ الْجَهْلِ بِهَا. وَهَذَانِ الشَّرْطَانِ مُتَدَافِعَانِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ الْعِلْمُ بِحَالِ الْأَرْضِ وَالثَّانِي يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي فِي الْعُتْبِيَّةِ فَهُمَا قَوْلَانِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَمَلُ كَعَمَلِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، فَإِنَّ مَسَافَةَ الْآبِقِ وَالضَّالَّةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُهُ يُوهِمُ الْعُمُومَ فِي كُلِّ أَنْوَاعِ عَمَلِ الْجَعَالَةِ، وَلَيْسَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 484 وَيُكْرَهُ: حُلِيٌّ. كَإِجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ، أَوْ ثَوْبٍ لِمِثْلِهِ،   [منح الجليل] كَذَلِكَ إذْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ إلَّا بَعْدَ خِبْرَتِهِمَا بِالْأَرْضِ مَعًا، وَشَرَطَ فِي الْعُتْبِيَّةِ اسْتِوَاءَ حَالَيْ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ الْعِلْمُ بِحَالِ الْأَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَزَوْهُ لِلْمُدَوَّنَةِ شَرْطُ الْخِبْرَةِ لَمْ أَعْرِفْهُ فِي الْجُعْلِ نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا بَلْ بِلُزُومٍ يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ، إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِ الصِّقِلِّيِّ، قَالَ مَا نَصُّهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ بِالْإِجَارَةِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ بِمَوْضِعِ كَذَا وَقَدْ خَبَرَا الْأَرْضَ، وَإِنْ لَمْ يَخْبُرَاهَا لَمْ يَجُزْ بِيَحْيَى بْن يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ عُرْفًا الْأَرْضَ بِلِينٍ أَوْ شِدَّةٍ أَوْ جَهِلَاهَا مَعًا جَازَ، وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَهُ الْآخَرُ لَمْ يَجُزْ الْجُعْلُ فِيهِ اهـ. فَهَذَا كَالنَّصِّ فِي حَمْلِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْجُعْلِ لِذِكْرِهِ عَلَيْهَا نَقَلَ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْجُعْلِ. قُلْت لَفْظُهَا فِي الْأُمِّ. قُلْت إنْ اسْتَأْجَرَتْ مَنْ يَحْفِرُ لِي بِئْرًا بِمَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ قَالَ إنْ خَبَرُوا الْأَرْضَ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ لَمْ يَخْبُرُوهَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ، كَذَا سَمِعْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَسَمِعْته فِي الْإِجَارَةِ عَلَى حَفْرِ فَقِيرِ النَّخْلِ يَحْفِرُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْمَاءُ إنْ عَرَفَ الْأَرْضَ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَلَا أُحِبُّهُ. قُلْت فَلَفْظُ الْإِجَارَةِ مَعَ ذِكْرِ فَقِيرِ النَّخْلِ كَالنَّصِّ فِي عَدَمِ الْجَعْلِ لِأَنَّ حَفْرَ فَقِيرِ النَّخْلِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا، وَالْجُعْلُ عَلَى الْحَفْرِ لَا يَكُونُ فِيمَا يَمْلِكُهُ الْجَاعِلُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا جُعْلٌ عَلَى بِنَاءٍ أَوْ حَفْرٍ وَمَا نَسَبَهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ إيهَامِ الْعُمُومِ، مِثْلُهُ لَفْظُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالتَّلْقِينِ،. اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. (وَيُكْرَهُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَنْ يُؤَجَّرُ (حُلِيٌّ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ مَفْتُوحَةً أَوْ مَضْمُومَةً مَعَ سُكُونِ اللَّامِ فِي الْأَوَّلِ وَكَسْرِهَا فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ بَيِّنٍ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِإِجَارَةِ حُلِيِّ الذَّهَبِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَاسْتَثْقَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَرَّةً وَخَفَّفَهُ مَرَّةً. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ كِرَاءُ الْحُلِيِّ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ زَكَاتَهُ أَنْ يُعَارَ، فَلِذَلِكَ كَرِهُوا أَنْ يُكْرَى. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَإِجَارِ) شَخْصٍ (مُسْتَأْجِرٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ (دَابَّةً) لِيَرْكَبَهَا لِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ تِلْكَ الدَّابَّةَ (أَوْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 485 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثَوْبٍ) لِيَلْبَسَهُ زَمَنًا مُعَيَّنًا ذَلِكَ الثَّوْبُ (لِ) رَاكِبٍ أَوْ لَابِسٍ (مِثْلِهِ) فِي الْخِفَّةِ أَوْ الثِّقَلِ وَالْأَمَانَةِ وَأَوْلَى لِأَثْقَلَ مِنْهُ، وَلَا مَفْهُومَ لِمِثْلِهِ فَيُكْرَهُ كِرَاؤُهَا لِأَخَفَّ مِنْهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لِمِثْلِهِ بِأَنَّهُ اكْتَرَاهَا لِرُكُوبِهَا، فَإِنْ اكْتَرَاهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا إرْدَبًّا لِمَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ كِرَاؤُهَا لِمِثْلِهِ. " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اسْتَأْجَرْت ثَوْبًا تَلْبَسُهُ يَوْمًا إلَى اللَّيْلِ فَلَا تُعْطِيهِ غَيْرَك لِيَلْبَسَهُ لِاخْتِلَافِ اللِّبْسِ وَالْأَمَانَةِ، فَإِنْ هَلَكَ بِيَدِك فَلَا تَضْمَنْهُ وَإِنْ دَفَعْته إلَى غَيْرِك ضَمِنْته إنْ تَلِفَ، وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لِمُكْتَرِي الدَّابَّةِ لِرُكُوبِهَا كِرَاءَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَانَ أَخَفَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ، فَإِنْ أَكْرَاهَا فَلَا أَفْسَخُهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ كَانَ أَكْرَاهَا فِيمَا اكْتَرَاهَا فِيهِ مِنْ مِثْلِهِ فِي حَالَتِهِ وَأَمَانَتِهِ وَخِفَّتِهِ وَلَوْ بَدَا لَهُ الْعُدُولُ عَنْ السَّفَرِ أَوْ مَا كُرِيَتْ مِنْ مِثْلِهِ، وَكَذَا الثِّيَابُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ كَكِرَاءِ الْحُمُولَةِ وَالسَّفِينَةِ وَالدَّارِ، إذْ هَذَا لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِنْ مِثْلِهِ فِي مِثْلِ مَا اكْتَرَاهَا لَهُ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ فِي هَذَا أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا بِغَيْرِ كَرَاهِيَةٍ، وَفِي الثَّوْبِ لِلِبْسٍ وَالدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ اللِّبْسِ وَالرُّكُوبِ، فَإِنْ أَكْرَى ذَلِكَ مِنْ مِثْلِهِ فَلَا يُفْسَخُ وَلَا يَضْمَنُهَا، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ مِنْ غَيْرِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ لِفَظٍّ لِمِثْلِهِ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ، وَلِفَظٍّ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَالْفَظُّ مِنْ الْفَظَاظَةِ وَهِيَ عِبَارَةٌ غَلِقَةٌ، وَلَعَلَّ فِيهَا تَقْدِيمًا أَوْ عَلَى لِفَظٍّ غَلَطًا مِنْ النَّاسِخِ، وَأَصْلُهَا لِفَظٍّ أَوْ لِمِثْلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِفَظٍّ أَوْ لِمِثْلِهِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ فِي كَرَاهَةِ إجَارَتِهَا لِفَظٍّ، فَإِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ إجَارَتِهَا لِمِثْلِهِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ، وَصَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِتَعَدِّيهِ بِإِجَارَتِهَا لِفَظٍّ أَوْ غَيْرِ أَمِينٍ، وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِ عِيسَى، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لِمِثْلِهِ أَوْ أَخَفَّ لَجَرَى عَلَى لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ. وَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ إجَازَةُ كِرَاءِ الدَّابَّةِ لِمِثْلِهِ أَوْ أَخَفَّ. أَبُو الْحَسَنِ اخْتَلَفَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِرَاءِ الدَّوَابِّ بِالْجَوَازِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 486 وَتَعْلِيمُ فِقْهٍ، وَفَرَائِضَ: كَبَيْعِ كُتُبِهِ،   [منح الجليل] وَالْكَرَاهَةِ، وَأَكْثَرُ قَوْلِهِ إنَّهُ جَائِزٌ وَأَقَلُّ قَوْلِهِ كَرَاهِيَتُهُ. اهـ. فَقَدْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَقَلِّ مَعَ نَقْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُهَا فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ. (وَ) تُكْرَهُ الْإِجَارَةُ (عَلَى تَعْلِيمِ فِقْهٍ) أَيْ الْعِلْمِ الْمُبَيَّنِ فِيهِ حُكْمُ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِالطَّلَبِ أَوْ النَّهْيِ أَوْ الْإِبَاحَةِ أَوْ الْوَضْعِ لَهَا (وَ) تَعْلِيمُ (فَرَائِضَ) أَيْ الْعِلْمُ الْمُبَيَّنُ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَاتِ، وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَبَيْعِ كُتُبِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْفِقْهِ وَالْفَرَائِضِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ أَكْرَهُ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الْفِقْهِ وَالْفَرَائِضِ لِأَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَرِهَ بَيْعَ كُتُبِ الْفِقْهِ وَالشَّرْطُ عَلَى تَعْلِيمِهَا أَشَدُّ. ابْنُ يُونُسَ قَدْ أَجَازَ غَيْرُهُ بَيْعَ كُتُبِ الْفِقْهِ فَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِهِ جَائِزَةٌ عَلَى هَذَا، وَهُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ بِيعَتْ كُتُبُ ابْنِ وَهْبٍ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَصْحَابُنَا مُتَوَافِرُونَ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ وَكَانَ أَبِي وَصِيَّهُ. اللَّخْمِيُّ وَعَلَى هَذَا فَتَجُورُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَكِتَابَتِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَلَا أَرَى أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ الْيَوْمَ لِنَقْصِ فَهْمِ النَّاسِ وَحِفْظِهِمْ عَمَّنْ تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ لَا كُتُبَ لَهُمْ مَالِكٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاسِمِ وَلَا لِسَعِيدٍ كُتُبٌ، وَلَقَدْ قُلْت لِابْنِ شِهَابٍ أَكُنْت تَكْتُبُ الْعِلْمَ فَقَالَ لَا، فَقُلْت أَكُنْت تَسْأَلُهُمْ أَنْ يُعِيدُوا عَلَيْك الْحَدِيثَ، فَقَالَ لَا هَذَا شَأْنُهُمْ، فَلَوْ سَارَ النَّاسُ بِسَيْرِهِمْ لَضَاعَ الْعِلْمُ وَذَهَبَ رَسْمُهُ وَالنَّاسُ الْيَوْمَ يَقْرَءُونَ كُتُبَهُمْ ثُمَّ هُمْ فِي غَايَةِ الْقُصُورِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْأُمُورِ. اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ لَهُ جَارٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يَأْخُذُ أَجْرًا مِمَّنْ يُفْتِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَجْرِ عَلَى الشَّهَادَةِ خِلَافٌ، وَكَذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ، وَمَنْ يَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَنْ جُلِّ تَكَسُّبِهِ فَأَخْذُهُ الْأُجْرَةَ مِنْ غَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ لِتَعَذُّرِهَا مِنْهُ خَفِيفٌ، وَهُوَ مَحْمَلُ مَا سَمِعْته مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا وَهُوَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ عَلْوَانَ أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْأَجْرَ الْخَفِيفَ فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 487 وَقِرَاءَةٍ بِلَحْنٍ وَكِرَاءُ دُفٍّ، وَمِعْزَفٍ لِعُرْسٍ وَكِرَاءُ: كَعَبْدٍ كَافِرٍ   [منح الجليل] وَ) تُكْرَهُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِ (قِرَاءَةٍ) قُرْآنٍ (بِلَحْنٍ) بِسُكُونِ الْحَاءِ، أَيْ تَطْرِيبٍ وَهُوَ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ بِالْأَنْغَامِ عَلَى حَدِّهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمُوسِيقَى، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْآنًا كَالْغِنَاءِ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَكْرَهُ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الشِّعْرِ وَالنَّوْحِ أَوْ عَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ أَوْ إجَارَةِ كُتُبٍ فِيهَا ذَلِكَ أَوْ بَيْعِهَا. ابْنُ يُونُسَ يَعْنِي التَّغَنِّي، وَكَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ، فَكَيْفَ بِالتَّغَنِّي. عِيَاضٌ مَعْنَاهُ قَوْلُ الْمُتَصَوِّفَةِ وَأَنَاشِيدُهُمْ الْمُسَمَّى بِالتَّغَنِّي عَلَى طَرِيقَةِ النَّوْحِ وَالْبُكَاءِ. (فَرْعٌ) الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَّلِ شَرْحِ مُسْلِمٍ أَخْذُ الْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ عَلَى ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ أَوْ ظَنِّهِ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ، حَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. (وَ) كُرِهَ (كِرَاءُ دُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْفَاءِ آلَةُ الطَّبْلِ الْمُدَوَّرَةُ الْمُغَشَّاةِ بِجِلْدٍ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْغِرْبَالِ (وَ) كِرَاءُ (مِعْزَفٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ فَفَاءٍ. الْجَوْهَرِيُّ الْمَعَازِفُ الْمَلَاهِي الشَّارِحُ شَيْءٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِيدَانِ. عِيَاضٌ عِيدَانُ الْغِنَاءِ (لِعُرْسٍ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَسِينٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ فَرَحِ نِكَاحِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَنْبَغِي إجَارَةُ الدُّفِّ وَالْمَعَازِفِ كُلِّهَا فِي الْعُرْسِ، وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَضَعَّفَهُ ابْنُ يُونُسَ، أَرَادَ ضَعْفَ قَوْلِ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ الدُّفُّ الَّذِي أُبِيحَ ضَرْبُهُ لِعُرْسٍ وَنَحْوِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَجُوزَ إجَارَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ كَرِهَهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهُ غَيْرُ عَمَلِ الصَّالِحِينَ، وَإِنْ كَانَ ضَرْبُهُ مُبَاحًا فِي الْعُرْسِ فَلَيْسَ كُلُّ مُبَاحٍ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ الْمَعَازِفُ عِيدَانُ الْغِنَاءِ لَا يَجُوزُ ضَرْبُهَا وَلَا اسْتِئْجَارُهَا وَهِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَرَابِطِ وَالْعِيدَانِ. (وَ) كُرِهَ (كِرَاءُ عَبْدٍ) مُسْلِمٍ (لِ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) فِيمَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ عَمَلُهُ كَبِنَاءٍ وَخِيَاطَةٍ لَا فِيمَا لَا يَجُوزُ كَعَمَلِ خَمْرٍ وَرَعْيِ خِنْزِيرٍ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ إدْخَالُ لَامِ الْجَرِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 488 وَبِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ،   [منح الجليل] عَلَى عِيدٍ بِالْمُثَنَّاةِ وَاحِدُ الْأَعْيَادِ مُضَافًا لِكَافِرٍ، وَفِي بَعْضِهَا كِرَاءُ عَبْدٍ لِكَافِرٍ بِإِضَافَةِ كِرَاءِ لِعَبْدٍ بِالْمُوَحَّدَةِ وَاحِدُ الْعَبِيدِ، وَإِدْخَالُ لَامِ الْجَرِّ عَلَى كَافِرٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، زَادَ الْحَطّ وَفِي بَعْضِهَا وَكِرَاءُ كَعَبْدٍ كَافِرٍ بِإِدْخَالِ كَافِ التَّمْثِيلِ عَلَى عَبْدٍ بِالْمُوَحَّدَةِ وَاحِدُ الْعَبِيدِ وَتَجْرِيدُ كَافِرٍ مِنْ اللَّامِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهَا لِلنُّسْخَةِ الْأُولَى بِإِضَافَةِ كِرَاءٍ إلَى كَافِرٍ إضَافَةَ مَصْدَرٍ إلَى فَاعِلِهِ مَعَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِمَفْعُولِهِ أَوْ بِإِضَافَةِ كِرَاءٍ إلَى كَافِ كَعَبْدٍ إضَافَةَ مَصْدَرٍ لِمَفْعُولِهِ، وَرَفْعِ كَافِرٍ بِفَاعِلِيَّتِهِ وَكَرَاهَةُ كِرَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ إذَا لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ، فَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَلَا يَجُوزُ لِمَفَاسِدِهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِهَانَتِهِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ أَذِيَّتِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَخَشْيَةُ فِتْنَةٍ فِي دِينِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ وَإِطْعَامِهِ مُحَرَّمًا كَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ وَخَمْرٍ، وَمَنْعِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ، فَإِنْ نَزَلَتْ الْإِجَارَةُ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَتُفْسَخُ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ إجَارَةُ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنْ كَافِرٍ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ جَائِزَةٌ وَمَكْرُوهَةٌ وَمَحْظُورَةٌ وَحَرَامٌ، فَالْجَائِزُ عَمَلُ الْمُسْلِمِ لَهُ عَمَلًا فِي بَيْتِ الْعَامِلِ كَصَانِعٍ يَعْمَلُ لِلنَّاسِ وَالْمَكْرُوهَةُ أَنْ يَسْتَبِدَّ الْكَافِرُ بِجَمِيعِ عَمَلِهِ مِنْ غَيْرِ كَوْنِهِ تَحْتَ يَدِهِ مِثْلَ كَوْنِهِ عَامِلَ قِرَاضٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ، وَالْمَحْظُورَةُ إجَارَةُ نَفْسِهِ فِي عَمَلٍ تَحْتَ يَدِهِ كَخِدْمَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَإِرْضَاعِ وَلَدِهِ فِي بَيْتِهِ، فَهَذَا تُفْسَخُ إنْ عَثَرَ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَالْحَرَامُ إجَارَةُ نَفْسِهِ فِيمَا لَا يَحِلُّ مِنْ عَمَلِ خَمْرٍ وَرَعْيِ خِنْزِيرٍ، فَهَذِهِ تُفْسَخُ قَبْلَ الْعَمَلِ، فَإِنْ فَاتَتْ يَتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي إجَارَةِ الْحُرِّ نَفْسَهُ فَكَيْفَ بِالرَّقِيقِ فَلَا شَكَّ أَنَّ إجَارَةَ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ إذَا كَانَ يَغِيبُ عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ لَا تَجُوزُ، وَتُفْسَخُ وَيُؤَدَّبُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُؤَجِّرُ أَدَبًا يَلِيقُ بِحَالِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يُكْرَهُ (بِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ) لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ فِيهَا لَا يَصْلُحُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ. الْبَاجِيَّ لَا يَصْلُحُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا هُنَا. وَفِي التَّهْذِيبِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ يُكْرِيَ بَيْتَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَأَجَازَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 489 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ذَلِكَ غَيْرُهُ فِي الْبَيْتِ. ابْنُ يُونُسَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَجَرَ بَيْتَهُ مِنْ قَوْمٍ لِيُصَلُّوا فِيهِ فِي رَمَضَانَ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ، كَمَنْ أَكْرَى الْمَسْجِدَ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي كِرَاءٍ الْبَيْتِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ وَلَا بَيْتَهُ فَإِجَارَتُهُمَا لِذَلِكَ لَا تَجُوزُ، وَأَجَازَهَا غَيْرُهُ فِي الْبَيْتِ. عِيَاضٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. اللَّخْمِيُّ مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ جَازَ. قُلْت اقْتِصَارُهُ عَلَى هَذَا دُونَ قَوْلِهَا لَا يَجُوزُ غَيْرُ صَوَابٍ، وَإِنْ وَافَقَ مَفْهُومَ نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ عَنْ سَحْنُونٍ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ كِرَاءُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُكْرَى، وَالْبَيْتُ لَيْسَ مِثْلُهُ كِرَاؤُهُ جَائِزٌ. وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ يَبْنِي مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ وَكَرَاهِيَتُهُ لَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا الَّذِي أَجَرَ بَيْتَهُ مِنْ قَوْمٍ لِيُصَلُّوا فِيهِ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي، وَهُوَ كَمَنْ أَكْرَى الْمَسْجِدَ، وَقَوْلُ غَيْرِهِ فِي الْبَيْتِ لَا بَأْسَ بِإِيجَارِهِ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ وَإِجَازَتُهُ كِرَاءَ الدَّارِ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا بَيِّنٌ أَنْ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فَرْقًا. أَمَّا الَّذِي بَنَى مَسْجِدًا فَأَكْرَاهُ فَلَوْ أَبَاحَهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَكَانَ حَبْسًا لَا حُكْمَ لَهُ وَلَا لِأَحَدٍ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يُبِحْهُ وَبَنَاهُ لِيُكْرِيَهُ فَهَذَا لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فِي كِرَاءِ الْمَسْجِدِ لَا يَصْلُحُ، وَفِي كِرَاءِ الْبَيْتِ لَا يُعْجِبُنِي، وَأَنَّهُ يَجُوزُ إنْ فَعَلَهُ كَإِجَارَةِ الْمُصْحَفِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لَا يَصْلُحُ هَلْ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ، فَعَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ هُوَ عَلَى الْمَنْعِ لِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَا يُبَاعُ وَلَا يُكْرَى، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ لِعِيَاضٍ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِقَوْلِهِ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ اهـ. ابْنُ نَاجِي قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ عَلَى التَّحْرِيمِ لِقَوْلِهِ فِيهَا وَإِجَارَتُهُمَا لِذَلِكَ غَيْرُ جَائِزَةٍ. الْحَطّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَأَكْثَرُ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا الْكَرَاهَةِ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا الْمُصَنِّفُ. أَبُو الْحَسَنِ أَثَرُ قَوْلِ التَّهْذِيبِ أَجَازَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فِي الْبَيْتِ. الشَّيْخُ وَأَجَازَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 490 وَسُكْنَى فَوْقَهُ   [منح الجليل] يُكْرِيَ الْأَرْضَ مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ فَالْمَسْجِدُ فِي طَرَفٍ وَالْأَرْضُ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا فِي طَرَفٍ وَالْبَيْتُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا. وَوَفَّقَ بَيْنَ قَوْلِ الْقَاسِمِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْبَيْتِ بِأَنَّ غَيْرَهُ يَتَكَلَّمُ بَعْدَ الْوُقُوعِ. وَابْنُ الْقَاسِمِ قَبْلَهُ، وَبِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إكْرَائِهِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُ غَيْرِهِ فِي إكْرَائِهِ مِنْهُمْ لِيَنْتَفِعُوا بِهِ مُدَّةَ كِرَائِهِ لِلصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فِيمَا شَاءُوا أَوْ مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) تُكْرَهُ (سُكْنَى) الرَّجُلِ (فَوْقَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ، قَالَهُ الشَّارِحُ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ مُطْلَقًا بِأَهْلِهِ أَوْ وَحْدَهُ. (تَنْكِيتٌ) سَيَأْتِي فِي الْإِحْيَاءِ مَنْعُ سُكْنَى فَوْقَهُ. وَمَفْهُومُ فَوْقَهُ جَوَازُهَا تَحْتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْإِحْيَاءِ جَوَازُ السُّكْنَى فِيهِ لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ قَالَهُ تت. طفي تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْكَرَاهِيَةِ هُنَا لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي تَعْبِيرِهِ بِالْمَنْعِ فِي الْإِحْيَاءِ. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَارَضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ بِنَصِّهَا. وَأَجَابَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمَنْعِ فَيُقَالُ كَذَا فِي كَلَامَيْهِ هُنَا. فِيهَا كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ مَسْجِدًا ثُمَّ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا يَسْكُنُهُ بِأَهْلِهِ، أَرَادَ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَعَهُ يَطَؤُهَا عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ. الْحَطّ هَذَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ مَا فِي جُعْلِهَا وَإِجَارَتِهَا، وَلِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ، وَمُخَالِفٌ لِظَاهِرِ مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْإِحْيَاءِ، وَلِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ هُنَاكَ وَالْقَرَافِيِّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، فَفِي التَّهْذِيبِ كَرِهَ مَالِكٌ السُّكْنَى بِالْأَهْلِ فَوْقَ ظَهْرِ الْمَسْجِدِ. ابْنُ يُونُسَ كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ مَسْجِدًا ثُمَّ يَبْنِيَ فَوْقَهُ بَيْتًا يَسْكُنُهُ بِأَهْلِهِ، لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَعَهُ يَطَؤُهَا عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ. وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَبِيتُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ فِي الصَّيْفِ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَكَانَ لَا يَقْرَبُ فِيهِ امْرَأَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ عُلْوِ مَسْكَنِهِ مَسْجِدًا وَلَا يَجُوزُ جَعْلُ سُفْلِهِ مَسْجِدًا، وَيُمْكِنُ الْعُلْوُ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْجَوَاهِرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 491 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِي التَّوْضِيحِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ. وَفِي جَعْلُ الْمُدَوَّنَةِ كَرِهَ مَالِكٌ السُّكْنَى فَوْقَهُ. فَإِنْ قُلْت قَدْ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ هُنَا خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْوَاضِحَةِ. فَفِي مُخْتَصَرِهَا أَجَازَ مَالِكٌ لِمَنْ لَهُ سُفْلٌ وَعُلْوٌ أَنْ يَجْعَلَ الْعُلْوَ مَسْجِدًا وَيَسْكُنَ السُّفْلَ، وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ السُّفْلَ مَسْجِدًا وَيَسْكُنَ الْعُلْوَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَ السُّفْلَ مَسْجِدًا صَارَ لِمَا فَوْقَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا بُنِيَ لِلَّهِ تَعَالَى وَحِيزَ عَنْ بَانِيهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ فَوْقَهُ، فَقَدْ قَالَ الْقَرَافِيُّ حُكْمُ الْأَهْوِيَةِ تَابِعٌ لِحُكْمِ الْأَبْنِيَةِ، فَهَوَاءُ الْوَقْفِ وَقْفٌ، وَهَوَاءُ الطَّلْقِ طَلْقٌ، وَهَوَاءُ الْمَوَاتِ مَوَاتٌ، وَهَوَاءُ الْمِلْكِ مِلْكٌ، وَهَوَاءُ الْمَسْجِدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ لَا يَقَرُّ فِيهِ الْجُنُبُ. وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنْ يُمْنَعَ هَوَاءُ الْمَسْجِدِ وَالْأَوْقَاتُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ لِمَنْ أَرَادَ غَرْسَ خَشَبٍ حَوْلَهَا، وَيُبْنَى عَلَى رُءُوسِ الْخَشَبِ سَقْفًا عَلَيْهِ بُنْيَانٌ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ إلَّا فَرْعٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ إخْرَاجُ الرَّوَاشِنِ وَالْأَجْنِحَةِ عَنْ الْحِيطَانِ، ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ وَجْهَ خُرُوجِهِ فَانْظُرْهُ وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوَاعِدِ الْمُقْرِي. وَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَحِيزَ عَنْهُ وَأَحَبَّ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَهُ دَارٌ لَهَا عُلْوٌ وَسُفْلٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحْبَسَ السُّفْلُ مَسْجِدًا وَيَبْقَى الْعُلْوُ عَلَى مِلْكِهِ، فَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ لِلْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَابِعِيهِ وَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ، فَقَالَ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَإِنْ قَالَ أَنَا أَبْنِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَبْنِي فَوْقَهُ مَسْكَنًا، وَعَلَى هَذَا أَبْنِي جَازَ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ لَهَا عُلْوٌ وَسُفْلٌ فَأَرَادَ أَنْ يَحْبِسَ السُّفْلَ مَسْجِدًا وَيَبْقَى الْعُلْوُ عَلَى مِلْكِهِ جَازَ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَ هَذِهِ النُّقُولِ، وَيَجْعَلَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُعْجِبُنِي أَوْ لَا يَنْبَغِي لَا يَجُوزُ. وَيُحْمَلُ هُوَ وَمَا فِي الْوَاضِحَةِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْقَرَافِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْآتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ، وَيُحْمَلُ مَا فِي جُعْلِهَا وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ الْأَخِيرُ وَمَا لِلْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الشِّقِّ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ لَفْظُ اللَّخْمِيِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 492 وَبِمَنْفَعَةٍ تَتَقَوَّمُ. قُدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا   [منح الجليل] الْجَوَازَ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ، وَيُسَاعِدُ هَذَا التَّوْفِيقُ كَلَامَ ابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ عَلَى قَوْلِ التَّهْذِيبِ وَلَا يَبْنِي إلَخْ، قَالَ فِي الْأُمِّ لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَسْكَنًا يُجَامِعُ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالنَّصِّ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا. وَذَكَرَ أَبُو عُمْرَانَ الْمَظَاهِرَ الْمَعْلُومَةَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْخِلَافِ، هَلْ ظَاهِرُ الْمَسْجِدِ كَبَاطِنِهِ أَمْ لَا؟ وَذَلِكَ يُوهِمُ جَوَازَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلٍ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ، مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي سَبْقَ الْمَسْجِدِ فَهُوَ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ، بَلْ ظَاهِرُهَا أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ عُلْوٌ وَسُفْلٌ فَحَبَسَ الْعُلْوَ مَسْجِدًا فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَعَلَى قَوْلِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَكُرِهَ يُرِيدُ يَكُونُ تَحْبِيسُ الْمَسْجِدِ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ اهـ. (وَ) تَصِحُّ الْإِجَارَةُ (بِمَنْفَعَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمَنْفَعَةُ مَا لَا تُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ حِسًّا دُونَ إضَافَةٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ غَيْرَ جُزْءٍ مِمَّا أُضِيفَ إلَيْهِ، فَتَخْرُجُ الْأَعْيَانُ وَنَحْوُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَنِصْفُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الدَّابَّةِ مَشَاعًا، وَهِيَ رُكْنٌ لِأَنَّهَا عِوَضُ الْأُجْرَةِ (تَتَقَوَّمُ) بِفَتَحَاتٍ مُشَدَّدُ الْوَاوِ، أَيْ لَهَا قِيمَةٌ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِمَنْفَعَةٍ تَافِهَةٍ حَقِيرَةٍ جِدًّا لَا قِيمَةَ لَهَا كَالْإِيقَادِ مِنْ نَارٍ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ، وَمِنْ شُرُوطِهَا كَوْنُهَا مُتَقَوِّمَةً فَمَا لَا تُقَوَّمُ مَنْفَعَتُهُ فَلَا تَصِحُّ إجَارَتُهُ. (قَاعِدَةٌ) مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ فَلَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَأَخْذُ عِوَضِهَا وَمَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا وَلَا أَخْذُ عِوَضِهَا كَسَاكِنِ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ إيجَارُ مَكَانِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ أَوْ الرِّبَاطِ أَوْ الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مَنْفَعَتَهُ، بَلْ مَلَكَ انْتِفَاعَهُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ فَسَّرُوا نَتَقَوَّمُ بِمَا لَهَا قِيمَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الْغَزَالِيِّ لَا يَصِحُّ إيجَارُ تُفَّاحَةٍ لِشَمِّهَا وَطَعَامٍ لِتَزْيِينِ حَانُوتٍ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ. الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي فُرُوعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهَا مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا، مِنْهَا إجَارَةُ مُصْحَفٍ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ وَإِجَارَةُ شَجَرٍ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهِ (قُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا (عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ الْقَرَافِيُّ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 493 بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا وَلَا حَظْرَ، وَتَعَيَّنَ،   [منح الجليل] احْتِرَازٌ مِنْ إيجَارِ أَخْرَسَ لِلْكَلَامِ وَأَعْمَى لِلْإِبْصَارِ وَأَرْضٍ لَا مَاءَ لَهَا لِزِرَاعَةٍ أَوْ غَمَرَهَا الْمَاءُ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ عَنْهَا، وَلَكِنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهَا فِي الْأَخِيرَةِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ شُرُوطِ الْمَنْفَعَةِ كَوْنُهَا مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا حِسًّا وَشَرْعًا فَيُمْنَعُ إيجَارُ أَخْرَسَ لِلتَّعْلِيمِ وَأَعْمَى لِلْحِرَاسَةِ وَالْإِيجَارِ عَلَى قَتْلِ مَعْصُومٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوِهِ أَوْ حَائِضٍ عَلَى كَنْسِ مَسْجِدٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ وَحَلِّ الْمَرْبُوطِ. الْآبِي لَا يَحِلُّ مَا يَأْخُذُهُ كَاتِبُ الْبَرَاءَةِ لِرَدِّ التَّلِيفَةِ لِأَنَّهُ سِحْرٌ، وَمَا يُؤْخَذُ لِحَلِّ الْمَعْقُودِ، فَإِنْ كَانَ بِرُقْيَةٍ عَرَبِيَّةٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِعَجَمِيَّةٍ امْتَنَعَ وَفِيهِ خِلَافٌ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اُعْتِيدَ نَفْعُهُ جَازَ (بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا) هَكَذَا عَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ الْمَنْفَعَةِ إمْكَانُ اسْتِيفَائِهَا دُونَ إذْهَابِ عَيْنٍ. ابْنُ شَاسٍ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُ الْأَشْجَارِ لِثِمَارِهَا وَشَاةٍ لِنِتَاجِهَا وَلَبَنِهَا وَصُوفِهَا لِأَنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ قَبْلَ وُجُودِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ لِوُضُوحِ حُكْمِهِ مِنْ الْبِيَاعَاتِ، وَتَبِعَ فِيهِ الْغَزَالِيَّ وَلَوْ رَسَمَ الْمَنْفَعَةَ بِمَا قُلْنَاهُ مَا احْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ. (وَ) بِ (لَا حَظْرٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَنْعٍ مِنْ اسْتِيفَائِهَا فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى مَمْنُوعٍ شَرْعًا، كَقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ عُدْوَانًا. ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَ ابْنَ شَاسٍ الْغَزَالِيَّ فِي قَوْلِهِ الْعَجْزُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ فِي الْإِبْطَالِ، فَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى قَلْعِ سِنٍّ صَحِيحَةٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ صَحِيحَةٍ لَمْ تَجُزْ وَلَوْ كَانَتْ الْيَدُ مُتَأَكِّلَةً وَالسِّنُّ مُتَوَجِّعَةً جَازَتْ. ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ مَنْ ذَهَبَ بَعْضُ كَفِّهِ فَخَافَ عَلَى بَاقِي يَدِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ مِنْ الْمَفْصِلِ إنْ لَمْ يَخَفْ مَوْتَهُ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ خَوْفُ مَوْتِهِ مِنْ بَقَاءِ يَدِهِ أَشَدَّ مِنْ خَوْفِ مَوْتِهِ لِقَطْعِهَا فَلَهُ قَطْعُهَا. عِيَاضٌ يَأْتِي عَلَى مَا أَدْخَلَهُ الطَّبَرِيُّ فِي النَّهْيِ مَنْ خُلِقَ لَهُ إصْبَعٌ أَوْ يَدٌ زَائِدَةٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا وَلَا نَزْعُهَا لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الزَّائِدُ يُؤْذِيهِ وَيُؤْلِمُهُ مِنْ إصْبَعٍ أَوْ ضِرْسٍ فَلَا بَأْسَ بِنَزْعِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (وَ) بِلَا (تَعَيُّنٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ طَلَبُ الْمَنْفَعَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 494 وَلَوْ مُصْحَفًا، وَأَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا، وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ   [منح الجليل] مِنْ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ كَرَغِيبَةٍ وَضُحًى وَصَوْمِ عَاشُورَاءَ وَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَعُمْرَةٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ مُتَعَيِّنٍ وَالْتِقَاطِ لُقَطَةٍ خِيفَ عَلَيْهَا الْخِيَانَةُ، فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لِتَعَيُّنِهِ عَلَى الْأَجِيرِ. ابْنُ يُونُسَ لَا جَعَلَ لِمَنْ وَجَدَ ضَالَّةً وَأَتَى بِهَا، إذْ لَا جَعَلَ فِي رَدِّ الْأَمَانَةِ إلَى رَبِّهَا. ابْنُ رُشْدٍ الْجُعْلُ لَا تَجُوزُ فِيمَا يَلْزَمُ الرَّجُلَ فِعْلُهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ قَالَ دُلَّنِي عَلَى امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَلَك كَذَا فَدَلَّهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ أَشِرْ عَلَيَّ وَانْصَحْ لِي فِي ذَلِكَ، وَهَذَا لَوْ سَأَلَهُ دُونَ جُعْلٍ لَلَزِمَهُ أَنْ يَفْعَلُهُ لِحَدِيثِ الدِّينُ النَّصِيحَةُ. ابْنُ شَاسٍ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الِاسْتِنَابَةِ عَلَى الْحَجِّ وَالْإِجَارَةِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا حَمْلُ الْجِنَازَةِ وَحَفْرُ الْقَبْرِ وَغَسَلَ الْمَيِّت فَتُجْزِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَالْأُجْرَةُ. وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْإِمَامَةِ مَعَ الْأَذَانِ، وَلَا تَجُوزُ عَلَى الصَّلَاةِ بِانْفِرَادِهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا، وَلَا عَلَى الْعِبَادَاتِ الَّتِي لَا تُجْزِي النِّيَابَةُ فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِهِمَا، وَتَصِحُّ إجَارَةُ مَالِهِ مَنْفَعَةٍ مُتَقَوِّمَةٍ مَقْدُورَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا غَيْرَ مَحْظُورَةٍ وَلَا مُتَعَيِّنَةٍ إنْ كَانَ غَيْرَ مُصْحَفٍ وَأَرْضٍ غَمَرَهَا الْمَاءُ وَنَدَرَ انْكِشَافُهَا وَشَجَرٍ لِتَجْفِيفِ ثِيَابٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مُصْحَفًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ كِتَابًا مُشْتَمِلًا عَلَى الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَتَصِحُّ إجَارَتُهُ لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِحَوْزِ إجَارَةِ الْمُصْحَفِ لِمَنْ يَقْرَأُ فِيهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَكَثِيرٌ مِنْ التَّابِعِينَ بَيْعَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا لَمْ تَجْعَلْهُ تَجْرًا، أَمَّا مَا عَمِلْته بِيَدِك فَجَائِزٌ. وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى كِتَابَتِهِ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا لَمْ تَجْعَلْهُ تَجْرًا هَلْ مَعْنَاهُ فَلَا يَجُوزُ أَوْ فَيُكْرَهُ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِمَنْعِ ابْنِ حَبِيبٍ إجَارَتَهُ. (وَأَرْضًا غَمَرَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ أَيْ كَثُرَ (مَاؤُهَا) الْجَارِي عَلَيْهَا (وَنَدَرَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ قَلَّ جِدًّا (انْكِشَافُهُ) أَيْ زَوَالُ الْمَاءِ عَنْ الْأَرْضِ فَيَصِحُّ كِرَاهَا وَالْمَاءُ الْكَثِيرُ غَامِرُهَا. وَأَمَّا مَا لَا تَنْكَشِفُ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ كِرَاؤُهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ وَمَاؤُهَا غَامِرٌ وَانْكِشَافُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 495 وَشَجَرًا لِتَجْفِيفٍ عَلَيْهَا عَلَى الْأَحْسَنِ، لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ، أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا،   [منح الجليل] نَادِرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ جَوَازُهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ الْغَيْرُ وَنَصُّهَا مَنْ أَكْرَى أَرْضَهُ الْغَرِقَةَ بِكَذَا إنْ انْكَشَفَ مَاؤُهَا وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يَنْكَشِفَ عَنْهَا جَازَ إنْ لَمْ يَنْقُدْ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ إلَّا أَنْ يُوقِنَ بِانْكِشَافِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ خِيفَ أَنْ لَا يَنْكَشِفَ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ الْعَقْدِ كَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ مَطَرٍ أَوْ نِيلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مَأْمُونَةً أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَوَازِ النَّقْدِ وَوُجُوبِهِ فَمَا كَانَ مِنْ الْأَرْضِ مَأْمُونًا كَأَرْضِ النِّيلِ وَالْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ وَأَرْضِ السَّقْيِ بِالْعُيُونِ الثَّابِتَةِ وَالْآبَارِ الْمُعَيَّنَةِ فَالنَّقْدُ فِيهَا لِلْأَعْوَامِ الْكَثِيرَةِ جَائِزٌ. وَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُرْوَى وَيُتَمَكَّنَ مِنْ الْحَرْثِ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ النِّيلِ أَوْ الْمَطَرِ أَوْ السَّقْيِ بِالْعُيُونِ وَالْآبَارِ. وَأَمَّا وُجُوبُ النَّقْدِ فَيَجِبُ عِنْدَهُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ، إذْ لَا تَحْتَاجُ إلَى غَيْرِهِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا النَّقْدُ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ. (وَشَجَرًا) أُكْرِيَتْ (لِتَجْفِيفِ) بِالْجِيمِ أَيْ تَنْشِيفِ ثِيَابٍ تُنْشَرُ (عَلَيْهَا) فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فِي إجَارَةِ الشَّجَرِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ ابْنَ شَاسٍ فِي حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ، وَقَبِلَهُ شَارِحُوهُ، وَلَمْ أَعْرِفْ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ. وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ كَإِجَارَةِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ وَحَائِطٍ لِحَمْلِ خَشَبٍ (لَا) يَجُوزُ كِرَاءُ شَجَرٍ (لِأَخْذِ ثَمَرِهِ أَوْ شَاةٍ لِ) أَخْذِ (لَبَنِهَا) أَوْ نِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا. ابْنُ شَاسٍ لَا يَصِحُّ إيجَارُ الْأَشْجَارِ لِثِمَارِهَا وَشَاةٍ لِنِتَاجِهَا وَلَبَنِهَا وَصُوفِهَا لِأَنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ قَبْلَ وُجُودِهَا. " غ " بَحَثَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ اسْتِئْجَارَهَا لِلَّبَنِ لَا يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَيُنْظَرُ فِيهِ، فَإِنَّ بَيْعَ اللَّبَنِ جُزَافًا جَازَ بِشَرْطِ تَعَدُّدِ الشِّيَاهِ وَكَثْرَتِهَا، وَإِنْ كَانَ بِكَيْلٍ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الشَّرْطِ وَإِجَارَةُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا، قُصَارَاهُ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ لَبَنِهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُطْلَقَ الْمَنْعُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 496 وَاغْتُفِرَ مَا فِي الْأَرْضِ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِالتَّقْوِيمِ   [منح الجليل] مِنْهُ اهـ. وَاسْتَوْفَى فِي التَّوْضِيحِ شُرُوطَ الْجَوَازِ الْمَعْرُوفَةِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا كَوْنُهُ فِي الْإِبَّانِ، ثُمَّ حَمَلَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْإِبَّانِ كَمَا فِي الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ. اهـ. وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ تَعْلِيلِ ابْنِ شَاسٍ بِأَنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ قَبْلَ وُجُودِهَا. الْحَطّ يَصِحُّ أَنْ يَقْرَأَ شَاةً بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ فِي قَوْلِهِ لَا لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ، أَيْ لَا شَجَرَ لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ وَلَا شَاةً لَأَخَذَ لَبَنِهَا فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَبِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى شَجَرَةٍ فَهُوَ مِنْ الْجَائِزِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا بُدَّ مِنْ عِنَايَةٍ فِيهِ، فَإِنْ جُعِلَ مِنْ الْمَمْنُوعِ قِيلَ إلَّا بِشُرُوطٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا. وَإِنْ جُعِلَ مِنْ الْجَائِزِ قِيلَ بِشُرُوطٍ يَأْتِي ذِكْرُهَا، وَهِيَ كَوْنُ الْغَنَمِ كَثِيرَةً كَعَشَرَةٍ، وَكَوْنُهُ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ وَمَعْرِفَةُ وَجْهِ حِلَابِهَا وَكَوْنُهُ إلَى أَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنَ قَبْلَهُ وَشُرُوعُهُ فِي الْأَخْذِ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، وَكَوْنُ السَّلَمِ إلَى رَبِّهَا هَذَا إنْ كَانَ جُزَافًا، فَإِنْ كَانَ بِكَيْلٍ أَسْقَطَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لَا يُقَالُ إفْرَادُ الشَّاةِ يُنَافِي الْأَوَّلَ لِأَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَاغْتُفِرَ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (مَا فِي الْأَرْضِ) أَوْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ مِنْ ثَمَرَةٍ دَالِيَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ (مَا لَمْ يَزِدْ) مَا فِيهَا (عَلَى الثُّلُثِ) مُعْتَبَرًا (بِالتَّقْوِيمِ) لِكِرَاءِ الْأَرْضِ بِلَا ثَمَرَةٍ وَالثَّمَرَةُ الَّتِي اُعْتِيدَتْ لِلدَّالِيَةِ أَوْ النَّخْلَةِ وَيَسْقُطُ مِنْ قِيمَتِهَا مُؤْنَةُ سَقْيِهَا وَخِدْمَتِهَا وَنِسْبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا. فِيمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا فِيهَا سِدْرَةٌ أَوْ دَالِيَةٌ، أَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ نُبَذٌ مِنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ وَلَا ثَمَرَةَ فِيهَا حِينَئِذٍ أَوْ فِيهَا ثَمَرَةٌ لَمْ تَزْهُ فَهِيَ لِلْمُكْرِي إلَّا أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ الْمُكْتَرَى ثَمَرَةَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ تَبَعًا مِثْلَ الثُّلُثِ فَأَقَلُّ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ كِرَاءُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ بِغَيْرِ شَرْطِ الثَّمَرَةِ. فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ مَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ فِيمَا عُرِفَ مِمَّا تُطْعِمُ كُلَّ عَامٍ بَعْدَ طَرْحِ قِيمَةِ الْمُؤْنَةِ وَالْعَمَلِ فَيُعْلَمُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ خَمْسَةٌ أَوْ أَقَلُّ جَازَ. أَصْبَغُ هَذَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَطِيبُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَاهُ. ابْنُ يُونُسَ أُجِيزَ لِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي دُخُولِ رَبِّ الدَّارِ لِإِصْلَاحِ الثَّمَرَةِ وَجُذَاذِهَا، كَمَا إذَا أُجِيزَ شِرَاءُ الْعَرَبَةِ بِخَرْصِهَا ثَمَرًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 497 وَلَا تَعْلِيمِ غِنَاءٍ أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ: لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ، وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ، وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ كُلَّ مَا يَفْتَرِقُ قَلِيلُهُ مِنْ كَثِيرِهِ فَثُلُثُهُ يَسِيرُ إلَّا الْجَوَائِحِ وَمُعَاقَلَةُ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ، وَجَمَعَهَا " غ " فِي قَوْلِهِ: فَالثُّلْثُ نَزْرٌ فِي سِوَى الْمُعَاقَلَهْ ... ثُمَّ الْجَوَائِحُ وَحَمْلُ الْعَاقِلَهْ (وَ) لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (تَعْلِيمِ غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا، أَيْ التَّغَنِّي وَالتَّطْرِيبُ بِالْأَهْوِيَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي عِلْمِ الْمُوسِيقَى. وَأَمَّا الْمَقْصُورُ فَهُوَ الْيَسَارُ، وَكَذَا عَلَى تَعْلِيمِ اسْتِعْمَالِ آلَاتِ الطَّرَبِ كَالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ، وَهَذَا مِنْ مَفْهُومِ بِلَا حَظْرٍ. الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا خِلَافَ فِي حُرْمَةِ أَجْرِ الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ وَلَا فِي حُرْمَةِ مَا يَأْخُذُهُ الْكَاهِنُ وَلَا يَحِلُّ مَا يَأْخُذُهُ الَّذِي يَكْتُبُ الْبَرَاءَةَ لِرَدِّ التَّلِيفَةِ لِأَنَّهُ مِنْ السِّحْرِ. وَسُئِلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَمَّنْ ذَهَبَتْ لَهُ حَوَائِجُ فَقَرَأَ فِي دَقِيقٍ وَجَعَلَ يُطْعِمُهُ أُنَاسًا اتَّهَمَهُمْ، وَمِنْهُمْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ فَقَالَتْ إنْ أَطْعَمْتُمُونِي أَمُوتُ فَأَطْعَمُوهَا مِنْهُ فَمَاتَتْ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ. وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ عَلَى حِلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ بِرُقْيَةٍ عَرَبِيَّةٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِرُقْيَةٍ عَجَمِيَّةٍ فَلَا يَجُوزُ، وَفِيهِ خِلَافٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَكَرَّرَ نَفْعُهُ جَازَ. (وَ) لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ) لِتَكْنُسَهُ لِحُرْمَةِ دُخُولِهَا فِيهِ وَمِثْلُهَا إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِكَنْسِ كَنِيسَةٍ أَوْ رَعْيِ خِنْزِيرٍ أَوْ لِعَمَلِ خَمْرٍ فَيُفْسَخُ وَيُؤَدَّبُ إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ، وَإِنْ نَزَلَ وَفَاتَ فَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّصَدُّقَ بِالْأُجْرَةِ (أَوْ) كِرَاءِ (دَارٍ) أَوْ أَرْضٍ (لِتُتَّخَذَ) بِضَمِّ التَّاءِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ (كَنِيسَةً) أَوْ بِيعَةً أَوْ بَيْتَ نَارٍ أَوْ لِيُبَاعَ فِيهَا الْخَمْرُ وَلِاجْتِمَاعِ الْمُفْسِدِينَ (أَوْ بَيْعِهَا) أَيْ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ (لِذَلِكَ) أَيْ اتِّخَاذِهَا كَنِيسَةً أَوْ نَحْوَهَا (وَإِنْ) نَزَلَ (تُصَدَّقُ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (بِالْكِرَاءِ) كُلِّهِ إنْ أُكْرِيَتْ (وَبِفَضْلِهِ) أَيْ زِيَادَةِ (الثَّمَنِ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ بَيْعًا جَائِزًا (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 498 وَلَا مُتَعَيِّنٍ: كَرَكْعَتِي الْفَجْرِ،   [منح الجليل] فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَارِهِ أَوْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ نَزَلَ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ وَبِفَضْلَةِ الْكِرَاءِ تُقَوَّمُ الدَّارَانِ، لَوْ بِيعَتْ أَوْ كُرِيَتْ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَيُعْلَمُ الزَّائِدُ فَيُتَصَدَّقُ بِهِ، لِأَنَّهُ ثَمَنُ مَا لَا يَحِلُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ فِي الْبَيْعِ وَبِالْجَمِيعِ فِي الْكِرَاءِ. ابْنُ يُونُسَ وَبِهَذَا أَقُولُ. (وَلَا) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ (مُتَعَيِّنٍ) أَيْ مَطْلُوبٍ مِنْ عَيْنِ الْأَجِيرِ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ (كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ) وَرَكْعَةِ الْوِتْرِ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ عَنْ مُسْتَأْجِرِهِ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ لِاجْتِمَاعِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِوَاحِدٍ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ مَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ. طفي فَلَيْسَ الْمُرَادُ كُلَّ مَنْدُوبٍ بَلْ مَا لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ. ابْنُ فَرْحُونٍ هَذَا حُكْمُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فَالْإِجَارَةُ عَلَيْهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ. وَفِي فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ قَوْله تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] قَالَ إنْ قَرَأَ وَأَهْدَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ أَجْرُهُ لِلْمَيِّتِ وَوَصَلَ إلَيْهِ نَفْعُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ دَخَلَ مَقْبَرَةً وَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَأَهْدَى ثَوَابَهَا لَهُمْ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْحَسَنَاتِ بِعَدَدِ مِنْ دُفِنَ فِيهَا» الْقَرَافِيُّ الْأَعْمَالُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يَصِلُ اتِّفَاقًا كَالْإِيمَانِ، وَقِسْمٌ يَصِلُ اتِّفَاقًا كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ، وَقِسْمٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصِلُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ يَصِلُ، ثُمَّ قَالَ فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ لَا يَتْرُكَهُ فَلَعَلَّ الْحَقَّ هُوَ الْوُصُولُ، فَإِنَّهُ مُغَيَّبٌ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ الَّذِي اعْتَادَ النَّاسُ يَنْبَغِي عَمَلُهُ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى. ابْنُ الْعَرَبِيِّ أُوصِيك بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى شِرَاءِ نَفْسِك مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ تَقُولَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْتِقُك وَيَعْتِقُ مَنْ تَقُولُهَا عَنْهُ مِنْ النَّارِ وَرَدَ بِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 499 بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ. وَعُيِّنَ: مُتَعَلِّمٌ، وَرَضِيعٌ، وَدَارٌ؛ وَحَانُوتٌ وَبِنَاءٌ عَلَى جِدَارٍ،   [منح الجليل] خَبَرٌ نَبَوِيٌّ. طفي فَكَلَامُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ يَدُلُّ عَلَى الْوُصُولِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ اسْتَمَرَّ الْعَمَلُ عَلَيْهَا شَرْقًا وَغَرْبًا، وَلَوْلَا قَوْلُهُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لَحُمِلَ قَوْلُهُ وَلَا مُتَعَيِّنٍ عَلَى خُصُوصِ الْوَاجِبِ، وَيَكُونُ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ فِيمَا يَلْزَمُ فِعْلُهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا لَا يَلْزَمُ فِعْلُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (بِخِلَافِ) الْعَمَلِ الْمَطْلُوبِ عَلَى سَبِيلِ (الْكِفَايَةِ) مِنْ الْبَعْضِ عَنْ غَيْرِهِ كَتَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ إلَّا الصَّلَاةَ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا لِتَعَيُّنِهَا بِصُورَتِهَا لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ التَّغْسِيلِ وَالتَّكْفِينِ وَالْحَمْلِ وَالدَّفْنِ. (وَعُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وُجُوبًا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ لِقِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ شَخْصٌ (مُتَعَلِّمٌ) تَخْفِيفًا لِلْغَرَرِ، لِاخْتِلَافِ التَّعْلِيمِ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً وَتَوَسُّطًا بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُتَعَلِّمِ بِالْحِذْقِ وَالْبَلَادَةِ وَالتَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا (و) عُيِّنَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْإِرْضَاعِ شَخْصٌ (رَضِيعٌ) لِاخْتِلَافِ إرْضَاعِهِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ بِاخْتِلَافِ قِلَّةِ رَضَاعِهِ وَكَثْرَتِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يَلْزَمُ تَعْيِينُ الرَّضِيعِ وَالْمُتَعَلِّمِ بِخِلَافِ غَنَمٍ وَنَحْوِهَا. اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ إجَارَةُ الظِّئْرِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ حَاضِرًا لِيَرَى، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُذْكَرَ سِنُّهُ، وَإِنْ جُرِّبَ رَضَاعَهُ لِيُعْلَمَ قُوَّةَ رَضَاعِهِ مِنْ ضَعْفِهِ كَانَ أَحْسَنَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا جَازَ لِتَقَارُبِ الرَّضَاعِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ رَضَاعِهِ، قَالَ فِي الظِّئْرِ تُسْتَأْجَرُ لِإِرْضَاعِ صَبِيَّيْنِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِآخَرَ مَكَانَ مَنْ مَاتَ لَمْ تَدْرِ هَلْ رَضَاعُهُ مِثْلُ مَنْ مَاتَ أَمْ لَا، لِاخْتِلَافِ الرَّضَاعِ. (وَ) عُيِّنَ (دَارٌ وَحَانُوتٌ) وَحَمَّامٌ وَفُنْدُقٌ وَنَحْوُهَا فِي كِرَائِهَا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا بِاخْتِلَافِهَا بِالسَّعَةِ وَالْعُلْوِ وَالسُّفْلِ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالْمَوْضِعِ، وَقُرْبِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَالشَّارِعِ وَبُعْدِهَا عَنْهُمَا وَالتَّوَسُّطِ وَالتَّطَرُّفِ وَغَيْرِهَا. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى دَارًا بِإِفْرِيقِيَّةَ وَهُوَ بِمِصْرَ جَازَ كَشِرَائِهَا، وَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِيهَا لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ. (وَ) عُيِّنَ أَيْ وُصِفَ (بِنَاءٌ) أُرِيدَ إنْشَاؤُهُ (عَلَى جِدَارٍ) مُكْتَرَى لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ لِاخْتِلَافِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 500 وَمَحْمَلٍ، إنْ لَمْ تُوصَفْ، وَدَابَّةٍ لِرُكُوبٍ، وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ، وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ   [منح الجليل] الْأَغْرَاضِ فِيهِ لِرَغْبَةِ رَبِّ الْجِدَارِ فِي خِفَّتِهِ وَالْمُكْتَرَى فِي مَتَانَتِهِ، وَمَفْهُومٌ عَلَى جِدَارٍ أَنَّهُ إنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ لِعَدَمِ تَضَرُّرِ الْأَرْضِ بِالثِّقَلِ. (وَ) عُيِّنَ (مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ بِسَعَتِهِ وَضِيقِهِ وَكِبَرِهِ وَصِغَرِهِ وَخِفَّتِهِ وَثِقَلِهِ (إنْ لَمْ يُوصَفْ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُتَعَلِّمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وُصِفَ وَصْفًا شَافِيًا أَغْنَى عَنْ تَعْيِينِهِ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ إلَّا الْوَصْفُ لِعَدَمِهِ حَالَ الْعَقْدِ. (وَ) عُيِّنَ (دَابَّةٌ) اُكْتُرِيَتْ لِلرُّكُوبِ (عَلَيْهَا) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا بِلِينِ ظَهْرِهَا وَيُبْسِهِ وَسُرْعَةِ سَيْرِهَا وَبُطْئِهِ وَسُهُولَةِ انْقِيَادِهَا وَصُعُوبَتِهِ (وَإِنْ ضُمِنَتْ) الدَّابَّةُ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي ذِمَّةِ مُكْرِيهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهَا بِشَخْصِهَا (فَ) يُعَيَّنُ (جِنْسٌ) لَهَا لُغَوِيٌّ مِنْ إبِلٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا (وَ) يُعَيَّنُ (نَوْعٌ) أَيْ صِنْفٌ لَهَا مِنْ عِرَابٍ أَوْ بُخْتٍ وَعَرَبِيَّةٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ أَوْ شَامِيَّةٍ وَحَضَرِيَّةٍ أَوْ بَدَوِيَّةٍ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ (وَ) تُعَيَّنُ (ذُكُورَةٌ) أَوْ أُنُوثَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِهِمَا. وَمَفْهُومٌ لِرُكُوبٍ أَنَّهَا إنْ أُكْرِيَتْ لِحَمْلٍ أَوْ سَقْيٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ دَرْسٍ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ الْغَرَضُ فِيهِ. فِيهَا كِرَاءُ الدَّوَابِّ عَلَى وَجْهَيْنِ دَابَّةٌ بِعَيْنِهَا أَوْ مَضْمُونَةٌ. وَفِي الْمَعُونَةِ الْمَرْكُوبُ الْمُعَيَّنُ لَا بُدَّ أَنْ يُعْرَفَ بِتَعْيِينٍ بِإِشَارَةٍ إلَيْهِ كَهَذِهِ الدَّابَّةِ وَالنَّاقَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ لِيُحِيطَ بِهَا الْمُكْتَرِي مَعْرِفَةً كَالْمُشْتَرِي. قَالَ وَالْمَضْمُونَةُ يُذْكَرُ جِنْسُهَا وَنَوْعُهَا وَالذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْمُتَيْطِيُّ. ابْنُ رُشْدٍ كِرَاءُ الرَّوَاحِلِ وَالدَّوَابِّ عَلَى وَجْهَيْنِ مُعَيَّنًا وَمَضْمُونًا فَالْمُعَيَّنُ يَجُوزُ بِالنَّقْدِ. وَإِلَى أَجَلٍ إذَا شَرَعَ فِي الرُّكُوبِ أَوْ كَانَ إلَى أَيَّامٍ قَلَائِلَ كَعَشَرَةٍ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، أَيْ إذَا نُقِدَ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الرَّاحِلَةُ حَاضِرَةً، فَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً فَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ فِي شِرَاءِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 501 وَلَيْسَ لِرَاعٍ: رَعْيُ أُخْرَى، إنْ لَمْ يَقْوَ، إلَّا بِمُشَارِكٍ، أَوْ تَقِلَّ   [منح الجليل] الْغَائِبِ وَإِنْ كَانَتْ الرَّاحِلَةُ مُعَيَّنَةً عَلَى أَنْ لَا يَرْكَبَهَا إلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَنَحْوَهَا، فَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعَيَّنُ يَنْفَسِخُ كِرَاؤُهُ بِمَوْتِهِ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُكْرِي أَنْ يُعْطِيَهُ دَابَّةً أُخْرَى بِعَيْنِهَا يَبْلُغُ عَلَيْهَا إلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ كِرَاءٌ مُبْتَدَأً وَإِنْ كَانَ قَدْ نَقَدَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ إلَى أَنْ يَكُونَ فِي مَفَازَةٍ فَيَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ، فَيَجُوزُ مُطْلَقًا لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ عِنْدَهُ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ. عِيَاضٌ الرَّاحِلَةُ هِيَ النَّاقَةُ الْمُعَدَّةُ لِلرُّكُوبِ الْمُذَلَّلَةُ لَهُ، وَتُسْتَعْمَلُ فِي ذُكُورِ الْإِبِلِ وَإِنَاثِهَا وَأَصْلُهَا مِنْ الرَّحْلِ الْمَوْضُوعُ عَلَيْهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلِهِ أَوْ حَمْلِهِ أَوْ رِعَايَتِهِ فَلَا يَصْلُحُ شَرْطٌ أَنَّهُ بِعَيْنِهِ لَا غَيْرِهِ، فَيَصِيرُ رَبُّ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا، وَالْإِتْيَانُ بِغَيْرِهَا قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ. وَإِنْ هَلَكَتْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهَا وَلَوْ أَرَاهُ عَيْنَ الْعَقْدِ مَا يَعْمَلُهُ أَوْ يَحْمِلُهُ أَوْ يَرْعَاهُ فَذَلِكَ كَالصِّفَةِ لِمَا يُعْمَلُ أَوْ يُحْمَلُ أَوْ يُرْعَى، فَإِنْ شَرَطَهُ بِعَيْنِهِ لَا يَعْدُوهُ فَلَا يَجُوزُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ بِتَعْيِينِهَا وَفِي الذِّمَّةِ بِتَبْيِينِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ لَا بِتَعْيِينِ الرَّاكِبِ وَإِنْ عُيِّنَ فَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ. ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا كِرَاءُ الدَّابَّةِ الْمَضْمُونَةِ وَالرَّاحِلَةِ الْمَضْمُونَةِ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ اكْتَرَى مِنْك دَابَّةً أَوْ رَاحِلَةً فَيَجُوزُ بِالنَّقْدِ، وَإِلَى أَجَلٍ إذَا شَرَعَ فِي الرُّكُوبِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ وَاكْتَرَى كِرَاءً مَضْمُونًا إلَى أَجَلٍ كَالْمُكْتَرِي لِلْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأَجْرِ كَالسَّلَمِ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا خَفَّفَ أَنْ يُعَرْبِنَ الدِّينَارَ لِأَنَّ الْأَكْرِيَاءَ قَطَعُوا بِالنَّاسِ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ الْمَضْمُونُ بِمَوْتِ الدَّابَّةِ إلَّا أَنَّ الْمُكْرِيَ إذَا قَدَّمَ لِلْمُكْتَرِي دَابَّةً فَرَكِبَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْدِلَهَا تَحْتَهُ إلَّا بِرِضَاهُ. (وَلَيْسَ لِرَاعٍ) اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِ مَاشِيَةٍ (رَعْيُ) مَاشِيَةٍ (أُخْرَى) مَعَهَا (إنْ لَمْ يَقْوَ) عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى مَعَ الْأُولَى بِحَيْثُ لَا يَأْتِي بِمَا يَلْزَمُهُ فِي رَعْيِ الْأُولَى (إلَّا بِ) شَخْصٍ (مُشَارِكٍ) لَهُ فِي الرَّعْيِ بِحَيْثُ يَقْوَى بِهِ عَلَى رَعْيِ الْأُولَى وَالْقِيَامِ بِمَا يَلْزَمُهُ فِي رَعْيِهَا مَعَ الثَّانِيَةِ (أَوْ تَقِلُّ) الْمَاشِيَةُ الْأُولَى بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى رَعْيِ غَيْرِهَا مَعَهَا مِنْ غَيْرِ إخْلَالٍ بِشَيْءٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 502 وَلَمْ يُشْتَرَطْ خِلَافُهُ، وَإِلَّا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجَرِهِ: كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ: آجَرَ نَفْسَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَعْيُ الْوَلَدِ، إلَّا لِعُرْفٍ،   [منح الجليل] مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي رَعْيِهِمَا، فَيَجُوزُ لَهُ رَعْيُ غَيْرِهَا مَعَهَا (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ عَلَيْهِ فِي إجَارَتِهِ لِرَعْيِ الْأُولَى (خِلَافُهُ) أَيْ عَدَمُ رَعْيِ غَيْرِهَا مَعَهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ فِي إجَارَتِهِ لِرَعْيِ الْأُولَى أَنْ لَا يَرْعَى غَيْرَهَا مَعَهَا فَخَالَفَ وَرَعَى غَيْرَهَا مَعَهَا بِأُجْرَةٍ (فَأَجْرُهُ) لِرَعْيِ غَيْرِهَا مُسْتَحَقٌّ (لِمُسْتَأْجِرِهِ) عَلَى رَعْيِ الْأُولَى لِمِلْكِهِ جَمِيعَ رَعْيِهِ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أُجْرَةَ الْأَجِيرِ عَلَى الْعَمَلِ الثَّانِي فَقَالَ (ك) أَجْرِ (أَجِيرٍ) اُسْتُؤْجِرَ (لِخِدْمَةٍ) فَأَجَّرَ نَفْسَهُ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ فَأَجْرُهُ الثَّانِي مُسْتَحَقٌّ لِمُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ كَثِيرَةٍ لَا يَقْوَى عَلَى رَعْيِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ رَاعِيًا يَقْوَى بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَنَمًا يَسِيرَةً فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ رَبُّهَا أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا، فَإِنْ رَعَى الرَّاعِي مَعَهَا غَيْرَهَا بَعْدَ هَذَا الشَّرْطِ فَالْأَجْرُ لِرَبِّ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ أَجِيرُك لِلْخِدْمَةِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِك يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَلَكَ أَخْذُ الْأَجْرِ أَوْ تَرْكُهُ وَإِسْقَاطُ حِصَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأَجْرِ عَنْك. ابْنُ يُونُسَ إنْ أَجَرَ نَفْسَهُ فَمَا يُشَابِهُ مَا آجَرْته فِيهِ أَوْ يُقَارِبُهُ. وَأَمَّا إنْ آجَرْته عَلَى الرِّعَايَةِ شَهْرًا بِدِينَارٍ فَأَجَرَ نَفْسَهُ فِي الْحَصَادِ أَوْ آجَرْته يَخْدُمُك فِي الْغَزْوِ فَقَاتَلَ وَأَسْهَمَ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَهَذَا وَشِبْهُهُ لَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا إسْقَاطُ حِصَّةِ مَا عُطِّلَ مِنْ عَمَلِك مِنْ الْأَجْرِ. (وَلَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الرَّاعِي (رَعْيُ) جِنْسِ (الْوَلَدِ) الَّذِي وَلَدَتْهُ الْمَاشِيَةُ الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِهَا (إلَّا لِعَرْفٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ بَيْنَهُمْ بِرَعْيِهِ الْوَلَدَ فَيَلْزَمُهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا وَشَرَطَ رَبُّهَا أَنَّ مَا مَاتَ مِنْهَا أَخْلَفَهُ فَتَوَلُّدُ الْغَنَمِ حَمْلًا فِي رِعَايَةِ الْوَلَدِ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سَنَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ رِعَايَتُهَا. ابْنُ اللَّبَّادِ وَعَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ بِرَاعٍ يَرْعَى مَعَهُ لِلتَّفْرِقَةِ. أَبُو الْحَسَنِ رَاعَى التَّفْرِقَةَ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ عَرَفَةَ مَعْنَاهُ أَنَّ التَّفْرِيقَ تَعْذِيبٌ لَهَا فَهُوَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 503 وَعَمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ وَنَقْشِ الرَّحَى، وَآلَةِ بِنَاءٍ، وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّهِ: عَكْسُ إكَافٍ، وَشِبْهِهِ   [منح الجليل] تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَلِتَضَرُّرِ الرَّاعِي بِنُدُودِ الْأُمَّهَاتِ إلَى أَوْلَادِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَعُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْعُرْفِ (فِي الْخَيْطِ) الَّذِي يُخَاطُ بِهِ الثَّوْبُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى خِيَاطَتِهِ فِي كَوْنِهِ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ أَوْ الْخَيَّاطِ (وَنَقْشِ الرَّحَى) الْمُكْتَرَاةِ لِلطَّحْنِ بِهَا فِي كَوْنِهِ عَلَى مُكْرِيهَا أَوْ مُكْتَرِيهَا (وَ) فِي (آلَةِ بِنَاءٍ) فِي كَوْنِهَا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ (فَعَلَى رَبِّهِ) أَيْ الْمَصْنُوعِ مِنْ ثَوْبٍ وَرَحَى وَبَيْتٍ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَجَّرْته عَلَى بِنَاءِ دَارٍ فَالْأَدَاةُ وَالْفُؤُوسُ وَالْقِفَافُ وَالدِّلَاءُ عَلَى مَنْ تَعَارَفْ النَّاسُ أَنَّهُ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ حَثَيَانُ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ وَنَقْشُ الرَّحَى وَشِبْهُهُ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سَنَةٌ فَآلَةُ الْبِنَاءِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَنَقْشُ الرَّحَى عَلَى رَبِّهِ. ابْنُ شَاسٍ اسْتِئْجَارُ الْخَيَّاطِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْخَيْطَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ كَقَوْلِهَا فِي آلَةِ الْبِنَاءِ وَعُرْفُنَا فِي الْأَجِيرِ أَنْ لَا خَيْطَ عَلَيْهِ. وَفِي الصَّانِعِ الْخَيْطُ عَلَيْهِ. ابْنُ الْعَطَّارِ نَقْشُ الرَّحَى عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ عُرْفًا، فَإِنْ عُدِمَ الْعُرْفُ فَعَلَى رَبِّهَا. ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عُرْفُنَا عَلَى الْمُكْتَرِي وَذَلِكَ (عَكْسُ) أَيْ خِلَافُ حُكْمِ (إكَافٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَخِفَّةِ الْكَافِ أَيْ رَحْلٌ (وَشِبْهُهُ) أَيْ الْإِكَافِ كَبَرْذَعَةٍ وَسَرْجٍ وَحِزَامٍ فَهُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ عَلَى الْمُكْتَرَى حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَقَرَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ. وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ، وَبِهِ قَرَّرَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ تت. ابْنُ شَاسٍ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ تَسْلِيمُ مَا الْعَادَةُ تَسْلِيمُهُ مَعَهَا مِنْ إكَافٍ وَبَرْذَعَةٍ وَحِزَامٍ وَسَرْجٍ فِي الْفَرَسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُعْتَادٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرِكَةِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي إعَانَةِ الرَّاكِبِ فِي النُّزُولِ وَالرُّكُوبِ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ، وَكَذَا رَقْعُ الْحَمْلِ وَالْمَحْمِلِ " غ " قَوْلُهُ عَكْسُ إكَافٍ وَشِبْهُهُ، أَيْ فَإِنْ كَانَ فِيهِ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ، فَالْعَكْسُ حَيْثُ لَا عُرْفَ وَلَوْ كَانَ حَيْثُ لَا عُرْفَ عَلَى الْمُكْتَرِي كَمَا فَهِمَ الشَّارِحُ لَكَانَ مُسَاوِيًا لِمَا قَبْلَهُ لَا مُخَالِفًا لَهُ، فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ظَهَرَ مِنْهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَلَ عَنْ طَرِيقَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 504 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَعَوَّلَ عَلَى مَا أُقِيمَ مِنْ قَوْلِهَا فِي كِتَابِ الرَّوَاحِلِ وَالدَّوَابِّ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ إبِلًا عَلَى أَنَّ عَلَيْك رُحْلَتَهَا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ رُحْلَتُهَا مَعْنَاهُ حَلُّهَا وَرَبْطُهَا وَالْقِيَامُ بِهَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ لَوْلَا الشَّرْطُ لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْإِبِلِ، بَلْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ وَارْتَضَاهُ الْمُصَنِّفُ وَجَعَلَهُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَعَلَى مُكْرِي الدَّابَّةِ الْبَرْذَعَةُ وَشِبْهُهَا وَالْإِعَانَةُ فِي الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ وَرَفْعِ الْأَحْمَالِ وَحَطُّهَا بِالْعُرْفِ، إذْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِالْعُرْفِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمُكْتَرِي وَانْظُرْ هَلْ يَتَنَاوَلُ اسْمُ الرِّحْلَةِ رَفْعَ الْأَحْمَالِ وَحَطَّهَا أَبْيَنَ مِنْ تَنَاوُلِهِ الْإِكَافَ وَشِبْهَهُ، أَمْ هُمَا سَوَاءٌ، وَقَدْ فَسَّرَ أَبُو الْحَسَنِ الرُّحْلَةَ بِحَلِّ الْإِبِلِ وَرَبْطِهَا وَالْقِيَامِ بِهَا، وَزَادَ هُوَ وَابْنُ عَرَفَةَ إقَامَةً أُخْرَى مِنْ قَوْلِهَا وَإِذَا اكْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ إبِلُهُ ثُمَّ هَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا فِي يَدَيْك فَأَنْفَقْت عَلَيْهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَيْت مَنْ يُرَحِّلُهَا رَجَعْت بِكِرَائِهِ، وَتَأَوَّلَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بِكَوْنِ الْعَادَةِ أَنَّ رَبَّ الْإِبِلِ هُوَ الَّذِي يُرَحِّلُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَظْهَرُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَلْزَمَ الْمُكْرِيَ الْبَرْذَعَةُ وَالسَّرْجُ وَنَحْوُهُمَا لَا مُؤْنَةُ الْحَطِّ وَالْحَمْلِ، لِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اكْتَرَى مَنْزِلًا فِيهِ عُلْوٌ بِلَا سُلَّمٍ فَقَالَ لِرَبِّهِ اجْعَلْ لِي سُلَّمًا فَتَوَانَى وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُكْتَرِي حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ أَنَّهُ يَطْرَحُ عَنْهُ مَنَابَ الْعُلْوِ هُوَ بِجَعْلِ السُّلَّمِ لَهُ وَالْكِرَاءُ فِي هَذَا، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَسُلَّمُ الْعُلْوِ كَالْبَرْذَعَةِ وَالسَّرْجِ وَنَحْوِهِمَا. طفي نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَعَلَى مُكْرِي الدَّابَّةِ الْبَرْذَعَةُ وَشِبْهُهَا إلَخْ. فَإِنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُرْفٌ فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مُقْتَضَى اللَّفْظِ. وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَرْذَعَةَ وَالْأَحْبَالَ لَا يَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ، وَكَذَلِكَ الْإِعَانَةُ فِي الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ وَرَفْعِ الْأَحْمَالِ وَحَطُّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا تَلْزَمُ الْجَمَّالَ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ مَا فِيهَا خِلَافُ هَذَا إلَّا أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الشُّرُوطَ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا انْتِفَاءُ الْمَشْرُوطِ لِانْتِفَائِهَا غَالِبًا قَدْ يُؤْتَى بِهَا لِرَفْعِ التَّوَهُّمِ وَالنِّزَاعِ، وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ شُرُوطِ الْمُوَثِّقِينَ، فَلَا يَدُلُّ انْتِفَاؤُهَا عَلَى انْتِفَاءِ مَشْرُوطِهَا، وَتَأْتِي عَلَيْهِ الْمُخَالَفَةُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْإِعَانَةُ فِي الرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ وَرَفْعِ الْأَحْمَالِ وَحَطِّهَا نَحْوُ قَوْلِهَا رُحْلَتُهَا، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 505 وَفِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ، وَالْمَعَالِيقِ، وَالزَّامِلَةِ،   [منح الجليل] عَلَى الْإِكَافِ وَشِبْهِهِ فَلَيْسَ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهَا الرُّحْلَةَ أَنَّ الْبَرْذَعَةَ وَشِبْهَهَا كَذَلِكَ، لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْأَظْهَرُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنْ يَلْزَمَ الْمُكْرِيَ الْبَرْذَعَةُ وَالسَّرْجُ وَنَحْوُهُمَا لَا مُؤْنَةَ، الْحَطُّ وَالْحَمْلُ. وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى مَا ذُكِرَ وَلَمْ يَزِدْ مَا زَادَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِهَذَا فَهُوَ سَالِمٌ مِنْهُ، فَنَقْلُ تت تَبَعًا لِلشَّارِحِ الْإِيرَادَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَنَازَعَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ الْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا هَذَا اللَّفْظُ أَمْكَنَ رَدُّهُ بِمَا قَالَ إمَّا مَعَ قَوْلِهَا إنْ أَكْرَيْت إبِلًا فَهَرَبَ الْجَمَّالُ وَتَرَكَهَا فِي يَدِك فَأَنْفَقْت عَلَيْهَا فَلَكَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ أَكْرَيْت مَنْ يُرَحِّلُهَا رَجَعْت بِكِرَائِهِ. اهـ. لَكِنْ قَيَّدَهَا التُّونُسِيُّ بِقَوْلِهِ يُرِيدُ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمُكْرِيَ يُرَحِّلُهَا فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِابْنِ عَرَفَةَ. وَقَدْ قَيَّدَهُ التُّونُسِيُّ فَكَأَنَّهُ وَقَفَ مَعَ ظَاهِرِ لَفْظِهَا وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ تت. وَبِمَفْهُومِهِ قَرَّرَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، زَادَ فِي كَبِيرِهِ وَيَتِمُّ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ فَإِنَّهُ قَالَ يُرِيدُ بِالْعَكْسِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ، وَهُوَ مَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ نَصَّهَا الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُخَالِفٌ لَهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا لَمْ تَتَكَلَّمْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. فَفِي عَزْوِ الشَّارِحِ لَهَا ذَلِكَ نَظَرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) عُمِلَ بِالْعُرْفِ (فِي) أَحْوَالِ (السَّيْرِ) مِنْ كَوْنِهِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَكَوْنِهِ سَرِيعًا أَوْ بَطِيئًا أَوْ بَيْنَهُمَا (وَ) فِي أَحْوَالِ (الْمَنَازِلِ) أَيْ مَوَاضِعِ النُّزُولِ لِلْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ وَمِقْدَارِ الْإِقَامَةِ بِهَا. ابْنُ شَاسٍ كَيْفِيَّةُ السَّيْرِ وَتَفْصِيلُهُ وَقَدْرُ الْمَنَازِلِ وَمَحَلُّ النُّزُولِ فِي مَعْمُورٍ أَوْ صَحْرَاءَ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ. (وَ) فِي أَحْوَالِ (الْمَعَالِيقِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّهَا، أَيْ الْأَدَوَاتُ الَّتِي تُعَلَّقُ عَلَى الدَّابَّةِ لِلسَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ وَالْمَاءِ وَنَحْوِهَا. ابْنُ شَاسٍ يَصِفُ الْمَحْمِلَ بِالسَّعَةِ أَوْ الضِّيقِ وَيُعْرَفُ تَفَاصِيلُ الْمَعَالِيقِ، فَإِنْ أَطْلَقَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ مَعْلُومًا بِالْعَادَةِ صَحَّ الْعَقْدُ. (وَ) فِي أَحْوَالِ (الزَّامِلَةِ) بِالزَّايِ أَيْ الْخُرْجِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجْمَعُ فِيهِ الْمُسَافِرُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 506 وَوِطَائِهِ بِمَحْمَلٍ، وَبَدَلُ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ، وَتَوْقِيرُهُ: كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ قَائِلَةٌ، وَهُوَ أَمِيرٌ، فَلَا ضَمَانَ   [منح الجليل] فِي كَوْنِهَا عَلَى الْمُكْرِي أَوْ الْمُكْتَرِي وَكَوْنِهِ كَبِيرًا وَصَغِيرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا (وَ) فِي أَحْوَالِ (وِطَائِهِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَوْ فُرُشِ الرَّاكِبِ (بِمَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، أَوْ عَلَى حَوِيَّةٍ أَوْ قَتْبٍ، وَكَذَا غِطَاؤُهُ. فِيهَا إنْ اكْتَرَى مَحْمِلًا لِمَكَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْ وِطَاءَهُ أَوْ زَامِلَةً وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُحْمَلُ فِيهَا مِنْ أَرْطَالٍ جَازَ، وَحَمْلًا عَلَى فِعْلِ النَّاسِ فِيهِمَا لِأَنَّ الزَّوَامِلَ عُرِفَتْ عِنْدَهُمْ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ الْمَعَالِيقَ وَكُلَّ مَا عَرَفَهُ النَّاسُ مِنْ الْأَمْرِ اللَّازِمِ لِلْمُكْتَرِي. عِيَاضٌ الزَّامِلَةُ مَا يُحْمَلُ فِيهِ مِثْلُ الْإِخْرَاجِ وَشِبْهِهَا وَتُشَدُّ عَلَى الدَّوَابِّ وَالرَّوَاحِلِ. (وَ) فِي (بَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) مَعَ الرَّاكِبِ إذَا نَقَصَ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ فَنِيَ فِيهَا إنْ نَقَصَتْ زَامِلَةُ الْحَاجِّ أَوْ نَفِدَتْ وَأَرَادَ إتْمَامَهَا وَأَبَاهُ الْجَمَّالُ حَمْلًا عَلَى عُرْفِ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ فَعَلَيْهِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ (وَ) فِي (تَوْفِيرِهِ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ بِعَدَمِ الْأَكْلِ مِنْهُ سَحْنُونٌ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً عَلَى حَمْلٍ فِيهِ خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ فَأَصَابَهُ مَطَرٌ فِي الطَّرِيقِ فَزَادَ وَزْنُهُ فَامْتَنَعَ الْجَمَّالُ مِنْ حَمْلِ الزِّيَادَةِ. وَقَالَ الْمُكْتَرِي هُوَ الْمَتَاعُ بِعَيْنِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمَّالَ حَمْلُ الزِّيَادَةِ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا يُلْزِمُ حَمْلُ وَلَدِ الْمَرْأَةِ مَعَهَا حَمْلَ زِيَادَةِ الْبَلَلِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ سَوَاءٌ كَانَ عُرْفٌ أَمْ لَا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهَا فِي زَامِلَةِ الْحَاجِّ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ. وَشُبِّهَ فِي الْعَمَلِ بِالْعُرْفِ فَقَالَ (كَنَزْعِ) أَيْ خَلْعِ (الطَّيْلَسَانِ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَكَسْرِهَا بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، أَيْ الشَّالُ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ لِاتِّقَاءِ الْبَرْدِ الْمُسْتَأْجَرُ لِذَلِكَ، وَصِلَةُ نَزَعَ (قَائِلَةٌ) بِالْهَمْزِ، أَيْ وَسَطَ النَّهَارِ وَشِدَّةِ الْحُرِّ وَأُولَى لَيْلًا. ابْنُ رُشْدٍ إنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ نَزَعَهُ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي اُعْتِيدَ نَزْعُهُ فِيهَا كَلَيْلٍ، وَقَائِلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا صَوَابٌ، كَقَوْلِهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِخِدْمَتِهِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى عُرْفِ النَّاسِ مِنْ خِدْمَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي اللُّبْسِ لَزِمَ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامِ لُبْسِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُسْتَوْلِي عَلَى شَيْءٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُؤَجِّرًا (أَمِينٌ) عَلَى مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ: (فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ لِمَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 507 وَلَوْ شَرَطَ إثْبَاتَهُ، إنْ لَمْ يَأْتِ بِسَمْتِ الْمَيِّتِ، أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ، أَوْ طَعَامٍ بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ، وَلَمْ يَتَعَدَّ. أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ. وَلَمْ يُغْرَ بِفِعْلٍ:   [منح الجليل] ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ وَلَوْ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ أَنَّ الْأَكْرِيَاءَ وَالْأُجَرَاءَ فِيمَا أُسْلِمَ إلَيْهِمْ كَوْنُهُمْ أُمَنَاءَ عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُونَهُ إلَّا الصُّنَّاعَ وَالْأَكْرِيَاءَ عَلَى حَمْلِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْإِدَامِ خَاصَّةً لِتَسَارُعِ الْأَيْدِي لَهَا، فَضَمِنُوا فِي صَلَاحِ الْعَامَّةِ كَالصُّنَّاعِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِمْ، أَوْ يَكُونَ مَعَهُ أَرْبَابُهُ لَمْ يُسَلِّمُوهُ إلَيْهِمْ فَلَا يَضْمَنُونَ، سَوَاءٌ حَمَلُوهُ عَلَى سَفِينَةٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ رَجُلٍ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ضَمَانَهُ، بَلْ (وَلَوْ شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (إثْبَاتُهُ) أَيْ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْلِي عَلَى شَيْءٍ بِإِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الْمُسْتَوْلِي (بِسِمَةٍ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ عَلَامَةِ الْحَيَوَانِ (الْمَيِّتِ) أَيْ الَّذِي يُدَّعَى مَوْتُهُ، فَشَرْطُهُ لَغْوٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهَا. فِي الْمَوَّازِيَّةِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ شَرَطَ الْحَمَّالُونَ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِي الطَّعَامِ أَنَّ عَلَيْهِمْ ضَمَانَ الْعُرُوضِ وَمَا لَا يُضْمَنُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ ضَمَانَ الْعُرُوضِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا أَنْ يُخَالِفُوا فِي شَرْطٍ يَجُوزُ وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ الْمُكْتَرِي مُصَدَّقٌ فِيمَا ادَّعَى إبَاقَهُ مِنْ الْعَبِيدِ وَتَلَفَهُ مِنْ الدَّوَابِّ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا ضَمَانَ عَلَى الرُّعَاةِ إلَّا فِيمَا تَعَدَّوْا فِيهِ أَوْ فَرَّطُوا فِي جَمِيعِ مَا رَعَوْا مِنْ الْغَنَمِ وَالدَّوَابِّ لِنَاسٍ شَتَّى أَوْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَإِذَا شَرَطَ عَلَى الرَّاعِي الضَّمَانَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَلَا يَضْمَنُ مَا يَهْلِكُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطُوا عَلَى الرَّاعِي إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ مَا يَمُوتُ مِنْهَا يَضْمَنُ فَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا. (أَوْ عَثَرَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ الْحَمَّالُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ دَابَّتِهِ (بِدُهْنٍ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ سَمْنٌ مَائِعٌ أَوْ زَيْتٌ (أَوْ) بِ (طَعَامٍ) مُسْتَأْجَرٍ عَلَى حَمْلِهِ فَتَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ (أَوْ) عَثَرَ (بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَبْتَعِدْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي سَيْرِهِ وَلَا فِي سَوْقِ دَابَّتِهِ (أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ) الْمَرْبُوطُ بِهِ الْحِمْلُ أَوْ الْحَامِلُ بِهِ عَلَى ظَهْرِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَغُرَّ) الجزء: 7 ¦ الصفحة: 508 كَحَارِسٍ. وَلَوْ حَمَّامِيًّا.   [منح الجليل] بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ (بِفِعْلٍ) فَإِنْ غَرَّ بِفِعْلٍ كَرَبْطٍ بِحَبْلٍ رَثٍّ وَمَشْيٍ بِزَلِقِ وَتَشْدِيدٍ فِي سَوْقِ دَابَّةٍ فَتَلِفَ فَيَضْمَنُهُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ الْمُكْرِي فِي كُلِّ عَرْضٍ إنَّهُ هَلَكَ أَوْ سُرِقَ أَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَتْ الْقَوَارِيرُ فَذَهَبَ الدُّهْنُ صُدِّقَ لَا أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ أَوْ يَذْكُرَ أَنَّ ذَهَابَهُ كَانَ عَلَى صِفَةٍ أَتَى فِيهَا بِمَا لَا يُشْبِهُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اسْتَأْجَرْته يَحْمِلُ لَك عَلَى دَابَّةٍ دُهْنًا أَوْ طَعَامًا إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَعَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَتْ الْقَوَارِيرُ فَذَهَبَ الدُّهْنُ أَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ وَانْقَطَعَتْ الْحِبَالُ، فَسَقَطَ الْمَتَاعُ فَفَسَدَ، فَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِي قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا إلَّا أَنْ يَغُرَّ بِعِثَارٍ أَوْ ضَعْفِ الْأَحْبُلِ عَنْ حَمْلِ ذَلِكَ، فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ عَيْبٍ دَلَّسَهُ الْمُكْرِي ضَمِنَهُ فِيهَا مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً أَوْ ثَوْرًا لِلطَّحْنِ فَرَبَطَهُ فِي الْمِطْحَنَةِ فَكَسَرَهَا أَوْ أَفْسَدَ آلَتَهَا فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ مُكْرِيه إلَّا أَنْ يَغُرَّ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ مِنْهُ، كَقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَكْرَى دَابَّتَهُ عَالِمًا أَنَّهَا عُثُورٌ وَلَمْ يُعْلِمْ الْمُكْتَرِيَ بِهِ فَعَثَرَتْ فَانْكَسَرَ مَا عَلَيْهَا فَهُوَ ضَامِنٌ. ابْنُ عَرَفَةَ أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَسْأَلَةِ كَسْرِ الثَّوْرِ التَّضْمِينَ بِالْغُرُورِ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ يُرَدُّ بِأَنَّ إيجَابَهُ لُزُومُ الْعَقْدِ يُصَيِّرُهُ كَالْفِعْلِ، فَالْقَوْلُ إنْ تَضَمَّنَ عَقْدًا كَانَ غُرُورًا بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ (كَحَارِسٍ) فَلَا يَضْمَنُ مَا سُرِقَ إنْ لَمْ يَكُنْ حَمَّامِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (حَمَّامِيًّا) بِشَدِّ الْمِيمِ الْأُولَى فَلَا يَضْمَنُ مَا يُسْرَقُ مِنْ ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ وَلَوْ أَخَذَ أُجْرَةً وَنَكَّرَ حَرَسًا لِيَشْمَلَ الْحُرَّاسَ لِكَرْمٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ دُورٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يَحْرُسُهُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ خِيَانَتُهُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ. ابْنُ الْحَاجِبِ أَجِيرُ الْحِرَاسَةِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ جَلَسَ يَحْفَظُ ثِيَابَ مَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَضْمَنُهُ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَالِكٌ مِنْ اُسْتُؤْجِرَ يَحْرُسُ بَيْتًا فَنَامَ فَسَرَقَ مَا فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ وَلَهُ جَمِيعُ الْأَجْرِ وَكَذَا حَارِسُ النَّخْلِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَضْمَنُ جَمِيعُ الْحُرَّاسِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّوْا كَانَ مَا يَحْرُسُونَهُ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ يُعْطَى مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 509 وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ: كَسِمْسَارٍ. إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ.   [منح الجليل] فَيَضِيعَ أَوْ يَضِيعَ ثَمَنُهُ إلَّا أَنَّ هَذَا لَا أَجْرَ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. (وَ) لَا ضَمَانَ عَلَى (أَجِيرٍ لِصَانِعٍ) كَخَيَّاطٍ وَحَيَّاكٍ وَصَائِغٍ وَصَبَّاغٍ وَقَصَّارٍ. فِيهَا يَضْمَنُ الْقَصَّارُ مَا أَفْسَدَهُ أَجِيرُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ. الْبِسَاطِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ أَشْهَبَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ كَثُرَتْ الثِّيَابُ عِنْدَ الْغَسَّالِ فَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَبْعَثُهُ بِهَا إلَى الْبَحْرِ فَيَدَّعِي تَلَفَهَا فَيَضْمَنُهَا (وَ) لَا ضَمَانَ عَلَى (سِمْسَارٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ دَلَّالٍ طَوَّافٍ فِي الْأَسْوَاقِ بِالسِّلَعِ أَوْ يُنَادِي عَلَيْهَا لِلْمُزَايَدَةِ إنْ (ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَيْرُهُ فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا، وَمُقَابِلُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ ضَمَانُ السِّمْسَارِ وَلَوْ ظَهَرَ خَيْرُهُ وَالْقَوْلَانِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي تَضْمِينِهِ. وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِتَضْمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ، وَنَصُّهُ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْسَانِ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ تَضْمِينُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ اهـ. طفي وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت وَجَدْت ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَسْتَظْهِرْ قَوْلًا مِنْ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَنَّ فَتْوَاهُ مُخَالِفَةٌ لَهُمَا، فَفِي تَعْبِيرِهِ بِالْأَظْهَرِ نَظَرٌ. وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ فَتْوَاهُ قَوْلًا ثَالِثًا فَقَالَ فَفِي ضَمَانِهِ مَا دُفِعَ إلَيْهِ لِيَبِيعَهُ أَوْ مَا طَلَبَهُ مِنْ رَبِّهِ لِمُشْتَرٍ أَمَرَهُ بِشِرَائِهِ. ثَالِثُهَا مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا لِنَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ عَاتٍ عَنْ حَمْدِيسٍ عَنْ بَعْضِ أَقْوَالِهِ، وَلَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى عَدَمِ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا لَأَجَادَ. عِيَاضٌ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي السَّمَاسِرَةِ وَالْمَأْمُورِينَ وَالْوُكَلَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ، لِأَنَّهُمْ أُمَنَاءُ وَلَيْسُوا بِصُنَّاعٍ سَوَاءٌ كَانُوا بِحَوَانِيتَ أَمْ لَا، كَذَا جَاءَ فِي أُمَّهَاتِنَا وَأَجْوِبَةِ شُيُوخِنَا. اهـ. وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ بِجَلْبِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ الدَّالِّ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْتَمِدَ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَتْرُكَهُ وَيَعْتَمِدَ فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لِذَلِكَ وَإِنْ نَصَبَ نَفْسَهُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَالصَّانِعِ، وَأَظُنُّ أَنِّي وَقَفْت عَلَى هَذَا لِبَعْضِهِمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 510 وَنُوتِيٍّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ. لَا إنْ خَالَفَ مَرْعَى شَرْطٍ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ. أَوْ غُرَّ بِفِعْلٍ. فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ.   [منح الجليل] فِي الْجَلِيسِ وَهُوَ مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ فِي حَانُوتٍ لِشِرَاءِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهُ. عِيَاضٌ وَهُمْ كَثِيرٌ فِي الْبَلَدِ يَنْتَصِبُونَ لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا ضَمَانَ عَلَى (نُوتِيٍّ) بِضَمِّ النُّونِ، أَيْ خَادِمِ سَفِينَةٍ (غَرِقَتْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ) لَهُ فِيهَا وَأَوْلَى بِغَيْرِ فِعْلٍ، كَهَيَجَانِ رِيحٍ أَوْ اخْتِلَافِهِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ صَرْفِهَا لِمَا تُرْجَى سَلَامَتُهَا مَعَهُ. فِيهَا إذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ مِنْ مَدِّ النَّوَاتِيَّةِ الشِّرَاعَ فَقَالَ إنْ صَنَعُوا مَا يَجُوزُ لَهُمْ مِنْ الْمَدِّ وَالْعَمَلِ فِيهَا فَلَا يَضْمَنُونَ، وَإِنْ تَعَدَّوْا فَأَخْرَقُوا فِي مَدٍّ أَوْ عِلَاجٍ فَيَضْمَنُونَ مَا هَلَكَ فِيهَا مِنْ النَّاسِ وَالْحُمُولَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ فِي أَمْوَالِهِمْ. وَقِيلَ إنَّ الدِّيَاتِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ (لَا) يَنْتَفِي الضَّمَانُ عَنْ الرَّاعِي (إنْ خَالَفَ) الرَّاعِي (مَرْعًى شُرِطَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى فِيهِ مَكَانًا أَوْ زَمَانًا كَلَا تَرْعَ فِي مَكَانِ كَذَا خَوْفَ وُحُوشِهِ أَوْ لُصُوصِهِ أَوْ ضَرَرِ عُشْبِهِ، كَرَعْيِ الْغَنَمِ فِي إثْرِ الْجَامُوسِ لِحُصُولِ الْغِشِّ، وَهُوَ فَسَادُ الْجَوْفِ لَهَا بِذَلِكَ، أَوْ لَا تَرْعَ أَيَّامَ الْخَرِيفِ أَوْ الْأَرْبَعَانِيَّة بِمِصْرَ قَبْلَ ارْتِفَاعِ النَّدَى عَنْ النَّبَاتِ. فِيهَا إنْ شُرِطَ رَعْيُهُ فِي مَوْضِعٍ فَرَعَى فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ يَوْمَ تَعَدِّيهِ وَلَهُ أَجْرُ رَعْيِهِ إلَيْهِ. (أَوْ أَنْزَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ وَإِعْجَامِ الزَّايِ أَيْ حَمَلَ الرَّاعِي الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى (بِغَيْرِ إذْنٍ) مِنْ الْمَالِكِ فَمَاتَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ فَيَضْمَنُهَا. فِيهَا إنْ أَنْزَى الرَّاعِي عَلَى النَّعَمِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهَا ضَمِنَهَا (أَوْ غَرَّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ خَاطَرَ (بِفِعْلٍ) كَرَبْطٍ بِحَبْلٍ رَثٍّ وَمَشَى فِي زَلَقٍ فَتَلِفَ الشَّيْءُ بِسَبَبِ تَغْرِيرِهِ فَيَضْمَنُهُ. فِيهَا مَنْ أَكْرَى دَابَّتَهُ وَهِيَ عَثُورٌ أَوْ رَبُوضٌ وَلَمْ يُعْلِمْ الْمُكْتَرِيَ بِذَلِكَ فَحَمَلَ عَلَيْهَا دُهْنًا مِنْ مِصْرَ إلَى فِلَسْطِينَ فَعَثَرَتْ بِالْعَرِيشِ ضَمِنَ قِيمَةَ الدُّهْنِ بِالْعَرِيشِ. وَقَالَ غَيْرُهُ بِمِصْرَ لِأَنَّهَا مِنْهَا تَعَدَّى (فَقِيمَتُهُ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ بِإِرْعَائِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِذْنِ أَوْ الْإِنْزَاءِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ الْمُغَرَّرِ فِيهِ بِفِعْلٍ مُعْتَبَرَةٌ (يَوْمَ التَّلَفِ) تَلْزَمُ الْأَجِيرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَلَهُ أُجْرَتُهُ إلَيْهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 511 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تت أَعَادَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَهُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ، إمَّا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ لِكَوْنِهِ مَفْهُومَ غَيْرِ شَرْطٍ، أَوْ لِيَرْتَبْ عَلَيْهِ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ. طفي وَقَدْ تَرْجَمَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَا تَلِفَ بِسَبَبِ عَيْبٍ دَلَّسَهُ الْمُكْرِي ضَمِنَهُ، ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَهَا فِي مَسْأَلَةِ الطَّحْنِ وَالْعَرِيشِ، وَقَالَ عَقِبَهُ وَأَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ مَسْأَلَةِ كَسْرِ الثَّوْرِ الْمِطْحَنَةَ التَّضْمِينَ بِالْغُرُورِ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ عَقْدَ الْكِرَاءِ إنَّمَا هُوَ بِاللَّفْظِ. يُرَدُّ بِأَنَّ إيجَابَ لُزُومِ الْعَقْدِ يُصَيِّرُهُ كَالْفِعْلِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْقَوْلُ إنْ تَضَمَّنَ عَقْدًا كَانَ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فُلَانَةُ حُرَّةٌ ثُمَّ زَوَّجَهَا مِنْهُ غَيْرُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَى الْمُخْبِرِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةٌ وَأَنَّ وَلِيَّهُ عَالِمٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالصَّدَاقِ، وَبِهَذَا يُرَدُّ قَوْلُ التُّونُسِيِّ فِي مُكْرِي الدَّابَّةِ الْعَثُورِ إنْ أَسْلَمَهَا مُكْرِيهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِعِثَارِهَا لِمُكْتِرَيْهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا فَهُوَ غُرُورٌ بِالْقَوْلِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَتَاعَ رَبُّهُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ فَحَمَلَهُ عَلَيْهَا ضَمِنَهُ الْجَمَّالُ لِتَعَدِّيهِ اهـ. وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَظَرٌ إذْ قَوْلُهُ إنَّ الْغُرُورَ إذَا تَضَمَّنَ عَقْدًا كَانَ غُرُورًا بِالْفِعْلِ وَاسْتِدْلَالِهِ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِرَجِلٍ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي التَّدْلِيسِ فِي الْكِرَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يُبَاشِرَ الْعَقْدَ وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ الضَّمَانُ حَيْثُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ وَإِطْلَاقُهَا عَنْهُ الشُّيُوخُ كَالْعُمُومِ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ آخِرَ الْغَصْبِ، وَلِذَا جَعَلَهُ التُّونُسِيُّ مِنْ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ بِالْقَوْلِ، وَمِثْلُهُ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجِ وَتَبِعَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ. الْبُنَانِيُّ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ طفي كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَتَأَمَّلْهُ. طفي حَيْثُ حَكَمْنَا بِالضَّمَانِ عِنْدَ الْغُرُورِ بِكَتْمِ عَيْبٍ نَشَأَ عَنْهُ تَلَفٌ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْكِرَاءِ فَلَا ضَمَانَ بِهِ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَنْ بَاع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 512 أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ. لَا غَيْرُهُ وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ.   [منح الجليل] خَابِيَةً دَلَّسَ فِيهَا بِكَسْرٍ وَعَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجْعَلُ فِيهَا زَيْتًا فَجَعَلَهُ الْمُشْتَرِي فِيهَا فَسَالَ مِنْ كَسْرِهَا فَلَا يَضْمَنُ الْبَائِعُ الزَّيْتَ، كَتَدْلِيسِهِ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ فَسَرَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَضْمَنُ بَائِعُهُ الْمَسْرُوقَ وَلَوْ أَكْرَاهُ الْخَابِيَةَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزَّيْتَ اهـ. الْبُرْزُلِيُّ مِثْلُهُ مَنْ بَاعَ مُطَمَّرًا يُسِيسُ مُدَلَّسًا وَأَكْرَاهُ كَذَلِكَ. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِكْرَاءِ أَنَّ الْمَنَافِعَ فِي ضَمَانِ الْمُكْرِي حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا الْمُكْتَرِي، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعُطِفَ عَلَى مَعْنَى خَلَفٍ مَرْعِيَّ شَرْطٍ، أَيْ لَا مُخَالِفَ إلَخْ فَقَالَ (أَوْ صَانِعٍ) فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ (فِي مَصْنُوعِهِ) الَّذِي تَتَعَلَّقُ صَنْعَتُهُ بِهِ كَثَوْبٍ يَخِيطُهُ وَغَزْلٍ يَنْسِجُهُ وَعَيْنٍ يَصْبُغُهَا وَنُحَاسٍ يَصْنَعُهُ إنَاءً وَحَبٍّ يَطْحَنُهُ وَزَيْتُونٍ يَعْصِرُهُ وَ (لَا) ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي (غَيْرِهِ) أَيْ مَصْنُوعِهِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ عَمَلُهُ كَبَخْشَةٍ لِلثَّوْبِ الْمَخِيطِ أَوْ الْمَنْسُوجِ وَكِيسٍ لِلْعَيْنِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ (مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلُ) الصَّانِعِ كَخَابِيَةٍ لِلزَّيْتِ وَقُفَّةٍ لِلدَّقِيقِ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَصْلُ فِي الصُّنَّاعِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ مُؤْتَمَنُونَ لِأَنَّهُمْ أُجَرَاءُ، وَقَدْ أَسْقَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الضَّمَانَ عَنْ الْأُجَرَاءِ، وَخَصَّصَ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ الصُّنَّاعَ وَضَمَّنُوهُمْ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا لِضَرُورَةِ النَّاسِ لِغَلَبَةِ فَقْرِ الصُّنَّاعِ وَرِقَّةِ دِيَانَتِهِمْ وَاضْطِرَارِ النَّاسِ إلَى صَنْعَتِهِمْ فَتَضْمِينُهُمْ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الْغَالِبَةِ الَّتِي تَجِبُ مُرَاعَاتُهَا. فِي التَّوْضِيحِ أَبُو الْمَعَالِي الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَثِيرًا مَا يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ قَتْلُ ثُلُثِ الْعَامَّةِ لِإِصْلَاحِ الثُّلُثَيْنِ. الْمَازِرِيُّ مَا حَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ مَالِكٍ صَحِيحٌ. زَادَ الْحَطّ بَعْدَهُ عَنْ شَرْحِ الْمَحْصُولِ مَا ذَكَرَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ مَالِكٍ لَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ. الْبُنَانِيُّ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْمُحَقِّقُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْقَادِرِ هَذَا الْكَلَامُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَطَّرَ فِي الْكُتُبِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ بَعْضُ ضَعَفَةِ الطُّلَبَاءِ، وَهَذَا لَا يُوَافِقُ شَيْئًا مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ. الشَّهَابُ الْقَرَافِيُّ مَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ مَالِكٍ أَنْكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ إنْكَارًا شَدِيدًا وَلَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِهِمْ. ابْنُ الشَّمَّاعِ مَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُخْبِرْ أَنَّهُ رَوَاهُ نَقَلَتُهُ، إنَّمَا أَلْزَمَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ اضْطَرَبَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي ذِكْرِهِ ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا اتَّضَحَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْبُرْهَانِ. وَقَوْلُ الْمَازِرِيِّ مَا حَكَاهُ أَبُو الْمَعَالِي صَحِيحٌ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 513 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَهُوَ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ لَا إلَى قَوْلِهِ نُقِلَ عَنْهُ قَتْلُ الثُّلُثِ إلَخْ، أَوْ أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى تَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ مَالِكٌ يَبْنِي مَذْهَبَهُ عَلَى الْمَصَالِحِ كَثِيرًا فِيهِ نَظَرٌ لِإِنْكَارِ الْمَالِكِيَّةِ ذَلِكَ إلَّا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ حَتَّى يَجْرِيَ فِي الْفِتَنِ الَّتِي تَقَعُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يُشْبِهُهَا. وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي هَذَا شَيْخُ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِي الْعَرَبِيُّ الْفَاسِيُّ فِي جَوَابٍ لَهُ طَوِيلٍ، وَقَدْ نَقَلْت مِنْهُ مَا قَيَّدْته أَعْلَاهُ وَهُوَ تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ تَنْبَغِي الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ. وَأَمَّا تَأْوِيلُ " ز " بِأَنَّ الْمُرَادَ قَتْلُ ثُلُثِ الْمُفْسِدِينَ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِإِصْلَاحِ بَقِيَّتِهِمْ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَا يَحِلُّ الْقَوْلُ بِهِ، فَإِنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا وَضَعَ لِإِصْلَاحِ الْمُفْسِدِينَ الْحُدُودَ عِنْدَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِهَا، وَمَنْ لَمْ تُصْلِحْهُ السُّنَّةُ فَلَا أَصْلَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِثْلُ هَذَا التَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ هُوَ الَّذِي يُوقِعُ كَثِيرًا مِنْ الظَّلَمَةِ الْمُفْسِدِينَ فِي سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ الْفَسَادِ. وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ شَارِكَ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» . وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ الْمُرْكِبَ إذَا ثَقُلَ بِالنَّاسِ وَخِيفَ غَرَقُهُ فَإِنَّهُمْ يَقْتَرِعُونَ عَلَى مَنْ يُرْمَى الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِيهِ سَوَاءٌ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَهُ تَعَقَّبَ غَيْرُ وَاحِدٍ نَقْلَ اللَّخْمِيُّ طَرْحَ الذِّمِّيِّ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ، وَرُبَّمَا نَسَبَهُ بَعْضُهُمْ لِخَرْقِ الْإِجْمَاعِ، وَقَالُوا لَا يُرْمَى الْآدَمِيُّ لِنَجَاةِ الْبَاقِينَ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَضْمِينُهُمْ مَا يَغِيبُونَ عَلَيْهِ وَيَدَّعُونَ تَلَفَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا ثَبَتَ ضَيَاعُهُ بِبَيِّنَةٍ مِنْ غَيْرِ تَضْيِيعٍ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ إلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ ضَمَّنَهُمْ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ وَلِقَوْلِهِ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَضْمِينُهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ وَجَبَ أَنْ لَا يَسْقُطَ عَنْهُمْ بِهِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْمَصْلَحَةُ وَسَدُّ الذَّرِيعَةِ لَا يُخَصَّصُ بِمَوْضِعٍ مِنْ قَبِيلِ هَذَا شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ، وَلِأَنَّ مَنْ ضَمِنَ بِلَا بَيِّنَةٍ ضَمِنَ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ. وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَصَحُّ. ابْنُ شَاسٍ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَا لَا صَنْعَةَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 514 وَإِنْ بِبَيِّنَةٍ. أَوْ بِلَا أَجْرٍ. إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ وَغَابَ عَلَيْهَا.   [منح الجليل] لَهُ فِيهِ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ حُضُورِهِ عِنْدَ الصَّانِعِ كَالْكِتَابِ الْمُنْتَسَخِ مِنْهُ وَالْمِثَالِ الَّذِي يُعْمَلُ عَلَيْهِ وَجَفْنِ السَّيْفِ الَّذِي يُصَاغُ عَلَى نَصْلِهِ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَوْ سُلِّمَ لِلصَّانِعِ بِغَيْرِ جَفْنٍ فَسَدَ، وَمِثْلُهُ ظَرْفُ الْقَمْحِ وَالْعَجِينِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَضْمَنُ ذَلِكَ كُلَّهُ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا كَانَ الثَّوْبُ غَلِيظًا لَا يَحْتَاجُ إلَى وِقَايَةٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الصَّانِعَ لَا يَضْمَنُ الْمِنْدِيلَ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ وَإِلَّا فَفِي ضَمَانِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ مَعَ مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ إنْ عَمِلَهُ بِحَانُوتٍ بِأَجْرٍ، بَلْ (وَإِنْ) عَمِلَ (بِبَيْتٍ) اللَّخْمِيُّ سَوَاءٌ كَانَ بِسُوقِهَا أَوْ دَارِهِ (أَوْ) عَمِلَ (بِلَا أَجْرٍ) فِيهَا مَا قَبَضُوهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ أَوْ عَمِلُوهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَغَيْرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ سَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُسْتَعْمَلُ الصَّانِعُ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَشَرْطُ ضَمَانِ الصَّانِعِ مَصْنُوعَهُ (إنْ نَصَبَ) أَيْ أَقَامَ الصَّانِعُ (نَفْسَهُ) لِلصَّنْعَةِ لِعُمُومِ النَّاسِ، فَإِنْ كَانَ يَصْنَعُ لِشَخْصٍ مَخْصُوصٍ فَلَا يَضْمَنُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ الْمُنْتَصِبُ مَنْ أَقَامَ نَفْسَهُ لِعَمَلِ الصَّنْعَةِ الَّتِي اُسْتُعْمِلَ فِيهَا كَانَ بِسُوقِهَا أَوْ دَارِهِ وَغَيْرُ الْمُنْتَصِبِ لَهَا مَنْ لَمْ يُقِمْ نَفْسَهُ لَهَا وَلَا مِنْهَا مَعَاشُهُ. قُلْت ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ انْتِصَابُهُ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَنَصَّ عِيَاضٌ عَلَى أَنَّ الْخَاصَّ بِجَمَاعَةٍ دُونَ غَيْرِهِمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، ثُمَّ قَالَ فَفِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ نَصْبِ نَفْسِهِ أَوْ بِقَيْدِ عُمُومِهِ لِلنَّاسِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ سَمَاعِ عِيسَى مَعَ بَعْضِ شُيُوخِ الصِّقِلِّيِّ، وَطَرِيقُ عِيَاضٍ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا فِي الصَّانِعِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي نَصَبَ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِلنَّاسِ. أَمَّا الصَّانِعُ الْخَاصُّ الَّذِي لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِلنَّاسِ، فَلَا يَضْمَنُ فِيمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ إلَيْهِ أَوْ عَمِلَهُ بِمَنْزِلِ رَبِّ الْمَتَاعِ. (وَ) إنْ (غَابَ) الصَّانِعُ (عَلَيْهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمَصْنُوعَةِ، فَإِنْ عَمِلَهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا وَمُلَازَمَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ. ابْنُ رُشْدٍ يَضْمَنُ الصُّنَّاعُ كُلَّ مَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهمْ مِنْ خَرْقٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ قَطْعٍ إذَا عَمِلَهُ فِي حَانُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ قَاعِدًا مَعَهُ إلَّا فِيمَا فِيهِ تَغْرِيرٌ مِنْ الْأَعْمَالِ مِثْلِ ثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ وَاحْتِرَاقِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ أَوْ الثَّوْبِ فِي قِدْرِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 515 فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ. وَلَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ،   [منح الجليل] الصَّبَّاغِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهمْ فِيهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا أَوْ أَخَذَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ مَأْخَذِهَا فَيَضْمَنُ حِينَئِذٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْبَيْطَارُ يَطْرَحُ الدَّابَّةَ فَتَمُوتُ مِنْهُ وَالْخَاتِنِ يَخْتِنُ الصَّبِيَّ فَيَمُوتُ مِنْ خِتَانِهِ وَالطَّبِيبِ يَسْقِي الْمَرِيضَ فَيَمُوتُ مِنْ سَقْيِهِ، أَوْ يَكْوِيهِ فَيَمُوتُ مِنْ كيه أَوْ يَقْطَعُ مِنْهُ شَيْئًا فَيَمُوتُ مِنْ قَطْعِهِ، وَالْحَجَّامِ يَقْلَعُ ضِرْسَهُ فَيَمُوتُ مِنْ قَلْعِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا فِي مَالِهِ وَلَا عَاقِلَتِهِ فِي جَمِيعِ هَذَا لِأَنَّ مَا فِيهِ التَّغْرِيرُ كَانَ صَاحِبُهُ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِمَا أَصَابَهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُخْطِئْ فِي فِعْلِهِ، فَإِنْ أَخْطَأَ مِثْلَ سَقْيِ الطَّبِيبِ الْمَرِيضَ مَا لَا يُوَافِقُ مَرَضَهُ أَوْ تَزِلُّ يَدُ الْخَاتِنِ أَوْ الْقَاطِعِ فَيَتَجَاوَزُ فِي الْقَطْعِ، أَوْ يَدُ الْكَاوِي فَيَتَجَاوَزُ فِي الْكَيِّ، أَوْ يَدُ الْحَجَّامِ فَيَقْلَعُ غَيْرَ الضِّرْسِ الَّتِي أَمَرَ بِقَلْعِهَا. فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَغُرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ أَوْ غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَيُعَاقَبُ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الدِّيَةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ (فَ) يَضْمَنُ الْمَصْنُوعَ (بِقِيمَتِهِ) مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ دَفْعِهِ) ، أَيْ الْمَصْنُوعِ لِلصَّانِعِ خَالِيًا عَنْ الصَّنْعَةِ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَقُولَ أَنَا أَدْفَعُ الْأُجْرَةَ وَآخُذُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ الصَّانِعَ يَوْمَ الدَّفْعِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا ادَّعَى الصَّانِعُ ضَيَاعَ الْمَتَاعِ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ صِفَتِهِ حِينَئِذٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ ضَاعَ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِمُدَّةٍ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ ظَهَرَ عِنْدَهُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَئِذٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ وَالْعَارِيَّةُ. (وَ) يَضْمَنُ الصَّانِعُ مَصْنُوعَهُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَلَوْ شَرَطَ) الصَّانِعُ (نَفْيَهُ) أَيْ الضَّمَانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ إنْ شَرَطَ نَفْيَهُ وَهُمَا رِوَايَتَانِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَطَ الصَّانِعُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُهُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِالْأَجْرِ الْمُسَمَّى لِإِسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْهُ، وَيَضْمَنُ الصَّانِعُ إنْ لَمْ يَدْعُ رَبَّهُ لِأَخْذِهِ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 516 أَوْ دَعَا لِأَخْذِهِ، إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ: فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ، وَإِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ بِشَرْطِهِ   [منح الجليل] (أَوْ دَعَا) الصَّانِعُ رَبَّهُ (لِأَخْذِهِ) أَيْ الْمَصْنُوعِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ وَضَاعَ فَيَضْمَنُهُ الصَّانِعُ فِي كُلِّ حَالٍ فِيهَا إذَا دَعَاك الصَّانِعُ لِأَخْذِ الثَّوْبِ وَقَدْ فَرَغَ مِنْهُ فَلَمْ تَأْخُذْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ حَتَّى يَصِيرَ إلَى يَدِك. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إنْ لَمْ يَقْبِضْ الْأُجْرَةَ (إلَّا أَنْ تَقُومَ) أَيْ تَشْهَدَ (بَيِّنَةٌ) بِتَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطِهِ وَلَا تَعَدِّيهِ (فَ) لَا يَضْمَنُهُ وَ (تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ) الَّتِي اُسْتُؤْجِرَ بِهَا عَنْ مُسْتَأْجَرِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لِكُلِّ صَانِعٍ أَوْ حَمَّالٍ عَلَى ظَهْرٍ أَوْ سَفِينَةٍ مَنْعُ مَا حُمِلَ أَوْ عُمِلَ حَتَّى يَأْخُذَ أَجْرَهُ، وَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ بِأَيْدِيهِمْ فِي مَنْعِهِمْ فَالصُّنَّاعُ ضَامِنُونَ وَلَا أَجْرَ لَهُمْ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا أَجْرَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا مَا عَمِلُوا إلَى أَرْبَابِهِ، وَفِيهَا إنْ احْتَرَقَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْقَصَّارِ أَوْ أَفْسَدَهُ أَوْ ضَاعَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْقِصَارَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ أَبْيَضَ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهُ مَصْنُوعًا عَلَى صِفَةٍ وَيُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ. (وَإِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ) أَيْ الصَّانِعُ الْمَصْنُوعَ (لِرَبِّهِ) مَصْنُوعًا (بِشَرْطِهِ) أَيْ بِالصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ عِنْدَهُ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ. اللَّخْمِيُّ لَوْ أَحْضَرَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ وَرَآهُ صَاحِبُهُ مَصْنُوعًا بِصِفَةِ مَا شَارَطَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ قَدْ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَرَكَهُ عِنْدَهُ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الِاسْتِصْنَاعِ وَصَارَ إلَى حُكْمِ الْإِيدَاعِ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ تَلَفِ الْمَصْنُوعِ بِالصَّنْعَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَتِهِ فِي التَّوْضِيحِ كَمَا ادَّعَى أَنَّ سَارِقًا سَرَقَهُ. الثَّانِي: ابْنُ رُشْدٍ الضَّمَانُ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغْرِيرٌ. فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ وَاحْتِرَاقِ الْخُبْزِ عِنْدَ الْفَرَّانِ وَالثَّوْبِ فِي قِدْرِ الصَّبَّاغِ، فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَدَّى فِيهَا أَوْ أَخَذَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ مَأْخَذِهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. الثَّالِثُ: إذَا ضَاعَ الْمَصْنُوعُ وَغَرِمَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ ثُمَّ يُوجَدُ فَهُوَ لِلصَّانِعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى سَيِّدُ عَبْدٍ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ عَبْدَهُ فَأَنْكَرَهُ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ وُجِدَ الْعَبْدُ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 517 وَصُدِّقَ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ: فَنَحَرَ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ، أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ أَوْ صِبْغًا: فَنُوزِعَ وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، لَا بِهِ   [منح الجليل] لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ الصُّلْحُ صَحِيحًا كَانَ أَوْ مَعِيبًا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ عِنْده قَدْ أَخْفَاهُ فَهُوَ لِرَبِّهِ. وَفِي التَّهْذِيبِ فِي الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ فَتَضِلُّ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا ثُمَّ تُوجَدُ فَهِيَ لِلْمُكْتَرِي. (وَصُدِّقَ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً الرَّاعِي (إنْ ادَّعَى) الرَّاعِي (خَوْفَ مَوْتٍ) عَلَى بَعِيرٍ أَوْ شَاةٍ مَثَلًا (فَنَحَرَ) أَوْ ذَبَحَ مَا خَافَ مَوْتَهُ وَكَذَّبَهُ رَبُّهُ، وَقَالَ لَهُ تَعَدَّيْت لِأَنَّهُ أَمِينٌ (أَوْ) ادَّعَى الرَّاعِي (سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ) أَوْ مَذْبُوحِهِ الَّذِي خَافَ مَوْتَهُ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ بِعْته مَثَلًا فَيُصَدَّقُ الرَّاعِي لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالرَّاعِي مُصَدَّقٌ فِيمَا هَلَكَ أَوْ سُرِقَ، وَلَوْ قَالَ ذَبَحْتهَا ثُمَّ سُرِقَتْ صُدِّقَ وَلَوْ خَافَ مَوْتَ الشَّاةِ فَأَتَى بِهِمَا مَذْبُوحَةً أَوْ بِثَمَنِهَا صُدِّقَ وَلَا يَضْمَنُ، فَإِنْ أَكَلَهَا فَلَا يُصَدَّقُ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (أَوْ) أَدَّى الْحَجَّامُ (قَلْعَ ضِرْسٍ) مَأْمُورٍ بِقَلْعِهِ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ بِغَيْرِهِ فَيُصَدَّقُ الْحَجَّامُ فَلَا يَضْمَنُ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَلَعَ الْحَجَّامُ ضِرْسَ رَجُلٍ بِأَجْرٍ فَقَالَ لَهُ لَمْ آمُرْك إلَّا بِقَلْعِ الَّذِي يَلِيهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلِمَ بِهِ حِينَ قَلَعَهُ فَتَرَكَهُ وَلَهُ أَجْرُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْحَجَّامُ فَلَا أَجْرَ لَهُ، أَرَادَ وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ. (أَوْ) ادَّعَى الصَّبَّاغُ صِبْغَ ثَوْبٍ بِ (صِبْغٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ، أَيْ مَصْبُوغٍ بِهِ كَزَعْفَرَانٍ أُمِرَ بِهِ (فَنُوزِعَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ نَازَعَهُ رَبُّ الثَّوْبِ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَمْ آمُرْك بِصَبْغِهِ بِهَذَا بَلْ بِوَرْسٍ فَيُصَدَّقُ الصَّابِغُ، وَكَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ قَدْرِ مَا يُصْبَغُ بِهِ كَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَخَمْسَةٍ مِنْ زَعْفَرَانٍ. فِيهَا إنْ صَبَغَهُ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ وَقَالَ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبُّهُ، وَقَالَ رَبُّهُ بِأَخْضَرَ صُدِّقَ الصَّابِغُ إلَّا أَنْ يَصْبُغَهُ صِبْغًا لَا يُشْبِهُ مِثْلَهُ. (وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْإِجَارَةُ (بِ) سَبَبِ (تَلَفِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَاللَّامِ (مَا) أَيْ كُلِّ شَيْءٍ (يُسْتَوْفَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ (مِنْهُ) الْمَنْفَعَةُ كَمَوْتِ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ وَانْهِدَامِ عَقَارٍ مُعَيَّنٍ (لَا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مَا يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ (بِهِ) كَالرَّاكِبِ وَالسَّاكِنِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 518 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] طفي أَطْلَقَ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي هَلَاكِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْتَقِضُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَالثَّانِي تَنْتَقِضُ بِتَلَفِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَهُ مِنْ كِرَائِهِ بِقَدْرِ مَا سَارَ مِنْ الطَّرِيقِ. الثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ تَلَفُهُ مِنْ قِبَلِ مَا عَلَيْهِ اُسْتُعْمِلَ أَوْ مِنْ السَّمَاءِ، فَإِنْ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ مَا عَلَيْهِ اُسْتُعْمِلَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ فِيمَا بَقِيَ، وَلَهُ مِنْ كِرَائِهِ بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الطَّرِيقِ، وَإِنْ كَانَ تَلَفُهُ مِنْ السَّمَاءِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ الْكِرَاءُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الرَّابِعُ: إنْ أَتَاهُ تَلَفُهُ مِنْ قِبَلِ مَا عَلَيْهِ اُسْتُعْمِلَ الْكِرَاءُ وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِي الْمَاضِي، وَإِنْ كَانَ مِنْ السَّمَاءِ أَتَاهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ اهـ. وَفِي الْبَيَانِ مَنْ عَثَرَ بِجَرَّةٍ حَمَلَهَا بِأُجْرَةٍ فَانْكَسَرَتْ وَهُوَ قَوِيٌّ عَلَى حَمْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرِوَايَتُهُ لِأَنَّهُ عَلَى الْبَلَاغِ، ثُمَّ قَالَ طفي فَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ لَا بِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ كَانَ جَارِيًا عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمُخَالِفًا مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتَهُ فِيمَا تَلِفَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَا أَجْرَ لَهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُكْتَرِي الْإِتْيَانُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، إذْ لَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَنْتَقِضُ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ وَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ، وَلِتَصْرِيحِ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَهَا الْفَسْخُ ثُمَّ قَالَ طفي وَعَلَى هَذَا لَا يُفَسَّرُ قَوْلُهُ أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ إلَخْ، بِقَوْلِهَا لَا ضَمَانَ وَلَا كِرَاءَ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَارٍ عَلَى غَيْرِ مَذْهَبِهَا خِلَافًا لِجَدِّ عج فِي تَفْسِيرِهِ بِهِ وَاسْتِدْلَالُهُ بِكَلَامِهَا الْمُتَقَدِّمِ، وَتَبِعَهُ عج وَأَطَالَ بِنَقْلِ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وَلَمْ يَتَنَبَّهَا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَإِنْ قُيِّدَ كَلَامُهُ هُنَا بِغَيْرِ مَا كَانَ مِنْ سَبَبِ حَامِلِهِ كَانَ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِهَا، وَبِهِ يُفَسَّرُ قَوْلُهُ أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ إلَخْ، كَمَا فَعَلَ جَدّ عج وَمَنْ تَبِعَهُ، لَكِنْ يُبْعِدُهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا الْأَرْبَعَةَ وَالْعَجَبُ مِنْ شُرَّاحِهِ حَيْثُ لَمْ يُنَبِّهُوا عَلَى هَذَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْبَيَانِ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَشْهُورَ هُوَ الَّذِي عَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 519 إلَّا صَبِيَّ تَعَلُّمٍ وَرَضْعٍ، وَفَرَسِ نَزْوٍ، وَرَوْضٍ، وَسِنٍّ لِقَلْعٍ   [منح الجليل] الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَتُهُ، وَذَكَرَ نَصَّهُ ثُمَّ قَالَ تَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْفَسْخُ بِتَلَفِهِ بِلَا تَفْصِيلٍ وَعَدَمُهُ بِلَا تَفْصِيلٍ وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ تَلَفِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تَنْفَسِخُ، وَتَلَفُهُ مِنْ قِبَلِ مَا عَلَيْهِ اُسْتُعْمِلَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ فِيمَا بَقِيَ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا مَضَى. وَقِيلَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ. (إلَّا) تَلَفَ (صَبِيِّ تَعَلُّمٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعَيْنِ وَضَمِّ اللَّامِ مُثَقَّلَةً الْقِرَاءَةُ أَوْ صَنْعَةِ (وَ) صَبِيِّ (رَضْعٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ رَضَاعٍ (وَفَرَسِ نَزْوٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (وَ) فَرَسِ (رَوْضٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَعُجَامِ الضَّادِ، أَيْ تَأْدِيبٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلٍ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا غَايَةَ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَسْتَأْجِرَهُ عَلَى أَنْ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا بِأَعْيَانِهَا أَوْ يَتَّجِرَ لَهُ فِي مَالٍ شَهْرًا أَوْ سَنَةً، فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ إلَّا فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ فِيهَا بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ مَوْتُ الصَّبِيِّ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى تَعْلِيمِهِ، وَمَوْتُ الصَّبِيِّ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى إرْضَاعِهِ وَمَوْتُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى رِيَاضَتِهَا وَعُقُوقِ الرَّمَكَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَكْوَامِ الْمُشْتَرَطَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ، وَأَمَّا مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُ تَعْيِينُهُ كَالرَّضِيعِ وَالْمُتَعَلِّمِ فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا تَنْفَسِخُ عَلَى الْأَصَحِّ كَثَوْبِ الْخِيَاطَةِ. (وَ) فُسِخَتْ إجَارَةٌ إلَى (سِنٍّ لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ) السِّنُّ، أَيْ بَرِئَتْ وَذَهَبَ أَلَمُهَا قَبْلَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 520 فَسَكَنَتْ، كَعَفْوِ الْقِصَاصِ، وَبِغَصْبِ الدَّارِ، وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا وَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ؛ وَحَمْلِ ظِئْرٍ،   [منح الجليل] قَلْعِهَا، وَشَبَّهَ فِي الِانْفِسَاخِ فَقَالَ (كَ) إجَارَةٍ عَلَى قِصَاصٍ مِنْ جَانٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ فَتُفْسَخُ بِ (عَفْوِ) مُسْتَحِقِّ (الْقِصَاصِ) عَنْ الْجَانِي. ابْنُ شَاسٍ تَنْفَسِخُ بِمَنْعِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ شَرْعًا كَسُكُونِ أَلَمِ السِّنِّ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى قَلْعِهَا وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا كَانَ الْعَفْوُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَانْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ فِي ذَهَابِ أَلَمِهَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ (وَ) فَسْخُ الْكِرَاءِ لِدَارٍ مُعَيَّنَةٍ شَهْرًا أَوْ سَنَةً مَثَلًا (بِ) سَبَبِ (غَصْبِ) ذَاتِ (الدَّارِ) غَاصِبٌ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ (وَ) (غَصْبِ مَنْفَعَتِهَا) أَيْ الدَّارِ كَذَلِكَ فِي الْوَاضِحَةِ مَنْ اكْتَرَى دَارًا شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ غَصَبَهَا السُّلْطَانُ فَمُصِيبَتُهُ عَلَى رَبِّهَا، وَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطَةِ فِي غُصَّابٍ أَخْرَجُوا الْمُتَكَارِينَ وَسَكَنُوا، وَكَذَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ حَبِيبٍ سَوَاءٌ غَصَبُوا الدَّارَ مِنْ أَصْلِهَا أَوْ أَخْرَجُوا أَهْلَهَا وَسَكَنُوهَا لَا يُرِيدُونَ إلَّا السُّكْنَى حَتَّى يَرْتَحِلُوا. (وَ) فَسْخُ كِرَاءِ الْحَوَانِيتِ (بِ) سَبَبِ (أَمْرِ السُّلْطَانِ بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ مُخَالَفَةِ أَمْرِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ الْحَوَانِيتُ يَأْمُرُ السُّلْطَانُ بِغَلْقِهَا. ابْنُ يُونُسَ الْجَائِحَةُ فِي الْمُكْتَرِي لِلسُّكْنَى مِنْ أَمْرٍ غَالِبٍ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَاصِبٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَنَعَهُ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، كَانْهِدَامِ الدَّارِ وَامْتِنَاعِ مَاءِ السَّمَاءِ حَتَّى مَنَعَهُ حَرْثُ الْأَرْضِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَى مَا اكْتَرَى. وَقَالَ أَصْبَغُ مَنْ اكْتَرَى رَحًى سَنَةً فَأَصَابَ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَكَانِ فِتْنَةٌ جَلَوْا بِهَا مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَجَلَا مَعَهُمْ الْمُكْتَرِي، أَوْ بَقِيَ آمِنًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْتِيهِ الطَّعَامُ لِجَلَاءِ النَّاسِ فَهُوَ كَبُطْلَانِ الرَّحَى مِنْ نَقْصِ الْمَاءِ أَوْ كَثْرَتِهِ، وَيُوضَعُ عَنْهُ قَدْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي جَلَوْا فِيهَا، بِخِلَافِ الدَّارِ تُكْتَرَى ثُمَّ يَجْلُو النَّاسُ لِفِتْنَةٍ وَأَقَامَ الْمُكْتَرِي آمِنًا أَوْ رَحَلَ لِلْوَحْشَةِ وَهُوَ آمِنٌ فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ وَلَوْ انْجَلَى لِلْخَوْفِ سَقَطَ عَنْهُ كِرَاءُ مُدَّةِ الْجَلَاءِ. (و) فُسِخَتْ إجَارَةُ الظِّئْرِ بِسَبَبِ ظُهُورِ (حَمْلِ ظِئْرٍ) بِأَنْ كَانَتْ وَقْتَ الْعَقْدِ غَيْرَ ظَاهِرَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهَا إنْ حَمَلَتْ الْمُرْضِعُ فَخَافُوا عَلَى الصَّبِيِّ أَلَهُمْ فَسْخَ الْإِجَارَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 521 أَوْ مَرَضٌ لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رَضَاعٍ وَمَرَضُ عَبْدٍ وَهَرَبُهُ لِكَعَدُوٍّ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ   [منح الجليل] وَلَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ اللَّخْمِيِّ فَسْخَهُ بِمُجَرَّدِ حَمْلِهَا لَا بِقَيْدِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَلَدِ قَائِلًا لِأَنَّ إرْضَاعَ الْحَامِلِ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ. ابْنُ نَاجِي لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ وَطْئِهَا إمَّا لِكَوْنِهِ تَعَدَّى وَإِمَّا لِكَوْنِ هَذَا الْحَمْلِ مِنْ وَطْءٍ سَابِقٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ وَقْتَ الْعَقْدِ فِيهَا، وَإِذَا حَمَلَتْ الظِّئْرُ وَخِيفَ عَلَى الصَّبِيِّ فَلَهُمْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَأْتِيَ بِغَيْرِهَا. ابْنُ نَاجِي فِي قَوْلِهَا لَهُمْ تَسَامُحٌ وَهُوَ بِمَعْنَى عَلَيْهِمْ، سَوَاءٌ خَافُوا عَلَيْهِ الْمَوْتَ أَوْ دُونَهُ. وَقَوْلُ الْمَغْرِبِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَوَّلِ، وَيُنْدَبُ فِي الثَّانِي بَعِيدٌ. اهـ. وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ التَّخْيِيرَ فِيمَا تَقَدَّمَ تَبَعًا لِظَاهِرِ لَفْظِهَا، وَلِقَوْلِ الْمَغْرِبِيِّ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا خِيفَ مَوْتُهُ، فَأَمَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى التَّخْيِيرِ أَيْضًا وَإِنْ أَوْجَبَ التَّكْرَارَ كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ جَدّ عج، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ صَنِيعِ الْحَطّ، أَوْ عَلَى تَحَتُّمِ الْفَسْخِ لِخَوْفِهِمْ مَوْتَهُ عَلَى حَمْلِ الْمَغْرِبِيِّ، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ ابْنُ نَاجِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ طفي. (أَوْ) بِحُصُولِ (مَرَضٍ) لِلظِّئْرِ (لَا تَقْدِرُ) الظِّئْرُ (مَعَهُ) أَيْ الْمَرَضِ (عَلَى رَضَاعٍ) مِنْهَا فَتَنْفَسِخُ إجَارَتُهَا عَلَيْهِ. فِيهَا إنْ مَرِضَتْ الظِّئْرُ بِحَيْثُ لَا تَقْدِرُ عَلَى رَضَاعِ الصَّبِيِّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ، فَإِنْ صَحَّتْ فِي بَقِيَّةٍ مِنْهَا جُبِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ بَقِيَّتَهَا، وَلَهَا مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا أَرْضَعَتْ وَلَا عَلَيْهَا إرْضَاعُ مَا مَرِضَتْ قَالَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا تَفَاسَخَا فَلَا تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِهِ بَقِيَّتَهَا. (و) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِسَبَبِ (مَرَضِ عَبْدٍ) مُسْتَأْجَرٍ لِخِدْمَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى فِعْلٍ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ (وَ) بِسَبَبِ (هَرَبِهِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ، أَيْ هُرُوبُ الْعَبْدِ (لِ) بَلَدٍ بَعِيدٍ (كَ) بَلَدِ (الْعَدُوِّ) أَيْ الْكَافِرِ الْمُحَارِبِ لِلْمُسْلِمِينَ فَتُفْسَخُ إجَارَتُهُ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْعَبْدُ لِصِحَّتِهِ أَوْ لِبَلَدِ مُسْتَأْجِرِهِ (فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ زَمَنَ إجَارَتِهِ فَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ عَمَلِهِ تَوْفِيَةً لِلْعَقْدِ، وَيَسْقُطُ مِنْ أُجْرَتِهِ حِصَّةَ أَيَّامِ مَرَضِهِ أَوْ هَرَبِهِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ هَرَبَ السَّيِّدُ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ فَالْأُجْرَةُ بِحَالِهَا لَا تَنْتَقِضُ، وَأَمَّا إنْ هَرَبَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 522 بِخِلَافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ،   [منح الجليل] الْعَبْدُ إلَى بَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ أَبَقَ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْعَبْدُ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ الْمُدَّةِ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُهَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ مَرِضَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ مَرَضًا بَيِّنًا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُهَا. قَالَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا تَفَاسَخَا أَوْ فُسِخَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ تَمَامُهَا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ ظَاهِرُهُ بِحُكْمٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافٌ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ وَيَحْتَمِلُ الْوِفَاقَ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْفَسِخْ أَوَّلًا بِحُكْمِ ابْنُ يُونُسَ، وَكَذَلِكَ الدَّارُ يَنْهَدِمُ بَعْضُهَا، ثُمَّ يُصْلِحُهَا رَبُّهَا قَبْلَ الْفَسْخِ، وَقَدْ بَقِيَ بَعْضَ الْمُدَّةِ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُهَا. وَأَمَّا لَوْ انْهَدَمَ جَمِيعًا ثُمَّ بَنَاهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ سُكْنَى بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ. وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ لَوْ تَرَوَّغَ الْعَبْدُ الْمُسْتَأْجَرُ حَتَّى تَمَّتْ الْمُدَّةُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ عَمِلَ شَيْئًا فَلَهُ بِحِسَابِهِ، وَهَذَا فِي شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِنَّمَا الَّذِي يَلْزَمُهُ عَمَلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ اطْحَنْ فِي هَذَا الشَّهْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيْبَةً، فَهَذَا لَا يَضُرُّ ذِكْرُ الْوَقْتِ فِيهِ، وَيَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بَعْدَهُ وَلَيْسَ بِوَاقِعٍ عَلَى وَقْتٍ، وَلَكِنْ عَلَى عَمَلٍ مُسَمًّى، وَكَمَنْ قَالَ لِلسَّقَّاءِ اُسْكُبْ لِي فِي هَذَا الشَّهْرِ ثَلَاثِينَ قُلَّةً فَتَرَوَّغَ فِيهِ، فَذَلِكَ بَاقٍ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِشَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَرِضَهُ كُلَّهُ أَوْ مَرِضَ بَعْضَهَا أَوْ وَرَغَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ، بَلْ لَا يَجُوزُ رِضَاهُمَا بِهِ إذَا كَانَ قَدْ نَقَدَ إلَّا فِيمَا قَلَّ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. (بِخِلَافِ) حُدُوثِ (مَرَضِ دَابَّةٍ) مُكْتَرَاةٍ (فِي سَفَرٍ) مَنَعَهَا مِمَّا اُكْتُرِيَتْ لَهُ مِنْ رُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ (ثُمَّ تَصِحُّ) الدَّابَّةُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ فَلَا تَرْجِعُ لِلْعَمَلِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اعْتَلَّتْ الدَّابَّةُ الْمُكْتَرَاةُ فِي الطَّرِيقِ، أَيْ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ فِي عَقْدِ كِرَائِهَا فُسِخَ الْكِرَاءُ وَإِنْ صَحَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاؤُهَا بَقِيَّةَ الطَّرِيقِ. بِخِلَافِ الْعَبْدِ لِلضَّرُورَةِ فِي صَبْرِ الْمُسَافِرِ عَلَيْهَا، وَهِيَ وَإِنْ صَحَّتْ بَعْدَهُ لَمْ تَلْحَقْهُ، وَإِنْ لَحِقَتْهُ فَلَعَلَّهُ قَدْ اكْتَرَى غَيْرَهَا. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ إيجَارُهُ الْعَبْدَ فِي السَّفَرِ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ مَا يَلْحَقُهُ فِي الدَّابَّةِ. وَافْتَرَقَ جَوَابُهُ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ عَنْ الْعَبْدِ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْحَضَرِ وَالْعَبْدُ فِي السَّفَرِ فَاسْتَوَى الْجَوَابُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 523 وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ، وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى سِلْعَةِ وَلِيٍّ، إلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ، وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ:   [منح الجليل] (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً الْمُسْتَأْجِرُ فِي فَسْخِ إجَارَتِهِ وَعَدَمِهِ (إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَجِيرَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِخِدْمَةٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ رَعْيٍ (سَارِقٌ) أَيْ شَأْنُهُ السَّرِقَةُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ مُضِرٌّ فِيهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فَأَلْفَاهُ سَارِقًا فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ التَّحَفُّظَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَقِيت الْمُسَاقِيَ بِالْفَتْحِ سَارِقًا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ أَجِيرَ الْخِدْمَةِ قَدْ مُلِكَتْ جَمِيعُ مَنَافِعِهِ فَهُوَ كَالشِّرَاءِ وَالْمُسَاقِي إنَّمَا أُوجِرَ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهُ. (وَ) إنْ أَجَرَ وَلِيٌّ صَغِيرًا أَوْ سِلَعَهُ مُدَّةً فَرَشَدَ فِيهَا خُيِّرَ الرَّشِيدُ فِي فَسْخِ إجَارَتِهِ وَعَدَمِهِ (بِ) سَبَبِ (رُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ) الْإِجَارَةَ (عَلَيْهِ) أَيْ الصَّغِيرِ نَفْسِهِ (أَوْ) عَقَدَهَا (عَلَى سِلَعِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ، وَفَاعِلُ عَقَدَ (وَلِيٌّ) أَيْ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ لَهُ أَوْ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِظَنِّ) الْوَلِيِّ لِ (عَدَمِ بُلُوغِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ بِرُشْدِهِ (وَ) قَدْ (بَقِيَ) مِنْهَا يَسِيرٌ (كَأَشْهُرٍ) فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا كَثِيرٌ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَهَذَا فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا كَثِيرٌ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَجَرَ يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ فَاحْتَلَمَ بَعْدَ سَنَةٍ وَلَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ بِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَبْقَى كَالشَّهْرِ وَيَسِيرَ الْأَيَّامِ، وَلَا يُؤَاجِرُ وَصِيٌّ يَتِيمَهُ وَلَا أَبٌ وَلَدَهُ بَعْدَ احْتِلَامِهِ بِحَيٍّ وَرُشْدِهِ وَإِنْ أَكْرَى الْوَصِيُّ رُبْعَ يَتِيمِهِ وَدَوَابِّهِ وَرَقِيقِهِ سِنِينَ فَاحْتَلَمَ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ يُظَنُّ بِمِثْلِهِ أَنْ لَا يَحْتَلِمَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَعَجِلَ عَلَيْهِ الِاحْتِلَامُ وَأَيِسَ مِنْهُ فَلَا فَسْخَ لَهُ وَيَلْزَمُهُ بَاقِيهَا لِأَنَّ الْوَصِيَّ صَنَعَ مَا جَازَ لَهُ وَأَمَّا إنْ عَقَدَ عَلَيْهِ أَمَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ رُبْعٍ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْأَبُ. طفي وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت ظَهَرَ لَك أَنَّ، هَذَا أَيْ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْفَسْخِ كَابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحَانِ، وَلِذَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِبَاءِ الْجَرِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 524 كَسَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَبِمَوْتِ مُسْتَحِقٍّ وَقْفُ آجِرٍ، وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا عَلَى الْأَصَحِّ   [منح الجليل] عَطْفًا عَلَى مَا يُفْسَخُ بِهِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ تَحَتُّمُ الْفَسْخِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلرَّشِيدِ لَا عَلَيْهِ كَيْفٌ. وَقَدْ نَقَلَ الشَّارِحُ لَفْظَ التَّهْذِيبِ وَعِبَارَةَ ابْنِ شَاسٍ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ. اهـ. فَهَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ مُرَادَ مَنْ عَبَّرَ بِالْفَسْخِ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ ابْنِ شَاسٍ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَقْرِيرُهُ بِالْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولِ خَيْرٍ يُشْكَلُ بِدُخُولِ الْبَاءِ، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى التَّوَهُّمِ أَيْ خَبَرٌ بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ وَيُرْشِدُ إلَخْ فَيُشْكَلُ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ لِتَحَتُّمِ الْفَسْخِ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَرُشْدِ صَغِيرٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلتَّخْيِيرِ ابْنُ عَاشِرٍ قَدْ قَطَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْفَسْخِ فَيَطْلُبُ نَقْلٌ يُسَاعِدُ مَحْمِلَ " غ " وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ الْبُنَانِيُّ وَالْعَجَبُ مِنْهُ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمُ صَرِيحٌ فِي التَّخْيِيرِ، إذْ قَوْلُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ صَرِيحٌ فِيهِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت ظَهَرَ لَك أَنَّ هَذَا مُرَادٌ مِنْ مُجْبَرٍ بِالْفَسْخِ كَابْنِ الْحَاجِبِ، ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دَرَكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي قَوْلِهِ وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) عَقْدِ وَلِيِّ (سَفِيهٍ) أَيْ بَالِغٍ لَا يُحْسِنُ حِفْظَ مَالِهِ وَلَا تَصَرُّفَهُ فِيهِ عَلَى مَنَافِعِ رَبْعِهِ أَوْ رَقِيقِهِ أَوْ دَابَّتِهِ (ثَلَاثَ سِنِينَ) فَرَشَدَ فِيهَا فَيَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ عَلَى حُكْمِ الْكِرَاءِ وَالْإِجَارَةِ إلَى تَمَامِهَا لِفِعْلِ وَلِيِّهِ مَا جَازَ لَهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا سَفِيهٌ بَالِغٌ أَجَرَ عَلَيْهِ وَلِيٌّ أَوْ سُلْطَانٌ رَبْعَهُ وَرَقِيقَهُ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى حَالِ الرُّشْدِ فَذَلِكَ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ عَقَدَ يَوْمَئِذٍ مَا جَازَ لَهُ (و) فُسِخَتْ (بِ) سَبَبِ (مَوْتِ) شَخْصٍ (مُسْتَحِقٍّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ رُبْعًا (وَقْفًا آجَرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ أَيْ أَكْرَى الْمُسْتَحِقَّ لِوَقْفِ سِنِينَ (وَمَاتَ) الْمُسْتَحِقُّ الْمُؤَجَّرُ (قَبْلَ تَقَضِّيهَا) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْقَافِ، أَيْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الَّتِي أَجَرَ الْوَقْفَ فِيهَا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِانْقِطَاعِ حَقِّهِ مِنْ الْوَقْفِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ وَانْتِقَالِ الْحَقِّ لِمَنْ يَلِيهِ فِي تَرْتِيبِ الْوَقْفِ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَمُقَابِلُهُ إذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 525 لَا بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ، أَوْ خَلْفَ رَبَّ دَابَّةٍ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ، أَوْ حَجٍّ وَإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ   [منح الجليل] أَكْرَى الْمُسْتَحِقُّ الْوَقْفَ مُدَّةً يَجُوزُ لَهُ كِرَاؤُهُ فِيهَا وَمَاتَ فِيهَا فَإِنَّ كِرَاءَهُ لَا يَنْفَسِخُ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ أَجَرَهُ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ كَوَاقِفٍ وَنَاظِرٍ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا فَلَا يُفْسَخُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ إنْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ ذَوِي الْوَقْفِ بَعْدَ إجَارَتِهِ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ لِتَنَاوُلِهَا مَا لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُؤَجِّرِ. وَقِيلَ إنْ أَكْرَى مُدَّةً يَجُوزُ الْكِرَاءُ لَهَا لَزِمَ بَاقِيهَا، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ، وَلَمْ يَعْزُهُ ابْنُ هَارُونَ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَظَاهِرُ أَقْوَالِ الشُّيُوخِ نَفْيُهُ. وَفِيهَا إنْ أَعْمَرَك رَجُلٌ حَيَاتَك خِدْمَةَ عَبْدٍ فَلَا تُؤَاجِرْهُ إلَّا لِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَمَدًا مَأْمُونًا، وَلَوْ أَوْصَى لَك بِخِدْمَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْرَيْتَهُ فِيهَا جَازَ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُخْدِمِ حَيَاتَهُ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ الْمُخْدِمُ حَيَاتَهُ سَقَطَتْ الْخِدْمَةُ، أَوْ الْمُؤَجَّلُ يَلْزَمُ فِيهَا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتُّوحٍ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِمَوْتِ الْمُخْدِمِ فِيهَا. (لَا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ (بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ) لِمُؤَجِّرٍ أَوْ الْمُكْرِي بِأَنَّ مَا آجَرَهُ أَوْ أَكْرَاهُ لِغَيْرِهِ بَاعَهُ لَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ إيجَارِهِ أَوْ إكْرَائِهِ تَعَدِّيًا مِنْهُ عَلَى مَالِكِهِ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ فِي إقْرَارٍ تَحَيُّلًا عَلَى فَسْخِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْكِرَاءِ اللَّازِمِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا تَفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِإِقْرَارِ الْمُكْرِي بِغَصْبِهِ الْمُكْرِيَ وَاضِحٌ كَقَوْلِهَا فِي لَغْوِ إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ الرَّهْنِ بَعْدَ رَهْنِهِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. (أَوْ) أَيْ لَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ بِ (خُلْفٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَفَاءٍ أَيْ تَخَلُّفٍ وَمُخَالَفَةٍ (رَبِّ دَابَّةٍ) اكْتَرَاهَا مِنْهُ شَخْصٌ لِيَرْكَبَهَا (فِي) زَمَنٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا كَمُلَاقَاةِ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَتَشْيِيعِ مُسَافِرٍ وَوَاعَدَهُ عَلَى إتْيَانِهِ لَهُ بِهَا غَدًا وَأَخْلَفَ الْوَعْدَ وَأَتَاهُ بِهَا بَعْدَ غَدٍ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَلَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ لِأَنَّهُ كَشِرَاءِ سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ يَدْفَعُهَا لَهُ غَدًا فَمُطِلُّهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. (وَ) فِي غَيْرِ (حَجٍّ) إنْ لَمْ يَفُتْ مَقْصِدًا لِمُكْتَرِي، بَلْ (وَإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ) أَيْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 526 أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ، وَآجَرَ الْحَاكِمُ، إنْ لَمْ يَكْفِ،   [منح الجليل] الْمُكْتَرِي بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ مِنْ مُلَاقَاةٍ أَوْ تَشْيِيعٍ وَمَفْهُومٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَحَجٍّ انْفِسَاخُهُ يَخْلُفُهُ فِي مُعَيَّنٍ كَيَوْمِ كَذَا أَوْ شَهْرِ كَذَا، أَوْ فِي حَجٍّ وَهُوَ كَذَلِكَ. " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ اكْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ إبِلَهُ إلَى بَلَدٍ فَهَرَبَ بِهَا وَالْكِرَاءُ إلَى مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا تَكَارَى لَك الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ، وَرَجَعْت عَلَيْهِ بِمَا اكْتَرَيْت بِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يُكْرَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ مَعْرُوفٌ. وَفِيهَا إذَا تَغَيَّبَ الْجَمَّالُ يَوْمَ خُرُوجِك فَلَيْسَ لَك عَلَيْهِ إنْ لَقِيته بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا الرُّكُوبُ أَوْ الْحَمْلُ، وَلَهُ كِرَاؤُهُ، وَهَذَا فِي كُلِّ سَفَرٍ فِي كِرَاءٍ مَضْمُونٍ إلَّا الْحَاجَّ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَإِنْ كَانَ قَبْضُ الْكِرَاءِ رَدَّهُ لِزَوَالِ إبَّانِهِ لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَجِّ حَمِينَةٌ، فَإِنْ فَاتَتْ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَكَذَا كُلُّ مُكْتَرٍ أَيَّامًا بِأَعْيَانِهَا وَلَا يَتَمَادَى وَإِنْ رَضِيَا. ابْنُ يُونُسَ هَذَا إنْ كَانَ نَقْدُهُ الْكِرَاءَ لِأَنَّ بِذَهَابِ الْأَيَّامِ الْمُعَيَّنَةِ يَجِبُ فَسْخُ الْكِرَاءِ، وَرَدُّ مَا انْتَقَدَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ رُكُوبًا لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَفِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الدَّابَّةِ بِعَيْنِهَا يَكْتَرِيهَا لِيَرْكَبَهَا إلَى غَدٍ فَيَغِيبُ رَبُّهَا، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رُكُوبُهَا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَعْيِينَ الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا قَصْدَ الرُّكُوبِ، قَالَ غَيْرُهُ لَوْ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ نَظَرَ وَفَسَخَ مَا آلَ إلَى الضَّرَرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَكْرَاهَا أَيَّامًا مُعَيَّنَةً انْتَقَضَ الْكِرَاءُ فِيمَا غَابَ مِنْهَا كَالْعَبْدِ يَسْتَأْجِرُهُ شَهْرًا بِعَيْنِهِ يُمَرِّضُهُ أَوْ يَأْبِقُهُ، فَإِنَّهُ تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ، وَكَذَلِكَ شَهْرًا بِعَيْنِهِ فِي الرَّاحِلَةِ بِعَيْنِهَا لِرُكُوبٍ أَوْ طَحْنٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَضْمُونِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ اكْتَرَى عَلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَأْتِ الْكَرِيُّ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ، فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ يُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَ بَقِيَ لِقَابِلٍ، بِخِلَافِ الْأَيَّامِ الْمُعَيَّنَةِ إذَا فَاتَتْ لَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِظُهُورِ (فِسْقِ مُسْتَأْجِرِ) دَارٍ مَثَلًا فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَيَنْهَى عَنْ فِسْقِهِ، فَإِنْ انْتَهَى عَنْهُ أَقَرَّ فِيهَا (وَ) إلَّا (آجَرَ الْحَاكِمُ) الدَّارَ مَثَلًا عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْهَا (إنْ لَمْ يَكُفَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ مُثَقَّلًا عَنْ فِسْقِهِ. فِيهَا إذَا ظَهَرَتْ مِنْ مُكْتَرِي الدَّارِ خَلَاعَةٌ وَفِسْقٌ وَشُرْبُ خَمْرٍ فَلَا يَنْتَقِضُ الْكِرَاءُ وَلَكِنْ يَمْنَعُهُ الْإِمَامُ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْ الْجِيرَانِ وَعَنْ رَبِّ الدَّارِ، وَإِنْ رَأَى إخْرَاجَهُ أَخْرَجَهُ وَأَكْرَاهَا عَلَيْهِ، الجزء: 7 ¦ الصفحة: 527 أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ وَحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ،   [منح الجليل] ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ إذَا أَظْهَرَ فِيهَا الزِّعَارَةُ وَالطَّنَابِرُ وَالزَّمْرُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ وَبَيْعُهَا فَلْيَمْنَعْهُ الْإِمَامُ وَيُعَاقِبُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَخْرَجَهُ عَنْ جِيرَتِهِ وَأَكْرَاهَا عَلَيْهِ وَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْفَاسِقِ يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي دَارِ نَفْسِهِ أَنَّهُ يُعَاقِبهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ بَاعَ الدَّارَ عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِعُقُوبَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَكْرَيْت عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْ إذَايَتِهِ لِإِتْيَانِهِ إلَيْهَا بِيعَتْ عَلَيْهِ، وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي فَاسِقٍ يَأْوِي إلَيْهِ أَهْلُ الْفِسْقِ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ وَتُخَارَجُ عَلَيْهِ الدَّارُ وَالْبُيُوتُ، وَلَا تُبَاعُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَتُوبُ. ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ أَخْرَجَ وَأَكْرَى عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ رِوَايَةً ابْنِ حَبِيبٍ يُبَاعُ عَلَيْهِ خِلَافُ هَذَا السَّمَاعِ، وَقَوْلُهُ فِيهِ أَصَحُّ لِمَا ذَكَره مِنْ رَجَاءِ تَوْبَتِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ لَهُ إلَّا بِكِرَاءٍ أُكْرِيَتْ عَلَيْهِ، وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ ابْن عَرَفَة لِأَنَّ فَسْخَهُ مَضَرَّةٌ عَلَى مُكْرِيهِ، وَيَحْتَمِلُ حَمْلُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى مَنْ لَا تَرْتَفِعُ مَضَرَّةُ فِسْقِهِ إلَّا بِرَفْعِ مِلْكِهِ، وَحَمَلَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَنْ تَرْتَفِعُ مَضَرَّتُهُ بِمُجَرَّدِ كِرَائِهَا عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَّهُ قَالَ أَرَى أَنْ يُحَرَّقَ بَيْتُ الْخَمَّارِ. قَالَ وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَانَ يَسْتَحِبُّ حَرْقَ بَيْتِ الْمُسْلِمِ الَّذِي يَبِيعُ الْخَمْرَ، قِيلَ لَهُ فَالنَّصْرَانِيُّ يَبِيعُهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فَلَمْ يَنْتَهِ أُحْرِقَ بَيْتُهُ، قَالَ وَحَدَّثَنِي اللَّيْثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَحْرَقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ لِبَيْعِهِ الْخَمْرَ بِهِ، وَقَالَ لَهُ أَنْتَ فُوَيْسِقٌ لَا رُوَيْشِدٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (بِعِتْقِ عَبْدٍ) مُؤَجَّرٍ أَوْ أَمَةٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ (وَيَبْقَى حُكْمُهُ) أَيْ الْمُعْتَقُ وَهُوَ مُؤَجَّرٌ (عَلَى) حُكْمِ (الرِّقُّ) فِي شَهَادَتِهِ وَقِصَاصِهِ حَتَّى تَتِمَّ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فِيهَا مَنْ أَجَرَ عَبْدَهُ أَوْ أَخَدَمَهُ سَنَةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَا يَعْتِقُ حَتَّى تَتِمَّ، وَلَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَا تَنْتَقِضُ الْإِجَارَةُ وَلَا الْخِدْمَةُ، وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ لِتَمَامِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 528 وَأُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ، إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَهَا.   [منح الجليل] السَّنَةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إلَّا أَنْ يَتْرُكَ الْمُسْتَأْجَرَ أَوْ الْمُخْدِمُ (وَأُجْرَتَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الَّذِي أُعْتِقَ وَهُوَ مُؤَجَّرٌ بَعْدَ عِتْقِهِ فِي بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (لِسَيِّدِهِ إنْ أَرَادَ) سَيِّدُهُ بِإِعْتَاقِهِ وَهُوَ مُؤَجَّرٌ (أَنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (حُرٌّ بَعْدَ) تَمَامِ مُدَّتْ (هَا) أَيْ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ أَوْ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْهُمَا فَأُجْرَتُهُ لَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَكِرَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ أَمَةً فَلَا يَطَؤُهَا. ابْنُ حَبِيبٍ الْإِجَارَةُ أَمْلَكُ بِهِ وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ عَبْدٍ، وَاخْتُلِفَ فِي أُجْرَتِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُسْأَلُ سَيِّدُهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ حُرٌّ بِتَمَامِ الْإِجَارَةِ فَيُصَدَّقُ وَالْأُجْرَةُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا أَوْ إنْ أَرَادَ تَعْجِيلَ عِتْقِهِ فَهِيَ لِلْعَبْدِ قَبَضَهَا أَمْ لَا. (تَتْمِيمٌ) ابْنُ يُونُسَ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ لَهَا جِيرَانَ سُوءٍ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ عَيْبٌ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَإِذَا لَهَا جِيرَانُ سُوءٍ إنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ قَالَ الشَّاعِرُ: يَقُولُونَ لِي بِعْت الدِّيَارَ رَخِيصَةً ... وَلَا أَنْتَ مَدْيُونٌ وَلَا أَنْتَ مُفْلِسُ فَقُلْت لَهُمْ كُفُّوا الْمَلَامَةَ وَاقْصُرُوا ... بِجِيرَانِهَا تَغْلُو الدِّيَارُ وَتَرْخُصُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 7 ¦ الصفحة: 529 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (فَصْلٌ) وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ، وَجَازَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا، أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا، أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَك   [منح الجليل] [فَصْل كِرَاء الدَّابَّة] (فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ كِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالرِّبَاعِ (وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ) أَيْ إيجَارُ عَاقِلٍ وَمُمْكِنُ النَّقْلِ غَيْرِ السَّفِينَةِ وَالدَّابَّةِ فِي تَوَقُّفِ الصِّحَّةِ عَلَى عَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ وَالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَاللُّزُومِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ السَّابِقَةِ. ابْنُ شَاسٍ أَقْسَامُ الْإِجَارَةُ ثَلَاثَةٌ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فِي اسْتِئْجَارِ الْآدَمِيِّ، الْقِسْمُ الثَّانِي فِي اسْتِئْجَارِ الْأَرَاضِي، الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّوَابِّ وَهِيَ تُسْتَأْجَرُ لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: لِلرُّكُوبِ ولِلْحَمْلِ وَلِلِاسْتِقَاءِ وَلِلْحَرْثِ. (وَجَازَ) كِرَاءُ الدَّابَّةِ (عَلَى) شَرْطِ (أَنَّ عَلَيْك) يَا مُكْتَرِي (عَلَفَهَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَالْفَاءِ أَيْ مَا تَأْكُلُهُ الدَّابَّةُ الْمُكْتَرَاةُ، وَهُوَ الْكِرَاءُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مَعْلُومٍ (أَوْ) عَلَى أَنَّ عَلَيْك (طَعَامَ رَبِّهَا) أَيْ الدَّابَّةِ الَّذِي يَأْكُلُهُ فِي السَّفَرِ، وَهُوَ الْكِرَاءُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَلَوْ مَانِعَةً خُلُوٍّ فَقَطْ، فَيَجُوزُ عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا وَطَعَامَ رَبِّهَا مَعًا كَذَلِكَ (أَوْ) عَلَى أَنَّ (عَلَيْهِ) أَيْ رَبِّ الدَّابَّةِ (طَعَامَك) يَا مُكْتَرِي الَّذِي تَأْكُلُهُ فِي سَفَرِك إنْ اكْتَرَيْتهَا بِغَيْرِ طَعَامٍ. وَفِي هَذَا اجْتِمَاعُ إكْرَاءٍ وَبَيْعٍ فِي صَفْقَةٍ، وَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا تُعْطِيهِ لِرَبِّهَا فِي رُكُوبِهَا وَبَعْضَهُ فِي طَعَامِك فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَ إبِلًا مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ رِحْلَتَهَا، أَوْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً بِعَلَفِهَا أَوْ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ أَوْ إبِلًا عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 3 أَوْ لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ مِائَةً،   [منح الجليل] أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ هُوَ طَعَامَك ذَاهِبًا وَرَاجِعًا فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَاجِرَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ أَجَلًا مَعْلُومًا بِطَعَامِهِ فِي الْأَجَلِ، أَوْ بِكِسْوَتِهِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَ الْكِسْوَةِ وَالطَّعَامِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ عُرُوضٌ بِعَيْنِهَا مُعَجَّلَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَإِنْ كَانَتْ عُرُوضًا مَضْمُونَةً بِغَيْرِ عَيْنِهَا جَازَ تَأْخِيرُهَا إنْ ضَرَبَا لَهَا أَجَلًا كَأَجَلِ السَّلَمِ. (أَوْ) كِرَاؤُهَا (لِيَرْكَبَهَا) أَيْ الْمُكْتَرِي الدَّابَّةَ (فِي) قَضَاءِ (حَوَائِجِهِ) أَيْ الْمُكْتَرِي شَهْرًا فِيهَا، وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ شَهْرًا مَتَى شَاءَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا يَرْكَبُ النَّاسُ الدَّوَابَّ جَازَ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ فِي الْبَلَدِ وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهَا يَكْتَرِيهَا شَهْرًا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِهِ حَيْثُ شَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ تَقِلُّ مَرَّةً وَتَكْثُرُ أُخْرَى لِلضَّرُورَةِ، إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا يَحْتَاجُهُ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ مَعَ نَصِّهَا. وَفِي الشَّامِلِ أَوْ لِتَرْكَبَهَا فِي حَوَائِجِكَ إنْ عَرَفَ، وَقِيلَ لِلضَّرُورَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُخَالِفٌ لَهَا فِي اشْتِرَاطِهَا مَعْرِفَةَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ وَاللَّخْمِيُّ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَإِنَّمَا الْجَوَازُ عِنْدَهُ لِلضَّرُورَةِ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ تَعْلِيلُ اللَّخْمِيِّ خِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ جَوَازُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ. اهـ. فَعَلَى هَذَا يُوَافِقُ اللَّخْمِيُّ الْكِتَابَ عَلَى شَرْطِ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا يُخَالِفُهُ فِي تَقْيِيدِهِ بِالضَّرُورَةِ قَالَهُ طفي. (أَوْ) أَيْ وَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا (لِيَطْحَنَ) أَيْ الْمُكْتَرِي (بِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (شَهْرًا) مُعَيَّنًا فَيَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ مَا يَطْحَنُهُ بِهَا كُلَّ يَوْمٍ فِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا لِطَحْنِ قَمْحٍ شَهْرًا بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَمْ يَطْحَنُ كُلَّ يَوْمٍ جَازَ؛ لِأَنَّ طَحِينَ النَّاسِ كُلَّ يَوْمٍ مَعْرُوفٌ. اللَّخْمِيُّ إنْ اعْتَادُوا طَحْنَ نَوْعٍ خَاصٍّ كَقَمْحٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ مَرَّةً شَعِيرًا وَمَرَّةً قَمْحًا وَمَرَّةً أُرْزًا وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ سَوَاءً وَمُتَقَارِبَةً جَازَ، وَإِنْ تَبَاعَدَتْ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِتَعْيِينِ النَّوْعِ. (أَوْ) أَيْ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا (لِيَحْمِلَ) الْمُكْتَرِي (عَلَى دَوَابِّهِ) أَيْ الْمُكْرِي (مِائَةً) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 4 وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ وَعَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ لَمْ يَرَهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْفَادِحُ، بِخِلَافِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ وَبَيْعُهَا، وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا الثَّلَاثَ   [منح الجليل] مِنْ أَرَادِبِ الْقَمْحِ أَوْ قَنَاطِيرِ الْقُطْنِ أَوْ مِنْ الرَّقِيقِ فَيَجُوزُ إنْ سَمَّى لِكُلِّ دَابَّةٍ مَا تَحْمِلُهُ مِنْ الْمِائَةِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) الْمُكْتَرِي قَدْرَ (مَا لِكُلٍّ) مِنْ دَوَابِّهِ مِنْ الْمِائَة وَيَحْمِلُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ مَا تُطِيقُ حَمْلَهُ، فِيهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ دَوَابَّ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ إرْدَبِّ قَمْحٍ وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ جَازَ، وَلْتُحَمَّلْ كُلُّ دَابَّةٍ بِقَدْرِ قُوَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ شَتَّى وَحَمْلُهَا مُخْتَلِفٌ فَلَا يَجُوزُ، إذْ لَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَكْرَى دَابَّتَهُ لِحَمْلِهِ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ دَابَّةٍ (عَلَى حَمْلِ آدَمِيٍّ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ مِصْرَ لِلْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (لَمْ يَرَهُ) أَيْ الْآدَمِيَّ الَّذِي أُرِيدَ حَمْلُهُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ بِتَقَارُبِ الْأَجْسَامِ غَالِبًا (وَلَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ رَبَّ الدَّابَّةِ الْآدَمِيَّ (الْفَادِحُ) بِالْفَاءِ وَإِهْمَالِ الدَّالِ وَالْحَاءِ، أَيْ الْخَارِجُ عَنْ الْمُعْتَادِ فِي عِظَمِ جِسْمِهِ وَثِقَلِهِ. عِيَاضٌ الْفَادِحُ مِنْ الرِّجَالِ وَالْأَحْمَالِ الثَّقِيلُ جِدًّا الَّذِي تَهْلِكُ الدَّابَّةُ تَحْتَهُ. (بِخِلَافِ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ) الْمَرْأَةُ فِي سَفَرِهَا فَيَلْزَمُ الْجَمَّالُ حَمْلُهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهَا ذَلِكَ. فَهُوَ دَاخِلٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ كَانَ مَحْمُولًا مَعَهَا فِي بَطْنِهَا. فِيهَا مَنْ أَكْرَى دَابَّةً مِنْ رَجُلٍ عَلَى حَمْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ لَمْ يَرَهُمَا جَازَ لِتَسَاوِي الْأَجْسَامِ إلَّا الْخَاصَّ، فَإِنْ أَتَاهُ بِفَادِحَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَرَادَ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُمَا وَالْكِرَاءُ بَاقٍ بَيْنَهُمَا وَيَأْتِيهِ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُكْرِي الْإِبِلَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِلْمُكْتَرِي أَنْ يَحْمِلَ فِي عَيْبَتِهِ ثَوْبًا أَوْ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُخْبِرَ بِذَلِكَ الْجَمَّالَ، وَهُوَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ وَلَوْ تُبَيَّنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِوَزْنِهَا كَانَ أَحْسَنَ وَإِذَا وَلَدَتْ الْمُكْتَرِيَةُ فِي الطَّرِيقِ أُجْبِرَ الْجَمَّالُ عَلَى حَمْلِ وَلَدِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهَا لَا يَحْتَاجُ لِتَعْيِينِ الرَّاكِبِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ رُكُوبَ النِّسَاءِ أَشَدُّ. (وَجَازَ بَيْعُهَا) أَيْ الدَّابَّةُ (وَاسْتِثْنَاءُ) أَيْ اشْتِرَاطُ بَائِعِهَا لِ (رُكُوبِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (الثَّلَاثَ) مِنْ الْأَيَّامِ وَأَوْلَى الْيَوْمَيْنِ وَالْيَوْمِ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ لِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ " الجزء: 8 ¦ الصفحة: 5 لَا جُمُعَةً. وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ شَهْرًا، إنْ لَمْ يَنْقُدْ وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ؛ إنْ لَمْ يَنْقُدْ،   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَرَى مِنْهُ جَمَلًا فِي رُجُوعِهِمْ إلَى الْمَدِينَةِ وَجَعَلَ لَهُ رُكُوبَهُ إلَيْهَا ثُمَّ أَعْطَاهُ الثَّمَنَ، ثُمَّ الْجَمَلَ» ، وَقَيَّدَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِقُرْبِ الْمَسَافَةِ (لَا) يَجُوزُ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهَا (جُمُعَةً وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْمُتَوَسِّطُ) بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالْجُمُعَةِ، أَيْ اسْتِثْنَاءُ رُكُوبِهِ، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ بَاعَ دَابَّةً فَاسْتَثْنَى رُكُوبَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ يُسَافِرُ عَلَيْهَا الْيَوْمَ أَوْ إلَى الْمَكَانِ الْقَرِيبِ جَازَ، وَلَا يَنْبَغِي فِيمَا بَعُدَ، إذْ لَا يَدْرِي الْمُبْتَاعُ كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ وَضَمَانُهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ فِيمَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَمِنْ الْبَائِعِ فِيمَا لَا يَجُوزُ. اللَّخْمِيُّ مَنْ بَاعَ رَاحِلَةً وَاسْتَثْنَى رُكُوبَهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ جَازَ وَكُرِهَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، وَيُمْنَعُ مَا كَثُرَ كَالْجُمُعَةِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ يَوْمًا أَوَيَوْمَيْنِ أَيْ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيِّ. وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهُ لَا يَنْبَغِي عَلَى الْمَنْعِ وَنُوقِشَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ كَرَاهَةَ الْمُتَوَسِّطِ لِلَّخْمِيِّ، وَالثَّالِثُ دَاخِلٌ فِيهِ عِنْدَهُ. (وَ) يَجُوزُ (كِرَاءُ دَابَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ لِيَرْكَبَهَا الْمُكْتَرِي مِنْ مِصْرَ إلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ الشُّرُوعُ فِي رُكُوبِهَا (شَهْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ يَدْفَعْ الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ، وَمَفْهُومُ شَهْرًا جَوَازُ مَا دُونَهُ وَإِنْ نَقَدَ. وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ مَنْعُهُ إنْ نَقَدَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ إنْ لَمْ يَنْقُدْ إلَى شَهْرٍ بِجَرِّ شَهْرٍ بِإِلَى، وَهُوَ الصَّوَابُ، فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهَا وَمَنْ اكْتَرَى رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَ إلَى الْيَوْمِ أَوْ الْيَوْمَيْنِ وَمَا قَرُبَ جَازَ ذَلِكَ وَجَازَ النَّقْدُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ إلَى شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ جَازَ مَا لَمْ يَنْقُدْهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ اهـ. وَقَالَ " ق " لَعَلَّهُ إلَى شَهْرٍ، وَنَقَلَ نَصَّهَا الْمُتَقَدِّمَ. (وَ) إنْ اكْتَرَى دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا وَهَلَكَتْ فِي أَثْنَائِهَا جَازَ (الرِّضَا بِ) دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ يَرْكَبُهَا بَاقِيَ الْمَسَافَةِ (غَيْرِ) الدَّابَّةِ (الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ) فِي الْأَثْنَاءِ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي، فَإِنْ كَانَ نَقَدَهُ فَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 6 أَوْ نَقَدَ، وَاضْطُرَّ. وَفَعَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ، وَدُونَهُ وَحَمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ كَيْلِهِ، أَوْ وَزْنِهِ، أَوْ عَدِّهِ، إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ   [منح الجليل] لِانْفِسَاخِ الْكِرَاءِ بِهَلَاكِهَا وَوُجُوبِ الرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْبَاقِي، وَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي، فَإِنْ رَضِيَ بِغَيْرِهَا فَقَدْ فَسَخَ دَيْنًا فِي دَيْنٍ (أَوْ) كَانَ (نَقَدَ) الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي (وَ) قَدْ (اُضْطُرَّ) الْمُكْتَرِي لِلرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ دَابَّةٍ يَكْتَرِيهَا أَوْ يَشْتَرِيهَا، وَهُوَ فِي مَفَازَةٍ يَخْشَى الْهَلَاكَ فِيهَا إنْ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَيَجُوزُ رِضَاهُ بِغَيْرِهَا وَإِنْ لَزِمَهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِلضَّرُورَةِ وَمَفْهُومُ الْمُعَيَّنَةِ جَوَازُ الرِّضَا بِغَيْرِ الْمَضْمُونَةِ الْهَالِكَةِ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَ الْكِرَاءَ لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْكِرَاءِ بِهَلَاكِهَا، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَوْ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ الْمُعَيَّنَةُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، أَيْ وَقَدْ نَقَدَهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْطِيَهُ دَابَّةً أُخْرَى يَرْكَبُهَا بَقِيَّةَ سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يُصِيبَهُ ذَلِكَ بِفَلَاةٍ وَمَوْضِعٍ لَا يُوجَدُ فِيهِ كِرَاءٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الضَّرُورَةِ إلَى مَوْضِعٍ مُسْتَعْتَبٍ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ تَحَوَّلَ فِي كِرَاءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَضْمُونٍ إذَا كَانَ الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ مُعَيَّنًا. ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ؛ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مُبْتَدَأٌ. (وَفَعَلَ) الْمُسْتَأْجِرُ الْفِعْلَ (الْمُسْتَأْجَرَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (عَلَى) فِعْلِ (هـ) وَهَذَا مَعْلُومٌ، وَذَكَرَهُ تَوَصُّلًا لِمَا بَعْدَهُ وَمُسَاوِيهِ (وَدُونَهُ) بِالْأَوْلَى وَ (لَا) يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا (أَضَرَّ) مِنْهُ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا. فِيهَا مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَمْلِ مَحْمَلٍ فَحَمَّلَهَا زَامِلَةً فَعَطِبَتْ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ الْمَحْمَلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فَلَا يَضْمَنُ، وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ غَيْرَ مَا سَمَّى إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَضَرَّ وَلَا أَثْقَلَ مِنْ مَحْمَلٍ. الْبُنَانِيُّ أَيْ فَعَلَ مِثْلَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ عَيْنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَمَا فِي " ز " وَغَيْرِهِ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ دَابَّةٍ لِحَمْلٍ (بِرُؤْيَتِهِ) أَيْ الْمَحْمُولِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ جِنْسِهِ اكْتِفَاءً بِرُؤْيَتِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ قَدْرُ الْمَحْمُولِ عُرْفًا أَوْ نَصًّا (أَوْ) بِ (كَيْلِهِ) أَيْ الْمَحْمُولِ كَإِرْدَبٍّ (أَوْ) بِ (وَزْنِهِ) كَقِنْطَارٍ (أَوْ عَدَدِهِ) كَمِائَةٍ (إنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ) الْمَكِيلُ بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ أَوْ الْمَوْزُونُ بِاللُّيُونَةِ وَالْيُبُوسَةِ أَوْ الْمَعْدُودُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ. ابْنُ شَاسٍ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ لِلْحَمْلِ، وَيُعْرَفُ الْمَحْمُولُ بِالرُّؤْيَةِ إنْ حَضَرَ، فَإِنْ غَابَ فَبِذِكْرِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7 وَإِقَالَةٌ قَبْلَ النَّقْدِ   [منح الجليل] فِيمَا لَا كَثِيرَ تَفَاوُتٍ بَيْنَ آحَادِهِ، فِيهَا مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ إلَّا مِنْ قَوْمٍ قَدْ عُرِفَ حَمْلُهُمْ، فَذَلِكَ لَازِمٌ عَلَى مَا عَرَفُوا مِنْ الْحَمْلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَوْ سَمَّى حِمْلَ طَعَامٍ أَوْ بَزٍّ أَوْ عِطْرٍ جَازَ، وَحَمْلُهَا قَدْرُ حَمْلِ مِثْلِهَا. عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ هَذَا فَحَمَلَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ عَلَى الْخِلَافِ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ قَدْ عُرِفَ حَمْلُهُمْ أَيْ قَدْرُهُ وَالْأَنْدَلُسِيُّونَ عَلَى الْوِفَاقِ أَيْ عَرَّفُوا جِنْسَ وَنَوْعَ مَا يَحْمِلُونَ مِنْ التِّجَارَةِ وَلَا يَضُرُّهُمْ جَهْلُ قَدْرِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ فَضْلٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ مَتَى عُرِفَ جِنْسُهُ لَمْ يُبَالَ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ، وَحَمَلَتْ الدَّابَّةُ حَمْلَ مِثْلِهَا، وَقَدْ قَالَهُ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا فِي مُكْتَرِي دَوَابَّ مِنْ وَاحِدٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِائَةَ إرْدَبٍّ وَلَمْ يُسَمِّ مَا تَحْمِلُ دَابَّةٌ جَازَ وَيَحْمِلُ عَلَى كُلِّ دَابَّةٍ مَا تَقْوَى عَلَى حَمْلِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي زَامِلَةِ الْحَاجِّ. أَبُو الْحَسَنِ حَاصِلُ هَذَا أَنَّ الْقَرَوِيِّينَ قَالُوا لَا يَجُوزُ وَإِنْ سَمَّى الْجِنْسَ حَتَّى يُعْرَفَ الْقَدْرُ إمَّا بِنَصٍّ أَوْ عُرْفٍ وَلَا يَكْفِي الِاجْتِهَادُ، وَقَالَ الْأَنْدَلُسِيُّونَ إنْ سَمَّى الْجِنْسَ جَازَ، وَيُصْرَفُ الْقَدْرُ لِلِاجْتِهَادِ، وَمِمَّنْ أَوَّلَ بِالْخِلَافِ. اللَّخْمِيُّ فَقَالَ: إنْ سَمَّى قَدْرَ مَا يَحْمِلُ دُونَ جِنْسِهِ لَمْ يَجُزْ فَقَدْ يَتَّفِقُ الْوَزْنُ وَيَخْتَلِفُ الْكِرَاءُ لِاخْتِلَافِ الْمَضَرَّةِ كَالْكَتَّانِ وَالرَّصَاصِ الْمُسْتَوِيَيْنِ وَزْنًا وَاخْتُلِفَ إذَا سَمَّى الْجِنْسَ دُونَ الْقَدْرِ فَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ. وَيَحْمِلُ عَلَيْهَا حَمْلَ مِثْلِهَا، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، إذْ قَدْ لَا يَعْرِفُ قَدْرَ مَا تَحْمِلُهُ إلَّا رَبُّهَا، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ شَاسٍ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي حَمْلِ كَلَامِ الْغَيْرِ عَلَى الْخِلَافِ لِاخْتِيَارِهِ اللَّخْمِيُّ، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ خَاصٌّ بِالْمَعْدُودِ كَمَا قَالَ الشَّارِحَانِ، وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، إذْ ذِكْرُ الْجِنْسِ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَالْجِنْسُ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَفَاوُتٌ بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ أَفَادَهُ طفي. (وَ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ تَقَايَلَا جَازَتْ (الْإِقَالَةُ) مِنْ الِاكْتِرَاءِ إنْ كَانَتْ (قَبْلَ النَّقْدِ) لِلْكِرَاءِ مِنْ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي، سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْكِرَاءِ أَوْ بِأَزْيَدَ مِنْهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا بِشَرْطِ تَعْجِيلِهَا؛ لِأَنَّ الْمُكْرِيَ اكْتَرَى الدَّابَّةَ مِنْ الْمُكْتَرِي بِالْكِرَاءِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِالزِّيَادَةِ، فَإِنْ أُجِّلَتْ الزِّيَادَةُ مُنِعَتْ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8 وَبَعْدَهُ، إنْ لَمْ يَعِبْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ، إنْ اقْتَصَّا، أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ   [منح الجليل] وَ) تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ النَّقْدِ (إنْ لَمْ يَغِبْ) الْمُكْرِي (عَلَيْهِ) أَيْ الْكِرَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ غَابَ عَلَيْهِ (فَلَا) تَجُوزُ الْإِقَالَةُ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (إلَّا أَنْ) تَكُونَ الزِّيَادَةُ (مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُكْرِي فَتَجُوزُ (إنْ) كَانَا (اقْتَصَّا) أَيْ شَرَطَا الْمُقَاصَّةَ لِيَسْلَمَا مِنْ ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (أَوْ) تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْرِي أَوْ الْمُكْتَرِي (بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ) لِنَفْيِهِ تُهْمَةَ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ مَا فَتَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. الْخَرَشِيُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا فِي الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَنَافِعِ وَمِنْ الْمُكْرِي عَلَى الْكِرَاءِ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ بِالْكِرَاءِ فَجَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ حِينَئِذٍ، وَهِيَ تُهْمَةُ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ لَك أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ وَإِقَالَةٍ بِزِيَادَةٍ إلَخْ. طفي لَيْسَ فِي نُسْخَةِ تت لَفْظُ بِزِيَادَةٍ، فَلِذَا قَالَ: سَوَاءٌ كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَزْيَدَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِقَالَةٌ بِزِيَادَةٍ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ جَمْعٍ مِنْ الشُّرَّاحِ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ أَمَّا عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا قَبْلَ النَّقْدِ وَبَعْدَهُ اللَّخْمِيُّ الْإِقَالَةُ مِنْ الْكِرَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْرِي وَلَا مِنْ الْمُكْتَرِي فَهِيَ جَائِزَةٌ بَعْدَ النَّقْدِ، وَتَجُوزُ أَيْضًا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهَا حِلُّ بَيْعٍ أَوْ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَأَنَّ الذِّمَمَ تَبْرَأُ بِهَا وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِبَرَاءَةِ الذِّمَمِ بِهَا يَمْنَعُ ذَلِكَ فِي الْمَضْمُونِ، وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ عِنْدَ أَخْذِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ الرُّكُوبُ عَنْ دَيْنٍ اسْتَحَقَّهُ عِنْدَهُ، وَهُوَ الْكِرَاءُ. وَإِنْ كَانَ الرُّكُوبُ مُعَيَّنًا جَازَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُكْتَرِي فِيهَا الْآنَ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مُقَارِنٌ أَخْذَ الْمُكْرِي مَنَافِعَ عَنْ دَيْنٍ. اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ هَذَا. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الْكِرَاءِ كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ بِالذَّهَبِ إمَّا ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ عَرْضٌ، وَهِيَ فِيهَا إمَّا مُعَجَّلَةٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَهِيَ فِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا مِنْ الْمُكْتَرِي، وَإِمَّا مِنْ الْمُكْرِي، فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إمَّا قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ، فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْتَرِي قَبْلَ النَّقْدِ فَتَجُوزُ إنْ عُجِّلَتْ وَكَانَتْ ذَهَبًا أَوْ عَرْضًا، وَإِنْ كَانَتْ فِضَّةً فَتَجُوزُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ أُجِّلَتْ امْتَنَعَتْ فِي الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا فِي الذَّهَبِ كِرَاءٌ وَسَلَفٌ، وَفِي الْفِضَّةِ كِرَاءٌ وَصَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَفِي الْعَرْضِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ النَّقْدِ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى الْكِرَاءِ أَمْ لَا، فَتَجُوزُ الْمُعَجَّلَةُ مِنْ الْعَرْضِ مُطْلَقًا، وَمِنْ الذَّهَبِ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَمِنْ الْفِضَّةِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَتُمْنَعُ الْمُؤَخَّرَةُ مِنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَرْضٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَفِيهِ كِرَاءٌ وَسَلَفٌ أَيْضًا، وَمِنْ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَيَجُوزُ مِنْ الْعَرْضِ بِشُرُوطِ السَّلَمِ، فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِي زِيَادَةِ الْمُكْتَرِي يَمْتَنِعُ خَمْسٌ مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْرِي قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ الْمُعَجَّلَةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرْضًا وَتُمْنَعُ الْمُؤَخَّرَةُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرْضًا؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَتُمْنَعُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ فِيهَا إلَّا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ يَدْفَعُ التُّهْمَةَ فَتَجُوزُ، وَتُمْنَعُ الثَّلَاثُ إنْ أُخِّرَتْ مُطْلَقًا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ فِي زِيَادَةِ الْمُكْرِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10 وَاشْتِرَاطُ هَدِيَّةِ مَكَّةَ، وَإِنْ عُرِفَ   [منح الجليل] تَجُوزُ مِنْهَا ثَلَاثٌ هَذَا حَاصِلُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ إنَّمَا هُوَ فِي زِيَادَةِ الْمُكْرِي بَعْدَ غَيْبَتِهِ عَلَى الْكِرَاءِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي كِرَاءِ الدَّابَّةِ الْمَضْمُونَةِ. وَأَمَّا الْمُعَيَّنَةُ فَإِنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْتَرِي وَعُجِّلَتْ فَتَجُوزُ بِالذَّهَبِ وَتُمْنَعُ بِالْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبٌ مَنْقُودٌ وَمَنَافِعُ بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ وَبِالْفِضَّةِ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَتَجُوزُ بِالذَّهَبِ الْمُؤَخَّرِ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَتُمْنَعُ بِالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ وَبِالْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي وَعُجِّلَتْ فَتَجُوزُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ وَتُمْنَعُ بِالْمُؤَجَّلِ فِي الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الذَّهَبِ وَالْعَرْضِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَفِي الْفِضَّةِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً فِي الْمُعَيَّنِ الْمُؤَجَّلِ، وَفِي الْمُعَيَّنِ الْمُعَجَّلِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ فَمَجْمُوعُ صُوَرِ الْمُعَيَّنِ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ. وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فِي الدُّورِ فَهِيَ كَالْإِقَالَةِ فِي الْكِرَاءِ الْمُعَيَّنِ فَفِيهَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ أَيْضًا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ إذَا غَابَ الْمُكْرِي عَلَى الْمَالِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى الزِّيَادَةِ مِنْهُ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ سُكْنَى بَعْضِ الْمُدَّةِ كَسَيْرِ بَعْضِ الْمَسَافَةِ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فِي الْمَسَافَةِ، فَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَجْمُوعَ صُوَرِ الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ: سِتٌّ وَتِسْعُونَ بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ هَكَذَا حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ رُشْدٍ وَصَاحِبُ التَّكْمِيلِ، وَنَظَّمَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ، وَوَضَعَ لَهَا فِي التَّكْمِيلِ جَدْوَلًا، وَأَمَّا الْأَرْضُ فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً فَكَالدُّورِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ فَزِيَادَةُ الْمُكْرِي لَا تَجُوزُ نَقْدًا لِاحْتِمَالِ عَدَمِ رَيِّهَا فَيَفْسَخُ الْكِرَاءُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يَجُوزُ اشْتِرَاطُ حَمْلِ (هَدِيَّةِ) الْحَاجِّ لِ (مَكَّةَ) عَلَى الْمُكْرِي (إنْ عُرِفَ) بِضَمٍّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11 وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ لَا حَمْلِ مَنْ مَرِضَ، وَلَا اشْتِرَاطُ إنْ مَاتَتْ   [منح الجليل] فَكَسْرٍ قَدْرُهَا، فِيهَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ حَمْلَ هَدَايَا مَكَّةَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا عُرِفَ وَجْهُهُ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ كِسْوَتُهَا وَطِيبُهَا فَظَاهِرُهُ جَوَازُ تَطْيِيبِهَا وَكِسْوَتِهَا إلَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ، وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ مَا يُخَلِّقُ بِهِ الْمَسْجِدَ أَوْ يُجَمِّرُهُ أَحَبُّ إلَيَّ اهـ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ كِسْوَةَ الْكَعْبَةِ مُخَصَّصَةٌ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ كِسْوَةِ الْجُدَرَانِ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ، وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْمُكْتَرِي هَدِيَّةَ وُصُولِهِ إلَى مَكَّةَ إنْ عُرِفَ قَدْرُهَا. (وَ) يَجُوزُ لِلْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ (عُقْبَةِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ رُكُوبِ (الْأَجِيرِ) أَيْ الْخَدَّامِ الَّذِي يَقُودُ بِهِ الدَّابَّةَ الْمِيلَ السَّادِسَ عَلَى الدَّابَّةِ مَعَ الْمُكْتَرِي أَوْ بَدَلِهِ وَيُمْشِيهِ الْمُكْتَرِي. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتَرِيَ مَحْمَلًا وَيَشْتَرِطَ عُقْبَةَ الْأَجِيرِ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْكَبُ الْمِيلَ السَّادِسَ، وَفِي نَدْبِ اشْتِرَاطِ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ لِيَخْرُجَ مِنْ كَرَاهَةِ فِعْلِ مِثْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَوُجُوبِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ حُرْمَةِ فِعْلِ الْأَضَرِّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ قَوْلَانِ. أَبُو الْحَسَنِ أَيْ يَعْقُبُهُ أَجِيرُهُ فِي الرُّكُوبِ بَعْضُهُمْ يَرْفَعُ اشْتِرَاطَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ إكْرَاؤُهُ لِغَيْرِهِ إنْ أَكْرَاهَا لِلرُّكُوبِ. أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَعَاقَبَهُ صَارَ كَمِنْ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْعَيِيَّ أَثْقَلُ مِنْ غَيْرِهِ أَبَدًا، فَفَائِدَتُهُ رَفْعُ الْمَنْعِ. اهـ. وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالثَّانِي نَصُّ قَوْلِ أَصْبَغَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبٌ وَلَا وُجُوبٌ. (لَا) يَجُوزُ اكْتِرَاءُ جَمَاعَةٍ مُشَاةٍ دَابَّةً لِحَمْلِ أَزْوَادِهِمْ بِشَرْطِ (حَمْلِ مَنْ مَرِضَ) مِنْهُمْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَجَهَالَةٌ وَقَدْ يَظْهَرُ صَحِيحُ الْمَرَضِ لِرَغْبَتِهِ فِي الرُّكُوبِ فَيُؤَدِّي لِلتَّنَازُعِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ إلَى مَكَّةَ مِثْلَ مَا يَتَكَارَى النَّاسُ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ أَكْرَى مُشَاةً عَلَى أَزْوَادِهِمْ عَلَى أَنَّ لَهُمْ حَمْلَ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ فَلَا يَجُوزُ. (وَلَا) يَجُوزُ اكْتِرَاءُ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ مَثَلًا وَلَا (اشْتِرَاطُ إنْ مَاتَتْ) دَابَّةٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12 مُعَيَّنَةً أَتَاهُ: بِغَيْرِهَا. كَدَوَابَّ لِرِجَالٍ، أَوْ لِأَمْكِنَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ نَقْدَ مُعَيَّنٍ. وَإِنْ نَقَدَ   [منح الجليل] مُعَيَّنَةٌ) أَوْ عَجَزَتْ (أَتَاهُ) أَيْ الْمُكْرِي الْمُكْتَرِيَ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ لِيَرْكَبَهَا فِي بَقِيَّةِ الْمَسَافَةِ إنْ كَانَ نَقَدَ الْكِرَاءَ وَلَوْ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فَسْخَ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ جَازَ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا إلَى بَلَدٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى دَابَّةٍ أَوْطَأَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ بِزِيَادَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا. قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ وَلَوْ شَرَطَ فِي أَوَّلِ كِرَائِهِ أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ فَدَابَّتُهُ الْأُخْرَى بِعَيْنِهَا مَكَانَهَا إلَى غَايَةِ سَفَرِهِ أَوْ شَرَطَ أَنَّ كِرَاءَهُ بَاقٍ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَ) اكْتِرَاءِ (دَوَابَّ) مَمْلُوكَةٍ (لِرِجَالٍ) لِكُلِّ رَجُلٍ دَابَّةٌ أَوْ لِرَجُلٍ وَاحِدَةٌ وَالْبَاقِي لِآخَرَ أَوْ مُشْتَرِكِينَ فِيهَا بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ لِحَمْلِ أَحْمَالٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَا لِكُلِّ دَابَّةٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِمَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ وَتَأْدِيَتِهِ لِلتَّنَازُعِ. فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّوَابُّ لِرِجَالٍ شَتَّى وَأَحْمَالُهَا مُخْتَلِفَةٌ فَلَا يَجُوزُ، إذْ لَا يَدْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَكْرَى دَابَّتَهُ لِحَمْلِهِ (أَوْ) كِرَاءِ دَوَابَّ فِي صَفْقَةٍ (لِأَمْكِنَةٍ مُخْتَلِفَةٍ) كَبَرْقَةَ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَطَنْجَةَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَا لِكُلِّ دَابَّةٍ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانَتْ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ الْمُتَكَارِيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَرْغَبُ فِي رُكُوبِ الْقَوِيَّةِ لِلْمَكَانِ الْبَعِيدِ وَالْمُكْرِيَ يَرْغَبُ فِي عَكْسِهِ إبْقَاءً لِقُوَّةِ الْقَوِيَّةِ فَفِيهِ مُخَاطَرَةٌ وَتَنَازُعٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى دَابَّتَيْنِ وَاحِدَةٌ إلَى بَرْقَةَ وَالْأُخْرَى إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَهُمَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَيِّنَ الَّتِي إلَى بَرْقَةَ وَاَلَّتِي إلَى إفْرِيقِيَةَ. (أَوْ) كِرَاءِ دَابَّةٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ وَ (لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ) فِي بَلَدِ الْكِرَاءِ (نَقْدَ) أَيْ تَعْجِيلَ كِرَاءٍ (مُعَيَّنٍ) وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَهُ أَيْضًا فَلَا يَجُوزُ إنْ لَمْ يَنْقُدَاهُ، بَلْ (وَإِنْ نَقَدَا) أَيْ عَجَّلَا الْكِرَاءَ الْمُعَيَّنَ، فَإِنْ عُرِفَ تَعْجِيلُهُ أَوْ شُرِطَ جَازَ، فِيهَا مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً أَوْ دَارًا أَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَتْ سُنَّةُ الْبَلَدِ الْكِرَاءُ بِالنَّقْدِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُنَّتُهُمْ الْكِرَاءُ بِالنَّقْدِ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ عُجِّلَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا أَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 13 أَوْ بِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ، إلَّا بِشَرْطِ الْخَلِفِ أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ. أَوْ لِمَكَانٍ شَاءَ. أَوْ لِيُشَيِّعَ رَجُلًا.   [منح الجليل] يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِي الْعَقْدِ وَأَعَادَ هَذَا وَإِنْ قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَفَسَدَتْ إنْ انْتَفَى تَعْجِيلَ الْمُعَيَّنِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، وَإِنْ نَقَدَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِذِكْرِهِمَا بَعْدَهُ (أَوْ) كِرَاءِ دَابَّةٍ مَثَلًا (بِدَنَانِيرَ) أَوْ دَرَاهِمَ (عُيِّنَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَهِيَ غَائِبَةٌ عَنْ مَجْلِسِ الْكِرَاءِ بِأَنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى يَدِ قَاضٍ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ أَمِينٍ فَلَا يَجُوزُ (إلَّا بِشَرْطِ الْحَلِفِ) عَلَى الْمُكْتَرِي إنْ تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا الْمُكْرِي فَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً عُرِفَ أَوْ شُرِطَ تَعْجِيلُهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ عُجِّلَتْ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اكْتَرَى مَا ذَكَرْنَا بِدَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ فَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ بِالنَّقْدِ قَضَى بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ تَعْجِيلُهَا فِي الْعَقْدِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ بِبَلَدٍ أُخْرَى عِنْدَ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ شُرِطَ ضَمَانُهَا إنْ تَلِفَتْ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، فَأَحْرَى إنْ كَانَ الْكِرَاءُ لَا يُنْقَدُ فِي مِثْلِهِ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الدَّنَانِيرِ إنْ تَلِفَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا. (أَوْ) اكْتِرَاءِ دَابَّةٍ (لِيَحْمِلَ) الْمُكْتَرِي (عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (مَا) أَيْ الْمَتَاعَ الَّذِي (شَاءَ) الْمُكْتَرِي حَمْلُهُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْمُولَاتِ تَخْتَلِفُ بِالثِّقَلِ وَالْخِفَّةِ وَالْيُبُوسَةِ وَاللُّيُونَةِ (أَوْ) لِيَرْكَبَهَا (لِ) أَيِّ (مَكَان شَاءَ) الْمُكْتَرِي فَلَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ بِالسُّهُولَةِ وَالصُّعُوبَةِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَالْأَمْنِ وَالْخَوْفِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا مِنْ قَوْمٍ قَدْ عُرِفَ حَمْلُهُمْ فَذَلِكَ لَازِمٌ عَلَى مَا عُرِفُوا بِهِ مِنْ الْحَمْلِ. وَلَوْ قَالَ أَحْمِلُ عَلَيْهَا حَمْلَ مِثْلِهَا مِمَّا شِئْت فَلَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ ضَرَرِ الْأَشْيَاءِ فِي الْحَمْلِ، وَكَذَلِكَ لِيَرْكَبَهَا إلَى أَيِّ بَلَدٍ شَاءَ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ بِالسُّهُولَةِ وَالْوُعُورَةِ، وَكَذَلِكَ الْحَوَانِيتُ وَالدُّورُ وَكُلُّ مَا تَبَاعَدَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا هُوَ أَضَرُّ بِالْجُدْرَانِ. (أَوْ) اكْتِرَاؤُهَا (لِيُشَيِّعَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 14 أَوْ بِمِثْلِ كِرَاءِ النَّاسِ. أَوْ إنْ وَصَلْتَ فِي كَذَا فَبِكَذَا. أَوْ لِيَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ. إلَّا بِإِذْنٍ   [منح الجليل] الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً الْمُكْتَرِي عَلَيْهَا (رَجُلًا) مُسَافِرًا، أَيْ يَسِيرُ مَعَهُ بَعْضَ الْمَسَافَةِ تَأْنِيسًا لَهُ وَتَدْرِيبًا عَلَى السَّفَرِ وَجَبْرًا لِخَاطِرِهِ وَتَوْدِيعًا لَهُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ نِهَايَةِ التَّشْيِيعِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِغَايَتِهِ فِيهَا لَا يَجُوزُ كِرَاءُ دَابَّةٍ لِيُشَيِّعَ عَلَيْهَا رَجُلًا حَتَّى يُسَمِّيَ مُنْتَهَى التَّشْيِيعِ، قَالَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَبْلَغُ التَّشْيِيعِ؛ بِالْبَلَدِ قَدْ عُرِفَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. (أَوْ) اكْتِرَاءِ دَابَّةٍ مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ مَثَلًا (بِمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (كِرَاءِ النَّاسِ) الَّذِي يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْكِرَاءِ حَالَ عَقْدِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ تَكَارَى مِنْ رَجُلٍ إلَى مَكَّةَ بِمِثْلِ مَا يَتَكَارَى بِهِ النَّاسُ لَمْ يَجُزْ. أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمَجْهُولٌ، وَانْظُرْ إذَا كَانَ مِثْلَ كِرَاءِ النَّاسِ فِي الْمَاضِي فَهَلْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَوْ لَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ أَكْرِيَةِ الدَّوَابِّ اهـ. طفي الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِلْمُدَوَّنَةِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتْبَعَ لَفْظَهَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْمُسْتَقْبَلِ. (أَوْ) كِرَاءٍ قَالَ فِيهِ (إنْ وَصَلْت) مِنْ مِصْرَ إلَى مَكَّةَ (فِي كَذَا) يَوْمًا كَثَلَاثِينَ (فَ) الِاكْتِرَاءُ (بِكَذَا) دِرْهَمًا كَعَشَرَةٍ، وَإِنْ وَصَلْت إلَيْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَبِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْأُجْرَةِ وَالْغَرَرِ حَالَ الْعَقْدِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ اكْتَرَى رَجُلَ دَابَّةٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَلَّغَهُ مَوْضِعَ كَذَا يَوْمَ كَذَا فَلَهُ كَذَا دِرْهَمًا وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ لَهُ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَلَّغَك إلَى مَكَّةَ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ أَوْصَلَك فِي أَكْثَرَ فَلَهُ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ فَلَا يَجُوزُ، وَيُفْسَخُ إنْ نَزَلَ قَبْلَ الرُّكُوبِ، فَإِنْ رَكِبَ لِلْمَكَانِ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي سُرْعَةِ غَيْرِهِ وَإِبْطَائِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا سَمَّيَاهُ. (أَوْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ (يَنْتَقِلَ) أَيْ يَعْدِلَ الْمُكْتَرِي دَابَّةً لِيُسَافِرَ عَلَيْهَا إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ لِلسَّفَرِ عَلَيْهَا (لِبَلَدٍ) آخَرَ غَيْرِ الَّذِي اكْتَرَاهَا إلَيْهِ إنْ لَمْ تُسَاوِهَا، بَلْ (وَإِنْ سَاوَتْ) الَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا الَّتِي اكْتَرَى إلَيْهَا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ وَسُهُولَتِهَا أَوْ صُعُوبَتِهَا (إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُكْرِي لِاخْتِلَافِ الطُّرُقِ بِصَدَاقَةِ أَهْلِهَا وَعَدَاوَتِهَا الْمُكْرِيَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَهْل الْأُولَى أَصْدِقَاؤُهُ فَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 15 كَإِرْدَافِهِ خَلْفَك، أَوْ حَمَلَ مَعَك، وَالْكِرَاءُ لَك، إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً: كَالسَّفِينَةِ،   [منح الجليل] يَخْشَى عَلَى دَابَّتِهِ مِنْهُمْ وَأَهْلَ الثَّانِيَةِ أَعْدَاؤُهُ فَيَخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُمْ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِي الِانْتِقَالِ جَازَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فِيهَا مَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَلَى حُمُولَةٍ إلَى بَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ صَرْفُهَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي اكْتَرَى إلَيْهِ وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْمَسَافَةِ وَالسُّهُولَةِ أَوْ الصُّعُوبَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُكْرِي، وَلَمْ يُجْزِهِ غَيْرُهُ وَإِنْ رَضِيَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَإِرْدَافِهِ) أَيْ رَبِّ الدَّابَّةِ الَّتِي اكْتَرَيْتهَا مِنْهُ بِعَيْنِهَا رَدِيفًا (خَلْفَك) يَا مُكْتَرِي عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ (أَوْ حَمَلَ) عَلَيْهَا (مَعَك) مَتَاعًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّك مَلَكْتَ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهَا إلَى نِهَايَةِ سَفَرِك. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنْ اكْتَرَيْت دَابَّةً بِعَيْنِهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَنْ يَحْمِلَ تَحْتَك مَتَاعًا وَلَا يُرْدِفَ خَلْفَك رَدِيفًا، وَكَأَنَّك مَلَكْت ظَهْرَهَا وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ (وَ) إنْ أَرْدَفَ شَخْصًا خَلْفَك أَوْ حَمَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَعَك فَ (الْكِرَاءُ) لِلرَّدِيفِ أَوْ الْمَحْمُولِ مَعَك حَقٌّ (لَك) يَا مُكْتَرِي (إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً) مَعْلُومَةً فَإِنْ اكْتَرَيْت مِنْهُ حَمْلَ زِنَةٍ مَعْلُومَةٍ فَكِرَاءُ الزَّائِدِ لِرَبِّهَا، وَلَهُ الزِّيَادَةُ إنْ لَمْ تَضُرَّ الزِّيَادَةُ بِالْمُكْتَرِي، فَإِنْ أَضَرَّتْ بِهِ بِأَنْ كَانَ يَصِلُ فِي يَوْمِهَا بِدُونِهَا وَبِهَا لَا يَصِلُ إلَّا فِي يَوْمَيْنِ فَيَمْنَعُ الْمُكْرِيَ مِنْ الزِّيَادَةِ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ حَمَلَ فِي مَتَاعِك عَلَى الدَّابَّةِ مَتَاعًا بِكِرَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ كِرَاءٍ، فَلَكَ كِرَاؤُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ اكْتَرَيْت مِنْهُ حَمْلَ أَرْطَالٍ مُسَمَّاةٍ، فَالزِّيَادَةُ لَهُ قَالَ أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ أَكْرَاهُ لِيَحْمِلَهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَتَاعِهِ فَكِرَاءُ الزِّيَادَةِ لِلْمُكْتَرِي. ابْنُ يُونُسَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا قَوْلُ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. وَشَبَّهَ السَّفِينَةَ بِالدَّابَّةِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ فَقَالَ (كَالسَّفِينَةِ وَ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِهِ عَلَيْهَا مِنْ مِصْرَ لِمَكَّةَ مَثَلًا ثُمَّ أَكْرَاهَا لِغَيْرِهِ فَعَطِبَتْ أَوْ ضَاعَتْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 16 وَضَمِنَ إنْ أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ. أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ أَوْ حَمْلٍ تَعْطَبُ بِهِ، وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ: كَأَنْ لَمْ تَعْطَبْ   [منح الجليل] ضَمِنَ) الْمُكْتَرِي الْأَوَّلُ قِيمَتَهَا (إنْ أَكْرَا) هَا (لِغَيْرِ أَمِينٍ) أَوْ لَأَنْقَلَ مِنْهُ، فَإِنْ أَكْرَاهَا لِأَمِينٍ مِثْلِهِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا مَكَانَهُ مِثْلَهُ فِي الْخِفَّةِ وَالْأَمَانَةِ فَلَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ أَكْرَاهَا مِمَّنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ مَأْمُونٍ ضَمِنَ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُهُ مَعَ زِيَادَةِ أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا تَلِفَتْ عِنْدَ الثَّانِي فَإِمَّا عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِسَمَاوِيٍّ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُعْلَمَ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ أَوْ بِأَنَّهُ مُكْتَرٍ فَقَطْ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ الْمَالِكُ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَدَاءِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ عَلِمَ بِالتَّعَدِّي ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَلِمَ بِالْكِرَاءِ فَقَطْ ضَمِنَ إنْ أُعْدِمَ الْأَوَّلُ وَإِنْ ظَنَّهُ الْمَالِكُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ عَطِبَتْ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَيْنِ الدَّابَّةُ الْمُكْتَرَاةُ (بِ) سَبَبِ (زِيَادَةِ) الْمُكْتَرِي عَلَى (مَسَافَةٍ) مُشْتَرَطَةٍ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ، نَحْوُ مِيلٍ، فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ بُلُوغِهَا إلَى نِهَايَةِ الْمَسَافَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ كِرَاءَ الزِّيَادَةِ الْخِيَارُ لِلْمُكْرِي، وَسَوَاءٌ كَانَ شَأْنُ الزِّيَادَةِ التَّعْطِيبَ أَوْ السَّلَامَةَ، فَإِنْ سَلِمَتْ فَلَهُ كِرَاؤُهَا فَقَطْ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا بَلَغَ الْمُكْتَرِي الْغَايَةَ الَّتِي اكْتَرَى إلَيْهَا ثُمَّ زَادَهُ مِيلًا أَوْ نَحْوَهُ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلُ، وَالْخِيَارُ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ أَوْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي. ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَضْمَنُ فِي زِيَادَةِ الْمِيلِ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا مِثْلُ مَا يَعْدِلُ النَّاسُ إلَيْهِ فِي الْمَرْحَلَةِ فَلَا يَضْمَنُ. (أَوْ) عَطِبَتْ بِسَبَبِ زِيَادَةِ (حَمْلٍ) عَلَى الْحَمْلِ الْمُشْتَرَطِ شَأْنُهُ (تَعْطَبُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الدَّابَّةُ (بِ) سَبَبِ زِيَادَةِ مِثْلِ (هـ) فَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الزِّيَادَةِ أَوْ كِرَاءَ الزِّيَادَةِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَصْلِيِّ الْخِيَارُ لِرَبِّهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا زَادَهُ شَأْنُهُ التَّعْطِيبُ، سَوَاءٌ سَلِمَتْ أَوْ عَطِبَتْ (فَالْكِرَاءُ) لِلْحَمْلِ الزَّائِدِ مُتَعَيِّنٌ لِرَبِّهَا مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَشَبَّهَ فِي تَعَيُّنِ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ فَقَالَ (كَأَنْ) زَادَ مَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ و (لَمْ تَعْطَبْ) فَلِرَبِّهَا كِرَاءُ الزَّائِدِ فَقَطْ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 17 إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ، أَوْ قِيمَتُهَا.   [منح الجليل] فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا زَادَ الْمُكْتَرِي عَلَى الْحِمْلِ الَّذِي شُرِطَ فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ، فَإِنْ كَانَ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِهِ الْمُكْتَرِيَ بِكِرَاءِ مَا زَادَ عَلَى الدَّابَّةِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ أَوْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي، وَلَا كِرَاءَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ إذَا زَادَ فِي أَوَّلِ الْمَسَافَةِ فَإِنْ زَادَ بَعْدَ سَيْرِ نِصْفِ الطَّرِيقِ وَاخْتَارَ أَخْذَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ فَلَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَنِصْفُ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ فِي ثُلُثِ الطَّرِيقِ أَوْ رُبُعِهَا لَهُ ثُلُثُ الْكِرَاءِ أَوْ رُبُعُهُ مَعَ قِيمَتِهَا. الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَعَطِبَتْ فَلَهُ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ عَطَبَهَا لَيْسَ مِنْ أَجْلِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مُجَاوَزَةِ الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّ مُجَاوَزَتَهَا تَعَدٍّ كُلُّهُ فَيَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْحِمْلِ الْمُشْتَرَطِ اجْتَمَعَ فِيهِ إذْنٌ وَتَعَدٍّ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَا تَعْطَبُ فِي مِثْلِهَا عُلِمَ أَنَّ هَلَاكَهَا بِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، وَصِفَةُ كِرَاءِ الزِّيَادَةِ فِي الْحَمْلِ إذَا وَجَبَتْ لِرَبِّهَا وَاخْتَارَهُ فِيمَا تَعْطَبُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ كَمْ يُسَاوِي كِرَاءُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ الْمُحَمَّلَةِ حَسْبَمَا تَعَدَّى عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي فَيَكُونُ ذَلِكَ لِرَبِّهَا مَعَ كِرَائِهِ الْأَوَّلِ، وَفِيهَا لَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا بَعْدَ زِيَادَةِ الْمِيلِ أَوْ الْأَمْيَالِ أَوْ بَعُدَ أَوْ حَبَسَهَا الْيَوْمَ أَوْ نَحْوَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَوْ أَيَّامًا يَسِيرَةً فَلَا يَضْمَنُ الْإِكْرَاءَ الزِّيَادَةَ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا) أَيْ يُؤَخِّرَ الدَّابَّةَ عَنْ رَبِّهَا مُكْتَرِيهَا زَمَنًا (كَثِيرًا) كَشَهْرٍ (فَلَهُ) أَيْ رَبِّهَا (كِرَاءُ الزَّائِدِ) الَّذِي حَبَسَهَا فِيهِ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَصْلِيِّ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهَا الْمُكْتَرِي فِي مُدَّةِ حَبْسِهَا أَمْ لَا (أَوْ قِيمَتُهَا) يَوْمَ التَّعَدِّي. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ أَوْ حَبَسَهَا أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا أَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلُ وَالْخِيَارُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ كِرَائِهَا فِيمَا حَبَسَهَا فِيهِ، مِنْ عَمَلٍ أَوْ حَبْسِهِ إيَّاهَا بِغَيْرِ عَمَلِ مَا بَلَغَ وَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَاشِرٍ سَوْقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ يُوهِمُ تَفْرِيعَهَا عَلَى التَّعَدِّي بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ أَوْ حَمْلٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ: وَإِنْ حَبَسَهَا إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 18 وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ، أَوْ جَمُوحٍ، أَوْ أَعْشَى أَوْ دَبَرُهُ فَاحِشًا: كَأَنْ يَطْحَنَ لَك كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ، فَوُجِدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا. وَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ فَلَا لَك وَلَا عَلَيْك   [منح الجليل] الثَّانِي رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ: الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ كَالْيَوْمِ وَالْأَيَّامُ الْكَثِيرَةُ مِثْلَ الشَّهْرِ وَنَحْوِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَسِيرَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ مُدَّةُ مَا يَضْمَنُهَا فِيهِ مِنْ الْحَبْسِ مَا تَتَغَيَّرُ الْأَسْوَاقُ إلَيْهِ، وَهُوَ قَدْ أَجَازَ السَّلَمَ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ الْأَسْوَاقَ تَتَغَيَّرُ إلَيْهِ. (وَ) إنْ اكْتَرَيْتَ دَابَّةً فَوَجَدْتَهَا عَضُوضًا أَوْ جَمُوحًا أَوْ عَشْوَاءَ أَوْ بِهَا دَبَرٌ فَاحِشٌ فَ (لَك) يَا مُكْتَرِي (فَسْخُ) كِرَاءِ بَعِيرٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ (عَضُوضٍ) أَيْ شَأْنُهُ عَضُّ مَنْ قَرُبَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ مِنْهُ (أَوْ جَمُوحٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا أَيْ لَا يَنْقَادُ إلَّا بِعُسْرٍ (أَوْ أَعْشَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِعْجَامِ الشِّينِ، أَيْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا أَوْ أَجْهَرَ لَا يُبْصِرُ نَهَارًا (أَوْ) كَانَ (دَبَرُهُ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ جُرْحُهُ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ (فَاحِشًا) تَضُرُّ رَائِحَتُهُ رَاكِبَهُ. فِيهَا وَإِنْ اكْتَرَيْت دَابَّةً أَوْ بَعِيرًا بِعَيْنِهِ فَإِذَا هُوَ عَضُوضٌ أَوْ جَمُوحٌ أَوْ لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ أَوْ دَبَرَتْ تَحْتَك دَبْرَةً فَاحِشَةً يُؤْذِيك رِيحُهَا، فَمَا أَضَرَّ مِنْ ذَلِكَ بِرَاكِبِهَا فَلَكَ فِيهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهَا عُيُوبٌ. وَالْكِرَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ. الْبُنَانِيُّ مُقْتَضَى الْخِيَارِ أَنَّهُ إنْ تَمَسَّكَ لَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْحَطّ مَعَ التَّمَسُّكِ. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ تَسْتَأْجِرُ ثَوْرًا مَثَلًا عَلَى أَنْ (يَطْحَنَ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرِ النُّونِ مَثَلًا (لَا يَطْحَنُ) فِي الْيَوْمِ (إلَّا إرْدَبًّا) وَاحِدًا فَلَكَ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ فَيَسْقُطُ عَنْك نِصْفُ الْكِرَاءِ قَالَهُ تت، وَصَوَّبَهُ طفي رَادًّا عَلَى أَحْمَدَ وعج وَمَنْ تَبِعَهُمَا فِي إلْزَامِهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا دَخَلَا وَعَقَدَا عَلَيْهِ. الْحَطّ وَنَصُّهَا وَإِنْ اكْتَرَيْت ثَوْرًا لِتَطْحَنَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدْتَهُ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 19 فَصْل) جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ   [منح الجليل] فَلَكَ رَدُّهُ، وَعَلَيْك فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ اهـ. وَظَاهِرُهَا صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي التَّقْيِيدِ بِالْعَمَلِ وَالزَّمَانِ الَّذِي يَحْمِلُ الْعَمَلَ، كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَاللَّخْمِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا أَمْكَنَ إتْمَامُ الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا عَلَى صِحَّةِ الْكِرَاءِ مَعَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَنِ إذَا زَادَ عَلَى الْعَمَلِ أَوْ سَاوَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ اكْتَرَى ثَوْرًا مَثَلًا لِطَحْنِ إرْدَبَّيْنِ فِي يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَ (زَادَ) مَا يَطْحَنُهُ فِيهِ عَلَى إرْدَبَّيْنِ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ (أَوْ نَقَصَ) مَا يَطْحَنُهُ عَنْهُمَا وَتَنَازَعَ زَادَ وَنَقَصَ (مَا) أَيْ قَدْرًا (يُشْبِهُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (الْكَيْلَ) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِزِيَادَتِهِ فِيهِ تَارَةً وَنَقْصِهِ عَنْهُ مَرَّةً أُخْرَى (فَلَا) شَيْءَ (لَك) يَا مُكْرِي فِي الزِّيَادَةِ (وَلَا) شَيْءَ (عَلَيْك) يَا مُكْتَرِي فِي النَّقْصِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا حَمَلَ لَك رَجُلٌ طَعَامًا فَزَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ زِيَادَةَ الْكَيْلِ أَوْ نَقْصِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا لَك مِنْ ضَمَانٍ وَلَا حِصَّةِ كِرَاءٍ، وَبِهَذَا قَرَّرَ الشَّارِحَانِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّقْرِيرَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [فَصْل كِرَاءُ الْحَمَّامِ] (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ كِرَاءِ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْعَبْدِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ (جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ الْبَيْتِ الْمُعَدِّ لِلْحُمُومِ فِيهِ بِالْمَاءِ الْحَارِّ وَمَا أَشْبَهَ كَفُرْنٍ وَمَعْمَلِ فُرُوجٍ. فِيهَا لَا بَأْسَ بِكِرَاءِ الْحَمَّامَاتِ. أَبُو الْحَسَنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ دُخُولِ الْحَمَّامِ بِشَرْطِهِ. اللَّخْمِيُّ إجَارَةُ الْحَمَّامِ لِلرِّجَالِ جَائِزَةٌ إذَا كَانُوا يَدْخُلُونَهُ مُسْتَتِرِينَ، وَإِجَارَتُهُ لِلنِّسَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: جَائِزَةٍ إنْ كُنَّ يَسْتُرْنَ جَمِيعَ جَسَدِهِنَّ، وَغَيْرِ جَائِزَةٍ إنْ كَانَتْ عَادَتُهُنَّ عَدَمَ سَتْرِ عَوْرَاتِهِنَّ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ عَادَتُهُنَّ الدُّخُولَ بِالْمَآزِرِ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي دُخُولُ الرَّجُلِ الْحَمَّامَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ دُخُولُهُ مَعَ زَوْجَتِهِ أَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 20 وَدَارٌ غَائِبَةٍ: كَبَيْعِهَا أَوْ نِصْفِهَا أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ وَشَهْرًا عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا: لَزِمَ، إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ   [منح الجليل] جَارِيَتِهِ أَوْ وَحْدَهُ فَمُبَاحٌ. الثَّانِي دُخُولُهُ مَعَ قَوْمٍ لَا يَسْتَتِرُونَ فَمَمْنُوعٌ. الثَّالِثُ دُخُولُهُ مَعَ قَوْمٍ مُسْتَتِرِينَ فَمَكْرُوهٌ، إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْكَشِفَ بَعْضُهُمْ فَيَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ، وَقِيلَ يَجُوزُ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَقَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ: وَاَللَّهِ مَا دُخُولُهُ بِصَوَابٍ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ لَا بَأْسَ بِكِرَاءِ الْحَمَّامَاتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى فِي الْعُتْبِيَّةِ صَوَابَ دُخُولِهِ سَاكِتًا عَنْ عَقْدِ كِرَائِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مُتَعَدٍّ فِي فِعْلِهِ مَا يَنْفِي صَوَابَ دُخُولِهِ وَمُكْرِيهِ بَرِيءٌ مِنْهُ وَلَمْ يَقُلْ فِي فِعْلِهِ صَوَابُ مَا يَنْفِي عَقْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (دَارٍ غَائِبَةٍ) وَرَبْعٍ وَحَانُوتٍ وَأَرْضٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً كَاكْتِرَائِهِ دَارًا بِمِصْرَ، وَهُوَ بِمَكَّةَ حَالَ كَوْنِ كِرَاءِ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ الْغَائِبَةِ (كَبَيْعِهَا) أَيْ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَنَحْوِهِمَا. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا فِي اشْتِرَاطِ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَوْ وَصْفٌ وَلَوْ مِنْ الْمُكْرِي أَوْ شُرِطَ خِيَارُ الْمُكْتَرِي بِالرُّؤْيَةِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا بِإِفْرِيقِيَّةَ، وَهُوَ بِمِصْرَ جَازَ كَالشِّرَاءِ، وَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ، فَإِنْ قَدِمَ فَلَمْ يَرْضَهَا حِينَ رَآهَا وَقَالَ هِيَ بَعِيدَةٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَالْكِرَاءُ لَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ رَأَى الدَّارَ وَعَرَفَ مَوْضِعَهَا، أَوْ عَلَى صِفَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَلَا بَأْسَ بِكِرَاءِ أَرْضٍ بِبَلَدٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَيَنْقُدُهُ كَالْبَيْعِ، ثُمَّ لَا رَدَّ لَهُ إنْ وَجَدَهَا عَلَى الصِّفَةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ مُنْذُ أَمَدٍ لَا تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ وَيَنْقُدُهُ كَالْبَيْعِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ لَا يَنْقُدُهُ عَلَى صِفَةِ رَبِّهَا، وَإِنَّمَا يَنْقُدُهُ عَلَى صِفَةِ غَيْرِهِ أَوْ يُرْسِلُ الْمُكْتَرِي رَسُولًا يُبْصِرُهَا. (أَوْ) كِرَاءُ (نِصْفِهَا) أَيْ الدَّارِ مَثَلًا مُشَاعًا. فِيهَا لَا بَأْسَ بِكِرَاءِ نِصْفِ دَارٍ أَوْ سُدُسِهَا أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنْهَا كَالشِّرَاءِ (أَوْ) كِرَاءُ (نِصْفِ عَبْدٍ) أَوْ دَابَّةٍ فِيهَا يَجُوزُ إجَارَةُ نِصْفِ عَبْدِ وَنِصْفِ دَابَّةٍ يَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ يَوْمًا، وَلِلَّذِي لَهُ النِّصْفُ الْآخَرُ يَوْمًا كَالْبَيْعِ، وَمَا جَازَ لَك بَيْعُهُ مِنْ ثَمَرَتِك جَازَ لَك إجَارَتُهُ بِهِ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ الدَّارِ (شَهْرًا) عَلَى شَرْطِ (إنْ سَكَنَ) الْمُكْتَرِي (يَوْمًا) مِنْهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 21 وَعَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَحُمِلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَمُشَاهَرَةً، وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا،   [منح الجليل] لَزِمَ) هـ كِرَاءُ الشَّهْرِ كُلِّهِ (إنْ مَلَكَ) الْمُكْتَرِي (الْبَقِيَّةَ) مِنْ الشَّهْرِ بِسُكْنَاهَا أَوْ إسْكَانِهَا غَيْرَهُ بِكِرَاءٍ أَوْ مَجَّانًا، فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ سَكَنَهَا يَوْمًا مَثَلًا مِنْهُ وَخَرَجَ مِنْهَا لَزِمَهُ كِرَاءُ الشَّهْرِ كُلِّهِ، وَلَا يَمْلِكُ الْبَقِيَّةَ، بَلْ تَعُودُ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُكْرِي فَلَا يَجُوزُ. فِيهَا مَنْ اكْتَرَى بَيْتًا شَهْرًا بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ سَكَنَ فِيهِ يَوْمًا وَاحِدًا فَالْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ جَازَ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ، أَوْ يُكْرِيَهُ إذَا خَرَجَ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَقْدَ جَائِزٌ وَأَنَّهُ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَسْكُنْ، فَإِنْ سَكَنَ لَزِمَ الْكِرَاءُ فِي شَهْرٍ، فَإِنْ أَرَادَ إنْ سُكِنَتْ يَوْمًا فَالْكِرَاءُ لِي لَازِمٌ وَلَيْسَ لِي أَنْ أُكَرِي مِنْ غَيْرِي كَانَ مِنْ بَيْعِ الشُّرُوطِ الَّذِي يَبِيعُ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَهَبُ وَلَا يَبِيعُ، فَإِنْ أُسْقِطَ الشَّرْطُ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ شَرَطَ إنْ خَرَجَ عَادَ الْمَسْكَنُ إلَى الْمُكْرِي، وَعَلَى الْمُكْتَرِي جَمِيعُ الْكِرَاءِ، فَهَذَا فَاسِدٌ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ. (وَ) جَازَ لِمَنْ اكْتَرَى دَارًا مَثَلًا شَهْرًا أَوْ سَنَةً (عَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ) لِوَقْتِ سُكْنَاهَا (وَحُمِلَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَهَا (مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يُسَمِّ مَتَى يَسْكُنُ جَازَ، وَيَسْكُنُ أَوْ يُسْكِنُ غَيْرَهُ مَتَى شَاءَ مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الدَّارِ، أَيْ فِي السُّكْنَى. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ وَإِنْ أَغْلَقَهَا الْمُكْتَرِي وَخَرَجَ مِنْهَا فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي أَنْ يَقُولَ إغْلَاقُهَا يُخْرِبُهَا. عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السَّنَةُ مَحْسُوبَةٌ مِنْ يَوْمِ التَّعَاقُدِ كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ السَّنَةُ بِعَيْنِهَا فِي التَّوْضِيحِ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ لَا يَجُوزُ عَلَى سَنَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ الدَّارِ وَنَحْوَهَا مُيَاوَمَةً وَ (مُشَاهَرَةً) وَمُسَانَاةً بِأَنْ يَكْتَرِيَهَا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا، وَصَحَّ وَ (لَمْ يَلْزَمْ) الْعَقْدُ فِيمَا ذُكِرَ (لَهُمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، سَوَاءٌ سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 22 إلَّا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ:   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهَا وَاخْتَارَهَا ابْنُ يُونُسَ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لُزُومَهَا فِي أَقَلِّ الْمُسَمَّى مِنْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ (إلَّا) إذَا كَانَتْ الْمُشَاهَرَةُ مَصْحُوبَةً (بِنَقْدٍ) أَيْ تَعْجِيلِ كِرَاءٍ مِنْ الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي (فَ) يَلْزَمُ (قَدْرُهُ) أَيْ الْمَنْقُودِ مِنْ كِرَاءِ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ قَالَ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ بِدِرْهَمٍ وَعَجَّلَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَشْهُرٍ أَوْ سِنِينَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَكْتَرِي مِنْك دَارَكَ أَوْ حَانُوتَك أَوْ أَرْضَك أَوْ غُلَامَك أَوْ دَابَّتَكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِكَذَا، أَوْ قَالَ فِي الشَّهْرِ أَوْ فِي السَّنَةِ بِكَذَا أَوْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ فَلَا يَقَعُ الْكِرَاءُ عَلَى تَعْيِينٍ، وَلَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ، فَلِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى شَاءَ، وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ، وَيَلْزَمُهُ حِصَّةُ مَا سَكَنَ مِنْ الْكِرَاءِ. ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ لَهُ أُكْرِيكَ مِنْ حِسَابِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ بِكَذَا، هَذَا مَوْضُوعُ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إلَّا أَنْ يَنْقُدَهُ فِي ذَلِكَ كِرَاءَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِرَاءِ الدُّورِ مُشَاهَرَةً ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَلَا مَا بَعْدَهُ، وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ، وَيَلْزَمُهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ مَا سَكَنَ. وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَلْزَمُهُمَا الشَّهْرُ الْأَوَّلُ وَلَا يَلْزَمُهُمَا مَا بَعْدَهُ. وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَلْزَمُهُ كِرَاءُ الشَّهْرِ بِسُكْنَى بَعْضِهِ كَانَ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَلِكَ تَجْرِي الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي كِرَاءِ الدُّورِ مُسَانَاةً. اهـ. وَذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ أَيْضًا، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ، وَلِرَبِّ الدَّارِ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى شَاءَ، وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ. وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ عَنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُمَا أَوْجَبَا بَيْنَهُمَا عَقْدًا وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ خِيَارًا، فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَقَلِّ مَا تَقْتَضِيهِ تِلْكَ التَّسْمِيَةُ، وَذَكَرَهَا الشَّيْخُ مَيَّارَةَ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ، وَقَالَ: وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا، وَأَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 23 كَوَجِيبَةٍ بِشَهْرِ كَذَا، وَهَذَا الشَّهْرُ، أَوْ أَشْهُرًا، أَوْ إلَى كَذَا   [منح الجليل] مَنْ اكْتَرَى مُشَاهَرَةً كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا إذَا سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ كَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا بَقِيَّةُ الشَّهْرِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا خُرُوجٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ، وَمَنْ قَامَ مِنْهُمَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. (تَنْبِيهٌ) اللَّخْمِيُّ قَدْ يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ الصَّبْرُ إلَى مُدَّةٍ لَمْ يَذْكُرَاهَا فِي الْعَقْدِ لِلْعَادَةِ فِي ذَلِكَ، كَمَنْ يَكْتَرِي مِطْمَرًا لِيَطَّمِرَ فِيهِ قَمْحًا وَشَعِيرًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا، فَلَيْسَ لِلْمُكْرِي إخْرَاجُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمُكْتَرِي عَلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَتَغَيَّرَ الْأَسْوَاقُ إلَى مَا الْعَادَةُ الْبَيْعُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلِلْمُكْرِي إخْرَاجُهُ، وَهَكَذَا جَرَتْ الْعَادَةُ عِنْدَنَا فِي كِرَاءِ الْمَطَامِيرِ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُكْتَرِي إخْرَاجَ ذَلِكَ قَبْلَ غَلَائِهِ، فَلَيْسَ لِلْمُكْرِي مَنْعُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ مِنْ حَقِّ الْمُكْتَرِي وَيُعْفَى عَمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَرَرِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَيْهِ، وَيُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ فِي خَزْنِ الزَّيْتِ فَيُحْمَلَانِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْعَادَةُ فِي كِرَاءِ الْمُخَزَّنِ لِلطَّعَامِ فِي الصَّيْفِ، وَيُعْلَمُ أَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يُشْتِيَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُكْرِي إخْرَاجُهُ قَبْلَهُ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ: حَاصِلُ قَوْلِهِ أَنَّهُ جَعَلَ خَزْنَ الطَّعَامِ مُؤَجَّلًا لِغَايَةٍ فِي حَقِّ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي دُونَ الْعَكْسِ، وَمِنْ الْوَاضِحِ كَوْنُهُ أَجَلًا مَجْهُولًا، وَقَوْلُهُ يُعْفَى عَنْ غَرَرٍ الْمُدَّةِ لِلضَّرُورَةِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الضَّرُورَةَ مِمَّا شَهِدَ الشَّرْعُ بِإِلْغَائِهَا حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي بَيْعِ الْغَرَرِ وَأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَكَانَ ابْنُ عَرَفَةَ مِمَّنْ يُنْشِدُ: لَقَدْ مَزَّقَتْ قَلْبِي سِهَامُ جُفُونِهَا ... كَمَا مَزَّقَ اللَّخْمِيُّ مَذْهَبَ مَالِكِ وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) كِرَاءِ (وَجِيبَةٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، أَيْ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مُصَوَّرَةٍ (بِشَهْرِ كَذَا) أَيْ بِتَسْمِيَةِ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ كَرَمَضَانَ وَسَنَةِ كَذَا كَسَنَةِ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ بِتَقْدِيمِ السِّينِ (أَوْ) بِ (هَذَا الشَّهْرِ) أَوْ هَذِهِ السَّنَةِ (أَوْ) بِقَوْلِهِ أَكْتَرِيهَا (أَشْهُرًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ جَمْعُ شَهْرٍ أَوْ سَنَتَيْنِ (أَوْ) بِقَوْلِهِ أَكْتَرِيهَا (إلَى كَذَا) أَيْ كَتَمَامِ سَنَةِ سَبْعَةٍ وَثَمَانِينَ. " غ " كَأَنَّهُ اخْتَصَرَ بِهَذَا قَوْلَ عِيَاضٍ فِي تَنْبِيهَاتِهِ لَا خِلَافَ إذَا نَصَّ عَلَى تَعْيِينِ السَّنَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 24 وَفِي سَنَةٍ بِكَذَا: تَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] أَوْ الشَّهْرِ أَوْ جَاءَ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ، أَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا، وَذَلِكَ فِي خَمْسِ صُوَرٍ إذَا قَالَ هَذِهِ السَّنَةُ أَوْ هَذَا الشَّهْرُ أَوْ سَنَةَ كَذَا، أَوْ سَمَّى عَدَدًا زَائِدًا عَلَى وَاحِدٍ كَسَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ذَكَرَ الْأَجَلَ فَقَالَ أُكْرِيهَا إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ سَنَةِ كَذَا أَوْ نَقَدَهُ أَشْهُرًا أَوْ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ اهـ. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَشْهُرًا كَذَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ عِيَاضٍ أَوْ سَمَّى عَدَدًا زَائِدًا عَلَى وَاحِدٍ كَسَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. " ق " اُنْظُرْ قَوْلَ عِيَاضٍ وَسَمَّى عَدَدًا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ، فَلَعَلَّ لَفْظَ الشَّيْخِ خَلِيلٍ كَانَ أَوْ شَهْرًا فَأَسْقَطَ النَّاسِخُ الْأَلِفَ. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ اكْتَرَى مِنْهُ سَنَةً بِعَيْنِهَا أَوْ شَهْرًا بِعَيْنِهِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا جَمِيعًا. ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا فَهَذَا كُلُّهُ وَجِيبَةٌ لَازِمَةٌ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا الْخُرُوجَ لِمَنْ شَاءَ جَدّ عج جَعَلَ الْمُصَنِّفُ شَهْرًا مِنْ أَلْفَاظِ الْوَجِيبَةِ، كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَسَيَقُولُ وَفِي سَنَةِ بِكَذَا تَأْوِيلَانِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا حُمِلَ عَلَى الِابْتِدَاءِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَذَا الشَّهْرُ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ اهـ. الْبُنَانِيُّ صَدَقَ فِي أَنَّ هَذَا عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ عَلَى التَّعْيِينِ أَرْبَعَةً فَقَطْ: التَّسْمِيَةُ كَشَهْرِ كَذَا وَالْإِشَارَةُ كَهَذَا الشَّهْرِ، وَالثَّالِثُ التَّنْكِيرُ دُونَ إضَافَةٍ لِلْمُنَكَّرِ، كَقَوْلِهِ أُكْرِيك الدَّارَ شَهْرًا أَوْ سَنَةً. الرَّابِعُ قَوْلُهُ أُكْرِيَ لِوَقْتِ كَذَا وَإِنْ سَمَّى الْكِرَاءَ دُونَ تَعْيِينِ مُدَّتِهِ كَأَكْتَرِي الشَّهْرَ بِكَذَا أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، وَفِي كُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ فِي لَفْظِ السَّنَةِ، كَذَلِكَ فَالْكِرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ. اهـ. فَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ اللُّزُومُ فِي الْمُنَكَّرِ غَيْرِ الْمُضَافِ فَقَرَّرَ بِهِ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِمُنَافَاتِهِ مَا بَعْدَهُ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. (وَفِي) كَوْنِ أَكْتَرِيهَا (سَنَةً) أَوْ شَهْرًا (بِكَذَا) كَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَجِيبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِابْتِدَاءُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ السَّنَةُ أَوْ هَذَا الشَّهْرُ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ، وَالْأَكْثَرُ أَوْ غَيْرِ وَجِيبَةٍ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ لِصِدْقِ سَنَةٍ بِأَيِّ سَنَةٍ وَشَهْرٍ بِأَيِّ شَهْرٍ، وَهَذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 25 وَأَرْضِ مَطَرٍ عَشْرًا، إنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَإِنْ سَنَةً   [منح الجليل] تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ (تَأْوِيلَانِ) عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ إذَا قَالَ أَكْتَرِي مِنْك سَنَةً أَوْ شَهْرًا دِرْهَمٌ فَحُمِلَ الْأَكْثَرُ، ظَاهِرَ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهُ مِثْلُ هَذِهِ السَّنَةِ فِي لُزُومِهِمَا السَّنَةَ أَوْ الشَّهْرَ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهَا إنْ أَكْرَيْتهُ دَارًا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ فَجَائِزٌ، وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ وَيُسْكِنَ مَنْ يَشَاءُ، وَلَوْ كَانَ لِرَبِّهَا الْخِيَارُ وَإِخْرَاجُهُ لَمْ يَتْرُكْهُ يُسْكِنُ مَنْ شَاءَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ إنْ اسْتَأْجَرْت دَارًا بَعْدَ مُضِيّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ، قَالَ تُحْسَبُ هَذِهِ الْأَيَّامُ ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ تَكْمُلُ مَعَ الْأَيَّامِ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَفِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ اخْدِمْنِي سَنَةً وَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ لِسَنَةٍ سَمَّاهَا فَمَرِضَ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ، فَإِنَّهُ حُرٌّ، قَالَ: وَإِنَّمَا سَأَلْت مَالِكًا عَنْ سَنَةٍ مُؤَقَّتَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الَّذِي أَكْرَى دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ أَوْ غُلَامَهُ فَقَالَ أُكْرِيهَا مِنْك سَنَةَ، فَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ وَقَعَ الْكِرَاءُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هَذِهِ السَّنَةَ بِعَيْنِهَا، وَهَكَذَا لَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي تَفْسِيرِ يَحْيَى وَكِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أُكْرِيَ مِنْك سَنَةً لَا يَقْتَضِي التَّعْيِينَ، وَلَهُ الْخُرُوجُ، وَلِرَبِّهِ إخْرَاجُهُ مَتَى شَاءَ، مِثْلُ قَوْلِهِ كُلَّ سَنَةٍ وَأَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْكِتَابِ مِنْ هَذَا إنَّمَا مَعْنَاهُ سَنَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَخَلَفَهُ ابْنُ لُبَابَةَ فِي تَأْوِيلِ لَفْظِ الْكِتَابِ عَلَى مَا بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ: الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ أُكْرِيكَ كُلَّ سَنَةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، فَمَذْهَبُ الْكِتَابِ وَالْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ، وَالثَّالِثَةُ قَوْلُهُ أُكْرِيكَ السَّنَةَ بِدِرْهَمٍ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ سَنَةً الشَّارِحُ جَرَى الْخِلَافُ فِي الْمُفْرَدِ؛ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ تَارَةً لِتَحْدِيدِ الْمُدَّةِ وَتَارَةً لِتَحْدِيدِ الْكِرَاءِ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضِ مَطَرٍ عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي، أَيْ لَمْ يَشْرِطْ النَّقْدَ، وَلَوْ نَقَدَ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَلَا يَجُوزُ. طفي الْمُضِرُّ هُوَ شَرْطُ النَّقْدِ فَلَا يَضُرُّ النَّقْدُ مَعَ السُّكُوتِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَقَدْ صَرَّحَ هُنَاكَ بِجَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا كَ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ الْكِرَاءُ كُلُّهُ إنْ شَرَطَ النَّقْدَ لِكُلِّ الْعَشْرِ، بَلْ (وَلَوْ) شَرَطَ النَّقْدَ (سَنَةً) وَاحِدَةً مِنْ الْعَشْرِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا بَأْسَ بِكِرَاءِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 26 إلَّا الْمَأْمُونَةَ: كَالنِّيلِ، وَالْمَعِينَةِ فَيَجُوزُ. .   [منح الجليل] أَرْضِ الْمَطَرِ عَشْرَ سِنِينَ إنْ لَمْ يَنْقُدْ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ النَّقْدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ الْكِرَاءُ، وَإِنْ اكْتَرَاهَا سِنِينَ وَقَدْ أَمْكَنَتْ لِلْحَرْثِ جَازَ نَقْدُ حِصَّةٍ عَامَّةٍ، هَذَا وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ اكْتَرَى أَرْضَ الْمَطَرِ سَنَةً قُرْبَ الْحَرْثِ، وَحِينَ تَوَقُّعِ الْغَيْثِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ حَتَّى تُرْوَى وَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْحَرْثِ (إلَّا) الْأَرْضَ (الْمَأْمُونَةَ) الرَّيِّ (كَ) أَرْضِ (النِّيلِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، أَيْ نَهْرِ مِصْرَ الْمُنْخَفِضَةِ (وَ) الْأَرْضِ (الْمَعِينَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الَّتِي تُسْقَى بِعَيْنٍ جَارِيَةٍ أَوْ بِئْرٍ (فَيَجُوزُ) شَرْطُ النَّقْدِ. فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ عَقْدُ الْكِرَاءِ جَائِزٌ فِي الْأَرْضِينَ كُلِّهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِلسِّنِينَ الْكَثِيرَةِ، وَسَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَانَتْ مَأْمُونَةً أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ وَتَنْقَسِمُ فِي جَوَازِ النَّقْدِ. فِيهَا عَلَى قِسْمَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْهَا مَأْمُونًا كَأَرْضِ النِّيلِ وَأَرْضِ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ وَأَرْضِ السَّقْيِ بِالْأَنْهَارِ وَالْعُيُونِ الثَّابِتَةِ وَالْآبَارِ الْمَعِينَةِ، فَالنَّقْدُ فِيهَا لِلْأَعْوَامِ الْكَثِيرَةِ جَائِزٌ، وَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُرْوَى، وَيُمَكَّنَ مِنْ الْحَرْثِ كَانَتْ مِنْ أَرْضِ النِّيلِ أَوْ مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ أَوْ السَّقْيِ بِالْعُيُونِ وَالْآبَارِ. طفي مُرَادُهُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ مَعَ الشَّرْطِ، وَكَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَيَجُوزُ، أَيْ مَعَ الشَّرْطِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا بِالشَّرْطِ سَنَةً وَاحِدَةً بَعْدَ رَيِّهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْ حَرْثِهَا، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ الْكَثِيرَةِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَكْرَاهَا سِنِينَ وَقَدْ أُمْكِنَتْ لِلْحَرْثِ جَازَ نَقْدُ حِصَّةِ عَامِهِ هَذَا. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى هَذَا بِشَرْطٍ وَقَوْلُهُ وَقَدْ أَمْكَنَتْ أَيْ وَرُوِيَتْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَوْ سَنَةً. أَبُو الْحَسَنِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا إذَا رُوِيَتْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ النَّقْدُ حَتَّى تُرْوَى رَيًّا مَأْمُونًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْضَ الْغَيْرَ الْمَأْمُونَةِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهَا السِّنِينَ أَوْ قَبْلَ رَيِّهَا أَوْ بَعْدَهُ فَيَجُوزُ سَنَةً وَاحِدَةً، وَعِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يَجُوزُ حَتَّى تُرْوَى رَيًّا مَأْمُونًا، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 27 وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ؛ وَقَدْرٍ مِنْ أَرْضِك، إنْ عُيِّنَ، أَوْ تَسَاوَتْ   [منح الجليل] وَفِيهَا عَقِبَ مَا سَبَقَ وَإِنْ أَكْرَاهَا قُرْبَ الْحَرْثِ وَحِينَ تَوَقُّعِ الْغَيْثِ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ حَتَّى تُرْوَى، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تُكْرَى أَرْضُ الْمَطَرِ حَتَّى تُرْوَى مَرَّةً وَتَعْطَشَ أُخْرَى الْأَقْرَبُ الْحَرْثُ وَتَوَقُّعُ الْغَيْثِ إذَا لَمْ يَنْقُدْ، وَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ حَتَّى تُرْوَى رَيًّا مَأْمُونًا مُتَوَالِيًا مُبْلَغًا لِلزَّرْعِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ مَعَ رَجَاءِ وُقُوعِ الْمَطَرِ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ مَعْنَاهُ بِشَرْطٍ. (وَيَجِبُ) النَّقْدُ أَيْ يُقْضَى بِهِ لِمُكْرِي الْأَرْضِ عَلَى مُكْتَرِيهَا (فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ) ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ لِسَقْيٍ آخَرَ. وَمَفْهُومُ النِّيلِ أَنَّ أَرْضَ الْمَطَرِ وَالسَّقْيِ لَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا بِرَيِّهَا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ لِلسَّقْيِ مِرَارًا فَلَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ فَأَمَّا أَرْضُ النِّيلِ فَيَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا إذَا رُوِيَتْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَبِالرَّيِّ يَكُونُ الْمُكْتَرِي قَابِضًا لِمَا اكْتَرَى، وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ وَالْمَطَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي دَفْعُ الْكِرَاءِ حَتَّى يَتِمَّ الزَّرْعُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ. طفي فَلَمْ يُقَيِّدْ ابْنُ رُشْدٍ أَرْضَ النِّيلِ الَّتِي رُوِيَتْ بِالْمَأْمُونَةِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَصَدَ اخْتِصَارَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، إذْ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ " ج " فِي التَّقْيِيدِ بِالْمَأْمُونَةِ، إذْ بِحُصُولِ الرَّيِّ تَكُونُ مَأْمُونَةً. وَقَوْلُهُ إذَا رُوِيَتْ أَيْ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُ النَّقْدُ فِي أَرْضِ النِّيلِ إنْ رُوِيَتْ إذَا انْكَشَفَ الْمَاءُ عَنْهَا وَأَمْكَنَ قَبْضُ مَنَافِعِهَا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَ النَّقْدُ فِيهَا بِرَيِّهَا؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ الْمَاءَ وَمَنَافِعَ الْأَرْضِ، فَلَا يَلْزَمُهُ النَّقْدُ بِأَحَدِهِمَا. وَلِابْنِ عَرَفَةَ مَعَهُ كَلَامٌ لَا نُطِيلُ بِهِ، وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضَ الطُّولِ، لِأَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ حَقَّقَهَا مِنْ شُرَّاحِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (قَدْرٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ مِقْدَارٍ مَحْدُودٍ وَبَيَانُ قَدْرٍ (مِنْ أَرْضِك) يَا مُكْرِي كَفَدَّانٍ (إنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِتَسْمِيَةٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ عَلَامَةٍ (أَوْ) لَمْ يُعَيَّنْ وَ (تَسَاوَتْ) أَرْضُك فِي الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ وَفِي الْأَغْرَاضِ الْمُرَادَةِ مِنْهَا. وَمَفْهُومُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 28 وَعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلَاثًا، أَوْ يُزَبِّلَهَا، إنْ عُرِفَ وَأَرْضٍ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً   [منح الجليل] قَدْرٍ أَنَّ كِرَاءَ الْجُزْءِ الشَّائِعِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ وَلَمْ تَسْتَوِ الْأَرْضُ فِيهَا مَنْ اكْتَرَى مَاءَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ إنْ تَسَاوَتْ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَيِّنَ مَوْضِعَهَا. (وَ) جَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ (عَلَى) شَرْطِ (أَنْ يَحْرُثَهَا) الْمُكْتَرِي حَرْثًا (ثَلَاثًا) ثُمَّ يَبْذُرَهَا (أَوْ) عَلَى شَرْطِ (أَنْ يُزَبِّلَهَا) أَيْ يَجْعَلَ الْمُكْتَرِي فِيهَا زِبْلًا لِتَقْوِيَتِهَا (إنْ عُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَوْعُ الزِّبْلِ وَقَدْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ مَنْفَعَةٍ تَبْقَى فِي الْأَرْضِ كَشَرْطِ نَقْدِ بَعْضِ كِرَائِهَا. فِيهَا مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَزْرَعَهَا فِي الْكِرَاءِ الرَّابِعِ جَازَ وَكَذَلِكَ عَلَى أَنْ يُزَبِّلَهَا إنْ كَانَ الَّذِي يُزَبِّلُهَا بِهِ شَيْئًا مَعْرُوفًا. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ إذَا كَانَتْ مَأْمُونَةً؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْثِ وَالتَّزْبِيلِ تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ فِي الْأَرْضِ، إنْ لَمْ يَتِمَّ زَرْعُهَا فَيَصِيرُ كَنَقْدٍ اشْتَرَطَهُ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، فَإِنْ نَزَلَ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ وَلَمْ يَتِمَّ زَرْعُهُ نُظِرَ كَمْ يَزِيدُ كِرَاؤُهَا لِزِيَادَةِ مَا اُشْتُرِطَ عَلَى مُعْتَادِ حَرْثِهَا، وَهُوَ عِنْدَنَا حَرْثُهَا عَلَى كِرَائِهَا دُونَ مَا اُشْتُرِطَتْ زِيَادَتُهُ عَلَى الْمُعْتَادِ، فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ؛ لِأَنَّهُ كَنَقْدٍ اُشْتُرِطَ فِيهَا وَإِنْ تَمَّ زَرْعُهُ فِيهَا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا بِشَرْطِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ فَاسِدٌ، قَالَهُ التُّونُسِيُّ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ نُظِرَ كَمْ يَزِيدُ كِرَاؤُهَا، أَيْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَأَجَازَ هُنَا بَيْعَ الزِّبْلِ، فَنَاقَضَ مَا فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ إنْ كَانَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَإِنْ كَانَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَهُوَ مُوَافِقٌ اهـ. (وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضٍ) مَكْرِيَّةٍ (سِنِينَ لِذِي) أَيْ صَاحِبِ (شَجَرٍ) مَغْرُوسٍ (بِهَا) أَيْ الْأَرْضِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا (سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً) تَلِي السِّنِينَ الْأُولَى لِذِي الشَّجَرِ أَوْ لِغَيْرِهِ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذِي بِكَافٍ، وَفِي بَعْضِهَا لِذِي بِلَامٍ، فَإِنْ كَانَ بِالْكَافِ فَأَرْضٌ مُنَوَّنٌ وَسِنِينَ صِلَةُ كِرَاءٍ الْمُقَدَّرِ، وَالْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرَعَيْنَ مُشَبَّهٌ بِهِ، وَهُوَ مَا قَبْلَ الْكَافِ، وَمُشَبَّهٌ، وَهُوَ مَا بَعْدَهَا، وَالْمَعْنَى وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ سِنِينَ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ كَكِرَائِهَا لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلَيْسَ الْأَوَّلُ الْمُشَبَّهُ بِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 29 وَإِنْ لِغَيْرِك   [منح الجليل] مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَأَرْضِ مَطَرٍ عَشْرًا إلَخْ، لِشُمُولِ هَذَا كِرَاءَهَا لِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَصَّلَ فِي الْأَوَّلِ فِي النَّقْدِ دُونَ هَذَا. وَأَشَارَ بِالْمُشَبَّهِ الَّذِي بَعْدَ الْكَافِ إلَى أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ وَغَرَسَ بِهَا شَجَرًا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتَرِيَهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً تَلِي السِّنِينَ الْأُولَى لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَوْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ مُسَمَّاةً فَغَرَسْت فِيهَا شَجَرًا فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَفِيهَا شَجَرُك فَلَا بَأْسَ أَنْ تُكْرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، وَإِنْ كَانَ بِلَامٍ فَلَعَلَّ أَرْضٍ غَيْرُ مُنَوَّنٍ لِإِضَافَتِهِ لِسِنِينَ لِأَدْنَى مُنَاسَبَةٍ. سِيبَوَيْهِ: الْإِضَافَةُ تَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرْعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ نَصُّهَا الْمُتَقَدِّمُ، وَالْمَعْنَى وَجَازَ كِرَاءُ أَرْضِ سِنِينَ مَاضِيَةٍ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِمَنْ غَرَسَ بِهَا شَجَرًا فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَفِيهِ قَلَقٌ. وَلَوْ قَالَ وَأَرْضٍ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ. " غ " وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ أَحْسَنُ، إذْ قَالَ كَكِرَائِهَا لِذِي شَجَرٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، وَدَخَلَ فِي الْغَيْرِ الْأَجْنَبِيُّ، وَالْحُكْمُ سَوَاءٌ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الَّتِي شُجِّرَ بِهَا شَجَرٌ لِغَيْرِ مُكْرِيهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً إنْ كَانَ لَك، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الشَّجَرُ الَّذِي بِهَا (لِغَيْرِك) بِأَنْ اكْتَرَاهَا زَيْدٌ سِنِينَ وَغَرَسَ بِهَا شَجَرًا وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ فَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ اكْتِرَاؤُهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، إنْ اكْتَرَاهَا مِنْك الْمُكْتَرِي الْأَوَّلُ بَقِيَ شَجَرُهُ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ، وَإِلَّا فَلَكَ إلْزَامُهُ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ اكْتَرَيْت أَرْضًا سِنِينَ ثُمَّ أَكْرَيْتُهَا لِغَيْرِك فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا، ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ، وَفِيهَا غَرْسُهُ فَلَكَ أَنْ تُكْرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً، ثُمَّ إنْ أَرْضَاكَ الْغَارِسُ وَإِلَّا قَلَعَ غَرْسَهُ. ابْنُ يُونُسَ جَازَ كِرَاؤُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُجْبِرَ الْغَارِسَ عَلَى قَلْعِ غَرْسِهِ بَعْدَ تَمَامِ كِرَائِهِ، فَكَأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ الْغَارِسُ غَرْسَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ الْأَرْضِ مَا كَانَ رَبُّهَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ مُخَالَفَتَهُ، فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَمْرٍ مَعْرُوفٍ. " غ " فَتَجَوَّزَ الْمُصَنِّفُ فِي إطْلَاقِ ذِي الشَّجَرِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ غَارِسِهِ، وَالْتَفَتَ فَخَاطَبَهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ بِصِيغَةِ الْغَيْبَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَحْسَنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 30 لَا زَرْعٍ وَشَرْطِ كَنْسِ مِرْحَاضٍ،   [منح الجليل] لَا) يَجُوزُ اكْتِرَاؤُك أَرْضًا بِهَا (زَرْعٌ) أَخْضَرَ لِغَيْرِك عَقِبَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ اكْتِرَاءِ زَارِعِهِ، إذْ لَيْسَ لِمُكْرِي الْأَرْضِ إلْزَامُهُ بِقَلْعِهِ، بَلْ يَلْزَمُهُ بَقَاؤُهُ بِهَا إلَى تَنَاهِي طِيبِهِ وَلَهُ كِرَاءُ مَا زَادَ عَلَى الْمُدَّةِ الْأُولَى. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ مَوْضِعَ الشَّجَرِ زَرْعٌ أَخْضَرُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكْرِيَهَا مَا دَامَ زَرْعُ هَذَا فِيهَا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَلَهُ قَلْعُ الشَّجَرِ فَافْتَرَقَا إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُكْرِيَهَا إلَى تَمَامِ الزَّرْعِ، أَيْ بَعْدَ الزَّرْعِ، فَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدُ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، إذْ لَا مَعْنَى لِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَتْ لِلزَّرْعِ حَسْبَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، فَلَا مَعْنَى لِعَقْدِ الْكِرَاءِ عَلَى ذَلِكَ. (وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (كَنْسِ مِرْحَاضٍ) فِي اكْتِرَاءِ دَارٍ عَلَى الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَجْهُهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ حَمَّامًا وَاشْتَرَطَ كَنْسَ الْمَرَاحِيضِ وَالتُّرَابِ وَغُسَالَةَ الْحَمَّامِ عَلَى الْمُكْرِي جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ. ابْنُ يُونُسَ قِيلَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي كَنْسِ مَا يَكُونُ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَوْمَ الْعَقْدِ فِي الْمَرَاحِيضِ فَهُوَ عَلَى الْمُكْرِي شُرِطَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، كَمَا لَوْ كَانَ فِي أَحَدِ الْبُيُوتِ الْمُكْتَرَاةِ شَيْءٌ، فَإِنَّ عَلَيْهِ إزَالَتَهُ وَتَفْرِيغَ الْبَيْتِ لِلْمُكْتَرِي فَكَذَلِكَ الْمِرْحَاضُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَعَلَى رَبِّهَا مَرَمَّتُهَا وَكَنْسُ مَرَاحِيضِهَا وَإِصْلَاحُ مَا وَهِيَ مِنْ الْجُدْرَانِ وَالْبُيُوتِ. ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ أَرَادَ فِي الْمَرَمَّةِ وَالْإِصْلَاحِ الْخَفِيفَ. أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا إذْ إهْمَالُ الْبَيْتِ فَلَا يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى الطَّرِّ وَلِلْمُكْتَرِي الْخُرُوجُ فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ إلَّا أَنْ يَطُرَّهَا رَبُّهَا، فَكَذَلِكَ هَذَا. وَقَوْلُهُ هُنَا وَعَلَى رَبِّهَا كَنْسُ الْمِرْحَاضِ لَعَلَّهُ أَرَادَ مَا كَانَ فِيهِ قَدِيمًا؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَنْسَ عَلَى الْمُكْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ شَرْطٌ فَيُحْمَلَانِ عَلَيْهِ. " غ " ظَاهِرُ نَصِّهَا السَّابِقِ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي حَتَّى يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، وَقَدْ قَالَ بَعْدُ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَعَلَى رَبِّهَا مَرَمَّتُهَا وَكَنْسُ الْمَرَاحِيضِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ عَلَى رَبِّهَا حَتَّى يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي فَقِيلَ خِلَافٌ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 31 أَوْ مَرَمَّةٍ. أَوْ تَطْيِينٍ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ   [منح الجليل] وَقِيلَ الْأَخِيرُ فِيمَا حَانَ قَبْلَ الْكِرَاءِ وَالْأَوَّلُ فِيمَا حَدَثَ بَعْدَهُ، حَكَاهُمَا عِيَاضٌ. زَادَ الْمُتَيْطِيُّ قِيلَ مَا هُنَا فِي غَيْرِ الْفَنَادِقِ وَمَا هُنَاكَ فِي الْفَنَادِقِ كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ. (أَوْ) شَرْطُ (مَرَمَّةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلًا. عِيَاضٌ هُوَ الْبِنَاءُ وَالْإِصْلَاحُ عَلَى الْمُكْتَرِي عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَوْ اعْتِيَادِهِ، لَا إنْ لَمْ يَجِبْ فَلَا يَجُوزُ (وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (تَطْيِينٍ) الدَّارِ عَلَى الْمُكْتَرِي. أَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ جَعْلُ الطِّينِ عَلَى سَقْفِهَا أَوْ سُطُوحِهَا لِمَنْعِ نُزُولِ الْمَطَرِ مِنْهُ، وَيُسَمَّى طَرًّا بِفَتْحِ الطَّاءِ وَشَدِّ الرَّاءِ حَالَ كَوْنِ التَّرْمِيمِ (مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ) عَلَى الْمُكْتَرِي تَسْلِيمُهُ لِلْمُكْرِي بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ، قَالَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ. وَقُيِّدَتْ بِتَحْدِيدٍ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ، فَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَقَالَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَتَرَكَ هَذَا الْمُصَنِّفُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنَّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ رَمَّهَا الْمُكْتَرِي، فَإِنْ شَرَطَا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ جَازَ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْكِرَاءُ أَنْفَقَهُ السَّاكِنُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مِنْ يَسِيرِ مَرَمَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كِرَائِهَا. " غ " أَمَّا الْمَرَمَّةُ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنَّ مَا احْتَاجَ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ رَمَّهَا الْمُكْتَرِي فَإِنْ اشْتَرَطَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ جَازَ. وَأَمَّا التَّطْيِينُ فَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مِنْ الْكِرَاءِ الَّذِي وَجَبَ، وَإِنَّمَا قَالَ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ تَطْيِينَ الْبُيُوتِ جَازَ إذَا سَمَّى تَطْيِينَهَا فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى الْكِرَاءِ، فَيَكُونُ اكْتَرَى مِنْهُ بِمَا سَمَّى وَبِالتَّطْيِينِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ هُوَ الْكِرَاءُ. طفي سَوَّى الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَيْنَ الْمَرَمَّةِ وَالتَّطْيِينِ فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِمَا مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ، وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّطْيِينِ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمَرَمَّةِ وَنَصُّهَا عَلَى اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنَّ مَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ رَمَّهَا الْمُكْتَرِي، فَإِنْ شَرَطَ أَنَّهَا مِنْ الْكِرَاءِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 32 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] جَازَ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ مَا عَجَزَ عَنْهُ الْكِرَاءُ أَنْفَقَهُ السَّاكِنُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّ عَلَيْهِ مَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ مِنْ يَسِيرِ مَرَمَّةٍ أَوْ كَسْرِ خَشَبَةٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ كِرَائِهَا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ جَازَ، قِيلَ مَعْنَاهُ وَالْكِرَاءُ عَلَى النَّقْدِ أَوْ كَانَ سُنَّتُهُمْ النَّقْدَ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، إذْ لَا يَدْرِي مَا يَحِلُّ عَلَيْهِ بِالْهَدْمِ صَحَّ مِنْ جَامِعِ الطُّرَرِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ مُؤَجَّلًا. فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي ذَلِكَ مَا يُحْتَاجُ فِي الْغَالِبِ إلَى إصْلَاحِهِ مِثْلَ خَشَبَةٍ تُكْسَرُ أَوْ تَرْقِيعِ حَائِطٍ، وَشَبَّهَ ذَلِكَ مِمَّا يَقِلُّ خَطْبُهُ وَلَا يُؤَدِّي تَعْجِيلُهُ إلَى غَرَرٍ اهـ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ. الْوَانُّوغِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ نَظَرٌ، إذَا كَانَ الْكِرَاءُ إنَّمَا يُقْبَضُ يَوْمًا بِيَوْمٍ أَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ تَأْخِيرَهُ إلَى آخِرِ السَّنَةِ فَقَدْ تَحْتَاجُ الدَّارُ إلَى مَرَمَّةٍ أَوَّلَ السَّنَةِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ، فَهَذَا غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَتَى يُدْفَعُ الْكِرَاءُ، وَبِهَذَا كَانَ الشُّيُوخُ قَدِيمًا يُعَارِضُونَهُ. اهـ. وَنَصُّهَا فِي التَّطْيِينِ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ تَطْيِينَ الْبُيُوتِ جَازَ ذَلِكَ إنْ سَمَّى تَطْيِينَهَا فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ. وَأَمَّا إذَا قَالَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ طَيَّنَهَا فَهَذَا مَجْهُولٌ لَا يَجُوزُ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ: أَنَّ هَذَا زَائِدٌ عَلَى الْكِرَاءِ فَيَكُونُ اكْتَرَى مِنْهُ بِالْكِرَاءِ، وَبِهَذَا التَّطْيِينِ أَوْ ذَلِكَ هُوَ الْكِرَاءُ. اهـ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِكَوْنِهِ مِنْ الْكِرَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِي الْمَرَمَّةِ، وَتَقْيِيدُهُ بِكَوْنِهِ وَاجِبًا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، وَجَعَلَهُ الْقَابِسِيُّ مَحَلَّ نَظَرٍ، وَأَنَّ اللَّخْمِيَّ جَزَمَ بِخِلَافِهِ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي اعْتِمَادِهِ، وَأَنَّ التَّطْيِينَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ جَزَمَ بِذَلِكَ وَأَبُو الْحَسَنِ كَمَا تَرَى جَعَلَهُ مَحَلَّ نَظَرٍ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ تَصْوِيرًا، كَمَا عَلِمْت مِنْ نَصِّهَا؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَرَمَّةِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ فَهُوَ مَجْهُولٌ، فَلِذَلِكَ قُيِّدَ بِكَوْنِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَمَسْأَلَةُ التَّطْيِينِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ تَطْيِينَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ فَلَا جَهَالَةَ فِيهِ، وَبِذَا عَلَّلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ اتَّفَقَا فِي التَّصْوِيرِ اتَّفَقَا فِي الْحُكْمِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 33 لَا إنْ لَمْ يَجِبْ أَوْ مِنْ عِنْدَ الْمُكْتَرِي، أَوْ حَمِيمِ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ، أَوْ نُورَتِهِمْ مُطْلَقًا أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ بِنَاءٌ وَغَرْسٌ، وَبَعْضُهُ أَضَرُّ وَلَا عُرْفَ   [منح الجليل] لَا) يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمَرَمَّةِ عَلَى الْمُكْتَرِي (إنْ لَمْ يَجِبْ) الْكِرَاءُ عَلَى الْمُكْتَرِي لِانْتِفَاءِ عُرْفٍ وَشَرْطِ تَعْجِيلِهِ لِتُهْمَةِ سَلَفٍ وَكِرَاءٍ وَلِأَنَّهُ غَرَرٌ. " غ " هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ قَائِلًا جَازَ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ عَلَى النَّقْدِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ، وَبِهِ قَيَّدَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي جَامِعِ الطُّرَرِ، فَقَالَ مَعْنَاهُ: وَالْكِرَاءُ عَلَى النَّقْدِ، أَوْ كَانَتْ سُنَّتُهُمْ النَّقْدَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، إذْ لَا يَدْرِي مَا يَحِلُّ بِالْهَدْمِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ اكْتَرَى سَنَةً بِعِشْرِينَ دِينَارًا عَلَى إنْ احْتَاجَتْ الدَّارُ إلَى مَرَمَّةٍ رَمَّهَا الْمُكْتَرِي مِنْهَا لَا بَأْسَ بِهِ، أَرَادَ وَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ مُؤَجَّلًا فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي ذَلِكَ مَا يَحْتَاجُ فِي الْغَالِبِ إلَى إصْلَاحِهِ مِثْلَ خَشَبَةٍ تَنْكَسِرُ أَوْ تَرْقِيعِ حَائِطٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَقِلُّ خَطْبُهُ، وَلَا يُؤَدِّي تَعْجِيلُهُ إلَى غَرَرٍ. (أَوْ) شَرَطَ أَنَّ التَّرْمِيمَ (مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي) فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ فِي الْكِرَاءِ (أَوْ) أَكْرَى الْحَمَّامَ عَلَى شَرْطِ (حَمِيمِ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ) أَيْ اغْتِسَالِهِمْ فِيهِ بِمَائِهِ عَلَى الْمُكْتَرِي (أَوْ) عَلَى شَرْطِ (نُورَتِهِمْ) بِضَمِّ النُّونِ، أَيْ مَا يَطْلِي ذَوُو الْحَمَّامِ بِهِ أَجْسَادَهُمْ لِإِزَالَةِ أَشْعَارِهِمْ عَلَى الْمُكْتَرِي فَلَا يَجُوزُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ عِلْمِ عَدَدِهِمْ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى حَمَّامًا عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ مَا يَحْتَاجُ أَهْلُهُ مِنْ نُورَةٍ أَوْ حَمِيمٍ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَشْتَرِطَ شَيْئًا مَعْرُوفًا (أَوْ) اُكْتُرِيَتْ أَرْضٌ لِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ و (لَمْ يُعَيَّنْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْيَاءِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلًا مَا يَفْعَلُ (فِي الْأَرْضِ) مِنْ (بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ وَ) الْحَالُ (بَعْضُهُ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ (أَضَرُّ) بِالْأَرْضِ مِنْ بَعْضٍ (وَ) الْحَالُ (لَا عُرْفَ) جَارٍ بِبَلَدِهِمَا بِبِنَاءٍ خَاصٍّ، أَوْ غَرْسٍ خَاصٍّ فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ بِنَاءً وَلَا غَرْسًا وَلَا زَرْعًا وَلَا غَيْرَهَا وَبَعْضُهُ أَضَرُّ، فَلَهُ مَا يُشْبِهُ، فَإِنْ أَشْبَهَ الْجَمِيعَ فَسَدَ وَلَوْ سَمَّى صِنْفًا يَزْرَعُهُ جَازَ مِثْلُهُ وَدُونَهُ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 34 وَكِرَاءُ وَكِيلٍ: بِمُحَابَاةٍ، أَوْ عَرْضٍ   [منح الجليل] وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا عَشْرَ سِنِينَ يَزْرَعُهَا وَأَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا فَذَلِكَ لَهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْأَرْضَ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا وَأَرَادَ أَنْ يَزْرَعَهَا حِنْطَةً فَلَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يَضُرَّ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ بِالْجَوَازِ مَعَ الْإِجْمَالِ، لَكِنْ مَنَعَ الْمُكْتَرِيَ مِنْ فِعْلِ مَا فِيهِ ضَرَرٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ بِالْمَنْعِ حِينَئِذٍ فَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَلَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِيهَا مَا يَشَاءُ مِنْ الدَّوَابِّ وَالْأَمْتِعَةِ وَيَنْصِبَ الْحَدَّادِينَ وَالْقَصَّارِينَ وَالْأَرْحِيَةَ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فَيُمْنَعُ، وَلَمْ يَقُلْ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَقَالَ فِي الْأَرْضِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا عَشْرَ سِنِينَ فَأَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ أَضَرَّ بِهَا مُنِعَ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ كِرَاءَ الْحَوَانِيتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِصَنْعَةِ مُكْتَرِي الْحَوَانِيتِ وَلَا لِحَالِ مَنْ يَسْكُنُ الدَّارَ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ وَقَعَ لِقَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يُشْبِهُ مَذْهَبَ الْغَيْرِ، بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَضَرَّ مُنِعَ الْأَضَرُّ مَعَ جَوَازِ الْعَقْدِ، وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةَ الْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ ابْنِ الْقَاسِمِ شَدَّدَ فَمَنَعَ الْعَقْدَ مَعَ الْإِجْمَالِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَنَعَ فِعْلَ الْأَضَرِّ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ عِنْدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) لَا يَجُوزُ (كِرَاءُ وَكِيلٍ) دَارًا أَوْ أَرْضًا (بِمُحَابَاةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِهْمَالِ الْحَاءِ وَبِمُوَحَّدَةٍ، أَيْ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ أَوْ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ قَدْرَ الْكِرَاءِ (أَوْ) كِرَاؤُهُ (بِعَرْضٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَا وُكِّلَ عَلَى كِرَائِهِ بِنَقْدٍ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ فَوَّضَ لَهُ فِي التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ إلَّا بِالْمَصْلَحَةِ لِمُوَكِّلِهِ وَأَخْذُ الْعَرْضِ فِي كِرَاءِ الدُّورِ مَثَلًا مَصْلَحَةٌ فِيهِ لِمُوَكِّلِهِ. ابْنُ عَاشِرٍ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْكِرَاءِ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَالْأَنْسَبُ بِهِ بَابُ الْوَكَالَةِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يُكْرِي دَارِهِ فَأَكْرَاهَا بِغَبْنٍ أَوْ حَابَى فِي الْكِرَاءِ فَهُوَ كَالْبَيْعِ لَا يَجُوزُ. ابْنُ يُونُسَ وَلَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ أَوْ إجَازَتُهُ إنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 35 أَوْ أَرْضٍ مُدَّةً لِغَرْسٍ فَإِذَا انْقَضَتْ: فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، أَوْ نِصْفُهُ وَالسَّنَةُ فِي الْمَطَرِ بِالْحَصَادِ وَفِي السَّقْيِ بِالشُّهُورِ، فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَبِكِرَاءِ مِثْلِ الزَّائِدِ.   [منح الجليل] لَمْ يَفُتْ، فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ وَلَوْ أَعَارَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ أَسْكَنَهَا رَجَعَ رَبُّهَا عَلَى السَّاكِنِ بِالْكِرَاءِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّاكِنِ عَلَى الْوَكِيلِ. (أَوْ) كِرَاءُ (أَرْضٍ مُدَّةً) مَعْلُومَةً كَعَشْرِ سِنِينَ (لِغَرْسٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مَعْلُومِ الصِّنْفِ وَالْعَدَدِ (فَإِذَا انْقَضَتْ) مُدَّةُ الْكِرَاءِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَغْرُوسُ مِلْكٌ (لِرَبِّ الْأَرْضِ) كُلُّهُ (أَوْ نِصْفُهُ) مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِالْكِرَاءِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا الْمُكْتَرِي شَجَرًا سَمَّاهَا عَلَى أَنَّ ثَمَرَهَا لِلْغَارِسِ، فَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَالشَّجَرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَاهَا بِشَجَرٍ إلَى أَجَلٍ لَا يُدْرَى أَيُسَلَّمُ إلَيْهِ أَمْ لَا اللَّخْمِيُّ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أُكْرِيكَ عَشْرَ سِنِينَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الشَّجَرِ لِي وَنِصْفَهُ لَك بَعْدَ الْعَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَهَا مِنْ الْآنَ جَازَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ. (وَ) مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا سَنَةً انْقَضَتْ (السَّنَةُ فِي) الْأَرْضِ الَّتِي سَقْيُهَا بِ (الْمَطَرِ) أَوْ النِّيلِ (بِالْحَصَادِ) لِزَرْعِهَا سَوَاءٌ صَادَفَ تَمَامَهَا بِالشُّهُورِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِمُكْرِي الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَلَا أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى تَمَامِهَا بِالشُّهُورِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فَحَصَدَ زَرْعَهُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، فَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ فَمَحِلُّ السَّنَةِ فِيهَا الْحَصَادُ وَيُقْضَى بِذَلِكَ فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالْحَصَادِ الْإِزَالَةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِحَصْدٍ أَوْ قَلْعٍ أَوْ جَزٍّ أَوْ رَعْيٍ، فَإِنْ كَانَ يَخْلُفُ فَبِحَصْدِ آخِرِ بَطْنٍ وَتَنْقَضِي السَّنَةُ (فِي) أَرْضِ (السَّقْيِ) بِعَيْنٍ أَوْ غَرْبٍ أَوْ سَاقِيَةٍ بِتَمَامِهَا (بِالشُّهُورِ) الِاثْنَيْ عَشَرَ (فَإِنْ تَمَّتْ) السَّنَةُ بِالشُّهُورِ (وَ) الْحَالُ (لَهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي فِيهَا (زَرْعٌ أَخْضَرُ فَ) لَيْسَ لِلْمُكْرِي قَلْعُهُ وَلَا أَخْذُهُ وَيَلْزَمُهُ بَقَاؤُهُ إلَى حَصْدِهِ، وَلَهُ (كِرَاءٍ مِثْلِ) الْوَقْتِ (الزَّائِدِ) عَلَى سَنَةٍ لِشُهُورٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا ذَاتُ السَّقْيِ الَّتِي تُكْرَى عَلَى أَمَدِ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ لِلْمُكْتَرِي الْعَمَلُ إلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 36 وَإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي حَبٌّ فَنَبَتَ قَابِلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ كَمَنْ جَرَّهُ   [منح الجليل] تَمَامِ سَنَةٍ، فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ فِيهَا زَرْعٌ أَخْضَرُ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ وَعَلَيْهِ تَرْكُهُ إلَى تَمَامِهِ. وَلَهُ فِيمَا بَقِيَ كِرَاءُ مِثْلِهَا عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَاهَا مِنْهُ طَرَحَ سَحْنُونٌ عَلَى حِسَابِ مَا اكْتَرَى وَأَبْقَى كِرَاءَ الْمِثْلِ، وَنَقَلَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَهُ فِيمَا بَقِيَ كِرَاءُ مِثْلِهِ لَا عَلَى مَا أَكْرَاهُ. ابْنُ يُونُسَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَيِّدٌ، وَوَجْهُهُ اُنْظُرْهُ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا انْقَضَتْ السُّنُونَ وَلِلْمُكْتَرِي فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاؤُهُ، وَإِنَّمَا بِيعَ الزَّرْعُ أَخْضَرَ إنْ اُشْتُرِيَ مَعَ الْأَرْضِ فِي صَفْقَةٍ، وَكَذَلِكَ الْأُصُولُ بِثَمَرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُبْتَاعُ فَمَا أُبِّرَ مِنْ الثَّمَرِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَبَّرْ الثَّمَرُ وَلَمْ يَظْهَرْ الزَّرْعُ مِنْ الْأَرْضِ فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ الْأَشْبَهُ أَنْ يَجُوزَ لِرَبِّ الْأَرْضِ شِرَاءُ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ فَيَصِيرُ مَقْبُوضًا بِالْعَقْدِ، وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ نَمَاءٍ، فَإِنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ لِكَوْنِهِ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، لِكَوْنِ ضَمَانِهَا مِنْ بَائِعِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي أَمْوَالِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى الثَّمَرَةَ بِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ» ، وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَجَازَ عَبْدُ الْمَلِكِ شِرَاءَ جِنَانٍ فِيهِ ثَمَرَةٌ بِقَمْحٍ أَوْ بِجِنَانٍ آخَرَ فِيهِ ثَمَرَةٌ تُخَالِفُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ ثَمَرَةٍ مَقْبُوضَةٌ فَكَانَا مُتَنَاجِزَيْنِ وَفِي الشَّامِلِ وَفِي السَّقْيِ بِتَمَامِهَا فَإِنْ تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ، وَكَانَ رَبُّهُ يَظُنُّ تَمَامَهُ فَزَادَ الشَّهْرُ، وَنَحْوُهُ لَزِمَ رَبَّ الْأَرْضِ تَرْكُهُ لِتَمَامِهِ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا زَادَ، وَقِيلَ بِنِسْبَةِ الْمُسَمَّى، وَلَوْ بَعُدَ الْأَمَدُ، وَعَلِمَ رَبُّهُ بِذَلِكَ فَلِرَبِّهَا قَلْعُهُ أَوْ تَرْكُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى وَكِرَاءِ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهَا عَلَى الْأَصَحِّ. (وَ) إنْ اكْتَرَى شَخْصٌ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَحَصَدَ زَرْعَهُ (وَانْتَثَرَ) بِمُثَلَّثَةٍ أَيْ سَقَطَ فِيهَا (لِلْمُكْتَرِي) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ انْتَثَرَ، وَهُوَ (حَبٌّ فَنَبَتَ) الْحَبُّ فِي الْأَرْضِ عَامًا (قَابِلًا) بِمُوَحَّدَةٍ أَيْ آتِيَةً بَعْدَ عَامِ الِاكْتِرَاءِ (فَهُوَ) أَيْ النَّابِتُ (لِرَبِّ الْأَرْضِ) لِإِعْرَاضِ الْمُكْتَرِي عَنْهُ، سَوَاءٌ انْتَثَرَ بِآفَةٍ كَنَقْلِ نَمْلٍ أَوْ غَيْرِهَا، بِأَنْ سَقَطَ مِنْهُ حَالَ الْحَصْدِ لِشِدَّةِ يُبْسِ الزَّرْعِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَقَالَ (كَمَنْ) أَيْ صَاحِبِ أَرْضٍ (جَرَّهُ) أَيْ الْبَزْرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 37 السَّيْلُ إلَيْهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ، وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ أَوْ غَرَقٍ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ.   [منح الجليل] أَوْ الزَّرْعَ (السَّيْلُ إلَى) أَرْضِ (هـ) فَنَبَتَ فِيهَا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ الَّتِي انْجَرَّ إلَيْهَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي فِي حَصَادِهِ حَبٌّ فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَ قَابِلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ مَنْ زَرَعَ زَرْعًا فَحَمَلَ السَّيْلُ زَرْعَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الزَّرْعُ لِمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ إلَى أَرْضِهِ وَلَا شَيْءَ لِلزَّارِعِ. سَحْنُونٌ وَلَوْ قَلَعَ السَّيْلُ شَجَرَاتٍ مِنْ أَرْضٍ فَصَيَّرَهَا إلَى أَرْضِ آخَرَ فَنَبَتَتْ فِيهَا فَلْيُنْظَرْ، فَإِنْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ وَرُدَّتْ إلَى أَرْضِهِ تَنْبُتُ، فَلَهُ قَلْعُهَا. وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَقْلَعُهَا لِلْحَطَبِ لَا لِيَغْرِسَهَا، فَهَذَا مُضَارُّ وَلَهُ الْقِيمَةُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ لَوْ قُلِعَتْ لَا تَنْبُتُ فِي أَرْضِ رَبِّهَا وَإِنَّمَا تَصِيرُ حَطَبًا، فَاَلَّذِي نَبَتَتْ فِي أَرْضِهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرِ رَبِّهَا بِقَلْعِهَا وَإِعْطَائِهِ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً، وَلَوْ نَقَلَ السَّيْلُ تُرَابَ أَرْضٍ إلَى أُخْرَى فَإِنْ أَرَادَ رَبُّهُ نَقْلَهُ إلَى أَرْضِهِ وَكَانَ مَعْرُوفًا فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَنْقُلَهُ وَطَلَبَ مَنْ صَارَ فِي أَرْضِهِ تَنْحِيَتَهُ عَنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ شَيْئًا. (وَلَزِمَ الْكِرَاءُ) مُكْتَرِيَ الْأَرْضِ لِزَرْعِهَا وَصِلَةُ لَزِمَ (بِالتَّمَكُّنِ) مِنْهُ إنْ سَلِمَ زَرْعُهَا، بَلْ (وَإِنْ فَسَدَ) زَرْعُهُ فِيهَا (لِجَائِحَةٍ) غَيْرِ أَرْضِيَّةٍ كَبَرْدٍ وَجَلِيدٍ وَطَيْرٍ وَجَرَادٍ وَرِيحٍ (أَوْ غَرَقٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ عَطْفٌ عَلَى جَائِحَةٍ أَوْ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَطْفٌ عَلَى فَسَدَ (بَعْدَ إبَّانٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ نُونٌ، أَيْ وَقْتِ (الْحَرْثِ) الْمُعْتَادِ بِحَيْثُ لَا تُزْرَعْ إذَا انْكَشَفَتْ، فَإِنْ غَرِقَتْ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ حَتَّى فَاتَ إبَّانُهُ سَقَطَ كِرَاؤُهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الْمُكْتَرِي مِنْ زَرْعِهَا. ابْنُ شَاسٍ لَا يَسْتَحِقُّ تَقْدِيمَ جُزْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ مِنْ اسْتِيفَاءِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ. ابْنُ يُونُسَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُدَ إلَّا بِقَدْرِ مَا رَكِبَ أَوْ سَكَنَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ حَبَسَ الدَّابَّةَ أَوْ الثَّوْبَ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، إذْ التَّمَكُّنُ كَالِاسْتِيفَاءِ، فِيهَا إنْ أَتَى مَطَرٌ بَعْدَ مَا زَرَعَ وَفَاتَ إبَّانُ الزِّرَاعَةِ فَغَرِقَ زَرْعُهُ حَتَّى هَلَكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 38 أَوْ عَدَمِهِ بَذْرًا، أَوْ سِجْنِهِ؛ أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ،   [منح الجليل] بِذَلِكَ فَهِيَ جَائِحَةٌ عَلَى الزَّارِعِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، بِخِلَافِ هَلَاكِهِ مِنْ الْقَحْطِ، وَكَذَلِكَ لَوْ هَلَكَ زَرْعُهُ بِبَرْدٍ أَوْ جَلِيدٍ أَوْ جَائِحَةٍ فَالْكِرَاءُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إنْ أَتَى مَطَرٌ فَغَرِقَ زَرْعُهُ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ لَوْ انْكَشَفَ الْمَاءُ عَنْ الْأَرْضِ أَدْرَكَ زَرْعَهَا ثَانِيَةً فَلَمْ يَنْكَشِفْ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ، فَذَلِكَ كَغَرَقِهَا فِي الْإِبَّانِ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ حَتَّى فَاتَ الْحَرْثُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ انْكَشَفَ الْمَاءُ فِي إبَّانٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَرْثَ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُثْ. (أَوْ) لَمْ يَزْرَعْ لِ (عَدَمِهِ) أَيْ فَقْدِ الْمُكْتَرِي (بَذْرًا) يَبْذُرُهُ بِهَا فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إكْرَائِهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْبَزْرُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ زَرْعِهَا وَإِكْرَائِهَا (أَوْ) لِ (سَجْنِهِ) بِفَتْحٍ، أَيْ حَبْسِ الْمُكْتَرِي فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إكْرَائِهَا، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْتَقَضُ الْكِرَاءُ بِمَوْتِ الْمُتَكَارِيَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا. وَكَذَلِكَ مَنْ اكْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا وَلَمْ يَجِدْ بَذْرًا أَوْ سَجَنَهُ السُّلْطَانُ بَاقِيَ الْمُدَّةِ فَالْكِرَاءُ يَلْزَمُهُ وَلَا يُعْذَرُ بِهَذَا، وَلَكِنْ يُكْرِيهَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ. اللَّخْمِيُّ مَحْمَلُ قَوْلِهِ فِي الْبَذْرِ عَلَى عَجْزِ الْمُكْتَرِي عَنْهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا وَلَوْ كَانَتْ شِدَّةً فَلَمْ يَجِدْ أَهْلُ الْمَوْضِعِ الْبَذْرَ سَقَطَ الْكِرَاءُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَصَدَ السُّلْطَانُ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَرْعِهَا وَكِرَائِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا طَلَبَهُ السُّلْطَانُ بِأَمْرٍ فَكَانَ سَبَبًا فِي عَدَمِ حَرْثِهَا كَانَ عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا. (أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِهَا وَفَتْحِهَا جَمْعُ شُرْفَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ الْعَرَائِشُ الَّتِي تُجْعَلُ فَوْقَ حَائِطِ (الْبَيْتِ) لِتَزْيِينِهِ فَيَلْزَمُ مُكْتَرِيَهُ جَمِيعُ كِرَائِهِ؛ لِأَنَّ انْهِدَامَهَا لَا يَنْقُصُ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِهِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيمَا انْهَدَمَ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَبْنِهِ رَبُّ الدَّارِ لَزِمَ الْمُكْتَرِيَ السُّكْنَى بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ، وَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ لِذَلِكَ كَانْهِدَامِ شُرُفَاتٍ لَا تَضُرُّ بِسُكْنَى الْمُكْتَرِي وَإِنْ أَنْفَقَ فِيهَا كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا النَّقْضُ، فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ (أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) أَيْ الْبَيْتِ الْمُكْتَرَى فَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ كِرَائِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ مَا سَكَنَهُ. وَمَحَلُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 39 أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ، لَا إنْ نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَإِنْ قَلَّ   [منح الجليل] لُزُومِ جَمِيعِ الْكِرَاءِ الْمُكْتَرِيَ فِي انْهِدَامِ الشُّرُفَاتِ إنْ لَمْ يُنْقِصْ انْهِدَامُهَا شَيْئًا مِنْهُ (لَا) يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ (إنْ نَقَصَ) شَيْءٌ بِانْهِدَامِهَا (مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ) فَيُحَطُّ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهِ إنْ كَثُرَ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي فِي الْخُرُوجِ. ابْنُ رُشْدٍ الْهَدْمُ فِي الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ مَا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى السَّاكِنِ وَلَا يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ كِرَاءِ الدَّارِ شَيْئًا، كَانْهِدَامِ الشُّرُفَاتِ وَنَحْوِهَا، فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ مِنْهُ شَيْءٌ، الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ عَلَى السَّاكِنِ إلَّا أَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ كِرَاءِ الدَّارِ، فَفِي هَذَا يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ السُّكْنَى، وَيُحَطُّ عَنْهُ مَا حَطَّ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ إنْ لَمْ يُصْلِحْهُ رَبُّ الدَّارِ وَلَا يَلْزَمُهُ إصْلَاحُهُ، فَإِنْ سَكَتَ وَسَكَنَ فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ. الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ مَضَرَّةٌ عَلَى السَّاكِنِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبْطِلَ مِنْ مَنَافِعِ الدَّارِ شَيْئًا كَالْهَطْلِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّ رَبَّ الدَّارِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِصْلَاحُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَإِنْ أَبَى فَالْمُكْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ أَوْ يَخْرُجَ، فَإِنْ سَكَتَ وَسَكَنَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، وَإِنْ كَانَ الْهَدْمُ كَثِيرًا فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّارِ إصْلَاحٌ بِإِجْمَاعٍ، وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا: أَحَدُهَا أَنْ يَعِيبَ السُّكْنَى وَيُنْقِصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَلَا يُبْطِلَ شَيْئًا مِنْ الْمَنَافِعِ مِثْلَ كَوْنِ الدَّارِ مُبَلَّطَةً مُجَصَّصَةً فَيَذْهَبُ تَبْلِيطُهَا وَتَجْصِيصُهَا فَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي بَيْنَ السُّكْنَى بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَالْخُرُوجِ، إلَّا أَنْ يُصْلِحَ ذَلِكَ رَبُّ الدَّارِ، فَإِنْ سَكَتَ وَسَكَنَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. الثَّانِي: أَنْ يُبْطِلَ الْيَسِيرَ مِنْ مَنَافِعِهَا كَانْهِدَامِ بَيْتٍ مِنْ الدَّارِ فَيَلْزَمُهُ السُّكْنَى، وَيُحَطُّ عَنْهُ مَا نَابَ الْبَيْتَ الْمُنْهَدِمَ مِنْ الْكِرَاءِ. الثَّالِثُ: أَنْ يُبْطِلَ أَكْثَرَ مَنَافِعِ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَةِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ وَجْهُهَا أَوْ يَكْشِفَهَا بِانْهِدَامِ حَائِطِهَا فَيُخَيَّرُ فِيهِ الْمُكْتَرِي بَيْنَ السُّكْنَى بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَالْخُرُوجِ، فَإِنْ أَرَادَ السُّكْنَى وَحَطَّ مَا يَنُوبُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْكِرَاءِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الدَّارِ، فَيَجْرِي عَلَى جَمْعِ الرَّجُلَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ، نَقَلَهُ " ق ". الجزء: 8 ¦ الصفحة: 40 أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ فِيهَا، أَوْ سَكَنَهُ مُكْرِيهِ، أَوْ لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ، أَوْ غَرِقَ، فَبِحِصَّتِهِ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ، كَهَطْلٍ، فَإِنْ بَقِيَ. فَالْكِرَاءُ؛   [منح الجليل] أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا) أَيْ الدَّارِ الْمُكْتَرَاةِ فَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ سُكْنَاهَا وَيُحَطُّ عَنْهُ مَا نَابَ الْبَيْتَ الْمُنْهَدِمَ مِنْ الْكِرَاءِ (أَوْ سَكَنَهُ) أَيْ الْبَيْتَ مِنْهَا (مُكْرِيهِ) فَكَذَلِكَ (أَوْ لَمْ يَأْتِ) مُكْرِيهِ (بِسُلَّمٍ) بِضَمِّ السِّينِ وَضَمِّ اللَّامِ مُشَدَّدَةً (لِ) بَيْتٍ لِ (الْأَعْلَى) الَّذِي لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِسُلَّمٍ، فَكَذَلِكَ نَحْوُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ أَكْرَاهُ جَمِيعَ مَنَافِعِ الدَّارِ فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْعُلْوِ هُوَ بِجَعْلِ سُلَّمٍ لَهُ يَرْقَى عَلَيْهِ إلَيْهِ، وَالْكِرَاءُ فِي هَذَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنْ بَاعَهُ جَمِيعَ الدَّارِ وَفِيهَا عُلْوٌ لَا يُرْقَى إلَيْهِ إلَّا بِسُلَّمٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ سُلَّمًا يَرْقَى عَلَيْهِ إلَيْهِ، كَمَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ دَلْوًا وَحَبْلًا يَصِلُ بِهِ إلَى مَاءِ الْبِئْرِ؛ لِأَنَّ مَا بَاعَ مِنْهُ قَدْ أَسْلَمَهُ إلَيْهِ، فَهُوَ إنْ شَاءَ سَكَنَهُ، وَإِنْ شَاءَ هَدَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا شَاءَ كَوْنُهُ دُونَ سُلَّمٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا تَوَانَى صَاحِبُ الْمَنْزِلِ فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْعُلْوِ سُلَّمًا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ الْمُكْتَرِي حَتَّى انْقَضَتْ السَّنَةُ، قَالَ يُنْظَرُ إلَى مَا يُصِيبُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ فَيُطْرَحُ عَنْ الْمُكْتَرِي. (أَوْ عَطِشَ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (بَعْضُ الْأَرْضِ) فَكَذَلِكَ (أَوْ غَرِقَ) بَعْضُهَا بِكَسْرِ الرَّاءِ (فَ) يَلْزَمُهُ السُّكْنَى وَالزَّرْعُ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ السَّالِمِ مِنْ الْكِرَاءِ بِالْقِيمَةِ لَا بِالْمِسَاحَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ عَطِشَ أَوْ غَرِقَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ: فِيهَا مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَغَرِقَ بَعْضُهَا قَبْلَ زَرْعِهَا أَوْ عَطِشَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَهَا رُدَّ جَمِيعُهَا وَإِنْ كَانَ تَافِهًا رُدَّ حَظُّهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ. (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا بَيْنَ السُّكْنَى وَالْخُرُوجِ (فِي) حُدُوثِ أَمْرٍ (مُضِرٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ إنْ كَانَ كَثِيرًا، بَلْ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا (كَهَطْلٍ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تَتَابُعِ الْمَطَرِ مِنْ سَقْفِ الْبَيْتِ (فَإِنْ بَقِيَ) الْمُكْتَرِي سَاكِنًا فِي الْبَيْتِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ (فَالْكِرَاءُ) جَمِيعُهُ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي لِزَوَالِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 41 كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ وَهَلْ مُطْلَقًا؟ أَوْ إلَّا أَنْ يُصَالِحُوا عَلَى الْأَرْضِ؟ تَأْوِيلَانِ. عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ لِكَثْرَةِ دُودِهَا، أَوْ فَأْرِهَا، أَوْ عَطَشٍ، أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ   [منح الجليل] ضَرَرِهِ بِتَخْيِيرِهِ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ جَمِيعِ الْكِرَاءِ فَقَالَ (كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ) عَلَيْهَا مِنْ أَهْلِهَا الْكُفَّارِ وَزَرَعُوهَا فَعَطِشَتْ فَيَلْزَمُهُمْ جَمِيعَ الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كِرَاءً مُحَقَّقًا. (وَهَلْ) يَلْزَمُهُمْ جَمِيعُهُ لُزُومًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ تَعْيِينِ قَدْرٍ مِنْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ لِلْأَرْضِ (أَوْ) يَلْزَمُهُمْ جَمِيعُهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُصَالِحُوا) أَيْ الْكُفَّارُ الْإِمَامَ (عَلَى الْأَرْضِ) بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ مَعْلُومٍ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إذَا عَطِشَتْ؛ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) . فِيهَا وَمَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ بِكِرَاءٍ مِثْلَ أَرْضِ الْمَطَرِ فَغَرِقَتْ أَوْ عَطِشَتْ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتِمَّ الزَّرْعُ فَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا إذَا زَرَعُوا فَتَعَطَّشَ زَرْعُهُمْ فَعَلَيْهِمْ الْخَرَاجُ، وَقَالَ غَيْرُهُ هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ وَظِيفَةً عَلَيْهِمْ. وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ غَيْرِهِ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ هُوَ وِفَاقُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ صُلْحِهِمْ عَلَى الْأَرْضِ وَحْدَهَا، وَصُلْحِهِمْ عَلَى الْأَرْضِ وَالرُّءُوسِ مَعَ تَعْيِينِ مَا يَخُصُّ الْأَرْضَ، فَإِنْ صَالَحُوا عَلَى الرُّءُوسِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا إجْمَالًا فَمَحَلُّ وِفَاقٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَذَلِكَ (عَكْسُ) أَيْ خِلَافُ حُكْمِ (تَلَفِ الزَّرْعِ لِكَثْرَةِ دُودِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (أَوْ) كَثْرَةِ (فَأْرِهَا) أَيْ الْأَرْضِ (أَوْ) لِ (عَطَشٍ) فَيَسْقُطُ كِرَاؤُهَا عَنْ الْمُكْتَرِي لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اكْتَرَاهَا، وَسَوَاءٌ تَلِفَ جَمِيعُهُ (أَوْ) أَكْثَرُهُ (وَبَقِيَ الْقَلِيلُ) مِنْهُ. اللَّخْمِيُّ هَلَاكُ الزَّرْعِ إنْ كَانَ لِقَحْطِ الْمَطَرِ أَوْ تَعَذُّرِ مَاءِ الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ لِكَثْرَةِ نُبُوعِ مَاءِ الْأَرْضِ أَوْ لِدُودٍ أَوْ فَأْرٍ سَقَطَ كِرَاءُ الْأَرْضِ كَانَ هَلَاكُهُ فِي الْإِبَّانِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ هَلَكَ الطَّيْرُ أَوْ جَرَادٌ أَوْ جَلِيدٌ أَوْ بَرْدٌ أَوْ جَيْشٌ أَوْ؛ لِأَنَّ الزَّرِيعَةَ لَمْ تَنْبُتْ لَزِمَ الْكِرَاءُ هَلَكَ فِي الْإِبَّانِ أَوْ بَعْدَهُ. الْمُتَيْطِيُّ وَمِثْلُ قَحْطِ الْمَطَرِ تَوَالِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الزَّرْعِ فِتْنَةٌ. وَفِيهَا إنْ جَاءَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي بَعْضَهُ وَهَلَكَ بَعْضُهُ، فَإِنْ حَصَدَ مَا لَهُ بَالٌ وَلَهُ فِيهِ نَفْعٌ فَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ عَلَيْهِ إنْ حَصَدَ مَا لَا بَالَ لَهُ وَلَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ. مُحَمَّدٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 42 وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ عَلَى إصْلَاحٍ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَإِنْ اكْتَرَيَا حَانُوتًا، فَأَرَادَ كُلٌّ   [منح الجليل] مِثْلَ خَمْسَةِ أَوْ سِتَّةِ فَدَادِينَ مِنْ مِائَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إذَا كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي الْمِائَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَتَكَلَّفُ جَمْعَ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَوْ سَلِمَتْ الْخَمْسَةُ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْ سَلَامَتِهَا لَزِمَهُ كِرَاؤُهَا. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَذَكَرَ الصِّقِلِّيُّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ. (وَ) إنْ حَدَثَ خَلَلٌ فِي الْعَقَارِ الْمُكْتَرَى قَبْلَ تَمَامِ مُدَّتِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُجْبَرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (آجِرٌ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ مُكْرٍ (عَلَى إصْلَاحٍ) لِمَا انْهَدَمَ مِنْ الْعَقَارِ الَّذِي أَكْرَاهُ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ إضْرَارِهِ بِالْمُكْتَرِي وَحُدُوثِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَإِمْكَانِ السُّكْنَى مَعَهُ، وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي بَيْنَ السُّكْنَى بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَالْخُرُوجِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَقَالَ غَيْرُهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي زَمَنِنَا. (بِخِلَافِ) شَخْصٍ (سَاكِنٍ) فِي بَيْتِ غَيْرِهِ بِكِرَاءٍ (أَصْلَحَ لَهُ) رَبُّ الْبَيْتِ مَا انْهَدَمَ مِنْهُ فَتَلْزَمُهُ السُّكْنَى (بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ) إنْ أَصْلَحَ لَهُ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) أَيْ السَّاكِنِ مِنْ الْبَيْتِ، فَإِنْ أَصْلَحَ لَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ سُكْنَاهُ بَقِيَّتَهَا لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الْكِرَاءِ بِخُرُوجِهِ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اكْتَرَى بَيْتًا فَهُطِلَ عَلَيْهِ فَلَا يُجْبَرُ مُكْرِيهِ عَلَى طَرِّهِ وَلَا مُكْتَرِيهِ عَلَيْهِ مِنْ كِرَائِهِ، وَلَهُ الْخُرُوجُ فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ إلَّا أَنْ يَطُرَّهُ مُكْرِيهِ فَلَا خُرُوجَ لَهُ. وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فَانْهَدَمَتْ كُلُّهَا أَوْ بَيْتٌ أَوْ حَائِطٌ فَلَا يُجْبَرُ مُكْرِيهَا عَلَى بِنَائِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَإِنْ انْهَدَمَ مِنْهَا مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُكْتَرِي، قِيلَ إنْ شِئْت فَاسْكُنْ أَرَادَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ وَلَمْ يَكُنْ نَقْدًا، أَوْ فَاخْرُجْ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُصْلِحَهَا مِنْ كِرَائِهَا وَيَسْكُنَهَا إلَّا بِإِذْنِ مُكْرِيهَا وَإِنْ بَنَاهَا مُكْرِيهَا فِي بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْكِرَاءِ لَزِمَ الْمُكْتَرِيَ السُّكْنَى وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْكِرَاءِ إنْ بَنَاهَا رَبُّهَا قَبْلَ خُرُوجِ الْمُكْتَرِي مِنْهَا. (وَإِنْ اكْتَرَيَا) أَيْ الْمُكْتَرِيَانِ (حَانُوتًا) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ نُونٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ فَوْقِيَّةٍ أَيْ مَحِلًّا مُعَدًّا لِبَيْعِ السِّلَعِ وَتَنَازَعَا فِي كَيْفِيَّةِ جُلُوسِهِمَا فِيهِ لِبَيْعِ السِّلَعِ (فَأَرَادَ كُلٌّ) مِنْ الْمُكْتَرِيَيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43 مُقَدَّمَهُ. قُسِمَ، إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ مُكْرًى سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهِ. نُفِقَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ   [منح الجليل] أَنْ يَجْلِسَ بِسِلْعَةٍ (مُقَدَّمَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ أَوَّلَ الْحَانُوتِ لِيُظْهِرَ سِلَعَهُ لِمَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهَا (قُسِمَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُقَدَّمُ بَيْنَ الْمُكْتَرِيَيْنِ نِصْفَيْنِ لِيَجْلِسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسِلْعَةٍ فِي نِصْفٍ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي الْأَيْمَنِ وَالْأَيْسَرِ اقْتَرَعَا (إنْ أَمْكَنَ) قَسْمُهُ لِاتِّسَاعِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ عَادَةً لِضِيقِهِ (أُكْرِيَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْحَانُوتُ لِغَيْرِهِمَا جَبْرًا (عَلَيْهِمَا) لِإِزَالَةِ تَنَازُعِهِمَا. اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي قَصَّارٍ وَحَدَّادٍ اكْتَرَيَا حَانُوتًا ثُمَّ تَنَازَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَا أَكُونُ فِي الْمُقَدَّمِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ، فَإِنْ حَمَلَ الْقَسْمُ وَإِلَّا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ قَوَّمَاهُمَا وَاقْتَرَعَا عَلَيْهِمَا. (وَإِنْ) اكْتَرَيْت مَوْضِعًا مِنْ الْأَرْضِ لِزَرْعِهِ وَلَهُ عَيْنٌ يُسْقَى مِنْهَا وَ (غَارَتْ عَيْنُ) مَكَان (مُكْرًى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، وَصِلَةُ مُكْرًى (سِنِينَ) ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ انْهَدَمَتْ بِئْرُهُ، وَصِلَةُ غَارَتْ (بَعْدَ زَرْعِهِ) أَيْ الْمُكْرَى وَقَبْلَ انْتِهَائِهِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنْ السَّقْيِ وَأَبَى مُكْرِيهِ مِنْ إصْلَاحِ عَيْنِهِ أَوْ بِئْرِهِ (نُفِقَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (حِصَّةُ سَنَةٍ) مِنْ السِّنِينَ (فَقَطْ) أَيْ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا، أَيْ يُنْفِقُ الْمُكْتَرِي فِي إصْلَاحِ الْعَيْنِ أَوْ الْبِئْرِ مَا يَخُصُّ سَنَةً وَاحِدَةً مِنْ كِرَاءِ السِّنِينَ لِإِحْيَاءِ زَرْعِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ زَرْعِهِ الْأَرْضَ فِي بَقِيَّةِ السِّنِينَ " غ " مُكْرًى اسْمُ مَفْعُولٍ وَسِنِينَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَالظَّاهِرُ فِي زَرْعِهِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ فَزَرَعَهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ تَهَوَّرَ بِئْرُهَا أَوْ انْقَطَعَتْ عَيْنُهَا فَأَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ صَاحِبَهَا فَلَا يُقْسَمُ الْكِرَاءُ عَلَى السِّنِينَ سَوَاءً، لَكِنْ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ نِفَاقِهَا وَتَشَاحِّ النَّاسِ فِيهَا، وَلَيْسَ كِرَاءُ الْأَرْضِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَاحِدًا وَلَا مَا يَنْقُدُ فِيهِ كَاَلَّذِي يَسْتَأْخِرُ نَقْدَهُ، وَكَذَلِكَ يَحْسُبُ كِرَاءُ الدُّورِ فِي الْهَدْمِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ وَالْأَعْوَامِ، وَقَدْ تُكْتَرَى سَنَةً لَا شَهْرَ فِيهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44 وَإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وَإِنْ بِكِرَاءٍ. فَلَا كِرَاءَ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ   [منح الجليل] كَدُورِ النِّيلِ بِمِصْرَ وَدُورِ أَشْهُرِ الْحَجِّ بِمَكَّةَ. وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ وَزَرَعَهَا ثُمَّ غَارَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَدَمَ بِئْرُهَا وَأَبَى مُكْرِيهَا الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا فَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا حِصَّةَ تِلْكَ السَّنَةِ خَاصَّةً مِنْ الْكِرَاءِ، وَيَلْزَمُ ذَلِكَ رَبَّهَا وَإِنْ زَادَ عَلَى كِرَاءِ سَنَةٍ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ مَتَى تَرَكَ فَسَدَ زَرْعُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَيْهِ كَلَامٌ، إذْ لَوْ بَطَلَ زَرْعُهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ كِرَاءٌ فَلَا يَمْنَعُ أَمْرًا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ هُوَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَبُّهَا غَرِمَهُ، فَإِنْ قَبَضَهُ، وَهُوَ عَدِيمٌ فَلِلْمُكْتَرِي إنْفَاقُ قَدْرِهِ وَاتِّبَاعُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ إنْفَاقُ حِصَّتِهَا، وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ حِصَّةِ السَّنَةِ الْأُولَى، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَرْعِهَا فَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهَا وَلِلْمُكْتَرِي الْفَسْخُ، فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ عِنْدِهِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ كِرَاؤُهُ كَامِلًا وَلَا شَيْءَ لِلْمُكْتَرِي فِيمَا أَنْفَقَ إلَّا فِي نَقْضِ قَائِمٍ مِنْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا أَوْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ. (وَإِنْ تَزَوَّجَ) رَجُلٌ مَرْأَةً (ذَاتَ) أَيْ صَاحِبَةَ (بَيْتٍ) سَاكِنَةً هِيَ فِيهِ إنْ كَانَ لَهَا بِمِلْكٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ لَهَا (بِكِرَاءٍ) وَسَكَنَ مَعَهَا فِيهِ مُدَّةً (فَلَا كِرَاءَ) لَهَا عَلَيْهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِعَدَمِ أَخْذِهَا الْكِرَاءَ مِنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا إنْ تُبَيِّنُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ تَذْكُرَ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ أُجْرَةَ الْمَسْكَنِ فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ نَكَحَ مَرْأَةً وَهِيَ فِي بَيْتٍ اكْتَرَتْهُ سَنَةً فَدَخَلَ بِهَا فِيهِ وَسَكَنَ بَاقِيَ السَّنَةِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لَهَا وَلَا لِرَبِّ الْبَيْتِ، وَهِيَ كَدَارٍ تَمْلِكُهَا هِيَ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ لَهُ أَنَّهُ بِالْكِرَاءِ، فَإِمَّا أَدَّيْتَ أَوْ أَخُرِجَتْ. بَعْضُ فُقَهَاءِ الْقَرَوِيِّينَ يَنْبَغِي لَوْ كَانَتْ الدَّارُ لَهَا وَطَلَّقَهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بِكِرَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ لَهَا اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بَنَى بِزَوْجَتِهِ فِي دَارِهَا ثُمَّ طَلَبَتْهُ بِالْكِرَاءِ عَنْ سُكْنَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا أَرَادَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ فِيهِ بِكِرَاءٍ ثُمَّ قَالَ وَكُلُّ هَذَا مَا كَانَتْ الْعِصْمَةُ قَائِمَةً، فَإِنْ طَلَّقَهَا زَالَ مَوْضِعُ الْمُكَارَمَةِ وَلَهَا طَلَبُهُ بِكِرَاءِ عِدَّتِهَا، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ سَكَنَ بِهَا فِي مَسْكَنٍ لِأَبِيهَا أَوْ لِأُمِّهَا فَإِنَّهُ كَبَيْتِهَا لَا شَيْءَ لَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45 وَالْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ أَنَّهُ وَصَّلَ كِتَابًا أَوْ أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ، وَقَالَ: وَدِيعَةٌ، أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ، وَفِي الْأُجْرَةِ   [منح الجليل] عَلَيْهِ مُذْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَارَمَةِ، وَأَمَّا الْأَخُ وَالْعَمُّ فَالْأَمْرُ فِيهِمَا مُشْكِلٌ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَالسُّنُونَ، وَهُوَ لَا يَتَكَلَّمُ، وَمِثْلُهُ إذَا سَكَنَ عِنْدَ أَبَوَيْهِ ثُمَّ طَلَبَا الْكِرَاءَ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَذَلِكَ لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ إنْ لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى مُكَارَمَتِهِمَا. (وَ) إنْ اُسْتُؤْجِرَ شَخْصٌ عَلَى إيصَالِ كِتَابٍ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَغَابَ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ وَادَّعَى أَنَّهُ وَصَّلَهُ وَكَذَّبَهُ مُسْتَأْجِرُهُ فَ (الْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ) عَلَى إيصَالِ كِتَابٍ لِبَلَدٍ آخَرَ (أَنَّهُ) أَيْ الْأَجِيرَ (وَصَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْأَجِيرُ (كِتَابًا) مَثَلًا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى إيصَالٍ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَصَلَهُ إذَا مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ ذَهَابُهُ وَرُجُوعُهُ فِيهِ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ فَعَلَيْهِ دَفْعُ كِرَائِهِ لَهُ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ وَاجَرْت رَجُلًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ مِنْ مِصْرَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِكَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْصَلْته وَأَكْذَبْته فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّك ائْتَمَنْتَهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْك دَفْعُ كِرَائِهِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْحَمُولَةُ كُلُّهَا تَكْتَرِيهِ عَلَى تَوْصِيلِهَا إلَى بَلَدِ كَذَا، فَيَدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْصَلَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَمَدٍ يَبْلُغُ فِي مِثْلِهِ. (وَ) الْقَوْلُ لِلْأَجِيرِ (أَنَّهُ اُسْتُصْنِعَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ، أَيْ الْأَجِيرُ فِيمَا بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ كَثَوْبٍ بِيَدِ خَيَّاطٍ وَغَزْلٍ بِيَدِ نَسَّاجٍ وَعَيْنٍ بِيَدِ صَائِغٍ (وَقَالَ) رَبُّهُ (وَدِيعَةٌ) عِنْدَك فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمَنْ ادَّعَى عَلَى صَبَّاغٍ أَوْ صَائِغٍ فِيمَا قَدْ عَمِلَهُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، وَقَالَ الصَّائِغُ بَلْ اسْتَعْمَلْتنِي فِيهِ فَالصَّائِغُ مُصَدَّقٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَشْهَدُونَ فِي هَذَا وَلَوْ جَازَ هَذَا لَذَهَبَ أَعْمَالُهُمْ (أَوْ) أَيْ وَالْقَوْلُ لِلصَّانِعِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى اسْتِصْنَاعِهِ وَ (خُولِفَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْأَجِيرُ (فِي الصِّفَةِ) فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَتْ الصِّفَةُ رَبَّ الْمَصْنُوعِ كَصَبْغِهِ ثَوْبًا أَخْضَرَ لِشَرِيفٍ مُدَّعِيًا أَمَرَهُ بِهِ، وَخَالَفَهُ الشَّرِيفُ قَائِلًا أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَسْوَدَ وَكَخِيَاطَتِهِ ثَوْبًا وَاسِعَ الْأَكْمَامِ لِفَقِيهٍ، فَقَالَ الْفَقِيهُ أَمَرْتُك بِتَضْيِيقِهِ (أَوْ) اتَّفَقَا عَلَى اسْتِصْنَاعِهِ وَصِفَتِهِ وَخُولِفَ فِي قَدْرِ (الْأُجْرَةِ) بِأَنْ قَالَ عَشَرَةٌ، وَقَالَ الْآخَرُ خَمْسَةٌ فَالْقَوْلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46 إنْ أَشْبَهَ وَحَازَا، لَا كَبِنَاءٍ   [منح الجليل] لِلْأَجِيرِ (إنْ أَشْبَهَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ وَافَقَ الْأَجِيرَ فِي دَعْوَاهُ الِاسْتِصْنَاعَ وَالصِّفَةَ وَالْأُجْرَةَ الْعَادَةَ بَيْنَ مِثْلِهِ وَمِثْلِ رَبِّ الشَّيْءِ. (وَ) إنْ (حَازَ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَزَايٍ، أَيْ اسْتَوْلَى الْأَجِيرُ عَلَى الْمَصْنُوعِ، وَمَفْهُومُ أَشْبَهَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُشْبِهْ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ إنْ أَشْبَهَ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَيْضًا حَلَفَا وَرُدَّ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَذُكِرَ مَفْهُومٌ فَقَالَ (لَا) إنْ لَمْ يَحُزْ (كَبِنَاءٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ مُثَقَّلًا وَبِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفًا، فَلَيْسَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ فِيهَا إنْ قَالَ اللَّاتِي أَمَرَتْنِي أَنَّ أَلُتَّهُ بِعَشْرَةٍ فَفَعَلْت، وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ أَمَرْتُكَ بِخَمْسَةٍ وَبِهَا لَتَتَّهُ، فَاللَّاتُ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سَمْنٌ بِعَشْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ الضَّمَانُ، كَقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الصَّبَّاغِ إذَا صَبَغَ الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عُصْفُرٍ، وَقَالَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ أَمَرْتنِي وَقَالَ مَا أَمَرْتُك أَنْ تَجْعَلَ فِيهِ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ عُصْفُرٍ أَنَّ الصَّبَّاغَ مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بِعَشَرَةٍ وَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ رَبُّ الثَّوْبِ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ أَتَيَا بِمَا لَا يُشْبِهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَتُّ مِثْلِهِ سَوَاءٌ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لِي صَبْغٌ مُتَقَدِّمٌ أَوْ فِي السَّوِيقِ لِتَاتٌ مُتَقَدِّمٌ فَلَا يُصَدَّقُ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ إذَا أَسْلَمَ إلَيْهِ السَّوِيقَ وَالثَّوْبَ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَرَبُّهُ مُصَدَّقٌ، إذْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ. ابْنُ شَاسٍ إنْ اخْتَلَفَ الصَّانِعُ وَرَبُّ الثَّوْبِ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ، بِخِلَافِ الْبِنَاءِ يَقُولُ بَنَيْت هَذَا الْبِنَاءَ بِدِينَارٍ وَيَقُولُ رَبُّهُ بِأَقَلَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مَا لَا يُشْبِهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: " غ " إنْ أَشْبَهَ وَحَازَ أَشْبَهَ رَاجِعٌ لِلْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ، بِخِلَافِ حَازَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ. الثَّانِي: الْبُنَانِيُّ الْحَوْزُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا أَشْبَهَا مَعًا، أَمَّا إذَا أَشْبَهَ الصَّانِعُ فَقَطْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحَوْزِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَائِزِ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى حَوْزٍ، وَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحُزْ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47 وَلَا فِي رَدِّهِ، فَلِرَبِّهِ وَإِنْ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ، وَقَالَ: سُرِقَ مِنِّي، وَأَرَادَ أَخْذَهُ: دَفَعَ قِيمَةَ الصَّبْغِ بِيَمِينٍ، وَإِنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ، فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ: فَلَا يَمِينَ، وَإِلَّا: حَلَفَا، وَاشْتَرَكَا   [منح الجليل] الثَّالِثُ: أَجَازَ الشَّارِحُ كَوْنَ جَازَ بِالْجِيمِ مِنْ الْجَوَازِ احْتِرَازًا عَنْ ادِّعَاءِ الْأَجِيرِ مَا لَا يَجُوزُ فَلَا يُصَدَّقُ. (وَلَا) يُصَدَّقُ الصَّانِعُ (فِي رَدِّهِ) أَيْ الْمَصْنُوعِ لِرَبِّهِ (فَ) الْقَوْلُ (لِرَبِّهِ) أَيْ الْمَصْنُوعِ فِي غَيْرِ الْمُحَوَّزِ، وَفِي عَدَمِ رَدِّهِ إنْ دَفَعَهُ لِلصَّانِعِ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوْثِيقِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ دَفَعَهُ لَهُ (بِلَا بَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى ضَمَانِهِ كَالرَّهْنِ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا أَقَرَّ الصَّانِعُ بِقَبْضِ مَتَاعٍ وَقَالَ عَمِلْته وَرَدَدْته وَكَذَّبَهُ رَبُّهُ فَيَضْمَنُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِرَدِّهِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصُّنَّاعُ مُصَدَّقُونَ فِي رَدِّ الْمَتَاعِ إلَى أَهْلِهِ مَعَ أَيْمَانِهِمْ إلَّا أَنْ يَأْخُذُوهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَبْرَءُونَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ قَبْضَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً حَلَفَ رَبُّهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ. (وَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الِاسْتِصْنَاعَ صَبَّاغٌ مَثَلًا فِي ثَوْبٍ بِيَدِهِ (قَالَ رَبُّهُ) أَيْ الْمَصْنُوعِ، بَلْ (سُرِقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ الثَّوْبُ مَثَلًا مِنِّي أَبْيَضُ (وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ) أَيْ الْمَصْنُوعَ لِتَخْيِيرِهِ فِيهِ، وَفِي تَضْمِينِهِ لِلصَّانِعِ أَخْذُهُ وَ (دَفَعَ) رَبُّهُ لِلصَّانِعِ (قِيمَةَ) أَيْ أُجْرَةَ (الصَّنْعِ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (بِيَمِينٍ) مِنْ رَبِّ الثَّوْبِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَصْنِعْهُ (إنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا) أَيْ قِيمَةِ الصَّبْغِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ فَلَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ لِإِسْقَاطِ زِيَادَةِ دَعْوَى الصَّانِعِ. (وَإِنْ اخْتَارَ) رَبُّ الثَّوْبِ حِينَ تَخْيِيرِهِ أَوَّلًا (تَضْمِينَهُ) أَيْ الصَّانِعِ قِيمَةَ الثَّوْبِ أَبْيَضَ (فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ) أَيْ الثَّوْبِ حَالَ كَوْنِهِ (أَبْيَضَ) لِرَبِّهِ (فَلَا يَمِينَ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَلَكَ الصَّانِعُ الثَّوْبَ وَلَا كَلَامَ لِصَاحِبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48 لَا إنْ تَخَالَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ.   [منح الجليل] وَامْتَنَعَ مِنْهُ (حَلَفَا) أَيْ رَبُّ الثَّوْبِ أَوَّلًا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَصْنِعْهُ وَالصَّانِعُ أَنَّهُ اسْتَصْنَعَهُ (وَاشْتَرَكَا) أَيْ رَبُّ الثَّوْبِ وَالصَّانِعِ فِي الثَّوْبِ رَبُّهُ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَالصَّانِعُ بِقِيمَةِ صَبْغِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ اسْتَعْمَلَنِي هَذَا الْمَتَاعَ، وَقَالَ بَلْ سُرِقَ مِنِّي تَحَالَفَا ثُمَّ قِيلَ لِرَبِّهِ ادْفَعْ إلَيْهِ أَجْرَ عَمَلِهِ وَخُذْهُ فَإِنْ أَبَى كَانَا شَرِيكَيْنِ هَذَا بِقِيمَةِ ثَوْبِهِ غَيْرِ مَعْمُولٍ، وَهَذَا بِقِيمَةِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إذَا قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ سُرِقَ مِنِّي وَالصَّانِعُ اسْتَعْمَلَنِي فَلَا يَتَحَالَفَانِ حَتَّى يُقَالَ لِرَبِّ الثَّوْبِ مَا تُرِيدُ، فَإِنْ قَالَ أَخْذَ ثَوْبِي نُظِرَ إلَى قِيمَةِ صَبْغِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ دَعْوَى الصَّانِعِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا أَيْمَانَ بَيْنَهُمَا، وَيُقَالُ لِرَبِّ الثَّوْبِ هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قُلْت أَنَّهُ سُرِقَ مِنْك فَلَا تَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي قَالَهَا الصَّانِعُ فَادْفَعْهَا لَهُ وَخُذْ ثَوْبَك، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ دَعْوَى الصَّانِعِ حَلَفَ رَبُّ الثَّوْبِ وَحْدَهُ لِيَحُطَّ عَنْ نَفْسِهِ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَةِ الْعَمَلِ مِمَّا ادَّعَاهُ الصَّانِعُ وَدَفَعَهَا لَهُ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، وَإِنْ قَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَوَّلًا أَرَدْت تَضْمِينَ الصَّانِعِ قِيلَ لَهُ احْلِفْ أَنَّك لَمْ تَسْتَعْمِلْهُ، فَإِنْ حَلَفَ قِيلَ لِلْآخَرِ احْلِفْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَك لِتَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ ثُمَّ قِيلَ لِرَبِّ الثَّوْبِ ادْفَعْ إلَيْهِ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَخُذْ ثَوْبَك، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْآخَرِ ادْفَعْ إلَيْهِ قِيمَةَ ثَوْبِهِ أَبْيَضَ، وَيَصِيرُ الثَّوْبُ لَك، فَإِنْ أَبَى أَيْضًا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْبِ بِقِيمَتِهِ أَبْيَضَ وَقِيمَةِ صَبْغِهِ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ سُرِقَ مِنِّي، فَإِنْ قَالَ سَرَقْته أَنْتَ فَهُوَ مُدَّعٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِتَعَدِّيهِ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا لِيُوجِبَ أَحَدُهُمَا الضَّمَانَ عَلَى الْآخَرِ وَيَبْرَأَ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ الصَّانِعُ مِمَّنْ لَا يُشَارُ إلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ يُعَاقَبُ رَبُّ الثَّوْبِ وَإِلَّا فَلَا. (لَا) يَتَحَالَفَانِ؛ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (إنْ تَخَالَفَا) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ رَبُّ السَّوِيقِ وَالسَّمَّانِ (فِي لَتِّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ، أَيْ بَلِّ (السَّوِيقِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ قَافٌ، أَيْ دَقِيقِ الْحَبِّ الْمَقْلُوِّ بِسَمْنٍ بِأَنْ قَالَ السَّمَّانُ: أَمَرْتنِي بِلَتِّهِ بِعَشْرَةِ أَرْطَالِ سَمْنٍ، وَقَالَ رَبُّ السَّوِيقِ لَمْ آمُرْك بِشَيْءٍ فَلَا يَتَحَالَفَانِ وَلَا يَتَشَارَكَانِ فِيهِ، وَيُقَالُ لِصَاحِبِ السَّوِيقِ ادْفَعْ لِلسَّمَّانِ مِثْلَ مَا قَالَ وَخُذْ سَوِيقَك مَلْتُوتًا، فَإِنْ فَعَلَ أَخَذَ سَوِيقَهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 وَأَبَى مَنْ دَفَعَ مَا قَالَ، اللَّاتُّ: فَمِثْلُ سَوِيقِهِ وَلَهُ وَلِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ: فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ بَلَغَا الْغَايَةَ، إلَّا لِطُولٍ:   [منح الجليل] وَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ صَاحِبُ السَّوِيقِ (مِنْ دَفْعِ) مِثْلِ (مَا قَالَ اللَّاتُّ) بِشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ اسْمُ فَاعِلِ لَتَّ كَذَلِكَ (فَمِثْلُ سَوِيقِهِ) غَيْرَ مَلْتُوتٍ يَدْفَعُهُ اللَّاتُّ لَهُ، فِيهَا مَنْ لَتَّ سَوِيقًا لِغَيْرِهِ بِسَمْنٍ وَقَالَ لِرَبِّهِ أَمَرْتنِي أَنْ أَلُتَّهُ لَك بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَقَالَ رَبُّهُ لَمْ آمُرْك أَنْ تَلُتَّهُ بِشَيْءٍ قِيلَ لِصَاحِبِ السَّوِيقِ إنْ شِئْت فَاغْرَمْ لَهُ مَا قَالَ وَخُذْ السَّوِيقَ مَلْتُوتًا، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّاتِّ: اغْرَمْ لَهُ مِثْلَ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ وَإِلَّا فَأَسْلِمْهُ لَهُ بِلُتَاتِهِ، وَلَا شَيْءَ لَك، وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الطَّعَامِ لِوُجُودِ مِثْلِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا امْتَنَعَ رَبُّ السَّوِيقِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا لَتَّ بِهِ قُضِيَ لَهُ عَلَى اللَّاتِّ بِمِثْلِ سَوِيقِهِ غَيْرَ مَلْتُوتٍ. أَبُو الْحَسَنِ مَسْأَلَةُ السَّوِيقِ هَذِهِ دَائِرَةٌ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ رَبُّهُ أَوْدَعْتُك إيَّاهُ أَوْ يَقُولَ سُرِقَ فَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: وَقَوْلُ رَبِّهِ لَمْ آمُرْك بِلَتِّهِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا لَفْظُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ، وَنَقَلَهَا عَبْدُ الْحَقِّ بِلَفْظِ: وَقَالَ رَبُّهُ مَا دَفَعْت إلَيْك شَيْئًا. عَبْدُ الْحَقِّ فَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الثَّوْبِ سُرِقَ مِنِّي، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ، وَهُوَ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ وَتَرَكَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِتَرْجِيحِ قَوْلِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ قَالَهُ الْحَطّ. طفي وَجْهُ الْوِفَاقِ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا، وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ مَلْتُوتًا وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ، وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْخِلَافِ، فَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ يُقْضَى بِأَخْذِ مِثْلِ سَوِيقِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مَلْتُوتًا لِلْفَضْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ تَنَازَعَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ (لَهُ) أَيْ الْأَجِيرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ (وَ) إنْ تَنَازَعَ الْجَمَّالُ وَالْمُكْتَرِي مِنْهُ فِي قَبْضِ الْكِرَاءِ فَالْقَوْلُ (لِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ) ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، فَعَلَى مُدَّعِي الْقَبْضِ إثْبَاتُهُ إنْ لَمْ يَبْلُغَا الْغَايَةَ، بَلْ (وَإِنْ بَلَغَا) أَيْ الْجَمَّالُ وَالْمُكْتَرِي مِنْهُ (الْغَايَةَ) أَيْ الْمَكَانَ الَّذِي تَكَارَيَا إلَيْهِ، سَوَاءٌ تَنَازَعَا فِيهِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْأَحْمَالِ أَوْ بَعْدَهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِطُولٍ) فِي الزَّمَانِ بَعْدَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 فَلِمُكْتَرِيهِ، بِيَمِينٍ وَإِنْ قَالَ: بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ، وَقَالَ: بَلْ لِإِفْرِيقِيَّةَ: حَلَفَا. وَفُسِخَ، إنْ عُدِمَ السَّيْرُ، أَوْ قَلَّ: وَإِنْ نَقَدَ،   [منح الجليل] تَسْلِيمِهَا فَالْقَوْلُ (لِمُكْتَرِيهِ بِيَمِينٍ) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَالَ الْمُكْتَرِي دَفَعْت الْكِرَاءَ وَأَكْذَبَهُ الْجَمَّالُ وَقَدْ بَلَغَا الْغَايَةَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ إنْ كَانَتْ الْحُمُولَةُ بِيَدِهِ أَوْ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا بِمَا قَرُبَ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي الْبَيِّنَةُ، وَكَذَا الْحُجَّاجُ إنْ قَامَ الْكَرْيُ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَبْعُدْ، فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ فَالْمُكْتَرِي مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ بَيِّنَةً، وَكَذَلِكَ قِيَامُ الصُّنَّاعِ بِحِدْثَانِ رَدِّ الْمَتَاعِ، فَإِنْ قَبَضَ الْمَتَاعَ رَبُّهُ وَتَطَاوَلَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَتَاعِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْجَمَّالُ، ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَمَّالَ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَمْ يُقْبِضْهُ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُرَادِ ابْنِ يُونُسَ، أَرَادَ عَلَى إقْرَارِ الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ شَيْئًا فَيَقْضِي بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ لَهُ رَاجِعٌ لِرَبِّ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ؛ لِأَنَّهُ فِي فَصْلِ أَكْرِيَةِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ أَكْرِيَةِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ قَالَهُ الْحَطّ. (وَإِنْ) اتَّفَقَ الْجَمَّالُ وَالْمُكْتَرِي مِنْهُ عَلَى قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ بِأَنْ (قَالَ) الْجَمَّالُ أَكْرَيْتك (بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَلَدٌ بِالْمَغْرِبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرَ نَحْوُ شَهْرٍ (وَقَالَ) الْمُكْتَرِي بِهَا (لِإِفْرِيقِيَّةَ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ عَقِبَهَا وَتَشْدِيدِهَا بَلَدٌ بِالْمَغْرِبِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مِصْرَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ (حَلَفَا) أَيْ الْجَمَّالُ وَالْمُكْتَرِي كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَإِثْبَاتِ دَعْوَى نَفْسِهِ. (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَقْدُ الْكِرَاءِ (إنْ عُدِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (السَّيْرُ) بِأَنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ (أَوْ قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا السَّيْرُ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْجَمَّالِ فِي رُجُوعِهِ، وَلَا عَلَى الْمُكْتَرِي فِي طَرْحِ مَتَاعِهِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الْكِرَاءَ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ قَدْ (نَقَدَ) الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهَا إنْ كَانَ نَقَدَ وَأَشْبَهَ الْمُكْرِيَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ أَوْ بَعْدَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 وَإِلَّا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ وَلِلْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ، وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فَقَطْ، أَوْ أَشْبَهَا، وَانْتَقَدَ. وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ: حَلَفَ الْمُكْتَرِي، وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ،   [منح الجليل] بُلُوغِهِمَا الْغَايَةَ (فَ) حُكْمُهُ كَحُكْمِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بَعْدَ (فَوْتِ الْمَبِيعِ) بِيَدِ مُشْتَرِيهِ مِنْ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْقَوْلُ هُنَا قَوْلَ الْمُكْتَرِي. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَكَارِيَانِ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ مَسِيرٍ لَا ضَرَرَ فِي رُجُوعِهِ، فَقَالَ الْمُكْرِي إنَّمَا أَكْرَيْتُكَ إلَى بَرْقَةَ بِمِائَةٍ وَقَالَ الْمُكْتَرِي: بَلْ إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِمِائَةٍ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا بَعْدَمَا بَلَغَا بَرْقَةَ فَقَالَ الْمُكْرِي إنَّمَا أَكْرَيْتُكَ إلَى بَرْقَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمُكْتَرِي إلَى إفْرِيقِيَّةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَإِنْ انْتَقَدَ الْكَرْيَ فَهُوَ مُصَدَّقٌ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ كِرَاءُ النَّاسِ إلَى بَرْقَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَحْلِفُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ الْأَقْوَالَ الْمُكْتَرِي فَلِلْجَمَّالِ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي بَعْدَ حَلِفِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّمَادِي إلَى إفْرِيقِيَّةَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ، وَأَشْبَهَ مَا قَالَا لِكَوْنِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ حَلَفَا وَفُضَّ الْكِرَاءُ، فَأَخَذَ الْجَمَّالُ حِصَّةَ مَسَافَةِ بَرْقَةَ وَلَا يَتَمَادَى، وَأَيُّهُمَا نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِمَنْ حَلَفَ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ بُلُوغِ بَرْقَةَ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، فَإِنْ تَكَافَأَتَا حَلَفَا وَفُسِخَ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ طُولِ السَّفَرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ وَقَوْلُ الْمُكْتَرِي فِي الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَكَأَنَّهُمَا فِي الْقُرْبِ مُتَبَايِعَانِ سِلْعَتَاهُمَا بِأَيْدِيهِمَا لَمْ تَفُتْ، وَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ بَعْدَ السَّفَرِ فَهُوَ كَقَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَفَوْتِ مَا بِيَدِهِ، وَفَاتَ رَدُّ الْمَبِيعِ وَصَارَ يُطْلَبُ بِالثَّمَنِ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ. (وَ) الْقَوْلُ (لِلْمُكْرِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ الْجَمَّالُ فِي اخْتِلَافِهِمَا (فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ إنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُكْرِي (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُكْتَرِي سَوَاءٌ انْتَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ (أَوْ أَشْبَهَا) أَيْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي مَعًا (وَانْتَقَدَ) الْمُكْرِي الْكِرَاءَ مِنْ الْمُكْتَرِي (وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ) الْمُكْرِي الْكِرَاءَ مِنْ الْمُكْتَرِي وَهُمَا مُشَبَّهَانِ (حَلَفَ الْمُكْتَرِي وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 52 إلَّا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى. فَلَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي، وَفُسِخَ الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا: حَلَفَا، وَفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى. وَإِنْ قَالَ. أَكْرَيْتُكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وبَلَغَاهَا، وَقَالَ: بَلْ لِمَكَّةَ بِأَقَلَّ، فَإِنْ نَقَدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ وَحَلَفَا   [منح الجليل] قَالَ) الْمُكْتَرِي فَيَحْمِلُهُ إلَى إفْرِيقِيَّةَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَى أَنْ يَحْلِفَ) الْجَمَّالُ أَيْضًا عَلَى الْمَسَافَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الَّتِي انْتَهَيَا إلَيْهَا وَهِيَ بَرْقَةُ (فَلَهُ) أَيْ الْجَمَّالِ (حِصَّةُ الْمَسَافَةِ) الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا وَهِيَ بَرْقَةُ (عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْبَاقِي) مِنْ بَرْقَةَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ. (وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ) الْكِرَاءُ وَحُوسِبَ الْجَمَّالُ (بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى) مِنْ الْمَسَافَةِ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ مِنْهُمَا عَلَى النَّاكِلِ. ابْنُ رُشْدٍ تَلْخِيصُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَانُهَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنْ يُنْظَرَ، فَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْرِي خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ انْتَقَدَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ، وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلَ الْمُكْتَرِي خَاصَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ نَقَدَ الْكِرَاءَ أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ، وَإِنْ أَشْبَهَ مَا قَالَا جَمِيعًا نُظِرَ، فَإِنْ انْتَقَدَ الْكِرَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْرِي فَيَحْلِفُ وَلَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي حَلَفَ وَلَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَى فَلَهُ حِصَّةُ مَسَافَةِ بَرْقَةَ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي وَيُفْسَخُ عَنْهُ الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَلَفَا وَفُسِخَ، وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى وَأَيُّهُمَا نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ لِمَنْ حَلَفَ. (وَإِنْ) اخْتَلَفَا فِي الْمَسَافَةِ وَالْأُجْرَةِ مَعًا بِأَنْ (قَالَ) الْجَمَّالُ (أَكْرَيْتك لِلْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (بِمِائَةٍ وَبَلَغَاهَا) الْمُتَكَارِيَانِ الْمَدِينَةَ (وَقَالَ) الْمُكْتَرِي (بَلْ) أَكْرَيْتَنِي (لِمَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةِ (بِأَقَلَّ) مِنْ الْمِائَةِ كَخَمْسِينَ (فَإِنْ) كَانَ (نَقَدَهُ) أَيْ الْمُكْرِيَ الْمُكْتَرِيَ الْخَمْسِينَ (فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ) لِتَقْوَى دَعْوَاهُ بِالِانْتِقَادِ وَالشَّبَهِ، وَأَرَادَ مَعَ شَبَهِ الْمُكْتَرِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَحَلَفَا) أَيْ الْجَمَّالُ وَالْمُكْتَرِي وَقَوْلُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53 وَفُسِخَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ. فَلِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ، وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ يَمِينِهِمَا، وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ. فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً. قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِلَّا سَقَطَتَا   [منح الجليل] الْآتِي وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (وَ) إذَا حَلَفَا (فُسِخَ) الْكِرَاءُ فِيمَا بَقِيَ، وَكَذَا إنْ نَكَلَا، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا قُضِيَ عَلَيْهِ لِلْحَالِفِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَفُسِخَ الْكِرَاءُ الْمِثْلُ فِيمَا مَشَى، وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ وَلِدَلَالَةِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ. (وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْمُكْتَرِيَ الْمُكْرِي شَيْئًا مِنْ الْكِرَاءِ (فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي) قَدْرِ (الْمَسَافَةِ) أَنَّهَا لِلْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ وَأَزْكَى التَّسْلِيمَاتِ (وَ) الْقَوْلُ (لِمُكْتِرِي حِصَّتِهَا) أَيْ الْمَسَافَةِ (مِمَّا ذَكَرَهُ) الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ كَكَوْنِهِ خَمْسِينَ (بَعْدَ يَمِينَيْهِمَا) عَلَى مَا ادَّعَيَاهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُكْرِي أَنَّهَا لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ، وَلَا قَوْلُ الْمُكْتَرِي أَنَّهَا لِمَكَّةَ بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ بُلُوغَ الْمَسَافَةِ رَجَّحَ قَوْلَ الْمُكْرِي وَعَدَمَ الِانْتِقَادِ رَجَّحَ قَوْلَ الْمُكْتَرِي (وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُكْتَرِي (فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الْمُكْرِي (بِيَمِينٍ) فَيَأْخُذُ الْمِائَةَ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا. (وَإِنْ أَقَامَا) أَيْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي (بَيِّنَةً) أَيْ جِنْسَهَا الصَّادِقَ بِبَيِّنَتَيْنِ بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ لِلْمُكْرِي وَبَيِّنَةٌ شَهِدَتْ لِلْمُكْتَرِي (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِأَعْدَلِهِمَا) أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةَ الْمُكْرِي أَوْ الْمُكْتَرِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الْأُخْرَى وَتَسَاوَتَا فِي الْعَدَالَةِ (سَقَطَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ، وَصَارَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ قَالَ الْمُكْرِي أَكْرَيْتُكَ إلَى الْمَدِينَةِ بِمِائَتَيْنِ وَقَدْ بَلَغَاهَا، وَقَالَ الْمُكْتَرِي بَلْ إلَى مَكَّةَ بِمِائَةٍ فَإِنْ كَانَ نَقَدَهُ الْمِائَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ. ابْنُ يُونُسَ مَعْنَاهُ إذَا أَشْبَهَ مَا قَالَاهُ جَمِيعًا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَحْلِفُ لَهُ الْمُكْتَرِي فِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ وَيَحْلِفُ الْجَمَّالُ أَنَّهُ لَمْ يُكْرِهِ إلَى مَكَّةَ بِمِائَةٍ وَيَتَفَاسَخَانِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ صُدِّقَ الْجَمَّالُ فِي الْمَسَافَةِ وَصُدِّقَ الْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِنْ الْكِرَاءِ الَّذِي يُذْكَرُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، وَيُفَضُّ الْكِرَاءُ عَلَى مَا يَدَّعِي الْمُكْتَرِي، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً قُضِيَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا. الْحَطّ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي هَذِهِ فِي الْمَسَافَةِ وَقَدْرِ الْكِرَاءِ وَقَدْ اخْتَصَرَ الْكَلَامُ فِيهَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ، فَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ اخْتِلَافِهِمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ يَسِيرٍ أَوْ بَعْدَ رُكُوبٍ كَثِيرٍ اعْتِمَادًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا فِي اخْتِلَافِهِمَا قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ يَسِيرٍ التَّحَالُفُ وَالتَّفَاسُخُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَبَعْدَ الرُّكُوبِ الْكَثِيرِ كَحُكْمِهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُكْرِي، فَقَوْلُهُ فَإِنْ نَقَدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ وَحَلَفَا وَفُسِخَ، يَعْنِي إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ بُلُوغِ الْمَدِينَةِ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْتِقَادِ الْجَمَّالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لَهُ فِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ وَالْجَمَّالُ أَنَّهُ لَمْ يُكْرِهِ إلَى مَكَّةَ بِمِائَةٍ وَيَتَفَاسَخَانِ، ثُمَّ قَالَ وَبَقِيَ وَجْهٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُشْبِهْ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالْحُكْمُ فِيهِ حَلِفَهُمَا، وَلِلْمُكْرِي كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي الْمَسَافَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا قُبِلَ عَلَيْهِ قَوْلُ مَنْ حَلَفَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ اقْتَرَعَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ذَكَرَ قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً إلَخْ، وَإِنْ كَانَ مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِيُنَبِّهَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدِينَةِ بِقَبُولِ بَيِّنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا كَانَتْ عِدْلَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ادَّعَى فَضْلَةً أَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً فَيُقْضَى بِأَبْعَدِ الْمَسَافَتَيْنِ وَأَكْثَرِ الْكِرَاءَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ، سَوَاءٌ انْتَقَدَ أَمْ لَمْ يَنْتَقِدْ. الثَّانِي: فِيهَا إنْ طَلَبَ الْجَمَّالُ نَقْدَ الْكِرَاءِ قَبْلَ الرُّكُوبِ أَوْ بَعْدَ السَّيْرِ الْقَرِيبِ فَامْتَنَعَ الْمُكْتَرِي مِنْهُ حَمْلًا عَلَى سُنَّةِ النَّاسِ فِي نَقْدِ الْكِرَاءِ أَوْ تَأْخِيرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ فَكَالسُّكْنَى فِي أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ عَجَّلَ الْكِرَاءَ بِلَا شَرْطٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، فَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا نَقْدَ بَلَدِ الْغَايَةِ وَالْآخَرُ نَقْدَ بَلَدِ الْعَقْدِ قُضِيَ بَيْنَهُمَا بِنَقْدِ بَلَدِ الْعَقْدِ. الثَّالِثُ: أَبُو الْحَسَنِ يُقَالُ لِلْجَمَّالِ مَثَلًا كَرِيٌّ وَمُكَارٍ وَمُكْرٍ وَلِلرَّاكِبِ مُكْتَرٍ وَمُتَكَارٍ وَجَمْعُ الْمُكْرِي مُكْرُونَ، وَالْكَرْيُ أَكْرِيَاءٌ وَالْمُكْتَرِي مُكْتَرُونَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55 وَإِنْ قَالَ: اكْتَرَيْت عَشْرًا بِخَمْسِينَ، وَقَالَ: خَمْسًا بِمِائَةٍ. حَلَفَا، وَفُسِخَ، وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا وَلَمْ يَنْقُدْ فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي. إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ. وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ. فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا: حَلَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى. وَفُسِخَ الْبَاقِي مُطْلَقًا. وَإِنْ نَقَدَ: فَتَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] وَإِنْ قَالَ) الْمُكْتَرِي دَارًا أَوْ أَرْضًا مَثَلًا (اكْتَرَيْت مِنْك) الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ مَثَلًا (عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ (بِخَمْسِينَ) دِينَارًا مَثَلًا (وَقَالَ) رَبُّهَا (بَلْ) اكْتَرَيْت (خَمْسًا) مِنْ السِّنِينَ (بِمِائَةٍ) مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (حَلَفَا) أَيْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْكِرَاءُ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ زَرَعَ) الْمُكْتَرِي أَوْ سَكَنَ (بَعْضًا) مِنْ السِّنِينَ (وَلَمْ يَنْقُدْ) الْمُكْتَرِي شَيْئًا مِنْ الْكِرَاءِ (فَلِرَبِّهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمُكْتَرَاةِ أَرْضًا كَانَتْ أَوْ دَارًا (مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي) فِيمَا مَضَى (إنْ أَشْبَهَ) الْمُكْتَرِي فِي قَوْلِهِ عَشْرًا بِخَمْسِينَ عَادَةَ النَّاسِ (وَحَلَفَ) الْمُكْتَرِي عَلَى دَعْوَاهُ، سَوَاءٌ شَبَهُ قَوْلِ الْمُكْرِي أَيْضًا أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قَوْلُ الْمُكْتَرِي (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُ رَبِّهَا) بِيَمِينِهِ (إنْ أَشْبَهَ) قَوْلُهُ خَمْسًا بِمِائَةٍ عَادَتَهُمْ. (وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا) بِأَنْ خَالَفَا مَعًا الْمُعْتَادَ (حَلَفَا) أَيْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي (وَوَجَبَ) لِلْمُكْرِي (كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى) مِنْ السِّنِينَ (وَفُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْبَاقِي) مِنْهَا فَسْخًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَعْضِ الصُّوَرِ قَالَهُ الشَّارِحُ، وَذُكِرَ قَسِيمٌ وَلَمْ يَنْقُدْ فَقَالَ (وَإِنْ) كَانَ (نَقَدَ) الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ (فَ) فِيهِ (تَرَدُّدٌ) فِي كَوْنِهِ كَمَنْ لَمْ يَنْقُدُ فِي اعْتِبَارِ الشَّبَهِ، أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي لِرُجْحَانِ قَوْلِهِ بِالنَّقْدِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ قَالَ الْمُكْتَرِي اكْتَرَيْت الْأَرْضَ عَشْرَ سِنِينَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، وَقَالَ رَبُّهَا بَلْ خَمْسَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْكِرَاءِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ زَرَعَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يَنْقُدْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي. ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ خَمْسَةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ إنْ أَشْبَهَ أَنْ يَتَغَابَنَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَيَحْلِفُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ قُبِلَ قَوْلُهَا رَبِّهَا إنْ أَشْبَهَ بِيَمِينِهِ، وَهُوَ عِشْرُونَ فِي كُلِّ سَنَةٍ إذَا تَسَاوَتْ السُّنُونَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى وَيُفْسَخُ بَاقِي الْمُدَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِدَعْوَاهُ فِي كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُعْتَادِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَبُّ الْأَرْضِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ مُصَدَّقٌ فِي الْغَايَةِ فِيمَا يُشْبِهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا انْتَقَدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا بِيَمِينِهِ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا مُوَافِقٌ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَهُ " ق ". الْحَطّ أَجْمَلَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي ذِكْرِ هَذَا التَّرَدُّدِ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ شَارِحُوهُ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِكَلَامِهَا وَشُرَّاحِهَا فَفِيهَا بَعْدَ ذِكْرِ الْأَوْجُهِ الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ شَبَهُ الْمُكْتَرِي وَحْدَهُ وَشَبَهُهُمَا، وَشَبَهُ الْمُكْرِي وَحْدَهُ وَعَدَمُ شَبَهِهِمَا مَعًا، وَهَذَا إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ نَقَدَ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا وَلَا يُفْسَخُ بَقِيَّةَ الْخَمْسِ سِنِينَ فَيَكُونُ كَقَوْلِ الْغَيْرِ وَمُخَالِفًا لِقَوْلِهِ، وَيُفْسَخُ بَاقِي الْمُدَّةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَنْقُدْ، أَيْ هَذَا الَّذِي سَمِعْت مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إذَا انْتَقَدَ، وَالْحُكْمُ عِنْدِي سَوَاءٌ فِيهِمَا. لَكِنْ يُعْتَرَضُ قَوْلُهُ هَذَا بِقَوْلِهِ وَمِنْ قَوْلِ مَالِكٍ رَبُّ الْأَرْضِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ مُصَدَّقٌ إذَا انْتَقَدَ، إذْ هُوَ مُصَدَّقٌ إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ مِنْ بَابِ أَوْلَى، فَهَذَا يُعْطِي سَمَاعَهُ الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ إنَّهُ يَعُودُ عَلَى أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ إذَا زَرَعَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ إلَّا أَنَّ فِيهِ تَكْرَارًا. اهـ. وَنَصُّ قَوْلِ الْغَيْرِ فِيهَا قَالَ غَيْرُهُ إذَا انْتَقَدَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا يُشْبِهُ مِنْ الْمُدَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ وَأَتَى الْمُكْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ صَدَقَ فِيمَا سَكَنَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ عَلَى رَبِّهَا بَعْدَ يَمِينِهِ عَلَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينِ الْمُكْرِي فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَفُسِخَ الْكِرَاءُ، وَعَلَى الْمُكْتَرِي قِيمَةُ مَا سَكَنَ وَإِنْ أَتَيَا بِمَا يُشْبِهُ صَدَقَ رَبُّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَدَ مَعَ يَمِينِهِ. اهـ. فَجَعَلَهُ إذَا أَتَى رَبُّ الْأَرْضِ بِمَا يُشْبِهُ لَا يَنْفَسِخُ، وَكَذَا إذَا أَتَيَاهُ مَعًا بِمَا يُشْبِهُ فَيَكُونُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ، فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَنْتَقِدْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُفْسَخُ فِي الْبَاقِي. وَأَمَّا إنْ انْتَقَدَ فَلَا يُفْسَخُ يُرِيدُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ غَيْرِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57 (بَابٌ) صِحَّةُ الْجُعْلِ   [منح الجليل] وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْفَسْخُ مُطْلَقًا، وَيَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافًا، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنَّهُ قَالَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا قَوْلَهُ إذَا أَشْبَهَ قَوْلُ رَبِّهَا أَوْ أَشْبَهَ مَا قَالَا إنَّ الْمُكْتَرِيَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْكُنَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْرِي، فَهَذَا يُخَالِفُ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَيَرَى أَنَّهُمَا يَحْلِفَانِ وَيُفْسَخُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَسِلْعَةٍ لَمْ تُقْبَضْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ طفي فَالتَّرَدُّدُ خَاصٌّ بِإِتْيَانِهِمَا بِمَا يُشْبِهُ أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي وَحْدَهُ وَمَا عَدَا هَاتَيْنِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ، هَكَذَا النَّقْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ حَرَّرَ " ح "، الْمَسْأَلَةَ وَتَبِعَهُ عج وَالْمَحَلُّ لِلتَّأْوِيلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الْجُعْلِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْجُعْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (صِحَّةُ) أَيْ مُوَافَقَةُ (الْجُعْلِ) الشَّرْعِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى عُمْرِ آدَمِيٍّ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّهِ بِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِهِ لَا بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، فَيَخْرُجُ كِرَاءُ السُّفُنِ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْقِرَاضُ، وَقَوْلُنَا بِهِ خَوْفُ نَقْضٍ عَكَسَهُ بِقَوْلِهِ: إنْ أَتَيْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَمَلُهُ كَذَا أَوْ خِدْمَتُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ فَاسِدٌ لِجَهْلِ عِوَضِهِ وَالْمُعَرَّفُ حَقِيقَتُهُ الْمُعَرَّضَةُ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، وَأَوْجَزُ مِنْهُ مُعَاوَضَةٌ عَلَى عَمَلِ آدَمِيٍّ يَجِبُ عِوَضٌ بِتَمَامِهِ لَا بَعْضِهِ، فَتَخْرُجُ الْمُسَاقَاةُ وَالْإِجَارَةُ لِاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ فِيهِمَا، وَالْقِرَاضُ لِعَدَمِ وُجُوبِ عِوَضِهِ لِجَوَازِ تَجْرِهِ وَلَا رِبْحَ، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ جَعْلُ الرَّجُلِ جُعْلًا عَلَى عَمَلِ رَجُلٍ إنْ لَمْ يُكْمِلْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُنْتَقَضُ بِالْقِرَاضِ. الْحَطُّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ يَعُودُ لِلْعَمَلِ، أَيْ بِعِوَضٍ غَيْرِ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، فَتَخْرُجُ الْمُغَارَسَةُ وَالْقِرَاضُ؛ لِأَنَّهُمَا بِعِوَضٍ نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَتَدْخُلُ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58 بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا عُلِمَ.   [منح الجليل] نَاشِئٍ عَنْ مَحَلِّ الْعَمَلِ بِسَبَبٍ، لَكِنْ ذَلِكَ الْعِوَضُ لَمْ يَنْشَأْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْآبِقِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فِي التَّوْضِيحِ الْأَصْلُ فِي الْجِعَالَةِ قَوْله تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] يُوسُفَ وَحَدِيثُ الرُّقْيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ تَمَسَّكَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاخِ الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ الْجُعْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِجَوَازِ كَوْنِ إقْرَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ إيَّاهُ بِالضِّيَافَةِ، فَأَجَازَ لَهُمْ اسْتِخْلَاصَهُ بِالرُّقْيَةِ. ابْنُ نَاجِي قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ «أَنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» ، يَقْتَضِي صَرْفَ مَا أَخَذُوهُ لِلرُّقْيَةِ. الْحَطُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. قُلْت أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَةٌ اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ» يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ رُخْصَةٌ اتِّفَاقًا وَالْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِهِ، بَلْ عَدَمُ صِحَّتِهِ لِغَرَرِهِ، لَكِنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ بِالْآيَةِ وَالْحَدِيثِ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ، وَخَبَرُ صِحَّةِ الْجُعْلِ (بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ) ابْنُ شَاسٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي عَاقِدَيْ الْجُعْلِ إلَّا أَهْلِيَّةُ الِاسْتِئْجَارِ وَالْعَمَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِمَا. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ الِاسْتِئْجَارِ وَالْعَمَلِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْعَمَلِ أَنَّ عَمَلَ الْجِعَالَةِ قَدْ يَمْتَنِعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ كَمَا لَوْ جُوعِلَ ذِمِّيٌّ عَلَى طَلَبِ مُصْحَفٍ ضَاعَ لِرَبِّهِ، وَكَذَا الْحَائِضُ مُدَّةَ الْحَيْضِ قُلْت هَذَا الِامْتِنَاعُ شَرْعِيٌّ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِقَصْرِ الْجِعَالَةِ عَلَى الْجَائِزِ مِنْهَا وَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا يُفَسِّرُ الِامْتِنَاعَ بِالِامْتِنَاعِ الْعَادِي كَمُجَاعَلَةِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ عَلَى رَفْعِ مَتَاعٍ مِنْ قَعْرِ بِئْرٍ كَثِيرَةِ الْمَاءِ طَوِيلَةٍ، وَمَفْعُولُ الْتِزَامِ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (جُعْلًا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ مَالًا (عُلِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ، فَلَا يَصِحُّ بِمَجْهُولٍ كَإِنْ جِئْتَنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ نِصْفُهُ لِجَهْلِهِمَا حِينَ الْعَقْدِ. ابْنُ شَاسٍ شَرْطُ الْجُعْلِ كَوْنُهُ مَعْلُومًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ كَالْأُجْرَةِ، فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِإِجَارَةِ أَوْ جُعْلٍ ابْنُ لُبَابَةَ ابْنُ الْقَاسِمِ كُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ لِاسْتِئْجَارِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 59 يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ   [منح الجليل] وَأَنْ يُجْعَلَ جُعْلًا وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ بِهِ وَلَا جَعْلُهُ جُعْلًا إلَّا خَصْلَتَيْنِ فِي الَّذِي يَجْعَلُ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَغْرِسَ لَهُ أُصُولًا حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ كَذَا، ثُمَّ هِيَ وَالْأَصْلُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ نِصْفَ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَفِي الَّذِي يَقُولُ اُلْقُطْ زَيْتُونِي فَمَا لَقَطْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ، فَإِنَّ هَذَا يَجُوزُ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ وَبَيْعُهُ لَا يَجُوزُ ابْنُ لُبَابَةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الرَّجُلِ مِائَةُ دِينَارٍ فَيَقُولُ الْآخَرُ مَا اقْتَضَيْت مِنْ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِي فَلَكَ نِصْفُهُ وَهُمَا سَوَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ مَا هُمَا سَوَاءٌ وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُجَاعَلَةُ عَلَى لَقْطِ الزَّيْتُونِ بِالْجُزْءِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهُ أَهْوَنُ مِنْ آخِرِهِ، وَالْمُجَاعَلَةُ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ بِجُزْءِ مَا يَقْتَضِيهِ مَنَعَهَا أَشْهَبُ وَالْأَظْهَرُ جَوَازُهَا، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فِي الْعَنَاءِ فِي اقْتِضَائِهِ، وَأَمَّا الْحَصَادُ وَالْجِدَادُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي جَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ: جُدَّ مِنْ نَخْلِي مَا شِئْت أَوْ اُحْصُدْ مِنْ زَرْعِي مَا شِئْت، وَلَك مِنْ كُلِّ مَا تَحْصُدُهُ أَوْ تَجُدُّهُ ثُلُثُهُ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. اهـ. " ق ". (تَنْبِيهٌ) " غ " ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّرْطَ قَاصِرٌ عَلَى الْجَاعِلِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذَا لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْجُعْلِ إلَّا مِنْ الرَّشِيدِ أَوْ مِنْ الْمَحْجُورِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ النُّصُوصُ بِهَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ الْجُعْلَ الْمَعْلُومَ الشَّخْصُ (السَّامِعُ) قَوْلَ الْجَاعِلِ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ، وَمَفْهُومُ السَّامِعِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ جَعَلَ فِي عَبْدٍ لَهُ آبِقٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ فَجَاءَ بِهِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْجُعْلِ، فَإِنْ كَانَ يَأْتِي بِالْآبِقِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نَفَقَتُهُ، وَإِنْ جَاءَ بِهِ مَنْ سَمِعَهُ فَلَهُ الْعَشَرَةُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ الْآبِقَ. ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، أَنَّهُ لَهُ الْجُعْلُ الْمُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، قَالَ وَقَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60 كَكِرَاءِ السُّفُنِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ. فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي.   [منح الجليل] الْجَاعِلَ إنَّمَا أَرَادَ تَحْرِيضَ مَنْ سَمِعَ قَوْلَهُ عَلَى طَلَبِهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجِبَ مَا سَمَّى مِنْ الْجُعْلِ إلَّا لِمَنْ سَمِعَهُ فَطَلَبَهُ بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ (بِالتَّمَامِ) لِلْعَمَلِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ عَمَلِ الْبَعْضِ إلَّا فِيمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: بِعْ ثَمَرَ حَائِطِي وَلَك كَذَا، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ قَوْمٌ فَسَاوَمُوهُ حَتَّى بَاعَ مِنْهُمْ فَطَلَبَ الرَّجُلُ جُعْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنَّمَا جُعِلَ لَهُ الْجُعْلُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ وَيُمَاكِسَ وَاَلَّذِي بَايَعَهُمْ وَمَاكَسَهُمْ صَاحِبُ الْحَائِطِ لَا الْمَجْعُولُ لَهُ. وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالتَّمَامِ فَقَالَ (كَكِرَاءِ السُّفُنِ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ فَيَتَوَقَّفُ اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى التَّمَامِ بِالْوُصُولِ إلَى نِهَايَةِ السَّفَرِ، وَمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ إخْرَاجُ مَا فِي السَّفِينَةِ، فَإِنْ غَرِقَتْ فِي الْأَثْنَاءِ أَوْ عَقِبَ وُصُولِهَا قَبْلَ إمْكَانِ إخْرَاجِ مَا فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ الْكِرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حُكْمِ كِرَاءِ السُّفُنِ اضْطِرَابٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ أَنَّهُ عَلَى الْبَلَاغِ كَالْجُعْلِ الَّذِي لَا يَجِبُ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَانَ عَلَى قَطْعِ الْمَسِيطَةِ أَوْ الرِّيفِ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَغَرِقَتْ فِي ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ وَغَرِقَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا وَأَرَى أَنَّهُ عَلَى الْبَلَاغِ. ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنْ كَانَ كِرَاؤُهُمْ عَلَى قَطْعِ الْبَحْرِ مِثْلَ السَّفَرِ إلَى صِقِلِّيَّةَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ أَوْ إلَى الْأَنْدَلُسِ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الْكِرَاءِ، وَإِنْ كَانَ كِرَاؤُهُمْ مَعَ الرِّيفِ مِثْلَ الْكِرَاءِ مِنْ مِصْرَ إلَى إفْرِيقِيَّةَ وَشَبَهِهِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ، وَبِهَذَا قَالَ أَصْبَغُ اللَّخْمِيُّ: كِرَاءُ السُّفُنِ جُعْلٌ وَإِجَارَةٌ. وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ إنْ لَمْ يُتَمَّمْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ) الْمُكْتَرِي (عَلَى التَّمَامِ) سَفِينَةً أُخْرَى (فَ) يَسْتَحِقُّ الْمُكْرِي الْأَوَّلُ مِنْ الْكِرَاءِ (بِنِسْبَةِ) الْكِرَاءِ (الثَّانِي) فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَالْجُعْلُ يَدَعُهُ الْعَامِلُ مَتَى يَشَاءُ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ الْجَاعِلُ بِمَا عَمِلَ لَهُ الْمَجْعُولُ مِثْلَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ إلَى مَوْضِعِ كَذَا فَيَتْرُكُهَا فِي الطَّرِيقِ وَيَسْتَأْجِرُ رَبُّهَا مَنْ يَأْتِيهِ بِهَا أَوْ يَعْجِزَ عَنْ حَفْرِ الْبِئْرِ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ فِيهَا ثُمَّ يَجْعَلُ صَاحِبُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61 وَإِنْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ. بِخِلَافِ مَوْتِهِ   [منح الجليل] لِآخَرَ جُعْلًا فَيُتِمَّهُ فَلِلثَّانِي جَمِيعُ جُعْلِهِ الَّذِي جَاعَلَهُ بِهِ، وَلِلْأَوَّلِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ الْجَاعِلُ مِمَّا حُطَّ عَنْهُ مِنْ جُعْلِ الثَّانِي، وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَوْ جَعَلَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةً عَلَى حَمْلِهَا الْمَسَافَةَ كُلَّهَا فَحَمَلَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ وَتَرَكَهَا، فَجَعَلَ لِلثَّانِي عَشَرَةً عَلَى التَّمَامِ فَلِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَنُوبُ عَمَلَ الْأَوَّلِ مِنْ جُعْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جُوعِلَ عَلَى النِّصْفِ بِعَشَرَةٍ عُلِمَ أَنَّ جُعْلَ الْجَمِيعِ عِشْرُونَ فَيُسْقِطُ عَنْ الْجَاعِلِ عَشَرَةً وَيُعْطِي الْأَوَّلَ عَشَرَةً. ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْهُ فَإِنَّ الْأَوَّلَ رَضِيَ بِحَمْلِهَا الْمَسَافَةَ كُلَّهَا بِخَمْسَةٍ فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُ نِصْفَهَا اثْنَيْنِ وَنِصْفًا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ، وَالْغَبْنُ مَاضٍ فِي الْجُعْلِ وَغَيْرِهِ، وَنَحْوُهُ لِلتُّونُسِيِّ، وَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ عَقْدَ الْجُعْلِ لَمَّا كَانَ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ وَتُرِكَ فِي الْأَثْنَاءِ صَارَ تَرْكُهُ فَسْخًا لِلْعَقْدِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَقَدْ تَبَيَّنَ مَا اسْتَحَقَّهُ عَلَى عَمَلِهِ بِجُعْلِ الثَّانِي، وَمِثْلُ اسْتِئْجَارِ الْجَاعِلِ عَلَى التَّمَامِ إتْمَامُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ وَخَدَمِهِ وَيُقَدَّرُ لَهُ جُعْلٌ يَسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ مِنْ الْجُعْلِ بِحَسَبِهِ. وَإِنْ أَتَمَّ الْمَجْعُولُ لَهُ الْعَمَلَ الْمُجَاعَلَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَتَى بِالْآبِقِ أَوْ الشَّارِدِ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ إنْ اسْتَمَرَّ الْمَأْتِيُّ بِهِ فِي مِلْكِ الْجَاعِلِ، بَلْ (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الشَّيْءُ الْمُجَاعَلُ عَلَى تَحْصِيلِهِ أَيْ ظَهَرَ مِلْكًا لِغَيْرِ الْجَاعِلِ عَبْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، فَيَلْزَمُ الْجَاعِلَ دَفْعُ الْجُعْلِ لِلْآتِي بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلِمْهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهُ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَاعِلَ لَا يَرْجِعُ بِالْجُعْلِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، هَذَا إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِمِلْكٍ لِغَيْرِ الْجَاعِلِ، بَلْ (وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ) فَيَلْزَمُ الْجُعْلُ الْجَاعِلَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِسُقُوطِهِ عَنْهُ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ أَوْ الْحَيَوَانِ الْمَجْعُولِ عَلَى تَحْصِيلِهِ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْجَاعِلِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْجُعْلُ لِعَدَمِ تَمَامِ الْعَمَلِ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَمَنْ جَعَلَ لِرَجُلٍ جُعْلًا فِي آبِقٍ لَهُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ بِهِ إلَى رَبِّهِ، فَصَارَ لَا يُسَاوِي الْجُعْلَ، أَوْ نَزَلَ بِهِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَجِدَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ فَلَهُ جُعْلُهُ كَامِلًا وَلَا يُنْظَرُ زَادَ الْعَبْدُ أَوْ نَقَصَ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّهِ حَتَّى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62 بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ. وَلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ. بِلَا عَكْسٍ.   [منح الجليل] اسْتَحَقَّهُ مُسْتَحِقٌّ فَالْجُعْلُ عَلَى جَاعِلِهِ لَيْسَ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ فَالْجُعْلُ عَلَى الْجَاعِلِ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ. أَصْبَغُ وَلَا عَلَى أَحَدٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ الْمَوَّازِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَرْجِعَ الْجَاعِلُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَجُعْلِ مِثْلِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ جَعَلَ جُعْلًا عَلَى آبِقٍ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ وَجَدَهُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ أَنْ وَجَدَهُ جَعَلَ جُعْلًا عَلَى آبِقٍ لَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ وَجَدَهُ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْ بِعِتْقِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ أَنْ وَجَدَهُ فَلَهُ جُعْلُهُ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ وَجَبَ الْجُعْلُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَوْتُ الْآبِقِ قَبْلَ إيصَالِهِ يُسْقِطُ جُعْلَهُ لِعَدَمِ تَمَامِ عَمَلِهِ. (بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ) لِلْعَمَلِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ يُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِصِحَّةٍ وَبِتَمَامٍ أَيْ يَجُوزُ تَقْدِيرُ زَمَنٍ لِعَمَلِ الْجُعْلِ لِزِيَادَتِهِ الْغَرَرَ لِاحْتِمَالِ انْقِضَاءِ زَمَانِهِ قَبْلَ تَمَامِ عَمَلِهِ فَيَذْهَبُ بَاطِلًا، فَإِنْ قُدِّرَ لَهُ زَمَنٌ بَطَلَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ) لِلْعَمَلِ (مَا شَاءَ) الْعَامِلُ فَيَصِحُّ. (وَ) بِ (لَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّ النَّقْدَ بِلَا شَرْطٍ لَا يَضُرُّ، فَلَوْ قَالَ وَلَا شَرْطِ نَقْدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُفْسِدَ النَّقْدُ الْمُشْتَرَطُ، وَمُقْتَضَى التَّصْوِيبِ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُفْسِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ الْمَوَّازِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَصْلُحُ الْأَجَلُ فِي الْجُعْلِ وَلَا النَّقْدُ فِيهِ (فِي كُلِّ مَا) أَيْ عَمَلٍ (جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ) الشَّارِحُ صِلَةُ صِحَّةٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُعْلَ يَجُوزُ فِي كُلِّ عَمَلٍ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيهِ حَالَ كَوْنِ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ (بِلَا عَكْسٍ) لُغَوِيٍّ، أَيْ لَيْسَ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَالْجُعْلُ أَعَمُّ مُتَعَلَّقًا مِنْ الْإِجَارَةِ. " غ " هَذَا عَكْسُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ يَجُوزُ فِيهِ الْجُعْلُ، أَيْ فَالْإِجَارَةُ أَعَمُّ مُتَعَلَّقًا مِنْ الْجُعْلِ، وَيُشْبِهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَتَبَ فِي الْمُبَيَّضَةِ، فَكُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ بَقَاءُ لَفْظِهِ عَلَى حَالِهِ بِجَعْلِ الْإِجَارَةِ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ فِي كُلِّ مَا جَازَ، وَفَاعِلُ جَازَ ضَمِيرُ الْجَعْلِ، إلَّا أَنَّهُ شَدِيدُ التَّكَلُّفِ، وَإِذَا زِيدَ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ فَاءٌ أَوْ وَاوٌ سَهَّلَ شَيْئًا مَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَحْرِيرٌ) ابْنُ عَرَفَةَ صِدْقُ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ رُشْدٍ وَالتَّلْقِينِ بِصِحَّةِ الْجُعْلِ فِي الْعَمَلِ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ، وَعَلَى مَنْعِهِ فِيهِ صِدْقُهَا وَاضِحٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ الْجُعْلِ عَلَى حَفْرِ الْأَرْضِ لِاسْتِخْرَاجِ مَاءٍ وَنَحْوَهُ مَعَ جَهْلِ حَالِهَا، فَلَوْ جَازَ الْجُعْلُ فِيهِ مَعَ الْجَهْلِ كَذَبَتْ الْكُلِّيَّةُ لِصِدْقِ نَقِيضِهَا أَوْ مُنَافِيهَا، وَهُوَ بَعْضُ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْجُعْلُ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ أَوْ غَيْرُ جَائِزٍ فِيهِ الْإِجَارَةُ الْأَوَّلُ سَلْبٌ، وَالثَّانِي عُدُولٌ، وَذَلِكَ الْبَعْضُ الْأَرْضُ الْمَجْهُولُ حَالُهَا لَهُمَا. طفي أَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَهَا عَلَى ظَاهِرِهِ قَائِلًا: الْإِجَارَةُ أَعَمُّ وَالْجُعْلُ أَخَصُّ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ. اهـ. وَكَذَا أَبْقَى مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ كَلَامَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ بَعْدَ كَلَامِهَا صِدْقُ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلٍ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنِ رُشْدٍ وَالتَّلْقِينِ بِصِحَّةِ الْجُعْلِ فِي الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ كُلُّ مَحَلٍّ يَصِحُّ فِيهِ الْجُعْلُ تَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ بِشَرْطِهَا، فَاعْتِبَارُ شَرْطِهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ صِحَّتِهَا فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ أَبُو الْحَسَنِ لَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ بِالْآبِقِ لِكَوْنِهِ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْإِجَارَةُ، بَلْ تَجُوزُ فِيهِ عَلَى أَنْ يَطْلُبَ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا، أَوْ يَطْلُبَهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَلَهُ كَذَا. اهـ. وَهُوَ وَاضِحٌ، وَقَدْ نَقَلَ " غ " كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَاغْتَرَّ بِهِ عج فَقَالَ هَذَا لَا يَصِحُّ لِجَوَازِ الْجِعَالَةِ فِيمَا يُجْهَلُ مِنْ الْأَعْمَالِ فَتَصِحُّ الْجِعَالَةُ فِيمَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَبَانَ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ. اهـ. وَقَدْ حَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَعْمَالَ فِي ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَا يَصِحُّ فِيهِ الْجُعْلُ وَالْإِجَارَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْجُعْلُ وَالْإِجَارَةُ وَمَا لَا يَصِحُّ فِي الْجُعْلِ وَتَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ، فَالْأَوَّلُ كَثِيرٌ: مِنْهُ بَيْعُ الثَّوْبِ وَالثَّوْبَيْنِ وَشِرَاءُ الثِّيَابِ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ وَحَفْرُ الْآبَارِ وَاقْتِضَاءُ الدُّيُونِ وَالْمُخَاصَمَةُ فِي الْحُقُوقِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْجُعْلَ فِي الْخُصُومَةِ لَا يَجُوزُ، وَالثَّانِي نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا مَا لَا يَجُوزُ لِلْمَجْعُولِ لَهُ فِعْلُهُ، وَالثَّانِي مَا يَلْزَمُهُ فِعْلُهُ، وَالثَّالِثُ كَثِيرٌ أَيْضًا مِنْهُ خِيَاطَةُ الثَّوْبِ وَخِدْمَةُ الشَّهْرِ وَبَيْعُ السِّلَعِ الْكَثِيرَةِ. اهـ. فَحَصَلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ حَصْرُ الْأَقْسَامِ فِي الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُ تت بَقِيَ قِسْمٌ رَابِعٌ، وَهُوَ مَا يَجُوزُ فِيهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 64 وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ إلَّا كَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِالْجَمِيعِ   [منح الجليل] الْجُعْلُ دُونَ الْإِجَارَةِ كَاشْتِرَاطِ جَهْلِ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ مَوْضِعَ الْآبِقِ غَيْرُ ظَاهِرٍ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْقَلِيلِ، بَلْ (وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ إلَّا) فِي (كَبَيْعِ) وَشِرَاءِ (سِلَعٍ) كَثِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ (لَا يَأْخُذُ) الْمَجْعُولُ لَهُ (شَيْئًا) مِنْ الْجُعْلِ (إلَّا بِ) بَيْعِ أَوْ شِرَاءِ (الْجَمِيعِ) إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْتِفَاعُ الْجَاعِلِ بِبَيْعِ أَوْ شِرَاءِ الْبَعْضِ مَجَّانًا إذَا لَمْ يَبِعْ أَوْ يَشْتَرِ الْعَامِلُ الْبَاقِيَ، وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ أَلْفٍ مَثَلًا وَمَفْهُومُ لَا يَأْخُذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى أَنَّ مَا بَاعَهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ يَجُوزُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْبَيْعِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلشِّرَاءِ أَيْضًا، وَبَعْضُهُ مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِ بِالْكَافِ. ابْنُ الْمَوَّازِ يَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَام مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْحَابِهِ الْجُعْلُ عَلَى الشِّرَاءِ فِيمَا قَلَّ وَكَثُرَ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ عَلَى مِائَةِ ثَوْبٍ يَشْتَرِيهَا دِينَارًا إذَا كَانَ عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ يَلْزَمُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، وَمَنَعَ الْجُعْلَ عَلَى بَيْعِ مَا كَثُرَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ. ابْنُ يُونُسَ ر عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ سَوَاءٌ، وَحَمَلُوا الْمَنْعَ فِي الْبَيْعِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِبَيْعِ الْجَمِيعِ، فَمُنِعَ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ. وَلَوْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَاعَ شَيْئًا كَانَ لَهُ بِحِسَابِهِ جَازَ وَأَوَّلُوا الْإِطْلَاقَ فِي الشِّرَاءِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَخَذَ بِحِسَابِهِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ شِرَاءِ الْجَمِيعِ لَمُنِعَ فَاسْتَوَى الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ. الْبُنَانِيُّ دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ كُلُّ مَا يَتَّفِقُ فِيهِ لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ إنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ، فَفِي الْبَيَانِ لَمْ يَجُزْ الْجُعْلُ عَلَى بَيْعِ الثِّيَابِ الْكَثِيرَةِ فِي الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَدَا لَهُ فِي بَيْعِهَا وَرَدِّهَا إلَى صَاحِبِهَا كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِحِفْظِهِ لَهَا طُولَ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ لَيْسَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْجُعْلَ لَا يَجُوزُ فِي الْكَثِيرِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْجُعْلِ كَوْنُهُ فِي الْقَلِيلِ، وَإِنْ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ فِي كُلِّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْجَاعِلِ إلَّا بِتَمَامِهِ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا، وَالْمُسْتَثْنَى مُقَيَّدٌ بِالْكَثْرَةِ. وَأَمَّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 65 وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ قَوْلَانِ   [منح الجليل] الثَّوْبَانِ فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ تَجُوزُ الْمُجَاعَلَةُ عَلَى بَيْعِهِمَا فَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّوْبَيْنِ وَالثِّيَابِ حَتَّى جَازَ الْأَوَّلُ، وَمُنِعَ الثَّانِي مَعَ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ فِي الْجَمِيعِ، قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ، وَالرِّوَايَاتُ نَاصَّةٌ عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْجُعْلِ عَلَى الْبَيْعِ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ أَوْ تَفْوِيضُهُ لِلْمَجْعُولِ لَهُ، وَهُوَ نَقْلُ الصِّقِلِّيُّ وَابْنِ رُشْدٍ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ قَوْلِهَا بِجَوَازِ الْجُعْلِ عَلَى بَيْعِ قَلِيلِ السِّلَعِ بِالْبَلَدِ سَمَّى لَهَا ثَمَنًا أَمْ لَا بِالتَّفْوِيضِ لَهُ فِيهِ وَالْعُرْفُ فِي هَذَا كَالشَّرْطِ. فَفِي الْعُتْبِيَّةِ سَحْنُونٌ فِي الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ عَلَى الصِّيَاحِ عَلَى الْمَتَاعِ فِي السُّوقِ عَلَى جُعْلٍ أَنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَصِيحُ النَّهَارَ كُلَّهُ وَلَيْسَ لَهُ إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَإِمْضَاؤُهُ إلَى رَبِّ الْمَتَاعِ فَلَا يَدْرِي أَيُعْطَى فِي السِّلْعَةِ مَا يَرْضَى بِهِ صَاحِبُ السِّلْعَةِ أَمْ لَا، وَلَوْ كَانَ إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَالنَّظَرُ إلَى الصَّائِحِ لَمْ يَكُنْ بِالْجُعْلِ بَأْسٌ. سَحْنُونٌ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَيِّدَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ جَيِّدَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى مَا قَالَ سَحْنُونٌ، وَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى الْبَيْعِ إلَّا بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُسَمِّيَ لَهُ ثَمَنًا أَوْ يُفَوِّضَ لَهُ الْبَيْعَ بِمَا يَرَاهُ وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا. (وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ) بِعَمَلِ الْعَامِلِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ فِي صِحَّةِ الْجُعْلِ وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ جَاعَلَ رَجُلًا عَلَى رُقِيِّهِ إلَى مَوْضِعٍ فِي الْجَبَلِ سَمَّاهُ لَهُ، فَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ إلَّا فِيمَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْجَاعِلُ، يُرِيدُ أَنَّهُ مِنْ أَخْذِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ غَيْرَ هَذَا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ هَلْ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ؛ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ حَقِيقَتُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْوَرَعِ الدُّخُولُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْجُعْلُ عَلَى حَلِّ الْمَرْبُوطِ وَالْمَسْحُورِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 66 وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ جُعْلُ مِثْلِهِ. إنْ اعْتَادَهُ. كَحَلِفِهِمَا بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا.   [منح الجليل] الْآبِي مَا يُؤْخَذُ لِحَلِّ الْمَعْقُودِ فَإِنْ كَانَ بِرُقْيَةٍ عَرَبِيَّةٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِالرُّقَى الْعَجَمِيَّةِ امْتَنَعَ وَفِيهِ خِلَافٌ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَكَرَّرَ نَفْعُهُ جَازَ. " غ " ظَاهِرُ كَلَامِ عِيَاضٍ فِي التَّنْبِيهَاتِ أَنَّ الْمَشْهُورَ اشْتِرَاطُ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَجْرًا مَعْلُومًا وَلَا يَنْقُدُهُ إيَّاهُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ يَعْمَلُهُ أَوْ مَجْهُولٍ مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْجَاعِلِ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ، عَلَى أَنَّهُ إنْ عَمِلَهُ كَانَ لَهُ الْجُعْلُ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا لَا مَنْفَعَةَ لِلْجَاعِلِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِهِ. (وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ) قَوْلَ الْجَاعِلِ: مَنْ جَاءَ بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ دِينَارٌ مَثَلًا وَجَاءَ بِهِ (جُعْلُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (مِثْلِهِ إنْ) كَانَ قَدْ (اعْتَادَهُ) أَيْ الْمَجِيءَ بِالْآبِقِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَشَبَّهَ فِي الْقَضَاءِ بِجُعْلِ الْمِثْلِ فَقَالَ (كَحَلِفِهِمَا) أَيْ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ (بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَالِ الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ عَلَى تَمَامِ عَمَلِهِ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا رُدَّا إلَى جُعْلِ الْمِثْلِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْجَاعِلِ تَحَالَفَا وَوَجَبَ جُعْلُ مِثْلِهِ. ابْنُ هَارُونَ الْقِيَاسُ قَبُولُ قَوْلِ الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَلِأَنَّهُ كَمُبْتَاعِ سِلْعَةٍ قَبَضَهَا وَفَاتَتْ بِيَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، وَإِلَّا فَقَوْلُ خَصْمِهِ، وَإِلَّا تَحَالَفَا وَرُدَّ لِجُعْلِ الْمِثْلِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ اخْتَلَفَا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَإِتْيَانِهِمَا بِمَا لَا يُشْبِهُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَاقِيًا بِيَدِ الْمَجْعُولِ لَهُ وَأَتَى بِمَا يُشْبِهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإِنْ ادَّعَى بِمَا لَا يُشْبِهُ وَادَّعَى الْجَاعِلُ بِمَا يُشْبِهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ حُكِمَ بِمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا أَصْوَبُ مِمَّا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ. ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَالْأَظْهَرُ تَخَرُّجُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهَا فِي الْقِرَاضِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَيُحْتَمَلُ تَخَالُفُهُمَا فِي سَمَاعِ قَوْلِ الْجَاعِلِ بِأَنْ ادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ سَمِعَهُ وَأَتَى بِهِ لِذَلِكَ، وَقَالَ رَبُّهُ لَمْ تَسْمَعْ وَأَتَيْت بِهِ بِغَيْرِ سَمَاعٍ فَلِلْعَامِلِ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ تَخَالُفُهُمَا فِي سَعْيِ الْعَامِلِ بِأَنْ قَالَ سَعَيْت فِي رَدِّهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 67 وَلِرَبِّهِ، تَرْكُهُ. وَإِلَّا، فَالنَّفَقَةُ وَإِنْ أَفْلَتَ فَجَاءَ بِهِ آخَرُ،   [منح الجليل] وَأَنْكَرَهُ رَبُّهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ الْمَالِكِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ: وَإِذَا أَنْكَرَ الْمَالِكُ سَعْيَ الْعَامِلِ فِي الرَّدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ. (وَ) إنْ جَاءَ شَخْصٌ بِالْآبِقِ أَوْ الشَّارِدِ قَبْلَ الْتِزَامِ رَبِّهِ الْجُعْلَ فَ (لِرَبِّهِ تَرْكُهُ) أَيْ الْآبِقِ لِمَنْ جَاءَ بِهِ فَلَا مَقَالَ لَهُ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ جُعْلِ مِثْلِهِ. طفي هَذَا التَّقْرِيرُ صَوَابٌ مُوَافِقٌ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَوْ أَحْضَرَهُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَعَادَتُهُ التَّكَسُّبُ بِهِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ بِقَدْرِ تَعَبِهِ، وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَادَتَهُ فَلَهُ نَفَقَتُهُ فَقَطْ. اهـ. وَفِيهَا قِيلَ هَلْ لِمَنْ وَجَدَ آبِقًا خَارِجَ الْمِصْرِ أَوْ فِي الْمِصْرِ جُعْلٌ إنْ طَلَبَهُ؟ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ خَارِجَ الْمِصْرِ وَلَا دَاخِلَهُ إنْ كَانَ شَأْنُهُ يَطْلُبُ الضَّوَالَّ لِذَلِكَ وَيَرُدُّهَا فَلَهُ الْجُعْلُ بِقَدْرِ بُعْدِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ وَقَرَّبَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَأْنُهُ إنَّمَا وَجَدَهُ فَأَخَذَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ، وَلَهُ نَفَقَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ إلَّا أَنْ يَدَعَهُ رَبُّهُ فَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ. اهـ. إلَّا أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَوْ أَتَى بِهِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَأَجَادَ. وَقَوْلُ عج وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ جُعْلُ مِثْلِهِ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ هُنَا لَهُ تَرْكُهُ، وَإِنَّمَا قَالُوا لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ فَحَسْبُ. سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ جَعَلَ فِي عَبْدٍ أَبَقَ لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِمَنْ جَاءَ بِهِ فَجَاءَ بِهِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْجُعْلِ فَإِنْ كَانَ يَأْتِي بِالْإِبَاقِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا نَفَقَتُهُ. اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّ لَهُ تَرْكَهُ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا السَّمَاعِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْآتِي بِالْآبِقِ الَّذِي لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْجَاعِلِ مُعْتَادًا طَلَبَ الْإِبَاقِ (فَالنَّفَقَةُ) الَّتِي أَنْفَقَهَا الْآتِي بِالْآبِقِ عَلَيْهِ وَاجِبَةٌ لَهُ عَلَى رَبِّهِ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ إنَّمَا وَجَدَهُ فَأَخَذَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ نَفَقَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَدَعَهُ رَبُّهُ فَلَا نَفَقَةَ (وَإِنْ أَفْلَتَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِهِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَاللَّامِ لَازِمٌ عَلَى هَذَا وَمُتَعَدٍّ عَلَى الْأَوَّلِ، كَحَدِيثِ إذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ أَيْ أَبَقَ الْآبِقُ مِمَّنْ وَجَدَهُ، وَأَخَذَهُ لِيَأْتِيَ بِهِ لِرَبِّهِ (فَجَاءَ بِهِ) أَيْ الْآبِقِ لِرَبِّهِ شَخْصٌ (آخَرُ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 68 فَلِكُلٍّ نِسْبَتُهُ وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ وَذُو أَقَلَّ. اشْتَرَكَا فِيهِ. وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ. وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ.   [منح الجليل] الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَيْرُ الْأَوَّلِ قَبْلَ رُجُوعِهِ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْعَامِلَيْنِ (نِسْبَتُهُ) أَيْ عَمَلِ كُلٍّ لِمَجْمُوعِ عَمَلَيْهِمَا، أَيْ مِثْلُهَا مِنْ الْمُسَمَّى، فَإِنْ اسْتَوَى الْعَمَلَانِ فَلِكُلٍّ نِصْفُهُ وَإِنْ كَانَ عَمَلُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْنِ فَلَهُ ثُلُثَاهُ، فَإِنْ أَتَى بِهِ الثَّانِي بَعْدَ عَوْدِهِ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَالْجُعْلُ كُلُّهُ لِلثَّانِي وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْأَوَّلِ. اللَّخْمِيُّ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ جَعَلَ جُعْلًا لِرَجُلٍ عَلَى آبِقٍ فَانْقَلَبَ بِهِ ثُمَّ أَفْلَتَ فَأَخَذَهُ آخَرُ وَأَتَى بِهِ، فَإِنْ أَفْلَتَ بَعِيدًا مِنْ مَكَانِ سَيِّدِهِ فَكُلُّ الْجُعْلِ لِلثَّانِي، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ أَفْلَتَ قَرِيبًا مِنْهُ فَالْجُعْلُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ شُخُوصِ كُلٍّ مِنْهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْمَجْعُولَ لَهُ الثَّانِي: هُوَ الْمُنْتَفِعُ بِعَمَلِ الْأَوَّلِ إذَا أَفْلَتَ بِالْقُرْبِ. (وَإِنْ جَاءَ بِهِ) أَيْ الْآبِقِ لِرَبِّهِ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (دِرْهَمٍ) جَعَلَهُ لَهُ رَبُّهُ عَلَى مَجِيئِهِ بِهِ (وَذُو أَقَلَّ) مِنْ دِرْهَمٍ كَذَلِكَ (اشْتَرَكَا) أَيْ الْعَامِلَانِ (فِيهِ) أَيْ الدِّرْهَمِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ بِنِسْبَةِ كُلِّ جُعْلٍ مِنْ الدِّرْهَمِ، وَالْأَقَلُّ لِمَجْمُوعِهِمَا، فَلِذِي الدِّرْهَمِ ثُلُثَاهُ، وَلِذِي النِّصْفِ ثُلُثُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ جَعَلَ لِرَجُلَيْنِ فِي عَبْدٍ أَبَقَ مِنْهُ جُعْلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِوَاحِدٍ إنْ أَتَى بِهِ عَشَرَةً وَلِآخَرَ إنْ أَتَى بِهِ خَمْسَةً فَأَتَيَا بِهِ جَمِيعًا، فَالْعَشَرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ جُعْلَ أَحَدِهِمَا مِثْلَا جُعْلِ الْآخَرِ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِيهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جُعْلِهِ وَرَجَّحَهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ. (وَلِكِلَيْهِمَا) أَيْ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ (الْفَسْخُ) لِعَقْدِ الْجِعَالَةِ قَبْلَ شُرُوعِ الْمَجْعُولِ لَهُ فِي الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ لَازِمٌ لَهُمَا. وَقِيلَ لِلْمَجْعُولِ لَهُ فَقَطْ (وَلَزِمَتْ) الْجِعَالَةُ (الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ) مِنْ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ. وَمَفْهُومُ الْجَاعِلِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ الْمَجْعُولَ لَهُ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ لَيْسَ لِلْجَاعِلِ أَنْ يَفْسَخَ إذَا شَرَعَ الْمَجْعُولُ لَهُ بِهِ. الْأَبْهَرِيُّ وَلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الشُّرُوعِ ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْجُعْلُ يَدَعُهُ الْعَامِلُ مَتَى شَاءَ وَلَا شَيْءَ لَهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 69 وَفِي الْفَاسِدِ. جُعْلُ الْمِثْلِ. إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا فَأُجْرَتُهُ.   [منح الجليل] وَفِي) الْجُعْلِ (الْفَاسِدِ جُعْلُ الْمِثْلِ) إنْ تَمَّ عَمَلُهُ رَدًّا لَهُ لِصَحِيحِ نَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ الْعَمَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَقِيلَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا رَدًّا لَهُ لِصَحِيحِ أَصْلِهِ، وَهِيَ الْإِجَارَةُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَاسِدَةِ فَقَالَ (إلَّا) الْفَاسِدَ (بِ) جَعْلِ (جُعْلٍ) لِلْعَامِلِ جُعْلًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَمَامِ الْعَمَلِ، بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ أَتَيْت بِالْآبِقِ فَلَكَ دِينَارٌ، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فَلَكَ نِصْفُ دِينَارٍ (فَأُجْرَتُهُ) أَيْ مِثْلُ الْعَامِلِ فِي مِثْلِ الْعَمَلِ عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَدِّ فَاسِدِ الْجُعْلِ لِحُكْمِ نَفْسِهِ فَيَجِبُ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ تَمَّ عَمَلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ لِلْإِجَارَةِ، فَتَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ ثَالِثُهَا لِلْأَوَّلِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، وَلِلثَّانِي فِي بَعْضٍ كَالثَّلَاثَةِ فِي الْقِرَاضِ. " غ " أَشَارَ إلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ جَاعَلَ فِي آبِقٍ لَهُ فَقَالَ: إنْ وَجَدْته فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ فَلَكَ طَعَامُكَ وَكِسْوَتُكَ، قَالَ لَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَقَعَ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ وَجَدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَكَ طَعَامُك وَكِسْوَتُك، قَالَ لَا خَيْرَ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَقَعَ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ وَجَدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. أَصْبَغُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أُجْرَةَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْجُعْلِ الْفَاسِدِ إذَا وَقَعَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى حُكْمِ نَفْسِهِ، فَيَكُونُ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ أَتَى بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذِهِ. وَالثَّانِي أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى حُكْمِ غَيْرِهِ وَهِيَ الْإِجَارَةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَتَى بِهِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ. وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَمْ يُخَيِّبْهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ كَنَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا إنْ لَمْ تَجِدْهُ فَلَكَ نَفَقَتُك، وَإِنْ وَجَدْته فَلَكَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ إجَارَةُ مِثْلِهِ إنْ أَتَى بِهِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا إلَّا فِي الْإِتْيَانِ بِهِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ أَتَى بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. فَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجُعْلَ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ إجَارَةٌ بِغَرَرٍ جَوَّزَتْهَا السُّنَّةُ، وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ جُعْلًا إذَا جُعِلَ لَهُ عَلَى الْإِتْيَانِ خَاصَّةً، فَإِذَا جُعِلَ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَيْسَ بِجُعْلٍ وَإِنْ سَمَّاهُ جُعْلًا. وَإِنَّمَا هِيَ إجَارَةٌ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَإِيَّاهُ اخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 70 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَحَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ رَاجِعَةٌ لِأَصْلٍ، وَجَارِيَةٌ عَلَى قِيَاسٍ بِخِلَافِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إنْ وَجَدَهُ وَأَجْرُ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِدْهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ فِي النَّوَادِرِ إنَّمَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى طَلَبِ آبِقٍ يُجْهَلُ مَكَانَهُ، وَأَمَّا مَنْ وَجَدَهُ آبِقًا أَوْ ضَالًّا أَوْ ثِيَابًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ عَلَى رَدِّهِ، وَلَا عَلَى أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَكَانِهِ إذْ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَأَمَّا مَنْ وَجَدَهُ بَعْدَ جُعْلِ رَبِّهِ فِيهِ جُعْلًا فَلَهُ الْجُعْلُ عَلِمَ بِمَا جُعِلَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا تَكَلَّفَ طَلَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّفْهُ. الثَّانِي: الْمُتَيْطِيُّ الْقَابِسِيُّ لَا يَصْلُحُ الْجُعْلُ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ عَيْنٍ فِي مِلْكِ الْجَاعِلِ وَقَالَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ، وَهُوَ أَحْسَنُ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْجُعْلَ عَلَى الْفَرَسِ فِي مِلْكِهِ، وَعَقَدَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَثِيقَةً فِي حَفْرِ بِئْرٍ وَطَيِّهَا بِالصَّخْرِ فِي مِلْكِ الْجَاعِلِ. وَاشْتَرَطَ الصَّخْرَ عَلَى الْمَجْعُولِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فَدَخَلَهُ أَمْرَانِ: الْجُعْلُ فِي أَرْضِ الْجَاعِلِ وَاجْتِمَاعُ الْجُعْلِ وَالْبَيْعِ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعَمَلُ فِيهِ أَيْ الْجُعْلِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ مُتَعَسِّرِهِ، بِخِلَافِ مُتَيَسِّرِهِ إذْ كُلُّ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ عَلَى الْآبِقِ مَعَ جَهْلِهِمَا نَاحِيَتَيْهِ، بِخِلَافِهِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ مِنْ الْأَرْضِ، فَفِي الْمَعُونَةِ يَجُوزُ بَعْدَ مَعْرِفَةِ بُعْدِ مَاءِ الْأَرْضِ وَقُرْبِهِ وَشِدَّتِهَا وَلِينِهَا، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْعُو ضَرُورَةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ نَصُّ نَقْلِ ابْنُ فَتُّوحٍ عَنْ الْمَذْهَبِ. وَقَوْلُ الْمُقَدِّمَاتِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ كَوْنُ الْعَمَلِ مَعْلُومًا، بَلْ يَجُوزُ فِيهِ الْمَجْهُولُ ظَاهِرُهُ عَدَمُ شَرْطِ خِبْرَةِ الْأَرْضِ، وَهُوَ ظَاهِرُ ثَانِي مَسْأَلَةٍ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ أَوَّلِ رَسْمِ سَمَاعِ أَصْبَغَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْعَمَلُ كَعَمَلِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا، فَإِنَّ مَسَافَةَ الْآبِقِ وَالضَّالَّةِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُهُ يُوهِمُ الْعُمُومَ فِي كُلِّ عَمَلِ الْجِعَالَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ إلَّا بَعْدَ خِبْرَتِهِمَا الْأَرْضَ مَعًا، وَشَرَطَ فِي الْعُتْبِيَّةِ اسْتِوَاءَ حَالِ الْجَاعِلِ وَالْمَجْعُولِ لَهُ فِي الْعِلْمِ بِحَالِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 71 بَابٌ مَوَاتُ الْأَرْضِ مَوَاتُ الْأَرْضِ. مَا سَلِمَ عَنْ الِاخْتِصَاصِ   [منح الجليل] الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ طَلَبُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ الْجُعْلُ فِيهِ إلَّا بِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْجَهْلِ بِمَحَلِّهِ وَمَنْ عَلِمَهُ مِنْهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ فَهُوَ غَارٌّ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَجْعُولُ لَهُ فِي الْآبِقِ أَوْ الضَّالَّةِ عَالِمًا بِمَحَلِّهِ دُونَ الْجَاعِلِ، فَلَهُ إمْضَاءُ الْجُعْلِ وَرَدُّهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَ بِهِ فَلَهُ الْأَقَلُّ قِيمَةُ عَنَائِهِ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَالْمُسَمَّى، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْجَاعِلُ هُوَ الْكَاتِمُ مَوْضِعَ الْعَبْدِ أَوْ الضَّالَّةِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ عَنَائِهِ أَوْ الْمُسَمَّى. الرَّابِعُ: إذَا كَانَ الْآبِقُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْلَ فَلْيَرْفَعْ الْمَجْعُولُ لَهُ أَمْرَهُ لِلْقَاضِي لِيَبِيعَهُ وَيَحْكُمَ بِجُعْلِهِ، فَإِنْ جَاءَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْجُعْلِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ. [بَاب مَوَاتُ الْأَرْضِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ الْمَوَاتِ وَإِحْيَائِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (مَوَاتُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مَوَتَانٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْوَاوِ وَمَيْتَةٌ. وَأَمَّا بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْمَوْتَانُ بِضَمِّهَا فَهُمَا الْمَوْتُ الذَّرِيعُ، أَيْ حَقِيقَةُ مَوَاتِ (الْأَرْضِ مَا) أَيْ أَرْضٍ جِنْسٍ شَمِلَ كُلَّ أَرْضٍ (سَلِمَ) جَرَّدَهُ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَا، أَيْ خَلَا (عَنْ الِاخْتِصَاصِ) أَيْ كَوْنِهِ مُخْتَصًّا بِأَحَدٍ، فَصْلٌ مُخْرِجٌ غَيْرَ الْمَوَاتِ. ابْنُ عَرَفَةَ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ لَقَبٌ لِتَعْمِيرِ دَائِرِ الْأَرْضِ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَ انْصِرَافِ الْمُعَمِّرِ عَنْ انْتِفَاعِهِ بِهَا وَمَوَاتُ الْأَرْضِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى ابْنُ غَانِمٍ مَوَاتُ الْأَرْضِ هِيَ لَا نَبَاتَ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [فاطر: 9] فَاطِرٌ، فَلَا يَصِحُّ الْإِحْيَاءُ إلَّا فِي الْبُورِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمَوَاتُ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصِ فَتَبِعَ مَعَ ابْنِ شَاسٍ الْغَزَالِيَّ، وَتَرَكَا رِوَايَةَ ابْنِ غَانِمٍ، وَهِيَ أَجْلَى لِعَدَمِ تَوَقُّفِ تَصَوُّرِ مَدْلُولِهَا عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَمُوجِبِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 72 بِعِمَارَةٍ   [منح الجليل] طفي هَذَا التَّعْرِيفُ لِلْغَزَالِيِّ ارْتَكَبَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْمَوَاتَ بِالسَّالِمِ عَنْ الِاخْتِصَاصِ وَالِاخْتِصَاصُ يَكُونُ بِأَسْبَابٍ لَا تَكُونُ الْأَرْضُ غَيْرَ مَوَاتٍ إلَّا بِاسْتِيفَائِهَا. ابْنُ شَاسٍ الْمَوَاتُ الْأَرْضُ الْمُنْفَكَّةُ عَنْ الِاخْتِصَاصِ، وَالِاخْتِصَاصُ أَنْوَاعٌ، ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْوَاعَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ حَرِيمَ الْعِمَارَةِ لَا يُسَمَّى مَوَاتًا، وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَهُ حِينَ تَكَلَّمَ عَلَى الْإِحْيَاءِ. الْمَوَاتُ قِسْمَانِ: قَرِيبٌ مِنْ الْعُمْرَانِ وَبَعِيدٌ، فَالْقَرِيبُ يَفْتَقِرُ إحْيَاؤُهُ لِإِذْنِ الْإِمَامِ لِوُقُوعِ التَّشَاحِّ فِيهِ، بِخِلَافِ الْبَعِيدِ، وَهُوَ مَا خَرَجَ عَمَّا يَحْتَاجُهُ أَهْلُ الْعِمَارَةِ مِنْ مُحْتَطَبٍ وَمَرْعًى إلَخْ، وَكَذَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ يُطْلِقُونَ عَلَى الْحَرِيمِ مَوَاتًا قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا، فَاعْجَبْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ كَيْفَ ارْتَكَبُوا هَذَا الْحَدَّ وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا أَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، بَلْ لِكَلَامِهِمْ،، فَالصَّوَابُ فِي تَعْرِيفِ الْمَوَاتِ عَلَى اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يُعَمَّرْ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا قَالَ عِيَاضٌ وَصَاحِبُ اللُّبَابِ، وَالْمُحَيَّاةُ مَا عُمِّرَتْ، وَالْإِحْيَاءُ التَّعْمِيرُ. الْبُنَانِيُّ وَفِي التَّوْضِيحِ إشَارَةٌ إلَى نَحْوِ هَذَا الْإِيرَادِ عِنْدَ تَقْسِيمِ الْمَوَاتِ إلَى قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ قَوْلِهِ بِعِمَارَةٍ مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ، فَيَخْرُجُ بِهِ كُلُّ مَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ بِغَيْرِ الْعِمَارَةِ كَالْحَرِيمِ وَالْحِمَى وَمَا أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَلَوْ انْدَرَسَتْ إلَخْ مُبَالَغَةً عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ أَنَّ الْمُعَمَّرَ لَيْسَ بِمَوَاتٍ، وَيُقَدَّرُ لِقَوْلِهِ وَبِحَرِيمِهَا عَامِلٌ يُنَاسِبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ فَيَخْرُجُ بِهِ كَذَا فِي نُسْخَةِ الْبُنَانِيِّ الَّتِي بِيَدِي، وَصَوَابُهُ يَدْخُلُ، إذْ الْمَقْصُودُ إدْخَالُ الْحَرِيمِ وَالْحِمَى وَالْمُقْطَعِ فِي الْمَوَاتِ، وَلِأَنَّ قَيْدَ الْقَيْدِ لِلْإِدْخَالِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. الْحَطّ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِتَعْرِيفِ الْمَوَاتَ إمَّا؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ فِي الْوُجُودِ فَلِتَقَدُّمِهِ طَبْعًا قَدَّمَهُ وَضْعًا، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَوَاتِ وَاحِدَةٌ وَالْإِحْيَاءُ يَكُونُ بِأُمُورٍ كُلٌّ مِنْهَا مُضَادُّ الْمَوَاتِ، فَاحْتَاجَ إلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا لِيَذْكُرَ أَضْدَادَهُ بَعْدَهُ. وَصِلَةُ الِاخْتِصَاصِ (بِعِمَارَةٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ تَعْمِيرٍ، فَالْأَرْضُ الْمُعَمَّرَةُ لَيْسَتْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 73 وَلَوْ انْدَرَسَتْ، إلَّا لِإِحْيَاءٍ.   [منح الجليل] مَوَاتًا إنْ بَقِيَتْ الْعِمَارَةُ، بَلْ (وَلَوْ انْدَرَسَتْ) أَيْ فَنِيَتْ الْعِمَارَةُ وَعَادَتْ الْأَرْضُ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ تَعْمِيرِهَا فَلَا يَزُولُ اخْتِصَاصُ مُحْيِيهَا عَنْهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِإِحْيَاءٍ) مِنْ شَخْصٍ آخَرَ بَعْدَ طُولِ انْدِرَاسِ عِمَارَةِ الْأَوَّلِ، فَيَزُولُ اخْتِصَاصُ الْأَوَّلِ وَيَخْتَصُّ الثَّانِي بِهَا، فِيهَا مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى دَثَرَتْ وَطَالَ زَمَانُهَا وَهَلَكَتْ أَشْجَارُهَا وَتَهَدَّمَتْ آبَارُهَا وَعَادَتْ كَأَوَّلِ مَرَّةٍ ثُمَّ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ فَهِيَ لِمُحْيِيهَا آخِرًا. ابْنُ يُونُسَ قِيَاسًا عَلَى الصَّيْدِ إذَا أَفْلَتَ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ وَطَالَ زَمَانُهُ ثُمَّ صَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَذَا إذَا أَحْيَا فِي غَيْرِ أَصْلٍ كَانَ لَهُ، فَأَمَّا مَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِخِطَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ ثُمَّ أَسْلَمَهَا فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُحْيِيَهَا. الْبَاجِيَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ انْدَرَسَتْ فَلَا يَرْتَفِعُ مِلْكُهُ عَنْهَا بِانْدِرَاسِهَا اتِّفَاقًا. ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ بِهَا إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ انْدِرَاسِهَا وَعَوْدِهَا لِحَالِهَا الْأَوَّلِ. وَأَمَّا إنْ أَحْيَاهَا الثَّانِي بِحِدْثَانِ انْدِرَاسِهَا وَعَوْدِهَا لِحَالِهَا الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْأَوَّلِ فَلَهُ قِيمَةُ عِمَارَتِهِ قَائِمَةً لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا مَنْقُوضَةً بَعْدَ يَمِينِ الْأَوَّلِ إنْ تَرَكَهُ إيَّاهَا لَمْ يَكُنْ إسْلَامًا لَهَا، وَأَنَّهُ كَانَ نَاوِيًا إعَادَتَهَا الْحَطّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِعَدَمِ عِلْمِ أَوَّلِ عِمَارَةِ الثَّانِي وَسُكُوتِهِ، وَإِلَّا كَانَ سُكُوتُهُ دَلِيلًا عَلَى إسْلَامِهِ إيَّاهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ نَقْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ الْعِمَارَةَ تَارَةً تَكُونُ نَاشِئَةً عَنْ إحْيَاءٍ، وَتَارَةً عَنْ مِلْكٍ، وَيَحْصُلُ الِاخْتِصَاصُ بِهَا إذَا لَمْ تَنْدَرِسْ فِي الْقِسْمَيْنِ، فَإِنْ انْدَرَسَتْ فَإِنْ كَانَتْ عَنْ مِلْكٍ كَإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالِاخْتِصَاصُ بَاقٍ اتِّفَاقًا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ، وَلَوْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ انْدَرَسَتْ، وَإِنْ كَانَتْ عَنْ إحْيَاءٍ فَهَلْ الِاخْتِصَاصُ بَاقٍ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَعَلَى الثَّانِي دَرَجَ الْمُصَنِّفُ، وَلَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِطُولِ زَمَنِ الِانْدِرَاسِ، هَذَا هُوَ الْحَقُّ فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَقَوْلُهُ بِعِمَارَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ مِلْكٍ أَوْ إحْيَاءٍ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ انْدَرَسَتْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ فَقَطْ لَا لِلْإِشَارَةِ لِلْخِلَافِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِأَنْ كَانَ أَوْفَقَ بِاصْطِلَاحِهِ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِإِحْيَاءٍ بِمَعْنَى عَنْ، أَيْ إلَّا الْعِمَارَةَ النَّاشِئَةَ عَنْ إحْيَاءٍ فَانْدِرَاسُهَا يُخْرِجُهَا عَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 74 وَبِحَرِيمِهَا. كَمُحْتَطَبٍ. وَمَرْعًى. يُلْحَقُ غُدُوًّا، وَرَوَاحًا   [منح الجليل] مِلْكِ مُحْيِيهَا، وَبِهَذَا يُوَافِقُ كَلَامُهُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَضَيْحٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالِاخْتِصَاصُ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ الْعِمَارَةُ وَلَوْ انْدَرَسَتْ، فَإِنْ كَانَتْ عِمَارَةَ إحْيَاءٍ فَانْدَرَسَتْ فَقَوْلَانِ. قَالَ فِي ضَيْحٍ مُرَادُهُ عِمَارَةُ مِلْكٍ لِمُقَابِلَتِهَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَتْ عِمَارَةَ إحْيَاءٍ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ انْدِرَاسَهَا يُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِ مُحْيِيهَا فَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُحْيِيَهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَالثَّانِي: لِسَحْنُونٍ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ وَإِنْ أَعْمَرَهَا غَيْرُهُ حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ، وَحَكَى عَنْهُ ثَالِثٌ إنْ كَانَتْ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدًا، فَالثَّانِي أَوْلَى بِهَا قَالَ، وَقَوْلُهُ عِنْدِي صَحِيحٌ عَلَى مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَا قَرُبَ لَا يُحْيَا إلَّا بِقَطْعِهِ مِنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ صَارَ مِلْكًا، وَسَأَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ سَحْنُونًا هَلْ تُشْبِهُ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الصَّيْدِ فَقَالَ لَا. الْبَاجِيَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّيْدَ لَوْ ابْتَاعَهُ ثُمَّ نَدَّ وَاسْتَوْحَشَ كَانَ لِمَنْ صَادَهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَتَبَوَّرَتْ فَأَحْيَاهَا غَيْرُهُ أَنَّهَا لِمُشْتَرِيهَا، ثُمَّ قَالَ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا الْعِمَارَةُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْمِلْكِ كَافٍ فِي الِاخْتِصَاصِ لَا يَفْتَقِرُ لِعِمَارَةٍ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ ذَكَرَهُ لِيُقَسِّمَ الْعِمَارَةَ. اهـ. وَكَذَا يُقَالُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) يَكُونُ الِاخْتِصَاصُ أَيْضًا (بِحَرِيمِهَا) أَيْ بِسَبَبِ كَوْنِ الْأَرْضِ حَرِيمًا لِلْعِمَارَةِ. ابْنُ شَاسٍ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الِاخْتِصَاصِ أَنْ تَكُونَ حَرِيمُ عِمَارَةٍ فَيَخْتَصُّ بِهَا صَاحِبُ الْعِمَارَةِ، وَلَا يَمْلِكُ إلَّا بِإِحْيَاءٍ وَلَا يُحْيِي إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ إنْ قَرُبَ مِنْ الْعِمَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَمَّا كَانَ حَرِيمُ الْعِمَارَةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (كَمُحْتَطَبٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَوْضِعِ قَطْعِ الْحَطَبِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ لِلْخَبْزِ وَالطَّبْخِ وَنَحْوِهِمَا (وَمَرْعًى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَوْضِعِ رَعْيِ الدَّوَابِّ (يُلْحَقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ يَصِلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ لِلِاحْتِطَابِ أَوْ الرَّعْيِ الْمُحْتَطَبَ وَالْمَرْعَى (غُدُوًّا) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْوَاوِ، أَيْ قَبْلَ زَوَالِ يَوْمِهِ. (وَ) يَرْجِعُ مِنْهُ لِلْبَلَدِ (رَوَاحًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ قَبْلَ مَغِيبِ شَمْسِ يَوْمِهِ بِحَيْثُ يَنْتَفِعُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 75 لِبَلَدٍ. وَمَا لَا يُضَيِّقُ عَلَى وَارِدٍ. وَلَا يَضُرُّ بِمَا لِبِئْرٍ.   [منح الجليل] بِهِ فِي طَبْخِ الْعَشَاءِ وَنَحْوَهُ، وَبِحَلْبِ الدَّوَابِّ فِيهِ وَمَا لَا يَلْحَقُ كَذَلِكَ، فَلَيْسَ حَرِيمًا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ (لِبَلَدٍ) أُنْشِئَتْ بِمَوَاتٍ. ابْنِ شَاسٍ حَرِيمُ الْبَلَدِ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ تَلْحَقُهُ مَوَاشِيهَا بِالرَّعْيِ فِي غُدُوِّهَا وَرَوَاحِهَا، وَهُوَ لَهُمْ مَسْرَحٌ وَمُحْتَطَبٌ فَهُوَ حَرِيمُهَا، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ إحْيَاؤُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ ابْنُ حَبِيبٍ الشَّعْرَاءُ الْمُجَاوِرَةُ لِلْقُرَى أَوْ الْمُتَوَسِّطَةُ بَيْنَهُمَا لَا يَقْطَعُ الْإِمَامُ شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْعَفَا مِنْ الْأَرْضِ الَّذِي هُوَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، إنَّمَا هِيَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ كَالسَّاحَةِ لِلدُّورِ، وَإِنَّمَا الْعَفَا مَا بَعُدَ وَتُعُقِّبَ فَضْلُ قَوْلِهِ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ شَيْئًا مِنْ الشَّعْرَاءِ فَقَالَ وَأَيْنَ يَقْطَعُ الْإِمَامُ إلَّا فِيمَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ الشَّعْرَاءَ الْقَرِيبَةَ جِدًّا؛ لِأَنَّ إقْطَاعَهَا ضَرَرٌ فِي قَطْعِ مَرَافِقِهِمْ الَّتِي يَخْتَصُّونَ بِهَا لِقُرْبِهِمْ ابْنُ رُشْدٍ الْقَرِيبُ مِنْ الْعُمْرَانِ قِسْمَانِ الْقَرِيبُ الَّذِي فِي إحْيَائِهِ ضَرَرٌ كَالْأَفْنِيَةِ الَّتِي أُخِذَ شَيْءٍ مِنْهَا ضَرَرٌ بِالطَّرِيقِ وَشَبَهِهِ لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ بِحَالٍ، وَلَا يُبِيحُهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ نَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنْظَرُ فِيمَا قَرُبَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ ضَرَرٌ فِي مَسْرَحٍ أَوْ مُحْتَطَبٍ مُنِعَ. (وَ) كَ (مَا) بِالْقَصْرِ، أَيْ قَدْرٍ مِنْ الْأَرْضِ (لَا يُضَيِّقُ) مَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلًا فَقَافٍ (عَلَى وَارِدِ) الْبِئْرَ مِنْ الدَّوَابِّ (وَلَا يَضُرُّ بِمَاءٍ) بِالْمَدِّ بِتَنْشِيفٍ أَوْ تَنْقِيصٍ. " غ " كَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ بِنَفْيِ الْفِعْلَيْنِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ رِوَايَتَانِ مَا لَا يَضُرُّ وَمَا يَضُرُّ. عِيَاضٌ كِلَاهُمَا صَوَابٌ فَمَا يَضُرُّ هُوَ حَرِيمُهَا وَمَا لَا يَضُرُّ هُوَ حَدُّ حَرِيمِهَا. ابْنُ يُونُسَ وَأَمَّا الْبِئْرُ فَلَيْسَ لَهَا حَرِيمٌ مَحْدُودٌ لِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ بِالرَّخَاوَةِ وَالصَّلَابَةِ، وَلَكِنَّ حَرِيمَهَا مَا لَا ضَرَرَ مَعَهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ مِقْدَارُ مَا لَا يَضُرُّ بِمَائِهَا وَلَا يُضَيِّقُ مَنَاخَ إبِلِهَا وَلَا مَرَابِضَ مَوَاشِيهَا عِنْدَ وُرُودِهَا وَلِأَهْلِ الْبِئْرِ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أَوْ يَبْنِيَ فِي ذَلِكَ الْحَرِيمِ وَهَذَا حَرِيمٌ (لِبِئْرٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ لِسَقْيِ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا عِيَاضٌ حَرِيمُ الْبِئْرِ مَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي مِنْ حَقِّهَا أَنْ لَا يَحْدُثَ بِهَا مَا يَضُرُّ بِهَا لَا بَاطِنًا مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ يُنْقِصُ مَاءَهَا أَوْ يُذْهِبُهُ أَوْ يُغَيِّرُهُ بِطَرْحِ نَجَاسَةٍ فِيهِ يَصِلُ إلَيْهَا وَسَخُهَا وَلَا ظَاهِرًا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 76 وَمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِنَخْلَةٍ. وَمَطْرَحِ تُرَابٍ. وَمَصَبِّ مِيزَابٍ لِدَارٍ. وَلَا تَخْتَصُّ مَحْفُوفَةٌ بِأَمْلَاكٍ. وَلِكُلٍّ. الِانْتِفَاعُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ.   [منح الجليل] وَ) كَ (مَا) بِالْقَصْرِ، أَيْ قَدْرٍ مِنْ الْأَرْضِ (فِيهِ مَصْلَحَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَنْفَعَةُ حَرِيمٍ بِالنِّسْبَةِ (لِنَخْلَةٍ) ابْنُ يُونُسَ سَأَلَ ابْنُ غَانِمٍ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ حَرِيمِ النَّخْلَةِ، فَقَالَ قَدْرُ مَا يَرَى أَنَّ فِيهِ مَصْلَحَتَهَا، وَيَتْرُكُ مَا أَضَرَّ بِهَا وَيَسْأَلُ عَنْهُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ، وَقَدْ قَالُوا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا إلَى عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَذَلِكَ حَسَنٌ، وَسَأَلَ عَنْ الْكَرْمِ أَيْضًا فَقَالَ يَسْأَلُ عَنْهُ، وَعَنْ كُلِّ شَجَرَةٍ أَهْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلِكُلِّ شَجَرَةٍ بِقَدْرِ مَصْلَحَتِهَا. (وَ) كَ (مَطْرَحِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِهْمَالِ الْحَاءِ، أَيْ مَوْضِعِ طَرْحِ (تُرَابٍ وَ) كَ (مَصَبِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ مَوْضِعِ مَاءٍ مَصْبُوبٍ مِنْ (مِيزَابٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَزَايٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ أَيْ آلَةٍ مُجَوَّفَةٍ تُجْعَلُ فِي طَرَفِ سَطْحِ الدَّارِ يَنْزِلُ مِنْهَا الْمَاءُ الْمُجْتَمِعُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَطَرِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا حَرِيمٌ (لِدَارٍ) مُنْشَأَةٍ فِي مَوَاتٍ ابْنُ شَاسٍ حَرِيمُ الدَّارِ الْمَحْفُوفَةِ بِالْمَوَاتِ مَا يَرْتَفِقُ بِهِ مِنْ مَطْرَحِ تُرَابٍ وَمَصَبِّ مِيزَابٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ أَعْرِفْهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِحَالٍ إنَّمَا هُوَ لِلْغَزَالِيِّ لَكِنْ مَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا. (وَلَا تَخْتَصُّ) دَارٌ (مَحْفُوفَةٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْفَاءِ الْأُولَى، أَيْ مَحُوطَةٌ (بِأَمْلَاكٍ) دُورٍ أَوْ غَيْرِهَا بِحَرِيمٍ (وَلِكُلٍّ) مِنْ أَصْحَابِ الْأَمْلَاكِ الَّتِي بَيْنَهَا سَاحَةٌ (الِانْتِفَاعُ) بِهَا وَضْعُ مَتَاعٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ رَبْطُ دَابَّةٍ (مَا لَمْ يَضُرَّ) بِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَمْلَاكِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقٌّ فِيهَا. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لِكُلٍّ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِهِ وَحَرِيمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَسْوِيَةِ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ وَحَرِيمِهِ بِمُجَرَّدِ عَطْفِهِ عَلَيْهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُسَمَّى حَرِيمِهِ الْمُغَايِرَ لِمُسَمَّى مِلْكِهِ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ إنَّمَا يَصْدُقُ عَلَى الْفِنَاءِ وَلَيْسَ انْتِفَاعُهُ بِهِ كَانْتِفَاعِهِ بِمِلْكِهِ، إذْ يَجُوزُ كِرَاءُ مِلْكِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 77 وَبِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ وَلَا يُقْطِعُ مَعْمُورَ الْعَنْوَةِ مِلْكًا   [منح الجليل] مُطْلَقًا. وَأَمَّا فِنَاؤُهُ فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِأَرْبَابِ الْأَفْنِيَةِ الَّتِي انْتِفَاعُهُمْ بِهَا لَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ أَنْ يُكْرُوهَا. ابْنُ رُشْدٍ كُلُّ مَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ كُلِّيَّةٌ غَيْرُ صَادِقَةٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ، كَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَبَيْتِ الْمَدْرَسَةِ لِلطَّالِبِ وَنَحْوِهِ وَفِنَاءِ الدَّارِ هُوَ مَا بَيْنَ يَدَيْ بِنَائِهَا فَاضِلًا عَنْ الطَّرِيقِ الْمُعَدِّ لِلْمُرُورِ وَغَالِبًا كَانَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا أَوْ غَيْرِهِ. وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخنَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ الْكَائِنُ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ الْقَسْمِ وَإِنْ قَسَمَا دَارًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ طَائِفَةً. فَمَنْ صَارَتْ لَهُ الْأَجْنِحَةُ فِي حَظِّهِ فَهِيَ لَهُ وَلَا تُعَدُّ مِنْ الْفِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ فِي هَوَاءِ الْأَفْنِيَةِ، وَفِنَاءُ الدَّارِ لَهُمْ أَجْمَعِينَ الِانْتِفَاعُ بِهِ نَقَلَهُ " غ " قَالَ لِفَوَائِدِهِ وَأَمَّا الْمُنَاقَشَةُ فَأَمْرُهَا سَهْلٌ. وَيَكُونُ الِاخْتِصَاصُ (بِ) سَبَبِ (إقْطَاعٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ إعْطَاءٍ مِنْ الْإِمَامِ أَرْضًا مَوَاتًا. ابْنُ شَاسٍ النَّوْعُ الْآخَرُ مِنْ أَنْوَاعِ الِاخْتِصَاصِ الْإِقْطَاعُ فَإِذَا أَقْطَعَ الْإِمَامُ رَجُلًا أَرْضًا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَمِّرْهَا وَلَا عَمِلَ فِيهَا شَيْئًا يَبِيعُ وَيَهَبُ وَيَتَصَرَّفُ وَيُورَثُ عَنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الْإِحْيَاءِ بِسَبِيلٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَمْلِيكٌ مُجَرَّدٌ، رَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْمَهَامِهِ وَالْفَيَافِي أَوْ قَرِيبَةً مِنْ الْعُمْرَانِ. (وَلَا يُقْطِعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ لَا يُعْطِي الْإِمَامُ مَكَانًا (مَعْمُورَ) أَرْضَ (الْعَنْوَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، أَيْ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْجِهَادِ، أَيْ الْأَرْضَ الْمَعْمُورَةَ، أَيْ الصَّالِحَةَ لِزِرَاعَةِ الْحُبُوبِ الْمَفْتُوحَةَ بِالْجِهَادِ حَالَ كَوْنِهَا (مِلْكًا) أَيْ مَمْلُوكَةً لِمَنْ أُقْطِعَتْ هِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهَا وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا، وَيُقْطِعُهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهَا حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةً مَحْدُودَةً وَبَعْدَهَا يَرْجِعُ حُكْمُهَا لِلْإِمَامِ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِقْطَاعِ. فِيهَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ أَرْضِ مِصْرَ وَلَا تُقْطَعُ لِأَحَدٍ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لِأَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً. ابْنُ رُشْدٍ الْإِقْطَاعُ فِي الْبَرَارِيِّ وَالْمَعْمُورِ إلَّا مَعْمُورَ أَرْضِ الْعَنْوَةِ الَّتِي حُكْمُهَا كَوْنُهَا مَوْقُوفَةً ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ وَأَمَّا إقْطَاعُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا مُدَّةً فَجَائِزٌ قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ وَغَيْرُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 78 وَبِحِمَى إمَامٍ مُحْتَاجًا إلَيْهِ. قَلَّ مِنْ بَلَدٍ عَفَا. لِكَغَزْوٍ   [منح الجليل] وَقَدْ «أَقْطَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْضًا بِهَا نَخْلٌ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ» وَأَقْطَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - النَّاسَ الْعَقِيقَ أَجْمَعَ. (وَ) يَكُونُ الِاخْتِصَاصُ (بِحِمَى) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مَقْصُورًا، أَيْ حِمَايَةِ وَمَنْعِ (إمَامٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَكَانًا (مُحْتَاجًا) إلَيْهِ لِمَنْفَعَةِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا الْمَكَانُ الْمَحْمِيُّ وَفَضَلَ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهِ (مِنْ بَلَدٍ) أَيْ أَرْضٍ (عَفَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ خَلَا عَنْ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ، وَصِلَةُ مُحْتَاجًا (لِ) دَوَابَّ (كَغَزْوٍ) وَصَدَقَةٍ رَوَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَمَى النَّقِيعَ وَقَالَ لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» بِالنُّونِ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمُنْتَخَبِ حَمَى الْعَقِيقَ لِخَيْلِ الْمُسْلِمِينَ تَرْعَى فِيهِ عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا أَصَحُّ أَحَادِيثِ الْحِمَى، وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظُ النَّقِيعِ وَجَدْته فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ الْبَاجِيَّ وَأَحْكَامِ عَبْدِ الْحَقِّ بِالنُّونِ قَبْلَ الْقَافِ، وَذَكَرَ الْبَكْرِيُّ بِالْبَاءِ قَبْلَ الْقَافِ وَكَذَا وَجَدْته فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ النَّوَادِرِ، وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ اللُّغَوِيِّينَ وَأَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْكَلَامَ فَانْظُرْهُ وَانْظُرْ الْحَطَّابَ فَقَدْ نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَتْبَعَهُ بِكَلَامٍ طَوِيلٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 79 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ شَاسٍ: النَّوْعُ الْآخَرُ مِنْ أَنْوَاعِ الِاخْتِصَاصِ الْحِمَى. الْبَاجِيَّ، وَهُوَ أَنْ يَحْمِيَ مَوْضِعًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 80 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا يَقَعُ بِهِ التَّضْيِيقُ عَلَى النَّاسِ لِلْحَاجَةِ الْعَامَّةِ لِذَلِكَ كَمَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ وَالْخَيْلِ الَّتِي يَحْمِلُ عَلَيْهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 81 وَافْتَقَرَ لِإِذْنٍ، وَإِنْ مُسْلِمًا، إنْ قَرُبَ،   [منح الجليل] الْغَازِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ كَمَاشِيَةِ الصَّدَقَةِ يَقُومُ مِنْهُ جَوَازُ طُولِ تَأْخِيرِ صَرْفِ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ لِتَرَجِّي مَصْرِفِهَا. (وَافْتَقَرَ) إحْيَاءُ الْمَوَاتِ (لِإِذْنِ) مِنْ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحْيِي مُسْلِمًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مُسْلِمًا إنْ قَرُبَ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الْمَوَاتُ مِنْ الْعُمْرَانِ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ فِي الْمَوَاتِ الْقَرِيبِ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِي إحْيَائِهِ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إحْيَاؤُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. الْحَطّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 82 وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ. إمْضَاؤُهُ، أَوْ جَعْلُهُ مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِ الْبَعِيدِ،   [منح الجليل] الْقَرِيبُ هُوَ حَرِيمُ الْعِمَارَةِ مِمَّا يَلْحَقُونَهُ غُدُوًّا وَرَوَاحًا اهـ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ فِي إحْيَاءِ الْقَرِيبِ وَأُحْيِيَ (فَلِلْإِمَامِ إمْضَاؤُهُ) أَيْ الْإِحْيَاءِ وَإِبْقَاؤُهُ مِلْكًا لِمُحْيِيهِ (وَ) لَهُ (جَعْلُهُ) أَيْ الْمُحْيِي بِغَيْرِ إذْنِهِ (مُتَعَدِّيًا) فَيُعْطِيهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ مَقْلُوعًا، وَيُبْقِيهِ لِبَيْتِ الْمَالِ. الْبَاجِيَّ إذَا قُلْنَا لَا يُحْيَا مَا قَرُبَ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَأُحْيِيَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ، فَإِنْ رَأَى إنْفَاذَهُ فَعَلَ وَإِلَّا أَزَالَهُ وَأَعْطَاهُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (بِخِلَافِ) إحْيَاءِ الْمَوَاتِ (الْبَعِيدِ) مِنْ الْعُمْرَانِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِ الْإِمَامِ. ابْنُ رُشْدٍ حَدُّ الْبَعِيدِ مِنْ الْعُمْرَانِ الَّذِي يَكُونُ لِمَنْ أَحْيَاهُ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ مَسْرَحُ الْعُمْرَانِ وَاحْتِطَابُ الْمُحْتَطِبِينَ إذَا رَجَعُوا إلَى الْبَيْتِ فِي مَوَاضِعِهِمْ مِنْ الْعُمْرَانِ إنْ كَانَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 83 وَلَوْ ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ   [منح الجليل] الْمُحْيِي مُسْلِمًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (ذِمِّيًّا بِغَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) الْأَخَوَانِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْحِجَازِ كُلِّهِ وَالنُّجُودِ. اللَّخْمِيُّ الْحِجَازُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَنُ. الْبَاجِيَّ إنْ أَحْيَا ذِمِّيٌّ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: هِيَ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لِحَدِيثِ «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ، وَإِنَّمَا يُحْيِي الذِّمِّيُّ فِيمَا بَعُدَ. وَأَمَّا مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ فَيَخْرُجُ عَنْهُ، وَيُعْطَى قِيمَةَ مَا عَمَّرَ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ مَا قَرُبَ بِمَنْزِلَةِ الْفَيْءِ وَالذِّمِّيُّ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْفَيْءِ وَلَا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْحِجَازِ كُلِّهِ وَالنُّجُودِ وَالْيَمَنِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَلَوْ قِيلَ إنَّ حُكْمَهُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْعُدْ كَمَا لَهُمْ ذَلِكَ فِيمَا بَعُدَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَفَيْءِ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ تَمَلُّكُهُ وَلَا قَسْمُهُ وَلَا بَيْعُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَنْ لَا يُحْيِيَهُ عَبْدٌ وَلَا مَرْأَةٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي إحْيَاءِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ مَا قَرُبَ مَضَرَّةٌ فَلَا يَأْذَنُ فِيهِ الْإِمَامُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ لَمْ يَبْعُدْ. اللَّخْمِيُّ يَخْرُجُ إنَّ عَمَّرَ فِيمَا قَرُبَ. وَلِابْنِ الْقَصَّارِ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ فِي الْإِحْيَاءِ غَيْرَ مُفَرِّقٍ بَيْنَ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ. قُلْت فَفِي جَوَازِهِ لَهُ مُطْلَقًا وَمَنْعِهِ مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا فِيمَا بَعُدَ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ لَوْ قِيلَ حُكْمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 84 وَالْإِحْيَاءُ بِتَفْجِيرِ مَاءٍ وَبِإِخْرَاجِهِ، وَبِبِنَاءٍ وَبِغَرْسٍ، وَبِحَرْثٍ، وَتَحْرِيكِ أَرْضٍ، وَبِقَطْعِ شَجَرٍ، وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَتِهَا   [منح الجليل] الذِّمِّيِّ حُكْمُ الْمُسْلِمِ فِيمَا قَرُبَ لَمْ يَبْعُدْ. وَقَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالْمَشْهُورُ وَعَزَا ابْنُ شَاسٍ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ إلَّا فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ إنْ عَمَّرَ فِيمَا بَعُدَ فَذَلِكَ لَهُ، وَفِيمَا قَرُبَ يَخْرُجُ وَلَوْ كَانَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فَيْءٌ وَتَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنَ شَاسٍ. طفي دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ كَالْمُسْلِمِ فِي إحْيَاءِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: هَذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ إلَّا أَنَّ الْبَاجِيَّ رَكَنَ إلَيْهِ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّ الْبَاجِيَّ بَعْدَ رُكُونِهِ إلَيْهِ أَتَى بِمَا يُنَاقِضُهُ، فَقَالَ وَفِي إحْيَاءِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ مَا قَرُبَ مَضَرَّةٌ فَلَا يَأْذَنُ فِيهِ الْإِمَامُ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ لَوْ قِيلَ حُكْمُهُمْ كَالْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْعُدْ، وَالْقَوْلُ بِإِحْيَاءِ الذِّمِّيِّ فِي الْبَعِيدِ دُونَ الْقَرِيبِ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي التَّسْوِيَةِ الْمَذْكُورَةِ، لَكِنَّ الْعُذْرَ لَهُ أَنَّ ابْنَ شَاسٍ صَدَّرَ بِهَا وَعَزَاهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ: وَأَمَّا إنْ أَحْيَا الذِّمِّيُّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْلِكُ كَالْمُسْلِمِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ لِلذِّمِّيِّ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ عَمَّرَ فِيمَا بَعُدَ فَذَلِكَ لَهُ، وَأَمَّا مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ وَلَوْ أَنَّهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُعْطَى قِيمَةَ مَا عَمَّرَ وَيُنْزَعُ مِنْهُ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَالْإِحْيَاءُ) يَكُونُ (بِتَفْجِيرِ مَاءٍ) بِالْمَدِّ مِنْ الْأَرْضِ بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ فَتْقِ عَيْنٍ فِي مَوَاتٍ (وَبِإِخْرَاجِهِ) أَيْ الْمَاءِ عَنْ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ الْمَغْمُورَةِ بِهِ (وَبِبِنَاءٍ) فِي الْمَوَاتِ (وَبِغَرْسٍ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ لِشَجَرٍ فِي الْمَوَاتِ (وَبِحَرْثٍ) لِلْمَوَاتِ (وَبِتَحْرِيكِ أَرْضٍ) مَوَاتٍ بِغَيْرِ الْحَرْثِ (وَبِقَطْعِ شَجَرٍ) لَا ثَمَرَ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ (وَبِكَسْرِ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَتِهَا) أَيْ الْأَرْضِ الْمَوَاتِ. الْبَاجِيَّ أَمَّا صِفَةُ الْإِحْيَاءِ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَجْمُوعَةِ: إحْيَاءُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 85 لَا بِتَحْوِيطٍ وَرَعْيِ كَلَإٍ وَحَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ وَجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ وَعَقْدُ نِكَاحٍ وَقَضَاءُ دَيْنٍ   [منح الجليل] الْأَرْضِ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ يَجْرِي عَيْنًا أَوْ يَغْرِسَ شَجَرًا أَوْ يَبْنِيَ أَوْ يَحْرُثَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ إحْيَاءٌ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. عِيَاضٌ اُتُّفِقَ عَلَى سَبْعَةٍ: تَفْجِيرُ الْمَاءِ وَإِخْرَاجُهُ عَنْ غَامِرِهَا بِهِ وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالْحَرْثُ، وَمِثْلُهُ تَحْرِيكُ الْأَرْضِ بِالْحَفْرِ وَقَطْعُ شَجَرِهَا، وَسَابِعُهَا كَسْرُ حَجَرِهَا وَتَسْوِيَةُ حُرُوفِهَا وَتَعْدِيلُ أَرْضِهَا. (لَا) يَحْصُلُ الْإِحْيَاءُ (بِتَحْوِيطٍ) عَلَى الْمَوَاتِ بِنَحْوِ حِجَارَةٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ التَّحْجِيرُ إحْيَاءٌ أَشْهَبَ مَنْ حَجَرَ أَرْضًا مَوَاتًا بَعِيدَةً فَلَا يَكُونُ أَوْلَى بِهَا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ حَجَرَهَا لِيَعْمَلَ فِيهَا إلَى أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ لِيُمْكِنَهُ الْعَمَلُ بِيُبْسِ الْأَرْضِ أَوْ إخْلَاءِ الْأُجَرَاءِ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا مَنْ حَجَرَ مَا لَا يَقْوَى عَلَيْهِ فَلَهُ مِنْهُ مَا عَمِلَ (وَ) لَا بِ (رَعْيِ كَلَإٍ) بِالْقَصْرِ مَهْمُوزًا، أَيْ خَلًا نَبَتَ بِهَا بِنَفْسِهِ. مِنْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا يَكُونُ الرَّعْيُ إحْيَاءً. الْبَاجِيَّ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ (وَ) لَا بِ (حَفْرِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ) الْبَاجِيَّ لَيْسَ حَفْرُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ إحْيَاءً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ عَاشِرٍ مَعْنَاهُ لَيْسَ إحْيَاءً لِلْمَوَاتِ الَّذِي هُوَ بِهِ. وَجَازَ بِمَسْجِدٍ سُكْنَى لِرَجُلٍ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ (وَجَازَ بِمَسْجِدٍ) صِلَةُ (سُكْنَى) بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ مَقْصُورًا (رَجُلٍ) لَا مَرْأَةٍ وَلَوْ عَجُوزًا (تَجَرَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ تَخَلَّى الرَّجُلُ (لِلْعِبَادَةِ) كَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةِ قُرْآنٍ وَتَعَلُّمِ عِلْمٍ وَتَعْلِيمِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَجَرَّدْ لَهَا فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لَهُ عَمَّا بُنِيَ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذَ الْمَسْجِدَ سَكَنًا إلَّا رَجُلٌ تَجَرَّدَ لِلْعِبَادَةِ، فِيهِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَإِحْيَائِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ فِيهِ دَائِمَ دَهْرِهِ إنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي التَّوْضِيحِ، الظَّاهِرُ أَنْ يَنْبَغِيَ هَا هُنَا لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى فِي الْمَسْجِدِ عَلَى غَيْرِ التَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ مُمْتَنِعَةٌ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لَهُ عَمَّا حُبِسَ لَهُ، وَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ هَدْمُ الْمَقَاصِيرِ الَّتِي اُتُّخِذَتْ فِي بَعْضِ الْجَوَامِعِ لِلسُّكْنَى (وَ) جَازَ (عَقْدُ نِكَاحٍ) بِمَسْجِدٍ وَاسْتَحْسَنَهُ جَمَاعَةٌ (وَ) جَازَ (قَضَاءُ دَيْنٍ) بِمَسْجِدٍ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِفَّةَ كَتْبِ ذِكْرِ الْحَقِّ بِهِ مَا لَمْ يَطُلْ، وَجَوَازَ قَضَاءِ الْحَقِّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 86 وَقَتْلُ عَقْرَبٍ وَنَوْمٌ بِقَائِلَةٍ وَتَضْيِيفٌ بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ   [منح الجليل] التَّجْرِ وَالصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. الطُّرْطُوشِيُّ فِي كِتَابِ الْبِدَعِ أَرَادَ بِالْقَضَاءِ الْمُعْتَادَ الَّذِي فِيهِ يَسِيرُ الْعَمَلِ وَقَلِيلُ الْعَيْنِ، وَأَمَّا قَضَاءُ الْمَالِ الْجَسِيمِ الْمُحْتَاجِ لِلْوَزْنِ وَالنَّقْدِ وَكَثْرَةِ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَيُنْهَى السُّؤَالُ عَنْ السُّؤَالِ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ سَأَلَ فَلَا يُعْطَى وَأَمَرَ بِحِرْمَانِهِمْ وَرَدِّهِمْ خَائِبِينَ فِي الرِّسَالَةِ يُكْرَهُ الْعَمَلُ فِي الْمَسَاجِدِ. ابْنُ نَاجِي يَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ الْمَسَاجِدُ عَنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. عِيَاضٌ بَعْضُ شُيُوخنَا إنَّمَا يُمْنَعُ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ عَمَلِ الصِّنَاعَاتِ مَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ آحَادُ النَّاسِ مِمَّا يَتَكَسَّبُ بِهِ فَإِنْ كَانَ يَشْمَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ مِثْلَ الْمُثَاقَفَةِ وَإِصْلَاحِ آلَاتِ الْجِهَادِ مِمَّا لَا مِهْنَةَ لِلْمَسْجِدِ فِي عَمَلِهِ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. الطُّرْطُوشِيُّ فِي كِتَابِ الْبِدَعِ لَمْ أَرَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " شَيْئًا فِي كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَمَّا الرَّجُلُ الْمُتَّقِي الَّذِي يَصُونُ الْمَسْجِدَ وَيَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ فَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فِي الذَّخِيرَةِ يَجْعَلُ الْمَاءَ الْعَذْبَ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (وَ) جَازَ (قَتْلُ عَقْرَبٍ) وَنَحْوَهَا بِمَسْجِدٍ (وَ) جَازَ (نَوْمٌ بِقَائِلَةٍ) فِي مَسْجِدٍ لِمُقِيمِ أَوْ مُسَافِرٍ. ابْنُ شَاسٍ خُفِّفَ فِي الْقَائِلَةِ وَالنَّوْمِ فِيهَا نَهَارًا لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ (وَ) جَازَ (تَضْيِيفٌ) بِالْفَاءِ، أَيْ إنْزَالُ الضَّيْفِ وَإِطْعَامُهُ (بِمَسْجِدِ بَادِيَةٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْإِقْنَاءِ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِضِيَافَةِ مَنْ أَتَى يُرِيدُ الْإِسْلَامَ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَرَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَأْسًا بِأَكْلِ الرُّطَبِ الَّذِي يُجْعَلُ فِي الْمَسَاجِدِ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغُرَبَاءَ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَأْوًى يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَأْوُوا إلَى الْمَسَاجِدِ وَيَبِيتُوا فِيهَا وَيَأْكُلُوا فِيهَا مَا أَشْبَهَ التَّمْرَ مِنْ الطَّعَامِ الْجَافِّ، وَقَدْ خَفَّفَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي سَمَاع ابْنِ الْقَاسِمِ لِلضِّيفَانِ الْمَبِيتُ وَالْأَكْلُ فِي مَسَاجِدِ الْقُرَى؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ لَهَا لِلصَّلَاةِ فِيهَا عَلِمَ أَنَّ الضِّيفَانَ سَيَبِيتُونَ فِيهَا لِضَرُورَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَدْ بَنَاهَا لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ بِنَائِهِ لَهَا إنَّمَا هُوَ لِلصَّلَاةِ فِيهَا، وَيَجُوزُ لِمَنْ لَا مَنْزِلَ لَهُ أَنْ يَبِيتَ فِي الْمَسْجِدِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 87 وَإِنَاءٌ لِبَوْلٍ: إنْ خَافَ سَبُعًا: كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ، وَمُنِعَ عَكْسُهُ: كَإِخْرَاجِ رِيحٍ، وَمُكْثٍ بِنَجَسٍ   [منح الجليل] وَ) جَازَ أَنْ يُتَّخَذَ (إنَاءٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَمْدُودًا، أَيْ وِعَاءٌ (لِبَوْلٍ) فِيهِ لَيْلًا بِمَسْجِدٍ (إنْ خَافَ) الْبَائِتُ فِيهِ (سَبْقًا) لِلْبَوْلِ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَدَلَ الْقَافِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ بِسَعَةِ إدْخَالِ مَنْ لَا غِنَى عَنْ مَبِيتِهِ بِالْمَسْجِدِ مِنْ سَدَنَتِهِ لِحِرَاسَتِهِ وَمَنْ اُضْطُرَّ لِلْمَبِيتِ بِهِ مِنْ شَيْخٍ ضَعِيفٍ وَزَمِنٍ وَمَرِيضٍ وَرَجُلٍ لَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ لَيْلًا لِلْمَطَرِ وَالرِّيحِ وَالظُّلْمَةِ ظُرُوفًا لِلْبَوْلِ بِهَا، فِيهَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا يُحْرَسُ اتِّخَاذُهُ بِهَا غَيْرُ وَاجِبٍ، وَصَوْنُهَا عَنْ ظُرُوفِ الْبَوْلِ وَاجِبٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي نَقْلٍ بِمَعْصِيَةٍ. الْحَطَّابُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْغَرِيبُ إذَا لَمْ يَجِدْ أَيْنَ يُدْخِلُ دَابَّتَهُ فَإِنَّهُ يُدْخِلُهَا فِي الْمَسْجِدِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا مِنْ اللُّصُوصِ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) اتِّخَاذِ (مَنْزِلٍ تَحْتَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ فَيَجُوزُ (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَكْسُهُ) أَيْ اتِّخَاذِ مَنْزِلٍ فَوْقَ الْمَسْجِدِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ بَنَى فَوْقَهُ بَيْتًا فَلَا يُعْجِبُنِي؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَسْكَنًا يُجَامِعُ فِيهِ وَيَأْكُلُ. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ تَحْتَ الْمَسْجِدِ وَيُورَثُ الْبُنْيَانُ الَّذِي تَحْتَ الْمَسْجِدِ وَلَا يُورَثُ الْمَسْجِدُ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ قَدْ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ أَنَّ لِظَهْرِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لِلْمَسْجِدِ وَلَا يُورَثُ الْمَسْجِدُ وَلَا الْبُنْيَانُ الَّذِي فَوْقَهُ وَيُورَثُ الْبُنْيَانُ الَّذِي تَحْتَهُ وَاخْتُلِفَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ هَلْ تُكْرَهُ ابْتِدَاءً، وَتَصِحُّ إنْ فُعِلَتْ أَوْ لَا تَصِحُّ وَتُعَادُ أَبَدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَإِخْرَاجِ رِيحٍ) مِنْ دُبُرٍ بِمَسْجِدٍ فَيُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ لِحُرْمَتِهِ وَأَذِيَّةِ الْمَلَائِكَةِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُحْدِثُ بِالْمَسْجِدِ حَدَثَ الرِّيحِ (وَ) كَ (مُكْثٍ) فِي الْمَسْجِدِ (بِنَجَسٍ) غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ قَلِيلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي وُجُوبِ خُرُوجِ مَنْ رَأَى بِثَوْبِهِ كَثِيرَ دَمٍ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَتَرَكَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاتِرًا نَجَاسَتَهُ بِبَعْضِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَغَيْرِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 88 وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ وَحَكَّهُ   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمُ لَا بَأْسَ بِوُضُوءِ ظَاهِرِ الْأَعْضَاءِ بِصَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَتَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَا يَجُوزُ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ اللَّهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] ، فَوَجَبَ أَنْ تُرْفَعَ وَتُنَزَّهَ عَنْ أَنْ يُتَوَضَّأَ فِيهَا لِمَا يَسْقُطُ فِيهَا مِنْ غُسَالَةِ الْأَعْضَاءِ مِنْ أَوْسَاخٍ وَالتَّمَضْمُضِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَقَدْ يَحْتَاجُ لِلصَّلَاةِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ آخَرُ فَيَتَأَذَّى بِالْمَاءِ الْمُهْرَاقِ فِيهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ» ، وَقَدْ كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْوُضُوءَ بِالْمَسْجِدِ وَإِنْ جَعَلَهُ فِي طَسْتٍ، وَذُكِرَ أَنَّ هِشَامًا فَعَلَهُ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَرَادَ لُقْمَانُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ سَحْنُونٍ وَكَانَ حَافِظَ الْمَذْهَبِ مُفْتِيًا ثِقَةً صَالِحًا غَسْلَ رِجْلَيْهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فِي جَامِعِ تُونُسَ فَأَنْكَرَ إنْسَانٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لُقْمَانُ كَانَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَتَوَضَّأُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَهَذَا يَمْنَعنِي أَنْ أَغْسِلَ رِجْلَيَّ فِي جَامِعِ تُونُسَ. وَرَوَى الشَّيْخُ يُكْرَهُ: السِّوَاكُ بِالْمَسْجِدِ فِيهَا وَلَا يَأْخُذُ الْمُعْتَكِفُ بِهِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنْ جَمَعَهُ وَأَلْقَاهُ خَارِجَهُ الْحَطَّابُ بِمَنْعِ الْمُكْثِ بِالنَّجَسِ فِي الْمَسْجِدِ صَدَّرَ ابْنُ شَعْبَانَ، وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ يَجِبُ عَلَى مَنْ رَأَى بِثَوْبِهِ دَمًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا يَخْلَعُهُ فِيهِ، وَقِيلَ يَخْلَعُهُ وَيَتْرُكُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُغَطِّي الدَّمَ الْقَلْشَانِيُّ وَعَلَيْهِمَا الْخِلَافُ فِي إدْخَالِ النَّعْلِ الَّذِي لَحِقَتْهُ نَجَاسَةٌ فِي مِحْفَظَةٍ أَوْ مَلْفُوفَةٍ فِي خِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ الْجُزُولِيُّ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بِالثَّوْبِ النَّجِسِ مَكْرُوهٌ، وَكَذَلِكَ نَعْلَاهُ إذَا كَانَ فِيهِمَا نَجَاسَةٌ فَلَا يُدْخِلُهُمَا الْمَسْجِدَ حَتَّى يَحُكَّهُمَا، وَلَا يَغْسِلُهُمَا فَإِنَّهُ يُفْسِدُهُمَا. اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ مُخَالِفٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فَظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِهِ) أَيْ عَلَى أَرْضِ الْمَسْجِدِ (وَحَكَّهُ) أَيْ مَعَ حَكِّهِ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ التَّصْوِيرِ، أَيْ الْبُصَاقِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَبْصُقُ أَحَدٌ فِي حَصِيرِ الْمَسْجِدِ وَيُدَلِّكُهُ بِرِجْلِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْصُقَ تَحْتَ الْحَصِيرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مُحَصَّبٍ فَلَا يَبْصُقُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَيَحُكُّهُ بِرِجْلِهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَصِيرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 89 وَتَعْلِيمُ صَبِيٍّ وَبَيْعٌ وَشِرَاءٌ وَسَلُّ سَيْفٍ   [منح الجليل] الْإِمَام مَالِكٌ إنَّ الْمَسْجِدَ مُحَصَّبٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْصُقَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ وَيَدْفِنَهُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَبْصُقَ أَمَامَهُ فِي حَائِطِ الْقِبْلَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ رَجُلٌ وَعَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ فِي الصَّلَاةِ بَصَقَ أَمَامَهُ وَدَفَنَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْنِهِ فَلَا يَبْصُقُ فِي الْمَسْجِدِ بِحَالٍ كَانَ مَعَ النَّاسِ أَوْ وَحْدَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْصُقُ فِي الْقِبْلَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَبْصُقْ فِي ثَوْبِهِ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ أَحَدَكُمْ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ وَإِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ فَلْيَبْصُقْ إذَا بَصَقَ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ» . أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَبْصُقَ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ. (وَ) كُرِهَ (تَعْلِيمُ صَبِيٍّ) بِمَسْجِدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ أَمَّا تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسْجِدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مَبْلَغَ الْأَدَبِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤْتَى بِهِ الْمَسْجِدَ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَقِرُّ فِيهِ وَيَعْبَثُ فَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ، وَرَوَى سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَحَفَّظُونَ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (وَ) كُرِهَ (بَيْعٌ وَشِرَاءٌ) بِمَسْجِدٍ. رَوَى الْحَافِظُ أَبُو عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَهُ: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَك، وَإِذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَنْشُدُ ضَالَّتَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَهُ: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك» ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الْمَسْجِدِ ذَهَبًا الْبَاجِيَّ لَعَلَّهُ يُرِيدُ قَضَاءَ الْيَسِيرِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُظْهِرَ سِلْعَتَهُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْبَيْعِ فَأَمَّا أَنْ يُسَاوِمَ رَجُلًا بِثَوْبٍ عَلَيْهِ أَوْ بِسِلْعَةٍ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ لَهَا فَيُوجِبُ بَيْعَهَا، فَلَا بَأْسَ بِهِ. الْجُزُولِيُّ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا الشِّرَاءُ، وَاخْتُلِفَ إذَا رَأَى سِلْعَةً خَارِجَ الْمَسْجِدِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ بَيْعَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا قَوْلَانِ مِنْ غَيْرِ سِمْسَارٍ، وَأَمَّا الْبَيْعُ بِالسِّمْسَارِ فِيهِ فَمَمْنُوعٌ بِاتِّفَاقٍ، فَإِنْ بَاعَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَأَنَّهُ مَاضٍ. (وَ) كُرِهَ (سَلُّ سَيْفٍ) بِمَسْجِدٍ. ابْنِ رُشْدٍ لَا تُسَلُّ بِالْمَسْجِدِ سُيُوفٌ، رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 90 وَإِنْشَادُ ضَالَّةٍ   [منح الجليل] لَا يُمَرُّ فِي الْمَسْجِدِ بِلَحْمٍ وَلَا يُنْقَرُ فِيهِ النَّبْلُ وَتُمْنَعُ الْمُقَاتَلَةُ فِيهِ. ابْنُ حَبِيبٍ يَعْنِي بِنَقْرِ النَّبْلِ إدَارَتَهَا عَلَى الظُّفْرِ لِيَعْلَمَ مُسْتَقِيمَهَا مِنْ مُعْوَجِّهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ الْفَرَّارَةَ الَّتِي أُحْدِثَتْ عِنْدَنَا بِمَسْجِدِ قُرْطُبَةَ كَرَاهَةً شَدِيدَةً (وَ) كُرِهَ (إنْشَادُ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ، أَيْ تَعْرِيفُ وَطَلَبُ دَابَّةٍ (ضَالَّةٍ) بِمَسْجِدٍ لِحَدِيثِ «إذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَهُ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك» ، بَعْضُهُمْ وَنَشْدُهَا أَيْ طَلَبُ رَبِّهَا مَنْ وَجَدَهَا، وَالنَّهْيُ مُقَيَّدٌ بِرَفْعِ الصَّوْتِ. الطُّرْطُوشِيُّ فِي كِتَابِ الْبِدَعِ لَوْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ صَوْتَهُ وَسَأَلَ عَنْهَا جُلَسَاءَهُ غَيْرَ رَافِعٍ صَوْتَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُسْنِ الْمُحَادَثَةِ، وَهُوَ غَيْرُ مَمْنُوعٍ اهـ. الْحَطّ أَرَادَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُنْشِدُ شِعْرًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَحَظَ إلَيْهِ، أَيْ أَوْمَأَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَنْ اُسْكُتْ، هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَرِهَ إنْشَادَ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ وَبَنَى رَحْبَةً خَارِجَهُ، وَقَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْغَطَ أَوْ يُنْشِدَ شِعْرًا فَلْيَخْرُجْ إلَى هَذِهِ الرَّحْبَةِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَالْإِجَازَةِ مُطْلَقًا، وَالْأَوَّلُ التَّفْصِيلُ، فَمَا اشْتَمَلَ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ وَالذَّبِّ عَنْهُمَا كَشِعْرِ حَسَّانَ، أَوْ تَضَمَّنَ حَثًّا عَلَى خَيْرٍ فَهُوَ حَسَنٌ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْكَذِبِ وَالْفَوَاحِشِ وَالتَّزَيُّنِ بِالْبَاطِلِ غَالِبًا، وَلَوْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَأَقَلُّ مَا فِيهِ اللَّغْوُ وَالْهَذَرُ وَالْمَسَاجِدُ تُنَزَّهُ عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36] ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هِيَ لِلذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ» . اهـ نَقَلَهُ الْحَطّ. طفي فِي الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إنْشَادَ مَصْدَرُ أَنْشَدَ الرُّبَاعِيِّ، وَهُوَ تَعْرِيفُهَا وَنَشَدَ الثُّلَاثِيُّ، وَهُوَ طَلَبُهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ، فَفِي الصِّحَاحِ نَشَدْت الضَّالَّةَ أَنْشُدُهَا نِشْدَةً وَنِشْدَانًا طَلَبْتهَا وَأَنْشَدْتهَا أَيْ عَرَّفْتهَا. اهـ. وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمَأْلُوفُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي لُقَطَةِ مَكَّةَ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» ، أَيْ مُعَرِّفٍ. «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ طَلَبَ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ أَيُّهَا النَّاشِدُ غَيْرُك الْوَاجِدُ» تَأْدِيبًا لَهُ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 91 وَهَتْفٌ بِمَيِّتٍ، وَرَفْعُ صَوْتٍ. كَرَفْعِهِ بِعِلْمٍ   [منح الجليل] لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ إنَّ نَشَدَ وَأَنْشَدَ يُقَالَانِ لِلطَّلَبِ وَلِلتَّعْرِيفِ، وَإِنَّهُمَا مِنْ أَسْمَاءِ الْأَضْدَادِ، وَنَصُّهُ نَشَدَ الضَّالَّةَ نَشْدًا وَنِشْدَانًا وَنِشْدَةً بِكَسْرِهِمَا طَلَبَهَا، وَعَرَّفَهَا ثُمَّ قَالَ وَأَنْشَدَ الضَّالَّةَ عَرَّفَهَا وَاسْتَرْشَدَ عَمَّا ضَلَّ. اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَفْظُ الْمُصَنِّفِ صَالِحٌ لِلْمَعْنَيَيْنِ. (وَ) كُرِهَ (هَتْفٌ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ فَفَاءٍ، أَيْ صِيَاحٌ فِي الْأَخْبَارِ (بِ) مَوْتِ (مَيِّتٍ) بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ النَّذِيرُ بِمِصْرَ وَزَعَقَاتُ الْمُؤَذِّنِينَ فَمِنْ النَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَالَهُ تت (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ صَوْتٍ) بِعِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِمَسْجِدٍ إلَّا لِلتَّبْلِيغِ. الْبَاجِيَّ ابْنُ مَسْلَمَةَ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ مَمْنُوعٌ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ وَالْخُصُومَةِ مِنْ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَجَهْرِ الْإِمَامِ بِالْقِرَاءَةِ وَالْمُتَنَفِّلِ بِاللَّيْلِ وَحْدَهُ. وَأَمَّا جَهْرُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَمَمْنُوعٌ. ابْنُ عَطِيَّةَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] كَرِهَ الْعُلَمَاءُ رَفْعُ الصَّوْتِ عِنْدَ قَبْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِحَضْرَةِ الْعَالِمِ وَفِي الْمَسَاجِدِ وَفِي هَذِهِ كُلِّهَا آثَارٌ، وَفِي قَوْلِهِ {لا تُقَدِّمُوا} [الحجرات: 1] ابْنُ أَبِي أَوْفَى أَيْ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ فِي الْمَشْيِ، وَكَذَا بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ. وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ (كَرَفْعِهِ) أَيْ الصَّوْتِ (بِعِلْمٍ) فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْإِسْمَاعِ فَيُكْرَهُ فِي مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ فِي الْمَبْسُوطِ. ابْنُ الْقَاسِمِ رَأَيْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَعِيبُ عَلَى أَصْحَابِهِ رَفْعَ أَصْوَاتِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ. ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالْمَسْجِدِ وَالْهَتْفُ بِالْمَيِّتِ بِهِ، وَكُلُّ مَا يُرْفَعُ بِهِ الصَّوْتُ حَتَّى بِالْعِلْمِ فَقَدْ كُنْت رَأَيْت بِمَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمِيرَهَا، يَقِفُ بِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مَجْلِسِهِ إذَا اسْتَعْلَى كَلَامَهُ وَكَلَامَ أَهْلِ مَجْلِسِهِ فِي الْعِلْمِ، فَيَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا مَرْوَانَ اخْفِضْ مِنْ صَوْتِك، وَأْمُرْ جُلَسَاءَك يَخْفِضُونَ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ وَالْمَشْهُورُ كَرَاهَةُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْعِلْمِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَكْرُوهَاتِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى الْمَنْعِ، وَتَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ هُنَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْكَرَاهَةِ فَيَنْبَغِي حَمْلَهَا عَلَى الْمَنْعِ كَمَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92 وَوَقِيدُ نَارٍ وَدُخُولُ كَخَيْلٍ لِنَقْلٍ وَفَرْشٌ أَوْ مُتَّكَأٌ وَلِذِي مَأْجَلٍ، وَبِئْرٍ، وَمِرْسَالِ مَطَرٍ. كَمَاءٍ يَمْلِكُهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ   [منح الجليل] وَ) كُرِهَ (وَقِيدُ نَارٍ) بِمَسْجِدٍ وَلَوْ بِالْقَنَادِيلِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ. ابْنُ وَهْبٍ لَا تُوقَدُ نَارٌ فِي الْمَسْجِدِ (وَ) كُرِهَ (دُخُولُ كَخَيْلٍ) وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ مِمَّا فَضْلَتُهُ نَجِسَةٌ (لِنَقْلِ) الشَّيْءِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ مِنْهُ وَلَمْ يَحْرُمْ لِلضَّرُورَةِ، وَأَمَّا مَا فَضَلْتُهُ طَاهِرَةٌ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَدُخُولُهُ لِنَقْلٍ جَائِزٌ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى الشَّيْخُ أَكْرَهُ إدْخَالَ الْمَسْجِدِ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ لِنَقْلِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مَصَالِحِهِ وَلْيُنْقَلْ عَلَى إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ. وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَسَّعَ فِي دُخُولِ النَّصَارَى الْمَسْجِدَ لِيَبْنُوا بِهِ. قَالَ وَلْيَدْخُلُوا مِنْ جِهَةِ عَمَلِهِمْ. (وَ) كُرِهَ (فَرْشٌ) فِي الْمَسْجِدِ لِشَيْءٍ يَتَرَفَّهُ بِهِ كَبُسُطٍ وَسَجَّادَاتٍ يَجْلِسُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي الْخُشُوعَ الْمَطْلُوبَ فِيهَا وَمُخَالِفٌ لِسُنَّةِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ تَرْتِيبِ الْمَسْجِدِ أَوْ تَحْصِيبِهِ (وَ) كُرِهَ (مُتَّكَأٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلَةً مَهْمُوزًا مَقْصُورًا، أَيْ شَيْءٌ يُتَّكَأُ عَلَيْهِ بِمَسْجِدٍ لِذَلِكَ كَوِسَادَةٍ. رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بَأْسَ أَنْ يُتَوَقَّى بَرْدُ الْأَرْضِ وَالْحَصَا بِالْحَصِيرِ وَالْمُصَلَّيَاتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَكُرِهَ أَنْ يَجْلِسَ فِيهِ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ يُتَّكَأَ فِيهِ عَلَى وِسَادَةٍ. الْبَاجِيَّ أَرَادَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُنَافِي التَّوَاضُعَ الْمَشْرُوعَ فِي الْمَسَاجِدِ. (وَلِذِي) أَيْ صَاحِبِ (مَأْجَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْجِيمِ وَقَلَّ كَسْرُهَا وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ بَيْنَهُمَا هَمْزٌ سَاكِنٌ أَيْ مَخْزَنِ مَاءٍ كَصِهْرِيجٍ (وَ) لِذِي (بِئْرٍ فِي مِلْكِهِ وَ) لِذِي (مِرْسَالِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ مَحَلِّ اجْتِمَاعِ (مَطَرٍ) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ (مَاءٍ يَمْلِكُهُ) فِي إنَاءٍ وَمُبْتَدَأُ لِذِي مَأْجَلٍ إلَخْ (مَنْعُهُ) أَيْ مَاءَ الْمَأْجَلِ وَالْبِئْرِ وَالْمِرْسَالِ وَالْمَمْلُوكِ فِي آنِيَةٍ مِنْ غَيْرِهِ (وَلَهُ بَيْعُهُ) أَيْ مَاءِ الْمَذْكُورَاتِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى فِي الْعُتْبِيَّةِ أَرْبَعٌ لَا تُمْنَعُ: الْمَاءُ وَالنَّارُ وَالْحَطَبُ وَالْكَلَأُ. وَرُدَّ بِمَنْعِ بَيْعِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. ابْنُ فَرْحُونٍ قَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93 إلَّا مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ وَلَا ثَمَنَ مَعَهُ وَالْأَرْجَحُ بِالثَّمَنِ   [منح الجليل] بِمَا إذَا كَانَتْ فِي أَرْضِهِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي دُخُولِهَا لِلِاسْتِقَاءِ. وَأَمَّا الْبِئْرُ الَّتِي فِي حَائِطِ الرَّجُلِ أَوْ دَارِهِ قَدْ حَظَرَ عَلَيْهَا، فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ الدُّخُولِ إلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِالْحَطَبِ وَالْكَلَأِ الَّذِي فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ، بَلْ فِي الْفَحْصِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ حَمَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُمْنَعُ نَقْعٌ وَلَا رَهْوُ مَاءٍ» عَلَى عُمُومِهِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، وَتَأَوَّلَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ اهـ وَرَهْوُ الْمَاءِ مُجْتَمَعُهُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ رَبَّ الْمَاءِ الْمُسْتَخْرَجِ يَحْفِرُ فِي أَرْضِهِ أَحَقُّ بِهِ كَالْمَاءِ الَّذِي فِي آنِيَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ، وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ وَإِيَّاهُمْ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَأَخَذَ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافَهُ مِنْ قَوْلِ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْمُتَقَدِّمِ وَأَتْبَاعِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ يُرَدُّ بِاحْتِمَالِ حَمْلِهِ عَلَى الْمِيَاهِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ بِنُزُولِ مَطَرٍ أَوْ تَفَجُّرٍ فِيهَا دُونَ تَسَبُّبٍ فِيهِ بِحَفْرٍ وَنَحْوِهِ وَلِذَا قَارَنَهُ بِالنَّارِ وَالْحَطَبِ وَالْكَلَأِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ مُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ لَهُ مَنْعُهُ فَقَالَ (إلَّا مَنْ) أَيْ إنْسَانًا (خِيفَ عَلَيْهِ) الْهَلَاكُ أَوْ الْمَرَضُ الْخَطِرُ (وَ) الْحَالُ (لَا ثَمَنَ) لِلْمَاءِ الْمُحْتَاجِ لَهُ (مَعَهُ) أَيْ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْمَاءِ مَنْعُهُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْفَاضِلَ مِنْ الْمَاءِ مَجَّانًا لِوُجُوبِ مُوَاسَاتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ مَا كَانَ مِنْ الْمَاءِ فِي أَرْضٍ مُتَمَلَّكَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَنْبَطًا مِثْلَ بِئْرٍ يَحْضُرُهَا أَوْ عَيْنٍ يَسْتَخْرِجُهَا أَوْ غَيْرَ مُسْتَنْبَطٍ غَدِيرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَيَحِلُّ لَهُ بَيْعُهُ، وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْهُ إلَّا بِثَمَنٍ إلَّا أَنْ يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْمٌ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ، وَيُخَافَ عَلَيْهِمْ الْهَلَاكُ إنْ مَنَعَهُمْ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْنَعَهُمْ، فَإِنْ مَنَعَهُمْ فَعَلَيْهِمْ مُجَاهَدَتُهُ، هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْ نَهْيَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ مَنْعِ نَقْعِ الْبِئْرِ عَلَى عُمُومِهِ، بَلْ تَأَوَّلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَمْنَعَ الشُّرْبَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْغَدِيرِ يَكُونُ فِي أَرْضِهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ عَلَيْهِ بِهِ، وَلَهُ فِي وَاجِبِ الْحُكْمِ أَنْ يَمْنَعَ مَاءَهُ إذَا شَاءَ وَيُبِيحَهُ إذَا شَاءَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَاءُ فِي إنَاءٍ لِرَبِّهِ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الْمُوَاسَاةِ. (وَالْأَرْجَحُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ أَخْذُهُ (بِالثَّمَنِ) " غ " يُرِيدُ إنْ كَانَ مَعَهُ ثَمَنٌ كَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذِكْرَ الثَّمَنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ مَعَ وُجُودِهِ. طفي؛ لِأَنَّ تَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94 كَفَضْلِ بِئْرِ زَرْعٍ خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ، وَأَخَذَ يُصْلِحُ، وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ:   [منح الجليل] أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ مَعَهُ، وَلَا يَتْبَعُ بِهِ دَيْنًا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصَّيْدِ وَلَهُ الثَّمَنُ إنْ وُجِدَ. وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ: وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ خَافَ عَلَى مُسْلِمٍ الْمَوْتَ أَنْ يُحْيِيَهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَيَجِبُ عَلَى أَصْحَابِ الْمِيَاهِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُسَافِرِينَ بِمَا تُسَاوِي، وَلَا يُشَطِّطُوا عَلَيْهِمْ فِي ثَمَنِهَا. وَلَمْ يَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يَأْخُذُوهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَقَالَهُ فِي الَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ أَنَّهُ يَسْقِي بِمَاءِ جَارِهِ بِغَيْرِ ثَمَنٍ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ. ابْنُ يُونُسَ وَإِحْيَاءُ نَفْسِهِ أَعْظَمُ مِنْ إحْيَاءِ زَرْعِهِ، وَالْأَوْلَى فِي كِلَا الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ كَمَا لَوْ مَاتَ جَمَلُهُ فِي الصَّحْرَاءِ لَكَانَ عَلَى بَقِيَّةِ الرُّفَقَاءِ أَنْ يُكْرُوا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَافِرُونَ لَا ثَمَنَ مَعَهُمْ وَجَبَتْ مُوَاسَاتُهُمْ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتْبَعُوا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَمْوَالٌ بِبَلَدِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ الْيَوْمَ أَبْنَاءُ سَبِيلٍ يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ مُوَاسَاتِهِمْ اهـ. " غ " زَادَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فَضْلَ مَاءِ جَارِهِ لَا ثَمَنَ لَهُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ، فَيَصِحُّ الْجَوَابُ، وَيَكُونُ هَذَا الْمَاءُ الَّذِي بَاعَهُ لِلْمُسَافِرِينَ لَهُ ثَمَنٌ، فَاخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَى. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُسَافِرِينَ مُخْتَارُونَ بِسَبَبِ السَّفَرِ، وَاَلَّذِي انْهَارَتْ بِئْرُهُ لَيْسَ بِمُخْتَارٍ. وَشَبَّهَ فِي حُرْمَةِ الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْبَذْلِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَقَالَ (كَفَضْلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زَائِدُ مَاءِ (بِئْرِ زَرْعٍ) عَنْ سَقْيِ زَرْعِ حَافِرِهِ وَ (خِيفَ عَلَى زَرْعِ جَارِهِ) أَيْ حَافِرِ الْبِئْرِ أَوْ نَخْلِهِ الْهَلَاكُ بِالْعَطَشِ (بِ) سَبَبِ (هَدْمِ) أَيْ انْهِدَامِ (بِئْرِهِ) أَيْ الْجَارِ أَوْ غَوْرِ مَائِهِ (وَأَخَذَ) أَيْ شَرَعَ الْجَارُ (يُصْلِحُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بِئْرَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِهَدْمِ بِئْرِهِ أَنَّهُ زَرَعَ عَلَى مَاءٍ فَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ تَمْكِينُ جَارِهِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ شَجَرِهِ بِمَا فَضَلَ عَنْ سَقْيِ زَرْعِهِ، وَاخْتَارَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الثَّمَنَ يَلْزَمُ الْجَارَ إنْ وُجِدَ مَعَهُ. (وَ) إنْ امْتَنَعَ صَاحِبُ الْبِئْرِ مِنْ تَمْكِينِ جَارِهِ مِنْ ذَلِكَ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95 كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ بِصَحْرَاءَ هَدَرًا إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ   [منح الجليل] الْمُوَحَّدَةِ صَاحِبُ الْبِئْرِ (عَلَيْهِ) أَيْ تَمْكِينِ جَارِهِ مِنْ سَقْيِ زَرْعِهِ أَوْ نَخْلِهِ لِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى زَرْعِ الْجَارِ أَوْ نَخْلِهِ أَوْ كَانَ زَرَعَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ أَوْ لَمْ تَنْهَدِمْ بِئْرُهُ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ فِي إصْلَاحِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ. فِيهَا إذَا حَرَثَ جَارُكَ عَلَى غَيْرِ أَصْلِ مَاءٍ فَلَكَ مَنْعُهُ أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ بِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِك الَّتِي فِي أَرْضِك إلَّا بِثَمَنٍ إنْ شِئْت. أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ. ابْنُ يُونُسَ: أَمَّا إذَا كَانَ لَا ثَمَنَ لَهُ وَلَا يَنْتَفِعُ صَاحِبُهُ بِفَضْلِهِ فَمَا الَّذِي يَمْنَعُ الْجَارَ أَنْ يَبْتَدِئَ الزَّرْعَ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ. ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ مَنْ قَرُبَ مِنْ الْمَاءِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا فَضَلَ مِنْهُ دُونَ ثَمَنٍ إنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ صَاحِبُهُ ثَمَنًا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ وَجَدَ فَعَلَى اخْتِلَافٍ. وَأَمَّا إنْ حَرَثَ وَلِأَرْضِهِ بِئْرٌ فَانْهَارَتْ فَخَافَ عَلَى زَرْعِهِ، فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ عَلَيْك بِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِك بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَائِكَ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إنْ تَرَكَ التَّشَاغُلَ بِإِصْلَاحِ بِئْرِهِ اتِّكَالًا عَلَى بِئْرِ جَارِهِ فَلَا يَلْزَمُ جَارَهُ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ زَرَعَ ابْتِدَاءً عَلَى غَيْرِ مَاءٍ. وَشَبَّهَ فِي الْجَبْرِ فَقَالَ (كَفَضْلِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زَائِدُ مَاءِ (بِئْرِ) سَقْيِ (مَاشِيَةٍ) حُفِرَتْ (بِصَحْرَاءَ) لَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدٍ بِهَا فَيَجِبُ عَلَى حَافِرِهَا دَفْعُهُ لِوَارِدِهَا (هَدَرًا) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ بِلَا عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لَهُ فَلَا يَبِيعُهُ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يُورَثُ إذَا مَاتَ (إنْ لَمْ يُبَيِّنْ) حِينَ حَفْرِهِ أَنَّهُ قَصَدَ (الْمِلْكِيَّةَ) لِلْبِئْرِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ، فَإِنْ بَيَّنَهَا فَلَهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَتُورَثُ عَنْهُ إنْ مَاتَ، وَمِنْ الْبَيَانِ أَنْ يُشْهِدَ حِينَ حَفْرِهَا أَنَّهَا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَنْ حَفَرَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِئْرَ الْمَاشِيَةِ أَوْ شَفَةً فَلَا يَمْنَعُ فَضْلَهَا مِنْ أَحَدٍ وَإِنْ مَنَعَهَا حَلَّ قِتَالُهُ وَيَغْرَمُ. دِيَةَ مَنْ مَنَعَهُ وَمَاتَ عَطَشًا. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَرِينَانِ لِاتِّبَاعِ مِيَاهِ الْمَوَاشِي وَلَا تُمْنَعُ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يَصْلُحُ فِيهَا عَطَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ مِيَاهُ الْمَوَاشِي هِيَ الْآبَارُ وَالْمَوَاجِلُ وَالْجِبَابُ يَصْنَعُهَا الرَّجُلُ فِي الْبَرَارِي لِلْمَاشِيَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا يَحْتَاجُ لِمَاشِيَتِهِ وَيَدَعُ الْفَضْلَ لِلنَّاسِ وَالْبِئْرُ وَالْمَأْجَلُ وَالْجُبُّ عِنْدَ الْإِمَامِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96 وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ وَلَهُ عَارِيَّةُ آلَةٍ، ثُمَّ حَاضِرٍ، ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا بِجَمِيعِ الرَّيِّ،   [منح الجليل] مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " سَوَاءٌ، فَلَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ حَفْرِهَا أَنَّهُ يَحْفِرُهَا لِنَفْسِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ مَائِهَا وَاسْتَحَقَّهَا مَالِكُهَا بِالْإِحْيَاءِ. (وَ) إذَا اجْتَمَعَ عَلَى فَضْلِ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ بِصَحْرَاءَ عَنْ سَقْيِ أَهْلِهِ وَرَيٍّ جَمِيعُهُمْ مُسْتَحِقُّونَ، وَهُوَ يَكْفِيهِمْ (بُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِ) سَقْيِ ذَاتِ (مُسَافِرٍ) عَلَى سَقْيِ حَاضِرٍ، أَيْ مُقِيمٍ بِبَلَدِ الْمَاءِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُسَافِرِ عَلَى الْحَاضِرِ، سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبَ الْمَاءِ أَوْ غَيْرَهُ (عَارِيَّةٌ) أَيْ إعَارَةُ (آلَةٍ) لِلْمَاءِ كَحَبْلٍ وَدَلْوٍ وَحَوْضٍ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى إخْرَاجِ الْمَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ لِابْنِ السَّبِيلِ عَارِيَّةُ الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ وَالْحَوْضِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَدَاةٌ يُعِينُهُ بِهَا وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّكِيَّةِ فَيَسْقِي. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ عَارِيَّةِ الْآلَةِ لِلْمَلِيءِ وَالْفَقِيرِ، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ مَالِكَهَا لَمْ يَتَّخِذْهَا لِلْكِرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَاهُ لَوْ اتَّخَذَهَا مَالِكُهَا لِلْكِرَاءِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ عَارِيَّتُهَا لِلْمُسَافِرِ، وَمُقْتَضَى الرِّوَايَةِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ وُجُوبِ عَارِيَّتِهَا بِاضْطِرَارِ الْمُسَافِرِ بِمَحَلٍّ هُوَ مَظِنَّةُ عَدَمِ اتِّخَاذِ الْآلَةِ لِلْكِرَاءِ، فَلَا يُنْتَقَضُ ذَلِكَ بِنُدُورِ اتِّخَاذِهَا لَهُ فِيهِ حَسَبَ مَا تَقَرَّرَ فِي التَّعْلِيلِ بِالْمَظِنَّةِ. (ثُمَّ) يُبْدَأُ بَدْءًا إضَافِيًّا أَيْضًا بِشَخْصٍ (حَاضِرٍ) أَيْ مُقِيمٍ فِي بَلَدِ الْمَاءِ غَيْرِ صَاحِبِهِ (ثُمَّ) يُبْدَأُ بِسَقْيِ (دَابَّةِ رَبِّهَا) أَيْ الْبِئْرِ الَّتِي هُوَ رَاكِبُهَا ثُمَّ دَابَّةِ الْمُسَافِرِ ثُمَّ دَابَّةِ الْحَاضِرِ ثُمَّ مَاشِيَةِ رَبِّهَا ثُمَّ مَاشِيَةِ الْحَاضِرِ وَكُلِّ مَنْ قَدِمَ (فَ) يُقَدَّمُ (بِجَمِيعِ الرَّيِّ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مَصْدَرُ رَوِيَ بِكَسْرِ الْوَاوِ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ وَجْهُ التَّبْدِئَةِ فِي الشُّرْبِ مِنْ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ إذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْبِئْرِ وَالْمَارَّةُ وَسَائِرُ النَّاسِ إذَا كَانَ الْمَاءُ يَقُومُ بِالْجَمِيعِ أَنْ يُبْدَأَ أَوَّلًا بِأَهْلِ الْمَاءِ، فَيَأْخُذُوا لِأَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ الْمَارَّةِ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ سَائِرِ النَّاسِ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ دَوَابِّ أَهْلِ الْمَاءِ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ دَوَابِّ الْمُسَافِرِينَ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ دَوَابِّ سَائِرِ النَّاسِ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ حَتَّى يَرْوُوا، ثُمَّ الْفَضْلُ لِسَائِرِ مَوَاشِي النَّاسِ. الْخَرَشِيُّ ثُمَّ مَوَاشِي رَبِّهِ، ثُمَّ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ، ثُمَّ مَوَاشِي الْحَاضِرِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97 وَإِلَّا بِنَفْسِ الْمَجْهُودِ   [منح الجليل] بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَ فِي أَرْبَابِهَا وَسُكُوتُهُ فِيهَا عَنْ مَاشِيَةِ الْمُسَافِرِ، اعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا مَاشِيَةَ لَهُ، وَأُخِّرَتْ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَابَّتِهِ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تُذَكَّى إذَا خِيفَ مَوْتُهَا بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ. الْعَدَوِيُّ فِيهِ أَنَّهُ قُدِّمَتْ دَابَّةُ الْمُسَافِرِ عَلَى دَابَّةِ غَيْرِهِ لِاسْتِعْجَالِهِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَاشِيَتَهُ تَكُونُ مَعَ دَابَّتِهِ وَلَا تُؤَخَّرُ عَنْهَا كَمَا هُوَ الْوَجْهُ، فَمَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ تَأْخِيرِ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَابَّتِهِ، وَأَنَّهَا بَعْدَ مَاشِيَةِ أَهْلِ الْمَاءِ فِيهِ نَظَرٌ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ كَافِيًا لِجَمِيعِ الْحَاضِرِينَ عِنْدَهُ (فَ) يُبْدَأُ (بِنَفْسِ) الشَّخْصِ (الْمَجْهُودِ) أَيْ الَّذِي اشْتَدَّ عَطَشُهُ وَخِيفَ هَلَاكُهُ آدَمِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ " غ " رَاجِعٌ لِفَضْلِ مَاءِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَضْلٌ بُدِئَ بِنَفْسِ الْمَجْهُودِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ فَيَجْمَعُ الرَّيَّ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْفَضْلِ رَيُّ الْجَمِيعِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَاءِ فَضْلٌ وَتَبْدِئَةُ أَحَدِهِمْ تُجْهِدُ الْآخَرِينَ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِأَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ مَنْ كَانَ الْجَهْدُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ بِتَبْدِئَةِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْجَهْدِ تَوَاسَوْا. هَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ. وَذَهَبَ ابْنُ لُبَابَةَ أَنَّهُمْ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْجَهْدِ فَأَهْلُ الْمَاءِ أَحَقُّ بِالتَّبْدِئَةِ لِأَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ، وَأَمَّا إنْ قَلَّ الْمَاءُ وَخِيفَ عَلَى بَعْضِهِمْ بِتَبْدِئَةِ بَعْضٍ الْهَلَاكُ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ أَهْلُ الْمَاءِ فَيَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ عَنْهُمْ الْخَوْفَ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسَافِرُ لِنَفْسِهِ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهُ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ أَهْلُ الْمَاءِ لِدَوَابِّهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ عَنْهَا الْخَوْفَ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسَافِرُ لِدَوَابِّهِ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهَا، وَلَا اخْتِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ. طفي الِاحْتِمَالَانِ رَاجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ الثَّانِيَ أَمَسُّ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْفَضْلِ عَنْ أَهْلِ الْبِئْرِ، وَلِذَا قَالَ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ، وَالْأَئِمَّةُ فَرَضُوا الْكَلَامَ فِيمَنْ يَقْدَمُ فِي الْمَاءِ ابْتِدَاءً، ثُمَّ رَتَّبُوا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كِفَايَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا حُفِرَ فِي الْفَيَافِي وَالطُّرُقِ مِنْ الْمَوَاجِلِ كَمُوَاجَلِ طُرُقِ الْمَغْرِبِ. كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَيْعَ مَائِهَا وَلَمْ يَرَهُ حَرَامًا بَيِّنًا، وَهِيَ مِثْلُ آبَارِ الْمَاشِيَةِ فِي الْمَهَامِهِ، وَكَرِهَ بَيْعَ أَصْلِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ أَوْ مَائِهَا أَوْ فَضْلَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حُفِرَتْ فِي جَاهِلِيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ قَرُبَتْ مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ بَعُدَتْ، وَأَهْلُهَا أَحَقُّ بِمَائِهَا حَتَّى يَرْوُوا وَمَا فَضَلَ بَيْنَ النَّاسِ بِالسَّوَاءِ إلَّا مَنْ مَرَّ بِهِمْ لِسَقْيِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَاجِيَّ قَوْلَهَا فِي الْمَوَاجِلِ، قَالَ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ فِي جِبَابِ الْبَادِيَةِ الَّتِي لِلْمَاشِيَةِ نَحْوَهُ، قِيلَ لَهُ فَالْجِبَابُ الَّتِي تُجْعَلُ لِمَاءِ السَّمَاءِ، قَالَ: ذَلِكَ أَبْعَدُ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: لَهُ مَنْعُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَالْبِئْرِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَا تُورَثُ بِئْرُ الْمَاشِيَةِ وَلَا تُوهَبُ وَلَا تُبَاعُ وَإِنْ احْتَاجَ. أَرَادَ لَا تُورَثُ عَلَى مَعْنَى الْمِلْكِ وَلَا حَظَّ فِيهَا لِزَوْجَةٍ وَلَا زَوْجٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا وَرَوَوْا: حَافِرُهَا وَوَرَثَتُهُ أَحَقُّ بِحَاجَتِهِمْ مِنْ مَائِهَا. ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا إرْثَ فِي بِئْرِ الْمَاشِيَةِ بِمَعْنَى الْمِلْكِ، وَمَنْ اسْتَغْنَى مِنْهُمْ عَنْ حَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ أَحَدًا، وَسَائِرُ أَهْلِ الْبِئْرِ أَوْلَى مِنْهُ، وَمِمَّنْ غَابَ وَسُئِلَ أَشْهَبُ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ بِمَعْنَى لَا تَنْفُذُ فِيهَا الْوَصِيَّةُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ بَيْعِهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَفِي الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ لَا أَرَى بَيْعَهَا حَرَامًا. وَظَاهِرُ الْمَجْمُوعَةِ خِلَافُ ذَلِكَ، لِقَوْلِ مَالِكٍ فِيهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَعَلَّلَهُ أَشْهَبُ بِأَنَّ مَا يَشْتَرِيهِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي مِنْ مَائِهَا مَا يَرْوِيهِ، وَهُوَ مَجْهُودٌ، وَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ لَجَازَ أَنْ تُورَثَ أَوْ تُوهَبَ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تَمْنَعُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُبَاعُ؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ فِيهَا مَنَافِعَ. الْبَاجِيَّ وَعِنْدِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا حَفَرَهُ عَلَى مَعْنَى انْفِرَادِهِ بِهِ، وَإِنْ حَفَرَهُ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ لِفَضْلِهِ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَحُكْمِ التَّبْدِئَةِ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَتْ لَهُمْ سُنَّةٌ بِتَقَدُّمِ الْمَالِ الْكَثِيرِ أَوْ قَوْمٍ عَلَى قَوْمٍ أَوْ كَبِيرٍ عَلَى صَغِيرٍ خُلُّوا عَلَيْهَا وَإِلَّا اسْتَهَمُوا. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يُمْنَعُ ابْنُ السَّبِيلِ مِنْ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى مَنْ احْتَفَرَ بِئْرًا: إنَّ أَوَّلَ مَنْ يَشْرَبُ مِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا ابْنُ السَّبِيلِ بَعْدَ رَيِّ أَهْلِهَا، فَإِنْ مَنَعُوهُ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ دِيَةُ جِرَاحِهِمْ لِحَدِيثِ «لَا يُمْنَعُ نَفْعُ بِئْرٍ» ، وَلَوْ مَنَعُوا الْمُسَافِرِينَ حَتَّى مَاتُوا عَطَشًا فَدِيَاتُهُمْ عَلَى عَوَاقِلِ الْمَانِعِينَ وَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ كَفَّارَةٌ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ السَّبِيل أَنْ يَشْرَبَ وَيَسْقِيَ دَوَابَّهُ مِنْ فَضْلِ الْآبَارِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 99 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْمَوَاجِلِ، إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ فَضْلٌ، وَاضْطُرَّتْ دَوَابُّهُمْ إلَيْهِ وَمَسَافَةُ مَاءٍ آخَرَ بَعِيدَةٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ أُسْوَةً بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَهْلِ تِلْكَ الْمِيَاهِ غَوْثٌ أَقْرَبُ مِنْ غَوْثِ السَّفَرِ، فَيَكُونُ السَّفَرُ أَوْلَى بِهِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ. وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْآبَارِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ابْنُ السَّبِيلِ أَوَّلُ مَنْ يَشْرَبُ بِهَا، وَهُوَ حَسَنٌ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَيَتَزَوَّدُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ مِثْلُ تِلْكَ الضَّرُورَةِ لِقُرْبِ غَوْثِهِمْ وَجِمَامِ بِئْرِهِمْ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ، لَا تُبَاعُ مِيَاهُ الْمَوَاشِي إنَّمَا يَشْرَبُ بِهَا أَهْلُهَا وَيَشْرَبُ بِهَا أَبْنَاءُ السَّبِيلِ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يَصْلُحُ فِيهَا عَطَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ مِيَاهُ الْمَوَاشِي هِيَ الْآبَارُ وَالْمَوَاجِلُ وَالْجِبَابُ يَصْنَعُهَا الرَّجُلُ فِي الْبَرَارِي لِلْمَاشِيَةِ هُوَ أَحَقُّ بِمَا يَحْتَاجُ وَيَدَعُ الْفَضْلَ لِلنَّاسِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ فِي السَّمَاعِ تَسَاوِي أَهْلِ الْمَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِيهِ إنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ يَشْرَبُ أَهْلُهَا ثُمَّ يَشْرَبُ ابْنُ السَّبِيلِ قَالُوا وَفِيهِ لِلتَّرْتِيبِ لَا لِلتَّشْرِيكِ فَإِنْ تَشَاحَّ أَهْلُ الْبِئْرِ فِي التَّبْدِئَةِ بُدِئَ الْأَقْرَبُ إلَى حَافِرِهَا، فَالْأَقْرَبُ قُلْت مَاشِيَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ اسْتَهَمُوا هَذَا عِنْدِي إنْ اسْتَوَى فَعَدَدُهُمْ مِنْ حَافِرِهَا وَالْأَقْدَمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ، فَالْأَقْرَبُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَرَى أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَتْ غَنَمُ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَغَنَمُ الْآخَرِ مِائَتَيْنِ وَالْمَاءُ إنَّمَا يَكْفِي مِائَةً قُسِّمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَا فِي الزَّرْعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْبَيَانِ إذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَاءِ وَالْمَارَّةُ وَالْمَاءُ يَكْفِيهِمْ بُدِئَ بِأَنْفُسِ أَهْلِ الْمَاءِ ثُمَّ أَنْفُسِ الْمَارَّةِ ثُمَّ دَوَابِّهِمَا ثُمَّ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ ثُمَّ مَوَاشِي النَّاسِ، وَبَدَأَ أَشْهَبُ بِدَوَابّ الْمُسَافِرِ مِنْ قَبْلِ دَوَابِّ أَهْلِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهُمْ وَتَبْدِئَةُ أَحَدِهِمْ تُجْهِدُ الْآخَرِينَ بُدِئَ مَنْ الْجَهْدِ عَلَيْهِ أَكْثَرُ بِتَبْدِئَةِ صَاحِبِهِ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْجَهْدِ فَقِيلَ يَتَسَاوَوْنَ فِيهِ، وَقِيلَ يَبْدَأُ أَهْلُ الْمَاءِ لِأَنْفُسِهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسَافِرُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ أَهْلُ الْمَاءِ لِدَوَابِّهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ أَخَذَ الْمُسَافِرُونَ لِدَوَابِّهِمْ بِقَدْرِ مَا يُذْهِبُ الْخَوْفَ عَنْهُمْ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا الْوَجْهِ وَالْبِئْرُ وَالْمَاجِلُ وَالْجُبُّ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " سَوَاءٌ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 100 وَإِنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُبَاحٍ سُقِيَ الْأَعْلَى، إنْ تَقَدَّمَ لِلْكَعْبِ، وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ، وَإِلَّا: فَكَحَائِطَيْنِ،   [منح الجليل] وَإِنْ سَالَ) أَيْ اجْتَمَعَ (مَطَرٌ بِ) مَكَان (مُبَاحٍ) الِانْتِفَاعُ بِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَبِقُرْبِهِ بَسَاتِينُ وَمَزَارِعُ (سُقِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبُسْتَانُ أَوْ الْمُزْرَعُ (الْأَعْلَى) أَيْ الْأَقْرَبُ لِلْمَاءِ قَبْلَ سَقْيِ غَيْرِهِ (إنْ تَقَدَّمَ) إحْيَاءُ الْأَعْلَى عَلَى إحْيَاءِ الْأَسْفَلِ أَوْ اسْتَوَيَا فِي الْإِحْيَاءِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ إحْيَاءُ الْأَسْفَلِ قُدِّمَ سَقْيُ الْأَسْفَلِ إنْ خِيفَ هَلَاكُهُ وَالْأَقْدَمِ إلَّا عَلَى الْمُتَأَخِّرِ إحْيَاؤُهُ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ، فَلَوْ قَالَ إنْ تَقَدَّمَ أَوْ سَاوَى كَانَ تَأَخُّرُ مَا لَمْ يُخَفْ هَلَاكُ الْأَسْفَلِ لَكَانَ أَحْسَنَ قَالَهُ عج، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَقْدِيمَ السَّابِقِ فِي الْإِحْيَاءِ مُطْلَقًا تَبَعًا لِظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَاحْتُرِزَ بِمُبَاحٍ مِنْ سَيَلَانِهِ بِمَكَانٍ مَمْلُوكٍ فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَسْتَحِقُّ الْمُقَدَّمُ فِي السَّقْيِ بُلُوغَ الْمَاءِ فِيهِ (لِلْكَعْبِ) مِنْ الرَّجُلِ الْوَاقِفِ فِيهِ، ثُمَّ يُرْسَلُ لِلَّذِي يَلِيهِ جَمِيعُ الْمَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ وَهْبٍ يُحْبَسُ مَا بَلَغَ الْكَعْبَ فِي الْأَعْلَى وَيُرْسَلُ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِلَّذِي يَلِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. (وَأُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ صَاحِبُ الْأَعْلَى (بِالتَّسْوِيَةِ) لِأَرْضِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوِيَةً بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا عَالِيًا وَبَعْضُهَا وَاطِيًا إنْ أَمْكَنَتْهُ التَّسْوِيَةُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُمْكِنْهُ التَّسْوِيَةُ، وَكَانَ الْمَاءُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَ فِي الْأَعْلَى إلَّا وَقَدْ بَلَغَ أَكْثَرَ مِنْهُ جِدًّا فِي الْأَسْفَلِ (فَ) الْأَعْلَى الَّذِي لَمْ تَسْتَوِ أَرْضُهُ (كَحَائِطَيْنِ) حَائِطٍ أَعْلَى وَحَائِطٍ أَسْفَلَ فَيُسْقَى الْأَعْلَى وَحْدَهُ لِلْكَعْبِ، ثُمَّ يُسْقَى الْأَسْفَلُ كَذَلِكَ رَوَى الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ يُمْسِكُ الْأَعْلَى إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ» أَبُو عُمَرَ هُمَا وَادِيَانِ بِالْمَدِينَةِ يَسِيلَانِ بِالْمَطَرِ تَنَافَسَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي سَيْلِهِمَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَاءٍ غَيْرِ مُتَمَلَّكٍ يَجْرِي مِنْ قَوْمٍ إلَى قَوْمٍ دُونَهُمْ أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَاءُ أَرْضَهُ أَوَّلًا فَهُوَ أَحَقُّ بِالسَّقْيِ بِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ فِي أَرْضِهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يُرْسَلُ جَمِيعُ الْمَاءِ إلَى الْأَسْفَلِ أَوْ لَا يُرْسَلُ عَلَيْهِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 101 وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابَلَيْنِ.   [منح الجليل] وَابْنُ وَهْبٍ يُرْسَلُ عَلَى الْأَسْفَلِ مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يُرْسَلُ جَمِيعُ الْمَاءِ وَلَا يُحْبَسُ شَيْءٌ مِنْهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَكَانَ الْخَطِيبُ الْحَفَّارُ مِنْ أَشْيَاخِ أَشْيَاخِنَا يُفْتِي بِأَنَّ الْمَاءَ الْهَابِطَ كَكَنْزٍ غَيْرِ مُتَمَلَّكٍ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ لُبٍّ مَاءُ الْأَوْدِيَةِ غَيْرُ مُتَمَلَّكٍ يُسْقَى بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، وَاتِّفَاقُ مَنْ اتَّفَقَ مِمَّنْ دَرَجَ عَلَى مَا يُخَالِفُ هَذَا الْأَصْلَ لَا يَلْزَمُ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَلَهُ سَعَةٌ فِي فَتْوَى أُخْرَى، لَكِنْ السَّوَاقِي الْقَدِيمَةُ تَتَعَلَّقُ بِهَا حُقُوقُ الْمُنْتَفِعِينَ بِمَائِهَا وَتَصِيرُ تِلْكَ الْحُقُوقُ مَمْلُوكَةً لَهُمْ بِطُولِ حِيَازَتِهِمْ فَلَا يُسْمَحُ لِقَوْمٍ أَنْ يَرْفَعُوا سَاقِيَةً فِي هَذِهِ. السَّاقِيَةِ الْبَاجِيَّ إنْ كَانَ بَعْضُ الْحَائِطِ أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ فَقَالَ سَحْنُونٌ يُؤْمَرُ أَنْ يَعْدِلَ أَرْضَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى أَرْضِهِ كُلِّهَا الْمَاءَ إلَى الْكَعْبَيْنِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ تَسْوِيَتُهُ سُقِيَ كُلُّ مَكَان وَحْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَحْيَا رَجُلٌ بِمَاءِ سَيْلٍ ثُمَّ أَحْيَا فَوْقَهُ غَيْرُهُ وَأَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْمَاءِ وَيَسْقِيَ قَبْلَ الْأَسْفَلِ الَّذِي أَحْيَا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ يُبْطِلُ عَمَلَ الْأَسْفَلِ وَيُتْلِفُ زَرْعَهُ، فَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَدِيمُ أَوْلَى بِالْمَاءِ، وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ إنْ أُحْدِثَ إحْيَاءُ الْأَعْلَى فَالْأَقْدَمُ أَحَقُّ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ. وَتُورِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي تَرْكِ قَيْدِ الْخَوْفِ لَكِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ، وَقَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَرَى سَحْنُونٌ الْأَقْدَمَ أَوْلَى إذَا فَقَدَ هَذَا الشَّرْطَ، فَجَزْمُ عج بِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي إبْقَاءَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَأَنَّهُ تَبِعَ ظَاهِرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ، ثُمَّ قَالَ فَفِي شَرْطِ تَقَدُّمِ الْأَسْفَلِ عَلَى الْأَعْلَى بِمُجَرَّدِ تَقَدُّمِ إحْيَائِهِ عَلَى الْأَعْلَى مَعَ خَوْفِ هَلَاكِ زَرْعِهِ ثَالِثُهَا مَعَ انْفِرَادِهِ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ، لِنَقْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ظَاهِرِ سَمَاعِ أَصْبَغَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ وَتَفْسِيرُ أَصْبَغَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. فَجُعِلَ قَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافًا لَا تَقْيِيدًا قَالَهُ طفي. (وَقُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ الْجَارِي مِنْ نَحْوِ الْمَطَرِ (لِ) حَائِطَيْنِ مَثَلًا (الْمُتَقَابِلَيْنِ) عَلَيْهِ بِأَنْ أَحَاطَا بِهِ مِنْ جَانِبَيْهِ. سَحْنُونٌ فَإِنْ كَانَ الْجَانِبَانِ مُتَقَابِلَيْنِ فِيمَا حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْلَى فَالْأَعْلَى قُسِمَ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ مُقَابِلًا لِبَعْضِ الْأَعْلَى حُكِمَ لِمَا كَانَ أَعْلَى بِحُكْمِ الْأَعْلَى، وَلِمَا كَانَ مُقَابِلًا بِحُكْمِ الْمُقَابِلِ، وَهَذَا اسْتَوَيَا فِي زَمَنِ الْإِحْيَاءِ وَالْأَقْدَمُ الْأَسْبَقُ فِيهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 102 كَالنِّيلِ، وَإِنْ مُلِكَ أَوَّلًا قُسِمَ بِقِلْدٍ،   [منح الجليل] بِالْأَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْأَسْفَلِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ أَفَادَ الْبُنَانِيُّ أَرَادَ بِهِ قَوْلَ الْخَرَشِيِّ وعب، ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْتَوِيَا فِي زَمَنِ الْإِحْيَاءِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ، وَهَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا أَوْ بِحَسَبِ مِسَاحَتِهِمَا كَفَدَّانٍ وَالْآخَرُ نِصْفُ فَدَّانٍ، فَلِلْأَوَّلِ الثُّلُثَانِ، وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ، ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الشُّرَّاحِ. وَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ بِمَا سَالَ مِنْ الْمَطَرِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ (كَالنِّيلِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ نَهْرِ مِصْرَ الْبَاجِيَّ مَا لَا يُمْلَكُ كَالسُّيُولِ وَالْأَمْطَارِ إنْ كَانَ طَرِيقُهُ فِي أَرْضٍ لَا تُمْلَكُ كَشِعَابِ الْجِبَالِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مِثْلَ مَهْزُورٍ وَمُذَيْنِبٍ يَأْتِي حَتَّى يُحَاذِيَ مَجْرَى الْمَاءِ فِي جَانِبَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَزَارِعُ وَحَدَائِقُ يُسْقَوْنَ بِهَا فَحُكْمُهُ أَنْ نَسْقِيَ بِهِ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى إذَا كَانَ إحْيَاؤُهُمْ مَعًا أَوْ إحْيَاءُ الْأَعْلَى قَبْلُ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ابْنُ نَافِعٍ وَهَذَا حُكْمُ النِّيلِ. (وَإِنْ مُلِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ ابْتِدَاءً لِأَصْحَابِ الْحَوَائِطِ وَالْمَزَارِعِ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى إجْرَائِهِ لِأَرْضِهِمْ (قُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ فِيهِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ، وَصِلَةُ قُسِمَ (بِقِلْدٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ. ابْنُ عَرَفَةَ ضَبَطَهُ عِيَاضٌ بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ. غَيْرَ وَاحِدٍ هِيَ الْقَدْرُ الَّتِي يُقْسَمُ بِهَا الْمَاءُ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْمُرَادِ هُنَا، وَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي، بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ هُوَ الْحَظُّ مِنْ الْمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ سَقْيُ الزَّرْعِ وَقْتَ حَاجَتِهِ. قُلْت هُوَ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْآلَةِ الَّتِي يَتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَظٍّ مِنْ الْمَاءِ حَظَّهُ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ، وَلِلْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالْمُتَأَخِّرِينَ فِي حَقِيقَتِهِ أَقْوَالٌ وَتَعَقُّبَاتٌ بِاخْتِلَافِ جَرْيِ الْمَاءِ الَّذِي يُقْسَمُ بِمُدَّتِهِ لِقِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ وَسُرْعَةِ حَرَكَتِهِ بِاللَّيْلِ وَبُطْئِهَا بِالنَّهَارِ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ غَيْرَ مُتَنَافَسٍ فِيهِ جِدًّا، فَالتَّقَارُبُ فِيهِ كَافٍ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَإِنْ عَزَّ ثَمَنُهُ انْبَغَى تَحْقِيقُ مَا يُحَقَّقُ بِهِ بِأَنْ يُقْسَمَ مَاءُ اللَّيْلِ وَحْدَهُ وَمَاءُ النَّهَارِ وَحْدَهُ بِالسَّاعَاتِ الرَّمْلِيَّةِ الْمُحَقِّقَةِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 103 أَوْ غَيْرِهِ، وَأُقْرِعَ لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ، وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ وَهَلْ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ؟ أَوْ إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ؟ تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] عِيَاضٌ إذَا جُعِلَ قَسْمُ اللَّيْلِ عَلَى حِدَةٍ وَالنَّهَارِ عَلَى حِدَةٍ سَلِمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الضَّرُورَةُ دَعَتْ إلَى هَذَا، وَهُوَ غَايَةُ الْمَقْدُورِ كَقَسْمِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ وَبَعْضُهَا جَيِّدُ الْبِنَاءِ وَبَعْضُهَا وَاهٍ وَالْأَرْضِ الْوَاحِدَةِ، وَبَعْضُهَا كَرِيمٌ وَبَعْضُهَا دَنِيءٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَابْتِدَاءُ زَمَنِ الْحَظِّ مِنْ الْمَاءِ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ جَرْيِهِ لِأَرْضِ ذِي الْحَظِّ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَصْلُ أَرَاضِيِهِمْ شَرِكَةً ثُمَّ قُسِمَتْ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ عَلَى ذَلِكَ قُسِمَتْ الْأَرْضُ حِينَ قَسْمِهَا وَإِلَّا فَمِنْ وُصُولِهِ لِأَرْضِهِ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الْقِلْدِ مِنْ الْآلَاتِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَلَا زِيَادَةٍ، ثُمَّ إنْ رَضِيَ الشُّرَكَاءُ بِتَقْدِيمِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. (وَ) إلَّا (أُقْرِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَيْنَهُمْ (لِ) إزَالَةِ (التَّشَاحِّ) أَيْ التَّنَازُعِ الْحَاصِلِ بَيْنَهُمْ (فِي السَّبْقِ) السَّقْيِ الْبَاجِيَّ يَأْخُذُ كُلُّ أَحَدٍ مَاءَهُ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فِي التَّبْدِئَةِ اسْتَهَمُوا عَلَيْهَا (وَلَا يُمْنَعُ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَحَدٌ (صَيْدُ سَمَكٍ) مِنْ مَاءِ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ وَالْأَرَاضِي الَّتِي لَمْ تُمْلَكْ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ وَالصَّيْدَ مُبَاحَانِ لِلسَّابِقِ إلَيْهِمَا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَاءُ الَّذِي فِيهِ السَّمَكُ فِي أَرْضٍ (مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ الْمَانِعِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَا أَرَى لَهُ مَنْعَ أَحَدٍ يَصِيدُهُ فِيهَا إذَا كَانَ غَدِيرٌ أَوْ بِرْكَةٌ أَوْ بُحَيْرَةٌ فِي أَرْضِكَ، وَفِيهَا سَمَكٌ فَلَا تَمْنَعُ مَنْ يَصِيدُ فِيهَا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. (وَهَلْ) عَدَمُ الْمَنْعِ مِنْهُ (فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ) أَيْ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بِالْقَهْرِ وَالْقِتَالِ (فَقَطْ) أَيْ أَرْضِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَقْفٌ فَلَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ. وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ فَلِمَالِكِهَا مَنْعُهُ (أَوْ) عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ، فَلَا يَمْنَعُهُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ) فِيهَا فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 104 وَكَلَإٍ بِفَحْصٍ، وَعَفَا   [منح الجليل] الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَوَالَدَ السَّمَكُ فِي الْمَاءِ أَوْ انْجَرَّ إلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ تَوَالَدَ فَلَهُ مَنْعُهُ، وَإِنْ جَرَّهُ الْمَاءُ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَأَلْت الْإِمَامَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ بُحَيْرَاتٍ تَكُونُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ لِأَهْلِ قُرًى أَرَادَ أَهْلُهَا بَيْعَ سَمَكِهَا لِمَنْ يَصِيدُهُ مِنْهَا، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ تُبَاعَ؛ لِأَنَّهَا تَقِلُّ وَتَكْثُرُ، وَلَا يُدْرَى كَيْفَ تَكُونُ وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ تِلْكَ الْبُحَيْرَةِ يَصِيدُ فِيهَا. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ فَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ مُنِعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ لَهُمْ، إذْ أَرْضُ مِصْرَ وَقْفٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا لَهُمْ لَكَانَ لَهُمْ مَنْعُ النَّاسِ مِنْهَا. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا لَا يُمْنَعُ النَّاسُ مِنْهُ إذَا كَانَ هُوَ لَا يَصِيدُهُ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ وَبَيْعُهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَلَا يَمْنَعُ النَّاسَ هَذَا مُحَصَّلُ مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَنَصُّهُ إثْرَ قَوْلِهَا وَلَا يُمْنَعُ مَنْ يَصِيدُ فِيهَا وَلَا الشُّرْبُ مِنْهَا. ابْنُ الْكَاتِبِ إنَّمَا قَالَ لَا يَمْنَعُ أَرْبَابُهَا النَّاسَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ لَهُمْ، وَإِنَّمَا هُمْ مُتَوَلُّونَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ أَرْضُ مِصْرَ، وَهِيَ أَرْضُ خَرَاجِ السُّلْطَانِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ أَرْضَ إنْسَانٍ وَمِلْكَهُ لَكَانَ لَهُ مَنْعُ النَّاسِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ جَوَابِهِ عَمَّا حَفَرَ فِي أَرْضِهِ أَنَّ لَهُ مَنْعَ مَائِهِ مِنْ النَّاسِ وَلَهُ بَيْعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا لَا يُمْنَعُ النَّاسُ مِنْهَا إذَا كَانَ لَا يَصِيدُهُ، إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فَلَا يُمْنَعُ النَّاسُ مِنْهُ، كَمَا قَالَ فِي الْكَلَأِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ بِرَعْيٍ أَوْ بَيْعٍ فَلَهُ مَنْعُ النَّاسِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَلَا وَجَدَ لَهُ ثَمَنًا فَلْيُخَلِّ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ فَكَذَلِكَ بِرَكُ الْحِيتَانِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَلَا) يُمْنَعُ (كَلَأٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ فَهَمْزٌ مَقْصُورٌ، أَيْ الْخَلَاءُ النَّابِتُ بِنَفْسِهِ (بِفَحْصٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ، أَيْ أَرْضٍ لَمْ تُزْرَعْ اسْتِغْنَاءً عَنْهَا (وَعَفَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مَقْصُورًا، أَيْ الدَّارِسِ الَّذِي لَا يَزْرَعُ جَمْعُ عَافٍ قَالَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 105 لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعَهُ بِخِلَافِ مَرْجِهِ وَحِمَاهُ.   [منح الجليل] ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ (لَمْ يَكْتَنِفْهُ) أَيْ الْكَلَأَ (زَرْعُهُ) أَيْ صَاحِبُ الْأَرْضِ، فَإِنْ اكْتَنَفَهُ زَرْعُهُ وَكَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي وُصُولِ النَّاسِ بِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ إلَيْهِ فَلَهُ مَنْعُهُ (بِخِلَافِ) الْكَلَإِ النَّابِتِ فِي (مَرْجِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ مَوْضِعِ رَعْيِ دَوَابِّهِ (وَ) فِي (حِمَاهُ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَوَّرَهُ لِنَبَاتِ الْكَلَأِ فِيهِ لِرَعْيِ دَوَابِّهِ فَلَهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى أَنَّ لَهُ مَنْعَ كَلَأِ أَرْضِهِ الَّتِي حَظَرَهَا بِحَائِطٍ أَوْ زَرْبٍ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ خِصْبًا فِي أَرْضِك مِمَّنْ يَرْعَاهُ عَامَهُ بَعْدَ نَبَاتِهِ وَحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْخِصْبُ الَّذِي يَبِيعُهُ وَيَمْنَعُ النَّاسُ النَّاسَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ مَا فِي مَرْجِهِ وَحِمَاهُ ابْنُ رُشْدٍ مَا بِالْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ أَقْسَامٌ: الْمُحَظَّرَةُ بِالْحِيطَانِ، كَالْحَوَائِطِ وَالْجَنَّاتِ رَبُّهَا أَحَقُّ بِمَا بِهَا مِنْ الْكَلَأِ، وَلَهُ مَنْعُهُ وَبَيْعُهُ مِمَّنْ يُرِيدُ الرَّعْيَ وَالِاحْتِشَاشَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ. وَأَمَّا الْعَفَاءُ وَالْمَسْرَحُ مِنْ أَرْضٍ قَرِيبَةٍ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا بِهَا مِنْ كَلَأٍ وَلَا مَنْعُ أَحَدٍ مِنْ فَضْلِ حَاجَتِهِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَضُرَّهُ بِدَابَّةٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فِي زَرْعٍ يَكُونُ لَهُ حَوَالَيْهِ. وَأَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي بَوَّرَهَا لِلرَّعْيِ وَتَرَكَ زِرَاعَتَهَا لِذَلِكَ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا جَوَازُ مَنْعِهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ وَإِلَّا جُبِرَ عَلَى تَرْكِهِ لِلنَّاسِ. وَأَمَّا فُحُوصُ أَرْضِهِ وَفَدَادِينُهُ الَّتِي لَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ فَفِيهَا أَقْوَالٌ. ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي لَمْ يُوقِفْهَا لِلْكَلَأِ، فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ. وَأَمَّا إذَا أَوْقَفَ الْأَرْضَ لِلْكَلَأِ فَلَهُ مَنْعُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ أَفَادَهُ " ق ". " غ " هَذَا التَّقْسِيمُ فِي الْأَرْضِ الْمُتَمَلَّكَةِ، وَتُعْرَفُ بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَصَرَهُ هُنَا، وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَ الْكَلَأُ فِي أَرْضٍ مُتَمَلَّكَةٍ فَإِنَّهَا تَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ مُحَظَّرَةً قَدْ حَظَرَ عَلَيْهَا بِالْحِيطَانِ كَالْجَنَّاتِ وَالْحَوَائِطِ. وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُحَظَّرَةٍ إلَّا أَنَّهَا حِمَاهُ وَمُرُوجُهُ الَّتِي قَدْ بَوَّرَهَا لِلرَّعْيِ وَتَرَكَ زِرَاعَتَهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ: فَدَادِينُهُ وَفُحُوصُ أَرْضِهِ الَّتِي لَمْ يُبَوِّرْهَا لِلْمَرْعَى، وَإِنَّمَا تَرَكَ زِرَاعَتَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 106 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا أَوْ لِيَحْمِيَهَا لِلْحَرْثِ. الرَّابِعُ الْعَفَاءُ وَالْمَرْجُ مِنْ أَرْضٍ قَرِيبَةٍ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَمْنَعُ النَّاسَ عَمَّا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي اخْتِلَافِ النَّاسِ إلَيْهِ بِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ ضَرَرٌ عَلَيْهِ مِنْ زَرْعٍ يَكُونُ حَوَالَيْهِ فَيَفْسُدُ عَلَيْهِ بِالْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ. وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِثُ فَاخْتُلِفَ فِيهِمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَرْعَى أَرْضِهِ كَأَنْ بَوَّرَهَا لِلْكِرَاءِ أَوْ لَمْ يُبَوِّرْهَا لَهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمِقْدَارِ حَاجَتِهِ وَيَتْرُكُ الْفَضْلَ لِلنَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ إنْ أَوْقَفَهَا لِلرَّعْيِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَا فِي فَدَادِينِهِ وَفُحُوصِهِ. اهـ. وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِاَلَّتِي حَظَرَ عَلَيْهَا إمَّا لِانْدِرَاجِهَا فِي حِمَاهُ، أَوْ؛ لِأَنَّهَا أَحْرَى مِنْهُ، وَاَلَّذِي عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ الْعَفَاءُ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ الدُّرُوسُ وَالْهَلَاكُ وَالْعَفْوُ الْأَرْضُ الْغُفْلِ لَمْ تُوطَأْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. طفي لَا تُدْرَكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ، إذْ قَدْ يُطْلَقُ الْعَفَاءُ عَلَى نَفْسِ الْأَرْضِ فَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ فِي حَدِيثِ أَقْطَعَ أَرْضَ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ عَفَاءً، أَيْ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ أَثَرٌ، وَهُوَ مِنْ عَفَا الشَّيْءُ إذَا دَرَسَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ يُقَالُ عَفَتْ الدَّارُ عَفَاءً، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 107 بَاب) صَحَّ وَقْفُ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] ِ (صَحَّ وَقْفٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْقَافِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْوَقْفُ مَصْدَرًا إعْطَاءُ مَنْفَعَةِ شَيْءٍ مُدَّةَ وُجُودِهِ لَازِمًا بَقَاؤُهُ فِي مِلْكِ مُعْطِيهَا وَلَوْ تَقْدِيرًا فَتَخْرُجُ عَطِيَّةُ الذَّاتِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْعُمْرَى وَالْعَبْدِ الْمُخَدَّمِ حَيَاتَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ رَبِّهِ لِعَدَمِ لُزُومِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ، لِجَوَازِ بَيْعِهِ بِرِضَاهُ مَعَ مُعْطَاهُ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إعْطَاءُ مَنَافِعَ عَلَى سَبِيلِ التَّأْبِيدِ يَبْطُلُ طَرْدُهُ بِالْمُخَدَّمِ حَيَاتَهُ وَلَا يُرَدُّ بِأَنَّ جَوَازَ بَيْعِهِ يَمْنَعُ انْدِرَاجَهُ تَحْتَ التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ إنَّمَا هُوَ فِي الْإِعْطَاءِ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى الْمُخَدَّمِ الْمَذْكُورِ لَا فِي لُزُومِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِ مُعْطِيهِ، وَاسْمًا: مَا أُعْطِيت مَنْفَعَتُهُ مُدَّةً إلَخْ، وَصَرَّحَ الْبَاجِيَّ بِبَقَاءِ مِلْكِ الْمُحَبِّسِ عَلَى مُحَبَّسِهِ، وَهُوَ لَازِمُ تَزْكِيَةِ حَوَائِطِ الْأَحْبَاسِ عَلَى مِلْكِ مُحَبِّسِهَا. وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ التَّحْبِيسُ يُسْقِطُ مِلْكَ الْمُحَبِّسِ غَلَطٌ الْحَطّ يَخْرُجُ مِنْ حَدِّهِ الْحَبْسُ غَيْرُ الْمُؤَبَّدِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مُدَّةَ وُجُودِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا، وَإِطْلَاقُ الْحَبْسِ عَلَى غَيْرِ الْمُؤَبَّدِ مَجَازٌ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ، وَنَصَّهُ: الرِّوَايَاتُ وَارِدَةٌ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ الْحَبْسِ عَلَى مَا حُبِسَ مُدَّةً يَصِيرُ بَعْدَهَا مِلْكًا، وَهُوَ مَجَازٌ. اهـ. وَعَلَى مَا ذَهَبَ هُوَ إلَيْهِ يَنْبَنِي قَوْلُهُ أَيْضًا لَازِمًا بَقَاؤُهُ إلَخْ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ لَازِمًا بَقَاؤُهُ: الْعَبْدَ الْمُخَدَّمَ حَيَاتَهُ يَمُوتُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ يَظْهَرُ قَوْلُهُ مُدَّةَ وُجُودِهِ. وَأَمَّا إنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ أَخْذُ أُمِّهِ وَيَرْجِعُ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَهُوَ خَارِجٌ حِينَئِذٍ بِقَوْلِهِ مُدَّةَ وُجُودِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بَقِيَ أَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ انْتِفَاعٍ لَا مَنْفَعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَهُوَ مَنْدُوبٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 108 مَمْلُوكٍ،   [منح الجليل] إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ وَيَتَعَذَّرُ عُرُوضُ وُجُوبِهِ، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ وَفِيهِ تَنَافٍ ظَاهِرٌ، وَأَنَّهُ مِنْ الْمُوَاسَاةِ الَّتِي لِلْحِفْظِ مِنْ الْهَلَاكِ وَشَدِيدِ الْأَذَى، وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ وَبِالْحِنْثِ وَبِأَمْرِ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ أَمْرًا جَازِمًا. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ التَّحْبِيسُ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ عَمِلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ مِنْ بَعْدِهِ. وَفِي اللُّبَابِ حُكْمُهُ الْجَوَازُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَحَقِيقَتُهُ لُغَةً: الْحَبْسُ، وَشَرْعًا: حَبْسُ عَيْنٍ لِمَنْ يَسْتَوْفِي مَنَافِعَهَا أَبَدًا. النَّوَوِيُّ، وَهُوَ مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ. الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ تَحْبِسْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت دَارًا وَلَا أَرْضًا تَبَرُّرًا بِتَحْبِيسِهَا، وَإِنَّمَا حَبَّسَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ بِنَاءُ قُرَيْشٍ الْكَعْبَةَ وَحَفْرَ بِئْرِ زَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّرًا، بَلْ فَخْرًا. رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ أَصَابَ أَبِي أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَصَبْت أَرْضًا لَمْ أُصِبْ مَالًا أَنْفَسَ مِنْهَا، فَكَيْفَ تَأْمُرنِي بِهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ شِئْت حَبَّسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ» عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ فِي الْفُقَرَاءِ وَالْغُرَبَاءِ وَالرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ. تت عَبَّرَ بِالْوَقْفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ دُونَ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِقَرِينَةٍ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَهُمَا سَوَاءٌ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ شُرَيْحٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ أَنَّهُ يُورَثُ مَالِكٌ، تَكَلَّمَ شُرَيْحٌ بِبَلَدِهِ وَلَمْ يُرِدْ الْمَدِينَةَ فَيَرَى إحْبَاسَ الصَّحَابَةِ، وَيَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ فِيمَا لَمْ يُحِطْ بِهِ خُبْرًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَإِضَافَةُ وَقْفُ شَيْءٍ (مَمْلُوكٍ) لِوَاقِفِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَاحْتُرِزَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 109 إنْ بِأُجْرَةٍ،   [منح الجليل] بِهِ عَنْ وَقْفِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْعِبَادَاتِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْغَزَالِيِّ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُحَبَّسُ الْحَقِّيُّ الْأَرْضُ وَمَا تَعَلَّقَ بِهَا كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْآبَارِ وَالْمَقَابِرِ وَالطُّرُقِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَرَادَ بِالْمَقَابِرِ الْمُتَّخَذَةِ حَيْثُ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أُحْدِثَتْ قُبُورٌ بِفِنَاءِ قَوْمٍ كَانُوا يَرْمُونَ بِهِ فِي غَيْبَتهمْ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ تَسْوِيَةُ قَدِيمِهَا لِلرَّمْيِ عَلَيْهَا، وَلَا أُحِبُّ تَسْوِيَةَ جَدِيدِهَا. ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَهُ فِي الْجَدِيدَةِ فِي الْأَفْنِيَةِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْأَمْلَاكِ الْمَحْجُورَةِ لَمْ يَكْرَهْهُ، وَقَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَارُوا فِي بَطْنِهَا وَانْتَفِعُوا بِظَهْرِهَا. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ دَفَنَ فِي الْأَمْلَاكِ الْمَحْجُورَةِ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا لَكَانَ عَلَيْهِ تَحْوِيلُهُمْ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَفُعِلَ ذَلِكَ بِقَتْلَى أُحُدٍ لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إجْرَاءَ الْعَيْنِ الَّتِي بِجَانِبِ أُحُدٍ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيُخْرِجْهُ وَلْيُحَوِّلْهُ، قَالَ جَابِرٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ رِطَابًا يَنْتَقِعُونَ يَعْنِي شُهَدَاءَ أُحُدٍ. قُلْت فِي اسْتِدْلَالِهِ بِفِعْلِ مُعَاوِيَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَتْلَى أُحُدٍ مَا أُقْبِرُوا إلَّا حَيْثُ جَازَ إقْبَارُهُمْ، وَاسْتِدْلَالُهُ بِإِخْرَاجِهِمْ يُوهِمُ كَوْنَ الْقَبْرِ غَيْرَ حَبْسٍ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِتَحِلَّ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ حَاجِبَةٌ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي بَيْعِ الْحَبْسِ لِتَوْسِعَةِ جَامِعِ الْخُطْبَةِ. ابْنُ عَاتٍ سَأَلَ بَعْضُهُمْ أَيَجُوزُ حَرْثُ الْبَقِيعِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً دُونَ دَفْنٍ فِيهِ وَأَخْذِ تُرَابِهِ لِلْبِنَاءِ، فَقَالَ: الْحَبْسُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَمَلَّكَ ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِالْمَشْيِ عَلَى أَسْنِمَةِ الْقُبُورِ «وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشُقُّ الْمَقَابِرَ عَلَى أَسْنِمَتِهَا لَا يَثِبُهَا» ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمَشْيُ عَلَى الْمَقَابِرِ إنْ كَانَ لَهُ قَبْرٌ ضَرُورَةٌ وَيُؤْمَرُ بِالتَّحَفُّظِ مِنْ الْمَشْيِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَهْدِمَهَا وَلِلضَّرُورَةِ أَحْكَامٌ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ سَهْلٍ، وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا بَعْضَ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي بِنَاءِ دَارٍ لَهُ وَجَدَ فِي بُقْعَةٍ مِنْهَا عِظَامَ آدَمِيٍّ يَكُونُ مَحَلُّهُ حَبْسًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا بِهَوَائِهِ فَتَرَكَهُ وَهَوَاءَهُ بَرَاحًا. الْبَاجِيَّ تَحْبِيسُ الرِّبَاعِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا فَإِنْ مُلِّكَ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ، بَلْ (وَإِنْ) مُلِّكَتْ مَنْفَعَتُهُ (بِأُجْرَةٍ) فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 110 وَلَوْ حَيَوَانًا، وَرَقِيقًا: كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهُ، وَفِي وَقْفٍ: كَطَعَامٍ: تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] انْقَضَتْ كَانَ النِّقْضُ لِلَّذِي بَنَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَصِحُّ فِي الْعَقَارِ الْمَمْلُوكِ لَا الْمُسْتَأْجَرِ اخْتِصَارٌ لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ لَا يَجُوزُ وَقْفُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَفِي كَوْنِ مُرَادِ ابْنِ شَاسٍ فَفِي وَقْفِ مَالِكٍ مَنْفَعَتَهَا أَوْ بَائِعَهَا نَظَرٌ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْأَوَّلِ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِخُرُوجِهِ بِالْمَمْلُوكِ وَالْأَظْهَرُ الثَّانِي، وَفِي نَقْلِهِ الْحُكْمَ بِإِبْطَالِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ إعْطَاءُ مَنْفَعَتِهِ دَائِمًا، وَأَمَدُ الْإِجَارَةِ خَاصٌّ، فَالزَّائِدُ عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْبِيسُ لِسَلَامَتِهِ عَنْ الْمُعَارِضِ. ثُمَّ فِي لَغْوِ حَوْزِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْحَبْسِ فَيَفْتَقِرُ لِحَوْزِهِ بَعْدَ أَمَدِ الْإِجَارَةِ وَصِحَّتِهِ لَهُ فَيَتِمُّ مِنْ حِينِ عَقْدِهِ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي لَغْوِ حَوْزِ مَا فِي إجَارَتِهِ لِمَنْ وَهَبَ لَهُ بَعْدَ إجَارَتِهِ وَصِحَّتِهِ لَهُ إنْ كَانَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي أُرِيدَ وَقْفُهُ عَقَارًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (حَيَوَانًا وَرَقِيقًا) فِيهَا مَنْ حَبَّسَ رَقِيقًا أَوْ دَوَابَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى اُسْتُعْمِلُوا فِي ذَلِكَ وَلَا يُبَاعُوا وَلَا بَأْسَ أَنْ يُجَبِّسَ الرَّجُلُ الثِّيَابَ وَالسُّرُوجَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا ضَعُفَ مِنْ الدَّوَابِّ الْمُحَبَّسَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهَا قُوَّةُ عَمَلِ الْغَزْوِ بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا مِمَّا يُنْتَفَعُ فِيهِ مِنْ الْخَيْلِ فَتُجْعَلَ فِي السَّبِيلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ فَرَسٍ أَوْ هَجِينٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ فَلْيُعِنْ بِذَلِكَ فِي ثَمَنِ فَرَسٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ يَكْلُبُ وَيَخْبُثُ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَا بَلِيَ مِنْ الثِّيَابِ الْمُحَبَّسَةِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهَا ثِيَابٌ يُنْتَفَعُ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي السَّبِيلِ. وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ (كَ) وَقْفِ (عَبْدٍ عَلَى) أَشْخَاصٍ (مَرْضَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ جَمْعُ مَرِيضٍ لِيَخْدُمَهُمْ فَيَصِحُّ مَا (لَمْ يَقْصِدْ) سَيِّدُهُ بِوَقْفِهِ عَلَيْهِمْ (ضَرَرَهُ) أَيْ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ قَصْدَهُ فَلَا يَصِحُّ. ابْنُ رُشْدٍ يُكْرَهُ تَحْبِيسُ الرَّقِيقِ لِرَجَاءِ عِتْقِهِ، فَإِنْ نَزَلَ وَفَاتَ مَضَى، وَمَا لَمْ يَفُتْ اُسْتُحِبَّ لِمُحَبِّسِهِ صَرْفُهُ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ فَوْتَهُ بِالْحَوْزِ لَا بِالْمَوْتِ. (وَفِي) صِحَّةِ (وَقْفِ) مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (كَطَعَامٍ) وَدَنَانِيرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَدَرَاهِمَ لِيُسَلِّفَ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَيَرُدَّ مِثْلَهُ وَقْفًا فِي مَحَلِّهِ، وَهَكَذَا أَبَدًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَدَمُهَا، وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ (تَرَدُّدٌ) تت فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَحَدَ شِقَّيْهِ فِيهَا الشَّارِحُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّك إنْ فَرَضَتْ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا قَصَدَ بِوَقْفِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ بَقَاءَ عَيْنِهِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ بِلَا مَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَى أَحَدٍ وَيُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الطَّعَامِ الْمُؤَدِّي إلَى إضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ وَقْفٌ لِلسَّلَفِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ مُحْتَاجٌ ثُمَّ يَرُدُّ مِثْلَهُ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا جَوَازُهُ، وَالْقَوْلُ بِكَرَاهَتِهِ ضَعِيفٌ، وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ بِمَنْعِهِ إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - (تَنْبِيهٌ) ابْنُ عَرَفَةَ اسْتَدَلَّ اللَّخْمِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُتَيْطِيُّ لِجَوَازِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَبَّسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الِاسْتِدْلَال وَهْمٌ شَنِيعٌ فِي فَهْمِهِ إنْ ضَبَطَا بَاءَ حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي رِوَايَتِهِ إنْ ضَبَطَاهَا بِالتَّشْدِيدِ. وَفِي مِثْلِ هَذَا كَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُ اسْتِدْلَالَاتِ بَعْضِ شُيُوخِ مَذْهَبِنَا لَا يَنْبَغِي ذِكْرُهَا خَوْفَ اعْتِقَادِ سَامِعِهَا وَلَا سِيَّمَا مَنْ هُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ حَالَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كُلِّهِمْ أَوْ جُلِّهِمْ مِثْلُ حَالِ هَذَا الْمُسْتَدِلِّ، وَلَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ مُتَقَدِّمِي الْمُتَكَلِّمِينَ رَدًّا عَلَى الْمُنَجِّمِينَ وَدِدْت أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ لِسَخَافَتِهِ وَرَأَيْتُ لِلْآمِدِيِّ رَدًّا عَلَيْهِمْ لَيْسَ مُنْصِفًا اهـ. الْحَطّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْتَضِي أَنَّ لَفْظَ الرِّوَايَةِ فِي الْبُخَارِيِّ حَبَسَ بِتَخْفِيفِ الْبَاءِ عَلَى وَزْنِ نَصَرَ وَاَلَّذِي فِي الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا بِاَللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . اهـ. فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ احْتَبَسَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ، وَكَذَلِكَ نَقَلَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ لَيْسَ مَعْنَاهُ وَقَفَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ وَنَصُّهُ فِي بَابِ الْجَامِعِ الْبَاقُونَ وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّهُ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 عَلَى أَهْلٍ لِلتَّمَلُّكِ: كَمَنْ سَيُولَدُ،   [منح الجليل] أَيْ وَقَفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ حَبَّسَ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُقَالُ حَبَسَ مُخَفَّفًا وَحَبَّسَ مُشَدَّدًا. اهـ. فَدَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ حَبَسَ بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَى حَبَّسَ بِالتَّشْدِيدِ، وَهُوَ الْوَقْفُ، فَصَحَّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ هَذَا إنْ كَانَا نَقَلَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ حَبَسَ، وَإِنْ كَانَا نَقَلَاهُ بِلَفْظِ احْتَبَسَ كَمَا هُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَحَرَّفَهُ النُّسَّاخُ، فَمَعْنَى احْتَبَسَ أَوْقَفَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ فَصَحَّ مَا قَالَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ أَصْلٌ فِي تَحْبِيسِ مَا سِوَى الْأَرْضِ، وَكَذَا حَدِيثُ خَالِدٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَبَقِيَ النَّظَرُ فِيمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الرِّوَايَةَ حَبَسَ، فَإِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ (عَلَى أَهْلٍ) أَيْ قَابِلٍ وَصَالِحٍ (لِلتَّمَلُّكِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ وَضَمِّ اللَّامِ مُثَقَّلَةً، أَيْ لَأَنْ يَمْلِكَ مَنْفَعَةَ الْمَوْقُوفِ، فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مُصْحَفٍ أَوْ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ الْحَطّ هَذَا الضَّابِطُ لَيْسَ بِشَامِلٍ لِخُرُوجِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ مِنْهُ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ مَا جَازَ صَرْفُهُ مَنْفَعَةَ الْمُحَبَّسِ لَهُ أَوْ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَدَّهُ اعْتَبَرَ قَبُولَهُ ابْنُ شَاسٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ، قَبُولُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَهْلًا لِلرَّدِّ وَالْقَبُولِ، وَفِي كَوْنِ قَبُولِهِ شَرْطًا فِي اخْتِصَاصِهِ بِهِ أَوْ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ خِلَافٌ. وَمَثَّلَ لِأَهْلِ التَّمَلُّكِ فَقَالَ (كَمَنْ سَيُولَدُ) بِفَتْحِ اللَّامِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ عَلَى الْحَمْلِ. ابْنُ الْهِنْدِيِّ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْحَمْلِ، وَالرِّوَايَاتُ وَاضِحَةٌ بِصِحَّتِهِ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ، وَبِهَا احْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى الْحَمْلِ وَفِي لُزُومِهِ بِعَقْدِهِ عَلَى مَنْ يُولَدُ قَبْلَ وِلَادَتِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لِنَقْلِ الشَّيْخِ. رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ لِمَنْ حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ بَيْعُ مَا حَبَّسَهُ مَا لَمْ يُولَدْ لَهُ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ قَائِلًا: لَوْ جَازَ لَجَازَ بَعْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ وَمَوْتِهِ، قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَ بِوُجُودِهِ اسْتَمَرَّ ثُبُوتُهُ لِوُجُودِ مُتَعَلَّقِهِ وَقَبْلَهُ لَا وُجُودَ لِمُتَعَلَّقِهِ حُكْمًا، وَالْأَوْلَى احْتِجَاجُ غَيْرِهِ بِأَنَّهُ حَبْسٌ قَدْ صَارَ عَلَى مَجْهُولِ مَنْ يَأْتِي، فَصَارَ مَوْقُوفًا أَبَدًا، وَمَرْجِعُهُ لِأَوْلَى النَّاسِ بِالْمُحَبِّسِ، وَلَهُمْ فِيهِ مُتَكَلَّمٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 وَذِمِّيٍّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ أَوْ يُشْتَرَطُ تَسْلِيمُ غَلَّتِهِ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَصْرِفَهَا، أَوْ كَكِتَابٍ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ فِي مَصْرِفِهِ.   [منح الجليل] ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَلَا وَلَدَ لَهُ، فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ إيَاسِهِ قَوْلَانِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُحْكَمُ بِحَبْسِهِ وَيُخْرَجُ إلَى ثِقَةٍ لِيَصِحَّ الْحَوْزُ، وَتُوقَفُ ثَمَرَتُهُ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ فَلَهُمْ وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ، فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ثَالِثُ رَأْيٍ أَنَّ الْحَبْسَ قَدْ تَمَّ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ لَهُ يَرْجِعُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ لِلْمُحَبِّسِ، وَقَوْلُهُ إنْ وُلِدَ لَهُ فَلَهُمْ، أَيْ الْحَبْسُ، وَثَمَرَتُهُ وَإِذَا بَقِيَ وَقْفًا عَلَيْهِمْ رُدَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُهُ قَالَهُ الْبَاجِيَّ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ لَهُ صَارَ مِيرَاثًا. (وَ) كَ (ذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً، أَيْ كَافِرٍ مُلْتَزِمِ الْجِزْيَةِ وَأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَيَجُوزُ وَقْفُ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَتْ فِيهِ قُرْبَةٌ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ قَرِيبًا لِلْوَاقِفِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ) فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا غَنِيًّا. ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ شَاسٍ فِي قَوْلِهِ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى الذِّمِّيِّ، وَقَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ نَصًّا وَإِلَّا ظَهَرَ جَرْيُهُ عَلَى حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَهُ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ مَنْ حَبَّسَ عَلَى مَسَاكِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى جَازَ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ} [الإنسان: 8] إلَى قَوْلِهِ {وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] ، وَلَا يَكُونُ الْأَسِيرُ إلَّا كَافِرًا، وَإِنْ حَبَّسَ عَلَى كَنَائِسِهِمْ رُدَّ وَفُسِخَ. وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ إنْ أَوْصَى أُتِيَ بِمَالِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ دُفِعَ ثُلُثُهُ إلَى الْأُسْقُفِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ ذَكَرَهُ وَالثُّلُثَانِ لِلْمُسْلِمِينَ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ فَقَالَ (أَوْ) أَنْ (يَشْتَرِطَ) وَاقِفُهُ (تَسْلِيمَ غَلَّتِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (مِنْ نَاظِرِهِ) أَيْ الْوَقْفِ الَّذِي أَقَامَهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ لِلْوَاقِفِ (لِيَصْرِفَهَا) أَيْ الْوَاقِفُ الْغَلَّةَ فِي مَصْرِفِهَا، فَهَذِهِ مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ أَيْضًا. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْإِمَامُ مَالِكٌ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) إنْ جَعَلَ الْحَبْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ يَحُوزُهُ وَيَجْمَعُ غَلَّتَهُ وَيَدْفَعُهَا لِلَّذِي حَبَّسَ يَلِي تَفْرِيقَهَا، وَعَلَى ذَلِكَ حَبَّسَ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَأَبَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ (أَوْ) كَانَ الْمَوْقُوفُ (كَكِتَابٍ) مُشْتَمِلٍ عَلَى قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَسِلَاحٍ حِيزَ عَنْهُ (ثُمَّ عَادَ) أَيْ لِلْكِتَابِ وَنَحْوِهِ (إلَيْهِ) أَيْ وَاقِفِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ كَغَيْرِهِ أَوْ لِيَحْفَظَهُ حَتَّى يَسْتَعِيرَهُ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ وَهَكَذَا (بَعْدَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] صَرْفِهِ) أَيْ الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ وَنَحْوِهِ (فِي مَصْرِفِهِ) ؛ لِأَنَّ صَرْفَهُ فِي مَصْرِفِهِ حَوْزٌ لَهُ وَعَوْدُهُ لَهُ بَعْدَ صِحَّةِ الْحَوْزِ لَا يُبْطِلُ حَوْزَهُ. فِيهَا مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ كَالسِّلَاحِ وَالْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَشِبْهِهَا، فَلَمْ يُنَفِّذْهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ مِيرَاثٌ، وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهُ فِي وُجُوهِهِ وَرَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَ بَعْضَهُ وَبَقِيَ بَعْضُهُ فَمَا أَخْرَجَهُ فَهُوَ نَافِذٌ، وَمَا لَمْ يُخْرِجْهُ فَهُوَ مِيرَاثٌ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعٌ لِلْآخَرِ. طفي لَيْسَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ حِيزَ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، بَلْ تَصْوِيرُهَا أَنَّهُ حَبَّسَهُ وَأَبْقَاهُ تَحْتَ يَدِهِ، وَهُوَ الْمُتَوَلِّي لِأَمْرِهِ فَيُخْرِجُهُ فِي مَصْرِفِهِ، ثُمَّ يَرُدُّهُ لِحَوْزِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ نَصِّهَا السَّابِقِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَشَرْطُهُ خُرُوجُهُ عَنْ يَدِ وَاقِفِهِ وَتَرْكُهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فَإِنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ أَبْقَاهُ فِي يَدِهِ حَيَاتَهُ بَطَلَ إذَا لَمْ تَكُنْ غَلَّتُهُ تُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا، فَإِنْ كَانَ يَصْرِفُهَا فِيهِ فِي صِحَّتِهِ فَفِي بُطْلَانِهِ وَصِحَّتِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فَرَّقَ فِي الثَّالِثَةِ، بَيْنَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا يُخْرِجُ غَلَّتَهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ حَائِطًا أَوْ أَرْضًا أَوْ مَا أَشْبَهَهُمَا فَيَصْرِفُ غَلَّتَهُ فَيَكُونُ بَاطِلًا، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا يُخْرِجُ أَصْلَ الْحَبْسِ كَفَرَسٍ أَوْ سِلَاحٍ وَمَا أَشْبَهَهُ فَيَكُونُ صَحِيحًا اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا فَأَنْتَ تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا أَعَادَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ إذَا عَادَ إلَيْهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ قَالَ وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ إذَا عَادَ إلَيْهِ خَفِيفٌ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا حُبِسَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ كَالْخَيْلِ يُغْزَى عَلَيْهَا وَالسِّلَاحِ يُقَاتَلُ بِهِ وَالْكُتُبِ يُقْرَأُ فِيهَا، فَيَصِحُّ أَنْ تَعُودَ لِيَدِ مُحَبِّسِهَا بَعْدَ قَبْضِهَا. وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَأْتِ وَقْتُ إنْفَاذِهَا لِلْجِهَادِ أَوْ لَمْ تُطْلَبْ لِلْقِرَاءَةِ حَتَّى مَاتَ الْمُحَبِّسُ، فَهَلْ يَبْطُلُ تَحْبِيسُهَا، وَلَوْ كَانَ يَرْكَبُ الدَّابَّةَ فِي عَوْدِهَا إلَيْهِ لِرِيَاضَتِهَا لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنْ كَانَ يَرْكَبُهَا حَسْبَمَا يَفْعَلُ الْمَالِكُ بَطَلَ وَقِرَاءَةُ الْكِتَابِ إنْ عَادَتْ إلَيْهِ خَفِيفٌ. قُلْت وَتَكُونُ فِيهَا لِحِفْظِهَا مِنْ السَّوْسِ فَتَكُونُ كَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالصَّقَلِّيُّ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ مَا كَانَ يُرَدُّ إلَيْهِ بَعْدَ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَعْلِفُ الْخَيْلَ مِنْ عِنْدِهِ وَيَرْمِ السِّلَاحَ وَيَنْتَفِعُ بِهِ فِي حَوَائِجِهِ، وَيُعِيرُ ذَلِكَ لِإِخْوَانِهِ فَيَمُوتُ فَهُوَ مِيرَاثٌ اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فَافْهَمْ هَذَا الْمَحَلُّ، فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ أَقْدَامِ جَمْعٍ مِنْ الشَّارِحِينَ الْمُحَقِّقِينَ لِفَرْضِهِمْ الْمَسْأَلَةَ فِي عَوْدِهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، وَقَدْ عَلِمْت بُطْلَانَهُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَقِبَ قَوْلِهَا وَإِنْ كَانَ يُخْرِجُهُ فِي وُجُوهِهِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَهُوَ نَافِذٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَنَصَّهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ احْتَاجَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مَعَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَأَفَادَ أَنَّ عَوْدَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَعَوْدِهِ لِحِفْظِهِ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَبَّسَ شَيْئًا فِي السَّبِيلِ وَأَنْفَذَهُ فِيهِ زَمَانًا فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ النَّاسِ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا. ابْنُ رُشْدٍ يَنْتَفِعُ بِهِ فِيمَا حَبَّسَهُ فِيهِ لَا فِيمَا سِوَاهُ مِنْ مَنَافِعِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَبَانَ أَنَّ الصَّوَابَ مَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا قَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ، فَإِنَّ الَّذِي مَنَعَهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بِأَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي حَبَّسَهُ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهِيَ مَفْرُوضَةٌ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْحَبْسِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ اللَّخْمِيُّ الْحَبْسُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبِّسِ عَلَيْهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَائِزٍ مَخْصُوصٍ كَالْمَسَاجِدِ وَصِنْفٌ لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبِّسِ عَلَيْهِ، وَيَتَعَيَّنُ حَائِزُهُ، وَهُوَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَصِنْفٌ يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِهِ عَلَيْهِ إذَا أَنْفَذَهُ فِيمَا حَبَّسَهُ عَلَيْهِ كَالْخَيْلِ يُغْزَى عَلَيْهَا وَالْكُتُبِ يُقْرَأُ فِيهَا. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مُعَيَّنٍ صَحَّ أَنْ يَعُودَ إلَى يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ. وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يَأْتِ وَقْتُ إنْفَاذِهِ لِلْجِهَادِ أَوْ لَمْ تُطْلَبْ الْكُتُبُ لِلْقِرَاءَةِ حَتَّى مَاتَ مُحَبِّسُهُ فَقِيلَ يَبْطُلُ حَبْسُهُ، وَلَوْ كَانَ يَرْكَبُهَا حَسْبَمَا كَانَ يَفْعَلُ الْمَالِكُ بَطَلَ حَبْسُهُ وَقِرَاءَةُ الْكُتُبِ إذَا عَادَتْ إلَيْهِ خَفِيفٌ نَقَلَهُ. أَبُو الْحَسَنِ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ أَصْلًا حَتَّى مَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ وَقْتِ إنْفَاذِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ مَرَّةً كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ صَحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ: كَلَامُ اللَّخْمِيِّ نَصٌّ صَرِيحٌ فِيمَا قَالَهُ طفي، فَإِنَّهُ جَعَلَ رُكُوبَهَا لِرِيَاضَتِهَا مُغْتَفِرًا وَرُكُوبَهَا لِلِانْتِفَاعِ مُبْطِلًا، وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ أَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116 وَبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَحَرْبِيٍّ. وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ،   [منح الجليل] رَدَّهَا لِلِانْتِفَاعِ كَرَدِّهَا لِحِفْظِهَا إنَّمَا يُفِيدُ أَنَّهَا إنْ عَادَتْ إلَيْهِ لِحِفْظِهَا فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا إنْ احْتَاجَ لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا يُخَالِفُ فِيهِ طفي. (وَبَطَلَ) الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ (عَلَى مَعْصِيَةٍ) كَجَعْلِ رِيعِهِ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ. الْبِسَاطِيُّ لَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِكُفْرِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ. الْبَاجِيَّ لَوْ حَبَّسَ مُسْلِمٌ عَلَى كَنِيسَةٍ فَالْأَظْهَرُ عِنْدِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ كَمَا لَوْ صَرَفَهَا إلَى أَهْلِ الْفِسْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ عِبَارَةُ الشُّيُوخِ أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ إلَّا فِيمَا فِيهِ نَظَرٌ مَا لَا فِي الْأَمْرِ الضَّرُورِيِّ، وَرَدُّ هَذَا الْحَبْسِ ضَرُورِيٌّ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى أَنْ يُقَامَ لَهُ مَنْهِيٌّ فِي عُرْسٍ أَوْ مَنَاحَةِ مَيِّتٍ لَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ وَقَوْلُهُ بَاطِلٌ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي رَدِّهَا بِنِيَاحَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ الْحَطّ وَانْظُرْ الْوَقْفَ عَلَى الْمَكْرُوهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَإِنْ يَمْضِي، وَإِنْ اتَّفَقَ عَلَى كَرَاهَتِهِ فَلَا يُصْرَفُ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ، وَيَتَوَقَّفُ فِي بُطْلَانِهِ أَوْ صَرْفِهِ إلَى جِهَةِ قُرْبِهِ. وَفِي الْمَدْخَلِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ أَنَّ الْأَذَانَ جَمَاعَةً عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ قَالَ: فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الثَّوَابِ فَالثَّوَابُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاتِّبَاعِ أَوْ لِأَجْلِ الْجَامِكِيَّةِ وَالْجَامَكِيَّةُ لَا تُصْرَفُ فِي بِدْعَةٍ، كَمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ الْوَقْفُ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً. أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَقْفُ كَافِرٍ عَلَى عُبَّادِ كَنِيسَةٍ إمَّا عَلَى مَوْتَاهَا أَوْ الْجَرْحَى أَوْ الْمَرْضَى فَصَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ الْأُسْقُفُ بَيْعَهُ وَصَرْفَ ثَمَنِهِ فِي ذَلِكَ، وَنُوزِعَ فِيهِ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا، فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ إمْضَاءِ الْحَبْسِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ. (وَ) بَطَلَ وَقْفُ مُسْلِمٍ عَلَى كَافِرٍ (حَرْبِيٍّ) لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَهُ عَلَيْهِمْ (وَ) بَطَلَ وَقْفُ شَخْصٍ (كَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ وَجِهَادٍ وَحَجٍّ وَأَذَانٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِدِينِ الْإِسْلَامِ. الْبَاجِيَّ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ حَبَّسَ ذِمِّيٌّ دَارًا عَلَى مَسْجِدٍ رُدَّ وَرَوَاهُ مَعْنٌ فِي نَصْرَانِيَّةٍ بَعَثَتْ بِدِينَارٍ لِلْكَعْبَةِ، فَرَدَّهُ عَلَيْهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَصِحُّ وَقْفُ كَافِرٍ فِي قُرْبَةٍ دِينِيَّةٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دُنْيَوِيَّةٍ كَبِنَاءِ قَنْطَرَةٍ، فَفِي رَدِّهِ نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ رَدُّهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117 أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ   [منح الجليل] أَوْ) وَقْفُهُ (عَلَى بَنِيهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ (دُونَ بَنَاتِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الْإِنَاثِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتَ مِنْهُ إنْ تَزَوَّجْنَ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُبْطِلَ ذَلِكَ وَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا فَاتَ أَنْ يَمْضِيَ عَلَى مَا حَبَّسَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ الْحَبْسُ فَلْيَرُدَّهُ وَيُدْخِلْ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ أَوْ مَاتَ مَضَى عَلَى شَرْطِهِ وَلَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي. الْحَطّ حَصَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ الْعُتْبِيَّةِ وَكَلَامَهُ بِرُمَّتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ، قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: مَنْ حَبَّسَ حَبْسًا عَلَى ذُكُورِ وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتِ مِنْهُ إذَا تَزَوَّجْنَ فَإِنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ قُلْت لِمَالِكٍ أَتَرَى أَنْ يُبْطِلَ وَيُسَجِّلَ الْحَبْسَ؟ قَالَ نَعَمْ وَذَلِكَ وَجْهُ الشَّأْنِ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَكِنْ إذَا فَاتَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مَا حَبَّسَ، فَإِنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا وَلَمْ يُجَزْ الْحَبْسُ فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلُ فِيهِ الْإِنَاثُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَهُوَ كَفَوْتٍ وَيَكُونُ عَلَى مَا جُعِلَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَجُوزُ، وَيَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ يَمْضِي إذَا فَاتَ وَلَا يَنْقَضِ، وَفَوْتُ الْحَبْسِ عِنْدَهُ أَنْ يُحَازَ عَنْ الْمُحَبِّسِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ يَمُوتُ، أَرَادَ بَعْدَ حَوْزِهِ عَنْهُ، وَرَأَى أَنَّ الْحَبْسَ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ مُحَبِّسِهِ يَبْطُلُ وَتَدْخُلُ الْإِنَاثُ، فِيهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَرِهَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ وَالْحَبْسَ لَا تَلْزَمُ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا حَتَّى تُقْبَضَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَعَلَى هَذَا لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ الرُّشَدَاءَ. وَذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ اخْتِلَافَ قَوْلٍ، قَالَ إنَّمَا يُفْسَخُ وَيُسَجَّلُ إذَا لَمْ يَأْبَهُ مَنْ حُبِّسَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ أَبَوْهُ فَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ، وَيُقَرُّ عَلَى مَا حُبِّسَ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا لَهُ بِرَدِّهِ، وَهُمْ رُشَدَاءُ. مَالِكٌ إنْ لَمْ يُخَاصِمْ فَلْيُرَدَّ الْحَبْسُ حَتَّى يَجْعَلَهُ عَلَى صَوَابٍ إنْ كَانَ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ وَإِنْ خُوصِمَ فَلْيُقِرَّهُ عَلَى حَالِهِ، وَمَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ قَدْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حِيزَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبْت إلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلِ فِيهَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ فَرَّقَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي فَسْخِهِ بَيْنَ حَوْزِهِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ، وَقَدْ تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ وَإِنْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ إلَّا بِرِضَا الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِأَنَّ لَهُ فَسْخَهُ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَأَبَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ رَأَى عَدَمَ إعْمَالِ الْحَبْسِ جُمْلَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ شَكَّ وَفِي رَسْمِ نَذْرَ، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ الْمُحَبِّسُ بَعْدَ حِيَازَةِ الْحَبْسِ عَنْهُ فَتَحَصَّلَ عَلَى هَذَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُفْسَخُ الْحَبْسُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ مُحَبِّسُهُ بَعْدَ حَوْزِهِ عَنْهُ وَيَرْجِعُ لِمِلْكِهِ. ثَانِيهَا: أَنَّ الْمُحَبِّسَ يَفْسَخُهُ وَيُدْخِلُ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ. ثَالِثُهَا: يَفْسَخُهُ وَيُدْخِلُ فِيهِ الْبَنَاتِ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ، فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ فَلَا يَفْسَخْهُ إلَّا بِرِضَا الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ. رَابِعُهَا: أَنَّهُ لَا يَفْسَخُهُ وَيُدْخِلُ الْإِنَاثَ وَإِنْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ إلَّا بِرِضَا الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ اهـ. اللَّخْمِيُّ إخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْ الْحَبْسِ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَجْمُوعَةِ أَكْرَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ إنْ تَزَوَّجْنَ فَالْحَبْسُ بَاطِلٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلَ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَّسَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا فَلْيَفْسَخْهُ وَيَجْعَلْهُ مُسَجَّلًا، وَإِنْ مَاتَ فَلَا يُفْسَخُ فَجَعَلَ لَهُ رَدَّهُ بَعْدَ حَوْزِهِ وَيَجْعَلُهُ مُسَجَّلًا مَا لَمْ يَمُتْ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ أَبْطَلَ وَقْفَهُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ، فَإِنْ نَزَلَ مَضَى، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَبْطُلُ إنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ، وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ مَا لَمْ يُحَزْ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُفْسَخُ، وَإِنْ حِيزَ مَا لَمْ يَمُتْ. 1 - ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي الْحَبْسِ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ تَزَوَّجْنَ سَبْعَةُ أَرْبَعَةٍ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ وَخَامِسُهَا جَوَازُهُ، وَسَادِسُهَا كَرَاهَتُهُ، وَسَابِعُهَا فَوْتُهُ بِحَوْزِهِ وَإِلَّا فَسَخَهُ وَأَدْخَلَ فِيهِ الْبَنَاتِ اهـ. الْحَطّ فَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ امْتِنَاعِ إخْرَاجِهِنَّ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ بَعْدَ تَزَوُّجِهِنَّ، أَوْ وَلَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ يَتَحَصَّلُ فِيهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: فَسْخُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَمَاتَ بَعْدَ حَوْزِهِ وَيَرْجِعُ لِمِلْكِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ. الثَّانِي: فَسْخُهُ وَرُجُوعُهُ لِمِلْكِهِ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ الثَّالِثُ: فَسْخُهُ وَدُخُولُ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ، وَهُوَ مُتَأَوَّلٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ. الرَّابِعُ: فَسْخُهُ وَدُخُولُ الْبَنَاتِ فِيهِ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا السَّمَاعِ وَالْخَامِسُ: لَا يَفْسَخُ وَلَا يُدْخِلُ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ لَمْ يُحَزْ إلَّا بِرِضَا الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ لِمَنْ حَبَّسَ إخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْ تَحْبِيسِهِ. اهـ. وَشَهَرَهَا عِيَاضٌ. أَبُو الْحَسَنِ قَالَ هُنَا يُكْرَهُ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى. ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لَا يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ بِفَسْخِهِ وَهُمْ رُشَدَاءُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إذَا وَقَعَ يَمْضِي وَلَا يُفْسَخُ، وَأَمَّا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّتِي مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهَا فَلَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَرْكِهِ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي شَهَرَهُ عِيَاضٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - الْحَطّ اُنْظُرْ لَوْ حَبَّسَ عَلَى الْبَنَاتِ دُونَ الْبَنِينَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ صَحِيحٌ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ صِفَةَ مَا يُكْتَبُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُحَبِّسِ كَوْنُهُ لِبَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ عَقِبَهُ بِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ صِفَةَ مَا يُكْتَبُ فِي اشْتِرَاطِ الْمُحَبِّسِ كَوْنُهُ لِبَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا، وَنَصُّ كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ رَجُلٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 120 أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ قَبْلَ عَامٍ.   [منح الجليل] تَصَدَّقَ عَلَى بَنَاتِهِ بِصَدَقَةٍ حَبْسًا، فَإِذَا انْقَرَضَ بَنَاتُهُ فَهِيَ لِذُكُورِ وَلَدِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، فَبَتَلَ ذَلِكَ لَهُنَّ فَيَكُونُ لِلْإِنَاثِ حَتَّى يَهْلِكَ جَمِيعُهُنَّ وَلِلرَّجُلِ يَوْمَ هَلَكْنَ كُلُّهُنَّ ابْنٌ وَلَهُ وَلَدٌ ذُكُورٌ، فَقَالَ وَلَدُ الْوَلَدِ نَحْنُ مِنْ أَوْلَادِهِ نَدْخُلُ فِي صَدَقَةِ جَدِّنَا، وَقَالَ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ نَحْنُ آثَرُ وَأَوْلَى فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَرَى أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ وَلَدُ الْوَلَدِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَلَدُ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ فَهِيَ لِذُكُورِ وَلَدِهِ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ الذَّكَرَ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فِي الْمِيرَاثِ، فَلَمَّا كَانَ لَهُ حُكْمُ الْوَلَدِ فِي الْمِيرَاثِ وَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْحَبْسِ، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ مَعَ بَنَاتِهِ لِصُلْبِهِ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى بَنَاتِهِ بِصَدَقَةٍ حَبَّسَ بَنَاتِ بَنِيهِ؛ لِأَنَّ بِنْتَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبِنْتِ فِي الْمِيرَاثِ إذَا لَمْ يَكُنْ ابْنٌ فَلَا شَيْءَ لِذُكُورِ وَلَدِ الْمُحَبِّسِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى تَنْقَرِضَ بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ بَنِيهِ. اهـ. فَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لِذُكُورِ وَلَدِ الْمُحَبِّسِ إلَخْ، مَعَ جَوَابِ الْإِمَامِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ إنْ وَقَفَ دَارَ سُكْنَاهُ عَلَى مَحْجُورِهِ وَخَرَجَ مِنْهَا وَحَوَّزَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ (عَادَ) الْوَاقِفُ (لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ) الَّذِي أَوْقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ، وَصِلَةُ عَادَ (قَبْلَ) تَمَامِ (عَامٍ) مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِ مِنْهُ وَتَحْوِيزِهِ لِغَيْرِهِ، وَمَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ فَلَّسَ، وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهِ فَقَدْ بَطَلَ تَحْبِيسُهُ لِضَعْفِ حَوْزِهِ عَنْهُ بِاكْتِنَافِهِ سُكْنَاهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ عَادَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْكُنْهَا أَوَّلًا وَحِيزَتْ عَنْهُ ثُمَّ عَادَ لِسُكْنَاهَا قَبْلَ عَامٍ فَلَا يَبْطُلُ تَحْبِيسُهُ، وَكَذَا عَوْدُهُ لِسُكْنَاهُ بَعْدَ تَمَامِ عَامٍ قَالَهُ تت. طفي فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَبْطُلُ فَلَا مَفْهُومَ لِعَادَ وَلَا لِسُكْنَى وَلَا لِمَسْكَنِهِ، إذْ الِانْتِفَاعُ بِغَيْرِ السُّكْنَى كَالِانْتِفَاعِ بِهَا وَغَيْرُ الْمَسْكَنِ كَالْمَسْكَنِ كَذَا النَّقْلُ وَبِهِ شَرَحَ الشُّرَّاحُ الْمُعْتَمَدُونَ. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَبَّسَ حَبْسًا وَسَكَنَهُ زَمَانًا ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ فَلَا أَرَاهُ إلَّا قَدْ أَفْسَدَ حَبْسَهُ، وَهُوَ مِيرَاثٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ حِيزَ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ نَافِذٌ، فَإِنْ رَجَعَ فَسَكَنَ فِيهِ بِكِرَاءٍ بَعْدَ مَا حِيزَ عَنْهُ، فَإِنْ جَاءَ فِي ذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121 أَوْ جُهِلَ سَبْقُهُ لِدَيْنٍ:   [منح الجليل] أَمْرٌ بَيِّنٌ مِنْ الْحِيَازَةِ فَذَلِكَ نَافِذٌ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. مُحَمَّدٌ هَذَا إذَا حَازَ ذَلِكَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ صَغِيرٌ وَلَا مَنْ لَمْ يُولَدْ بَعْدُ، فَأَمَّا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ يُحَوِّزُهُ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدَمَ أَوْ يَكْبَرَ أَوْ يُولَدَ أَوْ كَانَ بِيَدِهِ هُوَ يَحُوزُهُ لِمَنْ يَجُوزُ حَوْزُهُ عَلَيْهِ ثُمَّ سَكَنَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ، وَقَبْلَ أَنْ يَحُوزَ مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ حَبَّسَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ يُبْطِلُهُ. قُلْت، وَكَمْ حَدَّ تِلْكَ الْحِيَازَةِ؟ قَالَ السَّنَةُ أَقَلُّهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِحِيَازَةِ الْعَامِ فِي الْمَالِكِينَ أُمُورَهُمْ، فَقَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ رَجَعَ بِعُمْرَى أَوْ كِرَاءٍ أَوْ إرْفَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ سَنَةً أَنَّ الْوَقْفَ نَافِذٌ. ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الصِّغَارُ فَمَتَى سَكَنَ أَوْ عَمَّرَ، وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ بَطَلَ. اهـ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَاتٍ وَابْنُ سَلْمُونٍ. وَأَفْتَى ابْنُ لُبٍّ بِأَنَّهُ إنْ أَخْلَى مَا حَبَّسَهُ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ عَامًا كَامِلًا ثُمَّ رَجَعَ لَهُ فَلَا يُبْطِلُ رُجُوعُهُ تَحْبِيسَهُ. الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِي نُفُوذِ السُّكْنَى إذَا أَخْلَاهُ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُكْرِيَهُ فِي هَذَا الْعَامِ بِاسْمِ مَحْجُورِهِ، وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْكِرَاءِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ الْعَطَّارِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَحْجُورَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ أَفَادَهُ " ق " الْحَطّ وَأَمَّا إنْ عَادَ لِلسُّكْنَى بَعْدَ عَامٍ فَلَا يَبْطُلُ، وَهَذَا فِي حَقِّ مَنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ. وَأَمَّا مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْوَاقِفُ فَإِنْ عَادَ لِسُكْنَاهُ بَطَلَ الْحَبْسُ وَالْهِبَةُ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنِ عَرَفَةَ. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةُ الْمُتَيْطِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحْجُورِ وَغَيْرِهِ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِعَوْدِهِ لِلسُّكْنَى بَعْدَ عَامٍ وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ، وَقَدْ نَظَّمَ هَذَا سَيِّدِي حَمْدُونُ الْمِزْوَارُ فَقَالَ: رُجُوعُ وَاقِفٍ لِمَا قَدْ وَقَفَا ... بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ قَدْ خُفِّفَا عَلَى صَبِيٍّ كَانَ أَوْ ذِي رُشْدِ ... وَاعْتَرَضَتْ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدِ (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ إنْ وَقَفَ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَيْهِ مُسْتَغْرِقٌ مَا بِيَدِهِ وَ (جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سَبْقُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (لِدَيْنٍ) ظَهَرَ عَلَى الْوَاقِفِ مُسْتَغْرِقُ مَا وَقَفَهُ وَعَدَمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122 إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ.   [منح الجليل] سَبْقِهِ إيَّاهُ فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ (إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مَحْجُورِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ احْتِيَاطًا لِلْوَاجِبِ، وَهُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَحْجُورِهِ فَلَا يَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ حَبَّسَ حَبْسًا عَلَى وَلَدٍ لَهُ صِغَارٌ فَمَاتَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُدْرَى الدَّيْنُ كَانَ قَبْلُ أَمْ الْحَبْسُ، وَقَامَ الْغُرَمَاءُ فَعَلَى الْوَلَدِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْحَبْسَ كَانَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَإِلَّا بَطَلَ الْحَبْسُ، وَنَحْوُهُ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى ابْنٍ مَالِكٍ لِأَمْرِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَحَازَ وَقَبَضَ كَانَتْ الصَّدَقَةُ أَوْلَى. الْمُتَيْطِيُّ إنْ تَحَقَّقَ سَبْقُ الدَّيْنِ بَطَلَ الْحَبْسُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ مُطْلَقًا، وَإِنْ تَحَقَّقَ سَبْقُ الْعَطَايَا نَفَذَتْ وَبَقِيَتْ الدُّيُونُ عَلَى الْغَرِيمِ، وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَمَا كَانَ مِنْ تَحْبِيسٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ عَلَى كَبِيرٍ حَازَ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى صَغِيرٍ حَازَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ بِأَمْرِ أَبِيهِ فَهُوَ مَاضٍ عَلَى حَسَبِ مَا عُقِدَ وَتَبْقَى الدُّيُونُ فِي ذِمَّتِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صَغِيرٍ حَازَ لَهُ أَبُوهُ فَالدُّيُونُ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ " غ " الشَّرْطُ قَاصِرٌ عَلَى هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا، فَفِي كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً مِنْ غَيْرِ ثَوَابٍ ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ وَاهِبِهَا وَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يُرِيدُ قَبْضَهَا فَالْمُبْتَاعُ أَحَقُّ بِهَا، وَذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الَّذِي حَبَّسَ عَلَى وَلَدٍ لَهُ صِغَارٍ حَبْسًا وَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يُدْرَى قَبْلَ الْحَبْسِ أَوْ بَعْدَهُ، فَقَالَ الْبَنُونَ قَدْ حُزْنَاهُ بِحَوْزِ الْأَبِ عَلَيْنَا، فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً أَنَّ الْحَبْسَ كَانَ قَبْلَ الدَّيْنِ فَالْحَبْسُ لَهُمْ وَإِلَّا بِيعَ لِلْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَقَدْ اسْتَوْعَبَهَا الْمُتَيْطِيُّ. طفي لَا مَعْنَى لِرُجُوعِ الْقَيْدِ لِلَّتِي قَبْلَهَا، الْآنَ عَوْدُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ السَّنَةِ يُبْطِلُ الْحَوْزَ إنْ كَانَ الْحَائِزُ مِمَّنْ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ حَبَّسَ عَلَى صَغِيرِهِ وَحَازَهُ لَهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ يَبْطُلُ مَتَى رَجَعَ إلَيْهِ، وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ فِي نُفُوذِ مَسْكَنِ السُّكْنَى إذَا أَخْلَاهُ عَامًا بِشَرْطِ أَنْ يُكْرِيَهُ فِي هَذَا الْعَامِ بِاسْمِ مَحْجُورِهِ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ بِالْكِرَاءِ، وَيُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123 أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ بِشَرِيكٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لَهُ،   [منح الجليل] وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَيْدِ إلَيْهَا، إذْ لَوْ رَجَعَ إلَيْهَا لَكَانَ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ: إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَحْجُورِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ وَعَلَيْهِ دَرَج الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ تَكُنْ دَارُ سُكْنَاهُ، وَتَبِعَ تت الشَّارِحَ فِي قَوْلِهِ قَيَّدَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَالْعَجَبُ كَيْفَ سَلَّمَهُ، وَهُوَ وَاضِحُ الْفَسَادِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ " غ " مُعَرِّضًا بِالشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: الشَّرْطُ قَاصِرٌ عَلَى هَذِهِ دُونَ مَا قَبْلَهَا وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ الدَّالَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَلَمْ يَهْتَدِ لَهُ، لَكِنَّ الْكَمَالَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَاطِلَ فِي قَوْلِهِ أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ الْحَوْزُ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ الْحَبْسُ. اهـ. أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مَانِعٌ، وَهُوَ سَاكِنٌ بِهِ وَإِلَّا بَطَلَ الْحَبْسُ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ الْوَقْفُ إنْ وَقَفَ الْمَالِكُ مِلْكَهُ (عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ فَهُوَ بَاطِلٌ إنْ كَانَ عَلَى نَفْسِهِ وَحْدَهُ، بَلْ (وَلَوْ) وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ (بِشَرِيكٍ) أَيْ مَعَ غَيْرِهِ كَوَقَفْتُ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى فُلَانٍ فَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَصِحُّ عَلَيْهِمَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِ وَلَوْ. ابْنُ عَرَفَةَ الْحَبْسُ عَلَى نَفْسِ الْمُحَبِّسِ وَحْدَهُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَا مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ كُلِّ حَبْسِ مَنْ حَبَّسَ عَلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ إنْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ، فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ صَحَّ عَلَى غَيْرِهِ فَقَطْ. (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ إنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ فَقَطْ وَشَرَطَ (أَنَّ النَّظَرَ) عَلَى وَقْفِهِ (لَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ فَهُوَ بَاطِلٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَحْجُورًا لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحُوزُ لِمَحْجُورِهِ، وَيَتَصَرَّفُ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. ابْنُ شَاسٍ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَحْبِسَ، وَيَكُونَ هُوَ وَلِيَّ الْحَبْسِ. مُحَمَّدٌ فِيمَنْ حَبَّسَ غَلَّةَ دَارِهِ فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَتَوَلَّى عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ، وَهِيَ بِيَدِهِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ فِي حَبْسِهِ أَنَّهُ يَلِيهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. طفي ذَكَرَهُ فِي مُبْطِلَاتِ الْحَبْسِ جَازَ مَا بِهِ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ، أَيْ الشَّرْطُ وَيُحْتَمَلُ أَيْ الْوَقْفُ وَيَبْطُلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 124 أَوْ لَمْ يَحُزْهُ كَبِئْرٍ وُقِفَ عَلَيْهِ، وَلَوْ سَفِيهًا، أَوْ وَلِيِّ صَغِيرٍ. أَوْ لَمْ يُخَلِّ   [منح الجليل] وَلَوْ كَانَ حَيًّا اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ قَائِلًا وَيَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إلَى نَاظِرٍ آخَرَ يَنْظُرُ فِيهِ وَلَا يُوَفِّي لَهُ بِشَرْطِهِ وَتَرَدَّدَ أَيْضًا فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ مَنْ حَبَّسَ غَلَّةَ دَارِهِ فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَكَانَ يَلِيهَا حَتَّى مَاتَ وَهِيَ بِيَدِهِ أَنَّهَا مِيرَاثٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ فِي حَبْسِهِ أَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ لَمْ يُجِزْهُ لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فَقَالَ اُنْظُرْ قَوْلَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْطُلُ حَبْسُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ أَوْ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يُجِزْهُ لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَيْ لَمْ يُجِيزَا لَهُ الشَّرْطَ فَيَصِحُّ الْحَبْسُ وَيَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إلَى غَيْرِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْمُحَبِّسَ مَاتَ وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ وَلَا إشْكَالَ فِي الْبُطْلَانِ مَعَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ حَيًّا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَخْرُجُ إلَى يَدِ ثِقَةٍ لِيَتِمَّ حَوْزُهُ، وَكَذَا فَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ. اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ فَجَزَمَ هُنَا بِخِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ هُنَا عَلَى بُطْلَانِ الْحَوْزِ كَمَا فِي قَوْلِهِ أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ " غ " وَاسْتَبْعَدَ. تت فِي كَبِيرِهِ حَمْلُهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ وَلَا بُعْدَ فِيهِ. (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ إنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِهِ فَقَطْ وَلَيْسَ فِي حِجْرِهِ وَ (لَمْ يَحُزْهُ) أَيْ الْوَقْفُ شَخْصٌ (كَبِيرٌ) أَيْ بَالِغٌ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الْكَبِيرِ فَيَبْطُلُ بِحُصُولِ مَانِعٍ لِلْوَاقِفِ قَبْلَ حَوْزِهِ عَنْهُ، فَإِنْ حَازَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْكَبِيرُ قَبْلَهُ فَلَا يَبْطُلُ بِحُصُولِهِ لَهُ بَعْدَهُ إنْ كَانَ الْكَبِيرُ رَشِيدًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (سَفِيهًا) لَا يَحْفَظُ الْمَالَ وَلَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَحَوْزُهُ لِنَفْسِهِ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَبَرُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِ وَلَوْ (أَوْ) وُقِفَ عَلَى صَغِيرٍ مَحْجُورٍ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَحُزْهُ (وَلِيُّ صَغِيرٌ) حَتَّى حَصَلَ لِلْوَاقِفِ مَانِعٌ فَيَبْطُلُ وَقْفُهُ، فَإِنْ حَازَهُ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْحَوْزِ رَفْعُ يَدِ وَاقِفِهِ عَنْهُ وَتَسْلِيمُهُ لِغَيْرِهِ. (أَوْ) أَيْ وَبَطَلَ إنْ وَقَفَ مَسْجِدًا أَوْ قَنْطَرَةً أَوْ رِبَاطًا أَوْ نَحْوَهَا وَ (لَمْ يُخَلِّ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 125 بَيْنَ النَّاسِ، وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ قَبْلَ فَلَسِهِ، وَمَوْتِهِ، وَمَرَضِهِ.   [منح الجليل] بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ الْوَاقِفُ (بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدِ) وَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ وَنَحْوِهَا وَتَنَازَعَ يَحُزْ وَيُخَلِّ (قَبْلَ فَلَسِهِ) أَيْ وَالْوَاقِفُ الْأَعَمُّ أَوْ الْأَخَصُّ (وَ) قَبْلَ (مَرَضِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الْمُتَّصِلِ بِمَوْتِهِ وَقَبْلَ جُنُونِهِ كَذَلِكَ (وَقَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ بِأَنْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ أَصْلًا أَوْ حِيزَ عَنْهُ بَعْدَ مَرَضِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ فَلَسِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَخْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فِي الصِّحَّةِ يَمُوتُ الْمُعْطِي أَوْ يُفْلِسُ أَوْ يَمْرَضُ قَبْلَ حَوْزِهَا عَنْهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيَقْضِي لِلْمُعْطِي بِالْقَبْضِ إنْ مَنَعَهُ الْمُعْطِي، وَمَنْ وَهَبَ عَبْدًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ، فَذَلِكَ كُلُّهُ بَاطِلٌ، كَقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَلَمْ يَقْبِضْ الْكِبَارُ الْحَبْسَ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْكِبَارَ لَمْ يَقْبِضُوا الْحَبْسَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُعْرَفُ إنْفَاذُ الْحَبْسِ لِلصِّغَارِ هَاهُنَا إلَّا بِحِيَازَةِ الْكِبَارِ، بِخِلَافِ مَنْ حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَهُمْ صِغَارٌ كُلُّهُمْ، فَإِنْ مَاتَ كَانَ الْحَبْسُ لَهُمْ جَائِزًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي لَغْوِ قَبْضِ السَّفِيهِ لِنَفْسِهِ مَا حَبَّسَ عَلَيْهِ وَصِحَّتُهُ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ الْبُطْلَانَ عَنْ وَثَائِقِ الْبَاجِيَّ وَالصِّحَّةَ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ الْأَخَوَيْنِ، قَالَ وَنَزَلْت أَيَّامَ الْقَاضِي مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ فَشَاوَرَ فِيهَا الْعُلَمَاءَ فَأَجْمَعَ فُقَهَاءُ بَلَدِهِ عَلَى صِحَّتِهِ إلَّا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ التُّجِيبِيَّ فَأَفْتَى بِبُطْلَانِهِ فَحَكَمَ بِقَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَفِيهَا مَنْ وَهَبَ لِصَغِيرٍ هِبَةً وَجَعَلَ مَنْ يَحُوزُهَا لَهُ إلَى أَنْ يَبْلُغَ وَتُرْضَى حَالُهُ فَتُدْفَعُ إلَيْهِ وَيُشْهِدُ لَهُ بِذَلِكَ فَذَلِكَ حَوْزٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ حَاضِرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ لَا تَحُوزُ الْأُمُّ وَلَا غَيْرُهَا صَدَقَةً عَلَى ابْنٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ، وَرَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. اللَّخْمِيُّ الْحَبْسُ أَصْنَافٌ: صِنْفٌ لَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَائِزٍ مَخْصُوصٍ وَهِيَ الْمَسَاجِدُ وَالْقَنَاطِرُ وَالْمَوَاجِلُ وَالْآبَارُ. فَإِذَا خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ صَحَّ حَبْسُهُ (إلَّا) وَقْفُهُ (لِمَحْجُورِهِ) أَيْ عَلَى مَنْ هُوَ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 126 إلَّا لِمَحْجُورِهِ إذَا أَشْهَدَ، وَصَرَفَ الْغَلَّةَ لَهُ، وَلَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَاهُ، أَوْ عَلَى وَارِثٍ بِمَرَضِ مَوْتِهِ   [منح الجليل] حِجْرِ الْوَاقِفِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ مُوصِي أَوْ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ مِنْهُمْ، فَلَا يَبْطُلُ بِبَقَاءِ يَدِ وَاقِفِهِ عَلَيْهِ (إذَا أَشْهَدَ) الْوَاقِفُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى مَحْجُورِهِ بِأَنْ قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي حَبَسْت هَذَا عَلَى مَحْجُورِي (وَ) إذَا (صَرَفَ الْغَلَّةَ) لِلْحَبْسِ (لَهُ) أَيْ فِي مَصَالِحِ مَحْجُورِهِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَنَحْوِهَا (وَ) إذَا (لَمْ تَكُنْ) الذَّاتُ الْمَوْقُوفَةُ دَارَ (سُكْنَاهُ) أَيْ الْوَاقِفِ الَّتِي اسْتَمَرَّ سَاكِنًا بِهَا إلَى مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوَقْفِ أَوْ لَمْ يَصْرِفْ الْغَلَّةَ لَهُ أَوْ كَانَتْ دَارُ سُكْنَاهُ إلَى مَوْتِهِ لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهُ لَهُ. طفي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَاهُ الَّتِي لَمْ يُخَلِّهَا إلَى أَنْ مَاتَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِدَارِ السُّكْنَى، بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهَا إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ تَحْبِيسِهَا أَوْ ثَوْبًا لَبِسَهُ أَوْ دَابَّةً رَكِبَهَا؛ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا حُبِسَ عَلَى مَحْجُورِهِ مَهْمَا انْتَفَعَ بِهِ بَطَلَ، وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْحَاجِبِ الشَّرْطَ الثَّالِثَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا تَكُونُ الْأُمُّ حَائِزَةً لِمَا تَصَدَّقَتْ أَوْ وَهَبَتْ لِصِغَارِ وَلَدِهَا وَإِنْ أَشْهَدَتْ، بِخِلَافِ الْأَبِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً لَهُ أَوْ وَصِيَّةَ وَصِيِّهِ فَيَتِمُّ حَوْزَهَا لَهُمْ، وَيَحُوزُ الْأَبُ لِصِغَارِ بَنِيهِ وَبَالِغَاتِ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ مَا وَهَبَهُمْ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَلَا يَزُولُ حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهُمْ الْمُتَيْطِيُّ إنْ عَمَّرَ الْمُحَبِّسُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ الْحَبْسَ لِنَفْسِهِ وَأَدْخَلَ غَلَّتَهُ فِي مَصَالِحِهِ، فَإِنَّ مَوْتَهُ يُبْطِلُ تَحْبِيسَهُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَإِذَا حَبَّسَ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ وَهَبَهَا لَهُمْ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ، فَإِنْ حَوَّزَهُ لَهُمْ حَوَّزَ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَاكِنًا فِيهَا كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا حَتَّى مَاتَ فَيَبْطُلُ جَمِيعُهَا وَأَمَّا الدَّارُ الْكَبِيرَةُ الَّتِي سَكَنَ أَقَلَّهَا وَأَكْرَى لَهُمْ بَقِيَّتَهَا فَذَلِكَ نَافِذٌ فِيمَا سَكَنَ وَفِيمَا لَمْ يَسْكُنْ. (أَوْ) أَيْ وَبُطْلَانُ وَقْفٍ (عَلَى) شَخْصٍ (وَارِثٍ) لِلْوَاقِفِ (بِمَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الْمَخُوفِ الْمُوجِبِ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فَيَبْطُلُ وَيَرْجِعُ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْحَبْسُ عَلَى وَارِثٍ وَحْدَهُ فِي الْمَرَضِ مَرْدُودٌ كَهِبَتِهِ لَهُ فِيهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 127 إلَّا مُعَقَّبًا خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ؛ فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ: كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ، وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَعَقَبَهُ. وَتَرَكَ أُمًّا وَزَوْجَةً، فَيَدْخُلَانِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ: وَقْفٌ،   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مَنْ وَقَفَهُ عَلَى وَارِثِهِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ مَسْأَلَةً مَعْرُوفَةً بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سَحْنُونٌ وَهِيَ مِنْ حِسَانِ الْمَسَائِلِ قَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا فَقَالَ (إلَّا) وَقْفًا (مُعَقَّبًا) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَقْفًا عَلَى الْعَقِبِ وَالنَّسْلِ بِأَنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَعَقِبِهِمْ (خَرَجَ) الْحَبْسُ الْمُعَقَّبُ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ (مِنْ ثُلُثِ) مَالِ (هـ) أَيْ الْوَاقِفِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ. فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ فَيُعْمَلُ فِي قَدْرِ الثُّلُثِ مِنْهُ مَا يُعْمَلُ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَيُقْسَمُ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ فَمَا يَنُوبُ أَوْلَادُهُ (فَ) هُوَ (كَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ) لِلْوَاقِفِ، سَوَاءٌ كَانَ أَوْلَادُهُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ أَوْ غَيْرُهُمْ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ كَبَاقِي التَّرِكَةِ، وَمَثَّلَ لَهَا فَقَالَ (كَ) وَقْفِهِ عَقَارًا بِمَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى (ثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ) لِلْوَاقِفِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ (وَ) عَلَى (أَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ) لَهُ (وَعَقَّبَهُ) بِفَتْحِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً، أَيْ جَعَلَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ عَلَى عَقِبِهِ بِأَنْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ وَعَقِبِهِمْ وَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ السَّبْعَةِ الْمَذْكُورِينَ (وَتَرَكَ) الْوَاقِفُ (أُمًّا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ لَهُ (وَزَوْجَةً) لَهُ (فَيَدْخُلَانِ) أَيْ أُمِّ الْوَاقِفِ وَزَوْجَتِهِ (فِيهَا) أَيْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَنُوبُ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ مِنْ قِسْمَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَى سَبْعَةٍ عَدَدِ رُءُوسِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، فَلِلْأُمِّ سُدُسُهَا، وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا، وَيُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى الْأَوْلَادِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، فَأَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِاتِّفَاقِ مُخْرِجِي السُّدُسِ وَالثُّمُنِ بِالنِّصْفِ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ، وَالْبَاقِي سَبْعَةَ عَشْرَ مُنْكَسِرَةً عَلَى الْأَوْلَادِ مُبَايِنَةً لَهُمْ، فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَلِلْأَوْلَادِ سَبْعَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِأَحَدٍ وَخَمْسِينَ. (وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ) أَيْ الْوَقْفِ الْبَاقِيَةُ بَعْدَ أَخْذِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ حِصَّتَهُمْ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَخَبَرُ أَرْبَعَةِ أَسْبَاعِهِ (لِوَلَدِ الْوَلَدِ) الْأَرْبَعَةِ (وَقْفٌ) ابْنُ الْقَاسِمِ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 128 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِي قَسْمِ الْوَقْفِ عَلَى السَّبْعَةِ سَوَاءٌ. وَقَالَ سَحْنُونٌ وَمُحَمَّدٌ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَلَوْ حَبَّسَ عَلَى وَارِثٍ وَغَيْرِهِ مَعَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَهِيَ كَالْمَشْهُورَةِ بِوَلَدِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ ذُو دَارٍ حَبَّسَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَحَمَّلَهَا ثُلُثَهُ وَتَرَكَ مَعَهُمْ أُمًّا وَزَوْجَةً، فَصَوَّرَهَا الشَّيْخُ وَالصَّقَلِّيُّ بِأَنَّ الْوَلَدَ ثَلَاثَةٌ، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الْوَلَدِ فَتُقْسَمُ غَلَّتُهَا عَلَى عَدَدِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ، سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَالذَّكَرُ كَالْأُنْثَى، وَصَوَّرَهَا ابْنُ شَاسٍ بِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ أَرْبَعَةٌ. مُحَمَّدٌ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَّسِعُ فِيهَا الْمَقَالُ، وَيَتَفَرَّغُ فِيهَا السُّؤَالُ، وَيَدِقُّ فِيهَا الْفِقْهُ سَحْنُونٌ هِيَ مِنْ حِسَانِ الْمَسَائِلِ، وَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا، أَوْ هِيَ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ صَوَابٌ، وَفِي بَعْضِهَا خَطَأٌ لِدِقَّةِ مَعَانِيهَا وَغَامِضِ تَفْرِيعِهَا، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَحَمَّلَهُ الثُّلُثَ كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ وَارِثٍ، وَهُوَ وَلَدُ وَلَدِهِ وَعَلَى وَارِثٍ، وَهُوَ وَلَدُهُ فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى إبْطَالِ مَا لِلْوَلَدِ إنْ شَاءَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِغَيْرِ الْوَارِثِ، وَهُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَمَا يَتَنَاسَلُ مِنْ الْأَعْقَابِ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إيقَافِ ذَلِكَ عَلَى مَعَانِي الْإِحْبَاسِ إلَّا أَنَّ مَا صَارَ مِنْهُ بِيَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ يُقَاسَمُ فِيهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مِنْ أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَغَيْرِهِمْ إنْ لَمْ يُجِيزُوا فَيَدْخُلُونَ فِي تِلْكَ الْمَنَافِعِ، إذْ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» . ابْنُ شَاسٍ وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ بِالْحَبْسِ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِالسَّوِيَّةِ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُمْ وَاحِدَةً، وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ. فِي الْبَيَانِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. طفي أَيْ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى يُقْسَمُ بَيْنَ أَعْيَانِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرِهِمْ وَأُنْثَاهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظَّيْ الْأُنْثَى، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُقْسَمُ الْحَبْسُ بَيْنَهُمْ أَسْبَاعًا إنْ اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ اسْتَوَتْ أَوْ لَمْ تَسْتَوِ عَلَى ظَاهِرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ هُوَ الصَّوَابُ أَنْ يُنْظَرَ كَمْ وَلَدَهُ وَكَمْ وَلَدَ وَلَدِهِ، فَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ ثَلَاثَةً وَوَلَدُ وَلَدِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا وَحَالُهُمْ وَاحِدٌ قُسِمَ الْحَبْسُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ فَقِيلَ إنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ إنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 129 وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لَهُمَا: كَمَوْتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.   [منح الجليل] خِلَافٌ لَهُ إذْ قَالَ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَمْ يُشْتَرَطُ تَسَاوِي أَحْوَالِهِمْ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فَرَّقَ فِي التَّحْبِيسِ فِي الْمَرَضِ لِكَوْنِهِ بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ، فَرَأَى أَنْ لَا يُفَضَّلَ فَقِيرُهُمْ عَلَى غَنِيِّهِمْ، بِخِلَافِ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ. وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ عَلَى أَنْ لَا يُفَضَّلَ الْوَلَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَسْمِهِ بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا وَإِنْ اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَشْهُورِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. هَذَا تَحْرِيرُ النَّقْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ) لِلْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ السَّبْعَةِ (بِ) سَبَبِ (حُدُوثِ وَلَدٍ لَهُمَا) أَيْ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ اتِّفَاقًا، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جَانِبٍ أَوْ مِنْ جَانِبَيْنِ، وَتَصِيرُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، وَفِي الثَّانِي عَلَى تِسْعَةٍ، وَكَذَا إنْ حَدَثَ أَكْثَرُ. وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ فَقَالَ (كَمَوْتِهِ) أَيْ وَاحِدٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَأَكْثَرَ فَيَنْتَقِضُ الْقَسْمُ وَيُقْسَمُ عَلَى سِتَّةٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ أَخَذَ وَلَدُ الْوَلَدِ ثُلُثَيْ السِّتَّةِ وَالْبَاقِيَانِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ الثُّلُثَ وَقُسِمَا عَلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ، فَتَأْخُذُ أُمُّهُ سُدُسَهُمَا وَزَوْجَتُهُ ثُمُنَهُمَا، وَيُقْسَمُ بَاقِي السَّهْمَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْوَلَدَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ سَهْمَانِ وَيَحْيَا الْمَيِّتُ بِالذَّكَرِ، وَمَا نَابَهُ فَلِوَرَثَتِهِ أَيًّا كَانُوا عَلَى الْفَرَائِضِ مَوْقُوفًا بِأَيْدِيهِمْ وَتَدْخُلُ فِيهِ زَوْجَةُ الْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ أُمَّهُ. ابْنُ يُونُسَ فَيَصِيرُ بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ نَصِيبٌ بِمَعْنَى الْوَقْفِ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَنَصِيبٌ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ مِنْ أَبِيهِ، وَكَذَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ لَوْ مَاتَ ثَانٍ فَيُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةٍ. وَإِنْ مَاتَ الثَّالِثُ صَارَ الْجَمِيعُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ حَبْسًا وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ النِّصْفُ، وَلِوَلَدِ الْوَلَدِ النِّصْفُ. ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ إنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٌ يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ كَمَا يَنْتَقِضُ لِحُدُوثِ وَلَدٍ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ أَوْ لِوَلَدِ الْوَلَدِ، وَيُقْسَمُ جَمِيعُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 130 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَبْسِ عَلَى عَدَدِ بَقِيَّةِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، فَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ نَفَذَ لَهُمْ بِالْحَبْسِ، وَمَا صَارَ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ فَيَأْخُذُ الْحَيَّانِ سَهْمَيْهِمَا وَوَرَثَةُ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ سَهْمَهُ تَدْخُلُ فِيهِ أُمُّهُ وَزَوْجَتُهُ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ وَوَلَدُهُ، وَهُوَ أَحَدُ وَلَدِ الْوَلَدِ، فَيَصِيرُ لِوَلَدِ هَذَا الْمَيِّتِ نَصِيبٌ بِمَعْنَى الْحَبْسِ مِنْ جَدِّهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَنَصِيبٌ بِمَعْنَى الْمِيرَاثِ، وَعَلَى مَا رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَدَخَلَتْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ فِيمَا صَارَ لَهُمْ بِحَظَّيْهِمَا إرْثًا، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ تَعَلَّقَ بِحَظِّهِ حَقُّ وَلَدِ الْوَلَدِ لِوُجُوبِ صَرْفِ كُلِّ حَبْسٍ عَلَى عَدَدٍ عِنْدَ مَوْتِ بَعْضِهِ عَلَى مَنْ بَقِيَ، وَفِي صَرْفِهِ لَهُمْ بِنَقْضِ الْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَقَسْمِهِ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ لِيُقْسَمَ حَظُّهُمْ بِمُقْتَضَى إرْثِهِمْ، وَالْمَيِّتُ مَعَهُمْ مُقَدَّرَةٌ حَيَاتُهُ يَسْتَحِقُّ وَارِثُهُ حَظَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ عَلَيْهِمْ بِحَظَّيْهِمَا كَمَا مَرَّ أَوْ بِلِقَائِهِ وَيُقْسَمُ حَظُّ الْمَيِّتِ مَرْدُودًا إلَيْهِ سُدُسُهُ وَثُمُنُهُ كَذَلِكَ نَقَلَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ مُحَمَّدٍ وَيَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ وَبِهِ فَسَّرَ الشَّيْخُ الصِّقِلِّيُّ. وَقَوْل سَحْنُونٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ بِضَمِّ وَلَدِ الْأَعْيَانِ مَا صَارَ لَهُمَا مِنْ قَسْمِ سَهْمِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا مَعَ وَلَدِ الْوَلَدِ لِلسُّدُسَيْنِ اللَّذَيْنِ بِأَيْدِيهِمَا مَرْدُودٌ إلَيْهِمَا مَا أَخَذَهُ الْأُمُّ مِنْهُمَا، وَالزَّوْجَةُ يَخْرُجُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ لَهُمَا سُدُسُهَا وَثُمُنُهَا، وَيُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا مَعَ الْمَيِّتِ مُقَدَّرَةٌ حَيَاتُهُ، وَحَظُّهُ لِوَارِثِهِ عَائِدٌ إلَى نَقْضِ الْقَسْمِ. الشَّيْخُ وَلَا يَخْتَلِفُ مَعْنَى نَقْضِ الْقَسْمِ مِنْ بَقَائِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ إنَّمَا يَخْتَلِفَانِ بِالنِّسْبَةِ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْمَيِّتِ، وَبَيَانُهُ يُقْسَمُ الْحَبْسُ بِمَوْتِ الْجَدِّ عَلَى أَنَّهُ فَرِيضَةٌ صَحَّتْ مِنْ الْقَسْمَيْنِ وَمِائَةً وَسِتِّينَ لِكُلٍّ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ سُدُسُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لِلزَّوْجَةِ ثُمُنُ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلَدِ جَمِيعُهُ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَلِلْأُمِّ سُدُسُ مَا بِيَدِ كُلٍّ مِنْ الْوَلَدِ جَمِيعُهُ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ رَدَّتْ إلَيْهِ الزَّوْجَةُ مَا أَخَذَتْ مِنْهُ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَتَرُدُّ الْأُمُّ إلَيْهِ سِتِّينَ فَيَعُودُ السُّدُسُ عَلَى مَا كَانَ فَيُقْسَمُ عَلَى خَمْسَةٍ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْأَعْيَانِ، فَتَأْخُذُ الْأُمُّ سُدُسَ مَا بِيَدِ كُلِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 131 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَاحِدٍ مِنْ وَلَدَيْ الْأَعْيَانِ، وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَالزَّوْجَةُ ثُمُنُهُ تِسْعَةٌ يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ جَمِيعُ ذَلِكَ مِائَةٌ وَسَهْمَانِ يَأْخُذُ كُلٌّ ثُلُثَهُ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ، وَلِوَارِثِ الْمَيِّتِ مِثْلُ ذَلِكَ، فَيَصِيرُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَتَانِ وَتِسْعَةٌ وَثَمَانُونَ وَلِلزَّوْجَةِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ، وَلِلْأُمِّ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، هَذَا عَلَى بَقَاءِ الْقَسْمِ وَعَلَى نَقْضِهِ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى خَمْسَةٍ خُمُسُهُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَكَذَلِكَ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ تَأْخُذُ الزَّوْجَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ ثُمُنَ مَا بِيَدِهِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَجْتَمِعُ لَهَا مِائَةٌ وَثَمَانِيَةُ، وَهُوَ مَا كَانَ لَهَا فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ، وَلِلْأُمِّ سُدُسُ مَا بِأَيْدِيهِمَا مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ، وَهُوَ مَا كَانَ لَهَا فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ الْبَاقِي بِيَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ سِتُّمِائَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ ثُلُثُهَا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ فَزَادَهُمْ نَقْضُ الْقَسْمِ عَلَى بَقَائِهِ مِائَةً وَسَبْعِينَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُمْ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ، هَذِهِ الزِّيَادَةُ كَانَتْ عِنْدَ عَمَّيْهِمَا وَنَقَصَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَثَمَانِينَ عَمَّا كَانَ بِيَدِهِ فِي الْقَسْمِ الْأَوَّلِ، فَاَلَّذِي نَقَصَهُمَا هُوَ مَا زَادَ وَرَثَةُ أَخِيهِمَا، وَهَذَا أَشْبَهُ لِوُجُوبِ مُسَاوَاةِ حَقِّ الْمَيِّتِ لِحَقَّيْهِمَا فِيمَا يَسْتَحِقَّانِهِ بِالْإِرْثِ. قُلْت هَذَا الْكَلَامُ بِطُولِهِ الْمَطْلُوبُ بِهِ بَيَانُ اخْتِلَافِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ، وَالْبَاقِي مِنْهُمْ عَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ وَبَقَائِهِ وَإِدْرَاكِهِ بِأَخْصَرَ مِنْ هَذَا وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ عَلَى نَقْضِ الْقَسْمِ ثُلُثُ خُمُسَيْ الْمَالِ، وَعَلَى بَقَائِهِ ثُلُثُ خُمُسَيْ سُدُسِهِ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ سُدُسِهِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْكُلَّ أَعْظَمُ مِنْ جُزْئِهِ، وَأَنَّ جُزْءَ الْأَصْغَرِ مِنْ قَدْرِ السَّمِيِّ لِجُزْءِ الْأَكْبَرِ أَصْغَرُ مِنْ جُزْءِ الْأَكْبَرِ، وَاخْتِلَافُ حَالِ الْوَارِثِ مَلْزُومٌ لِاخْتِلَافِ حَالِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ لِاتِّحَادِ حَالِ مَنْ سِوَاهُمْ، فِيهِمَا ضَرُورَةُ مُسَاوَاةِ الْجُزْءِ الْمَأْخُوذِ مِنْ كُلٍّ لِمَجْمُوعِ الْأَجْزَاءِ السَّمِيَّةِ لَهُ مِنْ كُلِّ أَجْزَائِهِ كَثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ثُمُنُهَا وَسُدُسُهَا كَثُمُنَيْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَسُدُسَيْهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 132 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ دَحُونٍ قَوْلُهُ إنْ مَاتَ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ قُسِمَ حَظُّهُ فَذَكَرَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَسْمِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ نَقْضِ الْقَسْمِ الْأَوَّلِ، هَذَا غَلَطٌ، وَالْوَاجِبُ رَدُّ الْوَرَثَةِ كُلَّ مَا بِأَيْدِيهِمْ وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ فِي مَعْنَى نَقْضِ الْقَسْمِ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ دَحُونٍ هَذَا؛ لِأَنَّهُ تَأَوَّلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى رَدِّ جَمِيعِ مَا بِيَدِ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ، وَيُضَافُ لَهُ ثُلُثُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثُ ثُمُنِ الزَّوْجَةِ فَيَصِيرُ سُبْعًا تَامًّا، وَيُقْسَمُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي السَّمَاعِ، وَلِذَا قَالَ قَوْلُهُ يُقْسَمُ الْجُزْءَانِ غَلَطٌ، بَلْ يَرُدُّ الْوَرَثَةُ كُلَّ مَا بِأَيْدِيهِمْ إلَى الْجُزْأَيْنِ، وَيُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا تَأَوَّلَهُ التُّونُسِيُّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ غَلَطٌ تَفْسُدُ بِهِ الْمَسْأَلَةُ. وَاَلَّذِي يَصِحُّ حَمْلُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ كُلُّ مَا بِيَدِهِ إنَّمَا يُؤْخَذُ سَهْمُهُ الَّذِي صَارَ مِنْ السَّبْعَةِ الْأَجْزَاءِ حِين قُسِمَ الْحَبْسُ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ، وَعَلَى وَلَدِ الْوَلَدِ مِمَّا بِيَدِهِ وَمِمَّا بِيَدِ الْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ، وَمِمَّا بِيَدِ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا دَاخِلَتَيْنِ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ، فَيُؤْخَذُ مِمَّا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَعْيَانِ ثَلَاثَةٌ فَيَكْمُلُ السُّبُعُ عَلَى هَذَا، فَيُقْسَمُ عَلَى الْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَمَنَابُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ مِنْهُ يُقْسَمُ عَلَيْهِمَا مَعَ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَعَلَى الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَتَسَاوَوْا عَلَى هَذَا فِي قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ كَتَسَاوِيهِمْ فِي نَقْضِ الْقَسْمِ. قُلْت قَوْلُهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ سَهْمُهُ الصَّائِرُ لَهُ مِنْ السَّبْعَةِ الْأَجْزَاءِ إلَى آخِرِهِ، كَذَا وَجَدْتُهُ فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ وَظَاهِرُ أَخْذِ كُلِّ مَا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ الصَّائِرُ لَهُ مِنْ قَسْمِ السَّبْعَةِ الْأَجْزَاءِ، وَهُوَ ضَافٍ لِلْمَعْنَى الَّذِي صَوَّبَهُ، وَلِنَصِّ قَوْلِهِ بَعْدُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ إلَخْ،، وَلَوْ قَالَ: إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّائِرُ لَهُ مِنْ السَّهْمِ السَّابِعِ مِنْ السَّبْعَةِ الْأَجْزَاءِ إلَخْ لَكَانَ وَاضِحًا. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ مَيِّتِهِمْ وَحَيِّهِمْ وَالْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهُ الصَّائِرُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِنْ السَّهْمِ الَّذِي بَانَ بِمَوْتِ أَحَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ اسْتِحْقَاقُ وَلَدِ الْوَلَدِ فِيهِ حَقًّا مَعَ الْبَاقِينَ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ بِمُقْتَضَى التَّحْبِيسِ عَلَى عَدَدِهِمْ. الصِّقِلِّيُّ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنَّمَا هَذَا فِي الثِّمَارِ وَشَبَهِهَا مِنْ الْغَلَّاتِ يُقْسَمُ عِنْدَ كُلِّ غَلَّةٍ عَلَى مَنْ وُجِدَ حِينَئِذٍ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، ثُمَّ يُقْسَمُ حَظُّ وَلَدِ الْأَعْيَانِ عَلَى الْفَرَائِضِ، فَمَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 133 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَسْكُنُ مِنْ دَارٍ أَوْ يَزْرَعُ مِنْ أَرْضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ قَسْمِهِ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ. الصِّقِلِّيُّ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ كَنَقْضِ الْقَسْمِ سَوَاءٌ فَانْظُرْهُ. قُلْت قَوْلُهُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى نَقْضَ الْقَسْمِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي قَرَّرَهُ فِي الثِّمَارِ هُوَ نَفْسُ نَقْضِ الْقَسْمِ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ صِحَّتُهُ عَلَى عَدَمِهِ، وَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ عَلَى الصَّوَابِ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ يُرِيدُ بِهِ بَقَاءَ الرُّبُعِ الْمُحَبَّسِ بَيْنَهُمْ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُمْ غَلَبَةَ الرُّبُعِ كَدَارٍ وَشَبَهِهِ، يُرِيدُ كَكِرَاءِ الدُّورِ وَنَحْوِهَا. أَمَّا إنْ كَانَ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُمْ نَفْسَ الرُّبُعِ كَدَارِ السُّكْنَى لَهُمْ وَأَرْضِ الزَّرْعِ لَهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ قَسْمِهِ، يُرِيدُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْوِيلِهِ عَنْ حَالَتِهِ فِي قَسْمِهِ بَيْنَهُمْ يَمُوتُ أَحَدُ وَلَدِ الْأَعْيَانِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الصَّائِرَ لِكُلِّ أَحَدٍ حَيْثُ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُمْ الْغَلَّةُ لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ لِتَعَدُّدِ قَسْمِهِ، فَوَجَبَ بَقَاءُ الرُّبُعِ الْمُحَبَّسِ عَلَى حَالِهِ وَالصَّائِرُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَيْثُ الْمَقْسُومُ بَيْنَهُمْ الرُّبُعُ نَفْسُهُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ فِي تَعَدُّدِ قَسْمِهِ، فَوَجَبَ نَقْضُهُ عَنْ بَقَاءِ حَالَتِهِ قَبْلَ مَوْتِ أَحَدِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي هَذَا السَّمَاعِ: إنَّ الْقَسْمَ لَا يَنْتَقِضُ بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ حَظُّهُ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ يَنْقَسِمُ خِلَافُ ظَاهِرِ سَمَاعِ يَحْيَى. ابْنُ الْقَاسِمِ يَنْتَقِضُ كُلُّهُ كَمَا إذَا زَادَ وَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ حَظُّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الْوَلَدِ انْتَقَضَ كُلُّ الْقَسْمِ مِنْ أَصْلِهِ اتِّفَاقًا، كَمَا يَنْتَقِضُ كَذَلِكَ إذَا زَادَ وَلَدُ الْوَلَدِ، وَسَمَاعُ يَحْيَى لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِسَمَاعِ عِيسَى فِيمَا يُخْرِجُهُ الْقَسْمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي قِلَّتِهِ وَكَثْرَتِهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْعَمَلِ، وَسَمَاعُ يَحْيَى أَوْلَى لِمَا فِي تَرْكِ الْقَسْمِ مِنْ التَّشَعُّبِ وَالْعَنَاءِ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى الْمَذْكُورِ مَا صَارَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ يَسْتَمْتِعُونَ بِهِ مَا عَاشَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ. ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ نَظَرٌ، إذَا لَا يَسْتَمْتِعُونَ بِجَمِيعِهِ مَا عَاشَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ إنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَعْيَانِ الْوَلَدِ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَرُدُّوا مِمَّا صَارَ لَهُمْ مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا يَسْتَمِعُ كُلُّ مَنْ صَارَ بِيَدِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ مِنْ الْحَبْسِ بِجَمِيعِ مَا صَارَ لَهُ مَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 134 مَاتَ أَحَد وَلَد الْأَعْيَان تَعَلَّقَ بِحَظِّهِ حَقّ وَلَد الْوَلَد لَا الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ، فَيَدْخُلَانِ، وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ. بِحَبَسْتُ وَوَقَفْت، وَتَصَدَّقْت، إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ، أَوْ لِمَجْهُولٍ وَإِنْ حُصِرَ.   [منح الجليل] بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ وَلَدِ الْأَعْيَانِ إنْ مَاتَ جَمِيعُ وَلَدِ الْوَلَدِ فَرَجَعَ جَمِيعُ الْحَبْسِ لِلْوَلَدِ، وَفِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ سُئِلَ عَنْهَا سَحْنُونٌ فَقَالَ هَذِهِ مِنْ حِسَانِ الْمَسَائِلِ قَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَهِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَهِيَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ خَطَأٌ، وَفِي بَعْضِهَا صَوَابٌ وَالصَّوَابُ فِيهَا أَكْثَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَنْتَقِضُ الْقَسْمُ بِمَوْتِ (الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ) وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَيَكُونُ بِيَدِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَقْفًا لِوَرَثَتِهِمَا وَكَذَا مَوْتُ وَارِثِهِمَا مَا دَامَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ أَوْ أَحَدِهِمْ، فَإِنْ مَاتُوا جَمِيعًا رَجَعَ مَا بِيَدِ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ أَوْ وَارِثِهِمَا لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَقْفًا فِيهَا لَوْ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ الزَّوْجَةُ صَارَ مَا بِيَدِهَا لِوَرَثَتِهَا مَوْقُوفًا، وَكَذَلِكَ يُورَثُ ذَلِكَ عَنْ وَارِثِهَا أَبَدًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ (وَدَخَلَا) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ (فِيمَا زِيدَ لِ) جِنْسِ (الْوَلَدِ) لِلْوَاقِفِ بِسَبَبِ مَوْتِ وَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ وَانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ وَصَيْرُورَةِ النِّصْفِ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَيَنْقَسِمُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ بِحَسَبِ الْفَرَائِضِ، وَكَذَا إنْ مَاتَ أَكْثَرُ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْوَلَدِ انْتَفَعَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ بِالْوَقْفِ انْتِفَاعَ الْمِلْكِ، وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. التُّونُسِيُّ هُوَ الصَّوَابُ، قَوْلُهُ انْتِفَاعُ الْمِلْكِ، أَيْ يُشْبِهُهُ وَلَيْسَ مِلْكًا حَقِيقَةً. وَأَشَارَ لِلصِّيغَةِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْوَقْفِ فَقَالَ مُعَلِّقًا لَهَا بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ صَحَّ وَقْفٌ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَقْتَضِيهِ إلَّا بِهَا (وَ) بِ (وَقَفْت) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ مُخَفَّفًا وَهَذَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ بِلَا قَرِينَةِ مَمْلُوكٍ (بِحَبَسْتُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفَةً وَمُثَقَّلَةً، وَهُوَ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ بِلَا قَرِينَةٍ اتِّفَاقًا عِنْدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَأَجْرَى غَيْرُهُ فِيهِ الْخِلَافَ مِنْ حَبَسْت (أَوْ) بِ (تَصَدَّقْت) وَهَذَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ (وَإِنْ قَارَنَهُ) أَيْ تَصَدَّقْت (قُيِّدَ) كَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ (أَوْ) قَارَنَهُ (جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ) كَتَصَدَّقْتُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ أَبْنَاءِ السَّبِيلِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ أَوْ الْمَسَاجِدِ (أَوْ) وَقَفَ بِتَصَدَّقْتُ (لِ) فَرِيقٍ (مَجْهُولٍ، وَإِنْ حُصِرَ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَاوُهُ لِلْحَالِ، وَإِنْ صِلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ كَفُلَانٍ وَعَقِبِهِ، فَإِنْ تَجَرَّدَ تَصَدَّقْت عَمَّا ذُكِرَ فَلَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلتَّحْبِيسِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ حَبَّسَ وَوَقَفَ وَتَصَدَّقَ، فَأَمَّا الْحَبْسُ وَالْوَقْفُ فَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ لَا يَفْتَرِقَانِ فِي وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ. وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ أَوْ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ أَوْ بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنَّهَا تُبَاعُ وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا عَلَى مَنْ ذَكَرَ بِالِاجْتِهَادِ إلَّا إذَا قَالَ صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا فَتَكُونُ حَبْسًا عَلَيْهِمْ لِلسُّكْنَى أَوْ الِاسْتِغْلَالِ، وَلَا تُبَاعُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَفْظُ تَصَدَّقْت إنْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ مِنْ قَيْدٍ أَوْ جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ تَأَبَّدَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ تَصَدَّقَ بِدَارٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ مَا عَاشُوا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا مَرْجِعًا إلَّا صَدَقَةً هَكَذَا إلَّا شَرَطَ فِيهَا فَهَلَكَ الرَّجُلُ وَوَلَدُهُ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ حَبْسًا عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِ الَّذِي حُبِّسَ وَلَا تُورَثُ. عِيَاضٌ إنْ قَالَ مَكَانَ حَبَّسَ أَوْ وَقَفَ صَدَقَةً، فَإِنْ عَيَّنَهَا لِمَجْهُولِينَ مَحْصُورِينَ مِمَّا يُتَوَقَّعُ انْقِطَاعُهُ كَعَلَى وَلَدِ فُلَانٍ أَوْ فُلَانٍ وَوَلَدِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُوَ حَبْسٌ مُؤَبَّدٌ يَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ مَرْجِعَ الْأَحْبَاسِ، سَوَاءٌ قَالَ مَا عَاشُوا أَمْ لَا وَنَحَا لَهُ فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ جَعَلَهَا لِمَجْهُولِينَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْمَسَاكِينِ، فَهِيَ مِلْكٌ لَهُمْ تُقْسَمُ عَلَيْهِمْ إنْ كَانَتْ مِمَّا تَنْقَسِمُ أَوْ بِيعَتْ وَقُسِمَ ثَمَنُهَا عَلَيْهِمْ أَوْ أُنْفِقَ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْمَجْهُولُ، وَيَتَعَيَّنُ الْمَجْهُولُ هُنَا بِاجْتِهَادِ النَّاظِرِ فِي الْحُكْمِ وَوَقْتِهِ فَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ، إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا هُوَ مَقْصِدُ الْمُحَبِّسِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَبْسَ اهـ " ق " فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّهُ لَا وَاوَ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ حُصِرَ. طفي اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَسْلُكْ طَرِيقَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَى مَا لِعَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ لَفْظَ وَقَفْت يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ بِمُجَرَّدِهِ دُونَ حَبَسْت وَتَصَدَّقْت. ابْنُ شَاسٍ لَفْظُ وَقَفْت يُفِيدُ بِمُجَرَّدِهِ التَّحْرِيمَ، وَأَمَّا الْحَبْسُ وَالصَّدَقَةُ فَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ، وَكَذَلِكَ ضَمُّ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالصَّدَقَةِ هِبَةَ الرَّقَبَةِ، فَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ الْحَاجِبِ لَفْظَ وَقَفْت يُفِيدُ التَّأْبِيدَ وَحَبَسْت وَتَصَدَّقْت إنْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَيْدٍ أَوْ جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ تَأَبَّدَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ، فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ حَبَسْت عَلَى وَقَفْت وَذَلِكَ عُدُولٌ مِنْهُ عَمَّا قَالَاهُ وَمَيْلٌ مِنْهُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَ الْحَطّ، إذْ لَوْ أَرَادَ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ لَأَخَّرَهُمَا عَنْ لَفْظِ وَقَفَ. وَأَمَّا تَقْرِيرُ تت بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِتَصَدَّقْتُ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَصَدَّقْت وَحَبَسْت كَمَا عَلِمْت. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَفْظُ الصَّدَقَةِ إنْ أَرَادَ بِهِ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ فَهِيَ هِبَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنَى الْحَبْسِ فَهُوَ كَلَفْظِهِ. قُلْت بَقِيَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَحَدَهُمَا اهـ. قُلْت: تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْحَبْسِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا هِبَةَ الرَّقَبَةِ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَجْرِي فِي الصَّدَقَةِ وَالْحَبْسِ وَالْوَقْفِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَصَدَقَةٌ لِفُلَانٍ فَلَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى إرَادَةِ تَمْلِيكِ الرَّقَبَةِ، وَمَا هُنَا عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ ذَلِكَ، أَوْ قَالَ يَسْتَغِلُّونَهَا مَثَلًا. ابْنُ رُشْدٍ وَالصَّدَقَةُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَدَارِي صَدَقَةٌ، وَلَا مَحْصُورِينَ كَهَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ يَسْكُنُونَهَا أَوْ يَسْتَغِلُّونَهَا حَبْسٌ لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ وَعَلَى مَحْصُورِينَ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَدَارِي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ، وَعَقِبُهُ فِي رُجُوعِهَا بِانْقِرَاضِهِمْ كَالْمُحَبِّسِ أَوْ لِآخِرِ الْعَقِبِ مِلْكًا ثَالِثُهَا هِيَ عُمْرَى تُورَثُ بِذَلِكَ عَلَى مِلْكِ مُعْطِيهَا. اهـ. فَافْهَمْ هَذَا الْمَحَلَّ فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ أَقْدَامٍ. الْبُنَانِيُّ رُجُوعُ الْقَيْدِ لِلثَّالِثِ فَقَطْ هُوَ الرَّاجِحُ عَلَى مَا أَفَادَهُ فِي ضَيْح، وَذَكَرَهُ الْحَطّ، وَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ فِي ضَيْح أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْمَذْهَبِ إنْ حَبَسْت وَوَقَفْت يُفِيدُ أَنَّ التَّأْبِيدَ سَوَاءٌ أُطْلِقَا أَوْ قُيِّدَا بِجِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ أَوْ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ، وَذَلِكَ إذَا ضَرَبَ لِلْوَقْفِ أَجَلًا فَقَالَ: حُبِّسَ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ خَمْسًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، أَوْ قَيَّدَهُ بِحَيَاةِ شَخْصٍ كَحُبِّسَ عَلَى فُلَانٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ، قَالَا: وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ. وَأَمَّا لَفْظُ الصَّدَقَةِ فَلَا يُفِيدُ التَّأْبِيدَ إلَّا إذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 137 وَرَجَعَ، إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ، وَامْرَأَةٌ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَ،   [منح الجليل] قَارَنَهُ قَيْدٌ. اهـ. وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ الْحَطّ أَوَّلَ تَقْرِيرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ يَرْجِعُ لِلثَّلَاثَةِ، وَخِلَافُ مَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ رُجُوعِهِ لَحَبَسْت وَتَصَدَّقْت فَقَطْ، وَقَدْ جَزَمَ طفي بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا فِي أَوَّلِ كَلَامِ الْحَطّ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ضَيْح يَرُدُّهُ، وَلَيْسَ فِيمَا نَقَلَهُ طفي عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا يَدُلُّ لِمَا زَعَمَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرَجَعَ) الْحَبْسُ الْمُؤَبَّدُ (إنْ انْقَطَعَ) مَا حُبِّسَ عَلَيْهِ (لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ) يَوْمَ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا يُشَارِكُهُمْ أَغْنِيَاؤُهُمْ، وَلَوْ أَخَذَ فُقَرَاؤُهُمْ مِنْهُ مَا صَارُوا بِهِ أَغْنِيَاءً وَفَضَلَ فَهُوَ لَهُمْ. وَقِيلَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ (وَ) لِ (امْرَأَةٍ) فَقِيرَةٍ قَرِيبَةٍ لِلْوَاقِفِ (لَوْ رُجِّلَتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً، أَيْ فُرِضَتْ رَجُلًا (عَصَّبَ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا، أَيْ كَانَ عَاصِبًا كَالْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَبِنْتِ الْمُعْتِقِ لَا الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْبِنْتِ وَالْجَدَّةِ لِأُمٍّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرِيبٌ رَجَعَ لِلْفُقَرَاءِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا لَمْ يَتَأَبَّدْ رَجَعَ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ جِهَتَهُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ أَوْ وَارِثِهِ، وَإِذَا تَأَبَّدَ رَجَعَ إلَى عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ مِنْ الْفُقَرَاءِ، ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ حَبَّسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِ انْقِرَاضِ جَمِيعِهِمْ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَظُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لِأَوْلَادِهِ لَا لِإِخْوَتِهِ، بِخِلَافِ لَوْ حَبَّسَ عَلَى مُعَيَّنِينَ ثُمَّ عَلَى غَيْرِ أَوْلَادِهِمْ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ حَبْسٌ عَلَيْك وَعَلَى عَقِبِك قَالَ مَعَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ أَمْ لَا، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ لِأَوْلَى النَّاسِ بِالْمُحَبِّسِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، سَوَاءٌ يَدْخُلُونَ فِي ذَلِكَ حَبْسًا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ كَانَتْ لَهَا حَبْسًا لَا يَرْجِعُ إلَى الْمُحَبِّسِ،، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَهِيَ لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَرْجِعِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ، فَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ فَهِيَ لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ. وَنَصُّهَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ حَبْسٌ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَوْضِعًا فَهِيَ مَوْقُوفَةٌ لَا تُبَاعُ وَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 138 فَإِنْ ضَاقَ: قُدِّمَ الْبَنَاتُ،   [منح الجليل] تُوهَبُ وَتَرْجِعُ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ عَلَى أَوْلَى النَّاسِ بِالْمُحَبِّسِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَبِّسُ حَيًّا قِيلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ مَنْ أَقْرَبُ النَّاسِ بِالْمُحَبِّسِ الَّذِينَ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ الْحَبْسُ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ حَبَّسَ عَلَيْهِمْ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ": عَلَى الْأَقْرَبِ مِنْ الْعَصَبَةِ وَمِنْ النِّسَاءِ مَنْ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا كَانَتْ عَصَبَةً لِلْمُحَبِّسِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَبْسًا. قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا بَنُو الْأَخَوَاتِ وَلَا زَوْجٌ وَلَا زَوْجَةٌ. ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ النِّسَاءِ مِثْلُ الْعَمَّاتِ وَالْجَدَّاتِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَالْأَخَوَاتِ أَنْفُسِهِنَّ شَقَائِقَ كُنَّ أَوْ لِأَبٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ. مُحَمَّدٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْأُمِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَدْخُلُ فِي مَرْجِعِ الْحَبْسِ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ سُمِّيَتْ مِنْ النِّسَاءِ وَثَمَّ عَصَبَةٌ مَعَهُنَّ وَالنِّسَاءُ أَقْرَبُ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَدْخُلُونَ كُلُّهُمْ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ سَعَةً فَلْيُبْدَأْ بِإِنَاثِ وَذُكُورِ وَلَدِهِ عَلَى الْعَصَبَةِ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِمَّنْ سُمِّيَتْ، وَكَذَلِكَ الْعَصَبَةُ الرِّجَالُ يُبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا النِّسَاءُ كَانَ كُلُّهُ لَهُنَّ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْهُنَّ. مُحَمَّدٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت أَنْ يَنْظُرَ إلَى حَبْسِهِ أَوَّلَ مَا حُبِّسَ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ الْمَسْكَنَةَ وَأَهْلَ الْحَاجَةِ جَعَلَ مَرْجِعَهُ لِذَلِكَ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ، فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَرَادَ مَعَ ذَلِكَ الْقَرَابَةَ وَأَثَرَتَهُمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ، وَأُوثِرَ أَهْلُ الْحَاجَةِ إنْ كَانَ فِيهِمْ أَغْنِيَاءُ قَالَهُ مَالِكٌ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ فَهِيَ لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِهَؤُلَاءِ الْأَغْنِيَاءِ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ. مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ فَقِيرٌ رُدَّتْ إلَيْهِمْ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْغِنَى، وَكَانَ أُولَاهُمْ فِيهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فِي الْمَرْجِعِ، فَإِنْ اشْتَرَطَ أَنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَا شَرْطَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ عَلَيْهِمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَقْعَدَ بِهِ يَوْمَ الْمَرْجِعِ إلَّا أُخْتٌ أَوْ ابْنَةٌ لَكَانَ لَهَا وَحْدَهَا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعَهَا ذَكَرٌ كَانَ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ. (فَإِنْ ضَاقَ) الْحَبْسُ الرَّاجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ وَلِامْرَأَةٍ رُجِّلَتْ عَصَّبَ عَنْ الْعَصَبَةِ وَالْبَنَاتِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْبَنَاتُ) عَلَى الْعَصَبَةِ. مُحَمَّدٌ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 139 وَعَلَى اثْنَيْنِ، وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ   [منح الجليل] سُمِّيَتْ مِنْ النِّسَاءِ وَهُنَّ أَقْرَبُ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَدْخُلُونَ كُلُّهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَعَةٌ فَلْيُبْدَأْ بِإِنَاثِ وَلَدِهِ عَلَى عَصَبَتِهِ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى) شَخْصَيْنِ (اثْنَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو أَوْ هَذَيْنِ (وَبَعْدَهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ يَكُونُ وَقْفًا (عَلَى الْفُقَرَاءِ) يَكُونُ (نَصِيبُ مَنْ مَاتَ) مِنْ الِاثْنَيْنِ (لَهُمْ) أَيْ الْفُقَرَاءِ لَا لِرَفِيقِهِ، هَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ حُبِّسَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَحِصَّتُهُ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَتْ غَلَّةً، وَإِنْ كَانَتْ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَشَبَهِهِ فَرِوَايَتَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ تُؤْخَذَانِ مِنْ قَوْلَيْ مَالِكٍ فِيهَا مَنْ حَبَّسَ حَائِطًا عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَكَانُوا يَلُونَهُ وَيَسْقُونَهُ وَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَجَمِيعُهَا لِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلُوا عَمَلَهَا، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِمْ فَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لِرَبِّ النَّخْلِ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى رَدِّ ذَلِكَ لِمَنْ بَقِيَ، وَبِهَذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ. قُلْت فَفِي نَقْلِ حَظٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ طَبَقَةٍ بِمَوْتِهِ لِمَنْ بَقِيَ فِيهَا أَوْ لِمَنْ بَعْدَهَا الْقَوْلَانِ بِالْأَوَّلِ أَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ، وَبِالثَّانِي أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ وَأَلَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. تت الْبِسَاطِيُّ هَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الْحَقُّ، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَبَعْدَهُمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ بَعْدَهُمَا مَعًا وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا احْتِيَاجُ الثَّانِي إلَى مُقَدَّرٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ، أَيْ مَجْمُوعُهُمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي أَنَّ بُعْدِيَّةَ الْمَيِّتِ أَوَّلًا لَمْ تُفِدْ شَيْئًا فَلَا حَاجَةَ إلَى جَمْعِهِمَا فِي الضَّمِيرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَ الْحَبْسُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ بِالْقِسْمَةِ كَغَلَّةِ الْحَائِطِ أَوْ لَا كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَسُكْنَى دَارٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى أَنْ تُجَزَّأَ صَرْفًا لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَجَزَّأْ فَلِرَفِيقِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ كَثُرَ فِيهَا اضْطِرَابُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَكَذَا بَيْنَ فَقِيهَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ وَأَلَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 140 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ حَبَّسَ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَعَقِبِ عَقِبِهِ، فَفِي دُخُولِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَقِبِ الْعَقِبِ مَعَ الْعَقِبِ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ وَكَوْنِهِ بَعْدَهُ عَلَى التَّرْتِيبِ لِأَجْلِ تَقْدِيمِ الْعَطْفِ يَتِمُّ فَتْوَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْحَاجِّ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ. وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ أَوْ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ، فَإِنَّهُ إنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَهُ الْجَمِيعُ. عج يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى، مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ دُونَ فَرْعِ غَيْرِهِ، وَيَجْرِي هَذَا أَيْضًا فِي التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْأُصُولِ وَفُرُوعِهِمْ نَحْوَ عَلَى أَوْلَادِ فُلَانٍ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ. الْبُنَانِيُّ بِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ، وَخَالَفَهُ عَصْرَيْهِ ابْنُ الْحَاجِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا عَنْ أَوْلَادٍ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَكُونُ حَظُّهُ لِأَوْلَادِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوَقْفِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ، أَيْ عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ وَلَدِهِ وَعَلَى فُلَانٍ ثُمَّ وَلَدِهِ وَهَكَذَا، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 إلَّا كَعَلَى عَشْرَةٍ حَيَاتِهِمْ، فَيُمْلَكُ بَعْدَهُمْ. وَفِي كَقَنْطَرَةٍ، وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا فِي مِثْلِهَا، وَإِلَّا وُقِفَ لَهَا.   [منح الجليل] فَكُلُّ مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ حَظُّهُ لِوَلَدِهِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا إنَّمَا يَجِبُ فَرْعُهُ دُونَ فَرْعِ غَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ بَلْ يَكُونُ حَظُّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْعُلْيَا لِبَقِيَّةِ إخْوَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ، أَيْ لَا يَنْتَقِلُ لِلطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ فَقَالَ (إلَّا) إذَا وَقَفَ عَلَى عَدَدٍ مَحْصُورٍ، وَحَدُّ وَقْفِهِ عَلَيْهِمْ بِمُدَّةٍ صَرِيحًا أَوْ تَلْوِيحًا (كَ) وَقْفٍ (عَلَى) أَشْخَاصٍ (عَشْرَةٍ) مَثَلًا عَيَّنَهُمْ وَسَمَّاهُمْ أَوْ قَالَ هَؤُلَاءِ (حَيَاتَهُمْ) أَوْ مَا عَاشُوا، فَلَا يَكُونُ مُؤَبَّدًا. وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَنَصِيبُهُ لِبَاقِيهِمْ، وَلَوْ وَاحِدًا وَإِنْ مَاتُوا جَمِيعًا (فَيُمْلَكُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ الْوَقْفُ، أَيْ يَمْلِكُهُ الْوَاقِفُ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ وَارِثُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا (بَعْدَهُمْ) أَيْ الْعَشَرَةِ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ حَبْسٌ عَلَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ وَضَرَبَ أَجَلًا أَوْ قَالَ حَيَاتَهُمْ رَجَعَ مِلْكًا اتِّفَاقًا، وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يُسَمِّ أَجَلًا وَلَا حَيَاةً. أَبُو عُمَرَ مَنْ حَبَّسَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا جَعَلَ لَهُ مَرْجِعًا، فَاخْتَلَفَ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَصْحَابُهُ الْمَدَنِيُّونَ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى رَبِّهِ مِلْكًا وَالْمِصْرِيُّونَ بِرُجُوعِهِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِهِ حَبْسًا. (وَ) إلَّا أَنْ يَقِفَ (فِي) مَصَالِحَ (كَقَنْطَرَةٍ) وَرِبَاطٍ وَمَسْجِدٍ وَسَبِيلِ مَاءٍ فَانْهَدَمَتْ وَ (لَمْ يُرْجَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (عَوْدُهَا) أَيْ رُجُوعُ الْقَنْطَرَةِ فَيُصْرَفُ الْوَقْفُ عَلَى مَصَالِحِهَا (فِي) مَصَالِحِ (مِثْلِهَا) يُحْتَمَلُ إلَى مِثْلِهَا فِي النَّوْعِ، أَيْ قَنْطَرَةٍ، وَيُحْتَمَلُ فِي الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ النَّفْعُ الْعَامُّ كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَسَبِيلٍ وَهُمَا قَوْلَانِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهَا (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ أَخَّرَ الْوَقْفَ (لَهَا) أَيْ الْقَنْطَرَةَ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْوَاقِفِ. عِيَاضٌ إنْ جَعَلَ حَبْسَهُ عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَقَوْلِهِ حَبْسٌ فِي السَّبِيلِ أَوْفَى، وَقَيَّدَ مَسْجِدَ كَذَا أَوْ إصْلَاحَ قَنْطَرَةِ كَذَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَبْسِ الْمُبْهَمِ يُوقَفُ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 وَصَدَقَةٌ لِفُلَانٍ فَلَهُ، أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ. وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ. وَحُمِلَ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ:   [منح الجليل] يَرْجِعُ مِلْكًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ الْوَجْهُ لِجَلَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ فَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ حَتَّى عُلِمَ أَنَّهَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تُبْنَى وُقِفَ إنْ طُمِعَ بِعَوْدِهِ إلَى حَالِهِ أَوْ صُرِفَ فِي مِثْلِهِ. 1 - وَسُئِلَ ابْنُ عِلَاقٍ عَنْ حَبْسٍ عَلَى طُلَّابِ الْعِلْمِ الْغُرَبَاءِ فَلَمْ يُوجَدْ غُرَبَاءُ، فَقَالَ إنْ لَمْ يُوجَدْ غُرَبَاءُ يُدْفَعُ لِغَيْرِ الْغُرَبَاءِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَسَائِلُ الْمَذْهَبِ مِنْهَا فُتْيَا سَحْنُونٍ فِي فَضْلِ زَيْتِ الْمَسْجِدِ أَنَّهُ يُوقَدُ مِنْهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، وَفُتْيَا ابْنِ دَحُونٍ فِي حَبْسِ حِصْنٍ يَغْلِبُ الْعَدُوُّ عَلَيْهِ يُدْفَعُ فِي حِصْنٍ آخَرَ، قَالَ وَمَا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ يَجُوزُ جَعْلُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ مِمَّا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فِي فَضْلِ غَلَّاتِ مَسْجِدٍ زَائِدَةٍ عَلَى حَاجَتِهِ أَنْ يُبْنَى مِنْهَا مَسْجِدٌ تَهَدَّمَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ شَبِيهُ الْمَصْرِفِ مِثْلُهُ إنْ تَعَطَّلَ. ابْنُ الْمَكْوِيُّ يَجْتَهِدُ الْقَاضِي فِيهِ. (وَ) مَنْ قَالَ دَارِي مَثَلًا (صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ قَرِينَةَ التَّأْبِيدِ (فَ) هِيَ مِلْكٌ (لَهُ) أَيْ فُلَانٍ (أَوْ) قَالَ صَدَقَةٌ (لِلْمَسَاكِينِ) مَثَلًا كَذَلِكَ، فَهِيَ مِلْكٌ لَهُمْ فَتُبَاعُ وَ (فُرِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (ثَمَنُهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا عَلَيْهِمْ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْوَصِيِّ وَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ لِتَعَذُّرِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ الْمُتَصَدِّقُ. عِيَاضٌ إنْ قَالَ مَكَانَ كَذَا حَبْسٌ أَوْ وَقْفٌ صَدَقَةً، فَإِنْ عَيَّنَهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَهِيَ مِلْكٌ لَهُ، وَإِنْ قَالَ صَدَقَةً وَجَعَلَهَا لِمَجْهُولِينَ كَالْمَسَاكِينِ فَهِيَ مِلْكٌ لَهُمْ، وَيَجْتَهِدُ النَّاظِرُ إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْمِيمِهِمْ. (وَلَا يُشْتَرَطُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ (التَّنْجِيزُ) أَيْ عَدَمُ التَّعْلِيقِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ كَهَذَا وَقْفٌ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ. ابْنُ شَاسٍ لَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَهُوَ وَقْفٌ (وَ) إنْ أَطْلَقَ الْوَقْفَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَنْجِيزٍ وَلَا تَعْلِيقٍ (حُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْوَقْفُ (فِي) صُورَةِ (الْإِطْلَاقِ) لِصِيغَتِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالتَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ (عَلَيْهِ) أَيْ التَّنْجِيزِ، إذْ الْأَصْلُ فِي الْإِنْشَاءِ مُقَارَنَةُ لَفْظِهِ لِمَعْنَاهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَحُكْمُ مُطْلَقِهِ التَّنْجِيزُ مَا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِاسْتِقْبَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ حَبَّسَ أَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ. وَلَا التَّأْبِيدُ. وَلَا تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ وَصُرِفَ فِي غَالِبٍ وَإِلَّا فَالْفُقَرَاءُ. وَلَا قَبُولُ مُسْتَحِقِّهِ،   [منح الجليل] وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ. أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ إنْ كَانَ لِمُعَيَّنٍ اتِّفَاقًا وَلِغَيْرِ مُعَيَّنٍ بِاخْتِلَافٍ. وَشَبَّهَ فِي الْحَمْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَقَالَ (كَتَسْوِيَةِ ذَكَرٍ بِأُنْثَى) فِي قِسْمَةِ رِيعِهِ عَنْ الْإِطْلَاقِ كَهَذَا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَوْلَادِ فُلَانٍ، إذْ الْخُرُوجُ عَنْهَا يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ كَالْإِرْثِ، فَإِنْ قُيِّدَ بِشَيْءِ اُتُّبِعَ. (وَ) لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ (التَّأْبِيدُ) أَيْ كَوْنُهُ مُؤَبَّدًا دَائِمًا بِدَوَامِ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، ثُمَّ تُرْفَعُ وَقْفِيَّتُهُ، وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ بِهِ فِي غَيْرِ الْمَوْقُوفِ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ مَنْ قَالَ دَارِي حَبْسٌ عَلَى عَقِبِي وَهِيَ لِآخِرِهِمْ مِلْكًا، فَهِيَ لِآخِرِهِمْ كَذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ فَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْهُمْ بَاعَ أَوْ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُحَبَّسَةَ تَصِيرُ لِآخِرِهِمْ مِلْكًا صَحَّ وَاتُّبِعَ الشَّرْطُ. مُحَمَّدٌ إذَا قَالَ دَارِي حَبْسٌ عَلَى عَقِبِي وَهِيَ لِلْآخَرِ مِنْهُمْ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْآخَرِ مِنْهُمْ مِلْكًا وَهِيَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحَبَّسَةٌ، فَإِنْ كَانَ آخِرُهُمْ رَجُلًا يُرْجَى لَهُ عَقِبٌ وُقِفَتْ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْقُبْ وَرِثَهَا عَنْهُ وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِمَوْتِهِ أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ لَهُ. (وَلَا) يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ (تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ مَا يُصْرَفُ رِيعُهُ فِيهِ مِنْ الْخَيْرَاتِ، فَإِنْ وَقَفَ وَقْفًا وَلَمْ يُعَيِّنْ مَصْرِفَهُ صَحَّ (وَصُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ رِيعُهُ (فِي) نَوْعٍ (غَالِبٍ) الصَّرْفُ فِيهِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ وَاقِفِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبَ (فَالْفُقَرَاءُ) أَيْ الْمُحْتَاجُونَ يُصْرَفُ لَهُمْ رِيعُهُ. عِيَاضٌ أَمَّا لَفْظُ الْحَبْسِ الْمُبْهَمِ كَقَوْلِهِ دَارِي حَبْسٌ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ وَقْفٌ مُؤَبَّدٌ لَا يَرْجِعُ مِلْكًا، وَيُصْرَفُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ عُرْفٌ لِلْوُجُوهِ الَّتِي تُوضَعُ فِيهَا الْأَحْبَاسُ، وَتُجْعَلُ لَهَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ. (وَلَا) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ (قَبُولُ مُسْتَحِقِّ) رِيعِ (هـ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا كَمَنْ سَيُولَدُ أَوْ يَكُونُ مَجْنُونًا أَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 إلَّا الْمُعَيَّنَ الْأَهْلَ. فَإِنْ رَدَّ فَكَمُنْقَطِعٍ،   [منح الجليل] غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ قَبُولُهُ كَمَسْجِدٍ وَقَنْطَرَةٍ وَرِبَاطٍ (إلَّا) الشَّخْصُ (الْمُعَيَّنُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْأَهْلَ) أَيْ الصَّالِحَ لِلْقَبُولِ، وَهُوَ الرَّشِيدُ، فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ. 1 - ابْنُ شَاسٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ قَبُولُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَهْلًا لِلرَّدِّ وَالْقَبُولِ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ قَبُولُهُ شَرْطٌ فِي اخْتِصَاصِهِ بِهِ خَاصَّةً أَوْ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ، فَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَنْ قَالَ أَعْطُوا فَرَسِي فُلَانًا فَلَمْ يَقْبَلْهُ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ كَانَ حَبْسًا أُعْطِيَ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَبْسًا رُدَّ إلَى وَرَثَتِهِ. وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ حَبَّسَ فَرَسًا عَلَى رَجُلٍ يُجَاهِدُ بِهِ الْعَدُوَّ عَلَى مَنْ يَكُونُ عَلَفُهُ، فَقَالَ لَا يَلْزَمُ الْمُحَبِّسُ عَلَفُ الْفَرَسِ الَّذِي حَبَّسَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَإِنْ أَبَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْلِفَهُ رَجَعَ إلَى صَاحِبِهِ مِلْكًا إنْ كَانَ حَبَّسَهُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُبَتِّلْهُ فِي السَّبِيلِ، وَإِنْ كَانَ بَتَّلَهُ فِي السَّبِيلِ أَخَذَ مِنْهُ إنْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَدُفِعَ إلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَلْتَزِمُ عَلَفَهُ وَيُجَاهِدُ عَلَيْهِ الشَّيْخُ مَنْ أَمَرَ بِشَيْءٍ لِسَائِلٍ فَلَمْ يَقْبَلْهُ دُفِعَ إلَى غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ مَا جَازَ صَرْفُ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ لَهُ أَوْ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا يَصِحُّ رَدُّهُ اُعْتُبِرَ قَبُولُهُ. (فَإِنْ رَدَّ) الْمُعَيَّنُ الْأَهْلَ الْوَقْفَ عَلَيْهِ (فَ) هُوَ (كَ) وَقْفٍ (مُنْقَطِعٍ) مُسْتَحَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ حَبْسًا، لَكِنْ لَا لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ وَامْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِذَا رُدَّ فَقِيلَ يَرْجِعُ مِلْكًا، وَقِيلَ يَكُونُ كَغَيْرِهِ وَلِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ جُمِعَ لَهُ ثَمَنُ كَفَنٍ ثُمَّ كَفَّنَهُ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِهِ رُدَّ مَا جَمَعَ لِأَهْلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ فِي رَدِّ فَضْلَةِ مَا أُعِينَ بِهِ مُكَاتَبٌ عَلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُ. طفي مَا ذَكَرَهُ تت مِنْ رُجُوعِهِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ لَمْ يَكُنْ فِي عِلْمِي مَذْكُورًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مَشْهُورًا، فَفِي عَزْوِهِ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَتَشْهِيرِهِ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ يَكُونُ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مَنْ رَدَّهُ وَالْآخَرُ لِمُطَرِّفٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا لِمُحَبِّسِهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَلَمَّا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عَلَى ظَاهِرِهِ اعْتَرَضَهُ بِقَوْلِهِ هَذَا الْقَوْلُ وَقَعَ لِمَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ، وَإِنَّمَا قَالَ يَرْجِعُ حَبْسًا لِغَيْرِ مَنْ حَبَّسَ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ، إنْ جَازَ كَتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ أَوْ نَاظِرٍ أَوْ تَبْدِئَةِ فُلَانٍ بِكَذَا، وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ، إنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ.   [منح الجليل] وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلِذَا قَالَ فَكَمُنْقَطِعٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي كَوْنِهِ لَا يَرْجِعُ لِلْمُحَبِّسِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَكُونُ كَغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ " ز "، وَهُوَ الظَّاهِرُ لَا مَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ مِنْ كَوْنِهِ حَبْسًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. (وَاتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (شَرْطُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ وُجُوبًا (إنْ جَازَ) الشَّرْطُ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ فَيُصْرَفَ فِي مِثْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهَا، وَمَثَّلَ لِلْجَائِزِ فَقَالَ (كَتَخْصِيصِ) أَهْلِ (مَذْهَبٍ) مُعَيَّنٍ بِصَرْفِ غَلَّةِ وَقْفِهِ لَهُمْ أَوْ بِسُكْنَاهُ (أَوْ) تَخْصِيصِ (نَاظِرٍ) عَلَيْهِ بِشَخْصِهِ أَوْ بِوَصْفِهِ (أَوْ تَبْدِئَةِ فُلَانٍ بِكَذَا) كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِهِ فَيَبْدَأُ بِهَا مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ، بَلْ (وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ (ثَانِي عَامٍ) عِوَضًا عَمَّا رَتَّبَ لَهُ مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ لِعَدَمِهَا (إنْ لَمْ يَقُلْ) الْوَاقِفُ ابْدَءُوا بِإِعْطَائِهِ (مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ) كَذَا فَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ وَمَضَى عَامٌ لَا غَلَّةَ لَهُ فَلَا يُعْطِي مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ أَوْ الْعَامِ الَّذِي بَعْدَهُ شَيْئًا عِوَضًا عَمَّا رَتَّبَ لَهُ مِنْ غَلَّةِ الَّذِي لَا غَلَّةَ لَهُ، كَذَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَمُخْتَصَرِهَا لِابْنِ هَارُونَ. وَنَصُّهَا وَإِنْ قَالَ يَجْرِي مِنْ غَلَّتِهِ عَلَى فُلَانٍ كُلَّ عَامٍ كَذَا، وَحَصَلَ لَهُ فِي سَنَةٍ غَلَّةٌ كَثِيرَةٌ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى غَلَّةٌ، فَإِنَّهُ يُعْطِي تِلْكَ الْجِرَايَةَ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَإِنْ قَالَ يَجْرِي عَلَيْهِ مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ كَذَا، فَلَا يُعْطِي مِنْ غَلَّةِ عَامٍ لِغَيْرِهِ، وَفِي وَصَايَا الْمُدَوَّنَةِ لِلْمُوصَى لَهُ أَخَذَ وَصِيَّتَهُ كُلَّ عَامٍ مَا بَقِيَ مِنْ غَلَّةِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ فَإِذَا أَغَلَّ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ لِكُلِّ عَامٍ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ لَهُ شَيْئًا اهـ. وَهَذَا مُشْتَمِلٌ عَلَى فَرْضِ الْمُتَيْطِيَّةِ وَفَرْضِ الْمُصَنِّفُ، وَاَلَّذِي يُوَافِقُ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ مَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلَيْنِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي كُلِّ سَنَةٍ حَيَاتَهُمَا مِنْ ثَمَرِ حَائِطٍ لَهُ فَلَمَّا كَانَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ بَاعَ.   [منح الجليل] الْعَامُ الْأَوَّلُ أَصَابَ الْمَارُّ مَا أَصَابَهَا، فَلَمْ تَبْلُغْ الثِّمَارُ مَا أَوْصَى لَهُمَا بِهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّانِي جَاءَ الثِّمَارُ بِفَضْلٍ كَثِيرٍ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَلَّةِ الْعَامِ الثَّانِي مَا نَقَصَ مِنْ وَصِيَّتِهِمَا فِي غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ أَفَذَلِكَ لَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ لَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ طفي. ابْنُ الْحَاجِبِ مَهْمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ لَهُ اُتُّبِعَ كَتَخْصِيصِ مَدْرَسَةٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ أَصْحَابِ مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ. الزَّاهِي لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ، وَيَتْرُكَ إصْلَاحَ مَا يَنْخَرِمُ مِنْهُ بَطَلَ شَرْطُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ النَّظَرُ فِي الْحَبْسِ لِمَنْ جَعَلَهُ إلَيْهِ مُحَبِّسُهُ. الْمُتَيْطِيُّ يَجْعَلُهُ لِمَنْ يَثِقُ بِهِ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ، فَإِنْ غَفَلَ الْمُحَبِّسُ عَنْ ذَلِكَ كَانَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْقَاضِي يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مَنْ يَرْتَضِيهِ، وَيَجْعَلُ لَهُ مِنْ كِرَائِهِ مَا يَرَاهُ سَدَادًا بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ، فَلَوْ قَدَّمَ الْمُحَبِّسُ مَنْ رَآهُ أَهْلًا لِذَلِكَ فَلَهُ عَزْلُهُ وَاسْتِبْدَالُهُ. الْحَطّ قَوْلُهُ فَإِنْ غَفَلَ الْمُحَبِّسُ عَنْ ذَلِكَ كَانَ النَّظَرُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَبِّسُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا مَالِكًا أَمَرَ نَفْسَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا مَالِكًا أَمْرَ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوَلِّ الْمُحَبِّسُ عَلَى حَبْسِهِ أَحَدًا فَهُوَ الَّذِي يَجُوزُ الْحَبْسُ الَّذِي حُبِّسَ عَلَيْهِ وَيَتَوَلَّاهُ دَلَّ عَلَى هَذَا غَالِبُ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ وَكِتَابِ الصَّدَقَةِ وَكِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَشَرْطُ الْوَقْفِ حَوْزُهُ صَرِيحٌ فِي هَذَا. (أَوْ) كَشَرْطِ الْوَاقِفِ (أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ إلَى بَيْعِ الْوَقْفِ (بَاعَ) فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَبَّسَ دَارِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَقَالَ فِي حَبْسِهِ إنْ احْتَاجُوا أَوْ اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى بَيْعِهَا بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا ثَمَنَهَا بِالسَّوَاءِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ فَهَلَكُوا جَمِيعًا إلَّا وَاحِدًا، فَأَرَادَ بَيْعَهَا فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَلِكَ لَهُ وَلَا حَقَّ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ بَنَاتِ الْمُحَبِّسِ إنْ طَلَبُوا مِيرَاثَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ بَتَلَهَا لِبَنِيهِ خَاصَّةً فِي صِحَّتِهِ فَلَيْسَ لِسِوَاهُمْ مِنْ وَرَثَةِ أَبِيهِمْ فِيهَا حَقٌّ. وَفِي التَّوْضِيحِ قَالُوا: إذَا شَرَطَ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ بَاعَ الْحَبْسَ أَنَّهُ يَصِحُّ هَذَا الشَّرْطَ وَيَلْزَمُ الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ حَاجَتِهِ، وَالْيَمِينُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 أَوْ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ رَجَعَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ:   [منح الجليل] عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُحَبِّسُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فَلَهُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ، وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إذَا لَمْ يَقُلْ يَصْدُقُ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْحَاجَةِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَاطِنٌ كَتَمَهُ وَلَا ظَاهِرٌ عَلِمَهُ، فَحِينَئِذٍ يَبِيعُهُ. 1 - الْمُتَيْطِيُّ إنْ شَرَطَ الْمُحَبِّسُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ حَاجَةً فَهُوَ مُصَدَّقٌ فَيُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ الشَّرْطُ، وَمَنْ ادَّعَى مِنْهُمْ حَاجَةً وَلَمْ يَثْبُتْ غِنَاهُ انْطَلَقَ يَدُهُ عَلَى بَيْعِهِ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ رَجُلٍ جَعَلَ دَارًا لَهُ حَبْسًا صَدَقَةً عَلَى وَلَدِهِ لَا تُبَاعُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجُوا إلَى بَيْعِهَا، فَإِنْ احْتَاجُوا إلَى بَيْعِهَا وَاجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَيْهِ بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا ثَمَنَهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى، سَوَاءٌ فِيهِ فَهَلَكُوا جَمِيعًا إلَّا رَجُلًا فَأَرَادَ بَيْعَهَا أَذَلِكَ لَهُ؟ وَقَدْ احْتَاجَ إلَى بَيْعِهَا قَالَ نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: إنْ امْرَأَةٌ ثَمَّ وَهِيَ بِنْتُ أُخْتِ الْبَاقِي الَّذِي أَرَادَ الْبَيْعَ وَهِيَ مِنْ بَنَاتِ الْمُحَبِّسِ، قَالَ إنْ بِعْت فَأَنَا آخُذُ مِيرَاثِي مِنْ أُمِّي قَالَ لَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا. ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ حَازُوهَا وَلَيْسَتْ تَرْجِعُ بِمَا تَرْجِعُ الْمَوَارِيثُ إلَى عَصَبَةِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْتَاجُوا إلَى بَيْعِهَا يُرِيدُ أَوْ يَحْتَاجَ أَحَدُهُمْ إلَى بَيْعِ حَظِّهِ مِنْهَا قَلَّ لِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ أَوْ كَثُرَ لِقِلَّتِهِمْ، فَذَلِكَ لَهُ، وَيَبْطُلُ تَحْبِيسُهُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ مَالًا مِنْ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ احْتَاجُوا كُلُّهُمْ فَبَاعُوا فَالثَّمَنُ لَهُمْ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمْ فِي الْحَبْسِ كَثُرُوا أَوْ قَلُّوا، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ فَلَهُ الثَّمَنُ كُلُّهُ، وَبَطَلَ التَّحْبِيسُ فِي الْجَمِيعِ بِشَرْطِ الْمُحَبِّسِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحْتَاجَ سَقَطَ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ عَنْ حَبْسٍ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَيَرْجِعُ حَظُّهُ إلَى مَنْ مَعَهُ فِي الْحَبْسِ، وَلَا يُورَثُ شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ مُحَبِّسٍ عَلَيْهِ. (أَوْ) كَشَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ (إنْ تَسَوَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ تَعَدَّى (عَلَيْهِ) أَيْ الْوَقْفُ (قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ الظَّلَمَةِ مُرِيدًا أَكْلَهُ (رَجَعَ) الْوَقْفُ مِلْكًا (لَهُ) أَيْ وَاقِفِهِ إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ إنْ كَانَ مَيِّتًا. الْمُتَيْطِيُّ إنْ شَرَطَ الْمُحَبِّسُ فِي حَبْسِهِ أَنَّهُ إنْ تَطَرَّقَ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ إلَى التَّسَوُّرِ فِي حَبْسِهِ هَذَا وَالنَّظَرِ فِيهِ، فَجَمِيعُهُ رَاجِعٌ إلَيْهِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا، أَوْ صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 كَعَلَى وَلَدِي، وَلَا وَلَدَ لَهُ. لَا بِشَرْطِ إصْلَاحِهِ عَلَى مُسْتَحَقِّهِ: كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ،   [منح الجليل] لِلْوَاقِفِ مِلْكًا فَقَالَ (كَ) وَقْفٍ (عَلَى وَلَدِي وَ) الْحَالُ (لَا وَلَدَ لَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ فَهُوَ مِلْكٌ لِوَاقِفِهِ لَهُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا لَمْ يُولَدْ لَهُ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ تَنَجَّزَ تَحْبِيسُهُ فَلَا يَبِعْهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ فَلَهُ بَيْعُهُ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ يَيْأَسُ مِنْ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلِدَ فَلَا حَبْسَ وَيُورَثُ. طفي الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِيمَنْ حَبَّسَ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا وَلَدَ لَهُ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَهُ بَيْعُهُ وَيَرْجِعُ لَهُ حَبْسُهُ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ، فَهُوَ مُشَبَّهٌ فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ، وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ بَلَغَ سِنَّ مَنْ لَا يُولَدُ لَهُ أَمْ لَا، أَيِسَ مِنْ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا فَلَهُ بَيْعُهُ مَا لَمْ يُولَدْ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ إلَّا عِنْدَ يَأْسِهِ مِنْ الْوَلَدِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَحْكُمُ بِحَبْسِهِ وَيُخْرَجُ إلَى يَدِ ثِقَةٍ لِيَصِحَّ حَوْزُهُ وَتُوقَفُ ثَمَرَتُهُ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ فَلَهُمْ وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِ النَّاسِ، هَذَا تَحْصِيلُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَلَمْ يَزِدْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى هَذَا، وَكَذَا الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ. (لَا) يَتَّبِعُ (شَرْطَ إصْلَاحِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (عَلَى مُسْتَحِقِّهِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقِّ لِمَنْفَعَةِ الْوَقْفِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ لِاسْتِلْزَامِهِ الْإِجَارَةَ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ وَيَصِحُّ الْوَقْفُ. فِيهَا لِ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ حَبَّسَ دَارًا عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَاشْتَرَطَ عَلَى الَّذِي حَبَّسَ عَلَيْهِ إصْلَاحَ مَا رَثَّ مِنْهَا مِنْ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ، وَلَكِنْ يَمْضِي ذَلِكَ وَتَكُونُ حَبْسًا وَلَا مَرَمَّةَ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ مَرَمَّتُهَا مِنْ غَلَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُشْبِهُ الْبُيُوعُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ حَبَّسَ عَلَى رَجُلٍ فَرَسًا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ هُوَ مِلْكٌ لَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ إذْ قَدْ يَهْلِكُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَتَيْنِ فَيَذْهَبُ عَلَفُهُ بَاطِلًا. وَشَبَّهَ فِي إلْغَاءِ الشَّرْطِ فَقَالَ (كَ) شَرْطِ تَوْظِيفِ (أَرْضِ مُوَظَّفَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 إلَّا مِنْ غَلَّتِهَا عَلَى الْأَصَحِّ أَوْ عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ، أَوْ بِنَفَقَتِهِ. وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى، إنْ لَمْ يُصْلِحْ لِتُكْرَى لَهُ، وَأُنْفِقَ فِي فَرَسٍ   [منح الجليل] وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ مَجْعُولٌ عَلَيْهَا مَالٌ يُؤْخَذُ كُلَّ شَهْرٍ أَوْ عَامٍّ عَلَى مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ، فَيَصِحُّ وَقْفُهَا، وَيُلْغَى شَرْطُهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْكِرَاءُ بِمَجْهُولٍ فِي حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ دَفْعُ تَوْظِيفِهَا (مِنْ غَلَّتِهَا) فَيَتَّبِعُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ. وَقِيلَ لَا يَتَّبِعُ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ. الْبُنَانِيُّ لَمَّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اشْتَرَطَ عَلَى الَّذِي حُبِّسَ عَلَيْهِ إصْلَاحَ مَا رَثَّ مِنْهَا مِنْ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ مِنْ مَالِهِ، فَلَوْ كَانَ مِنْ غَلَّتِهَا لَجَازَ، قَالَ إنَّهُ يَقُومُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَحْبِيسُ الْأَرْضِ الْمُوَظَّفَةِ، وَحَكَى ابْنُ الْهِنْدِيِّ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ عَلَى أَنْ تُرَمَّ مِنْ غَلَّتِهَا وَيَخْرُجُ الْوَظِيفُ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ لَجَازَ تَحْبِيسُهَا، وَقَدْ قِيلَ لَا يَجُوزُ. ابْنُ كَوْثَرٍ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ. (أَوْ) شَرْطُ (عَدَمِ بَدْءٍ) مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ (بِإِصْلَاحِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (وَ) شَرَطَ عَدَمَ بَدْءٍ بِ (نَفَقَتِهِ) أَيْ الْوَقْفِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِإِبْطَالِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فِي الزَّاهِي لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبْدَأَ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ وَيَتْرُكَ إصْلَاحَ مَا يَنْخَرِمُ مِنْهُ بَطَلَ شَرْطُهُ. (وَ) إنْ احْتَاجَ الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنٍ لِسُكْنَاهُ لِإِصْلَاحِهِ وَلَمْ يُصْلِحْهُ مِنْ مَالِهِ (أُخْرِجَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الشَّخْصُ (السَّاكِنُ) فِي الرُّبُعِ الْوَقْفِ (الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى) إنْ اخْتَلَّ الرُّبُعُ وَ (لَمْ يُصْلِحْ) هـ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ (لِيُكْرَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الرُّبُعُ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِشَرْطِ تَعْجِيلِ كِرَائِهَا وَإِصْلَاحِهِ بِهِ، وَيُسْكِنُهُ مُكْتَرِيهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَإِذَا تَمَّتْ أُخْرِجَ الْمُكْتَرِي (لَهُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِيَسْكُنَهُ أَوْ الْإِصْلَاحُ عَلَى أَنَّهُ صِلَةُ يُكْرِي. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ الدِّيَارُ لِلسُّكْنَى خُيِّرَ الْمُحَبَّسُ، عَلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يُصْلِحَ أَوْ يَخْرُجَ فَتُكْرَى بِمَا تُصْلَحُ بِهِ ثُمَّ يَعُودُ (وَأُنْفِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْفَاءِ (فِي) أَيْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 لِكَغَزْوٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ عُدِمَ: بِيعَ وَعُوِّضَ بِهِ سِلَاحٌ: كَمَا لَوْ كَلَبَ. وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ فِي مِثْلِهِ،   [منح الجليل] عَلَى (فَرَسٍ) وُقِفَ (لِكَغَزْوٍ) وَرِبَاطٍ، وَصِلَةُ أُنْفِقَ (مِنْ) مَالِ (بَيْتِ الْمَالِ) فَلَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ الْمُحَبِّسَ وَلَا الْمُحَبَّس عَلَيْهِ. (فَإِنْ عُدِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ (بِيعَ) الْفَرَسُ (وَعُوِّضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بِ) ثَمَنِ (هـ سِلَاحٌ) وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ إذْ هُوَ أَقْرَبُ لِلْخَيْلِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِغَرَضِ الْوَاقِفِ اللَّخْمِيُّ وَقِسْمٌ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ مَجْهُولٍ وَذَلِكَ الْخَيْلُ فَلَا تُؤَاجِرُ فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا فِي السَّبِيلِ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيعَتْ وَيَشْتَرِي بِالثَّمَنِ مَا لَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ كَالسِّلَاحِ وَالدُّرُوعِ، وَإِنْ كَانَتْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ أَنْفَقَ عَلَيْهَا إنْ قِبَلهَا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَشَبَّهَ فِي الْبَيْعِ وَالتَّعْوِيضِ فَقَالَ (كَمَا لَوْ كَلِبَ) الْفَرَسُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ أَصَابَ الْفَرَسُ الْمُحَبَّسُ لِكَالْغَزْوِ الْكَلَبُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ دَاءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ شَبِيهٌ بِالْجُنُونِ، فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نَحْوِ الْغَزْوِ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي نَحْوِ الطَّحْنِ فَيُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِهِ سِلَاحٌ. فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا ضَعُفَ مِنْ الدَّوَابِّ الْمُحَبَّسَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى الْغَزْوِ بِيعَ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا مُنْتَفَعٌ بِهِ مِنْ الْخَيْلِ وَيُجْعَلُ فِي السَّبِيلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ فَرَسٍ أَوْ هَجِينٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ فَلْيُعَنْ بِذَلِكَ فِي فَرَسٍ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ كَذَلِكَ يَكْلُبُ وَيَخْبُثُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا بَلِيَ مِنْ الثِّيَابِ الْمُحَبَّسَةِ وَلَمْ يَبْقَ فِيهَا مَنْفَعَةٌ تُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا ثِيَابٌ يُنْتَقَعُ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَبِعْ تَصَدَّقَ بِهِ فِي السَّبِيلِ. (وَبِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مَا) أَيْ شَيْءٌ مَوْقُوفٌ صَارَ (لَا يُنْتَفَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (بِهِ) فِيمَا وَقَفَ عَلَيْهِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِهِ كَفَرَسٍ يَهْرَمُ وَعَبْدٍ كَذَلِكَ وَثَوْبٍ يَخْلُقُ حَالَ كَوْنِ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ (غَيْرُ عَقَارٍ) صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا حُبِّسَ عَلَيْهِ فَلَا يُبَاعُ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِذَا بِيعَ غَيْرُ الْعَقَارِ صُرِفَ ثَمَنُهُ (فِي مِثْلِهِ) مِنْ فَرَسٍ، أَوْ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ كِتَابٍ مَثَلًا (أَوْ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 أَوْ شِقْصِهِ. كَأَنْ أَتْلَفَ وَفَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ فِي إنَاثٍ.   [منح الجليل] شُورِكَ بِهِ فِي (شِقْصِهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ، وَإِهْمَالِ الصَّادِ، أَيْ بَعْضِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثُمُنَ كَامِلٍ إتْبَاعًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُشَارِكُ تَصَدَّقَ بِهِ. ابْنُ شَاسٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا سِوَى الْعَقَارِ إذَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ الَّتِي وُقِفَ لَهَا كَالْفَرَسِ يَكْلُبُ أَوْ أَوْ يَهْرَمُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا وُقِفَ لَهُ أَوْ الثَّوْبُ يَخْلُقُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي وُقِفَ لَهُ وَشَبَّهَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ. وَشَبَّهَ فِي الصَّرْفِ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ تَشْبِيهٍ صِلَتُهُ (أُتْلِفَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْحَبْسُ بِجِنَايَةٍ فَتُصْرَفُ قِيمَتُهُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ هَدَمَ حَبْسًا مِنْ أَهْلِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْبُنْيَانَ كَمَا كَانَ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ، وَإِنْ قَتَلَ حَيَوَانًا أَوْ فَقَأَ كَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ أُخِذَتْ مِنْهُ قِيمَتُهُ فَاشْتُرِيَ بِهَا مِثْلُهُ وَجُعِلَ وَقْفًا مَكَانَهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فَشِقْصٌ مِنْ مِثْلِهِ. (وَ) يُبَاعُ (فَضْلُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ مَا زَادَ مِنْ (الذُّكُورِ) عَنْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِي النُّزُوِّ مِنْ نَسْلِ الْإِنَاثِ الْمَوْقُوفَةِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إنَاثٌ (وَ) يُبَاعُ (مَا كَبِرَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (مِنْ الْإِنَاثِ) الْمَوْقُوفَةِ وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ (فِي) شِرَاءِ (إنَاثٍ) وَتُجْعَلُ وَقْفًا عِوَضًا عَمَّا بِيعَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَدُ الْحَيَوَانِ الْحَبْسِ مِثْلُهُ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا وَلَدَتْ بَقَرَاتٍ حُبِّسَتْ يُقْسَمُ لَبَنُهَا فِي الْمَسَاكِينِ مِنْ أُنْثَى حُبِّسَتْ مَعَهَا وَيُحَبَّسُ وَلَدُهَا الذَّكَرُ لِيَنْزُوَهَا وَمَا فَضَلَ مِنْ ذُكُورِهَا عَنْهُ وَمَا كَبِرَتْ مِنْ أُنْثَى فَذَهَبَ لَبَنُهَا بِيعَا وَرُدَّ ثَمَنُهُمَا فِي عُلُوفَتِهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَقَوْلِهَا مَا ضَعُفَ مِنْ دَوَابِّ حَبْسِ السَّبِيلِ أَوْ بَلِيَ مِنْ ثِيَابِهِ وَذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ بِيعَ وَرُدَّ بِثَمَنِ الدَّوَابِّ خَيْلٌ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ فَرَسٍ أَوْ هَجِينٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ أُعِينَ بِهِ فِي ثَمَنِ فَرَسٍ وَرُدَّ ثَمَنُ الثِّيَابِ فِي ثِيَابٍ، فَإِنْ قُصِرَ عَنْ ثَمَنِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فُرِّقَ فِي السَّبِيلِ خِلَافُ رِوَايَةِ مَنْ مَنَعَ بَيْعَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ بِيعَ لَبِيعَ الرَّجُلُ الْمُحَبَّسُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ وَنَقْضٌ وَلَوْ بِغَيْرِ خَرِبٍ   [منح الجليل] حَبَّسَ غُلَامًا فَكَبِرَ أَوْ تَخَلَّفَ أَوْ كَثُرَتْ سَرِقَتُهُ وَإِبَاقُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ مَكَانَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَبَّسُ شَرَطَ ذَلِكَ فِي حَبْسِهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهِ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ غَيْرَهُ يَكُونُ مَكَانَهُ. وَأَمَّا بَيْعُهُ فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ عَلَفِهَا وَرَعْيِهَا فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا، فَمَنْ قُطِعَتْ مَنْفَعَتُهَا إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا وَأَضَرَّ بَقَاؤُهُ لِلْمَنْفَعَةِ وَعَلَيْهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَمِنْهُ الرَّبْعُ الْخَرِبُ (لَا) يُبَاعُ (عَقَارٌ) حُبِّسَ إنْ لَمْ يَخْرَبُ، بَلْ (وَإِنْ خَرِبَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا حُبِّسَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مَنَعَ بَيْعَ مَا خَرِبَ مِنْ رَبْعٍ حُبِّسَ مُطْلَقًا. ابْنُ الْجَهْمِ إنَّمَا لَمْ يَبِعْ الرَّبْعَ الْمُحَبَّسَ إذَا خَرِبَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ بِإِجَارَتِهِ سِنِينَ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَفِيهَا لِرَبِيعَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الرَّبْعَ إذَا رَأَى ذَلِكَ لِخَرَابِهِ وَهِيَ إحْدَى رِوَايَتَيْ أَبِي الْفَرَجِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي جَوَازِ الْمُنَاقَلَةِ بِهِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ. قَوْلُ الشَّيْخِ فِي رِسَالَتِهِ وَابْنُ شَعْبَانَ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهَا جُمْلَةً وَعَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا وَكِرَائِهَا فَلَا بَأْسَ بِالْمُعَاوَضَةِ فِيهَا بِمَكَانٍ يَكُونُ حَبْسَا مَكَانَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِحُكْمٍ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ السَّبَبِ وَالْغِبْطَةِ فِي الْمُعَوَّضِ عَنْهُ وَيُسَجَّلُ ذَلِكَ وَيُشْهَدُ بِهِ. (وَ) لَا يُبَاعُ (نِقْضٌ) بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا كَذِبْحٍ وَذُخْرٍ، أَيْ مَنْقُوضٍ مِنْ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ. فِي الزَّاهِي لَا يُبَاعُ نِقْضُ الْحَبْسِ، وَأَجَازَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بَيْعَهُ، وَلَا أَقُولُهُ وَلِابْنِ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ جَوَازُ بَيْعِهِ وَأَجَازَهُ ابْنُ زَرْبٍ لِبِنَاءِ بَاقِيهِ بِثَمَنِ مَا بِيعَ، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِعَدَمِ نَقْلِ نِقْضِ مَسْجِدٍ خَرِبٍ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَبِعَدَمِ بَيْعِهِ، وَيُتْرَكُ حَتَّى يَفْنَى. ابْنُ عَاتٍ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ نِقْضِ الْمَسَاجِدِ إنْ خِيفَ فَسَادُهُ وَوَقْفُهُ إنْ رُجِيَ عِمَارَتُهُ أَمْثَلُ. وَبَالَغَ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْعَقَارِ فَقَالَ (وَلَوْ بِ) عَقَارٍ (غَيْرِ خَرِبٍ) " غ " ظَاهِرُهُ رُجُوعِ الْإِغْيَاءِ لِلرَّبْعِ الْخَرِبِ وَالنِّقْضِ، وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا إلَّا فِي الرَّبْعِ الْخَرِبِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى رَبِيعَةُ أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الرَّبْعَ إذَا رَأَى ذَلِكَ لِخَرَابِهِ كَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إحْدَى رِوَايَتَيْ أَبِي الْفَرَجِ عَنْهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 إلَّا لِتَوْسِيعٍ. كَمَسْجِدٍ، وَلَوْ جَبْرًا، وَأُمِرُوا بِجَعْلِ ثَمَنِهِ لِغَيْرِهِ.   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مَنْ مَنَعَ بَيْعَ الْعَقَارِ فَقَالَ (إلَّا) بَيْعُ الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ (لِتَوْسِيعٍ كَمَسْجِدٍ) وَطَرِيقٍ وَمَقْبَرَةٍ فَيَحُوزُ اخْتِيَارًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (جَبْرًا بِالْقَضَاءِ) عَلَى مُسْتَحِقِّهِ أَوْ نَاظِرِهِ فَغَيْرُ الْمَوْقُوفِ أَحْرَى (وَأُمِرُوا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ لَهُمْ وِلَايَتُهُ وَنَظَرِهِ (بِجَعْلِ ثَمَنِهِ) أَيْ الْوَقْفِ الَّذِي بِيعَ بِهِ (لِغَيْرِهِ) بِأَنْ يُشْتَرَى بِهِ عَقَارٌ وَيَجْعَلَ حَبْسًا عِوَضًا عَنْهُ. سَحْنُونٌ لَمْ يُجِزْ أَصْحَابُنَا بَيْعَ الْحَبْسِ بِحَالٍ إلَّا دَارًا بِجِوَارِ مَسْجِدٍ اُحْتِيجَ أَنْ تُضَافَ إلَيْهِ لِيُتَوَسَّعَ بِهَا فَأَجَازُوا بَيْعَهَا لَهُ، وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهَا دَارًا تَكُونُ حَبْسًا، وَقَدْ أُدْخِلَ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُورٌ مُحَبَّسَةٌ كَانَتْ تَلِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، كَقَوْلِ سَحْنُونٍ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، إذْ لَيْسَتْ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ. ابْنُ عَاتٍ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الدَّارِ الْمُحَبَّسَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُكْرِهُ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَى بَيْعِهَا إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهَا لِتَوْسِعَةِ جَامِعِهِمْ الَّذِي فِيهِ الْخُطْبَةُ، وَكَذَا الطَّرِيقُ إلَيْهَا لَا إلَى الْمَسَاجِدِ الَّتِي لَا خُطْبَةَ فِيهَا، وَالطُّرُقُ الَّتِي فِي الْقَبَائِلِ لِأَقْوَامٍ مُطَرِّفٌ إذَا كَانَ النَّهْرُ بِجَانِبِ طَرِيقٍ عُظْمَى مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْعَامَّةُ فَحَفَرَهَا النَّهْرُ حَتَّى قَطَعَهَا، فَإِنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي حَوْلَهَا يُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِ مَا يُوَسَّعُ بِهِ الطَّرِيقُ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ فِيهَا فَلَا تُسْلَكُ الْأَرْضُ إلَّا بِإِذْنِ أَرْبَابِهَا. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ مُتَأَخِّرُو الشُّيُوخِ إنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْبَيْعِ لِلْمَسْجِدِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا، وَهُوَ الْآتِي عَلَى سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِجَعْلِ الثَّمَنِ فِي دَارٍ أُخْرَى. ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا نَظَرٌ اُنْظُرْهُ فِيهِ. ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 155 وَمَنْ هَدَمَ وَقْفًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ.   [منح الجليل] مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْمٍ كَانَتْ لَهُمْ دَارٌ حَبْسٌ فَبَاعُوهَا وَأُدْخِلَتْ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ أَرَى أَنْ يَشْتَرُوا بِالذَّهَبِ دَارًا أُخْرَى يَجْعَلُونَهَا فِي صَدَقَةِ أَبِيهِمْ، قِيلَ لَهُ: أَفَيُقْضَى عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؟ قَالَ لَا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُوا. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ الْحَقَّ أَخَذَهَا مِنْهُمْ جَبْرًا صَارَ كَالِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي يُبْطِلُ الْحَبْسَ لَا يَجِبُ صَرْفُ الثَّمَنِ الْمَأْخُوذِ فِي حَبْسِ مِثْلِهِ الْبُنَانِيُّ الْمِسْنَاوِيُّ فِي جَوَابِهِ أَنَّ مَا وُسِّعَ بِهِ الْمَسْجِدُ مِنْ الرِّبَاعِ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّضَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مِلْكًا أَوْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا مَا كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْوِيضُهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَجْنَاسِ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الْفُقَرَاءِ عَلَى مَا أَفَادَهُ جَوَابُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ لُبٍّ فِي نَوَازِلِ أَحْبَاسِ الْمِعْيَارِ وَوَجْهُهُ إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ، وَالْأَجْرُ الَّذِي يَحْصُلُ لِوَاقِفِهِ بِإِدْخَالِهِ فِي الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ مِمَّا حَبَّسَهُ لَهُ، وَإِنَّ الْخَلَوَاتِ الْمُدْخَلَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَا حَقَّ لِأَرْبَابِهَا فِي عِوَضِهَا؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ كِرَاءٍ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَالْكِرَاءُ يَنْفَسِخُ بِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْمُكْتَرِي الْمُعَيَّنِ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا وَلَا حَقَّ لِأَرْبَابِهَا فِي الْأَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَمَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ اسْمُ شَرْطٍ (هَدَمَ وَقْفًا) أَيْ عَقَارًا مَوْقُوفًا تَعَدِّيًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْهَادِمِ وُجُوبًا (إعَادَتُهُ) بِبِنَائِهِ كَمَا كَانَ لَا قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ. (غ) كَذَا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَبُولُهُمَا إيَّاهُ فُهِمَ أَنَّهُ كُلُّ الْمَذْهَبِ أَوْ مَشْهُورُهُ وَلَمْ أَعْرِفْهُ، بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْهَدْمِ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا. وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي حَدِيثِ جُرَيْجٍ «مَنْ هَدَمَ حَائِطًا» فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 156 وَتَنَاوَلَ الذُّرِّيَّةُ،   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ الْقِيمَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَيْهِ بِنَاءُ مِثْلِهِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلُهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ عَزْوُ مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ لِابْنِ كِنَانَةَ فَقَالَ عَنْهُ لَا يُنْقَضُ بُنْيَانُ الْحَبْسِ، وَتُبْنَى فِيهِ حَوَانِيتُ الْغَلَّةِ، وَهُوَ ذَرِيعَةٌ إلَى تَغْيِيرِ الْحَبْسِ وَمَنْ كَسَرَ حَبْسًا مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ أَوْ غَيْرِهِمْ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْبُنْيَانَ كَمَا كَانَ. (وَتَنَاوَلَ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْوَاوِ أَيْ شَمِلَ (الذُّرِّيَّةَ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً هِيَ وَالتَّحْتِيَّةُ، أَيْ هَذَا اللَّفْظُ فِي قَوْلِهِ: وَقْفٌ عَلَى ذُرِّيَّتِي أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ الْحَافِدِ، أَيْ وَلَدِ بِنْتِ الْوَاقِفِ أَوْ فُلَانٍ. ابْنُ الْعَطَّارِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الأنعام: 84] {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} [الأنعام: 85] ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا بِعَدَمِ شُمُولِ الذُّرِّيَّةِ الْحَافِدِ، وَهُوَ يَنْقُضُ الِاتِّفَاقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَرِيقَةً قَالَهُ تت. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ فَقِيلَ إنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقِبِ وَالْوَلَدِ فِي عَدَمِ دُخُولِ وَلَدِ الْبَنَاتِ فِيهِمَا. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ النَّسْلُ كَالْوَلَدِ وَالذُّرِّيَّةُ تَشْمَلُ وَلَدَ الْبَنَاتِ اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ} [الأنعام: 84] إلَى قَوْلِهِ وَعِيسَى، وَهُوَ وَلَدُ بِنْتٍ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ فِي أَنَّ وَلَدَ بِنْتِ الرَّجُلِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، وَكَذَا نَقُولُ فِي نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ كَمَا إنَّهُ مِنْ وَلَدٍ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ، أَفَادَهُ " ق ". ابْنُ عَرَفَةَ يَرُدُّ اسْتِدْلَالَ ابْنِ الْعَطَّارِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ثُبُوتُهُ فِي مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 157 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إنَّمَا ثَبَتَ فِي عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَدَمِ أَبٍ لَهُ يَحُوزُهُ، وَلِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ كَانَ الْمَذْهَبُ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ الْمُعْتَقَةِ جَرَّهَا وَلَاءُ وَلَدِهَا لِمُعْتِقِهَا مَا دَامَ غَيْرَ مُسْتَلْحَقٍ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَبٌ بَطَلَ جَرُّهَا. وَشَاعَ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ عَلَى مَا بَلَغَنِي الْخِلَافُ فِي شَرِيفِ الْأُمِّ فَقَطْ وَأَبُوهُ لَيْسَ بِشَرِيفٍ هَلْ هُوَ شَرِيفٌ أَمْ لَا، فَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ مَنْصُورُ الْمَدْعُوُّ بِنَاصِرِ الدِّينِ مِنْ فُقَهَاءِ بِجَايَةَ بِثُبُوتِ شَرَفِهِ وَتَبِعَهُ جُلُّ أَهْلِ بَلَدِهِ. وَأَفْتَى الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ عَبْدِ الرَّفِيعِ قَاضِي بَلَدِنَا تُونُسَ بِعَدَمِهِ، وَسَمِعْت شَيْخَنَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ يُصَرِّحُ بِتَخْطِئَةِ مُثَبِّتِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ هُوَ لِأَبِيهِ لَا لِأُمِّهِ، وَقَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيته مِنْ الْفَاسِقِينَ، وَقَالَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ بَعْدَ عِتْقِهِ وَإِسْلَامِهِ شَرِيفَةً أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْهَا شَرِيفًا، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُنْصِفٌ أَوْ مُسْلِمٌ أَنَا أَشُكُّ وَأَلَّفَ الْفَرِيقَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَأَقْوَى مَا احْتَجَّ بِهِ الْأَوَّلُونَ تَمَسُّكُهُمْ بِمَا تَمَسَّكَ بِهِ ابْنُ الْعَطَّارِ، وَبِأَنَّ أَصْلَ الشَّرَفِ مِنْ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وَهَذَا بِنِسْبَةِ الْأُمُومَةِ لَا بِنِسْبَةِ الْأُبُوَّةِ. قُلْت: وَالْحَقُّ أَنَّ ابْنَ الشَّرِيفَةِ لَهُ شَرَفٌ مَا عَنْ مَنْزِلَةٍ مَنْ أُمُّهُ لَيْسَتْ بِشَرِيفَةٍ لَا الشَّرَفُ الْعُرْفِيُّ، وَتَمَسُّكُهُمْ بِمَا تَمَسَّكَ بِهِ ابْنُ الْعَطَّارِ يُرَدُّ بِمَا تَقَدَّمَ، وَتَمَسُّكُهُمْ بِالْقِيَاسِ بِثُبُوتِ النَّسَبِ إلَى فَاطِمَةَ بِجَامِعِ أَنَّهُ شَرَفٌ ثَبَتَ لِوِلَادَةِ الْأُمِّ يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ فِيمَنْ ثَبَتَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا بِنِسْبَةِ الْأُبُوَّةِ، فَكَانَ هَذَا الشَّرَفُ الثَّابِتُ فِي صُورَةِ الْإِجْمَاعِ ثَابِتًا بِالنِّسْبَةِ إلَى فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - الثَّابِتَةِ النِّسْبَةِ إلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ، فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ ثُبُوتُهُ فِي الْمَقِيسِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ ثُبُوتُهُ فِيهِ؛ بِالنِّسْبَةِ إلَى فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمِّ لَا إلَى الْأَبِ، وَهَذِهِ النِّسْبَةُ الثَّابِتَةُ فِي الْمَقِيسِ أَضْعَفُ مِنْ النِّسْبَةِ الثَّابِتَةِ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهَا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمِّ وَهِيَ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وَبِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ، وَهُوَ أَبُو الْوَلَدِ الْمُتَكَلَّمِ فِي شَرَفِهِ. الثَّابِتُ نَسَبُ أَبِيهِ لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ وَهِيَ فِي الْمَقِيسِ ثَابِتَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمِّ، وَهِيَ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -، وَبِالنِّسْبَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 وَوَلَدُ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ. أَوْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ،   [منح الجليل] إلَى الْأُمِّ أَيْضًا، وَهِيَ أُمُّ الْوَالِدِ الْمُتَكَلَّمِ فِي شَرَفِهِ فَهِيَ فِي الْأَصْلِ أَقْوَى، وَفِي الْمَقِيسِ أَضْعَفُ وَذَلِكَ فَرْقٌ وَاضِحٌ يَقْدَحُ فِي الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ، وَيُؤَكِّدُ صِحَّةَ هَذَا الْفَرْقِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْت فِي بَابِ التَّرْجِيحِ عَلَى أَنَّ نَتِيجَةَ الدَّلِيلِ الَّذِي إحْدَى مُقَدِّمَتَيْهِ ظَنِّيَّةٌ وَالْأُخْرَى قَطْعِيَّةٌ أَرْجَحُ مِنْ نَتِيجَةِ الدَّلِيلِ الَّذِي مُقَدِّمَتَاهُ مَعًا ظَنِّيَّتَانِ. اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ. (وَ) تَنَاوَلَ (وَلَدَ فُلَانٍ) أَيْ زَيْدٍ مَثَلًا (وَفُلَانَةَ) أَيْ هِنْدٍ مَثَلًا، فَسَمَّى الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، ثُمَّ قَالَ: وَأَوْلَادُهُمْ فَيَتَنَاوَلُ الْحَافِدَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ لِعَوْدِ ضَمِيرِ أَوْلَادِهِمْ إلَى الْأَوْلَادِ، وَالْحَافِدُ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَخَطَّأَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ ابْنِ زَرْبٍ لَا يَدْخُلُ الْحَافِدُ فِيمَا ذُكِرَ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ حَبَّسَتْ عَلَى أَوْلَادِي وَسَمَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ، ثُمَّ قَالَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ فَهُوَ خَطَأٌ " غ " فَأَوْلَادُهُمْ مُقَدَّرَةٌ فِي هَذِهِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِيمَا يَلِيهَا. (أَوْ) وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِي (الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ) بِدُونِ ذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ (وَأَوْلَادُهُمْ) يَتَنَاوَلُ (الْحَافِدَ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ وَلَدِ الْبِنْتِ مَفْعُولُ تَنَاوَلَ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ قَالَ حَبَّسَتْ عَلَى أَوْلَادِي ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ، ثُمَّ قَالَ، وَعَلَى أَعْقَابِهِمْ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ فِي هَذَا كَمَا لَوْ سَمَّى. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَوْ كَرَّرَ التَّعْقِيبَ لَدَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا الْمُحَبِّسُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشُّيُوخُ، ثُمَّ اسْتَظْهَرَهُ وَقَالَ: إنَّهُ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَتَبِعَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَالَهُ فِي الْمِعْيَارِ فِي جَوَابِ ابْنِ عِلَالٍ بَعْضُهُمْ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا قَالَ بِدُخُولِهِ وَإِنْ سَفُلَ، لَكِنْ فِي جَوَابِ الْوَانْغِيلِيِّ فِي الْمِعْيَارِ حِكَايَةَ قَوْلِ بِدُخُولِ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَإِنْ سَفَلُوا، وَبَعْدِ قَعَدِهِمْ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ حَبَّسَتْ عَلَى أَوْلَادِي ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَوَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 لَا نَسْلِي وَعَقِبِي، وَوَلَدِي، وَوَلَدِ وَلَدِي،   [منح الجليل] لَا أَرَى لِوَلَدِ الْبَنَاتِ شَيْئًا، لَكِنْ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ اعْتِرَاضُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ فَانْظُرْهُ. (لَا) يَتَنَاوَلُ (نَسْلِي) فِي قَوْلِهِ وَقَفْت عَلَى نَسْلِي الْحَافِدِ، وَيَتَنَاوَلُ أَوْلَادَهُ الذُّكُورَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ يَنْتَسِبُ لِلْوَاقِفِ بِامْرَأَةٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ بِنْتَهُ أَوْ بِنْتَ ابْنِهِ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَبَّسِ أُنْثَى فَلَا يَشْمَلُهُ لَفْظُ النَّسْلِ وَلَا الْعَقِبِ وَلَا الْوَلَدِ " ق " ابْنُ الْعَطَّارِ النَّسْلُ كَالْوَلَدِ، وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِيهِ، وَفِي الذُّرِّيَّةِ وَاحِدًا (وَ) لَا يَتَنَاوَلُ (عَقِبِي) الْحَافِدِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا فَرْقَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ لَفْظِ الْعَقِبِ وَالْوَلَدِ فِي الْمَعْنَى (وَ) لَا يَتَنَاوَلُ (وَلَدِي) الْحَافِدَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ الْمُحَبِّسُ: حَبَّسَتْ عَلَى وَلَدِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْحَبْسُ عَلَى أَوْلَادِ بَنِيهِ الذُّكْرَانِ وَالْإِنَاثِ، وَعَلَى أَوْلَادِ بَنِيهِ الذُّكْرَانِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ لَا مِيرَاثَ لَهُمْ (وَ) لَا يَتَنَاوَلُ (وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي) الْحَافِدِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ حَبَّسَتْ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَوْ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ وَلَدَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ وَلَدِ الْوَلَدِ لَا يَتَنَاوَلُ بِإِطْلَاقِهِ وَلَدَ الْبَنَاتِ، وَلِأَنَّ الْأَلْفَاظَ الْمَسْمُوعَةَ إنَّمَا هِيَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي النُّفُوسِ فَإِذَا عَبَّرَ الْمُحَبِّسُ عَمَّا فِي نَفْسِهِ مِنْ إرَادَتِهِ بِلَفْظٍ غَيْرِ مُحْتَمَلٍ نَصَّ عَلَى إدْخَالِ وَلَدِ بَنَاتِهِ فِي حَبْسِهِ أَوْ إخْرَاجِهِ مِنْهُ وَقَفَتَا عِنْدَهُ، وَلَمْ يَصِحَّ لَنَا مُخَالَفَةُ نَصِّهِ، وَإِذَا عَبَّرَ عَمَّا فِي نَفْسِهِ بِعِبَارَةٍ مُحْتَمِلَةٍ لِلْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَجَبَ أَنْ نَحْمِلَهُ عَلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّنَا أَنَّهُ أَرَادَهُ مِنْ مُحْتَمِلَاتِ لَفْظِهِ بِمَا يُعْلَمُ مِنْ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ عُمُومَ أَلْفَاظِ النَّاسِ لَا تُحْمَلُ إلَّا عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ قَصْدِهِمْ وَاعْتِقَادِهِمْ، إذْ لَا طَرِيقَ لَنَا إلَى الْعِلْمِ بِإِرَادَةِ الْمُحَبِّسِ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ، فَإِذَا صَحَّ هَذَا الْأَصْلُ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْوَلَدَ بِإِطْلَاقِهِ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى، فَوَجَبَ أَنْ يُخَصَّصَ بِهَذَا عُمُومُ لَفْظِ الْمُحَبِّسِ، كَمَا يُخَصَّصُ عُمُومُ لَفْظِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 وَأَوْلَادِي، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، وَبَنِي وَبَنِي بَنِيَّ، وَفِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِهِمْ، قَوْلَانِ   [منح الجليل] الْحَالِفِ بِمَا يُعْلَمُ مِنْ مَقَاصِدِ النَّاسِ فِي أَيْمَانِهِمْ وَعُرْفِ كَلَامِهِمْ اهـ. الْبُنَانِيُّ عَدَمُ دُخُولِ الْحَافِدِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَرَجَّحَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، لَكِنْ اُنْظُرْهُ مَعَ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ لِلْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] . قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ إنَّمَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَمَنْ قَالَ حَبَّسَ عَلَى وَلَدِي وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي. الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي، فَإِنَّ وَلَدَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ، وَكَذَلِكَ كُلَّمَا زَادَ دَرَجَةً يَدْخُلُونَ إلَى حَيْثُ انْتَهَى الْمُحَبِّسُ اهـ. وَنَقَلَهُ " غ فِي تَكْمِيلِهِ، وَقَالَ عَقِبَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا. اهـ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا رَجَّحَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. (وَ) لَا يَتَنَاوَلُ (أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي) الْحَافِدَ تت لَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ عَلَى بَيَانِ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ، وَهَذَا اللَّفْظُ غَيْرَ الَّذِي قَبْلَهُ (وَ) لَا يَتَنَاوَلُ (بَنِيَّ وَبَنِي بَنِيَّ) الْحَافِدَ. الْبَاجِيَّ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا لَفْظُ الْبَنِينَ فِي قَوْلِهِ حَبَّسَتْ عَلَى بَنِيَّ أَوْ عَلَى بَنِيَّ وَبَنِيهِمْ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي لَفْظِ الْوَلَدِ وَالْعَقِبِ. (وَفِي) تَنَاوُلِ (وَلَدِي وَوَلَدِهِمْ) الْحَافِدَ، وَبِهِ أَفْتَى أَهْلُ قُرْطُبَةَ وَقَضَى بِهِ ابْنُ السَّلِيمِ وَعَدَمُ تَنَاوُلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلَانِ) " غ " هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْخِلَافِ الَّذِي لَوَّحَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَوَلَدِي وَوَلَدِهِمْ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَعَلَيْك بِالْمُقَدِّمَاتِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 وَالْإِخْوَةُ الْأُنْثَى، وَرِجَالُ إخْوَتِي، وَنِسَاؤُهُمْ الصَّغِيرَ وَبَنِي أَبِي إخْوَتَهُ الذُّكُورَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَآلِي؛ وَأَهْلِي الْعَصَبَةَ، وَمَنْ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ   [منح الجليل] قِ " ابْنُ رُشْدٍ إذَا قَالَ حَبَّسَتْ عَلَى وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ فَرَوَى ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَا يَدْخُلُ الْبَنَاتُ فِي الْحَبْسِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَدُخُولُهُمْ أَبْيَنُ. بَعْضُهُمْ لَعَلَّهُمْ اعْتَمَدُوا فِي هَذَا عَلَى عُرْفٍ تَقَرَّرَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ، وَلِذَا يَصْعُبُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا. (وَ) تَنَاوَلَ (الْإِخْوَةَ) فِي قَوْلِهِ وَقْفٌ عَلَى إخْوَتِي (الْأُنْثَى) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] ، وَقَدْ أَجْرَى الْإِنَاثَ فِي الْحَجْبِ مَجْرَى الذُّكُورِ وَابْنُ شَعْبَانَ لَفْظُ إخْوَتِي يَشْمَلُ إخْوَتَهُ، وَلَوْ لِأُمٍّ فَقَطْ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ (وَ) تَنَاوَلَ (رِجَالُ إخْوَتِي وَنِسَاؤُهُمْ الصَّغِيرَ) وَالصَّغِيرَةَ، قَالَ اللَّهُ {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] ابْنُ شَعْبَانَ وَلَفْظُ رِجَالُ إخْوَتِي وَنِسَاؤُهُمْ يَشْمَلُ أَطْفَالَ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ (وَ) تَنَاوَلَ (بَنُو أَبِي إخْوَتِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الذُّكُورِ أَشِقَّاءً أَوْ لِأَبٍ (وَأَوْلَادُهُمْ) أَيْ الذُّكُورِ خَاصَّةً. ابْنُ شَعْبَانَ لَفْظُ بَنِي أَبِي يَشْمَلُ إخْوَتَهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِخْوَتَهُ لِأَبِيهِ فَقَطْ وَمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ خَاصَّةً مَعَ ذُكُورِ وَلَدِهِ. ابْنُ شَاسٍ هَذَا يُشْعِرُ أَنَّهُ لَا يَرَى دُخُولَ الْإِنَاثِ تَحْتَ بَنِيَّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّوَايَةِ فِي لَفْظِ الْبَنِينَ. الْحَطّ قَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُمْ أَيْ الذُّكُورُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ قَالَ عَلَى بَنِي أَبِي دَخَلَ فِيهِ إخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَإِخْوَتُهُ لِأَبِيهِ وَمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ خَاصَّةً مَعَ ذُكُورِ وَلَدِهِ (وَ) تَنَاوَلَ (آلِي) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مَمْدُودًا وَكَسْرِ اللَّامِ (وَ) تَنَاوَلَ (أَهْلِي الْعَصَبَةَ) فَيَدْخُلُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الِابْنُ وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، وَالْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ وَإِنْ نَزَلُوا وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ (وَمَنْ) أَيْ امْرَأَةٌ (لَوْ رُجِّلَتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ فُرِضَتْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 162 وَأَقَارِبِي أَقَارِبَ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا؛ وَإِنْ نَصْرَى،   [منح الجليل] رَجُلًا (عَصَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ كَانَ عَاصِبًا كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُمٍّ وَجَدَّةِ أَبٍ وَعَمَّةٍ وَبِنْتِ أَخٍ وَبِنْتِ عَمٍّ. ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظُ آلِي وَأَهْلِي. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْآلُ وَالْأَهْلُ سَوَاءٌ هُمْ الْعَصَبَاتُ وَالْبَنَاتُ وَالْعَمَّاتُ لَا الْخَالَاتُ. الْبَاجِيَّ أَرَادَ الْعَصَبَةَ وَمَنْ فِي قَعَدِهِمْ مِنْ النِّسَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَتَدْخُلُ بَنَاتُ الْعَمِّ (وَ) تَنَاوَلَ (أَقَارِبِي أَقَارِبَ جِهَتَيْهِ) أَيْ جِهَةِ أَبِيهِ وَجِهَةِ أُمِّهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ فَيَتَنَاوَلُ الْعَمَّاتِ وَبَنَاتِهِنَّ وَالْخَالَاتِ وَبَنَاتِهِنَّ وَالْأَخَوَاتِ وَبَنَاتِهِنَّ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ إنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، بَلْ (وَإِنْ) كَانُوا (نَصْرَى) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ نَصَارَى أَوْ يَهُودًا أَوْ مَجُوسًا ذِمِّيِّينَ. فِي نُسْخَةٍ " غ " وَإِنْ قَصَوْا بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ بَعُدُوا، قَالَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ نَصَارَى أَيْ ذِمِّيِّينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ هُنَا، وَهُوَ سَفَرٌ. " ع " عَلَى جَوَازِ الْوَقْفِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ، إذْ قَالَ كَمَنْ سَيُولَدُ وَذِمِّيٌّ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ فِيهَا نَصًّا لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالْأَظْهَرُ جَرْيُهَا عَلَى حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَهُ، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةُ الْوَصِيَّةِ لِلْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُجِيزُهَا. اهـ. وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ مَنْ حَبَّسَ عَلَى مَسَاكِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى جَازَ. " ق " رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ قُسِمَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِالِاجْتِهَادِ. مُحَمَّدٌ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَقَالَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ عِيسَى، وَيُنْظَرُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى وَيَتْرُكُ، فَرُبَّمَا لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ وَلَدِ الْبَنَاتِ وَوَلَدِ الْخَالَاتِ ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ فَيُعْطَوْا حِينَئِذٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَدْخُلُ الْخَالُ وَالْخَالَةُ وَلَا قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ اُخْتُلِفَ إذَا أَوْصَى لِقَرَابَتِهِ أَوْ وَلَدِ قَرَابَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ قَرَابَتُهُ لِأُمِّهِ بِحَالٍ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ بِكُلِّ حَالٍ. ابْنُ حَبِيبٍ، وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 8 ¦ الصفحة: 163 وَمَوَالِيهِ الْمُعْتَقَ، وَوَلَدَهُ وَمُعْتَقَ أَبِيهِ وَابْنِهِ؛ وَقَوْمُهُ عَصَبَتُهُ فَقَطْ، وَطِفْلٌ وَصَبِيٌّ،   [منح الجليل] أَجْمَعِينَ. وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يَدْخُلُونَ فِي عَدَمِ قَرَابَتِهِ مِنْ الرِّجَالِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ أَوْصَى قُرَابَةٌ إلَّا مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ لَهُمْ. اهـ. وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُعِينِ، وَظَاهِرُ الْعَزْوِ تَرْجِيحُ الثَّانِي الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَسَقَطَ تَوَرُّكُ " ق " عَلَيْهِ، لَكِنْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، إذْ قَالَ وَفِي الْأَقَارِبِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ لِأَبٍ. تت لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ أَيْ نَصْرَى وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالنَّصَارَى جَمْعُ نَصْرَانَ وَنَصْرَانَةَ كَالنَّدَامَى جَمْعُ نَدْمَانَ وَنَدْمَانَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَكِنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ نَصْرَانُ إلَّا بِيَاءِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ وَامْرَأَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ. اهـ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ نَصْرَى لُغَةٌ فِي النَّصَارَى وَإِنْ كَانَتْ رَدِيئَةً. (وَ) تَنَاوَلَ (مَوَالِيَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَوْلًى (الْمُعْتَقَ) بِفَتْحِ التَّاءِ الَّذِي بَاشَرَ الْوَاقِفُ عِتْقَهُ (وَوَلَدَهُ) أَيْ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ (وَمُعْتَقَ) بِفَتْحِ التَّاءِ (أَبِيهِ) أَيْ الْوَاقِفِ (وَ) مُعْتَقَ (ابْنِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ، فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِمَوَالِي فُلَانٍ وَلَهُ مَوَالٍ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ وَمَوَالٍ أَنْعَمَ هُوَ عَلَيْهِ كَانَ لِمَوَالِيهِ الْأَسْفَلِينَ دُونَ الْأَعْلَيْنَ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ كَانَ لَهُ مَوَالٍ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَمَوَالٍ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَمَوَالٍ مِنْ قَبْلِ قَرَابَتِهِ يُوَارِثُونَه فَلْيَبْدَأْ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، وَفِيهِ وَيُعْطَى الْآخَرِينَ مِنْهُ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ سَعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَبْعَدِ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْ الْأَقْرَبِ فَيُؤْثِرُونَ عَلَيْهِ وَيَبْدَأُ بِأَهْلِ الْحَاجَةِ أَبَاعِدَ أَوْ غَيْرَهُمْ، وَمَا فِي ذَلِكَ أَمْرٌ بَيِّنٌ غَيْرُ مَا يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ وَيَرَى أَنَّهُ رَآهُ. ابْنُ شَاسٍ: لَفْظُ الْمَوَالِي يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثِ، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْحَبْسِ فَرُوِيَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُمْ مَوَالِي أَبِيهِ وَمَوَالِي ابْنِهِ وَمَوَالِي الْمَوَالِي (وَ) تَنَاوَلَ (قَوْمُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (عَصَبَتَهُ فَقَطْ) أَيْ لَا مَنْ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظُ الْقَوْمِ قَبِلَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ شَعْبَانَ هُوَ خَاصٌّ بِالرِّجَالِ الْعَصَبَةِ دُونَ النِّسَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] {وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ} [الحجرات: 11] وَقَوْلُ زُهَيْرٍ. أَقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ (وَ) تَنَاوَلَ (طِفْلٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (وَصَبِيٌّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164 وَصَغِيرٌ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَشَابٌّ، وَحَدَثٌ لِلْأَرْبَعَيْنِ، وَإِلَّا، فَكَهْلٌ لِلسِّتِّينَ، وَإِلَّا فَشَيْخٌ وَشَمِلَ الْأُنْثَى كَالْأَرْمَلِ. وَالْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ،   [منح الجليل] وَصَغِيرٌ مَنْ) أَيْ شَخْصًا (لَمْ يَبْلُغْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ الْحُلُمَ وَلَا الْمَحِيضَ. ابْنُ شَعْبَانَ لَوْ قَالَ أَطْفَالُ أَهْلِي تَنَاوَلَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ وَلَا الْمَحِيضَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَى صِبْيَانِهِمْ أَوْ صِغَارِهِمْ. (وَ) تَنَاوَلَ (شَابٌّ وَحَدَثٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ فَمُثَلَّثَةٌ مَنْ بَلَغَ مُنْتَهِيًا (لِلْأَرْبَعَيْنِ) سَنَةً، وَهَلْ بِدُخُولِهِ فِيهَا أَوْ بِكَمَالِهَا تَقْرِيرَانِ لِابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيِّ. ابْنُ شَعْبَانَ لَوْ قَالَ عَلَى شَبَابِهِمْ أَوْ عَلَى أَحْدَاثِهِمْ كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ إلَى أَنْ يَكْمُلَ أَرْبَعِينَ عَامًا (وَإِلَّا) يَكُنْ فِي سِنٍّ مِمَّا سَبَقَ بِأَنْ تَجَاوَزَ سِنُّهُ الْأَرْبَعِينَ (فَ) هُوَ (كَهْلٌ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْهَاءِ (لِلسِّتِّينَ) عَامًا (وَإِلَّا) يَكُنْ ابْنَ سِتِّينَ بِأَنْ تَجَاوَزَهَا (فَ) هُوَ (شَيْخٌ) إلَى مُنْتَهَى عُمُرِهِ (وَشَمِلَ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ طِفْلٍ وَمَا بَعْدَهُ (الْأُنْثَى) وَشَبَّهَ فِي شُمُولِ الْأُنْثَى فَقَالَ (كَ) لَفْظِ (الْأَرْمَلِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ لَامٌ. ابْنُ شَعْبَانَ لَوْ قَالَ عَلَى كُهُولِهِمْ كَانَ لِمَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ مِنْ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ إلَى أَنْ يَكْمُلُ السِّتِّينَ، وَلَوْ قَالَ عَلَى شُيُوخِهِمْ كَانَ لِمَنْ جَاوَزَ السِّتِّينَ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَلَوْ قَالَ لِأَرَامِلِهِمْ لَكَانَ لِلرَّجُلِ الْأَرْمَلِ كَالْمَرْأَةِ الْأَرْمَلَةِ، لِقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ فَمَنْ لِحَاجَةِ هَذَا الْأَرْمَلِ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ لِجَرِيرٍ. (وَالْمِلْكُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ بَاقٍ (لِلْوَاقِفِ) ابْنُ عَرَفَةَ صَرَّحَ الْبَاجِيَّ بِبَقَاءِ مِلْكِ الْمُحَبِّسِ عَلَى حَبْسِهِ، وَهُوَ لَازِمُ تَزْكِيَةِ حَوَائِطِ الْأَحْبَاسِ عَلَى مِلْكِ مُحَبِّسِهَا. وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ آخِرُ الشُّفْعَةِ التَّحْبِيسُ بِسَقْطِ الْمِلْكِ غَلَطٌ. اهـ. وَفِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَبَّسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَوَكَّلَ عَلَيْهِ مَنْ حَازَهُ لَهُمْ وَأَكْرَاهُ فَقَالَ الْكِبَارُ: نَحْنُ نَحُوزُهُ لِأَنْفُسِنَا، فَقَالَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ، وَهُوَ عَلَى مَا وَضَعَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ. هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ كَالْهِبَةِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ كَبِيرًا، وَإِنَّمَا يَغْتَلُّهُ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ عَلَى مِلْكِ مُحَبِّسِهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ مَنْ يَحُوزُهُ لِلْكَبِيرِ وَيُجْرِي عَلَيْهِ غَلَّتَهُ، وَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلَا كَلَامَ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ فِيهِ. اهـ. وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ مِلْكَ مُحَبِّسِهَا قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ فِي حَبْسِ الذَّخِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَرْقِ التَّاسِعِ وَالسَّبْعِينَ مِنْ قَوَاعِدِهِ، وَنَصُّهُ هَلْ يَفْتَقِرُ الْوَقْفُ إلَى الْقَبُولِ أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَمَنْشَؤُهُ هَلْ أَسْقَطَ الْوَاقِفُ حَقَّهُ مِنْ مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ كَالْعِتْقِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ أَوْ مِلْكِ مَنَافِعِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا. وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِتَعَذُّرِهِ هَذَا فِي مَنَافِعِ الْمَوْقُوفِ أَمَّا مِلْكُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَسْقُطُ أَوْ هُوَ بَاقٍ لِلْوَاقِفِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمَوْقُوفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ نَحْوَ الْفُقَرَاءِ إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِهَادِ، وَأَمَّا ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَيُفَرَّقُ عَلَيْهِمْ مَنْ نَابَهُ نِصَابُ زَكَاةٍ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ أَنَّ وَقْفَهَا إسْقَاطُ مِلْكٍ كَالْعِتْقِ فَلَا مِلْكَ لِمَخْلُوقٍ فِيهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) وَلِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا وَهِيَ لَا تُقَامُ فِي مَمْلُوكٍ لَا سِيَّمَا عَلَى أَصْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ أَنَّهَا لَا يُصَلِّيهَا أَرْبَابُ الْحَوَانِيتِ فِيهَا لِمِلْكِهَا وَحَجْرِهَا، فَلَا يَجْرِي فِي الْمَسَاجِدِ الْقَوْلَانِ اهـ. وَقَبِلَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الشَّاطِّ السِّبْتِيُّ جَمِيعَهُ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَسْجِدٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَتَنَازَعُوا فِيهِ وَقَسَّمُوهُ بَيْنَهُمْ بِحَائِطٍ وَسَطَهُ أَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدًا، وَكَذَا إمَامُهُمْ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُمْ قِسْمَةٌ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانُوا بَنُوهُ جَمِيعًا وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلَهُ وَلَا يَجْزِيهِمْ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ وَلَا إمَامٌ وَاحِدٌ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهُ حِينَ سَلَبُوهُ، فَإِنْ قَسَّمُوهُ، فَلَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166 لَا الْغَلَّةُ، فَلَهُ وَلِوَارِثِهِ؛ مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ   [منح الجليل] فِي الْأَذَانِ وَالْإِمَامِ إنْ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا بِحَاجِزٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ. وَفِي قَوَاعِدِ الْمُقِرِّي وَقْفُ الْمَسَاجِدِ إسْقَاطُ مِلْكٍ إجْمَاعًا، وَفِي وَقْفِ غَيْرِهَا قَوْلَانِ بِنَقْلٍ وَإِسْقَاطٍ أَفَادَهُ " غ ". الْحَطّ هَذَا خِلَافُ مَا حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحَبْسِ أَنَّ الْمَسَاجِدَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ مُحَبِّسِهَا أَيْضًا، وَنَصُّهُ فِي أَثْنَاءِ التَّرْجَمَةِ الْأُولَى فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى جَوَازِ التَّحْبِيسِ وَالرَّدِّ عَلَى شُرَيْحٍ: الْقَاتِلُ لَا حَبْسَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ وَبَقَاءُ إحْبَاسِ السَّلَفِ دَائِرَةٌ دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ بَيْعِهَا وَمِيرَاثِهَا، وَالْمَسَاجِدُ وَالْأَحْبَاسُ لَمْ يُخْرِجْهَا مَالِكُهَا إلَى مِلْكِ أَحَدٍ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ، وَأَوْجَبَ تَسْبِيلَ مَنَافِعِهَا إلَى مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ فَلَزِمَهُ ذَلِكَ كَمَا يَعْقِدُ فِي الْعَبْدِ الْكِتَابَةَ وَالْإِجَارَةَ وَالْإِسْكَانَ، وَأَصْلُ الْمِلْكِ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ حَلُّ شَيْءٍ مِمَّا أَوْجَبَ فِي الْمَرَافِقِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بَاقِيًا عَلَيْهِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) عَاطِفَةٌ عَلَى الْمِلْكِ وَمَعْطُوفُهَا (الْغَلَّةُ) النَّاشِئَةُ مِنْ الشَّيْءِ الْمَوْقُوفِ فَلَيْسَتْ لِوَاقِفِهِ، بَلْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَمْلِكُ الْغَلَّةَ وَالثَّمَرَةَ وَاللَّبَنَ وَالصُّوفَ وَالْوَبَرَ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ، وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ لِلْوَاقِفِ فَقَالَ (فَلَهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (وَلِوَارِثِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ الَّذِي انْتَقَلَ لَهُ مِلْكُ الْوَقْفِ دُونَ مَنَافِعِهِ (مَنْعُ مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (يُرِيدُ إصْلَاحَهُ) أَيْ الْوَقْفَ الْمُحْتَاجَ لِلْإِصْلَاحِ. " غ " بِهَذَا قَطَعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَعْبَانَ، وَوَجَّهَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْحَبْسَ مَمْلُوكٌ لِمُحَبِّسِهِ وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ مَالِكِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْجَارِي عِنْدِي فِي هَذَا عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ بِأَنَّ خَرَابَهُ إنْ كَانَ لِحَادِثٍ نَزَلَ بِهِ دَفْعَةً كَوَابِلِ مَطَرٍ أَوْ شِدَّةِ رِيحٍ أَوْ صَاعِقَةٍ، فَالْحُكْمُ كَمَا قَالُوا، وَإِنْ كَانَ يَتَوَالَى عَدَمَ إصْلَاحِ مَا يَنْزِلُ بِهِ مِنْ انْهِدَامِ شَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ، وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَعْلِ بَاقِيهِ كَحَالِ بَعْضِ أَهْلِ وَقْتِنَا مِنْ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ يَأْخُذُونَ غَلَّتَهَا وَيَدَّعُونَ إصْلَاحَهَا حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهَا غَلَّتَهَا وَيَدَّعُونَ إصْلَاحَهَا حَتَّى يَتَوَالَى عَلَيْهَا الْخَرَابُ الَّذِي يُذْهِبُ كُلَّ مَنْفَعَتِهَا أَوْ جُلَّهَا، فَهَذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 167 وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِزِيَادَةٍ وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ.   [منح الجليل] الْوَاجِبُ فِيهِ تَمْكِينُ مَنْ تَطَوَّعَ بِإِصْلَاحِهِ مِنْهُ، وَلَا يُقَالُ بِمَنْعِهِ لِمُحَبِّسِهِ وَلَا لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّ مُصْلِحَهُ قَامَ بِأَدَاءِ حَقٍّ عَنْهُ لِعَجْزِهِ عَنْ أَدَائِهِ أَوْ لَدَدِهِ. (وَ) إنْ أَكْرَى الْوَقْفَ نَاظِرُهُ بِكِرَاءٍ لَا غَبْنَ فِيهِ عَلَى الْوَقْفِ ثُمَّ وُجِدَ مَنْ يَزِيدُ فِي كِرَائِهِ فَ (لَا يُفْسَخُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (كِرَاؤُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (لِزِيَادَةٍ) أَرَادَهَا غَيْرُ مُكْتَرِيهِ. " غ " أَرَادَ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْغَبْنُ. ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ إنْ أَكْرَى نَاظِرُ الْحَبْسِ عَلَى يَدِ الْقَاضِي رُبُعَ الْحَبْسِ بَعْدَ النِّدَاءِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِقْصَاءِ جَاءَتْ زِيَادَةٌ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْكِرَاءِ وَلَا قَبُولُ الزِّيَادَةِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ فِي الْكِرَاءِ غَبْنًا عَلَى الْحَبْسِ فَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ مِمَّنْ كَانَ حَاضِرًا، وَكَذَا الْوَصِيُّ فِي مُؤَاجَرَةِ يَتِيمِهِ وَكِرَاءِ رَبْعِهِ، ثُمَّ يَجِدُ زِيَادَةً فَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ بِلَا ثُبُوتِ غَبْنٍ إنْ فَاتَ وَقْتُ كِرَائِهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ نُقِضَ الْكِرَاءُ وَأُخِذَتْ الزِّيَادَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ أَوَّلِ كَلَامِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ لَمْ يَفُتْ الْإِبَّانُ، وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَالثَّانِي أَحْوَطُ. (وَلَا يُقْسَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ مِنْ كِرَاءِ الْوَقْفِ (إلَّا) كِرَاءٍ (مَاضٍ زَمَنُهُ) ؛ لِأَنَّ قَسْمَ مَا لَا يَمْضِ زَمَنُهُ يُؤَدِّي إلَى إعْطَاءِ مَنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِمَوْتِهِ قَبْلَ مَجِيءِ زَمَانِهِ وَحِرْمَانِ مَنْ يَسْتَحِقُّ بِوِلَادَتِهِ أَوْ قُدُومِهِ بَعْدَ قَسْمِهِ فِي زَمَنِهِ. ابْنُ شَاسٍ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّدَقَةِ أَنْ يُكْرِيَهَا بِنَقْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضَعُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ لَا يُقْسَمُ الْكِرَاءُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ كَمَالِ سُكْنَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْسَمُ عَلَى مَنْ حَضَرَ يَوْمَ الْقِسْمَةِ، فَمَنْ وُلِدَ قَبْلَهَا ثَبَتَ حَقُّهُ، وَمَنْ مَاتَ بَعْدَهَا، وَقَبْلَ تَمَامِ أَمَدِ السُّكْنَى سَقَطَ حَقُّهُ، فَإِذَا أَقْسَمَهُ قَبْلَ كَمَالِ أَمَدِ السُّكْنَى فَقَدْ يَمُوتُ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ وَيُحْرَمُ مَنْ يُولَدُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَيَسْتَمِرُّ حَيًّا إلَى تَمَامِ أَمَدِ السُّكْنَى. وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْأَحْبَاسِ لِيُنَفِّذَهَا فِي أَهْلِهَا وَهِيَ مُعَقِّبَةٌ إنَّمَا يُكْرِيهَا السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ الْكِرَاءُ وَلِحَائِزِهَا لِنَفْسِهِ كِرَاؤُهَا الْخَمْسَ وَالسِّتَّ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُقَدَّمِ فِي كِرَاءِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَضَعُ مِنْ الْكِرَاءِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى قَسْمِهِ قَبْلَ تَمَامِ أَمَدِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْعَقِبَ مَجْهُولٌ، وَلَا يَكُونُ الْقَسْمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 168 وَأَكْرَى نَاظِرُهُ، إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ، كَالسَّنَتَيْنِ، وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ.   [منح الجليل] إلَّا عَلَى مَنْ حَضَرَ يَوْمَهُ. فَإِنْ قَسَمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَعْطَى مِنْ الْغَلَّةِ مَنْ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ وُجُوبِ ذَلِكَ لَهُ. (وَأَكْرَى) الْوَقْفَ جَوَازًا (نَاظِرُهُ) أَيْ الْوَقْفَ لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهُ لَهُ (إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مُعَيَّنِينَ) وَمَفْعُولُ أَكْرَى (كَالسَّنَتَيْنِ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ كِرَاءُ مَنْ حُبِّسَ عَلَيْهِ رَبْعٌ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ الْأَعْقَابِ لِعَامَيْنِ لَا أَكْثَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ إجَازَتُهُ لِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَبِالرِّوَايَةِ الْأُولَى الْقَضَاءُ. قُلْت الَّذِي فِي رِوَايَةِ أَشْهَبَ عِشْرُونَ، قَالَ وَالْحَبْسُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَرْضَى وَالْمَسَاكِينِ أَوْ مَسْجِدِ وَقَنْطَرَةٍ يَجُوزُ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَاسْتَحْسَنَ قَضَاءُ قُرْطُبَةَ كَوْنَهُ لِأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ خَوْفَ انْدِرَاسِهِ بِطُولِ مُكْثِهِ بِيَدِ مُكْرِيهِ. عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْأَحْبَاسِ لِيُنَفِّذَهَا فِي أَهْلِهَا وَهِيَ مُعَقَّبَةٌ إنَّمَا يُكْرِيهَا السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ نَفَذَ الْكِرَاءُ وَلِحَائِزِهَا لِنَفْسِهِ كِرَاؤُهَا الْخَمْسَ وَالسِّتَّ، وَحَدَّثَنِي مَنْ وَثِقْت بِهِ أَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَكَارَى مَسْكَنَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، وَهُوَ صَدَقَةٌ عَشْرَ سِنِينَ وَاسْتَكْثَرَهُ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ، وَلِهَذَا أَنْ يُكْرِيَ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُقَدَّمِ فِي كِرَاءِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَضَعُ مِنْ الْكِرَاءِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى قِسْمَةٍ قَبْلَ أَمَدِ السُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْعَقِبَ مَجْهُولٌ وَلَا يَكُونُ الْقَسْمُ إلَّا عَلَى مَنْ حَضَرَ يَوْمَهُ، فَإِنْ قَسَمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَعْطَى مِنْ الْغَلَّةِ مَنْ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ وُجُوبِ ذَلِكَ لَهُ. (وَ) أَكْرَاهُ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ (مَرْجِعُهُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٌ، أَيْ رُجُوعِ الْوَقْفِ (لَهُ) عب، وَلَوْ مِلْكًا فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْعَشْرِ) سِنِينَ. ابْنُ شَاسٍ عَبْدُ الْمَلِكِ يُكْرِي مِنْ مَرْجِعِ الرَّقَبَةِ لِآخَرَ بَعْدَهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ كِرَاءً مِثْلَ الْأَرْبَعِ سِنِينَ وَالْخَمْسِ، قَالَ وَقَدْ أَكْرَى مَالِكٌ مَنْزِلَهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَى هَذَا الْحَالِ، فَإِذَا حَبَّسَ دَارًا عَلَى زَيْدٍ حَيَاتَهُ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو، أَيْ ثُمَّ تَكُونُ هِبَةً لِعَمْرٍو فَيَجُوزُ لِزَيْدٍ كِرَاؤُهَا لِعَمْرٍو عَشْرَةَ أَعْوَامٍ، وَقَيَّدَ كَلَامَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 169 وَإِنْ بَنَى مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ فَمَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ وَقْفٌ.   [منح الجليل] الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ مُدَّةً وَإِلَّا عَمِلَ بِهَا، وَبِمَا إذَا لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ لِكِرَائِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَإِلَّا جَازَ مَا تَدْعُو الضَّرُورَةُ لَهُ كَمَا وَقَعَ فِي زَمَنِ الْقَاضِي ابْنِ بَادِيسَ بِالْقَيْرَوَانِ أَنَّ دَارًا حَبْسًا عَلَى الْفُقَرَاءِ خَرِبَتْ وَلَمْ يُوجَدْ مَا تُصْلَحُ بِهِ، فَأَفْتَى بِأَنَّهَا تُكْرَى السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ كَيْفَ تَتَيَسَّرُ بِشَرْطِ إصْلَاحِهَا مِنْ كِرَائِهَا، وَلَمْ يَسْمَحْ بِبَيْعِهَا، وَهُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِنَاظِرِهِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ وعب. ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُقَرِّبِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ دَارٌ وَعَلَى عَقِبِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ أَوْ جُعِلَ لَهُمْ السُّكْنَى فِيهَا حَيَاتَهُمْ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا بِالنَّقْدِ إلَّا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَهَا سِنِينَ كَثِيرَةً بِكِرَاءٍ مُنَجَّمٍ كُلَّمَا انْقَضَى نَجْمٌ دَفَعَ كِرَاءَهُ، أَوْ كُلَّمَا دَخَلَ نَجْمٌ قَدَّمَ كِرَاءَهُ إنْ كَانَ النَّجْمُ يَسِيرًا، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَرِوَايَتُهُمَا. ابْنُ الْعَطَّارِ اسْتَحْسَنَ الِاحْتِيَاطَ فِي الْحَبْسِ بِأَنْ لَا يُكْرَى مِمَّنْ يُجَاوِرُهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُنْقَصُ مِنْهُ وَلَا مِنْ نَائِي قُدْرَةٍ لِغَيْرِ مَا وَجْهٍ. (وَإِنْ بَنَى) شَخْصٌ (مُحَبَّسٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً (عَلَيْهِ) فِي الْحَبْسِ (فَإِنْ مَاتَ) الْبَانِي (وَلَمْ يُبَيِّنْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا. الْبَانِي كَوْنَ مَا بَنَاهُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا (فَهُوَ) أَيْ الْمَبْنِيُّ (وَقْفٌ) قَلَّ أَوْ كَثُرَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ لَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ، وَصَوَّبَهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَهُ تت. " قِ " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَبَّسَ دَارًا عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَنَى فِيهَا أَحَدُ الْبَنِينَ وَأَدْخَلَ خَشَبَةً أَوْ أَصْلَحَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَذْكُرْ لِمَا أَدْخَلَ فِي ذَلِكَ ذِكْرًا فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهِ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ قَدْ أَوْصَى أَوْ قَالَ هُوَ لِوَرَثَتِي فَذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِيهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ. الْمُغِيرَةُ لَا يَكُونُ مِنْ ذَلِكَ صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ إلَّا فِيمَا لَهُ بَالَ مِنْ الْمَيَازِبِ وَالسُّتُرِ وَمَا خَطَرَ يُورَثُ عَنْهُ وَيَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ. عب وَمَفْهُومُ مُحَبَّسٍ أَنَّهُ إنْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ مُحَبَّسٍ عَلَيْهِ كَانَ مِلْكًا لَهُ كَمَا فِي النَّوَادِر فَلَهُ نَقْضُهُ أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 170 وَعَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ، أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ؛ أَوْ عَلَى كَوَلَدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ، فَضَلَ الْمُوَلِّي أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى. وَلَمْ يُخْرَجْ سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ،   [منح الجليل] كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا الْمُحَبَّسَةُ فَالنَّقْضُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ الْوَقْفُ وَالْأَوْفَى مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنْزِلَةِ بِنَاءِ النَّاظِرِ وَالْغَرْسِ كَالْبِنَاءِ الْبُنَانِيُّ إنْ بَنَى الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَبِنَاءِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ إلَّا قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا أَوْ الْإِنْقَاضُ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (وَ) إذَا وَقَفَ عَقَارَ الِاغْتِلَالِ أَوْ السُّكْنَى (عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُرَابِطِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ (أَوْ) عَلَى (قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ أَوْ) وَقَفَ (عَلَى كَوَلَدِهِ) وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ إخْوَتِهِ أَوْ بَنِي عَمِّهِ (وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ) أَيْ الْوَاقِفُ أَوْلَادَهُ (فَضَّلَ) فَتْحُ الْفَاءِ وَالضَّادُ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلَةٌ النَّاظِرُ (الْمُوَلَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، وَاللَّامُ مُثَقَّلَةٌ عَلَى الْوَقْفِ وَمَفْعُولُ فَضَّلَ (أَهْلَ الْحَاجَةِ) الشَّدِيدَةِ (وَ) أَهْلَ (الْعِيَالِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى خَفِيفِ الْحَاجَةِ وَمَنْ لَا عِيَالَ لَهُ أَوْ قَلِيلِهِ، وَصِلَةُ فَضَّلَ (فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى) عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُفَضَّلُ إلَّا بِشَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَسَّمَ مَا عَلَى غَيْرِ مُنْحَصِرٍ بِالِاجْتِهَادِ اتِّفَاقًا وَرَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ مَنْ حَبَّسَ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ فَهُوَ كَالصَّدَقَةِ يُوصِي أَنْ تُفَرَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ لِمَنْ وَلِيَهَا أَنْ يُفَضِّلَ ذَا الْحَاجَةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْمُؤْنَةِ وَالْعِيَالِ وَالزَّمَانَةِ، وَكَذَا غَلَّةُ الْحَبْسِ. 1 - ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ أَنَّ قَسْمَ الْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ بَيْنَ آحَادِهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ وَمَا عَلَى مُعَيِّنِينَ هُمْ فِيهِ بِالسَّوَاءِ، وَمَعْلُومٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ أَنَّ الْآبَاءَ يُؤْثَرُونَ عَلَى الْأَبْنَاءِ وَلَا يَكُونُ لِلْأَبْنَاءِ مَعَهُمْ فِي السُّكْنَى إلَّا مَا فَضَلَ عَنْهُمْ، وَسَوَاءٌ قَالَ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي، وَلَمْ يَزِدْ فَدَخَلَ مَعَهُمْ الْأَبْنَاءُ بِالْمَعْنَى أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي فَدَخَلُوا مَعَهُمْ بِالنَّصِّ، وَمَفْهُومُ لَمْ يُعَيِّنْ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ كَوَلَدِي: زَيْدٍ وَبَكْرٍ وَهِنْدٍ أَنَّ الْمُوَلَّى يُسَوِّي بَيْنَهُمْ. (وَ) إنْ فَضَّلَ الْمُوَلَّى عَلَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ كَبَنِي زُهْرَةَ أَوْ قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ بَعْضُهُمْ بِالسُّكْنَى لِشِدَّةِ فَقْرِهِ ثُمَّ اسْتَغْنَى فَ (لَا يُخْرَجْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ شَخْصٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 171 إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ سَفَرِ انْقِطَاعٍ أَوْ بَعِيدٍ.   [منح الجليل] سَاكِنٌ) فَقِيرٌ فَضَّلَهُ الْمُتَوَلَّى بِالسُّكْنَى فِي الْحَبْسِ عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ كَبَنِي زُهْرَةَ أَوْ قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ ثُمَّ اسْتَغْنَى، وَأَمَّا الْحَبْسُ عَلَى الْفُقَرَاءِ إذَا سَكَنَهُ فَقِيرٌ ثُمَّ اسْتَغْنَى فَإِنَّهُ يُخْرِجُ لِفَقِيرٍ آخَرَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، لِزَوَالِ الْوَصْفِ الَّذِي قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِالتَّحْبِيسِ (لِ) أَجْلِ سُكْنَى فَقِيرٍ (غَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْمُحَبِّسِ أَنَّ مَنْ اسْتَغْنَى يُخْرِجُ لِغَيْرِهِ فَيُخْرِجُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَبَّسَ دَارًا عَلَى وَلَدٍ فَسَكَنَهَا بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَجِدْ بَعْضُهُمْ فِيهَا مَسْكَنًا، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يَجِدْ أَعْطَوْنِي مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ حَقِّي فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَلَا أَرَى أَنْ يُخْرَجَ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، وَلَكِنْ مَنْ مَاتَ أَوْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً يُرِيدُ الْمُقَامَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ اسْتَحَقَّ الْحَاضِرُ مَكَانَهُ. وَأَمَّا إنْ أَرَادَ السَّفَرَ إلَى مَوْضِعٍ ثُمَّ يَرْجِعُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ، قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَهُ أَنْ يُكْرِيَ مَنْزِلَهُ إلَى أَنْ يَرْجِعَ وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ حَبَّسَ عَلَى قَوْمٍ مُتَفَاوِتِينَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ اجْتَهَدَ فِي ذَلِكَ يُسْكِنُ فِيهَا مَنْ يَرَى أَوْ يُكْرِيَهَا، فَيُقْسِمُ كِرَاءَهَا بَيْنَهُمْ، وَمَنْ سَبَقَ فَسَكَنَ فَهُوَ أَوْلَى وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ كَتَحْبِيسِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ أَوْلَادِ فُلَانٍ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنِينَ مُسَمَّيْنَ فَلَا يَسْتَحِقُّ السُّكْنَى مَنْ سَبَقَ إلَيْهِ وَهُمْ فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ حَاضِرُهُمْ وَغَائِبُهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ وَغَنِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ سَوَاءٌ. (أَوْ) لِ (سَفَرِ انْقِطَاعٍ) بِبَلَدٍ آخَرَ فَيَخْرُجُ، وَمَفْهُومُ انْقِطَاعٍ أَنَّهُ سَافَرَ لِيَعُودَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَهُ كِرَاؤُهُ حَتَّى يَعُودَ (أَوْ) لِحُصُولِ سَفَرٍ (بَعِيدٍ) ابْنُ رُشْدٍ إنْ سَافَرَ لِيَعُودَ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ لِمَحَلٍّ بَعِيدٍ يُشْبِهُ الِانْقِطَاعَ أَوْ يُرِيدُ الْمُقَامَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي التَّوْضِيحِ مَنْ سَكَنَ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ مَعَ أَبِيهِ فَبَلَغَ، فَإِنْ كَانَ قَوِيًّا يُمْكِنُهُ الِانْفِرَادَ فَلَهُ مَسْكَنُهُ مِنْ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ إذَا ضَاقَ عَلَيْهِ مَسْكَنُ أَبِيهِ وَأَمَّا مَنْ ضَعُفَ عَنْ الِانْفِرَادِ فَلَا مَسْكَنَ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَ فَلَهُ حَقُّهُ فِي الْمَسْكَنِ. وَأَمَّا الْإِنَاثُ فَلَا مَسْكَنَ لَهُنَّ فِي كَفَالَةِ الْأَبِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 172 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: طفي جَمَعَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ إلَخْ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ فِي الْحُكْمِ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَلَا يُخْرَجُ سَاكِنٌ إذَا اسْتَغْنَى، وَلَا يَأْتِي تَفْرِيعُهُ عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَبْسًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَسَكَنَ بَعْضُهُمْ ثُمَّ اسْتَغْنَى أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَحَقَّ مَسْكَنًا مِنْ حَبْسٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِفَقْرِهِ أُخْرِجَ مِنْهُ إنْ اسْتَغْنَى. اهـ. وَإِنْ جُعِلَ قَوْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ سَاكِنٌ مُسْتَأْنَفًا غَيْرَ مُفَرَّعٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أُطْلِقَ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ، وَصَنِيعُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَحْسَنُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَسْأَلَةَ تَفْضِيلِ الْمُتَوَلِّي فِي الْحَبْسِ الْمُعَقَّبِ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافَ فِي الْحَبْسِ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ هَلْ هُوَ كَالْمُعَقَّبِ، أَوْ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ سَوَاءٌ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْرِجْ سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ وَإِنْ غَنِيًّا، ثُمَّ قَالَ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ فَقَدْ عُلِمَ حَمْلُهُ عَلَى الِاجْتِهَادِ. اهـ. أَيْ الْأَمْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ، إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ وَخِلَافُهُمْ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُخْرَجُ سَاكِنٌ لِغَيْرِهِ بِشُمُولِهِ لِلْفُقَرَاءِ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَصَّلَ وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُخْرَجُ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ التَّفْرِيعُ عَلَى الثَّلَاثِ فَمَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ صَوَابٌ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ كَالْمَدْرَسَةِ وَكَالْحَبْسِ عَلَى بَنِي زُهْرَةَ مَثَلًا إذَا فَضَّلَ الْمُتَوَلِّي أَهْلَ الْحَاجَةِ مِنْهُمْ بِالسُّكْنَى فَلَا يُخْرَجُ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ اسْتَغْنَى مِثْلُ الْمُعَقَّبِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ يُخْرَجُ لِغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا زَالَ الْوَصْفُ الَّذِي قَصَدَهُ الْمُحَبِّسُ كَالْفَقْرِ فِي الْحَبْسِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَكَطَلَبِ الْعِلْمِ فِي التَّحْبِيسِ عَلَى الطَّلَبَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب فِي بَيَان الْهِبَة وَأَحْكَامهَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] (بَابٌ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 173 بَابٌ) الْهِبَةُ؛ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ، صَدَقَةٌ   [منح الجليل] فِي بَيَانِ الْهِبَةِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (الْهِبَةُ) أَيْ حَقِيقَتُهَا شَرْعًا (تَمْلِيكٌ) أَيْ لِذَاتِ جِنْسٍ يَشْمَلُ الْهِبَةَ وَالْبَيْعَ وَنَحْوَهُ (بِلَا عِوَضٍ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ، أَيْ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ مَعًا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ فَصْلٌ مُخْرِجٌ الصَّدَقَةَ (وَ) التَّمْلِيكُ لِذَاتٍ بِلَا عِوَضٍ (لِثَوَابِ) اللَّهِ تَعَالَى فِي الدَّارِ (الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ) ابْنُ عَرَفَةَ الْهِبَةُ أَحَدُ أَنْوَاعِ الْعَطِيَّةِ وَهِيَ تَمْلِيكُ مُتَمَوِّلٍ بِغَيْرِ عِوَضِ إنْشَاءٍ فَيَخْرُجُ الْإِنْكَاحُ وَالْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِ وَارِثِ إرْثِهِ، وَيَدْخُلُ الْعَارِيَّةُ وَالْحَبْسُ وَالْعُمْرَى وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَالْعَارِيَّةُ وَالْحَبْسُ تَقَدَّمَا ثُمَّ قَالَ وَالْهِبَةُ لَا لِلثَّوَابِ تَمْلِيكُ ذِي مَنْفَعَةٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بَدَلَ الْمُعْطَى. وَفِي كَوْنِ الْهِبَةِ مَعَ كَوْنِهَا كَذَلِكَ مَعَ إرَادَةِ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى صَدَقَةً أَوْ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَمُطَرِّفٍ حَسْبَمَا يَذْكُرُ فِي الِاعْتِصَارِ فَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ وَالْبَيْعُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ الْحُكْمُ عَلَى الْهِبَةِ إذَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهَا صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَالتَّقْدِيرُ وَالْهِبَةُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى وَالْهِبَةُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ صَدَقَةٌ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ لَا مَا أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ وَالصَّدَقَةُ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: نَصَّ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ مَنْدُوبَةٌ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 174 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَدْ قِيلَ لَا ثَوَابَ فِيهَا وَمَنْ لَازَمَ الْمَنْدُوبَ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُهْدِيَ إنْ قَصَدَ الرِّيَاءَ وَالْمَدْحَ فَلَا ثَوَابَ لَهُ، وَإِنْ قَصَدَ التَّوَدُّدَ لِلْمُعْطَى غَافِلًا عَنْ حَدِيثِ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» فَكَذَلِكَ، وَإِنْ اسْتَحْضَرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُثَابُ قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. الثَّالِثُ: الْهِبَةُ أَحَدُ مَصَادِرِ وَهَبَ يُقَالُ وَهَبَ لَهُ شَيْئًا وَهْبًا وَوَهَبًا بِالتَّحْرِيكِ وَهِبَةً وَالِاسْمُ الْمَوْهِبُ وَالْمَوْهِبَةُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَا يُقَالُ وَهَبْته بَلْ وَهَبْت لَهُ، وَحَكَى السِّيرَافِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ انْطَلِقْ مَعِي أَهَبْك نَبْلًا. الرَّابِعُ: سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ حَدِيثِ «دَاوُوا مَرَضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ» ، فَأَجَابَ بِأَنِّي لَسْت أَذْكُرُهُ فِي نَصٍّ مِنْ الْمُصَنَّفَاتِ الصَّحِيحَةِ وَلَوْ صَحَّ فَمَعْنَاهُ الْحَثُّ عَلَى عِيَادَةِ الْمَرْضَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ فَيَحْصُلُ لَهُ السُّرُورُ وَالدُّعَاءُ لَهُ وَلَا شَكَّ فِي رَجَاءِ الْإِجَابَةِ لَهُ وَالشِّفَاءِ فَيَنْفَعُهُ فِي الدَّوَاءِ. الْبُرْزُلِيُّ حَمَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ عَنْهُ وَطَلَبَ لَهُ الدُّعَاءَ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ يُرْجَى لَهُ الشِّفَاءُ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْإِحْيَاءِ حَدِيثُ: الصَّدَقَةُ تَسُدُّ سَبْعِينَ بَابًا مِنْ السُّوءِ رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الْبِرِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ «إنَّ اللَّهَ لَيَرُدُّ بِالصَّدَقَةِ سَبْعِينَ بَابًا مِنْ مَيْتَةِ السُّوءِ» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسُ فِيهَا مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهَا وَلَا يَهَبَهَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا فَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ مَا دَامَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ، وَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ بَعْدَ رُشْدِهِ فَلَا يَجُوزُ كَانَ الْوَاهِبُ وَالِدًا أَوْ أَجْنَبِيًّا. أَبُو عِمْرَانَ اُنْظُرْ مَا مَعْنَى سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا وَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا شُرِطَ أَوْ لَا، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ لَا تُبَاعُ فِي نَفَقَةٍ احْتَاجَ لَهَا مِنْ وَلِيِّهِ، وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا خَمْسَةَ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا إذَا أَبْطَلَ الْوَاهِبُ الشَّرْطَ. ثَانِيهَا أَنَّ الْوَاهِبَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إبْطَالِ شَرْطِهِ وَاسْتِرْدَادِ هِبَتِهِ. ثَالِثُهَا بُطْلَانُ الشَّرْطِ وَصِحَّةُ الْهِبَةِ. رَابِعُهَا لُزُومُ الْهِبَةِ وَإِعْمَالُ الشَّرْطِ فَتَكُونُ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَالْحَبْسِ لَا يَبِيعُ وَلَا يَهَبُ حَتَّى يَمُوتَ فَتُورَثُ عَنْهُ. خَامِسُهَا تَكُونُ حَبْسًا، فَإِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجَعَ إلَى الْوَاهِبِ أَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 175 وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ، يُنْقَلُ، مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا وَإِنْ مَجْهُولًا   [منح الجليل] وَرَثَتِهِ أَوْ أَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُحْبَسِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (وَصَحَّتْ) الْهِبَةُ (فِي كُلِّ) شَيْءٍ (مَمْلُوكٍ) لِلْوَاهِبِ (يُنْقَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْقَافِ، أَيْ يَقْبَلُ مِلْكُهُ النَّقْلَ شَرْعًا فَلَا تَصِحُّ فِي مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَاسْتِمْتَاعٍ بِزَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ وَتُعُقِّبَ بِجَوَازِ هِبَةِ مَا لَا يَجُوزُ نَقْلُ مِلْكِهِ كَجِلْدِ ضَحِيَّةٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَابِلٌ لِلنَّقْلِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَوْهُوبُ وَهُوَ كُلُّ مَمْلُوكٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَالدَّارِ وَالثَّوْبِ وَمَنَافِعِهِمَا لَا مَا لَا يَقْبَلُهُ كَالِاسْتِمْتَاعِ بِالزَّوْجَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ، زَادَ ابْنُ هَارُونَ كَالشُّفْعَةِ وَرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ حَسَنٌ؛ لِأَنَّهُمَا مَالِيَّانِ، وَكَذَا الْحَبْسُ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ، وَقَدْ دَخَلَ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ وَتَدْخُلُ الْعَارِيَّةُ وَهُوَ خِلَافُ الْعُرْفِ، وَصِلَةُ صَحَّتْ (مِمَّنْ) أَيْ كُلِّ شَخْصٍ (لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمَوْهُوبَةِ فَلَا تَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَفِيهٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا مُفْلِسٍ وَلَا بِمِلْكِ الْغَيْرِ مُطْلَقًا وَلَا زَوْجَةٍ أَوْ مَرِيضٍ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِمَا. ابْنُ شَاسٍ الْوَاهِبُ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَيْسَ التَّبَرُّعُ بِأَعْرَفَ مِنْ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَعْرِفُهَا دُونَهُ وَالْأَوْلَى مَنْ لَا حَجَرَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ فَيَخْرُجُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ. (وَ) تَصِحُّ هِبَةُ الْمَمْلُوكِ إنْ كَانَ مَعْلُومًا، بَلْ وَ (إنْ) كَانَ (مَجْهُولًا) فِيهَا الْفَوْرُ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ جَائِزٌ لَا فِي الْبَيْعِ، وَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ مُورَثَهُ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ سُدُسٌ أَوْ رُبُعٌ أَوْ وَهَبَهُ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ أَوْ جِدَارٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ. أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَعْرِفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هِبَةَ الْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَجُوزُ هِبَةُ الْمَجْهُولِ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَثِيرٌ بَعْدَ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ وَهَبَ مُورَثَهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ هُوَ جَازَ وَالْغَرَرُ فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِ الثَّوَابِ يَجُوزُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. اللَّخْمِيُّ هِبَةُ الْمَجْهُولِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ مَاضِيَةٌ، وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَطِيَّةِ خَوْفَ النَّدَمِ. قُلْت هِبَةُ مَا جُهِلَ قَدْرُهُ فِي إرْثٍ نَاجِزٍ فِي لُزُومِهَا. ثَالِثُهَا إنْ عَرَفَ قَدْرَ الْمِيرَاثِ وَلَوْ جَهِلَ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ الْمِيرَاثِ فَلَا تَلْزَمُهُ، وَلَوْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 176 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَهَا مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا وَلَوْ ظَهَرَتْ كَثْرَتُهَا، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مَنْ تَصَدَّقَ بِمِيرَاثِهِ ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ خِلَافُ مَا ظَنَّهُ فَلَهُ رَدُّهُ، وَكَذَا فِي الْوَاضِحَةِ وَابْنِ فَتُّوحٍ عَنْ بَعْضِهِمْ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ تَفْرِيقٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لَا وَجْهَ لَهُ إلَّا أَنْ يَشُكَّ فِيمَا بَيْنَ الْجُزْأَيْنِ كَكَوْنِ الزَّوْجِ لَا يَدْرِي هَلْ إرْثُهُ النِّصْفُ أَوْ الرُّبْعُ، فَيَكُونُ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ جَهْلِ قَدْرِ الْمَالِ وَجْهٌ وَهُوَ أَنَّ مَنْ شَكَّ فِيمَا بَيْنَ الْجُزْأَيْنِ رَضِيَ بِهِبَةِ أَكْثَرِهِمَا فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ وَهَبَ إرْثَهُ مِنْ أَبِيهِ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالصَّحِيحُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ ظَنَّ الْمَوْرُوثُ دَارًا مُعَيَّنَةً بَانَ أَنَّهَا دَارٌ أُخْرَى أَوْ طَرَأَ مَالٌ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ حَاضِرًا فَلَهُ رَدُّهُ كَدَارٍ وَالطَّارِئُ وَإِنْ ظَنَّ فِي الْحَاضِرِ قَدْرًا بَانَ أَنَّهُ أَكْثَرُ كَانَ شَرِيكًا بِالزَّائِدِ، وَفِي عَارِضَةِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ رِوَايَتَانِ، وَفِيهَا فِيمَنْ وَهَبَ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ لَمْ يُسَمِّهِ قِيلَ لَهُ أَقِرَّ بِمَا تَشَاءُ مِمَّا يَكُونُ نَصِيبًا. اللَّخْمِيُّ هَذَا عَلَى مُرَاعَاةِ اللَّفْظِ وَعَلَى الْمَقْصِدِ إنْ أَقَرَّ بِمَا يُشْبِهُ هِبَةَ مِثْلِهِ لِمِثْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قُبِلَ وَإِلَّا لَزِمَهُ مَا يُشْبِهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي لُزُومِ حَلِفِهِ نَقَلَا ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ فَتُّوحٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ تَصَدَّقَ بِإِرْثِهِ مِنْ أَبِيهِ إنْ مَاتَ وَالْأَبُ بَاقٍ فَلَا يَلْزَمُهُ لِجَهْلِهِ قَدْرَهُ. ابْنُ رُشْدٍ عَدَمُ لُزُومِهِ لِجَهْلِهِ قَدْرَهُ لَا لِأَنَّهُ وَهَبَ مَا لَمْ يَمْلِكْ، بَلْ مَا يَمْلِكُ لِتَقْيِيدِهِ بِمَوْتِهِ خِلَافُ سَمَاعِهِ. أَصْبَغُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ ظَنَنْت قِلَّتَهُ وَلَوْ عَلِمْته هَذَا الْقَدْرَ مَا وَهَبْته، وَأَشْبَهَ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ سَمَاعَ أَصْبَغَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَسَمَاعَ عِيسَى عَلَى أَنَّهُ قَبْلَهُ قَالَ وَهُوَ قَوْلُهَا إنَّ الْوَارِثَ لَا يَمْلِكُ الْإِرْثَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إنَّمَا يَمْلِكُ فِيهِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، قَالَ وَفِي الْمُوَطَّإِ مَا يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ مَا وَهَبَهُ فِي مَرَضِ مُورِثِهِ مِنْ إرْثِهِ مِنْهُ وَكُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ هِبَةَ إرْثِهِ فِي مَرَضِ مُورِثِهِ لَازِمَةٌ، وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ وَلَا فِي هَذَا السَّمَاعِ نَصٌّ عَلَى ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ هِبَتَهُ كَانَتْ فِي صِحَّةِ مُورِثِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، فَفِي لُزُومِ ذَلِكَ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 177 أَوْ كَلْبًا وَدَيْنًا وَهُوَ إبْرَاءٌ، إنْ وُهِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ ثَالِثُهَا فِي الْمَرَضِ، وَفِي تَنْبِيهِ ابْنِ بَشِيرٍ حَكَى مُحَمَّدٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الْمَجْهُولِ قَوْلَانِ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ وَهَبَ مَجْهُولًا، وَقَالَ مَا ظَنَنْته هَذَا الْمِقْدَارَ هَلْ لَهُ رَدُّهُ أَمْ لَا. (فَرْعٌ) فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِبَيْتٍ مِنْ دَارِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ مَرْفَقًا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ مَدْخَلٍ وَمَخْرَجٍ وَمَرْفَقٍ بِبَيْتٍ وَمِرْحَاضٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الصَّدَقَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ افْتَحْ بَابًا حَيْثُ شِئْت، وَكَذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (فَرْعٌ) فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا وَهَبَ لَهُ حَائِطَهُ الْمُثْمِرَ وَزَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ الْأَصْلَ دُونَ الثَّمَرِ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُؤَبَّرْ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْوَاهِبِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَمْلُوكِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (كَلْبًا) مَأْذُونًا فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَقَالَ الشَّارِحُ الظَّاهِرُ عَدَمُ جَوَازِ هِبَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ تَصِحُّ هِبَةُ الْآبِقِ وَالْكَلْبُ وَاضِحٌ لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ وَلَغْوِ الْغَرَرِ فِي الْهِبَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَوْهُوبُ شَيْئًا مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ (أَوْ) كَانَ (دَيْنًا) فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ دَيْنُهُ عَلَى غَيْرِك فَوَهَبَهُ لَك، فَإِنْ أَشْهَدَ بِذَلِكَ وَجَمَعَ بَيْنَك وَبَيْنَ غَرِيمِهِ وَدَفَعَ إلَيْك ذِكْرَ الْحَقِّ إنْ كَانَ عِنْدَهُ فَهَذَا قَبْضٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَتَبَ عَلَيْهِ ذِكْرَ حَقٍّ وَأَشْهَدَ لَك وَأَحَالَك عَلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا، وَكَذَلِكَ إنْ أَحَالَك عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَأَشْهَدَ لَك وَقَبَضْت ذِكْرَ الْحَقِّ كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ هَكَذَا يُقْبَضُ. (وَهُوَ) أَيْ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ أَوْ هِبَتُهُ وَذِكْرُهُ مُرَاعَاةً لِخَبَرِهِ (إبْرَاءٌ) أَيْ إسْقَاطٌ لِلدَّيْنِ عَنْ ذِمَّةِ مَدِينِهِ تَفْرِيغٌ لَهَا مِنْ (إنْ وُهِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الدَّيْنُ (لِمَنْ) أَيْ مَدِينٍ أَوْ الْمَدِينِ الَّذِي (هُوَ) أَيْ الدَّيْنُ ثَابِتٌ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَدِينِ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِقَبُولِ الْمَدِينِ وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - "، وَصَدَّرَ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيَّةِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَخِلَافُهُمَا إذَا سَكَتَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِقَبُولٍ وَلَا رَدٍّ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 178 وَإِلَّا فَكَالرَّهْنِ وَرَهْنًا لَمْ يُقْبَضْ وَأَيْسَرَ رَاهِنُهُ،   [منح الجليل] وَالْمُتَيْطِيُّ لَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي عَقْدِ الْهِبَةِ قُبِلَتْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَلَوْ رَدَّ الْهِبَةَ بَطَلَتْ عَلَى كُلَّ حَالٍ فَفِيهَا مَنْ وَهَبَك دَيْنًا لَهُ عَلَيْك فَقَوْلُك قَبِلْت قَبْضٌ، وَإِذَا قَبِلْت سَقَطَ الدَّيْنُ، وَإِنْ قُلْت لَا أَقْبَلُ بَقِيَ الدَّيْنُ بِحَالِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَهَبْ الدَّيْنَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِأَنْ وَهَبَهُ لِغَيْرٍ (فَ) هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَدِينِهِ (كَالرَّهْنِ) لِلدَّيْنِ فِي تَوَقُّفِ قَبْضِهِ عَلَى إشْهَادِهِ بِذَلِكَ وَجَمْعِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينِ. وَدُفِعَ ذِكْرُ الدَّيْنِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ كَانَ لَهُ ذِكْرٌ. عَبْدُ الْحَقِّ دَفْعُ ذِكْرِهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ كَمَالٍ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَرِيمِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ كَقَبْضِهِ فِي الرَّهْنِ. ابْنُ شَاسٍ تَصِحُّ هِبَةُ الدَّيْنِ كَمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ، وَقَبْضُهُ كَقَبْضِهِ فِي الرَّهْنِ مَعَ إعْلَامِ الْمِدْيَانِ بِالْهِبَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ لَهُ وَأَحَالَهُ عَلَى مَدِينِهِ لِحُضُورِهِ وَدَفَعَ لَهُ ذِكْرَ الْحَقِّ كَفَى اتِّفَاقًا، وَإِنْ تَعَذَّرَ كَفَى الْإِشْهَادُ وَالْقَبُولُ، وَفِي لُزُومِ دَفْعِ ذِكْرِ الدَّيْنِ إنْ كَانَ قَوْلَانِ لَهَا وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ. وَنَصَّ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ ذِكْرَ الدَّيْنِ لِلْمَوْهُوبِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ كَدَارٍ مُغْلَقَةٍ لَمْ يُعْطِهِ مِفْتَاحَهَا. الْبُنَانِيُّ وَفِي التَّشْبِيهِ بِالرَّهْنِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ رَهْنِ الدَّيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهَذِهِ الْإِحَالَةُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ ذَكَرَ رَهْنَ الدَّيْنِ فَجَاءَتْ الْإِحَالَةُ فِي كَلَامِهِ حَسَنَةً. وَتَصِحُّ هِبَةُ الْمَمْلُوكِ إنْ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا، بَلْ (وَ) إنْ كَانَ (رَهْنًا) فِي حَقٍّ (لَمْ يُقْبَضْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَا غَيْرُهُ مَنْ رَاهَنَهُ حَتَّى وَهَبَهُ لِغَيْرِ مُرْتَهِنِهِ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ مُرْتَهِنِهِ (وَ) قَدْ (أَيْسَرَ رَاهِنُهُ) بِالدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَمُرْتَهِنُهُ أَحَقُّ بِهِ. فِيهَا مَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيُقْضَى عَلَى الْوَاهِبِ بِافْتِكَاكِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ الْمَوْهُوبُ حَتَّى افْتَكَّهُ الْوَاهِبُ فَلَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَمُتْ الْوَاهِبُ فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ، وَلَيْسَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ مَاتَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 179 أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ، وَإِلَّا قُضِيَ بِفَكِّهِ، إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ وَإِلَّا بَقِيَ لِبَعْدِ الْأَجَلِ بِصِيغَةٍ،   [منح الجليل] الْوَاهِبُ؛ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ حَقًّا فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ. أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَوْهُوبُ قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ إنْ كَانَ الْوَاهِبُ مَلِيًّا وَإِلَّا فَالْمُرْتَهِنُ لَهُ أَحَقُّ بِهِ إلَّا فِي هِبَةِ الثَّوَابِ فَتَنْفُذُ الْهِبَةُ بِكُلِّ حَالٍ، وَيُعَجَّلُ لِلْمُرْتَهِنِ حَقُّهُ مِنْ الثَّوَابِ كَالْبَيْعِ. وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ قَبْلَ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ وَالْوَاهِبُ مَلِيءٌ، ثُمَّ أَعْدَمَ فَلْيُتْبَعْ بِالدَّيْنِ وَتَمْضِي الْهِبَةُ، وَإِنْ وَهَبَهُ ثُمَّ قَامَا قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا جَازَتْ الْهِبَةُ، وَكَانَ الْمَوْهُوبُ أَحَقَّ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَحُكِمَ لِلْمُرْتَهِنِ بِتَعْجِيلِ حَقِّهِ، فَإِنْ أَعَسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّبَعَهُ بِحَقِّهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَهَبَ ثُمَّ وَهَبَ وَحَازَهُ الثَّانِي فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْأَوَّلِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الرَّهْنُ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ. (أَوْ) لَمْ يُوسِرْ رَاهِنُهُ وَ (رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الرَّهْنَ الَّذِي وَهَبَهُ رَاهِنُهُ لِغَيْرِ مُرْتَهِنِهِ بِدَفْعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ وَأَوْلَى قَبْلَهُ (وَإِلَّا) نَفْيٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَضْ، فَالْمَعْنَى وَإِنْ كَانَتْ هِبَةُ الرَّهْنِ بَعْدَ قَبْضِهِ مُرْتَهَنَهُ وَرَاهِنُهُ مُوسِرٌ وَلَمْ يَرْضَ مُرْتَهِنُهُ بِدَفْعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (قُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (بِفَكِّهِ) أَيْ الرَّهْنِ مِنْ الْحَقِّ الْمَرْهُونِ فِيهِ وَدَفَعَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (إنْ كَانَ الدَّيْنُ) الْمَرْهُونُ فِيهِ (مِمَّا) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي (يُعَجَّلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلَةً، أَيْ يُقْضَى عَلَى مُسْتَحِقِّهِ بِقَبُولِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجْلِهِ إنْ عَجَّلَهُ الْمَدِينُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ خُصُوصِ قَرْضٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ (بَقِيَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا أَوْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّهْنُ الْمَوْهُوبُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُرْتَهَنَهُ رَهْنًا بِيَدِ مُرْتَهِنِهِ أَوْ الْأَمِينِ (لِ) مَا (بَعْدِ) تَمَامِ (الْأَجَلِ) لِلدَّيْنِ فَيَقْضِي الرَّاهِنُ الْمُوسِرُ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ، وَيَدْفَعُ الرَّهْنَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْوَاهِبِ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَالْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ آخَرَ ثِقَةٍ عِوَضًا عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ، وَصِلَةُ صَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ (بِصِيغَةٍ) مِنْ مَادَّةِ الْهِبَةِ كَوَهَبْت وَأَنَا وَاهِبٌ، وَهَذَا مَوْهُوبٌ أَوْ هِبَةٌ وَأَنْتَ مَوْهُوبٌ لَك كَذَا (أَوْ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 180 أَوْ مُفْهِمِهَا، وَإِنْ بِفِعْلٍ: كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ   [منح الجليل] بِلَفْظٍ (مُفْهِمِهَا) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرَتَيْنِ أَيْ الْهِبَةَ مِنْ غَيْرِ مَادَّتِهَا كَأَعْطَيْتُ وَمَنَحْت وَبَذَلْت وَنَحَلْت. إنْ كَانَ مُفْهِمُهَا قَوْلًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُفْهِمُهَا مُصَوَّرًا (بِفِعْلٍ) إذْ الْمَقْصُودُ الرِّضَا، فَأَيُّ شَيْءٍ دَلَّ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ السَّبَبُ النَّاقِلُ لِلْمِلْكِ وَهُوَ صِيغَةُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْلِيكِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، وَيَتَّصِلُ بِالصِّيغَةِ حُكْمُ الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَوْ فِعْلًا كَالْمُعَاطَاةِ. فِي الذَّخِيرَةِ ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا الْجَوَازُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ إرْسَالِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ رَسُولٍ، وَقَدْ وَقَعَ لِأَصْحَابِنَا أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ التَّرَوِّي فِي الْقَبُولِ. اهـ. وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ إذَا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْمُشَاوِرِ مَنْ سَكَتَ عَنْ قَبُولِ صَدَقَتِهِ زَمَانًا فَلَهُ قَبُولُهَا بَعْدَهُ، فَإِنْ طَلَبَ غَلَّتَهَا حَلَفَ مَا سَكَتَ تَارِكًا لَهَا وَأَخَذَهَا اهـ. وَمَثَّلَ لِلْفِعْلِ فَقَالَ (كَتَحْلِيَةِ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ جَعْلِ حِلْيَةٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَخَلْخَالٍ وَأَسْوِرَةٍ وَقُرْطٍ لِ (وَلَدِهِ) فَيَخْتَصُّ الْوَلَدُ بِهَا عَنْ سَائِرِ وَرَثَةِ أَبِيهِ إنْ مَاتَ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ حَلَّى ابْنَهُ الصَّغِيرَ حُلِيًّا فَهُوَ لَهُ لَا مِيرَاثَ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَا وُهِبَ لَهُ وَمَا حَلَّاهُ بِهِ مِنْ الْحُلِيِّ فَقَدْ وَهَبَهُ لَهُ مِثْلَ مَا كَسَاهُ مِنْ ثَوْبٍ، إذْ هُوَ مِمَّا يُلْبَسُ كَمَا يُلْبَسُ الثَّوْبُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الْأَبُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْإِمْتَاعِ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اخْتِصَاصُ الْوَلَدِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رُشْدٍ لَهَا، وَكَأَنَّ " غ " لَمْ يَسْتَحْضِرْ مَا فِي الرِّوَايَةِ، فَقَالَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ أَبِي عُمَرَ فِي الْكَافِي وَإِذَا حَلَّى الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَلَدَهُمَا الصَّغِيرَ حُلِيًّا وَأَشْهَدَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ فَالْحُلِيُّ الَّذِي عَلَى الصَّبِيِّ لَهُ دُونَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ. اهـ. وَفِي إلْحَاقِهِ الْأُمَّ بِالْأَبِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحُوزُ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ مَا وَهَبَتْهُ لَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً عَلَيْهِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَأْتِي عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 181 لَا بِابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارُهُ وَحِيزَ، وَإِنْ بِلَا إذْنٍ، وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ،   [منح الجليل] أَنَّهَا تَحُوزُ لَهُ مُطْلَقًا، أَوْ مُرَادُهُ إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا. (لَا) تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ بِقَوْلِ الْأَبِ لِابْنِهِ (ابْنِ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْبِنَاءِ فِيهَا دَارًا وَبَنَاهَا فِيهَا (مَعَ قَوْلِهِ) أَيْ الْأَبِ الَّذِي أَمَرَ ابْنَهُ بِالْبِنَاءِ هَذِهِ (دَارُهُ) أَيْ الِابْنِ الَّذِي بَنَاهَا، فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَلَا يَخْتَصُّ الِابْنُ بِالْأَرْضِ وَيُشَارِكُهُ فِيهَا الْوَرَثَةُ، وَلِلِابْنِ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا قَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ وَنَصُّهُ مَنْ قَالَ لِابْنِهِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَكَانِ كَرْمًا أَوْ جِنَانًا أَوْ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الْوَلَدُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَصَارَ الْأَبُ يَقُولُ كَرْمُ ابْنِي وَجِنَانُ ابْنِي، فَإِنَّ الْقَاعَةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ بِذَلِكَ وَتُورَثُ عَنْ الْأَبِ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا قِيمَةُ عَمَلِهِ مَنْقُوضًا، وَكَذَا قَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ بِعُرْفٍ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْوَلَدُ مِنْهُ شَيْئًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا إلَّا بِإِشْهَادٍ بِصَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا، وَقَدْ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا كَثِيرًا فِي النَّاسِ فِي الْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَلَا يُرِيدُونَ بِهِ التَّمْلِيكَ. (وَحِيزَ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَزَايٌ، أَيْ أَخَذَ الْمَوْهُوبُ مِنْ وَاهِبِهِ بِإِذْنِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ حَوْزُهُ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ وَاهِبِهِ لِخُرُوجِ الْمَوْهُوبِ مِنْ مِلْكِهِ وَصَيْرُورَتِهِ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَالًا مِنْ أَمْوَالِهِ إذَا قَبِلَهُ (وَ) إنْ امْتَنَعَ الْوَاهِبُ مِنْ دَفْعِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْوَاهِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ تَسْلِيمِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لِذَلِكَ. فِيهَا مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَاهِبِ جَازَ قَبْضُهُ، إذْ يُقْضَى بِذَلِكَ عَلَى الْوَاهِبِ إنْ مَنَعَهُ إيَّاهَا. (وَبَطَلَتْ) الْهِبَةُ (إنْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (تَأَخَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا حَوْزُهَا (لِ) حُصُولِ (دَيْنٍ مُحِيطٍ) بِمَالِ الْوَاهِبِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ إذَا تَأَخَّرَ الْحَوْزُ حَتَّى أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالٍ الْوَاهِبِ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَادِثًا بَعْدَ الْهِبَةِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فِي الصِّحَّةِ يَمُوتُ مُعْطِيهَا أَوْ يُفْلِسُ أَوْ يَمْرَضُ قَبْلَ حَوْزِ ذَلِكَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 182 أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ وَجَازَ أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوْ اسْتَوْلَدَ وَلَا قِيمَةَ أَوْ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً، أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ،   [منح الجليل] إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقْضَى لِلْمُعْطَى بِقَبْضِهَا إنْ مَنَعَهُ مُعْطِيهَا. ابْنُ يُونُسَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا أَدَانَ الْمُعْطِي مَا أَحَاطَ بِمَالِهِ وَبِالصَّدَقَةِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى وَالْعَطِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَالصَّدَقَةُ بِيَوْمِ قَبْضِهَا لَا بِيَوْمِ يَتَصَدَّقُ بِهَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ. (أَوْ) إنْ تَأَخَّرَ حَوْزُهَا حَتَّى (وَهَبَ) الْوَاهِبُ الشَّيْءَ الَّذِي وَهَبَهُ (لِ) شَخْصٍ (ثَانٍ) غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْأَوَّلِ (وَحَازَ) الْهِبَةَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّانِي فَقَدْ بَطَلَتْ هِبَتُهَا لِلْأَوَّلِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ وَأَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْأَوَّلُ بِالْهِبَةِ لَهُ وَفَرَّطَ فِي حَوْزِهَا أَوْ لَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ الْحَوْزُ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ. (أَوْ أَعْتَقَ) الْوَاهِبُ الرَّقِيقَ الْمَوْهُوبَ قَبْلَ حَوْزِهِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، سَوَاءٌ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَمْ لَا كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ (أَوْ اسْتَوْلَدَ) الْوَاهِبُ الْأَمَةَ قَبْلَ حَوْزِهَا الْمَوْهُوبَ لَهُ. فِيهَا وَمَنْ وَهَبَ عَبْدًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى رَجُلٍ أَوْ أَخَدَمَهُ إيَّاهُ حَيَاتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمُعْطِي قَبْلَ حَوْزِ الْمُعْطَى جَازَ الْعِتْقُ وَبَطَلَ مَا سِوَاهُ عَلِمَ الْمُعْطَى بِالْهِبَةِ أَوْ بِالصَّدَقَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ أَمَتُهُ فَأَحْبَلَهَا قَبْلَ الْحِيَازَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ قِيلَ لَهُ فَهَلْ تُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ الْأَمَةِ، قَالَ لَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ، وَفِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ وَوَهَبَهُ لِآخَرَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ وَإِنْ حَازَهُ الْآخَرُ مَا لَمْ يَمُتْ الْوَاهِبُ. أَشْهَبُ بَلْ الثَّانِي أَحَقُّ بِهِ إذَا حَازَهُ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْوَاهِبُ وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَهَبَهُ لِآخَرَ وَالْأَوَّلُ عَالِمٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا حَازَهُ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ أَوْلَى مَا لَمْ يَمُتْ الْوَاهِبُ. (وَلَا قِيمَةَ) الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ. وَقَالَ الشَّارِحُ فِي الْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ (أَوْ اسْتَصْحَبَ) الْوَاهِبُ (هَدِيَّةً) لِشَخْصٍ فِي بَلَدٍ آخَرَ كَمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ دَفْعِهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَتَبْطُلُ الْهَدِيَّةُ وَتَرْجِعُ لِوَرَثَتِهِ لِمَوْتِهِ قَبْلَ حَوْزِهَا عَنْهُ (أَوْ أَرْسَلَهَا) أَيْ الْمُهْدِي الْهَدِيَّةَ مَعَ رَسُولٍ لِلْمُهْدَى لَهُ (فَمَاتَ) الْمُهْدِي قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا الرَّسُولُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 183 أَوْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ، إنْ لَمْ يُشْهِدْ   [منح الجليل] لِلْمُهْدَى لَهُ فَتَبْطُلُ لِذَلِكَ (أَوْ) مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ (الْمُعَيَّنَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الْهَدِيَّةُ (لَهُ) قَبْلَ أَنْ يَحُوزَهَا فَتَبْطُلُ، سَوَاءٌ اسْتَصْحَبَهَا الْمُهْدِي أَوْ أَرْسَلَهَا لَهُ مَعَ رَسُولٍ (إنْ لَمْ يُشْهِدْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ الْمُهْدِي عَلَى أَنَّهُ أَهْدَى مَا اسْتَصْحَبَهُ أَوْ أَرْسَلَهَا إلَى الْمُهْدَى إلَيْهِ الْمُعَيَّنِ، وَتَرْجِعُ لِلْمُهْدِي إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَوْتِ إنْ مَاتَ الْمُهْدِي وَعَدَمُ الْقَبُولِ قَبْلَهُ إنْ مَاتَ الْمُهْدَى لَهُ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُهْدِي وَلَا بِمَوْتِ الْمُهْدَى لَهُ، وَتُدْفَعُ لِلْمُهْدَى لَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ بَعَثَ بِهَدِيَّةٍ أَوْ صِلَةٍ لِرَجُلٍ غَائِبٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطِي أَوْ الْمُعْطَى لَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ حِينَ بَعَثَ بِهَا فَهِيَ لِلْمُعْطَى لَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا حِينَ بَعَثَهَا فَأَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ فَهِيَ تَرْجِعُ إلَى الْبَاعِثِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوَّلًا رَجَعَ ذَلِكَ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ. ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ لَا بِمَوْتِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابٍ آخَرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِرَجُلٍ فَمَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ هِبَتَهُ فَوَرَثَتُهُ مَكَانَهُ يَقْبِضُونَ هِبَتَهُ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ مَنْعُ ذَلِكَ. مُحَمَّدٌ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَوْ أَشْهَدَ الْبَاعِثُ أَنَّهَا هَدِيَّةً لِفُلَانٍ ثُمَّ طَلَبَ اسْتِرْجَاعَهَا مِنْ الرَّسُولِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَقَدْ يُقَالُ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ هُنَا أَنَّ الْبَاعِثَ قَالَ إنَّمَا تَصَدَّقْت بِهَا صِلَةً لِلْمَبْعُوثِ إلَيْهِ بِعِيَالِهِ إنْ وُجِدَ حَيًّا فَيَصْدُقُ، إذْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ مَعْرُوفِهِ، إذْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى أَصْلِهِ، فَيَلْزَمُهُ بِظَاهِرِ فِعْلِهِ وَقَوْلِهِ قَالَهُ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ. (تَنْبِيهٌ) الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ أَوْ مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُعَيَّنَةُ هِيَ لَهُ بِالْإِبْرَازِ فِيهِمَا لِعَطْفِ الظَّاهِرِ عَلَى الضَّمِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَلِأَنَّ صِلَةَ أَلْ فِي الثَّانِي رَفَعَتْ ضَمِيرَهَا وَفِي الْأَلْفِيَّةِ: وَإِنْ يَكُنْ مَا رَفَعْت صِلَةَ أَلْ ... ضَمِيرُ غَيْرِهَا أَبْيَنُ وَانْفَصَلَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 184 كَأَنْ دَفَعْت لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ وَلَمْ تُشْهِدْ لَا إنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ بِمَوْتِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُعْطَى لَهُ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (دَفَعْت) بِفَتْحِ التَّاءِ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ مَالًا (يَتَصَدَّقُ) الْمَدْفُوعُ لَهُ (عَنْك بِ) ذَلِكَ الـ (مَالِ) عَلَى الْفُقَرَاءِ مَثَلًا وَأَنْتَ صَحِيحٌ (وَلَمْ تُشْهِدْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ مِتَّ أَيُّهَا الدَّافِعُ قَبْلَ قَبْضِ الْفُقَرَاءِ الْمَالَ بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ وَرَجَعَتْ لِوَرَثَتِك، وَإِنْ مِتَّ بَعْدَ قَبْضِهِمْ جَمِيعهَا مَضَتْ وَتَمَّتْ، وَإِنْ مِتَّ بَعْدَ قَبْضِهِمْ بَعْضَهَا وَقَبْلَ قَبْضِ بَاقِيهَا فَمَا قَبَضُوهُ مَضَى وَمَا بَقِيَ بَطَلَتْ الصَّدَقَةُ بِهِ، وَرَجَعَ لِوَرَثَتِك، وَمَفْهُومُ وَلَمْ تُشْهِدْ أَنَّك إنْ أَشْهَدْت عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَبْطُلُ الصَّدَقَةُ بِمَوْتِك قَبْلَ قَبْضِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ دَفَعَ فِي صِحَّتِهِ مَالًا لِشَخْصٍ يُفَرِّقُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ إنْفَاذِهِ فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ حِينَ دَفَعَهُ لِمَنْ يُفَرِّقُهُ نَفَّذَ مَا فَاتَ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ حِينَ دَفْعِهِ نَفَّذَ مَا فَاتَ وَرَدَّ مَا بَقِيَ إلَى وَرَثَةِ الْمُعْطِي، وَإِنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِمَالٍ وَجَعَلَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ الرَّجُلُ صَدَقَتَهُ حَتَّى مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ صَحَّتْ الصَّدَقَةُ إلَّا إنْ كَانَ الْمُتَصَدِّقُ قَالَ لِلرَّجُلِ لَا تَدْفَعُهَا لَهُ إلَّا بِإِذْنِي، وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عَطِيَّةٍ بَتَلَهَا مَرِيضٌ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ نَافِذٌ مِنْ ثُلُثِهِ كَوَصَايَاهُ. (أَوْ بَاعَ) شَخْصٌ (وَاهِبٌ) مَوْهُوبَهُ (قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ) لَهُ بِهِبَتِهِ لَهُ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ رَدُّ بَيْعِهِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَأَخْذُ الْمَوْهُوبِ بِعَيْنِهِ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ. الشَّارِحُ فِي إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ تَسَامُحٌ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ بُطْلَانُ الْهِبَةِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِأَدَاةِ النَّفْيِ وَالشَّرْطِ، وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ عَطْفٌ أَوْ جِنٌّ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمُثْبِتَاتِ وَالْعَاقِلُ يَفْهَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 185 وَإِلَّا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطِي " رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا "   [منح الجليل] وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ بَاعَ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِهِبَتِهِ لَهُ (فَ) بَيْعُهُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ وَ (الثَّمَنُ لِلْمُعْطِي رُوِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُدَوَّنَةُ (بِفَتْحِ الطَّاءِ) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ (وَ) رُوِيَتْ بِ (كَسْرِهَا) أَيْ الطَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ الْوَاهِبِ. الْحَطّ صَوَابُهُ كَمَا قَالَ " غ " لَا إنْ بَاعَ وَاهِبٌ حَتَّى يُوَافِقَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَحُكْمُ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ، فَإِنْ بَاعَ الْمُتَصَدِّقُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ عِلْمِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ الصَّدَقَةُ وَتَخَيَّرَ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِجَازَتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فُضُولِيٌّ كَمَا أَنَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا بَاعَ الْوَاهِبَ مَا وَهَبَهُ لَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ، وَتَخَيَّرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي رَدِّهِ وَإِجَازَتِهِ وَأَمَّا إنْ بَاعَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ مَاضٍ وَالثَّمَنُ لِلْمُعْطِي، رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الصَّدَقَةِ، وَفَرَضَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْهِبَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. (تَنْبِيهٌ) إذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَمْ يَفْرُطْ حَتَّى عَاجَلَهُ الْوَاهِبُ بِالْبَيْعِ فَلَهُ رَدُّهُ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِدَارٍ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُعْطَى لَهُ حَتَّى بِيعَتْ تَمَّ بَيْعُهَا وَكَانَ الثَّمَنُ لِلْمُعْطَى، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَفْرُطْ حَتَّى عَافَصَهُ بِالْبَيْعِ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَأَخْذُهَا، فَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُعْطَى فَلَا شَيْءَ لَهُ بِيعَتْ أَوْ لَمْ تُبَعْ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ شَاسٍ فِي الْكِتَابِ إذَا عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى بَاعَهَا الْوَاهِبُ نَفَّذَ الْبَيْعَ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَفِي الرُّهُونِ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ حَوْزِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَإِنْ عَلِمَ مَضَى الْبَيْعُ وَعَوَّضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّمَنَ، وَقَالَ أَشْهَبُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ كَبُطْلَانِ الرَّهْنِ إذَا بِيعَ قَبْلَ حَوْزِهِ وَالثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ، فِي ضَيْح مُقْتَضَى الْقِيَاسِ خِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ، إذْ الْهِبَةُ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَالْقِيَاسُ تَخْيِيرُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ إلَّا أَنَّهُمْ رَاعَوْا الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِرَاقِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 186 أَوْ جُنَّ، أَوْ مَرِضَ، وَاتَّصَلَا بِمَوْتِهِ أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ، وَلَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ؛   [منح الجليل] أَوْ جُنَّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ إنْ جُنَّ الْوَاهِبُ قَبْلَ حَوْزِهَا الْمَوْهُوبَ لَهُ (أَوْ مَرِضَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْوَاهِبُ قَبْلَ حَوْزِهَا الْمَوْهُوبَ لَهُ (وَاتَّصَلَا) أَيْ جُنُونُ الْوَاهِبِ وَمَرَضُهُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْوَاهِبِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ صِحَّةً بَيِّنَةً أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ إفَاقَةً بَيِّنَةً فَلَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْضُهَا مِنْهُ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ وَإِنْ جُنَّ الْوَاهِبُ أَوْ مَرِضَ قَبْلَهُ وَقَفْت حَتَّى يَبْرَأَ فَلَا تَبْطُلُ أَوْ يَمُوتُ فَتَبْطُلُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " كُلُّ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ عُمْرَى أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ فِي الصِّحَّةِ يَمُوتُ الْمُعْطَى أَوْ يُفْلِسُ أَوْ يَمْرَضُ قَبْلَ حَوْزِ ذَلِكَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ إلَى أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ فَتُحَازُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقْضَى لِلْمُعْطَى بِالْقَبْضِ إنْ مُنِعَهُ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ الْحَوْزِ كَوْنُهُ فِي صِحَّةِ الْمُعْطِي وَعَقْلِهِ. ابْنُ شَاسٍ وَتَبْطُلُ بِجُنُونِ الْوَاهِبِ أَوْ مَرَضِهِ إنْ اتَّصَلَا بِمَوْتِهِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ تَصَدَّقَتْ بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي صِحَّتِهَا فَذَهَبَ عَقْلُهَا قَبْلَ حَوْزِهِ فَحَوْزُهُ بَاطِلٌ كَمَوْتِهَا. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ كَالْمَرَضِ وَرُجُوعُ عَقْلِهَا كَصِحَّتِهَا. (أَوْ وَهَبَ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ الْوَدِيعَةَ (لِ) شَخْصٍ (مُودَعٍ) بِالْفَتْحِ (وَلَمْ يَقْبَلْ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةَ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ قَبِلْت (لِمَوْتِهِ) أَيْ الْوَاهِبِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، فَإِنْ قَبِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ تَمَّتْ لِصِحَّةِ حَوْزِهِ بَعْدَ قَبُولِهَا. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " إذَا وَهَبَك وَدِيعَةً لَهُ فِي يَدِك فَلَمْ تَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ. الْبُنَانِيُّ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ وَهَبَ شَيْئًا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ وَقَبِلَ فِي حَيَاةِ وَاهِبِهِ صَحَّتْ هِبَتُهُ اتِّفَاقًا. وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَقُلْ قُبِلَتْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَصَحَّتْ عِنْدَ أَشْهَبَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَقَلَهُ حُلُولُو وَالْقَلْشَانِيُّ فَإِنْ وَهَبَ شَيْئًا لِغَيْرِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَجُزْ بَطَلَتْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ بِمَوْتِ وَاهِبِهَا قَبْلَ حَوْزِهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 187 وَصَحَّ إنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّى أَوْ جَدَّ فِيهِ، أَوْ تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ   [منح الجليل] وَصَحَّ) قَبُولُ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةَ بَعْدَ مَوْتِ وَاهِبِهَا (إنْ) كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ (قَبَضَ) الْهِبَةَ (لِيَتَرَوَّى) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ يَتَفَكَّرُ وَيَتَأَمَّلُ فِي أَنَّ الْأَحْسَنَ قَبُولُهَا أَوْ رَدُّهَا فَمَاتَ وَاهِبُهَا وَقَبِلَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. الْبَاجِيَّ لَوْ وَهَبَ الْمُسْتَوْدِعُ مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ بُطْلَانُهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ بَلْ هِيَ حِيَازَةٌ جَائِزَةٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ. مُحَمَّدٌ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ بِيَدِ الْمُعْطِي فَتَأَخَّرَ الْقَبُولُ لَا يَمْنَعُ صِحَّتُهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ وَهَبْته هِبَةً فَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت وَقَبَضَهَا لِيَنْظُرَ رَأْيَهُ فَمَاتَ الْمُعْطِي فَهِيَ مَاضِيَةٌ إنْ رَضِيَهَا وَلَهُ رَدُّهَا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي هِبَةِ الْمُودَعِ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ قَوْلَانِ وَكَذَا مَنْ وُهِبَ لَهُ فَقَبَضَ لِيَتَرَوَّى ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ فَظَاهِرُهُ دُخُولُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ التَّرَوِّي وَظَاهِرُ سِيَاقِهَا الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مُحْتَجًّا بِهَا عَلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ أَشْهَبَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ قَبُولِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي مَسْأَلَةِ التَّرَوِّي اهـ. (أَوْ) إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَدْ (جَدَّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً، أَيْ اهْتَمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ (فِيهِ) أَيْ حَوْزِ الْهِبَةِ وَمَنَعَهُ الْوَاهِبُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِمَوْتِهِ تَنْزِيلًا لِلْجِدِّ فِي الْحَوْزِ مَنْزِلَتَهُ (أَوْ) وَهَبَ شَيْئًا فَقَبِلَهُ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَأَنْكَرَهَا فَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ وَهَبَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ تَزْكِيَتُهَا فَجَدَّ (فِي تَزْكِيَةِ) جِنْسِ (شَاهِدِهِ) وَمَاتَ وَاهِبُهُ قَبْلَهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ إذَا زَكَّاهَا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تَبْطُلُ، إذْ غَايَةُ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهَا كَإِقْرَارِ وَاهِبِهَا بِهَا، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهَا بَطَلَتْ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَزْكِيَةُ شَاهِدِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إيقَافُهَا إلَّا مَعَ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْمُنْتَقَى مَنْ تَصَدَّقَ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ عَلَى رَجُلٍ فَطَلَبَهُ الْمُعْطِي وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَجِدْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْطِي فَهُوَ نَافِذٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُعْطَى فَالْإِشْهَادُ فِيهِ وَطَلَبُ الْمُعْطَى لَهُ حَوْزَهُ حَوْزٌ كَالدَّيْنِ. فِيهَا مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ خَاصَمَهُ فِيهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي صِحَّةِ الْوَاهِبِ وَرُفِعَتْ الْهِبَةُ إلَى السُّلْطَانِ يَنْظُرُ فِيهَا فَمَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُقْضَى لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِهَا إنْ عُدِّلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِيهَا حَتَّى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 188 أَوْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ إذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا، إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ   [منح الجليل] مَرِضَ الْوَاهِبُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ. ابْنُ شَاسٍ إذَا كَانَ الْمُطَالَبُ جَادًّا فِي الطَّلَبِ غَيْرَ تَارِكٍ كَمَا إذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ حَتَّى يُزَكِّيَانِ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ هُوَ حَوْزُهُ وَقَدْ صَحَّتْ الْهِبَةُ. (أَوْ) إنْ (أَعْتَقَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الرَّقِيقَ الْمَوْهُوبَ (أَوْ بَاعَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ رَقِيقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ وَهَبَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ مَا وُهِبَ لَهُ لِغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ صَحَّ حَوْزُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ كَحَوْزِهِ اتِّفَاقًا فِي الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ، وَفِي الْهِبَةِ (إذَا أَشْهَدَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى هِبَتِهِ مَا وَهَبَ لَهُ لِغَيْرِهِ (وَأَعْلَنَ) أَيْ أَظْهَرَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْإِشْهَادَ عِنْدَ الْقَاضِي. ابْنُ شَاسٍ لَوْ بَاعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ بَيْعَهَا حِيَازَةٌ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ بَيْعُهَا حِيَازَةً وَلَا غَيْرَهُ إلَّا الْعِتْقَ وَحْدَهُ، وَلَوْ وَهَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَمُطَرِّفٍ أَنَّ الْهِبَةَ حَوْزٌ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَيْسَتْ الْهِبَةُ حَوْزًا لِاحْتِيَاجِهَا إلَى حِيَازَةٍ. طفي ظَاهِرُ كَلَامِ تت أَنَّ الْإِشْهَادَ فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالنَّقْلِ أَنَّهُ فِي الْهِبَةِ فَقَطْ، وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ فِي شَرْحِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا الْبَاجِيَّ وَلَا الرَّجْرَاجِيُّ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ، وَنَقَلَ كَلَامَهُمْ قَالَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَحْمَدَ إنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ بِخِلَافِ الْإِعْلَانِ فَإِنَّهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. (أَوْ لَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (بِهَا) أَيْ الْهِبَةِ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. " غ " أَيْ وَكَذَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، فَلَمَّا مَاتَ عَلِمَ بِهَا وَرَثَتُهُ فَلَهُمْ الْقِيَامُ بِهَا عَلَى الْوَاهِبِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ جَوَّزَ فِي تَوْضِيحِهِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا اعْتَرَضَهُ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَأَظُنُّهُ السَّفَاقِسِيَّ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ " يُعْلَمْ " بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ مَبْنِيًّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 189 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِلْمَجْهُولِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِالصِّحَّةِ لَمْ يُوجَدْ. تت أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، أَيْ الْوَاهِبِ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحَانِ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ. طفي قَرَّرَاهُ بِمَا ذُكِرَ، وَاسْتَدَلَّ الشَّارِحُ بِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ نَزَلَتْ عِنْدَنَا بِتُونُسَ وَوَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ وَوُجِدَ فِي الطِّرَازِ أَنَّهُ مَعْذُورٌ بِعَدَمِ عِلْمِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي شَامِلِهِ فَقَالَ وَصَحَّتْ إنْ قَبَضَهَا لِيَتَرَوَّى أَوْ مَاتَ وَاهِبُهَا قَبْلَ عِلْمِك أَوْ تَزْكِيَةِ شَاهِدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فَانْظُرْ اعْتِمَادَهُ هُنَا. وَفِي شَامِلِهِ مَا ذُكِرَ، وَقَوْلُ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ مَعَ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنْ مَاتَ الْمُعْطِي الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْطَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَقَدْ عَلِمَ وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ سُكُوتَهُ مَعَ كَوْنِ الْهِبَةِ بِيَدِهِ رِضًا بِهَا وَلَا قَبُولًا لَهَا. وَقَوْلُ أَشْهَبَ فِيهَا إنَّهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ رَأَى سُكُوتَهُ مَعَ كَوْنِ الْهِبَةِ بِيَدِهِ رِضًا بِهَا وَقَبُولًا لَهَا فَقَالَ إنَّ كَوْنَهَا فِي يَدِهِ أَحَوْزَ الْحَوْزِ، فَاخْتِلَافُهُمَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ لِقَوْلِهَا إنْ كَانَ لَهُ فِي يَدِك أَرْضٌ أَوْ دَارٌ أَوْ رَقِيقٌ بِكِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَذَلِكَ بِبَلَدٍ آخَرَ فَوَهَبَك ذَلِكَ فَقَوْلُك قَبِلْتُ حَوْزٌ، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ قَبِلْت حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ ذَلِكَ حَوْزٌ لِمَنْ كَانَ ذَلِكَ فِي يَدِهِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ شُذُوذٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ هِبَةَ الْأَمْوَالِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ وَأَنَّهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِنَفْسِ الْهِبَةِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ رَدُّهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ إنْ قَبِلَهَا وَهُوَ مُعَيَّنٌ، وَلَا اخْتِلَافَ أَحْفَظُ فِي هَذَا سِوَى قَوْلِ مَالِكٍ الشَّاذِّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَلَوْ عَلِمَ بِالْهِبَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ قَبُولُهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ جَرَى ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ اخْتِلَافِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَبِقَوْلِ أَشْهَبَ أَخَذَ سَحْنُونٌ. فَتَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا وَهَبَ شَيْئًا هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ دَيْنًا عَلَيْهِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 190 وَحَوْزُ مُخْدَمٍ   [منح الجليل] فَإِنْ عَلِمَ فِي حَيَاةِ الْوَاهِبِ وَقَبِلَ جَازَتْ لَهُ الْهِبَةُ اتِّفَاقًا. وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ جَازَتْ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَبَطَلَتْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْهِبَةِ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ بِاتِّفَاقٍ إلَّا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الشَّاذَّةِ. اهـ. فَبَعْدَ حِكَايَةِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْبُطْلَانِ وَلَا تَصِحُّ إلَّا عَلَى قَوْلِهِ شَاذَّةٌ بَعِيدَةٌ كَيْفَ يَصِحُّ تَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهَا، وَكَيْفَ يَقَعُ الِاضْطِرَابُ بِتُونُسَ فِيهَا وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَلِذَا فَرَّ " غ " مِنْ هَذَا، وَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي مَوْتِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَبَنَى لَمْ يُعْلَمْ لِلْمَجْهُولِ لَكِنْ عَلَى تَقْرِيرِهِ تَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ رَكَاكَةٌ فِي تَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فِي مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا مَاتَ الْمُعْطَى الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمُعْطِي الْمُتَصَدِّقِ فَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ، وَيَتَنَزَّلُونَ مَنْزِلَتَهُ فِي الرَّدِّ وَالْقَبُولِ إذَا عَلِمُوا قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْطِي الْمُتَصَدِّقِ. اهـ. فَأَطْلَقَ فِي تَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَبُولَ لَا تُشْتَرَطُ فَوْرِيَّتُهُ ثُمَّ تَارَةً تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الْوَاهِبِ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَعِيَالَهُ، وَتَارَةً عَلَى قَصْدِ عَيْنِهِ فَقَطْ، وَتَارَةً لَا تُوجَدُ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَفِي الْأَوَّلِ تَقُومُ وَرَثَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَقَامَهُ فِي الْقَبُولِ، وَفِي الثَّانِي لَا يَقُومُونَ مَقَامَهُ فِيهِ وَدَرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّالِثِ عَلَى أَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ بِهَذَا قُرِّرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمِسْنَاوِيِّ وَأَحْمَدَ بَابَا وَنَصُّ التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَوْتِ الْوَاهِبِ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْهِبَةِ، وَقَدْ كَانَ بَاعَهَا الْوَاهِبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً غَيْرَ مُفَرَّعَةٍ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا، وَيَكُونُ ضَمِيرُ مَاتَ عَائِدًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ مُعَلَّلًا بِعَدَمِ الْقَبُولِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِهِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْغَالِبَ الْقَبُولُ كَمَا قَالُوا فِيمَنْ أَرْسَلَ هَدِيَّةً، وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُفَرَّعَةٍ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا فِي بَيْعِ الْوَاهِبِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) إنْ وَهَبَ مَالِكُ رَقِيقٍ خِدْمَتَهُ لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ ثُمَّ وَهَبَ رَقَبَتَهُ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَهُوَ فِي حَوْزِ الْمُخْدَمِ صَحَّ (حَوْزُ) شَخْصٍ (مُخْدَمٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَنْ وُهِبَتْ لَهُ خِدْمَةُ رَقِيقٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً الجزء: 8 ¦ الصفحة: 191 أَعَارَ مَالك شَيْئِهِ لِشَخْصِ ثُمَّ وَهَبَهُ لِآخَر ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِب وَهُوَ فِي حَوْز الْمُسْتَعِير وَمُسْتَعِيرٍ مُطْلَقًا   [منح الجليل] أَوْ حَيَاتَهُ لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ رَقَبَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِخْدَامِ فَلَا حَقَّ لِوَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقِ. (وَ) إنْ أَعَارَ مَالِكُ شَيْئِهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَهَبَهُ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَهُوَ فِي حَوْزِ الْمُسْتَعِيرِ صَحَّ حَوْزُ شَخْصٍ (مُسْتَعِيرٍ) شَيْئًا لِمَنْ وُهِبَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ، فَإِنْ مَاتَ الْوَاهِبُ وَالشَّيْءُ فِي يَدِ مُسْتَعِيرِهِ فَهُوَ حَقٌّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ لَا لِوَرَثَةِ وَاهِبِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعِلْمِ الْمُخْدِمِ وَالْمُسْتَعِيرِ بِالْهِبَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِخْدَامُ وَالْهِبَةُ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ تَأَخَّرَتْ الْهِبَةُ عَنْهُ، وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا. فِيهَا مَنْ رَهَنَ عَبْدَهُ ثُمَّ وَهَبَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ وَيُقْضَى عَلَى الْوَاهِبِ بِافْتِكَاكِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَقُمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى افْتَكَّهُ الْوَاهِبُ فَلَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَمُتَّ الْوَاهِبُ فَتَبْطُلُ هِبَتُهُ فَلَيْسَ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ مَاتَ وَاهِبُهُ؛ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ حَقًّا فِي عَيْنِ الْعَبْدِ، بِخِلَافِ مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ سِنِينَ رَجُلًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِفُلَانٍ بَعْدَ الْخِدْمَةِ فَقَبْضُ الْمُخْدَمِ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ قَبْضِهِ الْمَوْهُوبَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُخْدَمَ لَمْ يَجِبْ لَهُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَقٌّ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَاجَرَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ وَهَبَهُ لِآخَرَ فَلَيْسَ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ حَوْزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ أُجْرَةَ ذَلِكَ مَعَهُ، فَيَتِمَّ الْحَوْزُ. وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ أَوْ الْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُخْدَمِ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ، إذْ لَيْسَ لِلْمُخْدَمِ وَالْمُعَارِ حَقٌّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَلَا يَكُونُ قَبْضُ الْمُخْدَمِ وَالْمُعَارِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ وَيَرْضَى أَنْ يَكُونَ حَائِزًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا قَالَ إذَا رَهَنَ فَضْلَةَ الرَّهْنِ فَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ حَائِزًا حَتَّى يَعْلَمَ وَيَرْضَى بِذَلِكَ. " ق " اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ مُطْلَقًا. طفي هَذَا سَهْوٌ مِنْهُ إذْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعِلْمَ وَلَا الرِّضَا وَنَصُّهَا وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُخْدِمُ أَوْ الْمُعَارُ إلَى أَجَلٍ فَقَبْضُ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لَهُ قَبْضٌ لِلْمَوْهُوبِ وَهُوَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ ذَلِكَ اهـ. وَلَمَّا قَالَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ حَوْزُ الْمُودَعِ صَحِيحٌ إنْ عَلِمَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافٌ لِمَا فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 192 وَمُودَعٍ إنْ عَلِمَ ، لَا غَاصِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ، إلَّا أَنْ يَهَبَ الْإِجَارَةَ   [منح الجليل] الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا قَبْضَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُخْدَمِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مَعْرِفَتَهُمَا، وَكَذَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الْمُخْدَمِ كَمَا فِي فَضْلَةِ الرَّهْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ، وَلَعَلَّ التَّصْحِيفَ وَقَعَ مِنْ الْمَوَّاقِ فِي نَقْلِهِ أَوْ مِنْ النَّاسِخِ إذْ عَادَتُهُ نَقْلُ كَلَامِ الشُّيُوخِ مَمْزُوجًا بِلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ اغْتَرَّ عج بِذَلِكَ فَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَمَنْ جَعَلَ رِبْقَةَ التَّقْلِيدِ فِي عِتْقِهِ يَصْدُرُ عَنْهُ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. الْبُنَانِيُّ وَكَذَا رَأَيْت أَبَا الْحَسَنِ نَقَلَ التَّقْيِيدَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ. (وَ) إنْ أَوَدَعَ الْمَالِكُ شَيْأَهُ عِنْدَ شَخْصٍ ثُمَّ وَهَبَهُ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ الْمَالِكُ وَهُوَ فِي حَوْزِ الْمُودَعِ صَحَّ حَوْزُ (مُودَعٍ) بِالْفَتْحِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْوَدِيعَةُ الَّتِي عِنْدَهُ (إنْ عَلِمَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِالْهِبَةِ. شَرْطٌ فِي صِحَّةِ حَوْزِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. التُّونُسِيُّ لَمْ يَشْتَرِطْ ابْنُ الْقَاسِمِ عِلْمَ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا حَازَا لِمَنْفَعَتِهِمَا فَلَوْ قَالَا لَا نَحُوزُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمَا إلَّا أَنْ يُبْطِلَا مَا لَهُمَا مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ قَبُولِهِمَا، فَصَارَ عِلْمُهُمَا غَيْرَ مُقَيَّدٍ وَالْمُودَعُ لَوْ يَشَاءُ يَقُولُ خُذْ مَا أَوْدَعَتْنِي لَا أَحُوزُ لِهَذَا. مُحَمَّدٌ لَوْ وَهَبَ الْوَدِيعَةَ رَبُّهَا لِغَيْرِ الْمُودَعِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا وَأَشْهَدَ كَانَتْ حِيَازَةً. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ أَشْهَدَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِقَبْضِهَا حَتَّى مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ الَّذِي هِيَ عِنْدَهُ فَتِلْكَ حِيَازَةٌ تَامَّةٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَذَلِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ صَارَ حَائِزًا لِلْمُعْطِي ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُعْطِي أَخْذُهَا وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودِعُ إلَى الْمُعْطَى قَبْلَ عِلْمِهِ ضَمِنَهَا. وَإِنْ وَهَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْمَغْصُوبِ لِغَيْرِ غَاصِبِهِ أَوْ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِغَيْرِ مُرْتَهِنِهِ أَوْ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ فِي حَوْزِ غَاصِبِهِ أَوْ مُرْتَهِنِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ فَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَحُوزَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ شَخْصٌ (غَاصِبٌ) لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ (وَمُرْتَهِنٌ وَمُسْتَأْجِرٌ) لِلْمَوْهُوبِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَهَبَ) الْمَالِكُ (الْإِجَارَةَ) أَيْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 193 وَلَا إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ. بِأَنْ آجَرَهَا أَوْ أَرْفَقَ بِهَا، بِخِلَافِ سَنَةٍ   [منح الجليل] الْمَالَ الَّذِي أَجَّرَ بِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الذَّاتُ فَيَصِحُّ حَوْزُ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اغْتَصَبَهُ رَجُلٌ عَبْدًا فَوَهَبَهُ سَيِّدٌ لِرَجُلٍ آخَرَ وَالْعَبْدُ بِيَدِ غَاصِبِهِ جَازَتْ الْهِبَةُ إنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ وَاهِبِهَا، وَلَيْسَ قَبْضُ الْغَاصِبِ قَبْضًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا. (ولَا) يَصِحُّ الْحَوْزُ (إنْ رَجَعَتْ) الذَّاتُ الْمَوْهُوبَةُ (إلَيْهِ) أَيْ وَاهِبِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الْحَوْزِ (بِقُرْبٍ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ حَوْزِهَا رُجُوعًا مُصَوَّرًا (بِأَنْ آجَرَهَا) أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْهِبَةُ لِوَاهِبِهَا (أَوْ أَرْفَقَ) الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَاهِبَ (بِهَا) أَيْ الْهِبَةِ (بِخِلَافِ) رُجُوعِهَا لِوَاهِبِهَا بَعْدَ تَمَامِ (سَنَةٍ) فَلَا يَبْطُلُ حَوْزُهَا. الْحَطّ إنَّ الذَّاتَ الْمَوْهُوبَةَ إذَا رَجَعَتْ إلَى وَاهِبِهَا بَعْدَ أَنْ حَازَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَكَانَ رُجُوعُهَا إلَى وَاهِبِهَا عَنْ قُرْبٍ وَرُجُوعُهَا إلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ أَجَرَهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ أَوْ بِأَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَرْفَقَ بِهَا الْوَاهِبُ يُرِيدُ أَوْ أَعْمَرَهُ إيَّاهُمَا فَذَلِكَ كُلُّهُ يُبْطِلُ الْهِبَةُ فِي التَّوْضِيحِ بِاتِّفَاقٍ لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ أَنَّهُ تَحَيَّلَ لِإِسْقَاطِ الْحِيَازَةِ، وَهَكَذَا صَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ إلَّا بِالِاتِّفَاقِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ يَعْنِي أَنَّ رُجُوعَ الْوَاهِبِ إلَى الذَّاتِ الْمَوْهُوبَةِ بَعْدَ حِيَازَتِهَا الْمَوْهُوبِ لَهُ سَنَةً لَا يُبْطِلُ هِبَتَهَا؛ لِأَنَّهُ طُولٌ وَقِيلَ الطُّولُ سَنَتَانِ، وَهَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِلَا تَرْجِيحٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَقَرَّ بِهِمَا لَا يَضُرُّ، وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ آجَرَهَا أَوْ أَرْفَقَ بِهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا حَازَ عَلَيْهِ أَبُوهُ أَوْ غَيْرُهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَكْبَرَ وَيَحُوزَ لِنَفْسِهِ سَنَةً فَهِيَ بَاطِلَةٌ. مُحَمَّدٌ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ أَنَّ الْكَبِيرَ يُتَصَوَّرُ مَنْعُهُ الْأَبَ مِنْ رُجُوعِهِ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 194 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هِبَتِهِ وَالصَّغِيرُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ ذَلِكَ، فَكَانَ رُجُوعُهُ رُجُوعًا فِي الْهِبَةِ أَفَادَهُ الْحَطّ. الْبُنَانِيُّ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَأَنَّ طَرِيقَةَ غَيْرِهِ أَنَّ الْمَحْجُورَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ عَامٍ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَوَّلَ الْمُتَيْطِيُّ، وَبِهَا أَفْتَى ابْنُ لُبٍّ وَبِهَا جَرَى الْعَمَلُ. الثَّانِي: طفي عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ بِرُجُوعِهَا بَعْدَهُ بِقُرْبٍ، وَكَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا بَقِيَتْ بِيَدِ الْوَاهِبِ إلَى مَوْتِهِ مَثَلًا وَإِلَّا فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ اسْتِرْجَاعُهَا لِيَصِحَّ حَوْزُهُ، فَاَلَّذِي يَبْطُلُ بِهِ الْحَوْزُ فَقَطْ لَا هِيَ مِنْ أَصْلِهَا هَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، إذْ حُكْمُهَا فِي هَذَا كَالرَّهْنِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِالدَّارِ أَوْ حَبَسَهَا وَتَمَادَى عَلَى سُكْنَاهَا أَوْ عَادَ إلَيْهَا عَنْ قُرْبٍ بِاكْتِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ إرْفَاقٍ حَتَّى مَاتَ فِيهَا فَالصَّدَقَةُ أَوْ الْحَبْسُ فِيهَا بَاطِلٌ، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا عَنْهُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا دُونَهُ انْقِطَاعًا بَيِّنًا السَّنَةَ فَمَا زَادَ فَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ حِيَازَتَهُ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ تَبْطُلُ الْحِيَازَةُ بِرُجُوعِهِ إلَى يَدِ رَاهِنِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِحِيَازَتِهِ انْقِطَاعًا بَيِّنًا؛ لِأَنَّ حَوْزَ الرَّهْنِ آكَدُ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الَّذِي يَبْطُلُ الْحِيَازَةُ، فَقَوْلُ ابْنِ عَاشِرٍ فِي حَاشِيَتِهِ تَعْبِيرُهُمْ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ لِرُجُوعِهَا عَنْ قُرْبٍ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا مِنْ أَصْلِهَا لَا حَوْزَهَا فَقَطْ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا لِلْحَوْزِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ غَيْرَ ظَاهِرٍ وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَنْ وَهَبَ دَارًا ثُمَّ أَعْمَرَ فِيهَا وَاهِبُهَا بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ لَا تَكُونُ حِيَازَةً نَزَعَهَا مِنْ يَدِ وَاهِبِهَا وَأَكْرَاهَا مِنْ غَيْرِهِ لِإِتْمَامِ الْحَوْزِ فِي الْهِبَةِ، وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْحَوْزُ لِلْهِبَةِ كَمُؤَاجَرَةِ الرَّهْنِ لِرَاهِنِهِ مَعَ صِحَّةِ حَوْزِهِ. الثَّالِثُ: " ق " قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَنَةٍ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ، وَعَلَى غَيْرِ صِغَارِ وَلَدِهِ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، إذْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْهِبَةِ بَيْنَ الرُّجُوعِ قَبْلَ الْعَامِ أَوْ بَعْدَهُ خَاصٌّ بِاَلَّذِي لَهُ غَلَّةٌ وَأَنَّ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهَذَا شَيْءٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ، إذْ لَا قَائِلَ بِهِ فِيمَا عَلِمْت وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَبْسِ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 195 أَوْ رَجَعَ مُخْتَفِيًا أَوْ ضَيْفًا فَمَاتَ وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مَتَاعًا   [منح الجليل] وَصُورَتُهُ كَمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ، وَإِنَّمَا حَبَسَهُ وَجَعَلَهُ تَحْتَ يَدِهِ يَصْرِفُهُ وَيُرْجِعُهُ. الرَّابِعُ: " غ " قَوْلُهُ بِأَنْ آجَرَهَا أَوْ أَرْفَقَ بِهَا الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي الْفِعْلَيْنِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَيَجِبُ بِنَاءُ الثَّانِي لِلْفَاعِلِ. كَالْأَوَّلِ. طفي وَهُوَ صَوَابٌ فَقَوْلُ " ح " أَوْ أَرْفَقَ بِهَا مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ غَيْرُ صَوَابٍ سَرَى لَهُ ذَلِكَ مِنْ جَعْلِهِ الضَّمِيرَ الْمُسْتَكِنَّ فِي آجَرَهَا لِلْوَاهِبِ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لُغَةً؛ لِأَنَّ أَجَرَ لِلْمَالِكِ فَفِي الْقَامُوسِ أَجَرَ الْمَمْلُوكَ أَجْرًا أَكْرَاه كَآجَرَهُ إيجَارًا وَمُؤَاجَرَةً. (أَوْ رَجَعَ) الْوَاهِبُ لِلدَّارِ الَّتِي وَهَبَهَا حَالَ كَوْنِهِ (مُخْتَفِيًا) عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بَعْدَ حِيَازَتِهَا عَنْهُ بِأَنْ وَجَدَهَا خَالِيَةً فَسَكَنَهَا وَمَاتَ بِهَا فَلَا يَبْلَ حَوْزَهَا، كَذَا فِي الشُّرَّاحِ. الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ هَكَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَسَيَأْتِي نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ (أَوْ) رَجَعَ إلَيْهَا حَالَ كَوْنِهِ (ضَيْفًا) عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ (فَمَاتَ) الْوَاهِبُ فِي الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ فَلَا تَبْطُلُ حِيَازَتُهَا، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ رَجَعَ لَهَا عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. مُحَمَّدٌ إذَا حَازَ الْمُعْطَى الدَّارَ وَسَكَنَهَا ثُمَّ اسْتَضَافَهُ الْمُعْطِي فَأَضَافَهُ وَمَرِضَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ أَوْ اخْتَفَى عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ الْعَطِيَّةَ، وَهَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا. (وَ) صَحَّتْ (هِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِ) لِزَوْجِ (الْآخَرِ مَتَاعًا) أَوْ خَادِمًا وَإِنْ لَمْ تَرْتَفِعْ يَدُ الْوَاهِبِ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْعُتْبِيَّةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى امْرَأَتِهِ بِخَادِمَةٍ وَهِيَ مَعَهُ فِي الْبَيْتِ فَكَانَتْ تَخْدُمُهَا بِحَالِ مَا كَانَتْ فَذَلِكَ جَائِزٌ. سَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهَا إيَّاهَا فَهُوَ حَوْزٌ. أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا أَشْهَدَ لَهَا بِهَذِهِ الْخَادِمُ فَتَكُونُ عِنْدَهُمَا كَمَا كَانَتْ فِي خِدْمَتِهَا أَوْ وَهَبَتْ هِيَ لَهُ خَادِمَهَا فَكَانَتْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ مَتَاعًا فِي الْبَيْتِ فَأَقَامَ ذَلِكَ عَلَى حَالِهِ بِأَيْدِيهِمَا فَهِيَ ضَعِيفَةٌ. ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا تَوَاهَبَا جَائِزٌ وَهِيَ حِيَازَةٌ، وَكَذَلِكَ مَتَاعُ الْبَيْتِ وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَسْكَنُ الَّذِي هُمَا بِهِ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهَا فَأَقَامَا فِيهِ حَتَّى مَاتَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 196 وَهِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، لَا الْعَكْسُ، وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ: إلَّا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ خَتَمَ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] فَإِنَّهُ مِيرَاثٌ، وَلَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهِ قَضَى لَهَا أَنْ يَسْكُنَهَا غَيْرُهُ حَتَّى تَحُوزَ الْمَسْكَنَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَمَّا لَوْ تَصَدَّقَتْ هِيَ عَلَيْهِ بِالْمَنْزِلِ وَهُمَا فِيهِ فَذَلِكَ حَوْزٌ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَ زَوْجَتَهُ فَسُكْنَاهُ بِهَا فِيهِ حَوْزٌ، وَمِنْ نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ سُئِلَ ابْنُ لُبَابَةَ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى أُمِّهِ بِثُلُثِ دَارِهِ وَهِيَ مَعَهُ فِيهَا سَاكِنَةٌ حَتَّى مَاتَ الْوَلَدُ فَقَالَ سُكْنَاهَا مَعَهُ حَوْزٌ تَامٌّ وَهِيَ صَدَقَةٌ ثَابِتَةٌ، وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ هَذَا إنْ كَانَتْ سَكَنَتْ مِثْلَ نَصِيبِهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَّا قَدْرَ مَا سَكَنَتْ. (وَ) صَحَّتْ (هِبَةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا) ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ تَصَدَّقَتْ هِيَ عَلَيْهِ بِالْمَنْزِلِ وَهُمَا فِيهِ فَذَلِكَ حَوْزٌ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَ زَوْجَتَهُ فَسُكْنَاهُ بِهَا فِيهِ حَوْزٌ مَا لَمْ تَشْتَرِطْ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْهَا، فَإِنْ اشْتَرَطَتْ ذَلِكَ فَلَا يَكْفِي فِي الْحَوْزِ إشْهَادُهَا عَلَى الْهِبَةِ لِزَوْجِهَا كَمَا فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ (لَا) يَصِحُّ (الْعَكْسُ) أَيْ هِبَتُهُ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ إنْ مَاتَ وَهُوَ سَاكِنٌ بِهَا فِيهَا لِبُطْلَانِ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّ السُّكْنَى تُنْسَبُ لِلزَّوْجِ وَهِيَ تَابِعَةٌ لَهُ. (وَلَا) تَصِحُّ الْهِبَةُ (إنْ بَقِيَتْ) الذَّاتُ الْمَوْهُوبَةُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْوَاهِبِ لِفَلَسِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ مَرَضِهِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ وَأَعَادَ هَذَا لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا) الْوَاهِبَ (لِمَحْجُورِهِ) فَتَصِحُّ هِبَتُهُ لَهُ مَعَ بَقَائِهِ عِنْدَهُ إلَى مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحُوزُ لَهُ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا مَا) أَيْ مَوْهُوبًا (لَا يُعْرَفُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ بِعَيْنِهِ مِنْ مَعْدُودٍ أَوْ مَوْزُونٍ كَدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ مَكِيلٍ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ لِمَحْجُورِهِ مَعَ بَقَائِهِ عِنْدَهُ إنْ لَمْ يَخْتِمْ عَلَيْهِ، بَلْ (وَلَوْ) جُعِلَ فِي صُرَّةٍ وَ (خُتِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَلَيْهِ) أَيْ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بِخَتْمِ الْوَاهِبِ وَالشُّهُودِ فَلَا يَكْفِي فِي حَوْزِهِ لَهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ يَصِحُّ حَوْزُهَا إذَا أَحْضَرَهَا لِلشُّهُودِ وَخَتَمَ عَلَيْهَا. فِيهَا مَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا وَوَهَبَ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَهِيَ سَفِيهَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ جُنُونًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 197 وَدَارَ سُكْنَاهُ، إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا، وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ،   [منح الجليل] مُطْبِقًا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَكُونُ الزَّوْجُ حَائِزًا لَهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ وَيَجْعَلَهُ عَلَى يَدِ مَنْ يَحُوزُهُ لَهَا، وَلَا يَكُونُ مُتَصَدِّقٌ حَائِزًا لِصَدَقَتِهِ إلَّا أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ لِمَنْ فِي وِلَايَتِهِ، وَالزَّوْجُ لَا يَجُوزُ أَمْرُهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا بَيْعُهُ مَالَهَا وَأَبُوهَا الْحَائِزُ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا مَا دَامَتْ سَفِيهَةً أَوْ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهَا أَمْرٌ. وَمِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَنَّ الْأَبَ يَحُوزُ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا، بِخِلَافِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إلَّا إنْ كَانَ دَيْنًا. ابْنُ عَرَفَةَ حَوْزُ الْأَبِ لِصِغَارِ وَلَدِهِ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ صَحِيحٌ. ابْنِ رُشْدٍ اتِّفَاقًا. الْبَاجِيَّ وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَإِنَّهَا إنْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْأَبِ غَيْرَ مَخْتُومٍ عَلَيْهَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ الْأَبُ وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ الْعَطِيَّةُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَجُوزُ. وَإِنْ طَبَعَ عَلَيْهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ وَيُخْرِجَهَا عَنْ مِلْكِهِ وَذَلِكَ إنَّهَا غَيْرُ مَعْرُوفَةِ الْعَيْنِ وَلَا مُتَعَيِّنَةٍ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُعْرَفَ بِعَيْنِهَا إذَا أُفْرِدَتْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ إذَا وَهَبَهُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَنَانِيرِهِ. وَأَمَّا إذَا خَتَمَ عَلَيْهَا وَأَمْسَكَهَا عِنْدَهُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَبْطُلُ، زَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ خَتَمَ عَلَيْهَا الشُّهُودُ وَالْأَبُ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيُّونَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ فِيهَا حِيَازَةٌ مَعَ بَقَائِهَا بِيَدِ مُعْطِيهَا كَاَلَّتِي لَمْ يُخْتَمْ عَلَيْهَا. الْمُتَيْطِيُّ قَبْضُ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ جَائِزٌ، وَالْإِشْهَادُ بِالصَّدَقَةِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْحِيَازَةِ، وَيَضْمَنُ مَعْرِفَةَ الشُّهُودِ وَصِغَرَ الِابْنِ لِئَلَّا يَقُومَ عَلَيْهِ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْأَبَ إنَّمَا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَبِيرٌ وَلَمْ يَجُزْ وَيَقُولَ هُوَ كُنْت صَغِيرًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الشُّهُودُ ذَلِكَ، وَاخْتُلِفَ إذَا نَزَلَ ذَلِكَ أَيُّهُمَا يُقْبَلُ. (وَ) إلَّا (دَارَ سُكْنَاهُ) أَيْ الْوَاهِبِ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهَا لِمَحْجُورِهِ إذَا اسْتَمَرَّ سَاكِنًا بِهَا لِمَوْتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَسْكُنَ) الْوَاهِبُ (أَقَلَّهَا) أَيْ الدَّارِ (وَيُكْرِيَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْوَاهِبُ (لَهُ) أَيْ مَحْجُورِهِ الْمَوْهُوبِ لَهُ (الْأَكْثَرَ) مِنْ الدَّارِ فَتَصِحَّ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهَا. فِيهَا مَنْ حَبَسَ عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ وَهَبَهَا لَهُمْ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ فَحَوْزُهُ حَوْزٌ صَحِيحٌ إلَّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 198 وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ: بَطَلَ فَقَطْ، وَالْأَكْثَرُ بَطَلَ الْجَمِيعُ.   [منح الجليل] أَنْ يَسْكُنَهَا كُلَّهَا أَوْ جُلَّهَا إلَى مَوْتِهِ فَيَبْطُلَ جَمِيعُهَا، وَإِنْ سَكَنَ مِنْ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ ذَاتِ الْمَسَاكِنِ أَقَلَّهَا وَأَكْرَى لَهُمْ بَاقِيَهَا نَفَذَ لَهُمْ ذَلِكَ فِيمَا سَكَنَ وَفِيمَا لَمْ يَسْكُنْ، وَلَوْ سَكَنَ الْجُلَّ وَأَكْرَى لَهُمْ الْأَقَلَّ بَطَلَ الْجَمِيعُ. (وَإِنْ سَكَنَ) الْوَاهِبُ (النِّصْفَ) مِنْ الدَّارِ الَّتِي وَهَبَهَا الْمَحْجُورُ وَأَكْرَى لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ (بَطَلَ) النِّصْفُ الْمَسْكُونُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ النِّصْفِ الْمُكْرَى، فَتَصِحُّ هِبَتُهُ. عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (وَ) إنْ سَكَنَ الْوَاهِبُ (الْأَكْثَرَ) مِنْ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ لِمَحْجُورِهِ (بَطَلَ الْجَمِيعُ) الْمَسْكُونُ وَالْمُكْرَى لَهُ. فِي النُّكَتِ حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا إذَا سَكَنَ أَبُو الْأَصَاغِرِ شَيْئًا فَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، إنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ بَطَلَ الْجَمِيعُ، وَإِنْ سَكَنَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ صَحَّ لَهُمْ مَا سَكَنَ وَمَا لَمْ يَسْكُنْ، وَإِنْ سَكَنَ الْقَلِيلَ وَأَبْقَى الْكَثِيرَ خَالِيًا فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ حَتَّى يُكْرِيَهُ لِلْأَصَاغِرِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ لِكِرَائِهِ مَنَعَ لَهُ فَكَأَنَّهُ أَبْقَاهُ لِنَفْسِهِ فَذَلِكَ كَأَشْغَالِهِ إيَّاهُ بِسُكْنَاهُ. عِيَاضٌ هَذَا صَحِيحٌ مِنْ النَّظَرِ ظَاهِرٌ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ. الْمُتَيْطِيُّ شَرْطُ صَدَقَةِ الْأَبِ عَلَى صِغَارِ بَنِيهِ بِدَارِ سُكْنَاهُ إخْلَاؤُهَا مِنْ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَثِقَلِهِ وَمُعَايَنَتُهَا. الْبَيِّنَةُ فَارِغَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَيُكْرِيهَا لَهُمْ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ. طفي قَوْلُهُ وَدَارَ سُكْنَاهُ عَطْفٌ عَلَى مَا لَا يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا إنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ فَيَقْتَضِي أَنَّ دَارَ السُّكْنَى كَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ يَدِهِ إلَى مَنْ يَحُوزُهَا، وَبِذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ، فَقَالَ يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا وَهَبَ لِمَحْجُورِهِ دَارَ سُكْنَاهُ، فَإِنَّ حُكْمَهَا فِي اشْتِرَاطِ إخْرَاجِهَا عَنْ يَدِهِ حُكْمُ مَا إذَا وَهَبَ لَهُ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي شَامِلِهِ فَقَالَ وَلَوْ وَهَبَهُ دَارَ سُكْنَاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا أَوْ حَبَسَهَا عَلَيْهِ وَقَدِمَ مَنْ حَازَهَا جَازَ. اهـ. وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَكُتُبُ الْمَالِكِيَّةُ مُصَرِّحَةٌ بِخِلَافِهِ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ اشْتَرَطَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ خُرُوجَهَا عَنْ يَدِهِ إلَى مَنْ يَحُوزُهَا كَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، نَعَمْ تُفَارِقُ غَيْرَهَا فِي كَوْنِهَا لَا بُدَّ مِنْ إخْلَائِهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ وَمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِذَلِكَ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 199 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثُمَّ تَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، فَفِي وَثَائِقِ ابْنِ شَرِيعَةَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ فِي دَارٍ يَسْكُنُهَا الْأَبُ فَلَا تَجُوزُ حَتَّى يُخْلِيَهَا الْأَبُ مِنْ أَهْلِهِ وَثِقَلِهِ، وَتَكُونَ فَارِغَةً وَيُكْرِيَهَا لِلِابْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى هَذَا فَلَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ، وَنَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ فِي وَثِيقَةِ هِبَةِ الْأَبِ دَارَ سُكْنَاهُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ وَانْتَقَلَ الْمُتَصَدِّقُ الْمَذْكُورُ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ بِبَيِّنَةٍ وَأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ تَصْحِيحًا لِلصَّدَقَةِ وَإِكْمَالًا لَهَا، وَتَوَلَّى قَبْضَهَا مِنْ نَفْسِهِ لِابْنِهِ الْمَذْكُورِ وَاحْتَازَهَا لَهُ بِمَا يَحُوزُ بِهِ الْآبَاءُ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ تَصَدَّقَ الْأَبُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ لَا يَسْكُنُهَا فَلَا تَذْكُرْ فِي الْعَقْدِ الِانْتِقَالَ وَلَا التَّخَلِّيَ وَلَا قَيْدَ مُعَايَنَةِ الشُّهُودِ لِلْقَبْضِ وَإِشْهَادُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ كَافٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْلَاكِ وَالْحَيَوَانِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَفْتَرِقُ دَارُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِهَا فِي هِبَةِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِأَنَّ دَارَ السُّكْنَى لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ التَّخَلِّيَ وَمِثْلُهَا الْمَلْبُوسُ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَيَكْفِي فِيهِ إشْهَادُ الْأَبِ بِالصَّدَقَةِ أَوْ الْهِبَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعَايِنْ الْبَيِّنَةُ الْحِيَازَةَ. الْمُتَيْطِيُّ وَإِشْهَادُ الْأَبِ بِصَدَقَتِهِ يُغْنِي عَنْ الْحِيَازَةِ وَإِحْضَارُهُ لِشُهُودِهَا فِيمَا لَا يَسْكُنُهُ الْأَبُ وَلَا يَلْبَسُهُ، فَظَهَرَ لَك الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ هِبَةِ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَهِبَةِ دَارِ السُّكْنَى. الثَّانِي: هَذَا حُكْمُ هِبَةِ الْأَبِ لِلصَّغِيرِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ وَالْأَجْنَبِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ حَوْزَهُمَا لِأَنْفُسِهِمَا، وَلَا يَكْفِي الْإِقْرَارُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَبْسِ. الثَّالِثُ: لَيْسَ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ خَاصًّا بِدَارِ السُّكْنَى، بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهَا إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ الْهِبَةِ إذْ لَمْ يَخُصُّوهُ بِهَا كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ. الرَّابِعُ: مِثْلُ الدُّورِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ الثِّيَابُ يَلْبَسُهَا، وَكَذَا مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا أَخْرَجَ بَعْضَهُ وَأَبْقَى بَعْضَهُ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ. الْخَامِسُ: ذَكَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي صَرْفِ الْغَلَّةِ قَوْلَيْنِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَبَ صَرَفَ الْغَلَّةَ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ مِثْلَ مَا فِي الْوَقْفِ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 200 وَجَازَتْ الْعُمْرَى كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَارِثَك   [منح الجليل] ابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ الَّذِي رَجَّحَهُ النَّاسُ هُوَ شَرْطُ صَرْفِ الْغَلَّةِ لِلْمَحْجُورِ فِي الْهِبَةِ وَالْحَبْسِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا، قَالَ وَانْظُرْ دَلِيلَهُ وَاضِحًا بَيِّنًا. (وَجَازَتْ) أَيْ نُدِبَتْ (الْعُمْرَى) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَقْصُورًا مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُمْرِ بِمَعْنَى مُدَّةِ الْحَيَاةِ لِوُقُوعِهِ ظَرْفًا لِمَنْفَعَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْعُمْرَى تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ حَيَاةَ الْمُعْطِي بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْشَاءً فَيَخْرُجُ الْحُكْمُ بِاسْتِحْقَاقِهَا وَيَصْدُقُ عَلَيْهَا قَبْلَ حَوْزِهَا؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ عُمْرَى وَحُكْمُهَا النَّدْبُ لِذَاتِهَا، وَيَتَعَذَّرُ عُرُوضُ وُجُوبِهَا لَا كَرَاهَتُهَا وَتَحْرِيمُهَا. الصِّيغَةُ الْبَاجِيَّ مَا دَلَّ عَلَى هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الذَّاتِ كَأَسْكَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ وَهَبْتُك سُكْنَاهَا عُمْرَك. وَفِيهَا مَنْ قَالَ قَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَيَاتَك جَازَ ذَلِكَ، وَتَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا، أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ قَالَ دَارِي هَذِهِ لَك صَدَقَةٌ سَكَنًا فَإِنَّمَا لَهُ السُّكْنَى دُونَ ذَاتِهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ قَدْ أَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَعَقِبَك مِنْ بَعْدِك أَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَك وَلِعَقِبِك سُكْنَى، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَيْهِ مِلْكًا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ فَإِلَى أُولِي الْبَأْسِ بِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَنْ قِيلَ لَهُ هِيَ لَك صَدَقَةُ سُكْنَى فَلَيْسَ لَهُ إلَّا سُكْنَاهَا دُونَ رَقَبَتِهَا مُحَمَّدٌ حَيَاتَهُ. (كَأَعْمَرْتُك) دَارِي أَوْ عَبْدِي أَوْ دَابَّتِي، أَيْ وَهَبْتُك مَنْفَعَتَهَا مُدَّةَ حَيَاتِك (أَوْ) أَعْمَرْتُ (وَارِثَك) مَا ذُكِرَ " غ " كَأَعْمَرْتُك أَوْ وَارِثَك كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِوَاوِ الْعَطْفِ بَعْدَ كَأَعْمَرْتُك فَقَطْ أَوْ أَعْمَرْتُك وَوَارِثَك فَهُمَا مِثَالَانِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَوَازَهَا فِي الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ، قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا وَهِيَ عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهَا عَلَيْهِ وَالْحُلِيُّ عِنْدَهُ كَذَلِكَ، فِيهَا قِيلَ فَإِنْ أَعْمَرَ ثَوْبًا أَوْ حُلِيًّا، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِي الثِّيَابِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 201 وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ أَوْ وَارِثِهِ:   [منح الجليل] الثَّانِي: الْحَطّ إنْ قَالَ أَعْمَرْتُك وَلَمْ يَقُلْ حَيَاتَك وَلَا حَيَاتِي وَلَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَهِيَ عُمْرَى وَكَذَلِكَ أَسْكَنْتُك اللَّخْمِيُّ قَدْ أَتَتْ هِبَاتٌ مُتَقَارِبَةُ اللَّفْظِ مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ حُمِلَ بَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ وَبَعْضُهَا عَلَى هِبَةِ الْمَنَافِعِ، وَهُوَ يَقُولُ كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ وَآخُذُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ وَحَمَلْتُك عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ وَأَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَأَعْمَرْتُك، فَحُمِلَ قَوْلُهُ أَعْمَرْتُك وَأَسْكَنْتُك وَأَخْدَمْتُك عَلَى أَنَّهَا هِبَةُ مَنَافِعَ حَيَاةَ الْمَخْدُومِ وَالْمُسْكَنِ وَالْمُعْمَرِ، وَقَوْلُك كَسَوْتُك هَذَا الثَّوْبَ وَحَمَلْتُك عَلَى هَذَا الْبَعِيرِ أَوْ الْفَرَسِ عَلَى هِبَةِ الرِّقَابِ، ثُمَّ قَالَ وَالْعُمْرَى ثَلَاثَةٌ: مُقَيَّدَةٌ بِأَجَلِ أَوْ حَيَاةِ الْمُعْمَرِ، وَمُطْلَقَةٌ وَمُعَقَّبَةٌ، فَإِنْ قُيِّدَتْ بِأَجَلٍ بِأَنْ قَالَ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ سَنَةً أَوْ عَشْرًا أَوْ حَيَاتِي فَهِيَ عَلَى مَا أَعْطَى، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُقَيِّدْ حُمِلَ عَلَى عُمْرِ الْمُعْطَى حَتَّى يَقُولَ عُمْرِي أَوْ حَيَاتِي، وَإِنْ عَقَّبَهَا فَقَالَ أَعْمَرْتُكَهَا أَنْتَ وَعَقِبَك فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَنْقَرِضَ الْعَقِبُ، وَفِي قَوَانِينِ ابْنِ جُزَيٍّ الْعُمْرَى جَائِزَةٌ إجْمَاعًا، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ أَعْمَرْتُكَ دَارِي أَوْ ضَيْعَتِي أَوْ أَسْكَنْتُك أَوْ وَهَبْت لَك سُكْنَاهَا أَوْ اسْتِغْلَالَهَا فَهُوَ وَهَبَ لَهُ مَنْفَعَتَهَا فَيَنْتَفِعُ بِهَا حَيَاتَهُ، فَإِذَا مَاتَ رَجَعَتْ إلَى رَبِّهَا، وَإِنْ قَالَ لَك وَلِعَقِبِك فَإِذَا انْقَرَضَ عَقِبُهُ رَجَعَتْ إلَى رَبِّهَا أَوْ لِوَارِثِهِ. (وَرَجَعَتْ) الْعُمْرَى بِمَعْنَى الذَّاتِ الَّتِي وُهِبَتْ مَنْفَعَتُهَا لِشَخْصٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ أَوْ عَشْرٍ وَمُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوْ الْمُطْلَقَةَ أَوْ الْمُعَقَّبَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ انْقِرَاضِ الْعَقِبِ (لِ) شَخْصِ (الْمُعْمِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ أَيْ وَاهِبِ الْمَنْفَعَةِ مِلْكًا إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ) لِ (وَارِثِهِ) أَيْ الْمُعْمَرِ إنْ كَانَ مَاتَ مِلْكًا أَيْضًا. فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَسْكَنْتُك هَذِهِ الدَّارَ وَعَقِبَك رَجَعَتْ إلَيْهِ مِلْكًا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ، فَإِنْ مَاتَ فَإِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ بِهِ يَوْمَ مَاتَ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةِ حَيَاتك جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَتَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ الَّذِي أَعْمَرَهَا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ. قُلْت فَإِنْ أَعْمَرَ ثَوْبًا قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الثِّيَابِ شَيْئًا، وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَأَرَاهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّارِ، وَالثِّيَابُ عِنْدِي عَلَى مَا أَعَارَهُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 202 كَحَبْسٍ عَلَيْكُمَا، وَهُوَ لِآخِرِكُمَا مِلْكًا لَا الرُّقْبَى كَذَوِي دَارَيْنِ، قَالَا: إنْ مِتَّ قَبْلِي فَهُمَا لِي، وَإِلَّا فَلَكَ: كَهِبَةِ نَخْلٍ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ مِلْكًا فَقَالَ (كَ) عَبْدِي أَوْ دَارِي أَوْ دَابَّتِي (حُبُسٍ عَلَيْكُمَا وَهُوَ) أَيْ الْحَبْسُ (لِآخِرِكُمَا) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ حَالَ كَوْنِ الْعُمْرَى الرَّاجِعَةِ لَمُعْمِرِهَا أَوْ وَارِثِهِ (مِلْكًا) لَهُ " غ " لَفْظُ مِلْكًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي رَجَعْت وَأَشَارَ بِالتَّشْبِيهِ لِقَوْلِهِ آخَرَ كِتَابِ الْهِبَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدِي حُبُسٌ عَلَيْكُمَا وَهُوَ لِلْآخِرِ مِنْكُمَا جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ لِلْآخِرِ يَبِيعُهُ وَيَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ فَيَسْتَحِقَّانِهِ مَعًا عَلَى وَجْهِ الْحَبْسِ، فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا مَلَكَهُ الْآخَرُ (لَا) تَجُوزُ (الرُّقْبَى) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مَقْصُورًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي عَارِيَّتِهَا لَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الرُّقْبَى فَفُسِّرَتْ لَهُ فَلَمْ يُجِزْهَا وَهِيَ تَحْبِيسُ رَجُلَيْنِ دَارًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا أَوَّلًا فَحَظُّهُ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ، وَسَأَلْته عَنْ تَحْبِيسِهِمَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا فَحَظُّهُ يَخْدُمُ آخِرَهُمَا مَوْتًا حَيَاتَهُ، ثُمَّ يَكُونُ الْعَبْدُ حُرًّا فَلَمْ يُجِزْهُ، وَأَلْزَمَهُمَا عِتْقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا. وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا يَخْدُمُ وَرَثَتَهُ دُونَ صَاحِبِهِ، فَإِذَا مَاتَ آخِرُهُمَا كَانَ حَظُّ كُلٍّ مِنْهُمَا حُرًّا مِنْ ثُلُثِهِ، كَمَنْ قَالَ إنْ مِتُّ فَعَبْدِي يَخْدُمُ فُلَانًا حَيَاتَهُ ثُمَّ هُوَ حُرٌّ. اللَّخْمِيُّ إنْ نَزَلَ فِي الدَّارِ فَعَلَى أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَرْجِعُ مِلْكًا يَبْطُلُ تَحْبِيسُهَا، وَتَرْجِعُ مِلْكًا لَهُمَا، وَعَلَى رُجُوعِهِ حَبْسًا تَبْطُلُ السُّكْنَى فَقَطْ وَتَكُونُ لَهُمَا حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا فَتَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ. الصِّقِلِّيُّ أَلْزَمَهُمَا الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ كَعِتْقٍ لِأَجَلٍ لِوَقْفِهِ عَلَى مَوْتِ فُلَانٍ وَجَعْلِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي فَجَمَعَ لَهُ الْحُكْمَيْنِ. وَمَثَّلَ لِلرُّقْبَى فَقَالَ (كَذَوَيْ) بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْوَاوِ مُثَنَّى ذُو، أَيْ صَاحِبَيْ (دَارَيْنِ) مَثَلًا (قَالَا) أَيْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ (إنْ مِتَّ) بِفَتْحِ التَّاءِ قَبْلِي (فَهُمَا) أَيْ دَارِي وَدَارُك مِلْكٌ (لِي وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمُتْ قَبْلِي بِأَنْ مِتُّ أَنَا قَبْلَك (فَ) هُمَا (لَك) وَتَعَاقَدَا عَلَى هَذَا، وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَهِبَةِ نَخْلٍ) لِشَخْصٍ (وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا) أَيْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 203 وَاسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا سِنِينَ، وَالسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ، أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو سِنِينَ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ، وَلَا يَبِيعُهُ لِبُعْدِ الْأَجَلِ   [منح الجليل] النَّخْلِ (سِنِينَ) مُسْتَقْبَلَةً بَعْدَ الْهِبَةِ لِلْوَاهِبِ (وَ) قَدْ شَرَطَ الْوَاهِبُ أَنْ يَكُونَ (السَّقْيُ) النَّخْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (عَلَى الْمَوْهُوبِ) فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، إذْ كَأَنَّهُ بَاعَهُ النَّخْلَ بِسَقْيِهِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا بَعْدَهَا، وَلَا يَدْرِي بَعْدَهَا، وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ السَّقْيُ عَلَى الْوَاهِبِ لَجَازَ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ مَعْرُوفٌ. (أَوْ) هِبَةُ (فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو) عَلَيْهِ (سِنِينَ وَ) شَرَطَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ (يُنْفِقُ) الْمَوْهُوبُ لَهُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْفَرَسِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ، ثُمَّ يَكُونُ الْفَرَسُ مِلْكًا لِلْمَدْفُوعِ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِذَلِكَ (وَاشْتَرَطَ) الْوَاهِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنَّهُ (لَا يَبِيعُهُ) أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْفَرَسَ (لِ) مَا (بَعْدَ) تَمَامِ (الْأَجَلِ) أَيْ السِّنِينَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِحَائِطٍ وَفِيهِ ثَمَرٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالثَّمَرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الصَّدَقَةِ لَمْ تُؤَبَّرْ فَهِيَ لِلْمُعْطِي، وَإِنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً فَهِيَ لِلْمُعْطَى كَالْبَيْعِ، وَيَقْبَلُ قَوْلَهُ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ وَرَبُّ الْحَائِطِ مُصَدَّقٌ مِنْ حِينِ تُؤَبَّرُ الثَّمَرَةُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ. قُلْت وَكَيْفَ حِيَازَةُ النَّخْلِ وَرَبُّهَا يَسْقِيهَا لِمَكَانِ ثَمَرَتِهِ فَقَالَ إنْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَسْقِيَهَا كَانَتْ حِيَازَةً. ابْنُ الْمَوَّازِ يَقْبِضُ الْمَوْهُوبُ لَهُ النَّخْلَ وَيَكُونُ سُقِيَهَا عَلَى وَاهِبِهَا فِي مَالِهِ لِمَكَانِ ثَمَرَتِهِ، وَيَتَوَلَّى الْمَوْهُوبُ لَهُ سَقْيَهَا لِمَكَانِ حِيَازَتِهِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَثْنَى الْوَاهِبُ ثَمَرَتَهَا لِنَفْسِهِ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِنْ أَسْلَمَ النَّخْلَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ يَسْقِيهَا بِمَاءِ الْوَاهِبِ وَيُرْجِعُ إلَيْهِ ثَمَرَتَهَا كُلَّ سَنَةٍ فَذَلِكَ حَوْزٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ يَسْقِيهَا بِمَائِهِ وَالثَّمَرَةُ لِلْوَاهِبِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ اسْقِهَا فِي عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ هِيَ لَك، وَلَا يَدْرِي أَتَسَلَّمَ النَّخْلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا، وَلَقَدْ قَالَ لِي مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ فَرَسَهُ يَغْزُو عَلَيْهِ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ لَهُ الْفَرَسُ مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ هُوَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 204 وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ: كَأُمٍّ فَقَطْ   [منح الجليل] أَرَأَيْت إنْ مَاتَ الْفَرَسُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَتَذْهَبُ نَفَقَتُهُ بَاطِلًا، فَهَذَا غَرَرٌ، فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى مَسْأَلَتِك فِي النَّخْلِ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ النَّخْلُ بِيَدِ الْوَاهِبِ يَسْقِيهَا وَيَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدِهِ، فَهَذَا إنَّمَا وَهَبَ نَخْلَهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إنْ سَلَّمْت النَّخْلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَمُتْ رَبُّهَا وَلَا لَحِقَهُ دَيْنٌ فَلَهُ أَخْذُهَا بَعْدَ الْأَجَلِ، وَإِنْ مَاتَ رَبُّهَا أَوْ لَحِقَهُ دَيْنٌ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا. (وَ) إنْ وَهَبَ أَبٌ لِوَلَدِهِ هِبَةً فَ (لِلْأَبِ) أَيْ مُبَاشَرَةً أَيْ لَا الْجَدِّ (اعْتِصَارُهَا) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ، أَيْ أَخْذُ الْهِبَةِ بِلَا عِوَضٍ (مِنْ وَلَدِهِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَازَهَا الْوَلَدُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ الِاعْتِصَارُ ارْتِجَاعُ الْمُعْطِي عَطِيَّتَهُ دُونَ عِوَضٍ لَا بِطَوْعِ الْمُعْطَى، وَصِيغَتُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظًا، وَفِي لَغْوِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ الْتِزَامًا نَقْلَا ابْنِ عَاتٍ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ الشُّورَى وَابْنِ وَرْدٍ، قَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشُّورَى فِيمَنْ بَاعَهَا قَبْلَهُ بِاسْمِ نَفْسِهِ وَمَاتَ فَثَمَنُهَا لِابْنِهِ فِي مَالِهِ، وَلَا يَكُونُ الِاعْتِصَارُ إلَّا بِإِشْهَادٍ. اهـ. قَوْلُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظًا شَامِلٌ لِمَا كَانَ مِنْ مَادَّةِ الِاعْتِصَارِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. وَفِي لُبَابِ ابْنِ رَاشِدٍ صِيغَتُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَاعْتَصَرْتُ وَرَدَدْت، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَكُونُ اعْتِصَارُ الْأَبَوَيْنِ إلَّا بِإِشْهَادٍ. اهـ. فَتَخْصِيصُ صِيغَتِهِ بِمَادَّةِ الِاعْتِصَارِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِصَارِ فَقَالَ (كَأُمٍّ) مُبَاشِرَةِ الْوِلَادَةِ فَلَهَا اعْتِصَارُ مَا وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَنَحْوِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِلْأُمِّ أَنْ تَعْتَصِرَ مَا وَهَبَتْ أَوْ نَحَلَتْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ مَا لَمْ يَسْتَحْدِثُوا دُيُونًا، وَيُحْدِثُوا فِيهَا إحْدَاثًا. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ صِحَّةُ اعْتِصَارِ الْأَبِ مَا وَهَبَهُ لِابْنِهِ صَغِيرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ كَبِيرًا، وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأُمَّ مِثْلُهُ. فِيهَا قَالَ رَبِيعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَعْتَصِرُ الْوَلَدُ مِنْ الْوَالِدِ. قُلْت فَهَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَبَوَيْنِ مِنْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ عَمَّةٍ أَوْ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ أَوْ غَيْرِهِمْ اعْتِصَارُ هِبَتِهِمْ؟ قَالَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِصَارُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 205 وَهَبَتْ ذَا أَبٍ، وَإِنْ مَجْنُونًا، وَلَوْ تَيَتَّمَ عَلَى الْمُخْتَارِ   [منح الجليل] مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَّا لِلْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ غَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا تَعْتَصِرُ الْأُمُّ الَّتِي (وَهَبَتْ) وَلَدًا (ذَا) أَيْ صَاحِبَ (أَبٍ) فَإِنْ وَهَبَتْ يَتِيمًا فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْهُ، وَلَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْ ذِي الْأَبِ إنْ كَانَ الْأَبُ عَاقِلًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْأَبُ (مَجْنُونًا) جُنُونًا مُطْبِقًا، إذْ هُوَ كَالْعَاقِلِ فِي الْإِنْفَاقِ مِنْ وَلَدِهِ مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ وَلَدُهُ يَتِيمًا، وَلَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْ ذِي الْأَبِ حَالَ الْهِبَةِ إنْ اسْتَمَرَّ الْأَبُ حَيًّا، بَلْ (وَلَوْ تَيَتَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَارَ الْوَلَدُ يَتِيمًا بِمَوْتِ أَبِيهِ بَعْدَ هِبَتِهَا لَهُ فَلَهَا الِاعْتِصَارُ مِنْهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ. وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا تَعْتَصِرُ مِنْهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا وَهَبَتْ الْأُمُّ أَوْ نَحَلَتْ لِوَلَدِهَا الصِّغَارِ وَلَا أَبَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهَا اعْتِصَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتِيمٌ وَلَا يُعْتَصَرُ مِنْ يَتِيمٍ وَيُعَدُّ ذَلِكَ كَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَهَبَتْهُمْ وَالْأَبُ مَجْنُونٌ جُنُونًا مُطْبِقًا فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي وُجُوبِ الِاعْتِصَارِ لَهَا. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ يَوْمَ الْعَطِيَّةِ وَلَمْ تَعْتَصِرْ حَتَّى مَاتَ أَبُوهُ، فَإِنَّ لَهَا اعْتِصَارَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا تَعْتَصِرُ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمُرَاعَى وَقْتَ الْعَطِيَّةِ هَلْ كَانَتْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً، وَاَلَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ حَسْبَمَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ إنْ وَهَبَتْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فَبَلَغَ قَبْلَ مَوْتِ أَبِيهِ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ فَلِأُمِّهِ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَتْهُ، وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ بُلُوغِ الْوَلَدِ ثُمَّ بَلَغَ فَلَيْسَ لَهَا الِاعْتِصَارُ لِانْقِطَاعِهِ بِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ. عج اُنْظُرْ كَيْفَ قَدَّمَ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ تَلَامِذَتُهُ وَالْعَدَوِيُّ. الْبُنَانِيُّ كَلَامُهُ يُفِيدُ التَّعَقُّبَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ، فَحَقُّهُ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ اعْتَمَدَهُ وَتَرَكَ الْمَنْصُوصَ. قُلْت كَوْنُ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ وضيح وَغَيْرِهِمَا، وَلَكِنْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا لِلَّخْمِيِّ هُوَ ظَاهِرُهَا وَنَصُّهَا وَلِلْأُمِّ أَنْ تَعْتَصِرَ مَا وَهَبَتْ أَوْ نَحَلَتْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فِي حَيَاةِ الْأَبِ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهَا فِي حَيَاةِ الْأَبِ مَا الْعَامِلُ فِيهِ نَحَلَتْ أَوْ وَهَبَتْ، فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 206 إلَّا فِيمَا أُرِيدَ بِهِ الْآخِرَةُ: كَصَدَقَةٍ بِلَا شَرْطٍ إنْ لَمْ تَفُتْ، لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ،   [منح الجليل] فِيهِ تَعْتَصِرُ كَانَ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ وَهَبَتْ فَمِثْلُ مَا رَجَّحَ اللَّخْمِيُّ فَيَتَخَرَّجُ الْقَوْلَانِ مِنْهَا. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ظَاهِرَهَا هُوَ التَّعَلُّقُ بِالْأَقْرَبِ وَهُوَ وَهَبَتْ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالِاسْمِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُهَا. وَاسْتَثْنَى مِمَّا يَعْتَصِرُهُ الْأَبُ فَقَالَ (إلَّا فِيمَا) أَيْ تَبَرُّعٍ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (أُرِيدَ) بِفَتْحِ الدَّالِ (بِهِ) أَيْ التَّبَرُّعِ (الْآخِرَةُ) أَيْ ثَوَابُهَا فَلَيْسَ لَهُمَا اعْتِصَارُهُ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ، فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ هِبَتُهُ لِابْنِهِ لِلصِّلَةِ لَا يَجُوزُ اعْتِصَارُهَا، وَكَذَا هِبَتُهُ لِضَعْفِهِ وَخَوْفِ الْخَصَاصَةِ عَلَيْهِ وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ كُلُّ هِبَةٍ لِوَلَدِهِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِطَلَبِ الْأَجْرِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ فَلَا تَعْتَصِرُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ مُطَرِّفٍ تَعْتَصِرُ. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الِاعْتِصَارُ فَقَالَ (كَصَدَقَةٍ) مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ لِوَلَدِهِمَا (بِلَا شَرْطٍ) لِاعْتِصَارِهَا فَلَيْسَ لَهُمَا اعْتِصَارُهَا. وَمَفْهُومُ بِلَا شَرْطٍ أَنَّهُ إنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الِاعْتِصَارِ إنْ شَاءَ فَلَهُ الِاعْتِصَارُ وَهُوَ كَذَلِكَ. الْبَاجِيَّ إذَا قَيَّدَ الْهِبَةَ أَوْ الْعَطِيَّةَ أَوْ النِّحْلَةَ قَالَ إنِّي سَلَّطْت عَلَيْهَا حُكْمَ الِاعْتِصَارِ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ الِاعْتِصَارِ. ابْنُ رُشْدٍ الِاعْتِصَارُ لَا يَكُونُ فِي الصَّدَقَاتِ إلَّا بِشَرْطٍ. وَذَكَرَ مَوَانِعَ الِاعْتِصَارِ فَقَالَ (إنْ لَمْ تَفُتْ) الْهِبَةُ (بِحَوَالَةِ) أَيْ تُغَيَّرُ (سُوقٍ) أَيْ قِيمَةٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ عَلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ هِبَتِهَا، فَإِنْ فَاتَتْ بِهَا فَلَا تَعْتَصِرُ، هَذَا ظَاهِرُهُ، وَلَكِنْ قَالَ " ق " لَوْ قَالَ وَلَوْ فَاتَتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ لَا بِزَيْدٍ وَنَقْصٍ لَوَافَقَ نَصَّ الْبَاجِيَّ إذَا تَغَيَّرَتْ الْهِبَةُ فِي قِيمَتِهَا بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ اعْتِصَارَهَا قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْهِبَةَ عَلَى حَالِهَا وَزِيَادَةُ الْقِيمَةِ وَنُقْصَانُهَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِهَا وَلَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي صِفَتِهَا فَلَا يَمْنَعُ اعْتِصَارُهَا كَنَقْلِهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ لَمْ تَفُتْ لَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 207 بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، وَلَمْ يُنْكَحْ أَوْ يُدَايَنْ لَهَا   [منح الجليل] الشَّارِحُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ يَفُوتُ اعْتِصَارُهَا بِحَوَالَةِ السُّوقِ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَصْبَغَ أَنَّهُ غَيْرُ مُفِيتٍ. ابْنُ رَاشِدٍ لَا خِلَافَ فِيهِ. الْحَطّ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ قَوْلَانِ فِي فَوَاتِ الِاعْتِصَارِ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ الْقَوْلَ بِالْإِفَاتَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي لَمْ أَجِدْ فِي الْمُعِينِ إلَّا أَنَّهَا لَا تَمْنَعُهُ. ابْنُ رُشْدٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. ابْنُ عَرَفَةَ تَغَيُّرُ السُّوقِ لَغْوٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُمَا الِاتِّفَاقُ وَصَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ، فَالِاعْتِصَارُ جَائِزٌ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَبْعُدُ يَخْرُجُ الْخِلَافُ فِيهِ حَقُّهُ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَصْلَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْخِلَافُ، وَذِكْرُهُ دُونَ تَعْيِينِهِ سَاقِطٌ. اهـ. فَهَذَا كُلُّهُ يُفِيدُ خِلَافَ مَا قَالَهُ " ح "، وَلَعَلَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَنَسَبَ تت فِي كَبِيرِهِ لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ رَجَّحَ الْإِفَاتَةَ بِهَا، وَأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَحْكِي الْخِلَافَ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ. الْبُنَانِيُّ وَعَلَى تَسْلِيمِ وُجُودِ الْخِلَافِ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَلِذَا قَالَ " ز " لِعَدَمِ فَوَاتِهِ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) بِحُصُولِ (زَيْدٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ زِيَادَةٍ فِي ذَاتِ الْهِبَةِ كَكِبَرِ صَغِيرٍ وَسِمَنِ هَزِيلٍ (أَوْ) بِحُصُولِ (نَقْصٍ) فِيهَا كَانْهِدَامٍ وَنِسْيَانِ صَنْعَةٍ الْبَاجِيَّ إذَا تَغَيَّرَتْ الْهِبَةُ فِي عَيْنِهَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ زِيَادَتُهَا فِي عَيْنِهَا وَنَقْصُهَا لَا يَمْنَعُ اعْتِصَارَهَا، وَقَالَ أَصْبَغُ يَمْنَعُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ حَالِ ذِمَّةِ الْمُعْطَى يَقْطَعُ الِاعْتِصَارَ، فَأَنْ يَمْنَعَهُ تَغَيُّرُ الْهِبَةِ فِي نَفْسِهَا أَوْلَى وَأَحْرَى. (وَ) إنْ لَمْ (يُنْكَحْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ يُزَوَّجْ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِأَجْلِ الْهِبَةِ، فَإِنْ زَوَّجَ لِأَجْلِهَا وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ فَاتَ اعْتِصَارُهَا ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي ذِي الْمَالِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ بِهِ (أَوْ) إنْ لَمْ (يُدَايَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ، أَيْ يُعَامَلْ الْوَلَدُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِدَيْنٍ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ (لَهَا) أَيْ لِأَجْلِ يُسْرِهِ بِالْهِبَةِ، فَإِنْ دُويِنَ لَهَا فَاتَ اعْتِصَارُهَا. طفي هَذَا مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ، وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَابْنَ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْبَيَانِ وَلَمْ يُنْسَبْ مُقَابِلُهُ إلَّا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الدَّيْنَ وَالنِّكَاحَ يَمْنَعَانِ مُطْلَقًا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 208 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ سَمَاعَ عِيسَى قَالَ عَقِبَهُ ظَاهِرُ قَوْلِهَا لِلْأَبِ اعْتِصَارُ مَا وَهَبَهُ لِأَوْلَادِهِ الْكِبَارِ مَا لَمْ يَنْكِحُوا، وَفِي الْجَلَّابِ مِثْلُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَنَصُّهَا بِاخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ إلَّا أَنْ يَنْكِحُوا أَوْ يَتَدَايَنُوا فَنَقَلَ الْمَوَّاقِ عَنْهَا التَّقْيِيدَ بِكَوْنِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ لِأَجْلِهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلِلْأَبِ أَنْ يَعْتَصِرَ مَا وَهَبَ أَوْ نَحَلَ لِبَنِيهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصِّغَارِ أُمٌّ؛ لِأَنَّ الْيُتْمَ إنَّمَا هُوَ بِمَوْتِ الْأَبِ مَا لَمْ يَنْكِحُوا أَوْ يَسْتَحْدِثُوا دَيْنًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْكَحَ لِغِنَاهُ وَعَلَيْهِ دَايَنَهُ النَّاسُ، وَبِذَلِكَ يَرْغَبُ فِي الْبِنْتِ وَيَرْفَعُ فِي صَدَاقِهَا فَلِذَلِكَ مَنَعَ الِاعْتِصَارَ إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ كَثِيرَةً يُزَادُ فِي الصَّدَاقِ لِأَجْلِهَا، فَأَمَّا الثَّوْبُ وَنَحْوُهُ فَلَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 209 أَوْ يَطَأْ ثَيِّبًا أَوْ يَمْرَضْ، كَوَاهِبٍ   [منح الجليل] وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ نَحَلَ ابْنَتَهُ نِحْلَةً فَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ عَلَيْهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ فَقَدْ انْقَطَعَ الِاعْتِصَارُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَعُودُ بَنَى بِهَا أَوْ لَمْ يَبْنِ، وَكَذَا مَنْ نَكَحَ مِنْ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ أَوْ دَايَنَ ثُمَّ زَالَ الدَّيْنُ أَوْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ فَلَا اعْتِصَارَ، فِيهَا قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ نَحَلَ ابْنَهُ أَوْ ابْنَتَهُ ثُمَّ نَكَحَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَإِنْ نَحَلَهُمَا بَعْدَ النِّكَاحِ فَذَلِكَ لَهُ مَا لَمْ يَتَدَايَنَا أَوْ يَمُوتَا. (أَوْ) إنْ لَمْ (يَطَأْ) الِابْنُ الْبَالِغُ أَمَةً (ثَيِّبًا) وَهَبَهَا لَهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ، فَإِنْ وَطِئَهَا فَاتَ اعْتِصَارُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَإِنْ كَانَ وَطْءُ الثَّيِّبِ فَوْتًا فَالْبِكْرُ أَوْلَى، وَيَصْدُقُ الِابْنُ فِي دَعْوَى الْوَطْءِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنْ كَانَ اخْتَلَى بِهَا وَكَالْوَطْءِ التَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَالْعِتْقُ لِأَجَلٍ وَأَوْلَى الْمُنَجَّزُ. مُحَمَّدٌ إذَا وَهَبَهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ بَعْدَ تَزْوِيجِهِ فَلَهُ اعْتِصَارُهَا مَا لَمْ يَتَدَايَنْ الْوَلَدُ أَوْ تَنْمُو الْهِبَةُ أَوْ يَطَؤُهَا إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَيَفُوتُ الِاعْتِصَارُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِكْرًا وَلَمْ تَحْمِلْ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (أَوْ) إنْ لَمْ (يَمْرَضْ) الْمَوْهُوبُ لَهُ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَاتَ اعْتِصَارُهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ وَرَثَتِهِ بِهَا، وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَ) مَرَضِ (وَاهِبٍ) مَرَضًا مَخُوفًا فَيَفُوتُ اعْتِصَارُهَا لِاتِّهَامِهِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتَصِرُهَا لِوَرَثَتِهِ. يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنْ مَرِضَ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ فَلَا اعْتِصَارَ فِي مَرَضِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ زَالَ الْمَرَضُ فَلَهُ اعْتِصَارُهَا، بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامَلْ لَهَا فِي الْمَرَضِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ مِثْلُهُ فِي الْأَبِ، قَالَ وَلَا يُشْبِهُ الْمُعْتَصِرُ مِنْهُ الْمُعْتَصِرَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا امْتَنَعَ الِاعْتِصَارُ بِمَرَضِ أَحَدِهِمَا أَوْ بِنِكَاحِ الْوَلَدِ أَوْ تَدَايُنِهِ ثُمَّ زَالَ الْمَرَضُ وَالدَّيْنُ وَالنِّكَاحُ فَلَا اعْتِصَارَ وَإِذَا زَالَ الِاعْتِصَارُ يَوْمًا فَلَا يَعُودُ، وَقَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ وَإِذَا صَحَّ الْمُعْطِي وَالْمُعْطَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 210 إلَّا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ، أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ   [منح الجليل] رَجَعَ الِاعْتِصَارُ كَمَا تَنْطَلِقُ يَدُهُ فِيمَا لَهُ فِيمَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْكِحْ أَوْ يُدَايِنْ لَهَا وَمَا بَعْدَهُ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَهَبَ) الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ لِوَلَدِهِ وَهُوَ (عَلَى) حَالِ مِنْ (هَذِهِ الْأَحْوَالِ) الْمَانِعَةِ الِاعْتِصَارَ بِأَنْ وَهَبَهُ وَهُوَ مُتَزَوِّجٌ أَوْ مَدِينٌ أَوْ أَحَدُهُمَا مَرِيضٌ فَلَهُ الِاعْتِصَارُ مَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، وَلَا يَكُونُ وُجُودُهَا مَانِعًا مِنْهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَزُولَ الْمَرَضُ) الْحَاصِلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْوَاهِبُ بَعْدَ الْهِبَةِ فَيَعُودُ الِاعْتِصَارُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَنَصُّهُ اخْتَلَفَ إذَا امْتَنَعَ الِاعْتِصَارُ لِمَرَضِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ ثُمَّ بَرِئَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَعْتَصِرُ وَهُوَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَرَضُ مَوْتٍ، فَإِذَا صَحَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا وَأَنَّهُ مَرَضٌ لَا يَمُوتُ مِنْهُ، وَلَوْ اعْتَصَرَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ ثُمَّ صَحَّ مِنْهُ كَانَ الِاعْتِصَارُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ نَقَلَهُ " ق ". (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَمَلُّكُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمِيمِ وَضَمِّ اللَّامِ مُثَقَّلَةً (صَدَقَةٍ) لِلْمُتَصَدَّقِ بِهَا (بِغَيْرِ مِيرَاثٍ) كَشِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلَا يُكْرَهُ تَمَلُّكُهَا بِمِيرَاثٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اخْتِيَارِيًّا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ «عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَصَدَّقَ بِفَرَسٍ جَوَادٍ عَلَى رَجُلٍ فَلَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِرَائِهِ مِنْهُ، وَقَالَ عُمَرُ إنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ الْعَائِدُ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 211 وَلَا يَرْكَبُهَا أَوْ يَأْكُلُ مِنْ غَلَّتِهَا، وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ؟   [منح الجليل] فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَشْتَرِي الرَّجُلُ صَدَقَتَهُ مِنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، مُحَمَّدٌ لَا تَرْجِعُ بِاخْتِيَارٍ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهَا الْأَمْلَاكُ وَالْمَوَارِيثُ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّحْرِيمِ؟ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَهَا وَيُكْرَهُ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْمَثَلَ ضُرِبَ لَنَا بِمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ. ابْنُ عَرَفَةَ التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى ذَمِّ الْفَاعِلِ بِتَشْبِيهِهِ بِالْكَلْبِ الْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ وَالذَّمُّ عَلَى الْفِعْلِ يَدُلُّ عَلَى حُرْمَتِهِ. عِزُّ الدِّينِ لِبُعْدِ اللَّخْمِيِّ عَنْ قَوَاعِدِ أُصُولِ الْفِقْهِ، قَالَ مَا ذَكَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرُجُوعُهَا بِالْإِرْثِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ جَبْرٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَجُوزُ الْحُرْمَةُ، وَهُوَ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَبَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمَشْهُورِ بِالْكَرَاهَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى غَيْرَ لَفْظِ لَا يَجُوزُ. (وَلَا يَرْكَبُهَا) أَيْ الْمُتَصَدِّقُ الدَّابَّةَ الَّتِي تَصَدَّقَ بِهَا (أَوْ يَأْكُلُ) الْمُتَصَدِّقُ (غَلَّتَهَا) أَيْ الصَّدَقَةِ. فِيهَا مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِصَدَقَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهَا وَلَا يَرْكَبُهَا إنْ كَانَتْ دَابَّةً وَلَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَا مِنْ ثَمَنِهَا، وَالْأُمُّ وَالْأَبُ إذَا احْتَاجَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا مِمَّا تَصَدَّقَا بِهِ عَلَى الْوَلَدِ. مُحَمَّدٌ وَلَا يَسْتَعِيرُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْطَاهُ لِرَجُلٍ فِي السَّبِيلِ وَإِنْ تَصَدَّقَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يَقْبَلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالْأَصْلِ، وَإِنَّمَا تَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ عُمْرَى أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلَهُ شِرَاؤُهَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْحَابُهُ إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ، وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ غَنَمٍ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى ابْنِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا وَيَكْتَسِيَ مِنْ صُوفِهَا إذَا رَضِيَ الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ الْأُمُّ، وَهَذَا فِي الْوَلَدِ الرَّشِيدِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَفْعَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ابْنُ رُشْدٍ شِرَاءُ غَلَّةِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، قِيلَ جَائِزٌ كَالْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا، وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ وَهُوَ الصَّوَابُ. ابْنُ عَرَفَةَ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا عَوْدٌ فِي عَيْنِ الْعَطِيَّةِ لَا فِي غَلَّتِهَا. (وَهَلْ) يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِغَلَّةِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا (أَنْ يَرْضَى) ابْنُ الْمُتَصَدِّقِ (الْكَبِيرُ) أَيْ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ (بِشُرْبِ اللَّبَنِ) أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ بِذَاتِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 212 تَأْوِيلَانِ، وَيُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِلضَّرُورَةِ،   [منح الجليل] اللَّبَنِ أَوْ يَمْنَعُ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْكَبِيرُ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ. فِيهَا وَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِصَدَقَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَلَا يَرْكَبُهَا إنْ كَانَتْ دَابَّةً وَلَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. وَفِي الرِّسَالَةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ لَبَنِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَعُونَةِ إلَّا أَنْ يَشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِ الْغَنَمِ يَسِيرًا أَوْ يَرْكَبَ الْفَرَسَ الَّذِي جَعَلَهُ فِي السَّبِيلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَقِلُّ خَطَرُهُ. وَقِيلَ مَعْنَى مَا فِي الرِّسَالَةِ إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا ثَمَنَ لَهُ. وَقِيلَ يُحْمَلُ مَا فِي الرِّسَالَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ قَوْلِهِ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ لَحْمِ غَنَمٍ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى ابْنِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا وَيَكْتَسِيَ مِنْ صُوفِهَا إذَا رَضِيَ الْوَلَدُ الْكَبِيرُ. اهـ. الْحَطّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الِابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ تَأْوِيلَانِ، إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَخْصِيصُهُ بِاللَّبَنِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الرِّسَالَةِ لَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ نَصَّ أَبِي الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ فَأَنْتَ تَرَى تَقْيِيدَ الْمُدَوَّنَةِ بِالْأَجْنَبِيِّ مُوَافِقًا لِظَاهِرِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي كَلَامِ الرِّسَالَةِ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ كَانَ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوَلَدِ بِرِضَاهُ كَانَ وِفَاقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَوْ اخْتَلَفُوا فِي مَفْهُومِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فَتَكُونَ وِفَاقًا لِلْمَوَّازِيَّةِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فَتَكُونَ خِلَافًا لَهَا لَصَحَّ التَّأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ حِينَئِذٍ لَكِنْ لَمْ أَرَهُ. (وَيُنْفَقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (عَلَى أَبٍ) وَأُمٍّ (افْتَقَرَ) أَيْ صَارَ فَقِيرًا فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ (مِنْهَا) أَيْ صَدَقَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ فِيهَا وَالْأُمُّ وَالْأَبُ إذَا احْتَاجَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا مِمَّا تَصَدَّقَا بِهِ عَلَى وَلَدِهِمَا. اهـ. وَمِثْلُهُمَا الزَّوْجَةُ وَلَوْ غَنِيَّةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا لِزَوْجِيَّتِهَا. (وَ) يَجُوزُ لِلْأَبِ (تَقْوِيمُ جَارِيَةٍ) تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ (أَوْ عَبْدٍ) تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَتَمَلُّكُهُمَا (لِلضَّرُورَةِ) أَيْ احْتِيَاجِهِ لِوَطْءِ الْجَارِيَةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 213 وَيُسْتَقْصَى وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ،   [منح الجليل] وَيُسْتَقْصَى) أَيْ يَبْلُغُ الْأَبُ فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَقْصَاهَا وَأَعْلَاهَا، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِجَارِيَةٍ فَتَبِعَتْهَا نَفْسُهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَوِّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ، وَيُسْتَقْصَى لِلِابْنِ. مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رُخِّصَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِلْوَلَدِ الصَّغِيرِ مِنْ ابْنِهِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا أَوْ أَجْنَبِيًّا مَا حَلَّ لَهُ ذَلِكَ وَقَالَهُ مَالِكٌ. ابْنُ عَرَفَةَ مِثْلُ قَوْلِهَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمَوْهُوبُ عَبْدٌ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهَا فِي الْجَارِيَةِ أَعْذَرُ مِنْهُ فِي الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ نَفْسِهِ بِهَا وَلَوْ تَبِعَتْهَا نَفْسُهُ وَالصَّدَقَةُ بِهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَمَّا بَعُدَ شِرَاؤُهُ لَهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْوَلَدِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِلشُّبْهَةِ فِي مَالِ ابْنِهِ، وَلِذَا أَجَازَ فِي رَسْمِ نَذْرِ سَنَةٍ أَنْ يَكْتَسِيَ بِصُوفِ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ مِنْ الْغَنَمِ وَيَأْكُلَ مِنْ لَحْمِهَا وَيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا. الْبُنَانِيُّ عَبَّرَ بِتَقْوِيمٍ تَبَعًا لَهَا، وَالْمُرَادُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا تَقْوِيمُهُ بِالْعُدُولِ، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ أَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ؟ وَحَمَلَهُ عَلَى السَّدَادِ. وَفِي كِتَابِ الْجُعْلِ جَعَلَهُ كَالْوَصِيِّ يَتَعَقَّبُ الْإِمَامُ فِعْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لِنَفْسِهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجَازَ هُنَا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى ابْنِهِ وَوَجَّهُوهُ بِالضَّرُورَةِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَشُبْهَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. (وَجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَالِيِّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي نَظِيرِ الْهِبَةِ مُقَارِنًا لِصِيغَةِ الْهِبَةِ، كَوَهَبْتُك أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ مَنَحْتُك أَوْ نَحَلْتُك هَذَا الشَّيْءَ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي أَوْ تُعَوِّضَنِي أَوْ تَرُدَّ عَلَيَّ أَوْ تُكَافِئَنِي وَهُوَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ. ابْنُ يُونُسَ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ كَالْبَيْعِ فِي أَكْثَرِ الْحَالَاتِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْعِوَضَ عِنْدَ الْهِبَةِ أَجَازَهُ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَغَيْرِهِ، وَخَالَفَتْ الْبَيْعَ فِي هَذَا، كَخِلَافِ نِكَاحِ التَّعْوِيضِ لِنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَكِلَاهُمَا نِكَاحٌ فِيهِ عِوَضٌ، وَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْهِبَةِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ. الْبَاجِيَّ هِبَةُ الثَّوَابِ لَيْسَتْ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهَا فَلَهُ ارْتِجَاعُهَا وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لِلثَّوَابِ كَالْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مِنْ ثَمَرَةٍ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا تَجُوزُ فِي نَحْوِ الْآبِقِ كَالْبَيْعِ. ابْنُ عَرَفَةَ هِبَةُ الثَّوَابِ عَطِيَّةٌ قُصِدَ بِهَا عِوَضٌ مَالِيٌّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 214 وَلَزِمَ بِتَعْيِينِهِ. وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ، إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ، وَإِنْ لِعُرْسٍ،   [منح الجليل] وَلَزِمَ) الثَّوَابُ الْمَوْهُوبَ لَهُ، أَيْ دَفْعُهُ لِلْوَاهِبِ (بِ) سَبَبِ (تَعْيِينِهِ) أَيْ الثَّوَابِ حَالَ عَقْدِ الْهِبَةِ بِأَنْ قَالَ وَهَبْتُك هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذِهِ الدَّارَ فَرَضِيَ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ جُبِرَ عَلَيْهِ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا عَيَّنَ الثَّوَابَ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ لِلْوَاهِبِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْوَاهِبُ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. خَلِيلٌ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِتَعْيِينِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا ضَرُورِيٌّ كَبَتِّ عَقْدِ الْخِيَارِ، وَجَعَلَ الْبِسَاطِيُّ فَاعِلَ لَزِمَ ضَمِيرُ عَقْدِ الْهِبَةِ، أَيْ لَزِمَ الْعَقْدُ بِتَعْيِينِ الثَّوَابِ جِنْسًا أَوْ قَدْرًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الثَّوَابَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَلَا يَكْفِي فِي اللُّزُومِ وَهُوَ كَذَلِكَ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الثَّالِثُ أَيْ مِنْ أَوْجُهِ هِبَةِ الثَّوَابِ أَنْ يَهَبَ عَلَى ثَوَابٍ يَشْتَرِطُهُ وَيُسَمِّيهِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَحِلُّهُ مَا يَحِلُّ الْبَيْعَ وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ . (وَ) إنْ وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ هِبَةً وَادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهَا لِلثَّوَابِ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا شَخْصٌ (وَاهِبٌ) شَيْئًا مُتَمَوَّلًا لِشَخْصٍ آخَرَ (فِي) قَصْدِ (هـ) أَيْ الثَّوَابِ (إنْ لَمْ يَشْهَدْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْهَاءِ (عُرْفٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جَرَى بَيْنَ النَّاسِ (بِضِدِّهِ) أَيْ عَدَمِ الثَّوَابِ عَلَى الْهَدِيَّةِ بِأَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ، فَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِضِدِّهِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِيهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا وَهَبْت لِقَرَابَتِك أَوْ ذِي رَحِمِك، وَعَلِمَ أَنَّك أَرَدْت بِهِ ثَوَابًا فَذَلِكَ لَك. فَإِنْ أَثَابُوك وَإِلَّا رَجَعَتْ. فِيهَا وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ لِثَوَابٍ كَصِلَتُك لِفَقِيرِهِمْ وَأَنْتَ غَنِيٌّ فَلَا ثَوَابَ لَك، وَلَا تُصَدَّقُ أَنَّك أَرَدْته وَلَا رَجْعَةَ فِي هِبَتِك، وَكَذَلِكَ هِبَةُ غَنِيٍّ لِأَجْنَبِيٍّ فَقِيرٍ أَوْ فَقِيرٍ لِفَقِيرٍ، ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ فَلَا يُصَدَّقُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي أَصْلِ الْهِبَةِ ثَوَابًا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِي هِبَتِهِ. وَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِيهِ إنْ كَانَ وَهَبَ لِغَيْرِ عُرْسٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ وَهَبَ (لِعُرْسٍ) الْبَاجِيَّ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ بِبَلَدِنَا مِنْ إهْدَاءِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إلَى بَعْضٍ الْكِبَاشَ وَغَيْرَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 215 وَهَلْ يَحْلِفُ أَوْ إنْ أَشْكَلَ؟ تَأْوِيلَانِ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ إلَّا لِشَرْطٍ   [منح الجليل] عِنْدَ النِّكَاحِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إنَّ ذَلِكَ عَلَى الثَّوَابِ، وَبِذَلِكَ رَأَيْت الْقَضَاءَ فِي بَلَدِنَا، قَالَ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمُهْدِينَ وَالْمُهْدَى لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ يُرِيدُ أَنَّهُ الْعُرْفُ، قَالَ وَذَلِكَ كَمَا شَرَطَ فَيُقْضَى لِلْمُهْدِي بِقِيمَةِ الْكِبَاشِ حِينَ قَبَضَهَا الْمُهْدَى إلَيْهِ إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْوَزْنِ، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْوَزْنِ قَضَى بِوَزْنِهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُهْدَى إلَيْهِ بَعَثَ إلَى الْمُهْدِي قَدْرًا مِنْ لَحْمٍ مَطْبُوخٍ أَوْ أَكَلَ عِنْدَهُ فِي الْعُرْسِ حُوسِبَ بِهِ فِي قِيمَةِ هَدِيَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي بَلَدٍ لَا يُعْرَفُ فِيهِ هَذَا، فَلَا يُقْضَى فِيهِ بِثَوَابٍ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوْ قَالَ لَا أُعْطِيك إلَّا أَنْ يَتَجَدَّدَ عُرْسٌ، وَهُوَ شَأْنُ النَّاسِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ هَدَيْته مُعَجَّلًا. (وَهَلْ يَحْلِفُ) الْوَاهِبُ عَلَى قَصْدِ الثَّوَابِ مُطْلَقًا شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ أَوَّلًا (أَوْ) إنَّمَا يَحْلِفُ (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ الْعُرْفُ وَلَا عَلَيْهِ؟ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) عِيَاضٌ قَوْلُهُ فِي هِبَةِ الْفَقِيرِ إنْ قَالَ إنَّمَا وَهَبْته لِلثَّوَابِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ يَمِينِهِ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ الْجَلَّابِ. وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ أَمَّا إذَا أَشْكَلَ فَإِحْلَافُهُ صَوَابٌ وَإِنْ لَمْ يُشْكِلْ وَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الثَّوَابَ فَلَا يَحْلِفُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِبَتِهِ مُجَرَّدَ الثَّوَابِ دُونَ مُكَافَأَةٍ أَوْ قَصَدَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا مِثْلَ هِبَةِ النُّظَرَاءِ وَالْأَكْفَاءِ مِنْ أَهْلِ الْوُفُورِ وَالْغِنَى فَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي تَأْوِيلِهَا هَلْ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَظَهَرَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْوَاهِبِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَهُمَا رَاجِعَانِ لِقَوْلِهِ وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ فَإِنْ أَشْكَلَ صُدِّقَ الْوَاهِبُ وَهَلْ بِيَمِينٍ تَأْوِيلَانِ وَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِيهِ (فِي) هِبَةِ (غَيْرِ الْمَسْكُوكِ) أَيْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ فِي هِبَةِ الْمَسْكُوكِ (إلَّا بِشَرْطٍ) لِلثَّوَابِ فِي هِبَةِ الْمَسْكُوكِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَيُثَابُ عَنْهُ عَرْضٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ حَيَوَانٌ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا ثَوَابَ فِي هِبَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَإِنْ وَهَبَهَا فَقِيرٌ لِغَنِيٍّ وَمَا عَلِمْته مِنْ عَمَلِ النَّاسِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الثَّوَابَ فَيُثَابُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 216 وَهِبَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَلِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ وَإِنْ فَقِيرًا لِغَنِيٍّ، وَلَا يَأْخُذُ هِبَتَهُ وَإِنْ قَائِمَةً   [منح الجليل] عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَأَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ هِبَةَ الْحُلِيِّ الْمَصُوغِ لِلثَّوَابِ وَالْعِوَضُ عَلَيْهِ يُعَاضُ عُرُوضًا. (وَ) لَا يُصَدَّقُ فِي قَصْدِ الثَّوَابِ فِي (هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ، وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى الْحَذْفِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ. فِيهَا لَا يُقْضَى بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِالثَّوَابِ فِي الْهِبَةِ وَلَا بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ بَيْنَهُمْ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ لِامْرَأَةٍ جَارِيَةٌ فَارِهَةٌ فَطَلَبَهَا مِنْهَا زَوْجُهَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَأَعْطَتْهُ إيَّاهَا مُرِيدَةً بِهَا اسْتِفْزَازَ صِلَتِهِ وَعَطِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ كَذَلِكَ يُحْسِنُ لِامْرَأَتِهِ وَالِابْنُ لِأَبِيهِ بِمَا يَرَى أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ اسْتِفْزَازَ مَا عِنْدَ أَبِيهِ. فَإِنْ كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ وَجْهُ مَا طَلَبَ فِي هِبَتِهِ، فَفِي ذَلِكَ الثَّوَابُ، فَإِنْ أَثَابَهُ وَإِلَّا رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هِبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُرَوِّجْهُ مَا ذَكَرْنَا فَلَا ثَوَابَ بَيْنَهُمَا. (وَ) لَا يُصَدَّقُ فِي قَصْدِهِ مَنْ أَهْدَى (لِقَادِمٍ) مِنْ سَفَرٍ (عِنْدَ قُدُومِهِ) أَيْ الْقَادِمِ مِنْهُ إنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ أَوْ فَقِيرَيْنِ أَوْ الْمُهْدِي فَقِيرًا وَالْمُهْدَى لَهُ غَنِيًّا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُهْدِي (فَقِيرًا) أَهْدَى (لِغَنِيٍّ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (وَلَا يَأْخُذُ الْفَقِيرُ) الْمُهْدِي لِلْغَنِيِّ عِنْدَ قُدُومِهِ (هَدِيَّتَهُ) أَيْ الْفَقِيرِ مِنْ الْغَنِيِّ الْمُهْدَى لَهُ إنْ كَانَتْ فَاتَتْ بِيَدِ الْغَنِيِّ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (قَائِمَةً) بِعَيْنِهَا بِيَدِ الْغَنِيِّ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا قَدِمَ غَنِيٌّ مِنْ سَفَرٍ فَأَهْدَى لَهُ جَارُهُ الْفَقِيرُ الْفَوَاكِهَ وَالرُّطَبَ وَشَبَهَهُمَا، ثُمَّ قَامَ وَطَلَبَ الثَّوَابَ، وَقَالَ إنَّمَا أَهْدَيْت إلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَكْسُوَنِي أَوْ يَصْنَعَ بِي خَيْرًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِغَنِيٍّ أَوْ فَقِيرٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا لَهُ أَخْذُ هَدِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا. الْحَطّ أَطْلَقَ فِيهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مُقَيَّدٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا بِمَا يُهْدَى مِنْ الطَّعَامِ وَالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا ثَوَابَ فِي هَدِيَّةِ فَقِيرٍ لِغَنِيٍّ الْفَاكِهَةَ وَالرُّطَبَ لِقُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا. الصِّقِلِّيُّ عَنْ الشَّيْخِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 217 وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ، إلَّا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ؛ وَلَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ   [منح الجليل] لِابْنِ اللَّبَّادِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، قَالَ وَأَمَّا الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ يُوهَبُ لِلْقَادِمِ فَفِيهِ الثَّوَابُ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْهِبَةِ لِلْقَادِمِ مِنْ السَّفَرِ الْفَاكِهَةَ وَالطَّعَامَ وَشَبَهَهُمَا فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا ثَوَابَ فِيهَا وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِ حَمْدِيسٍ لَهُ. فِيهَا الثَّوَابُ وَهُوَ أَبْيَنُ وَالشَّأْنُ رَجَاؤُهُ مِمَّا يَقْدُمُ بِهِ الْمُسَافِرُ. قُلْت مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْدُمْ بِشَيْءٍ فَلَا ثَوَابَ عَلَيْهِ. (وَلَزِمَ وَاهِبَهَا) أَيْ هِبَةِ الثَّوَابِ قَبُولُ الْقِيمَةِ إنْ دَفَعَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَائِمَةً كَانَتْ أَوْ فَائِتَةً عَلَى الْمَشْهُورِ (لَا) تَلْزَمُ (الْمَوْهُوبَ) لَهُ وَفَاعِلُ لَزِمَ (الْقِيمَةُ) لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ رَدُّهَا (إلَّا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ) فِي عَيْنِ الْهِبَة فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْوَاهِبَ يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا دَفَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ الْقِيمَةِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الْهِبَةُ عِنْدَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ " ق " هِبَةُ الثَّوَابِ يَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُخَيَّرًا فِيهَا مَا كَانَتْ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ بَيْنَ أَنْ يُشَبِّهَ مَا فِيهِ وَفَاءً بِقِيمَةِ الْهِبَةِ أَوْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ، وَلَا تَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِالْفَوْتِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْفَوْتِ الَّذِي يَلْزَمُ بِهِ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ. الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ أَوْ النُّقْصَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِحْدَى رِوَايَتَيْ عِيسَى عَنْهُ. (وَلَهُ) أَيْ الْوَاهِبِ (مَنْعُهَا) أَيْ الْهِبَةِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (حَتَّى يَقْبِضَهُ) أَيْ الْوَاهِبِ الثَّوَابَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَّا هِبَةُ الثَّوَابِ فَلِوَاهِبِهَا مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَ عِوَضَهَا كَالْبَيْعِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ بِمَ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُ الْقِيمَةِ هَلْ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ أَوْ بِالْقَبْضِ، بَلْ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْقِيمَةِ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْهِبَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 218 وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ وَإِنْ مَعِيبًا   [منح الجليل] الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ إذَا أَثَابَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، وَامْتَنَعَ الْوَاهِبُ أَنْ لَا يَقْبَلَ إلَّا الْقِيمَةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ مَا أَعْطَاهُ الْمَوْهُوبَ لَهُ. الثَّالِثُ: فِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ عَلَى الْفُقَهَاءِ أَنْ يَشْهَدُوا بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا أَنْ يُضَيِّفُوا أَحَدًا وَلَا أَنْ يُكَافِئُوا عَلَى الْهَدَايَا، وَكَذَا السُّلْطَانُ لَا يُكَافِئُ وَلَا يُكَافَأُ. " غ " عَنْ شَيْخِهِ الْقُورِيِّ: لَيْسَ عَلَى الْفَقِيهِ مِنْ ضِيَافَاتٍ ... وَلَا شَهَادَاتٍ وَلَا مُكَافَآتٍ ذِكْرُ ذَا أَيْضًا لِذِي الْمَدَارِكِ ... عَنْ سَعْدٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ الْمَدَارِكِ أَفَادَهَا الْحَطّ. الْبُنَانِيُّ " غ " فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ الْبَيْتَيْنِ لِنَفْسِهِ. (وَأُثِيبَ) بِضَمٍّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ دُفِعَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ (مَا) أَيْ شَيْئًا أَوْ الشَّيْءَ الَّذِي (يُقْضَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ يَجُوزُ دَفْعُهُ قَضَاءً (عَنْهُ) أَيْ الْمَوْهُوبِ (بِبَيْعٍ) أَيْ يُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي الْبَيْعِ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ وَهَبَك حِنْطَةً فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ تُعَاوِضَهُ مِنْهَا بَعْدَ حِنْطَةٍ، أَوْ تَمْرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ مَكِيلِ الطَّعَامِ أَوْ مَوْزُونِهِ إلَّا أَنْ تُعَاوِضَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ طَعَامًا مِنْ طَعَامٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " إلَّا أَنْ تُعَاوِضَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ فِي صِفَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَكَيْلِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَإِنْ افْتَرَقَا إنْ كَانَ مَا يُقْضَى عَنْهُ سَلِيمًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (مَعِيبًا) " غ " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٌ نَاشِئَةٌ عَنْ الْكَسْرَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ مِنْ الْعَيْبِ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهَا وَإِنْ وَجَدَ الْوَاهِبُ عَيْبًا بِالْعِوَضِ، فَإِنْ كَانَ عَيْبًا فَادِحًا لَا يُتَعَاوَضُ فِي مِثْلِهِ كَالْجُذَامِ وَالْبَرَصِ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْهِبَةِ إنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنْ يُعَوِّضَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَادِحًا نُظِرَ إلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَتْ كَقِيمَةِ الْهِبَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا يَجِبُ لَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ تَطَوُّعٌ غَيْرُ لَازِمٍ، فَإِنْ كَانَ دُونَ قِيمَتِهَا فَأَتَمَّ لَهُ الْقِيمَةَ بَرِئَ وَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ رَدُّ الْعِوَضِ إلَّا أَنْ يَأْبَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنْ يُتِمَّ لَهُ الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا يُعَوِّضُهُ مِمَّا جَرَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الْأَعْوَاضِ يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءً بِالْقِيمَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 219 إلَّا كَحَطَبٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، وَلِلْمَأْذُونِ، وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ: الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ وَإِنْ قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا؛ أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِمَّا يَقْضِي عَنْهُ بِبَيْعٍ فَقَالَ (إلَّا) مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِإِثَابَتِهِ عَنْهُ (كَحَطَبٍ) وَتِبْنٍ وَحَلْفَاءَ وَحَشِيشٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ شَاسٍ نَوْعُ الثَّوَابِ الَّذِي يَلْزَمُ قَبُولُهُ بِاتِّفَاقٍ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ، وَرَوَى أَشْهَبُ انْحِصَارَهُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِمَا، وَرَأَى سَحْنُونٌ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَمَوَّلُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَوَابًا. وَيَلْزَمُ الْوَاهِبَ قَبُولُهُ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ بِقِيمَةِ هِبَتِهِ، وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَيْنِ إلَّا أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْمُتَمَوِّلِ الْحَطَبَ وَالتِّبْنَ وَشِبْهِهِمَا مِمَّا لَا يُثَابُ عَادَةً بِمِثْلِهِ، تت وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ غَالِبًا وَإِلَّا فَبَعْضُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَذَوِي الْعِيَالِ وَالدَّوَابِّ إذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ كَانَ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ. (وَلِ) لِرَقِيقِ (الْمَأْذُونِ) لَهُ فِي التَّجْرِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ (وَلِلْأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ) الْمَحْجُورِ لَهُ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ (الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَهَبَ لِلثَّوَابِ كَالْبَيْعِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ وَهَبَهُ، وَلِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِلثَّوَابِ وَيُعَوِّضَ عَنْهُ وَاهِبَهُ لِلثَّوَابِ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ. (وَإِنْ قَالَ) الرَّشِيدُ الْمَالِكُ أَمَرَ نَفْسَهُ (دَارِي) مَثَلًا (صَدَقَةٌ) وَصِلَةُ قَالَ (بِيَمِينٍ) كَأَنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَدَارِي صَدَقَةٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ أَوْ قَوْلًا مُطْلَقًا بِفَتْحَتِهَا عَنْ التَّقَيُّدِ بِكَوْنِ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ بِهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ (أَوْ) قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ (بِغَيْرِهَا) أَيْ الْيَمِينِ، بِأَنْ قَالَ ابْتِدَاءُ دَارِي صَدَقَةٌ بِلَا تَعْلِيقَ عَلَى فِعْلٍ أَوْ عَدَمِهِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يُعَيِّنْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْقَائِلُ دَارِي صَدَقَةٌ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ عَلَى نَحْوِ الْمَسَاكِينِ وَأَبَى تَنْفِيذَ الصَّدَقَةِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (لَمْ يُقْضَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَلَا يُحْكَمُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِلِ دَارِي صَدَقَةٌ بِيَمِينٍ مُطْلَقًا أَوْ بِغَيْرِهَا وَلَمْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 220 بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ وَفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ: قَوْلَانِ؛ وَقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا.   [منح الجليل] يُعَيِّنْ بِتَنْفِيذِ الصَّدَقَةِ بِهَا، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ لِعَدَمِ قَصْدِهِ التَّبَرُّرَ فِي صُورَتَيْ الْيَمِينِ وَلِعَدَمِ تَعَيُّنِ مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي الثَّالِثَة. (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ فِي غَيْرِ يَمِينٍ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ (الْمُعَيَّنِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْيَاءِ مُثَقَّلَةً وَأَبَى مِنْ تَنْفِيذِهَا فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ لِتَبَرُّرِهِ وَتَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهَا، فِيهَا مَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فِي يَمِينٍ فَحَنِثَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ قَالَهُ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَبَتَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ إنْ كَانَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ. عِيَاضٌ عَلَى هَذَا اخْتَصَرَهَا أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ إلَّا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ. (وَفِي) الْقَضَاءِ بِتَنْفِيذِ صَدَقَةٍ (عَلَى مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ) وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) سُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ عَمَّنْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ لِمَسْجِدٍ بِعَيْنِهِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهَا وَإِنْفَاذِهَا؟ فَقَالَ يُجْبَرُ كَمُتَصَدِّقٍ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُؤْمَرُ وَلَا يُجْبَرُ. يُرِيدُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ لَيْسَ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ فَهِيَ كَصَدَقَةٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا لَا أَدْرِي وَتَوَقَّفَ. (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَيْنَ) شَخْصٍ (مُسْلِمٍ وَ) شَخْصٍ (ذِمِّيٍّ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلَةً مَنْسُوبٌ لِلذِّمَّةِ، أَيْ الْعَهْدِ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ (فِيهَا) أَيْ هِبَةِ الثَّوَابِ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (بِحُكْمِنَا) مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ. فِيهَا يُقْضَى بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ فِي الْهِبَاتِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ فَامْتَنَعَ الْوَاهِبُ مِنْ دَفْعِ الْهِبَةِ فَلَا أُعْرِضُ لَهُمَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ النِّظَامِ الَّذِي أَمْنَعُهُمْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمْرٍ يَكُونُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، فَإِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. عِيَاضٌ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا لَحَكَمْت بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ بَلْ مَعْنَاهُ وَإِنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا فَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ هِبَاتِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ التَّظَالُمِ وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ هُنَا لِقَوْلِهِ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ أَخْذِ مَالِهِ. تت هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الَّتِي لَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ فِيهَا وَالنِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالزِّنَا. وَفِيهَا كُلُّهَا خِلَافٌ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ. طفي عَدَمُ الْحُكْمِ وَالِاخْتِلَافُ فِيهَا عِنْدَ التَّرَافُعِ. عِيَاضٌ وَقَدْ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 221 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اُخْتُلِفَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالزِّنَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. 1 - (خَاتِمَةٌ فِي الْعِدَّةِ) ابْنُ عَرَفَةَ الْعِدَّةُ إخْبَارٌ عَنْ إنْشَاءِ الْمُخْبِرِ مَعْرُوفًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَدْخُلُ الْوَعْدُ بِالْحَمَالَةِ وَغَيْرِهَا وَالْوَفَاءُ بِهَا مَطْلُوبٌ اتِّفَاقًا. ابْنُ رُشْدٍ فِي لُزُومِ الْقَضَاءِ بِهَا مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِسَبَبِهَا فِي السَّبَبِ أَوْ بِشَرْطِ دُخُولِهِ بِسَبَبِهَا فِيهِ، رَابِعُهَا لَا يُقْضَى بِهَا مُطْلَقًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَصْبَغَ مَعَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا السَّمَاعِ وَلِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَصَوَّبَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ ثَانِيَهَا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ لِمَدِينٍ أَنَا أَقْضِي عَنْك دَيْنَك لَا يَلْزَمُهُ، وَقَوْلُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَقْضِيك الدَّيْنَ الَّذِي لَك يَلْزَمُهُ لِإِدْخَالِهِ إيَّاهُ فِي التَّوَثُّقِ، وَفِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ مِمَّا هُوَ حَمْلٌ لَا حَمَالَةٌ، قَوْلُهُ بِعْ فُلَانًا فَرَسَك وَثَمَنُهُ عَلَيَّ، فَإِنْ هَلَكَ الْأَوَّلُ فَذَلِكَ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَدَعْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَكَذَا مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ مَالًا فَقَالَ لِرَجُلٍ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُ بِعْ فَرَسَك لِفُلَانٍ بِاَلَّذِي وَهَبْته لَهُ وَأَنَا ضَامِنٌ لَك حَتَّى أَدْفَعَ لَك فَقَبَضَ الْفَرَسَ فَالثَّمَنُ عَلَى الْوَاهِبِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ وَلَا مَالَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ. عَبْدُ الْحَقِّ لَمْ يُبَيِّنْ إنْ مَاتَ الْوَاهِبُ عَدِيمًا قَبْلَ قَبْضِ الْمُبْتَاعِ الْفَرَسَ هَلْ لَهُ قَبْضُهُ دُونَ غُرْمِ ثَمَنِهِ أَمْ لَا، وَفِيهِ قَوْلَانِ لِغَيْرِ الشَّيْخِ، وَلَهُ ثُمَّ قَالَ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَالَ لِبَيْعِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ بِعْ وَلَا نَقْصَ عَلَيْك قَوْلًا عَازِمًا بَيِّنًا لَزِمَهُ، وَيُصَدَّقُ الْمُبْتَاعُ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ نَقْصٍ إنْ أَشْبَهَ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ لَازِمٌ لِمَنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَمُتْ أَوْ يُفْلِسْ، وَقَوْلُهُ ذَلِكَ قَبْلَ انْتِقَادِهِ كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ اُنْقُدْنِي وَبِعْ وَلَا نَقْصَ عَلَيْك فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. وَفِي سَمَاعِ عِيسَى؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِيهِ عُيُوبٌ وَخُصُومَاتٌ، فَإِنْ بَاعَ بِنَقْصٍ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ لَهُ إنْ كَانَ انْتَقَدَ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَغْبِنْ فِي الْبَيْعِ غَبْنًا بَيِّنًا وَبَاعَ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ أُخِّرَتْ حَتَّى حَالَتْ الْأَسْوَاقُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ. يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي النَّقْصِ فِيمَا يُشْبِهُ؛ لِأَنَّهُ ائْتَمَنَهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 222 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَفِي سَمَاعِ عِيسَى إنْ كَانَ عَبْدًا فَأَبْقَ أَوْ مَاتَ فَقَالَ أَصْبَغُ فِيهِ اخْتِلَافٌ، وَاَلَّذِي أَقُولُهُ إنَّهُ مَوْضُوعٌ عَنْ الْمُشْتَرِي وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الثَّوْبِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ ذَهَبَ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا إنْ قَبِلَ الشَّرْطَ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَتْهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِوَطْئِهِ تَرَكَ مَا جُعِلَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَهُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ عَنْهُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ لَوْ بَاعَ مِنْهُ عَلَى أَنْ لَا نَقْصَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ بَيْعًا، فَإِنْ بَاعَ فَلَهُ إجَارَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ الْبَيْعُ عَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا، وَفِي كَوْنِهِ إجَارَةً فَاسِدَةً أَوْ بَيْعًا فَاسِدًا قَوْلَانِ فِي هَذَا السَّمَاعِ مَعَ الْمُوَطَّإِ وَفِي غَيْرِهِمَا وَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَفِي السَّمَاعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا فَوْتَ لِلْمَبِيعِ وَلَوْ بِعَيْبٍ مُفْسِدٍ، وَلِلْمُبْتَاعِ أَجْرُ مِثْلِهِ فَلَوْ فَوَّتَهَا بِعَطِيَّةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ حَمْلٍ، فَفِي مُضِيُّهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْإِعْطَاءِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْإِحْبَالِ لِرَعْيٍ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ أَوْ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ فِي قَوْلَا مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذَا السَّمَاعِ، وَعَلَى الثَّانِي فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ كَبَيْعٍ فَاسِدٍ اتِّفَاقًا. وَسَمِعَ أَصْبَغُ أَشْهَبَ مَنْ أَجَابَ مَنْ ابْتَاعَ مِنْهُ كَرْمًا فَخَافَ الْوَضِيعَةَ بِقَوْلِهِ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيك إنْ بَاعَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ فَأَكْثَرَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَأَنَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُرْضِيَهُ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ، وَحَلَفَ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَلَيْهِ أَنْ يُرْضِيَهُ بِمَا يُشْبِهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ وَالْوَضِيعَةَ. فِيهَا أَصْبَغُ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ أَشْهَبَ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إرْضَاءَهُ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ إنْ قَالَ لَمْ يَرْضَ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ أَنَّهُ إرْضَاءٌ فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ حَلَفَ لَيُرْضِيَنَّهُ فَلَا يَبَرُّ إلَّا بِمَا يَقُولُهُ النَّاسُ وَبِمَا يُرْضِيهِ اهـ. قُلْت هَذَا عَلَى تَقْدِيمِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ عَلَى الْعُرْفِ فِي الْأَيْمَانِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 223 بَابٌ) اللُّقَطَةُ: مَالٌ مَعْصُومٌ: عَرَضَ لِلضَّيَاعِ؛   [منح الجليل] [بَاب اللُّقَطَة وَالضَّالَّة وَالْآبِق وَاللَّقِيط وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] بَابُ اللُّقَطَةِ وَالضَّالَّةِ وَالْآبِقِ وَاللَّقِيطِ وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (اللُّقَطَةُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ فِي أَشْهَرِ لُغَاتِهَا الْأَرْبَعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ خِلَافُ الْقِيَاسِ لِأَنَّ فُعَّلَةٌ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وُضِعَ لِمَنْ كَثُرَ فِعْلُهُ كَهُمَزَةٍ، وَالثَّانِيَةُ بِضَمِّ اللَّامِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَجَعَلَ الزُّبَيْدِيُّ سَاكِنَ الْقَافِ اسْمًا لِلشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ وَمَفْتُوحَهَا لِلشَّخْصِ الْمُلْتَقِطِ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ الْتِقَاطُهُ، وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ الْقَوْلَيْنِ، وَصَحَّحَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَةُ لُقَاطَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَالرَّابِعَةُ لُقَطٌ بِلَا هَاءٍ أَيْ مَعْنَاهَا شَرْعًا (مَالٌ) جِنْسٌ شَمَلَ اللُّقَطَةَ وَغَيْرَهَا، وَخَرَجَ عَنْهُ اللَّقِيطُ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ صَغِيرٌ حُرٌّ كَمَا يَأْتِي (مَعْصُومٌ) أَيْ مُحْتَرَمٌ فَصْلٌ مُخْرِجٌ الرِّكَازَ وَمَالَ الْحَرْبِيِّ (عَرَضَ) بِفَتَحَاتٍ وَإِعْجَامِ الضَّادِ، أَيْ تَهَيَّأَ وَاسْتَعَدَّ وَصَارَ مُعَرَّضًا (لِلضَّيَاعِ) بِتَلَفِهِ أَوْ أَخَذَهُ خَائِنٌ أَوْ سَبُعٌ. فَصْلٌ مُخْرِجٌ مَا فِي حِرْزِهِ وَضَالَّةَ الْإِبِلِ. ابْنُ شَاسٍ اللُّقَطَةُ مَالٌ مَعْصُومٌ مُعَرَّضٌ لِلضَّيَاعِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللُّقَطَةُ مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا وَلَا نَعَمًا، فَيَخْرُجُ الرِّكَازُ وَمَا بِأَرْضِ الْحَرْبِ، وَتَدْخُلُ الدَّجَاجَةُ وَحَمَامُ الدُّورِ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا السَّمَكَةُ تَقَعُ فِي سَفِينَةٍ هِيَ لِمَنْ وَقَعَتْ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَاتٍ عَنْ الشَّعْبَانِيِّ وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا مَنْ سَقَطَتْ إلَيْهِ لَنَجَتْ بِنَفْسِهَا لِقُوَّةِ حَرَكَتِهَا وَقُرْبِ مَحَلِّ سُقُوطِهَا مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ، فَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَإِلَّا فَهِيَ لِرَبِّ السَّفِينَةِ كَقَوْلِهَا فِيمَنْ طَرَدَ صَيْدًا حَتَّى دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ، فَإِنْ اضْطَرَّهُ إلَيْهَا فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ لِرَبِّ الدَّارِ إنْ بَعُدَ عَنْهُ فَقَوْلُهُ مَالُ جِنْسٍ شَمَلَ اللُّقَطَةَ وَغَيْرَهَا، وَخَرَجَ عَنْهُ اللَّقِيطُ لِأَنَّهُ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ حُرٌّ، وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ حِرْزٍ يُخْرِج الْمَسْرُوقَ، وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمًا يُخْرِجُ مَالَ الْحَرْبِيِّ وَالرِّكَازِ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا يُخْرِجُ الرَّقِيقَ لِأَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 224 وَإِنْ كَلْبًا وَفَرَسًا وَحِمَارًا وَرُدَّ بِمَعْرِفَةِ مَشْدُودٍ فِيهِ وَبِهِ وَعَدَدِهِ بِلَا يَمِينٍ؛ وَقُضِيَ لَهُ عَلَى ذِي الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ   [منح الجليل] آبِقٌ لَا لُقَطَةٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا نَعَمًا مُخْرِجٌ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ وَالْغَنَمَ، إذْ هِيَ ضَالَّةٌ لَا لُقَطَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالضَّالَّةُ نَعَمٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا، وَالْآبِقُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وُجِدَ كَذَلِكَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ كَوْنُ الْجَمِيعِ لُقَطَةً خِلَافُ ظَاهِرِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَالْأَحَادِيثِ الْآمِرَةُ بِحِفْظِ عِفَاصِ اللُّقَطَةِ وَوِكَائِهَا. الْحَطّ حَدُّهُ اللُّقَطَةَ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ الثَّمَرِ. الْمُعَلَّقِ فِيهِ، وَلَيْسَ لُقَطَةٌ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُهُمْ عَرَضَ لِلضَّيَاعِ. الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ الرَّقِيقَ الصَّغِيرَ وَهُوَ لُقَطَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ اللَّقِيطِ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمُعَرَّضُ لِلضَّيَاعِ لَيْسَ كَلْبًا وَلَا فَرَسًا وَلَا حِمَارًا بَلْ (وَإِنْ كَلْبًا) مَأْذُونًا فِيهِ لِحِرَاسَةٍ أَوْ صَيْدٍ لِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَالِ الْمَعْصُومِ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ وَجَدَ كَلْبًا الْتَقَطَهُ إنْ كَانَ بِمَكَانٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهَا مَنْ سَرَقَ كَلْبًا صَائِدًا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يُرَاعَى دَرْءُ حَدٍّ بِالشُّبْهَةِ (وَفَرَسًا وَحِمَارًا) اللَّخْمِيُّ الْبَقَرُ وَالْخَيْلُ وَسَائِرُ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ سَبُعٍ وَلَا غَيْرِهِ لَا تُؤْخَذُ وَإِلَّا فَتُؤْخَذُ وَتُعَرَّفُ عَامًا. (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَالُ الْمُلْتَقَطُ لِمُدَّعٍ أَنَّهُ لَهُ (بِمَعْرِفَةِ) عِفَاصٍ (مَشْدُودٍ فِيهِ) الْمَالُ مِنْ كِيسٍ أَوْ مِنْدِيلٍ أَوْ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا (وَ) مَعْرِفَةِ وِكَاءٍ مَشْدُودٍ (بِهِ) مِنْ نَحْوِ خَيْطٍ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ، وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ فِي الِاسْتِذْكَارِ، وَحَكَى الْبَاجِيَّ عَنْ أَشْهَبَ عَكْسَهُ (وَ) بِمَعْرِفَةِ (عَدَدِهِ) أَيْ الْمَالِ فَيُرَدُّ لِمَنْ عَرَفَ الثَّلَاثَةَ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْهُ أَنَّهُ لَهُ فِيهَا مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَأَتَى مَنْ وَصَفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعُدَّتَهَا لَزِمَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ وَإِنْ أَبَى فَيُجْبِرُهُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ. أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّ الْعِفَاصَ الْخِرْقَةُ الْمَرْبُوطُ فِيهَا وَهُوَ لُغَةً مَا يُسَدُّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ وَالْوِكَاءُ الْخَيْطُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ. الْبَاجِيَّ هَلْ تَلْزَمُهُ يَمِينٌ إذَا وَصَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ؟ الْمَشْهُورُ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ. (وَقُضِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ مَنْ عَرَفَ الثَّلَاثَةَ يَرُدُّهَا لَهُ فَيُقَدَّمُ (عَلَى ذِي) أَيْ عَارِفِ (الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ) وَادَّعَاهَا كُلٌّ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ. أَصْبَغُ لَوْ عَرَفَ وَاحِدٌ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 225 وَإِنْ وَصَفَ ثَانٍ وَصْفَ أَوَّلٍ؛ وَلَمْ يَبِنْ بِهَا: حَلَفَا، وَقُسِمَتْ   [منح الجليل] وَوَصَفَ آخَرُ عَدَدَ الدَّنَانِيرِ وَوَزْنَهَا كَانَتْ لِمَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَكَذَلِكَ لَوْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ سُمِعَ أَشْهَبُ سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا اللُّقَطَةَ فَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَوَصَفَ الْآخَرُ عَدَدَهَا وَوَزْنَهَا فَقَالَ هِيَ لِلَّذِي عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ إذَا جَاءَ وَحْدَهُ فَقِيلَ إنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ بِالصِّفَةِ دُونَ يَمِينِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ لَا تُدْفَعُ لَهُ إلَّا بِيَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ اهـ مِنْ الْبَيَانِ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قَوْلُ مَالِكٍ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهَا تُدْفَعُ لِوَاصِفِهَا إنْ عَرَفَ عِفَاصَهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهَا، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ هَلْ تُدْفَعُ لَهُ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ؟ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تُدْفَعُ لَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ. (وَإِنْ) ادَّعَى اللُّقَطَةَ رَجُلٌ وَوَصَفَهَا وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ وَادَّعَى آخَرُ وَ (وَصَفَ) اللُّقَطَةَ شَخْصٌ (ثَانٍ وَصْفَ) شَخْصٍ (أَوَّلٍ) أَيْ بِعَيْنِهِ (لَمْ يَبِنْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْأَوَّلُ (بِهَا) أَيْ بِاللُّقَطَةِ عَنْ مَجْلِسِ وَصْفِهَا بِأَنْ وَصَفَهَا الثَّانِي وَصْفَ الْأَوَّلِ قَبْلَ انْفِصَالِ الْأَوَّلِ بِهَا وَاشْتِهَارِ أَمْرِهَا (حَلَفَا) أَيْ الْوَاصِفَانِ، أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْآخَرِ وَأَنَّهَا لَهُ (وَقُسِمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ اللُّقَطَةُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ الْوَاصِفَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ اخْتَصَّ الْحَالِفُ بِهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تُدْفَعُ لَهُمَا إنْ نَكَلَا، فَإِنْ أَتَى الثَّانِي بَعْدَ أَنْ بَانَ بِهَا الْأَوَّلُ وَظَهَرَ أَمْرُهَا فَلَا يُقْبَلُ وَصْفُ الثَّانِي وَتُدْفَعُ لِلْأَوَّلِ. فِيهَا إنْ دَفَعَهَا لِمَنْ عَرَفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَوَصَفَ مِثْلَ مَا وَصَفَ الْأَوَّلَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ تِلْكَ اللُّقَطَةَ كَانَتْ لَهُ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِأَمْرٍ يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ بِهِ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُمَا اقْتَسَمَاهَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا، فَإِنْ أَخَذَهَا أَحَدُهُمَا بِالصِّفَةِ ثُمَّ أَتَى الْآخَرُ فَوَصَفَ مِثْلَ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَبِينَ بِهَا وَيَظْهَرَ أَمْرُهَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ ظَهَرَ أَمْرُهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الثَّانِي. وَشَبَّهَ فِي حَلِفِهِمَا وَقَسْمِهَا بَيْنَهُمَا فَقَالَ (كَ) إقَامَتِهِمَا (بَيِّنَتَيْنِ) مُتَكَافِئَتَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 226 كَبَيِّنَتَيْنِ لَمْ تُؤَرِّخَا؛ وَإِلَّا فَلِلْأَقْدَمِ   [منح الجليل] مُتَعَارِضَتَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ بِأَنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا لِهَذَا وَالْأُخْرَى أَنَّهَا لِلْآخَرِ (لَمْ تُؤَرِّخَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ فَيَحْلِفَانِ وَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ أُرِّخَتَا (فَ) اللُّقَطَةُ لِمُقِيمِ الْبَيِّنَةِ (الْأَقْدَمِ) تَارِيخًا. اللَّخْمِيُّ إنْ أَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً اُنْتُزِعَتْ مِنْ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً فَيُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِنْ تَكَافَأَتَا بَقِيَتْ لِلْأَوَّلِ بِالصِّفَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ لِأَشْهَبَ زَادَ هَذَا إنْ لَمْ تُؤَرَّخْ الْبَيِّنَتَانِ وَإِنْ أُرِّخَتَا كَانَتْ لِأَوَّلِهِمَا مِلْكًا بِالتَّارِيخِ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ أَشْهَبُ إنْ دَفَعَهَا لِلْأَوَّلِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ الثَّانِي بَيِّنَةً أَيْضًا فَهِيَ لِأَوَّلِهِمَا مِلْكًا بِالتَّارِيخِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَارِيخٌ فَهِيَ لِأَعْدِلهُمَا، فَإِنْ تَكَافَأَتَا كَانَتْ لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ الْأَوَّلُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهَا لَهُ وَلَا يُعْلِمُهَا لِلْآخَرِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الثَّانِي وَأَخَذَهَا، فَإِنْ نَكَلَ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ بِلَا يَمِينٍ. ابْنُ يُونُسَ يُحْتَمَلُ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ تُقْسَمَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَازَهَا الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ مَالٌ عُرِفَ أَصْلُهُ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ وَرِثَ رَجُلًا بِوَلَاءٍ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَتَكَافَأَتَا فَالْمَالُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ مَالٌ عُرِفَ أَصْلُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِ أَشْهَبَ هُنَا. اهـ. وَتَعَقَّبَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا النَّقْلِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ قَائِلًا لَعَلَّ هَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَخَذَ طَرَفًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَطَرَفًا مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ، وَتَبِعَهُ الْبِسَاطِيُّ وتت، وَرَدَّهُ الْفِيشِيُّ وطفي بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوَّلًا وَآخِرًا لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ أَشْهَبُ فِي التَّرْجِيحِ بِالْأَعْدَلِيَّةِ أَوْ تَقَدُّمِ التَّارِيخِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ أَشْهَبُ إلَّا بِبَقَائِهَا عِنْدَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ إذَا تَكَافَأَتَا وَالْمُصَنِّفُ خَالَفَ فِيهِ وَمَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا عَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لَهُ، وَبِهِ تَعْلَمُ قُصُورَ نَقْلِ " ق " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. بُنَانِيٌّ وَنَصَّ طفي عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّوْضِيحِ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ كَلَامِهِ هُنَا اهـ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَتَبِعَهُ الْبِسَاطِيُّ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ، وَحَكَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَشْهَبَ، ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصٌّ، ثُمَّ حَكَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَيْك بَعْدَ هَذَا السَّعْيِ فِي تَصْحِيحِ كَلَامِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ كَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَسَلَّمَ تت تَعَقَّبَ الشَّارِحِينَ وَقَدْ لَا يُسَلِّمُ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْأَعْدَلِيَّةِ وَالتَّارِيخُ الَّذِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 227 وَلَا ضَمَانَ عَلَى دَافِعٍ بِوَصْفٍ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْوَاحِدَةِ إنْ جَهِلَ غَيْرَهَا لَا غَلِطَ عَلَى الْأَظْهَرِ؛   [منح الجليل] نَقَلَهُ عَنْ أَشْهَبَ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِهِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ أَشْهَبُ إلَّا بِبَقَائِهَا عِنْدَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ عِنْدَ تَكَافُئِهِمَا، وَلَمْ يَرِدْ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ التَّرْجِيحَ بِالتَّارِيخِ أَوْ الْأَعْدَلِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ سَكَتَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا تَبْقَى بِيَدِهِ عِنْدَ تَكَافُئِهِمَا، قَالَ يُحْتَمَلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ تُقْسَمَ إلَخْ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْمُصَنِّفُ دَرَجَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَعَلَّ هَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ. (وَلَا ضَمَانَ عَلَى) مُلْتَقِطِ (دَافِعِ) اللُّقَطَةَ لِمَنْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَوَصَفَهَا (بِوَصْفٍ) يُسَوِّغُ دَفْعَهَا لَهُ بِأَنْ عَرَفَ عِفَاصَهَا أَوْ وِكَاءَهَا ثُمَّ أَتَى آخَرُ وَوَصَفَهَا مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَتَمَّ مِنْهُ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ، بَلْ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ لَهُ الْأَوَّلُ، فِيهَا إنْ دَفَعَهَا لِمَنْ عَرَفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَوَصَفَهَا مِثْلَ وَصْفِهَا الْأَوَّلِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ اللُّقَطَةَ لَهُ فَلَا يَضْمَنُهَا دَافِعُهَا لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِأَمْرٍ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهَا بِهِ، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ دَافِعُهَا بِوَصْفٍ فَأَوْلَى دَافِعُهَا بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهَا آخَرُ وَوَصَفَهَا أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ. (وَ) إنْ ادَّعَى اللُّقَطَةَ شَخْصٌ وَوَصَفَ عِفَاصَهَا وَقَالَ لَمْ أَعْرِفْ وِكَاءَهَا أَوْ بِالْعَكْسِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ لَا يُسْتَعْجَلُ فِي دَفْعِهَا لَهُ (بِ) الصِّفَةِ (الْوَاحِدَةِ) مِنْ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ لَا مِنْ غَيْرِهِمَا، هَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي السَّمَاعِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَاشِرٍ وَغَيْرُهُ، عَسَى أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ بِأَزْيَدَ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ فَتُدْفَعُ لَهُ (إنْ جَهِلَ) مُدَّعِيهَا (غَيْرَهَا) أَيْ الصِّفَةِ الَّتِي عَرَفَهَا، أَيْ قَالَ لَمْ أَعْرِفْهَا (لَا) إنْ (غَلِطَ) فِي غَيْرِهَا بِأَنْ وَصَفَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ بِهِ فَقِيلَ لَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَقَالَ غَلِطْت فَلَا تُدْفَعُ لَهُ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ. أَصْبَغُ لَوْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَحْدَهُ وَادَّعَى جَهْلَ مَا سِوَاهُ فَلْيُسْتَبْرَأْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أُعْطِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ إذَا وَصَفَ الْعِفَاصَ أَوْ الْوِكَاءَ وَجَهِلَ الْآخَرُ أَوْ غَلِطَ فِيهِ فَفِي ذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 228 وَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ؛ وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ:   [منح الجليل] ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَعْدَلُهَا عِنْدِي. ثَالِثُهَا وَهُوَ إنْ ادَّعَى الْجَهْلَ اُسْتُبْرِئَ أَمْرُهُ وَإِنْ ادَّعَى الْغَلَطَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَتَعَقَّبَ الْبِسَاطِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ، وَالثَّانِي قَوْلُهُ لَا إنْ غَلِطَ مَعْنَاهُ لَا يَسْتَوْنِي، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهُ، وَبِتَعْجِيلِ دَفْعِهَا لَهُ وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ. وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِجَعْلِ أَلْ فِي الْوَاحِدَةِ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ، أَيْ مِنْ الْمَشْدُودِ فِيهِ وَالْمَشْدُودِ بِهِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْقَرِينَةَ عَلَى إرَادَةِ عَدَمِ دَفْعِهَا مُطْلَقًا. قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَإِنَّهُ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَضُرَّ جَهْلُهُ) أَيْ مُدَّعِي اللُّقَطَةِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ إذَا عَرَفَ عِفَاصَهُ وَوِكَاءَهُ أَوْ أَحَدَهُمَا وَجَهِلَ الْآخَرَ وَلَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ مَعَ الِاسْتِينَاءُ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا جَهْلُهُ بِالْعَدَدِ فَلَا يَضُرُّهُ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، وَكَذَلِكَ غَلَطُهُ فِيهِ بِالزِّيَادَةِ لَا يَضُرُّهُ، وَاخْتُلِفَ فِي غَلَطِهِ بِالنُّقْصَانِ (وَوَجَبَ أَخْذُهُ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزِهِ وَخِيفَ ضَيَاعُهُ إنْ تُرِكَ فِي مَحَلِّهِ (لِخَوْفِ) أَخْذِ شَخْصٍ (خَائِنٍ) فِيهِ بِتَمَلُّكِهِ لِأَنَّ حِفْظَ مَالِ الْغَيْرِ وَاجِبٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حُكْمِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ اضْطِرَابٌ. ابْنُ رُشْدٍ يَلْزَمُ أَنْ يُؤْخَذَ اللَّقِيطُ وَلَا يُتْرَكَ لِأَنَّهُ إنْ تُرِكَ ضَاعَ وَهَلَكَ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي لُقَطَةِ الْمَالِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ لَا يَخْشَى أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ عَلِمَهَا بَعْدَ تَعْرِيفِهِ إيَّاهَا وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ فَأَخْذُهَا وَاجِبٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ، وَالْإِمَامُ غَيْرُ عَدْلٍ، لَكَانَ الِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ قَوْمٍ مَأْمُونِينَ وَالْإِمَامُ عَدْلٌ لَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَخْذِهَا وَتَرْكِهَا وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ ظَنُّهُ مِنْ أَكْثَرِ الْخَوْفَيْنِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا عَدَا لُقَطَةَ الْحَاجِّ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا مَخَافَةَ أَنْ لَا يَجِدَ رَبَّهَا لِتَفَرُّقِ الْحُجَّاجِ إلَى بُلْدَانِهِمْ، فَإِنْ الْتَقَطَهَا وَجَبَ فِي تَعْرِيفِهَا مَا يَجِبُ فِيمَا سِوَاهَا. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ بَيْنَ نَاسٍ غَيْرِ مَأْمُونِينَ وَجَبَ حِفْظُهَا لِأَنَّ حِفْظَ أَمْوَالِ النَّاسِ وَأَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 229 لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ فَيَحْرُمُ؛ وَإِلَّا كُرِهَ عَلَى الْأَحْسَنِ   [منح الجليل] لَا تَضِيعُ وَاجِبٌ، وَيَجِبُ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ إنْ عَلِمَ وَاجِدُهُ أَمَانَةَ نَفْسِهِ (لَا إنْ عَلِمَ) وَاجِدُهُ (خِيَانَتَهُ) أَيْ وَاجِدِ الْمَالِ (هُوَ) تَأْكِيدٌ لِلْمَاءِ بِتَمَلُّكِهِ وَعَدَمِ تَعْرِيفِهِ (فَيَحْرُمُ) عَلَيْهِ أَخْذُهُ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ أَخْذِهَا وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ، وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ خِيَانَةَ نَفْسِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ وَاسْتَحْسَنَهُ الْحَطّ، وَنَصُّهُ وَالْأَظْهَرُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ أَنْ يَجِبَ الِالْتِقَاطُ، وَلَا يُعَدُّ عِلْمُهُ خِيَانَةَ نَفْسِهِ مَانِعًا، وَأَحْرَى خَوْفُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْخِيَانَةِ وَحِفْظُ الْمَالِ الْمَعْصُومِ، وَقُصَارَى الْأَمْرِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْحِفْظِ وَحْدَهُ، وَمَنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ الْحِفْظُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَبَعْدَ تَسْلِيمِ هَذَا فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الِاسْتِحْبَابُ أَوْ الْوُجُوبُ لَوْ قِيلَ بِهِ لِوُجُوبِ إعَانَةِ الْمُسْلِمِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهَا اهـ. الْحَطّ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - حَسَنٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ (كُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَخْذُهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَا خَوْفُ الْخَائِنِ مَعَ شَكِّهِ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ. طفي عِبَارَة الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَاصِرَةٌ عَنْ تَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ وَالِالْتِقَاطُ حَرَامٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ، وَمَكْرُوهٌ لِلْخَائِفِ. وَفِي الْمَأْمُونِ الِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَالْوُجُوبُ إنْ خَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ. خَلِيلٌ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ فَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهَا. الثَّانِي أَنْ يَخَافَ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فَيُكْرَهُ. الثَّالِثُ أَنْ يَثِقَ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ، وَهَذَا يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ إمَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا، فَإِنْ خَافَ وَجَبَ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ فَالثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالِ وَكُلُّهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَصْلُهُ كُلُّهُ لِلَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، فَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ وُجُوبَ الْتِقَاطِهَا لِخَوْفِ خَائِنٍ لِلْمَأْمُونِ وَحُرْمَتَهُ عَلَى مَنْ عَلِمَ الْخِيَانَةَ مِنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا خَافَ عَلَيْهَا الْخَوَنَةَ أَمْ لَا، فَقَوْلُهُ وَوَجَبَ أَخْذُهُ لِخَوْفِ خَائِنٍ أَيْ مَعَ ثِقَتِهِ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ النَّفْيُ بِلَا مَنْصِبٍ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَوَنَةَ وَلَا عَلِمَهَا مِنْ نَفْسِهِ كُرِهَ وَنَفْيُ عِلْمِهَا يَصْدُقُ بِالْخَوْفِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 230 وَتَعْرِيفُهُ سَنَةً، وَلَوْ كَدَلْوٍ   [منح الجليل] مِنْ نَفْسِهِ وَثِقَتِهِ بِهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوَّلَ اقْتَصَرَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ كَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَفِي الثَّانِي هِيَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَتَقْرِيرُ تت بِعَزْوِهِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاسْتِحْسَانُ بَعْضِهِمْ هُوَ فِي الثَّانِي فَقَطْ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إجْمَالٌ لِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي بَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ كَلَامُهُ غَيْرُ مُبَيَّنٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْوُجُوبِ بِعَدَالَةِ الْإِمَامِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا تَفْصِيلٌ تَرَكْنَاهُ خَوْفَ الطُّولِ. (وَ) وَجَبَ (تَعْرِيفُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمُلْتَقَطِ (سَنَةً) فَوْرًا مِنْ حِينِ أَخْذِهِ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ الْتَقَطَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ حُلِيًّا مَصُوغًا أَوْ عُرُوضًا أَوْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلْيُعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَخَذَهَا وَإِلَّا فَلَا آمُرُهُ بِأَكْلِهَا كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ دِرْهَمًا فَصَاعِدًا إلَّا أَنْ يُحِبَّ بَعْدَ السَّنَةِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا، وَيُخَيَّرُ صَاحِبُهَا إنْ جَاءَ فِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوَابُهَا أَوْ يَغْرَمَهَا لَهُ فِعْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا قَبْلَ السَّنَةِ إلَّا الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ. أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةُ هُنَا عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ أَمْسَكَهَا سَنَةً وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ثُمَّ عَرَّفَهَا فَتَلِفَتْ ضَمِنَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَيَّدَ بِالسَّنَةِ. وَيَجِبُ التَّعْرِيفُ سَنَةً إنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (كَدَلْوٍ) وَمِخْلَاةٍ فَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ التَّعْرِيفِ سَنَةً بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ أَنَّ الْيَسِيرَ يُعَرَّفُ أَيَّامًا بِمَظَانِّ طَلَبِهِ. فِيهَا سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي لُقَطَةٍ مِثْلِ الدَّلْوِ وَالْحَبْلِ وَالْمِخْلَاةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ بِطَرِيقٍ وُضِعَ بِأَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بِمَدِينَةٍ انْتَفَعَ بِهِ وَعَرَّفَهُ بِهِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ رُشْدٍ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ أَقْسَامِ اللُّقَطَةِ هُوَ مَا يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ إنْ تُرِكَ، وَيَبْقَى فِي يَدِ مُلْتَقِطِهِ إنْ الْتَقَطَهُ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا جِدًّا لَا بَالَ لَهُ وَلَا قَدْرَ لَقِيمَتِهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَطْلُبُهُ لِتَفَاهَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يُعَرَّفُ وَهُوَ لِوَاجِدِهِ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ، أَصْلُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَرَّ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتهَا» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَعْرِيفًا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 231 لَا تَافِهًا؛ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا: بِكَبَابِ مَسْجِدٍ، فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمِنْ يَثِقُ بِهِ   [منح الجليل] وَقَدْ قَالَ أَشْهَبُ فِي الَّذِي يَجِدُ السَّوْطَ وَالْعَصَا أَنَّهُ يُعَرِّفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا إلَّا أَنَّ لَهُ قَدْرًا وَمَنْفَعَةً، وَقَدْ يَشِحُّ بِهِ صَاحِبُهُ وَيَطْلُبُهُ، فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَعْرِيفِهِ. وَظَاهِرُ مَا حَكَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُعَرِّفُ سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنَّمَا يُعَرِّفُهُ أَيَّامًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (لَا) يَجِبُ أَنْ يُعَرِّفَ مَالًا (تَافِهًا) لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ كَفَلْسٍ وَتَمْرَةٍ وَكِسْرَةٍ وَهُوَ لِوَاجِدِهِ إنْ شَاءَ أَكَلَهُ وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَيَكُونُ التَّعْرِيفُ (بِمَظَانِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِعْجَامِ الظَّاءِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّ صَاحِبَ اللُّقَطَةِ يَطْلُبُهَا بِهَا (بِكَبَابِ مَسْجِدٍ) فِيهَا يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ حَيْثُ وَجَدَهَا وَعَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يُعَرِّفُ حَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهَا هُنَاكَ أَوْ خَبَرَهُ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَمْرِ الْإِمَامِ. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَنْدُوبٌ إلَى فِعْلِ الْخَيْرِ وَالْإِعَانَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْهُ سَمِعَ الْقَرِينَانِ أَيُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ مَا أُحِبُّ رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ تُعَرَّفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ مَشَى هَذَا الَّذِي وَجَدَهَا إلَى الْخَلْقِ فِي الْمَسْجِدِ يُخْبِرُهُمْ بِهَا وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا. وَفِي التَّمْهِيدِ التَّعْرِيفُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فِيمَا عَلِمْت لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَسْوَاقِ وَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الْعَامَّةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ. وَيُعَرِّفُهُ (فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ مَرَّةً، رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَنْبَغِي لِلَّذِي يُعَرِّفُ اللُّقَطَةَ أَنْ لَا يُرِيَهَا أَحَدًا وَلَا يُسَمِّيَهَا بِعَيْنِهَا وَيُعَمِّيَ بِهَا لِئَلَّا يَأْتِيَ مُتَحَيِّلٌ فَيَصِفَهَا بِصِفَةِ الْمُعَرِّفِ فَيَأْخُذَهَا وَلَيْسَتْ لَهُ، وَلْيُعَرِّفْهَا بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ صَنْعَتَهُ وَيُعَرِّفُهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ التَّعْرِيفِ، وَيُعَرِّفُهُ (بِنَفْسِهِ) أَيْ وَاجِدِ الْمَالِ (أَوْ بِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (يَثِقُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ فَقَافٌ، أَيْ يَطْمَئِنُّ (بِهِ) قَلْبُهُ وَيَعْتَقِدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 232 أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا، إنْ لَمْ يُعَرِّفْ مِثْلُهُ وَبِالْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا وَلَا يُذْكَرُ جِنْسُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَدُفِعَتْ لِحَبْرٍ، إنْ وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ   [منح الجليل] أَمَانَتَهُ وَصِدْقَهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ (أَوْ) بِمَنْ يَثِقُ بِهِ (بِأُجْرَةٍ) لِمُعَرِّفِهَا (مِنْهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (إنْ لَمْ يُعَرِّفْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا اللُّقَطَةَ (مِثْلُهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ لِإِزْرَائِهِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يُعَرِّفُهَا فَلَا يَسْتَأْجِرُ عَلَى تَعْرِيفِهَا إلَّا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ التَّعْرِيفَ بِنَفْسِهِ. اللَّخْمِيُّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَرْبَعٍ تَعْرِيفِهَا بِنَفْسِهِ وَرَفْعِهَا إلَى السُّلْطَانِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَلَا يَتَشَاغَلُ عَنْ تَعْرِيفِهَا وَبِمُؤْتَمِنٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيهِ وَاسْتِئْجَارِ مَنْ يُعَرِّفُهَا. وَأَجَازَ ابْنُ شَعْبَانَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهَا عَلَيْهِ، يُرِيدُ إذَا لَمْ يَلْتَزِمْ تَعْرِيفَهَا وَكَانَ مِثْلُهُ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا دَفَعَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ لَمْ يُعَرِّفْهَا فَضَاعَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ، وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ كِنَانَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ لِيَعْمَلَ مَا شَاءَ. (وَ) تُعَرَّفُ (بِالْبَلَدَيْنِ إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْبَلَدَيْنِ اللَّخْمِيُّ إنْ وُجِدَتْ بِطَرِيقٍ بَيْنَ مَدِينَتَيْنِ عَرَّفَهَا فِيهِمَا وَكَذَا الْقَرْيَتَانِ وَالْمَدِينَةُ وَالْقَرْيَةُ (وَلَا يَذْكُرُ) الْمُعَرِّفُ (جِنْسَهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يُسَمِّي جِنْسَ اللُّقَطَةِ إذَا أَنْشَدَهَا. وَإِنْ لَا يُسَمِّيَ أَحْسَنُ. (وَدُفِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ اللُّقَطَةُ (لِحَبْرٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ عَالِمٍ ذِمِّيٍّ (إنْ وُجِدَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ اللُّقَطَةُ (بَقَرِيَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ كُفَّارٍ أَهْلِ ذِمَّةٍ (رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ) فِي اللُّقَطَةِ تُوجَدُ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ تُدْفَعُ إلَى أَحْبَارِهِمْ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ بِإِمْكَانِ كَوْنِهَا لِمُسْلِمٍ، فَالِاحْتِيَاطُ تَعْرِيفُهَا أَوَّلًا سَنَةً، ثُمَّ تُدْفَعُ لِحَبْرِهِمْ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّهَا لَهُمْ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا غَرَّمُوهَا لَهُ وَتُدْفَعُ لِأَحْبَارِهِمْ ابْتِدَاءً إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهَا لِأَهْلِ الذَّمَّةِ يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ، وَإِنْ قَالُوا إنَّ مِنْ دِينِهِمْ كَوْنَ لُقَطَةِ أَهْلِ مِلَّتِهِمْ لَهُمْ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُدْفَعَ لِأَحْبَارِهِمْ، وَتُوقَفُ أَبَدًا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 233 وَلَهُ حَبْسُهَا بَعْدَهُ أَوْ التَّصَدُّقُ أَوْ التَّمَلُّكُ وَلَوْ بِمَكَّةَ   [منح الجليل] (وَلَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ بَعْدَ السَّنَةِ (حَبْسُهَا) أَيْ إبْقَاءُ اللُّقَطَةِ عِنْدَهُ وَدِيعَةً لِرَبِّهَا (أَوْ التَّصَدُّقُ) بِهَا عَنْ رَبِّهَا، وَأَمَّا التَّصَدُّقُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّمَلُّكِ. (أَوْ التَّمَلُّكُ) لَهَا أَيْ اقْتِرَاضُهَا لِنَفْسِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا دَفَعَهَا لَهُ فِي الْأَوَّلِ وَغَرِمَ لَهُ عِوَضَهَا فِي الْأَخِيرَيْنِ. الْجَلَّابِ إنْ مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَأْتِ طَالِبُهَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَنْفَقَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا وَضَمِنَهَا أَوْ حَبَسَهَا لِيَأْتِيَ رَبُّهَا اللَّخْمِيُّ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا. وَفِي الصَّحِيحِ فَإِنْ لَمْ تُعَرِّفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَفِي النَّسَائِيّ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُهَا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا بَعْدَ الْحَوْلِ خِلَافُهُ قَبْلَهُ، وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا لِنَفْسِهِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَيْضًا. وَفِي التَّمْهِيدِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَأْكُلَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْغَنِيِّ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ الْحَوْلِ وَيَضْمَنَهَا. ابْنُ وَهْبٍ قُلْت لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا شَأْنُهُ بِهَا قَالَ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَنْفَقَهَا، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا أَدَّاهَا إلَيْهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَأْكُلُ اللُّقَطَةَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ بَعْدَ الْحَوْلِ، هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَوْلُهُ يَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِهَا وَتَمَلُّكُهَا بَعْدَ السَّنَةِ إنْ الْتَقَطَهَا بِغَيْرِ مَكَّةَ، بَلْ (وَلَوْ) الْتَقَطَهَا (بِمَكَّةَ) حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الْمَازِرِيُّ حُكْمُ لُقَطَةِ مَكَّةَ حُكْمُ لُقَطَةِ سَائِرِ الْبِلَادِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى خِلَافِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ لُقَطَتَهَا لَا تُمْلَكُ لِخَبَرِ لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ هَذَا حُكْمُ اللُّقَطَةِ إلَّا بِمَكَّةَ إذْ لُقَطَتُهَا لَا تُسْتَبَاحُ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا سَنَةً، وَعَلَى مُلْتَقِطِهَا تَعْرِيفُهَا أَبَدًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» . ابْنُ زَرْقُونٍ كَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ، وَتَبِعَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ. وَلِابْنِ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". لُقَطَةُ مَكَّةَ كَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا جَاءَ الْحَدِيثُ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» تَأْكِيدًا لِلْإِعْلَامِ لِسَنَةِ اللُّقَطَةِ لِكَثْرَتِهَا بِمَكَّةَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 234 ضَامِنًا فِيهِمَا : كَنِيَّةِ أَخْذِهَا قَبْلَهَا   [منح الجليل] الْمَازِرِيُّ حُكْمُ لُقَطَةِ مَكَّةَ حُكْمُ لُقَطَةِ سَائِرِ الْبِلَادِ، وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ عِنْدَنَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّعْرِيفِ لِرُجُوعِ رَبِّهَا لِبَلَدِهِ وَعَدَمِ عَوْدِهِ إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ لَا لَهُ. عِيَاضٌ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ كَغَيْرِهَا. اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَصَّارِ حُكْمُ اللُّقَطَةِ فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - " لُقَطَةُ مَكَّةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِمَنْ يُعَرِّفُهَا وَهُوَ أَبْيَنُ لِلْحَدِيثِ وَالْقِيَاسِ، فَلَوْ كَانَتْ كَغَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَدِيثِ مَعْنًى. وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَلِأَنَّ غَالِبَ مَنْ حَجَّ عَدَمُ رُجُوعِهِ لِمَكَّةَ فِي عَامِهِ، بَلْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ، فَلَا يَكُونُ مُرُورُ السَّنَةِ دَلِيلًا عَلَى الْإِيَاسِ مِنْ رَبِّهَا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لُقَطَةُ مَكَّةَ كَسَائِرِ اللُّقَطِ، وَتَكَلَّمَ عُلَمَاؤُنَا فِي الِاحْتِجَاجِ لَهُ وَالِانْفِصَالِ عَنْ الْحَدِيثِ، وَلَمْ أَرَ مُخَالَفَةَ الْحَدِيثِ وَلَا تَأْوِيلَ مَا لَا يَقْبَلُهُ. قُلْت وَالِانْفِصَالُ عَنْ الْحَدِيثِ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ تَقْدِيمِهِ الْعَمَلَ عَلَيْهِ وَاضِحٌ، وَيُقَالُ جَاءَ الْحَدِيثُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ التَّعْرِيفِ بِمَكَّةَ لِغَلَبَةِ تَفَرُّقِ الْحُجَّاجِ مُشَرِّقِينَ وَمُغَرِّبَيْنِ وَمَدِّ الْمَطَايَا أَعْنَاقَهَا فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّعْرِيفِ، فَذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ التَّعْرِيفَ فِيهَا كَغَيْرِهَا لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ صَاحِبِهَا بِمَكَّةَ أَوْ تَوْكِيلِهِ مُقِيمًا بِهَا عَلَيْهَا حَالَ كَوْنِ الْمُلْتَقِطِ الْمُتَصَدِّقِ أَوْ الْمُتَمَلِّكِ بَعْدَ السَّنَةِ (ضَامِنًا) اللُّقَطَةَ لِمُسْتَحِقِّهَا إذَا جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ (فِيهِمَا) أَيْ التَّصَدُّقِ وَالتَّمَلُّكِ. وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَنِيَّةِ) الْمُلْتَقِطِ لِ (أَخْذِهَا) أَيْ تَمَلُّكِ اللُّقَطَةِ (قَبْلَ) تَمَامِ (هَا) أَيْ السَّنَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ أَمَانَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ اخْتِزَالَهَا فَتَصِيرُ كَالْمَغْصُوبِ، وَفِيهَا إذَا ضَاعَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ فَلَا يَضْمَنُهَا. أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَخَذْتهَا لِتَذْهَبَ بِهَا وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ لَا أَعْرِفُهَا صُدِّقَ الْمُلْتَقِطُ. أَشْهَبُ بِلَا يَمِينٍ قَرَّرَ الشَّارِحُ أَوَّلًا بِمَا تَقَدَّمَ وَدَرَج عَلَيْهِ فِي شَامِلِهِ فَقَالَ وَلَوْ نَوَى أَكْلَهُ قَبْلَ الْعَامِ ضَمِنَهُ إنْ تَلِفَ اهـ. الشَّارِحُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إذَا تَلِفَ بَعْدَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ أَبَا الْحَسَنِ قَالَ الْمَشْهُورُ أَنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا فِعْلٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَمِيرَ قَبْلَهَا لِلُّقَطَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ اللُّقَطَةَ نَوَى أَخْذَهَا لِتَمَلُّكِهَا قَبْلَ الْتِقَاطِهَا وَتَبِعَهُ الْبِسَاطِيُّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 235 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَطّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ لَمْ يَقُلْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا أَوْ غَيْرِهِ ضَمِنَهَا، فَإِنْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ سَاعَتِهِ كَمَنْ مَرَّ فِي إثْرِ رَجُلٍ فَوَجَدَ شَيْئًا فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَك فَقَالَ لَا فَتَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي وَاجِدِ كِسَاءٍ بِإِثْرِ رُفْقَةٍ فَأَخَذَهُ وَصَاحَ أَهَذَا لَكُمْ فَقَالُوا لَا فَرَدَّهُ، قَالَ قَدْ أَحْسَنَ فِي رَدِّهِ وَلَا يَضْمَنُهُ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لِيُعَرِّفَهَا اُنْظُرْ هَلْ تَعْرِيفًا عَامًّا الَّذِي هُوَ السَّنَةُ، أَوْ تَعْرِيفًا خَاصًّا كَوَاجِدِ الْكِسَاءِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهَلْ تُوجِبُ النِّيَّةُ بِمُجَرَّدِهَا شَيْئًا أَوْ لَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» ، فَمَنْ نَوَى قُرْبَةً فَلَا تَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا قَوْلٌ كَالنَّذْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ كَصَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ فَهَذَا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَجَزَّأُ كَالْجِوَارِ وَقِرَاءَةِ أَحْزَابٍ فَمَا شَرَعَ فِيهِ لَزِمَ وَمَا لَمْ يَأْتِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَالتَّعْرِيفُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ فَلَيْسَ فِيمَا يَأْتِي إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ اهـ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ أَيْ وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إذَا نَوَى لَمَّا وَجَدَ اللُّقَطَةَ أَخَذَهَا تَمَلُّكًا، وَهَذِهِ النِّيَّةُ قَبْلَ أَخْذِهَا، فَإِذَا أَخَذَهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ، فَإِنْ قُلْت حَمَلْت اللَّفْظَ عَلَى مَا لَا يَحْتَمِلُ، قُلْت بَلْ يَحْتَمِلُ، وَغَايَةُ مَا يُورَدُ أَنِّي غَيَّرْت الْأَخْذَ حَتَّى يَصِحَّ الْمَعْنَى الْمَنْصُوصُ، وَقَدَّرْت مُضَافًا مَحْفُوظًا بَعْدَ قَبْلُ، أَيْ قَبْلَ قَبْضِهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ أَوَّلًا لَا يَصِحُّ مَعْنًى وَلَا نَقْلًا. اهـ. فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي قَوْلِهِ، وَظَاهِرُ إلَخْ وَاحْتِجَاجَهُ بِكَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اتِّفَاقًا فَيَبْقَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْبِسَاطِيُّ فَأَوَّلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الضَّمَانَ إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهِيَ أَمَانَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ اخْتِزَالَهَا فَتَصِيرَ كَالْمَغْصُوبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ اللُّقَطَةَ بِيَدِ مُتَلَقِّطِهَا عَلَى حُكْمِ الْأَمَانَةِ بِمُقْتَضَى حُكْمِ الشَّرْعِ، وَإِنْ كَانَ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا مَا لَمْ يَنْوِ اغْتِيَالًا وَغَصْبًا، فَإِنْ نَوَاهُ ضَمِنَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 236 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَالْغَاصِبِ، وَهَذَا بَيِّنٌ إذَا كَانَتْ هَذِهِ النِّيَّةُ حِينَ الْتَقَطَهَا، وَإِنْ حَدَثَتْ لَهُ هَذِهِ النِّيَّةُ بَعْدَ الْتِقَاطِهِ جَرَى ذَلِكَ عَلَى تَبَدُّلِ النِّيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْقَوْلَ بَلَغُوا أَثَرَ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ كَمَا كَانَتْ لَا مَعَ تَغَيُّرِ بَقَائِهَا عَمَّا كَانَتْ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ لِتَأْثِيرِ النِّيَّةِ وَيَدُ الْمُلْتَقِطِ السَّابِقَةُ عَنْ نِيَّةِ الِاغْتِيَالِ كَانَتْ مَقْرُونَةً بِالتَّعْرِيفِ أَوْ الْعَزْمِ عَلَيْهِ، وَهِيَ بَعْدَهَا مَقْرُونَةٌ بِنَقِيضِ ذَلِكَ فَصَارَ ذَلِكَ كَالْفِعْلِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ اتِّفَاقًا وَالْأَظْهَرُ أَنْ يَنْظُرَ لِحَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْغَصْبِ. اهـ. وَكَذَلِكَ هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةٍ لِلشَّامِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلِ الْبِسَاطِيِّ. اهـ. كَلَامُ الْحَطّ. طفي أَتَى أَبُو الْحَسَنِ بِمَا قَالَهُ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ فَصَحَّ اسْتِدْلَالُ الشَّارِحِ بِهِ هُنَا، وَسَقَطَ تَوَرُّكُ الْحَطّ عَلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ تَحَامُلٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِنَقِيضِ مَا اخْتَارَهُ هُنَا فَقَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ تَمَلُّكِهَا أَوْ التَّصَدُّقِ بِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ ذَلِكَ، قَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا هَذَا صَحِيحٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَأْثِيرِ النِّيَّةِ، وَلَمْ أَعْرِفُهُ نَصًّا، وَتَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَأْثِيرِ النِّيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي النِّيَّةِ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدٍ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِتَأْثِيرِهَا لَمْ أَعْرِفْهُ إلَّا لِابْنِ بَشِيرٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي تَخْرِيجِهِ جَوَازَ صَرْفِ الْوَدِيعَةِ وَمَنْعَهُ عَلَى تَأْثِيرِ النِّيَّةِ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ فِي الْحُكْمِ وَلَغْوِهَا، وَالنِّيَّةُ فِي الْوَدِيعَةِ مُسْتَنِدَةٌ لِعَقْدٍ، وَلِذَا عَبَّرَ الْمَازِرِيُّ عَنْ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي صَرْفِ الْوَدِيعَةِ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى وَقْفِ انْتِقَالِ ضَمَانِهَا عَلَى قَبْضِهَا وَحُصُولِهِ بِالْعَقْدِ، فَلَمْ يُعَلِّلْ ضَمَانَهَا إلَّا بِالْعَقْدِ لَا بِالنِّيَّةِ، وَالْعَقْدُ أَقْوَى مِنْهَا اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 237 وَرَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ، إلَّا بِقُرْبٍ: فَتَأْوِيلَانِ.   [منح الجليل] وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ عَقْدُ الصَّرْفِ فَظَهَرَ، أَنَّ الصَّوَابَ التَّقْرِيرُ الثَّانِي وَلِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ كَذَلِكَ مَفْرُوضَةٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ هِيَ مَغْصُوبَةٌ فِي يَدِ مَنْ أَخَذَهَا بِقَصْدِ الِاخْتِزَالِ. الْبُنَانِيُّ بَلْ الظَّاهِرُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَ " ح " لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ هُنَا لَمْ تَتَجَرَّدْ، بَلْ قَارَنَهَا الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ وَلَا حُجَّةَ لطفي فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بَعْدُ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ فِي نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَالنِّيَّةُ حِينَئِذٍ مُجَرَّدَةٌ عَنْ تَغَيُّرِ وَصْفِ الْيَدِ لِأَنَّهُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ سَقَطَ عَنْهُ التَّعْرِيفُ، فَتَمَسُّكُهُ بِهِ غَفْلَةٌ وَاضِحَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كَ (رَدَّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ لِمَوْضِعِهَا الَّذِي وُجِدَتْ بِهِ وَأَوْلَى لِغَيْرِهِ (بَعْدَ أَخْذِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (لِلْحِفْظِ) وَالتَّعْرِيفِ وَطُولِ الزَّمَانِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَتَلِفَتْ فَيَضْمَنُهَا وَهَذَا فِي أَخْذِهَا الْمَكْرُوهِ لَا الْوَاجِبِ لِضَمَانِهَا بِمُجَرَّدِ تَرْكِهَا وَلَا الْحَرَامِ لِضَمَانِهَا بِأَخْذِهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا لِمَكَانِهَا، فَإِنْ رَدَّهَا لَهُ فَلَا يَضْمَنُهَا لِوُجُوبِ رَدِّهَا حِينَئِذٍ (إلَّا) رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ (بِقُرْبٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مِنْ وَقْتِ أَخْذِهَا (فَ) فِي ضَمَانِهَا إذَا تَلِفَتْ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ، وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا رَدَّهَا لِمَوْضِعِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ ضَمِنَهَا، وَأَمَّا إنْ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا مَكَانَهُ مِنْ سَاعَتِهِ كَمَنْ مَرَّ فِي إثْرِ رَجُلٍ فَوَجَدَ شَيْئًا فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَك فَقَالَ لَا فَتَرَكَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي وَاجِدِ الْكِسَاءِ فِي إثْرِ رُفْقَةٍ فَأَخَذَهُ وَصَاحَ بِهِ أَهَذَا لَكُمْ فَقَالُوا لَا فَرَدَّهُ، قَالَ قَدْ أَحْسَنَ فِي رَدِّهِ فَلَا يَضْمَنُ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لِيُعَرِّفَهَا اُنْظُرْ هَلْ تَعْرِيفًا عَامًّا الَّذِي هُوَ السَّنَةُ، أَوْ تَعْرِيفًا خَاصًّا كَوَاجِدِ الْكِسَاءِ. عِيَاضٌ اخْتَلَفَ تَأْوِيلُ الشُّيُوخِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقِيلَ إنَّ الثَّانِيَةَ بِخِلَافِ الْأُولَى، وَأَنَّهُ ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَلَزِمَهُ حِفْظُهَا، وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ فَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ، وَحَكَى هَذَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَتَأَوَّلَ آخَرُونَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا رَدَّهَا بِالْقُرْبِ، وَقَدْ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا وَإِلَيْهِ نَحَا اللَّخْمِيُّ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَخَذَ لُقَطَةً الْمَسْأَلَةَ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِهِ، فَذَهَبَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 238 وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ، وَقَبْلَ السَّنَةِ فِي رَقَبَتِهِ   [منح الجليل] بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى إذَا لَمْ يَرُدَّهَا بِالْقُرْبِ لِقَوْلِهِ فَبَعْدَ أَنْ حَازَهَا وَبَانَ بِهَا وَلَمْ يَضْمَنْهُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ رَدَّهَا بِالْقُرْبِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا فَلَزِمَهَا حِفْظُهَا فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَأْخُذْهَا بِنِيَّةِ التَّعْرِيفِ الْعَامِّ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ. الشَّيْخُ وَهَلْ تُوجِبُ النِّيَّةُ بِمُجَرَّدِهَا شَيْئًا أَمْ لَا؟ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تُوجِبُ شَيْئًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ» ، فَمَنْ نَوَى قُرْبَهُ فَلَا تَلْزَمُهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا أَنْ يُقَارِنَهَا قَوْلٌ كَالنَّذْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، ثُمَّ هَذَا الْعَمَلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَتَجَزَّأُ كَصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ فَهَذَا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَجَزَّأَ كَالْجِوَارِ وَقِرَاءَةِ أَحْزَابٍ، فَمَا شَرَعَ فِيهِ لَزِمَ، وَمَا لَمْ يَأْتِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا مُجَرَّدُ النِّيَّةِ فَلَا يَلْزَمُ. وَالتَّعْرِيفُ مِمَّا يَتَجَزَّأُ فِيمَا يَأْتِي إلَّا مُجَرَّدَ النِّيَّةِ فَانْظُرْهُ. اهـ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا بِنِيَّةِ تَعْرِيفِهَا، وَإِمَّا بِنِيَّةِ اغْتِيَالِهَا، وَإِمَّا بِنِيَّةِ سُؤَالٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَرُدَّهَا، فَفِي الثَّالِثِ يُفَرَّقُ بَيْنَ رَدِّهَا بِبُعْدٍ فَيَضْمَنُ وَبِقُرْبٍ فَلَا يَضْمَنُ، وَفِي الثَّانِي رَدُّهَا وَاجِبٌ فَلَا ضَمَانَ بِهِ مُطْلَقًا، وَفِي الْأَوَّلِ يَضْمَنُ إنْ رَدَّهَا بِبُعْدٍ، وَفِي الْقُرْبِ تَأْوِيلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَذُو) أَيْ صَاحِبُ (الرِّقِّ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُتَّصِفِ بِالرِّقِّيَّةِ قِنًّا كَانَ أَوْ ذَا شَائِبَةٍ حُكْمُهُ فِي الْتِقَاطِ اللُّقَطَةِ وَتَعْرِيفِهَا سَنَةً وَفِعْلِهِ بِهَا مَا يَشَاءُ بَعْدَهَا (كَذَلِكَ) أَيْ الْحُرِّ (وَ) إنْ تَمَلَّكَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا (قَبْلَ) تَمَامِ (السَّنَةِ فَ) هِيَ (فِي رَقَبَتِهِ) فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهَا عَنْهُ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهَا، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِدَائِهِ بِعِوَضِهَا وَإِسْلَامِهِ فِيهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ تَعْرِيفِهَا لِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَتِهِ. وَمَفْهُومُ قَبْلَ السَّنَةِ أَنَّهَا بَعْدَهَا فِي ذِمَّتِهِ كَالْحُرِّ وَهُوَ كَذَالِك. اللَّخْمِيُّ إذَا الْتَقَطَ الرَّقِيقُ لُقَطَةً عَرَّفَهَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ فِيهَا، فَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ كَانَتْ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا بَعْدَهَا فَلَا تَكُونُ إلَّا فِي ذِمَّتِهِ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ لِمَوْلَاهُ إسْقَاطُهَا عَنْهُ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهَا وَلَوْلَا الشُّبْهَةُ لَكَانَتْ فِي رَقَبَتِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ جَعَلَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فِي ذِمَّتِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُك بِهَا» . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 239 وَلَهُ أَكْلُ مَا يَفْسُدُ وَلَوْ بِقَرْيَةٍ، وَشَاةٍ: بِفَيْفَاءَ: كَبَقَرٍ بِمَحَلِّ خَوْفٍ، وَإِلَّا تُرِكَتْ كَإِبِلٍ، وَإِنْ أَخَذَتْ: عُرِّفَتْ،   [منح الجليل] وَلَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (أَكْلُ مَا يَفْسُدُ) بِالتَّأْخِيرِ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ إنْ وُجِدَ بِغَيْرٍ قُرْبِهِ، بَلْ (وَإِنْ) وَجَدَهُ (بِقُرْبِهِ) وَلَا يَضْمَنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ أَوْلَى وَأَكْلُهُ أَوْلَى مِنْ طَرْحِهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ الْتَقَطَ مَا لَا يَبْقَى مِنْ الطَّعَامِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كَثُرَ أَوْ قَلَّ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ أَكَلَهُ فَلَا يَضْمَنُهُ (وَ) لَهُ أَكْلُ (شَاةٍ) وَجَدَهَا (بِفَيْفَاءَ) بِفَتْحِ الْفَاءَيْنِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ مَمْدُودًا، أَيْ صَحْرَاءُ لَا عِمَارَةَ بِهَا وَلَا مَاءَ وَلَا عُشْبَ. ابْنُ رُشْدٍ مَا لَا يَبْقَى بِيَدِ مُلْتَقِطِهِ وَيُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ إنْ تَرَكَهُ كَالشَّاةِ فِي الْفَيْفَاءِ وَالطَّعَامِ الَّذِي لَا يَبْقَى فَإِنَّ هَذَا يَأْكُلُهُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الشَّاةِ «هِيَ لَك أَوْ لِأَخِيك أَوْ لِلذِّئْبِ» فَأَوْجَبَهَا لَهُ مِلْكًا. وَاخْتُلِفَ إنْ وُجِدَ هَذَا الطَّعَامُ الَّذِي يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَا يَبْقَى فِي الْحَاضِرَةِ وَحَيْثُ النَّاسُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ أَكْلَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ وَجَدَ ضَالَّةَ الْغَنَمِ بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ عَرَّفَ بِهَا فِي أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهِ، وَلَا يَأْكُلُهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي فَلَوَاتِ الْأَرْضِ وَالْمَهَامِهِ أَكَلَهَا وَلَا يُعَرِّفُ بِهَا، وَلَا يَضْمَنُ لِرَبِّهَا شَيْئًا. الْحَطّ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ شَرْطًا آخَرَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ كَوْنُهَا بِعُسْرِ حَمْلِهَا، وَأَقَرَّهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، الثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْسُرْ حَمْلُهَا لَلَزِمَهُ حَمْلُهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ فَقَالَ (كَبَقَرٍ) وُجِدَتْ (بِمَحَلِّ خَوْفٍ) عَلَيْهَا مِنْ سِبَاعٍ وَنَحْوَهَا وَجُوعٍ وَعَطَشٍ وَعُسْرِ سَوْقِهَا لَلْعُمْرَانِ فَيَجُوزُ لِوَاجِدِهَا أَكْلُهَا وَلَا يَضْمَنُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْبَقَرُ بِمَحَلِّ خَوْفٍ (تُرِكَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الْمُخْتَلِطَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ ضَالَّةُ الْبَقَرِ إنْ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ يُخَافُ عَلَيْهَا فِيهِ مِنْ السِّبَاعِ وَالذِّئَابِ فَهِيَ كَالْغَنَمِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ السِّبَاعِ فَهِيَ كَالْإِبِلِ. وَشَبَّهَ فِي التَّرْكِ فَقَالَ (كَ) ضَالَّةِ (إبِلٍ) فَيَجِبُ تَرْكُهَا بِمَحَلِّ وُجُودِهَا وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهَا (فَإِنْ أُخِذَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ اُلْتُقِطَتْ ضَالَّةُ الْإِبِلِ (عُرِّفَتْ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 240 ثُمَّ تُرِكَتْ بِمَحَلِّهَا. وَكِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوَهَا فِي عَلَفِهَا: كِرَاءً مَضْمُونًا   [منح الجليل] بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ضَالَّةُ الْإِبِلِ سَنَةً (ثُمَّ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقُّهَا (تُرِكَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ضَالَّةُ الْإِبِلِ (بِمَحَلِّهَا) الَّذِي وُجِدَتْ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ وَجَدَ ضَالَّةَ الْإِبِلِ بِفَلَاةٍ تَرَكَهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا عَرَّفَهَا سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا وَلَا بَيْعُهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهَا فَلْيُخَلِّهَا بِالْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا فِي جَمِيعِ الْأَزْمَانِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِزَمَانِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ النَّاسِ. وَأَمَّا فِي الزَّمَنِ الَّذِي فَسَدَ فِيهِ النَّاسُ فَالْحُكْمُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا فَإِنْ لَمْ تُعَرَّفْ بِيعَتْ وَوَقَفَ ثَمَنُهَا لِصَاحِبِهَا، فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا فَعَلَهُ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا دَخَلَ النَّاسَ فِي زَمَنِهِ الْفَسَادُ، وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صَمِيمُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَدَمُ الْتِقَاطِهَا مُطْلَقًا، وَأَقَرَّهُ الْمُوَضِّحُ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِمَوْضِعٍ يُخَافُ عَلَيْهَا فِيهِ مِنْ السِّبَاعِ أَمْ لَا. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ إنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بَعِيدَةً مِنْ الْعُمْرَانِ حَيْثُ يُخَافُ عَلَيْهَا مِنْ السِّبَاعِ فَقِيلَ إنَّهَا كَالْغَنَمِ لِوَاجِدِهَا أَكْلُهَا. وَقِيلَ تُؤْخَذُ فَتُعَرَّفُ. إذْ لَا مَشَقَّةَ فِي جَلْبِهَا اهـ. وَنَقَلَ الْخِلَافَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ الْمُقَدِّمَاتِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْعُمْرَانِ أَوْ فِي الصَّحْرَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تُلْتَقَطُ الْإِبِلُ فِي الصَّحْرَاءِ. الْمُوَضِّحُ نَحْوَهُ. فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِخُرُوجِهِ مَخْرَجَ الْغَالِبِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ مَفْهُومًا ثُمَّ هُوَ يَحْتَمِلُ الْمُوَافَقَةَ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْتِقَاطُهَا حَيْثُ يُتَوَهَّمُ ضَيَاعُهَا فَامْتِنَاعُهُ حَيْثُ لَا يُتَوَهَّمُ أَوْلَى، وَالْمُخَالَفَةُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تُلْتَقَطُ فِي الْعُمْرَانِ لِسُهُولَةِ وِجْدَانِ رَبِّهَا وَلِأَنَّهَا فِي الْعُمْرَانِ لَا تَجِدُ مَا تَأْكُلُ فَتَهْلِكُ جُوعًا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلُ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى لَفْظِهِ. (وَ) لَهُ (كِرَاءُ بَقَرٍ) مُلْتَقَطَةٍ (وَنَحْوَهَا) كَخَيْلٍ وَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَيُصْرَفُ كِرَاؤُهَا (فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَضْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا وَعَاقِبَتُهُ لَا يُخْشَى عَلَيْهَا الْهَلَاكُ مِنْهُ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي عَلَفِهَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ كِرَاؤُهَا لِغَيْرِهِ. اللَّخْمِيُّ ضَالَّةُ الْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ الدَّوَابِّ يُمْنَعُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 241 رُكُوب دَابَّةٍ مُلْتَقَطَة مِنْ مَوْضِع الْتِقَاطهَا لِمَوْضِعِهِ أَيْ الْمُلْتَقَط وَرُكُوبُ دَابَّةٍ لِمَوْضِعِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ، وَغَلَّاتُهَا دُونَ نَسْلِهَا وَخُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ أَوْ إسْلَامِهَا   [منح الجليل] أَخْذُهَا إذَا كَانَتْ بِمَوْضِعِ رَيٍّ وَمَاءٍ لَا يُخَافُ عَلَيْهَا السِّبَاعُ وَلَا بَأْسٌ، فَإِنْ انْخَرَمَ أَحَدُ هَذِهِ الْوُجُوهِ أُخِذَتْ وَلَيْسَ لِهَذِهِ صَبْرٌ عَنْ الْمَاءِ كَالْإِبِلِ، فَإِنْ أُخِذَتْ عُرِّفَتْ حَوْلًا إذَا تَكَلَّفَ ذَلِكَ وَاجِدُهَا وَلَمْ يَلْحَقْ صَاحِبَهَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ مَضَرَّةٌ. فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَيْعِهَا فِي أَمْنٍ وَحِفْظٍ أَوْ تُؤَاجَرُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُ مِنْ النَّفَقَةِ فَعَلَ ذَلِكَ، فَإِنْ خِيفَ خُرُوجُهَا إلَى الرَّعْيِ اُسْتُؤْجِرَتْ فِي مَأْمُونٍ مِنْ الْأَعْمَالِ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِنْ لَمْ تُوفِ الْإِجَارَةُ بِعَلَفِهَا أَوْ قَالَ وَاجِدُهَا لَا أَتَكَلَّفُ الصَّبْرَ عَلَيْهَا بِيعَتْ، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهَا. (وَ) لَهُ (رُكُوبُ دَابَّةٍ) مُلْتَقَطَةٍ مِنْ مَوْضِعِ الْتِقَاطِهَا (لِمَوْضِعِهِ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْهَا لِمَوْضِعِهِ بِأَنْ رَكِبَهَا لِغَيْرِهِ (ضَمِنَ) قِيمَتَهَا إنْ هَلَكَتْ بِسَبَبِ رُكُوبِهَا وَأُجْرَتِهَا إنْ سَلِمَتْ. مُطَرِّفٌ لِوَاجِدِ ضَالَّةِ الدَّوَابِّ رُكُوبُهَا إلَى مَوْضِعِهِ لَا فِي حَوَائِجِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَهَا (وَ) لَهُ (غَلَّاتُهَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ. " غ " الْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ هُنَا لَبَنُهَا وَزُبْدُهَا وَسَمْنُهَا دُونَ صُوفِهَا وَدُونَ كِرَائِهَا، بِدَلِيلِ تَقْدِيمِ الْكِرَاءِ، وَالصُّوفُ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّسْلِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي خِيَارِ النَّقِيصَةِ، بِخِلَافِ وَلَدٍ وَثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ وَصُوفٍ تَمَّ أَوْ لَا (دُونَ نَسْلِهَا) سَمِعَ الْقَرِينَانِ نِتَاجُ الضَّالَّةِ مِثْلُهَا وَلَبَنُهَا. عِيسَى لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نِتَاجِهَا وَخَفَّفَ أَكْلَ لَبَنِهَا يُرِيدُ بِقَدْرِ قِيَامِهِ عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ يَتِيمَتِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا لَهُ قَدْرٌ يَشِحُّ بِهِ رَبُّهُ كَلُقَطَةٍ وَمَا لَا يَشِحُّ بِهِ لَهُ أَكْلُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ نَسْلُ الضَّالَّةِ الْمُعَرَّفَةِ وَصُوفُهَا مِثْلُهَا فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ. وَأَمَّا مَنَافِعُ اللُّقَطَةِ وَغَلَّاتُهَا وَلَبَنُهَا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِلْمُلْتَقِطِ وَلَا يُتْبَعُ بِذَلِكَ، وَيُتْبَعُ بِهَا وَبِنَسْلِهَا خَاصَّةً. وَقِيلَ يُتْبَعُ بِالْجَمِيعِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ وَلَهُ أَنْ يُكْرِيَ الْبَقَرَ وَغَيْرَهُ فِي عَلَفِهَا كِرَاءً مَأْمُونًا، وَلَهُ الرُّكُوبُ، وَلَهُ بَيْعُ مَا يُخَافُ ضَيَاعُهُ وَتَلَفُهُ . (وَ) إنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ نَفَقَةً (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (رَبُّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (بَيْنَ فَكِّهَا بِ) دَفْعِ عِوَضِ (النَّفَقَةِ) لِلْمُلْتَقِطِ (وَإِسْلَامِهَا) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 242 وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَهَا فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهَا بِيَدِ الْمِسْكَيْنِ؛ أَوْ مُبْتَاعٍ مِنْهُ:   [منح الجليل] لِمُلْتَقِطِهَا فِي النَّفَقَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَا أُنْفِقَ عَلَى الدَّوَابِّ أَوْ مَا اُلْتُقِطَ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ إبِلٍ، كَأَنْ أَسْلَمَهَا رَبُّهَا أَوْ غَنَمٍ أَوْ مَتَاعٍ أُكْرِيَ عَلَى حَمْلِهِ مِنْ مَوْضِعٍ لِآخَرَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ دُونَهُ فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ رَبُّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَفِي رُهُونِهَا الْمُنْفِقُ عَلَى الضَّالَّةِ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ نَفَقَتَهُ. الشَّيْخُ فِي كُتُبِ أَشْهَبَ وَغَيْرِهَا لِرَبِّ الدَّوَابِّ وَالْمَاشِيَةِ أَخْذُهَا وَإِسْلَامُهَا، فَإِنْ أَسْلَمَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَخْذُهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَكَذَا فِي الْآبِقِ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ بَاعَهَا) أَيْ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ (بَعْدَهَا) أَيْ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا (فَمَا) أَيْ لَيْسَ (لِرَبِّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (إلَّا الثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ، سَوَاءٌ بِيعَتْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ بَيْعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا إنْ بِيعَتْ اللُّقَطَةُ بَعْدَ السَّنَةِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إنْ جَاءَ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ بِيعَتْ دُونَ أَمْرِ الْإِمَامِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُ ثَمَنِهَا مِمَّنْ قَبَضَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّوَابِّ إذَا بِيعَتْ. ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ أَشْهَبُ بَيْعَ الثِّيَابِ بَعْدَ السَّنَةِ دُونَ أَمْرِ الْإِمَامِ تَعَدِّيًا، وَجَعَلَهُ يَنْقُضُ الْبَيْعَ فِي الدَّوَابِّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَشَأْنَكَ بِهَا» فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِهَذَا أَبْيَنُ. (بِخِلَافِ) مَا (لَوْ وَجَدَهَا) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ اللُّقَطَةَ (بِيَدِ الْمِسْكَيْنِ) الَّذِي تَصَدَّقَ الْمُلْتَقِطُ بِهَا عَلَيْهِ (أَوْ) وَجَدَهَا بِيَدِ شَخْصٍ (مُبْتَاعٍ) أَيْ مُشْتَرٍ (مِنْهُ) أَيْ الْمِسْكَيْنِ فَلَهُ أَخْذُهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. فِيهَا إذَا تَصَدَّقَ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا، فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْمَسَاكِينِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَإِنْ أَكَلُوهَا فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُهُمْ لِأَنَّهُ قِيلَ فِي اللُّقَطَةِ يُعَرِّفُهَا سَنَةً ثُمَّ شَأْنُهُ بِهَا بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَأْكُلُ الْهِبَةَ ثُمَّ تُسْتَحَقُّ هَذَا لِرَبِّهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ. ابْنُ يُونُسَ إنْ تَصَدَّقَ بِهَا بَعْدَ الْتِزَامِ قِيمَتِهَا لِرَبِّهَا فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَلْزَمَهُ مَا الْتَزَمَ أَوْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ الْمَسَاكِينِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا تَعَدِّيًا أَوْ عَنْ رَبِّهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُهَا، وَإِنْ فَاتَتْ فِي الْوَجْهَيْنِ لَزِمَ مُلْتَقِطَهَا قِيمَتُهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 243 فَلَهُ أَخْذُهَا؛ وَلِلْمُلْتَقِطِ: الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا، إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا، فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا أَوْ قِيمَتِهَا.   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ وُجِدَتْ بِيَدِ مَنْ ابْتَاعَهَا مِنْ الْمَسَاكِينِ فِيهِ أَخْذُهَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ. ابْنُ يُونُسَ جَعَلَ ابْنَ الْقَاسِمِ لِرَبِّهَا نَقْضُ بَيْعِ الْمَسَاكِينِ لَهَا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ نَقْضَ بَيْعِهَا الْمُلْتَقَطَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ بَاعَهَا خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِهَا وَأَوْقَفَ لَهُ ثَمَنَهَا فَلَمْ يُنْقَضْ بَيْعُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَشَأْنَك بِهَا» وَالْمَسَاكِينُ إنَّمَا بَاعُوهَا عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُمْ فَلِمُسْتَحِقِّهَا نَقْضُ بَيْعِهِمْ كَنَقْضِهِ بَيْعَ الْمُشْتَرِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ. ابْنُ يُونُسَ وَإِذَا أَخَذَهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِأَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَ لِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَهَا مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانُوا أَكَلُوهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ الَّذِي سَلَّطَهُمْ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَكَلُوهَا. (وَلِل) شَخْصِ الـ (مُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمِسْكِينِ بِاللُّقَطَةِ إنْ وَجَدَهَا عِنْدَهُ وَبِثَمَنِهَا إنْ وَجَدَهُ عِنْدَهُ إنْ أَخَذَ صَاحِبُهَا (مِنْهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ (قِيمَتُهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ) الْمُلْتَقِطُ (بِهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمِسْكَيْنِ بِشَيْءٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي عَيْنِهَا إنْ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا مِنْ الْمَسَاكِينِ، وَأَخَذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِشَيْءٍ. (وَإِنْ نَقَصَتْ) لُقَطَةٌ عِنْدَ مُلْتَقِطِهَا (بَعْدَ نِيَّةِ) مُلْتَقِطِهَا لِ (تَمَلُّكِهَا) بَعْدَ السَّنَةِ (فَلِرَبِّهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ (أَخْذُهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ مِنْ مُلْتَقِطِهَا نَاقِصَةً بِلَا أَرْشٍ لِنَقْصِهَا (أَوْ) أَخَذَ (قِيمَتَهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ يَوْمَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا وَتَرَكَهَا لِمُلْتَقِطِهَا، وَمَفْهُومُ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا أَنَّهَا إنْ نَقَصَتْ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَهَا أَوْ فِي السَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخَذُهَا نَاقِصَةً. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ نَقَصَتْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِاسْتِعْمَالِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إذَا وَجَدَهَا رَبُّهَا بِيَدِ مُلْتَقِطِهَا وَقَدْ نَقَصَهَا بِاسْتِعْمَالِهِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَمَا نَقَصَهَا، وَإِنْ أَنْهَكَهَا فَفِي تَخْيِيرِهِ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا أَوْ أَخَذَهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَقْصِهَا أَوْ مَعَ قِيمَةِ نَقْصِهَا. ثَالِثُهَا لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا نَقَصَهَا. طفي وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كَمَا تَرَى لَيْسَتْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 244 وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ نُبِذَ كِفَايَةً   [منح الجليل] فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ مِنْ نَقْصِهَا بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ السَّنَةِ، بَلْ فِي نَقْصِهَا عِنْدَ الْمُلْتَقِطِ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهِ لَا بِقَيْدِ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا بَعْدَ السَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَوَجَبَ لَقْطُ) بِسُكُونِ الْقَافِ وَإِهْمَالِ الطَّاءِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (طِفْلٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ صَبِيٍّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (نُبِذَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ، أَيْ طُرِحَ لِوُجُوبِ حِفْظِ النَّفْسِ وُجُوبًا (كِفَايَةً) مِمَّنْ قَامَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ لِحُصُولِ الْحِفْظِ بِهِ فَلَا يُلْقَطُ بَالِغٌ وَلَا طِفْلٌ غَيْرُ مَنْبُوذٍ، وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ مَنْبُوذًا بِقَرِينَةِ الْحَالِ. ابْنُ شَاسٍ كُلُّ صَبِيٍّ ضَائِعٍ لَا كَافِلَ لَهُ فَالْتِقَاطُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَرَفَةَ اللَّقِيطُ صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبَوَاهُ وَلَا رِقُّهُ فَخَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ الْمَعْلُومَةِ وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ لُقَطَةً الْمِسْنَاوِيُّ وَفِيهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الرَّقِيقَ مِنْ حَدِّ اللُّقَطَةِ أَيْضًا، قَوْلُهُ إنَّهُ آبِقٌ لَا لُقَطَةٌ وَلَا لَقِيطٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْضًا لِأَنَّ الْآبِقَ عُرْفًا هُوَ الْفَارُّ مِنْ سَيِّدِهِ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ تَابِعًا لِلْغَزَالِيِّ هُوَ طِفْلٌ ضَائِعٌ لَا كَافِلَ لَهُ قَبْلَهُ. ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ بِطِفْلٍ كَذَلِكَ مَعْلُومٍ أَبَوَاهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَقِيطٍ لِانْتِفَاءِ لَازِمِهِ وَهُوَ كَوْنُ إرْثِهِ لِلْمُسْلِمِينَ فِي وَلَائِهَا. اللَّقِيطُ حُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لِمَنْ الْتَقَطَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ يَشَاءُ وَالْمُسْلِمُونَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ مَا جَنَى وَيَرِثُونَهُ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ أَطْلَقَ ابْنُ شَعْبَانَ عَلَيْهِ لَفْظَ مَنْبُوذٍ وَتَرْجَمَ عَلَى أَحْكَامِهِ فِي الْمُوَطَّإِ بِالْقَضَاءِ فِي الْمَنْبُوذِ. وَفِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ الْمَنْبُوذُ اللَّقِيطُ. اللَّخْمِيُّ الْمَنْبُوذُ كَاللَّقِيطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالدَّيْنِ، وَاخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَنْبُوذُ لِزَنْيَةٍ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، وَيُحَدُّ قَاذِفُ اللَّقِيطِ بِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَنْ نُبِذَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَشَأْنُ ذَلِكَ فِيمَا وَلَدُ لِزِنًا وَاللَّقِيطُ مَنْ طُرِحَ فِي الشِّدَّةِ وَالْجَدْبِ وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلُهُ قَالَ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا مَنْبُوذُ قَالَ مَا يُعْلَمُ مَنْبُوذٌ إلَّا وَلَدَ الزِّنَا وَعَلَى قَائِلِهِ الْحَدُّ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَلْحَقَ لَقِيطًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ وَيَسْمَعُ قَوْلَ النَّاسِ إنْ طُرِحَ عَاشَ، وَهَذَا إنَّمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 245 وَحَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ إنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ الْفَيْءِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ كَهِبَةٍ أَوْ يُوجَدَ مَعَهُ أَوْ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ، إنْ كَانَ مَعَهُ رُقْعَةٌ   [منح الجليل] الرَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ عَبَّرَ ابْنُ شَعْبَانَ عَنْ حُكْمِ الْتِقَاطِهِ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ الْمَنْبُوذُ وَلَا يُتْرَكَ. وَفِي الْمَعُونَةِ مَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَهُ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَلْزَمُ الْكَافَّةَ إعَانَتُهُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ تَابِعًا الْغَزَالِيَّ إلَى الْتِقَاطِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَمْ أَعْرِفْهَا. وَالظَّاهِرُ إنْ كَانَ بَيْتُ مَالٍ تَعَيَّنَ عَلَى النَّاظِرِ فِيهِ حِفْظُهُ وَعَلَى مَنْ أَبْصَرَهُ رَفْعُ عِلْمِهِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الْغَالِبُ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَى الْقَادِرِينَ عَلَى حِفْظِهِ وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ خَافَ عَلَيْهِ الْهَلَاكَ إنْ تَرَكَهُ لَزِمَهُ أَخْذُهُ هُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ تَرَكَهُ وَمَاتَ تَخَرَّجَ عَلَى قَوْلِهَا أَوَّلُ حَرِيمِ الْبِئْرِ إنْ لَمْ يَقْوَ الْمُسَافِرُونَ عَلَى دَفْعِهِمْ حَتَّى مَاتُوا عَطَشًا فَدِيَتُهُمْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا. (وَ) وَجَبَتْ (حَضَانَتُهُ) أَيْ تَرْبِيَةُ اللَّقِيطِ وَحِفْظُهُ عَلَى مُلْتَقِطِهِ لِالْتِزَامِهِ ذَلِكَ بِأَخْذِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ حَضَانَةُ اللَّقِيطِ عَلَى مُلْتَقِطِهِ اتِّفَاقًا (وَ) وَجَبَتْ (نَفَقَتُهُ) أَيْ اللَّقِيطِ عَلَى مُلْتَقِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الذَّكَرُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَيَدْخُلَ بِالْأُنْثَى زَوْجُهَا (إنْ لَمْ يُعْطَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ اللَّقِيطُ (مِنْ الْفَيْءِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَهَمْزٌ، أَيْ مَالِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَكْفِيهِ (إلَّا أَنْ يَمْلِكَ) اللَّقِيطُ (كَهِبَةٍ) وَصَدَقَةٍ وَغَلَّةٍ حُبِسَ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُوجَدَ مَعَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (مَالٌ) مَرْبُوطٌ فِي لِفَافَتِهِ (أَوْ) يُوجَدَ شَيْءٌ (مَدْفُونٌ) تَحْتَهُ (إنْ كَانَتْ مَعَهُ) أَيْ اللَّقِيطِ (رُقْعَةٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ مِنْ وَرَقٍ أَوْ جِلْدٍ مَكْتُوبٍ فِيهَا إنَّ الْمَدْفُونَ تَحْتَ اللَّقِيطِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ رُقْعَةٌ كَذَلِكَ فَلَيْسَ الْمَدْفُونُ لَهُ، بَلْ هُوَ رِكَازٌ إنْ كَانَ دَفْنَ جَاهِلِيٍّ وَإِلَّا فَهِيَ لُقَطَةٌ. ابْنُ شَاسٍ نَفَقَةُ اللَّقِيطِ فِي مَالِهِ وَهُوَ مَا وُقِفَ عَلَى اللَّقِيطِ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ مَا وُجِدَ تَحْتَ يَدِ اللَّقِيطِ عِنْدَ الْتِقَاطِهِ لِكَوْنِهِ مَلْفُوفًا عَلَيْهِ. وَفِي الزَّاهِيِّ إنْ وُجِدَ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَعَهُ مَالٌ مَشْدُودٌ فَهُوَ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ وَأَمَّا الْمَالُ الْمَدْفُونُ فِي الْأَرْضِ تَحْتَهُ فَلَيْسَ هُوَ لَهُ إلَّا أَنْ تُوجَدَ مَعَهُ رُقْعَةٌ مَكْتُوبَةٌ بِأَنَّهُ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 246 وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا، وَالْقَوْلُ لَهُ إنْ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً   [منح الجليل] لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَالَ الْبَاجِيَّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَلَى مُلْتَقِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَسْتَغْنِيَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ اسْتَأْذَنَ الْإِمَامَ وَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي اللَّقِيطُ حُرٌّ وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَفِي كِتَابِ الْجُعْلِ أَجْرُ رَضَاعِ اللَّقِيطِ. وَمَنْ لَا مَالَ لَهُ مِنْ الْيَتَامَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (وَ) وَجَبَ لِلْمُلْتَقِطِ (رُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ) أَيْ اللَّقِيطِ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ (إنْ طَرَحَهُ) أَيْ الْأَبُ اللَّقِيطَ (عَمْدًا) ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَأَتَى رَجُلٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ فَلْيَتْبَعْهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فِي حِينِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ هَذَا إنْ تَعَمَّدَ الْأَبُ طَرْحَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ طَرَحَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ مُحْتَسَبٌ. اللَّخْمِيُّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَبْيَنُ لِأَنَّ الْمُنْفِقَ يَقُولُ لَوْ عَلِمْت أَنَّ لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَمْ أُنْفِقْ عَلَيْهِ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي صَغِيرٍ ضَلَّ مِنْ وَالِدِهِ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ بِشَيْءٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ اللَّقِيطُ الَّذِي لَمْ يَتَعَمَّدْ الْأَبُ طَرْحَهُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ (لَمْ يُنْفِقْ) الْمُلْتَقِطُ عَلَيْهِ (حِسْبَةً) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَبَرُّعًا لِلَّهِ تَعَالَى إذَا ادَّعَى الْأَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حِسْبَةً، وَهَذَا إذَا أُشْكِلَ الْأَمْرُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ ثَبَتَ لَهُ أَبٌ بِبَيِّنَةٍ وَطَرَحَهُ عَمْدًا لَزِمَهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَ حِسْبَةً فَلَا رُجُوعَ لَهُ، فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْفِقِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَهِمَ ابْنَ الْحَاجِبِ وَشَارِحَاهُ الْمَذْهَبَ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ حِسْبَةً فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ مَعَ تَعَمُّدِهِ. طَرْحَهُ، وَمُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ، وَأَنَّ لِمَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ احْتِسَابًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ لَهُ أَبًا مُوسِرًا تَعَمَّدَ طَرْحَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ وَتَقَدَّمَ نَصُّهَا وَيُرَشِّحُهُ اللَّخْمِيُّ بِقَوْلِهِ إنَّهُ يَقُولُ لَوْ عَلِمْت لَهُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مَا أَنْفَقْت عَلَيْهِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 247 وَهُوَ حُرٌّ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ، كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتَانِ، إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ، وَإِنْ فِي قُرَى الشِّرْكِ فَمُشْرِكٌ وَلَمْ يَلْحَقْ بِمُلْتَقِطِهِ وَلَا غَيْرِهِ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِوَجْهٍ   [منح الجليل] وَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (حُرٌّ) لَا رِقَّ لِمُلْتَقِطِهِ (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ مِيرَاثُ اللَّقِيطِ إذَا مَاتَ بِلَا وَارِثٍ (لِ) بَيْتِ مَالِ (الْمُسْلِمِينَ) لَا لِمُلْتَقِطِهِ. فِيهَا اللَّقِيطُ حُرٌّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (وَحُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِسْلَامِهِ) أَيْ اللَّقِيطِ إنْ وُجِدَ (فِي قُرَى) بِضَمِّ الْقَافِ جَمْعُ قَرْيَةٍ (الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ، وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ، حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (لَمْ يَكُنْ) يُوجَدُ (فِيهَا) أَيْ الْقَرْيَةِ الَّتِي وُجِدَ اللَّقِيطُ فِيهَا (إلَّا بَيْتَانِ) لِلْمُسْلِمِينَ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ (إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ و) إنْ وُجِدَ (فِي قُرَى الشِّرْكِ) أَيْ الْكُفْرِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا بَيْتَانِ لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ (مُشْرِكٌ) أَيْ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ وَلَوْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فِيهَا، قُلْت مَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فِي مَدِينَةٍ إسْلَامٍ أَوْ فِي قَرْيَةٍ لِلشِّرْكِ فِي أَرْضِهِ أَوْ كَنِيسَةٍ أَوْ بِيعَةٍ وَعَلَيْهِ زِيُّ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ وَكَيْفَ إنْ كَانَ الَّذِي الْتَقَطَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا مَا حَالُهُ، فَقَالَ إنْ الْتَقَطَهُ نَصْرَانِيٌّ فِي قُرَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ فِي قُرَى أَهْلِ الشِّرْكِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَمَوَاضِعِهِمْ فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَإِنْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لِلنَّصَارَى وَلَا يُعْرَضُ لَهُ إلَّا أَنْ يَلْتَقِطَهُ هُنَاكَ مُسْلِمٌ فَيَحْمِلَهُ عَلَى دِينِهِ. (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَلْحَقْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ نَسَبُ اللَّقِيطِ (بِمُلْتَقِطِهِ وَلَا) بِ (غَيْرِهِ إلَّا بِبَيِّنَةِ) شَاهِدَةٍ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ بِمُلْتَقِطِهِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بِوَجْهٍ) أَيْ قَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِ مُدَّعِيهِ كَشُهْرَتِهِ بِمَوْتِ أَوْلَادِهِ وَسَمَاعِهِ قَوْلَ بَعْضِ الْعَوَامّ إنْ طُرِحَ الْوَلَدُ يَوْمَ وِلَادَتِهِ عَاشَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ طَرَحَهُ لِذَلِكَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَلَدُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 248 وَلَا يَرُدُّهُ بَعْدَ أَخْذِهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ وَقُدِّمَ الْأَسْبَقُ ثُمَّ الْأَوْلَى، وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ،   [منح الجليل] فَلَا يُصَدَّقُ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِدَعْوَاهُ وَجْهٌ كَرَجُلٍ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَمَاهُ لِأَنَّهُ سَمِعَ قَوْلَ النَّاسِ إذَا طُرِحَ عَاشَ وَنَحْوَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُلْتَقِطُ قَالَ أَرَاهُ شَاهِدًا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ مَعَ الْيَمِينِ فِي النَّسَبِ. (وَلَا يَرُدُّهُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ، أَيْ الْمُلْتَقِطُ اللَّقِيطَ (بَعْدَ أَخْذِهِ) لِتَعَيُّنِ حَضَانَتِهِ عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ اللَّقِيطَ (لِيَدْفَعَهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطُ اللَّقِيطَ (لِلْحَاكِمِ) لَا لِقَصْدِ تَرْبِيَتِهِ (فَلَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ الْحَاكِمُ اللَّقِيطَ فَلِلْمُلْتَقِطِ رَدُّهُ لِمَوْضِعِ الْتِقَاطِهِ (وَ) الْحَالُ (الْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ) لِلنَّاسِ كَثِيرًا. الْبَاجِيَّ إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا وَأَيْقَنَ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ وَإِلَّا فَلَا يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلتَّلَفِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ مَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَلَيْسَ لَهُ تَرَكَهُ إنْ أَخَذَهُ لِيُرَبِّيَهُ وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فَلَا ضِيقَ عَلَيْهِ فِي رَدِّهِ لِمَوْضِعِ أَخْذِهِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أَخَذَ لَقِيطًا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْتِزَامَ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لَمْ أُرِدْ ذَلِكَ قَبِلَ قَوْلَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ مِنْ الْهَلَاكِ لِكَثْرَةِ النَّاسِ فِيهِ وَأَيْقَنَ أَنَّهُ يُسَارِعُ النَّاسُ إلَى أَخْذِهِ. (وَ) إنْ ازْدَحَمَ عَلَى اللَّقِيطِ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ صَالِحٌ لِحَضَانَتِهِ وَأَرَادَ كُلٌّ أَخْذَهُ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّخْصُ (الْأَسْبَقُ) أَيْ السَّابِقُ مِنْهُمْ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَسْبَقُ قُدِّمَ الشَّخْصُ (الْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ، أَيْ الْأَحَقُّ بِكَفَالَتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَسْبَقُ وَلَا أَوْلَى (فَالْقُرْعَةُ) تُضْرَبُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ بِتَقْدِيمِهِ قُدِّمَ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ ازْدَحَمَ اثْنَانِ عَلَى اللَّقِيطِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَهْلٌ قُدِّمَ مَنْ سَبَقَ، فَإِنْ اسْتَوَيَا قَدَّمَ الْإِمَامُ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ لِلصَّبِيِّ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِيهِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَفِيهَا مَنْ الْتَقَطَ لَقِيطًا فَكَابَرَهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَنَزَعَهُ مَنَعَهُ فَرَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ إلَيْهِمَا فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقْوَى عَلَى مُؤْنَتِهِ وَكِفَايَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 249 وَيَنْبَغِي الْإِشْهَادُ وَلَيْسَ لِمُكَاتَبٍ وَنَحْوَهُ الْتِقَاطٌ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَنُزِعَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ مِنْ غَيْرِهِ   [منح الجليل] وَكَانَ مَأْمُونًا دَفَعَهُ إلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ تَابِعًا لِلْغَزَالِيِّ إنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. (وَيَنْبَغِي الْإِشْهَادُ) عَلَى الْتِقَاطِهِ خَوْفَ اسْتِرْقَاقِهِ أَوْ تَبَنِّيه. ابْنُ شَاسٍ مَنْ أَخَذَ لَقِيطًا فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ خَوْفَ الِاسْتِرْقَاقِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْهُ نَصًّا إلَّا لِلْغَزَالِيِّ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافَ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ نَدْبِهِ (وَلَيْسَ لِ) رَقِيقٍ (مُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ) كَمُدَبَّرٍ وَمُبَعَّضٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَوَلَدِهَا غَيْرِ سَيِّدِهَا وَأَوْلَى الْقِنُّ (الْتِقَاطٌ) لِلَّقِيطِ (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) فَإِنْ أَذِنَ فَهُوَ الْمُلْتَقِطُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ لَوْ الْتَقَطَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُكَاتَبُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ اُنْتُزِعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا، فَإِنَّ الْحَضَانَةَ تَبَرُّعٌ وَهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْهُ، فَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فَهُوَ الْمُلْتَقِطُ وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ كَأَنَّهُ نَصُّ الْمَذْهَبِ وَلَمْ أَعْرِفُهُ نَصًّا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ لَكِنَّهُ مُقْتَضَى أَصْلِهِ، وَالْحَقُّ أَنْ لَا يُنْقَلَ عَلَى أَنَّهُ نَصٌّ فِيهِ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ مُقْتَضَاهُ. الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ يَشْتَغِلُ بِتَرْبِيَتِهِ وَنَفَقَتِهِ عَنْ سَيِّدِهِ وَنَصَّ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَيُتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَوَجْهُ مَنْعِهِ أَنَّ اللَّقِيطَ يَحْتَاجُ إلَى حَضَانَةٍ وَهِيَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَانْظُرْ الزَّوْجَةَ هَلْ يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا؟ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَنُزِعَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ لَقِيطٌ (مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ) بِالْتِقَاطِهِ فِي قَرْيَةِ مُسْلِمِينَ، وَصِلَةُ نُزِعَ (مِنْ) مُلْتَقِطٍ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ خَوْفَ تَرْبِيَتِهِ عَلَى دِينِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا اللَّقِيطُ فِي قُرَى الْإِسْلَامِ مُسْلِمٌ وَلَوْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ. مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ إنْ الْتَقَطَهُ نَصْرَانِيٌّ نُزِعَ مِنْهُ لِئَلَّا يُنَصِّرَهُ أَوْ يَسْتَرِقَّهُ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ الْتَقَطَتْ نَصْرَانِيَّةٌ صَبِيَّةً فَرَبَّتهَا حَتَّى بَلَغَتْ عَلَى دِينِهَا رُدَّتْ لِلْإِسْلَامِ وَهِيَ حُرَّةٌ. اللَّخْمِيُّ فِي عِتْقِهَا الثَّانِي إنْ الْتَقَطَ كَافِرٌ لَقِيطًا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَرَبَّاهُ عَلَى دِينِهِ فَلَا يُتْرَكْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ عَلَيْهَا فَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يُقَرُّ عَلَيْهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 250 وَنُدِبَ أَخْذُ آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ؛ فَإِنْ أَخَذَهُ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ وَوُقِفَ سَنَةً، ثُمَّ بِيعَ وَلَا يُهْمَلُ، وَأَخَذَ نَفَقَتَهُ   [منح الجليل] وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (أَخْذُ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ رَقِيقٍ (آبِقٍ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ هَارِبٍ مِنْ مَالِكِهِ (لِمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (يَعْرِفُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (رَبَّهُ) قَرِيبًا كَانَ أَوْ جَارًا أَوْ غَيْرَهُمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ (فَلَا) يُنْدَبُ لَهُ أَخْذُهُ (فَإِنْ أَخَذَهُ) وَهُوَ لَا يَعْرِفُ رَبَّهُ (رَفَعَهُ) أَيْ الْآخِذُ الْآبِقَ (لِلْإِمَامِ) أَيْ حَاكِمِ بَلَدِهِ إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ (وَ) إذَا رَفَعَهُ لَهُ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْآبِقُ عِنْدَهُ (سَنَةً) وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَظْهَرْ رَبُّهُ (بِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْآبِقُ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ (وَلَا يُهْمَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَمْرُهُ عَنْ الْبَيَانِ فَيَكْتُبُ اسْمَهُ وَصِفَاتِهِ وَبَلَدَهُ وَثَمَنَهُ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ جَاءَ مَنْ ادَّعَاهُ قَابَلَ كَلَامَهُ بِالْمَكْتُوبِ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لَهُ دَفَعَ لَهُ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَعْنَى لَا يُهْمَلُ لَا يُتْرَكُ بَعْدَ السَّنَةِ يَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ كَضَالَّةِ الْأَبِ. (وَ) إذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ (أَخَذَ) الْإِمَامُ (نَفَقَتَهُ) أَيْ الْآبِقِ الَّتِي أُنْفِقَتْ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَجَعَلَ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ أَمَانَةً لِرَبِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ وَجَدَ آبِقًا فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِقَرِيبِهِ أَوْ جَارِهِ أَوْ لِمَنْ يَعْرِفُهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْخُذَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ فَهُوَ فِي سِعَةِ وَمَنْ أَخَذَ آبِقًا رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَوَقَفَهُ سَنَةً وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ فِيمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ وَإِلَّا بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا أَنْفَقَ وَحَبَسَ بَقِيَّةَ الثَّمَنِ لِرَبِّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. سَحْنُونٌ لَا أَرَى أَنْ يُوقِفَهُ سَنَةً وَلَكِنْ بِقَدْرِ مَا يَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ ثُمَّ يُبَاعُ وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ صِفَتَهُ عِنْدَهُ حَتَّى يَأْتِيَ طَالِبُهُ. ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَبِيعُ الْإِبَاقَ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يَأْمُرُ بِاطِّلَاقِهِمْ يَعْمَلُونَ وَيَأْكُلُونَ وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كَضَوَالِّ الْإِبِلِ لِأَنَّهُمْ يَأْبَقُونَ ثَانِيَةً. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 251 وَمَضَى بَيْعُهُ: وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته وَلَهُ عِتْقُهُ وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ؛ وَضَمِنَهُ إنْ أَرْسَلَهُ، إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ: كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ،   [منح الجليل] وَ) إذَا بَاعَهُ الْإِمَامُ (مَضَى بَيْعُهُ) أَيْ الْآبِقِ (وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته) أَيْ الْآبِقَ قَبْلَ بَيْعِهِ لِاتِّهَامِهِ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى نَقْضِ بَيْعِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ بِإِعْتَاقِهِ قَبْلَهُ فَيُنْقَضُ بَيْعُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ جَاءَ رَبُّ الْآبِقِ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّنَةِ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا ثَمَنُهُ وَلَا يَرُدُّ بَيْعَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ بَاعَهُ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ، وَلَوْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته أَوْ دَبَّرْته بَعْدَ إبَاقِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى نَقْضِ الْبَيْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (وَلَهُ) أَيْ رَبُّ الْآبِقِ (عِتْقُهُ) أَيْ الْآبِقِ نَاجِزًا مَجَّانًا وَعَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارِهِ وَإِلَى أَجَلٍ وَكِتَابَتُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ وَالْإِيصَاءُ بِهِ (وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَتُقَامُ عَلَيْهِ) أَيْ الْآبِقِ (الْحُدُودُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِزِنًا وَسَرِقَةٍ وَشُرْبِ مُسْكِرٍ وَقَذْفٍ وَرِدَّةٍ وَتَرْكِ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا. فِيهَا يَجُوزُ لِسَيِّدِ الْآبِقِ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ. وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ لِثَوَابٍ، وَإِنْ زَنَى الْآبِقُ أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. (وَضَمِنَهُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ الْآبِقَ آخِذُهُ (إنْ أَرْسَلَهُ) أَيْ أَطْلَقَ الْآخِذُ الْآبِقَ وَخَلَّى سَبِيلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) إرْسَالَهُ (لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَيْ الْآبِقِ أَنْ يَقْتُلَ آخِذَهُ أَوْ يَضُرَّهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يُوجِبُ إرْسَالُهُ ضَمَانَهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَخَذَ آبِقًا فَأَبَقَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ ضَمِنَهُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ خَلَّاهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَهُ لِعُذْرٍ بِأَنْ خَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَضُرَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ لِشِدَّةِ النَّفَقَةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ (كَمَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْآبِقُ مِنْ نَفْسِهِ (فِيمَا) أَيْ عَمِلَ (يَعْطَبُ) الْآبِقُ (فِيهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَعَطِبَ فَيَضْمَنُهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ اسْتَأْجَرَ آبِقًا فَعَطِبَ فِي عَمَلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ آبِقٌ ضَمِنَهُ لِرَبِّهِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ أَجَرَ عَبْدًا عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ إلَى بَلَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَبْدٌ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ، ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْآبِقَ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 252 لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ وَإِنْ مُرْتَهِنًا وَحَلَفَ، وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ: بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَأَخَذَهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ إنْ صَدَّقَهُ وَلْيُرْفَعْ لِلْإِمَامِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ مُسْتَحِقَّهُ، إنْ لَمْ يَخَفْ ظُلْمَهُ   [منح الجليل] يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَهَلَكَ فِيهِ. اهـ. فَإِنْ كَانَ لَا يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ فَلِرَبِّهِ أُجْرَتُهُ إنْ كَانَ لَهُ بَالٌ لَا مَا لَا بَالَ لَهُ كَسَقْيِ دَابَّةٍ وَشِرَاءِ خُضْرَةٍ. (لَا) يَضْمَنُ آخِذُ الْآبِقِ (إنْ أَبَقَ) الْآبِقُ (مِنْهُ) أَيْ آخِذِهِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَخَذَ آبِقًا فَأَبَقَ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْإِبَاقِ فَقَالَ لَا يَضْمَنُ مَنْ كَانَ بِيَدِهِ عَبْدٌ لِغَيْرِهِ. فَأَبَقَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُرْتَهَنًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الرَّقِيقُ (مُرْتَهَنًا) بِفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ مَرْهُونًا فِي دَيْنٍ وَأَبَقَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِكَسْرِ الْهَاءِ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُ لِرَاهِنِهِ، فِيهَا إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ وَيَصْدُقُ فِي إبَاقِهِ وَلَا يَحْلِفُ وَكَانَ عَلَى حَقِّهِ، وَفِي رِوَايَةِ الدَّبَّاغِ وَيَحْلِفُ (وَاسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْآبِقَ (سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ) شَهِدَ لَهُ بِهِ (وَيَمِينٍ) مِنْ سَيِّدِهِ أَنَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ مَالٌ وَهُوَ يَكْفِي فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اعْتَرَفَ آبِقًا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَأَثْبَتَ شَاهِدًا حَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ. (وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ الْآبِقَ لَهُ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي الْآبِقَ (إنْ لَمْ تَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَهُ (إنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الْآبِقُ الْمُدَّعِيَ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ. فِيهَا إنْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْآبِقَ عَبْدُهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَإِنْ صَدَّقَهُ الْعَبْدُ دُفِعَ إلَيْهِ أَرَادَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَتَضْمِينِهِ إيَّاهُ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي مَتَاعٍ وُجِدَ مَعَ لُصُوصٍ فَادَّعَاهُ قَوْمٌ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِمْ إنَّ الْإِمَامَ يَتَلَوَّمُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ سِوَاهُمْ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ فَكَذَلِكَ الْآبِقُ. أَشْهَبُ لِأَنَّ هَذَا أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ (وَلْيُرْفَعْ) مَنْ أَخَذَ الْآبِقَ أَمْرُهُ (لِلْإِمَامِ) الْعَدْلِ (إذَا لَمْ يَعْرِفْ) آخِذُهُ (مُسْتَحِقَّهُ) أَيْ الْآبِقِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (إنْ لَمْ يَخَفْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ آخِذُهُ (ظُلْمَهُ) أَيْ الْإِمَامِ بِأَنْ كَانَ عَادِلًا، فَإِنْ خَافَ ظُلْمَهُ فَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 253 وَإِنْ أَتَى رَجُلٌ بِكِتَابِ قَاضٍ إنَّهُ قَدْ شَهِدَ عِنْدِي: أَنَّ صَاحِبَ كِتَابِي هَذَا فُلَانٌ، هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ، وَوَصَفَهُ، فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ بِذَلِكَ.   [منح الجليل] يَرْفَعُهُ إلَيْهِ فِيهَا، وَالْآبِقُ إذَا اعْتَرَفَهُ رَبُّهُ فِي يَدِك وَلَمْ تُعَرِّفْهُ فَأَرَى أَنْ تَرْفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ إنْ لَمْ تَخَفْ ظُلْمَهُ. (وَإِنْ أَتَى رَجُلٌ) قَاضِيًا أَوْ وَالِيًا (بِكِتَابِ قَاضٍ) آخَرَ مَضْمُونُهُ (أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (قَدْ شَهِدَ عِنْدِي) عَدْلَانِ (أَنَّ صَاحِبَ) أَيْ حَامِلَ (كِتَابِي هَذَا فُلَانٌ) كِنَايَةٌ عَنْ عَلَمِ شَخْصٍ كَزَيْدٍ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَى صَاحِبٍ (هَرَبَ مِنْهُ) أَيْ فُلَانٍ صَاحِبِ الْكِتَابِ (عَبْدٌ) صِفَتُهُ كَذَا هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ (وَوَصَفَهُ) أَيْ فُلَانُ الْعَبْدَ، وَعِنْدَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عَبْدٌ مَحْبُوسٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ (فَلْيَدْفَعْ) الْقَاضِي الَّذِي أَتَاهُ الْكِتَابُ الْعَبْدَ الَّذِي عِنْدَهُ (إلَيْهِ) أَيْ صَاحِبِ الْكِتَابِ (بِذَلِكَ) الْكِتَابِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا أَتَى رَجُلٌ إلَى قَاضٍ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضٍ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ شَهِدَ عِنْدِي قَوْمٌ أَنَّ فُلَانًا صَاحِبَ كِتَابِي إلَيْك قَدْ هَرَبَ مِنْهُ عَبْدٌ صِفَتُهُ كَذَا فَحْلًا، وَوَصَفَهُ فِي الْكِتَابِ، وَعِنْدَ هَذَا الْقَاضِي عَبْدٌ آبِقٌ مَحْبُوسٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلْيُقْبَلْ كِتَابُ الْقَاضِي وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي شَهِدَتْ فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ وَيُدْفَعُ إلَيْهِ الْعَبْدُ. طفي ظَاهِرُهُ إعْمَالُ الْكِتَابِ بِمُجَرَّدِ إتْيَانِ الرَّجُلِ بِهِ مِنْ غَيْرِ شُهُودٍ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَارَضَهُ عج بِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ، وَأَجَابَ بِإِمْكَانِ رَدِّ هَذَا لِذَاكَ وَبِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِقَوْلَيْنِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ هُنَا وَحْدَهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ، إذْ لَهُ أَخْذُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ، وَقَدْ أَشَارَ لِهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ قِيلَ أَفَتَرَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الصِّفَةِ وَيَكْتُبَ بِهَا إلَى قَاضٍ آخَرَ، قَالَ نَعَمْ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَتَاعِ الَّذِي يُسْرَقُ بِمَكَّةَ إذَا اعْتَرَفَهُ رَجُلٌ وَوَصَفَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَسْتَأْنِي الْإِمَامُ فِيهِ، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ، فَالْعَبْدُ الَّذِي أَقَامَ فِيهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى عَيْنَ الْعَبْدِ وَوَصَفَهُ وَلَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ فَأَرَى أَنَّهُ مِثْلُ الْمَتَاعِ يَنْتَظِرُ بِهِ الْإِمَامُ وَيَتَلَوَّمُ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يَطْلُبُهُ وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَضَمَّنَهُ إيَّاهُ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 254 (بَابٌ) أَهْلُ الْقَضَاءِ:   [منح الجليل] قِيلَ وَلَا يُلْتَفَتُ هُنَا إلَى قَوْلِ الْعَبْدِ إنْ أَنْكَرَ أَنَّ هَذَا مَوْلَاهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ لِفُلَانٍ بِبَلَدٍ آخَرَ. اهـ. وَلَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِ الْعَبْدِ هُنَا لِوَصْفِهِ رَبَّهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ تَصْدِيقِهِ حَيْثُ لَمْ يَصِفْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَاب فِي بَيَان شُرُوط وَأَحْكَام الْقَضَاء وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ وَأَحْكَامِ الْقَضَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (أَهْلُ) أَيْ مُسْتَحِقُّ (الْقَضَاءِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ مَمْدُودًا. ابْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ الْقَضَاءُ الْإِخْبَارُ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَضَاءُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا نُفُوذَ حُكْمِهِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ أَوْ تَجْرِيحٍ لَا فِي عُمُومِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَخْرُجُ التَّحْكِيمُ وَوِلَايَةُ الشُّرْطَةِ وَالْإِمَامَةِ. وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَاضِحٌ قُصُورُهُ. الْحَطّ يُطْلَقُ الْقَضَاءُ فِي الِاصْطِلَاحِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ وَفِي الْقَضَاءِ وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَهْلُ الْقَضَاءِ إلَخْ وَعَلَى الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ قَضَى الْقَاضِي بِكَذَا، وَقَوْلِهِمْ قَضَاءُ الْقَاضِي بِكَذَا حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ. لَكِنْ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ رَاشِدٍ مُسَامَحَاتٌ الْأُولَى ذِكْرُ الْأَخْبَارِ، إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ مَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ الْمُقَابِلَ لِلْإِنْشَاءِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَمْرُ الْقَاضِي بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى طَرِيقِ الْإِلْزَامِ. الثَّانِيَةُ شُمُولُ حُكْمٍ حُكْمَيْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَتَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ وَحُكْمَ الْمُحْكَمِ وَحُكْمَ الْمُحْتَسِبِ وَالْوَالِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ وُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ إذَا حَكَمُوا بِالشَّرْعِ، قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّ التَّحْكِيمَ يَخْرُجُ مِنْ تَعْرِيفِهِ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ خُرُوجِهِ مِنْهُ، فَإِنَّ الْمُحَكِّمَ لَا يَحْكُمُ ابْتِدَاءً إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْمُحَكِّمِينَ وَلَا يَحْكُمُ ابْتِدَاءً فِي الْقِصَاصِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمَا بِذَلِكَ، قَالُوا فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا بِغَيْرِ جَوْرٍ نَفَذَ حُكْمُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّعْدِيلَ وَالتَّجْرِيحَ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - الجزء: 8 ¦ الصفحة: 255 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي الذَّخِيرَةِ عَقْدُ الْقَضَاءِ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا كَالْجَعَالَةِ وَالْقِرَاضِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي عَمَلِهِمَا وَالْمُغَارَسَةِ وَالتَّحْكِيمِ وَالْوَكَالَةِ، فَلِلْإِمَامِ عَزْلُهُ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي. الثَّانِي: ابْنُ سَهْلٍ تَلْخِيصُ خُطَطِ الْوِلَايَةِ الْقَضَاءُ وَالشُّرْطَةُ وَالْمَظَالِمُ وَالرَّدُّ وَالْمَدِينَةُ وَالسُّوقُ، فَمُتَعَلِّقُ حُكْمِ وَالِي الرَّدِّ مَا اسْتَرَابَهُ الْقُضَاةُ وَرَدُّوهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَصَاحِبُ السُّوقِ يُعْرَفُ بِصَاحِبِ الْحِسْبَةِ لِأَنَّ أَكْثَرَ نَظَرِهِ فِيهَا بِالْأَسْوَاقِ مِنْ غِشٍّ وَتَفَقُّدِ مِكْيَالٍ وَمِيزَانٍ. الثَّالِثُ: عِلْمُ الْقَضَاءِ أَخَصُّ مِنْ الْعِلْمِ بِفِقْهِهِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ فِقْهِهِ كُلِّيٌّ مِنْ حَيْثُ هُوَ كُلِّيٌّ وَمُتَعَلِّقُ عِلْمِهِ كُلِّيٌّ مِنْ حَيْثُ صِدْقُ كُلِّيِّهِ عَلَى جُزْئِيَّاتٍ، وَكَذَا فِقْهُ الْفَقِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَقِيهًا هُوَ أَعَمُّ مِنْ فِقْهِ الْفَقِيهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُفْتِيًا، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا تَأَمَّلْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ حَالَ الْفَقِيهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَقِيهٌ كَحَالِ عَالِمٍ بِكُبْرَى قِيَاسِ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَحَالُ الْقَاضِي وَالْمُفْتِي كَحَالِ عَالِمٍ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِصُغْرَاهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْعِلْمَ بِهِمَا أَشَقُّ وَأَخَصُّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْكُبْرَى فَقَطْ، وَأَيْضًا فِقْهُ الْقَضَاءِ وَالْفَتْوَى مَبْنِيَّانِ عَلَى النَّظَرِ فِي الصُّوَرِ الْجُزْئِيَّةِ بِإِدْرَاكِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي فِيهَا، فَيُلْغَى طَرْدِيُّهَا وَيُعْمَلُ مُعْتَبَرُهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِلْمُ الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ أَحَدَ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْفِقْهِ مُتَمَيِّزٌ بِأُمُورٍ لَا يُحْسِنُهَا كُلُّ فَقِيهٍ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ عَارِفًا بِفَصْلِ الْخِصَامِ، وَلَيْسَ لَهُ بَاعٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، كَمَا أَنَّ عِلْمَ الْفَرَائِضِ كَذَلِكَ، وَكَمَا أَنَّ عِلْمَ التَّصْرِيفِ مِنْ عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ زَمَانِنَا لَا يُحْسِنُونَهُ، وَقَدْ يُحْسِنُهُ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَلَا غَرَابَةَ فِي امْتِيَازِ عِلْمِ الْقَضَاءِ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ، وَإِنَّمَا الْغَرَابَةُ فِي اسْتِعْمَالِ كُلِّيَّاتِ عِلْمِ الْفِقْهِ وَتَطْبِيقِهَا عَلَى جُزْئِيَّاتِهَا الْوَاقِعَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ عَسِيرٌ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فَتَجِدُ مَنْ يَحْفَظُ أُصُولًا كَثِيرَةً مِنْ الْفِقْهِ وَيَفْهَمُهَا وَيُعَلِّمُهَا غَيْرَهُ، وَإِذَا سُئِلَ عَنْ الْوَاقِعَةِ جُزْئِيَّةً مِنْ مَسَائِلِ الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ مَسَائِلِ الْإِيمَانِ لَا يُحْسِنُ الْجَوَابَ، بَلْ لَا يَفْهَمُ مُرَادَ السَّائِلِ عَنْهَا إلَّا بَعْدَ عُسْرٍ، وَلِلشُّيُوخِ فِي هَذَا حِكَايَاتٌ نَبَّهَ ابْنُ سَهْلٍ عَلَى بَعْضِهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 256 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الرَّابِعُ: أَقْوَالُ الشُّيُوخِ وَاضِحَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى جَلَالَةِ خُطَّةِ الْقَضَاءِ وَنُدُورِ السَّلَامَةِ فِيهِ، قَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْقَضَاءُ مِنْ أَعْظَمِ الْخُطَطِ قَدْرًا وَأَجَلِّهَا خَطَرًا، لَا سِيَّمَا إذَا اجْتَمَعَتْ إلَيْهِ الصَّلَاةُ ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ إمَامَةَ الصَّلَاةِ وَمُقْتَضَاهُ حُسْنُ اجْتِمَاعِهِمَا وَالْمَعْرُوفُ بِبَلَدِنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا مَنْعُ إمَامَةِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِهَا وَإِلَّا تُنْكِحُهُ إمَامَةُ الْجَامِعِ الْأَعْظَمِ بِهَا. الْخَامِسُ: ابْنُ رُشْدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ الْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ بِالْعَدْلِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَعْلَى دَرَجَاتِ الْأَجْرِ، وَالْجَوْرُ فِيهِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَهُوَ مِحْنَةٌ مَنْ دَخَلَ فِيهِ اُبْتُلِيَ بِعَظِيمٍ لِأَنَّهُ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ إذْ التَّخَلُّصُ فِيهِ عَسِيرٌ. عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَدِدْت أَنِّي أَنْجُو مِنْ هَذَا الْأَمْرِ كَفَافًا لَا لِي وَلَا عَلَيَّ، فَالْهُرُوبُ مِنْهُ وَاجِبٌ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ. مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَا أَدْرَكْت قَاضِيًا اسْتَقْضَى بِالْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ إلَّا رَأَيْت كَآبَةَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ وَكَرَاهِيَتَهُ فِي وَجْهِهِ إلَّا قَاضِيَيْنِ سَمَّاهُمَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، هَذَا حِينَ كَانَ الْقَاضِي يُعَانُ عَلَى مَا وَلِيَهُ وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَحْكُمُ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ وَلَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ إنْ شَهِدَ عِنْدَهُ، وَأَمَّا إذَا صَارَ الْقَاضِي لَا يُعَانُ بَلْ مَنْ وَلَّاهُ رُبَّمَا أَعَانَ عَلَيْهِ مَنْ مَقْصُودُهُ بُلُوغُ هَوَاهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقَلِبُ مُحَرَّمًا نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى السَّلَامَةَ. وَأَكْثَرُ الْخُطَطِ الشَّرْعِيَّةِ فِي زَمَنِنَا أَسْمَاءٌ شَرِيفَةٌ عَلَى مُسَمَّيَاتٍ خَسِيسَةٍ. السَّادِسُ: حُكْمُ تَوْلِيَةِ الْقَاضِي الْوُجُوبُ. اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إقَامَةُ حَكَمٍ لِلنَّاسِ وَاجِبَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْهَرْجِ وَالْمَظَالِمِ، فَعَلَى الْوَالِي عَلَى بَلَدٍ النَّظَرُ فِي أَحْكَامِهِمْ إنْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لَهُ أَوْ اشْتَغَلَ عَنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُمْ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَوْضِعِ وَالٍ كَانَ ذَلِكَ لِذَوِي الرَّأْيِ وَالثِّقَةِ. السَّابِعُ: مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ قَاضٍ. هُمْ الَّذِينَ كَانُوا يَقْضُونَ بَيْنَ النَّاسِ. أَوَّلُ مَنْ اسْتَقْضَى مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اسْتَقْضَى شُرَيْحًا، وَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ أَنَّ أَوَّلَ قَاضٍ اُسْتُقْضِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفَلٍ وَلَّاهُ مُعَاوِيَةُ. الْعِرَاقِيُّونَ أَوَّلُ مَنْ اسْتَقْضَى عُمَرُ وَجَّهَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 257 عَدْلٌ،   [منح الجليل] شُرَيْحًا لِلْكُوفَةِ وَكَعْبَ بْنَ سِرَارٍ لِلْبَصْرَةِ، وَقِيلَ أَوَّلُ مِنْ اسْتَقْضَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا مَنَعَتْهُ الْحُرُوبُ اسْتَقْضَى شُرَيْحًا، وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ يَسْتَقْضِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ يَعْنِي بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَسَائِرِ الْبِلَادِ بَعَثُوا إلَيْهَا قُضَاةً وَاسْتَقْضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَمُعَاذًا وَغَيْرَهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. الثَّامِنُ: صِفَاتُ الْقَاضِي الْمَطْلُوبَةُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ وَشُرُوطٌ فِي دَوَامِهَا وَشُرُوطٌ فِي كَمَالِهَا، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ عَدْلٌ إلَى قَوْلِهِ فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ، وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَنَفَذَ حُكْمُ أَعْمَى إلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ عَزْلُهُ وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ كَوَرَعٍ إلَخْ. (عَدْلٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ مُسْلِمٌ ذَكَرٌ حُرٌّ غَيْرُ فَاسِقٍ وَلَا مُرْتَكِبٍ مَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْقَضَاءِ خِصَالٌ مُشْتَرَطَةٌ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا ذَكَرًا عَاقِلًا وَاحِدًا، فَهَذِهِ السِّتُّ خِصَالٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ عَلَى مَذْهَبِنَا إلَّا مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ، فَإِنْ وَلِيَ مَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ وِلَايَتُهُ وَإِنْ انْخَرَمَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ انْعِقَادِ الْوِلَايَةِ سَقَطَتْ الْوِلَايَةُ. الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَصَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَأَمِيرُ الْجَيْشِ وَالْحَرْبِ فِي مَعْنَاهُ، فَإِنَّهَا مَنَاصِبُ دِينِيَّةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا تَنْفِيذُ أَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ فَلَا يَصْلُحُ لَهَا الْعَبْدُ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ بِالرِّقِّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ وَمَسْلُوبُ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ وَالتَّنْفِيذِ لَا يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَلَا لِلْإِمَارَةِ، وَأَظُنُّ جُمْهُورَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ وِلَايَةِ الْعَتِيقِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْجُمْهُورِ، قَالَا وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ خَوْفَ اسْتِحْقَاقِهِ فَيُرَدُّ إلَى الرِّقِّ، وَتُرَدُّ أَحْكَامُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ وِلَايَةَ الْفَاسِقِ لَا تَصِحُّ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَافَقَ الْحَقَّ أَمْ لَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَقَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَصْبَغُ فِسْقُهُ مُوجِبٌ لِعَزْلِهِ وَلَا تَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ، وَيَمْضِي مِنْ أَحْكَامِهِ مَا وَافَقَ الْحَقَّ. وَفِي الْعُمْدَةِ هَلْ يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ أَوْ يَجِبُ عَزْلُهُ قَوْلَانِ. الْقَرَافِيُّ إنْ لَمْ يُوجَدْ عَدْلٌ وُلِّيَ أَمْثَلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 258 ذَكَرٌ، فَطِنٌ، مُجْتَهِدٌ، إنْ وُجِدَ وَإِلَّا: فَأَمْثَلُ مُقَلِّدٍ   [منح الجليل] الْمَوْجُودِينَ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا أَرَى خِصَالَ الْقُضَاةِ تَجْتَمِعُ الْيَوْمَ فِي أَحَدٍ، فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا خَصْلَتَانِ الْعِلْمُ وَالْوَرَعُ وَلِيَ. (ذَكَرٌ) فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ امْرَأَةٍ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» (فَطِنٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مِنْ الْفَطَانَةِ، أَيْ النَّبَاهَةِ وَجَوْدَةِ الْعَقْلِ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي يَنْخَدِعُ بِتَحْسِينِ الْكَلَامِ، وَلَا يَتَنَبَّهُ لِمَا يُفِيدُ الْإِقْرَارُ وَحِيَلِ الْخُصُومِ وَالشُّهُودِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَدَّ ابْنَ الْحَاجِبِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَطَانَتَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الطُّرْطُوشِيِّ، فَلَا يَكْتَفِي بِالْعَقْلِ التَّكَيُّفِيِّ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظَاهِرَ الْفَطِنَةِ بَعِيدَ الْغَفْلَةِ وَعَدَّهَا ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ غَيْرِ الْوَاجِبَةِ، وَالْحَقُّ أَنَّ مُطْلَقَ الْفَطِنَةِ الْمَانِعَ مِنْ كَثْرَةِ التَّغَفُّلِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالْفَطِنَةُ الْمُوجِبَةُ لِلشُّهْرَةِ بِهَا غَيْرُ النَّادِرَةِ يَنْبَغِي كَوْنُهَا مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحْسَنَةِ، فَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنْسَبُ لِأَنَّ فَطِنٌ مِنْ أَبْنِيَةِ الْمُبَالَغَةِ كَحَذِرٍ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْفَطَانَةِ مُسْتَحَبَّةٌ لَا لَازِمَةٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِالْفَطِنِ مَنْ لَا يَسْتَزِلُّ فِي رَأْيِهِ وَلَا تَمْشِي عَلَيْهِ حِيَلُ الشُّهُودِ وَالْخُصُومِ. الْحَطّ الْأَحْسَنُ ذُو فِطْنَةٍ الْمِسْنَاوِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفِطْنَةَ مِنْ الشُّرُوطِ إلَّا ابْنَ الْحَاجِبِ وَمُحَقِّقُو الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ. (مُجْتَهِدٌ) أَيْ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الِاجْتِهَادِ الْمُطْلَقِ (إنْ وُجِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ مُقَلِّدٍ مَعَ وُجُودِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ (فَأَمْثَلُ) أَيْ أَكْمَلُ (مُقَلِّدٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ مُقَلِّدٍ دُونَهُ مَعَ وُجُودِهِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ وِلَايَةَ الْأَمْثَلِ شَرْطُ صِحَّةٍ فَلَا تَنْعَقِدُ وِلَايَةُ مَنْ دُونَهُ مَعَ وُجُودِهِ، وَلَا أَظُنُّ هَذَا يَسْلَمُ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ أَعْلَمُ الْمُقَلِّدِينَ مِمَّنْ لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ إلَخْ. الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ كَوْنِ الْقَاضِي عَالِمًا مَعَ وُجُودِهِ وَاَلَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْعِلْمِ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا. عِيَاضٌ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ شَرْطُهُ كَوْنُهُ عَالِمًا مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا إنْ فُقِدَ الْمُجْتَهِدُ كَشَرْطِ كَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا. الْمَازِرِيُّ زَمَانُنَا عَارٍ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي إقْلِيمِ الْمَغْرِبِ فَضْلًا عَنْ قُضَاتِهِ. الْحَطّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ عَالِمًا، وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْعِلْمَ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ. وَقَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 259 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَعَدَّهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَالْقَرَافِيُّ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ الْجَاهِلِ وَيَجِبُ عَزْلُهُ وَأَحْكَامُهُ مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ يُوَافِقْ الْحَقَّ مِنْهَا وَمَا وَافَقَهُ، وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهَا مَرْدُودَةٌ مَا لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ ثُمَّ إنَّهُ إذَا وُجِدَ مُجْتَهِدٌ وَجَبَتْ تَوْلِيَتُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى غَيْرُهُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنْ تَوَلَّى الْمُقَلِّدُ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ جَائِرٌ، نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الِاجْتِهَادَ إنْ وُجِدَ لَيْسَ شَرْطًا خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ الْعِلْمُ، وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ فَوَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ. ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنَ زَرْقُونٍ كَوْنَهُ عَالِمًا مِنْ الْقِسْمِ الْمُسْتَحَبِّ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِأَنْ يَكُونَ عَالِمًا يُسَوَّغُ لَهُ الِاجْتِهَادُ. وَقَالَ عِيَاضٌ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَالِمًا مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا إنْ فُقِدَ الْمُجْتَهِدُ كَشَرْطِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا حُرًّا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَبُولُ الْمُقَلِّدِ الْوِلَايَةَ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ، وَمَعَ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِ جَائِزٌ، ثُمَّ قَالَ فَفِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ قَوْلَانِ لِابْنِ زَرْقُونٍ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ مَعَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَالْمَازِرِيِّ قَائِلًا هُوَ مَحْكِيُّ أَئِمَّتِنَا عَنْ الْمَذْهَبِ، وَمَعَ فَقْدِهِ جَائِزٌ، وَمَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ أَوْلَى اتِّفَاقًا فِيهِمَا. اهـ. فَانْظُرْ كَيْفَ عَزَا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ عَدَمَ صِحَّةِ وِلَايَةِ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ مَعَ نَقْلِهِ قَبْلَ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ قَبُولُ الْمُقَلِّدِ الْوِلَايَةَ مَعَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ فَيَصِحُّ كَلَامُهُ، إلَّا أَنَّ الَّذِي يَتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ مِنْ قَوْلِهِ جَوْرٌ وَتَعَدٍّ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ التَّعَدِّي وَالْجَوْرِ، وَعَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ يَسْقُطُ الِاعْتِرَاضُ عَنْ الْمُصَنِّفِ، إذْ لَعَلَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَاشٍ عَلَى مَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِعِيَاضٍ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ أَمْثَلُ مُقَلِّدٍ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُجْتَهِدٌ فَمُقَلِّدٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَارَ أَعْلَمُ الْمُقَلِّدِينَ مِمَّنْ لَهُ فِقْهٌ نَفِيسٌ وَقُدْرَةٌ عَلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ أَقْوَالِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَيَعْلَمُ مَا هُوَ يَجْرِي عَلَى أَصْلِ إمَامِهِ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَمَنْ لَمْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 260 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ فَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشُّيُوخِ اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ تَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَرَادَ مَعَ وُجُودِ ذِي الرُّتْبَةِ الْأُولَى فَصَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَادَ مَعَ فَقْدِهِ فَظَاهِرُ أَقْوَالِهِمْ صِحَّةُ تَوْلِيَتِهِ خَوْفَ تَعْطِيلِ الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ دُونَ خِلَافٍ فِي ذَلِكَ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبِسَاطِيُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي إمْكَانَ وُجُودِ الْمُجْتَهِدِ، فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُمْكِنٌ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُجْتَهِدَ فِي الْأَدِلَّةِ فَهَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَقَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ الْمَازِرِيُّ وَصَلَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ كَلَامٌ غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ مَبْدَؤُهُ صِحَّةُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّقْلِيدِ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ مُمْكِنٌ غَيْرُ مُحَقَّقٍ أَيْضًا. الْحَطّ تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ اخْتِلَافِ الْأُصُولِيِّينَ فِي إمْكَانِ خُلُوِّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا أَظُنُّهُ انْقَطَعَ بِالْمَشْرِقِ وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ مَنْ نُسِبَ إلَى الِاجْتِهَادِ فِي حَيَاةِ أَشْيَاخِنَا، وَمَوَادُّ الِاجْتِهَادِ فِي زَمَنِنَا أَيْسَرُ مِنْهَا فِي زَمَانِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِنَا الْهِدَايَةَ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الْعِلْمِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَادَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ دُوِّنَتْ، وَكَذَا تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِي سَمَاعِ الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ شَهْرًا. فَإِنْ قِيلَ يَحْتَاجُ الْمُجْتَهِدُ إلَى كَوْنِهِ عَالِمًا بِمَوَاضِعِ الْإِجْمَاعِ وَالْخِلَافِ وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي زَمَنِنَا لِكَثْرَةِ الْمَذَاهِبِ وَتَشَعُّبِهَا. قِيلَ يَكْفِيهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مُجْمَعًا عَلَيْهَا، إذْ الْمَقْصُودُ الِاحْتِرَازُ مِنْ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ وَهَذَا مُتَيَسِّرٌ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ يُسْرُ الِاجْتِهَادِ سَمِعْت ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْكِيهِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ، إذْ قِرَاءَةُ مِثْلِ الْجُزُولِيَّةِ وَالْمَعَالِمِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الْكُبْرَى لِعَبْدِ الْحَقِّ وَنَحْوِهَا يَكْفِي فِي تَحْصِيلِ آلَةِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى فَهْمِ مُشْكِلِ اللُّغَةِ بِمُخْتَصَرِ الْعَيْنِ، وَنَحْوِ صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ وَغَرِيبِ الْحَدِيثِ، وَلَا سِيَّمَا مَعَ نَظَرِ ابْنِ الْقَطَّانِ وَتَحْقِيقِ أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ وَبُلُوغِ دَرَجَةِ الْإِمَامَةِ أَوْ مُقَارَبَتِهَا فِي الْعُلُومِ الْمَذْكُورَةِ لَا تُشْتَرَطُ فِي الِاجْتِهَادِ إجْمَاعًا الْفَخْرُ فِي مَحْصُولِهِ وَالسَّرَّاجُ فِي تَحْصِيلِهِ وَالتَّاجُ فِي حَاصِلِهِ لَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَاحِدٌ لَكَانَ قَوْلُهُ حُجَّةً، فَاسْتِعَاذَتُهُمْ تَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الِاجْتِهَادِ فِي عَصْرِهِمْ، وَالْفَخْرُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّمِائَةٍ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 261 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَكِنْ فِي الِاسْتِغْنَاءِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ فِي زَمَنِنَا عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ، إذْ لَا مُجْتَهَدَ فِيهِ، وَقَوْلُ الْبِسَاطِيِّ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْلِيدِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ إنْ سَلِمَ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَفَادَهُ الْحَطّ. (فَائِدَةٌ) فِي آخِرِ خُطْبَةِ الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ إذَا جَمَعَ الطَّالِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إلَى هَذَا الْكِتَابِ عَنَى بِهِ الْبَيَانَ وَالتَّحْصِيلَ حَصَلَ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ مِنْ أُصُولِ الدِّيَانَاتِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ، وَعَرَفَ الْعِلْمَ مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ بَابِهِ وَسَبِيلِهِ وَأَحْكَمَ رَدَّ الْفَرْعِ إلَى الْأَصْلِ، وَاسْتَغْنَى بِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ عَنْ الشُّيُوخِ فِي الْمُشْكِلَاتِ، وَحَصَلَ فِي دَرَجَةِ مَنْ يَجِبُ تَقْلِيدُهُ فِي النَّوَازِلِ الْمُعْضِلَاتِ، وَدَخَلَ فِي زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْآيَاتِ وَوَعَدَهُمْ فِيهَا بِتَرْفِيعِ الدَّرَجَاتِ. الثَّانِي: بَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَرْطٌ وَهُوَ كَوْنُهُ وَاحِدًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَتَقَدَّمَ نَصُّهَا، وَنَقَلَهَا ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ، وَاسْتَوْفَى " غ " الْكَلَامَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَازَ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ. 1 - الثَّالِثُ: فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجِبُ أَنْ لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ طَلَبَهُ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ مَخَافَةَ أَنْ يُوكَلَ إلَيْهِ فَلَا يَقُومُ بِهِ اهـ، أَرَادَ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ طَلَبُهُ، وَهَذَا فِي طَلَبِهِ بِغَيْرِ بَذْلِ مَالٍ فَكَيْفَ مَعَ بَذْلِ الْمَالِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ وَالسَّلَامَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا طَلَبَهُ فَوَلِيَ وَهُوَ جَامِعٌ لِشُرُوطِهِ فَلَا يَجِبُ عَزْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» ، نَهْيٌ وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ «إنَّا لَا نُوَلِّي عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ» ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - الرَّابِعُ: السُّيُورِيُّ إذَا تَحَرَّجَ النَّاسُ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَجَمَاعَتُهُمْ يَكْفُونَ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْته وَفِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَيَقُومُونَ مَقَامَ الْقَاضِي مَعَ فَقْدِهِ فِي ضَرْبِ الْآجَالِ وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. الْحَطّ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ تَقُومُ مَقَامَ الْقَاضِي مَعَ فَقْدِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 262 وَزِيدَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ: قُرَشِيٌّ   [منح الجليل] الْخَامِسُ: فِي النَّوَادِرِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي جِهَةٍ إلَّا غَيْرُ الْعُدُولِ فَأَصْلَحَهُمْ وَأَقَلُّهُمْ فُجُورًا يُرَتِّبُ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ، وَيَلْزَمُ مِثْلُ هَذَا فِي الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ لِئَلَّا تَضِيعَ الْمَصَالِحُ، وَمَا أَظُنُّ أَحَدًا يُخَالِفُ فِي هَذَا، إذْ التَّكْلِيفُ مَشْرُوطٌ بِالْإِمْكَانِ، وَإِذَا جَازَ نَصْبُ الْفَسَقَةِ شُهُودًا لِعُمُومِ الْفَسَادِ جَازَ التَّوَسُّعُ فِي الْحُكَّامِ لِمَنْعِ الْمَظَالِمِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (وَزِيدَ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِلْقَضَاءِ (لِ) جَوَازِ تَوْلِيَةِ (الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ) الْخَلِيفَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إمَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالْحُكْمِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَحِفْظِ الْإِسْلَامِ وَإِقَامَةِ حُدُودِهِ وَجِهَادِ الْكُفَّارِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالذُّكُورَةُ وَالْفِطْنَةُ وَالْعِلْمُ، وَنَائِبُ فَاعِلِ زِيدَ (قُرَشِيٌّ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَإِعْجَامِ الشَّيْنِ وَشَدِّ الْيَاءِ، أَيْ كَوْنُهُ مَنْسُوبًا لِقُرَيْشٍ لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلَا تَقَدَّمُوهَا» ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» . فِي الصِّحَاحِ قُرَيْشٌ قَبِيلَةٌ وَأَبُوهُمْ النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرَكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ، فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ فَهُوَ قُرَشِيٌّ دُونَ وَلَدِ كِنَانَةَ وَمَنْ فَوْقَهُ، رُبَّمَا قَالُوا قُرَيْشِيٌّ وَهُوَ الْقِيَاسُ. اهـ. وَبِعِبَارَةٍ قُرَيْشٌ لَقَبُ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، وَقِيلَ لَقَبُ النَّضْرِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْعِرَاقِيُّ: أَمَّا قُرَيْشٌ فَالْأَصَحُّ فِهْرٌ ... جِمَاعُهَا وَالْأَكْثَرُونَ النَّضْرُ وَلَا يُنْدَبُ كَوْنُهُ عَبَّاسِيًّا خِلَافًا لِلشَّارِحِ وتت وعج وَمَنْ تَبِعَهُمْ، وَلَا عَلَوِيًّا بِالْإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " عَلَى خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَعَلَى خِلَافَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَيْضًا، وَعَلَى خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَيْضًا، وَعَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الضَّحِيَّةِ وَهَلْ هُوَ الْعَبَّاسِيُّ لَمْ يُرِدْ بِهِ نَدْبَ كَوْنِهِ عَبَّاسِيًّا وَإِنْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ الشَّارِحُ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَرَ فِيهِ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ الْإِمَامُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 263 فَحَكَمَ بِقَوْلِ مُقَلِّدِهِ   [منح الجليل] الْمُعْتَبَرُ سَبْقُهُ الْخَلِيفَةَ كَالْعَبَّاسِيِّ الْيَوْمَ اهـ، وَقَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ بَنِي الْعَبَّاسِ أَفَادَهُ طفي. أَبُو مُحَمَّدٍ مَنْ وَلِيَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ رِضًا أَوْ عَنْ غَلَبَةٍ وَاشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ مِنْ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ فَلَا يُخْرَجُ عَلَيْهِ عَدْلٌ أَوْ جَارٍ، وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ وَيُحَجُّ الْبَيْتُ وَتُدْفَعُ إلَيْهِ الصَّدَقَةُ وَتُجْزِئُ إذَا طَلَبَهَا وَتُصَلَّى الْجُمُعَةُ خَلْفَهُ. (وَحَكَمَ) الْقَاضِي الْمُقَلِّدِ (بِقَوْلِ مُقَلَّدِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ يَلْزَمُهُ الْمَصِيرُ إلَى قَوْلِ مُقَلِّدِهِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَلْ يَلْزَمُ الْمُقَلِّدَ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِ إمَامِهِ أَمْ لَا الْأَصْلُ عَدَمُ اللُّزُومِ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ لَمْ يَكُونُوا يَحْجُرُونَ عَلَى الْعَوَامّ اتِّبَاعَ عَالِمٍ وَاحِدٍ وَلَا يَأْمُرُونَ مَنْ سَأَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَنْ لَا يَسْأَلَ غَيْرَهُ، لَكِنَّ الْأَوْلَى فِي حَقِّ الْقَاضِي لُزُومُ طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّهُ إنْ قَلَّدَ إمَامًا لَا يَعْدِلُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِتُهْمَتِهِ بِالْمَيْلِ، وَلَمَّا جَاءَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْحُكْمِ فِي قَضِيَّةٍ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. ابْنُ فَرْحُونٍ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ الْمُقَلِّدَ إذَا وَجَدَ الْمَشْهُورَ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْهُ، وَقَدْ بَلَغَ الْمَازِرِيُّ دَرَجَةَ الِاجْتِهَادِ وَلَمْ يُفْتِ قَطُّ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ، وَعَاشَ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ سَنَةً وَكَفَى بِهِ قُدْوَةً، فَإِنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الرِّوَايَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ التَّشَهِّي وَالْحُكْمُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَتَرْجِيحٍ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي آدَابِ الْمُفْتِي وَالْمُسْتَفْتَى مَنْ يُكْتَفَى بِكَوْنِ فَتْوَاهُ أَوْ عِلْمِهِ مُوَافِقًا لِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَيَعْمَلُ بِمَا شَاءَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْوُجُوهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ، فَقَدْ جَهِلَ وَخَرَقَ الْإِجْمَاعَ، فَإِذَا وَجَدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّخْرِيجِ وَالتَّرْجِيحِ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَصَحِّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْوَجْهَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْزَعَ فِي التَّرْجِيحِ إلَى صِفَاتِهِمْ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ الثِّقَةِ بِآرَائِهِمْ، فَيَعْمَلَ بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ وَالْأَوْرَعِ وَالْأَعْلَمِ، فَإِنْ اخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِصِفَةٍ قُدِّمَ مَنْ هُوَ أَحْرَى بِالْإِصَابَةِ فَالْأَعْلَمُ الْوَرِعُ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَوْرَعِ وَالْعَالِمِ، وَإِذَا وَجَدَ قَوْلَيْنِ أَوْ وَجْهَيْنِ لَمْ يَبْلُغْهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بَيَانُ الْأَصَحِّ مِنْهُمَا اعْتَبَرَ أَوْصَافَ نَاقِلِيهِمَا أَوْ قَائِلِيهِمَا. ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي أَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَمُقَلِّدَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَأَنْوَاعُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 264 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] التَّرْجِيحِ مُعْتَبَرَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ إنَّ كِتَابَهُ النَّوَادِرَ اشْتَمَلَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَالِكِيِّينَ، قَالَ وَلَا يَنْبَغِي الِاخْتِيَارُ مِنْ الْخِلَافِ لِلْمُتَعَلِّمِ وَلَا لِلْمُقَصِّرِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحَلٌّ لِاخْتِيَارِ الْقَوْلِ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمُعْتَنِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا بِذَلِكَ مِثْلِ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدُوسٍ وَابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنُ الْمَوَّازِ أَكْثَرُهُمْ تَكَلُّفًا لِلِاخْتِيَارَاتِ وَابْنُ حَبِيبٍ لَمْ يَبْلُغْ فِي اخْتِيَارَاتِهِ وَقُوَّةِ رِوَايَاتِهِ مَبْلَغَ مَنْ ذَكَرْنَا، ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ فِي تَمْيِيزِ الْفَتَاوَى عَنْ الْأَحْكَامِ لِلْقَرَافِيِّ مَا نَصُّهُ الْحَاكِمُ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ أَوْ يُفْتِيَ إلَّا بِالرَّاجِحِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا جَازَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِالْمَشْهُورِ فِي مَذْهَبِهِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاجِحًا عِنْدَهُ مُقَلِّدًا فِي رُجْحَانِ الْقَوْلِ الْمَحْكُومِ بِهِ إمَامُهُ. وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا فَحَرَامٌ إجْمَاعًا. نَعَمْ اُخْتُلِفَ إذَا تَعَارَضَتْ الْأَدِلَّةُ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ وَتَسَاوَتْ وَعَجَزَ عَنْ التَّرْجِيحِ فَهَلْ يَتَسَاقَطَانِ أَوْ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا؟ يُفْتِي بِهِ قَوْلَانِ، فَعَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ لِلْفُتْيَا فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا يَحْكُمُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَاجِحٍ عِنْدَهُ، وَهَذَا مُقْتَضَى الْفِقْهِ وَالْقَوَاعِدِ وَلَيْسَ اتِّبَاعًا لِلْهَوَى. وَأَمَّا الْفُتْيَا وَالْحُكْمُ بِمَا هُوَ مَرْجُوحٌ فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَقَالَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَلَا مَعْرِفَةٍ بِأَدِلَّتِهِمَا إجْمَاعًا، فَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ بَذْلِ الْجَهْدِ وَالْعَجْزِ عَنْ التَّرْجِيحِ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ. الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْهُ إذَا تَسَاوَى الْقَوْلَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَعَجَزَ عَنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى أَوْجُهِ التَّرْجِيحِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ أَوْ يُفْتِيَ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. ابْنُ فَرْحُونٍ لَا يَجُوزُ التَّسَاهُلُ فِي الْفَتْوَى وَمَنْ عُرِفَ بِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاؤُهُ، وَالتَّسَاهُلُ يَكُونُ بِأَنْ لَا يُثْبِتَ وَيُسْرِعَ بِالْفَتْوَى أَوْ الْحُكْمِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ تَوَهُّمُهُ أَنَّ الْإِسْرَاعَ بَرَاعَةٌ وَالْإِبْطَاءَ عَجْزٌ، وَلَا يُبْطِئُ وَلَا يُخْطِئُ أَجْمَلَ بِهِ أَنْ يُعَجِّلَ فَيَضِلَّ وَيُضِلَّ، وَقَدْ يَكُونُ تَسَاهُلُهُ بِأَنْ تَحْمِلَهُ الْأَغْرَاضُ الْفَاسِدَةُ عَلَى تَتَبُّعِ الْحِيَلِ الْمَحْذُورَةِ أَوْ الْمَكْرُوهَةِ بِالتَّمَسُّكِ بِالشُّبْهَةِ طَلَبًا لِلتَّرْخِيصِ عَلَى مَنْ يَرُومُ نَفْعَهُ أَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 265 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ يَرُومُ ضَرَرَهُ. ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ هَانَ عَلَيْهِ دِينُهُ، وَأَمَّا إذَا صَحَّ قَصْدُ الْمُفْتِي وَاحْتَسَبَ فِي طَلَبِ حِيلَةٍ لَا شُبْهَةَ فِيهَا وَلَا تَجُرُّ إلَى مَفْسَدَةٍ لِيُخَلِّصَ بِهَا الْمُسْتَفْتِيَ مِنْ وَرْطَةِ يَمِينٍ أَوْ نَحْوِهَا فَذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ. الْقَرَافِيُّ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا تَشْدِيدٌ وَالْآخَرُ تَخْفِيفٌ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ الْعَامَّةَ بِالتَّشْدِيدِ وَالْخَوَاصَّ وَوُلَاةَ الْأُمُورِ بِالتَّخْفِيفِ فَذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ الْفُسُوقِ وَالْخِيَانَةِ فِي الدِّينِ وَالتَّلَاعُبِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَدَلِيلٌ عَلَى فَرَاغِ الْقَلْبِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِجْلَالِهِ وَتَقْوَاهُ وَعِمَارَتِهِ بِاللَّعِبِ وَحُبِّ الرِّيَاسَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى الْخَلْقِ دُونَ الْخَالِقِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَاتِ الْغَافِلِينَ. وَالْحَاكِمُ كَالْمُفْتِي فِي هَذَا. (فَرْعٌ) إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي النَّازِلَةِ نَصٌّ فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِ مُقَلِّدِهِ، أَوْ قَالَ يَجِيءُ مِنْ كَذَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ. خَلِيلٌ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ جَوَازُهُ عَلَى مَدَارِك إمَامِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ. قُلْت يُرَدُّ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ الْمُجْتَهِدِ لِامْتِنَاعِ تَوْلِيَةِ الْمُقَلِّدِ مَعَ وُجُودِهِ، فَإِذَا كَانَ حُكْمُ النَّازِلَةِ غَيْرَ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ لِلْمُقَلِّدِ الْمُوَلَّى الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ مُقَلِّدِهِ فِي نَازِلَةٍ أُخْرَى تَعَطَّلَتْ الْأَحْكَامُ، وَبِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي قِيَاسِهِ عَلَى أَقْوَالِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمُتَأَخِّرِيهِمْ كَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَالتُّونُسِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَجَدَهُ بَعْدَ اخْتِيَارَاتِهِ وَتَخْرِيجَاتِهِ فِي تَحْصِيلِهِ أَقْوَالًا، وَقَدْ عَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ فَتْوَى ابْنِ عَبْدِ الرَّءُوف وَابْنِ السَّبَّاقِ وَابْنِ دَحُونٍ وَنَحْوِهِمْ أَقْوَالًا، وَنَقَلَ لِابْنِ الطَّلَّاعِ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ. الْحَطّ وَكَأَنَّ خَلِيلًا وَابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَقِفَا عَلَى كَلَامِ الْقَرَافِيِّ فِي الذَّخِيرَةِ وَبَحَثَهُ مَعَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَنَصُّهُ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ قَوْلُهُ فَإِنْ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ، قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُقَلِّدُ قِسْمَانِ مُحِيطٌ بِأُصُولِ مَذْهَبِ مُقَلِّدِهِ وَقَوَاعِدِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ نِسْبَتُهُ إلَى مَذْهَبِهِ كَنِسْبَةِ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ إلَى أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا، فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ وَالْقِيَاسُ بِشَرَائِطِهِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 266 وَنَفَذَ حُكْمُ: أَعْمَى، وَأَبْكَمَ، وَأَصَمَّ، وَوَجَبَ عَزْلُهُ وَلَزِمَ الْمُتَعَيِّنَ أَوْ الْخَائِفَ فِتْنَةً: إنْ لَمْ يَتَوَلَّ، أَوْ ضَيَاعَ الْحَقِّ: الْقَبُولُ، وَالطَّلَبُ، وَأُجْبِرَ وَإِنْ بِضَرْبٍ،   [منح الجليل] كَمَا جَازَ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ وَغَيْرِ مُحِيطٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْرِيجُ لِأَنَّهُ كَالْعَامِّيِّ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ عَلَى الْقِسْمِ الثَّانِي فَيُتَّجَهُ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ اهـ. (وَنَفَذَ) بِفَتَحَاتٍ مُعْجَمِ الدَّالِ، أَيْ مَضَى (حُكْمُ) قَاضٍ (أَعْمَى وَأَبْكَمَ وَأَصَمَّ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِيهِمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وَلِيَ كَذَلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا (وَوَجَبَ) عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (عَزْلُهُ) أَيْ الْأَعْمَى أَوْ الْأَبْكَمِ أَوْ الْأَصَمِّ عَنْ الْقَضَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ الْخِصَالُ الَّتِي لَيْسَتْ مُشْتَرَطَةً فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ إلَّا أَنَّ عَدَمَهَا يُوجِبُ فَسْخَ تَوْلِيَتِهِ أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا، فَإِنْ وَلِيَ مَنْ لَمْ تَجْتَمِعْ فِيهِ وَجَبَ عَزْلُهُ مَتَى عَثَرَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ مَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ جَائِزًا وَفِي التَّوْضِيحِ الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّوْلِيَةِ، وَلَكِنَّهُ يَجِبُ كَوْنُهُ مُتَّصِفًا بِهَا وَعَدَمُهَا مُوجِبٌ لِعَزْلِهِ، وَيَنْفُذُ مَا مَضَى مِنْ أَحْكَامِهِ. (وَلَزِمَ) الْقَضَاءُ الشَّخْصَ (الْمُتَعَيِّنَ) لَهُ لِانْفِرَادِهِ بِشُرُوطِهِ فَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَوَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ تَوْلِيَتُهُ وَإِعَانَتُهُ عَلَى الْحَقِّ (أَوْ) الشَّخْصَ (الْخَائِفَ فِتْنَةً) بِعَدَمِ تَوَلِّيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِيَالِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِشُرُوطِهِ (أَوْ) الْخَائِفَ (ضَيَاعَ الْحَقِّ) عَلَى مُسْتَحِقِّهِ بِتَوْلِيَةِ غَيْرِهِ فَيَلْزَمُهُ (الْقَبُولُ وَالطَّلَبُ) لِتَوْلِيَتِهِ (وَ) إنْ امْتَنَعَ الْمُتَعَيِّنُ مِنْ الْقَبُولِ (أُجْبِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْقَبُولِ بِغَيْرِ ضَرْبٍ، بَلْ (وَإِنْ بِضَرْبٍ) قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيُجْبَرُ بِالسِّجْنِ الضَّرْبُ، قَالَ نَعَمْ أَبُو عُمَرَ إنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ مَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ يُجْبَرُ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَبُولُ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ عَدَدٌ يَصْلُحُونَ لِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ إلَّا وَاحِدٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَأُجْبِرَ عَلَى الدُّخُولِ فِيهِ. الْمَازِرِيُّ يَجِبُ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ السَّعْيُ فِي طَلَبِهِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَلِهِ ضَاعَتْ الْحُقُوقُ أَوْ تَوْلِيَةُ مَنْ لَا يَحِلُّ أَنْ يُوَلَّى، وَكَذَا إنْ وَلِيَ مَنْ لَا تَحِلُّ تَوْلِيَتُهُ وَلَا سَبِيلَ لِعَزْلِهِ إلَّا بِطَلَبِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 267 وَإِلَّا فَلَهُ الْهَرَبُ وَإِنْ عُيِّنَ   [منح الجليل] (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَلَا ضَيَاعَ الْحَقِّ (فَلَهُ) أَيْ مَنْ فِيهِ شُرُوطُهُ (الْهَرَبُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ مِنْ تَوْلِيَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْإِمَامُ، بَلْ (وَإِنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْإِمَامِ لِتَوَلِّيَةِ الْقَضَاءِ. ابْنُ رُشْدٍ الْهُرُوبُ عَنْ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ وَطَلَبُ السَّلَامَةِ مِنْهُ لَازِمٌ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ، فَرَوْضُ الْكِفَايَةِ كُلُّهَا تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ إلَّا الْقَضَاءَ لِشِدَّةِ خَطَرِهِ فِي الدِّينِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ وِلَايَتَهُ مِنْ أَعْظَمِ الْمِحَنِ حَيْثُ جَازَتْ لَهُ مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ هُنَا، وَلَمْ تَجُزْ لَهُ فِي الْجِهَادِ الْمُؤَدِّي لِلْمَوْتِ. ابْنُ شَاسٍ لِلْإِمَامِ إجْبَارُهُ وَلَهُ هُوَ أَنْ يَهْرُبَ بِنَفْسِهِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ تَعَيُّنَهُ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَبُولُ. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا لَزِمَهُ طَلَبُ الْقَضَاءِ فَطَلَبَهُ فَمُنِعَ مِنْهُ إلَّا بِبَذْلِ مَالٍ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يُعَانُ عَلَى الْحَقِّ، وَبَذْلُ الْمَالِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَمْ يُعَنْ عَلَى إبْطَالِهِ، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ قَالَهُ الْحَطّ. الثَّانِي: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَتَكُونُ حَسْرَةً وَنَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَنِعْمَتْ الْمُرْضِعَةُ وَبِئْسَتْ الْفَاطِمَةُ» ، فَمَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَأَرَادَهُ وَحَرَصَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إلَيْهِ وَخِيفَ عَلَيْهِ فِيهِ الْهَلَاكُ، وَمَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ وَامْتُحِنَ بِهِ وَهُوَ كَارِهٌ لَهُ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ أَعَانَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِّلَ إلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَا اسْتَعَانَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ فَإِنَّك إنْ تُؤْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ تُعَنْ عَلَيْهَا وَإِنْ تُؤْتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ تُوَكَّلْ إلَيْهَا» . 1 - الثَّالِثُ: فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ الْقَضَاءُ مِحْنَةٌ وَبَلِيَّةٌ وَمَنْ دَخَلَ فِيهِ فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْهَلَاكِ لِأَنَّ التَّخَلُّصَ مِنْهُ عُسْرٌ، فَالْهَرَبُ مِنْهُ وَاجِبٌ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَطَلَبُهُ نُوكٌ، وَإِنْ كَانَ حِسْبَةً قَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إذَا خَلَصَتْ النِّيَّةُ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ وَلِيَهُ مَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إنَّا لَا نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ» . اهـ. فِي الصِّحَاحِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 268 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] النُّوكُ بِالضَّمِّ الْحُمْقُ، قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ: وَدَاءُ النُّوكِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ وَالنَّوَاكَةُ الْحَمَاقَةُ. الرَّابِعُ: ابْنُ فَرْحُونٍ وَأَمَّا تَحْصِيلُ الْقَضَاءِ بِالرِّشْوَةِ فَهُوَ أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي كِتَابِهِ آدَابُ الْقَضَاءِ مَنْ قَبِلَ الْقَضَاءَ بِقُبَالَةٍ وَأَعْطَى عَلَيْهِ رِشْوَةً فَوِلَايَتُهُ بَاطِلَةٌ وَقَضَاؤُهُ مَرْدُودٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ حَكَمَ بِحَقٍّ وَإِنْ أَعْطَى رِشْوَةً عَلَى عَزْلِ قَاضٍ لِيُوَلَّى مَكَانَهُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ أَعْطَاهَا عَلَى عَزْلِهِ دُونَ وِلَايَةٍ فَعُزِلَ الْأَوَّلُ بِرِشْوَةٍ ثُمَّ اسْتَقْضَى هُوَ مَكَانَهُ بِغَيْرِ رِشْوَةٍ نُظِرَ فِي الْمَعْزُولِ، فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَأَعْطَاهُ الرِّشْوَةَ عَلَى عَزْلٍ حَرَامٌ وَلَا يَنْعَزِلُ وَيَبْقَى عَلَى وِلَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَزَلَهُ تَابَ وَرَدَّ الرِّشْوَةَ قَبْلَ عَزْلِهِ، وَقَضَاءُ الْمُسْتَخْلِفِ أَيْضًا بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْوِلَايَةِ فَيَصِحُّ قَضَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَعْزُولُ جَائِرًا فَلَا يَبْطُلُ قَضَاءُ الْمُسْتَخْلِفِ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ قُلْت هَذَا تَخْرِيجًا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ. 1 - الْخَامِسُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِمَا تَنْعَقِدُ بِهِ الْوِلَايَةُ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّحْرِيرِ لِانْعِقَادِ الْوِلَايَةِ شُرُوطُ الْعِلْمِ بِشَرَائِطِ الْوِلَايَةِ فِي الْمُوَلَّى، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهَا إلَّا بَعْدَ التَّقْلِيدِ اسْتَأْنَفَهُ. الثَّانِي ذِكْرُ الْمُوَلَّى لَهُ مِنْ الْقَضَاءِ أَوْ الْإِمَارَةِ فَإِنْ جُهِلَ فَسَدَتْ، الثَّالِثُ ذِكْرُ الْبَلَدِ الَّذِي عُقِدَتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِيَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ. 1 - السَّادِسُ: الْقُرْطُبِيُّ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْوِلَايَةُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَالصَّرِيحُ أَرْبَعَةُ أَلْفَاظٍ هِيَ وَلَّيْتُك وَقَلَّدْتُك وَاسْتَخْلَفْتُك وَاسْتَتَبْتُك، وَالْكِنَايَةُ ثَمَانِيَةُ أَلْفَاظٍ وَهِيَ اعْتَمَدْت عَلَيْك وَعَوَّلْت عَلَيْك وَرَدَدْت إلَيْك وَجَعَلْت إلَيْك وَفَوَّضْت إلَيْك وَوَكَّلْت إلَيْك وَاسْتَنَدْت إلَيْك وَعَهِدْت إلَيْك، وَتَحْتَاجُ الْكِنَايَةُ إلَى أَنْ يَقْتَرِنَ بِهَا مَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ مِثْلُ اُحْكُمْ فِيمَا اعْتَمَدْت عَلَيْك فِيهِ وَشِبْهِ ذَلِكَ. السَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ تَثْبُتُ تَوْلِيَةُ الْإِمَامِ قَاضِيهِ بِإِشْهَادِهِ بِهَا نَصًّا وَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ الدَّالَّةِ بِتَوَاتُرِهَا وَالْقَرَائِنِ عَلَى عِلْمِ ذَلِكَ وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَهَا بِكِتَابٍ يُقْرَأُ عَلَى الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَنْظُرْ الشُّهُودُ فِي الْكِتَابِ الْمَقْرُوءِ لِجَوَازِ أَنْ يَقْرَأَ الْقَارِئُ مَا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ، وَلَوْ قَرَأَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 269 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْإِمَامُ صَحَّتْ، قُلْت سَمَاعُ الْإِمَامِ الْمَقْرُوءِ عَلَيْهِ مَعَ سَمَاعِهِ وَسُكُوتِهِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ ضَرُورَةً بِتَوْلِيَتِهِ إيَّاهُ، وَنَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَذْهَبِ ثُبُوتَ وِلَايَتِهِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ. اهـ. قَوْلُهُ يَقْرَأُ عَلَى الْإِمَامِ كَذَا فِي النُّسْخَةِ الَّتِي رَأَيْت مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ بَحْثُهُ وَاَلَّذِي فِي تَبْصِرَةِ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - الثَّامِنُ: ابْنُ فَرْحُونٍ إذَا كَانَ الْمُوَلَّى غَائِبًا وَقْتَ تَوْلِيَتِهِ جَازَ قَبُولُهُ عَلَى التَّرَاخِي عِنْدَ بُلُوغِ التَّوْلِيَةِ إلَيْهِ، وَعَلَامَةُ قَبُولِهِ شُرُوعُهُ فِي الْعَمَلِ وَبِهَذَا جَرَى عَمَلُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى وَقْتِنَا هَذَا. 1 - التَّاسِعُ: فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ انْعِقَادُ وِلَايَةِ الْقَاضِي بِالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرَاسَلَةِ كَالْوَكَالَةِ وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ، قَالُوا فَإِنْ كَانَتْ التَّوْلِيَةُ بِاللَّفْظِ مُشَافَهَةً فَالْقَبُولُ عَلَى الْفَوْرِ لَفْظًا كَالْإِيجَابِ، وَفِي الْمُرَاسَلَةِ يَجُوزُ التَّرَاخِي بِالْقَبُولِ، قَالُوا وَفِي الْقَبُول بِالشُّرُوعِ فِي النَّظَرِ خِلَافٌ، وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِي الْجَوَازَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ. الْعَاشِرُ: فِي الذَّخِيرَةِ الشَّافِعِيَّةِ إذَا انْعَقَدَتْ الْوِلَايَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَوَلِّي النَّظَرُ حَتَّى تَشِيعَ وِلَايَتُهُ فِي عَمَلِهِ لِيُذْعِنُوا لَهُ وَهُوَ شَرْطٌ أَيْضًا فِي وُجُوبِ طَاعَتِهِ، وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ تَقْتَضِي مَا قَالُوهُ، فَإِنَّ التَّمَكُّنَ وَالْعِلْمَ شَرْطَانِ فِي التَّكْلِيفِ فَالشُّيُوعُ يُوجِبُ لَهُ الْمُكْنَةَ وَلَهُمْ الْعِلْمَ. الْحَادِيَ عَشَرَ: ابْنُ الْحَاجِبِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يَرَى غَيْرَ رَأْيِهِ فِي الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ بَطَلَ الشَّرْطُ، وَصَحَّتْ التَّوْلِيَةُ. خَلِيلٌ كَالْمَالِكِيِّ يُوَلِّي شَافِعِيًّا أَوْ حَنَفِيًّا وَلَوْ شَرَطَ أَيْ الْإِمَامُ عَلَى الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ اجْتِهَادٍ لَهُ بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الْعَقْدُ قَالَهُ الطُّرْطُوشِيُّ. وَقَالَ غَيْرُهُ الْعَقْدُ غَيْرُ جَائِزٍ يَنْبَغِي فَسْخُهُ وَرَدُّهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا وَفَرَضَ الْمَازِرِيُّ فِيهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مُقَلِّدًا وَكَانَ مُتَّبِعًا لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَاضْطُرَّ إلَى وِلَايَةِ قَاضٍ مُقَلِّدٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَنْ لَا يَتَعَدَّى فِي قَضَائِهِ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فِي أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 270 وَحَرُمَ لِجَاهِلٍ، وَطَالِبِ دُنْيَا وَنُدِبَ لِيُشْهِرَ عِلْمَهُ:   [منح الجليل] الْإِقْلِيمِ وَالْبَلَدِ هَذَا الَّذِي الْقَاضِي وَلَّى عَلَيْهِمْ، وَقَدْ وَلَّى سَحْنُونٌ رَجُلًا سَمِعَ بَعْضَ كَلَامِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمَ بِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْبَاجِيَّ فِي سِجِلَّاتِ قُرْطُبَةَ لَا يَخْرُجُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا وَجَدَ الطُّرْطُوشِيُّ هَذَا جَهْلٌ عَظِيمٌ مِنْهُمْ أَرَادَ أَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ فِي قَوْلٍ مُعَيَّنٍ. (وَحَرُمَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْقَضَاءُ (لِ) شَخْصٍ (جَاهِلٍ) الْأَوْلَى لِفَاقِدِ أَهْلِيَّتِهِ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً. الْمَازِرِيُّ يَحْرُمُ طَلَبُ الْقَضَاءِ عَلَى فَاقِدِ أَهْلِيَّتِهِ (وَ) حَرُمَ أَيْضًا عَلَى (طَالِبِ دُنْيَا) يَجْمَعُهَا بِهِ لِجَوْرِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ يَجِبُ أَنْ لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ مَنْ أَرَادَهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ يَحْرُمُ طَلَبُهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ بِهِ الِانْتِقَامَ مِنْ أَعْدَائِهِ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ طَلَبُ وَقَبُولُ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ لِصَاحِبِ عِلْمٍ خَفِيٍّ (لِيُشْهِرَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (عِلْمَهُ) لِلنَّاسِ فَيَنْتَفِعُونَ بِهِ لِأَنَّ الْخَامِلَ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَلَا يُلْقَى إلَيْهِ، سَمِعَ فِي الْمَازِرِيِّ " ق " عَنْ بَعْضِهِمْ يُسْتَحَبُّ طَلَبُهُ لِمُجْتَهِدٍ خَفِيَ عِلْمُهُ وَأَرَادَ إظْهَارَهُ بِوِلَايَتِهِ الْقَضَاءَ وَلِعَاجِزٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ إلَّا بِرِزْقِ الْقَضَاءِ. الْمَازِرِيُّ وَلَا يُقْتَصَرُ بِالِاسْتِحْبَابِ عَلَى هَذَيْنِ إذْ يُسْتَحَبُّ لِلْأَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ الْمَازِرِيُّ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ يَرَى أَنَّهُ أَنْهَضُ وَأَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ آخَرَ يُوَلَّاهُ وَهُوَ يَسْتَحِقُّهُ. وَلَكِنَّهُ دُونَ هَذَا. اهـ. وَإِنْ قَصَدَ بِهِ دَفْعَ ضَرَرٍ عَنْ نَفْسِهِ فَعَدَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ الْمُبَاحِ وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ عَدْلًا مَشْهُورًا يَنْفَعُ النَّاسَ بِعِلْمِهِ وَخَافَ إنْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى ذَلِكَ، فَيُكْرَهُ لَهُ طَلَبُهُ وَقَبُولُهُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِهِ فِي حَقِّ الْمَشْهُورِ عِلْمُهُ الْغَنِيِّ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا نَظَرٌ، وَأُصُولُ الشَّرْعِ تَدُلُّ عَلَى الْإِبْعَادِ مِنْهُ اهـ. ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ الْمَكْرُوهِ أَنْ يَطْلُبَ الْقَضَاءَ لِتَحْصِيلِ الْجَاهِ وَالِاسْتِعْلَاءِ عَلَى النَّاسِ، فَهَذَا سَعْيُهُ مَكْرُوهٌ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ حَرَامٌ كَانَ وَجْهُهُ ظَاهِرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تَكُنْ تَوْلِيَتُهُ مَلْزُومَةً لِمَا لَا يَحِلُّ مِنْ تَكْلِيفِهِ تَقْدِيمَ مَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 271 كَوَرِعٍ، غَنِيٍّ، حَلِيمٍ، نَزِهٍ،   [منح الجليل] لَا يَحِلُّ تَقْدِيمُهُ لِلشَّهَادَةِ، وَقَدْ شَاهَدْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَلَا فَائِدَةَ فِي كَتْبِهِ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ (كَ) تَوْلِيَةِ (وَرِعٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ تَارِكِ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، وَالنَّزِهِ هُوَ الَّذِي لَا يَطْمَعُ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِفَةِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ذَا نَزَاهَةٍ عَنْ الطَّمَعِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا يَأْتِي بِمَا نُصِبَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ ذَا نَزَاهَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَرَحْمَةٍ وَصَلَابَةٍ لِيُفَارِقَ بِالنَّزَاهَةِ التَّشَوُّفَ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَبِالنَّصِيحَةِ يُفَارِقُ حَالَ مَنْ يُرِيدُ الظُّلْمَ، وَلَا يُبَالِي بِوُقُوعِ الْغِشِّ وَالْغَلَطِ وَالْخَطَأِ، وَبِالرَّحْمَةِ حَالَ الْقَاسِي الَّذِي لَا يَرْحَمُ الصَّغِيرَ وَالْيَتِيمَ وَالْمَظْلُومَ بِالصَّلَابَةِ حَالُ مَنْ يَضْعُفُ عَنْ اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ (غَنِيٍّ) سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ إذَا كَانَ الرَّجُلُ فَقِيرًا وَهُوَ أَعْلَمُ فِي الْبَلَدِ وَأَرْضَاهُمْ اسْتَحَقَّ الْقَضَاءَ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْلِسَ لَهُ حَتَّى يَغْنَى وَيُقْضَى دَيْنُهُ. الْمَازِرِيُّ وَهَذِهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَعَاهُ فَقْرُهُ إلَى اسْتِمَالَةِ الْأَغْنِيَاءِ وَالضَّرَاعَةِ لَهُمْ وَتَمْيِيزِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِالْإِكْبَارِ إذَا تَخَاصَمُوا مَعَ الْفُقَرَاءِ، فَإِذَا كَانَ غَنِيًّا بَعُدَ ذَلِكَ. اهـ. زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَوْنَهُ بَلَدِيًّا وَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ تَعَالَى لَوْمَةَ لَائِمٍ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ الْوُلَاةَ الْيَوْمَ يُرَجِّحُونَ غَيْرَ الْبَلَدِيِّ عَلَى الْبَلَدِيِّ، وَالثَّانِي لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى النَّوْعِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنْ لَوْمَةِ لَائِمٍ رَاجِعٌ إلَى الْفِسْقِ. (حَلِيمٍ) حَسَنِ الْخُلُقِ يَتَحَمَّلُ مَا يَقَعُ بِحَضْرَتِهِ مِنْ الْخُصُومِ مِنْ غَيْرِ انْتِهَاكِ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَسْتَفِزُّهُ الْغَضَبُ وَلَا يَحْمِلُهُ عَلَى تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ مَا لَمْ تُنْتَهَكْ حُرْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى (نَزِهٍ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 272 نَسِيبٍ، مُسْتَشِيرٍ: بِلَا دَيْنٍ وَحَدٍّ، وَزَائِدٍ فِي الدَّهَاءِ   [منح الجليل] بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ قَنُوعٍ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَتَطَلَّعُ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ فَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ. " غ " أَيْ كَامِلِ الْمُرُوءَةِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ أَيْ مُتَرَفِّعٍ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الرَّذَائِلِ وَالطَّمَعِ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ. الْجَوْهَرِيُّ النَّزَاهَةُ الْبُعْدُ عَنْ السُّوءِ (نَسِيبٍ) أَيْ مَعْرُوفِ النَّسَبِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ إلَى الطَّعْنِ فِيهِ حَسَدًا عَلَى مَنْصِبِ الْقَضَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ لَا بَأْسَ بِوِلَايَةِ وَلَدِ الزِّنَا وَلَا يُحْكَمُ فِي حَدِّهِ. الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ مَنْعُهُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَوْضِعُ رِفْعَةٍ فَلَا يَلِيهِ وَلَدُ الزِّنَا كَالْإِمَامَةِ. أَصْبَغُ لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَفْتَى مَنْ حُدَّ فِي الزِّنَا إذَا تَابَ وَرُضِيَتْ حَالَتُهُ وَكَانَ عَالِمًا، وَيَجُوزُ حُكْمُهُ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ فِيهِ لِأَنَّ الْمَسْخُوطَ يَجُوزُ حُكْمُهُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِجَوْرٍ أَوْ خَطَأٍ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِأَصْبَغَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ. (مُسْتَشِيرٍ) لِلْعُلَمَاءِ وَلَا يَسْتَقِلُّ بِرَأْيِهِ أَيْ شَأْنِهِ ذَلِكَ خَوْفَ خَطَئِهِ (بِلَا دَيْنٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ لِأَنَّهُ ذُلٌّ بِالنَّهَارِ وَهَمٌّ بِاللَّيْلِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِشَرْطِ الْغِنَى عَنْ شَرْطِ عَدَمِ الدَّيْنِ، فَإِنَّ وُجُودَ الدَّيْنِ مَعَ الْغِنَى بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ لَا أَثَرَ لَهُ خَلِيلٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (وَ) بِلَا (حَدٍّ) فِي قَذْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، سَوَاءٌ قَضَى فِيمَا حُدَّ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ، وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَضَاءَ وَصْفٌ زَائِدٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّاهِدِ، وَإِذَا تَابَ الْقَاضِي مِمَّا حُدَّ فِيهِ فَلَهُ الْحُكْمُ فِيهِ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَلَوْ تَابَ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِاسْتِنَادِ حُكْمِ الْقَاضِي لِلْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ، فَضَعُفَتْ تُهْمَتُهُ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ. وَعَطَفَ عَلَى دَيْنٍ فَقَالَ (وَ) بِلَا زَائِدٍ (فِي الدَّهَاءِ) بِفَتْحِ الدَّالِ مَمْدُودًا كَذَا ضَبَطَهُ. ابْنُ قُتَيْبَةَ كَالذَّكَاءِ وَالْعَطَاءِ، وَكَذَا فِي ضِيَاءِ الْعُلُومِ، أَيْ الْفَطَانَةِ لِئَلَّا يَحْمِلَهُ عَلَى حُكْمِهِ بِالْفِرَاسَةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِ الْبَيِّنَةِ وَالْيَمِينِ وَلِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ أَحْوَالِ الْخُصُومِ مَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِمْ، وَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - زِيَادًا لِذَلِكَ. الطُّرْطُوشِيُّ لَيْسَ يَحْسُنُ الزِّيَادَةُ فِي عَقْلِهِ الْمُؤَدِّيَةُ إلَى الدَّهَاءِ وَالْمَكْرِ، فَإِنَّ هَذَا مَذْمُومٌ، وَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - زِيَادَ بْنَ سُمَيَّةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 273 وَبِطَانَةِ سُوءٍ وَمَنْعُ الرَّاكِبِينَ مَعَهُ، وَالْمُصَاحِبِينَ لَهُ وَتَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ   [منح الجليل] وَقَالَ كَرِهْت أَنْ أَحْمِلَ عَلَى فَضْلِ عَقْلِك وَكَانَ مِنْ الدُّهَاةِ. الْبِسَاطِيُّ وَقَعَ لِي مَعَ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَقَدْ قَرَّرَ فَرْقًا بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ لَا يَفْهَمُهُ الْخَوَاصُّ إلَّا بِجَهْدٍ، فَقُلْت لَهُ هَذَا لَا يَقَعُ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ الَّذِينَ لَيْسَ فِي قُدْرَتِهِمْ فَهْمُ هَذَا وَلَوْ قُرِّرَ لَهُ طُولُ عُمْرِهِ فَتُؤَاخِذُهُ بِمَا لَا يَخْطُرُ بِبَالِهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَصَوُّرِهِ فَسَكَتَ. (وَ) بِلَا (بِطَانَةِ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ خُلَطَاءِ (سُوءٍ) مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ الَّذِي فِي الْمَعُونَةِ أَخَصُّ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ يَسْتَبْطِنُ أَهْلَ الدِّينِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالنَّزَاهَةِ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ، وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ كَوْنِهِ سَلِيمًا مِنْ بِطَانَةِ السُّوءِ. وَأَمَّا نَفْسُ السَّلَامَةِ مِنْ بِطَانَةِ السُّوءِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهَا مِنْ الشُّرُوطِ الْوَاجِبَةِ. الشَّيْخُ عَنْهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْزِلَ مِنْ قُضَاتِهِ مَنْ يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّعْفَ وَالْوَهَنَ وَبِطَانَةَ السُّوءِ وَإِنْ أَمِنَ عَلَيْهِ الْجَوْرَ. (وَ) نُدِبَ لِلْقَاضِي (مَنْعُ) الْأَشْخَاصِ (الرَّاكِبِينَ) أَيْ الَّذِينَ يَرْكَبُونَ (مَعَهُ) أَيْ الْقَاضِي (وَ) الْأَشْخَاصِ (الْمُصَاحِبِينَ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، إذْ بِكَثْرَتِهِمْ تَعْظُمُ نَفْسُهُ وَيَهَابُهُ ذُو الْحَاجَةِ وَالضَّعِيفُ وَالْفَقِيرُ فَلَا يَصِلُونَ إلَيْهِ، وَلِاعْتِقَادِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْحَقَّ مِنْهُمْ وَلِتَوَصُّلِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُبْطِلِينَ بِهِمَا إلَى تَنْفِيذِ أَغْرَاضِهِمْ الْفَاسِدَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُكْثِرَ الدِّخَالَ عَلَيْهِ وَلَا الرِّكَابَ مَعَهُ وَلَا الْمُسْتَخْلِينَ مَعَهُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ كَانَتْ مِنْهُ بِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ أَمَانَةٍ وَنَصِيحَةٍ وَفَضْلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِمْ، وَيَمْنَعُ أَهْلَ الرُّكُوبِ مَعَهُ فِي غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا رَفْعِ مَظْلَمَةٌ وَلَا خُصُومَةٍ. (وَ) نُدِبَ (تَخْفِيفُ الْأَعْوَانِ) لِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْوَانٌ وَلَا لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَفِي سَمَاعِ الْأَخَوَيْنِ يَتَقَدَّمُ إلَى أَعْوَانِهِ، وَلَوْ اسْتَغْنَى عَنْهُمْ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ أَعْوَانٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَكَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَطُوفُ وَحْدَهُ. إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَى الْأَعْوَانِ فَلْيُخَفِّفْ مَا اسْتَطَاعَ وَيُقَامُ مِنْ مَجْلِسِهِ مَنْ جَلَسَ فِيهِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كَيْفِيَّةَ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ لِأَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 274 وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ وَحُكْمِهِ وَشُهُودِهِ وَتَأْدِيبُ مَنْ أَسَاءَ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] مِنْ حِيَلِ مُشَاكِلِي النَّاسِ إلَّا مَنْ كَانَ مَأْمُونًا مَرَضِيًّا. (وَ) نُدِبَ (اتِّخَاذُ مَنْ) أَيْ عَدْلٍ (يُخْبِرُهُ) أَيْ الْعَدْلُ الْقَاضِيَ (بِمَا) أَيْ الْقَوْلِ الَّذِي (يُقَالُ) مِنْ النَّاسِ (فِي سِيرَتِهِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ حَالَةِ الْقَاضِي (وَحُكْمِهِ) فَإِنْ كَانَ خَيْرًا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَدَامَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا تَابَ مِنْهُ إنْ وَقَعَ وَإِلَّا بَيَّنَ وَجْهَهُ وَأَبْعَدَ تُهْمَتَهُ عَنْ نَفْسِهِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُنْدَبُ أَنْ يَجْعَلَ رِجَالًا عُدُولًا يَثِقُ بِهِمْ يَنْقُلُونَ إلَيْهِ مَا يَنْقِمُ النَّاسُ عَلَيْهِ مِنْ خُلُقٍ أَوْ حُكْمٍ أَوْ قَبُولِ شَاهِدٍ أَوْ رَدِّهِ وَيَفْحَصُ عَنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ، فَإِنَّ لَهُ فِي الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ مَنْفَعَةً لَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ. (وَ) فِي (شُهُودِهِ) أَيْ الْقَاضِي الْمُرَتَّبِينَ لِسَمَاعِ الدَّعَاوَى وَتَسْجِيلِهَا لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ فِيهِمْ فَيُبْقِي عُدُولَهُمْ وَأَخْيَارَهُمْ وَصُلَحَاءَهُمْ وَيَطْرُدُ خِلَافَهُمْ. أَشْهَبُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي اتِّخَاذُ رَجُلٍ صَالِحٍ مَأْمُونٍ مُتَنَبِّهٍ أَوْ رَجُلَيْنِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَسْأَلُ عَنْ الشُّهُودِ فِي السِّرِّ فِي مَسَاكِنِهِمْ. وَأَعْمَالِهِمْ. سَحْنُونٌ يَتَّخِذُ لِذَلِكَ مَنْ هُوَ مِنْهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ حُسْنِ نَظَرِهِ فِي دِينِهِ وَإِنْ كَانَا رَجُلَيْنِ فَهُوَ أَحْسَنُ. اللَّخْمِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْرَفَ مُكْشِفُ الْقَاضِي لِأَنَّ فِيهِ فَسَادًا. أَشْهَبُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُكْشِفِ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ، وَلْيَسْأَلْ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ إنْ قَدَرَ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ أَشْهَبَ خَوْفَ أَنْ يُزَكِّيَهُ أَهْلُ وُدِّهِ أَوْ يُجَرِّحُهُ عَدُوُّهُ. ابْنُ شَعْبَانَ يَتَفَقَّدُ مَنْ يَرْكَبُ خَلْفَهُ لِئَلَّا يُدَلِّسَ بِهِمْ عَلَى النَّاسِ أَوْ يُدَلِّسُوا وَلَا يَقْبَلُ الْأَسْرَارَ إلَّا مِنْ الْأَخْيَارِ، وَلَا يُطْرَقْ لَهُ إذَا رَكِبَ وَلَا يُسْرِعُ الْمَسِيرَ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ بَهَاءِ الْوَجْه. (وَ) نُدِبَ (تَأْدِيبُ مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (أَسَاءَ) أَيْ تَعَدَّى (عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ لَهُ ظَلَمْتنِي أَوْ جُرْت عَلَيَّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَيَسْتَنِدُ فِيهِ لِعِلْمِهِ فَيُؤَدِّبُهُ، وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ. أَمَّا مَنْ أَسَاءَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِهِ وَأَرَادَ تَأْدِيبَهُ فَلَا يُؤَدِّبُهُ بِنَفْسِهِ، وَلْيَرْفَعْهُ لِقَاضٍ آخَرَ، وَيُقِيمُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ إنْ أَنْكَرَهَا سَمِعَ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت مَنْ قَالَ لِلْقَاضِي ظَلَمْتنِي قَالَ إنَّهُ يَخْتَلِفْ وَلَمْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 275 إلَّا فِي مِثْلِ: اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِي: فَلْيَرْفُقْ بِهِ وَعَلَى خَصْمِهِ   [منح الجليل] نَجِدْ فِيهِ تَفْسِيرًا إلَّا أَنَّ وَجْهَ مَا قَالَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَذَاهُ وَالْقَاضِي مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ عَاقَبَهُ وَمَا نَزَلَ ذَلِكَ حَتَّى خَاصَمَ أَهْلَ الشَّرَفِ فِي الْعُقُوبَةِ فِي الْإِلْدَادِ. ابْنُ رُشْدٍ لِلْقَاضِي الْفَاضِلِ الْعَدْلِ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَالْعُقُوبَةُ عَلَى مَنْ تَنَاوَلَهُ بِالْقَوْلِ وَآذَاهُ بِأَنْ نَسَبَهُ لِلظُّلْمِ وَالْجَوْرِ مُوَاجَهَةً بِحَضْرَةِ أَهْلِ مَجْلِسِهِ، بِخِلَافِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ آذَاهُ وَهُوَ غَائِبٌ بِلَا مُوَاجِهَةٍ لِأَنَّ مُوَاجِهَتَهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ لَهُ، وَلَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَنْ انْتَهَكَ مَالَهُ، وَإِذَا كَانَ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ فِيمَا لَهُ الْحُكْمُ لِغَيْرِهِ كَانَ أَحْرَى أَنْ يَحْكُمَ بِالْإِقْرَارِ فِي عِرْضِهِ كَمَا يَحْكُمُ بِهِ فِي عِرْضِ غَيْرِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الِاجْتِرَاءَ عَلَى الْحُكَّامِ بِمِثْلِ هَذَا تَوْهِينٌ لَهُمْ، فَالْمُعَاقَبَةُ فِيهِ أَوْلَى مِنْ التَّجَافِي وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِهِ وَمَا نَزَلَ ذَلِكَ حَتَّى خَاصَمَ أَهْلُ الشَّرَفِ فِي الْعُقُوبَةِ فِي الْإِلْدَادِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْعُقُوبَةُ فِي هَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ. (إلَّا فِي مِثْلِ) قَوْلِ بَعْضِ الْمُتَحَاكِمِينَ لِلْقَاضِي (اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِي) أَوْ اُذْكُرْ وُقُوفَك بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى لِلْقَضَاءِ بَيْنَك وَبَيْنَ النَّاسِ مِمَّا فِيهِ إشَارَةٌ لِلْإِسَاءَةِ فَلَا يُؤَدِّبُهُ (وَلْيَرْفُقْ) الْقَاضِي وُجُوبًا بِفَتْحِ الْيَاءِ وَالْفَاءِ (بِهِ) أَيْ مَنْ قَالَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ فِي أَمْرِي، وَيَقُلْ لَهُ رَزَقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ تَقْوَاهُ، وَذَكَّرَنَا الْوُقُوفَ بَيْنَ يَدَيْهِ تَعَالَى لِفَصْلِ الْقَضَاءِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قِيلَ لِلْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ تَعَالَى فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَضِيقَ صَدْرُهُ لِهَذَا وَلَا يُكْثِرُ عَلَيْهِ وَلْيَتَثَبَّتْ، وَيُجِيبُهُ جَوَابًا لَيِّنًا بِقَوْلِهِ رَزَقَنِي اللَّهُ تَعَالَى تَقْوَاهُ وَمَا أَمَرْتنِي إلَّا بِخَيْرٍ، وَمِنْ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ آخُذَ مِنْك الْحَقَّ إذَا بَانَ عِنْدَك وَلَا يُظْهِرُ لَهُ غَضَبًا. (وَ) يُؤَدَّبُ مَنْ أَسَاءَ (عَلَى خَصْمِهِ) فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِقَوْلِهِ لَهُ يَا ظَالِمُ أَوْ يَا فَاجِرُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ إنْ شَتَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَسْرَعَ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ بِقَوْلِهِ لَهُ يَا ظَالِمُ أَوْ يَا فَاجِرُ فَعَلَيْهِ زَجْرُهُ وَضَرْبُهُ إلَّا ذَا مُرُوءَةٍ فِي فِلْتَةٍ فَلَا يَضْرِبْهُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْصِفْ النَّاسَ فِي أَعْرَاضِهِمْ لَمْ يُنْصِفْهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ. قُلْت ظَاهِرُهُ انْحِصَارُ الْحَقِّ لِلْخَصْمِ، وَالْحَقُّ أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا إهَانَةٌ لِمَجْلِسِ الشَّرْعِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 276 وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ، إلَّا لِوُسْعِ عَمَلِهِ فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ   [منح الجليل] أَلَدَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِصَاحِبِهِ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ وَنَهَاهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَاقِبَهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ إلْدَادَهُ إذَايَةٌ وَإِضْرَارٌ فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي كَفُّهُ عَنْهُ وَعِقَابُهُ عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَأَصْبَغَ. قُلْت فِي حِفْظِي عَنْ بَعْضِهِمْ إنْ قَالَ لِخَصْمِهِ ظَلَمْتنِي أَوْ غَصَبْتنِي وَنَحْوَهُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ظَالِمُ وَنَحْوُهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ أُدِّبَ إنْ لَمْ يَنْزَجِرْ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ إنْ قَالَ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ أَوْ بِمَا يَسْأَلُك اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْ مَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَاكَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ، وَيُؤَدَّبُ الْمَعْرُوفُ بِالْإِذَايَةِ بِقَدْرِ جُرْمِهِ وَقَدْرِ الرَّجُلِ الْمُنْتَهِكِ مِنْهُ وَبِقَدْرِ الشَّاتِمِ فِي إيذَائِهِ لِلنَّاسِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةً تَجَافَى عَنْهُ وَلِابْنِ كِنَانَةَ إنْ قَالَ شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ فَلَا يُعَاقَبُ، وَإِنْ قَصَدَ أَذَاهُ وَالشُّهْرَةَ بِهِ نَكَلَ بِقَدْرِ حَالِ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. (وَ) إذَا وَلَّى الْإِمَامُ قَاضِيًا فِي بَلَدٍ مَخْصُوصٍ وَلَمْ يَأْذَن لَهُ فِي اسْتِخْلَافِهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ (لَمْ يَسْتَخْلِفْ) الْقَاضِي قَاضِيًا آخَرَ يَنُوبُ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ (إلَّا لِوُسْعِ) بِضَمِّ الْوَاوِ، أَيْ اتِّسَاعِ (عَمَلِهِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمِيمِ، أَيْ الْبِلَادِ الَّتِي وُلِّيَ لِلْقَضَاءِ فِيهَا فَيَسْتَخْلِفُ قَاضِيًا يَقْضِي نِيَابَةً عَنْهُ (فِي جِهَةٍ بَعُدَتْ) عَنْ بَلَدِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ. " ق " الْمُتَيْطِيُّ إذَا كَانَ نَظَرُ الْقَاضِي وَاسِعًا وَأَقْطَارُ مِصْرِهِ مُتَنَائِيَةً فَلَا يَرْفَعُ الْخُصُومَ إلَى مِصْرِهِ إلَّا فِيمَا مَنْ قَرُبَ مِنْ الْأَمْيَالِ الْقَرِيبَةِ لِأَنَّ مَا بَعُدَ يَشُقُّ عَلَى النَّاسِ وَيُقَدِّمُ فِي الْجِهَاتِ الْبَعِيدَةِ حُكَّامًا يَنْظُرُونَ لِلنَّاسِ فِي أَحْكَامِهِمْ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُبَارِزَ الْعَدُوَّ إلَّا بِإِذْنِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيُبَارِزْ وَلْيُقَاتِلْ بِغَيْرِ إذْنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِئْذَانُهُ فِي مُبَارَزَةٍ وَلَا قِتَالٍ، قَالَ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْعَدْلُ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ فِي الِاسْتِئْذَانِ لَهُ لَا فِي طَاعَتِهِ إذَا أَمَرَ بِشَيْءٍ أَوْ نَهَى عَنْهُ ثُمَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 277 مَنْ عَلِمَ مَا اسْتَخْلَفَ فِيهِ، وَانْعَزَلَ بِمَوْتِهِ، لَا هُوَ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ، وَلَوْ الْخَلِيفَةَ.   [منح الجليل] وَاجِبٌ عَلَى الرَّجُلِ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِيمَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِمَعْصِيَةٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا نَهَى الْإِمَامُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ فَيُتَّفَقُ عَلَى مَنْعِهِ، وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ فَيُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ إذَا كَانَ الِاسْتِخْلَافُ بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ فَلَا نُبَالِي، كَانَ الْقَاضِي حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَكَانَ الْإِمَامُ وَلَّى قَاضِيَيْنِ أَحَدُهُمَا فَوْقَ صَاحِبِهِ وَإِنْ تَجَرَّدَ الْعَقْدُ عَنْ الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ، فَقَالَ سَحْنُونٌ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ وَإِنْ مَرِضَ أَوْ سَافَرَ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَهُ ذَلِكَ إذَا مَرِضَ أَوْ سَافَرَ. خَلِيلٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ، أَيْ لِكَوْنِهِ صَدَّرَ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ هُنَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَّفِقُ عَلَى مَنْعِهِ إذَا عَدِمَ الْمَرَضَ وَالسَّفَرَ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ هَذَا إذَا اسْتَخْلَفَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَمَّا إنْ كَانَ عَمَلُهُ وَاسِعًا فَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَ فِي الْجِهَاتِ الْبَعِيدَةِ فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ. الْمَازِرِيُّ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إنْ اُسْتُخْلِفَ فَقَضَى الْمُسْتَخْلِفُ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهُ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ وَيَسْتَخْلِفَ فِي الْجِهَةِ الْبَعِيدَةِ. (مَنْ) أَيْ الَّذِي (عَلِمَ مَا اسْتَخْلَفَ فِيهِ) مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إلَّا إذَا اسْتَخْلَفَ فِي جَمِيعِهَا. ابْنُ شَاسٍ يُشْتَرَطُ فِي خَلِيفَتِهِ صِفَاتُ الْقُضَاةِ إلَّا إذْ لَمْ يُفَوَّضْ لَهُ إلَّا سَمَاعُ الشَّهَادَةِ وَالنَّقْلُ فَلَا يُشْتَرَطُ مِنْ الْعِلْمِ إلَّا مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْقَدْرِ ابْنُ الْحَاجِبِ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِمَا يُسْتَخْلَفُ فِيهِ (وَانْعَزَلَ) الْمُسْتَخْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ (بِمَوْتِهِ) أَيْ مُسْتَخْلِفِهِ بِكَسْرِهَا، لِأَنَّهُ كَوَكِيلِهِ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ مَاتَ الْقَاضِي وَقَدْ اسْتَخْلَفَ مَكَانَهُ رَجُلًا وَقَالَ لَهُ سُدَّ مَكَانِي وَنَفِّذْ مَا كُنْت صُدِّرْت فِيهِ لِلْقَضَاءِ وَاقْضِ فَلَا قَضَاءَ لَهُ وَلَا سُلْطَانَ، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ بَعْدَ مَوْتِهِ (لَا) يَنْعَزِلُ (هُوَ) أَيْ الْقَاضِي (بِمَوْتِ الْأَمِيرِ) الَّذِي قَدَّمَ الْقَاضِيَ إنْ كَانَ الْأَمِيرُ غَيْرَ الْخَلِيفَةِ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (الْخَلِيفَةَ) . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 278 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُتَيْطِيُّ إذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ وَقَدْ قَدَّمَ قُضَاةً وَحُكَّامًا وَوَلَّى الْأَمْرَ غَيْرَهُ وَقَضَى الْحُكَّامُ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْمَيِّتُ أَوْ الْقُضَاةُ بِقَضَايَا بَيْنَ مَوْتِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَقِيَامِ الثَّانِي وَبَعْدَ قِيَامِهِ وَقَبْلَ تَنْفِيذِهِ إلَيْهِمْ الْوِلَايَةَ وَتَمْضِيَتِهِ لَهُمْ الْحُكُومَةَ فِيمَا قَضَوْا فِي الْفَتْرَةِ وَحَكَمُوا فِيهِ فَأَقْضِيَتُهُمْ نَافِذَةٌ وَأَحْكَامُهُمْ جَائِزَةٌ وَسِجِلَّاتُهُمْ مَاضِيَةٌ، وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ وُلَاةِ الْأَيْتَامِ يُقَدِّمُهُمْ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ لِلْأَيْتَامِ، ثُمَّ يَمُوتُ الْقَاضِي أَوْ يُعْزَلُ فَتَقْدِيمُهُ لَهُمْ مَاضٍ وَفِعْلُهُمْ جَائِزٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُمْضِيَهُ الْقَاضِي الَّذِي وَلِيَ بَعْدَهُ. أَصْبَغُ لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ مُوَلِّيهِ كَانَ الْإِمَامَ أَوْ أَمِيرَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا مَاتَ الْمُسْتَخْلِفُ خَلِيلٌ بِكَسْرِ اللَّامِ، لَمْ يَنْعَزِلْ مُسْتَخْلَفُهُ خَلِيلٌ بِفَتْحِهَا، وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ فَيَتَنَاوَلُ الْإِمَامَ وَالْأَمِيرَ وَالْقَاضِيَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا عَدَا الْقَاضِي وَنَائِبَهُ، فَإِنَّ نَائِبَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي نَصَّ عَلَيْهِ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ أَعْلَمْهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعِنْدِي أَنَّ مَا قَالُوهُ مِنْ انْعِزَالِ نَائِبِ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْقَاضِي صَحِيحٌ إنْ كَانَ الْقَاضِي اسْتَنَابَهُ بِمُقْتَضَى الْوِلَايَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ اسْتَنَابَ رَجُلًا مُعَيَّنًا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ أَوْ الْخَلِيفَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْعَزِلَ ذَلِكَ النَّائِبُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَلَوْ أَذِنَ فِي النِّيَابَةِ إذْنًا مُطْلَقًا فَاخْتَارَ الْقَاضِي رَجُلًا، فَفِي انْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْقَاضِي نَظَرٌ. خَلِيلٌ اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ نَائِبِ الْقَاضِي فِي انْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَبَيْنَ نَائِبِ الْأَمِيرِ فِي عَدَمِ انْعِزَالِهِ بِمَوْتِ الْأَمِيرِ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ فَضْلٌ وَغَيْرُهُ اهـ. ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى هَذَا النَّقْلِ، وَذَكَرَ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ مَنْ وَلَّاهُ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَلَا بِعَزْلِهِ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ شَاسٍ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ تَرْجِيحُهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ أَصْبَغَ، وَنَصَّهُ الْمَازِرِيُّ، ذَكَرَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ وَلَّى الْقَاضِي رَجُلًا عَلَى أَمْرٍ مُعَيَّنٍ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ انْعَزَلَ عَنْ ذَلِكَ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي، وَإِنْ وَلَّاهُ حُكُومَةً مُسْتَقِلَّةً فَفِي انْعِزَالِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 279 وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَهُ: أَنَّهُ قَضَى بِكَذَا. وَجَازَ تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ   [منح الجليل] بِانْعِزَالِهِ، ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ مَنْ وَلَّاهُ قُلْت لَمْ يَعْزُ شَيْئًا مِنْهَا لِلْمَذْهَبِ، وَمَفْهُومُ مَا تَقَدَّمَ لِأَصْبَغَ انْعِزَالُ نَائِبِ الْقَاضِي فِي حُكْمٍ بِمَوْتِهِ أَوْ عَزْلِهِ. الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ أَمِيرِ مَدِينَةٍ كَتَبَ إلَى الْأَمِيرِ الْأَعْلَى فِي تَقْدِيمِ قَاضٍ وَعَنَى رَجُلًا فَكَتَبَ إلَيْهِ بِتَوْلِيَتِهِ فَفَعَلَ وَكَتَبَ لَهُ صَكًّا بِتَقْدِيمِهِ عَلَى أَمْرِ الْأَمِيرِ الْأَعْلَى، فَحَكَمَ بِذَلِكَ ثُمَّ وَلَّى صَاحِبَ مُنَاكِحَ فَحَكَمَ بِطُولِ حَيَاةِ الْقَاضِي وَهُوَ بِعِلْمِ الْأَمِيرِ فَمَاتَ الْقَاضِي وَبَقِيَ صَاحِبُ الْمُنَاكِحِ عَلَى خُطَّتِهِ وَطَرِيقِهِ مِنْ شَهَادَةِ الْفُقَهَاءِ عِنْدَهُ وَالْإِعْلَامِ بِذَلِكَ فِيمَا يَرْجِعُ لِلنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ فَهَلْ تَمْضِي أَحْكَامُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْقَاضِي أَوْ تُفْسَخُ فَأَجَابَ لَا تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَهُوَ عَلَى خُطَّتِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُ مَنْ يُوَلَّى بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ وَفِعْلُهُ جَائِزٌ صَحِيحٌ. (وَ) إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ عُزِلَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ فَرَفَعَ أَحَدُهُمَا لِلْقَاضِي الْجَدِيدِ، وَأَنْكَرَ حُكْمَ الْمَعْزُولِ فَ (لَا تُقْبَلُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (شَهَادَتُهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ (بَعْدَهُ) أَيْ عَزْلِهِ (أَنَّهُ قَضَى) بَيْنَهُمَا (بِكَذَا) قَبْلَ عَزْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ بَعْدَ الْعَزْلِ قَضَيْت بِكَذَا أَوْ أَشْهَدُ بِأَنَّهُ قَضَى فَلَا يُقْبَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ قَبْلَ الْعَزْلِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَةَ الْقَاضِي بِقَضَاءٍ قَضَى بِهِ وَهُوَ مَعْزُولٌ أَوْ غَيْرُ مَعْزُولٍ لَا تُقْبَلُ. ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْنًى خَفِيَ وَهُوَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي قَبْلَ عَزْلِهِ قَضَيْت بِكَذَا لَا يُقْبَلُ إنْ كَانَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ كَتَخَاصُمِ رَجُلَيْنِ عِنْدَ قَاضٍ فَيَحْتَجُّ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ قَاضِي بَلَدِ كَذَا قَضَى لِي بِكَذَا، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ كَذَا فَيَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْتِيهِ بِكِتَابَةٍ مَنْ عِنْدَهُ أَنِّي حَكَمْت لِفُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدِي لِفُلَانٍ كَذَا، فَهَذِهِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَلَوْ أَتَى الرَّجُلُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي فَقَالَ لَهُ خَاطِبْ لِي قَاضِي بَلَدِ كَذَا بِمَا ثَبَتَ لِي عِنْدَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا حَكَمْت لِي بِهِ عَلَيْهِ فَخَاطَبَهُ بِذَلِكَ قُبِلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ لَا شَاهِدٌ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ فِيمَا يُسَجِّلُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَشْهَدُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا دَامَ فِي قَضَائِهِ. (وَجَازَ تَعَدُّدُ) قَاضٍ (مُسْتَقِلٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ (عَامٍّ) أَيْ مُنْفَرِدٍ كُلُّ قَاضٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 280 أَوْ خَاصٍّ بِنَاحِيَةٍ، أَوْ نَوْعٍ   [منح الجليل] بِالْحُكْمِ فِي جَمِيعِ مَمْلَكَةِ الْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمُعَامَلَاتِ (أَوْ) تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ (خَاصٍّ بِنَاحِيَةٍ) أَيِّ جِهَةٍ مِنْ مَمْلَكَةِ مَنْ وَلَّاهُ (أَوْ) تَعَدُّدُ مُسْتَقِلٍّ خَاصٍّ بِ (نَوْعٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ كَالنِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ وَمَفْهُومُ مُسْتَقِلٍّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ مُتَعَدِّدٍ مُشْتَرَكٍ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ التَّوْلِيَةِ اتِّحَادُ الْمُوَلَّى. ابْنُ عَرَفَةَ تَجُوزُ تَوْلِيَةُ قَاضِيَيْنِ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يَخُصَّ مِنْهُمَا بِنَاحِيَةٍ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ نَوْعٍ مِنْ الْمَحْكُومِ فِيهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ يَصِحُّ التَّخْصِيصُ فِيهَا وَالتَّحْجِيرُ. فَلَوْ اسْتَثْنَى فِي وِلَايَتِهِ أَنْ لَا يَحْكُمَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ ذَلِكَ. ابْنُ فَتْحُونٍ وَيَنْفَرِدُ الْقُضَاةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ بِخُطَّةِ الْمُنَاكِحِ فَيُوَلَّاهَا عَلَى حِدَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا فِي بِلَادِ تُونُسَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ تَخْصِيصِ أَحَدِهِمَا بِالنِّكَاحِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ، وَالْآخَرِ بِمَا سِوَى ذَلِكَ، قَالَ وَكَذَا عَلَى عَدَمِ التَّخْصِيصِ مَعَ اسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِنُفُوذِ حُكْمِهِ وَمَنَعَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِمُقْتَضَى السِّيَاسَةِ خَوْفَ تَنَازُعِ الْخُصُومِ فِيمَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ، وَمُقْتَضَى أُصُولِ الشَّرْعِ جَوَازُهُ لِأَنَّ لِذِي الْحَقِّ اسْتِنَابَةَ مَنْ شَاءَ عَلَى حَقِّهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ، وَالتَّنَازُعُ يَرْتَفِعُ شَغَبُهُ بِاعْتِبَارِ قَوْلِ الطَّالِبِ، وَإِنْ تَطَالَبَا قُضِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا هُوَ فِيهِ طَالِبٌ بِمَنْ يُرِيدُهُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ بُدِئَ الْأَوَّلُ، فَإِنْ اقْتَرَنَا فَفِي الْقُرْعَةِ وَتَرْجِيحِ مَنْ دُعِيَ إلَى الْأَقْرَبِ خِلَافٌ. وَاسْتُدِلَّ عَلَى جَوَازِ التَّعَدُّدِ بِالْقِيَاسِ عَلَى جَوَازِ تَوْلِيَةِ الْوَاحِدِ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْإِمَامِ مَعَهُ، وَفُرِّقَ بِيُسْرِ رَفْعِ التَّنَازُعِ عِنْدَ اخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا بِعَزْلِ الْإِمَامِ قَاضِيَهُ وَتَعَذُّرِ عَزْلِ أَحَدِ الْقَاضِيَيْنِ الْآخَرَ. وَتَعَدُّدُهُمَا بِشَرْطِ وَقْفِ نُفُوذِ حُكْمِهِمَا عَلَى اتِّفَاقِهِمَا مَنَعَهُ ابْنُ شَعْبَانَ، وَقَالَ لَا يَكُونُ الْحَاكِمُ نِصْفَ حَاكِمٍ وَغَلَا فِيهِ الْبَاجِيَّ فَادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِهِ، وَأَجَابَ عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِتَعَدُّدِ حُكْمَيْ الصَّيْدِ وَالزَّوْجَيْنِ بِأَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا انْتَقَلَ لِغَيْرِهِمَا وَالْقَاضِيَانِ هُمَا بِوِلَايَةٍ لَا يَصِحُّ التَّنَقُّلُ فِيهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَاخْتِلَافُهُمَا يُؤَدِّي لِتَضْيِيعِ الْأَحْكَامِ، وَالْغَالِبُ اخْتِلَافُ الْمُجْتَهِدِينَ وَإِنْ كَانَا مُقَلَّدَيْنِ فَوِلَايَةُ الْمُقَلِّدِ مَمْنُوعَةٌ الْمَازِرِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا يَقُومُ عَلَى الْمَنْعِ إنْ اقْتَضَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً وَدَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ فِي نَازِلَةٍ رَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا تَرْتَفِعُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 281 وَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ،   [منح الجليل] التُّهْمَةُ وَالرِّيبَةُ إلَّا بِقَضَاءِ رَجُلَيْنِ فِيهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَ نَظَرُهُمَا فِيهَا اسْتَظْهَرَ بِغَيْرِهِمَا. قُلْت مَنَعَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ شَعْبَانَ إنَّمَا هُوَ فِي تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ وِلَايَةً مُطْلَقَةً لَا فِي مَسْأَلَةٍ جُزْئِيَّةٍ كَمَا فَرَضَهُ الْمَازِرِيُّ، قَالَ وَذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ أَنَّهُ وَلِيَ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ ثَلَاثَةُ قُضَاةٍ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهَا مَنْ كَانَ بِذَلِكَ الْبَلَدِ مِنْ فُقَهَائِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَبْلَ هَذَا بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ، وَكَوْنُهُ وَاحِدًا عَدَّهُ عِيَاضٌ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ مَانِعَ التَّعَدُّدِ دَائِمًا هُوَ خَوْفُ تَنَاقُضِهِمَا وَلَا يُتَصَوَّرُ إضَافَةُ الْحُكْمِ لَهُمَا إلَّا مَعَ اتِّفَاقِهِمَا، فَيَجِبُ حِينَئِذٍ إمْضَاؤُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ، وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّانِيَةِ إلَّا هَذَا. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْعَ تَعَدُّدِهِمَا إنَّمَا هُوَ مُعَلَّلٌ بِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِاخْتِلَافِهِمَا لَا بِعَيْنِ اخْتِلَافِهِمَا، وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يَبْطُلُ بِانْتِقَاءِ مَظْنُونِهِمَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ، وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ جِلْدِ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ فِي السَّفَرِ إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَسَائِلِ. وَاسْتَدَلَّ الْبَاجِيَّ عَلَى مَنْعِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِتَأْدِيَتِهِ إلَى تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ وَغَالِبِ الْآرَاءِ، قَالَ وَلَا يُعْتَرَضُ هَذَا بِحُكْمَيْ الصَّيْدِ وَالزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا تَيَسَّرَ الِانْتِقَالُ عَنْهُمَا لِغَيْرِهِمَا، وَهَذَا فِي الْقَضَاءِ مُتَعَذِّرٌ. الْمَازِرِيُّ لَا مَانِعَ مِنْ تَعَدُّدِهِمَا فِي نَازِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ إنْ دَعَتْ لِذَلِكَ ضَرُورَةٌ، فَإِنْ اخْتَلَفَا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَيَسْتَظْهِرُ بِغَيْرِهِمَا، وَذَكَرَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ وَلَّوْا فِي بَعْضِ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ ثَلَاثَةَ قُضَاةٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ فُقَهَاءُ ذَلِكَ الْبَلَدِ الْمَازِرِيُّ قَدْ يَظْهَرُ وَجْهُ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فِي قِصَصٍ خَاصَّةٍ، وَأَمَّا فِي قِصَصٍ عَامَّةٍ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ. قُلْت إنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْقَضَاءِ الْعَامِّ، وَأَمَّا فِي نَازِلَةٍ مُعَيَّنَةٍ يُوقَفُ نُفُوذُ الْحُكْمِ فِيهَا عَلَى اتِّفَاقِهِمَا، فَمَا أَظُنُّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا، وَهَذِهِ نَوْعُ قَضِيَّةِ تَحْكِيمِ رَجُلَيْنِ، وَقَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ فِي تَحْكِيمِهِمَا أَبَا مُوسَى وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اهـ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ الْقُضَاةُ الْمُسْتَقِلُّونَ وَتَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي الرَّفْعِ، وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّفْعَ إلَى قَاضٍ وَالْآخَرُ الرَّفْعَ إلَى غَيْرِهِ فَ (الْقَوْلُ لِلطَّالِبِ) ابْنُ عَرَفَةَ وَتَعَدُّدُهُمَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ كُلُّ وَاحِدٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 282 ثُمَّ مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ؛ وَإِلَّا أُقْرِعَ كَالِادِّعَاءِ وَتَحْكِيمُ غَيْرِ خَصْمٍ   [منح الجليل] مُسْتَقِلٌّ بِالْقَضَاءِ فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ نَوْعٍ خَاصٍّ فَذَلِكَ جَائِزٌ. الْمَازِرِيُّ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ ادَّعَى إلَيْهِ الْآخَرُ قُدِّمَ الْأَسْبَقُ، فَإِنْ تَسَاوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مَسَافَةً لِمَنْ دُعِيَ إلَى الْحُكْمِ عِنْدَهُ (ثُمَّ) إنْ تَطَالَبَا فَالْقَوْلُ لِ (مَنْ سَبَقَ رَسُولُهُ) الْمَازِرِيُّ لَوْ فَرَضْنَا الْخَصْمَيْنِ جَمِيعًا طَالِبَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ صَاحِبَهُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ حَقَّهُ عِنْدَ مَنْ شَاءَ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ يَبْتَدِئُ بِالطَّلَبِ وَفِيمَنْ يَذْهَبَانِ إلَيْهِ مِنْ الْقَاضِيَيْنِ حَيْثُ لَا سَابِقَ مِنْ رُسُلِ الْقَاضِيَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ بِسَبْقِ الطَّلَبِ عَلَى الْآخَرِ وَلَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَطَالَبَا قُضِيَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا هُوَ فِيهِ طَالِبٌ بِمَنْ يُرِيدُهُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّبْدِئَةِ بُدِئَ الْأَوَّلُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ رَسُولُ أَحَدِهِمَا بِأَنْ اسْتَوَيَا فِي الْمَجِيءِ (أَقُرِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (بَيْنَهُمَا) ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ اقْتَرَنَا فَفِي الْقُرْعَةِ وَتَرْجِيحِ مَنْ دُعِيَ إلَى الْأَقْرَبِ خِلَافٌ، وَشَبَّهَ فِي تَقْدِيمِ الطَّالِبِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ فَقَالَ (كَالِادِّعَاءِ) أَيْ ذَكَرَ الدَّعْوَى لِلْقَاضِي فَيُقَدَّمُ الطَّالِبُ بِالْكَلَامِ، فَإِنْ تَطَالَبَا فَالْقُرْعَةُ أَيُّهُمَا يَتَكَلَّمُ أَوَّلًا. (وَ) جَازَ (تَحْكِيمُ) رَجُلٍ (غَيْرِ خَصْمٍ) أَيْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَلَا عَلَيْهَا. " ق " فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ حَكَّمَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا أَمْضَاهُ الْقَاضِي وَلَا يَرُدُّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا عِنْدَ الْقَاضِي. ابْنُ حَارِثٍ عَنْ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ إنْ خَالَفَ رَأْيَهُ. الْمَازِرِيُّ تَحْكِيمُ الْخَصْمَيْنِ غَيْرَهُمَا جَائِزٌ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَفْتِيَا فَقِيهًا يَعْمَلَانِ بِفَتْوَاهُ فِي قَضِيَّتِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا جَوَازُهُ ابْتِدَاءً، وَلَفْظُ الرِّوَايَاتِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْوُقُوعِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ حَكَمَ خَصْمُهُ فَثَالِثُهَا يَمْضِي مَا لَمْ يَكُنْ الْمُحَكِّمُ الْقَاضِيَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ الْأَقْوَالُ صَحِيحَةٌ حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ أَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي أَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ مَاضٍ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَمْضِي لَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِ الْخِلَافِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ بِالْجَوَازِ، فَقَالَ مَسْأَلَةٌ إذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 283 وَجَاهِلٍ، وَكَافِرٍ، وَغَيْرِ مُمَيِّزٍ: فِي مَالٍ، وَجُرْحٍ. لَا حَدٍّ، وَلِعَانٍ، وَقَتْلٍ، وَوَلَاءٍ وَنَسَبٍ وَطَلَاقٍ،   [منح الجليل] حَكَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ فَحَكَمَ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا جَازَ، وَمَضَى مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا بَيِّنًا، وَلَيْسَ تَحْكِيمُ الشَّخْصِ خَصْمَهُ كَتَحْكِيمِ خَصْمِ الْقَاضِي. أَصْبَغُ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ مَضَى وَلْيَذْكُرْ فِي تَسْجِيلِهِ رِضَاهُ بِالتَّحَاكُمِ إلَيْهِ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ اهـ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ فَرْحُونٍ جَازَ وَمَضَى هَلْ مَعْنَاهُ جَازَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَوَازِ تَحْكِيمِ الْخَصْمِ خَصْمَهُ مُطْلَقًا وَكَرَاهَتِهِ إنْ كَانَ الْقَاضِيَ. ثَالِثُهَا لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ إنْ كَانَ الْقَاضِيَ لِنَقْلِ الْمَازِرِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ فَرْحُونٍ تَرْجِيحُ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً. الْبُنَانِيُّ وَعَلَى كُلٍّ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ دَرَكٌ فِي التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ خَصْمٍ لِأَنَّ تَحْكِيمَ الْخَصْمِ عَلَى جَوَازِهِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ وُقُوعِهِ مُسَاوٍ لِتَحْكِيمِ غَيْرِهِ. (وَغَيْرِ جَاهِلٍ) اللَّخْمِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ لِعَدْلٍ مُجْتَهِدٍ أَوْ عَامِّيٍّ يَحْكُمُ بِاسْتِرْشَادِ الْعُلَمَاءِ (وَ) غَيْرِ (كَافِرٍ) اللَّخْمِيُّ اتَّفَقَتْ أَقْوَالُ مَنْ يُذْكَرُ بَعْدُ عَلَى أَنْ لَا يَحْكُمَ جَاهِلٌ بِالْحُكْمِ لِأَنَّهُ تَخَاطُرٌ وَلَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا مُوَسْوَسٍ اتِّفَاقًا. ابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ إلَى أَنَّ الْجَاهِلَ يُتَّفَقُ عَلَى بُطْلَانِ حُكْمِهِ لِأَنَّ تَحْكِيمَهُ خَطَرٌ وَغَرَرٌ (وَ) لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُ شَخْصٍ (غَيْرِ مُمَيِّزٍ) لِجُنُونٍ أَوْ وَسْوَسَةٍ أَوْ إغْمَاءٍ. الْبُنَانِيُّ وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَجَاهِلٍ. قُلْت وَكَذَا قَوْلُهُ كَافِرٍ وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ لِلْعَدْلِ الْعَالِمِ (فِي مَالٍ وَجُرْحٍ) ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيمَا يَصِحُّ لِأَحَدِهِمَا تَرْكُ حَقِّهِ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا (لَا) يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي (حَدٍّ) لِقَذْفٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ سُكْرٍ (وَ) لَا فِي (قَتْلٍ) لِقَاتِلٍ أَوْ تَارِكِ صَلَاةٍ (وَ) لَا فِي (لِعَانٍ) سَحْنُونٌ وَلَا يَنْبَغِي فِي لِعَانٍ وَلَا حَدٍّ إنَّمَا هُمَا لِقُضَاةِ الْأَمْصَارِ الْعِظَامِ. أَصْبَغُ وَلَا فِي قِصَاصٍ وَلَا حَدِّ قَذْفٍ وَلَا طَلَاقٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا نَسَبٍ وَلَا وَلَاءٍ لِأَنَّهَا لِلْإِمَامِ (وَ) لَا فِي (وَلَاءٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا عَلَى عَتِيقٍ (وَ) لَا فِي (نَسَبٍ) لِأَبٍ (وَ) لَا فِي (طَلَاقٍ) (وَ) لَا فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 284 وَعِتْقٍ وَمَضَى، إنْ حَكَمَ صَوَابًا، وَأُدِّبَ، وَصَبِيٍّ، وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ، وَفَاسِقٍ. ثَالِثُهَا، إلَّا الصَّبِيَّ، وَرَابِعُهَا: إلَّا وَفَاسِقٍ؛   [منح الجليل] عِتْقٍ) لِخَطَرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِ الْخَصْمَيْنِ بِهَا إمَّا لِلَّهِ تَعَالَى كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، وَإِمَّا لِآدَمِيٍّ كَحَقِّ الْوَلَدِ فِي اللِّعَانِ وَالنَّسَبِ وَالْعَصَبَةِ فِي الْوَلَاءِ. (وَمَضَى) حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي حَدٍّ أَوْ قَتْلٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَلَا يَنْقُضُهُ الْإِمَامُ وَلَا الْقَاضِي (إنْ حَكَمَ) الْمُحَكَّمُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا حُكْمًا (صَوَابًا وَأُدِّبَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً الْمُحَكَّمُ إنْ أَنْفَذَ حُكْمَهُ بِأَنْ قَتَلَ أَوْ ضَرَبَ الْحَدَّ. أَصْبَغُ إنْ حَكَّمَاهُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يُحَكَّمُ فِيهِ أَنْفَذَ السُّلْطَانُ حُكْمَهُ فِي الْقَوَدِ وَالْحَدِّ وَنَهَاهُ عَنْ الْعَوْدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ أَقَامَ ذَلِكَ فَقَتَلَ وَاقْتَصَّ وَضَرَبَ الْحَدَّ زَجَرَهُ الْإِمَامُ وَأَدَّبَهُ وَأَمْضَى صَوَابَ حُكْمِهِ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ سَوَاءٌ أَنْفَذَ الْحُكْمَ أَوْ لَمْ يُنْفِذْهُ بِنَفْسِهِ، وَحَكَمَ بِهِ وَرَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي لِيُنْفِذَهُ، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالذَّخِيرَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّ الْأَدَبَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَنْفَذَ مَا حَكَمَ بِهِ بِنَفْسِهِ، أَمَّا لَوْ حَكَمَ وَلَمْ يُنْفِذْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي حُكْمَهُ وَيَنْهَاهُ عَنْ الْعَوْدِ وَلَا يُؤَدِّبُهُ وَنَصُّ التَّوْضِيحِ أَصْبَغُ إذَا حَكَمَ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِيهِ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْضِي حُكْمَهُ وَيَنْهَاهُ عَنْ الْعَوْدَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُقِيمُ الْحَدَّ وَغَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ فَقَتَلَ أَوْ اقْتَصَّ أَوْ حُدَّ ثُمَّ رَفَعَ إلَى الْإِمَامِ أَدَّبَهُ السُّلْطَانُ وَزَجَرَهُ وَأَمْضَى مَا كَانَ صَوَابًا مِنْ حُكْمِهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ سَحْنُونٍ. (وَفِي) صِحَّةِ حُكْمِ (صَبِيٍّ) مُمَيَّزٍ مُحَكَّمٍ (وَعَبْدٍ وَفَاسِقٍ وَامْرَأَةٍ) لِأَصْبَغَ وَعَدَمُهَا لِمُطَرِّفٍ (ثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ صِحَّتُهُ مِنْهُمْ (إلَّا الصَّبِيَّ) فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ لِأَشْهَبَ (وَرَابِعُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ صِحَّتُهُ مِنْهُمْ إلَّا الصَّبِيَّ (وَفَاسِقًا) فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُمَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ " ق " أَشْهَبُ إنْ حَكَّمَا امْرَأَةً فَحُكْمُهَا مَاضٍ إذَا كَانَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ. ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَخَذَ أَصْبَغُ وَكَذَلِكَ الْمَسْخُوطُ إذَا أَصَابَ وَالْمَحْدُودُ وَالصَّبِيُّ إذَا عَقَلَ وَعَلِمَ رَبُّ غُلَامٍ لَمْ يَبْلُغْ عَلِمَ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ. سَحْنُونٌ لَوْ حَكَّمَا مَسْخُوطًا أَوْ امْرَأَةً الجزء: 8 ¦ الصفحة: 285 وَضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ وَعَزْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ، وَلَمْ يَنْبَغِ، إنْ شُهِرَ عَدْلًا بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ   [منح الجليل] أَوْ عَبْدًا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ وَفِي الْوَاضِحَةِ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ أَشْهَبُ تَحْكِيمُ الصَّبِيِّ وَالْمَسْخُوطِ لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ. (وَ) جَازَ لِلْقَاضِي (ضَرْبُ خَصْمٍ لَدَّ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالدَّالِ مُثَقَّلَةً، أَيْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ بِتَأْخِيرِ مَا عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِهِ. ابْنُ نَاجِي يَأْمُرُ أَعْوَانَهُ بِهِ وَلَوْ ضَرَبَهُ بِيَدِهِ جَازَ، سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَدَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِصَاحِبِهِ وَتَبَيَّنَ ذَلِكَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُعَاقِبَهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ لَدَدَهُ إذَايَةٌ وَإِضْرَارٌ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ كَفُّهُ وَعِقَابُهُ عَلَيْهِ بِمَا يَرَاهُ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَضْرِبَ الْخَصْمَ إذَا تَبَيَّنَ لَدَدُهُ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَاهُ إذَا ثَبَتَ بَيِّنَةٌ، إذْ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ. ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ الَّتِي تَنْبَغِي لِلْقَاضِي مَعَ الْخُصُومِ، مِنْهَا أَنَّ الْغَرِيمَ دَعَا غَرِيمَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ أَدَّبَهُ وَجَرَّحَهُ إنْ كَانَ عَدْلًا، فَإِنْ تَغَيَّبَ شَدَّ الْقَاضِي عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَى الطَّالِبِ، فَإِنْ تَغَيَّبَ الْمَطْلُوبُ وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ. وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ مَنْ اسْتَهَانَ بِدَعْوَةِ الْقَاضِي أَوْ الْحَاكِمِ وَلَمْ يُجِبْ يُضْرَبُ أَرْبَعِينَ. وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ رَفَعَ الصَّوْتَ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ يُبْرِمُهُ وَيُضْجِرُهُ وَيُحَيِّرُهُ. (وَ) لِلْخَلِيفَةِ أَوْ الْأَمِيرِ (عَزْلُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِمَصْلَحَةٍ) كَكَوْنِ غَيْرِهِ أَقْوَى أَوْ أَحْكَمَ أَوْ لِنَقْلِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ مَثَلًا (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَنْبَغِي) عَزْلُهُ (إنْ شُهِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاضِي حَالَ كَوْنِهِ (عَدْلًا) أَيْ إنْ اُشْتُهِرَتْ عَدَالَتُهُ (بِمُجَرَّدِ شَكِيَّةٍ) أَيْ بِشَكِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ عَنْ الثُّبُوتِ وَلَوْ وَجَدَ بَدَلًا مِنْهُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إفْسَادًا لِقَضَايَا النَّاسِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ. الْمُتَيْطِيُّ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ قُضَاتِهِ وَأُمُورَ حُكَّامِهِ وَوُلَاتِهِ، وَيَتَتَبَّعَ أَحْكَامَهُمْ وَيَتَفَقَّدَ قَضَايَاهُمْ، فَإِنَّهُمْ سَنَامُ أُمُورِهِ وَرَأْسُ سُلْطَانِهِ، وَيَسْأَلَ عَنْهُمْ أَهْلَ الصَّلَاحِ وَالْفَضْلِ، فَإِنْ كَانُوا عَلَى مَا يَجِبُ أَقَرَّهُمْ، وَإِنْ تَشَكَّى بِهِمْ عَزَلَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مَشْهُورِينَ بِالْعَدْلِ وَالصَّلَاحِ وَقَدْ عَزَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَعْدًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي قَوْمٌ عَزْلَ أَمِيرِهِمْ وَيَشْكُونَهُ إلَّا عَزَلْته عَنْهُمْ مَعَ عِلْمِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الجزء: 8 ¦ الصفحة: 286 وَلْيُبَرَّأْ عَنْ غَيْرِ سُخْطٍ وَخَفِيفِ تَعْزِيرٍ بِمَسْجِدٍ لَا حَدٍّ وَجَلَسَ بِهِ   [منح الجليل] مُطَرِّفٌ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَعْزِلَ قَاضِيهِ بِالشَّكِيَّةِ إذَا كَانَ عَدْلًا وَإِنْ وَجَدَ مِنْهُ بَدَلًا. ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ تَفَقُّدُ الْإِمَامِ حَالَ قُضَاتِهِ فَيَعْزِلُ مَنْ فِي بَقَائِهِ مَفْسَدَةٌ وُجُوبًا فَوْرًا وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ مَفْسَدَةٌ اسْتِحْبَابًا وَمَنْ غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ عَزْلُهُ رَاجِحٌ. (وَلْيُبْرِئْ) الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ مَنْ عَزَلَهُ (عَنْ غَيْرِ سُخْطٍ) أَصْبَغُ لَا بَأْسَ إذَا عَزَلَهُ أَنْ يُخْبِرَ النَّاسَ بِبَرَاءَتِهِ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِشُرَحْبِيلَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَ لَهُ أَعَنْ سُخْطٍ عَزَلْتنِي؟ قَالَ لَا، وَلَكِنْ وَجَدْت مَنْ هُوَ مِثْلُك فِي الصَّلَاحِ وَأَقْوَى عَلَى عَمَلِنَا مِنْك فَلَمْ أَرَ يَحِلُّ لِي إلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ عُزُلَتَك عَيْبٌ فَأَخْبِرْ النَّاسَ بِأَمْرِي فَفَعَلَ، فَإِنْ عَمَّ التَّشَكِّي بِالْقَاضِي عَزَلَهُ وَأَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَأْتِي كُلُّ أَحَدٍ بِمَظْلِمَتِهِ وَشَكْوَاهُ. الْحَطّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ شُهِرَ عَدْلًا أَنَّ غَيْرَ الْمَشْهُورِ عَدَالَتُهُ يُعْزَلُ بِمُجَرَّدِ الشَّكِيَّةِ، وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، وَنَصُّهُ وَعَزْلُهُ بِالشِّكَايَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ فِي وُجُوبِهِ بِهَا أَوْ الْكَتْبِ إلَى صَالِحِي بَلَدِهِ لِيَكْشِفُوا عَنْ حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى مَا يَجِبُ وَإِلَّا عُزِلَ. ثَالِثُهَا إنْ وَجَدَ بَدَلَهُ وَإِلَّا فَالثَّانِي لِلشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ وَمُطَرِّفٍ. (وَ) جَازَ (خَفِيفُ تَعْزِيرٍ) مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَخَمْسَةِ وَعَشْرَةِ الْأَسْوَاطِ (بِمَسْجِدٍ) لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ السَّلَامَةِ مِنْ خُرُوجِ نَجَسٍ (لَا) يَجُوزُ (حَدٌّ) وَتَعْزِيرٌ شَدِيدٌ بِهِ. فِيهَا لَا بَأْسَ بِيَسِيرِ الْأَسْوَاطِ أَدَبًا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَمَّا الْحُدُودُ وَشِبْهُهَا فَلَا. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إهَانَةً لَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] وَقَوْلُهُ وَشِبْهُهَا يَعْنِي التَّعْزِيرَاتِ الْكَثِيرَةَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ فِي التَّوْضِيحِ مُحْتَمِلٌ لِلْمَنْعِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مَا يُنَجِّسُ الْمَسْجِدَ وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا لَهُ. (وَجَلَسَ) الْقَاضِي (بِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ لِلْقَضَاءِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْحَقِّ وَهُوَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ لِأَنَّهُ يُرْضَى فَلَهُ بِالدُّونِ مِنْ الْمَجْلِسِ، وَتَصِلُ إلَيْهِ فِيهِ الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ، وَإِنْ احْتَجَبَ فَلَا يَصِلُ إلَيْهِ النَّاسُ. وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ يَجْلِسُ بِرِحَابِ الْمَسْجِدِ خَارِجَةً عَنْهُ. اللَّخْمِيُّ هَذَا أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفْعَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 287 بِغَيْرِ عِيدٍ، وَقُدُومِ حَاجٍّ، وَخُرُوجِهِ، وَمَطَرٍ وَنَحْوَهُ وَاِتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ   [منح الجليل] أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ» . ابْنُ عَرَفَةَ فِي اسْتِحْبَابِ جُلُوسِهِ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِرِحَابِهِ خَارِجَةً عَنْهُ. ثَالِثُهَا لَا بَأْسَ بِهِ فِي مَنْزِلِهِ وَحَيْثُ أَحَبَّ لَهَا وَرِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ قَائِلًا كَانَ مَنْ مَضَى يَجْلِسُ إمَّا عِنْدَ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ أَوْ فِي رَحْبَتِهِ. مَرْوَانُ وَمَا كَانَتْ تُسَمَّى إلَّا رَحْبَةَ الْقَضَاءِ وَلِأَشْهَبَ. اللَّخْمِيُّ وَالثَّانِي أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ رَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ وَخُصُومَاتِكُمْ» ، وَلَا يُعْتَرَضُ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ يُرَادُ بِهَا التَّرْهِيبُ. ابْنُ شَعْبَانَ مِنْ الْعَدْلِ كَوْنُ مَنْزِلِ الْقَاضِي بِوَسَطِ مِصْرِهِ لِأَنَّهُ بِطَرَفِ الْمِصْرِ يَضُرُّ بِغَالِبِ النَّاسِ، وَهَذَا فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ، وَذَلِكَ فِي الصَّغِيرِ خَفِيفٌ وَنُدِبَ اسْتِقْبَالُهُ الْقِبْلَةَ. وَفِي النَّوَادِرِ يُجْعَلُ لِلذِّمِّيِّينَ يَوْمًا أَوْ وَقْتًا يَجْلِسُ لَهُمْ فِيهِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَيَجْلِسُ (بِغَيْرِ) يَوْمِ (عِيدِ) فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى وَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ فِي يَوْمِ عِيدٍ لِأَنَّهُ يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ وَمُصَافَاةٍ لَا يَوْمُ مُخَاصَمَةٍ (وَ) بِغَيْرِ يَوْمِ (قُدُومِ) رَكْبِ (حَاجٍّ) لِاشْتِغَالِ النَّاسِ فِيهِ بِتَهْنِئَةِ الْقَادِمِينَ (وَخُرُوجِهِ) أَيْ رَكْبِ الْحَاجِّ لِاشْتِغَالِ النَّاسِ فِيهِ بِتَشْيِيعِ الْمُسَافِرِينَ. تت يَنْبَغِي لَهُ الْجُلُوسُ أَيَّامَ خُرُوجِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ وَسَفَرِ الْقَوَافِلِ لِلشَّامِ وَغَيْرِهَا لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَكْرِيَاءِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَإِذَا غَفَلَ عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ هَرَبُوا (وَ) بِغَيْرِ يَوْمِ (مَطَرٍ وَنَحْوِهِ) كَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَيَوْمِ كَسْرِ النِّيلِ بِمِصْرَ وَيَوْمِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقُدُومِ السُّلْطَانِ مِنْ غَزْوٍ. اللَّخْمِيُّ يَلْتَزِمُ وَقْتًا مِنْ النَّهَارِ لِيَعْلَمَهُ أَهْلُ الْخُصُومَاتِ لِأَنَّهُ إنْ اخْتَلَفَ وَقْتُ جُلُوسِهِ أَضَرَّ بِالنَّاسِ، وَلَا يَجْلِسُ أَيَّامَ الْأَعْيَادِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا قَبْلَهَا كَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَعَرَفَةَ، يُرِيدُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي حَجٍّ وَلَا يَوْمِ خُرُوجِ الْحَاجِّ مِنْ مِصْرٍ لِكَثْرَةِ مَنْ يَشْتَغِلُ يَوْمَئِذٍ بِمَنْ يُسَافِرُ، وَكَذَا فِي الطِّينِ وَالْوَحْلِ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ بِمَنْ نَزَلَ بِهِ أَمْرٌ، وَلَا يَجْلِسُ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ لِأَنَّهُ وَقْتُ عِبَادَةٍ وَلَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّهُ وَقْتُ عَشَاءٍ. (وَ) جَازَ (اتِّخَاذُ حَاجِبٍ) لِلْقَاضِي عَمَّنْ لَا حَاجَةَ لَهُ عِنْدَهُ، وَيُرَتِّبُ أَصْحَابَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 288 وَبَدَأَ بِمَحْبُوسٍ، ثُمَّ وَصِيٍّ، وَمَالِ طِفْلٍ، وَمُقَامٍ ثُمَّ ضَالٍّ   [منح الجليل] الْخُصُومَاتِ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُمْ مِنْ التَّزَاحُمِ عَلَيْهِ (وَ) اتِّخَاذُ (بَوَّابٍ) لِلْبَيْتِ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ لِلْحُكْمِ يَمْنَعُ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ عِنْدَ الْقَاضِي مِنْ دُخُولِهِ. أَصْبَغُ حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى الْقَاضِي فِي رِزْقِهِ وَيَجْعَلَ قَوْمَهُ يَقُومُونَ بِأَمْرِهِ وَيَدْفَعُونَ النَّاسَ عَنْهُ، إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْأَعْوَانِ يَكُونُونَ حَوْلَهُ يَزْجُرُونَ مَنْ يَنْبَغِي زَجْرُهُ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ، فَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ يُنْكِرُ عَلَى الْقُضَاةِ اتِّخَاذَ الْأَعْوَانِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ قَالَ لَا بُدَّ لِلسُّلْطَانِ مِنْ وَزَعَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَنْ يَصْرِفُهُ الْقَاضِي فِي أُمُورِ قَضَائِهِ مَأْمُونًا عَلَى مَا يَصْرِفُهُ فِيهِ ثِقَةً عَدْلًا كَالْحَاجِبِ وَالْعَوْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَيُنْهَى عَنْ اتِّخَاذِ مَنْ يَحْجُبُ النَّاسَ عَنْهُ فِي وَقْتِ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ، وَيُسَوَّغُ لَهُ اتِّخَاذُ مَنْ يَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِصَرْفِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَزَجْرِهِ وَكَفِّ أَذَى النَّاسِ عَنْهُ وَعَنْ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلَا يَتَّخِذُ لِذَلِكَ إلَّا ثِقَةً مَأْمُونًا قَدْ يَطَّلِعُ مِنْ أَمْرِ الْخُصُومِ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْخَصْمَانِ، وَقَدْ يُرْشَى عَلَى الْمَنْعِ وَالْأَذَى وَأَمِينًا عَلَى النِّسَاءِ إنْ احْتَجْنَ إلَى خِصَامٍ ثُمَّ قَالَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَا بِالْأَسْحَارِ مَا عَلِمْنَا مَنْ فَعَلَهُ مِنْ الْقُضَاةِ إلَّا لِأَمْرٍ يَحْدُثُ بِتِلْكَ الْأَوْقَاتِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ فِيهَا وَيَنْهَى وَيَسْجُنَ وَيُرْسِلَ الْأَمِينَ وَالشُّرَطَ، أَمَّا الْحُكْمُ فَلَا. (وَبَدَأَ) الْقَاضِي نَدْبًا أَوَّلَ وِلَايَتِهِ (بِ) النَّظَرِ فِي شَأْنِ شَخْصٍ (مَحْبُوسٍ) لِأَنَّهُ فِي عَذَابٍ، فَإِنْ رَآهُ مُسْتَحَقًّا لِلْإِخْرَاجِ أَخْرَجَهُ وَإِنْ رَآهُ مُسْتَحَقًّا لِلْإِبْقَاءِ أَبْقَاهُ. الْخَرَشِيُّ هَذَا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ الشُّهُودِ الْمُوثَقِينَ، فَيَبْقَى مَنْ كَانَ عَدْلًا وَيَسْقُطُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ مَدَارَ أَمْرِهِ كُلِّهِ عَلَيْهِمْ (ثُمَّ) يَنْظُرُ فِي أَمْرِ (وَصِيٍّ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ عَلَى أَيْتَامٍ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ (وَ) فِي (مَالِ طِفْلٍ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ صَغِيرٍ مُهْمَلٍ (وَ) فِي حَالِ (مُقَامٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ قَاضٍ قِبَلَهُ عَلَى يَتِيمٍ مُهْمَلٍ (وَ) فِي حَالِ حَيَوَانٍ (ضَالٍّ) وَلَقِيطٍ وَآبِقٍ. ابْنُ شَاسٍ يَبْدَأُ بِمَحْبُوسٍ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْأَوْصِيَاءِ وَأَمْوَالِ الْأَطْفَالِ. الْمَازِرِيُّ يَبْدَأُ بِالْمَحْبُوسِ ثُمَّ وَصِيٍّ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الْمُهْمَلِينَ ثُمَّ ضَالٍّ وَعِبَارَتُهُ. قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ الْقَاضِي بِالنَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِينَ لِيَعْلَمَ مَنْ يَجِبُ إخْرَاجُهُ وَمَنْ لَا يَجِبُ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْمَالِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 289 وَنَادَى بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ يَتِيمٍ وَسَفِيهٍ، وَرَفْعِ أَمْرَهُمَا إلَيْهِ، ثُمَّ فِي الْخُصُومِ وَرَتَّبَ كَاتِبًا عَدْلًا شَرْطًا:   [منح الجليل] الْأَوْصِيَاءِ ثُمَّ فِي الْمُهْمَلِينَ لِكَوْنِ مَنْ تَكُونُ لَهُ مُطَالَبَةٌ عَلَيْهِمْ لَا يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ اللَّقِيطِ وَالضَّوَالِّ ثُمَّ بَيْنَ الْخُصُومِ. (وَنَادَى) أَيْ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالنِّدَاءِ عَلَى النَّاسِ (بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ) شَخْصٍ (يَتِيمٍ) مُهْمَلٍ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا مُقَدِّمَ (وَ) مَنْعِ مُعَامَلَةِ شَخْصٍ (سَفِيهٍ) بَالِغٍ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مُهْمَلٍ مِنْ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ (وَرَفْعِ أَمْرِهِمَا) أَيْ الْيَتِيمِ وَالسَّفِيهِ إلَيْهِ لِيَنْظُرَ فِي حَالِهِمَا. أَصْبَغُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا قَعَدَ أَنْ يَأْمُرَ بِالنِّدَاءِ فِي النَّاسِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ، فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ، وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مِنْ مُدَايَنَتِهِ وَمُتَاجَرَتِهِ وَمَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَلَيْهِ فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدُ أَوْ بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ (ثُمَّ) يَنْظُرُ فِي أَحْوَالِ (الْخُصُومِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَصْمٍ ظَاهِرُهُ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِمْ مُؤَخَّرٌ عَمَّا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَانَ فِيهَا مُسَافِرٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ أَحْمَدُ. (وَرَتَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَاضِي (كَاتِبًا عَدْلًا) يَكْتُبُ الْوَقَائِعَ وَالْأَحْكَامَ تَرْتِيبًا وَاجِبًا (شَرْطًا) قَالَهُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِهِ بِالْفِعْلِ. وَقَالَ الْحَطّ تَرْتِيبُ الْكَاتِبِ وَالْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ أَوْلَوِيٌّ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ، فَإِنَّ أَبَا الْحَسَنِ وَالْقَرَافِيَّ جَعَلَاهُ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ، وَقَوْلُهُ عَدْلًا قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي صِفَاتِهِ أَرْبَعَةً: الْعَدَالَةَ وَالْعَقْلَ وَالرَّأْيَ وَالْعِفَّةَ، وَقَوْلُهُ شَرْطًا كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا مَرَضِيًّا وَهِيَ الْأَوْلَى لِأَنَّ الْعَدَالَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا. ابْنُ فَرْحُونٍ ابْنُ شَاسٍ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْكَاتِبِ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقِفُ عَلَى مَا يَكْتُبُ. اهـ. إلَّا أَنِّي لَمْ أَرَ فِي الْجَوَاهِرِ مَا عَزَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ لِابْنِ شَاسٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ أَنَّهُ لَا يَسْتَعِينُ مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا بِالْعُدُولِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمْ جَازَ الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِهِمْ، ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا لَا يَسْتَكْتِبُ الْقَاضِي أَهْلَ الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَتَّخِذُ قَاسِمًا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا عَبْدًا وَلَا مُكَاتَبًا، وَلَا يَسْتَكْتِبُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الْعُدُولَ الْمَرَضِيِّينَ، فَلَعَلَّ هَذَا مَعَ الِاخْتِيَارِ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 290 كَمُزَكٍّ، وَاخْتَارَهُمَا   [منح الجليل] وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا إذَا وُجِدَ وَإِلَّا الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ. خَلِيلٌ ظَاهِرُ مَا حَكَاهُ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ عَدَالَةَ الْكَاتِبِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى، لَكِنْ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَبْعُدُ حَمْلُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَلَى الْوُجُوبِ الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ الْكَاتِبُ غَيْرَ ثِقَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اطِّلَاعِ الْقَاضِي عَلَى مَا يَكْتُبُهُ فَيُجْلِسُهُ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَا يَكْتُبُ، وَقَدْ رَجَّحَ بَعْضُ أَشْيَاخِي وُجُوبَهُ، لِأَنَّهُ إذَا شَاهَدَ مَا يَكْتُبُ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا تَيَقَّنَهُ، وَإِذَا عَوَّلَ عَلَى الْكَاتِبِ الْعَدْلِ اقْتَصَرَ عَلَى أَمْرٍ مَظْنُونٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ، وَوَظِيفَةُ الْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ مَا يَقَعُ مِنْ الْخُصُومِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي. الْأَقْفَهْسِيُّ إذَا وَجَدَ الْقَاضِي عَقْدًا أَوْ وَثِيقَةً عَلَّقَ خَطَّهُ فَلْيَقْطَعْهُ وَيُؤَدِّبْ كَاتِبَهُ. زَرُّوقٌ الْقِمْطَرُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ الزِّمَامُ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ التَّذْكَارُ، وَيُسَمَّى زِمَامَ الْقَاضِي. وَشَبَّهَ فِي التَّرْتِيبِ وَعَدَالَةِ الْمُرَتَّبِ شَرْطًا فَقَالَ (كَمُزَكٍّ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَشَدِّ الْكَافِ، فَيُرَتِّبُهُ الْقَاضِي عَدْلًا ثِقَةً لِيُخْبِرَهُ بِأَحْوَالِ الشُّهُودِ سِرًّا بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُمْ فِي مَسَاكِنِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَسُؤَالِهِ عَنْهُمْ عُدُولًا ثِقَاتٍ مَأْمُونِينَ، وَلَا يَكْتَفِي بِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ خِيفَةَ مُصَادَفَتِهِ حَبِيبًا أَوْ عَدُوًّا (وَاخْتَارَهُمَا) أَيْ الْقَاضِي الْكَاتِبَ وَالْمُزَكِّيَ. الْحَطّ أَيْ وَكَذَا يُرَتِّبُ مُزَكِّيًا عَدْلًا وَلَا كَلَامَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَالَةِ الْمُزَكِّي. الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت إنَّ حَمْلَ كَلَامِهِ فِي الْكَاتِبِ وَالْمُزَكِّي عَلَى الْجِنْسِ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ الْعَدَدُ خَالَفَ الْأَكْثَرَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الْكَاتِبِ، فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي الْوَاحِدُ، وَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِفْرَادِ خَالَفَ الْأَكْثَرَ فِي الْمُزَكِّي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْعَدَدِ عِنْدَ هُمْ. قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْجِنْسُ يَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ وَالتَّعَدُّدَ وَغَايَتُهُ الْإِجْمَالُ وَهُوَ قَرِيبٌ. الْحَطّ يُعَيِّنُ حَمْلَهُ عَلَى هَذَا عِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ، إذْ فِيهَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الْمُزَكِّي وَالْمُتَرْجِمِ دُونَ الْكَاتِبِ. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَ الْكَاتِبُ وَالْمُزَكِّي ظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوَاحِدِ. أَشْهَبُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ رَجُلًا صَالِحًا مَأْمُونًا مُنْتَبِهًا، أَوْ رَجُلَيْنِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 291 وَالْمُتَرْجِمُ: مُخْبِرٌ:   [منح الجليل] يَسْأَلَانِ لَهُ عَنْ النَّاسِ إلَى آخِرِ كَلَامِ أَشْهَبَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ كُلُّ مَا يَبْتَدِئُ الْقَاضِي السُّؤَالَ عَنْهُ وَالْكَشْفَ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ وَمَا لَمْ يَبْتَدِهِ هُوَ، وَإِنَّمَا يُبْتَدَأُ بِهِ فِي ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ ابْنُ رُشْدٍ تَعْدِيلُ السِّرِّ يَفْتَرِقُ مِنْ تَعْدِيلِ الْعَلَانِيَةِ فِي وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا أَعْذَارَ فِي تَعْدِيلِ السِّرِّ، وَثَانِيهِمَا أَنَّهُ يَجْتَزِئُ فِيهِ بِوَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِيَارُ الِاثْنَيْنِ، بِخِلَافِ تَعْدِيلِ الْعَلَانِيَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ إلَّا شَاهِدَانِ، وَيَلْزَمُ الْأَعْذَارُ فِيهِ إلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ صَحَّ مِنْ الْبَيَانِ فَلَا يُرَدُّ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ أَصْلًا، لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي مُزَكِّي السِّرِّ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَ) الشَّخْصُ (الْمُتَرْجِمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، أَيْ الَّذِي يُبَدِّلُ لُغَةً أَعْجَمِيَّةً بِلُغَةٍ عَرَبِيَّةٍ وَعَكْسُهُ عِنْدَ الْقَاضِي إذَا كَانَ عَرَبِيًّا لَا يَعْرِفُ الْعَجَمِيَّةَ وَالْخُصُومُ عَجَمٌ لَا يَعْرِفُونَ الْعَرَبِيَّةَ وَعَكْسُهُ وَخَبَرُ الْمُتَرْجِمِ (مُخْبِرٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ. وَقِيلَ شَاهِدٌ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ وَلَا يُتَرْجِمُ كَافِرٌ وَلَا عَبْدٌ وَلَا مَسْخُوطٌ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يُضْطَرَّ إلَى تَرْجَمَتِهِمْ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ الْقَرِينَانِ إنْ احْتَكَمَ خُصُومٌ يَتَكَلَّمُونَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْقَاضِي عَرَبِيٌّ لَا يَفْقَهُ كَلَامَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يُتَرْجِمَ عَنْهُمْ رَجُلٌ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ مُسْلِمٌ وَاثْنَانِ أَحَبُّ إلَيَّ، وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَسْخُوطٍ. وَلَا بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالْحَقُّ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ هَذَا مَوْضِعُ شَهَادَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ مَا يَبْتَدِئُ الْقَاضِي فِيهِ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ كَقِيَاسِ الْجِرَاحَاتِ وَالنَّظَرِ لِلْعُيُوبِ وَالِاسْتِخْلَافِ وَالْقَسَمِ وَاسْتِنْكَاهِ مَنْ اسْتَنْكَرَ سُكْرَهُ، وَشِبْهُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ يَجُوزُ فِيهِ الْوَاحِدُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يُحَلِّفُ الْمَرْأَةَ يَجُوزُ رَسُولٌ وَاحِدٌ وَسَمِعَهُ أَصْبَغُ فِي الِاسْتِنْكَاهِ وَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَالِاخْتِيَارُ فِي ذَلِكَ اثْنَانِ عَدْلَانِ وَيُجْزِئُ فِيهَا الْوَاحِدُ الْعَدْلُ. وَقَوْلُهُ لَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ كَافِرٍ إلَخْ مَعْنَاهُ مَعَ وُجُودِ عُدُولِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ اُضْطُرَّ لِتَرْجَمَةِ كَافِرٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 292 كَالْمُحَلِّفِ، وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ، أَوْ شَاوَرَهُمْ   [منح الجليل] أَوْ مَسْخُوطٍ لَقُبِلَ قَوْلُهُ وَحُكِمَ بِهِ كَمَا يُحْكَمُ بِقَوْلِ الطَّبِيبِ الْكَافِرِ، وَغَيْرِ الْعَدْلِ فِيمَا اُضْطُرَّ فِيهِ لِقَوْلِهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالطِّبِّ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ حَكَى فَضْلٌ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَاحِدِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْقَاضِي إذَا لَمْ يَفْقَهْ لِسَانَهُمْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِتَرْجَمَةِ الْوَاحِدِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ لَمْ يَجُزْ وَيُرَدُّ هَذَا لَا يَصِحُّ أَنَّهُ أَرَادَهُ. قُلْت ظَاهِرُ السَّمَاعِ صِحَّةُ تَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ وُجِدَ مُتَرْجِمٌ مِنْ الرِّجَالِ وَسَاقَ الشَّيْخُ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ بِعِبَارَةٍ لَا بَأْسَ بِتَرْجَمَةِ الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرِّجَالِ مَنْ يُتَرْجِمُ لَهُ، فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ الِاكْتِفَاءُ بِتَرْجَمَةِ الْوَاحِدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ الْعُمْدَةِ مَا نَصُّهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَاهِدٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ مَحَلُّهُ فِيمَنْ جَاءَ بِهِ الْخَصْمُ لِيُتَرْجِمَ عَنْهُ، فَهَذَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ مَنْ يَتَّخِذُهُ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ مُتَرْجِمًا، وَهَذَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ مُخْبِرًا فَقَالَ (كَ) الْعَدْلِ (الْمُحَلِّفِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً، لِمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَقَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ حُضُورِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ كَامْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ وَمَرِيضٍ وَمَحْبُوسٍ، فَيَكْفِي فِيهِ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ (وَأَحْضَرَ) الْقَاضِي (الْعُلَمَاءَ) مَجْلِسَ الْقَضَاءِ فِي مُعْضِلَةٍ (أَوْ شَاوَرَهُمْ) أَيْ الْعُلَمَاءَ فِيهَا اللَّخْمِيُّ وَالْجَلَّابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْكُمَ إلَّا بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لَا بِعِلْمِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فَأَخْذُهُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَحْسَنُ، وَاخْتُلِفَ فِي جُلُوسِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعَهُ فَقَالَ أَشْهَبُ وَمُحَمَّدٌ لَا أُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ إلَّا بِحَضْرَتِهِمْ وَمَشُورَتِهِمْ، وَمَنَعَهُ الْأَخَوَانِ. مُحَمَّدٌ لَا يَدَعُ مُشَاوَرَةَ أَهْلِ الْفِقْهِ الْمَازِرِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَشِيرَ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَإِنْ كَانَ حُضُورُهُمْ يُوجِبُ حَصْرَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي عَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ بَلِيدًا بَلَادَةً لَا يُمْكِنُهُ مَعَهَا ضَبْطُ قَوْلِ الْخَصْمَيْنِ وَتَصَوُّرُ حَقِيقَةِ دَعْوَاهُمَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حُضُورِهِمْ إيَّاهُ وَكَانَ عِنْدَنَا قَاضٍ اُشْتُهِرَتْ بِالْأَمْصَارِ نَزَاهَتُهُ فَرَفَعَ إلَى مُحَاضِرٍ بَيْنَ خَصْمَيْنِ طَالَ فِيهَا النِّزَاعُ وَالْإِثْبَاتُ وَالتَّجْرِيحُ، فَتَأَمَّلْت الْمُحَاضَرَاتِ فَوَجَدْتهَا تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ مُتَّفِقَانِ فِي الْمَعْنَى مُخْتَلِفَانِ فِي الْعِبَارَةِ، وَلَمْ يَتَفَطَّنْ الْقَاضِي لِذَلِكَ حَتَّى نَبَّهَتْهُ لَهُ فَجَعَلَ مِنْهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 293 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَارْتَفَعَ الْخِصَامُ، فَمِثْلُ هَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَحْضُرَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَوْ كَاتِبٌ يُؤْمَنُ مَعَهُ مِثْلُ هَذَا. ابْنُ عَرَفَةَ قَبُولُ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ الْقَضَاءُ جُرْحَةٌ الْحَطّ عُطِفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنَّ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدًا قَالَا يُحْضِرُهُمْ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَهُمْ وَلَكِنْ يُشَاوِرُهُمْ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. خَلِيلٌ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ مُطَرِّفٍ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقَلِّدًا فَلَا يَسَعُهُ الْقَضَاءُ إلَّا بِمَحْضَرِهِمْ. الْمَازِرِيُّ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فَكَّرَ الْقَاضِي فِي حَالِ حُضُورِهِمْ كَحَالِهِ فِي عَدَمِ حُضُورِهِمْ، وَلَوْ كَانَ حُضُورُهُمْ يُكْسِبُهُ ضَجَرًا حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ التَّأَمُّلُ لِمَا هُوَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَاضِي مِنْ الْبَلَادَةِ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ مَعَهُ ضَبْطُ قَوْلِ الْخَصْمَيْنِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مَقَاصِدُهُمَا حَتَّى يُسْتَفْتَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ أَيْضًا، وَلَا يَخْتَلِفُ فِي وُجُوبِ حُضُورِهِمْ اهـ. ابْنُ مَرْزُوقٍ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ نَقْلٌ ثَالِثٌ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ غَيْرُهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ، قِيلَ يُحْضِرُهُمْ كَفِعْلِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَإِنَّهُ كَانَ إذَا جَلَسَ لِلْقَضَاءِ أَحْضَرَ أَرْبَعَةً مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَاسْتَشَارَهُمْ، وَقِيلَ يُرْسِلُ إلَيْهِمْ يَسْتَشِيرُهُمْ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ، كَفِعْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَوَّازِ، وَالثَّانِي قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ أَوْ فِي كَلَامِهِ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ. 1 - (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْمُشَاوَرَةِ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا لِأَنَّ مَا تَذَاكَرَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ وَبَحَثُوا فِيهِ تَثِقُ بِهِ النَّفْسُ مَا لَا تَثِقُ بِوَاحِدٍ إذَا اسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُهُمْ مُقَلِّدِينَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْفَتْوَى فِيمَا لَيْسَ بِمَسْطُورٍ بِحَسَبِ مَا يَظُنُّ وَاحِدٌ مِنْهُ أَنَّهُ مُقْتَضَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ. ابْنُ عَطِيَّةَ مَنْ لَمْ يَسْتَشِرْ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ أَقْوَالَ الْفُقَهَاءِ دَلَّتْ عَلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْمُشَاوَرَةِ لَا سِيَّمَا فِي الْمُشْكِلَاتِ. الثَّانِي: ابْنُ فَرْحُونٍ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ الْمُشَاوَرَةَ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالْحُكْمِ أَمْ لَا، وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشَاوِرَ فِيمَا يَحْكُمُ فِيهِ إذَا كَانَ جَاهِلًا لَا يُمَيِّزُ حَقًّا مِنْ بَاطِلٍ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 294 وَشُهُودًا   [منح الجليل] لِأَنَّهُ إذَا أُشِيرَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ أَيَحْكُمُ بِحَقٍّ أَمْ بِبَاطِلٍ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَا يَحْكُمُ بِقَوْلِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ تَقْلِيدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ مِنْ حَيْثُ تَبَيَّنَ لِلَّذِي أَشَارَ عَلَيْهِ اهـ. الثَّالِثُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَحْضَرَ الْعُلَمَاءَ أَوْ شَاوَرَهُمْ هَلْ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ، ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي وُجُوبِ حُضُورِهِمْ، وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْقُرْطُبِيُّ وَمَا تَقَدَّمَ لِلْمَازِرِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ، فَإِنَّهُ عَدَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَلْزَمُ الْقَاضِي فِي سِيرَتِهِ فِي الْأَحْكَامِ وَاللُّزُومِ أَنَّهَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَالِبِ فِي الْوُجُوبِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَثِقَ بِرَأْيِهِ وَيَتْرُكَ الْمُشَاوَرَةَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ نَصًّا يَشْفِي الْغَلِيلَ. (وَ) أَحْضَرَ (شُهُودًا) حَالَ الْقَضَاءِ لِيَشْهَدُوا عَلَى مَنْ أَقَرَّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ خَشْيَةَ إنْكَارِهِ إقْرَارَهُ. الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ إذَا كَانَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ لَزِمَ أَنَّ إحْضَارَ الشُّهُودِ وَاجِبٌ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي جُلُوسِهِ. وَفِيهَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَحَدَ الْمُقِرُّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ شَهِدَ هُوَ بِذَلِكَ عِنْدَ مَنْ فَوْقَهُ فَأَجَازَهُ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ قَضَى بِشَهَادَتِهِ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ. اهـ. وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ شَاهِدَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. وَفِي النَّوَادِرِ أَمَّا مَا أَقَرَّ بِهِ الْخُصُومُ عِنْدَهُ فِي خُصُومَتِهِمْ فَلْيَقْضِ بِهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ هَذَا لَاحْتَاجَ أَنْ يُحْضِرَ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ أَبَدًا يَشْهَدَانِ عَلَى النَّاسِ وَفِي التَّوْضِيحِ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْخَصْمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ يَرْفَعَانِ شَهَادَتَهُمَا إلَيْهِ، وَذَهَبَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ بِمَا سَمِعَ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ قُضَاةُ الْمَدِينَةِ وَلَمْ أَعْلَمْ مَالِكًا قَالَ غَيْرَهُ أَنَّهُ يَقْضِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 295 وَلَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَأَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ، وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْخَصْمَيْنِ لَمَّا جَلَسَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِلْخُصُومَةِ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا يُقِرَّانِ بِهِ، وَلِذَلِكَ قَعَدَا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَشْهُورُ. (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُفْتِ) بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ لَا يُخْبِرُ الْقَاضِي بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ سُئِلَ عَنْهُ (فِي خُصُومَةٍ) أَيْ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي شَأْنُهَا، أَنْ يُتَخَاصَمَ فِيهَا لِئَلَّا يُعْلَمَ مَذْهَبُهُ فَيُتَحَيَّلَ عَلَى مُوَافَقَتِهِ. ابْنُ شَاسٍ لَا يُجِيبُ الْحَاكِمُ مَنْ سَأَلَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَاتِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُجِيبَ بِالْفُتْيَا فِي كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ بِمَا عِنْدَهُ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ كَانُوا يُفْتُونَ النَّاسَ فِي نَوَازِلِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ عَزَا ابْنُ الْمُنَاصِفِ الْأُولَى لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنُ الْحَارِثِ إلَى سَحْنُونٍ. وَفِي الْوَاضِحَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ لَا وَحْدَهُ وَلَا فِي جَمَاعَةٍ. الْحَطّ قَوْلُهُ لَمْ يُفْتِ فِي خُصُومَةٍ، اُنْظُرْ هَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يُفْتِ الْحَاكِمُ فِي الْخُصُومَاتِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِهِ كَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، أَرَادَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا فِيمَا عَدَا مَسَائِلَ الْخِصَامِ، وَهَلْ لَهُ الْفُتْيَا فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ إعَانَةِ الْخُصُومِ عَلَى الْفُجُورِ، وَالثَّانِي إجَازَةُ فَتْوَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِصَامِ. وَأَمَّا تَعْلِيمُ الْقَاضِي الْعِلْمَ وَتَعَلُّمُهُ لَهُ فَجَائِزٌ. اهـ. فَقُوَّةُ عِبَارَتِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَدَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأُمُورِ اللَّازِمَةِ فِي سِيرَةِ الْحُكْمِ. ابْنُ الْمُنْذِرِ تُكْرَهُ لِلْقَاضِي الْفُتْيَا فِي الْأَحْكَامِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ أَنَا أَقْضِي وَلَا أُفْتِي. الْبُرْزُلِيُّ يُرِيدُ إذَا كَانَتْ الْفُتْيَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تُعْرَضَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ جَاءَتْهُ مِنْ خَارِجِ بَلَدِهِ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْكُوَرِ أَوْ عَلَى يَدِ عُمَّالِهِ فَلْيُجِبْهُمْ عَنْهَا. ابْنُ الْمُنَاصِفِ الْأَوَّلُ النَّهْيُ فِيهِ عَنْ فَتْوَى الْقَاضِي فِي الْخُصُومَاتِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي فَتْوَاهُ لَا فِي خُصُومَةٍ بِعَيْنِهَا. اهـ. وَمَحَلُّ النَّهْيِ أَيْضًا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَذْهَبٍ إلَّا مِنْ إفْتَائِهِ، وَذَلِكَ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا أَوْ مُقَلِّدًا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ مَثَلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 296 وَلَمْ يَشْتَرِ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ: كَسَلَفٍ،   [منح الجليل] جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِفْتَاءِ الْوُكَلَاءِ لِأَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ فِي الْوَقَائِعِ بَيْنَ مُوَكِّلَيْهِمْ، فَإِذَا وَجَدَ الْوَكِيلُ مَذْهَبًا يُوَافِقُ كَوْنَ مُوَكِّلِهِ غَالِبًا حَمَلَهُ عَلَى الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي الْمُوَافِقِ لَهَا. وَلَوْ كَانَ مُوَكِّلُهُ غَيْرَ مُحِقٍّ (وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يَشْتَرِ) الْقَاضِي شَيْئًا (بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ) لِأَنَّهُ يَشْغَلُ بَالَهُ عَمَّا هُوَ بِصَدَدِهِ، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ رُبَّمَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ حَيَاءً مِنْهُ وَمِنْ جُلَسَائِهِ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ، وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يَشْتَرِ لَهُ وَكِيلٌ مَعْرُوفٌ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَا يَشْتَغِلُ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ بِبَيْعٍ وَلَا بِابْتِيَاعٍ لِنَفْسِهِ. أَشْهَبُ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا مَا خَفَّ شَأْنُهُ وَقَلَّ شُغْلُهُ، وَالْكَلَامُ فِيهِ. سَحْنُونٌ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، قَالُوا وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَمَا بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ لَا يُرَدُّ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إكْرَاهٌ أَوْ هَضِيمَةٌ فَلْيَرُدَّ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ. أَشْهَبُ إذَا اشْتَرَى الْإِمَامُ الْعَدْلُ أَوْ بَاعَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا ثُمَّ عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي الْأَخْذِ مِنْهُ أَوْ التَّرْكِ، كَذَا وَجَدْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي النَّوَادِرِ، بَلْ فِيهَا إنْ عُزِلَ السُّلْطَانُ أَوْ مَاتَ وَالْبَائِعُ أَوْ الْمُبْتَاعُ مُقِيمٌ بِالْبَلَدِ لَا يُخَاصِمُ وَلَا يَذْكُرُ مُخَاصَمَتَهُ فَلَا حُجَّةَ لَهُ وَالْبَيْعُ مَاضٍ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تِجَارَةُ الْوُلَاةِ لَهُمْ مَفْسَدَةٌ وَلِلرَّعِيَّةِ مَهْلَكَةٌ. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يُقَالُ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ تِجَارَةُ السُّلْطَانِ. ابْنُ شَاسٍ الْأَدَبُ السَّابِعُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِوَكِيلٍ مَعْرُوفٍ حَتَّى لَا يُسَامَحَ فِي الْبَيْعِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا فَرْقَ بَيْنَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ وَبَيْنَ تَوْكِيلِهِ لِذَلِكَ، وَلَا يُوَكِّلُ إلَّا مَنْ يُؤْمَنُ عَلَى دِينِهِ لِئَلَّا يَسْتَرْخِصَ لَهُ بِسَبَبِ الْحُكْمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ أَقْوَالِ الْمَذْهَبِ وَرِوَايَاتِهِ جَوَازُ شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ بِغَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ لَمْ أَعْرِفْهُ. وَذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (كَسَلَفٍ) أَيْ تَسَلُّفِ الْقَاضِي بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) دَفْعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 297 وَقِرَاضٍ، وَإِبْضَاعٍ، وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ، إلَّا النِّكَاحَ، وَقَبُولِ هَدِيَّةٍ وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا، إلَّا مِنْ قَرِيبٍ،   [منح الجليل] مَالَ (قِرَاضٍ) أَيْ تِجَارَةٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لِغَيْرِهِ بِمَجْلِسِ قَضَائِهِ (وَإِبْضَاعٍ) أَيْ دَفْعِ مَالٍ لِمَنْ يَشْتَرِي لَهُ بِهِ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدٍ آخَرَ يَأْتِيهِ بِهَا أَوْ يُرْسِلُهَا لَهُ مَعَ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ لِلشَّيْخِ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَلْيَسْتَنْزِهْ عَنْ طَلَبِ الْحَوَائِجِ وَالْعَوَارِيِّ مِنْ مَاعُونٍ وَدَابَّةٍ وَسَلَفٍ وَأَنْ يُقَارِضَ وَيُبْضِعَ مَعَ أَحَدٍ أَوْ يُبَايِعَهُ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْأَمْرُ الْخَفِيفُ مَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُخَاصَمُ عِنْدَهُ أَوْ مِمَّنْ يَجُرُّ إلَى مَنْ يُخَاصَمُ عِنْدَهُ وَقَالَهُ أَصْبَغُ. ابْنُ مَرْزُوقٍ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ تَسَلُّفُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَا إعْطَاؤُهُ سَلَفًا لِغَيْرِهِ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْعَدَوِيِّ ارْتَضَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ لِأَنَّ تَسْلِيفَهُ غَيْرَهُ مَعْرُوفٌ لَا يُنْهَى عَنْهُ. (وَ) كَ (حُضُورِ) الْقَاضِي لِ (وَلِيمَةٍ) أَيْ طَعَامٍ يَجْتَمِعُ لَهُ النَّاسُ فَيُنْهَى عَنْهُ (إلَّا النِّكَاحَ) فَلَا يُنْهَى عَنْ حُضُورِ وَلِيمَتِهِ الْمُسْتَوْفِيَةِ شُرُوطَهَا الشَّرْعِيَّةَ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجِيبَ الدَّعْوَةَ الْعَامَّةَ كَانَتْ وَلِيمَةً أَوْ صَنِيعًا عَامًّا لِفَرَحٍ، فَأَمَّا لِغَيْرِ فَرَحٍ فَلَا وَكَأَنَّهُ دُعِيَ خَاصَّةً أَوْ وَسِيلَةً لَهُ يُجِيبُ لِلْعَامَّةِ لَا الْخَاصَّةِ، وَالتَّنَزُّهُ أَحْسَنُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يُجِيبَ أَحَدًا أَوْ هُوَ فِي الْخَاصَّةِ أَشَدُّ مِنْ دَعْوَةِ الْعُرْسِ، وَكَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُجِيبُوا كُلَّ مَنْ دَعَاهُمْ. الْخَرَشِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ وَلِيمَةِ النِّكَاحِ كَغَيْرِهِ بِشُرُوطِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ فِيهَا. الْعَدَوِيُّ الَّذِي عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ النِّكَاحِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يُطْلَبُ مِنْهُ زِيَادَةُ التَّنَزُّهِ عَمَّا بِأَيْدِي النَّاسِي لِتَقْوَى كَلِمَتُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عج. الْمُتَيْطِيُّ لَا بَأْسَ لِلْقَاضِي بِحُضُورِ الْجَنَائِزِ وَعِيَادَةِ الْمَرْضَى وَتَسْلِيمِهِ عَلَى أَهْلِ الْمَجَالِسِ وَرَدِّهِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ إلَّا ذَلِكَ، وَلَا يُجِيبُ الصَّنِيعَ إلَّا فِي الْوَلِيمَةِ. (وَمُنِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (قَبُولُ) الْقَاضِي لِ (هَدِيَّةٍ) لَهُ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يُكَافِئْهُ عَلَيْهَا، بَلْ (وَلَوْ كَافَأَ) الْقَاضِي مَنْ أَهْدَى لَهُ (عَلَيْهَا) أَيْ الْهَدِيَّةَ بِمِثْلِهَا أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا لِرُكُونِ النُّفُوسِ لِمَنْ أَهْدَى إلَيْهَا، وَلِأَنَّ قَبُولَهَا يُطْفِئُ نُورَ الْحِكْمَةِ (إلَّا) هَدِيَّةً (مِنْ) شَخْصٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 298 وَهَدِيَّةِ مَنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ وَكَرَاهَةِ حُكْمِهِ فِي مَشْيِهِ أَوْ مُتَّكِئًا،   [منح الجليل] قَرِيبٍ) لِلْقَاضِي نَسَبًا كَوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ أَوْ خَالِهِ وَعَمِّهِ، فَلَا يُنْهَى عَنْ قَبُولِهَا. الْعَدَوِيُّ ظَاهِرُ النَّقْلِ كَرَاهَةُ قَبُولِهَا مِنْ غَيْرِ قَرِيبِهِ لَا حُرْمَتُهُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّهَا إنْ كَانَ لِرَجَاءِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ، أَمَّا الْهَدِيَّةُ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يُطْفِئُ قَبُولَهَا نُورُ الْحِكْمَةِ، وَقَدْ قَبِلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» ، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُلَائِمَتِهِ مَا قَدَّمَهُ فِي حُضُورِ الْوَلِيمَةِ. الْبُنَانِيُّ فِي ضَيْح ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً الْمَنْعُ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي كَرَاهَةِ قَبُولِ الْإِمَامِ الْأَكْبَرِ وَقَاضِيهِ وَجُبَاةِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الْهَدَايَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَهْلِ السُّنَّةِ، وَبِالْمَنْعِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ. الْمُتَيْطِيُّ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْبَلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ أَحَدٍ وَلَا مِمَّنْ كَانَتْ عَادَتُهُ بِهَا مَعَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ وَلَا مِنْ قَرِيبٍ وَلَا مِنْ صَدِيقٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمَا وَإِنْ كَافَأَ عَلَيْهَا بِأَضْعَافِهَا إلَّا مِثْلَ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَأَشْبَاهِهِمَا مِنْ خَاصَّةِ قَرَابَتِهِ الَّتِي يَجْمَعُ مِنْ حُرْمَةِ الْخَاصَّةِ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ. رَبِيعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إيَّاكَ وَالْهَدِيَّةَ فَإِنَّهَا ذَرِيعَةُ الرِّشْوَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً مِنْ خَصْمٍ وَلَوْ قَرِيبَهُ وَغَيْرُ الْخَصْمِ، قَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ مِنْ ذِي رَحِمٍ كَأَبَوَيْهِ وَابْنِهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ وَابْنَةِ أَخِيهِ وَمَنْ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ بِهِ ظِنَّةٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. (وَفِي) جَوَازِ قَبُولِ (هَدِيَّةٍ مِنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (اعْتَادَ) إهْدَاءَ مِثْلِ (هَا) أَيْ الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي (قَبْلَ الْوِلَايَةِ) لِلْقَضَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَعَدَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ قَالَا لَا يَنْبَغِي قَبُولُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ، فَإِنْ أَهْدَى بَعْدَ وِلَايَتِهِ مِمَّنْ اعْتَادَهَا قَبْلَهَا أَزْيَدَ قَدْرًا أَوْ أَحْسَنَ جِنْسًا أَوْ صِفَةً امْتَنَعَ قَبُولهَا اتِّفَاقًا. (وَ) فِي (كَرَاهَةِ حُكْمِهِ) أَيْ الْقَاضِي (فِي) حَالِ (مَشْيِهِ) عَلَى قَدَمَيْهِ أَوْ رَاكِبًا وَهِيَ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَطَائِفَةٍ، وَعَدَمِهَا وَهُوَ لِأَشْهَبَ أَيْضًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْغَلَهُ السَّيْرُ وَزَحْمَةُ النَّاسِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِمْ قَوْلَانِ. الصِّقِلِّيُّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَقْضِي فِي الطَّرِيقِ؟ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِقَضَائِهِ وَهُوَ مَاشٍ إنْ لَمْ يَشْغَلْهُ السَّيْرُ وَزَحْمَةُ النَّاسِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِمْ. وَقَالَ سَحْنُونٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 299 وَإِلْزَامِ يَهُودِيٍّ حُكْمًا بِسَبْتِهِ، وَتَحْدِيثِهِ بِمَجْلِسِهِ لِضَجَرٍ،   [منح الجليل] لَا يَقْضِي وَهُوَ مَاشٍ وَلَا يُكَلِّمُ أَحَدًا مِنْ الْخُصُومِ وَلَا يَقِفُ مَعَهُ. اللَّخْمِيُّ لَا بَأْسَ بِحُكْمِهِ مَاشِيًا فِي مَسْأَلَةِ نَصٍّ وَمَا خَفَّ مِنْ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، وَلَا يَجُوزُ فِيمَا يَحْتَاجُ لِرَوِيَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي جَوَازِهِ مَاشِيًا. ثَالِثُهَا فِي مَسْأَلَةِ نَصٍّ أَوْ خَفِيفِ اجْتِهَادٍ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَاللَّخْمِيِّ. (وَ) فِي كَرَاهَةِ حُكْمِهِ حَالَ كَوْنِهِ (مُتَّكِئًا) أَيْ رَاقِدًا عَلَى أَحَدِ جَنْبَيْهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِالْحَاضِرِينَ وَلِلْعِلْمِ حُرْمَةٌ وَعَدَمُهَا وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٌ قَوْلَانِ. الْمُتَيْطِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ مُتَرَبِّعًا أَوْ مُحْتَبِيًا، قِيلَ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي هَلَّا أَلَّفْت كِتَابًا فِي آدَابِ الْقَاضِي، قَالَ إذَا قَضَى بِالْحَقِّ فَلْيَقْعُدْ فِي مَجْلِسِهِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَمُدُّ رِجْلَيْهِ. (وَ) فِي جَوَازِ (إلْزَامِ يَهُودِيٍّ) أَنْ يَأْتِيَ الْقَاضِيَ لِيُوقِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ (حُكْمًا بِسَبْتِهِ) أَيْ الْيَهُودِيِّ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ لِلْقَرَوِيِّينَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ فِي تَمْكِينِ الْمُسْلِمِ مِنْ اسْتِحْلَافِهِ يَهُودِيًّا يَوْمَ السَّبْتِ قَوْلَا الْقَابِسِيِّ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَخَصَّ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ بِالْيَهُودِيِّ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَا يُعَظِّمُ يَوْمًا، وَعَمَّمَهُ ابْنُ عَاتٍ فِيهِمَا لِأَنَّ يَوْمَ الْأَحَدِ لَهُ وَالسَّبْتَ لِلْيَهُودِ. (وَ) فِي جَوَازِ (تَحْدِيثِهِ) أَيْ الْقَاضِي الْحَاضِرِينَ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ كَحِكَايَةٍ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ (بِمَجْلِسِهِ) لِلْقَضَاءِ (لِضَجَرٍ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ، أَيْ تَعَبٍ وَمَلَلٍ وَسَآمَةٍ حَصَلَ لَهُ مِنْ كَثْرَةِ الْخُصُومَاتِ لِيُرَوِّحَ قَلْبَهُ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ فَهْمُهُ نَزَلَ بِهِ أَوْ هَمٌّ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِمَهَابَتِهِ وَيُصَغِّرُهُ فِي عُيُونِ النَّاسِ لِمُطَرِّفٍ وَمَنْ مَعَهُ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ دَخَلَهُ ضَجَرٌ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بَأْسَ أَنْ يُحَدِّثَ جُلَسَاءَهُ إذَا مَلَّ يُرَوِّحُ قَلْبَهُ ثُمَّ يَعُودُ لِلْحُكْمِ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَقُومُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ قِيَامِهِ وَصَرْفِ النَّاسِ. قُلْت هَذَا إنْ نَالَهُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَجْلِسِهِ، وَإِنْ مَضَى مَا لَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 300 وَدَوَامِ الرِّضَا فِي التَّحْكِيمِ لِلْحُكْمِ قَوْلَانِ يَحْكُمُ مَعَ مَا يُدْهِشُ عَنْ الْفِكْرِ،   [منح الجليل] بَالٌ فَالثَّانِي أَصْوَبُ، وَعَزَا الصِّقِلِّيُّ الْأَوَّلَ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِيَ لِلْأَخَوَيْنِ. (وَ) فِي اشْتِرَاطِ (دَوَامِ الرِّضَا) بِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ (فِي التَّحْكِيمِ لِلْحُكْمِ) مِنْ الْمُحَكَّمِ فَلِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَنْ التَّحْكِيمِ قَبْلَ حُكْمِهِ، قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ دَوَامِهِ إلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ (قَوْلَانِ) فِي كُلٍّ مِنْ الْفُرُوعِ السَّابِقَةِ حَذَفَهُ مِمَّا عَدَا الْأَخِيرَ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ. الْبَاجِيَّ لَوْ حَكَّمَا رَجُلًا بَيْنَهُمَا فَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ ثُمَّ بَدَا لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَرَى أَنْ يَقْضِيَ، وَيَجُوزُ حُكْمُهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ وَالْأَقْوَالُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ اُنْظُرْهَا فِيهِ. (وَلَا يَحْكُمُ) الْقَاضِي (مَعَ) حُصُولِ (مَا) أَيْ شَيْءٍ (يُدْهِشُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، أَيْ يُضْعِفُ (الْفِكْرَ) بِكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ الْعَقْلَ عَنْ تَمَامِ إدْرَاكِهِ مِنْ غَضَبٍ وَجُوعٍ وَحُزْنٍ وَغَلَبَةِ نَوْمٍ وَحَقْنٍ وَلَقْسٍ، أَيْ ضِيقِ نَفَسٍ أَوْ غَثَيَانِ نَفَسٍ وَأَكْلٍ فَوْقَ كِفَايَةٍ، وَقَدْ قِيلَ الْبِطْنَةُ تُذْهِبُ الْفَطِنَةَ، وَالنَّهْيُ تَحْرِيمٌ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وَالْحَطّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، وَكَرَاهَةٌ عِنْدَ تت، وَأَمَّا مَا يَمْنَعُ الْعَقْلَ عَنْ أَصْلِ الْإِدْرَاكِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 301 وَمَضَى، وَعَزَّرَ شَاهِدَ زُورٍ فِي الْمَلَإِ بِنِدَاءٍ،   [منح الجليل] فَمَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي لَا يُفْتِي مَعَ مَا يُدْهِشُ الْفِكْرَ نَصَّ عَلَيْهِ عِيَاضٌ، وَتَبِعَهُ الْآبِي وَمِنْهُ كَثْرَةُ الزِّحَامِ، وَكَانَ سَحْنُونٌ يَحْكُمُ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ عَلَيْهِ بَوَّابٌ لَا يُدْخِلُ عَلَيْهِ إلَّا اثْنَيْنِ فَاثْنَيْنِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ فِي الْمَجِيءِ إلَيْهِ، وَفِي هَذَا فَائِدَتَانِ السَّتْرُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ وَاسْتِجْمَاعُ الْفِكْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا يَجْلِسُ لِلْقَضَاءِ وَهُوَ عَلَى صِفَةٍ يُخَافُ فِيهَا أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالْقَضِيَّةِ صَوَابًا إنْ نَزَلَ بِهِ فِي قَضَائِهِ تَرَكَهُ كَالْغَضَبِ وَالضَّجَرِ وَالْهَمِّ وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ وَالْحَقْنِ وَأَخْذِهِ مِنْ الطَّعَامِ فَوْقَ كِفَايَتِهِ. قُلْت أَرَادَ إنْ أُدْخِلَ عَلَيْهِ تَغَيُّرًا، وَأَصْلُ هَذَا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحْكُمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانٌ» ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْنُ عَرَفَةَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِأَعَمَّ مِنْ الْغَضَبِ وَهُوَ الْأَمْرُ الشَّاغِلُ وَإِلْغَاءُ خُصُوصِ الْغَضَبِ، وَسَمَّوْا هَذَا الْإِلْغَاءَ وَالِاعْتِبَارَ بِتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ. (وَ) إنْ حَكَمَ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ (مَضَى) حُكْمُهُ. الْمُتَيْطِيُّ فِي كِتَابِ الْقَزْوِينِيِّ إنْ حَكَمَ وَهُوَ غَضْبَانُ جَازَ حُكْمُهُ خِلَافًا لِدَاوُدَ، وَفَرَّقَ ابْنُ حَبِيبٍ بَيْنَ الْغَضَبِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ (وَعَزَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَدَّبَ الْقَاضِي شَخْصًا (شَاهِدًا بِزُورٍ) أَيْ مَا لَمْ يَعْلَمْ عَمْدًا وَإِنْ صَادَفَ الْوَاقِعَ بِأَنْ شَهِدَ بِقَتْلِ زَيْدٍ عَمْرًا وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَقَدْ كَانَ قَتَلَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ زَوْرِ الصَّدْرِ أَيْ اعْوِجَاجِهِ لَا مِنْ تَزْوِيرِ الْكَلَامِ أَيْ تَحْسِينِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ زَوَّرْت فِي نَفْسِي كَلَامًا أَوْ مَقَالَةً وَيَجْتَهِدُ فِيمَا يُعَزِّرُ بِهِ شَاهِدَ الزُّورِ مِمَّا يَرَاهُ زَاجِرًا لَهُ عَنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَلِمِثْلِهِ عَنْ ارْتِكَابِهَا (بِ) حَضْرَةِ (مَلَأٍ) بِالْقَصْرِ وَالْهَمْزِ، أَيْ جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ (بِنِدَاءٍ) بِكَسْرِ النُّونِ مَمْدُودًا، أَيْ صِيَاحٍ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ وَطَوَافٍ بِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْجَمَاعَاتِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَى شَاهِدِ الزُّورِ ضَرَبَهُ بِقَدْرِ رَأْيِهِ وَيُطَافُ يه فِي الْمَجَالِسِ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَادَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ. ابْنُ وَهْبٍ كَتَبَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَى عُمَّالِهِ بِالشَّامِ إنْ أَخَذْتُمْ شَاهِدَ زُورٍ فَاجْلِدُوهُ أَرْبَعِينَ وَسَخِّمُوا وَجْهَهُ وَطُوفُوا بِهِ حَتَّى يَعْرِفَهُ النَّاسُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 302 وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ، وَلَا يُسَخِّمُهُ ثُمَّ فِي قَبُولِهِ: تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] وَيُطَالُ حَبْسُهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي إتْيَانِ سَحْنُونٍ بِرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَيْلٌ مِنْهُ إلَيْهَا. (وَلَا يَحْلِقُ) أَيْ لَا يَأْمُرُ الْقَاضِي أَنْ يَحْلِقَ (رَأْسَهُ) أَيْ شَاهِدَ الزُّورِ (أَوْ لِحْيَتَهُ وَلَا يُسَخِّمُهُ) أَيْ لَا يَأْمُرُ بِدَهْنِ وَجْهِ شَاهِدِ الزُّورِ بِالسُّخَامِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِأَسْفَلِ الْقِدْرِ وَمُحِيطِهِ مِنْ كَثْرَةِ الدُّخَانِ، رَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أَرَى الْحَلْقَ وَالتَّسْخِيمَ. ابْنُ مَرْزُوقٍ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُسَخِّمُ وَجْهَهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ عَادَتُهُمْ عَدَمُ الْحَلْقِ وَيَجْعَلُونَ الْحَلْقَ مِثْلَهُ. (ثُمَّ) إذَا ظَهَرَتْ تَوْبَةُ شَاهِدِ الزُّورِ وَشَهِدَ شَهَادَةً أُخْرَى فَ (فِي قَبُولِ) شَهَادَةِ (هـ) وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ إنْ تَابَ عِبَارَاتُ ابْنِ رُشْدٍ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ عُرِفَتْ تَوْبَتُهُ وَإِقْبَالُهُ وَتَزَيُّدُهُ فِي الْخَيْرِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، خِلَافُ قَوْلِهَا لَا تَجُوزُ أَبَدًا وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ، وَقِيلَ مَعْنَى السَّمَاعِ إنْ أَتَى تَائِبًا مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى مَا فِيهَا إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ إنْ أَتَى تَائِبًا ثُمَّ انْتَقَلَ حَالُهُ لِخَيْرٍ وَصَلَاحٍ قُبِلَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرِفَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ فَلَا يُقْبَلُ. وَلِأَصْبَغَ لَا تُقْبَلُ أَبَدًا إنْ أَقَرَّ بِشَهَادَةِ الزُّورِ، وَاخْتُلِفَ إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَابَ وَانْتَقَلَ لِخَيْرٍ وَصَلَاحٍ فَقَالَ مُحَمَّدٌ آخِرُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تُقْبَلُ، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَأَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا تُقْبَلُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ تُقْبَلُ إنْ تَابَ، وَأَظُنُّهُ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الْمُتَيْطِيُّ لَمْ يَصْحَبْ سَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ عَمَلٌ. قُلْت فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ بِتَوْبَتِهِ بِتَزَيُّدِهِ صَلَاحًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَالِثُهَا إنْ أَتَى تَائِبًا لَا إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنَّا قُلْنَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إذَا تَابَ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ بِالصَّلَاحِ وَالتَّزَيُّدِ فِي الْخَيْرِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ. قُلْت فِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ عَنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ أَبَدًا، وَإِنْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ وَازْدَادَ صَلَاحًا وَفَضْلًا لِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ يَوْمَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِالزُّورِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا الْحَالِ وَلَمْ يُعْرَفْ بِالْفَضْلِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ إنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ وَالصَّلَاحُ الْبَيِّنُ وَالْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 303 وَإِنْ أُدِّبَ التَّائِبُ: فَأَهْلٌ وَمَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ أَوْ مُفْتٍ، أَوْ شَاهِدٍ، لَا بِشَهِدْتَ بِبَاطِلٍ: كَلِخَصْمِهِ: كَذَبْتَ، وَلْيُسَوِّ   [منح الجليل] (وَإِنْ أَدَّبَ) الْقَاضِي شَاهِدَ الزُّورِ (التَّائِبِ) عَنْ زُورِهِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (فَ) هُوَ (أَهْلٌ) أَيْ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّأْدِيبِ لَكِنَّ الْأَوْلَى الْعَفْوُ عَنْهُ لِئَلَّا يَنْفِرَ النَّاسُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِالزُّورِ فَيُصِرُّونَ عَلَيْهَا إنْ وَقَعَتْ مِنْهُمْ وَكَمَنْ أَتَى تَائِبًا مِنْ حِرَابَتِهِ أَوْ رِدَّتِهِ أَوْ فِطْرِهِ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَدَّبَهُ لَكَانَ أَهْلًا، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُؤَدِّبُهُ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ الْمَازِرِيُّ هُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَدَّبَ مَنْ جَاءَ تَائِبًا عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ لَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعَاقَبُ لَوْ عُوقِبَ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدٌ عَنْ شَهَادَتِهِ زُورًا خَوْفَ عُقُوبَتِهِ كَالْمُرْتَدِّ إنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ. وَلِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ مَنْ سَأَلَ عَنْ إصَابَتِهِ أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ فَلَا يُعَاقَبُ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَاقِبْهُ (وَ) عَزَّرَ الْقَاضِي (مَنْ أَسَاءَ عَلَى خَصْمِهِ) ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ إنْ شَتَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَسْرَعَ إلَيْهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، كَقَوْلِهِ يَا ظَالِمُ يَا فَاجِرُ فَعَلَيْهِ زَجْرُهُ وَضَرْبُهُ إلَّا ذَا مُرُوءَةٍ فِي فَلْتَةٍ مِنْهُ فَلَا يَضْرِبُهُ (أَوْ) أَسَاءَ عَلَى (مُفْتٍ أَوْ) عَلَى (شَاهِدٍ) أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ وَلِيدٍ وَابْنُ غَالِبٍ بِأَدَبِ مَنْ قَالَ لِلشُّهُودِ وَأَهْلِ الْفُتْيَا تَشْهَدُونَ عَلَيَّ وَتُفْتُونَ لَا أَدْرِي مَنْ أُكَلِّمُ مِنْكُمْ. سَحْنُونٌ إنْ قَالَ الْخَصْمُ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ أَوْ بِمَا يَسْأَلُك اللَّهُ عَنْهُ أَوْ مَا أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْفَضْلِ، وَيُؤَدَّبُ الْمَعْرُوفُ بِالْإِذَايَةِ بِقَدْرِ جُرْمِهِ وَقَدْرِ الرَّجُلِ الْمُنْتَهَكِ حُرْمَتُهُ وَقَدْرِ الشَّاتِمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَذَلِكَ مِنْهُ فَلْتَةٌ تَجَافَى عَنْهُ (لَا) يُؤَدَّبُ بِقَوْلِهِ (شَهِدْت بِبَاطِلٍ) ابْنُ كِنَانَةَ إنْ قَالَ شَهِدْت عَلَيَّ بِزُورٍ فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ شَهِدَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ فَلَا يُؤَدَّبُ، وَإِنْ قَصَدَ أَذَاهُ وَالشُّهْرَةَ بِهِ نُكِّلَ بِقَدْرِ حَالِ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَالْبَاطِلُ أَعَمُّ مِنْ الزُّورِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَ) مَنْ قَالَ (لِخَصْمِهِ كَذَبْت عَلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ فِيمَا ادَّعَيْت بِهِ عَلَيَّ أَوْ فِيمَا أَنْكَرْتنِي فِيهِ، إذْ هَذِهِ مُجَاوَبَةٌ لَا إيذَاءٌ (وَلْيُسَوِّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْوَاوِ مَكْسُورَةً الْقَاضِي وُجُوبًا (بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ) فِي الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 304 بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَإِنْ مُسْلِمًا، وَكَافِرًا. وَقُدِّمَ الْمُسَافِرُ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ، ثُمَّ السَّابِقُ، قَالَ:   [منح الجليل] وَالْقُرْبِ أَوْ الْبُعْدِ وَالْكَلَامِ وَالِاسْتِمَاعِ لِكَلَامِهِمَا وَرَفْعِ صَوْتِهِمَا وَالنَّظَرِ إلَيْهِمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (مُسْلِمًا وَكَافِرًا) ابْنُ عَرَفَةَ رِوَايَةُ الْأُمَّهَاتِ وَاضِحَةٌ بِوُجُوبِ تَسْوِيَةِ الْقَاضِي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِهِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالسَّمَاعِ مِنْهُمَا وَرَفْعِ صَوْتِهِ عَلَيْهِمَا. الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَ الْخَصْمَانِ مُسْلِمًا وَذِمِّيًّا فَفِي تَسْوِيَتِهِمَا فِي مَجْلِسِهِمَا كَمُسْلِمَيْنِ وَجَعْلِ الْمُسْلِمِ أَرْفَعَ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَلَى الْأَوَّلِ مَعْزُوًّا لِأَصْبَغَ. عُمَرُ لِأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَسَوِّ بَيْنَ النَّاسِ فِي مَجْلِسِك وَعَدْلِك وَوَجْهِك حَتَّى لَا يَطْمَعَ الشَّرِيفُ فِي حَيْفِك وَلَا يَيْأَسَ الضَّعِيفُ مِنْ عَدْلِك. (وَ) إنْ تَعَدَّدَتْ الْخُصُومَاتُ عِنْدَ الْقَاضِي (قَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَاضِي وُجُوبًا (الْمُسَافِرَ) بِالنَّظَرِ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ مُسَافِرٍ أَوْ مَعَ مُقِيمٍ، لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يُفَوِّتُهُ الرُّفْقَةَ فَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ السَّفَرُ وَحْدَهُ (وَ) قَدَّمَ (مَا يَخْشَى فَوَاتَهُ) بِتَأْخِيرِهِ كَنِكَاحٍ اسْتَوْجَبَ فَسْخَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَخِيفَ إذَا أَخَّرَ النَّظَرَ فِيهِ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِهَا وَطَعَامٍ إذَا أُخِّرَ فَسَدَ وَإِذَا تَعَارَضَ الْمُسَافِرُ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ قَدَّمَ أَشَدَّهُمَا ضَرَرًا بِتَأْخِيرِهِ، وَهَذَا أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَكْثُرْ الْمُسَافِرُونَ جِدًّا، فَإِنْ كَثُرُوا جِدًّا بِحَيْثُ يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْمُقِيمِينَ بِتَأْخِيرِهِمْ عَنْ الْمُسَافِرِينَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ إنْ اسْتَوَى ضَرَرُهُمْ بِالتَّأْخِيرِ وَإِلَّا قَدَّمَ أَشَدَّهُمَا ضَرَرًا، نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَازِرِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ يُقَدِّمُ الْقَاضِي فِي الْخُصُومَةِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ إلَّا الْمُسَافِرَ وَمَا يُخْشَى فَوْتُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْأَوَّلِ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي بِطَاقٍ وَخُلِطَتْ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا بَدَأَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ الْغُرَبَاءُ وَأَهْلُ الْمِصْرِ سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يُقَدِّمَ الْغُرَبَاءَ بِاجْتِهَادِهِ فِيمَا لَا يُدْخِلُ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ ضَرَرًا وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَزَادَ وَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْغُرَبَاءِ كُلَّ يَوْمٍ مَا لَمْ يَكْثُرُوا فَلَا يَبْدَأُ بِهِمْ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مِنْ شَأْنِ الْقُضَاةِ تَقْدِيمُ الْغُرَبَاءِ وَتَعْجِيلُ سُرَاهُمْ. سَحْنُونٌ لَا يُقَدِّمُ رَجُلًا لِفَضْلِهِ وَسُلْطَانِهِ. (ثُمَّ) يُقَدِّمُ (السَّابِقَ) إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي إنْ كَانَ بِحَقٍّ وَاحِدٍ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 305 وَإِنْ بِحَقَّيْنِ بِلَا طُولٍ، ثُمَّ أَقْرَعَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْرِدَ وَقْتًا أَوْ يَوْمًا لِلنِّسَاءِ:   [منح الجليل] نَفْسِهِ (وَإِنْ بِحَقَّيْنِ بِلَا طَوْلٍ) وَنَصُّهُ إذَا وَجَبَ تَقْدِيمُ الْأَسْبَقِ، فَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا يُقَدِّمُ الْأَسْبَقَ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ لَا فِي سَائِرِ مَطَالِبِهِ، وَهَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ إنْ سَبَقَ بِخَصْمَيْنِ قَدَّمَ فِيهِمَا مِمَّا لَا يَطُولُ وَلَا يَضُرُّ بِالْجَمَاعَةِ الَّذِينَ بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ لِأَصْحَابِنَا. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ إذَا قَضَى بَيْنَ خَصْمَيْنِ فِي أَمْرٍ اخْتَصَمَا فِيهِ ثُمَّ أَخَذَا فِي حُجَّةٍ أُخْرَى فِي خُصُومَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ غَيْرُهُمَا فَلَا يَسْمَعُ مِنْهُمَا حَتَّى يَفْرُغَ مِمَّنْ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ لَا ضَرَرَ فِيهِ بِمَنْ حَضَرَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا. (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي الْمَجِيءِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ (أَقْرَعَ) بَيْنَهُمْ بِأَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ فِي أَوْرَاقٍ وَيَخْلِطَهَا وَيُخْرِجَ مِنْهَا وَرَقَةً فَمَنْ وَجَدَ اسْمَهُ فِيهَا قَدَّمَهُ (وَيَنْبَغِي) لِلْقَاضِي (أَنْ يُفْرِدَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (يَوْمًا) مُعَيَّنًا مِنْ الْأُسْبُوعِ (أَوْ وَقْتًا) مُعَيَّنًا مِنْ الْيَوْمِ (لِ) قَضَاءٍ بَيْنَ (االنِّسَاءِ) سَتْرًا لَهُنَّ وَحِفْظًا مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ فِي مَجْلِسِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً أَوْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ، وَهَذَا فِي نِسَاءٍ يَخْرُجْنَ وَلَا يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِنَّ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ، وَأَمَّا الْمُخَدَّرَاتُ وَاَللَّاتِي يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِنَّ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ فَيُوَكِّلْنَ مِنْ يُخَاصِمُ عَنْهُنَّ أَوْ يَبْعَثُ لَهُنَّ فِي مَنَازِلِهِنَّ ثِقَةً مَأْمُونًا. ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ يَعْزِلُ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ. أَشْهَبُ أَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالنِّسَاءِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بِالرِّجَالِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ صَحِيحٌ إمَّا لِكَثْرَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ أَوْ لِكَثْرَتِهِنَّ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَا يُقَدِّمُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ مُخْتَلِطِينَ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا مَعْلُومًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَلَ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُفْرِدَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا، وَإِنْ احْتَاجَ لِكَشْفِ وَجْهِ امْرَأَةٍ لِيَعْرِفَ بِهَا أَوْ لِيَشْهَدَ شُهُودُهَا عَلَى عَيْنِهَا كَشَفَهُ بَيْنَ أَيْدِي الْعُدُولِ وَيَأْمُرُ بِتَنْحِيَةِ غَيْرِهِمْ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْمَجَالِسِ وَيَجْعَلُ لِلنَّصَارَى يَوْمًا أَوْ وَقْتًا مِنْ الْأَيَّامِ بِقَدْرِ قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ، وَيَجْلِسُ لَهُمْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 306 كَالْمُفْتِي، وَالْمُدَرِّسِ   [منح الجليل] الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَبْعَدَ عَنْهَا مَنْ لَا خِصَامَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مِنْ الرِّجَالِ. قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْعُدَ عَنْهَا خَصْمُهَا أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْمَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا حُجَّةَ خَصْمِهِ أَوْ أَقْصَى مَا يَسْمَعُ الْحَاكِمُ مِنْهُمَا وَيَذْكُرُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَوْلَ صَاحِبِهِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِسُرْعَةِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً لَهَا جَمَالٌ وَيَخَافُ إنْ تَكَلَّمَتْ افْتَتَنَ بِهَا مَنْ يَسْمَعُ كَلَامَهَا أَمَرَهَا أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهَا فِي الْكَلَامِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا فِي دَارِهَا مَنْ تُؤْمَنُ نَاحِيَتُهُ لِسِنِّهِ وَدِينِهِ وَوَرَعِهِ مِمَّنْ يُكَلِّفُهُ الْحُكُومَةُ فِي أَمْرِهَا فَعَلَ، وَقَدْ حَضَرَتْ الْغَامِدِيَّةُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَقَرَّتْ بِالزِّنَا فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ الْأُخْرَى اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَلَمْ يَأْمُرْ بِإِحْضَارِهَا. الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ إنْ كَانَ فِي أَعْوَانِ الْقَاضِي ثِقَةٌ قَدَّمَهُ لِلْخُصُومَةِ بَيْنَهُنَّ فِي مَنَازِلِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ نَفْسُهُ. وَشَبَّهَ فِي تَقْدِيمِ الْمُسَافِرِ وَمَا يُخْشَى فَوَاتُهُ ثُمَّ السَّابِقِ ثُمَّ الْإِقْرَاعِ وَإِفْرَادِ النِّسَاءِ بِزَمَنٍ فَقَالَ (كَالْمُفْتِي) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (وَالْمُدَرِّسِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَكَذَا الْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسُ عِنْدَ التَّزَاحُمِ. قُلْت لَمْ أَعْرِفْ هَذَا نَصًّا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ إنَّمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ وَتَخْرِيجُهُمَا عَلَى حُكْمِ تَزَاحُمِ الْخُصُومِ وَاضِحٌ، وَكَذَا عَلَى سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ فِي الصَّانِعِ الْخَيَّاطِ يَدْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ ثِيَابَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَلَمْ أَسْمَعْ فِيهِ شَيْئًا وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ وَاسِعًا إنْ كَانَ الشَّيْءُ الْخَفِيفُ الرُّقْعَةَ وَنَحْوَهَا. ابْنُ رُشْدٍ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ تَقْدِيمَ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ دُونَ إيجَابٍ عَلَيْهِ، إذْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عَمَلُهُ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ، وَكَذَا قَالَ الْأَخَوَانِ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَدِّمَ الصَّانِعُ مَنْ أَحَبَّ مَا لَمْ يَقْصِدْ مَطْلًا، وَكَذَا قَالَ فِي الرَّحَى وَلِسَحْنُونٍ لَا يُقَدِّمُ صَاحِبُ الرَّحَى أَحَدًا عَلَى مَنْ أَتَى قَبْلَهُ إنْ كَانَتْ سُنَّةُ الْبَلَدِ الطَّحْنَ عَلَى الدَّوْلَةِ، فَإِنْ تَحَاكَمُوا قَضَى بَيْنَهُمْ بِسُنَّتِهِمْ وَلَيْسَ قَوْلُ سَحْنُونٍ خِلَافًا لِقَوْلِ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ. قُلْت وَجَرَتْ عَادَةُ مُدَرِّسِي تُونُسَ فِي الْأَكْثَرِ بِتَقْدِيمِ قِرَاءَةِ التَّفْسِيرِ عَلَى الْحَدِيثِ، وَتَقْدِيمِ الْحَدِيثِ عَلَى الْفِقْهِ. الْبُرْزُلِيُّ وَعَلَى هَذَا يَأْتِي التَّقْدِيمُ فِي طَبْخِ الْخُبْزِ وَالْقِرَاءَةِ وَسَائِرِ الصَّنَائِعِ إنْ كَانَ عُرْفٌ عَمِلَ بِهِ وَالْأَقْدَمُ الْآكَدُ فَالْآكَدُ، وَيُقَدِّمُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 307 وَأُمِرَ مُدَّعٍ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ بِالْكَلَامِ، وَإِلَّا فَالْجَالِبُ؛ وَإِلَّا أَقُرِعَ   [منح الجليل] الْقِرَاءَةِ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ لِتَحْصِيلِ كَثْرَةِ الْمَنَافِعِ عَلَى قِلَّتِهَا، وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ الطَّالِبُ الَّذِي لَا قَابِلِيَّةَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ. وَفِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَحَبَّ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عُرْفٌ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ. (وَأُمِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مُدَّعٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أَمَرَهُ الْقَاضِي وَنَعَتَهُ بِنَعْتٍ كَاشِفٍ حَقِيقَتَهُ فَقَالَ (تَجَرَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ خَلَا (قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، وَصِلَةُ أُمِرَ (بِالْكَلَامِ) وَيَأْمُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالسُّكُوتِ حَتَّى يَتِمَّ كَلَامُ الْمُدَّعِي. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُدَّعِي مَنْ عَرِيَتْ دَعْوَاهُ عَنْ مُرَجِّحٍ غَيْرِ شَهَادَةٍ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ اقْتَرَنَتْ دَعْوَاهُ بِهِ، فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُدَّعِي مَنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ مُصَدِّقٍ يَبْطُلُ عَكْسُهُ بِالْمُدَّعِي وَمَعَهُ بَيِّنَتُهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ الْمُدَّعِي مَنْ قَالَ قَدْ كَانَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ، وَمَنْ عَرَفَهُمَا لَا يَلْتَبِسُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، إنَّمَا يَصِحُّ إذَا تَجَرَّدَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي فِي قَوْلِهِ قَدْ كَانَ مِنْ سَبَبٍ يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ دَعْوَاهُ أَقْوَى مِنْ سَبَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَائِلُ لَمْ يَكُنْ كَمَنْ حَازَ شَيْئًا عَنْ غَيْرِ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ. فِي وَجْهٍ مُدَّعِي الشَّرِكَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ كَانَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَا الْمُودِعُ يَدَّعِي فِي الْوَدِيعَةِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ يَقُولُ قَدْ كَانَ الْمُودِعُ يَقُولُ لَمْ يَكُنْ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْقَاضِي الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ مُدَّعٍ وَالْآخَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ (فَالْجَالِبُ) صَاحِبَهُ لِلْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالْكَلَامِ أَوَّلًا لِدَلَالَةِ جَلْبِهِ عَلَى أَنَّهُ الْمُدَّعِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْجَالِبُ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُدَّعِي (أَقْرَعَ) الْقَاضِي بَيْنَهُمَا، قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقَدِّمُ أَيَّهمَا شَاءَ. الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ جَلَسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ مَالَكُمَا أَوْ مَا خُصُومَتُكُمَا أَوْ يَسْكُتَ لِيَبْتَدِيَاهُ، فَإِنْ تَكَلَّمَ الْمُدَّعِي أَسْكَتَ الْآخَرَ حَتَّى يَسْمَعَ حُجَّةَ الْمُدَّعِي، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 308 فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ، قَالَ: وَكَذَا شَيْءٌ، وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ: كَأَظُنُّ،   [منح الجليل] ثُمَّ يُسْكِتُهُ وَيَسْتَنْطِقُ الْآخَرَ لِيَفْهَمَ حُجَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا يَبْتَدِئُ أَحَدَهُمَا فَيَقُولُ مَا تَقُولُ أَوْ مَالَك إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّهُ الْمُدَّعِي، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا وَسَكَتَ الْآخَرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ دَعْوَاهُ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ حَتَّى يُقِرَّ خَصْمُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ هَذَا الْمُدَّعِي أَقَامَهُمَا عَنْهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَحَدُهُمَا فَيَكُونَ هُوَ الطَّالِبَ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْمُدَّعِي، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَلَبَ الْآخَرَ فَالْجَالِبُ الْمُدَّعِي، وَإِنْ لَمْ يَدْرِ الْجَالِبَ بَدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالْآخَرِ. اللَّخْمِيُّ إنْ صَرَفَهُمَا لِدَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الطَّالِبُ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الِانْصِرَافَ بَدَأَ بِهِ، وَإِنْ بَقِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقًا بِالْآخَرِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ طَلَبٌ وَتَشَاحَّا فِي الِابْتِدَاءِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ الْحَاكِمُ بِالْخِيَارِ، وَاسْتَحَبَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنَّظَرِ لِأَضْعَفِهِمَا. وَإِذَا أَمَرَ الْمُدَّعِي بِالْكَلَامِ (فَيَدَّعِي) الْمُدَّعِي (ب) شَيْءٍ (مَعْلُومٍ) قَدْرُهُ وَجِنْسُهُ وَصِفَتُهُ لَا مَجْهُولٍ (مُحَقَّقٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا لَا مَظْنُونٍ وَلَا مَشْكُوكٍ وَلَا مَوْهُومٍ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (وَكَذَا) أَيْ الْمَعْلُومُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى بِهِ (شَيْءٌ) أَوْ حَقٌّ أَوْ مَالٌ تَرَتَّبَ لِي فِي ذِمَّتِهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ، وَجَهِلْت قَدْرَهُ لِنِسْيَانِهِ بِطُولِ مُدَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا، بَلْ مَجْهُولًا كَشَيْءٍ أَوْ مَظْنُونًا (لَمْ تُسْمَعْ كَأَظُنُّ) أَنَّ لِي عِنْدَهُ كَذَا، أَوْ فِي ظَنِّي وَأَحْرَى أَشُكُّ. ابْنُ شَاسٍ الدَّعْوَى الْمَسْمُوعَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً صَحِيحَةً، فَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ قَالَ وَعِنْدِي لَوْ قَالَ الطَّالِبُ أَتَيَقَّنُ عِمَارَةَ ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ بِشَيْءٍ أَجْهَلُ مَبْلَغَهُ وَأُرِيدُ جَوَابَهُ يَذْكُرُهُ مُفَصَّلًا أَوْ إنْكَارُهُ جُمْلَةً لَزِمَهُ الْجَوَابُ. ابْنُ شَاسٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَظُنُّ أَنَّ لِي عَلَيْك شَيْئًا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَيْضًا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 309 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فَاخْتَصَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَشَرَطَ الْمُدَّعَى بِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مُحَقَّقًا فَقَبِلَهُ شَارِحَاهُ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ خِلَافًا، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ صَدَاقَهَا حَلَفَ الْوَرَثَةُ مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ صَدَاقٌ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ نَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ صَدَاقَهَا وَاسْتَوْجَبَتْهُ لَا عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ عَلِمُوا أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهُ فَرَجَعَتْ هَذِهِ الْيَمِينُ عَلَى غَيْرِ مَا نَكَلَ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ، وَلَهَا نَظَائِرُ. الْحَطّ ابْنُ فَرْحُونٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً، فَلَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ يَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا الطَّالِبَ لَوْ أَيْقَنَ بِعِمَارَةِ ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ بِشَيْءٍ وَجَهِلَ مَبْلَغَهُ وَأَرَادَ مِنْ خَصْمِهِ أَنْ يُجَاوِبَهُ عَنْ ذَلِكَ بِإِقْرَارٍ بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ وَذَكَرَ الْمَبْلَغَ وَالْجِنْسَ لَزِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ. أَمَّا لَوْ قَالَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ فَضْلَةِ حِسَابٍ لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ وَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمَا تَحَاسَبَا وَبَقِيَتْ لَهُ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِقَدْرِهَا فَدَعْوَاهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَسْمُوعَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى حَقًّا لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ وَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا لَا يَعْلَمُونَ قَدْرَهُ، فَهِيَ دَعْوَى مَسْمُوعَةٌ وَسَيَأْتِي كَثِيرٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِالشَّهَادَةِ النَّاقِصَةِ اهـ. فَقَوْلُهُ أَمَّا إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا يُسْمَعُ بِلَا خِلَافٍ، فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ مَعْلُومٍ وَقَوْلُهُ بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ تَوْجِيهَ يَمِينَ التُّهْمَةِ بِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ قَدْرَهُ، فَفِي آخِرِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ بِيَدِ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ مِنْهُ، فَإِنْ جَهِلَاهُ جَمِيعًا جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ عَرَفَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ مِنْهَا فَلْيُسَمِّهِ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ اهـ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ لَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ لِلْقَائِمِ فِي الدَّارِ الْمُقَوَّمِ فِيهَا بِحِصَّةٍ لَا يَعْرِفُونَ مَبْلَغَهَا، فَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْ يُقَالَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ سَمِّ مَا شِئْت وَاحْلِفْ عَلَيْهِ وَخُذْهُ، فَإِنْ أَبَى أُخْرِجَتْ الدَّارُ مِنْ الْمَطْلُوبِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 310 وَكَفَاهُ بِعْت، وَتَزَوَّجْت؛ وَحُمِلَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَلْيَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْ السَّبَبِ   [منح الجليل] وَوُقِفَتْ حَتَّى يُقِرَّ بِشَيْءٍ، قَالَ مُطَرِّفٌ وَقَدْ كُنَّا نَقُولُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إنَّهُ إذَا لَمْ تَعْرِفْ الشُّهُودُ الْحِصَّةَ فَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ وَلَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ شَيْءٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَرَجَعْنَا إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّتْ الْأَحْكَامُ عَلَى ذَلِكَ. (وَكَفَاهُ) أَيْ الْمُدَّعِي فِي بَيَانِ سَبَبِ الْمُدَّعَى بِهِ قَوْلُهُ (بِعْت) شَيْئًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَلَمْ أَقْبِضْهُ مِنْهُ (وَ) كَفَى قَوْلُ امْرَأَةٍ مُدَّعِيَةٍ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَاقٍ وَأَنْكَرَهُ (تَزَوَّجْت) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَلَمْ أَقْبِضْهَا مِنْهُ، قَالُوا وَبِمَعْنَى أَوْ (وَحُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْبَيْعُ أَوْ التَّزَوُّجُ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُدَّعِي (عَلَى) الْبَيْعِ أَوْ التَّزَوُّجِ (الصَّحِيحِ) بِاسْتِيفَاءِ أَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ فِي عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ. ابْنُ شَاسٍ إذَا ادَّعَى فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا تَزَوُّجًا صَحِيحًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُومَ بِوَلِيٍّ وَبِرِضَاهَا، بَلْ لَوْ أَطْلَقَ سُمِعَ أَيْضًا، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ، بَلْ لَوْ قَالَ هِيَ زَوْجَتِي لَكَفَاهُ الْإِطْلَاقُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّعِي سَبَبَ مَا ادَّعَى بِهِ (فَلْيَسْأَلْهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (الْحَاكِمُ عَنْ السَّبَبِ) لِلْمُدَّعَى بِهِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ إيجَابِهِ شَيْئًا أَصْلًا كَبَيْعِ مُسْلِمٍ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ إيجَابِهِ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ كَرِبًا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ لَيْسَ مِنْ تَمَامِ صِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ. يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا ذِكْرُ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مِثْلِيًّا وَهُوَ وَاضِحٌ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِيمَا يَنْبَغِي لَهُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، إذْ صِحَّتُهَا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ أَبَى الْمُدَّعِي أَنْ يَذْكُرَ السَّبَبَ وَلَمْ يَدَّعِ نِسْيَانَهُ فَلَا يُسْأَلُ الْمَطْلُوبُ عَنْ شَيْءٍ وَنَحْوِهِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ. الشَّارِحُ وَوَجْهُهُ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي يَذْكُرُهُ الْمُدَّعِي قَدْ يَكُونُ فَاسِدًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ غَرَامَةٌ. اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 311 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ تَوَجُّهُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِإِيجَابِ جَوَابِهِ خَصْمَهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِي عِنْدَ هَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا بِهِ تَقَرَّرَتْ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ سَلَفٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ بَتِّ عَطِيَّةٍ أَوْ عِدَّةٍ. اهـ. وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي قَوْلِهِ وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ السَّائِلَ هُوَ الْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَهُ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، فَإِنْ غَفَلَ الْحَاكِمُ عَنْهُ قَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَقَامَهُ، هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ كَالْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الشَّارِحِ، فَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي مِنْ أَيْنَ وَجَبَ لَك مَا ادَّعَيْت بِهِ وَعَلَى هَذَا شَرْحُ عج وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ بَلْ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الْحَطّ، إذْ لَوْ أَنَّ ذِكْرَهُ مِنْ تَمَامِ صِحَّةِ الدَّعْوَى مَا قُبِلَ نِسْيَانُهُ وَلَبَطَلَتْ الدَّعْوَى إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ الْمَجْمُوعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمَّا قَوِيَتْ التُّهْمَةُ بِامْتِنَاعِهِ عَنْ ذِكْرِهِ بَعْدَ السُّؤَالِ عَنْهُ لَمْ يُكَلَّفْ الْمَطْلُوبَ بِالْجَوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: ابْنُ فَرْحُونٍ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الْمُدَّعَى بِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَزِمَهُ، كَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِهِبَةٍ وَقُلْنَا إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَيَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ، وَإِنْ قُلْنَا بِقَوْلِ الْمُخَالِفِ وَالشَّاذِّ عِنْدَنَا أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَوَابُ، وَكَذَا الْعِدَّةُ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا وَالْوَصِيَّةُ. الثَّالِثُ: ابْنُ فَرْحُونٍ فَصْلٌ فِي تَصْحِيحِ الدَّعْوَى وَالْمُدَّعَى بِهِ أَنْوَاعٌ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا مُعَيَّنًا وَهُوَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَصْحِيحُ الدَّعْوَى أَنْ يُبَيِّنَ مَا يَدَّعِي بِهِ، وَيَذْكُرَ أَنَّهُ فِي يَدِ الْمَطْلُوبِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوْ الْعَدَاءِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُدَّعِي أَنْ يَسْأَلَ الْحَاكِمَ النَّظَرَ بَيْنَهُمَا بِمَا يُوجِبُ الشَّرْعَ. الْحَطّ قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُهُ ضَاعَ أَوْ سُرِقَ مِنِّي وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا وَصَلَ إلَى هَذَا الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ، وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. الرَّابِعُ: الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ زَادَ غَيْرُ الْمُصَنِّفِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى مُعْتَبَرَةً يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ لَا تُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ، وَتَكُونُ مِمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَلْزَمُهُ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 312 ثُمَّ مُدَّعًى عَلَيْهِ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ، أَوْ أَصْلٍ بِجَوَابِهِ،   [منح الجليل] وَاحْتَرَزَ بِمُعْتَبَرَةٍ مِنْ دَعْوَى نَحْوِ الْقَمْحَةِ وَالشَّعِيرَةِ وَبِغَرَضٍ صَحِيحٍ مِنْ دَعْوَى أُجْرَةٍ عَلَى مُحَرَّمٍ وَبِقَوْلِهِ لَا تُكَذِّبُهَا الْعَادَةُ مِنْ دَعْوَى دَارٍ بِيَدِ حَائِزٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا عَشْرَ سِنِينَ وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ، وَبِالْأَخِيرِ مِنْ دَعْوَى الْهِبَةِ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهَا بِالْقَوْلِ وَالْوَعْدُ كَذَلِكَ وَالْوَصِيَّةُ. الْخَامِسُ: اقْتَضَى كَلَامُ تت أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا يَكْفِيهِ فِي بَيَانِ سَبَبِهِ بِعْت وَتَزَوَّجْت فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ فَرْضُهَا أَنَّ مَنْ ادَّعَى بَيْعَ شَيْءٍ أَوْ اشْتِرَاءَهُ كَفَاهُ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت، وَكَذَا مَنْ ادَّعَى تَزَوُّجَ امْرَأَةٍ فَيَكْفِيهِ تَزَوَّجْتهَا، فَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا ادَّعَى فِي النِّكَاحِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا تَزَوُّجًا صَحِيحًا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ بِوَلِيٍّ وَبِرِضَاهَا، بَلْ لَوْ أَطْلَقَ تُسْمَعُ أَيْضًا. وَكَذَا فِي الْبَيْعِ، بَلْ لَوْ قَالَ هِيَ زَوْجَتِي لَكَفَاهُ الْإِطْلَاقُ. اهـ. وَبِهِ شَرَحَ " ق " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَهَكَذَا فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ الشَّارِحُ، لَكِنْ فِي الْمُتَيْطِيِّ عَنْ ابْنِ حَارِثٍ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي مِنْ أَيْنَ وَجَبَ لَك مَا ادَّعَيْت بِهِ، فَإِنْ قَالَ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَلَفٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ تَعَدٍّ أَوْ شُبْهَةٍ فَلَا يُكَلَّفُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. اهـ. فَعَلَيْهِ يَأْتِي تَقْرِيرُ تت، وَيُلَائِمُ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلْيَسْأَلْهُ إلَخْ. تت وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ إلَخْ، وَقَالَ الشَّارِحُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَشْيَاخُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يَسْأَلُ الْمُدَّعِيَ عَنْ السَّبَبِ، وَإِلَّا يُحْمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ وَإِنْ لَمْ يَتَنَبَّهْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِذَلِكَ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَهُ. (ثُمَّ) أَمَرَ الْقَاضِي شَخْصًا (مُدَّعًى عَلَيْهِ) وَكَشَفَ حَقِيقَتَهُ بِنَعْتِهِ بِقَوْلِهِ (تَرَجَّحَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا. أَيْ تَقَوَّى (قَوْلُهُ بِ) مُوَافَقَةِ شَيْءٍ (مَعْهُودٍ) أَيْ مَعْرُوفٍ بَيْنَ النَّاسِ. ابْنُ فَرْحُونٍ الْمَعْهُودُ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ (أَوْ) تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمُوَافَقَةِ (أَصْلٍ) ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْ حَالٍ مُسْتَصْحَبٍ. الْحَطّ الْمَعْهُودُ هُوَ شَهَادَةُ الْعُرْفِ وَنَحْوِهِ وَالْأَصْلُ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصِلَةُ أَمَرَ (بِجَوَابِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي. ابْنُ عَرَفَةَ إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَمَرَ الْقَاضِي الْخَصْمَ بِجَوَابِهِ إذَا اسْتَحَقَّتْ الدَّعْوَى جَوَابًا، وَإِلَّا فَلَا، كَقَوْلِ الْمُدَّعِي هَذَا أَخْبَرَنِي الْبَارِحَةَ أَنَّهُ رَأَى هِلَالَ الشَّهْرِ أَوْ سَمِعَ مَنْ يُعَرِّفُ بِلُقَطَةٍ وَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 313 إنْ خَالَطَهُ بِدَيْنٍ، أَوْ تَكَرُّرِ بَيْعٍ،   [منح الجليل] يَتَوَقَّفُ أَمْرُهُ بِالْجَوَابِ عَلَى طَلَبِ الْمُدَّعِي ذَلِكَ لِوُضُوحِ دَلَالَةِ حَالِ التَّدَاعِي عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُدَّعِي أَكْثَرُ مِنْ الدَّعْوَى كَأَنْ يَقُولَ لِلْقَاضِي لِي عِنْدَ هَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي طَلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَوَابٍ لِعَدَمِ تَصْرِيحِ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّ أَخَوَيْنِ بِالْبَصْرَةِ كَانَا يَتَوَكَّلَانِ عَلَى أَبْوَابِ الْقُضَاةِ، وَكَانَ لَهُمَا فِقْهٌ، فَلَمَّا وَلِيَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ وَهُوَ مِمَّنْ عَاصَرَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَرَادَ الْأَخَوَانِ أَنْ يُعْلِمَاهُ مَكَانَهُمَا مِنْ الْعِلْمِ فَأَتَيَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا لِي عِنْدَ هَذَا كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ عِيسَى لِلْآخَرِ أَجِبْهُ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ أَذِنَ لَك أَنْ تَسْتَدْعِيَ جَوَابِي وَقَالَ الْمُدَّعِي لَمْ آذَنْ لَك فِي ذَلِكَ فَوَجَمَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فَقَالَا لَهُ إنَّمَا أَرَدْنَا أَنْ نُعَلِّمَك مَكَانَنَا مِنْ الْعِلْمِ وَعَرَّفَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا وَهِيَ مُنَاقَشَةٌ لَا طَائِلَ تَحْتَهَا لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُهُ إيجَابُ جَوَابِهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لِي عِنْدَهُ كَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ مِنْ سَلَفٍ أَوْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ بَتِّ عَطِيَّةٍ مِنْ مَالٍ أَجْنَبِيٍّ. وَذَكَرَ شَرْطَ أَمْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَقَالَ (إنْ خَالَطَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِدَيْنٍ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَلَوْ مَرَّةً (أَوْ) خَالَطَهُ بِ (تَكَرُّرِ بَيْعٍ) بِثَمَنٍ حَالٍّ. " ق " اللَّخْمِيُّ مَنْ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ دَعْوَى فَأَنْكَرَهُ فَلَا يُحَلِّفُهُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى إلَّا بِمَا يَنْضَافُ إلَيْهَا مِنْ خُلْطَةٍ أَوْ شُبْهَةٍ أَوْ دَلِيلٍ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُدَّعَى فِيهِ. الْبَاجِيَّ الدَّعَاوَى الَّتِي تُعْتَبَرُ فِيهَا الْخُلْطَةُ هِيَ الْمُدَايَنَةُ، فَمَنْ ادَّعَى ثَوْبًا بِيَدِ إنْسَانٍ أَنَّهُ لَهُ فَأَنْكَرَهُ فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. ابْنُ زَرْقُونٍ لِأَنَّهَا فِي دَعْوَى مُعَيَّنٍ. وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْمُعَيَّنِ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ شُبْهَةٍ. الْمَازِرِيُّ قَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ كَابْنِ الْقَاسِمِ الْخُلْطَةُ أَنْ يُبَايِعَ إنْسَانٌ إنْسَانًا بِالدَّيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ بِالنَّقْدِ مِرَارًا. تت هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْبِسَاطِيِّ وَهُوَ مَنْصُوصٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَشْيَاخُ أَنَّ الْخُلْطَةَ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ لَا فِي الدَّعْوَى وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 314 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] جَمَاعَةً. وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ لَا تُعْتَبَرُ الْخُلْطَةُ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ بِمِصْرَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ عِنْدَنَا. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ خَالَطَهُ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ، وَفِي بَعْضِهَا وَخَالَطَهُ بِالْعَطْفِ عَلَى تَرَجُّحٍ وَلَا يَخْفَاك مَا فِيهِمَا مَعًا مِنْ الْقَلَقِ، فَإِنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ لَا فِي الْأَمْرِ بِالْجَوَابِ، وَلَا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى، وَتَكْلِيفِ الْبَيِّنَةِ كَمَا تُعْطِيهِ عِبَارَتَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ قَطَعَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَافَّةِ أَصْحَابِهِ الْحُكْمُ بِالْخُلْطَةِ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ حَارِثٍ وَنَقَلَ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ لَا تُعْتَبَرُ الْخُلْطَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمَضَى عَمَلُ الْقُضَاةِ عِنْدَنَا عَلَيْهِ، وَنَقَلَ لِي شَيْخُنَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْقُضَاةِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَحْكُمُ بِهَا إلَّا إنْ طَلَبَهَا مِنْهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالْعَجَبُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ حَيْثُ أَغْفَلَ تَمَامَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ، وَنَصُّهُ وَفِي الْمَبْسُوطَةِ لِابْنِ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ لَا أَدْرِي مَا الْخُلْطَةُ وَلَا أَرَاهَا وَلَا أَقُولُ بِهَا وَأَرَى الْأَيْمَانَ وَاجِبَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» ، وَأَغْفَلَ أَيْضًا قَوْلَ الْمُتَيْطِيِّ آخِرَ الْحَمَالَةِ وَالرُّهُونِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ خُلْطَةٍ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ إنَّ بَعْضَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ يَتَوَسَّطُ فِي مِثْلِ هَذَا إذَا ادَّعَى قَوْمٌ عَلَى أَشْكَالِهِمْ بِمَا يُوجِبُ الْيَمِينَ أَوْجَبَهَا دُونَ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الرَّجُلِ الْعَدْلِ مَنْ لَيْسَ مِنْ شَكْلِهِ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْخُلْطَةِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَبِرُونَ خُلْطَةً، وَيُوجِبُونَ الْيَمِينَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ الْيَوْمَ. اهـ. وَقَبِلَهُ الْعَبْدُوسِيُّ الْبُنَانِيُّ صَوَابُ هَذَا التَّأْخِيرُ عَنْ قَوْلِهِ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ إلَخْ، وَلَعَلَّ تَقْدِيمَهُ مِنْ مَخْرَجِ مُبَيَّضَتِهِ وَالْعَمَلُ جَرَى بِثُبُوتِ الْيَمِينِ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ خُلْطَةٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 315 وَإِنْ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ، لَا بَيِّنَةٍ جُرِّحَتْ إلَّا الصَّانِعَ، وَالْمُتَّهَمَ،   [منح الجليل] (وَ) تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، بَلْ وَ (إنْ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ) وَاحِدَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا بِالْخُلْطَةِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا وَتَثْبُتُ الْخُلْطَةُ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ تُوجِبُ الْيَمِينَ أَنَّهُ خَالَطَهُ. وَفِي الْمُفِيدِ لَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. الْبُنَانِيُّ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ مَسْأَلَةٌ يُحْكَمُ فِيهَا بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ إلَّا هَذِهِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ (لَا) تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ (بِ) شَهَادَةِ (بَيِّنَةٍ) بِحَقٍّ مُدَّعًى بِهِ أَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (جُرِّحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارِ لَهُ فِيهَا بِعَدَاوَةٍ لَهُ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بَيْنَهُمَا بِشَهَادَتِهَا الَّتِي سَقَطَتْ بِالتَّجْرِيحِ، فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ آخَرَ فَأَنْكَرَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تَثْبُتُ الْخُلْطَةُ بَيْنَهُمَا الْمُوجِبَةُ لِتَحْلِيفِهِ بِالشَّهَادَةِ الْأُولَى الَّتِي سَقَطَتْ بِالتَّجْرِيحِ. " ق " رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَنْ أَقَامَ شُهُودًا عُدُولًا عَلَى رَجُلٍ بِحَقٍّ فَأَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً أَنَّهُمْ مُعَادُونَ لَهُ فَسَقَطَتْ شَهَادَتُهُمْ فَهُمْ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدُوا وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنْ لَا يَحْلِفَ، وَكَذَلِكَ عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. " غ " هُوَ مِثْلُ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ فَسَقَطَتْ بِوَجْهٍ مِمَّا تَسْقُطُ بِهِ الشَّهَادَةُ أَوْ جَرَّحَهَا الْمَطْلُوبُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِخُلْطَةٍ تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إنَّ ذَلِكَ خُلْطَةٌ تُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَرَافَعَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَقٍّ آخَرَ فَقَضَى بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِخُلْطَةٍ. وَاسْتَثْنَى ثَمَانِ مَسَائِلَ تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى وَتَتَوَجَّهُ فِيهَا الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بِدُونِ ثُبُوتِ خُلْطَةٍ فَقَالَ (إلَّا) الشَّخْصَ (الصَّانِعَ) كَالْخَيَّاطِ وَالْحَيَّاكِ وَالصَّوَّاغِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَتَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي، لِأَنَّ تَنْصِيبَ نَفْسِهِ لِلنَّاسِ بِمَنْزِلَةِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ بَيْنَهُمَا. " غ " الْأَوَّلُ الصَّانِعُ وَانْدَرَجَ فِيهِ التَّاجِرُ (وَ) إلَّا لِشَخْصِ (الْمُتَّهَمِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ بِسَرِقَةٍ أَوْ تَعَدٍّ أَوْ ظُلْمٍ فَكَذَلِكَ " غ " الثَّانِي الْمُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 316 وَالضَّيْفَ وَفِي مُعَيَّنٍ،   [منح الجليل] وَالْعَدَاءِ وَالظُّلْمِ ابْنُ يُونُسَ أَصْبَغُ خَمْسَةٌ عَلَيْهِمْ الْأَيْمَانُ بِلَا خُلْطَةٍ الصَّانِعُ وَالْمُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ وَالرَّجُلُ يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ إنَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ دَيْنًا وَالرَّجُلُ يَمْرَضُ فِي الرُّفْقَةِ، فَيَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ مَالَهُ لِرَجُلٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا وَكَذَلِكَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ نَزَلَ فِي مَدِينَةٍ أَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ مَالًا. ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْخَمْسَةَ غَيْرَ مَعْزُوَّةٍ كَأَنَّهَا الْمَذْهَبُ. الْبَاجِيَّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ الصُّنَّاعُ تَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ فِي صِنَاعَتِهِمْ دُونَ خُلْطَةٍ لِأَنَّهُمْ نَصَّبُوا أَنْفُسَهُمْ لِلنَّاسِ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فِي تُجَّارِ السُّوقِ. (وَ) إلَّا الشَّخْصَ (الضَّيْفَ) " غ " وَالثَّالِثُ الْغَرِيبُ يَنْزِلُ بِمَدِينَةٍ فَيَدَّعِي عَلَى رَجُلٍ مِنْهَا أَنَّهُ اسْتَوْدَعَهُ مَالًا، فَكَأَنَّهُ عَبَّرَ بِالضَّيْفِ عَنْ الْغَرِيبِ الطَّارِئِ عَلَى الْبَلَدِ، سَوَاءٌ ضَيَّفَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَمْ يُضَيِّفْهُ، وَهَذَا يُسَاعِدُ ظَاهِرَ نَصِّ الْمُتَيْطِيِّ، وَيَتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ هَذَا، وَلَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى الْغَرِيبِ إذَا أَوْدَعَ وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَأَنْكَرَهُ فِيهَا فَتَتَوَجَّهُ لَهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. اهـ. وَنَقَلَ الْحَطّ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّ مِنْ هَذِهِ النَّظَائِرِ الرَّجُلُ يُضَيِّفُ الرَّجُلَ فَيَدَّعِي عَلَيْهِ. اهـ. لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ ابْنَ فَرْحُونٍ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إلَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا. " غ " وَالرَّابِعُ الدَّعْوَى فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ. عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا تُرَاعَى الْخُلْطَةُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَفِيمَا تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَأَمَّا الْأَشْيَاءُ الْمُعَيَّنَةُ فَالْيَمِينُ وَاجِبَةٌ فِيهَا مِنْ غَيْرِ خُلْطَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا لَا تَجِبُ الْيَمِينُ إلَّا بِالْخُلْطَةِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مِثْلَ أَنْ يَعْرِضَ رَجُلٌ سِلْعَةً فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ، فَيَأْتِي رَجُلٌ فَيَقُولُ قَدْ بِعْتهَا مِنِّي، فَمِثْلُ هَذَا تَجِبُ فِيهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خُلْطَةٌ وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْيَنُ عِنْدِي وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ، قَالَ لِأَنَّهُ عَرَضَهَا لِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ فَصَارَ تُهْمَةً تُوجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ لِلْأَثَرِ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 317 وَالْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا، وَالْمُسَافِرَ عَلَى رُفْقَتِهِ، وَدَعْوَى مَرِيضٍ أَوْ بَائِعٍ عَلَى حَاضِرِ الْمُزَايَدَةِ، فَإِنْ أَقَرَّ، فَلَهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] (وَ) إلَّا مَنْ ادَّعَى (الْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا) وَهُوَ مِمَّنْ يُودَعُ عِنْدَهُ مِثْلُهَا، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ: كَوْنُ الْمُدَّعِي يَمْلِكُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ، وَكَوْنُ الْمُودِعَ مِمَّنْ يُودَعُ مِثْلُ ذَلِكَ وَحُصُولُ أَمْرٍ يُوجِبُ الْإِيدَاعَ، وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ هَذِهِ الْقُيُودَ. " غ " الْخَامِسُ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ عَلَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لَأَنْ يُودَعَ عِنْدَهُ مِثْلُ هَذَا الْمَالِ. قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَيَّدَهُ أَصْبَغُ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ غَرِيبًا، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ يَمْلِكُ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يُودَعُ عِنْدَهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَا يُوجِبُ الْإِيدَاعَ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يَحْلِفُ فِيهَا إلَّا الْمُتَّهَمُ وَأَهْلُ الْوَدِيعَةِ لَيْسُوا بِمُتَّهَمِينَ. قُلْت لَا وُرُودَ لِهَذَا لِتَفْسِيرِهِمْ أَهْلَهَا بِمَا يَعُمُّ الْمُتَّهَمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إلَّا الشَّخْصَ (الْمُسَافِرَ) الْمُدَّعِيَ (عَلَى رُفْقَتِهِ) أَنَّهُ دَفَعَ لَهُمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ مَالًا وَدِيعَةً. " غ " السَّادِسُ، الْمُسَافِرُ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ مَالًا لِبَعْضِ أَهْلِ رُفْقَتِهِ (وَ) إلَّا (دَعْوَى) شَخْصٍ (مَرِيضٍ) أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ، كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ أَصْبَغُ. " غ " السَّابِعُ الرَّجُلُ يُوصِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ كَذَا. (أَوْ) دَعْوَى شَخْصٍ (بَائِعٍ) أَيْ مُعْرِضٍ سِلْعَةً لِبَيْعِهَا (عَلَى) شَخْصٍ (حَاضِرِ الْمُزَايَدَةِ) فِي ثَمَنِهَا مِنْ الَّذِينَ يُرِيدُونَ شِرَاءَهَا أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ " غ " الثَّامِنُ عَبَّرَ عَنْهُ الْمُتَيْطِيُّ بِقَوْلِهِ الرَّجُلُ يَحْضُرُ الْمُزَايَدَةَ فَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك بِكَذَا وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ بَلْ بِكَذَا وَكَذَا رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ بَعْضَ هَؤُلَاءِ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَالصَّانِعِ وَالْمُتَّهَمِ وَبَعْضُهُمْ مُدَّعٍ كَالضَّيْفِ وَالْمَرِيضِ، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ جَمِيعَهَا فِي الْحَمَالَةِ وَالرُّهُونِ إلَّا السِّلْعَةَ الْمُعَيَّنَةَ، فَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي النَّظَائِرِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ وَإِلَّا الْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا، فَلَمْ يَذْكُرْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْأَعَمِّ، وَذَكَرَهَا اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ. وَإِذَا أَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ (فَإِنْ أَقَرَّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي (فَلَهُ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 318 وَلِلْحَاكِمِ: تَنْبِيهُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ قَالَ: أَلَك بَيِّنَةٌ، فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَهُ، فَلَا بَيِّنَةَ؛ إلَّا بِعُذْرٍ: كَنِسْيَانٍ؛   [منح الجليل] أَيْ الْمُدَّعِي (الْإِشْهَادُ) لِلْعُدُولِ الْحَاضِرِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ خَوْفَ رُجُوعِهِ عَنْهُ وَإِنْكَارِهِ (وَلِلْحَاكِمِ تَنْبِيهُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى (عَلَيْهِ) أَيْ الْإِشْهَادِ إنْ غَفَلَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْخِصَامِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ وَتَحْصِينِ الْحَقِّ، وَلَيْسَ مِنْ تَلْقِينِ الْخَصْمِ حُجَّةً. " ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ حِينَ يَفْرُغُ الْمُدَّعِي مِنْ كَلَامِهِ ثُمَّ يَسْأَلُهُ أَيُقِرُّ أَمْ يُنْكِرُ، فَإِنْ أَقَرَّ قَالَ لِلطَّالِبِ اشْهَدْ عَلَى إقْرَارِهِ إنْ شِئْت لِئَلَّا يَرْجِعَ عَنْهُ. أَشْهَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يَشُدَّ عَضُدَ أَحَدِهِمَا إنْ رَأَى ضَعْفَهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَخَوْفَهُ مِنْهُ لِيَبْسُطَ أَمَلَهُ وَرَجَاءَهُ فِي الْعَدْلِ، وَيُلَقِّنَهُ حُجَّةً عَمِيَ عَنْهَا إنَّمَا يَمْنَعُ تَلْقِينَ أَحَدِهِمَا الْفُجُورَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشُدَّ عَضُدَ أَحَدِهِمَا وَلَا يُلَقِّنَهُ حُجَّةً، وَكَانَ سَحْنُونٌ إذَا سَمِعَ الدَّعَاوَى وَالْإِنْكَارَ أَمَرَ كَاتِبَهُ فَكَتَبَهُمَا ثُمَّ عَرَضَ مَا كَتَبَهُ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ وَافَقَا عَلَيْهِ أَقَرَّهُ وَلِأَصْبَغَ إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِمَا فِيهِ لِلْآخَرِ نَفْعٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنَبِّهَهُ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ هَذَا لَك فِيهِ نَفْعٌ هَاتِ قِرْطَاسَك أَكْتُبُ لَك فِيهِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ. (وَإِنْ أَنْكَرَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَالَ) الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي (أَلَك بَيِّنَةٌ) فَإِنْ قَالَ نَعَمْ أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا، فَإِنْ حَضَرَتْ سَمِعَ شَهَادَتَهَا فَإِنْ وَجَدَهَا مُوَافِقَةً لِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَعْذَرَ فِيهَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ قَبِلَ شَهَادَتَهَا حَكَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى حُجَّةً أَمْهَلَهُ لِإِثْبَاتِهَا، فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا حَكَمَ عَلَيْهِ. (وَإِنْ نَفَاهَا) أَيْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ بِأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي (وَاسْتَحْلَفَهُ) أَيْ طَلَبَ الْمُدَّعِي حَلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي وَأَرَادَ الْمُدَّعِي بَعْدَ حَلِفِهِ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِدَعْوَاهُ (فَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي مَقْبُولَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْأَشْهَرِ. وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تُقْبَلُ. وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُحَلِّفُ الْمَطْلُوبَ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي. وَاسْتَثْنَى مِنْ نَفْيِ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ فَقَالَ (إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ الطَّالِبِ فِي عَدَمِ إقَامَتِهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 319 أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا،   [منح الجليل] أَوَّلًا (كَنِسْيَانٍ) مِنْهُ لَهَا وَعَدَمُ تَقَدُّمِ عِلْمِهِ بِهَا ثُمَّ تَذَّكَّرهَا أَوْ عَلِمَ بِهَا فَتُقْبَلُ إنْ أَقَامَهَا وَشَهِدَتْ بِطِبْقِ دَعْوَاهُ. " ق " فِيهَا إنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ وَجَدَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا قَضَى لَهُ بِهَا. وَفِي الْوَاضِحَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيِّنَتِهِ تَارِكًا لَهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ فَلَا حَقَّ لَهُ، وَإِنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ. وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى بِهَا لِيَهُودِيٍّ، وَقَالَ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ. طفي قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ إلَخْ، فَلَهُ الْقِيَامُ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ وَجَدَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقَالَ الْأَخَوَانِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ لَا يَحْلِفُ مَعَهُ وَلَا يَقْضِي إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. (أَوْ وَجَدَ) الْمُدَّعِي شَاهِدًا (ثَانِيًا) كَانَ نَاسِيهِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ كَمَا فِي الْبَيِّنَةِ وَكَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، وَرُفِعَتْ عِنْدَ مَالِكِيٍّ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَهُ وَيُضَمِّنَهُ لِلْأَوَّلِ، وَيَعْمَلَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِانْفِرَادِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ اسْتِحْلَافُ الْحَاكِمِ مُبْطِلًا شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِإِبْطَالِهَا، وَإِنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهَا وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِمَا كَمَا فِي " د " قَالَهُ عب. الْبُنَانِيُّ تَقْرِيرُ " ز " هُنَا صَوَابٌ، وَأَصْلُهُ لِلشَّارِحِ وَبِهِ قَرَّرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وطلي وَغَيْرُهُمَا وَنَصُّ طفى لَا يَخْفَى نُبُوُّ تَقْرِيرِ تت عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ فَرْضَهُ فِيمَنْ حُجَّتُهُ وَاسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ فَحَلَفَ لَهُ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ، أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا يَعْنِي بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا تُقْبَلُ مِنْ الطَّالِبِ حُجَّةٌ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَهُ وَجْهٌ مِثْلِ بَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا، أَوْ يَكُونَ أَتَى بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ فَلْيَقْضِ بِهَذَا الْآخَرِ. عِيَاضٌ قِيلَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ وَغَيْرُهُ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا هَذَا لِلْقَاضِي نَفْسِهِ، وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ غَيْرُهُ وَلِسَحْنُونٍ خِلَافُ هَذَا كُلِّهِ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ فَوَجْهُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ اسْتَدَلَّ مِنْهُ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ تَعْجِيزُ الْمُدَّعِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 320 أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ   [منح الجليل] وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ يَعْنِي عِيَاضًا لَا دَلِيلَ فِيهِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ فَحَكَمَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْيَمِينِ عَلَى إنْكَارِهِ الدَّعْوَى. وَفِي قَوْلِهِ هَذَا إنْ تَرَكَ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ لَا يَضُرُّهُ إذَا أَصَابَ شَاهِدًا آخَرَ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا كَمَا اُخْتُلِفَ إذَا أَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَامَ لَهُ شَاهِدٌ آخَرُ لِأَنَّ هَذَا قَدْ تَرَكَهُ، وَالْأَوَّلُ لَمْ يَتْرُكْهُ اهـ كَلَامُ عِيَاضٍ وَهَكَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لتت عَلَى مُخَالَفَتِهِ، وَأَيْضًا تَقْرِيرُهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ (أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ) فَقَدْ أَغْفُلهُ الشَّارِحُ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِهِ أَنَّهُ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا صُورَةً وَاحِدَةً، لَكِنَّ عَطْفَهُ بِأَوْ يُنَافِي ذَلِكَ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أَشَارَ بِهَا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ. ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ لَا يَحْكُمُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ وَلِيَ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ حُكْمُ الثَّانِي فَسْخًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ، يُرِيدُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ بَابِ التَّرْكِ. اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَكَأَنَّ " غ " لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَلَامَ ابْنِ الْمَوَّازِ هَذَا فَقَالَ لَمْ أَفْهَمْ آخِرَ هَذَا التَّرْكِيبِ عَلَى مَا أُحِبُّ، فَلَعَلَّ الْكَاتِبَ غَيَّرَ فِيهِ شَيْئًا يَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَكَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ عَلَيْهَا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا تَغْيِيرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَحُكْمُ قِيَاسِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ فِيمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ حُكْمُ مَنْ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الضَّمِّ، فَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا. وَأَمَّا تَقْرِيرُ تت قَوْلَهُ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ، فَفِيهِ تَخْلِيطٌ لَا يَشْتَغِلُ بِهِ مُحَصِّلٌ لِأَنَّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ الَّذِي قُرِّرَ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي ضَمِّ الشَّاهِدِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَيْضًا كَيْفَ يَلْتَئِمُ مَا حَكَاهُ عَنْ مُحَمَّدٍ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلَ، فَأَعْجَبُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ. وَأَمَّا تَقْرِيرُ عج وَمَنْ مَعَهُ قَوْلُهُ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ بِمَا إذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْقَاضِي لِلْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْيَمِينِ فَلَهُ الْحُكْمُ فَيَنْبُو عَنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، إذْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَقَالَ أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ أَوْ لَا إلَّا أَنْ يُقْرَأَ الْأَوَّلُ بِالنَّصْبِ، أَيْ لَمْ يَرَهُ الزَّمَنَ الْأَوَّلَ، وَفِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ مَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ أَغْنَانَا عَنْهُ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ مُطَابِقًا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الْبُنَانِيُّ فَرْعُ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُطَابِقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَلِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ قَالَ مَا نَصُّهُ رَأَيْت فِي شَرْحِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ فَرْعَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِحَلِفِ الْمَطْلُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ صَرِيحٌ فِي تَرْكِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا. اهـ. يَعْنِي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ ذَكَرَهُ بَعْدُ وَاسْتَحْلَفَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ بَيْنَهُمَا، فَانْظُرْ مَا يَشْهَدُ لَهُ لِاقْتِضَائِهِ فَسْخَ الْحُكْمِ وَبِهِ يَبْطُلُ تَوَرُّكُ طفي عَلَى " غ ". قُلْت قَوْلُ مُحَمَّدٍ لَيْسَ حُكْمُ الثَّانِي فَسْخًا لِحُكْمِ الْأَوَّلِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ إتْيَانَهُ بِالشَّاهِدِ بَعْدَ حُكْمِ الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ لَا يَحْكُمُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَكَلَامُهُ مُطَابِقٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَيْضًا فَقَدْ نَقَلَ " ق " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُطَابِقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَنَصُّهُ قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَجْهُ الْحُكْمِ فِي الْقَضَاءِ إذَا أَدْلَى الْخَصْمَانِ بِحُجَّتَيْهِمَا فَفَهِمَ الْقَاضِي عَنْهُمَا وَأَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا أَنْ يَقُولَ لَهُمَا أَبْقَيْت لَكُمَا حُجَّةً، فَإِنْ قَالَا لَا حُكْمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمَا حُجَّةً بَعْدَ إنْفَاذِ حُكْمِهِ. وَلَوْ قَالَ بَقِيَتْ لِي حُجَّةٌ أَمْهَلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ حَكَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَتَيَا بَعْدَ ذَلِكَ يُرِيدَانِ نَقْضَ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَا بِأَمْرٍ يَرَى فِيهِ أَنَّ لِذَلِكَ وَجْهًا. ابْنُ الْقَاسِمِ مِثْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقْضِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَقَالَ الْخَصْمُ لَا أَعْلَمُ شَاهِدًا آخَرَ فَحَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ثُمَّ وَجَدَ شَاهِدًا آخَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلْيَقْضِ بِهَذَا الْآخَرِ، وَمِثْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ اهـ. وَنَقَلَهُ " غ " أَيْضًا وَأَعْقَبَهُ بِقَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ ضَمُّ ابْنُ الْقَاسِمِ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الَّذِي قَامَ بِهِ الْآنَ إلَى شَهَادَةِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُخْتَلَفُ فِيهِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَكُونُ مُسْقِطًا لَهُ بِنُكُولِهِ وَرَدِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 322 وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا؛ قَالَ: وَكَذَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ؛   [منح الجليل] الْيَمِينِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَهُوَ كَمَنْ قَامَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ فَحَلَفَ عَلَى تَكْذِيبِهِ، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ آخَرُ بِهِ فَإِنَّهُ يَضُمُّ لِلشَّاهِدِ الْأَوَّلِ، وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إسْقَاطَ الْحَقِّ فِيهِ لَوْ كَانَ مُمَكَّنًا مِنْ الْيَمِينِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْقَاطُ الْحَقِّ فِيهِ لَمْ يَكُنْ عَجْزُهُ عَنْ شَاهِدٍ آخَرَ مَانِعًا لَهُ مِنْ الْقِيَامِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَتَرَكَهُ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ قَامَ بِهِ غَيْرُهُ. وَأَمَّا الَّذِي أَقَامَ شَاهِدًا لِحَقٍّ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدٍ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ فَإِنَّمَا قِيلَ لَا تُلَفَّقُ شَهَادَةُ هَذَا إلَى شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِهِ وَتَرَكَ لِلْقِيَامِ بِشَهَادَتِهِ، ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ لَهُ بِيَمِينِهِ مَعَ شَهَادَةِ هَذَا الشَّاهِدِ الْآخَرِ أَمْ لَا. اهـ. مُرَادُنَا مِنْهُ وَبِهِ يَتَّضِحُ لَك الْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ، وَفِي حَلِفِهِ مَعَهُ وَتَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ قَوْلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَاسْتَحْلَفَهُ الْمُدَّعِي فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَيْت عَلَيَّ بِهَذَا وَحَلَّفْتنِي فِيهِ سَابِقًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي فَ (لَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (يَمِينُهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَمْ يُحَلِّفْهُ) أَيْ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ فِي الْمَاضِي فِي هَذِهِ الدَّعْوَى. الْمَازِرِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَالْفُتْيَا عِنْدَنَا وَلِلْمُدَّعِي رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَّفَهُ أَوَّلًا عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى، ثُمَّ لَا يَحْلِفُ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى. (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (وَكَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ حَلَّفْتنِي أَوَّلًا فِي إيجَابِهِ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي قَوْلُهُ عَلِمْت (أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَيَّ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي عِلْمَهُ بِفِسْقِهِمْ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فِسْقَهُمْ. " ق " وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُدَّعِي إذَا طَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ قَدْ كُنْت اسْتَحْلَفْتنِي فَاحْلِفْ لِي عَلَى أَنَّك لَمْ تُحَلِّفْنِي فَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ أَوْجَبَ أَنْ يَحْلِفَ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عُدُولٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ تَفْسِيقَهُمْ وَلَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّك عَالِمٌ بِفِسْقِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 323 وَأَعْذَرَ إلَيْهِ: بِأَبْقَيْت لَك حُجَّةٌ؟ وَنُدِبَ تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ فِيهِ، إلَّا الشَّاهِدَ بِمَا فِي الْمَجْلِسِ،   [منح الجليل] شُهُودِك، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ احْلِفْ لِي عَلَى أَنَّك لَمْ تَسْتَحْلِفْنِي عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى فِيمَا مَضَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا ثَانِيَةً حَتَّى يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ فِيمَا مَضَى، وَبِهَذَا مَضَى الْقَضَاءُ وَالْفُتْيَا عِنْدَنَا أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُدَّعِي يَمِينٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا اسْتَحْلَفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ أَنَّهُ قَدْ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ لَا يُحَلِّفُهُ مَرَّةً أُخْرَى. تت ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِي كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ خِلَافًا، وَاخْتَارَ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تَنْبَغِي صِيغَةُ الْفِعْلِ هُنَا. (وَأَعْذَرَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ سَأَلَ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ عَنْ عُذْرِهِ وَحُجَّتِهِ فِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ حُكْمِهِ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْإِعْذَارُ سُؤَالُ الْحَاكِمِ مَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ مُوجِبُ الْحُكْمِ هَلْ لَهُ مَا يُسْقِطُهُ أَعْذَارًا مُصَوِّرًا (بِ) قَوْلِهِ لَهُ (أَبَقِيَتْ) بِفَتْحِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَوْقِيَّةِ (لَك حُجَّةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ، أَيْ عُذْرٌ فِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْك. الْمُتَيْطِيُّ لَا يُنْفِذُ الْقَاضِي حُكْمَهُ عَلَى أَحَدٍ حَتَّى يَعْذُرَ إلَيْهِ بِرَجُلَيْنِ وَإِنْ أَعْذَرَ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ عَلَى مَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُنَيْسٍ، إذْ قَالَ لَهُ اُغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا. الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ الْإِعْذَارِ إلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، فَقِيلَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ، وَقِيلَ بَعْدَ الْحُكْمِ ذَكَرَهُ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ. وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ زَرْبٍ وَلَا تَتِمُّ قَضِيَّةُ الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ. اهـ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَوْجِيهُ مُتَعَدِّدٍ) أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (فِيهِ) أَيْ الْإِعْذَارِ لِغَائِبٍ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ كَمُخَدَّرَةٍ وَمَرِيضٍ. تت عَبَّرَ الْمُتَيْطِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ عَنْ ذَلِكَ بِيَنْبَغِي، قَالَا وَإِنْ أَعْذَرَ إلَيْهِ بِوَاحِدٍ أَجْزَأَهُ، وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ يُعْذَرُ فِيهِ خَمْسَةً لَا إعْذَارَ فِيهِمْ فَقَالَ (إلَّا الشَّاهِدَ بِمَا) حَصَلَ (فِي الْمَجْلِسِ) لِلْقَضَاءِ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 324 وَمُوَجِّهَهُ، وَمُزَكَّى السِّرِّ، وَالْمُبَرِّزَ بِغَيْرِ عَدَاوَةٍ وَمَنْ يُخْشَى مِنْهُ   [منح الجليل] لِمُشَارَكَةِ الْقَاضِي لَهُ فِي الْعِلْمِ، فَلَوْ أَعْذَرَ فِيهِ لَا عُذْرَ فِي نَفْسِهِ وَبِهِ مَضَى أَهْلُ الْعَمَلِ. ابْنُ سَهْلٍ مَا حَصَلَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ الْإِقْرَارِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا إعْذَارَ فِي الشَّاهِدِ بِهِ، وَقَدْ أَسْقَطَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْإِعْذَارَ فِيمَنْ عَدَلَ عِنْدَ الْقَاضِي فَكَيْفَ بِهِ فِيمَنْ عَدَلَ عِنْدَهُ، وَشَهِدَ عِنْدَهُ بِمَا سَمِعَهُ فِي مَجْلِسِهِ. (وَ) إلَّا (مُوَجَّهَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلًا، أَيْ الشَّاهِدَ الَّذِي وَجَّهَهُ وَأَرْسَلَهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِ دَعْوًى أَوْ جَوَابِ مُخَدَّرَةٍ أَوْ مَرِيضٍ أَوْ حِيَازَةِ عَقَارٍ. الْمُتَيْطِيُّ أَبُو إبْرَاهِيمَ لَا إعْذَارَ فِيمَنْ أَعْذَرَ بِهِ إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مِنْ امْرَأَةٍ لَا تَخْرُجُ أَوْ مَرِيضٍ، كَذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ سَأَلْت ابْنَ عَتَّابٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا إعْذَارَ فِيمَنْ وَجَّهَ لِلْإِعْذَارِ (وَ) إلَّا (مُزَكَّى) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْكَافِ مُثَقَّلَةً، أَيْ الشَّاهِدَ الَّذِي زَكَّاهُ عِنْدَ الْقَاضِي الْعُدُولُ فِي (السِّرِّ) فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ. وَتَقْرِيرُ الْبِسَاطِيِّ يُفِيدُ أَنَّهُ بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ الْعَدْلَ الَّذِي اتَّخَذَهُ الْقَاضِي لِلتَّزْكِيَةِ فِي لِلسِّرِّ. ابْنُ رُشْدٍ تَعْدِيلُ السِّرِّ يَفْتَرِقُ مِنْ تَعْدِيلِ الْعَلَانِيَةِ فِي أَنَّهُ لَا إعْذَارَ فِيهِ. فِي الْخَرَشِيِّ وعب أَنَّ كَسْرَ الْكَافِ أَوْلَى مِنْ فَتْحِهَا لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْكَسْرِ عَدَمُ الْإِعْذَارِ فِي مُزَكَّاهُ، بِخِلَافِ الْفَتْحِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْإِعْذَارِ فِي الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ. الْمِسْنَاوِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ الْعَكْسُ فَالْفَتْحُ أَوْلَى لِأَنَّ عَدَالَةَ الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ هِيَ بِعِلْمِ الْقَاضِي وَعَدَالَةَ مُزَكَّاهُ بِالْفَتْحِ هِيَ بِعِلْمِ الْمُزَكِّي لَا بِعِلْمِ الْقَاضِي، فَعَدَالَةُ الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ أَقْوَى، فَإِذَا لَمْ يُعْذَرْ فِي الْأَضْعَفِ فَلَا يُعْذَرُ فِي الْأَقْوَى بِالْأَوْلَى. (وَ) إلَّا الشَّاهِدَ (الْمُبَرِّزَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ الزَّائِدَ عَلَى أَقْرَانِهِ فِي الْعَدَالَةِ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ (بِغَيْرِ عَدَاوَةٍ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَرَابَةٍ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، وَمَفْهُومُهُ الْإِعْذَارُ فِي الْمُبَرِّزِ بِالْعَدَاوَةِ وَالْعَرَابَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ يُسْمَعُ الْجُرْحُ فِي الْمُتَوَسِّطِ فِي الْعَدَالَةِ مُطْلَقًا. وَفِي الْمُبَرِّزِ تَجْرِيحُ الْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ وَشَبَهِهِمَا (وَ) إلَّا الشَّاهِدَ عَلَى (مَنْ) أَيْ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ (يُخْشَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (مِنْهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ضَرَرٌ لِلشَّاهِدِ عَلَيْهِ فَلَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 325 وَأَنْظَرَهُ لَهَا بِاجْتِهَادِهِ،   [منح الجليل] وَلَا يَذْكُرُ لَهُ اسْمَهُ. قَالَ الْقَاضِي ابْنُ بَشِيرٍ لَمَّا سَأَلَهُ الْوَزِيرُ عَمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ مِثْلُك لَا يُخْبِرُ بِذَلِكَ. اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ كَوْنُ التَّجْرِيحِ سِرًّا إلَّا إنْ كَانَ الشَّاهِدُ أَوْ الْمَشْهُودُ لَهُ مِمَّنْ يُتَّقَى شَرُّهُ. طفي لَمَّا تَكَلَّمَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا إعْذَارَ فِيهَا قَالَ وَتُزَادُ سَادِسَةٌ، نُقِلَتْ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ الْقَاضِي وَذَكَرَ حِكَايَتَهُ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُخْبِرُهُ بِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَبِالشَّهَادَةِ فَلَعَلَّ عِنْدَهُ حُجَّةٌ وَإِلَّا حَكَمَ عَلَيْهِ. اهـ. فَقَدْ اعْتَرَفَ كَمَا تَرَى أَنَّ قَضِيَّةَ ابْنِ بَشِيرٍ الْقَاضِي خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهَا جَمْعًا لِلنَّظَائِرِ فَقَطْ، فَالدَّرَكُ عَلَيْهِ حَيْثُ اعْتَمَدَ فِي مُخْتَصَرِهِ الَّذِي جَعَلَهُ مُبَيِّنًا لِمَا بِهِ الْفَتْوَى خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَابْنُ بَشِيرٍ الْقَاضِي أَدْرَكَ مَالِكًا فَلَيْسَ هُوَ ابْنَ بَشِيرٍ تِلْمِيذَ الْمَازِرِيِّ. الْبُنَانِيُّ وَلَفْظُ ابْنِ يُونُسَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا لِابْنِ بَشِيرٍ، وَنَصُّهُ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَا يَشْهَدُ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي سِرًّا وَإِنْ خَافُوا مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُمْ، إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَهُ الْقَاضِي بِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَيَعْذُرَ إلَيْهِ فِيهِ. قَالَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي بَعَثَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْهُمْ سِرًّا يُعْذَرُ فِيمَنْ عَدَّلَهُمْ. (وَ) إذَا قَالَ الْقَاضِي لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ (أَنْظَرَهُ) أَيْ أَمْهَلَ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ (لَهَا) أَيْ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ الَّتِي ادَّعَاهَا وَضَرَبَ لَهُ أَجَلًا (بِاجْتِهَادِهِ) مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ لَدَدُهُ. تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّلَوُّمَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ، وَاَلَّذِي فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ ثَمَانِيَةً ثُمَّ ثَلَاثَةً تَلَوُّمًا، هَذَا فِي الْأَمْوَالِ، وَفِي غَيْرِهَا ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ ثَلَاثَةٌ. اهـ. وَفِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ فِي الْأُصُولِ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَفِي الدُّيُونِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَفِي الْبَيِّنَاتِ وَحَلِّ الْعُقُودِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَفِي غَيْرِ الْأُصُولِ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ سِتَّةٌ ثُمَّ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ ثَلَاثَةٌ فَهِيَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَلِلْقَاضِي جَمْعُهَا وَتَفْرِيقُهَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ. طفي عِبَارَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي وَثَائِقِهِ وَفِي إثْبَاتِ الدُّيُونِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا، وَفِي الْإِعْذَارِ فِي الْبَيِّنَاتِ وَحَلِّ الْعُقُودِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، وَلِلْقَاضِي جَمْعُهَا وَبِتَفْرِيقِهَا جَرَى الْعَمَلُ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 326 ثُمَّ حَكَمَ: كَنَفَيْهَا، وَلْيُجِبْ عَنْ الْمُجَرِّحِ، وَيُعَجِّزُهُ   [منح الجليل] ثُمَّ حَكَمَ) أَيْ يَحْكُمُ الْقَاضِي بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ وَلَمْ يُثْبِتْ الْحُجَّةَ الَّتِي ادَّعَاهَا بِمَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمِ فَقَالَ (كَنَفَيْهَا) أَيْ لِلْحُجَّةِ بِأَنْ قَالَ فِي جَوَابِ قَوْلِ الْقَاضِي لَهُ أَبَقِيَتْ لَك حُجَّةٌ لَا حُجَّةَ لِي فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ بِلَا إنْظَارٍ. ابْنُ رُشْدٍ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ بَيِّنَتِهِ مَصْرُوفٌ لِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ لَهُ. (وَ) إنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً وَأَعْذَرَ فِيهَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ تُجَرِّحُهَا وَسُئِلَ الْقَاضِي عَمَّنْ جَرَّحَهَا فَ (لْيُجِبْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ، الْقَاضِي مَنْ سَأَلَهُ عَمَّنْ جَرَّحَ بَيِّنَتَهُ، وَصِلَةُ يُجِبْ (عَنْ الْمُجَرِّحِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً. اللَّخْمِيُّ يُسْتَحَبُّ كَوْنُ التَّجْرِيحِ سِرًّا لِأَنَّ فِي إعْلَانِهِ أَذًى لِلشَّاهِدِ، وَمِنْ حَقِّ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَعْلَمَا بِالْمُجَرِّحِ، إذْ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَرَابَةٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَمْنَعُ التَّجْرِيحَ، وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ لَهُ مِمَّنْ يُتَّقَى شَرُّهُ (وَيُعَجِّزُهُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً، أَيْ الْقَاضِي الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يُثْبِتْ حُجَّتَهُ. طفي أَيْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ فَلَيْسَ التَّعْجِيزُ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ، فَلَا يُشْتَرَطُ تَلَفُّظُهُ بِمَادَّةِ التَّعْجِيزِ، وَإِنَّمَا يَكْتُبُ التَّعْجِيزَ لِمَنْ يَسْأَلُ تَأْكِيدًا لِلْحُكْمِ، لَا لِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، فَفِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ انْتَظَرَهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَدَدُهُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ أَنَّ لَهُ حُجَّةً وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ يَقْضِي الْقَاضِي عَلَيْهِ هُوَ التَّعْجِيزُ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ عَلَى تَعْجِيزِ الطَّالِبِ، وَجَوَابُهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَدْ عَزَا ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَتَى بِهَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ قَائِلًا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، وَهُوَ الَّذِي عَنَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِي فَصْلِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ، وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إلَخْ. وَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تُصَرِّحْ بِعُنْوَانِ التَّعْجِيزِ كَمَا عَلِمْت نَصَّهَا آنِفًا مِنْ قَوْلِهَا حَكَمَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يُقْبَلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ حُجَّةٌ إلَخْ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مُجَرَّدَ الْحُكْمِ هُوَ التَّعْجِيزُ، وَقَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 327 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْجَزِيرِيِّ فِي وَثَائِقِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ قَدْ قَضَى عَلَى الْقَائِمِ بِإِسْقَاطِ دَعْوَاهُ حِينَ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَتَهُ مِنْ غَيْرِ صُدُورِ تَعْجِيزٍ، ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَتَهُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّعْجِيزَ غَيْرُ الْقَضَاءِ، وَأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ قَضَى عَلَيْهِ قَبْلَ إثْبَاتِ عَجْزِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ صُدُورِ تَعْجِيزٍ إذَا تَمَهَّدَ هَذَا فَقَوْلُهُ إلَّا فِي دَمٍ إلَخْ، لَا يَأْتِي عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ إلَخْ مِنْ قَبُولِ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ نِسْيَانٍ وَعَدَمِ عِلْمٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، وَأَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُمَا فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالتَّعْجِيزِ هَلْ تُقْبَلُ مِنْهُ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَا تُقْبَلُ مِنْهُ كَانَ الطَّالِبَ أَوْ الْمَطْلُوبَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ، وَإِذَا قَالَهُ فِي الطَّالِبِ فَأَحْرَى أَنْ يَقُولَهُ فِي الْمَطْلُوبِ. الثَّانِي: قَبُولُهَا مِنْهُ كَانَ الطَّالِبَ أَوْ الْمَطْلُوبَ إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ. الثَّالِثُ: تُقْبَلُ مِنْ الطَّالِبِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَالَهُ فِي الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبُ بِخِلَافِهِ، إذْ الْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ وَقَضَى عَلَيْهِ مَضَى الْحُكْمُ وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ إذَا عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ، أَمَّا إذَا عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْإِعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي حُجَّةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ. وَسَمَاعُ أَصْبَغَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ هُوَ قَوْلُهُ سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ ادَّعَى عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ أَنْكَرَتْهُ بِبَيِّنَةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا يَنْتَظِرُ إلَّا فِي بَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالْمَرْأَةِ، وَيَرَى الْإِمَامُ لِمَا ادَّعَاهُ وَجْهًا، فَإِنْ عَجَّزَهُ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ عَلَيْهِ نُكِحَتْ الْمَرْأَةُ أَمْ لَا ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَتُهُ بَعْدَ التَّعْجِيزِ خِلَافُ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 328 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الصَّدَقَاتِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ. اهـ. وَسَمَاعُ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ. سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ وَرَثَةٍ قَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَادَّعَى صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ أَبِيهِمْ فَسُئِلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحَوْزِ فَأَتَى بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَأَوْقَفَ الْقَاضِي لَهُ صَدَقَتَهُ زَمَنًا حَتَّى يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ، ثُمَّ أَمَرَ الْقَاضِي بِقَسْمِهَا عَلَى الْوَرَثَةِ وَكَانَتْ رَقِيقًا وَمَنَازِلَ وَأَرْضًا فَقُسِمَتْ وَاُتُّخِذَتْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَأُعْتِقَ مَا أُعْتِقَ وَغُرِسَتْ الْأَرْضُ شَجَرًا، ثُمَّ ظَفِرَ مُدَّعِي الصَّدَقَةِ بِشَاهِدٍ آخَرَ كَانَ صَبِيًّا فَبَلَغَ أَوْ غَائِبًا فَقَدِمَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا مَا اُتُّخِذَتْ مِنْهَا أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ وَمَا أُعْتِقَ مِنْهُمْ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِمْ وَيَتْبَعُ الْوَرَثَةَ بِالثَّمَنِ، وَأَمَّا مَا لَمْ يُحْمَلْ وَلَمْ يُعْتَقْ فَيَأْخُذُهُ وَأَطَالَ فِي تَفْصِيلِ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِالشَّاهِدِ الَّذِي أَتَى بِهِ مَعَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ قَدْ عَجَّزَهُ وَقَضَى بِقِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَقَسَمَ وَفَوَّتَ خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَمِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ، وَسَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ إذَا قَضَى الْقَاضِي لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ وَسَجَّلَ لَهُ وَأَشْهَدَ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِتَجْرِيحِ بَعْضِ مَنْ حَكَمَ بِهِ قُبِلَ مِنْهُ إنْ رَأَى لَهُ وَجْهًا، كَقَوْلِهِ جَهِلْت سُوءَ حَالِهِمْ حَتَّى ذُكِرَ لِي وَظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُلِدٍّ وَمَنْ وَلِيَ بَعْدَ الْقَاضِي مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِيحِ بَعْدَ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ وَجْهٌ كَقَوْلِهَا، فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ الْأَسْمِعَةِ وَغَيْرِهَا مَا قُلْنَاهُ إنَّ التَّلَفُّظَ بِالتَّعْجِيزِ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ، وَأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ لِلْقِيَامِ بَعْدَهُ لِلطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَهُوَ مَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ. وَفِي تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ، إذْ الْقَبُولُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ، وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ تَزْكِيَةِ بَيِّنَتِهِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 329 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَعْجِيزَهُ لِئَلَّا يَقُومَ عَلَيْهِ بِهَا مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ مُطَرِّفٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَاخْتُلِفَ إذَا أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِمَنْ يُزَكِّيهَا أَوْ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ، فَأَصْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا تُقْبَلُ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ اهـ. وَإِنَّمَا أَطَلْنَا بِذِكْرِ النُّقُولِ الْمُتَدَاخِلَةِ إيضَاحًا لِلْحَقِّ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ شَفَى الْغَلِيلَ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ شُرَّاحِهِ مَعَ وُقُوعِ الِاضْطِرَابِ فِي كَلَامِهِ مِنْ جَرْيِهِ مَرَّةً عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَرَّةً عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي فَصْلِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. عب يُعَجِّزُهُ أَيْ يَحْكُمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَيَكْتُبُ ذَلِكَ فِي سِجِلٍّ بِأَنْ يَقُولَ ادَّعَى فُلَانٌ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَلَمْ يَأْتِ بِهَا وَقَدْ عَجَّزْته كَمَا يَأْتِي خَوْفًا مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَدَمَ التَّعْجِيزِ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْ قَالَ بِالْقَبُولِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيزِ الْحُكْمَ بَعْدَ تَبَيُّنِ اللَّدَدِ لِأَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى حُجَّتِهِ، فَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ ثُمَّ إذَا عَجَّزَهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَلَهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا أَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهَا وَحَلَفَ عَلَيْهِ إنْ عَجَّزَهُ مَعَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا مَعَ ادِّعَائِهِ حُجَّةً فَلَا يُقِيمُهَا وَلَوْ مَعَ ادِّعَاءِ نِسْيَانِهَا وَحَلِفِهِ عَلَيْهِ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ " ز " مِنْ أَنَّ التَّعْجِيزَ هُوَ الْحُكْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَتِهِ الَّتِي يَأْتِي بِهَا وَأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الْحُكْمِ بِالْحَقِّ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّعْجِيزِ مُجَرَّدُ الْحُكْمِ لَمْ يَفْتَرِقْ الدَّمُ وَمَا مَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَيُعَجِّزُهُ عَلَى صُورَةِ الِاتِّفَاقِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهِيَ إذَا عَجَّزَهُ مُدَّعِيًا أَنَّ لَهُ حُجَّةً وَعَلَيْهَا يَتَنَزَّلُ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهَذَا يَسْلَمُ مِنْ الِاضْطِرَابِ الَّذِي ادَّعَاهُ طفي، وَيَسْقُطُ بِهِ أَيْضًا قَوْلُ اللَّقَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَيُعَجِّزُهُ إلَّا فِي دَمٍ إلَخْ، هَذَا مُوَافِقٌ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ. اهـ. نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ، وَقَالَ بَعْدَهُ التَّقْرِيرُ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 330 إلَّا فِي دَمٍ وَحَبْسٍ وَعِتْقٍ وَنَسَبٍ،   [منح الجليل] وَاسْتَثْنَى مِمَّا يُعَجِّزُ فِيهِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ خَمْسَ مَسَائِلَ لَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعْجِيزُ فِيهَا، وَضَابِطُهَا كُلُّ حَقٍّ لَيْسَ لِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتَةِ فَقَالَ (إلَّا فِي) شَأْنِ (دَمٍ) أَيْ قَتْلٍ إثْبَاتًا كَادِّعَاءِ شَخْصٍ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ عَمْدًا عُدْوَانًا وَأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَأَنْظَرَهُ الْقَاضِي لِإِحْضَارِهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَعْجِيزُهُ، فَمَتَى أَقَامَ بَيِّنَتَهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا أَوْ نَفْيًا كَادِّعَاءِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تُجَرِّحُ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِهِ فَأَنْظَرَهُ الْقَاضِي لِإِتْيَانِهِ بِهَا وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ فَلَا يُعَجِّزُهُ الْقَاضِي، فَمَتَى أَتَى بِالْبَيِّنَةِ الْمُجَرِّحَةِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا لِعِظَمِ الْقَتْلِ أَفَادَهُ عب، وَكَتَبَ عَلَى حَاشِيَتِهِ مَعْزُوًّا لَهُ مَا نَصُّهُ قَالَ عب هَذَا الضَّابِطُ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الدَّمِ، وَأَمَّا الدَّمُ فَلِلْوَلِيِّ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَتْلِ الْغِيلَةِ، إذْ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إسْقَاطُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى اهـ. طفي هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ إنَّمَا هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ، وَفِيهِ تَظْهَرُ فَائِدَةُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ. أَمَّا الْمَطْلُوبُ فَيُعَجَّزُ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إثْبَاتًا إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ صُورَةَ الْإِثْبَاتِ لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا الضَّابِطُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ الْقِصَاصَ إذَا ثَبَتَ فَلِمُدَّعِيهِ إسْقَاطُهُ، وَاَلَّذِي صَوَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ إذَا أَرَادَ تَجْرِيحَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ فَعَجَزَ فَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِهِ، ثُمَّ وَجَدَ مَنْ يُجَرِّحُ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِهِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَلَا يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِهِ لِخَطَرِ الدَّمِ، وَهَذَا يُعَكِّرُ عَلَى مَا قَالَهُ طفي، فَإِنْ اقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ أَقَامَ وَارِثُهُ بَيِّنَةَ التَّجْرِيحِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ. (وَ) إلَّا فِي دَعْوَى (حُبُسٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ تَحْبِيسِ شَيْءٍ، وَذَكَرَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِهِ وَأَمْهَلَهُ الْقَاضِي لِإِتْيَانِهِ بِهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَلَا يُعَجِّزُهُ، فَمَتَى أَتَى بِهَا عَمِلَ بِهَا. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْحَبْسُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا سَبِيلَ إلَى تَعْجِيزِ الطَّالِبِ لِحَقِّ الْغَائِبِ لَا مَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ فِي الْحَبْسِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا اُنْظُرْ ابْنَ مَرْزُوقٍ (وَ) إلَّا فِي دَعْوَى (عِتْقٍ) بِبَيِّنَةٍ فَأَنْظَرَ الْمُدَّعِيَ لَهَا فَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَلَا يُعَجَّزُ، فَمَتَى أَتَى بِهَا فَتُسْمَعُ وَيُعْمَلُ بِهَا (وَ) إلَّا فِي دَعْوَى (نَسَبٍ) لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَلَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 331 وَطَلَاقٍ وَكَتَبَهُ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ: حُبِسَ، وَأُدِّبَ، ثُمَّ حَكَمَ بِلَا يَمِينٍ.   [منح الجليل] يُعَجَّزُ فَمَتَى أَقَامَهَا حُكِمَ بِهَا (وَ) إلَّا فِي دَعْوَى (طَلَاقٍ) بِبَيِّنَةٍ وَعَجَزَ عَنْ إقَامَتِهَا فَلَا يُعَجَّزُ، فَمَتَى أَتَى بِهَا قُضِيَ بِهَا. ابْنُ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَيُشْبِهُ الْحَبْسُ الطَّرِيقَ الْعَامَّ نَفْعُهَا لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُعَجَّزُ مُدَّعِيهَا. وَنَصُّ ابْنُ سَهْلٍ وَمِمَّا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ وَالنَّسَبَ وَالْإِعْتَاقَ الْحَبْسُ وَطَرِيقُ الْعَامَّةِ وَشَبَهُهَا مِنْ مَنَافِعِهِمْ لَيْسَ عَجْزُ طَالِبِهِ وَالْقَائِمِ عَنْهُمْ فِيهِ يُوجِبُ مَنْعَهُ أَوْ مَنْعَ غَيْرِهِ مِنْ النَّظَرِ لَهُ إنْ أَتَى بِوَجْهٍ. الْجَزِيرِيُّ إنْ انْصَرَمَتْ الْآجَالُ وَعَجَزَ الطَّالِبُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي، وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ وَيَصِحُّ التَّعْجِيزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُدَّعَى فِيهِ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الدِّمَاءِ وَالْأَحْبَاسِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ، وَفِيهِ خِلَافٌ، فَإِنْ قَامَتْ لِلْمُعَجِّزِ بَيِّنَةٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا حَلَفَ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا. وَقِيلَ لَا يُقْضَى لَهُ بِهَا وَبِهِ الْعَمَلُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قُضِيَ عَلَى الْقَائِمِ بِإِسْقَاطِ دَعْوَاهُ حِينَ لَمْ يَجِدْ بَيِّنَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَعْجِيزِهِ ثُمَّ وَجَدَ بَيِّنَتَهُ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَيَجِبُ الْقَضَاءُ لَهُ بِهَا. (وَكَتَبَهُ) أَيْ الْقَاضِي التَّعْجِيزَ الْمَفْهُومُ مَنْ يُعَجِّزُهُ فِي الْمُفِيدِ حَقٌّ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَكْتُبَ التَّعْجِيزَ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا يَنْظُرُ هُوَ وَلَا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ إنْ جَاءَ بَيِّنَةٌ تُثْبِتُ مَا عَجَزَ عَنْهُ إلَّا فِي الْعِتْقِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَالْحَبْسِ وَالدَّمِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (وَإِنْ لَمْ يُجِبْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ بِأَنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أُجِيبُ وَلَا أُخَاصِمُ (حُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُجِيبَ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ رَوَاهُ أَشْهَبُ. ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُدَّعِي (وَ) إنْ تَمَادَى عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ (أُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِالضَّرْبِ حَتَّى يُجِيبَ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ، وَبِهِ أَفْتَى فُقَهَاءُ قُرْطُبَةَ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْجَوَابِ (حَكَمَ) الْقَاضِي عَلَيْهِ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ لِعَدَمِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْجَوَابِ إقْرَارًا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي. اللَّخْمِيُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 332 وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ، وَقُبِلَ نِسْيَانُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبٌ الْمُعَامَلَةَ، فَالْبَيِّنَةُ، ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ، بِخِلَافِ: لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ   [منح الجليل] اُخْتُلِفَ إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ دَعْوًى فَلَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ دَارٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا لِأَبِيهِ أَوْ لِجَدِّهِ فَسُئِلَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. مُحَمَّدٌ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَيُقِرُّ أَوْ يُنْكِرُ حَكَمْت عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِلَا يَمِينٍ. (وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهَا وَلَمْ يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَ (لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ) الَّذِي تَرَتَّبَتْ بِهِ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ فِي ذِمَّتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ شَيْئًا كَبَيْعِ مُسْلِمٍ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ حُرًّا، أَوْ يُوجِبُ أَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ كَرِبًا. أَشْهَبُ إنْ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ طَالِبَهُ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَدَّعِي عَلَيْهِ هَذَا الْمَالَ، فَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُخَالَطَةٌ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِشَيْءٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُسَمِّ الْمُدَّعِي السَّبَبَ الَّذِي كَانَ لَهُ بِهِ الْحَقُّ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، وَزَادَ إنْ أَبَى الطَّالِبُ أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ، فَإِنْ قَالَ لِأَنِّي لَمْ أَذْكُرْ وَجْهَ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَلَا يُقْضَى عَلَى دَعْوَاهُ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ بِلَفْظِ أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبَ دَعْوَاهُ، وَإِنْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ قُبِلَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَأُلْزِمَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا نَظَرٌ. (وَإِنْ أَنْكَرَ) شَخْصٌ (مَطْلُوبٌ) أَيْ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِمَالٍ (الْمُعَامَلَةَ) مَعَ الطَّالِبِ الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ لَمْ تَقَعْ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اشْتِغَالُ ذَمَّنِي بِشَيْءٍ لَك (فَالْبَيِّنَةُ) عَلَى الْمُدَّعِي (ثُمَّ) إنْ أَقَامَهَا وَشَهِدَتْ لَهُ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ قَضَيْتُك مَا شَهِدْت بِهِ عَلَيَّ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَ (لَا تُقْبَلُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (بَيِّنَتُهُ) أَيْ الْمَطْلُوبِ الشَّاهِدَةُ لَهُ (بِالْقَضَاءِ) لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِإِنْكَارِهِ الْمُعَامَلَةَ. (بِخِلَافِ) قَوْلِ الْمَطْلُوبِ (لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ) بِشَدِّ الْيَاءِ، فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَتَهُ بِالْحَقِّ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ قَضَيْتُكَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، إذْ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ مَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 333 وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَلَا تُرَدُّ: كَنِكَاحٍ   [منح الجليل] يُكَذِّبُ بَيِّنَةَ الْقَضَاءِ. عب وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّانِي. الْبُنَانِيُّ يَعْنِي غَيْرَ الْعَامِّيِّ، وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ الرُّعَيْنِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّهِ فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا. الْعَدَوِيُّ هَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا بَدِيهِيَّةٌ لَا تَخْفَى عَلَى الْعَامِّيِّ فَلَا وَجْهَ لِقَبُولِ بَيِّنَتِهِ بِالْقَضَاءِ بَعْدَ إنْكَارِ الْمُعَامَلَةِ. (وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ) كَالْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْكِتَابَةِ (فَلَا يَمِينَ) عَلَى مُنْكِرِهَا (بِمُجَرَّدِهَا) أَيْ الدَّعْوَى عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَمَفْهُومُ بِمُجَرَّدِهَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ وَشَهِدَ بِهَا شَاهِدٌ فَالْيَمِينُ عَلَى مُنْكِرِهَا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَلَا تُرَدُّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَشَدِّ الدَّالِ مُثَقَّلَةً، هَذِهِ الْيَمِينُ الْمُتَوَجِّهَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي إذْ لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ حَلَفَهَا لَا يَثْبُتُ الْمُدَّعَى بِهِ لِتَوَقُّفِ ثُبُوتِهِ عَلَى عَدْلَيْنِ، وَمَثَّلَ لِمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَقَالَ (كَنِكَاحٍ) وَرَجْعَةٍ وَطَلَاقٍ وَإِعْتَاقٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ. " غ " هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ قُلْت قَوْلُهُ لَا تُرَدُّ زِيَادَةٌ مُسْتَغْنًى عَنْهَا لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَتَوَجَّهْ لَا تُرَدُّ لِأَنَّ رَدَّهَا فَرْعُ تَوَجُّهِهَا. قُلْت الرَّدُّ الَّذِي يُسْتَغْنَى عَنْ نَفْيِهِ بِنَفْيِ التَّوَجُّهِ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ الرَّدُّ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَعْنِي كَمَا قَالَ بَعْدُ وَحَلَفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ. وَأَجَابَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ قَوْلِهِ لَا تُرَدُّ لَمْ يُسْتَفَدْ مِنْهُ إلَّا أَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ عِنْدَ التَّجَرُّدِ وَلَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهَا إذَا تَوَجَّهَتْ لِرَدِّ شَاهِدٍ فَنَكَلَ عَنْهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي. وَمَفْهُومُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَنَّ مَا تَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَيَمِينٍ فَالْيَمِينُ بِمُجَرَّدِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. شب يُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ دَعْوَى الْقَاتِلِ عَفْوَ الْوَلِيِّ عَنْهُ، فَيَحْلِفُ بِمُجَرَّدِهَا وَالْعَفْوُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ وَحَلَفَ الطَّالِبُ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ عِلْمَهُ بِعَدَمِهِ، وَالْمُتَّهَمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 334 وَأَمَرَ بِالصُّلْحِ: ذَوِي الْفَضْلِ وَالرَّحِمِ: كَأَنْ خَشِيَ تَفَاقُمَ الْأَمْرِ وَلَا يَحْكُمُ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ؛   [منح الجليل] الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَصْبٌ أَوْ سَرِقَةٌ وَدَعْوَى الْقَذْفِ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَنَازُعِهِمَا وَتَشَاجُرِهِمَا. (وَأَمَرَ) الْقَاضِي (بِالصُّلْحِ ذَوِي) أَيْ أَصْحَابَ (الْفَضْلِ) الْمُتَخَاصِمِينَ عِنْدَهُ لِلطَّالِبِينَ قَضَاءَهُ بَيْنَهُمْ (وَ) ذَوِي (الرَّحِمِ) أَيْ لِلْقَرَابَةِ إذَا تَشَاجَرُوا وَتَرَافَعُوا إلَيْهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَلَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصُّلْحِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِتَأْلِيفِ النُّفُوسِ وَيُذْهِبُ غِلَّ الصُّدُورِ، وَفَصْلُ الْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ يُؤَكِّدُ عَدَاوَتَهُمْ وَغِلَّ صُدُورِهِمْ. وَشَبَّهَ فِي الْأَمْرِ بِالصُّلْحِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (خَشِيَ) الْقَاضِي (تَفَاقُمَ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْفَاءِ وَضَمِّ الْقَافِ، أَيْ تَعَاظُمَ (الْأَمْرِ) أَيْ التَّنَازُعَ وَالتَّخَاصُمَ بِسَبَبِ الْحُكْمِ فَلَا يَحْكُمُ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصُّلْحِ. اللَّخْمِيُّ لَا يَدْعُو الْقَاضِي إلَى الصُّلْحِ إذَا تَبَيَّنَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَرَى لَهُ وَجْهًا، وَأَنَّهُ مَتَى وَقَعَ الْحُكْمُ تَفَاقَمَ مَا بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَعَظُمَ وَخُشِيَتْ الْفِتْنَةُ، وَيُنْدَبُ أَهْلُ الْفَضْلِ إلَى تَرْكِ الْخُصُومَاتِ. ابْنُ سَحْنُونٍ كَانَ أَبِي رُبَّمَا رَدَّ الْخَصْمَيْنِ إلَى مَنْ عَرَفَهُ بِالصَّلَاحِ وَالْأَمَانَةِ، فَيَقُولُ لَهُمَا اذْهَبَا إلَى فُلَانٍ يُصْلِحْ بَيْنَكُمَا، فَإِنْ اصْطَلَحْتُمَا وَإِلَّا رَجَعْتُمَا. وَتَرَافَعَ إلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَأَبَى أَنْ يَسْمَعَ مِنْهُمَا وَقَالَ لَهُمَا اُسْتُرَا عَلَى أَنْفُسِكُمَا وَلَا تُطْلِعَانِي مِنْ أَمْرِكُمَا عَلَى مَا قَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكُمَا. وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَدِّدُوا الْحُكْمَ بَيْنَ ذَوِي الْأَرْحَام حَتَّى يَصْطَلِحَا، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ الضَّغَائِنَ. اللَّخْمِيُّ وَهَذَا بَيْنَ الْأَقَارِبِ حَسَنٌ، وَإِنْ تَبَيَّنَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا سَحْنُونٌ إذَا كَانَتْ شُبْهَةٌ وَأَشْكَلَ الْأَمْرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصُّلْحِ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لَوْ اصْطَلَحَا كَانَ أَحْمَدُ وَكَانَ ابْنُ بَقِيٍّ يُطَوِّلُ فِي الْحُكْمِ الْمُلْبِسِ رَجَاءَ أَنْ يَصْطَلِحَ أَهْلُهُ وَيَقُولُ إذَا طَوَّلَ عَلَى صَاحِبِ الْبَاطِلِ تَرَكَ طَلَبَهُ وَرَضِيَ بِالْيَسِيرِ. (وَلَا يَحْكُمُ) الْحَاكِمُ (لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ) ابْنُهُ وَأَبِيهِ وَيَتِيمُهُ وَزَوْجَتُهُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي صِحَّةِ حُكْمِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 335 وَنُبِذَ حُكْمُ جَائِرٍ، وَجَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ،   [منح الجليل] وَقَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ وَنَحْوُهُ لِمُطَرِّفٍ. اللَّخْمِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الظِّنَّةَ تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ، وَانْظُرْ هَلْ يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ. أَشْهَبُ لَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَهُ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَنْ اسْتَهْلَكَ مَالَهُ وَيُعَاقِبُهُ لِقَطْعِ أَبِي بَكْرٍ يَدَ الْأَقْطَعِ الَّذِي سَرَقَ عِقْدَ زَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ لَمَّا اعْتَرَفَ بِسَرِقَتِهِ (وَنُبِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ طُرِحَ وَأُلْغِيَ (حُكْمُ) قَاضٍ (جَائِرٍ) أَيْ خَارِجٍ فِي حُكْمِهِ عَنْ الْحَقِّ عَامِدًا. ابْنُ رُشْدٍ الْقَاضِي الْجَائِرُ تُرَدُّ أَحْكَامُهُ دُونَ تَصَفُّحٍ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَقِيمَةً فِي ظَاهِرِهَا إلَّا أَنْ تَثْبُتَ صِحَّةُ بَاطِنِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِسْقٌ يُرَدُّ وَإِنْ صَادَفَهُ الْحَقُّ فَالْمَشْهُورُ فَسْخُهُ. الْبُرْزُلِيُّ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ. (وَ) نُبِذَ أَيْضًا حُكْمُ عَدْلٍ (جَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ) أَهْلَ الْعِلْمِ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ صَوَابًا لِكَوْنِهِ بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ وَالْقَضَاءُ بِهِمَا بَاطِلٌ. ابْنُ رُشْدٍ الْقَاضِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ فَمَا هُوَ صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ فِيهِ خِلَافٌ أُنْفِذَ، وَمَا هُوَ خَطَأٌ لَا خِلَافَ فِيهِ رُدَّ. الْمُتَيْطِيُّ الْقَاضِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ الَّذِي عُرِفَ أَنَّهُ لَا يُشَاوِرُ فَلِلْقَاضِي الْوَالِي بَعْدَهُ أَنْ يَتَصَفَّحَ أَحْكَامَهُ، فَمَا أَلْفَى مِنْهَا مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ أَنْفَذَهُ، وَمَا أَلْفَى مِنْهَا مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي بَلَدِهِ إلَّا أَنَّهُ قَدْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ لَا يُعْمَلُ بِهِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُهُ وَلَا يَفْسَخُهُ وَمَا لَمْ يُصَادِفْ فِيهِ قَوْلَ قَائِلٍ نَقَضَهُ وَلَا يُنْفِذُهُ. ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ حَكَمَ بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى الِاجْتِهَادِ فِي الْأَدِلَّةِ فَذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالتَّخْمِينِ فِسْقٌ وَظُلْمٌ وَخِلَافُ الْحَقِّ وَيُفْسَخُ هَذَا الْحُكْمُ هُوَ وَغَيْرُهُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَ غَيْرِهِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا حَكَمَ. اللَّخْمِيُّ الْغَرَرُ فِي الْحُكْمِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْبَيْعِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي أَحْكَامِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ لَا تُرْضَى أَحْوَالُهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِمْ وَفِي أَحْكَامِ أَهْلِ الْبِدَعِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ هِيَ كَأَحْكَامِ الْجَائِرِ لَا يَمْضِي مِنْهَا إلَّا مَا عُلِمَ صِحَّةُ بَاطِنِهِ. وَقَالَ أَصْبَغُ كَأَحْكَامِ الْعَدْلِ الْجَاهِلِ يَمْضِي مِنْهَا مَا كَانَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ أَفَادَهُ " ق ". الْحَطّ قَوْلُهُ وَنُبِذَ حُكْمُ جَائِرٍ إلَخْ، هَذَا كَمَا قَالَ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ، الْأَوَّلُ الْجَائِرُ فَتُنْبَذُ أَحْكَامُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 336 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كُلُّهَا، أَيْ تُطْرَحُ وَتُرَدُّ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ حَقٌّ، وَالثَّانِي الْجَاهِلُ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ نُبِذَ حُكْمُهُ مُطْلَقًا أَيْضًا لِأَنَّ أَحْكَامَهُ كُلَّهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا بِالتَّخْمِينِ وَإِنْ كَانَ يُشَاوِرُ الْعُلَمَاءَ تُعُقِّبَتْ أَحْكَامُهُ وَأُمْضِيَ مِنْهَا مَا لَيْسَ جَوْرًا وَنُبِذَ الْجَوْرُ، وَالثَّالِثُ الْعَدْلُ الْعَالِمُ فَلَا تُتَعَقَّبُ أَحْكَامُهُ وَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرْفَعَ أَحَدٌ قَضِيَّةً وَيَذْكُرَ أَنَّهُ حَكَمَ فِيهَا بِغَيْرِ الصَّوَابِ، فَيُنْظَرُ فِيهَا وَتُنْقَضُ إنْ خَالَفَتْ نَصًّا قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ اهـ. طفي لَمْ أَرَ مَنْ قَالَ بِالنَّقْضِ فِي الْجَاهِلِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ صَوَابًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّ الْجَاهِلَ غَيْرُ الْمُشَاوِرِ، غَايَتُهُ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِالْجَائِرِ وَالْجَائِرُ لَا يُنْقَضُ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا عُلِمَ صِحَّةُ بَاطِنِهِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ عَنْ الْمَازِرِيِّ فِي الْجَاهِلِ تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الصَّوَابَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْحَطّ فِي الْجَائِرِ ظَاهِرُهُ النَّقْضُ، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ حَقٌّ أَيْ عُلِمَ أَنَّ ظَاهِرَهُ حَقٌّ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ جَائِرًا فِي أَحْكَامِهِ فَلَا تَجُوزُ أَقْضِيَتُهُ كُلُّهَا، وَعَلَى مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ أَنْ يَرُدَّهَا صَوَابًا كَانَتْ أَوْ خَطَأً لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُظْهِرَ الْعَدْلَ وَالصَّوَابَ وَبَاطِنُ أَمْرِهِ الْجَوْرُ إلَّا مَا عُلِمَ أَنَّ بَاطِنَ أَمْرِهِ كَانَ صَحِيحًا. زَادَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَاهِلِ الْعَدْلُ الْمُقَلِّدُ كَمَا فَسَّرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْجَاهِلِ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَفِي التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْجَاهِلِ فَيَتَعَقَّبُهَا وَيُمْضِي مِنْهَا مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا مَا نَصُّهُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّ الْجَاهِلَ تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الصَّوَابَ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا كَانَ يُشَاوِرُ أَهْلَ الْعِلْمِ فِي أَحْكَامِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يُشَاوِرُهُمْ فَتُنْقَضُ كُلُّهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ حَكَمَ بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. اهـ. فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ، وَقَدْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ الشَّيْخُ ابْنُ سَعِيدٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى هَذَا الْمُخْتَصَرِ، فَقَالَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَاهِلَ غَيْرُ الْمُشَاوِرِ أَحْكَامُهُ مَنْقُوضَةٌ مُطْلَقًا، وَالْمُشَاوِرُ تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ فَيُرَدُّ الْجَوْرُ وَيُمْضَى غَيْرُهُ، وَظَاهِرُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 337 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ التَّصَفُّحَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْمُشَاوِرِ، وَلِذَا قَالَ فِي ضَيْح حَكَى الْمَازِرِيُّ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّ الْجَاهِلَ تُنْقَضُ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا. لِأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهَا صَوَابًا إنَّمَا هُوَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتِمُّ فِي الْمُشَاوِرِ. اهـ. وَهُوَ كَمَا قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ رُشْدٍ الْقُضَاةُ أَرْبَعَةٌ، الْأَوَّلُ عَدْلٌ عَالِمٌ فَأَحْكَامُهُ عَلَى الْجَوَازِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهَا الْخَطَأُ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ. الثَّانِي: عَدْلٌ جَاهِلٌ يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ وَلَا يُشَاوِرُ الْعُلَمَاءَ فَتُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ وَلَا يُرَدُّ مِنْهَا إلَّا الْخَطَأُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ. الثَّالِثُ: مَعْرُوفٌ بِالْجَوْرِ فَأَحْكَامُهُ تُنْقَضُ كُلُّهَا، وَحَكَى فَضْلٌ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهَا تُتَصَفَّحُ كَأَحْكَامِ الْجَاهِلِ وَهُوَ شُذُوذٌ. الرَّابِعُ: فَاسِقٌ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِ أَوْ مُبْتَدِعٌ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَهَذَا حُكْمٌ لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَحْكُمُ الْجَائِرُ وَحَكَمَ لَهُ أَصْبَغُ بِحُكْمِ الْجَاهِلِ. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي خِلَافِ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إذَا كَانَ عَدْلًا جَاهِلًا كُشِفَتْ أَقْضِيَتُهُ فَأُنْفِذَ صَوَابُهَا وَرُدَّ خَطَؤُهَا الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذَا كَانَ عَدْلًا جَاهِلًا كُشِفَتْ أَقْضِيَتُهُ فَأُنْفِذَ صَوَابُهَا وَرُدَّ خَطَؤُهَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَانِ يُرِيدُ أَنَّهَا تُتَعَقَّبُ مِنْ وَجْهِ الْفِقْهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ إلَّا بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ فَلَا تُتَعَقَّبُ، وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَكَمَ بِرَأْيِهِ أَنْ يُرَدَّ مِنْ أَحْكَامِهِ مَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ تَخْمِينٌ وَحَدْسٌ وَالْقَضَاءُ بِذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ. الْمُتَيْطِيُّ أَحْكَامُ الْقُضَاةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: عَدْلٍ عَالِمٍ، وَعَدْلٍ مُقَلِّدٍ، ثُمَّ قَالَ الْوَجْهُ الثَّانِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ الَّذِي عُرِفَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشَاوِرُ الْعُلَمَاءَ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يَتَصَفَّحَ أَحْكَامَهُ، فَمَا أَلْفَى مِنْهَا مُوَافِقًا لِلْحَقِّ أَوْ مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي بَلَدِهِ إلَّا أَنَّهُ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يُنْفِذُهُ، وَمَا لَمْ يُصَادِفْ قَوْلَ قَائِلٍ وَكَانَ خَطَأً نَقَضَهُ. اهـ. وَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَاضِي الْعَدْلُ الْجَاهِلُ تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ فَمَا هُوَ صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ فِيهِ خِلَافٌ يَنْفُذُ، وَمَا هُوَ خَطَأٌ لَا خِلَافَ فِيهِ يُرَدُّ وَنَحْوُهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ، فَهَذِهِ النُّقُولُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَاهِلِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 338 وَإِلَّا تُعُقِّبَ، وَمَضَى غَيْرُ الْجَوْرِ وَلَا يُتَعَقَّبُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ وَنُقِضَ، وَبَيَّنَ السَّبَبَ مُطْلَقًا مَا خَالَفَ قَاطِعًا، أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ:   [منح الجليل] (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ شَاوَرَ الْعُلَمَاءَ (تُعُقِّبَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ حُكْمُهُ (وَمَضَى غَيْرُ الْجَوْرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَنُقِضَ الْجَوْرُ مِنْهُ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَعَقَّبُ حُكْمُهُ الْمُرَتَّبُ عَلَى إشَارَةِ الْعُلَمَاءِ. قِيلَ الْقَضَاءُ صِنَاعَةٌ دَقِيقَةٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ كَيْفِيَّةُ إيقَاعِهِ، فَقَدْ يَعْرِفُ الْحُكْمَ وَلَا يَعْرِفُ كَيْفِيَّةَ إيقَاعِهِ فَيُوقِعُهُ فِي غَيْرِ مَوْقِعِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ أَحْكَامَ الْجَاهِلِ الْعَدْلِ الْمُشَاوِرِ لَا تُتَعَقَّبُ. (وَلَا يُتَعَقَّبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِهَا (حُكْمُ) الْقَاضِي (الْعَدْلِ الْعَالِمِ) فَلَا يَنْظُرُ فِيهِ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلتَّسَلْسُلِ وَكَثْرَةِ الْخِصَامِ ابْنُ رُشْدٍ الْقَاضِي الْعَدْلُ الْعَالِمُ لَا تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ وَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيرِ لَهَا إنْ اُحْتِيجَ لِلنَّظَرِ فِيهَا لِعَارِضِ خُصُومَةٍ. أَوْ اخْتِلَافٍ فِي حَدٍّ لَا عَلَى الْكَشْفِ وَالتَّعَقُّبِ لَهَا إنْ سَأَلَ ذَلِكَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، فَتَنْفُذُ كُلُّهَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ النَّظَرِ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ أَنَّهُ خَطَأٌ ظَاهِرٌ لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ فَيُنْقَضُ ذَلِكَ (وَنَقَضَ) الْعَدْلُ الْعَالِمُ وُجُوبًا (وَبَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أَظْهَرَ الْعَدْلُ الْعَالِمُ وُجُوبًا (السَّبَبَ) الْمُوجِبَ لِنَقْضِهِ حُكْمَ الْعَدْلِ الْعَالِمِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ الْمَنْقُوضُ حُكْمَ النَّاقِضِ أَوْ حُكْمَ غَيْرِهِ اتِّفَاقًا فِي الثَّانِي، عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ. مُطَرِّفٌ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِفَسْخِ قَضِيَّةِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُفَسِّرْ فَسْخَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِفَسْخٍ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ إشْهَادُهُ عَلَى الْفَسْخِ يَكْفِيهِ. أَصْبَغُ الْفَسْخُ الَّذِي لَا يَكُونُ شَيْئًا حَتَّى يُلَخَّصَ مَا خَالَفَ (جَلِيَّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ، أَيْ ظَاهِرَ (قِيَاسٍ) أَيْ إلْحَاقَ أَمْرٍ بِأَمْرٍ فِي حُكْمِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عِلَّتِهِ وَجَلِيُّهُ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ أَوْ خَالَفَ قَاعِدَةً قَطْعِيَّةً مَعَ سَلَامَةِ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 339 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ مَا خَالَفَ قَاطِعًا ابْنَ الْحَاجِبِ التَّابِعَ لِابْنِ شَاسٍ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ النَّصُّ غَيْرَ مُتَوَاتِرٍ يُفِيدُ الْقَطْعَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُنْقَضُ حُكْمُ الْقَاضِي إذَا خَالَفَهُ وَنَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَقَرَّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ تَعْلِيقُ ابْنِ الْحَاجِبِ النَّقْضَ عَلَى مَا خَالَفَ الْقَاطِعَ لَا أَعْرِفُهُ، ثُمَّ نَقَلَ كَلَامًا عَنْ الْمَازِرِيِّ وَقَالَ عَقِبَهُ فَلَمْ يَقْصُرْ الْمَازِرِيُّ النَّقْضَ عَلَى الْقَطْعِ، فَقَصْرُ ابْنِ الْحَاجِبِ النَّقْضَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسْتَنِدٍ لِنَصِّ رِوَايَةٍ تَابِعًا. ابْنُ شَاسٍ مُتَعَقَّبٌ أَفَادَهُ طفي. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مَا خَالَفَ قَاطِعًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْخَطَأُ الْمُوجِبُ لِرَدِّ حُكْمِ الْعَدْلِ الْعَالِمِ فَسَّرَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا خَالَفَ نَصَّ آيَةٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ. قُلْت أَوْ مَا ثَبَتَ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَزَادَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْ قِيَاسًا لَا يَحْتَمِلُ إلَّا مَعْنًى وَاحِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِي صِحَّتِهِ. وَفِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يُنْقَضُ مِنْهَا إلَّا مَا خَالَفَ الْقَطْعَ نَحْوُهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا خَالَفَ الظَّنَّ الْجَلِيَّ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ، بَلْ قَالُوا إنَّهُ إذَا خَالَفَ نَصَّ السُّنَّةِ غَيْرِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِهِمْ، فَيَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا مَا أَوْرَدَهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ. الثَّانِي: فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَيُنْقَضُ، وَذَلِكَ إذَا وَقَعَ عَلَى خِلَافِ الْإِجْمَاعِ أَوْ الْقَوَاعِدِ أَوْ النَّصِّ الْجَلِيِّ أَوْ الْقِيَاسِ. وَمِثَالُ ذَلِكَ كَالْحُكْمِ بِأَنَّ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ لِلْأَخِ دُونَ الْجَدِّ، فَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ وَمُقَاسَمَةُ الْأَخِ، أَمَّا حِرْمَانُ الْجَدِّ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، وَمِثَالُ مُخَالِفِ الْقَوَاعِدِ الْمَسْأَلَةُ السُّرَيْجِيَّةُ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ بِتَقْرِيرِ النِّكَاحِ فِيمَنْ قَالَ إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ فَالصَّحِيحُ لُزُومُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَهُ، فَإِذَا مَاتَتْ أَوْ مَاتَ فَحَكَمَ حَاكِمٌ بِإِرْثِ حَيِّهِمَا نَقَضْنَا حُكْمَهُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقَوَاعِدِ لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ صِحَّةُ اجْتِمَاعِ الشَّرْطِ مَعَ الْمَشْرُوطِ لِأَنَّ حِكْمَتَهُ إنَّمَا تَظْهَرُ فِيهِ، فَإِذَا كَانَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 340 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الشَّرْطُ لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ مَعَ مَشْرُوطِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّرْعِ شَرْطًا، فَلِذَلِكَ يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ، وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ التَّمْثِيلُ بِهَا. وَمِثَالُ مُخَالِفِ النَّصِّ الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَرَدَ بِاخْتِصَاصِهَا بِالشَّرِيكِ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُعَارِضٌ صَحِيحٌ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ، وَمِثَالُ مُخَالِفِ الْقِيَاسِ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ فَيُنْقَضُ قِيَاسًا عَلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْمُسْلِمِ الْفَاسِقِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ أَشَدُّ مِنْهُ فُسُوقًا وَأَبْعَدُ مِنْ الْمَنَاصِبِ الشَّرْعِيَّةِ. 1 - الثَّالِثُ: فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ مَا عُلِمَ فِيهِ نَفْيُ الْفَارِقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ قَطْعًا كَقِيَاسِ الْأَمَةِ عَلَى الْعَبْدِ فِي أَحْكَامِ الْعِتْقِ كَالتَّقْوِيمِ عَلَى مُعْتَقِ بَعْضِهِ فَيُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ فِيهِمَا مِمَّا لَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّارِعُ فِيهَا وَالْقِيَاسُ الْخَفِيُّ مَا يُظَنُّ نَفْيُ الْفَارِقِ فِيهِ بَيْنَهُمَا كَقِيَاسِ النَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ فِي الْحُرْمَةِ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ لِخُصُوصِيَّتِهَا لَا لِإِسْكَارِهَا، وَلِذَا اُخْتُلِفَ فِي قَلِيلِهِ. وَفِي التَّنْقِيحِ لِلْقَرَافِيِّ اُخْتُلِفَ فِي الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فَقِيلَ الْجَلِيُّ قِيَاسُ الْمَعْنَى، وَالْخَفِيُّ قِيَاسُ الشَّبَهِ. وَقِيلَ الْجَلِيُّ مَا تُفْهَمُ عِلَّتُهُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانٌ» . وَفِي شَرْحِهِ قِيَاسُ الْمَعْنَى كَقِيَاسِ الْأُرْزِ عَلَى اللَّبَنِ فِي حُرْمَةِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطَّعْمِ وَالنَّبِيذِ عَلَى الْخَمْرِ بِجَامِعِ السُّكْرِ. وَقِيَاسُ الشَّبَهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا فِي ذَاتِهِ وَيَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِلْمُنَاسِبِ كَقَوْلِنَا فِي الْخَلِّ إنَّهُ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ لِأَنَّهُ مَائِعٌ وَلَا تُبْنَى الْقَنْطَرَةُ عَلَى جِنْسِهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزِيلَ النَّجَاسَةَ كَالدُّهْنِ، فَقَوْلُنَا لَا تُبْنَى الْقَنْطَرَةُ عَلَى جِنْسِهِ لَيْسَ مُنَاسِبًا، لَكِنَّهُ يُشْعِرُ بِالْقِلَّةِ، فَإِنَّ عَدَمَ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ عَلَيْهِ يَدُلُّ عَلَى قِلَّتِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ أَنَّ الْقَنْطَرَةَ لَا تُبْنَى إلَّا عَلَى الْمَائِعِ الْكَثِيرِ فَمَا لَا تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَنْطَرَةُ مِنْ الْمَائِعِ فَهُوَ غَيْرُ كَثِيرٍ، وَالطَّهَارَةُ عَلَى مُقْتَضَى اللُّطْفِ بِالْمُكَلَّفِ لَا تُشْرَعُ إلَّا بِمَا هُوَ كَثِيرٌ مُتَيَسِّرٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَكُلِّ مَكَان، فَالْقِلَّةُ حِينَئِذٍ تُنَاسِبُ الْمَنْعَ، فَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ الَّذِي اسْتَلْزَمَهُ ذَلِكَ الْوَصْفُ الطَّرْدِيُّ، وَقِيلَ الْجَلِيُّ مَا كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ فِي الْفَرْعِ أَوْلَى مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ كَقِيَاسِ الْعَمْيَاءِ عَلَى الْعَوْرَاءِ فِي امْتِنَاعِ التَّضْحِيَةِ وَالضَّرْبِ عَلَى التَّأْفِيفِ فِي الْحُرْمَةِ. الرَّابِعُ: لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمُخَالِفُ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ إذَا وَافَقَ مُعَارِضًا رَاجِحًا كَالْقَضَاءِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 341 كَاسْتِسْعَاءِ مُعْتَقٍ،   [منح الجليل] بِصِحَّةِ الْقِرَاضِ وَالْقَرْضِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْحَوَالَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْقَوَاعِدِ وَلِلنُّصُوصِ الْعَامَّةِ وَالْأَقْيِسَةِ الْجَلِيَّةِ، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي التَّرْخِيصِ فِيهَا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَالنُّصُوصِ الْعَامَّةِ وَالْأَقْيِسَةِ الْجَلِيَّةِ وَخَصَّصَتْهَا. وَشَبَّهَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي النَّقْضِ فَقَالَ (كَ) حُكْمٍ بِ (اسْتِسْعَاءِ) أَيْ سَعْيِ رَقِيقٍ (مُعْتَقٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ بَعْضُهُ مِنْ أَحَدِ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ وَلَا مَالَ لَهُ يُقَوَّمُ فِيهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ مِنْ إعْتَاقِ نَصِيبِهِ فَحُكِمَ عَلَى الرَّقِيقِ بِالسَّعْيِ فِي اكْتِسَابِ مَالٍ يَشْتَرِي بِهِ بَعْضَهُ الرَّقِيقَ مِنْ مَالِكِهِ لِتَتْمِيمِ حُرِّيَّتِهِ فَيُنْقَصُ هَذَا الْحُكْمُ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ. طفي جَعَلَهُ تت مُشَبَّهًا بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مِثَالًا لِمَا قَبْلَهُ إذْ لَيْسَ مُخَالِفًا قَاطِعًا وَلَا جَلِيَّ قِيَاسٍ وَلَا سُنَّةً لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمُخَالِفِ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحُكْمُ مُسْتَنِدًا سُنَّةً أَصْلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ هُنَا، لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُ كُلِّهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ» ، وَرُوِيَ فِيهِ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» فَأَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَالْجُمْهُورُ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالثَّانِيَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ الِاسْتِسْعَاءَ وَهُمَا أَثْبَتُ وَوَافَقَهُمَا هَمَّامٌ فَفَصَلَ الِاسْتِسْعَاءَ مِنْ الْحَدِيثِ وَجَعَلَهُ مِنْ رَأْيِ قَتَادَةَ. عِيَاضٌ الْأَصِيلِيُّ وَابْنُ الْقَصَّارِ الَّذِينَ أَسْقَطُوا السِّعَايَةَ أَوْلَى مِنْ الَّذِينَ ذَكَرُوهَا، وَإِذًا لَيْسَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مُسْقِطُهَا أَثْبَتُ مِنْ الَّذِينَ ذَكَرُوهَا، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ فَمَرَّةً ذَكَرَهَا وَمَرَّةً أَسْقَطَهَا، فَدَلَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْحَدِيثِ، أَفَادَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اهـ. الْبُنَانِيُّ جَعَلَ " ز " الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ تت وَجَدُّ عج وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ مَذْهَبُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 342 وَشُفْعَةِ جَارٍ، وَحُكْمٍ عَلَى عَدُوٍّ، أَوْ بِشَهَادَةِ كَافِرٍ، أَوْ مِيرَاثِ   [منح الجليل] ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَحْدَهُ وَاعْتَرَفَ بِهَذَا فِي ضحيه وَلَمْ يَزَلْ الشُّيُوخُ يَسْتَبْعِدُونَهُ وَيَعْتَمِدُونَ خِلَافَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلِذَا لَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ هُنَا لِمَا عَلِمْت، وَلِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَرَفْعُ الْخِلَافِ، بَلْ يُنَافِيهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ رَجَعَ فِيهِ، وَلَا يَنْقُضُ مَا حَكَمَ بِهِ غَيْرُهُ مِمَّا فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. (وَ) كَحُكْمٍ ب (شُفْعَةِ جَارٍ) فَيُنْقَضُ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ الْخَطَأِ الَّذِي يُنْقَضُ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ بِهِ الْحُكْمُ بِاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَبِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَتَوْرِيثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلِ طفي وَأَمَّا شُفْعَةُ الْجَارِ فَقَالَ بِهَا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْكُوفِيُّونَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مُحْتَجِّينَ بِحَدِيثِ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» ، وَالصَّقَبُ رُوِيَ بِالصَّادِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَيْنِ الْقَرِيبُ. وَبِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُد «جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ» إلَّا أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي جَاءَتْ فِي أَنْ لَا شُفْعَةَ إلَّا لِشَرِيكٍ أَسَانِيدُهَا جَيِّدَةٌ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا اضْطِرَابٌ، بِخِلَافِ حَدِيثِ «الْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِهِ» ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ لَيْسَا مُخَالِفَيْنِ لِلسُّنَّةِ، إذْ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ حُجَّةٌ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُمَا مِنْ شَهَادَةِ الْكَافِرِ لِمِثْلِهِ وَمِيرَاثِ ذَوِي الرَّحِمِ وَمَوْلًى أَسْفَلَ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، إذْ قَالَ بِهَا أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَهُ حُجَجٌ لَا نُطِيلُ بِهَا، وَكَذَا الْحُكْمُ بِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. (وَ) كَ (حُكْمٍ عَلَى عَدُوٍّ) لِلْحَاكِمِ فَيُنْقَضُ لِإِتْهَامِهِ فِيهِ بِالْجَوْرِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى شَخْصٍ فَأَقَامَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْقَاضِيَ عَدُوٌّ لَهُ فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ عَلَيْهِ (أَوْ) حُكْمٍ بِ (شَهَادَةِ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) عَلَى مِثْلِهِ. طفي مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَهِدَ الْكَافِرُ عَلَى مِثْلِهِ وَالْقَائِلُ بِقَبُولِهَا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَمَّا شَهَادَتُهُ عَلَى مُسْلِمٍ فَالْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا. (وَ) كَحُكْمٍ بِ (مِيرَاثِ ذِي رَحِمٍ) كَخَالَةٍ وَعَمَّةٍ (أَوْ) مِيرَاثِ (مَوْلًى) بِفَتْحِ الْمِيمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 343 ذِي رَحِمٍ، أَوْ مَوْلًى أَسْفَلَ، أَوْ بِعِلْمٍ سَبَقَ مَجْلِسَهُ   [منح الجليل] وَاللَّامِ (أَسْفَلَ) أَيْ عَتِيقٍ مِنْ مُعْتِقِهِ بِكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ (أَوْ) حُكْمٍ (بِ) سَبَبِ (عِلْمٍ) مِنْ الْقَاضِي بِشَيْءٍ (سَبَقَ) عِلْمُهُ بِهِ (مَجْلِسَهُ) أَيْ الْقَاضِي، سَوَاءٌ عَلِمَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ أَوْ بَعْدَهَا، وَاحْتَرَزَ عَنْ حُكْمِهِ بِمَا عَلِمَهُ فِي مَجْلِسِهِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ. اللَّخْمِيُّ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ وَلَا بَعْدَ أَنْ وَلِيَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ، أَوْ كَانَ فِيهِ وَقَبْلَ أَنْ يَتَحَاكَمَا إلَيْهِ أَوْ يَجْلِسَا لِلْحُكُومَةِ، مِثْلَ أَنْ يَسْمَعَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا يُقِرُّ لِلْآخَرِ فَلَمَّا تَقَدَّمَ لِلْحُكُومَةِ أَنْكَرَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ شَاهِدٌ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ إنْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ جَلَسَا لِلْخُصُومَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ بِهِ وَرَأَيَا أَنَّهُمَا لَمَّا جَلَسَا لِلْمُحَاكَمَةِ فَقَدْ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا يَقُولَانِهِ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ حَتَّى حَكَمَ ثُمَّ أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالَ مَا أَقْرَرْت بِشَيْءٍ فَلَا يَنْظُرُ إلَى إنْكَارِهِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. طفي وَالْقَائِلُ بِالنَّقْضِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَفِيمَا مَاثَلَهَا ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ عِنْدَهُ الْخِلَافُ النَّقْضَ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي نَقْضِ حُكْمِ مَنْ قَبْلَهُ إنْ كَانَ خَطَأً لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَلَا يَرُدُّهُ. وَقِيلَ يَرُدُّهُ إنْ كَانَ شَاذًّا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَرُدُّهُ وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ قَوِيًّا مَشْهُورًا إنْ كَانَ خِلَافَ سُنَّةٍ قَائِمَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ الْخَطَأِ الَّذِي يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمُ الْعَدْلِ الْعَالِمِ الْحُكْمُ بِاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ وَالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَتَوْرِيثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلِ وَشِبْهِهَا، وَلَمَّا ذَكَرَهَا الْمَازِرِيُّ قَالَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَمْ يَرَ النَّقْضَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِأَنَّ نَقْلَهَا غَيْرُ قَطْعِيٍّ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بَعِيدٌ لِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ وَرَدَ بِهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ. ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَا قَالَ هَذَا غَيْرُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَقَدْ اعْتَرَفَ فِي تَوْضِيحِهِ بِأَنَّ هَذَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَحْدَهُ، وَنَصُّ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يَرُدُّ مَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ مِمَّا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِيهِ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَاسْتِسْعَاءِ الْعَبْدِ وَشُفْعَةِ الْجَارِ وَشَهَادَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ لِمِثْلِهِ وَمِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلِ، وَكَذَا مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَوْ شَاعَ الْعَمَلُ بِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 344 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ رَأْيِ الْعُلَمَاءِ أَوْ اسْتِحْسَانِهِمْ فَلَا يَنْقُضُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ رَأْيِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَالَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُنْقَضُ الْخِلَافُ كَائِنًا مَا كَانَ، وَاَلَّذِي حَكَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُلَائِمُ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا دَرَج عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَا زَالَ الشُّيُوخُ يَسْتَبْعِدُونَهُ وَيَعْتَمِدُونَ خِلَافَهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلِذَا لَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا، فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ لِمَا عَلِمْت، وَلِأَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَرَفْعُ الْخِلَافِ بَلْ يُنَافِيهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ فِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِ مَا قَضَى بِهِ رَجَعَ فِيهِ وَلَا يَنْقُضُ مَا حَكَمَ فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّا فِيهِ اخْتِلَافٌ. اهـ. وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مُشْكِلٌ فِي نَحْوِ شُفْعَةِ الْجَارِ وَاسْتِسْعَاءِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ لِتَعَلُّقِ الْمُخَالِفِ فِيهِ بِسُنَّةٍ قَائِمَةٍ كَمَا عَلِمْت، وَهَبْ أَنَّهَا عِنْدَهُ مَرْجُوحَةٌ فَهِيَ رَاجِحَةٌ عِنْدَ الْمُخَالِفِ، وَكَذَا كُلُّ مَا تَعَلَّقَ فِيهِ الْمُخَالِفُ بِسُنَّةٍ وَغَيْرُهُ بِمِثْلِهَا فَقَدْ ظَهَرَ لَك مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا أَنَّ الصَّوَابَ جَعْلُ قَوْلِهِ كَاسْتِسْعَاءِ عِتْقٍ إلَخْ تَشْبِيهًا، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ صَنِيعِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ عَنْ الْقَرَافِيِّ نَقْضَ الْحُكْمِ إذَا خَالَفَ نَصَّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَيُرَدُّ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فَلَمْ يَجْعَلْهُ مِثَالًا بَلْ تَشْبِيهًا. الْبُنَانِيُّ أَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِعَدَمِ النَّقْضِ انْفَرَدَ بِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ وَأَنَّ النَّقْضَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لِمُخَالَفَةِ عَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ مَا نَصُّهُ أَشَارَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الذَّاهِبِينَ إلَى خِلَافِ مَذْهَبِهِ خَالَفُوا فِي حُكْمِ مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ مَدِينَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَانَ ذَلِكَ كَمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ الْقَائِمَةِ لَا سِيَّمَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ حُجَّةٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَمْ يَرَ النَّقْضَ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 345 أَوْ جَعْلِ بَتَّةٍ وَاحِدَةً،   [منح الجليل] شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، لِكَوْنِ أَدِلَّتِهَا لَيْسَتْ بِقَطْعِيَّةٍ. ثُمَّ قَالَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَعِيدٌ عَنْ تَجْدِيدِ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ كَيْفَ وَالِاسْتِسْعَاءُ قَدْ وَرَدَ بِهِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ مَعَ وُرُودِ أَحَادِيثَ تَقْتَضِيهَا. اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَا خَالَفَ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُنْقَضُ بِمَنْزِلَةِ مَا خَالَفَ قَاطِعًا، وَأَنَّ النَّقْضَ لَيْسَ مَحْصُورًا فِي مُخَالَفَةِ الْقَاطِعِ، وَلَعَلَّ اسْتِبْعَادَ الْمَازِرِيِّ لَهُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ فَلَمْ يَرْتَضِهِ الْمُصَنِّفُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِالنَّقْضِ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِعَيْنِهَا، وَقَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِعَدَمِهِ فِيهَا قَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُعْجِبُنِي مَا انْفَرَدَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ انْفَرَدَ بِعَدَمِ النَّقْضِ عَنْ أَصْحَابِهِ. وَقَالَ ابْنُ دَبُّوسٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْإِعْلَامِ بِمَا يَنْزِلُ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ، وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ، وَرَوَى أَكْثَرَهُ عَنْ مَالِكٍ وَأَنَّهُ رَأْيُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ. قُلْت لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَمَنْ حَكَمَ بِحُكْمِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ وَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَمِيرَاثِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْمَوْلَى الْأَسْفَلِ إلَخْ فَقَالَ هَذَا كُلُّهُ عِنْدِي مِمَّا إذَا حَكَمَ فِيهِ حَاكِمٌ بِإِمْضَائِهِ أَمْضَيْته وَلَا أَرُدُّهُ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَمْ يُعْجِبْنِي انْفِرَادُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِهَذَا الْقَوْلِ دُونَ أَصْحَابِهِ وَلَمْ نَأْخُذْ بِهِ. وَقَوْلُنَا فِيهِ كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ. اهـ. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَقْلِ الْأَئِمَّةِ، وَاسْتِبْعَادُ الْمَازِرِيُّ لَهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ لَا يُضْعِفُهُ، وَأَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِعَدَمِ النَّقْضِ هُوَ الضَّعِيفُ لِانْفِرَادِهِ بِهِ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَقُلْ بِالنَّقْضِ غَيْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَرْدُودٌ بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) حَكَمَ ب (جَعْلِ بَتَّةٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ طَلَاقِ بَتِّ الْعِصْمَةِ وَقَطْعِهَا وَهُوَ الثَّلَاثُ طَلْقَةً (وَاحِدَةً) ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَرَفَعَ لِمَنْ يَرَاهَا وَاحِدَةً فَجَعَلَهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 346 أَوْ أَنَّهُ قَصَدَ كَذَا فَأَخْطَأَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ، أَوْ صَبِيَّيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ: كَأَحَدِهِمَا،   [منح الجليل] وَاحِدَةً وَزَوْجُهَا الْبَاتُّ قَبْلَ زَوْجٍ فَلِمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الِاخْتِلَافِ الَّذِي يُقَرُّ الْحُكْمُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَنْتَقِضُ ذَلِكَ كَائِنًا مَا كَانَ مَا لَمْ يَكُنْ خَطَأً مَحْضًا (أَوْ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَصَدَ كَذَا) مِنْ الْأَقْوَالِ لِيَحْكُمَ بِهِ (فَأَخْطَأَ) وَحَكَمَ بِغَيْرِهِ وَثَبَتَ ذَلِكَ (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ عِنْدَ الْقَاضِي. الثَّانِي أَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ قَصَدَ الْحُكْمَ بِكَذَا فَأَخْطَأَ وَحَكَمَ بِغَيْرِهِ فَيَنْقُضُهُ الثَّانِي. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي الْعَدْلِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ رَأْيًا فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ سَهْوًا نُقِضَ حُكْمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ، وَنَصُّهُ إنْ قَصَدَ إلَى الْحُكْمِ بِمَذْهَبٍ فَصَادَفَ غَيْرَهُ سَهْوًا فَهَذَا فَسْخُهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ، إذْ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ لِجَرَيَانِهِ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَوَجْهُ غَلَطِهِ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا عَلِمَتْ قَصْدَهُ إلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِهِ فَوَقَعَ فِيهِ فَيَنْقُضُهُ مَنْ بَعْدَهُ كَمَا يَنْقُضُهُ هُوَ. (أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَضَى) بِأَمْرٍ (بِ) شَهَادَةِ (عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ) مُعْتَقِدًا عَدَالَتَهُمَا فَيُنْقَضُ قَضَاؤُهُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ اتِّفَاقًا، وَفِي الرَّابِعَةِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْآخَرُ لَا يُنْقَضُ وَبِهِ أَخَذَ أَشْهَبُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ، بِخِلَافِ رُجُوعِ الْبَيِّنَةِ. اللَّخْمِيُّ إنْ ثَبَتَ تَقَدُّمُ جُرْحَةِ الْبَيِّنَةِ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ يَمْضِي، وَعَلَى هَذَا يَجْرِي إنْ ثَبَتَ أَنَّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُ عَدَاوَةً أَوْ تُهْمَةً. وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ فَقَالَ (كَ) ظُهُورِ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ فَاسِقًا فَيُنْقَضُ. فِيهَا إنْ عَلِمَ بَعْدَ الْجَلْدِ أَوْ الرَّجْمِ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ حُدَّ الشُّهُودُ أَجْمَعُونَ. اللَّخْمِيُّ إنْ ثَبَتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ نُقِضَ الْحُكْمُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَلَوْ قِيلَ بِمُضِيِّهِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 347 إلَّا بِمَالٍ فَلَا يُرَدُّ، إنْ حَلَفَ، وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ، إنْ حَلَفَ وَحَلَفَ فِي الْقِصَاصِ خَمْسِينَ مَعَ عَاصِبِهِ،   [منح الجليل] إمْضَائِهِ إنْ ثَبَتَ جُرْحَتُهُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَاسِقِ مَرْدُودَةٌ اتِّفَاقًا، وَالْعَبْدُ أَجَازَ شَهَادَتَهُ عَلِيٌّ وَأَنَسٌ وَشُرَيْحٌ وَغَيْرُهُمْ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ أَحَدَهُمَا نَصْرَانِيٌّ رُدَّ الْحُكْمُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مُوَلًّى عَلَيْهِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يُنْقَضُ. وَالنَّقْضُ فِي هَذَا أَبْعَدُ مِنْهُ فِي الْعَبْدِ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنَّ شَهَادَةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ تَجُوزُ ابْتِدَاءً وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَدْلٌ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِجَهْلِهِ بِتَدْبِيرِ مَالِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَةُ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ كَوْنَهُمَا صَبِيَّيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا كَكَوْنِهِمَا أَوْ أَحَدَهُمَا كَافِرًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ مَنْ ظَهَرَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا (بِمَالٍ فَ) لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَ (لَا يُرَدُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَالُ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ (إنْ حَلَفَ) الْمَحْكُومُ لَهُ بِهِ لِتَمَامِ النِّصَابِ بِالْيَمِينِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمَحْكُومُ لَهُ بِهِ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمَالَ (مِنْهُ) أَيْ الْمَحْكُومِ لَهُ (إنْ حَلَفَ) الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْبَاقِي، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَأْخُذُهُ لِثُبُوتِهِ عَلَيْهِ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ فِيهَا إنْ حَكَمَ بِمَالٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ الْبَاقِي، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَاسْتَرْجَعَ الْمَالَ، وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَطْعِ يَدِ رَجُلٍ عَمْدًا فَاقْتُصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلَا يَكُونُ عَلَى مُتَوَلِّي الْقَطْعِ شَيْءٌ وَهَذَا مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ اللَّخْمِيِّ، أَرَادَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُرُّ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ عَبْدٌ. وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهَا مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقُلْ يَحْلِفُ الْمُقْتَصُّ لَهُ مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي كَمَا قَالَ فِي الْمَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا إنَّ جِرَاحَ الْعَمْدِ ثَبَتَتْ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ كَالْمَالِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَالَ يُمْكِنُ رَدُّهُ فَكَانَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ مُنْتَفَعٌ بِيَمِينِهِ فَصَحَّ حَلِفُهُ وَالْقَطْعُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ فَلَا نَفْعَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِحَلِفِهِ. (وَ) إنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِقَتْلِ آخَرَ عَمْدًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا (حَلَفَ) وَلِيُّ الدَّمِ (خَمْسِينَ) يَمِينًا (مَعَ) جِنْسِ (عَاصِبِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، إذْ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَمَضَى الْحُكْمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 348 وَإِنْ نَكَلَ: رُدَّتْ، وَغَرِمَ شُهُودٌ عَلِمُوا، وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَفِي الْقَطْعِ: حَلَفَ الْمَقْطُوعُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ.   [منح الجليل] فَإِنْ نَكَلَ) الْوَلِيُّ (رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْبَاقِي (وَغَرِمَ) الدِّيَةَ (شُهُودٌ عَلِمُوا) أَنَّ مَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ عَبْدًا وَنَحْوَهُ، سَوَاءٌ عَلِمُوا أَنَّ شَهَادَتَهُ مَرْدُودَةٌ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا (فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ) الَّذِي حَكَمَ بِالْقِصَاصِ غَرِمَ الدِّيَةَ لِخَطَئِهِ فِي اجْتِهَادِهِ فِي حَالِ الشُّهُودِ، فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ. " ق " اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ بَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِالْقَتْلِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ عَصَبَتِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا تَمَّ الْحُكْمُ لَهُ وَنَفَذَ، وَإِنْ نَكَلَ الْمَحْكُومُ لَهُ بِالْقَتْلِ عَنْ الْقَسَامَةِ انْتَقَضَ الْحُكْمُ، كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا غُرْمَ عَلَى الشَّاهِدِ أَيْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إنْ جَهِلَ رَدَّ شَهَادَةِ الْعَبْدِ أَوْ الذِّمِّيِّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ. (وَ) إنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ وَاقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ نَحْوَهُ، فَإِنْ حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي مَضَى الْحُكْمُ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ مَعَهُ (فِي) صُورَةِ الْحُكْمِ بِ (الْقَطْعِ) لِيَدٍ مَثَلًا (حَلَفَ) الشَّخْصُ (الْمَقْطُوعُ) يَدُهُ (أَنَّهَا) أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَطَعَ يَدَ الْمُدَّعِي عَمْدًا (بَاطِلَةٌ) وَاسْتَحَقَّ دِيَةَ يَدِهِ مِنْ الشَّاهِدِ الْبَاقِي الْعَالِمِ بِأَنَّ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَمِنْ عَاقِلَةِ الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ. " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْوَالُ فِي هَذَا سِتَّةٌ. ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ بَانَ أَحَدُهُمَا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْقَطْعِ مَعَ الشَّاهِدِ الْبَاقِي تَمَّ الْحُكْمُ لَهُ وَنَفَذَ، وَإِنْ نَكَلَ فِي الْقَطْعِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ شَاهِدَهُ عَبْدٌ لِظُهُورِ حُرِّيَّتِهِ وَحَلَفَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْيَدِ أَنَّ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ بِهِ بَاطِلٌ انْتَقَضَ الْحُكْمُ، كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا غُرْمَ عَلَى الشَّاهِدِ إنْ جَهِلَ رَدَّ شَهَادَةِ الْعَبْدِ أَوْ الذِّمِّيِّ وَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ، وَبَحَثَ فِي حَلِفِ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوَّلًا بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى الشَّاهِدِ أَوْ عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَوْ عَلَى الْإِمَامِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ هُنَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 349 وَنَقَضَهُ هُوَ فَقَطْ، إنْ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ أَصْوَبُ   [منح الجليل] الْحَطّ يَعْنِي فَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي قَطْعٍ بِأَنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا قَطَعَ يَدَ هَذَا عَمْدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ فَاسِقٌ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمَحْكُومُ لَهُ بِالْقِصَاصِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ عَلَى رَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَاسْتَحَقَّ دِيَةَ يَدِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الدِّيَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْقِصَاصِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى مَا قَالَ إنَّ الْغُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ إنْ عَلِمُوا وَإِلَّا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ. وَفِي كِتَابِ الْحُدُودِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَطْعِ يَدِ رَجُلٍ عَمْدًا فَاقْتَصَّ مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَهُمَا عَبْدٌ أَوْ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى مُتَوَلِّي الْقَطْعِ شَيْءٌ، قَالَ وَهَذَا مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ. قُلْت فَهَلْ لِلْمُقْتَصِّ عَلَى الَّذِي اقْتَصَّ لَهُ شَيْءٌ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ وَلَا أَرَى لَهُ شَيْئًا. قُلْت فَهَلْ عَلَى الَّذِي اقْتَصَّ شَيْءٌ قَالَ لَا، وَهَذَا مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْحُرُّ أَنَّ الَّذِي مَعَهُ عَبْدٌ اهـ. (وَنَقَضَهُ) أَيْ الْحُكْمَ (هُوَ) أَيْ الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ بِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ (إنْ ظَهَرَ أَنَّ غَيْرَهُ) أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ (أَصْوَبُ) مِنْهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمَا وَالْقَوْلَانِ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا. فِيهَا أَكَانَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرَى لِلْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ تَبَيَّنَ لَهُ فِيهَا أَنَّ غَيْرَ مَا قَضَى بِهِ أَصْوَبُ مِمَّا قَضَى بِهِ أَنْ يَرُدَّ قَضِيَّتِهِ وَيَقْضِي بِمَا رَأَى بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَا قَضَى بِهِ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ إنَّمَا قَالَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَقَّ غَيْرُ مَا قَضَى بِهِ رَجَعَ فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا قَضَتْ بِهِ الْقُضَاةُ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ. ابْنُ مُحْرِزٍ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ فَسْخُهُ وَهُوَ أَحْسَنُ. وَفِي الْعَارِضَةِ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقَضِيَّةٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا الْأَصْوَبُ مِنْهَا. وَأَمَّا رَدُّ غَيْرِهِ لِحُكْمِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا أَوْ بِخِلَافٍ شَاذٍّ. اهـ. الْحَطّ هَذَا مَا دَامَ عَلَى وِلَايَتِهِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِذَلِكَ الْحُكْمِ، فَإِنْ عُزِلَ ثُمَّ وُلِّيَ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ، فَفِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ لِلْقَاضِي الرُّجُوعُ عَنْ حُكْمِهِ فِيمَا فِيهِ الِاخْتِلَافُ مَا دَامَ عَلَى خُطَّتِهِ، وَلَيْسَ لِمَنْ وَلِيَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 350 أَوْ خَرَجَ عَنْ رَأْيِهِ، أَوْ رَأْيِ مُقَلَّدِهِ   [منح الجليل] بَعْدَهُ نَقْضُ ذَلِكَ الْحُكْمِ إذَا وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، وَكَذَلِكَ لَيْسَ هُوَ نَقْضَهُ إنْ عَادَ إلَى الْحُكْمِ بَعْدَ الْعَزْلِ اهـ. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ لِلْقَاضِي الرُّجُوعُ عَمَّا حَكَمَ بِهِ وَقَضَى فِيهِ مِمَّا فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِيمَا تَبَيَّنَ لَهُ فِيهِ الْوَهْمُ مَا دَامَ عَلَى قَضَائِهِ، فَإِنْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ نَفَذَ حُكْمُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ فَسْخُهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ جَوْرٌ، أَوْ يَكُونُ قَدْ قَضَى بِخَطَأٍ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَا حَكَمَ فِيهِ مِمَّا فِيهِ اخْتِلَافٌ وَإِنْ كَانَ وَجْهًا ضَعِيفًا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ سِوَاهُ فَسْخُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي ثُمَّ صُرِفَ إلَى خُطَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ مَا حَكَمَ بِهِ إلَّا مَا يَكُونُ لَهُ نَقْضُهُ مِنْ قَضَاءِ غَيْرِهِ وَعَزْلِهِ وَتَوْلِيَتِهِ كَعَزْلِهِ وَتَوْلِيَةِ غَيْرِهِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَمَّا حَكَمَ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ إذَا حَكَمَ بِذَلِكَ وَهُوَ يَرَاهُ بِاجْتِهَادِهِ. وَأَمَّا إنْ قَضَى بِذَلِكَ وَهِلًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا فَلَا يَنْبَغِي لِلْخِلَافِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى مَا رَأَى، إذْ قَدْ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ. (أَوْ خَرَجَ) الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ (عَنْ رَأْيِهِ) الَّذِي أَدَّاهُ اجْتِهَادًا إلَيْهِ وَقَضَى بِغَيْرِهِ سَهْوًا فَلَهُ هُوَ نَقْضُهُ وَلَا يَنْقُضُهُ غَيْرُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَضَى بِغَيْرِ مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ ذَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الرُّجُوعِ عَنْهُ إلَى مَا رَأَى (أَوْ) خَرَجَ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ (عَنْ رَأْيِ مُقَلَّدِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا ذَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَهُ نَقْضُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ. ابْنُ مُحْرِزٍ إنْ قَصَدَ إلَى الْحُكْمِ بِمَذْهَبٍ فَصَادَفَ غَيْرَهُ سَهْوًا فَهَذَا يَفْسَخُهُ هُوَ دُونَ غَيْرِهِ، إذْ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ لِجَرَيَانِهِ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَوَجْهُ غَلْطَةِ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا عَلِمَتْ قَصْدَهُ إلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِهِ، فَوَقَعَ فِيهِ فَيَنْقُضُهُ مَنْ بَعْدَهُ كَمَا يَنْقُضُهُ هُوَ. الْبُنَانِيُّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِيمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ. وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِالْمَشْهُورِ وَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ الْحُكْمِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ أَحْكَامِ قُضَاةِ الْعَصْرِ إلَّا مَا لَا يُخَالِفُ الْمَشْهُورَ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ الْبُرْزُلِيُّ فَقَالَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ لَا يَحْكُمَ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الجزء: 8 ¦ الصفحة: 351 وَرَفَعَ الْخِلَافَ،   [منح الجليل] وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ السُّيُورِيِّ فَفَسَخَهُ وَفَسَخَ الْغُبْرِينِيُّ حُكْمَ حَاكِمٍ بِقَوْلٍ شَاذٍّ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَلَا مَعْرِفَةِ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِالشَّاذِّ وَهُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ وَيُفْسَخُ حُكْمُهُ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْقُضَاةِ مَنْ ثَبَتَ لَهُ وَجْهُهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ تَرْجِيحُهُ وَلَيْسَ هَذَا فِي قُضَاةِ زَمَانِنَا، بَلْ لَا يَعْرِفُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ النَّصَّ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُونَ بِالتَّخْمِينِ نَقَلَهُ طفي فِي أَجْوِبَتِهِ عَنْ الدُّرَرِ الْمَكْنُونَةِ وَنَحْوِهِ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الْعُقْبَانِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَرَفَعَ) حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي نَازِلَةٍ فِيهَا أَقْوَالٌ لِلْأَئِمَّةِ بِقَوْلٍ مِنْهَا فَيَرْفَعُ (الْخِلَافَ) أَيْ الْعَمَلَ وَالْفَتْوَى فِي عَيْنِ تِلْكَ النَّازِلَةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا بِغَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ فِيهَا. " غ " الْقَرَافِيُّ الْخِلَافُ يَتَقَرَّرُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَيَبْطُلُ الْخِلَافُ فِيهَا وَيَتَعَيَّنُ قَوْلٌ وَاحِدٌ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ: ابْنُ الشَّاطِّ هَذَا يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ يَبْطُلُ مُطْلَقًا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الْحُكْمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ اسْتَفْتَى الْمُخَالِفَ فِي عَيْنِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا فَلَا يُسَوَّغُ لَهُ الْفَتْوَى فِيهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ قَدْ نَفَذَ الْحُكْمُ فِيهَا بِقَوْلِ قَائِلٍ، وَمَضَى الْعَمَلُ بِهِ فِيهَا وَإِنْ اسْتَفْتَى فِي مِثْلِهَا قَبْلَ الْحُكْمِ فِيهِ أَفْتَى بِمَذْهَبِهِ عَلَى أَصْلِهِ، ثُمَّ قَالَ الْقَرَافِيُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيَرْجِعُ الْمُخَالِفُ عَنْ مَذْهَبِهِ لِمَذْهَبِ الْحَاكِمِ، وَتَتَغَيَّرُ فُتْيَاهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ، فَمَنْ لَا يَرَى وَقْفَ الْمُشَاعِ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ، ثُمَّ رُفِعَتْ الْوَاقِعَةُ لِمَنْ كَانَ يُفْتِي بِبُطْلَانِهِ نَفَّذَهُ وَأَمْضَاهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُفْتِيَ بِبُطْلَانِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَزَوَّجَهَا وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ هَذَا النِّكَاحِ، فَاَلَّذِي كَانَ يَرَى لُزُومَ الطَّلَاقِ لَهُ يُنْفِذُ هَذَا النِّكَاحَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُفْتِيَ بِالطَّلَاقِ، هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ الشَّاطِّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يُنْفِذُهُ وَلَا يُمْضِيهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَنْقُضُهُ، وَكَانَ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ يَحْكِي عَنْ شَيْخِهِ الْعَكْرَمِيِّ عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ عَلَيْك بِقَوَاعِدِ الْقَرَافِيِّ وَلَا تَقْبَلْ مِنْهَا إلَّا مَا قَبِلَهُ ابْنُ الشَّاطِّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 352 لَا أَحَلَّ حَرَامًا   [منح الجليل] لَا أَحَلَّ) حُكْمُ الْحَاكِمِ (حَرَامًا) " غ " فِيهِ تَنْبِيهَانِ، الْأَوَّلُ عَبْدُ السَّلَامِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَا حَكَى عَنْهُمْ أَبُو عُمَرَ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ لَا فِي الْفُرُوجِ اهـ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. أَمَّا فِي نُسْخَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الِاسْتِذْكَارِ وَأَمَّا فِي شَرْحِهِ هُوَ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ مِنْ الِاسْتِذْكَارِ عَتِيقَةٍ مَقْرُوءَةٍ مُقَابَلَةٍ بِأَصْلِ مُؤَلِّفِهِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِمْ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ بِلَفْظِ أَصْحَابِهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الْعَائِدِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، إذْ لَا خِلَافَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالْفُرُوجِ كَمَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا. الثَّانِي: سُئِلَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَحَكَمَ لَهُ بِهِ، وَبِحُكْمِ الْحَنَفِيِّ لِمَالِكِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ، أَمَّا الْمِثَالُ الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِيِّ الْأَخْذُ بِهَذِهِ الشُّفْعَةِ لِاعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي، فَيَعُودُ الْأَمْرُ فِيهِ إلَى مَا قَبْلَهُ، هَكَذَا قَالُوا، وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ الظَّاهِرُ فِيهِ مُخَالِفٌ لِلْبَاطِنِ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِكَذِبِ الشُّهُودِ لَمَا حَكَمَ بِهِمْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَاضِي وَالْخَصْمَانِ عَلِمُوا مِنْ حَالِ الْبَاطِنِ مَا عَلِمُوا مِنْ حَالِ الظَّاهِرِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَفْعِ الْخِلَافِ فَيَتَنَزَّلُ ذَلِكَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ مَنْزِلَةَ الْإِجْمَاعِ، وَمَا هَذَا سَبِيلُهُ يَتَنَاوَلُ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ، وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ السُّيُورِيِّ، وَعَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ شَيْئًا فَنَقَلَهُ مِنْ مَكَانِهِ، وَكَانَ مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ يَفُوتُ بِنَقْلِهِ أَمْ لَا فَقَضَى الْقَاضِي لِرَبِّهِ بِأَخْذِهِ، وَكَانَ مَذْهَبُ رَبِّهِ أَنَّهُ يَفُوتُ وَتَجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ، فَعَلَى هَذَا لَيْسَ لِرَبِّهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ كَذَا قَالُوا مَعَ عَزْوِهِ مَا ظَهَرَ لَهُ لِلسُّيُورِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ إنَّمَا الْقَضَاءُ إظْهَارٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا اخْتِرَاعٌ لَهُ فَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِيِّ شُفْعَةُ الْجِوَارِ إنْ قَضَى لَهُ بِهَا حَنَفِيٌّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ. الْمَازِرِيُّ فِي ائْتِمَامِ الشَّافِعِيِّ بِالْمَالِكِيِّ وَعَكْسُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّتِهِ، وَاعْتَذَرَ عَنْ قَوْلِ أَشْهَبَ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ الْقُبْلَةِ يُعِيدُ، وَفِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 353 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حَظُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَلِيطَيْنِ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، وَفِي مَجْمُوعِهِمَا مَا فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ تَعَدَّى السَّاعِي فَأَخَذَ مِنْ غَنَمِ أَحَدِهِمَا شَاةً فَلْيَتَرَادَّا فِيهَا عَلَى عَدَدِ غَنَمِهِمَا، فَتَحْلِيلُهُ لِمَنْ أُخِذَتْ الشَّاةُ مِنْ غَنَمِهِ الرُّجُوعَ عَلَى خَلِيطِهِ بِمَنَابِهِ مِنْهَا نَصٌّ فِي صِحَّةِ عَمَلِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِلَازِمِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ الْمُخَالِفُ لِمَذْهَبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَأَحْرَى إذَا كَانَ نَفْسَ مَا حَكَمَ بِهِ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَلَا أَعْلَمُ لِابْنِ شَاسٍ فِيهِ مُسْتَنَدًا إلَّا اتِّبَاعَ وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ. وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فَقَالَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ حَكَمَ الْحَنَفِيُّ إلَخْ. نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. فَقَالَ إنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِاجْتِهَادٍ بِقَوْلٍ شَاذٍّ فَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى فَسْخِ حُكْمِهِ كَالْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ اسْتِشْكَالَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَا هُنَا كَاسْتِبْعَادِ الْمَازِرِيِّ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِنَقْضِ الْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجَارِ وَنَظَائِرِهَا الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُخْتَصَرِ قَبْلَ هَذَا، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لَا يَنْبَنِي عَلَى إمْضَاءِ حُكْمِ الْقَاضِي وَنَقْضِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ كُلَّ مَسْأَلَةٍ مِنْهُمَا فِي مَوْضِعِهَا عَلَى حِدَتِهَا وَلَمْ يُشِرْ لِتَلَازُمِهِمَا. الْحَطّ فِي النَّوَادِرِ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَتَخَاصَمَا إلَى مَنْ يَرَاهَا وَاحِدَةً وَحَكَمَ لَهُمَا بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَمَذْهَبُهُمَا أَنَّهَا ثَلَاثٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُمَا النِّكَاحُ قَبْلَ زَوْجٍ حُكْمُهُ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُحِلُّ لَهُمَا مَا هُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِمَا فِي مَذْهَبِهِمَا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ اسْقِنِي مَاءً مُرِيدًا عِتْقَهُ بِهَذَا وَالسَّيِّدُ يَرَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَالْعَبْدُ يَرَاهُ عِتْقًا فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ إنْ حَكَمَ لَهُ بِالْعِتْقِ حَاكِمٌ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي وَهِيَ تَذْهَبُ أَنَّهُ ثَلَاثٌ، وَالزَّوْجُ إلَى أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، وَتَخَاصَمَا إلَى مَنْ يَرَاهَا وَاحِدَةً فَحَكَمَ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ فَحُكْمُهُ لَا يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ تَمْكِينَ الزَّوْجِ مِنْهَا وَلْتَمْنَعْهُ جَهْدَهَا لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْحَرَامُ. طفي يُحْتَمَلُ تَعَلُّقَ قَوْلِهِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا بِقَوْلِهِ وَرَفَعَ الْخِلَافَ كَمَا قَرَّرَ بِهِ تت، وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْجَوَاهِرِ أَنَّ الْقَضَاءَ وَإِنْ لَمْ يُنْقَضْ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ الْحُكْمُ فِي الْبَاطِنِ، بَلْ هُوَ عَلَى الْمُكَلَّفِ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا الْقَضَاءُ إظْهَارٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ لَا اخْتِرَاعٌ لَهُ فَلَا يَحِلُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 354 وَنَقْلُ مِلْكٍ، وَفَسْخُ عَقْدٍ،   [منح الجليل] لِلْمَالِكَيَّ شُفْعَةُ الْجِوَارِ اهـ. وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ تَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهُ وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ حَرَامًا فِي الْبَاطِنِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مَا حَكَمَ كَمَنْ أَقَامَ شُهُودَ زُورٍ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِمْ لِاعْتِقَادِ عَدَالَتِهِمْ، فَهَذَا ظَاهِرُهُ خِلَافُ بَاطِنِهِ بِخِلَافِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ النَّوْعَيْنِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي عَامٌّ عِنْدَنَا فِي الْفُرُوجِ وَالْأَمْوَالِ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا النَّوْعُ الْأَوَّلُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ بِأَنَّهُ لَا يُحِلُّ الْحَرَامَ أَيْضًا وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا أَحَلَّ حَرَامًا هَذَا مُخَصَّصٌ بِمَا إذَا كَانَ بَاطِنُهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ وَهُوَ قِسْمَانِ أَمْوَالٌ وَفُرُوجٌ وَبِمَا إذَا حَكَمَ بِأَمْرٍ يَعْتَقِدُ حِلِّيَّتَهُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَا يَرَى حِلِّيَّتَهُ لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا أَوْ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ مُقَلِّدِهِ، فَالْحَرَامُ الَّذِي لَا يُحِلُّهُ حُكْمُ الْقَاضِي هُوَ هَذَانِ الْقِسْمَانِ عَلَى نِزَاعٍ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، فَإِنَّ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ قَالَا لَا يُحِلُّهُ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُمَا تَبِعَا فِيهِ وَجِيزَ الْغَزَالِيِّ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ، وَمَحَلُّ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ فِي هَذَا الثَّانِي أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي بِقَوْلٍ شَاذٍّ كَالشُّفْعَةِ لِلْجَارِ، وَحَمْلَهُ فِي ضَيْح عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالشَّاذِّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَلِمْت بِذَلِكَ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: مَا بَاطِنُهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ، وَهَذَا مَحَلُّ قَوْلِهِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا، وَمَا حَكَمَ فِيهِ الْمُخَالِفُ بِقَوْلٍ غَيْرِ شَاذٍّ، وَهَذَا مَحَلُّ قَوْلِهِ وَرَفَعَ الْخِلَافَ، وَمَا حُكِمَ فِيهِ بِالشَّاذِّ، وَهَذَا عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ حُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا أَحَلَّ حَرَامًا، وَعِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ حُكْمُهُ كَالثَّانِي فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَرَفَعَ الْخِلَافَ، وَهَذَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ، نَعَمْ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ لِابْنِ شَاسٍ مُسْتَنَدًا إلَّا مَا فِي الْوَجِيزِ قُصُورٌ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ مِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمَتْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ بَيَّنَ مَا يُعَدُّ حُكْمًا رَافِعًا الْخِلَافَ فَقَالَ (وَنَقْلُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ (مِلْكٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ قَوْلُ الْقَاضِي نَقَلْت مِلْكَ الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِيهِ حُكْمٌ مِنْهُ رَافِعٌ الْخِلَافَ (وَفَسْخُ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ (عَقْدٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِنِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مُتَنَازَعٍ فِيهِ، أَيْ قَوْلُهُ فَسَخْت هَذَا الْعَقْدَ حُكْمٌ كَذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 355 وَتَقَرُّرُ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ: حُكْمٌ لَا أُجِيزُهُ،   [منح الجليل] (وَتَقَرُّرُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْقَافِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُثَقَّلًا، أَيْ تَقْرِيرُ (نِكَاحِ) امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا (بِغَيْرِ وَلِيٍّ) أَيْ قَوْلِهِ قَرَّرْتُهُ (حُكْمٌ) رَافِعٌ لِلْخِلَافِ. خَبَرُ " نَقْلُ " وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ. عَبَّ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِتَقْرِيرِهِ مَا يَشْمَلُ سُكُوتَ الْحَنَفِيِّ عَنْهُ حِينَ رُفِعَ لَهُ وَعَدَمَ حُكْمِهِ بِإِثْبَاتٍ وَلَا نَفْيٍ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ، وَيَشْهَدُ لَهُ النَّقْلُ الْآتِي. ابْنُ شَاسٍ مَا قَضَى بِهِ الْحَاكِمُ مِنْ نَقْلِ الْأَمْلَاكِ وَفَسْخِ الْعُقُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِهِ حُكْمًا، فَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ تَأْثِيرُ الْقَاضِي فِي الْحَادِثَةِ أَكْثَرَ مِنْ إقْرَارِهَا لَمَا رُفِعَتْ إلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يُرْفَعَ إلَيْهِ نِكَاحُ امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَأَقَرَّهُ وَأَجَازَهُ ثُمَّ عُزِلَ وَجَاءَ غَيْرُهُ، فَهَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْحُكْمِ وَإِمْضَاؤُهُ وَالْإِقْرَارُ عَلَيْهِ كَالْحُكْمِ بِإِجَارَتِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ إنْ تَرَكَ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَسْأَلَةٍ فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ بِفِقْهِهِ أَنْ يَمْضِيَ حُكْمُهُ بِالتَّرْكِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ صَحِيحٌ كَتَرْكِهِ فَسْخَ نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَنِكَاحَ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ قَبْلَ الْمِلْكِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ الْأَعْرَاضِ وَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى خِلَافِهِ. (لَا) يُعَدُّ حُكْمًا قَوْلُ الْقَاضِي فِي شَأْنِ عَقْدٍ رُفِعَ إلَيْهِ (لَا أُجِيزُهُ) ابْنُ شَاسٍ لَوْ رُفِعَ هَذَا النِّكَاحُ إلَى قَاضٍ فَقَالَ أَنَا لَا أُجِيزُ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِفَسْخِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ وَلَكِنَّهُ فَتْوَى وَلِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ اسْتَقَالَ النَّظَرَ فِيهِ فَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى جَعْلِهِ فَتْوَى أَنَّ لِمَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ نَقْضُهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلثَّانِي نَقْضُهُ، لِأَنَّ قَوْلَ الْأَوَّلِ لَا أُجِيزُهُ وَلَا أَفْسَخُهُ حُكْمٌ مِنْهُ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَالْكَرَاهَةُ أَحَدُ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الْخَمْسَةِ الَّتِي يَجِبُ رَعْيُ كُلِّ حُكْمٍ مِنْهَا وَلَازِمِهِ وَحُكْمِ الْمَكْرُوهِ. وَعَدَمُ نَقْضِهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ إذَا كَانَ مُتَعَلِّقُهُ تَرْكًا (أَوْ أَفْتَى) الْقَاضِي فِي أَمْرٍ رُفِعَ إلَيْهِ فَلَيْسَتْ فَتْوَاهُ حُكْمًا اتِّفَاقًا. ابْنُ الْحَاجِبِ فَتْوَاهُ فِي وَاقِعَةٍ وَاضِحٌ أَنَّهُ لَيْسَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 356 أَوْ أَفْتَى وَلَمْ يَتَعَدَّ لِمُمَاثِلٍ، بَلْ إنْ تَجَدَّدَ، فَالِاجْتِهَادُ كَفَسْخٍ بِرَضْعِ كَبِيرٍ، وَتَأْبِيدِ مَنْكُوحَةِ عِدَّةٍ، وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ   [منح الجليل] بِحُكْمٍ ابْنِ عَرَفَةَ جَزْمُ الْقَاضِي بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى وَجْهٍ مِنْ مُجَرَّدِ إعْلَامِهِ بِهِ فَتْوَى لَا حُكْمٌ، وَجَزْمُهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْأَمْرِ بِهِ حُكْمٌ. (وَ) إنْ حَكَمَ الْقَاضِي فِي نَازِلَةٍ بِحُكْمٍ وَنَزَلَتْ نَازِلَةٌ مِثْلُهَا (لَمْ يَتَعَدَّ) حُكْمُهُ (لِ) أَمْرٍ (مُمَاثِلٍ) لِلْأَمْرِ الَّذِي حَكَمَ فِيهِ أَوَّلًا لِأَنَّ الْحُكْمَ جُزْئِيٌّ (بَلْ إنْ تَجَدَّدَ) الْمُمَاثِلُ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (فَالِاجْتِهَادُ) مَشْرُوعٌ فِيهِ مِنْ الْقَاضِي الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَثَّلَ لِهَذَا فَقَالَ (كَفَسْخٍ) لِنِكَاحٍ (بِ) سَبَبِ (رَضْعِ) شَخْصٍ (كَبِيرٍ) أَيْ زَادَ عُمْرُهُ عَلَى حَوْلَيْنِ وَشَهْرَيْنِ ثُمَّ عَقَدَ الزَّوْجُ عَلَى الزَّوْجَةِ فَلَا يَتَعَدَّى فَسْخَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِهَذَا الْعَقْدِ الثَّانِي، وَكَذَا إذَا تَجَدَّدَ مِثْلُهَا فَيَجْتَهِدُ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ فِي الثَّانِي بِالْفَسْخِ أَوْ التَّقْرِيرِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ يَحْكُمُ بِتَأْيِيدِ التَّحْرِيمِ بَيْنَهُمَا. (وَ) كَفَسْخِ نِكَاحٍ فِي عِدَّةٍ لِ (تَأْبِيدِ) حُرْمَةِ امْرَأَةٍ (مَنْكُوحَةِ) رَجُلٍ فِي (عِدَّةٍ) لَهَا مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا آخَرَ وَتَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ أُخْرَى فِي عِدَّتِهَا فَلَا يَتَعَدَّى الْفَسْخُ إلَى الْعَقْدِ الثَّانِي وَيَجْتَهِدُ فِيهِ الْقَاضِي الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ بِالْفَسْخِ، أَوْ التَّقْرِيرِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْأَوَّلَ يَحْكُمُ بِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ (وَهِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ الَّتِي فُسِخَ نِكَاحُهَا بِرَضْعِ الْكَبِيرِ أَوْ بِوُقُوعِهِ فِي عِدَّتِهَا كَغَيْرِهَا) مِنْ النِّسَاءِ (فِي) الزَّمَنِ (الْمُسْتَقْبَلِ) مِمَّنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ. " غ " هَذَانِ الْمِثَالَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ شَاسٍ، فَقَالَ إنْ كَانَ حُكْمُ الْأَوَّلِ بِاجْتِهَادٍ فِيمَا طَرِيقُهُ التَّحْرِيمُ وَالتَّحْلِيلُ وَلَيْسَ نَقْلَ مِلْكٍ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ إلَى الْآخَرِ، وَلَا فَصْلَ حُكُومَةٍ بَيْنَهُمَا وَلَا إثْبَاتَ عَقْدٍ بَيْنَهُمَا وَلَا فَسْخَهُ، كَمَا إذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ رَضَاعُ كَبِيرٍ فَحَكَمَ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ، وَفَسَخَ النِّكَاحَ مِنْ أَجْلِهِ فَالْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ بِحُكْمِهِ هُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ. وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِحُكْمِهِ، بَلْ يَبْقَى مُعَرَّضًا لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 357 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَكَذَا لَوْ رُفِعَ إلَيْهِ حَالُ امْرَأَةٍ نُكِحَتْ فِي عِدَّتِهَا فَنِكَاحُهَا وَحَرَمُهَا عَلَى زَوْجِهَا لَكَانَ الْقَدْرُ الَّذِي ثَبَتَ بِحُكْمِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ فَحَسْبُ. وَأَمَّا تَحْرِيمُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَمُعَرَّضٌ لِلِاجْتِهَادِ، وَمِنْ هَذَا الْوَجْهِ حُكْمُهُ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ تَحْرِيمِ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ إجَارَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمًا فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنْ الْعُقُودِ أَوْ الْبَيَّاعَاتِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاهَدَهُ وَمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُعَرَّضٌ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْحُكَّامِ وَالْفُقَهَاءِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْحُكْمُ لِعَارِضٍ اجْتِهَادِيٍّ لَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ إذَا تَحَدَّدَ السَّبَبُ ثَانِيًا، بَلْ يَكُونُ مُعَرَّضًا لِلِاجْتِهَادِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِرَضَاعِ الْكَبِيرِ وَنِكَاحِ امْرَأَةٍ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلُوهُ وَهُوَ صَوَابٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعْتَدَّةِ. وَأَمَّا فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ أَوْ فِيهِ نَظَرٌ، وَبَيَانُهُ أَنَّ عِلَّةَ مَنْعِ حُكْمِ الثَّانِي بِخِلَافِ حُكْمِ الْأَوَّلِ هُوَ كَوْنُ حُكْمِ الثَّانِي رَافِعًا لِمُتَعَلِّقِ حُكْمِ الْأَوَّلِ بِالذَّاتِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ دَارَ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا، إمَّا وُجُودًا فَفِي مِثَالِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الثَّانِي بِكَوْنِ الْمُبْتَاعِ الْأَوَّلِ فِيمَا بَاعَهُ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ أَحَقَّ بِالْمَبِيعِ وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ الثَّانِي بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ قَابِضَهُ أَحَقُّ. وَأَمَّا عَدَمًا فَفِي جَوَازِ حُكْمِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - " بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ مَنْ قَبْلَهُمَا فِي قِسْمِ الْفَيْءِ، وَتَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ اعْتِبَارُ الدَّوَرَانِ، إذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 358 وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ، إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ وَلَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ،   [منح الجليل] ثَبَتَ هَذَا وَنَظَرْنَا وَجَدْنَا حُكْمَ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ النَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ غَيْرَ رَافِعٍ لِنَفْسِ مُتَعَلِّقِ حُكْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ حُكْمِهِ بِالذَّاتِ الْفَسْخُ وَالتَّحْرِيمُ تَابِعٌ لَهُ، فَلَمْ تُوجَدْ عِلَّةُ مَنْعِ حُكْمِ الثَّانِي فِيهَا وَوَجَدْنَا حُكْمَ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ رَافِعًا لِنَفْسِ مُتَعَلِّقِ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ بِالذَّاتِ، وَهُوَ تَحْرِيمُ رَضَاعِ الْكَبِيرِ، وَفَسْخُ نِكَاحِهِ تَابِعٌ لِهَذَا الْمُتَعَلِّقِ بِالذَّاتِ، لَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ حُكْمِهِ بِالذَّاتِ، فَيَجِبُ مَنْعُ حُكْمِ الثَّانِي عَمَلًا بِالْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِمَنْعِهِ. الْحَطّ بَحْثُ ابْنُ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ شَاسٍ وَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْمِثَالَيْنِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ بِفَسْخِ النِّكَاحِ مُسْتَلْزِمٌ لِحُكْمِهِ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ، إذْ لَا مُوجِبَ لِلْفَسْخِ سِوَاهُ، فَحُكْمُ الثَّانِي بِصِحَّةِ النِّكَاحِ الثَّانِي رَافِعٌ لِحُكْمِ الْأَوَّلِ بِتَحْرِيمِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ، فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ حُكْمِهِ بِفَسْخِ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا، لِأَنَّ الْفَسْخَ لِكَوْنِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَاسِدًا، وَتَأْبِيدُ التَّحْرِيمِ أَمْرٌ وَرَاءَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ هَلْ يَسْتَلْزِمُهُ النِّكَاحُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَا. وَأَمَّا الْفَسْخُ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ نَعَمْ فِي عِبَارَةِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ الْقَاضِيَ فَسَخَ نِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ وَحَرَّمَهَا، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَحَرَّمَهَا أَنَّهُ حَكَمَ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ لِلْفَسْخِ فَمَا قَالُوهُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا فَكَيْفَ يَصِحُّ حُكْمُ الْقَاضِي الثَّانِي بِصِحَّةِ النِّكَاحِ الثَّانِي، وَلَعَلَّهُمْ فَهِمُوا الْمَعْنَى الْأَوَّلَ. وَأَمَّا عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الثَّانِي أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ الثَّانِي. (وَلَا يَدْعُو) الْقَاضِي الْخَصْمَيْنِ (لِصُلْحٍ إنْ) كَانَ (ظَهَرَ لَهُ) أَيْ الْقَاضِي بِنَظَرِهِ فِي خُصُومَتِهِمَا (وَجْهُهُ) أَيْ الْحَقِّ لِأَحَدِهِمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ خَصْمِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ يَشْتَمِلُ غَالِبًا عَلَى إسْقَاطِ بَعْضِ الْحَقِّ، فَفِي الدُّعَاءِ لَهُ هَضْمٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ مَا لَمْ يَخْشَ تَفَاقُمَ الْأَمْرِ أَوْ يَكُونَا مِنْ ذَوِي الْفَضْلِ أَوْ الرَّحِمِ كَمَا تَقَدَّمَ. اللَّخْمِيُّ لَا يَدْعُو إلَى الصُّلْحِ إذَا تَبَيَّنَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَرَى لِذَلِكَ وَجْهًا، وَأَنَّهُ مَتَى حَكَمَ تَفَاقَمَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَخُشِيَتْ الْفِتْنَةُ. (وَلَا يَسْتَنِدُ) الْقَاضِي فِي حُكْمِهِ (لِعِلْمِهِ) أَيْ الْقَاضِي السَّابِقِ عَلَى مَجْلِسِ قَضَائِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 359 إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ: كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ، أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ وَلَا بَعْدَ أَنْ وَلِيَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ، أَوْ كَانَ فِيهِ وَقَبْلَ تَحَاكُمِهِمَا إلَيْهِ (إلَّا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ) لِلشُّهُودِ فَيَسْتَنِدُ فِيهِمَا لِعِلْمِهِ اتِّفَاقًا حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ. أَبُو عُمَرَ أَجْمَعُوا أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ وَيُجَرِّحَ بِعِلْمِهِ، وَأَنَّهُ إنْ عَلِمَ مَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدُوا بِهِ أَنَّهُ يَنْفُذُ عِلْمُهُ وَيَرُدُّ شَهَادَتَهُمْ بِعِلْمِهِ. سَحْنُونٌ لَوْ شَهِدَ عِنْدِي عَدْلَانِ مَشْهُورَانِ بِالْعَدَالَةِ وَأَنَا أَعْلَمُ خِلَافَ مَا شَهِدَا بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ أَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَا أَنَّ أَرُدَّهَا، وَلَكِنْ أَرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْأَمِيرِ الَّذِي فَوْقِي وَأَشْهَدُ بِمَا عَلِمْت وَغَيْرِي بِمَا عَلِمَ، وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ لَيْسَا بِعَدْلَيْنِ عَلَى مَا أَعْلَمُ أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا أَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا. وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الِاسْتِنَادِ الْمَفْهُومِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ (كَالشُّهْرَةِ بِذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ النَّاسِ مِنْ لَا يَسْأَلُ عَنْهُ وَلَا تُطْلَبُ فِيهِ تَزْكِيَةٌ لِعَدَالَتِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ وَلَا تُطْلَبَ فِيهِ تَزْكِيَةٌ لِاشْتِهَارِ عَدَالَتِهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُسْأَلُ عَنْهُ لِشُهْرَتِهِ بِغَيْرِ الْعَدَالَةِ إنَّمَا يُكْشَفُ عَمَّا أَشْكَلَ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَهِدَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عِنْدَ قَاضِي الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَمَّا الِاسْمُ فَاسْمُ عَدْلٍ، وَلَكِنْ مَنْ يَعْرِفُ أَنَّك ابْنُ أَبِي حَازِمٍ فَأَعْجَبَ ذَلِكَ مَشَايِخَنَا. ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ لِي بَعْضُ شُيُوخِي أَنَّ الْبَرْقِيَّ فَقِيهَ الْمَهْدِيَّةِ شَهِدَ فِي سَيْرِهِ إلَى الْحَجِّ عِنْدَ قَاضِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة، فَلَمَّا قَرَأَ اسْمَهُ قَالَ أَنْتَ الْبَرْقِيُّ فَقِيهُ الْمَهْدِيَّةِ فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ فَكَلَّفَ الْمَشْهُودَ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ هُوَ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِ دُونَ طَلَبِ تَعْدِيلِهِ. (أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ) الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (بِالْعَدَالَةِ) الشَّاهِدِ عَلَيْهِ فَيَكْتَفِي بِهِ الْقَاضِي عَنْ طَلَبِ تَعْدِيلِهِ عَنْ غَيْرِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ حَكَمَ عَلَيْهِ خَاصَّةً. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَفِي جَرْيِهِ عَلَى أَصْلِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مُتَنَاقِضٌ فَيَجِبُ طَرْحُهُ، فَإِنْ قُلْت فَقَدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ الْقَاضِي الشُّهُودَ وَاعْتَرَفَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ بِعَدَالَتِهِمْ قَضَى بِهِمْ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُمْ وَلَا يَقْضِي بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ. قُلْت الجزء: 8 ¦ الصفحة: 360 وَإِنْ أَنْكَرَ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ: لَمْ يُفِدْهُ   [منح الجليل] قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُكَذِّبْهُمْ صَيَّرَ الْمَسْأَلَةَ إلَى بَابِ الْإِقْرَارِ وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا رَضِيَ الْخَصْمَانِ بِشَهَادَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ الْقَاضِي فَلَا يَحْكُمُ بِهَا. (وَإِنْ) أَقَرَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ بِمَا عَلَيْهِ لِلْآخَرِ وَحَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَ (أَنْكَرَ) شَخْصٌ (مَحْكُومٌ عَلَيْهِ) بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَأَنْكَرَ (إقْرَارَهُ) عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ، وَكَانَ إنْكَارُهُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (لَمْ يُفِدْهُ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ الْإِنْكَارُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَيَمْضِي الْحُكْمُ عَلَيْهِ، وَيُسْتَوْفَى مِنْهُ مُقْتَضَاهُ. وَمَفْهُومُ بَعْدَهُ أَنَّهُ إنْ أَنْكَرَ إقْرَارَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْلَمُ هَذَا إلَّا مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ. الْحَطّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِهِ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِإِقْرَارِهِ شَاهِدَانِ، وَمُقَابِلُهُ لَهُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِلَا شَهَادَةٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ وَحَكَمَ بِلَا إشْهَادٍ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ إقْرَارَهُ بَعْدَ حُكْمِهِ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ عَلَى شَخْصٍ مُسْتَنِدًا لِإِقْرَارِهِ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ عَلَى إقْرَارِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ إقْرَارَهُ، فَإِنَّ حُكْمَهُ بِذَلِكَ لَا يَنْتَقِضُ، فَإِذَا قَالَ الْحَاكِمُ حَكَمْت عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ عِنْدِي، وَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ لَمْ أُقِرَّ عِنْدَهُ فَلَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْحَاكِمِ، هَكَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي ضَيْح وَغَيْرِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ فَإِنْ جَهِلَ وَأَنْفَذَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ بِمَا أَقَرَّ عِنْدَهُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ غَيْرُهُ فَلْيَنْقُضْ هُوَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْزِلْ، فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الْقُضَاةِ فَلَا أُحِبُّ لَهُ نَقْضَهُ فِي الْإِقْرَارِ خَاصَّةً فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ. وَأَمَّا مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقْضِيَ أَوْ رَآهُ وَهُوَ قَاضٍ أَوْ سَمِعَهُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنْ نَفَذَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يُنْفِذُهُ أَحَدٌ غَيْرَهُ مِنْ الْحُكَّامِ وَلْيَنْقُضْهُ. طفي قَوْلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِقْرَارِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 361 وَإِنْ شَهِدَا بِحُكْمٍ نَسِيَهُ أَوْ أَنْكَرَهُ: أَمْضَاهُ   [منح الجليل] فِي مَجْلِسِهِ إذَا أَنْكَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَنْكَرَ بَعْدَ حُكْمِهِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ لِلْخُصُومَةِ ثُمَّ أَنْكَرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ وَرَأَيَا أَنَّهُمَا إذَا جَلَسَا لِلْمُحَاكَمَةِ فَقَدْ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا يَقُولَانِهِ، وَلِذَلِكَ قَصَدَ وَإِنْ لَمْ يُنْكِرْ حَتَّى حَكَمَ ثُمَّ أَنْكَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ. وَقَالَ مَا أَقْرَرْت بِشَيْءٍ فَلَا يُنْظَرُ لِإِنْكَارِهِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ابْنُ رُشْدٍ مَا أَقَرَّ بِهِ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ ثُمَّ جَحَدَهُ فَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي الْمَذْهَبِ. مُحَمَّدٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ الَّذِي عَلَيْهِ قُضَاتُنَا بِالْمَدِينَةِ وَعُلَمَاؤُنَا وَلَمْ أَعْلَمْ مَالِكًا قَالَ غَيْرَهُ أَنَّهُ يَقْضِي بِمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ. وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ إذَا جَحَدَهُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافَ، وَفِيهَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ ثُمَّ جَحَدَ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ، فَمَفْهُومُهَا لَوْ لَمْ يَجْحَدْ يَقْضِي عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْحَطّ بِقَوْلِ التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَصْمَ إذَا أَقَرَّ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهُ شَاهِدَانِ بِإِقْرَارِهِ وَمُقَابِلُهُ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ لِحَمْلِهِ عَلَى إنْكَارِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا عَلِمْت، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَزْوُهُ مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَأَصْبَغُ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ خِلَافَهُمْ إذَا أَنْكَرَ إقْرَارَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ اهـ، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ الْعَدْلَانِ عَلَى الْقَاضِي (بِحُكْمٍ) صَدَرَ مِنْهُ وَقَدْ (نَسِيَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُكْمَ أَمْضَاهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ (أَوْ) شَهِدَا عَلَيْهِ بِحُكْمٍ (أَنْكَرَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُكْمَ (أَمْضَاهُ) أَيْ الْقَاضِي الْحُكْمَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي التَّلْقِينِ إنْ نَسِيَ الْحَاكِمُ حُكْمًا حَكَمَ بِهِ، فَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِهِ أَنْفَذَ شَهَادَتَهُمَا. الْمَازِرِيُّ هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " خِلَافًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 362 وَأَنْهَى لِغَيْرِهِ بِمُشَافَهَةٍ، إنْ كَانَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ،   [منح الجليل] لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. اللَّخْمِيُّ لَوْ أَنْكَرَ الْحَاكِمُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ، وَقَالَ مَا حَكَمْت بِهَذَا فَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِحُكْمِهِ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ حَكَاهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ. (وَ) إنْ تَرَافَعَ خَصْمَانِ لِقَاضٍ ثُمَّ انْتَقَلَا لِقَاضٍ آخَرَ قَبْلَ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ بَيْنَهُمَا (أَنْهَى) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ أَوْصَلَ الْقَاضِي الْأَوَّلُ (لِ) قَاضٍ (غَيْرِهِ) مَا حَصَلَ نِدّه (بِمُشَافَهَةٍ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ بَيْنَهُمَا (إنْ كَانَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (بِوِلَايَتِهِ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُوَلَّى لِلْقَضَاءِ فِيهِ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّالِثُ يَعْنِي فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِي إنْهَاءِ الْحَاكِمِ إلَى الْقَاضِي الْآخَرِ، وَذَلِكَ بِالْإِشْهَادِ وَالْكِتَابِ وَالْمُشَافَهَةِ. أَمَّا الْمُشَافَهَةُ فَلَوْ شَافَهَ الْقَاضِي قَاضِيًا آخَرَ فَلَا يَكْفِي لِأَنَّ أَحَدَهُمَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَا يَنْفَعُ سَمَاعُهُ أَوْ إسْمَاعُهُ إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ لِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَنَادَيَا مِنْ طَرَفَيْ وِلَايَتِهِمَا فَذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ فَيُعْتَمَدُ. " غ " كَذَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ التَّابِعِ لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ مَنْ جَزَمَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ الْقَاضِي ثُبُوتَ شَهَادَةٍ عِنْدَهُ عَلَى غَائِبٍ لَيْسَ بِقَضِيَّةٍ مَحْضَةٍ وَلَا نَقْلٍ مَحْضٍ، بَلْ هُوَ مَشُوبٌ بِالْأَمْرَيْنِ فَيُنْظَرُ أَوْلَاهُمَا بِهِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا أَنَّ قَاضِيَيْنِ لَوْ قَضَيَا بِمَدِينَةٍ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْفِذُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ فَأَخْبَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ شَهَادَةُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لِرَجُلَيْنِ بِالْبَلَدِ وَقَضَى بِثُبُوتِهِمَا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ كَنَقْلِ شَهَادَةٍ فَلَا يَكْتَفِي هَذَا الْقَاضِي الْمُخَاطَبُ بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا عِنْدَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُمْ حُضُورٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ كَقَضِيَّةِ الْقَاضِي فَالْقَاضِي الثَّانِي يُنْفِذُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا قَدْ يُقَالُ فِيهِ أَيْضًا إذَا جَعَلْنَا قَوْلَ الْقَاضِي وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ كَالنَّقْلِ يُكْتَفَى بِهِ لِحُرْمَةِ الْقَاضِي، فَلِذَا يَصِحُّ نَقْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ حَاضِرًا فَهَذَا مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَهُ إلْزَامًا وَانْفِصَالًا فَانْظُرْهُ اهـ وَنَصُّهُ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ كَقَضِيَّةٍ فَالْقَاضِي الثَّانِي يُنْفِذُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُ صِحَّةُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ. قُلْت لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 363 وَبِشَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا.   [منح الجليل] تَقْدِيرِ تَوْلِيَةِ قَاضِيَيْنِ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَلْزُومِيَّةَ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ لَا تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْمَلْزُومِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي شَرْطِ وَحْدَةِ الْقَاضِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ شَرْطُ وَحْدَتِهِ فَتَذَكَّرْهُ. (أَوْ) أَنْهَى لِغَيْرِهِ (بِشَاهِدَيْنِ) عَلَى حُكْمِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ كَالزِّنَا. فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضٍ لِقَاضٍ فِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُهُ. ابْنُ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، يَجُوزُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي فِي الزِّنَا شَاهِدَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ. وَأَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا كِتَابُ قَاضٍ اتِّفَاقًا، فَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ أَصْلُهُ بِأَرْبَعَةٍ كَالزِّنَا، أَوْ بِاثْنَيْنِ كَالنِّكَاحِ، أَوْ بِوَاحِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالرَّضَاعِ، أَوْ بِوَاحِدٍ وَيَمِينٍ، أَوْ بِامْرَأَتَيْنِ، أَوْ بِوَاحِدٍ وَلَفِيفٍ، أَوْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ، أَوْ بِامْرَأَةٍ فَقَطْ قَالَهُ تت. طفي قَوْلُهُ أَوْ بِوَاحِدٍ وَلَفِيفٍ هَكَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مِنْ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ، وَلَعَلَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، إذْ لَيْسَ مَحَلٌّ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّاهِدُ مَعَ اللَّفِيفِ. الْحَطّ قَوْلُهُ مُطْلَقًا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْحَاكِمِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مَالًا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي لَهُ فِي الشَّهَادَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِذَلِكَ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ وَتَبِعَهُ عج، وَأَطَالَ بِمَا يَمُجُّهُ السَّمْعُ وَيَنْفِرُ عَنْهُ الطَّبْعُ، وَهَذِهِ غَفْلَةٌ خَرَجَا بِهَا عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ لِمُعَارَضَتِهِمَا بَيْنَ مَحَلَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَجُعِلَ أَحَدُهُمَا تَقْيِيدًا لِلْآخَرِ وَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ كَمَا بَيْنَ الضَّبِّ وَالنُّونِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضٍ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ اتِّفَاقًا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْإِنْهَاءِ: وَثُبُوتُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ يَأْتِي فِي فَصْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَدَلَّ عَلَى تَخَالُفِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي مُجَرَّدُ إشْهَادِ الْقَاضِي أَنَّهُ حُكْمُهُ أَوْ كِتَابُهُ فَيَشْهَدَانِ عَلَى إخْبَارِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ يَحْضُرُ حُكْمَهُ وَيَشْهَدُهُ، فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 364 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْقَاضِي وَهُوَ عَلَى قَضَائِهِ حَكَمْت لِفُلَانٍ بِكَذَا لَا يُصَدَّقُ فِيهِ إنْ كَانَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ مِثْلَ قَوْلِ أَحَدِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ عِنْدَ قَاضٍ حَكَمَ لِي قَاضٍ بِكَذَا، أَوْ ثَبَتَ لِي عِنْدَهُ كَذَا، فَيَسْأَلُهُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَيَأْتِيهِ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَنِّي حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا. أَوْ ثَبَتَ لَهُ عِنْدِي كَذَا، فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَاهِدٌ، وَلَوْ أَتَى الرَّجُلُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي فَقَالَ لَهُ خَاطِبْ لِي كَذَا بِمَا ثَبَتَ لِي عِنْدَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ بِمَا حَكَمْت لِي عَلَيْهِ لَجَازَ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ لَا شَاهِدٌ. اهـ. فَإِذَا كَانَ قَوْلُ الْقَاضِي عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ لَا يَجُوزُ، فَكَيْفَ تَجُوزُ شَهَادَةُ النَّاقِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ رَأَيْت لِابْنِ يُونُسَ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِي شَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي فِي الْأَمْوَالِ فَلَمْ يُجِزْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَأَجَازَهُ فِي غَيْرِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ. اهـ. وَبِهِ اعْتَرَضَ ابْنُ نَاجِي الِاتِّفَاقَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الْبَاجِيَّ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضٍ إلَى قَاضٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ كَانَ فِي مَالٍ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْقَضَاءُ اهـ. وَلَمَّا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَمَّا الشَّاهِدُ بِالْقَضَاءِ بِالْمَالِ فَالْمَشْهُورُ لَا تَمْضِي إلَخْ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي قَبُولِ كِتَابِ الْقَاضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَيْسَ بِمَا يَئُولُ إلَى مَالٍ، وَدَعْوَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِمَالٍ هِيَ مِنْ دَعْوًى بِمَالٍ حَقِيقَةً، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهَا. اهـ. لَكِنْ نَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهَا بِشُهْرَةِ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِيهَا فِي كَلَامِ الْأَشْيَاخِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ فِي الْخِلَافِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ عَزْوَ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِ الْبَاجِيَّ فِي كِتَابِ الْقَاضِي هُوَ بِعَيْنِهِ الْمَذْكُورُ عِنْدَ " ق " فِي حُكْمِ الْقَاضِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ، وَتَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي الْحَطّ وعج صَوَابٌ، وَأَنَّ اعْتِرَاضَ طفي عَلَيْهِمَا قُصُورٌ وَتَهْوِيلٌ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ تَعْوِيلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 365 وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ خَالَفَا كِتَابَهُ. وَنُدِبَ خَتْمُهُ، وَلَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ،   [منح الجليل] (وَاعْتَمَدَ) الْقَاضِي الْمَنْهِيُّ إلَيْهِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ إنْ لَمْ يُخَالِفَا بِشَهَادَتِهِمَا كِتَابَهُ، بَلْ (وَإِنْ خَالَفَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ بِهَا (كِتَابَهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمَنْهِيِّ وَطَابَقَا الدَّعْوَى (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (خَتْمُهُ) أَيْ الْكِتَابِ. الْبَاجِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى شُهُودٍ كِتَابًا مَطْوِيًّا، وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ أَوْ كَتَبَ الْحَاكِمُ كِتَابًا إلَى حَاكِمٍ وَخَتَمَهُ وَأَشْهَدَ الشُّهُودَ بِهِ وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ، وَقَالَ أَيْضًا لَا يَشْهَدُوا بِهِ إلَّا أَنْ يَقْرَؤُهُ عِنْدَ مَحْمَلِ الشَّهَادَةِ. ابْنُ شَاسٍ سَحْنُونٌ لَوْ أَشْهَدَ عَلَى كِتَابِهِ وَخَاتَمِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ جَازَ فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ مَخْتُومٍ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَلَوْ شَهِدَا بِخِلَافِ مَا فِي الْكِتَابِ جَازَ إذَا طَابَقَ الدَّعْوَى، ثُمَّ لِلشَّاهِدِ عَلَى الْحُكْمِ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ. وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ إلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الْقُضَاةِ (وَلَمْ يُفِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ كِتَابَةً (وَحْدَهُ) أَيْ مُجَرَّدًا مِنْ الْإِشْهَادِ وَلَوْ مَخْتُومًا ابْنُ شَاسٍ الْكِتَابُ الْمُجَرَّدُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْقَاضِي لَا أَثَرَ لَهُ. " غ " ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا كَانَتْ النُّصُوصُ وَالرِّوَايَاتُ وَاضِحَةً بِلَغْوِ ثُبُوتِ كِتَابِ الْقَاضِي بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرِنَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي انْتَهَى إلَيْنَا أَمْرُهَا عَلَى قَبُولِ كُتُبِ الْقُضَاةِ فِي الْأَحْكَامِ وَالْحُقُوقِ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّ الْقَاضِي دُونَ إشْهَادِهِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خَاتَمٌ مَعْرُوفٌ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ فِيمَا أَظُنُّ صَرْفَهُمْ عَنْهُ مَعَ أَنِّي لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، إنَّ كِتَابَ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّهِ، بَلْ قَالُوا فِي الْقَاضِي يَجِدُ فِي دِيوَانِهِ حُكْمًا بِخَطِّهِ وَهُوَ لَا يَذْكُرُ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ إنْفَاذُهُ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ عَدْلَانِ، وَكَذَا إنْ وَجَدَهُ مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ وَثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهِ، وَلَا يَتَخَرَّجُ الْقَوْلُ بِعَمَلِهِ بِمَا تَيَقَّنَهُ مِنْ خَطِّهِ دُونَ ذِكْرِ حُكْمِهِ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ فِي الشَّاهِدِ يَتَيَقَّنُ خَطَّهُ بِالشَّهَادَةِ بِالْحَقِّ وَلَا يَذْكُرُ مَوْطِنَهَا لِعُذْرِ الشَّاهِدِ، إذْ مَا عَلِمَهُ هُوَ مَقْدُورُ كَسْبِهِ، وَالْقَاضِي كَانَ قَادِرًا عَلَى إشْهَادِهِ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 366 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَجْهُ عَمَلِ النَّاسِ بِأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ بِأَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي الْبَاعِثُ بِهِ حُصُولُهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ مُنْضَمًّا لِلْمَشْهُورِ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْغَيْرِ حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي الْمَذْهَبِ يُوجِبُ كَوْنَ هَذَا الظَّنِّ كَالظَّنِّ النَّاشِئِ عَنْ ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ كِتَابُهُ لِضَرُورَةِ دَفْعِ مَشَقَّةِ مَجِيءِ الْبَيِّنَةِ مَعَ الْكِتَابِ مَعَ انْتِشَارِ الْخُطَّةِ وَبُعْدِ الْمَسَافَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ قِيلَ تَنْدَفِعُ الْمَشَقَّةُ بِإِشْهَادِ الْقَاضِي عَلَى كِتَابِهِ بِبَيِّنَةٍ تُوُقِّعَ خَطُّهَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَيُشْهِدُ عَلَى خَطِّهَا فِي بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ. قُلْت ثُبُوتُهُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْقَاضِي أَقْوَى مِنْ ثُبُوتِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْقَاضِي وَمَا تَوَقَّفَ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ أَقْوَى مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ، لِتَطَرُّقِ احْتِمَالٍ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ لِاحْتِمَالِ فِسْقِ الْبَيِّنَةِ أَوْ رِقِّهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَ وَإِذَا ثَبَتَ وَجْهُ الْعَمَلِ بِذَلِكَ، فَإِنْ ثَبَتَ خَطُّ الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَارِفَةٍ بِالْخُطُوطِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَالْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ يَعْرِفُ خَطَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ إلَيْهِ فَجَائِزٌ عِنْدِي قَبُولُهُ بِمَعْرِفَةِ خَطِّهِ، وَقَبُولُ سَحْنُونٍ كُتُبَ أُمَنَائِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي يَعْلَمُهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ لِأَنَّ وُرُودَ الْكِتَابِ مِنْ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَقِيَامِ بَيِّنَةٍ عِنْدَهُ بِذَلِكَ، فَقَبُولُهُ الْكِتَابَ بِمَا عُرِفَ مِنْ عَدَالَتِهِمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ عَلَى خَطِّهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: هَذَا كُلُّهُ إنْ وَصَلَ كِتَابُ الْقَاضِي قَبْلَ مَوْتِهِ وَعَزْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنَاصِفِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ الَّذِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَشْيَاخَنَا أَنَّ الْإِنْهَاءَ يَصِحُّ مُطْلَقًا مَاتَ الْكَاتِبُ قَبْلَ الْوُصُولِ أَوْ عُزِلَ أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ. الثَّانِي: قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ شَأْنُ قُضَاةِ وَقْتِنَا رَسْمُ الْخِطَابِ أَسْفَلَ وَثِيقَةِ ذِكْرِ الْحَقِّ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ظَهْرِ الصَّحِيفَةِ أَوْ أَحَدِ عَرْضَيْهَا إنْ ضَاقَ أَسْفَلُهَا، وَرُبَّمَا كَانَ فِي وَثِيقَةٍ مُلْصَقَةٍ بِالْوَثِيقَةِ إنْ تَعَذَّرَ وَضْعُهُ بِهَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 367 وَأَدَّيَا، وَإِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَأَفَادَ إنْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ أَوْ خَطُّهُ.   [منح الجليل] الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَكْتُبْ الْقَاضِي تَحْتَ الْعَقْدِ خِطَابًا يُصَرِّحُ فِيهِ بِالْإِعْلَامِ بِصِحَّةِ ذَلِكَ الْحَقِّ عِنْدَهُ، وَاقْتَصَرَ عَلَى كِتَابَةِ: صَحَّ الرَّسْمُ عِنْدِي أَوْ ثَبَتَ أَوْ اسْتَقَلَّ، فَذَلِكَ لَغْوٌ غَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُهُ بِمُجَرَّدِ الْخَطِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُنَاصِفِ إنْ ثَبَتَ وَاكْتَفَى وَصَحَّ وَاسْتَقَلَّ كَالْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ. وَذَكَرَ " غ " عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَاشِدٍ أَنَّهُ قَالَ اسْتَقَلَّ يَخْتَصُّ بِالْعُدُولِ وَاكْتَفَى بِإِثْبَاتِ الْأَمْلَاكِ وَثَبَتَ بِمَا عَدَاهَا. وَعَنْ الْعُقْبَانِيِّ اسْتَقَلَّ بِالْمُبْرِزِينَ وَثَبَتَ لِمَنْ يُقَارِبُهُمْ وَاكْتَفَى لِمَنْ دُونَ ذَلِكَ. الرَّابِعُ: " غ " مِمَّا تَسَاهَلَ فِيهِ أَهْلُ فَاسَ وَعَمِلَهَا وَلَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَصْلٌ شَهَادَةُ عُدُولِهِمْ مِنْ تَسْجِيلِ قَاضِيهِمْ، فَإِذَا أَوْقَعَ الْقَاضِي خَطَّهُ كَتَبَ الشَّاهِدُ شَهِدَ عَلَى إشْهَادِ مَنْ ذُكِرَ بِمَا فِيهِ عَنْهُ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى خَطِّهِ وَكَيْفَ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّهِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ بَيْنَ مَقْعَدِهِ وَدُكَّانِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ إلَّا قَدْرُ غَلْوَةٍ أَوْ أَقَلُّ. (وَ) إنْ أَشْهَدَهُمَا الْقَاضِي عَلَى كِتَابِهِ (أَدَّيَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ الشَّاهِدَانِ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ عِنْدَ مَنْ أُرْسِلَا إلَيْهِ، بَلْ (وَإِنْ عِنْدَ غَيْرِهِ) لِعَزْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَتَوْلِيَةِ غَيْرِهِ فِيهَا مَعَ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ كِتَابٌ مِنْ قَاضٍ آخَرَ، فَعَلَى مَنْ وَلِيَ بَعْدَهُ إنْفَاذُ الْكِتَابِ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا إذَا ثَبَتَ الْكَتْبُ عِنْدَهُ بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ كِتَابُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (وَأَفَادَ) كِتَابُ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُ لِقَاضٍ آخَرَ فَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ وَيُنْفِذُهُ (إنْ أَشْهَدَهُمَا) أَيْ الْقَاضِي الْمُرْسِلُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى (أَنَّهُ) أَيْ الْكِتَابَ (حُكْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي (أَوْ) أَشْهَدَهُمَا أَنَّهُ (خَطُّهُ) أَيْ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يُقِرَّاهُ عَلَيْهِمَا حَالَ إشْهَادِهِمَا وَلَمْ يَقْرَأْهُ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ الْقَاضِي أُشْهِدُكُمَا عَلَى أَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ خَطِّيُّ كَفَى ذَلِكَ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُمَا مَا فِيهِ حُكْمِي. وَشَبَّهَ فِي صِحَّةِ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ مَنْسُوبٌ لِلْمُشْهَدِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 368 كَالْإِقْرَارِ وَمَيَّزَ فِيهِ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ اسْمٍ وَحِرْفَةٍ وَغَيْرِهِمَا يُنَفِّذُهُ الثَّانِي، وَبَنَى كَأَنْ نُقِلَ لِخُطَّةٍ أُخْرَى   [منح الجليل] فِيهِ فَقَالَ (كَ) الْإِشْهَادِ عَلَى (الْإِقْرَارِ) مِنْ كَاتِبِ وَثِيقَةٍ أَوْ مُمْلِيهَا بِمَا فِيهَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ أُشْهِدُك عَلَى مَا فِي الْقُبَالَةِ وَأَنَا عَالِمٌ بِهِ كَفَى، فَإِذَا حَفِظَ الشَّاهِدُ الْقُبَالَةَ وَمَا فِيهَا وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ جَازَ أَيْضًا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ أُشْهِدُكُمَا عَلَى أَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ خَطِّي أَوْ حُكْمِي فَرِوَايَتَانِ، وَمِثْلُهُ إقْرَارُهُ بِمِثْلِهِ. ضَيْح ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْهُمَا إعْمَالُ مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّهُمَا أَدَّيَا عَنْهُ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُمَا، وَوَجَّهَ الْمَازِرِيِّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى بِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا مَا تَضَمَّنَهُ الْكِتَابُ فَالشَّهَادَةُ بِمَضْمُونِهِ شَهَادَةٌ بِمَا لَمْ يَعْلَمُوا وَضَعَّفَهُ بِأَنَّ مَا تَضَمَّنَهُ عَلَى الْجُمْلَةِ قَدْ أَقَرَّ بِهِ لِمَنْ أَمَرَهُ بِالشَّاهِدَةِ وَالْعِلْمُ تَارَةً يَقَعُ جُمْلَةً وَتَارَةً يَقَعُ تَفْصِيلًا. (وَمَيَّزَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَاضِي (فِيهِ) أَيْ الْكِتَابِ الَّذِي أَرَادَ إرْسَالَهُ لِقَاضٍ آخَرَ (مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ) الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَبَيَّنَ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ فَقَالَ (مِنْ اسْمٍ) لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ (وَحِرْفَةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ صَنْعَةٍ (وَغَيْرِهِمَا) كَصِفَاتٍ وَبَلَدٍ وَمَسْكَنٍ وَلَقَبٍ وَكُنْيَةٍ ابْنِ شَاسٍ وَلْيَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ اسْمَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَحِلْيَتَهُ وَمَسْكَنَهُ وَصِنَاعَتَهُ أَوْ تِجَارَتَهُ أَوْ شُهْرَةً إنْ كَانَتْ لَهُ بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ بِذَلِكَ (فَيُنَفِّذُهُ) أَيْ مَا فِي كِتَابِ الْأَوَّلِ الْقَاضِي (الثَّانِي) الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْكِتَابُ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ الْحُجَجِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحُجَجِ بِأَنْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ (وَ) أَنْهَى لِلثَّانِي (بَنَى) الثَّانِي عَلَى مَا حَصَلَ عِنْدَ الْأَوَّلِ، وَتَمَّمَ الْحُكْمَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اقْتَصَرَ الْأَوَّلُ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الْمَنْهِيِّ إلَيْهِ الْإِتْمَامُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَشَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ فَقَالَ (كَأَنْ نُقِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاضِي وَهُوَ يَنْظُرُ فِي قَضِيَّةٍ قَبْلَ تَمَامِهَا مِنْ خُطَّةٍ، أَيْ نَوْعٍ مِنْ الْحُكْمِ كَحُكْمِ السُّوقِ (لِخُطَّةٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَرْتَبَةٍ (أُخْرَى) مِنْ مَرَاتِبِ الْحُكْمِ كَالْقَضَاءِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ ابْنُ سَهْلٍ سَأَلْت الجزء: 8 ¦ الصفحة: 369 وَإِنْ حَدًّا، إنْ كَانَ أَهْلًا أَوْ قَاضِيَ مِصْرٍ، وَإِلَّا فَلَا: كَأَنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ،   [منح الجليل] ابْنُ عَتَّابٍ عَنْ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ إلَى خُطَّةِ الْقَضَاءِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ مَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ أَوْ يُكْمِلُهَا وَيَصِلُ نَظَرُهُ فِيهَا؟ فَقَالَ بَلْ يَبْنِي عَلَى مَا قَدْ مَضَى بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْمَحْكُومَةِ وَبِذَلِكَ أَفْتَيْت. ابْنُ ذَكْوَانَ حِينَ ارْتَفَعَ مِنْ أَحْكَامِ الشُّرْطَةِ وَالسُّوقِ إلَى أَحْكَامِ الْقَضَاءِ، وَيُنَفِّذُ الثَّانِي مَا حَكَمَ بِهِ الْأَوَّلُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَدًّا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (حَدًّا) أَوْ قِصَاصًا أَوْ عَفْوًا. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ وَلَوْ زِنًا لَكَانَ أَبْيَنَ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ قَاضِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (إنْ كَانَ) الْأَوَّلُ (أَهْلًا) لِلْقَضَاءِ بِأَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ (أَوْ) لَمْ يُعْرَفْ بِهَا وَكَانَ (قَاضِي مِصْرٍ) بِالتَّنْوِينِ، أَيْ بَلَدٍ كَبِيرٍ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ، فَإِنَّ الشَّأْنَ لَا يُوَلَّى لِقَضَائِهَا إلَّا مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْقَضَاءِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا وَلَا قَاضِي مِصْرٍ (فَلَا) يُنَفِّذُ الثَّانِي حُكْمَهُ. ابْنُ شَاسٍ إذَا وَرَدَ كِتَابُ قَاضٍ عَلَى قَاضٍ، فَإِنْ عَرَفَهُ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْقَضَاءِ قَبِلَهُ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَإِنْ عَرَفَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ فَلَا يَقْبَلُهُ. قَالَ أَصْبَغُ وَإِنْ جَاءَهُ بِكِتَابِ قَاضٍ لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا سَخَطَةٍ، فَإِنْ كَانَ مِنْ قُضَاةِ الْأَمْصَارِ الْجَامِعَةِ مِثْلِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالْقَيْرَوَانِ وَالْأَنْدَلُسِ فَلْيُنَفِّذْهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ وَلِيَحْمِلْ مِثْلُ هَؤُلَاءِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَأَمَّا قُضَاةُ الْكُوَرِ الصِّغَارِ فَلَا يُنَفِّذُهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْهُ الْعُدُولَ وَعَنْ حَالِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ قَبُولِ خِطَابِ الْقَاضِي صِحَّةَ وِلَايَتِهِ مِمَّنْ تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ بِوَجْهٍ احْتِرَازٌ مِنْ مُخَاطَبَةِ قُضَاةِ أَهْلِ الدَّجْنِ كَقَاضِي مُسْلِمِي بَلَنْسِيَةَ وَطَرْطُوشَةَ وَقَوْصَرَةَ عِنْدَنَا وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجْعَلُوا قَبُولَ الْعَدْلِ الْوِلَايَةَ مِنْ الْمُتَغَلِّبِ جُرْحَةً لِخَوْفِ تَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّنْفِيذِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (شَارَكَهُ) أَيْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَبَقِيَّةِ صِفَاتِهِ (غَيْرُهُ) أَيْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَفِّذُ الْقَاضِي الثَّانِي حُكْمَ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمُشَارِكُ حَيًّا، بَلْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 370 وَإِنْ مَيِّتًا، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ: فَفِي إعْدَائِهِ أَوْ لَا حَتَّى يُثْبِتَ أَحَدِّيَّتَهُ: قَوْلَانِ وَالْقَرِيبُ: كَالْحَاضِرِ،   [منح الجليل] وَإِنْ) كَانَ (مَيِّتًا) حَتَّى يُشْهِدَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ رَجُلٌ يُلَائِمُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تُعَرِّفُ أَنَّهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْمُتَلَائِمَيْنِ قَدْ مَاتَ فَلَا يُنَفِّذُ عَلَى الْحَيِّ مِنْهُمَا مَا فِي الْكِتَابِ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ الَّذِي حَكَمَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَنُ الْمَيِّتِ وَيَعْلَمَ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادَ بِالشَّهَادَةِ لِبُعْدِهِ فَيُنَفِّذُ فِي الْحَيِّ. (فَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ) الْقَاضِي فِي الْكِتَابِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ (فَفِي أَعْدَائِهِ) أَيْ تَسْلِيطِ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ الطَّالِبُ عَلَى صَاحِبِ الِاسْمِ الْمَكْتُوبِ فِي الْكِتَابِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ صَاحِبُ الِاسْمِ أَنَّ بِالْبَلَدِ مَنْ شَارَكَهُ فِيهِ (أَوْ لَا) يُعَدِّيهِ عَلَيْهِ (حَتَّى يُثْبِتَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الطَّالِبُ (أَحَدِّيَّتَهُ) أَيْ كَوْنَ صَاحِبِ الِاسْمِ وَاحِدًا بِالْبَلَدِ لَا مُشَارِكَ لَهُ فِي اسْمِهِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. الْمُصَنِّفُ وَالشَّهَادَةُ فِي هَذَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ وُجِدَ بِالْبَلَدِ رَجُلٌ وَاحِدٌ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَشَفَ الْقَاضِي عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ بِالْبَلَدِ غَيْرُهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ أَعْدَاهُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَ الْقَاضِي مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الْكَشْفِ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُؤْخَذُ بِالْحَقِّ حَتَّى يُثْبِتَ الطَّالِبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِالْبَلَدِ مَنْ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سِوَاهُ وَهُوَ دَلِيلُ سَمَاعِ زُونَانَ. ابْنُ وَهْبٍ وَقِيلَ يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ هُوَ أَنَّ الْبَلَدَ مَنْ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَوَاءٌ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ وَرِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ. وَلَمَّا أَفَادَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَكَانَتْ الْغَيْبَةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قَرِيبَةٍ وَبَعِيدَةٍ وَمُتَوَسِّطَةٍ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَ) الْغَائِبُ (الْقَرِيبُ) الْغَيْبَةِ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ (كَالْحَاضِرِ) فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ حَضَرَ الْخَصْمُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ يُعْلَمُ بِهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَدْفَعٌ وَإِلَّا قَضَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 371 وَالْبَعِيدُ: كَإِفْرِيقِيَّةَ، يُقْضَى عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بَعْدَ الْإِرْسَالِ إلَيْهِ وَإِعْلَامِهِ بِمَنْ قَامَ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ وَمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ وَتَسْمِيَةِ الشُّهُودِ وَالْمَقْبُولِ مِنْهُمْ وَتَسْمِيَةِ الْمُعَدِّلِينَ وَلَمْ يَرَهَا سَحْنُونٌ إلَّا بِحَضْرَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ أَمَّا الدَّيْنُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهِ، وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ حُجَجٌ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهِ. سَحْنُونٌ وَالدَّيْنُ تَكُونُ فِيهِ الْحُجَجُ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَتَبَ وَأَعْذَرَ إلَيْهِ فِي كُلِّ حَقٍّ إمَّا أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ يَقْدُمَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ وَيَبِيعُ عَلَيْهِ فِيهِ مَالَهُ مِنْ أَصْلٍ وَغَيْرِهِ، وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَكُلِّ الْأَشْيَاءِ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ تُرْجَ لَهُ حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ. (وَ) الْغَائِبُ (الْبَعِيدُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ وَتَشْدِيدِهَا، أَيْ مَدِينَةِ الْقَيْرَوَانِ بِالْمَغْرِبِ الْأَوْسَطِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ بَلَدِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَثَلَاثَةٍ مِنْ مِصْرَ بَلَدِ ابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " (يُقْضَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ جِدًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ رَبْعٍ وَأَصْلٍ وَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ وَدَيْنٍ. وَفُهِمَ قَوْلُهُ يُقْضَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُقِيمُ عَنْهُ وَكِيلًا يَنُوبُ عَنْهُ فِي حُجَّتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يُقِيمُهُ عَنْ طِفْلٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَنْفَعُ لَهُمَا لِبَقَاءِ حُجَّتِهِمَا وَإِقَامَةُ الْوَكِيلِ تَقْطَعُهَا وَيُقْضَى عَلَيْهِ (بِيَمِينِ الْقَضَاءِ) مِنْ الطَّالِبِ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ وَلَا اسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَا اعْتَاضَ وَلَا أَحَالَ وَلَا احْتَالَ وَلَا وُكِّلَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ مِنْهُ كُلِّهِ وَلَا بَعْضِهِ وَتُسَمَّى يَمِينَ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْضًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ شَرْطًا، وَقِيلَ اسْتِظْهَارٌ وَتَتَوَجَّهُ عَلَى كُلِّ مُدَّعٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ حُبُسٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ أَوْ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى مُسْتَحِقِّ الْحَيَوَانِ وَلَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا. ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَانْقَطَعَتْ كَالْعَدْوَةِ مِنْ الْأَنْدَلُسِ وَمَكَّةَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ حُكِمَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ وَدَيْنٍ وَالرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَرُجِيَتْ حُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ، وَكَوْنِهَا مَسْلُوكَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَرُبَتْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 372 وَسَمَّى الشُّهُودَ، وَإِلَّا نُقِضَ، وَالْعَشَرَةُ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَحَكَمَ بِمَا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ: كَدَيْنٍ   [منح الجليل] غَيْبَتُهُ. ابْنُ شَاسٍ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ نَافِذٌ، وَيُحَلِّفُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَالِاعْتِيَاضِ وَالْإِحَالَةِ وَالِاحْتِيَالِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ فِي جَمِيعِ الْحَقِّ. (وَسَمَّى) الْقَاضِي (الشُّهُودَ) أَيْ كَتَبَ أَسْمَاءَهُمْ فِي سِجِلِّهِ، وَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَخْبَرَهُ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْذَرَ لَهُ فِيهِمْ، فَإِنْ سَلَّمَ شَهَادَتَهُمْ مَضَى الْحُكْمُ، وَإِنْ ادَّعَى مُسْقِطًا لِشَهَادَتِهِمْ كَلَّفَهُ بِإِثْبَاتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الشُّهُودَ الَّذِينَ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ عَلَى الْغَائِبِ (نُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حُكْمُهُ. ابْنُ رُشْدٍ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الشُّهُودِ فِيهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الطَّعْنِ فِيهِمْ، وَهَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ فِيهِ الْبَيِّنَةَ فُسِخَتْ الْقَضِيَّةُ قَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ صَحِيحٌ، عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ تُرْجَى لَهُ وَالْحُكْمَ عَلَى الْحَاضِرِ لَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إلَى تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ، إذْ قَدْ أَعْذَرَ فِيهَا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَصْبَغُ وَتَسْمِيَتُهُمْ أَحْسَنُ وَبِهَا مَضَى الْعَمَلُ. (وَ) الْأَيَّامُ (الْعَشَرَةُ) مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ (أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ) فِي الطَّرِيقِ (يُقْضَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْغَائِبِ (مَعَهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ مَعَ الْأَمْنِ وَالْيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ (فِي) كُلِّ شَيْءٍ (غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ إنْ كَانَ غَائِبًا عَلَى عَشْرَةٍ مَعَ الْأَمْنِ، أَوْ يَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَفِيهَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ سَمِعْت مَنْ يَذْكُرُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُقْضَى عَلَى الْغَائِبِ فِي الدُّورِ وَهُوَ رَأْيِي إلَّا فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ كَالْأَنْدَلُسِ وَطَنْجَةَ وَمَا بَعُدَ فَلْيُقْضَ عَلَيْهِ وَمَا عَلِمْت فِي هَذَا خِلَافًا اهـ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا التَّحْدِيدُ لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ إنَّمَا هُوَ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسُلُوكِهِ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قُرِّرَتْ غَيْبَتُهُ تت وعب وَالْخَرَشِيُّ ضَمِيرُ مَعَهَا لِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَيَلْزَمُهُ خُلُوُّ جُمْلَةِ الْخَبَرِ مِنْ رَابِطِهَا بِالْمُبْتَدَأِ. (وَحَكَمَ) الْقَاضِي (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ الشَّيْءِ الَّذِي (يَتَمَيَّزُ) عَنْ غَيْرِهِ حَالَ كَوْنِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 373 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غَائِبًا) عَنْ بَلَدِ الْقَضَاءِ وَصِلَةُ يَتَمَيَّزُ (بِالصِّفَةِ) كَرَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ وَكِتَابٍ وَثَوْبٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَالْحَرِيرِ وَالْحَدِيدِ لَا يُحْكَمُ بِهِ غَائِبًا بِالصِّفَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ بِقِيمَتِهِ وَيْحُكُمْ بِهَا الْمُدَّعِيَةُ. الْخَرَشِيُّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلَدِ الْحُكْمِ وَهُوَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَقَارِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يُطْلَبُ حُضُورُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ كَدَيْنٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ كَالْحَدِيدِ وَالْحَرِيرِ، فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ بِقِيمَتِهِ وَيْحُكُمْ بِهَا لِمُدَّعِيهِ فَالْغَائِبُ عَنْ الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ وَصْفُهُ قَامَ وَصْفُهُ مَقَامَ حُضُورِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وَصْفُهُ قَامَتْ قِيمَتُهُ مَقَامَ وَصْفِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمِثْلِيِّ لِجَهْلِ صِفَتِهِ وَإِمَامًا فِي الْبَلَدِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ أَمْ لَا وَنَحْوُهُ لعب الْعَدَوِيِّ قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَالْمُنَاسِبُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ (كَدَيْنٍ) . تت اخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ فِي تَقْرِيرِهِ، فَقَالَ الشَّارِحُ إنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ فِي غَيْبَتِهِ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يُطْلَبُ حُضُورُهُ، بَلْ تُمَيَّزُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ لَيْسَ الْمُرَادُ إفَادَةَ الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ كَمَا يُحْكَمُ بِالدَّيْنِ الْمُتَمَيِّزِ بِالصِّفَةِ بِمَعْنَى لَا فَرْقَ. طفي فَهِمَ تت أَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ مُخَالِفٌ لِتَقْرِيرِ الْبِسَاطِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ، فَمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ فَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ، أَيْ فِي تَمْيِيزِهِ بِالصِّفَةِ إذْ الدَّيْنُ يَتَعَيَّنُ تَمْيِيزُهُ بِالصِّفَةِ وَلَا يُمْكِنُ فِيهِ غَيْرُهُ لِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى عَيْنِهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَوْ يَكْفِي الْوَصْفُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ لَا يُطْلَبُ حُضُورُهُ، بَلْ تُمَيِّزُهُ الْبَيِّنَةُ بِالصِّفَةِ وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ. وَقَالَ فِي شَامِلِهِ وَيَحْكُمُ فِي غَائِبٍ يَتَمَيَّزُ بِصِفَةٍ دَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ كَفَرَسٍ وَعَبْدٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَا قُلْنَاهُ وَهُوَ مُرَادُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 374 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِذِكْرِ الدَّيْنِ هُنَا. وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَحْكُومُ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَخْفَى فِي الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ الَّذِي يُمْكِنُ تَعْرِيفُهُ بِتَحْدِيدِهِ أَمَّا الْعَبْدُ وَالْفَرَسُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِعَلَامَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ يَحْكُمُ فِيهِ بِذَلِكَ إنْ كَانَ غَائِبًا. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا يَحْكُمُ فِيهِ بِذَلِكَ اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. قَالَ ابْنُ هَارُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا هَلْ يَعْتَمِدُ عَلَى الصِّفَةِ فِي الْقَضَاءِ بِهِ أَمْ لَا، فَمِنْ ذَلِكَ الدَّيْنُ وَالْأَمْرُ فِيهِ وَاضِحٌ، إذْ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا، وَمِنْهَا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ وَالْفَرَسُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ يَحْكُمُ فِيهِ بِالصِّفَةِ إنْ كَانَ غَائِبًا خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَتَمَيَّزُ بِالصِّفَةِ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ كَالدَّيْنِ وَفَهِمَ تت مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الدَّيْنِ أَيْ فِي لُزُومِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الدَّيْنَ يُحْكَمُ فِيهِ بِالصِّفَةِ، وَهَذَا فَهْمٌ رَكِيكٌ، إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ حِينَئِذٍ كَالدَّيْنِ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَصِيرُ لَازِمًا لَهُ بَعْدَ وَصْفِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمُعَيَّنَاتُ لَا تُقَوَّمُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تَكُونُ فِي ضَمَانِهِ، إذْ بِالْحُكْمِ يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ لِلْمَحْكُومِ لَهُ، وَاسْتَدَلَّ فِي كَبِيرِهِ عَلَى فَهْمِهِ بِقَوْلِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَحْكُمُ بِالدَّيْنِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ، قَوْلُهُ غَائِبًا بِالصِّفَةِ رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ لَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ، فَذَكَرَ كَلَامَ الشَّارِحِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي صَغِيرِهِ، فَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يُوصَفُ فَأَدَّاهُ ذَلِكَ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ تَقْرِيرَيْ الشَّارِحَيْنِ، وَقَدْ حَرَّفَ فِي نَقْلِهِ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَنَصُّ كَلَامِهِ لَا شَكَّ أَنَّ قَيْدَ الْغَيْبَةِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا يَتَمَيَّزُ غَائِبًا رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ الدَّيْنِ وَحْدَهُ لَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهُ، وَمُرَادُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَيْدَ الْغَيْبَةِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ. أَمَّا هُوَ فَهُوَ غَائِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ، فَاشْتِرَاطُ قَيْدِ الْغَيْبَةِ فِيهِ ضَائِعٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ هَارُونَ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْحُكْمُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ جَائِزًا، فَلِمَ أَجَازَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ الذَّهَابَ بِهَا إلَى بَلَدِ الْبَائِعِ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهَا، وَكَانَ يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 375 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَقْضِيَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ بِرَدِّ الثَّمَنِ إذَا شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي بَاعَهَا لَهُ مُوَافِقَةٌ لِلصِّفَةِ الَّتِي فِي كِتَابِ الْقَاضِي قُلْت يُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ الذَّهَابُ بِهَا لِبَلَدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ قَاضِيَهُ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالصِّفَةِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ جَوَابُهُ بِأَنَّ ظَاهِرَ أَقْوَالِ مُتَقَدِّمِي أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ وُجُوبُ إجَابَةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ إلَى إسْعَافِهِ بِخُرُوجِهِ بِالْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ إلَى بَلَدِ بَائِعِهِ بِشُرُوطٍ مُقَرَّرَةٍ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ لَيْسَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مِمَّنْ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالصِّفَةِ، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْكَتْبَ وَالْحُكْمَ بِخُرُوجِهِ بَيْنَ قُضَاةِ الْأَنْدَلُسِ وَكُوَرِهَا حَسَبَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا، وَالْمَعْلُومُ مِنْ حَالِ قُضَاتِهِمْ الْحُكْمُ بِالصِّفَةِ. وَالْجَوَابُ عَنْ تَوَهُّمِ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ أَنَّ وُجُوبَ إسْعَافِهِ بِالْخُرُوجِ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِتَحْصِيلِ مُوجَبِ رُجُوعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ بَيِّنَةِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّهَا لَا تَضْمَنُ كَوْنَ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ اشْتَرَى الْمُسْتَحَقَّ، وَلَمْ تُعَيِّنْ مَنْ بَائِعُهُ لَهُ فَوَجَبَ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ ابْتَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ الَّذِي طَلَبَهُ بِثَمَنِهِ وَالْبَيِّنَةُ بِابْتِيَاعِهِ مِنْهُ مَعَ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ مُتَيَسِّرَةٌ غَيْرُ مُتَعَسِّرَةٍ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا عَايَنَ الْمَبِيعَ عَرَفَهُ وَأَمْكَنَ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ الَّذِي ابْتَاعَهُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ مِمَّنْ طَلَبَ ثَمَنَهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَافْتَقَرَ إلَى الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ ابْتَاعَهُ مِنْ الَّذِي طَلَبَهُ بِثَمَنِهِ تَعَسَّرَ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ لِجَوَازِ ذُهُولِ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ عَلَى شِرَائِهِ مِمَّنْ طَلَبَهُ بِثَمَنِهِ عَنْ صِفَتِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ لِغَيْبَتِهِ عَنْهُ، وَعَدَمِ ضَبْطِ صِفَتِهِ حِينَ الشِّرَاءِ وَهُوَ لَوْ حَضَرَ عَلِمَ أَنَّهُ الْمُشْتَرِي وَالْمُصَنِّفُ يَجِدُ عِلْمَ هَذَا مِنْ نَفْسِهِ، فَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِخُرُوجِهِ بِهِ لِبَلَدِ بَائِعِهِ أَدَّى إلَى ضَرَرِهِ بِذَهَابِ ثَمَنِهِ وَجَوَابُهُ مَعَ بُعْدِهِ قَاصِرٌ عَلَى السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ. وَأَمَّا الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهَا وَمَنْ ادَّعَى عَبْدًا بِيَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا يَشْهَدُ عَلَى الْقَطْعِ، أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ مِثْلُ الَّذِي ادَّعَاهُ، وَلَهُ بَيِّنَةٌ قَاطِعَةٌ بِبَلَدٍ آخَرَ فَسَأَلَ وَضْعَ قِيمَتِهِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَيِّنَتِهِ لِيَشْهَدُوا عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضِي ذَلِكَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 376 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْبَلَدِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ سَأَلَ ذُو الْعَدْلِ إلَخْ، فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مِنْ طَلَبِ الْحُجَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْغَائِبِ بِالْوَصْفِ وَالْحُكْمِ بِهَا جَائِزَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهَا وَلَيْسَ مُعَيَّنًا بِنَفْسِهِ، بَلْ بِالْإِضَافَةِ وَهُوَ الدَّيْنُ فَالِاعْتِبَارُ فِي الْإِشْهَادِ بِهِ مَعَ غَيْبَتِهِ بِتَخْصِيصِ الْمَدِينِ بِمَا يُعَيِّنُهُ تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ تُكْتَبُ لِلْقَاضِي بِمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ مِنْ صِفَةِ الْآبِقِ كَمَا يُكْتَبُ فِي الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَصِفَتِهِ، فَتَقُومُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى الصِّفَةِ مَقَامَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَيْنِ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ كِنَانَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى الصِّفَةِ وَأَجَازَهَا ابْنُ دِينَارٍ فِي الدَّيْنِ لَا الْآبِقِ. قُلْت فَظَاهِرُهُ أَنَّ ابْنَ كِنَانَةَ لَمْ يُجِزْهَا فِي الدَّيْنِ. الْمَازِرِيُّ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِصِفَةِ الْمَحْكُومِ بِهِ إنْ كَانَ رُبْعًا لِأَنَّ مِنْ صِفَتِهِ تَجْلِيَتُهُ بِمَحَلِّهِ وَمَكَانِهِ وَهُوَ لَا يَنْتَقِلُ. وَفِي الْحُكْمِ بِهَا فِي غَيْرِهِ مِنْ حَيَوَانٍ وَشِبْهِهِ قَوْلَانِ عَلَى الْأَوَّلِ يُنَفِّذُ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِبَلَدٍ الْبَيِّنَةُ الْحُكْمَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِهَا، وَعَلَى الثَّانِي يَحْكُمُ لَهُ بِأَخْذِ الْمُدَّعَى فِيهِ بِوَضْعِهِ قِيمَتَهُ لِيَذْهَبَ بِهِ لِمَحَلِّ الْبَيِّنَةِ لِتَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، فَيَحْكُمَ لَهُ بِهِ وَيَسْتَرْجِعَ قِيمَتَهُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ مِمَّا لَا يَتَمَيَّزُ أَصْلًا ذِكْرُ الْبَيِّنَةِ قِيمَتَهُ تَقُولُ غَصَبَهُ حَرِيرًا قِيمَتُهُ كَذَا أَوْ طَعَامًا قِيمَتُهُ كَذَا. قُلْت هَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَأَمَّا مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ لَا تَصِحُّ الْبَيِّنَةَ بِهِ بَعْدَ غَيْبَتِهِ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدَ حُضُورِهِ، فَتُمْتَنَعُ الشَّهَادَةُ بِهِ غَائِبًا عَلَى الصِّفَةِ، وَتَمَامُ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا مُعَيَّنًا بِنَفْسِهِ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ، فَإِنْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بِمَا يُسْتَحَقُّ لَا مِنْ يَدِ مُدَّعٍ مِلْكَهُ وَلَا مُدَّعِيًا حُرِّيَّةَ نَفْسِهِ سُمِعَتْ فِي غَيْبَتِهِ بِكَمَالِ صِفَتِهِ الْمُوجِبَةِ تَعَيُّنَهُ عِنْدَ مُشَاهَدَتِهِ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا آبِقًا وَإِنْ كَانَهُ فَفِي سَمَاعِهَا وَمَنْعِهِ قَوْلُهَا مَعَ جُلِّ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ مَعَ ابْنِ كِنَانَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِمَا يُسْتَحَقُّ مِنْ يَدِ مُدَّعٍ مِلْكَهُ أَوْ مُدَّعِيًا حُرِّيَّةَ نَفْسِهِ، فَفِي سَمَاعِهَا بِهِ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ، لِاخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 377 وَجَلَبَ الْخَصْمَ، بِخَاتَمٍ، أَوْ رَسُولٍ،   [منح الجليل] لِفَضْلٍ، عَنْ سَحْنُونٍ قَائِلًا لَا أَعْلَمُ خِلَافَهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا غَيْرَ ابْنِ كِنَانَةَ وَفَضْلٍ عَنْ ابْنِ دِينَارٍ مَعَهُ. وَلِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَوْ ادَّعَى عَبْدًا بِيَدِ رَجُلٍ وَالْعَبْدُ غَائِبٌ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ فِيهِ، أَوْ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ مَتَاعًا بِعَيْنِهِ أَقَامَ فِيهِ بَيِّنَةً قُبِلَتْ إذَا وَصَفُوا ذَلِكَ وَعَرَّفُوهُ وَحَلُّوهُ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ. قَالَ وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى غَائِبٍ بِأَنَّهُ سَرَقَ فَقَدِمَ وَغَابَ الشُّهُودُ أَوْ حَضَرُوا حُكِمَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا إذَا اسْتَأْصَلَ تَمَامَ الشَّهَادَةِ. (وَجَلَبَ) الْقَاضِي (الْخَصْمَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِخَاتَمٍ) أَيْ الْآلَةِ الَّتِي يَطْبَعُ بِهَا كِتَابَهُ سَوَاءٌ كَانَ يَضَعُهُ فِي يَدِهِ أَمْ لَا، أَيْ بِوَرَقَةٍ مَطْبُوعَةٍ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ أَمَرَ سَحْنُونٌ النَّاسَ فَكَتَبُوا أَسْمَاءَهُمْ فِي بِطَاقٍ ثُمَّ خُلِطَتْ ثُمَّ دَعَا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَمَنْ دَعَاهُ وَخَصْمُهُ حَاضِرٌ مَعَهُ أَدْخَلَهُمَا وَأَجْلَسَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي مَجْلِسِهِمَا، وَإِنْ اسْتَعْدَى الَّذِي خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى رَجُلٍ بِحَاضِرَةِ مَدِينَةِ الْعَدْوَى أَوْ يَقْصُرُ. ابْنُ الْأَغْلَبِ وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ أَعْدَاهُ عَلَى خَصْمِهِ بِطَابَعٍ يُعْطِيهِ إيَّاهُ، فَإِذَا أَتَى بِصَاحِبِهِ أُمِرَ بِأَخْذِ الطَّابَعِ مِنْهُ، وَكَانَ لَا يُعْطَى كِتَابُ عَدَوِيّ بِجَلْبِ خَصْمٍ إلَّا مِنْ الْأَمْيَالِ الْيَسِيرَةِ. (أَوْ رَسُولٍ) مِنْ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ الْمَطْلُوبِ حُضُورُهُ. ابْنُ فَتُّوحٍ إنْ سَأَلَ الطَّالِبُ الْقَاضِيَ يَرْفَعُ مَطْلُوبَهُ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي أَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إنْ كَانَ قَرِيبًا أَنْ يَأْمُرَ غُلَامَهُ الَّذِي لَهُ الْإِجَارَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالسَّيْرِ مَعَهُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَرِيبُ مِنْ الْمَدِينَةِ كَمَنْ يَأْتِي ثُمَّ يَرْجِعُ يَبِيتُ بِمَنْزِلِهِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ غَابَ الْخَصْمُ وَلَمْ يَكُنْ مَوْضِعُهُ يَزِيدُ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَحْضَرَهُ الْقَاضِي. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا اسْتَعْدَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْمِصْرِ مَعَهُ أَعْطَاهُ عَدْوَاهُ بِخَاتَمٍ يَخْتِمُهُ لَهُ أَوْ رَسُولٍ يُرْسِلُهُ إلَيْهِ حَتَّى يَجْلِبَهُ إلَيْهِ وَأُجْرَةُ الرَّسُولِ عَلَى الطَّالِبِ إلَّا أَنْ يَمْتَنِعَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الْحُضُورِ أَوْ الْجَوَابِ أَوْ إعْطَاءِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بَيِّنَةٍ، فَتَكُونَ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِظُلْمِهِ لَا يُقَالُ الظُّلْمُ لَا يُبِيحُ مَالَ الظَّالِمِ لِأَنَّا نَقُولُ الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُبِيحُ مَالَ الظَّالِمِ هُوَ الظُّلْمُ الَّذِي لَا يُؤَدِّي لِضَيَاعِ مَالِ الْمَظْلُومِ، وَأَمَّا الظُّلْمُ الْمُؤَدِّي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 378 إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى، لَا أَكْثَرَ: كَسِتِّينَ مِيلًا، إلَّا بِشَاهِدٍ وَلَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ.   [منح الجليل] لِذَلِكَ فَيُوجِبُ إغْرَامَهُ كَمَنْعِ آلَةِ التَّذْكِيَةِ حَتَّى مَاتَ الْحَيَوَانُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ، أَفَادَهُ تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ. وَيُجْلَبُ الْخَصْمُ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ (إنْ كَانَ) الْخَصْمُ (عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الدَّالِ كَذَلِكَ مَقْصُورًا فِي الصِّحَاحِ الْعَدْوَى طَلَبُك إلَى وَالٍ لِيُعَدِّيَك عَلَى مَنْ ظَلَمَك كَيْ يَنْتَقِمَ مِنْهُ يُقَالُ اسْتَعْدَيْت عَلَى فُلَانٍ الْأَمِيرَ فَأَعْدَانِي، أَيْ اسْتَعَنْت بِهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ، وَالِاسْمُ مِنْهُ الْعَدْوَى وَهِيَ الْمَعُونَةُ مِنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ. الْحَطّ كَلَامُ الْقَرَافِيِّ يُفِيدُ أَنَّ مَسَافَةَ الْعَدْوَى هِيَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ، وَنَحْوُهُ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ مِثْلُ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ. وَقِيلَ أَنْ يَأْتِيَ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَبِيتَ فِي مَنْزِلِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُجْلَبُ الْخَصْمُ مَعَ مُدَّعِيهِ بِخَاتَمٍ أَوْ رَسُولٍ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَسَافَةِ الْعَدْوَى، فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَلَا يَجْلِبُهُ مَا لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ. ابْنُ سَلْمُونٍ إنْ كَانَ الْخَصْمُ فِي مِصْرِ الْحَاكِمِ أَوْ عَلَى أَمْيَالٍ يَسِيرَةٍ كَتَبَ بِرَفْعِهِ أَصْبَغُ، وَإِلَّا فَلْيَكْتُبْ لِأَهْلِ الْعَدْلِ اجْمَعُوا بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لِلتَّنَاصُفِ، فَإِنْ أَبَيَا فَانْظُرُوا، فَإِنْ رَأَيْتُمْ لِلْمُدَّعِي وَجْهَ مَطْلَبٍ وَلَا يُرِيدُ بِالْمَطْلُوبِ تَعْنِيَتَهُ فَارْفَعُوهُ إلَيْنَا وَإِلَّا فَلَا (لَا) يُجْلَبُ إنْ كَانَ عَلَى (أَكْثَرَ) مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى زِيَادَةً كَثِيرَةً (كَسِتِّينَ مِيلًا) فَلَا يَجِبُ مِنْهَا (إلَّا بِشَاهِدٍ) يُقِيمُهُ الْمُدَّعِي عِنْدَ الْقَاضِي بِحَقِّهِ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ إمَّا أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ أَوْ يَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ. الْمُتَيْطِيُّ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ الْبَعِيدَةِ تَقْدِيمُ حَاكِمٍ لِكَوْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَأْذَنْ لِلْقَاضِي فِي ذَلِكَ أَوْ لِعَدَمِ مَنْ يُوَلِّيهِ فَلَا يَرْفَعُ مَنْ فِيهِ إلَى الْمِصْرِ إلَّا بِشُبْهَةٍ قَوِيَّةٍ كَشَاهِدِ عَدْلٍ أَوْ أَثَرِ ضَرْبٍ أَوْ جُرْحٍ ظَهَرَ عِنْدَهُ، وَلَعَلَّهُ يُشَخِّصُ الرَّجُلَ الْبَعِيدَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَهُ. (وَلَا يُزَوِّجُ) الْقَاضِي (امْرَأَةً) غَائِبَةً (لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ) تت اخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ فِي تَقْرِيرِهِ، فَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّهَا بِمَحِلِّهَا فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ وَخَرَجَتْ مِنْهَا أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ وِلَايَتِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ زَوَّجَهَا كَانَتْ مِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 379 وَهَلْ يُدَّعَى حَيْثُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ عُمِلَ؟ أَوْ الْمُدَّعَى وَأُقِيمَ مِنْهَا   [منح الجليل] أَهْلِ وِلَايَتِهِ أَوْ لَا لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ صَارَ مَعْزُولًا عَنْ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ خَارِجًا عَنْ وِلَايَتِهِ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ لَا يُزَوِّجُ امْرَأَةً لَيْسَتْ بِوِلَايَتِهِ يَعْنِي إذَا حَضَرَ بِوِلَايَتِهِ امْرَأَةٌ مَحَلُّهَا فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ فَلَا يُزَوِّجُهَا قَالُوا لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْأَشْخَاصُ كَمَا تُعْتَبَرُ الْبِقَاعُ. طفي تَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ نَصُّ الْجَوَاهِرِ. (وَ) إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَلَدٍ لَهُ قَاضٍ وَالْمُدَّعِي بِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ لَهُ قَاضٍ آخَرُ فَ (هَلْ يُدَّعَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَالْعَيْنِ مُثَقَّلًا، أَيْ تُقَامُ الدَّعْوَى وَيَتَحَاكَمُ (حَيْثُ) يَكُونُ الشَّخْصُ (الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِهِ) أَيْ الِادِّعَاءِ بِمَحَلِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ قَضَى مُطَرِّفٌ بِهِ جَرَى الْحُكْمُ بِالْمَدِينَةِ وَحَكَمَ بِهِ ابْنُ بَشِيرٍ بِالْأَنْدَلُسِ (أَوْ) يُدْعَى حَيْثُ يَكُونُ (الْمُدَّعِي) فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (وَأُقِيمَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ فَهِمَهُ فَضْلٌ (مِنْهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ تت وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَقَارًا أَوْ شَيْئًا مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، اهـ. طفي لَمْ يَكُنْ هَذَا فِي كَبِيرِهِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْخُصُومَةُ فِي مُعَيَّنٍ دَارًا وَغَيْرَهَا فِي كَوْنِهَا فِي بَلَدِ الْمُدَّعِي فِيهِ أَوْ بَلَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمُدَّعِي فِيهِ، ثَالِثُهَا هَذَا أَوْ حَيْثُ اجْتِمَاعُهُمَا وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمُدَّعِي فِيهِ لِاخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ سَحْنُونٍ وَابْنِ كِنَانَةَ وَمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ قَائِلًا كُلُّ مَنْ تَعَلَّقَ بِخَصْمٍ فِي حَقٍّ فَلَهُ مُخَاصَمَتُهُ حَيْثُ تَعَلَّقَ بِهِ إنْ كَانَ بِهِ أَمِيرًا وَقَاضٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ بِغَيْرِ مَوْضِعِ إجْمَاعِهِمَا. ابْنُ حَبِيبٍ أَقُولُ بِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ دَيْنٍ وَحَقٍّ لَا فِي الْعَقَارِ. اهـ. وَنَقَلَ " ق " عَنْ ابْنِ دِينَارٍ أَنَّ الدَّعْوَى بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ الْخِصَامُ فِيهَا حَيْثُ تَعَلَّقَ بِهِ الطَّالِبُ. قُلْت الدُّيُونُ فِي هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلْعَقَارِ قَالَ نَعَمْ، وَفِي التُّحْفَةِ وَحَيْثُ يُلْقِيهِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ يَطْلُبُهُ وَمُقَابَلَتُهُمْ الْعَقَارَ بِالدُّيُونِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَقَارِ، بَلْ الْمُعَيَّنُ غَيْرُهُ كَهُوَ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانَ فَرْضُ كَلَامِهِمْ فِي الْعَقَارِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 380 وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ؟ تَرَدُّدٌ.   [منح الجليل] الثَّانِي: تت الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَلَ مُرَجِّحٌ لِلْقَوْلِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْعُرْفُ عَامًّا فِي كُلِّ بَلَدٍ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ بِأَنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي بَلَدٍ وَجَرَى فِي آخَرَ بِغَيْرِهِ فَغَيْرُ وَاضِحٍ فَرُبَّ شَيْءٍ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّهُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فِي بَلَدٍ وَشَهِدَ فِي آخَرَ أَنَّهُ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ، وَرُبَّمَا اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ. طفي كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ بِشَيْءٍ هُوَ جَرَيَانُ الْعُرْفِ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ وَبِهِ الْعَمَلُ وَعُمِلَ بِهِ أَنَّ الْقَوْلَ حَكَمَتْ بِهِ الْأَئِمَّةُ وَجَرَيَانُ الْعُرْفِ بِالشَّيْءِ هُوَ عَمَلُ الْعَامَّةِ بِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ حُكْمٍ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، كَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْعُرْفُ عِنْدَنَا فِي ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَخْرُجُ الدَّارَ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِيهَا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا الْبَابُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ تَابِعٌ لِلْعُرْفِ، فَرُبَّ مَتَاعٍ شَهِدَ الْعُرْفَ فِي بَلَدٍ أَوْ زَمَانٍ أَنَّهُ لِلرِّجَالِ، وَيَشْهَدُ فِي بَلَدٍ آخَرَ أَوْ زَمَنٍ آخَرَ أَنَّهُ لِلنِّسَاءِ، وَيَشْهَدُ فِي الزَّمَانِ الْوَاحِدِ وَالْمَكَانِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْمٍ وَمِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْمٍ آخَرِينَ، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنْ قَوْلِهِ، وَبِهِ الْعَمَلُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ عُمِلَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَبِهِ جَرَى الْحُكْمُ فِي الْمَدِينَةِ، وَبِهِ حَكَمَ ابْنُ بَشِيرٍ بِالْأَنْدَلُسِ وَلَيْسَ هَذَا تَابِعًا لِلْعُرْفِ فِي شَيْءٍ. (وَفِي تَمْكِينِ) شَخْصٍ مِنْ (الدَّعْوَى لِ) شَخْصٍ (غَائِبٍ) عَنْ الْبَلَدِ احْتِسَابًا (بِلَا وَكَالَةٍ) مِنْ الْغَائِبِ لَهُ فِي شَيْءٍ تَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ غَصْبٍ أَوْ ضَرَرٍ أَحْدَثَهُ جَارُهُ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ، وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ، ثَالِثُهَا لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إلَّا الْأَبُ وَالِابْنُ وَمَنْ لَهُ قَرَابَةٌ قَرِيبَةٌ، رَابِعُهَا يُمَكَّنُ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا مِنْ الْخُصُومَةِ، خَامِسُهَا يُمَكَّنُ الْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْخُصُومَةِ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ دُونَ تَوْكِيلٍ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا الْأَبُ وَالِابْنُ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ (تَرَدُّدٌ) الْحَطّ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ إلَى الْخِلَافِ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ، وَذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 381 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ هَذَا الْخِلَافُ فِي الدَّعْوَى مِمَّنْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَأَمَّا مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهِ كَمَنْ سَبَقَتْ لَهُ يَدٌ عَلَى الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ مَنْ لَهُ فِيهِ تَعَلُّقٌ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْهُ، فَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ كَلَامًا شَافِيًا، وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ الْآتِي ذِكْرُهَا أَنْ تُلَخَّصَ قَاعِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَتُجْعَلَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَهِيَ أَنَّ هَذَا الْمُدَّعِيَ إنْ تَعَلَّقَ بِهِ ضَمَانُ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَصَارَ مُطَالَبًا بِهِ فَلَهُ الْمُخَاصَمَةُ فِيهِ وَالدَّعْوَى وَإِثْبَاتُ مِلْكِ الْغَائِبِ وَتَسَلُّمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ضَمَانِهِ فَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْمُدَّعَى فِيهِ شَيْئًا لَهُ فِي ذِمَّةِ مَالِكِهِ الْغَائِبِ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ جَازَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُثْبِتَ مِلْكَ الْغَائِبِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الدَّعْوَى، فَمِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْغَاصِبُ إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ آخَرُ وَالْمُسْتَعِيرُ إذَا كَانَ الشَّيْءُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ كَذَلِكَ وَالْحَمْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. قَالَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ، سُئِلَ سَحْنُونٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْعُمَّالِ أَكْرَهَ رَجُلًا أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ رَجُلٍ يُخْرِجَ مِنْهُ مَتَاعَهُ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَأَخْرَجَ لَهُ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ عُزِلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ الْغَاصِبُ ثُمَّ أَتَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَتَاعُ فَطَلَبَ مَا غُصِبَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إنْ شَاءَ الْآمِرَ، وَإِنْ شَاءَ الْمَأْمُورَ فَقَالَ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. قِيلَ لَهُ فَإِنْ أَخَذَ مَالَهُ مِنْ الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْعَامِلِ الَّذِي أَكْرَهَهُ عَلَى الدُّخُولِ، فَقَالَ نَعَمْ، قِيلَ لَهُ فَإِنْ عُزِلَ الْأَمِيرُ الْغَاصِبُ وَغَابَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَتَاعُ فَقَامَ الْمُكْرَهُ عَلَى الدُّخُولِ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ عَلَى الْأَمِيرِ الْغَاصِبِ لِلْمَتَاعِ لِيُغَرِّمَهُ إيَّاهُ وَقَالَ أَنَا الْمَأْخُوذُ بِهِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ فَهَلْ يُعَدَّى عَلَيْهِ فَقَالَ نَعَمْ. مُحَمَّدٌ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ الْمَخْلُوقِ كَالْقَتْلِ وَالْغَصْبِ لَا يَصِحُّ بِإِجْمَاعٍ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ مِنْ الْأَقْوَالِ بِاتِّفَاقٍ، وَمِنْ الْأَفْعَالِ عَلَى اخْتِلَافٍ. وَأَمَّا قَوْلُهُ يُقْضَى لِلْمُكْرَهِ عَلَى الدُّخُولِ فِي بَيْتِ الرَّجُلِ عَلَى الْعَامِلِ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ، فَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يُقْضَى لَهُ بِتَغْرِيمِهِ إيَّاهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 382 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيُوقَفُ لِصَاحِبِهِ اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ إثْرَهُ كَالْمُصَنِّفِ فِي ضَيْح، قُلْت الْأَظْهَرُ تَمْكِينُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي الْوَقْفِ لَضَمِنَهُ لِأَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْغَصْبِ بَاقٍ اهـ. وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْأَفْعَالِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ كَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ لَا يَصِحُّ بِإِجْمَاعٍ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ حَسْبَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالُوا فِي الْحَمِيلِ لَهُ أَخْذُ الْحَقِّ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَالطَّالِبُ غَائِبٌ إذَا قَالَ أَخَافُ أَنْ يُفْلِسَ الْمَضْمُونُ وَهُوَ مِمَّا يُخْشَى عَدَمُهُ قَبْلَ قُدُومِ الطَّالِبِ أَوْ كَانَ كَثِيرَ الْمَطْلِ وَاللَّدَدِ، فَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ أَمِينًا أَقَرَّ الْمَالَ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَوْدَعَ لِبَرَاءَةِ الْحَمِيلِ وَالْغَرِيمِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِهِ. وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمُرْتَهِنُ يُثْبِتُ مِلْكَ الرَّاهِنِ لِيَبِيعَهُ وَيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ وَزَوْجَةُ الْغَائِبِ وَغُرَمَاؤُهُ يُثْبِتُونَ مَالَهُ لِيُبَاعَ لَهُمْ وَيَسْتَوْفُونَ مِنْ ثَمَنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ حَتَّى يَثْبُتَ الدَّيْنُ عِنْدَهُ وَالرَّهْنُ وَمِلْكُ الرَّاهِنِ لَهُ. وَيَحْلِفُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ دَيْنَهُ وَلَا قَبَضَهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ لَبَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ وَدَائِعُ وَدُيُونٌ فَرَضَ لِلزَّوْجَةِ نَفَقَتَهَا فِيهَا، وَلَهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ جَحَدَ مِنْ غُرَمَائِهِ أَنَّ لِزَوْجِهَا عَلَيْهِمْ دَيْنًا، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَبِيعُ الْحَاكِمُ الدَّارَ حَتَّى يُكَلِّفَ الزَّوْجَةَ إثْبَاتَ مَلَكِيَّةِ الزَّوْجِ لَهَا وَأَنَّ الدَّارَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ. الثَّانِي: تت ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ. طفي مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّهُمْ عَدُّوا هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُشِيرُ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ لِكَثْرَةِ الْخِلَافِ. الثَّالِثُ: تت مَا قَرَّرْنَا بِهِ نَحْوَهُ فِي الشَّارِحِ الْأَوْسَطِ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ حَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ الْغَائِبَ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَكِيلٌ وَيَكْفِي وُجُودُ الْمَالِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا فَائِدَةَ لِاشْتِرَاطِ حُضُورِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْغَائِبَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ كَفَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَوُجُودُ الْوَكِيلِ كَعَدَمِهِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَعْنَى مَا لِلشَّارِحِ فِي الْكَبِيرِ. طفي مَا ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ عَنْ الشَّارِحِ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ تت، إذْ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي كَبِيرِهِ لَيْسَ كَمَا قَالَ، وَلَا يَصِحُّ فِي نَفْسِهِ، إذْ لَيْسَ الْخِلَافُ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ يَكْفِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 383 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وُجُودُ الْمَالِ، وَنَصَّ الشَّارِحِ فِي كَبِيرِهِ قَوْلُهُ وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَى لِغَائِبٍ بِلَا وَكَالَةٍ تَرَدُّدٌ الْمَنْعُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ إنْ كَانَ لِلْغَائِبِ بِبَلَدِ الْحُكْمِ مَالٌ أَوْ حَمِيلٌ أَوْ وَكِيلٌ سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَإِلَّا نُقِلَتْ الشَّهَادَةُ اهـ. وَهَكَذَا النَّقْلُ فِي ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ شَرَطَ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وُجُودَ أَحَدِ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْحُكْمُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حِينَئِذٍ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ وِلَايَتِهِ عَلَى حَمْلِ الشَّارِحِ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ الْبَعِيدِ كَإِفْرِيقِيَّةَ إلَخْ، وَإِنْ قُلْنَا أَعَادَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى الْخِلَافِ فَيَحْتَاجُ لِجَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى، وَمَعَ ذَلِكَ تَنْبُو عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ عَنْ ذَلِكَ، إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ وَفِي تَمْكِينِ الدَّعْوَةِ عَلَى غَائِبٍ بِلَا وَكِيلٍ أَوْ حَمِيلٍ أَوْ مَالٍ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ هُوَ أَيْضًا مَحَلَّ التَّرَدُّدِ، وَلِأَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَالْبَعِيدُ كَإِفْرِيقِيَّةَ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ مَا يُخَالِفُهُ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى الْخِلَافِ مَعَ ضَعْفِهِ، إذْ لَمْ تَجْرِ لِلْمُصَنِّفِ عَادَةً بِذَلِكَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ فِي كَبِيرِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَفِي الْوَسَطِ وَالصَّغِيرِ كَمَا قَرَّرَ تت، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَعْمِيمَ ابْنِ مَرْزُوقٍ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُدَّعَى لَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَالْعَجَبُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ كَيْفَ يَصْدُرُ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ مَعَ تَقَدُّمِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَعَ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ مَشْهُورَةً بِالْخِلَافِ فِي دَوَاوِينِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَنْ قَامَ مُحْتَسِبًا لِغَائِبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي قَصْرِ الْقِيَامِ عَنْهُ دُونَ تَوْكِيلٍ مِنْهُ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَعُمُومُهُ فِيهِمَا وَفِي الْأَجَانِبِ ثَالِثُهَا يُمَكَّنُونَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا الْخُصُومَةِ. وَرَابِعُهَا لَا يُمَكَّنُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَخَامِسُهَا يُمَكَّنُ مِنْهُمَا الْأَبُ وَالِابْنُ فَقَطْ، وَيُمَكَّنُ غَيْرُهُمَا وَالْأَجْنَبِيُّ فِي الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ لِفَوْتِهَا وَتَغَيُّرِهَا لَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ دَيْنٍ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقِيَامِ عَنْهُ فِي كَوْنِهِ فِي قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَبِعِيدِهَا وَقَصْرِهِ عَلَى قُرْبِهَا قَوْلَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 384 (بَابٌ)   [منح الجليل] [بَاب فِي أَحْكَام الشَّهَادَة] ِ وَهِيَ لُغَةً الْبَيَانُ وَالشَّاهِدُ الْمُبَيِّنُ، وَكَذَا الشَّهِيدُ، وَفُسِّرَ قَوْله تَعَالَى {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ} [آل عمران: 18] يُبَيِّنُ وَيُعَلِّمُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا تُعَرَّفُ اصْطِلَاحًا لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَرَافِيُّ أَقَمْت نَحْوَ ثَمَانِ سِنِينَ أَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ وَأَسْأَلُ الْفُضَلَاءَ عَنْهُ وَتَحْقِيقِ مَاهِيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَقُولُونَ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ التَّعَدُّدُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ فَأَقُولُ لَهُمْ هَذَا فَرْعُ تَصَوُّرِهَا وَتَمَيُّزِهَا عَنْ الرِّوَايَةِ وَتَعْرِيفِهَا بِأَحْكَامِهَا الَّتِي لَا تُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا دَوْرٌ، وَإِذَا وَقَعَتْ حَادِثَةٌ غَيْرُ مَنْصُوصَةٍ مِنْ أَيْنَ لَنَا أَنَّهَا شَهَادَةٌ شَرْطُهَا التَّعَدُّدُ إلَخْ أَوْ رِوَايَةٌ لَيْسَ شَرْطُهَا ذَلِكَ وَبَنَوْا الْخِلَافَ فِي قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ عَلَى كَوْنِهِ رِوَايَةً أَوْ شَهَادَةً، وَفِي قَبُولِهِ بِعَدَدِ مَا صَلَّى إمَامُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصَوُّرِهِمَا وَمَعْرِفَةِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَزَلْ فِي شِدَّةِ قَلَقٍ حَتَّى طَالَعْت شَرْحَ الْبُرْهَانِ لِلْمَازِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَوَجَدْته حَقَّقَ الْمَسْأَلَةَ وَمَيَّزَ الشَّهَادَةَ مِنْ الرِّوَايَةِ، فَقَالَ هُمَا خَبَرَانِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهُ إنْ كَانَ عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِمُعَيَّنٍ فَهِيَ الرِّوَايَةُ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَالشُّفْعَةُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ» فَإِنَّهُمَا عَامَّانِ لَا يَخْتَصَّانِ بِمُعَيَّنٍ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، بِخِلَافِ قَوْلِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِهَذَا عِنْدَ هَذَا دِينَارٌ مَثَلًا، فَإِنَّهُ لِزَامُ الْمُعَيَّنِ لَا يَتَعَدَّاهُ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ. ثُمَّ قَالَ يَنْتَقِضُ هَذَا الْفَرْقُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَدْ تَتَعَلَّقُ بِكُلِّيٍّ، كَشَهَادَةٍ بِوَقْفٍ مُؤَبَّدٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَكَوْنِ الْأَرْضِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا، وَبِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ تَتَعَلَّق بِجُزْئِيٍّ كَإِرْسَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِجْرَتِهِ وَوَفَاتِهِ وَخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عُمُومَهَا عَارِضٌ، وَمَقْصُودَهَا الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ جُزْئِيٌّ، فَالْمَقْصُودُ بِالشَّهَادَةِ بِالْوَقْفِ إنَّمَا هُوَ الْوَاقِفُ لِيَنْزِعَ مِنْهُ الْمَوْقُوفَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 385 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَأَمَّا كَوْنُ الْأَرْضِ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا فَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَالرِّوَايَةِ لِعَدَمِ الِاخْتِصَاصِ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَيُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ لِتَعَيُّنِ الْمَحْكُومِ فِيهِ وَهُوَ الْأَرْضُ. وَأَمَّا النَّقْضُ عَلَى الرِّوَايَةِ فَإِنَّ الْمَذْكُورَاتِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِجُزْئِيَّاتٍ ابْتِدَاءً لَكِنَّ ثَمَرَاتِهَا وَفَوَائِدَهَا عَامَّةٌ لِلْعَالَمِينَ أَجْمَعِينَ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَوَاضِحٌ أَنَّ قَوْلَهُ أَقَمْت أَطْلُبُ الْفَرْقَ وَأَسْأَلُ الْفُضَلَاءَ إلَخْ نَصٌّ فِي مُنَافَاتِهِ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا حَاجَةَ لِتَعْرِيفِ الشَّهَادَةِ، وَالْحَقُّ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ إنَّهُ مُحْتَاجٌ لِتَعْرِيفِهَا، وَتَعَقَّبَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَوْلَ الْقَرَافِيِّ أَقَمْت مُدَّةً كَذَا أَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَخْ بِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي أَيْسَرِ الْكُتُبِ الْمُتَدَاوَلَةِ بَيْنَ مُبْتَدَئِي الطَّلَبَةِ وَهُوَ تَنْبِيهٌ. ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ لَمَّا كَانَ الْقِيَاسُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ رَدُّ ثُبُوتِ الْهِلَالِ لِبَابِ الْإِخْبَارِ إذَا رَأَوْا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ بَابِ الْخَبَرِ وَبَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّ كُلَّ مَا خَصَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ فَبَابُهُ بَابُ الشَّهَادَةِ، وَكُلَّ مَا عَمَّ فَلَزِمَ الْقَائِلَ مِنْهُ مَا لَزِمَ الْمَقُولَ لَهُ، فَبَابُهُ بَابُ الْإِخْبَارِ جَعَلُوا فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَهُ بِقَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْهِلَالِ، وَلَا تَجِدُهُ إلَّا فِي النَّقْلِ عَمَّا ثَبَتَ عِنْدَ الْإِمَامِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الشَّهَادَةَ قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ يُوجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ سَمَاعَهُ الْحُكْمَ بِمُقْتَضَاهُ إنْ عَدَلَ قَائِلُهُ مَعَ تَعَدُّدِهِ أَوْ حَلَفَ طَالِبُهُ فَتَخْرُجُ الرِّوَايَةُ وَالْخَبَرُ الْقَسِيمُ لِلشَّهَادَةِ وَإِخْبَارُ الْقَاضِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ قَاضِيًا آخَرَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بِمُقْتَضَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ بِالتَّعَدُّدِ أَوْ الْحَلِفِ، وَتَدْخُلُ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَغَيْرُ التَّامَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَيْثِيَّةَ لَا تُوجِبُ حُصُولَ مَدْلُولِ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ بِالْفِعْلِ حَسْبَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْرِيفِ الدَّلَالَةِ. اهـ. وَقَالَ قَوْلٌ وَهُوَ جِنْسٌ بَعِيدٌ لِإِدْخَالِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ، إذْ هِيَ قَوْلٌ لَا خَبَرٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ كَلَامِ النَّفْسِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ لُغَةً وَعُرْفًا، وَفِيهِ دَوْرٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِافْتِقَارِهِ لِلتَّعَدُّدِ فَرْعُ تَصَوُّرِ كَوْنِهِ شَهَادَةً، وَقَوْلُهُ إنْ عُدِّلَ قَائِلُهُ أَرَادَ بِهِ إنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِعِلْمِهِ وَلَوْ قَالَ قَوْلَ عَدْلٍ لَكَانَ أَبْيَنَ أَفَادَهُ شب. ابْنُ مَرْزُوقٍ تَعْرِيفُهُ غَيْرُ جَامِعٍ، إذْ لَا يَشْمَلُ الشَّهَادَةَ بِالْخَلْطَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 386 الْعَدْلُ: حُرٌّ،   [منح الجليل] لِثُبُوتِهَا بِامْرَأَةٍ وَبِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ فِيهَا تُوجِبُ يَمِينَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. (الْعَدْلُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الدَّالِ (حُرٌّ) بِضَمِّ الْحَاءِ لَا قِنٌّ اتِّفَاقًا وَلَا ذُو شَائِبَةٍ كَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ. يَحْيَى سَأَلَتْ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْمَعْرُوفِ بِظُلْمِ النَّاسِ وَالتَّعَدِّي عَلَيْهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ مِنْ ذَوِي السَّلْطَنَةِ وَالْوُلَاةِ يَدَّعِي رَجُلٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ ظَلَمَهُ فِي أَرْضٍ غَلَبَهُ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ وَلَا يَجِدُ عَلَى دَعْوَاهُ عُدُولًا مِنْ الْبَيِّنَاتِ، وَيَجِدُ شُهُودًا لَا يُعْرَفُونَ بِعَدَالَةٍ وَلَا يُوصَفُونَ بِسَخْطَةٍ أَيُقْبَلُ مِثْلُ هَؤُلَاءِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُ مَا يُقْبَلُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عُدُولِ الشُّهَدَاءِ؟ فَقَالَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ غَيْرِ الْعُدُولِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ظَالِمًا أَوْ غَيْرَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، فَلَا يَنْبَغِي لِغَيْرِ الْعُدُولِ أَنْ تَجُوزَ شَهَادَتُهُمْ عَلَى أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الشَّاهِدَ الْمَجْهُولَ الْحَالُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُعَدَّلَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، أَيْ مَنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ غَيْرَ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ أَجَازَ شَهَادَةَ الْمَجْهُولِ الْحَالُ عَلَى التَّوَسُّمِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَافِرِينَ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ إلَيْهَا قِيَاسًا عَلَى شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الْجِرَاحِ وَمُرَاعَاةً لِلِاخْتِلَافِ، إذْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ حَمَلَ الشَّاهِدَ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تُعْرَفَ جُرْحَتُهُ لِظَاهِرِ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إلَّا مَجْلُودًا فِي حَدٍّ أَوْ مُجَرَّبًا عَلَيْهِ زُورٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمَذْهَبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَدْ اتَّفَقُوا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ فِيهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَجَازَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْمَجْهُولِ الْحَالِ فِي يَسِيرِ الْمَالِ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: الجزء: 8 ¦ الصفحة: 387 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] . وَقَوْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي جِهَةٍ إلَّا غَيْرُ الْعُدُولِ أَقَمْنَا أَصْلَحَهُمْ وَأَقَلَّهُمْ فُجُورًا لِلشَّهَادَةِ، وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ لِئَلَّا تَضِيعَ الْمَصَالِحُ. قَالَ وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يُخَالِفُهُ فِي هَذَا، فَإِنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ الْإِمْكَانُ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ رَاشِدٍ فِي مَذْهَبِهِ وَابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ فِي الِاسْتِغْنَاءِ، قَالَ إذَا كَانَ الْبَلَدُ لَا عُدُولَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِالْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ، وَيُسْتَكْثَرُ بِحَسَبِ خَطَرِ الْحُقُوقِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى النِّصَابِ. وَقَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ إذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ لَا عُدُولَ فِيهَا وَبَعُدُوا عَنْ الْعُدُولِ فَهَلْ تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْأَمْوَالِ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يُعْلَمْ لِلْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ خِلَافُهُ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ، وَرَأَيْت قَوْمًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ يَحْكُونَ عَنْ أَشْيَاخِهِمْ بِأَنَّهُمْ أَفْتَوْا بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ مِمَّنْ ذَكَرْنَا وَيُعَلِّمُونَهَا لِلضَّرُورَةِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ فِي دُرَرِهِ رُوِيَ عَنْ سَحْنُونٍ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى السَّارِقِ مِمَّنْ لَقِيَهُ مِنْ النَّاسِ السَّيَّارَةِ عَلَى الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسَافِرِينَ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالرِّعَاءِ إذَا عَرَفُوهُ وَقَالُوا رَأَيْنَا فُلَانًا سَرَقَ دَابَّةَ فُلَانٍ أَوْ رَأَيْنَا فُلَانًا فِي حَوْزَةِ كَذَا أَوْ فِي مَرَاعِي بَنِي فُلَانٍ، وَتَجُوزُ عَلَيْهِ شَهَادَةُ السَّيَّارَةِ سَوَاءٌ كَانُوا عُدُولًا أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ هَذَا فِي الْبَرَابِرِ، وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ إلَّا شَهَادَةُ الْعُدُولِ بِشَيْءٍ عِنْدَنَا. وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ مِثْلِ هَذَا فِي لُصُوصِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَرَابِرِ بَرْقَةَ، فَقَالَ تَجُوزُ عَلَيْهِمْ شَهَادَةُ مَنْ لَقِيَهُمْ مِنْ النَّاسِ قِيلَ لَهُ إنَّهُمْ غَيْرُ عُدُولٍ، قَالَ وَأَيْنَ تُوجَدُ الْعُدُولُ عَلَى السَّارِقِ وَاللِّصِّ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ اللِّصَّ وَالسَّارِقَ مَوَاضِعَ الْخَلَوَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الْعُدُولُ، وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ وَمِثْلُهُ فِي أَسْئِلَةِ ابْنِ سَحْنُونٍ كُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَلَا ثُبُوتَ لِشَيْءٍ مِنْهُ فِيهِ، فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى، إذْ لَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 388 مُسْلِمٌ، عَاقِلٌ، بَالِغٌ. بِلَا فِسْقٍ وَحَجْرٍ   [منح الجليل] كَانَ ثَابِتًا مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حُفَّاظِ الْمَذْهَبِ وَلَذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ فِي كُتُبِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ عَلَى مُسْلِمٍ إجْمَاعًا وَلَا عَلَى مِثْلِهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَتَعَقَّبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى مُسْلِمٍ بِأَنَّ مِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِهَا عَلَى وَصِيَّةِ مُسْلِمٍ فِي السَّفَرِ لِلضَّرُورَةِ، عَزَاهُ ابْنُ سَهْلٍ لِشُرَيْحٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُبَيْدَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِمْ (عَاقِلٌ) فِي حَالَتَيْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ شَرْطُ الْعَقْلِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ وَلَا يَضْبِطُهُ وَمَنْ هُوَ كَذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُخْتَلَفُ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْلِ فِي حَالَتَيْ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَلَا يَضُرُّ ذَهَابُ الْعَقْلِ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ وَلَمْ أَعْرِفْهُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، بَلْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي كَبِيرٍ يَخْنُقُ ثُمَّ يُفِيقُ إنْ كَانَ يُفِيقُ إفَاقَةً يَعْقِلُهَا جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَبَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ. (بَالِغٌ) فَلَا يُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّبِيِّ اتِّفَاقًا إلَّا لِصَبِيٍّ عَلَى صَبِيٍّ فِي دَمٍ. بِشُرُوطٍ تَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (بِلَا فِسْقٍ) بِجَارِحَةٍ ظَاهِرَةٍ؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ فِسْقَ الِاعْتِقَادِ (وَ) بِلَا (حَجْرٍ) عَلَيْهِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِنْ رَشَدَ. مُحَمَّدٌ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. شب هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِسَفَهِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ. وَفِي شَرْطِ عَدَمِ الْوِلَايَةِ فِي الْمَالِ خِلَافٌ سَمِعَ أَشْهَبُ أَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ عَدْلٌ؟ قَالَ نَعَمْ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِثْلَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ لَغْوِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْيَتِيمِ الْبَالِغِ فِي جَوَازِ أَفْعَالِهِ وَرَدِّهَا، وَالْآتِي عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَنَّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا تَنْفُذُ أَفْعَالُهُ وَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فِي أَحْوَالِهِ: أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَوْ طَلَبَ مَالَهُ أَخَذَهُ وَهُوَ نَصُّ أَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 389 وَبِدْعَةٍ، وَإِنْ تَأَوَّلَ: كَخَارِجِيٍّ، وَقَدَرِيٍّ   [منح الجليل] وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ ظَاهِرُ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْهَا، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي شَهَادَتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ، فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا؟ . وَفِي شَرْحِ ابْنِ النَّاظِمِ عَلَى التُّحْفَةِ مَا يُفِيدُ هَذَا، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْمَانِعَ الْحَجْرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) بِلَا (بِدْعَةٍ) أَيْ اعْتِقَادٍ مُخَالِفٍ لِاعْتِقَادِ أَهْلِ السُّنَّةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا فَاسِقٌ وَإِمَّا كَافِرٌ إنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ، بَلْ (وَإِنْ تَأَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مَهْمُوزًا مُثَقَّلًا (كَخَارِجِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلْخَوَارِجِ وَهُمْ قَوْمٌ خَرَجُوا عَلَى عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَكَفَّرُوهُمَا مُعَاوِيَةَ لِخُرُوجِهِ عَلَى عَلِيٍّ وَعَلِيٍّ لِرِضَاهُ بِتَحْكِيمِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمًّا غَفِيرًا (وَقَدَرِيٍّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ وَشَدِّ الْيَاءِ نِسْبَةً لِلْقَدَرِ، أَيْ إيجَادِ الْأَشْيَاءِ بِحَسَبِ عَمَلِهَا فِي الْأَزَلِ لِنَفْيِهِمْ إيَّاهُ وَقَوْلِهِ بِخَلْقِ الْعَبْدِ أَفْعَالَهُ الِاخْتِيَارِيَّةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَلَا تَأْوِيلٍ، كَالْقَدَرِيِّ وَالْخَارِجِيِّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْقَدَرِيِّ مِثَالًا لِلْجَاهِلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ شُبَهِهِمْ عَقْلِيَّةٌ، وَالْخَطَأُ فِيهَا يُسَمَّى جَهْلًا، وَالْخَارِجِيُّ مِثَالٌ لِلْمُتَأَوِّلِ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ شُبَهِهِمْ سَمْعِيَّةٌ وَالْخَطَأُ فِيهَا يُسَمَّى تَأْوِيلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَاهِلِ الْمُقَلِّدُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَبِالْمُتَأَوِّلِ الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا، وَلَمْ يُعْذَرُوا بِالتَّأْوِيلِ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ، بِخِلَافِ تَأْوِيلِ الْمُحَارِبِينَ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْحَطَّابُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذِهِ شُرُوطًا فِي الْعَدْلِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهَا شُرُوطًا فِي قَوْلِ الشَّهَادَةِ، وَمِنْهَا الْعَدَالَةُ وَهُوَ أَبْيَنُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُوصَفُ بِالْعَدَالَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ مُوجِبَةً لِحُكْمِ الْحَاكِمِ اُشْتُرِطَ فِيهَا شُرُوطٌ مِنْهَا فِي أَدَائِهَا الْإِسْلَامُ اتِّفَاقًا، ثُمَّ قَالَ وَمِنْهَا الْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ، ثُمَّ قَالَ وَالْبُلُوغُ، ثُمَّ قَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 390 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالْعَدَالَةُ، قَالَ وَلَمَّا كَانَتْ شُرُوطًا فِي الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ تَكَلَّمَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي أَصْلَيْهِ وَفِقْهِهِ. طفى إنْ قُلْت جَعَلَ عِيَاضٌ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي الشَّاهِدِ، وَجَعَلُوا مِنْهَا كَوْنَهُ عَدْلًا، ثُمَّ فَسَّرُوا الْعَدَالَةَ بِالْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ عَلَى اجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَالْكَذِبِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرُوا، فَخَالَفَ الْمُصَنِّفُ اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا مُسْتَعْمِلًا لِمُرُوءَتِهِ. قُلْت لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَذَ الْعَدْلَ بِمَعْنَى عَدْلِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مُرَادُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، حَيْثُ أَطْلَقُوهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَنْ تَوَفَّرَتْ فِيهِ هَذِهِ الشُّرُوطُ الَّتِي ذَكَرُوهَا، فَأَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَأَخَذَهُ غَيْرُهُ بِمَعْنَى الْمَحَافِظِ عَلَى الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ مُحَافَظَةً دِينِيَّةً، فَشَمِلَ هَذَا الْمَعْنَى الْعَبْدَ، فَلِذَا احْتَاجُوا لِذِكْرِ الْحُرِّيَّةِ مَعَ الْعَدَالَةِ وَمَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمَسُّ بِالْمَقَامِ، فَقَوْلُ " ح " مُتَوَرِّكًا عَلَى الْمُصَنِّفِ إنَّ مَا ذَكَرُوهُ أَبْيَنُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُوصَفُ بِالْعَدَالَةِ غَيْرُ بَيِّنٍ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ أَطَالَ الْمَازِرِيُّ الْكَلَامَ فِي الْعَدَالَةِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهَا صِفَةُ مَظِنَّةٍ لِمَنْعِ مَوْصُوفِهَا الْبِدْعَةَ وَمَا يَشِينُهُ عُرْفًا وَمَعْصِيَةً غَيْرَ قَلِيلِ الصَّغَائِرِ، فَالصَّغَائِرُ الْخَسِيسَةُ مُنْدَرِجَةٌ فِيمَا يَشِينُ وَنَادِرُ الْكَذِبِ فِي غَيْرِ عَظِيمِ مَفْسَدَةٍ عَفْوٌ مُنْدَرِجٌ فِي قَلِيلِ الصَّغَائِرِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهَا فِي آخِرِ شَهَادَاتِهَا مِمَّا يُجْرَحُ بِهِ أَنَّهُ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَأَطْوَلُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْفِقْهِيِّ الْعَدَالَةُ الْمُحَافَظَةُ الدِّينِيَّةُ عَلَى اجْتِنَابِ الْكَذِبِ وَالْكَبَائِرِ، وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَحُسْنُ الْمُعَامَلَةِ لَيْسَ مَعَهَا بِدْعَةٌ، وَيُتَعَقَّبُ بِحَشْوِ الدِّينِيَّةِ لِاسْتِقْلَالِهِ دُونَهَا، وَإِجْمَالُ قَوْلِهِ وَتَوَقِّي الصَّغَائِرِ لِاحْتِمَالِهِ جَمِيعَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ مَعَهَا بِدْعَةٌ رَاجِعٌ لِلْعَدَالَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ الْبِدْعَةِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْعَدَالَةِ، لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ اشْتِرَاطَ هَذِهِ الْمَعِيَّةِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهَا فِسْقٌ يُوجِبُ كَوْنَهَا مُعْتَادَةً فَيُسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعَدَالَةِ عَنْهَا كَمَا اُسْتُغْنِيَ بِذِكْرِهَا عَنْ سَائِرِ أَضْدَادِهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ أَضْدَادِهَا كَثُرَ النِّزَاعُ فِيهِ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ الدِّينِيَّةِ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْمُحَافَظَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَصْدُ بِهَا الدِّينَ، وَإِنَّمَا فَعَلَهَا لِتَحْصِيلِ مَنْصِبٍ دُنْيَوِيٍّ. وَقَالَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 391 لَمْ يُبَاشِرْ كَبِيرَةً، أَوْ كَثِيرَ كَذِبٍ،   [منح الجليل] ابْنُ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ فِي صِفَةِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ هُوَ الْمُجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ الْمُتَوَقِّي لِأَكْثَرِ الصَّغَائِرِ إذَا كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ وَتَمْيِيزٍ مُتَيَقِّظًا مُتَوَسِّطَ الْحَالِ بَيْنَ الْبُغْضِ وَالْمَحَبَّةِ. قُلْت وَقَدْ أَتَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ عَلَى جَمِيعِ مَا يَنْبَغِي فِي الشَّاهِدِ الْعَدْلِ اهـ. الثَّالِثُ: عب هَذِهِ الشُّرُوطُ لَا يُشْتَرَطُ مِنْهَا حَالَ الْأَدَاءِ وَالتَّحَمُّلِ إلَّا الْعَقْلُ، وَبَقِيَّتُهَا إنَّمَا يُشْتَرَطُ حَالَ الْأَدَاءِ. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي غَيْرِ شُهُودِ النِّكَاحِ وَالشُّهُودِ عَلَى الْخَطِّ. وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ وَالْخَطِّ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا وَقْتَ الْأَدَاءِ وَوَقْتَ التَّحَمُّلِ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (لَمْ يُبَاشِرْ) أَيْ يَفْعَلْ الْعَدْلُ مَعْصِيَةً (كَبِيرَةً) بِلَا تَوْبَةٍ مِنْهَا بِأَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا أَصْلًا أَوْ تَابَ مِنْهَا، فَإِنْ فَعَلَهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلِ عَدَمُ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقًا لِتَعَذُّرِهِ إلَّا مِنْ وَلِيٍّ أَوْ صَدِيقٍ، وَلَكِنْ مَنْ كَانَتْ طَاعَتُهُ أَكْثَرَ أَحْوَالِهِ وَأَغْلَبَهَا وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَحَافَظَ عَلَى تَرْكِ الصَّغَائِر فَهُوَ عَدْلٌ. تت تَكْمِيلُ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ انْقِسَامُ الذُّنُوبِ إلَى كَبَائِرَ وَصَغَائِرَ، وَاخْتُلِفَ فِي تَمْيِيزِ الْكَبَائِرِ مِنْهَا فَمِنْهُمْ مَنْ مَيَّزَهَا بِالْعَدِّ مُسْتَقْرِيًا مَوَارِدَ النُّصُوصِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَصَرَهَا بِضَابِطٍ، وَلْنَذْكُرْ طَرَفًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. فَمِنْ الْأَوَّلِ: قِيلَ أَرْبَعٌ، وَقِيلَ سَبْعٌ، وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ. ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - هِيَ إلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى السَّبْعِ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إلَى سَبْعِمِائَةٍ أَقْرَبُ. وَمِنْ الثَّانِي: قِيلَ مَا لَحِقَ صَاحِبَهَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، وَقِيلَ مَا أَوْجَبَ حُكْمًا. وَقِيلَ مَا نَصَّ الْقُرْآنُ عَلَى تَحْرِيمِهِ أَوْ أَوْجَبَ فِي جِنْسِهِ حَدًّا. وَقِيلَ، كُلُّ ذَنْبٍ خَتَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَارٍ أَوْ غَضَبٍ أَوْ لَعْنَةٍ أَوْ عَذَابٍ، وَقِيلَ مَا أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِنَارٍ أَوْ حَدٍّ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. (أَوْ كَثِيرَ كَذِبٍ) ظَاهِرُ مَفْهُومِهِ أَنَّ مَنْ بَاشَرَ كَثِيرَ الْكَذِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ اتَّحَدَ مُتَعَلِّقُهُ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا يُجَرَّحُ بِهِ الشَّاهِدُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ مُشْعِرٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 392 أَوْ صَغِيرَةَ خِسَّةً وَسَفَاهَةً، وَلَعِبَ نَرْدٍ، ذُو مُرُوءَةٍ   [منح الجليل] بِتَعَدُّدِ مُتَعَلِّقِهِ. وَمَفْهُومُ " كَثِير " أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْكَذِبِ الْيَسِيرِ كَالْوَاحِدِ غَيْرُ قَادِحٍ فِي الْعَدَالَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ الْحَطَّابُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا الْكَذِبُ فَنَصُّهَا مِمَّا يُجَرَّحُ بِهِ الشَّاهِدُ قِيَامُ بَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَنَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِالْكَذِبِ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَاحِدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُهُ يُعْطِي تَكَرُّرَ الْكَذِبِ مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا الْقَيْدُ الْأَخِيرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاكْتُفِيَ بِتَكْرَارِ الْكَذِبِ. قُلْت قَوْلُهُ يُعْطِي تَكْرَارَ الْكَذِبِ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِهِ دُونَ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا لَفْظَ كَذَّابٍ، وَفَعَّالٌ يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ ضَرُورَةً، وَقَوْلُهُ إنَّهُ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِهِ يَرِدُ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ مَشْهُورٍ أَخَصُّ مِنْ مَعْرُوفٍ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِدْقِ الْأَعَمِّ صِدْقُ الْأَخَصِّ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَرَادَ بِهِ كَوْنَهُ مَشْهُورًا فَلَا يَضُرُّ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ لَفْظَ مَعْرُوفٍ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَإِنْ أَرَادَ لَفْظَ مَعْرُوفٍ فَقَوْلُهُ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَرَادَ نَصًّا فَمُسَلَّمٌ، وَإِنْ أَرَادَ وَلَا لُزُومًا مُنِعَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا قِيَامُ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهُ كَذَّابٌ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ بِمُطْلَقِ الْكَذِبِ عَادَةً؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْعَادَةِ أَنْ لَا يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَذَّابٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ إلَّا وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِمُطْلَقِ الْكَذِبِ. (أَوْ صَغِيرَةَ خِسَّةٍ) كَتَطْفِيفِ حَبَّةٍ أَوْ سَرِقَةِ لُقْمَةٍ فَمُبَاشِرُهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَمَفْهُومُ خِسَّةٍ أَنَّ مُبَاشَرَةَ صَغِيرَةٍ غَيْرِ الْخَسَّةِ لَا تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا غَالِبًا (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (سَفَاهَةً) أَيْ مُجُونًا وَدُعَابَةً وَهَزْلًا فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهِ (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (لَعِبَ نَرْدٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آلَةٌ مُرَبَّعَةٌ مُخَطَّطَةٌ يُلْعَبُ عَلَيْهَا بِفُصُوصٍ، وَيُقَالُ لَهَا نَرْدَشِيرُ، وَتُسَمَّى فِي عُرْفِ مِصْرَ طَاوِلَةً، فَمُبَاشِرُ لَعِبِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ مَرَّةً بِغَيْرِ قِمَارٍ لِحَدِيثِ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرَ فَكَأَنَّمَا وَضَعَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» . وَحَدِيثِ «مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ» . عِيَاضٌ فِي مَشَارِقِهِ النَّرْدُ فَارِسِيٌّ لِنَوْعٍ مِنْ الْآلَاتِ الَّتِي يُقَامَرُ عَلَيْهَا، وَيُقَالُ لَهُ النَّرْدَشِيرُ وَالْكِعَابُ. وَالْعَدْلُ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 393 بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ. مِنْ حَمَّامٍ،   [منح الجليل] أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا، وَيَجُوزُ إبْدَالُ الْهَمْزِ وَاوًا وَإِدْغَامُ الْوَاوِ الْأُولَى فِيهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى فِعْلِ مَا تَرْكُهُ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا مِنْ مُبَاحٍ، كَتَرْكِ الْمَلِيِّ الِانْتِعَالَ فِي بَلَدٍ يُسْتَقْبَحُ فِيهِ مَشْيُ مِثْلِهِ حَافِيًا، وَعَلَى تَرْكِ مَا فِعْلُهُ يُوجِبُ الذَّمَّ عُرْفًا مِنْ مُبَاحٍ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ وَفِي حَانُوتِ الطَّبَّاخِ لِبَلَدِيٍّ. ابْنُ مُحْرِزٍ لَسْنَا نَعْنِي بِالْمُرُوءَةِ نَظَافَةَ الثَّوْبِ وَفَرَاهَةَ الْمَرْكُوبِ وَجَوْدَةَ الْآلَةِ وَحُسْنَ الشَّارَةِ، أَيْ الْهَيْئَةِ، بَلْ الْمُرَادُ الصَّوْنُ وَالصَّمْتُ الْحَسَنُ وَحِفْظُ اللِّسَانِ وَتَجَنُّبُ الْمُجُونِ وَالِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ خُلُقٍ رَدِيءٍ يَرَى أَنَّ كُلَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافِظُ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْسِهِ جُرْحَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالرِّوَايَاتُ وَالْأَقْوَالُ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ تَرْكَ الْمُرُوءَةِ جُرْحَةٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى عَدَمِ الْمُحَافَظَةِ الدِّينِيَّةِ وَهِيَ لَازِمُ الْعَدَالَةِ وَتَرْكُهَا مُسَبَّبٌ غَالِبًا عَنْ اتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ. الْمَازِرِيُّ مَنْ لَا يُبَالِي بِسُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ وَدَنَاءَةِ هِمَّتِهِ فَهُوَ نَاقِصُ الْعَقْلِ، وَنَقْصُهُ يُوجِبُ عَدَمَ الثِّقَةِ بِهِ. التُّونُسِيُّ الِاتِّصَافُ بِالْمُرُوءَةِ مَطْلُوبٌ وَبِخِلَافِهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِنْ ظَهَرَ بِبَادِئِ الرَّأْيِ أَنَّهُ مُبَاحٌ مُصَوَّرَةٌ. (بِتَرْكِ) شَيْءٍ (غَيْرِ لَائِقٍ) أَيْ مُنَاسِبٍ لِحَالِ مُرْتَكِبِهِ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فِي بَادِئِ الرَّأْيِ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُرُوءَةُ الِارْتِفَاعُ عَنْ كُلِّ مَا يَرَى أَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِهِ لَا يُحَافِظُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا. تت بِأَنْ لَا يَأْتِيَ بِمَا يَتَعَذَّرُ مِنْهُ مِمَّا يَبْخَسُهُ عَنْ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ ذَوِي الْفَضْلِ. الْبِسَاطِيُّ بِاجْتِنَابِ مَا يَرْتَكِبُهُ السُّفَهَاءُ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ كَاللَّعِبِ بِالطَّابِ وَالْقِمَارِ وَالْمُهَاجَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ وَالتَّصْرِيحِ بِأَقْوَالٍ لَمْ يُعَبِّرْ الشَّرْعُ عَنْهَا إلَّا بِالْكِنَايَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَبَيَّنَ غَيْرَ اللَّائِقِ فَقَالَ (مِنْ) لَعِبٍ بِ (حَمَامٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ الطَّيْرُ الْمَعْرُوفُ، ظَاهِرُهُ بِقِمَارٍ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي سَرِقَتِهَا، وَفِي رَجْمِهَا يُجَرَّحُ الشَّاهِدُ بِلَعِبِهِ بِالْحَمَامِ إذَا كَانَ يُقَامِرُ عَلَيْهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُحْمَلُ مُطْلَقُهَا عَلَى مُقَيَّدِهَا أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُمَا أَدْمَنَ عَلَيْهِ أَمْ لَا. الْمَازِرِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ فَعَلَهُ عَلَى قِمَارٍ أَوْ أَدْمَنَ عَلَيْهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى أَبُو دَاوُد بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا يَتْبَعُ حَمَامَةً فَقَالَ شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانَةً» . الجزء: 8 ¦ الصفحة: 394 وَسَمَاعِ غِنَاءٍ، وَدِبَاغَةٍ، وَحِيَاكَةٍ اخْتِيَارًا، وَإِدَامَةِ شَطْرَنْجٍ   [منح الجليل] وَ) مِنْ (سَمَاعِ غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا وَإِنْ قُصِرَ فَهُوَ الْيَسَارُ وَالْمَالُ، وَظَاهِرُهُ كَانَ مَعَ آلَةٍ أَمْ لَا فَفِيهَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحِ وَالنَّائِحَةِ إذَا عُرِفُوا بِذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ سَمَاعُ الْعُودِ جُرْحَةٌ إلَّا فِي صَنِيعٍ لَا شَرَابَ فِيهِ، فَلَا يُحَرَّمُ وَإِنْ كُرِهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْغِنَاءُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ آلَةٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَلَا يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ، وَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْدَحُ فِي الْمُرُوءَةِ. الْمَازِرِيُّ وَأَمَّا الْغِنَاءُ بِآلَةٍ فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَوْتَارٍ كَالْعُودِ وَالطُّنْبُورِ فَمَمْنُوعٌ وَكَذَا الْمِزْمَارُ وَاسْتَظْهَرَ إلْحَاقَهُ بِالْمُحَرَّمَاتِ وَإِنْ أَطْلَقَ. مُحَمَّدٌ فِي سَمَاعِ الْعُودِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ. وَقَدْ يُرِيدُ بِهِ التَّحْرِيمَ. (وَ) مِنْ (دِبَاغَةٍ) لِجِلْدٍ (وَحِيَاكَةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ لِغَزْلِ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ غَيْرِهَا إنْ فَعَلَهَا (اخْتِيَارًا) بِأَنْ كَانَ غَيْرَ أَهْلِهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهَا فَلَا تُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ، وَأُلْحِقَ بِمَنْ ذُكِرَ مَنْ يَقْصِدُ كَسْرَ نَفْسِهِ وَتَخَلُّقَهَا بِأَخْلَاقِ الْفُضَلَاءِ وَمُبَاعَدَتِهَا عَنْ الْكِبْرِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ ذَوِي الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ كَالْكَنَّاسِ وَالْحَجَّامِ وَالدَّبَّاغِ وَالْحَائِكِ إلَّا مَنْ رَضِيَهَا اخْتِيَارًا مِمَّنْ لَا تَلِيقُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى خَبَلٍ فِي عَقْلِهِ. ابْنُ مُحْرِزٍ رَأَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ شَهَادَةَ الْبَخِيلِ لَا تُقْبَلُ وَقَالَهُ الْغَزَالِيُّ. الْبُرْزُلِيُّ رَأَيْت لِبَعْضِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَةَ إنْ صَنَعَهَا تَصْغِيرًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِيُدْخِلَ السُّرُورَ بِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ لِيَتَصَدَّقَ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا فَإِنَّهَا حَسَنَةٌ، وَإِلَّا فَهِيَ جُرْحَةٌ تت لَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى دِبَاغَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِدْخَالِ بَاقِي الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ. (وَ) مِنْ (إدَامَةِ) لَعِبٍ بِ (شِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ النُّونِ فَجِيمٌ. تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إبَاحَتُهُ، وَبِهَا صَرَّحَ الْبِسَاطِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ. وَقَالَ ابْنُ هِشَامٍ اللَّخْمِيُّ مَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " حُرْمَةُ اللَّعِبِ بِهِ، وَتَارَةً يُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْكَرَاهَةِ، وَتَارَةً يَقُولُ هُوَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ. (تَنْبِيهٌ) فَسَّرَ ابْنُ نَصْرٍ الْإِدْمَانَ بِأَنْ يَلْعَبَ بِهَا فِي السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِمَرَّةٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 395 وَإِنْ أَعْمَى فِي قَوْلٍ   [منح الجليل] فِي السَّنَةِ. الْحَطّ فِي الشَّامِلِ وَإِدَامَةُ شِطْرَنْجٍ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْعَامِ، وَقِيلَ أَكْثَرُ وَهَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ قَوْلَانِ، وَثَالِثُهَا إنْ لَعِبَهُ مَعَ الْأَوْبَاشِ عَلَى طَرِيقِ الْمُجَاهَرَةِ حَرُمَ، وَفِي الْخَلْوَةِ مَعَ نُظَرَائِهِ بِلَا إدْمَانٍ وَتَرْكِ مُهِمٍّ وَلَهْوٍ عَنْ عِبَادَةٍ جَازَ. وَقِيلَ إنْ أَلْهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا حَرَامٌ اهـ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ لُبْسُ اللِّبَاسِ الْمُحَرَّمِ أَوْ الْمَكْرُوهِ الْخَارِجِ عَنْ السُّنَّةِ لَيْسَ جُرْحَةً فِي الشَّهَادَةِ كَلِبَاسِ فُقَهَاءِ هَذَا الزَّمَانِ مِنْ تَكْبِيرِهِمْ الْعَمَائِمَ وَإِفْرَاطِهِمْ فِي تَوْسِيعِ الثِّيَابِ وَتَطْوِيلِهِمْ الْأَكْمَامَ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَدْخَلِ بِأَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ. الثَّانِي: " غ " ابْنُ عَرَفَةَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ يَشْتَغِلُ بِمُطْلَقِ عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ، وَأَفْتَى الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُنْتَصِرُ بِمَنْعِ إمَامَتِهِ، وَرَجَحَ أَبُو زَيْدِ ابْنُ خَلْدُونَ أَنَّهَا عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ وُجُودِهَا، فَانْقِلَابُ الْأَعْيَانِ فِيهَا مِنْ السِّحْرِيَّاتِ لَا مِنْ الطِّبِّيَّاتِ، وَإِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ بِأَلْغَازِهِمْ الضَّنَانَةَ بِهَا. وَإِنَّمَا قَصْدُهُمْ التَّسَتُّرُ مِنْ حَمَلَةِ الشَّرِيعَةِ. وَمَنْ اجْتَمَعَتْ الْحُرِّيَّةُ وَمَا بَعْدَهَا فِيهِ فَهُوَ عَدْلٌ إنْ كَانَ بَصِيرًا سَمِيعًا. بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (فِي قَوْلِ) الْحَطّ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ جَوَازُهَا، وَشَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ الْأَقْوَالِ لَا تَجُوزُ، وَهَذَا فِيمَا تَحَمَّلَهُ بَعْدَ الْعَمَى. وَأَمَّا مَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَ الْعَمَى مِنْ غَيْرِ الْقَوْلِ فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كَالْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ نَقَلُوا الْمَذْهَبَ، ثُمَّ قَالُوا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَجُوزُ فِيمَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَ الْعَمَى، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ التَّفْصِيلِ. وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَا شَهِدَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَمَى يُقْبَلُ. سَحْنُونٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَالَ شَهَادَتِهِ أَعْمَى. اهـ. فَظَاهِرُ كَلَامِ سَحْنُونٍ أَنَّ مَذْهَبَنَا لَا تُقْبَلُ، سَوَاءٌ تَحَمَّلَهَا بَعْدَ عَمَاهُ أَوْ قَبْلَهُ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّهُ إذَا تَحَمَّلَهَا قَبْلَ عَمَاهُ تُقْبَلُ، وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْإِرْشَادِ وَتُقْبَلُ مِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 396 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْأَعْمَى فِيمَا لَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَقْوَالِ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ مَعْنَاهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عَلَى الْأَقْوَالِ إذَا كَانَ فَطِنًا، وَلَا تَشْتَبِهُ عَلَيْهِ الْأَصْوَاتُ. وَيَتَيَقَّنُ الْمَشْهُودَ لَهُ وَالْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُقْبَلُ فِي الْمَرْئِيَّاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَحَمَّلَهَا بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ وَهُوَ يَتَيَقَّنُ عَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ. طفى لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْقَوْلِ فَتَجُوزُ فِيمَا عَدَا الْمَرْئِيَّاتِ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَذُوقَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ. عَبْدُ الْوَهَّابِ تُقْبَلُ عَلَى مَا لَمَسَهُ بِيَدِهِ أَنَّهُ حَارٌّ أَوْ بَارِدٌ أَوْ نَاعِمٌ أَوْ خَشِنٌ وَفِيمَا ذَاقَهُ أَنَّهُ حُلْوٌ أَوْ حَامِضٌ وَفِيمَا شَمَّهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ هَذَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ فِي الْأَيْمَانِ وَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَشْرَبَ حُلْوًا أَوْ حَامِضًا فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ، وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلْمُوسَ وَالْمَذُوقَ وَالْمَشْمُومَ يَسْتَوِي فِيهَا الْأَعْمَى وَغَيْرُهُ، فَهِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمَسْمُوعِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَوَازُهَا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ وَالْجُمْهُورِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَنْعُهَا، وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ يَحْصُلُ لَهُ عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ أَنَّ هَذَا صَوْتُ فُلَانٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ تَحَمَّلَهَا عِنْدَنَا أَعْمَى أَوْ بَصِيرًا، وَمَنَعَهُ الْحَنَفِيُّ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَأَجَازَهَا الشَّافِعِيُّ إذَا تَحَمَّلَهَا بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ. وَأَمَّا شَهَادَتُهُ فِي الْأَفْعَالِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمَرْئِيَّاتِ فَلَا تَجُوزُ، فَإِنْ تَحَمَّلَهَا بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ جَازَتْ إنْ تَيَقَّنَ عَيْنَ مَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَعَرَفَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقَوْلُ " ح " وَأَمَّا مَا تَحَمَّلَهُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى غَيْرِ الْأَقْوَالِ قَبْلَ الْعَمَى فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كَالْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ لِنَقْلِهِمْ الْمَذْهَبَ أَوَّلًا، ثُمَّ قَالُوا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تَجُوزُ فِيمَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَ الْعَمَى، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ التَّفْصِيلِ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ إنَّمَا ذَكَرُوهَا فِي الْأَقْوَالِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَنَقَلُوا الْمَذْهَبَ بِجَوَازِهَا، ثُمَّ قَالُوا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْأَفْعَالِ فَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِهِمْ. وَنَصُّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى فَأَجَازَهَا مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى الْأَقْوَالِ، وَمَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تَجُوزُ فِيمَا أَدْرَكَهُ قَبْلَ عَمَاهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 397 أَوْ أَصَمَّ فِي فِعْلٍ؛ لَيْسَ بِمُغَفَّلٍ، إلَّا فِيمَا لَا يُلْبَسُ وَلَا مُتَأَكِّدِ الْقُرْبِ، كَأَبٍ، وَإِنْ عَلَا، وَزَوْجِهِمَا وَوَلَدٍ، وَإِنْ سَفَلَ. كَبِنْتٍ وَزَوْجِهِمَا. وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ وَاحِدَةٌ   [منح الجليل] وَتُرَدُّ فِيمَا أَدْرَكَهُ بَعْدَهُ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُمْكِنُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِالتَّكْرَارِ لِلْأَعْمَى بِأَنَّ هَذَا صَوْتُ فُلَانٍ أَمْ لَا. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ، فَذِكْرُهُ مَعَ مَنْ فَرَّقَ سَهْوٌ. قَوْلُهُ وَفِي النَّوَادِرِ إلَخْ لَا دَلِيلَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَقْوَالِ لَا فِي الْأَفْعَالِ، وَمَذْهَبُنَا لَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ، وَقَصَدَ سَحْنُونٌ بِقَوْلِهِ لَا فَرْقَ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ فِي التَّفْرِقَةِ بِأَنَّ الْعَمَى الَّذِي اعْتَبَرَاهُ مَوْجُودٌ حِينَ الْقَبُولِ وَتَبِعَهُ عج، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. (أَوْ) كَانَ الْعَدْلُ (أَصَمَّ) فَيُقْبَلُ إذَا شَهِدَ (فِي فِعْلٍ) رَآهُ بِعَيْنِهِ. (لَيْسَ) الْعَدْلُ (بِمُغَفَّلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا. الْبِسَاطِيُّ التَّغَفُّلُ عَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْقُوَّةِ الْمُدْرَكَةِ مَعَ وُجُودِهَا وَالْبَلَادَةُ عَدَمُهَا، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَسْتَعْمِلُ مُدْرِكَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ (إلَّا فِيمَا) أَيْ شَيْءٍ وَاضِحٍ (لَا يُلْبَسُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَشْتَبِهُ بِغَيْرِهِ كَرَأَيْت فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا أَوْ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ أَوْ سَمِعْته يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ أَوْ يَعْتِقُ رَقِيقَهُ أَوْ يَقْذِفُ فُلَانًا. الْمَازِرِيُّ إطْلَاقُ الْمُتَقَدِّمِينَ رَدَّ الشَّهَادَةِ بِالْبَلَهِ وَالْغَفْلَةِ قَيَّدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا كَثُرَ مِنْ الْكَلَامِ وَالْجُمَلِ الْمُتَعَلِّقِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ لَا فِي نَحْوِ رَأَيْت هَذَا الشَّخْصَ يَفْعَلُ كَذَا. (وَلَا) بِ (مُتَأَكِّدِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُثَقَّلَةً، أَيْ قَوِيِّ (الْقُرْبِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ الْقَرَابَةِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ (كَأَبٍ) لَهُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ عَلَا) كَجَدٍّ وَأَبِيهِ (وَزَوْجِهِمَا) أَيْ الْأَبِ وَالْجَدِّ (وَوَلَدٍ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ إنْ اتَّصَلَ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ سَفُلَ) أَيْ نَزَلَ الْوَلَدُ (كَبِنْتٍ) فِي نُسْخَةٍ بِكَافِ التَّمْثِيلِ لِلْوَلَدِ وَفِي أُخْرَى بِاللَّامِ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ ثَانِيَةٌ، أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ السَّافِلُ لِابْنٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ لِبِنْتٍ (وَزَوْجِهِمَا) أَيْ الِابْنِ وَالْبِنْتِ. (وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ) شَهَادَةٌ (وَاحِدَةٌ) فَيُحْتَاجُ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ بِشَاهِدٍ آخَرَ أَوْ يَمِينٍ. الْحَطّ هَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ بِجَوَازِ الْجَمِيعِ بِشَرْطِ التَّبْرِيزِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 398 كَكُلٍّ عِنْدَ الْآخَرِ، أَوْ عَلَى شَهَادَتِهِ، أَوْ حُكْمِهِ   [منح الجليل] شَهَادَةُ الْأَبِ مَعَ وَلَدِهِ جَائِزَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَعْمُولِ بِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ لَوْ شَهِدَ الْأَبُ مَعَ ابْنِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ جَازَتْ عَلَى الْقَوْلِ الْمَعْمُولِ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ شَهَادَتُهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ أَعْدَلُ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَخَوَيْنِ فِي شَيْءٍ فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ ولَيْسَا كَالْأَبِ وَابْنِهِ. طفى فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ وَابْنِهِ شَهَادَتَانِ؛ لِأَنَّهُ الْأَقْوَى، أَوْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ. وَشَبَّهَ فِي الْإِلْغَاءِ فَقَالَ (كَ) شَهَادَةِ (كُلٍّ) مِنْ الْأَبِ وَابْنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ (عِنْدَ الْآخَرِ) الْقَاضِي أَيْ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الْأَبِ عِنْدَ ابْنِهِ الْقَاضِي وَلَا شَهَادَةُ الِابْنِ عِنْدَ أَبِيهِ الْقَاضِي (أَوْ) شَهَادَةُ الْأَبِ (عَلَى شَهَادَتِهِ) أَيْ ابْنِهِ نَقْلًا عَنْهُ أَوْ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى شَهَادَةِ أَبِيهِ نَقْلًا عَنْهُ (أَوْ) شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى (حُكْمِهِ) أَيْ الْآخَرِ كُلُّ ذَلِكَ لَغْوٌ. ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافُ فِي شَهَادَةِ الْأَبِ عِنْدَ ابْنِهِ وَالِابْنِ عِنْدَ أَبِيهِ وَشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى شَهَادَةِ الْآخَرِ الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ وَالِاخْتِلَافُ فِيهَا كُلُّهَا وَاحِدٌ فَقِيلَ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ لِإِجَازَتِهِ شَهَادَةَ الْأَبِ عَلَى قَضَاءِ ابْنِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ، وَإِجَازَتِهِ شَهَادَتَهُ عِنْدَهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُبَرِّزًا، وَهَذَا تَفْسِيرُهُ لِقَوْلِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ يَعْنِي مَعَ اشْتِرَاطِ التَّبْرِيزِ، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ لِإِجَازَتِهِ شَهَادَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ شَهَادَةِ الْآخَرِ وَشَهَادَتَهُ لِمَنْعِهِ قَضَاءَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَشَهَادَتَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَشَهَادَتَهُ عِنْدَهُ وَقِيلَ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ لِمَنْعِهِ شَهَادَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ شَهَادَةِ الْآخَرِ، وَهُوَ الْآتِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ. وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ شَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ وَشَهَادَتِهِ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَبَيْنَ شَهَادَتِهِ عَلَى حُكْمِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَأَجَازَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ، وَمَنَعَهَا فِي الْأَخِيرَةِ وَهُوَ تَنَاقُضٌ اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ أَيْ الْجَوَازُ لَا فِي اشْتِرَاطِ التَّبْرِيزِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّبْرِيزُ، وَلِذَا كُلُّ مَنْ دَرَجَ عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ مِنْ كَوْنِ شَهَادَتِهِ شَهَادَتَيْنِ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّبْرِيزَ، لَيْسَ هَذَا الْحُكْمُ خَاصًّا بِالْأَبِ دَنِيَّةً، فَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَتَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ مَنَعَ ابْنُ سَحْنُونٍ إجَازَةَ الْقَاضِي شَهَادَةَ ابْنِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 399 بِخِلَافِ أَخٍ لِأَخٍ إنْ بَرَّزَ، وَلَوْ بِتَعْدِيلٍ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ،   [منح الجليل] أَوْ ابْنِ ابْنِهِ عَلَى رَجُلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُبَرِّزَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ اهـ. وَأَمَّا شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ فَعِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهَا حُكْمُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ وَفِي كُلٍّ قَوْلَانِ، وَمِنْ هَذَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ. (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (أَخٍ لِأَخِيهِ) فَتُقْبَلُ (إنْ بَرَّزَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ فَاقَ الشَّاهِدُ أَقَرَّ أَنَّهُ فِي عَدَالَتِهِ وَهُوَ لَازِمٌ وَاسْمُ فَاعِلِهِ مُبَرِّزٌ أَيْ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ سَابِقٌ غَيْرَهُ مُقَدَّمٌ فِيهَا وَأَصْلُهُ مِنْ تَبْرِيزِ الْخَيْلِ فِي السَّبَقِ وَتَقَدُّمِ سَابِقِهَا وَهُوَ الْمُبَرِّزُ لِظُهُورِهِ وَبُرُوزِهِ قَالَهُ عِيَاضٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْأَخِ الْمُبَرِّزِ لِأَخِيهِ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَيَّدَ فِي تَوْضِيحِهِ إطْلَاقَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْأَمْوَالِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ هُوَ فِي عِيَالِ رَجُلٍ لَهُ، وَكَذَا الْأَخُ وَالْأَجِيرُ إذَا كَانَا فِي عِيَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي عِيَالِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَا مُبَرِّزَيْنِ فِي الْعَدَالَةِ فِي الْأَمْوَالِ وَالتَّعْدِيلِ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ تَقْيِيدِ شَهَادَتِهِ بِالْمَالِ. ابْنُ رُشْدٍ أَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي نِكَاحٍ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ إنْ نَكَحَ مَنْ يَتَزَيَّنُ بِنِكَاحِهِ إلَيْهِمْ، وَفِي كَوْنِهِ تَفْسِيرَ الْقَوْلِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوْ خِلَافًا قَوْلَا ابْنِ دَحُونٍ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَجِرَاحُ الْخَطَأِ وَقَتْلُهُ كَالْمَالِ، وَفِي لَغْوَاهَا فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَصِحَّتِهَا نَقْلَا اللَّخْمِيِّ عَنْ مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ وَأَشْهَبَ مَعَ الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى سَمَاعِ زُونَانَ. أَشْهَبُ تَجُوزُ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ تَجُوزُ فِي قَتْلِهِ وَالْحُدُودِ. اللَّخْمِيُّ لَا تَجُوزُ فِي أَنَّ فُلَانًا قَذَفَهُ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُبَرِّزِ لِأَخِيهِ إنْ كَانَتْ بِمَالٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (بِتَعْدِيلٍ) لِلْأَخِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (تُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (بِخِلَافِهِ) أَيْ عَدَمِ تَعْدِيلِ الْمُبَرِّزِ أَخَاهُ. عب كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَتت، وَقَرَّرَهُ " ق " بِمَا يُفِيدُهُ أَنَّهَا تُؤُوِّلَتْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّبْرِيزِ فِي شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ التَّبْرِيزِ. الْبُنَانِيُّ وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِمَا مَعًا بِأَنَّ مَعْنَاهُ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهَذَا أَفْيَدُ. أَمَّا التَّأْوِيلَانِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 400 كَأَجِيرٍ، وَمَوْلَى وَمُلَاطِفٍ وَمُفَاوِضٍ فِي غَيْرِ مُفَاوَضَةٍ، وَزَائِدٍ   [منح الجليل] فِي اشْتِرَاطِ التَّبْرِيزِ وَعَدَمِهِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ بِاشْتِرَاطِ التَّبْرِيزِ هُوَ الَّذِي فِي أَوَّلِ شَهَادَاتِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِي أَثْنَائِهَا. وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فَحَمَلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا فِي أَوَّلِ الشَّهَادَاتِ قَيْدٌ لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا مَا فِي التَّعْدِيلِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي جَوَازِ تَعْدِيلِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَا نَصُّهُ الْجَوَازُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ بِشَرْطِ التَّبْرِيزِ لِقَوْلِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَخُ وَالْأَجِيرُ فِي الْعِيَالِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا إذَا كَانَا مُبَرِّزَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَالتَّعْدِيلِ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهَا الْأَكْثَرُونَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِالتَّعْدِيلِ هُنَا تَعْدِيلُ مَنْ شَهِدَ لِأَخِيهِ بِمَالٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَالِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُجَرَّحُ مَنْ جَرَّحَ أَخَاهُ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يُجَرَّحُ مَنْ جَرَّحَهُ. وَشَبَّهَ فِي اشْتِرَاطِ التَّبْرِيزِ فَقَالَ (كَأَجِيرٍ) يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ. فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِ الْمَشْهُودِ لَهُ (وَ) كَ (مَوْلَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ أَسْفَلَ يَشْهَدُ لِمُعْتِقِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَلَيْسَ فِي عِيَالِهِ. أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَعْلَى لِلْأَسْفَلِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّبْرِيزُ (وَ) كَصَدِيقٍ (مُلَاطِفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِصَدِيقِهِ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا وَلَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ. الْحَطّ هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالرَّجُلِ الَّذِي يُلَاطِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَمَعْنَى اللُّطْفِ الْإِحْسَانُ وَالْبِرُّ وَالتَّكْرِمَةُ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِي تَسْمِيَتِهِ تَعَالَى لَطِيفًا، وَلَوْ كَانَتْ الْمُلَاطَفَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ كَانَتْ كَمَسْأَلَةِ الْأَخَوَيْنِ اللَّذَيْنِ يَنَالُ أَحَدُهُمَا بِرَّ الْآخَرِ وَصِلَتَهُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ ابْنُ فَرْحُونٍ هُوَ الَّذِي قِيلَ فِيهِ. إنَّ أَخَاك الْحَقَّ مَنْ كَانَ مَعَك ... وَمَنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَك وَمَنْ إذَا رَيْبُ الزَّمَانِ صَدَّعَك ... شَتَّتَ فِيك شَمْلَهُ لِيَجْمَعَك اهـ. وَقَلَّ أَنْ يُوجَدَ هَذَا، فَتَفْسِيرُ التَّنْبِيهَاتِ أَوْلَى. (وَ) كَشَرِيكٍ (مُفَاوِضٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَاءٍ وَكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا فَضَادٌ مُعْجَمَةٌ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ (فِي غَيْرِ) مَالِ (مُفَاوَضَةٍ) فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ إنْ بَرَّزَ فِي عَدَالَتِهِ (وَ) كَشَاهِدٍ (زَائِدٍ) فِي شَهَادَتِهِ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا بِأَنْ شَهِدَ لِزَيْدٍ عَمْرٌو بِعَشَرَةٍ ثُمَّ رَجَعَ لِشَهَادَتِهِ لَهُ عَلَيْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 401 أَوْ مُنَقِّصٍ، وَذَاكِرٍ بَعْدَ شَكٍّ وَتَزْكِيَةٍ وَإِنْ بِحَدٍّ مِنْ مَعْرُوفٍ، إلَّا الْغَرِيبَ:   [منح الجليل] بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَتُقْبَلُ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا (أَوْ مُنَقِّصٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عَمَّا شَهِدَ بِهِ أَوَّلًا كَعَكْسِ الْمِثَالِ السَّابِقِ، فَيُقْبَلُ إنْ بَرَّزَ. (وَ) كَشَاهِدٍ (ذَاكِرٍ) أَيْ مُتَذَكِّرٍ لِمَا شَهِدَ بِهِ (بَعْدَ شَكٍّ) مِنْهُ فِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا سُئِلَ الشَّخْصُ عَنْ شَهَادَةٍ فِي مَرَضِهِ لِتُنْقَلَ عَنْهُ أَوْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ تَحْصِينًا أَوْ سُئِلَ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيَشْهَدَ بِهَا فَأَنْكَرَهَا، وَقَالَ لَا عِلْمَ عِنْدِي مِنْهَا ثُمَّ جَاءَ يَشْهَدُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إذَا كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ. وَأَمَّا لَوْ لَقِيَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَقَالَ لَهُ بَلَغَنِي أَنَّك تَشْهَدُ عَلَيَّ بِكَذَا فَقَالَ لَهُ لَا أَشْهَدُ عَلَيْك بِكَذَا وَلَا عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ، وَإِنْ شَهِدْت فَشَهَادَتِي بَاطِلَةٌ فَلَا يَقْدَحُ هَذَا فِي شَهَادَتِهِ وَلَا يَضُرُّهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْلِهِ بَيِّنَةٌ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ. وَأَمَّا إذَا قَالَ الشَّاهِدُ بَعْدَ شَهَادَتِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إنْ كُنْت شَهِدْت عَلَيْك بِكَذَا فَأَنَا مُبْطِلٌ، فَهَذَا رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا. (وَ) كَشَاهِدٍ فِي (تَزْكِيَةٍ) لِشَاهِدٍ فَتُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ إنْ بَرَّزَ وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِ) مُوجِبِ (حَدٍّ) كَقَتْلٍ وَرِدَّةٍ وَزِنًا وَقَذْفٍ وَسُكْرٍ. الْبَاجِيَّ يَجُوزُ التَّعْدِيلُ فِي الدِّمَاءِ وَغَيْرِهَا قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يَكُونُ التَّعْدِيلُ فِي الدِّمَاءِ وَلَا يُقْضَى بِهِ، وَيُزَادُ عَلَى شَرْطِ التَّبْرِيزِ كَوْنُ التَّزْكِيَةِ (مِنْ) شَخْصٍ (مَعْرُوفٍ) عِنْدَ الْقَاضِي بِالْعَدَالَةِ فَلَا تُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ مِنْ مَعْرُوفٍ بِهَا عِنْدَهُ (إلَّا) الشَّاهِدَ (الْغَرِيبَ) فَتُقْبَلُ تَزْكِيَتُهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرُوفٍ بِهَا عِنْدَهُ، وَمِثْلُ الْغَرِيبِ الْمَرْأَةُ. ابْنُ عَاشِرٍ. تَعْدِيلٌ احْتَاجَ لِتَعْدِيلٍ هَبَا ... إلَّا عَدَالَة النَّسَا وَالْغُرَبَا أَيْ إلَّا تَعْدِيلَ النِّسَاءِ وَالْغُرَبَاءِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِمَّنْ يَحْتَاجُ لِلتَّعْدِيلِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْهَبَاءُ مَا يُرَى فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ الدَّاخِلِ مِنْ كُوَّةٍ مِثْلُ الْغُبَارِ " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ وَإِنْ شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى حَقٍّ فَعَدَّلَهُمْ قَوْمٌ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ فَعَدَّلَ الْمُعَدِّلِينَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 402 بِأَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًا   [منح الجليل] آخَرُونَ، فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ غُرَبَاءَ جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ عَدَالَةً عَلَى عَدَالَةٍ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ حَتَّى تَكُونَ عَدَالَةُ الشُّهُودِ أَنْفُسِهِمْ عِنْدَ الْقَاضِي. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّزْكِيَةِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ (أَشْهَدُ بِأَنَّهُ) أَيْ الشَّاهِدَ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ (عَدْلٌ رِضًى) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورًا مُنَوَّنًا، أَيْ مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ. ابْنُ الْجَلَّابِ لَا يُجْزِئُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ إجْزَاؤُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ أَشْهَدُ فَلَا يُجْزِئُ أَعْلَمُ أَوْ أَعْرِفُ قَالَهُ تت. طفى تَبِعَ قَوْلَ الْبِسَاطِيِّ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ أَشْهَدُ، فَلَوْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ رِضًى فَلَا يَكْفِي عَلَى الْمَشْهُورِ. اهـ. وَهُوَ تَابِعٌ لِقَوْلِ الْمُوَضِّحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَكْفِي فِي التَّعْدِيلِ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًى، وَقِيلَ أَوْ أَعْلَمُهُ أَوْ أَعْرِفُهُ يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ، وَالثَّانِي يَكْفِي عِنْدَهُ أَشْهَدُ أَوْ أَعْلَمُهُ عَدْلًا رِضًى أَوْ أَعْرِفُهُ. اهـ. وَهَذَا مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لِإِدْخَالِ الْجَارِّ عَلَى الْفِعْلِ قَاصِدًا حِكَايَةَ لَفْظِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ هُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لَا بُدَّ مِنْ الْجَزْمِ بِأَنَّهُ عَدْلٌ، سَوَاءٌ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ أَشْهَدُ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَا يَقُولُ أَعْلَمُهُ وَلَا أَعْرِفُهُ، وَعَلَى هَذَا شَرَحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَقَالَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ اخْتَارَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يَقُولَ الْمُزَكِّي هَذَا الشَّاهِدُ عَدْلٌ رِضًى اهـ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ رِضًى صَحَّتْ الْعَدَالَةُ. الْمَازِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَفْظُ التَّعْدِيلِ. أَنْ يَقُولَ هُوَ عَدْلٌ رِضًى. اهـ. فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ أَشْهَدُ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى اشْتِرَاطِ لَفْظِ أَشْهَدُ فِي التَّزْكِيَةِ، وَالرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ. وَرَدَّ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ يَكْفِي إلَخْ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَسَحْنُونٌ يَقُولُ هُوَ عَدْلٌ رِضًى جَائِزُ الشَّهَادَةِ يَجْمَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ اخْتَارَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ قَوْلِهِ هُوَ عِنْدِي مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالرِّضَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وقَوْله تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا اكْتَفَى بِهِ لِذِكْرِهِ تَعَالَى كُلَّ لَفْظٍ وَحْدَهُ. قُلْت وَهُوَ نَقْلُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 403 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ فَتُّوحٍ عَنْ الْمَذْهَبِ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ عَدْلٌ رِضًى صَحَّتْ الْعَدَالَةُ، وَاخْتُلِفَ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ هَلْ هُوَ تَعْدِيلٌ أَمْ لَا، فَإِنْ قَالَ إحْدَاهُمَا وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ الْأُخْرَى فَهُوَ تَعْدِيلٌ لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِقَبُولِ شَهَادَةِ مَنْ وُصِفَ بِإِحْدَاهُمَا، وَإِنْ سُئِلَ عَنْ الْأُخْرَى فَوَقَفَ فَهِيَ رِيبَةٌ فِي تَعْدِيلِهِ فَيُسْأَلُ عَنْ سَبَبِ وَقْفِهِ، فَقَدْ يَكُونُ مِمَّا لَا يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ أَوْ يَذْكُرُ مَا يُرِيبُ فَيُوقَفُ عَنْهُ. وَفِي الْجَلَّابِ وَالتَّزْكِيَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ أَنْ نَشْهَدَ أَنَّهُ عَدْلٌ رِضًى، وَلَا يَقْتَصِرَانِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدْلِ وَالرِّضَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ إحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ لَا تَكْفِي وَهُوَ الَّذِي فِي الْجَلَّابِ، وَفِي الْكَافِي هُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَجْزَأَهُ وَهُوَ الْمَعْلُومُ لِمَالِكٍ وَسَحْنُونٍ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ التَّفْصِيلَ الْمُتَقَدِّمَ، فَالْأَوْلَى الْإِشَارَةُ إلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (فَائِدَةٌ) الْقَرَافِيُّ قَاعِدَةُ اللَّفْظِ الَّذِي يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ بِهِ وَمَا لَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا بِهِ. اعْلَمْ أَنَّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ لَا يَصِحُّ بِالْخَبَرِ أَلْبَتَّةَ، فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ لِلْحَاكِمِ أَنَا أُخْبِرُك أَنَّ لِزَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو دِينَارًا عَنْ يَقِينٍ مِنِّي وَعِلْمٍ بِهِ فَلَا يُعَدُّ شَهَادَةً، بَلْ هَذَا وَعْدٌ مِنْ الشَّاهِدِ لَهُ أَنَّهُ سَيُخْبِرُهُ بِهِ عَنْ يَقِينٍ فَلَا يَعْتَمِدُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ قَدْ أَخْبَرْتُك بِكَذَا فَهُوَ كَاذِبٌ، إذْ مُقْتَضَاهُ تَقَدُّمُ إخْبَارِهِ بِهِ وَلَمْ يَقَعْ، فَالْمُضَارِعُ وَعْدٌ وَالْمَاضِي كَذِبٌ، وَكَذَا اسْمُ الْفَاعِلِ الْمُقْتَضِي لِلْحَالِ كَأَنَا مُخْبِرُك بِكَذَا، فَإِنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ إخْبَارِهِ فِي الْحَالِ، وَلَمْ يَقَعْ فَظَهَرَ أَنَّ الْخَبَرَ كَيْفَ تَصَرَّفَ لَا يُعَدُّ شَهَادَةً وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْحَاكِمُ لِلشَّاهِدِ بِأَيِّ شَيْءٍ تَشْهَدُ فَقَالَ حَضَرْت عِنْدَ فُلَانٍ، فَسَمِعْته يُقِرُّ لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوْ أَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ بِكَذَا، أَوْ شَهِدْت بِصُدُورِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ، فَلَيْسَ هَذَا أَدَاءُ شَهَادَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مُخْبِرٌ عَنْ أَمْرٍ تَقَدَّمَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ بَعْدُ عَلَى مَا مَنَعَ الشَّهَادَةَ بِهِ مِنْ فَسْخٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 404 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ إقَالَةٍ أَوْ حُدُوثِ رِيبَةٍ لِلشَّاهِدِ تَمْنَعُ الْأَدَاءَ فَلَا يَجُوزُ لِهَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ الِاعْتِمَادُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا صَدَرَ بِهِنَّ الشَّاهِدُ، فَالْخَبَرُ كَيْفَ تَقَلَّبَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ الْإِخْبَارِ عَنْ الْوَاقِعَةِ الْمَشْهُودِ بِهَا وَالْإِنْشَاءُ لَيْسَ بِخَبَرٍ، وَلِذَا لَا يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ، فَإِذَا قَالَ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ بِكَذَا كَانَ إنْشَاءً، وَلَوْ قَالَ شَهِدْت لَمْ يَكُنْهُ. عَكْسُ الْبَيْعِ لَوْ قَالَ أَبِيعُك لَمْ يَكُنْ إنْشَاءً لَهُ، بَلْ وَعْدٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ. وَلَوْ قَالَ بِعْتُك كَانَ إنْشَاءً لِلْبَيْعِ، فَإِنْشَاءُ الشَّهَادَةِ بِالْمُضَارِعِ وَالْعُقُودِ بِالْمَاضِي وَإِنْشَاءُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِالْمَاضِي وَاسْمِ الْفَاعِلِ نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا يَنْشَأُ الْبَيْعُ وَالشَّهَادَةُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ، فَلَوْ قَالَ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا أَوْ أَنَا بَائِعٌ، كَذَا لَمْ يَكُنْ إنْشَاءً. وَسَبَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ الْوَضْعُ الْعُرْفِيُّ، فَمَا وَضَعَهُ أَهْلُ الْعُرْفِ لِلْإِنْشَاءِ فَهُوَ إنْشَاءٌ وَمَا لَا فَلَا فَاتُّفِقَ أَنَّهُمْ وَضَعُوا لِلْإِنْشَاءِ الْمَاضِيَ فِي الْعُقُودِ، وَالْمُضَارِعَ فِي الشَّهَادَةِ وَاسْمَ الْفَاعِلِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ مَوْضُوعَةً لِلْإِنْشَاءِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ صَحَّ اعْتِمَادُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُضَارِعِ فِي الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ صَرِيحٌ فِيهِ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى الصَّرِيحِ هُوَ الْأَصْلُ، وَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى غَيْرِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُرَادِ مِنْهُ، فَإِنْ اتَّفَقَ تَغَيُّرُ الْعُرْفِ وَصَارَ الْمَاضِي مَوْضُوعًا لِإِنْشَاءِ الشَّهَادَةِ وَالْمُضَارِعُ لِإِنْشَاءِ الْعُقُودِ اعْتَمَدَ الْحَاكِمُ عَلَى الْعُرْفِ الطَّارِئِ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْعُرْفِ الْأَوَّلِ الَّذِي تُرِكَ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ نَاشِئٌ عَنْ الْعَوَائِدِ وَتَابِعٌ لَهَا، وَأَنَّهُ يَنْقَلِبُ وَيَنْتَسِخُ بِتَغَيُّرِهَا وَانْقِلَابِهَا فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَذَا خَفَاءٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا تُؤَدَّى بِهِ الشَّهَادَةُ وَمَا لَا تُؤَدَّى بِهِ اهـ. طفى جَعْلُهُ أَشْهَدُ إنْشَاءً لَا يَصِحُّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، لِقَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ تَقُولُ مِنْهُ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَى كَذَا، وَقَوْلُ ابْنِ فَارِسٍ فِي مُجْمَلِهِ الشَّهَادَةُ خَبَرٌ عَنْ عِلْمٍ، وَقَوْلُ فَخْرِ الدَّيْنِ أَشْهَدُ إخْبَارٌ عَنْ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحُكْمُ الذِّهْنِيُّ الْمُسَمَّى كَلَامَ النَّفْسِ، وَكَذَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ لِوَصْفِ الشَّاهِدِ بِالصِّدْقِ وَالزُّورِ، وَهُمَا مِنْ عَوَارِضِ الْخَبَرِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ عَامًّا فَهِيَ الرِّوَايَةُ، وَإِنْ كَانَ خَاصًّا فَهِيَ الشَّهَادَةُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 405 مِنْ فَطِنٍ   [منح الجليل] فَإِنْ قُلْت لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ جَعْلِ لَفْظِ أَشْهَدُ إنْشَاءً، وَالشَّهَادَةِ خَبَرًا، كَمَا قَالَ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْإِخْبَارُ عَنْ عَامٍّ لَا تُدَافَعُ فِيهِ الرِّوَايَةُ، وَخِلَافُهُ الشَّهَادَةُ وَأَشْهَدُ إنْشَاءٌ تَضَمَّنَ إخْبَارًا لَا مَحْضَ إخْبَارٍ أَوْ إنْشَاءٍ، وَعَلَى الْمُخْتَارِ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ أَشْهَدُ إنْشَاءً وَبَيْنَ كَوْنِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ إخْبَارًا؛ لِأَنَّهُ صِيغَةٌ مُؤَدِّيَةٌ لِذَلِكَ الْمَعْنَى بِمُتَعَلِّقِهِ. قُلْت الشَّهَادَةُ مَصْدَرُ أَشْهَدُ فَيَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ أَحَدِهِمَا إنْشَاءً كَوْنُ الْآخَرِ كَذَلِكَ، وَمِنْ النَّظَرِ إلَى الْمُتَعَلِّقِ فِي أَحَدِهِمَا كَوْنُ الْآخَرِ كَذَلِكَ، فَلَا مَعْنَى لِلْمُخَالَفَةِ بَيْنَهُمَا كَمَا صَنَعَ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَالْمُحَلَّى، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَشْهَدُ إنْ سُلِّمَ أَنَّهُ إنْشَاءٌ لَزِمَ كَوْنُهُ إنْشَاءً لِذَلِكَ الْخَبَرِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ، فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْمُتَعَلِّقِ فَخَبَرَانِ وَإِلَّا فَإِنْشَاءَانِ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، وَصَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ بَنَى مَا ذَكَرَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ عِنْدَهُمْ حَصْرُ الشَّهَادَةِ فِي لَفْظِ أَشْهَدُ، فَكَأَنَّهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْخَبَرِ، فَحَصْرُ الْقَرَافِيِّ الشَّهَادَةَ فِيهِ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، إذْ لَمْ يَشْتَرِطُوا لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ صِيغَةً مَخْصُوصَةً، بَلْ قَالُوا الدَّارُ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَدَاءُ عُرْفًا إعْلَامُ الشَّاهِدِ الْحَاكِمَ بِشَهَادَتِهِ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِمَا شَهِدَ بِهِ. فِي النَّوَادِرِ قَوْلُهُ هَذِهِ شَهَادَتِي أَدَاءٌ لَهَا، وَالْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَتَقَرَّرَ عِنْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ مَعَ تَوَفُّرِ الْعُلَمَاءِ فِي زَمَانِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي حَصْرِ الْقَرَافِيِّ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ فِي لَفْظِ أُؤَدِّي الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لِعُرْفٍ تَقَرَّرَ بَعِيدٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَرَافِيُّ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ. وَنَقَلَ شَمْسُ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ الدِّمَشْقِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ، بَلْ مَتَى قَالَ الشَّاهِدُ رَأَيْت كَذَا أَوْ سَمِعْت كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ كَانَتْ شَهَادَةً مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَلَا وَرَدَ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَمَنْ تَصَفَّحَ نُصُوصَ الْمَالِكِيَّةِ عَلِمَ بُطْلَانَ حَصْرِ الْقَرَافِيِّ الشَّهَادَةَ فِي لَفْظِ أَشْهَدُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّزْكِيَةِ (مِنْ) شَخْصٍ (فَطِنٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 406 عَارِفٍ لَا يُخْدَعُ؛ مُعْتَمِدٍ عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ، لَا سَمَاعٍ مِنْ سُوقِهِ، أَوْ مَحَلَّتِهِ، إلَّا لِتَعَذُّرٍ   [منح الجليل] ذِي فَطَانَةٍ وَنَبَاهَةٍ لَا يُخْدَعُ (عَارِفٍ) صِفَاتِ الْعُدُولِ وَأَضْدَادِهَا وَأَحْوَالِ النَّاسِ بِمُخَالَطَتِهِ لَهُمْ فَلَا يَغْتَرُّ بِظَوَاهِرِهِمْ، إذْ كَمْ مِنْ ظَاهِرٍ مُمَوَّهٍ عَلَى بَاطِنٍ مُشَوَّهٍ (لَا يُخْدَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ. الْبِسَاطِيُّ هَذَا تَفْسِيرُ الْفَطِنِ يَزِيدُهُ أَيْضًا (مُعْتَمِدٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ فِي مَعْرِفَةِ حَالِ مُزَكَّاهُ (عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ خُلْطَةٍ مَعَ مُزَكَّاهُ وَأَشْعَرَ تَذْكِيرُهُ الْأَوْصَافَ بِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُزَكِّينَ رِجَالًا وَلَا نِسَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ (لَا) مُعْتَمِدٍ عَلَى (سَمَاعٍ) مِنْ مَحْصُورِينَ. وَأَمَّا السَّمَاعُ الْفَاشِي مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ فَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُزَكِّي كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا التَّعْدِيلُ. الْبُنَانِيُّ لَمَّا عَارَضَ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي التَّعْدِيلِ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِتَخْصِيصِ هَذَا بِالسَّمَاعِ مِنْ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُعَدِّلِينَ وَالْمُجَرِّحِينَ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا فُلَانًا وَفُلَانًا يَشْهَدَانِ أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ رِضًى أَوْ غَيْرُ عَدْلٍ نَقَلَهُ الْعَوْفِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ، قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَشْهَدَهُمْ عَلَى التَّزْكِيَةِ أَوْ التَّجْرِيحِ وَوَفَّقَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بِتَوْفِيقٍ آخَرَ فَحَمَلَ مَا هُنَا عَلَى شَهَادَتِهِ بِالْقَطْعِ مُعْتَمِدًا عَلَى سَمَاعٍ فَاشِيًا كَانَ أَمْ لَا، وَمَا يَأْتِي عَلَى الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ التَّوْفِيقَيْنِ. ابْنُ عَاشِرٍ إذَا كَفَى فِي التَّعْدِيلِ السَّمَاعُ الْفَاشِي ضَاعَتْ هَذِهِ الْقُيُودُ، أَيْ مُعْتَمِدًا عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُزَكِّي (مِنْ) أَهْلِ سُوقِهِ أَيْ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ (أَوْ) أَهْلِ (مَحِلَّتِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدَّ اللَّامِ، أَيْ مَحِلِّ حُلُولِ وَسُكْنَى الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُمْ أَدْرَى بِأَحْوَالِهِ. " غ " لَيْسَ الْجَارُّ مُتَعَلِّقًا بِسَمَاعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ صِفَاتِ تَزْكِيَةٍ بِحَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحِلَّتِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَزْكِيَةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ مَعْرُوفٍ وَمِنْ فَطِنٍ وَمِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحِلَّتِهِ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ يُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ وَمَحِلَّتِهِ لَا مِنْ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ وُقُوفَهُمْ عَنْ تَعْدِيلِهِ مَعَ كَوْنِهِمْ أَقْعَدَ بِهِ رِيبَةٌ فِي تَعْدِيلِهِ (إلَّا لِتَعَذُّرٍ) لِتَزْكِيَتِهِ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ أَوْ مَحِلَّتِهِ لِعَدَمِ تَبْرِيزِهِمْ فَيُقْبَلُ تَعْدِيلُهُ مِنْ غَيْرِهِمْ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 407 وَوَجَبَتْ؛ إنْ تَعَيَّنَ كَجَرْحٍ، إنْ بَطَلَ حَقٌّ. وَنُدِبَ تَزْكِيَةُ سِرٍّ مَعَهَا   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ عَدْلٌ قُبِلَ مِنْ سَائِرِ بَلَدِهِ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَلَا يُزَكَّى الشَّاهِدَ إلَّا أَهْلُ مَسْجِدِهِ وَسُوقِهِ وَجِيرَانُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ، رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ أَوْ يَكُونَ مِنْ قَوْمٍ مُبْرِزِينَ بِالْعَدَالَةِ، وَفِي التَّوْضِيحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَدِّلُوهُ أَهْلَ بَرَازَةٍ فِي الْعَدَالَةِ وَالْفَضْلِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَّا الْمُبَرِّزَ بَدَلَ قَوْلِهِ إلَّا لِتَعَذُّرٍ كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ، أَوْ قَوْلِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَدِّلُوهُ أَهْلَ بَرَازَةٍ. (وَوَجَبَ) التَّعْدِيلُ (إنْ تَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْحَصَرَتْ مَعْرِفَةُ أَحْوَالِ الْمُزَكِّي فِي مُبْرِزِينَ وَتَوَقَّفَ عَلَيْهِ ثُبُوتُ حَقٍّ أَوْ بُطْلَانُ بَاطِلٍ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ عَلِمَ عَدَالَةَ شَخْصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْحُقُوقِ إلَّا أَنْ يَجِدَ غَيْرَهُ فَهُوَ فِي سَعَةٍ، فَإِنْ عَرَفَ عَدَالَةَ الشَّاهِدِ أَرْبَعَةٌ مُبَرِّزُونَ وَجَبَ عَلَى أَيِّ اثْنَيْنِ كِفَايَةً، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا إلَّا اثْنَانِ فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِمَا، وَمَحِلُّ الْوُجُوبِ بِقِسْمَيْهِ إنْ طُلِبَتْ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ، فَإِنْ لَمْ تُطْلَبْ فِي حَقِّهِ فَلَا تَجِبُ، وَأَمَّا فِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَتَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالتَّزْكِيَةِ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ فَقَالَ (كَجَرْحٍ) أَيْ تَجْرِيحِ شَاهِدٍ فَيَجِبُ (إنْ بَطَلَ) بِتَرْكِهِ (حَقٌّ) تت الشَّرْطُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا. طفى بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِهَذِهِ مِنْ قَاعِدَتِهِ مِنْ رُجُوعِ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَيَكْفِي الْأَوَّلُ قَوْلُهُ إنْ تَعَيَّنَ. الْحَطّ وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِحَقٍّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ جَرْحَتَهُ فَهَلْ يَجُوزُ لَك أَنْ تَجْرَحَهُ؟ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ قَوْلَيْنِ، وَرَجَّحَ أَنَّهُ لَا يَشْهَدُ بِجَرْحَتِهِ. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (تَزْكِيَةُ سِرٍّ مَعَهَا) أَيْ تَزْكِيَةُ الْعَلَانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُشَابُ بِالْمُدَاهَنَةِ، فَإِنْ أَقْصَرَ عَلَى تَزْكِيَةِ الْعَلَانِيَةِ أَجْزَأَتْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا تُجْزِئُ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَزْكِيَةِ السِّرِّ أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا، وَيَكْفِي فِي نَدْبِ الْجَمْعِ تَزْكِيَةُ وَاحِدٍ سِرًّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 408 مِنْ مُتَعَدِّدٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الِاسْمَ،   [منح الجليل] وَيُنْدَبُ تَعَدُّدُهُ، فَفِيهِ مَنْدُوبَانِ، وَتَجُوزُ التَّزْكِيَةُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ إنْ عَرَفَ الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ اسْمَ الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) الْمُزَكِّي بِالْكَسْرِ (الِاسْمَ) لِلْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ، هَكَذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَقَيَّدَهُ الْمُتَيْطِيُّ بِمَنْ اُشْتُهِرَ بِكُنْيَتِهِ أَوْ لَقَبِهِ، وَرُبَّ مَشْهُورٍ بِكُنْيَتِهِ أَوْ لَقَبِهِ وَلَا يُعْرَفُ اسْمُهُ كَأَشْهَبَ اسْمُهُ مِسْكِينٌ وَسَحْنُونٌ اسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ وَإِلَّا فَيَبْعُدُ مَعَ طُولِ الْعِشْرَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ الِاسْمِ أَفَادَهُ تت. " وغ " وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الِاسْمَ، كَذَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ مَنْ عَدَّلَ رَجُلًا لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ قَبْلَ تَعْدِيلِهِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَالْمُنَافِي لِقَوْلِ سَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُزَكِّيَ رَجُلًا إلَّا رَجُلًا قَدْ خَالَطَهُ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ وَسَافَرَ مَعَهُ وَرَافَقَهُ، وَلِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ لَا يُزَكِّيه حَتَّى تَطُولَ الْمُخَالَطَةُ بَيْنَهُمَا، فَيَعْلَمَ بَاطِنَهُ كَمَا يَعْلَمُ ظَاهِرَهُ، قَالَ يُرِيدُ عِلْمَ بَاطِنِهِ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَانْظُرْ قَبُولَ سَحْنُونٍ تَزْكِيَةَ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ الِاسْمَ مَعَ تَعَقُّبِ بَعْضِ أَهْلِ الزَّمَانِ تَزْكِيَةَ الشَّاهِدِ بَعْضَ الْعَوَامّ مَعَ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ بِالتَّعْرِيفِ بَعْدَ تَزْكِيَتِهِ إيَّاهُ أَوْ قَبْلَهَا بِقَرِيبٍ. اهـ. وَاَلَّذِي فِي أَصْلِ الْمُتَيْطِيِّ وَيَجُوزُ تَزْكِيَةُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ إذَا اُشْتُهِرَ بِكُنْيَتِهِ أَوْ لَقَبٍ لَا يَعِزُّ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ، وَرُبَّ رَجُلٍ مَشْهُورٍ بِكُنْيَتِهِ لَا يُعْرَفُ لَهُ اسْمٌ، وَهَذَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَكَادُ أَكْثَرُ النَّاسِ يَعْرِفُ اسْمَهُ مِسْكِينٌ وَسَحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ اسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ، وَبِهِ كَانَ يُخَاطِبُ نَفْسَهُ. وَيُقْبَلُ التَّعْدِيلُ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِمَا سَبَقَ سَوَاءٌ ذَكَرَ سَبَبَهُ (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ) الْمُعَدِّلُ بِالْكَسْرِ لِتَعْدِيلِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى أُمُورٍ قَدْ يَعْسُرُ اسْتِحْضَارُهَا وَقْتَهُ (بِخِلَافِ الْجَرْحِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، أَيْ التَّجْرِيحِ لِلشَّاهِدِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ سَبَبِهِ، لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ، فَرُبَّمَا اعْتَمَدَ الْمُجَرِّحُ عَلَى مَا لَا يَقْتَضِيه كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ أَنَّهُ جَرَّحَ شَاهِدًا فَسُئِلَ عَنْ سَبَبِهِ فَقَالَ رَأَيْته يَبِيعُ وَلَا يُرَجِّحُ فِي الْمِيزَانِ. سُئِلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ الَّذِي يَسْأَلُهُ الْقَاضِي عَنْ حَالِ الشَّاهِدِ فَيُخْبِرُهُ بِبَعْضِ مَا يَكُونُ فِيهِ الْحَدُّ، فَقَالَ إذَا كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي سَأَلَهُ فَكَشَفَ عَنْ الْمُشَاهَدِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُخْبِرِ شَيْءٌ. الْحَطّ إذَا قَالَ أَحَدُ الْمُجَرِّحِينَ فِي الشَّاهِدِ هُوَ كَذَّابٌ، وَقَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 409 أَوْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ، بِخِلَافِ الْجَرْحِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ   [منح الجليل] الْآخَرُ فِيهِ هُوَ آكُلُ رِبًا فَلَيْسَ بِتَجْرِيحٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ خَائِنٌ، وَقَالَ الْآخَرُ يَأْكُلُ أَمْوَالَ الْيَتَامَى فَهَذَا تَجْرِيحٌ، وَقِيلَ أَيْضًا إذَا جَرَّحَهُ أَحَدُهُمَا بِمَعْنًى وَجَرَّحَهُ الْآخَرُ بِمَعْنًى آخَرَ فَهَذَا تَجْرِيحٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ. ابْنُ حَبِيبٍ وَسَأَلْته عَنْ تَجْرِيحِهِمَا إيَّاهُ أَنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ غَيْرُ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ، وَقَالَا لَا نُسَمِّي الْجُرْحَةَ فَقَالَ هِيَ جُرْحَةٌ وَلَا يَكْشِفُوا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ هَذَا أَفَادَهُ ابْنُ سَهْلٍ. (وَ) إنْ زَكَّى الشَّاهِدَ مُبَرِّزُونَ مَوْصُوفُونَ بِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَجَرَّحَهُ آخَرُونَ كَذَلِكَ فَ (هُوَ) أَيْ الْجَرْحُ (مُقَدَّمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَالْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (عَلَى التَّعْدِيلِ) سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي الشَّاهِدِ يُعَدِّلُهُ الرَّجُلَانِ، وَيَأْتِي الْمَطْلُوبُ بِالرَّجُلَيْنِ يُجَرِّحَانِهِ، قَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى الشُّهُودِ أَيُّهُمَا أَعْدَلُ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْمُجَرِّحَانِ أَوْلَى وَيَسْقُطُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ مِثْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ هُوَ دَلِيلُ مَا فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ التَّعْدِيلُ أَوْلَى مِنْ التَّجْرِيحِ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُجَرِّحُونَ الْجُرْحَةَ وَتَعَارَضَتْ الشَّهَادَةُ، فَإِنْ بَيَّنَ الْمُجَرِّحُونَ الْجُرْحَةَ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ أَعْمَلُ مِنْ شَهَادَةِ الْمُعَدِّلِينَ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ عَدَالَةً مِنْهُمْ، وَلِكُلِّ قَوْلٍ مِنْهَا وَجْهٌ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَوْجِيهِهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّ شَهَادَةَ الْمُجَرِّحِينَ أَعْمَلُ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ. ابْنُ سَهْلٍ تَقْدِيمُ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ، وَقَائِلُوهُ أَكْثَرُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي مَضَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ التَّجْرِيحَ أَتَمُّ شَهَادَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا مِنْ الْبَاطِنِ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُعَدِّلُونَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ، وَقَالَ فِي نِهَايَتِهِ شَهَادَةُ التَّجْرِيحِ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ التَّعْدِيلِ تُبْطِلُ شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ بِالْجَرْحِ شَهَادَةَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنْ الرِّجَالِ بِالْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُجَرِّحَ عَلِمَ مِنْ حَالِ الْمُجَرَّحِ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُزَكِّي، هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي النَّوَادِرِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا عُدِّلَ الشُّهُودُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ أَتَى مَنْ يُجَرِّحُهُمْ فَإِنَّهُ يُسْمَعُ الْجَرْحُ فِيهِمْ أَبَدًا مَا لَمْ يَحْكُمْ، فَإِنْ حَكَمَ فَلَا يَنْظُرُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 410 وَإِنْ شَهِدَ ثَانِيًا: فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى: تَرَدُّدٌ. وَبِخِلَافِهَا لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ عَلَى الْآخَرِ، أَوْ أَبَوَيْهِ: إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَيْلٌ لَهُ   [منح الجليل] حَالِهِمْ بِجُرْحَةٍ وَلَا بِعَدَالَةٍ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ اهـ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ جَرَّحَ رَجُلَانِ عَدْلًا ثُمَّ جَاءَ الْمُجَرَّحُ بِمَنْ يُعَدِّلُهُ فَلَا يُقْبَلُ وَلَوْ بِأَلْفِ عَدْلٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ اهـ الْحَطّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ شَهِدَ) الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ زَمَنًا (ثَانِيًا) مَرَّةً أُخْرَى (فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ رَوَاهُ أَشْهَبُ وَأَطْلَقَ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَحْتَاجُ لِتَعْدِيلٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَغْمِزَ بِشَيْءٍ أَوْ يَرْتَابَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إنْ زَكَّاهُ مَشْهُورُ الْعَدَالَةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ تَزْكِيَتِهِ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْهُ الْمَشْهُورُ بِالْعَدَالَةِ يَكْفِي فِيهِ التَّعْدِيلُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُجَرَّحَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ، وَاَلَّذِي لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ بِهَا يَتَوَقَّفُ فِي تَعْدِيلِهِ ثَانِيًا أَوْ لَا يَكْفِي التَّعْدِيلُ الْأَوَّلُ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْدِيلِ كُلَّمَا يَشْهَدُ حَتَّى يَكْثُرَ تَعْدِيلُهُ وَتَشْتَهِرُ تَزْكِيَتُهُ، وَهَذَا لِسَحْنُونٍ. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ الثَّانِيَةُ قَرِيبَةً مِنْ الْأُولَى وَلَمْ يَطُلْ مَا بَيْنَهُمَا جِدًّا كَفَتْ تَزْكِيَتُهُ الْأُولَى، وَإِلَّا فَلْيَكْشِفْ عَنْهُ ثَانِيًا طَلَبَهُ الْمَشْهُودُ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَالسَّنَةُ طُولٌ. وَلِأَشْهَبَ إنْ شَهِدَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا فَيُسْأَلُ عَنْهُ الْعَدْلُ الْأَوَّلُ، فَإِنْ مَاتَ عُدِّلَ مَرَّةً أُخْرَى وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ شَهِدَ بِالْقُرْبِ مِنْ التَّزْكِيَةِ الْأُولَى عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَبَعْدَ طُولٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُزَكِّيه، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّ طَلَبَ تَزْكِيَتِهِ ثَانِيًا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِتَزْكِيَتِهِ الْأُولَى مَا لَمْ يُتَّهَمْ بِحُدُوثِ أَمْرٍ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ بِطُرُقٍ كَثِيرَةٍ. (وَبِخِلَافِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ مِنْ أَبٍ (لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ عَلَى) وَلَدِهِ (الْآخَرِ) فَتُقْبَلُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْ الْأَبِ مَيْلٌ مَعَ الشُّهُودِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، فَإِنْ ظَهَرَ الْمَيْلُ فَلَا تُقْبَلُ كَشَهَادَتِهِ لِلْبَارِّ عَلَى الْعَاقِّ أَوْ لِلصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ (أَوْ) شَهَادَةِ الِابْنِ لِأَحَدِ (أَبَوَيْهِ) عَلَى وَالِدِهِ الْآخَرِ فَتُقْبَلُ (إنْ لَمْ يَظْهَرْ مَيْلٌ) مِنْ الشَّاهِدِ مَعَ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَكَانَ مُبَرِّزًا، فَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 411 وَلَا عَدُوٌّ وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ، أَوْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَلْيُخْبِرْ بِهَا كَقَوْلِهِ بَعْدَهَا: " تَتَّهِمُنِي وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجَانِينِ " مُخَاصِمًا لَا شَاكِيًا   [منح الجليل] ظَهَرَ مَيْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الِابْنِ يَشْهَدُ لِأَحَدِ وَالِدَيْهِ عَلَى الْآخَرِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا، أَوْ يَكُونَ مَا يَشْهَدُ بِهِ يَسِيرًا. " غ " الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ مُحْرِزٍ. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَدُوٍّ) عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً فِي مَالٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ جَاهٍ أَوْ مَنْصِبٍ إنْ شَهِدَ عَلَى عُدُوِّهِ، بَلْ (وَلَوْ) شَهِدَ (عَلَى ابْنِهِ) أَيْ الْعَدُوِّ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى، زَادَ وَلَوْ كَانَ مِثْلَ ابْنِ شُرَيْحٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ أَبُو شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيُّ وَسُلَيْمَانُ بْنُ الْقَاسِمِ مِنْ أَشْيَاخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ بِجَوَازِهَا عَلَى ابْنِ عَدُوِّهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ أَوْ بَيْنَ (مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُسْلِمٍ عَلَى عَدُوِّهِ الْكَافِرِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ. عِيَاضٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ، إذْ لَوْ تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ. " غ " هَذَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ، كَأَنَّهُ قَالَ وَلَوْ طَرَأَتْ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ. وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ الدِّينِيَّةُ كَاَلَّتِي بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ مِنْ جِهَةِ كُفْرِهِ وَاَلَّتِي بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ لِفِسْقِهِ وَجُرْأَتِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَمْنَعُ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فِيهِمَا لَا الْعَكْسُ لِمَانِعِ الْكُفْرِ وَالْفِسْقِ. (وَلْيُخْبِرْ) الْعَدْلُ الَّذِي شَهِدَ عَلَى عَدُوِّهِ الْحَاكِمَ (بِهَا) أَيْ الْعَدَاوَةِ وُجُوبًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ بَيْنِي وَبَيْنَ الَّذِي شَهِدْت عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِيَسْلَمَ مِنْ التَّدْلِيسِ وَلِاحْتِمَالِ عَدَمِ قَدْحِهَا إذَا فُسِّرَتْ. ابْنُ فَرْحُونٍ وَمِثْلُهَا قَرَابَتُهُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، وَمَثَّلَ لِلْعَدَاوَةِ فَقَالَ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (بَعْدَ) أَدَائِ (هَا) أَيْ الشَّهَادَةِ لِلْحَاكِمِ (تَشْتُمُنِي وَتُشَبِّهُنِي بِالْمَجْنُونِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُخَاصِمًا) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِتَحَقُّقِ عَدَاوَتِهِ لَهُ (لَا) تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ حَالَ كَوْنِهِ (شَاكِيًا) أَيْ مُعَاتِبًا وَمُسْتَجِيرًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ عَدَاوَتِهِ لَهُ. " غ " كَذَا هُوَ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ الشَّهَادَاتِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 412 وَاعْتَمَدَ فِي إعْسَارٍ بِصُحْبَةٍ، وَقَرِينَةِ صَبْرٍ ضُرًّا: كَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ   [منح الجليل] تَشْتُمُنِي مِنْ الشَّتْمِ لَا تَتَّهِمُنِي مِنْ التُّهْمَةِ. وَقَالَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ فَصَلَ فِي الثَّمَانِيَةِ بَيْنَ الْمُخَاصِمِ وَالشَّاكِي، وَحَكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ قَادِحٌ وَاسْتَظْهَرَهُ، وَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الثَّمَانِيَةِ، وَلَمْ يُكْمِلْهُ الْمُصَنِّفُ، وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي " ق " إنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الشَّكْوَى وَالْإِشْهَادِ مِنْ الْأَذَى لَا عَلَى وَجْهِ طَلَبِ خُصُومَةٍ وَلَا سَمَّى الشَّتْمَةَ فَلَا أَرَاهُ شَيْئًا، وَإِنْ سَمَّى الشَّتْمَةَ وَهِيَ مِمَّا فِي مِثْلِهَا الْخُصُومَةُ أَوْ كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الطَّلَبِ لِخُصُومَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الشَّتْمَةَ فَشَهَادَتُهُ بَاطِلَةٌ سَاقِطَةٌ. اهـ. وَهَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ نَاقِصًا كَمَا هُنَا وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَدُوُّهُ وَلَوْ قَالَ مَا هُوَ أَدْنَى مِنْ هَذَا سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَصْوَبُ، قَالَ وَنَحْوُ هَذَا اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ. قَالَ طَرْحُ الشَّهَادَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (وَاعْتَمَدَ) الشَّاهِدُ (فِي) شَهَادَتِهِ بِ (إعْسَارٍ) لِمَدِينٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ شَرِيكٍ (بِ) طُولِ (صُحْبَةٍ) لِلْمَشْهُودِ بِإِعْسَارِهِ (وَ) بِ (قَرِينَةِ صَبْرِ) الْمَشْهُودِ بِإِعْسَارِهِ عَلَى تَحَمُّلِ (ضَرَرٍ) بِجُوعٍ وَعُرْيِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ غَالِبًا. وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى الصُّحْبَةِ وَالْقَرِينَةِ فَقَالَ (كَ) الشَّهَادَةِ بِ (ضَرَرِ) أَحَدِ (الزَّوْجَيْنِ) الْآخَرَ فَيَعْتَمِدُ الشَّاهِدُ بِهِ عَلَى طُولِ صُحْبَتِهِمَا وَقَرِينَةِ صَبْرِ أَحَدِهِمَا عَلَى سُوءِ عِشْرَةِ الْآخَرِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الشَّاهِدَ بِالْإِعْسَارِ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالتَّعْدِيلِ، وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ عَلَى تَحْصِيلِهِ غَالِبًا، وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِمُقْتَضَاهُ لَتَعَطَّلَ الْحُكْمُ فِي التَّعْدِيلِ وَالْإِعْسَارِ وَنَحْوِهِمَا، فَيَعْتَمِدُ فِي الْإِعْسَارِ عَلَى صُحْبَتِهِ وَمُشَاهَدَةِ صَبْرِهِ عَلَى الضَّرَرِ كَالْجُوعِ وَالْعُرْيِ مِمَّا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْفَقْرِ، فَبَاءُ بِصُحْبَةٍ بِمَعْنَى عَلَى. " غ " بِصُحْبَةٍ أَيْ مُخَالَطَةٍ، وَبِهَا عَبَّرَ الْمَازِرِيُّ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمِحْنَتِهِ أَيْ امْتِحَانِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ بِالْخِبْرَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 413 وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ فِيمَا رُدَّ فِيهِ لِفِسْقٍ أَوْ صِبًا، أَوْ رِقٍّ   [منح الجليل] الْبَاطِنَةِ وَعَلَى كُلٍّ فَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَازِرِيُّ، وَعِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ احْتِمَالٌ فِي رُجُوعِ طَرِيقَةِ الْمُقَدِّمَاتِ إلَيْهَا. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَ يَكْفِيه الظَّنُّ الْقَوِيُّ فِيمَا يَعْسُرُ فِيهِ الْعِلْمُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْطِ شَهَادَةِ غَيْرِ السَّمَاعِ بِقَطْعِ الشَّاهِدِ بِالْعِلْمِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ مُطْلَقًا وَصِحَّتُهَا بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ فِيمَا يَعْسُرُ الْعِلْمُ بِهِ عَادَةً طَرِيقَانِ، الْأُولَى لِلْمُقَدِّمَاتِ لَا تَصِحُّ شَهَادَةٌ بِشَيْءٍ إلَّا بِعِلْمِهِ، وَالْقَطْعُ بِمَعْرِفَتِهِ لَا فِيمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَعْرِفَتُهُ، ثُمَّ قَسَّمَ مُحَصَّلَاتِ الْعِلْمِ. الثَّانِيَةُ لِلْمَازِرِيِّ إنَّمَا يُطْلَبُ الظَّنُّ الْقَوِيُّ الْمُزَاحِمُ لِلْعِلْمِ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ كَالشَّهَادَةِ بِالْإِعْسَارِ، وَعَلَى هَذَا مَرَّ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَهَذَا الظَّنُّ النَّاشِئُ عَنْ الْقَرَائِنِ إنَّمَا هُوَ كَافٍ فِي جَزْمِ الشَّاهِدِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْبَتِّ، وَلَوْ صَرَّحَ فِي أَدَاءِ شَهَادَتِهِ بِالظَّنِّ فَلَا تُقْبَلُ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ابْنِ رُشْدٍ فَتَتَّفِقُ الطَّرِيقَتَانِ. الْمَازِرِيُّ وَمِنْهُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِهِ. (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ حَرَصَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ الشَّاهِدُ، أَيْ اُتُّهِمَ فِي شَهَادَتِهِ بِالْحِرْصِ (عَلَى إزَالَةِ نَقْصٍ) عَنْهُ حَصَلَ لَهُ كَشَهَادَتِهِ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهَا (فِيمَا) أَيْ شَيْءٍ أَوْ الشَّيْءِ الَّذِي (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الشَّاهِدُ (فِي) شَهَادَتِهِ بِ (هـ لِفِسْقٍ أَوْ صِبًا أَوْ رِقٍّ) أَوْ كُفْرٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَدَّاهَا بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهَا بِالتَّوْبَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِيمَانِ لِاتِّهَامِهِ فِيهَا بِالْحِرْصِ عَلَى إزَالَةِ نَقْصِ رَدِّ شَهَادَتِهِ. وَمَفْهُومُ رُدَّ أَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَلَمْ يُؤَدِّ الشَّهَادَةَ حَالَّةً وَأَدَّاهَا بَعْدَ زَوَالِهِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِسَلَامَتِهَا مِنْ تُهْمَةِ الْحِرْصِ عَلَى إزَالَةِ نَقْصِ الرَّدِّ، إذْ لَا رَدَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِيمَنْ قَالَ لِقَاضٍ يَشْهَدُ لِي فُلَانٌ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ فَقَالَ لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، ثُمَّ زَالَ مَانِعُهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهَا فَتْوًى لَا حُكْمٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 414 أَوْ عَلَى التَّأَسِّي: كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ أَوْ مَنْ حُدَّ فِيمَا حُدَّ فِيهِ   [منح الجليل] عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا رُدَّتْ لِظِنَّةٍ أَوْ تُهْمَةٍ أَوْ لِمَانِعٍ مِنْ قَبُولِهَا ثُمَّ زَالَتْ التُّهْمَةُ أَوْ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِهَا، فَإِذَا أُعِيدَتْ فَلَا تُقْبَلُ اهـ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِيمَا رُدَّ فِيهِ مِمَّا لَوْ أَدَّى شَهَادَةً وَلَمْ تُرَدَّ حَتَّى زَالَ الْمَانِعُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ بِشَرْطِ إعَادَتِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْقَائِمُ بِشَهَادَتِهِ لِلْقَاضِي يَشْهَدُ لِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ فَقَالَ لَا أُجِيزُ شَهَادَتَهُ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ رَدًّا لِشَهَادَتِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ زَوَالِ مَانِعِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فَتْوَى قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاحْتَرَزَ بِهِ أَيْضًا عَنْ شَهَادَتِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ فِي غَيْرِ مَا رُدَّ فِيهِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ. (أَوْ) حَرَصَ (عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ مُمَاثَلَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي نَقْصِهِ لِيَخِفَّ عَارُهُ؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَةَ إذَا عَمَّتْ هَانَتْ، وَإِذَا خَصَّتْ هَالَتْ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ ائْتَسَى بِهِ جَعَلَهُ أُسْوَةً وَالْأُسْوَةُ بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ الْقُدْوَةُ، وَلَيْسَ فِيهِ تَأَسٍّ بِهَذَا الْمَعْنَى، لَكِنْ نَقَلَ أَبُو زَيْدٍ عَنْ السِّرَاجِ عَنْ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ يُقَالُ التَّأَسِّي وَالِائْتِسَاءُ فِي الِاقْتِدَاءِ، فَحَقَّقَ ذَلِكَ. (كَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِيهِ) أَيْ الزِّنَا فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ فِيهَا بِحِرْصِهِ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ لَهُ فِي كَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا (أَوْ) شَهَادَةِ (مَنْ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي (حُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ لِزِنًا أَوْ سُكْرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ ثُمَّ تَابَ وَشَهِدَ (فِي) مِثْلِ (مَا حُدَّ فِيهِ) فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ بِالْحِرْصِ عَلَى التَّأَسِّي، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تُقْبَلُ وَمَفْهُومُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ، أَنَّ شَهَادَتَهُ فِي غَيْرِ مَا حُدَّ فِيهِ تُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ، كَمَنْ حُدَّ لِسُكْرٍ ثُمَّ يَشْهَدُ بِقَذْفٍ. طفى قَوْلُهُ أَوْ عَلَى التَّأَسِّي هَذَا مِنْ الْمَانِعِ الرَّابِعِ، وَلِذَا لَمْ يَقْرِنْهُ بِلَا لَكِنْ الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ أَفْرَادُ الْمَانِعِ كَمَا فَعَلَ فِي بَقِيَّتِهَا، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ. الْخَامِسُ الْحِرْصُ عَلَى إزَالَةِ التَّعْيِيرِ بِإِظْهَارِ الْبَرَاءَةِ أَوْ بِالتَّأَسِّي كَشَهَادَتِهِ فِيمَا رُدَّ فِيهِ لِفِسْقٍ أَوْ صِبًا أَوْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ، وَكَشَهَادَةِ وَلَدِ الزِّنَا فِي الزِّنَا اتِّفَاقًا وَكَشَهَادَةِ مَنْ حُدَّ فِي مِثْلِ مَا حُدَّ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. وَالتَّعْيِيرُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ عَيَّرَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 415 وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الْقَبُولِ: كَمُخَاصَمَةِ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، أَوْ شَهِدَ وَحَلَفَ، أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ،   [منح الجليل] وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ حَرَصَ) أَيْ اُتُّهِمَ الشَّاهِدُ بِالْحِرْصِ (عَلَى الْقَبُولِ) لِشَهَادَتِهِ (كَمُخَاصَمَةِ) أَيْ مُحَاكِمَةِ الشَّاهِدِ لِ (مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ لِدَلَالَتِهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى التَّعَصُّبِ مَعَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْحِرْصِ عَلَى الْقَبُولِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. الْمَازِرِيُّ مُخَاصَمَتُهُمْ تَدُلُّ عَلَى الْحِرْصِ عَلَى إنْقَاذِهَا، وَقَدْ يَحْمِلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيفٍ أَوْ زِيَادَةٍ فِيهَا. طفى الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِعَامٍّ تَنْدَرِجُ فِيهِ أَفْرَادُ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ رَفَعَ قَبْلَ الطَّلَبِ لَا يَشْمَلُهُ مَا قَبْلَهُ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ السَّادِسُ الْحِرْصُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْإِفْرَادِ فَالْأَوْلَى، وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَبُولِ، ثُمَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ إفْرَادِهِمَا يَقُولُ بِخِلَافِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ. الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى وَلَا إنْ حَرَصَ عَلَى الشَّهَادَةِ لِيَشْمَلَ الرَّفْعَ قَبْلَ الطَّلَبِ؛ لِأَنَّهُ حَرَصَ عَلَى الْأَدَاءِ لَا عَلَى الْقَبُولِ، إذْ الْقَبُولُ فَرْعُ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَمْ يَحْصُلْ الْآنَ. (أَوْ) كَمَنْ (شَهِدَ وَحَلَفَ) عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ فَتُرَدُّ لِاتِّهَامِهِ بِالْحِرْصِ عَلَى قَبُولِهَا قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَامِّيًّا فِي التَّبْصِرَةِ. وَأَمَّا الْحِرْصُ عَلَى الْقَبُولِ فَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِ إذَا أَدَّاهَا، وَهَذَا قَادِحٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ دَلِيلٌ عَلَى التَّعَصُّبِ وَشِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَى نُفُوذِهَا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْيَمِينَ الْقَادِحَةَ هِيَ الْوَاقِعَةُ عِنْدَ الْأَدَاءِ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيه قَوْلُ " ز " قَدَّمَ الْحَلِفَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ أَخَّرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَلِفَ عِنْدَ الْأَدَاءِ صَادِقٌ بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ رَفَعَ) الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ لِلْحَاكِمِ وَأَدَّاهَا لَهُ (قَبْلَ الطَّلَبِ) لَهَا مِنْهُ (فِي مَحْضِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ خَالِصِ (حَقِّ آدَمِيٍّ) أَيْ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ، وَإِنْ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حَقٌّ أَيْضًا بِأَمْرِهِ بِتَوْفِيَتِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ فَلَا تُقْبَلُ لِلِاتِّهَامِ بِالْحِرْصِ عَلَى الْأَدَاءِ وَالتَّعَصُّبِ مَعَ الْمَشْهُودِ، نَعَمْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَ صَاحِبَ الْحَقِّ بِأَنَّهُ شَاهِدٌ لَهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ مُبْطِلٌ لِشَهَادَتِهِ الْأَخَوَانِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ صَاحِبُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 416 وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ بِالْإِمْكَانِ؛ إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُهُ: كَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَوَقْفٍ وَرَضَاعٍ، وَإِلَّا خُيِّرَ: كَالزِّنَا   [منح الجليل] الْحَقِّ بِعِلْمِهِمْ، وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرًا. سَحْنُونٌ لَا يَكُونُ جُرْحَةً إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ، إنْ كَانَ غَائِبًا فَلَيْسَ لِلشَّاهِدِ شَهَادَةٌ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الرُّبَاعَ لَهُ بِأَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَعَارَهَا أَوْ أَكْرَاهَا لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَالْوَلَدُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لِأَبِيهِ أَنْ عَلَى الشَّاهِدِ أَنْ يُعْلِمَ الْوَلَدَ بِذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ جُرْحَةً إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إنْ كَتَمَ وَلَمْ يُعْلِمْ بِشَهَادَةٍ بَطَلَ الْحَقُّ أَوْ دَخَلَ بِذَلِكَ فِي مَضَرَّةٍ أَوْ مَعَرَّةٍ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ الْإِعْلَامُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ صَاحِبَ الْحَقِّ تَرَكَهُ. (وَفِي مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ) وَهُوَ مَا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ إسْقَاطُهُ (تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ) مِنْ الشَّاهِدِ بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ قَبْلَ الطَّلَبِ (بِ) حَسَبِ (الْإِمْكَانِ) فَلَا يَضُرُّ التَّأْخِيرُ لِعُذْرٍ لَا يُمْكِنُ الرَّفْعُ مَعَهُ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِالرَّفْعِ (إنْ اُسْتُدِيمَ تَحْرِيمُ) ارْتِكَابِ (هـ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ (كَعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ مَعَ اسْتِمْرَارِ اسْتِيلَاءِ الْمُعْتِقِ عَلَى الْمُعْتَقِ اسْتِيلَاءَ الْمَالِكِ عَلَى مِلْكِهِ (وَطَلَاقٍ) بَائِنٍ لِزَوْجَةٍ مَعَ دَوَامِ مُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ لَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ (وَوَقْفٍ) مَعَ اسْتِمْرَارِ حَيَاةِ الْوَاقِفِ الْوَقْفَ وَتَصَرُّفِهِ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَظَاهِرُهُ كَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ بِالْجَوَاهِرِ بِالثَّانِي (وَرَضَاعٍ) بَيْنَ زَوْجَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ تَحْرِيمَهُ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الشَّاهِدُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَتَرْكِهِ (كَالزِّنَا) غَيْرِ الْمُسْتَدَامِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ. عِيَاضٌ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ بِالْفِسْقِ وَالْمَعَاصِي، وَأَمَّا هُوَ فَقَدْ كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَغَيْرُهُ السَّتْرَ عَلَيْهِ لِيَرْتَدِعَ عَنْ فِسْقِهِ، وَنَصُّهُ هَذَا السَّتْرُ فِي غَيْرِ الْمُشْتَهِرِينَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ فِي السَّتْرِ وَسُتِرُوا غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَدَعُوا وَتَمَادَوْا فَكُشِفَ أَمْرُهُمْ وَقُمِعَ شَرُّهُمْ مِمَّا يَجِبُ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ السَّتْرِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُهَاوَدَةِ عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ تَعَالَى وَمُصَافَاةِ أَهْلِهَا، وَهَذَا أَيْضًا فِي كَشْفِ مَعْصِيَةٍ انْقَضَتْ وَفَاتَتْ فَأَمَّا إذَا عُرِفَ انْفِرَادُ رَجُلٍ بِعَمَلِ مَعْصِيَةٍ أَوْ اجْتِمَاعُ جَمَاعَةٍ عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 417 بِخِلَافِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ، كَالْمُخْتَفِي؛   [منح الجليل] مَعْصِيَةٍ فَلَيْسَ السَّتْرُ هُنَا السُّكُوتُ عَلَيْهَا وَتَرْكُهُمْ وَإِيَّاهَا، بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ عَرَفَ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَهُ تَغْيِيرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِكَشْفِهِ لِمَنْ يُعِينُهُ أَوْ السُّلْطَانِ فَلْيَفْعَلْ. وَأَمَّا إيضَاحُ حَالِ مَنْ يُضْطَرُّ إلَى كَشْفِهِ مِنْ الشُّهُودِ وَالْأُمَنَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ فَبَيَانُ حَالِهِمْ مِمَّنْ يُقْبَلُ مِنْهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَى أَهْلِهِ، فَأَمَّا الشَّاهِدُ فَعِنْدَ طَلَبِ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ رُؤْيَةِ الْحَاكِمِ يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ مَا يُسْقِطُهَا فَيَجِبُ رَفْعُهُ. وَأَمَّا فِي أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَحَمَلَةِ الْعِلْمِ الْمُقَلَّدِينَ فِيهِ فَيَجِبُ كَشْفُ أَحْوَالِهِمْ السَّيِّئَةِ لِمَنْ عَرَفَهَا مِمَّنْ يُقَلِّدُ فِي ذَلِكَ وَيُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِمْ وَيُقَلَّدُوا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى هَذَا اجْتَمَعَ رَأْيُ الْأَئِمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَلَيْسَ السَّتْرُ هَاهُنَا بِمُرَغَّبٍ فِيهِ وَلَا بِمُبَاحٍ اهـ. (بِخِلَافِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ) لِلشَّهَادَةِ فَلَا يُقْدَحُ فِيهَا (كَالْمُخْتَفِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ الْمُتَوَارِي عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الَّذِي يُقِرُّ بِمَا عَلَيْهِ سِرًّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ. وَيُنْكِرُهُ إذَا حَضَرَهُ مَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَإِذَا اخْتَفَى مِنْهُ عَدْلَانِ أَوْ سَمِعَا إقْرَارَهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْخَلْوَةِ وَضَبَطَاهُ وَشَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ فَالْمَشْهُورُ الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمَا حِرْصُهُمَا عَلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَفِي التَّحَمُّلِ كَالْمُخْتَفِي لِتَحَمُّلِهَا لَا يَضُرُّ عَلَى الْمَشْهُورِ. مُحَمَّدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَخْدُوعًا وَلَا خَائِفًا. خَلِيلٌ قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَتْمِيمٌ لِلْمَشْهُورِ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رَجُلَيْنِ قَعَدَ الرَّجُلُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ، قَالَ إنْ كَانَ ضَعِيفًا أَوْ مَخْدُوعًا أَوْ خَائِفًا فَلَا يَلْزَمُهُ وَيَحْلِفُ مَا أَقَرَّ إلَّا لِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَزِمَهُ وَلَعَلَّهُ يُقِرُّ خَالِيًا وَيَأْبَى مِنْ الْبَيِّنَةِ فَهَذَا يَلْزَمُهُ مَا سَمِعَ مِنْهُ، قِيلَ فَرَجُلٌ لَا يُقِرُّ إلَّا خَالِيًا فَاقْعُدْ لَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُهُ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، قَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّك تَسْتَوْعِبُ أَمْرَهُمَا، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْمَعَ جَوَابَهُ لِسُؤَالِهِ، وَلَعَلَّهُ قَالَ لَهُ سِرًّا إنْ جِئْتُك بِكَذَا، أَمَّا الَّذِي لِي عَلَيْك فَيَقُولُ لَك عِنْدِي كَذَا، فَإِنْ قَدَرْت أَنْ تُحِيطَ بِسِرِّهِمْ فَجَائِزٌ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ شَهَادَةُ الْمُخْتَفِي لَا خَفَاءَ فِي رَدِّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِلَغْوِ الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 418 وَلَا إنْ اُسْتُبْعِدَ: كَبَدْوِيٍّ لِحَضَرِيٍّ، بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ،   [منح الجليل] الْمُقِرِّ دُونَ قَوْلِهِ اشْهَدْ عَلَيَّ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ فِيهَا مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ فَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ الِاخْتِفَاءَ لِتَحَمُّلِهَا وَقَبِلَهَا إنْ شَهِدَا بِهَا وَهُمْ الْأَكْثَرُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ عِيسَى هُنَا. خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ مَنْ يَخْشَى أَنْ يُخْدَعَ لِضَعْفِهِ وَجَهْلِهِ وَبَيْنَ مَنْ يُؤْمَنُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ الضَّعِيفُ الْجَاهِلُ الْإِقْرَارَ جُمْلَةً لَزِمَتْهُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا مِمَّا يُشْبِهُ اهـ. وَدَلَّ الْمَشْهُورُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ قَوْلُ الْمُقِرِّ اشْهَدْ عَلَيَّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا قَوْلَانِ. (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ اُسْتُبْعِدَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وُقُوعُ مِثْلِهَا عَادَةً (كَ) شَهَادَةِ رَجُلٍ (بَدْوِيٍّ) مَنْسُوبٍ لِلْبَادِيَةِ لِسُكْنَاهُ بِهَا (لِ) رَجُلٍ (حَضَرِيٍّ) مَنْسُوبٍ لِلْحَاضِرَةِ لِسُكْنَاهُ بِهَا عَلَى حَضَرِيٍّ أَوْ بَدْوِيٍّ فَلَا تُقْبَلُ لِبُعْدِهَا عَادَةً، إذْ لَمْ تَجْرِ بِإِشْهَادِ الْبَدْوِيِّ مَعَ وُجُودِ الْحَضَرِيِّينَ. اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ هَذَا إذَا كَتَبَ الْبَدَوِيُّ الْوَثِيقَةَ بِخَطِّهِ وَهُمَا فِي الْحَضَرِ مَعَ تَيَسُّرِ إشْهَادِ الْحَضَرِيِّينَ. وَأَمَّا لَوْ مَرَّا بِهِ بِالْبَادِيَةِ أَوْ سَمِعَ إقْرَارَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي الْحَاضِرَةِ فَتُقْبَلُ لِعَدَمِ بُعْدِهَا حِينَئِذٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ حَاصِلُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فِيمَا يُقْصَدُ إلَى إشْهَادِهِمْ عَلَيْهِ دُونَ أَهْلِ الْحَاضِرَةِ فِيمَا يَقَعُ بِالْحَاضِرَةِ مِنْ عُقُودِ مُعَاوَضَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَتَدْبِيرٍ وَعِتْقٍ وَنِكَاحٍ وَشَبَهِهَا لَا تَجُوزُ، فَلَا شَهَادَةَ لِبَدَوِيٍّ فِي حَضَرٍ عَلَى حَضَرِيٍّ، وَلَا عَلَى بِدَوِيٍّ وَلَا لِبَدَوِيٍّ عَلَى حَضَرِيٍّ إلَّا فِي الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَشَبَهِهَا مِمَّا لَا يُقْصَدُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ. وَتَجُوزُ فِيمَا يَقَعُ بِالْبَادِيَةِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى حَضَرِيٍّ أَوْ بِدَوِيٍّ، فَعَلَى هَذَا لَوْ حَضَرَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ شَيْئًا مِمَّا يَقَعُ فِي الْحَاضِرَةِ بَيْنَ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ مُعَامَلَةٍ وَغَيْرِهَا دُونَ أَنْ يَحْضُرُوا لِذَلِكَ، أَوْ يُقْصَدَ إلَى إشْهَادِهِمْ فَشَهِدُوا بِمَا حَضَرُوهُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ إنْ كَانُوا عُدُولًا. اهـ. وَأَمَّا شَهَادَةُ الْحَضَرِيِّ عَلَى الْبَدَوِيِّ فَفِيهَا خِلَافٌ فِي التَّوْضِيحِ. (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ الْبَدَوِيِّ بِإِقْرَارِ الْحَضَرِيِّ (إنْ سَمِعَهُ) أَيْ الْبَدْوِيُّ إقْرَارًا لِحَضَرِيٍّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 419 أَوْ مَرَّ بِهِ وَلَا سَائِلٍ فِي كَثِيرٍ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ، أَوْ يَسْأَلُ الْأَعْيَانَ وَلَا إنْ جَرَّ بِهَا نَفْعًا: كَعَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ   [منح الجليل] فَتُقْبَلُ لِعَدَمِ بُعْدِهَا (أَوْ) شَهَادَةِ الْبَدْوِيِّ لِحَضَرِيٍّ عَلَى حَضَرِيٍّ أَوْ بِدَوِيٍّ بِمُعَامَلَةٍ بِبَادِيَةٍ إنْ (مَرَّ) الْحَضَرِيُّ (بِهِ) أَيْ الْبَدْوِيِّ وَهُوَ بِبَادِيَتِهِ فَتُقْبَلُ، إذْ لَا بُعْدَ فِيهَا. وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبُولُ شَهَادَةِ الْحَضَرِيِّ عَلَى الْبَدْوِيِّ. ابْنُ وَهْبٍ وَأَنَا أَقُولُ إنَّهَا جَائِزَةٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهَا مَا دَخَلَ شَهَادَةَ الْبَدَوِيِّ مِنْ الظِّنَّةِ وَالتُّهْمَةِ، وَرَأَى قَوْمٌ مَنْعَهَا. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ شَخْصٍ فَقِيرٍ (سَائِلٍ) أَيْ طَلَبَ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِهِ (فِي) مَالٍ (كَثِيرٍ) تَعَامَلَ فِيهِ غَنِيَّانِ لِبُعْدِهَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْأَغْنِيَاءِ كَتْمُ أَمْوَالِهِمْ الْكَثِيرَةِ وَإِخْفَاؤُهَا عَنْ السَّائِلِينَ. وَمَفْهُومُ كَثِيرٍ قَبُولُ شَهَادَتِهِ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ إنْ كَانَ عَدْلًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. طفى هَذَا مُنْتَظِمٌ فِي سِلْكِ الِاسْتِبْعَادِ وَمِنْ أَفْرَادِهِ، فَالْأَوْلَى تَجْرِيدُهُ مِنْ لَا، إذْ لَا يُعِيدُهَا إلَّا لِمَانِعٍ لَا لِإِفْرَادِهِ كَمَا فَعَلَ فِي سَائِرِ الْمَوَانِعِ، وَكَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ حَضَرِيٍّ أَوْ سَائِلٍ فِي كَثِيرٍ إلَخْ. ثُمَّ قَالَ بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ لِيَعُودَ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُوَ النَّقْلُ لَكَانَ أَحْسَنَ. الْبُنَانِيُّ الْمَانِعُ فِي هَذَا هُوَ الِاسْتِبْعَادُ أَيْضًا، فَيُقَيَّدُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ، بِخِلَافِ إنْ سَمِعَهُ أَوْ مَرَّ بِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي كَثِيرٍ أَنَّهَا فِي الْأَمْوَالِ لَا الْحِرَابَةِ وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِمَا. تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ سَأَلَ لِمُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ سَأَلَ لِمُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِ أَوْ دِيَةٍ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ. (بِخِلَافِ مَنْ) أَيْ فَقِيرٍ (لَمْ يَسْأَلْ) النَّاسَ شَيْئًا، سَوَاءٌ كَانَ يَأْخُذُ إنْ أُعْطِيَ أَمْ لَا فَتَقْبَلُ شَهَادَتُهُ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا تُجَوِّزُ شَهَادَتَهُ إنْ كَانَ يَقْبَلُ مِمَّنْ يُعْطِيه مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا أَتَاك مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى اهـ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (أَوْ) مَنْ (يَسْأَلُ) الْإِمَامَ أَوْ (الْأَعْيَانَ) جَمْعُ عَيْنٍ أَيْ الْأَكَابِرَ مِنْ النَّاسِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْكَثِيرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ جَرَّ) الشَّاهِدُ (بِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (نَفْعًا) لِنَفْسِهِ (كَ) شَهَادَةِ فَقِيرٍ (عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمُحْصَنِ بِالزِّنَا أَوْ قَتْلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 420 بِالزِّنَا، أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ إلَّا الْفَقِيرَ؛ أَوْ بِعِتْقِ مَنْ يُتَّهَمُ فِي وَلَائِهِ، أَوْ بِدَيْنٍ لِمَدِينِهِ،   [منح الجليل] الْعَمْدِ) الْعُدْوَانِ فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ بِقَصْدِ قَتْلِهِ لِيَرِثَهُ. وَخَرَجَ بِالْمُحْصَنِ الْبِكْرُ وَبِالْعَمْدِ الْخَطَأُ فَتُقْبَلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ. وَقَيَّدَ أَشْهَبُ عَدَمَ الْقَبُولِ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ غَنِيًّا وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (إلَّا) الْمُوَرِّثَ (الْفَقِيرَ) فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَارِثِهِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (أَوْ) شَهَادَةٌ (بِعِتْقِ مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ (يُتَّهَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الشَّاهِدُ (فِي) الِاخْتِصَاصِ بِ (وَلَائِهِ) عَنْ الْإِنَاثِ مِنْ وَرَثَةِ مُعْتِقِهِ وَالرَّقِيقُ ذُو مَالٍ، فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا لِعَدَمِ الْإِنَاثِ فِي الْوَرَثَةِ أَوْ عَدَمِ مَالِ الرَّقِيقِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِعِتْقِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي ثَانِي عِتْقِهَا إنْ شَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا نِسَاءٌ وَالْعَبْدُ يَرْغَبُ فِي وَلَائِهِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْغَبُ فِي وَلَائِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ نِسَاءٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا. (أَوْ) شَهَادَةٌ (بِدَيْنٍ لِمَدِينِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ بِقَصْدِ أَخْذِهِ فِي دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ، وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا اتَّحَدَ الدَّيْنَانِ فِي الصِّفَةِ أَوْ اخْتَلَفَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا. وَمَفْهُومُ بِدَيْنٍ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَهُ بِغَيْرِ الْمَالِ مَقْبُولَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُ شَهَادَةِ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهَا تُقْبَلُ إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا تُقْبَلُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الَّذِي بَلَغَهُ هُوَ تَفْسِيرُ مَا سَمِعَهُ مُجْمَلًا، وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ قَرِيبَ الْحُلُولِ، وَأَمَّا إنْ بَعُدَ فَجَائِزَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ مَلِيًّا وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ. قَالَهُ تت. طفى فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ يَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَمَا بَلَغَهُ خِلَافًا لَهُ، فَأَيْنَ مُسْتَنَدُ الْمُصَنِّفِ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا، فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدِ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلشَّهَادَةِ بِالدَّيْنِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَوْ قَالَ أَوْ بِمَالٍ لِمَدِينِهِ الْمُعْدِمِ أَوْ الْمُلِدِّ لَجَمَعَ الْقُيُودَ كُلَّهَا. اهـ. وَنُوقِشَ بِبَقَاءِ قَيْدِ الْحُلُولِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 421 بِخِلَافِ الْمُنْفِقِ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَشَهَادَةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ وَإِنْ بِالْمَجْلِسِ   [منح الجليل] أَوْ قُرْبِهِ، وَعُذْرُ تت مُتَابَعَةُ التَّوْضِيحِ التَّابِعِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: رَدُّهَا مُطْلَقًا، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَجَوَازُهَا مُطْلَقًا لِأَشْهَبَ، وَلِبَعْضِهِمْ التَّفْرِقَةُ بَعْدَ الْمَلِيءِ وَالْمُعْدِمِ وَتَبِعَهُمَا فِي الشَّامِلِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَجِدْ الْمَنْعَ مُطْلَقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا، وَلَعَلَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بِدَلِيلِ عَزْوِهِمَا التَّفْرِقَةَ لِبَعْضِهِمْ وَهُوَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ لِمَالِكٍ فِيمَا بَلَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ أَشَارَ " ح " لِمَا قُلْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ الشَّخْصِ (الْمُنْفِقِ لِ) لِشَخْصِ ا (لِمُنْفَقٍ عَلَيْهِ) فَإِنَّهَا تُقْبَلُ قَرِيبًا كَانَ أَوْ أَجْنَبِيًّا. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ فِي عِيَالِ الشَّاهِدِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ. بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ قَرَابَةِ الشَّاهِدِ كَأَخِيهِ انْبَغَى أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ لَا تَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهُ بَعْدَ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ وَصِلَتِهِ مَعَرَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَجْنَبِيًّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهِيَ مِمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ أَوْ لِمَدِينِهِ بِدَيْنٍ. الْحَطّ وَأَمَّا شَهَادَةُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ لِلْمُنْفِقِ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْهَا، وَنَقَلَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ أَنَّهَا مَقْبُولَةٌ إذَا كَانَ مُبَرِّزًا، وَذَكَرَ نَصَّهَا وَقَالَ عَقِبَهُ لَعَلَّ صَوَابَهُ الْمُنْفِقُ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَهِيَ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) بِخِلَافِ (شَهَادَةِ كُلٍّ) مِنْ الشَّاهِدَيْنِ (لِلْآخَرِ) فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، سَوَاءٌ شَهِدَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ إنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِغَيْرِ الْمَجْلِسِ الْأَوَّلِ، بَلْ (وَإِنْ) شَهِدَ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ (بِالْمَجْلِسِ) الْأَوَّلِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْن الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَلَى رَجُلٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا إنْ كَانَا عَدْلَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسُقُوطِهَا. ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي مَجْلِسَيْنِ جَازَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ، وَفِي جَوَازِهَا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ قَوْلَانِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 422 وَالْقَافِلَةِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ؛ فِي حِرَابَةٍ   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ عَنْ الْأَخَوَيْنِ إنْ كَانَتْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ تَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. جَازَتْ وَلَوْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ جَازَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ أَرَى رَدَّهُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَتْ عَلَى رَجُلَيْنِ بِمَجْلِسَيْنِ لَفْظًا أَوْ بِكِتَابٍ لِتُهْمَتِهِمَا إلَّا أَنْ يَطُولَ مَا بَيْنَهُمَا. الْمَازِرِيُّ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ شَهِدَا لَهُمَا بِدَيْنٍ عَلَيْهِ بِمَجْلِسَيْنِ جَازَتْ وَلَوْ تَقَارَبَا، وَإِنْ كَانَتْ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَفِي سُقُوطِهَا نَصُّ قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ وَأَقَرَّهُ تت تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا صُوَرٌ: الْأُولَى أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَشْهَدَ فُلَانٌ الْمَشْهُودُ لَهُ بِأَنَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِلشَّاهِدِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ اتَّحَدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُودُ بِهِ وَالزَّمَانُ وَالْمَكَانُ، فَقَالَ فِيهِمَا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا تُقْبَلَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبُولُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ. الثَّانِيَةُ: تَعَدُّدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَبَاقِيهَا بِحَالِهِ، وَالْمَذْهَبُ قَبُولُهَا، وَرَأَى اللَّخْمِيُّ عَدَمَهُ. الثَّالِثُ: تَعَدُّدُ الْمَجْلِسِ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ، وَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا تَقَدَّمَ. وَحَكَى الْمَازِرِيُّ الِاتِّفَاقَ فِيهَا وَلَمْ يَعْتَبِرْ رَأْيَ اللَّخْمِيِّ. الرَّابِعَةُ: اخْتِلَافُ الْكُلِّ وَطُولُ الزَّمَانِ وَلَمْ يُعْلَمْ خِلَافٌ فِي قَبُولِهَا فِيهَا. (وَ) بِخِلَافِ شَهَادَةِ (الْقَافِلَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي حِرَابَةٍ) عَلَى الْمُحَارَبِينَ فَتُقْبَلُ مَعَ الْعَدَاوَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَظَاهِرُهُ كَانُوا عُدُولًا أَوْ لَا. وَفِيهَا إنْ كَانُوا عُدُولًا وَسَوَاءٌ شَهِدُوا بِمَالٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. طفى قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ كَانُوا عُدُولًا أَوْ لَا، لَيْسَ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ. الْبُنَانِيُّ وَهَذَا إذَا شَهِدُوا فِي حِرَابَةٍ. وَأَمَّا إنْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي مُعَامَلَةٍ فَفِي " ق " رَوَى الْأَخَوَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِلضَّرُورَةِ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ وَحْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْعَدَالَةُ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي التُّحْفَةِ إذْ قَالَ: وَمَنْ عَلَيْهِ وَسْمُ خَيْرٍ قَدْ ظَهَرْ ... زُكِّيَ إلَّا فِي ضَرُورَةِ السَّفَرْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 423 لَا الْمَجْلُوبِينَ، إلَّا كَعِشْرِينَ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا تَجُوزُ عَلَى الْمُحَارَبِينَ شَهَادَةُ مَنْ حَارَبُوهُ إنْ كَانُوا عُدُولًا، إذْ لَا سَبِيلَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ شَهِدُوا بِقَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. وَسَمِعَ يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ مَسْلُوبُونَ عَلَى أَنَّ هَؤُلَاءِ سَلَبُونَا هَذِهِ الثِّيَابَ وَالدَّوَابَّ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِأَيْدِيهِمْ أُقِيمَ عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمْ وَلَا يَسْتَحِقُّونَ الْمَتَاعَ وَلَا الدَّوَابَّ إلَّا بِشَهِيدَيْنِ سِوَاهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ قِيلَ هَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا فِيهَا، إذْ لَمْ يُقَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ شَهَادَةِ صَاحِبِهِ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ عَلَى قَبِيلِ قَوْلِهِ فِي سَرِقَتِهَا أَنَّهُ يُقَامُ عَلَى الْمُحَارَبِينَ الْحَدُّ وَيُعْطَوْنَ الْمَالَ بِشَهَادَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. وَقِيلَ لَيْسَتْ مُخَالَفَةً لَهُ وَمَعْنَى السَّمَاعِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْمَتَاعِ وَالدَّوَابِّ، فَلِذَا سَقَطَتْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ. وَقِيلَ يَسْتَحِقَّانِ الدَّوَابَّ وَالْمَتَاعَ وَإِنْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِمَا وَهُوَ الْآتِي عَلَى رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ فِي أَنَّ شَهَادَةَ شَهِيدَيْنِ مِنْ الْمَسْلُوبِينَ عَلَى مَنْ سَلَبُوهُمْ جَائِزَةٌ فِي الْحَدِّ وَالْمَالِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلِأَصْحَابِهِمَا؛ لِأَنَّهَا إذَا جَازَتْ فِي الْحَدِّ جَازَتْ فِي الْمَالِ لِأَنْفُسِهِمَا وَلِغَيْرِهِمَا، إذْ لَا يُجَوَّزُ بَعْضُ الشَّهَادَةِ وَيُرَدُّ بَعْضُهَا. وَقِيلَ لَا تَجُوزُ فِي حَدٍّ وَلَا فِي مَالٍ لِغَيْرِهِمَا، إذْ لَمْ تَجُزْ لِأَنْفُسِهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ اُتُّهِمَ فِي بَعْضِ شَهَادَتِهِ رُدَّتْ كُلُّهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ. ثُمَّ قَالَ فَفِي صِحَّتِهَا فِي الْحَدِّ وَالْمَالِ وَلَوْ لِأَنْفُسِهِمَا وَرَدَّهَا فِيهِمَا وَلَوْ بِالْمَالِ لِغَيْرِهِمَا. ثَالِثُهَا فِي الْحَدِّ وَالْمَالِ لِغَيْرِهِمَا لَا لِأَنْفُسِهِمَا، ثُمَّ قَالَ وَرَابِعُهَا لَا تَجُوزُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَتَجُوزُ فِي الْحَدِّ وَفِي أَمْوَالِ الرُّفْقَةِ وَلَا فِي أَمْوَالِ الشُّهَدَاءِ. هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ مَا شَهِدُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُتَّهَمُونَ عَلَيْهِ جَازَتْ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الْوَصِيَّةِ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، وَلَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِمْ بِالسَّلْبِ دُونَ الْمَالِ جَازَتْ عَلَيْهِمْ فِي الْحَدِّ وَبَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا وُجِدَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَالِ اتِّفَاقًا فِيهِمَا. (لَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَوْمِ (الْمَجْلُوبِينَ) بِالْجِيمِ، أَيْ الْعَسْكَرِ الَّذِينَ جَلَبَهُمْ وَأَرْسَلَهُمْ السُّلْطَانُ لِحِرَاسَةِ ثَغْرٍ وَنَحْوِهِ لِبَعْضِهِمْ عَلَى أَهْلِ الثَّغْرِ أَوْ نَحْوِهِ الَّذِي أَقَامُوا بِهِ (إلَّا) الشُّهُودَ الْكَثِيرِينَ (كَعِشْرِينَ) عَدْلًا مِنْهُمْ وَأَبَاهُ سَحْنُونٌ فِي الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُمْ تَأْخُذُهُمْ حَمِيَّةُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 424 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْبَلَدِيَّةِ. الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّ الْمَجْلُوبِينَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا وَيَشْهَدُ مِنْهُمْ كَالْعِشْرِينِ فَأَكْثَرُ فَتُقْبَلُ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِنَفْسِهِ، وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْعِشْرِينَ أَوْ لَا؟ الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ، وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ، وَكَوْنُ الْعِشْرِينَ شَاهِدِينَ صَرَّحَ بِهِ التُّونُسِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ، وَالْمَجْلُوبُونَ قَوْمٌ أَرْسَلَهُمْ السُّلْطَانُ لِسَدِّ ثَغْرٍ أَوْ حِرَاسَةِ قَرْيَةٍ أَوْ قَوْمٌ كُفَّارٌ أَتَوْا مُتَرَافِقِينَ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَسْلَمُوا اُسْتُرِقُّوا أَمْ لَا لِاتِّهَامِهِمْ بِحَمِيَّةِ الْبَلَدِيَّةِ. الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ عَدَالَةِ الْعِشْرِينَ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ. طفى عَمَّمَ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرُهُ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَةِ الْمَجْلُوبِينَ وَقَرَّرَهُ تت وَغَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ، وَبِهَا قَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، فَفِيهَا الْمَحْمُولُونَ إذَا أَعْتَقُوا فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَخٌ لِبَعْضٍ أَوْ عَصَبَتُهُمْ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَّا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالنَّفَرُ الْيَسِيرُ يُحْمَلُونَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَيُسْلِمُونَ فَلَا يَتَوَارَثُونَ بِقَوْلِهِمْ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ لَهُمْ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ بِبَلَدِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا أَهْلُ الْحِصْنِ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ يُحْمَلُونَ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَيُسْلِمُونَ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَيَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ. وَفِيهَا أَيْضًا كُلُّ بَلَدٍ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَأَقَرَّ أَهْلُهَا فِيهَا وَأَسْلَمُوا وَشَهِدَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِأَنْسَابِهِمْ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُمْ عَلَى أَنْسَابِهِمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا كَمَا كَانَتْ الْعَرَبُ حِينَ أَسْلَمَتْ، وَكَذَلِكَ الْحِصْنُ يُفْتَحُ وَشَبَهُهُ بِخِلَافِ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ يُحْمَلُونَ إلَيْنَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ الْعِشْرُونَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَأَبَاهُ سَحْنُونٌ. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا خَاصٌّ بِشَهَادَتِهِمْ بِالنَّسَبِ، وَهَلْ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ أَوْ لَا تُشْتَرَطُ؟ خِلَافٌ أَطَالَ الْكَلَامَ فِي تَحْقِيقِهِ، وَاخْتَارَ مِنْهُ الِاشْتِرَاطَ. اهـ. " ق ". ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ رَأَيْنَا مَالِكًا وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يُجِيزُونَ لِلضَّرُورَةِ شَهَادَةَ بَعْضِ أَهْلِ الرُّفْقَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إذَا عَرَضَ لَهُمْ خِصَامٌ فِيمَا يَدُورُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْبَيْعِ وَالْكِرَاءِ وَالسَّلَفِ وَالْمُعَامَلَةِ بِتَوَسُّمِ الْحُرِّيَّةِ وَالْعَدَالَةِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدِ، كَانُوا مِنْ بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ بُلْدَانٍ شَتَّى، وَلَا تَجْرِيحَ لِلْخَصْمِ. فِيهِمْ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحُدُودِ وَالْغَصْبِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 425 وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ بِكَثِيرٍ وَلِغَيْرِهِ بِوَصِيَّةٍ؛ وَإِلَّا قُبِلَ لَهُمَا؛   [منح الجليل] الْوُجُوهَ لَا شَهَادَةَ فِيهَا إلَّا بِالْعَدَالَةِ الظَّاهِرَةِ، وَإِنَّمَا أُجِيزَتْ فِيمَا ذَكَرْنَا لِإِصْلَاحِ السَّبِيلِ وَرَدِّ أَكْثَرِ الشَّرِّ اهـ مِنْ الْمُفِيدِ، فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الرَّمَاصِيِّ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (مَنْ شَهِدَ لَهُ) أَيْ الشَّاهِدُ نَفْسُهُ (بِ) مَالٍ (كَثِيرٍ وَلِغَيْرِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ (بِوَصِيَّةٍ) لِلتُّهْمَةِ. وَفِي الْجَلَّابِ قَبُولُهَا لِغَيْرِهِ فَقَطْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لِنَفْسِهِ بِكَثِيرٍ وَشَهِدَ لَهَا بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ بِهَا (قُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَا شَهِدَ بِهِ لَهُمَا. هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مَكْتُوبَةً أَمْ لَا. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُمَا فِيمَنْ شَهِدَ لِرَجُلٍ فِي ذِكْرِ حَقٍّ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ، فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ عَلَى وَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ فِيهَا بِشَيْءٍ تَافِهٍ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُجَازَ الشَّهَادَةُ وَيُرَدَّ بَعْضُهَا، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي رَجُلٍ هَلَكَ فَشَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا وَوَصَّى لِلشَّاهِدِ بِوَصِيَّةٍ أَوْ أَسْنَدَ الْوَصِيَّةَ إلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ تَافِهًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ. ابْنُ يُونُسَ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيهَا ضَرُورَةٌ، إذْ قَدْ يَخْشَى الْمُوصِي مُعَالَجَةَ الْمَوْتِ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا الَّذِي أَوْصَى لَهُ، وَلَا ضَرُورَةَ تَلْحَقُ الْمُشْهَدَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحُقُوقِ وَكَمَا أَجَازُوا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ لِلضَّرُورَةِ وَشَهَادَةَ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، فَكَذَلِكَ هَذِهِ. طفى قَوْلُهُ وَلَا مَنْ شَهِدَ لَهُ إلَخْ الْأَوْلَى تَجْرِيدُهُ مِنْ لَا؛ لِأَنَّهُ مَنْ سَلَكَ مَا قَبْلَهُ وَتَوَهَّمَ عَطْفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَيْسَ بِمُسَوِّغٍ لِذَلِكَ، ثُمَّ فِيهِ تَعَدَّى فِعْلُ الْفَاعِلِ الْمُتَّصِلِ إلَى ضَمِيرِهِ الْمُتَّصِلِ، وَذَلِكَ خَاصٌّ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِشَهِدَ، بَلْ بِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ كَثِيرٌ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ، وَيَصِيرُ فِي الْكَلَامِ رَكَاكَةٌ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَوْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فِي وَصِيَّةٍ، فَإِنْ كَانَ مَالُهُ كَثِيرًا لَمْ يُقْبَلْ فِيهِمَا. الْبُنَانِيُّ لَا يَبْعُدُ إجْرَاءُ شَهِدَ مَجْرَى أَفْعَالِ الْقُلُوبِ لِرُجُوعِهِ لِلْعِلْمِ. قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَاصَّ بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ رَفْعُهَا وَنَصْبُهَا بِلَا وَاسِطَةِ حَرْفِ جَرٍّ ضَمِيرَيْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 426 وَلَا إنْ دَفَعَ: كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ، أَوْ الْمُدَانِ الْمُعْسِرِ لِرَبِّهِ   [منح الجليل] وَاحِدٍ، نَحْوُ عَلِمْتنِي وَخِلْتنِي. وَأَمَّا رَفْعُ أَحَدِ الضَّمِيرَيْنِ وَنَصْبُ الْآخَرِ بِوَاسِطَةِ حَرْفِ الْجَرِّ فَلَيْسَ خَاصًّا بِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ، نَحْوُ اشْتَرَيْت لِي وَوَكَّلْت لِي وَاكْتَرَيْت لِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ دَفَعَ) الشَّاهِدُ بِهَا عَنْهُ ضَرَرًا (كَشَهَادَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ (بِفِسْقِ) الـ (شُهُودِ) الشَّاهِدِينَ عَلَيْهِ بِ (الْقَتْلِ) خَطَأً لِاتِّهَامِهِمْ بِقَصْدِهِمْ إسْقَاطَهُمْ غُرْمَ الدِّيَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، عَدَّ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَجْرَأَ أَوْ يَدْفَعَ بِهَا، قَالَ أَمَّا الدَّفْعُ فَكَشَاهِدَةِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِرَدِّ هَذِهِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَاَلَّذِي يَلْزَمُ الْغَنِيَّ أَدَاؤُهُ يَسِيرٌ جِدًّا، فَتَأَمَّلْ هَذَا، وَقَابِلْهُ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ يُقْبَلُ هَذَا اهـ، فَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ تَقْيِيدَ الشَّاهِدِ بِالْفِسْقِ بِكَوْنِهِ غَنِيًّا، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وتت وعب وشب وَاعْتَمَدَهُ الْبُنَانِيُّ وَالْعَدَوِيُّ. (أَوْ) كَشَهَادَةِ (الْمُدَانِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ الْمَدِينِ (الْمُعْسِرِ) فِي الْوَاقِعِ الظَّاهِرُ الْمُلَاءُ الَّذِي يُخْشَى حَبْسُهُ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ (لِرَبِّهِ) أَيْ الدَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ لِاتِّهَامِهِ بِقَصْدِ دَفْعِ ضَرَرِ حَبْسِهِ فِي دَيْنِهِ، وَمَفْهُومُ الْمُعْسِرِ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَدِينِ الْغَنِيِّ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ دَفْعُ مَا عَلَيْهِ وَلَا يُخْشَى حَبْسُهُ فِيهِ لَهُ مَقْبُولَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ بَعِيدٍ، سَوَاءٌ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِ قِصَاصٍ أَوْ حَدِّ قَاذِفٍ أَوْ تَأْدِيبِ سَابٍّ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَالِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَهَمِّ الْمَالِ خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ عَنْ أَهْلِ النَّظَرِ إجَازَةَ شَهَادَةِ الْمَدِينِ الْمُعْسِرِ لِرَبِّهِ بِغَيْرِ الْمَالِ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَوْنَهُ أَسِيرَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ غَيْرُ الْمَالِ أَهَمَّ عِنْدَ الْمَشْهُودِ لَهُ مِنْ الْمَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى الشَّاهِدِ فَفِي سَمَاعِ زُونَانَ لِأَشْهَبَ جَوَازَهَا كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا، خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 427 وَلَا مُفْتٍ عَلَى مُسْتَفْتِيهِ، إنْ كَانَ مِمَّا يُنَوَّى فِيهِ، وَإِلَّا رَفَعَ   [منح الجليل] هَذَا السَّمَاعِ، يُرِيدُ وَالدَّيْنُ حَالٌّ أَوْ قَرِيبَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنْ يُوَسِّعَ لَهُ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ وَيُؤَخِّرَهُ بِهِ كَانَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ بِمَالٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَرَ أَشْهَبُ هَذِهِ تُهْمَةً فِي الْعَدْلِ كَانَ الدَّيْنُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى الشَّاهِدِ أَوْ بِالْعَكْسِ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الشَّاهِدِ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا قُبِلَتْ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا رُدَّتْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَالْأَخَوَانِ قَالَا؛ لِأَنَّهُ كَأَسِيرٍ بِيَدِهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَوْ قَرِيبَ الْحُلُولِ، وَإِنْ بَعُدَ أَجَلُهُ جَازَتْ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَرُدَّتْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ. وَمَعْنَى الْغِنَى هُنَا أَنْ لَا يَسْتَضِرَّ بِإِزَالَةِ هَذَا الْمَالِ عَنْهُ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ كَفَافُهُ فَالضَّرَرُ يَلْحَقُهُ بِتَعْجِيلِهِ مِنْهُ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ. الْبُنَانِيُّ ضَبَطَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُدَانَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ أَدَانَ الرُّبَاعِيِّ كأقأم، وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِشَدِّ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ ادَّانَ الْمُشَدَّدِ الدَّالِ الْخُمَاسِيِّ، وَأَصْلُهُ ادْتَيَنَ عَلَى وَزْنِ افْتَعَلَ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِ أَدَنْت الرَّجُلَ أَعْطَيْته دَيْنًا، وَهَذَا يَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ وَادَّانَ وَاسْتَدَانَ وَدَانَ أَخَذَ الدَّيْنَ وَهَذَا يَشْهَدُ لِلثَّانِي وَنَحْوُهُمَا لِلْجَوْهَرِيِّ إلَّا أَنَّهُ فَسَّرَ الْخُمَاسِيَّ بِاسْتَقْرَضَ بَعْدَمَا قَالَ دِنْت الرَّجُلَ أَقْرَضْته فَهُوَ مَدِينٌ وَمَدْيُونٌ. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (مُفْتٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، أَيْ مُخْبِرٍ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِلْزَامِ (عَلَى مُسْتَفْتِيه) أَيْ طَالِبِ الْفَتْوَى مِنْ الْمُفْتِي (إنْ كَانَ) الْمَسْئُولُ عَنْهُ (مِمَّا يُنَوَّى) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا، أَيْ تُقْبَلُ النِّيَّةُ (فِيهِ) مِنْ الْمُسْتَفْتِي عِنْدَ الْمُفْتِي وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي، أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ تُقْبَلْ نِيَّتُهُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ لِلْمُفْتِي كَانَتْ زَوْجَتِي مُوثَقَةً، فَقَالَتْ لِي أَطْلِقْنِي، فَقُلْت لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نَاوِيًا مِنْ الْوَثَاقِ فَأَفْتَاهُ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَفَعَتْهُ زَوْجَتُهُ لِلْقَاضِي فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ مِنْ الْمُفْتِي الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ شَهِدَ لَهَا عَلَيْهِ بِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يُنَوَّى فِيهِ عِنْدَ الْمُفْتِي (رَفَعَ) الْمُفْتِي الشَّهَادَةَ لِلْقَاضِي وَشَهِدَ بِإِقْرَارِهِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ إنْ أَنْكَرَهُ. ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرَّجُلِ يَأْتِي مُسْتَفْتِيًا عَنْ أَمْرٍ يُنَوَّى فِيهِ، وَلَوْ أَقَرَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 428 وَلَا إنْ شَهِدَ بِاسْتِحْقَاقٍ، وَقَالَ: أَنَا بِعْته لَهُ وَلَا إنْ حَدَثَ فِسْقٌ بَعْدَ الْأَدَاءِ،   [منح الجليل] بِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فَيُفْتِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ الشَّهَادَةَ مِنْ الْمُفْتِي قَالَ لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَوْ شَهِدَ لَمْ يَنْفَعْهَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْإِشْهَادِ قَالَ وَمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ حَدٌّ أَوْ طَلَاقٌ أَوْ حَقٌّ ثُمَّ أَنْكَرَهُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَضَرَ إذَا سَمِعُوا الْقَضِيَّةَ كُلَّهَا حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ شَيْءٌ مِنْهَا مِمَّا يُفْسِدُ الشَّهَادَةَ إنْ تَرَكَ اهـ " غ ". مَثَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى بِالرَّجُلِ يَأْتِي الْعَالِمَ فَيَقُولُ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا أُكَلِّمَ فُلَانًا وَكَلَّمْته بَعْدَ شَهْرٍ لِأَنِّي كُنْت نَوَيْت أَنْ لَا أُكَلِّمَهُ شَهْرًا فَإِذَا دَعَتْهُ امْرَأَتُهُ يَشْهَدُ لَهَا بِمَا أَقَرَّ بِهِ عِنْدَهُ مِنْ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ وَأَنَّهُ كَلَّمَهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِعِلْمِهِ مِنْ بَاطِنِ يَمِينِهِ خِلَافَ مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُهَا. اهـ. وَهُوَ جَارٍ مَعَ الْمُدَوَّنَةِ. (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ شَهِدَ) لِشَخْصٍ (بِاسْتِحْقَاقٍ) لِشَيْءٍ بِيَدِ غَيْرِهِ (وَقَالَ) الشَّاهِدُ (أَنَا بِعْته) أَيْ الشَّيْءَ الْمُسْتَحَقَّ (لَهُ) أَيْ الْمَشْهُودَ لَهُ اتَّهَمْته بِقَصْدِ دَفْعِ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ وَلِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يُثْبِتَ مِلْكَ الْبَائِعِ مَا بَاعَهُ فَقَوْلُهُ أَنَا بِعْته لَهُ شَهَادَةٌ لِنَفْسِهِ بِمِلْكِهِ وَهِيَ دَعْوَى لَا شَهَادَةٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنَا بِعْته أَوْ وَهَبْته أَوْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالنَّقْلُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُثْبِتُ الْمِلْكَ حَتَّى تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ، فَإِذَا قَالَ أَنَا بِعْته أَوْ وَهَبْته فَقَدْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِمِلْكِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ. (وَلَا) تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (إنْ حَدَثَ فِسْقٌ) مِنْ الشَّاهِدِ بِأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ سَكِرَ أَوْ قَذَفَ أَوْ قَتَلَ (بَعْدَ الْأَدَاءِ) لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَبْلَ حُكْمِهِ بِهَا فَيَرُدُّهَا وَلَا يَحْكُمُ بِمُقْتَضَاهَا لِبُطْلَانِهَا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا تَبْطُلُ فِيمَا لَا يُسَرُّ كَالْجَرْحِ وَالْقَتْلِ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. طفى وَالْحُدُوثُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَبِهِ عَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 429 بِخِلَافِ تُهْمَةِ جَرٍّ، وَدَفْعٍ وَعَدَاوَةٍ وَلَا عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ   [منح الجليل] وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْأَدَاءِ بَطَلَتْ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إلَّا بِنَحْوِ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْفِسْقُ مِمَّا يُسِرُّهُ النَّاسُ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّ حُدُوثَهُ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ يُبْطِلُهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كُمُونِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُسَرُّ كَالْجَرْحِ وَالْقَتْلِ، فَقَالَ ابْن الْقَاسِمِ يُبْطِلُهَا، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُبْطِلُهَا، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (بِخِلَافِ) حُدُوثِ (تُهْمَةِ جَرٍّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَصِلَتُهُ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ لِنَفْعٍ بَعْدَ الْأَدَاءِ كَتَزَوُّجِ الشَّاهِدِ الْمَرْأَةَ الَّتِي شَهِدَ لَهَا فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ خِطْبَتُهُ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ (وَ) بِخِلَافِ حُدُوثِ تُهْمَةِ (دَفْعٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ لِضُرٍّ كَشَهَادَةٍ بِفِسْقِ رَجُلٍ ثُمَّ شَهِدَ الْمَشْهُودُ بِفِسْقِهِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً، وَالشَّاهِدُ بِالْفِسْقِ مِنْ عَاقِلَتِهِ فَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِالْفِسْقِ. (وَ) بِخِلَافِ حُدُوثِ (عَدَاوَةٍ) دُنْيَوِيَّةٍ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ كَتَجَدُّدِ خُصُومَةٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يُبْطِلُهَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا سَبَبٌ سَابِقٌ. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَالِمٍ عَلَى مِثْلِهِ) ابْنُ عَاتٍ عَنْ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الشَّعْبَانِيِّ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقُرَّاءِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِتَحَاسُدِهِمْ كَالضَّرَائِرِ وَالْحَسُودُ ظَالِمٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مَنْ يَحْسُدُهُ اهـ. الْمُتَيْطِيُّ فِي الْمَبْسُوطَةِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَارِئِ عَلَى الْقَارِئِ يَعْنِي الْعُلَمَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ تَحَاسُدًا. وَقَالَهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ دِينَارٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. تت كَانَ الْغُبْرِينِيُّ يُنْكِرُ ذَلِكَ الْقَوْلَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَ كَلَامِ الشَّعْبَانِيِّ هَذَا الْكَلَامُ سَاقِطٌ لِمُنَاقَضَةِ بَعْضِهِ بَعْضًا؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُمْ وَصْفَ الظُّلْمِ وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا رِوَايَتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَرَدُّ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ إنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ فَغَيْرُ مُخْتَصٍّ بِهِمْ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْعُمُومُ فَمُعَارِضٌ لِأَدِلَّةِ الشَّرْعِ، وَمَا أَظُنُّهُ يَصْدُرُ مِنْ عَالِمٍ وَلَعَلَّهُ وَهْمٌ مِنْ النَّقَلَةِ، وَبِمَاذَا يُخَرِّجُ نَفْسَهُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْهُمْ فَقَدْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ فَقَوْلُهُ غَيْرَهُ مَقْبُولٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 430 وَلَا إنْ أَخَذَ مِنْ الْعُمَّالِ، أَوْ أَكَلَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الْخُلَفَاءِ   [منح الجليل] وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ أَخَذَ) الشَّاهِدُ مَالًا (مِنْ الْعُمَّالِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ، جَمْعُ عَامِلٍ الْمُقَامِينَ عَلَى قَبْضِ الْخَرَاجِ وَنَحْوِهِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ الَّذِينَ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِمْ صَرْفُهَا فِي وُجُوهِهَا (أَوْ أَكَلَ) الشَّاهِدُ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْعُمَّالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ أَكْلًا مُتَكَرِّرًا (بِخِلَافِ) الْأَخْذِ وَالْأَكْلِ مِنْ (الْخُلَفَاءِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ مَمْدُودًا جَمْعُ خَلِيفَةٍ، أَيْ السَّلَاطِينِ النَّائِبِينَ عَنْ رَسُولٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ وَإِقَامَةِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَالتَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِحِفْظِهَا وَصَرْفِهَا فِي جِهَاتِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَكْلِ عِنْدَهُمْ، فَلَا يَمْنَعَانِ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، وَمِثْلُهُمْ الْعُمَّالُ الْمَأْذُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ لِسَحْنُونٍ مَنْ قَبِلَ صِلَةَ السُّلْطَانِ أَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ وَسَلَاطِينُ الزَّمَانِ مَنْ عَلِمْت هَلْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ، وَقَدْ قَبِلَ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ مَنْ قَدْ عَلِمْت مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَالْعِلْمِ، أَخَذَ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - جَوَائِزَ الْحَجَّاجِ وَالْحَجَّاجُ مَنْ قَدْ عَلِمْت وَابْنُ شِهَابٍ جَوَائِزَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْخُلَفَاءِ، وَأَخَذَ مَالِكٌ جَوَائِزَ أَبِي جَعْفَرٍ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْخَوْفِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَرَكَ الْأَخْذَ مِنْهُمْ فَلَمْ يَرَ مِنْهُمْ إلَّا خَيْرًا. وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ أَمَرَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِثَلَاثِ صُرَرٍ فَأَتْبَعَهُ الرَّسُولَ بِهَا فَسَقَطَتْ مِنْهُ صُرَّةٌ مِنْهَا فِي الزَّحْمَةِ فَأَتَاهُ بِصُرَّتَيْنِ فَسَأَلَهُ عَنْ الثَّالِثَةِ فَأَنْكَرَهَا فَأَلَحَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى أَتَاهُ بِهَا مَنْ وَجَدَهَا، وَجَمِيعُ الْقُضَاةِ مِنْ السُّلْطَانِ يُرْزَقُونَ وَيَأْكُلُونَ فَكَتَبَ سَحْنُونٌ مَنْ قَبِلَ الْجَوَائِزَ مِنْ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ كَانَتْ مِنْهُ الزَّلَّةُ وَالْفَلْتَةُ فَغَيْرُ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ الْخَفِيفَ مِنْ الزَّلَّةِ وَالْفَلْتَةِ لَا يَضُرُّ فِي الْعَدَالَةِ، وَالْمُدْمِنُ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهُمْ سَاقِطُ الشَّهَادَةِ وَمَا قُلْت مِنْ قَبُولِ ابْنِ شِهَابٍ وَمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ بِحُجَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَجَوَائِزُ الْخُلَفَاءِ جَائِزَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا لِاجْتِمَاعِ الْخَلْقِ عَلَى قَبُولِ الْعَطِيَّةِ مِنْ الْخُلَفَاءِ مِمَّنْ يُرْضَى مِنْهُمْ وَمِمَّنْ لَا يُرْضَى، وَجُلُّ مَا يَدْخُلُ بَيْتَ الْمَالِ مُسْتَقِيمٌ، وَمَا يَظْلِمُ فِيهِ قَلِيلٌ فِي كَثِيرٍ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَخْذَ الْعَطَاءِ مُنْذُ زَمَنِ مُعَاوِيَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَى الْيَوْمِ، وَالْقُضَاةُ أُجَرَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - سَمِعَتْ عَلِيَّ بْنَ زِيَادٍ يُنْكِرُهُ وَيَرْفَعُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 431 وَلَا إنْ تَعَصَّبَ،   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ قَبُولُ جَوَائِزِ الْعُمَّالِ جُرْحَةٌ مَعْنَاهُ عِنْدِي عُمَّالُ الْجِبَايَةِ الَّذِينَ إنَّمَا جُعِلَ لَهُمْ قَبْضُ الْأَمْوَالِ وَتَحْصِيلِهَا دُونَ وَضْعِهَا فِي وُجُوهِهَا بِالِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ فَوَّضَ لَهُمْ الْخَلِيفَةُ أَوْ خَلِيفَتُهُ قَبْضَ الْأَمْوَالِ وَصَرْفَهَا فِي وُجُوهِهَا بِاجْتِهَادِهِمْ كَالْحَجَّاجِ وَشَبَهِهِ مِنْ أُمَرَاءِ الْبِلَادِ الْمُفَوَّضِ جَمِيعُ الْأُمُورِ فِيهَا إلَيْهِمْ، فَجَوَائِزُهُمْ كَجَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ. فَإِنْ صَحَّ أَخْذُ ابْنِ عُمَرَ جَوَائِزَ الْحَجَّاجِ فَهَذَا وَجْهُهُ، وَأَمَّا الْقُضَاةُ وَالْأَجْنَادُ وَالْحُكَّامُ فَلَهُمْ أَخْذُ أَرْزَاقِهِمْ مِنْ الْعُمَّالِ الْمَضْرُوبِ عَلَى أَيْدِيهِمْ الَّذِينَ فُوِّضَ إلَيْهِمْ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ وَضَرَبَ عَلَى أَيْدِيهِمْ فِيمَا سِوَاهُ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِجَوَائِزِ الْخُلَفَاءِ، فَأَمَّا جَوَائِزُ الْعُمَّالِ فَفِيهَا شَيْءٌ يُرِيدُ الَّذِينَ ظَهَرَ أَمْرُهُمْ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ خُلَفَائِهِمْ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ، وَيُرِيدُ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ وَلَوْ تَحَقَّقَ التَّفْوِيضُ إلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ لِكَرَاهَةِ أَخْذِ جَوَائِزِهِمْ وَجْهٌ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي إعْطَاءِ الْمَالِ بِاجْتِهَادِهِمْ لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا لَمْ يَكُنْ لِتَسْوِيغِ أَخْذِ جَوَائِزِهِمْ وَجْهٌ، فَإِنْ كَانَ حَلَالًا وَعُدِلَ فِي قِسْمَتِهِ فَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْدَلْ فِي قِسْمَتِهِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْجَائِزَةِ مِنْهُ، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ شَابَ الْمَجْبِيَّ حَلَالٌ وَحَرَامٌ فَالْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَةِ الْأَخْذِ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ وَإِنْ كَانَ الْمَجْبِيُّ حَرَامًا فَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ أَخْذَ الْجَائِزَةِ وَالرِّزْقِ عَلَى عَمَلٍ مِنْ الْأَعْمَالِ مِنْهُ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ قَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ مَا بِيَدِ الْأُمَرَاءِ مِنْ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ، أَحَدُهُمَا حَلَالٌ لَا يُعْدَلُ فِي قَسْمِهِ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ قَبُولِهِ مِنْهُمْ، وَقِيلَ يُكْرَهُ. الثَّانِي مُخْتَلِطٌ حَلَالٌ وَحَرَامٌ، فَالْأَكْثَرُ عَلَى كَرَاهَةِ أَخْذِهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ. الثَّالِثُ حَرَامٌ فَقِيلَ يَحْرُمُ أَخْذُهُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يَجُوزُ. قَالَ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْحَرَامُ فَلَهُ حُكْمُهُ، وَإِنْ غَلَبَ الْحَلَالُ فَلَهُ حُكْمُهُ وَفِيهِ كَرَاهَةٌ خَفِيفَةٌ. (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ (إنْ تَعَصَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الْعَصَبِيَّةُ وَهُوَ بُغْضُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا وَنَحْوِهِ فِي الْمُفِيدِ، «وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 432 كَالرِّشْوَةِ وَتَلْقِينُ خَصْمٍ وَلَعِبِ نَيْرُوزِ   [منح الجليل] مَا الْعَصَبِيَّةُ، قَالَ أَنْ تُعِينَ قَوْمًا عَلَى الظُّلْمِ» . ابْنُ مَرْزُوقٍ الْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لَهُ بِشَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِجَرْحٍ أَوْ قَذْفٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْعَصَبِيَّةُ، كَتَعْدِيلِ شَاهِدِ الْأَخِ وَتَجْرِيحِ شَاهِدٍ عَلَيْهِ، وَمِنْهُ شَهَادَةُ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ وَشَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ. وَشَبَّهَ فِي إبْطَالِ الشَّهَادَةِ فَقَالَ (كَ) أَخْذِ (الرِّشْوَةِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَوْ لِتَحْقِيقِ حَقٍّ أَوْ إبْطَالِ بَاطِلٍ، وَدَفْعِهَا لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَحْقِيقِ بَاطِلٍ. وَأَمَّا دَفْعُهَا لِتَحْقِيقِ حَقٍّ تَوَقَّفَ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ، وَكَذَا دَفْعُهَا لِإِبْطَالِ بَاطِلٍ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْحُرْمَةُ عَلَى الْآخِذِ فِيهِمَا. ابْنُ عَاتٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مُرْتَشٍ وَلَا مُلَقِّنٍ لِلْخُصُومِ فَقِيهًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيُضْرَبُ عَلَى يَدِهِ وَيُشَهَّرُ بِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَيُعَرَّفُ بِهِ وَيُسَجَّلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَعَلَهُ بَعْضُ قُضَاةِ قُرْطُبَةَ بِكَبِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِمَشُورَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. (وَتَلْقِينُ خَصْمٍ) حُجَّةً يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى إبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَحْقِيقِ بَاطِلٍ، وَأَمَّا تَلْقِينُهُ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى تَحْقِيقِ حَقٍّ أَوْ إبْطَالِ بَاطِلٍ فَلَيْسَ بِقَادِحٍ. وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ ثَبَّتَ غَبِيًّا فِي خُصُومَةٍ حَتَّى يَفْهَمَهَا ثَبَّتَ اللَّهُ تَعَالَى قَدَمَهُ يَوْمَ تَزِلُّ الْأَقْدَامُ» . الْمِسْنَاوِيُّ مِنْ التَّلْقِينِ الْقَادِحِ مَا يَفْعَلُهُ الْمُفْتُونَ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ إنَّمَا كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ لِأَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا تَوَقُّفُ الْحَاكِمِ فِي الْحُكْمِ، وَالثَّانِي شَكُّهُ فِي مُصَادَفَتِهِ بَعْدَ تَسْجِيلِهِ. وَأَمَّا الْآنَ فَلَا تَرَاهُمْ يَشْرَعُونَ فِي الْخِصَامِ إلَّا بَعْدَ اسْتِفْتَائِهِمْ لِيَنْظُرُوا هَلْ الْحَقُّ لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ، فَيَتَحَيَّلُونَ عَلَى إبْطَالِهِ، وَقَدْ يَكْتُبُ الْمُفْتِي الْوَاحِدُ لِكُلٍّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ نَقِيضَ مَا يَكْتُبُهُ لِلْآخَرِ أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَنَا. (وَلَعِبِ نَيْرُوزِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ آخِرُهُ زَايٌ، أَيْ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْأَوْبَاشُ وَالْجَهَلَةُ وَالنَّصَارَى. تت قِيلَ كَانَ مَعْرُوفًا بِمِصْرَ قَدِيمًا وَلَمْ أَعْرِفْ صِفَتَهُ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ قُرَى الصَّعِيدِ يَأْتِي رَجُلٌ مِمَّنْ يُسْخَرُ بِهِ لِكَبِيرِ الْقَرْيَةِ فَيَجْعَلُ عَلَيْهِ فَرْوَةً أَوْ حَصِيرًا يَخْرِقُهَا فِي عُنُقِهِ وَيُرْكِبُهُ فَرَسًا وَيَتْبَعُهُ رَعَاعُ النَّاسِ وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ يَقْبِضُونَ مَنْ أَمَرَهُمْ بِقَبْضِهِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، وَلَا يُطْلِقُونَهُ إلَّا بِشَيْءٍ يَدْفَعُهُ لَهُمْ أَوْ يَعِدُهُمْ بِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 433 وَمَطْلٍ وَحَلِفٍ: بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَبِمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا   [منح الجليل] وَمَطْلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ غَنِيٍّ فِي حَقٍّ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» أَيْ تَأْخِيرُ دَفْعِ الْحَقِّ مَعَ طَلَبِهِ رَبَّهُ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَتَرْكُ الطَّلَبِ حَيَاءً كَالطَّلَبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَطْلُ الْغَنِيِّ جُنْحَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» . ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ بِأَنَّ الشُّهْرَةَ بِالْمَطْلِ دُونَ ضَرُورَةٍ جُرْحَةٌ؛ لِأَنَّهَا إذَايَةٌ لِلْمُسْلِمِ فِي مَالِهِ (وَ) اعْتِيَادُ (حَلِفٍ بِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ) لِخَبَرِ «الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ» . الْحَطُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ بِهِمَا وَلَوْ مَرَّةً جُرْحَةٌ، وَاَلَّذِي فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّ اعْتِيَادَهُ جُرْحَةٌ وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُمْ نَاقِلِينَ لَهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ الْمُلُوحِيُّ مِنْ الْمَوَانِعِ اعْتِيَادُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَدَبُ فِي ذَلِكَ وَاجِبٌ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» وَمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا تَحْلِفُوا بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ» فَإِنَّهُمَا مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَالثَّانِي أَنَّ مَنْ اعْتَادَ الْحَلِفَ بِهِ لَا يَخْلُصُ مِنْ الْحِنْثِ فِيهِ فَتَصِيرَ زَوْجَتُهُ تَحْتَهُ مُطَلَّقَةً وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّ مُلَازَمَةَ ذَلِكَ وَاعْتِيَادَهُ جُرْحَةٌ فِي الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَرِّفْهُ حِنْثُهُ. وَقِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ إنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ كَتَبَ أَنْ يُضْرَبَ فِي ذَلِكَ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَقَالَ قَدْ أَحْسَنَ، إذْ أَمَرَ فِيهِ بِالضَّرْبِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَتَبَ أَنْ يُضْرَبَ فِي ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَوْطًا. اهـ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ حَدِيثَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ. عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا قَالَ السَّخَاوِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْمُلُوحِيُّ وَلَا ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ. الْبُنَانِيُّ بَحَثْت عَنْ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي جَامِعِ السُّيُوطِيّ الْكَبِيرِ فَلَمْ أَجِدْهُ فِيهِ. (وَ) تُرَدُّ الشَّهَادَةُ (بِ) سَبَبِ (مَجِيءِ) الشَّاهِدِ لِ (مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا) مِنْ الْمَرَّاتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ وَأَوْلَى فِي يَوْمٍ (بِلَا عُذْرٍ) ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ الْمَوَانِعِ إتْيَانُ مَجْلِسِ الْقَاضِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 434 وَتِجَارَةٍ لِأَرْضِ حَرْبٍ وَسُكْنَى مَغْصُوبَةٍ أَوْ مَعَ وَلَدٍ شِرِّيبٍ   [منح الجليل] ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ مَنْزِلَتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَجْعَلَهَا مَأْكَلَةً فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْهُ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى الْخُصُومَاتِ وَتَعَلُّمِهِ الْحِيَلَ فِي تَحْرِيفِهَا وَلِأَنَّ مَجْلِسَهُ عَوْرَةٌ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَحَاجَةٍ أَوْ عِلْمٍ فَلَا يُقْدَحُ. (وَتِجَارَةٍ) مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ (لِأَرْضِ الْحَرْبِ) الَّتِي تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْكُفْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ، وَقَيَّدَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بِالْعِلْمِ بِذَلِكَ، وَمِثْلُ أَرْضِ الْحَرْبِ أَرْضُ السُّودَانِ، وَمِثْلُ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ تِجَارَةُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَحْكَامَ التِّجَارَةِ الْخَرَشِيُّ لَا دُخُولُهَا لِفِدَاءِ أَسِيرٍ أَوْ غَلَبَةِ رِيحٍ الْعَدَوِيُّ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عِلَّةُ النَّهْيِ، عَنْ السَّفَرِ لِلسُّودَانِ خَوْفُ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ. وَقِيلَ إنَّهُ غَيْرُ جُرْحَةٍ، وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ عِلْمِ جَرَيَانِ أَحْكَامِ الْكُفْرِ وَعَدَمِهِ، وَالْمُرَادُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ أَرْضُ الرُّومِ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ شَأْنُهُمْ لَا شَأْنُ السُّودَانِ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الْكُفْرِ. سَحْنُونٌ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ تَجَرَ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَأَجَازَهَا أَبُو صَالِحٍ فِيمَنْ يَخْتَلِفُ إلَى الْعَدُوِّ مِمَّنْ لَا بَأْسَ بِحَالِهِ أَفَادَهُ ابْنُ عَاتٍ. (وَسُكْنَى) دَارٍ مَثَلًا (مَغْصُوبَةٍ) غَصَبَهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ يَجِبُ الْإِقْلَاعُ عَنْهَا فَوْرًا وَكَذَا الطَّحْنُ عَلَى الرَّحَى الْمَغْصُوبَةِ، وَلَوْ قَالَ وَانْتِفَاعٍ بِكَمَغْصُوبٍ لَشَمِلَ الْمَغْصُوبَ وَغَيْرَهُ وَمُعَامَلَةَ الْغَاصِبِ فِيمَا غَصَبَهُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَفَادَهُ شب (أَوْ سُكْنَاهُ) أَيْ الشَّاهِدِ (مَعَ وَلَدٍ) لَهُ (شِرِّيبٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ مُكْثِرٍ شُرْبَ مَا يُغَيِّبُ الْعَقْلَ فَقَطْ مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرَبٍ فِي الْمُفِيدِ عَاطِفًا عَلَى مَا تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ وَسُكْنَاهُ دَارًا يَعْلَمُ أَنَّ أَصْلَهَا مَغْصُوبٌ أَوْ لَهُ وَلَدٌ شِرِّيبٌ يَسْمَعُ الْغِنَاءَ مِنْ الْخَدَمِ وَنَحْوِهِنَّ وَيَسْكُنُ مَعَهُ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ. وَفِي الْكَافِي مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا وَاحِدًا مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ فِي مَجَالِسِهِمْ طَائِعًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهَا وَمَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ وَأَبْدَى عَوْرَتَهُ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَبَانَتْ جُرْحَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ حَلِيلَتِهِ، وَمِثْلُ السُّكْرِ سَائِرُ الْكَبَائِرِ وَمِثْلُ الْوَلَدِ غَيْرُهُ بِالْأَوْلَى إذَا عَلِمَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ غَيَّرَ جُهْدَهُ وَلَمْ يَنْزَجِرْ أَوْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 435 وَبِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ، وَبِالْتِفَاتِهِ فِي الصَّلَاةِ؛ وَبِاقْتِرَاضِهِ حِجَارَةً مِنْ الْمَسْجِدِ وَعَدَمِ إحْكَامِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَالزَّكَاةِ لِمَنْ لَزِمَتْهُ،   [منح الجليل] عَجَزَ عَنْ التَّغْيِيرِ وَعَنْ انْتِقَالِهِ عَنْهُ فَلَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ إذَا هَجَرَهُ جُهْدَهُ. (وَ) تُرَدُّ (بِ) سَبَبِ (وَطْءِ مَنْ) أَيْ صَغِيرَةٍ شَأْنُهَا (لَا تُوطَأُ) سَحْنُونٌ مَنْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا أُدِّبَ أَدَبًا مُوجِعًا مَعَ طَرْحِ شَهَادَتِهِ، وَإِنْ كَانَ حَمْلُهَا مَأْمُونًا لِصِغَرِهَا أَوْ يَأْسِهَا لَمْ تَسْقُطْ شَهَادَتُهُ لِرِوَايَةِ عَلِيٍّ لَا اسْتِبْرَاءَ فِيهَا (وَ) تُرَدُّ (بِ) تَكَرُّرِ (الْتِفَاتِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (فِي الصَّلَاةِ) وَلَوْ نَافِلَةً لِغَيْرِ عُذْرٍ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ اكْتِرَاثِهِ بِهَا وَأَوْلَى مَنْ لَا يَعْتَدِلُ فِي رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَنْ لَا يَطْمَئِنُّ فِيهِمَا الْأَخَوَانِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رَفْعِ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ دُونَ عُذْرٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَلَوْ فِي نَفْلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ إقَامَتُهُ فِي الْفَرْضِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ حَتَّى لَوْ إذَا تَكَرَّرَ الْتِفَاتُهُ اخْتِيَارًا، فَإِنْ الْتَفَتَ لِعُذْرٍ فَلَا يَضُرُّ وَأَوْلَى تَأْخِيرُهَا عَنْ اخْتِيَارِيِّهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ فِي ضَرُورِيِّهَا. سَحْنُونٌ كَثِيرُ الْمَالِ الْقَوِيُّ عَلَى الْحَجِّ وَلَمْ يَحُجَّ مَجْرُوحٌ إذَا طَالَ زَمَنُهُ وَاتَّصَلَ وَفْرُهُ وَلَا مَانِعَ. قِيلَ وَإِنْ كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ قَالَ وَإِنْ كَانَ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ قَيَّدَ بِطُولِ الزَّمَانِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي. (وَ) تُرَدُّ (بِاقْتِرَاضِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ (حِجَارَةً مِنْ) حِجَارَةِ (الْمَسْجِدِ) الَّتِي بُنِيَ الْمَسْجِدُ بِهَا وَانْهَدَمَتْ يَبْنِي أَوْ يَرُمُّ بِهَا بَيْتَهُ مَثَلًا وَكَالْحِجَارَةِ اللَّبِنُ وَالْخَشَبُ وَكَالْمَسْجِدِ سَائِرُ الْحَبْسِ إذَا عَلِمَ حُرْمَتَهُ، وَإِلَّا تُرَدُّ كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونٍ، كَانَ الْحَبْسُ عَامِرًا أَوْ خَرِبًا احْتَاجَ لِتِلْكَ الْحِجَارَةِ أَوْ لَا رُجِيَتْ عِمَارَتُهُ أَوْ لَا، وَاقْتِرَاضُ النَّاظِرِ رِيعَ الْوَقْفِ كَاقْتِرَاضِ الْمُودَعِ الْوَدِيعَةَ اهـ شب. (وَ) تُرَدُّ بِعَدَمِ (إحْكَامِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ، أَيْ إتْقَانِ (الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَأَوْلَى بِجَهْلِ كَيْفِيَّتِهِ وَكَذَا التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لَهُ بِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا سَائِرُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَوْلَى نَفْسُ الصَّلَاةِ (وَ) تُرَدُّ بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ (الزَّكَاةِ) الجزء: 8 ¦ الصفحة: 436 وَبَيْعِ نَرْدٍ وَطُنْبُورٍ، وَاسْتِحْلَافِ أَبِيهِ   [منح الجليل] لِنَقْدٍ أَوْ نَعَمٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ عَرْضِ تِجَارَةٍ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ. فِي التَّوْضِيحِ الْبَخِيلُ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ هُوَ الَّذِي لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ، فَمَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ فَلَيْسَ بِبُخْلٍ وَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا شَهَادَةُ الْبَخِيلِ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ كَانَ مَرَضِيَّ الْحَالِ، وَيُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ. ابْنُ فَرْحُونٍ ابْنُ الْقَاسِمِ اُخْتُلِفَ فِي شَهَادَةِ الْبَخِيلِ وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ الْمَازِرِيُّ الْبُخْلُ مَنْعُ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ، وَأَمَّا مَنْعُ مَا لَمْ يَجِبْ فَالْقَدْحُ بِهِ مُغْتَفَرٌ فِي الشَّهَادَةِ بِتَفْصِيلٍ يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ الِاسْتِدْلَالَ بِحَرَكَاتِ النَّاسِ وَطَبَائِعِهِمْ وَسِيَرِهِمْ فِي دِينِهِمْ وَصِدْقِهِمْ. (وَ) تُرَدُّ بِسَبَبِ (بَيْعِ نَرْدٍ وَطُنْبُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَالطِّنْبَارُ بِكَسْرِهَا لُغَةٌ فِيهِ وَعُودٍ وَمِزْمَارٍ (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ بِسَبَبِ (اسْتِحْلَافِ) الشَّاهِدِ لِ (أَبِيهِ) أَيْ الشَّاهِدِ فِي حَقٍّ لِلشَّاهِدِ عَلَى أَبِيهِ أَنْكَرَهُ فِيهِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِ تَحْلِيفِهِ مُبَاحًا لِوَلَدِهِ وَكَوْنِهِ جُرْحَةً فِي عَدَالَتِهِ لِقَدْحِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُبَاحَاتِ فِيهَا، وَسَوَاءٌ حَلَّفَهُ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ أَمْ لَا أَفَادَهُ تت. طفى فِي كَلَامِهِ تَدَافُعٌ لِتَصْرِيحِهِ أَوَّلًا بِأَنَّهُ مُبَاحٌ، ثُمَّ قَالَ سَوَاءٌ حَلَّفَهُ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ أَمْ لَا ثُمَّ الْإِبَاحَةُ لَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بِالْمَنْعِ وَالْكَرَاهَةِ كَمَا فِي ابْنِ رُشْدٍ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ وَفِي كَوْنِ تَحْلِيفِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيه عَلَيْهِ مَكْرُوهًا وَيَقْضِي بِهِ أَوْ عُقُوقًا وَلَا يُقْضَى بِهِ. ثَالِثُهَا وَيُقْضَى بِهِ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَقْضِيَةِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَرِوَايَتُهَا فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مَعَ الْأَخَوَيْنِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ فِي تَحْلِيفِهِ وَحْدَهُ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْحَدُّ وَسَمَاعُ أَصْبَغَ فِي الشَّهَادَاتِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْضَى بِتَحْلِيفِهِ وَحْدَهُ وَهُوَ عَاقٌّ بِذَلِكَ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُوقَ كَبِيرَةٌ. اهـ. فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُبَاحِ مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ وَهُوَ الْمُرَادُ فَبَعِيدٌ وَيُشْكِلُ تَرَتُّبُ رَدِّ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى مَنْعِ تَحْلِيفِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ، وَأَيْضًا الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ ضَعِيفٌ وَخِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ تَحْرِيمِهِ، وَكَوْنُهُ عُقُوقًا وَعَدَمُ الْقَضَاءِ بِهِ وَإِنْ اقْتَحَمَ وَحَلِفُهُ فِسْقٌ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا تُرَدُّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 437 وَقُدِحَ فِي الْمُتَوَسِّطِ بِكُلٍّ، وَفِي الْمُبَرِّزِ بِعَدَاوَةٍ وَقَرَابَةٍ، وَإِنْ بِدُونِهِ: كَغَيْرِهِمَا عَلَى الْمُخْتَارِ؛   [منح الجليل] شَهَادَتُهُ. أَبُو الْحَسَنِ عَقِبَ ذِكْرِهِ كَوْنَ اسْتِحْلَافِهِ عُقُوقًا وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ عُذِرَ بِجَهَالَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالصَّحِيحُ. وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِعُقُوقٍ فَيُقْضَى لَهُ بِهِ وَلَا تَسْقُطُ شَهَادَتُهُ اهـ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي تَحْلِيفِ الرَّجُلِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيه وَلَدُهُ قَبْلَهُ وَحْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَيْسَ بِعُقُوقٍ، فَيُقْضَى بِهِ لَهُ وَلَا تَسْقُطُ بِهِ شَهَادَتُهُ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ عُقُوقٌ فَلَا يُقْضَى بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ، لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَمَا تَظَاهَرَتْ الْآثَارُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ وَلَا لِلْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ» . وَالثَّالِثُ أَنَّهُ عُقُوقٌ إلَّا أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِهِ إنْ طَلَبَهُ وَيَكُونُ جُرْحَةً فِيهِ تَسْقُطُ بِهَا شَهَادَتُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْعُقُوقَ إنْ كَانَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهِ أَحَدٌ اهـ. (وَقُدِحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ قُبِلَ الْقَدَحُ وَالتَّجْرِيحُ (فِي) الشَّاهِدِ (الْمُتَوَسِّطِ) فِي الْعَدَالَةِ وَأَوْلَى مَنْ هُوَ أَدْنَى مِنْهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مُقَابِلُ الْمُبَرِّزِ فَيَشْمَلُهُمَا (بِكُلٍّ) مِنْ الْقَوَادِحِ السَّابِقَةِ. اللَّخْمِيُّ يُسْمَعُ الْقَدْحُ فِي الرَّجُلِ الْمُتَوَسِّطِ الْعَدَالَةِ مُطْلَقًا (وَ) قُدِحَ (فِي) الشَّاهِدِ (الْمُبَرِّزِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً، أَيْ الظَّاهِرِ الْعَدَالَةِ الزَّائِدِ فِيهَا عَلَى أَمْثَالِهِ (بِعَدَاوَةٍ) دُنْيَوِيَّةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (وَقَرَابَةٍ) أَكِيدَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْقَدَحُ فِيهِ بِغَيْرِهِمَا مِنْ تَسْفِيهٍ وَتَفْسِيقٍ، وَأَمَّا بِجَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ وَالتَّعَصُّبِ فَيُسْمَعُ كَالْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ وَيُقْبَلُ التَّجْرِيحُ فِي الشَّاهِدِ بِمِثْلِهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ فِي الْعَدَالَةِ، بَلْ (وَإِنْ بِدُونِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ فِي الْعَدَالَةِ. وَشَبَّهَ فِي قَبُولِ الْقَدْحِ فِي الْمُبَرِّزِ فَقَالَ (كَغَيْرِهِمَا) أَيْ الْعَدَاوَةِ وَالْقَرَابَةِ فَيُقْبَلُ الْقَدْحُ بِهِ فِي الْمُبَرِّزِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 438 وَزَوَالِ الْعَدَاوَةِ وَالْفِسْقِ؛ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِلَا حَدٍّ   [منح الجليل] وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْإِنْسَانِ إخْفَاءُ جَرْحِهِ وَكَتْمُهُ عَنْ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُولٌ عَلَى تَكْمِيلِ نَفْسِهِ فَلَا يَكَادُ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْضُ النَّاسِ وَهِيَ شَهَادَةٌ يُؤَدِّيهَا مِثْلَ سَائِرِ الشَّهَادَاتِ. عج هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ. طفى وَالْبَنَّانِيُّ لَوْ زَادَ وَشَبَهَهُمَا كَمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْأَسْفَاهَ أَيْ الْفُسَّقَ، إذْ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَفِيهِ فَقَطْ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ. (وَزَوَالِ الْعَدَاوَةِ) الدُّنْيَوِيَّةِ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِقَرَائِنَ وَأَحْوَالٍ تُوجِبُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِزَوَالِهَا كَرُجُوعِهِمَا إلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَهَا (وَ) زَوَالُ (الْفِسْقِ) مِمَّنْ اتَّصَفَ بِهِ يَكُونُ (بِمَا) أَيْ أَمَارَاتٍ وَعَلَامَاتٍ (يَغْلِبُ) زَوَالُهُ (عَلَى الظَّنِّ) بِحُصُولِهَا كَتَوْبَتِهِ وَمُلَازَمَتِهَا وَظُهُورِ أَمَارَاتِ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ (بِلَا حَدٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ، أَيْ تَحْدِيدٍ لِلزَّمَنِ الَّذِي يَحْصُلُ الزَّوَالُ فِيهِ، وَقِيلَ يُحَدُّ بِسَنَةٍ، وَقِيلَ بِنِصْفِهَا، وَأَنْكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِكَثْرَةِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي زَوَالِهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُطَّلَعُ عَلَى بَاطِنِهِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ، وَمُخَالَطَةِ الْحُذَّاقِ بِظَوَاهِرِ حَتَّى يُظَنَّ صَالِحًا أَوْ حَبِيبًا وَهُوَ فِي بَاطِنِهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ، يَنْتَظِرُ غَفْلَةً يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إظْهَارِ مَا فِي بَاطِنِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ بِخِلَافِهِ، فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ الْقَرَائِنُ وَالْأَحْوَالُ لَا مُجَرَّدُ طُولِ الزَّمَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ جُرْحَةُ الْفِسْقِ تَزُولُ بِالتَّوْبَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ مُسْتَوْفَاةٌ فِي فَنِّ الْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الْفِقْهِ. الْمَازِرِيُّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ تُبْت، إنَّمَا تُقْبَلُ بِدَلَالَةِ حَالِهِ وَالْقَرَائِنِ عَلَى صِدْقِهِ مَعَ اتِّصَافَةِ بِصِفَاتِ الْعَدَالَةِ وَلَا تَوْقِيتَ فِي ذَلِكَ وَوَقَّتَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَالتَّحْقِيقُ مَا قُلْنَاهُ. قُلْت لِلشَّيْخِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ مَنْ كَانَ يُعْرَفُ بِالصَّلَاحِ لِمَعْرِفَةِ تَوْبَتِهِ مِنْ قَذْفٍ بِطُولٍ لَيْسَ كَمَنْ كَانَ مُعْلِنًا بِالسُّوءِ؛ لِأَنَّ مَنْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ لَا يَتَبَيَّنُ تَزَيُّدُهُ فِيهِ إلَّا بِالتَّرْدَادِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، ظَاهِرُهُ فِي الْمَذْهَبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَفِي الرَّجْمِ مِنْهَا مَعَ الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لَا تُرَدُّ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ حَتَّى يُجْلَدَ وَقَالَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 439 وَمَنْ امْتَنَعَتْ لَهُ، لَمْ يُزَكِّ   [منح الجليل] سَحْنُونٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِقَذْفِهِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَثُبُوتُ تَوْبَتِهِ يُوجِبُ قَبُولَهَا الْمَازِرِيُّ الْمُعْتَبَرُ فِي تَوْبَتِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ قَذْفِهِ عَدْلًا صَالِحًا كَانَتْ تَوْبَتُهُ بِزِيَادَةِ دَرَجَتِهِ فِي الصَّلَاحِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ. قُلْت هَذَا إنْ كَانَ حَدُّهُ بِقَذْفِهِ جُرْأَةً أَوْ سَبًّا أَوْ غَضَبًا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِانْقِلَابِ شَهَادَتِهِ قَذْفًا لِرُجُوعِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الشَّاهِدِينَ مَعَهُ أَوْ اخْتِلَافِهِ فِي وَصْفِ الزِّنَا، فَأَظْهَرَ عَدَمَ اعْتِبَارِ زِيَادَةِ صَلَاحِهِ وَفِي شَرْطِ تَوْبَتِهِ بِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ فِي قَذْفِهِ نَقْلُ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَقَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي سَرِقَتِهَا لِوَاحِدٍ نَصْرَانِيٍّ فِي قَذْفٍ ثُمَّ أَسْلَمَ بِالْقُرْبِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ فَلَمْ يُقَيِّدْهَا الصِّقِلِّيُّ. وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ يُتَوَقَّفُ فِي شَهَادَتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ صَلَاحُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ زَوَالُ الْعَدَاوَةِ كَالْفِسْقِ. قُلْت لَا أَعْرِفُ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ سَمَاعُ أَشْهَبَ فِي الرَّجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ ثُمَّ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بَعْدَ سِنِينَ قَالَ إنْ صَارَ أَمْرُهُمَا إلَى سَلَامَةٍ وَصُلْحٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ رُشْدٍ سَلَامَةُ أَمْرِهِمَا إلَى صُلْحٍ هُوَ أَنْ يَرْجِعَا إلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْخُصُومَةِ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَنَوَازِلِ أَصْبَغَ وَفِي إجْرَائِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى زَوَالِ الْفِسْقِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ عَدَالَةِ الشَّاهِدِ شَرْطٌ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ فَنَظَرُ الْقَاضِي فِي ثُبُوتِهَا ضَرُورِيٌّ وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِرَفْعِ فِسْقِهِ أَوْ بَقَائِهِ، وَأَمَّا الْعَدَاوَةُ فَلَا نَظَرَ لِلْقَاضِي فِي رَفْعِهَا؛ لِأَنَّهَا مَانِعٌ يُبْدِيه الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَثْبَتَهَا ثُمَّ شَهِدَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ احْتَمَلَ النَّظَرَ فِي تَكْلِيفِهِ إثْبَاتَهَا ثَانِيًا لِاحْتِمَالِ بَقَائِهَا وَالْأَظْهَرُ تَخْرِيجُهَا عَلَى حُكْمِ مَنْ عُدِّلَ فِي شَهَادَتِهِ ثُمَّ شَهِدَ شَهَادَةً أُخْرَى هَلْ تُسْتَصْحَبُ عَدَالَتُهُ أَوْ يُسْتَأْنَفُ إثْبَاتُهَا؟ . تت عَنْ بَعْضِهَا إنَّمَا يَتِمُّ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْمَانِعُ أَمَّا مَعَ ثُبُوتِهِ فَلَا يُسَوَّغُ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ رَفْعُهُ وَلَيْسَ شَكَّا فِي الْمَانِعِ، بَلْ فِي رَافِعِهِ وَعَلَى هَذَا فَمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَنَوَازِلِ أَصْبَغَ شَاهِدٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَمَنْ) أَيْ وَكُلُّ شَخْصٍ (امْتَنَعَتْ) شَهَادَةُ شَخْصٍ آخَرَ (لَهُ) لِتَأَكُّدِ قَرَابَتِهِمَا كَالْأَبِ وَابْنِهِ وَالزَّوْجِ وَزَوْجَتِهِ (لَمْ يُزَكِّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَشَدِّ الْكَافِ، أَيْ مَنْ امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ مِنْهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 440 شَاهِدَهُ وَيُجَرِّحْ شَاهِدًا عَلَيْهِ، وَمَنْ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ: فَالْعَكْسُ؛ إلَّا الصِّبْيَانَ، لَا نِسَاءً فِي كَعُرْسٍ، فِي جَرْحٍ، أَوْ قَتْلٍ، وَالشَّاهِدُ حُرٌّ، مُمَيِّزٌ،   [منح الجليل] شَاهِدَ) الَّذِي امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ لَ (هـ) ؛ لِأَنَّ تَزْكِيَةَ شَاهِدِهِ كَالشَّهَادَةِ لَهُ فِي النَّفْعِ (وَلَمْ يُجَرِّحْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الَّذِي امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ مِنْهُ (شَاهِدًا عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ (وَمَنْ) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي (امْتَنَعَتْ) شَهَادَةٌ (عَلَيْهِ) لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا (فَالْعَكْسُ) أَيْ لَا يُزَكِّي مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَلَا يُجَرِّحُ مَنْ شَهِدَ لَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ امْتَنَعَتْ لَهُ امْتَنَعَتْ فِي تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَتَجْرِيحُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَمَنْ امْتَنَعَتْ عَلَيْهِ امْتَنَعَتْ فِي الْعَكْسِ أَقَلُّ مِنْ شَطْرِ عَدَدِ كَلِمَاتِهِ التَّزْكِيَةُ فِي شَيْءٍ كَشَهَادَةٍ بِهِ وَالتَّجْرِيحُ فِيهِ كَشَهَادَةٍ بِنَقِيضِهِ وَعِلَّةُ الْجَمِيعِ جَرُّ نَفْعٍ أَوْ دَفْعُ ضُرٍّ وَكُلُّ شَهَادَةٍ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ. (إلَّا الصِّبْيَانَ) فَتَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ. اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَى الثَّانِي أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ " رَضٍ " أَجْمَعِينَ. (لَا نِسَاءً) اجْتَمَعْنَ (فِي كَعُرْسٍ) وَمَأْتَمٍ وَحَمَّامٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ وَلَوْ لِبَعْضِهِنَّ عَلَى بَعْضِهِنَّ فِي قَتْلٍ أَوْ جَرْحٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمُقَابِلُهُ لِلْجَلَّابِ وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ اجْتِمَاعَ الصِّبْيَانِ مَشْرُوعٌ لِلتَّدْرِيبِ، وَالْغَالِبُ عَدَمُ حُضُورِ الْعُدُولِ مَعَهُمْ فَلَوْ لَمْ تُعْتَبَرْ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَنْ بَعْضٍ لَأَدَّى ذَلِكَ لِهَدَرِ دِمَائِهِمْ وَاجْتِمَاعُ النِّسَاءِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَتُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ (فِي جَرْحٍ) مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ (وَقَتْلٍ) كَذَلِكَ لَا فِي غَيْرِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إذَا جُوِّزَتْ فِي الْقَتْلِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا تَجُوزُ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا. ابْنُ رُشْدٍ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (وَالشَّاهِدُ) مِنْهُمْ (حُرٌّ) لَا قِنٌّ وَلَا ذُو شَائِبَةٍ لِلَغْوِ شَهَادَةِ الرَّقِيقِ الْكَبِيرِ فَالصَّغِيرُ أَوْلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 441 ذَكَرٌ تَعَدَّدَ، لَيْسَ بِعَدُوٍّ، وَلَا قَرِيبٍ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ، وَفُرْقَةَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا،   [منح الجليل] مُمَيِّزٌ) أَيْ يَفْهَمُ الْخِطَابَ، وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ وَيَضْبِطُ مَا يُشَاهِدُ. الْخَرَشِيُّ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا وَأَنْ يَبْلُغَ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَضْبِطُ مَا يَقُولُ وَلَا يَثْبُتُ عَلَى مَا يَفْعَلُ لَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ " غ " قَوْلُهُ مُمَيِّزٌ أَعَمُّ مِمَّا حَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَفْعَلُ الشَّهَادَةَ. ابْنُ عَرَفَةَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ شَهَادَةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلُّ مِمَّا يُقَارِبُهَا اهـ. بَقِيَ هَذَا الشَّرْطُ عَلَيْهِ كَمَا بَقِيَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ فِي التَّوْضِيحِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالتَّمْيِيزِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ. (ذَكَرٌ) لَا أُنْثَى وَلَوْ تَعَدَّدَتْ مَعَ ذَكَرٍ (تَعَدَّدَ) الشَّاهِدُ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ (لَيْسَ) الشَّاهِدُ (بِعَدُوٍّ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. الْبِسَاطِيُّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَوْرُوثَةَ أَشَدُّ مِنْ الطَّارِئَةِ (وَلَا قَرِيبٍ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ. الْخَرَشِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ مَانِعٌ فَتَشْمَلُ الْعُمُومَةَ وَالْخُؤُولَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا أَكِيدَةً كَمَا ارْتَضَاهُ الْجِيزِيُّ. (وَلَا خِلَافَ) أَيْ اخْتِلَافَ (بَيْنَهُمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِيهَا بِأَنْ قَالَ اثْنَانِ قَتَلَهُ فُلَانٌ، وَقَالَ آخَرَانِ قَتَلَهُ فُلَانٌ الْآخَرُ، أَوْ قَالَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ أَنْتُمَا قَتَلْتُمَاهُ فَقَالَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا لِلشَّاهِدَيْنِ، بَلْ أَنْتُمَا قَتَلْتُمَاهُ فَلَا تُقْبَلُ (وَلَا فُرْقَةَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ تَفَرُّقَ بَيْنَهُمْ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، فَإِنْ افْتَرَقُوا قَبْلَهَا فَلَا تُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ تَعْلِيمِ بَالِغٍ لَهُمْ خِلَافَ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ، وَأَمْرِهِمْ بِكَتْمِ الْوَاقِعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ أَوْ جَلْبِ النَّفْعِ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُشْهَدَ) عَدْلَانِ (عَلَى) شَهَادَتِ (هِمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ (قَبْلَهَا) أَيْ الْفُرْقَةِ فَالْمُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُمْ الْأُولَى الَّتِي سَمِعَهَا مِنْهُمْ الْعَدْلَانِ وَلَوْ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ افْتِرَاقِهِمْ. فِي الْمُدَوَّنَةِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ مَا لَمْ يَفْتَرِقُوا أَوْ يُخَبَّبُوا أَيْ يُعَلَّمُوا ابْنَ عَرَفَةَ مُقْتَضَاهَا أَنَّهُمَا غَيْرُ مُتَرَادِفَيْنِ، وَنَصُّهُ شَرَطَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي شَهَادَتِهِمْ كَوْنَهَا قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِهِمْ مَا لَمْ يُخَبَّبُوا، فَإِنَّ افْتِرَاقَهُمْ مَظِنَّةَ اخْتِلَاطِهِمْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 442 وَلَمْ يَحْضُرْ كَبِيرٌ،   [منح الجليل] بِمَنْ يُلَقِّنُهُمْ مَا تَبْطُلُ بِهِ شَهَادَتُهُمْ. قُلْت مُقْتَضَى قَوْلِهَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقُوا وَيَخْبُوا مَعَ اخْتِصَارِهَا. أَبُو سَعِيدٍ كَذَلِكَ إنَّهُمَا غَيْرُ مُتَرَادِفَيْنِ، وَكَذَا لَفْظُ اللَّخْمِيِّ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ وَتَخْبِيبِهِمْ، وَلَفْظُ إذَا شَهِدُوا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا وَيُخَبَّبُوا فَإِنْ افْتَرَقُوا وَأَمْكَنَ تَخْبِيبُهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَنَحْوُهُ لَفْظُ ابْنِ فَتُّوحٍ قَالَ وَمَعْنَى يُخَبَّبُوا يُعَلَّمُوا اهـ. (وَلَمْ يَحْضُرْ) مَعَهُمْ شَخْصٌ (كَبِيرٌ) أَيْ بَالِغٌ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُمْ كَبِيرٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَدْلًا أَغْنَتْ شَهَادَتُهُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ يُتَّهَمُ بِتَخْبِيبِهِمْ. الْحَطّ أَطْلَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْكَبِيرَ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَوْ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَيُفْهَمُ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ مَعَ حُضُورِ الْكَبِيرِ خَوْفُ تَخْبِيبِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أُحْضِرَ مَعَهُمْ كَبِيرٌ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَشَهَادَتُهُمْ سَاقِطَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مَعَ حُضُورِ كَبِيرٍ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ. فِي التَّوْضِيحِ لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا سَحْنُونٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ اهـ. وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ سُقُوطِ شَهَادَتِهِمْ هَلْ هُوَ خَوْفُ التَّخْبِيبِ أَوْ الِاسْتِغْنَاءُ بِشَهَادَةِ الْكَبِيرِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا فَقَوْلَانِ فِي التَّوْضِيحِ، أَيْ الْكَبِيرُ الْحَاضِرُ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ كَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ لَا يَضُرُّ حُضُورُهُمْ بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ. الْمَازِرِيُّ لَا خِلَافَ فِيهِ مَنْصُوصٌ عِنْدَنَا وَقَالَهُ سَحْنُونٌ، ثُمَّ تَوَقَّفَ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجَازَةِ عَلَى هَذَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ إلَّا أَنَّهُ لَازِمٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّخْبِيبُ، بَلْ هُوَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ أَشَدُّ، وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِارْتِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِشَهَادَةِ الْكَبِيرِ اهـ. ثُمَّ قَالَ وَجَعَلَ الرَّجْرَاجِيُّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مَنْصُوصًا، وَنَصُّهُ إذَا حَضَرَ كَبِيرٌ فَإِنْ كَانَ شَاهِدًا فَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَلَا خِلَافَ أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ سَاقِطَةٌ لِوُجُودِ الْكَبِيرِ الْعَدْلِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِعَدْلٍ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّ شَهَادَتَهُمْ جَائِزَةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ، وَالثَّانِي أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تَجُوزُ لِحُضُورِ الْكَبِيرِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنْ كَانَ مَشْهُودًا عَلَيْهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 443 أَوْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ، أَوْ لَهُ وَلَا يَقْدَحُ رُجُوعُهُمْ، وَلَا تَجْرِيحُهُمْ؛ وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ   [منح الجليل] فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقٍ، وَكَانَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي الْجِرَاحِ أَوْ فِي النَّفْسِ إنْ كَانَ عَاشَ حَتَّى يَعْرِفَ مَا هُوَ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ لَهُ، وَصَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي وَنَصُّهُ بَعْدَ حِكَايَةِ قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ إنَّمَا يُتَّقَى مِنْ الْكَبِيرِ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَوْ يُخَبِّبَهُمْ فَلَا تُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْجُرْحَةُ. اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَزَادَ فَقَالَ وَحَاصِلُهُ قَوْلَانِ فَنَظَرَ مُطَرِّفٌ وَمَنْ مَعَهُ إلَى رَفْعِ الضَّرُورَةِ وَإِذَا كَانَ الْكَبِيرُ غَيْرَ عَدْلٍ لَمْ تَرْتَفِعْ الضَّرُورَةُ، وَنَظَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ لِلتَّخْبِيبِ وَالتَّعْلِيمِ وَهُوَ فِي غَيْرِ الْعَدْلِ أَكْثَرُ. (أَوْ يَشْهَدُ) الصِّبْيَانُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْكَبِيرِ لِصَغِيرٍ (أَوْ) يَشْهَدُ الصِّبْيَانُ (لَهُ) أَيْ الْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَالشَّرْطُ شَهَادَتُهُمْ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضِهِمْ عب الضَّمِيرَانِ لِلْكَبِيرِ كَمَا فِي الشَّارِحِ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهُمْ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ اعْتِبَارُ مَنْعِ الْكَذِبِ قَبُولَ شَهَادَةِ مَنْ عُرِفَ بِهِ مِنْهُمْ. تت سَكَتَ عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِنْ بُطْلَانِ شَهَادَةِ الْكَافِرِ الْبَالِغِ بِالْأَوْلَى. وَقَالَ " غ " تَضَمَّنَ شَرْطُ الْحُرِّيَّةِ شَرْطَ إسْلَامِهِ، وَتَبِعَهُ عب، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ صِغَارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. (وَلَا يَقْدَحُ) فِي شَهَادَتِهِمْ (رُجُوعُهُمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَدَائِهَا فَيُعْمَلُ بِالْأُولَى سَوَاءٌ رَجَعُوا عَنْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْحُكْمُ عَنْ بُلُوغِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبَ (وَلَا) يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِمْ (تَجْرِيحُهُمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ الشَّاهِدِينَ، أَيْ بِغَيْرِ الشُّهْرَةِ بِالْكَذِبِ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِذَلِكَ. (وَلِ) الشَّهَادَةِ بِرُؤْيَةِ ا (لَزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَرْبَعَةٌ) مِنْ الْعُدُولِ الْمُسْتَوْفِينَ الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ وَالْخَالِينَ مِنْ الْمَوَانِعِ كَذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَاعْتُبِرَ هَذَا الْعَدَدُ فِي الزِّنَا إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: 15] وَحِكْمَةُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 444 بِوَقْتٍ؛ وَرُؤْيًا اتَّحَدَا، وَفُرِّقُوا فَقَطْ: أَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا   [منح الجليل] التَّشْدِيدِ بِاشْتِرَاطِ الْأَرْبَعَةِ طَلَبُ السَّتْرِ وَدَفْعُ الْعَارِ اللَّاحِقِ لِلزَّانِي، وَلَهَا وَلِأَهْلِهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَتَكُونُ تَأْدِيَةُ الْأَرْبَعَةِ الشَّهَادَةَ لِلْحَاكِمِ (بِوَقْتٍ وَ) اعْتِمَادًا عَلَى (رُؤْيًا) لِآلَةِ الرَّجُلِ فِي آلَةِ الْمَرْأَةِ بِالْبَصَرِ (اتَّحَدَا) أَيْ وَقْتَ التَّأْدِيَةِ وَالرُّؤْيَةِ، فَإِنْ أَدَّوْهَا مُتَفَرِّقِينَ أَوْ رَأَوْا كَذَلِكَ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ وَحُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. الْحَطّ يَعْنِي بِالْوَقْتِ الْمُتَّحِدِ أَنْ يَأْتُوا بِشَهَادَتِهِمْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ مُجْتَمِعِينَ غَيْرَ مُتَفَرِّقِينَ، وَاشْتِرَاطُ اتِّحَادِهِ فِي الرُّؤْيَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ لَا تُلَفَّقُ الشَّهَادَةُ فِي الْأَفْعَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا لَا تَجُوزُ حَتَّى تَجْتَمِعَ أَرْبَعَةٌ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَيَوْمٍ وَاحِدٍ وَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهَا تَسْمِيَةُ الْمَوْضِعِ وَلَا الْيَوْمِ وَلَا السَّاعَةِ إنَّمَا شَرْطُهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا تَخْتَلِفَ الْأَرْبَعَةُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قَالُوا رَأَيْنَاهُ مَعًا يَزْنِي بِفُلَانَةَ غَائِبَةً فَرْجُهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ تَمَّتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ قَالُوا لَا نَذْكُرُ الْيَوْمَ وَلَا الْمَوْضِعَ وَإِنْ قَالُوا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَوْمِ كَذَا وَسَاعَةِ كَذَا مِنْ يَوْمِ كَذَا كَانَتْ أَتَمَّ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْمَوَاضِعِ أَوْ الْأَيَّامِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ كَذَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي يَوْمِ كَذَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ فِي يَوْمٍ آخَرَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَجَازَتْ عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرُوهُ تَمَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَلَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْهُ اهـ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ أَحَدُهُمْ زَنَى بِهَا مُنْكَبَّةً وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُسْتَلْقِيَةً بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَحُدُّوا لِلْقَذْفِ. اهـ. وَسَمِعَ عِيسَى إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَا رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهَا طَاوَعَتْهُ وَاثْنَانِ بِأَنَّهُ اغْتَصَبَهَا حُدَّ الْأَرْبَعَةُ. (وَفُرِّقُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ الشَّاهِدُونَ بِالزِّنَا عِنْدَ تَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ وُجُوبًا، سَوَاءٌ حَصَلَتْ رِيبَةٌ أَمْ لَا قَالَهُ تت، وَتَبِعَهُ عب وَالْخَرَشِيُّ. وَقَالَ شب نَدْبًا، فَإِنْ اخْتَلَفُوا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ (وَ) يَشْهَدُونَ (أَنَّهُ أَدْخَلَ) ذَكَرَهُ (فِي فَرْجِهَا) وَمُقْتَضَى نَقْلِ " ق " الجزء: 8 ¦ الصفحة: 445 وَلِكُلٍّ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ.   [منح الجليل] أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَيُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ. (وَ) يَجُوزُ (لِكُلٍّ) أَيْ مِنْ الْعُدُولِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ أَرَادُوا الشَّهَادَةَ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ (النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ) أَيْ لِقَصْدِ التَّحَمُّلِ فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ بِتَعَمُّدِهِ، وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِهِمْ أَرْبَعَةً وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، وَجَازَ لَهُمْ نَظَرُهَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ هَذِهِ الشَّهَادَةُ غَالِبًا فَتَكْثُرَ الْفَاحِشَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قِيلَ فَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ إلَيْهِمَا لِتَثْبُتَ الشَّهَادَةُ، قَالَ كَيْفَ يَشْهَدُونَ إلَّا هَكَذَا، وَنَاقَضَهَا ابْنُ هَارُونَ بِعَدَمِ إجَازَتِهِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي عَيْبِ الْفَرْجِ نَظَرَ النِّسَاءِ إلَيْهِ لِيَشْهَدْنَ بِمَا يَرَيْنَ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَةِ وَهِيَ بِكْرٌ، قَالَ تُصَدَّقُ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ، قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ مُشْكِلٌ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ إنَّ نَظَرَ الْمُبْتَاعِ فَرْجَ الْأَمَةِ رِضًى مِنْهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْظُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ أَوْ مَنْ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ فَأَجَازَ نَظَرَ النِّسَاءِ إلَيْهِ. فَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ طَرِيقَ الْحُكْمِ هُنَا مُنْحَصِرٌ فِي الشَّهَادَةِ وَلَا تُقْبَلُ إلَّا بِصِفَتِهَا الْخَاصَّةِ وَطَرِيقُهُ فِي تِلْكَ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِي الشَّهَادَةِ، بَلْ لَهُ غَيْرُهَا مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَحَلِّهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْتَكَبَ مُحَرَّمٌ وَهُوَ نَظَرُ الْفَرْجِ بِلَا ضَرُورَةٍ. قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّ صُورَةَ النَّقْضِ إنَّمَا هِيَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْعَيْبِ إلَّا بِالنَّظَرِ. وَكَانَ يَجْرِي لَنَا الْجَوَابُ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَدَّ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَثُبُوتُ الْعَيْبِ حَقٌّ آدَمِيٌّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْكَدُ لِقَوْلِهَا فِيمَنْ سَرَقَ وَقَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ عَمْدًا يُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ، وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ. الثَّانِي مَا لِأَجْلِهِ النَّظَرُ هُنَا مُحَقَّقُ الْوُجُودِ أَوْ رَاجِحُهُ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ بِالسَّوِيَّةِ. الثَّالِثُ: الْمَنْظُورُ إلَيْهِ فِي الزِّنَا إنَّمَا هُوَ مُغَيِّبُ الْحَشَفَةِ، وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالْفَرْجِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ النَّظَرُ إلَى الْعَيْبِ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ كَيْفَ يَشْهَدُ الشُّهُودُ إلَّا هَكَذَا، أَرَادَ بِهِ أَنَّ تَعَمُّدَ النَّظَرِ لَا يُبْطِلُ شَهَادَتَهُمْ لِإِرَادَةِ إقَامَةِ الْحَدِّ، وَهَذَا أَحْسَنُ فِيمَنْ كَانَ مَعْرُوفًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 446 وَنُدِبَ سُؤَالُهُمْ،   [منح الجليل] بِالْفَسَادِ وَمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا يَكْشِفُونَ وَلَا تُحَقَّقُ عَلَيْهِمْ الشَّهَادَةُ،؛ لِأَنَّهُ إنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ اُسْتُحِبَّ لَهُمْ أَنْ لَا يُبَلِّغُوا الشَّهَادَةَ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ يَكْشِفُونَ عَنْ تَحْقِيقِهَا، فَإِنْ قَذَفَهُ أَحَدٌ بَعْدَهَا بَلَّغُوهَا فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَالسَّتْرُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ قَذْفِهِ نَادِرَةٌ قُلْت وَلِقَوْلِهَا مَنْ قُذِفَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ زَنَى حَلَّ لَهُ الْقِيَامُ بِحَدِّ قَاذِفِهِ. الْمَازِرِيُّ تَعَمُّدُ نَظَرِ الْبَيِّنَةِ لِفِعْلِ الزَّانِي ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ مَمْنُوعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ إلَّا بِهِ، وَنَظَرُ الْفَجْأَةِ لَا يَحْصُلُ بِهِ مَا تَتِمُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَمَنَعَ بَعْضُ النَّاسِ نَظَرَ الْعَوْرَةِ فِي ذَلِكَ لِمَا نَبَّهَ الشَّارِعُ عَلَيْهِ مِنْ اسْتِحْسَانِ السَّتْرِ. وَفِي قَوَاعِدِ عِزِّ الدِّينِ إنَّمَا يَجُوزُ لِلشُّهُودِ أَنْ يَنْظُرُوا مِنْ ذَلِكَ مَا يُحَصِّلُ وُجُوبَ الْحَدِّ وَهُوَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فَقَطْ، وَالنَّظَرُ إلَى الزَّائِدِ عَلَى ذَلِكَ حَرَامٌ. قُلْت هَذَا كُلُّهُ إنْ عَجَزَ الشُّهُودُ عَنْ مَنْعِ الْفَاعِلَيْنِ إتْمَامَ مَا قَصَدَاهُ أَوْ ابْتَدَآهُ مِنْ الْفِعْلِ، فَلَوْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ وَلَمْ يَفْعَلُوا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِعِصْيَانِهِمْ بِعَدَمِ تَغْيِيرِهِمْ هَذَا الْمُنْكَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُمَا بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُهُ التَّغْيِيرُ لِإِسْرَاعِهِمَا. اهـ. الْحَطّ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَهُوَ بِبَادِئِ الرَّأْيِ ظَاهِرٌ، وَلَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ بِخِلَافِهِ، وَنَصُّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّجُلِ يَرَى السَّارِقَ يَسْرِقُ مَتَاعَهُ فَيَأْتِي بِشَاهِدَيْنِ لِيَنْظُرَا إلَيْهِ وَيَشْهَدَا عَلَيْهِ بِسَرِقَتِهِ فَيَنْظُرَانِ إلَيْهِ وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُمَا، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ مَنَعَهُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعٌ، وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَقَالَ أَصْبَغُ أَرَى عَلَيْهِ الْقَطْعَ. مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ قَوْلُ أَصْبَغَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْمَتَاعَ مُسْتَسِرًّا بِهِ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا يَرَاهُ لَا رَبَّ الْمَتَاعِ وَلَا غَيْرَهُ كَمَنْ زَنَى وَالشُّهُودُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ وَلَوْ شَاءُوا أَنْ يَمْنَعُوهُ مَنَعُوهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْحَدَّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا حَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ رَآهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُخْتَلِسِ لَمَّا أَخَذَ الْمَتَاعَ وَصَاحِبُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخْتَلِسِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ لَمْ يَعْلَمْ بِنَظَرِ صَاحِبِ الْمَتَاعِ إلَيْهِ اهـ. (وَ) إذَا شَهِدَ الْعُدُولُ الْأَرْبَعَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 447 كَالسَّرِقَةِ مَا هِيَ؟ وَكَيْفَ أُخِذْت؟ وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ كَعِتْقٍ،   [منح الجليل] لِلْحَاكِمِ (سُؤَالُهُمْ) أَيْ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ كَيْفِيَّةِ مَا رَأَوْهُ وَمَكَانَهُ وَوَقْتَهُ وَكَيْفِيَّةِ اجْتِمَاعِهِمَا وَدُخُولِهِمَا، وَمَا الْبَاعِثُ لَهُمَا، وَكَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِمَا وُصُولُكُمْ إلَيْهِمَا، فَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْجَوَابِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَيُحَدُّونَ حَدَّ الْقَذْفِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي شُهُودِ الزِّنَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ كَيْفَ رَأَوْهُ وَكَيْفَ صَنَعَ، فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَا يَدْرَأُ الْحَدَّ دَرَأَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سُؤَالُهُ إيَّاهُمْ فِي جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ. مُحَمَّدٌ إنْ غَابُوا قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَهُمْ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ مَاتُوا أَقَامَ الْحَدَّ بِشَهَادَتِهِمْ. اللَّخْمِيُّ أَرَادَ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمُوجَبِ الْحَدِّ، إذْ قَدْ يَرَوْنَهُ عَلَيْهَا فَيَشْهَدُونَ بِالزِّنَا، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَنَحْوُهُ لِلتُّونُسِيِّ. أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ يَنْبَغِي هَلْ مَعْنَاهُ يَجِبُ أَوْ هُوَ عَلَى بَابِهِ؟ الْأَقْرَبُ الْوُجُوبُ. الْحَطّ وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَشَبَّهَ فِي نَدْبِ السُّؤَالِ فَقَالَ (كَالسَّرِقَةِ) فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَ شَاهِدَيْهَا (مَا هِيَ) أَيْ الذَّاتُ الْمَسْرُوقَةُ مِنْ الْأَنْوَاعِ (وَكَيْفَ أُخِذَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ ذَهَبَ بِهَا، وَفِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَعَنْ كَيْفِيَّةِ تَوَصُّلِهِمْ لِمَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ. وَأَمَّا مَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ فَالسُّؤَالُ عَنْهُ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا كَأَخْذِ الْمَالِ مِنْ حِرْزِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ، وَفِي السَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ أَخَذَهَا وَمِنْ أَيْنَ إلَى أَيْنَ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانُوا مِمَّنْ يَجْهَلُ. قُلْت قَوْلُ سَحْنُونٍ إنَّمَا نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ وَغَيْرُهُ عَنْهُ فِي السَّرِقَةِ. الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْشِفُوا، وَإِنْ كَانُوا لَا يَجْهَلُونَ، إذْ قَدْ يَكُونُ رَأْيُ الْحَاكِمِ فِيهِ نَفْيَ الْقَطْعِ أَوْ ثُبُوتَهُ وَرَأْيُهُ خِلَافَ رَأْيِهِمْ. قُلْت سِيَاقُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُهُ حَيْثُ الشُّهُودُ وَالْحَاكِمُ أَهْلُ مَذْهَبٍ وَاحِدٍ. (وَلِمَا) أَيْ مَشْهُودٍ بِهِ (لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ) أَيْ الْمَالُ (كَعِتْقٍ) وَهُوَ كُلُّ عَقْدٍ لَازِمٍ لَا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ، وَفِيهِ إخْرَاجٌ فَمِثْلُهُ الْوَقْفُ وَالطَّلَاقُ غَيْرُ الْخُلْعِ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 448 وَرَجْعَةٍ، وَكِتَابَةٍ عَدْلَانِ   [منح الجليل] وَالْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ الْمَالِ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَاءُ وَالتَّدْبِيرُ قَالَهُ تت. طفى لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْوَقْفَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَدْلَيْنِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ تَعَذَّرَتْ يَمِينُ بَعْضٍ كَشَاهِدٍ بِوَقْفٍ إلَخْ يُنَافِيه. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ عَامِلَةٌ فِي الْأَحْبَاسِ؛ لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ، وَقَدْ عَدَّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ الْخُلْعِ أَخْرَجَ الْخُلْعَ لِعَدَمِ انْتِظَامِهِ فِي هَذَا السِّلْكِ وَسَيَذْكُرُهُ فِي الْعُقُودِ الَّتِي تَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ. الْبُنَانِيُّ أُجِيبَ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ تت وَمَنْ تَبِعَهُ يُحْمَلُ عَلَى الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ وَلَا يُحَاطُ بِهِمْ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِصَدَقَةٍ لِبَنِي تَمِيمٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِشَهَادَتِهِ شَيْئًا، وَوَجْهُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَحِقُّ هَذَا الْحَقِّ فَيَحْلِفُ مَعَهُ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ فِي الْحُقُوقِ مَنْ يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ الْمِلْكَ أَوْ الْقَبْضَ، وَيُطْلَبُ بِهِ إنْ نَكَلَ. قُلْت الْجَوَابُ بِكَلَامِ الْبَاجِيَّ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَلَّ عَلَى تَعَذُّرِ الثُّبُوتِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيَبْقَى الثُّبُوتُ بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ الصَّوَابُ جَوَازُ شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِوَصِيَّةٍ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَالٍ لَا تُسْتَحَقُّ بِيَمِينٍ مَعَ الشَّاهِدِ. (وَرَجْعَةٍ) تت وَهُوَ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ فِيهِ إدْخَالًا، فَمِثْلُهُ الِاسْتِلْحَاقُ وَالْإِسْلَامُ وَالرِّدَّةُ، وَيُنَاسِبُهُ الْإِحْلَالُ وَالْإِحْصَانُ (وَكِتَابَةٍ) تت وَهُوَ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ، فَمِثْلُهَا النِّكَاحُ وَالْوَكَالَةُ فِي غَيْرِ الْمَالِ وَالْخُلْعِ وَيُلْحَقُ بِهِ الْعِدَّةُ (عَدْلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ وَمُتَعَلِّقُ الشَّهَادَةِ بِالذَّاتِ مَحْكُومًا بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا وَلَا زِنًا وَلَا قَرِينَةً وَلَا مُخْتَصًّا بِاطِّلَاعِ النِّسَاءِ، فَشَرْطُ شَهَادَتِهِ اثْنَانِ رَجُلَانِ. ابْنُ شَاسٍ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مَا عَدَا الزِّنَا مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْوَلَاءِ وَالْعِدَّةِ وَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ وَثُبُوتِهِ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا، وَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالْكِتَابَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 449 وَإِلَّا فَعَدْلٌ، وَامْرَأَتَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ: كَأَجَلٍ، وَخِيَارٍ، وَشُفْعَةٍ، وَإِجَارَةٍ، وَجَرْحٍ خَطَإٍ، أَوْ مَالٍ، وَأَدَاءِ كِتَابَةٍ، وَإِيصَاءٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ، أَوْ بِأَنَّهُ حُكِمَ بِهِ: كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ   [منح الجليل] وَالتَّدْبِيرِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، وَكَذَا الْوَكَالَةُ وَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ. شَرْطُ كُلُّ ذَلِكَ الْعَدَدُ وَالذُّكُورِيَّةُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَدَّ الْمَازِرِيُّ فِي هَذَا النَّوْعِ الْإِحْلَالَ وَالْإِحْصَانَ وَالْإِيلَاءَ وَالظِّهَارَ، وَتَقَدَّمَ عَدُّ ابْنُ شَاسٍ الْعِدَّةَ فِيهِ. الْمَازِرِيُّ يَشْهَدَانِ بِانْقِضَائِهَا أَوْ ثُبُوتِهَا، قَالَ وَحَدُّ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَعَدَّ فِيهَا الرَّجْعَةَ كَالْمَعُونَةِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهَا خِلَافًا. وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ فِي شَهَادَتِهِنَّ فِي الِارْتِجَاعِ قَوْلَانِ، فَسَمِعَ أَشْهَبُ لَا تَجُوزُ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي غَيْرِ الْمُسْتَخْرَجَةِ هِيَ جَائِزَةٌ فِيهِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ بِهِ لَيْسَ مَالًا وَلَا آيِلًا إلَيْهِ، بِأَنْ كَانَ مَالًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ (فَ) يَكْفِي فِيهِ (عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ) بِلَا يَمِينٍ (أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعَدْلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ (بِيَمِينٍ) يَحْلِفُهَا الْمَشْهُودُ لَهُ عَلَى أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الْعَدْلُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ حَقٌّ صَحِيحٌ، وَمَثَّلَ لِمَا لَيْسَ مَالًا وَلَا آيِلًا إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (كَأَجَلٍ) لِثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ قَرْضٍ (وَخِيَارٍ) فِي بَيْعٍ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَشُفْعَةٍ) أَيْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ أَخْذٍ أَوْ تَرْكٍ وَإِسْقَاطٍ أَوْ غَيْبَةِ الشَّفِيعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَإِجَارَةٍ) وَبَيْعٍ وَكِرَاءٍ (وَجَرْحٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مُضَافٌ لِ (خَطَأٍ أَوْ) جَرْحِ (مَالٍ) وَهُوَ الْعَمْدُ الَّذِي لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِخَشْيَةِ التَّلَفِ كَجَائِفَةٍ وَآمَّةٍ (وَأَدَاءِ) نُجُومِ (كِتَابَةٍ وَإِيصَاءٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ) أَيْ الْمَالِ (أَوْ بِأَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمُ (حَكَمَ لَهُ) أَيْ الطَّالِبِ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ فَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينِ الشَّارِحِ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ) الرَّقِيقَةِ لِغَيْرِهِ فَيَكْفِي فِيهِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَيَمِينٌ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسْخُ النِّكَاحِ. الْبِسَاطِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ لِشَخْصٍ بِمَالٍ ثُمَّ أَرَادَ تَنْفِيذَهُ عِنْدَ إنْكَارِ الْخَصْمِ كَفَى فِيهِ الشَّاهِدُ وَامْرَأَتَانِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ مَسْأَلَةُ إنْهَاءِ الْحَاكِمِ لِغَيْرِهِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 450 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَجَعَلَهَا الشَّارِحُ مِثَالًا، وَلَا أَدْرِي مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ اُنْظُرْ الْكَبِيرَ، وَنَصُّهُ وَلَعَلَّ اخْتِلَافَهُمَا نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْقَضَاءِ بِمَالٍ فَالْمَشْهُورُ لَا تَمْضِي فَصَلَهَا؛ لِأَنَّهَا عَكْسُ مَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِيمَا قَبْلَهَا عَلَى مَالٍ وَتَئُولُ إلَى غَيْرِهِ، وَهَذِهِ بِالْعَكْسِ. وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ الشَّهَادَةُ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِأَدَاءِ آخِرِ نَجْمٍ، وَيُنْكِرَ السَّيِّدُ وَيَحْلِفَ الْمُكَاتَبُ مَعَ شَاهِدِهِ فَيَثْبُتَ الْأَدَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، وَلَيْسَ بِمَالٍ. وَمَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ لَهُ عَلَيْهِ بِمَالٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِهِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ الْمَشْهُورُ لَا، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي، قَالَ وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَقٌّ لَيْسَ بِمَالٍ وَيَئُولُ إلَى مَالٍ. وَأَمَّا دَعْوَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِمَالٍ، فَدَعْوًى بِمَالٍ حَقِيقَةً لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهَا وَرُدَّ بِأَنَّ الْخِلَافَ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِي حُكْمِ الْقَاضِي حَكَاهُ فَضْلٌ، وَالْقَوْلُ بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ لِمُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَاهِدَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَجْهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ، وَلَعَلَّ ابْنَ الْحَاجِبِ شَهَّرَهُ إمَّا لِأَخْذِ ابْنِ حَبِيبٍ بِهِ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِمَّا لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ فِيهِ بَاشَرَتْ مَالًا وَإِمَّا لِلْمَجْمُوعِ اهـ. " غ " قَوْلٌ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ، أَيْ وَكَذَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْقَاضِي بِالْمَالِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 451 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ، فَلَيْسَ كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ تَمْثِيلًا، وَلَكِنَّهُ تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ. طفى أَرَادَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ أَنَّ الشَّيْءَ يَكُونُ غَيْرَ مَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ، لَكِنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمَالِ فَيَكْفِي فِيهِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَيَمِينٌ، وَنَصُّهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَوْ بِأَنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ إلَى أَنَّ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ إذَا انْتَقَلَ بِالشَّهَادَةِ لِذَلِكَ، أَيْ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ مَعَ يَمِينٍ أَوْ امْرَأَتَانِ مَعَ يَمِينٍ، فَتَصِيرَ مِلْكًا لَهُ، فَيَجِبَ بِذَلِكَ فِرَاقُهَا، وَكَذَلِكَ عَلَى دَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ يُرَدُّ بِهِ الْعِتْقُ أَوْ يُقِيمَ الْقَاذِفُ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمَقْذُوفَ عَبْدٌ فَيَسْقُطَ الْحَدُّ، وَإِنَّمَا زَادَ الشَّيْخُ الْقِصَاصَ فِي الْجَرْحِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ وَلَا مِمَّا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ لِيَسْتَوْعِبَ جَمِيعَ الصُّوَرِ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ كَلَامِهِ مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ بِأَنَّهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ، وَأَنَّ شِرَاءَ الزَّوْجَةِ وَمَا بَعْدَهُ مِثَالَانِ لِذَلِكَ، وَكَذَا الْمِثَالُ الَّذِي زَادَهُ، فَالْفَسْخُ فِي الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْعِتْقِ فِي الثَّانِي وَسُقُوطُ الْحَدِّ فِي الثَّالِثِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا تُؤَوَّلُ إلَيْهِ، لَكِنْ حُكِمَ لَهَا بِحُكْمِ الْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى شِرَاءِ الزَّوْجَةِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فَتَثْبُتُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْفَسْخُ وَالْعِتْقُ فَصَلَهَا بِأَمَّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مَحْضٍ، بَلْ مُرَكَّبٌ مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ فَيَثْبُتُ الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَالٌ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِنَّمَا حَكَمْنَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِهِ لَأَدَّى إلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ كِلَاهُمَا بَاطِلٌ، إمَّا رَدُّ شَهَادَةٍ بِشَاهِدٍ وَإِمَّا إبْقَاءُ الزَّوْجَةِ فِي عِصْمَةِ مَالِكِهَا، وَكَذَا الْمِثَالُ الثَّانِي يَثْبُتُ فِيهِ أَدَاءُ النُّجُومِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك صِحَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَنَّ قَوْلَ الْبِسَاطِيِّ لَا أَدْرِي إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ وَأَمَّا تَقْرِيرُ الْبِسَاطِيِّ وَنَحْوُهُ لَغْ فَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْقَضَاءِ بِمَالٍ فَالْمَشْهُورُ لَا تَمْضِي وَلَهُ اسْتِحْلَافُ الْمَطْلُوبِ، وَأَقَرَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَعَزَا مَا شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى تَعَقُّبِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ فِي مُخْتَصَرِهِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 452 وَتَقَدُّمِ دَيْنٍ عِتْقًا، وَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ   [منح الجليل] مَا قَرَّرَ بِهِ الْبِسَاطِيُّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ غَيْرُ الْإِنْهَاءِ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ، وَأَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا. الْبُنَانِيُّ لَكِنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي ذَلِكَ هُوَ الْبَيْعُ، وَهُوَ مَالٌ وَيُؤَدِّي إلَى مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ الْفَسْخُ مَثَلًا، فَلَا يَصِحُّ اسْتِدْلَالُ طفى بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ، لَكِنَّ تَقْرِيرَ التَّوْضِيحِ لَا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ تَقْرِيرَ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَتَمُّ فَائِدَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كَ (تَقَدُّمِ دَيْنٍ) مُحِيطٍ بِمَالِ الْمُعْتِقِ (عِتْقًا) فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَيُرَدُّ الْعِتْقُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا وَظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِهِ وَادَّعَى غُرَمَاؤُهُ أَنَّ تَدَايُنَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَأَقَامُوا عَلَيْهِ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا، وَحَلَفُوا مَعَهُ يَمِينًا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَيُؤْخَذُ الرَّقِيقُ فِي الدَّيْنِ (وَ) كَ (قِصَاصٍ) مِنْ جَانٍ (فِي جَرْحِ) عَمْدٍ فَيَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي، وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتُ. فِيهَا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جَرْحٍ عَمْدًا فَلْيَحْلِفْ وَيَقْتَصِفْ، فَإِنْ نَكَلَ قِيلَ لِلْجَارِحِ احْلِفْ وَابْرَأْ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ، ثُمَّ قَالَ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَلِكَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَلَيْسَتْ بِمَالٍ، فَقَالَ كَلَّمْت مَالِكًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ لِشَيْءٍ اسْتَحْسَنْته وَمَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، وَفِيهَا أَيْضًا كُلُّ جَرْحٍ فِيهِ قِصَاصٌ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ فِيهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَكُلُّ جَرْحٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ مِمَّا هُوَ مُتْلِفٌ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ فَالشَّاهِدُ فِيهِ وَالْيَمِينُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مَالٌ. " غ " قَوْلُهُ أَوْ قِصَاصٍ فِي جَرْحٍ مَعْطُوفٌ عَلَى شِرَاءِ زَوْجَةٍ وَكَأَنَّهُ فِي مَعْرِضِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ عَدْلَانِ. الْبُنَانِيُّ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قَبُولَ الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْمَالِ وَمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ مَنْ صَحَّ نَظَرُهُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ أَنْ يَقْضِيَ إلَّا بِالشَّاهِدِ الْمُبَرِّزِ فِي الْعَدَالَةِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَأَجَابَ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ مَنَعَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَأَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ، لَكِنْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الشَّاهِدِ الْعَدْلِ الْبَيِّنِ الْعَدَالَةِ، وَحُمِلَ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمَذْهَبِ، وَقَدْ كَانَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 453 وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ، كَوِلَادَةٍ وَعَيْبِ فَرْجٍ، وَاسْتِهْلَالٍ وَحَيْضٍ، وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ، أَوْ سَبْقِيَّتِهِ، أَوْ مَوْتٍ وَلَا زَوْجَةَ، وَلَا مُدَبَّرَ وَنَحْوَهُ؛   [منح الجليل] مِنَّا لَا يَحْكُمُ بِهِ إلَّا مَعَ شَاهِدٍ مُبَرِّزٍ وَلَا يَأْخُذُ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ ظَهَرَتْ رِيبَةٌ فِي الْقَضِيَّةِ وَكَانَ الْأَخْذُ بِذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى فَسْخِ عَقْدٍ ثَابِتِ الصِّحَّةِ فَلَا وَجْهَ لِلْأَخْذِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ. اهـ. لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ ظَاهِرُ كَلَامِ جُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ لَا تَفْسِيرٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ قَيَّدَ كَلَامَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا بِمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْإِتْيَانُ بِالْمُبَرِّزِ، اُنْظُرْ كَلَامَهُ. (وَلِمَا) بِكَسْرِ اللَّامِ وَخِفَّةِ الْمِيمِ، أَيْ مَشْهُودٍ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ (لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ) لِكَوْنِهِ عَوْرَةً لَهُنَّ (امْرَأَتَانِ) عَدْلَتَانِ، وَمَثَّلَ لِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ فَقَالَ (كَوِلَادَةٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَوْلُودِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاشْتَرَطَ سَحْنُونٌ حُضُورَهُ لِيُشَاهِدَهُ الرِّجَالُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ (وَ) كَ (عَيْبِ فَرْجٍ) مِنْ أَمَةٍ اخْتَلَفَ فِيهِ بَائِعُهَا وَمُشْتَرِيهَا. وَأَمَّا عَيْبُ فَرْجِ الْحُرَّةِ فَتُصَدَّقُ فِيهِ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ إلَّا بِرِضَاهَا. وَقَالَ سَحْنُونٌ تُجْبَرُ عَلَى تَمْكِينِهِنَّ مِنْ نَظَرِهِ كَالْأَمَةِ، وَتَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ وَإِنْ أَتَى بِامْرَأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ لَهُ قُبِلَتَا (وَ) كَ (اسْتِهْلَالٍ) أَيْ صُرَاخِ الْمَوْلُودِ حِينَ وِلَادَتِهِ وَعَدَمِهِ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْبَدَنُ مَوْجُودًا أَمْ لَا، وَذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ مَعَ يَمِينِ الْقَائِمِ بِشَهَادَتِهِنَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَ) كَ (حَيْضٍ) مِنْ أَمَةٍ، وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَتُصَدَّقُ فِيهِ. (وَنِكَاحٍ) ادَّعَاهُ حَيٌّ (بَعْدَ مَوْتٍ) فَيَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي فَيَثْبُتُ الصَّدَاقُ وَالْإِرْثُ لَا النِّكَاحُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (أَوْ سَبْقِيَّتِهِ) أَيْ مَوْتِ أَحَدِ الْقَرِيبَيْنِ أَوْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى مَوْتِ الْآخَرِ فَثَبَتَ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَأَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (أَوْ مَوْتٍ) لِرَجُلٍ (وَلَا زَوْجَةَ) لَهُ (وَلَا مُدَبَّرَ) لَهُ فَيَثْبُتُ بِمَا ذَكَرَ (وَ) لَا (نَحْوَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ وَمُوصًى بِعِتْقِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ نَحْوُ مُدَبَّرٍ فَلَا يَثْبُتُ مَوْتُهُ إلَّا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 454 وَثَبَتَ الْإِرْثُ وَالنَّسَبُ لَهُ، وَعَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ وَالْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ   [منح الجليل] بِعَدْلَيْنِ. " غ " قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ سَبْقِيَّتِهِ أَوْ مَوْتٍ وَلَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ وَنَحْوَهُ حَقُّ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى قَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ مُنْتَظِمًا فِي سِلْكِ مَا يُقْبَلُ فِيهِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ، فَلَعَلَّهُ كَانَ مُلْحَقًا فِي الْمُبَيَّضَةِ فَوَضَعَهُ النَّاسِخُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. (وَ) إنْ شَهِدَ امْرَأَتَانِ بِاسْتِهْلَالِ الْمَوْلُودِ (ثَبَتَ الْإِرْثُ وَالنَّسَبُ لَهُ) أَيْ الْمَوْلُودِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَوْلُودِ (بِلَا يَمِينٍ) مَعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ. " غ " يَجِبُ أَنْ يُوصَلَ بِقَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ كَوِلَادَةٍ وَعَيْبِ فَرْجٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَحَيْضٍ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ النَّسَبَ وَالْمِيرَاثَ يَثْبُتَانِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ لِلْمَوْلُودِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ شَهِدَتَا أَنَّهُ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ بَعْدَ أُمِّهِ وَرِثَهَا وَوَرِثَهُ وَارِثُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِشَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَثْبُتُ الْمِيرَاثُ وَالنَّسَبُ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ هَارُونَ بِقَوْلِهِ مِثْلُ أَنْ تَشْهَدَ امْرَأَتَانِ بِوِلَادَةِ أَمَةٍ أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا وَأَنْكَرَ وِلَادَتَهَا، فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ لَاحِقٌ بِهِ، وَكَذَا مُوَارَثَتُهُ إيَّاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا كَقَوْلِ آخِرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَأَنْكَرَ لَمْ أُحَلِّفْهُ لَهَا إلَّا أَنْ تُقِيمَ رَجُلَيْنِ عَلَى إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى وِلَادَتِهَا فَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ وَيَثْبُتَ النَّسَبُ لِلْوَلَدِ إنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ سَيِّدُهَا اسْتِبْرَاءَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا فَذَلِكَ لَهُ، وَهَذَا نَصٌّ فِي جَوَازِ شَهَادَتِهِنَّ فِيمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ إذَا كَانَ لَازِمًا لِمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّإِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ. وَمِنْ تَمَامِ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَقَامَتْ شَاهِدِينَ عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِوَطْئِهَا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى وِلَادَتِهَا أَحْلَفَتْهُ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ بِلَا يَمِينٍ كَابْنِ الْحَاجِبِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ كَذَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَطْلَقَ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا وَإِنْ كَانَ الْقَائِمُ بِشَهَادَتِهِنَّ يَتَيَقَّنُ صِدْقَهُنَّ كَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ، فَحَكَى اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ فِي إلْزَامِهِ الْيَمِينَ قَوْلَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَطَّرِدُ هَذَا الْخِلَافُ فِي هَذَا الْفَصْلِ. (وَ) إنْ شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَلَفَ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ يَثْبُتُ (الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ) لِيَدِ الشُّهُودِ عَلَيْهِ (فِي) شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ عَلَى مُكَلَّفٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 455 فِي سَرِقَةٍ: كَقَتْلِ عَبْدٍ آخَرَ وَحِيلَتْ أَمَةٌ مُطْلَقًا   [منح الجليل] بِ (سَرِقَةٍ) " غ " أَرَادَ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِيَمِينٍ وَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَقَدْ نَكَّتَ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَصِلْهُ بِالْأَمْوَالِ، إذْ قَالَ هُنَا وَلَوْ شَهِدَ عَلَى السَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُوهِمُ كَوْنَ ذَلِكَ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فَقَطْ، فَمَا الظَّنُّ بِهَذَا، وَلَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى تَمْيِيزِ ذِهْنِ السَّامِعِ اللَّبِيبِ. وَشَبَّهَ فِي ثُبُوتِ الْمَالِ دُونَ الْقَتْلِ فَقَالَ (كَقَتْلِ عَبْدٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ عَبْدًا (آخَرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ الْمَالُ، أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوْ نَفْسُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ وَسَلَّمَهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَثْبُتُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْقَتْلُ قِصَاصًا. (وَحِيلَتْ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، أَيْ مُنِعَتْ وَأُبْعِدَتْ (أَمَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مِنْ حَائِزِهَا ادَّعَتْ حُرِّيَّتَهَا أَوْ ادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا رَائِعَةً وَيَطْلُبُ حَيْلُولَتَهَا وَيَكُونُ حَائِزُهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَجُعِلَتْ عِنْدَ أَمِينَةٍ حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى. " غ " أَيْ رَائِعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ رَائِعَةٍ بِيَدِ مَأْمُونٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرِ مَأْمُونٍ طَلَبَ الْقَائِمُ الْحَيْلُولَةَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَا قَالَ بَعْدَهَا كَغَيْرِهَا إنْ طَلَبَتْ، أَيْ كَغَيْرِ الْأَمَةِ إنْ طَلَبَتْ الْحَيْلُولَةَ. شب إنْ كَانَ الْحَائِزُ مَأْمُونًا فَلَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ، وَيُؤْمَرُ بِتَرْكِ التَّمَتُّعِ بِهَا حَتَّى يَتَّضِحَ حَالُهَا كَمَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّامِلِ تَبَعًا لَهَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، وَبِهِ قَرَّرَ اللَّقَانِيُّ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ أَفَادَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَيْنِ، وَصَدَّرَ بِالْأَوَّلِ فَأَفَادَ تَرْجِيحَهُ وَنَصُّهُ وَتُحَالُ الْأَمَةُ وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُونًا عَلَيْهَا. وَقِيلَ تُحَالُ الرَّائِعَةُ مُطْلَقًا. اهـ. وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ إنْ ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ أَوْ الْعَبْدُ الْحُرِّيَّةَ فَإِنْ سَبَّبَا لِذَلِكَ سَبَبًا كَالشَّاهِدِ الْعَدْلِ أَوْ الشُّهُودِ غَيْرِ الْعُدُولِ وَقَفَ السَّيِّدُ عَنْ الْجَارِيَةِ وَأُمِرَ بِكَفِّهِ عَنْ وَطْئِهَا إنْ كَانَ مَأْمُونًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا وُضِعَتْ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ، اُنْظُرْ تَمَامَ كَلَامِهِ فِي الْمَوَّاقِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ " غ " إذْ قَالَ كَانَتْ بِيَدِ مَأْمُونٍ أَوْ غَيْرِ مَأْمُونٍ وَنَحْوُهُ لِأَحْمَدَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 456 كَغَيْرِهَا، إنْ طَلَبَتْ بِعَدْلٍ، أَوْ اثْنَيْنِ يُزَكَّيَانِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْحَيْلُولَةِ فَقَالَ (كَغَيْرِهَا) أَيْ الْأَمَةِ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ كَبَقَرَةٍ وَفَرَسٍ وَثَوْبٍ وَكِتَابٍ فَتَجِبُ الْحَيْلُولَةُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَائِزِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (إنْ طُلِبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْحَيْلُولَةُ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَدْ أَتَى (بِعَدْلٍ) شَاهِدٍ لَهُ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا (أَوْ) أَتَى بِ (اثْنَيْنِ) شَهِدَا لَهُ بِهِ (يُزَكَّيَانِ) بِفَتْحِ الْكَافِ، أَيْ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِهِمَا عَلَى تَزْكِيَتِهِمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلَدِيًّا أَوْ غَرِيبًا. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الْفِقْهُ يَقْتَضِي أَخْذَ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْغَرِيبِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ عَلَى نَظَرٍ فِي قَبُولٍ لِاحْتِمَالِ هُرُوبِهِ وَتَغْيِيبِ الْمُعَيَّنِ. وَأَمَّا الْعَقَارُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَّا بِنِصَابٍ كَامِلٍ. طفى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْبِسَاطِيُّ فِي الْعَقَارِ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِكَمَالِ النِّصَابِ أَنَّهُمَا زَكَّيَا وَحَازَ الْمَشْهُودُ بِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْعَقَارَ لَا يُوقَفُ بِحَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَحِقِّ، وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لَهُ وَيَجِبُ بِهِ التَّوْقِيفُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ، وَلَا تَجِبُ لَهُ الْغَلَّةُ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْغَلَّةِ لِلَّذِي هِيَ بِيَدِهِ حَقٌّ يَقْضِي بِهَا لِلطَّالِبِ، فَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوَقُّفًا بِحَالٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفُ غَلَّتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرُّبْعَ الَّذِي لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ لَا يُوقَفُ مِثْلُ مَا يَحُولُ وَيَزُولُ، وَإِنَّمَا يُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهِ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى نَقْلِهِ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ التَّوْقِيفُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَةِ شَاهِدَيْ عَدْلٍ. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ تت صِفَةُ الْإِيقَافِ غَلْقُ الدَّارِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُوَطَّإِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَمَعْنَى قَوْلِهَا فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لِلَّذِي هُوَ عِنْدَهُ، وَفِي يَدِهِ لَا تُحْدِثُ فِيهِ حَدَثًا مِنْ تَفْوِيتٍ وَلَا تَغْيِيرٍ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِك قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 457 وَبِيعَ مَا يَفْسُدُ، وَوُقِفَ ثَمَنُهُ مَعَهُمَا، بِخِلَافِ الْعَدْلِ فَيَحْلِفُ، وَيُبَقَّى بِيَدِهِ.   [منح الجليل] (وَبِيعَ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ قَبْلَ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (مَا) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي (يَفْسُدُ) بِتَأْخِيرِهِ إلَى تَمَامِ الشَّهَادَةِ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ وَمَطْبُوخٍ (وَوُقِفَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْقَافِ (ثَمَنُهُ) بِيَدِ عَدْلٍ (مَعَ) الشَّهَادَةِ مِنْ (هُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ لِلتَّزْكِيَةِ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (الْعَدْلِ فَ) لَا يُبَاعُ الْمُدَّعَى بِهِ بِسَبَبِهَا وَ (يَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْهُ (وَيُبَقَّى) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْمُدَّعَى بِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ كَاللَّحْمِ وَرُطَبِ الْفَوَاكِهِ، وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ وَاحْتِيجَ إلَى تَزْكِيَتِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ عَدْلًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ وَيَتْرُكُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ مُتَبَرِّئًا مِنْهُ بِقَوْلِهِ قَالُوا وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. وَقَالَ تَبْرَأَ مِنْهُ لِإِشْكَالِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الشَّاهِدِ الثَّانِي، كَذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ. فَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ وَيُوقَفَ ثَمَنُهُ فِيهِمَا أَوْ يُخَلَّى بِيَدِهِ فِيهِمَا. وَأَجَابَ صَاحِبُ النُّكَتِ بِأَنَّ مُقِيمَ الْعَدْلِ قَادِرٌ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَلَمَّا تَرَكَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا صَارَ كَأَنَّهُ مَكَّنَهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا أَوْ وَقَفَ ذَلِكَ الْقَاضِي لِيَنْظُرَ فِي تَعْدِيلِهِمْ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إثْبَاتِ حَقِّهِ بِغَيْرِ عَدَالَتِهِمْ. وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ إلَى فَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ يُعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ وَالشَّهِيدَانِ الْمَجْهُولَانِ إذَا عُدِّلَا فَإِنَّمَا أَفَادَ تَعْدِيلُهُمَا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْ وَصْفٍ كَانَا عَلَيْهِ حِينَ شَهَادَتِهِمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الْإِشْكَالِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ إنَّمَا تَبَرَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ مَكَّنُوا مِنْ الطَّعَامِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ بَعْدَ شَاهِدٍ وَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ، بَلْ قَالُوا يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ وَالشَّاهِدَانِ أَضْعَفُ. قَالَ فَإِنْ قُلْت وَلِأَجْلِ أَنَّ الشَّاهِدَ أَضْعَفُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ أُبْقِيَ الطَّعَامُ بِيَدِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ إذَا أُضْعِفَتْ الدَّعْوَى لِضَعْفِ الْحُجَّةِ ضَعُفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَثَرُهَا، فَإِبْقَاءُ الطَّعَامِ بِيَدِهِ لَيْسَ هُوَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 458 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَضْعَفِ عَلَى الْأَقْوَى، بَلْ هُوَ عَيْنُ تَرْجِيحِ الْأَقْوَى. فَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَلَزِمَ مِثْلُهُ فِيمَا لَا يُخْشَى فَسَادُهُ أَنْ يَحْلِفَ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَيُتْرَكَ لَهُ يَفْعَلُ فِيهِ مَا أَحَبَّ. قَالَ وَيُجَابُ عَنْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ بِأَنَّ مَا يُخْشَى فَسَادُهُ قَدْ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ بِعَيْنِهِ لِلْمُدَّعِي لِخَشْيَةِ فَسَادِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ دَعْوَاهُ. فَلَمْ يَبْقَ إلَّا النِّزَاعُ فِي ثَمَنِهِ، فَهُوَ كَدَيْنٍ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ فَمُكِّنَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ لِيَسْقُطَ حَقُّ الْمُنَازِعِ فِي تَعْجِيلِهِ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا قَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُدَّعِي فِيهِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ. كَلَامُ التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَهُ هُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَشَارَ إلَى التَّبَرِّي مِنْهُ وَهُوَ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ فِيمَا يُخْشَى فَسَادُهُ يُوجِبُ عَدَمَ تَمَامِهِ حِينَ خَوْفِ الْمُدَّعِي فِيهِ تَسْلِيمَهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ دُونَ بَيْعِهِ، وَإِنَّ عَدَمَ عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ حِينَئِذٍ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ، بَلْ يُوجِبُ بَيْعَهُ وَوَقْفَ ثَمَنِهِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ عِيَاضٍ وَأَبِي حَفْصٍ الْعَطَّارِ مُرَاعِيًا أُصُولَ الْمَذْهَبِ عَلِمَ أَنَّ مَا فَهِمَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَفَسَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرُ صَحِيحٍ فِيهَا إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِيمَا يَفْسُدُ مِنْ اللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَوَاكِهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَأَثْبَتَ لَطْخًا وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَجَّلَهُ الْقَاضِي لِإِحْضَارِ شَاهِدٍ إنْ قَالَ لِي شَاهِدٌ وَلَا أَحْلِفُ، أَوْ بَيِّنَةٌ مَا لَمْ يَخَفْ الْفَسَادَ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي ادَّعَى وَاسْتُؤْنِيَ، فَإِنْ أَحْضَرَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَتَاعِهِ إنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ، وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَكَانَ الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي تَعْدِيلِهِمَا وَخَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادَ أُمِرَ بِبَيْعِهِ وَوَضْعِ ثَمَنِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ قَضَى لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَدُفِعَ لِلْبَائِعِ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا زَادَ ثَمَنُ الْمُشْتَرِي الَّذِي جَحَدْت الْبَيْعَ بِهِ عَلَى ثَمَنِ سِلْعَتِك وَإِنْ لَمْ تَزُلْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الشِّرَاءِ دَفَعَ الْقَاضِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ ضَاعَ الثَّمَنُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فَضَمَانُهُ مِمَّنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ. عِيَاضٌ قَوْلُهُ فِي تَوْقِيفِ مَا يُسْرِعُ لَهُ الْفَسَادُ إذَا قَالَ الْمُدَّعِي عِنْدِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَلَا أَحْلِفُ مَعَهُ أَنَّهُ يُؤَجِّلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْفَسَادَ، وَإِلَّا خَلَّى بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَتَاعِهِ. مَعْنَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 459 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَوْلِهِ وَلَا أَحْلِفُ مَعَهُ أَيْ أَلْبَتَّةَ وَلَوْ أَرَادَ لَا أَحْلِفُ مَعَهُ الْآنَ لِأَنِّي أَرْجُو شَاهِدًا، فَإِنْ وَجَدْته وَإِلَّا حَلَفْت مَعَ شَاهِدِي بِيعَ حِينَئِذٍ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ إنْ خُشِيَ فَسَادُهُ وَلَيْسَ هَذَا بِأَضْعَفَ مِنْ شَاهِدَيْنِ يُطْلَبُ تَعْدِيلُهُمَا، فَقَدْ جَعَلَهُ بِبَيْعِهِ هُنَا وَنَحْنُ عَلَى شَكٍّ مِنْ تَعْدِيلِهِمَا، وَهُوَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَطَلَ الْحَقُّ وَشَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي الْأَوَّلِ ثَابِتٌ بِكُلِّ حَالٍ وَالْحَلِفُ مَعَهُ مُمْكِنٌ إنْ لَمْ يَجِدْ آخَرَ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ، فَحَاصِلُهَا إنْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي إلَّا لَطْخًا قَاصِرًا عَنْ شَاهِدِ عَدْلٍ وَعَنْ شَهِيدَيْنِ مُمْكِنٍ تَعْدِيلُهُمَا وَقَفَ الْمُدَّعِي فِيهِ مَا لَمْ يَخْشَ فَسَادَهُ، فَإِنْ خَشِيَ فَسَادَهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا وَقَالَ لَا أَحْلِفُ مَعَهُ بِوَجْهٍ وَإِنْ قَالَ أَحْلِفُ مَعَهُ أَوْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ يَنْظُرُ فِي تَعْدِيلَهُمَا بِيعَ وَوُقِفَ ثَمَنُهُ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُمِّ، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ ذَكَرَ أَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ، وَزَادَ إنْ كَانَ أَتَى الطَّالِبُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُزَكِّهِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّزْكِيَةِ فَهُوَ كَقِيَامِ شَهِيدَيْنِ يُنْظَرُ فِي تَزْكِيَتِهِمَا يُبَاعُ الْمُدَّعَى بِهِ لِخَوْفِ فَسَادِهِ. وَنَقَلَ أَبُو إبْرَاهِيمَ قَوْلَ عِيَاضٍ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي سُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ. قُلْت لَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا لَزِمَ فِيمَا لَا يُخْشَى فَسَادُهُ وَاضِحٌ رَدُّهُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ تَسْلِيمُهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بَيْعُهُ وَوَقْفُ ثَمَنِهِ عُلِّلَ فِي كُلِّ الرِّوَايَاتِ بِخَوْفِ فَسَادِهِ حِينَ عَدَمِ حُجَّةِ الْمُدَّعِي عَدَمًا لَا يُوجِبُ تَعْجِيزَهُ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَفْقُودَةٌ فِيمَا لَا يُخْشَى فَسَادُهُ. وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ، وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ يُرَدُّ جَوَابُهُ بِأَنَّ اللَّازِمَ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ كَدَيْنٍ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ، وَهَذَا إنَّمَا يُوجِبُ عَدَمَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ لَا الزِّيَادَةَ الثَّابِتَةَ فِي رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّهُ لَا يَعْرِضُ لَهُ مُطْلَقًا لَا فِي عَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ وَلَا فِي تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَلَوْ بَقِيَتْ دَعْوَاهُ فِي ثَمَنِهِ لَوُقِفَ ثَمَنُهُ، وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرَ مَلِيءٍ بِثَمَنِهِ، وَمُوجَبُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَدَمُ وُقُوفِهِ عَلَى كَلَامِ عِيَاضٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمِنْ اهْتَدَى. الْحَطّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْعَدْلِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ يُقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا قَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 460 وَإِنْ سَأَلَ ذُو الْعَدْلِ أَوْ بَيِّنَةٍ سُمِعَتْ؛ وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَضَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى بَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ: أُجِيبَ، لَا إنْ انْتَفَيَا، وَطَلَبَ إيقَافَهُ لِيَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ بِكَيَوْمَيْنِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً، أَوْ سَمَاعًا يَثْبُتُ بِهِ، فَيُوقَفُ وَيُوَكَّلُ بِهِ   [منح الجليل] الْمُدَّعِي أَنَا لَا أَحْلِفُ أَلْبَتَّةَ مَعَ شَاهِدَيْ الْعَدْلِ، وَإِنَّمَا أَطْلُبُ شَاهِدًا ثَانِيًا، فَإِنْ وَجَدْته وَإِلَّا حَلَفْت، فَإِنَّ الْمُدَّعَى فِيهِ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ كَمَا يُبَاعُ ثَمَنُهُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى مَا قَالَهُ عِيَاضٌ وَأَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي عَبْدٌ أَبَقَ فَادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَبَقَ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا أَوْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ عَلَى ذَلِكَ بِلَا قَطْعٍ وَ (سَأَلَ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي (ذُو) أَيْ صَاحِبُ الشَّاهِدِ (الْعَدْلِ) الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْآبِقَ الْمَوْقُوفَ عِنْدَ الْقَاضِي لَهُ (أَوْ) سَأَلَ مُقِيمُ (بَيِّنَةٍ سُمِعَتْ) أَنَّهُ لَهُ (وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ) بِأَنَّهُ لَهُ وَاوُهُ لِلْحَالِ وَإِنْ مُؤَكِّدَةٌ، وَمَفْعُولُ سَأَلَ قَوْلُهُ (وَضْعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ) عِنْدَ الْقَاضِي وَأَخَذَ الْعَبْدَ (لِيَذْهَبَ) السَّائِلُ (بِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (إلَى بَلَدٍ يُشْهِدُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (لَهُ) أَيْ السَّائِلِ فِيهِ (عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَهُ عِنْدَ قَاضِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَيَنْهَى بِثُبُوتِهِ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ لِيَدْفَعَ الْقِيمَةَ الْمَوْقُوفَةَ عِنْدَهُ لِلسَّائِلِ. وَجَوَابُ إنْ سَأَلَ (أُجِيبَ) السَّائِلُ (لِذَلِكَ) أَيْ وَضْعِ الْقِيمَةِ وَالذَّهَابِ بِالْعَبْدِ (لَا) يُجَابُ لِذَلِكَ (إنْ انْتَفَيَا) أَيْ الْعَدْلُ وَبَيِّنَةُ السَّمَاعِ (وَ) طَلَبَ الْمُدَّعِي عَبْدًا فِي يَدِ غَيْرِهِ (إيقَافَهُ) أَيْ الْعَبْدِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ أَوْ وَضْعِ قِيمَتِهِ (لِيَأْتِيَ) الطَّالِبُ (بِبَيِّنَةٍ) بَعِيدَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ قَرِيبَةً (بِكَالْيَوْمَيْنِ) لِاتِّهَامِهِ بِأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ إضْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَعْطِيلَ مَنْفَعَةِ الْعَبْدِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) الْمُدَّعِي (بَيِّنَةً حَاضِرَةً) بِالْبَلَدِ قَاطِعَةً بِأَنَّ الْعَبْدَ لَهُ (أَوْ) يَدَّعِيَ (سَمَاعًا) فَأَشْيَاءُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (يَثْبُتُ بِهِ) أَنَّ الْعَبْدَ لَهُ (فَيُوقَفُ) الْعَبْدُ (وَيُوَكَّلُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْكَافِ مُثَقَّلًا وَكِيلٌ (بِهِ) أَيْ عَلَى حِفْظِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 461 فِي كَيَوْمٍ، وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ. وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ بِلَا يَمِينٍ،   [منح الجليل] حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ (فِي كَيَوْمٍ وَالْغَلَّةُ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ (لَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِلْقَضَاءِ) بِهِ لِلْمُدَّعِي قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الْمُدَّعِي بِهِ بَعْدَ الدَّعْوَى وَقَبْلَ الْقَضَاءِ (عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ قَضَى بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَضَى بِهِ لِلْمُدَّعِي رَجَعَ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي فِيهَا وَنَفَقَةُ الْعَبْدِ فِي الْإِيقَافِ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَالْغَلَّةُ أَبَدًا لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُهُ مِنْهُ حَتَّى يُقْضَى بِهِ لِطَالِبِهِ. أَبُو الْحَسَنِ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، النَّفَقَةُ، وَالْغَلَّةُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ. وَقِيلَ لِمَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ وَالتَّفْصِيلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْعَبْدُ كَأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ فِيهَا. (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ (عَلَى خَطِّ) شَخْصٍ (مُقِرٍّ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ بِحَسَبِ دَلَالَةِ خَطِّهِ بِأَنْ كَتَبَ بِخَطِّهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي دِينَارٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ قَبَضْت مِنْ فُلَانٍ الدَّيْنَ مِنْ الَّذِي كَانَ لِي عَلَيْهِ أَوْ زَوْجَتُهُ فُلَانَةُ طَالِقٌ أَوْ عَبْدُهُ فُلَانٌ حُرٌّ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَاذِفِي فُلَانٍ أَوْ قَاطِعِ طَرَفِي أَوْ قَاتِلِ وَلِيِّي، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا الْآنَ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِلشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ وَيُعْمَلُ بِهَا اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا فِي الْجَلَّابِ (بِلَا يَمِينٍ) عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذِكْرِ الْحَقِّ أَوْ كَتَبَ ذِكْرَ الْحَقِّ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَفِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، وَسُئِلَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْ رَجُلٍ كَتَبَ عَلَى رَجُلٍ ذِكْرَ حَقٍّ وَأَشْهَدَ فِيهِ رَجُلَيْنِ فَكَتَبَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ شَهَادَةً عَلَى نَفْسِهِ بِيَدِهِ فِي ذِكْرِ الْحَقِّ وَهَلَكَ الشَّاهِدَانِ ثُمَّ جَحَدَ الْمَكْتُوبَ الشَّاهِدُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَتَى رَجُلَانِ فَقَالَا إنَّهُ كِتَابُهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهَا كِتَابَتُهُ بِيَدِهِ رَأَيْت أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا يَنْفَعُهُ إنْكَارُهُ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ جَحَدَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِإِقْرَارِهِ فَأَرَى أَنْ يَغْرَمَ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 462 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ عَلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ إقْرَارٌ عَلَيْهَا وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ شَهَادَةٌ عَلَيْهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ شب لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَثِيقَةِ كُلِّهَا بِخَطِّهِ أَوْ الْمَكْتُوبِ بِخَطِّهِ صِيغَةَ الْإِقْرَارِ وَالْبَاقِي بِخَطِّ غَيْرِهِ أَوْ كَوْنِهَا كُلِّهَا بِخَطِّ غَيْرِهِ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ عَلَى طَرَفِهَا الْمَنْسُوبُ إلَيَّ فِيهَا صَحِيحٌ أَوْ أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِمَا كُتِبَ عَلَيَّ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ إلَّا عَدْلَانِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ؛ لِأَنَّهَا عَلَى خَطِّ الْوَاحِدِ كَالنَّقْلِ عَنْهُ، وَلَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ وَلَوْ فِي الْمَالِ، وَصَوَّبَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَلَّابِ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، زَادَ عب وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ، وَيُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ فَهِيَ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ. الْبُنَانِيُّ أَمَّا حُضُورُ الْخَطِّ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَتْوَى شَيْخِنَا ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ شَرْطَ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ حُضُورُهُ، وَلَا تَصِحُّ فِي غَيْبَتِهِ صَوَابٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَسْجِيلَاتِ الْمُوَثَّقِينَ. الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَاهِدَيْنِ نَظَرَا وَثِيقَةً بِيَدِ رَجُلٍ وَحَفِظَا وَتَحَقَّقَا مَا فِيهَا وَعَرَفَا شُهُودَهَا، وَأَنَّهُمْ مَاتُوا بِوَسْمِ الْعَدَالَةِ ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَثِيقَةُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ حُضُورِهَا وَغَيْبَتِهَا، ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ وَانْظُرْ مَا يُنَاقِضُ هَذِهِ الْفَتْوَى فِي الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا يُلْتَفَتُ إلَى غَيْرِهِ اهـ. وَأَمَّا كَوْنُ الْخَطِّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ دُونَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْمُعْتَمَدُ ثُبُوتُهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، إذْ هُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ ضَيْح، وَنَصُّهُ فَرْعٌ إذَا أَقَامَ صَاحِبُ الْحَقِّ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الْخَطِّ فَرِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ اثْنَانِ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى يَمِينٍ أَمْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَعْمَلَ الشَّهَادَةَ هُنَا وَمَنْ قَالَ يَحْتَاجُ أَبْطَلَهَا هُنَا، وَإِذَا قُلْنَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى يَمِينَيْنِ يَمِينٌ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَمِينٌ أُخْرَى لِيُكْمِلَ السَّبَبَ الْمُشَارَ إلَيْهِ مَسَّاحِي فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ، وَصَحَّ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَيْنِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. اهـ. فَيُفْهَمُ مِنْ بِنَائِهِ الْحُكْمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْخَطِّ عَلَى عَدَمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 463 وَخَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ، أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ، وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا   [منح الجليل] الِاحْتِيَاجِ مَعَ الِاثْنَيْنِ إلَى يَمِينٍ لِلَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ ثُبُوتُهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ " ق "، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) جَازَتْ عَلَى (خَطِّ شَاهِدٍ) كَتَبَهُ فِي وَثِيقَةٍ وَ (مَاتَ) الشَّاهِدُ (أَوْ غَابَ) الشَّاهِدُ (بِبُعْدٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ بِمَحَلٍّ بَعِيدٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ مَا يَنَالُ الشَّاهِدُ فِي حُضُورِهِ مِنْهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ مَشَقَّةٌ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ عِنْدَنَا أَنَّ اخْتِلَافَ عَمَلِ الْقُضَاةِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبُعْدِ وَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ قَرِيبًا، وَحَدَّهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأَصْبَغُ بِمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْعِرَاقِ أَوْ إفْرِيقِيَةَ مِنْ مِصْرَ، فَلَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْحَيِّ الْحَاضِرِ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ، وَتَجُوزُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ إنْ كَانَتْ بِمَالٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِغَيْرِ مَالٍ فِيهِمَا) أَيْ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ. الْحَطّ هَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ جَائِزَةٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْتَمَدَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ، وَنَصُّهُ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَجِ مَوْلَى ابْنِ الطَّلَّاعِ أَنَّهُ قَالَ الْأَصْلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخُطُوطِ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْحُقُوقِ وَالطَّلَاقِ وَالْأَحْبَاسِ وَغَيْرِهَا. اهـ. وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ فِي طَلَاقٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ عَلَى مَا فِي الْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ قُيِّمَ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَتَى تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَتَزَوَّجَهَا وَأَنْكَرَ الْعَقْدَ فَشَهِدَ شُهُودٌ أَنَّ الْعَقْدَ خَطُّ يَدِهِ، فَقَالَ إنْ كَانَ الْعَقْدُ الَّذِي قِيمَ بِهِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ ثَبَتَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ وَعَجَزَ عَنْ الدَّفْعِ، فَاَلَّذِي أَرَاهُ وَأَتَقَلَّدُهُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ جُرْحَةً تُسْقِطُ شَهَادَتَهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ حَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا أَلْبَتَّةَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ جُرْأَةً عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ وَقَالَ إنَّمَا تَزَوَّجَهَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ يُسَوَّغُ لَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 464 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ لِعُذْرٍ فِيمَا فَعَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ جُرْحَةً لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي الْعِلْمِ وَسَمِعَ الْأَحَادِيثَ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَثْبُتْ الْعَقْدُ الَّذِي قِيمَ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ، فَلَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَهُ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الدَّفْعِ فِي شَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّ يَدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ فِي طَلَاقٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا نِكَاحٍ وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ خَطُّهُ كَتَبَهُ بِيَدِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْهُ عَازِمًا عَلَى إنْفَاذِهِ، وَإِنَّمَا كَتَبَهُ عَلَى أَنْ يَسْتَشِيرَ وَيَنْظُرَ لِصِدْقٍ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ فِيهَا عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ فِي طَلَاقٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ وَلَا كِتَابِ قَاضٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ فَقَطْ وَحَيْثُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَلَا الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الْخَطِّ، وَحَيْثُ يَجُوزُ هَذَا يَجُوزُ هَذَا. وَفِي رَسْمِ الْقَضَاءِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي امْرَأَةٍ كَتَبَ لَهَا زَوْجُهَا بِطَلَاقِهَا مَعَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إنْ وَجَدَتْ مَنْ يَشْهَدُ لَهَا عَلَى خَطِّهِ نَفَعَهَا ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا شُبْهَةٌ تُوجِبُ لَهَا الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ. ابْنُ رُشْدٍ كَانَ يَمْضِي لَنَا عِنْدَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ نَفَعَهَا أَنْ يَكُونَ لَهَا شُبْهَةٌ تُوجِبُ لَهَا الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ، وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ أَنَّ مَعْنَى مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فِي طَلَاقٍ وَلَا إعْتَاقٍ وَلَا نِكَاحٍ لَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّهِ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ نَكَحَ، بَلْ هِيَ جَائِزَةٌ عَلَى خَطِّهِ بِذَلِكَ كَمَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّهِ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِهِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَفَعَهَا عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْحُكْمِ لَهَا بِالطَّلَاقِ عَلَيْهِ إذَا شَهِدَ عَلَى خَطِّهِ شَاهِدَانِ عَدْلَانِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ خَطُّهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ مِثْلَ أَنْ يَكْتُبَ إلَى رَجُلٍ يُعْلِمُهُ بِأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ إلَيْهَا يُعْلِمُهَا بِذَلِكَ. وَأَمَّا إنْ كَانَ الْكِتَابُ إنَّمَا هُوَ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ابْتِدَاءً فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ كَتَبَهُ مُجْمِعًا عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 465 إنْ عَرَفَتْهُ: كَالْمُعَيَّنِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مُشْهِدَهُ،   [منح الجليل] الطَّلَاقِ. وَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ إنَّهُ كَتَبَهُ غَيْرَ مُجْمِعٍ عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ أَنَّهُ كَتَبَهُ اخْتِلَافٌ. اهـ. فَاخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ ثَالِثُ فَرْقٍ فِيهِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ، فَتَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا إذَا كَانَ الْخَطُّ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَطُّ إنَّمَا هُوَ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا ابْتِدَاءً فَلَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ وَالْبَاجِيِّ نَحْوَ اخْتِيَارِ ابْنِ رُشْدٍ، وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ قَوْلَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَهُ فِي نَوَازِلِهِ ظَاهِرُ مَا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ لَا تَجُوزُ فِيمَا عَدَا الْأَمْوَالَ لَا عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ وَلَا عَلَى خَطِّ الْمُطَلِّقِ أَوْ الْمُعْتِقِ وَسَائِرِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الشُّيُوخُ يَحْمِلُونَهُ، وَمَعْنَاهُ إذَا وُجِدَ الْكِتَابُ بِالْعِتْقِ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بِيَدِهِ فِي حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ خَطُّهُ وَقَالَ كَتَبَتْهُ عَلَى أَنْ أَسْتَخِيرَ فِي تَنْفِيذِهِ وَلَمْ أُنَفِّذْهُ بَعْدُ لَصَدَقَ فِي ذَلِكَ. وَمَا إذَا كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْعَبْدِ أَوْ كَانَ قَدْ نَصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفُذَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ عَامِلَةٌ كَالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَمَا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. اهـ. ابْنُ فَرْحُونٍ بَعْدَ نَقْلِ قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ. ابْنُ رَاشِدٍ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ لَا مَعْنَى لَهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْأَمْوَالَ أَخَفُّ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ فِي الْجَمِيعِ. ابْنُ الْهِنْدِيِّ يَلْزَمُ مَنْ أَجَازَهَا فِي الْأَحْبَاسِ الْقَدِيمَةِ إجَازَتُهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْحُقُوقَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ. وَمَحَلُّ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ أَوْ الشَّاهِدِ (إنْ عَرَفَتْهُ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الْخَطَّ مَعْرِفَةً تَامَّةً مُتَيَقَّنَةً (كَ) مَعْرِفَةِ الشَّيْءِ (الْمُعَيَّنِ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا، أَيْ الَّذِي يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا مِنْ فَطِنٍ عَارِفٍ مُمَارِسٍ لِلْخُطُوطِ. ابْنُ عَاتٍ الْخَطُّ شَخْصٌ قَائِمٌ وَمِثَالٌ مُمَاثِلٌ تُبْصِرُهُ الْعَيْنُ وَيُمَيِّزُهُ الْعَقْلُ كَتَمْيِيزِهِ سَائِرَ الْأَشْخَاصِ وَالصُّوَرِ (وَ) عَرَفْت (أَنَّهُ) أَيْ الشَّاهِدَ الْمَشْهُودَ عَلَى خَطِّهِ (كَانَ يَعْرِفُ) أَيْ الْمَشْهُودَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 466 وَتَحَمَّلَهَا عَدْلًا   [منح الجليل] عَلَى خَطِّهِ (مُشْهِدَهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، أَيْ الشَّخْصَ الَّذِي أَشْهَدَهُ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ (وَ) عَرَفْت أَنَّ الشَّاهِدَ الْمَشْهُودَ عَلَى خَطِّهِ (تَحَمَّلَهَا) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ هَذَا حَالَ كَوْنِهِ (عَدْلًا) مَرْضِيَّ الشَّهَادَةِ. الْحَطّ اشْتِرَاطُ مَعْرِفَتِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مُشْهِدَهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَمَعْرِفَتُهُمْ تَحَمُّلَهُ عَدْلًا تَعْدِيلٌ لِلْمَشْهُودِ عَلَى خَطِّهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ، وَذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ غَيْرُهُمَا. قَالَ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ فِي فَصْلٍ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ قَائِمًا قَامَ بِالْحِسْبَةِ أَنَّ فُلَانًا بَاعَ حَبْسًا مَا نَصُّهُ وَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى خُطُوطٍ مَوْتَى فِي كِتَابٍ. قُلْت فَأَتَى إلَيْهِ بِفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَشَهِدَا عِنْدَهُ أَنَّ شَهَادَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْوَاقِعَةَ فِي كِتَابِ الْحَبْسِ الْمُنْتَسِخِ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِخُطُوطِ أَيْدِيهِمَا لَا يَشُكَّانِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُمَا مَيِّتَانِ فَقَبِلَ الْقَاضِي شَهَادَةَ الشَّهِيدَيْنِ عِنْدَهُ، وَشَهَادَةَ الشَّهِيدَيْنِ الْمَشْهُودِ عَلَى خَطِّهِمَا وَإِنْ عَدَّلَهُمَا غَيْرُ الشَّهِيدَيْنِ عَلَى خَطِّهِمَا جَازَ وَقُلْت فِي إثْرِ قَوْلِك إنَّهُمَا مَيِّتَانِ وَإِنَّهُمَا يُوسَمُ الْعَدَالَةُ، وَقَبُولُ الشَّهَادَةِ فِي تَارِيخِ شَهَادَتِهِمَا الْمَذْكُورَةِ وَبَعْدَهَا إلَى أَنْ تَوَفَّيَا وَإِنْ عَدَّلَهُمَا عِنْدَهُ غَيْرُ الشَّهِيدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى خُطُوطِهِمَا. قُلْت فِي الشَّهِيدَيْنِ وَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا لِمَعْرِفَتِهِ بِهِمَا، وَقَبِلَ شَهَادَةَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمَشْهُودِ عَلَى خُطُوطِهِمَا بِتَعْدِيلِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ لَهُمَا عِنْدَهُ بِالْعَدْلِ وَالرِّضَا إلَى أَنْ تَوَفَّيَا عَلَى ذَلِكَ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ مُشْهِدَهُ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْطَ صِحَّةٍ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ. ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ صَحِيحٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ فَقَطْ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الْوَثِيقَةُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا خَالِيَةً مِنْ التَّعْرِيفِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا، وَعَرَّفَهُ أَوْ عَرَّفَ بِهِ، فَلَوْ كَانَ فِيهَا مَا ذَكَرَ فَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَا يُحْتَاجُ لِهَذَا الشَّرْطِ اتِّفَاقًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ. قَوْلُهُ وَتَحَمَّلَهَا عَدْلًا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ حَقِيقَةَ التَّحَمُّلِ، بَلْ وَضْعَهَا فِي الرَّسْمِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 467 لَا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَذْكُرَهَا، وَأَدَّى بِلَا نَفْعٍ   [منح الجليل] وَوَضَعَهَا فِي الرَّسْمِ عَدْلًا كَانَ أَصْوَبَ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ تَعْدِيلٌ لِلْمَشْهُودِ عَلَى خَطِّهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَلَى الْخَطِّ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ، وَذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ غَيْرُهُمَا اُنْظُرْ " ح ". وَإِذَا كُتِبَتْ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ وَكَتَبَ شَخْصٌ بِخَطِّهِ أَنَّهُ شَهِدَ بِمَا فِيهَا ثُمَّ نَسِيَ مَا فِيهَا وَنَسِيَ شَهَادَتَهُ بِهِ وَعَرَفَ خَطَّهُ الَّذِي كَتَبَهُ بِشَهَادَتِهِ بِمَا فِيهَا فَ (لَا) يَشْهَدُ بِمَا فِيهَا مُعْتَمِدًا (عَلَى خَطِّهِ نَفْسِهِ) الَّذِي عَرَفَهُ وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ خَطُّهُ (حَتَّى يَذْكُرَ) أَيْ يَتَذَكَّرَ مَا فِيهَا وَأَنَّهُ شَهِدَ بِهِ (وَ) إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ ذَلِكَ (أَدَّاهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ أَيْ يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّ هَذَا خَطُّهُ، وَأَنَّهُ نَاسٍ مَا فِي الْوَثِيقَةِ وَنَاسٍ شَهَادَتَهُ بِهِ (بِلَا نَفْعٍ) لِلطَّالِبِ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا فِيهَا. وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ فَلْيَشْهَدْ بِمَا فِي الْوَثِيقَةِ مُعْتَمِدًا عَلَى خَطِّهِ، وَلَا يُخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِنِسْيَانِهِ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَشْهَدُ حَتَّى يَذْكُرَ بَعْضَهُ الْبُنَانِيُّ لَا عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ حَتَّى يَذْكُرَهَا. ذَكَرَ فِي ضَيْح عَنْ الْبَيَانِ فِي هَذِهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ وَكَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ يَقُولُ إنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ فَلْيَشْهَدْ، وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَابْنُ دِينَارٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٌ. مُطَرِّفٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ. مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلْيَقُمْ بِالشَّهَادَةِ تَامَّةً بِأَنْ يَقُولَ مَا فِيهِ حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَحْفَظْ مَا فِي الْكِتَابِ عَدَدًا وَلَا مَقْعَدًا، وَلَا يَعْلَمُ الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا عَيْنَ خَطِّهِ، فَإِنْ أَعْلَمَهُ لَزِمَ الْحَاكِمَ رَدُّهَا. وَفِي التَّوْضِيحِ صَوَّبَ جَمَاعَةٌ أَنْ يَشْهَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْوٌ وَلَا رِيبَةٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ نِسْيَانِ الشَّاهِدِ الْمُنْتَصِبِ لِلشَّهَادَةِ وَلِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ حَتَّى يَذْكُرَهَا لَمَا كَانَ لِوَضْعِ خَطِّهِ فَائِدَةٌ، وَذَكَرَ ابْنُ نَاظِمٍ التُّحْفَةِ وَابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّهُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، وَنَظَمَهُ فِي التُّحْفَةِ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَيْضًا يُقَاسُ قَالَهُ بَعْضُ مَنْ أَلَّفَ فِي عَمَلِهَا عِنْدَ سَيِّدِي الْعَرَبِيِّ الْفَاسِيِّ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 468 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفى قَوْلُهُ وَأَدَّاهَا بِلَا نَفْعٍ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ مُحْرِزٍ وَجْهُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنْ يَقُولَ هُوَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا عِنْدِي، وَلَكِنْ يُرْفَعُ إلَى الْقَاضِي يَجْتَهِدُ فِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْوِيبِ جَمِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَرْفَعُهَا، وَهُوَ قِيَاسٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُجْتَهِدَ قَدْ يُخْطِئُ الْحَقَّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي اجْتِهَادِهِ وَامْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ. الثَّانِي: تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرَ الْحَقَّ وَالشَّهَادَةَ بِخَطِّهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِخَطِّهِ إلَّا الشَّهَادَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ حَارِثٍ. الثَّالِثُ: تت ظَاهِرُهُ أَيْضًا كَانَتْ الشَّهَادَةُ فِي كَاغَدٍ أَوْ رَقٍّ بِبَاطِنِ الْكَاغَدِ أَوْ ظَاهِرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ. الرَّابِعُ: تت ظَاهِرُهُ عَرَفَ عِدَّةَ الْمَاءِ أَوْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَ الْمَالِ عَرَّفَ الْإِمَامَ بِذَلِكَ وَلَا أَرَاهُ يَنْفَعُهُ. الْخَامِسُ: جَوَازُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْأُمَّهَاتِ الْمَشْهُورَةِ. ابْنُ فَرْحُونٍ هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. اللَّخْمِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ لِلضَّرُورَةِ، وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ بَاطِلَةٌ، وَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَّا عَلَى الْخَطِّ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ مَشْهُورُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ، رَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَاخْتَارَهُ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ إجَازَتَهَا وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْبَغُ هِيَ قَوِيَّةٌ فِي الْحُكْمِ، وَزَادَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْهُ لَا يُعَجَّلُ الْحُكْمُ لِغَيْبَتِهِ، وَلْيَتَثَبَّتْ. اللَّخْمِيُّ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ لِغَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ صَحِيحَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا ضَرُورَةٌ، وَعَلَى مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ مِنْ الْعَمَلِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ. قَالَ الْمَازِرِيُّ نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ مُنْذُ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَشُيُوخُ الْفَتْوَى مُتَوَافِرُونَ، وَهِيَ أَنَّ رَجُلَيْنِ غَرِيبَيْنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِمَالٍ جَلِيلٍ فَأَنْكَرَهُ، فَأَخْرَجَ الْمُدَّعِي كِتَابًا فِيهِ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ، وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يُشْهِدُ عَلَيْهِ فَطَلَبَ الْمُدَّعِي كَتْبَهُ، فَأَفْتَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 469 وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، إلَّا عَلَى عَيْنِهِ، وَلْيُسَجِّلْ   [منح الجليل] شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى أَنْ يُطَوِّلَ فِيمَا يَكْتُبَ تَطْوِيلًا لَا يُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ خَطًّا غَيْرَ خَطِّهِ وَأَفْتَى شَيْخُنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ اجْتَمَعْت بَعْدَ ذَلِكَ بِالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ، وَأَخَذَ مَعِي فِي إنْكَارِ مَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، فَقُلْت بِهِ احْتَجَّ بِأَنَّهُ كَالْتِزَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً يُقِيمُهَا عَلَى نَفْسِهِ لِخَصْمِهِ، فَأَنْكَرَ هَذَا وَقَالَ إنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ أَتَى بِهَا الْمُدَّعِي لَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَهِدْت عَلَيَّ بِالزُّورِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى فِيمَا يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ، بِخِلَافِ الَّذِي يَكْتُبُ خَطُّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَفَادَهُ ابْنُ غَازِيٍّ. ابْنُ فَرْحُونٍ اخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ حُلُولُو هُوَ الْحَقُّ إنْ كَانَ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ. السَّادِسُ: ابْنُ عَرَفَةَ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا مِنْ الْفَطِنِ الْعَارِفِ بِالْخُطُوطِ وَمُمَارَسَتِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ ذَا الْخَطِّ. وَحَضَرْت يَوْمًا بَعْضَ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي بْنُ قَدَّاحٍ لِلشَّهَادَةِ بِتُونُسَ، وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ قُلَيْدٍ، وَقَدْ نَاوَلَ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَثِيقَةً لِيَرْفَعَ عَلَى خَطِّ شَاهِدٍ فِيهَا مَاتَ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّك لَمْ تُدْرِكْ هَذَا الشَّاهِدَ الَّذِي أَرَدْت أَنْ تَشْهَدَ عَلَى خَطِّهِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ الْوَثِيقَةَ وَمَنَعَهُ مِنْ الرَّفْعِ عَلَى الْخَطِّ فِيهَا وَأَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ابْنُ قُلَيْدٍ قَالَ لِي إنَّمَا لَمْ أَقْبَلْ شَهَادَتَهُ عَلَى الْخَطِّ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْخُطُوطِ، وَلَيْسَ عَدَمُ إدْرَاكِ الرَّافِعِ عَلَى الْخَطِّ كَاتِبَهُ بِمَانِعٍ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهِ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِالْخُطُوطِ، فَإِنَّا نَعْرِفُ كَثِيرًا مِنْ خُطُوطِ مَنْ لَمْ نُدْرِكْهُ كَخَطِّ الشَّلُوفِينَ وَابْنِ عُصْفُورٍ وَابْنِ السَّيِّدِ وَنَحْوِهِمْ لِتَكَرُّرِ خُطُوطِهِمْ عَلَيْنَا مَعَ تَلَقِّينَا مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ أَنَّهَا خُطُوطُهُمْ. (وَلَا) يَشْهَدُ الشَّاهِدُ عَلَى (مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (لَا يَعْرِفُ) الشَّاهِدُ نَسَبَهُ (إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى اسْمِهِ لِاحْتِمَالِ تَسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ (وَ) إنْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى امْرَأَةٍ مَجْهُولَةِ النَّسَبِ، وَقَدْ سَمَّتْ نَفْسَهَا وَانْتَسَبَتْ لِأَبٍ سَمَّتْهُ، وَالشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَ اسْمَهَا وَلَا اسْمَ أَبِيهَا فَ (لْيُسَجِّلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 470 مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ، وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ، وَإِنْ قَالُوا أَشْهَدَتْنَا مُنْتَقِبَةً، وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا قُلِّدُوا، وَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا، إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا.   [منح الجليل] مُشَدَّدَةً أَيْ يَأْمُرُ الْقَاضِي مَنْ يَكْتُبُ فِي كِتَابِهِ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ الَّذِي يَكْتُبُ الْوَقَائِعَ فِيهِ شَهِدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ بِكَذَا عَلَيَّ (مَنْ) أَيْ الْمَرْأَةِ الَّتِي (زَعَمَتْ) أَيْ أَخْبَرَتْ (أَنَّ) اسْمَ (هَا) فُلَانَةُ (ابْنَةُ فُلَانٍ) مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِاسْمِهَا وَاسْمِ أَبِيهَا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا فِيهِمَا الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمَجْهُولُ نَسَبُهُ وَاسْمُهُ كَذَلِكَ لِذَلِكَ. (وَ) لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ (عَلَى) امْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ لِلشُّهُودِ (مُنْتَقِبَةٍ) حَتَّى تَرْفَعَ النِّقَابَ عَنْ وَجْهِهَا وَيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهَا (لِتَتَعَيَّنَ) الْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا (لِلْأَدَاءِ) أَيْ تَأْدِيَةِ الشَّهَادَةِ الَّتِي تَحَمَّلُوهَا عَلَيْهَا إذَا طَلَبُوا بِهَا عَنْ الْحَاكِمِ (وَإِنْ قَالُوا) أَيْ الشُّهُودُ وَقْتَ الْأَدَاءِ (أَشْهَدَتْنَا) هَذِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا بِكَذَا حَالَ كَوْنِهَا (مُنْتَقِبَةً وَكَذَلِكَ) أَيْ حَالَ كَوْنِهَا مُنْتَقِبَةً (نَعْرِفُهَا) وَلَا تَشْتَبِه عَلَيْنَا بِغَيْرِهَا فَتُؤَدَّى الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً (قُلِّدُوا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صُدِّقُوا وَاتُّبِعُوا فِي ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ أَشْهَدَتْنَا وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ، وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا وَلَا نَعْرِفُهَا بِغَيْرِ نِقَابٍ فَهُمْ أَعْلَمُ مَا تَقَلَّدُوا إنْ كَانُوا عُدُولًا وَعَيَّنُوهَا كَمَا ذَكَرَتْ وَقُطِعَ بِشَهَادَتِهِمْ، سَأَلَ ابْنُ حَبِيبٍ سَحْنُونًا عَنْ امْرَأَةٍ أَنْكَرَتْ دَعْوَى رَجُلٍ عَلَيْهَا فَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً قَالُوا أَشْهَدَتْنَا عَلَى نَفْسِهَا وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ بِكَذَا وَكَذَا، وَلَا نَعْرِفُهَا إلَّا مُنْتَقِبَةً وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا فَلَا نَعْرِفُهَا فَقَالَ هُمْ أَعْلَمُ بِمَا تَقَلَّدُوا، فَإِنْ كَانُوا عُدُولًا وَقَالُوا عَرَفْنَاهَا قُطِعَ بِشَهَادَتِهِمْ. (وَ) إنْ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِحَقٍّ وَأَنْكَرَتْ وَقَالُوا شَهِدْنَا عَلَيْهَا عَلَى مَعْرِفَةٍ مِنَّا بِعَيْنِهَا وَنَسَبِهَا وَسَأَلَ الْخَصْمُ إدْخَالَهَا فِي نِسَاءٍ وَإِخْرَاجَهَا الشُّهُودَ مِنْ بَيْنِهِنَّ فَ (عَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (إخْرَاجُهَا) وَتَعْيِينُهَا مِنْهُنَّ (إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا) وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ تَعْيِينُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اعْتَرَفَ دَابَّةً أَوْ رَأْسًا هَلْ تُجْمَعُ دَوَابُّ أَوْ رَقِيقٌ وَيُدْخَلُ فِيهَا الْمُعْتَرِفُ وَيُكَلَّفُ الشُّهُودُ بِإِخْرَاجِهِ، قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ وَذَلِكَ خَطَأٌ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 471 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَكِنْ إنْ كَانُوا عُدُولًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ. أَصْبَغُ وَكَذَا النِّسَاءُ إنْ شُهِدَ عَلَيْهِنَّ، وَعَنْ سَحْنُونٍ لَوْ شَهِدُوا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ وَإِقْرَارِهَا وَإِبْرَائِهَا وَسَأَلَ الْخَصْمُ إدْخَالَهَا فِي نِسَاءٍ لِيُخْرِجُوهَا وَقَالُوا شَهِدْنَا عَلَيْهَا عَنْ مَعْرِفَتِنَا بِعَيْنِهَا وَنَسَبِهَا وَلَا نَدْرِي هَلْ نَعْرِفُهَا الْيَوْمَ وَقَدْ تَغَيَّرَ حَالُهَا وَقَالُوا لَا نَتَكَلَّفُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجُوا عَيْنَهَا، وَإِنْ قَالُوا نَخَافُ أَنْ تَكُونَ تَغَيَّرَتْ قِيلَ لَهُمْ إنْ شَكَكْتُمْ وَقَدْ أَيْقَنْتُمْ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ مِنْ حِينِ شَهِدْتُمْ عَلَيْهَا إلَى الْيَوْمِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ. شب فَإِنْ لَمْ يُخْرِجُوهَا ضَمِنُوا خِلَافًا لِبَعْضِ شُيُوخِ الزَّرْقَانِيِّ، وَنَصُّهُ اُنْظُرْ إذَا لَمْ يُعَيِّنُوهَا، فَهَلْ يَغْرَمُونَ إذَا تَلِفَ مَالٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَمْ لَا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَدَمَ تَغْرِيمِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَفَسَقَةٍ تَحَمَّلُوا شَهَادَةً بِحَقٍّ عَالِمِينَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ، ثُمَّ أَدَّوْهَا فَرُدَّتْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ عج. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُ كَبِنْتِ أَخِيهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَيْفَ يُشْهِدَ عَلَيْهَا، قَالَ يُدْخِلُ عَلَيْهَا مَنْ لَا تَحْتَشِمُ مِنْهُ فَيَشْهَدَ عَلَى رُؤْيَتِهَا، قَالَ عِيسَى قَالَ لِي ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا الشَّهِيدَانِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْرِفُهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى رُؤْيَتِهَا مَنْ لَا تَحْتَشِمُ مِنْهُ فَلْتُسْفِرْ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهَا لِيَثْبُتُوا عَلَيْهَا لِيَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهَا إنْ أَنْكَرَتْ أَنَّهَا الَّتِي أَشْهَدَتْهُمْ، فَإِنْ وُجِدَ مِنْ الْعُدُولِ مَنْ يَعْرِفُهَا فَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَا يَعْرِفُهَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا، فَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَعْرِفُهَا أَوْ دُونَهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهَا بِالرِّضَا بِالنِّكَاحِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْهُمْ فَيَمُوتُوا وَيُشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فَتُلْزَمَ نِكَاحًا لَمْ تَرْضَهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَيْهَا بِذَلِكَ كَشَهَادَتِهِمْ بِهِ عَلَيْهَا عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْحُقُوقُ بِخِلَافِ ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَشْهَدُ الرَّجُلُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَمِثْلُهُ لِأَصْبَغَ. قَالَ وَأَمَّا الْحُقُوقُ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْوَكَالَاتِ وَالْهِبَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا وَاسْمِهَا وَنَسَبِهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحُقُوقِ أَنَّهُ يُخْشَى أَنْ يَمُوتُوا فَيُشْهَدَ عَلَى خُطُوطِهِمْ فَتُلْزَمَ نِكَاحًا بَاطِلًا لَمْ تُشْهِدْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَعَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ إلَّا فِي الْأَحْبَاسِ وَمَا جَرَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 472 وَجَازَ الْأَدَاءُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ، وَإِنْ بِامْرَأَةٍ لَا بِشَاهِدَيْنِ إلَّا نَقْلًا.   [منح الجليل] مَجْرَاهَا يَسْتَوِي النِّكَاحُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْحُقُوقِ وَلَا يُجَرَّحُ الرَّجُلُ بِوَضْعِ شَهَادَتِهِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ فِي الْحُقُوقِ كَمَا يَضَعُهَا عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ إذَا لَمْ يُشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَجَازَ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا، وَأَمَّا عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِإِجْمَاعٍ إلَّا عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ عَيْنُهُ وَعَرَفَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَشْهَدَهُ دُونَ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ. ابْنُ أَيُّوبَ إذَا كَتَبَ ذِكْرَ الْحَقِّ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ الشُّهُودُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكْتُبَ نَعْتَهُ وَصِفَتَهُ وَيُشْهِدَ الشُّهُودَ عَلَى صِفَتِهِ حَيِيَ أَوْ مَاتَ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكْتُبُ اسْمَهُ وَقَرْيَتَهُ وَمَسْكَنَهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَسَمَّى الرَّجُلُ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَغَيْرِ مَسْكَنِهِ وَمَوْضِعِهِ. (وَجَازَ) لِمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ (الْأَدَاءُ) لِلشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ (إنْ حَصَلَ) لِلشَّاهِدِ (الْعِلْمُ) بِالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ الْيَقِينِيِّ الَّذِي لَا شَكَّ مَعَهُ بِتَعْرِيفِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ لَفِيفٍ مِنْ النَّاسِ، بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ (بِ) تَعْرِيفِ (امْرَأَةٍ) وَاحِدَةٍ، ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُ عَنْ الْغُبْرِينِيُّ قَبُولَ تَعْرِيفِ الصَّغِيرِ وَالْأَمَةِ يَسْأَلُهُمَا عَنْ غَفْلَةٍ وَيَتْرُكُ تَعْرِيفَ الْمَقْصُودِ (لَا بِ) شَهَادَةِ (شَاهِدَيْنِ) عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا فُلَانَةُ بِشَهَادَتِهِمَا، فَلَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا (إلَّا نَقْلًا) عَنْهُمَا بِأَنْ يَقُولَا لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِنَا أَنَّهَا فُلَانَةُ. طفى قَوْلُهُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ أَنْت بِغَيْرِ رِيبَةٍ، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، أَيْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الشَّهَادَةِ، بَلْ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِ مِنْ اثْنَيْنِ ذَوَيْ عَدْلٍ أَوْ وَاحِدٍ أَوْ وَاحِدَةٍ، وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا كَانَ بِالْبَيِّنَةِ أَيْ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا بِشَاهِدَيْنِ، أَيْ أَتَى بِهِمَا الْمَشْهُودُ لَهُ يَشْهَدَانِ بِتَعْرِيفِهَا، وَلِذَا عَبَّرَ بِالشَّاهِدَيْنِ وَإِلَّا لَقَالَ لَا بِرَجُلَيْنِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي أَقُولُهُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَتَاهُ بِالشَّاهِدَيْنِ لِيَشْهَدَا لَهُ عَلَيْهَا بِشَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهَا فُلَانَةُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ هُوَ سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهَا، وَكَذَا لَوْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلًا وَاحِدًا يَثِقُ بِهِ أَوْ امْرَأَةً جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ، وَلَوْ أَتَاهُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِجَمَاعَةٍ مِنْ لَفِيفِ النَّاسِ فَيَشْهَدُونَ عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَتَيْنِ اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَسْأَلَ هُوَ عَنْ ذَلِكَ، وَبَيْنَ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 473 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا يَقْبَلُ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ، وَيَكْتَفِي بِهِ فِي التَّعْرِيفِ إلَّا عَلَى وَجْهِ النَّقْلِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِهِ كَاللَّفِيفِ مِنْ النَّاسِ، وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اقْتَصَرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَجَازَ الْأَدَاءُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ أَيْ وَكَانَ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الثِّقَةُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَقَوْلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ أَيْ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ بِهِمْ الْعِلْمُ بِأَنْ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ، هَذَا هُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ غَيْرَهُ، وَنَحْوُ عِبَارَتِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ قَدْ تَحْتَفُّ بِهِ قَرِينَةٌ فَيُفِيدُ الْعِلْمَ إلَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْخَبَرِ، وَلِذَا قُبِلَ الْوَاحِدُ. وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ لِابْنِ رُشْدٍ إلَّا أَنَّهُمَا أَجْمَلَا وَالْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ غَيْرُ مُفَصَّلٍ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ دُعِيَ لِيَشْهَدَ عَلَى امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُهَا وَيَشْهَدَ عِنْدَهُ رَجُلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَشْهَدُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطَةِ فِيمَنْ دُعِيَ لِلشَّهَادَةِ عَلَى امْرَأَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا إنْ شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا بَاطِلٌ، وَلَا يَشْهَدُ إلَّا وَهُوَ يَعْرِفُهَا بِتَعْرِيفِهِمَا وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ الْبَاطِلُ، وَكَيْفَ يُعْرَفُ النِّسَاءُ إلَّا بِمِثْلِ هَذَا اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الرِّوَايَةِ بِالشَّهَادَةِ، فَيَكُونُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ جَعَلَهُ فِي الشَّامِلِ مُخَالِفًا لِلْقَوْلَيْنِ، فَقَالَ وَلَوْ عَرَفَهَا شَاهِدَانِ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا إنْ تَعَذَّرَ، أَوْ قِيلَ يَشْهَدُ وَالْمُخْتَارُ إنْ سَأَلَهُمَا الشَّاهِدُ عَنْهَا فَأَخْبَرَاهُ فَلْيَشْهَدْ لَا إنْ أَحْضَرَهُمَا الْمَشْهُودُ لَهُ لِيُخْبِرَاهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِهِ قَبْلُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَحَلُّهُ إذْ لَمْ تَحْصُلْ مَعْرِفَةٌ وَلَا تَعْرِيفٌ، وَهَذَا مَعْنَى مَنْ لَا يَعْرِفُ، وَقَرَّرَ ابْنُ رَحَّالٍ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ وَجَازَ الْأَدَاءُ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِالتَّعْرِيفِ وَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 474 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِتَعْرِيفِ امْرَأَةٍ، وَلَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ بِحُصُولِ الْعِلْمِ بِسَبَبِ تَعْرِيفِ شَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَمَدْ عَلَيْهِمَا مَعَ حُصُولِ الْعِلْمِ فَأَحْرَى مَعَ عَدَمِهِ. قَالَ وَأَمَّا تَقْرِيرُ الشَّارِحِ وتت وعج وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ شُرُوحِهِ قَوْلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ بِعَدَمِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِمَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ كَلَامِ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِمَا فِي التَّعْرِيفِ مُطْلَقًا، حَصَلَ عِلْمٌ بِهِمَا أَمْ لَا، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِخُصُوصِهِ لِمُرُورِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فَيَصِحُّ كَلَامُ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلُ الْجَدْوَى، إذْ لَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لَقَالَ بَدَلَ لَا بِشَاهِدَيْنِ لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ عِلْمٌ. فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْمَنْعِ مَعَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ، قُلْت؛ لِأَنَّ تَوَقُّفَ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ عَرَفَا صِحَّةَ شَهَادَتِهِمَا وَحُضُورَهُمَا فِيهِ تُهْمَةٌ وَرِيبَةٌ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَبُو الْحَسَنِ صَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ تَفْصِيلَ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلٌ ثَالِثٌ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا، وَلَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِهِمَا وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُقْتَضَى مَنْ جَعَلَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ ثَالِثًا وَالظَّاهِرُ قَوْلُ طفى يُمْكِنُ حَمْلُ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ، فَيَكُونُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. وَبِالْجُمْلَةِ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ، وَكَذَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. أَقُولُ وَتَوْجِيهُ ابْنِ رَحَّالٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُتَنَاقِضٌ، فَإِنَّ تُهْمَةَ الشَّاهِدَيْنِ وَالرِّيبَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا بِتَوَقُّفِهِمَا عَنْهَا تَمْنَعُ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِمَا، وَحَاشَا الْإِمَامُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِتَعْرِيفِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ الشَّاهِدَ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي شَهَادَتِهِ، وَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 475 وَجَازَتْ بِسَمَاعٍ فَشَا عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ؛ بِمِلْكٍ   [منح الجليل] حَصَلَ الْعِلْمُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ (بِسَمَاعٍ فَشَا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شَاعَ وَاشْتَهَرَ وَكَثُرَ (عَنْ ثِقَاتٍ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ، أَيْ مَنْ يُوثَقُ بِكَلَامِهِمْ وَيُعْتَمَدُ عَلَيْهِ (وَغَيْرِهِمْ) ابْنُ عَرَفَةَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَقَبٌ لِمَا يُصَرِّحُ الشَّاهِدُ فِيهِ بِإِسْنَادِ شَهَادَتِهِ لِسَمَاعٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْلِ بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ سَمَّاهُ فَاشِيًا كَذَا، فَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا لَمْ تَصِحَّ. طفى الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مُعْظَمُ الشُّيُوخِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ عِيَاضٌ. وَقَالَ الْبَاجِيَّ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ. وَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ، وَنَحْوُهُ فِي وَثَائِقِ ابْنِ سَلْمُونٍ. وَقَالَ ابْنُ فَتُّوحٍ شَهَادَةُ السَّمَاعِ لَا تَكْمُلُ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ فِيهَا أَهْلُ الْعَدْلِ وَغَيْرُهُمْ، عَلَى هَذَا مَضَى عَمَلُ النَّاسِ، وَلَيْسَ يَأْتِي آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَهْدَى مِمَّا عَلَيْهِ أَوَّلُهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى كَوْنِ السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ دُونَ تَسْمِيَتِهِمْ فَفِي صِحَّتِهَا نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ فَتُّوحٍ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَهَادَةَ سَمَاعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ نَقْلٌ فَيَفْتَقِرُ لِتَسْمِيَةِ الشُّهُودِ، يَعْنِي أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ الْعُدُولِ دُونَ تَسْمِيَتِهِمْ مَقْبُولٌ، لَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ شَهَادَةُ سَمَاعٍ أَوْ نَقْلٍ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُهُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ عُمُومِ النَّاسِ دُونَ ذِكْرِ الْعُدُولِ فَفِي صِحَّتِهَا بِمَا لَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ يَدٍ نَقْلَا اللَّخْمِيِّ قَائِلًا، وَهِيَ فِيمَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ يَدٍ لَغْوٌ اتِّفَاقًا. وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِصِحَّةِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ مِنْ لَفِيفِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَإِنْ لَمْ تَبْدُ عَدَالَتُهُمْ، وَفِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي الْمَسْمُوعِ مِنْهُمْ ثَالِثُهَا إلَّا فِي الرَّضَاعِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَيَّدَهَا أَبُو الْحَسَنِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ اهـ. وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي (بِمِلْكٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ. تت مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَكَادُ يُقْطَعُ بِهِ، وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ تَصْوِيرَهُ بِمِنْ صَادَ مِنْ فَيَافِي الْأَرْضِ بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ فَتَشْهَدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 476 لِحَائِزٍ مُتَصَرِّفٍ طَوِيلًا.   [منح الجليل] لَهُ أَنَّهُ مَلَكَهُ عَلَى الْقَطْعِ وَاعْتُرِضَ بِاحْتِمَالِ نُدُودِهِ مِنْ مَالِكٍ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ مِنْ زَمَنٍ لَمْ يَتَوَحَّشْ فِيهِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ، وَصَوَّرَهُ آخَرُ بِمَا مَلَكَ مِنْ غَنِيمَةٍ وَنَظَرَ فِيهِ بِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْدَعَهُ لِكَافِرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ صَوَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِمِلْكِ مُشْتَرٍ لُقَطَةً بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى الْتِقَاطِهَا وَتَعْرِيفِهَا وَبَيْعِهَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَهَذَا عَجِيبٌ، فَإِنَّ صُوَرَ الْقَطْعِ بِالْمِلْكِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا الرِّكَازُ وَالْمَعْدِنُ الَّذِي أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ وَمَلْفُوظُ الْبَحْرِ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَمَاؤُهُ الْمَنْقُولُ مِنْهُ وَحَجَرُ الْجَبَلِ، وَمَا نُقِلَ مِنْ شَجَرِ الْغَابَةِ وَالْمَوَاتِ الْمُحَيَّاةِ. وَتَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ بِمِلْكٍ (لِ) شَخْصٍ (حَائِزٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَهَمْزٍ وَزَايٍ لِلشَّيْءِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِمِلْكِهِ (مُتَصَرِّفٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ لَهُ فِيهِ زَمَنًا (طَوِيلًا) طفى لَمْ أَرَ مَنْ اشْتَرَطَ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ التَّصَرُّفَ سِوَى الْمُصَنِّفِ فِي مُخْتَصَرِهِ هَذَا وَتَوْضِيحِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ الْفَاشِي عَنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ فِي الْمِلْكِ مَا نَصُّهُ أَيْ الْمُطْلِقُ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ إنَّمَا يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ إذَا طَالَتْ الْحِيَازَةُ وَكَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بِالْهَدْمِ وَنَحْوِهِ، وَلَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ، وَلَا يَكْتَفِي بِشَهَادَتِهِمْ أَنَّهُ كَانَ يَحُوزُهَا حَتَّى يَقُولُوا إنَّهُ يَحُوزُهَا لِحَقِّهِ وَأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ اشْتَرَى مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ. اهـ. وَهَذَا وَهْمٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ هَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْقَطْعِ، وَهُوَ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي، وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ. وَأَمَّا شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ فَقَدْ قَالَ فِيهِ فِي غَائِبٍ قَدِمَ وَادَّعَى دَارًا فِي يَدِ حَائِزٍ فَيُقِيمُ الَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ بَيِّنَةً عَلَى السَّمَاعِ فِي تَطَاوُلِ الزَّمَانِ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ أَبِي هَذَا الْقَائِمِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ مِمَّنْ صَارَتْ إلَيْهِ عَنْهُمْ فَيَثْبُتُ لَهُ نَفَاذُهَا بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ. اهـ. فَاشْتَرَطَ الْحَوْزَ فَقَطْ كَمَا تَرَى وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَامَتْ بِيَدِهِ دَارٌ خَمْسِينَ سَنَةً أَوْ سِتِّينَ سَنَةً ثُمَّ قَدِمَ رَجُلٌ كَانَ غَائِبًا فَادَّعَاهَا وَأَثْبَتَ الْأَصْلَ لَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ وَثَبَتَتْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 477 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمَوَارِيثُ حَتَّى صَارَتْ لَهُ فَقَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ أَوْ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ ابْتَاعَهَا مِنْ الْقَادِمِ أَوْ مِنْ أَحَدِ آبَائِهِ أَوْ مِمَّنْ وَرِثَهُ الْقَادِمُ عَنْهُ أَوْ مِمَّنْ ابْتَاعَهَا مِنْ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَذَلِكَ يَقْطَعُ حَقَّ الْقَادِمِ مِنْهَا وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِسَمَاعٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا إلَخْ. وَفِي ابْنِ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ لِمُدَّعِي دَارًا بِيَدِ غَيْرِهِ وَقَدْ حَازَهَا عَلَيْهِ إنَّمَا تَجُوزُ لِمَنْ الدَّارُ بِيَدِهِ إذَا أَثْبَتَ الَّذِي يَدَّعِيهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ مِمَّنْ هُوَ وَارِثُهُ، وَتَكُونُ قَدْ قَامَتْ بِيَدِ حَائِزِهَا سِنِينَ يَنْقَطِعُ فِيهَا الْعِلْمُ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ إلَّا عَلَى السَّمَاعِ أَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الْعُدُولِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ أَوْ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ ابْتَاعَهَا مِنْ الْقَادِمِ أَوْ مِنْ أَحَدٍ وَرِثَهَا الْقَادِمُ عَنْهُ فَلِذَلِكَ يُقْطَعُ حَقُّ الْقَادِمِ. اهـ. وَالْمَالِكِيَّةُ مُطْبِقُونَ عَلَى التَّعْبِيرِ بِأَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ لَا يُسْتَخْرَجُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ، وَإِنَّمَا تَجُوزُ لِلْحَائِزِ وَلَمْ يَقُولُوا لِلْمُتَصَرِّفِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ وَعَرَفَ الْحَقَّ بِنَفْسِهِ لَا بِالرِّجَالِ وَلَمْ يَجْعَلْ رِبْقَةَ التَّقْلِيدِ فِي عُنُقِهِ لِكُلِّ غَثٍّ وَسَمِينٍ وَالْعَجَبُ مِنْ " ح " وَالشَّارِحِ وَ " ق " وَغَيْرِهِمْ كَيْفَ تَوَاطَئُوا عَلَى نَقْلِ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ هُنَا تَقْلِيدًا لِلتَّوْضِيحِ وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِمَا قُلْنَاهُ مَعَ وُضُوحِهِ، وَتَبِعَهُمْ عج حَتَّى فَسَّرَ الطُّولَ فِي قَوْلِهِ وَحَوْزٍ طَالَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا فُسِّرَ بِهِ مُرَادُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ، لَكِنْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْبَتِّ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَأَمَّا هُنَا فَكَيْفَ يَأْتِي اشْتِرَاطُ الْحَوْزِ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ مَعَ شَرْطِ طُولِ الزَّمَانِ كَالْخَمْسِينَ وَالسِّتِّينَ سَنَةً مَا هَذَا إلَّا تَهَافُتٌ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحِيَازَةَ هُنَا خَمْسُونَ سَنَةً أَوْ سِتُّونَ سَنَةً وَنَحْوُهَا مِمَّا يَنْقَطِعُ بِهِ الْعِلْمُ وَرَبُّك أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَالْعُذْرُ لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ تَكَلَّمَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى الْبَتِّ أَثْنَاءَ شَهَادَةِ السَّمَاعِ، فَتَوَهَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ، فَوَقَعَ فِيمَا وَقَعَ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى. الْبُنَانِيُّ وَوَقَعَ لِابْنِ مَرْزُوقٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَرَّرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ مَا نَصُّهُ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ لَا يَكَادُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 478 وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ، إلَّا بِسَمَاعٍ: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ   [منح الجليل] يُقْطَعُ بِهِ، وَيَعْتَمِدُ الشَّاهِدُ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ، وَنِسْبَتُهَا مَعَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَعَدَمُ الْمُنَازِعِ وَطُولُ الْحِيَازَةِ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ وَهْمٌ أَيْضًا مِنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ فِي فَهْمِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَيُعْتَمَدُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِي شَهَادَةِ الْقَطْعِ بِالْمِلْكِ لَا السَّمَاعِ. (وَ) إنْ حَازَ شَخْصٌ عَقَارًا نَحْوَ سِتِّينَ سَنَةً مُدَّعِيًا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ هُوَ أَوْ أَحَدُ مُوَرِّثِيهِ وَقَدِمَ شَخْصٌ آخَرُ مِنْ غَيْبَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَهُ وَأَقَامَ الْحَائِزُ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ وَالْقَادِمُ بَيِّنَةَ بَتٍّ أَنَّهُ مَلَكَهُ (قُدِّمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بَيِّنَةُ الْمِلْكِ) الشَّاهِدَةُ بِهِ بَتًّا عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِالشِّرَاءِ (إلَّا) بَيِّنَةً شَاهِدَةً (بِسَمَاعٍ) مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (أَنَّهُ) أَيْ الْحَائِزَ (اشْتَرَاهَا) أَيْ الْحَائِزُ الدَّارَ (مِنْ كَأَبِي) وَجَدِّ (الْقَائِمِ) أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ أَنَّهَا مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَبَيِّنَةُ الْقَطْعِ مُسْتَصْحِبَةٌ. طفى قَوْلُهُ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ إلَخْ تت عَلَى بَيِّنَةِ الْحَوْزِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُدِّمَتْ، وَعِبَارَةٌ كَبِيرَةٌ إذَا عَارَضَتْهَا بَيِّنَةُ الْحَوْزِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بَيِّنَةُ الْحَوْزِ أَنَّهَا شَهِدَتْ بِالْحَوْزِ، بَلْ بَيِّنَةُ الْحَائِزِ فَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ ذِي الْحَوْزِ شَهِدَتْ لِلْحَائِزِ شَهَادَةُ سَمَاعٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَلَمْ تُبَيِّنْ مِمَّنْ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ. قَالَ فِي كَبِيرِهِ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ إذَا عَارَضَتْهَا بَيِّنَةُ الْحَوْزِ فِي دَارِ شَخْصٍ قَدِمَ مِنْ غِيبَةٍ بَعِيدَةٍ وَأَثْبَتَ أَنَّهَا لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ، وَأَثْبَتَ الْمِيرَاثَ حَتَّى صَارَتْ لَهُ، وَقَالَ مَنْ هِيَ فِي حَوْزِهِ طَوِيلًا إنَّهُ اشْتَرَاهَا، وَلَهُ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى السَّمَاعِ أَنَّهَا لِوَاحِدٍ مِنْ آبَائِهِ وَلَا يَدْرُونَ مِمَّنْ فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ تَقْرِيرٌ حَسَنٌ أَمَسُّ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَبِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَإِنْ أَتَى الَّذِي بِيَدِهِ دَارٌ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي بِيَدِهِ الدَّارُ أَوْ أَحَدُ آبَائِهِ ابْتَاعَهَا وَلَا يَدْرِي مِمَّنْ ابْتَاعَهَا فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ، وَهَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَ " ق " وَأَمَّا تَقْرِيرُ ح لَهُ بِمَا إذَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِالْمِلْكِ بِالْقَطْعِ لِشَخْصٍ آخَرَ فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ الَّتِي قَطَعَتْ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فَبَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 479 وَوَقْفٍ   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ إنْ قُلْت الْحَوْزُ عَشْرَ سِنِينَ كَافٍ وَحْدَهُ فِي رَدِّ دَعْوَى الْقَائِمِ وَبَيِّنَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْقَطْعِ فَلَا يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةِ سَمَاعٍ وَلَا غَيْرِهَا. قُلْت هَذَا إذَا كَانَ الْقَائِمُ حَاضِرًا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ لَهُ عُذْرٌ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَحْتَاجُ الْحَائِزُ لِدَفْعِهَا وَلَوْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ، وَفَرْضُ هَذِهِ أَنَّ الْقَائِمَ كَانَ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَهُ مَانِعٌ. (وَ) تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ بِ (وَقْفٍ) عَلَى حَائِزِهِ أَوْ لَا يَدَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ فَتَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِالسَّمَاعِ بِأَنَّهُ حَبْسٌ عَلَى حَائِزِهِ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ أَوْ لِلَّهِ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا. أَبُو إِسْحَاقَ هَذَا الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ. الْحَطّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا تَسْمِيَةُ الْمُحْبِسِ وَلَا إثْبَاتُ مِلْكِهِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا عَلَى الْحَبْسِ بِالْقَطْعِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحَبْسُ حَتَّى يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ لِلْمُحْبِسِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ سَهْلٍ كَيْفِيَّةُ الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ فِي الْأَحْبَاسِ أَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ يَعْرِفُ الدَّارَ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَحَدُّهَا كَذَا، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ عَامًا مُتَقَدِّمَةَ التَّارِيخِ شَهَادَتَهُ هَذِهِ سَمَاعًا فَاشِيًا مُسْتَفِيضًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ هَذَا الْمِلْكَ حَبْسٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا أَوْ عَلَى الْمَرْضَى بِحَاضِرَةِ كَذَا أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ أَوْ حَبْسٌ لَا غَيْرُ، وَأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ بِحُرْمَةِ الْأَحْبَاسِ وَتَحْوِزَتُهَا بِالْوَقْفِ إلَيْهَا وَالتَّبْيِينِ لَهَا، بِهَذَا جَرَى الْعَمَلُ فِي أَدَاءِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ، فَإِذَا أُدِّيَتْ هَكَذَا بِشَاهِدَيْنِ فَصَاعِدًا حُكِمَ بِهَا بَعْدَ حِيَازَةِ الشُّهُودِ بِتَحْبِيسِهِ، وَالْإِعْذَارُ إلَى مَنْ يَعْتَرِضُ فِيهِ وَيَدَّعِيه فِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ، إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا كَانَا يَسْمَعَانِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَبْسٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا وَكَانَتْ حَبْسًا عَلَى الْمَسَاكِينِ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَحَدًا. الْحَطّ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَصَارِفَ الْحَبْسِ وَشَرْطِ الْوَاقِفِ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْمٍ شَهِدُوا بِالسَّمَاعِ فِي حَبْسٍ عَلَى قَوْمٍ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لَا تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ فِي نَصِيبِهِ، وَتَهْلِكُ بِنْتُ الْمَيِّتِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُهَا وَلَا زَوْجُهَا فَقَالَ أَرَاهُ حَبْسًا ثَابِتًا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى أَصْلِ الْحَبْسِ وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَكَرُوا فِي السَّمَاعِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 480 وَمَوْتٍ بِبُعْدٍ إنْ طَالَ الزَّمَانُ، بِلَا رِيبَةٍ.   [منح الجليل] وَ) تَجُوزُ بِ (مَوْتٍ بِبُعْدٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ بَلَدٍ بَعِيدٍ (إنْ طَالَ الزَّمَانُ) عَلَى السَّمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَرْبَعُونَ سَنَةً أَوْ خَمْسُونَ سَنَةً. ابْنُ زَرْقُونٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَنْهُ أَيْضًا عِشْرُونَ سَنَةً. ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ، وَهَلْ خَمْسَ عَشْرَةَ طُولٌ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَالصَّحِيحُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَبَاءِ وَغَيْرِهِ (بِلَا رِيبَةٍ) فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِيبَةٌ بِأَنْ شَهِدَ بِالسَّمَاعِ اثْنَانِ وَفِي الْقَبِيلَةِ مِائَةٌ مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمَا لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ، أَوْ شَهِدَا بِمَوْتِ شَخْصٍ بِبَلَدٍ وَفِيهِ جَمٌّ غَفِيرٌ لَمْ يَسْمَعُوا ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلَانِ. " غ " قَوْلُهُ إنْ طَالَ الزَّمَانُ بِلَا رِيبَةٍ تَبِعَ فِيهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ الْفَاشِي عَنْ الثِّقَاتِ فِي الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَالْمَوْتِ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ طُولِ الزَّمَانِ وَانْتِفَاءِ الرَّيْبِ. ابْنُ عَرَفَةَ حَمَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، إنَّمَا هُوَ فِي الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ وَالْأَشْرِبَةِ الْقَدِيمَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالْحِيَازَةِ جَمِيعُ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ فِيهِ طُولُ الزَّمَانِ. وَأَمَّا الْمَوْتُ فَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ وَالْأَقْوَالِ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ الْقَاصِرَةَ عَنْ شَهَادَةِ الْبَتِّ فِي الْقَطْعِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَشْهُودِ بِهِ بِحَيْثُ لَا يُدْرَكُ بِالْقَطْعِ وَالْبَتِّ عَادَةً، فَإِنْ أَمْكَنَ عَادَةً الْبَتُّ بِهِ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ السَّمَاعِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ. أَمَّا الْمَوْتُ فَيُشْهَدُ فِيهِ عَلَى السَّمَاعِ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ، وَأَمَّا مَا قَرُبَ أَوْ كَانَ بِبَلَدِ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ بِالْبَتِّ وَقَدْ شَهِدْت شَيْخَنَا الْقَاضِيَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ طَلَبَ مِنْهُ بِتُونُسَ بَعْضُ أَهْلِهَا إثْبَاتَ وَفَاةِ صِهْرٍ لَهُ مَاتَ بِبَرْقَةَ قَافِلًا مِنْ الْحَجِّ، فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَاهُ بِوَثِيقَةٍ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ عَلَى سَمَاعٍ بِوَفَاتِهِ عَلَى مَا يَجِبُ كَتْبُهُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ فِيهَا بَتُّ الْعِلْمِ بِوَفَاتِهِ نَحْوَ ثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ فِي ظَنِّي، فَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْبَلْهُ، وَلَمَّا حَكَى قَوْلَ الْبَاجِيَّ فَيَشْهَدُ عَلَى الْمَوْتِ بِالسَّمَاعِ فِيمَا بَعُدَ مِنْ الْبِلَادِ لَا مَا قَرُبَ قَيَّدَهُ بِأَنْ قَالَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطُولَ زَمَنُ تَقَدُّمِ الْمَوْتِ كَالْعِشْرِينِ عَامًا، فَإِنَّ هَذَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الْبَتُّ قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيت وَهُوَ صَوَابٌ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْبَتِّ كَمِنْ يَمُوتُ بِبَلَدٍ قَرِيبٍ. الْبُنَانِيُّ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ فَحَمَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ظَاهِرِ إطْلَاقِهِ، وَتَبِعَهُ فِي ضَيْح، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 481 وَحَلَفَ وَشَهِدَ اثْنَانِ: كَعَزْلٍ، وَجَرْحٍ، وَكُفْرٍ، وَسَفَهٍ؛ وَنِكَاحٍ، وَضِدِّهَا،   [منح الجليل] وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ هَارُونَ بِأَنَّ طُولَ الزَّمَنِ لَيْسَ فِي جَمِيعِ الْأَفْرَادِ، بَلْ فِي الْأَمْلَاكِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْأَحْبَاسِ وَالْأَنْكِحَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالْحِيَازَةِ. وَأَمَّا الْمَوْتُ فَيُشْتَرَطُ تَنَائِي الْبُلْدَانِ أَوْ طُولُ الزَّمَانِ وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ هَارُونَ فِي حَصْرِهِ، وَتَبِعَهُ " غ " وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوْتِ بُعْدَ الْبَلَدِ وَقُرْبَ الزَّمَنِ قَائِلًا إذَا بَعُدَ الزَّمَنُ أَمْكَنَ بَتُّ الشَّهَادَةِ بِفُشُوِّ الْإِخْبَارِ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ كَقُرْبِ الْبَلَدِ وَاتِّحَادِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (وَحَلَفَ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِالسَّمَاعِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْأَصْلِ الْمَسْمُوعِ عَنْهُ وَاحِدًا، وَهُوَ لَا يُثْبِتُ الْحَقَّ إلَّا مَعَ يَمِينٍ (وَشَهِدَ) بِالسَّمَاعِ (اثْنَانِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ. وَشَبَّهَ فِي الثُّبُوتِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ فَقَالَ (كَعَزْلٍ) لِقَاضٍ أَوْ أَمِيرٍ أَوْ وَكِيلٍ (وَجَرْحٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، أَيْ تَجْرِيحِ شَاهِدٍ بِأَنْ يَقُولَا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا مُجَرَّحٌ أَوْ يَشْرَبُ أَوْ يَزْنِي وَلَا يُعَدُّ هَذَا قَذْفًا (وَكُفْرٍ) أَصْلِيٍّ أَوْ بِارْتِدَادٍ (وَسَفَهٍ) أَيْ عَدَمِ حِفْظِ الْمَالِ وَحُسْنِ التَّصَرُّفِ فِيهِ (وَنِكَاحٍ) فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى النِّكَاحِ اتِّفَاقُ الزَّوْجَيْنِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ. وَفِي شَرْحِ التُّحْفَةِ لِمَيَّارَةَ شَرْطُ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ كَوْنُ الْمَرْأَةِ تَحْتَ حِجَابِ الزَّوْجِ فَيَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ زَوْجِيَّتِهَا، أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَطْلُبُ الْحَيُّ مِيرَاثَهُ مِنْهُ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ فَأَثْبَتَ رَجُلٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا يَسْتَوْجِبُ الْبِنَاءَ بِهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ إنَّمَا يَنْفَعُ مَعَ الْحِيَازَةِ وَلِاحْتِمَالِ كَوْنِ أَصْلِهِ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ. اهـ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَتِهِ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافُ مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ الْحَاجِّ. اهـ. وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ فَانْظُرْهُ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ وَنِكَاحٌ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الزَّوْجَانِ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَضِدِّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ تَوْلِيَةٍ وَتَعْدِيلٍ وَإِسْلَامٍ وَرُشْدٍ وَطَلَاقٍ. تت بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ أَقِفْ عَلَى الطَّلَاقِ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا إلَّا فِي النَّظْمِ الْآتِي إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الدَّاخِلُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 482 وَإِنْ بِخُلْعٍ وَضَرَرِ زَوْجٍ وَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَوِلَادَةٍ وَحِرَابَةٍ وَإِبَاقٍ وَعُدْمٍ وَأَسْرٍ وَعِتْقٍ وَلَوْثٍ   [منح الجليل] ضِدِّهَا بِغَيْرِ خُلْعٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِخُلْعٍ) أَيْ عِوَضٍ (وَ) كَ (ضَرَرِ زَوْجٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ بِأَنْ يَشْهَدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي أَنَّ فُلَانًا ضَرَّ زَوْجَتَهُ أَوْ أَنَّ فُلَانَةَ ضَرَّتْ زَوْجَهَا (وَ) كَ (هِبَةٍ) وَصَدَقَةٍ (وَ) كَ (وَصِيَّةٍ) " غ " فَسَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِالْإِيصَاءِ عَلَى أَيْتَامٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْكَافِي. الْبُنَانِيُّ وَاَلَّذِي فِي " غ " مَا نَصُّهُ أَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالْقَرَافِيُّ وَالْغِرْنَاطِيُّ لَفْظَةَ الْوَصِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَصَدُوا مَا فِي الْكَافِي مِنْ الْإِيصَاءِ بِالنَّظَرِ، وَبِهَذَا فَسَّرَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ فِي لَفْظِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ اهـ. قُلْت قَدْ عَدُّوا الْهِبَةَ مِمَّا يُعْمَلُ فِيهِ بِالسَّمَاعِ فَلَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كَ (وِلَادَةٍ وَ) كَ (حِرَابَةٍ) أَيْ قَطْعِ طَرِيقٍ (وَ) كَ (إبَاقٍ) تت بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ الْإِبَاقَ إلَّا فِي النَّظْمِ (وَعُدْمٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ بِفَتْحَتَيْنِ، أَيْ فَقْرٍ (وَأَسْرٍ) لِمُسْلِمٍ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (وَعِتْقٍ وَلَوْثٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَمُثَلَّثَةٍ، أَيْ قَرِينَةِ تُهْمَةٍ بِقَتْلٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِرْثٍ بَدَلَ لَوْثٍ. الْبُنَانِيُّ اجْتَهَدَ النَّاسُ فِي عَدِّ مَوَاطِنِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فَعَدَّهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَزْفِيُّ السَّبْتِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَنَظَمَهَا وَزَادَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ سِتَّةً وَنَظَمَهَا وَزَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خَمْسَةً فَهَذِهِ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ، وَنَظَمَهَا الْعَبْدُوسِيُّ فِي قَصِيدَةٍ وَجِيزَةٍ وَذَكَرَهَا كُلَّهَا. " غ " وَزَادَ مَسَائِلَ أُخَرَ وَنَظَمَهَا فَانْظُرْهُ فَقَدْ أَطَالَ هُنَا، وَرَأَيْت أَنْ أُثْبِتَ هُنَا نَظْمَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ، فَقَدْ نَظَمَ أَرْبَعِينَ مَوْطِنًا فِي سَبْعَةِ أَبْيَاتٍ فَقَالَ: فَعَدْلٌ وَإِسْلَامٌ وَرُشْدُ وِلَايَةٍ ... وَأَضْدَادُهَا ثُمَّ الْمُقِرُّ وَوَاهِبُ رَضَاعٌ وَقَسْمُ نِسْبَةٍ ذُو وَصِيَّةٍ ... وَلَاءٌ وَأَسْرٌ ثُمَّ مَوْتٌ وَنَائِبُ نِكَاحٌ وَضِدٌّ ثُمَّ خُلْعٌ عَتَاقَةٌ ... إبَاقٌ وَتَفْلِيسٌ كَذَاك الْمُحَارِبُ وَبَيْعٌ وَوَقْفٌ طَالَ عَهْدُهُمَا وَفِي ... جِرَاحٍ وَحَمْلٍ وَالْمُصَدَّقُ رَاغِبُ وَإِضْرَارُ زَوْجٍ ثُمَّ لَوْثُ قَسَامَةٍ ... وِلَادَتُهَا ثُمَّ التَّصَرُّفُ غَالِبُ وَإِنْفَاقُ مَنْ أَوْصَى وَمَنْ هُوَ غَائِبٌ ... وَتَنْفِيذُ إيصَاءٍ وَعِشْرُونَ عَاقِبُ وَإِرْثٌ وَإِيسَارٌ فَذِي أَرْبَعُونَ خُذْ ... فَمَا رُتْبَةٌ إلَّا عَلَتْهَا مَرَاتِبُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 483 وَالتَّحَمُّلُ إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ،   [منح الجليل] وَتَعَقَّبَ عَلَيْهِ " غ " فِي التَّكْمِيلِ ذَكَرَهُ الْجَرَّاحُ قَائِلًا مِمَّا وَقَفْت فِي الْجِرَاحِ عَلَى شَيْءٍ لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا عَدُّهُ الْإِقْرَارَ مِنْهَا فَتَبِعَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ ثُمَّ التَّصَرُّفُ غَالِبُ وَإِنْفَاقُ مَنْ أَوْصَى وَمَنْ هُوَ غَائِبٌ إلَى قَوْلِ الْكَافِي، وَجَائِزٌ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا فِي وِلَايَةِ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يَتَوَلَّى النَّظَرَ لَهُ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهِ إلَيْهِ أَوْ تَقْدِيمِ مَاضٍ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْهُ أَبُوهُ بِالْإِيصَاءِ وَلَا الْقَاضِي بِالتَّقَدُّمِ، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ ذَلِكَ كُلَّهُ بِاسْتِفَاضَةِ السَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَغَيْرِهِمْ، وَيَصِحُّ بِذَلِكَ سَفَهٌ إذَا شَهِدَ مَعَهُ غَيْرُهُ بِمِثْلِ شَهَادَتِهِ، وَفِيهَا بَيْنَ أَصْحَابِنَا اخْتِلَافٌ. اهـ. فَأَطْلَقَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الْمُسَبَّبَ الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ وَالْإِنْفَاقُ وَأَرَادَ السَّبَبَ الَّذِي هُوَ الْإِيصَاءُ وَالتَّقْدِيمُ. وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتَنْفِيذُ إيصَاءٍ إلَى مَا فِي الْمُفِيدِ مِنْ أَنَّ ابْنَ زَرْبٍ أَفْتَى فِي وَصِيٍّ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ أُسْنِدَتْ إلَيْهِ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَالثِّقَةِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ. قَالَ فِي التَّكْمِيلِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعِشْرُونَ عَاقِبُ، أَيْ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَنْفِيذِ الْإِيصَاءِ فَلَعَلَّهُ فَهِمَ أَنَّ الثَّلَاثِينَ فِي فَتْوَى ابْنِ زَرْبٍ وَقَعَتْ فِي وَصِيٍّ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةُ السُّؤَالِ، فَاعْتَمَدَ عَلَى صَرِيحِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إعْمَالِ السَّمَاعِ فِي الْعِشْرِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَالتَّحَمُّلُ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُثَقَّلَةً، أَيْ عَلِمَ الْمَشْهُودُ بِهِ (إنْ اُفْتُقِرَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ اُحْتِيجَ (إلَيْهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عِنْدَ تَعَدُّدِ مَنْ يَقُومُ بِهِ لِأَجْلِ حِفْظِ الْحَقِّ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ إذْ لَوْ تُرِكَ لَضَاعَتْ حُقُوقُ النَّاسِ، وَيَسْقُطُ بِقِيَامِ بَعْضِ النَّاسِ بِهِ وَيَتَعَيَّنُ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ مِنْ الشُّرُوعِ فِيهِ، وَبِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُمَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ فَرْضِيَّتِهِ إنْ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهِ. عب وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدِ الِانْتِفَاعُ عَلَى التَّحَمُّلِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ دُونَ الْأَدَاءِ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا، إذْ قَدْ يَحْسُنُ حَالُهُ حَالَ الْأَدَاءِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ. الْبُنَانِيُّ مَفْهُومُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَنَّهُ إنْ تَعَيَّنَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 484 وَتَعَيَّنَ الْأَدَاءُ مِنْ كَبَرِيدَيْنِ وَعَلَى ثَالِثٍ، إنْ لَمْ يُجْتَزْ بِهِمَا وَإِنْ انْتَفَعَ: فَجُرْحٌ،   [منح الجليل] وَفِي جَوَازِ أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَى التَّحَمُّلِ خِلَافٌ، وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ عَلَى أَخْذِ الْعِوَضِ عَلَيْهِ بِالْكُتُبِ بِإِفْرِيقِيَةَ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ انْتَصَبَ لَهَا. ابْنُ الْمُنَاصِفِ فَمَنْ أَخَذَ وَاسْتَغْنَى تَرَكَ الْأَخْذَ، وَعَلَى الْأَخْذِ تَكُونُ الْأُجْرَةُ مَعْلُومَةً مُسَمَّاةً، وَتَجُوزُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَكْتُوبُ لَهُ مُضْطَرًّا لِلْكِتَابِ، إمَّا لِقَصْرِ الْقَاضِي الْكَتْبَ عَلَيْهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِمُوجِبِهَا، وَإِمَّا لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَيَجِبُ عَلَى الْكَاتِبِ أَنْ لَا يَطْلُبَ فَوْقَ مَا يَسْتَحِقُّ، فَإِنْ فَعَلَ فَهِيَ جُرْحَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ، وَهُوَ عِنْدِي مَحْمَلُ هِبَةِ الثَّوَابِ. فَإِنْ أَعْطَاهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَزِمَهُ وَإِلَّا خُيِّرَ فِي قَبُولِ مَا أَعْطَاهُ وَتَمَسُّكِهِ بِمَا كَتَبَهُ لَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْمَكْتُوبِ لَهُ فَيَكُونَ فَوْتًا وَيُجْبَرَانِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ. (وَتَعَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ الْمُتَحَمَّلَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَدَاءُ إعْلَامُ الشَّاهِدِ الْحَاكِمَ بِشَهَادَةٍ بِمَا يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِهِ، وَصِلَةُ الْأَدَاءِ (مِنْ) مَسَافَةٍ (كَبَرِيدَيْنِ) ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْأَدَاءُ مِنْ نَحْوِ الْبَرِيدَيْنِ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنْ كَانُوا أَزْيَدَ مِنْ اثْنَيْنِ فَالْأَدَاءُ عَلَيْهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَّا أَنْ لَا يَكْتَفِيَ الْقَاضِي بِالِاثْنَيْنِ اللَّذَيْنِ أَدَّيَا أَوَّلًا لِمَانِعٍ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا أَوْ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الثَّالِثِ إلَخْ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْأَدَاءَ فَرْضُ عَيْنٍ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْقَائِمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَقَدْ تَعَيَّنَا، فَإِنْ امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا وَقَالَ احْلِفْ مَعَ الْآخَرِ فَهُوَ آثِمٌ لَمْ أَعْرِفْهُ لِأَصْحَابِنَا، بَلْ لِلْغَزَالِيِّ فِي وَجِيزِهِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى أُصُولِ مَذْهَبِنَا. (وَ) تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ (عَلَى) شَاهِدٍ (ثَالِثٍ إنْ لَمْ يَجْتَزْ) الْقَاضِي (بِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَدَّيَا الشَّهَادَةَ عِنْدَهُ لِمَانِعٍ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا. (وَإِنْ انْتَفَعَ) الشَّاهِدُ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِمَالٍ فِي نَظِيرِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَهُ (فَ) انْتِفَاعُهُ (جَرْحٌ) فِي شَهَادَتِهِ مُسْقِطٌ لَهَا. طفى أَطْلَقَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَالتَّقْيِيدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 485 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِالِامْتِنَاعِ إنَّمَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ فِي السُّؤَالِ، فَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ قِيلَ لَهُ أَرَأَيْت الشَّاهِدَيْنِ يَأْتِيهِمَا صَاحِبُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَشْهَدَا لَهُ فَيَقُولَانِ الْهُبُوطُ إلَى الْحَاضِرَةِ يَشُقُّ عَلَيْنَا إلَّا أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْنَا وَتُعْطِيَنَا دَوَابَّ نَهْبِطُ عَلَيْهَا، قَالَ إنْ كَانَ مِثْلَ السَّاحِلِ مِنَّا كَتَبَ الْقَاضِي لِرَجُلٍ يَشْهَدُ عِنْدَهُ لِشَاهِدَانِ فَيَكْتُبُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا يُعَنِّتُهُمَا بِالْقُدُومِ إلَيْهِ، قِيلَ وَلَا تُرَى هَذِهِ وِلَايَةً لِلْمَشْهُودِ عِنْدَهُ، قَالَ لَا يَسْتَغْنِي الْقَاضِي عَنْ مِثْلِ هَذَا قِيلَ لَهُ كَمْ بُعْدُ السَّاحِلِ مِنْ هُنَا قَالَ سِتُّونَ مِيلًا، قَالَ فَإِنْ كَانَ الشُّهُودُ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ بَرِيدَيْنِ وَيَجِدُونَ الدَّوَابَّ وَالنَّفَقَةَ فَلَا يُعْطِيهِمْ رَبُّ الْحَقِّ نَفَقَةً وَلَا دَوَابَّ فَإِنْ فَعَلَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا نَفَقَةً وَلَا دَوَابَّ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكْرِيَ لَهُمْ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا فِيمَا قَرُبَ دُونَ مَا بَعُدَ خُصِّصَ الْقُرْآنُ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ وَجَبَ عَلَيْهِ رُكُوبُ دَابَّتِهِ وَأَكْلُ طَعَامِهِ، فَإِنْ أَكَلَ طَعَامَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَرَكِبَ دَابَّتَهُ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَرْشَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ، وَخَفَّفَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا وَكَانَ أَمْرًا خَفِيفًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّفْسِيرِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ فَالْقَرِيبُ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ قِسْمَانِ: قَرِيبٌ جِدًّا تَقِلُّ فِيهِ النَّفَقَةُ، وَمُؤْنَةُ الرُّكُوبِ فَهَذَا لَا يَضُرُّ الشَّاهِدَ فِيهِ رُكُوبُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ وَلَا أَكْلُ طَعَامِهِ. وَغَيْرُ قَرِيبٍ جِدًّا تَكْثُرُ فِيهِ النَّفَقَةُ وَمُؤْنَةُ الرُّكُوبِ، فَهَذَا تَبْطُلُ فِيهِ شَهَادَتُهُ إنْ رَكِبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَلَهُ دَابَّةٌ أَوْ أَكَلَ طَعَامَهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ. وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغُ يُطْلَبُ لِيَشْهَدَ فِي الْأَرْضِ النَّائِيَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِهَا بِالْحَيَاةِ لَهَا، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَيَأْكُلَ طَعَامَهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، إذْ لَيْسَ مَا يَصِيرُ لِلشَّاهِدِ مِنْ هَذَا مَالًا يَتَمَوَّلُهُ. وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا اكْتِرَاءِ الدَّابَّةِ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ الْإِتْيَانُ رَاجِلًا فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ إنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْمَشْهُودُ لَهُ أَوْ اكْتَرَى لَهُ دَابَّةً. وَقِيلَ تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 486 إلَّا رُكُوبَهُ لِعُسْرِ مَشْيِهِ وَعَدَمِ دَابَّتِهِ،   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْبُعْدِ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْ يَشْهَدُ عِنْدَهُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ بِهِ فَلَا يَضُرُّهُ أَكْلُ طَعَامِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا رُكُوبُ دَابَّتِهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْ أَبَدًا إذَا أَنْفَقَ الْمَشْهُودُ لَهُ عَلَى الشَّاهِدِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ وَالْمُقَامُ فِيهِ جَازَ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ يَلْزَمُ الشَّاهِدَ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا فِيمَا يَرْكَبُ الشَّاهِدُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْكَبَ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ وَشَقَّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ وَمُوسِرٍ وَمُعْسِرٍ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ حَسْبَمَا ذَكَرْنَا فِي النَّفَقَةِ، وَفِي الرُّكُوبِ إذَا كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ قَائِلًا نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَ ابْنِ كِنَانَةَ مَعْكُوسًا فَقَالَ وَقِيلَ تَبْطُلُ فِي غَيْرِ الْمُبَرِّزِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا ابْنُ هَارُونَ لِذَلِكَ، فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْإِطْلَاقُ، وَلَا عِبْرَةَ بِقَيْدِ الِامْتِنَاعِ الْوَاقِعِ فِي السُّؤَالِ، إذْ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَظَهَرَ لَك أَيْضًا أَنَّهُ عِنْدَ الْجَوَازِ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالرُّكُوبِ وَأَنَّ الِاكْتِرَاءَ لَهُ حُكْمُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ إلَّا أَنَّ تَخْصِيصَ الْمُصَنِّفِ لِلرُّكُوبِ وَعُسْرِ الْمَشْيِ وَإِطْلَاقِهِ فَيَشْمَلُ الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الصُّورَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَبِهَا صَدَّرَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ الرُّكُوبِ وَالنَّفَقَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الِانْتِفَاعِ فَقَالَ (إلَّا رُكُوبَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ دَابَّةَ الْمَشْهُودِ لَهُ مَمْلُوكَةً أَوْ مُكْتَرَاةً فَلَيْسَ جُرْحَةً إذَا كَانَ (لِعُسْرِ مَشْيِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ لِمَوْضِعِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ (وَعَدَمِ دَابَّتِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ تت. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إضَافَةُ الدَّابَّةِ لِضَمِيرِ الشَّاهِدِ مُخْرِجٌ لِدَابَّةٍ قَرِيبَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعَارَتُهَا. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ انْتِفَاعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْأَدَاءِ جَرْحٌ، وَلَوْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِأَدَائِهَا يَمْنَعُهُ مِنْ اشْتِغَالِهِ بِاكْتِسَابِ مَا تَقُومُ بِهِ بَيِّنَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلِابْنِ الْمُنَاصِفِ عَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 487 لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ بِدَابَّةٍ؛ وَنَفَقَةٍ؛ وَحُلِّفَ بِشَاهِدٍ فِي طَلَاقٍ، وَعِتْقٍ، لَا نِكَاحٍ. فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، وَإِنْ طَالَ دُيِّنَ.   [منح الجليل] بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ عَلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ اشْتِغَالُهُ بِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ اكْتِسَابِ قُوتِهِ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ فِي الرِّوَايَةِ عَلَى الْأَسْمَاعِ أَوْ السَّمَاعُ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ وَالتَّفْصِيلُ. (وَلَا) يَلْزَمُ الشَّاهِدَ الْأَدَاءُ مِنْ (كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) سَحْنُونٌ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ قَاضِي نَاحِيَتِهِ وَيَكْتُبُ بِهَا إلَى قَاضِي النَّاحِيَةِ الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ النَّازِلَةُ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ رَجُلٍ يَكْتُبُهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَخُصَّ الْقَاضِيَ. وَفِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَ " ق " عَنْ سَحْنُونٍ يَشْهَدُونَ عِنْدَ مَنْ يَأْمُرُهُمْ الْقَاضِي بِالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ مِنْ بَلَدِهِمْ. (وَلَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ الَّذِي طَلَبَ مِنْهُ أَدَاءَ الشَّهَادَةِ مِنْ كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ (أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ) أَيْ الْمَشْهُودُ لَهُ (بِدَابَّةٍ) يَرْكَبُهَا فِي ذَهَابِهِ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَرُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ (وَنَفَقَةٍ) تت ذَهَابًا وَمَقَامًا وَإِيَابًا. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِهَا مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا فَقَالَ (وَ) إنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَوْ عِتْقِ رَقِيقِهِ أَوْ نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَأَنْكَرَهُ وَأُقِيمُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِذَلِكَ (حُلِّفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِ) سَبَبِ شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) عَلَيْهِ (فِي طَلَاقٍ) لِزَوْجَتِهِ (وَعِتْقٍ) لِرِقِّهِ (لَا) يَحْلِفُ بِشَاهِدٍ عَلَيْهِ بِ (نِكَاحٍ) عَلَى الْمَعْرُوفِ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الشُّهْرَةُ بَيْنَ الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ، فَالْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ شَاهِدٍ ثَانٍ عَلَيْهِ يُضَعِّفُ الشَّاهِدَ وَيُصَيِّرُهُ كَالْعَدَمِ. (فَإِنْ) حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَاهِدِ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ سَقَطَتْ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ وَخُلِّيَ سَبِيلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ (نَكَلَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (حُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِيَحْلِفَ فِيهِمَا، فَإِنْ حَلَفَ خُلِّيَ سَبِيلُهُ (وَإِنْ طَالَ) زَمَنُ حَبْسِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ (دُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ وُكِّلَ لِدَيْنِهِ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ الْقَضَاءُ وَلَهُ تَحْدِيدُ الطُّولِ بِسَنَةٍ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 488 وَحَلَفَ عَبْدٌ وَسَفِيهٌ مَعَ شَاهِدٍ، لَا صَبِيٌّ وَأَبُوهُ، وَإِنْ أَنْفَقَ وَحَلَفَ مَطْلُوبٌ لِيُتْرَكَ بِيَدِهِ،   [منح الجليل] وَلَهُ أَيْضًا حَبْسُهُ أَبَدًا حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ. (وَحَلَفَ عَبْدٌ) قِنٌّ أَوْ ذُو شَائِبَةٍ حُرِّيَّةٍ مُدَّعٍ بِمَالٍ عَلَى مُنْكِرٍ وَشَهِدَ لَهُ عَدْلٌ بِهِ وَثَبَتَ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ وَلَا كَلَامَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ حَلَفَ سَيِّدُهُ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ. (وَ) حَلَفَ شَخْصٌ (سَفِيهٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ لَا يَحْفَظُ الْمَالَ وَلَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ مُدَّعٍ بِمَالٍ عَلَى مُنْكِرٍ وَشَهِدَ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ (مَعَ شَاهِدٍ) لَهُ بِهِ وَثَبَتَ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيَبْرَأُ وَابْنُ رُشْدٍ فَلَيْسَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ رُشْدٍ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَهُ الْحَلِفُ بَعْدَ رُشْدِهِ (لَا) يَحْلِفُ (صَبِيٌّ) عَامِلٌ بَالِغًا بِمَالٍ وَأَنْكَرَهُ وَشَهِدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ شَاهِدٌ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَ) لَا يَحْلِفُ (أَبُوهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْمُعَامَلَةَ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ شَخْصٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يُنْفِقْ لِوُجُودِ مَالِهِ، بَلْ (وَإِنْ أَنْفَقَ) الْأَبُ عَلَى الصَّبِيِّ لِفَقْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَقَيَّدَ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَلِ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْمُعَامَلَةَ، فَإِنْ وَلِيَهَا أَحَدُهُمَا وَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ. (وَ) إذَا لَمْ يَحْلِفْ الصَّبِيُّ وَلَا أَبُوهُ (حَلَفَ) شَخْصٌ (مَطْلُوبٌ) لِلصَّبِيِّ عَلَى بُطْلَانِ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ الصَّبِيُّ (لِيُتْرَكَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُدَّعَى بِهِ (بِيَدِهِ) أَيْ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ سُلِّمَ الْمَالُ لِلصَّبِيِّ لِثُبُوتِهِ لَهُ بِالشَّاهِدِ وَنُكُولِ الْمَطْلُوبِ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا كَدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْعَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَطْلُوبُ مَأْمُونًا أَوْ يُخْشَى فَقْرُهُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. الْبُنَانِيُّ الَّذِي لِابْنِ الْحَاجِبِ فَإِذَا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ فَفِي وَقْفِ الْمُعَيَّنِ قَوْلَانِ، فَنَسَبَ فِي ضَيْح الْأَوَّلَ لِظَاهِرِ الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، وَالثَّانِي لِلْأَخَوَيْنِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ، وَبَنَى الْمَازِرِيُّ الْخِلَافَ عَلَى الْخِلَافِ فِي إسْنَادِ الْحَقِّ إلَى الشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْيَمِينُ كَالْعَاضِدِ، فَيَحْسُنُ الْإِيقَافُ أَوْ إلَيْهِمَا مَعًا فَيَضْعُفُ الْإِيقَافُ، وَذَكَرَ فِي الْبَيَانِ الْخِلَافَ فِي وَقْفِ الدَّيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 489 وَأُسْجِلَ لِيَحْلِفَ، إذَا بَلَغَ كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ،   [منح الجليل] ثُمَّ قَالَ وَوَقْفُهُ صَحِيحٌ فِي الْقِيَاسِ، إذْ لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى فِيهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا لَوَجَبَ تَوْقِيفُهُ أَوْ بَيْعُهُ وَتَوْقِيفُ ثَمَنِهِ إنْ خَشِيَ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي لِابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّ وَقْفَ الْمُعَيَّنِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إذَا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَتُرِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ (أُسْجِلَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ كُتِبَ مَا وَقَعَ فِي سِجِلِّ الْقَاضِي (لِيَحْلِفَ) الصَّبِيُّ يَمِينًا يُكَمِّلُ النِّصَابَ (إذَا بَلَغَ) الصَّبِيُّ وَيَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْمَطْلُوبِ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ لِحَلِفِهِ أَوَّلًا كَمَا يَأْتِي. وَشَبَّهَ فِي الْحَلِفِ فَقَالَ (كَوَارِثِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ إنْ مَاتَ (قَبْلَهُ) أَيْ الْبُلُوغِ فَيَحْلِفُ الْوَارِثُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ لِانْتِقَالِهِ لَهُ بِمَوْتِ الصَّبِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَلِفُ وَارِثِ الصَّبِيِّ وَلَوْ كَانَ حَلَفَ أَوَّلًا مَعَ الشَّاهِدِ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ. الْبُنَانِيُّ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ لَوْ حَلَفَ الْكَبِيرُ أَوَّلًا وَأَخَذَ مِقْدَارَ حَقِّهِ ثُمَّ وَرِثَ الصَّغِيرُ فَلَا يَأْخُذُ نَصِيبَهُ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ، وَسَلَّمَهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ، وَانْظُرْ كَيْفَ سَلَّمُوهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْيَمِينِ فِي مِثْلِ هَذَا، إذْ سَأَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ عَنْ وَرَثَةٍ كِبَارٍ وَابْنَةٍ صَغِيرَةٍ فَأَثْبَتُوا لَهُ مِلْكًا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَحَلَفَ الْكِبَارُ مَعَهُ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِنَصِيبِ الْبِنْتِ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَوَرِثَتْهَا أُمُّهَا فَلَا تَحْلِفُ ثَانِيَةً لِحَظِّهَا مِنْ بِنْتِهَا، فَأَجَابَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا نَصُّهُ يَمِينُ الْمَرْأَةِ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ حَقٌّ لِيَسْتَحِقَّ بِهَا حَظَّهَا مِمَّا أَحَقَّتْهُ لِزَوْجِهَا مَعَ الشَّاهِدِ تُجْزِيهَا فِيمَا صَارَ إلَيْهَا مِنْ بِنْتِهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ، إذْ حَلَفَتْ عَلَى الْجَمِيعِ حِينَ لَمْ يَصِحَّ لَهَا أَنْ تُبَعِّضَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فَتَحْلِفَ عَلَى أَنَّهُ شَهِدَ بِحَقٍّ فِي مِقْدَارِ حِصَّتِهَا، فَتَكُونَ قَدْ أَكْذَبَتْهُ فِي شَهَادَتِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُسْمَعُ عِنْدِي فِيهِ اخْتِلَافٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَسْتَحِقَّ بِيَمِينِهَا أَوَّلًا إلَّا قَدْرَ حَظِّهَا، فَقَدْ حَلَفَتْ عَلَى الْجَمِيعِ، فَإِذَا رَجَعَ الْحَقُّ إلَيْهَا فِيمَا تَسْتَحِقُّهُ بِيَمِينِهَا مِمَّا حَلَفَتْ عَلَيْهِ اكْتَفَتْ بِالْيَمِينِ الْأُولَى، هَذَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى مِنْهَاجِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَدْ نَقَلَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 490 إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا، فَفِي حَلِفِهِ: قَوْلَانِ. وَإِنْ نَكَلَ اكْتَفَى بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى.   [منح الجليل] بِتَمَامِهَا وَقَالَ فَخَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَطَعَ بِتَكْرِيرِ الْيَمِينِ، وَقَطَعَ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ تَكْرِيرِهَا وَاللَّائِقُ بِتَحْصِيلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنْ لَا يُغْفَلَ فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ لِمُخَالَفَتِهَا مَا نُقِلَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَإِنْ مَاتَ شَخْصٌ عَنْ ابْنَيْنِ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ وَشَهِدَ لَهُ عَدْلٌ بِمَالٍ عِنْدَ مُنْكِرِهِ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِبَقَاءِ نَصِيبِ الصَّبِيِّ مِنْهُ بِيَدِهِ أَوْ إيقَافِهِ بِيَدِ عَدْلٍ وَمَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَرِثَ نَصِيبَهُ أَخُوهُ الْبَالِغُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى حَقِّيَّةَ مَا شَهِدَ الْعَدْلُ بِهِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَ الصَّبِيِّ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ فِي كُلِّ حَالٍ. (لَا أَنْ يَكُونَ) الْبَالِغُ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ عَلَى حَقِّيَّةَ مَا شَهِدَ بِهِ الْعَدْلُ لِأَبِيهِمَا (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ حِينَ إقَامَةِ الدَّعْوَى وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ لَهُمَا (فَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الْبَالِغِ بَعْدَ مَوْتِ الصَّبِيِّ وَأَخْذِ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ لَهُ مَا يُقَوِّي ظَنَّهُ بِحَقِّيَّةِ مَا شَهِدَ الْعَدْلُ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَوَّلًا وَأَخَذَ حِصَّتَهُ ثُمَّ وَرِثَ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ حِصَّتَهُ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ وَعَدَمُ حَلِفِهِ لِنُكُولِهِ أَوَّلًا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ (قَوْلَانِ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. الْمَازِرِيُّ وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ، وَلِذَا عِيبَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَوْ كَانَ وَارِثُ الصَّغِيرِ مَعَهُ أَوَّلًا وَكَانَ قَدْ نَكَلَ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ نَكَلَ عَنْهَا. (وَإِنْ نَكَلَ) الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى حَقِّيَّةِ مَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِهِ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَبِيًّا وَكَانَ الْمَطْلُوبُ حَلَفَ أَوَّلًا (اُكْتُفِيَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ، أَيْ اُجْتُزِئَ (بِيَمِينِ) الشَّخْصِ (الْمَطْلُوبِ الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، أَيْ الَّتِي حَلَفَهَا حِينَ إقَامَةِ الدَّعْوَى وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ " غ " لَا إشْكَالَ أَنَّ فَاعِلَ نَكَلَ ضَمِيرُ الصَّبِيِّ أَوْ وَارِثِهِ، وَأَمَّا نُكُولُ الْمَطْلُوبِ فَقَدْ أَغْفَلَهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ قَالَ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ فَفِي أَخْذِهِ مِنْهُ تَمْلِيكًا أَوْ وَقْفًا قَوْلَانِ. (وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ بِمَالٍ عَلَى مُنْكِرِهِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَرَدَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 491 وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ، وَفِي حَلِفِهِ مَعَهُ وَتَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ قَوْلَانِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ: كَشَاهِدٍ بِوَقْفٍ عَلَى بَنِيهِ وَعَقِبِهِمْ، أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ: حَلَفَ، وَإِلَّا فَحُبِسَ.   [منح الجليل] الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فَ (حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى) الطَّالِبُ (بِ) شَاهِدٍ (آخَرَ) يَشْهَدُ لَهُ كَالْأَوَّلِ (فَلَا ضَمَّ) أَيْ لَا تُضَمُّ شَهَادَةُ الثَّانِي لِشَهَادَةِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِهَا بِنُكُولِ الطَّالِبِ، وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الطَّالِبِ (مَعَهُ) أَيْ الشَّاهِدِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَوَّلِ صَارَتْ كَالْعَدَمِ بِنُكُولِهِ وَحَلِفُ الْمَطْلُوبِ وَعَدَمُ حَلِفِهِ مَعَهُ لِتَرْكِهِ حَقَّهُ بِنُكُولِهِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ قَوْلَانِ (وَ) عَلَى الْقَوْلِ بِحَلِفِهِ مَعَهُ فَفِي (تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ) لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي (إنْ لَمْ يَحْلِفْ) الطَّالِبُ مَعَهُ بِأَنْ نَكَلَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَفِدْ مِنْ يَمِينِهِ إلَّا رَدَّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَخَذَ الطَّالِبُ حَقَّهُ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَدَمُ تَحْلِيفِهِ ثَانِيًا وَسُقُوطُ الْحَقِّ عَنْهُ اكْتِفَاءً بِحَقِّهِ أَوَّلًا قَالَهُ ابْنُ مُيَسِّرٍ (قَوْلَانِ) حُذِفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ. (فَإِنْ) شَهِدَ عَدْلٌ بِحَقٍّ لِأَشْخَاصٍ (وَتَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ) مِنْهُمْ أَوْ الْجَمِيعِ فَالْأَوَّلُ (كَشَاهِدٍ بِوَقْفٍ) لِدَارٍ مَثَلًا (عَلَى بَنِيهِ) أَيْ الْوَاقِفِ (وَ) عَلَى (عَقِبِهِمْ) فَالْيَمِينُ مُمْكِنَةٌ مِنْ بَعْضِ الشُّهُودِ لَهُمْ وَهُمْ الْبَنُونَ الْمَوْجُودُونَ وَقْتَ الشَّهَادَةِ وَمُتَعَذِّرَةٌ فِي الْحَالِ مِنْ الْعَقِبِ. وَالثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) شَاهِدٍ بِوَقْفٍ (عَلَى الْفُقَرَاءِ) فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ، وَأَشَارَ لِحُكْمِ الْقِسْمَيْنِ بِقَوْلِهِ (حَلَفَ) الْمَطْلُوبُ بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَبَقِيَ الْمُدَّعَى مِلْكًا لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (فَ) الْمَشْهُودُ بِهِ (حَبْسٌ) عَلَى بَنِيهِ وَعَقِبِهِمْ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَنُكُولِ الْمَطْلُوبِ. " غ " أَمَّا الْبَنُونَ وَعَقِبُهُمْ فَإِنَّمَا تَعَذَّرَتْ الْيَمِينُ مِنْ بَعْضِهِمْ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا الْفُقَرَاءُ وَنَحْوُهُمْ فَالْيَمِينُ فِي حَقِّهِمْ مُمْتَنِعَةٌ غَيْرُ مَرْجُوَّةِ الْإِمْكَانِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَوْعِ تَجَوُّزٍ، وَفَاعِلُ حَلَفَ ضَمِيرُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، أَيْ حَلَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْيَمِينِ مِنْ بَعْضِ الْمَشْهُودِ لَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 492 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ كُلِّهِ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْحَبْسُ فِي الْفَرْعَيْنِ، هَذَا أَقْرَبُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهُ، وَمَنْ قَالَ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَطْلُوبُ فِي الثَّانِي فَيَحْتَاجُ إلَى وَحْيٍ يُسْفِرُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَتَّضِحُ مُرَادُهُ هُنَا بِالْوُقُوفِ عَلَى مَا سَلَخَ فِي تَوْضِيحِهِ مِمَّا فِي الْجَوَاهِرِ مِمَّا أَصْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: لِمَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ إذَا حَلَفَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَعَ الشَّاهِدِ ثَبَتَ الْحَبْسُ لِلْجَمِيعِ. الثَّانِي: لِمَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ إذَا حَلَفَ جُلُّهُمْ ثَبَتَ الْجَمِيعُ. الثَّالِثُ: قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَصْحَابُنَا امْتِنَاعُ الْيَمِينِ مَعَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ كَمَا إذَا شَهِدَ الْوَاحِدُ عَلَى وَقْفِ الْفُقَرَاءِ وَالْحُكْمُ فِي وَقْفِ الْفَقْرِ عَلَى مَا نَصَّ أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ الْحَبْسُ. الرَّابِعُ: لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ ثَبَتَ نَصِيبُهُ وَمَنْ لَا فَلَا، كَشَاهِدٍ شَهِدَ الْحَاضِرُ وَغَائِبٍ أَوْ حُمِّلَ اهـ. فَأَنْتَ تَرَاهُ سَوَّى فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ بَيْنَ هَذَا الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْعِ الثَّانِي الْمُتَّفَقِ عَلَى نَفْيِ الْيَمِينِ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُودِ لَهُمْ، وَلَمْ يَقْنَعْ بِذَلِكَ حَتَّى سَاوَى بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي رُجُوعِ الْيَمِينِ لِجِهَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ الْحَبْسُ اعْتِمَادًا عَلَى فَهْمِ اللَّخْمِيِّ فِي الْفَرْعِ الثَّانِي، فَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَحَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا خَبْطُ عَشْوَاءٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (تَنْبِيهٌ) الَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِحَبْسٍ فِي السَّبِيلِ أَوْ وَصِيَّةٍ فِيهِ أَوْ لِلْيَتَامَى أَوْ مَنْ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ سَاقِطَةٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ ذُكِرَ الْحَلِفُ مَعَهُ وَلِيَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُهُ، وَلَمَّا عَلَّلَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ الْحَقَّ لِمَجْمُوعٍ يَتَعَذَّرُ حُصُولُهُ وَالْوَاحِدُ مِنْهُ لَا يَتَقَرَّرُ حَقُّهُ فِيهِ إلَّا بِإِحْصَاءِ الْمَجْمُوعِ، قَالَ وَيَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى إبْطَالِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ كَالشَّاهِدِ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عَدَمُ حَلِفِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ طَالِبِهِ، وَنَقَلَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 493 فَإِنْ مَاتَ فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِينَ أَوْ الْبَطْنِ الثَّانِي: تَرَدُّدٌ،   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ حَلِفَهُ كَالْمَازِرِيِّ قَائِلًا إنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ طفى وَبِهَذَا تُعْلَمُ مُعَارَضَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا لِمَا ذَكَرَهُ آخِرَ الْهِبَةِ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَمِثْلُهَا الْحَبْسُ لَا يُقْضَى بِهِ، إذْ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ فَرْعُ الْقَضَاءِ وَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ كَلَامُهُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الْوَقْفُ لَا فِي الْقَضَاءِ بِهِ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. الْبُنَانِيُّ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلثُّبُوتِ إلَّا الْقَضَاءُ. قُلْت قَدْ يُقَالُ فِي دَفْعِهَا مَا تَقَدَّمَ مَحَلُّهُ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْمَالِكِ لِشَيْءٍ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ حَبَسَهُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ، وَمَا هُنَا فِي شَيْءِ حَائِزٍ يَدَّعِي مِلْكَهُ فَيُسْتَحَقُّ مِنْ يَدِهِ بِإِثْبَاتِ وَقْفِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَيُقْضَى بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ شَهِدَ الْعَدْلُ بِوَقْفٍ عَلَى بَنِيهِ وَعَقِبِهِمْ فَحَلَفَ بَعْضُ الْبَنِينَ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ اسْتَحَقَّ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ (فَإِنْ مَاتَ) الْحَالِفُ وَبَقِيَ إخْوَتُهُ النَّاكِلُونَ (فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ نَصِيبِ الْحَالِفِ الَّذِي حَلَفَ الْحَالِفُ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ مَنْ نَكَلَ (مِنْ بَقِيَّةِ) الْبَطْنِ (الْأَوَّلِينَ) دُونَ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ نُكُولَهُمْ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى نَصِيبِهِمْ لَا يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ نَصِيبِ الْحَالِفِ الَّذِي مَاتَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَأْخِيرِ الصَّغِيرِ إذَا نَكَلَ أَخُوهُ الْكَبِيرُ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ (أَوْ) يَسْتَحِقُّهُ (الْبَطْنُ الثَّانِي) لِبُطْلَانِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِمْ، وَالْبَطْنُ الثَّانِي إنَّمَا تَلَقَّوْهُ عَنْ جَدِّهِمْ الْمُحْبِسِ (تَرَدُّدٌ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ حَلَفَ وَاحِدٌ فَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ وَنَكَلَ الْآخَرُ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ مَاتَ الْحَالِفُ وَحْدَهُ وَبَقِيَ إخْوَتُهُ النَّاكِلُونَ فَقِيلَ نُكُولُهُمْ كَمَوْتِهِمْ، فَيَصِيرُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ قَدْ مَاتُوا أَحَدُهُمْ حَقِيقَةً وَسَائِرُهُمْ حُكْمًا بِنُكُولِهِمْ، فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَهَذَا عِنْدِي يَجْرِي عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا، وَهُوَ أَنَّ نُكُولَ مَنْ نَكَلَ لَا يُبْطِلُ حَقَّ مِنْ يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي، وَأَمَّا عَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 494 وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى حَاكِمٍ قَالَ: ثَبَتَ عِنْدِي، إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ.   [منح الجليل] الْبَطْنِ الثَّانِي فَلَا يَرْجِعُ حَظُّ النَّاكِلِ إلَى أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُحْبِسَ إنْ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَمَوْتِ جَمِيعِهِمْ فَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّاكِلِينَ حَيًّا، وَنَقَلَ ابْنُ شَاسٍ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ. (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَشْهَدْ) شَاهِدٌ عَلَى حُكْمِ (حَاكِمٍ قَالَ) الْحَاكِمُ (ثَبَتَ عِنْدِي) لِزَيْدٍ مَثَلًا كَذَا، أَوْ حَكَمْت لَهُ بِهِ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْ الْحَاكِمِ لِلشَّاهِدِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْهَدْ عَلَيَّ بِهِ، نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ الْمُفِيدِ عَنْ مُطَرِّفٍ. الْمَازِرِيُّ مِنْ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ مَنْعُ الْقَاضِي مِنْ الْحُكْمِ بِعِلْمِهِ خَوْفَ كَوْنِهِ غَيْرَ عَدْلٍ، فَيَقُولُ عَلِمْت فِيمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الْبَيِّنَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ الْجَلَّابِ، وَرَأَى الْمَازِرِيُّ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا لَيْسَ حُكْمًا مِنْهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْحُكْمِ وَأَلَّفَ فِيهِ جُزْءًا، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَعَارَضَهُ بِمَا لَهُ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ، فَقِفْ عَلَى الْفَرْعَيْنِ فِي أَقْضِيَتِهِ قَالَهُ " غ ". طفى ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْجَلَّابِ وَابْنِ الْقَصَّارِ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي النَّقْلِ عَنْ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشْهَادِ وَلَوْ سَمَّى الْبَيِّنَةَ، وَلَا مَعْنَى لِلتَّوَقُّفِ فِيهِ، إذْ أَصْلُ النَّقْلِ كَذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِشْهَادِ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ تَسْمِيَةُ الْبَيِّنَةِ، وَلِذَا أَطْلَقَ مُطَرِّفٌ هَذَا الْفَرْعَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَكَلَامُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ الْجَلَّابِ فِي قَوْلِ الْقَاضِي نَفْسِهِ ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا لَا بُدَّ فِي قَبُولِهِ مِنْ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ، وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَبِنَقْلِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ يَتَّضِحُ لَك الْمُرَادُ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ حَكَمَ عَلَى الْخَصْمِ بِإِقْرَارِهِ الْمُسْتَمِرِّ حَتَّى حَكَم عَلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ بَعْدَ حُكْمِهِ عَلَيْهِ وَقَالَ مَا كُنْت أَقْرَرْت بِشَيْءٍ فَلَا يُنْظَرُ إلَى إنْكَارِهِ هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ إنْ ذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَيْءٍ وَأَنْكَرَهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْحَاكِمِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُوَ أَشْبَهُ فِي قُضَاةِ الْيَوْمِ لِضَعْفِ عَدَالَتِهِمْ. وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 495 كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي، أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا، إنْ غَابَ الْأَصْلُ،   [منح الجليل] إذَا جَاءَ كِتَابٌ مِنْ قَاضٍ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى طَابَعِ الْقَاضِي وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَزَادَ أَشْهَبُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ أَنَّهُ كِتَابُ الْقَاضِي حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ أَشْهَدَهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ خَتْمِهِ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ لَا يَجُوزُ كِتَابُ قَاضٍ إلَى قَاضٍ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ أَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا بِمَا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَاتَمُهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ عَالِمًا بِعَدَالَةِ شَاهِدَيْ الْكِتَابِ وَلَا يَكْفِي تَعْدِيلُهُمَا فِيهِ. وَشَبَّهَ فِي الِاشْتِرَاطِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِ الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ لِلشَّاهِدِ الَّذِي يَنْقُلُ عَنْهُ شَهَادَتَهُ (اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) ابْنُ عَرَفَةَ النَّقْلُ عُرْفًا إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ لِقَاضٍ، فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ، وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ قَاضٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سَمِعْته يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَلَمْ يُشْهِدْك فَاشْهَدْ بِمَا سَمِعْت إنْ كُنْت سَمِعْته يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ لِلْحُكْمِ بِهَا وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُشْهِدَك، إذْ لَعَلَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّك تَنْقُلُهَا عَنْهُ لَزَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يَنْقُضُهَا. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَلَاءِ وَكُلِّ شَيْءٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالنَّقْلُ عَنْ الْأَصْلِ شَيْءٌ، فَظَاهِرُ عُمُومِ الرِّوَايَاتِ وَإِطْلَاقُهَا صِحَّةُ نَقْلِ النَّقْلِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِيهِ، فَإِنْ قَالَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ لِلنَّاقِلِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ اُنْقُلْهَا عَنِّي صَحَّ نَقْلُهُ اتِّفَاقًا. الْبَاجِيَّ مَنْ سَمِعَ شَاهِدًا قَبَضَ شَهَادَتَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا عَنْهُ حَتَّى يُشْهِدَهُ عَلَيْهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُهَا أَنْ يَقُولَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ شَرْطُ قَبُولِهَا أَوْ تَحَمُّلِهَا اهـ (أَوْ رَآهُ) أَيْ الشَّاهِدُ النَّاقِلُ الشَّاهِدَ الْمَنْقُولَ عَنْهُ (يُؤَدِّيهَا) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْهُ الشَّهَادَةَ عِنْدَ حَاكِمٍ لِلْحُكْمِ بِهَا فَيَجُوزُ لَهُ نَقْلُهَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. وَيَصِحُّ نَقْلُ الشَّهَادَةِ (إنْ غَابَ الْأَصْلُ) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ حَاضِرًا قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ النَّقْلُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا رِيبَةٌ لَوْ حَضَرَتْ تَثْبُتُ فِيهِ وَلِأَنَّ خَوْفَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 496 وَهُوَ رَجُلٌ بِمَكَانٍ، لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ، وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ أَوْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ   [منح الجليل] سَهْوِ أَوْ غَلَطِ أَوْ كَذِبِ الْأَصْلِ أَخَفُّ مِنْ خَوْفِهِ مِنْ النَّاقِلِ (وَ) الْحَالُ (هُوَ) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْهُ (رَجُلٌ) فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ امْرَأَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ عَنْهَا غَيْبَتُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ يَنْقُلُ عَنْ النِّسَاءِ وَإِنْ حَضَرْنَ وَهُوَ الشَّأْنُ، رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ لَمْ أَرَ بِالْمَدِينَةِ امْرَأَةً قَطُّ أَدَّتْ الشَّهَادَةَ بِنَفْسِهَا، وَلَكِنْ تُحْمَلُ عَنْهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّقْلِ عَنْهَا غَيْبَتُهَا. الْبَاجِيَّ لِمَا أُمِرَ النِّسَاءُ بِهِ مِنْ السَّتْرِ وَالْبُعْدِ عَنْ الرِّجَالِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَلْزَمُ الْمُخَدَّرَةَ حُضُورُ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ لِلْمُحَاكَمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَبْتَذِلُ بِكَثْرَةِ التَّصَرُّفِ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا لِزِيَارَةٍ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ يُخْشَى مِنْ خُرُوجِهَا مَفْسَدَةٌ وَمَنْ لَا وَيُشْتَرَطُ غَيْبَةُ الْأَصْلِ (بِمَكَانٍ) بَعِيدٍ (لَا يَلْزَمُ) الْأَصْلَ (الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي الْخُصُومَةُ عِنْدَهُ (مِنْهُ وَ) لَكِنْ (لَا يَكْفِي) فِي صِحَّةِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ (فِي) مُوجِبِ جِنْسِ (الْحُدُودِ) كَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَالْقَذْفِ (الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ) أَيْ غَيْبَةُ الشَّاهِدِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ مَسَافَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ بِمُوجِبِ الْحَدِّ عَلَى يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَرْفَعَانِ شَهَادَتَهُمَا إلَى مَنْ يُخَاطِبُ الْقَاضِيَ الَّذِي يُرَادُ نَقْلُ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ. ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَكْتَفِ فِي غَيْبَةِ الْيَوْمَيْنِ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ، وَاكْتَفَى فِيهَا بِخِطَابِ الْمَشْهُودِ عِنْدَهُ، وَلَعَلَّهُ؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ الْمَشْهُودِ عَنْهُ أَوْثَقُ مِنْ النَّقْلِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ تَكْفِي مَسَافَةُ الْيَوْمَيْنِ فِي الْحُدُودِ أَيْضًا. وَعَطَفَ عَلَى غَابَ فَقَالَ (أَوْ) إنْ (مَاتَ) الْأَصْلُ بِالْأُولَى (أَوْ) إنْ (مَرِضَ) الْأَصْلُ مَرَضًا يَشُقُّ مَعَهُ حُضُورُهُ إلَى الْقَاضِي. ابْنُ الْمَوَّازِ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنَّمَا يُنْقَلُ عَنْ مَرِيضٍ أَوْ غَائِبٍ وَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْ الصَّحِيحِ الْحَاضِرِ أَرَادَ إلَّا النِّسَاءَ، فَيَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهُنَّ مَعَ حُضُورِهِنَّ وَصِحَّتِهِنَّ لِضَرُورَةِ الْكَشَفَةِ. وَأَمَّا فِي الْحُدُودِ فَلَا يُنْقَلُ عَنْ الْبَيِّنَةِ إلَّا فِي غَيْبَةٍ بَعِيدَةٍ، فَأَمَّا الْيَوْمَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَلَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْحُدُودِ فَجَائِزٌ فِي مِثْلِ هَذَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 497 وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ بِخِلَافِ جِنٍّ. وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَصْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِلَّا مَضَى بِلَا غُرْمٍ. وَنَقَلَ عَنْ كُلٍّ: اثْنَانِ   [منح الجليل] وَ) إنْ لَمْ (يَطْرَأْ) أَيْ يَتَجَدَّدْ لِلْأَصْلِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ (فِسْقٌ) خَفِيٌّ كَسَرِقَةٍ وَزِنًا، أَوْ ظَاهِرٌ كَقَتْلٍ وَحِرَابَةٍ (أَوْ عَدَاوَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ شَهَادَةِ النَّقْلِ، فَإِنْ طَرَأَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا قَبْلَهُ بَطَلَتْ شَهَادَةُ النَّقْلِ (بِخِلَافِ) طُرُوُّ (جِنٍّ) أَيْ جُنُونٍ لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ قَبْلَهُ فَلَا يُبْطِلُهَا (وَ) إنْ (لَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ النَّاقِلُ (أَصْلُهُ) أَيْ الْمَنْقُولُ عَنْهُ (قَبْلَ الْحُكْمِ) بِشَهَادَةِ النَّقْلِ بِأَنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ أَصْلًا أَوْ كَذَّبَهُ بَعْدَهُ، كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ كَذَّبَهُ قَبْلَهُ بِأَنْ قَالَ لَمْ أُشْهِدْهُ عَلَى شَهَادَتِي وَلَمْ يَسْمَعْنِي أُؤَدِّيهَا عِنْدَ حَاكِمٍ لِيَحْكُمَ بِهَا أَوْ قَالَ لَا شَهَادَةَ لِي فِي ذَلِكَ بَطَلَ النَّقْلُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَذَّبَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ النَّاقِلَ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ (مَضَى) الْحُكْمُ وَنَفَذَ الْمَحْكُومُ بِهِ (بِلَا غُرْمٍ) عَلَى الشُّهُودِ النَّاقِلِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ بِكَذِبِهِمْ وَالْحُكْمُ صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَلَا يُنْقَضُ، وَكَذَا طُرُوُّ فِسْقِ الْأَصْلِ أَوْ عَدَاوَتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ. فِي الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي شَاهِدَيْنِ نَقَلَا شَهَادَةَ رَجُلٍ ثُمَّ قَدِمَ فَأَنْكَرَ إشْهَادَهُمَا أَوْ كَوْنَهُ عَلِمَ ذَلِكَ وَقَدْ حَكَمَ بِهَا، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُفْسَخُ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى يَمْضِي وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَا يُقْبَلُ تَكْذِيبُهُ لَهُمَا. ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَصْوَبُ، قَالَ وَلَوْ قَدَّمَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَقَالَ ذَلِكَ سَقَطَتْ الشَّهَادَةُ. ابْنُ يُونُسَ كَالرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ طَرَأَ عَلَى الْأَصْلِ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ أَوْ رِدَّةٌ امْتَنَعَتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ. الْمَازِرِيُّ حُدُوثُ فِسْقِ الْأَصْلِ بَعْدَ سَمَاعِ النَّقْلِ عَنْهُ وَقَبْلَ أَدَائِهِ يُبْطِلُ شَهَادَتَهُ، وَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْفِسْقَ إنْ كَانَ مِمَّا يَخْفَى وَيُكْتَمُ كَالزِّنَا أَشْعَرَ بِسَابِقِ مُقَدِّمَاتٍ تَمْنَعُ الْعَدَالَةَ، وَإِنْ كَانَ يُجَاهَرُ بِهِ كَالْقَتْلِ لَمْ يُشْعِرْ بِأَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ. قَالَ وَإِنْ انْتَقَلَ مَنْ طَرَأَ فِسْقُهُ لِعَدَالَةٍ فَفِي صِحَّةِ النَّقْلِ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ مِنْهُ أَوْ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ خِلَافٌ بَيْنَ النَّاسِ. (وَ) إنْ (نَقَلَ عَنْ كُلٍّ) مِنْ الشَّاهِدَيْنِ الْأَصْلَيْنِ أَوْ الشُّهُودِ الْأُصُولِ (اثْنَانِ) يَنْقُلَانِ عَنْ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ ثُمَّ يَنْقُلَانِ عَنْ الْأَصْلِ الْآخَرِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِ اثْنَيْنِ آخَرَيْنِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 498 لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا. وَفِي الزِّنَا: أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلٍّ، أَوْ عَنْ كُلٍّ اثْنَيْنِ: اثْنَانِ.   [منح الجليل] عَنْ الْآخَرِ (لَيْسَ أَحَدُهُمَا) أَيْ النَّاقِلَيْنِ (أَصْلًا) فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلًا كَانَ نَقْلُ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ مَعَ ثَالِثٍ غَيْرُ أَصْلٍ عَنْ الْأَصْلِ الْآخَرِ، فَلَا يَصِحُّ. ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ نَقْلِ غَيْرِ الزِّنَا اثْنَانِ وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي أَصْلٍ آخَرَ فِيهَا، وَتَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ وَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ فِي الْحُقُوقِ عَنْ وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ فِي مَالٍ؛ لِأَنَّهَا بَعْضُ شَهَادَةِ شَاهِدٍ وَالنَّقْلُ نَفْسُهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَوْ أُجِيزَ ذَلِكَ فَلَا يَصِلُ إلَى قَبْضِ الْمَالِ إلَّا بِيَمِينَيْنِ، وَإِنَّمَا «قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَالِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاحِدَةٍ» . ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا وَثَالِثٌ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ وَاحِدًا أَحْيَا شَهَادَتَهُمَا. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا شَهِدَ رَجُلٌ فِي حَقٍّ عَلَى عِلْمِهِ وَشَهِدَ هُوَ وَآخَرُ يَنْقُلَانِ عَنْ رَجُلٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا أَحْيَا الشَّهَادَةَ. فِي الْعُتْبِيَّةِ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى عِلْمِ نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْ الْآخَرِ. (وَ) إنْ نَقَلَ (فِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ) وَاحِدَةً (عَنْ كُلٍّ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأُصُولِ (أَوْ) يَنْقُلُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا لَكِنْ (عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ) أَصْلَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأُصُولِ (اثْنَانِ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْفُرُوعِ، وَأَوْلَى نَقْلُ سِتَّةَ عَشَرَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ النَّقْلُ إلَّا هَكَذَا، وَلَوْ نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَاثْنَانِ عَنْ الرَّابِعِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إلَّا حَيْثُ تَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرَ وَالرَّابِعُ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ اثْنَانِ لَوْ حَضَرَ مَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ مَعَ الِاثْنَيْنِ النَّاقِلَيْنِ عَنْ الثَّلَاثَةِ لِنَقْصِ الْعَدَدِ وَلِأَنَّ عَدَدَ الْفَرْعِ نَاقِصٌ عَنْ عَدَدِ الْأَصْلِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الثَّلَاثَةِ اثْنَانِ فَقَطْ وَالْفَرْعُ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَنَائِبٌ عَنْهُ هَذَا عَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَلِابْنِ عَرَفَةَ خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ تَجُوزُ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ فِي الزِّنَا وَاثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّمَاعِ تَجُوزُ ثَلَاثَةٌ إلَخْ كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ سَائِلٍ، لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِهِ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 499 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَاثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ، فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْجَوَازَ فِي هَذَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، وَنَقَلْت نَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ بِتَمَامِهِ فِي حَاشِيَتِي عَلَى شَرْحِ شَيْخِ مَشَايِخِي سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْأَمِيرِ عَلَى مَجْمُوعِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 500 وَلُفِّقَ نَقْلٌ بِأَصْلٍ وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلٍ أَصْلِهِ وَنَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ   [منح الجليل] وَلُفِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (نَقْلٌ بِأَصْلٍ) فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ فَفِيهِ كَاثْنَيْنِ عَلَى رُؤْيَتِهِ وَاثْنَيْنِ نَاقِلَيْنِ عَنْ اثْنَيْنِ بِرُؤْيَتِهِ، وَكَثَلَاثَةٍ بِرُؤْيَتِهِ، وَاثْنَيْنِ عَنْ أَصْلٍ بِهَا، وَفِي غَيْرِهِ كَاثْنَيْنِ نَاقِلَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ وَوَاحِدٌ أَصْلٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَتِمُّ الشَّهَادَةُ بِبَعْضِ الْأَصْلِ وَالنَّقْلِ عَنْ بَاقِيهِ بِشَرْطِ عَدَدِهِ عِنْدَ قَائِلِيهِ. الشَّيْخُ لِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى رُؤْيَةِ نَفْسِهِ وَثَلَاثَةٌ عَلَى شَهَادَةِ ثَلَاثَةٍ، فَذَلِكَ تَامٌّ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ حَتَّى يَكُونَ عَدَدُ الشُّهُودِ أَرْبَعَةً عِنْدَ الْحَاكِمِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَاثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ اثْنَيْنِ وَأَمَّا وَاحِدٌ عَلَى رُؤْيَتِهِ وَاثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ ثَلَاثَةٍ فَلَمْ يَجُزْ، وَحُدَّ شَاهِدُ الرُّؤْيَةِ لِلْقَذْفِ وَشَاهِدُ النَّقْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِمَا أَنَّهُ زَانٍ إنَّمَا قَالَا أَشْهَدَانَا عَلَى شَهَادَتِهِمْ أَنَّ فُلَانًا زَانٍ رَأَيْنَاهُ وَفُلَانًا، فَلَا يُحَدَّانِ، وَإِنْ قَدِمَ الثَّلَاثَةُ حُدُّوا إلَّا أَنْ يَثْبُتُوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ حِينَ قَدِمُوا، وَيَشْهَدُوا بِهَا فَيُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ. مُحَمَّدٌ هَذَا إنْ تَأَخَّرَ ضَرْبُ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ حَتَّى قَدِمَ هَؤُلَاءِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَاحِدٌ وَقَدِمَ اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَيِّتِ مِنْهُمْ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ غَيْرُ وَاحِدٍ فَشَهِدَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ إنْ حَضَرَ ثَلَاثَةٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ وَغَابَ الرَّابِعُ أَوْ مَاتَ فَلَا تَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ يَنْقُلُونَ عَنْهُ. (وَجَازَ تَزْكِيَةُ) شَاهِدٍ (نَاقِلٍ) شَهَادَةَ غَيْرِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (أَصْلَهُ) أَيْ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إذْ لَا تُهْمَةَ فِيهَا وَلَا تَجُوزُ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ النَّاقِلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَشَقَّةَ التَّأْدِيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَيْسَ النَّقْلُ عَنْ الشَّاهِدِ تَعْدِيلًا لَهُ حَتَّى يُعَدِّلَهُ النَّاقِلُونَ أَوْ يَعْرِفَهُ الْقَاضِي بِعَدَالَةٍ أَشْهَبَ، وَإِلَّا طَلَبَ مِنْهُ مَنْ يُزَكِّيه. (وَ) جَازَ (نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ مَعَ رَجُلٍ) نَاقِلٍ عَنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ (فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ) أَيْ النِّسَاءِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ مِمَّا تَعَلَّقَ بِعَوْرَةِ النِّسَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ وَالْوَكَالَةُ عَلَيْهَا وَهُنَّ وَإِنْ كَثُرْنَ كَرَجُلٍ، فَلَا يَنْقُلْنَ إلَّا مَعَ رَجُلٍ نَقَلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَقَالَهُ أَشْهَبُ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 501 وَإِلَّا قَالَا وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا: سَقَطَتَا وَنُقِضَ، إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُمْ:   [منح الجليل] وَقَالَ غَيْرُهُمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى شَهَادَةٍ وَلَا عَلَى وَكَالَةٍ فِي مَالٍ. سَحْنُونٌ وَهَذَا أَعْدَلُ. عِيَاضٌ أَرَادَ أَنَّ أَشْهَبَ وَافَقَهُ فِي نَقْلِهِنَّ فَقَطْ لَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ. (وَإِنْ) شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا بِمَالٍ ثُمَّ (قَالَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِمُقْتَضَاهَا (وَهِمْنَا) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ غَلِطْنَا فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ زَيْدٌ مَثَلًا (بَلْ) إنَّمَا نَشْهَدُ عَلَى عَمْرٍو وَ (هُوَ هَذَا: سَقَطَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ مَعًا الْأُولَى لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْغَلَطِ فِيهَا، وَالثَّانِيَةُ لِإِخْرَاجِهِمَا أَنْفُسَهُمَا مِنْ الْعَدَالَةِ لِإِقْرَارِهِمَا بِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِدُونِ يَقِينٍ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَقَالَهُ هُوَ وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ قَالَا قَبْلَ الْقَطْعِ وَهِمْنَا بَلْ هُوَ هَذَا الْآخَرُ فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُمَا قَدْ كَانَا بَرَّآهُ حِينَ شَهِدَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْحُكْمِ وَقَبْلَ إنْفَاذِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ إذَا قَالَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَهِمْنَا لَمْ يُقْبَلَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، قَالَا وَلَوْ قَالَا فِي آخَرَ عَلَى هَذَا شَهِدْنَا وَوَهِمْنَا فِي الْأَوَّلِ لَمْ يُقْبَلَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. أَشْهَبُ كَانَ ذَلِكَ فِي حَقٍّ أَوْ قَتْلٍ أَوْ سَرِقَةٍ لِإِخْرَاجِهِمَا أَنْفُسَهُمَا عَنْ الْعَدَالَةِ بِإِقْرَارِهِمَا أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى الْوَهْمِ وَالشَّكِّ. (وَ) إنْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى شَخْصٍ بِقَتْلٍ آخَرَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ عَمْدًا عُدْوَانًا أَوْ أَرْبَعَةٌ عَنْ مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقِصَاصِ مِنْ الْأَوَّلِ وَرَجْمِ الثَّانِي (نُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ فُسِخَ الْحُكْمُ (إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُمْ) أَيْ الشُّهُودِ فِي شَهَادَتِهِمْ. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اسْتَوْفَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَجْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ، فَلَوْ قَالَ وَنُقِضَ إنْ ثَبَتَ كَذِبُهُمْ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ أَوْ جَبِّهِ قَبْلَ الزِّنَا أَوْ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَ كَدِيَةِ خَطَأٍ وَإِلَّا فَلَا كَرُجُوعِهِمْ وَلَوْ عَنْ دِمَاءٍ وَحَدٍّ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَتَمَّ. ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَضَمِيرُ غَرِمَا لِلشَّاهِدَيْنِ فِي عَدَمِ النَّقْضِ فِي صُورَتَيْ تَبَيُّنِ الْكَذِبِ وَالرُّجُوعِ. اهـ. (كَ) ظُهُورِ (حَيَاةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 502 كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ، أَوْ جَبِّهِ قَبْلَ الزِّنَا   [منح الجليل] مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي شَهِدَا بِأَنَّهُ (قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأٍ، فَإِنْ كَانَ اقْتَصَّ فِي الْعَمْدِ ثُمَّ قَدِمَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا غَرِمَ الشَّاهِدَانِ الدِّيَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمَا وَلَا شَيْءَ مِنْهَا عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ وَإِنْ شَهِدَا بِالْقَتْلِ خَطَأً ثُمَّ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ بَعْدَ غُرْمِ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَرْجِعُ الْعَاقِلَةُ بِالدِّيَةِ عَلَى مَنْ أَخَذَهَا، فَإِنْ أَعْدَمَ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَى الشُّهُودِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ. (أَوْ) ظُهُورِ (جَبِّهِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا (قَبْلَ الزِّنَا) الْمَشْهُودِ بِهِ وَيَغْرَمُ الشُّهُودُ دِيَتَهُ وَلَا يُحَدُّونَ لِجَبِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَتَلَ ابْنَ هَذَا عَمْدًا فَقَضَى بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَدِمَ الِابْنُ حَيًّا غَرِمَ الشَّاهِدَانِ دِيَتَهُ فِي أَمْوَالِهِمَا إنْ تَعَمَّدَا ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَا عَلَى الْأَبِ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا مِنْ الشَّاهِدَيْنِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ صَالَحَ الْأَبُ الْقَاتِلَ بِمَالٍ لِرَدِّهِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَلَا يُتَّبَعُ الشَّاهِدَانِ بِشَيْءٍ وَقَالَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا يُقَيَّدُ إنْ تَعَمَّدُوا ذَلِكَ، وَزَادَ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ فِيمَا غَرِمَا عَلَى الْقَاتِلِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ تَعَدَّيَا، فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ رَجَعَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَاتِلِ، فَإِنْ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَ النَّفْسَ، ثُمَّ قَالَ وَرُوِيَ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَتْبَعَ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ اخْتَارَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَوُّلُ عَنْهُمَا إلَّا بِعَدَمِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُمَا رَجَعَا بِهِ عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْوَلِيِّ الْقَاتِلِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَوُّلُ عَنْهُ إلَى الشَّاهِدَيْنِ أَعْدَمَ أَوْ لَمْ يُعْدِمْ وَإِنْ وَدَى الْوَلِيُّ الْقَاتِلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْمَحْكُومِ بِقَتْلِهِ حَيًّا أَبْطَلَ الْحُكْمَ، وَالْوَلِيُّ إنَّمَا أَخَذَ مَا أَعْطَاهُ الشَّاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُمَا صَدَقَا عِنْدَهُ، وَاَلَّذِي أَخَذَهُ قِصَاصٌ لَا ثَمَنَ لَهُ، وَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ غُرْمُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ أَتْلَفَا ذَلِكَ. قُلْت فَحَاصِلُهُ إنْ قَدِمَ مَنْ اُقْتُصَّ بِقَتْلِهِ بِبَيِّنَةٍ حَيًّا فَفِي تَعَيُّنِ رُجُوعِ وَلِيِّ مَنْ قُتِلَ بِهِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِدِيَتِهِ فِي أَمْوَالِهِمْ إنْ كَانَا مَلِيَّيْنِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُقْتَصِّ تَخْيِيرُهُ فِي ذَلِكَ وَفِي رُجُوعِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 503 لَا رُجُوعُهُمْ، وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً   [منح الجليل] عَلَى الْمُقْتَصِّ. ثَالِثُهَا لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُقْتَصِّ بِشَيْءٍ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِقَتْلٍ خَطَأً ثُمَّ قَدِمَ مَنْ شَهِدَ بِقَتْلِهِ بَعْدَ غُرْمِ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ رَجَعَتْ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِهَا حَالَّةً فَإِنْ أَعْدَمَتْ فَعَلَى الْوَلِيِّ وَمَنْ يَغْرَمُ مِنْهُمَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ، وَرُوِيَ أَنَّ الْعَاقِلَةَ مُخَيَّرَةٌ، فَإِنْ اتَّبَعَتْ الْبَيِّنَةَ فَلَا تَحَوُّلَ لَهَا عَنْهَا إلَى الْوَلِيِّ إلَّا فِي عَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ غَرِمَتْ رَجَعَتْ عَلَى الْوَلِيِّ، وَإِنْ اتَّبَعَتْ الْوَلِيَّ فَلَا تَحَوُّلَ لَهَا عَنْهُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَعْدَمَ؛ لِأَنَّهُ إنْ غَرِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْأَبَ يَرُدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ مَا أَخَذَ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا غَرِمَتْ الْبَيِّنَةُ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَرَجَمَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَجْبُوبًا فَلَا يُحَدُّ الشُّهُودُ، إذْ لَا يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِمَجْبُوبٍ يَا زَانٍ وَعَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ وَطُولِ السَّجْنِ إلَّا أَنْ يَقُولُوا رَأَيْنَاهُ يَزْنِي قَبْلَ جَبِّهِ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ حَالٍ. (لَا) يُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ ثَبَتَ (رُجُوعُهُمْ) أَيْ الشُّهُودِ عَنْ الشَّهَادَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ انْتِقَالُ الشَّاهِدِ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ بِأَمْرٍ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ دُونَ نَقِيضِهِ، فَيَدْخُلُ انْتِقَالُهُ إلَى شَكٍّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الشَّاكَّ حَاكِمٌ أَوْ غَيْرُ حَاكِمٍ، الْأَوَّلُ لِلْأَصْبَهَانِيِّ شَارِحِ الْمَحْصُولِ، وَالثَّانِي لِلْقَرَافِيِّ، وَقَيْدُ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ، هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ، وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمَازِرِيِّ صِدْقُهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَدَاءِ فَعَلَيْهِ يُحْذَفُ لَفْظُ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ رُجُوعُهُمْ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِمَالٍ مَضَى اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ بِقَتْلٍ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْقَضُ كَمَا فِي الْمَالِ، وَلَهُ أَيْضًا مَعَ غَيْرِهِ لَا يُسْتَوْفَى فِي الدَّمِ لِحُرْمَتِهِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحُكْمَ تَامٌّ. (وَ) إنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ (غَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (مَالًا) اتِّفَاقًا لِلْمَشْهُودِ لِشَهَادَتِهِمَا بِهِ، وَلَوْ قَالَا غَلِطْنَا؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَهُ غَرِمَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا غَرِمَهُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (وَ) غَرِمَا (دِيَةً) لِلْمُقْتَصِّ مِنْهُ أَوْ الْمَرْجُومِ إنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِقَتْلٍ بَعْدَ قَتْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا بِالرَّجْمِ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدَا الزُّورَ، وَقَالَا غَلِطْنَا خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 504 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِي عَدَمِهِ قَالَ إذْ لَوْ غَرِمَا فِي الْخَطَأِ مَعَ كَثْرَةِ الشَّهَادَةِ لَتَوَرَّعَ النَّاسُ عَنْهَا، بَلْ (وَلَوْ تَعَمَّدَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الزُّورَ فَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ يُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ وَاسْتَقَرَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِقَتْلِهِمَا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَالْوَلِيُّ وَالْقَاضِي مَعْذُورَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ شَهِدُوا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَحَكَمَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ وَدَفْعِهِ لِلْوَلِيِّ فَأَقَرَّ بِالزُّورِ قَبْلَ قَتْلِهِ فَقَدْ اُضْطُرِبَ فِيهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً يَنْفُذُ الْحُكْمُ بِقَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُمَا الْآنَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، ثُمَّ قَالَ هَذَا الْقِيَاسُ وَلَكِنْ أَقِفُ عَنْ الْحُكْمِ بِقَتْلِهِ لِحُرْمَتِهِ، وَكَذَا الْقَطْعُ وَشَبَهُهُ، وَالْعَقْلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ أَيْضًا. أَصْبَغُ الْقِيَاسُ الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ وَالرَّجْمُ فِي زِنَا الْمُحْصَنِ وَأَسْتَحْسِنُ أَنْ لَا يُقْتَلَ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَخَطَرِهِ وَلَا دِيَةَ عَلَى شَاهِدٍ وَلَا مَشْهُودٍ عَلَيْهِ وَأَرَاهُ شُبْهَةً كَبِيرَةً وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ الْمَازِرِيُّ. قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ الْعَقْلُ أَحَبُّ إلَيَّ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَلَى مَنْ يَكُونُ الْعَقْلُ هَلْ عَلَى الشُّهُودِ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْطَلُوا الدَّمَ فَيَغْرَمُوا دِيَتَهُ وَإِنْ أَرَادَهُ فَهَلْ عَلَيْهِمْ دِيَةُ مَنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَوْ دِيَةُ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْتَلِفُ قَدْ يَكُونُ الْقَتِيلُ رَجُلًا وَالْقَاتِلُ امْرَأَةً أَوْ عَكْسُهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْقَاتِلِ حَقٌّ لَا يَبْطُلُ الدَّمُ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ زِنَا مُحْصَنٍ فَفِي تَنْفِيذِ حَدِّهِ وَسُقُوطِهِ لَا لِبَدَلٍ. ثَالِثُهَا يُحَدُّ حَدَّ بِكْرٍ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ زِنَا غَيْرِ مُحْصَنٍ فَفِي إنْفَاذِهِ وَسُقُوطِهِ بِعُقُوبَتِهِ فَقَطْ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ اللَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَاخْتِيَارِهِ. وَفِي الْقَذْفِ مِنْهَا وَإِنْ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَمَا وَجَبَ الْحَدُّ مَا شَهِدْنَا إلَّا بِزُورٍ دُرِئَ الْحَدُّ. ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا شَهِدَا بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَرُجُوعُهُمَا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ، وَهُوَ إقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِمَا أَتْلَفَاهُ وَشَهَادَتُهُمَا الْأُخْرَى بَاطِلَةٌ وَالْحُكْمُ مَاضٍ. ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَ رُجُوعُ الشُّهُودِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَلَا قَضَاءَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَخِلَافٌ يَنْفُذُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ غَرِمَا الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ حَارِثٍ إنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمَالِ وَجَبَ لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ قَبْضُهُ اتِّفَاقًا، وَفِيهَا إنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِدَيْنٍ ضَمِنَاهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ تَنْفِيذِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ عَلَى الْمَوَّازِيَّةِ إنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 505 وَلَوْ تَعَمَّدَا وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ فِي الْغُرْمِ:   [منح الجليل] فَهَرَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَطَلَبَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا كَانَا يَغْرَمَانِهِ لِغَرِيمِهِ لَوْ غَرِمَ فَلَا يَلْزَمُهُمَا غُرْمٌ حَتَّى يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُنَفِّذُ الْقَاضِي الْحُكْمَ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِعِينَ بِالْغُرْمِ هَرَبَ أَوْ لَمْ يَهْرُبْ، فَإِنْ غَرِمَ أَغْرَمَهُمَا، وَكَمَا لَوْ شَهِدَا بِالْحَقِّ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَغْرَمَ هُوَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ الشَّاهِدَيْنِ بِالْمَالِ حَتَّى يَدْفَعَاهُ عَنْهُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ. الْبُنَانِيُّ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَدِيَةً فَقَطْ، إذَا الْعَمْدُ فِي الْمَالِ أَحْرَى بِالْغُرْمِ فَلَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ، وَمَا قَبْلَهَا فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا، لَكِنْ بِالْغُرْمِ وَعَدَمِهِ، وَمَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِيهِ مِنْ الْغُرْمِ خِلَافُ قَوْلِ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لَكِنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ. (وَ) لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِإِحْصَانِهِ وَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ اخْتَصَّ شُهُودُ الزِّنَا بِغُرْمِ الدِّيَةِ فَ (لَا يُشَارِكُهُمْ) أَيْ شُهُودَ الزِّنَا (شَاهِدَا الْإِحْصَانِ) فِي غُرْمِ الدِّيَةِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَمَنْ وَافَقَهُ يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ رَجْمِهِ مُرَكَّبٌ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَسْتَوِي السِّتَّةُ فِي الْغُرْمِ أَوْ عَلَى شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ نِصْفُهَا؟ قَوْلَانِ، وَلَوْ انْفَرَدَتْ شَهَادَةُ الزِّنَا لَمْ يُرْجَمْ، كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ رُجِمَ بِشُهُودِ الزِّنَا وَالْإِحْصَانِ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ، فَإِنَّ الْغُرْمَ يَخْتَصُّ بِشُهُودِ الزِّنَا لِعَدَمِ تَبَيُّنِ كَذِبِ شُهُودِ الْإِحْصَانِ فَهِيَ مِنْ تَمَامِ قِسْمِ تَبَيُّنِ الْكَذِبِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ رُجِمَ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ بِزِنَاهُ وَاثْنَيْنِ بِإِحْصَانِهِ ثُمَّ رَجَعُوا أَجْمَعُونَ فَفِي عَدَمِ غُرْمِ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ وَغُرْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا سُدُسُ الدِّيَةِ، وَبَاقِيهَا عَلَى بَيِّنَةِ الزِّنَا بِالسَّوِيَّةِ، ثَالِثُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ رُبْعُهَا وَنِصْفُهَا عَلَى بَيِّنَةِ الزِّنَا بِالسَّوِيَّةِ لِأَصْبَغَ مَعَ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُحَمَّدٍ، وَأَشَارَ الْمَازِرِيُّ إلَى أَنَّ ذَلِكَ بِنَاءٌ عَلَى حَصْرِ حُكْمِ الرَّجْمِ إلَى إضَافَتِهِ لِوَصْفِ زِنَاهُ وَلَغْوِ إحْصَانِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفُ كَمَالٍ لَهُ لَا وَصْفُ نَقْصٍ فِيهِ، أَوْ إضَافَتِهِ إلَى وَصْفَيْ إحْصَانِهِ وَزِنَاهُ مِنْ عَدَدِ مُثْبِتِهِمَا أَوْ إضَافَتِهِ إلَى الْوَصْفَيْنِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُمَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 506 كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي، وَأُدِّبَا فِي كَقَذْفٍ، وَحُدَّ شُهُودُ الزِّنَا مُطْلَقًا: كَرُجُوعِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ فِي الْغُرْمِ فَقَالَ (كَرُجُوعِ) جِنْسِ الْعَدْلِ (الْمُزَكِّي) لِشُهُودِ الزِّنَا أَوْ قَتْلِ الْعَمْدِ عَنْ تَزْكِيَتِهِمْ بَعْدَ رَجْمِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَتْلِهِ قِصَاصًا، فَلَا يَغْرَمُ الْمُزَكِّي شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ، سَوَاءٌ رَجَعَ الشُّهُودُ الْأُصُولُ أَوْ لَا، فَفِي النَّوَادِرِ سَحْنُونٌ إنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِحَقٍّ وَالْقَاضِي لَا يَعْرِفُهُمَا فَزَكَّاهُمَا رَجُلَانِ فَقَبِلَهُمَا الْقَاضِي وَحَكَمَ بِالْحَقِّ ثُمَّ رَجَعَ الْمُزَكِّيَانِ لِلْبَيِّنَةِ وَقَالَا زَكَّيْنَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ وَمَنْ لَا يُزَكَّى مِثْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ أُخِذَ بِغَيْرِهِمَا وَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ وَمَنْ زَكَّاهُمَا فَلَا يَغْرَمُ إلَّا الشَّاهِدَانِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا. الْمِسْنَاوِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا خِلَافَ أَشْهَبَ فِي رُجُوعِ الْمُزَكِّي كَخِلَافِهِ فِي رُجُوعِ شَاهِدِ الْإِحْصَانِ. وَلَعَلَّهُ يَتَخَرَّجُ فِي رُجُوعِ الْمُزَكِّي بِالْأَوْلَى لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ بِدُونِ الْمُزَكِّي، بِخِلَافِ شَاهِدِ الْإِحْصَانِ فَيَثْبُتُ بِدُونِهِ الْجَلْدُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. (وَأُدِّبَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (فِي كَقَذْفٍ) وَشَتْمٍ وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ وَلَطْمٍ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ بِحَدِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَتَأْدِيبِهِ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَا قَوَدَ عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا، إذْ لَمْ يُتْلِفَا مَالًا فَيَغْرَمَانِهِ، وَلَا نَفْسًا فَيُطْلَبَانِ بِدِيَتِهَا. سَحْنُونٌ إذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ رَجُلًا أَوْ شَتَمَهُ أَوْ ضَرَبَهُ بِسَوْطٍ أَوْ لَطَمَهُ فَجَلَدَهُ الْقَاضِي فِي الْقَذْفِ أَوْ أَدَّبَهُ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْأَدَبُ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ وَأَقَرُّوا بِالزُّورِ فَلَيْسَ فِي هَذَا عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا غُرْمٌ وَلَا قَوَدٌ وَلَا حَدٌّ مَعْرُوفٌ إلَّا الْأَدَبُ مِنْ السُّلْطَانِ، وَلَا تَقَعُ الْمُمَاثَلَةُ فِي اللَّطْمَةِ وَلَا ضَرْبُ السَّوْطِ بِأَمْرٍ يُضْبَطُ، وَلَا أَرْشَ لِذَلِكَ إنَّمَا فِيهِ الْأَدَبُ. (وَحُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ (شُهُودُ الزِّنَا) الرَّاجِعُونَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ حَدَّ الْقَذْفِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْحُرِّ ذِي الْآلَةِ الْعَفِيفِ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ رُجُوعِهِمْ بَعْدَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ بِحَدِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لِلرُّجُوعِ ثَلَاثُ صُوَرٍ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَعْدَهُ، وَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَشَبَّهَ فِي حَدِّ شُهُودِ الزِّنَا فَقَالَ (كَرُجُوعِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ) الَّذِينَ شَهِدُوا بِالزِّنَا عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 507 قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ، فَلَا غُرْمَ، وَلَا حَدَّ، إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَيُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَالْعَبْدُ،   [منح الجليل] مُكَلَّفٍ عَنْ شَهَادَتِهِ (قَبْلَ الْحُكْمِ) بِحَدِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيُحَدُّ الْأَرْبَعَةُ لِعَدَمِ كَمَالِ نِصَابِ شَهَادَةِ الزِّنَا فَهُمْ قَاذِفُونَ. (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالزِّنَا عَلَى مُكَلَّفٍ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِحَدِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (حُدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الشَّاهِدُ (الرَّاجِعُ) اتِّفَاقًا لِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَذْفِ (فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِنُفُوذِ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ مَعَ بَقَائِهِمْ عَلَيْهَا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي تَوْضِيحِهِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَهُ تت. طفى لَمْ يَتَّبِعْهُ بَلْ عِبَارَتُهُ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَنَصُّهُ فَلَوْ رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا وَبَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ اتِّفَاقًا دُونَ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ وَإِذَا رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ حُدُّوا وَلَوْ كَانَ رُجُوعُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ حُدَّ الرَّاجِعُ بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يُحَدُّ الْبَاقُونَ؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ أَوْ لَا يُحَدُّونَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ تَمَّ بِشَهَادَتِهِمْ وَهُمْ الْآنَ بَاقُونَ عَلَيْهَا. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ حُدُّوا كُلُّهُمْ وَبَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ، وَإِيَّاهَا تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا فِي حَدِّ الرَّاجِعِ فَقَطْ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ أَوْ الْجَمِيعِ اهـ. (وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ) شَهِدُوا بِالزِّنَا عَلَى مُكَلَّفٍ (فَلَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ) عَلَى مَنْ رَجَعَ وَلَا عَلَى مَنْ بَقِيَ لِتَمَامِ النِّصَابِ بِالْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي يُحَدُّ الرَّاجِعَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ) بَعْدَ الْحَدِّ وَرُجُوعِ الِاثْنَيْنِ (أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ) الْبَاقِينَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ (عَبْدٌ فَيُحَدُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الِاثْنَانِ (الرَّاجِعَانِ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (وَالْعَبْدُ) حَدَّ الْقَذْفِ لِنَقْصِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 508 وَغَرِمَا فَقَطْ رُبْعَ الدِّيَةِ، ثُمَّ إنْ رَجَعَ ثَالِثٌ: حُدَّ هُوَ وَالسَّابِقَانِ، وَغَرِمُوا رُبْعَ الدِّيَةِ، وَرَابِعٌ فَنِصْفَهَا وَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ بَعْدَ فَقْءِ عَيْنِهِ، وَخَامِسٌ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ، وَرَابِعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ:   [منح الجليل] الْبَاقِينَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عَنْ النِّصَابِ (وَغَرِمَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ (رُبْعَ الدِّيَةِ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْمَرْجُومِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَوْ كَثُرُوا بِمَنْزِلَةِ الرَّابِعِ الْمُكَمِّلِ لِلنِّصَابِ، وَلَا يَغْرَمُ الْعَبْدُ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ شَهَادَتِهِ وَلَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ مَعَهُمْ الِاثْنَانِ الرَّاجِعَانِ، وَرُجُوعُهُمْ لَغْوٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ. طفى قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ، أَصْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَبَحَثَ فِيهِ بِاقْتِضَائِهِ غُرْمَهُ إذَا رَجَعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِالْوَصْفِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ عُبُودِيَّتُهُ، إذْ هُوَ الْمُضِرُّ لِلشَّهَادَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِالرُّجُوعِ مَعَهُ حَصَلَ أَمْ لَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا عِبْرَةَ بِرُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ، وَإِنْ شَهِدَ سِتَّةُ أَحْرَارٍ بِالزِّنَا عَلَى مُحْصَنٍ وَرَجَعَ اثْنَانِ مِنْهُمْ بَعْدَ رَجْمِهِ فَلَا يَغْرَمَانِ وَلَا يُحَدَّانِ. (ثُمَّ إنْ رَجَعَ ثَالِثٌ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالزِّنَا (حُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ (هُوَ) أَيْ الثَّالِثُ (وَ) الشَّاهِدَانِ (السَّابِقَانِ) لِلثَّالِثِ فِي الرُّجُوعِ لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ بِالثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ (وَغَرِمُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ الرَّاجِعُونَ عَنْ شَهَادَتِهِمْ (رُبْعَ الدِّيَةِ) بِالسَّوِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الرَّابِعِ الْمُكَمِّلِ لِلنِّصَابِ، وَكَذَا إذَا رَجَعُوا مُجْتَمِعِينَ (وَ) إنْ رَجَعَ (رَابِعٌ) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ الْأَحْرَارِ أَيْضًا (فَنِصْفُهَا) أَيْ الدِّيَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ لِبَقَاءِ نِصْفِ النِّصَابِ وَهُمْ الِاثْنَانِ الْبَاقِيَانِ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَالْأَرْبَعَةُ الرَّاجِعُونَ بِمَنْزِلَةِ اثْنَيْنِ مُتِمَّيْنِ لِلنِّصَابِ، وَإِنْ رَجَعَ خَامِسٌ فَعَلَى الْخَمْسَةِ الرَّاجِعِينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا لِبَقَاءِ رُبْعِهِ، وَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ فَعَلَى السِّتَّةِ جَمِيعُهَا أَسْدَاسًا وَسَكَتَ عَنْ هَذَيْنِ لِوُضُوحِهِمَا. (وَإِنْ رَجَعَ سَادِسٌ) مِنْ سِتَّةِ أَحْرَارٍ شَهِدُوا عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَأَمَرَ الْإِمَامُ بِرَجْمِهِ وَكَانَ رُجُوعُهُ (بَعْدَ عَيْنِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ (وَ) رَجَعَ (خَامِسٌ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِهِ (وَ) رَجَعَ (رَابِعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِهِ (فَعَلَى) الرَّاجِعِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 509 فَعَلَى الثَّانِي خُمُسُ الْمُوضِحَةِ مَعَ سُدُسِ الْعَيْنِ: كَالْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّالِثِ: رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ.   [منح الجليل] الثَّانِي) أَيْ الْخَامِسِ خُمُسُ دِيَةِ (الْمُوضِحَةِ) لِحُصُولِهَا بِشَهَادَةِ خَمْسَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (مَعَ سُدُسِ) دِيَةِ (الْعَيْنِ) لِحُصُولِ فَقْئِهَا بِسِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ سُدُسِ دِيَةِ الْعَيْنِ فَقَالَ (كَ) الرَّاجِعِ (الْأَوَّلِ) أَيْ السَّادِسِ لِذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ لِرُجُوعِهِ قَبْلَ حُصُولِهَا (وَعَلَى) الرَّاجِعِ (الثَّالِثِ رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ فَقَطْ) لِإِتْلَافِهَا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَتَيْ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي دِيَةِ النَّفْسِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ إنْ رَجَعَ أَحَدُ سِتَّةٍ شَهِدُوا بِزِنَا رَجُلٍ حَدُّهُ الرَّجْمُ بَعْدَ فَقْءِ عَيْنِهِ بِهِ، وَثَانٍ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ بِهِ، وَثَالِثٌ بَعْدَ مَوْتِهِ بِهِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ سُدُسُ دِيَةِ عَيْنِهِ لِفَقْئِهَا بِشَهَادَتِهِ مَعَ خَمْسَةٍ، وَكَذَا عَلَى الثَّانِي مَعَ خُمُسِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ لِكَوْنِهَا بِشَهَادَتِهِ مَعَ أَرْبَعَةٍ، وَعَلَى الثَّالِثِ رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ لِمَوْتِهِ بِشَهَادَتِهِ مَعَ ثَلَاثَةٍ. وَفِي سُقُوطِ مَا عَلَى الثَّانِي عَنْهُ وَلُزُومِهِ إيَّاهُ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ دُخُولَ دِيَةِ فَقْءِ عَيْنِ رَجُلٍ وَدِيَةِ مُوضِحَتِهِ فِي دِيَةِ قَتْلِهِ خَطَأٌ فِي الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ اسْتِلْزَامِ دِيَةِ النَّفْسِ دِيَةَ مَا دُونَهَا كُلِّيَّةً فِي أَجْزَائِهَا أَوْ كُلًّا بِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحَمَّدٌ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَلَا يَسْتَوْفِي. قُلْت هَذَا وَاضِحٌ بَيِّنٌ مِنْ تَعْلِيلِ قَدْرِ مَا وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ، قَالَ وَأَمَّا إنْ قُلْنَا إذَا رَجَعُوا حِينَئِذٍ فَيَسْتَوْفِي، وَلَا يَمْنَعُ رُجُوعُهُمْ مِنْ اسْتِيفَائِهِ فَيَصِيرُ الْمَرْجُومُ كَأَنَّهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِشَهَادَةِ السِّتَّةِ جَمِيعًا، فَيَكُونُونَ كَمَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ أَوْضَحَهُ وَفَقَأَ عَيْنَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ سِوَى رُبْعِ الدِّيَةِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ مَا عَدَاهُ. قُلْت قَوْلُهُ فَيَكُونُونَ كَمَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ أَوْضَحَهُ وَفَقَأَ عَيْنَهُ وَهْمٌ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ أَوْضَحَهُ وَفَقَأَ عَيْنَهُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بِنَفْسِ شَهَادَتِهِمْ وَرُجُوعُهُمْ لَغْوٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَأَيْضًا الْقَوْلُ بِإِمْضَاءِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ مَنْ رَجَعَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَنْفِيذِهِ إنَّمَا ثَبَتَ حَيْثُ لَا مُسْتَنَدَ لِلْحُكْمِ إلَّا شَهَادَةُ الرَّاجِعِينَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إسْنَادُهُ إلَيْهِ حَيْثُ صَحَّ إسْنَادُهُ لِمُقِيمٍ عَلَى شَهَادَتِهِ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 510 وَمُكِّنَ مُدَّعٍ رُجُوعًا مِنْ بَيِّنَةٍ: كَيَمِينٍ إنْ أَتَى بِلَطْخٍ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ.   [منح الجليل] وَ) إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ عِنْدَ حَاكِمٍ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِهِ فَادَّعَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ رَجَعَتْ عَنْ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ بِهِ وَأَنْكَرَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى رُجُوعِهَا (مُكِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا شَخْصٌ (مُدَّعٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً (رُجُوعًا) مِنْ الْبَيِّنَةِ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ عَنْ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ وَأَنْكَرَتْ الْبَيِّنَةُ الرُّجُوعَ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَيْهَا وَصِلَةُ مُكِّنَ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ) عَلَى الرُّجُوعِ الَّذِي ادَّعَاهُ، فَإِنْ أَقَامَهَا وَأُعْذِرَ فِيهَا لِلْبَيِّنَةِ وَعَجَزَتْ عَنْ تَجْرِيحِهَا غَرِمَتْ لَهُ مَا غَرِمَهُ بِشَهَادَتِهَا، وَسَوَاءٌ أَتَى الْمُدَّعِي بِلَطْخٍ أَمْ لَا. وَشَبَّهَ فِي التَّمْكِينِ فَقَالَ (كَيَمِينٍ) مِنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِهَا عَنْ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ الَّذِي ادَّعَاهُ عَلَيْهَا فَيُمَكَّنُ مِنْ طَلَبِهَا مِنْهَا (إنْ) كَانَ (أَتَى) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (بِلَطْخٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ قَرِينَةٍ تُقَوِّي دَعْوَاهُ رُجُوعَهَا عَنْهَا كَتَحَدُّثِ النَّاسِ بِرُجُوعِ الْبَيِّنَةِ عَنْ شَهَادَتِهَا، وَإِقَامَتُهُ شَاهِدًا بِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ، فَإِنْ حَلَفَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِهَا بَرِئَتْ وَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى رُجُوعِهَا أَوْ غَرَّمَهَا مَا غَرِمَهُ بِشَهَادَتِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ سَحْنُونٍ إذَا ادَّعَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهِ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَأَنْكَرَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِلَطْخٍ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَتَى بِلَطْخٍ حَلَفَا وَبَرِئَا، وَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَغْرَمَهُمَا مَا أَتْلَفَاهُ لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمَا. وَلَوْ أَقَامَ عَلَيْهِمَا شَاهِدَيْنِ بِإِقْرَارِهِمَا مَعًا بَعْدَ الْحُكْمِ بِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِزُورٍ فَلْيَغْرَمَا مَا شَهِدَا بِهِ وَيَغْرَمَا دِيَةَ النَّفْسِ فِي الْقِصَاصِ وَالرَّجْمِ مَعَ حَدِّ الْقَذْفِ، وَيَغْرَمَا أَرْشَ الْجِرَاحِ، وَلَا يُنْظَرُ لِرُجُوعِهِمَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ. (وَ) إنْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا عَنْهَا فَ (لَا يُقْبَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (رُجُوعُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (عَنْ الرُّجُوعِ) لِاتِّهَامِهِمَا بِالنَّدَمِ وَالتَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى رُجُوعِهِمَا مِنْ الْغُرْمِ وَالْحَدِّ وَنَحْوِهِمَا، وَلِأَنَّهُ كَرُجُوعِ الْمُقِرِّ بِحَقٍّ. ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا يُنْظَرُ لِرُجُوعِهِمَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ رَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا الْمُوجِبِ غُرْمَهُمَا فَلَا يُقَالُ وَيُقْضَى عَلَيْهِمَا بِمَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الرَّاجِعِ الْمُتَأَدِّي عَلَى رُجُوعِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 511 وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ، وَحَكَمَ: فَالْقِصَاصُ وَإِنْ رَجَعَا عَنْ طَلَاقٍ: فَلَا غُرْمَ: كَعَفْوِ الْقِصَاصِ إنْ دَخَلَ، وَإِلَّا فَنِصْفُهُ:   [منح الجليل] وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ فِي شَهَادَتِهِمْ عِنْدَهُ بِقَتْلِ عَمْدٍ وَزِنَا مُحْصَنٍ (وَحَكَمَ) الْحَاكِمُ بِقَتْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ رَجْمِهِ (فَالْقِصَاصُ) عَلَى الْحَاكِمِ لَا عَلَى الشُّهُودِ الْكَاذِبِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ بِالْقَتْلِ سَوَاءٌ تَعَمَّدُوا الْكَذِبَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَوْتَهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ كَذِبَهُمْ اقْتَصَّ مِنْهُمَا، وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الْحَاكِمُ الْقَتْلَ أَوْ أَمَرَ بِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَأْمُورِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كَذِبَ الشُّهُودِ وَيَعْلَمْ عِلْمَ الْمَذْكُورِينَ بِكَذِبِهِمْ بِإِقْرَارِهِمْ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ عَلِمَ كَذِبَ الشُّهُودِ فَحَكَمَ بِالْجَوْرِ وَأَرَاقَ هَذَا الدَّمَ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الشُّهُودِ إذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْقَتْلَ بِنَفْسِهِ وَأَمَرَ بِهِ مَنْ تَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ، وَلَوْ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَلِمَ كَذِبَ الشُّهُودِ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَأَنَّ الْقَاضِيَ عَلِمَ ذَلِكَ فَقَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّهِ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُقْتَلُ كَالشُّهُودِ خَيَالٌ فَاسِدٌ اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ. (وَإِنْ رَجَعَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (عَنْ) شَهَادَتِهِمَا بِ (طَلَاقٍ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ كُلَّ الْمَهْرِ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يُفْتِيَا عَلَيْهِ إلَّا الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْغُرْمِ فَقَالَ (كَ) رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ بِ (عَفْوِ) هـ عَنْ (الْقِصَاصِ) بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِسُقُوطِهِ فَلَا يَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ شَيْئًا، إذْ لَا قِيمَةَ لِلْقِصَاصِ، وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِ الرَّاجِعِينَ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ (إنْ) كَانَ (دَخَلَ) الزَّوْجُ (بِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (فَنِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ يَغْرَمُهُ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ لِلزَّوْجِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابَيْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ سَحْنُونٍ إنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِطَلَاقِهِ أَلْبَتَّةَ وَالنِّكَاحُ ثَبَتَ بِغَيْرِ شَهَادَتِهِمَا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَغْرَمَانِ نِصْفَ الْمَهْرِ. أَصْبَغُ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا. ابْنُ الْمَوَّازِ الصَّوَابُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ أَرْضَى، وَفِيهَا إنْ رَجَعَا بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ. عِيَاضٌ كَذَا عِنْدَنَا فِي الْأَصْلِ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ هَذَا النِّصْفُ، فَحَمَلَهُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 512 كَرُجُوعِهَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ عَنْ الطَّلَاقِ   [منح الجليل] أَنَّ غُرْمَهُ لِلزَّوْجِ، وَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي كِتَابِ الْعُشُورِ مِنْ الْأَسْمِعَةِ، وَحَمَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ لِيَكْمُلَ لَهَا صَدَاقُهَا الَّذِي أَبْطَلَاهُ عَلَيْهَا بِالْفِرَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ الْمَسْأَلَةَ الْقَرَوِيُّونَ قَالُوا هَذَا مُقْتَضَى النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ غُرْمَهُ لِلزَّوْجِ لَا وَجْهَ لَهُ، إذْ النِّصْفُ عَلَيْهِ مَتَى حَصَلَ الْفِرَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَمْ يَرَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ عَلَيْهِمَا شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ. وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ النِّصْفِ فَقَالَ (كَرُجُوعِهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ (عَنْ) شَهَادَتِهِمَا بِ (دُخُولِ) زَوْجَةٍ (مُطَلَّقَةٍ) أَقَرَّ زَوْجُهَا بِطَلَاقِهَا وَأَنْكَرَ دُخُولَهُ بِهَا فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِغُرْمِ جَمِيعِ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَيَغْرَمَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ لَهُ رُبْعَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ فِي مُطَلَّقَةٍ غَرِمَا نِصْفَ الْمَهْرِ هُوَ نَصُّ الْجَلَّابِ، وَلَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ فِي زَوْجَةٍ لَهُ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا فَطَلَّقَهَا بَعْدَهُ وَهُوَ مُقِرٌّ بِنِكَاحِهَا وَطَلَاقِهَا وَمُنْكِرٌ دُخُولَهُ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا غَرِمَا لَهُ نِصْفَ الصَّدَاقِ الَّذِي لَزِمَهُ بِشَهَادَتِهِمَا. (وَ) إنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِدُخُولٍ وَاثْنَانِ بِطَلَاقٍ عَلَى مَنْ ثَبَتَ نِكَاحُهُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ عَمَّا شَهِدُوا بِهِ (اخْتَصَّ) الشَّاهِدَانِ (الرَّاجِعَانِ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِدُخُولٍ) عَنْ الرَّاجِعَيْنِ (عَنْ) شَهَادَتِهِمَا بِ (الطَّلَاقِ) بِغُرْمِ نِصْفِ الْمَهْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ إنَّمَا تَمَّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِطَلَاقِ مَنْ ثَبَتَ نِكَاحُهَا بِغَيْرِ شَهَادَتِهِمَا وَآخَرَانِ بِأَنَّ الزَّوْجَ دَخَلَ بِهَا وَأَرْخَى السِّتْرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ شَاهِدَا الطَّلَاقِ هَلْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ شَاهِدَا الدُّخُولِ بِطَلَاقِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ فَلَا غُرْمَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ الْمَوَّازِ. ابْنُ سَحْنُونٍ هَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ خَالَفَ فِيهِ وَأَسْقَطَ غُرْمَهُمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أَتْلَفَا مَنَافِعَ بُضْعٍ، وَذَلِكَ لَا يَتَقَوَّمُ، وَمَا غَرِمَهُ الزَّوْجُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَجَبَ عَلَيْهِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَغَرَامَةُ النِّصْفِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ إنَّمَا هِيَ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِالْبِنَاءِ، فَإِذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا غَرِمَا هَذَا النِّصْفَ بِالسَّوَاءِ بَيْنَهُمَا وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 513 وَرَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ: إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ،   [منح الجليل] غَرِمَ رُبْعَ الصَّدَاقِ وَقَرَّرَ أَحْمَدُ أَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجِ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا. طفى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ بِرُجُوعِهِمَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا مِنْهُ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ الْمَوَّازِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ، ثُمَّ قَالَ وَبِمَا ذُكِرَ تَعْلَمُ التَّنَافِيَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّهُ دَرَجَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَدَرَجَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَمَنْ مَعَهُ لَمَّا رَأَى أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَلَيْهِ فَلَمْ تُمْكِنْهُ مُخَالَفَتُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ مَجَالٌ لِلشُّيُوخِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ نِصْفُ الصَّدَاقِ وَعَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ نِصْفُهُ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ اخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ بِغُرْمِ الصَّدَاقِ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ. الْبُنَانِيُّ لَوْلَا تَفْرِيعُ الْمَازِرِيِّ مَا هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَمَنْ مَعَهُ لَقُلْنَا لَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ رُجُوعٍ عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا لِوُجُودِ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ اهـ. أَقُولُ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الرَّاجِعِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (وَ) إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ نِكَاحُهُ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ وَآخَرَانِ بِدُخُولِهِ بِهَا وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ عَنْ شَهَادَتِهِمْ وَغَرِمَ الرَّاجِعَانِ عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ نِصْفَ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ (رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجِ) بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَاهُ لَهُ بِرُجُوعِهِمَا (بِ) سَبَبِ (مَوْتِ الزَّوْجَةِ إنْ أَنْكَرَ) الزَّوْجُ (الطَّلَاقَ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ لِاسْتِلْزَامِهِ وُجُوبَ جَمِيعِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهَا، فَقَدْ كَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تُتْلِفْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 514 وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ، دُونَ مَا غَرِمَ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ وَصَدَاقٍ وَإِنْ كَانَ   [منح الجليل] وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا) أَيْ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ (بِ) عِوَضِ (مَا فَوَّتَاهُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا، أَيْ شَاهِدَا الطَّلَاقِ الزَّوْجَ (مِنْ إرْثٍ) أَيْ مَا كَانَ يَرِثُهُ مِنْ نِصْفِ تَرِكَةِ الزَّوْجَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فَرْعٌ وَإِرْثٌ أَوْ رُبْعُهَا إنْ كَانَ بَيَانٌ لِمَا (دُونَ مَا غَرِمَ) الزَّوْجُ مِنْ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ لِاعْتِرَافِهِ بِكَمَالِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهَا لِإِنْكَارِهِ طَلَاقَهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَاثْنَانِ بِالدُّخُولِ فَالْأَكْثَرُ لَا غَرَامَةَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ، وَيَرْجِعُ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَلَى الزَّوْجِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ مُنْكِرًا طَلَاقَهَا وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ دُونَ مَا غَرِمَ لَهَا، وَتَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ الْمِيرَاثِ وَالصَّدَاقِ. الْمَازِرِيُّ ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ غَرِمَ شَاهِدَا الْبِنَاءِ لِرُجُوعِهِمَا ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ رَجَعَا عَلَى الزَّوْجِ بِمَا غَرِمَا لَهُ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ طَلَاقَهَا وَالْبِنَاءَ بِهَا يُوجِبُ أَنَّ مَوْتَهَا فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَذَلِكَ مُوجِبٌ عَلَيْهِ كُلَّ الصَّدَاقِ. ابْنُ شَاسٍ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلْمَرْأَةِ مَا حَرَمَاهَا مِنْ مِيرَاثِهِ وَمَا أَسْقَطَا مِنْ صَدَاقِهَا، وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا بِمِيرَاثِهِ فَقَطْ لَا بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَ مِنْ الصَّدَاقِ، وَهَذَا الْجَوَابُ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مُنْكِرَ الطَّلَاقَ الَّذِي شَهِدَا بِهِ. (وَ) إنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَمُنْكِرَةٌ لِطَلَاقِهَا الَّذِي شَهِدَا بِهِ وَرَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ (رَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ عَلَيْهِمَا (بِ) عِوَضِ (مَا فَوَّتَاهَا مِنْ إرْثٍ) مِنْ زَوْجِهَا وَهُوَ رُبْعُ تَرِكَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ وَثُمُنُهَا إنْ كَانَ لَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ (وَ) بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ نِصْفِ (صَدَاقٍ) . (وَإِنْ كَانَ) أَيْ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ بِتَجْرِيحٍ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْنِ بِطَلَاقِ أَمَةٍ بِأَنْ كَانَ رَجُلٌ مُتَزَوِّجًا أَمَةَ غَيْرِهِ وَادَّعَى سَيِّدُهَا طَلَاقَهَا بَائِنًا وَأَنْكَرَهُ زَوْجُهَا فَأَقَامَ سَيِّدُهَا شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ فَأَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدَيْنِ بِتَجْرِيحِهِمَا أَوْ غَلَّطَهُمَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 515 عَنْ تَجْرِيحٍ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ: غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ بِزَوْجِيَّتِهَا   [منح الجليل] فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّ شَهَادَةِ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ وَبَقَاءِ الْأَمَةِ عَلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ الْأَخِيرَانِ (عَنْ) شَهَادَتِهِمَا بِ (تَجْرِيحِ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) فَإِنَّهُمَا (يَغْرَمَانِ) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ عَنْ التَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيطِ (لِلسَّيِّدِ) لِتِلْكَ الْأَمَةِ (مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهَا (بِ) سَبَبِ (زَوْجِيَّتِهَا) أَيْ كَوْنِهَا زَوْجَةً. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي حَكَمَ بِالطَّلَاقِ أَوَّلًا ثُمَّ نَقَضَهُ، فَهُمَا حُكْمَانِ كَمَا صَوَّرَ بِهِ " ز " تَبَعًا لتت، وَكَذَا هُوَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بِالطَّلَاقِ حَتَّى يَعْذُرَ لِلزَّوْجِ فِي بَيِّنَتِهِ وَيَعْجِزَ عَنْ تَجْرِيحِهَا، وَأَيْضًا مَا الْمَانِعُ مِنْ تَصْوِيرِهَا بِالشَّهَادَةِ بِالتَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيطِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ الرُّجُوعُ عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِبَقَاءِ زَوْجِيَّتِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ كَيْفِيَّةَ الشَّهَادَةِ بِغَلَطِ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ كَصَاحِبِ النَّوَادِرِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ. الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا كَيْفِيَّتُهَا أَنْ يَشْهَدَا أَنَّهُمَا سَمِعَا شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْغَلَطِ وَمَاتَا أَوْ غَابَا وَلَمْ يَسْأَلَا وَتَذَكَّرَ هُنَا شَهَادَتَهُمَا عَلَى الْقَاضِي أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحْكُمَ بِكَذَا فَوَهَمَ، وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَوْ غَلَطَ بِبَيِّنَةٍ. قُلْت أَوْ بِأَنْ يَشْهَدَ الشَّاهِدَانِ الْأَخِيرَانِ بِأَنَّهُمَا حَضَرَا مَجْلِسَ الطَّلَاقِ وَأَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَةً أُخْرَى لَا الْأَمَةَ أَوْ بِأَنَّهُمَا سَمِعَا كَلَامَ الزَّوْجِ مَعَ الْأَمَةِ وَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ الطَّلَاقِ، وَتَعْتَرِفُ الْبَيِّنَةُ الْأُولَى بِذَلِكَ، وَانْظُرْ مَا سَبَبُ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ وَمَاتَا أَوْ غَابَا وَلَمْ يَسْأَلَا، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ تَصْوِيرِهِ بِحَيَاتِهِمَا وَحُضُورِهِمَا مُنْكِرِينَ الْإِقْرَارَ الْمَشْهُودَ بِهِ أَوْ مُعْتَرِفِينَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ لَهُ أَمَةٌ ذَاتُ زَوْجٍ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِطَلَاقِهَا وَالسَّيِّدُ يَدَّعِيه فَقَضَى لَهُ بِطَلَاقِهَا ثُمَّ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِإِسْقَاطِ شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُمَا زَوَّرَا بِشَهَادَتِهِمَا أَوْ كَانَا غَائِبَيْنِ عَنْ الْبَلَدِ الَّذِي شَهِدَا بِهِ فَأَثْبَت الْقَاضِي النِّكَاحَ وَنَقَضَ حُكْمَهُ بِالْفِرَاقِ، ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ الْأَخِيرَانِ فَعَلَيْهِمَا غُرْمُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا ذَاتَ زَوْجٍ وَقِيمَتِهَا خَالِيَةً مِنْهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 516 وَلَوْ كَانَ بِخُلْعٍ بِثَمَرَةٍ لَمْ تَطِبْ، أَوْ آبِقٍ: فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَحْسَنِ.   [منح الجليل] وَلَوْ كَانَ) الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَةٍ عَلَى زَوْجَةٍ (بِخُلْعٍ) مِنْهَا لِزَوْجِهَا (بِثَمَرَةٍ لَمْ تَطِبْ أَوْ) بِرِقِّ (آبِقٍ) بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّتِهِ لِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ فِيهِ (فَالْقِيمَةُ) لِلثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تَطِبْ وَالْآبِقُ عَلَى غَرَرِهِمَا يَغْرَمُهَا الشَّاهِدَانِ لِلزَّوْجَةِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ رُجُوعِهِمَا بِلَا تَأْخِيرٍ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَكْثَرِ الرُّوَاةِ؛ لِأَنَّهَا (كَالْإِتْلَافِ) لِلثَّمَرَةِ قَبْلَ طِيبِهَا الْمُوجِبِ لِغُرْمِ الْمُتْلِفِ قِيمَتَهَا عَلَى غَرَرِهَا حِينَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ لَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ حَتَّى تُجَذَّ الثَّمَرَةُ وَيَقْبِضَهَا الزَّوْجُ فَيَغْرَمَ الشَّاهِدَانِ قِيمَتَهَا حِينَئِذٍ لِلزَّوْجَةِ، وَلَا يَغْرَمَانِ لَهَا قِيمَةَ الْآبِقِ إلَّا بَعْدَ وِجْدَانِهِ وَقَبْضِهِ وَوَضَحَ قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ بِقَوْلِهِ (بِلَا تَأْخِيرٍ) لِتَقْوِيمِ الثَّمَرَةِ وَالْآبِقِ (لِلْحُصُولِ) أَيْ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَقَبْضِ الْآبِقِ (فَيَغْرَمَ) بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ النَّفْيِ الشَّاهِدَانِ (الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْحُصُولِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ رَاشِدٍ شَارِحِ ابْنِ الْحَاجِبِ، قَالَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَقْيَسُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَجَعَا عَنْ الْخُلْعِ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَغْرَمَانِ قِيمَتَهَا عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَمَنْ أَتْلَفَهَا، وَفِي الْآبِقِ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُؤَخَّرُ الْجَمِيعُ إلَى الْحُصُولِ فَيَغْرَمَانِ مَا يَحْصُلُ، وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ شَهِدَا عَلَى أَنَّهُ خَالَعَهَا بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَأَقَرَّا بِالزُّورِ فَلْيَغْرَمَا لَهَا قِيمَةَ الثَّمَرَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ. ابْنُ الْمَوَّازِ بَلْ يَغْرَمَانِ لَهَا قِيمَتَهَا يَوْمَ يَأْخُذُهَا الزَّوْجُ وَيَقْبِضُهَا، وَكَذَلِكَ إنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ جَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا غُرْمٌ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْجَنِينِ وَقَبْضِهِ، وَبَعْدَ وُجْدَانِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَقَبْضِهِمَا فَيَغْرَمَانِ لَهَا قِيمَةَ ذَلِكَ يَوْمئِذٍ إلَى هَذَا رَجَعَ مُحَمَّدٌ وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ قَوْلٌ تَرَكْته، وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ إنْ ظَهَرَ مَوْتُ الْآبِقِ أَوْ الشَّارِدِ قَبْلَ الْخُلْعِ رَدَّتْ الزَّوْجَةُ الْقِيمَةَ لِلشَّاهِدَيْنِ وَإِنْ ظَهَرَ مَعِيبًا رَدَّتْ لَهُمَا مَا زَادَتْهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ. " غ " الْقِيمَةُ الْأُولَى حِينَ الرُّجُوعِ وَهِيَ مُثْبَتَةٌ، وَالْقِيمَةُ الثَّانِيَةُ حِينَ الْحُصُولِ وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 517 وَإِنْ كَانَ بِعِتْقٍ غَرِمَا قِيمَتَهُ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَهَلْ إنْ كَانَ لِأَجَلٍ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ وَالْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ لَهُمَا، أَوْ تَسْقُطُ مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ،   [منح الجليل] مَوْضِعٍ وَلَا عَلَى حُكْمٍ فَلَا تَكْرَارَ وَلَا إعَادَةَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فَيَغْرَمَ بِالنَّصْبِ جَوَابًا لِلنَّفْيِ وَعُطِفَ الْمَصْدَرُ الْمُؤَوَّلُ عَلَى الصَّرِيحِ وَالْأَحْسَنِيَّةُ ذَكَرَهَا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ فَقَالَ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَقْيَسُ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْغُرْمُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمُخَالِعُ بِهِ يَوْمَ الْخُلْعِ كَالْإِتْلَافِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ كَانَ تَالِفًا يَوْمئِذٍ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ. وَأَمَّا فِي الْإِتْلَافِ فَلَا. اهـ. وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ كَانَ) الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ (بِعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُنْكِرِ لَهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ (غَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (قِيمَتَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ الْإِفَاتَةِ فِيهَا إنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْعِتْقِ الَّذِي شَهِدَا بِهِ ضَمِنَا قِيمَةَ الْمُعْتَقِ (وَوَلَاؤُهُ) أَيْ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ (لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ لِاعْتِرَافِهِمَا لَهُ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُقِيمًا عَلَى الْجَحْدِ فَلَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ رَجُلٍ فَوَلَاؤُهُ لِلرَّجُلِ. الْمَازِرِيُّ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ مُعْتَرِفَانِ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِسَيِّدِهِ لَا لَهُمَا، فَإِذَا مَاتَ الْعَتِيقُ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِعِتْقِهِ أَمَةً وَعَلِمَ سَيِّدُهَا بُطْلَانَ الشَّهَادَةِ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ قَبَضَ قِيمَتَهَا، وَلَا يَجُوزُ لِلْأَمَةِ التَّزَوُّجُ إذَا عَلِمَتْ بُطْلَانَ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا جَازَ. (وَهَلْ إنْ كَانَ) الْعِتْقُ الَّذِي شَهِدَا بِهِ وَرَجَعَا عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ (لِأَجَلٍ) كَسَنَةٍ (يَغْرَمَانِ) أَيْ الشَّاهِدَانِ (الْقِيمَةَ) لِسَيِّدِهِ (وَ) تَكُونُ (الْمَنْفَعَةُ) أَيْ غَلَّةُ الرَّقِيقِ مُسْتَمِرَّةً (إلَيْهِ) أَيْ الْأَجَلِ (لَهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ يَسْتَوْفِيَانِ مِنْهَا الْقِيمَةَ الَّتِي أَدَّيَاهَا لِلسَّيِّدِ، وَمَا زَادَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ عَنْهَا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي الْأَجَلِ أَوْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ تُوفِ مَنْفَعَتُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى السَّيِّدِ بِشَيْءٍ، وَهَلْ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ لَهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَا مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ يَبْقَى تَحْتَ سَيِّدِهِ وَيَدْفَعَ لَهُمَا غَلَّتَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ مَثَلًا قَوْلَانِ. (أَوْ يُسْقَطَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ (مِنْهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (الْمَنْفَعَةُ) أَيْ قِيمَتُهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 518 أَوْ يُخَيَّرُ فِيهِمَا؟ أَقْوَالٌ. وَإِنْ كَانَ بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ:   [منح الجليل] عَلَى غَرَرِهَا وَتَبْقَى الْمَنْفَعَةُ لِلسَّيِّدِ إلَى الْأَجَلِ (أَوْ يُخَيَّرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلًا لِلسَّيِّدِ (فِيهِمَا) أَيْ إسْلَامِ الْعَبْدِ لِلشَّاهِدَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا الْقِيمَةَ مِنْهَا وَإِسْقَاطِ قِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ، فِي الْجَوَابِ (أَقْوَالٌ) الْبُنَانِيُّ جَعَلَ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةً وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ: لِعَبْدِ الْمَلِكِ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ وَالْمَنْفَعَةَ لِلْأَجَلِ لَهُمَا، لَكِنْ يَبْقَى تَحْتَ يَدِ سَيِّدِهِ وَيُعْطِيهِمَا مِنْ تَحْتِ يَدِهِ. الثَّانِي: لِسَحْنُونٍ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يُسَلَّمُ إلَيْهِمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَا مَا غَرِمَاهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إلَى الْأَجَلِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ يَحْتَمِلُهُمَا قَوْلُهُ وَالْمَنْفَعَةُ لَهُمَا إلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ بَعْدَ أَنْ تَسْقُطَ مِنْهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ لَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ. وَلَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. وَالرَّابِعُ: لِابْنِ الْمَوَّازِ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. شب عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ إنْ اسْتَوْفَيَا مِنْهَا مَا غَرِمَا وَبَقِيَتْ مِنْهَا بَقِيَّةٌ رَجَعَتْ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ رَجَعَا عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ بِبَقِيَّةِ مَالِهِمَا إنْ زَادَتْ قِيمَةُ بَاقِي الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلُ وَتَرَكَ مَالًا أَوْ قُتِلَ وَأَخَذَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ مِمَّنْ قَتَلَهُ فَإِنَّهُمَا يَأْخُذَانِ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ. " ق " مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ شَهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ إلَى سِنِينَ فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا فَعَلَيْهِمَا لِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ حَالَّةً، وَيَطْلُبَانِ ذَلِكَ فِي خِدْمَتِهِ فَيُؤَجِّرَاهُ أَوْ يَسْتَخْدِمَاهُ، فَإِنْ قَبَضَا مَا أَدَّيَا قَبْلَ الْأَجَلِ رَجَعَ الْعَبْدُ يَخْدُمُ سَيِّدَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ تَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَتِمَّ مَا أَدَّيَا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا مِمَّا بَقِيَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ مُسْقِطًا مِنْهَا قِيمَةَ خِدْمَتِهِ لِلْأَجَلِ. ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ قَالَ سَيِّدُهُ بَعْدَمَا أَغْرَمَهُمَا قِيمَتَهُ لَا أُسَلِّمُهُ إلَيْهِمَا وَأَسْتَخْدِمُهُ وَأَدْفَعُ إلَيْهِمَا مَا يَحِلُّ عَلَيَّ مِنْ خِدْمَتِهِ، فَذَلِكَ لَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إسْلَامِهِ إلَيْهِمَا لِيَأْخُذَا مِنْ خِدْمَتِهِ مَا أَدَّيَا وَبَيْنَ حَبْسِهِ وَدَفْعِهِ إلَيْهِمَا مَا يَحْصُلُ مِنْ خِدْمَتِهِ إلَى مَبْلَغِ مَا أَدَّيَا. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ وَإِضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 519 فَالْقِيمَةُ، وَاسْتَوْفَيَا مِنْ خِدْمَتِهِ. فَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ فَعَلَيْهِمَا، وَهُمَا أَوْلَى، إنْ رَدَّهُ دَيْنٌ، أَوْ بَعْضُهُ: كَالْجِنَايَةِ. وَإِنْ كَانَ بِكِتَابَةٍ فَالْقِيمَةُ، وَاسْتَوْفَيَا مِنْ نُجُومِهِ، وَإِنْ رُقَّ: فَمِنْ رَقَبَتِهِ   [منح الجليل] فَالْقِيمَةُ) عَلَيْهَا حَالَّةً (وَاسْتَوْفَيَا) هَا (مِنْ خِدْمَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ لِمَنْعِهِمَا سَيِّدَهُ مِنْ بَيْعِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَبَاقِي خِدْمَتِهِ إنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ (فَإِنْ عَتَقَ) الْمُدَبَّرُ (بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) لِحَمْلِهِ ثُلُثَهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِمَا (فَ) قَدْ فَاتَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَ) إنْ أَبْطَلَ تَدْبِيرَهُ دُيِّنَ عَلَى سَيِّدِهِ فَ (هُمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ مِنْ أَرْبَابِ الدَّيْنِ بِاسْتِيفَاءِ قِيمَتِهِ مِنْ رَقَبَتِهِ (إنْ رَدَّهُ) أَيْ الْمُدَبَّرَ إلَى الرِّقِّ (دَيْنٌ) عَلَى سَيِّدِهِ كُلَّهُ (أَوْ) رَدَّ الدَّيْنَ (بَعْضَهُ) لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَرُجُوعِهِ رِقًّا وَقَدْ أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْهُمَا قِيمَتَهُ وَهِيَ دَيْنٌ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ (كَ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ) مِنْ الْمُدَبَّرِ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدِ الَّذِي بَطَلَ تَدْبِيرُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِدَيْنٍ فَمُسْتَحِقُّهُ مُقَدَّمٌ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى رَبِّ دَيْنٍ عَلَى السَّيِّدِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِرِقِّهِ بِيعَ لَهُمَا أَيْ الشَّاهِدَيْنِ قَبْلَ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ جَنَى جِنَايَةً وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْجِنَايَةِ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ ضَيْح، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ رَقَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُمَا أَوْلَى بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ رَدَّهُ دَيْنٌ فَهُمَا أَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الدَّيْنِ كَأَهْلِ الْجِنَايَةِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، قَالَ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ يَقْتَضِي أَنَّ رُقْيَةَ بَعْضِهِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّيْنِ كَرِقِّيَّةِ الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَى الْمُدَبَّرِ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ وَرَقَّ ثُلُثَاهُ. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِكِتَابَةٍ) لِرَقِيقٍ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا (فَالْقِيمَةُ) لِلْمَشْهُودِ بِكِتَابَتِهِ يَغْرَمَانِهَا لِسَيِّدِهِ حَالَّةً (وَاسْتَوْفَيَا) هَا، أَيْ الشَّاهِدَانِ الْقِيمَةَ (مِنْ نُجُومِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَبَاقِيهَا لِسَيِّدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَإِنْ رُقَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْمُكَاتَبُ لِعَجْزِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِهَا (فَ) تُسْتَوْفَى قِيمَتُهُ (مِنْ) ثَمَنِ (رَقَبَتِهِ) وَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهُ بِقِيمَتِهِ ضَاعَ بَاقِيهَا عَلَيْهِمَا. سَحْنُونٌ إنْ شَهِدَ أَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا وَأَقَرَّا بِالزُّورِ فَالْحُكْمُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 520 وَإِنْ كَانَ بِإِيلَادٍ فَالْقِيمَةُ، وَأَخَذَا مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا، وَفِيمَا اسْتَفَادَتْهُ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] مَاضٍ، وَلْيُؤَدِّيَا قِيمَتَهُ نَاجِزَةً لِلسَّيِّدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَيَتَأَدَّيَاهَا مِنْ الْكِتَابَةِ عَلَى النُّجُومِ، فَإِنْ اقْتَضَيَا مِنْهَا مِثْلَ مَا أَدَّيَا رَجَعَ السَّيِّدُ فَأَخَذَ بَاقِيَ الْكِتَابَةِ مُنَجَّمَةً، فَإِنْ أَدَّاهَا عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ، وَإِنْ عَجَزَ قَبْلَ بَعْضِ الرَّاجِعِينَ مَا أَدَّيَا بِيعَ لِتَمَامِ مَا بَقِيَ لَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَمَامُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا غَيْرُهُ. ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَبِهِ أَقُولُ، وَعَلَيْهِ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُوقَفُ قِيمَتُهُ بِيَدِ عَدْلٍ وَالسَّيِّدُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَظْلُومٌ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي عَبْدِهِ دُونَ ثَمَنٍ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا رَاحَةَ لِلشَّاهِدَيْنِ فِي وَقْفِهَا، وَلَعَلَّهَا تَتْلَفُ فَيَغْرَمَانِهَا ثَانِيَةً، وَلَوْ اسْتَحْسَنْتُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَقُلْتُ كُلَّمَا يَقْبِضُ السَّيِّدُ مِنْ الْمُكَاتَبِ شَيْئًا يَدْفَعُ مِثْلَهُ لِلشَّاهِدَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ الْمَوْقُوفَةِ خِلَافُ ظَاهِرِ جَوَابِ سَحْنُونٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا رَجَعَا بِيعَتْ الْكِتَابَةُ بِعَرْضٍ، فَإِنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ بِيعَ الْعَرْضُ، فَإِنْ وَفَّى ثَمَنَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ زَادَ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ تَبِعَهُمَا بِتَمَامِ الْقِيمَةِ. قَالَ عَنْهُ ابْنُ مُيَسِّرٍ فَإِنْ أَبَى السَّيِّدُ بَيْعَ الْكِتَابَةِ فَلَا يَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ لَهُ شَيْئًا، فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ سَحْنُونٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَفِي عَدِّ قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَوْ اسْتَحْسَنْت قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ خَامِسًا نَظَرٌ. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِاسْتِيلَادٍ) مِنْ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا كَامِلَةً عَلَى الْمَشْهُورِ نَاجِزَةً، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمَا شَيْءٌ مِنْهَا لِبَقَاءِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا وَيَسِيرِ خِدْمَتِهَا خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (وَأَخَذَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ بَدَلَ قِيمَتِهَا (مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ الْأَمَةِ إنْ اتَّفَقَتْ وَبَاقِيهِ إنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ (وَفِي) أَخْذِهَا مِ (مَّا اسْتَفَادَتْهُ) الْأَمَةُ بِعَمَلٍ أَوْ هِبَةٍ مَثَلًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعَدَمُهُ وَيَخْتَصُّ السَّيِّدُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلَانِ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا. الْعَدَوِيُّ الرَّاجِحُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَمِنْ كِتَابِهِ إنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَوْلَدَ جَارِيَتَهُ، أَوْ أَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 521 وَإِنْ كَانَ بِعِتْقِهَا: فَلَا غُرْمَ؛ أَوْ بِعِتْقِ مُكَاتَبٍ: فَالْكِتَابَةُ.   [منح الجليل] أَقَرَّ أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهَا لَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ يَطَؤُهَا لَهُ وَيَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَا يَبْقَى فِيهَا خِدْمَةٌ، وَلَا يَرْجِعَانِ فِيهَا بِمَا غَرِمَا إلَّا أَنْ تُجْرَحَ أَوْ تُقْتَلَ، وَيُؤْخَذُ لِذَلِكَ أَرْشٌ فَلَهُمَا الرُّجُوعُ فِيهِ بِمِقْدَارِ مَا أَدَّيَا وَالْفَضْلُ لِسَيِّدِهَا. مُحَمَّدٌ وَلَا يَرْجِعَانِ فِيمَا تُفِيدُهُ مِنْ مَالٍ بِعَمَلٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ لِلسَّيِّدِ مَعَ مَا أَخَذَهُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يَرْجِعَانِ فِي الْأَرْشِ وَفِي كُلِّ مَا أَخَذَتْ. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ (فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ، إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ غَيْرَ الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ، وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ كَذَلِكَ. مُحَمَّدٌ إنْ شَهِدَا فِي أُمِّ وَلَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا فَقَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا غَيْرُ وَطْئِهَا وَلَا قِيمَةَ لَهُ كَشَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ قِيمَتُهَا لِسَيِّدِهَا كَقَتْلِهَا، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَصَحُّ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَةٍ بِعِتْقِ أُمِّ وَلَدٍ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ فَفِي غُرْمِهِمَا قِيمَتَهَا وَعَدَمِهِ ثَالِثُهَا قِيمَةٌ مُخَفَّفَةٌ. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِ مُكَاتَبٍ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ (فَالْكِتَابَةُ) أَيْ الْمَالُ الْمُكَاتَبُ بِهِ يَغْرَمَانِهَا مُنَجَّمَةً قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ عَرْضًا لَا قِيمَتَهَا، وَإِنْ أَوْهَمَهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ غَرِمَا قِيمَةَ كِتَابَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَدَّى مِنْهَا شَيْئًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ غَرِمَا مَا بَقِيَ مِنْهَا. سَحْنُونٌ إنْ شَهِدَا لِلْمُكَاتَبِ أَنَّ سَيِّدَهُ قَبَضَ مِنْهُ كِتَابَتَهُ وَأَعْتَقَهُ أَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُ كِتَابَتَهُ وَخَرَجَ حُرًّا فَقَضَى بِهِ ثُمَّ رَجَعَا فَلْيَغْرَمَا لِسَيِّدِهِ مَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا. ابْنُ الْمَوَّازِ يُؤَدِّيَانِهِ عَلَى النُّجُومِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. الْخَرَشِيُّ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقِ مُدَبَّرٍ أَوْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، اُنْظُرْ الْكَبِيرَ لِلْعَدَوِيِّ، حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعِتْقِ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِقِيمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَكَانَ لَهُ وَطْؤُهَا وَيُقْضَى بِهِمَا دَيْنُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِتَنْجِيزِ عِتْقِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ، فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 522 وَإِنْ كَانَ بِبُنُوَّةٍ، فَلَا غُرْمَ، إلَّا بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ بِإِرْثٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا: فَقِيمَتُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ إنْ مَاتَ وَتَرَكَ آخَرَ: فَالْقِيمَةُ لِلْآخَرِ، وَغَرِمَا لَهُ نِصْفَ الْبَاقِي، وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ: أُخِذَ مِنْ كُلٍّ النِّصْفُ،   [منح الجليل] عَلَى أَنَّهُ مُعْتَقٌ لِأَجَلٍ، وَلَوْ كَانَ إلَى مَوْتِ فُلَانٍ غَرِمَا قِيمَتَهُ إلَى أَقْصَى عُمُرَيْ الْعَبْدِ، وَاَلَّذِي أَعْتَقَ إلَى مَوْتِهِ. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِبُنُوَّةٍ) لِشَخْصٍ ادَّعَاهَا وَأَنْكَرَهَا أَبُوهُ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْهَا (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا فِي الْحَالِ إذْ لَمْ يُتْلِفَا عَلَى الْأَبِ مَالًا (إلَّا بَعْدَ) مَوْتِ الْأَبِ وَ (أَخَذَا) لِوَلَدِ الْمَشْهُودِ لَهُ لِ (لِمَالِ) الَّذِي تَرَكَهُ الْأَبُ (بِإِرْثٍ) عَنْهُ وَلِلْأَبِ وَرَثَةٌ حَجَبَهُمْ الِابْنُ الْمَشْهُودُ لَهُ كَإِخْوَةٍ أَوْ شَارَكَهُمْ كَأَوْلَادٍ فَيَغْرَمَانِ عِوَضَ مَا أَخَذَهُ الِابْنُ الْمَشْهُودُ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَارِثٌ غَيْرُ الِابْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ عِوَضَ جَمِيعِ التَّرِكَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِإِرْثٍ عَمَّا أَخَذَهُ الِابْنُ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى أَبِيهِ فَلَا يَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ عِوَضَهُ وَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (عَبْدًا) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْأُبُوَّةِ (فَقِيمَتُهُ) أَيْ الْعَبْدِ يَغْرَمُهَا الشَّاهِدَانِ (أَوَّلًا) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. (ثُمَّ إنْ مَاتَ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (وَتَرَكَ) ابْنًا (آخَرَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ ثَابِتًا نَسَبُهُ (فَالْقِيمَةُ) الَّتِي أَخَذَهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ (لِ) لِابْنِ اَ (لِآخَرَ) الثَّابِتِ نَسَبُهُ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا الْمَشْهُودُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا حَقَّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَخْذُهَا مِنْ الشَّاهِدَيْنِ ظُلْمٌ وَتُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ الثَّابِتِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ (وَغَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لَهُ) أَيْ الِابْنِ الثَّابِتِ نَسَبُهُ (نِصْفَ الْبَاقِي) مِنْ تَرِكَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ مِنْهَا. (وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ) لِلتَّرِكَةِ عَلَى الْأَبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْ كُلٍّ) مِنْ الِابْنَيْنِ الثَّابِتِ وَالْمَشْهُودِ لَهُ (نِصْفُهُ) الَّذِي أُخِذَ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِمَا، وَكَذَا إنْ ظَهَرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 523 وَكُمِّلَ بِالْقِيمَةِ؛ وَرَجَعَا عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ   [منح الجليل] دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْمُسْتَغْرِقَ لِقَوْلِهِ وَكُمِّلَ بِالْقِيمَةِ (وَ) إنْ لَمْ يُوَفِّ مَا يُؤْخَذُ بِهِمَا بِالدَّيْنِ الَّذِي ظَهَرَ عَلَى أَبِيهِمَا (كُمِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الدَّيْنُ (بِالْقِيمَةِ) الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا ثَابِتُ النَّسَبِ، وَإِنْ فَضَلَ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ الدَّيْنِ اخْتَصَّ بِهِ أَيْضًا وَأُخِّرَتْ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ لِلشَّكِّ فِي اسْتِحْقَاقِهَا الْمَيِّتِ (وَرَجَعَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الِابْنِ الثَّابِتِ نَسَبُهُ (بِ) عِوَضِ (مَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (لِلْغَرِيمِ) أَيْ صَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا غَرِمَاهُ لِلثَّابِتِ لِإِتْلَافِهِ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا، فَلَمَّا ظَهَرَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ كَشَفَ أَنَّ تَرِكَتَهُ حَقٌّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ لَا لِابْنِهِ الثَّابِتِ نَسَبُهُ، وَأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهُ الْغَرِيمُ. الْبِسَاطِيُّ قَالَ بِمَا غَرِمَهُ لِلْعَبْدِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ قَدْ لَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ فَلَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَلْزَمُ الثَّانِي لِلْغَرِيمِ. الْحَطّ هَذَا ظَاهِرٌ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي دَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ فَلَا يُلَائِمُهُ مَا قَالَهُ، وَإِنَّمَا يُلَائِمُهُ لَوْ قَالَ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ وَيَظْهَرُ لِي إنْ سَاعَدَهُ النَّقْلُ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ لَا يَجِدُ بِيَدِ الْعَبْدِ إلَّا بَعْضَ مَا أَخَذَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ بِالْبَاقِي، فَلَا يَرْجِعُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا بِقَدْرِ مَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَإِنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي عَبْدِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ فَقَضَى بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ بِهِ وَحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ رَجَعَا وَالسَّيِّدُ صَحِيحُ الْبَدَنِ، فَالْحُكْمُ بِالنَّسَبِ مَاضٍ، وَعَلَيْهِمَا لِلسَّيِّدِ قِيمَةُ الْعَبْدِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَرَكَ وَلَدًا آخَرَ مَعَ الْمُسْتَلْحَقِ فَلْيَقْسِمَا تَرِكَتَهُ إلَّا قِيمَةَ الْمُسْتَلْحَقِ الَّتِي أَخَذَهَا الْأَبُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ، فَإِنَّهَا تُعْزَلُ مِنْ التَّرِكَةِ فَتَكُونُ لِلِابْنِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحَقَ يَقُولُ إنَّ أَبَاهُ ظَلَمَ الشُّهُودَ فِيهَا وَإِنَّهُ لَا مِيرَاثَ لَهُ فِيهَا، وَيَنْظُرُ مَا حَصَلَ لِلْمُسْتَلْحَقِ مِنْ الْمِيرَاثِ فَيَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ مِثْلَهُ لِلِابْنِ الْأَوَّلِ عِوَضَ مَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ. مُحَمَّدٌ إنَّمَا جَعَلْنَا الْقِيمَةَ كُلَّهَا لِلِابْنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا لَوْ قَسَمْنَاهَا بَيْنَهُمَا لَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا فَأَخَذَاهُ مِنْهُ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِأَبِيهِ عَلَيْهِمَا لِصِحَّةِ نَسَبِهِ، فَإِذَا أَخَذَا ذَلِكَ مِنْهُ قَامَ عَلَيْهِمَا الِابْنُ الْأَوَّلُ فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ بِيَدِ الْمُسْتَلْحَقِ لَوَجَبَ لِي الرُّجُوعِ بِمِثْلِهِ عَلَيْكُمَا، إذْ تَغْرَمَانِ لِي كُلَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّكُمَا أَلْحَقْتُمَاهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 524 وَإِنْ بِرِقٍّ لِحُرٍّ فَلَا غُرْمَ؛ إلَّا لِكُلِّ مَا اُسْتُعْمِلَ، وَمَالٍ اُنْتُزِعَ، وَلَا يَأْخُذُهُ الْمَشْهُودُ لَهُ، وَوَرِثَ عَنْهُ، وَلَهُ عَطِيَّتُهُ لَا تَزَوُّجٌ   [منح الجليل] بِأَبِي مُحَمَّدٍ فَلَوْ طَرَأَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مِائَةُ دِينَارٍ فَلْيَأْخُذْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلَدَيْنِ نِصْفَهَا، فَإِنْ عَجَزَ ذَلِكَ أَتَمَّ قَضَاءَ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الِابْنُ الْأَوَّلُ، وَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى الِابْنِ الثَّابِتِ فَأَغْرَمَاهُ مِثْلَ الَّذِي غَرِمَهُ الْمُسْتَلْحَقُ لِلْغَرِيمِ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا غَرِمَا لَهُ مِثْلَ مَا أَخَذَ الْمُسْتَلْحَقُ، وَاَلَّذِي أَخَذَهُ الْمُسْتَلْحَقُ قَدْ قَضَى بِهِ الِابْنُ دَيْنَ أَبِيهِ وَلَا مِيرَاثَ لِلِابْنِ الثَّابِتِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ، وَأَيْضًا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْمُسْتَلْحَقُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا غَرِمَ مِثْلَ ذَلِكَ لِلثَّابِتِ، فَلِذَا وَجَبَ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا بِهِ عَلَيْهِ. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِرِقٍّ) أَيْ رُقْيَةٍ (لِ) شَخْصٍ (حُرٍّ) فِي الْوَاقِعِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا حَالَ رُجُوعِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَا قِيمَةَ لَهَا (إلَّا) أَنَّ عَلَيْهِمَا الْغُرْمَ (لِكُلِّ مَا) أَيْ عَمَلٍ (اُسْتُعْمِلَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمَشْهُودِ بِرِقِّيَّتِهِ، أَيْ اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ الْمَشْهُودُ لَهُ فَيَغْرَمَانِ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ (وَ) يَغْرَمَانِ لَهُ أَيْضًا عِوَضَ كُلِّ (مَالٍ اُنْتُزِعَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ، أَيْ انْتَزَعَهُ مِنْهُ الْمَشْهُودُ لَهُ (وَلَا يَأْخُذُهُ) أَيْ مَا غَرِمَهُ الشَّاهِدَانِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (الْمَشْهُودُ لَهُ) لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قَدْ ظَلَمَ الشَّاهِدَيْنِ فِي أَخْذِهِ مِنْهُمَا. (وَ) إنْ مَاتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَنْ وَرَثَةٍ (وُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ الَّذِي غَرِمَهُ الشَّاهِدَانِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (عَنْهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ مِنْهُ (وَلَهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (عَطِيَّتُهُ) أَيْ إعْطَاءُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ لِشَخْصٍ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً وَلَيْسَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فِيهِ (لَا تَزَوُّجٌ) أَيْ لَيْسَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ فِيهِ تَنْقُصُ بِهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِهِ فَلَهُ فَسْخُهُ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُ فُلَانٍ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَقَضَى بِرِقِّهِ ثُمَّ رَجَعَا فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِمَا، وَيَغْرَمَانِ لِلْعَبْدِ كُلَّمَا اسْتَعْمَلَهُ سَيِّدُهُ وَخَرَاجَ عَمَلِهِ وَمَا انْتَزَعَهُ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِمَنْ قَضَى لَهُ بِمِلْكِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 525 وَإِنْ كَانَ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو، ثُمَّ قَالَا لِزَيْدٍ: غَرِمَا خَمْسِينَ لِعَمْرٍو فَقَطْ.   [منح الجليل] أَخْذُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فَلَا يَرِثُ ذَلِكَ السَّيِّدُ وَيُوقَفُ حَتَّى يَسْتَحِقَّهُ مُسْتَحِقٌّ ثُمَّ يَرِثَهُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ أَوْصَى مِنْهُ الْعَبْدُ فَمَا أَوْصَى بِهِ فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ وَهَبَ مِنْهُ أَوْ تَصَدَّقَ جَازَ، وَيَرِثُ بَاقِيَهُ وَرَثَتُهُ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَرِثُهُ إنْ كَانَ حُرًّا، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ اهـ. فِي التَّوْضِيحِ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ أَنَّ مَنْ بَاعَ حُرًّا وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ أَنَّ عَلَى الرَّاجِعِينَ دِيَةَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. الْمِسْنَاوِيُّ هَذَا تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ الْقَوْلِ عَنْ الْفِعْلِ وَلِانْضِمَامِ دَعْوَى الْمُدَّعِي لِلشَّهَادَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ لَا تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِمَا بِالتَّسَبُّبِ فِي رِقِّيَّتِهِ، بَلْ الْمُدَّعَى مَعَهُمَا. (وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِمِائَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فَهَمْزٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا (لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو) عَلَى بَكْرٍ (ثُمَّ قَالَ) أَيْ الشَّاهِدَانِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا لَهُمَا عَلَيْهِ الْمِائَةُ (لِزَيْدٍ وَحْدَهُ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا بِهَا عَنْ عَمْرٍو (غَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (خَمْسِينَ) دِينَارًا مَثَلًا (لِلْغَرِيمِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَكْرٌ فِي الْمِثَالِ (فَقَطْ) قَيَّدَ فِي خَمْسِينَ، أَيْ لَا أَزْيَدَ مِنْهَا " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ لِعَمْرٍو مَكَانَ لِلْغَرِيمِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ فَظِيعٌ، وَأَصْلُهَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهَا لَهُمَا وَقَالَا إنَّمَا نَشْهَدُ لِأَحَدِهِمَا وَعَيَّنَاهُ رَجَعَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ بِخَمْسِينَ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِلْآخَرِ بِكُلِّ الْمِائَةِ لِجَرْحِهِمَا بِرُجُوعِهِمَا وَلَا يَغْرَمَانِ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فَقَدْ بَقِيَ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ يَغْرَمَانِ لَهُ خَمْسِينَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أَخَذَا خَمْسِينَ مِنْ الْمَطْلُوبِ أَعْطَيَاهَا لِمَنْ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ شَهِدَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَرَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ لَهُمَا وَقَالَا إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ مِنْهُمَا فَهَهُنَا يَغْرَمَانِ لِمَنْ أَقَرَّا لَهُ قِيمَةَ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ. هَذَا إنْ أَقَرَّ مَنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِهِ أَنَّهُ لِمَنْ شَهِدَا لَهُ خَيْرًا، وَإِنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَأَنْكَرَ شَهَادَتَهُمَا غَرِمَا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ آخِرًا إلَّا نِصْفُهُ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 526 وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا: غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ كَرَجُلٍ مَعَ نِسَاءٍ، وَهُوَ مَعَهُنَّ فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ:   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ بِحَالٍ مَا دَامَ فِي الذِّمَّةِ وَأَنَّ التَّعَرُّضَ لَهُ بِغَيْرِ الْوَاجِبِ لَا يُوجِبُ فِيهِ حُكْمًا، وَنَزَلَتْ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ يَعْنِي الثَّامِنَ مَسْأَلَةٌ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ فَعَدَا السُّلْطَانُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ غَرِيمِهِ ثُمَّ تَمَكَّنَ رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ طَلَبِ الْمَدِينِ بِدَيْنِهِ فَاحْتَجَّ الْمَدِينُ بِجَبْرِ السُّلْطَانُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ، فَأَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِبَرَاءَةِ الْمَدِينِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِعَدَمِ بَرَاءَتِهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ. (وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ بِحَقٍّ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا (غَرِمَ) الرَّاجِعُ (نِصْفَ الْحَقِّ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ وَلَعَلَّهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْكُلَّ لِكَوْنِ الرُّجُوعِ عَنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْمَشْهُودِ بِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْحَقِّ، وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ نِصْفِ الْحَقِّ فَقَالَ (كَ) رُجُوعِ (رَجُلٍ) شَهِدَ (مَعَ نِسَاءٍ) بِحَقٍّ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَعَلَيْهِنَّ النِّصْفُ إنْ رَجَعْنَ دُونَهُ وَإِنْ كَثُرْنَ لِأَنَّهُنَّ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا فِيمَا تَجُوزُ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ. سَحْنُونٌ لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعَ الرَّجُلُ وَامْرَأَةٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الْحَقِّ وَحْدَهُ وَلَا تُضَمُّ الْمَرْأَةُ إلَى رَجُلٍ، وَإِنَّمَا تُضَمُّ إلَى مِثْلِهَا، وَاثْنَتَانِ مِنْهُنَّ فَأَكْثَرُ عَدْلُ رَجُلٍ فَلَوْ رَجَعَ الرَّجُلُ وَالنِّسْوَةُ كُلُّهُنَّ لَزِمَ الرَّجُلَ نِصْفُ الْحَقِّ وَالنِّسْوَةَ نِصْفُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَثَلَاثُ نِسْوَةٍ عَنْ شَهَادَةٍ بِحَقٍّ غَرِمَ الرَّجُلُ نِصْفَهُ وَالنِّسْوَةُ نِصْفَهُ، وَلَوْ رَجَعَ النِّسْوَةُ وَهُنَّ عَشْرٌ وَاحِدَةٌ إلَى ثَمَانِيَةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِنَّ، فَلَوْ رَجَعَ مِنْهُنَّ تِسْعٌ فَعَلَيْهِنَّ رُبْعُ الْمَالِ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوَاءِ، قُلْت لِأَنَّ التِّسْعَ كَامْرَأَةٍ مِنْ امْرَأَتَيْنِ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِمَالٍ ثُمَّ رَجَعَتْ الْمَرْأَتَانِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُهُ، وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ إلَّا وَاحِدَةٌ فَعَلَيْهَا الرُّبْعُ. (وَهُوَ) أَيْ الرَّجُلُ الشَّاهِدُ (مَعَهُنَّ) أَيْ النِّسَاءِ (فِي الرَّضَاعِ كَاثْنَتَيْنِ) نَحْوُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 527 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ مَعَهُنَّ فِيهِ كَامْرَأَةٍ. الْخَرَشِيُّ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الرَّجُلَ مَعَ النِّسَاءِ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الرَّضَاعِ وَمَا شَابَهَهُ مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ امْرَأَتَانِ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّضَاعِ وَنَحْوُهُ فَهَلْ هُوَ فِيهِ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الرَّضَاعِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بِرَضَاعٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمْ لِبَقَاءِ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ وَهُمَا امْرَأَتَانِ حَيْثُ فَشَا قَوْلُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ، فَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ فَنِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَى الرَّجُلِ وَالتِّسْعِ الرَّاجِعِينَ، وَهَلْ يُجْعَلُ كَامْرَأَةٍ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ؟ فِيهِ مَا مَرَّ، فَإِنْ رَجَعَتْ الْمَرْأَةُ الْبَاقِيَةُ فَالْغُرْمُ عَلَى الرَّجُلِ وَعَلَيْهِنَّ، وَهَلْ يُجْعَلُ الرَّجُلُ كَامْرَأَةٍ أَوْ كَامْرَأَتَيْنِ فِيهِ مَا مَرَّ أَيْضًا، فَتَبَيَّنَ أَنَّ النِّسَاءَ تُضَمُّ لِلرَّجُلِ فِي الْغَرَامَةِ فِي شَهَادَةِ الرَّضَاعِ فِي الْحَالَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ امْرَأَتَانِ كَالرَّضَاعِ وَغَيْرِهِ وَرَجَعُوا، فَعَلَى الرَّجُلِ السُّدُسُ وَعَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ نِصْفُ سُدُسٍ. قُلْتُ أَرَادَ أَنَّ الشُّهُودَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ، كَذَا صَوَّرَهَا ابْنُ شَاسٍ، وَذَكَرَ فِيهَا الْحُكْمَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. ابْنُ هَارُونَ جَعَلَ عَلَى الرَّجُلِ ضَعْفَ مَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْقِيَاسُ اسْتِوَاءُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْغُرْمِ فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمَرْأَةِ فِيهِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَمَّا آلَتْ إلَى الْمَالِ حُكِمَ فِي الرُّجُوعِ عَنْهَا بِحُكْمِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْمَالِ. قُلْتُ هَذَا التَّوْجِيهُ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الرَّجُلِ مَعَ النِّسْوَةِ فِي الْأَمْوَالِ يُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمَ نِصْفِ الْحَقِّ لَا ضِعْفَ مَا يَجِبُ عَلَى امْرَأَةٍ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ مِنْ إضَافَةِ الْغُرْمِ إلَى عَدَدِ الشُّهُودِ مِنْ حَيْثُ عَدَدُهُمْ لَا عَلَى أَقَلِّ النِّصَابِ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَشْهَبَ فِي أَرْبَعَةٍ رَجَعَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ، خِلَافُ الْمَشْهُورِ أَنَّ عَلَيْهِمْ نِصْفُهُ، ثُمَّ تَعَقَّبَ تَوْجِيهَهُ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ رَجَعُوا إلَّا امْرَأَتَيْنِ فَلَا غُرْمَ، قَالَ فَهَذَا يُقَوِّي مَا قُلْنَاهُ إنَّ الرَّجُلَ فِي هَذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 528 وَعَنْ بَعْضِهِ: غَرِمَ نِصْفَ الْبَعْضِ وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ: فَلَا غُرْمَ،   [منح الجليل] الْبَابِ كَالْمَرْأَةِ، فَلِذَا اسْتَقَلَّ الْحُكْمُ بِامْرَأَتَيْنِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ بَقَاءَ الْمَرْأَتَيْنِ يُثْبِتُ حُكْمَ الرَّضَاعِ وَكُلُّ مَا ثَبَتَ فَلَا غُرْمَ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي نُقِضَ فِيهَا عِلَّةُ الْحُكْمِ مُبَايِنَةٌ لِصُورَةِ النِّزَاعِ فَلَا تُرَدُّ نَقْضًا فَتَأَمَّلْهُ، وَلَمْ أَعْرِفْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَلَقَدْ أَطَالَ الشَّيْخُ وَالصَّقَلِّيُّ فِي هَذَا الْبَابِ، فَذَكَرَا فِيهِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً، وَلَمْ يَذْكُرَاهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ بِلَفْظِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ، فَإِضَافَةُ ابْنِ شَاسٍ إلَى الْمَذْهَبِ عَلَى عَادَتِهِ فِي ذَلِكَ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ فِي هَذَا تَعَقُّبٌ عَامٌّ، وَهُوَ إضَافَتُهُ مَا يَظُنُّهُ جَارِيًا عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ إلَى الْمَذْهَبِ، كَأَنَّهُ نَصٌّ فِيهِ وَتَعَقُّبٌ خَاصٌّ، وَهُوَ حَيْثُ الْإِجْرَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا، وَلَمَّا ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ قَالَ تُنَزَّلُ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ مَنْزِلَةَ رَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسْوَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ شَطْرُهُ عَلَى الرَّجُلِ. قُلْتُ هَذَا التَّوْجِيهُ يَتِمُّ لِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ وَالشَّهَادَةُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَشَهَادَةُ الرَّجُلِ عِنْدَنَا فِي الرَّضَاعِ كَامْرَأَةٍ قَالَهُ فِي نِكَاحِهَا الثَّانِي. (وَ) إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا (عَنْ بَعْضِهِ) أَيْ الْحَقِّ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا (غَرِمَ) الرَّاجِعُ (نِصْفَ الْبَعْضِ) الَّذِي رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ النِّصْفِ غَرِمَ الرُّبْعَ، وَعَنْ الرُّبْعِ غَرِمَ الثُّمْنَ، وَعَنْ الثُّلْثِ غَرِمَ السُّدْسَ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِحَقٍّ بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَ نِصْفَهُ فَقَطْ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ. مُحَمَّدٌ لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَا بِهِ غَرِمَ الرُّبْعَ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ الثُّلْثِ غَرِمَ السُّدُسَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ رُجُوعُهُمَا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا رَجَعَ عَنْهُ. (وَإِنْ رَجَعَ) عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا (مَنْ يَسْتَقِلُّ) أَيْ يَحْصُلُ وَيَتِمُّ وَيَصِحُّ (الْحُكْمُ بِعَدَمِ) شَهَادَتِهِ لِزِيَادَتِهِ عَنْ النِّصَابِ فِي ذَلِكَ الْبَابِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ ثَلَاثَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا شَيْءَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 529 فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ، فَالْجَمِيعُ وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمَا بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ إذَا تَعَذَّرَ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ   [منح الجليل] عَلَيْهِ لِبَقَاءِ مَنْ يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهِ، فَإِنْ رَجَعَ ثَانٍ غَرِمَ هُوَ وَالْأَوَّلُ نِصْفَ الْحَقِّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَغْرَمُ الرَّاجِعُ أَوَّلًا مِنْ الثَّلَاثَةِ ثُلُثَ الْحَقِّ، وَذَكَرَ أَنَّ أَشْهَبَ قَالَهُ فِي أَرْبَعَةٍ شَهِدُوا بِدِرْهَمٍ فَرَجَعَ ثَلَاثَةٌ فَعَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ. مُحَمَّدٌ لَوْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِثَلَاثِينَ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ عَنْ الْجَمِيعِ وَآخَرُ عَنْ عِشْرِينَ وَآخَرُ عَنْ عَشَرَةٍ، فَقَدْ بَقِيَتْ عَشَرَةٌ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا رَجُلَانِ وَاجْتَمَعُوا فِي الرُّجُوعِ عَنْ عَشَرَةٍ فَهِيَ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا، وَالْعَشَرَةُ الثَّالِثَةُ رَجَعَ عَنْهَا اثْنَانِ وَأَثْبَتَهَا وَاحِدٌ، فَعَلَى الِاثْنَيْنِ نِصْفُهَا اثْنَانِ وَنِصْفٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَهُمَا الرَّاجِعُ عَنْ الْجَمِيعِ وَالرَّاجِعُ عَنْ عِشْرِينَ. (فَإِذَا رَجَعَ) عَنْ الشَّهَادَةِ (غَيْرُهُ) أَيْ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ مِمَّنْ لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ (فَالْجَمِيعُ) أَيْ الرَّاجِعُ أَوَّلًا الَّذِي يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِدُونِهِ وَالرَّاجِعُ ثَانِيًا الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ يَشْتَرِكُونَ فِي الْغُرْمِ بِالسَّوِيَّةِ، كَأَنَّهُمْ رَجَعُوا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ النِّصَابِ، فَإِنْ رَجَعَ ثَالِثٌ غَرِمَ مَعَ الِاثْنَيْنِ النِّصْفَ أَثْلَاثًا عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَ) إنْ شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ وَقُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَا بِهِ فَ (لِ) لِشَخْصِ (الْمَقْضِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْيَاءِ (عَلَيْهِ) بِهِ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي رَجَعَ شَاهِدَاهَا عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ وَقَبْلَ غُرْمِهِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ الرَّاجِعِينَ (بِالدَّفْعِ لِ) لِشَخْصِ (الْمَقْضِيِّ لَهُ) الْمَالُ الْمَحْكُومُ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا الَّتِي رَجَعَا عَنْهَا إذْ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا إذَا دَفَعَتْهُ أَنَا رَجَعْتُ عَلَيْكُمَا بِعِوَضِهِ، فَقَرَارُ الْغَرَامَةِ عَلَيْكُمَا فَادْفَعَاهُ أَنْتُمَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ قَصْرًا لِلْمَسَافَةِ وَتَقْلِيلًا لِلْعَمَلِ (وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَةُ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ الرَّاجِعَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِالدَّفْعِ لَهُ (إذَا تَعَذَّرَ) أَخْذُهُ (مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ) قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ إنَّهُ مُقْتَضَى الْفِقْهِ وَلِأَنَّهُمَا غَرِيمَانِ لِغَرِيمِهِ وَغَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يَلْزَمُهُمَا الْغُرْمُ لِلْمَشْهُودِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 530 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَلَيْهِ حَتَّى يَغْرَمَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا قَائِلًا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ نَقَلَهُ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ عَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ فِي هَذَا الْفَرْعِ لَا يَلْزَمُهُمَا الدَّفْعُ إلَّا بَعْدَ غُرْمِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، فَهَذَا مُنَاقِضٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهَا بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ قَبْلَ غُرْمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقْفُهُ عَلَى غُرْمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْبَتِهِ لَا مَعَ حُضُورِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْبَتِهِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَوْ حَضَرَ لَأَقَرَّ بِالْحَقِّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِهِ، وَإِذَا حَضَرَ وَطَلَبَ غُرْمَهُمَا انْتَفَى هَذَا الِاحْتِمَالُ اهـ. قُلْت جَوَابُ ابْنِ عَرَفَةَ هَذَا يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ فِي الْجَوَابِ مَنْعُ الْمُنَاقَضَةِ بِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الطَّلَبُ بِالدَّفْعِ لَا الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى دَفْعِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ الْآتِي، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ وَابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا بِأَنَّهُ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ إنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهَرَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ فَلَيْسَ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ تَغْرِيمُ الرَّاجِعِينَ بِمَا يَغْرَمَانِهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ إذَا غَرِمَ مَا شَهِدَا بِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُنَفَّذُ الْحُكْمُ عَلَيْهِمَا لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَغْرَمَ أَغْرَمَهُمَا كَمَا لَوْ شَهِدَا بِالْحَقِّ مُؤَجَّلًا ثُمَّ رَجَعَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَحِلَّ الْمُؤَجَّلُ، وَيَغْرَمَ، وَلَهُ طَلَبُ الْحُكْمِ لَهُ عَلَيْهِمَا الْآنَ وَلَا يَغْرَمَانِ الْآنَ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ طَلَبُ الشَّاهِدَيْنِ بِدَفْعِ الْمَالِ عَنْهُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُحْكَمُ عَلَى الرَّاجِعِينَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ. وَفِي هَذَا تَعَرُّضٌ لِبَيْعِ دَارِهِ وَإِتْلَافِ مَالِهِ وَاَللَّذَانِ أَوْجَبَا ذَلِكَ عَلَيْهِ قَائِمَانِ أَرَأَيْت لَوْ حَبَسَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ أَيُتْرَكُ مَحْبُوسًا وَلَا يَغْرَمُ الشَّاهِدَانِ، بَلْ يُؤْخَذَانِ بِذَلِكَ حَتَّى يُخَلِّصَاهُ، فَإِنْ أَبَيَا حُبِسَا مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمَا قَبْلَ غُرْمِهِ لِيَغْرَمَاهُ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ إذَا تَعَذَّرَ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُمَا إلَّا بَعْدَ غُرْمِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. قُلْت قَوْلُهُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ وَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَنْصُوصِ لَأَمْكَنَ كَوْنُهُ قَوْلًا انْفَرَدَ بِمَعْرِفَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُمَا إلَّا بَعْدَ غُرْمِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 531 وَإِنْ أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ: جُمِعَ،   [منح الجليل] الْمَذْهَبِ وَهُوَ وَهْمٌ وَمَا نَقَلَهُ مِنْ تَضْعِيفِهِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ نَقَلَهُ الشَّيْخُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ بِأَنْ شَهِدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا يُنَافِي مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى وَ (أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ) الْمُتَعَارِضَتَيْنِ (جُمِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْنَهُمَا وَعُمِلَ بِهِمَا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ، كَدَعْوَى شَخْصٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ لِفُلَانٍ هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً، وَدَعْوَى فُلَانٍ أَنَّهُ أَسْلَمَهُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْمِائَتَيْنِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ بَيْنَهُمَا سَلَمَانِ حَضَرَتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ سَلَمًا وَشَهِدَتْ بِهِ. الْمُتَيْطِيُّ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَقَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَلْ ثَوْبَيْنِ غَيْرَهُ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَثْوَابِ فِي الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى غَيْرِ مَا شَهِدَتْ عَلَيْهِ الْأُخْرَى. ابْنُ عَبْدُوسٍ هَذَا إنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ. وَأَمَّا إنْ كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَهُوَ تَكَاذُبٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ فِي مَجْلِسَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ أَثْبَتَتْ حُكْمًا غَيْرَ مَا أَثْبَتَتْ صَاحِبَتُهَا، وَلَا قَوْلَ لِمَنْ نَفَى مَا أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا، وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَ هَذَا الْعَبْدَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً، وَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ أَسْلَمَهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَثَوْبًا مَعَهُ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ الْعَبْدَ وَالثَّوْبَ فِي الْمِائَةِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ شَهِدَتْ بِالْأَكْثَرِ. اهـ. وَالْمَسْأَلَتَانِ مَعًا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى إنْ شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى مِثْلَ أَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا بِعِتْقٍ وَالثَّانِيَةُ بِطَلَاقٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ وَالثَّانِيَةُ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ أُخْرَى وَشِبْهِ هَذَا، فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ فِي أَنَّهُ تَهَاتُرٌ وَتَكَاذُبٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ يُحْكَمُ فِيهِ بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ، فَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهِمَا مَعًا إذَا اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَهْمَا أَمْكَنَ الْجَمْعُ جَمْعٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 532 وَإِلَّا رُجِّحَ بِسَبَبِ مِلْكٍ كَنَسْجٍ،   [منح الجليل] طَلَّقَ الْكُبْرَى وَالْأُخْرَى بِأَنَّهُ طَلَّقَ الصُّغْرَى أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَتَقَدَّمَ مِنْ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ اهـ. " ح " وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَزِمَهُ مَا أَلْزَمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ بِمِثْلِ مَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. الثَّانِي: أَنَّ مَا فَرَضَهُ هُوَ وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ فِيهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تُكَلِّمُهُ بِغَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأُخْرَى يَتَبَيَّنُ هَذَا بِنَقْلِ الْمَسْأَلَةِ بِلَفْظِهَا، وَهُوَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ أَنَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ شَهِدَ رَجُلَانِ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ لَمْ يَتَفَوَّهْ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا حَلَفَ بِعِتْقِ غُلَامِهِ فُلَانٍ لَا أَرَى لَهُمْ شَهَادَةً أَجْمَعِينَ فِي طَلَاقٍ وَلَا إعْتَاقٍ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَكْذَبَ بَعْضًا، هَذَا الَّذِي سَمِعْنَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَشْهَدُ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يُطَلِّقْ امْرَأَتَهُ فُلَانَةَ حَتَّى تَفَرَّقْنَا، وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ الْأُخْرَى، أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ نَشْهَدُ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَعْتَقَ الَّذِي شَهِدْتُمْ لَهُ بِالْإِعْتَاقِ، وَإِنَّمَا أَعْتَقَ فُلَانًا غُلَامًا لَهُ آخَرَ، فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَبْطُلُ، وَسَقَطَ قَوْلُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ أَكْذَبَ بَعْضًا، وَشَرَحَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْهُ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجَمْعَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ شَهَادَتِهِمَا فِي مَجْلِسَيْنِ، وَبِهِ يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّتِي هِيَ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ كَشَهَادَةِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ أَقَرَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِفُلَانٍ يَوْمَ كَذَا، وَشَهَادَةِ أُخْرَى أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ (رُجِّحَ) ت بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى (بِ) بَيَانِ (سَبَبِ مِلْكٍ) شَهِدَتْ بِهِ لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى الَّتِي شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ لِلْخَصْمِ الْآخَرِ، وَلَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ فَيُحْكَمُ بِشَهَادَةِ الْأُولَى وَتُلْغَى الثَّانِيَةُ. وَمَثَّلَ لِلسَّبَبِ بِقَوْلِهِ (كَنَسْجٍ) لِشُقَّةٍ تَنَازَعَ فِيهَا اثْنَانِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَقَالَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ إنَّ مَنْ شَهِدْت لَهُ نَسْجُهَا فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ فِي الشَّهَادَةِ بِنَسْجِ الثَّوْبِ هَلْ هِيَ كَالشَّهَادَةِ بِالنَّتَاجِ؟ فَأَجْرَاهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مَجْرَى النَّتَاجِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 533 وَنَتَاجٍ إلَّا بِمِلْكٍ مِنْ الْمَقَاسِمِ   [منح الجليل] وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ النَّسْجِ، وَيُقْضَى لِمَنْ شُهِدَ لَهُ بِالنَّسْجِ بِقِيمَةِ عَمَلِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَنْسِجْهَا مَجَّانًا. الْمَازِرِيُّ هَذَا إذَا كَانَ النَّاسِجُ يَنْسِجُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ انْتَصَبَ لِلنَّاسِ فَلَا تَنْفَعُهُ الشَّهَادَةُ بِالنَّسْجِ. اهـ. وَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ قَائِلًا إنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَنْ يَنْسِجُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ انْتَصَبَ لِنَسْجِ النَّاسِ بِأَجْرٍ أَوْ لِلْبَيْعِ فَالْبَيِّنَةُ لَهُ بِالنَّسْجِ لَغْوٌ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالنَّسْجِ فَقَطْ وَلَمْ تَزِدْ لِنَفْسِهِ، وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَدُلُّ لِقَوْلِنَا. الرَّاجِحُ أَنَّ ذَا السَّبَبِ شَهِدَ بِهِ فَقَطْ. (وَ) كَ (نَتَاجٍ) أَيْ وِلَادَةٍ لِحَيَوَانٍ مُتَنَازَعٍ فِيهِ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ وُلِدَ عِنْدَهُ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ الْآخَرِ، وَلَمْ تَزِدْ عَلَى هَذَا فَتُرَجَّحُ الْأُولَى وَيُقْضَى بِهَا وَتُلْغَى الثَّانِيَةُ (إلَّا) شَهَادَةَ الثَّانِيَةِ (بِمِلْكٍ) لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ (مِنْ الْمَقَاسِمِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ الْغَنَائِمِ بِأَخْذِهَا فِي سَهْمِهِ أَوْ شِرَائِهِمَا مِمَّنْ أَخَذَهَا فِي سَهْمِهِ أَوْ مِنْ الْإِمَامِ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا وَتُلْغَى الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَاقِلَةٌ، وَالْأُولَى مُسْتَصْحِبَةٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَغَارَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ ثُمَّ غَنِمَ مِنْهُ، لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَنَّ أَمَةً تَنَازَعَ فِيهَا اثْنَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، فَأَتَى أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى سُرِقَتْ فَتُرَجَّحُ الْأُولَى بِبَيَانِهَا سَبَبَ الْمِلْكِ، وَيُقْضَى لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ لِبَيِّنَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ فَصَاحِبُ الْمَقَاسِمِ أَحَقُّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ صَاحِبُ الْوِلَادَةِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ. وَفِيهَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي دَابَّةٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ فَهِيَ لِمَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ، بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا تُغْصَبُ وَتُسْرَقُ وَلَا تُحَازُ عَلَى النَّاتِجِ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ وَأَمْرُ الْمَغْنَمِ قَدْ اسْتُوقِنَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِحِيَازَةِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِ مَنْ نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ أَخَذَهُمَا مِنْهُ أَيْضًا، وَكَانَ أَوْلَى بِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَيَأْخُذَهَا، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 534 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غ " قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ بِسَبَبِ مِلْكٍ كَنَسْجٍ وَنَتَاجٍ، أَيْ إذَا ذَكَرَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ مَعَ الْمِلْكِ سَبَبَهُ مِنْ نَسْجِ ثَوْبٍ وَنَتَاجِ حَيَوَانٍ وَنَحْوَهُمَا، كَنَسْخِ كِتَابٍ وَاصْطِيَادِ وَحْشٍ، وَلَمْ تَذْكُرْ الْأُخْرَى سِوَى مُجَرَّدِ الْمِلْكِ، فَتُرَجَّحُ ذَاكِرَةُ السَّبَبِ عَلَى الَّتِي لَمْ تَذْكُرْهُ، وَبِنَحْوِ هَذَا فَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي التَّوْضِيحِ كَمَا إذَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ صَادَهُ أَوْ نَتَجَ عِنْدَهُ وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَفِي شَهَادَاتِهَا وَلَوْ أَنَّ أَمَةً تَنَازَعَ فِيهَا اثْنَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَتَى أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِشَيْءٍ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ وُلِدَتْ عِنْدَهُ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ حَتَّى سُرِقَتْ قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْوِلَادَةِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ أَشْهَبُ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً فِي أَمَةٍ بِيَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا وُلِدَتْ عِنْدَهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِهَا حَتَّى يَقُولُوا إنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا لَا نَعْلَمُ لِغَيْرِهِ فِيهَا حَقًّا، إذْ قَدْ يُولَدُ فِي يَدِهِ مَا هُوَ لِغَيْرِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهَا لِمَنْ وُلِدَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ أَصْوَبُ، وَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ غَصْبٌ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التُّونُسِيِّ. طفى قَرَّرَهُ الشَّارِحُ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ شَهَادَةِ ذَاتِ السَّبَبِ بِهِ فَقَطْ. وَفِيهَا خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَذَكَرَ نَصَّ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ وَقَالَ عَقِبَهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ، وَلَمَّا نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ أَشْهَبَ هَذَا قَالَ وَخَالَفَهُ التُّونُسِيُّ اهـ. وَضَعَّفَ قَوْلَ أَشْهَبَ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا لَقَالَ وَرُجِّحَ بِسَبَبِ مِلْكٍ مَعَهُ، وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لِابْنِ غَازِيٍّ عَلَى مُخَالَفَةِ الشَّارِحِ مَعَ نَقْلِهِ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَمُخَالَفَةِ التُّونُسِيِّ، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ إلَّا تَفْسِيرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ مِنْ ضَعْفِ مَا انْبَنَى عَلَيْهِ. وَإِنْ وَافَقَ أَحَدَ التَّأْوِيلَيْنِ فَفِي تَنْبِيهَاتِ عِيَاضٍ اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ مَذْهَبِهِ فِي الْكِتَابِ فِي إعْمَالِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحِيَازَةِ وَعَلَى النَّسْجِ وَعَلَى النَّتَاجِ وَشِبْهِهَا وَإِيجَابُهَا الْمِلْكَ هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّهَادَةِ بِهَا يُوجِبُ الْمِلْكَ أَوْ حَتَّى يَزِيدُوا أَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ يَحُوزُهَا حِيَازَةَ الْمِلْكِ. فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَأَنَّهُ مُرَادُهُ وَمَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَمْ تَتِمَّ شَهَادَتُهُ وَلَا عَارَضَتْ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِالْمِلْكِ، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ مُحْرِزٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَقُلْ هَذَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 535 أَوْ تَارِيخٍ، أَوْ تَقَدُّمِهِ،   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ وَالشَّهَادَةُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ النَّسْجِ مُغْنِيَةٌ عَنْ ذِكْرِ الْمِلْكِ وَقَائِمَةٌ مَقَامَهُ عِنْدَهُ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ طفى غَيْرُ صَحِيحٍ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَ لغ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّهُ يُفِيدُ الْخِلَافَ فِي بَيِّنَةِ السَّبَبِ بِمُجَرَّدِهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ، فَتُقَدَّمُ عَلَى الْحَوْزِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوَّلًا تُفِيدُهُ فَلَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَيِّنَةَ السَّبَبِ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْمِلْكِ كَمَا ادَّعَاهُ طفى تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَالتَّوْضِيحِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْحَامِلُ لِابْنِ غَازِيٍّ عَلَى تَقْرِيرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) بَيَانُ (تَارِيخٍ) لِمِلْكِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ مِنْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى فَتُرَجَّحُ الْمُؤَرَّخَةُ وَيُحْكَمُ بِالْمُتَنَازَعِ فِيهِ لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ، وَتُلْغَى الَّتِي لَمْ تُؤَرَّخْ. ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَةً وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً قُدِّمَتْ الْمُؤَرَّخَةُ عَلَى الْمُطْلَقَةِ. وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا خِلَافًا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي مُجَرَّدِ التَّارِيخِ قَوْلَانِ. التَّوْضِيحُ الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الْمُؤَرَّخَةِ لِأَشْهَبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي شَهَادَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَرِّخْ أَنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِالْعَبْدِ لِمَنْ شَهِدَتْ لَهُ، وَالْقَوْلُ بِنَفْيِ التَّقْدِيمِ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَعْزُوَاهُ. (أَوْ تَقَدُّمِهِ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْقَافِ وَضَمِّ الدَّالِ مُشَدَّدَةً أَيْ التَّارِيخِ لِمَا شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِهِ عَلَى تَارِيخِ مَا شَهِدَ بِهِ الْأُخْرَى بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا نَشْهَدُ أَنَّهُ مِلْكُ زَيْدٌ مِنْ سَنَةِ خَمْسِينَ وَلَمْ نَعْلَمْ خُرُوجَهُ عَنْهُ إلَى الْآنَ، وَشَهِدَتْ الْأُخْرَى عَلَى أَنَّهُ مِلْكُ عَمْرٍو مِنْ سَنَةِ سِتِّينَ وَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ، فَيُعْمَلُ بِشَهَادَةِ الْأُولَى وَيُحْكَمُ بِهِ لِزَيْدٍ، وَتُلْغَى شَهَادَةُ الثَّانِيَةِ فِيهَا أَقْضِي بِبَيِّنَةِ أَبْعَدِ التَّارِيخِ إنْ عُدِّلَتْ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلَ، وَلَا أُبَالِي بِيَدِ مَنْ كَانَتْ الْأَمَةُ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَحُوزَهَا الْأَقْرَبُ تَارِيخًا بِالْوَطْءِ وَالْخِدْمَةِ وَالِادِّعَاءِ لَهَا بِمَحْضَرِ الْآخَرِ فَقَدْ أَبْطَلَ دَعْوَاهُ اللَّخْمِيُّ إنْ وُرِّخَتَا قُضِيَ بِالْأَقْدَمِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى أَعْدَلَ وَسَوَاءٌ كَانَ تَحْتَ يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَحْتَ أَيْدِيهِمَا أَوْ تَحْتَ يَدِ ثَالِثٍ أَوْ لَا يَدَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ وُرِّخَتْ بَيِّنَتَا الْمُتَدَاعِيَيْنِ قُضِيَ بِأَبْعَدِهِمَا تَارِيخًا. الْبُنَانِيُّ لَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ حَدِيثَةِ التَّارِيخِ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ التَّرْجِيحِ بِالنَّقْلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 536 وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ، لَا عَدَدٍ،   [منح الجليل] تَبْيِينُ سَبَبِهِ كَاشْتِرَائِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَوْ الْمَقَاسِمِ، وَهُنَا إنَّمَا شَهِدْنَا بِالْمِلْكِ غَيْرَ أَنَّ إحْدَاهُمَا قَالَتْ مَلَكَهُ مُنْذُ عَامَيْنِ وَالْأُخْرَى قَالَتْ مَلَكَهُ مُنْذُ عَامٍ وَالْأَصْلُ الِاسْتِصْحَابُ. (وَ) رُجِّحَ (بِزِيَادَةِ عَدَالَةٍ) فِي إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَعَارِضَتَيْنِ الشَّاهِدَتَيْنِ بِمَالٍ أَوْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ كَعِتْقٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَمُوجِبِ حَدٍّ، فَلَا يُرَجَّحُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ. الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ اخْتَلَفَ إذَا كَانَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَعْدَلَ، فَهَلْ يَحْلِفُ صَاحِبُ الْأَعْدَلِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْلِفُ اهـ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا كَشَاهِدَيْنِ فَيُرَجَّحُ بِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ سَمَاعِ يَحْيَى عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ جُمِعَ عَلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ بَلْ سَائِرُ الْمُرَجِّحَاتِ كَذَلِكَ لَا يُرَجَّحُ بِهَا إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقَرَافِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ، قَالَ حَكَى الْقَرَافِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِتَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا إلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً (لَا) تُرَجَّحُ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِزِيَادَةِ (عَدَدٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّرْجِيحِ قَطْعُ النِّزَاعِ وَمَزِيدُ الْعَدَالَةِ أَقْوَى فِي قَطْعِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ، إذْ كُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ تُمْكِنُهُ زِيَادَةُ الْعَدَدِ فِي الشُّهُودِ، بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْعَدَالَةِ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ كَانَتْ بِيَدِهِ دُورٌ أَوْ عَبِيدٌ أَوْ عُرُوضٌ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ غَيْرُهَا فَادَّعَاهَا رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً وَأَقَامَ مِنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ بَيِّنَةً فَيُقْضَى بِأَعْدَلِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَبَقِيَ الشَّيْءُ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ عِيَاضٌ ثَبَتَ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عِنْدَ ابْنِ وَضَّاحٍ وَسَقَطَ عِنْدَ غَيْرِهِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي لَغْوِ التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ وَاعْتِبَارِهِ قَوْلُهَا رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " لَوْ شَهِدَ لِهَذَا شَاهِدَانِ وَلِهَذَا مِائَةٌ وَتَكَافَئُوا فِي الْعَدَالَةِ فَلَا يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ. اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مَحْمَلُهُ عَلَى الْمُغَايَاةِ وَلَوْ كَثُرُوا حَتَّى حَصَلَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِمْ لَقَضَى بِهِمْ، وَوَجَّهَ الْقَرَافِيُّ الْمَشْهُورَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقَضَاءِ قَطْعُ النِّزَاعِ وَمَزِيدٌ فِي الْعَدَالَةِ أَشْهَدُ فِي التَّعَذُّرِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 537 وَبِشَاهِدَيْنِ عَلَى شَاهِدٍ، وَيَمِينٍ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ،   [منح الجليل] مِنْ مَزِيدِ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخَصْمَيْنِ يُمْكِنُهُ زِيَادَةُ الْعَدَدِ فِي الشُّهُودِ، وَلَا يُمْكِنُهُ مَزِيدُ الْعَدَالَةِ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ إنَّمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِقَيْدِ الْعَدَالَةِ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِهَذَا الْقَيْدِ سَهْلَةٌ، وَتَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى كَانَ أَدْخَلَ تَحْتَ الِانْضِبَاطِ وَأَبْعَدَ عَنْ النَّقْضِ وَالْعَكْسِ كَانَ أَرْجَحَ، وَزِيَادَةُ الْعَدَدِ مُنْضَبِطٌ مَحْسُوسٌ لَا يَتَخَلَّفُ، وَالْعَدَالَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ قُيُودٍ فَضَبْطُ زِيَادَتِهَا مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ فِي التَّرْجِيحِ. قُلْت رَدَّهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَدِ بِهَذَا الْقَيْدِ سَهْلَةٌ، يَرُدُّ بِأَنَّ الْقَرَافِيَّ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِأَنَّهَا سَهْلَةٌ، بَلْ بِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ، وَكَوْنُهَا لَيْسَتْ سَهْلَةً لَا يَمْنَعُ إمْكَانَهَا عَادَةً، وَقَوْلُهُ ضَبْطُ زِيَادَةِ الْعَدَالَةِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ يُرَدُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ، فَإِنَّا نَعْلَمُ ضَرُورَةً فِي شُهُودِ شُيُوخِنَا وَأَمْثَالِنَا مَنْ هُوَ أَعْدَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ، وَوَجَّهَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا قَيَّدَ شَهَادَةَ الزِّنَا بِأَرْبَعَةٍ وَالطَّلَاقَ بِاثْنَيْنِ وَقِبَلَ فِي الْمَالِ الْوَاحِدَ مَعَ الْيَمِينِ دَلَّ عَلَى أَنْ لَا أَثَرَ لِلْعَدَدِ. قُلْتُ الْأَظْهَرُ فِي التَّرْجِيحِ بِالْأَعْدَلِيَّةِ دُونَ الْكَثْرَةِ أَنَّ مَا بِهِ التَّرْجِيحُ فِي الْأَعْدَلِيَّةِ هُوَ وَصْفٌ حَاصِلٌ فِيمَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ، وَهُمَا الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ يَجِبُ الْإِعْذَارُ فِيهِمَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالْكَثْرَةُ وَصْفٌ خَارِجٌ عَمَّا وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ. (وَ) رُجِّحَ (بِشَاهِدَيْنِ) لِأَحَدِ الْخَصْمَيْنِ (عَلَى شَاهِدٍ) لِلْآخَرِ مُعَارِضٍ لَهُمَا وَلَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ (وَيَمِينٍ) مِنْهُ مَعَ شَاهِدِهِ (أَوْ) عَلَى (شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ) لِلْآخَرِ مُعَارِضَيْنِ لِلشَّاهِدَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] فَجَعَلَ مَرْتَبَتَهُمْ عِنْدَ عَدَمِ الشَّاهِدَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ وَالْأَقْدَمُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَافَقَهُ عَلَيْهِ أَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ فَرْحُونٍ، يُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْعَدَالَةِ قَالَهُ أَشْهَبُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقَدَّمَانِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَكَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ أَوَّلًا بِتَقْدِيمِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إلَى عَدَمِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْأَظْهَرُ التَّرْجِيحُ وَيُقَدَّمُ شَاهِدٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 538 وَبِيَدٍ، إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ فَيَحْلِفُ وَبِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ؛ وَبِنَقْلٍ عَلَى مُسْتَصْحِبَةٍ   [منح الجليل] وَامْرَأَتَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ لِلْعَمَلِ بِالشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي الْعَمَلِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ خِلَافٌ. (وَ) رُجِّحَ (بِ) وَضْعِ (يَدٍ) مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (إنْ لَمْ تُرَجَّحْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْجِيمِ (بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ خَصْمِهِ فَإِنْ رُجِّحَتْ بِتَارِيخٍ أَوْ تَقَدُّمِهِ أَوْ زِيَادَةِ عَدَالَةٍ عُمِلَ بِهَا وَلَمْ يُعْمَلْ بِوَضْعِ الْيَدِ (فَيَحْلِفُ) وَاضِعُ الْيَدِ الَّذِي لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ. " غ " رُجُوعُ الْحَلِفِ لِلْمَنْطُوقِ أَبْيَنُ مِنْ رُجُوعِهِ لِلْمَفْهُومِ وَإِنْ رَجَّحَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَتَبِعَهُ تت لِلْمَفْهُومِ فَقَالَ فَيَحْلِفُ ذُو الْبَيِّنَةِ الرَّاجِحَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (وَ) رُجِّحَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ (بِالْمِلْكِ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ أَمْرٍ جَائِزٍ فِعْلًا أَوْ حُكْمًا لَا بِنِيَابَةٍ، فَيَدْخُلُ مِلْكُ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ حُكْمًا، وَيَخْرُجُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَذِي الْإِمَرَةِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (عَلَى) الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِ (الْحَوْزِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ أَخَصُّ مِنْ الْحَوْزِ وَأَقْوَى مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْحَوْزِ مُؤَرَّخَةً أَوْ مُتَقَدِّمَتَهُ وَلِعَدَمِ مُعَارَضَةِ بَيِّنَةِ الْحَوْزِ بَيِّنَةَ الْمِلْكِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحَوْزِ الْمِلْكُ. (وَ) رُجِّحَ (بِنَقْلٍ) فَتُرَجَّحُ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ كَالشَّاهِدَةِ بِالشِّرَاءِ مِنْ الْخَصْمِ أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ أَوْ مِنْ الْمَقَاسِمِ (عَلَى) بَيِّنَةٍ (مُسْتَصْحِبَةٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ كَالشَّاهِدَةِ بِالْبِنَاءِ أَوْ الِاصْطِيَادِ أَوْ النَّتْجِ أَوْ النَّسْجِ أَوْ الْإِحْيَاءِ أَوْ الْإِرْثِ. الْبُنَانِيُّ بَقِيَ مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْأَصَالَةُ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْفَرْعِيَّةِ، فَإِذَا شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ مُشَوَّشُ الْعَقْلِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَالْغَالِبُ فِي الْفَائِقِ وَمِثْلُهَا بَيِّنَتَا الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالرُّشْدِ وَالسَّفَهِ وَالْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْعَدَالَةِ وَالْجُرْحَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالرُّقْيَةِ وَالْكَفَاءَةِ وَعَدَمِهَا وَالْبُلُوغِ وَعَدَمِهِ. اهـ. قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا، أَيْ مَسْأَلَةِ التَّرْجِيحِ لَا بِقَيْدِ الْأَصَالَةِ قَوْلُهُ بَيِّنَتَا الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ، أَيْ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّوْعِ، وَكَذَا كُلُّ صُورَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ فَقَدْ زَادَ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ، وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 539 وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ، وَعَدَمِ مُنَازِعٍ، وَحَوْزٍ طَالَ: كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ،   [منح الجليل] وَقَوْلُهُ وَالرُّشْدِ وَالسَّفَهِ، أَيْ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّفَهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ، وَكَذَا مُرَادُهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْيُسْرِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَكَذَا الْمُجَرِّحَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَصِحَّةُ) الشَّهَادَةِ بِ (الْمِلْكِ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ شَرْعًا فِعْلًا أَوْ قُوَّةً أَصَالَةً، فَيَدْخُلُ مِلْكُ الْمَحْجُورِ، وَيَخْرُجُ اسْتِحْقَاقُ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ (بِ) مُعَايَنَةِ (التَّصَرُّفِ) فِي الشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِمِلْكِهِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ (وَعَدَمِ مُنَازِعٍ) لَهُ فِيهِ (وَ) بِمُعَايَنَةِ (حَوْزٍ) أَيْ اسْتِيلَاءٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ مَعَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ (طَالَ) زَمَانُهُ (كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ) أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا الشَّاهِدُ بِمَعْرِفَةِ الْمِلْكِ فَإِنْ عَرَفَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ يَعْرِفُهَا قُبِلَ مِنْهُ إطْلَاقُ مَعْرِفَةِ الْمِلْكِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُفَسِّرَ الْأَشْيَاءَ الْخَمْسَةَ أَنْ يَعْرِفَ الشَّاهِدُ كَوْنَ يَدِ الْمُدَّعِي الْمِلْكَ عَلَى مَا يَدَّعِي وَكَوْنَهُ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ وَنِسْبَتَهُ لِنَفْسِهِ، وَكَوْنَهُ لَا يُنَازِعُهُ فِيهِ مُنَازِعٌ وَطُولُ مُدَّةِ ذَلِكَ عَامًا فَأَكْثَرَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ طُولُ هَذَا الَّذِي يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ لَا غَيْرُ الْمَازِرِيُّ لَا يُبِيحُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ مُجَرَّدُ مُشَاهَدَتِهِ شَخْصًا ابْتَاعَ سِلْعَةً مِنْ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهَا غَاصِبٌ أَوْ مُودَعٌ أَوْ مُسْتَعِيرٌ أَوْ مُكْتَرٍ أَوْ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ، وَإِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الْمِلْكِ بِالْحَوْزِ وَوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ مَعَ دَعْوَى الْمِلْكِ وَإِضَافَتَهُ لِنَفْسِهِ وَطُولِ الزَّمَنِ، وَلَا يَظْهَرُ مَنْ يُنَازِعُهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ شَهِدَ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ، فَإِنْ عَوَّلَ عَلَى مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُضِفْهَا إلَى هَذِهِ الْأُمُورِ فَلَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ عَارِفًا إلَى هَذَا، أَشَارَ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا. اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ هِلَالٍ وَأَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي لَغْوِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فِي دَارٍ أَنَّهَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ حَتَّى يَقُولَ وَمَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ وَقَبُولُهَا مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الشُّهُودُ لَهُمْ نَبَاهَةٌ وَيَقَظَةٌ لِابْنِ سَلْمُونٍ عَنْ ابْنِ مَالِكٍ قَائِلًا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 540 وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ،   [منح الجليل] شَاهَدْت الْقَضَاءَ بِهِ، وَالثَّانِي لِابْنِ مُطَرِّفٍ، وَالثَّالِثُ لِابْنِ عَاتٍ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَكُونَ الْحِيَازَةُ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمَالِكُ، وَلَا مُنَازِعَ لَهُ، سَوَاءٌ حَضَرُوا ابْتِدَاءَ دُخُولِهَا فِي يَدِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْحِيَازَةُ فَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ غَنِمَهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَشَبَهِهِ. الْحَطّ أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ أَنْ تَكُونَ لِكَوْنِهِ رَأَى الْمَشْهُودَ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِي الشَّيْءِ الْمَشْهُودِ بِهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ. (وَ) بِذِكْرِهِمْ فِي أَدَاءِ شَهَادَتِهِمْ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَشْهُودَ بِمِلْكِهِ (لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ لَهُ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ كَبَيْعٍ وَتَبَرُّعٍ (فِي عِلْمِهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ادَّعَى عَيْنًا قَائِمَةً مِنْ رَقِيقٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ نَاضٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ عَلَى مِلْكِهِ، فَمِنْ تَمَامِ شَهَادَتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا وَمَا عَلِمْنَاهُ بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَنَحْوُهُ لِأَبِي سَعِيدٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ سَمِعْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي الَّذِي يَدَّعِي الْعَبْدَ أَوْ الثَّوْبَ، وَيُقِيمُ بَيِّنَةً أَنَّهُ شَيْؤُهُ لَمْ يَعْلَمْهُ بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ، وَإِذَا شَهِدُوا بِهَذَا مَا اسْتَوْجَبَ مِمَّا ادَّعَاهُ. (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً، أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ) أَيْ ذِكْرِ الشُّهُودِ أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ سَمِعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا شَهِدُوا بِالسَّرِقَةِ قَالَ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ مَا عَلِمُوهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ عَلَى الْعِلْمِ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ يَزِيدُونَ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمِلْكِ بِالْبَتِّ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ هِيَ كَمَالُ الشَّهَادَةِ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الشَّاهِدَ عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ فِي شَهَادَتِهِ بَطَلَتْ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْقَاضِي حَتَّى مَاتَ الشُّهُودُ أَوْ غَابُوا حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمْ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ، إذْ لَا يَصِحُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدُ بِمَعْرِفَةِ الْمِلْكِ إلَّا مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِ الصِّقِلِّيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ زِيَادَةَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَاعَ إلَخْ إنَّمَا هُوَ كَمَالٌ فِي الشَّهَادَةِ لَا شَرْطٌ، وَهُوَ نَصُّ قَوْلِهَا فِي الْعَارِيَّةِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 541 لَا بِالِاشْتِرَاءِ وَإِنْ شُهِدَ بِإِقْرَارٍ:   [منح الجليل] وَكَانَ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ شُيُوخِنَا يَحْمِلُونَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي كَوْنِهَا شَرْطَ إجْزَاءٍ أَوْ كَمَالٍ، لِقَوْلِهَا فِي الشَّهَادَاتِ وَالْعَارِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَاتٍ فِي الطُّرَرِ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ حَمْلِهَا عَلَى الْخِلَافِ، وَأَنَّ مَا فِي الْعَارِيَّةُ تَفْسِيرُ تت، ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا، وَحَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ فِي وَثِيقَةِ الْمَيِّتِ دُونَ الْحَيِّ بِأَنْ طَلَبَ الْوَرَثَةُ عَنْ مُوَرِّثِهِمْ فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْحَيِّ تَمَّتْ شَهَادَتُهُمْ. ابْنُ الْعَطَّارِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ. طفى الْبَعْضُ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ وَعَطَفَ عَلَى بِالتَّصَرُّفِ فَقَالَ (لَا بِالِاشْتِرَاءِ) سَحْنُونٌ مَنْ حَضَرَ رَجُلًا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ السُّوقِ فَلَا يَشْهَدُ أَنَّهَا مِلْكُهُ، فَإِنْ ادَّعَاهَا آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ كَانَتْ لِذِي الْمِلْكِ وَقَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَابَّةٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ فَهِيَ لِمَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ، بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ تُغْصَبُ وَتُسْرَقُ وَلَا تُحَازُ عَلَى النَّاتِجِ إلَّا بِأَمْرٍ يَثْبُتُ اهـ. " غ " قَوْلُهُ لَا بِالِاشْتِرَاءِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى بِالتَّصَرُّفِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَمَا مَعَهُ لَا بِالِاشْتِرَاءِ فَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ. قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ رَأَى رَجُلًا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ السُّوقِ فَلَا يَشْهَدُ أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ، وَقَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا بِالِاشْتِرَاءِ مِنْهُ لَأَمْكَنَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْخَصْمِ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ شُهُودَ الْمِلْكِ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يَقُولُوا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ خَصْمِهِ، بَلْ يُحْكَمُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ خَصْمِهِ أَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَإِنْ لَمْ نَعْرِفْهُ نَصًّا فِي الْمَذْهَبِ، وَيَكُونُ هَذَا مِنْ نَوْعِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ اُسْتُصْحِبَ. اهـ. وَنَقَلَهُ طفى وَأَقَرَّهُ. (وَإِنْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِقْرَارٍ) مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مِلْكٌ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 542 اُسْتُصْحِبَ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ سَقَطَتَا، وَبَقِيَ بِيَدِ حَائِزِهِ، أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ،   [منح الجليل] لِخَصْمِهِ (اُسْتُصْحِبَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، حُكْمُ إقْرَارِهِ وَكَفَتْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَزِيدُوا فِيهَا لَا نَعْلَمُ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ إذْ إقْرَارُهُ بِأَنَّهُ لِخَصْمِهِ مُسْقِطٌ لِخُصُومَتِهِ وَمُوجِبٌ لِتَسْلِيمِهِ لَهُ، فَإِنْ ادَّعَى انْتِقَالَهُ لَهُ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ كَبَيْعٍ وَتَبَرُّعٍ فَعَلَيْهِ إثْبَاتُهُ بِبَيِّنَةٍ مُعْتَبَرَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ بِالْأَمْسِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَيُسْتَصْحَبُ مُوجَبُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ، وَكَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هُوَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بِالْأَمْسِ فَلَا يَأْخُذُهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ أَوْ غَصَبَهُ أَوْ غَلَبَهُ عَلَيْهِ كَانَتْ الشَّهَادَةُ جَائِزَةً، وَيُجْعَلُ الْمُدَّعِي صَاحِبَ الْيَدِ. قُلْت أَعْيَانُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَمْ أَعْرِفْهَا نَصًّا لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إلَّا لِمَنْ تَبِعَهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّاهِدُ لِلْمِلْكِ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَانَ مِلْكًا لَهُ بِالْأَمْسِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ تَحْقِيقٍ فَيَسْتَصْحِبُ، بِخِلَافِ الشَّاهِدِ، فَإِنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ تَخْمِينٍ وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ هُوَ مَلَكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْأَمْسِ سُمِعَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى تَحْقِيقٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَنَّهُ كَانَ بِيَدِ الْمُدَّعِي بِالْأَمْسِ قُبِلَ، وَجُعِلَ الْمُدَّعِي صَاحِبَ يَدٍ. (وَإِنْ) تَعَارَضَ بَيِّنَتَانِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَ (تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ) لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَكَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ غَيْرِ الْمُتَنَازِعَيْنِ (سَقَطَتَا) أَيْ الْبَيِّنَتَانِ (وَبَقِيَ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بِيَدِ حَائِزِهِ) إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا (أَوْ) يَدْفَعَ (لِمَنْ) أَيْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ الَّذِي (يُقِرُّ) الْحَائِزُ أَنَّهُ (لَهُ) الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ غَيْرِ الْمُتَنَازِعَيْنِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ حَائِزَهُ تَارَةً يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ، وَتَارَةً يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَتَارَةً لِغَيْرِهِمَا، وَتَارَةً يَسْكُتُ. وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ فَتَارَةً تَقُومُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ بَيِّنَةٌ وَتَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَتَارَةً الجزء: 8 ¦ الصفحة: 543 وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى، إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، كَالْعَوْلِ   [منح الجليل] لَا تَقُومُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَهَذِهِ ثَمَانُ صُوَرٍ، فَفِي صُوَرِ الْبَيِّنَةِ إنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَسَقَطَتْ الْبَيِّنَتَانِ حَلَفَ وَبَقِيَ بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ يُنْزَعُ مِنْهُ وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِيهَا أَيْضًا، وَقِيلَ إقْرَارُهُ لَغْوٌ وَيَقْتَسِمَانِهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِمَا أَوْ سَكَتَ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَهَاتَانِ دَخَلَتَا فِي قَوْلِهِ وَقُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى، وَفِي صُوَرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ إنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ حَلَفَ وَبَقِيَ بِيَدِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا اهـ لِغَيْرِهِمَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي قُسِمَ عَلَى الدَّعْوَى. (وَقُسِمَ) فَكُسِرَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (عَلَى) قَدْرِ (الدَّعْوَى) عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُنَاصَفَةً (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بِيَدِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا، أَوْ كَانَ لَيْسَ بِيَدِ أَحَدٍ كَعَفَى أَرْضٍ، وَلَمَّا شَمِلَ الْقَسْمُ عَلَى الدَّعْوَى صُورَتَيْنِ: الْقَسْمُ كَالْعَوْلِ وَالْقَسْمُ عَلَى التَّنَازُعِ وَالتَّسْلِيمِ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (كَالْعَوْلِ) فِي الْفَرِيضَةِ الَّتِي زِيدَ فِي سِهَامِهَا عَلَى أَصْلِهَا الضَّيِّقِ سِهَامُهَا عَنْ وَرَثَتِهَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْكُلِّ وَنِسْبَتُهُ لِلْمَجْمُوعِ وَنِسْبَةُ الْمَزِيدِ لِلْمَجْمُوعِ أَيْضًا وَإِعْطَاءُ مُسْتَحِقِّ كُلِّ مِثْلٍ نِسْبَةَ مَالِهِ مِنْ الْمَجْمُوعِ، فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ زِيدَ عَلَى الْكُلِّ مِثْلُ نِصْفِهِ وَنُسِبَ الْكُلُّ لِلْمَجْمُوعِ، فَكَانَ ثُلُثَيْهِ وَالنِّصْفُ لَهُ فَكَانَ ثُلُثًا، فَيُعْطَى مُدَّعِي الْكُلِّ ثُلُثَيْ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَمُدَّعِي النِّصْفِ ثُلُثَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ إذَا وَجَبَ قَسْمُ الْمُدَّعَى فِيهِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا قُسِمَ عَلَى قَدْرِ الدَّعَاوَى زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ اتِّفَاقًا. ابْنُ هَارُونَ فَعَلَيْهِ إنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الثَّوْبِ وَالْآخَرُ نِصْفَهُ قُسِمَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا. قُلْت ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ حَارِثٍ وَقَالَ فِيهَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لِمُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفُ بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي الَّذِي تَدَاعَيَا فِيهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. قُلْت وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ اتِّفَاقًا. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي مَالٍ بِأَيْدِيهِمَا لَهُ ثُلُثَاهُ وَقَالَ الْآخَرُ لِي نِصْفُهُ، وَإِنَّمَا لَك نِصْفُهُ فَلِمُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ النِّصْفُ، وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثُ وَالسُّدُسُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا. وَقَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 544 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَشْهَبُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَعَبَّرَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ قَوْلِهِ بِلَا يَكُونُ الْقَسْمُ عَلَى الدَّعَاوَى، وَفِي تَعْيِينِ الْمُبْدَأِ مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ خِلَافٌ، ثُمَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَكَانَ شَيْخُنَا يَخْتَارُ فِي هَذَا الْأَصْلِ الْقَوْلَ بِالْقُرْعَةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى كَوْنِهِ عَلَى التَّدَاعِي، فَفِي كَوْنِهِ عَلَى قَدْرِ مُدَّعِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَعَوْلِ الْفَرَائِضِ أَوْ عَلَى اخْتِصَاصِ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِمَا سُلِّمَ لَهُ وَقَسْمِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بِالسَّوِيَّةِ نَقْلَا الشَّيْخِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ، وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ زَادَ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا اخْتِصَاصُ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِمَا زَادَ عَلَى الدَّعْوَيَيْنِ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالثَّانِي اخْتِصَاصُهُ بِمَا زَادَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا. فَلَوْ كَانَ ثَالِثٌ يَدَّعِي الثُّلُثَ مَعَ مُدَّعِي جَمِيعِهِ وَنِصْفِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْتَصُّ مُدَّعِي الْكُلِّ بِالسُّدُسِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ الْبَاقِي نِصْفَهُ وَهُوَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ، ثُمَّ يَخْتَصُّ مُدَّعِي النِّصْفِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسٍ وَيَقْتَسِمَانِ الثُّلُثَ، وَعَلَى الثَّانِي يَخْتَصُّ مُدَّعِي الْكُلِّ بِالنِّصْفِ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ الْبَاقِي نِصْفَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ نِصْفُ السُّدُسِ، وَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ سُدُسًا، ثُمَّ يَقْسِمُ الْبَاقِي أَثْلَاثًا لِثَلَاثَةٍ. قُلْت يُرِيدُ بِالْأَوَّلِ الِاخْتِصَاصَ بِمَا زَادَ عَلَى الدَّعْوَيَيْنِ، وَبِالثَّانِي بِمَا زَادَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا وَتَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَاضِحٌ، وَعَزَا الشَّيْخُ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ، وَالثَّانِيَ لِأَشْهَبَ، وَقَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ يُقَالُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ وَمُدَّعِي الثُّلُثِ سَلَّمْتُمَا النِّصْفَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ فَلَهُ سِتَّةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَيُقَالُ لِمُدَّعِي الثُّلُثِ سَلَّمْت السُّدُسَ وَهُوَ سَهْمَانِ بَيْنَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَمُدَّعِي النِّصْفِ، وَيَبْقَى الثُّلُثُ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَدَّعُونَهُ كُلُّهُمْ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، فَيَصِيرُ لِمُدَّعِي الثُّلُثِ سَهْمٌ وَثُلُثٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سَهْمَانِ وَثُلُثٌ، وَلِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ، قَالَ وَهُوَ نَحْوُ جَوَابِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَرَّرَ مُحَمَّدٌ قَوْلَهُ بِأَنَّهُ يُقَالُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ وَالثُّلُثِ سَلِّمَا السُّدُسَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ تَبْقَ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ يَدَّعِيهَا مُدَّعِي الْكُلِّ وَيَدَّعِيهَا صَاحِبَاهُ أَيْضًا فَيُعْطِيَانِهِ نِصْفَهَا وَهُوَ عَشَرَةُ قَرَارِيطَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا، فَيُقَالُ لِمُدَّعِي الثُّلُثِ أَنْتَ لَا تَدَّعِي فِي قِيرَاطَيْنِ مِنْ الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ سَلِّمْهُمَا لِمُدَّعِي النِّصْفِ وَتُقْسَمُ الثَّمَانِيَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. ابْنُ حَارِثٍ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَعْدَلُهَا، أَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهِ عَلَى حِسَابِ عَوْلِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 545 وَلَمْ يَأْخُذْهُ بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ.   [منح الجليل] الْفَرَائِضِ وَهُوَ مِنْ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الدِّينَارِ الْوَاقِعِ فِي مِائَةِ دِينَارٍ، وَكَثِيرًا مَا كُنْت سَمِعْته مِنْ شُيُوخِنَا وَكُهُولِ أَصْحَابِهِمْ فِي أَيَّامِ الدَّرْسِ لَهُمْ وَالْمُنَاظَرَةِ لَهُمْ. قُلْت حَكَاهُ الشَّيْخُ مِنْ نَوَادِرِهِ مِنْ نَقْلِ أَشْهَبَ، قَالَ قَالَ أَشْهَبُ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُقْسَمُ عَلَى حِسَابِ الْعَوْلِ فِي الْفَرَائِضِ فَيُقْسَمُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا، فَلِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي الثُّلُثِ اثْنَانِ. (وَ) إنْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي مِلْكِ شَيْءٍ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ مِلْكُهُ وَتَعَذَّرَ تَرْجِيحُ إحْدَاهُمَا وَشَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِ مَنْ شَهِدْت لَهُ بِالْأَمْسِ (لَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مَنْ شَهِدَ لَهُ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ (كَانَ بِيَدِهِ) أَمْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ بِيَدِهِ كَوْنُهُ مِلْكَهُ وَلَا مُسْتَحَقَّهُ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ أَعَمُّ، وَالْأَعَمُّ لَا يُشْعِرُ بِالْأَخَصِّ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُطْلَقُ الْحَوْزِ، وَهَا هُوَ مَحُوزٌ فِي يَدِ الْآخَرِ الْيَوْمَ. ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ انْتَزَعَهُ أَوْ غَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ غَلَبَهُ عَلَيْهِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ، وَيُجْعَلُ الْمُدَّعِي صَاحِبَ الْيَدِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. " غ " أَغْفَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا الثَّانِيَةَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُمَا مَعًا نَصًّا لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ فِي النَّوَادِرِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. الْبُنَانِيُّ وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ مَنْصُوصَةٌ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. التُّونُسِيُّ رَأَيْت لِأَشْهَبَ لَوْ كَانَ عَبْدٌ بِيَدِ رَجُلٍ فَادَّعَاهُ آخَرُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَمْسِ بِيَدِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ. التُّونُسِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ أَمْسِ سَابِقٌ لِلَّذِي هُوَ بِيَدِهِ الْيَوْمَ فَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى يَدِهِ حَتَّى يُثْبِتَ هَذَا أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إلَّا بِيَقِينٍ. ابْنُ مُحْرِزٍ قَوْلُ أَشْهَبَ صَحِيحٌ. الْعَوْفِيُّ كَلَامُ التُّونُسِيِّ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ مِنْ كَلَامِ أَشْهَبَ نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ، وَقَوْلُ " غ " أَغْفَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا، أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَإِلَّا فَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغَصْبِ مَا تُفْهَمُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُ، حَيْثُ قَالَ كَشَاهِدٍ بِمِلْكٍ لِآخَرَ، وَجَعَلْت ذَا يَدٍ لَا مَالِكًا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا نَقَلَهُ " ق " هُنَا. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 546 وَإِنْ ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ، إلَّا بِأَنَّهُ تَنَصَّرَ، أَوْ مَاتَ إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ فَيُقْسَمُ كَمَجْهُولِ الدِّينِ، وَقُسِمَ عَلَى الْجِهَاتِ بِالسَّوِيَّةِ   [منح الجليل] وَإِنْ ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ) أَيْ حَدَثَ إسْلَامُهُ عَلَى أَخِيهِ النَّصْرَانِيِّ (أَنَّ أَبَاهُ) النَّصْرَانِيَّ (أَسْلَمَ) وَمَاتَ مُسْلِمًا وَأَنْكَرَ الْأَخُ النَّصْرَانِيُّ إسْلَامَ أَبِيهِ وَقَالَ إنَّهُ مَاتَ نَصْرَانِيًّا (فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ، وَهَذَا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ (قُدِّمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) ؛ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ (بِأَنَّهُ) أَيْ أَبَاهُمَا (تَنَصَّرَ) أَيْ نَطَقَ بِمَا دَلَّ عَلَى اعْتِقَادِهِ النَّصْرَانِيَّةَ (وَمَاتَ) عَقِبَهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ بِأَنَّهُ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمَاتَ عَقِبَهُ فَقَدْ تَعَارَضَتَا، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ فَيَتَرَجَّحُ إحْدَاهُمَا بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ قُسِمَتْ تَرِكَتُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَهَذَا (إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) أَيْ دِينُ الْأَبِ الْأَصْلِيِّ. طفى الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ، إذْ لَا فَائِدَةَ لِاشْتِرَاطِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ، وَعَلَيْهِ قَرَّرَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَذَلِكَ، فَذِكْرُهُ أَوْجَبَ انْقِطَاعَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِحَالَةَ الْمَسْأَلَةِ عَنْ وَجْهِهَا، فَلَوْ حَذَفَهُ ثُمَّ قَالَ كَمَجْهُولِ الدِّينِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَأَجَادَ، وَلِذَا قَالَ " ق " لَوْ قَالَ إلَّا بِأَنَّهُ تَنَصَّرَ وَمَاتَ فَهُمَا مُتَعَارِضَانِ فَيُقْسَمُ كَمَجْهُولِ الدِّينِ وَعَلَيْهِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا. وَشَبَّهَ فِي الْقَسْمِ فَقَالَ (كَمَجْهُولِ الدِّينِ) الَّذِي مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَتَنَازَعَا فِي مَوْتِهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا بِلَا بَيِّنَةٍ، فَيُقْسَمُ مَتْرُوكُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (وَقُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ الَّذِي تَرَكَهُ مَجْهُولُ الدِّينِ وَأَبْنَاؤُهُ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ (عَلَى الْجِهَاتِ) أَيْ الْإِسْلَامِ وَالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الَّتِي تَدِينُ بِهَا أَوْلَادُهُ الْمُتَنَازِعُونَ (بِالسَّوِيَّةِ) مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى عَدَدِ أَصْحَابِ كُلِّ جِهَةٍ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ الْجِهَاتُ ثَلَاثَةً فَلِكُلِّ جِهَةٍ ثُلُثُهُ وَلَوْ كَانَتْ جِهَةٌ أَصْحَابُهَا عَشَرَةٌ وَجِهَةٌ أَصْحَابُهَا خَمْسَةٌ وَجِهَةٌ صَاحِبُهَا وَاحِدٌ. الْعَدَوِيُّ الْجِهَاتُ أَرْبَعٌ إسْلَامٌ وَيَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ وَسِوَاهَا جِهَةٌ وَاحِدَةٌ، وَصَرَّحَ الْعُقْبَانِيُّ فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْحَوفِيِّ بِأَنَّ الْقَسْمَ عَلَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 547 وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا طِفْلٌ، فَهَلْ يَحْلِفَانِ وَيُوقَفُ الثُّلُثُ فَمَنْ وَافَقَهُ أَخَذَ حِصَّتَهُ وَرَدَّ عَلَى الْآخَرِ   [منح الجليل] الْجِهَاتِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حَلِفِ أَصْحَابِهَا فِي صُورَتَيْ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَصْلُهُ، فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ بِشَهَادَةٍ، وَقَالَ الْأَخَوَانِ وَأَصْبَغُ إنْ كَانَتْ بِحَضْرَةِ النَّصْرَانِيِّ قَطَعَتْ دَعْوَاهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ لَهُ عُذْرٌ فِي سُكُوتِهِ وَلَوْ صَلَّى عَلَيْهِ النَّصَارَى وَدَفَنُوهُ عِنْدَهُمْ بِحَضْرَةِ الْمُسْلِمِ اخْتَصَّ النَّصْرَانِيُّ بِإِرْثِهِ. قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ الْأَخَوَيْنِ فِي الْوَاضِحَةِ إنْ دُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا لَا يُنْكِرُ، فَذَلِكَ يَقْطَعُ حُجَّتَهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، فَإِنْ كَانَتْ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ إلَى مَوْتِهِ وَلَا يَعْرِفُونَهُ انْتَقَلَ عَنْهُ كَانَ تَكَاذُبًا وَقُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، فَإِنْ تَكَافَأَتَا كَانَ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَلَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِأَحَدِ الدِّينَيْنِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَارِثُ، فَفِي كَوْنِ ذَلِكَ تَكَاذُبًا أَوْ الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي نَقَلَتْهُ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا زَادَتْ حُكْمًا قَوْلَانِ، وَعَلَى الثَّانِي إنْ كَانَتْ الْحَالَةُ الْأُولَى كُفْرًا فَإِرْثُهُ لِلْمُسْلِمِ، وَفِي الْعَكْسِ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. (وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ الْأَخَوَيْنِ الْبَالِغَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي مَاتَ عَلَيْهِ أَبُوهُمَا أَخٌ لَهُمَا (طِفْلٌ فَهَلْ يَحْلِفَانِ) أَيْ الْأَخَوَانِ الْبَالِغَانِ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (وَيُوقَفُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ (الثُّلُثُ) مِمَّا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُوَ سُدُسُ التَّرِكَةِ، فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ ثُلُثَهَا إلَى بُلُوغِ الطِّفْلِ، وَإِذَا بَلَغَ (فَمَنْ) أَيْ الْأَخُ الَّذِي (وَافَقَهُ) الطِّفْلُ فِي دِينِهِ (أَخَذَ) الطِّفْلُ (حِصَّتَهُ) أَيْ سُدُسَ الْأَخِ الَّذِي وَافَقَهُ الطِّفْلُ الْمَوْقُوفُ إلَى بُلُوغِهِ (وَرُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ (عَلَى) الْأَخِ (الْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ الطِّفْلُ فِي دِينِهِ سُدُسُهُ الْمَوْقُوفُ، فَإِنْ وَافَقَ الْمُسْلِمَ أَخَذَ سُدُسَهُ وَرُدَّ سُدُسُ النَّصْرَانِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَافَقَ النَّصْرَانِيَّ أَخَذَ سُدُسَهُ وَرُدَّ سُدُسُ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ، وَعَلَى كُلٍّ يَكْمُلُ لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ نِصْفُ التَّرِكَةِ، وَلِجِهَةِ النَّصْرَانِيَّةِ نِصْفُهَا الْآخَرُ، وَوُقِفَ الثُّلُثُ أَوَّلًا لِلطِّفْلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ ثَالِثٍ وَيَدَّعِي أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَيْهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 548 وَإِنْ مَاتَ حَلَفَا وَقُسِمَ، أَوْ لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ؟ قَوْلَانِ   [منح الجليل] وَإِنْ مَاتَ) الطِّفْلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (حَلَفَا) أَيْ أَخَوَاهُ الْبَالِغَانِ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّ الطِّفْلَ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (وَاقْتَسَمَا) أَيْ أَخَوَاهُ الثُّلُثَ الْمَوْقُوفَ لَهُ بِالسَّوِيَّةِ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ تَوْرِيثٌ مَعَ الشَّكِّ فِي الْمُوَافَقَةِ فِي الدِّينِ، إذْ لَا يُمْكِنُ لِلطِّفْلِ إلَّا دِينٌ وَاحِدٌ مُوَافِقٌ لِأَحَدِهِمَا أَوْ مُخَالِفٌ لَهُمَا مَعًا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَالِغِينَ يَدَّعِي أَنَّ الطِّفْلَ كَانَ عَلَى دِينِهِ وَمَاتَ عَلَيْهِ جَازَ مَا بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ تَرِكَتِهِ، وَأَنَّ أَخَاهُمَا يَظْلِمُهُ فِيمَا يَأْخُذُهُ مِنْهَا فَبِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثَ بِهِ أَبَاهُ يَرِثُ أَخَاهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ، وَيُنْظَرُ مَا الْحُكْمُ إذَا كَانَ لِلطِّفْلِ وَارِثٌ غَيْرُ أَخَوَيْهِ كَأُمِّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ بُنَانِيٌّ. (أَوْ) يُوقَفُ (لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ) مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَالِغَيْنِ يَدَّعِي أَنَّهُ عَلَى دِينِهِ فَيَسْلَمُ لَهُ نِصْفُ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ رُبْعُ التَّرِكَةِ (وَيُجْبَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ الطِّفْلُ (عَلَى الْإِسْلَامِ) إذَا بَلَغَ وَيُقْسَمُ النِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) مُسْتَوِيَانِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ أَصْبَغُ قَالَ كَانَ مَعَهُمَا أَخٌ صَغِيرٌ فَكِلَاهُمَا مُقِرٌّ لَهُ بِالنِّصْفِ كَامِلًا، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالنِّصْفُ لَهُمَا بَعْدَ إيمَانِهِمَا. سَحْنُونٌ فَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَلَفَا وَقَسَمَا مَالَهُ. اللَّخْمِيُّ أَصْلُ قَوْلِهِمْ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، فَإِنْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ سِتِّينَ دِينَارًا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوْلَادِ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَقُولُ الْمَالُ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّغِيرِ نِصْفَيْنِ وَالنَّصْرَانِيُّ غَاصِبٌ لَنَا وَالْغَصْبُ عَلَيَّ، وَعَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِنَا، وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اسْتِوَائِهِمَا فِيهِ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَحْلِفَانِ وَيُوقَفُ ثُلُثُ مَا بِيَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَكْبَرَ الصَّبِيُّ فَيَدَّعِي دَعْوَى أَحَدِهِمَا فَيَأْخُذَ مَا وُقِفَ مِنْ سَهْمِهِ وَيَرُدَّ لِلْآخَرِ مَا وُقِفَ مِنْ سَهْمِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَلَفَا وَاقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ وَلَا يُرَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ يُعْرَفُونَ وُقِفَ مِيرَاثُهُ، فَإِذَا كَبِرَ وَادَّعَاهُ كَانَ لَهُ. قُلْت قَوْلُ سَحْنُونٍ فَيَأْخُذُ مَا وُقِفَ لَهُ مِنْ سَهْمِهِ وَيَرُدُّ إلَى الْآخَرِ مَا وُقِفَ لَهُ مِنْ سَهْمِهِ إلَخْ، خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 549 وَإِنْ قَدَرَ عَلَى شَيْئِهِ: فَلَهُ أَخْذُهُ، إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ، وَأَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً   [منح الجليل] وَإِنْ) كَانَ لِشَخْصٍ حَقٌّ عِنْدَ آخَرَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ بِطَرِيقِ الشَّرْعِ الظَّاهِرِ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مَعَ إنْكَارِهِ وَ (قَدَرَ عَلَى) أَخْذِ عَيْنِ (شَيْئِهِ) خُفْيَةً (فَلَهُ أَخْذُهُ) سَوَاءٌ عَلِمَ غَرِيمُهُ بِأَخْذِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (إنْ يَكُنْ) شَيْؤُهُ (غَيْرَ عُقُوبَةٍ) فَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً كَحَدِّ قَذْفٍ وَقِصَاصٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ تَأْدِيبِ شَاتِمٍ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا بِالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ سَدًّا لِتَعَدِّي بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ وَادِّعَائِهِمْ أَخْذَ حَقِّهِمْ، وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ، وَكَذَا غَيْرُ عَيْنِ شَيْئِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا يُمْكِنُ أَخْذُ عَيْنِهَا فَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِشَيْئِهِ عَيْنَهُ خَاصَّةً لَمْ يَحْتَجْ لِقَوْلِهِ إنْ يَكُنْ غَيْرَ عُقُوبَةٍ لِعَدَمِ شُمُولِ عَيْنِ شَيْئِهِ لَهَا، فَيُحْمَلُ شَيْؤُهُ عَلَى حَقِّهِ الشَّامِلِ لِعَيْنِ شَيْئِهِ وَعِوَضِهِ، فَيَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِ الْعُقُوبَةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْوَدِيعَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا ضَعِيفٌ قَالَهُ عب وَمِثْلُهُ لِلْخَرَشِيِّ. (وَ) إنْ (أَمِنَ) صَاحِبُ الْحَقِّ (فِتْنَةً) تَحْصُلُ بِأَخْذِ حَقِّهِ كَقِتَالٍ وَإِرَاقَةِ دَمٍ (وَ) أَمِنَ (رَذِيلَةً) كَنِسْبَتِهِ لِسَرِقَةٍ أَوْ خِيَانَةٍ بِأَخْذِ حَقِّهِ. طفى لَا شَكَّ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اخْتَصَرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى اسْتِرْجَاعِ عَيْنِ حَقِّهِ آمِنًا مِنْ فِتْنَةٍ أَوْ نِسْبَةٍ إلَى رَذِيلَةٍ جَازَ لَهُ وَأَمَّا فِي الْعُقُوبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ وَكَلَامُهُمَا كَمَا تَرَى فِي اسْتِرْجَاعِ عَيْنِ حَقِّهِ، وَبِهِ شَرَحَ فِي التَّوْضِيحِ، فَقَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِ شَيْئِهِ بِعَيْنِهِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَمَنْ غُصِبَ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَدَرَ عَلَى اسْتِرْدَادِهِ مَعَ الْأَمْنِ مِنْ تَحْرِيكِ فِتْنَةٍ أَوْ سُوءِ عَاقِبَةٍ بِأَنْ يُعَدَّ سَارِقًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ أَخْذُهُ. اهـ. وَهَكَذَا عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذَا خِلَافًا، وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي غَيْرِ عَيْنِ شَيْئِهِ. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ جِنْسَهُ جَازَ، فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى عَيْنِ شَيْئِهِ كَمَا قُلْنَا فَيَكُونُ غَيْرَ شَيْئِهِ عِنْدَهُ بِالْمَنْعِ كَمَا يَأْخُذُهُ مِنْ بَابِ الْوَدِيعَةِ. وَأَمَّا حَمْلُ تت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ عَيْنِ شَيْئِهِ وَتَعْمِيمُهُ فِي الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 550 وَإِنْ قَالَ: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ؛ أُنْظِرَ   [منح الجليل] وَمُعَارَضَتُهُ لِذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَجَوَابُهُ عَنْ ذَلِكَ بِإِخْرَاجِ الْوَدِيعَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ نُبُوُّ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَنْ حَمْلِهِ. الثَّانِي: خُلُوُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَنْ بَيَانِ حُكْمِ اسْتِرْدَادِ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَهُمَا مَتْبُوعَاهُ، وَلَا يُقَالُ يُؤْخَذُ بِالْأُولَى لِخَفَائِهِ وَلِتَعَرُّضِ الْأَئِمَّةِ لَهُ. الثَّالِثُ: لُزُومُ الْمُعَارَضَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا جَوَابُهُ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَمْ أَرَ مَنْ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الْمَنْعِ، إذْ مَنْ أَجَازَ أَجَازَهَا، وَمَنْ مَنَعَ مَنَعَهَا، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ عَرَفَةَ طُرُقَ الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْوَدِيعَةَ مِنْهَا فِي طَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي طَرِيقِهِ فِي الْوَدِيعَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ وَالِاسْتِحْبَابَ. خَامِسُهَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ الْحِصَاصِ وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا، وَأَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ. وَإِنْ كَانَ فَرْضُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوَدِيعَةِ فَلَيْسَ الْحُكْمُ خَاصًّا بِهَا وَقَدْ تَوَرَّكَ عَلَيْهِ هُنَاكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهَا وَمَنْ لَك عَلَيْهِ مَالٌ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ بَيْعٍ فَجَحَدَهُ، ثُمَّ صَارَ لَهُ بِيَدِك مِثْلُهُ بِإِيدَاعٍ وَبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْحَدَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ مَا قَرَّرَ بِهِ " ز " هُوَ الظَّاهِرُ، وَمَا قَالَهُ طفى، وَصَوَّبَهُ مِنْ حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى عَيْنِ شَيْئِهِ، إذْ هُوَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا غَيْرُ عَيْنِهِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ مَشَى الْمُصَنِّفُ مِنْهَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ عَلَى الْمَنْعِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ أَظْهَرَ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ الْإِبَاحَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ) كَانَ لِشَخْصٍ حَقٌّ عَلَى آخَرَ وَوَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى خَلَاصِهِ فَطَلَبَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الْغَرِيمِ فَ (قَالَ) الْغَرِيمُ لِلْوَكِيلِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك) بِكَسْرِ الْكَافِ (الْغَائِبُ أُنْظِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُمْهِلَ وَأُخِّرَ الْغَرِيمُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِإِبْرَائِهِ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْ الْغَرِيمِ، وَلَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى عَدَمِهِ فِي غَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يَحْلِفُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَرِيبَةِ اتِّفَاقًا، وَفِي الْبَعِيدَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَحَكَاهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 551 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ بِقِيلِ، وَلَمْ يَعْزُهُ، وَقَالَ إنَّهُ الْأَصْلُ، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْمَطْلُوبِ الْقَضَاءَ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى لَقِيَ صَاحِبِ الْحَقِّ، وَمِثْلُهُ دَعْوَاهُ الْإِبْرَاءَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي وَكِيلِ الْغَائِبِ يَطْلُبُ دَيْنَهُ الثَّابِتَ فَيَقُولُ الْمَطْلُوبُ بَقِيَ مِنْ حَقِّي أَنْ يَحْلِفَ الْمَحْكُومُ لَهُ أَنَّهُ مَا قَبَضَهُ مِنِّي، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً كَتَبَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْحَقَّ السَّاعَةَ وَيُقَالُ لَهُ إذَا اجْتَمَعْت مَعَهُ فَحَلِّفْهُ وَيَكْتُبُ الْقَاضِي لَهُ كِتَابًا بِذَلِكَ يَكُونُ بِيَدِهِ، فَإِنْ مَاتَ الْمَقْضِيُّ لَهُ حَلَفَ الْأَكَابِرُ مِنْ وَرَثَتِهِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا يَحْلِفُ الصِّغَارُ وَإِنْ كَبِرُوا بَعْدَ مَوْتِهِ. اهـ. وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ وَقَوْلُهُ عِنْدِي تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِ الْمُوَكِّلِ. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً كَيَوْمَيْنِ انْتَظَرَ الْمُوَكِّلُ حَتَّى يَحْلِفَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مُوَكِّلَهُ قَبَضَ مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا وَيُقْضَى لَهُ بِهِ. وَفِي الْمُعِينِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَهُ تَحْلِيفُ الطَّالِبِ إذَا لَقِيَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَاسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ يُنْظَرُ الْمَطْلُوبُ حَتَّى يَحْلِفَ الْمُوَكِّلُ بِلَا خِلَافٍ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. وَأَمَّا فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ فَالْمَنْصُوصُ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الْمَطْلُوبِ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَلَا يُؤَخَّرُ، لَكِنَّ ابْنَ كِنَانَةَ قَالَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَقٌّ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ، وَمُقَابِلُ الْمَنْصُوصِ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِقِيلَ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَخَرَّجَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى يَمِينِ الِاسْتِحْقَاقِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا عُلِمَ هَذَا فَقَوْلُهُ أُنْظِرَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ إنْظَارَهُ فِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 552 وَمَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ، أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ:   [منح الجليل] فِي عَزْوِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَبُولِهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى. وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّخْمِيَّ حَكَاهُ بِقِيلَ، فَالْمُنَاسِبُ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ أَوْ قَضَيْته فَلَا يُنْتَظَرُ فِي الْبَعِيدَةِ بِخِلَافِ الْقَرِيبَةِ، فَيُؤَخَّرُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ، أُنْظِرَ فِي الْقَرِيبَةِ. وَفِي الْبَعِيدَةِ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ مَا عَلِمَ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ وَيَقْضِي لَهُ، فَإِنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ حَلَفَ وَاسْتَمَرَّ الْقَبْضُ وَإِلَّا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ، وَاسْتَرْجَعَ مَا أَخَذَ مِنْهُ. " غ " حَلَفَ الْوَكِيلُ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا، إذْ لَا يَحْلِفُ شَخْصٌ لِيَنْتَفِعَ غَيْرُهُ، وَمَا بَعْدَهُ سَاقَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلًا آخَرَ، وَنَسَبَهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِابْنِ الْمَوَّازِ، فَقَدْ رَكَّبَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنْ قَوْلَيْنِ. الْحَطّ أَمَّا حَلِفُ الْوَكِيلِ فَقَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ كِنَانَةَ وَابْنَ الْقَاسِمِ وَابْنَ الْمَوَّازِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَا يُؤَخَّرُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ لَهُ تَحْلِيفَ الْمُوَكِّلِ إذَا لَقِيَهُ، فَإِنْ حَلَفَ مَضَى، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَاسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ حَسَنَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلرَّاجِحِ مِنْ الْأَقْوَالِ إلَّا حَلِفَ الْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ. الثَّانِي: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِ الْمَطْلُوبِ أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك كَمَا فُرِضَ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَقَوْلِهِ قَبَضَهُ مِنِّي مُوَكِّلُك. الثَّالِثُ: إذَا قُضِيَ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِالْحَقِّ ثُمَّ لَقِيَ الْمُوَكِّلَ فَاعْتَرَفَ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالْحَقِّ عَلَى الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى وَكِيلِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ بَيِّنَةً وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِهِ لَهُ. (وَمَنْ) شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَأُعْذِرَ لَهُ فِيهَا فَادَّعَى حُجَّةً وَ (اسْتَمْهَلَ) أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَالتَّأْخِيرَ (لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ عَلَيْهِ أَوْ جُرِحَتْ بَيِّنَتَهُ (أُمْهِلَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ أُخِّرَ وَضُرِبَ لَهُ أَجَلٌ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِحَسَبِ الدَّعْوَى وَالْمُدَّعَى فِيهِ وَتَقَدَّمَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 553 كَحِسَابٍ وَشِبْهِهِ، بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ: كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ،   [منح الجليل] فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْعَمَلَ بِتَفْرِيقِ الْأَجَلِ. عب مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إنْ قَرُبَتْ بَيِّنَتُهُ كَجُمُعَةٍ وَإِلَّا قُضِيَ عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا. الْبُنَانِيُّ هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ إذَا قَالَ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمْهِلُونِي فَلِي بَيِّنَةٌ دَافِعَةٌ أُمْهِلَ مَا لَمْ يَبْعُدْ فَيُقْضَى عَلَيْهِ وَيَبْقَى عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا أهـ. وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ التَّحْدِيدِ فِي الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ عَلَى الطَّالِبِ ضَرَرًا فِي إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ مَعَ بُعْدِ بَيِّنَتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الْإِمْهَالِ بِالِاجْتِهَادِ فَقَالَ (كَ) اسْتِمْهَالِ التَّحْرِيرِ (حِسَابٍ وَشِبْهِهِ) مِنْ مُرَاجَعَةِ مَكْتُوبٍ عِنْدَهُ وَسُؤَالِ غُلَامٍ وَنَحْوِهِ لِيَتَحَقَّقَ مَا يَجِبُ بِهِ، وَيُمْهَلُ (بِكَفِيلٍ) أَيْ ضَامِنٍ (بِالْمَالِ) فَلَا يَكْفِي ضَامِنٌ بِالْوَجْهِ لِثُبُوتِ الْمَالِ وَالْإِمْهَالُ إنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ الْبَيِّنَةِ. عب هَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ وَأَوْلَى لِقَوْلِهِ أُنْظِرَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَيَكْفِي كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ طَلَبُ الْإِمْهَالِ لِنَحْوِ الْحِسَابِ بَعْدَ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ بِالْمَالِ، وَيَفُوتُ الْمُصَنِّفُ حِينَئِذٍ طَلَبُ الْإِمْهَالِ لِنَحْوِ الْحِسَابِ قَبْلَ إقَامَتِهَا. طفى هَذَا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ تت، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَخَّرَهُ لِيُشَبِّهَ بِهِ، وَأَمَّا فِي الْحِسَابِ وَشَبِيهِهِ فَحُمِلَ بِالْوَجْهِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَقْيِيدُ ابْنِ شَاسٍ تَأْخِيرَهُ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ صَوَابٌ، وَيَبْعُدُ كَوْنُهُ اعْتَمَدَ هُنَا قَوْلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَفِيلُ بِالْمَالِ اهـ. إذْ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْإِمْهَالِ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ كَفِيلٍ بِالْمَالِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ أَقَامَ الطَّالِبُ شَاهِدًا وَ (أَرَادَ) الطَّالِبُ (إقَامَةَ) شَاهِدٍ (ثَانٍ) وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ فَيُمْهَلُ مَعَ كَفِيلٍ بِالْمَطْلُوبِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ لِلطَّالِبِ الْحَلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ، أَوْ لِأَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 554 أَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ: فَبِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ. وَفِيهَا أَيْضًا: نَفْيُهُ، وَهَلْ خِلَافٌ، أَوْ الْمُرَادُ وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ، أَوْ إنْ لَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ، تَأْوِيلَاتٌ   [منح الجليل] الْمَالَ ثَبَتَ بِهِ وَالْيَمِينُ اسْتِظْهَارٌ. الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْإِمْهَالِ وَفِي لُزُومِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ، كَمَا يَقْتَضِيه كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ (أَوْ) ادَّعَى بِمَالٍ عَلَى شَخْصٍ فَأَنْكَرَهُ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي الْإِمْهَالَ (بِ) إرَادَتِهِ لِ (إقَامَةِ بَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ (فَ) يُمْهَلُ بِالِاجْتِهَادِ (بِحَمِيلٍ) لِلْمَطْلُوبِ (بِالْوَجْهِ) كَمَا فِي شَهَادَاتِهَا. الْمَازِرِيُّ لَا بِالْمَالِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ شَيْءٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (أَيْضًا نَفْيُهُ) أَيْ كَفِيلِ الْوَجْهِ، وَنَصُّهَا مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ خُلْطَةٌ فِي مُعَامَلَةٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَثْبُتَ حَقُّهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا ثَبَتَتْ الْخُلْطَةُ فَلَهُ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ لِيُوقِعَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ. (وَ) اُخْتُلِفَ (هَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ (أَوْ وِفَاقٌ) بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا لِأَبِي عِمْرَانَ (الْمُرَادُ) بِكَفِيلِ الْوَجْهِ الَّذِي فِي شَهَادَاتِهَا (وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ كَفِيلٌ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفِيلُ الْوَجْهِ كَمَا فِي الْحَمَّالَاتِ (أَوْ) مَعْنَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الشَّهَادَاتِ فَلَهُ عَلَيْهِ كَفِيلٌ (إنْ لَمْ تُعْرَفْ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (عَيْنُهُ) أَيْ الْمَطْلُوبِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِعَيْنِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُسْمَعُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ. فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ غَصْبًا أَوْ دَيْنًا وَاسْتِهْلَاكًا فَإِنْ عُرِفَ بِمُخَالَطَتِهِ فِي مُعَامَلَةٍ أَوْ عُلِمَتْ تُهْمَتُهُ فِيمَا ادَّعَى قِبَلَهُ مِنْ التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ نَظَرَ فِيهِ الْإِمَامُ، فَإِمَّا أَحْلَفَهُ لَهُ أَوْ أَخَذَ لَهُ كَفِيلًا حَتَّى يَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ خُلْطَتُهُ وَلَا تُهْمَتُهُ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا يَعْرِضُ لَهُ. عِيَاضٌ بَعْضُهُمْ جَعَلَ لَهُ أَخْذَ الْكَفِيلِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَلِغَيْرِهِ هُنَاكَ كَمَا لَهُ هُنَا. وَقَالَ آخَرُونَ ظَاهِرُهُ أَخْذُ الْكَفِيلِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِقَوْلِهِ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَعْرِضُ لَهُ فَدَلَّ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ بِخِلَافِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 555 وَيُجِيبُ عَنْ الْقِصَاصِ: الْعَبْدُ، وَعَنْ الْأَرْشِ السَّيِّدُ وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ   [منح الجليل] عِيَاضٌ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَفِيلَ بِمَعْنَى الْمُوَكَّلِ بِهِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَزِمَهُ الْكَفِيلُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَةِ غَيْرُ بَيِّنٍ، لِقَوْلِهِ إنْ كَانَ يُعْرَفُ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ فِي دَيْنٍ " ق " ابْنُ يُونُسَ مَعْنَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَهُ عَلَيْهِ كَفِيلٌ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ لِيُوقِعَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا فَلَيْسَ لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ كَفِيلٌ بِوَجْهِهِ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَ) إنْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ كَفِيلٌ عَمْدًا أَوْ جُرْحٍ كَذَلِكَ فَ (يُجِيبُ عَنْ) دَعْوَى مُوجِبِ (الْقِصَاصِ الْعَبْدُ) لِأَنَّهُ الَّذِي يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ إنْ أَقَرَّ بِمُوجِبِهِ لَا سَيِّدُهُ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ وَأَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ جَوَابَ الدَّعْوَى إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْمُجِيبُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ يَلْزَمُهُ فَيَلْزَمُهُ الْجَوَابُ عَنْهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ جَوَابُ سَيِّدِهِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَمِثْلُ الْقِصَاصِ حَدُّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ. (وَ) إنْ ادَّعَى عَلَى عَبْدٍ بِمُوجِبِ أَرْشٍ كَجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهَا كَجَائِفَةٍ وَآمَّةٍ فَيُجِيبُ (عَنْ) دَعْوَى مُوجِبِ (الْأَرْشِ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِعْجَامِ الشَّيْنِ، أَيْ الدِّيَةِ لِنَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (السَّيِّدُ) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُطَالَبُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ جَوَابُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تُوجِبُ قَبُولَ إقْرَارِهِ فَيُعْتَبَرُ، فَفِي كِتَابِ دِيَاتِهَا فِي عَبْدٍ عَلَى بِرْذَوْنٍ مَشَى عَلَى أُصْبُعِ صَغِيرٍ فَقَطَعَهَا فَتَعَلَّقَ بِهِ الصَّغِيرُ وَهِيَ تَدْمَى، وَقَالَ فَعَلَ بِي هَذَا وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ، فَإِنَّ الْأَرْشَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ جَوَابُ دَعْوَى الْقِصَاصِ عَلَى الْعَبْدِ يُطْلَبُ مِنْ الْعَبْدِ، وَدَعْوَى الْأَرْشِ يُطْلَبُ جَوَابُهُ مِنْ سَيِّدِهِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا يُطْلَبُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ الْعَبْدُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ عَامِلٌ دُونَ سَيِّدِهِ، وَفِي الثَّانِي سَيِّدُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ عَامِلٌ دُونَ الْعَبْدِ. (وَالْيَمِينُ) الشَّرْعِيَّةُ (فِي كُلِّ حَقٍّ) مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا اللِّعَانَ وَالْقَسَامَةَ صِيغَتُهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 556 بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ   [منح الجليل] بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) ابْنُ عَرَفَةَ وَلَفْظُ الْيَمِينِ فِي حُقُوقِ غَيْرِ اللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ فِيهَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ مَنْ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا، وَمِثْلُهُ ذَكَرَ الشَّيْخُ مِنْ رِوَايَةِ سَحْنُونٍ بِزِيَادَةِ لَا أَعْرِفُ غَيْرَ هَذَا. ابْنُ رُشْدٍ فِي صِيغَةِ الْيَمِينِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ الْمَشْهُورُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ يَزِيدُ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمَدَنِيَّةِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ وَاَللَّهِ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهَا يَمِينٌ جَائِزَةٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا تَجْزِئَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ. قُلْت هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَنْ قَالَ وَاَللَّهِ وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنَّهَا يَمِينٌ تُكَفَّرُ. قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهَا يَمِينٌ تُكَفَّرُ أَنْ تُجْزِئَ فِي الْحُقُوقِ لِاخْتِصَاصِ يَمِينِ الْخُصُومَةِ بِالتَّغْلِيظِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ أَشْهَبَ قَالَ حَمَلَ بَعْضُ أَشْيَاخِي عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهُ رَأَى الِاكْتِفَاءَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ يَقُولُ بِاَللَّهِ وَلَيْسَ مَقْصُودُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيَانُ اللَّفْظِ الْمَحْلُوفِ بِهِ فِي اللِّعَانِ، وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ فِي يَمِينِ اللِّعَانِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ، فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَقُولُ أَشْهَدُ بِعِلْمِ اللَّهِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَالرَّابِعُ بِزِيَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَنَحْوِهِ. اللَّخْمِيُّ الْمَازِرِيُّ وَفِي الْقَسَامَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ بِاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا، وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. مُحَمَّدٌ وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ وَهُوَ مَشْهُورُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ وَرِوَايَةُ ابْنِ كِنَانَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِزِيَادَةِ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أُقْسِمُ بِاَلَّذِي أَحْيَا وَأَمَاتَ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ صِيغَةَ حَلِفِ الْقَسَامَةِ أَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقُولُوا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَلَا الطَّالِبُ الْغَالِبُ الْمُدْرِكُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَشْهُورُ مَذْهَبِهِ، وَفِي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 557 وَلَوْ كِتَابِيًّا، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ: بِاَللَّهِ فَقَطْ   [منح الجليل] كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ مَنْ حَلَفَ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فَلْيَقُلْ وَرَبِّ هَذَا الْمِنْبَرِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِاَلَّذِي أَحْيَا وَأَمَاتَ وَالزِّيَادَةُ عَلَى بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عِنْدَ مَنْ رَآهَا اسْتِحْسَانٌ، إذْ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَجْزَأَتْهُ يَمِينُهُ. قُلْت وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ. وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (كِتَابِيًّا) يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا (وَتُؤُوِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا، أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ) فِي يَمِينِهِ فِي كُلِّ حَقٍّ (بِاَللَّهِ) وَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (فَقَطْ) لَا يَزِيدُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ تَعَالَى. وَأَمَّا الْيَهُودِيُّ فَيَزِيدُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يَحْلِفُ النَّصَارَى وَلَا الْيَهُودُ فِي حَقٍّ أَوْ لِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِاَللَّهِ، وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْيَهُودِيَّ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالنَّصْرَانِيَّ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى. ابْنُ مُحْرِزٍ فِي الْكِتَابِ فِي النَّصْرَانِيِّ لَا يَحْلِفُ إلَّا بِاَللَّهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَقَالَهُ ابْنُ شَبْلُونَ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوَحِّدُونَ فَلَا يُكَلَّفُونَ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَحْلِفُونَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَا تَكُونُ مِنْهُمْ أَيْمَانًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو عُلَمَائِنَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اسْتِحْلَافُهُمْ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُمْ يَنْفُونَ الصَّانِعَ. تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ. زَادَ عِيَاضٌ وَفَرَّقَ غَيْرُ ابْنِ شَبْلُونٍ بَيْنَ الْيَهُودِ فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ بِالتَّوْحِيدِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يُلْزِمُهُمْ لِعَدَمِ قَوْلِهِمْ بِهِ. فِي التَّوْضِيحِ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكِتَابِيَّ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَحْلِفُ الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ فِي حَقٍّ أَوْ لِعَانٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا بِاَللَّهِ. عِيَاضٌ حَمَلَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَلْزَمُهُمْ تَمَامُ الشَّهَادَةِ إذْ لَا يَعْتَقِدُونَهَا فَلَا يُكَلَّفُونَ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ شَبْلُونٍ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَ الْيَهُودِ فَأَلْزَمَهُمْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ بِالتَّوْحِيدِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا قَالَ إنَّمَا يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ فَقَطْ مُفْتِيًا لَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ أَيَزِيدُونَ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَالْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، فَقَالَ يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَلَا يَزِيدُونَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ. اهـ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 558 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ الْمَجُوسِيَّ يَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ الْمُسْلِمُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ إلَّا بِاَللَّهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْيَمِينِ مِنْ كَوْنِ حَرْفِ الْقَسَمِ فِيهَا الْبَاءَ الْمُوَحَّدَةَ؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَنْ وَقَفْت عَلَى كَلَامِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى صِيغَةِ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَوْ وَصِيغَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَاءِ وَغَيْرِهَا مِنْ حُرُوفِ الْقَسَمِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ، وَأَمَّا الْوَاوُ فَغَالِبُ مَنْ رَأَيْت كَلَامَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَزَرُّوقٍ وَالْجَزِيرِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالُوا وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ وَاَللَّهِ وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَشْهَبُ إنْ قَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِاَللَّهِ فَقَطْ فَلَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. اللَّخْمِيُّ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيه قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّهَا أَيْمَانٌ تُكَفَّرُ أَنَّهَا تُجْزِيه، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَفِي الْجَوَاهِرِ أَمَّا الْحَلِفُ فَهُوَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُقُوقِ، ثُمَّ نَقَلَهُ بِالْبَاءِ، وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي فِي الْكِتَابِ، أَيْ الْمُدَوَّنَةِ، إنَّمَا هُوَ بِالْوَاوِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَاءِ وَالْوَاوِ، وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ وَالصَّحِيحُ الِاجْتِزَاءُ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَفِي الْمُنْتَقَى اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الَّذِي يُجْتَزَى بِهِ مِنْ التَّغْلِيظِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَوْ قَالَ بِاَللَّهِ فَقَطْ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُجْزِيه حَتَّى يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّاءَ الْفَوْقِيَّةَ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْيَمِينِ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ، فَإِنْ أَحْلَفَهُ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ قَالَهُ الْبَاجِيَّ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ طُرُوُّ مَا بِيَدِهِ مِنْ إيرَادٍ أَوْ بَيْعٍ هُوَ قَوْلُهَا فِي اللَّقْطَةِ، وَلَا يَسْتَحْلِفُ صَاحِبَ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدَيْهِ يُرِيدُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 559 وَغُلِّظَتْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ بِجَامِعٍ، كَالْكَنِيسَةِ، وَبَيْتِ النَّارِ،   [منح الجليل] فِي غَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي غَيْرِ الرُّبْعِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ. الرَّابِعُ: ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْيَمِينُ فِي الْحُقُوقِ كُلِّهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَرَوَى ابْنُ كِنَانَةَ يَزِيدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ وَفِي الْقَسَامَةِ وَلِلِّعَانِ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. ضَيْح الْمَازِرِيُّ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ بِاَللَّهِ فَقَطْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا أَجْزَأَهُ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا. الْخَامِسُ: تَعَقَّبَ الْبِسَاطِيُّ قَوْلَهُ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ بِأَنَّهُ صَرِيحُهَا لَا تَأْوِيلَ لَهَا لِقَوْلِهَا وَلَا يَحْلِفُ الْيَهُودِيُّ وَلَا النَّصْرَانِيُّ إلَّا بِاَللَّهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي أَوَّلَهَا هُوَ الرَّادُّ لَهَا إلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا بِاَللَّهِ لَا يَحْلِفُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَيْمَانِهِمْ الَّتِي يَعْتَقِدُونَهَا، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الِاقْتِصَارَ عَلَى لَفْظِ بِاَللَّهِ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاصْطِلَاحَ أَنَّ إبْقَاءَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا يُسَمَّى تَأْوِيلًا وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَغُلِّظَتْ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً وَإِعْجَامِ الظَّاءِ الْيَمِينُ عَلَى الْحَالِفِ (فِي رُبْعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ أَوْ مَا يُسَاوِيه مِنْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا فِي أَقَلَّ مِنْهُ وَتَغْلِيظُهَا (بِ) حَلِفِهَا (بِجَامِعٍ) لِلْجُمُعَةِ فَلَا يَكْفِي حَلِفُهَا بِغَيْرِهِ وَلَوْ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ وَلَا يَتَعَيَّنُ مَكَانٌ مِنْ الْجَامِعِ وَقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ فِي غَيْرِ مَدِينَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ التَّغْلِيطِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْخَصْمُ، وَنَصَّ الْقَرَافِيِّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ مَنْ تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ لِأَجْلِهِ، وَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ إذَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ، فَعَلَى وُجُوبِهِ يَحْنَثُ، وَعَلَى نَدْبِهِ لَا، وَأَيْضًا عَلَى وُجُوبِهِ تُعَادُ الْيَمِينُ لَهُ وَعَلَى نَدْبِهِ لَا، وَأَيْضًا عَلَى وُجُوبِهِ بَعْدَ الْمُمْتَنِعِ مِنْهُ نَاكِلًا وَعَلَى نَدْبِهِ لَا. وَشَبَّهَ فِي الْجَامِعِ فِي التَّغْلِيظِ بِهِ فَقَالَ (كَالْكَنِيسَةِ) لِلنَّصْرَانِيِّ، وَالْبِيعَةِ لِلْيَهُودِيِّ (وَبَيْتِ النَّارِ لِلْمَجُوسِيِّ) زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَيْثُ يُعَظِّمُونَ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي مَحَلِّ الْيَمِينِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَحَلِّهِ فِي أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ، وَفِي رُبْعِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حَيْثُ يُعَظَّمُ مِنْهُ. الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمُ رُبْعُ دِينَارٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ رِوَايَةً، وَذَكَرَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 560 وَبِالْقِيَامِ، لَا بِالِاسْتِقْبَالِ وَبِمِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ فِيمَا ادَّعَتْ؛ أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهَا، إلَّا الَّتِي لَا تَخْرُجُ نَهَارًا، وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً فَلَيْلًا،   [منح الجليل] عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الِاسْتِحْلَافَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. (وَ) تُغَلَّظُ (بِ) حَلِفِهَا حَالَ (الْقِيَامِ) مِنْ الْحَالِفِ (لَا) تُغَلَّظُ (بِالِاسْتِقْبَالِ) مِنْ الْحَالِفِ حَالَ حَلِفِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا، وَعَلَى التَّغْلِيظِ بِهِ جَرَى ابْنُ سَلْمُونٍ قَائِلًا بِهِ الْعَمَلُ وَصَاحِبُ التُّحْفَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ (وَ) تُغَلَّظُ (بِ) حَلِفِهَا عِنْدَ (مِنْبَرِهِ) أَيْ النَّبِيِّ (- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَحْلِفُ عَلَيْهِ وَخَصَّ مِنْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» ، وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمِنْبَرَ الْمَوْجُودَ الْآنَ فِي مَوْضِعِ مِنْبَرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِثْلُهُ لِلدَّمَامِينِيِّ وَالسَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ. تت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ فِي الْمَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا فِي الدِّمَاءِ وَاللِّعَانِ فَتُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. (وَخَرَجَتْ) الْمَرْأَةُ (الْمُخَدَّرَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ الْمُلَازِمَةِ لِلْخِدْرِ، أَيْ السِّتْرِ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا أَيْ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا، يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْخُرُوجِ إلَى الْجَامِعِ لِتَحْلِفَ فِيهِ (فِيمَا) أَيْ رُبْعِ دِينَارٍ (ادَّعَتْ) بِهِ عَلَى غَيْرِهَا وَشَهِدَ لَهَا شَاهِدٌ يَمِينًا تُكَمِّلُ بِهَا النِّصَابَ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا شَاهِدٌ وَرَدَّ الْمَطْلُوبُ الْيَمِينَ عَلَيْهَا (أَوْ) فِيمَا (اُدُّعِيَ) بِضَمِّ الدَّالِ مُثَقَّلَةً وَكَسْرِ الْعَيْنِ بِهِ (عَلَيْهَا) أَيْ الْمُخَدَّرَةِ وَأَنْكَرَتْهُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا شَاهِدٌ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهَا شَاهِدٌ وَرَدَّ الْخَصْمُ الْيَمِينَ عَلَيْهَا. أَبُو حَفْصٍ الْعَطَّارُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا تَخْرُجُ أَيْ غَيْرَ مُسْتَتِرَةٍ، وَأَمَّا الَّتِي تَخْرُجُ مُسْتَتِرَةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَا تَخْرُجُ أَلْبَتَّةَ نَقَلَهُ الْقَلْشَانِيُّ عَنْ الْغُبْرِينِيُّ، وَاَلَّتِي لَا تَخْرُجُ أَصْلًا تَحْلِفُ فِي بَيْتِهَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مِنْ شَأْنِهَا الْخُرُوجُ فِي مَصَالِحِهَا نَهَارًا وَلَيْلًا وَمَنْ تَخْرُجُ لَهَا لَيْلًا فَقَطْ وَمَنْ لَا تَخْرُجُ أَصْلًا (إلَّا) الْمُخَدَّرَةَ (الَّتِي لَا تَخْرُجُ نَهَارًا) وَهِيَ حُرَّةٌ، بَلْ (وَ) إنْ كَانَتْ (مُسْتَوْلَدَةً) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ (فَ) تَخْرُجُ لِلْحَلِفِ (لَيْلًا) ابْنُ عَرَفَةَ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا سَأَلَتْ عَنْهُ مِنْ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَسُنَّتُهُنَّ فِي الْيَمِينِ سُنَّةُ الْأَحْرَارِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 561 وَتُحَلَّفُ فِي أَقَلَّ بِبَيْتِهَا وَإِنْ ادَّعَيْت قَضَاءً عَلَى مَيِّتٍ   [منح الجليل] عِيَاضٌ قَوْلُهُ مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَسُنَّتُهُمْ سُنَّةُ الْأَحْرَارِ إلَّا أَنِّي أَرَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَالْحَرَائِرِ فَمِنْهُنَّ مَنْ تَخْرُجُ، وَمِنْهُنَّ مَنْ لَا تَخْرُجُ حَمَلَ بَعْضُهُمْ أَوَّلَ الْكَلَامِ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَحَمَلَهُ آخَرُونَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَأَنَّ مَا عَدَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَالرِّجَالِ فِي الْخُرُوجِ لِلْيَمِينِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِحُرْمَةِ سَادَتِهِنَّ كَالْحَرَائِرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ مُحْرِزٍ. وَلِلْبَاجِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْحُرَّةُ وَالْعَبْدُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ سَوَاءٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ فِيمَا لَهُ بَالٌ مِنْ الْحُقُوقِ فَتَحْلِفُ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْرُجُ نَهَارًا فَلْتَخْرُجْ لَيْلًا، وَتَحْلِفُ فِي الْيَسِيرِ فِي بَيْتِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ تَخْرُجُ وَيَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا وَيُجْزِئُهُ رَجُلٌ وَاحِدٌ. اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَفِي رُبْعِ دِينَارٍ فِي الْجَامِعِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَتَصَرَّفُ أُحْلِفَتْ نَهَارًا وَإِلَّا أُحْلِفَتْ لَيْلًا. وَأَجَازَ سَحْنُونٌ فِي امْرَأَتَيْنِ لَيْسَتَا مِمَّنْ يَخْرُجْنَ أَنْ تَحْلِفَا فِي أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِمَا. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الشَّرَفِ وَالْقَدْرِ جَازَ أَنْ يَبْعَثَ الْحَاكِمُ إلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا وَلَا مَقَالَ لِخَصْمِهَا. عِيَاضٌ هَذَا فِيمَا تُطْلَبُ بِهِ. ابْنُ كِنَانَةَ تَحْلِفُ النِّسَاءُ اللَّاتِي لَا تَخْرُجْنَ فِي بُيُوتِهِنَّ فِيمَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ أَرَدْت أَنْ يَسْتَحْقِقْنَ حَقَّهُنَّ فَلْيَخْرُجْنَ إلَى مَوْضِعِ الْيَمِينِ وَقَدْ أَحْلَفَ سَحْنُونٌ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ فِي أَقْرَبِ الْمَسَاجِدِ إلَيْهِنَّ. وَرَأَى شُيُوخُ الْأَنْدَلُسِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِ هَؤُلَاءِ وَمَنْ امْتَنَعَتْ حُكِمَ عَلَيْهَا بِحُكْمِ الْمَلِكِ. عِيَاضٌ لَيْسَ هَذَا بِصَوَابٍ الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَخْرُجُ فِيمَا لَهُ بَالٌ فَمَنْ تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ خَرَجَتْ وَإِلَّا خَرَجَتْ بِاللَّيْلِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُهُ. (وَتَحْلِفُ) الْمَرْأَةُ (فِي أَقَلَّ) مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ (بِبَيْتِهَا) وَيُرْسِلُ لَهَا الْحَاكِمُ مَنْ يُحَلِّفُهَا وَيَكْفِي رَجُلٌ وَاحِدٌ وَلَا تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ فِيهِ الْيَمِينُ بِالْمَكَانِ. (وَإِنْ) كَانَ عَلَيْك دَيْنٌ لِمَيِّتٍ وَطَلَبَهُ وَرَثَتُهُ فَ (ادَّعَيْتَ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ خِطَابٌ لِلْمَدِينِ (قَضَاءً) لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْك بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْك بِهِ ثُمَّ ادَّعَيْت قَضَاءَهُ (عَلَى مَيِّتٍ) وَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ الْقَضَاءَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 562 لَمْ يَحْلِفْ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ وَرَثَتِهِ وَحَلَفَ فِي نَقْصٍ بَتًّا، وَغِشٍّ عِلْمًا،   [منح الجليل] لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يَحْلِفُ) عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْقَضَاءِ (إلَّا مَنْ) أَيْ الَّذِي (يُظَنُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (بِهِ الْعِلْمُ) بِقَضَائِك (مِنْ وَرَثَتِهِ) الْبَالِغِينَ بِسَبَبِ مُخَالَطَتِهِ لِلْمَيِّتِ وَعِلْمِهِ بِأَسْرَارِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِدَيْنٍ لِمَيِّتٍ فَادَّعَى الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ قَضَى الْمَيِّتَ حَقَّهُ فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ، وَلَهُ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ يَظُنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ مِنْ بَالِغِي وَرَثَتِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَلَا يَمِينَ عَلَى مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ، وَلَا عَلَى صَغِيرٍ الشَّيْخُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ كَانَ لِمَيِّتٍ دَيْنٌ مُبَيَّنَةٌ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ فَقَامَ وَرَثَتُهُ يَطْلُبُونَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ أَكَابِرُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا وَلِيَّهُمْ قَبَضَهُ مِنْ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ سَبَبِهِ، وَلَا يَحْلِفُ الْأَصَاغِرُ وَإِنْ كَبِرُوا بَعْدَ مَوْتِهِ. (وَ) مَنْ دَفَعَ لِآخَرَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَاطَّلَعَ آخِذُهَا فِيهَا عَلَى نَقْصٍ أَوْ غِشٍّ فَرَدَّهَا لِدَافِعِهَا فَأَنْكَرَهَا (حَلَفَ) الدَّافِعُ (فِي) دَعْوَى (نَقْصٍ) حَلِفًا (بَتًّا وَ) فِي دَعْوَى (غِشٍّ عِلْمًا) أَيْ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ قَدْ تَخْفَى وَلَا يَتَحَقَّقُ عَيْنُ دَرَاهِمِهِ، وَظَاهِرُهُ صَيْرَفِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ هَذَا فِي غَيْرِ الصَّيْرَفِيِّ. وَأَمَّا الصَّيْرَفِيُّ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ إنْ أَصَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ رَصَاصًا أَوْ نُحَاسًا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مَا دَفَعْت لَك إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيَحْلِفُ مَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا أَخَذَهَا عَلَى أَنْ يُرِيَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَيْهِ بَدَلُهَا. التُّونُسِيُّ إنْ حَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ قَابِضُهَا عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ مُوقِنٌ قُلْت ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ حَلَفَ الْأَوَّلُ عَلَى الْعِلْمِ فَتَنْقَلِبُ يَمِينُهُ عَلَى خِلَافِ مَا تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ قُلْت ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ الْفَاسِيِّينَ فِي صِيغَةِ يَمِينِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا. الثَّانِي يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 563 وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ: كَخَطِّ أَبِيهِ أَوْ قَرِينَةٍ وَيَمِينُ الْمَطْلُوبِ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا، وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ، وَنَفَى سَبَبًا، إنْ عُيِّنَ وَغَيْرَهُ،   [منح الجليل] مُطْلَقًا. الثَّالِثُ هَذَا إنْ كَانَ صَيْرَفِيًّا. وَعَزَاهَا ابْنُ حَارِثٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ) بِالْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ، أَيْ مُرِيدُ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ (فِي) إقْدَامِهِ عَلَى حَلِفِهِ بَتًّا (عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ أَوْ قَرِينَةٍ) مِنْ خَصْمِهِ كَنُكُولِهِ عَنْ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ أَوْ شَاهِدٍ لِأَبِيهِ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِي بَتِّ الْيَمِينِ الْقَطْعُ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". طفى نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ زَادَ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْيَقِينُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَابِلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَعَ مَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي فَصْلِ يَمِينِ الْغَمُوسِ حَيْثُ قَالَ قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ كَذَلِكَ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّ الظَّنَّ كَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. (وَيَمِينُ) الشَّخْصِ (الْمَطْلُوبِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ صِيغَتُهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (مَا لَهُ) أَيْ الطَّالِبِ الْمُدَّعِي (عِنْدِي كَذَا) أَيْ الْقَدْرُ الْمُعَيَّنُ الَّذِي ادَّعَاهُ الطَّالِبُ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ (وَلَا شَيْءَ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ بِالْعَشَرَةِ مَثَلًا مُدَّعٍ بِكُلِّ آحَادِهَا، فَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ إثْبَاتَ الْكُلِّ إثْبَاتٌ لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَنَفْيُ الْكُلِّ لَيْسَ نَفْيًا لِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ وَلِئَلَّا يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ أَقَلَّ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ، وَيُعْتَذَرُ بِالنِّسْيَانِ وَيُحَلِّفُهُ ثَانِيًا، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فِي يَمِينِهِ لَزِمَهُ الْحَلِفُ ثَانِيًا عَلَى مَا تَرَكَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدِي مِمَّا ادَّعَاهُ، أَوْ يَقُولَ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا وَلَا شَيْءَ مِنْهُ. (وَنَفَى) الْمَطْلُوبُ فِي يَمِينِهِ (سَبَبًا) لِتَرَتُّبِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ (إنْ عُيِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّبَبُ مِنْ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ (وَ) نَفَى (غَيْرَهُ) أَيْ السَّبَبِ الْمُعَيَّنِ، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 564 فَإِنْ قَضَى نَوَى سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ وَإِنْ قَالَ وَقْفٌ، أَوْ لِوَلَدِي: لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ مِنْ بَيِّنَتِهِ،   [منح الجليل] فَإِنْ كَانَ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ مِنْ سَلَفٍ فَيَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا مِنْ سَلَفٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. أَشْهَبُ إنْ لَمْ يَزِدْ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجْتَزِئُ بِيَمِينِهِ، أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِ مَا عَيَّنَهُ الْمُدَّعِي نَاسِيًا (فَإِنْ) كَانَ الْمَطْلُوبُ قَدْ (قَضَى) الطَّالِبَ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَجَحَدَهُ الطَّالِبُ وَاسْتَحْلَفَهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّفْ مِنْهُ مَثَلًا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ مَا تَقَدَّمَ (وَنَوَى) الْمَطْلُوبُ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَتَسَلَّفْ (سَلَفًا يَجِبُ) لَك عَلَيَّ (رَدُّهُ) الْآنَ إلَيْك قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ إنْ حَلَفَ مَا تَسَلَّفَ كَانَتْ يَمِينُهُ غَمُوسًا، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا لَا يَلْزَمُهُ. فَإِنْ قِيلَ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ قِيلَ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِيهَا وَإِلَّا فَعَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ شَرْطُ الْيَمِينِ أَنْ تُطَابِقَ الْإِنْكَارَ. قُلْت وَهُوَ قَوْلُهَا فِي الشَّهَادَاتِ مَنْ اشْتَرَى مِنْك ثَوْبًا وَنَقَدَك الثَّمَنَ فَقَبَضْته وَجَحَدْته الِاقْتِضَاءَ وَطَلَبْت يَمِينَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَك قَبْلَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلَك أَنْ تُحَلِّفَهُ مَا اشْتَرَى سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا أَرَادَ أَنْ يُورِيَ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ يُورِيَ الْإِلْغَازَ أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ. قُلْت لِابْنِ عَبْدُوسٍ إذَا أَسْلَفَ رَجُلًا مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَجَحَدَ الْقَابِضُ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ مَا أَسْلَفَهُ، وَقَالَ الْمُتَسَلِّفُ بَلْ أَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ قَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَسْلَفَهُ شَيْئًا. قُلْت فَقَدْ اضْطَرَرْتُمُوهُ إلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَوْ إلَى غُرْمِ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ، قَالَ يَحْلِفُ مَا أَسْلَفَهُ، وَيَعْنِي فِي ضَمِيرِهِ سَلَفًا يَجِبُ عَلَيَّ رَدُّهُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ بِلَفْظِ ابْنِ شَاسٍ. (وَإِنْ) ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَطَلَبَ مِنْهُ الْجَوَابَ فَ (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (هُوَ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (وَقْفٌ) عَلَى فُلَانٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ (أَوْ) قَالَ هُوَ (لِوَلَدِي) مَثَلًا (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يُمْنَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (مُدَّعٍ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ) عَلَى أَنَّهُ لَهُ بِحَضْرَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الرَّشِيدِ أَوْ نَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ وَلِيِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَحْجُورِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ ادَّعَى الجزء: 8 ¦ الصفحة: 565 وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ، فَإِنْ حَضَرَ: اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَغَرِمَ مَا فَوَّتَهُ،   [منح الجليل] عَلَيْهِ مِلْكًا فَقَالَ لَيْسَ لِي إنَّمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى وَلَدِي أَوْ هُوَ مِلْكٌ لِطِفْلٍ فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ لِلْمُدَّعِي حَتَّى يُثْبِتَ مَا ذَكَرَ، فَتُوقَفُ الْخُصُومَةُ عَلَى حُضُورِ مَنْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْوِلَايَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ، وَمُقْتَضَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ لِحَاضِرٍ أَوْ غَائِبٍ وَلَمْ أَعْلَمْ مَنْ ذَكَرَ نَفْسَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا إلَّا الْغَزَالِيَّ فِي وَجِيزِهِ. (وَإِنْ قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ (لِفُلَانٍ فَإِنْ) كَانَ قَدْ (حَضَرَ فُلَانٌ اُدُّعِيَ) بِضَمِّ الدَّالِ مُثَقَّلَةً وَكَسْرِ الْعَيْنِ (عَلَيْهِ) أَيْ انْتَقَلَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ إنْ صَدَّقَ الْأَوَّلَ فِي أَنَّهُ لَهُ (فَإِنْ حَلَفَ) فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِ الدَّعْوَى لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا أَوْ انْفِرَادِ شَاهِدٍ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ (فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ) أَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِحَقٍّ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ (وَإِنْ نَكَلَ) الْمُقِرُّ (حَلَفَ) الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ لَا لِلْمُقَرِّ لَهُ (وَغَرَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُدَّعِي الْمُقِرَّ (مَا) أَيْ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى بِهِ الَّذِي (فَوَّتَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُقِرُّ عَلَى الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ بِهِ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا غَرِمَ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا غَرِمَ قِيمَتَهُ. الْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ وَهُوَ حَاضِرٌ يُصَدِّقُهُ سُلِّمَ لَهُ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَتَصِيرُ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَّعِي وَلِلْمُدَّعِي إحْلَافُ الْمُقِرِّ أَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِحَقٍّ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْبَاطِلِ، وَأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنَّمَا هُوَ لِمُدَّعِيهِ لَزِمَهُ الْغُرْمُ لِإِتْلَافِهِ حَقَّهُ، فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِالصِّدْقِ، وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُدَّعِي سَقَطَ مَقَالُ الْمُدَّعِي، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَهَاهُنَا اخْتَلَفَ النَّاسُ هَلْ يَسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ غَرَامَةَ الْمُقِرِّ لِإِتْلَافِهِ بِإِقْرَارِهِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ الْإِتْلَافَ، وَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُقَرِّ لَهُ وَجَبَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ حَقُّهُ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ أَمْ لَا؟ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ نَحْوُهُ قَوْلُ عِيَاضٍ إذَا اطَّلَعَ بَائِعُ سِلْعَةٍ مِنْ وَكِيلٍ عَلَى شِرَائِهَا عَلَى زَائِفٍ فِي الثَّمَنِ فَأَحْلَفَ الْآمِرَ فَنَكَلَ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 566 أَوْ غَابَ لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ، وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ، أَخَذَهُ.   [منح الجليل] لِلْبَائِعِ فَنَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَأْمُورَ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ يَمِينِ الْآمِرِ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ الْمَأْمُورِ. وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ حَضَرَ فَقَالَ (أَوْ غَابَ) الْمُقَرُّ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهَا (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (يَمِينٌ) أَنَّهُ مَا أَقَرَّ إلَّا بِحَقٍّ (أَوْ بَيِّنَةٌ) عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدَهُ (وَ) إنْ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ (انْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ) أَيْ الْغَائِبِ فَيُنْتَظَرُ قُدُومُهُ (وَإِنْ نَكَلَ) الْمُقِرُّ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى بِهِ (بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ فَصَدَّقَ الْمُقِرَّ) فِي إقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَهُ (أَخَذَهُ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِيَمِينٍ لِقَوْلِهِ وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ، وَأَمَّا إنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ لِلْغَائِبِ، فَقَدِمَ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ فَيَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ وَتَنْتَقِلُ الْحُكُومَةُ لَهُ. الْحَطّ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ غَابَ، وَالْأَحْسَنُ وَإِنْ غَابَ، أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لِمُدَّعِيهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُجَرَّدًا عَنْ يَمِينٍ أَوْ بَيِّنَةٍ اهـ. فَلِذَا قَالَ هَذَا لَزِمَهُ، أَيْ الْمُقِرَّ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ، فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَا كَلَامَ أَنَّ الْخُصُومَةَ تَنْتَقِلُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْغَائِبِ كَمَا قَالَ، وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ، أَيْ الْغَائِبِ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ، فَقَالَ أَشْهَبُ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ أَخَذَهُ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ إذَا أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً أَوْ حَلَفَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ إذَا نَكَلَ الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ وَأَخَذَهُ الْمُدَّعِي بِلَا يَمِينٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَازِرِيُّ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِغَائِبٍ لَا يُعْذَرُ إلَيْهِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ اتِّفَاقًا، الجزء: 8 ¦ الصفحة: 567 وَإِنْ اسْتَحْلَفَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ، أَوْ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ وَإِنْ نَكَلَ فِي مَالٍ وَحَقِّهِ اسْتَحَقَّ بِهِ   [منح الجليل] فَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ سُئِلَ فَإِنْ قَالَ رَجَاءَ أَنْ يَنْكَلَ فَأَحْلِفَ وَأُغَرِّمُهُ قِيمَتَهُ جَرَى عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَوَجُّهِ الْغُرْمِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ دُونَ مُبَاشَرَةِ إتْلَافِهِ، فَمَنْ أَغْرَمَهُ يُحَلِّفْهُ وَمَنْ لَا فَلَا، وَإِنْ قَالَ رَجَاءَ أَنْ يَنْكَلَ فَأَحْلِفَ وَاسْتَحِقَّ نَفْسَ الثَّوْبِ، فَذَكَرَ سَحْنُونٌ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِدَارٍ فِي يَدِهِ فَقَالَ هِيَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ، فَإِنْ حَلَفَ بَقِيَتْ الدَّارُ بِيَدِهِ، وَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهَا الْمُدَّعِي دُونَ يَمِينٍ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَيَأْخُذَ بِإِقْرَارِ الْمُقِرِّ. وَذَكَرَ بَعْضُ أَشْيَاخِي إسْقَاطَ الْيَمِينِ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَوْدَعَهُ السِّلْعَةَ أَوْ رَهَنَهُ إيَّاهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لِإِثْبَاتِ مِلْكِ غَيْرِهِ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْمُدَّعَى فِيهِ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ فَيُخَاصِمَهُ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ هَذَا صِيَانَةٌ لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّا لَوْ مَنَعْنَا الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُدَّعَى فِيهِ، وَلَا يَحْلِفُ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا فَعَلَ كُلُّ مُدَّعًى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنْ يُضِيفَ الْمُدَّعَى فِيهِ لِغَائِبٍ. (وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِمَالٍ فَأَنْكَرَهُ وَ (اسْتَحْلَفَ) أَيْ طَلَبَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحَلَفَ (وَ) الْحَالُ (لَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (بِبَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ) بِالْبَلَدِ يَعْلَمُهَا (أَوْ) غَائِبَةٍ غَيْبَةً قَرِيبَةً (كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا) أَيْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ ثُمَّ أَرَادَ إقَامَتَهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْهُ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تُسْمَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ، أَيْ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَهَا بِاسْتِحْلَافِهِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يَعْلَمُهَا مِمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا، فَإِنَّهَا تُسْمَعُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ اسْتِحْلَافَهُ مُسْقِطٌ لِبَيِّنَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمَطْلُوبُ، وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِحَلِفِهِ. عج وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ. طفى وَهُوَ صَوَابٌ، فَفِيهَا وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ وَجَدَ الطَّالِبَ بَيِّنَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِهَا قَضَى لَهُ بِهَا، وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِبَيِّنَتِهِ تَارِكًا لَهَا وَهِيَ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ فَلَا حَقَّ عَلَيْهِ وَإِنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ اهـ. فَدَلَّ أَوَّلُ كَلَامِهَا عَلَى أَنَّ " اسْتَحْلَفَهُ " لَيْسَ لِلطَّلَبِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حَلَّفَهُ. (وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِمَالٍ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ فَأَنْكَرَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَاسْتَحْلَفَهُ فَ (نَكَلَ) الْمَطْلُوبُ (فِي مَالٍ وَحَقِّهِ) أَيْ مُتَعَلِّقِ الْمَالِ كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ (اسْتَحَقَّ) الطَّالِبُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 568 إنْ حَقَّقَ،   [منح الجليل] مَا ادَّعَاهُ (بِهِ) أَيْ نُكُولَ الْمَطْلُوبِ (بِيَمِينٍ) مِنْ الطَّالِبِ (إنْ حَقَّقَ) الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُحَقِّقْ الطَّالِبُ دَعْوَاهُ وَاتَّهَمَ الْمَطْلُوبَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا ادَّعَاهُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْمَطْلُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ اُخْتُلِفَ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَالسَّرِقَةِ أَنَّهَا تَتَوَجَّهُ، وَقَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَتَوَجَّهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ. الْبَاجِيَّ إنْ ادَّعَى الْمُودَعُ تَلَفَ الْوَدِيعَةِ وَالْمُودِعُ تَعَدِّيَهُ عَلَيْهَا صُدِّقَ الْمُودَعُ، إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ فَيَحْلِفَ قَالَهُ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ هُنَا أَفَادَهُ الْحَطّ. طفى قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إنْ حَقَّقَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ إلَخْ، يَقْتَضِي عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَى التُّهْمَةِ فَضْلًا عَنْ عَدَمِ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ فِيهَا، وَفِيهِ خِلَافٌ، فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَانِ التَّوَجُّهُ وَعَدَمُهُ. ابْنُ فَرْحُونٍ الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الدَّعْوَى إذَا لَمْ تُحَقَّقْ، فَظَاهِرُ مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ إلَّا بِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ قَالَ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الصَّدَاقِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَوْ وَرَثَتِهِ، غَيْرَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ عَلَى وَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ الْمَرْأَةُ أَوْ وَرَثَتُهَا عَلَيْهِمْ الْعِلْمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ شَيْئًا فَيَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى غَائِبٍ وَلَا عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُوجِبْ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ الْيَمِينَ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ الْعِلْمَ، وَكَذَا مَذْهَبُهُ فِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ فِي الدَّابَّةِ إذَا رُدَّتْ بِعَيْبٍ فَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا اسْتَخْدَمَهَا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا بِتَحْقِيقِ الدَّعْوَى أَوْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُخْبِرٌ. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ مُخْبِرُ صِدْقٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْيَمِينِ. وَأَمَّا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ بِغَيْرِ تَحْقِيقِ الدَّعْوَى فَمَا وَقَعَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ إذَا قَبِلَ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا، وَكَذَا مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَوْهُوبِ لَهُ الشِّقْصُ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ بِهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْلِفُ أَنَّك مَا بِعْته مِنْهُ أَوْ مَا عَوَّضْته سِرًّا وَأَرَدْتُمَا قَطْعَ الشُّفْعَةِ بِمَا أَظْهَرْتُمَا، فَقَالَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ حَلَّفَهُ وَإِلَّا فَلَا يُحَلِّفُهُ، فَأَوْجَبَ الْيَمِينَ مَعَ عَدَمِ تَحْقِيقِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 569 وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ   [منح الجليل] الدَّعْوَى اهـ. قُلْت وَمَسْأَلَةُ الْوَكِيلِ هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا وَقَبِلَهَا حَلَفَ الْآمِرُ لَهُ أَنَّهُ مَا يَعْرِفُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ وَمَا أَعْطَاهُ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَبَرِئَ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ شَرْطَ الْمُدَّعَى بِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مُحَقَّقًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ خِلَافًا. وَفِي رَسْمِ الطَّلَاقِ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ مَنْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ صَدَاقَهَا حَلَفَ الْوَرَثَةُ مَا تَعْلَمُ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ صَدَاقٌ. ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِمْ الْيَمِينُ وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. خِلَافُ مَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا فِي الْغَرَرِ مِنْهَا فِي التَّدَاعِي فِي مَوْتِ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ عَلَى الصِّفَةِ، فَإِنْ نَكَلُوا عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ صَدَاقَهَا وَتَسْتَوْجِبُهُ لَا عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ عَلِمُوا أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْهُ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ تَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ مَا نَكَلَ عَنْهُ الْوَرَثَةُ، وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ، وَيُخْتَلَفُ فِي تَوَجُّهِ هَذِهِ الْيَمِينِ إذَا لَمْ تُحَقِّقْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ لِمَا تَحْلِفُ عَلَيْهِ كَمَا يُخْتَلَفُ فِي رُجُوعِ يَمِينِ التُّهْمَةِ اهـ. وَأَشَارَ بِمَا فِي الْغَرَرِ لِقَوْلِهَا وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً كَانَ قَدْ رَآهَا أَوْ مَوْصُوفَةً فَهَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا هَلَكَتْ بَعْدَ الصَّفْقَةِ، وَقَالَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَائِعُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ كَانَتْ مِنْهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْأَوَّلِ، وَيَحْلِفُ الْمُبْتَاعُ عَلَى عِلْمِهِ أَنَّهَا لَمْ تَهْلِكْ بَعْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ اهـ. إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَ عج وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إنْ حَقَّقَ سَمَاعَ دَعْوَى التُّهْمَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فَيَدَّعِي بِمَعْلُومٍ مُحَقَّقٍ وَإِلَّا لَمْ تُسْمَعْ، فَهُوَ فِي غَيْرِ دَعْوَى الِاتِّهَامِ، أَمَّا فِيهَا فَتُسْمَعُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا مَعْنَى لَهُ إذْ كُلُّ مَا خَالَفَ التَّحْقِيقَ فَهُوَ تُهْمَةٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ كَلَامُهُ، وَكَأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاتِّهَامِ وَكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ أَعْنِي الْمُقَابِلَةَ لِلْمُحَقَّقَةِ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ نَعَمْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ لِمُوجَبٍ وَهِيَ قَلِيلَةٌ فَتَأَمَّلْهُ. (وَلْيُبَيِّنْ) الْحَاكِمُ لِمَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (حُكْمَهُ) أَيْ النُّكُولِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 570 وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا، ثُمَّ رَجَعَ   [منح الجليل] نَكَلْت حَلَفَ خَصْمُك وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ، وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْبَيَانِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ يَنْبَغِي الِاسْتِحْبَابُ. طفى عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِمَا لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ظَاهِرُهُمَا أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَوَقَعَ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فَقَالَ وَإِذَا جَهِلَ ذَلِكَ الْمَطْلُوبُ فَلْيَذْكُرْهُ لَهُ الْقَاضِي. (وَلَا يُمَكَّنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مِنْهَا) أَيْ الْيَمِينِ (إنْ نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ حَلِفُهَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ خَصْمَهُ تَعَلَّقَ لَهُ حَقٌّ بِالْيَمِينِ بِنُكُولِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ النُّكُولُ امْتِنَاعُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ مِنْهَا وَلِأَنَّ نُكُولَهُ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ خَصْمِهِ، وَرُجُوعُهُ لَهَا نَدَمٌ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الرَّابِعُ النُّكُولُ وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ بِمُجَرَّدِهِ وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي إلَّا إذَا تَمَّ نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَتِمُّ نُكُولُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَا أَحْلِفُ وَأَنَا نَاكِلٌ، أَوْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ أَنْتَ أَوْ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْيَمِينِ فَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ، ثُمَّ حَيْثُ تَمَّ نُكُولُهُ ثُمَّ قَالَ أَنَا أَحْلِفُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُهَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا نَكَلَ مُدَّعُو الدَّمِ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدُّوا الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَحْلِفُوا فَلَا يَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ لِي الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى مَالٍ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَحْلِفَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ أَنْ طَلَبَ يَمِينَهُ احْلِفْ أَنْتَ وَخُذْ، فَلَمَّا هَمَّ الْمُدَّعِي بِالْحَلِفِ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا أَرْضَى بِيَمِينِك مَا ظَنَنْتُك تَحْلِفُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَكِتَابِ الدِّيَاتِ، وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَلَوْ نَكَلَ عَنْهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ، فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ وَصِحَّةِ رُجُوعِهِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَدَنِيَّةِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِهَا فِي الدِّيَاتِ وَظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمَدَنِيَّةِ. (بِخِلَافِ مُدَّعًى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا) أَيْ الْيَمِينَ (ثُمَّ رَجَعَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْهَا فَلَهُ ذَلِكَ. بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 571 وَإِنْ رُدَّتْ عَلَى مُدَّعٍ وَسَكَتَ زَمَنًا: فَلَهُ الْحَلِفُ وَإِنْ حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَتَصَرَّفَ، ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ عَشْرَ سِنِينَ   [منح الجليل] فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ الْيَمِينَ ثُمَّ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إلَى إحْلَافِ الْمُدَّعِي، فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَيْسَ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ، قَالَ وَخَالَفَنِي ابْنُ الْكَاتِبِ، وَقَالَ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ. (وَإِنْ رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى مُدَّعٍ فَسَكَتَ) الْمُدَّعِي (زَمَنًا) غَيْرَ مُلْتَزِمٍ وَلَا نَاكِلٍ ثُمَّ أَرَادَ الْحَلِفَ (فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْحَلِفُ وَلَا مَقَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إذْ لَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ نُكُولًا وَلَوْ طَالَ مِنْهُ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ وَإِنْ سَكَتَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ زَمَانًا إلَخْ، لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ. (وَإِنْ حَازَ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَإِعْجَامِ الزَّايِ شَخْصٌ (أَجْنَبِيٌّ) مِنْ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ (غَيْرُ شَرِيكٍ) لِلْمَحُوزِ عَلَيْهِ فِي الْمَحُوزِ (وَتَصَرَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَجْنَبِيُّ الْحَائِزُ فِي الشَّيْءِ الْمَحُوزِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ (ثُمَّ ادَّعَى) شَخْصٌ (حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ مَعَ الْحَائِزِ، وَاحْتَرَزَ بِحَاضِرٍ عَنْ الْغَائِبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَسَبْعَةِ أَيَّامٍ (سَاكِتٌ) عَنْ مُنَازَعَةِ الْحَائِزِ الْمُتَصَرِّفِ (بِلَا مَانِعٍ) لَهُ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَى الْحَائِزِ وَمُنَازَعَتِهِ وَاحْتَرَزَ عَمَّنْ نَازَعَ الْمُتَصَرِّفَ وَعَمَّنْ سَكَتَ لِمَانِعٍ، كَخَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَمِ عِلْمٍ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَازَ الْأَجْنَبِيُّ (عَشْرَ سِنِينَ) الْبُنَانِيُّ هَذَا خَاصٌّ بِالْعَقَارِ وَالتَّحْدِيدُ بِالْعَشْرِ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرَبِيعَةَ، وَنَصُّهَا وَلَمْ يُحِدَّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْحِيَازَةِ فِي الرُّبْعِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَهَا، وَقَالَ رَبِيعَةُ حَوْزُ عَشْرِ سِنِينَ يَقْطَعُ دَعْوَى الْحَاضِرِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَى أَوْ أَسْكَنَ أَوْ أَخْدَمَ أَوْ أَعَارَ وَنَحْوَهُ، وَلَا حِيَازَةَ عَلَى غَائِبٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ حَازَ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» اهـ. فِي التَّوْضِيحِ بِهَذَا أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ، وَدَلِيلُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 572 لَمْ تُسْمَعْ، وَلَا بَيِّنَتُهُ،   [منح الجليل] وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَا قَارَبَ الْعَشْرَ كَسَبْعٍ كَالْعَشْرِ، وَعَنْ مَالِكٍ تُحَدُّ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَيَتَحَصَّلُ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تُحَدُّ بِسِنِينَ مُقَدَّرَةٍ، بَلْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ. الثَّانِي قَوْلُ رَبِيعَةَ تُحَدُّ بِعَشْرِ سِنِينَ، وَبِهِ أَخَذَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ. الثَّالِثُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي حَدُّهَا بِسَبْعِ سِنِينَ، وَلَخَّصَهَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ وَفِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ بِعَشْرٍ أَوْ سَبْعٍ ثَالِثُهَا لَا تَحْدِيدَ بِمُدَّةٍ بَلْ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ. اهـ. وَتُلَفَّقُ مِنْ حِيَازَةِ الْمُوَرِّثِ وَوَارِثِهِ كَحَوْزِ الْمُوَرِّثِ خَمْسَ سِنِينَ، وَوَارِثُهُ كَذَلِكَ كَمَا فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ، وَيَجْرِي هَذَا فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ عَنْ الْعَشْرِ وَالْقَصِيرَةِ عَنْهَا الْآتِيَيْنِ. (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تُسْمَعْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ دَعْوَى الْحَاضِرِ السَّاكِتِ بِلَا مَانِعٍ (وَلَا) تُسْمَعُ (بَيِّنَتُهُ) أَيْ الْحَاضِرِ السَّاكِتِ بِلَا مَانِعٍ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ بِمِلْكِهِ الْمَحُوزِ، أَيْ لَا يُعْمَلُ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ خَتَمَ الْمُصَنِّفُ بَابَ الشَّهَادَاتِ بِالْكَلَامِ عَلَى الْحِيَازَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالشَّاهِدِ عَلَى الْمِلْكِ. الثَّانِي: ابْنُ رُشْدٍ الْحِيَازَةُ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ عَنْ الْمَحُوزِ عَلَيْهِ إلَى الْحَائِزِ بِاتِّفَاقٍ، وَلَكِنَّهَا تَدُلُّ عَلَيْهِ كَإِرْخَاءِ السُّتُورِ وَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ، فَيَكُونُ الْقَوْلُ مَعَهَا قَوْلَ الْحَائِزِ أَنَّهُ مَلَكَهُ بِيَمِينِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» لِأَنَّ مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُهُ لَهُ بِدَعْوَاهُ، فَإِنْ حَازَ الرَّجُلُ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ مُدَّةً تَكُونُ الْحِيَازَةُ فِيهَا عَامِلَةً وَهِيَ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ دُونَ هَدْمٍ وَلَا بُنْيَانٍ أَوْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ عَادَ مِلْكًا لِنَفْسِهِ بِابْتِيَاعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ اهـ. وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَفِي الشَّامِلِ وَفِي يَمِينِ الْحَائِزِ حِينَئِذٍ قَوْلَانِ الْحَطّ وَلُزُومُ الْيَمِينِ أَقْوَى وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: ابْنُ رُشْدٍ الْحِيَازَةُ سِتَّةُ أَقْسَامٍ أَضْعَفُهَا حِيَازَةُ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ أَوْ عَكْسُهُ، وَيَلِيهَا حِيَازَةُ الْقَرِيبِ الشَّرِيكِ، وَيَلِيهَا حِيَازَةُ الْقَرِيبِ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَالْوَلِيِّ وَالْخَتْنِ الشَّرِيكِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 573 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَيَلِيهَا حِيَازَةُ الْمَوْلَى وَالْخَتْنِ غَيْرِ الشَّرِيكِ، وَيَلِيهَا حِيَازَةُ الْأَجْنَبِيِّ الشَّرِيكِ، وَيَلِيهَا حِيَازَةُ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَهِيَ أَقْوَاهَا. الرَّابِعُ: ابْنُ رُشْدٍ الْحِيَازَةُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَضْعَفُهَا السُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ، وَيَلِيهَا الْهَدْمُ وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَالِاسْتِغْلَالُ، وَيَلِيهَا التَّفْوِيتُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنَّحْلِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ إلَّا فِي مَالِهِ، وَالِاسْتِخْدَامُ فِي الرَّقِيقِ وَالرُّكُوبُ فِي الدَّوَابِّ كَالسُّكْنَى فِيمَا يُسْكَنُ وَالِازْدِرَاعُ فِيمَا يُزْرَعُ. الْخَامِسُ: الْحِيَازَةُ عَلَى النِّسَاءِ عَامِلَةٌ إذَا كُنَّ فِي الْبَلَدِ ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ فِي الْمُقْنِعِ. السَّادِسُ: يُسْتَحَبُّ لِلْغَائِبِ إذَا عَلِمَ بِالْحِيَازَةِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَالرَّجْرَاجِيُّ. السَّابِعُ: اُخْتُلِفَ هَلْ يُطَالَبُ الْحَائِزُ بِبَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَا يُطَالَبُ بِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُطَالَبُ بِهِ. وَقِيلَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فَلَا يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَنْ بَيَانِ أَصْلِ مِلْكِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ الْأَصْلُ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْحَائِزِ سُئِلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ الْعَتَّابِ وَابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُطَالَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْغَصْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ. الثَّامِنُ: الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ عَدَمُ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهَا لَا أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ ابْتِدَاءً، وَلَا يُسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَوَابِهَا، فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ يُسْأَلُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّ مِلْكَ مَا حَازَهُ لِلْمُدَّعِي وَيَعْتَقِدَ أَنَّ مُجَرَّدَ حَوْزِهِ يُوجِبُ لَهُ الْمِلْكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَوْزَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكِ إجْمَاعًا، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى انْتِقَالِهِ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِهِ كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ، وَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ الْأَعْظَمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» . التَّاسِعُ: الْحَطّ إنْ قِيلَ قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَدَمُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، فَجَوَابُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ قَالَ وَلَا بَيِّنَتُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْبَيِّنَةِ لَا تُسْمَعُ، وَاَلَّتِي عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ تُسْمَعُ كَدَعْوَى الرَّقِيقِ الْعِتْقَ وَالزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ، وَأَيْضًا لِيُفَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إلَّا بِالْإِمْكَانِ وَنَحْوِهِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 574 إلَّا بِإِسْكَانٍ وَنَحْوِهِ؛ كَشَرِيكٍ أَجْنَبِيٍّ حَازَ فِيهَا إنْ هَدَمَ وَبَنَى   [منح الجليل] الْعَاشِرُ الْحَطّ لَا تَسْقُطُ الْحِيَازَةُ وَلَوْ طَالَتْ الدَّعْوَى فِي الْحَبْسِ، بِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَقْفِ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَضَمَّنُ السُّؤَالَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاضِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَمُوَرِّثِهِمْ وَمُوَرِّثِ مُوَرِّثِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ عَامًا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالتَّعْوِيضِ وَالْقِسْمَةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ وُجُوهِ التَّفْوِيتِ، فَادَّعَى عَلَيْهِمْ بِوَقْفِيَّتِهَا شَخْصٌ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِالتَّفْوِيتِ الْمَذْكُورِ وَالتَّصَرُّفِ هُوَ وَمُوَرِّثُهُ مِنْ قَبْلِهِ، وَنَصُّهُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ وَمِلْكُ الْمُحْبِسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ تَحْبِيسِهِ، وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْأَمْلَاكُ الْمُحْبَسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ الْحِيَازَةُ فِيهِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأَعْذَرَ إلَى الْقَوْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ إلَّا تَرْكَ الْقَائِمِ وَأَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ الْقِيَامَ عَلَيْهِمْ، وَطُولَ سُكُوتِهِمَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِمَا بِتَفْوِيتِ الْأَمْلَاكِ، فَالْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ وَاجِبٌ وَالْحُكْمُ بِهِ لَازِمٌ. اهـ. وَأَفْتَى بِهِ أَيْضًا فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فَانْظُرْهَا، وَالْجَوَابُ فِي الْحَطّ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَتُهُ فَقَالَ (إلَّا) بِبَيِّنَتِهِ الشَّاهِدَةِ لَهُ (بِإِسْكَانٍ) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْحَائِزِ فِي الْعَقَارِ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِلَا أُجْرَةٍ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْإِسْكَانِ كَإِعْمَارٍ وَمُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْحِيَازَةُ لَا يَنْتَفِعُ الْحَائِزُ بِهَا إلَّا أَنْ يَجْهَلَ أَصْلَ دُخُولِهِ فِيهَا، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ أَصْلَ دُخُولِهِ فِيهَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ مَا مِنْ غَصْبٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ إسْكَانٍ أَوْ إرْفَاقٍ فَلَا يَنْتَفِعُ بِطُولِ حِيَازَتِهِ لَهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ زَمَنُ ذَلِكَ جِدًّا، وَلَمْ يَحُدَّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ حَدًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ قَدْرَ مَا يُخْشَى أَنْ يَكُونَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ الْحَقَّ هَلَكَ أَوْ نَسِيَ لِطُولِ زَمَانِهِ، فَيَحْلِفَ مَعَ بَيِّنَتِهِ، وَيَقْضِي لَهُ إنْ ادَّعَى الْحَائِزُ أَنَّ الْمَالِكَ بَاعَهُ مَثَلًا. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَدَّعِ نَقْلَ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَمَسَّك بِمُجَرَّدِ الْحِيَازَةِ فَلَا يَحْلِفُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ فَقَالَ (كَشَرِيكٍ) لِلْمُدَّعِي (أَجْنَبِيٍّ) مِنْهُ (حَازَ) الْعَقَارَ عَنْ شَرِيكِهِ (فِيهَا) أَيْ الْعَشْرِ سِنِينَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بَعْدَهَا وَلَا بَيِّنَتُهُ (إنْ هَدَمَ) الْحَائِزُ الْعَقَارَ الَّذِي لَمْ يَخْشَ سُقُوطَهُ (وَبَنَى) الْعَقَارَ، فَإِنْ هَدَمَ مَا خَشِيَ سُقُوطَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 575 وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَهُمَا قَوْلَانِ؛ لَا بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ، إلَّا بِكَهِبَةٍ إلَّا أَنْ يَطُولَ مَعَهُمَا   [منح الجليل] أَوْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْحِيَازَةِ. (وَفِي) تَحْدِيدِ مُدَّةِ حِيَازَةِ (الشَّرِيكِ) لِلْقَائِمِ (الْقَرِيبِ) لَهُ (مَعَهُمَا) أَيْ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ مَرَّةً الْعَشْرُ سِنِينَ حِيَازَةٌ، وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَتْ حِيَازَةً إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ، أَرَادَ مِثْلَ الْأَرْبَعِينَ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ، وَسَوَاءٌ كَانُوا إخْوَةً أَوْ لَا. وَمَفْهُومُ إنْ هَدَمَ وَبَنَى أَنَّهَا لَا تَكُونُ بَيْنَهُمْ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ تَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ بِهِمَا أَيْضًا وَهُوَ بَعِيدٌ. (تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حِيَازَةِ الْقَرِيبِ غَيْرِ الشَّرِيكِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَجَعَلَهُ مَرَّةً كَالْقَرِيبِ الشَّرِيكِ، قَالَ فَيَكُونُ قَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فِي عَشْرِ سِنِينَ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ إلَى أَنَّهُ لَا حِيَازَةَ بَيْنَهُمْ إلَّا مَعَ الطُّولِ الْكَثِيرِ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى، وَمَرَّةً رَآهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ قَوْلِهِ إنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ بِعَشْرِ سِنِينَ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ، وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِهِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ اهـ. الْحَطّ فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَرِيبِ غَيْرِ الشَّرِيكِ كَحُكْمِ الْقَرِيبِ الشَّرِيكِ هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِهِ إنَّهُ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ سَوَاءٌ كَانُوا شُرَكَاءَ أَوْ غَيْرَ شُرَكَاءَ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَمَدِ الطَّوِيلِ الزَّائِدِ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى الْأَرْجَحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) تَكُونُ الْحِيَازَةُ (بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ) بِشَيْءٍ (إلَّا بِكَهِبَةٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا عَقَارَ الْآخَرِ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّدَقَةَ وَالْبَيْعَ وَالْعِتْقَ وَالتَّدْبِيرَ وَالْكِتَابَةَ وَالْوَطْءَ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا الْمَالِكُ فِي مِلْكِهِ فَيُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمَا بِهَدْمٍ وَبِنَاءٍ إذَا فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا فِي عَقَارِ الْآخَرِ وَادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ قَامَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَطُولَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 576 مَا تَهْلِكُ الْبَيِّنَاتُ، وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ، وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ، فَفِي الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ السَّنَتَانِ، وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرْضٍ.   [منح الجليل] مَعَهُمَا) أَيْ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ (مَا) أَيْ زَمَانٌ (تَهْلِكُ) مَعَهُ (الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ) فِيهِ (الْعِلْمُ) الْحَطّ مُحَصَّلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تَكُونُ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ اتِّفَاقًا، وَكَذَا الْأَقَارِبُ الشُّرَكَاءُ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَكَذَا الشُّرَكَاءُ الْأَجَانِبُ بِخِلَافِ الْأَجَانِبِ الَّذِينَ لَا شَرِكَةَ بَيْنَهُمْ، فَالْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلَا بُنْيَانٌ، وَإِنْ حَصَلَ هَدْمٌ وَبُنْيَانٌ وَغَرْسٌ فَتَكْفِي الْأَعْوَامُ الْعَشَرَةُ فِي الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ، وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَ ذَلِكَ قَوْلَانِ. وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ فِي الْقَرِيبِ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَالْمَوْلَى وَالصِّهْرِ الشَّرِيكَيْنِ حِيَازَةً. ثَالِثُهَا فِي الصِّهْرِ وَالْمَوْلَى دُونَ الْقَرِيبِ. وَفِي كَوْنِ السُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْعَشْرِ حِيَازَةً لِمَوْلًى وَصِهْرٍ غَيْرِ شَرِيكَيْنِ أَوْ إنْ هَدَمَ وَبَنَى فِي الْعَشْرِ أَوْ إنْ طَالَ جِدًّا أَقْوَالٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ وَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَهُ الْعَامَ وَنَحْوَهُ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ أَخَذَ حَقَّهُ، وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ، وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ فَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ حَقُّهُ، وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَيُخْتَلَفُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلَانِ. (وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ) أَيْ الْعَقَارُ (مِنْ غَيْرِهَا) مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ (فِي) مُدَّةِ حِيَازَةِ (الْأَجْنَبِيِّ فَفِي الدَّابَّةِ) بِالنِّسْبَةِ لِرُكُوبِ الْأَجْنَبِيِّ السَّنَتَانِ (وَ) فِي (أَمَةِ الْخِدْمَةِ السَّنَتَانِ وَيُزَادُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ عَلَى السَّنَتَيْنِ (فِي) حِيَازَةِ (عَبْدٍ وَعَرْضٍ) وَنَحْوُهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 577 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِأَصْبَغَ، زَادَ وَمَا أَحْدَثَ الْأَجْنَبِيُّ فِي غَيْرِ الْأُصُولِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَطْءٍ فِي الْأَمَةِ بِعِلْمِ مُدَّعِيه أَوْ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ حِينَ عَلِمَ اسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ بِذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ إنَّ الْأَقَارِبَ الشُّرَكَاءَ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا تَكُونُ بِالتَّفْوِيتِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ، وَاسْتِخْدَامُ الرَّقِيقِ وَرُكُوبُ الدَّوَابِّ كَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ، وَالِاسْتِغْلَالُ كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ حِيَازَةِ الْوَارِثِ عَلَى وَارِثِهِ بَيْنَ الرُّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِالِاعْتِمَارِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأُصُولِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوب وَاللُّبْسِ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ، فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ إنَّ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الثِّيَابِ حِيَازَةٌ إذَا كَانَتْ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ وَأَنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ حِيَازَةٌ فِي الدَّوَابِّ إذَا كَانَتْ تُرْكَبُ، وَفِي الْإِمَاءِ إذَا كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ وَفِي الْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَا يَبْلُغُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إلَى الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ كَمَا يُصْنَعُ فِي الْأُصُولِ اهـ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ لُبْسَ الثِّيَابِ كَسُكْنَى الدَّارِ، وَأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ بِهِ حِيَازَةٌ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهُ، وَأَنَّ اسْتِغْلَالَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بِهِ بَيْنَ الْأَقَارِبِ. وَاخْتُلِفَ فِي مُدَّتِهَا عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الْمَتْنِ وَبِالْأُمُورِ الْمُفَوِّتَةِ كَالْبَيْعِ، وَعُلِمَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا مُفَوِّتًا بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ، فَغَيْرُهُمَا بِالْأَوْلَى. (الثَّانِي) : مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ إنَّ الْقَرِيبَ لَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي حَقِّهِ كَانَ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ. (الثَّالِثُ) : تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الثِّيَابَ يَكْفِي فِي حِيَازَتِهَا السَّنَةُ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ دُخُولُهَا فِي الْعُرُوضِ. الجزء: 8 ¦ الصفحة: 578 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الرَّابِعُ) : التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَتْنِ وَلَا مِنْ التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْخَامِسُ: فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يُسْقِطُ الدَّيْنَ بِهَا وَلَدٌ. ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَسَائِلِهِ الْمَلْقُوطَةِ السَّاكِتُ طَلَبَ دَيْنَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا قَوْلَ لَهُ، وَيُصَدَّقُ الْغَرِيمُ فِي دَعْوَى دَفْعِهِ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً لِإِمْكَانِ مَوْتِهِمْ أَوْ نِسْيَانِهِمْ لِلشَّهَادَةِ. اهـ. وَمِنْ مُنْتَخَبِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ فِي مُدَّعِي دَيْنِ سَلَفٍ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُصَدَّقٌ فِي الْقَضَاءِ، إذْ الْغَالِبُ أَنْ لَا يُؤَخَّرَ السَّلَفُ مِثْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَالْبُيُوعَاتِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ عَبْدُ الْمَلِكِ قَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا قَدِيمًا وَقَامَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقِّهِ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوِهَا أَخَذَهُ بِهِ، وَعَلَى الْآخَرِ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ. وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ إنَّ ذِكْرَ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ فِيهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِطُولِ الزَّمَانِ كَثَلَاثِينَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ الدُّيُونُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْأَصْلِ إذَا طَالَ زَمَانُهَا هَكَذَا وَمَنْ هِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ حُضُورٌ، فَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ إلَّا بَعْدَ هَذَا مِنْ الزَّمَانِ. فَيَقُولُ قَدْ قَضَيْتُك وَبَادَ شُهُودِي بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَدِينِ غَيْرَ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَقُومُ عَلَيْهِ الْيَتِيمُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ وَيُنْكِرُ قَبْضَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةً يَهْلِكُ فِي مِثْلِهَا شُهُودُ الْوَصِيِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّفْعِ، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ أَحْفَظُ لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا تَقَرَّرَ الدَّيْنُ وَثَبَتَ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» ، وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ إذَا كَانَ بِوَثِيقَةٍ فِي يَدِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا بِيَدِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِهِ دَيْنَهُ إذْ الْعَادَةُ أَنَّهُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ أَخَذَ عَقْدَهُ أَوْ مَزَّقَهُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بِغَيْرِ وَثِيقَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ مِنْ وَجْهِ الْحِيَازَةِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا الْحَائِزُ وَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَجْنَبِيَّيْنِ وَالْأَصْهَارِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا جَهْلُ أَصْلِ وَضْعِ الْيَدِ وَهُوَ هُنَا مَعْلُومٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسُ: طفى قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ، اخْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ تَكَلَّمَ عَلَى حِيَازَةِ الْأَقَارِبِ الشُّرَكَاءِ بِالْمِيرَاثِ، وَلَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ حِيَازَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 579 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْوَارِثِ عَلَى الْوَارِثِ بَيْنَ الرُّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِالِاعْتِمَارِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأُصُولِ، وَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ، فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ إنَّ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الثِّيَابِ حِيَازَةٌ إذَا كَانَتْ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ، وَإِنَّ السَّنَتَيْنِ حِيَازَةٌ فِي الدَّوَابِّ إذَا كَانَتْ تُرْكَبُ. وَفِي الْإِمَاءِ إذَا كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ، وَفِي الْعَبْدِ وَالْعُرُوضِ فَوْقَ ذَلِكَ، وَلَا يَبْلُغُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إلَى عَشَرَةِ أَعْوَامٍ كَمَا فِي الْأُصُولِ هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَصْبَغَ دُونَ نَصِّهِ. اهـ. فَلَمْ يَسْتَنِدْ فِي التَّفْرِيقِ الَّذِي ذَكَرَهُ إلَّا لِقَوْلِ أَصْبَغَ، فَاقْتَضَى أَنَّ أَصْبَغَ سَوَّى بَيْنَ الرُّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ، وَمَا مَعَهَا فِي الشُّرَكَاءِ بِالْمِيرَاثِ مَعَ أَنَّ أَصْبَغَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا، فَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ أَصْبَغَ وَمُطَرِّفٍ وَأَمَّا حِيَازَةُ الشَّرِيكِ الْوَارِثِ عَمَّنْ وَرِثَ مَعَهُ فِي الْعُرُوضِ وَالْعَبِيدِ بِالِاخْتِدَامِ وَاللُّبْسِ وَالِامْتِهَانِ مُنْفَرِدًا بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ لَهُ فَالْقَضَاءُ فِيهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي ذَلِكَ فَوْقَ الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عِنْدَ نُزُولِ ذَلِكَ اهـ. فَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ مُشْكِلَةٌ وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا مَفْهُومُ الْحَصْرِ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ الدَّارِ وَغَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَقَارِبِ فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ وَلَا عَمَلَ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ. ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ عَنْ مُطَرِّفٍ وَمَا حَازَ الشُّرَكَاءُ وَالْوَرَثَةُ مِنْ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ وَالدَّوَابِّ وَالْحَيَوَانِ وَجَمِيعِ الْعُرُوضِ تُخْتَدَمُ وَتُرْكَبُ وَتُمْتَهَنُ الْعُرُوض فَلَا يُقْطَعُ حَقُّ الْبَاقِينَ مَا لَمْ يَطُلْ، وَالطُّولُ فِي ذَلِكَ دُونَ الطُّولِ بَيْنَهُمْ فِي حِيَازَةِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَفَوْقَ حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ اهـ. وَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مُطَرِّفٍ يَرْجِعُ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ عَنْهُ مَعَ أَصْبَغَ، وَقَوْلُهُ وَالطُّولُ فِي ذَلِكَ دُونَ الطُّولِ فِي حِيَازَةِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ مُدَّةُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي كَلَامِ ابْنِ عَاصِمٍ وَغَيْرِهِ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَنَصُّهُ فِي تُحْفَتِهِ: وَالْأَقْرَبُونَ حَالُهُمْ مُخْتَلِفٌ ... بِحَسَبِ اعْتِمَادِهِمْ يَخْتَلِفُ فَإِنْ يَكُنْ بِمِثْلِ سُكْنَى الدَّارِ ... وَالزَّرْعُ لِلْأَرْضِ وَالِاعْتِمَارُ فَهُوَ بِمَا يُجَوِّزُ الْأَرْبَعِينَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 580 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَفِي مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ إذَا حَازَ الْوَارِثُ عَلَى الْوَارِثِ الْأُصُولَ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ حِيَازَةً حَتَّى يَزِيدَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ سَنَةً خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لَا حِيَازَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الشُّرَكَاءِ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ جِدًّا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ يُسْلَف لَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي حَقِّ الْأَقَارِبِ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِيرَاثِ إلَّا عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَقَالَ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ الْمَشْهُورُ إنَّ الْوَارِثِينَ لَا حِيَازَةَ بَيْنَهُمْ بِالسُّكْنَى وَالِاعْتِمَارِ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ أَصْبَغَ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ كَذَلِكَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي حِيَازَةِ الْقَرِيبِ. وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَسَوَّى بَيْنَ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَفِيهَا ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَازَ عَلَى حَاضِرٍ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ رَقِيقًا فَذَلِكَ كَالْحِيَازَةِ فِي الرُّبْعِ إذَا كَانَتْ الثِّيَابُ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ، وَالدَّوَابُّ تُرْكَبُ وَتُكْرَى، وَالْأَمَةُ تُوطَأُ، وَلَمْ يَحُدَّ لِي مَالِكٌ فِي الْحِيَازَةِ فِي الرُّبَاعِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا غَيْرَهَا اهـ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَقَارِبِ الشُّرَكَاءِ فَفِي رَسْمِ شَهِدَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي رَجُلٍ يَحُوزُ مَالَهُ ابْنُهُ فِي حَيَاتِهِ فِي الْحَيَوَانِ الرَّأْسِ وَالدَّابَّةِ حَتَّى يَمُوتَ أَبُوهُ وَذَلِكَ الْحَيَوَانُ فِي يَدِهِ، فَيَقُولُ وَرَثَتُهُ هَذَا الرَّأْسَ لِأَبِينَا وَالدَّابَّةُ لَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى صَدَقَتِهِ وَلَا عَلَى عَطِيَّتِهِ، فَهَلْ يَنْتَفِعُ بِطُولِ تَقَادُمِهِ فِي يَدِهِ، وَالْأَصْلُ مَعْرُوفٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْتَفِعُ بِطُولِ تَقَادُمِهِ فِي يَدِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رَسْمِ يُسْلَف مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّ الِابْنَ لَا يَنْتَفِعُ بِحِيَازَةِ الْأَرْضِ عَلَى أَبِيهِ بِالِازْدِرَاعِ وَالِاعْتِمَارِ، وَفِي رَسْمِ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى فِي امْرَأَةٍ هَلَكَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَنْزِلًا وَرَقِيقًا فَعَاشَتْ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِهَا زَمَانًا وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ زَوْجًا وَزَوْجَيْنِ ثُمَّ هَلَكَتْ فَقَامَ وَلَدُهَا مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ يَطْلُبُ مُوَرِّثَهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ فِي رُبَاعِهِ وَرَقِيقِهِ فَقَالَ وَلَدُ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ قَدْ عَايَشَتْنَا أُمُّكُمْ زَمَانًا طَوِيلًا وَكَانَتْ عَالِمَةً بِحَقِّهَا، وَوَجْهُ خُصُومَتِهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلَمْ تَطْلُبْ قِبَلَنَا شَيْئًا حَتَّى مَاتَتْ، فَقَالَ لَا أَرَى أَنْ يَقْطَعَ سُكُوتُهَا بِمَا ذَكَرْت مِنْ الزَّمَانِ مَوْرُوثُهَا مَعْرُوفًا لَهَا وَوَلَدِهَا فِي الْقِيَامِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 581 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِطَلَبِهِ عَلَى مِثْلِ حُجَّتِهَا لَا يَقْطَعُ حَقَّهَا طُولُ سُكُوتِهَا فِي مُوَرَّثِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَالَ الْوَرَثَةِ عِنْدِي فِي هَذَا مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا اقْتَسَمُوا بِعِلْمِهَا حَتَّى صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْإِرْثِ، وَبِأَنَّ بِحَقِّهِ مِنْ أَثْمَانِ مَا بَاعُوا وَبِحَقِّهِ مِمَّا اقْتَسَمُوا مِنْ الرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَهِيَ سَاكِتَةٌ عَالِمَةٌ لَا تَدَّعِي شَيْئًا، فَهَذَا الَّذِي يَقْطَعُ حُجَّتَهَا وَيُبْطِلُ طَلَبَهَا. قُلْت فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا بِبَيِّنَةٍ وَاقْتَطَعَ كُلُّ وَارِثٍ أَرْضًا يَزْرَعُهَا وَتُنْسَبُ إلَيْهِ أَوْ دَارًا يَسْكُنُهَا أَوْ رَقِيقًا يَخْتَدِمُهُ أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا يَحْتَلِبُهَا أَوْ دَوَابَّ يَسْتَغِلُّهَا فَكُلُّ وَارِثٍ قَبَضَ مِمَّا نَصَصْت لَك شَيْئًا قَدْ بَانَ بِمَنْفَعَتِهِ دُونَ إشْرَاكِهِ فَإِلَيْهِ يُنْسَبُ وَلَهُ يُعْرَفُ، وَلَوْ كُلِّفُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الِاقْتِسَامِ لَمْ يَجِدُوهَا لِطُولِ الزَّمَانِ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا شَيْءٌ يَسِيرٌ، أَتَرَى هَذَا إذَا طَالَ الزَّمَانُ يَقْطَعُ حَقَّهَا مِنْ الْمَوْرُوثِ؟ قَالَ أَرَى هَذَا يَمْنَعُهَا مِنْ أَخْذِ حَقِّهَا. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَرَى أَنْ يَقْطَعَ حَقَّهَا سُكُوتُهَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ هَذَا إنَّهُ لَا حِيَازَةَ بَيْنَ الْأَقَارِبِ، وَقَوْلِهِ أَوْ دَوَابَّ يَسْتَغِلُّهَا هَلْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِفَاعِ بِالسُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ لَا تَقَعُ الْحِيَازَةُ بِهِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ تَقَعُ بِهِ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَوْ دَوَابَّ يَسْتَعْمِلُهَا وَهُوَ طَرْدٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ سَوَّى بَيْنَ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا فِي الْأَجَانِبِ وَالْأَقَارِبِ، وَلَمْ أَرَ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ التَّفْرِيقَ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ إلَّا أَنَّهُ رَجُلٌ حَافِظٌ، وَلَعَلَّهُ تَفَقُّهٌ لَهُ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. وَقَدْ جَرَى الْحَطّ عَلَى طَرِيقِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. وَأَمَّا عج فَقَالَ اعْتِرَاضُ ابْنِ مَرْزُوقٍ صَحِيحٌ، بَلْ رُبَّمَا يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ لَهُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَا فِي النَّوَادِرِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ. اهـ. كَلَامُ طفى وَقَدْ اخْتَصَرَهُ الْبُنَانِيُّ وَأَقَرَّهُ. أَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَدْ سَوَّى بَيْنَ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ، فَإِنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقَيِّدُ ذَلِكَ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِيهِ فِي التَّفْوِيتِ وَعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ، بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ وَطْءَ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طُولُ الْمُدَّةِ، وَبِدَلِيلِ تَخْصِيصِ الرُّبَاعِ فِي قَوْلِهِ وَلَمْ يَحُدَّ لِي مَالِكٌ فِي الْحِيَازَةِ فِي الرُّبَاعِ إلَخْ، وَبِدَلِيلِ تَقْدِيمِ التَّشْبِيهِ عَلَى بَيَانِ الْمُدَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الدِّمَاء وَالْقِصَاص وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ] 1 الجزء: 8 ¦ الصفحة: 582 بَاب   [منح الجليل] بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْبِسَاطِيُّ هَذَا بَابٌ مُتَّسَعٌ، فَيَنْبَغِي الِالْتِفَاتُ إلَيْهِ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ مِنْ الْخَمْسِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ مِلَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ الْأُصُولِيُّونَ إجْمَاعَ الْمِلَلِ عَلَى وُجُوبِ حِفْظِ الْأَدْيَانِ وَالنُّفُوسِ وَالْعُقُولِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْأَنْسَابَ بَدَلَ الْأَمْوَالِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ عَمْدًا عُدْوَانًا كَبِيرَةٌ لَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْهَا، وَفِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَعَدَمِهِ خِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ عَمْدًا عُدْوَانًا وَإِنْفَاذُ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا تَوْبَةَ لَهُ، وَأَنَّ الْوَعِيدَ لَا حِقٌ بِهِ لَا مَحَالَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ فِي الْمَشِيئَةِ، وَأَنَّ تَوْبَتَهُ مَقْبُولَةٌ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّهُ مُخَلَّدٌ فِي النَّارِ أَبَدًا، فَقَدْ أَخْطَأَ وَخَالَفَ السُّنَّةَ، لِأَنَّ قَتْلَهُ لَا يُحْبِطُ إيمَانَهُ، وَلَا صَالِحَ أَعْمَالِهِ، لِأَنَّ السَّيِّئَاتِ لَا تُبْطِلُ الْحَسَنَاتِ وَأُخِذَ الْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ قَبُولَ التَّوْبَةِ أَمْرٌ بَاطِنٌ، وَمُوجِبَ نَصْبِ الْإِمَامَةِ أَمْرٌ ظَاهِرٌ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ إمَامَتِهِ الْجَزْمُ بِعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ، وَنَصُّهُ ابْنُ رُشْدٍ عَمْدُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ عُدْوَانًا كَبِيرَةٌ لَيْسَ بَعْدَ الْكُفْرِ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَفِي قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْهُ وَإِنْفَاذِ وَعِيدِهِ مَذْهَبَا الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَإِلَى الثَّانِي ذَهَبَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِقَوْلِهِ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ. قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ قَبُولِ تَوْبَتِهِ لِعَدَمِ رَفْعِ سَابِقِ جُرْأَتِهِ وَقَبُولُ التَّوْبَةِ أَمْرٌ بَاطِنٌ، وَمُوجِبُ نَصْبِ الْإِمَامِ أَمْرٌ ظَاهِرٌ، وَأُخِذَ الْأَوَّلُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِيَكْثُرَ الْعَمَلُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 3 إنْ أَتْلَفَ   [منح الجليل] الصَّالِحُ وَالصَّدَقَةُ وَالْجِهَادُ وَالْحَجُّ فِي سَمَاعِ عِيسَى قَوْلَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِيَكْثُرَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ وَالصَّدَقَةُ وَالْجِهَادُ، وَيَلْزَمُ الثُّفُورُ مَنْ تَعَذَّرَ مِنْهُ الْقَوَدُ دَلِيلُ رَجَائِهِ قَبُولَ تَوْبَتِهِ خِلَافَ قَوْلِهِ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ وَالْقَوْلُ بِتَخْلِيدِهِ خِلَافَ السُّنَّةِ، وَمِنْ تَوْبَتِهِ عَرْضُ نَفْسِهِ عَلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ قَوَدًا أَوْ دِيَةً، وَإِنْ فَعَلَ الْقَاتِلُ عَمْدًا عُدْوَانًا قِصَاصًا فَقِيلَ قَتْلُهُ كَفَّارَةٌ لَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا» ، وَقِيلَ لَيْسَ بِكَفَّارَةٍ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ لَا يَنْتَفِعُ بِقَتْلِ قَاتِلِهِ، وَإِنَّمَا مَنْفَعَتُهُ لِلْأَحْيَاءِ زَجْرًا وَتَشَفِّيًا، وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَحْضَةُ. (فَائِدَتَانِ) الْأُولَى: سُئِلَ عَنْ قَوْله تَعَالَى {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32] ، بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ بَيْنَ الْمُتَقَارِبَيْنِ جِدًّا وَقَتْلُ جَمِيعِ النَّاسِ بَعِيدٌ جِدًّا مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْوَاحِدَةِ وَكَذَلِكَ الْإِحْيَاءُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْسِ إمَامٌ مُسْقِطٌ أَوْ حَاكِمٌ عَدْلٌ أَوْ وَلِيٌّ تُرْجَى بَرَكَتُهُ الْعَامَّةُ، أَوْ عَالِمٌ شَرْعِيٌّ يَنْفَعُ الْمُسْلِمِينَ بِعِلْمِهِ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ رَسُولٌ فَلِعُمُومِ مَفْسَدَةِ قَتْلِهِ كَانَ قَتْلُهُ كَقَتْلِ كُلِّ مَنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَهُمْ الْمُرَادُ بِالنَّاسِ جَمِيعًا. الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] ، قِيلَ الْخِطَابُ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ إذَا اقْتَصُّوا فَقَدْ سَلَّمُوا وَحَيَّوْا بِدَفْعِ شَرِّ الْقَاتِلِ عَنْهُمْ الَّذِي صَارَ عَدُوُّهُمْ. وَقِيلَ لِلْقَاتِلِينَ لِأَنَّهُمْ إذَا اُقْتُصَّ مِنْهُمْ مُحِيَ الْإِثْمُ عَنْهُمْ فَيَحْيَوْنَ حَيَاةً مَعْنَوِيَّةً. وَقِيلَ لِلنَّاسِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ وَلَكُمْ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ لِأَنَّ الشَّخْصَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ يَكُفُّ نَفْسَهُ عَنْ الْقَتْلِ فَيَحْيَا هُوَ وَمَنْ أَرَادَ قَتْلَهُ. وَقِيلَ لَا حَذْفَ وَالْقِصَاصُ نَفْسُهُ فِيهِ الْحِيَازَةُ لِلْجَانِي بِسَلَامَتِهِ مِنْ الْإِثْمِ وَلِغَيْرِهِ بِدَفْعِ شَرِّ الْجَانِي وَالْقِصَاصُ إمَّا مِنْ نَفْسٍ وَإِمَّا مِنْ طَرَفٍ. وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الْقَاتِلُ، وَالْمَقْتُولُ وَالْقَتْلُ وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْقَاتِلِ فَقَالَ (إنْ أَتْلَفَ) وَلَمْ يَقُلْ قَتَلَ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ يَشْمَلُ الْمُبَاشَرَةَ وَالتَّسَبُّبَ وَالْقَتْلَ يَتَبَادَرُ مِنْهُ خُصُوصُ الْمُبَاشَرَةِ، وَالْمُرَادُ الْأَوَّلُ قَالَهُ الْحَطّ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 4 مُكَلَّفٌ، وَإِنْ رُقَّ، غَيْرُ حَرْبِيٍّ، وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ، إلَّا لِغِيلَةٍ.   [منح الجليل] الْإِتْلَافِ الْمُبَاشَرَةُ أَيْضًا شَخْصٌ (مُكَلَّفٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةٌ، أَيْ مُلْزَمٌ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَعَمْدُهُمَا كَخَطَئِهِمَا، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ النَّائِمُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَالْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَالْمَجْنُونُ حَتَّى يُفِيقَ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِرِوَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَالْمَرْفُوعُ إنَّمَا هُوَ الْوُجُوبُ الَّذِي هُوَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ. وَأَمَّا الضَّمَانُ فَهُوَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُكَلَّفُ حُرًّا، بَلْ (وَإِنْ رُقَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ، أَيْ كَانَ رَقِيقًا قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ فَيُقْتَلُ بِمِثْلِهِ وَبِالْحُرِّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ (غَيْرُ حَرْبِيٍّ) بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، فَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ (وَ) غَيْرُ (زَائِدِ حُرِّيَّةٍ) عَلَى الْمَقْتُولِ بِأَنْ تَسَاوَيَا فِي الْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّيَّةِ أَوْ زَادَ الْمَقْتُولُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْحُرِّيَّةِ فَيُقْتَلُ الرِّقُّ بِالْحُرِّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ، فَإِنْ زَادَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالرِّقِّ. (أَوْ) غَيْرُ زَائِدٍ (إسْلَامٍ) بِأَنْ تَسَاوَيَا فِي الْإِسْلَامِ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ زَادَ الْمَقْتُولُ بِالْإِسْلَامِ فَيُقْتَلُ الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ حُرًّا أَوْ الْمُسْلِمُ رَقِيقًا، فَإِنْ زَادَ الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِالْإِسْلَامِ فَلَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ وَلَوْ كَانَ حُرًّا وَقَاتِلُهُ الْمُسْلِمُ رَقِيقًا وَيُعْتَبَرُ عَدَمُ زِيَادَةِ الْقَاتِلِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (حِينَ الْقَتْلِ) فَإِنْ قَتَلَ رَقِيقٌ رَقِيقًا أَوْ كَافِرٌ ذِمِّيٌّ مِثْلَهُ ثُمَّ تَحَرَّرَ الْقَاتِلُ أَوْ أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ زَائِدٍ حِينَ الْقَتْلِ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ الزَّائِدِ حِينَ الْقَتْلِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (إلَّا) الْقَاتِلَ (لِغِيلَةٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أَخْذِ مَالٍ فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ لَكِنْ لَيْسَ قِصَاصًا، بَلْ لِدَفْعِ فَسَادٍ كَقَتْلِ الْمُحَارِبِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ. وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا عَفْوَ فِيهِ وَلَوْ قَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ وَلَوْ صَالَحَ وَلِيُّ الدَّمِ بِالدِّيَةِ رُدَّ صُلْحُهُ وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ فِي التَّوْضِيحِ حَقِيقَةُ الْغِيلَةِ خَدْعُهُ وَإِدْخَالُهُ مَوْضِعًا وَقَتْلُهُ لِأَخْذِ مَالِهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 5 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَتْلُ الْغِيلَةِ حِرَابَةٌ وَهُوَ قَتْلُ الرَّجُلِ خُفْيَةً لِأَخْذِ مَالِهِ. ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ أَهْلُ اللُّغَةِ قَتْلُ الْغِيلَةِ أَنْ يَخْدَعَهُ وَيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ خُفْيَةً، فَإِذَا صَارَ فِيهِ قَتَلَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ بِلَا عَفْوٍ. بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِشَرْطِ كَوْنِ قَتْلِهِ عَنْ مَالٍ لَا عَنْ ثَائِرَةٍ أَيْ عَدَاوَةٍ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحِرَابَةِ. اهـ. وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ مِثْلَهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عِيَاضٌ أَيْ اغْتَالَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، وَلَوْ كَانَ لِثَائِرَةٍ فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ فِيهِ جَائِزٌ قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ صَحِيحٌ جَارٍ عَلَى الْأُصُولِ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُحَارِبٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمُحَارِبِ إذَا أَخَذَ الْمَالَ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ. ابْنُ رُشْدٍ قَتْلُ الْغِيلَةِ هُوَ الْقَتْلُ عَلَى مَالٍ. اهـ. وَالْغِيلَةُ فِي الْأَطْرَافِ كَالْغِيلَةِ فِي النَّفْسِ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا، وَالْحُكْمُ لِلْإِمَامِ، إلَّا أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي الْغِيلَةِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (تَنْبِيهٌ) طفي قَوْلُهُ حِينَ الْقَتْلِ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ إلَّا حِينَ الْقَتْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حُصُولِ الْقَتْلِ، إذْ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحَالَيْنِ أَوْ يَقُولُ إلَى حِينِ الْقَتْلِ بِالْغَايَةِ كَمَا فَعَلَ فِيمَا بَعْدُ، وَقَوْلُ عج لَوْ رَمَاهُ فَجَرَحَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ جُرْحِهِ ثُمَّ نَزَّى الْجُرْحُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّهُ مُكَافِئٌ لَهُ حِينَ الْمَوْتِ وَحِينَ السَّبَبِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ الْمَوْتُ وَهُوَ الْجُرْحُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَافِئٍ عِنْدَ الرَّمْيِ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ عِنْدَهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ السَّبَبُ الْقَرِيبُ لِلْمَوْتِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ ابْنُ سَحْنُونٍ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَسْلَمَ نَصْرَانِيٌّ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ فَمَاتَ فَفِيهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً أَشْهَبُ إنَّمَا عَلَيْهِ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ إنَّمَا النَّظَرُ لِوَقْتِ الضَّرْبِ لَا الْمَوْتِ. وَفِي الْجَوَاهِرِ ابْنُ سَحْنُونٍ أَصْحَابُنَا فِي مُسْلِمٍ قَطَعَ يَدَ نَصْرَانِيٍّ ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَإِنْ شَاءَ أَوْلِيَاؤُهُ أَخَذُوا دِيَةَ يَدِ نَصْرَانِيٍّ، وَإِنْ أَحَبُّوا أَقْسَمُوا وَلَهُمْ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي مَالِ الْجَانِي حَالَّةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ، وَقَوْلُهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 6 مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ.   [منح الجليل] لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ عِنْدَهُ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ، وَكَادَ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ عَنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا. وَفِي ضَيْح عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَأَمَّا الْقِصَاصُ فَبِالْحِينِ مَعًا، أَيْ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ الْمُسَبَّبِ اتِّفَاقًا. أَقُولُ إنَّمَا يُتَّجَهُ لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَوْتِ بَدَلَ الْقَتْلِ أَمَّا الْقَتْلُ فَيَعُمُّ السَّبَبَ وَمُسَبَّبَهُ فَقَدْ أَفَادَتْ عِبَارَتُهُ اشْتِرَاطَهُمَا حَالَهُمَا مَعًا، إذْ الْجُرْحُ وَحْدَهُ لَا يُسَمَّى قَتْلًا وَكَذَا الْمَوْتُ وَحْدَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَفْعُولُ أَتْلَفَ قَوْلُهُ شَخْصًا (مَعْصُومًا) أَيْ مُحَرَّمًا قَتْلُهُ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي فَلَا يُقْتَصُّ مِمَّنْ قَتَلَ غَيْرَ مَعْصُومٍ كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَقَاتِلٍ بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ الدَّمِ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ، وَيُشْتَرَطُ دَوَامُ عِصْمَتِهِ مِنْ الْجُرْحِ (لِلتَّلَفِ) أَيْ الْمَوْتِ فِي الْقِصَاصِ لِلنَّفْسِ (وَ) مِنْ (ا) الرَّمْيِ لِ (لِإِصَابَةِ) فِي الْقِصَاصِ لِلْجُرْحِ، فَإِنْ جَرَحَ أَوْ رَمَى حُرٌّ مُسْلِمٌ مِثْلَهُ وَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ تَلَفِهِ أَوْ إصَابَتِهِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ جَارِحِهِ أَوْ رَامِيهِ لِعَدَمِ اسْتِمْرَارِ عِصْمَتِهِ لِتَلَفِهِ وَإِصَابَتِهِ. طفي كَأَنَّهُ يَحُومُ عَلَى قَوْلِ الْجَوَاهِرِ فَصْلٌ فِي تَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْجُرْحِ وَبَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَوْ زَالَ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ كَعِتْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ بَعْدَ الرَّمْيِ، وَقَبْلَ الْإِصَابَةِ أَوْ بَعْدَ الْجُرْحِ، وَقَبْلَ الْمَوْتِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ حَالُ الْإِصَابَةِ وَحَالُ الْمَوْتِ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ حَالَ الرَّمْيِ وَرَجَعَ سَحْنُونٌ فَقَوْلُهُ لِلتَّلَفِ، أَيْ لَا حِينَ الْجُرْحِ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ وَالْإِصَابَةِ أَيْ لَا حِينَ الرَّمْيِ فَقَطْ، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْجُرْحِ فَلَا يَرِدُ قَوْلُ مَنْ قَالَ لِلتَّلَفِ فِي النَّفْسِ وَالْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ، وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ " وَالْإِصَابَةِ " أَسْلَمُ مِنْ التَّكْرَارِ مَعَ قَوْلِهِ وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ إلَخْ سَرَى لَهُ، هَذَا مِنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ مَطَارِحِ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ. الْبُنَانِيُّ وَنَحْوَهُ نَقَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ عَنْ تَقْرِيرِ الْمِسْنَاوِيِّ مُعْتَرِضًا بِهِ مَا قَرَّرَهُ " ز " تَبَعًا لِ لَغْ وَالْعِصْمَةُ. (بِإِيمَانٍ) أَيْ بِمَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ تَعَالَى وَمَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، وَبِمِثْلِ ذَلِكَ لِرُسُلِهِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْتِزَامُ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ (أَوْ) بِ (أَمَانٍ) أَيْ تَأْمِينٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِالْتِزَامِ الْجِزْيَةِ وَالدُّخُولِ فِي حِمَايَةِ الْإِسْلَامِ، وَسَكَتَ عَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 7 كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، وَأُدِّبَ، كَمُرْتَدٍّ، وَزَانٍ أَحْصَنَ، وَيَدِ سَارِقٍ؛   [منح الجليل] هَذَا لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَمَانٍ وَمَثَّلَ لِلْمَعْصُومِ فَقَالَ (كَ) الشَّخْصِ (الْقَاتِلِ) فَإِنَّهُ مَعْصُومٌ (مِنْ غَيْرِ) الشَّخْصِ (الْمُسْتَحِقِّ) لِقَتْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ، وَلَكِنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (أُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُسْتَحِقُّ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ. وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَ) قَاتِلِ شَخْصٍ (مُرْتَدٍّ) طفي حَصَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَتْلِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَنَصُّ الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الْمُرْتَدِّ فِي قَتْلِهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفْسِهِ، وَفِي جِرَاحِهِ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ. وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ عَقْلَهُ عَقْلُ الدَّيْنِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ شَاسٍ فِي أَوَّلِ الْجِرَاحِ عَلَى الثَّالِثِ فَقَالَ وَالْمُرْتَدُّ. قَالَ سَحْنُونٌ لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ عَلَى قَاتِلِهِ إلَّا الْأَدَبَ فِي افْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الدِّيَاتِ عَلَى الدِّيَةِ كَالْمَجُوسِيِّ، لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَمَّا هُنَا فَسَكَتَ فَلَكَ أَنْ تُقَرِّرَهُ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ الْمُصَنِّفِ النَّسْجُ عَلَى مِنْوَالِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَرْنُهُ بِالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَيَدِ السَّارِقِ أَوْ تَقُولُ لَا قِصَاصَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ الْحَطّ. الْبُنَانِيُّ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ فِيهِ دِيَةٌ فَذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى أَنَّ فِيهِ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثَ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الدِّيَاتِ. وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ إلَّا الْأَدَبَ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّهُ الْآتِي لَهُ فِي الدِّيَاتِ (وَ) كَقَاتِلٍ (زَانٍ أَحْصَنَ) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ، وَيُؤَدَّبُ قَاتِلُهُ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْإِمَامِ، وَمَفْهُومُ أَحْصَنَ أَنَّ قَاتِلَ الزَّانِي الْبِكْرِ يُقْتَلُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ (وَ) كَ (قَاطِعِ يَدِ) شَخْصٍ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُؤَدَّبُ لِذَلِكَ. الْحَطّ وَكَذَا قَاتِلُ الْمُحَارِبِ وَالزِّنْدِيقِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ قَتَلَ زِنْدِيقًا. اللَّخْمِيُّ وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ وَالْمُحَارِبُ، وَلَا دِيَةَ لَهُمْ إنْ قُتِلُوا خَطَأً. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 8 فَالْقَوَدُ عَيْنًا،   [منح الجليل] مَنْ قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَهُ دِيَتُهَا فَعَلَيْهِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي هَذَيْنِ إنْ قُتِلَا خَطَأً، وَإِنْ قُطِعَ لَهُمَا عُضْوٌ فَلَهُمَا الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا وَجَبَ فِي النَّفْسِ لَا فِي الْعُضْوِ. الشَّيْخُ عِيسَى مَنْ اغْتَاظَ مِنْ ذِمِّيٍّ شَتَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَتَلَهُ، فَإِنْ كَانَ شَتْمًا يُوجِبُ قَتْلَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ وَضُرِبَ مِائَةً وَسُجِنَ عَامًا. وَفِي التَّوْضِيحِ نَصَّ عَلَى نَفْيِ الْقِصَاصِ عَنْ قَاتِلِ الْمُرْتَدِّ وَلَوْ نَصْرَانِيًّا. اهـ. وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي الدِّيَاتِ أَنَّ دِيَةَ الْمُرْتَدِّ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْقِصَاصَ هُنَا، وَالْكَلَامُ هُنَاكَ فِي الدِّيَةِ، وَنَفْيُ أَحَدِهِمَا لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْآخَرِ، وَأَمَّا الزَّانِي الْمُحْصَنُ فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرْتَدَّ تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَكَأَنَّ قَاتِلَهُ قَتَلَ كَافِرًا مُحَرَّمَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ اهـ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ مِقْدَارُ أَدَبِهِمْ، فَمَنْ طَلَبَ السِّتْرَ عَلَيْهِ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ فَالْجُرْأَةُ عَلَى الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ أَشَدُّ وَكُفْرُ الزَّنْدَقَةِ أَشَدُّ مِنْ كُفْرِ الِارْتِدَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: أَبُو الْحَسَنِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُنْصِفُهُ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ حَقِّهِ. أَبُو عِمْرَانَ الَّذِي قَتَلَ وَلِيِّهِ رَجُلٌ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَيَقْتُلُ الْوَلِيُّ قَاتِلَ وَلِيِّهِ غِيلَةً أَوْ بِاحْتِيَالٍ، فَإِنَّهُ لَا أَدَبَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ يُنْصِفُهُ فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ. وَجَوَابُ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ مَعْصُومًا (فَالْقَوَدُ) أَيْ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُودُونَ الْجَانِيَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ تَبَرِّيًا مِنْ شَرِّهِ (عَيْنًا) أَيْ مُتَعَيِّنًا لِلْوَلِيِّ إنْ شَاءَ أَخَذَ حَقَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَفْوُهُ أَوْلَى وَأَكْمَلُ، وَرَوَى أَشْهَبُ تَخْيِيرُهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ حَقَّهُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ، وَإِمَّا أَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 9 وَلَوْ قَالَ: إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك   [منح الجليل] يُقَادَ» ، وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ إنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الدِّيَةَ فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُجْبَرُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مَلِيئًا. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَاتِلُ الْعَمْدِ يَطْلُبُ الْأَوْلِيَاءُ الدِّيَةَ مِنْهُ فَيَأْبَى إلَّا قَتْلَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا قَتْلَهُ أَوْ الْعَفْوَ عَنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْبَى وَيُجْبَرَ عَلَى الدِّيَةِ إنْ كَانَ مَلِيئًا لِأَنَّهُ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ لِيَتْرُكَ مَالَهُ لِغَيْرِهِ مَضَارٌّ. وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ جَعَلَ الْوَلِيَّ إنْ أَحَبَّ قَتَلَ وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ الدِّيَةَ» وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي النَّفْسِ، وَأَمَّا جُرْحُ الْعَمْدِ فَيُوَافِقُ أَشْهَبُ فِيهِ الْمَشْهُورَ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ التَّخْيِيرُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ كَالنَّفْسِ. (تَنْبِيهٌ) اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا جُرْحَ عَبْدٍ أَوْ قَتْلَهُ مِثْلَهُ، فَإِنَّ لِسَيِّدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ أَوْ أَخْذَ الْجَانِي، فَإِنْ اقْتَصَّ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ أَخَذَ الْجَانِيَ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِقِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ. وَفِي الْجُرْحِ يُخَيَّرُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِأَرْشِ الْجُرْحِ إنْ كَانَ لَهُ أَرْشٌ مُسَمًّى، وَإِلَّا فَإِنْ حَصَلَ بِهِ عَيْبٌ خُيِّرَ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ عَيْبٌ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْقِصَاصُ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبَ. وَإِنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ مَعْصُومًا تَعَيَّنَ الْقَوَدُ إنْ لَمْ يَقُلْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك، بَلْ (وَلَوْ قَالَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي (إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك) فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِعَفْوِهِ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ لِأَوْلِيَائِهِ وَلَا يُشْبِهُ مَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلِهِ وَأُدْرِكَ حَيًّا فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي عَفَوْت عَنْ قَاتِلِي. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْأَظْهَرُ سُقُوطُ الْقَتْلِ وَلُزُومُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِشُبْهَةِ الْعَفْوِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ لِلْقَاتِلِ إنْ قَتَلْتنِي فَقَدْ وَهَبْت لَك دَمِي فَقَوْلَانِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحْسَنُهُمَا أَنْ يَقْتُلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَطْعِ يَدِهِ عُوقِبَ، وَلَا قِصَاصَ الْمُوَضِّحُ الَّذِي نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، ذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 10 وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا. فَيَحْلِفُ، وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ.   [منح الجليل] فِي الْعُتْبِيَّةِ لِسَحْنُونٍ، ثُمَّ قَالَ وَزَادَ فِي الْبَيَانِ ثَالِثًا بِنَفْيِ الْقِصَاصِ لِشُبْهَةِ الْعَفْوِ وَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ رَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا، وَلَا جُعْلَ لَهُ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لِلْأَوْلِيَاءِ قَتْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَك كَذَا أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَتَلَهُ ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ، وَكَذَا السَّيِّدُ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَالصَّوَابُ لَا قِيمَةَ لَهُ كَقَوْلِهِ أَحْرِقْ ثَوْبِي فَفَعَلَ فَلَا يَغْرَمُ. الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اقْطَعْ يَدِي أَوْ يَدَ عَبْدِي عُوقِبَ الْمَأْمُورُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِحُرْمَةِ الْقَتْلِ كَمَا تَلْزَمُهُ دِيَةُ الْحُرِّ إذَا قَتَلَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ اهـ وَإِنْ قَتَلَ مُكَلَّفٌ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ مَعْصُومًا فَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَأَطْلَقَ فِي عَفْوِهِ فَ (لَا دِيَةَ لِ) وَلِيٍّ (عَافٍ) عَنْ قَاتِلِ وَلِيِّهِ عَمْدًا عُدْوَانًا (مُطْلِقٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالدِّيَةِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ تَظْهَرَ) مِنْ حَالِ الْوَلِيِّ (إرَادَتُهَا) أَيْ الدِّيَةِ حِينَ الْعَفْوِ بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى إرَادَتِهَا (فَيَحْلِفُ) الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا عَفَا إلَّا لِإِرَادَةِ أَخْذِهَا مِنْ الْقَاتِلِ (وَيَبْقَى) الْوَلِيُّ (عَلَى حَقِّهِ) مِنْ الْقِصَاصِ (إنْ امْتَنَعَ) الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ. وَمَفْهُومُ مُطْلِقٍ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِعَفْوِهِ مَجَّانًا لَزِمَهُ، وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ عَلَى الدِّيَةِ وَأَجَابَهُ الْقَاتِلُ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ فَالْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَوْلُهُ يَظْهَرُ مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِيهَا يَتَبَيَّنُ وَهُوَ أَقْوَى، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتْبَعْ لَفْظَهَا وَإِنْ كَانَ أَقْوَى لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ إنَّ فَاعِلَ قَالَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِنَّمَا نَسَبَهُ لَهُ لَا شَكًّا لَهُ لِأَنَّ الدِّيَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً لَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهَا قَالَهُ تت. طفي كَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَتْبَعْ لَفْظَهَا لِأَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ لِمَالِكٍ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ أَوْ مُطْلَقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ، قَالَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ أَرَادَهَا فَيَحْلِفُ. اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 11 كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ   [منح الجليل] لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الِاعْتِذَارُ لتت إذَا سَلَّمَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي أَتَى بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ نَفْسُ لَفْظِ الْإِمَامِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَظْهَرُ بِأَمَارَةٍ قَوِيَّةٍ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَك إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّك أَرَدْتهَا فَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَلَامَ مَالِكٍ بِالْمَعْنَى، فَلَمْ يَتِمَّ اعْتِذَارُ تت. قَالَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ فِي الْحَضْرَةِ إنَّمَا عَفَوْت عَلَى الدِّيَةِ وَلَوْ سَكَتَ وَطَالَ ثُمَّ قَالَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ. طفي نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَزَادَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَحَيْثُ كَانَ لِلْوَلِيِّ الْقِيَامُ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ شَرْطًا آخَرَ، وَهُوَ قُرْبُ الزَّمَانِ فَأَمَّا إنْ قَامَ بَعْدَ طُولٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ رَوَاهُ مُطَرِّفٌ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ اهـ. وَفِي جَعْلِ مَا ذَكَرَهُ قَيْدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هَذَا مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ إنَّمَا عَفَوْت عَلَى الدِّيَةِ، فَرَوَى مُطَرِّفٌ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ طَالَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ، قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ قَالَ مَا عَفَوْت إلَّا عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ حَلَفَ مَا أَرَادَ تَرْكَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقَالَ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ لِمَا قَالَهُ وَجْهٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ لَيْسَ عَفْوٌ عَنْ الدَّمِ عَفْوًا عَنْ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُرَى لَهُ وَجْهٌ. اهـ. لَا يُقَالُ قَيْدُ الْحُضُورِ يُحْرِزُهُ قَيْدُ الظُّهُورِ، إذْ قَدْ تَظْهَرُ إرَادَتُهَا حِينَ الْعَفْوِ، ثُمَّ يَتَغَافَلُ عَنْ ذَلِكَ زَمَانًا طَوِيلًا إنْ ظَهَرَ عُذْرُ التَّرَاخِي. وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ الْمُطْلِقِ فِي عَفْوِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ إرَادَتُهَا فَقَالَ (كَعَفْوِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (عَنْ الْعَبْدِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ عَبْدًا أَوْ حُرًّا عَفْوًا مُطْلَقًا، وَقَالَ إنَّمَا عَفَوْت عَنْهُ لِأَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ، فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ (وَ) إنْ قَتَلَ شَخْصٌ شَخْصًا عَمْدًا عُدْوَانًا وَقَتَلَ الْقَاتِلَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْضًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 12 وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمَ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ أَوْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ، كَدِيَةِ خَطَأٍ؛ فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي: فَلَهُ وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ، أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ، وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ   [منح الجليل] اسْتَحَقَّ وَلِيٌّ) الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ (دَمَ مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (قَتَلَ الْقَاتِلَ) الْأَوَّلَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ دَمَ قَاتِلِهِ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ، وَلَوْ كَانَ دَمُ قَاتِلِ الْقَاتِلِ حَقًّا لِوَلِيِّ الْقَاتِلِ لَلَزِمَ ضَيَاعُ حَقِّ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَعْصُومٌ مِنْ غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا قَدَّمَهُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ أَرْضَى أَوْلِيَاءُ الثَّانِي أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ فَدَمُهُ لَهُمْ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَتَفَرَّسَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ عَمْدًا فَدَمُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ، وَيُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي اُرْضُوَا أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ وَشَأْنُكُمْ بِقَاتِلِ وَلِيِّكُمْ، وَإِنْ لَمْ تُرْضُوهُمْ فَلِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ قَتْلُهُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَلَهُمْ أَنْ لَا يَرْضَوْا بِمَا بَذَلُوا لَهُمْ مِنْ دِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَعَزَاهُ الشَّيْخُ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا . (أَوْ) قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا عُدْوَانًا وَقَطَعَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمَقْطُوعِ يَدَ الْقَاطِعِ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْضًا اسْتَحَقَّ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ قَطْعَ يَدِ مَنْ (قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ) الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ وَلِيِّ الْأَوَّلِ وَالْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (كَدِيَةِ) قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (خَطَأٍ) لِلْقَاتِلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْقَاطِعِ الْأَوَّلِ. فَيَسْتَحِقُّهَا وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أَوْ الْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ (فَإِنْ أَرْضَاهُ) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ (وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ الثَّانِي بِمَالٍ أَوْ شَفَاعَةٍ أَوْ حُسْنِ كَلَامٍ (فَلَهُ) أَيْ وَلِيِّ الثَّانِي دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي، فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ (وَإِنْ فُقِئَتْ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ، أَيْ قُلِعَتْ (عَيْنُ) الشَّخْصِ (الْقَاتِلِ) عَمْدًا عُدْوَانًا (أَوْ قُطِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (يَدُهُ) أَيْ الْقَاتِلِ عَمْدًا عُدْوَانًا مَثَلًا إنْ كَانَ الْفَقْءُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ مِنْ (الْوَلِيِّ) لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ دَمَهُ، وَأَمَّا أَعْضَاؤُهُ فَهِيَ مَعْصُومَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فِيهَا فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْهُ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 13 بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ لَهُ: فَلَهُ الْقَوَدُ وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى: كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ،   [منح الجليل] لَا يُقَادُ مِنْ الْوَلِيِّ وَيُعَاقِبُهُ الْإِمَامُ إنْ جَنَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ قَبْلَ إسْلَامِهِ لَهُ، بَلْ (وَلَوْ) جَنَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ (بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْقَاتِلُ (لَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِقَتْلِهِ قِصَاصًا (فَلَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ الَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ (الْقَوَدُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيَّ أَوْ غَيْرَهُ، وَلِلْوَلِيِّ قَتْلُهُ بَعْدَ اقْتِصَاصِهِ مِنْهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ الْعَفْوُ وَلَا سُلْطَانَ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ، فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْقَاطِعُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ كَانَ سُلِّمَ لَهُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَحُبِسَ لِقَتْلِهِ أَوْ حُكِمَ بِقَتْلِهِ فَسُلِّمَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقِصَاصُ وَالْعَقْلُ وَالْعَفْوُ، وَلَا شَيْءَ لِوُلَاةِ الْقَتِيلِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ نَفْسَهُ، وَمَنْ قَتَلَ وَلِيَّك عَمْدًا فَقَطَعْت يَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْك وَلَوْ قَطَعْتهَا خَطَأً حَمَلَتْ دِيَتَهَا عَاقِلَتُك وَيُسْتَقَادُ لَهُ مَا لَمْ يُقَدْ مِنْهُ وَتَحْمِلُ عَاقِلَتُهُ مَا أَصَابَ مِنْ الْخَطَإِ (وَقُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ يُقْتَلُ الشَّخْصُ (الْأَدْنَى) أَيْ الدَّنِيءِ بِرِقِّيَّةٍ أَوْ كُفْرٍ (بِ) سَبَبِ قَتْلِ الشَّخْصِ (الْأَعْلَى) أَيْ الْعَلِيِّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ مَثَّلَ ذَلِكَ فَقَالَ (كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِ) سَبَبِ قَتْلِ (عَبْدٍ مُسْلِمٍ) فَشَرَفُ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِنْ شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ، فَالْحُرُّ الْكِتَابِيُّ دَنِيءٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ فَلَا يُقْتَلُ الرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ. الْحَطّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ حُرْمَةٍ مِنْ الْحُرِّيَّةِ، كَأَنَّ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ قَاتِلٍ أَوْ الْمَقْتُولِ هُوَ الْأَعْلَى. وَلِمَا قَدَّمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ كَوْنَ الْقَاتِلِ زَائِدًا عَلَى الْمَقْتُولِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ مَانِعٌ مِنْ قَتْلِهِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْقَاتِلِ أَدْنَى مِنْ الْمَقْتُولِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَدْنَى إذَا قَتَلَ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِفَرْعٍ يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ وَهُوَ قَتْلُ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ عَبْدًا مُسْلِمًا، فَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ كَسِلْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 14 وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ:   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي نَصْرَانِيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا قَالَ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهُوَ كَسِلْعَةٍ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يَقْتُلَهُ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ بِهِ فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ مَا فِي الْقُرْآنِ، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، ثُمَّ اسْتَظْهَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يُقْتَلُ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ إلَى أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ الذِّمِّيَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَجَرَى عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الدِّيَةِ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا قَتْلُ الذِّمِّيِّ أَوْ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهُ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ إلْزَامُهُ قِيمَتَهُ. وَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا، أَوْ قَتَلَهُ فَسَيِّدُ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَقْتُولِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَقِيدَ أَوْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ قَالَ الذِّمِّيَّ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ أَدْنَى مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَكَى فِي الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي فَكِّهِ بِالدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ. الْمُوَضِّحُ يَعْنِي بِدِيَةِ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ، وَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ جَوَازِ مِلْكِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ يَدْفَعُ جَمِيعَ ثَمَنِهِ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ فَضَلَ عَنْ دِيَتِهِ فَضْلٌ فَلِسَيِّدِهِ أَصْبَغَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ اهـ ضَيْح (وَ) يُقْتَلُ (الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ) يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ (وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا مِنْ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقْتَلُ الْيَهُودِيُّ بِالنَّصْرَانِيِّ وَبِالْمَجُوسِيِّ وَعَكْسُهُ وَالْمُؤَمَّنُ بِالذِّمِّيِّ وَعَكْسُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ قَتْلُ الْيَهُودِيِّ بِالْمَجُوسِيِّ، وَنَقْصُ الدِّيَةِ لَغْوٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 15 كَذَوِي الرِّقِّ، وَذَكَرٍ، وَصَحِيحٍ، وَضِدِّهِمَا وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ:   [منح الجليل] كَالرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ. وَشَبَّهَ فِي قَتْلِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ فَقَالَ (كَذَوِي) أَيْ أَصْحَابِ (الرِّقِّ) أَيْ الْأَشْخَاصِ الْأَرِقَّاءِ فَيُقْتَلُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ ذَا شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ وَالْمَقْتُولُ قِنًّا، فِيهَا الْقِصَاصُ لِلْمَمَالِيكِ بَيْنَهُمْ كَهَيْئَتِهِ فِي الْأَحْرَارِ نَفْسُ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ إنْ شَاءَ اسْتَقَادَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ، إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْجَانِيَ سَيِّدُهُ، وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا فَقَالَ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ لَا أَقْتَصُّ وَآخُذُ الْعَبْدَ الْجَارِحَ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ وَقَالَ سَيِّدُ الْجَارِحِ إمَّا أَنْ تَقْتَصَّ أَوْ تَدَعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سَيِّدِ الْمَجْرُوحِ وَكَذَلِكَ فِي الْقَتْلِ. أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَاتِلِ وَجَبَتْ لِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ أَوْ أَحْيَاهُ فَإِنْ أَحْيَاهُ صَارَ عَمْدًا كَالْخَطَأِ فَيَرْجِعُ الْخِيَارُ إلَى سَيِّدِهِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ يَقْتُلُ حُرًّا فَيَعْفُو عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَأْبَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ تُمْلَكُ، فَلَمَّا جَازَ قَتْلُهُ وَإِتْلَافُهُ عَلَى سَيِّدِهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْحُرُّ لَا يُمْلَكُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِ إلَّا بِطَوْعِهِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَقُولُ أُؤَدِّي قِصَاصِي وَأُبْقِي مَالِي لِوَرَثَتِي وَالْعَبْدُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا حُجَّةَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ وَأَخْذَهُ سَوَاءٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْشَ فَلَا حُجَّةَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُمْ رَفَعُوا عَنْهُ الْقَوَدَ فَصَارَ فِعْلُهُ كَالْخَطَأِ وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ لِأَنَّهُ كَأَنْ تَكُونَ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ عَمْدِهِ فَأَمْرُهُمَا مُفْتَرَقٌ. (وَ) كَ (ذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا) أَيْ أُنْثَى وَمَرِيضٍ فَيُقْتَلُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالصَّحِيحُ بِالْمَرِيضِ، وَلَا يُنْظَرُ لِنَقْصِ الْأَعْضَاءِ وَلَا لِلْعُيُوبِ وَلَا لِصِغَرٍ وَلَا لِكِبَرٍ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي النُّفُوسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] (وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا قَتْلًا (عَمْدًا) عُدْوَانًا وَثَبَتَ قَتْلُهُ (بِبَيِّنَةٍ) فِي قَتْلِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ (أَوْ قَسَامَةٍ) فِي قَتْلِ الْحُرِّ فَقَطْ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ بِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 16 خُيِّرَ الْوَلِيُّ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ: فَلِسَيِّدِهِ، إسْلَامُهُ، أَوْ فِدَاؤُهُ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا؛   [منح الجليل] وَحَلَفَ أَوْلِيَاؤُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ (خُيِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْوَلِيُّ) لِلْمَقْتُولِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ أَوَّلًا بَيْنَ قَتْلِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ وَاسْتِحْيَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُفُؤًا لِلْحُرِّ. (فَإِنْ) قَتَلَهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ (اسْتَحْيَاهُ) أَيْ الْوَلِيُّ الْعَبْدَ (فَلِسَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ الْخِيَارُ ثَانِيًا بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ (إسْلَامِهِ) أَيْ دَفْعِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِلْوَلِيِّ فِي جِنَايَتِهِ بِمَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (أَوْ فِدَاؤُهُ) أَيْ الْعَبْدِ الْجَانِي بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ. طفي تَعْيِينُ الْمُصَنِّفِ الْبَيِّنَةَ أَوْ الْقَسَامَةَ احْتِرَازًا مِنْ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالْقَتْلِ، فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ إلَّا الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ لِأَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَنَّهُ قَتَلَ حُرًّا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ يَسْتَحْيِيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَهُ مُعَاوَدَةُ الْقَتْلِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ. أَبُو عِمْرَانَ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ إنْ عَفَا عَنْ الْعَبْدِ يَبْطُلُ الدَّمُ فَلَا قَتْلَ لَهُ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ إقْرَارَهُ، وَفِي الرِّسَالَةِ إقْرَارُ الْعَبْدِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ يَلْزَمُهُ وَمَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا إقْرَارَ لَهُ، أَرَادَ إلَّا الْمَأْذُونَ لَهُ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ فِي مَالِهِ لَازِمٌ. ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهِيَ الْجِنَايَةُ فَقَالَ (إنْ قَصَدَ) الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ الَّذِي لَمْ يَزِدْ بِحُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ (ضَرْبًا) لِلْمَقْتُولِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ، أَمَّا إنْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ كَحَرْبِيٍّ فَتَبَيَّنَ مُسْلِمًا فَهُوَ الْخَطَأُ فِيهِ الدِّيَةُ، وَقَدْ قَتَلَ الصَّحَابَةُ مُسْلِمًا يَظُنُّونَهُ حَرْبِيًّا فَوَدَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُهَدِّدْهُمْ، وَإِنْ قَصَدَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَقِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ عَمْدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَثَالِثُهَا إنْ تَلَاعَبَا فَخَطَأٌ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِبْهُ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ فُلَانٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ آخَرَ لِقَتْلِهِمْ قَاتِلَ خَارِجَةَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِقَوْلِهِ أَرَدْت عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 17 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عب الْبُنَانِيُّ لُزُومُ الْقَوَدِ فِي هَذِهِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلًا خِلَافُ مَا نَقَلَهُ بَعْدَهُ عَنْ مُقْتَضَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ، وَوَقَعَ فِي الْحَطّ، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ ضَرْبَ شَخْصٍ فَأَصَابَتْ الضَّرْبَةُ غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ عَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْخَطَأِ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ قَتْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَصَدَ الضَّرْبَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ وَكَانَ الضَّرْبُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ. الْبُنَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ عِبَارَتُهُمْ تَقْتَضِي أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ، فَنَبَّهَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 18 وَإِنْ بِقَضِيبٍ كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ، وَمُثَقَّلٍ، وَلَا قَسَامَةَ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ؛   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ عَلَى الْعَمْدِ بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ إلَخْ، وَأَمَّا الْعُدْوَانُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا أُدِّبَ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَلَى أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَقْصِدَ بِرَمْيِهِ شَيْئًا أَوْ يَقْصِدَ حَرْبِيًّا فَيُصِيبُ مُسْلِمًا وَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. الثَّانِي: أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ خَطَأٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَمِثْلُهُ قَصْدُ الْأَدَبِ الْجَائِزِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلنَّائِرَةِ وَالْغَضَبِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَمْدٌ يُقْتَصُّ بِهِ إلَّا فِي الْأَبِ وَنَحْوِهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَتُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ. الثَّالِثُ قَصْدُ الْقَتْلِ عَلَى وَجْهِ الْغِيلَةِ فَيَتَحَتَّمُ فِيهِ الْقَتْلُ فَلَا عَفْوَ عَنْهُ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ. هَذَا إنْ ضَرَبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَسَهْمٍ، بَلْ (وَإِنْ) ضَرَبَهُ (بِقَضِيبٍ) أَيْ عُودٍ مَقْضُوبٍ مِنْ شَجَرَةٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا. ابْنُ شَاسٍ فَأَمَّا إنْ لَطَمَهُ أَوْ وَكَزَهُ فَمَاتَ فَتَخَرَّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي نَفْيِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَإِثْبَاتِهِ فَعَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ هُوَ عَمْدٌ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي إثْبَاتِهِ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ. اهـ. وَشَبَّهُ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ فَقَالَ (كَخَنْقٍ) لِمَعْصُومٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى خَانِقِهِ الْقِصَاصُ (وَ) كَ (مَنْعِ طَعَامٍ) أَوْ شَرَابٍ عَنْ مَعْصُومٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى مَانِعِهِ الْقِصَاصُ. ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ صُوَرِ الْعَمْدِ مَا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ مُسَافِرًا عَالِمًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مَنْعُهُ، وَأَنَّهُ يَمُوتُ إنْ لَمْ يَسْقِهِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلِ قَتْلَهُ بِيَدِهِ اهـ. (وَ) كَضَرْبٍ بِشَيْءٍ (مُثَقَّلٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُثَقَّلَةً، أَيْ رَاضٍّ لِلْبَدَنِ بِلَا جُرْحٍ كَحَجَرٍ وَخَشَبَةٍ وَمَاتَ الْمَضْرُوبُ فَيُقْتَصُّ مِنْ ضَارِبِهِ بِهِ، فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَضْرُوبِ بِهِ لَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ (وَلَا قَسَامَةَ) فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (إنْ أَنْفَذَ) الضَّرْبَ (مَقْتَلَهُ) بِأَنْ قَطَعَ وَدْجَهُ أَوْ ثَقَبَ مَصِيرَهُ أَوْ نَثَرَ دِمَاغَهُ أَوْ قَطَعَ نُخَاعَهُ (أَوْ) لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 19 أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ، عَدَاوَةً، وَإِلَّا فَدِيَةٌ   [منح الجليل] وَ (مَاتَ مَغْمُورًا) عَقْلُهُ لَا يَعِي شَيْئًا لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَمْ يُفِقْ مِنْ غَمْرَتِهِ حَتَّى مَاتَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ وَلَمْ يَغْمُرْ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ حَيَاةً تُعْرَفُ أَوْ غَمَرَ ثُمَّ أَفَاقَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ إلَّا بَعْدَ الْقَسَامَةِ. " غ " قَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا كَذَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي نَفْيِ الْقَسَامَةِ، فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا إنْ شُقَّتْ حَشْوَتُهُ فَتَكَلَّمَ وَأَكَلَ وَعَاشَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ قَاتِلُهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ إذَا كَانَ قَدْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، وَقَالَ فِي الثَّانِي وَمَنْ ضَرَبَ فَمَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَقِيَ مَغْمُورًا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ، كَذَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْأُمَّهَاتِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِي الْمَغْمُورِ الْقَسَامَةَ اهـ. وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ بِلَا قَسَامَةٍ فَقَالَ (كَطَرْحِ) شَخْصٍ (غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ) فِي نَحْوِ بَحْرٍ (عَدَاوَةً) فَمَاتَ فَعَلَى طَارِحِهِ الْقِصَاصُ بِلَا قَسَامَةٍ، فَفِيهَا وَإِنْ طَرَحَ رَجُلًا فِي نَهْرٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَمَاتَ فَإِنْ كَانَ فِي الْعَدَاوَةِ وَالْقِتَالِ قُتِلَ بِهِ. ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرْحُ لِغَيْرِ مُحْسِنِ الْعَوْمِ عَدَاوَةً بِأَنْ كَانَ لِمُحْسِنِهِ أَوْ لِغَيْرِ مُحْسِنِهِ لَعِبًا لَا عَدَاوَةَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ طَارِحِهِ، وَإِذَا لَمْ يَقْتُلْ (فَ) فِيهِ (دِيَةٌ) بِلَا قَسَامَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ لَا الْقَتْلِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ الْقَسَامَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَضِّحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ بِقَسَامَةٍ لَمْ أَرَهُ وَلَا وَجْهَ لِلْقَسَامَةِ هُنَا. تت أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ دِيَةٌ، إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ مُخَمَّسَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُغَلَّظَةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ خَرَجَ عَنْ الْمُعْتَادِ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ لَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 20 وَكَحَفْرِ بِئْرٍ، وَإِنْ بِبَيْتِهِ   [منح الجليل] طفي لَا إجْمَالَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَيَّنَ فِيمَا يَأْتِي مَوَاضِعَ التَّغْلِيظِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا، فَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا دِيَةٌ خَطَأً مُخَمَّسَةً وَكَلَامُهُ يُبَيِّنُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَمَا عَدَاهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَكَلَامُهُ مُحَرَّرٌ لِمَنْ أَحَاطَ بِأَطْرَافِهِ قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ اللَّعِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ. اهـ. أَقُولُ الْإِخْفَاءُ فِي إجْمَالِ كَلَامِهِ هُنَا خُصُوصًا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ. الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَلَا قِصَاصَ أَلْقَاهُ لَعِبًا وَعَدَاوَةً، وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَالْقِصَاصُ مُطْلَقًا وَإِذَا جَهِلَ فَفِي الْعَدَاوَةِ الْقِصَاصُ، وَفِي اللَّعِبِ لَا قِصَاصَ فَالدِّيَةَ فَقَوْلُهُ غَيْرِ مُحْسِنٍ الْعَوْمَ، أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمُلْقَى جَاهِلٌ زَادَ بَعْضُهُمْ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ، لَكِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ طُولِ مَسَافَةٍ وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ بِلَا قَسَامَةٍ فَقَالَهُ (كَحَفْرِ بِئْرٍ) لِقَصْدِ إهْلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ سَارِقًا فَهَلَكَ فِيهَا، فَعَلَى حَافِرِهَا الْقِصَاصُ لِتَسَبُّبِهِ فِي إهْلَاكِهِ إنْ حَفَرَهَا فِي الطَّرِيقِ، بَلْ (وَإِنْ) حَفَرَهَا (بِبَيْتِهِ) الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلِّصِّ لِيَهْلَكَ فِيهَا فَهَلَكَ فِيهَا، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْتَلُ وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ، وَإِنْ هَلَكَ فِيهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَفِي الْحُرِّ دِيَتُهُ وَفِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ أَحَدٍ وَحَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ لِحَاجَتِهِ فَهَلَكَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ حَيَوَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْبِئْرِ الْمِطْمَرُ. أَصْبَغُ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَرْعٌ تَدْخُلُهُ دَوَابُّ النَّاسِ فَتُفْسِدُهُ فَحَفَرَ حَفِيرًا حَوْلَهُ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ وَأَنْذَرَ أَصْحَابَهَا فَوَقَعَ فِيهِ بَعْضُ الدَّوَابِّ فَهَلَكَ أَتَرَى عَلَيْهِ ضَمَانُهُ، فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يُنْذِرْهُمْ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ الْحَفْرِ فِي أَرْضِهِ وَحَقِّهِ تَحْصِينًا لِزَرْعِهِ لَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ، وَلَوْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ دَوَابِّهِمْ لَلَزِمَهُ الضَّمَانُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَصْنَعُ فِي دَارِهِ شَيْئًا لِإِتْلَافِ السَّارِقِ، فَيَتْلَفُ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ اهـ. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ جَعَلَ فِي حَائِطِهِ حَفِيرًا لِلسِّبَاعِ أَوْ حِبَالَةً فَلَا يَضْمَنُ مَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 21 أَوْ وَضْعِ مُزْلِقٍ؛ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ، أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ قَصْدُ الضَّرَرِ؛ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ   [منح الجليل] عَطِبَ بِذَلِكَ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ جَعَلَ فِي بَابِ جِنَانِهِ قَصَبًا يَدْخُلُ فِي رِجْلِ مَنْ يَدْخُلُهُ أَوْ اتَّخَذَ تَحْتَ عَتَبَتِهِ مَسَامِيرَ لِمَنْ يَدْخُلُ أَوْ رَشَّ قَنَاةً يُرِيدُ زَلْقَ مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ أَوْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ رَشَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ عَطِبَ فِيهِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي دَارِهِ لِحَاجَتِهِ أَوْ لِإِرْصَادِ سَارِقٍ فَهُوَ مُفْتَرَقٌ اهـ. قَوْلُهُ فَهُوَ مُفْتَرَقٌ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَحْفِرَهَا لِحَاجَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ أَوْ يَرْصُدَ بِهَا السَّارِقَ فَيَضْمَنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَوْ) كَ (وَضْعِ) شَيْءٍ (مُزْلِقٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّاي وَكَسْرِ اللَّامِ بِطَرِيقٍ كَقِشْرِ بِطِّيخٍ وَرَشِّ فِنَاءٍ مُرِيدًا إزْلَاقَ مَنْ يَمُرُّ بِهِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ مَا يَتْلَفُ بِهِ (أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ) تَعَضُّ أَوْ تَرْفُسُ مَنْ يَمُرُّ (بِطَرِيقٍ) فَيَضْمَنُ مَا يَهْلَكُ بِهَا، وَأَمَّا إنْ أَوْقَفَهَا لِحَاجَةٍ بِأَنْ نَزَلَ عَنْهَا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَتَرَكَهَا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا يَضْمَنُهُ (أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ) بِبَيْتِهِ أَوْ جِنَانِهِ لِإِهْلَاكِ سَارِقٍ وَنَحْوَهُ فَيَهْلَكُ فَالْقَوَدُ إنْ (تَقَدَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ سَبَقَ (لِصَاحِبِهِ) فِيهِ إنْذَارٌ فَيَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنْذَارٌ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَمَحَلُّ ضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا إذَا (قَصَدَ) فَاعِلُهَا (لِضَرَرٍ) لِمُعَيَّنٍ (وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) فَالْقَوَدُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَهْلَكْ الْمَقْصُودُ وَهَلَكَ غَيْرُهُ (فَالدِّيَةُ) لِلْهَالِكِ عَلَى الْفَاعِلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا وَفَعَلَهَا لِحَاجَتِهِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهَا فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا تَقَدَّمَ. طفي لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ قَيْدِ تَقَدُّمِ الْإِنْذَارِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَهَذَا لَا قَيْدَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْقَيْدُ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِمَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَحِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ. فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا اتَّخَذَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَالدَّارِ وَشَبَهِهَا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ عَقُورٌ ضَمِنَ مَا أَصَابَ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ اتَّخَذَ كَلْبًا فِي دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 22 وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةٍ وَكَإِشَارَتِهِ   [منح الجليل] أَصَابَ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِيهِ. اهـ. وَفِيهَا مَا أَحْدَثَهُ بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ ضَمِنَ اهـ. عِيَاضٌ مَعْنَاهُ جَعَلَهُ لَهَا مَرْبِطًا دَائِمًا وَلَوْ كَانَ نَزَلَ عَنْهَا أَوْ أَوْقَفَهَا وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهَا أَمَامَ حَانُوتٍ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ أَوْ يَحْمِلَ مِنْهُ أَوْ أَمَامَ بَابِ دَارِهِ أَوْ نَزَلَ لِلصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ أَوْ أَوْقَفَهَا بِبَابِ الْأَمِيرِ يَطْلُبُ الْإِذْنَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَالْإِكْرَاهِ) عَلَى قَتْلِ مَعْصُومٍ بِتَخْوِيفٍ بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْمُكْرَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ لِتَسَبُّبِهِ، وَالْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ لِمُبَاشَرَتِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمَأْمُورُ مُخَالَفَةَ الْآمِرِ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الْمَأْمُورِ وَأُدِّبَ الْآمِرُ كَمَا يَأْتِي (وَ) كَ (تَقْدِيمِ) شَيْءٍ (مَسْمُومٍ) سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ لِبَاسًا أَوْ غَيْرَهَا فَيُقْتَصُّ مِنْ مُقَدِّمِهِ لِتَسَبُّبِهِ إذَا عَلِمَ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُقَدَّمُ لَهُ بِالْفَتْحِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُقَدِّمُ أَوْ عَلِمَهُ الْمُقَدَّمُ لَهُ فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ عَلَى الْمُقَدِّمِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عج. وَقَالَ اللَّقَانِيُّ فِيهِ الْقِصَاصُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِسَقْيِ سُمٍّ قُتِلَ بِهِ (وَ) كَ (رَمْيِهِ حَيَّةً) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ ثُعْبَانًا كَبِيرًا حَيًّا (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَعْصُومِ فَمَاتَ فَيُقْتَصُّ مِنْ رَامِيهَا وَلَوْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ خِلَافًا لِدَاوُدَ وتت فِي تَقْيِيدِهِمَا بِلَدْغِهَا، وَإِنْ رَمَاهَا عَلَيْهِ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا تَقْتُلُ عَادَةً عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَعَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ. أَصْبَغُ مَنْ طَرَحَ عَلَى رَجُلٍ حَيَّةً مَسْمُومَةً مِثْلَ الْحُوَاةِ الْعَارِفِينَ بِالْحَيَّاتِ الْمَسْمُومَةِ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ، وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ عَلَى اللَّعِبِ، إنَّمَا اللَّعِبُ مِثْلُ بَعْضِ الشُّرَّاطِ يَطْرَحُ الْحَيَّةَ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تُعْرَفُ لِمِثْلِ هَذَا فَتَقْتُلُ، فَهَذَا خَطَأٌ، بِخِلَافِ طَرْحِهِ عَلَيْهِ حَيَّةً مَعْرُوفَةً أَنَّهَا تَقْتُلُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا إنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ اللَّطْمَةِ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ عَدَمُ شَرْطِ مَعْرِفَةِ أَنَّهَا قَاتِلَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مَا لَا يَقْتُلُ مِنْ الْحَيَّاتِ يُقْبَلُ قَوْلُ مُلْقِيهِ لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ لِتَقَرُّرِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ صَوَابٌ، وَيَجْرِي فِيهِ أَقْوَالُ اللَّعِبِ (وَكَإِشَارَتِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ وَلَا الزَّائِدِ بِحُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ إلَى مَعْصُومٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 23 بِسَيْفٍ فَهَرَبَ، وَطَلَبَهُ، وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ؛ وَإِنْ سَقَطَ: فَبِقَسَامَةٍ وَإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأً   [منح الجليل] بِسَيْفٍ) أَوْ رُمْحٍ أَوْ بُنْدُقِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ آلَاتِ الْقَتْلِ (فَهَرَبَ) الْمَعْصُومُ الْمُشَارُ إلَيْهِ (وَطَلَبَهُ) أَيْ تَبِعَ الْمُشِيرُ الْمُشَارَ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَا سُقُوطٍ، سَوَاءٌ اسْتَنَدَ لِشَيْءٍ أَمْ لَا، فَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُشِيرِ بِلَا قَسَامَةٍ لِتَسَبُّبِهِ فِي مَوْتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، (وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْمُشِيرِ وَالْمُشَارِ إلَيْهِ (عَدَاوَةٌ) وَاوُهُ لِلْحَالِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَلَا قِصَاصَ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ. (وَإِنْ سَقَطَ) الْمُشَارُ إلَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ حَالَ هُرُوبِهِ وَطَلَبَهُ وَمَاتَ (فَ) يُقْتَصُّ مِنْ الْمُشِيرِ الطَّالِبِ (بِقَسَامَةٍ) خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ خَوْفِهِ مِنْ الْمُشِيرِ الطَّالِبِ لَا مِنْ السُّقُوطِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَإِشَارَتُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ إلَخْ، إلَى مَعْصُومٍ بِسَيْفٍ مَثَلًا (فَقَطْ) أَيْ بِدُونِ طَلَبٍ فَمَاتَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ خَوْفِهِ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ (خَطَأً) فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُخَمَّسَةً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مُغَلَّظَةً عَلَى الْمُشِيرِ. ابْنُ شَاسٍ اُخْتُلِفَ فِي الْإِشَارَةِ بِالسَّيْفِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ أَشَارَ إلَى رَجُلٍ بِسَيْفٍ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَتَمَادَى بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْهُ وَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَلَبَهُ بِهِ حَتَّى سَقَطَ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ. الْبَاجِيَّ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ السَّقْطَةِ وَلَوْ أَشَارَ لَهُ فَقَطْ فَمَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ. ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ طَلَبَ رَجُلًا بِسَيْفٍ فَعَثَرَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ ضَرْبِهِ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصَّ خِلَافٍ وَيَدْخُلُهُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُخْتَلَفِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِيمَنْ أَشَارَ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ فَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ أَرْبَعَةٌ: الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ وَإِلْحَاقُهُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ، قُلْت الثَّانِي نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ. وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ لَا قِصَاصَ فِي هَذَا وَاسْتَحْسَنَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ الْخَوْفِ أَوْ الْجَرْيِ أَوْ مِنْهُمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 24 وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ،   [منح الجليل] وَكَالْإِمْسَاكِ) مِنْ مُكَلَّفٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ إلَخْ لِمَعْصُومٍ (لِلْقَتْلِ) مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُمْسِكُ لِتَسَبُّبِهِ وَالْقَاتِلُ لِمُبَاشَرَتِهِ. ابْنُ شَاسٍ شَرَطَ الْقَاضِي ابْنُ هَارُونَ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُمْسِكِ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْإِمْسَاكُ لَمْ يَقْدِرْ الْقَاتِلُ عَلَى قَتْلِهِ. اهـ. وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَزَادَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حُمِلَ عَلَى ظَهْرِ آخَرَ شَيْئًا فِي الْحِرْزِ فَخَرَجَ بِهِ الْحَامِلُ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِحَمْلِ الْحَامِلِ عَلَيْهِ قُطِعَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حَمْلِهِ دُونَهُ قُطِعَ الْخَارِجُ فَقَطْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ، وَأَقَرَّهُ الْمُوَضِّحُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إطْلَاقُ ابْنِ الْحَاجِبِ إيجَابَ الْإِمْسَاكِ الْقَوَدَ بِلَا قَيْدٍ مُتَعَقَّبٌ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْمُوَطَّإِ مَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا لِيَضْرِبَهُ آخَرُ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ قُتِلَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ رَأَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ فَقَطْ وَعُوقِبَ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ عُقُوبَةٍ وَسُجِنَ سَنَةً. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ دَلِيلُ حُبِّهِ لِلْقَتْلِ أَنْ يَرَى الْقَاتِلَ يَطْلُبُهُ وَبِيَدِهِ سَيْفٌ أَوْ رُمْحٌ وَإِنْ لَمْ يَرَ مَعَهُ ذَلِكَ فَلَا يُقْتَلُ الْحَابِسُ وَيُجْلَدُ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ. وَقَالَ عِيسَى يُجْلَدُ مِائَةً فَقَطْ ابْنُ مُزَيْنٍ الْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ. ابْنُ الْقَصَّارِ إنَّمَا يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ ظُلْمًا (وَيُقْتَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ (الْجَمْعُ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ غَيْرِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا الزَّائِدِينَ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِينَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ كُلَّ وَاحِدٍ ضَرْبَهُ فَقَطْ أَوْ قَتْلَهُ أَوْ اخْتَلَفُوا إذَا ضَرَبُوهُ جَمِيعًا وَاسْتَوَتْ ضَرَبَاتُهُمْ فِي تَرَتُّبِ الْمَوْتِ عَلَيْهَا أَوْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُ الضَّرْبَةِ الْقَاتِلَةِ، أَوْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ إذَا مَاتَ الْمَضْرُوبُ فِي مَكَانِهِ، أَوْ نَفَذَ مَقْتَلُهُ أَوْ غَمَرَ إلَى مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلُهُ وَحْدَهُ، وَيُعَاقَبُ بَاقِيهِمْ. وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ صَاحِبُ الضَّرْبَةِ الْقَاتِلَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَعُوقِبَ الْبَاقِي. عج شَرْطُ قَتْلِ الْجَمْعِ بِالْوَاحِدِ أَنْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ، وَلَا يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 25 وَالْمُتَمَالِئُونَ، وَإِنْ بِسَوْطِ سَوْطٍ   [منح الجليل] إنْ قَصَدَ الضَّرْبَ عَدَاوَةً يُوجِبُ الْقِصَاصَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلِ الْوَاحِدِ لِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَحَمَلَ شَيْخُنَا مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الشَّارِحِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ قَصْدِ الْقَتْلِ هُنَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا. طفي فِي كَلَامِ عج نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَيْخُهُ، وَلَيْسَ فِي " ق " مَا يُفِيدُ مَا قَالَ عج، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَنَقَلَ قَوْلُهَا، وَإِذَا اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ عَمْدًا قُتِلُوا بِذَلِكَ، وَقَوْلُ الْجَوَاهِرِ لَوْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى رَجُلٍ يَضْرِبُونَهُ فَقَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ وَجَدَعَ آخَرُ أَنْفَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ، وَقَدْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ قُتِلُوا كُلُّهُمْ بِهِ، وَلَا قِصَاصَ لَهُ فِي الْجُرْحِ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْمُثْلَةَ، وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ اُقْتُصَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ جُرْحِهِ وَقُتِلَ قَاتِلُهُ، وَكَلَامُهُمَا فِي التَّمَالُؤِ، وَلِذَا اعْتَرَضَهُ شَيْخٌ عج، وَتَفْرِيقُ عج بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنْ اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى ضَرْبِ رَجُلٍ ثُمَّ انْكَشَفُوا وَقَدْ مَاتَ قُتِلُوا بِهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيٌّ إنْ ضَرَبَهُ هَذَا بِسِلَاحٍ وَهَذَا بِعَصًا وَتَمَادَيَا حَتَّى مَاتَ قُتِلَا بِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ ضَرْبَ أَحَدِهِمْ قَتَلَهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ هَذَا قُصُورٌ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةُ الْأَسْوَاطِ جَارِيَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ، بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدُوا جَمِيعًا إلَى قَتْلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْأَوَّلُونَ إلَى إيخَافِهِ بِالضَّرْبِ فَلَيْسَ السَّوْطُ الْأَوَّلُ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْهُ مِمَّا يَكُونُ عَنْهُ الْقَتْلُ غَالِبًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِهِ الْآخَرُ وَمَنْ قَصَدَ قَتْلَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ اهـ. قَالَ شب بَحْثُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ضَعِيفٌ وَإِنْ ارْتَضَاهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ إنَّمَا تَمَّ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَيُقْتَلُ) الْجَمَاعَةُ (الْمُتَمَالِئُونَ) بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ الْمُتَوَافِقُونَ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ مَعْصُومٍ بِهِ إنْ تَمَالَئُوا بِضَرْبِهِ بِنَحْوِ سُيُوفٍ، بَلْ (وَإِنْ بِسَوْطٍ) مِنْ أَحَدِهِمْ وَ (سَوْطٍ) مِنْ آخَرَ، وَهَكَذَا حَتَّى مَاتَ فَيُقْتَلُونَ بِهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ عَلَى قَتْلِ صَبِيٍّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 26 وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ، كَمُكْرِهٍ، وَمُكْرَهٍ،   [منح الجليل] لَقَتَلْتهمْ بِهِ. شب يُشْتَرَطُ فِي الْقَتْلِ بِالْمُمَالَأَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ، فَإِنْ قَصَدُوا ضَرْبَهُ فَقَطْ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَأَنْ يَحْضُرُوا بِحَيْثُ يَكُونُ الَّذِي لَمْ يَضْرِبْ لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِضَرْبٍ وَلَوْ لَمْ يَلِ الْقَتْلَ إلَّا وَاحِدٌ، وَاَلَّذِي يَحْرُسُ لَهُمْ كَهُمْ، وَأَنْ يَمُوتَ فَوْرًا أَوْ مَغْمُورًا، فَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقْسِمُ فِي الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ لَهُ بِخِلَافِ قَتْلِ الْحِرَابَةِ وَتَمَالُؤٍ الْوَالِدِ مَعَهُمْ وَيُقْتَلُ الشَّخْصُ (الْمُتَسَبِّبُ) فِي الْقَتْلِ (مَعَ) الشَّخْصِ (الْمُبَاشِرِ) لَهُ كَحَافِرِ بِئْرٍ لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَمَوْقِعٍ لَهُ فَيُقْتَلَانِ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُوقِعُ فَقَطْ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ، فَلَوْ حَفَرَهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فِيمَا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فَأَوْقَعَ غَيْرَهُ فِيهَا مَعْصُومًا فَلَا شَيْءَ عَلَى حَافِرِهَا، وَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُوقِعِ، وَمَثَّلَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (كَمُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى قَتْلِ مَعْصُومٍ (وَمُكْرَهٍ) بِفَتْحِهَا فَيُقْتَلَانِ بِهِ مَعًا الْأَوَّلُ لِتَسَبُّبِهِ، وَالثَّانِي لِمُبَاشَرَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُكْرَهُ أَبَا الْمَقْتُولِ فَيُقْتَلُ مُكْرِهُهُ وَحْدَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُقْتَلُ مُكْرِهُ الْأَبِ دُونَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ شَرِكَةَ الْأَبِ فِي قَتْلِ ابْنِهِ قَالَ وَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ الْأَبِ لِمَعْنًى فِيهِ لَا فِي الْقَتْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُكْرِهَ الْأَبِ عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ يُقْتَلُ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَنْقُولٌ إلَيْهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَلِذَا قُتِلَ مُكْرِهُ الْأَبِ دُونَهُ. قُلْت فِي النَّوَادِرِ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ أَكْرَهَ لِصٌّ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ بِوَعِيدٍ بِقَتْلٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَلَا مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَاحٍ لَهُ قَتْلُهُ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مِنْ الْقَوَدِ، ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ الْأَبَ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَوَدُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا قَوَدَ عَلَى الْأَبِ وَلَا يَرِثُ مِنْ ابْنِهِ شَيْئًا. ابْنُ الْقَصَّارِ فِي الْقَوَدِ بِالْإِكْرَاهِ وَبِشَهَادَةِ الزُّورِ رِوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ الْأُولَى الْمَازِرِيُّ مَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا قُتِلَ الْمُبَاشِرُ، إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ لَهُ قَتْلَ مُسْلِمٍ ظُلْمًا، وَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَآلَةٍ لَهُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَلَا يُقْتَلُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 27 وَكَأَبٍ، أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا، وَسَيِّدٍ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا؛ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ: اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ   [منح الجليل] وَكَأَبٍ أَوْ مُعَلِّمٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (أَمَرَ) الْأَبُ أَوْ الْمُعَلِّمُ (وَلَدًا صَغِيرًا) بِقَتْلِ مَعْصُومٍ (أَوْ سَيِّدٍ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالصِّغَرِ بِقَتْلِ مَعْصُومٍ فَقَتَلَ الصَّغِيرُ أَوْ الْعَبْدُ مَنْ أُمِرَ بِقَتْلِهِ فَيُقْتَلُ الْآمِرُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِتَسَبُّبِهِ فِي قَتْلِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ دِيَةِ مَقْتُولِهِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الصِّبْيَانُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ خَصَّ كُلَّ عَاقِلَةٍ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِهِ كَبِيرًا فَقَتَلَ قُتِلَ الْوَلَدُ وَالْمُتَعَلِّمُ وَحْدَهُ، وَعُوقِبَ آمِرُهُ وَقُتِلَ الْعَبْدُ مَعَ سَيِّدِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَتَلَ الِابْنُ الْبَالِغُ بِأَمْرِ أَبِيهِ أَوْ بَالِغٍ مُتَعَلِّمِي الصَّانِعِ بِأَمْرِهِ أَوْ الْمُؤَدِّبِ بِأَمْرِهِ فَفِي قَتْلِ الْقَاتِلِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي عُقُوبَةِ الْآمِرِ وَقَتْلِهِمَا مَعًا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتَيْ يَحْيَى عَنْهُ وَسَحْنُونٍ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً. وَيُضْرَبُ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ بِقَدْرِ احْتِمَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوْ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْمُؤَدِّبُ مُبَاشِرًا لِذَلِكَ مُشَدِّدًا عَلَيْهِ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ قَتْلُهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فِي السِّنِّ فَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الْآمِرِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ. (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ) بِقَتْلِ الْمَعْصُومِ ظُلْمًا مِنْ الْآمِرِ (اُقْتُصَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (مِنْهُ) أَيْ الْمَأْمُورِ وَحْدَهُ وَضُرِبَ الْآمِرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً. " ق " صَوَّرَ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا سِتَّ صُوَرٍ الْأُولَى: أَنْ يَأْمُرَ رَجُلٌ رَجُلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِقَتْلِ مَعْصُومٍ فَيَقْتُلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الْقَاتِلِ وَضَرْبِ الْآمِرِ مِائَةً وَحَبْسِهِ عَامًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ الْبَالِغَ بِهِ فَيَقْتُلُهُ فَيُقْتَلَانِ مَعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي هَذَا كَانَ الْعَبْدُ فَصِيحًا أَوْ أَعْجَمِيًّا. وَقَالَهُ أَصْبَغُ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بَعْضَ أَعْوَانِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا فَيَقْتُلُهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ مَعًا. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الْبَالِغَ الَّذِي فِي حِجْرِهِ أَوْ الْمُؤَدِّبُ مُؤَدَّبَهُ الْبَالِغَ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِي سَمَاعِ يَحْيَى بِقَتْلِ الْقَاتِلِ وَيُبَالِغُ فِي عُقُوبَةِ الْآمِرِ، وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْهُ قَتْلَهُمَا مَعًا. الْخَامِسَةُ: أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مُرَاهِقًا وَمِثْلُهُ يَنْتَهِي عَمَّا يُنْهَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 28 وَعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ، إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ لَا شَرِيكِ مُخْطِئٍ مَجْنُونٍ وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ وَجَارِحِ نَفْسِهِ، وَحَرْبِيٍّ وَمَرَضٍ بَعْدَ الْجُرْحِ، أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؟ قَوْلَانِ   [منح الجليل] عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ الْآمِرُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ. السَّادِسَةُ: كَوْنُهُ دُونَ ذَلِكَ فِي السِّنِّ، فَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الْآمِرِ وَغُرْمُ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ (وَ) إنْ اشْتَرَكَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَى آخِرِهِ مَعَ صَبِيٍّ فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ فَ (عَلَى) الْمُكَلَّفِ (شَرِيكِ الصَّبِيِّ) فِي قَتْلِ الْمَعْصُومِ (الْقِصَاصُ) وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ (إنْ تَمَالَآ) أَيْ اتَّفَقَ الْمُكَلَّفُ وَالصَّبِيُّ عَلَى قَتْلِهِ أَيْ الْمَعْصُومِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُمَا إنْ تَعَمَّدَا بِلَا تَمَالُؤٍ فَلَا يُقْتَلُ الْمُكَلَّفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ مَوْتِهِ مِنْ فِعْلِ الصَّبِيِّ، وَلَوْ أَخْطَآ مَعًا أَوْ الْمُكَلَّفُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتَيْهِمَا، وَكَذَا إنْ تَعَمَّدَ الْمُكَلَّفُ وَأَخْطَأَ الصَّبِيُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَإِنْ شَارَكَ الْمُكَلَّفُ الْمُتَعَمِّدَ مُخْطِئًا أَوْ مَجْنُونًا فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ فَ (لَا) قِصَاصَ عَلَى مُكَلَّفٍ مُتَعَمِّدٍ (شَرِيكِ) مُكَلَّفٍ (مُخْطِئٍ وَمَجْنُونٍ) فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وَيُضْرَبُ مِائَةً، وَيُحْبَسُ عَامًا، وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَوْ الْمَجْنُونِ (وَهَلْ يُقْتَصُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ (مِنْ) مُكَلَّفٍ مُتَعَمِّدٍ (شَرِيكِ سَبُعٍ) فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ (وَ) شَرِيكِ (جَارِحِ نَفْسِهِ) لِشِدَّةِ مَرَضِهِ مَثَلًا (وَ) شَرِيكِ (حَرْبِيٍّ وَ) شَرِيكِ (مَرَضٍ) حَدَثَ (بَعْدَ الْجُرْحِ) لِمَعْصُومٍ يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَطَاعُونٍ (أَوْ لَا) يُقْتَصُّ مِنْ الشَّرِيكِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ (وَ) إنَّمَا (عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي مَالِهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً، فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَالْقِصَاصُ مَشْرُوطٌ بِالْقَسَامَةِ فِيهَا فَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ عَلَى الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ وَالْجُرْحُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 29 وَإِنْ تَصَادَمَا، أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقًا قَصْدًا فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ، وَحُمِلَا   [منح الجليل] هَيَّجَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ سَبَبُ الْمَوْتِ فَيَشْمَلُ السُّقُوطَ وَالضَّرْبَ أَيْضًا، وَحُصُولُهُ حِينَ الْجُرْحِ كَحُصُولِهِ بَعْدَهُ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ وشب وعب. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَنَصُّهُ إذَا كَانَ الْمَرَضُ قَبْلَ الْجُرْحِ فَالظَّاهِرُ الْقِصَاصُ فَقَطْ بِمُنَابَةِ قَتْلِ مَرِيضٍ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا. أَقُولُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ قَتْلُ مَرِيضٍ وَفِيهِ الْقِصَاصُ اتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عج الَّذِي تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ الْقَسَامَةُ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَإِنْ تَصَادَمَا) أَيْ تَلَاطَمَ الْمُكَلَّفَانِ غَيْرَ الْحَرْبِيَّيْنِ الْمُتَكَافِئَانِ قَصْدًا فَمَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ، فَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهُ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ مِنْ الْحَيِّ. وَإِنْ تَصَادَمَ حَرْبِيٌّ وَمَعْصُومٌ فَلَا قَوَدَ سَوَاءٌ مَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَإِنْ تَصَادَمَ مُكَلَّفٌ وَصَبِيٌّ قَصْدًا فَإِنْ مَاتَا فَلَا قَوَدَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُكَلَّفِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَلَّفُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَإِنْ تَصَادَمَ مُكَلَّفَانِ أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَالْآخَرُ رِقٌّ، فَإِنْ مَاتَا فَلَا قَوَدَ، وَإِنْ مَاتَ الْحُرُّ فَدِيَتُهُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فَقِيمَتُهُ عَلَى الْحُرِّ (أَوْ تَجَاذَبَا) أَيْ تَسَاحَبَ الشَّخْصَانِ بِأَيْدِيهِمَا أَوْ بِنَحْوِ حَبْلٍ تَصَادُمًا أَوْ تَجَاذُبًا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَسَوَاءٌ كَانَا بَصِيرَيْنِ أَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ تَصَادُمً اأَوْ تَجَاذُبًا (قَصْدًا فَمَاتَا) أَيْ الْمُتَصَادِمَانِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَانِ مَعًا (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ فَقَطْ وَسُلِّمَ الْآخَرُ (فَالْقَوَدُ) أَيْ أَحْكَامُ الْقِصَاصِ مُعْتَبَرَةٌ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، فَيَنْتَفِي فِي مَوْتِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَيَثْبُتُ مِنْ الْحَيِّ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا إنْ كَانَا مُكَلَّفَيْنِ مُتَكَافِئَيْنِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مِنْ حُرٍّ لِعَبْدٍ، إذْ لَمْ يَتَكَافَآ، وَدِيَةُ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ. (وَ) إنْ جَهِلَ حَالَ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ (حُمِلَا) بِضَمٍّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 30 عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ، إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ:   [منح الجليل] فَكَسْرٍ، أَيْ الْمُتَصَادِمَانِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَانِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْقَصْدِ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَمُهُ (عَكْسُ) تَصَادُمِ (السَّفِينَتَيْنِ) إذَا تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَجَهِلَ قَصْدَ مَا فِيهِمَا وَعَدَمِهِ فَيُحْمَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ، فَلَا يَضْمَنُونَ مَالًا وَلَا دِيَةً لِعُذْرِهِمْ بِغَلَبَةِ الْبَحْرِ وَالرِّيحِ. الْحَطّ أَيْ فَإِنَّهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إذَا جُهِلَ أَمْرُهُمْ، فَإِنْ تَحَقَّقَ تَعَمُّدُهُمْ لِإِتْلَافِهِمْ فَهُمْ ضَامِنُونَ فِيهَا لَوْ أَنَّ سَفِينَةً صَدَمَتْ أُخْرَى فَكَسَرَتْهَا فَغَرِقَ أَهْلُهَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رِيحٍ غَلَبَتْهُمْ أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَسْتَطِيعُوا مَعَهُ حَبْسَهَا عَنْ الْأُخْرَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى صَرْفِهَا وَلَمْ يَصْرِفُوهَا ضَمِنُوا. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَقِيلَ الدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَوَاقِلِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ وَيَعْلَمُوا أَنَّهُ مُهْلِكٌ فَالدِّيَاتُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَهْلَ السَّفِينَةِ إذَا تَعَمَّدُوا إغْرَاقَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ طَرْحِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ بِمَنْزِلَةِ الْمُثَقَّلِ. أَبُو الْحَسَنِ مَسْأَلَتَا السَّفِينَةِ وَالْفَرَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الرِّيحِ فِي السَّفِينَةِ وَفِي الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَبَبِ النَّوَاتِيَّةِ فِي السَّفِينَةِ وَالرَّاكِبِ فِي الْفَرَسِ فَلَا إشْكَالَ فِي ضَمَانِهِمْ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حُمِلَ فِي السَّفِينَةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الرِّيحِ وَفِي الْفَرَسِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الرَّاكِبِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ حُمِلَا عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا فَقَالَ (إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) عَنْ صَرْفِ كُلِّ الْمُتَصَادِمِينَ فَرَسَهُ عَنْ الْآخَرِ فَلَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا لَا مَالًا وَلَا دِيَةً إذَا عُلِمَ أَنَّ جُمُوحَهُمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الرَّاكِبِينَ، بَلْ مِمَّا مَرَّا بِهِ مَثَلًا. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا جَمَحَتْ فَرَسَاهُمَا بِهِمَا وَلَمْ يَقْدِرَا عَلَى صَرْفِهِمَا فَلَا يَضْمَنَانِ يُرَدُّ بِقَوْلِهَا إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَعَطِبَ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَيَقُولُهَا إنْ كَانَ فِي الْفَرَسِ اغْتِرَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَصَدَمَ فَرَاكِبُهُ ضَامِنٌ لِأَنَّ سَبَبَ جَمْحِهِ مِنْ رَاكِبِهِ وَفِعْلِهِ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ مَا جَمَحَ بِهِ فَذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالسَّفِينَةُ الرِّيحُ هِيَ الْغَالِبَةُ، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 31 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قُلْت فَهَذَا كَالنَّصِّ عَلَى أَنَّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْجُمُوحِ ضَمَانُهُ مِنْ رَاكِبِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا تَلِفَ بِالْجُمُوحِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَرْفِهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ اهـ. الْحَطّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَرَشِيِّ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ رَاجِعٍ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ، أَيْ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ، أَيْ الْعَمْدِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ أَصْحَابُهُمَا صَرْفَهُمَا عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ، وَسَيَأْتِي إذَا تَحَقَّقَ الْخَطَأُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلسَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ، أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ، فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَنَحْوُهُ لعب. الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ اصْطِدَامِ الْفَارِسَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ، وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّابِقِ، أَيْ إنَّ تَصَادُمَ السَّفِينَتَيْنِ مُخَالِفٌ تَصَادُمَ غَيْرِهِمَا فِي الْحُكْمِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ الصَّرْفِ عَنْ التَّصَادُمِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُ لَا مَالَ وَلَا قَوَدَ فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَا فِي تَصَادُمِ غَيْرِهِمَا. الْبُنَانِيُّ الَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلسَّفِينَتَيْنِ وَالْمُتَصَادَمِينَ، أَيْ فَيَرْجِعُ وَإِنْ تَصَادَمَا إلَخْ، وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارِيًا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ فِي السَّفِينَتَيْنِ مِنْ الْقَوَدِ عِنْدَ الْقَصْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تت إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَبِعَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ نَاقَشَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَوْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ فَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْ الصَّرْفِ، وَالْمُعْتَبَرُ الْعَجْزُ حَقِيقَةً يُنَاقِشُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطِ الْعَجْزِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ الْعَجْزِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتَيْنِ قَادِرَتَيْنِ عَلَى صَرْفِهَا اهـ. طفي وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت عَلِمْت أَنَّ الْمُنَاقَشَةَ لَا تَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ، إذْ حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُهُ، بَلْ كَذَلِكَ إذَا جُهِلَ الْأَمْرُ، وَهَذَا أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَّبِعْ ابْنَ الْحَاجِبِ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ زَادَ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُفْهِمُ سُقُوطَ الضَّمَانِ فِيهِ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ لِإِخْرَاجِ الظُّلْمَةِ وَخَوْفِ الْغَرَقِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَجْزِ مُطْلَقُ الْعُذْرِ، بَلْ الْعَجْزُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَا قُدْرَةَ مَعَهُ أَصْلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يَنْتَفِي الضَّمَانُ عَنْ أَهْلِ السَّفِينَةِ إنْ قَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا عَنْ الْأُخْرَى وَلَمْ يَصْرِفُوهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 32 لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ، وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ   [منح الجليل] عَنْهَا (لِكَخَوْفِ غَرَقٍ) أَوْ نَهْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ كَسْرٍ إنْ صَرَفُوهَا حَتَّى تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَضْمَنُونَ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى صَرْفِهَا، إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِإِهْلَاكِ غَيْرِهِمْ (أَوْ) اصْطَدَمَتَا بِسَبَبِ (ظُلْمَةٍ) فَلَمْ يَشْعُرُوا حَتَّى اصْطَدَمَتَا فَيَضْمَنُونَ كَمُصْطَدِمَيْنِ فِي الْبَرِّ لِظُلْمَةٍ لِأَنَّ اصْطِدَامَهُمَا بِفِعْلِهِمْ وَعَدَمَ شُعُورِهِمْ لِلظُّلْمَةِ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ الضَّمَانِ كَالْخَطَأِ. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي السَّفِينَتَيْنِ تَصْطَدِمَانِ فَتَغْرَقُ إحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ الرِّيحَ تَغْلِبُهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتِيَّةِ لَوْ أَرَادُوا صَرْفَهُمَا قَدَرُوا عَلَى حَبْسِهِمَا إلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ هَلَاكَهُمْ وَغَرَقَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَلْتَضْمَنْ عَوَاقِلُهُمْ دِيَاتِهِمْ، وَيَضْمَنُوا هُمْ الْأَمْوَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا نَجَاتَهُمْ بِغَرَقِ غَيْرِهِمْ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرَوْهُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ لَقَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ لِمَا فِي السَّفِينَةِ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَلَكِنْ لَوْ غَلَبَتْهُمْ الرِّيحُ أَوْ غَفَلُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. اهـ. " ق " اهـ بُنَانِيٌّ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اصْطِدَامُ السَّفِينَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ تَجَاذُبُ الْمُتَجَاذِبَيْنِ قَصْدًا بِأَنْ كَانَ خَطَأً وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ (فَدِيَةُ كُلٍّ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ (عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِأَنَّهَا عَنْ جِنَايَةٍ خَطَأً (وَفَرَسُهُ) قِيمَتُهَا (فِي مَالِ الْآخَرِ) وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفَرَسِ، بَلْ كُلُّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ حُكْمُهُ كَالْفَرَسِ. وَشَبَّهَ فِي التَّعَلُّقِ بِمَالِ الْآخَرِ فَقَالَ (كَثَمَنِ) أَيْ قِيمَةِ (الْعَبْدِ) الْمُصَادِمِ لِحُرٍّ فَهِيَ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ فَضَلَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَتَكُونُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ فِيهِ. تت تَنْكِيتُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ هُوَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الرِّوَايَاتِ مَا يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي ذَلِكَ، وَسَاقَ كَلَامَ دِيَاتِهَا فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 33 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] طفي بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ هُوَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ، وَاعْتِرَاضُهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا، إذْ لَمْ يَذْكُرَا فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ قِصَاصًا، وَإِنَّمَا عَبَّرَا بِالضَّمَانِ، وَنَصُّ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَوْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَصْحَابِهِمَا إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَلَّاحُونَ قَادِرِينَ عَلَى صَرْفِهِمَا فَلَمْ يَصْرِفُوهُمَا ضَمِنُوا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ خَوْفِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ أَجْلِ الظُّلْمَةِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ قَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَصُّ الثَّانِي تَقَدَّمَ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الْقِصَاصِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الضَّمَانِ كَكَلَامِهِمَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ دِيَاتِهَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رِيحٍ غَلَبَتْهُمْ أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَسْتَطِيعُونَ حَبْسَهَا مَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى صَرْفِهَا فَلَمْ يَفْعَلُوا ضَمِنُوا. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَّا التَّصَادُمُ فَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْقِصَاصِ فِيهِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَنُصُوصُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْعَمْدَ الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعُدْوَانِ وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَقْتُلُ كَلَطْمَةٍ فَالتَّصَادُمُ أَحْرَى، فَفِيهَا مَنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ رَجُلٍ بِلَطْمَةٍ أَوْ لَكْزَةٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ أَوْ قَضِيبٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَفِيهَا أَيْضًا فِي الْمُتَصَارِعِينَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقِتَالِ فَصَرَعَهُ فَمَاتَ أَوْ أَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَأَمَّا قَوْلُ دِيَاتِهَا وَمِثْلُهُ فِي رَوَاحِلهَا إذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ فَمَاتَ الْفَرَسَانِ وَالرَّاكِبَانِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ، وَقِيمَةُ فَرَسِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي مَالِ الْآخَرِ فَهُوَ فِي الْخَطَأِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْعَاقِلَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ فَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ حُرَّانِ خَطَأً فَمَاتَا هُمَا وَفَرَسَاهُمَا فَفِي لُزُومِ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَاقِلَةُ الْآخَرِ، وَقِيمَةُ فَرَسِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْآخَرِ أَوْ نِصْفَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ لَهَا وَلِعُيُونِ مَسَائِلِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَنْ أَشْهَبَ مَعَ تَخْرِيجِهِ اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي حَافِرَيْ بِئْرٍ انْهَارَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِي نِصْفُ دِيَتِهِ اهـ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِابْنِ مَرْزُوقٍ، فَقَدْ ظَهَرَ سُقُوطُ اعْتِرَاضِهِ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 34 وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ، فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ، أَوْ إسْلَامٍ وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ، وَالْمَوْتِ   [منح الجليل] وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ) لِلضَّرْبِ أَوْ الْجُرْحِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ مَوْتُ مَعْصُومٍ مُكَافِئٍ لِلْمُبَاشِرِينَ غَيْرِ الْحَرْبِيِّينَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ أَزْمَانٍ مُتَوَالِيَةٍ (فَفِي الْمُمَالَأَةِ) عَلَى قَتْلِهِ (يُقْتَلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ (الْجَمِيعُ) بِقَتْلِ وَاحِدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى إنْ مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ غُمِرَ حَتَّى مَاتَ وَإِلَّا فَلَا يُقْتَلُ إلَّا وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ. الْخَرَشِيُّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُتَمَالَئُونَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ قَتْلَهُ بِانْفِرَادِهِ بِدُونِ اتِّفَاقٍ مَعَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ قَالَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ. وَقَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُوَضِّحِ بِأَنْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَهُ لَا قَتْلَهُ وَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَتَفَاوَتَتْ فِي إيجَابِ الْمَوْتِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ (الْأَقْوَى) فِعْلًا، أَيْ مَنْ مَاتَ عَنْ فِعْلِهِ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَاقْتُصَّ مِمَّنْ جُرِحَ بِمِثْلِ جُرْحِهِ وَضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ وَسُجِنَ مِائَةَ سَنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَوْ اسْتَوَتْ قُتِلَ الْجَمِيعُ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ غُمِرَ وَإِلَّا عُيِّنَ وَاحِدٌ وَأُقْسِمَ عَلَيْهِ وَقُتِلَ وَضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ مِائَةً وَسُجِنَ سَنَةً (وَ) إنْ قَتَلَ رَقِيقٌ رَقِيقًا أَوْ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ تَحَرَّرَ الْقَاتِلُ أَوْ أَسْلَمَ فَ (لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) قِصَاصًا بِسَبَبِ الْقَتْلِ (عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ) بَيْنَ الْقَاتِلِ وَمَقْتُولِهِ فِي الرِّقِّيَّةِ أَوْ الْكُفْرِ فَلَا يَسْقُطُ (بِ) سَبَبِ (زَوَالِهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ بَعْدَ الْقَتْلِ (بِ) سَبَبِ (عِتْقٍ) لِلْقَاتِلِ (أَوْ إسْلَامٍ) إذْ الْمُعْتَبَرُ الْمُكَافَأَةُ حَالَ الْقَتْلِ لَا حَالَ الْقِصَاصِ وَلِأَنَّ حُدُوثَ الْمَانِعِ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ وَلَا يُتَعَقَّبُ هَذَا بِوَصِيَّةٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَصِيرُ وَارِثًا لِأَنَّهَا مُنْحَلَّةٌ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ الْمَوْتِ لَا حَالُ الْإِيصَاءِ (وَضَمِنَ) الْجَانِي عَلَى نَفْسٍ خَطَأً أَوْ طَرَفٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةِ الدِّيَةِ لِلْحُرِّ وَالْقِيمَةِ لِلرِّقِّ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَقْتَ الْإِصَابَةِ) بِالسَّهْمِ مَثَلًا فِي الْجُرْحِ (وَ) وَقْتَ (الْمَوْتِ) فِي النَّفْسِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ، أَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 35 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] السَّبَبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ، أَيْ الْمُسَبَّبِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ أَيْ ضَمَانِ دِيَةِ الْحُرِّ وَقِيمَةِ الرِّقِّ حَالُ الْإِصَابَةِ وَحَالُ الْمَوْتِ، أَيْ حُصُولُ الْمُسَبَّبِ هَذَا لَفْظُ التَّوْضِيحِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: حَالُ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَلَوْ زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ كَعِتْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ بَعْدَ رَمْيِهِ وَقَبْلَ إصَابَتِهِ وَبَعْدَ جُرْحِهِ وَقَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَبَرُ حَالُ الْإِصَابَةِ، وَحَالُ الْمَوْتِ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ حَالُ الرَّمْيِ ثُمَّ رَجَعَ سَحْنُونٌ. اهـ. فَفِي الْكَلَامِ لَفٌّ وَنَشْرٌ لِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ، فَقَوْلُهُ حَالُ الْإِصَابَةِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ، وَقَوْلُهُ وَالْمَوْتِ، أَيْ فِي مَسْأَلَةِ زَوَالِهِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِضَمَانِ الدِّيَةِ وَالْقِيمَةِ. وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ الْمُسَبَّبِ اتِّفَاقًا. ابْنُ الْحَاجِبِ أَثَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ فَأَمَّا الْقِصَاصُ فَبِالْحَالَيْنِ مَعًا. الْمُوَضِّحُ أَيْ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ مُسَبَّبِهِ اتِّفَاقًا. قُلْت يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْقِصَاصَ يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ التَّكَافُؤِ فِي حَالِ السَّبَبِ، فَيُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الرَّمْيِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا حِينَ الرَّمْيِ أَوْ كَافِرًا ثُمَّ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا. الْبُنَانِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْ اسْتِمْرَارِ التَّكَافُؤِ فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثَةِ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ، فَمَتَى فُقِدَ التَّكَافُؤُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِفَقْدِ التَّكَافُؤِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ضَمَانِهَا وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ، وَلَا يُرَاعَى فِيهِ وَقْتُ السَّبَبِ وَهُوَ الرَّمْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ سَحْنُونٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، اُنْظُرْ الْحَطّ. طفي لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَيْنِ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْغَايَةِ، فَقَالَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ، وَيَعْتَبِرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 36 وَالْجُرْحُ: كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ، وَالْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ، إلَّا نَاقِصًا جَرَحَ كَامِلًا   [منح الجليل] الْإِصَابَةِ. وَالْمَوْتِ لَمْ يُعَبِّرْ بِهَا، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي النَّفْسِ، وَيَشْمَلُ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ، وَالْمَعْنَى إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِتَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَرَجَعَ الْحُكْمُ لِلضَّمَانِ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَوْ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتُ الْمَوْتِ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ حَالَ الرَّمْيِ وَالْجُرْحِ، فَلَوْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَقَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ، وَعَلَيْهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ حَالَّةً لِأَنَّهُ لَوْ جُرِحَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ نَزَّى فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ، فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ يَقْسِمُونَ لَمَاتَ مِنْهُ وَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ، وَلَوْ جَرَحَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ فِي مَالِهِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَوْتِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ غَيْرُهُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ اعْتِبَارًا بِحَالِ جُرْحِهِ، وَلِذَا لَوْ رَمَى نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ إلَيْهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَانِ وَفِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ (وَالْجُرْحُ) بِضَمِّ الْجِيمِ، أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ بِإِبَانَةِ طَرَفٍ أَوْ كَسْرِ عُضْوٍ أَوْ إذْهَابِ مَنْفَعَةٍ أَوْ جُرْحٍ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْجُرْحِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالرَّشَاقَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْجُرْحِ مَا دُونَ النَّفْسِ، فَيَشْمَلُ الْقَطْعَ وَالْكَسْرَ وَالْفَقْءَ وَإِتْلَافَ الْمَعَانِي مِنْ السَّمْعِ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ اللُّغَةُ وَالِاصْطِلَاحُ. ابْنُ عَرَفَةَ مُتَعَلِّقُ الْجِنَايَةِ غَيْرُ نَفْسٍ إنْ أَبَانَتْ بَعْضَ الْجِسْمِ فَقُطِعَ، وَإِلَّا فَإِنْ أَزَالَتْ اتِّصَالَ عَظْمٍ لَمْ يَبِنْ فَكَسْرٌ، وَإِلَّا فَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْجِسْمِ فَجُرْحٌ وَإِلَّا فَإِتْلَافُ مَنْفَعَةٍ أَيْ الْقِصَاصُ بِهِ (كَ) الْقِصَاصِ بِقَتْلِ (النَّفْسِ فِي) شَرْطِ (الْفِعْلِ) وَهُوَ كَوْنُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا (وَ) شَرْطُ (الْفَاعِلِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (وَ) شَرْطُ (الْمَفْعُولِ) وَهُوَ كَوْنُهُ مَعْصُومًا مِنْ الرَّمْيِ لِلْإِصَابَةِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالْفَاعِلِ فَقَالَ (إلَّا) شَخْصًا (نَاقِصًا) بِرِقِّيَّةٍ أَوْ كُفْرٍ (جَرَحَ) إنْسَانًا (كَامِلًا) بِحُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، لِأَنَّهُ كَالْأَشَلِّ وَالسَّلِيمِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 37 وَإِنْ تَمَيَّزَتْ   [منح الجليل] الْإِمَامِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَيَّرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ. وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْقِصَاصُ، وَصَحَّحَ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ النَّاقِصَ إذَا جَرَحَ الْكَامِلَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَجُرْحِ الْعَبْدِ الْحُرِّ وَالْكَافِرِ الْمُسْلِمِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وُجُوبَ الْقِصَاصِ. ابْنُ الْحَاجِبِ قِيلَ: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَرُوِيَ يَجْتَهِدُ السُّلْطَانُ، وَرُوِيَ أَنَّهُ يُوقَفُ، وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُخَيَّرُ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَخَرَّجُوهَا فِي الْعَبْدِ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ بَرِئَ الْمَجْرُوحُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَارِحِ إلَّا الْأَدَبَ إلَّا مَا لَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ كَالْجَائِفَةِ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ النَّصْرَانِيِّ. فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إلَّا الدِّيَةُ فِي الْجِرَاحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ، وَإِذَا جَرَحَ الذِّمِّيُّ أَوْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا عَمْدًا فَبَرِئَ بِغَيْرِ شَيْنٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَدَبِ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ مِنْ جُرْحِ الْعَبْدِ فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ اهـ. يُرِيدُ إلَّا الْجِرَاحَ الْمُقَدَّرَةَ فَدِيَتُهَا فِي رَقَبَتِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَالِكٌ إنْ جَنَى حُرٌّ عَلَى عَبْدٍ فَيُنْظَرُ إلَى نَقْصِهِ يَوْمَ بُرْئِهِ أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَا يَوْمَ الْبُرْءِ مَعَ الْأَدَبِ، يُرِيدُ فِي الْعَمْدِ، وَلَوْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ غَيْرَ الْأَدَبِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، إذْ لَا قِصَاصَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ، وَإِنْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ نُظِرَ إلَى دِيَتِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ بِذَلِكَ وَفِي الْعَمْدِ الْأَدَبُ وَإِنْ بَرِئَ الْحُرُّ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ (وَإِنْ) جَنَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى وَاحِدٍ بِجِرَاحَاتٍ و (تَمَيَّزَتْ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 38 جِنَايَاتٌ بِلَا تَمَالُؤٍ، فَمِنْ كُلٍّ: كَفِعْلِهِ وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ، أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ، وَالْخَدَّيْنِ؛ وَإِنْ كَإِبْرَةٍ،   [منح الجليل] جِنَايَاتٌ) مِنْهُمْ حَالَ كَوْنِهَا (بِلَا تَمَالُؤٍ) مِنْهُمْ عَلَيْهَا بِأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ الْيُمْنَى وَآخَرُ الْيُسْرَى وَآخَرُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَآخَرُ الْيُسْرَى وَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ الْيُمْنَى وَآخَرُ الْيُسْرَى (فِ) يُقْتَصُّ (مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمْ (كَفِعْلِهِ) بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. الْبُنَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّارِحِينَ قَوْلُهُ بِلَا تَمَالُؤٍ، وَكَذَا لَوْ تَمَيَّزَتْ بِتَمَالُؤٍ كَمَا ذَكَرَ الْإِبْيَانِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ فِيمَا إذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثِلَ مَا فَقَأَ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَطْعِ يَدِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يُخَالِفُهُ، إذْ هُوَ إذَا تَمَالَئُوا عَلَى قَطْعِ عُضْوٍ وَاحِدٍ. الْعَدَوِيُّ لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ، بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ مَعَ التَّمَالُؤِ فَإِذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثَلَةَ مَا فَقَأَ. وَأَمَّا إذَا تَمَالَأَ عَلَى فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَيْنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ كُلٍّ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ. عب وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ وَلَمْ يَتَمَالَئُوا فَقَالَ أَحْمَدُ اُنْظُرْ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ أَوْ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ (وَاقْتُصَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (مِنْ مُوضِحَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ (مَا) أَيْ جِنَايَةُ جِنْسٍ يَشْمَلُ غَيْرَهَا أَيْضًا (أَوْضَحَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ، وَهَذَا أَفْضَلُ مَخْرَجِ الدَّامِيَةِ وَالْحَارِصَةِ وَالسِّمْحَاقِ (عَظْمَ الرَّأْسِ) وَآخِرُهُ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ (وَ) عَظْمَ (الْجَبْهَةِ وَ) عَظْمَ (الْخَدَّيْنِ) وَهَذَا فَصْلُ مَخْرَجِ مَا عَدَاهَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ إنْ اتَّسَعَ مَا أَظْهَرَتْهُ مِنْ الْعَظْمِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (كَ) مَغْرَزِ رَأْسِ (إبْرَةٍ) الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْرِيفُ الْمُوضِحَةِ بِمَا ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ هَذَا التَّفْسِيرَ هُنَا بَلْ يَقُولُ أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَفْسِيرُهَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الدِّيَاتِ كَمَا فَعَلَ هُنَاكَ. عب جَوَابُهُ أَنَّ مَا أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذَكَرَ هُنَا لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ لَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 39 وَسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ، وَخَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجِلْدَ؛ وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ، وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ، وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ، وَمِلْطَأَةٍ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ:   [منح الجليل] قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ حَدُّ الْمُوضِحَةِ مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَعَظْمُ الرَّأْسِ مَحَلُّهَا، وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ وَمُوضِحَةُ الْخَدِّ كَالْجَبْهَةِ اهـ. (وَ) اُقْتُصَّ مِنْ (سَابِقِهَا) بِقَافٍ، أَيْ جِرَاحٍ سَابِقٍ عَلَى الْمُوضِحَةِ فِي الْوُجُودِ وَهِيَ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِاللَّحْمِ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (مِنْ دَامِيَةٍ) بِإِهْمَالِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ، وَتُسَمَّى دَامِعَةً بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ حَتَّى يَرْشَحَ مِنْهُ شَيْءٌ كَالدَّمِ مِنْ غَيْرِ انْشِقَاقِهِ (وَحَارِصَةٍ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَالصَّادِ وَتُحْذَفُ الْأَلِفُ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي (شَقَّتْ الْجِلْدَ) سَوَاءٌ وَصَلَتْ نِهَايَتَهُ أَمْ لَا، وَجَعَلَهَا فِي التَّنْبِيهَاتِ مُرَادِفَةً لِلدَّامِيَةِ قَالَهُ تت، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الَّتِي لَمْ تَصِلْ لِنِهَايَتِهِ لَمْ تَشُقَّهُ، وَإِنَّمَا شَقَّتْ بَعْضَهُ وَبِعِبَارَةِ شَقَّتْ الْجِلْدَ وَأَفَضْت إلَى اللَّحْمِ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، فَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا بِالدَّامِيَةِ مَا شَقَّتْ بَعْضَ الْجِلْدِ (وَسِمْحَاقٍ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَإِهْمَالِ الْحَاءِ ثُمَّ قَافٍ وَهِيَ الَّتِي (كَشَطَتْهُ) أَيْ أَزَالَتْ الْجِلْدَ عَنْ اللَّحْمِ هَذَا مَعْنَاهَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَفِي الْمِصْبَاحِ السِّمْحَاقُ بِكَسْرِ السِّينِ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ فَوْقَ عَظْمِ الرَّأْسِ إذَا بَلَغَتْهَا الشَّجَّةُ سُمِّيَتْ سِمْحَاقًا، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ فَوْقَ قِحْفِ الرَّأْسِ إذَا انْتَهَتْ الشَّجَّةُ إلَيْهَا سُمِّيَتْ سِمْحَاقًا، وَكُلُّ جَلْدَةٍ رَقِيقَةٍ تُشْبِهُهَا تُسَمَّى سِمْحَاقًا أَيْضًا (وَبَاضِعَةٍ) بِمُوَحَّدَةٍ وَضَادٍ. مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَهِيَ الَّتِي (شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الَّتِي (غَاصَتْ فِيهِ) أَيْ اللَّحْمِ (بِتَعَدُّدٍ) أَيْ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ تَقْرَبْ لِلْعَظْمِ فَإِنْ انْتَفَى التَّعَدُّدُ فَبَاضِعَةٌ قَالَهُ شب. ابْنُ شَاسٍ الْمُتَلَاحِمَةُ هِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ عَرْضًا بَالِغًا وَتَقْطَعُهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ. عِيَاضٌ هِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ (وَمِلْطَاةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَإِهْمَالِ الطَّاءِ فَهَمْزٍ فَهَاءٍ وَعَدَمِهِ وَالْمَدِّ وَعَدَمِهِ وَهِيَ الَّتِي (قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ) وَبَقِيَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ رَقِيقٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 40 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْجِرَاحِ مَا قَبْلَ الْهَاشِمَةِ الْقَوَدُ. عِيَاضٌ أَوَّلُهَا الْحَارِصَةُ بِحَاءٍ وَصَادٍ مُهْمَلَيْنِ هِيَ مَا حَرَصَ الْجِلْدَ أَيْ شَقَّهُ وَهِيَ الدَّامِيَةُ لِأَنَّهَا تُدْمِي، وَالدَّامِعَةُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ لِأَنَّ الدَّمَ يَدْمَعُ مِنْهَا، وَقِيلَ الدَّامِيَةُ أَوَّلًا لِأَنَّهَا تَخْدِشُ فَتُدْمِي وَلَا تَشُقُّ الْجِلْدَ ثُمَّ الْحَارِصَةُ لِأَنَّهَا شَقَّتْ الْجِلْدَ وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْجِلْدَ كَسَمَاحِيقِ السَّحَابِ ثُمَّ الدَّامِعَةُ لِأَنَّ دَمَهَا كَالدَّمْعِ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ وَبَضَعَتْهُ وَهِيَ الْمُتَلَاحِمَةُ. وَقِيلَ الْمُتَلَاحِمَةُ بَعْدَ الْبَاضِعَةِ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ثُمَّ الْمَلَطَى بِالْقَصْرِ. وَيُقَالُ مِلْطَاةٌ بِالْهَاءِ وَهِيَ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَظْمِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَهُ قَلِيلٌ مِنْ اللَّحْمِ. وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ ثُمَّ الْمُوضِحَةُ وَهِيَ مَا كَشَفَتْ عَنْ الْعَظْمِ، وَفِيهَا حَدُّ الْمُوضِحَةِ مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَعَظْمُ الرَّأْسِ مَحَلُّهَا كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ سَوَاءٌ، وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ لَا مَا تَحْتَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعُنُقِ، وَمُوضِحَةُ الْخَدِّ كَالْجَبْهَةِ وَلَيْسَ الْأَنْفُ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنْ الرَّأْسِ فِي جِرَاحِهِمَا لِأَنَّهُمَا عَظْمَانِ مُنْفَرِدَانِ. عِيَاضٌ ثُمَّ الْهَاشِمَةُ مَا هَشَّمَتْ الْعَظْمَ، ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ مَا كَسَرَتْهُ فَيَفْتَقِرُ لِإِخْرَاجِ بَعْضِ عِظَامِهَا لِإِصْلَاحِهَا وَتَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ، ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ وَهِيَ الَّتِي أَفَضْت إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ وَتَخْتَصُّ بِالْجَوْفِ الْجَائِفَةُ وَهِيَ مَا أَفْضَى إلَى الْجَوْفِ وَلَوْ بِمَدْخَلِ إبْرَةٍ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا قِصَاصَ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ لِأَنِّي لَا أَجِدُ هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْهَاشِمَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَوَدَ فِيهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَادُ مِنْهُ مُوضِحَةً إنْ لَمْ يُنَقِّلْ. مُحَمَّدٌ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ بَدْءُ جُرْحِ الْأَوَّلِ مُوضِحَةً ثُمَّ تَهَشَّمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الضَّرْبَةُ هَشَّمَتْهَا فَلَا قَوَدَ يُرِيدُ إذَا رَضَّتْ اللَّحْمَ وَهَشَّمَتْ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْعَظْمِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَبَلَغَتْ الْعَظْمَ، ثُمَّ هَشَّمَتْهُ فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ مُوضِحَةٍ لِأَنَّ الْجَارِحَ لَوْ وَقَفَ لَمَا بَلَغَ الْعَظْمَ كَانَتْ مُوضِحَةً وَإِنْ نُقِلَتْ بَعْدَ الْهَشِمِ فَفِيهَا دِيَةُ الْمُنَقِّلَةِ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَحَبَّ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ مُوضِحَةٍ، فَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا، وَفِيهَا لَا قَوَدَ فِي الْمُنَقِّلَةِ. اللَّخْمِيُّ رَوَى الْقَاضِي فِيهَا الْقَوَدُ. قُلْت وَحَكَاهَا ابْنُ الْجَلَّابِ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا قَوَدَ فِي الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 41 كَضَرْبَةِ السَّوْطِ وَجِرَاحِ الْجَسَدِ؛ وَإِنْ مُنَقِّلَةٌ بِالْمِسَاحَةِ   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ فَقَالَ (كَضَرْبَةِ) مُكَلَّفٍ مَعْصُومًا بِ (السَّوْطِ) فَفِيهَا الْقِصَاصُ، وَقِيلَ كَاللَّطْمَةِ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْسُرُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، أَجَابَ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ تَجْرَحُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ، بَعْضُهُمْ الْمَشْهُورُ أَنَّ ضَرْبَ الْعَصَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ أَفَادَهُ تت. طفي اُنْظُرْ نِسْبَةُ الْجَوَابِ لِلْبِسَاطِيِّ، مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَهُ وَنَظَرَ فِيهِ، وَنَصَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَعْسُرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَمَا قِيلَ أَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ تَسْتَلْزِمُ الْجُرْحَ فَتَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَفِي التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ فِي السَّوْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْجُرْحَ غَالِبًا أَوْ لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَالشَّارِحُ لَيْسَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَسِيرٌ، بَلْ سَبَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ، ثُمَّ قَالَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَالْبَعْضِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (وَ) يُقْتَصُّ مِنْ (جِرَاحِ الْجَسَدِ) أَيْ مَا عَدَا الرَّأْسِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُنَقِّلَةً، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ جِرَاحُ الْجَسَدِ (مُنَقِّلَةٌ) الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ وَإِنْ هَاشِمَةً فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي جِرَاحِ الْجَسَدِ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا الْقَوَدُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخْذِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي عِظَامِ الْجَسَدِ الْقَوَدُ كَالْهَاشِمَةِ، وَفِي كَسْرِ الزَّنْدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالتَّرْقُوَةِ. مُحَمَّدٌ وَفِي كَسْرِ الْأَنْفِ. وَيَكُونُ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ (بِالْمِسَاحَةِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْقِيَاسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا، أَيْ انْخِفَاضًا وَغَوْصًا فِي الْبَدَنِ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ نِسْبَتُهُ لِعُضْوِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْجُرْحُ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَهُوَ رُبُعُ عُضْوِ الْجَانِي وَأَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَقَلُّ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي اعْتِبَارِ الْقَدْرِ بِالْمِسَاحَةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ الرَّأْسِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ كَانَتْ الشَّجَّةُ نِصْفَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ وَهِيَ ثُلُثَا رَأْسِ الشَّاجِّ، وَلَا تَكْمُلُ بِغَيْرِ الرَّأْسِ اتِّفَاقًا. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ فِي الْجَسَدِ أَنَّ الْقِصَاصَ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْجُرْحِ فِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوضِحَةً فِي الرَّأْسِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوَدُ عَلَى قَدْرِ الْمُوضِحَةِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 42 إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ: كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا؛   [منح الجليل] وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ جُرْمِهَا مِنْ الرَّأْسِ. أَصْبَغُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ مَا زَعَمَ أَصْبَغُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَرَجَعَ إلَى الْقَوَدِ عَلَى قَدْرِ الْمُوضِحَةِ وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ فِي طَبِيبٍ اسْتَقَادَ مِنْ أُصْبُعِ الْمَقْطُوعِ وَقَطَعَ مِنْ الْقَاطِعِ قَدْرَ ذَلِكَ الْقِيَاسِ، فَنَقَصَ مِنْ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ أَكْثَرُ مِمَّا قَطَعَ لِقِصَرِ أَصَابِعِ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ عَنْ أَصَابِعِ الْمُسْتَقَادِ لَهُ أَخْطَأَ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ، وَالصُّنْعُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقِيسَ إلَى الْمَقْطُوعِ بَعْضِهَا. فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا قَطَعَ مِنْ أُنْمُلَةِ الْقَاطِعِ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا. ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا كَمَا تُقْطَعُ الْأُنْمُلَةُ كَانَتْ أَطْوَلَ أَوْ أَقْصَرَ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجِرَاحِ فِي الرَّأْسِ أَوْ فِي عُضْوٍ كَالذِّرَاعِ أَوْ الْعَضُدِ وَنَحْوِهِ، فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَ أَشْهَبَ، قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَدِيمًا إنَّهُ يُقَادُ بِقَدْرِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ عُضْوَ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ يُرِيدُ وَلَوْ لَمْ يَفِ بِالْقِيَاسِ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَكَذَا الْجَبْهَةُ وَالذِّرَاعُ يُرِيدُ مَا لَمْ يَضِقْ عَنْهُ الْعُضْوُ فَلَا يُزَادُ مِنْ غَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ عِنْدِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَدِيمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] لِأَنَّ الْأَلَمَ فِي الْجُرْحِ إنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ عَظْمِهِ وَقَوْلُهُ وَقِصَرِهِ لَا بِقَدْرِهِ مِنْ الرَّأْسِ. وَكَوْنُ الْقِصَاصِ بِالْمِسَاحَةِ (إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) فَلَوْ زَادَتْ الْمِسَاحَةُ عَلَى عُضْوِ الْجَانِي لِقِصَرِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِعُضْوٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ عُضْوُ الْجَانِي أَكْبَرَ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمِسَاحَةِ. وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ فَقَالَ (كَطَبِيبٍ زَادَ) فِي الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمِسَاحَةِ (عَمْدًا) فَيُقْتَصُّ بِقَدْرِ مِسَاحَةِ الزِّيَادَةِ الشَّارِحُ كَذَا قَالَهُ الشُّيُوخُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مُتَعَذِّرَةٌ هُنَا، لِأَنَّ زِيَادَةَ الطَّبِيبِ بَعْدَ قَطْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَإِذَا أُرِيدَ الْقِصَاصُ فَلَا يُتَوَصَّلُ لَهُ إلَّا بَعْدَ قَطْعٍ يَتَّصِلُ بِهِ الْبِسَاطِيُّ لَمْ يَظْهَرْ لِي صِحَّةُ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّهُ إذَا قَطَعَ الطَّبِيبُ دَائِرَةً مَثَلًا، وَالْمَوْضِعُ الْمَأْذُونُ فِيهِ دَائِرَةٌ فِي ضِمْنِ هَذِهِ الدَّائِرَةِ فَمَا بَيْنَ مُحِيطَيْ الدَّائِرَتَيْنِ قَدْرُ مِسَاحَةِ كَذَا فَيُكْسَرُ وَيُقْتَصُّ دَائِرَةٌ بِقَدْرِهِ مَثَلًا، فَإِنْ قُلْتَ الدَّائِرَةُ الَّتِي اُقْتُصَّتْ مِنْهُ لَيْسَتْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الدَّائِرَةِ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا. قُلْتُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِصَاصِ قَدْرُ الْمِسَاحَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 43 وَإِلَّا فَالْعَقْلُ: كَيَدٍ شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ بِصَحِيحَةٍ،   [منح الجليل] فَقَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْمِسَاحَةِ. تت مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَجَوَابُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الْعُمْقِ فَالْإِيرَادُ بَاقٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. طفي مِنْ تَنْظِيرِهِ فِي الْجَوَابِ نَظَرٌ، بَلْ كَذَلِكَ يَتَأَتَّى فِي الْعُمْقِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ إيرَادَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ هَذَا مِثْلُ مَا قَالَهُ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ وَتَعَقَّبَهُ الْقِصَاصُ مِنْ الثَّانِي، وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ. اهـ. وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ هُوَ قَوْلُهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، أَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ الْجِنَايَاتُ مِنْ غَيْرِ مُمَالَأَةٍ اُقْتُصَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ، هَذَا صَحِيحٌ إذَا بَانَتْ الْيَدُ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ حَدِّهِمَا لِلْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ الْآخَرُ مِنْهَا. وَأَمَّا لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْيَدِ وَابْتَدَأَ الثَّانِي الْقَطْعَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْأَوَّلُ وَقَطَعَ بَاقِيهَا، فَإِنَّ السِّكِّينَ يُوضَعُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأَ هُوَ بِهِ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا لَا يُنَافِي التَّمَاثُلَ لِأَنَّ الْجَانِيَ إنَّمَا ابْتَدَأَ الْقَطْعَ فِي طَرَفٍ وَكَوْنُهُ وَسَطًا طَرْدِيٌّ، وَفِي الْقِصَاصِ مِنْهُ إنَّمَا اُبْتُدِئَ الْقَطْعُ فِيهِ مِنْ طَرَفٍ. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَأَتِّي الْقِصَاصِ فِي الْعُمْقِ، وَقَدْ سَلَّمَ عج تَنْظِيرَ تت، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ الزِّيَادَةَ بِأَنْ زَادَ خَطَأً (فَالْعَقْلُ) أَيْ دِيَةُ الزَّائِدِ إنْ لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ الدِّيَةِ لِلْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي مَالِ الطَّبِيبِ، وَإِنْ بَلَغَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا زَادَ الطَّبِيبُ فِي الْقَوَدِ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ. قُلْت مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ زَادَ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ إطْلَاقَاتِ الرِّوَايَاتِ فِي النَّوَادِرِ، وَمِنْ الْوَاضِحَةِ إنْ تَعَمَّدَ الطَّبِيبُ وَالْخَاتِنُ وَالْمُعَلِّمُ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا أَوْ جُرْحًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا شُبْهَةَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ وَتَرَتَّبَ الْعَقْلُ فَقَالَ (كَذِي) أَيْ صَاحِبِ (يَدٍ شَلَّاءَ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ مَمْدُودًا (عَدِمَتْ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، أَيْ فَقَدَتْ (النَّفْعَ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا (بِ) سَبَبِ قَطْعِ صَاحِبِهَا الْيَدَ (صَحِيحَةٍ) مِنْ الشَّلَلِ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَيَلْزَمُ الْقَاطِعُ عَقْلَ الصَّحِيحَةِ فِي مَالِهِ. تت ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ وَهُوَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 44 وَبِالْعَكْسِ وَعَيْنِ أَعْمَى، وَلِسَانِ أَبْكَمَ   [منح الجليل] كَذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهَا لَوْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ لَقُطِعَتْ بِالصَّحِيحَةِ إنْ رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ. طفي نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَهُوَ صَوَابٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ إنْ كَانَ جُلُّ مَنْفَعَةِ عَيْنِ الْجَانِي أَوْ يَدِهِ بَاقِيًا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلِ اتِّفَاقًا وَإِنْ ذَهَبَ كُلُّ مَنْفَعَتِهَا أَوْ جُلُّهَا فَفِي تَخْيِيرِهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ بَقِيَتْ مَنْفَعَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ ثَالِثُهَا مَا لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ مَنْفَعَتِهَا. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَى الثَّانِي (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ لَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ وَعَلَى الْقَاطِعِ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (وَلَا) يُقْتَصُّ (مِنْ عَيْنِ أَعْمَى) بِفَقْئِهِ عَيْنًا بَصِيرَةً عَمْدًا عُدْوَانًا وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْبَصِيرَةِ فِي مَالِهِ وَلَا مِنْ عَيْنٍ بَصِيرَةٍ بِعَيْنٍ عَمْيَاءَ كَذَلِكَ، وَفِيهَا الْأَرْشُ بِالِاجْتِهَادِ فِي مَالِ الْجَانِي (وَ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ (لِسَانِ) إنْسَانٍ (أَبْكَمَ) بِقَطْعِ لِسَانٍ نَاطِقٍ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَعَلَى الْجَانِي دِيَةُ الصَّحِيحِ فِي مَالِهِ وَلَا مِنْ لِسَانِ نَاطِقٍ بِقَطْعِ لِسَانِ أَبْكَمَ، وَعَلَى الْجَانِي أَرْشُ الْأَبْكَمِ بِالِاجْتِهَادِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي دِيَاتِهَا إنْ قَطَعَ أَشَلُّ الْيَدِ الْيُمْنَى يُمْنَى رَجُلٍ فَلَهُ الْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ لَهُ. الشَّيْخُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْجَانِي أَشَلَّ الْيَدِ خُيِّرَ مَقْطُوعُ الْيَدِ السَّلِيمَةِ فِي الْقَوَدِ مِنْهَا وَالْعَقْلِ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا لَهُ الْعَقْلُ وَمِثْلُهُ فِي الْأَسَدِيَّةِ. مُحَمَّدٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلِأَشْهَبَ فِي الْكِتَابَيْنِ إنْ كَانَ شَلَلًا يَابِسًا أَوْ كَثِيرًا أَذْهَبَ أَكْثَرَ مَنَافِعِ يَدِهِ. وَأَمَّا الْخَفِيفُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مَعَهُ، وَكَذَا عَيْنُ فَاقِئِ عَيْنٍ سَلِيمَةٍ إنْ كَانَتْ نَاقِصَةَ النَّظَرِ وَهُوَ يَنْظُرُ بِهَا أَوْ بِهَا بَيَاضٌ فَلَهُ الْقَوَدُ، وَإِنْ ذَهَبَ أَكْثَرُهَا فَلَا قَوَدَ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الَّتِي ذَهَبَ بَصَرُهَا إنْ فُقِئَتْ، وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ تُقْطَعُ إلَّا الِاجْتِهَادَ، وَكَذَا الْأَصَابِعُ إذَا تَمَّ شَلَلُهَا ثُمَّ قُطِعَتْ، وَكَذَا ذَكَرُ الْخَصِيِّ وَلِسَانُ الْأَبْكَمِ الْأَخْرَسِ. الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ذَكَرُ الْخَصِيِّ عَسِيبٌ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ، وَفِي جِرَاحَاتِهَا فِي شَلَلِ الْأَصَابِعِ دِيَتُهَا كَامِلَةٌ، ثُمَّ إنْ قُطِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَفِيهَا حُكُومَةٌ لَا قَوَدٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 45 وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ، مِنْ مُنَقِّلَةٍ طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ وَآمَّةٍ أَفْضَتْ لِلدِّمَاغِ وَدَامِغَةٍ خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ وَلَطْمَةٍ وَشُفْرِ عَيْنٍ، وَحَاجِبٍ، وَلِحْيَةٍ، وَعَمْدُهُ كَالْخَطَإِ   [منح الجليل] فِي عَمْدِهِ الْقَاضِي. ابْنُ الْقَصَّارِ فِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةٌ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ كَافَّةً (وَ) لَا يُقْتَصُّ مِ (مَا) أَيْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي (بَعْدَ الْمُوضِحَةِ) وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (مِنْ مُنَقِّلَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا مُثَقَّلَةً فِيهِمَا وَهِيَ الَّتِي (طَارَ) أَيْ زَالَ (فِرَاشُ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا، أَيْ رَقِيقُ (الْعَظْمِ) أَيْ يُزِيلُهُ الطَّبِيبُ (مِنْ الدَّوَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ الْمُدَاوَاةِ وَالْتِئَامِ الْجُرْحِ (وَ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ (آمَّةٍ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ، وَيُقَالُ لَهَا مَأْمُومَةٌ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي (أَفَضْت) أَيْ وَصَلَتْ (لِ) لَهُمْ ا (لِدِمَاغِ) أَيْ الْجِلْدَةِ السَّاتِرَةِ لِلْمُخِّ (وَ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ (دَامِغَةٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ الَّتِي (خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ) أَيْ الْجَلْدَةَ الرَّقِيقَةَ السَّاتِرَةَ لِلْمُخِّ، وَهِيَ آخِرُ الرَّأْسِ. ابْنُ شَاسٍ وَبِالْجُمْلَةِ لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَعْظُمُ خَطَرُهُ كَائِنًا مَا كَانَ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ فَقَالَ (كَلَطْمَةٍ) بِيَدٍ عَلَى وَجْهٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ كَضَرْبَةِ الْعَصَا بِخِلَافِ ضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَفِيهَا الْقِصَاصُ لِانْضِبَاطِهَا، وَمَحَلُّ كَوْنِ اللَّطْمَةِ وَضَرْبَةِ الْعَصَا لَا قِصَاصَ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُمَا جُرْحٌ وَإِلَّا جَرَى فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ (وَ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ (شُفْرَيْ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَثْنَى شُفْرٍ، كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ أَصْلُ مَعْنَاهُ حَرْفُ الـ (عَيْنِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّعْرُ النَّابِتُ بِهِ لِعِلَاقَةِ الْمَحَلِّيَّةِ، أَيْ إزَالَتِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَفِيهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي (وَ) لَا فِي شَعْرِ (حَاجِبٍ) أُزِيلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَفِيهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي (وَ) لَا فِي شَعْرِ (لِحْيَةٍ) كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ الْمَذْكُورَاتُ عَلَى هَيْئَتِهَا وَفِيهِ الْحُكُومَةُ (وَعَمْدُهُ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ شُفْرِ الْعَيْنِ وَشَعْرِ الْحَاجِبِ وَاللِّحْيَةِ (كَالْخَطَأِ) فِي إيجَابِ الْحُكُومَةِ، لَكِنْ فِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْجَانِي مُطْلَقًا، وَفِي الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 46 إلَّا فِي الْأَدَبِ، وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا: كَعَظْمِ الصَّدْرِ   [منح الجليل] الْجَانِي (إلَّا فِي) إيجَابِ (الْأَدَبِ) أَيْ التَّأْدِيبِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَيَثْبُتُ فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ. أَشْهَبُ الْحَاجِبَانِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءٌ فِيهِمَا حُكُومَةٌ فِي جِرَاحَاتِهَا لَيْسَ فِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَأَشْفَارِهَا إلَّا الِاجْتِهَادُ، وَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يَنْبُتَا إلَّا الِاجْتِهَادُ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ، وَلَيْسَ فِي عَمْدِ ذَلِكَ قِصَاصٌ، وَكَذَلِكَ الْحَاجِبَانِ إذَا لَمْ يَنْبُتَا لَثَبَتَ فِيهِمَا الِاجْتِهَادُ، وَفِي كُلِّ عَمْدٍ الْقِصَاصُ مَعَ الْأَدَبِ. أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ إنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَأَدَبُهُ دُونَ أَدَبِ مَنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الَّذِي اُقْتُصَّ مِنْهُ هَلْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ قَالَ نَعَمْ. ابْنُ رُشْدٍ قَدْ قِيلَ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْقِصَاصِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَوَجْهُ إيجَابِ الْأَدَبِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَعَ الْقِصَاصِ هُوَ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ إيجَابَ الْأَدَبِ مَعَ الْقِصَاصِ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَمَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاسْتَظْهَرَهُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ فِيهَا وَيَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ مَعَ الْقِصَاصِ الْأَدَبُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِجُرْأَتِهِ. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ ضَرْبُهُ وَلَا سَجْنُهُ وَإِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ اهـ. (وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ، أَيْ يَكْثُرُ وَيَشْتَدُّ (الْخَطَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ خَوْفُ الْمَوْتِ عَلَى الْجَانِي بِسَبَبِ الْقِصَاصِ مِنْهُ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي بَعْدَ الْمُوضِحَةِ، وَمَثَّلَ لِمَا يَعْظُمُ فِيهِ الْخَطَرُ فَقَالَ (كَ) كَسْرِ (عَظْمِ الصَّدْرِ) وَالرَّقَبَةِ وَالظَّهْرِ وَالْفَخْذِ عَمْدًا عُدْوَانًا فَلَا قِصَاصَ فِيهَا، وَفِيهَا حُكُومَةٌ فِي مَال الْجَانِي. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا قِصَاصَ فِي الْمَخُوفِ كَالْفَخْذِ وَشِبْهِهِ وَكَسْرِ الضِّلَعِ، فَعَظْمِ الصَّدْرِ إنْ كَانَ مَخُوفًا كَالْفَخْذِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْيَدِ فَالْقَوَدُ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ لَا قَوَدَ فِي عِظَامِ الصَّدْرِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَقَالَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا فِي عِظَامِ الْعَيْنِ، وَفِي الْقَوَدِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 47 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْ الظُّفْرِ رِوَايَتَانِ لَهَا وَلِغَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْعَظْمِ أَوْ كَالشَّعْرِ. مُحَمَّدٌ الْقَوَدُ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ لَا قَوَدَ فِي كَسْرِ الصُّلْبِ. ابْنُ زَرْقُونٍ رَأَى رَبِيعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقَوَدَ فِي كُلِّ جُرْحٍ وَلَوْ مُتْلِفًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوَدُ فِي كُلِّ جُرْحٍ وَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا إلَّا مَا خَصَّهُ الْحَدِيثُ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ، قُلْت يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمُتْلِفٍ تَتَحَقَّقُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ اتِّفَاقًا وَالْمَشْهُورُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ مُتْلِفٍ، وَمَا لَيْسَ بِمُتْلِفٍ وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ ضَرْبَانِ لَا تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَبَيَاضِ الْعَيْنِ، وَضَرْبٍ تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ، وَالْغَالِبُ نَفْيُهَا، كَكَسْرِ الْعِظَامِ حَكَى الْقَاضِي فِيهِ رِوَايَتَيْنِ. قُلْت وَلِلْبَاجِيِّ عَنْ أَشْهَبَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا قَوَدَ فِي الْمَخُوفِ. مُحَمَّدٌ وَأَجْمَعْنَا أَنْ لَا قَوَدَ فِي عِظَامِ الْعُنُقِ وَالْفَخْذِ وَالصُّلْبِ وَشَبَّهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَتَالِفِ. عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قَوَدَ فِي الْعَيْنِ يُصَابُ بَعْضُهَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ إلَّا أَنْ تُصَابَ كُلَّهَا. تت اُخْتُلِفَ فِي عَطْفِ إلَّا وَمَوْقِعِهَا مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ وَإِلَّا فَقَالَ الشَّارِحُ إنَّمَا كَرَّرَ أَدَاةَ الْحَصْرِ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَطْفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ عَظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا أَوْ نَحْوِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فَإِنْ قُلْت فَمَا مَوْقِعُ إلَّا وَعَطْفُهَا مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ وَإِلَّا وَلَيْسَ الْحُكْمُ هُنَا مُخَالِفًا لِمَا بَعْدَ إلَّا الْأُولَى. قُلْت جَمِيعُ مَا قَدَّمَهُ لَهُ أَسْمَاءٌ مَخْصُوصَةٌ كَانَ فِي الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَمَّا بَيَّنَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهَا أَعْطَى قَانُونًا كُلِّيًّا فِي غَيْرِهَا، وَهُوَ أَنَّ مَا عَظُمَ الْخَطَرُ فِيهِ لَا قَوَدَ فِيهِ، وَالْآخَرُ يُقَادُ مِنْهُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَك أَنْ تَبْحَثَ فِيهِ فَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ غَيْرِهِ. " غ " الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ وَكَأَنْ يَعْظُمَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ فَالْتَبَسَتْ عَلَى النَّاسِخِ بِإِلَّا. وَأَمَّا جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فَهُجْنَتُهُ لَا تَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ لِأَنَّ إلَّا الثَّانِيَةَ اسْتِثْنَائِيَّةٌ، وَإِلَّا الْأُولَى مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ. الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْعَطْفِ هُنَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ بِلَفْظِ التَّشْبِيهِ مَعَ الْعَطْفِ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّوَابُ. وَأَمَّا جَعْلُ الشَّارِحِ وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ عَطْفًا عَلَى وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فَغَيْرُ صَوَابٍ، لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ شَرْطٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 48 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْحَطّ لَمَّا أَنْ أَخْرَجَ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا لِأَنَّهَا مَتَالِفُ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا عَدَاهَا مِنْ الْجِرَاحِ فِيهِ الْقِصَاصُ، ذُكِرَ أَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ فِيهَا أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي ذَلِكَ الْجُرْحِ أَوْ الْكَسْرِ كَعَظْمِ الصَّدْرِ، وَجَزَمَ هُنَا تَبَعًا لِمَنْ تَقَدَّمَهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ. وَرَدَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الضِّلَعِ. قَالَ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ مِنْهَا وَالصُّلْبُ إذَا كُسِرَ خَطَأً وَبَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَسْرٍ يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمْدًا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَظْمًا إلَّا فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَمَا لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي عَمْدِهِ إلَّا الدِّيَةُ مَعَ الْأَدَبِ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِي عِظَامِ الْجَسَدِ الْقَوَدُ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مَا كَانَ مَخُوفًا مِثْلَ الْفَخْذِ وَشِبْهِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَتْ الْهَاشِمَةُ فِي الرَّأْسِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً، وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّلْبِ وَالْفَخْذِ وَعِظَامِ الْعُنُقِ وَفِي كَسْرِ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ وَهُمَا قَصَبَتَا الْيَدِ الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ. وَفِي كَسْرِ الذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْأَصَابِعِ الْقِصَاصُ، وَفِي كَسْرِ الضِّلَعِ الِاجْتِهَادُ إذَا بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ كُسِرَتْ عَمْدًا فَهِيَ كَعِظَامِ الصَّدْرِ إنْ كَانَ مَخُوفًا كَالْفَخْذِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْيَدِ وَالسَّاقِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَفِي التَّرْقُوَةِ إذَا كُسِرَتْ عَمْدًا الْقِصَاصُ، لِأَنَّ أَمْرَهَا يَسِيرٌ لَا يُخَافُ مِنْهُ، وَإِنْ كُسِرَتْ خَطَأً فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ إنْ بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا اهـ. وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعُدَّ فِي الْجِرَاحِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا الْجَائِفَةَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَبُو الْحَسَنِ شَكَّ فِي عِظَامِ الصَّدْرِ وَالضِّلَعِ فَرَدَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. عِيَاضٌ الْعَثْمُ وَالْعَثَلُ بِالْمِيمِ وَاللَّامِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَفْتُوحَةً مَعَ اللَّامِ وَسَاكِنَةً مَعَ الْمِيمِ، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ الْأَثَرُ وَالشَّيْنُ. اهـ. وَالضِّلَعُ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 49 وَفِيهَا أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ وَإِنْ ذَهَبَ: كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ، فَإِنْ حَصَلَ، أَوْ زَادَ، وَإِلَّا فَدِيَةٌ: مَا لَمْ يَذْهَبْ   [منح الجليل] وَالتَّرْقُوَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ بِلَا هَمْزَةٍ أَعْلَى الصَّدْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُنُقِ وَالزَّنْدُ بِفَتْحِ الزَّاي وَبِالنُّونِ اهـ. وَإِنْ رَضَّ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ (أُنْثَى رَجُلٍ، أَيْ دَقَّهُمَا بِنَحْوِ حَجَرٍ عَمْدًا عُدْوَانًا وَلَمْ يَمُتْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) إلَخْ فَ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (أَخَافُ) إذَا اُقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي (فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامِ، أَيْ يَمُوتُ الْجَانِي فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسٍ بِعُضْوٍ وَنَصُّ التَّهْذِيبِ فِي الْأُنْثَيَيْنِ إذَا أَخْرَجَهُمَا أَوْ رَضَّهُمَا الدِّيَةُ كَامِلَةً. قِيلَ فَإِنْ أَخْرَجَهُمَا أَوْ رَضَّهُمَا عَمْدًا قَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إخْرَاجِ الْأُنْثَيَيْنِ الْقِصَاصُ، وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الرَّضِّ إلَّا أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ رَضُّهُمَا مُتْلِفًا، فَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا فَلَا قَوَدَ فِيهِمَا، وَكَذَا كُلُّ مُتْلِفٍ. أَشْهَبُ إنْ قُطِعَتَا أَوْ جُرِحَتَا فَفِيهِمَا الْقَوَدُ، وَلَا قَوَدَ فِي رَضِّهِمَا لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ (وَإِنْ ذَهَبَ) مِنْ مَعْصُومٍ (كَبَصَرٍ) وَسَمْعٍ وَكَلَامٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي (بِ) سَبَبِ (جُرْحٍ) فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ مُكَلَّفٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ إلَخْ عَمْدًا عُدْوَانًا بِأَنْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ مِنْهُ بَصَرُهُ مَثَلًا (اُقْتُصَّ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (مِنْهُ) أَيْ الْجَانِي بِمِثْلِ جُرْحِهِ بَعْدَ بُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ. (وَإِنْ حَصَلَ) لِلْجَانِي مِثْلُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مِثْلُ مَا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَطْ (أَوْ زَادَ) الْحَاصِلُ لِلْجَانِي عَلَى مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَصَرُهُ وَذَهَبَ مِنْ الْجَانِي بَصَرُهُ وَسَمْعُهُ مَثَلًا فَقَدْ اسْتَوْفَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ وَالزَّائِدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْجَانِيَ ظَالِمٌ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَانِي مِثْلُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَانِي أَوْ ذَهَبَ مِنْهُ غَيْرُ مَا ذَهَبَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فَدِيَةٌ) مِثْلُ (مَا) أَيْ مَعْنَى (لَمْ يَذْهَبْ) مِنْ الْجَانِي فِي مَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ إنْ كَانَتْ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَفِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 50 وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ، فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْعَقْلُ: كَأَنْ شُلَّتْ   [منح الجليل] مَالِهِ فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَلَا يَصِحُّ إبْقَاءُ كَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ بَصَرُ الْجَانِي مَثَلًا، وَقَدْ يَكُونُ امْرَأَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ذَكَرًا مَعَ أَنَّ الْجَانِيَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي هَذَا الْحَالِ دِيَةُ بَصَرِ الرَّجُلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا دِيَةُ بَصَرِ الْمَرْأَةِ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ، وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا، وَلَوْ قَالَ فَدِيَةُ مَا ذَهَبَ فِي مَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لَسَلِمَ مِنْ التَّكَلُّفِ قَالَهُ عج وَتَلَامِذَتُهُ. الْبُنَانِيُّ فِي تَصْوِيبِهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ غُرْمَ دِيَةِ جَمِيعِ مَا ذَهَبَ، وَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي بَعْضُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهَا إنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ أُقِيدَ مِنْ الْمُوضِحَةِ بِعَمْدِ الْبُرْءِ، فَإِنْ بَرِئَ الْجَانِي وَلَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ بِذَلِكَ كَانَ فِي مَالِهِ دِيَتَانِ دِيَةُ سَمْعٍ وَدِيَةُ عَقْلٍ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قَوَدٌ وَعَقْلٌ، وَمَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ ضُرِبَ الضَّارِبُ كَمَا ضَرَبَ، فَإِنْ شُلَّتْ يَدُهُ وَإِلَّا فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ. أَشْهَبُ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ فَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدُ ابْنِ الْحَاجِبِ، أَمَّا الْمَعَانِي فَكَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ، فَإِنْ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْهَا بِسِرَايَةِ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ كَمُوضِحَةٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ فِيهَا، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ اسْتَوْفَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَالِهِ (وَإِنْ) ضَرَبَهُ بِعَصًا أَوْ لَطَمَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَ (ذَهَبَ) بَصَرُهُ (وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ) لَمْ تَنْخَسِفْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَإِنْ اُسْتُطِيعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَنْ يُفْعَلَ بِالْجَانِي فُعِلَ (كَذَلِكَ) أَيْ فِعْلُ الْجَانِي فِي إذْهَابِ بَصَرِهِ مَعَ قِيَامِ عَيْنِهِ فُعِلَ بِهِ، فَقَدْ رُفِعَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجُلٌ لَطَمَ رَجُلًا فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ فَحَكَمَ بِالْقِصَاصِ مِنْهُ فَأَعْيَا عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ حَتَّى أَتَى عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَأَمَرَ بِجَعْلِ كُرْسُفٍ عَلَى عَيْنِ الْمُصِيبِ وَاسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ بِهَا فَذَهَبَ بَصَرُهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَطَعْ فِعْلُ ذَلِكَ بِالْجَانِي (فَالْعَقْلُ) مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْفِعْلِ الْمُذْهِبِ لِلْمَعْنَى إنْ أَمْكَنَ وَلُزُومُ الْعَقْلِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَقَالَ (كَأَنْ شُلَّتْ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 51 يَدُهُ بِضَرْبَةٍ   [منح الجليل] بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَتْ (يَدُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (بِ) سَبَبِ (ضَرْبَةٍ) لَا قِصَاصَ فِيهَا مِنْ الْجَانِي عَمْدًا عُدْوَانًا، فَإِنْ اُسْتُطِيعَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا يَشُلُّ يَدَهُ فَعَلَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ. طفي عج أَيْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ فَافْتَرَقَتْ هَذِهِ مِمَّا قَبْلَهَا. اهـ. وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِيهَا إذَا ذَهَبَ الْبَصَرُ بِضَرْبَةٍ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ الْقَوَدُ مِنْ الْبَيَاضِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ أُقِيدَ مَا نَصُّهُ أَتَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْسُوبَةً لِلْمُدَوَّنَةِ، لِأَنَّهَا تُوهِمُ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُوضِحَةِ الَّتِي أَذْهَبَتْ الْبَصَرَ وَالسَّمْعَ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ مُتَّفِقٌ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مُجَرَّدٌ، وَلَا مُنَاقَضَةَ عِنْدَ الشُّيُوخِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الضَّرْبَ هُنَاكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرْبُ هُنَا فِي الْعَيْنِ نَفْسِهَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ فَقْءِ عَيْنِ الْجَانِي لِأَنَّهُ أَزْيَدُ مِمَّا فَعَلَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا، وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي فَرْقِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّرْبَ مَهْمَا كَانَ فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ أَوْ رِجْلَهُ عَمْدًا فَشُلَّتْ، فَإِنَّ الضَّارِبَ يُضْرَبُ مِثْلَهَا قِصَاصًا، فَإِنْ شُلَّتْ يَدُهُ وَإِلَّا كَانَ الْعَقْلُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ. اهـ. فَلَمْ يَذْكُرْ الْقِصَاصَ مِنْ الشَّلَلِ إنْ أَمْكَنَ مَعَ أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ أَشْهَبَ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ، وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا أَوْ خِلَافًا نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا يَبْطُلُ فَرْقَ عج لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَهْمَا ذَهَبَتْ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ عَلِمْت خِلَافَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ خَاصٌّ بِالْبَصَرِ لِمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا يُسْتَطَاعُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَ لَقِيلَ فِيهِ كَذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ الضَّرْبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّلَلِ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ، وَإِذَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 52 وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمِرْفَقِ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ.   [منح الجليل] ضُرِبَتْ الْعَيْنُ فَذَهَبَ بَصَرُهَا وَبَقِيَ جَمَالُهَا فَفِيهَا عَقْلُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا قَوَدَ فِيهَا، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ مِنْهَا عَمْدًا لِأَنَّهُ لَا يُوصَلُ إلَى الْقَوَدِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْيَدُ إذَا شُلَّتْ وَلَمْ تَبِنْ وَكَذَلِكَ اللِّسَانُ إذَا أُخْرِسَ وَلَمْ يُقْطَعْ هَذِهِ سَبِيلُ كُلِّ مَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يَبِنْ عَنْ جُثْمَانِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ جَمَالُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَفِيهِ عَقْلُهُ كَامِلًا وَلَا قَوَدَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، وَيُؤَدَّبُ الْجَانِي مَعَ أَخْذِ الْعَقْلِ مِنْهُ، وَإِذَا ضَرَبَ رَجُلٌ عَيْنَ رَجُلٍ فَأَدْمَعَهَا أَوْ ضَرَبَ سِنَّهُ فَحَرَّكَهَا أَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَأَوْهَنَهَا اُسْتُؤْنِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ سَنَةً فَمَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُ الْعَيْنِ وَالسِّنِّ وَالْيَدِ بَعْدَ السَّنَةِ حُكِمَ بِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ اهـ. (وَإِنْ قُطِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (يَدُ) إنْسَانٍ (قَاطِعِ) يَدِ آخَرَ عَمْدًا عُدْوَانًا أَوْ خَطَأً قَبْلَ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَصِلَةُ قُطِعَتْ (بِسَمَاوِيٍّ) مَنْسُوبٌ لِلسَّمَاءِ لِكَوْنِهِ لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ انْفَرَدَ بِهِ رَافِعُ السَّمَاءِ بِلَا عَمْدٍ كَجُذَامٍ وَصَاعِقَةٍ (أَوْ) قُطِعَتْ بِسَبَبِ (سَرِقَةٍ) لَرُبُع دِينَارٍ مَثَلًا (أَوْ) قُطِعَتْ بِ (قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يُقْطَعُ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ ثُمَّ قَطَعَ يَدَ آخَرَ فَاقْتَصَّ مِنْهُ. الثَّانِي قَبْلَ قِيَامِ الْأَوَّلِ (فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ كَمَوْتِ الْجَانِي قَبْلَ الْقِصَاصِ مِنْهُ. فِيهَا إنْ ذَهَبَتْ يُمْنَى مَنْ قَطَعَ يُمْنَى رَجُلٍ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ بِقَطْعِ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعَةِ يَمِينُهُ، وَلَوْ فَقَأَ أَعْيُنَ جَمَاعَةٍ الْيُمْنَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَلْتُفْقَأْ عَيْنُهُ لِجَمِيعِهِمْ، وَكَذَا قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ رَجُلًا آخَرَ قُتِلَ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَيْهِ. (وَإِنْ قَطَعَ) شَخْصٌ (أَقْطَعُ) أَيْ مَقْطُوعُ (الْكَفِّ) الْيُمْنَى مِنْ الْكُوعِ يُمْنَى آخَرَ سَلِيمَةَ الْكَفِّ فَقَطَعَهَا أَقْطَعُ الْكَفِّ (مِنْ الْمِرْفَقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ) بِقَطْعِ مَقْطُوعَةِ الْكَفِّ مِنْ مِرْفَقِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ خِيَارَهُ يَنْفِي ضَرَرَهُ (أَوْ الدِّيَةُ) لِيَدِهِ التَّامَّةِ لِأَنَّ يَدَ الْجَانِي نَاقِصَةُ الْكَفِّ، وَلَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 53 كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ،   [منح الجليل] أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ، وَلَا الدِّيَةُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَمْدٌ. أَبُو عِمْرَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ أَنَّ الشَّلَّاءَ كَالْمَيِّتَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ، فَفِي سَاعِدِهَا مَنْفَعَةٌ. وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ (كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ) الَّذِي قَطَعَ ذَكَرًا بِحَشَفَةٍ عَمْدًا عُدْوَانًا فَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ مَالِ الْجَانِي. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْيُمْنَى يُمْنَى رَجُلٍ صَحِيحَةً مِنْ الْمِرْفَقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ أَوْ قَطْعُ الذِّرَاعِ النَّاقِصَةِ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْعَقْلُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَهَا فِي أَقْطَعِ الْكَفِّ أَثَرَ قَوْلِهِ. وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي قَطْعِ الشَّلَّاءِ، فَفَهِمَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مُنَاقَضَتَهُ قَوْلَهَا فِي الشَّلَّاءِ بِقَوْلِهَا فِي أَقْطَعِ الْكَفِّ، وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْيَدَ الشَّلَّاءَ كَمَيِّتٍ، وَالْمَيِّتُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَاَلَّذِي قُطِعَتْ كَفُّهُ أَوْ أَصَابِعُهُ بَقِيَ سَاعِدُهُ، وَهُوَ بَعْضُ حَقِّهِ ابْنُ الْحَاجِبِ الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةُ كَأَقْطَعِ الْكَفِّ وَعَيْنِ الْأَعْمَى وَلِسَانِ الْأَبْكَمِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ. قُلْت لَمَّا قَدَّمَ قَوْلَهَا فِي أَقْطَعِ الْكَفِّ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ شَبَّهَ أَقْطَعَ الْحَشَفَةِ بِأَقْطَعِ الْكَفِّ، وَشَبَّهَ عَيْنَ الْأَعْمَى وَلِسَانَ الْأَبْكَمِ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ وَاضِحٌ جَارٍ عَلَى تَفْرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الْمُتَقَدِّمِ، وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ الْجَمِيعَ سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةُ وَالْحَدَقَةُ الْعَمْيَاءُ وَلِسَانُ الْأَبْكَمِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْغَيْرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ أَوَّلًا يَتَخَلَّصُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ كَمَا اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ فَسَالِمٌ مِنْ الْإِشْكَالِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ اهـ. (وَتُقْطَعُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يَدُ أَوْ رِجْلُ الْجَانِي عَمْدًا عُدْوَانًا (النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا) خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ (بِ) يَدِ أَوْ رِجْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْكَامِلَةِ) أَصَابِعُهُمَا بِلَا خِيَارٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ (بِلَا غُرْمٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ عَلَى الْجَانِي لِدِيَةِ الْأُصْبُعِ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا فِي يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ فِي أَحَدِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 54 وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ فِيهِ، وَفِي الدِّيَةِ وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ: وَلَوْ إبْهَامًا لَا أَكْثَرُ   [منح الجليل] قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (إنْ نَقَصَتْ) يَدُ الْجَانِي أَوْ رِجْلُهُ (أَكْثَرَ) مِنْ أُصْبُعٍ (فِيهِ) أَيْ الْقِصَاصِ (وَفِي) أَخْذِ (الدِّيَةِ) مِنْ مَالِ الْجَانِي، أَيْ دِيَةِ أَصَابِعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي لَيْسَ لِلْجَانِي مِثْلُهَا وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ. تت يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَكْثَرَ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيَانِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَالْمَنْصُوصُ أُصْبُعَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ. اهـ. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ. عب مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَحْرَى بِالتَّخْيِيرِ فَلَا يَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّخْيِيرُ فِي مَقْطُوعِ الْكَفِّ إذَا قُطِعَ سَالِمُهُ مِنْ مِرْفَقِهِ، وَنَاهِيك بِصَاحِبِ الْبَيَانِ إنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دُلَفٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا وَهُوَ رَمْزٌ لِقَوْلِ شَاعِرِ بَنِي الْمُهَلَّبِ. إنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دُلَفٍ ... بَيْنَ بَادِيهِ وَمُحْتَضِرِهِ فَإِذَا وَلَّى أَبُو دُلَفٍ ... وَلَّتْ الدُّنْيَا عَلَى أَثَرِهِ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ لَفْظُ أَكْثَرَ فِي نَصِّ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي " ق " وَأَبُو دُلَفٍ كُنْيَةُ كَرِيمٍ مِنْ كُرَمَاءِ الْعَرَبِ اسْمُهُ الْقَاسِمُ بْنُ عِيسَى، حَكَى أَنَّ الْمَأْمُونَ الْخَلِيفَةَ أَحْضَرَهُ وَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَجْعَلُ أَبَا دُلَفٍ الدُّنْيَا، فَقَالَ أَنْتُمْ أَهْلُ الْبَيْتِ فَلَا يَفْضُلُ عَلَيْكُمْ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ وَقَتَلَهُ. طفي اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى تَعَقُّبِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِحَالٍ. (وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَوْ رِجْلُهُ (أُصْبُعًا) أَوْ وَبَعْضَ آخَرَ خِلْقَةً أَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ (فَالْقَوَدُ) مِنْ يَدِ الْجَانِي الْكَامِلَةِ الْأَصَابِعِ إنْ كَانَ النَّاقِصُ غَيْرَ إبْهَامٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (إبْهَامًا) وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الْجَوَابِ (لَا) قَوَدَ عَلَى الْجَانِي إنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَكْثَرَ) مِنْ أُصْبُعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ أُصْبُعَيْنِ كَامِلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَتُهُ فِي مَالِ الْجَانِي، وَتَنْدَرِجُ فِيهَا الْكَفُّ، وَإِنْ أُصْبُعًا فَلَهُ دِيَتُهَا، وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ الْكَفُّ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 55 وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مِرْفَقٍ، وَإِنْ رَضِيَا وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ   [منح الجليل] وَ) إنْ قَطَعَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ عَمْدًا عُدْوَانًا يَدَ مَعْصُومٍ مِنْ مِرْفَقِهَا فَ (لَا يَجُوزُ) الْقِصَاصُ مِنْ يَدِ الْجَانِي (بِكُوعٍ) أَيْ مِنْهُ (لِ) مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ قَطْعٍ مِنْ (مِرْفَقٍ) إنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ، بَلْ (وَإِنْ رَضِيَا) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْجَانِي بِالْقِصَاصِ مِنْ الْكُوعِ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهِ إنْ أَمْكَنَتْ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ الْكُوعِ وَلَوْ رَضِيَا. قُلْت هَذَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْوَاضِحَةِ مَعْزُوًّا لِلْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ، وَقَبْلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا الدَّلِيلُ الْعَامُ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ ضَرَرٍ يَدْفَعُ مَا هُوَ أَضَرَّ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ، وَضَرَرُ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ أَخَفُّ مِنْهُ مِنْ الْمِرْفَقِ ضَرُورَةً. ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَزِمَ أَحَدُ ضَرَرَيْنِ وَجَبَ ارْتِكَابُ أَخَفَّهُمَا. وَالثَّانِي دَلِيلُ مَا فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَوْ أَشْهَبَ فِيمَنْ ذَهَبَ بَعْضُ كَفِّهِ بِرِيشَةٍ جَرَحَتْهُ وَخَافَ عَلَى مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْهَا فَقِيلَ لَهُ اقْطَعْ يَدَكَ مِنْ الْمَفْصِلِ، فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ قَطْعِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يُخَفْ إذَا لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ مِنْ مَفْصِلِهَا إلَّا عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ مَفْصِلِهَا إنْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْهُ، وَإِنْ خَشِيَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا مِنْ مَفْصِلِهَا أَنْ يَتَرَامَى أَمْرُ الرِّيشَةِ إلَى مَوْتِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ مَفْصِلِهَا، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا إنْ كَانَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ مِنْ الرِّيشَةِ أَكْثَرَ وَقَدْ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهَا لِمَنْ أَحْرَقَ الْعَدُوُّ سَفِينَتَهُ أَنْ يَطْرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ هَلَاكَهُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ أَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ الْمَوْتَ إلَى أَمْرٍ يَرْجُو فِيهِ النَّجَاةَ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الْمَوْتَ مِنْهُ. ابْنُ غَازِيٍّ فِي هَذَا النَّظَرِ نَظَرٌ اهـ. قُلْت لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَحْدِيدَهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إنْ جَنَى ذُو عَيْنٍ سَلِيمَةٍ عَلَى عَيْنٍ ضَعِيفَةٍ فَأَذْهَبَ إبْصَارَهَا فَ (تُؤْخَذُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ تُفْقَأُ (الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ) مِنْ الْجَانِي (بِ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 56 بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ لِكِبَرٍ، وَلِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، فَالْقَوَدُ، إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ   [منح الجليل] الْعَيْنِ (الضَّعِيفَةِ) الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ضَعْفُهَا (خِلْقَةً) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا (أَوْ ضَعِيفَةً مِنْ كِبَرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ طُولِ عُمُرٍ (وَ) مِنْ (جُدَرِيٍّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ طَرَأَ عَلَيْهَا (أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ) عب رَاجِعٌ لِجُدَرِيِّ وَمَا بَعْدَهُ، بِدَلِيلِ ذِكْرِ جُدَرِيٍّ بِالْوَاوِ، وَصَرَّحَ بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ تُؤْخَذُ، لِأَنَّ الشَّرْطَ الْآتِيَ خَاصٌّ بِهَا، وَسَوَاءٌ أَخَذَ بِسَبَبِ الرَّمْيَةِ عَقْلًا أَمْ لَا هَذَا (إنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ الرَّامِي الرَّمْيَ الْآنَ بَعْدَ ضَعْفِهَا بِالْجُدَرِيِّ أَوْ الرَّمْيَةِ السَّابِقَةِ، سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الرَّمْيَ الْآنَ (فِ) يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ (بِحِسَابِهِ) أَيْ بَاقِي إبْصَارِ الْعَيْنِ بَعْدَ ضَعْفِهَا بِجُدَرِيٍّ أَوْ رَمْيَةٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصْفَ إبْصَارِهَا فَعَلَى الْجَانِي الْمُخْطِئِ نِصْفُ دِيَتِهَا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا كَامِلَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا إلَخْ. الْبُنَانِيُّ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ إلَخْ، وَلَا لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمْدِ، وَلَا لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا إلَخْ، مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أُصِيبَتْ يَدُ رَجُلٍ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ عَيْنُهُ خَطَأً فَضَعُفَتْ فَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا إلَّا أَنَّهُ يَبْطِشُ وَيَعْمَلُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَيَبْصُرُ بِالْعَيْنِ ثُمَّ أَصَابَهَا رَجُلٌ عَمْدًا فَفِيهَا الْقَوَدُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ. الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي عَيْنِ الْكَبِيرِ تَضْعُفُ ثُمَّ تُصَابُ عَمْدًا فَفِيهَا الْقَوَدُ، وَمَا نَقَصَهَا مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ كَوْكَبٍ أَوْ رَمْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا قَوَدَ فِيهَا، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ لِنَقْصِهَا شَيْئًا. عَبْدُ الْمَلِكِ تَأْوِيلُهُ إنْ كَانَ نَقْصًا فَاحِشًا كَثِيرًا. ابْنُ رُشْدٍ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ تَلْخِيصُ قَوْلِ عِيسَى فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 57 وَإِنْ فَقَأَ سَالِمٌ عَيْنَ أَعْوَرَ، فَلَهُ الْقَوَدُ، وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ، فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ   [منح الجليل] الْعَيْنِ النَّاقِصَةِ تُصَابُ إنْ نَقَصَتْ بِسَمَاوِيٍّ وَلَوْ كَثُرَ، فَفِي إصَابَةِ بَاقِيهَا عَمْدًا الْقَوَدُ، وَإِنْ نَقَصَتْ بِجِنَايَةٍ فَكَذَلِكَ إنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَالْعَقْلُ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ إنْ نَقَصَتْ كَثِيرًا وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ فَالْعَقْلُ (وَإِنْ فَقَأَ) شَخْصٌ (سَالِمٌ) عَيْنَاهُ مَعًا مِنْ الْعَمَى أَوْ سَالِمٌ الْمُمَاثَلَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا فَفَقَأَ (عَيْنَ) شَخْصٍ (أَعْوَرَ) أَيْ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْقَوَدُ) بِفَقْءِ نَظِيرِ عَيْنِهِ مِنْ الْجَانِي (أَوْ) أَخْذُ (الدِّيَةِ) حَالَ كَوْنِهَا (كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْجَانِي لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ تُصَابُ عَمْدًا مِنْ صَحِيحٍ فَالْأَعْوَرُ مُخَيَّرٌ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذُ دِيَةِ عَيْنِهِ أَلْفُ دِينَارٍ. مُحَمَّدٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - "، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ سَحْنُونٌ. وَلِأَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فَقَالَ هَذَا، وَقَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقَوَدُ. مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ كَأَنَّ الْجَانِيَ صَحِيحُ الْعَيْنَيْنِ أَوْ صَحِيحُ الَّتِي مِثْلُهَا لِلْأَعْوَرِ. (وَإِنْ فَقَأَ) شَخْصٌ (أَعْوَرُ مِنْ) شَخْصٍ (سَالِمٍ) أَيْ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ عَيْنًا (مُمَاثِلَةً) لِلْعَيْنِ السَّالِمَةِ لَ (هـ) أَيْ الْأَعْوَرِ (فَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْقِصَاصُ) بِفَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ السَّالِمَةِ فَيَصِيرُ أَعْمَى (أَوْ دِيَةُ مَا) أَيْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ السَّالِمَةِ الَّتِي (تَرَكَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا فَقْأَهَا أَلْفَ دِينَارٍ مَثَلًا فَالْخِيَارُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلْجَانِي. ابْنُ عَرَفَةَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةً لِلْأَعْوَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ عَيْنِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إنْ أَحَبَّ اقْتَصَّ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ دِيَةُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ. عِيَاضٌ خَرَّجَ بَعْضُهُمْ مِنْهَا قَوْلًا بِالتَّخْيِيرِ فِي أَخْذِ دِيَةِ جُرْحِ الْعَمْدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِوُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ، وَيَخْرُجُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 58 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْهَا جَبْرُ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ مِثْلَ قَوْلِ أَشْهَبَ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ رِوَايَتُهُ، وَتَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا. وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا قَالَهُ لِعَدَمِ تَسَاوِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَإِحْدَى عَيْنَيْ الصَّحِيحِ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْقِصَاصُ، إذْ هِيَ مِثْلُ عَيْنِهِ فِي الصُّورَةِ، فَإِنْ عَدَلَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَى الدِّيَةِ فَلَيْسَ لِلْأَعْوَرِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُ دَعْوَى الصَّوَابِ. عِيَاضٌ هَذَا غَيْرُ بَيِّنٍ، وَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْجَبْرُ عَلَى الدِّيَةِ، وَخَرَّجَ مِنْهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ إذَا كَثُرَ الْقَاتِلُونَ أَنْ يُلْزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِيَةً كَامِلَةً عَنْ نَفْسِهِ قَدْرَ دِيَتِهِ أَوْ مَنْ أَرَادَ اسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ وَيَقْتُلُ مَنْ شَاءَ، وَكَذَا فِي قَطْعِ جَمَاعَةٍ يَدِ رَجُلٍ. عِيَاضٌ هَذَا لَازِمٌ لِأَبِي عِمْرَانَ عَلَى تَعْلِيلِهِ فِي زِيَادَةِ الْمِثْلِيَّةِ، لِأَنَّ جَمَاعَةَ أَنْفُسٍ زِيَادَةٌ عَلَى نَفْسٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ. قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ لَوْ تَعَدَّى رَجُلٌ عَلَى الْجَانِي فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَقَالَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ أَوَّلًا لِلْجَانِي عَلَى مَنْ جَنَى عَلَيْهِ أَنْتَ أَتْلَفَتْ عَيْنًا كُنْت أَسْتَحِقُّ فَقْأَهَا أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ عَنْهَا فَاغْرَمْ لِي قِيمَةَ مَا أَتْلَفْت عَلَيَّ لِأَنَّ دِيَتَهَا كَثَمَنٍ مُتَوَاطَأٍ عَلَيْهِ فِي سِلْعَةٍ اُسْتُهْلِكَتْ. قَالَ فِي هَذَا نَظَرٌ، وَأَشَارَ إلَى تَنْظِيرِهَا بِرَهْنٍ فِي أَلْفِ دِينَارٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ اُسْتُهْلِكَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ دُونَ مَا رَهَنَ فِيهِ. قِيلَ لَهُ الْأَعْوَرُ كَانَ مَجْبُورًا عَلَى افْتِكَاكِ عَيْنِهِ بِالْأَلْفِ، وَلَيْسَ الرَّاهِنُ كَذَلِكَ، إذْ لَيْسَ مَجْبُورًا عَلَى افْتِكَاكِهِ، إذْ لَهُ إسْلَامُهُ. قَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ الْجَانِي عَدِيمًا لَجُبِرَ عَلَى الْأَلْفِ فَتَرَجَّحَ فِيهَا، وَقَالَ اُنْظُرْ لَوْ قَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ لِي أَنْ أَتَّبِعَ الْأَعْوَرَ بِالْأَلْفِ عَلَيْهِ، وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ هِيَ سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ. قَوْلُ مَالِكٍ يُخَيَّرُ الصَّحِيحُ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذِ دِيَةِ عَيْنِهِ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُخَيَّرُ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذِ دِيَةِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَلْفِ دِينَارٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ الْآخَرُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْت أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقَوَدُ مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ، فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً فَإِنَّمَا لَهُ عَقْلُ الَّتِي فُقِئَتْ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى تَخْيِيرِهِ فِي فَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَوْ دِيَتِهَا أَلْفِ دِينَارٍ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْوَلِيِّ جَبْرَ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ، وَقَوْلُهُ الْأَخِيرُ الَّذِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 59 وَغَيْرَهَا فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ فِي مَالِهِ وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَيْ السَّالِمِ، فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ   [منح الجليل] أَنَّهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِ وَرِوَايَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ جَبْرُ الْقَاتِلِ. (وَإِنْ فَقَأَ) الْأَعْوَرُ مِنْ السَّالِمِ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ مُمَاثِلَتِهِ بِأَنْ فَقَأَ مِنْهُ مِثْلَ الْعَوْرَاءِ عَمْدًا عُدْوَانًا (فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) يَلْزَمُ الْجَانِيَ (فِي مَالِهِ) وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَفِيهَا إنْ فَقَأَ أَعْوَرُ الْيُمْنَى يُمْنَى صَحِيحٍ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ فَقَأَهَا عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ وَلَا يُقَادُ مِنْ يَدٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ سِنٍّ إلَّا بِمِثْلِهَا (وَإِنْ فَقَأَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ) بِفَتْحِ النُّونِ مُثَنَّى عَيْنٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى شَخْصِ (السَّالِمِ) الْعَيْنَيْنِ عَمْدًا عُدْوَانًا (فَالْقَوَدُ) بِفَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ بِمُمَاثَلَتِهَا (وَنِصْفُ الدِّيَةِ) فِي مَالِ الْأَعْوَرِ الْجَانِي، وَسَوَاءٌ فَقَأَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا أَوْ ابْتَدَأَ بِفَقْءِ الَّتِي لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَمْ يُخَيَّرْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي فَقْءِ الْمُمَاثِلَةِ وَأَخْذِ دِيَتِهَا أَلْفُ دِينَارٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَنِصْفُهَا فِي الْعَيْنَيْنِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ مِنْ أَنَّ فِيهِمَا دِيَةً كَامِلَةً فَقَطْ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَيْ الصَّحِيحِ فَالْقِصَاصُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ فَقَأَهُمَا مَعًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ بَدَأَ بِالْمَعْدُومَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا ثُمَّ ثَنَّى بِالْأُخْرَى فَأَلْفُ دِينَارٍ مَعَ الْقِصَاصِ الْمُوضِحِ لِأَنَّهُ لَمَّا فَقَأَ الَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَصَارَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَعْوَرَ فَوَجَبَ فِي عَيْنِهِ أَلْفُ دِينَارٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي السَّمَاعِ وَقَالَ أَشْهَبُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْأَخِيرِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ فَقَأَ عَيْنَيْ الصَّحِيحِ مَعًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي فَقْءِ عَيْنِهِ مَعَ أَخْذِ دِيَةِ عَيْنِهِ الْأُخْرَى خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَرَكَ عَيْنَ الْجَانِي وَأَخَذَ عَقْلَهَا أَلْفًا مَعَ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ عَقْلِ الْأُخْرَى وَإِنْ فَقَأَهُمَا فِي مَجْلِسَيْنِ فَإِنْ بَدَأَ بِفَقْءِ مِثْلِ الَّتِي هِيَ بَاقِيَةٌ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي فَقْءِ عَيْنِ الْجَانِي وَأَخْذِ عَقْلِهَا أَلْفَ دِينَارٍ، وَإِنْ بَدَأَ بِفَقْءِ مِثْلِ الذَّاهِبَةِ مِنْهُ فَإِنَّمَا لَهُ عَقْلُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ فِي الْأُخْرَى الْقَوَدُ. وَالشَّيْخُ رَوَى عَلِيٌّ إنْ فَقَأَ أَعْوَرُ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا فَلَهُ فَقْءُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَأَخْذُ دِيَةِ عَيْنِهِ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ. أَشْهَبُ إنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِنْ بَدَأَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 60 وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَنَبَتَتْ: فَالْقَوَدُ، وَفِي الْخَطَإِ: كَالْخَطَإِ؛   [منح الجليل] بِمِثْلِ الَّتِي هِيَ عَيْنُهُ الْعَوْرَاءُ فَلَهُ فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي الْأُخْرَى الْقَوَدُ، وَإِنْ بَدَأَ بِمِثْلِ عَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ فَلَهُ فِيهَا الْقَوَدُ، وَفِي الْأُخْرَى أَلْفُ دِينَارٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (وَإِنْ قُلِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سِنٌّ) عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ مَعْصُومٍ مُثْغِرٍ وَأُعِيدَتْ مَكَانَهَا أَوْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا (فَثَبَتَتْ) أَوْ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى (فَالْقَوَدُ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إيلَامُ الْجَانِي لِرَدْعِهِ وَرَدْعِ أَمْثَالِهِ وَلِأَنَّهَا لَا تَعُودُ عَلَى أَصْلِ عُرُوقِهَا (وَفِي) قَلْعِ (الْخَطَأِ) وَثُبُوتِهَا بَعْدَهُ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا فَلَا يَسْقُطُ بِثُبُوتِهَا حُكْمُهُ فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ (كَ) دِيَةِ (الْخَطَأِ) فِي قَلْعِهَا وَلَمْ تَثْبُتْ، وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَمُنَقَّلَةٍ يُؤْخَذُ عَقْلُهَا ثُمَّ تَعُودُ كَمَا كَانَتْ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ أَخَذَ الدِّيَةَ فَرُدَّتْ وَثَبَتَتْ فَلَا يَرُدُّ الْآخِذُ شَيْئًا مِنْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ طُرِحَتْ سِنُّهُ عَمْدًا فَرَدَّهَا فَثَبَتَتْ فَلَهُ الْقَوَدُ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْإِذْنُ، وَلَوْ رَدَّ السِّنَّ فِي الْخَطَأِ فَثَبَتَتْ كَانَ لَهُ الْعَقْلُ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ ضُرِبَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَأَخَذَ الْعَقْلَ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَلَا يَرُدُّهُ وَهُوَ حُكْمٌ مَضَى. ابْنُ رُشْدٍ مَثَّلَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ ضُرِبَتْ عَيْنُهُ فَنَزَلَ الْمَاءُ فِيهَا وَابْيَضَّتْ فَأَخَذَ دِيَتَهَا ثُمَّ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ إنْ قَضَى بِهِ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ وَالْأَنَاةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ وَنُزُولِ الْمَاءِ فِيهَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ فَقِيلَ لَهُ هُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَقْلِ وَلَا فَرْقَ. وَقِيلَ قَوْلُهُ فِي الْعَقْلِ لِأَشْهَبَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْلَ ذَهَبَ حَقِيقَةً ثُمَّ عَادَ وَالْبَصَرُ سَتَرَهُ سَاتِرٌ دُونَ ذَهَابِهِ حَقِيقَةً فَانْكَشَفَ فَظَهَرَ بِرُجُوعِهِ خَطَأُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالدِّيَةِ فَتَحْصُلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالِ، ثَالِثُهَا يَرُدُّ فِي الْبَصَرِ لَا فِي الْعَقْلِ. وَلَوْ عَادَ الْبَصَرُ أَوْ الْعَقْلُ قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ اتِّفَاقًا، وَحُكْمُ السَّمْعِ حُكْمُ الْبَصَرِ وَسِنُّ الْكَبِيرِ يُقْضَى لَهُ بِعَقْلِهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فَثَبَتَ فَلَا يَرُدُّ عَقْلَهَا اتِّفَاقًا، إذْ لَا تَرْجِعُ عَلَى قُوَّتِهَا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَرِوَايَتُهُ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ وَالْأُذُنُ كَالسِّنِّ إذَا رَدَّهَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَثَبَتَتْ. وَاخْتُلِفَ إذَا رَدَّهُمَا فَثَبَتَتَا وَعَادَتَا لِهَيْئَتِهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْعَقْلِ ثَالِثُهَا فِي السِّنِّ لَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 61 وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَالْوَلَاءِ؛ إلَّا الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ   [منح الجليل] الْأُذُنِ، ثُمَّ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي الْقَوَدِ فِيهِمَا لَوْ عَادَتَا لِهَيْئَتِهِمَا، فَإِنْ اقْتَصَّ بَعْدَ أَنْ عَادَتَا لِهَيْئَتِهِمَا فَعَادَتْ أُذُنُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ كَذَلِكَ، فَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَعُدْ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ عَادَتْ سِنُّ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ أَوْ أُذُنِهِ وَلَمْ تَعُدْ سِنُّ الْأَوَّلِ وَلَا أُذُنُهُ غَرِمَ الْعَقْلَ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (وَالِاسْتِيفَاءُ) أَيْ طَلَبُ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ (لِلْعَاصِبِ) لِلْمَقْتُولِ بِنَفْسِهِ نَسَبًا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ وَخَرَجَ الْجَدُّ لِلْأُمِّ وَالْأَخُ لَهَا وَالزَّوْجُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَصَبَةُ، وَاخْتَلَفَتْ دَرَجَاتُهُمْ فَيُرَتَّبُونَ هُنَا (كَ) تَرَتُّبِهِمْ فِي الْإِرْثِ بِ (الْوَلَاءِ) فِي تَقْدِيمِ ابْنٍ وَابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْأَبِ إلَخْ (إلَّا الْجَدَّ) الْأَقْرَبَ (وَالْإِخْوَةَ) الْأَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ (فَ) هُمَا (سِيَّانَ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ، أَيْ مُسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَيَلِيهِمْ بَنُو الْإِخْوَةِ، وَلَمْ يَقُلْ كَالْإِرْثِ الْمُغْنِي عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْجَدَّ الْمُسَاوِي لِلْإِخْوَةِ هُنَا هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْمُسَاوِي لَهُمْ فِي الْإِرْثِ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا. الْبُنَانِيُّ أَحَالَ عَلَى مَرَاتِبِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ، بَلْ أَحَالَهَا عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا هُنَاكَ، بَلْ قَالَ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ فَالْأَوْلَى الْإِحَالَةُ عَلَى النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ إلَخْ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَحَقُّ بِالدَّمِ حَصَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ ذُو تَعْصِيبٍ ذُو بُنُوَّةٍ أَقْرَبُهُ يَحْجُبُ أَبْعَدَهُ، ثُمَّ ذُو الْأُبُوَّةِ أَقْرَبُهُ يَحْجُبُ أَبْعَدَهُ وَوَلَدُ الْأَقْرَبِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ فِي الْأَبِ دَنِيَّةً وَالْأَعْمَامُ فِي غَيْرِهِ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبِيهِ كَالْأَحَقِّيَّةِ فِي وَلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْجَنَائِزِ وَالْوَلَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ الْجَدَّ كَالْإِخْوَةِ. قُلْت اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ الْإِخْوَةُ أَحَقُّ مِنْ الْجَدِّ كَالْوَلَاءِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَلَاءِ. قُلْت فِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ الْأَخُ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ. مُحَمَّدٌ أَظُنُّهُ غَلِطَ مِمَّنْ أَخْبَرَنِي بِهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ. قُلْت عَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِسَحْنُونٍ فَقَطْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 62 وَيَحْلِفُ الثُّلُثَ وَهَلْ إلَّا فِي الْعَمْدِ، فَكَأَخٍ؟ تَأْوِيلَانِ وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ،   [منح الجليل] الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلْأُمِّ فِي الدَّمِ اللَّخْمِيُّ فِي لَغْوِ التَّرْجِيحِ بِالشَّرِكَةِ فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْإِخْوَةِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، قُلْت مُتَقَدِّمُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ كَالْوَلَاءِ إلَّا فِي الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ كَالْوَلَاءِ. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ ذُو نَسَبٍ فَالْمَوْلَى الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ لَغْوٌ. (وَ) إنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَتَوَقَّفَ ثُبُوتُ الدَّمِ عَلَى قَسَامَةٍ فَ (يَحْلِفُ) الْجَدُّ (الثُّلُثَ) مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ إنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ يَحْلِفُ النِّصْفَ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (وَ) إنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَخَوَيْنِ فَ (هَلْ) يَحْلِفُ الثُّلُثَ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ أَوْ (إلَّا فِي الْعَمْدِ) فَيَحْلِفُ (كَأَخٍ) فَيُقَدِّرُ أَخًا زَائِدًا عَلَى عَدَدِ الْإِخْوَةِ، وَتُقَسَّمُ الْخَمْسُونَ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَيَحْلِفُ كُلٌّ مَا نَابَهُ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَيَحْلِفُ رُبُعَهَا وَأَرْبَعَةٌ فَيَحْلِفُ خُمُسَهَا، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِهَا وَإِنْ كَانُوا عَشْرَةَ إخْوَةٍ وَجَدًّا حَلَفَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ وَالْإِخْوَةُ ثُلُثَيْنِ، فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ عُمُومِهَا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، فَأَمَّا الْخَطَأُ فَصَوَابٌ، وَأَمَّا الْعَمْدُ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ تُقْسَمَ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَحَمَلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى الْخَطَأِ. وَأَمَّا الْعَمْدُ فَكَمَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْقِيَاسُ. اهـ. نَقَلَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالْعَشَرَةُ مِثَالٌ، وَالْمَدَارُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ (وَ) إنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا عُدْوَانًا عُصْبَةٌ بَعْضُهُمْ حَاضِرٌ وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ، وَأَرَادَ الْحَاضِرُ الْقِصَاصَ مِنْ الْقَاتِلِ (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ عَاصِبٌ (غَائِبٌ) عَنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ مُسَاوٍ لِلْحَاضِرِ فِي الدَّرَجَةِ كَأَحَدِ بَنِينَ أَوْ إخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٍ عَسَى أَنْ يَعْفُوا فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ إذَا (لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ) بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مُتَوَسِّطًا بِحَيْثُ يَصِلُ إلَيْهِ الْخَبَرُ، فَإِنْ عَفَا الْحَاضِرُ فَلَا يَنْتَظِرُ الْغَائِبُ، وَسَقَطَ الْقَتْلُ، وَلِلْغَائِبِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ. وَمَفْهُومُ لَمْ تَبْعُدْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 63 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] غَيْبَتُهُ عَدَمُ انْتِظَارِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ كَأَسِيرٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ وَشِبْهِهِ وَكَمَفْقُودٍ عَجَزَ عَنْ خَبَرِهِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِالْقَتْلِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ رَأْيَ الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْغَائِبَ يُنْتَظَرُ، وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ فَفِي كِتَابِ دِيَاتِهَا، وَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَلِلْمَقْتُولِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، فَإِنَّمَا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَعْفُوَ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ، فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ظَاهِرَهَا انْتِظَارُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ. وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ بِمَا إذَا لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ، قَالَ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِيمَنْ بَعُدَ جِدًّا أَوْ أُيِسَ مِنْهُ كَالْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِمَنْ حَضَرَ الْقَتْلُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ سَحْنُونٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فَحَذْفُ الصِّقِلِّيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قُصُورٌ اهـ. فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْبُعْدِ جِدًّا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الْغَيْبَةَ بِبُعْدِهَا جِدًّا كَقَوْلِ سَحْنُونٍ، وَكَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ حَمْلَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. وَفِي الشَّامِلِ وَفِيهَا انْتِظَارُ الْغَائِبِ وَهَلْ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ، وَيُكْتَبُ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ، فَإِنْ أُيِسَ مِنْهُ فَلَا يُنْتَظَرُ كَأَسِيرٍ وَشِبْهِهِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا قُلْنَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ، فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُحْبَسُ فَفِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهَا، وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ، وَلَا يَكْفُلَ، إذْ لَا كَفَالَةَ فِي النَّفْسِ وَلَا فِيمَا دُونَهَا مِنْ الْقِصَاصِ. الثَّانِي: ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيِّ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِالْحَدِيدِ فِي الْحَبْسِ. الثَّالِثُ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لِلْقَاتِلِ مَالٌ يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ أُجْرِيَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَأْكُلُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 64 وَمُغْمًى، وَمُبَرْسَمٌ لَا مُطْبَقٌ   [منح الجليل] مِنْهُ أَوْ الْتَزَمَهُ أَحَدٌ، وَإِلَّا فَانْظُرْ كَيْفَ يُعْمَلُ فِيهِ هَلْ يُطْلَقُ مِنْ السِّجْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، إذْ يَبْعُدُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَخْلُدُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا. الرَّابِعُ: هَذَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي انْتِظَارِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ حَيْثُ تَعَدَّدَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ وَغَابَ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ غَائِبٌ أَوْ غَابَ جَمِيعُ الْأَوْلِيَاءِ فَالظَّاهِرُ انْتِظَارُهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمْ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ فَرْعُ الْوَقَارِ فِي الْقَوْلَةِ قَبْلَ هَذِهِ، لَكِنْ مَعَ نَفَقَةٍ مَوْجُودَةٍ لِلْقَاتِلِ، هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا مَعَ الْبَحْثِ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالرَّجْرَاجِيِّ وَالنَّوَادِرِ وَالْبَيَانِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَكَبِيرِ بَهْرَامَ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفَرْعُ الْوَقَارِ نَصُّهُ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا وَلَمْ يَعْرِفْ الْمَقْتُولَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَوْلِيَاءُ يَقُومُونَ بِدَمِهِ سَجَنَهُ الْحَاكِمُ وَلَا يَقْتُلُهُ فَلَعَلَّ لَهُ وَلِيٌّ يَعْفُو عَنْ دَمِهِ اهـ. (وَانْتُظِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَلِيٌّ (مُغْمًى) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ، أَيْ غَابَ عَقْلُهُ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِ (وَ) اُنْتُظِرَ وَلِيٌّ (مُبَرْسَمٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ عَقِبَ رَاءٍ سَاكِنَةٍ، أَيْ بِرَأْسِهِ وَرَمٌ يُثْقِلُ الدِّمَاغَ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ، إمَّا بِصِحَّةٍ مِنْهُ أَوْ مَوْتٍ بِهِ (لَا) يُنْتَظَرُ وَلِيٌّ (مُطْبَقٌ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ، أَيْ مُتَوَاصِلٌ جُنُونُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ مَجْنُونًا مُطْبَقًا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ. ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ قَوْلُ مَنْ قَالَ يُنْتَظَرُ، وَأَفْتَى فِيمَنْ لَهُ بَنُونَ صِغَارٌ وَعُصْبَةٌ كِبَارٌ بِانْتِظَارِ الصِّغَارِ قَائِلًا هُمْ أَحَقُّ بِالْقِيَامِ بِالدَّمِ فَسُئِلَ عَنْ فَتَيَاهُ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ الْمَأْثُورَةِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ خَفِيَ عَلَى السَّائِلِ مَعْنَى ذَلِكَ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لِلْمُفْتِي الْعُدُولُ عَنْ الرِّوَايَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَقْلِيدُهَا إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِصِحَّتِهَا بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، لَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالِفَةٌ لِلْأُصُولِ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى مُخَالَفَتِهَا بِمَا حَاصِلُهُ وُجُوبُ اعْتِبَارِ حَقِّ الصَّغِيرِ وَتَأْخِيرُهُ لِبُلُوغِهِ كَحَقٍّ لَهُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَبِأَنَّ لَهُ جَبْرَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ الْأَخَوَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا، وَلَا يُغْتَرُّ بِهِ فِي زَمَانِنَا، إنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ لَهُ لِعُلُوِّ طَبَقَتِهِ. وَقَالَ بَعْضُ مَنْ عَاصَرَهُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا، إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي طُرَّةِ بَعْضِ نَوَازِلِهِ مَا نَصُّهُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا، إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ إنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةٍ وَلَا حُجَّةٍ. فَإِنْ قُلْت مَا هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَأْثُورَةُ فِي ذَلِكَ. قُلْت فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ فِي قَتِيلٍ لَهُ بَنُونَ صِغَارٌ وَعَصَبَةٌ فَلِلْعَصَبَةِ الْقَتْلُ، وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصِّغَارِ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَلَهُمْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمْ، قَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ يَنْظُرُ لِلصِّغَارِ وَلِيُّهُمْ فِي الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ، وَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ إنْ وُجِدَ مَعَهُ مِنْ الْعَصَبَةِ مَنْ يُقْسِمُ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قُرْبِهِ ثُمَّ يَكُونُ لِهَذَا الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّبِيِّ الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، وَانْظُرْ عَزْوَهُ لِلْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ. وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَيَعْفُوا، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَفِيهَا أَيْضًا إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ تَعْجِيلُ الْقَتْلِ، وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يَكْبَرَ وَلَدُهُ فَيَبْطُلَ الدَّمُ، وَإِنْ عَفَوْا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُمْ إلَّا عَلَى الدِّيَةِ لَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُ الْمَقْتُولِ صِغَارًا وَكِبَارًا، فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغَ الصِّغَارِ، وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلِلْبَاقِي وَالْأَصَاغِرِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلَدٌ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ فَإِنْ وَجَدَ الْكَبِيرُ رَجُلًا مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ حَلَفَ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتُؤْنِيَ الصَّغِيرُ، فَإِذَا بَلَغَ حَلَفَ أَيْضًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الدَّمَ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَلِلْمَقْتُولِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، فَإِنَّمَا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَعْفُوَ، وَيَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ، وَيَكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 66 وَصَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ، وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ:   [منح الجليل] حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيُحْبَسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ وَلَا يَكْفُلُ، إذْ لَا كَفَالَةَ فِي النَّفْسِ وَلَا فِيمَا دُونَهَا مِنْ الْقِصَاصِ. وَإِنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَلِلْكِبَارِ أَنْ يَقْتُلُوا وَلَا يَنْتَظِرُوا الصِّغَارَ، وَلَيْسَ الصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ: الْغَائِبُ يُكْتَبُ لَهُ فَيَصْنَعُ فِي نَصِيبِهِ مَا يُحِبُّ، وَالصَّغِيرُ يَطُولُ انْتِظَارُهُ فَيَبْطُلُ الدَّمُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ مَجْنُونًا مُطْبَقًا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا مَا هُوَ أَصْرَحُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَيَعْفُوَ أَوْ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الصَّغِيرِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْفُوا عَلَى غَيْرِ مَالٍ اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ يَبْطُلُ الدَّمُ، أَيْ إمَّا بِمَوْتِ الْقَاتِلِ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ هُرُوبِهِ مِنْ السِّجْنِ اهـ. (وَ) لَا يُنْتَظَرُ وَلِيٌّ (صَغِيرٌ) وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ (لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ) لِإِقْرَارِ الْجَانِي بِالْقَتْلِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ وُجُودِ عَاصِبَيْنِ كَبِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرٍ مُسَاوٍ لِلصَّغِيرِ فِي الدَّرَجَةِ وَعَاصِبٍ يَسْتَعِينُ بِهِ، فَإِنْ اقْتَصَّ الْبَالِغُ فَلَا شَيْءَ لِلصَّغِيرِ، وَإِنْ عَفَا مَضَى عَفْوُهُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِنْ تَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَى الصَّغِيرِ حَلَفَ الْكَبِيرُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا مَعَ حُضُورِ الصَّغِيرِ وَسُجِنَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيَحْلِفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ، فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا (وَ) الِاسْتِيفَاءُ (لِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ) الْمَقْتُولَ وَكُنَّ عَصَبَةً لَوْ رَجَّلْنَ فَلَا اسْتِيفَاءَ لِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ كَالْخَالَةِ وَلَا لِلْأُخْتِ لِأُمٍّ (وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ) أَيْ النِّسَاءَ (عَاصِبٌ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ، أَوْ كَانَ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ كَعَمٍّ مَعَ بَنَاتٍ فَلَا كَلَامَ لِلْبَنَاتِ مَعَ الْأَبْنَاءِ وَلَا لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْأَخِ وَلَا لِلْأُمِّ مَعَ الْأَبِ لِمُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ. (وَ) إنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِنِسَاءٍ وَعَصَبَةٍ نَازِلِينَ عَنْ النِّسَاءِ فَ (لِكُلٍّ) مِنْ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ (الْقَتْلُ) لِقَاتِلِ وَلِيِّهِمْ (وَلَا عَفْوَ) مِنْهُ (إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ) أَيْ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 67 كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ بِقَسَامَةٍ   [منح الجليل] حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَعَفْوِ بَعْضِ النِّسَاءِ وَبَعْضِ الْعَصَبَةِ عَنْهُ كَمَا يُفِيدُ هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي. وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بِبَعْضِهِمَا. الْعَدَوِيُّ الْحَاصِلُ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَكُونُ الْكَلَامُ لَهُنَّ اسْتِقْلَالًا إلَّا إذَا حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيُشَارِكُهُنَّ فِي الْكَلَامِ الْعَصْبَةُ النَّازِلُونَ عَنْهُنَّ. ابْنُ عَرَفَةَ النِّسَاءُ فِيهِنَّ طُرُقٌ الْبَاجِيَّ الْقَاضِي فِي أَنَّ لَهُنَّ فِي الدَّمِ مَدْخَلًا رِوَايَتَانِ، وَعَلَى الْأُولَى فِي كَوْنِهِ فِي الْقَوَدِ لَا الْعَفْوِ وَالْعَكْسُ رِوَايَتَانِ. اللَّخْمِيُّ مَعْرُوفٌ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ لَهُنَّ حَقًّا فِي الدَّمِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ لَا شَيْءَ لَهُنَّ فِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ لَا حَقَّ فِيهِ لِمَنْ لَا إرْثَ لَهَا مِنْهُنَّ كَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَلِمَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ حَقٌّ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْأُمِّ فَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَابْنُ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " لَهَا فِيهِ حَقٌّ أَشْهَبُ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ مَعَ الْعَصَبَةِ وَلَا مَعَ السُّلْطَانِ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ بَنَاتٍ وَإِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ وَعَصَبَةً فِي كَوْنِ الْأَحَقِّ بِالْقَوَدِ مَنْ قَامَ بِهِ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَلَوْ ثَبَتَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ أَوْ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا سَقَطَ النِّسَاءُ، ثَالِثُهَا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَالنِّسَاءُ أَحَقُّ بِالْقَوَدِ وَالْعَفْوِ لِقُرْبِهِنَّ، وَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَالْأَوَّلُ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ بِاجْتِمَاعِهِمْ اجْتِمَاعَ بَعْضِ الصِّنْفَيْنِ لِقَوْلِهَا إنْ عَفَا بَعْضُ الْبَنَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ أَوْ بَعْضُ الْأَخَوَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ فَلَا سَبِيلَ لِلْقَتْلِ، وَيَقْضِي لِمَنْ بَقِيَ بِالدِّيَةِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ عَصَبَةٌ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَالْعَصَبَةُ لَغْوٌ، وَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَفِي كَوْنِ مَنْ قَامَ بِالْقَوَدِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَحَقَّ وَسُقُوطِ النِّسَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَسَمَاعُهُ عِيسَى وَشَبَّهَ فِي تَوَقُّفِ الْعَفْوِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (حُزْنَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ، أَيْ أَخَذَ النِّسَاءِ (الْمِيرَاثَ) كُلَّهُ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ وَأَعْمَامٍ (وَثَبَتَ) لِلْقَتْلِ (بِقَسَامَةٍ) مِنْ الْأَعْمَامِ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَمَنْ طَلَبَهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَمَفْهُومُهُ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَالنِّسَاءُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 68 وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ   [منح الجليل] حَائِزَاتٌ لِلْمِيرَاثِ فَلَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ فِي قَتْلٍ وَلَا عَفْوَ اتِّفَاقًا. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ عَصَبَةٌ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَالْعَصَبَةُ لَغْوٌ، وَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَفِي كَوْنِ مَنْ قَامَ بِالْقَوَدِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَحَقَّ وَسُقُوطِ النِّسَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَسَمَاعُهُ عِيسَى. (وَ) إنْ مَاتَ بَعْضُ مَنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ أَوْ جَمِيعُهُمْ وَلَهُ وَارِثٌ فَ (الْوَارِثُ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا (كَمُوَرِّثِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَسْتَقِلُّ بِالْقَتْلِ وَالْعَفْوِ فَوَارِثُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْعَفْوُ عَلَى اجْتِمَاعِهِ عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ فَوَارِثُهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْعَفْوِ كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ فَوَارِثُهَا كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَارِثُ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ مِثْلُهُ فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ. الْخَرَشِيُّ أَيْ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ الْكَلَامُ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ الَّذِي كَانَ لِمُوَرِّثِهِ وَيَرِثُونَهُ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ، فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ نُزِّلَ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَفِيهَا مَنْ قَتَلَ وَلَدًا لَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فَوَرَثَتُهَا مَكَانَهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً. وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنًا وَبِنْتًا فَالْكَلَامُ لَهَا، وَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ الْمَقْتُولِ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ أَخِيهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَارِثِ الْأُنْثَى عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهَا، وَلَوْ مَاتَتْ بِنْتُ الْمَقْتُولِ عَنْ بِنْتٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ عَمِّهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ مَاتَ وَارِثُ الْمَقْتُولِ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِالدَّمِ فَوَرَثَتُهُ مَقَامُهُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ رَجُلٌ وَوَرَثَتُهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ مَا لِلذَّكَرِ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا الدَّمَ عَمَّنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ الْقَتِيلُ عَمْدًا بِالْبَيِّنَةِ أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً فَمَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ أَوْ الْعَصَبَةُ فَوَرَثَتُهُ فِي مَنَابِهِ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَرَثَةُ هَذَا الْمَيِّتِ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 69 وَلِلصَّغِيرِ إنْ عُفِيَ، نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ، وَالدِّيَةِ كَامِلَةً، كَقَطْعِ يَدِهِ إلَّا لِعُسْرٍ فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ:   [منح الجليل] وَ) إنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِكَبِيرٍ وَصَغِيرٍ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَابْنَيْنِ وَعَفَا الْكَبِيرُ سَقَطَ الْقَوَدُ وَ (لِلصَّغِيرِ إنْ عُفِيَ) عَنْ الْقَتْلِ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ أَخِيهِ الْكَبِيرِ فَلِلصَّغِيرِ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَ) إنْ اسْتَحَقَّ صَغِيرٌ الِاسْتِيفَاءَ وَحْدَهُ فَ (لِوَلِيِّهِ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ قَاضٍ (النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ) لِلْقَاتِلِ (أَوْ) الْعَفْوِ عَلَى أَخْذِ (الدِّيَةِ) حَالَ كَوْنِهَا كَامِلَةً، فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ، وَالْأَخِيرُ فِيهِمَا. وَشَبَّهَ فِي نَظَرِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ فَقَالَ (كَقَطْعِ يَدِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ عَمْدًا عُدْوَانًا فَيَنْظُرُ وَلِيُّهُ فِي قَطْعِ يَدِ الْجَانِي وَأَخْذِ دِيَةِ الْيَدِ كَامِلَةً (إلَّا لِعُسْرِ) الْجَانِي عَنْ الدِّيَةِ كَامِلَةً فِي النَّفْسِ، وَعَنْ نِصْفِهَا فِي الْيَدِ (فَيَجُوزُ) صُلْحُهُ (بِأَقَلَّ) مِنْ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَمِنْ نِصْفِهَا فِي الْيَدِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَتْرُكْ الْقَتِيلُ إلَّا وَلَدًا صَغِيرًا وَلَا وَلِيَّ لَهُ إلَّا السُّلْطَانُ أَقَامَ لَهُ وَلِيًّا يَنْظُرُ لَهُ بِالْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ لَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا إنْ كَانَ مَلِيئًا بِهَا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا جَازَ عَلَى مَا يَرَى عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، فَإِنْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْهَا وَالْقَاتِلُ مَلِيءٌ فَلَا يَجُوزُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ. ابْنُ رُشْدٍ أَجَازَ أَشْهَبُ صُلْحَهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ مَا لَمْ يَكُنْ بِيَسِيرٍ جِدًّا تَتَبَيَّنُ فِيهِ الْمُحَابَاةُ، وَقَوْلُهُ أَصَحُّ عَلَى الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ جَبْرِ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَجْبُرُهُ عَلَيْهَا. قُلْت سَبَقَهُ سَحْنُونٌ بِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ نَقَضَ أَشْهَبُ أَصْلَهُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ رَأَى لِلْوَلِيِّ الْجَبْرَ عَلَى الدِّيَةِ وَفِيهَا مَنْ وَجَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَمٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ إلَّا عَلَى الدِّيَةِ لَا أَقَلَّ مِنْهَا، وَإِنْ عَفَا فِي الْخَطَأِ وَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ جَازَ إنْ كَانَ مَلِيئًا يُعْرَفُ مَلَاؤُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ، وَكَذَا الْعَصَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْلِيَاءَ، وَإِنْ جُرِحَ الصَّبِيُّ عَمْدًا وَلَهُ وَصِيٌّ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ الشَّيْخُ. لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَوْ بَذَلَ الْجَارِحُ دِيَةَ الْجُرْحِ فَأَبَى الْوَصِيُّ إلَّا الْقَوَدَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ النَّظَرِ أَخْذُ الْمَالِ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 70 بِخِلَافِ قَتْلِهِ فَلِعَاصِبِهِ، وَالْأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ فِي عَبْدِهِ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ يَأْجُرُهُ الْمُسْتَحِقُّ؛ وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ؛   [منح الجليل] بِخِلَافِ قَتْلِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ عَمْدًا عُدْوَانًا (فَلِعَاصِبِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ الْقَتْلُ وَالْعَفْوُ لَا لِوَصِيِّهِ وَمُقَدَّمِهِ لِانْقِطَاعِ وَلَايَتِهِ بِمَوْتِهِ فِيهَا، وَإِنْ قُتِلَ الصَّغِيرُ فَوُلَاتُهُ أَحَقُّ مِنْ وَصِيِّهِ (وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَحْسَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ الَّذِي قُتِلَ عَبْدُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا، وَكَانَ قَاتِلُهُ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا (أَخْذُ الْمَالِ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ، إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِالْقَتْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا لِصَغِيرٍ عَمْدًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَخْتَارَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَخْذَ الْمَالِ، إذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْقَوَدِ. (وَيُقْتَصُّ) مِنْ الْجَانِي عَلَى عُضْوٍ مَعْصُومٍ (مَنْ يَعْرِفُ) ذَلِكَ مِنْ الْعُدُولِ كَالْأَطِبَّاءِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى الْجِرَاحِ عَدْلَيْنِ يَنْظُرَانِ ذَلِكَ وَيَقِيسَانِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا فَأَرَاهُ مُجْزِئًا إنْ كَانَ عَدْلًا (يَأْجُرُهُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ، أَيْ يَسْتَأْجِرُهُ الشَّخْصُ (الْمُسْتَحِقُّ) لِلدَّمِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْجَانِي مُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يُمَكَّنُ ذُو الْقَوَدِ فِي الْجِرَاحِ مِنْ الْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ، بَلْ يَقْتَصُّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ الْقِصَاصَ. الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى الْجِرَاحِ عَدْلَيْنِ بَصِيرَيْنِ بِذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَةِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا أَجْزَأَ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَتَجْعَلُ الْمُوسَى بِيَدِ الْمَجْرُوحِ وَيُمْسِكُ الطَّبِيبُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ، قَالَ لَا أَعْرِفُهُ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ وَيَدَّعِي لَهُ أَرْفَقَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ فَيَقْتَصُّ بِأَرْفَقَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ وَقِيلَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَهُوَ بَعِيدٌ. قُلْت كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَعَزَاهُ الْمُتَيْطِيُّ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. (وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْجُرْحِ (لِلْوَلِيِّ) الْمُسْتَحِقِّ لِلدَّمِ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْقَاتِلَ لَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 71 وَنَهَى عَنْ الْعَبَثِ وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ.   [منح الجليل] لِيَقْتُلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبٍ عَنْهُ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ رَدُّ الْجُرْحِ لِلْمَجْرُوحِ وَلَا لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ، بَلْ يَأْمُرُهُ عَدْلًا عَارِفًا بِتَوَلِّيهِ. وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا عَدَمُ الرَّدِّ، فَوَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْلَمَ الْقَاتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ، وَقَالَ لَهُ دُونَك صَاحِبَك فَاتَّبِعْ» وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ دَفْعِ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ، فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى. الْحَطّ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْجِرَاحِ لَا يُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمِثْلِ مَا جُرِحَ بِهِ، فَإِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً مَثَلًا بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْمُوسَى، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا (وَ) إنْ سَلَّمَ الْحَاكِمُ الْقَاتِلَ لِلْوَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ (نَهَى) الْحَاكِمُ الْوَلِيَّ (عَنْ الْعَبَثِ) أَيْ التَّمْثِيلِ بِالْقَاتِلِ وَالتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَأَمَّا الْقَتْلُ فَيُدْفَعُ لِلْوَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ وَيَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ قَتْلِهِ بِيَدِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَعَدَّى (وَيُؤَخَّرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا الْقِصَاصُ مِمَّا دُونَ النَّفْسِ (لِ) زَوَالِ (بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ) شَدِيدٍ يُخْشَى الْمَوْتُ مِنْ الْقِصَاصِ فِيهِ، فَيَلْزَمُ قَتْلُ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا. ابْنُ شَاسٍ يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْحَرِّ الْمُفْرِطِ وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطِ وَمَرَضِ الْجَانِي، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُحَارِبِ الَّذِي اُخْتِيرَ فِيهِ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ، فَلَا يُؤَخَّرُ لِبَرْدٍ وَلَا لِحَرٍّ، وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ أَحَدُ حُدُودِهِ. الصِّقِلِّيُّ مُحَمَّدٌ إنْ رَأَى الْإِمَامُ قَطْعَ الْمُحَارِبِ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ فَلَا يُؤَخَّرُ، بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَتَلَ هَذَا الْمُحَارِبَ جَازَ لَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ بِبَيِّنٍ لِأَنَّ قَطْعَ الْمُحَارِبِ إنَّمَا هُوَ بِالِاجْتِهَادِ فَمَنْ اسْتَحَقَّهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِ لِلْقَتْلِ هَكَذَا يَنْبَغِي. ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت الْقَطْعُ عَلَى قِسْمَيْنِ قَطْعٌ مَعَ قَيْدِ السَّلَامَةِ مِنْ خَوْفِ مَوْتِهِ وَقَطْعٌ مَعَ احْتِمَالِهِ وَالْمُحَارِبُ مَعْرُوضٌ لِلثَّانِي لِعَدَمِ عِصْمَةِ دَمِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ، فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ قَطْعَهُ مَعَ احْتِمَالِ مَوْتِهِ جَازَ، وَالرِّوَايَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ فِيمَنْ رَأَى الْإِمَامَ قَطْعَهُ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ، أَمَّا لَوْ رَآهُ فِي غَيْرِ الْبَرْدِ وَتَأَخَّرَ إلَيْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْإِمَامُ النَّظَرَ فِيهِ اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 72 كَالْبُرْءِ، كَدِيَتِهِ خَطَأً، وَلَوْ كَجَائِفَةٍ   [منح الجليل] وَفِيهَا مَنْ سَرَقَ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ فَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ قَطْعِهِ فِيهِ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَرُّ إنْ عُلِمَ خَوْفُهُ كَالْبَرْدِ. الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأَمَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَلْيَقْطَعْ، إذْ لَيْسَ بِمُتْلِفٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْخَوْفِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَاغًا، وَقَالَ يُؤَخِّرُ إنْ خِيفَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَا يُخَافُ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ. وَشَبَّهَ فِي التَّأْخِيرِ فَقَالَ (كَالْبُرْءِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ مِنْ مَرَضٍ خِيفَ مِنْ الْقَطْعِ مَعَهُ الْمَوْتُ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَرِيضُ الْمَخُوفُ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُجْلَدُ لَا لِحَدٍّ وَلَا لِنَكَالٍ. اللَّخْمِيُّ إذَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى ضَعِيفِ الْجِسْمِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ وَيُعَاقَبُ وَيُسْجَنُ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَنْ قِصَاصٍ رُجِعَ لِلدِّيَةِ، وَفِي كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْجَانِي خِلَافٌ، وَحَدُّ الْجَلْدِ فِي الْقَذْفِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ يُفَرَّقُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ حَتَّى يَكْمُلَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ لِمَنْ خَافَ مِنْ الْخِتَانِ تَرْكُهُ أَلَا تَرَى مَنْ وَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ يُتْرَكُ لِذَلِكَ. وَشَبَّهَ فِي التَّأْخِيرِ لِلْبُرْءِ فَقَالَ (كَدِيَتِهِ) أَيْ الْجُرْحِ حَالَ كَوْنِهِ (خَطَأً) فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ لِبُرْئِهِ خَوْفَ سَرَيَانِهِ لِلْمَوْتِ فَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَتَنْدَرِجُ فِيهَا دِيَةُ الْجُرْحِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ كَانَ الْجُرْحُ لَيْسَتْ لَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ، بَلْ (وَلَوْ كَانَ) لَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ (كَجَائِفَةٍ) وَآمَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا يُؤَخَّرُ بِالْمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ حَتَّى يَبْرَأَ، لِأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَا يُقَادُ مِنْ جُرْحِ الْعَمْدِ وَلَا يَعْقِلُ فِي الْخَطَأِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ، وَإِنْ طَلَبَ مَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ تَعْجِيلَ فَرْضِ الدِّيَةِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَوْ عَاشَ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ لَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ، وَتُؤَخَّرُ الْعَيْنُ سَنَةً. فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ تَبْرَأْ اُنْتُظِرَ بُرْؤُهَا، وَلَا يَكُونُ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ، وَإِنْ ضُرِبَتْ فَسَالَ دَمْعُهَا اُنْتُظِرَ بِهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ يَرْقَأْ دَمْعُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ لِأَنَّهُ قَدْ يَئُولُ إلَى النَّفْسِ فَيَعُودُ الْقَوَدُ ثَانِيًا وَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ. قُلْت عَزَا هَذَا التَّعْلِيلَ الصِّقِلِّيُّ لِأَشْهَبَ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَشْهَبَ يَسْتَأْنِي بِذَهَابِ الْعَقْلِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 73 وَالْحَامِلُ، وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ: لَا بِدَعْوَاهَا، وَحُبِسَتْ كَالْحَدِّ؛ وَالْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ   [منح الجليل] سَنَةً. ابْنُ رُشْدٍ الْوَجْهُ فِيهِ أَنْ تَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَا خِلَافَ فِي انْتِظَارِهِ سَنَةً إنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجِرَاحِ فَقِيلَ يُنْتَظَرُ بِهَا سَنَةً وَلَوْ بَرِئَتْ قَبْلَهَا، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ تَبْرَأْ اُنْتُظِرَ بُرْؤُهَا، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ بَرِئَتْ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَا يُنْتَظَرُ تَمَامُهَا إلَّا أَنْ تَبْرَأَ عَلَى عَثَلٍ، فَإِنْ بَرِئَتْ عَلَيْهِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا. وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا بَعْدَهَا وَيُحْكَمُ بِالْقَوَدِ عِنْدَ تَمَامِهَا، فَإِنْ تَرَامَى الْجُرْحُ لِذَهَابِ عُضْوٍ نُظِرَ فِيهِ كَمَا لَوْ حُكِمَ بِالْقَوَدِ بَعْدَ الْبُرْءِ (وَ) تُؤَخَّرُ الْمَرْأَةُ (الْحَامِلُ) فِي الْقِصَاصِ مِنْهَا إنْ قَتَلَتْ مُكَافِئًا لَهَا لِئَلَّا تُؤْخَذَ نَفْسَانِ فِي نَفْسٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْقِصَاصُ مِنْهَا (بِجُرْحٍ مُخِيفٍ) مِنْهُ الْمَوْتُ حَتَّى تَلِدَ وَتُوجَدَ مُرْضِعٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ عِنْدَ ظُهُورِ مُخَايِلِهِ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ دَعْوَاهَا وَفِي الْقِصَاصِ الشَّيْخُ يُرِيدُ فِي الْجِرَاحِ الْمَخُوفَةِ وَلَا تُؤَخَّرُ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ فَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ، وَلَوْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَقَتَلَهَا فَلَا غُرَّةَ لِجَنِينِهَا إلَّا أَنْ يُزَايِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَتَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَتَأْخِيرُهَا مَشْرُوطٌ بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ (لَا بِ) مُجَرَّدِ (دَعْوَاهَا) الْحَمْلَ فَلَا تُؤَخَّرُ (وَحُبِسَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْحَامِلُ مُدَّةَ تَأْخِيرِهَا لِأَجْلِ حَمْلِهَا. وَشَبَّهَ فِي التَّأْخِيرِ وَالْحَبْسِ فَقَالَ (كَالْحَدِّ) الْوَاجِبِ عَلَيْهَا لِزِنًا أَوْ قَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ فَتُؤَخَّرُ وَتُحْبَسُ (وَتُؤَخَّرُ) الْمَرْأَةُ (الْمُرْضِعُ) فِي الْقِصَاصِ مِنْهَا (لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) لِوَلَدِهَا وَقَبُولُهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِهَلَاكِهِ فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسَيْنِ فِي نَفْسٍ لِخَبَرِ الْغَامِدِيَّةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ تُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ تُرْضِعُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 74 وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمَا، وَبُدِئَ بِأَشَدّ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ   [منح الجليل] وَ) تُتْرَكُ (الْمُوَالَاةُ) فِي قَطْعِ (الْأَطْرَافِ) إنْ خِيفَ مَوْتُ الْجَانِي بِهَا وَشَبَّهَ فِي تَرْكِ الْمُوَالَاةِ فَقَالَ (كَحَدَّيْنِ) وَجَبَا لِلَّهِ تَعَالَى (لَمْ يَقْدِرْ) الْجَانِي (عَلَيْهِمَا) بِأَنْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْ تَوَالِيهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيُفَرَّقَانِ فِي وَقْتَيْنِ (وَبُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِ) إقَامَةِ حَدٍّ (أَشَدَّ) مِنْ حَدٍّ خَفِيفٍ (لَمْ يُخَفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْهُ الْمَوْتُ، وَمَفْهُومُهُ لَوْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْ الْأَشَدِّ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ وَأُخِّرَ الْأَشَدُّ إلَى وَقْتِ إطَاقَتِهِ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ تَوَالِيهِ فُرِّقَ بِقَدْرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 75 لَا بِدُخُولِ الْحَرَمِ   [منح الجليل] طَاقَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَدٌّ لِلْعِبَادِ بُدِئَ بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ لَا عَفْوَ فِيهِ مَتَى بَلَغَ الْإِمَامُ وَيَجْمَعُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ فَيُفَرَّقَ، وَلَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ شِمَالَ رَجُلٍ قُطِعَتْ يَمِينُهُ لِلسَّرِقَةِ وَشِمَالُهُ لِلْقَوَدِ يَجْمَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ يُفَرِّقُهُ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُهُ اللَّخْمِيُّ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ فِي إقَامَةِ مَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا هُوَ لِآدَمِيٍّ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا لِآدَمِيٍّ، وَإِنْ كَانَ الْحَقَّانِ لِآدَمِيٍّ كَقَطْعٍ وَقَذْفٍ اقْتَرَعَا أَيُّهُمَا يَبْدَأُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ الْآكَدِ، وَإِنْ حَمَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمُ أَدْنَاهُمَا دُونَ قُرْعَةٍ (لَا) يُؤَخَّرُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ (بِ) سَبَبِ (دُخُولِ الْحَرَمِ) الْمَكِّيِّ أَوْ الْمَدَنِيِّ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِتَمَامِهِ سَمِعَ الْقَرِينَانِ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْحَرَمِ فَيُقْتَلُ قَاتِلُ النَّفْسِ فِي الْحَرَمِ. ابْنُ رُشْدٍ، سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ أَصَابَ الْحَدَّ فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ فَلَا يُكَلَّمُ وَلَا يُجَالَسُ وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ. وَقِيلَ إذَا لَجَأَ إلَيْهِ أُخْرِجَ مِنْهُ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا عَزَاهُ لِفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ خِلَافٌ نَقَلَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُمَا. ابْنُ الْقَصَّارِ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ قُتِلَ فِيهِ، وَإِنْ قَتَلَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَيُهْجَرُ وَلَا يُبَايَعُ وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَيُقْتَلُ وَوَافَقَنَا فِي الضَّرْبِ. عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَمْسُ فَوَاسِقَ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ» مَا نَصُّهُ قَاسَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَلَى قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ إقَامَةَ الْحَدِّ فِيهِ، سَوَاءٌ حَصَلَ السَّبَبُ فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ وَلَجَأَ إلَيْهِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يُقَامُ مِنْ الْحُدُودِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَحَدُّ النَّفْسِ إذَا جَنَى عَلَيْهَا فِيهِ وَإِنْ قَتَلَهَا خَارِجَهُ فَلَا يُقَامُ فِيهِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُكَلَّمَ وَلَا يُجَالَسَ وَيُهْجَرَ وَلَا يُبَايَعَ وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَيُقْتَلُ خَارِجَهُ وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَعَطَاءٍ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُفَرِّقَا بَيْنَ نَفْسٍ وَغَيْرِهَا مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] ، وَالْحُجَّةُ بِهِ عَلَيْهِمْ، إذْ مَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 76 وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ، كَالْبَاقِي   [منح الجليل] هَذَا التَّضْيِيقُ لَيْسَ بِآمِنٍ وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَعَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ الْآيَاتِ، وَقِيلَ مِنْ النَّارِ، وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ الْآيَةُ فِي الْبَيْتِ لَا فِي الْحَرَمِ، وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فِي الْبَيْتِ، وَيَخْرُجُ مِنْهُمَا فَيُقَامُ عَلَيْهِ خَارِجَهُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يُنَزَّهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا. وَذَكَرَ الْأَبِيُّ فِي حَدِيثِ «مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ» . . الْحَدِيثَ مَا نَصُّهُ، الْحَدِيثُ يَدُلُّ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إيوَاءُ الْمُحْدِثِ، وَهَذَا مِمَّا يَنْفِي كَثِيرًا مِنْ هُرُوبِ الظَّلَمَةِ وَالْجُنَاةِ إلَى الزَّوَايَا. وَكَانَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُحِلُّ إيوَاءَهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ فِيهِمْ مَا يَسْتَحِقُّونَ. سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ مَا يَظْهَرُ مِنْ أُمُورٍ خَارِجَةٍ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ ظُهُورِ بُرْهَانٍ لِمَنْ تَعَدَّى عَلَى زَاوِيَةٍ أَوْ رَوْضَةٍ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْفَتْوَى، وَغَيْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ لَا تُحَدُّ بِقِيَاسٍ وَلَا تُضْبَطُ بِمِيزَانٍ شَرْعِيٍّ وَلَا قَانُونٍ عَادِيٍّ، فَإِنَّ الْمَوَازِينَ الشَّرْعِيَّةَ كُلِّيَّاتٌ وَعُمُومَاتٌ، وَقَدْ يَكُونُ مُرَادُ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي خُصُوصِ نَازِلَةٍ خِلَافَ مَا تَقْتَضِيهِ الْعُمُومَاتُ، وَلِذَا احْتَاجَ الْخَوَاصُّ إلَى إذْنٍ خَاصٍّ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ، وَاعْتُبِرَ بِتَكْرِيرِ قَوْله تَعَالَى {بِإِذْنِي} [المائدة: 110] ، فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ إبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ (إنْ عَفَا) عَنْ الْقَاتِلِ (رَجُلٌ) مِمَّنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ (كَالْبَاقِي) فِي الدَّرَجَةِ، سَوَاءٌ كَانُوا بَنِينَ فَقَطْ، أَوْ بَنِيهِمْ فَقَطْ، أَوْ إخْوَةً فَقَطْ، أَوْ بَنِيهِمْ فَقَطْ أَوْ أَعْمَامًا فَقَطْ، أَوْ بَنِيهِمْ فَقَطْ أَوْ مَوَالِيَ. الْمُصَنِّفُ لَا خِلَافَ فِي الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ. وَأَمَّا الْأَعْمَامُ وَنَحْوُهُمْ فَسُقُوطُ الْقِصَاصِ بِعَفْوِ أَحَدِهِمْ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَرَوَى أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْعَفْوِ. الْبِسَاطِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي الرُّجُولِيَّةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ بَعْدَهُ مَا إذَا كَانَ الْبَاقِي نِسْوَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي الْعَفْوِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لِعَفْوِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 77 وَالْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ، وَضِدِّهِ   [منح الجليل] جَمِيعِهِمْ فَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي الْبُنُوَّةِ أَوْ الْأُخُوَّةِ أَوْ الْعُمُومَةِ الْبُنَانِيُّ كَوْنُ الْمُرَادِ فِي الدَّرَجَةِ وَالِاسْتِحْقَاقُ فِيهِ بُعْدٌ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَأَصْلُهُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا احْتِرَازًا مِنْ اجْتِمَاعِ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ (وَ) إنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِنْتٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ فَ (الْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ) عَنْ الْقَاتِلِ (وَ) فِي (ضِدِّهِ) أَيْ الْعَفْوِ وَهُوَ الْقَتْلُ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تُسَاوِيهِمَا فِي الْمِيرَاثِ تَسَاوِيهِمَا فِي الْعَفْوِ وَضِدُّهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا عَفْوَ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبِنْتَ إذَا عَفَتْ فَلَا شَيْءَ مِنْ الدِّيَةِ لِلْأُخْتِ، وَكَذَا الْعَاصِبُ النَّازِلُ عَنْهَا، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ. فِيهَا إنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا بِنْتَه وَأُخْتَه فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَبِالْعَفْوِ إذَا مَاتَ مَكَانَهُ، وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَلْيُقْسِمْ الْعَصَبَةُ، فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ فَلَا عَفْوَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ لَا عَصَبَةَ لَهُ وَكَانَ قَتْلُهُ خَطَأً أَقْسَمَتْ بِنْتُهُ وَأُخْتُهُ وَأَخَذَتَا دِيَتَهُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا يَجِبُ الْقَتْلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَسَامَةٍ بِلَطْخٍ. ابْنُ شَاسٍ إنْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ سَقَطَ الْقَوَدُ إنْ سَاوَى مَنْ بَقِيَ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَنَاتُ مَعَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْأَبَوَانِ فَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قَتْلٍ، وَكَذَا الْأَخُ وَالْأَخَوَاتُ مَعَهُ وَالْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ لَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ مَعًا، فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ مَضَى عَلَى الْأَخَوَاتِ، وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ فَلَا يَمْضِي عَلَى الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخَوَاتِ بَنَاتٌ مَضَى عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْبَنَاتِ عَلَى الْأُمِّ، وَلَا يَمْضِي عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْأُمِّ عَلَى الْبَنَاتِ، وَمَتَى اجْتَمَعَتْ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ فَلَا قَوْلَ لِلْعَصَبَةِ لِأَنَّهُنَّ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ دُونَهُمْ، وَلَا تَجْرِي الْجَدَّةُ مَجْرَى الْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قِيَامٍ. ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مُحَصِّلُ قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأُمَّهَاتِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 78 وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا، أَوْ بِبَعْضِهِمَا، وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ، فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ،   [منح الجليل] وَإِنْ) قُتِلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَلَهُ بَنَاتٌ أَوْ أَخَوَاتٌ فَ (عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ) أَوْ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتٍ وَطَلَبَ بَاقِيهِنَّ الْقَتْلَ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) الْعَدْلُ فِي الْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ، فَمَا رَآهُ أَصْلَحَ أَمْضَاهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَاصِبِ لِإِرْثِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا بَقِيَ عَنْ الْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ الْعَدْلِ عِنْدَ عَدَمِهِ. عج وَمَوْضُوعُ الْكَلَامِ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ دُونَ أَحَدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ. فِيهَا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ عَصَبَتُهُ فَقُتِلَ عَمْدًا وَمَاتَ مَكَانَهُ وَتَرَكَ بَنَاتٍ فَلَهُنَّ أَنْ يَقْتُلْنَ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُنَّ وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ الْقَتْلَ نَظَرَ السُّلْطَانُ بِالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ أَوْ الْقَتْلَ أَمْضَاهُ. أَبُو عِمْرَانَ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ، لِأَنَّهُ يَرِثُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الْعَصَبَةِ الَّذِينَ يَرِثُونَ مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْبَنَاتُ عَلَى الْقَتْلِ وَأَرَادَ الْإِمَامُ الْعَفْوَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهُ، وَإِنَّمَا لَهُ النَّظَرُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْبَنَاتُ قِيلَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَدْلٌ كَوَقْتِنَا هَذَا قَالَ لَا قَتْلَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ بِالْمَوْضِعِ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ قَامُوا مَقَامَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ مِنْ إمْضَاءِ أَحْكَامِ قُضَاةِ الْبُغَاةِ. (وَفِي) اجْتِمَاعِ (رِجَالٍ) مُسْتَحِقِّينَ الِاسْتِيفَاءَ (وَنِسَاءٍ) مُسْتَحِقَّاتٍ لَهُ أَعْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةِ الرِّجَالِ (لَمْ يَسْقُطْ) الْقَتْلُ (إلَّا بِ) اتِّفَاقِ (هِمَا) أَيْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الْعَفْوِ (أَوْ) بِاتِّفَاقِ (بَعْضِ) كُلٍّ مِنْ (هُمَا) عَلَيْهِ، وَأَحْرَى بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الرِّجَالِ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ أَوْ جَمِيعِ النِّسَاءِ مَعَ بَعْضِ الرِّجَالِ (وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ) مِمَّنْ لَهُمْ الِاسْتِيفَاءُ الْقَوَدَ (فَلِمَنْ بَقِيَ) مِمَّنْ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ أَيْضًا (نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) فِي مَالِ الْقَاتِلِ. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ بَعْضُ مَنْ لَهُ الْعَفْوُ حَقَّهُ وَعَفَا عَنْ الْقَاتِلِ، فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ وَيَتَعَيَّنُ لِلْبَاقِينَ نَصِيبُهُمْ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ عَفَا جَمِيعُ الْأَوْلِيَاءِ فَلَا شَيْءَ لِلْبَنَاتِ، قَالَ فِيهَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْقَتْلِ عَمْدًا وَلِلْمَقْتُولِ بَنُونَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 79 كَإِرْثِهِ، وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ   [منح الجليل] وَبَنَاتٌ فَعَفْوُ الْبَنِينَ جَائِزٌ عَلَى الْبَنَاتِ وَلَا أَمْرَ لَهُنَّ مَعَ الْبَنِينَ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ، فَإِنْ عَفَوْا عَلَى الدِّيَةِ دَخَلَ فِيهَا النِّسَاءُ وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقُضِيَ مِنْهَا دَيْنُهُ، وَإِنْ عَفَا وَاحِدٌ مِنْ الْبَنِينَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَقُسِّمَتْ بَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى الْفَرَائِضِ، وَتَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا. وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ، وَلَوْ أَنَّهُ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ كَانَتْ لَهُ وَلِسَائِرِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَوَارِيثِ. وَإِذَا عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنَّمَا لَهُمْ إذَا عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إذَا اسْتَوَوْا فَهُمْ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيمَا ذَكَرْنَا اهـ. قَالَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ إذَا عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَيْضًا إنْ عَفَا الذُّكُورُ كُلُّهُمْ فَحَقُّ أَخَوَاتِهِمْ فِي الدِّيَةِ بَاقٍ. ابْنُ الْمَوَّازِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَفْوِهِمْ مَعًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ ثُمَّ عَفَا مَنْ بَقِيَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ أُخْتٍ وَزَوْجٍ وَزَوْجَةٍ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ لَهُمْ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ. وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ فَقَالَ (كَإِرْثِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ جَمِيعَ دَمِهِ كَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ قَتَلَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ أَخَوَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ وَوَرِثَهُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ فَقَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ فَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُ، بَلْ (وَلَوْ) وَرِثَ الْقَاتِلُ (قِسْطًا) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ بَعْضًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ كَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ قَتَلَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ إخْوَتِهِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَوَرِثَهُ الْقَاتِلُ وَأَخُوهُ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْقَوَدُ أَيْضًا، وَلِأَخِيهِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ يَسْتَقِلُّ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ. فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ أَوْ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ قَالَهُ أَشْهَبُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ، كَقَتْلِ أَحَدِ أَرْبَعَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ، أَحَدُهُمْ عَنْ بَنَاتٍ ثُمَّ مَاتَ أَخٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الْقَاتِلِ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ أَوْ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ. ابْنُ عَرَفَةَ إرْثُ الْقَاتِلِ بَعْضَ دَمِهِ يُسْقِطُ قَوَدَهُ، وَفِيهَا إنْ وَرِثَ الْقَاتِلُ أَحَدَ وَرَثَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 80 وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ   [منح الجليل] الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً. الصِّقِلِّيُّ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ مَنْ قَامَ مِنْهُمْ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى، فَإِنَّ لِلْبَاقِينَ قَتْلَهُ بَعْضُ الْفَاسِيِّينَ هَذَا وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ. " غ " فِي دِيَاتِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَكَانَ الْقَاتِلُ وَارِثَهُ بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ، وَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ. ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَوْ عَفَا لَمْ يَلْزَمْ عَفْوُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَلَا يَبْطُلُ الْقِصَاصُ. أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ هَذَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ كَالْعَفْوِ، وَمِنْ مِثْلِهِ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَنَاتِ وَتَرَكَتْ بَنِينَ وَلِأَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِبَعْضِ الْفَاسِيِّينَ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّشْبِيهِ أَنَّ إرْثَ الْقَاتِلِ دَمَ نَفْسِهِ كَالْعَفْوِ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ عَكْسِ التَّشْبِيهِ (وَإِرْثُهُ) أَيْ دَمِ الْقَاتِلِ (كَ) إرْثِ (الْمَالِ) " غ " أَيْ وَارِثُ الدَّمِ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ، فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ تُنَزَّلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ مِنْ ذَوِي الْفَرْضِ، فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ، وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا كَانَ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَكِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَفِي الرَّجْمِ مَنْ قُتِلَ وَلَهُ عَصَبَةٌ فَمَاتَتْ أُمُّهُ فَوَرَثَتُهَا مَكَانَهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً. وَفِي الدِّيَاتِ إنْ مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ رَجُلٌ وَرَثَتُهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ مَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ وَرِثْنَ الدَّمَ عَمَّنْ لَهُ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ فَهِمَ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ، وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الرِّجَالِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ. فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ الْقَتِيلُ عَمْدًا بِالْبَيِّنَةِ أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً فَمَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ أَوْ الْعَصَبَةُ فَوَرَثَتُهُ فِي مَنَابِهِ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَرَثَةُ هَذَا الْمَيِّتِ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ هُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَوَجَبَ حَمْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 81 وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ، بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ، وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ، كَعَكْسِهِ فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةٌ   [منح الجليل] وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ الْجَانِي (فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ بِأَقَلَّ) مِنْ الدِّيَةِ (وَ) بِ (أَكْثَرَ) مِنْهَا إذْ لَيْسَ فِي الْعَمْدِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَيَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا بِأَجَلِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَأَبْعَدَ مِنْهُ وَأَقْرَبَ، وَبِذَهَبٍ مَعَ أَهْلِ الْوَرِقِ وَعَكْسُهُ، وَبِإِبِلٍ فِيهِمَا وَعَكْسُهُ (وَ) الْقَتْلُ (الْخَطَأُ) حُكْمُهُ فِي الصُّلْحِ (كَبَيْعِ الدَّيْنِ) فِي أَحْكَامِهِ لِتَقَرُّرِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي مُؤَجَّلَةً بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَمَا يُصَالِحُ بِهِ مَأْخُوذٌ عَنْهَا فَيُمْنَعُ بِمُؤَجَّلٍ، أَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَبِذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَلَوْ حَالًّا وَعَكْسُهُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ بِعَرَضٍ مُعَجَّلٍ أَوْ بِإِبِلٍ مُعَجَّلَةٍ، وَلَا يَجُوزُ بِأَقَلَّ مُعَجَّلًا لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِيهَا مَنْ جَنَى خَطَأً وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءُ عَاقِلَتَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ عَجَّلُوهَا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ. وَفِي الْعَمْدِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَلَوْ صَالَحُوا بِذَهَبٍ وَالْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ أَوْ الْإِبِلِ، وَإِنَّمَا يُتَّقَى مَا يَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ. الصِّقِلِّيُّ إنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّ لَغْوُ اعْتِبَارِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ الْعَفْوُ فِي مَرَضِهِ. قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا بَعْضُ مَا اسْتَشْكَلَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ الدَّمُ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ بِالْجَبْرِ، وَهُوَ لَمْ يَقَعْ وَعَدَمُ وُقُوعِ السَّبَبِ الْخَاصِّ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مُسَبَّبِهِ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ يُعَدُّ مَالِكًا. (وَ) إنْ صَالَحَ الْجَانِي الْأَوْلِيَاءَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَ (لَا يَمْضِي) صِلَتُهُ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) لَهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَدْفَعُ الدِّيَةَ مِنْ مَالِهَا وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْجَانِي فَهُوَ فُضُولِيٌّ فِي صُلْحِهِ عَمَّا يَلْزَمُهَا. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمُضِيِّ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ إنْ صَالَحَتْ الْعَاقِلَةُ الْأَوْلِيَاءَ فَلَا يَمْضِي صُلْحُهَا عَلَى الْجَانِي لِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ صَالَحَ الْجَانِي عَنْ الْعَاقِلَةِ فِيمَا عَلَيْهَا فَأَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهَا، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا الْعَكْسُ وَاضِحٌ، لِأَنَّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ دُونَهَا كَأَجْنَبِيٍّ. (فَإِنْ عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْجَانِي خَطَأً (فَ) عَفْوُهُ (وَصِيَّةٌ) أَيْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إيصَائِهِ بِالدِّيَةِ لِعَاقِلِهِ الْجَانِي فَهِيَ فِي ثُلُثِهِ، فَإِنْ حَمَلَهَا نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وَقَفَ الزَّائِدُ عَلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 82 وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ، وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا،   [منح الجليل] إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرَ الدِّيَةِ ضُمَّ لَهَا وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ الْمَجْمُوعِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْعَفْوُ عَنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ تَرْكُ مَالٍ فِيهَا مَنْ عَفَا عَنْ عَبْدٍ قَتَلَهُ خَطَأً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِهِ جَازَ عَفْوُهُ وَإِلَّا جَازَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ (وَ) إنْ أَوْصَى شَخْصٌ بِوَصَايَا وَقُتِلَ خَطَأً وَلَزِمَتْ دِيَتُهُ عَاقِلَةَ قَاتِلِهِ فَ (تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ) أَيْ ثُلُثِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ أَوْصَى بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ، بَلْ (وَإِنْ) أَوْصَى بِهَا (بَعْدَ سَبَبِهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَوْ إنْفَاذُ الْمَقْتَلِ، وَاخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ فِي الْمُبَالَغَةِ فَقَالَ الشَّارِحُ تَدْخُلُ الْوَصَايَا بَعْدَ سَبَبِ الدِّيَةِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَوْ إنْفَاذُ الْمَقْتَلِ، وَأَحْرَى إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ، فَالْمُبَالَغَةُ حَسَنَةٌ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ أَوْصَى بَعْدَ سَبَبِهَا فَدُخُولُهَا فِيهَا ظَاهِرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ سَبَبِهَا فَقَوْلُهُ، وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَلَا قَوْلَ الشَّارِحِ، وَأَحْرَى مَا قَبْلَ سَبَبِهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَوْصَى لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَانِي عَلَى بَحْثٍ فِيهِ اهـ. وَمِثْلُهُ لغ قَالَ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ الْمَعْكُوسَةِ، وَصَوَابُهُ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا لِتَقْسِيمِ الْمُبَالَغَةِ، وَيَكُونُ الْمَجْرُورَانِ مَعْطُوفَيْنِ عَلَى الظَّرْفِ، فَالْكُلُّ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ بَعْدَ سَبَبِهَا أَوْ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ قَبْلَهَا إذَا عَاشَ بَعْدَهَا إلَخْ كَلَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَصْلُهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهِ وَإِذَا عَفَا الْمَقْتُولُ خَطَأً عَنْ دِيَتِهِ جَازَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا فَلْتُحَاصَصْ الْعَاقِلَةُ وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثٍ لِرَجُلٍ بَعْدَ الضَّرْبِ دَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي دِيَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ مَالٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ وَعَاشَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَمَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يُعْرَفُ فِيهِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَمْ يُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ اهـ. الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ لَوْ قَالَ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا كَمَا قَالَ " غ " الْعَدَوِيُّ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي الدِّيَةِ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِينَ الْإِيصَاءِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا عَلِمَهُ حِينَ إيصَائِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَالَغَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدْخُلُ مَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَدْخُلُ فِيمَا عَلِمَهُ حِينَ إيصَائِهِ. فَجَوَابُهُ أَنَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 83 أَوْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ: إذَا عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ: بِخِلَافِ الْعَمْدِ: إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ، وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ   [منح الجليل] الْمُوصِيَ لَمَّا عَاشَ بَعْدَ السَّبَبِ وَأَمْكَنَهُ التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْإِيصَاءِ بَعْدَ السَّبَبِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعِلْمِ حِينَ الْمَوْتِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِيصَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) أَوْصَى لِشَخْصٍ (بِثُلُثِهِ) أَيْ الْمُوصِي قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُهُ بِمَالِهِ حِينَ مَوْتِهِ وَهُوَ عِنْدَهُ عَالِمٌ بِالدِّيَةِ (أَوْ) أَوْصَى (بِشَيْءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَدَابَّةٍ أَوْ دَارٍ مُعَيَّنَةٍ قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ (إذَا عَاشَ) الْمُوصِي بِالْكَسْرِ (بَعْدَهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ خَطَأً (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُمْكِنُهُ) أَيْ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ فِيهِ (التَّغْيِيرُ) لِوَصِيَّتِهِ وَهُوَ ثَابِتُ الذِّهْنِ سَالِمُ الْعَقْلِ (فَلَمْ يُغَيِّرْ) هَا تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ إيصَائِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالدِّيَةِ. الْعَدَوِيُّ أَوْ بِثُلُثِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ بِغَيْرِ ثُلُثِهِ وَبِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِثُلُثِهِ إلَخْ. الْبُنَانِيُّ لَوْ حَذَفَ هَذَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِثُلُثِهِ لَا مَعْنَى لِهَذَا الْعَطْفِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِيَكُونَ قَوْلُهُ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مُتَعَلِّقًا بِلَفْظِ الْوَصَايَا، وَيُسْتَغْنَى حِينَئِذٍ عَمَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ لِدُخُولِهِ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَالتَّقْدِيرُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهِ، أَيْ ثُلُثِ الدِّيَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا. (بِخِلَافِ) دِيَةِ (الْعَمْدِ) فَلَا تَدْخُلُ فِيهَا الْوَصَايَا وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ ضَرْبِهِ لِعَدَمِ عِلْمِ الْمَيِّتِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ لِتَعَيُّنِ الْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقْتَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ يَفْرِي وَدَجَهُ مَثَلًا (وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ) مِنْ الْجَانِي عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ (وَعَلِمَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبُولَهُ الدِّيَةَ فَتَدْخُلُ وَصَايَاهُ فِيهَا لِعِلْمِهِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِيصَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ وَعَاشَ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَهُ التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ فِي الشَّامِلِ وَلَا مَدْخَلَ لِوَصِيَّةٍ فِي دِيَةِ عَمْدٍ وَإِنْ وُرِثَتْ كَمَالِهِ وَغَرِمَ الدَّيْنَ مِنْهَا. وَلَوْ قَالَ إنْ قَبِلَ أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا أَوْ أَوْصَيْت بِثُلُثِهَا وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا شَيْءٌ فِي ثُلُثِهِ لَا إذَا أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَقَبِلَ أَوْلَادَهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ بِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 84 وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ، أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ: فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقَتْلُ، وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَبَرِئَ   [منح الجليل] وَإِنْ) جَرَحَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا أَوْ خَطَأً وَ (عَفَا) الْمَجْرُوحُ (عَنْ جُرْحِهِ) بِلَا مَالٍ (أَوْ صَالَحَ) الْجَانِيَ عَنْهُ بِمَالٍ (فَ) نَزَّا الْجُرْحُ حَتَّى (مَاتَ) الْمَجْرُوحُ مِنْهُ (فَلِأَوْلِيَائِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ) فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نَفْسٍ وَالْعَفْوُ أَوْ الصُّلْحُ إنَّمَا كَانَ جُرْحٌ فَلَهُمْ نَقْضُهُ وَلَهُمْ إمْضَاؤُهُ. (وَ) إنْ نَقَضُوهُ (رَجَعَ) الْجَانِي بِمَا دَفَعَهُ لِلْمَجْرُوحِ صُلْحًا إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ أَمْضَوْهُ فَلَيْسَ لِلْجَانِي أَنْ يَقُولَ لِلْأَوْلِيَاءِ رُدُّوا إلَيَّ الْمَالَ الَّذِي دَفَعْته لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَاقْتُلُونِي. الْحَطّ قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ إلَخْ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَعَفَا ثُمَّ مَاتَ. أَبُو الْحَسَنِ إنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْيَدِ لَا غَيْرُ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَالَ عَنْ الْيَدِ وَمَا تَرَامَى إلَيْهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ قَالَ عَفَوْت فَقَطْ حُمِلَ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ فِي الْحَالِ وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا بِمَا فِيهِ الْكَافِيَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِهِ فَ (لِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ) أَيْ طَلَبُ حَلِفِ الْوَلِيِّ (عَلَى) عَدَمِ (الْعَفْوِ) عَلَى الْمَشْهُورِ (فَإِنْ) حَلَفَ الْوَلِيُّ عَلَى عَدَمِهِ سَقَطَتْ دَعْوَى الْقَاتِلِ وَاسْتَمَرَّ الْوَلِيُّ عَلَى حَقِّهِ، فَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ (نَكَلَ) الْوَلِيُّ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ عَفْوِهِ (رُدَّتْ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْيَمِينُ عَلَى الْقَاتِلِ (وَحَلَفَ) الْقَاتِلُ يَمِينًا (وَاحِدَةً) عَلَى عَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا كَانَ يَحْلِفُ وَاحِدَةً وَالْيَمِينُ تُرَدُّ عَلَى نَحْوِ مَا تَتَوَجَّهُ أَوَّلًا (وَ) إنْ حَلَفَ الْقَاتِلُ عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ (بَرِئَ) مِنْ الْقَتْلِ، وَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْجَانِي عَفْوَ وَلِيٍّ اسْتَحْلَفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْقَاتِلُ الصِّقِلِّيُّ إنَّمَا يَحْلِفُ الْقَاتِلُ يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. عِيَاضٌ يَقُومُ مِنْهُ إلْزَامُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 85 وَتُلُوِّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ   [منح الجليل] الْيَمِينِ فِي الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ، وَفِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ فِي هِبَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْكِرَاءِ وَالْإِقَالَةِ وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ، وَلِهَذَا لَمْ يَرَ أَشْهَبُ يَمِينًا فِي دَعْوَى الْعَفْوِ، وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي التَّنَازُعِ فِيهِ فَقِيلَ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ، وَقِيلَ اخْتِلَافُ حَالٍ، فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَتَلْزَمُ مَعَ وُجُودِ التُّهْمَةِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْحَلِفَ فِي الدَّمِ إنَّمَا هُوَ خَمْسُونَ يَمِينًا فَهَذَا أَرَادَ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ قَسَامَةً أَوْ مَعَ الْقَسَامَةِ قَسَامَةً أُخْرَى، وَلَوْ رَضِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، أَلَا تَرَى لَوْ اسْتَحْلَفَهُ فَلَمَّا قَامَ لِيَقْتُلَهُ قَالَ عَفَا عَنِّي. قُلْت هَذَا يَرُدُّ تَعْلِيلَ قَوْلِهِ بِعَدَمِ تَوَجُّهِ يَمِينٍ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمَعْرُوفِ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ. ابْنُ عَاشِرٍ وَالْمِسْنَاوِيُّ قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ يَرُدُّ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ هُنَا بِالنُّكُولِ وَالْيَمِينِ. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ اخْتَلَفَ إذَا قَامَ لِلْقَاتِلِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِالْعَفْوِ فَفِي الشَّهَادَاتِ مِنْ مُخْتَصَرِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَنَحْوُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ. وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْقَرَوِيِّينَ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَاحْتَجَّ بِمَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ادِّعَاءِ الْقَاتِلِ الْعَفْوَ. قُلْت كُلُّ هَذَا قُصُورٌ مِنْ قَوْلِ عِيَاضٍ يَقُومُ مِنْهُ إلْزَامُ الْيَمِينِ فِي الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ، وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ إلَخْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ عَفْوَ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ وَطُلِبَتْ مِنْ الْقَاتِلِ بَيِّنَةٌ بِهِ بِالْعَفْوِ فَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِهِ غَائِبَةً (تَلَوَّمَ) الْإِمَامُ (لَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ وَأَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ (فِي دَعْوَى) الْقَاتِلِ بَيِّنَةً غَائِبَةً شَاهِدَةً لَهُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ لِإِحْضَارِ (بَيِّنَتِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (الْغَائِبَةِ) الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ وَعِيَاضٌ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِالْقَرِيبَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَالْقُرْبُ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِفْرِيقِيَّةَ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ بَيِّنَةً غَائِبَةً تَلَوَّمَ لَهُ فِيهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 86 وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ، وَلَوْ نَارًا إلَّا بِخَمْرٍ، أَوْ لِوَاطٍ، وَسِحْرٍ، وَمَا يُطَوِّلُ وَهَلْ وَالسُّمُّ، أَوْ يُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ: تَأْوِيلَانِ،   [منح الجليل] الْإِمَامُ فَلَمْ يُقَيِّدْهَا الصِّقِلِّيُّ وَلَا عِيَاضٌ، وَفِي رَجْمِهَا إنْ ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ مَقْذُوفَهُ عَبْدٌ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً فَإِنْ قَرُبَتْ تَلَوَّمَ الْإِمَامُ، وَإِنْ بَعُدَتْ حُدَّ لَهُ، فَعَلَى تَقْيِيدِهَا بِهَا يَكُونُ وِفَاقًا، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ فِي الْحُقُوقِ يَحْلِفُ هُنَا (وَقُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاتِلُ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ إلَخْ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا (بِ) مِثْلِ (مَا) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي (قَتَلَ) الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ (بِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ نَارًا، بَلْ (وَ) لَوْ كَانَ (نَارًا) فَيُقْتَلُ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وقَوْله تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَاسْتَثْنَى مِمَّا قَتَلَ بِهِ فَقَالَ (إلَّا) قَتْلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا (بِ) إكْرَاهِهِ عَلَى شُرْبِ (خَمْرٍ) حَتَّى مَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِمِثْلِ ذَلِكَ (وَ) إلَّا قَتْلَهُ بِ (لِوَاطٍ) فَلَا يُقْتَلُ بِجَعْلِ نَحْوِ خَشَبَةٍ فِي دُبُرِهِ (وَ) إلَّا قَتْلَهُ بِ (سِحْرٍ) فَلَا يُجْبَرُ الْقَاتِلُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ بِسِحْرٍ (وَ) إلَّا قَتْلَهُ بِ (مَا) أَيْ شَيْءٍ (يُطَوِّلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً، أَيْ تَطُولُ مَعَهُ الْحَيَاةُ وَلَا يُعَجَّلُ الْمَوْتُ كَنَخْسٍ بِإِبْرَةٍ فَلَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ، بَلْ يُقْتَلُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِالسَّيْفِ فِي الْأَرْبَعَةِ لِتَحْرِيمِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَتَعْذِيبِ الرَّابِعِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ، فَرُبَّ شَخْصٍ يَمُوتُ بِهِ سَرِيعًا وَآخَرُ يَطُولُ. (وَهَلْ وَ) إلَّا قَتْلَهُ بِ (السُّمِّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَكْثَرِ وَضَمِّهَا لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَكَسْرِهَا لُغَةُ تَمِيمٍ، فَلَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ، وَيَتَعَيَّنُ بِالسَّيْفِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ قَوْلُهَا وَمَنْ سَقَى رَجُلًا سُمًّا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِغَيْرِ السُّمِّ (أَوْ) يُقْتَلُ بِهِ (وَيُجْتَهَدُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ (فِي قَدْرِهِ) أَيْ السُّمِّ الَّذِي يَقْتُلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَمْزِجَةِ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ شَاسٍ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقِصَاصِ مَرْعِيَّةٌ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ. أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ مَنْ قَتَلَ بِشَيْءٍ قُتِلَ بِهِ إلَّا فِي وَجْهَيْنِ، وَفِي وَصْفَيْنِ الْأَوَّلُ الْمَعْصِيَةُ كَالْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ. الثَّانِي النَّارُ وَالسُّمُّ، وَقِيلَ يُقْتَلُ بِالنَّارِ وَالسُّمِّ، سَمِعَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَ الْقَاسِمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 87 فَيُغَرَّقُ، وَيُخْنَقُ، وَيُحَجَّرُ، وَيُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ: كَذِي عَصَوَيْنِ، وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] مَنْ قُتِلَ بِتَغْرِيقٍ أَوْ سُمٍّ قُتِلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي السُّمِّ، وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ فَقَالَ يَعْنِي يُوجِبُ الْقَوَدَ بِغَيْرِ السُّمِّ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ كَتَأْوِيلِ أَصْبَغَ. قَوْلَ مَالِكٍ فِيهِ وَإِذَا قَيَّدَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ بِالسُّمِّ فَأَحْرَى بِالنَّارِ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ لِإِيقَادٍ بِالنَّارِ. الْبَاجِيَّ الْمَشْهُورُ قَتْلُهُ بِمَا قَتَلَ بِهِ مِنْ نَارٍ أَوْ غَيْرِهَا. (فَيُغَرَّقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلًا الْقَاتِلُ بِالتَّغْرِيقِ (وَيُخْنَقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ (وَيُحْجَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلًا. أَيْ يُضْرَبُ بِالْحَجَرِ الْقَاتِلِ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ (وَضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاتِلُ (بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ) وَشَبَّهَ فِي الضَّرْبِ بِالْعَصَا إلَى الْمَوْتِ فَقَالَ (كَذِي) أَيْ صَاحِبِ (عَصَوَيْنِ) مُثَنَّى عَصَا، أَيْ مَنْ ضَرَبَ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا بِعَصَوَيْنِ فَمَاتَ فَيُضْرَبُ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي عَدَدِ الضَّرَبَاتِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ ضُرِبَ بِالْعَصَا مِثْلَ الْعَدَدِ الْأَوَّلِ، فَلَمْ يَمُتْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُضْرَبُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ الْعَصَا تُجْهِزُ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قُتِلَ بِهَا، وَأَمَّا ضَرَبَاتٌ فَلَا وَلْيَقْتُلْهُ بِالسَّيْفِ. وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ رَأَى أَنَّهُ إنْ زِيدَ مِثْلُ الضَّرْبَتَيْنِ مَاتَ زَيْدٌ ذَلِكَ وَإِلَّا فَبِالسَّيْفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ قُتِلَ الْأَوَّلُ بِالنَّبْلِ أَوْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ أَوْ بِطَرْحٍ مِنْ جِدَارٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ عَلَى سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالسَّيْفُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخْطِئُ فَيَصِيرُ تَفْوِيتًا، وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ الْقَوَدُ بِمِثْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُخْطِئَ فَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يُقْتَلُ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ مَنْ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ. (وَمُكِّنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا شَخْصٌ (مُسْتَحِقٌّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِلْقَتْلِ (مِنْ) قَتْلِ الْقَاتِلِ بِ (السَّيْفِ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ قَتَلَ بِهِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْقِصَاصِ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَهْمَا عَدَلَ إلَى السَّيْفِ مُكِّنَ (وَ) إنْ جَنَى شَخْصٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 88 وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إنْ تَعَمَّدَهُ، وَإِنْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً: كَالْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ   [منح الجليل] غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ عَلَى عُضْوٍ مَعْصُومٍ عَمْدًا عُدْوَانًا ثُمَّ قَتَلَهُ كَذَلِكَ (انْدَرَجَ) فِي قَتْلِ النَّفْسِ (طَرَفٌ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ يَلِيهَا فَاءٌ كَعَيْنٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ (إنْ تَعَمَّدَهُ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ الْجَانِي الطَّرَفَ إنْ كَانَ الطَّرَفُ لِلْمَقْتُولِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ عَمْدًا وَقَتَلَ آخَرَ عَمْدًا فَيُقْتَلُ الْجَانِي فَقَطْ، وَلَا يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ أَطْرَافِهِ وَلَا تُفْقَأُ عَيْنُهُ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ) الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ عَلَى الطَّرَفِ (مُثْلَةً) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ تَمْثِيلًا وَتَشْوِيهًا، فَإِنْ قَصَدَهَا فَلَا يَنْدَرِجُ الطَّرَفُ فِي الْقَتْلِ فَيُقْتَصُّ مِنْ الطَّرَفِ ثُمَّ يُقْتَلُ. وَشَبَّهَ فِي الِانْدِرَاجِ فَقَالَ (كَالْأَصَابِعِ) الَّتِي قُطِعَتْ عَمْدًا عُدْوَانًا فَتَنْدَرِجُ (فِي) قَطْعِ (الْيَدِ) فَإِنْ قَطَعَ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ الْمُكَلَّفِ إلَخْ أَصَابِعَ مَعْصُومٍ عَمْدًا عُدْوَانًا ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ فَتُقْطَعُ يَدُ الْقَاطِعِ مِنْ كُوعِهَا، وَيَكْفِي قَطْعُهَا فِي الْقِصَاصِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَصَابِعُ وَالْكَفُّ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ لِشَخْصَيْنِ، فَإِنْ قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَيُقْطَعُ لَهُمْ مِنْ الْمِرْفَقِ فَقَطْ، وَتَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَصَابِعُ وَالْكَفُّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِقَطْعِ الْأَصَابِعِ أَوَّلًا التَّمْثِيلَ، فَإِنْ قَصَدَهُ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ ثُمَّ كَفُّهُ. وَمَفْهُومُ إنْ تَعَمَّدَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ فَلَا يَنْدَرِجُ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ خَطَأً ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَدِيَةُ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ. فِيهَا إنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ يُقْتَلُ وَلَا تُقْطَعُ يَدَاهُ وَلَا رِجْلَاهُ، وَكُلُّ قِصَاصِ الْقَتْلِ يَأْتِي عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَذَابِ. أَصْبَغُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَاتِلُ بِقَطْعِ يَدِهِ الْعَبَثَ وَالْإِيلَامَ يُقْتَلُ، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ وَقَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ قَتْلَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَتَلَهُ فَوْرًا قُتِلَ، وَلَا يُقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَرَادَ بِهِ مُثْلَةً وَهُوَ أَحْسَنُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 89 وَدِيَةُ الْخَطَإِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ: بِنْتُ مَخَاضٍ، وَوَلَدَا لَبُونٍ، وَحِقَّةٌ: وَجَذَعَةٌ وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ لَوْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ يَدَهُ فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ بِنِيَّةٍ حَدَثَتْ كَفَى قَطْعُ يَدِهِ عَنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ قَطْعِ الْجَمِيعِ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ، جَرَى عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْقَتْلِ عَنْ الْقَطْعِ. ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُرِدْ الْمُثْلَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَمَالِكٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْيَدِ قَصْرُ الْخِلَافِ عَلَى قَصْدِ الْمُثْلَةِ (وَدِيَةُ) الْقَتْلِ (الْخَطَأِ) ابْنُ عَرَفَةَ الدِّيَةُ مَالٌ يَجِبُ بِقَتْلِ آدَمِيٍّ حُرٍّ عَنْ دَمِهِ أَوْ بِجُرْحِهِ مُقَدَّرًا شَرْعًا لَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَخْرُجُ مَا يَجِبُ بِقَتْلِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ قِيمَةِ بَهِيمَةٍ، وَمَا يَجِبُ بِقَتْلِ رِقٍّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْحُكُومَةُ (عَلَى) عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ (الْبَادِي) أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْبَادِيَةِ لِسُكَّانِهَا لِلْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إبِلٌ فَالظَّاهِرُ تَكْلِيفُهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ حَاضِرَتِهِمْ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ (مُخَمَّسَةٌ) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ خَمْسَةِ أَصْنَافٍ مِنْ نَوْعِ الْإِبِلِ رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا عِشْرُونَ (بِنْتُ مَخَاضٍ) أَيْ أُمِّ حَامِلِ مَخْضِ الْجَنِينِ وَتَحَرَّكَ فِي بَطْنِهَا (وَ) أَرْبَعُونَ (وَلَدَا) بِفَتْحِ الدَّالِ مُثَنَّى وَلَدٍ (لَبُونٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ أُمٍّ ذَاتِ لَبَنٍ عِشْرُونَ إنَاثًا وَعِشْرُونَ ذُكُورًا (وَ) عِشْرُونَ (حِقَّةً وَ) عِشْرُونَ (جَذَعَةً) هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (وَرُبِّعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ أُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ مِنْ نَوْعِ الْإِبِلِ (فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ) عُفِيَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً لِأَنَّهَا فِي الْعَمْدِ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ وَلَا مَعْلُومَةٍ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي وَتَرْبِيعُهَا (بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ) الذَّكَرِ مِنْ الْمُخَمَّسَةِ وَتُؤْخَذُ الْمِائَةُ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِهَذَا مَضَتْ السُّنَّةُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ. ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إذَا قُبِلَتْ مُبْهَمَةً مُرَبَّعَةً يُطْرَحُ ابْنُ اللَّبُونِ. الْبَاجِيَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ اصْطَلَحُوا عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ اصْطَلَحُوا عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ أَوْ عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى دِيَةٍ مِثْلِ دِيَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 90 وَثُلِّثَتْ فِي الْأَبِ وَلَوْ مَجُوسِيًّا فِي عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ : كَجُرْحِهِ   [منح الجليل] الْخَطَأِ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْمُبْهَمَةُ فِي الْعَمْدِ مُرَبَّعَةٌ، وَفِيهَا دِيَةُ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ مُبْهَمَةً فَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْنَانٍ. ابْنُ يُونُسَ وَكَذَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ فَجَازَ عَلَى مَنْ يَفِي قُضِيَ لَهُ مِنْ حِسَابِ الدِّيَةِ الْمُرَبَّعَةِ. ابْنُ شَاسٍ وَأَمَّا دِيَةُ الْعَمْدِ إذَا وَجَبَتْ فَمُرَبَّعَةٌ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ الْإِنَاثِ بَعْدَ إسْقَاطِ ابْنِ اللَّبُونِ. (وَثُلِّثَتْ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً، أَيْ أُخِذَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ (فِي) قَتْلِ (الْأَبِ) وَلَدَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَكِتَابِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مَجُوسِيًّا فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ الْأَبُ (بِهِ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْقَتْلِ كَإِضْجَاعِهِ وَذَبْحِهِ أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَعُفِيَ عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ كَفِعْلِ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنَزَّى جُرْحُهُ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَرِيفُهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اُعْدُدْ لِي عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْك، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خِلْفَةً، ثُمَّ قَالَ أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ، قَالَ هَا أَنَا ذَا، قَالَ خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ» ، كَذَا فِي الْمُوَطَّإِ وَفِي غَيْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِأُمِّ الْمَقْتُولِ وَأَخِيهِ فَدَفَعَهَا لَهُمَا، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا مِمَّنْ قَتَلَهُ» ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ عَنْ الْخَطَأِ وَالْعَمْدُ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ، فَفِي الْأَوَّلِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُخَمَّسَةٌ، وَفِي الثَّانِي الْقِصَاصُ، وَأَرَادَ بِالْأَبِ الْأَصْلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، فَشَمَلَ الْأُمَّ وَالْأَجْدَادَ دُونَ غَيْرِهِمْ قَالَهُ تت. طفي الْمُدْلِجِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ الْمَنْسُوبُ لِبَنِي مُدْلِجٍ وَسُرَاقَةَ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَجُعْشُمٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقُدَيْدٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَدَالَيْنِ مُهْمَلَيْنِ وَخَصَّ سُرَاقَةَ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْقَوْمِ وَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ لِيَخْتَارَ اهـ. وَشَبَّهَ فِي التَّغْلِيظِ فَقَالَ (كَجُرْحِهِ) أَيْ الْأَبِ وَلَدَهُ عَمْدًا فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ دِيَتُهُ بِحَسَبِهِ كَمَا غُلِّظَتْ دِيَةُ النَّفْسِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ طفي كَجُرْحِهِ أَيْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 91 بِثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً: بِلَا حَدِّ سِنٍّ   [منح الجليل] لِلتَّرْبِيعِ أَوْ التَّثْلِيثِ فِي النَّفْسِ يُوجِبُهُ فِي الْجُرْحِ أَيْضًا. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ تَغْلِيظِ الْجُرْحِ فِي الدِّيَتَيْنِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ حُكْمُ الدِّيَةِ كَامِلَةً. اهـ. فَلَيْسَ الضَّمِيرُ فِي جُرْحِهِ لِلْأَبِ لِقُصُورِهِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يَنْسِجُ عَلَى مِنْوَالِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ وَتُغَلَّظُ أَيْضًا فِي الْجِرَاحِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْخِلَافِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ، كَجُرْحِهِ عَلَى مَعْنَى كَجُرْحِ مَا ذَكَرَ مِنْ مُوجِبِ التَّخْمِيسِ وَالتَّرْبِيعِ وَالتَّثْلِيثِ، إذْ الْجُرْحُ تَابِعٌ لِلدِّيَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، فَفِيهَا إنْ قَطَعَ رَجُلٌ أُصْبُعَ رَجُلٍ خَطَأً كَانَ فِي مَالِهِ ابْنَتَا مَخَاضٍ وَابْنَتَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ اهـ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ قُلْت لِعِيسَى مَنْ أُصِيبَتْ أُنْمُلَتُهُ قَالَ يَأْتِي بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ، فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا لِلْمَجْرُوحِ ثُلُثَا كُلِّ بَعِيرٍ، وَلِلْجَارِحِ ثُلُثُ كُلِّ بَعِيرٍ مِنْهَا وَأُنْمُلَتَانِ يَأْتِي بِعَشْرٍ كَذَلِكَ يَكُونُ لِلْمَجْرُوحِ ثُلُثَا كُلِّ بَعِيرٍ، وَإِنْ قُطِعَتْ أُصْبُعٌ عَمْدًا وَصَالَحَ عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ يَأْتِي بِثَمَانِيَةِ أَبْعِرَةٍ مِنْ وَاجِبِ أَسْنَانِ الْعَمْدِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كُلِّ سِنٍّ بَعِيرٌ أَنْ تَكُونَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَأْتِي بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ وَاحِدٌ فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا وَبِالنِّصْفِ. وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ بَعِيرًا كَمَا فِي مَسَائِلِ الْحُكُومَةِ فَفِي الْمُرَبَّعَةِ يَأْتِي بِأَرْبَعَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ وَاحِدَةٌ يَكُونُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الرُّبُعُ مِنْ كُلٍّ، وَفِي الْمُثَلَّثَةِ يَأْتِي بِثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ أَسْنَانِهَا وَاحِدَةٌ يَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ جَذَعَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ خِلْفَةٍ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ. وَيَكُونُ التَّثْلِيثُ (بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ حَوَامِلَ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ (بِلَا حَدٍّ) أَيْ تَحْدِيدٍ (بِسِنٍّ) فِي الْخَلِفَاتِ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْعُ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ إيجَابَ ضَرْبِ الْوَلَدِ فَمَاتَ مِنْهُ الْقِصَاصُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ، وَإِذَا قَتَلَ الْأَبُ ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ حَذَفَهُ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا مِمَّا يُقَادُ مِنْ غَيْرِ الْوَالِدِ فِيهِ دُرِئَ عَنْهُ الْقَوَدُ، وَالْأُمُّ كَالْأَبِ، وَأَبُ الْأَبِ كَالْأَبِ، وَكَذَا قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ التَّغْلِيظُ فِي الْجِرَاحِ إلَّا فِي الْأَبِ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ وَالْأُمَّ، إذْ لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا تُغَلَّظُ فِي جَدٍّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 92 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلَا جَدَّةٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا تُغَلَّظُ فِي الْجَدِّ، أَرَادَ وَالْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَلَا تُغَلَّظُ عَلَى قَوْلِهَا فِي الْجَدِّ لِلْأَبِ وَلَا فِي الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِ الْأُمِّ وَلَا أُمِّ أَبِ الْأَبِ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تُغَلَّظُ فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ كُلِّهِمْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ وَقَفَ فِي الْجَدِّ لِلْأُمِّ وَكُلَّمَا ثَبَتَ التَّغْلِيظُ انْتَفَى الْقِصَاصُ، وَكُلَّمَا انْتَفَى ثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ الَّذِي يُشْبِهُ الْعَمْدَ، وَإِنْ لَمْ يَعْمِدْ الْقَتْلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا هُوَ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ، كَضَرْبِهِ بِعَصًا فَيَمُوتُ بِهِ، أَوْ بِسَوْطٍ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ وَشِبْهِ ذَلِكَ. وَفِيهَا أَضْجَعَ ابْنَهُ وَذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ أَوْ صَنَعَتْ ذَلِكَ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَأَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ لَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذَا الْقِصَاصَ خِلَافًا. وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَوْ أَضْجَعَهُ فَذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ قَتْلَ غِيلَةٍ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُقْتَلُ بِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ بِهِ بِحَالٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ كَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ. وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي الرَّجُلِ يَضْجَعُ ابْنَهُ فَيَذْبَحُهُ وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَاخْتَلَفُوا إذَا قَالَ الِابْنُ أَضْجَعَنِي أَبِي وَذَبَحَنِي وَمَاتَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ بِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ سَمِعَهُ يَحْيَى، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا يَجْرَحُ الْأَبُ وَلَدَهُ أَوْ يَقْطَعُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَائِهِ بِحَالِ مَا صَنَعَ الْمُدْلِجِيُّ، فَإِنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ فِيهِ. الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ تُغَلَّظُ فِي الْجُرْحِ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَالثَّابِتُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ التَّغْلِيظُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمْدًا لَا شَكَّ فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مِثْلُ أَنْ يُضْجِعَهُ وَيَذْبَحَهُ أَوْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ تَعَمُّدًا لِفَقْئِهَا. ابْنُ شَاسٍ إذَا ثَبَتَ الْقِصَاصُ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ غَيْرَ وَلَدِ الْأَبِ مِثْلَ الْعَصَبَةِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُ الْقِصَاصِ عَلَى الْأَجْدَادِ أَنْ يَكُونَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ غَيْرَ وَلَدِ الْأَبِ. قُلْت عَبَّرَ عَنْهُ فِي آخِرِ فَصْلِ الْقِصَاصِ بِقَوْلِهِ يُكْرَهُ قِصَاصُ الِابْنِ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ نَصُّ دِيَاتِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 93 وَعَلَى الشَّامِيِّ، وَالْمِصْرِيِّ، وَالْمَغْرِبِيِّ: أَلْفُ دِينَارٍ، وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ: اثْنَا عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ، فَيُزَادُ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ   [منح الجليل] إنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَلَدَ الْقَاتِلِ فَقَدْ كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْقِصَاصَ مِنْهُ، وَقَالَ يُكْرَهُ أَنْ يُحْلِفَهُ فِي الْحَقِّ، فَكَيْفَ يُقْتَصُّ مِنْهُ. وَفَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْكَرَاهَةَ بِالتَّحْرِيمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ قَذْفِهَا اسْتَثْقَلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ يُحَدَّ لِوَلَدِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَامَ بِحَقِّهِ حُدَّ لَهُ (وَ) عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً (الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ) شَرْعِيٌّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ ذَهَبٍ (وَعَلَى) عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً (الْعِرَاقِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) شَرْعِيٍّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ وَرِقٍ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَوَّمَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ حِينَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ ذَهَبًا وَوَرِقًا وَتَرَكَ دِيَةَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِهَا بِحَالِهَا ثُمَّ قَالَ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ صِنْفٌ غَيْرُهُ وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَةِ بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرَضٌ. ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ فِيهَا كَأَهْلِ الشَّامِ الْجَلَّابُ وَالْمَغْرِبِ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَنْدَلُسِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَعَلَى ذَوِي الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِيهَا كَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَخُرَاسَانَ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَشْهَبَ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَهْلُ ذَهَبٍ أَصْبَغُ هُمْ الْيَوْمَ كَذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِبِلِ هُمْ الْبَوَادِي وَأَهْلُ الْعَمُودِ، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَمْصَارِ وَالْمَدَنِ فَأَهْلُ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ هُمْ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَ أَهْلِ الْبِلَادِ تَنْتَقِلُ، وَأَهْلِ الْأَنْدَلُسِ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْقَدِيمِ أَهْلَ وَرِقٍ عَلَى مَا يُوجَدُ فِي وَثَائِقِهِمْ وَقَالَهُ الْمُؤَرِّخُونَ. قُلْت اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَلْفَ دِينَارٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ (إلَّا فِي) الدِّيَةِ (الْمُثَلَّثَةِ) عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ (فَيُزَادُ) عَلَى الْأَلْفِ دِينَارٍ لِأَهْلِ الذَّهَبِ، وَعَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِأَهْلِ الْوَرِقِ وَنَائِبُ فَاعِلِ يُزَادُ (نِسْبَةُ مَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (بَيْنَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 94 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قِيمَتَيْ، (الدِّيَتَيْنِ) الْمُخَمَّسَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ لَقِيمَة الْمُخَمَّسَةِ، فَإِنْ كَانَتْ رُبُعًا زِيدَ عَلَى الْأَلْفِ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ رُبُعُهُ، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا زِيدَ ثُلُثُهُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ مُؤَجَّلَةٌ بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانُونَ فَيُقَالُ وَمَا قِيمَتُهَا مُثَلَّثَةً حَالَّةً، فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ فَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عِشْرُونَ وَنِسْبَتُهُ لِلثَّمَانِينَ قِيمَةُ الْمُخَمَّسَةِ رُبُعٌ، فَيُزَادُ عَلَى أَلْفٍ رُبُعُهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَعَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا رُبُعُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَعُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَنَّ الْمُرَبَّعَةَ لَا تُغَلَّظُ فِي دِيَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ هُوَ وَابْنُ نَافِعٍ لَا تُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِفَضْلِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَدِيَةِ الْعَمْدِ، كَمَا فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا وَلِيَحْيَى عَنْ أَشْهَبَ تُغَلَّظُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ قِيمَةُ الْإِبِلِ الْمُغَلَّظَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ تَغْلِيظِ الْمُثَلَّثَةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي تَغْلِيظِهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَاللَّخْمِيُّ عَنْ أَوَّلِ قَوْلَيْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَفِيهَا تُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَيُحْمَلُ عَلَى دِيَةِ الْخَطَأِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ جُزْؤُهَا الْمُسَمَّى لِلْخَارِجِ مِنْ تَسْمِيَةِ فَضْلِ قِيمَةِ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً عَلَى قِيمَتِهَا فِي الْخَطَأِ. عِيَاضٌ اخْتَلَفَ الْقَرَوِيُّونَ وَالصَّقَلِّيُّونَ هَلْ هَذَا التَّقْوِيمُ عَلَى أَنَّهَا حَالَّةٌ أَوْ مُنَجَّمَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ التَّغْلِيظِ بِعِدْلِهَا أَوْ يُحْمَلُ الْفَضْلُ دُونَ تَسْمِيَةِ ثَالِثِهَا بِإِيجَابِ قِيمَةِ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ، وَفِي تَغْلِيظِ دِيَةِ الْعَمْدِ قَوْلَانِ وَفِيهَا الْأَبُ يَجْرَحُ وَلَدَهُ أَوْ يَقْطَعُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَائِهِ كَصُنْعِ الْمُدْلِجِيِّ، فَإِنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ فِيهِ سَحْنُونٌ إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ وَالْمُنَقِّلَةَ، فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يُقَادُ مِنْهُ فِيهَا. ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ تَغْلِيظِ الْجِرَاحِ فِي الدِّيَتَيْنِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ حُكْمُ الدِّيَةِ كَامِلَةً فِي الْخِلَافِ فِي التَّغْلِيظِ وَصِفَتُهُ إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَشَبَهَهَا مِنْ مَتَالِفِ الْجِرَاحِ لَا تَغْلِيظَ عَلَى الْأَبِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَغْلِيظِ دِيَةِ الْعَمْدِ، وَالتَّغْلِيظُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَأَصْحَابِهِمَا فِيمَا صَغُرَ مِنْ الْجِرَاحِ أَوْ كَبُرَ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا التَّغْلِيظُ فِيمَا بَلَغَ الثُّلُثَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 95 وَالْكِتَابِيُّ، وَالْمُعَاهِدُ: نِصْفُ دِيَتِهِ، وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ: ثُلُثُ خُمُسٍ، وَأُنْثَى كُلٍّ كَنِصْفِهِ   [منح الجليل] قُلْت ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ وَالْمُنَقِّلَةَ لَا تُغَلَّظُ فِيهَا ظَاهِرُ لَفْظِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْجِرَاحِ. ابْنُ زَرْقُونٍ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَغْلِيطَ فِي الْجِرَاحِ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَدَنِيَّةِ وَالْمَبْسُوطِ تُغَلَّظُ فِي الْجِرَاحِ كُلِّهَا، أَوْ فَرَّقَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ بَيْنَ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِيهِ. الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ رَضِيَ الْكِتَابِيُّونَ بِحُكْمِنَا حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِالتَّغْلِيظِ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ وَالْمَجُوسُ لَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ. - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَأَنْكَرَ سَحْنُونٌ قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ تُغَلَّظُ فِي الْمَجُوسِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ أَنْ لَا تَغْلِيظَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ أَرَ قَوْلَهُ فِي سَمَاعٍ. (وَلِلْكِتَابِيِّ) الذِّمِّيِّ الْمَقْتُولِ خَطَأً الْحُرُّ يَهُودِيًّا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا (وَ) الْكِتَابِيِّ (الْمُعَاهَدِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ الْحَرْبِيُّ الْمُصَالِحُ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً (نِصْفُ دِيَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَادِي خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةً، وَعَلَى عَاقِلَةِ الشَّامِيِّ وَمَنْ بَعْدَهُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْعِرَاقِيِّ وَمَنْ مَعَهُ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ (وَلِلْمَجُوسِيِّ) الذِّمِّيِّ أَوْ الْمُعَاهَدِ الْحُرِّ الْمَقْتُولِ خَطَأً (وَالْمُرْتَدُّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ (ثُلُثُ خُمُسٍ) مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَهُوَ مِنْ الْإِبِلِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ، وَمِنْ الذَّهَبِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ، وَمِنْ الْوَرِقِ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ. (وَ) دِيَةُ (أُنْثَى كُلٍّ) مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ وَالْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ دِيَتِهِ فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسُونَ مُخَمَّسَةً، وَمِنْ الدَّنَانِيرِ خَمْسُمِائَةٍ، وَمِنْ الدَّرَاهِمِ سِتَّةُ آلَافٍ وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ، وَمِنْ الدَّنَانِيرِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ، وَمِنْ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، وَمِنْ الدَّنَانِيرِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ. وَمِنْ الدَّرَاهِمِ أَرْبَعُمِائَةٍ فِيهَا دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ نِسَائِهِمْ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَالْمَجُوسِيَّةُ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ. ابْنُ شَاسٍ وَالْمُعَاهَدُ كَالذِّمِّيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُرْتَدُّ إنْ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 96 وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَتْ، فِي الْجَنِينِ، وَإِنْ عَلَقَةً:   [منح الجليل] قَبْلَ اسْتِتَابَتِهِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَأَصْبَغَ دِيَتُهُ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفْسِهِ وَجُرْحِهِ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ، أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ. وَلِسَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ دِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ قِيلَ لَا دِيَةَ لَهُ عَلَى قَاتِلِهِ، وَفِي الْبَيَانِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ. وَفِي تَعْلِيقَةِ الطُّرْطُوشِيِّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ بِحَالٍ كَمَنْ فِي جَزِيرَةٍ إنْ قَتَلَ قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَضْمَنُ. وَمِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ أَقَامَ مُسْلِمٌ بِدَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْخُرُوجِ فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا دِيَةُ نِسَاءِ كُلِّ نَوْعٍ نِصْفُ دِيَةِ رِجَالِهِ وَدِيَةُ جِرَاحِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ دِيَاتِهِمْ كَدِيَةِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِ مِنْ دِيَتِهِ (وَفِي) قَتْلِ (الرَّقِيقِ) خَطَأً مُطْلَقًا أَوْ عَمْدًا مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ (قِيمَتُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ فِي مَالِ قَاتِلِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَرَقَبَتُهُ إنْ كَانَ رَقِيقًا إنْ لَمْ تَزِدْ عَنْ دِيَةِ الْحُرِّ، بَلْ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا مُقَوَّمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ اتِّفَاقًا، وَيُقَوَّمُ قِنًّا وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ أَوْ مُكَاتَبًا، وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي كُلِّ ذِي رِقٍّ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى أَكْبَرِ دِيَةٍ (وَ) فِي التَّسَبُّبِ فِي إلْقَاءِ (الْجَنِينِ) لِمَرْأَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (عَلَقَةً) أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا إذَا صُبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ حَارٌّ لَا يَذُوبُ سُمِّيَ بِهِ لِاتِّصَالِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ. الْبُنَانِيُّ هَذَا الْحَمْلُ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ، فَفِي الصِّحَاحِ الْعَلَقُ الدَّمُ الْغَلِيظُ وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ عَلَقَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ، وَبِهِ يَجْرِي الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الدَّمَ الْمُجْتَمِعَ حَمْلٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الدَّمَ الْمُجْتَمِعَ لَيْسَ عَلَقَةً وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَإِنْ ضُرِبَتْ امْرَأَةٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ حَمْلٌ وَإِنْ كَانَ مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً أَوْ مُصَوَّرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَفِيهِ غُرَّةٌ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَلَا شَيْءَ فِيهِ حَتَّى يُزَايِلَ بَطْنَهَا وَنَصُّ الْأُمَّهَاتِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا أَلْقَتْهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ حَمْلٌ، فَإِنْ كَانَ مُضْغَةً أَوْ دَمًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ، وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَكُونُ الْأَمَةُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 97 عُشْرُ أُمِّهِ، وَلَوْ أَمَةً نَقْدًا، أَوْ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ تُسَاوِيهِ،   [منح الجليل] وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ دَمًا مُتَجَمِّعًا فَنَقَلَ عَنْ مَالِكٍ مَا لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ دَمًا بِخِلَافِ كَوْنِهِ عَلَقَةً. ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَلَقَةِ وَالدَّمِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْأُمِّ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَلَعَلَّ صَاحِبَ التَّهْذِيبِ رَآهُمَا شَيْئًا وَاحِدًا فَاقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْعَلَقَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَجْرَى الْمُتَيْطِيُّ، وَنَصُّهُ وَالْغُرَّةُ تَجِبُ فِي الْجَنِينِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى طُرِحَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً أَوْ تَامَّ الْخَلْقِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْتَهِلَّ، فَأَمَّا إنْ كَانَ دَمًا مُجْتَمِعًا فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْغُرَّةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ فِيهِ إذَا كَانَ دَمًا، بِخِلَافِ كَوْنِهِ عَلَقَةً. (عُشْرُ) وَاجِبِ (قَتْلِ أُمِّهِ) أَيْ الْجَنِينِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً بِضَرْبٍ أَوْ تَخْوِيفٍ أَوْ تَشْمِيمٍ، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِنْ مُنْذُ خُوِّفَتْ أَوْ شُمِّمَتْ لَزِمَتْ الْفِرَاشَ إلَى أَنْ أَسْقَطَتْ جَنِينَهَا وَتَشْهَدُ عَلَى الْإِسْقَاطِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً، بَلْ (وَلَوْ) كَانَتْ (أَمَةً) وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا لِأَنَّهَا مَالٌ فَهِيَ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ حَالَ كَوْنِ الْعُشْرِ (نَقْدًا) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي الْحُرِّ وَرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْإِبِلِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ لِقَوْلِهَا إنْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ بَطْنَ مُسْلِمَةٍ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا حَمَلَتْهُ عَاقِلَةُ الضَّارِبِ، وَفِي ثَالِثِ حَجِّهَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَهُ، فَفِي الْجَنِينِ عُشْرُ أُمِّهِ، وَفِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ ذَلِكَ كُلَّهُ. أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الْغُرَّةُ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لَكِنَّهَا لَمَّا انْضَمَّتْ إلَى الدِّيَةِ كَانَ لَهَا حُكْمُهَا. (أَوْ) فِي الْجَنِينِ (غُرَّةٌ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ، وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (عَبْدٌ) يُسَاوِي عُشْرَ وَاجِبِ أُمِّهِ (أَوْ وَلِيدَةٌ) أَيْ أَمَةٌ (تُسَاوِيهِ) أَيْ قِيمَةُ الْوَلِيدَةِ عُشْرُ وَاجِبِ الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِسِنٍّ وَلَا بَيَاضٍ، وَلَا بِكَوْنِهَا مِنْ الْخِيَارِ، وَالْأَحْسَنِ أَوْ الْحُمْرِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْجَانِي بَيْنَ النَّقْدِ وَالرَّقَبَةِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَمَرَّ عَلَيْهِ هُنَا مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 98 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا بَذَلَ الْجَانِي عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أُجْبِرُوا عَلَى أَخْذِهِ إنْ سَاوَى خَمْسِينَ دِينَارًا أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِنْ سَاوَى أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا يُجْبَرُونَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَانْظُرْ كَلَامَهَا كَيْفَ هُوَ بَعِيدٌ عَنْ التَّخْيِيرِ. خَلِيلٌ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْجَبْرِ إلَّا فِي الْعَبْدِ أَوْ الْوَلِيدَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْغُرَّةُ دِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ يُلْقَى غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ. الْبَاجِيَّ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا، وَفِيهَا سَوَاءٌ ضُرِبَتْ أُمُّهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً. وَفِي كَوْنِهَا فِي الْجَانِي أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ رِوَايَتَانِ لَهَا وَلِلَّخْمِيِّ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ أَرَى لِأَصْحَابِنَا فِي سِنِّ الْغُرَّةِ حَدًّا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقَلُّهُ سَبْعُ سِنِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ بَعْضُهُمْ أَقَلُّ سِنِّ الْغُرَّةِ سَبْعُ سِنِينَ لِأَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُمِّهَا دُونَ هَذَا السِّنِّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قِيلَ لِلرَّقَبَةِ غُرَّةٌ لِأَنَّهَا غُرَّةُ أَمْوَالِهِمْ أَيْ أَفْضَلُهَا. عِيَاضٌ الْغُرَّةُ لُغَةً النَّسَمَةُ عَبْدًا كَانَتْ أَوْ وَلِيدَةً مِنْ غُرَّةِ الْوَجْهِ، كَمَا تُسَمَّى نَاصِيَةً وَرَأْسًا وَقَدْ تَكُونُ مِنْ الْحَسَنِ، وَعِنْدَ الْعَرَبِ الْغُرَّةُ أَحْسَنُ مَا يُمْلَكُ. أَبُو عِمْرَانَ هِيَ الْأَبْيَضُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ غُرَّةً فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا الْأَسْوَدُ وَالتَّخْيِيرُ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ، وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْجَانِي لَا لِمُسْتَحِقِّهَا، وَهُوَ أَرْفَقُ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ الْجَانِيَ مُخَيَّرٌ فِي غُرْمِ الْغُرَّةِ أَوْ عُشْرِ دِيَةِ الْأُمِّ مِنْ كَسْبِهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدَّنَانِيرِ فَخَمْسُونَ دِينَارًا وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ فَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَإِذَا دَفَعَ الْعَبْدَ أَوْ الْوَلِيدَةَ جُبِرَ الْوَرَثَةُ عَلَى قَبُولِهِ، وَإِذَا دَفَعَ النَّقْدَ فَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَحْتَمِلُ جَبْرَهُمْ عَلَى قَبُولِهِ وَعَدَمِهِ، وَالْغُرَّةُ تَجِبُ حَتَّى عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَرْبِ الْجَنِينِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُسْقِطُهُ كَشَمِّ رَائِحَةٍ، فَإِذَا شَمَّتْ الْمَرْأَةُ رَائِحَةَ طَعَامِ الْجِيرَانِ فَطَلَبَتْ مِنْهُ قَدْرًا يَسِيرًا لِتَأْكُلَهُ فَمَنَعُوهَا ذَلِكَ فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا ضَمِنُوا غُرَّتَهُ فِي مَالِهِمْ، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِمْ، وَكَذَا إذَا عَلِمُوا حَالَهَا وَلَمْ تَطْلُبْ لِأَنَّ الْحَيَاءَ يَمْنَعُهَا مِنْ الطَّلَبِ وَكَذَا لَوْ دَخَلَ أَعْوَانُ الظَّلَمَةِ عَلَى حَامِلٍ فَفَزِعَتْ مِنْهُمْ وَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا وَثَبَتَ الْفَزَعُ وَمُشَاهَدَةُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 99 وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ: كَالْحُرَّةِ إنْ زَايَلَهَا   [منح الجليل] الْمَرْأَةِ ذَلِكَ وَاتِّصَالُ مَرَضِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى إسْقَاطِهَا، وَشَهِدَ امْرَأَتَانِ بِإِسْقَاطِهَا زَادَ سَحْنُونٌ وَرَبِيعَةُ وَرَجُلٌ بِرُؤْيَةِ الْجَنِينِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: عُشْرُ الدِّيَةِ إنَّمَا يَكُونُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا وَيَكُونُ حَالًّا وَلَا يَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ. ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُؤْخَذُ الْإِبِلُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِهَا خَمْسُ فَرَائِضَ. ضَيْح فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ قَدْ قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغُرَّةِ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ إبِلٍ، وَإِنَّمَا تَقْوِيمُهَا بِالنَّقْدَيْنِ أَمْرٌ مُسْتَحْسَنٌ وَاخْتَارَ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ قَوْلَ أَشْهَبَ. الثَّانِي: الْعُشْرُ أَوْ الْغُرَّةُ مِنْ مَالِ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي كَمِثَالِ الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا، كَمَا إذَا تَعَدَّدَ الْجَنِينُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ مُنَجَّمًا. (وَالْأَمَةُ) جَنِينُهَا (مِنْ سَيِّدِهَا) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكِتَابِيِّ أَوْ الْمَجُوسِيِّ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ فِي أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا، وَالْكِتَابِيَّةُ إنْ كَانَ كِتَابِيًّا، وَالْمَجُوسِيَّةُ إنْ كَانَ مَجُوسِيًّا، أَوْ غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِيهِ لِأَنَّهُ حُرٌّ، وَمَفْهُومُ مِنْ سَيِّدِهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زِنًا لَكَانَ فِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ لَا غَيْرُ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ لِسَيِّدِ أُمِّهِ (وَالنَّصْرَانِيَّةُ) أَوْ الْيَهُودِيَّةُ الْحُرَّةُ جَنِينُهَا (مِنْ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَ) جَنِينِ (الْحُرَّةِ) الْمُسْلِمَةِ فِي أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ غُرَّةَ عَبْدٍ أَوْ وَلِيَدٍ تُسَاوِيهِ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ حُرٌّ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَمَفْهُومُ الْمُسْلِمِ أَنَّ جَنِينَهَا مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا فِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا لِأَنَّهُ حُرٌّ تَبَعًا لَهَا وَأَبَوَاهُ كَافِرَانِ، فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا فِي جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَكَذَا جَنِينُ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ. اللَّخْمِيُّ وَلِأَشْهَبَ فِيهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ كَانَ زَوْجُ النَّصْرَانِيَّةِ مَجُوسِيًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ هَلْ فِيهِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا عَلَى حُكْمِ الْأَبِ، أَوْ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ. وَبَيَّنَ شَرْطَ كَوْنِ الْجَنِينِ فِيهِ عُشْرَ وَاجِبِ أُمِّهِ أَوْ غُرَّةً بِقَوْلِهِ (إنْ زَايَلَهَا) أَيْ انْفَصَلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 100 كُلُّهُ حَيَّةً، إلَّا أَنْ يَحْيَا: فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ بَطْنٍ، أَوْ ظَهْرٍ أَوْ رَأْسٍ: فَفِي الْقِصَاصِ خِلَافٌ   [منح الجليل] الْجَنِينُ كُلُّهُ عَنْ أُمِّهِ حَالَ كَوْنِهَا (حَيَّةً) فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِ بَاقِيهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجَنِينِ عُشْرُ أُمِّهِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَحْيَى) أَيْ يَخْرُجَ الْجَنِينُ مِنْ أُمِّهِ حَيًّا حَيَاةً مُحَقَّقَةً بِأَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا مَثَلًا ثُمَّ يَمُوتَ (فَ) فِيهِ (الدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ لَهُ (إنْ أَقْسَمُوا) أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ فِعْلِ الْجَانِي إنْ تَرَاخَى مَوْتُهُ عَنْ خُرُوجِهِ، بَلْ (وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُقْسِمُونَ إنْ مَاتَ عَاجِلًا وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَوْتَهُ فَوْرًا لَا يُعَيِّنُ كَوْنَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ، بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِسَبَبٍ آخَرَ طَرَأَ لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ يَتَأَثَّرُ بِأَدْنَى الْأَسْبَابِ (وَإِنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ الضَّارِبُ الْجَنِينَ (بِضَرْبِ ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ أَوْ رَأْسٍ) لِأُمِّهِ فَأَلْقَتْهُ حَيًّا وَهِيَ حَيَّةٌ حَيَاةً مُحَقَّقَةً بِأَنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ (فَفِي الْقِصَاصِ) مِنْ الضَّارِبِ وَعَدَمِهِ الْبَاجِيَّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (خِلَافٌ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. الْبُنَانِيُّ يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الدِّيَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، وَأَمَّا إنْ تَعَمَّدَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِضَرْبِ كَظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا قَوَدَ فِيهِ، بَلْ فِيهِ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي. ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. ضَيْح صَرَّحَ الْبَاجِيَّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَالْمُصَنِّفِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَجْمُوعَةِ، وَأَلْحَقَ ابْنُ شَاسٍ ضَرْبَ الرَّأْسِ بِالظَّهْرِ بِخِلَافِ ضَرْبِهِ الرِّجْلَ وَشِبْهَهَا. وَنَصَّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى أَنَّ الرَّأْسَ كَالرِّجْلِ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ هَذَا إذَا تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ مَوْضِعًا يَرَى أَنَّهُ أُصِيبَ بِهِ، أَمَّا لَوْ ضَرَبَ رَأْسَهَا أَوْ يَدَهَا أَوْ رِجْلَهَا، فَفِيهِ الدِّيَةُ قُلْت قَوْلُهُ أَوْ رَأْسَهَا يَرُدُّهُ مَا نَقَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ ابْنِ مَنَاسٍ أَنَّهُ قَالَ ضَرْبُهَا فِي الرَّأْسِ كَضَرْبِهَا. فِي الْبَطْنِ. اهـ. وَقَالَ بَعْضٌ الرَّاجِحُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ فِي ضَرْبِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهُ، بَلْ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فِي ضَرْبِ الرَّأْسِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 101 وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ فِي الْجَنِينِ بِتَعَدُّدِهِ وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ وَوُرِّثَ عَلَى الْفَرَائِضِ:   [منح الجليل] (وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ) فِي الْجَنِينِ عُشْرًا أَوْ دِيَةً أَوْ قِيمَةً أَوْ غُرَّةً إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَالدِّيَةُ إنْ اسْتَهَلَّ (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ الْجَنِينِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ الْقَرِينَانِ إنْ ضُرِبَتْ فَطَرَحَتْ جَنِينَيْنِ لَمْ يَسْتَهِلَّا فَفِيهِمَا غُرَّتَانِ، وَلَوْ اسْتَهَلَّا فَفِيهِمَا دِيَتَانِ. الْبَاجِيَّ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ. (وَوَرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْجَنِينِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ (عَلَى) حَسَبِ (الْفَرَائِضِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ التَّعْصِيبَ، إلَى هَذَا رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ أَوَّلًا لِلْأَبِ ثُلُثَاهُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُهُ وَأَيُّهُمَا انْفَرَدَ أَخَذَهُ مُطْلَقًا، وَعَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ طفي الْقَوْلُ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ الْإِمَامُ قَوْلُ ابْنِ هُرْمُزَ. الْمُصَنِّفُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ انْفِرَادُ الْأَبِ، وَشَرْطُ الْعُشْرِ وَالْغُرَّةِ انْفِصَالُهُ عَنْهُمَا حَيَّةً. عَبْدُ الْحَمِيدِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ إذَا خَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ مَوْتِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فِيهِ الْغُرَّةَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فَلَا، وَأَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِي جَنِينِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، وَفِي جَنِينِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا. قُلْت جَوَابُ الْبِسَاطِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِانْفِرَادُ بِغَيْرِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ وَشَرْحِ الْجَلَّابِ لِابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ وَاللَّفْظُ لَهُ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ شِهَابٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنَّهَا تُوَرَّثُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، وَلِأَبِيهِ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِأَبِيهِ، وَقَالَ رَبِيعَةُ هِيَ لِلْأُمِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ ثَمَنُ عُضْوٍ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ هُرْمُزَ لِأَبَوَيْهِ عَلَى الثُّلُثِ لِلْأُمِّ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْأَبِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا كَانَتْ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمَا أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا. ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي كُتُبِ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُدَّةً بِقَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ وَقَالَ بِهِ أُبَيٌّ وَالْمُغِيرَةُ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا مَوْرُوثَةٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. فَظَهَرَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِانْفِرَادَ بِالْمَوَاتِ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ، إذْ مَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ يُزَايِلَهَا حَيَّةً، وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُهُ، وَلَا يَسْتَشْكِلُ قَوْلٌ بِمَا قِيلَ بِخِلَافِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 102 فَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ، بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ، إذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ.   [منح الجليل] وَفِي الْجِرَاحِ) الَّتِي لَيْسَ لَهَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ مِنْ الشَّارِعِ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَنَقْصٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَشْيَةِ إتْلَافِهِ، فَإِنْ لَمْ تُقَدَّرْ لَهَا دِيَةٌ وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهَا (حُكُومَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْكَافِ أَيْ مَالٌ مَحْكُومٌ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ (بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِسَبَبِ (الْجِنَايَةِ) عَلَيْهِ لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا فَيُقَوَّمُ عَلَى فَرْضِ رِقِّيَّتِهِ سَالِمًا وَمَعِيبًا، وَيُنْسَبُ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا، وَيُحْكَمُ بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ، فَإِذَا قُوِّمَ سَلِيمًا بِمِائَةٍ وَمَعِيبًا بِثَمَانِينَ فَالنُّقْصَانُ عِشْرُونَ، وَنِسْبَتُهُ لِلْمِائَةِ خُمُسٌ فَيُحْكَمُ بِخُمُسِ الدِّيَةِ. وَتَكُونُ الْحُكُومَةُ (إذَا بَرِئَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجُرْحِ وَلَا يُسْتَعْجَلُ بِهَا قَبْلَ بُرْئِهِ لِاحْتِمَالِ سَيْلَانِ الْجُرْحِ إلَى الْمَوْتِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَصِلَةُ نُقْصَانِ (مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (عَبْدًا فَرْضًا) سَلِيمًا وَيُحْكَمُ عَلَى الْجَانِي بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ (مِنْ الدِّيَةِ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. " غ " الْعَامِلُ فِي مَنْ قِيمَتُهُ نُقْصَانٌ، وَفِي مَنْ الدِّيَةُ نِسْبَةٌ طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِحَالٍ، وَبَيَانُهُ أَنَّ نُقْصَانَ الْجِنَايَةِ مِنْ الْقِيمَةِ إنَّمَا يُنْسَبُ مِنْ الْقِيمَةِ لَا مِنْ الدِّيَةِ، وَمِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ هُوَ الْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ فَالصَّوَابُ أَنَّ مِنْ الْقِيمَةِ يَتَنَازَعُهُ نِسْبَةٌ وَنُقْصَانٌ وَمِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ مِثْلِ مُقَدَّرًا قَبْلَ نِسْبَةِ أَيْ كَائِنًا ذَلِكَ الْمِثْلِ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ وَيُؤْخَذُ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ، وَمَعْنَى فَرْضًا تَقْدِيرًا لَا حَقِيقَةً. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ رَوَى أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ فِي الْخَطَأِ عَقْلٌ مُسَمًّى. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ لَوْ جَرَى أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى عَقْلٍ مُسَمًّى فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ رَأَيْت أَنْ يُبْطِلَهُ الْإِمَامُ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ، وَرَوَى عَلِيٌّ مَنْ ضَرَبَ رَجُلًا فَوَقَعَتْ مَصَارِينُهُ فِي أُنْثَيَيْهِ فَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ الْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوِّمَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 103 كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ، إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ؛ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ،   [منح الجليل] ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِقَدْرِ شَيْنِهِ وَضَرَرِهِ، وَرَوَى غَيْرُهُ الْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْرُوحُ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ صَحِيحٌ، وَيُقَوَّمَ بِذَلِكَ الشَّيْنُ فَمَا نَقَصَهُ نَقَصَ مِثْلُهُ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ نَصُّ الْجَلَّابِ بِجَعْلِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ جُزْءًا مِنْ دِيَتِهِ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ. وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ تَفْسِيرَ الْحُكُومَةِ أَنْ يُقَوَّمَ عَبْدًا صَحِيحًا وَعَبْدًا بِجِرَاحَةٍ، وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ فَيَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ إدْرِيسَ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا الْبَغْدَادِيُّونَ وَاَلَّذِي فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ الْحُكُومَةُ أَنْ يَنْظُرَ الْإِمَامُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِهِ مِنْ يُحْضِرُهُ. قُلْت وَأَلْفَاظُ الْمُدَوَّنَةِ أَتَى فِيهَا مَرَّةً لَفْظُ الْحُكُومَةِ، وَمَرَّةً لَفْظُ الِاجْتِهَادِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَا مُتَرَادِفَيْنِ أَوْ مُتَبَايِنَيْنِ اهـ. ابْنُ عَاشِرٍ اتَّفَقَتْ أَنْقَالُ ابْنِ عَرَفَةَ الَّتِي حَكَاهَا فِي تَفْسِيرِ الْحُكُومَةِ أَنَّهَا اسْمٌ لِإِعْمَالِ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَةِ الْوَاجِبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي كَيْفِيَّةِ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إلَيْهَا، وَعَلَى هَذَا فَالْكَلَامُ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، أَيْ مُؤَدِّي حُكُومَةٍ. تت مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْحُكُومَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ أَنَّ الْحُكُومَةَ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَمَنْ حَضَرَهُ عِيَاضٌ وَظَاهِرُهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوَّلِ، وَإِلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ أَشَارَ أَبُو عِمْرَانَ، وَقَالَ هُوَ الَّذِي كُنَّا نَقُولُ بِهِ قَبْلَ أَنْ نَرَى الْقَوْلَ الْآخَرَ. وَشَبَّهَ فِي التَّقْوِيمِ فَقَالَ (كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ) إنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا غُرَّةَ فِيهِ، وَتُقَوَّمُ أُمُّهُ حَامِلًا بِهِ فَرْضًا وَمُسْقِطَةً لَهُ، وَعَلَى الْجَانِي مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ النَّعَمِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ الْحَمِيرِ، وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ بِسَبَبِ طَرْحِهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْجِرَاحِ فَقَالَ (إلَّا الْجَائِفَةَ) أَيْ الْجُرْحَ الَّذِي أَفْضَى إلَى الْجَوْفِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ عَمْدًا عُدْوَانًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَتَالِفِ (وَ) إلَّا (الْآمَّةَ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ، أَيْ الْجُرْحَ الَّذِي وَصَلَ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ (فَ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (ثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ لِلْمَجْرُوحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخَمَّسٌ كَالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي فَلَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَ) إلَّا (الْمُوضِحَةَ) الَّتِي أَظْهَرَتْ الْعَظْمَ خَطَأً (فَ) دِيَتُهَا (نِصْفُ عُشْرٍ) مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 104 وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ؛ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ، وَإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ،   [منح الجليل] وَيُقْتَصُّ مِنْ عَمْدِهَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إلَّا (الْمُنَقِّلَةَ) الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا الْعَظْمُ لِلدَّوَاءِ (وَالْهَاشِمَةَ) الَّتِي هَشَّمَتْ الْعَظْمَ (فَ) دِيَتُهَا (عُشْرٌ) مِنْ دِيَتِهِ بِضَمِّ الْعَيْنِ (وَنِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ وَلَوْ عَمْدًا. وَفِي كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، فَإِنَّهُ قَالَ حَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ الْهَاشِمَةَ هُنَا كَمَا فَعَلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُنَقِّلَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ دِيَتِهِمَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ. الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ الْهَاشِمَةُ وَأَنَّ دِيَتَهَا وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْعُشْرُ وَنِصْفُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ فِيهَا عُشْرًا. وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ، فَإِنْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنْ صَارَتْ مَأْمُومَةً فَثُلُثُ الدِّيَةِ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ الْهَاشِمَةَ إلَخْ، فِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ، اُخْتُلِفَ فِي الْهَاشِمَةِ وَهِيَ الَّتِي هَشَّمَتْ الْعَظْمَ إذَا كَانَتْ خَطَأً فَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهَا إلَّا دِيَةُ الْمُوضِحَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ رَأْيِهِ فِيهَا دِيَةُ مُوضِحَةٍ وَحُكُومَةٌ. وَقَالَ شَيْخُهُ أَبُو بَكْرٍ فِيهَا مَا فِي الْمُنَقِّلَةِ. وَفِي الْكَافِي أَنَّ فِي الْهَاشِمَةِ عُشْرَ الدِّيَةِ مِائَةَ دِينَارٍ. وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا دِيَةَ فِيهَا، بَلْ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الْمُنَقِّلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا مَعَهَا. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْهَاشِمَةُ فَلَمْ يَعْرِفْهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَالَ مَا أَرَى هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً وَدِيَتُهَا عِنْدَ مَنْ عَرَفَهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهُمْ الْجُمْهُورُ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِ عَقْلِهَا كَمُوضِحَةٍ أَوْ مَعَ حُكُومَةٍ ثَالِثُهَا كَالْمُنَقِّلَةِ لِمُحَمَّدٍ وَابْنِ الْقَصَّارِ وَالْأَبْهَرِيِّ وَلَا يُزَادُ عَلَى الدِّيَاتِ الْمَذْكُورَةِ الْمُقَدَّرَةِ لِلْجِرَاحَاتِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ إنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ، بَلْ (وَإِنْ) بَرِئَتْ (بِشَيْنٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، أَيْ عَيْبٍ وَنَقْصٍ (فِيهِنَّ) أَيْ الْجَائِفَةِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَ هَذِهِ الدِّيَاتِ لِهَذِهِ الْجِرَاحَاتِ فِي كِتَابِهِ لِعُمَرَ بْنِ حَزْمٍ حِينَ وَجَّهَهُ إلَى نَجْرَانَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِبُرْئِهَا عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ. الْخَرَشِيُّ اسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُوضِحَةَ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ وَهِيَ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ فَفِيهَا دِيَتُهَا وَأَرْشُ الشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْعَدَوِيُّ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 105 إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ   [منح الجليل] مُطْلَقًا، وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ يُزَادُ عَلَيْهَا الْأَرْشُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْنُ يَسِيرًا. طفي قَوْلُهُ وَإِنْ بِشَيْنٍ مَا عَدَا الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ شَيْنُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ " ح " بِإِخْرَاجِهَا فَقَالَ الضَّمِيرُ لِلْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ وَالْمُوضِحَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ بِسَبَبِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ شَيْنٌ غَيْرَ الْمُوضِحَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي انْدِرَاجِ شَيْنِ الْمُوضِحَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: يَنْدَرِجُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا، وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِأَشْهَبَ وَهُوَ ظَاهِرُ إلْحَاقِهَا بِبَقِيَّةِ أَخَوَاتِهَا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُزَادُ لِأَجْلِ الشَّيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَعَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِابْنِ زَرْقُونٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ فِيهَا وَمُوضِحَةُ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ زِيدَ فِي عَقْلِهَا بِقَدْرِ الشَّيْنِ. وَالثَّالِثُ: رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ أَمْرًا مُنْكَرًا زِيدَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. مِنْ التَّوْضِيحِ زَرُّوقٌ فِي الْمُوضِحَةِ إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ ثَلَاثَةٌ مَشْهُورُهَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ يُزَادُ عَلَى دِيَتِهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا، وَبَيَّنَ شَرْطَ كَوْنِ الدِّيَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِلْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ: (إنْ كُنَّ) أَيْ مَا بَعْدَ الْجَائِفَةِ (بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى) وَلَمْ يَذْكُرْ مَحَلَّ الْجَائِفَةِ لِوُضُوحِهِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْبَطْنِ أَوْ الظَّهْرِ أَوْ أَحَدِ الْجَنْبَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجِرَاحَاتُ الْمَذْكُورَةُ بِرَأْسٍ إلَخْ بِأَنْ كَانَتْ بِغَيْرِهَا (فَلَا تَقْدِيرَ) لِدِيَتِهَا وَفِيهَا الْحُكُومَةُ (وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ) الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِجُرْحٍ (كَالدِّيَةِ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْحُرِّ) فِي أَخْذِ دِيَةِ الْجُرْحِ مِنْهَا، فَفِي جَائِفَتِهِ وَآمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ وَهَاشِمَتِهِ عُشْرٌ وَنِصْفُهُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمَا عَدَا الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَذُو الرِّقِّ جِرَاحَتُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِقِيمَتِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ كَإِفْسَادِ سِلْعَةٍ، وَفِي غَصْبِهَا وَدِيَاتِهَا مَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَفَقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ قَطَعَ لَهُ جَارِحَةً أَوْ جَارِحَتَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادًا فَاحِشًا لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْأَمَةُ زَادَ فِي دِيَاتِهَا فَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنًا وَاحِدَةً أَوْ يَجْدَعَ أَنْفَهُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَتْ، وَقَدْ سَمِعْت الجزء: 9 ¦ الصفحة: 106 وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ؛ وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ   [منح الجليل] أَنَّهُ يُسَلَّمُ لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ رَأْيِي إذَا أَبْطَلَهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَفِي دِيَاتِهَا وَعَلَى قَاتِلِ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قِيمَتُهُمْ مَا بَلَغَتْ كَعَبِيدِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَضْعَافَ الدِّيَةِ وَأَنَّ مَأْمُومَةَ الْعَبْدِ وَجَائِفَتَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُهُ، وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جِرَاحِهِ مَا نَقَصَتْ بَعْدَ بُرْئِهِ. (وَتَعَدَّدَ) الثُّلُثُ (الْوَاجِبُ) فِي الْجَائِفَةِ (بِ) سَبَبِ (جَائِفَةٍ) نَفَذَتْ مِنْ ظَهْرٍ لِبَطْنٍ أَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَنْبَيْنِ لِلْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ لَا يَتَعَدَّدُ بِنُفُوذِهَا وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ نَفَذَتْ الْجَائِفَةُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ مُحَمَّدٌ وَبِهِ أَخَذَ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَقَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهَا جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ لِغَرَرِهَا وَإِنَّهَا تُصَادِفُ مَقْتَلَ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يُخْشَى حِينَ الضَّرْبِ مِنْ خَارِجٍ وَنُفُوذِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجِ لَا غَرَرَ فِيهِ. وَشَبَّهُ فِي تَعَدُّدِ الْوَاجِبِ فَقَالَ (كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ) فَيُوجِبُ تَعَدُّدَ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ (وَ) تَعَدُّدَ (الْمُنَقِّلَةِ) فَيُوجِبُ تَعَدُّدَ عُشْرِهَا وَنِصْفِهِ (وَ) تَعَدُّدُ (الْآمَّةِ) فَيُوجِبُ تَعَدُّدَ ثُلُثِهَا (إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) الْمُوضِحَةُ بِمِثْلِهَا وَالْمُنَقِّلَةُ بِمِثْلِهَا وَالْآمَّةُ بِمِثْلِهَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ، وَبَيْنَ الْمُنَقِّلَتَيْنِ مَا لَمْ يُهَشِّمْ الْعَظْمَ، وَبَيْنَ الْآمَّتَيْنِ مَا لَمْ يَبْلُغْ أُمَّ الدِّمَاغِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمُوضِحَةُ بِمِثْلِهَا وَالْمُنَقِّلَةُ بِمِثْلِهَا وَالْآمَّةُ بِمِثْلِهَا (فَلَا) يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ فِيهَا لِأَنَّهَا مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا الْبَاقِي. وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، إنْ كَانَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِفَوْرٍ) وَاحِدٍ (فِي ضَرَبَاتٍ) وَمَفْهُومُ فِي فَوْرٍ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ بِضَرَبَاتٍ فِي أَوْقَاتٍ مُتَبَاعِدَةٍ وَاتَّصَلَتْ تَعَدَّدَ وَاجِبُهَا بِتَعَدُّدِهَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ انْخَرَقَ مَا بَيْنَ الْجَائِفَتَيْنِ لَكَانَ فِيهِمَا دِيَةُ جَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْمُوضِحَةِ لِعَظْمٍ فَيُكْشَفُ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَرْنِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِرَاحَاتٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 107 وَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ، أَوْ السَّمْعِ، أَوْ الْبَصَرِ، أَوْ النُّطْقِ أَوْ الصَّوْتِ،   [منح الجليل] فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْخَرِقْ الْجِلْدُ حَتَّى يَتَّصِلَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً حَتَّى صَارَتْ تِلْكَ الضَّرْبَةُ مَوَاضِحَ بِأَنْ كَانَ مَا بَيْنَهُنَّ وَرَمًا أَوْ جُرْحًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ أَوْ صَارَتْ الضَّرْبَةُ مَنَاقِلَ وَمَا بَيْنَهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْخَرِقْ ذَلِكَ فَلَهُ دِيَاتُ تِلْكَ الْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ وَالْأَوْرَامِ مَوَّاقٌ (وَالدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ (فِي) إزَالَةِ (الْعَقْلِ) كُلِّهِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ زَالَ بَعْضُهُ فَبِقَدْرِهِ مِنْهَا (أَوْ) إذْهَابِ (السَّمْعِ) كُلِّهِ (أَوْ) إتْلَافِ (الْبَصَرِ) كُلِّهِ كَذَلِكَ (أَوْ) مَنْعِ (النُّطْقِ) كُلِّهِ وَلَوْ بَقِيَ فِي اللِّسَانِ الذَّوْقُ وَمَعُونَةُ الْمَضْغِ. ابْنُ شَاسٍ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْجِنَايَاتِ مَا يُفَوِّتُ الْمَنَافِعَ وَالنَّظَرُ فِي عَشْرِ مَنَافِعَ الْأُولَى الْعَقْلُ إذَا أَزَالَهُ بِضَرْبَةٍ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَزَالَ بَعْضَهُ فَفِيهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَفِي الْمُوَطَّإِ أَبْلَغَنِي أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ إذَا ذَهَبَ سَمْعُهُمَا الدِّيَةَ كَامِلَةً اُصْطُلِمَتَا. ابْنُ شَاسٍ فِي إبْطَالِ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَتَيْنِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (أَوْ) تَعْطِيلِ (الصَّوْتِ) فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَانَ بِحَرْفٍ أَوْ لَا، فَالنُّطْقُ أَخَصُّ مِنْهُ، فَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ نَطْقَهُ وَبَقِيَ صَوْتُهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ صَوْتَهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ. فِيهَا إذَا قُطِعَ اللِّسَانُ مِنْ أَصْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَكَذَا إنْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَهُ الْكَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ بِقَدْرِ شَيْنِهِ إنْ شَانَهُ، وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْكَلَامِ لَا فِي اللِّسَانِ كَالْأُذُنَيْنِ إنَّمَا الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ لَا فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَأَمَّا الشَّمُّ فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَرُوِيَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ قُطِعَ مِنْ لِسَانِهِ مَا نَقَصَ مِنْ حُرُوفِهِ فَعَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُحْسَبُ نَقْصُ الْكَلَامِ عَلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ رُبَّ حَرْفٍ أَثْقَلُ مِنْ حَرْفٍ فِي النُّطْقِ، وَلَكِنْ بِالِاجْتِهَادِ فِي قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ كَلَامِهِ، وَقِيلَ بِقَدْرِ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِهِ مِنْ عَدَدِ الْحُرُوفِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِاخْتِلَافِهَا، وَقَالَ أَصْبَغُ عَدَدُ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَبِحِسَابِهِ، وَقَالَهُ لِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ بَعْضَ الْحُرُوفِ الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ لَا حَظَّ لِلِّسَانِ فِيهِ كَحُرُوفِ الشَّفَةِ وَبِأَنَّ الْحُرُوفَ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 108 أَوْ الذَّوْقِ أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ، أَوْ نَسْلِهِ، أَوْ تَجْذِيمِهِ، أَوْ تَبْرِيصِهِ، أَوْ تَسْوِيدِهِ،   [منح الجليل] وَأُجِيبُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُوجِبَ الدِّيَةِ إنَّمَا هُوَ ذَهَابُ الْكَلَامِ لَا ذَهَابُ اللِّسَانِ، وَبِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ فِي زَعْمِ مُثْبِتِهِ رَدَّهُ غَيْرُهُ إلَيْهَا كَمَا ذَكَرَ فِي فَنِّهِ، وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ قَطَعَ مِنْ لِسَانِ رَجُلٍ مَا مَنَعَهُ الْكَلَامَ شَهْرَيْنِ ثُمَّ تَكَلَّمَ فَنَقَصَ مِنْ كَلَامِهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقَادَ مِنْهُ وَأَنْ يَعْقِلَ أَرَادَ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِ بَعْدَ أَنْ يُجَرِّبَ صِدْقَهُ فِيمَا ادَّعَى ذَهَابَهُ وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ، وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَكَا أَهْلٌ ذَهَبَ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ عَقْلِهِ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ أُعْطِيَ الثُّلُثَ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّمِّ وَفِيهِ الدِّيَةُ سَوَاءٌ قُطِعَ الْأَنْفُ أَوْ لَا، وَكَذَا الشَّفَتَانِ وَعَظْمُ الصَّدْرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَعَنْ الدَّامِغَةِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ أَفَادَهُ شب وَالْخَرَشِيُّ. (أَوْ الذَّوْقِ) اللَّخْمِيُّ فِي الذَّوْقِ الدِّيَةُ قِيَاسًا عَلَى الشَّمِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ عَلَى أُصُولِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِيهِ الدِّيَةُ، وَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَصًّا لِأَصْحَابِنَا. ابْنُ زَرْقُونٍ وَنَحْوُ أَبِي الْفَرَجِ إلَى أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً، قُلْت أَخَذَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهَا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ، وَعَنْ اللَّمْسِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً (أَوْ) إبْطَالِ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ) بِأَنْ أَبْطَلَ إنْعَاظَهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَإِذْهَابُ الْجِمَاعِ فِيهِ الدِّيَةُ. ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِإِفْسَادِ الْإِنْعَاظِ، وَلَمَّا امْتَنَعَ فِيهِ الِاخْتِيَارُ وَجَبَتْ الْيَمِينُ كَقَوْلِهَا فِي مُدَّعِي ذَهَابِ بَصَرِهِ وَتَعَذُّرِ اخْتِبَارِهِ (أَوْ) قَطْعِ (نَسْلِهِ) فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ إنْعَاظَهُ وَإِنْ أَمْنَى مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِذْهَابُ النَّسْلِ. اللَّخْمِيُّ فِيهِ الدِّيَةُ، وَدَلِيلُ عَدِّ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ مَا فِيهِ الدِّيَةُ وَعَدَمُ ذِكْرِهِمَا إيَّاهُ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ هَذِهِ الْقُوَّةُ رَدَّ الدِّيَةَ قَرُبَ رُجُوعُهَا أَوْ بَعُدَ صَوَابٌ كَقَوْلِهِمْ فِي رُجُوعِ الْبَصَرِ. (أَوْ تَجْذِيمِهِ) فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ وَكَذَا التَّبْرِيصُ (أَوْ تَسْوِيدِهِ) وَلَوْ لِلْبَعْضِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 109 أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ   [منح الجليل] فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. اللَّخْمِيُّ تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا جَذَمَهُ أَوْ أَبْرَصَهُ أَوْ سَقَاهُ مَا سَوَّدَ جِسْمَهُ (أَوْ تَبْرِيصِهِ أَوْ) إبْطَالِ (قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ) الشَّارِحَانِ أَتَى بِالْوَاوِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي مَجْمُوعِهِمَا الدِّيَةُ الشَّارِحُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، وَالْمَعْنَى عَلَى مَا قَالَاهُ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَلْقِيًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ، وَأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا النَّقْلَ فِيهِ الْكَبِيرَ قَالَهُ تت. طفي الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي إبْطَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ لَا فِي إبْطَالِ الْجُلُوسِ فَقَطْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ، فَجَعْلُهُ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالنَّقْلُ الَّذِي فِي كَبِيرِهِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلِذَا جَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الدِّيَةَ فِي إبْطَالِ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ أَوْ إبْطَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَأَبْطَلَ قِيَامَهُ وَجُلُوسَهُ وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَإِنْ بَطَلَ قِيَامُهُ فَقَطْ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَنَّ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الصُّلْبِ الدِّيَةُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَقْعَدَهُ عَنْ الْقِيَامِ فَإِنْ مَشَى وَبَرِئَ عَلَى عَثَلٍ أَوْ حُدْبٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَانْظُرْ حَاشِيَتِي عَلَى شَرْحِ الْمَجْمُوعِ لِلْمُصَنِّفِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 110 أَوْ الْأُذُنَيْنِ   [منح الجليل] أَوْ) إزَالَةِ (الْأُذُنَيْنِ) فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بَقِيَ سَمْعُهُمَا، وَقِيلَ كَمَالُ الدِّيَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَهَابِ سَمْعِهِمَا وَهُمَا فِيهَا قَالَهُ تت. طفي تَبِعَ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الدِّيَةِ يَعْنِي فِي إزَالَةِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ سَمْعِهِمَا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ مُخِلٌّ بِالْمَشْهُورِ، وَقَوْلُ تت هُمَا فِيهَا غَيْرُ صَحِيحٍ، بَلْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا عَدَمُ الدِّيَةِ وَالصَّوَابُ قَوْلُهُ فِي كَبِيرِهِ وَهُمَا لِمَالِكٍ، وَمِثْلُهُ لِلشَّارِحِ. اهـ. وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 111 أَوْ الشَّوَى أَوْ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ؛ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ، فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ، وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ،   [منح الجليل] أَوْ) إزَالَةِ (الشَّوَى) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورًا جَمْعُ شَوَاةٍ، أَيْ جِلْدِ الرَّأْسِ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَأَلِ الدَّاخِلَةُ عَلَيْهِ جِنْسِيَّةٌ فَأَذْهَبَتْ مِنْهُ الْجَمْعِيَّةَ. (وَ) فِي إتْلَافِ (الْعَيْنَيْنِ) مُعَادِيَةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ طُمِسَتَا أَوْ بَرَزَتَا أَوْ ذَهَبَ نُورُهُمَا وَبَقِيَ جَمَالُهُمَا، وَفِي إذْهَابِ جَمَالِهِمَا بَعْدُ حُكُومَةٍ (أَوْ) إتْلَافِ (عَيْنِ الْأَعْوَرِ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (لِلسُّنَّةِ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ فَقَدْ قَضَى بِهَا فِيهَا عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ. ابْنُ شِهَابٍ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ فَلَا يُلْتَفَتْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، ظَاهِرُ السُّنَّةِ مَعَ الْمُخَالِفِ لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِعُمُومِهِ عَيْنَ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ وَعَيْنَ الْأَعْوَرِ، إذْ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ دَلَّ عَلَى تَخْصِيصِ الْحَدِيثِ بِعَيْنِ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ، وَنَاهِيكَ بِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) غَيْرِ الْعَيْنَيْنِ (فَإِنَّ فِي) إتْلَافِ (أَحَدِهِمَا) حَالَ عَدَمِ الْآخَرِ (نِصْفُ) مَا يَجِبُ لَ (هـ) أَيْ فَفِي يَدِ الْأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَكَذَا رِجْلُ الْأَعْرَجِ (وَ) الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ (فِي) إتْلَافِ (الْيَدَيْنِ) بِقَطْعِهِمَا مِنْ الْمَنْكِبِ أَوْ الْمِرْفَقِ أَوْ الْكُوعِ أَوْ الْأَصَابِعِ أَوْ بِإِزَالَةِ مَنْفَعَتِهِمَا مَعَ بَقَائِهِمَا (وَ) فِي إتْلَافِ (الرِّجْلَيْنِ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِقَطْعِهِمَا مِنْ الْوَرِكِ أَوْ الرُّكْبَةِ أَوْ الْكَعْبِ أَوْ الْأَصَابِعِ أَوْ بِإِزَالَةِ مَنْفَعَتِهِمَا مَعَ بَقَائِهِمَا. ابْنُ شَاسٍ فِي الْيَدَيْنِ مَعَ الْكَفَّيْنِ كَمَالِ الدِّيَةِ وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْيَدَانِ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 112 وَمَارِنُ الْأَنْفِ، وَالْحَشَفَةِ، وَفِي بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا مِنْهُمَا، لَا مِنْ أَصْلِهِ،   [منح الجليل] إنْ قُطِعَتْ مِنْ أَصْلِ أَصَابِعِهَا أَوْ مَنْكِبِهَا، فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا وَشَلَلُ الْأَصَابِعِ فِيهِ دِيَتُهَا كَامِلَةً ثُمَّ فِي قَطْعِهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً حُكُومَةٌ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (وَ) فِي إزَالَةِ (مَارِنٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ فَنُونٍ أَيْ مَا لَانَ مِنْ (الْأَنْفِ) دُونَ عَظْمِهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَيُسَمَّى أَرْنَبَةً وَرَوْثَةً أَيْضًا. فِيهَا فِي الْأَنْفِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ سَوَاءٌ قُطِعَ مِنْ الْمَارِنِ أَوْ مِنْ أَصْلِهِ، وَمَا قُطِعَ مِنْ الْمَارِنِ يُقَاسُ مِنْ الْمَارِنِ لَا مِنْ أَصْلِهِ (وَ) فِي قَطْعِ (الْحَشَفَةِ) أَيْ رَأْسِ الذَّكَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ كَقَطْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ فِيهَا قَطْعُ الْحَشَفَةِ فِيهِ الدِّيَةُ كَمَا فِي اسْتِئْصَالِ الذَّكَرِ، وَإِذَا قُطِعَ بَعْضُ الْحَشَفَةِ فَمِنْهَا يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ فَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَفِيهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ (وَفِي) قَطْعِ (بَعْضِهِمَا) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ (بِحِسَابِهَا) أَيْ الدِّيَةِ (مِنْهُمَا) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ (لَا مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ وَهُوَ الْأَنْفُ وَالذَّكَرُ لِأَنَّ بَعْضَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 113 وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا؟ وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] وَفِي) إتْلَافِ (الْأُنْثَيَيْنِ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِسَلْتِهِمَا أَوْ قَطْعِهِمَا أَوْ رَضِّهِمَا وَعَنْ كَوْنِهِ قَبْلَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْدَهُ وَعَنْ كَوْنِهِ لَهُ ذَكَرٌ أَوْ لَا، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِنْ قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا الذَّكَرُ فِيهِ الدِّيَةُ بِاعْتِبَارِ الْحَشَفَةِ وَالْأُنْثَيَانِ فِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُمَا، فِيهَا الْيُسْرَى وَالْيُمْنَى سَوَاءٌ وَإِنْ قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ، وَإِنْ قُطِعَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَكَذَا الذَّكَرُ قَبْلَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَنْ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ فَأَخَذَ الدِّيَةَ ثُمَّ قُطِعَ عَسِيبُهُ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ وَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهَا فَمِنْهَا يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (وَفِي) إتْلَافِ (ذَكَرِ الْعِنِّينِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُثَقَّلَةً، أَيْ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ لَا يَتَأَتَّى بِهِ جِمَاعٌ لِصِغَرِهِ أَوْ غِلَظِهِ أَوْ لِعِلَّةٍ وَهُوَ الْمُعْتَرِضُ وَالْحَصُورُ (قَوْلَانِ) لُزُومُ الدِّيَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَثَانِيهِمَا حُكُومَةٌ، وَهُمَا فِي الْمُعْتَرِضِ عَنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَرِضًا عَنْ بَعْضِهِنَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 114 وَفِي شُفْرَيْ الْمَرْأَةِ، إنْ بَدَا الْعَظْمُ ، وَفِي ثَدْيَيْهَا، أَوْ حَلَمَتِهَا إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ،   [منح الجليل] (وَفِي) إزَالَةِ (شُفْرَيْ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ مُثَنَّى شُفْرٍ كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ، أَيْ اللَّحْمَيْنِ الْمُحِيطَيْنِ بِفَرْجِ (الْمَرْأَةِ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ (إنْ بَدَا) أَيْ ظَهَرَ (الْعَظْمُ) قَضَى بِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْدُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ شُفْرُ الْمَرْأَةِ قَالَ الْأَخَوَانِ إنْ سُلَّتَا حَتَّى بَدَا الْعَظْمُ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّ ذَهَابَهُمَا أَعْظَمُ عَلَيْهَا مِنْ ذَهَابِ ثَدْيَيْهَا اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ (وَفِي ثَدْيَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ كَامِلَةً إذَا اُسْتُؤْصِلَا بِالْقَطْعِ وَفِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ (وَ) فِي (حَلَمَتَيْهِمَا) أَيْ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ) وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَثَدْيَا الْمَرْأَةِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِيهِمَا الدِّيَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا، وَفِيهَا إنْ قَطَعَ حَلَمَتَيْهَا فَإِنْ أَبْطَلَ مَخْرَجَ اللَّبَنِ، فَفِيهِ الدِّيَةُ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَدُّ وُجُوبِ دِيَتِهِمَا ذَهَابُ حَلَمَتَيْهِمَا. أَشْهَبُ إنْ ذَهَبَ مَا هُوَ سَدَادٌ لِصَدْرِهَا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ شَيْنِهِمَا. اللَّخْمِيُّ إنْ أَفْسَدَ مَخْرَجَ اللَّبَنِ وَلَمْ يَقْطَعَ شَيْئًا مِنْهُمَا وَلَا أَذْهَبَ مِنْ جَمَالِهِمَا شَيْئًا وَجَبَتْ دِيَتُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 115 وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ وَسِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ لِلْإِيَاسِ كَالْقَوَدِ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَ سَنَةً، وَسَقَطَا، وَإِنْ عَادَتْ   [منح الجليل] - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَذَهَابِ النَّسْلِ، وَلَوْ بَقِيَ الِاسْتِمْتَاعُ. وَفِي اللَّبَنِ وَالْجَمَالِ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَالصَّغِيرَةُ كَالْكَبِيرَةِ وَلَوْ فَسَدَ مَخْرَجُ اللَّبَنِ ثُمَّ عَادَ رُدَّتْ إلَيْهِ. قُلْت ظَاهِرُ أَقْوَالِهِمْ فَسَادُ مَخْرَجِهِ مِنْ الْعَجُوزِ كَغَيْرِهَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ كَيَدٍ شَلَّاءَ فِي الْحُكُومَةِ. وَفِيهَا لَيْسَ فِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ إلَّا الِاجْتِهَادُ (وَ) إنْ قَطَعَ حَلَمَتَيْ صَغِيرَةٍ وَشَكَّ فِي إبْطَالِهِ لَبَنَهَا (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (بِ) الْمَرْأَةِ (الصَّغِيرَةِ) الَّتِي قُطِعَتْ حَلَمَتَاهَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ إبْطَالُهُ لَبَنَهَا فَالدِّيَةُ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ فَالْحُكُومَةُ. فِيهَا إنْ قَطَعَ ثَدْيَيْ الصَّغِيرَةِ، فَإِنْ اسْتُوقِنَ أَنَّهُ أَبْطَلَهُمَا فَلَا يَعُودَانِ أَبَدًا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وُضِعَتْ الدِّيَةُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهَا كَسِنِّ الصَّبِيِّ، فَإِنْ نَبَتَا فَلَا عَقْلَ لَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَنْبُتَا أَوْ شُرِطَتَا فَيَبِسَتَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ. (وَ) إنْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ غَيْرِ مُثْغِرٍ اُسْتُؤْنِيَ بِ (سِنِّ الصَّغِيرِ) الَّذِي (لَمْ يُثْغِرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ لَمْ يَسْقُطْ أَسْنَانُهُ الَّتِي نَبَتَتْ لَهُ وَهُوَ رَضِيعٌ بِأَخْذِ عَقْلِهَا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ (لِلْإِيَاسِ) مِنْ نَبَاتِهَا، وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِينَاءُ فَقَالَ (كَالْقَوَدِ) فِي الْعَمْدِ وَيُوقَفُ الْعَقْلُ بِيَدِ عَدْلٍ، فَإِنْ نَبَتَتْ بِهَيْئَتِهَا فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ فِيهَا. وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ مِمَّا كَانَتْ أُعْطِيَ أَرْشَ نَقْصِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فِي الْوَقْفِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَبَاتِهَا فِيهِ وَلَمْ تَمْضِ سَنَةٌ مِنْ يَوْمِ قَلْعِهَا (اُنْتُظِرَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ (سَنَةً) أَيْ تَمَامُهَا مِنْهُ وَإِنْ تَمَّتْ السَّنَةُ قَبْلَ وَقْتِ الْإِيَاسِ اُنْتُظِرَ وَقْتُ الْإِيَاسِ فَيُنْتَظَرُ أَبْعَدُ الْأَمْرَيْنِ (وَسَقَطَا) أَيْ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ (إنْ عَادَتْ) سِنُّهُ كَهَيْئَتِهَا وَاسْتَشْكَلَ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ إيلَامُ الْجَانِي بِمِثْلِ فِعْلِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ غَيْرِ الْخَطَرِ وَإِنْ بَرِئَ بِلَا شَيْنٍ، وَأَنَّهُ إنْ رَدَّتْ السِّنُّ الْمَقْلُوعَةُ فَنَبَتَتْ فَلَا يَسْقُطُ قَوَدُهَا. وَأُجِيبُ بِأَنَّ سِنَّ الصَّبِيِّ لَا تُمَاثِلُ سِنَّ الْكَبِيرِ لِنَبَاتِ سِنِّ الصَّغِيرِ دُونَ سِنِّ الْكَبِيرِ، فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ مِنْ الصَّغِيرِ فَقَدْ سَاوَتْ سِنَّ الْكَبِيرِ فَوَجَبَ قَوَدُهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 116 وَوُرِثَا، إنْ مَاتَ، وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ بِحِسَابِهَا   [منح الجليل] (وَوُرِثَا) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ (إنْ مَاتَ) الصَّغِيرُ قَبْلَ عَوْدِهَا لِوُجُودِ سَبَبِهِمَا (وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ) مِنْ الْمَقْلُوعَةِ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ الْمَوْقُوفَةِ (بِحِسَابِ) نَقْصِ (هَا) فَإِنْ نَقَصَتْ الرُّبُعَ أُخِذَ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ سَمَاعِ عِيسَى طَرْحُ سِنِّ الصَّغِيرِ يُوجِبُ وَقْفَ عَقْلِهَا، فَإِنْ نَبَتَتْ رَدَّ وَإِلَّا أُقَيِّدُ فِي الْعَمْدِ وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ وَمَاتَ قَبْلَ نَبَاتِهَا فَلِوَارِثِهِ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ، وَإِنْ نَبَتَتْ أَصْغَرَ فَفِي قَدْرِ نَقْصِهَا قَدْرُهُ مِنْ دِيَتِهَا. الشَّيْخُ زَادَ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ مَاتَ الطِّفْلُ وَلَمْ تَنْبُتْ السِّنُّ سَقَطَ الْقَوَدُ، قَالَ وَلَا يُوقَفُ كُلُّ الْعَقْلِ لِأَنَّ السِّنَّ يَكُونُ فِيهَا النَّقْصُ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الْعَقْلِ، بَلْ يُوقَفُ مِنْهُ مَا إذَا نَقَصَتْ السِّنُّ إلَيْهِ فَلَا يُقْتَصُّ لَهُ، قِيلَ كَمْ ذَلِكَ قَالَ هُوَ مَعْرُوفٌ كَالْعَيْنِ يَذْهَبُ بَصَرُهَا وَالْيَدُ يَدْخُلُهَا النَّقْصُ الْيَسِيرُ. أَشْهَبُ إنْ قُلِعَتْ سِنُّ صَبِيٍّ وَقَدْ أَثْغَرَ وَنَبَتَتْ أَسْنَانُهُ فَلَهُ تَعْجِيلُ الْعَقْلِ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ، وَلَوْ أَخَذَ الْمُثْغِرُ الْأَرْشَ فِي الْخَطَأِ ثُمَّ رَدَّهَا فَنَبَتَتْ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. مُحَمَّدٌ لِأَنَّ السِّنَّ مُحْدَثَةٌ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَرَى فِيهَا دِيَتَهَا، وَإِنْ نَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأُذُنِ وَالسِّنِّ أَنَّ الْأُذُنَ تَسْتَمْسِكُ وَتَعُودُ لِهَيْئَتِهَا، وَيَجْرِي الدَّمُ فِيهَا، بِخِلَافِ السِّنِّ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ جِرَاحِ الْخَطَأِ يُسْتَأْنَى بِهَا خَوْفَ أَنْ يَأْتِيَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَالْأُصْبُعِ مِنْ الْيَدِ مَا كَانَ مِنْهَا دُونَ الثُّلُثِ يُوقَفُ عَقْلُهُ إنْ بَرِئَ رُدَّ إلَيْهِ، وَإِنْ زَادَ لِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ رُدَّ إلَيْهِ، وَحَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ، وَمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لَا يُوقَفُ عَقْلُهُ. لِأَنَّهَا مَأْمُونَةٌ، وَالرَّجُلُ قَدْ يَذْهَبُ مَالُهُ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 117 وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ،   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ لَا نَصَّ فِيهَا عَلَى أَمَدِ الْوَاقِفِ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ الْمَجْمُوعَةِ إنْ آيَسَ مِنْ نَبَاتِهَا أَخَذَ الصَّبِيُّ الْعَقْلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ زَمَنٌ مُعْتَادٌ نَبَاتُهَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ مِنْ مُعْتَادِهِ أَوْ سَنَةٍ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (وَ) إنْ جَنَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ فَادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَهَابَ عَقْلِهِ بِالْجِنَايَةِ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ (جُرِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْعَقْلُ) الْمُدَّعَى زَوَالُهُ (بِالْخَلَوَاتِ) بِأَنْ يُجْعَلَ فِي مَحَلٍّ وَحْدَهُ وَيُتَطَلَّعَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ، وَيَنْظُرُ هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ أَوْ الْمَجَانِينِ، وَيُكَرَّرُ التَّطَلُّعُ عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي أَوْقَاتٍ حَتَّى يُعْلَمَ أَمْرُهُ أَوْ بِأَنْ يُجْعَلَ كَذَلِكَ، وَيَجْلِسَ إلَيْهِ إنْسَانٌ يَتَحَدَّثُ مَعَهُ مِرَارًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ، وَإِنْ شَكَّ فِي ذَهَابِ عَقْلِهِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حُمِلَ عَلَى ذَهَابِ جَمِيعِهِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ. " غ " أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ إذَا شَكَكْنَا فِي زَوَالِ الْعَقْلِ رَاقَبْنَاهُ وَلَا نُحَلِّفُهُ لِئَلَّا يَتَجَانَّ فِي الْخَلَوَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ نَقَصَ بَعْضُ عَقْلِهِ فَفِيهِ بِحِسَابِهِ. اللَّخْمِيُّ تَجِبُ بِكَوْنِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 118 وَالسَّمْعُ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ، مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ، وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ، وَإِلَّا:   [منح الجليل] مُطْبَقًا لَا يُفِيقُ، وَإِنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ وَقْتًا فَفِيهِ مِنْ دِيَتِهِ بِقَدْرِهِ، فَإِنْ ذَهَبَ يَوْمًا وَلَيْلَةً مِنْ الشَّهْرِ فَلَهُ عُشْرُ ثُلُثِهَا، وَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ لَيْلَةً دُونَ نَهَارِهَا أَوْ عَكْسُهُ فَلَهُ نِصْفُ عُشْرِ ثُلُثِهَا، وَإِنْ ذَهَبَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَلَهُ نِصْفُهَا، وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَيْلَهُ دُونَ نَهَارِهِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَهُ رُبُعُهَا، وَإِنْ لَازَمَ وَلَمْ يَذْهَبْ جُمْلَةً وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ تَمْيِيزٍ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ فَيُقَوِّمُ عَبْدًا سَلِيمَ الْعَقْلِ، فَإِنْ قُوِّمَ بِمِائَةٍ فَيُقَوِّمُ عَبْدًا لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ، فَإِنْ قُوِّمَ بِعِشْرِينَ كَانَتْ قِيمَةُ عَقْلِهِ ثَمَانِينَ، ثُمَّ يُقَوَّمُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ الْعَقْلِ، فَإِنْ قُوِّمَ بِأَرْبَعِينَ فَعَلَى الْجَانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَتِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ عَادَتُهُمَا كَلَامُ اللَّخْمِيِّ، وَلَمْ يَنْقُلَاهُ هُنَا فَلَعَلَّهُ لِصُعُوبَتِهِ، ثُمَّ قَالَ وَالْجَارِي عَلَى أُصُولِ الْمَذْهَبِ تَقْوِيمُهُ سَلِيمًا ثُمَّ يُقَوَّمُ بِحَالَتِهِ وَبِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْجَانِي مِنْ دِيَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَلِيمًا مِائَةً وَعَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ كَانَ عَلَى الْجَانِي ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دِيَتِهِ. (وَ) يُجَرَّبُ (السَّمْعُ) الْمُدَّعَى زَوَالُهُ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ (بِأَنْ يُصَاحَ) عَلَيْهِ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ فِي وَقْتِ سُكُونِ الرِّيحِ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَيَتَقَرَّبُ الصَّائِحُ مِنْهُ وَيَصِيحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَيَتَقَرَّبُ وَيَصِيحُ، وَهَكَذَا يَفْعَلُ حَتَّى يَسْمَعَ فَيُعَلَّمُ مَكَانُ وُقُوفِ الصَّائِحِ بِعَلَامَةٍ، ثُمَّ يُجْعَلُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَجْهُهُ لِجِهَةِ خَلْفِهِ وَيَصِيحُ الصَّائِحُ لَهُ ذَلِكَ، وَيُعَلَّمُ مَوْضِعُهُ ثُمَّ يُجْعَلُ وَجْهُهُ لِجِهَةِ يَمِينِهِ، وَيَصِيحُ عَلَيْهِ، وَيُعَلَّمُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَجْعَلُهُ شِمَالَهُ وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يُقَاسُ مَا بَيْنَ الْعَلَامَاتِ وَمَوْضِعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. فَإِنْ اسْتَوَتْ (مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ) فِي الْجِهَاتِ الْأَمَامِ وَالْخَلْفِ وَالْيَمِينِ وَالشِّمَالِ (مَعَ سَدِّ) الْأُذُنِ (الصَّحِيحَةِ) سَدًّا مُحْكَمًا ثُمَّ سُدَّتْ الْأُذُنُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا وَفُتِحَتْ الصَّحِيحَةُ وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ (وَنُسِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ سَمْعُهُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (لِسَمْعِهِ الْآخَرَ) بِالصَّحِيحَةِ وَحُكِمَ عَلَى الْجَانِي بِمِثْلِ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمْعٌ آخَرُ بِأَنْ ادَّعَى الْجِنَايَةَ عَلَى سَمْعِ أُذُنَيْهِ مَعًا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا لَا سَمْعَ لَهَا أَصَالَةً الجزء: 9 ¦ الصفحة: 119 فَسَمْعٌ وَسَطٌ، وَلَهُ نِسْبَتُهُ، إنْ حَلَفَ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَهَدَرٌ وَالْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ،   [منح الجليل] فَسَمْعٌ وَسَطٌ) أَيْ لَيْسَ فِي غَايَةِ الْحِدَّةِ وَلَا فِي غَايَةِ الثِّقَلِ لِشَخْصٍ مِثْلَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سِنًّا وَمِزَاجًا. (وَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (نِسْبَتُهُ) مِنْ دِيَةِ الْأُذُنِ أَوْ الْأُذُنَيْنِ (إنْ حَلَفَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةَ سَمْعِهِ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْجِهَاتِ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا اخْتِلَافًا بَيِّنًا (فَهَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي مِنْ الدِّيَةِ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ ذَهَابَ سَمْعِ الْأُذُنَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا (وَ) يُجَرَّبُ (الْبَصَرُ) الْمُدَّعَى ذَهَابُهُ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ (بِإِغْلَاقِ) الْعَيْنِ (الصَّحِيحَةِ) وَإِرَاءَتِهِ شَيْئًا نَحْوَ بَيْضَةٍ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ وَالتَّقَرُّبُ إلَيْهِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يُبْصِرَهَا (كَذَلِكَ) أَيْ الْفِعْلُ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَتُفْتَحُ الصَّحِيحَةُ، وَيُفْعَلُ بِهَا كَذَلِكَ، وَلَهُ نِسْبَتُهُ إنْ حَلَفَ. " غ "، فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أُصِيبَتْ الْعَيْنُ فَنَقَصَ بَصَرُهَا أُغْلِقَتْ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ جُعِلَ لَهُ بَيْضَةٌ أَوْ شَيْءٌ فِي مَكَان يُخْتَبَرُ بِهِ مُنْتَهَى بَصَرِهِ بِالسَّقِيمَةِ، فَإِذَا رَآهَا حُوِّلَتْ لَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَإِنْ تَسَاوَتْ الْأَمَاكِنُ أَوْ تَقَارَبَتْ قِيسَتْ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ أُعْطِيَ بِقَدْرِ مَا نَقَصَتْ الْمُصَابَةُ مِنْ الصَّحِيحَةِ وَالسَّمْعُ مِثْلُهُ يُخْتَبَرُ بِالْأَمْكِنَةِ أَيْضًا حَتَّى يُعْرَفَ صِدْقُهُ مِنْ كَذِبِهِ، وَإِنْ ادَّعَى الْمَضْرُوبُ أَنَّ جَمِيعَ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ ذَهَبَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَيُخْتَبَرُ إنْ قُدِرَ عَلَى اخْتِبَارِهِ بِمَا وَصَفْنَا. ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ نَقَصَ بَصَرُ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا أَوْ أُذُنَيْهِ فَإِنَّهُ يُقَاسُ بِالْبَيْضَةِ فِي الْبَصَرِ وَالصَّوْتِ فِي السَّمْعِ كَمَا وَصَفْنَا، فَإِذَا اتَّفَقَتْ أَقْوَالُهُ أَوْ تَقَارَبَتْ قِيسَ بِبَصَرِ رَجُلٍ وَسَطٍ مِثْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي الَّذِي ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ يُخْتَبَرُ بِالْإِشَارَةِ فِي الْبَصَرِ وَالصَّوْتِ فِي السَّمْعِ، وَيُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَفَسَّرَ أَبُو الْحَسَنِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ يُخْتَبَرُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ. (وَ) يُجَرَّبُ (الشَّمُّ) الْمُدَّعَى ذَهَابُهُ بِالْجِنَايَةِ (بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَالدَّالِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 120 وَالنُّطْقُ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا؛ وَالذَّوْقُ بِالْمُقِرِّ، وَصُدِّقَ مُدَّعٍ ذَهَابَ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ، وَرِجْلٍ، وَنَحْوِهِمَا خِلْقَةً: كَغَيْرِهِ؛ وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا؛   [منح الجليل] مُثَقَّلًا، أَيْ قَوِيَّةً مُنَفِّرَةً لِلطَّبْعِ لَا يَصْبِرُ مَنْ يَشُمُّهَا عَادَةً وَلَا سِيَّمَا مَعَ طُولِ الزَّمَنِ وَيُعْلَمُ شَمُّهُ بِالْعُطَاسِ وَنَحْوِهِ. أَبُو حَامِدٍ فِي وَجِيزِهِ يُمْتَحَنُ الشَّمُّ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ وَعِنْدَ النُّقْصَانِ يَحْلِفُ لِعُسْرِ الِامْتِحَانِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُوَضِّحُ (وَ) يُجَرَّبُ (النُّطْقُ) الْمُدَّعَى نَقْصَهُ بِجِنَايَةٍ (بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا) مِنْ الْعَارِفِينَ لَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْحُرُوفِ لِاخْتِلَافِهَا بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ عَلَى اللِّسَانِ، فَإِنْ شُكَّ فِي نَقْصِ الرُّبُعِ وَالثُّلُثِ مَثَلًا حُمِلَ عَلَى الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ. (وَ) يُجَرَّبُ (الذَّوْقُ) الْمُدَّعَى ذَهَابُهُ بِجِنَايَةٍ (بِالْمُقِرِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ شَدِيدُ الْمَرَارَةِ كَالصَّبْرِ أَوْ الْحَرَارَةِ كَالْفُلْفُلِ الْأَحْمَرِ. " غ " أَبُو حَامِدٍ يُجَرَّبُ الذَّوْقُ بِالْأَشْيَاءِ الْمُرَّةِ الْمَقِرَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْجَوْهَرِيُّ مَقِرَ الشَّيْءُ بِالْكَسْرِ يَمْقُرُ مَقْرًا، أَيْ صَارَ مُرًّا فَهُوَ شَيْءٌ مَقِرٌ وَالْمَقِرُ أَيْضًا الصَّبْرُ، وَبِهَذَا فُسِّرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُنَفِّرُ أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ. (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (مُدَّعِي ذَهَابَ الْجَمِيعِ) بِجِنَايَةٍ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ، أَيْ مَعَ الِاخْتِبَارِ بِمَا سَبَقَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) الْعُضْوُ الضَّعِيفُ (مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا) كَيَدٍ وَأُذُنٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ (خِلْقَةً) مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ الْإِبْصَارِ بِالْعَيْنِ وَالْمَشْيِ بِالرِّجْلِ وَالْعَمَلِ بِالْيَدِ وَالسَّمَاعِ بِالْأُذُنِ وَالنُّطْقِ بِاللِّسَانِ وَالْوَطْءِ بِالذَّكَرِ (كَغَيْرِهِ) أَيْ الضَّعِيفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ. تت أَطْلَقَ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ تَقْيِيدُهُ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ عَلَى الْأَكْثَرِ فَإِنْ أَتَى عَلَى الْأَكْثَرِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ عَقْلِهِ. وَشَبَّهَ بِالضَّعِيفِ خِلْقَةً فِي كَوْنِهِ كَالصَّحِيحِ فَقَالَ (وَكَذَا) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا، الضَّعِيفُ خِلْقَةً فِي كَوْنِهِ كَالسَّلِيمِ الْأَعْضَاءِ (الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا) فَضَعُفَتْ مِنْ الْجِنَايَةِ (إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ (عَقْلًا) فَإِنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ ثَانِيًا فَإِنَّمَا لَهُ مِنْ الْعَقْلِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ قَالَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 121 وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ، فَحُكُومَةٌ: كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَالسَّاعِدِ،   [منح الجليل] الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَعَنْهُ أَيْضًا فِيهِ الْعَقْلُ الْكَامِلُ. (وَفِي) قَطْعِ (لِسَانِ) الْإِنْسَانِ (النَّاطِقِ وَلَمْ يَمْنَعْ) مَا قَطَعَ مِنْهُ (النُّطْقَ حُكُومَةٌ) فِيهَا فِي اللِّسَانِ الْقَوَدُ إنْ اُسْتُطِيعَ الْقَوَدُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُتْلِفًا مِثْلَ الْفَخْذِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ، فَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا فَلَا يُقَادُ مِنْهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقَادُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْبُتُ وَيَعُودُ كُلَّمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فِيهَا وَقَدْ سَمِعْت أَهْلَ الْأَنْدَلُسِ سَأَلُوا مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ اللِّسَانِ إذَا قُطِعَ فَزَعَمُوا أَنَّهُ يَنْبُتُ فَرَأَيْت مَالِكًا يُصْغِي أَنَّهُ لَا يُعَجَّلُ بِهِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ إنْ كَانَ الْقَطْعُ قَدْ مَنَعَ الْكَلَامَ، قُلْت فِي الدِّيَةِ أَوْ فِي الْقَوَدِ قَالَ فِي الدِّيَةِ قَالَ عِيَاضٌ الظَّاهِرُ تَعْجِيلُ الْقَوَدِ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ إنْ كَانَ كَمَا قَالَ يُسْتَطَاعُ الْقَوَدُ مِنْهُ وَلَا يُنْتَظَرُ نَبَاتُهُ كَمَا يُقَادُ فِي سَائِرِ الْجَوَارِحِ، وَإِنْ نَبَتَ لَحْمًا وَصَارَ إلَى أَحْسَنِ حَالٍ، وَإِنَّمَا الِانْتِظَارُ فِي الدِّيَةِ، إذْ قَدْ يُفْضِي قَطْعُهُ إلَى النَّفْسِ أَوْ يَنْبُتُ كَمَا ذُكِرَ لَهُ فَلَا يَكُونُ فِيهِ دِيَةٌ، أَوْ يَنْبُتُ بَعْضُهُ فَيَكُونُ فِيهِ بِحِسَابِ ذَلِكَ. وَفِي الذَّخِيرَةِ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اللِّسَانُ يَعُودُ وَيَنْبُتُ، قَالَ يُنْتَظَرُ إلَى مَا يَصِيرُ إلَيْهِ إنْ مَنَعَ الْقَطْعُ الْكَلَامَ فَالدِّيَةُ، وَلَا يُنْتَظَرُ الْقَوَدُ اهـ. هَكَذَا بِالْقَافِ لَا بِالْعَيْنِ خِلَافًا لتت لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ مِنْ الِانْتِظَارِ فَعُلِمَ أَنَّ عَدَمَ الِانْتِظَارِ فِي الْقَوَدِ، وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا قُلْنَا قَالَهُ طفي وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. وَشَبَّهَ فِي الْحُكُومَةِ فَقَالَ (كَ) قَطْعِ (لِسَانِ الْأَخْرَسِ) فَفِيهِ حُكُومَةٌ (وَفِي) قَطْعِ (الْيَدِ الشَّلَّاءِ) حُكُومَةٌ (وَ) كَقَطْعِ (السَّاعِدِ) أَيْ الذِّرَاعِ الَّذِي لَا أُصْبُعَ لَهُ خِلْقَةً، أَوْ بِقَطْعِ سَابِقٍ فِيهِ حُكُومَةٌ. فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَفِّ أُصْبُعٌ فَفِي قَطْعِهَا أَوْ بَعْضِهَا حُكُومَةٌ اهـ. فَدِيَةُ الْيَدِ إنَّمَا هِيَ لِلْأَصَابِعِ. فِيهَا فِي الْأُصْبُعَيْنِ بِمَا يَلِيهِمَا مِنْ الْكَفِّ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا حُكُومَةَ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ قُطِعَتْ كَفٌّ ذِي أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ فَلَهُ دِيَةُ الْأُصْبُعِ، وَأَحَبُّ إلَيَّ فِي بَاقِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 122 وَأَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ، وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا، وَعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ الْحَشَفَةِ، وَحَاجِبٍ، أَوْ هُدْبٍ وَظُفْرٍ، وَفِيهِ الْقِصَاصُ وَإِفْضَاءٌ،   [منح الجليل] وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ فِي بَقِيَّةِ الْكَفِّ. شب فَإِنْ وُجِدَ لِلْجَانِي مِثْلُ الْيَدِ الشَّلَّاءِ أَوْ السَّاعِدِ فَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ. (وَ) فِي (أَلْيَتَيْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مُثَنَّى أَلْيَةٍ كَذَلِكَ لَحْمُ الْمَقْعَدَةِ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ (الْمَرْأَةِ) حُكُومَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِمَا نَصٌّ عَنْ الْإِمَامِ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ. أَشْهَبُ فِي أَلْيَتَيْهَا الدِّيَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَلْيَتَانِ فِيهَا فِيهِمَا مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ الْبَاجِيَّ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِمَا مِنْ الْمَرْأَةِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَهَذَا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فِيهِ الْقِصَاصُ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ بُدُوِّ الْعَظْمِ وَعَدَمِهِ. (وَ) فِي قَلْعِ (سِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا) بِحَيْثُ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهَا حُكُومَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً لَا جِدًّا فَفِيهَا الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ. (وَ) فِي قَطْعِ (عَسِيبِ) أَيْ قَصَبَةِ (ذَكَرٍ بَعْدَ) قَطْعِ (الْحَشَفَةِ) مِنْهُ حُكُومَةٌ. الْبِسَاطِيُّ فِي إطْلَاقِ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ تَجُوزُ فَالدِّيَةُ إنَّمَا هِيَ لِلْحَشَفَةِ وَنَحْوُ مَا فِي الْمَتْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ الظَّاهِرُ لُزُومُ الدِّيَةِ فِي الْعَسِيبِ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ بِهِ وَتَحْصُلُ بِهِ اللَّذَّةُ، وَسَوَاءٌ قُطِعَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي مِثْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وشب (وَ) فِي إزَالَةِ (حَاجِبٍ) وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ حُكُومَةٌ. الشَّارِحُ الْمُرَادُ شَعْرُهُ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِهُدْبِ الْعَيْنِ وَهُوَ شَعْرُهَا، ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ اللَّحْمُ الَّذِي فِيهِ الشَّعْرُ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ أَيْ شَعْرِهِ وَلَحْمِهِ (وَ) فِي (هُدْبٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ لِعَيْنٍ إنْ لَمْ يَنْبُتْ حُكُومَةٌ، فَإِنْ نَبَتَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ (وَ) فِي قَطْعِ (ظُفْرٍ) خَطَأً حُكُومَةٌ (وَ) عَمْدًا (فِيهِ الْقِصَاصُ) تت ظَاهِرُهُ الْحُكُومَةُ فِي الْخَطَأِ وَلَوْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الظُّفْرِ الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يُقْلَعَ خَطَأً فَلَا شَيْءَ فِيهِ إذَا بَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ هَيْئَتِهِ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ (وَفِي إفْضَاءٍ) أَيْ إزَالَةِ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ حُكُومَةٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 123 وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ،   [منح الجليل] الْإِفْضَاءِ قَوْلَانِ حُكُومَةٌ وَدِيَةٌ. التَّوْضِيحِ الْحُكُومَةُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالدِّيَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ بِأَنَّهُ مَنَعَهَا اللَّذَّةَ وَإِمْسَاكَ الْوَلَدِ وَالْبَوْلَ إلَى الْخَلَاءِ، وَبِأَنَّ مُصِيبَتَهَا بِهِ أَعْظَمُ مِنْ الشُّفْرَيْنِ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْإِفْضَاءُ إزَالَةُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِيهِ مَا شَانَهَا بِالِاجْتِهَادِ. الْبَاجِيَّ إنْ فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ مِثْلِهَا. وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ. ابْنُ هَارُونَ وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ الدِّيَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ حَكَاهُ ابْنُ شَاسٍ وَهُوَ بَعِيدٌ، إذْ لَيْسَ مُسَاوِيًا لِمَا سَنَّ الشَّارِعُ فِيهِ الدِّيَةَ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، بَلْ قَالَ أَكْثَرُ نُصُوصِهِمْ وُجُوبُ الْحُكُومَةِ وَوُجُوبُ الدِّيَةِ قَوِيٌّ لِأَنَّ مُصِيبَتَهَا بِهِ أَقْوَى مِنْ إزَالَةِ التَّفْرِيقِ، وَمُصِيبَتُهُ كَمُصِيبَةِ ذَهَابِ جِمَاعِ الرَّجُلِ. قُلْت وَجَدْت لِلَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا إذَا بَلَغَ بِهَا حَيْثُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَفِيهَا إنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَفْضَاهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنْ اغْتَصَبَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ مَعَ مَا شَانَهَا. قُلْت ظَاهِرُهُ مَا انْدِرَاجُ الْبَكَارَةِ فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ الشَّيْنِ لِأَنَّ زَوَالَ الْبَكَارَةِ مِنْ لَوَازِمِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ. اللَّخْمِيُّ مَا كَانَ بِطَوْعِهَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالزَّوْجَةِ تَمُوتُ مِنْ جِمَاعِهِ فَحَيْثُ تَسْقُطُ الدِّيَةُ فِي الزَّوْجَةِ يَسْقُطُ مَا شَانَهَا، وَحَيْثُ تَثْبُتُ يَثْبُتُ، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي مُدَوَّنَتِهِ إنْ زَنَى بِهَا فَأَفْضَاهَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ بِطَوْعِهَا، وَفِيهَا مَنْ بَنَى بِزَوْجَتِهِ فَأَفْضَاهَا وَمَاتَتْ مِنْ جِمَاعِهِ فَدِيَتُهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَعَلَيْهِ مَا شَانَهَا، فَإِنْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ (وَلَا يَنْدَرِجُ) أَرْشُ الْإِفْضَاءِ (تَحْتَ الْمَهْرِ) بِحَيْثُ لَا يَجِبُ فِيهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 124 بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ، إلَّا بِأُصْبُعِهِ   [منح الجليل] زِيَادَةٌ عَلَيْهِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَرْشُهُ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ، رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ (بِخِلَافِ) أَرْشِ (الْبَكَارَةِ) فَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا إلَّا بِإِزَالَتِهَا وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْإِفْضَاءُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ زَانٍ بِغَيْرِ عَالِمَةٍ أَوْ غَاصِبٍ لِأَنَّ الصَّدَاقَ لِلْوَطْءِ فِي مَحَلِّهِ وَالْإِفْضَاءُ جِنَايَةٌ عَلَى عُضْوٍ آخَرَ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ. الْبَاجِيَّ إنْ فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ، وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَالْحَدُّ، وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ بِطَائِعَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِيهَا. ابْنُ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ أَنَّ طَوْعَ الزَّوْجَةِ وَاجِبٌ فَلَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ، وَالْأَجْنَبِيَّةُ يَجِبُ عَلَيْهَا مَنْعُهُ فَطَوْعُهَا كَإِذْنِهَا أَنَّهُ يُوضِحُهَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ انْدِرَاجِ الْبَكَارَةِ فِي الْمَهْرِ فَقَالَ (إلَّا) إزَالَتَهَا (بِأُصْبُعِهِ) فَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُهَا تَحْتَ الْمَهْرِ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى الزَّوْجِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ وَطْئِهَا وَإِلَّا انْدَرَجَ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 125 وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ: عُشْرٌ، وَالْأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ، إلَّا فِي الْإِبْهَامِ، فَنِصْفُهُ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ: عُشْرٌ، إنْ انْفَرَدَتْ   [منح الجليل] ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ دَفَعَ امْرَأَتَهُ فَسَقَطَتْ عُذْرَتُهَا فَعَلَيْهِ مَا شَانَهَا، وَكَذَا فِعْلُ ذَلِكَ بِأُصْبُعِهِ فَعَلَهُ غُلَامٌ أَوْ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ مَعَ الْأَدَبِ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَالْأَدَبُ فِي الْأُصْبُعِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الدَّفْعَةِ، وَمَعْنَى مَا شَانَهَا مَا نَقَصَ مِنْ صَدَاقِهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ. وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَهُ الزَّوْجُ بِامْرَأَتِهِ بِأُصْبُعِهِ فَقِيلَ عَلَيْهِ صَدَاقُهَا، وَقِيلَ مَا شَانَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ إنْ طَلَّقَهَا رِوَايَتَانِ لِسَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَهَا فِي دَفْعِهِ إيَّاهَا لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا شَانَهَا إنْ فَارَقَهَا. ابْنُ شَاسٍ إنْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا شَانَهَا مَعَ نِصْفِ صَدَاقِهَا، وَيَنْظُرُ إلَى مَا شَانَهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ فِي حَالِهَا وَجَمَالِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الْمَهْرُ كَامِلًا. (وَفِي) إتْلَافِ (كُلِّ أُصْبُعٍ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ خِنْصَرٍ أَوْ إبْهَامٍ أَوْ غَيْرِهِمَا خَطَأً (عُشْرٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْ إبِلٍ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَالْأُنْثَى إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ هَذَا (وَفِي) إتْلَافِهِ (الْأُنْمُلَةِ) مِنْ كُلِّ أُصْبُعٍ (ثُلُثُهُ) أَيْ الْعُشْرِ (إلَّا) الْأُنْمُلَةَ (مِنْ الْإِبْهَامِ فَ) فِي إتْلَافِهَا (نِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا أُنْمُلَتَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْهُ أَيْضًا ثَلَاثُ أَنَامِلَ فِي الْإِبْهَامِ، فَفِي أُنْمُلَتِهِ ثُلُثُ عُشْرٍ عَلَى هَذَا كَأُنْمُلَةِ غَيْرِهَا وَالْقَوْلَانِ فِي إبْهَامِ الْيَدِ، وَأَمَّا إبْهَامُ الرِّجْلِ فَأُنْمُلَتَانِ اتِّفَاقًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا فِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ الْعُشْرِ، وَأَنَامِلُ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي كَوْنِهَا ذَا أُنْمُلَتَيْنِ فَقَطْ أَوْ ثَلَاثٍ قَوْلُهَا مَعَ الْبَاجِيَّ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجَعَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ، وَلَمْ يَحْكِهِ الْبَاجِيَّ إلَّا عَنْ سَحْنُونٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ كِنَانَةَ، قَالَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَنْهُمْ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ (وَفِي) إتْلَافِ (الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةُ) عَلَى الْخَمْسِ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (الْقَوِيَّةِ) عَلَى التَّصَرُّفِ قُوَّةِ الْأُصْبُعِ الْأَصْلِيَّةِ (عُشْرٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إنْ أُفْرِدَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بِالْإِتْلَافِ عَنْ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ، وَمَفْهُومُ الْقَوِيَّةِ أَنَّ الضَّعِيفَةَ لَا عُشْرَ فِيهَا وَهُوَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 126 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَذَلِكَ، وَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهَا إنْ قُطِعَتْ مَعَ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إعْطَاءً لِلنَّادِرِ حُكْمَ الْغَالِبِ. الشَّارِحُ قَوْلُهُ إنْ انْفَرَدَتْ يَقْتَضِي أَنَّهَا إنْ قُطِعَتْ مَعَ أُصْبُعٍ أَصْلِيٍّ لَا شَيْءَ فِيهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَحَادَ الْبِسَاطِيُّ عَنْ ظَاهِرِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ مَعْنَى انْفَرَدَتْ لَمْ تُقْطَعْ فِي ضِمْنِ قَطْعِ الْيَدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَهُ تت. أَقُولُ لَوْ صَحَّ كَلَامُهُ لَسَهُلَ جَوَابُهُ بِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي الْمَفْهُومِ وَلِكُلٍّ قَالَ طفي اُنْظُرْ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّ الْمَنْسُوبَ لَهُ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السَّادِسَةَ الْقَوِيَّةَ فِيهَا عُشْرٌ قُطِعَتْ عَمْدًا، إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، وَإِنْ قُطِعَ جَمِيعُ الْكَفِّ كَانَ فِيهَا سِتُّونَ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا قُطِعَتْ الْيَدُ الَّتِي فِيهَا سِتُّ أَصَابِعَ خَطَأً كَانَ فِيهَا خَمْسُمِائَةٍ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ وَهُوَ أَبْيَنُ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قَائِلًا وَإِلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَشَارَ بِمَا ذَكَرَ، غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ انْفَرَدَتْ يَقْتَضِي أَنَّ تَرَتُّبَ الْعُشْرِ فِيهَا مَشْرُوطٌ بِقَطْعِهَا وَحْدَهَا. وَأَمَّا إنْ قُطِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا فَلَا عُشْرَ فِيهَا وَالْأَمْرُ كَمَا عَلِمْت مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهَا الْعُشْرَ مُطْلَقًا قُطِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا أَوْ وَحْدَهَا بِشَرْطِ كَوْنِهَا قَوِيَّةً. وَقَالَ " ق " لَوْ قَالَ عُشْرٌ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ إنْ انْفَرَدَتْ لِتَنْزِلَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَتْ السَّادِسَةُ قَوِيَّةً فَفِيهَا عُشْرٌ، وَلَوْ قُطِعَتْ عَمْدًا، إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا. وَفِي كُلِّ يَدٍ مِنْهَا سِتُّونَ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً فَفِيهَا حُكُومَةٌ إنْ انْفَرَدَتْ وَمَعَ الْيَدِ لَا يُزَادُ لَهَا شَيْءٌ وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَيَأْخُذُ دِيَةَ السَّادِسَةِ إنْ كَانَتْ قَوِيَّةً لَكِنَّهُ اسْتَشْكَلَهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ، وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ. الْبُنَانِيُّ وَهُوَ بَحْثٌ حَسَنٌ، وَتَبِعَهُمَا " ح " فِي الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ، وَمِثْلُ إصْلَاحِ " ق " لَغْ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الْعُتْبِيَّةِ، فَهَذَا كُلُّهُ دَلَّ عَلَى بُطْلَانِ عَزْوِ تت وَلَمْ يَكُنْ فِي كَبِيرِهِ وَقَوْلُهُ تَعَقَّبَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ إنْ انْفَرَدَتْ إلَخْ قَدْ ذَكَرْنَا لَك تَعَقُّبَهُ بِلَفْظِهِ، وَذَكَرَهُ تت بِالْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ وَلِذَا عَدَلَ الْبِسَاطِيُّ إلَخْ، قَدْ عَلِمْت أَنَّ اعْتِرَاضَ الشَّارِحِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِقَطْعِهَا مَعَ أُصْبُعٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 127 وَفِي كُلِّ سِنٍّ: خَمْسٌ، وَإِنْ سَوْدَاءَ بِقَلْعٍ، أَوْ اسْوِدَادٍ، أَوْ بِهِمَا، أَوْ بِحُمْرَةٍ أَوْ بِصُفْرَةٍ، إنْ كَانَا عُرْفًا: كَالسَّوَادِ،   [منح الجليل] أَوْ أُصْبُعَيْنِ، بَلْ كَذَلِكَ إذَا قُطِعَتْ فِي ضِمْنِ قَطْعِ الْيَدِ، فَاعْتِذَارُ الْبِسَاطِيِّ غَيْرُ صَوَابٍ. وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَمْ يَقُلْ هَذَا فِي كَبِيرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَفِي) إتْلَافِ (كُلِّ سِنٍّ) ثَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ نَابًا أَوْ رُبَاعِيَّةً أَوْ ضِرْسًا (خَمْسٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الْإِبِلِ إنْ لَمْ تَكُنْ سَوْدَاءَ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (سَوْدَاءَ) خِلْقَةً أَوْ بِجِنَايَةٍ وَجَنَى عَلَيْهَا ثَانِيًا (بِقَلْعٍ) مِنْ أَصْلِهَا أَوْ عِنْدَ اللَّحْمِ بَعْدَ حِينٍ مِنْ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (أَوْ) بِ (اسْوِدَادٍ) فَقَطْ بَعْدَ بَيَاضِهَا بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا مَعَ بَقَائِهَا وَثُبُوتِهَا لِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَهَا (أَوْ بِهِمَا) أَيْ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيدِ بِأَنْ سَوَّدَهَا ثُمَّ قَلَعَهَا بِالْقُرْبِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْ بِقَلْعِ بَعْضِهَا وَتَسْوِيدِ بَاقِيهَا (أَوْ) بِ (حُمْرَةٍ) لَهَا بَعْدَ بَيَاضِهَا (أَوْ) بِ (صُفْرَةٍ) لَهَا بَعْدَ بَيَاضِهَا (إنْ كَانَا) الْمَذْكُورُ مِنْ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ (عُرْفًا كَالسَّوَادِ) فِي إذْهَابِ الْجَمَالِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا نَقَصَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قِيلَ إنْ ضَرَبَهُ فَاسْوَدَّتْ سِنُّهُ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ، قَالَ إنْ اسْوَدَّتْ ثُمَّ عَقَلَهَا وَالْخُضْرَةُ وَالْحُمْرَةُ وَالصُّفْرَةُ إنْ كَانَتْ كَالسَّوَادِ ثُمَّ عَقَلَهَا وَإِلَّا فَعَلَى حِسَابِ مَا نَقَصَ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اصْفَرَّتْ السِّنُّ فَفِيهَا بِقَدْرِ شَيْنِهَا لَا يَكْمُلُ عَقْلُهَا حَتَّى تَسْوَدَّ لَا بِتَغَيُّرِهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يُبَيِّنُ مَذْهَبَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَمْ يُجِبْ فِيهَا جَوَابًا بَيِّنًا، وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي اخْضِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي احْمِرَارِهَا، وَفِي احْمِرَارِهَا أَكْثَرُ مِمَّا فِي اصْفِرَارِهَا، وَعَزَا اللَّخْمِيُّ هَذَا لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ تَغَيُّرُهَا مِثْلَ اسْوِدَادِهَا فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا، وَإِلَّا فَعَلَى حِسَابِ مَا نَقَصَ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إلَّا فِي الْخُضْرَةِ. قُلْت فَحُمِلَ كَلَامُهُمَا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إثْرَ نَقْلِهِ قَوْلَهَا وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْوِفَاقِ كَابْنِ شَاسٍ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ عَرَفَةَ سُئِلَ الْقَرَوِيُّونَ عَمَّنْ أَطْعَمَتْ زَوْجَهَا مَا اسْوَدَّ بِهِ لَوْنُهُ فَوَقَفُوا. أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ هِيَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهَا فِي تَسْوِيدِ السِّنِّ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِلُزُومِ الْبَيَاضِ لِلسِّنِّ وَبَعْضُ أَفْرَادِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 128 أَوْ بِاضْطِرَابِهَا جِدًّا وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا: أَخَذَهُ   [منح الجليل] الْآدَمِيِّينَ أَسْوَدُ ابْنُ شَعْبَانَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ الِاجْتِهَادُ. قُلْت فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَرْشَ الْحُكُومَةِ وَالِاجْتِهَادِ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي النَّقْصِ، وَرُبَّمَا كَانَ قَلْعُ الزَّائِدِ لَا يُوجِبُهُ أَوْ يُوجِبُ زِيَادَةً فَيَكُونُ كَخِصَاءِ الْعَبْدِ يُزِيدُ فِي قِيمَتِهِ، وَقَدْ يَجْرِي عَلَى الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَجَمِيعُ مَا فِي الْفَمِ مِنْ الْأَسْنَانِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا. وَقِيلَ مَنْ وُلِدَ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، الْأَسْنَانُ وَالْأَضْرَاسُ سَوَاءٌ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ سَعِيدٍ قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأَضْرَاسِ بِبَعِيرِ بَعِيرٍ وَمُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ وَلَوْ كُنْت أَنَا لَجَعَلْت فِيهَا بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ، فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ اثْنَا عَشَرَ سِنًّا أَرْبَعُ ثَنَايَا وَأَرْبَعُ رَبَاعِيَاتٍ وَأَرْبَعُ أَنْيَابٍ لَهَا سِتُّونَ بَعِيرًا خَمْسَةٌ لِكُلٍّ مِنْهَا وَالْأَضْرَاسُ أَرْبَعُ ضَوَاحِكَ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي الْأَنْيَابَ، وَاثْنَا عَشَرَ رَحًى ثَلَاثٌ فِي كُلِّ شَدْقٍ وَأَرْبَعُ نَوَاجِذَ، وَهِيَ أَقْصَاهَا، فَجَمِيعُ دِيَاتِهَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا، زَادَ اللَّخْمِيُّ وَالنَّوَاجِذُ سِنُّ الْحُلُمِ الَّتِي يَخْرُجُ أَقْصَاهَا بَعْدَ الْكِبَرِ. وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِلرَّجُلِ الْأَلْحَى اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا، وَلِلْكَوْسَجِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا، يُرِيدُ أَنَّهُ لَا نَوَاجِذَ لَهُ. عَبْدُ الْحَقِّ لِابْنِ مُزِيدٍ مَنْ وُلِدَ لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا، وَمَنْ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ سِنًّا. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَشْهَبَ إنْ طُرِحَتْ السِّنُّ مِنْ سِنْخِهَا فَفِيهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً، وَكَذَا كَسْرُهَا مِنْ أَصْلِ مَا أَشْرَفَ مِنْهَا وَلَا يُحَطُّ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْكَسْرِ مِنْ مَوْضِعِ سِنْخِهَا شَيْءٌ كَبَقِيَّةِ الذَّكَرِ بَعْدَ الْحَشَفَةِ. (وَ) الدِّيَةُ (بِاضْطِرَابِهَا) أَيْ السِّنِّ (جِدًّا) بِحَيْثُ لَا يُرْجَى نُبُوَّتُهَا، وَفِي الْخَفِيفِ الْعَقْلِ بِقَدْرِهِ. (وَإِنْ) قُلِعَتْ السِّنُّ ثُمَّ رُدَّتْ وَ (ثَبَتَتْ) بِالْمُثَلَّثَةِ مِنْ الثُّبُوتِ (لِ) شَخْصٍ (كَبِيرٍ) أَيْ مُثْغِرٍ (قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَقْلَهَا وَلَا يَرُدُّهُ إنْ كَانَ أَخَذَهُ، سَوَاءٌ قُضِيَ لَهُ بِهِ ثُمَّ رَدَّهَا فَثَبَتَتْ، أَوْ رَدَّهَا قَبْلَ الْحُكْمِ لَهُ بِأَخْذِهِ أَفَادَهُ تت. طفي قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اضْطِرَابِهَا جِدًّا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُضْطَرِبَةَ جِدًّا إذَا ثَبَتَتْ لَا عَقْلَ لَهَا، كَيْفَ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالسِّنُّ الشَّدِيدَةُ الِاضْطِرَابِ يُنْظَرُ بِهَا سَنَةً. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاشْتِدَادُ اضْطِرَابِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 129 كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ وَرُدَّ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ   [منح الجليل] فِيمَنْ لَا يُرْجَى كَقَلْعِهَا. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ لَا يُرْجَى ثَبَاتُهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُسْتَأْنَى بِهِ سَنَةً، وَقَدْ خَصَّ الْحَطّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَقْلُوعَةِ قَائِلًا وَأَمَّا الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا إذَا ثَبَتَتْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا، وَاسْتَدَلَّ بِكَلَامِ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمِ وَتَبِعَهُ عج. اللَّخْمِيُّ إنْ رَدَّ السِّنَّ أَوْ الْأُذُنَ فَثَبَتَتْ أَوْ نَبَتَتْ فِي مَكَانِ السِّنِّ أُخْرَى فَفِي الْعَمْدِ لَهُ الْقَوَدُ اتِّفَاقًا، وَالْخَطَأُ فِي السِّنِّ وَشِبْهِهَا مِمَّا فِيهِ دِيَةٌ مُسَمَّاةٌ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي السِّنِّ دِيَتُهَا. مُحَمَّدٌ لَيْسَتْ السِّنُّ عِنْدَهُ كَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَرَى فِيهَا دِيَتَهَا، وَاخْتُلِفَ فِي إشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ إذَا رَدَّهُمَا فِي قَطْعِ الْخَطَأِ، فَعَلَى أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً لَا شَيْءَ لَهُ، وَعَلَى أَنَّ فِيهِمَا الدِّيَةَ فَلَهُ الدِّيَةُ كَالسِّنِّ. ثُمَّ أَيَّدَ أَخْذَ عَقْلِ السِّنِّ الَّتِي ثَبَتَتْ بَعْدَ قَلْعِهَا بِتَشْبِيهِهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَقَالَ (كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ) أَيْ الْجَائِفَةِ وَالْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ، فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَخْذِ عَقْلِهَا وَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا، وَكَذَا الْهَاشِمَةُ وَالدَّامِغَةُ وَتُؤْخَذُ دِيَةُ الْأَصَابِعِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْأَسْنَانِ مُخَمَّسَةً مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجَذَعَاتِ قَالَهُ فِي دِيَةِ النَّوَادِرِ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ (وَ) إنْ جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ بَصَرُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ دِيَتَهُ ثُمَّ عَادَ لَهُ بَصَرُهُ (رَدَّ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ الَّتِي أَخَذَهَا لِلْجَانِي (فِي عَوْدِ الْبَصَرِ) وَسَوَاءٌ أَخَذَهَا بِحُكْمٍ أَمْ لَا لِأَنَّ عَوْدَهُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ ذَهَابِهِ، وَأَنَّهُ تَعَطَّلَ بِعِلَّةٍ ذَهَبَتْ، إذْ لَوْ ذَهَبَ لَا يَعُودُ وَلَوْ عَادَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ فَلَا تُؤْخَذُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يَرُدُّ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ. تت سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ الرَّدِّ فِي عَوْدِ الْكَلَامِ وَالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ إذَا عَادَ بَعْدَ زَوَالِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وَأَمَّا الثَّانِي فَقِيلَ الَّذِي يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الْبَصَرِ الرَّدُّ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَرُدُّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَصَرِ وَالْعَقْلِ أَنَّ الْبَصَرَ إذَا عَادَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ الْعَقْلِ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْعَقْلَ إذَا زَالَ لَا يَعُودُ، وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهُ سَاتِرٌ ثُمَّ انْكَشَفَ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِي الْبَيَانِ حُكْمُهُ، إذَا عَادَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ كَالْبَصَرِ. طفي الَّتِي يَجْرِي عَلَى مَذْهَبِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 130 وَقُوَّةِ الْجِمَاعِ وَمَنْفَعَةِ اللَّبَنِ، وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَ: تَأْوِيلَانِ وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا، إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ   [منح الجليل] فِي الْبَصَرِ الرَّدُّ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ، وَقِيلَ لَا يَرُدُّ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَنَحْوِهِ فِي الشَّارِحِ، وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ، فَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ. (وَ) إنْ أَبْطَلَ قُوَّةَ جِمَاعِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ دِيَتَهَا ثُمَّ عَادَتْ رَدَّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي مَا أَخَذَهُ مِنْهُ فِي عَوْدِ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ) لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (وَ) إنْ أَذْهَبَ لَبَنَ امْرَأَةٍ وَأَخَذَتْ مِنْهُ دِيَتَهُ ثُمَّ عَادَ لَهَا لَبَنُهَا فَإِنَّهَا تَرُدُّ الدِّيَةَ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ الْجَانِي (فِي) عَوْدِ (مَنْفَعَةِ اللَّبَنِ) إضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ آدَمِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِهَا مِنْ الْجَانِي فَيَرُدُّ لَهُ، وَكَذَا عَوْدُ السَّمْعِ، ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَكَذَا عَوْدُ الْكَلَامِ وَالْعَقْلِ، وَيَنْبَغِي الرَّدُّ فِي عَوْدِ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَوْدَ اللَّمْسِ كَذَلِكَ، فَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَصَرِ عَمْدًا وَاقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي ثُمَّ عَادَ بَصَرُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَنَّهُ هَدَرٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَفَادَهُ شب. (وَ) إنْ قَلَعَ أُذُنَهُ مِنْ مَحَلِّهَا وَرَدَّهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إلَيْهِ فَثَبَتَتْ فَ (فِي) أَخْذِ عَقْلِ (الْأُذُنِ) وَعَدَمِ رَدِّهِ إنْ كَانَ أَخَذَهُ (إنْ ثَبَتَتْ) الْأُذُنُ فِي مَحَلِّهَا بَعْدَ قَلْعِهَا وَرَدِّهَا إلَيْهِ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَعَدَمِ لُزُومِهِ لِلْجَانِي وَإِنْ كَانَ أُخِذَ مِنْهُ رُدَّ لَهُ وَهُوَ رَأْيُ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْحَقِّ (وَتَعَدَّدَ) الْعَقْلُ أَيْ تَتَعَدَّدُ الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ فِي الْخَطَأِ (بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا، فَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَجُنَّ فَدِيَتَانِ (إلَّا الْمَنْفَعَةَ) الذَّاهِبَةَ (بِ) الْجِنَايَةِ عَلَى (مَحَلِّهَا) أَيْ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ قَطَعَ أُذُنَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الشَّمِّ دِيَةٌ، وَيَنْدَرِجُ فِي الْأَنْفِ كَالْبَصَرِ مَعَ الْعَيْنِ وَالسَّمْعِ مَعَ الْأُذُنِ. اللَّخْمِيُّ إنْ ذَهَبَ الْأَنْفُ وَالشَّمُّ مَعًا فَفِيهِمَا دِيَةٌ. ابْنُ الْجَلَّابِ الْقِيَاسُ دِيَتَانِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَذَكَرَهُ فِي ذَهَابِ السَّمْعِ مَعَ الْأُذُنِ (وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ) مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً (الرَّجُلَ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا فِي دِيَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 131 لِثُلُثِ دِيَتِهِ، فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا وَضُمَّ مُتَّحِدٍ   [منح الجليل] جِرَاحَاتِهَا لِبُلُوغِ دِيَتِهَا (لِثُلُثِ دِيَتِهِ) أَيْ الرَّجُلِ (فَتَرْجِعُ) الْمَرْأَةُ فِي دِيَةِ جِرَاحَاتِهَا (لِدِيَتِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ مُوضِحَةِ الْمَرْأَةِ وَمُنَقِّلَتِهَا وَأَصَابِعِهَا وَأَسْنَانِهَا وَنَحْوَهَا مِمَّا يُوجِبُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ فَدِيَةُ الْمَرْأَةِ فِيهِ مُسَاوِيَةٌ لِدِيَةِ الرَّجُلِ، فَفِي مُوضِحَتِهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَفِي مُنَقِّلَتِهَا عُشْرُهَا وَنِصْفُهُ، وَفِي أُصْبُعِهَا عُشْرُ دِيَتِهِ، وَفِي أُصْبُعَيْهَا عُشْرَا دِيَتِهِ، وَفِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعِهَا ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ دِيَتِهِ، وَإِنْ أَوْجَبَ جُرْحَهَا ثُلُثَ دِيَةٍ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ لِدِيَتِهَا فَلَهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا لَا ثُلُثُ دِيَةِ الرَّجُلِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الْمَرْأَةُ تُعَاقِلُ الرَّجُلَ فِي الْجِرَاحِ إلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ وَلَا تَسْتَكْمِلُهُ، فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ رَجَعَتْ إلَى عَقْلِ نَفْسِهَا، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ، أَنَّ لَهَا فِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ وَنِصْفٍ أُنْمُلَةً إحْدَى وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا وَثُلُثَيْ بَعِيرٍ فَهِيَ وَالرَّجُلُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَإِنْ أُصِيبَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَأُنْمُلَةٌ رَجَعَتْ إلَى عَقْلِهَا فَلَهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ وَنَحْوُهُ فِي الْمُوَطَّإِ. أَبُو عُمَرَ رَبِيعَةُ قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ كَمْ فِي أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ قَالَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ، قُلْت كَمْ فِي أُصْبُعَيْنِ قَالَ عِشْرُونَ، قُلْت كَمْ فِي ثَلَاثٍ قَالَ ثَلَاثُونَ، قُلْت كَمْ فِي أَرْبَعٍ قَالَ عِشْرُونَ، قُلْت لِمَا عَظُمَ جُرْحُهَا وَاشْتَدَّتْ بِلَبَّتِهَا نَقَصَ عَقْلُهَا قَالَ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ قُلْت بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ قَالَ هِيَ السُّنَّةُ. أَبُو عُمَرَ هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَاللَّيْثِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَقَوْلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ هِيَ السُّنَّةُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرْسَلَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الْإِمَامَانِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تُعَاقِلُهُ لِلنِّصْفِ، وَقَوْلُهُ وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْأُصْبُعِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِي السِّنِّ نِصْفُهُ. طفي أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ إنَّمَا قَالَ لَهُ هَذَا لِمُعَارَضَتِهِ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ، وَذَلِكَ عَادَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ لِمَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَا زَالَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ يُنْكِرُونَ مَذْهَبَ أَهْلِ الْعِرَاقِ لِمُخَالَفَتِهِمْ لِسُنَّةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ (مُتَّحِدٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 132 الْفِعْلِ، أَوْ فِي حُكْمِهِ، أَوْ الْمَحَلِّ   [منح الجليل] الْمُهْمَلَةِ مُضَافٌ إلَى (الْفِعْلِ) إضَافَةَ مَا كَانَ صِفَةً إلَى مَا كَانَ مَوْصُوفًا أَيْ الْجِرَاحَاتِ النَّاشِئَةِ عَنْ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ كَضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ فِي يَدٍ أَوْ فِي رِجْلٍ أَوْ فِي يَدَيْنِ أَوْ فِي رِجْلَيْنِ أَوْ فِي يَدٍ وَرِجْلٍ قَطَعَتْ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ، وَلَوْ قَطَعَتْ أَرْبَعًا فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خُمُسٌ (أَوْ) مَا فِي (حُكْمِهِ) أَيْ الْمُتَّحِدِ كَضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَيْ آثَارِ الْأَفْعَالِ الْمُتَوَالِيَةِ وَسَوَاءٌ الْأَصَابِعُ وَالْأَسْنَانُ وَالْمَوَاضِحُ وَالْمَنَاقِلُ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ أَوْ تَعَدَّدَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَثَرُ النَّاشِئُ عَنْ الثَّانِي مِثْلَ أَثَرِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا، كَضَرْبِهَا عَلَى رَأْسِهَا وَيَدِهَا عَلَيْهِ فَقَطَعَ لَهَا أُصْبُعًا وَشَجَّهُ مُنَقِّلَةً فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِعَقْلِهَا. فِي التَّوْضِيحِ ضَابِطُهُ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ أَوْ الضَّرْبِ، وَفَائِدَتُهُ رَدُّهَا لِدِيَتِهَا إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ (أَوْ) مُتَّحَدِ (الْمَحَلِّ) كَضَرَبَاتٍ فِي يَدٍ أَوْ رِجْلٍ قَطَعَتْ أَصَابِعَهَا، فَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثًا فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعًا فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خُمُسٌ، وَتُعْتَبَرُ أَصَابِعُ كُلِّ يَدٍ وَحْدَهَا، وَكَذَا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ وَكُلَّ رِجْلٍ مَحَلٌّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا وُجُوبُ ضَمِّ قَطْعِ أَصَابِعِهَا بَعْضِهَا لِبَعْضٍ بِاتِّحَادِ يَدِهَا أَوْ فَوْرِ ضَرْبِهَا وَإِلَّا فَلَا، وَحَيْثُ يَجِبُ مِمَّا بَلَغَ بِهِ عَقْلُهَا ثُلُثَ عَقْلِ الرِّجْلِ رَجَعَتْ لِعَقْلِهَا، وَمَا لَا يَبْلُغُهُ فَلَهَا فِيهِ عَقْلُهُ وَمَا يُضَمُّ اُعْتُبِرَ كَأَنَّهُ أَوَّلُ. ابْنُ زَرْقُونٍ فِي ضَمِّهَا بِذَلِكَ وَقَصْرِهِ عَلَى فَوْرٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ تَكُنْ رَجَعَتْ لِعَقْلِهَا، ثَالِثُهَا وَلَوْ رَجَعَتْ لَهَا وَلِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَلَمَةَ مَعَ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ نَافِعٍ بَدَلَ ابْنِ وَهْبٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَحَيْثُ اتَّحَدَ الْفِعْلُ أَوْ كَانَ فِي حُكْمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ كَضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ تُبِينُ أَصَابِعَ مِنْ يَدَيْنِ فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْيَدِ، فَلَوْ قُطِعَ لَهَا بَعْدَهُ أُصْبُعٌ فَلَا يُضَمُّ، بَلْ تَأْخُذُ لَهُ عُشْرًا إنْ كَانَ ثَانِيًا أَوْ ثَالِثًا، وَخُمُسًا إنْ كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا كَمَا لَوْ كَانَ فِي كُلِّ يَدٍ عَلَى حِيَالِهَا لَهَا فَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ مَدْلُولَ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَوْ قُطِعَ لَهَا بَعْدَهُ أُصْبُعٌ فَلَا يُضَمُّ، بَلْ تَأْخُذُ لَهُ عُشْرًا إنْ كَانَ ثَانِيًا أَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 133 فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ،   [منح الجليل] ثَالِثًا، وَخُمُسًا إنْ كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدٍ، فَإِنَّ عَدَمَ الضَّمِّ مُنَافٍ لِوُجُوبِ خُمُسٍ فِي الْأُصْبُعِ الرَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ لَا يُضَمُّ إلَى مَا بَانَ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ مَعًا، وَقَوْلُهُ خُمُسًا إنْ كَانَ رَابِعًا أَوْ خَامِسًا لَيْسَ مُسَبَّبًا عَنْ عَدَمِ الضَّمِّ، بَلْ عَنْ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ، وَلِذَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي كُلِّ يَدٍ عَلَى حِيَالِهَا. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ لَا يُضَمُّ شَيْءٌ إلَى مَا قَبْلَهُ فِيهِمَا قِيلَ ضَمِيرُ فِيهِمَا عَائِدٌ عَلَى الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ، وَقِيلَ إلَى اتِّحَادِ الْفِعْلِ، وَحُكْمُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمِّ الْأَصَابِعِ بِاتِّحَادِ الضَّرْبَةِ كَوْنُ ضَمِّهَا لِمِثْلِهَا، بَلْ لَوْ كَانَ لِغَيْرِ مِثْلِهَا فَكَذَلِكَ لِنَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ ضُرِبَتْ وَيَدُهَا عَلَى رَأْسِهَا فَقُطِعَ لَهَا أُصْبُعَانِ وَشُجَّتْ مُنَقِّلَةً رَجَعَتْ فِي ذَلِكَ لِعَقْلِهَا، وَفِيهَا كَذَا رِجْلَاهَا عَلَى مَا فَسَّرْنَا فِي الْيَدَيْنِ. (فِي الْأَصَابِعِ) كَمَا تَقَدَّمَ (لَا) فِي (الْأَسْنَانِ) فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا الْبَعْضُ بَلْ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ كَانَ ذَلِكَ فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ تت. طفي قَوْلُهُ فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ مَا فِي ضَرْبَةٍ أَوْ حُكْمِهَا يُضَمُّ مُطْلَقًا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ أَمْ لَا، مَاثِلَةً أَمْ لَا كَمَا لَوْ ضُرِبَتْ وَيَدُهَا عَلَى رَأْسِهَا فَقُطِعَ لَهَا أُصْبُعَانِ وَشُجَّتْ مُنَقِّلَةً رَجَعَتْ فِيهِ لِعَقْلِهَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ. وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ضَابِطُ هَذَا أَنَّك تَضُمُّ إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الضَّرْبُ، وَكَذَا تَضُمُّ إذَا اتَّحَدَ الضَّرْبُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ وَهُوَ نَفْسُ كَلَامِهِ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَا سَلَفَ لتت فِيمَا قَالَهُ فِيمَا عَلِمْت، وَقَرَّرَهُ عج وَغَيْرُهُ عَلَى الصَّوَابِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَسْنَانِ فَجَعَلَهَا مَرَّةً كَالْأَصَابِعِ تُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ. أَصْبَغُ وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلَا تُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْأَسْنَانِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. مُحَمَّدٌ الْأَسْنَانُ عِنْدَهُ كَالرَّأْسِ يُصَابُ بِمَوَاضِعَ أَوْ بِمَنَاقِلَ فَلَا يُجْمَعُ عَلَيْهَا إلَّا مَا كَانَ فِي ضَرْبَةٍ. ابْنُ يُونُسَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 134 وَالْمَوَاضِحِ؛ وَالْمَنَاقِلِ، وَعَمْدٍ لِخَطَأٍ، وَإِنْ عَفَتْ   [منح الجليل] تُضَمُّ الْأَسْنَانُ بِاتِّحَادِ الضَّرْبَةِ، وَفِي ضَمِّهَا بِاتِّحَادِ مَحَلِّهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ. أَصْبَغُ وَعَدَمُ الضَّمِّ أَحَبُّ إلَيَّ، وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ. الشَّيْخُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا تُضَمُّ الْمَوَاضِحُ وَالْمَنَاقِلُ إلَّا لِكَوْنِهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَقِّلَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَوْضِعِ الْأُولَى بَعْدَ بُرْئِهَا، قُلْت هُوَ قَوْلُهَا أَيْضًا الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ الْفَوْرُ الْوَاحِدُ يَضُمُّهَا كَالسَّارِقِ يَنْقُلُ مِنْ الْحِرْزِ قَلِيلًا قَلِيلًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِضَعْفِهِ أَوْ لِئَلَّا يُقْطَعَ هِيَ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ. (وَ) لَا تُضَمُّ (الْمَوَاضِحُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مُوضِحَةٍ الَّتِي فِي الرَّأْسِ أَوْ الْجَسَدِ إلَّا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ أَفْعَالٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (وَ) لَا تُضَمُّ (الْمَنَاقِلُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مُنَقِّلَةٍ إلَّا بِفِعْلٍ وَاحِدٍ أَوْ أَفْعَالٍ فِي فَوْرٍ، فَلَوْ أَوْضَحَتْ مُوضِحَتَيْنِ خَطَأً وَأَخَذَتْ عَقْلَهُمَا ثُمَّ أَوْضَحَتْ مَوَاضِحَ أُخَرَ فَلَهَا عَقْلُهَا كَالرِّجْلِ مَا لَمْ تَبْلُغْ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ثُلُثَ دِيَتِهِ. وَحَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّ أَثَرَ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ، وَأَمَّا آثَارُ الْأَفْعَالِ الْمُتَرَاخِيَةِ فَتُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ إنْ اتَّحَدَ مَحَلُّهَا، وَلَا تُضَمُّ فِي الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الْمَحَلِّ وَلَوْ قَالَ كَالْمَحَلِّ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيُعْلَمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ، وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هِيَ قَاعِدَتُهُ الْأَكْثَرِيَّةُ. (وَ) لَا يُضَمُّ (عَمْدٌ لِخَطَأٍ) كَمَا لَوْ قُطِعَتْ لَهَا ثَلَاثٌ عَمْدًا ثُمَّ ثَلَاثٌ خَطَأً فَلَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ إنْ اقْتَضَتْ مِنْ الْعَمْدِ، بَلْ (وَإِنْ عَفَتْ) عَنْ الْعَمْدِ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَوْ كَانَ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يُضَمُّ الْخَطَأُ إلَى عَمْدٍ اقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قُطِعَ لَهَا أُصْبُعَانِ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ أَوْ عَفَتْ ثُمَّ قُطِعَ مِنْ تِلْكَ الْكَفِّ أُصْبُعَانِ أَيْضًا خَطَأً فَلَهَا فِيهِمَا عِشْرُونَ بَعِيرًا: وَإِنَّمَا يُضَافُ بَعْضُ الْأَصَابِعِ إلَى بَعْضٍ فِي الْخَطَأِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ، وَعَنْ أَشْهَبَ يُحْسَبُ عَلَيْهَا مِنْ أَصَابِعِهَا مَا أُصِيبَتْ بِهِ عَمْدًا، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْقِيُّ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 135 وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ الْخَطَإِ، بِلَا اعْتِرَافٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي،   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ إنْ صَالَحَتْ عَنْ كُلِّ أُصْبُعٍ بِأَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ فَلَا يُضَمُّ، وَإِنْ صَالَحَتْ عَنْ كُلِّ أُصْبُعٍ بِخَمْسٍ إلَى عَشْرٍ عَادَ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (وَنُجِّمَتْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ أُجِّلَتْ بِالنُّجُومِ أَيْ الْأَهِلَّةِ (دِيَةُ) الشَّخْصِ (الْحُرِّ) الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ أَوْ الْمَجُوسِيِّ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَى فِي قَتْلِ (الْخَطَأِ) فَلَا تُنَجَّمُ قِيمَةُ الرِّقِّ فَهِيَ حَالَّةٌ عَلَى قَاتِلِهِ، وَكَذَا دِيَةُ الْعَمْدِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهَا إذَا ثَبَتَ قَتْلُ الْخَطَأِ (بِلَا اعْتِرَافٍ) أَيْ إقْرَارٍ مِنْ الْقَاتِلِ بِأَنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِاعْتِرَافٍ لَا يُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ لِإِغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَتُنَجَّمُ (عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِلْجَانِي الْحُرِّ سُمِّيَتْ عَاقِلَةً لِعَقْلِهَا لِسَانَ الطَّالِبِ عَنْ الْجَانِي (وَ) عَلَى (الْجَانِي) ابْنُ عَرَفَةَ وَدِيَةُ الْخَطَأِ الثَّابِتِ لَا بِاعْتِرَافٍ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ. الشَّيْخُ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ أَمْرٌ قَدِيمٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا أَنْ قَتْلَ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا خَطَأً حَمَلَتْ عَاقِلَتُهُ دِيَتَهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَالدِّيَاتُ كُلُّهَا دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالذِّمِّيِّ وَالذِّمِّيَّةِ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْمَجُوسِيَّةِ إذَا وَقَعَتْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. الْبَاجِيَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُؤَدِّي الْجَانِي مَعَ الْعَاقِلَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى عَزْوِهِ عَدَمُ دُخُولِهِ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُهُ رِوَايَةُ خِلَافِ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ فِي دُخُولِ الْجَانِي فِي التَّحَمُّلِ رِوَايَتَانِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ مُعَبِّرًا عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ، وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ سَقَطَتْ الْجِنَايَةُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ فِيهَا عَادَتْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ عَسُرَ تَنَاوُلُهَا مِنْهُ كَانَتْ عَلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ صَبِيًّا. ابْنُ مَرْزُوقٍ الْمَجْنُونُ وَالْمَرْأَةُ كَالصَّبِيِّ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَلَا يَعْقِلُونَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَيَعْقِلُونَ كَمَا هُنَا. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ مُطْلَقًا جِنَايَاتِهِمْ وَلَا جِنَايَاتِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 136 إنْ بَلَغَ ثُلُثُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي   [منح الجليل] غَيْرِهِمْ، وَانْظُرْهُ مَعَ ظَاهِرِ نَقْلِ الْبَاجِيَّ، وَنَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ صَبِيًّا، وَقَوْلُ ابْنِ مَرْزُوقٍ الْمَرْأَةُ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ. الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ دُخُولِ الْجَانِي هُوَ الْمَشْهُورُ، ثُمَّ قَالَ فَرْعٌ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَةَ الْعَبْدِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ إنْ جَنَى عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ جَنَى خَطَأً فَفِي رَقَبَتِهِ. اهـ. وَكَذَا لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ، وَكَذَلِكَ الصُّلْحُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمَّا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَمِنْ حَقِّ الْعَاقِلَةِ أَنْ تَرُدَّهُ إنْ شَاءَتْ، وَإِنْ كَانَ عَنْ عَمْدٍ فَلَا يَلْزَمُهَا الْأَصْلُ وَلَا الْفَرْعُ. الشَّارِحُ فِي دِيَةِ الْجِنَايَةِ الثَّابِتَةِ بِإِقْرَارِ الْجَانِي أَقْوَالٌ فِي الْمَذْهَبِ، فَقِيلَ فِي مَالِهِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِقَسَامَةٍ مَاتَ الْمَقْتُولُ فِي الْحَالِ أَمْ لَا، وَقِيلَ تَبْطُلُ الدِّيَةُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ الْقَاتِلُ بِإِغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ. وَقِيلَ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ عَدْلًا. وَقِيلَ تُفَضُّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فَمَا نَابَهُ يَلْزَمُهُ وَسَقَطَ مَا عَلَيْهِمْ وَكُلُّهَا مُسْتَقْرَأَةٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَلَّابِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ بِإِغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ. بَنَانِيُّ وَشَرْطُ التَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (إنْ بَلَغَ) الْوَاجِبَ بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ (ثُلُثُ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ) ثُلُثُ دِيَةِ (الْجَانِي) ابْنُ عَرَفَةَ شَرْطُ الْحَمْلِ بُلُوغُ الْمَحْمُولِ ثُلُثَ الدِّيَةِ. فِيهَا إنْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ، وَكَذَا جِنَايَةُ مَجُوسِيٍّ عَلَى مُسْلِمَةٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ، مِثْلَ أَنْ يَقْطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ فَتَحْمِلُ ذَلِكَ عَاقِلَتُهُ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَتِهَا. وَلَوْ جَنَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهَا، وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الْجِنَايَةَ إنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ. الْبَاجِيَّ هَلْ يُعْتَبَرُ ثُلُثُ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ عَنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ مِثْلَ قَوْلِهَا. أَشْهَبُ ابْنُ كِنَانَةَ لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الَّذِي كَانَ يُعْرَفُ مِنْ قَوْلِك أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِدِيَةِ الْمَجْرُوحِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. زَادَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 137 وَمَا لَمْ يَبْلُغْ: فَحَالٌّ عَلَيْهِ: كَعَمْدٍ، وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ، وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ   [منح الجليل] الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ لِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ إلَّا ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ. قِيلَ كَالْمَرْأَةِ يُقْطَعُ كَفُّهَا وَفِيهِ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ، فَقَالَ إنَّمَا ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ ثُمَّ رَجَعَتْ فَذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ إلَّا ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ يَكُونُ الْجَانِي مَنْ كَانَ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ، وَلَفْظُ الْعُتْبِيَّةِ فِي جَوَابِ مَالِكٍ لِابْنِ كِنَانَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَقَدْ كَذَبَ مَنْ قَالَ هَذَا، وَلَقَدْ حُمِلَ قَوْلِي عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ. ابْنُ رُشْدٍ أَنْكَرَهُ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَرَجَّحَ قَصْرَ الِاعْتِبَارِ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لِلَّخْمِيِّ. قُلْت فَفِي قَصْرِ الِاعْتِبَارِ عَلَى ثُلُثِ دِيَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ ثُلُثِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، ثَالِثُهَا الْمُعْتَبَرُ ثُلُثُ دِيَةِ الرَّجُلِ كَانَ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَنْ كَانَ (وَمَا) أَيْ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ الَّذِي (لَمْ يَبْلُغْ) ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي وَلَا ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فَحَالٌّ عَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي وَحْدَهُ. ابْنُ شَاسٍ مَا دُونَ الثُّلُثِ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا وَهُوَ نَصُّهَا وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً فَقَالَ (كَ) دِيَةِ (عَمْدٍ) عُفِيَ عَنْ الْجَانِي عَلَيْهَا فَهِيَ عَلَيْهِ حَالَّةً. شب شَمَلَ جِرَاحَ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَقَتْلَ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِزِيَادَةِ الْجَانِي بِزِيَادَةِ إسْلَامٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِحُرِّيَّةٍ مَعَ تَسَاوِي الدَّيْنِ فِي الرِّسَالَةِ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا. ابْنُ رُشْدٍ: الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً (وَ) كَ (دِيَةٍ غُلِّظَتْ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً عَلَى الْجَانِي بِتَرْبِيعٍ أَوْ تَثْلِيثٍ فَهِيَ عَلَيْهِ حَالَّةٌ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ تَكُونُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ ضَرْبُ الزَّوْجِ وَالْمُؤَدِّبِ وَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأَجْدَادِ وَفِعْلُ الطَّبِيبِ وَالْخَائِنِ وَسَائِرِ مَنْ جَازَ فِعْلُهُ شَرْعًا، وَاللَّطْمَةُ وَالْوَكْزَةُ وَالرَّمْيَةُ بِالْحَجَرِ وَالضَّرْبُ بِعَصَاةٍ مُتَعَمِّدًا، فَهَذَا شِبْهُ الْعَمْدِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَفِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ نَقَلَهُ الْحَطّ. (وَ) كَدِيَةِ عُضْوٍ (سَاقِطٍ) الْقِصَاصُ فِيهِ (لِعَدَمِ) مِثْلِ (هـ) فِي الْجَانِي كَقَطْعِهِ يُمْنَى وَلَا يُمْنَى لَهُ فَدِيَتُهَا عَلَيْهِ حَالَّةً وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا اُنْتُظِرَ يُسْرُهُ. فِيهَا إذَا فَقَأَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 138 إلَّا مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجُرْحِ لِإِتْلَافِهِ، فَعَلَيْهَا وَهِيَ الْعَصَبَةُ، وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ؛   [منح الجليل] يُمْنَى رَجُلٍ صَحِيحَةً عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ، وَهُوَ كَأَقْطَعِ الْيَدِ الْيُمْنَى يَقْطَعُ يُمْنَى رَجُلٍ فَدِيَتُهَا فِي مَالِهِ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْعَمْدِ فَقَالَ (إلَّا مَا) أَيْ جُرْحًا عَمْدًا (لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِ) خَوْفِ (إتْلَافِهِ) كَجَائِفَةٍ وَآمَّةٍ وَكَسْرِ فَخْذٍ (فَ) دِيَتُهُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَاقِلَةِ الْجَانِي، فِيهَا عَقْلُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ عَمْدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ كَانَ لِلْجَانِي مَالٌ وَعَلَيْهِ ثَبَتَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَبِهِ أَقُولُ، وَقَالَ أَوَّلًا إنَّهَا فِي مَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدِيمًا فَعَلَى عَاقِلَتِهِ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّهَا فِي مَالِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَزَاهُ ابْنُ هَارُونَ لِظَاهِرِ دِيَاتِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُغَلَّطَةَ فِي مَالِ الْجَانِي عَلَى الْمَشْهُورِ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَغَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَنْهُمْ قَالُوا الْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنَّهُ فِي الِاعْتِرَافِ رُبَّمَا جَعَلَهُ كَشَاهِدٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ. الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مَا جَنَى الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَأٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَتْلَهُ نَفْسَهُ (وَهِيَ) أَيْ الْعَاقِلَةُ (الْعَصَبَةُ) بِنَفْسِهِ فِي الْجَلَّابِ قَرُبُوا أَوْ بَعُدُوا وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ عَلَى مَا يَأْتِي. (وَبُدِئَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الْعَصَبَةِ (الْحُدَّثِ) مَثُلْنَا ا (الدِّيوَانِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا، أَيْ الْكِتَابِ الَّذِي دُوِّنَ، وَكُتِبَ بِهِ أَسْمَاءُ الْجُنْدِ وَعَطَاؤُهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَهْلُهُ هُمْ الْمَكْتُوبُ أَسْمَاؤُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ وَلَهُ عَصَبَةٌ لَيْسُوا مِنْهُمْ قُدِّمَ أَهْلُ دِيوَانِهِ فِي غُرْمِ دِيَةِ قَتِيلِهِ عَلَى عَصَبَتِهِ. طفي نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَى الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا. قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ. وَقَالَ قَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ إنَّمَا يُرَاعَى قُبَيْلَ الْقَاتِلِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ تَوَرَّكَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِظَاهِرِهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 139 إنْ أُعْطُوا ثُمَّ   [منح الجليل] قَالَ عج لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَحْمِلُ أَنَّهُمْ تُعِينُهُمَا عَصَبَتُهُمْ بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ كَلَامُهُ أَنَّ عَصَبَتَهُمْ لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا الدِّيَةُ بِحَالٍ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِهِمْ وَبِعَصَبَةِ الْجَانِي وَمَوَالِيهِ الْأَعْلَوْنَ وَالْأَسْفَلُونَ إلَخْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ. قُلْت مَا زَعَمَهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مَحِيدَ عَنْهُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، فَإِنَّهُ لَمَّا نَقَلَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَبْدَأُ؛ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ، فَإِنْ اُضْطُرُّوا إلَى مَعُونَةٍ أَعَانَهُمْ عَصَبَتُهُمْ قَالَ بِأَثَرِهِ كَذَا وَجَدْته فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ بِلَفْظِ عَصَبَتِهِمْ، بِضَمِيرِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ إلَيْهِ عَصَبَةٌ، وَكَذَا فِي كِتَابِ ابْنِ شَاسٍ، وَكَذَا هُوَ فِي نُسْخَةِ شَرْحِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَفَسَّرَاهُ بِأَنَّ أَهْلَ الدِّيوَانِ يَسْتَعِينُونَ بِعَصَبَةِ الْجَانِي وَهُوَ خِلَافُ مَدْلُولِ جَمْعِ الضَّمِيرِ، لَكِنْ مَا فَسَّرَاهُ بِهِ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ اهـ. وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَفَتَرَى أَنْ يُعِينَهُمْ قَوْمُ الْجَارِحِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَشَرْطُ حَمْلِ أَهْلِ الدِّيوَانِ (إنْ أُعْطُوا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَا كُتِبَ لَهُمْ فِيهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. ابْنُ شَاسٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إعْطَاءٌ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ اهـ. فَهُوَ شَرْطٌ فِي أَدَاءِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ صَرِيحٌ فِيهِ. الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ دِيوَانٍ أَوْ لَمْ يُعْطُوا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 140 بِهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ،   [منح الجليل] بُدِئَ (بِهَا) أَيْ الْعَصَبَةِ وَيُقَدَّمُ مِنْهَا (الْأَقْرَبُ) لِلْجَانِي كَالْأَبْنَاءِ (فَالْأَقْرَبُ) مِمَّنْ بَعْدَهُ كَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ. ذَكَرَ شَارِحُ اللُّمَعِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِعَصَبَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فَيَبْدَأُ بِالْفَخْذِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْفَخْذُ ضُمَّ إلَيْهِ الْبَطْنُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ ضُمَّتْ إلَيْهِ الْعِمَارَةُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ ضُمَّتْ إلَيْهَا الْفَصِيلَةُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا ضُمَّتْ إلَيْهِمْ الْقَبِيلَةُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلُّوا لِفَقْرِهِمْ وَقِلَّةِ جِدَتِهِمْ اسْتَعَانُوا بِأَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ. وَفِي الذَّخِيرَةِ فَخُزَيْمَةُ شِعْبٌ وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ فَخِذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ وَالْعَشِيرَةُ الْإِخْوَةُ أَفَادَهُ شب. الْبُنَانِيُّ يَبْدَأُ بِالْفَخِذِ ثُمَّ الْبَطْنِ ثُمَّ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَصِيلَةِ ثُمَّ الْقَبِيلَةِ ثُمَّ أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. وَقِيلَ الْفَصِيلَةُ أَقْرَبُ مِنْ الْفَخِذِ فَهِيَ أَقْرَبُ مَا يَلِي الْإِنْسَانَ وَهُوَ الَّذِي فِي الْقَامُوسِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ مُرَادُ. الْمُصَنِّفِ، فَقَوْلُ عب عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَسْمَاءِ دَرَجَاتِ الْعَصَبَةِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ دَرَجَاتِ الْأَوْلِيَاءِ فِي النِّكَاحِ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إلَّا مَعْرِفَةَ مَدْلُولِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِاعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ اهـ. وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَنْظِيرُ الْبُنَانِيِّ فِي تَقْرِيرِ عب. (فَائِدَةٌ) أَسْمَاءُ طَبَقَاتِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سِتَّةٌ، الشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَمُوَحَّدَةٍ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تُكْسَرُ، الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْعَشِيرَةَ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 141 ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ،   [منح الجليل] (ثُمَّ) يَلِي عَصَبَةَ النَّسَبِ (الْمَوْلَى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ (الْأَعْلَى) أَيْ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 142 ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا،   [منح الجليل] ثُمَّ) الْمَوْلَى (الْأَسْفَلُ) أَيْ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِهَا وَلَا تَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَةُ الْمُعْتَقَةُ بِالْفَتْحِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْمَوَالِيَ مِنْ الْأَسْفَلِ لَا يَعْقِلُونَ عَمَّنْ أَعْتَقَهُمْ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ بِصَحِيحٍ، بَلْ يَعْقِلُونَ مَعَهُمْ عَلَى سَمَاعِ أَصْبَغَ. ابْنَ الْقَاسِمِ هَذَا وَمِثْلُهُ لِابْنِ كِنَانَةَ فِي الْمَدَنِيَّةِ. وَفِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُبْتَلِّ فِي الْمَرَضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ أَنَّ جِنَايَتَهُ جِنَايَةُ عَبْدٍ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ جَرِيرَةَ أَحَدٍ حَتَّى يَحْمِلَ هُوَ مَعَ الْعَاقِلَةِ مَا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ مِنْ الْجَرَائِرِ. قُلْت فِي أَخْذِهِ مِنْ هَذَا نَظَرٌ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِالْعَاقِلَةِ قَوْمَهُ وَعَشِيرَتَهُ لَا عَاقِلَةَ مُعْتِقِهِ. وَهَذَا الْأَخْذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ سَبَقَهُ بِهِ. ابْنُ حَارِثٍ. قَالَ: وَاعْتِلَالُ سَحْنُونٍ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ لَا يَصِحُّ، إذْ لَيْسَ الْعَقْلُ مُرْتَبِطًا بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَعْقِلُ عَمَّنْ لَا يَرِثُهُ مِنْ قَبِيلَةِ مَوْلَاهُ وَسَائِرِ قَبِيلَتِهِ وَالْعَقْلُ فِي هَذَا، بِخِلَافِ الْقِيَامِ بِالدَّمِ لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ فِي الْقِيَامِ بِهِ. (ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا قَوْمَ لَهُ فَالْمُسْلِمُونَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ لَهُ عَاقِلَةٌ قَلِيلَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَنْ يَحْمِلُ الدِّيَةَ لِقِلَّتِهِمْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ مَا يَحْمِلُونَهُ وَمَا بَقِيَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَفِي وَلَائِهَا وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ يُنْسَبُ إلَى مَوَالِي أُمِّهِ فَهُمْ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ. وَفِي دِيَاتِهَا إنْ قَالَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، فَإِنْ كَانَتْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 143 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أُمُّهُ مُعْتَقَةً فَلَمُّوا إلَيْهَا أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الدَّمَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَرَبِ أَقْسَمَتْ فِي الْخَطَأِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ لَهَا وَأَخَذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَهُوَ كَمَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ فَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قُلْت وَكَذَا وَلَدُ الزِّنَا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَاتُ وَاضِحَةٌ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ وَالنِّكَاحُ بِتَأَخُّرِ دَرَجَةِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى عَنْ الْعَصَبَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ ثُمَّ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا قَالَهُ فِي الْوَلَاءِ مِنْهَا وَغَيْرِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَعْقِلُ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ قَدْ يَرِثُ الْكَافِرَ إذَا أُعْتِقَ وَلَا وَرَثَةَ لَهُ. قُلْت ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهَا فِي الْوَلَاءِ إنْ كَانَ عَبْدٌ نَصْرَانِيٌّ بَيْنَ نَصْرَانِيٍّ وَمُسْلِمٍ فَأَعْتَقَاهُ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً فَنِصْفُهَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لَا عَلَى مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ وَنِصْفُهَا عَلَى أَهْلِ خَرَاجِ الدَّيْنِ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ. تت وَهَذَا الشَّرْطُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ. طفي ظَاهِرُهُ أَنْ يُرَاعَى فِي عَاقِلَتِهِ الْعَصَبَةُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى، ثُمَّ الْأَسْفَلُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ ذُو دِينِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ، وَعِبَارَتُهُ تَبِعَ فِيهَا التَّوْضِيحَ وَابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَبِهَا قَرَّرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ إذْ قَالَ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ كَافِرًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَلَا مَوَالِيَ عَقَلَ عَنْهُ أَهْلُ دِينِهِ. اهـ. وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ لَا يُرَاعَى ذَلِكَ فِي الْكَافِرِ، بَلْ عَاقِلَتُهُ أَهْلُ دِينِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْجِزْيَةِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا جَنَى نَصْرَانِيٌّ جِنَايَةً عَقَلَ ذَلِكَ أَهْلُ جِزْيَتِهِمْ وَهُمْ أَهْلُ كُورَتِهِ الَّذِينَ خَرَاجُهُمْ مَعَهُ. وَفِيهَا لَوْ جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي حَمَلَ ذَلِكَ أَهْلُ مُعَاقَلَتِهِمْ الرِّجَالُ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ، وَهُمْ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُمْ الْخَرَاجَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ عَاقِلَةُ النَّصْرَانِيِّ أَيْ الْيَهُودِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ أَهْلُ إقْلِيمِهِ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ مَعَهُ فِي أَدَاءِ الْجِزْيَةِ، فَإِنْ عَجَزُوا ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى مِنْهُمْ مِنْ كُورِهِمْ كُلِّهَا، وَقَالَ أَيْضًا الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ الْمُغِيرَةُ إنْ كَانُوا أَهْلَ صُلْحٍ فَعَلَيْهِمْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قَبَائِلُهُمْ. اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَالْعَقْلُ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الصُّلْحِ فَهَذِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 144 وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ: ذَوُو دِينِهِ، وَضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ وَالصُّلْحِيُّ: أَهْلُ صُلْحِهِ وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَا لَا يَضُرُّ   [منح الجليل] النُّقُولُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ مَا قُلْنَاهُ إنْ تَأَمَّلْتهَا بِإِنْصَافٍ. الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْمَرَاتِبِ قَبْلَهُ كُلَّهَا لَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ " ز " تَبَعًا لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وضيح، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الَّذِي يَعْقِلُ عَنْ الْكَافِرِ أَهْلُ دِينِهِ وَلَيْسَ فِي النَّصِّ اعْتِبَارُ عَصَبَتِهِ وَلَا دِيوَانِهِ، هَذَا الَّذِي قَرَّرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا وطفي. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي مُسْلِمًا (فَ) الْكَافِرُ (الذِّمِّيُّ) يَعْقِلُ عَنْهُ (ذَوُو دِينِهِ) الَّذِينَ يُؤَدُّونَ مَعَهُ الْجِزْيَةَ فَلَا يَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ (وَ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ كُورَتِهِ (ضُمَّ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ مُثَقَّلَةً إلَى أَهْلِ كُورِ دِيَتِهِ وَجِزْيَتِهِ (كَكُوَرِ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ كُورَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، أَيْ بَلْدَةٍ، أَيْ قُرَى رِيفِ (مِصْرَ) حَتَّى يَكْمُلَ عَدَدُ الْعَاقِلَةِ (وَ) الْكَافِرُ (الصُّلْحِيُّ) يَعْقِلُ عَنْهُ (أَهْلُ صُلْحِهِ) الشَّارِحُ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرْبِيِّ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ وَقَتَلَ مُسْلِمًا خَطَأً، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ دِيَتُهُ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ الْحَرْبِيِّينَ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ الْحَرْبِيِّينَ مُطْلَقًا، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ قَتَلَ حَرْبِيٌّ دَخَلَ بِأَمَانٍ مُسْلِمًا خَطَأً، فَفِي كَوْنِ دِيَتِهِ عَلَى أَهْلِ كُورَتِهِ فَإِنْ أَبَوْا فَعَلَيْهِ مَا لَزِمَهُ مَعَهُمْ أَوْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ رِوَايَتَا الْبَرْقِيِّ وَسَحْنُونٍ عَنْ أَشْهَبَ، وَعَزَا أَبُو زَيْدٍ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ (وَضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ جُعِلَ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي وَنَائِبُ فَاعِلِ ضُرِبَ (مَا) أَيْ قَدْرٌ مِنْ الْمَالِ (لَا يَضُرُّ بِحَالِهِ) أَيْ لَا يُجْحِفُ بِمَالِهِ فَلَا يُسَاوِي مَا يُجْعَلُ عَلَى قَلِيلِ الْمَالِ مَا يُجْعَلُ عَلَى كَثِيرِهِ، فِيهَا يَحْمِلُ الْغَنِيُّ مِنْ الْعَقْلِ بِقَدْرِهِ وَمِنْ دُونِهِ بِقَدْرِهِ وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ فِي يُسْرِهِمْ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا تُوَظَّفُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَالسَّعَةِ وَلَمْ يَحُدَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَقَدْ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى النَّاسِ فِي إعْطَائِهِمْ مِنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمًا وَنِصْفًا، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ، وَفِي النَّوَادِرِ وَظَاهِرُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَكْرَهُ أَنْ يَبْعَثَ السُّلْطَانُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مَنْ يَأْخُذُهُ فَيَدْخُلُهُ فَسَادٌ كَبِيرٌ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا يَحْمِلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ رُبُعَ دِينَارٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 145 وَعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ، وَامْرَأَةٍ، وَفَقِيرٍ، وَغَارِمٍ وَلَا يَعْقِلُونَ،   [منح الجليل] وَعُقِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عَنْ) جَانٍ (صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ) لَا يَمْلِكُ شَيْئًا (وَغَارِمٍ) أَيْ مَدِينٍ عَاجِزٍ عَنْ وَفَاءِ دَيْنِهِ. اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ يَفْضُلُ لَهُ مَا لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ. الْبِسَاطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ مَا فِي يَدِهِ (وَلَا يَعْقِلُونَ) أَيْ الصَّبِيُّ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهِ، ظَاهِرُهُ لَا عَنْ غَيْرِهِ وَلَا عَنْ نَفْسِهِ. عج كُلٌّ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَرْأَةِ لَا يَعْقِلُونَ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمْ فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ وَالْغَارِمُ فَلَا تُضْرَبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمَا. وَقَالَ الزَّرْقَانِيُّ لَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُبَاشِرُونَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُمْ حَتَّى الْفَقِيرَ وَالْغَارِمَ يَعْقِلُونَ الْجِنَايَةَ الصَّادِرَةَ مِنْهُمْ. ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مَا يُقَيِّدُهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عِنْدَ قَوْلِهِ وَشَرِيكُ الصَّبِيِّ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَبَعْضُ مَنْ حَشَاهُ، فَقَوْلُ السُّودَانِيِّ إنَّ الصَّبِيَّ لَا يَعْقِلُ وَلَوْ كَانَ هُوَ الْجَانِي غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ كَلَامُ عج، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ وَلَا لِلزَّرْقَانِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ مُطْلَقًا جِنَايَتَهُمْ وَجِنَايَةَ غَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ التَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ وَالْمُوَافَقَةُ فِي الدِّينِ وَالْيَسَارِ. وَفِي الْجَلَّابِ وَلَا يَحْمِلُ النِّسَاءُ وَلَا الصِّبْيَانُ شَيْئًا مِنْ الْعَقْلِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَقْلٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْقِلُوهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِيمَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَاتِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى مَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ مِنْ الرِّجَالِ. اهـ. وَتَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إذَا جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ إلَخْ فَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْجَانِيَةِ، وَفِيهَا مَا لَزِمَ الْعَاقِلَةَ مِنْ الدِّيَةِ فَهِيَ عَلَى الرِّجَالِ خَاصَّةً دُونَ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ، وَفِيهَا إنْ قَتَلَ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ رَجُلًا عَمْدًا قُتِلَ الرَّجُلُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ خَمْسَةٌ يُعْقَلُ عَنْهُمْ وَلَا يَعْقِلُونَ وَهُمْ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ، فَإِطْلَاقُ الْأَئِمَّةِ وَظَوَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ، وَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةُ لَا يَعْقِلُونَ جِنَايَةَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 146 وَالْمُعْتَبَرُ: وَقْتُ الضَّرْبِ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ   [منح الجليل] غَيْرِهِمْ فَأَحْرَى جِنَايَتُهُمْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَحْرَى لِأَنَّ دُخُولَ الْجَانِي مَعَ الْعَاقِلَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ كَلَامُ طفي، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ وَالْعَدَوِيُّ. الْمُتَيْطِيُّ يَحْمِلُ الْعَقْلَ الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ الْأَحْرَارُ الْعُقَلَاءُ وَالرُّشَدَاءُ وَالسُّفَهَاءُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَخَمْسَةٌ يُعْقَلُ عَنْهُمْ وَلَا يَعْقِلُونَ وَهُمْ الصِّبْيَانُ، وَالْمَجَانِينُ وَالنِّسَاءُ وَالْفُقَرَاءُ وَالْغَارِمُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ أَوْ يَفْضُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا يَكُونُ بِهِ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا شَيْءَ فِي يَدِهِ فَهُوَ فَقِيرٌ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا تَكُونُ النِّسَاءُ عَوَاقِلَ وَلَا يَعْقِلُ صَبِيٌّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، فَإِذَا بَلَغَ فُرِضَ عَلَيْهِ مَا يُفْرَضُ عَلَى الْكَبِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهَا عَلَى أَحْرَارِ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ، وَفِيهَا زِيَادَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيمَا يَأْتِي زِيَادَةُ حُضُورِهِ الْقَسْمَ يُرِيدُونَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ لِجَهْلِ حَالِهِ. (وَالْمُعْتَبَرُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ حَالِ مَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ بُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَإِسْلَامٍ وَحُرِّيَّةٍ وَحُضُورٍ وَغِنًى وَعَدَمِ غُرْمٍ حَالُهُ (وَقْتُ الضَّرْبِ) أَيْ تَفْرِيقُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا حَالُهُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَلَا وَقْتَ الْأَدَاءِ، فَمَنْ كَانَ مُسْتَكْمِلًا لَهَا وَقْتَ الضَّرْبِ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ نَاقِصًا شَرْطًا مِنْهَا، فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَكْمَلَهَا بَعْدَهُ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِلْعَاقِلَةِ يَوْمَ الْمَوْتِ بَلْ يَوْمَ الْفَرْضِ، وَأَنَّهَا إنْ فُرِضَتْ ثُمَّ كَبِرَ الصَّبِيُّ وَأَيْسَرَ الْمُعْدَمُ وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بِشَيْءٍ. عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُؤْتَنَفُ فِيهَا بَعْدَ قَسَمِهَا حُكْمٌ لِعَدَمٍ يَحْدُثُ بَعْدَ مَلَاءٍ أَوْ يَسَارٍ بَعْدَ عَدَمٍ أَوْ قُدُومِ غَائِبٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ احْتِلَامٍ (لَا) تُضْرَبُ (إنْ قَدِمَ غَائِبٌ) وَقْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ أَيْسَرَ مُعْدَمٌ أَوْ أَعْتَقَ رَقِيقٌ، وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْغَائِبَ فَشَمَلَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ وَبَعِيدَهَا وَمَنْ غَابَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ وَمَنْ غَابَ بِنِيَّةِ عَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ مُنْقَطِعُ الْغَيْبَةِ، وَأَمَّا مَنْ غَابَ لِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَعُودَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَفَادَهُ تت. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِيهَا قَبْلَ فَرْضِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْهَا لَا خِلَافَ أَحْفَظُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَرْتَحِلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 147 وَلَا يَسْقُطُ لِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ، وَلَا دُخُولَ، لِبَدَوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ، وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ مُطْلَقًا : الْكَامِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ: تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا   [منح الجليل] فِرَارًا مِنْهَا فَيَلْحَقُهُ حُكْمُهَا حَيْثُمَا كَانَ قَالَهُ الْقَاسِمُ وَغَيْرُهُ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ قَسْمُ بَلَدٍ انْتَقَلَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَسْمِ دَخَلَ فِيهِ مُطْلَقًا. وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى تَخْرِيجِ شَرْطِ تَقَدُّمِ انْتِقَالِهِ عَلَى الْقَسْمِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَسْأَلَةِ حَبْسٍ عَلَى جَذْمِي بَلَدٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِثْلُهُمْ قَبْلَ الْقَسْمِ لِلْحَبْسِ. الْخَرَشِيُّ لَا يُضْرَبُ عَلَى مَنْ غَابَ وَقْتَ الضَّرْبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً. الْعَدَوِيُّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَعُودُ فَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ عُلِمَ رُجُوعُهُ يُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَفَادَهُ عج، وَلَمْ يُبَيِّنْ حَدًّا لِبُعْدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى سَاكِنِهَا وَسَلَّمَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْجَانِي، وَأَمَّا هُوَ فَيُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ (وَلَا تَسْقُطُ) الدِّيَةُ عَمَّنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ (بِ) حُدُوثِ (عُسْرِهِ) بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ مَلِيئًا (أَوْ مَوْتِهِ) بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ حَيًّا أَوْ جُنُونِهِ بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ عَاقِلًا أَوْ غَيْبَتِهِ بَعِيدًا بِنِيَّةِ عَدَمِ عَوْدِهِ بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ حَاضِرًا. ابْنُ شَاسٍ مَنْ مَاتَ مِمَّنْ جُعِلَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُ مَا جُعِلَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ أَعْدَمَ، وَلَا يُزَادُ عَلَى مَنْ أَيْسَرَ مِنْهُمْ. (وَلَا دُخُولَ لِبَدَوِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِبَادِيَةٍ لِسُكْنَاهَا (مَعَ حَضَرِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِحَاضِرَةٍ لِسُكْنَاهَا فِي الدِّيَةِ وَلَا عَكْسُهُ، إذْ لَا يَكُونُ فِي دِيَةٍ وَاحِدَةٍ إبِلٌ وَدَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ (وَلَا) دُخُولَ لِ (شَامِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلشَّامِ لِسُكْنَاهُ (مَعَ مِصْرِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٌ لِمِصْرِ لِسُكْنَاهَا فِي الدِّيَةِ وَلَا عَكْسُهُ (مُطْلَقًا) الشَّارِحُ يَحْتَمِلُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْبُعْدِ، وَيَحْتَمِلُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِاخْتِلَافِ الْمَأْخُوذِ فِي الدِّيَةِ. الْبِسَاطِيُّ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَتُنَجَّمُ الدِّيَةُ (الْكَامِلَةُ) سَوَاءٌ كَانَتْ لِنَفْسٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَسَوَاءٌ كَانَتْ إبِلًا أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) كُلُّ ثُلُثٍ فِي سَنَةٍ (تَحِلُّ) إلَّا ثَلَاثَ (بِأَوَاخِرِهَا) أَيْ السِّنِينَ فَيَحِلُّ بِآخِرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 148 مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ وَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بِالنِّسْبَةِ، وَنُجِّمَ فِي النِّصْفِ وَالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ ثُمَّ لِلزَّائِدِ سَنَةٌ   [منح الجليل] السَّنَةِ الْأُولَى ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَبِآخِرِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ ثُلُثُهَا الثَّانِي، وَبِآخِرِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ ثُلُثُهَا الثَّالِثُ. وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ الْأُولَى (مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) بِتَنْجِيمِهَا وَهُوَ يَوْمُ ضَرْبِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ. ابْنُ شَاسٍ أَمَّا الْأَجَلُ فَهُوَ فِي الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ يُؤْخَذُ ثُلُثُهَا فِي آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ، زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقْطَعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالثَّلَاثُ أَحَبُّ إلَيَّ. الْبَاجِيَّ هَذَا حُكْمُ كُلِّ دِيَةٍ. (وَ) يُنَجَّمُ (الثُّلُثُ) إنْ وَجَبَ فِي نَحْوِ جَائِفَةٍ (وَ) يُنَجَّمُ (الثُّلُثَانِ) الْوَاجِبَانِ فِي نَحْوِ جَائِفَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ (بِالنِّسْبَةِ) لِتَأْجِيلِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَيُؤَجَّلُ الثُّلُثُ بِسَنَةٍ وَالثُّلُثَانِ بِسَنَتَيْنِ وَالشَّاذُّ حُلُولُ غَيْرِ الْكَامِلَةِ، وَهُمَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْهُ (وَنُجِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أُجِّلَ كَذَلِكَ (فِي النِّصْفِ) مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبِ فِي نَحْوِ قَطْعِ يَدٍ بِالتَّثْلِيثِ لِلْكَامِلَةِ، فَيُؤَجَّلُ ثُلُثُ الْكَامِلَةِ مِنْ النِّصْفِ بِسَنَةٍ وَالسُّدُسُ مِنْهَا تَمَامُ النِّصْفِ بِسَنَةٍ. (وَ) نُجِّمَ فِي (الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ) مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ فِي قَلْعِ خَمْسَ عَشَرَ سِنًّا أَوْ سَبْعِ أَصَابِعَ وَأُنْمُلَةِ إبْهَامٍ فَتُنَجَّمُ (بِالتَّثْلِيثِ) أَيْ يُجْعَلُ كُلُّ ثُلُثٍ مِنْ الْكَامِلَةِ فِي سَنَةٍ (ثُمَّ) يُجْعَلُ (لِلزَّائِدِ) عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ سُدُسِ الدِّيَةِ (سَنَةٌ) تت تَبِعَ هُنَا تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فَضْلًا عَنْ عَدَمِ رُؤْيَةِ تَشْهِيرِهِ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. شب مَا ذَكَرَهُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّصْفَ وَالثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ يُنَجَّمُ كُلُّ رُبْعٍ مِنْهَا بِسَنَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ التَّنْجِيمَ بِالتَّثْلِيثِ وَلِلزَّائِدِ سَنَةٌ، وَإِنَّمَا فِيهَا الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَتَبِعَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 149 وَحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ: كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ   [منح الجليل] الْعَدَوِيُّ طفي سَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ قَوْلُ أَشْهَبَ. " غ " تَبِعَ فِي هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمَشْهُورُ التَّنْجِيمُ بِالْأَثْلَاثِ، وَلِلزَّائِدِ سَنَةٌ فَالنِّصْفُ وَالرُّبُعُ فِي ثَلَاثٍ، أَيْ فَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَأَمَّا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ فَزَعَمَ أَنَّ هَذَا الَّذِي شَهَرَهُ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ. وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَنْقُولًا فَضْلًا أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا، قَالَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَصَحَّحَ النُّسَخَ الَّتِي فِيهَا وَلِلزَّائِدِ نِسْبَتُهُ، قَالَ وَلَيْسَ يُجِيدُ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَصِيرُ هُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ فِي غَيْرِ الْكَامِلَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي يُقَابِلُهُ وَهُوَ اعْتِبَارُ النِّسْبَةِ، وَنَاقَشَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الَّذِي قَالَ فِي غَيْرِ الْكَامِلَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ عَلَى السَّوَاءِ. وَأَمَّا عَلَى هَذَا فَالثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ، وَلِلزَّائِدِ سَنَةٌ، ثُمَّ قَوْلُهُ إثْرَ هَذَا فَالنِّصْفُ وَالرُّبُعُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يُعَيِّنُ النُّسْخَةَ الَّتِي فِيهَا سَنَةٌ. وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَأَعْرَضَ عَنْ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ صَفْحًا تت. فَائِدَةٌ عِيَاضٌ مَنْ تَبِعَ غَيْرَهُ فِي أَمْرٍ مُتَعَقِّبٍ فَهُوَ فِي مَنْجَاةٍ مِنْهُ، وَالتَّعَقُّبُ خَاصٌّ بِالْأَوَّلِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي لَيْسَ بِالْبَيِّنِ، فَكُلُّ مَنْ رَضِيَ قَوْلًا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَإِنْ سَبَقَهُ إلَيْهِ كَثِيرُونَ، وَكُلُّ مَنْ رَضِيَ عَنْ قَوْمٍ كَانَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ التَّخْطِئَةَ وَالتَّصْوِيبَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَوْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَصَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي طَالِعَةِ شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ (وَحُكْمُ مَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (وَجَبَ) مِنْ الدِّيَةِ (عَلَى) كُلِّ عَاقِلَةٍ مِنْ (عَوَاقِلَ) لِلْقَاتِلِينَ خَطَأً كُلُّ قَاتِلٍ مِنْ عَاقِلَةِ غَيْرِ عَاقِلَةِ غَيْرِهِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ، كَحَمْلِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ مَثَلًا صَخْرَةً فَسَقَطَتْ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ فَقُسِّمَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فَخَصَّ كُلَّ عَاقِلَةٍ رُبُعُ الدِّيَةِ فَحُكْمُ هَذَا الرُّبُعِ (كَحُكْمِ) الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ الْمُنَجَّمَةِ (عَلَى) الْعَاقِلَةِ (الْوَاحِدَةِ) فِي التَّأْجِيلِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 150 كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا، وَهَلْ حَدُّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ؟ قَوْلَانِ   [منح الجليل] بِثَلَاثِ سِنِينَ، فَيُؤَجَّلُ كُلُّ رُبُعٍ مِنْهَا بِثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ أَثْلَاثُهُ بِأَوَاخِرِهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دِيَاتُهُمْ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا إبِلًا وَبَعْضُهَا دَنَانِيرَ وَبَعْضُهَا دَرَاهِمَ، وَهَذَا يُخَصِّصُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَأَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ إلَّا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إجْزَاءُ الدِّيَةِ الْمُوَزَّعَةِ لِتَعَدُّدِ جُنَاتِهَا الْأَجْزَاءُ لَا تُحْمَلُ تُحْمَلُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَكَذَا فِي اتِّحَادِ جَانٍ لَهُ عَوَاقِلُ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا لِمَنْ هُمْ مِنْهَا. الْبَاجِيَّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ إنْ لَزِمَتْ الدِّيَةُ عَشْرَ عَوَاقِلَ لَزِمَ كُلُّ قَبِيلَةٍ عُشْرُهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ كَانَتْ دِيَةَ مَجُوسِيَّةٍ. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ حُكْمَ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ كَحُكْمِ مَا وَجَبَ عَلَى عَاقِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي التَّنْجِيمِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَقَالَ (كَتَعَدُّدِ) دِيَاتِ (الْجِنَايَاتِ) مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ (عَلَيْهَا) أَيْ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ كَقَتْلِ رَجُلٍ رَجُلَيْنِ أَوْ رِجَالًا خَطَأً، فَتُنَجَّمُ الدِّيَتَانِ أَوْ الدِّيَاتُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ، وَنَبَّهَ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا تُنَجَّمُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَعْدَ وَفَاءِ الْأُولَى. وَفِيهَا مَنْ شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً فَذَهَبَ بِهَا عَقْلُهُ وَسَمْعُهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتَانِ وَدِيَةُ الْمُوضِحَةِ لِأَنَّهَا ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ. (وَهَلْ حَدُّهَا) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ، أَيْ أَقَلُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ إلَيْهِ أَحَدٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ فِي التَّرْتِيبِ السَّابِقِ (سَبْعُمِائَةٍ) بِتَقْدِيمِ السِّنِّ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ، فَإِذَا وَجَدَ هَذَا الْعَدَدَ مِنْ الْأَبْنَاءِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِمْ أَبْنَاءُ الْأَبْنَاءِ وَإِنْ نَقَصُوا عَنْهُ ضُمُّوا إلَيْهِمْ، فَإِنْ تَمَّمُوهُ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِمْ الْأَبُ وَإِلَّا أُضِيفَ إلَيْهِمْ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ تُضْرَبُ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانُوا سَبْعَةَ آلَافٍ مَثَلًا (أَوْ) حَدُّهَا (الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ) زِيَادَةً لَهَا بَالٌ كَعِشْرِينَ فَالْأَلْفُ يُضَمُّ إلَيْهِ غَيْرُهُ فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) لِسَحْنُونٍ. الْبُنَانِيُّ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَا حَدَّ لَهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 151 وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا،   [منح الجليل] إذْ صَدَّرَ بِهِ ثُمَّ حَكَى قَوْلَ سَحْنُونٍ، وَنَصُّهُ رَوَى الْبَاجِيَّ لَا حَدَّ لِعَدَدِ مَنْ تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ أَقَلُّهَا سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ. ابْنُ عَاتٍ الْمَشْهُورُ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَلْفًا فَهُمْ قَلِيلٌ، فَيُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ. الْخَرَشِيُّ أَيْ هَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا تَنْقُصُ عَنْهُ سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ، أَيْ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ كَعِشْرِينَ فَفَوْقَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَعَلَى الثَّانِي لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أَلْفٍ كَمَّلَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ، وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ إلَيْهِ مَنْ بَعْدُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ الْفَصِيلَةِ مَثَلًا فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ الْفَخِذُ. وَإِذَا كَمَّلَ مِنْ الْفَصِيلَةِ وَالْفَخِذِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِمَا الْبَطْنُ، وَهَكَذَا إلَّا أَنَّ هَذَا حَدٌّ لِمَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ إذَا قَصُرُوا عَنْهُ لَا يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ لِفَسَادِهِ فَإِنَّهَا تُضْرَبُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَهُ قُوَّةُ الضَّرْبِ وَإِنْ قَلَّ بِقَدْرِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ ثُمَّ يُكْمِلُ مِنْ غَيْرِهِ (وَ) يَجِبُ (عَلَى الْقَائِلِ الْحُرِّ) لَا الْعَبْدِ (الْمُسْلِمِ) لَا الْكَافِرِ إنْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا مُنْفَرِدًا بِالْقَتْلِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا) لِأَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَلِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ النَّفْسِ كَعِوَضِ الْمُتْلَفِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَعَلُوهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ النَّفْسِ فَأَشْبَهَتْ عِوَضَ الْمُتْلَفِ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى النَّظَرِ سُقُوطُهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَرَدُّهَا إلَى خِطَابِ التَّكْلِيفِ. وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ عِوَضًا عَنْ الرَّقَبَةِ الصِّيَامُ الَّذِي هُوَ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وَأَقَرَّاهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ وُجُوبُ الشَّيْءِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَتَعَلَّقَ الْخِطَابُ بِإِخْرَاجِهِ بِالْوَلِيِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَالزَّكَاةِ، وَكَيْفَ يُقَالُ فِيمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ أَنَّهُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ مَعَ أَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ. وَقَوْلُهُ فَأَشْبَهَتْ عِوَضَ الْمُتْلَفِ فِيهِ أَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَبَبًا لِلضَّمَانِ، وَبِاعْتِبَارِ وُجُوبِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا مِنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ، وَقَدْ نَصَّ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ عَلَى أَنَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 152 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] خِطَابَ التَّكْلِيفِ وَخِطَابَ الْوَضْعِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَفْتَرِقَانِ بِالِاعْتِبَارِ كَمَا قُلْنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ. نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَى وُجُودِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ لِمَا قُلْنَاهُ مُعَرِّضًا بِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ تَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَاضِحٌ كَالزَّكَاةِ، وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ نَصًّا، بَلْ فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ. الْبُنَانِيُّ بَحْثُ طفي فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ فَهِمَ مِنْهُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ خِطَابِ الْوَضْعِ وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ، وَأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فَاعْتَرَضَهُ بِنَصِّ الْقَرَافِيِّ عَلَى أَنَّهُمَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَبِأَنَّهُمَا قَدْ اجْتَمَعَا فِي الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا خِطَابُ تَكْلِيفٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَخِطَابُ وَضْعٍ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْقَتْلِ سَبَبًا فِي وُجُوبِهَا، وَكَذَا يَجْتَمِعَانِ فِي ضَمَانِ الْمُتْلَفِ، هَذَا مُحَصَّلُهُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُنَافِي اجْتِمَاعَهُمَا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ خِطَابِ الْوَضْعِ فِيهَا، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الصَّوْمَ بَدَلَ الرَّقَبَةِ فِيهَا أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إلَّا خِطَابُ التَّكْلِيفِ، لِاشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الصَّوْمِ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ فِي كُلٍّ مِنْ تَنْظِيرِ مُصْطَفَى فِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَرَدُّ الْبُنَانِيِّ عَلَيْهِ نَظَرٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتَرَضَ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَمَالَ إلَى أَنَّهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ مُسْتَدِلًّا بِجَعْلِ الشَّارِعِ الصَّوْمَ عِوَضًا عَنْ الرَّقَبَةِ فِيهِ، وَرَغْمَ أَنَّ جَعْلَهَا مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ يَسْتَلْزِمُ سُقُوطَهَا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَحَقُّ التَّنْظِيرِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمَنْعِ هَذَا الِاسْتِلْزَامِ، وَسَنَدُهُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ وَعِوَضِ الْمُتْلَفِ. وَأَمَّا قَوْلُ طفي يُقَالُ فِيمَا يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوُجُوبِ إلَخْ، فَهَذَا يُؤَيِّدُ اعْتِرَاضَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى مَنْ جَعَلَهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ، وَقَوْلُ طفي نَعَمْ لَوْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَقَلَهُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ مِنْ إجْمَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ فَحَسَنٌ، وَأَمَّا وَجْهُ النَّظَرِ فِي رَدِّ الْبُنَانِيِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 153 أَوْ شَرِيكًا إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ مَعْصُومًا خَطَأً: عِتْقُ رَقَبَةٍ، وَلِعَجْزِهَا شَهْرَانِ: كَالظِّهَارِ، لَا: صَائِلًا، وَقَاتِلِ نَفْسِهِ: كَدِيَتِهِ   [منح الجليل] عَلَى طفي فَإِنَّ كَلَامَ طفي لَا يُفْهِمُ أَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ التَّنَافِي بَيْنَ خِطَابِ التَّكْلِيفِ وَخِطَابِ الْوَضْعِ، وَرَدَّهُ بِنَصِّ الْقَرَافِيِّ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (شَرِيكًا) فِي الْقَتْلِ لِصَبِيٍّ أَوْ بَالِغٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ كَفَّارَةٍ تَامَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَلَا يَشْتَرِكُ فِيهَا (إذَا قَتَلَ) الْحُرُّ الْمُسْلِمُ شَخْصًا (مِثْلَهُ) فِي الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ كَافِرٍ وَلَا عَبْدٍ حَالَ كَوْنِهِ (مَعْصُومًا) فَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ غَيْرِ مَعْصُومٍ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَمُحَارِبٍ قُتِلَا (خَطَأً) فَلَا تَجِبُ الْقَاتِلُ عَمْدًا وَمُبْتَدَأً عَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَيْ شَخْصٍ رَقِيقٍ مُؤْمِنٍ سَلِيمٍ مِنْ الْعُيُوبِ مُحْرِزٍ لِخُصُوصِ الْكَفَّارَةِ (وَلِ) لِ (عَجْزٍ) عَنْ (هَا) أَيْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى عِتْقِ الرَّقَبَةِ (شَهْرَانِ) يَصُومُهُمَا (كَ) رَقَبَةٍ وَشَهْرَيْ (الظِّهَارِ) فِي شَرْطِ إيمَانِ الرَّقَبَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَتَحْرِيرِهَا لَهُ، وَتَتَابُعِ الشَّهْرَيْنِ وَنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ بِهِمَا وَالتَّتَابُعِ (لَا) تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَتَلَ شَخْصًا حُرًّا مُسْلِمًا (صَائِلًا) عَلَيْهِ لَيْسَ مَعْصُومًا وَلِأَنَّ قَتْلَهُ عَمْدٌ (وَ) لَا كَفَّارَةَ عَلَى (قَاتِلِ نَفْسِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الصَّائِلِ وَلَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ. قُلْت هُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَطَأٍ، وَلَمْ أَجِدْهُ نَصًّا إلَّا لِلْغَزَالِيِّ فِي وَجِيزِهِ قَالَ فِيهِ وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ قُلْت قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92] ، مَخْرَجُ قَاتِلِ نَفْسِهِ لِامْتِنَاعِ تَصَوُّرِ هَذَا الْجُزْءِ مِنْ الْكَفَّارَةِ فِيهِ، وَإِذَا بَطَلَ الْجُزْءُ بَطَلَ الْكُلُّ. فَإِنْ قُلْت الصَّوْمُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْكَفَّارَةِ، بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهَا. قُلْت الْمُرَادُ مِنْ الْكَفَّارَةِ الَّتِي الصَّوْمُ جُزْؤُهَا الْكَفَّارَةُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِهَا وَهِيَ الْكَفَّارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ، وَالْكَفَّارَةُ الَّتِي هُوَ نَوْعٌ هِيَ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَفْعُولَةً، فَإِنْ اُنْتُقِضَ بِكَفَّارَةِ الْعَبْدِ فِي الظِّهَارِ لِتَعَذُّرِ الْعِتْقِ فِيهَا. قُلْت التَّعَذُّرُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ عَقْلِيٌّ، وَفِي الظِّهَارِ شَرْعِيٌّ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْخِطَابِ فَقَالَ (كَدِيَتِهِ) أَيْ قَاتِلِ نَفْسِهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا عَاقِلَتِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 154 وَنُدِبَتْ فِي جَنِينٍ، وَرَقِيقٍ؛ وَعَمْدٍ، وَعَبْدٍ وَعَلَيْهِ مُطْلَقًا: جَلْدُ مِائَةٍ، وَحَبْسُ سَنَةٍ،   [منح الجليل] الْجَلَّابُ لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً وَلَا عَمْدًا (وَنُدِبَتْ) الْكَفَّارَةُ (فِي) إلْقَاءِ (جَنِينٍ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا فِيمَنْ ضَرَبَ امْرَأَةً خَطَأً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا كَفَّارَةٌ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّمَا الْكَفَّارَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْخَطَأِ وَاسْتَحْسَنَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْكَفَّارَةَ فِي الْجَنِينِ. الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَفِّرَ. مُحَمَّدٌ رَوَى أَشْهَبُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا لِإِشْكَالِ الْجَوَابِ لِعَدَمِ انْحِصَارِ طُرُقِ الْأَحْكَامِ فِي نُصُوصِ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ (وَ) نُدِبَتْ فِي قَتْلِ (رَقِيقٍ) خَطَأً مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ (وَ) نُدِبَتْ فِي قَتْلِ (عَبْدٍ) لِقَاتِلِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَلَا تَكْرَارَ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ. وَقَالَ الشَّارِحُ اُنْظُرْ قَوْلَهُ " وَعَبْدٍ " هَلْ تَكْرَارٌ أَوْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى الْخَطَأِ وَالثَّانِي عَلَى الْعَمْدِ أَوْ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّ الرَّقِيقَ مَقْتُولٌ، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ قَاتِلٌ (وَ) نُدِبَتْ فِي قَتْلِ (عَمْدٍ) لَا يُقْتَلُ بِهِ لِزِيَادَةِ الْقَاتِلِ عَلَى مَقْتُولِهِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ لِلْعَفْوِ عَنْهُ. الْبُنَانِيُّ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ دُونَ الْعَمْدِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْعَكْسُ لِخَطَرِ الدِّمَاءِ وَلِأَنَّ مَعَ الْمُخْطِئِ تَفْرِيطًا، إذْ لَوْ تَحَرَّزَ وَاحْتَاطَ لَتَرَكَ الْفِعْلَ الَّذِي تَسَبَّبَ عَنْهُ الْقَتْلُ مِنْ أَصْلِهِ وَلِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْعَامِدَ لَا تَكْفِيهِ الْكَفَّارَةُ لِجِنَايَتِهِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ كَقَوْلِهِمْ فِي الْغَمُوسِ، وَأَيْضًا فَقَدْ أَوْجَبُوا عَلَيْهِ ضَرْبَهُ مِائَةً وَحَبْسَهُ سَنَةً. (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْقَاتِلِ عَمْدًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِذُكُورِيَّةٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَحُرٍّ وَرَقِيقٍ وَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ، وَسَوَاءٌ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ لَوْثٍ وَقَسَامَةٍ (جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَاتِلُ عَمْدًا يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْقِصَاصُ أَوْ يَمْتَنِعُ بِضَرْبِ مِائَةٍ وَيُسْجَنُ عَامًا، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِقَسَامَةٍ فَعُفِيَ عَنْهُ أَوْ سَقَطَ قَتْلُهُ لِأَنَّ الدَّمَ يَتَكَافَأُ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا كَانَ الْقَاتِلُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَالْمَقْتُولُ مُسْلِمٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 155 وَإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ، أَوْ عَبْدِهِ،   [منح الجليل] أَوْ ذِمِّيٌّ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا خَرَّجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ عَبْدَهُ مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةَ جَلْدَةٍ وَنَفَاهُ سَنَةً، وَمَحَا سَهْمَهُ مِنْ الْمُقَاسِمِينَ وَلَمْ يُعَذِّبْهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً» ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ وَعَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ بِقَتْلِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 156 أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ وَحَلِفِهِ وَالْقَسَامَةُ:   [منح الجليل] مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ، بَلْ (وَإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ) ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ (أَوْ) قَتْلِ (عَبْدِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ. الْبَاجِيَّ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا لِلْقَاتِلِ أَوْ لِغَيْرِهِ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ وَيُسْجَنُ. الْبَاجِيَّ وَجْهُ هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ سَفَكَ دَمَ مَعْصُومٍ. (أَوْ) بِ (نُكُولِ الْمُدَّعِي) بِالْقَتْلِ عَنْ الْقَسَامَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ مَعَ اللَّوْثِ (عَلَى) الْمُتَّهَمِ بِالْقَتْلِ (ذِي اللَّوْثِ) أَمْ اللَّطْخُ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى قَتْلِهِ كَقَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَكَرُؤْيَتِهِ بِقُرْبِهِ وَبِيَدِهِ آلَةُ قَتْلِهِ وَالْمَقْتُولُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ (وَحَلِفِهِ) أَيْ ذِي اللَّوْثِ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْهُ وَبَرَاءَتِهِ مِنْ الْقَتْلِ بِذَلِكَ فَيُجْلَدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً نَظَرًا لِلَّوْثِ وَأَوْلَى لَوْ نَكَلَ كَمَا نَكَلَ الْمَوْلَى، وَيُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ الْقَسَامَةَ كَمَا يَأْتِي. الْبَاجِيَّ لَوْ نَكَلَ وُلَاةُ الدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُمْ فَحَلَفَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ، فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْجَلْدُ وَالسَّجْنُ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا بَيْنَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ قَدْ ثَبَتَتْ بِمَا أَوْجَبَ الْقَسَامَةَ (وَالْقَسَامَةُ) ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ حَلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ جُزْئِهَا عَلَى إثْبَاتِ الدَّمِ. رَوَى مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ فَأَتَى مُحَيِّصَةُ فَأَخْبَرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ فَأَتَى يَهُودَ خَيْبَرَ وَقَالَ أَنْتُمْ وَاَللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ، قَالُوا وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ثُمَّ قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُمْ ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَلَّمَ فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ يَتَكَلَّمُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَبِّرْ كَبِّرْ يُرِيدُ السِّنَّ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذَنُوا بِحَرْبٍ، فَكَتَبَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ فَكَتَبُوا إنَّا وَاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ قَالُوا لَا، قَالَ أَفَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ قَالُوا لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمْ الدَّارَ قَالَ سَهْلٌ، فَلَقَدْ رَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِنْهَا حَمْرَاءُ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ فَقَالُوا أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ فَكَيْفَ نَحْلِفُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 157 سَبَبُهَا: قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ:   [منح الجليل] عَلَيْهِ، قَالَ فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ خَيْبَرَ؛ بِإِيمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رِجَالٍ مِنْ الْأَنْصَارِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ وَبَدَأَ بِهِمْ يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا فَأَبَوْا، فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ احْلِفُوا وَاسْتَحِقُّوا، فَقَالُوا أَنَحْلِفُ عَلَى الْغَيْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيَةً عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ» ، لِأَنَّهُ وُجِدَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ. وَخَرَّجَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْحَدِيثَ فِي مُوَطَّئِهِ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَحْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا بِشَيْءٍ لِإِبَايَةِ الْمُدَّعِي مِنْ الْأَيْمَانِ وَمِنْ قَبُولِ أَيْمَانِ الْيَهُودِ وَتَبَرُّعٍ بِجَعْلِ الدِّيَةِ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَبْطُلَ دَمُ مُسْلِمٍ، وَمَا عَلِمْت فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الِاضْطِرَابِ وَالتَّضَادِّ وَالتَّدَافُعِ مَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَهِيَ قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ كَثِيرًا فِي الْقَسَامَةِ وَمَا يُوجِبُهَا، وَالْأَيْمَانُ فِيهَا وَمَنْ يَبْدَأُ بِهَا، وَهَلْ يَجِبُ الْقَوَدُ بِهَا أَوْ لَا يُسْتَحَقُّ غَيْرُ الدِّيَةِ. الرَّصَّاعُ مَعْنَى أَوْ جُزْئِهَا، أَيْ حَلَفَ جُزْءٌ خَمْسِينَ يَمِينًا لِيَدْخُلَ بِهِ حَلِفُ وَرَثَةِ الدَّمِ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ، فَإِنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْمَوَارِيثِ وَالْقَسَامَةُ (سَبَبُهَا) أَيْ الْقَسَامَةُ الَّتِي لَا تَصِحُّ بِدُونِهِ (قَتْلُ) لَا جَرْحُ (الْحُرِّ) لَا قَتْلُ الرِّقِّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (الْمُسْلِمِ) لَا قَتْلُ الْحُرِّ الْكَافِرِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ (فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَمُثَلَّثَةٍ أَيْ التُّهْمَةِ، وَفَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ ظَنِّ صِدْقِ الْمُدَّعِي، وَتَعَقَّبَ بِشُمُولِهِ الْبَيِّنَةَ وَالْإِضَافَةَ لِلْبَيَانِ، وَفِي بِمَعْنَى مَعَ فَلَا قَسَامَةَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحِ قَسَامَةٌ، وَلَكِنْ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلِيَحْلِفْ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَقْتَصَّ فِي الْعَمْدِ، وَيَأْخُذْ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ، وَإِنَّمَا خَمْسُونَ يَمِينًا فِي النَّفْسِ. الْجَلَّابُ لَا قَسَامَةَ فِي عَبْدٍ وَلَا أَمَةٍ وَلَا ذِمِّيٍّ وَلَا ذِمِّيَّةٍ، وَفِيهَا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ عَبْدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً مَعَ شَاهِدِهِ لِأَنَّهُ مَالٌ وَغَرِمَ لَهُ الْقَاتِلُ قِيمَتَهُ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَنْ يَغْرَمَ قِيمَةَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 158 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمَقْتُولِ أَوْ يُسَلِّمَ عَبْدَهُ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ فَلَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَلِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي الْعَبْدِ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَصْرَانِيٍّ قَامَ عَلَى قَتْلِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ مُسْلِمٌ أَنَّ وُلَاتَهُ يَحْلِفُونَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ مِمَّنْ قَتَلَهُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ. الْبَاجِيَّ قَوْلُهُ لَيْسَ فِي الْعَبْدِ قَسَامَةٌ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ قَالَ عَبْدٌ ذِمِّيٌّ عِنْدَ فُلَانٍ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ. أَشْهَبُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَا سِجْنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ وَضُرِبَ وَسُجِنَ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنَّمَا السِّجْنُ اسْتِبْرَاءٌ وَكَشْفٌ عَنْ أَمْرِهِ وَيُضْرَبُ أَدَبًا. ابْنُ زَرْقُونٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فَمَرَّةً قَالَ هَذَا، وَقَالَ مَرَّةً يُسْجَنُ عَامًا فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ وَلَوْ عَبْدًا، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 159 كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ، حُرٌّ، مُسْلِمٌ: قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَلَوْ خَطَأً أَوْ مَسْخُوطًا عَلَى وَرَعٍ،   [منح الجليل] وَمَثَّلَ لِلَّوْثِ بِخَمْسَةِ أَمْثِلَةٍ فَقَالَ (كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ) لَا صَبِيٌّ وَلَوْ مُرَاهِقًا عَلَى الْمَشْهُورِ (حُرٌّ) لَا رِقَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ، بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ وَالْمَرْأَةِ فَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا فِي الْجُمْلَةِ (مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقُولِ عَلَيْهِ عَدَاوَةٌ كَمَا فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ أَفَادَهُ شب. الْعَدَوِيُّ وَلَوْ عَدُوًّا عَلَى عَدُوِّهِ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَدَاوَةُ تُؤَكِّدُ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْقَتْلِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى عَدُوِّهِ، وَفِيهِ شُبْهَةٌ، فَيَصِحُّ أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّ عَدُوَّ الْإِنْسَانِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِعَدُوِّهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَا يُقْبَلُ لِتُهْمَتِهِ إذَا أَنْزَلَ ذَلِكَ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ مِنْ عَدُوِّهِ (قَتَلَنِي فُلَانٌ) عَمْدًا، بَلْ (وَلَوْ) قَالَ (خَطَأً) عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ فُلَانٍ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً فَفِي ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا قَبُولُ قَوْلِهِ وَيُقْسِمُونَ وَلَايَتَهُمْ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ كَذَبَ لِإِغْنَاءِ وَلَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَازِمٍ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّهُ اسْتِحْقَاقُ دَمٍ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ دَمَ الْعَمْدِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي دَمِ الْخَطَأِ مَالٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ فِي الْقِيَاسِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَشْهَرُ إنْ كَانَ الْقَائِلُ عَدْلًا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (مَسْخُوطًا) أَيْ غَيْرَ عَدْلٍ وَادَّعَى قَتْلَهُ (عَلَى) شَخْصٍ (وَرِعٍ) وَلَوْ كَانَ أَوْرَعَ أَهْلِ زَمَانِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. الْبُنَانِيُّ هَذِهِ هِيَ التَّدْمِيَةُ. الْمُوَضِّحُ لَمْ يُوَافِقْ الْمَالِكِيَّةُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّيْثَ، وَرَأَى الْجُمْهُورُ أَنَّهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 160 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] قَبُولُ الدَّعْوَى بِلَا بَيِّنَةٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الدَّمَ أَعْظَمُ مِنْ الْمَالِ، وَلَوْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا فَلَا يُقْبَلُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَرَأَى عُلَمَاؤُنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُشْبِهُ دَعْوَى الْمَالِ وَلَا غَيْرَهُ لِأَنَّ هَذَا أَصْلٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَعِظَمُ الدَّمِ يُؤَيِّدُ قَبُولَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ، إذْ يُقَالُ لَعَلَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْقَوْلَ فِيهَا لِلْمُدَّعِي لِعِظَمِهَا وَانْتِظَارُ الْبَيِّنَةِ يُؤَدِّي لِتَضْيِيعِهَا، إذْ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَفِيَّةً وَمَنْ تَحَقَّقَ مَصِيرُهُ إلَى الْآخِرَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَلَا يُتَّهَمُ بِإِرَاقَةِ دَمِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي هَذَا تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي الشَّاهِدِ، وَكَيْفَ وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ عِنْدَ الْمَوْتِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ، فَكَيْفَ يَتَزَوَّدُ مِنْ دُنْيَاهُ قَتْلَ النَّفْسِ، هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْمُعْتَادُ مَعَ التَّشْدِيدِ بِكَوْنِهَا خَمْسِينَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً احْتِيَاطًا فِي صِيَانَةِ الدَّمِ، وَمَدَارُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا قَوْلُ الْمَيِّتِ بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا حُرًّا، وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً، قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ ذِمِّيًّا عَمْدًا لَوْثٌ، وَإِنْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَذَكَرَ رَجُلًا أَوْرَعَ أَهْلِ بَلَدِهِ أَقْسَمَ مَعَ قَوْلِهِ. ابْنُ حَارِثٍ إنْ رَمَى بِدَمِهِ مُتَّهَمًا مُسْتَتِرًا أَقْسَمَ بِقَوْلِهِ اتِّفَاقًا وَقُتِلَ الْمَرْمِيُّ وَإِنْ رَمَى بِذَلِكَ أَصْلَحَ أَهْلِ بَلَدِهِ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ، فَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ فَيُقْسِمُ وَرَثَتُهُ وَيَقْتُلُونَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا أَرَى قَبُولَ قَوْلِهِ. قَالَ ابْنُ سَهْلٍ تَرَكَ يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَمَلَ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا، وَصَارَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ صَوَابٌ، وَتَوَقَّفَ ابْنُ بَقِيٍّ بْنِ مَخْلَدٍ عَنْ الْقَوْلِ فِي التَّدْمِيَاتِ. قُلْت فَفِي إعْمَالِ قَوْلِ الْمَيِّتِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ مُطْلَقًا وَلَغْوُهُ، ثَالِثُهُمَا مَا لَمْ يَدَعْهُ عَلَى مَنْ لَا يَلِيقُ بِهِ لِفَضْلِهِ وَصَلَاحِهِ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَقِيٍّ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّوْجَةَ فِي تَدْمِيَتِهَا عَلَى زَوْجِهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَلِابْنِ هِشَامٍ وَابْنِ عَاتٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 161 أَوْ وَلَدٍ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ.   [منح الجليل] عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ قَوَدٌ لِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فِي ضَرْبِهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» . ابْنُ مُزَيْنٍ هَذَا الَّذِي تَعَلَّمْنَاهُ مِنْ شُيُوخِنَا. تت فَائِدَةٌ فِي الذَّخِيرَةِ خُولِفَتْ قَاعِدَةُ الدَّعْوَى بِقَبُولِ قَوْلِ الْمُدَّعِي بِلَا بَيِّنَةٍ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ الْأُمَنَاءِ وَاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَالْغَصْبِ وَالْحَاكِمِ فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ وَغَيْرِهِمَا. طفي قَوْلُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ هِيَ كَثِيرَةٌ جِدًّا لِمَنْ تَصَفَّحَ مَسَائِلَ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ عَقَدَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ بَابًا لِمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْمُدَّعِي، وَذَكَرَ فِيهِ مَسَائِلَ جَمَّةً كَتَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا مَعَهَا، وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ غُرَمَاءِ مَحْجُورِهِ مَا عَلَيْهِمْ لَهُ، وَضَاعَ وَالْمُعْتَرَضُ أَنَّهُ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَالزَّوْجَةِ فِي إصَابَتِهَا فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ وَالزَّائِرِ مِنْهُمَا وَالْوَصِيِّ فِي نَفَقَتِهِ عَلَى الْيَتِيمِ وَعِمَارَةِ رَبْعِهِ، وَالْمَسْبِيَّةِ فِي أَنَّ مَا مَعَهَا وَلَدُهَا وَالْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَ بِنَقْدٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بِسِلْعَةٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَبِالْجُمْلَةِ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيلِ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ الْحَاكِمُ بِمُدَّعٍ، وَإِنَّمَا هُوَ شَاهِدٌ، وَكَذَا تَفْسِيرُ غَيْرِهِمَا بِالشَّهْوَةِ بِذَلِكَ وَإِقْرَارُ الْخَصْمِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ دَعْوَى، وَلَا قَالَ الْحَاكِمُ شَيْئًا فَصُدِّقَ فِيهِ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ عَلَى الشُّهْرَةِ وَإِقْرَارِ الْخَصْمِ بِالْعَدَالَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِغَيْرِهِمَا اعْتِمَادُ الْحَاكِمِ عَلَى عِلْمِهِ فِي غَيْرِ التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، إذْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ. (أَوْ) يَدَّعِي (وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ) أَيْ وَالِدَهُ أَضْجَعَهُ وَ (ذَبَحَهُ) أَوْ بَقَرَ بَطْنَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْسِمُ أَوْلِيَاءُ الْوَلَدِ وَيَقْتُلُونَ وَالِدَهُ فِيهِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ رَمَانِي بِحَدِيدَةٍ وَنَحْوَهَا مِمَّا لَا يُقْتَلُ الْأَبُ بِهِ، أَوْ قَالَ قَتَلَنِي وَلَمْ يَزِدْ، أَوْ قَتَلَنِي خَطَأً فَالْقَسَامَةُ وَدِيَةُ الْخَطَأِ فِي الْخَطَأِ، وَالْمُغَلَّظَةُ فِي دَعْوَى الْعَمْدِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقْتَلُ فِيهِ الْأَبُ، لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَتْ الْقَسَامَةُ فِيهِ فَأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ الْمُوجِبَةُ لِلدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، سَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ دَمِي عِنْدَ أَبِي أَقْسَمَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُقَادُ مِنْ أَبِيهِ، وَغُلِّظَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِ أَبِيهِ، وَلَوْ قَالَ أَضْجَعَنِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 162 أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا إنْ كَانَ جُرْحٌ   [منح الجليل] وَذَبَحَنِي أَوْ بَقَرَ بَطْنِي أَقْسَمَ بِقَوْلِهِ وَقُتِلَ أَبُوهُ إنْ شَاءَ الْأَوْلِيَاءُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ وَلَا وَالِدَةٌ بِقَسَامَةٍ، وَأَرَى ذَلِكَ مَالًا، وَقَدْ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ قَتْلَ عَشْرَةٍ بِوَاحِدٍ وَلَمْ يَرَوْا أَنْ يَقْتُلُوا بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدًا. (أَوْ) تَدَّعِي (زَوْجَةٌ) عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا فَالْقَسَامَةُ مِنْ أَوْلِيَائِهَا وَيَقْتُلُونَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ لَا يُقْتَلُ بِهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لَهُ فِي ضَرْبِهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» . وَشَرْطُ الْقَسَامَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ (إنْ كَانَ) فِي الْمُدْمِي (جُرْحٌ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُدْمِي أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى فُلَانٍ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي شَرْطِ إعْمَالِ قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ بِظُهُورِ أَثَرِ الضَّرْبِ اضْطِرَابٌ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي عَمْدًا وَلَا جِرَاحَ بِهِ، وَأَبْيَنُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُقْسِمَ مَعَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا قِتَالٌ وَيَلْزَمُ الْفِرَاشَ عَقِبَ ذَلِكَ، أَوْ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ مُتَشَكٍّ عَلَيْهِ دَلِيلُ الْمَرَضِ، وَتَمَادَى بِهِ حَتَّى مَاتَ. قُلْت فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى، سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا سَقَاهُ سُمًّا وَهُوَ فِي جَوْفِهِ إنْ مِتُّ فَدَمِي عِنْدَهُ، قَالَ لَا قَسَامَةَ فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْآثَارِ الْبَيِّنَةِ مِنْ الْجِرَاحِ وَالضَّرْبِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ نَصِّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي رَسْمِ أَوَّلِ عَبْدٍ ابْتَاعَهُ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ. وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ إلَّا فِي الضَّرْبِ الْمَشْهُودِ بِهِ، يُرِيدُ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَلَوْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ ضَرَبَهُ فَمَاتَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهِ أَثَرٌ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ سَقَاهُ سُمًّا فَمَاتَ مِنْهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِذَلِكَ أَثَرٌ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْهُ فَلَا تَجِبُ لَهُ قَسَامَةٌ كَمَا لَا يَجِبُ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ، فَاحْتَاجَ أَصْبَغُ لَأَنْ يَلْزَمَ ابْنَ كِنَانَةَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ، فَتَتَحَصَّلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: لَا تَجِبُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَقْتُولِ أَثَرٌ لَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، وَلَا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ. وَالثَّانِي: ثُبُوتُهَا فِيهِمَا مَعًا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ. وَالثَّالِثُ: مَعَ الشَّاهِدِ لَا مَعَ قَوْلِ الْمَقْتُولِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 163 أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا،   [منح الجليل] وَإِذَا أُعْمِلَتْ التَّدْمِيَةُ دُونَ أَثَرٍ، فَإِنَّمَا تُعْمَلُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي إيجَابِ قَتْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَسَامَةِ. وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُسْجَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ سَجْنَهُ بِدَعْوَاهُ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ الْقَسَامَةِ، إذْ لَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا عَلَى قَوْلِهِ بِإِيجَابِ الْقَوَدِ إلَّا أَصْحَابَهُ. قُلْت فِي قَوْلِهِ هَذَا خِلَافُ نَصِّ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي التَّدْمِيَةِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ فِيهَا سَبَبٌ حِسِّيٌّ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُدْمَى، وَلِذَا قِيلَ فِيهَا تَدْمِيَةٌ بَيْضَاءُ وَسَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ هُوَ قَوْلُهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ رَكَضَ رَجُلًا بِرِجْلِهِ فِي بَطْنِهِ فَمَكَثَ أَيَّامًا، فَزَعَمَ أَنَّهُ يَجِدُهُ مِنْ الرَّكْضَةِ عَلَى فُؤَادِهِ أَمْرًا شَدِيدًا، قَالَ يُخَوَّفُ وَيُذَكَّرُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ أَصَرَّ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا زِلْت مِنْ يَوْمِ رَكَضَنِي بِشَرٍّ وَلَا قَتَلَنِي إلَّا رَكْضُهُ أَقْسَمُوا مَعَهُ وَاسْتَحَقُّوا دَمَهُ إنْ كَانَ مُضْطَجِعًا مِنْ يَوْمِ رَكَضَهُ حَتَّى مَاتَ، وَإِنْ لَمْ يَضْطَجِعْ فَإِذَا رُئِيَ بِهِ أَثَرُ ذَلِكَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ اضْطِجَاعِهِ. قُلْت فَهَذَا كَالنَّصِّ فِي أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ رَكْضُ الرَّجُلِ إيَّاهُ، وَهَذَا سَبِيلٌ حِسِّيٌّ يَصِحُّ اسْتِنَادُ قَوْلِ الْمُدْمَى إلَيْهِ، فَفِي إعْمَالِ التَّدْمِيَةِ الْبَيْضَاءِ وَلَغْوِهَا قَوْلَانِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ أَصْبَغَ مَعَ دَلِيلِ سَمَاعِ يَحْيَى، وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مُزَيْنٍ وَأَخْذِهِ ذَلِكَ مِنْ إطْلَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَعَنْ أَصْبَغَ لِقَوْلِهِ مَنْ قَالَ سَقَانِي فُلَانٌ سُمًّا وَمِنْهُ أَمُوتُ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ مَعَ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ. (أَوْ) قَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَ (أَطْلَقَ) الْمَقْتُولُ قَوْلَهُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ (وَبَيَّنُوا) أَيْ أَوْلِيَاؤُهُ كَوْنَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً مُعْتَمَدِينَ عَلَى الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ عَمْدٌ وَخَطَأٌ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْسِمُونِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَمْ يَقُلْ عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَمَا ادَّعَاهُ وُلَاةُ الدَّمِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَاسْتَحَقُّوهُ. ابْنُ حَارِثٍ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجَالِسِ: أَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ بَاطِلٌ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا، قَالَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 164 لَا خَالَفُوا، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ وَلَا إنْ قَالَ بَعْضٌ: عَمْدًا، وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ   [منح الجليل] وَلِمُحَمَّدٍ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اجْتَمَعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى الْعَمْدِ فَوَقَفَ فِيهِ وَقَالَ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى الْخَطَأِ، وَقَالَ فِي الدِّيوَانِ يُكْشَفُ عَنْ حَالِ الْمَقْتُولِ وَجِرَاحِهِ وَمَوْضِعِهِ وَحَالَةِ الْقَتْلِ، وَهَلْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُهُ فَيُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَمْدٌ وَلَا خَطَأٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَتَعَدُّدُ الضَّرَبَاتِ يَدُلُّ عَلَى الْعَمْدِ (لَا) يُقْسِمُونَ إنْ (خَالَفُوا) أَيْ الْأَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولَ بِأَنْ قَالَ خَطَأً وَقَالُوا عَمْدًا وَعَكْسُهُ، وَإِنْ رَجَعُوا لِقَوْلِهِ فَ (لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) لَهُ بَعْدَ مُخَالَفَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ. أَشْهَبُ لِأَنَّهُمْ أَكَذَبُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَعَلَّقَ لِخَصْمِهِمْ حَقٌّ بِقَوْلِهِمْ أَوَّلًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلِأَوْلِيَائِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُوا الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى خِلَافِ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ ادَّعَى الْوَرَثَةُ خِلَافَ قَوْلِ الْمَيِّتِ فَلَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ وَلَا دَمَ، وَلَا لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِهِ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا إنْ ادَّعَوْا خِلَافَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا إلَّا عَلَى قَوْلِهِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَلَا) يُقْسِمُونَ (إنْ) أَطْلَقَ قَوْلَهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَ (قَالَ بَعْضٌ) مِنْ أَوْلِيَائِهِ قَتَلَهُ (عَمْدًا وَ) قَالَ (بَعْضٌ) آخَرُ مِنْهُمْ (لَا نَعْلَمُ) عَمْدًا وَلَا خَطَأً، وَبَطَلَ الدَّمُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّهُ قُتِلَ عَمْدًا فَيَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ وَلَا عَلَى أَنَّهُ قُتِلَ خَطَأً فَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَكَذَا إنْ بَيَّنَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا بِمَنْ قَتَلَهُ وَلَا نَحْلِفُ فَإِنَّ دَمَهُ يَبْطُلُ. اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ قَالَ اثْنَانِ عَمْدًا وَقَالَ غَيْرُهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلِمَنْ قَالَ عَمْدًا أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ حَظَّهُ مِنْ الدِّيَةِ، قَالَ وَنُكُولُهُمْ عَنْ الْقَسَامَةِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ الدَّمُ كَعَفْوِهِمْ عَنْهُ بَعْدَ أَوْ وَجَبَ فَإِنْ حَلَفَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَلَا يَسْقُطُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَمْدِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 165 أَوْ نَكَلُوا؛ بِخِلَافِ ذِي الْخَطَإِ، فَلَهُ الْحَلِفُ، وَأَخْذُ نَصِيبِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا: وَاسْتَوَوْا: حَلَفَ كُلٌّ، وَلِلْجَمِيعِ: دِيَةُ خَطَإٍ،   [منح الجليل] لَا عِلْمَ لَنَا، وَمَتَى سَقَطَ اسْتِحْقَاقٌ بِنُكُولٍ أَوْ اخْتِلَافٍ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ وَيَحْلِفُهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ. (أَوْ) قَالُوا كُلُّهُمْ عَمْدًا وَ (نَكَلُوا) عَنْ الْقَسَامَةِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ (بِخِلَافِهِ ذِي) أَيْ صَاحِبِ أَيْ مُدَّعِي قَتْلَ (الْخَطَأِ) وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَا نَعْلَمُ (فَلَهُ) أَيْ ذِي الْخَطَأِ (الْحَلِفُ) لِجَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَأَخْذُ نَصِيبِهِ) مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ وَكَذَا إنْ اتَّفَقُوا عَلَى الْخَطَأِ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلِمَنْ حَلَفَ تَكْمِيلُ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَأَخْذُ نَصِيبِهِ مِنْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً، وَقَالَ الْبَاقُونَ لَا عِلْمَ لَنَا أَوْ نَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ حَلَفَ مُدَّعُو الْخَطَأِ وَأَخَذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ الْآخَرُونَ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَفْظُهَا فِي الْجَلَّابِ حَلَفَ مُدَّعُو الْخَطَأِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقُّوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ ابْنُ شَاسٍ أَبُو بَكْرٍ الْقِيَاسُ أَنْ يَقْتَسِمُوا. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهَا لَا عِلْمَ لَنَا يَحْتَمِلُ لَا عِلْمَ لَنَا بِعَيْنِ قَاتِلِهِ أَوْ صِفَةِ قَتْلِهِ مِنْ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ، وَقَوْلُهَا وَنَكَلُوا يَحْتَمِلُ مَعْنَاهُ ادَّعَى جَمِيعُهُمْ الْخَطَأَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ عَمْدًا وَبَعْضِهِمْ خَطَأً وَالْحُكْمُ سَوَاءٌ. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ فَرِيقَا الْوَرَثَةِ (فِيهِمَا) أَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ بِأَنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ خَطَأً (وَاسْتَوَوْا) أَيْ الْمُخْتَلِفُونَ فِي الدَّرَجَةِ كَبَنِينَ (حَلَفَ كُلٌّ) عَلَى مَا ادَّعَاهُ (وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ الْخَطَأِ) وَبَطَلَ الْقَوَدُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ، فَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهَدَرٌ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ، وَلَمْ يُثْبِتْ الْمَيِّتُ لَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَأٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرِزُ دَمَهُ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ وَالْبِنْتُ الْعَمْدَ يَحْلِفُ الْعَصَبَةُ وَيَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 166 وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً وَتَثْنِيَتُهُ الضَّمِيرَ أَوَّلًا وَجَمْعُهُ ثَانِيًا تَفَنُّنٌ قَالَهُ الْخَرَشِيُّ، فَإِنْ حَلَفَ الْجَمِيعُ فَلَهُمْ دِيَةُ خَطَأٍ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ. وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعُو الْخَطَأِ (بَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِ) سَبَبِ (نُكُولِ غَيْرِهِمْ) وَهُمْ مُدَّعُو الْخَطَأِ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ لِذِي الْعَمْدِ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ لَهُمْ تَبَعًا لَحَلَفَ مُدَّعِي الْخَطَأِ، لِأَنَّ الْعَمْدَ لَا دِيَةَ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ بَعْضُهُمْ عَمْدًا وَبَعْضُهُمْ خَطَأً، فَإِنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ اسْتَحَقُّوا دِيَةَ الْخَطَأِ بَيْنَهُمْ وَبَطَلَ الْقَوَدُ، وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَلَيْسَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يُقْسِمُوا وَلَا دَمَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ. اللَّخْمِيُّ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ حَلَفَ جَمِيعُهُمْ فَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْخَطَأِ حَظُّهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلِمَنْ أَقْسَمَ عَلَى الْعَمْدِ حَظُّهُ مِنْ مَالِ الْقَاتِلِ. اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَظُّهُمْ مِنْ الْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْبَاعِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ. وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ يُقْسِمُ مُدَّعُو الْخَطَأِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَهُمْ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ جَمِيعُهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ، فَإِنْ رَجَعَ الَّذِينَ قَالُوا عَمْدًا إلَى دِيَةِ الْخَطَأِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَأَبَاهُ أَشْهَبُ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَكُلُّ هَذَا إنْ اسْتَوَتْ مَنَازِلُهُمْ، وَاخْتُلِفَ إنْ اخْتَلَفَتْ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ ابْنَةً وَعَصَبَةً فَقَالَ الْعَصَبَةُ عَمْدًا وَالِابْنَةُ خَطَأً سَقَطَ دَمُهُ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ، وَلَمْ يُثْبِتْ لَهُمْ ذَلِكَ الْمَيِّتُ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ كَانَ خَطَأً وَيُقْسِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرِزُ دَمَهُ. مُحَمَّدٌ إنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ كُلُّهُمْ الْعَمْدَ فَلَا يُنْظَرُ إلَى قَوْلِ وَرَثَتِهِ مِنْ النِّسَاءِ إذْ لَا عَفْوَ لَهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ، وَإِنْ قَالَ الْعَصَبَةُ كُلُّهُمْ خَطَأً وَقَالَ النِّسَاءُ عَمْدًا أَقْسَمَ الْعَصَبَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَثَبَتَ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ. الْخَرَشِيُّ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ الدُّخُولُ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ. عب وَبِهِ جَزَمَ الْفِيشِيُّ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ، وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ، وَرُبَّمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْلِيلُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِحَلِفِ ذِي الْخَطَأِ وَذَكَرَ مِثَالًا آخَرَ لِلَوْثٍ فَقَالَ (وَكَ) شَهَادَةِ (شَاهِدَيْنِ) عَلَى شَخْصٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ (بِمُعَايَنَةِ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ) لِمُسْلِمٍ حُرٍّ جُرْحًا أَوْ ضَرْبًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 167 أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ يُقْسِمُ: لِمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا، إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ   [منح الجليل] أَوْ) شَهَادَتِهِمَا بِ (إقْرَارِ) الشَّخْصِ (الْمَقْتُولِ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ (عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَبِهِ أَثَرُ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ (ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ) عَنْ مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الْقَتْلِ أَوْ عَنْ إقْرَارِهِ بِهِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ فَ (يُقْسِمُ) أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ (لِمَنْ جَرَحَهُ) أَوْ ضَرَبَهُ (مَاتَ) وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِمُعَايَنَةِ الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ، وَأَمَّا فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِأَحَدِهِمَا فَيُقْسِمُونَ لَقَدْ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَلِمَنْ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ مَاتَ، وَيَقْتَصُّونَ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُونَ فِي الْخَطَأِ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ مَوْتُهُ فَفِي مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لَا قَسَامَةَ، وَلَهُمْ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ. وَفِي الْإِقْرَارِ يُقْسِمُونَ وَيَقْتَصُّونَ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُونَ فِي الْخَطَأِ الدِّيَةَ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَ فُلَانًا أَوْ ضَرَبَهُ وَعَاشَ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمَضْرُوبُ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ أَنَّ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا دَمَهُ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْجُرْحُ مَقْتَلَهُ، فَإِنْ أَنْفَذَهُ فَلَا قَسَامَةَ وَذَكَرَ مِثَالًا آخَرَ لِلَّوْثِ شَامِلًا لِصُوَرٍ فَقَالَ (أَوْ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ بِ) مُعَايَنَةِ (ذَلِكَ) أَيْ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لِمُسْلِمٍ حُرٍّ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَعَاشَ بَعْدَهُ وَلَوْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَتَكَلَّمَ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ وَشَهِدَ وَاحِدٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ لِوَارِثِهِ الْقَسَامَةُ، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ. سَحْنُونٌ هَذَا أَصْلٌ تَنَازَعَهُ الرُّوَاةُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقْسَمُ بِهِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِهِ أَحَقُّ. قُلْت مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ نَصِّ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) شَرْطٌ فِي الْقَسَامَةِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ فِيهِمَا لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ وَلَا قَسَامَةَ فِي حَيٍّ، وَنُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ اللَّوْثُ بَدَلَ الْمَوْتِ، فَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ أَفَادَهُ تت. طفي لَا خُصُوصِيَّةَ لِلَّتِي قَبْلَهَا، بَلْ يُرْجَعُ لِجَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ ضَرُورِيِّ الذِّكْرِ، إذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْقَسَامَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 168 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمَوْتِ، فَلِذَا جَعَلْنَاهُ عَامًّا فِي جَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ، وَخَصَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِهَذِهِ وَبِقَوْلِهِ بَعْدَ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ، فَلَوْ جَمَعَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَذَكَرَ الشُّرُوطَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْعَدْلِ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ دُونَ ثُبُوتِ الْمَوْتِ لِلْقَتِيلِ قَوْلَانِ، وَيَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ فَقَطْ فَيَقُولُ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخْتَلِفُ فِيهِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ حَيْثُ شَهِدَ شَاهِدٌ عَدْلٌ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَتْلِ وَقُلْنَا يُقْسِمُ مَعَهُ فَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ شَهَادَتِهِ إذَا ثَبَتَ مُعَايَنَةٌ لِقَتِيلٍ فَشَهِدَ بِمَوْتِهِ وَجَهِلَ قَاتِلُهُ كَقِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُفَوِّتُ وَالْجَسَدَ لَا يُفَوِّتُ. وَقَالَ أَصْبَغُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَجِّلَ السُّلْطَانُ الْقَسَامَةَ فِيهِ حَتَّى يَكْشِفَ، فَلَعَلَّ أَثْبَتَ مِنْ هَذَا، فَإِذَا بَلَغَ أَقْصَى الِاسْتِينَاءُ قَضَى بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ وَبِمَوْتِهِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ قَائِلًا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يُقْسِمُ مَعَ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ بَعْدَ أَنْ تَثْبُتَ مُعَايَنَةُ جَسَدِ الْقَتِيلِ فَيَشْهَدُوا لَهُ عَلَى مَوْتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مَوْتُهُ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، وَلَا يُعَجِّلُ بِتَحْلِيفِهِ، فَعَسَى أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ آخَرَ فَيَثْبُتُ مَوْتُ الْمَيِّتِ. اهـ. فَهَا هُنَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الشَّرْطِ، وَيَفْتَرِقُ الْحُكْمُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَالشَّاهِدِ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ يَثْبُتُ بِهِمَا الْمَوْتُ فَلَا يَحْتَاجُ لِشَرْطِ ثُبُوتِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ. وَأَمَّا فِي الْجُرْحِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ، وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ قَائِلًا كَلَامُهُ يُشْعِرُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالضَّرْبِ أَوْ الْجُرْحِ، وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى صِحَّةِ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَضْرُوبِ لَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ فِي ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشُّيُوخِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ وَفَاةُ الْمَجْرُوحِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَسَامَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِقَتْلِ الْجَانِي وَتَزْوِيجُ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمُ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ بِجُرْحِهِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ، إذْ يُحْتَمَلُ بَقَاءُ الْمَجْرُوحِ حَيًّا. وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ فَأَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَنَقَلَ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَيْنَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغَ عَلَى الْإِجْمَالِ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى اعْتِرَاضِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ إلَى أَنَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 169 أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا:   [منح الجليل] الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ وَإِنَّهُ فِيهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالشَّاهِدَيْنِ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ تَقْلِيدًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَلِأَجْلِ مَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ جَعَلَ تت الشَّرْطَ رَاجِعًا لِهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَأَمَّا نُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ إنْ ثَبَتَ اللَّوْثُ فَهِيَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، إذْ بِهَا يَسْلَمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعَقُّبِ وَهِيَ إشَارَةٌ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَا بُدَّ فِي الْمَشْهُورِ أَنْ يَحْلِفُوا يَمِينًا وَاحِدَةً لِيَثْبُتَ الضَّرْبُ وَيُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَكِنْ هَلْ تُفْرَدُ الْيَمِينُ أَوْ لَا أَوْ تُجْمَعُ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ تَجْرِي عَلَى الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ، هَلْ يُجْمَعُ بَيْنَ تَصْحِيحِ شَهَادَةِ الشُّهَّادِ وَفَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ يَمِينًا مُسْتَقِلَّةً. اهـ. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَثَرِهِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ نَصِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ مِنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ. اهـ. وَلَمَّا خَفِيَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرْنَا بِهِ اللَّوْثَ عَلَى تت قَالَ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ مَسَائِلَ الْقَسَامَةِ هِيَ اللَّوْثُ فَيَلْزَمُ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ (أَوْ) شَهَادَةُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ (عَمْدًا) لِأَنَّ الدَّمَ يُعْمَلُ فِيهِ بِاللَّوْثِ وَالْعَمْدُ لَوْثٌ مَحْضٌ، بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ، وَلَا يُنْقَلُ عَنْ الشَّاهِدِ إلَّا اثْنَانِ قَالَهُ أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَفَادَهُ تت. الْخَرَشِيُّ أَيْ وَكَذَلِكَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَوْثًا بَعْدَ حَلِفِ الْوُلَاةِ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ، وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي هَذَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِجَرَحَنِي فُلَانٌ خَطَأً، وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْخَطَأِ، ثُمَّ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ، بِخِلَافِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إنَّمَا طَلَبَ حَقًّا لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْقِصَاصُ. وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَنَصُّ الرِّوَايَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 170 كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا   [منح الجليل] وَابْنِ عَرَفَةَ. الْعَدَوِيُّ قَوْلُهُ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَتْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ أَمَّا الْجُرْحُ فَيَثْبُتُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي الْعَمْدِ، وَهِيَ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ، وَفِي الْخَطَأِ يَئُولُ إلَى الْمَالِ. وَشَبَّهَ فِي اللَّوْثِ الْمُوجِبِ لِلْقَسَامَةِ فَقَالَ (كَ) شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ بِ (إقْرَارِهِ) أَيْ الْمَفْتُونِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (مَعَ) شَهَادَةِ (شَاهِدٍ) بِمُعَايَنَةٍ قَتَلَهُ فُلَانٌ قَتْلًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَقْتَصُّونَ فِي الْعَمْدِ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ. تت هَذَا كَقَوْلِهَا وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَتَلَهُ لَمْ يُجْتَزَ بِذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ. " ق " هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ، وَلَكِنْ أَتَى بِهِ لِاعْتِنَائِهِ بِنَقْلِ النُّصُوصِ. الْخَرَشِيُّ الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَوْثٌ، فِيمَا سَيَأْتِي أَنَّ تَعَدُّدَهُ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ فَلَا تَكْرَارَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَرَضُ بِإِغْنَاءِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِ الْبُنَانِيُّ أَنْوَاعُ اللَّوْثِ خَمْسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، أَحَدُهَا إقْرَارُ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ مِنْ شَاهِدَيْنِ مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، أَوْ يَكْفِي فِيهِ شَاهِدٌ مُطْلَقًا، أَكْثَرُ الْأَنْقَالِ عَلَى الْأَوَّلِ. الثَّانِي: إقْرَارُ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ بِالشَّاهِدَيْنِ فَهُوَ لَوْثٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ، إنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ التَّوَقُّفُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا وَالِاكْتِفَاءُ بِالشَّاهِدِ مُطْلَقًا، كَمَا فِي الْأَوَّلِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ حَيْثُ قَالُوا لَا يَكْفِي فِيهِ إلَّا الشَّاهِدَانِ، وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ جَرَحَهُ فَيَكْفِي فِيهِ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ فِي الْعَمْدِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَنْ قَالَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْجُرْحِ يَكْفِي الشَّاهِدُ قَالَ بِهِ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ، وَمَنْ قَالَ لَا يَكْفِي الشَّاهِدُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ قَالَهُ فِي الْأَوَّلِ، فَلَا مَحَلَّ لِطَلَبِ الْفَرْقِ ذَكَرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. النَّوْعُ الثَّالِثُ: ثُبُوتُ الْجُرْحِ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 171 أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ: بَطَلَ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ   [منح الجليل] وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ شَاهِدٍ بِذَلِكَ. الرَّابِعُ: ثُبُوتُ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ بِشَاهِدٍ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِقْرَارُ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ بِشَاهِدٍ. الْخَامِسُ: ثُبُوتُ الْقَتْلِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَكَالْعَبْدِ إلَخْ (أَوْ) شَهَادَةٍ بِ (إقْرَارِ الْقَاتِلِ) ؛ بِالْقَتْلِ فَهُوَ لَوْثٌ (فِي الْخَطَأِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِي الْعَمْدِ (بِشَاهِدٍ) فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ، وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ فِي مَالِ الْمُقِرِّ. " غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الْعَمْدِ بَدَلَ فِي الْخَطَأِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا النُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا فِي الْخَطَأِ فَخَطَأٌ صُرَاحٌ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا هُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَقَدْ بَيَّنَ الْمَسْأَلَةَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى، ثُمَّ حَصَلَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا إيجَابُ الْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَأِ، وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ أَصْلَحَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، إذْ قِيلَ إنَّ إقْرَارَ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ خَطَأٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ، فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا الْقَسَامَةُ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْجِرَاحِ أَوْ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَثَابِتَةٌ فِي الْمَذْهَبِ اتِّفَاقًا (وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ الْقَتْلِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ذَبَحَهُ وَقَالَ الْآخَرُ حَرَقَهُ بِالنَّارِ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَقَالَ الْآخَرُ بِحَجَرٍ (بَطَلَ) الدَّمُ الْمَشْهُودُ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي آخِرِ دِيَاتِهَا إنْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا بِالسَّيْفِ وَآخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَجَرٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَا يُقْسِمُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ هَذَا إنْ قَامَ الْوَلِيُّ بِشَهَادَتِهِمَا مَعًا، وَإِنْ قَامَ بِشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ الْقَسَامَةُ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ قُلْت يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي قِيَامِهِ بِهِمَا مِنْ الشَّاذِّ بِضَمِّ الشَّهَادَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ فِي الْفِعْلِ وَتَقَدَّمَ تَحْصِيلُهَا وَذَكَرَ مِثَالًا آخَرَ لِلَّوْثِ فَقَالَ (كَ) شَهَادَةِ (الْعَدْلِ فَقَطْ) أَيْ لَا غَيْرِ الْعَدْلِ (فِي مُعَايَنَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 172 أَوْ رَآهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، وَالْمُتَّهَمُ قُرْبَهُ بِهِ وَعَلَيْهِ آثَارُهُ   [منح الجليل] الْقَتْلِ) لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَوْثٌ فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا شَهَادَةُ غَيْرِ الْعَدْلِ كَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ فَلَيْسَتْ لَوْثًا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِلَا خِلَافٍ أَفَادَهُ تت. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ الْعَدْلُ لَوْثٌ اتِّفَاقًا، وَاَلَّذِي لَيْسَ بِعَدْلٍ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ بِلَوْثٍ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ أَنَّهُ لَوْثٌ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ الَّذِي لَا يُتَوَهَّمُ جَرْحُهُ وَلَا عَدَالَتُهُ، إذْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَحْمِلُ الرَّجُلَ عَلَى الْعَدَالَةِ حَتَّى تُعْلَمَ جَرْحَتُهُ. أَمَّا الَّذِي تُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَرْحَةُ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي هَذَا السَّمَاعِ، لِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا لَيْسَ الْعَبْدُ لَوْثًا يُرِيدُ، وَلَوْ كَانَ عَدْلًا وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ عَلَى هَذَا السَّمَاعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْثٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا ضَعِيفٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يُعَرَّجُ عَلَيْهِ. طفي قَوْلُ تت لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ هَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ فَقَطْ. ابْنُ الْمَوَّازِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُهُ فِي الصَّبِيِّ وَالذِّمِّيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِلَوْثٍ. وَنَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ جَعَلَ شَهَادَةَ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ لَوْثًا، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ قِيلَ وَالْوَاحِدُ غَيْرُ الْعَدْلِ. (أَوْ رَآهُ) أَيْ الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ (يَتَشَحَّطُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْفَوْقِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً فَطَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ يَتَحَرَّك (فِي دَمِهِ وَ) الشَّخْصُ (الْمُتَّهَمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَالْهَاءُ يَقْتُلُهُ (بِقُرْبِهِ) أَيْ الْمَقْتُولِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَّهَمِ (آثَارُهُ) أَيْ الْقَتْلِ كَسَيْفٍ مُلَطَّخٍ بِدَمٍ بِيَدِهِ. طفي الْفَاعِلُ بِرَأْيِ الْعَدْلُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُ، بَلْ كَذَلِكَ عَدْلَانِ أَوْ أَكْثَرُ، إذْ لَيْسَ مُوجِبُ الْقَسَامَةِ انْفِرَادُ الْعَدْلِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ، بَلْ قُوَّةُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ اللَّوْثُ الشَّهَادَةُ غَيْرُ الْقَاطِعَةِ مِنْ شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَشِبْهِهَا، وَمِثْلَ أَنْ يُرَى الْمُتَّهَمُ بِحِذَاءِ الْمَقْتُولِ أَوْ قُرْبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْهُ حِينَ أَصَابَهُ. قُلْت نَقَلَهُ الْجَلَّابُ بِلَفْظِ إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ وَبِقُرْبِهِ رَجُلٌ مَعَهُ سَيْفٌ أَوْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ آلَةِ الْقَتْلِ أَوْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ دَمِ الْمَقْتُولِ أَوْ عَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ فَهُوَ لَوْثٌ يَجِبُ الْقَسَامَةُ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَتَبِعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 173 وَوَجَبَتْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ وَلَيْسَ مِنْهُ وُجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ، أَوْ دَارِهِمْ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ: اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ،   [منح الجليل] الْمُصَنِّفُ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعَدْلِ. (وَوَجَبَتْ) قَسَامَةُ الْأَوْلِيَاءِ فِي مَسَائِلِ اللَّوْثِ إنْ اتَّحَدَ، بَلْ (وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ) كَشَاهِدَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ أَنَّهُ رَآهُ يَقْتُلُهُ وَأَفَادَ بِالْمُبَالَغَةِ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ. طفي مَثَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِهِ قَرَّرَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ شَهِدَ شَاهِدٌ بِالْقَتْلِ وَقَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ وَهُوَ نَصُّهَا، وَمَثَّلَ تت بِقَوْلِهِ كَشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَنَّهُ رَآهُ يَقْتُلُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ شَاهِدٌ عَلَى الْقَتْلِ، أَيْ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ لِلشَّهَادَةِ بِالْقَوْلِ فَفِيهَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا خَطَأً وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِذَلِكَ شَيْءٌ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ. اللَّخْمِيُّ لَا تُضَمُّ الشَّهَادَتَانِ (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ اللَّوْثِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ مَرْمِيًّا (بِقَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ) لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ لَا يَتْرُكُهُ بِمَوْضِعٍ يُوجِبُ وُجُودُهُ بِهِ اتِّهَامَهُ بِقَتْلِهِ. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ عِرَاقِيُّونَ إلَى أَنَّهُ لَوْثٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ وَلَا يَدْرُونَ مَنْ قَتَلَهُ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ أَحَدٌ، وَتَبْطُلُ دِيَتُهُ، وَلَا يَكُونُ فِي بَيْتِ مَالٍ وَلَا غَيْرِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أُخِذَ بِذَلِكَ لَمْ يُرِدْ أَحَدٌ أَنْ يُلَطِّخَ قَوْمًا بِذَلِكَ إلَّا فَعَلَهُ. الصِّقِلِّيُّ يُرِيدُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَعَهُ أَحَدٌ وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارٍ وَمَعَهُ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ قَتْلِهِ قُتِلَ بِهِ مَعَ الْقَسَامَةِ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ وَقَعَ مِثْلُ قَضِيَّةِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ فِي زَمَانِنَا لَوَجَبَ الْحُكْمُ وَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ. (وَلَوْ شُهِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى شَخْصٍ (أَنَّهُ قَتَلَ) حُرًّا مُسْلِمًا عَمْدًا (وَدَخَلَ) الْقَاتِلُ (فِي جَمَاعَةٍ) وَلَمْ يُعْرَفْ (اُسْتُحْلِفَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ (كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 174 وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ   [منح الجليل] يَمِينًا لِأَنَّ أَيْمَانَ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ وَالْقَاتِلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَيَحْتَمِلُ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلَ (وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ) فِي أَمْوَالِهِمْ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ بِلَا قَسَامَةٍ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ، وَكَانَ الْغُرْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمْ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. (أَوْ) حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَاقِيهِمْ فَالدِّيَةُ (عَلَى مَنْ نَكَلَ) مِنْهُمْ (بِلَا قَسَامَةٍ) وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَلَفَ وَلَمْ يُحْتَجْ هُنَا لِيَمِينِ الْمُدَّعِي مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هِيَ الْقَاعِدَةُ لِثُبُوتِ الْقَتْلِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْأَيْمَانُ لِرَفْعِ الِاحْتِمَالِ، وَلَا يُقْتَلُ النَّاكِلُ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِصِدْقِ الْحَالِفِ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَتَلَ إنْسَانًا وَسَطَ النَّاسِ فَاتَّبَعُوهُ وَهُوَ هَارِبٌ فَاقْتَحَمَ بَيْتًا فَدَخَلُوا الْبَيْتَ بِإِثْرِهِ، فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ هُوَ إنْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ فَالْعَقْلُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمْ فَالْعَقْلُ عَلَيْهِ. قِيلَ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ بِقَسَامَةٍ أَوْ دُونَهَا، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمْ أَيُقْسِمُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَالَ بَلْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ حَلَفُوا كُلُّهُمْ أَوْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَالدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَهِيَ عَلَى مَنْ نَكَلَ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ وَإِيجَابُ الْقَسَامَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ هُوَ عَلَى أَنَّ الْمُتَّهَمَ بِالدَّمِ يُسْتَحْلَفُ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُتَّهَمٌ بِهِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ وَشَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ دَخَلَ فِيهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ بِعَيْنِهِ بَاطِلَةٌ. الْخَرَشِيُّ وشب هَذَا فِي الْعَمْدِ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى قَتْلِ مَنْ دَخَلَ فِي مَحْصُورِينَ حَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَاسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ مِنْ جَمِيعِهِمْ إنْ حَلَفُوا أَوْ نَكَلُوا وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَمِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَإِنْ) اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِغَارَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ (وَانْفَصَلَتْ بُغَاةٌ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَإِعْجَامِ الْغَيْنِ جَمْعُ بَاغٍ، أَيْ مُتَعَدٍّ عَلَى غَيْرِهِ خَارِجٌ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ أَوْ لَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 175 عَنْ قَتْلَى، وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ؛ فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا؟ أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ؟ أَوْ عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ؟ تَأْوِيلَاتٌ.   [منح الجليل] عَنْ قَتْلَى) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ التَّاءِ، جَمْعُ قَتِيلٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (وَلَمْ يُعْلَمْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ (الْقَاتِلُ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (فَهَلْ لَا قَسَامَةَ) فِيهِمْ (وَلَا قَوَدَ) أَيْ قِصَاصَ وَفِيهِمْ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الْمُنَازِعَةِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَدِيَتُهُمْ عَلَيْهِمَا، هَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ قَوْلَهَا لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ، وَهَذَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَبْقَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِعَدَمِ قَوْلِ الْقَتْلَى دَمُنَا عِنْدَ فُلَانٍ، وَعَدَمُ قِيَامِ شَاهِدٍ بِالْقَتْلِ عَلَى مُعَيَّنٍ. (أَوْ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ (إنْ تَجَرَّدَ) الْقَتْلُ (عَنْ تَدْمِيَةٍ) مِنْ الْقَتْلَى، أَيْ قَوْلِهِمْ دَمُنَا عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ قَتَلَنَا فُلَانٌ (وَ) تَجَرَّدَ أَيْضًا (عَنْ شَاهِدٍ) عَلَى مُعَيَّنٍ بِالْقَتْلِ، فَإِنْ وُجِدَتْ تَدْمِيَةٌ أَوْ شَاهِدٌ بِالْقَتْلِ فَالْقَسَامَةُ وَالْقِصَاصُ، وَبِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَيَّدَ فِي الْبَيَانِ الشَّاهِدَ بِكَوْنِهِ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْهُمَا فَلَوْثٌ بِلَا خِلَافٍ، كَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِاتِّحَادِ الشَّاهِدِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ فَالْقَوَدُ بِلَا خِلَافٍ. (أَوْ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إنْ تَجَرَّدَ الْقَتْلُ (عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ تَجَرُّدُهُ عَنْ التَّدْمِيَةِ فَيُهْدَرُ دَمُهُ، لَوْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ لِأَنَّهُ كَانَ عَازِمًا عَلَى قَتْلِهِ فَلَا يُسْتَنْكَرُ كَذِبُهُ عَلَيْهِ لِيُقْتَلَ بَعْدَهُ، وَتَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِهَذَا فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَاتٌ) وَمَفْهُومُ وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَصَدَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ أَنَّ الْعَقْلَ عَلَى كُلِّ فِرْقَةٍ لِقَتْلَى الْأُخْرَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فَعَقْلُهُ عَلَيْهِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا. الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ قَتْلَى كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ مُقَابِلَتِهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَتْلَهُ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 176 وَإِنْ تَأَوَّلُوا: فَهَدَرٌ:   [منح الجليل] مَعًا وَيُحْتَمَلُ مِنْ إحْدَاهُمَا بِلَا مُرَجِّحٍ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَيْسَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَسَامَةٌ. الْجَلَّابُ إنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ ثُمَّ افْتَرَقَتَا عَنْ قَتِيلٍ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا لَا قَوَدَ فِيهِ وَدِيَتُهُ عَلَى الْفِئَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ إنْ كَانَ مِنْ الْفِئَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَدِيَتُهُ عَلَيْهِمَا مَعًا، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى أَنَّ وُجُودَهُ بَيْنَهُمَا لَوْثٌ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِوُلَاتِهِ فَيُقْسِمُونَ عَلَى مَنْ ادَّعَوْا قَتْلَهُ عَلَيْهِ، وَيَقْتُلُونَهُ بِهِ. وَلِابْنِ رُشْدٍ قِيلَ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ بِحَالٍ لَا بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ، وَهِيَ رِوَايَةُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا قَسَامَةَ بَيْنَهُمْ بِدَعْوَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ عَلَى الطَّائِفَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ وَلَوْ دَمَى الْقَتِيلُ عَلَى أَحَدٍ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَجَبَتْ بِذَلِكَ الْقَسَامَةُ، وَهُوَ سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ لِأَنَّ كَوْنَهُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَمْ يَزِدْ دَعْوَاهُ إلَّا قُوَّةً. ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِدَعْوَى الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ وَلَا بِشَاهِدٍ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ طَائِفَةِ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ أَحَدٍ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا مَعَ شَاهِدٍ مِنْ طَائِفَةِ الْقَاتِلِ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقَسَامَةِ بِشَاهِدٍ غَيْرِ عَدْلٍ، وَأَمَّا مَعَ شَاهِدٍ مِنْ طَائِفَةِ الْمَقْتُولِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ الْقَسَامَةِ مَعَهُ، وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا قَسَامَةَ فِيمَنْ قُتِلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ وَلَا بِشَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ خَطَأً لِحَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ، وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ أَوْلَى مِنْ تَخْطِئَتِهِ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَ الْقَتِيلُ مِنْ غَيْرِ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ فَعَقْلُهُ فِي أَمْوَالِهِمَا وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ (وَإِنْ تَأَوَّلُوا) أَيْ الْمُتَقَاتِلُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقُدُومِ عَلَى تَقَاتُلِهِمْ تَأْوِيلًا يَقْتَضِي جَوَازَ تَقَاتُلِهِمْ بِزَعْمِهِمْ (فَ) الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى (هَدَرٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهِمْ وَلَا دِيَةَ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَأَوَّلُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بَاغِيَةً وَالْأُخْرَى مُتَأَوِّلَةً لَكَانَ دَمُ الْبَاغِيَةِ هَدَرًا وَالْمُتَأَوِّلَةِ قِصَاصًا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى قِيلَ لَهُ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 177 كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا   [منح الجليل] فَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ الَّذِي وُجِدَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إنَّمَا كَانُوا قَوْمًا يُقَاتِلُونَ عَلَى تَأْوِيلٍ، قَالَ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوهُ قَتْلٌ وَإِنْ عَرَفُوا وَلَا دِيَةَ وَلَيْسَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ كَغَيْرِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي الْأَثَرِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، وَمِثْلُهُ رَوَى الْأَخَوَانِ، وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ رَأَى أَنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَطَاءٍ، وَالْخِلَافُ فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ سَوَاءٌ تَابَ أَوْ أُخِذَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْحِرَابَةِ وَإِنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَلَا يُؤْخَذُ عَنْهُ مَا أُخِذَ مِنْ مَالٍ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إلَّا أَنْ يُوجَدَ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ بِيَدِهِ فَيُرَدُّ إلَى رَبِّهِ. وَشَبَّهَ فِي الْهَدَرِ فَقَالَ (كَ) قَتْلَى طَائِفَةٍ (زَاحِفَةٍ) أَيْ مُتَعَدِّيَةٍ وَمَاشِيَةٍ لِقِتَالِ غَيْرِهَا بَغْيًا بِلَا تَأْوِيلٍ (عَلَى) طَائِفَةٍ (دَافِعَةٍ) عَنْ أَنْفُسِهَا وَحَرِيمِهَا وَأَمْوَالِهَا فَقَتْلَى الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَالْمُنَاشَدَةِ وَالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَإِلَّا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَقَتْلَى الدَّافِعَةِ فِيهَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ مِنْ طَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ غَلَطًا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ مَشَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى بِالسِّلَاحِ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَقَاتَلُوهُمْ ضَمِنَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مَا أَصَابَتْ مِنْ الْأُخْرَى رَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ، قَالَ وَلَا تَبْطُلُ دِمَاءُ الزَّاحِفَةِ لِأَنَّ الْمَزْحُوفَ عَلَيْهِمْ لَوْ شَاءُوا لَمْ يَقْتُلُوهُمْ وَاسْتَرَدُّوا لِلسُّلْطَانِ. قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ هَذَا إنْ أَمْكَنَ السُّلْطَانُ أَنْ يَحْجِزَ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ عَاجَلُوهُمْ نَاشَدُوهُمْ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِنْ أَبَوْا فَالسَّيْفُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (خَمْسُونَ يَمِينًا) فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ فَيَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُهَا بَالِغٌ عَاقِلٌ وَيَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ، وَيُطْلَبُ الْحَلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ لِاحْتِمَالِ نُكْرَانِهَا فَتَغْرَمُ الدِّيَةَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ أَفَادَهُ شب. الْحَطّ فِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي كَيْفِيَّةِ قَسَامَةٍ قَامَ بِهَا أَبُو الْمَقْتُولِ وَأَخُوهُ بِأَنْ يُقْسِمَا خَمْسِينَ يَمِينًا تُرَدَّدُ عَلَيْهِمَا يَمِينًا يَمِينًا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ يَقُولُ الْأَبُ فِي يَمِينِهِ بِمُنْقَطِعِ الْحَقِّ قَائِمًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ إثْرَ صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى مَا مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لَقَدْ قَتَلَ هَذَا، وَيُشِيرُ إلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 178 مُتَوَالِيَةً بَتًّا وَإِنْ أَعْمَى، أَوْ غَائِبًا يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَإِ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ، وَإِنْ وَاحِدًا، أَوْ امْرَأَةً وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا،   [منح الجليل] الْقَاتِلِ ابْنَيْ فُلَانٍ، فَالْجُرْحُ الَّذِي أَصَابَهُ بِهِ وَمَاتَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْعَمْدِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَكَذَلِكَ يُقْسِمُ الْأَخُ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ لَقَدْ قُتِلَ أَخِي فَإِنْ اسْتَكْمَلَا خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أُسْلِمَ الْقَاتِلُ بِرُمَّتِهِ إلَيْهِمَا فَاسْتَقَادَا مِنْهُ بِالسَّيْفِ قَتْلًا مُجْهِزًا عَلَى مَا أَحْكَمَهُ الشَّرْعُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ (مُتَوَالِيَةً) لِأَنَّهُ أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى قَيْدِ التَّوَالِي لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ (بَتًّا) أَيْ قَطْعًا الْحَطّ. وَيَعْتَمِدُونَ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ بَصِيرًا حَاضِرًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى أَوْ غَائِبًا) حِينَ الْقَتْلِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا يَمِينُ الْقَسَامَةِ عَلَى أَلْبَتِّ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا حِينَ الْقَتْلِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرْضَهَا عَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْقَتْلَ (يَحْلِفُهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا (فِي) دَعْوَى قَتْلِ (الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ) الْمَقْتُولَ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مَنْ يَرِثُ أَنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ مَنْ يَرِثُ مُتَعَدِّدًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (وَاحِدًا) وَسَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا (أَوْ امْرَأَةً) فِيهَا إنَّمَا يَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ فِي الْخَطَأِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ. اللَّخْمِيُّ وَيَحْلِفُهَا الْوَاحِدُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدِّيَةِ كَأَخٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ. ابْنُ الْحَاجِبِ يَحْلِفُ الْوَارِثُونَ الْمُكَلَّفُونَ فِي الْخَطَأِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ جَمَاعَةً ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَفِيهَا إنْ لَمْ يَدَعْ الْمَيِّتُ إلَّا ابْنَهُ بِغَيْرِ عَصَبَةٍ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ. (وَ) إنْ تَعَدَّدَ مَنْ يَرِثُ وَقُسِّمَتْ الْخَمْسُونَ يَمِينًا عَلَى الْوَرَثَةِ بِحَسَبِ أَنْصِبَائِهِمْ وَانْكَسَرَتْ يَمِينٌ مِنْهَا (جُبِرَتْ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ كُمِّلَتْ الْيَمِينُ الْمُنْكَسِرَةُ (عَلَى أَكْبَرِ كَسْرِهَا) أَيْ الْيَمِينِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْكَسْرِ الْكَبِيرِ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَيْمَانِ الصَّحِيحَةِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ، فَإِذَا قُسِّمَتْ الْخَمْسُونَ عَلَى ثَلَاثَةٍ عَدَدِ الرُّءُوسِ خَصَّ الِابْنَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَمِينًا وَثُلُثُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 179 وَإِلَّا فَعَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا، ثُمَّ حَلَّفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ   [منح الجليل] يَمِينٍ، وَالْبِنْتَ سِتَّ عَشْرَةَ يَمِينًا وَثُلُثَا يَمِينٍ، فَتُجْبَرُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَتَحْلِفُ الْبِنْتُ سَبْعَ عَشْرَةَ يَمِينًا وَالِابْنُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الثُّلُثُ، وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فِي التَّكْمِيلِ. وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَمَنْ شَاءَ التَّكْمِيلَ كَمَّلَ وَلَوْ قَلَّ كَسْرُهُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يُكْمِلُهَا أَكْثَرُهُمْ نَصِيبًا فَيُكْمِلُهَا الِابْنُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَقِيلَ تَكْمُلُ عَلَى كُلِّ كَسْرٍ فَيُكْمِلُهَا الِابْنُ وَالْبِنْتُ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَيْهِمْ يَمِينٌ بِأَجْزَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي جَبْرِهَا عَلَى ذِي الْأَكْثَرِ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْأَيْمَانِ، ثَالِثُهَا عَلَى كُلِّ ذِي كَسْرٍ لَهَا وَلِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ غَيْرِ مَعْزُوٍّ وَمَعَ غَيْرِهِ عَنْ الْمُوَطَّإِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ بُكَيْر، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ كَافِي أَبِي عُمَرَ، وَقَوْلِ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَتَصِيرُ الْأَيْمَانُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ يَقْتَضِي نَفْيَ الثَّالِثِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْبَرَ بِأَنْ اسْتَوَتْ الْكُسُورُ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ (فَ) تُجْبَرُ (عَلَى) الْكُسُورِ (الْجَمِيعِ) فَيَحْلِفُ كُلُّ ابْنٍ سَبْعَ عَشَرَ يَمِينًا وَيَصِيرُ الْمَجْمُوعُ إحْدَى وَخَمْسِينَ يَمِينًا، فَقَوْلُهُمْ خَمْسِينَ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ انْكِسَارُهُ وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ عَلَيْهَا يُجْبَرُ الْكُسُورُ، فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ ابْنًا حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينَيْنِ وَصَارَتْ سِتِّينَ فِي الْأَوَّلِ وَثَمَانِينَ فِي الثَّانِي (وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ) مِنْ الْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ (إلَّا بَعْدَ) حَلِفِ جَمِيعِ (هَا) أَيْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا إذْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحَلِفِ جَمِيعِهَا، فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا حَلَفَ الْحَاضِرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ (ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ) مِنْ غَيْبَتِهِ أَوْ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ (حِصَّتَهُ) مِنْ الْخَمْسِينَ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا تُسْتَحَقُّ الدِّيَةُ إلَّا بِحَلِفِ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَلَوْ تَعَذَّرَ حَلَفَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِغَيْبَةٍ أَوْ صِغَرٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ مَنْ حَضَرَ حَظَّهُ إلَّا بِحَلِفِ الْخَمْسِينَ وَمَنْ بَعْدَهُ بِقَدْرِ حَظِّهِ، وَفِيهَا إنْ لَمْ يَدَعْ الْمَيِّتُ إلَّا ابْنَةً بِغَيْرِ عَصَبَةٍ حَلَفَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَاءَتْ مَعَ الْعَصَبَةِ حَلَفَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَالْعَصَبَةُ مِثْلُهَا، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 180 وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ: حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ: فَحِصَّتُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَتْ بِنْتٌ وَابْنٌ غَائِبٌ فَلَا تَأْخُذُ الْبِنْتُ ثُلُثَ الدِّيَةِ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِذَا قَدِمَ الِابْنُ الْغَائِبُ حَلَفَ ثُلُثَيْ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ، وَلَوْ رَجَعَتْ الْبِنْتُ عَنْ دَعْوَاهَا وَرَدَّتْ مَا أَخَذَتْ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ أَيْمَانَهَا الْأُولَى حُكْمٌ مَضَى، فَفِي سَمَاعِ عِيسَى مَنْ أَقْسَمَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ ثُمَّ نَزَعَتْ وَرَدَّتْ مَا أَخَذَتْ ثُمَّ أَتَتْ أُخْتُهَا فَتَحْلِفُ بِقَدْرِ حَظِّهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْأُولَى حُكْمٌ مَضَى (وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ عَنْ الْقَسَامَةِ (أَوْ) نَكَلَ (بَعْضٌ) مِنْهُمْ وَحَلَفَ بَعْضٌ آخَرُ رُدَّتْ الْقَسَامَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَ (حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْلِفُ يَمِينًا وَلَوْ كَانَتْ عَشْرَةَ آلَافٍ وَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ (فَمَنْ) حَلَفَ مِنْ الْعَاقِلَةِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَمَنْ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَحِصَّتُهُ) أَيْ النَّاكِلِ الَّتِي عَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ يَغْرَمُهَا لِلنَّاكِلِ مِنْ الْوَرَثَةِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ خَمْسَةِ أَقْوَالٍ حَكَاهَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ، قَالَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَبْيَنُ الْأَقْوَالِ وَأَصَحُّهَا فِي النَّظَرِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ إنْ نَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ أَوْ بَعْضُهُمْ فَفِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ وَلَوْ كَانُوا عَشْرَةَ آلَافٍ وَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ، فَمَنْ حَلَفَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ أَصَحُّهَا. الثَّانِي: يَحْلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رَجُلًا يَمِينًا يَمِينًا، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ كُلِّهَا، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ بَرِئَ وَلَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ كُلِّهَا حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِينًا، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ إنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهُمْ، أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ بَعْدُ إنَّمَا تَجِبُ بِالْفَرْضِ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 181 وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ: أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً، وَإِلَّا فَمَوَالِي   [منح الجليل] فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ بِنُكُولِهِ لِأَنَّهَا لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ وَالنُّكُولَةُ كَالْإِقْرَارِ، وَإِنَّمَا هُوَ بِنُكُولِهِ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ. وَالْخَامِسُ: رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ، وَإِنْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَهُ رَبِيعَةُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي قَضَائِهِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ. (وَلَا يَحْلِفُ) الْقَسَامَةَ (فِي) دَعْوَى قَتْلِ (الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً) لِلْمَقْتُولِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ لَهُ أَوْ لِعَاصِبِهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي، سَوَاءٌ وَرِثَاهُ أَمْ لَا، أَوْ وَرِثَهُ أَحَدُهَا دُونَ الْآخَرِ. الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْعَمْدَ فَلَا يُقْتَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ فَصَاعِدًا، فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُ آخَرُ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ فِي التَّعَدُّدِ قُتِلَ وَإِلَّا رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ. وَفِي الْمُوَطَّإِ لَا يُقْسِمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ إلَّا اثْنَانِ فَصَاعِدًا تُرَدَّدُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَحْلِفَا خَمْسِينَ يَمِينًا قَدْ اسْتَحَقَّا، وَذَلِكَ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَفِيهِ الرَّجُلُ يُقْتَلُ عَمْدًا أَنَّهُ إذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ أَوْ مَوَالِيهِ فَقَالُوا نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا فَذَلِكَ لَهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ الْأَصْلُ فِي أَنْ لَا يُقْسِمَ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ» فَجَمَعَهُمْ فِي الْأَيْمَانِ وَلَمْ يُفْرَدْ الْأَخُ بِهَا دُونَ بَنِي عَمِّهِ، قُلْت قَالَ أَبُو عُمَرَ مَثَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَمَّا كَانَ لَا يُقْتَلُ بِأَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَسْتَحِقَّ دَمَهُ إلَّا بِقَسَامَةِ رَجُلَيْنِ. الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يُقْسِمُ فِي الْعَمْدِ الرِّجَالُ الْأَوْلِيَاءُ وَمَنْ لَهُ تَعْصِيبٌ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ مِنْ النَّسَبِ (فَ) يُقْسِمُ (مَوَالِي) أَعْلَوْنَ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ بِالْوَلَاءِ لَا أَسْفَلُونَ، لِأَنَّهُمْ غَيْرُ عَصَبَةٍ، سَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَتِيلِ عَمْدًا عَصَبَةٌ وَلَا وَارِثَ تُقْسِمُ الْقَبِيلَةُ الَّتِي هُوَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْرُوفٌ بِالِانْتِمَاءِ إلَيْهَا يَعْقِلُ مَعَهَا وَتَعْقِلُ مَعَهُ، قَالَ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا لِأَحَدٍ إلَّا بِوَارِثَةٍ لِنَسَبٍ ثَابِتٍ أَوْ لِوَلَاءٍ، وَلَا يُقْسِمُ الْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ. ابْنُ رُشْدٍ لَمْ أَحْفَظْ اخْتِلَافًا فِي هَذَا، وَفِيهَا مَنْ لَا عِصَابَةَ لَهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 182 وَلِلْوَلِيِّ: الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ حَلِفُ الْأَكْثَرِ، إنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا   [منح الجليل] يُقْتَلُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ مَنْ يَحْلِفُ كَنُكُولِ الْأَوْلِيَاءِ فِي رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ (وَلِ) جِنْسِ (الْوَلِيِّ) الصَّادِقِ بِوَاحِدٍ فَأَكْثَرَ (الِاسْتِعَانَةُ) عَلَى الْقَسَامَةِ (بِعَاصِبِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ، كَمَا إذَا قُتِلَتْ مُتَزَوِّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْهَا عَنْ ابْنِهَا فَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِأَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْوَاحِدِ وَجَائِزَةٌ لِلْأَكْثَرِ وَعَاصِبُهُ يَعُمُّ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا اسْتَعَانَ بِبَعْضِ عَصَبَتِهِ وَيَجْتَزِئُ فِي الْإِعَانَةِ بِوَاحِدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ الَّذِي لَهُ الْعَفْوُ رَجُلًا وَاحِدًا فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَسَامَةٍ إلَّا أَنْ يَجِدَ مِنْ عَصَبَتِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يُقْسِمُ مَعَهُ مِمَّنْ يَلْقَاهُ إلَى أَبٍ مَعْرُوفٍ، فَإِنْ وَجَدَ رَجُلًا وَاحِدًا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَإِنْ وَجَدَ أَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ قُسِّمَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِهِمْ. (وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ) أَيْ لَا لِعَاصِبِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ (حَلِفُ الْأَكْثَرِ) مِنْ الْأَيْمَانِ الَّتِي خَصَّتْهُ مِنْ قِسْمَةِ الْخَمْسِينَ يَمِينًا عَلَيْهِ وَعَلَى مُعِينِيهِ (إنْ لَمْ تَزِدْ) الْأَكْثَرُ الَّذِي أَرَادَ الْوَلِيُّ حَلِفَهُ (عَلَى نِصْفِهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ يَمِينًا. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ رَضُوا، أَيْ الْمُعِينُونَ بِحَمْلِ أَكْثَرِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ رَضِيَ هُوَ أَيْ الْمُسْتَعِينُ بِحَمْلِ أَكْثَرِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ يَمِينًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ رَجُلَيْنِ فَلَهُمَا أَنْ يَسْتَعِينَا بِغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ دُونَهُمْ فِي الْمَرْتَبَةِ، وَتُقَسَّمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ رَضِيَ الْوَلِيَّانِ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ جَازَ، وَجَازَ أَنْ يَحْلِفَ بَعْضُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا ثُمَّ وَجَدَ صَاحِبُهُ مُعِينًا فَالْأَيْمَانُ الَّتِي حَلَفَهَا الْمُسْتَعَانُ بِهِ لَا تُحْسَبُ لِلْمُسْتَعِينِ وَحْدَهُ، بَلْ تُقَسَّمُ عَلَى الْوَلِيَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَهُمَا وَحُسِبَتْ كُلُّهَا لِلْمُسْتَعِينِ فَيَحْلِفُ مَا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 183 وَوُزِّعَتْ، وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ وَنُكُولُ الْمُعِينِ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَوْ بَعُدُوا:   [منح الجليل] يَمِينًا يُزَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يُكْمِلَ نِصْفَ مَا بَقِيَ مِنْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا بَعْدَ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفَهَا الْمُسْتَعِينُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ حَلَفَ مَا هُوَ لِمَنْ يُعِينُهُ وَرَأَى أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ مُعِينٍ فَلَا يُزَادُ شَيْءٌ مِنْ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِينِ، وَتَكُونُ الْأَيْمَانُ الَّتِي حَلَفَهَا الْمُسْتَعَانُ بِهِ مَحْسُوبَةً لَهُ لَا تُقَسَّمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. (وَوُزِّعَتْ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الزَّاي، أَيْ قُسِّمَتْ الْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ عَلَى مُسْتَحَقِّي الدَّمِ إنْ كَانُوا خَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا، وَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ مِنْهُمْ اُجْتُزِيَ بِحَلِفِ خَمْسِينَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ (وَاجْتُزِئَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الزَّاي أَيْ اُكْتُفِيَ (بِ) حَلِفِ (اثْنَيْنِ طَاعَا) أَيْ تَطَوُّعًا وَرَضِيَا بِحَلِفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا حَالَ كَوْنِهِمَا (مِنْ) مُسْتَحَقِّينَ (أَكْثَرَ) مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ مَا عِنْدَ غَيْرِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُعَدُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ نَاكِلًا حَتَّى يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ نَاكِلٌ، وَيَسْتَحِقُّ الْبَقِيَّةَ مَا يَسْتَحِقُّونَ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ إلَى خَمْسِينَ رَجُلًا وَهُمْ فِي الْعَقْدِ سَوَاءٌ وَتَشَاحُّوا فِي حَمْلِهَا قُسِّمَتْ عَلَى عَدَدِهِمْ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا كَسْرٌ كَكَوْنِهِمْ عِشْرِينَ فَيَبْقَى مِنْ الْأَيْمَانِ عَشْرٌ يُقَالُ لَهُمْ لَا سَبِيلَ لَكُمْ إلَى الدَّمِ حَتَّى تَأْتُوا بِعَشْرَةٍ يَحْلِفُونَ مَا بَقِيَ، فَإِنْ أَبَوْا بَطَلَ الدَّمُ كَنُكُولِهِمْ، وَإِنْ زَادَ عَدَدُهُمْ عَلَى خَمْسِينَ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ خَمْسُونَ مِنْهُمْ أَجْزَأَهُمْ، وَرَأَيْت لِابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ فِي كِتَابٍ مَجْهُولٍ. (وَنُكُولُ) الْعَاصِبِ (الْمُعِينِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ لِلْوَلِيِّ عَلَى الْقَسَامَةِ عَنْهَا (غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) فِي إسْقَاطِ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ يُرْشِي وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبٍ آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ بَطَلَ الدَّمُ (بِخِلَافِ) نُكُولِ (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُعِينِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ، بَلْ (وَإِنْ بَعُدُوا) أَيْ النَّاكِلُونَ كَأَبْنَاءِ الْأَبْنَاءِ وَالْأَعْمَامِ مَعَهُمْ فَيَسْقُطُ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ الْبَاجِيَّ قَالَهُ تت. طفي تَبِعَ فِيهِ قَوْلَ الشَّارِحِ لَا خِلَافَ فِي هَذَا إذَا كَانَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 184 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْأَوْلِيَاءُ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ أَوْلَادٌ كُلُّهُمْ أَوْ إخْوَةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمْ كَالْأَعْمَامِ مَعَ بَنِيهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ الْقَوَدِ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ. اهـ. فَجُعِلَ الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْقُعْدُدِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، بَلْ الْمَسْأَلَةُ كُلُّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُعْدُدِ، وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا قَرُبُوا كَبَنِينَ فَقَطْ أَوْ إخْوَةٍ وَمَا بَعْدَهَا إذَا بَعُدُوا كَأَعْمَامٍ فَقَطْ، هَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُحَرَّرَةٌ فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ مِنْ مَحْفُوظَاتِهِ، وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّهُ وَقَعَ خَلَلٌ فِي عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ فَسَرَى لَهُ الْوَهْمُ مِنْهُ، وَنَصُّهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَأَمَّا نُكُولُ غَيْرِ الْمُعِينِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَلَدِ أَوْ الْإِخْوَةِ سَقَطَ الْقَوَدُ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَأَمَّا نُكُولُ غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ، فَإِنْ كَانَ أَوْلَادًا أَوْ إخْوَةً سَقَطَ الْقَوَدُ بِالِاتِّفَاقِ، وَاخْتُلِفَ فِي غَيْرِهِمْ كَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ وَمَنْ هُوَ أَبْعَدُ وَالْمَشْهُورُ سُقُوطُ الْقَوَدِ أَيْضًا. اهـ. كَذَا فِي غَيْرِ وَاحِدَةٍ مِنْ نُسَخِ التَّوْضِيحِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا نُكُولُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ، وَلَعَلَّ التَّصْحِيفَ مِنْ النَّاسِخِ وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا كَانَ الْأَوْلِيَاءُ بَنِينَ أَوْ بَنِي بَنِينَ أَوْ إخْوَةً فَنَكَلَ أَحَدُهُمْ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ إذَا كَانَتْ الْأَوْلِيَاءُ عُمُومَةً أَوْ بَنِي عُمُومَةٍ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ فَنَكَلَ بَعْضُهُمْ مَرَّةً الْجَوَابُ فِيهِمْ كَالْبَنِينَ، وَقَالَ أَيْضًا لِمَنْ لَمْ يَنْكُلْ عَنْ الْأَيْمَانِ إذَا كَانُوا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يَقْتُلُوا لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ بِخِلَافِ الْبَنِينَ. اهـ. وَأَشَارَ بِتَعْلِيلِهِ لِقَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا أَقْسَمَ وُلَاةُ الدَّمِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فَعَفَا بَعْضُهُمْ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَهُمْ بَنُونَ أَوْ بَنُو بَنِينَ أَوْ إخْوَةٌ صَحَّ عَفْوُهُمْ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانُوا عُمُومَةً أَوْ بَنِي عُمُومَةٍ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَصِحُّ عَفْوُهُمْ، وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 185 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يَصِحُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ. اهـ. وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ قَالَ فِي فَهْمِ تَعْلِيلِهِ إشْكَالٌ، وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت عَلِمْت أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَأَنَّهُ وَاضِحٌ، فَمَا أَدْرِي مَا خَفِيَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْهُ فَقَدْ ظَهَرَ لَك تَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ قَوْلُهُ وَنُكُولُ الْمُعِينِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَاسْتَرْسَلَ تت فِي تَقْرِيرِهِ حَتَّى قَالَ فِي كَبِيرِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ رُتْبَتُهُمْ وَاحِدَةً كَأَوْلَادٍ أَوْ إخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَابْنٍ وَعَمٍّ الْبُنَانِيُّ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نُسَخٍ عَدِيدَةٍ مِنْ التَّوْضِيحِ وَأَمَّا نُكُولُ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ إلَخْ، وَلَمْ أَرَ النُّسْخَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا طفي، وَحِينَئِذٍ فَلَا اخْتِلَالَ فِي عِبَارَتِهِ بِحَالٍ. الثَّانِي: لَمَّا نَقَلَ طفي قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمَ عَقِبَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فِي فَهْمِ تَعْلِيلِهِ إشْكَالٌ، قَالَ مَا نَصُّهُ إذَا تَأَمَّلْت عَلِمْت أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَأَنَّهُ وَاضِحٌ، فَمَا أَدْرِي مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ مِنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ أَشَارَ بِتَعْلِيلِهِ إلَى قَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إذَا أَقْسَمَ وُلَاةُ الدَّمِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فَعَفَا بَعْضُهُمْ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَهُمْ بَنُونَ أَوْ بَنُو بَنِينَ أَوْ إخْوَةٌ صَحَّ عَفْوُهُمْ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانُوا عُمُومَةً أَوْ بَنِي عُمُومَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَصِحُّ عَفْوُهُمْ. وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ اهـ. قُلْت تَعْلِيلُهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُمْ عِنْدَهُ لَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُ فِي الْعَفْوِ مِنْ غَيْرِ خِلَافِهِ عَنْهُ، وَمَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ عَنْهُ، فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: نَقَلَ " ق " الْقَوْلَ الْمَرْدُودَ بِلَوْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ وَنَصُّهُ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ إنْ كَانُوا أَعْمَامًا أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُمْ، فَجَعَلَهُمْ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً كَالْبَنِينَ، وَمَرَّةً قَالَ إنْ رَضِيَ اثْنَانِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَحْلِفَا وَيَسْتَحِقَّا حَقَّهُمَا مِنْ الدِّيَةِ. اهـ. وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وضيح وَغَيْرِهِمْ هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ اثْنَانِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَحْلِفَا وَيَقْتُلَا وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا ذَكَرَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الدِّيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 186 فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ، وَمَنْ نَكَلَ: حُبِسَ، حَتَّى يَحْلِفَ وَلَا اسْتِعَانَةَ،   [منح الجليل] وَإِذَا نَكَلَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ وَسَقَطَ الدَّمُ (فَتُرَدُّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْقَسَامَةُ (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ) الْقَتْلُ (فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ يَمِينًا) إنْ تَعَدَّدُوا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا حَلَفَهَا وَحْدَهُ (وَمَنْ نَكَلَ) عَنْهَا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ (حُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (حَتَّى يَحْلِفَ) خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ أَمْرٌ سُجِنَ بِسَبَبِهِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ. وَقِيلَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَطُولَ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ اُتُّهِمَ بِالدَّمِ جَمَاعَةٌ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَوْ كَثُرُوا، قَالَ مَعَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ بِحَلِفِهِ، إذْ لَعَلَّهُ الَّذِي كَانَ يُقْسِمُ عَلَيْهِ، فَمَنْ حَلَفَ بَرِئَ إلَّا مِنْ ضُرِبَ مِائَةً وَسُجِنَ سَنَةً، وَمَنْ نَكَلَ سُجِنَ حَتَّى يَحْلِفَ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَعِينَ بِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عَصَبَتِهِ مُحَمَّدٌ وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ. عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ كَانُوا كُلُّهُمْ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ فَذَلِكَ لَهُمْ وَلَا يَنْقُصُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَوْ كَثُرُوا، وَلَوْ كَانُوا مِنْ فَخِذٍ وَاحِدٍ اسْتَعَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِتِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مِنْهُمْ فَحَلَفُوا مَعَهُ فَلِمَنْ يَحْلِفُ بَعْدَهُ مِنْ الْمُتَّهَمِينَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِمْ أَنْفُسِهِمْ، وَبِالْمُتَّهَمِ نَفْسِهِ الَّذِي حَلَفَ هُوَ عَنْهُ وَكَذَا مَعَ الثَّالِثِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوهُمْ فِي وَاحِدٍ فَيَقُولُونَ مَا قَتَلَهُ فُلَانٌ وَلَا فُلَانٌ وَلَا فُلَانٌ وَلَا يَحْلِفُونَ الثَّلَاثَةَ الْأَيْمَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكْرِيرِهِمْ الْأَيْمَانَ (وَلَا اسْتِعَانَةَ) لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ بِغَيْرِهِ مِنْ عَصَبَتِهِ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، بِخِلَافِ وَلِيِّ الدَّمِ. وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَيْمَانَ الْوَلِيِّ مُوجِبَةٌ، وَقَدْ يَحْلِفُهَا مَنْ يُوجِبُ لِغَيْرِهِ، وَأَيْمَانُ الْمُتَّهَمِ دَافِعَةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ بِيَمِينِهِ مَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ قَالَهُ تت وَتَبِعَهُ عب وَالْخَرَشِيُّ. الْبُنَانِيُّ عَدَمُ الِاسْتِعَانَةِ هُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - نَقَلَهُ الْحَطّ، وَبِهِ يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ " ق " وَابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُ " ز "، وَفُرِّقَ بِأَنَّ أَيْمَانَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 187 وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ نَفْسَهُ: بَطَلَ، بِخِلَافِ عَفْوِهِ، فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ؛   [منح الجليل] الْوَلِيِّ مُوجِبَةٌ إلَخْ، نَحْوُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُصَادَرَةٌ. (فَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْحَالِفِينَ الْقَسَامَةَ (نَفْسَهُ) بِأَنْ قَالَ إنَّهُ كَذَبَ فِي دَعْوَاهُ (بَطَلَ الْقَوَدُ) وَالدِّيَةُ لِأَنَّهُ كَالشَّاهِدِ بِالظُّلْمِ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانُوا قَبَضُوا الدِّيَةَ رَدُّوهَا. طفي حُكْمُ التَّكْذِيبِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ حُكْمُ النُّكُولِ، فَلَوْ جَمَعَهُ مَعَهُ فَقَالَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ وَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا قَوْلَهُ وَلَوْ بَعُدُوا، وَقَوْلُهُ فَتَرُدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَوْ شَبَّهَهُ بِهِ فَقَالَ كَتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ، وَعِبَارَتُهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهَا إلَّا بُطْلَانُ الْقَوَدِ، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي الْعَمْدِ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ، وَزَادُوا الْعَفْوَ قَبْلَ الْقَسَامَةِ مِثْلَ النُّكُولِ وَالتَّكْذِيبِ فِي ذَلِكَ. (بِخِلَافِ عَفْوِهِ) أَيْ بَعْضِ الْمُسْتَحَقِّينَ عَنْ الْقَوَدِ مِنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَبْطُلُ الْقَوَدُ وَحِصَّةُ الْعَافِي مِنْ الدِّيَةِ فَقَطْ (وَلِلْبَاقِي) مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ الَّذِي لَمْ يَعْفُ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) أَفَادَهُ تت. طفي الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ أَوْ التَّعْمِيمَ، إذْ الْحُكْمُ سَوَاءٌ فِيهِمَا. وَأَمَّا عَفْوُهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ بِالْقَسَامَةِ فَيُبْطِلُ الْقَوَدَ وَالدِّيَةَ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ نَكَلَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَهُمْ فِي الْقُعْدُدِ سَوَاءٌ أَوْ عَفَا عَنْ الدَّمِ قَبْلَهَا فَفِي سُقُوطِ الدَّمِ وَالدِّيَةِ أَوْ الدَّمِ فَقَطْ، وَيَحْلِفُ مَنْ بَقِيَ لِأَخْذِ حَقِّهِ، ثَالِثُهَا هَذَا إنْ نَكَلَ عَلَى وَجْهِ الْعَفْوِ عَنْ حَقِّهِ، وَإِنْ نَكَلَ تَحَرُّجًا وَتَوَرُّعًا حَلَفَ مَنْ بَقِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 188 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ إنْ نَكَلَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَوْ عَفَا وَهُمْ بَنُونَ أَوْ إخْوَةٌ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَيْسَ لِمَنْ لَمْ يَنْكُلْ أَنْ يَحْلِفَ وَلِمَالِكٍ أَيْضًا وَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَحْلِفَا وَيَسْتَحِقَّا حَقَّهُمَا مِنْ الدِّيَةِ. اللَّخْمِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَنْكُلْ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ الْأَمْرَ آلَ إلَى الدِّيَةِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ إنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَعْمَامًا أَوْ بَنِي أَعْمَامٍ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ فَنَكَلَ بَعْضُهُمْ، فَجُعِلَ الْجَوَابُ فِيهِمْ مَرَّةً كَالْبَنِينَ. وَقَالَ أَيْضًا لِمَنْ لَمْ يَنْكُلْ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا أَنْ يَحْلِفَا وَيَقْتُلَا لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ، بِخِلَافِ الْبَنِينَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْقُعْدُدِ. قُلْت فِي فَهْمِ تَعْلِيلِهِ إشْكَالٌ وَالرِّوَايَتَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْجَلَّابِ، قَالَ وَعَلَى رِوَايَةِ سُقُوطِ الْقَوَدِ هَلْ لِلْبَاقِينَ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَسْتَحِقُّوا حَظَّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لَهُمْ ذَلِكَ، وَالْأُخْرَى لَا قَوَدَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ وَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 189 وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ، بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْمُبَرْسَمِ   [منح الجليل] وَلَا يُنْتَظَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ بِبَعْضِ الْقَسَامَةِ وَلِيٌّ (صَغِيرٌ) إذَا كَانَ هُنَاكَ وَلِيَّانِ كَبِيرَانِ فَيَحْلِفَانِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَلَهُمَا الْقَوَدُ (بِخِلَافِ) الْوَلِيِّ (الْمُغْمَى) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ، أَيْ مَنْ سَتَرَ الْمَرَضُ عَقْلَهُ (وَ) الْوَلِيُّ (الْمُبَرْسَمُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَنْ بِهِ دَاءٌ فِي رَأْسِهِ أَثْقَلَ دِمَاغَهُ وَسَتَرَ عَقْلَهُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْتَظَرُ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يُنْتَظَرَانِ لِبَعْضِ الْأَيْمَانِ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا، وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ، إذْ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَحَمَلَهُ " ق " وعج عَلَى انْتِظَارِهِمَا لِلْقَتْلِ إذَا أَرَادَهُ غَيْرُهُمَا وَهُوَ صَوَابٌ، إلَّا أَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ وَبَعِيدٌ مِنْ غَرَضِهِ هُنَا وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا طفي، وَنَصُّهُ إنْ كَانَ مُرَادُهُ يُنْتَظَرُ بِبَعْضِ الْأَيْمَانِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَنْصُوصًا وَلَا مَعْنًى لِانْتِظَارِهِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْلِفُ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا صَاحِبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ. وَقَالَ " ح " إنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ وَكَوْنُهُ مُكَرَّرًا، إذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ انْتِظَارُهُمَا لِلْقَتْلِ إذَا أَرَادَهُ غَيْرُهُمَا مَعَ كَمَالِ الْقَسَامَةِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَيْسَ هُوَ الْغَرَضُ هُنَا، وَكَأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ عَدَمُ وُجُودِ نَقْلٍ يُوَافِقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، هُنَا فَحَمْلُهُ عَلَى التَّكْرَارِ أَحْسَنُ مِنْ مُخَالَفَةِ الْمَنْقُولِ وَقَرَّرَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 190 إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ، فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ، وَالصَّغِيرُ مَعَهُ وَوَجَبَ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا   [منح الجليل] ق " أَيْضًا بِمَا يُوجِبُ التَّكْرَارَ فَقَرَّرَهُ بِقَوْلِهَا إنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ. اهـ. وَكَلَامُهَا فِيمَا إذَا أَرَادَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْقَتْلَ لَا فِي انْتِظَارِهِ لِلْحَلِفِ لِأَنَّ قَبْلَ هَذَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ مَجْنُونًا مُطْبَقًا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ إلَخْ. وَاسْتَثْنَى مِنْ أَحْوَالِ عَدَمِ انْتِظَارِ الصَّغِيرِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ مَعَ الْكَبِيرِ وَلَا مِنْ عَصَبَتِهِ الَّذِينَ يَسْتَعِينُ بِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلْكَبِيرِ الَّذِي مَعَ الصَّغِيرِ (فَيَحْلِفُ) الْوَلِيُّ (الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ) مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَا يُؤَخِّرُ الْكَبِيرُ الْحَلِفَ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ لِئَلَّا يَمُوتَ أَوْ يَغِيبَ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ (وَالصَّغِيرُ مَعَهُ) أَيْ الْكَبِيرِ حَالَ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ، وَإِذَا حَلَفَ الْكَبِيرُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُ الصَّغِيرِ لِيَحْلِفَ حِصَّتَهُ مِنْ الْقَسَامَةِ وَيَقْتُلَ الْجَانِيَ أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَإِنْ عَفَا الْكَبِيرُ سَقَطَ الْقَوَدُ وَالصَّغِيرُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ حَلِفِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ بَطَلَ الدَّمُ فِيهَا إنْ كَانَ أَوْلَادُ الْمَقْتُولِ صِغَارًا وَكِبَارًا، فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ اثْنَيْنِ فَلَهُمْ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَلَا يَنْتَظِرَانِ بُلُوغَ الصَّغِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلَدٌ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ، فَإِنْ وَجَدَ الْكَبِيرُ رَجُلًا مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ يَحْلِفُ مَعَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ حَلَفَا جَمِيعًا خَمْسِينَ يَمِينًا وَكَانَ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ كَانَ وَاحِدًا اسْتَعَانَ بِوَاحِدٍ مِنْ عَصَبَتِهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ الصَّغِيرُ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ نِصْفَهَا وَالصَّغِيرُ مَعَهُ فَيُنْتَظَرُ، فَإِنْ عَفَا فَلِلصَّغِيرِ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ لَا أَقَلُّ. (وَوَجَبَ بِهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ (الدِّيَةُ) عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ (فِي) قَتْلِ (الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ أَيْ الْقِصَاصُ مِنْ الْقَتْلِ (فِي) قَتْلِ (الْعَمْدِ) لِلنَّصِّ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ حُوَيِّصَةَ وَقِيسَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ بِالْأَوْلَى وَيُقَادُ بِهَا (مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 191 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (لَهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ إنْ كَانَتْ التَّدْمِيَةُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا يُقْتَلُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ لِضَعْفِهَا عَنْ الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ فَيُقْسِمُونَ عَلَى الْمُعَيَّنِ، وَيَقُولُونَ لِمَنْ فَعَلَهُ مَاتَ، وَهَذَا إذَا اُحْتُمِلَ مَوْتُهُ مِنْ فِعْلِ أَحَدِهِمْ وَإِلَّا كَرَمْيِ جَمَاعَةٍ صَخْرَةً لَا يُطِيقُ حَمْلَهَا أَحَدُهُمْ فَيُقْسِمُونَ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَيَقُولُونَ لِمَنْ فَعَلَهُمْ مَاتَ وَيَقْتُلُونَ أَيَّ وَاحِدٍ شَاءُوا قَتْلَهُ مِنْهُمْ، وَيُجْلَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً، وَإِذَا أَقْسَمُوا عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَقَرَّ غَيْرُهُ بِالْقَتْلِ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فِي قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيُجْلَدُ الْآخَرُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً أَفَادَهُ شب. ابْنُ عَرَفَةَ وَمُوجِبُهَا الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَ وَالْمُوجِبُ قَتْلٌ، فَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ لَا يُقْسِمُ إلَّا عَلَى رَجُلٍ وَلَا يُقْتَلُ غَيْرُهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ قَسَامَةً قَطُّ كَانَتْ إلَّا عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ وَلِابْنِ عَبْدُوسٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ قَالَ تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْقَسَامَةِ، وَكَذَا كَانَ فِي زَمَانِ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. الْبَاجِيَّ وَالصَّقَلِّيُّ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُقْسَمُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ بِكُلِّ حَالٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ شَاءُوا أَقْسَمُوا عَلَى وَاحِدٍ أَوْ عَلَى اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَقْتُلُونَ إلَّا وَاحِدًا مِمَّنْ أَدْخَلُوهُ فِي قَسَامَتِهِمْ. قُلْت وَلِسَحْنُونٍ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ حَارِثٍ، قَالَ اخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ حَمَلُوا صَخْرَةً رَمَوْهَا عَلَى رَجُلٍ قَتَلُوهُ بِهَا وَقَامَ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْسَمُ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ فِيهِ بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْ ضُرِبَ وَاحِدٌ عَلَى الرَّأْسِ وَآخَرُ عَلَى الْبَطْنِ وَآخَرُ عَلَى الظَّهْرِ هَذَا لَا يُقْسَمُ فِيهِ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ. الْبَاجِيَّ عَلَى الْأَوَّلِ يُقْسِمُونَ لِمَنْ ضَرَبَهُ لَا مَنْ ضَرَبَهُمْ قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ وَابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَسَمِعَ يَحْيَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَدِمَ لِلْقَتْلِ بِقَسَامَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا قَتَلْته، قَالَ رَبِيعَةُ يُقْتَلُ هَذَا بِالْقَسَامَةِ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا آخُذُ بِهِ وَلَا يُقْتَلُ اثْنَانِ بَلْ وَاحِدٌ فَيَقْتُلُونَ أَحَدَهُمَا وَيَتْرُكُونَ الْآخَرَ. ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِثْلُ قَوْلِ رَبِيعَةَ حَكَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُمْ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 192 وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ، أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ، أَوْ عَبْدٍ؛ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً، وَأَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْجَارِحُ، إنْ حَلَفَ؛ وَإِلَّا حُبِسَ   [منح الجليل] قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي السَّمَاعِ، وَإِذَا قُتِلَ الْمُقِرُّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً بِقَسَامَةٍ وَمَرَّةً بِغَيْرِهَا وَأَنْكَرَ أَصْبَغُ الْأَوَّلَ، وَقِيلَ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ، وَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِلْمَقْتُولِ حَيَاةٌ، وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ. (وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا) وَاحِدًا عَدْلًا (عَلَى جُرْحٍ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ (أَوْ) أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى (قَتْلِ) شَخْصٍ (كَافِرٍ) كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ (أَوْ) أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى قَتْلِ (عَبْدٍ) عَمْدًا أَوْ خَطَأً (أَوْ) أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى التَّسَبُّبِ فِي إسْقَاطِ (جَنِينٍ) مِنْ مَرْأَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (حَلَفَ) مُقِيمُ الشَّاهِدِ عَلَى مَا ذَكَرَ يَمِينًا (وَاحِدَةً) فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (وَأَخَذَ) الْحَالِفُ (الدِّيَةَ) أَيْ الْمَالَ الْمُؤَدَّى فَشَمَلَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَغُرَّةَ الْجَنِينِ وَعُشْرَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَلَهُ الْقِصَاصُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَيْسَ بِمَالٍ، فَقَالَ كَلَّمْتُهُ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ لِشَيْءٍ اسْتَحْسَنْته وَمَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا. (وَإِنْ نَكَلَ) مُقِيمُ الشَّاهِدِ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَبَرِئَ) الشَّخْصُ (الْجَارِحُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجُرْحِ الْعَمْدِ، وَكَذَا قَاتِلُ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَمُسْقِطُ الْجَنِينِ (إنْ حَلَفَ) يَمِينًا عَلَى بَرَاءَتِهِ مِمَّا اُتُّهِمَ هُوَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلَ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ (حُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى يَحْلِفَ وَلَوْ طَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ طَالَ عُوقِبَ وَأَطْلَقَ إلَّا الْمُتَمَرِّدَ فَيُخَلَّدُ فِي الْحَبْسِ. شب الْحَاصِلُ أَنَّ مُقِيمَ الشَّاهِدِ إنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ فِي جَمِيعِهَا، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ إلَّا فِي جُرْحِ الْعَمْدِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يَطُولَ سِجْنُهُ فَيُعَاقَبُ وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا قَسَامَةَ فِي الْجِرَاحِ، وَلَكِنْ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَدْلًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ فَلْيَحْلِفْ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيُقْتَصُّ فِي الْعَمْدِ، وَيَأْخُذُ الْعَقْلَ فِي الْخَطَأِ، قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ لِمَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ذَلِكَ فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ وَلَيْسَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 193 فَلَوْ قَالَتْ: دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ، فَفِيهَا الْقَسَامَةُ، وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ، وَلَوْ اسْتَهَلَّ.   [منح الجليل] بِمَالٍ، قَالَ كَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّهُ لِشَيْءٍ اسْتَحْسَنْته وَمَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى الْحَلِفِ مَعَهُ إنْ نَكَلَ مَنْ قَامَ بِهِ حَلَفَ الْجَارِحُ، فَإِنْ نَكَلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَقِيلَ يُقْطَعُ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْجَلَّابِ إنْ طَالَ الْحَبْسُ أُطْلِقَ. وَفِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي نَصْرَانِيٍّ قَامَ عَلَى قَتْلِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ مُسْلِمٌ عَدْلٌ يَحْلِفُ وَلِأَنَّهُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى قَاتِلِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا، وَمِثْلُهُ فِي رَسْمِ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْجِنَايَاتِ وَسَمَاعِ أَشْهَبَ فِي الدِّيَاتِ. ابْنُ رُشْدٍ وَقِيلَ لَا يُسْتَحَقُّ دَمُ النَّصْرَانِيِّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَظَاهِرُ سَمَاعِ يَحْيَى فِي الدِّيَاتِ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ أَوْلِيَاؤُهُ مَعَ شَاهِدِهِمْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ، وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَدَنِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى السَّبَائِيِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ. (فَلَوْ قَالَتْ) امْرَأَةٌ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ مُسْقِطَةً جَنِينَهَا بِهَا أَثَرُ جُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ (دَمِي وَ) إسْقَاطُ (جَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ) وَمَاتَتْ (فَفِيهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (الْقَسَامَةُ) لِأَنَّ قَوْلَهَا لَوْثٌ (وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ) لِأَنَّهُ كَالْجُرْحِ لَا يَثْبُتُ بِاللَّوْثِ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، بَلْ (وَلَوْ اسْتَهَلَّ) أَيْ نَزَلَ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ضَرَبَ رَجُلٌ امْرَأَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَقَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، فَفِي الْمَرْأَةِ الْقَسَامَةُ، وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ، لِأَنَّهُ كَجُرْحٍ مِنْ جِرَاحِهَا وَلَا قَسَامَةَ فِي الْجُرْحِ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ شَاهِدٍ عَدْلٍ فَيَحْلِفُ وُلَاتُهُ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَيَسْتَحِقُّونَ دِيَتَهُ. الصِّقِلِّيُّ يُرِيدُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يَرِثُ الْغُرَّةَ يَمِينًا أَنَّهُ قَتَلَهُ. وَفِيهَا إنْ قَالَتْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَخَرَجَ جَنِينُهَا حَيًّا فَاسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ فَفِي الْأُمِّ الْقَسَامَةُ وَلَا قَسَامَةَ فِي الْوَلَدِ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ قَتَلَنِي وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي فَلَا يَكُونُ فِي فُلَانٍ قَسَامَةٌ. الصِّقِلِّيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا لِنَفْسِهَا وَلَا لِزَوْجِهَا إنْ كَانَ أَبَاهُ وَلَا لِإِخْوَانِهِ إنْ كَانُوا أَوْلَادَهَا، وَفِي الْقَسَامَةِ فِي فُلَانٍ بِقَوْلِهَا وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَرْأَةِ لَوْثٌ أَمْ لَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 194 (بَابٌ) الْبَاغِيَةُ: فِرْقَةٌ خَالَفَتْ الْإِمَامَ: لِمَنْعِ حَقٍّ، أَوْ لِخَلْعِهِ، فَلِلْعَدْلِ   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان حَدّ وَأَحْكَام الْبَاغِيَة] (الْبَاغِيَةُ) أَيْ حَقِيقَتُهَا عُرْفًا (فِرْقَةٌ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ جَمَاعَةٌ مُسْلِمُونَ، وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ، وَقَدْ يَكُونُ وَاحِدًا جِنْسٌ فِي التَّعْرِيفِ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ (خَالَفَتْ) الْفِرْقَةُ (الْإِمَامَ) الْأَعْظَمَ الْمُسْتَخْلَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَيْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَصْلٌ مُخْرِجُ مَا عَدَا الْمُعَرَّفِ إذَا خَالَفَتْهُ (لِمَنْعِ حَقٍّ) عَلَيْهَا كَزَكَاةٍ وَدِيَّةٍ وَخَرَاجِ أَرْضٍ (أَوْ لِخَلْعِهِ) أَيْ عَزْلِهِ مِنْ الْخِلَافَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَغْيُ هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ طَاعَةِ مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ بِمُغَالَبَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُتَأَوَّلُ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِ حَقِّيَّتَهُ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ بِمُغَالَبَةٍ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُقَاتَلَةُ، فَمَنْ خَرَجَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ مُغَالَبَةٍ لَمْ يَكُنْ بَاغِيًا، وَمِثَالُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ سَهَا فَلَمْ يُبَايِعْ الْخَلِيفَةَ ثُمَّ بَايَعَهُ، اُنْظُرْ إذَا كَلَّفَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ قَوْمًا بِمَالٍ ظُلْمًا فَامْتَنَعُوا فَجَاءَ لِقِتَالِهِمْ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُدَافِعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَإِنَّ تَعْرِيفَ ابْنِ عَرَفَةَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ بُغَاةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِمَعْصِيَةٍ وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ لِأَنَّهُ جَائِزٌ، وَتَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ غَيْرُ بُغَاةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعُوا حَقًّا وَلَمْ يُرِيدُوا خَلْعَهُ، وَإِذَا بَغَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (فَا) كَرَّتَهُمْ (الْعَدْلِ) سَحْنُونٌ إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، فَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَجَبَ الْخُرُوجُ مَعَهُ لِيَظْهَرَ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا وَسِعَك الْوُقُوفُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ نَفْسَك أَوْ مَالَكَ فَادْفَعْهُ عَنْهُمَا، وَلَا يَجُوزُ لَك دَفْعُهُ عَنْ الظَّالِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَامَ عَلَى الْإِمَامِ مَنْ أَرَادَ إزَالَةَ مَا بِيَدِهِ فَقَالَ الصِّقِلِّيُّ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ كَانَ مِثْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَبَ عَلَى النَّاسِ الذَّبُّ عَنْهُ وَالْقِيَامُ مَعَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَدَعْهُ، وَمَا يُرَادُ مِنْهُ يَنْتَقِمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ظَالِمٍ بِظَالِمٍ ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا. 1 - الجزء: 9 ¦ الصفحة: 195 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ تَثْبُتُ الْإِمَامَةُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا بِبَيْعَةِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَإِمَّا بِعَهْدِ الْإِمَامِ الَّذِي قَبْلَهُ لَهُ بِهَا، وَإِمَّا بِتَغَلُّبِهِ عَلَى النَّاسِ وَحِينَئِذٍ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطٌ لِأَنَّ مَنْ اشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَأَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثُ صِفَاتٍ الْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ كَوْنُهُ مُسْتَجْمِعًا لِشُرُوطِ الْقَضَاءِ، وَكَوْنُهُ قُرَشِيًّا وَكَوْنُهُ ذَا نَجْدَةٍ وَكِفَايَةِ الْمُعْضِلَاتِ وَنُزُولِ الدَّوَاهِي وَالْمُلِمَّاتِ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 196 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ تَقَوُّلٍ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ مَنْعُ إمَامَةِ غَيْرِ الْعَدْلِ مُطْلَقًا، وَقَالَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِسْقُ الْأَئِمَّةِ يَتَفَاوَتُ كَكَوْنِ فِسْقِ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ وَفِسْقِ الْآخَرِ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْأَبْضَاعِ وَفِسْقِ آخَرَ بِالتَّعَرُّضِ لِلْأَمْوَالِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَعَرِّضِ لِلدِّمَاءِ وَالْأَبْضَاعِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ قُدِّمَ الْمُتَعَرِّضُ لِلْأَبْضَاعِ عَلَى الْمُتَعَرِّضِ لِلدِّمَاءِ، فَإِنْ قِيلَ أَيَجُوزُ الْقِتَالُ مَعَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ لِإِقَامَةِ وِلَايَتِهِ وَإِدَامَةِ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ مَعْصِيَةٌ، قُلْنَا نَعَمْ دَفْعًا لِمَا بَيْنَ مَفْسَدَتِي الْفُسُوقَيْنِ. وَفِي هَذَا وَقْفَةٌ وَإِشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ إعَانَةً فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَكِنَّ دَرْءَ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ يُجَوِّزُهُ. قُلْت وَنَحْوُهُ خُرُوجُ فُقَهَاءِ الْقَيْرَوَانِ مَعَ أَبِي يَزِيدَ الْخَارِجِ عَلَى الثَّالِثِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 197 قِتَالُهُمْ، وَإِنْ تَأَوَّلُوا:   [منح الجليل] مِنْ بَنِي عُبَيْدٍ وَهُوَ إسْمَاعِيلُ لِكُفْرِهِ وَفِسْقِ أَبِي يَزِيدَ وَالْكُفْرُ أَشَدُّ. (قِتَالُهُمْ) أَيْ الْبَاغِينَ إنْ لَمْ يَتَأَوَّلُوا، بَلْ (وَإِنْ تَأَوَّلُوا) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا فِي خُرُوجِهِمْ عَلَيْهِ، فَقَدْ قَاتَلَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَانِعِي الزَّكَاةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ مُتَأَوِّلًا انْقِضَاءَ وُجُوبِهَا بِمَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وَبَعْضُهُمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 198 كَالْكُفَّارِ،   [منح الجليل] بِأَنَّ إمَامَتَهُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَمْ تَثْبُتْ لِإِيصَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ الْبُغَاةُ قِسْمَانِ أَهْلُ تَأْوِيلٍ وَأَهْلُ عِنَادٍ، وَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ فِي قِتَالِهِمْ خَاصَّةً جَمِيعًا مَا لَهُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ بَعْدَ أَنْ يَدْعُوهُمْ إلَى الْحَقِّ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَأَوِّلُ مَنْ كَانَ فِعْلُهُ ذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ حَقِّيَّةَ قِتَالِهِ الْإِمَامَ وَاجِبٌ كَأَبِي بَكْرٍ فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي أَهْلِ الشَّامِ. الشَّيْخُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إذَا امْتَنَعَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَلَوْ كَانُوا ذَوِي بَصَائِرَ وَتَأْوِيلٍ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ وَالْمُسْلِمِينَ أَنْ يَدْعُوا لِلْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَرُدُّوهُمْ إلَى الْحَقِّ، وَحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ فَلَيْسَ لَهُ قِتَالُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ خُرُوجَهُمْ لِجَوْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (كَ) قِتَالِ (الْكُفَّارِ) الْمُحَارِبِينَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي كَوْنِهِ بِسَيْفٍ وَرَمْيِ بِنَبْلٍ وَمَنْجَنِيقٍ وَتَغْرِيقٍ وَتَحْرِيقٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُرِّيَّةٌ وَبَعْدَ دَعْوَتِهِمْ لِلدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَمُوَافَقَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 199 وَلَا يُسْتَرَقُّوا، وَلَا يُحْرَقُ شَجَرُهُمْ، وَلَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ بِأَرْمَاحٍ وَلَا يَدَعُوهُمْ بِمَالٍ،   [منح الجليل] جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَوَاهِرِ وَإِرْسَالِ الْمَاءِ عَلَيْهِمْ لِيَغْرَقُوا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَذُرِّيَّةٌ وَلَا يَرْمِيهِمْ بِنَارٍ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَلَا ذُرِّيَّةٌ فَلَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَرَى رَأْيَهُمْ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ، وَكَذَا نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْهَا. (وَلَا يُسْتَرَقُّوا) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ، أَيْ الْبُغَاةُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ (وَلَا يُحْرَقُ شَجَرُهُمْ) وَلَا مَسَاكِنُهُمْ لِأَنَّهَا أَمْوَالُ مُسْلِمِينَ (وَلَا تُرْفَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (رُءُوسُهُمْ) أَيْ الْبُغَاةُ بَعْدَ قَطْعِهَا مِنْ أَجْسَامِهِمْ (بِأَرْمَاحٍ) لِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مَنْعُهُ فِي رُءُوسِ الْكُفَّارِ لِبَلَدٍ أَوْ وَالٍ فَالْبِغَاءُ أَوْلَى بِهِ، وَيُمْنَعُ رَفْعُ رُءُوسِ الْبُغَاةِ فِي بَلَدِ الْقِتَالِ لِغَيْرِ وَالٍ، وَيَجُوزُ فِي رُءُوسِ الْكُفَّارِ أَفَادَهُ شب وعب. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، إنَّمَا يُمْنَعُ رَفْعُ رُءُوسِهِمْ بِأَرْمَاحٍ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ لِبَلَدٍ أَوْ وَالٍ، وَأَمَّا رَفْعُهَا عَلَى الْأَرْمَاحِ فِي مَحَلِّ الْقِتَالِ فَجَائِزٌ كَالْكُفَّارِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ رُءُوسِ الْبُغَاةِ وَرُءُوسَ الْكُفَّارِ فِي هَذَا، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ بَشِيرٍ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَمْتَازُ فِيهَا قِتَالُهُمْ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَنَصُّهُ يَمْتَازُ قِتَالُ الْبُغَاةِ مِنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا أَنْ يُقْصَدَ بِقِتَالِهِمْ رَدْعُهُمْ وَأَمْثَالُهُمْ وَأَنْ يُكَفَّ عَنْ مُدَبِّرِهِمْ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا تُقْتَلَ أَسَرَاهُمْ وَلَا تُغْنَمَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَلَا يُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ بِمُشْرِكٍ وَلَا يُوَادِعَهُمْ عَلَى مَالٍ وَلَا تُنْصَبَ الرَّعَّادَاتِ عَلَيْهِمْ وَلَا تُحْرَقَ مَسَاكِنُهُمْ وَلَا يُقْطَعَ شَجَرُهُمْ. وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ النَّوَادِرِ وَلَا يُبْعَثُ بِالرُّءُوسِ إلَى الْآفَاقِ لِأَنَّهُ تَمْثِيلٌ. اهـ. فَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَعْثِ بِهَا لِلْآفَاقِ كَالْكُفَّارِ. طفي وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَيَكُونُ هَذَا دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ كَالْكُفَّارِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِلتَّنْصِيصِ. (وَلَا يَدَعُوهُمْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالدَّالِ أَيْ لَا يَتْرُكُ الْإِمَامُ وَجَمَاعَتُهُ قِتَالَ الْبُغَاةِ مُدَّةً سَأَلُوا تَأْخِيرَهُ إلَيْهَا كَأَيَّامٍ أَوْ شَهْرٍ لِيَتَرَوَّوْا فِي أَمْرِهِمْ (بِمَالٍ) يَدْفَعُونَهُ لِلْإِمَامِ قَرَّرَهُ " غ " أَوْ يَدْفَعُهُ لَهُمْ لِيَدْخُلُوا تَحْتَ طَاعَتِهِ قَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، بِنَاءً عَلَى سُكُونِ دَالِ يَدْعُوهُمْ مِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 200 وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ، إنْ اُحْتِيجَ لَهُ؛ ثُمَّ رُدَّ: كَغَيْرِهِ وَإِنْ أُمِّنُوا: لَمْ يُتَّبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ، وَلَمْ يُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ   [منح الجليل] الدُّعَاءِ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قِتَالِهِمْ مُدَّةً بِالْمَصْلَحَةِ إذَا كُفُوًا عَنْ الْقِتَالِ وَطَلَبُوا الْأَمَانَ، وَلَمْ يُخْشَ غَدَرُهُمْ. ابْنُ شَاسٍ إذَا سَأَلَ أَهْلُ الْبَغْيِ الْإِمَامَ الْعَدْلَ تَأْخِيرَهُمْ أَيَّامًا وَبَذَلُوا لَهُ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهُمْ، وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي سَأَلُوهَا. (وَاسْتُعِينَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (بِمَالِهِمْ) أَيْ خَيْلٍ وَسِلَاحِ الْبُغَاةِ (عَلَيْهِمْ) فِي قِتَالِهِمْ (إنْ اُحْتِيجَ لَهُ) أَيْ مَالِ الْبُغَاةِ فِي قِتَالِهِمْ (ثُمَّ رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ مَالُ الْبُغَاةِ (إلَيْهِمْ) بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَا سِوَى الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ يُوقَفُ حَتَّى يُرَدَّ إلَى أَهْلِهِ وَلَا يُسْتَعَانُ بِشَيْءٍ مِنْهُ هَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْجَوَاهِرِ وَالشَّارِحِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَاسْتُعِينَ بِمَالِهِمْ عَلَيْهِمْ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سِلَاحًا وَلَا كُرَاعًا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ حَبِيبٍ، وَنَسَبَهُ فِي الرَّدِّ إلَيْهِمْ فَقَالَ (كَغَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهِمْ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِمْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ مَالٌ مُسْلِمٌ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا ظَفِرَ بِمَالِهِمْ فَإِنَّهُ يُوقِفُهُ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَالْجَوَاهِرِ و " قِ " عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ. (وَإِنْ أُمِّنُوا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ الْبُغَاةُ (لَمْ يُتَّبَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (مُنْهَزِمُهُمْ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ، فَإِنَّمَا يُقَاتَلُونَ مُقْبِلِينَ لَا مُدْبِرِينَ (وَلَمْ يُذَفَّفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَوْ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْفَاءِ الْأُولَى مَفْتُوحَةً، أَيْ يُجْهَزْ (عَلَى جَرِيحِهِمْ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُؤَمِّنُوا يُتَّبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ وَيُذَفَّفْ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَوَقَعَ الْأَمْرَانِ لِلْإِمَامِ عَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَؤُلَاءِ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إلَيْهَا دُونَ الْأَوَّلِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ أُسِرَ مِنْ الْخَوَارِجِ أَسِيرٌ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْحَرْبُ فَلَا يُقْتَلْ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَرْبُ قَائِمَةً فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً إذَا خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ، وَعَلَى هَذَا يَجْرِي حُكْمُ التَّذْفِيفِ عَلَى الْجَرِيحِ وَاتِّبَاعِ الْمُنْهَزِمِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ. ابْنُ حَبِيبٍ نَادَى مُنَادِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي بَعْضِ مَنْ حَارَبَهُ أَنْ لَا يُتَّبَعَ مُدْبِرٌ وَلَا يُجْهَزَ عَلَى جَرِيحٍ وَلَا يُقْتَلَ أَسِيرٌ ثُمَّ كَانَ مَوْطِنٌ آخَرُ فِي غَيْرِهِمْ فَأَمَرَ بِاتِّبَاعِ الْمُدْبَرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 201 وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ: قَتْلُ أَبِيهِ، وَوَرِثَهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ مُتَأَوِّلٌ أَتْلَفَ نَفْسًا أَوْ مَالًا،   [منح الجليل] وَقَتْلِ الْأَسِيرِ وَالْإِجْهَازِ عَلَى الْجَرِيحِ فَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَؤُلَاءِ لَهُمْ فِئَةٌ يَنْحَازُونَ إلَيْهَا وَالْأَوَّلُونَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ. قُلْت وَنَحْوُهُ مَا ذَكَرَهُ أَرْبَابُ سِيَرِ عَلِيٍّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، أَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ الْمُنْهَزِمَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَلَا ذَفَّفَ عَلَى الْجَرِيحِ لِأَنَّهُمْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ وَلَا إمَامٌ يَرْجِعُونَ إلَيْهِ وَاتَّبَعَ الْمُنْهَزِمِينَ يَوْمَ صِفِّينَ لِأَنَّ لَهُمْ إمَامًا وَفِئَةً. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِلرَّجُلِ) الْمُعِينِ لِلْإِمَامِ عَلَى قِتَالِ الْبُغَاةِ (قَتْلُ أَبِيهِ) الْبَاغِي عَمْدًا مُبَارَزَةً أَوْ غَيْرِهَا وَفُهِمَ كَرَاهَةُ قَتْلِهِ أُمَّهُ بِالْأَوْلَى، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ قَتْلُ أَخِيهِ وَلَا عَمِّهِ وَلَا جَدِّهِ لِأَبِيهِ وَلَا لِأُمِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَ) مَنْ قَتَلَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ الْبَاغِي (وَرِثَهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ عُدْوَانًا أَيْ الْوَلَدُ الْقَاتِلُ وَالِدَهُ الْمَقْتُولَ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلُ فِي قِتَالِهِمْ أَخَاهُ وَقَرَابَتَهُ مُبَارَزَةً وَغَيْرَ مُبَارَزَةٍ، فَأَمَّا الْأَبُ وَحْدَهُ فَلَا أُحِبُّ قَتْلَهُ تَعَمُّدًا وَكَذَا الْأَبُ الْكَافِرُ مِثْلُ الْخَارِجِيِّ. وَقَالَ أَصْبَغُ يَقْتُلُ فِيهَا أَبَاهُ وَأَخَاهُ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَضْمَنْ) بَاغٍ (مُتَأَوِّلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً، أَيْ مُعْتَقِدٌ حَقِّيَّةَ خُرُوجِهِ لِشُبْهَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ (أَتْلَفَ) حَالَ خُرُوجِهِ (نَفْسًا) مَعْصُومَةً (أَوْ مَالًا) كَذَلِكَ تَنَازَعَ فِيهِمَا يَضْمَنُ، وَأَتْلَفَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْحَقِّ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " عَنْهُمْ أَهْدَرَتْ الدِّمَاءَ الَّتِي كَانَتْ فِي حُرُوبِهِمْ، فَإِنْ بَقِيَ الْمَالُ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِمُسْتَحِقِّهِ وَغَيْرُ الْمُتَأَوِّلِ يَأْثَمُ وَيَضْمَنُ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَالطَّرَفَ وَالْفَرْجَ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ وَيَغْرَمُ عِوَضَ الْمَالِ إنْ أَتْلَفَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إذَا وَضَعَتْ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْبَغْيِ مِمَّنْ خَرَجَ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ كَالْخَوَارِجِ وُضِعَتْ عَنْهُمْ الدِّمَاءُ وَكُلُّ مَا أَصَابُوهُ إلَّا مَا وُجِدَ مِنْ مَالٍ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَأْخُذْهُ رَبُّهُ. ابْنُ حَارِثٍ كَذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ جَمِيعًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " فِيمَا عَلِمْت إلَّا أَصْبَغَ، فَإِنَّ ابْنَ حَبِيبٍ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَطْرَحُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 202 وَمَضَى حُكْمُ قَاضِيهِ، وَحَدٌّ أَقَامَهُ، وَرُدَّ ذِمِّيٌّ مَعَهُ لِذِمَّتِهِ،   [منح الجليل] عَنْهُمْ الْإِمَامُ فَقَطْ، وَحَقُّ الْوَالِي فِي الْقِصَاصِ قَائِمٌ عَلَيْهِ يَقْتُلُ بِمَنْ قُتِلَ وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الشَّيْخُ عَمَّنْ ذَكَرَ أَوَّلًا. وَأَمَّا أَهْلُ الْعَصَبِيَّةِ وَأَهْلُ الْخِلَافِ بِلَا تَأْوِيلٍ، فَالْحُكْمُ فِيهِمْ الْقِصَاصُ وَرَدُّ الْمَالِ قَائِمًا كَانَ أَوْ فَائِتًا، وَفِي آخِرِ جِهَادِهَا وَالْخَوَارِجُ إذَا خَرَجُوا فَأَصَابُوا الدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ ثُمَّ تَابُوا وَرَجَعُوا وُضِعَتْ الدِّمَاءُ عَنْهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا وُجِدَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ مَالٍ بِعَيْنِهِ وَمَا اسْتَهْلَكُوهُ فَلَا يُتْبَعُونَ بِهِ وَإِنْ كَانُوا أَمْلِيَاءَ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ بِخِلَافِ الْمُحَارِبِينَ فَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ شَيْءٌ. (وَ) إنْ وَلَّى الْمُتَأَوِّلُ قَاضِيًا وَحَكَمَ بِأَحْكَامٍ أَوْ أَقَامَ حَدًّا عَلَى مُسْتَحِقِّهِ نَحْوُ شَارِبٍ وَزَانٍ وَسَارِقٍ ثُمَّ رَجَعَ لِلْحَقِّ وَدَخَلَ تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ طَائِعًا أَوْ مُكْرَهًا (مَضَى حُكْمُ قَاضِيهِ) أَيْ الْمُتَأَوِّلِ الَّذِي وَلَّاهُ وَحَكَمَ بِهِ حَالَ خُرُوجِهِ (وَ) مَضَى (حَدٌّ) شَرْعِيٌّ نَحْوَ قَذْفٍ (أَقَامَهُ) أَيْ الْمُتَأَوِّلُ الْحَدِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لِلضَّرُورَةِ وَلِشُبْهَةِ التَّأْوِيلِ وَلِئَلَّا يَزْهَدَ النَّاسُ فِي قَبُولِ تَوْلِيَتِهِ فَتَضِيعُ الْحُقُوقُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُرَدُّ أَحْكَامُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَوْلِيَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ وَلَّى الْبُغَاةُ قَاضِيًا أَوْ أَخَذُوا الزَّكَاةَ أَوْ أَقَامُوا حَدًّا فَقَالَ الْأَخَوَانِ يُنَفَّذُ ذَلِكَ كُلُّهُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِحَالٍ، وَعَنْ أَصْبَغَ الْقَوْلَانِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إمْضَاءُ ذَلِكَ، وَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى إجْزَاءِ مَا أَخَذُوهُ مِنْ الزَّكَاةِ. قُلْت لِلشَّيْخِ فِي تَرْجَمَةٍ عَزْلُ الْقُضَاةِ وَالنَّظَرِ فِي أَحْكَامِهِمْ. ابْنُ حَبِيبٍ وَمُطَرَّفٌ فِي أَحْكَامِ الْخَوَارِجِ لَا تَنْفُذُ حَتَّى يَثْبُتَ أَصْلُ الْحَقِّ بِبَيِّنَةٍ فَيُحْكَمُ بِهِ، فَأَمَّا أَحْكَامٌ مَجْهُولَةٌ وَذَكَرُوا شَهَادَةَ أَهْلِ الْعَدْلِ عِنْدَهُمْ ذَكَرُوا أَسْمَاءَهُمْ أَوْ لَمْ يَذْكُرُوهَا فَهِيَ مَرْدُودَةٌ. وَقَالَ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُهُ أَصْبَغُ أَرَى أَقْضِيَتَهُمْ كَقُضَاةِ السَّوْءِ. ابْنُ حَبِيبٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ أَحَبُّ إلَيَّ. وَقَالَ الْأَخَوَانِ الرَّجُلُ يُخَالِفُ عَلَى الْإِمَامِ وَيَغْلِبُ عَلَى بَعْضِ الْكُوَرُ وَيُوَلِّي قَاضِيًا فَيَقْضِي ثُمَّ يُظْهِرُ عَلَيْهِ أَقْضِيَتَهُ مَاضِيَةً إنْ كَانَ عَدْلًا إلَّا خَطَأً لَا اخْتِلَافَ فِيهِ. (وَ) إنْ خَرَجَ ذِمِّيٌّ مَعَ الْمُتَأَوِّلِ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ كَافِرٌ (ذِمِّيٌّ) خَرَجَ (مَعَهُ) أَيْ الْمُتَأَوِّلِ (لِذِمَّتِهِ) الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ وَيُوضَعُ عَنْهُ مَا يُوضَعُ عَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 203 وَضَمِنَ الْمُعَانِدُ النَّفْسَ وَالْمَالَ، وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ نَاقِضٌ، وَالْمَرْأَةُ الْمُقَاتِلَةُ: كَالرَّجُلِ.   [منح الجليل] الْمُتَأَوِّلِ الَّذِي خَرَجَ مَعَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ إنْ قَاتَلَ مَعَ الْمُتَأَوِّلِينَ أَهْلُ الذِّمَّةِ وُضِعَ عَنْهُمْ مَا وُضِعَ عَنْهُمْ وَرُدُّوا إلَى ذِمَّتِهِمْ، وَإِنْ قَاتَلُوا مَعَ أَهْلِ الْعَصَبِيَّةِ الْمُخَالِفِينَ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ فَهُوَ نَقْضٌ لِعَهْدِهِمْ يُوجِبُ اسْتِحْلَالَهُمْ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ غَيْرَ عَدْلٍ وَخَافُوا جَوْرَهُ وَاسْتَعَانُوا بِأَهْلِ الْعَصَبِيَّةِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَقْضًا مِنْهُمْ. قُلْت هَذِهِ إنْ خَرَجُوا مَعَ الْعَصَبِيَّةِ طَائِعِينَ وَإِنْ أَكْرَهَهُمْ لَمْ يَكُنْ نَفْسُ خُرُوجِهِمْ نَقْضًا لِصِحَّةِ تَعَلُّقِ الْإِكْرَاءِ بِهِ، فَإِنْ قَاتَلُوا مَعَهُمْ كَانَ قِتَالُهُمْ نَقْضًا لِعَهْدِهِمْ لِامْتِنَاعِ تَعَلُّقِ الْإِكْرَاءِ بِقِتَالِ مَنْ لَا يَحِلُّ قِتَالُهُ. (وَضَمِنَ) الْبَاغِي (الْمُعَانِدُ) أَيْ الْمُجْتَرِئُ عَلَى الْبَغْيِ بِلَا تَأْوِيلٍ (النَّفْسَ) الَّتِي قَتَلَهَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ إنْ لَمْ يُزَدْ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ (وَ) ضَمِنَ (الْمَالَ) الَّذِي أَتْلَفَهُ لِعَدَمِ عُذْرِهِ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ، وَأَمَّا أَهْلُ الْعَصَبِيَّةِ وَأَهْلُ الْخِلَافِ بِلَا تَأْوِيلٍ فَالْحُكْمُ فِيهِمْ الْقِصَاصُ وَرَدُّ الْمَالِ قَائِمًا كَانَ أَوْ فَائِتًا (وَ) الْكَافِرُ (الذِّمِّيُّ) الْخَارِجُ مَعَهُ طَائِعًا وَالْمُقَاتِلُ (مَعَهُ) أَيْ الْمُعَانِدُ وَلَوْ مُكْرَهًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (نَاقِضٌ لِعَهْدِهِ) فَيُبَاحُ دَمُهُ وَمَالُهُ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ عَدْلًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا تَقَدَّمَ (وَالْمَرْأَةُ) الْبَاغِيَةُ الْمُقَاتِلَةُ بِسِلَاحٍ وَخَيْلٍ (كَالرَّجُلِ) الْبَاغِي الْمُقَاتِلِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. ابْنُ شَاسٍ إذَا قَاتَلَ النِّسَاءُ بِالسِّلَاحِ مَعَ الْبُغَاةِ فَلِأَهْلِ الْعَدْلِ قَتْلُهُنَّ فِي الْقِتَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قِتَالُهُنَّ إلَّا بِالتَّحْرِيضِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ فَلَا يُقْتَلْنَ وَلَوْ أُسِرْنَ وَكُنَّ يُقَاتِلْنَ قِتَالَ الرِّجَالِ فَلَا يُقْتَلْنَ إلَّا أَنْ يَكُنَّ قَدْ قُتِلْنَ الشَّيْخُ هَذَا فِي غَيْرِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 204 بَابٌ) الرِّدَّةُ: كُفْرُ الْمُسْلِمِ بِصَرِيحٍ؛ أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ؛   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا] (الرِّدَّةُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ حَقِيقَتُهَا شَرْعًا (كُفْرُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جِنْسٌ شَمِلَ الرِّدَّةَ وَسَائِرَ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ الشَّخْصِ (الْمُسْلِمِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ الَّذِي ثَبَتَ إسْلَامُهُ بِبُنُوَّتِهِ لِمُسْلِمٍ وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَوْ بِنُطْقِهِ بِهِمَا عَالِمًا بِأَرْكَانِ الْإِسْلَامِ مُلْتَزِمًا لَهَا وَالْإِضَافَةُ فَصْلٌ مُخْرِجُ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ الرِّدَّةُ كُفْرٌ بَعْدَ إسْلَامٍ قَرَّرَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ نَطَقَ الْكَافِرُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَوَقَفَ عَلَى شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَحُدُودِهِ وَالْتَزَمَهَا تَمَّ إسْلَامُهُ، وَإِنْ أَبَى الْتِزَامَهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إسْلَامُهُ، وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْتِزَامِهَا وَيُتْرَكُ لِدِينِهِ وَلَا يُعَدُّ مُرْتَدًّا وَإِذَا لَمْ يُوقَفْ هَذَا الْإِسْلَامِيِّ عَلَى شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى إبَايَتِهِ تُرِكَ فِي لَعْنَةِ اللَّهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْقَضَاءُ. وَقَالَ أَصْبَغُ إذَا شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ رَجَعَ قُتِلَ بَعْدَ اسْتِتَابَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَصُمْ. الْحَطّ اُحْتُرِزَ بِكُفْرِ الْمُسْلِمِ مِنْ انْتِقَالِ كَافِرٍ مِنْ دِينِهِ لِدِينٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِهِ، وَقِيلَ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكَافِرِ الَّذِي يَتَزَنْدَقُ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ لَا يُقْتَلُ لِخُرُوجِهِ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَلَا تُؤْخَذُ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ وَسَوَاءٌ كَفَرَ (بِ) قَوْلٍ (صَرِيحٍ) فِي الْكُفْرِ كَقَوْلِهِ كُفْرٌ بِاَللَّهِ أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ أَوْ الْإِلَهُ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ أَوْ الْعَزِيزُ ابْنُ اللَّهِ (أَوْ) بِ (لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ) أَيْ يَسْتَلْزِمُ اللَّفْظُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 205 أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ: كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذِرٍ، وَشَدِّ زُنَّارٍ،   [منح الجليل] الْكُفْرَ اسْتِلْزَامًا بَيِّنًا كَجَحْدِ مَشْرُوعِيَّةِ شَيْءٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَكْذِيبَ الْقُرْآنِ أَوْ الرَّسُولِ، وَكَاعْتِقَادِ جِسْمِيَّةِ اللَّهِ وَتَحَيُّزِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَهُ وَاحْتِيَاجَهُ لِمُحْدِثٍ وَنَفْيِ صِفَاتِ الْأُلُوهِيَّةِ عَنْهُ جَلَّ جَلَالُهُ وَعَظُمَ شَأْنُهُ. (أَوْ) بِ (فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ) أَيْ يَسْتَلْزِمُ الْفِعْلُ الْكُفْرَ اسْتِلْزَامًا بَيِّنًا (كَإِلْقَاءِ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَقَافٍ مَمْدُودًا أَيْ رَمْيِ (مُصْحَفٍ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْكِتَابِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى النُّقُوشِ الدَّالَّةِ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى (بِ) شَيْءٍ (قَذِرٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ مُسْتَقْذَرٍ مُسْتَعَافٍ وَلَوْ طَاهِرًا كَبُصَاقٍ، وَمِثْلُ إلْقَائِهِ تَلْطِيخُهُ بِهِ أَوْ تَرْكُهُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إزَالَتِهِ لِأَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ وَكَالْمُصْحَفِ جُزْؤُهُ وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ وَالنَّبَوِيُّ وَلَوْ لَمْ يَتَوَاتَرْ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. الْبُنَانِيُّ بَلَّ أُصْبُعُهُ بِرِيقِهِ وَوَضَعَهَا عَلَى وَرَقِهِ لِتَقْلِيبِهِ حَرَامٌ وَلَيْسَ رِدَّةً لِعَدَمِ قَصْدِهِ التَّحْقِيرَ الَّذِي هُوَ مُوجِبُ الْكُفْرِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَمَنْ وَجَدَ وَرَقَةً مَثَلًا مَكْتُوبَةً مَرْمِيَّةً فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا فِيهَا حَرُمَ عَلَيْهِ تَرْكُهَا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا آيَةً أَوْ حَدِيثًا أَوْ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْأَنْبِيَاءِ وَتَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ. الْعَدَوِيُّ وَضْعُهُ عَلَى الْأَرْضِ اسْتِخْفَافًا بِهِ كَإِلْقَائِهِ بِقَذِرٍ، ثُمَّ قَالَ لَا بُدَّ فِي الْإِلْقَاءِ مِنْ كَوْنِهِ لِغَيْرِ خَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ ظُهُورُ الرِّدَّةِ إمَّا بِالتَّصْرِيحِ بِالْكُفْرِ أَوْ بِلَفْظٍ يَقْتَضِيهِ أَوْ بِفِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ. قُلْت قَوْلُهُ أَوْ بِلَفْظٍ يَقْتَضِيهِ كَإِنْكَارِ غَيْرِ حَدِيثِ الْإِسْلَامِ وُجُوبُ مَا عُلِمَ وُجُوبُهُ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً، وَقَوْلُهُ وَفِعْلٌ يَتَضَمَّنُهُ كَلُبْسِ الزِّنَا وَالِقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي صَرِيحِ النَّجَاسَةِ وَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (وَ) كَ (شَدِّ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ رَبْطِ (زُنَّارٍ) بِضَمِّ الزَّايِ وَشَدِّ النُّونِ ثُمَّ رَاءٍ أَيْ حِزَامٍ فِيهِ خُطُوطٌ مُلَوَّنَةٌ بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ يَشُدُّ الْكَافِرُ وَسَطَهُ بِهِ لِيَتَمَيَّزَ عَنْ الْمُسْلِمِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَلْبُوسُ الْكَافِرِ الْخَاصِّ بِهِ إنْ شَدَّهُ مُسْلِمٌ مَحَبَّةً لِذَلِكَ الدِّينِ وَمَيْلًا لِأَهْلِهِ لَا هَزْلًا وَلَعْنًا وَإِنْ حَرُمَ، وَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَأَسِيرٍ عِنْدَهُمْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَ مَلْبُوسِهِمْ فَلَا يَحْرُمُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 206 وَسِحْرٍ،   [منح الجليل] قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. شب ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُجَرَّدَ شَدِّهِ كُفْرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِينَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ مَشْيٌ لِلْكَنِيسَةِ أَوْ نَحْوِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشِّفَاءِ فِي مَحَلٍّ وَمِثْلُ الزِّنَا وَمَا يَخْتَصُّ بِزِيِّ الْكُفْرِ وَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ. (وَ) كَ (سِحْرٍ) الشَّارِحُ هَذَا مِنْ الْقَوْلِ الْمُقْتَضِي لِلْكُفْرِ. الْبِسَاطِيُّ هَذَا مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ هُوَ كَلَامٌ مُؤَلَّفٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَتُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ. ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ يَنْشَأُ عَنْ سَبَبٍ مُعْتَادٍ كَوْنُهُ عَنْهُ فَخَرَجَتْ الْمُعْجِزَةُ، الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - " السَّاحِرُ كَافِرٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا سَحَرَ هُوَ بِنَفْسِهِ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هُوَ كَالزِّنْدِيقِ إذَا عَمِلَ السِّحْرَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ أَمَرَتْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " عَنْهُمَا بِقَتْلِ جَارَةٍ لَهَا سَحَرَتْهَا فَقُتِلَتْ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ هُوَ كَالزِّنْدِيقِ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ مُظْهِرًا السِّحْرِ وَالزَّنْدَقَةِ اُسْتُتِيبَ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ وَمَالُهُ فَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَاجِيَّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ أَنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ قَالَ إنْ عَمِلَهُ مُسْلِمٌ فَهُوَ مُرْتَدٌّ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ فِي الَّذِي يَقْطَعُ أُذُنَ الرَّجُلِ أَوْ يُدْخِلُ السِّكِّينَ فِي جَوْفِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ سِحْرًا قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ عُوقِبَ اهـ. أَبُو عُمَرَ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَبْسُوطِ فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ أَنَّهَا عَقَدَتْ زَوْجَهَا عَنْ نَفْسِهَا أَوْ عَنْ غَيْرِهَا أَنَّهَا تَنْكُلُ وَلَا تُقْتَلُ، وَلَوْ سَحَرَ نَفْسَهُ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ. قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّ فِعْلَ الْمَرْأَةِ سِحْرٌ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَنْشَأُ عَنْهُ حَادِثٌ فِي أَمْرٍ مُنْفَصِلٍ عَنْ مَحَلِّ الْفِعْلِ أَنَّهُ سِحْرٍ. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ هُوَ كَالزِّنْدِيقِ، وَمَنْ أَظْهَرَ السِّحْرَ وَالزَّنْدَقَةَ يُسْتَتَابُ. وَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ قَوْلَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كُفْرٌ فَتَقَرَّرَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَمُحَمَّدٍ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَتَأَوَّلُوا عَلَيْهِ خِلَافَ مَا تَأَوَّلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ. أَصْبَغُ لَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّ فِعْلَهُ مِنْ السِّحْرِ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ أَنَّهُ كُفْرٌ وَيُكْشَفُ عَنْ ذَلِكَ مِمَّنْ يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ. الْبَاجِيَّ يُرِيدُ وَيُثْبِتُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ. ابْنُ عَرَفَةَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 207 وَقَوْلٍ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ، أَوْ شَكٍّ فِي ذَلِكَ   [منح الجليل] لَا يَقْتُلُ السَّاحِرَ إلَّا الْإِمَامُ. أَصْبَغُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ قَتْلُهُ وَإِنْ أَظْهَرَهُ وَتَابَ سَقَطَ قَتْلُهُ وَإِنْ أَسَرَّهُ قُتِلَ، وَلَوْ تَابَ هَلْ يَجُوزُ عَمَلُ مَا يُبْطِلُ السِّحْرَ الْحَسَنَ، لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا سِحْرًا. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَالُجِ. اللَّخْمِيُّ عَمَلُ مَا يُبْطِلُ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ جَائِزَانِ. الْآبِّي حَلَّ الْمَعْقُودَ بِالرُّقَى الْعَرَبِيَّةِ جَائِزٌ وَبِالْعَجَمِيَّةِ لَا يَجُوزُ، وَفِيهِ خِلَافُ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ تَكَرَّرَ نَفْعُهُ جَازَ. الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ السِّحْرَ رِدَّةٌ، وَأَنَّهُ يُسْتَتَابُ إنْ أَظْهَرَهُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ يُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا بِنَفْسِهِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ. (وَ) كَ (قَوْلٍ) أَيْ جَزْمٍ وَتَصْدِيقٍ (بِقِدَمِ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ، أَيْ عَدَمِ أَوَّلِيَّةِ (الْعَالَمِ) بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ مَا سِوَى اللَّهَ تَعَالَى مِنْ الْمَوْجُودَاتِ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ وَصِفَاتِهِ، لِأَنَّ قِدَمَهُ يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْإِلَهِ الْخَالِقِ لَهُ وَهُوَ كُفْرٌ، إذْ الْقَدِيمُ مَا لَا أَوَّلَ لَهُ، وَيَسْتَلْزِمُ بَقَاءَهُ، إذْ كُلُّ مَا ثَبَتَ قِدَمُهُ اسْتَحَالَ عَدَمُهُ وَالْقَوْلُ بِبَقَائِهِ كُفْرٌ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88] الْقَصَصَ وقَوْله تَعَالَى {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرحمن: 26] الرَّحْمَنَ، وَمَحَلُّ الْكُفْرِ إذَا أَرَادَ بِالْقِدَمِ الْقِدَمَ بِالذَّاتِ وَهُوَ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْمُؤَثِّرِ أَوْ بِالزَّمَانِ وَهُوَ عَدَمُ الْأَوَّلِيَّةِ وَإِنْ احْتَاجَ لِمُؤَثِّرٍ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ طُولُ الزَّمَانِ مَعَ الِاحْتِيَاجِ لِمُؤَثِّرٍ وَسَبْقِ الْعَدَمِ فَلَيْسَ كُفْرًا إذْ هُوَ الْوَاقِعُ. (أَوْ) قَوْلُ بِ (بَقَائِهِ) أَيْ عَدَمِ فَنَاءِ الْعَالَمِ وَعَدَمِ آخِرِيَّتِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الشِّفَاءِ يُقْطَعُ بِكُفْرِ مَنْ قَالَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ (أَوْ) كَ (شَكٍّ) أَيْ مُطْلَقِ تَرَدُّدٍ (فِي ذَلِكَ) أَيْ قِدَمِ الْعَالَمِ أَوْ بَقَائِهِ، وَصَرَّحَ الشَّاذِلِيُّ عَلَى الرِّسَالَةِ بِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِيهِ بِالْجَهْلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا يُقَيَّدُ بِمَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ. الْحَطّ قَوْلُ الشَّارِحِ لَيْسَ هَذَا مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِصَرِيحٍ أَوْ لَفْظٍ يَقْتَضِيهِ أَوْ فِعْلٍ يَتَضَمَّنُهُ فَالْحَدُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِجَامِعٍ، فَخُرُوجُ هَذَا مِنْهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ التَّلَفُّظَ بِالشَّكِّ فِي ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي اللَّفْظِ الَّذِي يَقْتَضِي الْكُفْرَ. وَأَمَّا الشَّكُّ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِهِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ كُفْرًا لَا شَكَّ فِيهِ، لَكِنَّهُ لَا يُوجِبُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 208 أَوْ بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ أَوْ فِي كُلِّ جِنْسٍ نَذِيرٌ أَوْ ادَّعَى شِرْكًا مَعَ نُبُوَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -   [منح الجليل] الْحُكْمَ بِكُفْرِهِ ظَاهِرًا إلَّا بَعْدَ التَّلَفُّظِ بِهِ، كَمَا أَنَّ اعْتِقَادَ الْكُفْرِ مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ كُفْرٌ، وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْكُفْرِ إلَّا بَعْدَ تَلَفُّظِهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) كَقَوْلٍ (بِتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ) الْحَطّ أَيْ انْتِقَالِهَا فِي الْأَشْخَاصِ الْآدَمِيِّينَ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَأَنَّ تَعْذِيبَهَا وَتَنْعِيمَهَا بِحَسَبِ زَكَائِهَا وَخُبْثِهَا، فَإِنْ كَانَتْ النَّفْسُ شِرِّيرَةً أُخْرِجَتْ مِنْ قَالِبِهَا الَّتِي هِيَ فِيهِ، وَأُلْبِسَتْ قَالِبًا يُنَاسِبُ شَرَّهَا مِنْ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ سَبْعٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَتْ جَزَاءَ شَرِّهَا بَقِيَتْ فِي ذَلِكَ الْقَالِبِ تَنْتَقِلُ مِنْ فَرْدٍ إلَى فَرْدٍ، وَإِنْ لَمْ تَأْخُذْهُ انْتَقَلَتْ إلَى قَالِبٍ أَشَرِّ مِنْهُ، وَهَكَذَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ جَزَاءَ الشَّرِّ، وَفِي الْخَيْرِ تَنْتَقِلُ إلَى أَعْلَى وَهَكَذَا حَتَّى تَسْتَوْفِيَ جَزَاءَ خَيْرِهَا، وَالْقَائِلُ بِهَذَا أَنْكَرَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالنَّشْرَ وَالْحَشْرَ وَالصِّرَاطَ وَالْحِسَابَ، وَهَذَا تَكْذِيبٌ لِلْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ وَالْإِجْمَاعِ. وَاخْتَارَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَتْلَهُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ. (أَوْ) كُفْرٌ (بِقَوْلِهِ فِي كُلِّ جِنْسٍ) أَيْ نَوْعٍ مِنْ الْحَيَوَانِ (نَذِيرٌ) أَيْ رَسُولٌ يُنْذِرُهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِالرِّسَالَةِ وَلِاسْتِلْزَامِهِ تَكْلِيفَهَا وَهُوَ جَحْدٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا مُكَلَّفَ إلَّا الْإِنْسَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ. عِيَاضٌ وَيَكْفُرُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْقُدَمَاءِ مِنْ أَنَّ فِي كُلِّ جِنْسٍ مِنْ الْحَيَوَانِ نَذِيرًا أَوْ نَبِيًّا حَتَّى مِنْ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَالدَّوَابِّ وَالدُّودِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ الرُّسُلِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِصِفَاتِ الْبَهَائِمِ الذَّمِيمَةِ، وَهَذَا يُوجِبُ الْقَتْلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنَّهُ تَقَرَّرَ أَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ غَيْرُ الْبَيِّنِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: 24] فَاطِرَ، فُسِّرَتْ الْأُمَّةُ فِيهِ بِالْجَمَاعَةِ مِنْ بَنِي آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (أَوْ) كُفْرٌ بِأَنْ (ادَّعَى شِرْكًا) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ شَخْصًا مُشَارِكًا فِي النُّبُوَّةِ (مَعَ نُبُوَّتِهِ) أَيْ سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ (عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ) لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] الْأَحْزَابَ. عِيَاضٌ يَكْفُرُ مَنْ ادَّعَى نُبُوَّةَ أَحَدٍ مَعَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بَعْدَهُ كَالْعِيسَوِيَّةِ وَالْحُرْمِيَّةِ وَأَكْثَرِ الرَّافِضَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 209 أَوْ بِمُحَارَبَةِ نَبِيٍّ، أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ لِلسَّمَاءِ، أَوْ يُعَانِقُ الْحُورَ، أَوْ اسْتَحَلَّ: كَالشُّرْبِ،   [منح الجليل] وَ) كَفَرَ (بِ) دَعْوَى جَوَازِ (مُحَارَبَةِ نَبِيٍّ) مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَوْلَى مُحَارَبَتُهُ بِالْفِعْلِ. عِيَاضٌ أَجْمَعُوا عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ اسْتَخَفَّ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ أَزْرَى عَلَيْهِمْ أَوْ آذَاهُمْ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ حَارَبَهُ فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعٍ. (أَوْ) كُفْرٍ بِأَنْ (جَوَّزَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْوَاوِ وَالزَّايِ مُثَقَّلًا، أَيْ قَالَ بِجَوَازِ (اكْتِسَابَ النُّبُوَّةِ) بِتَصْفِيَةِ الْقَلْبِ وَتَهْذِيبِ النَّفْسِ وَالْجَدِّ فِي الْعِبَادَةِ لِاسْتِلْزَامِهِ جَوَازَهَا بَعْدَ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَوْهِينِ مَا جَاءَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ. عِيَاضٌ أَجْمَعُوا عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ دَافَعَ نَصَّ الْكِتَابِ ثُمَّ قَالَ أَوْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ لِنَفْسِهِ أَوْ جَوَّزَ اكْتِسَابَهَا وَالْبُلُوغَ بِتَصْفِيَةِ الْقَلْبِ إلَى مَرْتَبَتِهَا كَالْفَلَاسِفَةِ وَعَامَّةِ الْمُتَصَوِّفَةِ. (أَوْ) كُفْرٌ بِأَنْ (ادَّعَى أَنَّهُ يَصْعَدُ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ يَرْقَى (إلَى السَّمَاءِ) عِيَاضٌ وَكَذَلِكَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ أَوْ أَنَّهُ يَصْعَدُ إلَى السَّمَاءِ أَوْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَيُعَانِقُ الْحُورَ الْعِينِ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ كُفَّارٌ مُكَذِّبُونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَوْ) أَنَّهُ (يُعَانِقُ الْحُورَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ جَمْعُ حَوْرَاءَ بِالْمَدِّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالشِّفَاءِ مُكَفِّرَاتٌ كَثِيرَةٌ. (أَوْ) كُفْرٌ (اسْتَحَلَّ) مُحَرَّمًا مُجْمَعًا عَلَى تَحْرِيمِهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ (كَالشُّرْبِ) لِلْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ وَالرِّبَا وَأَنْكَرَ حِلَّ الْبَيْعِ وَأَكْلَ الثِّمَارِ وَوُجُوبَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَلَوْ عَلَى وَلِيٍّ مُكَلَّفٍ، أَوْ وُجُودَ مَكَّةَ أَوْ الْبَيْتِ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ الْأَقْصَى أَوْ اسْتِقْبَالَ الْكَعْبَةِ أَوْ صِفَةَ الْحَجِّ أَوْ الصَّلَوَاتِ أَوْ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ زَادَهُ أَوْ غَيَّرَهُ أَوْ إعْجَازَهُ أَوْ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ. عِيَاضٌ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَكْفِيرِ كُلِّ مَنْ اسْتَحَلَّ الْقَتْلَ أَوْ شُرْبَ الْخَمْرِ أَوْ شَيْئًا مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِهِ كَأَصْحَابِ الْإِبَاحَةِ مِنْ الْقَرَامِطَةِ وَبَعْضِ غُلَاةِ الْمُتَصَوِّفَةِ وَخَرَجَ مَا عُلِمَ ضَرُورَةً وَلَيْسَ مِنْ الدِّينِ وَلَا مُسْتَلْزِمًا لِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ، كَوُجُودِ بَغْدَادَ وَغَزْوَةِ تَبُوكَ. طفي عِيَاضٌ مَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ فَشَمِلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 210 لَا بِأَمَاتَهُ اللَّهُ كَافِرًا عَلَى الْأَصَحِّ وَفُصِّلَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ.   [منح الجليل] مَا عُلِمَ ضَرُورَةً وَغَيْرِهِ، وَلِذَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ، إذْ لَوْ كَانَ خَاصًّا بِالضَّرُورِيِّ مَا احْتَاجَ لِلْقَيْدِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فَأَطْلَقَ، لَكِنْ فَاتَهُ قَيْدُ الْعِلْمِ. وَقَوْلُ عج لَوْ قَالَ أَوْ جَحَدَ حُكْمًا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً لَكَانَ أَحْسَنَ غَيْرَ حَسَنٍ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَلَامَ عِيَاضٍ، وَقَدْ شَرَحَ بِهِ " ق ". اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. (لَا) يَكْفُرُ بِدُعَائِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِالْمَوْتِ عَلَى الْكُفْرِ (بِ) قَوْلِهِ (أَمَاتَهُ اللَّهُ) حَالَ كَوْنِهِ (كَافِرًا) قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَصَوَّبَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ قَصَدَ شِدَّةَ الضَّرَرِ بِالْخُلُودِ فِي سَقَرَ لَا الرِّضَا بِالْكُفْرِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فَتْوَى الْكَرْكِيِّ بِكُفْرِهِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْفُرَ بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الذَّخِيرَةِ عَاطِفًا عَلَى مَا يَكْفُرُ بِهِ وَمِنْهُ تَأْخِيرُ إسْلَامِ مَنْ أَتَى يُسْلِمُ وَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الدُّعَاءُ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ لِلْعَدُوِّ وَإِنْ كَانَ أَرَادَ الْكُفْرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ إذَايَةِ الْمَدْعُوَّ عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (وَ) إنْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِكُفْرِ مُسْلِمٍ (فُصِّلَتْ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً، أَيْ بُيِّنَتْ (الشَّهَادَةُ فِيهِ) أَيْ كُفْرُ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سَفْكُ دَمٍ وَقَطْعُ عِصْمَةٍ وَحَجْرُ مَالٍ وَمَنْعُ وَارِثٍ وَغَيْرِهَا فَلَا يَكْتَفِي الْقَاضِي بِقَوْلِ الْعَدْلِ أَشْهَدُ أَنَّهُ كَفَرَ أَوْ ارْتَدَّ حَتَّى يُبَيِّنَ وَجْهَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يَكْفُرُ بِهِ، وَقَدْ يَرَى الشَّاهِدُ تَكْفِيرَهُ بِمَا لَيْسَ كُفْرًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ. ابْنُ شَاسٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ عَلَى الرِّدَّةِ دُونَ تَفْصِيلٍ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي التَّكْفِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا حَسَنٌ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا فِي الشَّهَادَةِ فِي السَّرِقَةِ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ فُلَانًا سَرَقَ مَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 211 وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ وَمُعَاقَبَةٍ   [منح الجليل] يُقْطَعُ فِي مِثْلِهِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ وَكَيْفَ هِيَ وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ ذَهَبَ بِهَا. (وَاسْتُتِيبَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى وَالْمُرْتَدُّ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وُجُوبًا عَلَى الْمَشْهُورِ، أَيْ طُلِبَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) مُتَوَالِيَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخَّرَ قَوْمَ صَالِحٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي يَوْمٍ، وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَرَّةً، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ بِلَا تَأْخِيرٍ (بِلَا) مُعَاقَبَةٍ بِ (جُوعٍ وَ) لَا بِ (عَطَشٍ وَ) بِلَا (مُعَاقَبَةٍ) بِضَرْبٍ وَلَا غَيْرِهِ. ابْنُ شَاسٍ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَاجِبٌ وَالنَّصُّ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا عَلِمْت فِي اسْتِتَابَتِهِ تَجْوِيعًا وَلَا تَعْطِيشًا وَلَا عُقُوبَةً لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ يُسْتَتَابُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ يُقْتَلُ. وَرَوَى أَشْهَبُ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ إنْ تَابَ وَلَيْسَ فِي اسْتِتَابَتِهِ تَخْوِيفٌ وَلَا تَعْطِيشٌ فِي قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَقَالَ أَصْبَغُ يُخَوَّفُ بِالْقَتْلِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَيُذَكَّرُ بِالْإِسْلَامِ وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ فِي ذَلِكَ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي الْمُرْتَدِّ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. فِي الْمُوَطَّإِ قَدِمَ رَجُلٌ عَلَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَسَأَلَهُ عَنْ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ خَيْرٍ، فَقَالَ نَعَمْ كَفَرَ رَجُلٌ بَعْدَ إسْلَامِهِ، قَالَ فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ، قَالَ قَدَّمْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ، قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَفَلَا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا وَأَطْعَمْتُوهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَغِيفًا وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنِّي لَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ آمُرْ وَلَمْ أَرْضَ إذَا بَلَغَنِي. الْبَاجِيَّ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا عَلَى وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ بِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ رُجُوعُ أَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ وَافَقَهُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 212 وَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا: قُتِلَ. وَاسْتُبْرِئَتْ بِحَيْضَةٍ. وَمَالُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَإِلَّا فَفَيْءٌ وَبَقِيَ وَلَدُهُ مُسْلِمًا:   [منح الجليل] فَإِنْ تَابَ) الْمُرْتَدُّ بِرُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ فَلَا يُقْتَلُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ حَتَّى تَمَّتْ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ بِغُرُوبِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ (قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُرْتَدُّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا، فَلَا يُقَرُّ عَلَى كُفْرِهِ بِجِزْيَةٍ. وَلَوْ ارْتَدَّ أَهْلُ مَدِينَةٍ اُسْتُتِيبُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا فَيُقْتَلُونَ وَلَا يُسَبُّونَ وَلَا يُسْتَرَقُّونَ وَإِنْ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَظَفَرْنَا بِهِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ. فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَتُحْسَبُ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ الرِّدَّةِ لَا مِنْ يَوْمِ وُقُوعِهَا وَلَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا يَوْمَ الثُّبُوتِ. (وَ) إنْ ارْتَدَّتْ امْرَأَةٌ ذَاتُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَاسْتُتِيبَتْ فَلَمْ تَتُبْ (اُسْتُبْرِئَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (بِحَيْضَةٍ) قَبْلَ قَتْلِهَا خَشْيَةَ حَمْلِهَا وَلَوْ حُرَّةً لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهَا تَعَبُّدٌ، وَالْمُرْتَدَّةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهِ، وَهَذِهِ إحْدَى ثَلَاثٍ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ كَوْنِ اسْتِبْرَاءِ الْحُرَّةِ كَعِدَّتِهَا. الثَّانِيَةُ اللِّعَانُ. وَالثَّالِثَةُ حَدُّ الزِّنَا، وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعَةُ إلَى وُجُودِ مُرْضِعَةٍ يَقْبَلُهَا الْوَلَدُ، وَالْحَامِلُ إلَى وَضْعِهَا أَوْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَوُجُودِ مُرْضِعٍ كَذَلِكَ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ وَلَوْ مَرَّةً فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِمَرَضٍ أَوْ يَأْسٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ، فَإِنْ تُوُقِّعَ حَمْلُهَا اُسْتُبْرِئَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنْ تَحِيضَ فِيهَا، وَكُلُّ هَذَا فِيمَنْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا تُسْتَبْرَأُ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ حَمْلًا وَيُصَدِّقَهَا فِيهِ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَلَوْ مُخْتَلِفِينَ أَوْ شَاكِّينَ، وَالرَّجْعِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ، وَالْبَائِنُ إنْ كَانَتْ حَاضَتْ فَلَا تُؤَخَّرُ وَإِلَّا فَتُؤَخَّرُ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا. (وَمَالُ الْعَبْدِ) الْقِنِّ أَوْ ذِي الشَّائِبَةِ الْمَقْتُولِ بِرِدَّتِهِ (لِسَيِّدِهِ) بِالْمِلْكِ لَا بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُوَرِّثُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْتُولُ بِرِدَّتِهِ رَقِيقًا بِأَنْ كَانَ حُرًّا (فَ) مَالُهُ (فَيْءٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ فَهَمْزٌ، أَيْ يُجْعَلُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ اتِّفَاقًا، وَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ لِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَلَا الَّذِينَ ارْتَدَّ لِدِينِهِمْ لِعَدَمِ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ. (وَ) إذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ (بَقِيَ وَلَدُهُ) حَالَ كَوْنِهِ (مُسْلِمًا) أَيْ مَحْكُومًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 213 كَأَنْ تُرِكَ وَأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى   [منح الجليل] بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَتْبَعُ أَبَاهُ فِي الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ لِعَدَمِ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ تَدَيَّنَ بِغَيْرِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمِ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَافُ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (تُرِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَلَدُ الْمُرْتَدِّ وَغُفِلَ عَنْ جَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى بَلَغَ وَأَظْهَرَ خِلَافَهُ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَأَوْلَى إذَا بَلَغَ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِلَافُهُ وَسَوَاءٌ وُلِدَ قَبْلَ ارْتِدَادِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ أَظْهَرَ الْكُفْرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ وُلِدَ حَالَ رِدَّةِ أَبِيهِ إنْ أَدْرَكَ قَبْلَ بُلُوغِهِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ حَتَّى بَلَغَ تُرِكَ عَلَى كُفْرِهِ لِوِلَادَتِهِ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ وَابْنَ الْقَاسِمِ صَغِيرُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ إنْ كَانَ وُلِدَ قَبْلَ رِدَّتِهِ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْمَوْتُ. وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ جُبِرُوا عَلَى الْإِسْلَامِ وَرُدُّوا إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكُوا حَتَّى بَلَغُوا تُرِكُوا وَأُقِرُّوا عَلَى دِينِهِمْ لِأَنَّهُمْ وُلِدُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ ارْتِدَادُ أَبِيهِمْ ارْتِدَادًا لَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ حَتَّى شَاخَ وَتَزَوَّجَ فَلَا يُسْتَتَابُ وَلَا يُقْتَلُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ فِيمَنْ وَلَدُهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ أَنَّهُمْ يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا مَا لَمْ يَشِيخُوا عَلَى الْكُفْرِ وَيَتَزَوَّجُوا عَلَيْهِ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. قُلْت هَذَا فِيمَنْ أَبُوهُ مُرْتَدٌّ، وَأَمَّا مَنْ ارْتَدَّ صَغِيرًا مُمَيَّزًا وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ فَفِي الْجَنَائِزِ مِنْهَا مَنْ ارْتَدَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَلَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي ابْنِ الْمُسْلِمِ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَقَدْ عَقَلَ الْإِسْلَامَ وَلَمْ يَحْتَلِمْ جُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ وَالْعَذَابِ، فَإِنْ احْتَلَمَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ قُتِلَ بِخِلَافِ مَنْ يُسْلِمُ ثُمَّ يَرْتَدُّ ثُمَّ يَحْتَلِمُ عَلَى ذَلِكَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ، وَجَعَلَهُمْ أَشْهَبُ سَوَاءً، وَقَالَ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ وَقَارَبَ الْحُلُمَ ثُمَّ احْتَلَمَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ بِالسَّوْطِ وَالسَّجْنِ. ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ. (وَأُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مِنْهُ) أَيْ مَالِ الْمُرْتَدِّ أَرْشُ (مَا جَنَى) قَبْلَ رِدَّتِهِ أَوْ بَعْدَهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 214 عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ: أَوْ ذِمِّيٍّ لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ، كَأَنْ   [منح الجليل] عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ) لِغَيْرِهِ (أَوْ) عَلَى (ذِمِّيٍّ) لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِأَحَدِهِمَا لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْعَبْدِ بِالْحُرِّيَّةِ وَعَلَى الذِّمِّيِّ بِالْإِسْلَامِ الْحُكْمِيِّ فَتَعَيَّنَ الْمَالُ لِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِرِدَّتِهِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (لَا) يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ شَيْءٌ إنْ جَنَى عَمْدًا عَلَى (حُرٍّ مُسْلِمٍ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْقَتْلُ بِالرِّدَّةِ يَأْتِي عَلَيْهِ، فَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ وَسَقَطَ قَتْلُهُ بِالرِّدَّةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمُرْتَدِّ يُقْتَلُ فِي ارْتِدَادِهِ نَصْرَانِيًّا أَوْ بِجُرْحِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ فِي جُرْحٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ وَحَالُهُ فِي ارْتِدَادِهِ فِي الْقَتْلِ وَالْجُرْحِ إنْ أَسْلَمَ كَحَالِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا فَلَا يُقْتَلُ بِهِ. وَإِنْ جَرَحَهُ فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ. عِيسَى وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَقَتْلُهُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ فَمَرَّةٌ نَظَرَ إلَى حَالِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فِي الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ، وَمَرَّةٌ نَظَرَ إلَى حَالِهِ فِيهِمَا يَوْمَ جِنَايَتِهِ، وَمَرَّةٌ فَرَّقَ بَيْنَ الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ فَنَظَرَ فِي الْقَوَدِ إلَى يَوْمِ الْفِعْلِ، وَفِي الدِّيَةِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ، فَعَلَى اعْتِبَارِ يَوْمِ الْحُكْمِ فِيهِمَا قَالَ إنْ قَتَلَ مُسْلِمًا قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ جَرَحَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا أَوْ جَرَحَهُ فَلَا يُقَادُ فِي قَتْلٍ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي جُرْحٍ وَدِيَةُ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ يَوْمَ الْحُكْمِ لَهُ عَاقِلَةٌ تَعْقِلُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَعَلَى قَوْلِهِ بِالنَّظَرِ لِحَالِهِ يَوْمَ الْفِعْلِ فِيهِمَا يُقَادُ مِنْهُ إنْ قَتَلَ نَصْرَانِيًّا لِأَنَّهُ كَافِرٌ يَوْمَ الْفِعْلِ، وَإِنْ جَرَحَهُ عَمْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ جَرَحَ عَبْدًا مُسْلِمًا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّصْرَانِيِّ يَجْرَحُ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا خَطَأً فَدِيَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُمْ وَرَثَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمُ الصَّلَاةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَجْرِي حُكْمُ جِنَايَاتِهِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ الَّذِي فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ. وَشَبَّهَ فِي أَخْذِ الْأَرْشِ مِنْ مَالِهِ إنْ جَنَى عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَعَدَمِهِ إنْ جَنَى عَمْدًا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 215 هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ، وَالْخَطَأِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ:   [منح الجليل] التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ جَنَى الْمُرْتَدُّ عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حُرٍّ مُسْلِمٍ ثُمَّ (هَرَبَ) الْمُرْتَدُّ (لِبِلَادِ الْحَرْبِ) وَاسْتَمَرَّ بِهَا وَبَقِيَ مَالُهُ فِي بَيْتِ مَالِنَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ الذِّمِّيِّ، وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ، فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لِوُلَاةِ الْمُسْلِمِ أَخْذُ دِيَتِهِ مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ إنْ شَاءُوا أَوْ عَفَوْا عَنْ الْقِصَاصِ، وَإِنْ شَاءُوا صَبَرُوا حَتَّى يَقْتُلُوهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَتَلَ أَيْ الْمُرْتَدُّ حُرًّا مُسْلِمًا وَهَرَبَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلْأَوْلِيَاءِ فِي مَالِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ إنْ عَفَوْا الدِّيَةُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافُهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَمْدِ هَلْ هُوَ الْقَوَدُ فَقَطْ أَوْ التَّخْيِيرُ، لَكِنْ قَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى أَشْهَبَ بِأَنَّ الْخِيَارَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَالْقَاتِلُ هُنَا لَوْ حَضَرَ لَكَانَ مَحْبُوسًا بِحُكْمِ ارْتِدَادِهِ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ مَعَهُ كَلَامٌ. اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ. أَمَّا عِنْدَ أَسْرِهِ فَلَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ زَادَ طفي وَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ لِإِفْرَادِهَا بِالذِّكْرِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ السُّقُوطِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ فَقَالَ (إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَتَحْتِيَّةٍ، أَيْ الْقَذْفِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ فَيُحَدُّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ يُقْتَلُ لِلرِّدَّةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَمَّا جِنَايَتُهُ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ عَمْدًا فَإِنْ لَمْ يَتُبْ فَلَا يُقَامُ غَيْرُ الْفِرْيَةِ وَيُقْتَلُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نِكَاحِهَا الثَّالِثُ وَنَحْوُهُ فِي الْقَذْفِ إنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى كُلِّ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ لِلنَّاسِ إلَّا الْقَذْفَ فَيُحَدُّ لَهُ ثُمَّ يُقْتَلُ، وَجَرَى لَنَا فِي التَّدْرِيسِ مُنَاقَضَةُ قَوْلِهَا فِي الْكِتَابَيْنِ لِقَوْلِهَا فِي كِتَابِ الْقَذْفِ إذَا قَذَفَ حَرْبِيٌّ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ أَوْ أُسِرَ فَلَا يُحَدُّ لِلْقَذْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَتْلَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ. قُلْت فَإِسْقَاطُهُ حَدِّ الْقَذْفِ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ دَلِيلٌ عَلَى دُخُولِ حَدِّ الْقَذْفِ فِي الْقَتْلِ وَالْمَنْصُوصُ لَهُ خِلَافُهُ. (وَ) الْجُرْحُ أَوْ الْقَتْلُ (الْخَطَأِ) مِنْ الْمُرْتَدِّ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ إذَا قُتِلَ لِرِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ أَرْشُهُ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَأْخُذُ مَالَهُ، وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ خَطَأٍ عَلَى عَبْدٍ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 216 كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ، ، وَإِنْ تَابَ فَمَالُهُ لَهُ وَقُدِّرَ كَالْمُسْلِمِ فِيهِمَا   [منح الجليل] مَالِهِ لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فَيَخْرُجُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ قَالَهُ طفي. وَشَبَّهَ فِي التَّعَلُّقِ بِبَيْتِ الْمَالِ فَقَالَ (كَأَخْذِهِ) أَيْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْشِ (جِنَايَةً عَلَيْهِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ فِي نَفْسِهِ أَوْ طَرَفِهِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ. الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ لَيْسَ عَلَى مَنْ قَتَلَ مُرْتَدًّا مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ عَمْدًا قِصَاصُ الشُّبْهَةِ، وَلَا يَبْطُلُ دَمُهُ وَالْعَمْدُ فِيهِ كَالْخَطَأِ وَدِيَتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ جَرَحَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَعَقْلُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (وَ) يَحْجُرُ الْإِمَامُ عَلَى الْمُرْتَدِّ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَيَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَيُطْعِمُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ زَمَنَ اسْتِتَابَتِهِ، وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا عَلَى أَوْلَادِهِ زَمَنَهَا لِعُسْرِهِ بِهَا، فَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَفَيْءٌ وَ (إنْ تَابَ) الْمُرْتَدُّ بِرُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ (فَمَالُهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ الْمَوْقُوفِ (لَهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُخْلَى بَيْنَهُمَا، وَيُمَكَّنُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوقِفُ الْإِمَامُ مَالَهُ، أَيْ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ قَتْلِهِ، وَالْمَعْرُوفُ إنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ رَجَعَ إلَيْهِ مَالُهُ. وَرَوَى ابْنُ شَعْبَانَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ فَيْءٌ لِبَيْتِ الْمَالِ. ابْنُ شَاسٍ وَقَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ قُلْت وَعَزَاهُ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، وَفِي رُجُوعِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ إلَيْهِ بِاسْتِلَامِهِ وَلُزُومِ عِتْقِهِنَّ عَلَيْهِ نَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ وَمَالُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ أَوْ لِأَرْبَابِ دُيُونِهِ، وَفَائِدَةُ الْإِيقَافِ عَلَى أَنَّهُ فَيْءٌ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إنْ تَابَ احْتِمَالُ ظُهُورِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَيُوَفَّى مِنْهُ وَتَوَهُّمُهُ أَنَّهُ وَقْفٌ لَهُ فَيَعُودُ لِلْإِسْلَامِ. (وَ) إنْ جَنَى الْمُرْتَدُّ عَلَى غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (قُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (كَالْمُسْلِمِ فِيهِمَا) أَيْ الْجِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ تَابَ قُدِّرَ جَانِيًا مُسْلِمًا فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلِ. وَقِيلَ قُدِّرَ جَانِيًا مِمَّنْ ارْتَدَّ إلَيْهِمْ. فِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ النَّظَرِ فِي الْجِنَايَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ أَوْ يَوْمَ وُقُوعِهَا، وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْجِنَايَةِ، زَادَ فِي الْبَيَانِ ثَالِثًا بِاعْتِبَارِ الْعَقْلِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْقَوَدِ يَوْمَ الْفِعْلِ، فَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ عَمْدًا فَفِيهَا الْقَوَدُ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ خَطَأً. فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ جَنَى عَلَى ذِمِّيٍّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 217 وَقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا،   [منح الجليل] عَمْدًا فَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ وَخَطَأً فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ جَنَى عَلَى عَبْدٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَقِيمَتُهُ فِي مَالِهِ وَمَا مَرَّ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْحُرِّ الْمُسْلِمِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَفِيمَا إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا، وَأَمَّا لَوْ جَنَى غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَا يُقَدَّرُ مُسْلِمًا وَفِيهِ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ رُجُوعِ ضَمِيرٍ فِيهِمَا لِلْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ هُوَ الصَّوَابُ بِخِلَافِهِمَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ فَلَا يُقَدَّرُ مُسْلِمًا كَمَا مَرَّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَحْتَمِلُ الصَّادِرَتَيْنِ مِنْهُ أَوْ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ أَفَادَهُ عب. طفي الصَّوَابُ قَصْرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْجِنَايَةِ مِنْهُ، فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ تَابَ قُدِّرَ جَانِيًا مُسْلِمًا فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَلَا يَصِحُّ تَعْمِيمُهُ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ إذْ لَا يُقَدَّرُ مُسْلِمًا فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الضَّمَانِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَتْ. وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ عَادَ لِلْإِسْلَامِ فَدِيَةُ يَدِهِ دِيَةُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ مِنْ مَجُوسِيٍّ أَوْ كِتَابِيٍّ. ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا جُرِحَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَعَقْلُ جِرَاحَاتِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ قُتِلَ، وَلَهُ إنْ تَابَ، وَعَمْدُ جَارِحِهِ كَخَطَئِهِ لَا يُقَادُ مِنْهُ وَلَوْ جَرَحَهُ عَبْدٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَلَا قَوَدَ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ وَفِيهِ الْعَقْلُ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ دِيَةِ يَدِهِ دِيَةَ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُهُ، وَهُوَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا، وَقَدْ اعْتَمَدَ عج جَعْلَ ضَمِيرِ فِيهِمَا لِلْجِنَايَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَعَارَضَهُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ دِيَةَ الْمُرْتَدِّ ثُلُثُ خُمُسٍ. وَأَجَابَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ لَمْ يَتُبْ وَمَا هُنَا فِيمَنْ تَابَ وَأَطَالَ فِيهِ وَكُلُّهُ خَبْطٌ قَدْ عَلِمْتَ عَدَمُ صِحَّتِهِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ " ق " عَلَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَقُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الشَّخْصُ الْمُظْهِرُ لِلْإِسْلَامِ (الْمُسْتَسِرُّ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْأَخِيرَةِ أَيْ الْمُخْفِي الْكُفْرَ حَدًّا (بِلَا اسْتِتَابَةٍ) أَيْ بِلَا طَلَبِ تَوْبَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ إنْ تَابَ، إذْ لَا تُعْلَمُ تَوْبَتُهُ بَاطِنًا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا) قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 218 وَمَالُهُ لِوَارِثِهِ وَقُبِلَ عُذْرُ مَنْ أَسْلَمَ، وَقَالَ أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ إنْ ظَهَرَ:   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ الزِّنْدِيقُ مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ إنْ ثَبَتَتْ زَنْدَقَتُهُ بِإِقْرَارِهِ، وَقَالَ أَتُوبُ، فَفِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ طَرِيقَانِ، الْأُولَى قَبُولُهَا اتِّفَاقًا. وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ إنْ أَتَى تَائِبًا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ أُخِذَ عَلَى دِينٍ أَخْفَاهُ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ، قُلْت هَذَا مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ لِسَحْنُونٍ فِي شَاهِدِ الزُّورِ أَنَّهُ إنْ أَتَى تَائِبًا لَا يُعَاقَبُ. الثَّانِيَةُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ كَمَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ، عَزَاهُ ابْنُ شَاسٍ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا، قَالَ وَهُوَ شَاذٌّ بَعِيدٌ. قُلْت وَهُوَ دَلِيلُ مَا حَكَى الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ كُفْرُهُ مِنْ زَنْدَقَتِهِ أَوْ كُفْرٍ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ تَابَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْجَلَّابِ لَا يُسْتَتَابُ الزِّنْدِيقُ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَفِي الْمَبْسُوطَةِ الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ لَا يُقْتَلُ مَنْ أَسَرَّ دِينًا حَتَّى يُسْتَتَابَ وَالْإِسْرَارُ فِي ذَلِكَ وَالْإِظْهَارُ سَوَاءٌ. قُلْت وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ. (وَ) إذَا قُتِلَ الزِّنْدِيقُ فَ (مَالُهُ لِوَارِثِهِ) الْمُسْلِمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَكَذَا إنْ مَاتَ بِلَا قَتْلٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ إذَا جَاءَ تَائِبًا عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا أَبْدَاهُ عَنْ عَادَتِهِ وَمَذْهَبِهِ، فَإِنَّ التَّقِيَّةَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَيْنُ الزَّنْدَقَةِ وَيُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ، وَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ مَنْ عَبَدَ شَمْسًا أَوْ قَمَرًا أَوْ حَجَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مُسْتَسِرًّا بِهِ مُظْهِرَ الْإِسْلَامِ فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يُقِرُّونَ بِالْإِسْلَامِ وَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ مَالَ الزِّنْدِيقِ لِوَارِثِهِ وَهَذَا إذَا تَابَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتُبْ فَلَا قَالَهُ ابْنُ بُكَيْر فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ. (وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (عُذْرُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ اعْتَذَرَ (مَنْ) أَيْ الْكَافِرُ الَّذِي (أَسْلَمَ) ثُمَّ ارْتَدَّ (وَقَالَ) فِي اعْتِذَارِهِ (أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ) كَخَوْفِ قَتْلٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ ظُلْمًا (إنْ ظَهَرَ) مَا اعْتَذَرَ بِهِ بِقَرِينَةٍ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ زَوَالِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَوْ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَلَا يُقْبَلْ وَيُسْتَتَبْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 219 كَأَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَأَعَادَ مَأْمُومُهُ،   [منح الجليل] وَلَمْ يَتُبْ فَيُقْتَلْ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِه عَلَى الرِّدَّةِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَسْلَمَ كُرْهًا بِأَنْ أُكْرِه عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ اضْطَرَّهُ إلَيْهِ جِزْيَةٌ أَوْ ضِيقٌ أَوْ ظُلْمٌ أَوْ جَوْرٌ أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ لَا يُقْتَلُ، وَيُؤْمَرُ بِالْإِسْلَامِ وَيُحْبَسُ وَيُضْرَبُ. ابْنُ حَبِيبٍ هَذَا غَلَطٌ إذْ أَكْثَرُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الْأَعْرَابِ وَغَيْرِهِمْ كَانَ إسْلَامُهُمْ كُرْهًا، وَكَفَى بِالْأَسِيرِ الَّذِي يُقَرَّبُ لِضَرْبِ عُنُقَهُ فَيُسْلِمُ أَيُقَالُ مِنْ إسْلَامِهِ هَذَا، وَكَذَا قَالَ الْأَخَوَانِ. الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي نَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ قُرْبٍ وَقَالَ إنَّمَا أَسْلَمْت عَنْ ضِيقٍ عَلَيَّ، فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ ضِيقٍ نَالَهُ أَوْ خَوْفٍ أَوْ شَبَهِهِ فَعَسَى أَنْ يُعْذَرَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. أَشْهَبُ لَا عُذْرَ لَهُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ ضِيقٍ كَمَا قَالَ أَصْبَغُ قَوْلُ مَالِكٍ أَحَبُّ إلَى أَنْ يُقِيمَ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَهَابِ خَوْفِهِ، فَهَذَا يُقْتَلُ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ. وَشَبَّهَ فِي قَبُولِ الْعُذْرِ إنْ ظَهَرَ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (تَوَضَّأَ) الْكَافِرُ وُضُوءًا شَرْعِيًّا (وَصَلَّى) صَلَاةً شَرْعِيَّةً مُنْفَرِدًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا ثُمَّ ارْتَدَّ وَقَالَ فَعَلْتُ ذَلِكَ لِضِيقٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ اعْتِذَارُهُ إنْ ظَهَرَ مَا اعْتَذَرَ بِهِ (وَأَعَادَ مَأْمُومُهُ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا أَبَدًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ، سَمِعَ يَحْيَى بْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَنْ صَحِبَ قَوْمًا يُصَلِّي بِهِمْ إمَامًا أَيَّامًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ أَعَادُوا مَا صَلَّوْا خَلْفَهُ أَبَدًا وَلَا قَتْلَ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَخَافُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَتَسَتَّرَ بِذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ وَيُعِيدُونَ صَلَاتَهُمْ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ آمِنٍ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا يُعِيدُ الْقَوْمُ صَلَاتَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ وَأَعَادُوا. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُقْتَلُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ آمِنٍ لِأَنَّهُ رَأَى صَلَاتَهُ مُجُونًا وَعَبَثًا فَعَلَيْهِ بِذَلِكَ الْأَدَبُ الْمُؤْلِمُ وَلِلْأَخَوَيْنِ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْإِعَادَةِ أَبَدًا، وَقَالَا ذَلِكَ مِنْهُ إسْلَامٌ، وَسَوَاءٌ عَلَى قَوْلِهِمَا كَانَ بِمَوْضِعٍ آمِنٍ أَمْ لَا مِثْلُ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي رَسْمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 220 وَأُدِّبَ مَنْ تَشَهَّدَ، وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى الدَّعَائِمِ: كَسَاحِرٍ ذِمِّيٍّ؛ إنْ لَمْ يُدْخِلْ ضَرَرًا   [منح الجليل] الْأَقْضِيَةِ وَتَفْرِقَةِ سَحْنُونٍ بَيْنَ كَوْنِهِ بِمَوْضِعٍ آمِنٍ أَمْ لَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَتَفْرِقَتِهِ فِي الْإِعَادَةِ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ إذَا عُدَّتْ صَلَاتُهُ إسْلَامًا يُسْتَتَابُ عَلَيْهِ أَنْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ أَجَابَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يَجِبْ. الْمُتَيْطِيُّ إنْ اغْتَسَلَ لِلْإِسْلَامِ وَلَمْ يُصَلِّ إلَّا أَنَّهُ حَسُنَ إسْلَامُهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إسْلَامِهِ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ، فَإِنْ صَلَّى وَإِلَّا قُتِلَ. ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَلَوْ رَكْعَةً وَاحِدَةً، فَإِذَا صَلَّى ثُمَّ تَرَكَ أُدِبَّ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ قُتِلَ. (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (مَنْ) أَيْ الْكَافِرُ الَّذِي (تَشَهَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا، أَيْ نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ (وَلَمْ يُوقَفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ، أَيْ يَطَّلِعْ (عَلَى) بَقِيَّةِ (الدَّعَائِمِ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَإِهْمَالِ الْعَيْنِ وَالْهَمْزِ جَمْعُ دِعَامَةٌ بِكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ وَلَمَّا أُوقِفَ عَلَيْهَا ارْتَدَّ، وَهَذَا فِي الطَّارِئِ عَلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ بِهَا. وَأَمَّا الْمَوْلُودُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ وَالطَّارِئِ عَلَيْهَا الَّذِي طَالَتْ إقَامَتُهُ بِهَا حَتَّى عَلِمَهَا نَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ فَهَذَا مُرْتَدٌّ لِأَنَّ نُطْقَهُ بِهِمَا وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَرْكَانِ رِضَا بِهَا وَالْتِزَامٍ لَهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ النَّاصِرِ إنَّمَا كَانَ الْتِزَامُ الدَّعَائِمِ رُكْنًا لِأَنَّ الْإِيمَانَ تَصْدِيقُ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا عُلِمَ مَجِيئُهُ بِهِ ضَرُورَةً، وَمِنْهُ أَقْوَالُ الْإِسْلَامِ وَأَعْمَالِهِ الْمَبْنِيِّ هُوَ عَلَيْهَا فَمَنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا لَمْ يُصَدِّقْ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَا مُسْلِمًا وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ كِفَايَةُ الْإِيمَانِ بِهَا إجْمَالًا بِأَنْ يُصَدِّقَ بِأَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا يَتَضَمَّنُ التَّصْدِيقَ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ إجْمَالًا، وَذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْدِيقِ بِهَا تَفْصِيلًا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ. الْعَدَوِيُّ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مُرَادَ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَكْفِي فِي إجْرَاءِ الْأَحْكَامِ إذَا مَاتَ عَقِبَ تَشَهُّدِهِ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَيُوَرَّثُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا رَجَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ عَلَى الدَّعَائِمِ يُقْبَلُ عُذْرُهُ وَلَا يُقْتَلُ. وَشَبَّهَ فِي التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَ) شَخْصٍ (سَاحِرٍ) بِالتَّنْوِينِ (ذِمِّيٍّ) نَعْتُ سَاحِرٍ فَيُؤَدَّبُ (إنْ لَمْ يُدْخِلْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ السَّاحِرُ الذِّمِّيُّ بِسَحَرِهِ (ضَرَرًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 221 عَلَى مُسْلِمِ وَأَسْقَطَتْ: صَلَاةً، وَصِيَامًا وَزَكَاةً، وَحَجًّا تَقَدَّمَ،   [منح الجليل] عَلَى مُسْلِمٍ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَ بِسَحَرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ، وَظَاهِرُهُ أَيُّ ضَرَرٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِنَقْضِهِ الْعَهْدَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. الْخَرَشِيُّ يُؤَدَّبُ السَّاحِرُ الذِّمِّيُّ إذَا سَحَرَ مُسْلِمًا وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ ضَرَرًا بِسِحْرِهِ، فَإِنْ أَدْخَلَ ضَرَرًا بِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِنَقْضِ عَهْدِهِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ كَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَظَاهِرُهُ أَيُّ ضَرَرٍ كَانَ. الْبَاجِيَّ فَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْهُمْ بِسِحْرِهِ فَيُقْتَلُ بِهِ، وَبِعِبَارَةٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَدْخَلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ حُكْمُ مَنْ نَقَضَ عَهْدَهُ فَيُخَيِّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ قَتْلِهِ وَاسْتِرْقَاقِهِ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ وَإِنْ نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَاجِيَّ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَ السَّاحِرُ ذِمِّيًّا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُدْخِلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ فَيَكُونَ نَقْضًا لِعَهْدِهِ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ غَيْرَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ سَحَرَ أَهْلَ ذِمَّتِهِ أُدِّبَ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَيُقْتَلَ بِهِ. وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. الْبَاجِيَّ ظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ خِلَافَ قَوْلِ مَالِكٍ لَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُؤْذِيَ مُسْلِمًا أَوْ يَقْتُلَ ذِمِّيًّا وَمَنْ لَمْ يُبَاشِرْ عَمَلَ السِّحْرِ وَجَعَلَ وَمَنْ يَعْمَلُهُ لَهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُؤَدَّبُ أَدَبًا شَدِيدًا. (وَأَسْقَطَتْ) الرِّدَّةُ عَنْ الْمُكَلَّفِ (صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاةً) وَحَجًّا فَعَلَهَا قَبْلَ ارْتِدَادِهِ أَوْ فِي مُدَّتِهِ بِمَعْنَى أَبْطَلَتْ ثَوَابَهَا أَوْ لَمْ يَفْعَلْهَا بِمَعْنَى أَسْقَطَتْ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ وَوُجُوبَ قَضَائِهَا إلَّا الْحَجِّ فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ لِأَنَّ وَقْتَهُ الْعُمْرُ كُلُّهُ وَإِلَّا الصَّلَاةُ الَّتِي رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُ رَكْعَةً فَيَلْزَمُهُ فِعْلُهَا وَلَوْ خَرَجَ وَقْتُهَا. الْحَطّ أَيْ أُبْطِلَتْ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالزَّكَاةُ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِالْمُرْتَدِّ مِنْ حِينِ ارْتِدَادِهِ إلَى حِينِ رُجُوعِهِ إلَى الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ، فَإِنْ كَانَ فَعَلَهُ فَمَعْنَى الْإِسْقَاطِ الْإِبْطَالُ وَإِحْبَاطُ الثَّوَابِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَفْعَلْهُ فَمَعْنَاهُ إبْطَالُ تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَوُجُوبُ قَضَائِهِ، وَسَوَاءٌ وَجَبَ ذَلِكَ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ أَوْ أَدْرَكَهُ وَقْتَ وُجُوبِهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ، فَلَوْ صَلَّى صَلَاةً ثُمَّ ارْتَدَّ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ وَوَقْتِهَا بَاقٍ بِحَيْثُ يَسَعُ رَكْعَةً مِنْهَا لَزِمَتْهُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 222 وَنَذْرًا، وَكَفَّارَةً، وَيَمِينًا بِاَللَّهِ، أَوْ بِعِتْقٍ، أَوْ ظِهَارٍ،   [منح الجليل] وَأَسْقَطَتْ حَجًّا تَقَدَّمَ قَبْلَهَا بِمَعْنَى إبْطَالِ ثَوَابِهِ وَالِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي حُجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ وَقْتَهُ مُتَّسِعٌ لِآخَرِ الْعُمْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بِخِطَابٍ مُبْتَدَأٍ كَمَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَقِيلَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الْحَجِّ وَلَوْ ارْتَدَّ وَهُوَ مُحْرِمٌ بَطَلَ إحْرَامُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ، فَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فَرْضًا لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ لِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) أَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ (نَذْرًا) نَذَرَهُ عَلَى نَفْسِهِ قَبْلَ ارْتِدَادِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ (وَ) أَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ (يَمِينًا) حَلَفَهَا قَبْلَ ارْتِدَادِهِ (بِ) اسْمِ (اللَّهِ) تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ غَيْرِ الْفِعْلِيَّةِ. فَإِذَا حَنِثَ فِيهَا فَلَا يُكَفِّرُهَا (أَوْ) يَمِينًا (بِ) تَعْلِيقِ (عِتْقٍ) عَلَى فِعْلِ شَيْءِ أَوْ تَرْكِهِ، فَإِنْ حَنِثَ فِيهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ. الْحَطّ وَظَاهِرُهُ وَالْمُدَوَّنَةِ كَانَ الْمَحْلُوفُ بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، وَخَصَّهُ ابْنُ الْكَاتِبِ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ قَالَ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَيَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ إنْسَانٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ كَمَا يَلْزَمُهُ تَدْبِيرُهُ. ابْنُ يُونُسَ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ تَدْبِيرَهُ كَعِتْقِهِ وَطَلَاقِهِ وَذَلِكَ بِخِلَافِ أَيْمَانِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَلْزَمُهُ تَدْبِيرُهُ إذَا أَسْلَمَ وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينُهُ فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ. أَبُو الْحَسَنِ كَانَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ سَوَاءٌ كَانَتْ يَمِينُهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَأَشَارَ إلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ عِيَاضٍ، وَنَصُّهُ اخْتَلَفُوا فِي يَمِينِهِ بِالْعِتْقِ الَّتِي أَسْقَطَهَا ارْتِدَادُهُ هَلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَيَلْزَمُ كَالْمُدَبَّرِ وَقِيلَ الْمُعَيَّنُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ اهـ. (أَوْ) بِتَعْلِيقِ (ظِهَارٍ) الْحَطّ وَكَذَا الظِّهَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْيَمِينِ. أَبُو الْحَسَنِ يَتَحَصَّلُ فِي الظِّهَارِ الْمُجَرَّدِ وَالْيَمِينِ بِالظِّهَارِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٌ، أَحَدُهَا: أَنَّهُمَا لَا يَسْقُطَانِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْيَمِينِ بِالظِّهَارِ فَأَحْرَى الظِّهَارُ الْمُجَرَّدُ. وَالثَّانِي: يَسْقُطَانِ وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُ فِي الْمُجَرَّدِ وَلَا يَلْزَمُ فِي الْيَمِينِ، أَهْوَ الَّذِي اخْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةُ، فَإِذَا حَنِثَ فِي الظِّهَارِ الْمُجَرَّدِ بِالْوَطْءِ وَتَخَلَّدَتْ الْكَفَّارَةُ فِي ذِمَّتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ، أَيْ فَيَسْقُطُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 223 وَإِحْصَانًا، وَوَصِيَّةً   [منح الجليل] وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي الظِّهَارِ هَلْ النَّظَرُ إلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيجِ فَيُشْبِهُ الطَّلَاقَ أَوْ إلَى مَا فِيهِ مِنْ الْكَفَّارَةِ فَلَا يَلْحَقُ بِالطَّلَاقِ اهـ. اللَّخْمِيُّ لَيْسَ الظِّهَارُ كَالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْخِطَابَ فِي الطَّلَاقِ مُوَجَّهٌ إلَى الزَّوْجَيْنِ، وَفِي الظِّهَارِ يَتَوَجَّهُ إلَى الزَّوْجِ خَاصَّةً. اهـ. وَظَاهِرُ الْأُمِّ أَنَّ الظِّهَارَ الْمُجَرَّدَ يَسْقُطُ بِالرِّدَّةِ، وَنَصَّهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُرْتَدُّ إذَا ارْتَدَّ وَعَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِالْعِتْقِ أَوْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ أَوْ عَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَدْ حَلَفَ بِهَا أَنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُ عَنْهُ ذَلِكَ. اهـ. وَأَمَّا أَيْمَانُهُ بِالطَّلَاقِ فَلَمْ يَنُصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، لَكِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا السُّقُوطُ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا وَإِذَا ارْتَدَّ وَعَلَيْهِ يَمِينٌ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ فَالرِّدَّةُ تُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَطْرَحُ رِدَّتُهُ إحْصَانَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا أَيْمَانَهُ بِالطَّلَاقِ اهـ. (وَ) أَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ (إحْصَانًا) تَقَدَّمَ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي حَالِ إسْلَامِهِمَا، فَمَنْ ارْتَدَّ مِنْهُمَا زَالَ إحْصَانُهُ، وَلَا يَزُولُ إحْصَانُ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يَرْتَدَّ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ وَالرِّدَّةُ تُزِيلُ إحْصَانَ الْمُرْتَدِّ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَيَأْتَنِفَانِ الْإِحْصَانَ إذَا ارْتَدَّا، وَمَنْ زَنَى مِنْهُمَا بَعْدَ رُجُوعِهِ لِلْإِسْلَامِ وَقُبِلَ إحْصَانُهُ فَلَا يُرْجَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ارْتَدَّ قَاصِدًا إزَالَةَ إحْصَانِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَزَنَى فَإِنَّهُ يُرْجَمُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ. سَحْنُونٌ لَا تُسْقِطُ الرِّدَّةُ حَدَّ الزِّنَا لِأَنَّهُ لَا يَشَاءُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَنْ يُسْقِطَهُ إلَّا أَسْقَطَهُ بِرِدَّتِهِ. ابْنُ يُونُسَ ظَاهِرُ هَذَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا ارْتَدَّ لِيُسْقِطَ الْحَدَّ قَاصِدًا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، وَإِنْ ارْتَدَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ. (وَ) أَسْقَطَتْ الرِّدَّةُ (وَصِيَّةً) تَقَدَّمَتْ فِي " ق " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ بُطْلَانَهَا إنَّمَا هُوَ إذَا تَمَادَى عَلَى رِدَّتِهِ فَانْظُرْهُ. الْحَطّ صَدَرَتْ مِنْهُ حَالَ رِدَّتِهِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ فَتَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَمَا أَعْتَقَهُ أَوْ أَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَقْفَهُ لَا يَبْطُلُ كَعِتْقِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي ثَالِثِ نِكَاحِهَا إنْ رَاجَعَ الْإِسْلَامَ وُضِعَ عَنْهُ مَا كَانَ لِلَّهِ تَرَكَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَدٍّ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ بِعِتْقٍ أَوْ بِاَللَّهِ أَوْ بِظِهَارٍ وَيُؤْخَذُ بِمَا كَانَ لِلنَّاسِ مِنْ قَذْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 224 لَا طَلَاقًا، وَرِدَّةُ مُحَلِّلٍ، بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ   [منح الجليل] لَوْ فَعَلَهُ فِي كُفْرِهِ أُخِذَ بِهِ عِيَاضٌ كَذَا رِوَايَتُنَا أَوْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِمُجَرَّدِ الظِّهَارِ أَوْ يَمِينٍ بِهِ وَعَلَيْهِ اخْتِصَارُهَا. الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ وَتُسْقِطُ يَمِينًا بِالْعِتْقِ وَالظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا وَنَقَلَهَا غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ أَيْمَانٌ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَغَيْرُهُ عَلَى لَفْظِ الْكِتَابِ لِاحْتِمَالِ الْوَجْهَيْنِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْيَمِينِ بِالظِّهَارِ كَالْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ قَالَ وَفِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْهَا إنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَمُدَبِّرُوهُ فِي الثُّلُثِ وَتَسْقُطُ وَصَايَاهُ. (لَا) تُسْقِطُ الرِّدَّةُ (طَلَاقًا) تَقَدَّمَهَا فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَأَكْثَرُهُمْ حَمَلُوا قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُسْقِطُ طَلَاقَ الْبَنَاتِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ إنَّ الرِّدَّةَ تُسْقِطُ الطَّلَاقَ، فَيَجُوزُ لِلْمُطَلِّقِ ثَلَاثًا قَبْلَ رِدَّتِهِ نِكَاحَهَا قَبْلَ زَوْجٍ، وَحَكَاهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ هَذَا الْأَشْهَرُ عَنْهُ، وَحَكَى الدِّمْيَاطِيُّ عَنْهُ خِلَافَهُ وَأَنَّهَا لَا تَحِلُّ قَبْلَ زَوْجٍ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ ارْتَدَّا جَمِيعًا ثُمَّ أَسْلَمَا جَازَ أَنْ يَتَنَاكَحَا عِنْدَهُمْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. اهـ. وَفِي الْحَطّ نَعَمْ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّا جَمِيعًا عَنْ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمَا الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَهْرَامُ فِي الشَّامِلِ. (وَ) لَا تَسْقُطُ (رِدَّةُ) زَوْجٍ (مُحَلِّلٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا لِمُطَلِّقِهَا تَحْلِيلُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ غَيْرِهِ، أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا ارْتَدَّ الْمُحَلِّلُ، فَإِنَّ رِدَّتَهُ لَا تُبْطِلُ إحْلَالَهُ لَا يَلْزَمُ ابْنَ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْهُ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا (بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ) الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا الَّتِي تَزَوَّجَتْ غَيْرَ مُطَلَّقِهَا وَحَلَّتْ لَهُ ثُمَّ ارْتَدَّتْ فَإِنَّ رِدَّتَهَا تُبْطِلُ حِلَّهَا لِمُطَلِّقِهَا، فَإِذَا رَجَعَتْ لِلْإِسْلَامِ فَلَا تَحِلُّ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا آخَرَ. الشَّارِحُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ قَلَقٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً إلَخْ، ثُمَّ قَالَ لَا طَلَاقًا، أَيْ لَا تُسْقِطُهُ، ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ وَرِدَّةُ مُحَلِّلٍ بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا تَسْقُطُ الرِّدَّةُ رِدَّةَ مُحَلِّلٍ بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُسْقِطُهَا فَهُوَ مُعَقَّدٌ وَمُرَادُهُ مَا تَقَدَّمَ. الْبِسَاطِيُّ قَدْ يُجَابُ بِالْعِنَايَةِ. أَنَّ فَاعِلَ " تُسْقِطُ رِدَّةَ " مُضَافًا، أَيْ وَأَسْقَطَتْ رِدَّةَ مُكَلَّفٍ كَذَا وَكَذَا لَا طَلَاقًا وَرِدَّةَ مُحَلِّلٍ لَا تُسْقِطُ تَحْلِيلَهُ بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 225 وَأُقِرَّ كَافِرٌ انْتَقَلَ لِكُفْرٍ آخَرَ وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ:   [منح الجليل] وَأُقِرَّ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ، أَيْ تُرِكَ شَخْصٌ (كَافِرٌ اُنْتُقِلَ) مِنْ كُفْرِهِ (لِكُفْرٍ آخَرَ) كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ وَنَصْرَانِيٍّ تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» مَحْمُولٌ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. الْبَاجِيَّ مَنْ تَزَنْدَقَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا تُؤْخَذُ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ. ابْنُ حَبِيبٍ لَمْ أَعْلَمْ مَنْ قَالَهُ غَيْرُهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالزَّنْدَقَةِ التَّعْطِيلَ، وَمَذْهَبُ الدَّهْرِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ شَرِيعَةً أَوْ يُرِيدُ الْإِسْرَارَ بِمَا خَرَجَ إلَيْهِ وَإِظْهَارَ مَا خَرَجَ مِنْهُ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَإِذَا أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ الَّذِي تَزَنْدَقَ فَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ الْأَنْدَلُسِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يُقْتَلُ كَمُسْلِمٍ تَزَنْدَقَ ثُمَّ تَابَ. (وَ) إنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ لَهُ أَوْلَادٌ (حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِسْلَامِ مَنْ) أَيْ وَلَدٍ (لَمْ يُمَيِّزْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ بِ) سَبَبِ (إسْلَامِ أَبِيهِ فَقَطْ) أَيْ لَا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ وَجَدِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نِكَاحِهَا الثَّالِثِ تَبَعِيَّةُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ، وَإِنَّ إسْلَامَهُ إسْلَامٌ لِصَغِيرِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا وَمِنْ لَفْظِهَا وَالنَّصْرَانِيُّ يُسْلِمُ وَوَلَدُهُ صِغَارُهُمْ مُسْلِمُونَ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ بِإِسْلَامِ أَبِيهِمْ. عِيَاضٌ فَضْلُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الرُّوَاةِ مَنْ قَالَ لَيْسَ إسْلَامُ أَبِيهِمْ إسْلَامًا لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا. قُلْتُ وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ إسْلَامٌ لِأَوْلَادِهِمَا الصِّغَارِ، وَأَمَّا مَنْ مَيَّزَ فَهَلْ يَكُونُ إسْلَامُهُمَا إسْلَامًا لَهُ قَوْلَانِ. قُلْتُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي سِنِّ مَنْ لَا يُمَيِّزُ فَهُوَ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ، وَإِنْ عَقِلَ دِينَهُ فَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ. قُلْتُ فَفِي تَبَعِيَّةِ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ لِأَبِيهِ فِي إسْلَامِهِ وَكُفْرِهِ دُونَ أُمِّهِ وَتَبَعِيَّتِهِ لِأَوَّلِهِمَا إسْلَامًا مَعْرُوفَ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ تَبَعِيَّتَهُ لِأُمِّهِ كَالْحُرِّيَّةِ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 226 كَأَنْ مَيَّزَ، إلَّا الْمُرَاهِقَ، وَالْمَتْرُوكَ لَهَا، فَلَا يُجْبَرُ بِقَتْلٍ، إنْ امْتَنَعَ وَوُقِفَ إرْثُهُ وَلِإِسْلَامِ سَابِيهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ   [منح الجليل] نِكَاحِهَا الثَّالِثِ مَنْ أَسْلَمَ وَلَهُ وَلَدٌ صِغَارٌ فَأَقَرَّهُمْ حَتَّى بَلَغُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَشَبَهِهَا فَأَبَوْا الْإِسْلَامَ فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضٌ يُجْبَرُونَ وَهُمْ مُسْلِمُونَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْمَدَنِيِّينَ. وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (مَيَّزَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْوَلَدُ الَّذِي أَسْلَمَ أَبُوهُ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ، وَاسْتَثْنَى الْمُرَاهِقَ مِنْهُ فَقَالَ (إلَّا) الْمُمَيِّزَ (الْمُرَاهِقَ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، أَيْ الْمُقَارِبِ لِلْبُلُوغِ حَالَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِأَبِيهِ (وَ) إلَّا الْمُمَيِّزَ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ وَقْتَ إسْلَامِ أَبِيهِ (الْمَتْرُوكُ) جَبْرُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ (لَهَا) أَيْ الْمُرَاهَقَةِ (فَلَا يُجْبَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ (بِقَتْلٍ إنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ. وَمَفْهُومُ بِقَتْلٍ جَبَرَهُ بِغَيْرِهِ (وَ) إنْ مَاتَ أَبُوهُ الَّذِي أَسْلَمَ (يُوقَفْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ بِيَدِ عَدْلٍ وَنَائِبُ فَاعِلِ يُوقَفْ (إرْثُهُ) أَيْ الْمُرَاهِقُ مِنْ أَبِيهِ وَلَوْ أَسْلَمَ حَتَّى يَبْلُغَ، فَإِنْ أَسْلَمَ أَخَذُوهُ وَإِلَّا رُدَّ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ إسْلَامُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ هُنَا لِعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ إذَا بَلَغَ وَرَجَعَ عَنْهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَسْلَمَ وَلَهُ وَلَدٌ مُرَاهِقٌ مِنْ أَبْنَاءِ ثَلَاثَ عَشَرَةَ سَنَةً وَشَبَهَهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وُقِفَ مَالُهُ إلَى بُلُوغِ وَلَدِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَرِثَهُ وَإِلَّا فَلَا يَرِثُهُ وَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْوَلَدُ قَبْلَ احْتِلَامِهِ فَلَا يَتَعَجَّلُ أَخْذُهُ حَتَّى يَحْتَلِمَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِسْلَامٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ أُكْرِهَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُقْتَلُ، وَلَوْ قَالَ الْوَلَدُ لَا أُسْلِمُ إذَا بَلَغْت فَلَا أَنْظُرُ لِذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ إيقَافِهِ إلَى احْتِلَامِهِ. الصِّقِلِّيُّ وَقِيلَ إسْلَامُهُ إسْلَامٌ وَلَهُ الْمِيرَاثُ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالضَّرْبِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْ يَمُوتَ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) إنْ سَبَى مُسْلِمٌ مَجُوسِيًّا صَغِيرًا (حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِإِسْلَامِ) مَجُوسِيٍّ صَغِيرٍ (مَسْبِيٍّ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ مَأْسُورٍ (تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 227 أَبُوهُ وَالْمُتَنَصِّرُ مِنْ: كَأَسِيرٍ عَلَى الطَّوْعِ، إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ؛ وَإِنْ سَبَّ نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا، أَوْ عَرَّضَ، أَوْ لَعَنَهُ، أَوْ عَابَهُ،   [منح الجليل] الْمَسْبِيِّ (أَبُوهُ) أَيْ الْمَسْبِيِّ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّغِيرُ الْمَسْبِيُّ لَا أَبَ مَعَهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ الْمُسْلِمَ أَوْ بِنِيَّتِهِ إسْلَامِهِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ الْمَسْبِيِّ وَلَيْسَ أَبُوهُ مَعَهُ فَقِيلَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ لِمِلْكِ سَيِّدِهِ إيَّاهُ قَالَهُ ابْنُ دِينَارٍ، وَرَوَاهُ مَعْنٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقِيلَ حَتَّى يَنْوِيَهُ بِهِ سَيِّدُهُ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ. وَقِيلَ حَتَّى يَرْتَفِعَ عَنْ حَدَاثَةِ الْمِلْكِ شَيْئًا وَيُزَيِّيَهُ سَيِّدُهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ وَيُشَرِّعَهُ بِشَرَائِعِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَقِيلَ حَتَّى يُجِيبَ إلَيْهِ وَيَعْقِلَ الْإِجَابَةَ بِبُلُوغِهِ حَدَّ الْإِثْغَارِ. وَقِيلَ حَتَّى يُجِيبَ إلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ. (وَ) الْمُسْلِمُ (الْمُتَنَصِّرُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ وَالنُّونِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ الْمُرْتَدُّ لِلنَّصْرَانِيَّةِ مَثَلًا (مِنْ كَأَسِيرٍ) وَتَاجِرٍ وَسَائِحٍ فِي أَرْضِ الْكُفَّارِ مَحْمُولٌ (عَلَى الطَّوْعِ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي فِعْلِ الْكُلْفِ فَتُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ مِنْ بَيْنُونَةِ زَوْجَتِهِ وَإِيقَافِ مَالِهِ وَمَنْعِهِ مِنْ إرْثِ مُسْلِمٍ قَرِيبٍ لَهُ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلًى لَهُ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ) عَلَى التَّنَصُّرِ بِالشَّخْصِ وَلَا بِالْعُمُومِ بِأَنْ اشْتَهَرَ عَلَى قَوْمٍ كُفَّارٍ جُبِرَ أَسِيرُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ إسَاءَتِهِ، فَإِذَا دَخَلَ دِينَهُمْ تَرَكُوهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نِكَاحِهَا الثَّالِثِ وَغَيْرِهِ مِنْهَا وَالْأَسِيرُ يُعْلَمُ تَنَصُّرُهُ وَلَا يُدْرَى طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَلْتَعْتَدَّ زَوْجَتُهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ وَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ ثَبَتَ إكْرَاهُهُ بِبَيِّنَةٍ كَانَ بِحَالِ الْمُسْلِمِ فِي نِسَائِهِ وَمَالِهِ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِه عَلَى الرِّدَّةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ. (وَإِنْ سَبَّ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ شَتَمَ الْمُكَلَّفُ (نَبِيًّا) أَيْ إنْسَانًا ذَكَرًا أُوحِيَ إلَيْهِ بِشَرْعٍ أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ أَمْ لَا مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ وَالرَّسُولُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْمَأْمُورِ بِالتَّبْلِيغِ فَالنَّبِيُّ عَامٌّ وَالرَّسُولُ خَاصٌّ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (أَوْ) سَبَّ (مَلَكًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ كَذَلِكَ (أَوْ عَرَّضَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مُعْجَمِ الضَّادِ يَسُبُّ مَنْ ذَكَرَ (أَوْ لَعَنَهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ أَوْ تَمَنَّى ضَرَرَهُ (أَوْ عَابَهُ) أَيْ نَسَبَهُ لِلْعَيْبِ وَهُوَ خِلَافُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 228 أَوْ قَذَفَهُ، أَوْ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ، أَوْ غَيَّرَ صِفَتَهُ، أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا، وَإِنْ فِي بَدَنِهِ، أَوْ خَصْلَتِهِ، أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ، أَوْ وُفُورِ عِلْمِهِ، أَوْ زُهْدِهِ، أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ أَوْ قِيلَ لَهُ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ فَلَعَنَ؛ وَقَالَ أَرَدْت الْعَقْرَبَ،   [منح الجليل] الْمُسْتَحْسَنِ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا فِي خَلْقٍ أَوْ خُلُقٍ أَوْ دِينٍ (أَوْ قَذَفَهُ) بِنَفْيِ نَسَبِهِ أَوْ بِزِنَا (أَوْ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ) بِإِتْيَانِهِ بِمَا لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ تَصْرِيحًا أَوْ تَلْوِيحًا (أَوْ غَيَّرَ) بِفَتْحِ الْغِينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةِ تَحْتَ مُثَقَّلًا (صِفَتَهُ) بِأَنْ قَالَ أَسْوَدَ أَوْ قَصِيرًا أَوْ مَاتَ بِلَا لِحْيَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قُرَشِيًّا لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الْمَعْلُومَةِ نَفْيٌ لَهُ وَتَكْذِيبٌ بِهِ قَالَهُ عِيَاضٌ. (أَوْ أَلْحَقَ) بِقَطْعِ الْهَمْزِ (بِهِ) أَيْ الْمَذْكُورَ (نَقْصًا) فِي دِينِهِ أَوْ عِرْضِهِ، بَلْ (وَإِنْ فِي بَدَنِهِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ دِينُهُ وَمِثْلُهُ فِي الشِّفَاءِ (أَوْ) فِي (خَصْلَتِهِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَوْ عَادَتِهِ (أَوْ غَضَّ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ مُثَقَّلًا، أَيْ نَقَصَ (مِنْ مَرْتَبَتِهِ أَوْ) مِنْ (وُفُورِ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَالْفَاءِ أَيْ كَمَالِ (عِلْمِهِ أَوْ) مِنْ وُفُورِ (زُهْدِهِ) أَيْ إعْرَاضِهِ عَنْ الدُّنْيَا (أَوْ أَضَافَ) أَيْ نَسَبَ (لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ) مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي غَيْرِ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ. رَبِيعُ بْنُ حَبِيبٍ الْقَرَوِيُّ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَنْ قَالَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا فِيهِ نَقْصٌ يُقْتَلْ بِغَيْرِ اسْتِتَابَةٍ، وَجَعَلَ مِنْ أَمْثِلَتِهِ مَيْلَهُ لِبَعْضِ نِسَائِهِ (أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ) أَيْ الْمَذْكُورَ (مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ مَقَامِهِ (الشَّرِيفِ) كَمُدَاهَنَةٍ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَوْ فِي حُكْمٍ بَيْنَ النَّاسِ (عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ) لَهُ وَإِضَافَتِهِ لِلْبَيَانِ. (أَوْ قِيلَ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَلَعَنَ) هـ أَوْ شَتَمَهُ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَقَالَ أَشَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ (وَقَالَ أَرَدْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ) الَّذِي لَعَنْتُهُ (الْعَقْرَبَ) مَثَلًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 229 قُتِلَ، وَلَمْ يُسْتَتَبْ حَدًّا إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ   [منح الجليل] وَجَوَابُ إنْ سَبَّ إلَخْ (قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (وَلَمْ) الْأَوْلَى وَلَا (يُسْتَتَبْ) قَتْلًا (حَدًّا) طفي عِبَارَةُ عِيَاضٍ فِي الشِّفَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنْدِيقِ، وَهِيَ أَشَدُّ، وَمَحَلُّ كَوْنِ قَتْلِهِ حَدًّا لَا كُفْرًا إذَا تَابَ أَوْ أَنْكَرَ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ سَبُّهُ كُفْرًا، وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ كَذَا لِعِيَاضٍ فِي الشِّفَاءِ وَتَنْفَعُهُ تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدُّ كَسَائِرِ الْحُدُودِ، وَفَائِدَةُ كَوْنِ قَتْلِهِ حَدًّا وَتَغْسِيلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِرْثِهِ قَالَهُ عِيَاضٌ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ سَبَّ إلَى آخِرِ الْبَابِ زِيَادَةً عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ لَخَّصَهُ مِنْ الشِّفَاءِ، وَلَوْ اخْتَصَرَهُ جُمْلَةً لَكَفَاهُ قَوْلُهُ وَإِنْ تَنَقَّصَ مَعْصُومًا وَإِنْ بِتَعْرِيضٍ أَوْ بِاسْتِخْفَافٍ بِحَقِّهِ قُتِلَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ قُتِلَ فِي كُلِّ حَالٍ فَقَالَ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُسْلِمَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ السَّابُّ (الْكَافِرُ) أَصَالَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] الْأَنْفَالَ. وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِسْلَامُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 230 وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ، لِجَهْلٍ، أَوْ سُكْرٍ، أَوْ تَهَوُّرٍ؛   [منح الجليل] يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» وَيُقْتَلُ السَّابُّ الْمُسْلِمُ أَوْ الْكَافِرُ إنْ ظَهَرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ أَرَادَ ذَمَّهُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ، بَلْ (وَإِنْ ظَهَرَ) مِنْ حَالِهِ (أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ يَقْصِدْ بِسَبِّهِ (ذَمَّهُ) وَسَبَّهُ إمَّا (لِجَهْلٍ أَوْ سُكْرٍ) بِحَرَامٍ، وَأَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ بِقَتْلِ مَنْ شَتَمَ فِي سُكْرِهِ لِظَنٍّ بِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي صَحْوٍ وَلِأَنَّ قَتْلَهُ حَدٌّ وَالسُّكْرُ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ (أَوْ) سَبَّ لِ (تَهَوُّرٍ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَاءِ وَضَمِّ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً أَيْ تَوَسُّعٍ وَمُبَالَغَةٍ (فِي) كَثْرَةِ (كَلَامِهِ) وَقِلَّةِ مُرَاقَبَتِهِ وَعَدَمِ ضَبْطِهِ وَعَجْرَفَتِهِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَلَا بِدَعْوَى زَلَلِ اللِّسَانِ. عِيَاضٌ مَنْ أَضَافَ إلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَذِبَ فِيمَا بَلَّغَهُ أَوْ أَخْبَرَ بِهِ أَوْ سَبَّهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ آزَرَى عَلَيْهِمْ أَوْ آذَاهُمْ فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَا يُكَفَّرُ مَنْ اعْتَرَفَ بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ قَالَ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَلْتَحِيَ أَوْ لَيْسَ كَانَ بِمَكَّةَ وَالْحِجَازِ أَوْ لَيْسَ بِقُرَشِيٍّ لِأَنَّ وَصْفَهُ بِغَيْرِ صِفَتِهِ الْمَعْلُومَةِ نَفْيٌ لَهُ وَتَكْذِيبٌ بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَحُكْمُ مَنْ سَبَّ أَنْبِيَاءَهُ تَعَالَى وَمَلَائِكَتَهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِمْ أَوْ كَذَّبَهُمْ أَوْ أَنْكَرَهُمْ حُكْمُ مِنْ سَبَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَسَاقِ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ حُقِّقَ كَوْنَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ كَجِبْرِيلَ وَرِضْوَانَ وَالزَّبَانِيَةِ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأَخْبَارُ بِتَعْيِينِهِ وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ، فَلَيْسَ حُكْمُ سَابِّهِمْ وَالْكَافِرُ بِهِمْ كَحُكْمِ مَنْ ذُكِرَ، إذْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، لَكِنْ يُؤَدَّبُ مَنْ تَنَقَّصَهُم. وَأَمَّا مُنْكِرُ نُبُوَّتِهِمْ أَوْ مِلْكِيَّتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ زُجِرَ عَنْ الْخَوْضِ فِيهِ، وَقَدْ كَرِهَ السَّلَفُ الْكَلَامَ فِي مِثْلِ هَذَا، ثُمَّ قَالَ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَابَهُ أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا فِي نَفْسِهِ أَوْ نَسَبِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ خِصَالِهِ أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ شَبَّهَهُ بِشَيْءٍ عَلَى طَرِيقِ سَبِّهِ وَالْإِزْرَاءِ عَلَيْهِ أَوْ التَّصْغِيرِ لِشَأْنِهِ أَوْ الْغَضِّ مِنْهُ وَالْعَيْبِ فَهُوَ سَابٌّ لَهُ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ السَّابِّ يُقْتَلُ لَا نَسْتَثْنِي فَصْلًا مِنْ فُصُولِ هَذَا الْبَابِ عَلَى هَذَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 231 وَفِيمَنْ قَالَ: لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ، جَوَابًا لِصَلِّ؛   [منح الجليل] الْمَقْصِدِ، وَلَا نَمْتَرِي فِيهِ تَصْرِيحًا كَانَ أَوْ تَلْوِيحًا، وَكَذَلِكَ مَنْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ، فَمَشْهُورُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي هَذَا كُلِّهِ قَتْلُهُ حَدًّا لَا كُفْرًا وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا تَنْفَعُهُ اسْتِقَالَتُهُ وَفَيْئَتُهُ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ مَعَ إنْكَارِهِ لِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ إظْهَارِ التَّوْبَةِ مِنْهُ وَالْإِقْلَاعِ عَنْهُ. وَأَمَّا مَنْ سَبَّهُ مُسْتَحِلًّا فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ، وَكَذَا مَنْ كَانَ سَبَّهُ فِي نَفْسِهِ كُفْرًا كَتَكْذِيبِهِ أَوْ تَكْفِيرِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ التَّوْبَةَ وَاعْتَرَفَ بِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ وَصَمَّمَ فَهَذَا كَافِرٌ بِقَوْلِهِ وَبِاسْتِحْلَالِهِ هَتْكِ حُرْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُرْمَةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُقْتَلُ كُفْرًا بِلَا خِلَافٍ، وَالذِّمِّيُّ إذَا صَرَّحَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَرَّضَ بِهِ أَوْ اسْتَخَفَّ بِقَدْرِهِ أَوْ وَصْفِهِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي كَفَرَ بِهِ فَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي قَتْلِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ إنْ كَانَ الْقَائِلُ لِمَا قَالَهُ فِي جِهَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ قَاصِدٍ السَّبِّ وَالِازْدِرَاءَ وَلَا مُعْتَقِدًا لَهُ وَتَكَلَّمَ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ مِنْ لَعْنِهِ أَوْ سَبِّهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ، وَظَهَرَ بِدَلِيلِ حَالِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَمَّهُ وَلَمْ يَقْصِدْ سَبَّهُ إمَّا لِجَهَالَةِ حَمْلَتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ أَوْ ضَجَرٍ أَوْ سُكْرٍ اضْطَرَّهُ إلَيْهِ أَوْ قِلَّةِ مُرَاقَبَتِهِ وَضَبْطِهِ لِلِسَانِهِ وَعَجْرَفَتِهِ وَتَهَوُّرِهِ فِي كَلَامِهِ، فَحُكْمُ هَذَا الْوَجْهِ حُكْمُ الْأَوَّلِ الْقَتْلُ دُونَ تَوْقِيفٍ. (وَفِي) قَتْلِ (مَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الْمُكَلَّفِ الَّذِي قَالَ (لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (جَوَابًا لِ) قَوْلِ مَنْ قَالَ لَهُ (صَلِّ) عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِدُعَائِهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ وَغَيْرُهُ وَعَدَمُ قَتْلِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الدُّعَاءَ عَلَى نَفْسِهِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ قَوْلَانِ فِي الْغَضْبَانِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُقْتَلُ بِلَا خِلَافٍ. عِيَاضٌ إنْ لَفَظَ مِنْ الْكَلَامِ بِمُشْكِلٍ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَلَى غَيْرِهِ فَهَاهُنَا مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَاخْتَلَفَ أَئِمَّتُنَا فِيمَنْ أَغْضَبَهُ غَرِيمُهُ فَقَالَ صَلِّي عَلَى النَّبِيِّ فَقَالَ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فَذَا الْخِلَافُ فِي قَتْلِهِ بَيْنَ سَحْنُونٍ وَالْبَرْقِيِّ وَأَصْبَغَ، وَبَيْنَ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَغَيْرِهِ. مَوَّاقٌ وَنَصُّ الشِّفَاءِ اخْتَلَفَ أَئِمَّتُنَا فِي رَجُلٍ أَغْضَبَهُ غَرِيمُهُ فَقَالَ لَهُ صَلِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 232 أَوْ قَالَ: الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ، جَوَابًا لِتَتَّهِمَنِي، أَوْ جَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَوْلَانِ   [منح الجليل] عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ الطَّالِبُ لَا صَلَّى اللَّهُ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ لِسَحْنُونٍ هَلْ هُوَ كَمَنْ شَتَمَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ شَتَمَ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا إذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ الْغَضَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُضْمِرًا لِلشَّتْمِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْقِيُّ وَأَصْبَغُ لَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَتَمَ النَّاسَ، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ سَحْنُونٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْذُرْهُ بِالْغَضَبِ فِي شَتْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ كَلَامُهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ شَتْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ شَتْمَ الْمَلَائِكَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا مُقَدِّمَةَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا كَلَامُهُ، بَلْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ النَّاسُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْآخَرِ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمَلَ قَوْلَهُ وَسَبَّهُ لِمَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْآنَ لِأَجْلِ أَمْرِ الْآخَرِ لَهُ بِهَا عِنْدَ غَضَبِهِ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِعِلَّةِ صَاحِبَيْهِ. وَذَهَبَ الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إلَى الْقَتْلِ فِي مِثْلِ هَذَا. (أَوْ) فِي قَتْلِ مَنْ (قَالَ الْأَنْبِيَاءُ يُتَّهَمُونَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَالْهَاءِ (جَوَابًا لِ) قَوْلِ مَنْ قَالَ لَهُ (تَتَّهِمُنِي) وَعَدَمُهُ قَوْلَانِ فَقَدْ أَفْتَى فِيهَا قَاضِي قُرْطُبَةَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ بِعَدَمِ قَتْلِهِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَنْصُورٍ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ عِنْدَهُ لِكَوْنِهِ إخْبَارًا عَمَّنْ اتَّهَمَهُمْ مِنْ الْكُفَّارِ، وَشَدَّدَ فِي تَصْفِيدِهِ وَإِطَالَةِ سَجْنِهِ، ثُمَّ اسْتَحْلَفَهُ عَلَى تَكْذِيبِ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ اخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ جَعْفَرٍ يُقْتَلُ لِبَشَاعَةِ لَفْظِهِ. (أَوْ) قُتِلَ مَنْ (قَالَ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ نَقَصْتنِي (جَمِيعُ الْبَشَرِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ النَّاسِ (يَلْحَقُهُمْ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) مِنْ اللَّهِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ وَعَدَمُهُ (قَوْلَانِ) فَقَدْ أَفْتَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِطَالَةِ سَجْنِهِ وَإِيجَاعِ أَدَبِهِ، إذْ لَمْ يَقْصِدْ السَّبَّ، وَأَفْتَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِقَتْلِهِ. عِيَاضٌ اسْتَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْأَنْدَلُسِ شَيْخَنَا أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ مَنْصُورٍ فِيمَنْ تَنَقَّصَهُ آخَرُ بِشَيْءٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 233 وَاسْتُتِيبَ فِي هُزِمَ، أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ؛ أَوْ تَنَبَّأَ،   [منح الجليل] فَقَالَ إنَّمَا أَرَدْت نَقْصِي بِهِ وَأَنَا بَشَرٌ وَجَمِيعُ الْبَشَرِ يَلْحَقُهُمْ النَّقْصُ حَتَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَفْتَاهُ بِإِطَالَةِ سَجْنِهِ وَإِيجَاعِ أَدَبِهِ، إذْ لَمْ يَقْصِدْ السَّبَّ، وَأَفْتَى بَعْضُ فُقَهَاءِ الْأَنْدَلُسِ بِقَتْلِهِ. الشَّارِحُ وَالْقَوْلُ بِالْقَتْلِ أَظْهَرُ أَفَادَهُ شب. الْعَدَوِيُّ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَوْلُهُ قَوْلَانِ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَحَذْفِهِ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثِ وَالِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ حَقَّهُ إبْدَالُهُ فِي الثَّالِثِ بِتَرَدُّدٍ تَقَدَّمَ جَوَابُهُ مِرَارًا بِأَنَّهُ قَالَ وَحَيْثُ قُلْت تَرَدُّدٌ وَلَمْ يَقُلْ وَحَيْثُ تَرَدَّدُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَاسْتُتِيبَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأُولَى الْمُكَلَّفُ (فِي) قَوْلِهِ (هُزِمَ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ، فَإِنْ تَابَ فَلَا يُقْتَلُ وَيُشَدَّدُ أَدَبُهُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ وَإِلَّا فَيُقْتَلُ. وَقَالَ رَبِيعُ بْنُ حَبِيبٍ يُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْمُرَابِطِ وَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ. الْبِسَاطِيُّ إنْ كَانَ ابْنُ الْمُرَابِطِ قَالَ بِاسْتِتَابَةِ السَّابِّ كَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلِقَوْلِهِ بِالِاسْتِتَابَةِ فِي هُزِمَ وَجْهٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ الْقُرْطُبِيُّ مَنْ قَالَ فَرَّ أَوْ هُزِمَ قُتِلَ وَلَا يُسْتَتَابُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ ضَخْمًا فَأَنْكَرَ مَا عُلِمَ مِنْ وَصْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ كُفْرٌ بِهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ أَضَافَ إلَيْهِ نَقْصًا وَعَيْبًا. (أَوْ أَعْلَنَ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ الْعِينِ، أَيْ أَظْهَرَ وَجَهَرَ (بِتَكْذِيبِهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرِّسَالَةِ أَوْ غَيْرِهَا فَيُسْتَتَابُ. طفي أَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ عِيَاضٍ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ يَقْصِدَ إلَى تَكْذِيبِهِ فِيمَا قَالَهُ أَوْ أَتَى بِهِ، أَوْ يَنْفِيَ نُبُوَّتَهُ أَوْ رِسَالَتَهُ أَوْ وُجُودَهُ أَوْ يَكْفُرَ بِهِ فَهَذَا كَافِرٌ بِإِجْمَاعٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ وَلَيْسَ بِتَنْقِيصٍ، وَإِذَا كَانَ عَدَمُ التَّصْدِيقِ بِمَا عُلِمَ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً كُفْرًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلتَّكْذِيبِ فَأَحْرَى التَّصْرِيحُ بِهِ (أَوْ تَنَبَّأَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَهْمُوزًا، أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ فَيُسْتَتَابُ لِتَكْذِيبِهِ الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ، وَنُبُوَّةُ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَابِقَةٌ، وَيُنَزَّلُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ أُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْكُمُ بِشَرِيعَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمَا. عِيَاضٌ لَا خِلَافَ فِي تَكْفِيرِ مُدَّعِي الرِّسَالَةِ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 234 إلَّا أَنْ يُسِرَّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي: أَدِّ وَاشْكُ، لِلنَّبِيِّ أَوْ لَوْ سَبَّنِي مَلَكَ لَسَبَبْتُهُ،   [منح الجليل] وَسَحْنُونٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ تَنَبَّأَ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ كَالْمُرْتَدِّ. طفي فَقَوْلُ ابْنِ مَرْزُوقٍ عِنْدِي أَنْ تُجْعَلَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ أَيْ قَوْلُهُ وَاسْتُتِيبَ إلَى قَوْلِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ بَابِ السَّبِّ فَيُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ إخْرَاجِهَا مِنْ السَّبِّ ظَاهِرٌ فِي هُزِمَ كَمَا بَيَّنَّاهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ أَحْوَالِ الْمُتَنَبِّي فَقَالَ يُسْتَتَابُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يُسِرَّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ، أَيْ دَعْوَى النُّبُوَّةِ فَيُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ زِنْدِيقٌ، فَإِنْ أَتَى تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ عَلَيْهِ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ. وَفِي النَّوَادِرِ يُقْتَلُ سَوَاءٌ أَظْهَرَ ذَلِكَ أَمْ لَا. طفي أَيْ يَقُولُ ذَلِكَ سِرًّا. عِيَاضٌ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ مُصَرَّحًا بِذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ أَشْبَهَ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَتِرًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزِّنْدِيقِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ تَنَبَّأَ، وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ أَعْلَنَ بِهِ، فَلَوْ أَسَرَّهُ كَانَ حُكْمُهُ كَإِسْرَارِ التَّنَبِّي كَمَا فِي الشِّفَاءِ، فَلَوْ حَذَفَ أَعْلَنَ لَعَادَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسِرَّ لَهُمَا، لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ اسْتِظْهَارُ ابْنِ رُشْدٍ فِي التَّنَبِّي فَقَطْ. (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَدَبًا (اجْتِهَادًا) فِي نَوْعِهِ وَقَدْرِهِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَيُؤَدَّبُ (فِي) قَوْلِهِ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ مَالًا ظُلْمًا فَقَالَهُ أَشْكُوك لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أَدِّ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ أَعْطِنِي مَا طَلَبْته مِنْك (وَاشْكِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الشَّارِحُ وَقَعَ لِعَشَّارٍ طَلَبَ مِنْ شَخْصٍ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ أَشْكُوكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَفْتَى بَعْضُ الْأَشْيَاخِ بِتَأْدِيبِهِ وَبَعْضُهُمْ بِقَتْلِهِ وَوَافَقَهُ ابْنُ عَتَّابٍ، سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ عَشَّارٍ قَالَ لِرَجُلٍ اغْرَمْ وَاشْكِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَ الْعَشَّارُ الْقَائِلُ مَا ذُكِرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْأَدَبِ الْمُوجِعِ، وَبِهَذَا أَجَابَ ابْنُ الْحَاجِّ أَيْضًا. (وَ) أُدِّبَ اجْتِهَادًا فِي قَوْلِهِ (لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ (لَسَبَبْته) لِإِظْهَارِهِ عَدَمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 235 أَوْ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ، فَقَالَ: تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ، أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ: كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكِرٍ، أَوْ مَالِكٍ،   [منح الجليل] الْمُبَالَاةِ بِالْمَلَكِ وَلَمْ يُقْتَلْ لِعَدَمِ وُقُوعِ سَبِّهِ الْمَلَكَ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الِانْتِصَارَ لِنَفْسِهِ وَصِيَانَتِهَا مِنْ سَبِّ النَّاسِ، وَيُؤَدَّبُ مَنْ يَقُولُ يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَنَحْوُهُ مِمَّا يَقَعُ فِي كَلَامِ السُّفَهَاءِ، وَإِنْ قَصَدَ دُخُولَ الْأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ (أَوْ عُيِّرَ) بِضَمِّ الْعِينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (بِالْفَقْرِ فَقَالَ) لِمَنْ عَيَّرَهُ (تُعَيِّرُنِي) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْعِينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (بِهِ) أَيْ الْفَقْرِ (وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَدْ عَرَّضَ بِذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَيْ لِأَنَّ رَعْيَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَنَمَ لَمْ يَكُنْ لِفَقْرِهِ بَلْ لِتَدْرِيبِهِ عَلَى سِيَاسَةِ أُمَّتِهِ أَرَى أَنْ يُؤَدَّبَ، أَيْ وَلَا يُقْتَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَنْقِيصَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ رَفَعَ نَفْسَهُ وَدَفَعَ الْعَارَ عَنْهَا. (أَوْ قَالَ) الْمُكَلَّفُ (لِغَضْبَانَ كَأَنَّهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ وَجْهِ الْغَضْبَانِ (وَجْهُ مُنْكَرٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ اسْمُ أَحَدِ الْمَلَكَيْنِ السَّائِلَيْنِ الْمَيِّتَ فِي الْقَبْرِ عَقِبَ دَفْنِهِ (أَوْ) وَجْهُ (مَالِكٍ) اسْمُ الْمَالِكِ الْمُوَكِّلُ بِالنَّارِ فَيُؤَدَّبُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَمَّ الْمَلَكِ وَإِلَّا فَيُقْتَلُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، سُئِلَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِشَخْصٍ قَبِيحِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ وَجْهُ مُنْكَرٍ وَلِإِنْسَانٍ عَبُوسٍ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَالِكٍ الْغَضْبَانِ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ أَرَادَ بِهَذَا وَنَكِيرُ أَحَدُ فَتَّانِي الْقَبْرِ وَهُمَا مَلَكَانِ، فَمَا الَّذِي أَرَادَ أَرَوَعُ دَخَلَ عَلَيْهِ حِينَ رَآهُ مِنْ وَجْهِهِ أَمْ عَافَ النَّظَرَ إلَيْهِ لِدَمَامَةِ خَلْقِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا فَهُوَ شَدِيدٌ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ وَالتَّهْوِينِ فَهُوَ أَشَدُّ عُقُوبَةً، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِسَبِّ الْمَلَكِ، وَإِنَّمَا سَبُّ الْمُخَاطَبِ. وَفِي الْأَدَبِ بِالسَّوْطِ وَالسَّجْنِ نَكَالٌ لِلسُّفَهَاءِ. وَأَمَّا ذِكْرُ مَالِكٍ خَازِنِ النَّارِ فَقَدْ جَفَا الَّذِي ذَكَرَهُ عِنْدَمَا أَنْكَرَهُ مِنْ عُبُوس الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَبِّسُ لَهُ يَدٌ فَيَرْهَبُ بِعِبْسَتِهِ فَيُشْبِهُهُ الْقَائِلَ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ فِي فِعْلِهِ وَلُزُومِهِ فِي ظُلْمِهِ صِفَةَ مَالِكٍ الْمَلَكُ الْمُطِيعُ لِرَبِّهِ فِي فِعْلِهِ فَيَقُولُ كَأَنَّهُ لِلَّهِ يَغْضَبُ غَضَبَ مَالِكٍ فَيَكُونُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 236 أَوْ اسْتَشْهَدَ بِبَعْضِ جَائِزٍ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا: حُجَّةً لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ شَبَّهَ لِنَقْصٍ لَحِقَهُ، لَا عَلَى التَّأَسِّي، كَإِنْ كُذِّبْت فَقَدْ كُذِّبُوا،   [منح الجليل] أَخَفَّ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ التَّعَرُّضُ لِمِثْلِ هَذَا، وَلَوْ كَانَ أُنْثَى عَلَى الْعُبُوسِ بِعِبْسَتِهِ وَاحْتَجَّ بِصِفَةِ مَالِكٍ كَانَ أَشَدَّ وَيُعَاقَبُ الْمُعَاقَبَةَ الشَّدِيدَةَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا ذَمُّ الْمَلَكِ وَلَوْ قَصَدَ ذَمَّهُ لَقُتِلَ شِفَاءً. (أَوْ اسْتَشْهَدَ) الْمُكَلَّفُ (بِبَعْضِ) شَيْءٍ (جَائِزٍ عَلَيْهِ) أَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي الدُّنْيَا) مِنْ حَيْثُ هُوَ بَشَرٌ عَلَى طَرِيقِ ضَرْبِ الْمَثَلِ اسْتِشْهَادًا (حُجَّةً لَهُ) أَيْ الْمُسْتَشْهِدِ (أَوْ) حُجَّةً (لِغَيْرِهِ) فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ شَبَّهَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَفْسَهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لِ) دَفْعِ نَقْصٍ عَنْ نَفْسِهِ (لَحِقَهُ) أَوْ لِتَخْفِيفِ مُصِيبَةٍ نَالَتْهُ (لَا عَلَى) وَجْهِ التَّأَسِّي بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ السِّينِ مُثَقَّلَةً، أَيْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ التَّحْقِيرِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ بِقَصْدِ التَّرْفِيعِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ تَنْقِيصًا وَلَا عَيْبًا وَلَا سَبًّا فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ لِعَدَمِ تَوْقِيرِهِ لِنَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (كَ) قَوْلِهِ (إنْ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ (كُذِّبَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (فَقَدْ كُذِّبُوا) كَذَلِكَ، أَيْ الرُّسُلَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ إنْ أُوذِيت فَقَدْ أُوذُوا أَوْ أَنَا أَسْلَمُ مِنْ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَرُسُلُهُ فِي الشِّفَاءِ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ أَنْ لَا يَقْصِدَ نَقْصًا وَلَا يَذْكُرَ عَيْبًا وَلَا سَبًّا، لَكِنَّهُ يَنْزَعُ بِذِكْرِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ يَسْتَشْهِدُ بِبَعْضِ أَحْوَالِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْجَائِزَةِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا عَلَى طَرِيقِ ضَرْبِ الْمَثَلِ أَوْ الْحُجَّةِ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى التَّشَبُّهِ بِهِ أَوْ عِنْدَ هَضِيمَةٍ نَالَتْهُ أَوْ غَضَاضَةٍ لَحِقَتْهُ لَيْسَ عَلَى طَرِيقِ التَّأَسِّي وَطَرِيقِ التَّحْقِيقِ، بَلْ عَلَى مَقْصِدِ التَّرْفِيعِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَعَدَمِ التَّوْفِيرِ لِنَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ قَصْدِ الْهَزْلِ وَالتَّنْدِيرِ كَقَوْلِ الْقَائِلِ إنْ قِيلَ فِي السُّوءِ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ إنْ كُذِّبْت فَقَدْ كُذِّبَ الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، أَوْ إنْ أُوذِيت فَقَدْ أُوذُوا أَوْ أَنَا أَسْلَمُ مِنْ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 237 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَنْبِيَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَرُسُلُهُ، أَوْ قَدْ صَبَرْت كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ أَوْ كَصَبْرِ أَيُّوبَ، أَوْ قَدْ صَبَرَ نَبِيُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِدَاهُ وَحِلْمُ عَلِيٍّ أَكْثَرُ مِمَّا صَبَرْت، وَكَقَوْلِ الْمُتَنَبِّي: أَنَا فِي أُمَّةٍ تَدَارَكَهَا اللَّهُ ... غَرِيبٌ كَصَالِحٍ فِي ثَمُودِ وَنَحْوُهُ مِنْ أَشْعَارِ الْمُتَعَجْرِفِينَ فِي الْقَوْلِ الْمُتَسَاهِلِينَ فِي الْكَلَامِ، كَقَوْلِ الْمَعَرِّيِّ: كُنْت مُوسَى وَافَتْهُ بِنْتُ شُعَيْبٍ ... غَيْرَ أَنْ لَيْسَ فِيكُمَا مِنْ فَقِيرٍ عَلَى أَنَّ آخِرَ الْبَيْتِ شَدِيدٌ وَدَاخِلٌ فِي بَابِ الْإِزْرَاءِ وَالتَّحْقِيرِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَفْضِيلِ حَالِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَكَقَوْلِهِ: لَوْلَا انْقِطَاعُ الْوَحْيِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... قُلْنَا مُحَمَّدٌ مِنْ أَبِيهِ بَدِيلُ هُوَ مِثْلُهُ فِي الْفَضْلِ إلَّا أَنَّهُ ... لَمْ يَأْتِهِ بِرِسَالَةٍ جِبْرِيلُ وَصَدْرُ الْبَيْتِ الثَّانِي شَدِيدٌ لِتَشْبِيهِهِ غَيْرَ النَّبِيِّ بِهِ وَعَجْزُهُ مُحْتَمِلٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْفَضِيلَةَ نَقَّصَتْ الْمَمْدُوحَ وَالْآخَرُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنْهَا، وَهَذَا أَشَدُّ وَنَحْوٌ مِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ: وَإِذَا مَا رُفِعَتْ رَايَاتُهُ ... صَفَّقَتْ بَيْنَ جَنَاحِي جَبْرَتَيْنِ وَقَوْلُ الْآخَرِ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ: فَرَّ مِنْ الْخُلْدِ وَاسْتَجَارَ بِنَا ... فَصَبَّرَ اللَّهُ قَلْبَ رِضْوَانَ وَكَقَوْلِ حَسَّانَ الْمِصِّيصِيِّ مِنْ شُعَرَاءِ الْأَنْدَلُسِ فِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ الْمَعْرُوفِ بِالْمُعْتَمِدِ وَوَزِيرِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ زَيْدُونَ: كَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَبُو بَكْرِ الرِّضَا ... وَحَسَّانَ حَسَّانُ وَأَنْتَ مُحَمَّدٌ إلَى أَمْثَالِ هَذَا، وَإِنَّمَا أَكَثَرْنَا إنْشَادَ هَذِهِ مَعَ اسْتِثْقَالِنَا حِكَايَتَهَا لِتَعْرِيفِ أَمْثِلَتِهَا، وَلِتَسَاهُلِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي وُلُوجِ هَذَا الْبَابِ الضَّنْكِ وَاسْتِخْفَافِهِمْ فَادِحَ هَذَا الْعِبْءِ وَقِلَّةِ عِلْمِهِمْ بِعَظِيمِ مَا فِيهِ مِنْ الْوِزْرِ وَكَلَامِهِمْ فِيهِ بِمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ (وَيَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) لَا سِيَّمَا الشُّعَرَاءُ وَأَشَدُّهُمْ فِيهِ تَصْرِيحًا وَلِلِسَانِهِ تَسْرِيحًا ابْنُ هَانِئٍ الْأَنْدَلُسِيُّ وَابْنُ سُلَيْمَانَ الْمَعَرِّيُّ، بَلْ قَدْ خَرَجَ كَثِيرٌ مِنْ كَلَامِهِمَا إلَى حَدِّ الِاسْتِخْفَافِ وَالنَّقْصِ وَصَرِيحِ الْكُفْرِ وَقَدْ أَجَبْنَا عَنْهُ، وَغَرَضْنَا الْآنَ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْفَصْلِ الَّذِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 238 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] سُقْنَا أَمْثِلَتَهُ فَإِنَّهَا كُلَّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ سَبًّا وَلَا أَضَافَتْ إلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ نَقْصًا غَيْرِ عَجْزِي بَيْتَيْ الْمَعَرِّيِّ وَلَا قَصَدَ قَائِلُهَا إزْرَاءً وَغَضًّا فَمَا وَقَّرَ النُّبُوَّةَ وَلَا عَظَّمَ الرِّسَالَةَ وَلَا عَزَّرَ حُرْمَةَ الِاصْطِفَاءِ، وَلَا عَزَّرَ حُظْوَةَ الْكَرَامَةِ حَتَّى شَبَّهَ مَنْ شَبَّهَ فِي كَرَامَةٍ نَالَهَا أَوْ مَعَرَّةٍ قَصَدَ الِانْتِفَاءَ مِنْهَا أَوْ ضَرَبَ مَثَلًا لِتَطْيِيبِ مَجْلِسِهِ أَوْ أَغْلَى فِي وَصْفٍ لِتَحْسِينِ كَلَامِهِ بِمَنْ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى خَطَرَهُ وَشَرَّفَ قَدْرَهُ، وَأَلْزَمَ تَوْقِيرَهُ وَبِرَّهُ، وَنَهَى عَنْ جَهْرِ الْقَوْلِ لَهُ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَهُ فَحَقُّ هَذَا إنْ دُرِئَ عَنْهُ الْقَتْلُ الْأَدَبُ وَالسَّجْنُ وَقُوَّةُ تَعْزِيرِهِ بِحَسَبِ شُنْعَةِ مَقَالِهِ، وَمُقْتَضَى قُبْحِ مَا نَطَقَ بِهِ وَمَأْلُوفِ عَادَتِهِ لِمِثْلِهِ أَوْ نُدُورِهِ وَلَمْ يَزَلْ الْمُتَقَدِّمُونَ يُنْكِرُونَ مِثْلَ هَذَا مِمَّنْ جَاءَ بِهِ، وَقَدْ أَنْكَرَ الرَّشِيدُ عَلَى أَبِي نُوَاسٍ قَوْلَهُ: فَإِنْ يَكُ بَاقٍ سِحْرُ فِرْعَوْنَ فِيكُمْ ... فَإِنَّ عَصَى مُوسَى بِكَفٍّ خَصِيبٍ وَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ الْخَنَا أَنْتَ مُسْتَهْزِئٌ بِعَصَى مُوسَى وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ عَسْكَرِهِ فِي لَيْلَتِهِ، وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ إنَّ مِمَّا أُنْكِرَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَكُفِّرَ بِهِ أَوْ قَارَبَهُ قَوْلُهُ فِي مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ تَشْبِيهُهُ إيَّاهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: تَنَازَعَ الْأَحْمَدَانِ الشَّبَهَ فَاشْتَبَهَا ... خَلْقًا وَخُلُقًا كَمَا قَدْ الشَّرَّا كَانَ وَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلَهُ: كَيْفَ لَا يُدْنِيكَ مِنْ أَمَلٍ ... مِنْ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ نَفَرِهْ لِأَنَّ حَقَّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُوجَبِ تَعْظِيمِهِ وَإِنَافَةِ مَنْزِلَتِهِ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلَا يُضَافَ هُوَ إلَى غَيْرِهِ، فَالْحُكْمُ فِي هَذَا مَا بَسَّطْنَاهُ فِي طَرِيقِ الْفُتْيَا، وَعَلَى هَذَا الْمَنْهَجِ جَاءَتْ فُتْيَا إمَامِ مَذْهَبِنَا مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَأَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". أَبُو الْحَسَنِ فِي شَابٍّ مَعْرُوفٍ بِالْخَيْرِ قَالَ لِرَجُلٍ شَيْئًا فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ اُسْكُتْ فَإِنَّك أُمِّيٌّ فَقَالَ الشَّابُّ أَلَيْسَ كَانَ النَّبِيُّ أُمِّيًّا فَشَنَّعَ عَلَيْهِ مَقَالَتَهُ وَكَفَّرَهُ النَّاسُ وَأَشْفَقَ الشَّابُّ مِمَّا قَالَ وَأَظْهَرَ النَّدَمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا إطْلَاقُ الْكُفْرِ عَلَيْهِ فِي ضَلَالَتِهِ فَخَطَأٌ، لَكِنَّهُ مُخْطِئٌ فِي اسْتِشْهَادِهِ بِصِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَكِنَّهُ إذَا اسْتَغْفَرَ وَتَابَ وَاعْتَرَفَ وَلَجَأَ إلَى ذَلِكَ فَيُتْرَكُ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَنْتَهِي إلَى حَدِّ قَتْلِهِ وَمَا طَرِيقُهُ الْأَدَبُ فَطَوْعُ فَاعِلِهِ بِالنَّدَمِ عَلَيْهِ يُوجِبُ الْكَفَّ عَنْهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 239 أَوْ لَعَنَ الْعَرَبَ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَالَ أَرَدْت الظَّالِمِينَ، وَشَدَّدَ عَلَيْهِ فِي: كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانُ، وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا، وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ:   [منح الجليل] أَوْ لَعَنَ الْعَرَبَ أَوْ) لَعَنَ (بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ) أَيْ لَاعِنُ الْعَرَبِ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ (أَرَدْت الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ) فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ، قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِيمَنْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْعَرَبَ أَوْ لَعَنَ بَنِي إسْرَائِيلَ، أَوْ لَعَنَ بَنِي آدَمَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْأَنْبِيَاءَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ الْأَدَبَ بِاجْتِهَادِ السُّلْطَانِ. عِيَاضٌ قَدْ يُضَيَّقُ الْقَوْلُ فِي مِثْلِ هَذَا لَوْ لَعَنَ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ أَرَدْت الظَّالِمِينَ مِنْهُمْ. (وَشُدِّدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (فِي) قَوْلِهِ (كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالدَّالِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ قَافٌ، أَيْ مَحَلٍّ جَامِعٍ لِبُيُوتٍ سُفْلَى وَعُلْيَا يَسْكُنُهُ الْغُرَبَاءُ وَالتُّجَّارُ لِلتِّجَارَةِ فِيهِ (قَرْنَانُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ، أَيْ يَقْرُنُ رَجُلًا يَزْنِي بِزَوْجَتِهِ فِي الشِّفَاءِ تَوَقُّفٌ. أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ فِي قَتْلِهِ وَأَمَرَ بِشَدِّهِ بِالْقُيُودِ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِ حَتَّى تُسْتَفْهَمَ الْبَيِّنَةُ عَنْ جُمْلَةِ أَلْفَاظِهِ وَمَا يَدُلَّ عَلَى مَقْصَدِهِ، وَهَلْ أَرَادَ أَصْحَابَ الْفَنَادِقِ الْآنَ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ فَيَكُونُ أَمْرُهُ أَخَفُّ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ الْعُمُومُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ كَانَ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ مَنْ اكْتَسَبَ الْمَالَ وَدَمُ الْمُسْلِمِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ، وَمَا تُرَدُّ إلَيْهِ التَّأْوِيلَاتُ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْعَانِ النَّظَرِ فِيهِ. (وَ) شَدَّدَ (فِي) نِسْبَةِ شَيْءٍ (قَبِيحٍ) قَوْلًا أَوْ فِعْلًا (لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ بِنَسَبِهِ فِي الشِّفَاءِ وَقَدْ يُضَيَّقُ الْقَوْلُ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا قَبِيحًا فِي آبَائِهِ أَوْ مِنْ نَسْلِهِ أَوْ مِنْ وَلَدِهِ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ فِي الْمَقَامِ تَقْتَضِي تَخْصِيصَ بَعْضِ آبَائِهِ، وَإِخْرَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ سَبَّهُ مِنْهُمْ وَرَأَيْت لِأَبِي مُوسَى مِنْ مُنَاسٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إلَّا آدَمَ إنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 240 كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ، أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ، أَوْ لَفِيفٌ فَعَاقَ عَنْ الْقَتْلِ؛   [منح الجليل] يُقْتَلْ، وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آبَائِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ وَهِيَ الْمُطَابِقَةُ لِكَلَامِ عِيَاضٍ. ابْنُ غَازِيٍّ سَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ فِي آبَائِهِ. شب هَذَا صَحِيحُ مُسْلِمٍ، وَإِنْ قَالَ طفي هُوَ أَحَالَهُ لِلْمَسْأَلَةِ عَنْ وَجْهِهَا، وَنَظَرَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْأَدَبَ لَا يَخْتَصُّ بِنِسْبَةِ الْقَبِيحِ لِذُرِّيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ مَنْ نَسَبَ الْقَبِيحَ لِغَيْرِهِمْ يُؤَدَّبُ أَيْضًا. وَأَجَابَ بِأَنَّ الْقَبِيحَ الَّذِي لَا تُوجِبُ نِسْبَتُهُ لِغَيْرِهِمْ الْأَدَبَ تُوجَبُ نِسْبَتَهُ لَهُمْ الْأَدَبَ. تت هَذَا يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ. قُلْت لَا يُرَدُّ هَذَا التَّنْظِيرُ، فَإِنَّ الْمُخْتَصَّ بِهِمْ شِدَّةُ التَّأْدِيبِ لَا أَصْلِهِ وَهَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشِّفَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي تَشْدِيدِ التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ (انْتَسَبَ) شَخْصٌ مُكَلَّفٌ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَسَوَاءٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ (أَوْ احْتَمَلَ) كَلَامُهُ الِانْتِسَابَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ أَنْتَ شَرِيفٌ مِنْ أَشْرَفِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسَوَاءٌ كَانَ الِانْتِسَابُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَلُبْسِ عِمَامَةٍ خَضْرَاءَ لِعُمُومِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ ادَّعَى الشَّرَفَ كَاذِبًا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ عَنْهُ مَنْ انْتَسَبَ إلَى بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُضْرَبُ ضَرَبًا وَجِيعًا وَيُشْهَرُ وَيُحْبَسُ زَمَنًا طَوِيلًا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَ قَوْلِهِ ذَلِكَ كَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يُعَظِّمُ مَنْ طَعَنَ النَّاسُ فِي شَرَفِهِ وَيَقُولُ لَعَلَّهُ شَرِيفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا يُحَدُّ الْمُنْتَسِبُ وَإِنْ اسْتَلْزَمَ انْتِسَابُهُ قَذْفَ أُمِّهِ بِغَيْرِ أَبِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ هَذَا، إنَّمَا قَصَدَ التَّشَرُّفَ وَلِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ مَذْهَبًا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيِّنًا كَمَا هُنَا، إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَدَّعِي شَرَفَ أَبِيهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَجْدَادِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ عِنْدَ النَّاسِ. تت وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ احْتَمَلَ، أَيْ كَلَامُ الْمُكَلَّفِ فِي الْأَنْبِيَاءِ أَوْ الْمَلَكِ غَيْرُ السِّبِّ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّأْدِيبِ وَلَا يُقْتَلُ. (أَوْ شَهِدَ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الْهَاءِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ بِالسَّبِّ (عَدْلٌ) وَاحِدٌ فَقَطْ وَهُوَ مُنْكِرُهُ (أَوْ) شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ (لَفِيفٌ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَفَاءَيْنِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، أَيْ نَاسٌ غَيْرُ عُدُولٍ (فَعَاقَ) أَيْ مَنَعَ (عَنْ الْقَتْلِ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَدَمَ تَمَامِ نِصَابِ الشَّهَادَةِ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 241 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] شَهَادَةِ الْعَدْلِ وَعَدَمِ الْعَدَالَةِ فِي اللَّفِيفِ فَيُشَدَّدُ فِي تَأْدِيبِهِ رَدْعًا لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ عَنْ مِثْلِ مَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ. فِي الشِّفَاءِ بَعْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَتْلِ السَّابِّ فَصْلٌ: هَذَا حُكْمُ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عُدُولٍ لَمْ يَدْفَعْ فِيهِمْ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِأَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ أَوْ لَفِيفٌ مِنْ النَّاسِ، أَوْ ثَبَتَ قَوْلُهُ، وَلَكِنْ اُحْتُمِلَ وَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا أَوْ تَابَ عَلَى الْقَوْلِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ فَهَذَا يُدْرَأُ عَنْهُ الْقَتْلُ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ اجْتِهَادُ الْإِمَامِ بِقَدْرِ شُهْرَةِ حَالِهِ وَقُوَّةِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَضَعْفِهَا وَكَثْرَةِ السَّمَاعِ وَضَرُورَةِ حَالِهِ مِنْ التُّهْمَةِ فِي الدِّينِ وَالتَّبَرُّزِ بِالسَّفَهِ وَالْمُجُونِ، فَمَنْ قَوِيَ أَمْرُهُ أَذَاقَهُ مِنْ شَدِيدِ النَّكَالِ مِنْ التَّضْيِيقِ فِي السِّجْنِ وَالشَّدِّ فِي الْقُيُودِ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي هِيَ مُنْتَهَى طَاقَتِهِ مِمَّا لَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ لِضَرُورَتِهِ، وَلَا يُقْعِدُهُ عَنْ صَلَاتِهِ، وَهَذَا حُكْمُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، لَكِنْ وُقِفَ عَنْ قَتْلِهِ لِمَعْنَى أَوْجَبَهُ وَتَرَبَّصَ بِهِ لِأَشْكَالٍ وَعَائِقٍ اقْتَضَاهُ أَمْرُهُ وَحَالَاتُ الشِّدَّةِ فِي نُكُولِهِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ حَالِهِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: فِي نُسْخَةِ " غ " أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ أَوْ لَفِيفٌ أَوْ عَاقَ عَائِقٌ عَنْ الْقَتْلِ، قَالَ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ كُلُّهَا فِي الشِّفَاءِ، وَنَقَلَ نَصَّهُ الْمُتَقَدِّمَ، ثُمَّ قَالَ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ نُسَخِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ فَعَاقَ عَنْ الْقَتْلِ بِعِطْفِ عَاقَ بِالْفَاءِ وَإِضْمَارِ فَاعِلِهِ، أَيْ فَعَاقَ الِاحْتِمَالُ أَوْ كَوْنِ الشَّاهِدِ وَاحِدًا أَوْ لَفِيفًا، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فَقَطْ. الثَّانِي: اللَّفِيفُ أَخْلَاطُ النَّاسِ، وَفِي الصَّحَاحِ مَا اجْتَمَعَ مِنْ النَّاسِ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى يُقَالُ جَاءُوا بِلَفِّهِمْ وَلَفِيفِهِمْ، أَيْ أَخْلَاطِهِمْ وَقَوْله تَعَالَى {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} [الإسراء: 104] الْإِسْرَاءَ أَيْ مُجْتَمِعِينَ مُخْتَلِطِينَ وَطَعَامٌ لَفِيفٌ إذَا كَانَ مَخْلُوطًا مِنْ جِنْسَيْنِ فَصَاعِدًا وَفُلَانٌ لَفِيفُ فُلَانٍ، أَيْ صَدِيقُهُ وَبَابٌ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ يُقَالُ لَهُ اللَّفِيفُ لِاجْتِمَاعِ حَرْفَيْنِ مُعْتَلَّيْنِ فِي ثُلَاثِيٍّ نَحْوُ ذَوَيْ وَحَيِي. طفي رَدَّ فِي الْقَامُوسِ، قَوْلَ الصِّحَاحِ فُلَانٌ لَفِيفُ فُلَانٍ فَقَالَ وَقَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ لَفِيفُهُ صَدِيقُهُ وَهُمْ الصَّوَابُ لَغِيفُهُ بِالْغِينِ. اهـ. وَذَوِي كَرَمْيِ وَرِضَا ذَبَلَ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 242 أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أَوْ صَحَابِيًّا؛   [منح الجليل] أَوْ سَبَّ مَنْ) أَيْ إنْسَانًا (لَمْ يُجْمَعْ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (عَلَى نُبُوَّتِهِ) كَلُقْمَانَ وَالْخَضِرِ وَمَرْيَمَ وَآسِيَةَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - فَيُشَدَّدُ تَأْدِيبُهُ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ. (أَوْ سَبَّ صَحَابِيًّا) فَيُبَالَغُ فِي تَأْدِيبِهِ. عِيَاضٌ سَبُّ آلِ بَيْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَنْقِيصِهِمْ حَرَامٌ مَلْعُونٌ فَاعِلُهُ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي هَذَا الِاجْتِهَادُ وَالْأَدَبُ الْمُوجِعِ. الْحَطّ الْقُرْطُبِيُّ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ احْتِرَامِ الصَّحَابَةِ وَتَجْرِيمِ سَبِّهِمْ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ مَنْ قَالَ كَانُوا عَلَى كُفْرٍ أَوْ ضَلَالٍ كَافِرٌ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ جَحَدَ مَعْلُومًا مِنْ الشَّرْعِ وَكَذَّبَ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا مَنْ كَفَّرَ أَحَدَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ ضَلَّلَهُمْ، وَهَلْ هُوَ كَالْمُرْتَدِّ فَيُسْتَتَابُ أَوْ الزِّنْدِيقِ فَلَا يُسْتَتَابُ، وَيُقْتَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِيهِ خِلَافٌ. وَأَمَّا مَنْ سَبَّهُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ قَذَفَهُمْ حُدَّ حَدُّهُ وَنُكِّلَ تَنْكِيلًا شَدِيدًا وَخُلِّدَ فِي الْحَبْسِ وَالْإِهَانَةِ مَا خَلَا عَائِشَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - "، فَإِنَّ قَاذِفَهَا يُقْتَلُ لِتَكْذِيبِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". وَاخْتُلِفَ فِي قَاذِفِ بَقِيَّةِ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِنَّ فَقِيلَ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ آذَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ يُحَدُّ وَيُنَكَّلُ، وَإِنْ سَبَّهُمْ بِغَيْرِ الْقَذْفِ فَيُجْلَدُ جَلْدًا مُوجِعًا وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا. ابْنُ حَبِيبٍ وَيُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ إلَى أَنْ يَمُوتَ، وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قُتِلَ مَنْ سَبَّ عَائِشَةَ مُطْلَقًا، وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ قَذَفَهَا. وَفِي الْإِكْمَالِ فِي حَدِيث الْإِفْكِ، وَأَمَّا الْيَوْمَ فَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي عَائِشَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " قُتِلَ لِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِنَّ وَسَلَّمَ فَالْمَشْهُورُ حَدُّهُ لِلْقَذْفِ وَعِقَابُهُ لِغَيْرِهِ. وَحَكَى ابْنُ شَعْبَانَ: قَتْلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَسَبُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَنْقِيصُهُمْ أَوْ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْكَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاعِلَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ مَنْ آذَاهُ وَآذَى اللَّهَ تَعَالَى، وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِيهِ الِاجْتِهَادُ بِقَدْرِ قَوْلِهِ وَالْمَقُولِ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْفَيْءِ حَقٌّ، وَمَنْ قَالَ كَانُوا عَلَى ضَلَالٍ وَكُفْرٍ فَيُقْتَلْ. وَعَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 243 وَسَبَّ اللَّهَ كَذَلِكَ، وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ: خِلَافٌ: كَمَنْ قَالَ: لَقِيت فِي مَرَضِي، مَا لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ.   [منح الجليل] سَحْنُونٍ مِثْلُ هَذَا فِيمَنْ قَالَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ وَيُنَكَّلُ فِي غَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ يُقْتَلُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا كَقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (وَسَبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (كَذَلِكَ) أَيْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إيجَابِ الْقَتْلِ (وَفِي اسْتِتَابَةِ) السَّابِّ (الْمُسْلِمِ) فِي الْأَصْلِ قَبْلَ سَبِّهِ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَدَمُ اسْتِتَابَتِهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (خِلَافٌ) عِيَاضٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ شَتَمَ الْحَقَّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي بِهِ كُفْرٌ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ. ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ. الْجَلَّابُ: مَنْ سَبَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ يُقْتَلُ وَلَا يُسْتَتَابُ. الْمَخْزُومِيُّ وَابْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ وَابْنُ أَبِي حَازِمٍ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالسَّبِّ حَتَّى يُسْتَتَابَ، وَكَذَا الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ. شب الرَّاجِحُ الثَّانِي. وَشَبَّهَ فِي الْخِلَافِ فِي الْقَتْلِ فَقَالَ (كَ) قَتْلِ (مَنْ قَالَ لَقِيت) بِكَسْرِ الْقَافِ (فِي مَرَضِي هَذَا مَا لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ) " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُمَا (لَمْ اسْتَوْجِبْهُ) لِنِسْبَتِهِ اللَّهَ تَعَالَى إلَى الْجَوْرِ وَالظُّلْمِ وَعَدَمُ قَتْلِهِ مَعَ التَّشْدِيدِ فِي تَأْدِيبِهِ خِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ قُرْطُبَةَ فِي هَارُونَ بْنِ حَبِيبٍ أَخِي عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَقِيهِ، فَأَفْتَى أَخُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حَسَنِ بْنِ عَاصِمٍ وَسَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقَاضِي يُطْرَحُ الْقَتْلُ عَنْهُ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ رَأَى عَلَيْهِ التَّثْقِيلَ بِالْحَبْسِ وَالشِّدَّةِ فِي الْأَدَبِ. وَأَفْتَى إبْرَاهِيمُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ بِقَتْلِهِ الْآنَ. قَوْلُهُ تَضَمَّنَ تَجْوِيرَ اللَّهِ تَعَالَى وَتَظَلُّمِهِ مِنْهُ وَالتَّعْوِيضِ فِيهِ كَالتَّصْرِيحِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 244 (بَابٌ) الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ تَعَمُّدًا   [منح الجليل] [بَاب فِي بَيَان حَدّ الزِّنَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ] (الزِّنَا) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (وَطْءُ) جِنْسٍ فِي حَدٍّ شَمَلَ الْمَحْدُودَ وَغَيْرَهُ وَخَرَجَ عَنْهُ مُقَدِّمَاتُهُ فَلَيْسَتْ زِنًا، وَإِضَافَتُهُ إلَى شَخْصٍ (مُكَلَّفٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ مُلْزَمٍ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ. فَصْلٌ مُخْرِجٌ وَطْءَ غَيْرِهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ وَسَكْرَانَ بِحَلَالٍ (مُسْلِمٍ) فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ وَطْءَ مُكَلَّفٍ كَافِرٍ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ (فَرْجَ) أَيْ قُبُلَ أَوْ دُبُرَ فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ وَطْءَ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ عُكَنَ أَوْ فَخِذَيْ (آدَمِيٍّ) مَنْسُوبٍ لِآدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، لِكَوْنِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَصْلٌ رَابِعٌ مُخْرِجٌ وَطْءَ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ بَهِيمَةٍ (لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ الْوَاطِئِ (فِيهِ) أَيْ فَرْجِ الْآدَمِيِّ، فَصْلٌ خَامِسٌ مُخْرِجٌ وَطْءَ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ زَوْجَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ، وَدَخَلَ بِهِ وَطْءُ الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ، إذْ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ الْإِذْنُ الشَّرْعِيُّ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ انْتِفَاءِ الْمِلْكِ (بِاتِّفَاقٍ) مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي الْمَذْهَبِ وَخَارِجِهِ فَصْلٌ سَادِسٌ مُخْرِجٌ وَطْءَ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ فِيهِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَطْئًا (تَعَمُّدًا) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً، أَيْ قَصْدًا فَصْلٌ سَابِعٌ مُخْرِجٌ وَطْءَ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ نِسْيَانًا أَوْ غَلَطًا وَجَهْلًا بِالْعَيْنِ أَوْ الْحُكْمِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: حَدُّ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِزِنَا الْمَرْأَةِ لِأَنَّ وَطْءَ الْفَرْجِ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُنْسَبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَيُشْتَقُّ مِنْهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَصْفٌ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَفَادَهُ الْحَطّ. الثَّانِي: الْحَطّ حَدُّ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ تَمْكِينِ الْمَرْأَةِ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا. الْبُنَانِيُّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 245 وَإِنْ لِوَاطًا، أَوْ إتْيَانَ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبْرٍ، أَوْ إتْيَانَ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ،   [منح الجليل] هَذَا عَلَى أَنَّ الشُّرُوطَ فِي الْفَاعِلِ لَا تَتَنَاوَلُ الْمَفْعُولَ، وَقَدْ عَلِمْت خِلَافَهُ فَزِنَاهَا دَاخِلٌ إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ وَطْءُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ فِي التَّنْبِيهِ الْأَوَّلِ. الثَّالِثُ: الْحَطّ حَدُّ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ وَطْءِ الْمُكَلَّفِ صَغِيرَةً لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهِ، وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعُ: الْحَطّ قَوْلُهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ نَحْوُ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ أَوْ شِبْهُهُ اهـ. فَيَدْخُلُ فِي الْحَدِّ وَطْءُ فَرْجِ الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ لِأَنَّهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى فَرْجِهِ فِي الشَّرْعِ، وَيَخْرُجُ وَطْءُ الرَّجُلِ أَمَةَ ابْنِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا شُبْهَةَ الْمِلْكِ. الْخَامِسُ: ابْنُ عَرَفَةَ الزِّنَا الشَّامِلُ لِلِّوَاطِ مَغِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آخَرَ دُونَ شُبْهَةِ حِلِّهِ عَمْدًا فَتَخْرُجُ الْمُحَلَّلَةُ وَوَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ ابْنِهِ لَا زَوْجَتَهُ. السَّادِسُ: دَخَلَ فِي الْحَدِّ إدْخَالُ امْرَأَةٍ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي قُبُلِهَا فَتُحَدُّ عِنْدَنَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تُحَدُّ أَفَادَهُ الْحَطّ، وَهَذَا يَرُدُّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِيمَنْ مَكَّنَتْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا. السَّابِعُ: خَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ وَطْءُ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ فِي دُبْرِهِمَا فَلَيْسَ زِنًا فَلَا يُحَدُّ فِيهِ لِلْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا وَيَجِبُ أَدَبُهُ عَلَى الْمَعْرُوفِ أَفَادَهُ الْحَطّ. إنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي قُبُلِ حَيَّةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (لِوَاطًا) فِي دُبُرِ ذَكَرٍ وَلَوْ مَمْلُوكًا لِوَاطِئِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ صَغِيرًا مُطِيقًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَدِّ الْفَاعِلِ بُلُوغُ الْمَفْعُولِ فِيهِ، نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي حَدِّ الْمَفْعُولِ فِيهِ تَكْلِيفُ الْفَاعِلِ فِيهِ، وَقَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ التَّنْبِيهَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُوهِمِ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ مِثْلِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَنْهُمَا لَا حَدَّ فِي اللِّوَاطِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَدَبُ. وَقَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي حَدِّ اللِّوَاطِ الَّذِي هُوَ الرَّجْمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا يَأْتِي، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا مُبَالَغَةٌ فِيمَا قَبْلَ قَوْلِهِ مُسْلِمٌ بَعِيدٌ. (أَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (إتْيَانَ) امْرَأَةٍ (أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَلَا أَمَتِهِ (بِدُبُرٍ) فَإِنَّهُ زِنًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لِوَاطٌ (أَوْ) إتْيَانَ (مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ) أَيْ وَغَيْرِ أَمَةٍ لِوَاطِئِهَا فَلَا يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَإِنْ حَرُمَ نَعَمْ يُؤَدَّبُ (أَوْ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 246 أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ تَعْتِقُ،   [منح الجليل] إتْيَانَ (صَغِيرَةٍ) أَجْنَبِيَّةٍ (يُمْكِنُ وَطْؤُهَا) عَادَةً فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا لِوَاطِئِهَا وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ لِغَيْرِهِ فَيُحَدُّ، وَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا لَهُ فَلَا يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ زَنَى بِصَغِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ، وَإِذَا عَنَّفَ عَلَى صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَا يُحَدُّ. وَفِي مُدَوَّنَةِ أَشْهَبَ لَا يُحَدُّ إذَا زَنَى بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا حَتَّى يَتَزَوَّجَ مَنْ تُطِيقُ الْوَطْءَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ خَمْسٍ قُلْت وَهُوَ أَظْهَرُ. (أَوْ) إتْيَانَ امْرَأَةٍ (مُسْتَأْجَرَةٍ لِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَخِدْمَةٍ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَاطِئُ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ يُحَدُّ، وَفِيهَا مَنْ وَطِئَ جَارِيَةً عِنْدَهُ رَهْنًا أَوْ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ بِإِجَارَةٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ (أَوْ) إتْيَانَ (مَمْلُوكَةٍ) لِوَاطِئِهَا (تَعْتِقُ) عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهَا كَأُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَبِنْتِهِ وَإِنْ سَفْلَتَ وَأُخْتِهِ مُطْلَقًا أَوْ أَمَةً عَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَى شِرَائِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا رَأَى تَوَقُّفَ الْعِتْقِ عَلَى الْحُكْمِ بِهِ أَوْ مُقَلِّدًا لِمَنْ رَأَى ذَلِكَ فَلَا يُحَدُّ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ. الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِذَلِكَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ، سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ كُلُّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِمِلْكِ يَمِينٍ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَبِنْتِ أَخِيهِ فَلَا يُحَدُّ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهُنَّ إلَّا أَنْ تَحْمِلَ فَيَلْحَقَهُ الْوَلَدُ وَيُعَجِّلَ الْعِتْقَ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحُرْمَتِهِنَّ فَيُعَاقَبُ وَكُلُّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِالْمِلْكِ مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالنَّسَبِ وَتَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَبِنْتِهِ وَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ عَامِدًا عَالِمًا فَيُحَدُّ، وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِالْجَهَالَةِ فَلَا يُحَدُّ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا لَا خِلَافَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي تَعْجِيلِ عِتْقِ مَنْ حَمَلَتْ مِنْهُ مِنْهُنَّ، فَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ يَسْتَخْدِمُهُنَّ وَلَا يَعْتِقْنَ عَلَيْهِ وَقَعَ هَذَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مَرَّةً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 247 أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا، أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ أَوْ خَامِسَةٍ، أَوْ مَرْهُونَةٍ، أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ، أَوْ حَرْبِيَّةٍ أَوْ مَبْتُوتَةٍ وَإِنْ بِعِدَّةٍ،   [منح الجليل] (أَوْ) إتْيَانَ امْرَأَةٍ اشْتَرَاهَا (يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ وَطِئَ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا أَمَةً لَهُ (أَوْ) إتْيَانَ امْرَأَةٍ (مُحَرَّمَةٍ) بِضَمٍّ فَفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عَلَيْهِ (بِصِهْرٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ، أَيْ قَرَابَةِ زَوْجَةٍ كَابْنَةِ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَأُمِّهَا مُطْلَقًا فَيُحَدُّ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْحَدِّ وَأَطْلَقَ، وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ فِي بَابِ الْقَذْفِ فَقَالَ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ أُمَّ امْرَأَتِهِ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْبِنْتِ حُدَّ وَإِلَّا فَلَا يُحَدُّ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي عَقْدِ الْبِنْتِ هَلْ يُحَرِّمُ أُمَّهَا أَمْ لَا، وَأَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَالْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إطْلَاقُهُمْ خِلَافَ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ. (أَوْ إتْيَانَ) زَوْجَةٍ (خَامِسَةٍ) لِمَنْ فِي عِصْمَتِهِ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا فَيُحَدُّ. اللَّخْمِيُّ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُتَزَوِّجِ الْخَامِسَةِ وَالْمَبْتُوتَةِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا يُحَدُّ. وَقَالَ فِي مُتَزَوِّجِ الْمُعْتَدَّةِ كَذَلِكَ لَا يُحَدُّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُنَّ أَوْ إتْيَانَ أَمَةٍ (مَرْهُونَةٍ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِلَا إذْنِ رَاهِنِهَا فَيُحَدُّ فَأَحْرَى الْمُودَعَةُ وَالْمُعَارَةُ لِعَدَمِ شُبْهَتِهِ فِيهِمَا وَلَا يُحَدُّ رَاهِنُهَا إنْ وَطِئَهَا لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (أَوْ) إتْيَانَ أَمَةٍ (ذَاتِ مَغْنَمٍ) مِنْ أَحَدِ الْجَيْشِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ أَذِنَ لَهُ الْأَمِيرُ أَمْ لَا. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا نَصِيبًا. وَقَالَ أَيْضًا يُحَدُّ إنْ عَظُمَ الْجَيْشُ وَإِلَّا فَلَا يُحَدُّ. ابْنُ مَرْزُوقٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَكَمْ تِلْكَ الْحِصَّةُ لَمَّا قِيلَ لَهُ أَلَيْسَ لَهُ فِيهَا حِصَّةٌ اهـ شب. (أَوْ إتْيَانَ) امْرَأَةٍ (حَرْبِيَّةٍ) بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ دُخُولِهَا بَلَدِنَا بِأَمَانٍ فَيُحَدُّ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَتَاهَا فَلَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَبَاهَا وَمَلَكَهَا، فِيهَا إنْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَزَنَى فِيهَا بِحَرْبِيَّةٍ حُدَّ، وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ (أَوْ إتْيَانَ مَبْتُوتَةٍ) مِنْهُ (قَبْلَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 248 وَهَلْ وَإِنْ أَبَتَّ فِي مَرَّةٍ؟ تَأْوِيلَانِ. أَوْ مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ أَوْ مُعْتَقَةٍ بِلَا عَقْدٍ؛   [منح الجليل] تَزَوُّجِهَا بِ (زَوْجٍ) غَيْرِهِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَيُحَدُّ. (وَهَلْ) يُحَدُّ إنْ أَبَتَّهَا فِي ثَلَاثِ مَرَّاتٍ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ، بَلْ (وَإِنْ أَبَتَّ) هَا أَيْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (فِي مَرَّةٍ) وَاحِدَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ أَوْ ثَلَاثًا لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِلُزُومِهِ طَلْقَةً وَاحِدَةً جِدًّا: وَلَيْسَ كُلُّ خِلَافٍ جَاءَ مُعْتَبَرًا ... إلَّا خِلَافٍ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ وَإِنَّمَا يُحَدُّ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَاتٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ أَبَتَّهَا فِي مَرَّةٍ فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَهَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) فِيهَا مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً أَوْ امْرَأَةً طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ أَوْ أُخْتَهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ النَّسَبِ أَوْ شَيْئًا مِنْ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ عَلَيْهِ عَامِدًا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهَا سَوَاءٌ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ فِي مَرَّةٍ أَوْ مُفْتَرِقَاتٍ، وَقَالَ أَصْبَغُ مَنْ نَكَحَ مَبْتُوتَةً عَالِمًا فَلَا يُحَدُّ لِلِاخْتِلَافِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا. (أَوْ) إتْيَانَ امْرَأَةٍ (مُطَلَّقَةٍ) مِنْهُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) مِنْهُ بِهَا فَيُحَدُّ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) إتْيَانَ أَمَةٍ (مُعْتَقَةٍ) بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْهُ (بِلَا عَقْدٍ) لِنِكَاحِهَا فَيُحَدُّ رَاجِعٌ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَيْضًا. فِيهَا مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ طَلْقَةً ثُمَّ وَطِئَهَا، وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يُبْرِئُهَا مِنِّي إلَّا الثَّلَاثُ فَلَا يُحَدُّ إنْ عُذِرَ بِالْجَهَالَةِ. مُحَمَّدٌ مَنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَصَابَهَا فِي اسْتِبْرَائِهَا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ. مَوَّاقٌ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 249 كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا أَوْ مَجْنُونٌ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ، إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ، أَوْ الْحُكْمَ، إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ، إلَّا الْوَاضِحَ،   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْحَدِّ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَطَأَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (مَمْلُوكُهَا) فَيُحَدَّانِ اتِّفَاقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ بَالِغًا وَلَمْ يَعْقِدَا نِكَاحًا إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُمَا فَإِنْ كَانَا عَقَدَاهُ فَلَا يُحَدَّانِ لِأَنَّهَا شُبْهَةٌ، وَإِنْ فَسَدَ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] النِّسَاءَ، فِي خُصُوصِ الرِّجَالِ إذَا مَلَكُوا الْإِمَاءَ. وَفِي النَّوَادِرِ رُفِعَ لِعُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " امْرَأَةٌ اتَّخَذَتْ غُلَامَهَا لِوَطْئِهَا فَأَرَادَ رَجْمَهَا فَقَالَتْ قَرَأْت {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] النِّسَاءَ، فَقَالَ تَأَوَّلْتِ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ وَتَرَكَهَا وَجَزَّ رَأْسَ الْغُلَامِ وَغَرَّبَهُ، أَفَادَهُ شب. (أَوْ) مَكَّنَتْ امْرَأَةٌ (عَاقِلَةٌ) رَجُلًا (مَجْنُونًا) مِنْ نَفْسِهَا فَأَصَابَهَا، فَتُحَدُّ، وَإِنْ وَطِئَ عَاقِلٌ مَجْنُونَةً أَجْنَبِيَّةً فَيُحَدُّ فَقَطْ فِيهَا مَنْ زَنَتْ بِمَجْنُونٍ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ. اللَّخْمِيُّ إنْ زَنَى مَجْنُونٌ بِعَاقِلَةٍ أَوْ عَاقِلٌ بِمَجْنُونَةٍ حُدَّ الْعَاقِلُ مِنْهُمَا، وَعُوقِبَ الْمَجْنُونُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا وَكَانَ بِحَالَةٍ يَرُدُّهُ الزَّجْرُ وَالْأَدَبُ. (بِخِلَافِ) وَطْءِ الذَّكَرِ (الصَّغِيرِ) امْرَأَةً مُكَلَّفَةً فَلَا يُوجِبُ حَدَّهَا، وَاسْتَثْنَى مِنْ جَمِيعِ مَسَائِلِ إيجَابِ الْحَدِّ السَّابِقَةِ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يَجْهَلَ) الْوَاطِئُ الْمُكَلَّفُ فِي جَمِيعِهَا (الْعَيْنَ) أَيْ الْمَرْأَةَ الْمَوْطُوءَةَ بِأَنْ وَجَدَ امْرَأَةً نَائِمَةً فِي مَنْزِلِهِ فَظَنَّهَا حَلِيلَتَهُ فَعَلَاهَا فَلَا يُحَدُّ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ (أَوْ) يَجْهَلُ (الْحُكْمَ) مَعَ عِلْمِهِ عَيْنَ الْمَوْطُوءَةِ فَلَا يُحَدُّ (بِأَنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) ذَلِكَ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْجَهْلِ فَقَالَ (إلَّا) الزِّنَا (الْوَاضِحَ) الَّذِي لَا يُجْهَلُ مِثْلُهُ غَالِبًا فَيُحَدُّ، وَلَا يُعْذَرُ بِهِ كَكَوْنِ حَلِيلَتِهِ نَحِيفَةً وَوَطِئَ سَمِينَةً أَوْ عَكْسَهُ أَوْ بَيْضَاءَ وَوَطِئَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 250 لَا مُسَاحَقَةٍ، وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا كَبَهِيمَةٍ وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ، وَالْأَكْلِ وَمَنْ حَرُمَ لِعَارِضٍ، كَحَائِضٍ، أَوْ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَا تَعْتِقُ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ بِنْتٍ عَلَى أُمٍّ،   [منح الجليل] سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ فِي نُورٍ، وَعَطَفَ عَلَى وَطْءٍ مِنْ قَوْلِهِ الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ بِلَا فَقَالَ (لَا مُسَاحَقَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مُحَاكَّةِ امْرَأَةٍ امْرَأَةً أُخْرَى حَتَّى يُنْزِلَا فَلَيْسَتْ زِنًا إذْ لَيْسَ فِيهَا إدْخَالُ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فَاعِلُ الْمُسَاحَقَةِ (اجْتِهَادًا) مِنْ الْإِمَامِ فِي نَوْعِ الْمُؤَدِّبَةِ وَقَدْرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ عُقُوبَةِ المتساحقتين أَدَبًا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ عَلَى مَا يَرَى مِنْ شُنْعَةِ ذَلِكَ وَخُبْثِهِمَا أَوْ بِخَمْسِينَ خَمْسِينَ وَنَحْوُهَا سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَنْهُ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ بِدُونِ وَنَحْوُهَا. وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ التَّأْدِيبِ فَقَالَ (كَ) وَطْءِ (بَهِيمَةٍ) مِنْ النَّعَمِ أَوْ غَيْرِهَا فَيُوجِبُ التَّأْدِيبَ اجْتِهَادًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يُحَدُّ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً وَيُعَاقَبُ. اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ يُحَدُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ (وَهِيَ) أَيْ الْبَهِيمَةُ الَّتِي وَطِئَهَا مُكَلَّفٌ (كَغَيْرِهَا) الَّذِي لَمْ يُوطَأْ (فِي) إبَاحَةِ (الذَّبْحِ) لَهَا (وَالْأَكْلِ) لِلَحْمِهَا الطُّرْطُوشِيُّ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ الْبَهِيمَةَ لَا تُقْتَلُ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُؤْكَلُ أُكِلَتْ (وَلَا) يُحَدُّ وَاطِئُ (مَنْ) أَيْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ لَهُ (حَرُمَ) عَلَيْهِ وَطْؤُهَا (لِعَارِضٍ كَحَيْضٍ) وَنِفَاسٍ وَإِحْرَامٍ وَصِيَامٍ وَظِهَارٍ وَإِيلَاءٍ وَيُؤَدَّبُ لِأَنَّهُ لَيْسَ زَانِيًا (أَوْ) وَاطِئُ أَمَةٍ (مُشْتَرَكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَيُؤَدَّبُ لِلْحُرْمَةِ (أَوْ) وَاطِئُ أَمَةٍ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ (لَا تَعْتِقُ) عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهَا كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ وَبِنْتِ أَخِيهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَزَوْجَةِ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ فَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَيُؤَدَّبُ لِلْحُرْمَةِ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ، وَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا وَتُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ خَشْيَةَ عَوْدِهِ لِوَطْئِهَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ. (وَ) وَاطِئُ أَمَةٍ أَوْ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجِهَا فَلَا يُحَدُّ وَيُؤَدَّبُ وَكَذَا مُتَزَوِّجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ (أَوْ) وَاطِئُ (بِنْتٍ) لِزَوْجَتِهِ بِنِكَاحٍ (عَلَى أُمٍّ) لَهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 251 لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ أُخْتًا عَلَى أُخْتِهَا، وَهَلْ إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ تَأْوِيلَانِ، وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ، وَقُوِّمَتْ وَإِنْ أَبَيَا   [منح الجليل] عَقَدَ عَلَيْهَا وَ (لَمْ يَدْخُلْ) وَاطِئُ الْبِنْتِ (بِهَا) أَيْ الْأُمِّ فَلَا يُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ عَقْدُهُ عَلَى الْبِنْتِ وَأُمُّهَا فِي عِصْمَتِهِ مُحَرَّمًا مَفْسُوخًا نَعَمْ يُؤَدَّبُ (أَوْ) وَاطِئُ (أُخْتٍ) بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ (عَلَى أُخْتِهَا) كَذَلِكَ فَلَا يُحَدُّ وَيُؤَدَّبُ. (وَهَلْ) لَا يُحَدُّ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْأُخُوَّةِ بِرَضَاعٍ، وَهَذَا لِأَصْبَغَ وَالتُّونُسِيِّ (أَوْ) لَا يُحَدُّ (إلَّا) إذَا وَطِيءَ (أُخْتَ النَّسَبِ) فَيُحَدُّ (لِتَحْرِيمِهَا) أَيْ أُخْتِ النَّسَبِ (بِالْكِتَابِ) أَيْ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَأَمَّا أُخْتُ الرَّضَاعِ فَحُرِّمَتْ بِالْحَدِيثِ، وَهَذَا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَيْسَ مَا حَرَّمَتْهُ السُّنَّةُ كَمَا حَرَّمَهُ الْقُرْآنُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا عَالِمًا بِالنَّهْيِ يُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ بِالسُّنَّةِ بِخِلَافِ مَنْ جَمَعَ امْرَأَةً وَأُخْتَهَا فَيُحَدُّ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ بِالْقُرْآنِ. وَاعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ ذِكْرَ التَّأْوِيلَيْنِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا نَصٌّ عَلَى جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ بِاعْتِبَارِ الْحَدِّ لَا وُجُوبًا وَلَا سُقُوطًا، فَمَا الَّذِي أُوِّلَ وَنَحْوُهُ لِلْمَوَّاقِ. طفي وَهُوَ اعْتِرَاضٌ صَحِيحٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْضِيحِهِ، إذْ لَمْ يُنْسَبْ فِيهِ ذَلِكَ لَهَا. (أَوْ كَ) وَاطِئٍ (أَمَةً مُحَلَّلَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ، أَيْ مُعَارَةٍ لَهُ لِوَطْئِهَا مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ قَرِيبِهِ وَأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا فَلَا يُحَدُّ لِمُرَاعَاةِ قَوْلِ عَطَاءٍ بِإِبَاحَتِهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ لَاحِقٌ بِهِ لِذَلِكَ (وَقُوِّمَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (عَلَيْهِ) أَيْ وَاطِئِهَا سَوَاءٌ حَمَلَتْ أَمْ لَا لِتَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ وَتَنْتَفِي الْإِعَارَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ إنْ رَضِيَا بِتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، بَلْ (وَإِنْ أَبَيَا) أَيْ امْتَنَعَ سَيِّدُ الْأَمَةِ وَوَاطِئُهَا مِنْهُ إذْ يَلْزَمُ عَلَى عَدَمِهِ تَمَامُ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهَا حَالَّةً إنْ كَانَ مَلِيًّا وَإِلَّا بِيعَتْ عَلَيْهِ. فِيهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ فَإِنْ زَادَ ثَمَنُهَا عَلَى قِيمَتِهَا فَالزَّائِدَةُ لَهُ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهَا اُتُّبِعَ بِالنَّقْصِ، وَإِنْ حَمَلَتْ فَلَا تُبَاعُ وَيُتَّبَعُ بِقِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ. أَبُو عِمْرَانَ إنْ أَفْلَسَ وَاطِئُهَا قَبْلَ دَفْعِ قِيمَتِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 252 أَوْ مُكْرَهَةٍ أَوْ مَبِيعَةٍ بِغَلَاءٍ   [منح الجليل] فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا وَتُبَاعُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ لِتَحْلِيلِهَا، وَإِنْ مَاتَ وَاطِئُهَا قَبْلَهُ فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهَا كُلُّ مَنْ أُحِلَّتْ لَهُ جَارِيَةٌ أَحَلَّهَا لَهُ أَجْنَبِيٌّ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ أَوْ امْرَأَتُهُ رُدَّتْ إلَى سَيِّدِهَا إلَّا أَنْ يَطَأَهَا مَنْ أُحِلَّتْ لَهُ فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَيْسَ لِرَبِّهَا التَّمَسُّكُ بِهَا بِخِلَافِ وَطْءِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَحَمَلَتْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ بِيعَتْ عَلَيْهِ فَكَانَ لَهُ الْفَضْلُ عَنْ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ. الصِّقِلِّيُّ الْأَبْهَرِيُّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ حُدَّ وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ زَانٍ، وَهَذَا خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ «عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رُفِعَ لَهُ رَجُلٌ وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَأَقْضِيَنَّ فِيهَا بِقَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ أَحَلَّتْهَا لَهُ جَلَدْته، وَإِنْ لَمْ تَحِلَّهَا لَهُ رَجَمْته فَوَجَدَهَا أَحَلَّتْهَا لَهُ فَجَلَدَهُ مِائَةً» نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (أَوْ) وُطِئَتْ امْرَأَةٌ حَالَ كَوْنِهَا (مُكْرَهَةً) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى وَطْئِهَا بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ فَلَا تُحَدُّ، وَيُحَدُّ الزَّانِي بِهَا إنْ كَانَ طَائِعًا وَإِلَّا فَفِي حَدِّهِ خِلَافٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُكْرَهَةُ عَلَى التَّمْكِينِ لَا تُحَدُّ (أَوْ) وُطِئَتْ حُرَّةٌ حَالَ كَوْنِهَا (مَبِيعَةً) مِنْ زَوْجِهَا لِغَيْرِهِ (بِ) سَبَبِ (الْغَلَاءِ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا فَلَا تُحَدُّ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهِيَ وَزَوْجُهَا مَعْذُورَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ جَاعَ فَبَاعَ امْرَأَتَهُ مِنْ رَجُلٍ فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ فَوَطِئَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ وَجَدْت فِي مَسَائِلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ، إمَامِنَا مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُمَا يُعْذَرَانِ وَتَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِثَمَنِهَا. قُلْت فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا جُوعٌ قَالَ فَحَرِيٌّ أَنْ تُحَدَّ وَيُنَكَّلُ زَوْجُهَا، وَلَكِنَّ دَرْءَ حَدِّهَا أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الرَّجُلِ يَسْرِقُ مِنْ جُوعٍ أَصَابَهُ إنَّهُ لَا يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا شُبْهَةَ أَقْوَى مِنْ الْجُوعِ. قَوْلُهُ وَيَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ وَقِيلَ تَبِينُ مِنْهُ بِالْبَتَّةِ قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا جُوعٌ أَحَبُّ إلَيَّ دَرْءُ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، وَجْهُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَمَلَّكَهَا بِشِرَائِهِ مِلْكَ الْأَمَةِ فَيَكُونُ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 253 وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ كَأَنْ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ، وَنَكَلَ الْبَائِعُ، وَحَلَفَ الْوَاطِئُ،   [منح الجليل] وَطْئِهَا كَالْمُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً، إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ لَقَدَرَ عَلَى إكْرَاهِهَا، قُلْت كَوْنُ أَصْلِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْعِ الطَّوْعَ يَنْفِي كَوْنَهَا مُكْرَهَةً. ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ رَجُلًا ثُمَّ حَبَسَهَا وَأَرْسَلَ إلَيْهِ أَمَتَهُ فَوَطِئَهَا فَتُحَدُّ إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهَا ظَنَّتْ أَنَّهَا زُوِّجَتْ مِنْهُ تُحَدُّ إنْ طَاعَتْ لِزَوْجِهَا بِبَيْعِهَا فَوَطِئَهَا مُشْتَرِيهَا إلَّا أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ أَنَّهَا تُرْجَمُ إنْ أَطَاعَتْهُ فِي الْبَيْعِ وَأَقَرَّتْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَصَابَهَا طَائِعَةً، وَإِنْ زَعَمَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا فَلَا تُحَدُّ. (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحَدُّ وَاطِئُ أَمَةٍ. طفي فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ مَبِيعَةٍ بِغَلَاءٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ اخْتِيَارَ ابْنِ رُشْدٍ فِيهَا لَا فِيمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ الْمَبِيعَةَ بِغَلَاءٍ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي سَمَاعِ عِيسَى، وَعَلَيْهَا تَكَلَّمَ ابْنُ رُشْدٍ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ شِرَاءِ الْأَمَةِ فَمَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَعَزْوُ تت تَبَعًا لِلشَّارِحِ فِيهِ نَظَرٌ. الْبُنَانِيُّ اعْتَرَضَ " ق " قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ إلَخْ بِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَكَيْفَ يَعْزُوهُ لِابْنِ رُشْدٍ فَالصَّوَابُ نُسْخَةُ عَلَى الْأَظْهَرِ، لِأَنَّ اخْتِيَارَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمَبِيعَةِ بِغَلَاءٍ لَا فِي شِرَاءِ الْأَمَةِ. (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ فِي عَدَمِ الْحَدِّ صِلَتُهُ (ادَّعَى) الْوَاطِئُ (شِرَاءَ أَمَةٍ) مَوْطُوءَةٍ لَهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ بَيْعَهَا لَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْوَاطِئِ عَلَى الشِّرَاءِ (وَ) طَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ يَمِينًا عَلَى عَدَمِ الْبَيْعِ فَ (نَكَلَ الْبَائِعُ) عَنْ الْيَمِينِ (وَ) رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الطَّالِبِ فَ (حَلَفَ الْوَاطِئُ) أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَلَا يُحَدُّ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ. وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَدُّ الْوَاطِئِ إنْ حَلَفَ الْبَائِعُ أَوْ نَكَلَ الْوَاطِئُ أَيْضًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، فِيهَا مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ رَجُلٍ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ حُدَّ، فَإِنْ طَلَبَ الْوَاطِئُ يَمِينَ السَّيِّدِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا لَهُ احْتَلَفْتُهُ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَاطِئُ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَدُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 254 وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً،   [منح الجليل] وَالْمُخْتَارُ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ (أَنَّ) الرَّجُلَ (الْمُكْرَهَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى وَطْءِ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِخَوْفِ مُؤْلِمٍ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ، وَخَبَرُ أَنَّ الْمُكْرَهَ (كَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي عَدَمِ حَدِّهِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ كَوْنِ الْمُكْرَهِ كَذَلِكَ وَهُوَ حَدُّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُكْرَهُ عَلَى الزِّنَا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَا يُحَدُّ، بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُحَدُّ ابْنُ الْقَصَّارِ إنْ انْتَشَرَ قَضِيبُهُ حِينَ إيلَاجِهِ يُحَدُّ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فَلَا يُحَدُّ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ عَلَى الزِّنَا وَالِاحْتِجَاجُ عَلَى حَدِّهِ بِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَصِحُّ مَعَ إنْعَاظِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ، قَدْ يُرِيدُ الرَّجُلُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَيَكُفُّ عَنْهَا خَوْفًا مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ أَكْرَهَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا بِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهَا فَلَا يُحَدُّ وَيَغْرَمُ لَهَا مَهْرَهَا. قُلْت وَيَرْجِعُ هُوَ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ. أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ لَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ. وَقِيلَ يُحَدُّ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ إذَا صَحَّ الْإِكْرَاهُ. (وَثَبَتَ) الزِّنَا عَلَى الْمُكَلَّفِ (بِإِقْرَارٍ) مِنْهُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ. رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (مَرَّةً) وَاحِدَةً اتِّفَاقًا فَلَا يُشْتَرَطُ تَكْرَارُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَاشْتَرَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ يُحَدُّ الْمُقِرُّ بِالزِّنَا طَوْعًا وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً. اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْإِمَامُ إذَا اعْتَرَفَ رَجُلٌ عِنْدَهُ بِالزِّنَا أَوَيُعْرِضُ عَنْهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ، قَالَ مَا أَعْرِفُهُ إذَا اعْتَرَفَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ حُدَّ. اهـ. وَيَدُلُّ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْعَسِيفِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجزء: 9 ¦ الصفحة: 255 إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا بِاعْتِرَافِهَا مَرَّةً» . وَأَجَابُوا عَنْ «مُعَاوَدَةِ مَاعِزٍ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّهَمَهُ فِي عَقْلِهِ وَأَرْسَلَ لِقَوْمِهِ وَسَأَلَهُمْ عَنْ عَقْلِهِ مَرَّتَيْنِ فَأَخْبَرُوهُ بِصِحَّتِهِ فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ» . وَفِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِهِ أَنَّهُ سَأَلَهُ، وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثًا، وَقَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَبِكَ جُنُونٌ قَالَ لَا، قَالَ فَهَلْ أَحْصَنْت قَالَ نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» ، وَفِي حَدِيثِ الْغَامِدِيَّةِ أَنَّهَا أَقَرَّتْ مَرَّةً وَيُحَدُّ الْمُقِرُّ بِالزِّنَا فِي كُلِّ حَالٍ. (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْمُقِرُّ بِالزِّنَا عَنْ إقْرَارِهِ فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَلَا يُحَدُّ رُجُوعًا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لِشُبْهَةٍ مِثَالُ رُجُوعِهِ لِشُبْهَةٍ قَوْلُهُ وَطِئْت حَلِيلَتِي حَائِضًا فَظَنَنْت أَنَّهُ زِنًا فَاعْتَرَفْت بِهِ فَلَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا، وَرُجُوعُهُ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ بِلَا اعْتِذَارٍ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ فِي الْحَدِّ أَوْ قَبْلَهُ، وَدَخَلَ فِيهِ إنْكَارُهُ إقْرَارَهُ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ رَجَعَ إلَى مَا يُعْذَرُ بِهِ قُبِلَ، وَفِي إكْذَابِ نَفْسِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي التَّوْضِيحِ، يَعْنِي لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلَمْ يُبْدِ عُذْرًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 256 أَوْ يَهْرُبَ، وَإِنْ فِي الْحَدِّ،   [منح الجليل] لَا يُحَدُّ، وَرَأَوْا ذَلِكَ شُبْهَةً لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ ثَانِيًا، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْذَرُ إلَّا بِأَمْرٍ يُعْذَرُ بِهِ، وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِوَجْهٍ وَسَبَبٍ لَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي قَبُولِ رُجُوعِهِ. الْبَاجِيَّ إنْ رَجَعَ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ، فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ أَنْ يُقَالَ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَهْرُبَ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ، أَيْ الْمُقِرُّ بِالزِّنَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي حَدِّهِ، بَلْ (وَإِنْ) هَرَبَ (فِي) أَثْنَاءِ (الْحَدِّ) فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَوَائِلِ الْحَدِّ أَوْ فِي نِصْفِهِ أَوْ بَعْدَ أَكْثَرِهِ «لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَاعِزٍ لَمَّا أَخْبَرُوهُ بِأَنَّهُ لَمَّا أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ وَقَالَ رُدُّونِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكُوهُ بِالْحَرَّةِ وَرَجَمُوهُ إلَى أَنْ مَاتَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . عب لَوْ حَذَفَ وَإِنْ لَطَابَقَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى، أَوْ الْوَاوُ لِلْحَالِ كَمَا فِي د وَإِنْ زَائِدَةٌ، إذْ هُرُوبُهُ قَبْلَ الْحَدِّ لَا يُسْقِطُهُ فَيُؤْتَى وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي الشَّارِحِ. وَفِي " د " يُؤْتَى وَيُسْتَخْبَرُ عَنْهُ بِخِلَافِ هُرُوبِهِ أَثْنَاءَهُ فَيُسْقِطُهُ لِأَنَّهُ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ دَالٌّ عَلَى الرُّجُوعِ وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ. الْبُنَانِيُّ التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لِلشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهَا أَحْمَدُ وعج وَتَلَامِذَتُهُ، وَفِيهَا نَظَرٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ مُبَالَغَةٌ عَلَى حَقِيقَتِهَا، وَقَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى ظَاهِرِهِ. الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْهُرُوبِ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلْأَلَمِ مِنْ الْهُرُوبِ قَبْلَ ذَلِكَ. طفي أَوْ يَهْرُبُ وَإِنْ فِي الْحَدِّ. الشَّارِحُ يُكَفُّ عَنْهُ إذَا هَرَبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَقَدْ «هَرَبَ مَاعِزٌ لَمَّا رُجِمَ فَاتَّبَعُوهُ فَقَالَ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرُدُّوهُ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الرَّاجِعِ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ فَرُوِيَ أَنَّهُ إذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْحَدِّ كُمِّلَ عَلَيْهِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ فِي الْحَدِّ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ يَهْرُبَ لِأَنَّ الْهُرُوبَ الْمَقْبُولَ إنَّمَا يَكُونُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ كَمَا وَرَدَ، اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 257 وَبِالْبَيِّنَةِ، فَلَا يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا   [منح الجليل] وَاسْتَمَرَّ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنَّ الْهُرُوبَ إنَّمَا يُفِيدُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَتَبِعَهُ عج قَائِلًا لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ لَطَابَقَ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى إذْ هُرُوبُهُ قَبْلَ الْحَدِّ لَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ. طفي لَمْ أَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْهُرُوبِ لِغَيْرِ الشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ تت فِي كَبِيرِهِ، بَلْ صَرَّحَ بِإِبْقَاءِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ الْهُرُوبُ قَبْلَ الْحَدِّ مِنْ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرُّجُوعِ خَفِيٌّ، فَلِذَا تِيهَ عَلَى مَا نَصَّهُ تَأَمَّلْ جَوَابَهُ، فَإِنَّهُ لَا تَحْسُنُ مَعَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي الْهَرَبِ فِي الْحَدِّ، وَإِنَّمَا الْمُبَالَغَةُ فِيمَا يَخْفَى وَهِيَ عَلَى جَوَابِهِ مَقْلُوبَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْهُرُوبُ قَبْلَ الْحَدِّ أَظْهَرُ فِي الرُّجُوعِ مِنْ الْهُرُوبِ فِي الْحَدِّ مِنْ الْأَلَمِ، فَلِذَا بَالَغَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ. وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لَا إلَى قَوْلِهِ أَوْ يَهْرُبَ اهـ، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حُكْمَ الْهَارِبِ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَافِظٌ. (وَ) يَثْبُتُ الزِّنَا عَلَى الْمُكَلَّفِ (بِالْبَيِّنَةِ) وَتَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّ شَرْطَهَا كَوْنُهَا أَرْبَعَةً بِرُؤْيَا اتَّحَدَتْ إلَخْ، وَإِذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا وَادَّعَتْ الْبَكَارَةَ أَوْ الرَّتْقَ وَشَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ (فَلَا يَسْقُطُ) الْحَدُّ عَنْهَا (بِ) سَبَبِ (شَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِ) وُجُودِ (بَكَارَتِهَا) أَوْ رَتْقِهَا، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. الْبِسَاطِيُّ لِأَنَّ عُذْرَتَهَا قَدْ تَكُونُ لِدَاخِلٍ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ دُونَهَا، وَلَوْ قَامَ عَلَى بَقَاءِ الْعُذْرَةِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَسَقَطَ الْحَدُّ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلِلرِّجَالِ النَّظَرُ لِذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَهُ عب وَالْخَرَشِيُّ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إنْ عَلَّلَ عَدَمَ السُّقُوطِ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِعَدَمِ مُنَافَاةِ شَهَادَتِهِنَّ شَهَادَةَ الرِّجَالِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا غَوْرَاءَ الْبَكَارَةِ قِيلَ عَلَيْهِ، أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ شَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا وَأَرْبَعَةِ رِجَالٍ بِهَا، وَإِنْ عَلَّلَ بِضَعْفِ شَهَادَتِهِنَّ، فَلَا تُقَاوِمُ شَهَادَةَ الرِّجَالِ، قِيلَ عَلَيْهِ شَهَادَتُهُنَّ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ نَقَلَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ، وَكَلَامُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَالْحَدُّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 258 وَبِحَمْلٍ فِي غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ، وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، إنْ صَابَ   [منح الجليل] عِنْدَهُ يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ وَبِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ سُقُوطِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) يَثْبُتُ زِنَا الْمَرْأَةِ (بِ) ظُهُورِ (حَمْلٍ) بِهَا (فِي) امْرَأَةٍ (غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ) حُرَّةً أَوْ أَمَةً (وَ) فِي غَيْرِ (ذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَيِّدٌ أَوْ كَانَ وَأَنْكَرَ وَطْأَهَا وَكَمَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ مَنْ لَهَا زَوْجٌ لَا يَلْحَقُهُ حَمْلُهَا لِصِبَاهُ أَوْ جَبِّهِ أَوْ عَدَمِ مُضِيِّ أَقَلِّ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ عَقْدِهِ. الْحَطّ فِي الطُّرَرِ عَبْدُ الْغَفُورِ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى عَنْ جَارِيَةٍ بِكْرٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَابْتَنَى بِهَا زَوْجُهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُمَا فَقَالَتْ إنِّي كُنْت نَائِمَةً فَانْتَبَهْت لِلْبَلَلِ بَيْنَ فَخْذَيَّ وَذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهَا عَذْرَاءَ، فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تُحَدُّ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالْعَفَافِ وَحُسْنِ الْحَالِ، وَيُفْسَخُ، وَلَهَا مَهْرُهَا كَامِلًا، إلَّا أَنْ تَكُونَ عَلِمَتْ بِحَمْلِهَا وَكَتَمَتْهُ فَلَهَا رُبُعُ دِينَارٍ. اهـ. مِنْ الِاسْتِفْتَاءِ. اهـ. كَلَامُ الطُّرَرِ. عب هَذَا يُفِيدُ أَنَّ ظُهُورَ الْحَمْلِ فِي غَيْرِ ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ قَدْ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لِقَرِينَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ ظَهَرَ حَمْلٌ بِغَيْرِ ذَاتِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ فَادَّعَتْ أَنَّهَا غُصِبَتْ فَ (لَا تُقْبَلُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (دَعْوَاهَا الْغَصْبَ) عَلَى الزِّنَا بِهَا (إلَّا بِقَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عَلَى صِدْقِهَا كَإِتْيَانِهَا تَدْمَى مُسْتَغِيثَةً عِنْدَ نُزُولِ الْأَمْرِ بِهَا، وَتُقْبَلُ دَعْوَاهَا الِاشْتِبَاهَ أَوْ الْغَلَطَ أَوْ النَّوْمَ لِأَنَّ هَذِهِ تَقَعُ كَثِيرًا أَفَادَهُ شب وَإِذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلِ غَيْرِ ذَاتِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ فَ (يُرْجَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ الشَّخْصُ الزَّانِي (الْمُكَلَّفُ) أَيْ الْمُلْزَمُ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَلَا يُرْجَمُ مَجْنُونٌ وَلَا صَبِيٌّ وَلَوْ مُرَاهِقًا عَلَى الْمَشْهُورِ (الْحُرُّ) فَلَا يُرْجَمُ الرِّقُّ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ (الْمُسْلِمُ) فَلَا يُرْجَمُ الْكَافِرُ وَلَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (إنْ) كَانَ (أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ قَبْلَ الزِّنَا وَلَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَطْءِ، بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 259 بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ، صَحَّ بِحِجَارَةٍ، مُعْتَدِلَةٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ   [منح الجليل] قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا (بَعْدَهُنَّ) أَيْ اتِّصَافِهِ بِالتَّكْلِيفِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ (بِ) عَقْدِ (نِكَاحٍ) لَا بِمِلْكٍ (لَازِمٍ) لَا بِنِكَاحٍ فِيهِ خِيَارٌ كَنِكَاحِ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَسَفِيهٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَمَعِيبٍ بِمُوجَبِ خِيَارٍ (صَحَّ) أَيْ جَازَ الْوَطْءُ لَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ فَلَا يُحْصَنُ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَفَسَّرَ الشَّارِحَانِ فَاعِلَ صَحَّ النِّكَاحُ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ اللُّزُومَ مُسْتَلْزِمٌ لِلصِّحَّةِ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ وَالْإِخْلَالُ بِشَرْطٍ وَهُوَ إبَاحَةُ الْوَطْءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَحَدُّ الْمُحْصَنِ رَجْمُهُ فَالْوَطْءُ الْمُبَاحُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ لَا خِيَارَ فِيهِ مِنْ بَالِعٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ إحْصَانٌ اتِّفَاقًا. فِي الْكَافِي الْفَاسِدُ الَّذِي لَا يُحْصِنُ مَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ كَشِغَارٍ، وَاَلَّذِي لَا يُفْسَخُ بَعْدَهُ وَطْؤُهُ إحْصَانٌ. اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ وَابْنِ دِينَارٍ الْوَطْءُ الْفَاسِدُ كَوَطْءِ الْحَائِضِ وَالْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ وَالصَّائِمَةِ كَالصَّحِيحِ، وَفِي كَوْنِهِ فِي نِكَاحِ ذِي خِيَارٍ أَمْضَى بَعْدَ الْوَطْءِ إحْصَانًا نَقْلًا اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَفِيهَا الْمَجْنُونَةُ تُحْصِنُ وَاطِئَهَا وَلَا يُحْصِنُهَا. وَقَالَ بَعْضُ الرُّوَاةِ يُحْصِنُهَا. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَجْنُونًا فَفِي وُقُوعِ الْإِحْصَانِ مُطْلَقًا أَوْ فِي حَقِّ الْعَاقِلِ فَقَطْ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَاقِلًا ثَبَتَ الْإِحْصَانُ فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا. وَصِلَةُ يُرْجَمُ (بِحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) أَيْ مُتَوَسِّطَةٍ بَيْنَ الْكِبَرِ الْفَاحِشِ وَالصِّغَرِ الدَّقِيقِ إذْ الْأَوَّلُ يُشَوِّهُ وَالثَّانِي يُطَوِّلُ. ابْنُ عَرَفَةَ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ الَّتِي يُرْمَى بِمِثْلِهَا، أَمَّا الصَّخْرُ الْعِظَامُ فَلَا يُسْتَطَاعُ الرَّمْيُ بِهَا اللَّخْمِيُّ لَا تَكُونُ صِغَارًا جِدًّا تُؤَدِّي إلَى عَذَابِهِ وَلَا تُجْهِزُ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يُرْجَمُ بِأَكْبَرِ حَجَرٍ يَقْدِرُ الرَّامِي عَلَى حَمْلِهِ، فَحَمَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُرَادَهُ سُرْعَةُ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ. وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ يُخَصُّ بِهِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي هِيَ مَقَاتِلُ الظَّهْرُ وَغَيْرُهُ مِنْ السُّرَّةِ إلَى مَا فَوْقُ، وَيُجْتَنَبُ الْوَجْهُ وَمَا لَيْسَ مَقْتَلًا كَالسَّاقَيْنِ. (وَلَمْ يَعْرِفْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا سُنَّةٍ مَعْمُولٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 260 بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ، ثُمَّ الْإِمَامُ كَلَائِطٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَبْدَيْنِ كَافِرَيْنِ.   [منح الجليل] بِهَا (بُدَاءَةَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ بَدْءَ (الْبَيِّنَةِ) الشَّاهِدَةِ بِالزِّنَا بِالرَّجْمِ (ثُمَّ) تَثْنِيَةُ (الْإِمَامِ) الَّذِي حَكَمَ بِهِ ثُمَّ تَثْلِيثُ النَّاسِ وَحَدِيثُ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، قَالَ أَقَامَتْ الْأَئِمَّةُ الْحُدُودَ، وَلَمْ تَعْلَمْ أَحَدًا مِنْهُمْ تَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ وَلَا أَلْزَمَ الْبَيِّنَةَ الْبُدَاءَةَ بِالرَّجْمِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُحْفَرُ لَهُ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا لِلْمَرْأَةِ أَشْهَبُ إنْ حُفِرَ لَهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تُخَلَّى لَهُ يَدَاهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا يُحْفَرَ لَهُ. ابْنُ وَهْبٍ يُفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، وَاسْتَحَبَّ أَصْبَغُ الْحَفْرَ مَعَ إرْسَالِ يَدَيْهِ. ابْنُ شَعْبَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يُحْفَرُ لِلْمُقِرِّ وَيُحْفَرُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ يُجَرَّدُ أَعْلَى الرَّجُلِ وَلَا تُجَرَّدُ الْمَرْأَةُ. وَشَبَّهَ فِي الرَّجْمِ فَقَالَ (كَ) رَجُلٍ (لَائِطٍ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلِّوَاطِ فَاعِلًا كَانَ أَوْ مَفْعُولًا فِيهِ فَيُرْجَمُ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مُحْصَنًا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، بَلْ (وَ) إنْ كَانَا (عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) بِشَرْطِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالطَّوْعِ فَلَا يُرْجَمُ صَغِيرٌ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا مُكْرَهٌ وَلَا بَالِغٌ مَكَّنَ صَبِيًّا، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ الْمَفْعُولِ فِيهِ فِي رَجْمِ الْفَاعِلِ فِيهَا مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَعَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ الرَّجْمُ أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا، وَلَا صَدَاقَ فِي ذَلِكَ فِي طَوْعٍ وَلَا إكْرَاهٍ وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ مُكْرَهًا أَوْ صَبِيًّا طَائِعًا فَلَا يُرْجَمُ وَيُرْجَمُ الْفَاعِلُ، وَالشَّهَادَةُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّائِطَانِ كَالْمُحْصَنَيْنِ وَإِنْ لَمْ يُحْصِنَا. أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَدُّ اللُّوطِيِّ أَنْ يُرْمَى مِنْ أَعْلَى بِنَاءٍ فِي الْقَرْيَةِ مُنَكَّسًا ثُمَّ يُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ. الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنْ يُحَرَّقَ بِالنَّارِ فَفُعِلَ، وَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي زَمَانِهِ وَهِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي زَمَانِهِ وَالْقَسْرِيُّ بِالْعِرَاقِ وَمَنْ أَخَذَ بِهَذَا لَمْ يَخُطَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الرَّجْمُ هِيَ الْعُقُوبَةُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْمِ لُوطٍ، وَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَقِيلَ يُرْجَمَانِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدَّانِ خَمْسِينَ خَمْسِينَ وَيُؤَدَّبُ الْكَافِرَانِ قُلْت قَوْلَ أَشْهَبَ مَيْلٌ لِاعْتِبَارِ الْإِحْصَانِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 261 وَجُلِدَ الْبِكْرُ الْحُرُّ مِائَةً، وَتَشَطَّرَ بِالرِّقِّ وَإِنْ قَلَّ، وَتَحَصَّنَ كُلٌّ دُونَ صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ، وَغُرِّبَ الْحُرُّ الذَّكَرُ فَقَطْ   [منح الجليل] وَجُلِدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّانِي (الْبِكْرُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُحْصَنْ (الْحُرُّ) الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً الْعَاقِلُ (مِائَةً) بِسَوْطٍ وَضُرِبَ مُعْتَدِلَيْنِ كَمَا يَأْتِي فِي حَدِّ الشُّرْبِ. اللَّخْمِيُّ بِسَوْطٍ بَيْنَ سَوْطَيْنِ لَا جَدِيدٍ وَلَا بَالٍ بِالدِّرَّةِ وَدِرَّةُ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّمَا كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ وَضُرِبَ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ وَزَمَانٍ بَيْنَ زَمَانَيْنِ وَرَجُلٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَا بِالْقَوِيِّ وَلَا بِالضَّعِيفِ، وَلَا يَضَعُ سَوْطًا فَوْقَ سَوْطٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ حَدُّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ عَلَى الظَّهْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ حَدُّ زِنَا الْبِكْرِ الْحُرِّ جَلْدُ مِائَةٍ، فِيهَا الْبِكْرُ حَدُّهُ الْجَلْدُ دُونَ رَجْمٍ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ. (وَتَشَطَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ سَقَطَ نِصْفُ الْجَلْدِ لِلْمِائَةِ (لِلرِّقِّ) فَيُجْلَدُ الزَّانِي الرَّقِيقُ خَمْسِينَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إنْ كَانَ قِنًّا أَوْ أَكْثَرُهُ رَقِيقٌ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) رِقُّهُ كَمُبَعَّضٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَقِيسَ الْعَبِيدُ عَلَى الْإِمَاءِ، إذْ لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا حَدُّ الْعَبْدِ فِي الزِّنَا خَمْسُونَ، وَفِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ أَرْبَعُونَ. اللَّخْمِيُّ كَذَلِكَ الْأَمَةُ، وَكُلُّ مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ لَمْ تَتِمَّ كَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ وَمُعْتَقٍ إلَى أَجَلٍ. (وَ) إنْ كَانَ زَوْجَانِ رَقِيقَيْنِ وَأُعْتِقَ أَحَدُهُمَا وَوَطِئَ بَعْدَ إعْتَاقِهِ (تَحَصَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (كُلٌّ) أَيْ أَيُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (دُونَ صَاحِبِهِ) الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ (بِ) سَبَبِ (الْعِتْقِ) لَهُ (وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ) أَيْ الْعِتْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا الْعَبْدُ لَا يُحْصِنُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَطَأَ بَعْدَ عِتْقِهِ وَالْوَطْءُ بَعْدَ عِتْقِ أَحَدِهِمَا يُحْصِنُ الْمُعْتَقَ مِنْهُمَا وَالْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ وَالْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ لَا تَكُونَانِ مُحْصَنَتَيْنِ حَتَّى تُوطَأَ هَذِهِ بَعْدَ إسْلَامِهَا، وَهَذِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا. (وَغُرِّبَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلًا الزَّانِي الْبِكْرُ (الذَّكَرُ) بَعْدَ جَلْدِهِ مِائَةً لِيَنْقَطِعَ عَنْ أَهْلِهِ وَمَعَاشِهِ وَتَلْحَقَهُ ذِلَّةُ الْغُرْبَةِ فِي الْحَبْسِ فَلَا تُغَرَّبُ الْأُنْثَى إذْ فِي تَغْرِيبِهَا إعَانَةٌ عَلَى فَسَادِهَا وَتَعْرِيضُهَا لَهُ، وَإِنْ غُرِّبَ مَعَهَا مَحْرَمُهَا أَوْ زَوْجُهَا غُرِّبَ مَنْ لَمْ يَزْنِ وَإِنْ غُرِّبَتْ وَحْدَهَا خُولِفَ حَدِيثُ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ» (الْحُرُّ فَقَطْ) أَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 262 عَامًا، وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَفَدَكَ وَخَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ،   [منح الجليل] دُونَ الرَّقِيقِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ سَيِّدِهِ بِخِدْمَتِهِ، وَيَمْكُثُ فِي بَلَدِ الْغُرْبَةِ (عَامًا) كَامِلًا مَسْجُونًا، وَالسِّجْنُ تَابِعٌ لِلتَّغْرِيبِ فَلَا يُسْجَنُ مَنْ لَا يُغَرَّبُ كَالْمَرْأَةِ وَالرَّقِيقِ، وَقِيلَ يُسْجَنُ اهـ شب. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا نَفْيَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الْعَبِيدِ وَلَا تَغْرِيبَ وَلَا يُنْفَى الرَّجُلُ الْحُرُّ إلَّا فِي الزِّنَا أَوْ فِي حِرَابَةٍ فَيُسْجَنَانِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَيَانِ إلَيْهِ يُسْجَنُ الزَّانِي سَنَةً وَالْمُحَارِبُ حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ، وَقَدْ نَفَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُحَارِبًا أُخِذَ بِمِصْرَ إلَى شِعْبٍ، قَالَ وَكَانَ يُنْفَى عِنْدَنَا إلَى فَدَكَ وَخَيْبَرَ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " غَرَّبَ امْرَأَةً إلَى مِصْرَ. وَفِي الْمُوَطَّإِ أَنَّهُ غَرَّبَ عَبْدًا، وَرَوَى مُسْلِمٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» ، وَلَا وَجْهَ لِلِاعْتِذَارِ بِالْوَلِيِّ، وَعَلَى اعْتِبَارِهِ تُنْفَى إنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ تُسَافِرُ مَعَ جَمَاعَةٍ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ كَخُرُوجِهَا لِلْحَجِّ، فَإِنْ عُدِمَ جَمِيعُ ذَلِكَ سُجِنَتْ بِمَوْضِعِهَا عَامًا لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّغْرِيبُ فَلَا يَسْقُطُ السَّجْنُ. غ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ السَّجْنَ فَرْعُ التَّغْرِيبِ فَلَا يُسْجَنُ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ لِأَنَّهُمَا يُغَرَّبَانِ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنْ تَعَذَّرَ تَغْرِيبُ الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ وَلِيِّهَا وَرُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ فَلَا يَسْقُطُ سَجْنُهَا خِلَافٌ أَوْ إلْزَامٌ. (وَأَجْرُهُ) أَيْ أُجْرَةُ حَمْلِ الْمُغَرَّبِ مِنْ بَلَدِ الزِّنَا لِلْبَلَدِ الَّذِي أُرِيدَ سَجْنُهُ بِهِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُغَرَّبِ مِنْ مَالِهِ. (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكِرَاؤُهُ فِي مَسِيرِهِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ فِي الزِّنَا وَالْحِرَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَفِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ أَصْبَغُ، وَلَا يُبْعَدُ تَغْرِيبُهُ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ مَالِهِ وَعَوْدُهُ بَعْدَ الْعَامِ لِبَلَدِهِ، بَلْ (كَفَدَكَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. عِيَاضٌ مَدِينَةٌ الْجَوْهَرِيُّ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى (خَيْبَرَ وَ) كَ (خَيْبَرَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ (مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَلْ بَيْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمَدِينَةُ يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثُ مَرَاحِلَ خِلَافٌ، «وَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى خَيْبَرَ» وَعُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْهَا إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلِيٌّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 263 فَيُسْجَنُ سَنَةً، وَإِنْ عَادَ، أُخْرِجَ ثَانِيَةً، وَتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ،   [منح الجليل] الْبَصْرَةِ، وَإِذَا غُرِّبَ (فَيُسْجَنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ بِمَوْضِعِ تَغْرِيبِهِ (سَنَةً) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تُحْسَبُ السَّنَةُ مِنْ يَوْمِ يُسْجَنُ، وَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ، بِخِلَافِ الْمُحَارِبِ فَيُسْجَنُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ. (فَإِنْ عَادَ) الْمُغَرَّبُ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي زَنَى بِهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ (أُخْرِجَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (ثَانِيًا) وَسُجِنَ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُلْغَى مِمَّا بَيْنَ السِّجْنَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ عَادَ أُخْرِجَ ثَانِيَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى إنْ عَادَ إلَى الزِّنَا جُلِدَ مِائَةً وَغُرِّبَ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رَاشِدٍ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ إذَا أُعِيدَ فَهَلْ يُبْنَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ، أَوْ يُسْتَأْنَفُ الْعَامُ وَالظَّاهِرُ الْبِنَاءُ. تت سَبَقَهُ إلَى الْبِنَاءِ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي مُعْتَمَدِهِ، وَحَكَى بَهْرَامُ فِيهِ تَرَدُّدًا. الثَّانِي: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ زَنَى فِي الْمَكَانِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ أَوْ زَنَى غَرِيبٌ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَهَلْ يُسْجَنُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَنَى فِيهِ، أَوْ يُغَرَّبُ إلَى غَيْرِهِ. بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ تَأَنَّسَ فِي السِّجْنِ مَعَ الْمَسْجُونِينَ بِحَيْثُ لَا يَسْتَوْحِشُ، بِهِ فَيُغَرَّبُ لِمَوْضِعٍ آخَرَ وَإِلَّا فَيَبْقَى فِي سِجْنِهِ الْأَوَّلِ وَالْغَرِيبُ إنْ زَنَى بِفَوْرِ نُزُولِهِ الْبَلَدَ الَّذِي زَنَى بِهِ يُسْجَنُ فِيهِ، وَإِنْ زَنَى بِهِ بَعْدَ تَأَنُّسِهِ بِأَهْلِهِ يُغَرَّبُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ أَفَادَهُ شب وَالْخَرَشِيُّ. الثَّالِثُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُخْرَجُ إنْ عَادَ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ قَلِيلٌ. (وَتُؤَخَّرُ) الْمَرْأَةُ الزَّانِيَةُ (الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةِ) اسْتِبْرَاءٍ وَلَا يُعَجَّلُ رَجْمُهَا خَوْفًا مِنْ حَمْلِهَا مِنْ زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا زَوْجُهَا قَبْلَ زِنَاهَا وَقَامَ الزَّوْجُ بِحَقِّهِ فِي مَالِهِ الَّذِي بِرَحِمِهَا، وَإِلَّا فَلَا تُؤَخَّرُ، وَهَذِهِ إحْدَى الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ كَوْنِ اسْتِبْرَاءِ الْحُرَّةِ كَعِدَّتِهَا. طفي جَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالْحَيْضَةِ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، اُنْظُرْ هَلْ هُوَ حَيْضَةٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَوْ ثَلَاثٌ، وَقَالَ بِأَثَرِهِ خَلِيلٌ بْن الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْحُرَّةَ لَا تُسْتَبْرَأُ إلَّا بِالثَّلَاثِ اهـ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 264 وَبِالْجَلْدِ، اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ؛   [منح الجليل] وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِأَنَّهَا غَايَةُ مَا يَظْهَرُ فِيهِ الْحَمْلُ، وَذَكَرَ نَصَّهُ الْآتِيَ قَرِيبًا، ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ مِنْ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُمَا تَبِعَا اللَّخْمِيَّ، وَعَلَى كَلَامِهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ اهـ. الْحَطّ نَقَلَ عِبَارَةَ التَّوْضِيحِ الْمُتَقَدِّمَةَ، وَقَالَ عَقِبَهَا قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " نَصَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَحُكْمُ الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا جَزَمَ هُنَا بِحَيْضَةٍ، لِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ لِوَضْعِهَا وَوُجُودِ مُرْضِعٍ يَقْبَلُهَا وَلَدُهَا وَلَوْ مِنْ زِنًا. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا تُحَدُّ حَامِلٌ لِأَنَّ رَجْمَهَا قَتْلٌ لِجَنِينِهَا وَالْجَلْدُ يُخْشَى مِنْهُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهَا فَإِنْ وَضَعَتْ وَكَانَتْ بِكْرًا أُخِّرَتْ حَتَّى تُعَافَى مِنْ نِفَاسِهَا لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رُجِمَتْ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ لِوَلَدِهَا مَنْ تَرْضِعُهُ فَتُؤَخَّرُ لِفِطَامِهِ، فَإِنْ شُهِدَ عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا مُنْذُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أُخِّرَتْ وَلَا تُضْرَبُ وَلَا تُرْجَمُ حَتَّى تَتِمَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ حِينَ زَنَتْ فَيُنْظَرُ أَحَامِلٌ هِيَ أَمْ لَا، وَلَا يُسْتَعْجَلُ بِرَجْمِهَا أَوْ جَلْدِهَا الْآنَ لِإِمْكَانِ حَمْلِهَا، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ لَهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا جَازَ تَعْجِيلُ حَدِّهَا جَلْدًا كَانَ أَوْ رَجْمًا إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ زَوْجٍ فَيُسْأَلُ، فَإِنْ قَالَ كُنْت اسْتَبْرَأْتهَا رُجِمَتْ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَسْتَبْرِئْهَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ فِي الْمَاءِ الَّذِي لَهُ فِيهَا فَتُؤَخَّرُ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ تَحْمِلُ أَمْ لَا، أَوْ يُسْقِطَ حَقَّهُ فِيهِ فَتُحَدُّ. وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا زَنَتْ مُنْذُ شَهْرَيْنِ أَنْ تُرْجَمَ إذَا نَظَرَهَا النِّسَاءُ وَقُلْنَ لَا حَمْلَ بِهَا وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّهُ يَكُونُ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعَلَقَةً أَرْبَعِينَ وَمُضْغَةً أَرْبَعِينَ، ثُمَّ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ» ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أُمِنَ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّهْرَيْنِ عَلَقَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ عَمَلٌ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَشْرَبَ مَا تَطْرَحُهُ بِهِ. (وَ) يُنْتَظَرُ (بِالْجَلْدِ) لِمَنْ هُوَ حَدُّهُ (اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ) أَيْ تَوَسُّطُهُ بَيْنَ الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَرْدِ الشَّدِيدِ فَلَا يُجْلَدُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَلَا فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ خَوْفَ تَأْدِيَتِهِ إلَى الْمَوْتِ، وَالتَّأْخِيرُ فِي الْبَرْدِ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّ الشَّدِيدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَكَذَا الْمَرِيضُ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ خِيفَ عَلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 265 وَأَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَالسَّيِّدُ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ   [منح الجليل] السَّارِقِ أَنْ يُقْطَعَ فِي الْبَرْدِ أُخِّرَ، وَالْحَرُّ بِمَنْزِلَةِ الْبَرْدِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ ضَعِيفَ الْجِسْمِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ سَقَطَ الْحَدُّ وَيُسْجَنُ، وَإِنْ كَانَ قِصَاصًا رَجَعَ إلَى الدِّيَةِ، وَفِي كَوْنِهَا فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَوْلَانِ، وَإِنْ كَانَ حَدَّ قَذْفٍ فَمِنْ حَقِّ الْمَقْذُوفِ تَفْرِيقُهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا حَدُّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ. عِيَاضٌ قَوْلُهُ وَالْحَرُّ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْبَرْدِ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ إنْ كَانَ الْحَرُّ كَالْبَرْدِ فَهُوَ مِثْلُهُ، وَكِلَاهُمَا خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِخِلَافِ الْبَرْدِ. (وَأَقَامَهُ) أَيْ حَدَّ الزِّنَا رَجْمًا أَوْ جَلْدًا (الْحَاكِمُ وَ) أَقَامَهُ (السَّيِّدُ) عَلَى رَقِيقِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِخَبَرِ «أُقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ) الرَّقِيقُ (بِغَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ) بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِغَيْرِ سَيِّدِهِ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِ سَيِّدِهَا فَلَا يُقِيمُهُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ، ثُبُوتُ زِنَا الرَّقِيقِ (بِغَيْرِ عِلْمِهِ) أَيْ السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَ بِعِلْمِ السَّيِّدِ فَلَا يُقِيمُهُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يُقِيمُهُ بِعِلْمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ أَمَّا مُسْتَوْفِي الْحَدِّ فَهُوَ الْإِمَامُ فِي حَقِّ الْأَحْرَارِ. قُلْت هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا وَمَنْ زَنَتْ جَارِيَتُهُ وَلَهَا زَوْجٌ فَلَا يُقِيمُ سَيِّدُهَا عَلَيْهَا الْحَدَّ، وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةٌ سِوَاهُ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمَ السَّيِّدُ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْخَمْرِ لَا السَّرِقَةِ، وَلَوْ شَهِدَ بِهَا عِنْدَهُ عَدْلَانِ سِوَاهُ وَلَا يُقِيمُهَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الْوَالِي، فَإِنْ قَطَعَهُ السَّيِّدُ وَلَا بَيِّنَةَ عَادِلَةٌ وَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ عُوقِبَ وَلَا يُحَدُّ عِنْدَهُ فِي الزِّنَا إلَّا بِأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ، فَإِنْ كَانَ أَحَدَهُمْ رَفَعَهُ إلَى الْإِمَامِ. الْبَاجِيَّ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ إلَّا بِعِلْمِ سَيِّدِهِ فَقِيلَ يُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ. ابْنُ الْجَلَّابِ فِيهِ رِوَايَتَانِ جَوَازُهُ وَمَنْعُهُ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا مَنْ زَنَتْ جَارِيَتُهُ وَلَهَا زَوْجٌ فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهَا وَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ سِوَاهُ حَتَّى يَرْفَعَهَا إلَى السُّلْطَانِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ زَوْجُهَا عَبْدَهُ فَلَهُ إقَامَتُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَلَا يُقِيمُهُ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَعِرُّ الزَّوْجَ وَيُفْسِدُ حَسَبَهُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الزَّوْجُ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ فَيُقِيمُهُ دُونَ الْإِمَامِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 266 وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ، فَالْحَدُّ، وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَوْ يُولَدْ لَهُ وَأُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ فِي الْأُولَى فَقَطْ أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ،   [منح الجليل] أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَكَذَا الْعَبْدُ إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَّا الْإِمَامُ. (وَإِنْ) زَنَتْ زَوْجَةٌ وَ (أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ) مِنْ زَوْجِهَا لَهَا (بَعْدَ) إقَامَتِهَا مَعَهُ (عِشْرِينَ سَنَةً) سَاكِتَةً عَنْ ذِكْرِهَا تَرْكَهُ (وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ) بِادِّعَائِهِ وَطْأَهَا فِيهَا (فَالْحَدُّ) أَيْ الرَّجْمُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا لِظُهُورِ كَذِبِهَا فِي إنْكَارِهَا الْوَطْءَ عِشْرِينَ سَنَةً، إذْ شَأْنُ النِّسَاءِ عَدَمُ الصَّبْرِ عَلَى عَدَمِهِ خُصُوصًا مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ جِدًّا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي نِكَاحِ الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) رُوِيَ (عَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي رَجْمِهَا (فِي الرَّجُلِ) يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَيَطُولُ مُكْثُهُ مَعَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا ثُمَّ تَشْهَدُ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ بِالزِّنَا فَيَقُولُ لَمْ أَطَأْهَا مُنْذُ دَخَلْت بِهَا (يَسْقُطُ) عَنْهُ الرَّجْمُ وَيُجْلَدُ مِائَةً وَيُغَرَّبُ سَنَةً (مَا لَمْ يُقِرَّ) الرَّجُلُ (بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (أَوْ يُولَدْ لَهُ) وَلَدٌ فَيُرْجَمُ (وَأُوِّلَا) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا، أَيْ الْحُكْمَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي الْكِتَابَيْنِ (عَلَى الْخِلَافِ) لِاخْتِلَافِ الْحُكْمَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُؤْخَذُ بِمَا فِي الرَّجْمِ وَيُطْرَحُ مَا فِي النِّكَاحِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ لِقَوْلِهِ إنَّ مَسْأَلَةَ الرَّجْمِ خَيْرٌ مِمَّا فِي النِّكَاحِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَحْنُونٌ. (أَوْ) لَا خِلَافَ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ، بَلْ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ (لِخِلَافِ) أَيْ مُخَالَفَةِ (الزَّوْجِ) الزَّوْجَةَ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ (فَقَطْ) أَيْ وَعَدَمِ مُخَالَفَةِ الزَّوْجَةِ الزَّوْجَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ خَالَفَتْهُ لَرُجِمَ وَلَوْ لَمْ يُخَالِفْهَا فِي الْأُولَى لَمْ تُرْجَمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ (أَوْ) لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا (لِأَنَّهُ) أَيْ الزَّوْجَ (يَسْكُتُ) عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ وَلَا يَذْكُرُهُ غَالِبًا، لِأَنَّهُ عَيْبٌ بِهِ وَالْمَرْأَةُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 267 أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ: تَأْوِيلَاتٌ وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْت مَعَهُ، فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدَا بِبَيْتٍ وَأَقَرَّا بِهِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا وَقَالَا لَمْ نُشْهِدْ، حُدَّا.   [منح الجليل] لَا تَسْكُتُ عَلَيْهِ غَالِبًا (أَوْ) لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ (الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ) إقَامَةَ الزَّوْجِ فِيهَا مَعَ زَوْجَتِهِ (عِشْرِينَ) سَنَةً وَلَوْ بَلَغَتْهَا لَرُجِمَ (تَأْوِيلَاتٌ) فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَقَادَمَ مُكْثُهُ مَعَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا فَشُهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَقَالَ مَا جَامَعْتهَا مُنْذُ دَخَلْت عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِوَلَدٍ يَظْهَرُ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا فَلَا يُرْجَمُ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، وَإِنْ عُلِمَ إقْرَارُهُ بِوَطْئِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَيُرْجَمُ، وَفِيهَا أَيْضًا إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ زَنَتْ وَقَالَتْ لَمْ يُجَامِعْهَا زَوْجُهَا وَهُوَ مُقِرٌّ بِجِمَاعِهَا فَهِيَ مُحْصَنَةٌ يَحْيَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا تَوَهَّمَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى لَمْ تَدَّعِ الزَّوْجَةُ فِيهَا أَنَّهُ وَطِئَهَا، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الزَّوْجُ مُقِرٌّ بِجِمَاعِهَا. (وَإِنْ) وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ (وَقَالَتْ) الْمَرْأَةُ (زَنَيْت مَعَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (وَادَّعَى) الرَّجُلُ (الْوَطْءَ) أَيْ أَقَرَّ بِهِ (وَ) ادَّعَى (الزَّوْجِيَّةَ) بَيْنَهُمَا، أَيْ كَوْنَهَا زَوْجَتَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهَا حُدَّا حَدَّ الزِّنَا بِرَجْمٍ، إنْ كَانَا مُحْصَنَيْنِ أَوْ جُلِدَا إنْ كَانَا بِكْرَيْنِ أَوْ رُجِمَ الْمُحْصَنُ مِنْهُمَا وَجُلِدَ الْبِكْرُ مِنْهُمَا إنْ اخْتَلَفَا وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ أَوْ حَصَلَ فَشْوٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ (أَوْ ' وُجِدَا) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (بِبَيْتٍ) لَا أَحَدَ فِيهِ سِوَاهُمَا (وَأَقَرَّا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (بِهِ) أَيْ الْوَطْءِ (وَادَّعَيَا) أَيْ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (النِّكَاحَ) أَيْ الزَّوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا وَلَا بَيِّنَةَ بِهَا وَلَا فَشْوَ حُدَّا إلَّا أَنْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ. فِيهَا مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ وَطِئَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مَا يَدْرُونَ مَا هِيَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ أَوْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا قَالَ هِيَ امْرَأَتِي فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ. (أَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الرَّجُلُ النِّكَاحَ (فَصَدَّقَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فِي دَعْوَاهُ النِّكَاحَ (هِيَ) فَصَلَ بِهِ لِيَصِحَّ عَطْفُ (وَوَلِيُّهَا) عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ الْمُسْتَتِرِ فِي صَدَّقَ (وَقَالَا) أَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 268 (بَابٌ) قَذْفُ   [منح الجليل] الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ (لَمْ نُشْهِدْ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ (حُدَّا) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ حَدَّ الزِّنَا لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الدُّخُولِ بِلَا إشْهَادٍ. فِيهَا إذَا قَالَتْ امْرَأَةٌ زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ وَقَالَ الرَّجُلُ هِيَ زَوْجَتِي، وَقَدْ وَطِئْتهَا أَوْ وُجِدَا فِي بَيْتٍ فَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِيَا بِبَيِّنَةٍ حُدَّا. ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ مِنْ سُنَّةِ النِّكَاحِ الْإِظْهَارُ وَالْإِعْلَانُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي بَيَان أَحْكَامِ الْقَذْفِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَذْفِ (قَذْفُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَفَاءٌ فِي التَّوْضِيحِ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الرَّمْيُ إلَى بُعْدٍ، ثُمَّ نُقِلَ شَرْعًا إلَى مَا يَأْتِي لِأَنَّهُ رَمَاهُ بِمَا يَبْعُدُ وَلَا يَصِحُّ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَمْيًا فَقَالَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] . وَيُسَمَّى فِرْيَةً أَيْضًا مِنْ الِافْتِرَاءِ أَيْ الْكَذِبِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ إجْمَاعًا. وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُد عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ رَمَى مُسْلِمًا بِشَيْءٍ يُرِيدُ سَبَّهُ بِهِ حُبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرٍ مِنْ جُسُورِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَهُ» ، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ أَخَصُّ مِنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ بِالزِّنَا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ، وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ، فَيَخْرُجُ قَذْفُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ. الْحَطّ حَدُّهُ الْأَخَصَّ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ قَذْفِ الْمَجْنُونِ فِيهِ، وَفِي التَّوْضِيحِ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا إذَا كَانَ جُنُونُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ إلَى حِينِ قَذْفِهِ لَمْ تَتَخَلَّلْهُ إفَاقَةٌ. اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ لَوْ صَحَّ فِعْلُهُ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَإِنَّ قَاذِفَهُ يُحَدُّ وَكَذَلِكَ الْمَجْبُوبُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، لِأَنَّهُ يُعْلَمُ كَذِبُ قَاذِفِهِ فَلَا تَلْحَقُهُ مَعَرَّةٌ بِهِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 269 الْمُكَلَّفِ حُرًّا مُسْلِمًا،   [منح الجليل] وَإِنْ جُبَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ حُدَّ قَاذِفُهُ، وَكَذَلِكَ الْحَصُورُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ آلَةُ النِّسَاءِ اهـ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا فِي أَوَائِلِ الرَّجْمِ يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ وَكَانَ يَجْرِي لَنَا مُنَاقَضَتُهَا فِي الْقَذْفِ كُلُّ مَا لَا يَقُومُ فِيهِ الْحَدُّ لَيْسَ عَلَى مَنْ رَمَى بِهِ رَجُلًا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ قَوْلِهَا فِي الرَّجْمِ عَلَى الْمَجْنُونِ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا اهـ. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ مَعْنَاهُ إنْ بَلَغَ صَحِيحًا ثُمَّ جُنَّ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَذْفَ بِقَطْعِ النَّسَبِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ اهـ. قُلْت قَوْلُهُ يَقْتَضِي إلَخْ مَمْنُوعٌ، إذْ قَوْلُهُ أَوْ قَطْعُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِسْبَةُ لَا عَلَى زِنًا. وَإِضَافَةُ قَذْفِ (الْمُكَلَّفِ) أَيْ الْمُلْزَمِ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلَةِ فَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ. طفي لَوْ قَالَ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ كَمَا قَالَ فِي الدِّمَاءِ لَوَافَقَ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ، إذْ قَذْفُ حَرْبِيٍّ فِي بَلَدِ الْحَرْبِ مُسْلِمًا أَوْ أُسِرَ فَلَا يُحَدُّ لِلْقَذْفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَتْلَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَأَمَّا وَإِنْ أَتَى حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ فَقَذَفَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ. وَشَرْطُ الْمَقْذُوفِ كَوْنُهُ (حُرًّا) فَلَا يُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ رِقًّا. الْحَطّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " أَنَّ مَنْ نَفَى نَسَبَ عَبْدٍ لَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْت لِأَبِيك ضُرِبَ الْحَدَّ، فَإِنْ كَانَ أَبَوَا الْعَبْدِ مَاتَا وَلَا وَارِثَ لَهُمَا فَلِلْعَبْدِ حَدُّ سَيِّدِهِ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ دُونَ أُمِّهِ اخْتِلَافٌ. فِيهَا إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَسْت لِأَبِيك وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ وَأُمُّهُ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ فَوَقَفَ فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَا أَرَى أَنْ يُحَدَّ لِحَمْلِ أَبِيهِ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ، وَكَوْنُهُ (مُسْلِمًا) فَلَا يُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ حُرًّا كَافِرًا سَوَاءٌ كَانَ كُفْرُهُ أَصْلِيًّا أَوْ بِارْتِدَادٍ، فِيهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ أَوْ قَذَفَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ. الْحَطّ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ إذَا قَذَفَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَطَلَبَ الْعَبْدُ تَعْزِيرَ قَاذِفِهِ فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ فِي مِثْلِ هَذَا تَعْزِيرٌ، وَنُهِيَ قَاذِفُهُ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَاحِشًا مَعْرُوفًا بِالْأَذَى عُزِّرَ وَأُدِّبَ عَنْ أَذَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ اهـ. وَفِي النَّوَادِرِ يُؤَدَّبُ قَاذِفُ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ لِإِذَايَتِهِ لَهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 270 بِنَفْيِ نَسَبٍ؛ عَنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ، لَا أُمٍّ وَلَا إنْ نُبِذَ،   [منح الجليل] وَصِلَةُ قَذْفٍ (بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ أَوْ) عَنْ (جَدٍّ لِأَبٍ) صَرِيحًا كَلَسْت ابْنَ أَبِيك أَوْ جَدِّك لِأَبِيك أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، كَإِشَارَةِ أَخْرَسَ أَوْ قَوْلِهِ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ وَهُوَ غَيْرُ أَبِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُهُ فِي الْمَنْفِيِّ إسْلَامُهُ لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ لَسْت لِأَبِيكَ وَأَبَوَاهُ نَصْرَانِيَّانِ جُلِدَ الْحَدَّ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِأَنَّهُ نَفَاهُ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَهُوَ جَدُّهُ وَهُوَ كَافِرٌ، وَإِسْلَامُ أَبَوَيْهِ وَحُرِّيَّتُهُمَا لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْت لِأَبِيك ضُرِبَ الْحَدَّ، فَإِنْ كَانَ أَبَوَا الْعَبْدِ قَدْ مَاتَا وَلَا وَارِثَ لَهُمَا أَوْ لَهُمَا وَارِثٌ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَحُدَّ سَيِّدَهُ فِي ذَلِكَ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ وَحُرِّيَّتِهِ دُونَ أُمِّهِ اخْتِلَافٌ. فِيهَا إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَسْتَ لِأَبِيك وَأَبُوهُ مُسْلِمٌ وَأُمُّهُ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ فَوَقَفَ فِيهَا مَالِكٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَا أَرَى أَنْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ حَمَلَ أَبَاهُ عَلَى غَيْرِ أُمِّهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَخْتَصُّ الْبُلُوغُ وَالْعَفَافُ بِغَيْرِ الْمَنْفِيِّ صَوَابٌ لِوُضُوحِ الْمَنْصُوصِ فِيهَا، وَفِي غَيْرِهَا يُحَدُّ مَنْ قَطَعَ نَسَبَ مُسْلِمٍ مُطْلَقًا لَا يُقَيَّدُ بُلُوغُهُ وَلَا عَفَافُهُ، كَقَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِمُسْلِمٍ لَيْسَ أَبُوك الْكَافِرُ، ابْنَ أَبِيهِ فَلَا يُحَدُّ حَتَّى يَقُولَ لِلْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لَسْتَ مِنْ وَلَدِ فُلَانٍ وَنَحْوَهُ فِي غَيْرِهَا. (لَا) بِنَفْيٍ عَنْ (أُمٍّ) فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَسْت ابْنَ فُلَانَةَ وَهِيَ أُمُّهُ فَلَا يُحَدُّ. الْخَرَشِيُّ لِأَنَّ أُمُومَتَهَا لَهُ مُحَقَّقَةٌ مُشَاهَدَةٌ فَنَفْيُهَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ لَا تَلْحَقُهُ بِهِ مَعَرَّةٌ وَأُبُوَّةُ أَبِيهِ لَهُ مَظْنُونَةٌ خَفِيَّةٌ فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُ نَافِيهَا فَتَلْحَقُ الْمَعَرَّةُ الْمَنْفِيَّ (وَلَا) يُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ مُعَيَّنٍ (إنْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ قَدْ (نُبِذَ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ، أَيْ طُرِحَ عَقِبَ وِلَادَتِهِ مَا دَامَ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَحَدٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمْ نَعْلَمْ مَنْبُوذًا، إلَّا وَلَدَ زِنًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَحَدٌ وَلَحِقَ بِهِ ثُمَّ قَذَفَهُ مُكَلَّفٌ بِنَفْيِهِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ. الْبُنَانِيُّ فِي نَفْيِ الْمَنْبُوذِ صُورَتَانِ الْأُولَى نَفْيُهُ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَلَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَلَا حَدَّ بِهَذَا اتِّفَاقًا، وَالثَّانِيَةُ رَمْيُهُ بِأَنَّهُ ابْنُ زِنًا، وَفِيهَا قَوْلَانِ اللَّخْمِيُّ لَا يُحَدُّ. ابْنُ رُشْدٍ يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ لِرِشْدَةٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ خِلَافُ الزَّانِيَةِ، أَيْ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ وَالْأَمْرُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 271 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إذَا احْتَمَلَ الصِّحَّةَ وَالْفَسَادَ يُحْمَلُ عَلَى الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَمَعْلُومٌ تَقْدِيمُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ، فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ كَلَامِهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوْ الزَّانِيَةِ فَهَذَا قَذْفٌ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ بِالزِّنَا لَا لَهُ بِنَفْيِ نَسَبٍ فَلَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا وَعَلَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِجَهْلِ أَبَوَيْهِ وَابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْمَنْبُوذَ لَا يَكُونُ إلَّا ابْنَ زِنًا قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَيْسَتْ الْعِلَّةُ جَهْلَ أَبَوَيْهِ لِأَنَّ اللَّقِيطَ كَذَلِكَ وَالنَّصُّ حَدُّ قَاذِفِهِ بِذَلِكَ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَلَا تَدْخُلُ هَذِهِ الصُّورَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، إذْ لَيْسَ فِيهَا قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَكَلَامُهُ فِيهِ. الْحَطّ فِي التَّنْبِيهَاتِ اللَّقِيطُ حَيْثُ وُجِدَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ وُجِدَ فِي صِغَرِهِ وَالْمَنْبُوذُ الَّذِي وُجِدَ مَنْبُوذًا أَوَّلَ مَا وُلِدَ، وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ مِنْ الصِّغَارِ فِي الشَّدَائِدِ وَالْجَلَاءِ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُ أَبٌ، وَعَلَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَذَفَ اللَّقِيطَ بِأَبِيهِ يُحَدُّ، وَمَنْ قَذَفَ الْمَنْبُوذَ بِهِ فَلَا يُحَدُّ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَا نَعْلَمُ مَنْبُوذًا إلَّا وَلَدَ الزِّنَا، وَعَلَى قَائِلِهَا لِغَيْرِهِ الْحَدُّ وَأَرَادَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنْ يُخَرِّجَ خِلَافَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي اسْتَلْحَقَ لَقِيطًا، أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَعِشْ لَهُ وَلَدٌ وَسَمِعَ قَوْلَ النَّاسِ مَنْ يُطْرَحْ يَعِشْ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ فِي النَّادِرِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى الْمُعْتَادِ، وَفِي هَذِهِ نَازِلَةٌ وَقَعَتْ شَاذَّةً لَهَا دَلَائِلُ وَإِلَّا فَالْغَالِبُ مَا قَالَهُ أَوَّلًا اهـ. قَوْلُهُ وَعَلَى قَائِلِهَا لِغَيْرِهِ الْحَدُّ يَعْنِي مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ يَا مَنْبُوذُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِبَعْضِ الْمَشَايِخِ لِلَّخْمِيِّ إذْ قَالَ فِي اللَّقِيطِ وَأَمَّا نَسَبُهُ فَإِنَّ مَحْمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ ذُو نَسَبٍ، وَأَنَّهُ لِرِشْدَةٍ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفِ الْأَبِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لَا أَبَا لَهُ أَوْ يَا وَلَدَ الزِّنَا حُدَّ لَهُ. وَاخْتُلِفَ إذَا اسْتَلْحَقَهُ رَجُلٌ، فَفِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ، ثُمَّ قَالَ حُكْمُ الْمَنْبُوذِ حُكْمُ اللَّقِيطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالدِّينِ. وَاخْتُلِفَ فِي نَسَبِهِ فَجَعَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِلزَّانِيَةِ لَا نَسَبَ لَهُ، وَقَالَ مَنْ قَذَفَ الْمَنْبُوذَ بِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَلَا يُحَدُّ، وَقَدْ قِيلَ الْمَنْبُوذُ مَنْ نُبِذَ عِنْدَمَا وُلِدَ وَالشَّأْنُ إنَّمَا يُفْعَلُ هَذَا بِمَا وُلِدَ عَنْ زِنًا وَاللَّقِيطُ مَا طُرِحَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 272 أَوْ زِنًا، إنْ كُلِّفَ، وَعَفَّ عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ   [منح الجليل] عِنْدَ شِدَّةٍ وَجَدْبٍ لَا عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمَبْسُوطَةِ مِثْلُ هَذَا فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا مَنْبُوذُ، قَالَ لَمْ نَعْلَمْ مَنْبُوذًا إلَّا وَلَدَ الزِّنَا، وَأَرَى عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْحَدُّ، وَكُلُّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ اسْتَلْحَقَ لَقِيطًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَعِشْ لَهُ وَلَدٌ، وَسَمِعَ قَوْلَ النَّاسِ إذَا طُرِحَ عَاشَ، وَهَذَا إنَّمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ اهـ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ أَطْلَقَ ابْنُ شَعْبَانَ عَلَى اللَّقِيطِ لَفْظَ مَنْبُوذٍ، وَتَرْجَمَ عَلَى أَحْكَامِهِ فِي الْمُوَطَّإِ بِالْقَضَاءِ فِي الْمَنْبُوذِ اللَّقِيطِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَنْبُوذَ هُوَ مَنْ طُرِحَ عِنْدَ وِلَادَتِهِ وَأَنَّ اللَّقِيطَ مَنْ طُرِحَ بَعْدَهَا لِشِدَّةٍ، وَأَنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى اللَّقِيطِ اسْمُ الْمَنْبُوذِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ، فَقَوْلُهُ وَلَا إنْ نُبِذَ الظَّاهِرُ مِنْ مَعْنَاهُ، وَأَنَّ مَنْ نَفَى مَنْبُوذًا عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ مُعَيَّنٍ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ لَا أَبَ لَهُ مُعَيَّنٌ وَلَا جَدَّ فَلَا نَسَبَ لَهُ، هَذَا إذَا كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ، وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ لَا أَبَا لَهُ أَوْ يَا وَلَدَ الزِّنَا فَهَذَا يَأْتِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَبْسُوطِ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا فِي الْبَيَانِ، وَحَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِح وَالْمُحَشِّي مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لِمَنْبُوذٍ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوْ الزَّانِيَةِ فَبَعِيدٌ، لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي نَفْيِ النَّسَبِ لَا فِي الْقَذْفِ بِالزِّنَا، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِمَنْبُوذٍ يَا وَلَدَ الزَّانِي أَوْ الزَّانِيَةِ، وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا كَوْنُهُ وَلَدَ زَانِيَةٍ لَا كَوْنُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ غَيْرَ مَعْرُوفَيْنِ لِأَنَّ هَذَا فِي اللَّقِيطِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى حَدِّ مَنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ. (أَوْ) قَذَفَ الْمُكَلَّفُ حُرًّا مُسْلِمًا بِ (زِنًا) بِالْمَعْنَى الْعَامِّ الشَّامِلِ لِلِّوَاطِ (إنْ كُلِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أُلْزِمَ الْمَقْذُوفُ مَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَهُوَ الْبَالِغُ فَلَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ بِزِنًا (وَ) إنْ (عَفَّ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا، أَيْ صَانَ الْمَقْذُوفُ نَفْسَهُ عَنْ الزِّنَا فَلَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الزِّنَا، وَلَوْ حُدَّ فِيهِ وَتَابَ مِنْهُ وَصِلَةُ عَفَّ (عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ الرَّجْمَ أَوْ الْجَلْدَ، وَإِنْ لَمْ يَعِفَّ عَمَّا دُونَهُ كَمُقَدِّمَاتٍ وَإِتْيَانِ بَهِيمَةٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 273 بِآلَةٍ، وَبَلَغَ كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ،   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ الْعَفَافُ هُوَ أَنْ لَا يَكُونَ حُدَّ فِي الزِّنَا وَلَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الزِّنَا هَذَا ظَاهِرُ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفِ، وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْأُسْتَاذِ: الْعَفَافُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْرُوفًا بِمَوَاضِعِ الزِّنَا، فَفِي النَّوَادِرِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَذَفَ مَنْ جُلِدَ فِي زِنًا فَلَا يُحَدُّ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُؤَدَّبُ بِإِذَايَةِ الْمُسْلِمِ، وَقَالَ مَنْ قَذَفَ إنْسَانًا ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ حُدَّ فَسَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَذِيَّةٍ لِإِذَايَتِهِ لِلْمَقْذُوفِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ مُقْتَضَى مَسَائِلِ الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُدَّ فِي الزِّنَا أَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ فِيهِ. الْمُوَضَّحُ لَا يَعُودُ الْعَفَافُ أَبَدًا وَلَوْ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبُ حَدَّ قَاذِفِهِ مَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّهُ السَّلَامَةُ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا قَبْلَ قَذْفِهِ وَبَعْدَهُ. وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ حَالَ كَوْنِهِ (بِآلَةٍ) لِلْوَطْءِ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُ الْمَجْبُوبِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَالْعِنِّينِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ فَلَا مَعَرَّةَ عَلَى الْمَقْذُوفِ (وَ) إنْ (بَلَغَ) الْمَقْذُوفُ بِأَنَّهُ فَاعِلُ الْحُلُمَ وَصَرَّحَ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كُلِّفَ لِيُشَبِّهَ بِهِ فِي قَوْلِهِ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (بَلَغَتْ) الْأُنْثَى (الْوَطْءَ) أَيْ إطَاقَتَهُ وَلَمْ تَبْلُغْ الْحُلُمَ فَيُحَدُّ قَاذِفُهَا بِالزِّنَا لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا بِهِ وَمِثْلُهَا الذَّكَرُ الْمُطِيقُ الْمَقْذُوفُ بِاللِّوَاطِ فِيهِ، فَفِي التَّوْضِيحِ اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ فِي الْقَذْفِ بِاللِّوَاطِ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَاعِلِ لَا الْمَفْعُولِ بِهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْبِنْتِ بِذَلِكَ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ. ابْنُ عَرَفَةَ مُطِيقَةٌ لِوَطْءٍ كَالْبَالِغَةِ لِقَوْلِهَا مَنْ قَذَفَ صَبِيَّةً لَمْ تَبْلُغْ الْحَيْضَ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ فِي سِنِّ مَنْ يُجَامَعُ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " يُحَدُّ لَهَا، وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُحَدُّ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ وُجُوبِهِ أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ تَكْلِيفُ الْقَاذِفِ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِذَلِكَ، وَشَرْطُ الْمَقْذُوفِ بِفِعْلِهِ بُلُوغُهُ وَإِسْلَامُهُ وَعَفَافُهُ وَحُرِّيَّتُهُ وَعَقْلُهُ حِينَ رَمْيِهِ بِالْفَاحِشَةِ لِقَوْلِهَا كُلُّ مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَيْسَ عَلَى مَنْ رَمَى بِهِ رَجُلًا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ مَنْ رَمَى امْرَأَةً بِبَهِيمَةٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَكَذَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 274 أَوْ مَحْمُولًا،   [منح الجليل] مَنْ رَمَى بِهِ بَرِيئًا مِنْ الرِّجَالِ وَقَالَ رَبِيعَةُ فِيهِ النَّكَالُ. (أَوْ مَحْمُولًا) " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ، وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ نُبِذَ، أَيْ أَوْ كَانَ مَحْمُولًا وَلَا يَخْفَاك مَا فِيهِ، وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ تَصْحِيفٌ وَأَنَّ صَوَابَهُ أَوْ مَفْعُولًا كَأَنَّهُ قَالَ كَأَنْ بَلَغَتْ الصَّبِيَّةُ الْوَطْءَ أَوْ سَمَّى الْقَاذِفَ الصَّبِيَّ مَفْعُولًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ فِي اللِّوَاطِ إذَا كَانَ فَاعِلًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَفْعُولًا بِهِ فَلَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الصَّبِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَهُوَ مِمَّا تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ تَقَايِيدِ أَئِمَّتِنَا الْفَاسِيِّينَ. طفى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَحْمُولُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ لِأَنَّ الْمَحْمُولِينَ لَا تُعْلَمُ صِحَّةُ أَنْسَابِهِمْ لِآبَائِهِمْ الْمُعَيَّنِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ آبَاؤُهُمْ فَمَنْ نَفَى أَحَدَهُمْ عَنْ بُنُوَّةِ فُلَانٍ مَثَلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ فَلَمْ يَقْذِفْهُ، ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ فَسَّرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِأَنَّهُ أَرَادَ الْمَجْهُولَ النَّسَبِ بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ، وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ نَفْيَ الْمَحْمُولِ عَنْ الْأَبِ مُطْلَقًا بِأَنْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا أَنَّهُ يُحَدُّ قَائِلُ ذَلِكَ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ التَّوَارُثَ بِالنَّسَبِ لِجَهْلِنَا آبَاءَهُمْ لَا أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ إذَايَةَ الْمَحْمُولِينَ بِنَفْيِ أَنْسَابِهِمْ عَنْ آبَائِهِمْ دُونَ إذَايَةِ غَيْرِهِمْ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَتْ مُسَاوَاتُهُمْ. " غ " انْتَحَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ نَفْيُ الْمَحْمُولِ عَنْ الْأَبِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ لِأَحَدِهِمْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ ابْنُ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ التَّوَارُثَ بِالنَّسَبِ بِجَهْلِنَا آبَاءَهُمْ لَا أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ تَوْأَمَيْ الْمُحْتَمِلَةِ شَقِيقَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ إذَايَةَ الْمَحْمُولِينَ بِنَفْيِ أَنْسَابِهِمْ دُونَ إذَايَةِ غَيْرِهِمْ بِهِ، فَامْتَنَعَتْ مُسَاوَاتُهُمْ فِي الْحُكْمِ. وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَحْمُولُونَ بِالْحَاءِ وَالْمِيمِ الْمَسْبِيُّونَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا وَلَدَ الزِّنَا قَالَهُ أَشْهَبُ اهـ. طفي مَا قَالُوهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَحْمُولُ يُحَدُّ مَنْ قَذَفَهُ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَحْمُولِ فِي نَفْيِ نَسَبِهِ، فَلَوْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عِنْدَ الْمَنْبُوذِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ الْغَرِيبِ يُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 275 وَإِنْ مُلَاعَنَةً وَابْنَهَا، أَوْ عَرَّضَ غَيْرُ أَبٍ،   [منح الجليل] الزَّانِيَةِ وَهُوَ لَا تُعْرَفُ أُمُّهُ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَرَى أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ إذَا كَانَ رَجُلًا مُسْلِمًا وَقَدْ يَقْدَمُ الرَّجُلُ الْبَلَدَ فَيُقِيمُ فِيهِ سِنِينَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فَيَقْذِفُهُ رَجُلٌ أَيُقَالُ لَهُ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أُمَّك حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَأَرَى أَنْ يُضْرَبَ مَنْ قَذَفَهُ وَالظَّالِمُ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ أُمَّ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ نَسْخَهُ مَجْهُولٌ بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ تَصْحِيفٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ. اهـ. أَيْ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْغَرِيبِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَفِيفًا بِآلَةٍ بَالِغًا أَوْ مُطِيقًا إنْ كَانَ غَيْرَ مُلَاعَنَةٍ وَابْنَهَا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ مَرْأَةً (مُلَاعَنَةً) مِنْ زَوْجِهَا لِرُؤْيَتِهَا تَزْنِي أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ (وَابْنَهَا) أَيْ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ فَمَنْ رَمَاهَا بِالزِّنَا الَّذِي لَاعَنَهَا زَوْجُهَا بِهِ، أَوْ قَالَ لِابْنِهَا، يَا ابْنَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ، وَلَوْ ثَبَتَ لَرُجِمَتْ وَلَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُ الْمَلَاعِنِ وَلَدَهَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى قَاذِفِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَقَاذِفِ أُمِّهِ الْحَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ الْمُلَاعَنَةُ وَابْنُهَا كَغَيْرِهِمَا وَاضِحٌ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الزِّنَا لِعَدَمِ انْتِفَاءِ عِفَّتِهِمَا بِمَا اتَّصَفَا بِهِ. وَفِيهَا مَنْ قَذَفَ مُلَاعَنَةً الْتَعَنَتْ بِوَلَدٍ أَوْ بِغَيْرِ وَلَدٍ حُدَّ. ابْنُ يُونُسَ مَنْ قَالَ لِابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لَا أَبَا لَهُ حُدَّ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ، وَسَوَاءٌ صَرَّحَ الْمُكَلَّفُ بِالْقَذْفِ (أَوْ عَرَّضَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مُعْجَمًا الضَّادُ بِهِ، وَفَاعِلُ عَرَّضَ (غَيْرُ أَبٍ) لِلْمَقْذُوفِ بِتَعْرِيضِ الْأَبِ بِقَذْفِ ابْنِهِ لَا يُوجِبُ حَدَّهُ. عج أَرَادَ بِالْأَبِ الْجِنْسَ الشَّامِلَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأُمَّهَاتِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، فَلَوْ قَالَ عَرَّضَ غَيْرُ أَصْلٍ لَوَفَى بِهَذَا. طفي اُنْظُرْ مُسْتَنَدَهُ مِنْ النَّقْلِ، فَإِنَّ الَّذِي فِي عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ كَالْمُوَضِّحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ الْأَبُ. ابْنُ مُحْرِزٍ مَنْ عَرَّضَ لِوَلَدِهِ فَلَا يُحَدُّ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ التَّعْرِيضُ مِنْ الْأَبِ لِوَلَدِهِ فَلَا يُحَدُّ. الْبُنَانِيُّ التَّعْلِيلُ بِالْبُعْدِ عَنْ التُّهْمَةِ يُفِيدُ مَا قَالَهُ عج لِوُجُودِهِ فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ. قُلْت وَيُفِيدُهُ أَيْضًا تَعْبِيرُ ابْنِ مُحْرِزٍ بِمَنْ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 276 إنْ أَفْهَمَ يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَإِنْ كَرَّرَ لِوَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ   [منح الجليل] وَشَرْطُ حَدِّ غَيْرِهِ بِالتَّعْرِيضِ بِهِ (إنْ أَفْهَمَ) التَّعْرِيضُ الْقَذْفَ بِقَرِينَةٍ نَحْوِ خِصَامٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَوْجًا لِزَوْجَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ صَرِيحَةٌ وَهِيَ مَا دَلَّ بِذَاتِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى إرَادَةِ غَيْرِهِ. الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِي وَقَالَ أَرَدْت أَنَّهُ زَانٍ فِي الْجَبَلِ يُقَالُ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ إذَا صَعِدْت، قَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي مُسَابَّةٍ. ابْنُ حَبِيبٍ يُرِيدُ وَيَحْلِفُ وَتَعْرِيضٌ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ بَيِّنَةٍ. ابْنُ شَاسٍ كَقَوْلِهِ أَمَا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ قُلْت إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فِي مُشَاتَمَةٍ إنِّي لَعَفِيفُ الْفَرْجِ وَمَا أَنَا بِزَانٍ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ فَقَيَّدَ الْحَدَّ بِقَوْلِهِ مَا أَنَا بِزَانٍ بِكَوْنِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ شَاسٍ بِقَوْلِهِ أَمَّا أَنَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا أَنَا بِزَانٍ أَوْ أُخْبِرْت أَنَّك زَانٍ حُدَّ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الصِّقِلِّيُّ بِشَيْءٍ، وَفِي الْمُوَطَّإِ تَقْيِيدُهُ بِالْمُسَابَّةِ وَخَبَرُ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ إلَخْ (يُوجِبُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْقَذْفَ عَلَى الْقَاذِفِ (ثَمَانِينَ جَلْدَةً) إنْ قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا وَاحِدًا وَلَمْ يُكَرِّرْهُ، بَلْ (وَلَوْ كَرَّرَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْقَذْفَ (لِ) مَقْذُوفٍ (وَاحِدٍ أَوْ) كَانَ قَذَفَهُ لِ (جَمَاعَةٍ) مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ قَامُوا عَلَيْهِ مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ وَسَكَتَ غَيْرُهُ فَلَا يُكَرَّرُ حَدُّهُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَمَانِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ قَذَفَ أُنَاسًا شَتَّى فِي مَجَالِسَ فَحَدُّهُ لِأَحَدِهِمْ حَدٌّ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ حِينَ حَدِّهِ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ إنْ اجْتَمَعُوا وَقَامُوا بِهِ حُدَّ لَهُمْ حَدًّا وَاحِدًا وَإِنْ افْتَرَقُوا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَدُّهُ، وَذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ ثَالِثًا أَنَّهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَنْ رَمَى كَانَ الْقَذْفُ مُفْتَرِقًا وَفِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ خَالَفَ الْمُغِيرَةَ وَجَمِيعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَقَوْلُهُ هُوَ الْقِيَاسُ، لِقَوْلِهِمْ الْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى كُلِّ الْحُدُودِ إلَّا الْفِرْيَةَ فَيُحَدُّ لَهَا ثُمَّ يُقْتَلُ، وَفِيهَا مَعَ سَمَاعِ عِيسَى مَنْ قَذَفَ قَوْمًا فَلَمْ يَقُومُوا عَلَيْهِ حَتَّى حُدَّ لِشُرْبِ خَمْرٍ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ كُلِّ فِرْيَةٍ كَانَتْ قَبْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا أَبْعَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ لَا يَدْفَعُ مَعَرَّةَ الْقَذْفِ. ابْنُ حَارِثٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ حَدُّ الْقَذْفِ فِي حَدِّ الزِّنَا وَيُقَامُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 277 إلَّا بَعْدَهُ وَنِصْفَهُ عَلَى الْعَبْدِ، كَلَسْتُ بِزَانٍ، أَوْ زَنَتْ عَيْنُكَ أَوْ مُكْرَهَةً،   [منح الجليل] عَلَيْهِ الْحَدَّانِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَدْخُلُ حَدُّ الْفِرْيَةِ فِي حَدِّ الزِّنَا. اللَّخْمِيُّ إنْ شَرِبَ خَمْرًا مِرَارًا أَوْ زَنَى مِرَارًا أَوْ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ مِرَارًا أَجْزَأَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَاخْتُلِفَ إنْ قَذَفَ جَمَاعَةً. (إلَّا) أَنْ يُكَرِّرَهُ لِوَاحِدٍ أَوْ يَقْذِفَ غَيْرَ الْمَقْذُوفِ أَوَّلًا (بَعْدَهُ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ فَيُعَادُ الْحَدُّ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّكَرُّرِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ مَا كَذَبْت أَوْ لَقَدْ صَدَقْت. ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَجْمِهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَحُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيَةً حُدَّ لَهُ ثَانِيَةً، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الضَّرْبِ صَدَقْت عَلَيْك أَوْ مَا كَذَبْت جُلِدَ ثَمَانِينَ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْعُقُوبَةُ فِي تَمَادِيهِ عَلَيْهِ. (وَ) يُوجِبُ الْقَذْفُ (عَلَى) الْقَاذِفِ (الْعَبْدِ) أَوْ الْأَمَةِ (نِصْفَهُ) أَيْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَدْرُ حَدِّهِ عَلَى الْحُرِّ ثَمَانُونَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَشَطْرُهَا عَلَى ذِي الرِّقِّ، وَمَثَّلَ لِلتَّعْرِيضِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ (لَسْتُ) بِضَمِّ التَّاءِ (بِزَانٍ أَوْ زَنَتْ عَيْنُك) أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ أُذُنُك فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِزِنَا فَرْجِهِ لِأَنَّ زِنَاهُ يَسْرِي لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، فَيَلْزَمُ مِنْ نِسْبَتِهِ لِبَعْضِهَا نِسْبَتُهُ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْعَيْنِ الذَّاتَ فَهُوَ مِنْ الصَّرِيحِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مِثْلِ زَنَتْ عَيْنُك أَوْ رِجْلُك قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ الْحَدِّ وَقَوْلُ أَشْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ مِنْ التَّعْرِيضِ أَمْ لَا وَاسْتَحْسَنَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَثَرِ مَا تَكَلَّمَ بِبَاطِلٍ أَوْ بَطَشَ بِهِ أَوْ سَعَى فِيهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَلَا يُحَدُّ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَى فَرْجُك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك حُدَّ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَشْهَبَ لَا يُحَدُّ فِي قَوْلِهِ زَنَتْ يَدَاك أَوْ رِجْلَاك وَيُنَكَّلُ. (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ زَنَيْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ حَالَ كَوْنِك (مُكْرَهَةً) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الزِّنَا فَيُحَدُّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ أَوْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ وَيُلَاعِنُهَا. فِيهَا مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 278 أَوْ عَفِيفُ الْفَرْجِ أَوْ لِعَرَبِيٍّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ،   [منح الجليل] زَنَيْتِ مُسْتَكْرَهَةً أَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ الزَّوْجَةَ وَيُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَوْ جَاءَ فِي هَذَا بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهَا اسْمُ الزِّنَا لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْأَخْبَارَ بِوَطْئِهَا غَصْبًا. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا مُعَارِضٌ لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ قَالَهُ لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، فَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ يَنْفَعْهُ وَيُحَدُّ لِأَنَّ هَذَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنَا فَجَعَلَهُ فِي الْمُكْرَهَةِ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ زِنًا، وَفِي الْمَسَائِلِ الْأُخْرَى يُحَدُّ وَإِنْ أَثْبَتَ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زِنًا وَهَذَا هُوَ النَّصُّ، وَهُوَ وُجُودُ الْعِلَّةِ، وَلَا حُكْمَ فَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الِاسْتِكْرَاهِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُمَا وُطِئَتَا غَصْبًا، إذْ هَذَا حَادِثٌ عَظِيمٌ يُتَحَدَّثُ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْإِخْبَارِ لَا عَلَى الْقَذْفِ، وَفِي الْمَسَائِلِ الْأُخْرَى لَا يَتَحَدَّثُ بِزِنَا أَهْلِ الصِّغَرِ وَالْكُفْرِ. (أَوْ) قَوْلُهُ فِي مُشَاتَمَةٍ أَنَا أَوْ أَنْتَ (عَفِيفُ الْفَرْجِ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِزِنَا الْمُخَاطَبِ فَإِنْ قَالَهُ فِي غَيْرِ مُشَاتَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ فِي مُشَاتَمَةٍ: إنِّي لَعَفِيفٌ حُدَّ، وَلَوْ قَالَهُ لِرَجُلٍ حُدَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَادَ عَفِيفًا فِي الْمَكْسَبِ وَالْمَطْعَمِ فَلْيَحْلِفْ وَلَا يُحَدُّ وَيُنَكَّلُ، وَمَنْ قَالَ فِي مُشَاتَمَةٍ إنِّي لَعَفِيفُ الْفَرْجِ حُدَّ. الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْعَفِيفَةِ حَلَفَ مَا أَرَادَ قَذْفًا وَعُوقِبَ. أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ. (أَوْ) قَوْلُهُ (لِ) شَخْصٍ (عَرَبِيٍّ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً سَوَاءٌ سَكَنُوا حَاضِرَةً أَوْ بَادِيَةً لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ (مَا) نَافِيَةٌ (أَنْتَ بِحُرٍّ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ. ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ صِحَّةِ تَسْلِيطِ الرِّقِّيَّةِ عَلَى الْعَرَبِ وَأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي صِحَّةِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ، قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ سِوَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. وَأَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْغَلَبَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَلَّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ بَحْثَ ابْنِ مَرْزُوقٍ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْحُكْمِ لَا فِي تَوْجِيهِهِ فَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ لَا يُقَالُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا مَوْلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 279 أَوْ يَا رُومِيُّ كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ، بِخِلَافِ جَدِّهِ،   [منح الجليل] أَوْ يَا عَبْدُ حُدَّ. اهـ. وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ لِأَنَّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ مِنْ قَبِيلِ التَّلْوِيحِ وَالْكِنَايَةِ لِتَعَدُّدِ الِانْتِقَالِ وَمَوْلًى وَعَبْدٌ مِنْ قَبِيلِ التَّعْرِيضِ لِاتِّحَادِهِ، وَفِيهِ وَرَدَ النَّصُّ عَنْ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِالْحَدِّ، هَذَا مُخْتَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ مَتْبُوعُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْفَرْعِ خِلَافًا لِغَيْرِهِ فِي إطْلَاقِ التَّعْرِيضِ عَلَى الْقِسْمَيْنِ. وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّعْرِيضُ إنْ كَانَ مَفْهُومًا كَالصَّرِيحِ مِثْلُ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَالْكِنَايَةُ كَذَلِكَ مِثْلُ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ لِعَرَبِيٍّ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ دَلَالَةَ التَّعْرِيضِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْكِنَايَةِ وَالْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّمَا هُوَ فِي التَّعْرِيضِ، وَهَذَا أَصْلُ الْبَابِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْكِنَايَةِ عَلَيْهِ اهـ. وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ إلَخْ، اعْتِرَاضٌ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي إلْحَاقِ الْكِنَايَةِ بِالتَّعْرِيضِ، وَهُوَ عَيْنُ إشْكَالِ ابْنِ مَرْزُوقٍ، وَيَلْزَمُ ابْنَ الْحَاجِبِ اعْتِرَاضٌ آخَرُ وَهُوَ عَبْدٌ يَا رُومِيُّ وَيَا فَارِسِيُّ مِنْ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ التَّعْرِيضِ، وَلِذَا قَصَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى مَا أَنْتَ بِحُرٍّ وَذَكَرَ النَّاسُ الْحَدَّ فِي يَا رُومِيُّ وَيَا فَارِسِيُّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا أَنْتَ بِحُرٍّ، قَالَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ زِكْرِيّ، قَالَهُ الْبُنَانِيُّ. (أَوْ) قَوْلُهُ لِعَرَبِيٍّ (يَا رُومِيُّ) أَوْ يَا نَبَطِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ أَوْ يَا قِبْطِيُّ فَيُحَدُّ لِقَطْعِهِ نَسَبَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ لَسْت مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ حُدَّ، وَإِنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ أَوْ بَرْبَرِيٍّ يَا عَرَبِيُّ فَلَا يُحَدُّ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ أَوْ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ هَلْ يُحَدُّ أَوْ لَا، وَأَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ. وَشَبَّهَ فِي الْحَدِّ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (نَسَبَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ (لِعَمِّهِ) أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ عَمُّهُ أَوْ زَوْجُ أُمِّهِ فَيُحَدُّ لِقَطْعِهِ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ (بِخِلَافِ) نِسْبَتِهِ لِ (جَدِّهِ) لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَلَا تُوجِبُ الْحَدَّ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ وَهُوَ جَدُّهُ لِأَنَّ الْجَدَّ أَبٌ، فَقَدْ صَدَقَ فِي نِسْبَتِهِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج: 78] ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 280 وَكَأَنْ قَالَ: أَنَا نَغِلٌ   [منح الجليل] أَوْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ فَنَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ وَلَوْ نَسَبَهُ إلَى عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ حُدَّ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ عَلَى غَيْرِ سِبَابٍ. وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ، قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ، قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَذْفَ، مِثْلُ أَنْ يَتَّهِمَ جَدَّهُ بِأُمِّهِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحَدُّ قَدْ يُنْسَبُ إلَيْهِ فِي خُلُقٍ أَوْ طَبْعٍ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نِسْبَتِهِ إيَّاهُ إلَى عَمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ زَوْجِ أُمٍّ، قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَمُحَمَّدٌ، قَالَ أَصْبَغُ قَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْعَمَّ أَبًا فَقَالَ {إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} [البقرة: 133] وَنَحْوُهُ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ، وَظَاهِرُهُ أَوْ نَصُّهُ أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ كَقَوْلِ أَشْهَبَ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ إلَّا بِبَيَانِ الْقَذْفِ بِخِلَافِ عَمِّهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ فِيهِمَا، وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا بِخِلَافِ خَالِهِ وَزَوْجِ أُمِّهِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ أَصْبَغَ خِلَافُ نَقْلِ مَنْ تَقَدَّمَ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ أَخَذَ نَصَّ قَوْلِ أَصْبَغَ بِالْجَدِّ وَالْعَمِّ مِنْ مَفْهُومِ اسْتِدْلَالِهِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْحَدِّ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَأَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (قَالَ) الْمُكَلَّفُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ (أَنَا نَغِلٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. الْجَوْهَرِيُّ أَيْ فَاسِدُ النَّسَبِ. الزُّبَيْدِيُّ أَيْ وَلَدُ زَانِيَةٍ فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ أُمَّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْمَالِكِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقَاضِي مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا نَغْلٌ يُحَدُّ لِأَنَّهُ قَذَفَهُ وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ هُوَ نَغِلٌ يُحَدُّ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَ نَفْسَهُ لِبَطْنٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ عَشِيرَةٍ غَيْرِ بَطْنِهِ وَنَسَبِهِ وَعَشِيرَتِهِ حُدَّ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ. قُلْت اللَّفْظَةُ بِالنُّونِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. الْجَوْهَرِيُّ نَغِلَ الْأَدِيمُ بِالْكَسْرِ، أَيْ فَسَدَ فَهُوَ نَغِلٌ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فُلَانٌ نَغِلٌ إذَا كَانَ فَاسِدَ النَّسَبِ. قُلْت يَنْبَغِي ضَبْطُ الْغَيْنِ بِالْكَسْرِ عَلَى وَزْنِ حَذِرٍ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ طَرْدُ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا وَلَدَ الزِّنَا ثُمَّ عَفَا الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ عَنْ الْقَاذِفِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 281 أَوْ وَلَدُ زِنًا، أَوْ كَيَا قَحْبَةُ أَوْ قَرْنَانُ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ،   [منح الجليل] أَنَّ لِأُمِّهِ الْقِيَامَ بِحَقِّهَا فِي الْحَدِّ. قُلْت هَذَا اللَّازِمُ حَقٌّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْتَ لِأَبِيك ضُرِبَ الْحَدَّ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ ذَكَرَ سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَطَعَ نَسَبَ عَبْدٍ وَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (أَوْ) قَالَ الْمُكَلَّفُ لِنَفْسِهِ إنَّهُ (وَلَدُ زِنًا) فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ أُمَّهُ (أَوْ) قَالَهُ لِمَرْأَةٍ (كَيَا قَحْبَةُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْقَحْبِ أَصْلُهُ الطَّعْنُ فِي السِّنِّ وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَدْعُو الْفَاجِرَةَ بِالْقِحَابِ وَالرَّوَاءِ، أَيْ السُّعَالِ وَالْقَيْحِ فِي الرِّئَةِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّانِيَةِ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتَتَنَحْنَحُ رَامِزَةً بِذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُهَا فَيُحَدُّ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ صَبِيَّةً بِالتَّصْغِيرِ وَعَاهِرَةً وَفَاجِرَةً إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِهَا عَلَى الزَّانِيَةِ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ فِيهِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ طفي لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَا فِي شَامِلِهِ لَفْظَ فَاجِرَةٍ هُنَا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَدَبُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ وَيَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ. (أَوْ) قَالَ لِرَجُلٍ (يَا قَرْنَانُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ عَلَمُ جِنْسٍ لِزَوْجِ الزَّانِيَةِ لِقَرْنِهِ غَيْرَهُ مَعَهُ عَلَيْهَا فَيُحَدُّ لِلْمَرْأَةِ وَيُؤَدَّبُ لِلرَّجُلِ مِنْ الْقِرَانِ وَهُوَ الْجَمْعُ، وَكَذَلِكَ قَرْنٌ وَقِرَانٌ وَمُعَرَّصٌ وَطَحَّانٌ. الْقَرَافِيُّ الْمَدَارُ عَلَى الدَّلَالَاتِ الْعُرْفِيَّةِ. (أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ فَتْحِ مُثَقَّلِ الزَّايِ (الرُّكْبَانِ) فَيُحَدُّ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ عِنْدَهَا، وَضَابِطُ هَذَا الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ، فَمَتَى فُقِدَ أُحْلِفَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا يُحَدُّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتَ الرَّايَةِ وَمُنْزِلَةَ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبَانِ حَدًّا الْآنَ، وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ فِي الْقَذْفِ مَا لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ لَأَوْجَبَهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 282 أَوْ ذَاتِ الرَّايَةِ، أَوْ فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا؛ لَا إنْ نَسَبَ جِنْسًا لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ،   [منح الجليل] (أَوْ) قَالَ (يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ) فَيُحَدُّ فِي الذَّخِيرَةِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَتْ الْفَاحِشَةَ جَعَلَتْ عَلَى بَابِهَا رَايَةً (أَوْ) قَالَ (فَعَلْت) بِضَمِّ التَّاءِ (بِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (فِي عُكَنِهَا) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ جَمْعُ عُكْنَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ، أَيْ طَيَّاتِ بَطْنِهَا مِنْ سِمَنِهَا فَيُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ (لَا) يُحَدُّ (إنْ نَسَبَ) الْمُكَلَّفَ (جِنْسًا) أَيْ صِنْفًا مِنْ الْإِنْسَانِ غَيْرِ الْعَرَبِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ، وَكَانَ الْمَنْسُوبُ أَبْيَضَ لِمِثْلِهِ كَقَوْلِهِ لِلرُّومِيِّ يَا شَامِيُّ أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ لِمِثْلِهِ كَقَوْلِهِ لِلْبَرْبَرِيِّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ عَكْسُهُ، بَلْ (وَلَوْ) نَسَبَ (أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ) كَقَوْلِهِ لِلرُّومِيِّ يَا زِنْجِيُّ أَوْ عَكْسِهِ بِأَنْ قَالَ لِلْحَبَشِيِّ يَا رُومِيُّ. فِيهَا إنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا حَبَشِيُّ أَوْ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَلَا يُحَدُّ. ابْنُ الْقَاسِمِ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا وَأَنَا أَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، فَأَمَّا إنْ نَسَبَهُ إلَى حَبَشِيٍّ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ وَهُوَ بَرْبَرِيٌّ، فَالْحَبَشِيُّ وَالرُّومِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَانَ بَرْبَرِيًّا. ابْنُ يُونُسَ سَوَاءٌ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الرُّومِيِّ فَلَا يُحَدُّ، وَكَذَا عَنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِمِصْرِيٍّ يَا يَمَانِيُّ أَوْ لِقَيْسِيٍّ يَا كَلْبِيُّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُنْسَبُ إلَى آبَائِهَا، وَهَذَا نَفْيٌ لَهَا عَنْ آبَائِهَا. ابْنُ رُشْدٍ الْعَرَبُ تَحْفَظُ أَنْسَابَهَا فَمَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، بَلْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ يُحَدُّ، بِخِلَافِ مَنْ نَسَبَ غَيْرَهُمْ لِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ، إذْ لَعَلَّهُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ اهـ. وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ يَعْتَنُونَ بِمَعْرِفَةِ أَنْسَابِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ فَتَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَعُدُّ مِنْ آبَائِهِ الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ فَائِدَةٍ مُزْرِيَةٍ عَلَى غَيْرِهِمْ إذْ هُوَ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ، وَجَهَالَتُهُ لَا تَضُرُّ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. زَرُّوقٌ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَعْمِيقًا وَإِلَّا فَعِلْمُهُ يَضُرُّ وَجَهَالَتُهُ تَنْفَعُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 283 إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ قَالَ مَوْلًى لِغَيْرِهِ: أَنَا خَيْرٌ أَوْ مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ   [منح الجليل] الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الظَّاهِرُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ عَلَى التَّعْمِيقِ فِيهِ وَإِلَّا فَعِلْمُ مَا يُعْرَفُ بِهِ الرَّحِمُ لِيُوصَلَ، وَالْمَحَارِمُ لِتُجْتَنَبَ فِي النِّكَاحِ مَحْمُودٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَالْعَرَبُ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ، فَرَتَّبَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى تَعَمُّقِهِمْ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِ لَا يَتَحَاشَوْنَ عَنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ طَعْنٌ فِي فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ فُرْسٍ وَرُومٍ وَبَرْبَرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالْوَاقِعُ يُكَذِّبُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى بِالزِّنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فُسَّاقُهُمْ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْجِنْسُ الْمَنْسُوبُ لِغَيْرِهِ (مِنْ الْعَرَبِ) كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَعَلَى الْقَائِلِ الْحَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ قَالَ مَوْلًى) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ، أَيْ عَتِيقٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ حُرٍّ أَصْلِيٍّ (أَنَا خَيْرٌ مِنْك) فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِيَّةِ كَثِيرَةٌ مِنْ الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَالْخَلْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي زَاهِي ابْنِ شَعْبَانَ لَوْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْك حُدَّ وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ قَالَهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ، وَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ، وَبِهَذَا أَقُولُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ تَكُونُ فِي الدِّينِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ الْمَجْمُوعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الْبِسَاطُ عَلَى إرَادَةِ النَّسَبِ. (أَوْ) قَالَ الْمُكَلَّفُ لِشَخْصٍ (مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ) فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ لِأَنَّهُ لِذَمِّ الْأَفْعَالِ لَا لِقَطْعِ النَّسَبِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُحَدُّ فِي الْمُشَاتَمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَيْسَ لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يُحَدُّ. وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ. وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَفِيهِ الْحَدُّ وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ فَفِيهِ أَدَبٌ خَفِيفٌ مَعَ السَّجْنِ، وَإِنْ قَالَهُ لِعَرَبِيٍّ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَطْعَ نَسَبِهِ وَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَالَهُ لِغَيْرِ عَرَبِيٍّ الْأَدَبُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ يُحَدُّ. (أَوْ قَالَ) الْمُكَلَّفُ (لِجَمَاعَةٍ) مُسْلِمِينَ أَحْرَارٍ بَالِغِينَ عَفِيفَيْنِ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ ذَوِي آلَاتِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 284 أَحَدُكُمْ زَانٍ؛ وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ، إنْ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ وَفِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ   [منح الجليل] أَحَدُكُمْ زَانٍ) فَلَا يُحَدُّ، سَوَاءٌ قَامُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا، أَوْ أَحَدُهُمْ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَى الْقَائِمُ أَنَّهُ أَرَادَهُ. ابْنُ شَاسٍ إلَّا أَنْ تَتَبَيَّنَ إرَادَتُهُ. فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ فَلَا يُحَدُّ إذْ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ وَلَوْ قَامَ بِهِ جَمَاعَتُهُمْ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَهُ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ قَالَهُ لِأَحَدِهِمْ فَلَا حُجَّةَ لَهُ إذَا قَامَ بِهِ جَمِيعُهُمْ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَهُ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيَانِ أَنَّهُ أَرَادَهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. (وَحُدَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُكَلَّفُ (فِي) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَفِيفٍ مُطِيقٍ (مَأْبُونٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ (إنْ كَانَ) الْمَقُولُ لَهُ (لَا يَتَأَنَّثُ) أَيْ لَا يَتَشَبَّهُ بِالْإِنَاثِ فِي كَلَامِهِ وَأَفْعَالِهِ، فَإِنْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فَلَا يُحَدُّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأَنُّثَ لَا الْفِعْلَ فِيهِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ قِيلَ لَهُ يَا مَأْبُونُ وَهُوَ رَجُلٌ فِي كَلَامِهِ تَأْنِيثٌ يُضْرَبُ الْكَبَرَ وَيَلْعَبُ فِي الْأَعْرَاسِ وَيُغَنِّي وَيُتَّهَمُ بِمَا فِيهِ، قِيلَ فَمَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحَدِّ إلَّا تَحْقِيقُ ذَلِكَ. قُلْت الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ تَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ فِي الْمَقْذُوفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) حُدَّ (فِي) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ (يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ) مَثَلًا (أَوْ) يَا ابْنَ (الْأَزْرَقِ) أَوْ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَقْطَعِ أَوْ الْأَعْوَرِ أَوْ الْأَحْمَقِ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ) أَيْ الْمَقُولِ لَهُ أَحَدٌ (كَذَلِكَ) الْمَذْكُورُ فِي الِاتِّصَافِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَالزُّرْقَةِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَحَدٌ كَذَلِكَ فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ نَسَبِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ. قُلْت رُبَّمَا أُجْرِيَا عَلَى التَّفْكِيرِ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ وَعَدَمِهِ. قَالَ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ الْأَعْوَرِ أَوْ الْأَحْمَقِ أَوْ الْأَزْرَقِ أَوْ الْآدَمِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ يُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يُحَدُّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ، وَإِنْ قَالَ يَا ابْنَ الْحَجَّامِ أَوْ الْخَيَّاطِ، وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ مِنْ الْعَرَبِ يُحَدُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي فَلَا يُحَدُّ. وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَهُ عَنْ آبَائِهِ. الْعَدَوِيُّ لَا يُحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 285 وَفِي مُخَنَّثٍ، إنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَأُدِّبَ فِي: يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ الْفَاجِرَةِ، أَوْ حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ إنَّكِ عَفِيفَةٌ، أَوْ يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، وَإِنْ قَالَتْ " بِكِ " جَوَابًا " لِزَنَيْتِ " حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ   [منح الجليل] فِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ وَنَحْوِهِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ التَّشْدِيدُ فِي السَّبِّ لَا قَطْعُ النَّسَبِ. (وَ) حُدَّ (فِي) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَفِيفٍ مُطِيقٍ (مُخَنَّثٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ مُثَقَّلًا (إنْ لَمْ يَحْلِفْ) الْقَائِلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يُحَدُّ وَيُنَكَّلُ. عب هَذَا إذَا لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى وَإِلَّا كَمُصِرٍّ حُدَّ وَلَوْ حَلَفَ (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْقَائِلُ (فِي) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ (يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ) يَا ابْنَ (الْفَاجِرَةِ أَوْ) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ (يَا حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ) الْخَرَشِيُّ لَوْ قَالَ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرُ أَوْ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ أَوْ يَا خِنْزِيرُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ. الْعَدَوِيُّ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَقُولُ هَذَا إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِقَصْرِ الْفِسْقِ عَلَى الزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَإِلَّا فَيُحَدُّ، وَكَذَا يُقَالُ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ. (أَوْ) قَالَ (أَنَا عَفِيفٌ) بِإِسْقَاطِ لَفْظِ الْفَرْجِ فَلَا يُحَدُّ وَيُؤَدَّبُ (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ (إنَّك) بِكَسْرِ الْكَافِ (عَفِيفَةٌ) فَيُؤَدَّبُ (أَوْ) قَالَ لِرَجُلٍ (يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرُ) فَيُؤَدَّبُ (وَإِنْ قَالَتْ) الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ بِالزِّنَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا (بِكَ) حَالَ كَوْنِ قَوْلِهَا بِكَ (جَوَابًا لِ) قَوْلِ قَاذِفِهَا (زَنَيْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ (حُدَّتْ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَرْأَةُ الْقَائِلَةُ بِك (لِ) لِاعْتِرَافِهَا بِ (الزِّنَا) مَا لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ (وَ) حُدَّتْ (لِلْقَذْفِ) إنْ كَانَ قَاذِفُهَا حُرًّا مُسْلِمًا عَفِيفًا عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَيَسْقُطُ حَدُّهُ لِقَذْفِهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالزِّنَا. وَلِأَصْبَغَ يُحَدَّانِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ. طفى فِي التَّوْضِيحِ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى فِي الْعُتْبِيَّةِ فَقَالَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ كَمَا فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 286 وَلَهُ، حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ   [منح الجليل] الْمُدَوَّنَةِ. وَفِي الزَّوْجَةِ لَا أَرَى عَلَيْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا تَقُولُ أَرَدْت إصَابَتَهُ إيَّايَ بِالنِّكَاحِ وَيُجْلَدُ الزَّوْجُ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ. قَالَ عِيسَى لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ، وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا. وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ، فَقَدْ اعْتَرَضَهُ الْحَطّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهَا، وَلَعَلَّ نُسْخَتَهُ لِامْرَأَتِهِ بِالضَّمِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَنَصُّهَا مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ بِكَ حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ الزِّنَا فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ فَقَطْ، وَلَا يُحَدُّ الرَّجُلُ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْفَرْقِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ قَذَفَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ فَ (لَهُ) أَيْ الْوَلَدِ (حَدُّ أَبِيهِ) إنْ صَرَّحَ بِقَذْفِهِ (وَفُسِّقَ) الْوَلَدُ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ حُكِمَ بِفِسْقِهِ بِحَدِّ أَبِيهِ بِقَذْفِهِ، وَاسْتُشْكِلَ تَفْسِيقُهُ مَعَ الْحُكْمِ بِإِبَاحَةِ حَدِّهِ أَبَاهُ بِقَذْفِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَفْسِيقِهِ سُقُوطُ عَدَالَتِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ كَالْمَشْيِ حَافِيًا وَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ. الْحَطّ هَذَا الْقَوْلُ عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِرِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَصُّهُ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَأَنْ يَحُدَّهُ وَيَكُونُ عَاقًّا بِذَلِكَ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْعُقُوقَ كَبِيرَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْهَا. وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ لَا يُقْضَى لَهُ بِتَحْلِيفِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَلَا مِنْ حَدِّهِ فِي حَدٍّ يَقَعُ لَهُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُقُوقِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْحَدِّ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرِهَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ خُصُومَةٌ أَنْ يُحَلِّفَهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَا يَكُونُ عَاقًّا لَهُ بِتَحْلِيفِهِ إذْ لَا إثْمَ فِي فِعْلِ الْمَكْرُوهِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الثَّمَانِيَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي الْمَبْسُوطِ الْحَطّ فَتَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ أَبَاهُ إلَّا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 287 وَالْقِيَامُ بِهِ: وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ: كَوَارِثِهِ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهِ   [منح الجليل] الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ، فَمَشَى هُنَاكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَشَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَأَخْرَجَهُمَا مِنْ الْخِلَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلِ) لِشَخْصِ (الْمَقْذُوفِ الْقِيَامُ بِهِ) أَيْ حَدِّ قَاذِفِهِ إنْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ مِمَّا قَذَفَهُ بِهِ، بَلْ (وَإِنْ عَلِمَهُ) أَيْ الْمَقْذُوفُ الْمَقْذُوفَ بِهِ حَصَلَ (مِنْ نَفْسِهِ) لِأَنَّ الْقَاذِفَ أَفْسَدَ عِرْضَهُ وَكَشَفَ سِتْرَهُ وَلَيْسَ لِقَاذِفِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ مَا قَذَفَهُ بِهِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ وَإِنْ عَلِمَ الْمَقْذُوفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ زَنَى فَحَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] ، وَهَذَا لَيْسَ بِمُحْصَنٍ. وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِيَامِ بِحَدِّ الْقَاذِفِ فَقَالَ (كَوَارِثِهِ) أَيْ الْمَقْذُوفِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ بِلَا عَفْوٍ عَنْهُ وَلَا إيصَاءٍ بِالْقِيَامِ بِهِ لِغَيْرِهِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْإِرْثِ مَانِعٌ كَرِقٍّ وَقَتْلٍ وَكُفْرٍ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ قَذَفَهُ فِي حَيَاتِهِ، بَلْ (وَإِنْ قَذَفَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ) فَلِوَارِثِهِ الْقِيَامُ بِحَدِّهِ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ، وَالْأَبْعَدُ كَالْأَقْرَبِ، وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْعَصَبَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ قِيَامٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلِلْعَصَبَةِ الْقِيَامُ وَلِلْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ الْقِيَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَأَوْصَى بِالْقِيَامِ بِقَذْفِهِ فَلِوَصِيِّهِ الْقِيَامُ بِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَقَدْ عَفَا فَلَا قِيَامَ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْقِيَامِ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ عَفْوٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ وَلَمْ يُوصِ فَالْحَقُّ لِوَارِثِهِ الْعَاصِبِ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ عَاصِبٍ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَهَا الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ فَأَدْخَلَ النِّسَاءَ وَالْعَصَبَةَ فِي الْقِيَامِ. وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَمَّا الْإِخْوَةُ وَالْبِنْتُ وَالْجَدَّاتُ وَغَيْرُ أَبٍ وَابْنٍ فَلَا قِيَامَ لَهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَهُ فَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 288 مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ، وَأَبٍ، وَأَبِيهِ؛ وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ. وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ وَالْعَفْوُ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَهُ، إنْ أَرَادَ سِتْرًا   [منح الجليل] وَالْعَصَبَةَ وَسَائِرَ النِّسَاءِ. وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، وَأَمَّا بِنْتُ الْبِنْتِ وَالزَّوْجَةُ فَلَا. وَبَيَّنَ وَارِثَهُ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِحَدِّ قَاذِفِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ (مِنْ وَلَدٍ) لِلْمَقْذُوفِ شَمَلَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (وَوَلَدِهِ) أَيْ الْوَلَدُ شَمَلَ بَنِي الِابْنِ وَبَنَاتِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَدُ الْوَلَدِ (وَأَبٍ) لِلْمَقْذُوفِ (وَأَبِيهِ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِهِ وَالْأَبِ وَأَبِيهِ أَنَّهُ لَا قِيَامَ بِهِ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ وَلَا لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالنِّسَاءِ، وَهَذَا نَحْوُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إلَّا فِي إدْخَالِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ. طفي وَالْأَوْلَى الْمَشْيُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِهِ وَالْأَبِ وَأَبِيهِ (الْقِيَامُ بِهِ) أَيْ حَدِّ قَاذِفِ الْمُوَرِّثِ إنْ كَانَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، بَلْ (وَإِنْ حَصَلَ) أَيْ وُجِدَ (مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ) أَيْ الْقَائِمِ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ وَالْأَبِ مَعَهُمَا وَالْجَدُّ مَعَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهَا وَالْأَبْعَدُ كَالْأَقْرَبِ (وَ) لِلْمَقْذُوفِ (الْعَفْوُ) عَنْ قَاذِفِهِ (قَبْلَ) بُلُوغِ (الْإِمَامِ) الْقَذْفَ، أَيْ الْحَاكِمِ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبَ شُرْطَةٍ، سَوَاءٌ كَانَ عَفْوُهُ عَنْهُ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ لِشَفَاعَةِ شَفِيعٍ أَوْ لِإِرَادَةِ السَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ. (أَوْ) الْعَفْوُ عَنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بُلُوغِ الْقَذْفِ الْإِمَامَ فَيَجُوزُ (إنْ أَرَادَ) الْمَقْذُوفُ بِالْعَفْوِ عَنْ قَاذِفِهِ (سَتْرًا) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ شُهْرَةِ نِسْبَةِ مَا قُذِفَ بِهِ إلَيْهِ أَوْ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الشَّفَقَةَ عَلَى قَاذِفِهِ أَوْ جَبْرَ خَاطِرِ مَنْ شَفَعَ عِنْدَهُ فِي الْعَفْوِ فَلَا يَجُوزُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا لِمَنْ سَرَقَ رَجُلٌ بُرْدَتَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَهُوَ مُتَوَسِّدُهَا فِي الْمَسْجِدِ، وَرَفَعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْدَةِ عَفَوْت عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» «وَلِعَدَمِ قَبُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَفَاعَةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الجزء: 9 ¦ الصفحة: 289 وَإِنْ حَصَلَ فِي الْحَدِّ اُبْتُدِئَ لَهُمَا، إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ، فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ.   [منح الجليل] فِي عَدَمِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقَةِ بَعْدَ رَفْعِهَا لَهُ، وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» . فِيهَا لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ إنْ أَرَادَ السَّتْرَ مِثْلَ أَنْ يَخَافَ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْفُ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " كَيْفَ يَعْلَمُ الْإِمَامُ ذَلِكَ، قَالَ يَسْأَلُ الْإِمَامُ عَنْ ذَلِكَ سِرًّا، فَإِنْ أُخْبِرَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ قَدْ سُمِعَ وَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ جَازَ عَفْوُهُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَعْنَى إرَادَةِ السَّتْرِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَدِيمًا فَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْآنَ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَعْنَى إرَادَةِ السَّتْرِ كَوْنُ مِثْلِهِ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ ظُهُورُ ذَلِكَ عَارٍ عَلَيَّ. فَأَمَّا الْعَفِيفُ الْفَاضِلُ فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنْ قَذَفَهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ قَذَفَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَقَدْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ فَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ. (تَنْبِيهٌ) لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ عَفْوِ الِابْنِ عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ، وَكَذَلِكَ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَفَادَهُ الْحَطّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَلَوْ قَامَ بِهِ وَبَلَغَ الْإِمَامَ. (وَإِنْ قَذَفَ) الْقَاذِفُ أَيْ حَصَلَ مِنْهُ قَذْفٌ آخَرُ لِلْمَقْذُوفِ أَوَّلًا أَوْ لِغَيْرِهِ (فِي أَثْنَاءِ حَدِّهِ) أَيْ الْقَاذِفِ أُلْغِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِّهِ وَ (اُبْتُدِئَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ حَدُّهُ (لَهُمَا) أَيْ الْقَذْفَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَبْقَى) مِنْ الْحَدِّ الَّذِي قَذَفَ فِيهِ عَدَدٌ (يَسِيرٌ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا (فَيُكَمَّلُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ الْحَدُّ (الْأَوَّلُ) وَيُسْتَأْنَفُ حَدُّ الثَّانِي. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَلَمَّا ضُرِبَ أَسْوَاطًا قَذَفَهُ ثَانِيًا أَوْ قَذَفَ آخَرَ اُبْتُدِئَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ثَمَانِينَ مِنْ حِينَ قَذَفَ ثَانِيًا وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنْ السِّيَاطِ. الْبَاجِيَّ إنْ بَقِيَ مِثْلُ الْأَسْوَاطِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 290 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْيَسِيرَةِ. أَشْهَبُ الْأَسْوَاطُ الْعَشَرَةُ يَسِيرَةٌ تَمَادَى وَابْتُدِئَ لَهُمَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ جُلِدَ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ قَذَفَ آخَرَ اُسْتُؤْنِفَ الْحَدُّ، وَإِنْ بَقِيَ مِثْلُ سَوْطٍ أَوْ أَسْوَاطٍ أُتِمَّ ثُمَّ جُلِدَ لِلثَّانِي. مُحَمَّدٌ وَكَذَا إنْ بَقِيَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلْيُتَمَّ الْحَدُّ وَوَيُؤْتَنَفُ. أَشْهَبُ إنْ ضُرِبَ نِصْفَ الْحَدِّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ قَلِيلًا فَلْيُؤْتَنَفْ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ هُوَ لَهُمَا فَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ: إنْ ذَهَبَ الْيَسِيرُ تَمَادَى وَيُجْزِئُ الْحَدُّ لَهُمَا. وَالثَّانِي: إنْ مَضَى نِصْفُ الْحَدِّ أَوْ نَحْوُهُ اُسْتُؤْنِفَ لَهُمَا. وَالثَّالِثُ: إنْ بَقِيَ مِنْ الْحَدِّ الْأَوَّلِ الْيَسِيرُ أُتِمَّ لِلْأَوَّلِ وَاسْتُؤْنِفَ لِلثَّانِي، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: يُسْتَأْنَفُ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ. الثَّانِي: لَهُمَا وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَوَّلِ. الثَّانِي إتْمَامُهُ لِلْأَوَّلِ وَائْتِنَافُهُ لِلثَّانِي فَلَا يَتَدَاخَلُ الْحَدَّانِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَاب فِي بَيَان أَحْكَام السَّرِقَة وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا] ابْنُ عَرَفَةَ السَّرِقَةُ أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خُفْيَةً لَا شُبْهَةً لَهُ فِيهِ فَيَخْرُجُ أَخْذُ غَيْرِ الْأَسِيرِ مَالَ حَرْبِيٍّ وَمَا جُمِعَ بِتَعَدُّدِ إخْرَاجٍ وَقَصْدٍ وَالْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ وَالْمُضْطَرِّ فِي الْمَجَاعَةِ. الْبُنَانِيُّ أَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهِ أَخْذَ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ مَوْضِعٍ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَمَا يَأْتِي وَأَخْذِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ صَارَ غَيْرَ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَأَوْرَدَ الْخَرَشِيُّ عَلَى عَكْسِهِ سَرِقَةَ النِّصَابِ مِنْ سَارِقِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَيْضًا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَسْرُوقَ مُحْتَرَمٌ. وَفِي حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَيْضًا فَلَمْ تَخْرُجْ سَرِقَتُهُ مِنْ الْحَدِّ. (تَنْبِيهٌ) : عِيَاضٌ أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ ضُرُوبٌ عَشَرَةٌ حِرَابَةٌ وَغِيلَةٌ وَغَصْبٌ وَقَهْرٌ وَخِيَانَةٌ وَسَرِقَةٌ وَاخْتِلَاسٌ وَخَدِيعَةٌ وَتَعَدٍّ وَجَحْدٌ، وَاسْمُ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا كُلِّهَا فِي اللُّغَةِ، فَالْحِرَابَةُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 291 (بَابٌ) تُقْطَعُ الْيُمْنَى، وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ،   [منح الجليل] أَخْذُهُ بِمُكَابَرَةٍ وَمُدَافَعَةٍ وَالْغِيلَةُ أَخْذُهُ بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ بِحِيلَةٍ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحِرَابَةِ وَالْغَصْبُ أَخْذُهُ بِالْقُوَّةِ وَالسَّلْطَنَةِ، وَالْقَهْرُ أَخْذُ قَوِيِّ الْجِسْمِ مِنْ ضَعِيفِهِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ الْوَاحِدِ، وَالْخِيَانَةُ أَخْذُ قِبَلَهُ أَمَانَةً أَوْ يَدًا، وَالسَّرِقَةُ أَخْذُهُ خُفْيَةً وَالِاخْتِلَاسُ أَخْذُهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ عَلَى غَفْلَةٍ، وَفِرَارُ آخِذِهِ بِسُرْعَةٍ وَالْخَدِيعَةُ أَخْذُهُ بِحِيلَةٍ كَالتَّشَبُّهِ بِصَاحِبِ الْحَقِّ وَالتَّزَيِّي بِزِيِّ الصَّلَاحِ وَالْفَقْرِ لِيَأْكُلَ بِذَلِكَ وَالْجَحْدُ إنْكَارُ مَا تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْجَاحِدِ وَأَمَانَتِهِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْخِيَانَةِ وَالتَّعَدِّي أَخْذُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (تُقْطَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ يَدُ السَّارِقِ (الْيُمْنَى) الصَّحِيحَةُ مِنْ كُوعِهَا أَيْ الْمِفْصَلِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ وَقَيَّدَتْ بِهِ إطْلَاقَ الْآيَةِ الْمُحْتَمَلَةِ كَوْنُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَبُدِئَ بِالْيُمْنَى لِأَنَّهَا الْمُبَاشِرَةُ لِلْأَخْذِ غَالِبًا مِنْ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى قَالَهُ تت. الْحَطّ اُنْظُرْ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا الَّتِي سَرَقَتْ فَإِنَّهُ غَرِيبٌ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَتُحْسَمُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ، أَيْ تُجْعَلُ عَقِبَ قَطْعِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ (بِالنَّارِ) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ عُرُوقِهَا فَيَنْقَطِعَ سَيَلَانُ الدَّمِ مِنْهَا لِئَلَّا يَتَمَادَى بِهِ فَيَمُوتَ. وَفِي عُمْدَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ تُحْسَمُ بِالزَّيْتِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الزَّيْتَ يَغْلِي بِالنَّارِ ثُمَّ تُجْعَلُ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَسْمَهَا مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ وَهُوَ قَوْلٌ وَعَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ. وَقِيلَ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ مَعًا لِقَوْلِ الْأَبِيِّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مُدَاوَاتِهَا، فَإِنْ تَرَكَهَا فَهُوَ مِنْ مَعْنَى قَتْلِهِ نَفْسَهُ، بِخِلَافِ قَطْعِهَا ظُلْمًا فَلَهُ تَرْكُهَا حَتَّى يَمُوتَ وَإِثْمُهُ عَلَى قَاطِعِهِ. وَالظَّاهِرُ إثْمُ الْإِمَامِ أَيْضًا إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا. اهـ. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً أَوْ طُولَهَا أَفَادَهُ شب. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ ثُمَّ يُحْسَمُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 292 إلَّا لِشَلَلٍ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ، فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَمَحْيٌ لِيَدِهِ الْيُسْرَى.   [منح الجليل] مَوْضِعُ الْقَطْعِ بِالنَّارِ، وَكَذَا فِي الرِّجْلِ، وَحَدُّهُ فِي الْيَدِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ، وَفِي الرِّجْلِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ الْيُمْنَى فَقَالَ (إلَّا لِشَلَلٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ، أَيْ فَسَادٍ بِالْيُمْنَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَمَحَاهَا، وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَقَوْلُهُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَحَبُّ إلَيَّ، وَبِهِ أَقُولُ. ابْنُ زَرْقُونٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ تُقْطَعُ الْيَدُ الشَّلَّاءُ. قُلْت وَثَالِثُهَا لِابْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ كَانَ شَلَلًا خَفِيفًا قُطِعَتْ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قُطِعَتْ الْيُسْرَى. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ يُمْنَاهُ شَلَّاءَ فَإِنْ كَانَ الشَّلَلُ بَيِّنًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا تُقْطَعُ. اللَّخْمِيُّ ابْنُ وَهْبٍ تُقْطَعُ إنْ كَانَتْ يُنْتَفَعُ بِهَا. (أَوْ) لِ (نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ) كَثَلَاثَةٍ مِنْ الْيُمْنَى خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ وَأَوْلَى كُلُّهَا (فَتُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى) مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ كَمَا فِي الْحِرَابَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ لِيَبْقَى لَهُ عَقِبٌ يَمْشِي عَلَيْهِ، وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى قَطْعِ الْيُمْنَى النَّاقِصَةِ أُصْبُعًا وَأُصْبُعَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَمُحِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَطْعُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي صُورَةِ شَلَلِ الْيُمْنَى (لِ) إثْبَاتِ قَطْعِ (يَدِهِ الْيُسْرَى) وَأَمَّا صُورَةُ نَقْصِ أَكْثَرِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى فَلَمْ يُمْحَ فِيهَا قَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى. فِيهَا إنْ سَرَقَ وَلَا يُمْنَى لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يُمْنَى يَدَيْهِ إلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. ابْنُ يُونُسَ لَوْ سَرَقَ أَوَّلًا وَلَا يُمْنَى لَهُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بَعْدَ ذَلِكَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ سَرَقَ وَيَدُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ عَرَضْتهَا فَمَحَاهَا وَأَبَى أَنْ يُجِيبَ فِيهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَأَرَاهُ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 293 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] شب وَالْمَحْوُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ، وَاتَّفَقَ الْمَحْوُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: الْمَحْوُ فِي الْأَيْمَانِ وَالْأَضَاحِيّ ... وَفِي كِتَابِ الْقَطْعِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّاجِحُ الْمَحْوُ فِي اثْنَتَيْنِ ... قَطْعٌ وَأَيْمَانٌ بِغَيْرِ مَيْنِ ثُمَّ الَّذِي أَثْبَتُّ فِي الْأَضَاحِيّ ... تَأْكِيدَ نَدْبِ ذَبْحِهِ يَا صَاحِ وَالْمَحْوُ فِي الْأَيْمَانِ حِنْثُهُ إذَا ... لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهْوَ قَوْلٌ مُحْتَذَا (تَنْبِيهٌ) طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْوَ وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَالنَّقْصِ، وَهَكَذَا فَعَلَ فِي تَوْضِيحِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَفِيمَنْ لَا يُمْنَى لَهُ، وَنَصُّهَا عَلَى اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ إنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، ثُمَّ عَرَضْتهَا عَلَيْهِ فَمَحَاهَا وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَقَوْلُهُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ. اهـ. وَهَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا رُجُوعًا وَلَا مِحْوَرًا وَلَا خِلَافًا، وَكَذَا اللَّخْمِيُّ، وَاخْتَصَرَ لَفْظَهَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ عج الْمُصَنِّفُ قَائِلًا نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ يَنْتَقِلُ مِنْهَا لِلرِّجْلِ الْيُسْرَى وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْيَدِ الْيُسْرَى فِي قَوْلٍ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ ابْنَ مَرْزُوقٍ اعْتَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِهِ الْمَحْوَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّلَلِ، وَنَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْوَ فِي الشَّلَلِ وَنَقَصَ أَكْثَرُ الْأَصَابِعِ وَظَاهِرُ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ، وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الشَّلَلِ كَمَا فِي الْأُمَّهَاتِ لَكِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ اهـ. وَاخْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْأُمَّهَاتِ وَذَكَرَ نَصَّهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ، وَقَدْ اعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى التَّهْذِيبِ بِكَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَتَبِعَهُ ابْنُ نَاجِي، وَيُرَدُّ مِثْلُهُ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى لَفْظِ التَّهْذِيبِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَأَشَارَ ابْنُ نَاجِي إلَى الْجَوَابِ عَنْ التَّهْذِيبِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 294 ثُمَّ يَدُهُ، ثُمَّ رِجْلُهُ، ثُمَّ عُزِّرَ وَحُبِسَ.   [منح الجليل] الْمُرَادُ بِالْمَحْوِ حَقِيقَتَهُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الرُّجُوعُ، وَلِذَا دَوَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّاسُ اهـ. الْبُنَانِيُّ يُعَكَّرُ عَلَيْهِ عَدُّهُمْ الْمَمْحُوَّاتِ أَرْبَعًا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الرُّجُوعِ لَمَا انْحَصَرَتْ فِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَانِيًا مَنْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى لِشَلَلِ يُمْنَاهُ أَوْ نَقْصِهَا أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ تُقْطَعُ (يَدُهُ) الْيُسْرَى (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَالِثًا تُقْطَعُ (رِجْلُهُ) الْيُمْنَى فَهَذَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ عَلَى الْمَمْحُوِّ وَلَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّ صَحِيحَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ إذَا سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِيَكُونَ قَطْعًا مِنْ خِلَافٍ، ثُمَّ تُقْطَعُ فِي الثَّالِثَةِ يَدُهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ تُقْطَعُ فِي الرَّابِعَةِ رِجْلُهُ الْيُمْنَى. وَأَمَّا عَلَى مَا أَثْبَتَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ مِنْ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى لِشَلَلِ يُمْنَاهُ إذَا سَرَقَ ثَانِيًا، فَهَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْطَعُ ثَانِيًا مِنْ صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ. الشَّارِحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَفَادَهُ عب. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيَةً، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَ: وَلَوْ كَانَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى خَطَأً فَلَا تُتْرَكُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَمْدِ. قُلْت مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ إجْرَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْهُ. (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ السَّارِقُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَقُطِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ إنْ كَانَ صَحِيحَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، وَقُطِعَ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَيْهِ إنْ كَانَ أَشَلَّ الْيُمْنَى مَثَلًا (عُزِّرَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُثَقَّلَةً، أَيْ ضُرِبَ شَدِيدًا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ (وَحُبِسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ سَرَقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَإِنْ سَرَقَ وَلَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ، لَكِنْ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 295 وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ، أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلًا؛ فَالْقَوَدُ، وَالْحَدُّ بَاقٍ، وَخَطَأً أَجْزَأَ،   [منح الجليل] ثُمَّ سَرَقَ جُلِدَ وَحُبِسَ، وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ حَدِيثًا فِي السَّارِقِ إذَا قُطِعَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ سَرَقَ قُتِلَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى أَنَّهُ يُعَاقَبُ إلَّا أَبَا مُصْعَبٍ فَقَالَ يُقْتَلُ. (وَإِنْ تَعَمَّدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ) كَجَلَّادٍ أَنْ يَقْطَعَ (يُسْرَاهُ) أَيْ السَّارِقِ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ فِي السَّرِقَةِ الْأُولَى عَالِمًا أَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ (فَالْقَوَدُ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ، أَيْ الْقِصَاصُ حَقٌّ لِلسَّارِقِ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ قَطْعَ يُسْرَاهُ أَوَّلًا (وَالْحَدُّ) أَيْ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ الْيُمْنَى (بَاقٍ) عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِقَطْعِ يُسْرَاهُ عَمْدًا (وَ) إنْ قَطَعَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ الْيُسْرَى أَوَّلًا (خَطَأً أَجْزَأَ) قَطْعُهَا عَنْ قَطْعِ الْيُمْنَى. ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهَذَا إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ، وَلَيْسَ فِي نُقُولِ الْمَذْهَبِ تَصْرِيحٌ بِهِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ أَفَادَهُ شب وطفي وَالْبَنَّانِيُّ وَالْعَدَوِيُّ. قُلْت سَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَجَعَلَهُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَنَصُّهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ وَلَوْ قَطَعَ الْجَلَّادُ أَوْ الْإِمَامُ الْيُسْرَى عَمْدًا فَلَهُ الْقِصَاصُ وَالْحَدُّ بَاقٍ هُوَ دَلِيلُ قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقَةِ الْيُمْنَى فَقَطَعَ يَسَارَهُ خَطَأً أَجْزَأَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُجْزِيهِ وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ وَعَقْلُ شِمَالِهِ فِي مَالِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ الْمُخْطِئَ، وَفِي مَالِ الْقَاطِعِ إنْ كَانَ الْمُخْطِئُ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". قُلْت وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْهُ وَهُوَ بَيْنَ قُصُورِ قَوْلِ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي السَّارِقِ يَخْطَأُ بِهِ بِقَطْعِ يُسْرَاهُ أَنَّ الْقَطْعَ مَاضٍ وَلَا تُقْطَعُ يَمِينُهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ ذَهَبَتْ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَعَمَّدَ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ كَانَ وَجَبَ فِيهَا وَقِيَاسُ أَنَّ الشِّمَالَ تُجْزِيهِ أَنْ تُقْطَعَ شِمَالُهُ. قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ أَوَّلًا بَعْدَ وُقُوعِهِ كَوْنُهَا كَذَلِكَ قَبْلَهُ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ دَلَّسَ السَّارِقُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 296 فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، بِسَرِقَةِ طِفْلٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ؛ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ؛   [منح الجليل] بِالْيُسْرَى حَتَّى قُطِعَتْ أَجْزَأَهُ وَعَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِيهِ. (فَ) إنْ سَرَقَ ثَانِيَةً مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى خَطَأً فَتُقْطَعُ (رِجْلُهُ الْيُمْنَى) لِيَكُونَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى. ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْأَجْزَاءِ لَوْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. قُلْت هَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَوْ كَانَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى خَطَأً فَلَا تُتْرَكُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَمْدِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَسَلَّمَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصِلَةُ تُقْطَعُ الْيُمْنَى (بِ) سَبَبِ (سَرِقَةِ طِفْلٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ شَخْصٍ صَغِيرٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَا يُعْرَفُ مَا يُرَادُ بِهِ (مِنْ حِرْزٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، أَيْ مِنْ مَحَلِّ حِفْظٍ (مِثْلِهِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ نَظِيرِ الطِّفْلِ الْمَسْرُوقِ كَدَارِ أَهْلِهِ وَحَارَتِهِمْ وَقَرْيَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ أَهْلِهِ فَهِيَ حِرْزُهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الدَّارِ إلَى الْحَارَةِ وَلَا يَتَعَدَّاهَا فَهِيَ حِرْزُهُ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَارَةِ وَلَا يَتَعَدَّى الْقَرْيَةَ فَالْقَرْيَةُ حِرْزُهُ. فِيهَا مَنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ عَبْدًا كَبِيرًا فَصِيحًا فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا قُطِعَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. أَشْهَبُ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ وَالْعَبْدُ فَصِيحٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِمَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ حُرًّا. أَبُو عُمَرَ وَيَقُولُ مَالِكٌ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُخْشَى مِنْهُ سَرِقَةُ أَوْلَادِهِمْ. (أَوْ) بِسَرِقَةِ (رُبُعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ مُوَازِنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ شَعِيرَةً مُتَوَسِّطَةً لَا أَقَلُّ مِنْهُ (أَوْ) بِسَرِقَةِ (ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ مُوَازِنُ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَخَمْسِينَ شَعِيرَةٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 297 أَوْ مَا يُسَاوِيهَا بِالْبَلَدِ   [منح الجليل] مُتَوَسِّطَةٍ وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ كَذَلِكَ لَا أَقَلُّ، حَالَ كَوْنِ رُبْعِ الدِّينَارِ وَالدَّرَاهِمِ الثَّلَاثَةِ (خَالِصَةً) مِنْ غِشِّهَا بِنَحْوِ نُحَاسٍ، وَلَوْ كَانَتْ دَنِيَّةَ الْمَعْدِنِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ رُبُعِ الدِّينَارِ لِلدَّرَاهِمِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقِيمَةِ وَلَا عَكْسُهُ فَلَا يُقْطَعُ فِي غَيْرِ الْخَالِصِ وَلَوْ رَاجَ رَوَاجَ الْخَالِصِ. ابْنُ عَرَفَةَ النِّصَابُ مِنْ الذَّهَبِ رُبُعُ دِينَارٍ. ابْنُ حَارِثٍ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقًا، وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْفِضَّةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ قَوْلَانِ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - غَيْرَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَلَهُ شب إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا وَزْنًا نُظِرَ لِلنَّقْصِ فِي كُلٍّ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَامِلِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَلَا يُقْطَعُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالدَّرَاهِمِ عَدَدًا، فَإِنْ لَمْ تَرُجْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَإِنْ كَانَ نَقْصُهَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَيُقْطَعُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا. (أَوْ) بِسَرِقَةِ (مَا) أَيْ عَرْضٍ (يُسَاوِيهَا) أَيْ الْعَرْضُ الدَّرَاهِمُ الثَّلَاثَةُ الْخَالِصَةُ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (بِالْبَلَدِ) الْمَسْرُوقِ فِيهِ، سَوَاءٌ كَانَ تَعَامُلُ أَهْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِالْعُرُوضِ أَوْ بِمَا غَلَبَ أَحَدُهَا أَوَّلًا وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَآلَةِ لَهْوٍ. ابْنُ عَرَفَةَ وَمِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُعْتَبَرِ قِيمَتُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقَوَّمُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ كَانَ الْبَلَدُ تَجْرِي فِيهِ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ أَحَدُهُمَا، وَإِنَّمَا التَّعَامُلُ فِيهِ بِالْعُرُوضِ، هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بِأَغْلَبِهِمَا بِالْبَلَدِ وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ إنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ بِبَلَدٍ إنَّمَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالْعُرُوضِ يُقَوَّمُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ الَّتِي يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ خَطَأٌ صُرَاحٌ، إذْ قَدْ تَكُونُ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ كَاسِدَةً لَا قِيمَةَ لَهَا بِهِ، وَفِي بَلَدِ الدَّرَاهِمِ قِيمَتُهَا كَثِيرَةً فَيُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الْيَدِ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ. الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا اُعْتُبِرَ بِهِ النِّصَابُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى وَزْنِهِ كَانَ دِينَارًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 298 شَرْعًا،   [منح الجليل] جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا أَوْ نُقْرَةً أَوْ تِبْرًا. عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بِجَوَازِ الْعَيْنِ عِيسَى أَوْ حُلِيًّا وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ، يُرِيدُ إلَى مَا يَزِيدُ فِيهَا بِصِيَاغَتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَغْشُوشًا بِالنُّحَاسِ فَلَا يُقْطَعُ فِي النِّصَابِ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ النُّحَاسُ الَّذِي فِيهِمَا يَسِيرًا جِدًّا لَا قَدْرَ لَهُ. الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ تَجُوزُ عَدَدًا، فَإِنْ نَقَصَ كُلُّ دِرْهَمٍ خَرُّوبَةً أَوْ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تَجُوزُ فَلَا قَطْعَ فِيهَا حَتَّى تَكُونَ تَامَّةَ الْوَزْنِ. مُحَمَّدٌ عَنْ أَصْبَغَ فَأَمَّا مِثْلُ حَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ دَرْءُ الْحَدِّ أَحْسَنُ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ لِأَنَّ الْحَبَّتَيْنِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَلِفَ بِهِمَا الْمَوَازِينُ فَإِنْ قَلَّ النَّقْصُ وَجَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ قُطِعَ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَثُرَ وَلَمْ تَجُزْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ وَجَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ أَوْ قَلَّ، وَلَمْ تَجُزْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ الْقَطْعِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُقَوَّمِ مَنْفَعَتُهُ الْمُبَاحَةُ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَرَقَ حَمَامًا عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَيْرًا عُرِفَتْ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ فَأَحَبُّ إلَى أَنْ لَا يَرْعَى إلَّا قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا اللَّعِبَ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَبْلُغُهُ وَتَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ لِلتُّونُسِيِّ، وَهُوَ دَلِيلُ تَعْلِيلِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ فِي الطُّيُورِ الْمُتَّخَذَةِ لِسَمَاعِ أَصْوَاتِهَا لَغْوُ حُسْنِ أَصْوَاتِهَا فِي تَقْوِيمِهَا؟ . وَفِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ الْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْحَدِّ، وَفِيهَا يُقَوِّمُ السَّرِقَةَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالْبَصَرِ، قِيلَ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ قَالَ إنْ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ بَصِيرَانِ أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ وَلَا يُقْطَعُ بِقِيمَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَمَثَّلَ فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنَ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا ذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي بِالسُّؤَالِ فَالْوَاحِدُ يُجْزِي فِيهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ قُوِّمَ بِثَلَاثَةٍ وَقُوِّمَ بِدُونِهَا فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ الْمَنْفَعَةُ الْمُبَاحَةُ (شَرْعًا) فَلَا يُقْطَعُ فِي آلَةِ لَهْوٍ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِصَنْعَتِهَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 299 وَإِنْ كَمَاءٍ أَوْ رِيحٍ لِتَعْلِيمِهِ، أَوْ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ،   [منح الجليل] خَشَبُهَا بَعْدَ كَسْرِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقَدْ سَأَلَ الْمَعَرِّيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مَنْسُوبٌ لِمَعَرَّةِ النُّعْمَانِ مَدِينَةٍ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ شَاعِرُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ فَقَالَ: تَنَاقُضٌ مَا لَنَا إلَّا السُّكُوتُ لَهُ ... فَنَسْتَعِيذُ بِبَارِينَا مِنْ النَّارِ يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبُعِ دِينَارِ وَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ بِجَوَابٍ بَدِيعٍ فَقَالَ: وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ... صِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي وَرُوِيَ عَنْهُ بَيْتٌ آخَرُ وَهُوَ: عِزُّ الْأَمَانَةِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ... ذُلُّ الْخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْرُوقُ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ كَشَاةٍ وَثَوْبٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ (كَمَاءٍ) مَنْقُولٍ لِحِرْزٍ مِنْ بَحْرٍ وَحَطَبٍ مِنْ غَابَةٍ وَمِلْحٍ مِنْ مَعْدِنٍ وَكُلًّا مِنْ مَوَاتٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعُ فِي الْبَقْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا وَحُصِدَ وَأُحْرِزَ وَيُقْطَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْمَاءِ إذَا أُحْرِزَ لِلْوُضُوءِ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَحَتَّى الْحَطَبِ وَالْعَلَفِ وَالتِّبْنِ، وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالرَّمَلِ وَالرَّمَادِ إذَا سَاوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُرِقَ مِنْ حِرْزٍ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ. (وَ) حَيَوَانٍ غَيْرِ كَلْبٍ (جَارِحٍ) لِصَيْدٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ (لِتَعْلِيمِهِ) اصْطِيَادَ الْوَحْشِيِّ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ بَازِيًا أَوْ طَيْرًا مُعَلَّمًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقَوَّمُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَاطِلِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَوْمٍ يَتَّخِذُونَهُ لِلَّهْوِ (أَوْ) يُسَاوِيهَا لِ (جِلْدِهِ) الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) فِيهَا مَنْ سَرَقَ الطَّيْرَ بَازِيًا أَوْ غَيْرَهُ قُطِعَ، وَأَمَّا سِبَاعُ الْوَحْشِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ، لُحُومُهَا إذَا سُرِقَتْ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ جُلُودِهَا إذَا ذُكِّيَتْ دُونَ أَنْ تُدْبَغَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ لِأَنَّ لِرَبِّهَا بَيْعَ مَا ذُكِّيَ مِنْهَا. شب إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّيْرِ وَالسَّبُعِ لَا يُسَاوِي نِصَابًا إلَّا بِتَعْلِيمِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ مُعَلَّمًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ سَارِقُ الطَّيَرَانِ كَانَتْ قِيمَةُ لَحْمِهِ فَقَطْ، أَوْ هُوَ مَعَ أَوْ رِيشِهِ فَقَطْ نِصَابًا وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ السَّبُعِ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ نِصَابًا وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 300 أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، إنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابًا، أَوْ ظُنَّا فُلُوسًا، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا،   [منح الجليل] (أَوْ) بِسَرِقَةِ (جِلْدِ مَيْتَةٍ) بَعْدَ دَبْغِهِ (إنْ زَادَ دَبْغُهُ) فِي قِيمَتِهِ (نِصَابًا) ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ دِرْهَمَيْنِ وَصَارَتْ بَعْدَهُ خَمْسَةً وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ أَفَادَهُ شب وَالْخَرَشِيُّ وعب. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي كَيْفِيَّةِ تَقْوِيمِهِ نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ لِأَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ نِصَابًا قُطِعَ ضَيْح هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَلَيْهِ حَمْلُهَا فِي الْبَيَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا قَطْعَ فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ، وَأَمَّا الْمَدْبُوغُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنْ الصَّنْعَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ، هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ فِي قِيمَةِ الدَّبْغِ يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَا قِيمَتُهُ مَدْبُوغًا فَمَا زَادَ فَهُوَ قِيمَةُ الدَّبْغِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ دَبْغِهِ. فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ دُبِغَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ذَهَبَ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ هُوَ الَّذِي أَجَازَ لِلنَّاسِ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ النَّظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ سُرِقَ وَهُوَ أَظْهَرُ. (أَوْ) بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ (ظُنَّا) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ ظَنَّهُمَا السَّارِقُ حِينَ أَخَذَهُمَا مِنْ الْحِرْزِ (فُلُوسًا) نُحَاسًا لَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَيُقْطَعُ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ (أَوْ) ظَنَّ (الثَّوْبَ) الْمُخْرَجَ مِنْ حِرْزِهِ الَّذِي لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (فَارِغًا) مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ نِصَابًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمِ فَيُقْطَعُ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِمَا مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَفِيهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمَا فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَمَّا الثَّوْبُ وَشِبْهُهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْفَعُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَإِنْ سَرَقَ شَيْئًا لَا يُرْفَعُ ذَلِكَ فِيهِ كَحَجَرٍ وَخَشَبَةٍ وَعَصًا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا فِي قِيمَةِ ذَلِكَ دُونَ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ فِي الثَّوْبِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْفَعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 301 أَوْ شَرِكَةِ صَبِيٍّ، لَا أَبٍ. وَلَا طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَا إنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ.   [منح الجليل] فِي مِثْلِهِ يُرِيدُ بِهِ مِثْلَ الْمِصْرِ وَشِبْهَهُ وَلَوْ كَانَ قَمِيصًا خَلِقًا. وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِمَا فِيهِ لَحَلَفَ وَلَا يُقْطَعُ آخِذُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَيُصَدَّقُ فِي الْعَصَا إنْ أَخَذَهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا مِنْ مَكَان مُظْلِمٍ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ قَدْ نُقِرَ لَهُ فِي خَشَبَةٍ صُدِّقَ آخِذُهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا. الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا مَنْ سَرَقَ خِرْقَةً لَا يَصِرْ ذَلِكَ فِيهَا لِدَنَاءَتِهَا فَلَا يُقْطَعُ بِمَا فِيهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ مَنْ سَرَقَ لَيْلًا عَصًا مُفَضَّضَةً وَفِضَّتُهَا ظَاهِرَةٌ، وَقَالَ لَمْ أَرَ الْفِضَّةَ فَأَرَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا فَلَا يُقْطَعُ. أَوْ سَرَقَ نِصَابًا بِ (شَرِكَةِ صَبِيٍّ) أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ سَبُعٍ أَوْ ذِئْبٍ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ وَحْدَهُ وَلَيْسَتْ شَرِكَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عُذْرًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ صَاحِبَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ أَوْ أَبَاهُ (لَا) يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ إنْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِهِ بِشَرِكَةِ (أَبٍ) عَاقِلٍ أَوْ أُمٍّ كَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْمَسْرُوقِ لِدُخُولِهِ مَعَ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الْمَسْرُوقِ. فِيهَا إنْ سَرَقَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَ مَعَ أَبِي الْوَلَدِ مِنْ مَالِهِ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ كَالْعَدَمِ فَشَرْطُ السَّرِقَةِ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْخُفْيَةُ وَالْأَبُ لِكَوْنِهِ كَابْنِهِ يَمْنَعُ الْخُفْيَةَ. (وَلَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (طَيْرٍ) يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (لِإِجَابَتِهِ) إذْ ادَّعَى لَا لَحْمَهُ وَرِيشَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ (وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ تَكَمَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا النِّصَابُ الْمُخْرَجُ مِنْ حِرْزِهِ (بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ) أَوْ يَوْمٍ أَوْلَى فِي لَيَالٍ أَوْ أَيَّامٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْرُوقُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ تَوَالَتْ الْمِرَارُ فِي فَوْرٍ أَوْ لَا طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ أَوْ لَا. الْحَطّ قَوْلُهُ وَلَا إنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ هَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ فِي السَّارِقِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ يَخْرُجُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِقِيمَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ، فَإِنَّهُ قَالَ يُقْطَعُ إذَا أَجْمَعَ مَا خَرَجَ بِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 302 أَوْ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ، إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابُ مِلْكِ غَيْرٍ   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْ سَحْنُونٌ فِي أَنَّهَا سَرِقَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ إذَا كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. قَالَ وَهَذَا فِيمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَادَ فِيهِ لِسَرِقَةٍ أُخْرَى، وَأَمَّا مِثْلُ الْقَمْحِ وَشِبْهِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ الَّذِي يَجِدُهُ مُجْتَمِعًا وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْرِجَهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْقُلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَهَذِهِ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ بِنِيَّةِ عَوْدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا سَرِقَةٌ أُخْرَى بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ. (أَوْ اشْتَرَكَا) أَيْ السَّارِقَانِ الْمُكَلَّفَانِ (فِي حَمْلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ لِنِصَابٍ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعَانِ (إنْ) كَانَ قَدْ (اسْتَقَلَّ) أَيْ قَدْرُ (كُلٍّ) مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ وَحْدَهُ بِدُونِ إعَانَةِ الْآخَرِ (وَلَمْ يَنُبْهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا (نِصَابٌ) مِنْ الْمَسْرُوقِ إذَا قَسَمَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ فَيَقَعَانِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَسَارِقٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ وَنَابَ كُلًّا نِصَابٌ. ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَخْرَجَ جَمِيعُهُمْ سَرِقَةً حَمَلُوهَا لَا يُسْتَطَاعُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِجَمَاعَتِهِمْ قُطِعُوا بِبُلُوغِهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً خَرَجَ بِهَا جَمِيعُهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهَا أَحَدُهُمْ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَا يُقْطَعُونَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَقَطْ، وَحَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ الْخَفِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الثَّقِيلَةِ. اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَ شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ أَحَدُهُمْ وَيَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ اثْنَانِ فَخَرَجَ بِهِ أَرْبَعَةٌ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخَفِيفَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الثَّقِيلَةِ الَّتِي لَا يَحْمِلُهَا إلَّا جَمِيعُهُمْ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْوِيهِ مِمَّا حُمِلَ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فَرْعٌ عَمَّا يَغْرَمُهُ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ قِيمَةِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا عَلَى مُحْصَنٍ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا يَغْرَمُ إلَّا رُبُعَ الدِّيَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ حَمَلُوهَا عَلَى أَحَدِهِمْ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهَا إلَّا بِتَحْمِيلِهِمْ فَيُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الَّذِي حَمَلُوهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ. وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا وَحْدَهُ وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ. وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا فِي (مِلْكِ غَيْرٍ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 303 وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، أَوْ أُخِذَ لَيْلًا وَادَّعَى الْإِرْسَالَ، وَصُدِّقَ إنْ أَشْبَهَ. لَا مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ،   [منح الجليل] السَّارِقِ فَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِلْكَهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ كَمَرْهُونٍ وَمُؤَجَّرٍ وَمُعَارٍ. وَيُقْطَعُ مَنْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ سَرِقَةُ النِّصَابِ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ، بَلْ (وَلَوْ كَذَّبَهُ) أَيْ السَّارِقُ فِي إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ (رَبُّهُ) أَيْ مَالِكُ الْمَسْرُوقِ. فِيهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ فُلَانٍ نِصَابًا وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِإِقْرَارِهِ وَيَبْقَى الْمَتَاعُ لَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ رَبُّهُ فَيَأْخُذَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ سَبَبٌ فَلَا يُسْقِطُهُ إلَّا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَتَكْذِيبُهُ لَيْسَ مَانِعًا شَرْعِيًّا لِاحْتِمَالِهِ الشَّفَقَةَ وَالرَّحْمَةَ وَإِنْ صُدِّقَ السَّارِقُ فِي إقْرَارِهِ. (أَوْ أُخِذَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مُسِكَ وَضُبِطَ السَّارِقُ (لَيْلًا) وَمَعَهُ نِصَابٌ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِ غَيْرِهِ (وَادَّعَى) السَّارِقُ (الْإِرْسَالَ) مِنْ صَاحِبِ الْحِرْزِ لِإِتْيَانِهِ لَهُ بِالنِّصَابِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فَيُقْطَعُ وَلَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْحِرْزِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ (وَصُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّارِقُ فِي دَعْوَى الْإِرْسَالِ (إنْ أَشْبَهَ) فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ لَهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ صَاحِبِ الْحِرْزِ بِإِرْسَالِهِ وَدَخَلَ مِنْ الْبَابِ وَخَرَجَ مِنْهُ غَيْرَ مُسْتَسِرٍّ فِي وَقْتٍ يُحْتَمَلُ إرْسَالُهُ فِيهِ عَادَةً فَلَا يُقْطَعُ. فِيهَا إنْ أَخَذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ إلَى مَنْزِلِهِ فَأَخَذْت لَهُ هَذَا الْمَتَاعَ، فَإِنْ عُرِفَ مِنْهُ انْقِطَاعُهُ إلَيْهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَهُ فَلَا يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ، وَيُقْطَعُ الْبَاجِيَّ. فَسَّرَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ قَوْلَهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ بِأَنْ يَدْخُلَهُ غَيْرَ مُسْتَسِرٍّ، وَفِي وَقْتٍ يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَهُ فِيهِ وَلَوْ أُخِذَ. مُسْتَسِرًّا وَدَخَلَ مِنْ غَيْرِ مَدْخَلِهِ أَوْ فِي حِينٍ لَا يُعْرَفُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ مَتَى صَدَّقَهُ لَا يُقْطَعُ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِابْنِ شَاسٍ عَنْ عِيسَى، وَقَوْلُ عِيسَى إنَّمَا هُوَ فِي تَصْدِيقِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ تُهْمَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي إرْسَالِهِ. (لَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (مِلْكِهِ) أَوْ السَّارِقِ (مِنْ مُرْتَهِنٍ) لَهُ مُتَوَثِّقٌ بِهِ فِي دَيْنِهِ (وَلَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مِلْكِهِ مِنْ (مُسْتَأْجِرٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ مُسْتَعِيرٍ لَهُ أَوْ مُودِعٍ عِنْدَهُ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فَقَالَ (كَمِلْكِهِ) أَيْ السَّارِقِ النِّصَابَ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ (وَقَبْلَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 304 مُحْتَرَمٍ، لَا خَمْرٍ. وَطُنْبُورٍ، إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ نِصَابًا؛ وَلَا كَلْبٍ   [منح الجليل] خُرُوجِهِ أَيْ النِّصَابِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَمَفْهُومُ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَنَّهُ إنْ مَلَكَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَا. ابْنُ شَاسٍ لَوْ سَرَقَ مِلْكَ نَفْسِهِ مِنْ مُرْتَهِنِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ طَرَأَ مِلْكُهُ بِإِرْثٍ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَلَا مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ وَبَعْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَصُّ الْغَزَالِيِّ، وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا مِنْ مَالِ شَخْصٍ (مُحْتَرَمٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَهُ حُرْمَةٌ كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ دَخَلَ بَلَدَنَا بِأَمَانٍ فَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَرْبِيٍّ بِأَرْضِهِ أَوْ بِأَرْضِنَا بِلَا تَأْمِينٍ (لَا) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (خَمْرٍ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا وَتَجِبُ إرَاقَتُهَا وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ. رَوَى مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي خَمْرٍ وَلَوْ سَرَقَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَّا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا لَهُ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي الْمَيْتَةِ وَلَا فِي الْخَمْرِ وَلَا فِي الْخِنْزِيرِ وَإِنْ سَرَقَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَّا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ. (وَ) شَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَوْنُ مَنْفَعَتِهِ شَرْعِيَّةً فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (طُنْبُورٍ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، آلَةُ لَهْوٍ مُجَوَّفَةٌ مُثَلَّثَةٌ عَلَيْهَا سُلُوكٌ مِنْ نُحَاسٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا بِقَضِيبٍ مِنْ نُحَاسٍ فَيَحْصُلُ لَهَا صَوْتٌ مُطْرِبٌ لِأَهْلِهَا فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ) الطُّنْبُورُ (بَعْدَ كَسْرِهِ) وَذَهَابِ مَنْفَعَتِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ (نِصَابًا) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ الْمَلَاهِي مِزْمَارًا أَوْ عُودًا أَوْ مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ بَعْدَ إفْسَادِهِ رُبُعُ دِينَارٍ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَأَمَّا الدُّفُّ وَالْكَبَرُ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُمَا صَحِيحَيْنِ رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي تَرْخِيصِ اللَّعِبِ بِالدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَبَرِ. ابْنُ شَاسٍ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَا سَارِقُ الطُّنْبُورِ وَالْمَلَاهِي مِنْ الْمِزْمَارِ وَالْعُودِ وَشِبْهِهِ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ مَا يَبْقَى مِنْهَا بَعْدَ إفْسَادِ صُورَتِهِمَا وَإِذْهَابِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِهَا رُبُعُ دِينَارٍ. (وَ) شَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ جَوَازُ بَيْعِهِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ (كَلْبٍ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 305 مُطْلَقًا، وَأُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا، بِخِلَافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ، تَامِّ الْمِلْكِ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ الْغَنِيمَةِ   [منح الجليل] مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ لِحِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ لِصَيْدٍ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ التَّعْلِيمِ وَالنَّهْيِ عَنْ قِنْيَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا قَطْعَ فِي كَلْبٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَائِلًا وَإِنْ كُنْت أَنْهَى عَنْ بَيْعِهِ (وَ) لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ نَحْوِ (أُضْحِيَّةٍ) وَهَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ (بَعْدَ ذَبْحِهَا) أَوْ نَحْرِهَا. وَمَفْهُومُ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَنَّهُ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ. أَصْبَغُ إنْ سَرَقَ أُضْحِيَّةً قَبْلَ ذَبْحِهَا قُطِعَ، وَإِنْ سَرَقَهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ إنَّمَا تُورَثُ لِتُؤْكَلَ. (بِخِلَافِ) سَرِقَةِ (لَحْمِهَا) أَوْ جِلْدِهَا (مِنْ فَقِيرٍ) تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ غَنِيٍّ أُهْدِيَ لَهُ فَتُوجِبُ الْقَطْعَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ سَرَقَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ جِلْدَهَا. أَشْهَبُ يُقْطَعُ أَصْبَغُ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا قُطِعَ وَبَعْدَهَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ إلَّا لِتُؤْكَلَ، وَإِنْ سَرَقَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ قُطِعَ لِأَنَّ الْمُعْطِيَ مَلَكَهَا. قُلْت تَقَدَّمَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ إيَّاهَا خِلَافُهُ، وَالْهَدْيُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَعْزُ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي إلَّا لِابْنِ حَبِيبٍ، وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا تَقَدَّمَ كَوْنُهَا مِنْ مَالِ شَخْصٍ (تَامِّ الْمِلْكِ) فِي التَّوْضِيحِ خَامِسُ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا تَامًّا، اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ سَرِقَةِ مَا لَهُ فِيهِ شِرْكٌ. وَشَرْطُهُ كَوْنُ السَّارِقِ (لَا شُبْهَةَ) قَوِيَّةَ (لَهُ) أَيْ السَّارِقِ (فِيهِ) أَيْ الْمَسْرُوقِ فَلَا يُقْطَعُ الْوَالِدُ بِسَرِقَةِ مَالِ وَلَدِهِ وَلَا السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ مَالِ مُكَاتَبِهِ وَلَا رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ أَوْ الْجَاحِدِ. فِي التَّوْضِيحِ السَّادِسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي الْمَسْرُوقِ احْتِرَازًا مِنْ سَرِقَةِ الْأَبِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَمِنْ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ جِنْسَ حَقِّهِ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِمَّا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةً إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَصْلًا، بَلْ (وَإِنْ) سَرَقَ مِمَّا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ بِأَنْ سَرَقَ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ) الَّتِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا إذْ أُجِيزَتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْقِسْمَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي مَنْ وَطِئَ أَمَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ سَرَقَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْرَزَ قُطِعَ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا فِي الْجَيْشِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ عَدُّهُ لِأَنَّ حَظَّهُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَأَمَّا فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 306 أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ، إنْ حُجِبَ عَنْهُ، وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا لَا الْجَدَّ؛   [منح الجليل] السَّرِيَّةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي حِصَّتُهُ مِنْهَا مَعْلُومَةٌ فَلَا يُحَدُّ لِلزِّنَا اتِّفَاقًا، وَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ كُلِّهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ كُلِّ الْغَنِيمَةِ. وَقَالَ مَرَّةً فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ قَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ بِالْجَيْشِ الْعَظِيمِ، وَأَمَّا السَّرِيَّةُ فَيَتَّفِقُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَقِّهِ. (أَوْ) سَرَقَ مِنْ مَالِ (شَرِكَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيُقْطَعُ (إنْ حُجِبَ) الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (عَنْهُ) أَيْ السَّارِقِ بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا أَوْ اخْتَصَّ غَيْرُ السَّارِقِ بِحِيَازَتِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ غَلَقَا عَلَيْهِ (وَ) إنْ (سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا) كَتِسْعَةٍ مِنْ اثْنَيْ عَشْرَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ مَتَاعِ الشَّرِكَةِ مِمَّا قَدْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَاهُ رَجُلًا قُطِعَ إنْ كَانَ فِيمَا سَرَقَ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ مَا قِيمَتُهُ رُبُعُ دِينَارٍ فَضْلًا عَنْ حِصَّتِهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ أَغْلَقَا عَلَى مَالِ شَرِكَتِهِمَا وَأَوْدَعَا مِفْتَاحَهُ رَجُلًا كَإِيدَاعِهِمَا إيَّاهُ، وَإِنْ حَمَلَا مِفْتَاحَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَنْ عِنْدَهُ الْمِفْتَاحُ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ احْتِرَازًا مِنْهُ قُطِعَ، وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ بِهِ أَحَدَهُمَا فَلَا يُقْطَعُ، وَمِثْلُهُ كَوْنُ الْمِفْتَاحِ بِدَارِ أَحَدِهِمَا. وَفِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ فِي الْمَالِ أَوْ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَصْبَغَ مَعَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا. وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَمِنْ حَظِّهِ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ. الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِيمَا سَرَقَهُ الشَّرِيكُ مِنْ مَالٍ أَوْدَعَاهُ هَلْ يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ مَا سَرَقَهُ عَنْ حَظِّهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ مِنْ الصِّنْفِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ الْقِيَمِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ اللَّخْمِيُّ. (لَا) يُقْطَعُ (الْجَدُّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لِأَبٍ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 307 وَلَوْ لِأُمٍّ. وَلَا مِنْ جَاحِدٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ لِحَقِّهِ،   [منح الجليل] بَلْ (وَلَوْ) كَانَ جَدًّا (لِأُمٍّ) لِشُبْهَتِهِ الْقَوِيَّةِ فِي مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ فَالْأَبُ أَوْلَى وَالْأُمُّ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، وَفِيهَا وَكَذَلِكَ الْأَجْدَادُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعُوا لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْجَدِّ قَوْلَانِ. ضَيْح اُخْتُلِفَ فِي الْأَجْدَادِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعَ، لِأَنَّهُ أَبٌ، وَلِأَنَّهُ مِمَّنْ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَقَدْ وَرَدَ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» . وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُونَ لِأَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ وَلَا نَفَقَةَ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ بَاقِي الْقَرَابَاتِ. اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ مُطْلَقًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالْجَدِّ لِأُمٍّ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَلَا) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ (مِنْ) مَالِ غَرِيمٍ لَهُ (جَاحِدٍ) لِحَقِّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَدْرُهُ (أَوْ) مِنْ غَرِيمٍ مُقِرٍّ بِمَا عَلَيْهِ لَهُ (مُمَاطِلٍ) أَيْ مُؤَخِّرٍ لِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَطَلَبِهِ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً قَوِيَّةً فِي مَالِهِمَا، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا فَيُقْطَعُ، وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ، وَلِذَا أَطْلَقَ هُنَا. الْبِسَاطِيُّ الْقَطْعَ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِالظَّاهِرِ، فَكَيْفَ يَعْلَمُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ جَاحِدٌ حَتَّى يَنْتَفِيَ الْقَطْعُ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ قَالَ جَحَدْته كَذِبًا وَيَرْجِعُ لِلْحَقِّ. اهـ. لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ مَالُهُ. اللَّقَانِيُّ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ آخَرَ نِصَابًا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْحِرْزِ، وَتَعَذَّرَ عَلَى السَّارِقِ إحْضَارُ بَيِّنَتِهِ بِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ، وَأَقَامَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالسَّرِقَةِ وَتَرَتَّبَ عَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَالَ لَهُ، وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُمَاطِلِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالْجَحْدِ أَوْ الْمَطْلِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمُسِرِّ، وَمِنْهُ جَحَدْته أَوْ مَاطَلْته لِاتِّهَامِهِ بِرَحْمَتِهِ، وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ أَفَادَهُ عب. الْبُنَانِيُّ هَا هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَاشِرٍ وَغَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 308 مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ، بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ، أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا،   [منح الجليل] وَنَعْتُ طِفْلٍ وَرُبُعِ دِينَارٍ وَثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَمَا يُسَاوِيهَا بِ (مُخْرَجٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (مِنْ حِرْزٍ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ مَحَلِّ حِفْظٍ وَصَوَّرَهُ (بِ) ذِي (أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا (لَا يُعَدَّ) الشَّخْصُ (الْوَاضِعُ) الْمَالَ فِيهِ (مُضَيِّعًا) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ مَكَانَ لَا يُنْسَبُ مَنْ وَضَعَ الْمَالَ فِيهِ لِتَعْرِيضِهِ لِلضَّيَاعِ إنْ خَرَجَ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ، بَلْ وَ (إنْ لَمْ يَخْرُجْ هُوَ) أَيْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ، وَيَخْتَلِفُ الْحِرْزُ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالسَّارِقِ فَرُبَّ مَكَان حِرْزٌ لِمَالٍ وَلَيْسَ حِرْزًا لِمَالٍ آخَرَ وَلِسَارِقٍ دُونَ آخَرَ، فَمَنْ وَضَعَ مَالًا بِكُوَّةٍ بِبَيْتِهِ فَهِيَ حِرْزُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَخَادِمِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرْزُ مَا قُصِدَ بِمَا وُضِعَ فِيهِ حِفْظُهُ بِهِ إنْ اسْتَقَلَّ بِحِفْظِهِ أَوْ بِحَافِظٍ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ. الْبُنَانِيُّ أَيْ بِمَكَانٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقْصِدَ بِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ حِفْظُهُ إلَخْ، وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ النِّصَابِ مِنْهُ وَلَوْ تَلِفَ عَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ احْتَرَقَ فِي نَارٍ، وَهُوَ مَا اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ قُطِعَ لِتَحَقُّقِ السَّرِقَةِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّزًا، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان هُوَ حِرْزٌ لِمِثْلِهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ فِي إحْرَازِ أَمْوَالِهِمْ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كُلُّ مَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُ الْمَالِ فِي الْعَادَةِ مُضَيِّعًا لَهُ بِوَضْعِهِ فِيهِ. اهـ. فَالْمُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْمَالِ لَا السَّارِقِ، وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ الْحِرْزِ، فَإِنْ أَدْخَلَ عَصَاهُ مَثَلًا وَأَخْرَجَ بِهَا نِصَابًا قُطِعَ وَسَيَأْتِي الْإِشَارَةُ بِالْعَلَفِ لِشَاةٍ مَثَلًا فَتَخْرُجُ فَيُقْطَعُ فِيهَا لَوْ أَخَذَ فِي الْحِرْزِ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى الْمَتَاعَ خَارِجًا مِنْهُ فَقَدْ شَكَّ فِيهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَعْدَ أَنْ قَالَ يُقْطَعُ وَأَنَا أَرَى أَنْ يُقْطَعَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (أَوْ ابْتَلَعَ) السَّارِقُ فِي الْحِرْزِ (دُرًّا) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ جَمْعُ دُرَّةٍ، أَيْ لُؤْلُؤًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَفْسُدُ بِابْتِلَاعِهِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَخَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ وَمَفْهُومُ دُرًّا أَنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَ فِيهِ مَا يُفْسِدُهُ الِابْتِلَاعُ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَخَرَجَ فَلَا يُقْطَعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 309 أَوْ ادَّهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ،   [منح الجليل] وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ ضَمِنَهُ وَأُدِّبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَقُطِعَ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِهِ وَهُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. ابْنُ شَاسٍ إنْ ابْتَلَعَ دُرَّةً وَخَرَجَ قُطِعَ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ هَذَا بِهَذَا النَّصِّ إلَّا لِلْغَزَالِيِّ، لَكِنَّهُ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ. قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالدُّرِّ وَابْتِلَاعُ الدِّينَارِ مَنْصُوصٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَلَكِنَّ شَأْنَ الْإِنْسَانِ النِّسْيَانُ " غ " وَالْبَنَّانِيُّ الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا، حَتَّى قَالَ لَا أَعْرِفُهَا بِنَصِّهَا إلَّا الْغَزَالِيُّ، وَاحْتَاجَ إلَى تَخْرِيجِهَا عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ دُهْنِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. (أَوْ ادَّهَنَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْهَاءِ مُثَقَّلًا السَّارِقُ فِي ظَاهِرِ بَدَنِهِ (بِمَا) أَيْ طِيبٍ كَزُبْدٍ (يَحْصُلُ) أَيْ يَجْتَمِعُ (مِنْهُ) مَا قِيمَتُهُ (نِصَابٌ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إذَا سُلِتَ مِنْ بَدَنِهِ فَيُقْطَعُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهَا إذَا دَخَلَ السَّارِقُ الْحِرْزَ فَأَكَلَ الطَّعَامَ فِيهِ وَخَرَجَ فَلَا يُقْطَعُ وَيَضْمَنُهُ، وَإِنْ دَهَنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فِي الْحِرْزِ بِدُهْنٍ وَخَرَجَ، فَإِنْ كَانَ مَا فِي رَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ إذَا سُلِتَ بَلَغَ رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ. (أَوْ أَشَارَ) السَّارِقُ وَهُوَ خَارِجُ الْحِرْزِ (إلَى شَاةٍ) مَثَلًا فِي حِرْزِهَا (بِالْعَلَفِ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تُعْلَفُ بِهِ (فَخَرَجَتْ) الشَّاةُ مِنْ الْحِرْزِ بِسَبَبِ إشَارَتِهِ إلَيْهَا فَيُقْطَعُ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَشْهَبَ مَنْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ فِي حِرْزٍ لَمْ يَدْخُلْهُ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مِثْلَ قَوْلِهِ هُنَا وَقَوْلُ أَشْهَبَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إيجَابِ قَطْعِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. قُلْت وَجَدْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْبَيَانِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ لَا إيجَابُهُ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ، قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَمَنْ أَتَى بِإِنْسَانٍ فَأَرْسَلَهُ فَأَخْرَجَهَا لَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْمُرْسِلُ وَكَذَا فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 310 أَوْ اللَّحْدَ. أَوْ الْخِبَاءِ، أَوْ مَا فِيهِ.   [منح الجليل] إشَارَتِهِ إلَى بَازٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ أَعْجَمِيٍّ قَالَهُ أَشْهَبُ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا كُلِّهِ يُقْطَعُ وَهُوَ أَحْسَنُ. طفي الْقَطْعُ لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى أَخْذِهَا، بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ خُرُوجِهَا، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرِّوَايَةِ، فَقَوْلُ تت فَأَخَذَهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ. (أَوْ اللَّحْدَ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَصْلُهُ حُفْرَةٌ بِقَدْرِ الْمَيِّتِ تَحْتَ جَانِبِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُسَدُّ بِهِ فَمُهُ مِنْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ الْمَحَلِّيَّةِ. الْبِسَاطِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْحِرْزِ، أَيْ مَا لَا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا أَوْ مَا وُضِعَ فِيهِ مَيِّتٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِلْمَيِّتِ وَمَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَعَبَّرَ بِاللَّحْدِ عَنْ الْقَبْرِ " غ " كَأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ فَاللَّحْدُ عَلَى هَذَا وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ مَسْرُوقٌ بِنَفْسِهِ. وَأَمَّا مَا فِيهِ وَهُوَ الْكَفَنُ فَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا فَلَا تَكْرَارَ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا عَطْفُهُ الْخِبَاءَ عَلَيْهِ وَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِسَرِقَةِ اللَّحْدِ نَفْسِهِ خُصُوصًا، فَقَدْ قَالُوا الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ. الْبُنَانِيُّ فَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي " ق " وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَحْثِ، لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي هَذَا بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَةِ غِشَاءِ الْقَبْرِ لَحْدًا فِي اللُّغَةِ، وَنَصُّهُ هَكَذَا رَأَيْت هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ، وَلَا أَتَحَقَّقُ مَعْنَاهَا وَلَا إعْرَابَهَا، لِأَنَّ اللَّحْدَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الشَّقِّ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهُ وَأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَا يَأْتِي، وَإِنْ أَرَادَ اللَّبِنَ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَصِحُّ، لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ لُغَةً وَعَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَمَا رَأَيْت نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا مَا اقْتَضَتْهُ الْكُلِّيَّةُ الْمَحْكِيَّةُ فِي النَّوَادِرِ فِي الْقَبْرِ نَقَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ، وَعَنَى بِالْكُلِّيَّةِ الَّتِي فِي النَّوَادِرِ قَوْلَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، فِيهَا الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَالْبَيْتِ وَبِهَا اسْتَدَلَّ ابْنُ غَازِيٍّ. (أَوْ) سَرَقَ (الْخِبَاءَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٌ مَمْدُودًا أَيْ الْخَيْمَةُ وَنَحْوُهَا (أَوْ) سَرَقَ (مَا) أَيْ الْمَالَ الَّذِي (فِيهِ) أَيْ الْخِبَاءُ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ، وَلِمَا فِيهِ فِيهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 311 أَوْ حَانُوتٍ، أَوْ فِنَائِهِمَا،   [منح الجليل] إذَا وَضَعَ الْمُسَافِرُ مَتَاعَهُ فِي خِبَائِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ، وَذَهَبَ لِحَاجَةٍ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ أَوْ سَرَقَ لِمُسَافِرٍ فُسْطَاطًا مَضْرُوبًا بِالْأَرْضِ قُطِعَ، وَالرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ يَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ كَأَهْلِ الدَّارِ ذَاتِ الْمَقَاصِيرِ يَسْرِقُ أَحَدُهُمْ مِنْ بَعْضِهَا، وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ لَأَخَذَهُ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ سِرًّا فَإِنْ كَانَ مَنْزِلًا لَهُ قُطِعَ سَارِقُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ. الصِّقِلِّيُّ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ طَرَحَهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ، وَإِنْ طَرَحَهُ بِقُرْبِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ خِبَائِهِ أَوْ خِبَاءِ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ كَانَ سَارِقُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْخِبَاءِ قُطِعَ، وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا قَطْعَ فِي هَذَا كُلِّهِ. الْبُنَانِيُّ أَوْ الْخِبَاءِ أَوْ مَا فِيهِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِضَرْبِهِ فِي مَكَان لَا يُعَدُّ ضَارِبُهُ فِيهِ مُضَيِّعًا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. قُلْت هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سُرِقَ لِمُسَافِرٍ فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ بِالْأَرْضِ وَخِلَافُ قَوْلِهَا وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ إلَخْ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَانُوتٍ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَضَمِّ النُّونِ آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ أَيْ مَحَلٌّ مُعَدٌّ لِلْبَيْعِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ دُكَّانًا بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (فِنَائِهِمَا) بِكَسْرِ الْفَاءِ فَنُونٍ مَمْدُودًا، أَيْ مَا قَرُبَ مِنْ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ مَا اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فَهُوَ حِرْزُهُ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ كَالسَّارِقِ مِنْ نَفْسِ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ وَكَذَا مَنْ سَرَقَ مِنْ تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَ قِيَامِهِ وَتَرْكِهِ لَيْلًا أَوَنَهَارًا مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ إلَّا أَنْ يَنْقَلِبَ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ، ثُمَّ يُتْرَكُ لَيْلَةً فَيَسْرِقُ هُوَ أَوْ مَا فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَرِقَتِهَا وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالْمَنَازِلِ وَالْبُيُوتِ وَالدُّورِ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا غَابَ أَهْلُهَا أَوْ حَضَرُوا، وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ أَفْنِيَةِ الْحَوَانِيتِ. اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إذَا كَانَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَسَرَقَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبِهِ. وَاخْتُلِفَ إنْ غَابَ عَنْهُ أَوْ بَاتَ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُ الْقَطَّانِيِّ يَبِيعُونَهَا فِي الْقِفَافِ وَهُمْ حُضُورٌ يُغَطُّونَهَا بِاللَّيْلِ بِأَفْنِيَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 312 أَوْ مَحْمِلٍ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ وَإِنْ غِيبَ عَنْهُنَّ، أَوْ بِجَرِينٍ. أَوْ سَاحَةِ دَارٍ   [منح الجليل] حَوَانِيتِهِمْ فَقَامَ صَاحِبُهَا لِحَاجَةٍ وَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا خَفَّ نَقْلُهُ وَثَقُلَ فِي التَّابُوتِ بِسَاحَةِ الدَّارِ لَيْسَ صَغِيرُهُ كَكَبِيرِهِ وَمَا بِالْقِفَافِ يَثْقُلُ نَقْلُهُ بِقِيَامِ رَبِّهِ، لَمْ يَقُلْهُ فِي تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ وَلَوْ كَانَ مَبْنِيًّا لِخِفَّةِ مَا فِيهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَبْنِيٍّ فَلَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ قَصْدِ كَوْنِ مَحَلِّهِ حِرْزًا. الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَكَذَا الْأَمْتِعَةُ تُوضَعُ لِتُبَاعَ وَالطَّعَامُ فِي الْقِفَافِ، وَلَهُمْ حُصْرٌ يُغَطُّونَهَا بِهَا لَيْلًا وَهِيَ بِأَفْنِيَةِ حَوَانِيتِهِمْ، وَرُبَّمَا ذَهَبَ وَتَرَكَهُ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ قُطِعَ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَكَذَا مَا وُضِعَ فِي الْمَوْقِفِ لِيُبَاعَ مِنْ مَتَاعٍ فِي فِنَاءِ حَانُوتٍ وَلَهُ حُصْرٌ مِنْ قَصَبٍ وَرُبَّمَا أَغْلَقَ الْبَابَ وَذَهَبَ. (أَوْ) سُرِقَ مِنْ (مَحْمِلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ، أَيْ مَا يُرْكَبُ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ جَنْبَيْهَا أَوْ بَيْنَ دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَمَامَهُ وَالْأُخْرَى خَلْفَهُ. الْبُنَانِيُّ أَيْ مَنْزِلٌ بِالْأَرْضِ، وَأَمَّا الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ. ابْنُ رُشْدٍ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ كَسَرْجِ الدَّابَّةِ، فَمَنْ سَرَقَ مَا عَلَيْهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ قُطِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَلَا حَارِزٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ، كَمَا لَوْ سَرَقَهُ بِمَحْمِلِهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَظَاهِرُهُمَا اعْتِمَادُهُ. (أَوْ) سَرَقَ مِمَّا عَلَى (ظَهْرِ دَابَّةٍ) وَاقِفَةً كَانَتْ أَوْ سَائِرَةً لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا فِي الْخِبَاءِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ فِنَائِهِمَا أَوْ مَحْمِلٍ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ إنْ حَضَرَ مُعَيَّنُ أَصْحَابِهِنَّ، بَلْ (وَإِنْ غِيبَ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ غَابَ أَصْحَابُ الْخِبَاءِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ الْمَحْمِلِ أَوْ الدَّابَّةِ (عَنْهُنَّ أَوْ سَرِقَةُ تَمْرٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، أَيْ مَثَلًا مُجَفَّفٍ (بِجَرِينٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ آخِرُهُ نُونٌ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِتَجْفِيفِ نَحْوِ التَّمْرِ وَدَرْسِ الْحُبُوبِ وَتَذْرِيَتِهَا، وَيُقَالُ لَهُ أَنْدَرُ وَجُرْنٌ أَيْضًا، وَلِمَوْضِعِ تَجْفِيفِ التَّمْرِ مِرْبَدٌ أَيْضًا فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ فِيهَا، إذْ جَمْعُ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ فِي جَرِينٍ وَغَابَ رَبُّهُ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا حَائِطَ وَلَا غَلْقَ قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شب ظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ قَرُبَ الْجَرِينُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعُدَ، وَقِيلَ يُقْطَعُ فِي الْقَرِيبِ لَا فِي الْبَعِيدِ. (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (سَاحَةِ) أَيْ فُسْحَةِ (دَارٍ) وَتُسَمَّى عَرْصَةً، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 313 لِأَجْنَبِيٍّ؛ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ،   [منح الجليل] حَوْشًا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهَا حِرْزٌ لِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ (لِ) شَخْصٍ (أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ سَاكِنٍ فِيهَا وَلَا تَابِعٍ لَهُ فَيُقْطَعُ (إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهَا. تت جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الدَّارَ سِتَّةَ أَقْسَامٍ، أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَتُهُ هَذِهِ تَشْمَلُ دَارَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 314 كَالسَّفِينَةِ،   [منح الجليل] سُكْنَى شَخْصٍ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهَا لِأَحَدٍ فَكُلُّ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَدَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ سَاكِنِيهَا مَحْجُورَةً عَنْ غَيْرِهِمْ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ سُكَّانِهَا مِنْ بَيْتِ جَارِهِ وَقُطِعَ إذَا أُخِذَ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِالْمَسْرُوقِ لِسَاحَتِهَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ الدَّارِ وَلَا أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ قَطْعِ مَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ مِنْ سَاحَتِهَا نِصَابًا، وَإِنْ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَابَّةً نَقَلَهَا مِنْ مَرْبِطِهَا الْمَعْرُوفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْكَامِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الدُّورِ. طفي الْأَعْكَامُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْإِعْدَالُ وَأَحَدُهَا عِكْمٌ بِالْكَسْرِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. وَشَبَّهَ فِي الْقَطْعِ فَقَالَ (كَ) السَّارِقِ مِنْ (السَّفِينَةِ) شب حَاصِلُ النَّقْلِ فِيمَا أَنَّ مَنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ يُقْطَعُ، سَوَاءٌ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا أَمْ لَا، كَانَ مِمَّنْ بِهَا أَمْ لَا وَإِنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ رَبِّهِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا قُطِعَ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ بِهَا فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ الْخُنِّ وَنَحْوِهِ يُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهَا وَنَحْوِهِ لِلْخَرَشِيِّ وعب. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ سَرَقَ بَعْضُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنْ بَعْضٍ وَكُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ أَحْرَزَ مَتَاعَهُ تَحْتَهُ، قَالَ زَعَمَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ إنْ سَرَقَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَيْهِ يُقْطَعُ. وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ وَقَدْ قَامَ عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ السَّرِقَةِ مِنْهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَحُكْمِ السَّرِقَةِ مِنْ صَحْنِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ. فِيهَا إنْ سَرَقَ بَعْضُ الرُّكَّابِ فِيهَا مِنْ مَتَاعِ بَعْضٍ وَهُوَ عَلَى مَتَاعِهِ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا سَرَقَ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْ مَتَاعِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ مَتَاعًا وَصَاحِبُهُ عَلَيْهِ يُقْطَعُ، وَلَوْ أَخَذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا عَلَى اخْتِلَافٍ، وَإِنْ سَرَقَ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا إنْ أُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا، وَإِنْ خَرَجَ بِمَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 315 أَوْ خَانٍ لِلْأَثْقَالِ، أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ. أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ قَبْرٍ   [منح الجليل] سَرَقَ مِنْهَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى مَتَاعِهِ. (أَوْ) سَرَقَ مِنْ سَاحَةِ (خَانْ) بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَعَقِبُ أَلِفِهِ نُونٌ، وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ وِكَالَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ بَيْتٌ مُعَدٌّ لِسُكْنَى الْأَغْرَابِ وَالْعُزَّابِ وَالتُّجَّارِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ (لِلْأَثْقَالِ) كَالْإِعْدَالِ، وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْخَفِيفِ مِنْهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَبِمُجَرَّدِ إزَالَةِ الثَّقِيلِ عَنْ مَوْضِعِهِ إزَالَةَ بَيِّنَةٍ يُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ إذَا كَانَ يُبَاعُ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ سُكَّانِهِ (أَوْ) سَرَقَ (زَوْجٌ) ذَكَرًا وَأُنْثَى مِنْ مَالِ زَوْجِهِ الْمَحْرُوزِ (فِيمَا) أَيْ مَكَان (حُجِرَ عَنْهُ) أَيْ السَّارِقِ بِغَلْقٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ مِنْ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُقْطَعُ، وَرَقِيقُ الزَّوْجِ كَالزَّوْجِ، وَمَفْهُومُ حُجِرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ بَيْتِهَا الَّذِي تَسْكُنُهُ. اللَّخْمِيُّ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَوْضِعٍ مَحْجُورٍ بَائِنٍ عَنْ مَسْكَنِهِمَا يُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَسَرَقَ مِنْ تَابُوتٍ مُغْلَقٍ أَوْ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ وَهِيَ غَيْرُ مُشْتَرَكَةٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْطَعُ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَحْسَنُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْغَلْقِ التَّحَفُّظَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَطْرُقُهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِتَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ يُقْطَعُ، وَإِنْ سَرَقَ الزَّوْجُ مِنْ شَيْءٍ شَوَّرَهَا بِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا يُقْطَعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُهُ بِالْعَقْدِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لَا يُقْطَعُ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَصَابَهَا. (أَوْ) سَرَقَ دَابَّةً مِنْ (مَوْقِفِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (دَابَّةٍ) مُعْتَادٍ لَهَا فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ أُوقِفَتْ بِهِ (لِبَيْعٍ) لَهَا (أَوْ غَيْرِهِ) كَحِفْظِهَا فَهُوَ حِرْزُهَا فِيهَا لَوْ كَانَ لِلدَّوَابِّ مَرَابِطُ مَعْرُوفَةٌ فِي السِّكَّةِ، فَمَنْ سَرَقَهَا مِنْ مَرَابِطِهَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا حِرْزُهَا. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الشَّاةُ تُوقَفُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ، فَمَنْ سَرَقَهَا فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ تُرْبَطْ (أَوْ) سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ (قَبْرٍ) فَيُقْطَعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 316 أَوْ بَحْرٍ، أَوْ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ، أَوْ سَفِينَةٍ بِمُرْسَاةِ. أَوْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ   [منح الجليل] لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ (أَوْ) سَرَقَ كَفَنَ مَيِّتٍ مَرْمِيٍّ بِ (بَحْرٍ) فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ (لِ) كَفَنِ (مَنْ رُمِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِهِ) أَيْ الْبَحْرِ مُكَفَّنًا فَكُلٌّ مِنْ الْقَبْرِ وَالْبَحْرِ حِرْزٌ (لِكَفَنٍ) فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَمَفْهُومُ " لِكَفَنٍ " أَنَّهُمَا لَيْسَا حِرْزَيْنِ لِغَيْرِهِ كَ مَالٍ دُفِنَ أَوْ رُمِيَ مَعَهُ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَالْتَزَمَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمَنْ أَوْرَدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَائِلًا لِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ حِرْزًا مُعْتَادًا لِلْمَالِ، قَالَ وَلَوْ كُفِّنَ فِي زَائِدٍ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ ابْنُ شَاسٍ مَنْ مَاتَ فِي الْبَحْرِ فَكُفِّنَ وَرُمِيَ بِهِ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ كَفَنَهُ، سَوَاءٌ جُعِلَ فِي خَشَبَةٍ أَوْ لَا ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ قَبْرُهُ. (أَوْ) سَرِقَةِ (سَفِينَةٍ) وَاقِفَةٍ (بِمُرْسَاةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ بِمَحَلِّ رَسْيِهَا وَوُقُوفِهَا فَتُوجِبُ الْقَطْعَ سَوَاءٌ قَرُبَ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعُدَ ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَتْ السَّفِينَةُ فِي الْمَرْسَى عَلَى أَوْتَادِهَا أَوْ بَيْنَ السُّفُنِ أَوْ بِمَوْضِعِ حِرْزٍ لَهَا فَعَلَى سَارِقِهَا الْقَطْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَتْ مِخْلَاةً أَوْ افْتَتَلَتْ وَلَا أَحَدَ مَعَهَا فَلَا قَطْعَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا مُسَافِرُونَ فَأَرْسُوهَا فِي مَرْسَى وَرَبَطُوهَا وَنَزَلُوا كُلُّهُمْ وَتَرَكُوهَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهَا اهـ " ق ". ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ أُرْسِيَتْ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ نَزَلُوا وَرَبَطُوهَا وَذَهَبُوا لِحَاجَتِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ كَالدَّابَّةِ يُرِيدُ إذَا رُبِطَتْ بِمَوْضِعٍ لَمْ تُعْرَفْ بِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا فِي الْبَحْرِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَرْسًى مَعْرُوفٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ يُقْطَعُ سَارِقُهَا إنْ كَانَتْ فِي مَرْسًى مَعْرُوفٍ، وَلَا يُقْطَعُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَرْسًى مَعْرُوفٍ، كَمَنْ سَرَقَ دَابَّةً عَلَيْهَا بِهَا نَائِمًا لِأَنَّ صَاحِبَهَا حِرْزٌ لَهَا. (أَوْ سَرِقَةِ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) الْمُمَيِّزِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةٍ عَلَى صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَوْ مَعَهُ فَتُوجِبُ الْقَطْعَ لِأَنَّ حَضْرَتَهُ حِرْزٌ لَهُ كَانَ صَاحِبُهُ نَائِمًا أَوْ لَا، كَانَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 317 أَوْ مِنْ مَطْمَرٍ قَرُبَ. أَوْ قِطَارٍ   [منح الجليل] الْمَسْرُوقُ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فِي كُمِّهِ أَوْ فِي جَيْبِهِ أَوْ بِإِزَائِهِ، وَأَصْلُ هَذَا «سَارِقُ رِدَاءِ صَفْوَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَمَّا قِيلَ لَهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَهُ سَارِقٌ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُ صَفْوَانُ وَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ يَدِهِ فَقَالَ صَفْوَانُ لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ» . ابْنُ الْحَاجِبِ وَكُلُّ شَيْءٍ مَعَهُ صَاحِبُهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهُوَ مُحَرَّزٌ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سُرِقَ رِدَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ قُطِعَ سَارِقُهُ إنْ كَانَ مُنْتَبِهًا، وَكَذَا النَّعْلَانِ بَيْنَ يَدِي وَحَيْثُ يَكُونَانِ مِنْ الْمُنْتَبِهِ. قُلْت قَدْ قُطِعَ فِي رِدَاءِ صَفْوَانَ وَهُوَ نَائِمٌ قَالَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ. (أَوْ) سَرَقَ طَعَامًا مِنْ (مَطْمَرٍ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا طَاءٌ مُهْمَلٌ سَاكِنٌ، أَيْ مَوْضِعٌ مُنْخَفِضٌ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ وَيُهَالُ عَلَيْهِ تُرَابٌ حَتَّى يُسَاوِيَ الْأَرْضَ فَيُقْطَعُ إنْ (قَرُبَ) الْمَطْمَرُ مِنْ الْمَسَاكِنِ لَا إنْ بَعُدَ عَلَى الْمَنْقُولِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَطَامِيرَ فِي فَلَاةٍ أَسْلَمَهَا رَبُّهَا وَأَخْفَاهَا فَلَا يُقْطَعُ، وَمَا كَانَ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ مَعْرُوفًا بَيِّنًا يُقْطَعُ سَارِقُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُحَرِّزْ طَعَامَهُ بِحَالٍ. قُلْت فَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَطَامِيرُ فِي الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا حِرْزٌ إطْلَاقُهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ. (أَوْ) سَرَقَ بَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ (قِطَارٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ، وَإِهْمَالِ الطَّاءِ وَالرَّاءِ، أَيْ دَوَابُّ رُبِطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَالَ سَيْرِهَا فَيُقْطَعُ بِحَلِّ شَيْءٍ مِنْهَا وَبَيْنُونَتِهِ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ حَلَّ بَعِيرًا مِنْ الْقِطَارِ فِي سَيْرِهِ وَبَانَ بِهِ يُقْطَعُ. الصِّقِلِّيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ سَقَيْت الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا يُقْطَعُ وَالْمَقْطُورَةُ أَبْيَنُ، وَكَذَا الرَّاجِعَةُ مِنْ الْمَرْعَى وَهِيَ تُسَاقِي غَيْرَ مَقْطُورَةٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الْمَرْعَى وَلَمْ تَصِلْ إلَى مَرَاحِهَا فَيُقْطَعُ سَارِقُهَا. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ سَرَقَ وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى الْمَرْعَى أَوْ رَاجِعَةٌ مِنْهُ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ، وَمَعَهَا مَنْ يَسُوقُهَا فَقِيلَ يُقْطَعُ، وَقِيلَ لَا الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَرَادِعِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَحُدَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 318 وَنَحْوَهُ؛ أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ، أَوْ سَقْفَهُ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ، أَوْ حُصْرَهُ أَوْ بُسْطَهُ، إنْ تُرِكَتْ بِهِ   [منح الجليل] لَنَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي هَذَا حَدًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ احْتَلَّهَا مِنْ رُبُطِهَا وَسَارَ بِهَا قُطِعَ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا احْتَلَّهَا وَقَبَضَهَا حَتَّى يَبِينَ بِهَا خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُحَمَّدٍ ابْنَ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُصَلِّي يَجْعَلُ ثَوْبَهُ قَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي فَيُسْرَقُ الثَّوْبُ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا قَبَضَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ بِهِ. اهـ. فَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي لَا مَفْهُومَ لَهُ إنَّمَا اسْتَنَدَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ السَّمَاعِ، وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ، وَبَنَى عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَنَّهُ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ الْحَلِّ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَنَحْوِهِ) أَيْ الْقِطَارِ كَسَوْقِهَا مَجْمُوعَةً (أَوْ أَزَالَ) السَّارِقُ (بَابَ الْمَسْجِدِ) عَنْ مَوْضِعِهِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ (أَوْ) أَزَالَ (سَقْفَهُ) عَنْ مَحَلِّهِ فَيُقْطَعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ أَخْرَجَ) السَّارِقُ (قَنَادِيلَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ فَيُقْطَعُ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ أَوْ لَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِهِ (أَوْ) أَخْرَجَ (حُصْرَهُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَصِيرٍ فَيُقْطَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - (أَوْ) أَخْرَجَ (بُسْطَهُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ جَمْعُ بِسَاطٍ فَيُقْطَعُ (إنْ تُرِكَتْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْبُسْطُ (فِي) أَيْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا دَائِمًا، فَإِنْ كَانَتْ تُرْفَعُ مِنْهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَتُرِكَتْ فِي غَيْرِهَا فَسُرِقَتْ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُغْلَقُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِمَّا هُوَ مُثَبَّتٌ بِهِ كَجَائِزَةٍ وَبَابٍ يُقْطَعُ. قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ أَشْهَبُ لَا قَطْعَ فِي بَلَاطِ الْمَسْجِدِ. أَصْبَغُ فِيهِ الْقَطْعُ. مُحَمَّدٌ كَسَرِقَةِ بَابِهِ أَوْ خَشَبَةٍ مِنْ سَقْفِهِ أَوْ جَوَائِزِهِ، وَفِي الْقَطْعِ فِي قَنَادِيلِهِ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُغْلَقًا عَلَيْهِ لِلشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَ الْعُتْبِيُّ عَنْهُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ لَا يُقْطَعُ وَفِي حُصْرِهِ، ثَالِثُهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 319 أَوْ حَمَّامٍ،   [منح الجليل] إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا لَيْلًا، وَرَابِعُهَا إنْ خَيَّطَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَخَامِسُهَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ، ثُمَّ قَالَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الطِّنْفِسَةُ يَبْسُطُهَا الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِجُلُوسِهِ إنْ جَعَلَهَا كَحَصِيرٍ مِنْ حُصْرِهِ فَسَارِقُهَا كَسَارِقِ الْحَصِيرِ، وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ بِهَا وَنَسِيَهَا فِيهِ فَلَا قَطْعَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلْقٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهَا وَلَمْ يَكِلْهَا رَبُّهَا إلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ بِسَاطًا مِنْ بُسْطِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُطْرَحُ فِيهِ فِي رَمَضَانَ إنْ كَانَ عِنْدَهُ صَاحِبُهُ حِينَ سَرَقَ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ. ثُمَّ قَالَ وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حُلِيِّ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُمْ يُؤْذَنُونَ فِي دُخُولِهَا. ابْنُ رُشْدٍ كَانَ الْحُلِيُّ مُتَشَبِّثًا بِمَا هُوَ فِيهِ أَوْ مَوْضُوعًا بِالْبَيْتِ وَمَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِهِ يُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إذَا أَخْرَجَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى مَوْضِعِ الطَّوَافِ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَهَبِ بَابِ الْكَعْبَةِ يُقْطَعُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: شب قَوْلُهُ أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ إلَخْ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ إزَالَتُهَا عَنْ مَحَلِّهَا كَافِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقَنَادِيلُ أَوْ الْحُصْرُ أَوْ الْبُسْطُ مُسَمَّرَةً وَإِلَّا فَيُقْطَعُ بِإِزَالَتِهَا اتِّفَاقًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَنَادِيلَ وَالْحُصْرَ وَالْبُسْطَ حُكْمُهَا حُكْمُ السَّقْفِ وَالْبَابِ فَيُقْطَعُ بِإِزَالَتِهَا عَنْ مَحَلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَمْ لَا، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَخْرَجَ. الثَّانِي: قَوْلُهُ إنْ تُرِكَتْ فِيهِ، أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى صَارَتْ كَالْحُصْرِ قَيْدٌ فِي الْبُسْطِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْحُصْرُ وَالْقَنَادِيلُ فَشَأْنُهُمَا تَرْكُهُمَا بِهِ دَائِمًا فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى تَقْيِيدِهَا بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَمَّامٍ) بِشَدِّ الْمِيمِ نِصَابًا مِنْ آلَاتِهِ أَوْ مِنْ ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ فَيُقْطَعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 320 إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ، أَوْ نَقَبَ؛ أَوْ تَسَوَّرَ أَوْ بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبٍ، وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ. أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ، أَوْ خَدَعَهُ، أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ لِمَحَلِّهِ.   [منح الجليل] إنْ) كَانَ (دَخَلَ) هـ لِلسَّرِقَةِ لَا لِيَتَحَمَّمَ (أَوْ نَقَبَ) حَائِطَهُ وَدَخَلَ مِنْ النَّقْبِ وَسَرَقَ (أَوْ تَسَوَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ تَخَطَّى سُورَهُ وَسَرَقَ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ خَرَجَ بِالْمَسْرُوقِ أَمْ لَا (أَوْ) دَخَلَ الْحَمَّامَ مِنْ بَابِهِ لِيَتَحَمَّمَ وَهُوَ (بِحَارِسٍ) لِثِيَابِ الدَّاخِلِينَ (لَمْ يَأْذَنْ) الْحَارِسُ لِلسَّارِقِ (فِي تَقْلِيبِ) ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ لِمَعْرِفَةِ ثِيَابِهِ فَسَرَقَ ثِيَابَ غَيْرِهِ فَيُقْطَعُ. وَأَمَّا إنْ أَوْهَمَ الْحَارِسَ أَنَّ لَهُ ثِيَابًا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَلَبِسَ ثِيَابَ غَيْرِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ. (وَ) إنْ لَبِسَ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَادَّعَى الْخَطَأَ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (مُدَّعِي الْخَطَأِ) فِي لُبْسِهِ ثِيَابَ غَيْرِهِ لِاشْتِبَاهِهَا عَلَيْهِ بِثِيَابِهِ إنْ كَانَتْ تُشْبِهُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ الْحَمَّامِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يُحَرِّزُهُ قُطِعَ وَإلَّا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهُ مِنْ مَدْخَلِ النَّاسِ بِأَنْ تَسَوَّرَ أَوْ نَقَبَ فَيُقْطَعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَتَاعِ حَارِسٌ وَنَحْوُهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنَ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الثِّيَابِ مَنْ يَحْرُسُهَا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْحَمَّامِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ بَيْتٍ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا دَخَلَ لِلتَّحَمُّمِ لِأَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ إذَا أَزَالَ مَا سَرَقَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهُ. وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَأَخَذَ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَجْنَبِيِّ السَّارِقِ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ سَاكِنِيهَا فَيُؤْخَذُ فِيهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ. (أَوْ حَمَلَ) السَّارِقُ (عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ) وَأَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ فَيُقْطَعُ (أَوْ) مَيَّزَ الْعَبْدُ وَ (خَدَعَهُ) أَيْ السَّارِقُ الْعَبْدَ الْمُمَيِّزَ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرَيْتُك مَثَلًا أَوْ دَعَاك سَيِّدُك حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ فَيُقْطَعُ (أَوْ أَخْرَجَهُ) أَيْ السَّارِقُ النِّصَابَ (فِي) بَيْتِ (ذِي) أَيْ صَاحِبِ (الْإِذْنِ) فِي دُخُولِهِ (الْعَامِّ) لِكُلِّ مَنْ لَهُ حَاجَةٌ كَالْخَلِيفَةِ وَالْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ مِنْ مَحَلٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (لِمَحَلِّهِ) أَيْ الْإِذْنِ الْعَامِّ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 321 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إلَى غَيْرِهِ، وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ، وَهَذِهِ إحْدَى الدُّورِ السِّتَّةِ الَّتِي نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْهَا أَفَادَهُ تت. طفي قَوْلُهُ لِمَحَلِّهِ، أَيْ عَنْهُ لِآخَرَ بِأَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهَا الرَّابِعَةُ ذَاتُ الْإِذْنِ الْعَامِّ كَالْعَالِمِ وَالطَّبِيبِ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِمْ إلَيْهِ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِهَا الْمَحْجُورَةِ إذَا خَرَجَ بِالسَّرِقَةِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، إذْ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَفَارَقَ الضَّيْفَ لِأَنَّهُ خُصَّ بِالْإِذْنِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ الْخَائِنِ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا وَمَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ مِنْ بُيُوتِهَا اتِّفَاقًا. غ أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ عَنْ مَحَلِّهِ أَيْ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ هَكَذَا، هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِعَنْ الَّتِي لِلْمُجَاوَزَةِ لَا بِاللَّامِ الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَمَّا الدَّارُ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا سَاكِنُهَا أَوْ مَالِكُهَا إذْنًا عَامًّا لِلنَّاسِ كَالْعَالِمِ أَوْ الطَّبِيبِ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِمْ إلَيْهِ فِي دَارِهِ فَهَذِهِ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِهَا الْمُحَجَّرَةِ إذَا خَرَجَ بِسَرِقَتِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ، وَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا وَمَا لَمْ يُحْجَرْ مِنْ بُيُوتِهَا. وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ، سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا الْمَحْجُورِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِهَا لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَفَارَقَتْ الْمُحَجَّرَةَ فِي أَنَّهَا لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِبَاحَةِ صَاحِبِهَا اهـ. وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي النُّكَتِ فَقَالَ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَنْ النَّاسِ شَيْئًا فَأَخَذَ فِيهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَلَا يُقْطَعُ، وَإِنْ أَخَذَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُقْطَعُ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهَا، قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَأْذُونًا فِيهَا وَفِيهَا تَابُوتٌ فِيهِ مَتَاعُ رَجُلٍ وَقَدْ أَغْلَقَهُ فَأَتَى رَجُلٌ مِمَّنْ أُذِنَ لَهُ فَكَسَرَهُ أَوْ فَتَحَهُ فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ فَأَخَذَ بِحَضْرَةِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ التَّابُوتِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ بِهِ، قَالَ لَا يُقْطَعُ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَحْ بِالْمَتَاعِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ. وَذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ إلَى غَيْرِ هَذَا فَقَالَ أَمَّا الدَّارُ غَيْرُ الْمُشْتَرَكَةِ الْمَأْذُونُ فِيهَا فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا مِنْ بَيْتٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ فِيهَا أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَلَا يُقْطَعُ. وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 322 لَا إذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ،   [منح الجليل] وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ بِالْمَسْرُوقِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى وَسَطِ الدَّارِ إلَّا أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا أَنْ يَخْرُجَ بِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ عَوَّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِمَحَلِّهِ بِاللَّامِ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، فَقَدْ أَبْعَدَ غَايَةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُبَاحَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا وَأُخِذَ بِقَاعَتِهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا، وَنَصُّهُ الْخَامِسَةُ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ سَاكِنِيهَا الْمُبَاحَةُ لِعُمُومِ النَّاسِ كَالْفَنَادِقِ فَقَاعَتِهَا كَالْمُحَجَّةِ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا مِنْ السَّاكِنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَأُخِذَ فِي قَاعَتِهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا. اهـ. وَعَلَيْهِ تَبْقَى اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَحَلِّهِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ انْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (لَا) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ دَارِ ذِي إذْنٍ (خَاصٍّ كَضَيْفٍ) وَمَعْزُومٍ لِنَحْوِ وَلِيمَةٍ وَمُرْسَلٍ لِأَخْذِ حَاجَةٍ مِنْهَا فَسَرَقَ (مِمَّا) أَيْ بَيْتٍ (حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهِ وَأَوْلَى مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ فَلَا يُقْطَعُ إنْ أَخَذَ الدَّارَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِالْمَسْرُوقِ مِنْهَا، بَلْ (وَإِنْ خَرَجَ) بِهِ (مِنْ جَمِيعِهِ) أَيْ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ لَهُ لِمَا حَكَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ، وَتَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ، وَنَسَبَهُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مِنْ أَنَّهُ يُقْطَعُ إنْ خَرَجَ مِنْ جَمِيعِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَذِنْت لَهُ فِي دُخُولِ بَيْتِك أَوْ دَعْوَتِهِ إلَى طَعَامٍ فَسَرَقَك فَيُقْطَعُ وَهَذِهِ خِيَانَةٌ. اللَّخْمِيُّ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَضَافَ رَجُلًا وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ وَبَيْتَهُ فَسَرَقَ فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى قَاعَةِ الدَّارِ لِأَنَّ الدَّارَ عِنْدَهُ مُشْتَرَكَةٌ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الدُّورُ سِتَّةٌ ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَذِنَ سَاكِنُهَا فِي دُخُولِهَا لِخَاصٍّ كَضَيْفٍ أَوْ مَبْعُوثٍ لِإِتْيَانٍ بِشَيْءٍ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا فَسَرَقَ أَوْ الْمَبْعُوثِ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ حُجِرَ عَلَيْهِ دُخُولُهُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ خَرَجَ بِمَا سَرَقَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ وَلَيْسَ بِسَارِقٍ. وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَالشَّرِيكِ فِي السَّاحَةِ. اهـ. وَتَمَامُ كَلَامِهِ فِي مَوَاهِبِ الْقَدِيرِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 323 وَلَا إنْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ، وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعَهُ، وَلَا عَلَى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ وَلَا إنْ اخْتَلَسَ.   [منح الجليل] وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ نَقَلَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ النِّصَابَ مِنْ مَوْقِعٍ لِآخَرَ فِي حِرْزِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا مُخْرَجٌ مِنْ حِرْزِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَلَا يُقْطَعُ (وَلَا) يُقْطَعُ (فِي) أَخْذِ (مَا) أَيْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ (عَلَى صَبِيٍّ) غَيْرِ مُمَيِّزٍ (أَوْ) خُذْ مَا (مَعَهُ) أَيْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ كَمَجْنُونٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الصَّبِيِّ حَافِظٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ وَلِمَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَهُ، زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَنْ لَا يُضْبَطَ مَا مَعَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لِلسَّارِقِ فِي دُخُولِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَرَقَ قُرْطَ صَبِيٍّ أَوْ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ وَلَا حَافِظَ لَهُ، وَلَيْسَ فِي حِرْزٍ فَلَا يُقْطَعُ وإلَّا فَيُقْطَعُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ فَيُقْطَعُ سَارِقٌ ذَلِكَ مِنْهُ مُطْلَقًا قَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ الْقَاسِمِ، رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي سَارِقٍ مَا عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ يُقْطَعُ. ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ سَرَقَ خَلْخَالًا مِنْ رِجْلِ صَبِيٍّ أَوْ قُرْطَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ حُلِيِّهِ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا قَطْعُهُ إنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَهُ حَافِظٌ وَالْأُخْرَى عَدَمُ قَطْعِهِ. (وَلَا) قَطْعَ (عَلَى) شَخْصٍ مُكَلَّفٍ (دَاخِلٍ) حِرْزَ غَيْرِهِ لِسَرِقَةِ مَا فِيهِ (تَنَاوَلَ) النِّصَابَ (مِنْهُ) أَيْ الدَّاخِلُ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ السَّارِقُ (الْخَارِجُ) مِنْ الْحِرْزِ بِإِدْخَالِ يَدِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَيُقْطَعُ الْخَارِجُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الدَّاخِلُ قُطِعَ وَحْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ دَخَلَ الْحِرْزَ وَأَخَذَ مَتَاعًا وَنَاوَلَهُ رَجُلًا خَارِجًا مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي السَّارِقِينَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا مِنْ دَاخِلِ الْحِرْزِ وَالْآخَرُ مِنْ خَارِجِهِ فَيُخْرِجُ الدَّاخِلُ يَدَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ بِالْمَتَاعِ فَيَتَنَاوَلُهُ الْخَارِجُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى الْخَارِجِ، فَلَوْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ إلَى دَاخِلِ الْحِرْزِ فَأَعْطَاهُ الدَّاخِلُ الْمَالَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الْخَارِجُ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعَانِ مَعًا. (وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ اخْتَلَسَ) أَيْ أَخَذَ النِّصَابَ فِي غَفْلَةِ صَاحِبِهِ وَفَرَّ بِهِ وَهُوَ يَرَاهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 324 أَوْ كَابَرَ، أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ وَلَوْ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ. أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ، أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ،   [منح الجليل] ابْنُ مَرْزُوقٍ الِاخْتِلَاسُ أَنْ يَتَغَفَّلَ صَاحِبَ النِّصَابِ فَيَخْطَفُهُ، بِهَذَا فَسَّرَهُ الْفُقَهَاءُ. الشَّاذِلِيُّ هُوَ أَخْذُ الْمَالِ وَالْهَرَبُ بِهِ لَا مُغَالَبَةَ. عِيَاضٌ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى غَفْلَةٍ وَفِرَارُ آخِذِهِ بِسُرْعَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ لَا قَطْعَ فِي اخْتِلَاسٍ وَتَقَدَّمَ فَرْعُ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ اتَّزَرَ بِثَوْبٍ فَأَخَذَ فِي الْحِرْزِ فَفَرَّ بِهِ، وَنَصُّ سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ سَارِقٌ بَيْتَ رَجُلٍ فَاتَّزَرَ بِإِزَارٍ فَأُخِذَ فِي الْبَيْتِ فَفَرَّ مِنْهُمْ وَالْإِزَارُ عَلَيْهِ، وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الْبَيْتِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا فَلَا يُقْطَعُ. ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ إلَّا مُخْتَلِسًا. (أَوْ) إنْ (كَابَرَ) السَّارِقُ رَبَّ النِّصَابِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا مُحَارِبٍ وَلَا غَاصِبٍ (أَوْ) وَجَدَهُ صَاحِبُ الْحِرْزِ فِيهِ فَتَرَكَهُ وَذَهَبَ (لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) فَأَخْرَجَ السَّارِقُ النِّصَابَ مِنْ الْحِرْزِ وَذَهَبَ بِهِ فَلَا يُقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ السَّارِقَ يَسْرِقُ مَتَاعَهُ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ لِيُعَايِنَاهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ لَمَنَعَهُ فَلَا يُقْطَعُ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَالَ أَصْبَغُ يُقْطَعُ ابْنُ شَاسٍ وَثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ شُعُورِهِ بِرُؤْيَتِهِمْ لَهُ فَيَفِرُّ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ وَعَدَمُ شُعُورِهِ بِهَا فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ سَارِقٌ، وَعَزَاهُ ابْنُ هَارُونَ لِلْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا أَعْرِفُهُ وَالْأَوَّلُ لِمُحَمَّدٍ فَقَطْ. (أَوْ أَخَذَ دَابَّةً) أَوْقَفَهَا صَاحِبُهَا (بِبَابِ مَسْجِدٍ) فَلَا يُقْطَعُ أَيْ أَوْ خَانٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ بَيْتٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَافِظٌ وَإلَّا فَيُقْطَعُ فِيهَا وَالدَّابَّةُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ إنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يُمْسِكُهَا يُقْطَعُ وإلَّا فَلَا (أَوْ) أَوْقَفَهَا فِي (سُوقٍ) لِغَيْرِ بَيْعِهَا بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ مَعَهَا حَافِظٌ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا لِذَلِكَ (أَوْ) أَخَذَ (ثَوْبًا) مَنْشُورًا عَلَى حَائِطِ دَارٍ بَعْضُهُ دَاخِلَهَا وَ (بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ) فَلَا يُقْطَعُ إنْ جَذَبَهَا مِنْ بَعْضِهِ الَّذِي بِالطَّرِيقِ تَغْلِيبًا لِبَعْضِهِ الَّذِي بِالطَّرِيقِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، فَإِنْ جَذَبَهُ مِنْ بَعْضِهِ الَّذِي بِدَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ لِانْتِفَاءِ الشَّبَهِ حِينَئِذٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ جَبَذَ ثَوْبًا مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 325 أَوْ ثَمَرًا مُعَلَّقَةً لَا بِغَلْقٍ. فَقَوْلَانِ. وَإِلَّا بَعْدَ حَصْدِهِ، فَثَالِثُهَا، إنْ كُدِّسَ   [منح الجليل] الدَّارِ وَبَعْضُهُ خَارِجٌ عَنْهَا إلَى الطَّرِيقِ أَوْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ الضِّيَعِ فَلَا يُقْطَعُ. (أَوْ) أَخَذَ (ثَمَرًا) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ (مُعَلَّقًا) عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً فَلَا يُقْطَعُ فِي كُلِّ حَالٍ (لَا بِغَلْقٍ) عَلَيْهِ لِحِفْظِهِ بِأَنْ كَانَ فِي حَائِطٍ لَهُ بَابٌ (فَ) فِي قَطْعِهِ كَمَا أَلْزَمَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَوْ دَخَلَ سَارِقٌ دَارًا فَسَرَقَ مِنْ ثَمَرِهَا الْمُعَلَّقِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّذِي بِهَا أَوْ كَانَ مَجْذُوذًا فِيهَا لَقَطَعْت يَدَهُ. اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّخْلُ أَوْ الْكَرْمُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ غَلْقٌ اُحْتِيطَ بِهِ مِنْ السَّارِقِ أَوْ كَانَ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ حَارِسٌ أَنْ يُقْطَعَ وَعَدَمُ قَطْعِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلَانِ) الْبُنَانِيُّ فَالْقَطْعُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ أَلْزَمَهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُ بِمُقَابِلِهِ (وَإِلَّا) أَنْ يَسْرِقَ الزَّرْعَ (بَعْدَ حَصْدِهِ) وَالثَّمَرَ بَعْدَ جَذِّهِ (فَ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَالْأَوَّلُ فِيهِ الْقَطْعُ، وَالثَّانِي لَا قَطْعَ فِيهِ (ثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالِ فِيهِ الْقَطْعُ (وَإِنْ كُدِّسَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ ضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ مَا فِي الْجُرْنِ، فَإِنْ لَمْ يُكَدَّسْ وَبَقِيَتْ كُلُّ ثَمَرَةٍ تَحْتَ شَجَرَتِهَا وَكُلُّ قَتَّةٍ بِمَوْضِعِ حَصْدِهَا فَلَا قَطْعَ فِيهِ لِشُبْهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِغَلْقٍ أَوْ حَارِسٍ وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَطْعُ اتِّفَاقًا. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ» وَلَا كَثُرَ الْحِرْزُ لَا غَيْرُ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ ثَمَرِ دَارٍ مُعَلَّقٍ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قُطِعَ. اللَّخْمِيُّ فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ النَّخْلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ غَلْقٌ، وَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ السَّارِقِ أَوْ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ حَارِسٌ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، قَالَ وَلَا قَطْعَ فِي الزَّرْعِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا قَطْعَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي جَرِينٍ أَوْ إغْلَاقٍ. مُحَمَّدٌ فِي زَرْعٍ حُصِدَ وَرُبِطَ قَتًّا وَتُرِكَ فِي الْحَائِطِ لِيُرْفَعَ إلَى الْجَرِينِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرَّةً فِيهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرِيصٌ وَقَالَ أَيْضًا فِي زَرْعِ مِصْرَ يُحْصَدُ وَيُوضَعُ بِمَوْضِعِهِ أَيَّامًا لِيَيْبَسَ لَا قَطْعَ فِيهِ. مُحَمَّدٌ لَوْ حُمِلَ وَسُرِقَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْجَرِينَ قُطِعَ سَارِقُهُ وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 326 وَلَا إنْ نَقَبَ فَقَطْ، وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ؛   [منح الجليل] إنْ نَقَبَ) الْحِرْزَ (فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ هَتَكَهُ وَعَرَّضَ مَا فِيهِ لِلضَّيَاعِ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّقْبِ، حَيْثُ لَمْ يُخْرَجْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لَوْ نَقَبَهُ وَأَخْرَجَ النِّصَابَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قُلْت لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ، وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حَقِيقَتَهُ. وَقَوْلُهُ إنْ تَعَاوَنَا قُطِعَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا مُخْرِجُهُ لِقَوْلِهَا لَوْ قَرَّبَهُ أَحَدُهُمَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ فَتَنَاوَلَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الْخَارِجُ وَحْدَهُ، إذَا هُوَ أَخْرَجَهُ وَلَا يُقْطَعُ الدَّاخِلُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رَدٌّ عَلَيْهِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ لِقَوْلِهَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ، وَفِي قَوْلِهِ قُطِعَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُمَا نَحْوُ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ وَهِيَ إضَافَتُهُمَا إلَى الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ الْغَزَالِيِّ مَعَ مُخَالَفَتِهَا أُصُولَ الْمَذْهَبِ، وَلِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِي شُيُوخِ شُيُوخِنَا لَا يَنْظُرُ كِتَابَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَرَى قِرَاءَةَ الْجَلَّابِ دُونَهُ. وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَهَا فِي الَّذِي قَرَّبَهُ لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعَانِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَصْلِ بِعَيْنِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ إذَا قَرَّبَ الدَّاخِلُ الْمَتَاعَ وَأَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الدُّخُولُ وَإِخْرَاجُ الْمَتَاعِ كَمَا إذَا رَمَى الْمَتَاعَ وَأُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ. قُلْت فَيَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. (وَإِنْ الْتَقَيَا) أَيْ السَّارِقَانِ الدَّاخِلُ فِي الْحِرْزِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ الْمُتَعَاوِنَانِ عَلَى السَّرِقَةِ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ الْخَارِجَ بِيَدِهَا فِي الْمُنَاوَلَةِ (وَسَطَ النَّقْبِ) . ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ الْتَقَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ فِي وَسَطِ النَّقْبِ قُطِعَا مَعًا. اللَّخْمِيُّ هَذَا رَجَعَ لِقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ قَرَّبَ الْمَتَاعَ إلَى النَّقْبِ وَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ يُقْطَعَانِ، وَكَانَ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَا يُقْطَعَ الدَّاخِلُ لِأَنَّ مَعُونَتَهُ فِي الْحِرْزِ وَالنَّقْبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَتَمَادَى مَعُونَتُهُ مَعَ الْخَارِجِ حَتَّى أَخْرَجَاهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 327 أَوْ رَبَطَهُ فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا وَشَرْطُهُ، التَّكْلِيفُ، فَيُقْطَعُ الْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، وَالْمُعَاهَدُ،   [منح الجليل] مِنْ الْحِرْزِ وَنَحْوِهِ لِلتُّونُسِيِّ (أَوْ رَبَطَهُ) أَيْ الدَّاخِلُ النِّصَابَ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ) وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ (قُطِعَا) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ الدَّاخِلُ، وَالْخَارِجُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إخْرَاجِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَوْ رَبَطَهُ الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ قُطِعَا. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا رَبَطَهُ الدَّاخِلُ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ إلَى الطَّرِيقِ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ قَطْعُ السَّارِقِ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ تُقْطَعُ الْيُمْنَى أَوْ حَدُّ السَّارِقِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ (التَّكْلِيفُ) أَيْ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ وَطَوْعُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ رِقًّا، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا، فَلَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَلَوْ رَاهَقَ وَلَا مَجْنُونٌ مُطْبِقٌ أَوْ يُفِيقُ وَسَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ، فَإِنْ سَرَقَ حَالَ إفَاقَتِهِ ثُمَّ جُنَّ فَإِذَا أَفَاقَ فَيُقْطَعُ وَلَا يُقْطَعُ مُكْرَهٌ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ خَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ، وَتَقْيِيدُ ز بِالْقَتْلِ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْقَطْعُ يَسْقُطُ بِالْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ، أَوْ أَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى السَّرِقَةِ أَوْ الْغَصْبِ فَلَا يُبِيحُهُ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ بِخَوْفِ الْقَتْلِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُعِينِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ فِي الطَّلَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. شب الْإِكْرَاهُ هُنَا بِالْوَعِيدِ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ، وَالْقَيْدِ وَالْقَتْلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ شَرْطَ قَطْعِ السَّارِقِ تَكْلِيفُهُ حِينَ سَرِقَتِهِ. وَفِيهَا إنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَسَرَقَ فَقُطِعَ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَ وَلَا مَنْ سُرِقَ مِنْهُ وَأَنْ لَا يُقْطَعَ أَبْيَنُ إلَّا أَنْ يَبِينَ لَهُ حِينَ تَأْمِينِهِ وَالْقَطْعُ إنْ سُرِقَ مِنْهُ أَحْسَنُ، وَفِيهَا لَا يُقْطَعُ الصَّبِيُّ إنْ سَرَقَ وَلَا الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ، وَاَلَّذِي يَجُنُّ وَيُفِيقُ إنْ سَرَقَ حَالَ إفَاقَتِهِ قُطِعَ، وَإِنْ أَخَذَ حَالَ جُنُونِهِ اُسْتُؤْنِيَ بِهِ حَتَّى يُفِيقَ ثُمَّ يُقْطَعَ، وَإِنْ سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ فَلَا يُقْطَعُ. (فَيُقْطَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ (الْحُرُّ وَالْعَبْدُ) وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ (وَ) الْحَرْبِيُّ (الْمُعَاهَدُ) بِضَمِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 328 وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ وَثَبَتَتْ بِإِقْرَارٍ، إنْ طَاعَ وَإِلَّا فَلَا، لَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ، أَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ،   [منح الجليل] الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ، أَيْ دَخَلَ بَلَدَنَا بِأَمَانٍ وَسَرَقَ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ إنْ سَرَقَ الرَّقِيقُ مِنْ حُرٍّ، وَالذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالْمُعَاهَدُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، بَلْ (وَإِنْ) سَرَقُوا نِصَابًا (لِمِثْلِهِمْ) فِي الرَّقَبَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ أَوْ الْمُعَاهَدَةِ أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ الذِّمِّيُّ مِنْ مُعَاهَدٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا أَحَدٌ، وَالْحَدُّ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ (إلَّا الرَّقِيقَ) السَّارِقَ نِصَابًا (لِسَيِّدِهِ) فَلَا يُقْطَعُ لِخَبَرِ عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ، وَلِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ذَهَابُ مَالِهِ وَقَطْعُ يَمِينِ عَبْدِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِثْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا قُلْت لِأَنَّ حَدَّ الْقَطْعِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ. (وَتَثْبُتُ) السَّرِقَةُ عَلَى السَّارِقِ (بِالْإِقْرَارِ) مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِهَا (إنْ طَاعَ) بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ (وإلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا طَائِعًا بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ (فَلَا) تَثْبُتُ عَلَيْهِ بِهِ إنْ لَمْ يُخْرِجْ الْمَسْرُوقَ، بَلْ (وَلَوْ أَخْرَجَ) الْمُكْرَهُ (السَّرِقَةَ) أَيْ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِسَرِقَتِهِ (أَوْ عَيَّنَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَتِيلَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِقَتْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّارِقَ أَوْ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ كَاذِبًا لِيَخْلُصَ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَنَحْوِهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ بِهَا طَوْعًا. وَفِيهَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى سَارِقٍ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ، وَكَيْفَ هِيَ، وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ أَخْرَجَهَا، كَمَا يَسْأَلُهُمْ فِي الزِّنَا. قُلْت وَاتِّبَاعُ الْقَرَافِيِّ أَبَا عِمْرَانَ فِي اشْتِرَاطِ مَعِيَّةِ إيتَانٍ بِبَيِّنَةِ السَّرِقَةِ لِلشَّهَادَةِ بِهَا وَهُمْ اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ أَقَرَّ بَعْدَ التَّهْدِيدِ خَمْسَةُ أَقْوَالِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يُؤْخَذُ بِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ أَوْ الْقَتِيلَ فَأَرَى أَنْ يُقَالَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ أَمْنِ عُقُوبَةٍ أَوْ يُخْبِرَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ وَجْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ إخْرَاجَ الْقَتِيلِ أَوْ الْمَتَاعِ بِانْفِرَادِهِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْضَافَ إلَى ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، كَقَوْلِهِ اجْتَرَأْت أَوْ فَعَلْت، فَيَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 329 وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ،   [منح الجليل] إقْرَارِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَعَهَا إلَيَّ فُلَانٌ، وَإِنَّمَا أَقْرَرْت لِمَا أَصَابَنِي، وَلَوْ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ السَّرِقَةَ وَيَعْرِفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ أَقَرَّ فِي حَبْسِ سُلْطَانٍ يَعْدِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ، وَكَيْفَ يَنْبَغِي إذَا حَبَسَ أَهْلَ الظِّنَّةِ وَمَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحَبْسَ وَأَقَرَّ فِي حَبْسِهِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، قَالَ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ هَذَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَاصِمٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ فَقَالَ فِي تُحْفَتِهِ: وَإِنْ يَكُنْ مُطَالِبَ مَنْ يَتَّهِمُ ... فَمَالَك بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ حُكْمُ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ ... مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ وَذَاعِرٌ بِإِعْجَامِ الذَّالِ أَيْ خَائِفٌ وَبِإِهْمَالِهَا، أَيْ مُفْسِدٌ، وَبِالزَّايِ شَرِسُ الْأَخْلَاقِ، وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَقُبِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (رُجُوعُهُ) أَيْ مَنْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا عَنْ إقْرَارِهِ بِهَا إنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِشُبْهَةٍ، كَأَخَذْت مَالِي الْمُودَعَ أَوْ الْمَرْهُونَ أَوْ مِنْ غَاصِبِهِ خُفْيَةً، وَظَنَنْت ذَلِكَ سَرِقَةً، بَلْ (وَلَوْ) رَجَعَ (بِلَا شُبْهَةٍ) مُقْتَضِيَةٍ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ: إنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ بِهَا عَبْدًا وَعَيَّنَهَا فَيُقْطَعُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَقَبُولُ رُجُوعِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَطْعِ. وَأَمَّا الْغُرْمُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَفَادَهُ شب. أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَى قَبُولِ رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ السَّارِقُ. الْبَاجِيَّ إنْ رَجَعَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ أَنَّهُ يُقَالُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ ضَرْبٍ وَتَهْدِيدٍ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِهِ. وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ أَمِنَ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 330 وَإِنْ رُدَّ الْيَمِينُ فَحَلَفَ الطَّالِبُ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ وَاحِدٌ، وَحَلَفَ، أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ، فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ،   [منح الجليل] وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْأَخْذِ بِلَا ضَرْبٍ وَلَا تَهْدِيدٍ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّرِقَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُعَيِّنَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، فَعَلَى مَا فِيهَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَجْهٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِيهَا، وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَ التَّعْيِينِ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا، وَأَمَّا إنْ جَحَدَ إقْرَارَهُ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِالسَّرِقَةِ فَأَنْكَرَهَا وَهُوَ مُتَّهَمٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَ (رَدَّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْيَمِينَ) عَلَى الْمُدَّعِي (فَحَلَفَ الطَّالِبُ) الْيَمِينَ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ شَهِدَ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بِالسَّرِقَةِ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدٌ (وَاحِدٌ وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي مَعَهُ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ) عَلَى عَبْدِهِ بِالسَّرِقَةِ (فَالْغُرْمُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِلَا قَطْعٍ) لِيَدِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَلَا يُقْطَعُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ شَهَادَتِهِ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَتَاعَ ضَمِنَ السَّارِقَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا. غ أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ، أَيْ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ بِسَرِقَةٍ قُطِعُوا إذَا عَيَّنُوا السَّرِقَةَ وَأَظْهَرُوهَا وَادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ مَالُهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 331 وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا، أَوْ قُطِعَ، إنْ أَيْسَرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ. وَسَقَطَ الْحَدُّ إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ   [منح الجليل] صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْمُكَاتَبِ نَظَرٌ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ لَهُ بِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ. أَبُو الْحَسَنِ وَحُكْمُ الْمَأْذُونِ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (وَوَجَبَ) عَلَى السَّارِقِ (رَدُّ الْمَالِ) الْمَسْرُوقِ لِمُسْتَحِقِّهِ (إنْ لَمْ يُقْطَعْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ لِقِلَّتِهِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ لِكَوْنِ الشَّاهِدِ وَاحِدًا أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ رَدًّا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتِمْرَارِ يَسَارِهِ (أَوْ قُطِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّارِقُ (إنْ أَيْسَرَ) السَّارِقُ أَيْ اسْتَمَرَّ يُسْرُهُ (إلَيْهِ) أَيْ قَطْعُهُ (مِنْ) حِينِ (الْأَخْذِ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْ حِرْزِهِ، فَإِنْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَقْتًا مَا سَقَطَ عَنْهُ الْغُرْمُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُ يَدِهِ وَشَغْلُ ذِمَّتِهِ. ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَوْ سَرَقَ مَالًا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إمَّا لِقِلَّتِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَتْبَعُ بِذَلِكَ فِي عَدَمِهِ وَيُحَاصُّ بِهِ غُرَمَاؤُهُ، وَإِذَا كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَلَا يُتْبَعُ فِي عَدَمِهِ وَلَا يُتْبَعُ إلَّا فِي يُسْرٍ مُتَّصِلٍ مِنْ يَوْمٍ يَسْرِقُ إلَى يَوْمِ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُتْبَعُ. وَإِنْ صَارَ مَلِيًّا بَعْدَ عَدَمٍ مُقَدَّمٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا. ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبُ السَّرِقَةِ قَطْعُ السَّارِقِ وَضَمَانُ السَّرِقَةِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ لَازِمٌ لَهُ اتِّفَاقًا، فَإِنْ قُطِعَ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا فَفِي ضَمَانِهِ إيَّاهَا مُطْلَقًا وَنَفْيِهِ. ثَالِثُهَا إنْ اتَّصَلَ يُسْرُهُ بِهَا مِنْ يَوْمِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ. وَرَابِعُهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ السَّارِقَ الْمُعْسِرَ يَوْمَ قَطْعِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ يَضْمَنُهَا وَلَوْ مُعْسِرًا. (وَسَقَطَ) عَنْ السَّارِقِ (الْحَدُّ) أَيْ قَطْعُهُ لِلسَّرِقَةِ (إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ) الْمَطْلُوبُ قَطْعُهُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْيَدُ الْيُمْنَى أَوْ غَيْرُهَا (بِ) أَمْرٍ (سَمَاوِيٍّ) أَوْ بِجِنَايَةٍ أَوْ قِصَاصٍ بَعْدَ السَّرِقَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 332 لَا بِتَوْبَةٍ، وَعَدَالَةٍ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا وَتَدَاخَلَتْ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ، كَقَذْفٍ؛ وَشُرْبٍ، أَوْ تَكَرَّرَتْ.   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ ذَهَبَتْ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَعَمُّدِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ وَجَبَ فِيهَا. اللَّخْمِيُّ قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنَّ الشِّمَالَ تُجْزِئُهُ أَنْ تُقْطَعَ شِمَالُهُ. قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ أَوْ لَا بَعْدَ وُقُوعِهِ كَوْنُهَا كَذَلِكَ قَبْلَهُ (لَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ (بِتَوْبَةٍ) مِنْ السَّارِقِ عَنْ سَرِقَتِهِ (وَ) لَا يَسْقُطُ بِ (عَدَالَةٍ) أَيْ صَيْرُورَةِ السَّارِقِ عَدْلًا إنْ لَمْ يَبْطُلْ زَمَانُهُمَا، بَلْ (وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا) أَيْ التَّوْبَةِ وَالْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَرِقَتِهَا وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِالسَّرِقَةِ حَتَّى طَالَ الزَّمَنُ وَحَسُنَتْ حَالُ السَّارِقِ ثُمَّ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَكَذَا حَدُّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا. ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِالتَّوْبَةِ، وَنَقَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحَدِّ الْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ تَقَرُّرِ حَدِّهِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَاعْتِبَارِ تَوْبَتِهِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ أَخْذِهِ وَهِيَ بَعْدَهُ لَغْوٌ. (وَتَدَاخَلَتْ) حُدُودٌ تَرَتَّبَتْ عَلَى مُكَلَّفٍ لِحُصُولِ أَسْبَابِهَا مِنْهُ، أَيْ قَامَ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ وَكَفَى عَنْهُ (إنْ اتَّحَدَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَوَّلُ أَيْ اسْتَوَى (الْمُوجَبُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جِنْسًا وَقَدْرًا (كَ) حَدِّ (قَذْفٍ وَ) حَدِّ (شُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً، فَإِنْ شَرِبَ وَقَذَفَ وَجُلِدَ ثَمَانِينَ لِأَحَدِهِمَا كَفَى لِلْآخَرِ، وَكَسَرِقَةِ نِصَابٍ وَقَطْعِ يَمِينِ شَخْصٍ عَمْدًا ثُمَّ قُطِعَتْ يَمِينُهُ لِأَحَدِهِمَا فَيَكْفِي عَنْ الْآخَر، مَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ التَّدَاخُلِ إنْ اخْتَلَفَتْ جِنْسًا كَقَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ سَرِقَةٍ أَوْ قَدْرًا كَأَحَدِهِمَا مَعَ زِنَا بِكْرٍ (أَوْ تَكَرَّرَتْ) الْمُوجِبَاتُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَتَكَرُّرِ الزِّنَا أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْقَذْفِ أَوْ السَّرِقَةِ فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ كَانَ ذَلِكَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ تَقَدَّمَتْ وَقِصَاصٌ وَجَبَ فِي تِلْكَ الْيَدِ، وَإِنْ ضُرِبَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ جُلِدَ فِي الزِّنَا أَجْزَأَ لِهَذَا وَلِكُلِّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي رَجْمِهَا مِنْ قَذْفٍ وَشَرِبَ خَمْرًا جُلِدَ حَدًّا وَاحِدًا، وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى الرَّجُلِ مَعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 333 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حَدِّ الزِّنَا حَدُّ قَذْفٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أُقِيمَا عَلَيْهِ، وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ مَوْتَهُ فَيُفَرِّقَ الْحَدَّيْنِ. اللَّخْمِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَلَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرْفَعُ مَعَرَّةَ الْقَذْفِ، وَفِي قَذْفِهَا وَكُلُّ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ، فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ قَتْلِهِ لِحُجَّةِ الْمَقْذُوفِ مِنْ الْعَارِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ أَوْ تَكَرَّرَتْ. تت مُوجِبَاتُهَا كَسَرِقَةٍ مِرَارًا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ شُرْبِهِ كَذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوجِبُ كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ وَالزِّنَا، فَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي تَكَرَّرَتْ لِلْحُدُودِ كَأَنَّهُ قَالَ تَدَاخَلَتْ فِي مَوْضِعٍ وَتَكَرَّرَتْ فِي آخَرَ، وَلَا شَكَّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَوَّازِيَّ ذَكَرَ أَدَاةَ الِانْتِفَاءِ بِأَنْ يُقَالَ وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ " ح " لَكِنْ يُقَالُ عَلَى هَذَا لِمَ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ. الثَّانِي: طفي يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا قَدْ تَتَدَاخَلُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ، كَمَا إذَا لَزِمَهُ قَتْلٌ وَحُدُودٌ، فَإِنَّ الْقَتْلَ يُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا حَدُّ الْقَذْفِ، وَتَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا، ثُمَّ قَالَ وَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرِ الْمُجْتَمِعَةِ مَعَ الْقَتْلِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْقَتْلِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّدَّةِ لِأَجْرِ مُسْلِمٍ إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 334 (بَابٌ) الْمُحَارِبُ: قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ، أَوْ آخِذُ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ: عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ،   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُحَارِبِ] ِ وَأَحْكَامِهِ (الْمُحَارِبُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (قَاطِعُ) جِنْسٌ وَإِضَافَتُهُ إلَى (الطَّرِيقِ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَاطِعَ غَيْرِهِ أَيْ مَخُوفِ الْمَارِّينَ بِهَا (لِمَنْعِ سُلُوكٍ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ مُرُورٍ بِهَا فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِلْإِمَارَةِ أَوْ الْعَدَاوَةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَمْنُوعُ خَاصًّا كَأَهْلِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ أَوْ عَامًّا كَكُلِّ مَارٍّ (أَوْ) تَنْوِيعِيَّةٌ قَاطِعُ الطَّرِيقِ (لِأَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْمَعْصُومِينَ كَذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَالْبُضْعُ أَحْرَى مِنْ الْمَالِ، فَمَنْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ قَاصِدًا الْغَلَبَةَ عَلَى الْفُرُوجِ فَهُوَ مُحَارِبٌ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ عَلَيْهَا أَقْبَحُ مِنْ الْغَلَبَةِ عَلَى الْمَالِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ رُفِعَ إلَيَّ فِي وِلَايَتَيْ الْقَضَاءِ قَوْمٌ خَرَجُوا مُحَارِبِينَ إلَى رُفْقَةٍ فَأَخَذُوا مِنْهَا امْرَأَةً فَاخْتَلَوْهَا فَأَخَذُوا فَسَأَلْت مَنْ كَانَ ابْتَلَانَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ مِنْ الْمُفْتِينَ، فَقَالُوا لَيْسُوا مُحَارِبِينَ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ فِي الْأَمْوَالِ دُونَ الْفُرُوجِ، فَقُلْت لَهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهَا فِي الْفُرُوجِ أَقْبَحُ مِنْهَا فِي الْأَمْوَالِ، وَأَنَّ الْحُرَّ يَرْضَى بِسَلْبِ مَالِهِ دُونَ الزِّنَا بِزَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ وَلَوْ كَانَتْ عُقُوبَةٌ فَوْقَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَانَتْ لِمَنْ يَسْلُبُ الْفُرُوجَ، وَحَسْبُكُمْ مِنْ بَلَاءِ صُحْبَةِ الْجُهَلَاءِ خُصُوصًا فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ. (عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) لِانْفِرَادِهِ بِفَلَاةٍ يَقِلُّ الْمَارُّ بِهَا وَإِشْهَارِ سِلَاحٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكِهِ، أَوْ أَخْذُ مَالٍ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ مَعَهُ الْغَوْثُ خَرَجَ بِهَذَا أَيْضًا الْغَاصِبُ، وَلَوْ سُلْطَانًا لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ وَيُغِيثُونَ مِنْهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 335 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا بَعِيدٌ وَلَا سِيَّمَا فِي الزَّمَانِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ وُجُودُ الْمُغِيثِ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَعَ الْغَاصِبِ إلَّا أَنَّهُ عَاجِزٌ، وَقَدْ يُقَالُ الْعَاجِزُ لَيْسَ مُغِيثًا، فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُحَارِبَ شَأْنُهُ تَعَذَّرَ الْمُغِيثُ مِنْهُ وَإِنْ اتَّفَقَ نَادِرًا وَالْغَاصِبُ شَأْنُهُ تَيَسَّرَ الْمُغِيثُ مِنْهُ، وَإِنْ اتَّفَقَ تَعَذُّرُهُ نَادِرًا أَيْضًا وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ. (تَنْبِيهَاتٌ) : الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا بِالْفِعْلِ، فَمَنْ أَخَذَ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ قَبْلَ قَطْعِهَا بِالْفِعْلِ لَيْسَ مُحَارِبًا. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يُخِفْ السَّبِيلَ وَأَخَذَ بِإِثْرِ خُرُوجِهِ يُعَاقَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إلَّا النِّيَّةُ فَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُحَارِبِ. فِي التَّوْضِيحِ هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، لَكِنَّ النَّصَّ بِخِلَافِهِ فَفِيهَا عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُخِفْ وَأَخَذَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ أَوْ خَرَجَ بِعَصًا وَأَخَذَ مَكَانَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي هَذَا بِأَيْسَرِ الْحُكْمِ مِنْ النَّفْيِ وَالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ. أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيمَنْ أُخِذَ بِالْحَضْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ الْإِخَافَةُ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ. الثَّانِي: ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرَابَةُ الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ بِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفِهِ أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ أَوْ قَتْلٍ خُفْيَةً أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَا لِإِمَارَةٍ وَلَا نَائِرَةَ وَلَا عَدَاوَةَ فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكَرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ. الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ " أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ " يَتَعَيَّنُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مُكَابَرَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ رُفِعَ عَطْفًا عَلَى الْخُرُوجِ اقْتَضَى أَنَّ إذْهَابَ الْعَقْلِ بِمُجَرَّدِهِ حِرَابَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخْذِ مَالٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ يُرَدُّ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنْ قَاتَلَ لِأَخْذِ الْمَالِ بِلَا قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ دَخَلَ دَارًا أَوْ زُقَاقًا وَقَاتَلَ لِيَأْخُذَ الْمَالَ وَمُسْقِي السَّيْكَرَانِ وَمُخَادِعِ صَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ مَنْ خَرَجَ لِقَطْعِ السَّبِيلِ لِغَيْرِ مَالٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ، كَقَوْلِهِ لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَخْرُجُونَ إلَى الشَّامِ أَوْ إلَى مِصْرَ أَوْ إلَى مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى النَّاسِ وَأَخَافَهُمْ مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ وَلَا نَائِرَةٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 336 وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةِ:   [منح الجليل] وَالرَّابِعُ: اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] فَقِيلَ نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ الْحَرْبِيِّينَ، وَقِيلَ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نَقَضُوا عَهْدًا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، وَقِيلَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُسْتَحْسَنُ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ الْقَتْلُ لَا الْقَطْعُ وَلَا النَّفْيُ. وَعَلَى أَنَّ النَّاقِضَ لِلْعَهْدِ لَيْسَ حُكْمُهُ الْقَطْعَ إلَخْ، وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ إلَخْ، مُحَارِبٌ إنْ تَعَدَّدَ، بَلْ (وَإِنْ انْفَرَدَ) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِ قَدْ يَكُونُ الْمُحَارِبُ وَاحِدًا هَذَا إذَا كَانَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بِفَلَاةٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ (بِمَدِينَةٍ) ابْنُ الْمَوَّازِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُحَارِبِ فِي مَدِينَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مُحَارِبٌ وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَا يَكُونُونَ مُحَارِبِينَ فِي قَرْيَةٍ إذَا كَانُوا مُخْتَفِينَ لَا يُفْسِدُونَ إلَّا الْوَاحِدَ وَالْمُسْتَضْعَفَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً يُرِيدُونَ الْقَرْيَةَ كُلَّهَا مُكَابِرِينَ مُعْلِنِينَ فَهُمْ كَاللُّصُوصِ الَّذِينَ يَقْتَحِمُونَ الْقُرَى. زَادَ الشَّيْخُ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ. الْبُنَانِيُّ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبَالَغَتَيْنِ، أَيْ وَإِنْ انْفَرَدَ وَإِنْ كَانَ بِمَدِينَةٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ كَابَرَ رَجُلًا عَلَى مَالِهِ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَخَلَ عَلَى حَرِيمِهِ فِي الْمِصْرِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحِرَابَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 337 كَمُسْقِي السَّيْكَرَانِ لِذَلِكَ، وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ؛   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الْمُكَلَّفِ مُحَارِبًا فَقَالَ (كَمُسْقِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ (السَّيْكَرَانِ) ابْنُ مَرْزُوقٍ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْكَافِ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ مَا يُسْكِرُ مِنْ نَبَاتٍ أَوْ غَيْرِهِ بِشُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ سَيْكَرَانٌ كَضَيْمَرَانٍ نَبْتٌ دَائِمُ الْخُضْرَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مَخْصُوصٌ. ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ الصَّوَابُ ضَمُّ الْكَافِ النَّوَوِيُّ ضَيْمَرَانٌ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ لِلَّقَانِيِّ إنْ أُهْمِلَتْ السِّينُ فُتِحَتْ الْكَافُ، وَإِنْ أُعْجِمَتْ ضُمَّتْ الْكَافُ (لِذَلِكَ) أَيْ أَخْذِ الْمَالِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا سَاقِي السَّيْكَرَانِ مُحَارِبٌ، وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ مُحَارَبَةً إذَا كَانَ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ بِهِ. اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ فِي مُسْقِي السَّيْكَرَانِ مُحَارِبٌ لَيْسَ بِبَيِّنٍ، وَرَوَى مَنْ أَطْعَمَ قَوْمًا سَوِيقًا فَمَاتَ بَعْضُهُمْ وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يُفِقْ إلَى الْغَدِ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَقَالَ مَا أَرَدْت قَتْلَهُمْ إنَّمَا أَعْطَانِيهِ رَجُلٌ، وَقَالَ يُسْكِرُ فَأَرَدْت إخْدَارَهُمْ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ يُقْبَلُ وَيُقْتَلُ، وَلَوْ قَالَ مَا أَرَدْت إخْدَارَهُمْ وَلَا أَخْذَ أَمْوَالِهِمْ إنَّمَا هُوَ سَوِيقٌ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ حِينَ مَاتُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْغُرْمَ. (وَ) كَ (مُخَادِعِ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْبَالِغِينَ بِأَنْ يَتَحَيَّلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ بِهِ لِمَوْضِعٍ تَتَعَذَّرُ فِيهِ الْإِغَاثَةُ (لِيَأْخُذَ مَا) أَيْ الْمَالَ الَّذِي (مَعَهُ) بِتَخْوِيفِهِ بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ، وَاَلَّذِي فِي الْجَوَاهِرِ وَالْمُسْتَخْرَجَةِ وَقَتَلَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ قَالَهُ تت. طفي عِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَهُوَ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ كَالْحِرَابَةِ. اهـ. فَتَفْسِيرُهُ لِلْغِيلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ قَتْلَ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ لَا أَنَّ الْقَتْلَ هُوَ نَفْسُ الْغِيلَةِ، فَكَلَامُ الْجَوَاهِرِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلِذَا عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْمُصَنِّفِ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْمُحَارَبَةِ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 338 وَالدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ: فِي زُقَاقٍ، أَوْ دَارٍ، قَاتَلَ، لِيَأْخُذَ الْمَالَ، فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ، إنْ أَمْكَنَ،   [منح الجليل] (وَ) كَ (الدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَارٍ) وَ (قَاتَلَ) الدَّاخِلُ أَهْلَ الزُّقَاقِ أَوْ الدَّارِ (لِيَأْخُذَ الْمَالَ) فَهُوَ مُحَارِبٌ، وَمَفْهُومُ لِيَأْخُذَ الْمَالَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمَّا عَلِمَ بِهِ قَاتَلَ حَتَّى نَجَا بِالْمَالِ لَيْسَ مُحَارِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ إنْ كَانُوا عَلِمُوا بِهِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ فَهُوَ مُخْتَلِسٌ، وَإِنْ كَانُوا عَلِمُوا بِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِالْمَالِ فَهُوَ سَارِقٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ فِي السَّارِقِ لَيْلًا يَأْخُذُ الْمَتَاعَ فَيَطْلُبُ رَبُّهُ نَزْعَهُ مِنْهُ فَيُكَابِرُهُ بِسَيْفٍ أَوْ عَصًا حَتَّى خَرَجَ بِهِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَكَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ مُحَارِبٌ. اللَّخْمِيُّ مَنْ أَخَذَ مَالَ رَجُلٍ بِالْقَهْرِ ثُمَّ قَتَلَهُ خَوْفَ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَا أَخَذَ لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا، وَإِنَّمَا هُوَ مُغْتَالٌ. قُلْت هَذَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ خُفْيَةً وَإِلَّا فَلَيْسَ بِغِيلَةٍ. قَالَ وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ، فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ لَقِيَ رَجُلًا فَسَأَلَهُ طَعَامًا فَأَبَى فَكَشَفَهُ وَنَزَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ وَمَرَّ بِهِ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُحَارِبَ فَيُضْرَبُ وَيُنْفَى، وَكَذَا الَّذِي تُؤْخَذُ مِنْهُ الدَّابَّةُ فَيُقِرُّ أَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهَا رَجُلًا فَأَنْزَلَهُ وَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَيُنْفَى. وَقَالَ فِي الَّذِي يَجِدُ الرَّجُلَ فِي السَّحَرِ أَوْ عِنْدَ الْعَتَمَةِ فَيُنْزَعُ ثَوْبُهُ فِي الْخَلْوَةِ لَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا أَوْ مُحَارِبًا وَمَنْ كَابَرَ رَجُلًا فِي لَيْلٍ حَتَّى نَزَعَ ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَلَا يُقْطَعُ. وَقَالَ الْمُحَارِبُ مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى النَّاسِ عَلَى غَيْرِ نَائِرَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا أَوْ أَخَاف الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمَتَاعَ وَخَرَجَ بِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى نَجَا بِهِ سَارِقٌ لِأَنَّ قِتَالَهُ حِينَئِذٍ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَتَاعِ فَقَاتَلَ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَإِذَا تَعَرَّضَ الْمُحَارِبُ لِلْمُسَافِرِ (فَيُقَاتَلُ) بِفَتْحِ التَّاءِ (بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَخْلِيَةِ السَّبِيلِ نَدْبًا بِأَنْ يُقَالَ لَهُ نَاشَدْتُك اللَّهَ إلَّا مَا خَلَّيْت السَّبِيلَ (إنْ أَمْكَنَ) نَشَدَهُ بِأَنْ لَمْ يُعَاجِلْ بِالْقِتَالِ وَإلَّا فَلَا تُنْدَبُ مُنَاشَدَتُهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي دَعْوَى اللِّصِّ إلَى التَّقْوَى قَبْلَ قِتَالِهِ إنْ أَمْكَنَتْ قَوْلَانِ لِجِهَادِهِ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ سَحْنُونٍ. قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَدْعُو لِأَنَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 339 ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ،   [منح الجليل] الدَّعْوَةَ لَا تَزِيدُهُمْ إلَّا إشْلَاءً وَجُرْأَةً، وَفِيهَا جِهَادُ الْمُحَارِبِينَ جِهَادٌ. ابْنُ شَعْبَانَ جِهَادُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ جِهَادِ الْكُفَّارِ وَلِابْنِ رُشْدٍ مِنْ نَوَازِلِ أَصْبَغَ جِهَادُ الْمُحَارِبِينَ جِهَادٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. أَشْهَبُ عَنْهُ مِنْ أَفْضَلِ الْجِهَادِ وَأَعْظَمِهِ أَجْرًا، وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي إعْرَابِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ جِهَادُهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ جِهَادِ الرُّومِ. وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ طَلَبَ السَّلَّابَةُ طَعَامًا أَوْ أَمْرًا خَفِيفًا رَأَيْت أَنْ يُعْطُوهُ وَلَا يُقَاتَلُونَ. الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ لَا أَرَى أَنْ يُعْطُوا شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ. الْبُنَانِيُّ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيُقَيَّدُ جَوَازُ قِتَالِهِمْ بِطَلَبِ الْمَالِ الْكَثِيرِ، وَأَمَّا حَدُّ الْحِرَابَةِ فَيَثْبُتُ بِالْقَلِيلِ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ حُكْمُ الْمُحَارِبِ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْمَالِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ، بَلْ يَثْبُتُ حُكْمُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِخَافَةِ. وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ إخَافَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي قَصْرُ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى طَلَبِهِ مِنْ الرِّفَاقِ الْمَارَّةِ بِهِمْ وَلَوْ طَلَبُوهُ مِنْ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجِيبَهُمْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَهَنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. (ثُمَّ) إنْ أُخِذَ الْمُحَارِبُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ فَيُقْتَلُ أَوْ (يُصْلَبُ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الْمُحَارِبُ عَلَى نَحْوِ جِذْعِ نَخْلَةٍ بِلَا تَنْكِيسٍ حَيًّا (فَيُقْتَلُ) كَذَلِكَ مَصْلُوبًا، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ يُرْبَطُ جَمِيعُهُ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَتَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيُصْلَبَ فَمَاتَ فَلَا يَصْلُبُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ فِي السِّجْنِ فَلَهُ صَلْبُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ وَسَكَتَ عَنْ كَوْنِهِ يَنْزِلُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ عَنْ سَاعَتِهِ أَوْ يُتْرَكُ إلَى أَنْ يَفْنَى أَوْ تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ. وَعَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهَا وَهَلْ يُنَزَّلُ لَهَا أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَصْلُوبًا وَعَلَى أَنَّهُ يُنَزَّلُ لَهَا هَلْ يُعَادُ الصَّلْبُ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ خِلَافٌ. عج الرَّاجِحُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُنَزَّلُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ، وَيُدْفَنُ، فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالرَّجُلِ فَلَا تُصْلَبُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ. اللَّخْمِيُّ الْمَرْأَةُ حَدُّهَا صِنْفَانِ الْقَطْعُ مِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 340 أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ: كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ   [منح الجليل] خِلَافٍ وَالْقَتْلُ وَيَسْقُطُ عَنْهَا الصَّلْبُ، اُخْتُلِفَ فِي نَفْيِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ يُقْتَلُ الْمُحَارَبُ بِسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ لَا بِصِفَةِ تَعْذِيبٍ وَلَا بِحِجَارَةٍ وَلَا بِرَمْيِهِ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ وَإِذْ صُلِبَ صُلِبَ قَائِمًا لَا مَنْكُوسًا وَتُطْلَقُ يَدُهُ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ الصَّلْبَ حَدٌّ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ كَالنَّفْيِ وَالْمَذْهَبُ إضَافَتُهُ لِلْقَتْلِ وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُقْطَعُ أَوْ يُنْفَى كَظَاهِرِ الْقُرْآنِ. ابْنُ الْقَاسِمِ يُصْلَبُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَصْلُوبًا بِطَعْنٍ. أَشْهَبُ يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ وَلَوْ صَلَبَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ ذَلِكَ جُرْمَهُ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُمَكَّنُ أَهْلُهُ مِنْ إنْزَالِهِ حَتَّى يَفْنَى عَلَى الْخَشَبَةِ أَوْ تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ. أَصْبَغُ لَا بَأْسَ أَنْ يُخَلَّى أَهْلُهُ بِنُزُولِهِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ. سَحْنُونٌ إذَا قُتِلَ وَصُلِبَ أُنْزِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَدُفِعَ لِأَهْلِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُبْقِيَهُ مَصْلُوبًا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِمَا رَأَى مِنْ شَدِيدِ أَهْلِ الْفَسَادِ فَذَلِكَ لَهُ، ثُمَّ يُنَزِّلُهُ فَيُغَسِّلُهُ أَهْلُهُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ رَأَى إعَادَتَهُ إلَى الْخَشَبَةِ أَعَادَهُ. (أَوْ يُنْفَى) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ (الْحُرُّ) لَا الرَّقِيقُ (كَ) نَفْيِ (الزِّنَا) فِي كَوْنِهِ لِمِثْلِ خَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَحَبْسُهُ بِمَا يُنْفَى إلَيْهِ لَكِنْ إلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي النَّفْيِ فَرَوَى مُطَرِّفٌ أَنَّهُ السِّجْنُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ هُوَ أَنْ يُنْفَى مِنْ بَلَدِهِ إلَى آخَرَ أَقَلُّهُ مَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ يُسْجَنُ فِيهِ إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ. ابْنُ الْمَاجِشُونِ هُوَ أَنْ يَطْلُبَهُمْ الْإِمَامُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ فَهُرُوبُهُمْ هُوَ النَّفْيُ لَا أَنَّهُ يُنْفَى بَعْدَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ، زَادَ اللَّخْمِيُّ وَذَكَرَهُ. عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْمُغِيرَةِ وَابْنِ دِينَارٍ. قُلْت وَاَلَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ رَوَى أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ مُطَرِّفٍ فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ، قَالَ يُسْجَنُ وَإِنْ طَالَتْ سَنِينُهُ حَتَّى تَتَقَرَّرَ تَوْبَتُهُ بِمَا يُعْرَفُ مِنْ غَالِبِ أَمْرِهِ وَلَا يُقْبَلُ بِمُجَرَّدِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ بِكَوْنِهِ فِي السِّجْنِ فَيُظْهِرُ النُّسُكَ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ فَلَا يُعَجَّلُ بِإِخْرَاجِهِ، وَلَوْ عُلِمَتْ تَوْبَتُهُ حَقِيقَةً قَبْلَ طُولِ أَمْرِهِ فَلَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 341 أَوْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى: وِلَاءً، وَبِالْقَتْلِ: يَجِبُ قَتْلُهُ، وَلَوْ بِكَافِرٍ أَوْ بِإِعَانَةٍ،   [منح الجليل] يَخْرُجُ لِأَنَّ طُولَهُ أَحَدُ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ، وَفِي الزَّاهِيِّ قِيلَ أَنْ يُنْفَى مِنْ قَرَارِهِ ثُمَّ يُطْلَبَ فَيُخْفَى، ثُمَّ يُطْلَبُ أَبَدًا وَلَا يُنْفَى لِبَلَدِ الشِّرْكِ وَبِهِ أَقُولُ، وَهُوَ مَحْمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى سَاكِنِهَا. قُلْت فَيَكُونُ خَامِسًا. اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ النَّفْيَ هُوَ السَّجْنُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ تُسْجَنُ الْمَرْأَةُ أَوْ تُضْرَبُ ثُمَّ تُسْجَنُ، وَعَلَى قَوْلِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ بَلَدِهِ يَسْقُطُ عَنْهَا، قَالَ وَأَرَى إنْ وَجَدَتْ وَلِيًّا أَوْ جَمَاعَةً لَا بَأْسَ بِهِمْ، وَقَالَتْ أَخْرُجُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأُسْجَنُ بِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتِي أَنَّ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ قَطْعِهَا وَقَتْلِهَا. وَاخْتُلِفَ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ، وَأَرَى إنْ قَالَ سَيِّدُهُ يُنْفَى وَلَا يُقْطَعُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ. (أَوْ تُقْطَعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ (يَدُهُ) أَيْ الْمُحَارِبِ الْيُمْنَى (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) لِيَكُونَ قَطْعُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ قَطْعًا (وِلَاءً) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودًا أَيْ مُتَوَالِيًا بِلَا تَفْرِيقٍ، وَلَوْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ، فَإِنْ عَادَ لَهَا بَعْدَ قَطْعِهِ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ الْبَاقِيَتَانِ وِلَاءً. ابْنُ عَرَفَةَ الْقَطْعُ. ابْنُ رُشْدٍ هُوَ قَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى، ثُمَّ إنْ عَادَ قُطِعَ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ أَشَلَّ الْيَدِ الْيُمْنَى أَوْ مَقْطُوعَهَا بِقِصَاصٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَشَبَهِهَا، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، وَقَالَ أَيْضًا تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ وَاحِدَةٌ قُطِعَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ إنْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى فَقَطْ، وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رَجُلَانِ قُطِعَتْ الْيُسْرَى فَقَطْ. (وَبِالْقَتْلِ) مِنْ الْمُحَارِبِ لِمَعْصُومٍ حَالَ حِرَابَتِهِ صِلَةُ (يَجِبُ) أَيْ يَتَعَيَّنَ (قَتْلُهُ) أَيْ الْمُحَارِبِ إنْ قَتَلَ مُسْلِمًا حُرًّا، بَلْ (وَلَوْ بِ) قَتْلِ (كَافِرٍ) أَوْ عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ قِصَاصًا، بَلْ لِلتَّنَاهِي عَنْ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ فِيهَا إنْ قَطَعُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ سَوَاءٌ وَقَدْ قَتَلَ عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُسْلِمًا قَتَلَ ذِمِّيًّا عَلَى وَجْهِ الْحِرَابَةِ عَلَى مَالٍ كَانَ مَعَهُ إنْ قُتِلَ بِمُبَاشَرَةٍ، بَلْ (وَلَوْ بِإِعَانَةٍ) لِمُحَارِبٍ آخَرَ بِضَرْبٍ أَوْ إمْسَاكٍ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يُعِنْ إذَا تَمَالَأَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 342 وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ: الْعَفْوُ   [منح الجليل] مَعَ الْقَاتِلِ (وَ) لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَتْلُ وَ (لَوْ جَاءَ) الْمُحَارِبُ حَالَ كَوْنِهِ (تَائِبًا) مِنْ حِرَابَتِهِ عَلَى الْمَشْهُور فَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ تَوْبَتُهُ حَقَّ الْمَقْتُولِ. فِيهَا إنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَتَلُوا رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمْ وَالْبَاقُونَ عَوْنٌ لَهُ فَأُخِذُوا قُتِلُوا كُلُّهُمْ، وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذُوا وُقِفُوا إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلُوا مَنْ شَاءُوا وَعَفَوْا عَمَّنْ شَاءُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شَاءُوا، وَقَدْ قَتَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رَجُلًا كَانَ نَاظُورًا لِلْبَاقِينَ. زَادَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُونَ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ، وَعَزَاهُ الشَّيْخُ لَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ جَمِيعًا. (وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ) لِمَقْتُولِ الْمُحَارِبِ (الْعَفْوُ) عَنْهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَيْسَ قِصَاصًا مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ وَلِيَّ أَحَدِ الْمُحَارِبِينَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ قَطَعُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَاوِنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قُتِلُوا أَجْمَعِينَ وَلَا عَفْوَ فِيهِمْ لِإِمَامٍ وَلَا وَلِيٍّ. مَوَّاقٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَدُّهَا الْأَرْبَعَةُ: الْقَتْلُ أَوْ الصَّلْبُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَوْ النَّفْيُ. الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ هَذَا التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَشُورَةِ الْفُقَهَاءِ بِمَا يَرَاهُ أَتَمَّ مَصْلَحَةً وَلَيْسَ عَلَى هَوَى الْإِمَامِ اللَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ التَّخْيِيرِ رِوَايَتَا الْأَكْثَرِ وَابْنِ وَهْبٍ، فَعَلَى التَّرْتِيبِ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ لَمْ يُخِفْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَا قَتَلَ أُخِذَ فِيهِ بِأَيْسَرِ الْحُكْمِ. ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ أَنْ يُجْلَدَ وَيُنْفَى وَيُسْجَنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ وَإِنْ أَخَافَ أَوْ أَخَذَ مَالًا أَوْ جَمَعَهُمَا خُيِّرَ فِي قَتْلِهِ وَقَطْعِهِ، وَكَذَا إنْ طَالَ أَمْرُهُ وَنَصَبَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَعَلَا أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُتِلَ، وَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ. وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ أَخَافَ النَّاسَ فِي كُلِّ مَكَان وَعَظُمَ فَسَادُهُ وَأَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ فَالسُّلْطَانُ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ فِي أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ، وَيَسْتَشِيرُ فِي ذَلِكَ وَلِأَشْهَبَ فِيمَنْ أَخَذَ بِحَضْرَةِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَخَفْ لِلْإِمَامِ نَفْيُهُ أَوْ قَطْعُهُ أَوْ قَتْلُهُ، وَهُوَ نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ قَلِيلَ الْجُرْمِ وَكَبِيرَهُ سَوَاءٌ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقْتُلْ، فَإِنْ قَتَلَ تَعَيَّنَ قَتْلُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيهِ، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُخَيَّرُ فِي قَتْلِهِ وَلَوْ قَتَلَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 343 وَنُدِبَ لِذِي التَّدْبِيرِ: الْقَتْلِ، وَالْبَطْشِ: الْقَطْعُ وَلِغَيْرِهِمَا، وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ: النَّفْيُ، وَالضَّرْبُ، وَالتَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ، لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا.؛ وَغَرِمَ كُلٌّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةُ حَالِ الْمُحَارِبِ الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ فَيُعَيِّنُ (لِذِي التَّدْبِيرِ) فِي الْحَرْبِ وَالْخَلَاصِ مِنْ شَدِيدِهَا بِحَيْثُ صَارَ مُرَجِّعًا فِي ذَلِكَ (الْقَتْلِ) بِلَا صَلْبٍ أَوْ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْمُحَارِبُ مِمَّنْ لَهُ الرَّأْيُ وَالتَّدْبِيرُ فَوَجْهُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ قَتْلُهُ أَوْ صَلْبُهُ لِأَنَّ الْقَطْعَ أَوْ النَّفْيَ لَا يَدْفَعُ ضَرَرَهُ (وَ) لِذِي (الْبَطْشِ) أَيْ الْقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ (الْقَطْعُ) مِنْ خِلَافٍ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحَارِبِ تَدْبِيرٌ، وَإِنَّمَا يُخِيفُ بِقُوَّةِ جِسْمِهِ قَطَعَهُ مِنْ خِلَافٍ (وَلِغَيْرِهِمَا) أَيْ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِتَدْبِيرٍ وَلَا بَطْشٍ الضَّرْبُ وَالنَّفْيُ (وَلِمَنْ وَقَعَتْ) الْحِرَابَةُ (مِنْهُ فَلْتَةٌ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ غَلْطَةً وَزَلَّةً وَنَدِمَ عَلَيْهَا (النَّفْيُ وَالضَّرْبُ) ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ النَّفْيُ وَيَضْرِبُهُمَا إنْ شَاءَ. قُلْت تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ الضَّرْبِ فِي النَّفْيِ. اللَّخْمِيُّ ضَرْبُهُ قَبْلَ النَّفْيِ اسْتِحْسَانٌ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَشْهَبَ خِلَافُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ مَنْ يُنْفَى (وَالتَّعْيِينُ) لِأَحَدِ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ حَقٌّ (لِلْإِمَامِ) بِالْمَصْلَحَةِ لَا بِاتِّبَاعِ هَوَاهُ (لَا لِمَنْ قُطِعَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (يَدُهُ) مِنْ الْمُحَارِبِ حَالَ حِرَابَتِهِ (وَنَحْوُهَا) أَيْ الْيَدِ كَالْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ. ابْنُ الْحَاجِبِ التَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِي هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ، بَلْ بِقَطْعِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ دَرْءِ مَفْسَدَةِ مَا صَدَرَ مِنْهُ. (وَ) إنْ كَانَ الْمُحَارِبُونَ جَمَاعَةً وَأَخَذَ أَحَدُهُمْ (غَرِمَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (كُلٌّ) أَيْ كُلُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ (عَنْ الْجَمِيعِ) جَمِيعَ مَا أَخَذُوهُ لِتَمَالُئِهِمْ وَتَعَاوُنِهِمْ وَتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ غُرْمًا (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ تَائِبًا أَوْ بِبَقَاءِ مَا أَخَذُوهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 344 وَاتُّبِعَ: كَالسَّارِقِ، وَدُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ وَالْيَمِينِ،   [منح الجليل] بِأَيْدِيهِمْ أَوْ بِأَخْذِهِ حِصَّتَهُ مِنْهُ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ وَلِيَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُحَارِبِينَ ثُمَّ ظُفِرَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ جَمِيعِ ذَلِكَ الْمَالِ كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ حِصَّةً أَوْ لَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ تَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَقَدْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ الْمَالِ، فَإِنَّ هَذَا التَّائِبَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْمَالِ لِأَنَّ الَّذِي وَلِيَ أَخْذَهُ إنَّمَا قَوِيَ عَلَيْهِ بِهِمْ. ابْنُ رُشْدٍ إذَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ فِي الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا أَخَذُوهُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَوَّى بَعْضًا كَالْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَيُقْتَلُونَ بِهِ جَمِيعًا. وَإِنْ وَلِيَ الْقَتْلَ أَحَدُهُمْ وَحْدَهُ (وَاتُّبِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُحَارِبُ بِالْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ حَالَةَ حِرَابَتِهِ اتِّبَاعًا (كَ) اتِّبَاعِ السَّارِقِ بِ (السَّرِقَةِ) فِي أَنَّهُ إنْ قُطِعَ يُشْتَرَطُ اسْتِمْرَارُ يُسْرِهِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَ الْمَالَ لِيَوْمِ قَطْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. ابْنُ شَاسٍ أَمَّا الْغُرْمُ فَحُكْمُ الْمُحَارِبِ فِيهِ فِي حَالِ ثُبُوتِ الْحَدِّ وَسُقُوطِهِ فِي حَالَتَيْ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ وَتَبَدَّلَهُمَا حُكْمُ السَّارِقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. اهـ. وَهَذَا إذَا ذَهَبَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ بَقِيَ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ أُخِذَ مِنْهُ إجْمَاعًا مُطْلَقًا، وَهَلْ ضَرْبُهُ وَنَفْيُهُ كَقَتْلِهِ أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ أَوْ كَسُقُوطِ حَدِّهِ قَوْلَانِ، يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَسَنِ تَرْجِيحُ أَوَّلِهِمَا لِأَنَّهُمَا أَحَدُ حُدُودِهِ أَفَادَهُ شب. (وَ) إنْ أُخِذَ الْمُحَارِبُونَ وَمَعَهُمْ مَالٌ أَخَذَهُ مِنْ النَّاسِ، بِالْحِرَابَةِ (دُفِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَا) أَيْ الْمَالُ الَّذِي وُجِدَ (بِأَيْدِيهِمْ) أَيْ الْمُحَارِبِينَ (لِمَنْ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي (طَلَبَهُ) أَيْ ادَّعَى أَنَّ الْمَالَ لَهُ أَخَذَهُ الْمُحَارِبُونَ مِنْهُ بِالْحِرَابَةِ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ مِنْ غَيْرِ الرُّفْقَةِ فَيُدْفَعُ لَهُ بِلَا اسْتِينَاءٍ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ يُدْفَعُ لَهُ (بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَهُ (وَ) بَعْدَ (الْيَمِينِ) مَنْ طَالَبَهُ أَنَّهُ لَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِمَخْرَجٍ شَرْعِيٍّ. فِيهَا إنْ أُخِذَ الْمُحَارِبُونَ وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ فَادَّعَاهَا قَوْمٌ لَا بَيِّنَةَ لَهُمْ دُفِعَتْ إلَيْهِمْ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ بِغَيْرِ حَمِيلٍ، وَيُضَمِّنُهُمْ الْإِمَامُ إيَّاهَا إنْ جَاءَ لَهَا طَالِبٌ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ سَحْنُونٌ بِحَمِيلٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 345 أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ الرُّفْقَةِ، لَا لِأَنْفُسِهِمَا   [منح الجليل] وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَبِحَمِيلٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَبِلَا حَمِيلٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُهُ. اللَّخْمِيُّ وَإِنَّمَا يُدْفَعُ لَهُ إذَا وَصَفَهُ كَاللُّقَطَةِ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا يُدْفَعُ إلَيْهِمْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الِاسْتِينَاءُ وَالْيَمِينِ وَالصِّفَةِ فِي الْجَوَاهِرِ. أَشْهَبُ إنْ أَقَرَّ الْمُحَارِبُونَ أَنَّ الْمَتَاعَ مِمَّا قَطَعُوا فِيهِ الطَّرِيقَ، فَإِنْ قَالُوا هُوَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ كَانَ لَهُمْ، وَإِنْ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ حَتَّى يُقِيمَ مُدَّعِيهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ. (أَوْ) يُدْفَعُ لِمَنْ طَلَبَهُ (بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ (مِنْ الرُّفْقَةِ) لِلطَّالِبِ حَالَ الْحِرَابَةِ أَنَّهُ لَهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ بِلَا شَهَادَةٍ لِلضَّرُورَةِ، إذْ لَا سَبِيلَ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ إلَّا بِشَهَادَةِ الرُّفْقَةِ إلَّا شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِهِ فَلَا تُقْبَلُ لِشِدَّةِ التُّهْمَةِ. الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ خَارِجَةٌ عَنْ الْأَصْلِ، إذْ هِيَ شَهَادَةُ عَدُوٍّ وَتُهْمَةُ جَرِّ النَّفْعِ بِأَشْهَدَ لِي وَأَشْهَدَ لَك. وَجَازَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ تَبَعٌ (لَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ (لِأَنْفُسِهِمَا) لِأَنَّهَا دَعْوَى، وَلَوْ قَالَتْ الرُّفْقَةُ كُلُّهَا قُتِلَ مِنَّا كَذَا وَكَذَا رَجُلًا وَكَذَا وَكَذَا جَارِيَةً وَالْأَحْمَالُ لِفُلَانٍ وَالثِّيَابُ لِعِلَّانٍ فَهِيَ شَهَادَةٌ مَقْبُولَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا مُوجِبَةٌ لِحَدِّ الْحِرَابَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَتَجُوزُ عَلَى الْمُحَارِبِينَ شَهَادَةُ مَنْ حَارَبُوهُ إنْ كَانُوا عُدُولًا شَهِدُوا بِقَتْلٍ أَوْ مَالٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ فِي نَفْسِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. اللَّخْمِيُّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ قَالَ أَهْلُ الرِّفْعَةِ قُتِلَ مِنَّا كَذَا وَكَذَا رَجُلًا وَسُلِبَ مِنَّا كَذَا وَكَذَا حِمْلًا، وَمِنْ الْجَوَارِي كَذَا وَكَذَا فَالْأَحْمَالُ لِفُلَانٍ وَالثِّيَابُ لِفُلَانٍ وَالْجَوَارِي لِفُلَانٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيُوجِبُ ذَلِكَ الْمُحَارَبَةَ وَالْقَتْلَ، وَذَكَرَهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ اللُّصُوصُ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ هُوَ مِنْ أَمْوَالِنَا كَانَ لَهُمْ، وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ حَتَّى يُقِيمَ مُدَّعُوهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُمْ لَا لِلُّصُوصِ. (وَلَوْ) اشْتَهَرَتْ الْحِرَابَةُ عَنْ شَخْصٍ مَعْرُوفٍ بِاسْمِهِ وَرُفِعَ لِلْإِمَامِ شَخْصٌ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمُحَارِبُ وَ (شَهِدَ اثْنَانِ) عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ عَيْنَهُ (أَنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصَ (فُلَانٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 346 وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمُشْتَهِرُ بِهَا: ثَبَتَتْ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا. وَسَقَطَ حَدُّهَا: بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا، أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ. .   [منح الجليل] الْمُشْتَهِرُ بِهَا) أَيْ الْحِرَابَةِ (ثَبَتَتْ) الْحِرَابَةُ عَلَيْهِ إنْ عَايَنَاهَا مِنْهُ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا) أَيْ الِاثْنَانِ الْحِرَابَةَ مِنْهُ فَيُقِيمُ الْإِمَامُ حَدَّهَا عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ إنْ تَوَاتَرَتْ شُهْرَةُ الْمُحَارِبِ بِاسْمِهِ فَأَتَى مَنْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا فُلَانٌ وَقَالُوا لَمْ نَشْهَدْ قَطْعَهُ عَلَى النَّاسِ مَا شُهِرَ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ قُتِلَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعِيَانِ أَرَأَيْت أَيَحْتَاجُ لِمَنْ يَشْهَدُ أَنَّهُ عَايَنَهُ يُقْطَعُ وَيُقْتَلُ. قُلْت تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْمَشْهُورِ بِالْعَدَالَةِ بِاسْمِهِ وَشَهِدَ عِنْدَ مَنْ يُجْهَلُ عَيْنُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِهِ تُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْحِرَابَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمَشْهُورُ ثَبَتَتْ الْحِرَابَةُ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا. (وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ الْحِرَابَةِ عَنْ الْمُحَارِبِ (بِإِتْيَانِ) الْمُحَارِبِ إلَى (الْإِمَامِ) حَالَ كَوْنِهِ (طَائِعًا) تَائِبًا مِنْ حِرَابَتِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. (أَوْ بِتَرْكِ مَا) أَيْ عَمَلِ الْحِرَابَةِ الَّذِي (هُوَ) أَيْ الْمُحَارَبُ (عَلَيْهِ) وَاشْتِغَالُهُ بِمَا يَعْنِيهِ بِدُونِ إتْيَانِ الْإِمَامِ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ جُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ تَوْبَةَ الْمُحَارِبِ تُقْبَلُ مِنْهُ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ تَوْبَتَهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ. وَالثَّانِي أَنْ يُلْقِيَ السِّلَاحَ وَيَأْتِيَ طَائِعًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَوْبَةُ الْمُحَارِبِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا تُسْقِطُ عَنْهُ حُكْمَ الْحِرَابَةِ. فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي صِفَةِ تَوْبَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهَا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ. الثَّانِي: أَنْ يُلْقِيَ السِّلَاحَ وَيَأْتِيَ الْإِمَامَ طَائِعًا، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ تَوْبَتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِأَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيَجْلِسَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ فَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الْحِرَابَةِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ تَوْبَتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِمَجِيئِهِ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ الْأَحْكَامِ إنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامُ. وَأَمَّا تَوْبَتُهُ بَعْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 347 (بَابٌ) بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ، طَوْعًا بِلَا عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ، وَظَنِّهِ غَيْرًا   [منح الجليل] الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ. الْحَطّ إذَا سَقَطَ حَدُّ الْحِرَابَةِ بِالتَّوْبَةِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّينَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَالٍ. الْبَاجِيَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَمَّنَ الْمُحَارِبُ إنْ سَأَلَ الْأَمَانَ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ فَيَجُوزُ تَأْمِينُهُ وَيُقَرُّ عَلَى حَالِهِ وَبِيَدِهِ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ تَأْمِينُ الْمُحَارِبِ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَمَانَ لَهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَاب فِي بَيَان حَدّ شَارِب الْمُسْكِر وَأَشْيَاء توجب الضَّمَان ودفع الصَّائِل] (بَابٌ) فِي بَيَانِ حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ وَأَشْيَاءُ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعُ الصَّائِلِ يَجِبُ (بِشُرْبِ) الشَّخْصِ (الْمُسْلِمِ) فَلَا يُحَدُّ الْكَافِرُ إنْ أَظْهَرَهُ، بَلْ يُؤَدَّبُ (الْمُكَلَّفِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْحُرِّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فَلَا يُحَدُّ الصَّبِيُّ وَيُؤَدَّبُ أَصْلًا حَالُهُ وَلِئَلَّا يَعْتَادَهُ فَيَشْرَبَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَا الْمَجْنُونُ (مَا) أَيْ شَيْئًا وَالشَّيْءُ الَّذِي (يُسْكِرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْكَافِ (جِنْسُهُ) أَيْ يُغَيِّبُ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ مَعَ نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ شَخَّصَهُ لِقِلَّتِهِ أَوْ اعْتِيَادِهِ، سَوَاءٌ كَانَ عَصِيرَ عِنَبٍ أَوْ نَقِيعَ زَبِيبٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ أَوْ بُسْرٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ أَرُزٍّ أَوْ حِجَامَةِ نَخْلٍ أَوْ غَيْرِهَا شُرْبًا (طَوْعًا) بِلَا إكْرَاهٍ فَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ (بِلَا عُذْرٍ) كَنِسْيَانٍ أَوْ غَلَطٍ فَلَا يُحَدُّ النَّاسِي وَلَا الْغَالِطُ (وَ) بِ لَا (ضَرُورَةَ) فَلَا يُحَدُّ مَنْ شَرِبَهُ لِإِسَاغَةِ غُصَّةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ الشُّرْبُ الْمُوجِبُ الْحَدَّ شُرْبُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مُخْتَارًا لَا لِضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ فَلَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهٍ وَلَا ذِي غُصَّةٍ وَإِنْ حَرُمَتْ وَلَا غَالِطٍ (وَ) بِ لَا (ظَنِّهِ) أَيْ الْمَشْرُوبَ (غَيْرًا) لِمَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ فَلَا يُحَدُّ مَنْ ظَنَّهُ لَبَنًا أَوْ عَسَلًا أَوْ نَبِيذًا غَيْرَ مُسْكِرٍ. وَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مَأْمُونًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 348 وإنْ قَلَّ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ سُقُوطُ حَدِّ مَنْ شَرِبَ غَلَطًا وَاضِحٌ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا حَدَّ فِي وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ كَذَلِكَ، وَفِي كَافِي أَبِي عُمَرَ مَنْ ظَنَّ النَّبِيذَ حَلَاوَةً وَلَمْ يَشْعُرْ بِسُكْرِهِ فَسَكِرَ مِنْهُ فَلَا يُحَدُّ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ، وَمِثْلُهُ مَنْ شَرِبَ مُبَاحًا ظَانًّا أَنَّهُ خَمْرٌ فَلَا يُحَدُّ وَإِنْ أَثِمَ لِاجْتِرَائِهِ وَسَقَطَتْ عَدَالَتُهُ قَالَهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِالشُّرْبِ الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ مِنْ الْفَمِ وَإنْ رَدَّ قَبْلَ وُصُولِهِ الْجَوْفَ فَوُصُولُهُ الْجَوْفَ مِنْ أَنْفٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُهُ، وَإِنْ وَصَلَ الْجَوْفَ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ الثَّانِي: الشُّرْبُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَدَّ مُخْتَصٌّ بِالْمَائِعِ فَلَا يُحَدُّ بِالْجَامِدِ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ إلَّا الْقَدْرُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ، وَفِيهِ الْأَدَبُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، بِخِلَافِ الْمَائِعِ الْمُسْكِرِ. الثَّالِثُ: الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ. الرَّابِعُ: بِلَا عُذْرٍ يُغْنِي عَنْ الْقَيْدِ قَبْلَهُ وَالْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ وَيُغْنِي الْمُكَلَّفُ عَنْ قَوْلِهِ طَوْعًا لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. وَشُرْبُ الْمُكَلَّفِ الْمُسْلِمِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ بِلَا عُذْرٍ يُوجِبُ الْحَدَّ إنْ كَثُرَ، بَلْ (وَإِنْ قَلَّ) فِيهَا مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ. ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى النَّسَائِيّ بِسَنَدِهِ عَنْ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ ذَكَرَهُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي إلْمَامِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ. وَقَالَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْهُمْ جَابِرٌ وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَأَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُد بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْفُرَاتِ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْمَتِينِ. وَأَخْرَجَ الثَّانِيَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُثْمَانَ، وَزَعَمَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَنَّهُ لَا تُعْرَفُ رِجَالُهُ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» . اللَّخْمِيُّ أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حُرِّمَتْ الْخَمْرُ وَمَا نَجِدُ خَمْرَ الْأَعْنَابِ إلَّا قَلِيلًا وَعَامَّةُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 349 أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ، أَوْ الْحُرْمَةِ لِقُرْبِ عَهْدٍ وَلَوْ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ، وَصُحِّحَ نَفْيُهُ:   [منح الجليل] خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي كَانَتْ، وَأَنَّ الْعِلَّةَ الشِّدَّةُ وَمُخَامَرَةُ الْعَقْلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ وُجُوبَ الْحَدِّ (أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْحُرْمَةَ (أَوْ) جَهِلَ (الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدٍ) مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِكَوْنِهِ بَدَوِيًّا لَمْ يَقْرَأْ الْكِتَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَلَا يُرْفَعُ عَنْهُ الْحَدُّ بِذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فَشَا فَلَا أَحَدَ يَجْهَلُ شَيْئًا مِنْ حُدُودِهِ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ يُحَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا. الشَّيْخ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ شَرِبَهُ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَهُ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي دَخَلَ الْإِسْلَامَ وَلَا يَعْرِفُ الْحُرْمَةَ فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بِهَذَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ. وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ بِشُرْبِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَنَفِيًّا، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (حَنَفِيًّا) أَيْ مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (يَشْرَبُ) الْحَنَفِيُّ (النَّبِيذَ) الْقَلِيلَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُهَا (وَصُحِّحَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (خِلَافُهُ) أَيْ عَدَمُ حَدِّهِ مِنْ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ أَنَّهُ حَلَالٌ يُحَدُّ وَلَا يُعْذَرُ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ حَدِّهِ إلَّا أَنْ يَسْكَرَ مِنْهُ، وَقَدْ جَالَسَ مَالِكٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ كَانَ يُبِيحُ شُرْبَ النَّبِيذِ، فَمَا أَقَامَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ حَدًّا وَلَا دَعَا إلَيْهِ مَعَ تَظَاهُرِهِمْ بِشُرْبِهِ وَمُنَاظَرَتِهِمْ فِيهِ وَقَدْ قَالَ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا مَشْرِقِيٌّ مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. أَمَا إنَّهُ آخِرُ مَا فَارَقَنِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فَارَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 350 ثَمَانُونَ بَعْدَ صَحْوِهِ وَتَشَطَّرَ بِالرِّقِّ، وَإِنْ قَلَّ، إنْ أَقَرَّ   [منح الجليل] قُلْت وَمُقَلِّدُ مُبِيحِهِ مِثْلُهُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، وَعَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ لِأَنَّ شُهْرَةَ الْخِلَافِ شُبْهَةٌ وَقَدْ أَسْقَطَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْحَدَّ عَمَّنْ حُلِّلَتْ لَهُ أَمَةٌ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَحُدُّهُ، وَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ، وَتُعُقِّبَ بِتَنَافِيهِ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِهِ لِأَنَّ مُوجِبَ الْحَدِّ الشُّرْبُ وَقَدْ وُجِدَ وَالْقُدُومُ عَلَى مُبَاحٍ عِنْدَ فَاعِلِهِ لَا يُوجِبُ فِسْقَهُ. وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْمُسْلِمِ بِلَا عُذْرٍ بِشُرْبِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ (ثَمَانُونَ) جَلْدَةً يُضْرَبُهَا (بَعْدَ صَحْوِهِ) مِنْ سُكْرِهِ، فَإِنْ ضُرِبَهَا قَبْلَهُ أُعِيدَتْ بَعْدَهُ. " ق " هَذَا هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ. ابْنُ عَرَفَةَ قَدْرُ حَدِّهِ ثَمَانُونَ، فِي سَرِقَتِهَا لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ، زَادَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَلَوْ خَافَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَفَاعَةٍ تُبْطِلُ حَدَّهُ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ جُلِدَ حَالَ سُكْرِهِ اُعْتُدَّ بِهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَيْزٌ، وَإِنْ كَانَ طَافِحًا أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يُحِسَّ بِالْأَلَمِ فِي أَوَّلِهِ وَأَحَسَّ فِي أَثْنَائِهِ بِقَرِينَةٍ حُسِبَ مِنْ أَوَّلِ مَا أَحَسَّ بِهِ، وَإِنْ ادَّعَى إحْسَاسَهُ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُهُ وَلَا تُكَذِّبُهُ فَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ. وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ طَافِحًا أُعِيدَ الْحَدُّ وَاضِحٌ فِي حَدِّ الشُّرْبِ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا قَطْعُ السَّارِقِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعَادُ وَإِنْ كَانَ طَافِحًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ النَّكَالُ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْفِرْيَةِ إنْ رَضِيَ بِهِ مُسْتَحِقُّهُ وَمُقْتَضَى صَنِيعِ التَّوْضِيحِ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ تَقْيِيدٌ لِلْمَذْهَبِ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالشَّامِلِ وتت أَفَادَهُ شب، وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَدُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا يَقَعُ بِهِ الْفِطْرُ مِنْ جَوَازِ الشَّرَابِ الْفَمَ إلَى الْحَلْقِ. قُلْت فِي الْمُوَطَّإِ اسْتَشَارَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ فَقَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَرَى أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ فَإِنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى. وَفِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْهَا لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ (وَتَشَطَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ سَقَطَ شَطْرُ أَيْ نِصْفُ الثَّمَانِينَ (بِالرِّقِّ) فَيُجْلَدُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَرْبَعِينَ جَلْدَةً قِنًّا كَانَ أَوْ ذَا شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ. فِيهَا وَيَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ (إنْ أَقَرَّ) الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ بِشُرْبِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 351 أَوْ شَهِدَا بِشُرْبٍ، أَوْ شَمٍّ   [منح الجليل] مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ (أَوْ شَهِدَا) عَلَيْهِ أَيْ عَدْلَانِ (بِشُرْبٍ) مِنْهُ لِمَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ فَيُجْلَدُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِشُبْهَةٍ أَوْ لِغَيْرِهِ قُبِلَ رُجُوعُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَرُجُوعُ الْمُقِرِّ تَقَدَّمَ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ. الشَّيْخُ عَنْ الْوَاضِحَةِ اعْتَرَفَ أَبُو مِحْجَنٍ فِي شِعْرِهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَأَرَادَ عُمَرُ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " جَلْدَهُ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبْتُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشُّعَرَاءِ {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 226] فَعَزَلَهُ عَنْ الْعَمَلِ (أَوْ) شَهِدَا عَلَى (شَمٍّ) لِرَائِحَةِ الْمُسْكِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ فَيُحَدُّ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ عَرَفَةَ وَيَثْبُتُ بِثُبُوتِ رَائِحَةٍ. أَبُو عُمَرَ الْحَدُّ بِالرَّائِحَةِ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ ابْنُ الْقَصَّارِ صِفَةُ الشَّاهِدَيْنِ بِالرَّائِحَةِ أَنْ يَكُونَا مِمَّنْ شَرِبَاهَا حَالَ كُفْرِهِمَا أَوْ شَرِبَاهَا فِي إسْلَامِهِمَا وَحُدَّا وَتَابَا حَتَّى يَكُونَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْخَمْرَ بِرَائِحَتِهَا. الْبَاجِيَّ هَذَا مَعْدُومٌ أَوْ قَلِيلٌ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَهَادَةِ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ بِهَا فِي الْأَغْلَبِ، وَقَدْ يَكُونُ مِمَّنْ لَمْ يَشْرَبْهَا قَطُّ مَنْ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يَعْرِفَهَا. قُلْت فِي ثُبُوتِ الْعِلْمِ بِالرَّائِحَةِ بِالْخَبَرِ بُعْدٌ وَأُلْحِقَ مَعْرِفَةُ رَائِحَتِهَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ شَرِبَهَا قَطُّ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ شَرِبَهَا وَمَنْ يَسُوقُهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان وَبِرُؤْيَتِهِ إيَّاهَا مُرَاقَةً عَلَى مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِهَا وَإِدْرَاكُ هَذَا عَادَةً ضَرُورِيٌّ. الْبَاجِيَّ وَعَدَدُ مَنْ يَشْهَدُ بِهِ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَمَرَ بِالِاسْتِنْكَاهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يُنْدَبُ أَنْ يَأْمُرَ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ وَجَبَ الْحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ الْإِمَامُ فَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْحَاكِمِ إلَّا وَاحِدٌ رَفَعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ، وَقَالَ أَصْبَغُ عِنْدِي أَنَّهُ يُحَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ، فَإِذَا أَمَرَهُ فَكَأَنَّهُ مُسْتَنَابُهُ. وَإِذَا شَهِدَ بِالشُّرْبِ أَوْ بِالرَّائِحَةِ عَدْلَانِ عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمَا إنْ لَمْ يُخَالَفَا بَلْ (وَإِنْ خُولِفَا) أَيْ الْعَدْلَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا بِرَائِحَتِهَا بِأَنْ شَهِدَ عَدْلَانِ آخَرَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ رَائِحَتَهَا، أَوْ أَنَّهُ شَرِبَ نَبِيذًا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ يُقَدَّمُ عَلَى النَّافِي. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 352 وَإِنْ خُولِفَا وَجَازَ لِإِكْرَاهٍ، وَإِسَاغَةٍ لَا دَوَاءٍ، وَلَوْ طِلَاءً،   [منح الجليل] فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ رَائِحَةُ مُسْكِرٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ رَائِحَةُ غَيْرِ مُسْكِرٍ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهَا رَائِحَةُ مُسْكِرٍ حُدَّ، وَإِنْ شَكَّ الشُّهُودُ فِي الرَّائِحَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّفَهِ نُكِّلَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ خَلَّى سَبِيلَهُ سَمِعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَالْمَوَّازِيَّةِ. قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْتَبَرُ بِقِرَاءَةٍ الَّتِي لَا شَكَّ فِي مَعْرِفَتِهِ بِهَا مِنْ السُّوَرِ الْقِصَارِ فَذَلِكَ مُسْتَحْسِنٌ عِنْدَ الْإِشْكَالِ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ وَاخْتَلَطَ فَقَدْ شَرِبَ مُسْكِرًا فَيُحَدُّ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا وَآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا حُدَّ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَاءَ خَمْرًا حُدَّ وَقَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (وَجَازَ) شُرْبُ الْمُسْكِرِ (لِإِكْرَاهٍ) عَلَيْهِ بِخَوْفِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَيْ انْتَفَتْ حُرْمَتُهُ، لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَالْمَجْنُونِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ جَوَازٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ أَوْ تَكْلِيفِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِ اعْتِبَارِهِ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ. (وَ) جَازَ (لِإِسَاغَةِ) الْغُصَّةِ أَيْقَنَ الْمَوْتَ بِهَا صَوْنًا لِحَيَاةِ النَّفْسِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُحَدُّ الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ. الشَّيْخُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُخْتَصَرِ لَا يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الْخَمْرَ. الْبَاجِيَّ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ غَصَّ بِطَعَامٍ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ فَلَهُ أَنْ يُجَوِّزَهُ بِالْخَمْرِ، وَقَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ. وَلِأَصْبَغَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الدَّمَ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لَا يَشْرَبُهَا لَا تَزِيدُهُ إلَّا شَرًّا. ابْنُ رُشْدٍ تَعْلِيلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِي شُرْبِهَا مَنْفَعَةٌ جَازَ لَهُ شُرْبُهَا، وَاسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِهَذَا التَّعْلِيلِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ فَخَشِيَ الْمَوْتَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسِيغُهَا بِهِ إلَّا الْخَمْرَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. (لَا) يَجُوزُ الْمُسْكِرُ ل (دَوَاءٍ) إنْ كَانَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، بَلْ (وَلَوْ) كَانَ (طِلَاءً) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا أَيْ دِهَانًا عَلَى ظَاهِرِ الْجَسَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ سَمِعَ أَشْهَبُ التَّدَاوِي فِي الْقُرْحَةِ بِالْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا بِالْخَمْرِ. ابْنُ رُشْدٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 353 وَالْحُدُودُ بِسَوْطٍ وَضَرْبٍ: مُعْتَدِلَيْنِ قَاعِدًا، بِلَا رَبْطٍ، وَشَدِّ يَدٍ   [منح الجليل] لِمَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ أَنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَلَمْ يَأْتِ فِي الْبَوْلِ إلَّا أَنَّهُ نَجِسٌ، وَفِي زَاهِي ابْنِ شَعْبَانَ يُتَعَالَجُ بِالْمُسْكِرِ وَإِنْ غُسِلَ بِالْمَاءِ، وَلَا يُدَاوَى بِهِ دُبُرُ الدَّوَابِّ، وَأَمَّا الدَّوَاءُ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَرَدَّدَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ» . (وَالْحُدُودُ) الَّتِي بِالْجِلْدِ كُلُّهَا (بِضَرْبٍ) لَا رَمْيٍ وَلَا حَذْفٍ (وَسَوْطٍ) لَا عَصًا. الْجُزُولِيُّ إنَّمَا يُضْرَبُ بِسَوْطٍ وَصِفَتُهُ كَوْنُهُ مِنْ جِلْدٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ لَهُ رَأْسَانِ، وَكَوْنُ رَأْسِهِ لَيِّنًا وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى، وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ عَقْدَ التِّسْعِينَ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُؤَخِّرُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَدِرَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ (مُعْتَدِلَيْنِ) أَيْ مُتَوَسِّطَيْنِ، فَاعْتِدَالُ الضَّرْبِ بِكَوْنِهِ مِنْ رَجُلٍ مُتَوَسِّطِ الْقُوَّةِ لَا شَدِيدِهَا وَلَا ضَعِيفِهَا، وَكَوْنُهُ مِنْهُ لَا فِي غَايَةِ التَّشْدِيدِ وَلَا فِي غَايَةِ التَّخْفِيفِ وَاعْتِدَالُ السَّوْطِ كَوْنُهُ لَيْسَ جَدِيدًا وَلَا بَالِيًا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ صِفَةُ الضَّرْبِ فِي الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَالتَّعْزِيرِ ضَرْبٌ وَاحِدٌ ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ لَيْسَ بِالْمُبَرِّحِ وَلَا بِالْخَفِيفِ، وَلَمْ يَحُدَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضَمَّ الضَّارِبِ يَدَهُ إلَى جَنْبِهِ، وَلَا يُجْزِي فِي الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ قَضِيبٌ وَشِرَاكٌ وَدِرَّةٌ لَكِنْ السَّوْطُ، وَإِنَّمَا كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلتَّأْدِيبِ، وَصِفَةُ عَقْدِ تِسْعِينَ أَنْ يَعْطِفَ السَّبَّابَةَ حَتَّى تَلْقَى الْكَفَّ وَيَضُمَّ الْإِبْهَامَ إلَيْهَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ. الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَتَوَلَّى ضَرْبَ الْحَدِّ قَوِيٌّ وَلَا ضَعِيفٌ وَلَكِنْ وَسَطٌ مِنْ الرِّجَالِ. مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كُنْت أَسْمَعُ أَنَّهُ يُخْتَارُ لَهُ الْعَدْلُ وَيَضْرِبُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالْمَحْدُودُ قَاعِدٌ لَا يُرْبَطُ، لَا يُمَدُّ وَتُخْلَى لَهُ يَدَاهُ. وَلِأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ضُرِبَ عَلَى ظَهْرِهِ بِالدِّرَّةِ أَجْزَأَ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ حَالَ كَوْنِ الْمَحْدُودِ (قَاعِدًا) لَا قَائِمًا وَلَا مَمْدُودًا (بِلَا رَبْطٍ) لَهُ بِشَيْءٍ (وَ) بِلَا (شَدٍّ) أَيْ رَبْطٍ أَوْ مَسْكِ (يَدٍ) مِنْ الْمَحْدُودِ إلَّا أَنْ يَضْطَرِبَ اضْطِرَابًا لَا يَصِلُ الضَّرْبُ مَعَهُ إلَى مَوْضِعِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 354 بِظَهْرِهِ، وَكَتِفَيْهِ، وَجُرِّدَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ وَنُدِبَ جَعْلُهَا فِي قُفَّةٍ، وَعَزَّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ حَبْسًا، وَلَوْمًا، وَبِالْإِقَامَةِ، وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ، وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ   [منح الجليل] وَيُضْرَبُ (بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ جَسَدِهِ (وَجُرِّدَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ) مِمَّا يَقِي (الضَّرْبَ) مِنْ الثِّيَابِ، وَظَاهِرُهُ تَسَاوِيهِمَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ شَيْءٌ " ق " فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ لِلضَّرْبِ وَيُتْرَكُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ جَسَدَهَا وَلَا يَقِيهَا الضَّرْبَ. (وَ) إذَا حُدَّتْ الْمَرْأَةُ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (جَعْلُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ حَالَ حَدِّهَا (فِي قُفَّةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مُثَقَّلًا، وَلَمَّا بَلَغَ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ فَعَلَهُ أَعْجَبَهُ. زَادَ اللَّخْمِيُّ وَيُجْعَلُ تَحْتَهَا تُرَابٌ مَبْلُولٌ بِمَاءٍ لِلسَّتْرِ (وَعَزَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أَدَّبَ وَعَاقَبَ (الْإِمَامُ) أَيْ الْحَاكِمُ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ نَائِبَهُ (لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ) تَعَالَى مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا حَقَّ لِآدَمِيٍّ فِيهَا، بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ كَتَعَمُّدِ الْفِطْرِ بِرَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالتَّفْرِيطِ فِي الطَّهَارَةِ وَتَرْكِ شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ الصَّلَاةُ (أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ) كَشَتْمِهِ أَوْ ضَرْبِهِ وَلَا يَخْلُو عَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، إذْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مُكَلَّفٍ تَرْكُهُ أَذَاهُ لِغَيْرِهِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْآدَمِيِّ جُعِلَ قَسِيمًا لِلْأَوَّلِ، فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ (حَبْسًا وَلَوْمًا) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ، أَيْ تَوْبِيخًا بِالْكَلَامِ. (وَبِالْإِقَامَةِ) مِنْ الْمَجْلِسِ، أَيْ أَمَرَهُ بِالْوُقُوفِ عَلَى قَدَمَيْهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ (وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ) مِنْ رَأْسِهِ (وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَعَصًا وَدِرَّةٍ وَإِنْ جَاءَ فَاعِلُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى تَائِبًا سَقَطَ تَعْزِيرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا، وَالتَّأْدِيبُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٌ مُطْلَقًا، وَلِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَاجِبٌ إنْ قَامَ بِهِ. وَشَرْطُ التَّعْزِيرِ لِمَعْصِيَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 355 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اللَّهِ تَعَالَى الِاتِّفَاقُ عَلَى تَحْرِيمِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عِنْدَ الَّذِي رُفِعَتْ إلَيْهِ وَغَيْرَ مُحَرَّمَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَا يُعَزِّرُهُ إذَا قَوِيَ دَلِيلُ حِلِّهَا وَإلَّا فَيُعَزِّرُهُ، وَصِفَتُهُ كَالْجَلْدِ، لَكِنْ يَكُونُ بِالدِّرَّةِ وَالْعَصَا أَيْضًا. ابْنُ عَرَفَةَ وَمُوجَبُ الْمَعْصِيَةِ غَيْرِ الْمُوجِبَةِ حَدًّا عُقُوبَةُ فَاعِلِهَا إنْ رُفِعَ لِلْإِمَامِ، وَفِي قَذْفِهَا. وَأَمَّا النَّكَالُ وَالتَّعْزِيرُ فَيَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَالنَّكَالُ وَانْتَهَى أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالْمُرُوءَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ طَائِرَةٌ مِنْهُ تَجَافَى مِنْهُ السُّلْطَانُ وَإِنْ عُرِفَ بِالْأَذَى ضُرِبَ النَّكَالَ. الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْفَعَ وَيَسْتُرَ مَنْ تَكُونُ مِنْهُ الزَّلَّةُ، وَأَمَّا الْمُعْلِنُ فَأَهْلٌ لَأَنْ يُوجَعَ وَيُزْجَرَ. قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ لَهُ جَارُ سُوءٍ يُظْهِرُ مَا لَا يَنْبَغِي فِي الْإِسْلَامِ هَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَ يَقْدَمُ إلَيْهِ وَيَنْهَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فَلْيَدُلَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَشَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْلًا فَرَأَى نَارًا فِي بَيْتٍ فَأَتَى إلَيْهَا فَإِذَا بِقَوْمٍ يَشْرَبُونَ وَفِيهِمْ شَيْخٌ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكُمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا نَحْنُ بِأَعْظَمَ مِنْك ذَنْبًا تَجَسَّسْتَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12] وَاقْتَحَمْتَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} [البقرة: 189] ، وَدَخَلْتَ بِلَا إذْنٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} [النور: 27] وَخَاطَبْتنَا بِمَا قُلْت، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ} [الحجرات: 11] فَاحْتَشَمَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ ذَرُوا هَذِهِ بِهَذِهِ وَتَرَكَهُمْ. وَسَمِعَ أَشْهَبُ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا كَلْبُ فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ إمَّا أَنْ يُقَالَ لِذِي الْفَضْلِ وَالْهَيْئَةِ وَالشَّرَفِ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ يُقَالُ لِدَنِيءٍ. ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ الْقَائِلُ عُقُوبَةً خَفِيفَةً يُهَانُ بِهَا وَلَا يُبْلَغُ بِهِ السِّجْنَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ الْقَائِلُ أَشَدَّ عُقُوبَةِ الْأَوَّلِ، وَيُبْلَغُ بِهِ فِيهَا السِّجْنَ وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ غَيْرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 356 وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ   [منح الجليل] ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالتَّوْبِيخِ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْإِهَانَةَ وَالسِّجْنَ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ، وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَاقِبُونَ الرَّجُلَ عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْرِ جِنَايَتِهِ مِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَحَافِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إزَارُهُ. قُلْت وَمِمَّا جَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ ضَرْبُ الْقَفَا مُجَرَّدًا عَنْ سَاتِرٍ بِالْأَكُفِّ. وَيَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْحَدِّ أَوْ قَدْرَهُ، بَلْ (وَإِنْ زَادَ) الضَّرْبُ (عَلَى الْحَدِّ) الشَّرْعِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ الْمَشْهُورُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي صِحَّةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَدِّ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِعِظَمِ جُرْمِ الْجَانِي وَمَنْعُهَا قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَغَيْرِهِ لِنَقْلِ الشَّيْخِ رِوَايَةَ مُطَرِّفٍ مَنْ أَخَذَ سَكْرَانَ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَدْ آذَى النَّاسَ بِرَمْيٍ أَوْ سَيْفٍ أَرَى أَنْ يُزَادَ فِي عُقُوبَتِهِ فَيُبْلَغُ بِهِ مَعَ الْحَدِّ نَحْوَ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ وَالْمِائَتَيْنِ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ لَا يُزَادُ عَلَى الْحَدِّ، وَرَوَى مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ لَا يُجْلَدُ فَوْقَ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. الْمَازِرِيُّ هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِأَنَّهُ يُجِيزُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَوْقَ الْحُدُودِ، لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ضَرَبَ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ مِائَةً، وَضَرَبَ ضُبَيْعًا أَكْثَرَ مِنْ الْحَدِّ، وَتَأَوَّلَ أَصْحَابُنَا الْحَدِيثَ عَلَى قَصْرِهِ عَلَى زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ كَانَ يَكْفِي الْجَانِي مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرَ. عِيَاضٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ أَشْهَبُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ. وَاخْتَلَفَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ مَا تَقَدَّمَ، وَعَنْهُ فِي التُّهْمَةِ بِالْخَمْرِ وَالْفَاحِشَةِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ سَوْطًا وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْحَدَّ، وَمَالَ إلَيْهِ أَصْبَغُ وَنَحْوُهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ. قَالَ لَا يَبْلُغُ ضَرْبُ السُّلْطَانِ فِي الْأَدَبِ الْحَدَّ أَبَدًا. وَقَالَ أَشْهَبُ مُؤَدِّبُ الصِّبْيَانِ لَا يَضْرِبُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ، فَإِنْ زَادَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ شَاسٍ الْأَبُ يُؤَدِّبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ دُونَ الْكَبِيرِ وَمُعَلِّمُهُ بِإِذْنِهِ. قُلْت لِأَنَّ تَرْكَ تَأْدِيبِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 357 أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ، وَضَمِنَ مَا سَرَى:   [منح الجليل] يُكْسِبُهُ فَسَادًا، ثُمَّ قَالَ لِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ لِأَنَّهُ صَلَاحٌ لَهُ، ثُمَّ قَالَ وَلِلزَّوْجِ تَأْدِيبُ زَوْجَتِهِ فِي مَنْعِهَا حَقَّهَا، وَلِذَا قِيلَ تَدْمِيَتُهَا عَلَيْهِ لَغْوٌ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِضَرْبٍ مَخُوفٍ فَلَا يَجُوزُ تَعْزِيرُهَا، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ فِي التَّعْزِيرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا دُونَ الْحَدِّ وَلَا لَهُ الِانْتِهَاءُ بِهِ إلَى الْقَتْلِ. وَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَمَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِضَرْبِ شَخْصٍ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ وُجِدَ مَعَ صَبِيٍّ مُجَرَّدًا فَانْتَفَخَ وَمَاتَ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَسَوَاءٌ سَلِمَ الْمُعَزَّرُ (أَوْ أَتَى) تَعْزِيرُهُ (عَلَى النَّفْسِ) بِأَنْ مَاتَ مِنْهُ إنْ ظَنَّ الْإِمَامُ سَلَامَتَهُ (وَ) إلَّا (ضَمِنَ) الْإِمَامُ (مَا سَرَى) أَيْ تَرَتَّبَ عَلَى تَعْزِيرِهِ، فَإِنْ مَاتَ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَإِنْ تَلِفَتْ لَهُ مَنْفَعَةٌ ضَمِنَ دِيَتَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالصَّنْعَةِ إنْ ضَرَبَ صَبِيًّا مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ مِنْهُ لِأَدَبِهِ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ جَاوَزَ بِهِ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ. عج الْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ: الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ نَقْصٌ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ. وَاخْتُلِفَ فِي ضَمَانِهِ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا، وَهَذَا يُفِيدُهُ مَا فِي النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَعَزَاهُ الْمُوَضِّحُ لِلْجُمْهُورِ. الثَّانِيَةُ، أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّهِ عَدَمَ سَلَامَتِهِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ سَوَاءٌ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَنْشَأُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَفْعَلَ مَعَ شَكِّهِ فِي سَلَامَتِهِ وَعَدَمِهَا، وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. طفي قَوْلُهُ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ. تت مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ، ثُمَّ قَالَ وَإِلَّا ضَمِنَ زَادَ فِي كَبِيرِهِ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ لَا مُنَاقَضَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا صُعُوبَةٌ إذْ الْوُلَاةُ مَأْمُورُونَ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْزِيرِ فَتَضْمِينُهُمْ مَا سَرَى إلَيْهِ التَّعْزِيرُ مَعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 358 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَمْرِهِمْ بِهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَأَشَدُّ مِنْهُ الْإِقَادَةُ مِنْهُمْ وَعَلَى إشْكَالِهِ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ: أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ مَكْتُوفًا وَقَالَ لَهُ ... إيَّاكَ إيَّاكَ أَنْ تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ وَتَقْرِيرُهُ الَّذِي زَعَمَ دَفْعَ الْمُنَاقَضَةِ بِهِ وَالْإِشْكَالَ أَصْلُهُ لِشَيْخِهِ دَاوُد، وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَخِلَافُ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ، قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَنْتَهِي لِلْقَتْلِ، أَيْ لَا يُؤَدِّبُهُ بِقَتْلِهِ وَيُحْتَمَلُ لَا يَنْتَهِي فِي تَأْدِيبِهِ بِالضَّرْبِ إلَى مَا يُخْشَى مِنْهُ قَتْلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ يَضْرِبُهُ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ، وَرُوِيَ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِ شَخْصٍ وُجِدَ مَعَ صَبِيٍّ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ قَدْ جَرَّدَهُ وَضَمَّهُ إلَى صَدْرِهِ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ فَانْتَفَخَ وَمَاتَ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". اهـ. فَقَدْ اسْتَظْهَرَ جَوَازَ التَّأْدِيبِ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّلَامَةِ. وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وتت مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ، فَكَيْفَ يُقَيِّدُهُ بِظَنِّ سَلَامَتِهِ وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّعْزِيرُ جَائِزٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ، فَإِنْ سَرَى فَعَلَى الْعَاقِلَةِ مَا نَصُّهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ غَالِبًا فِي الذِّهْنِ، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَلِظَاهِرِ الْحِكَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ وَغَيْرَهُ إذَا جَازَتْ لَهُ الْعُقُوبَةُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَتَضْمِينُهُمْ مَعَ أَمْرِهِمْ بِهِ كَتَكْلِيفٍ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَفِي الْإِكْمَالِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَ مِنْ التَّعْزِيرِ فَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَقِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ. فَأَنْتَ تَرَاهُ اعْتَرَضَ تَقْيِيدَ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورَ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَلِذَا حَادَ عَنْهُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَتَقْرِيرُهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مَا سَرَى خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِي تَرْتِيبِهِمْ الضَّمَانَ عَلَى فِعْلِهِ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ نَفْسُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَالْمُصَنِّفِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ عِنْدَهُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 359 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الضَّمَانَ، وَلِكَوْنِهِ مُرَتَّبًا عَلَى فِعْلِ الْجَائِزِ أَتَى اسْتِشْكَالُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ سَلَّمَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَلَا سَلَفَ لتت فِيمَا قَالَهُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ سِوَى اخْتِيَارَاتٍ لِبَعْضِ الشَّارِحِينَ لَا مُسَاعِدَ لَهَا مِنْ النَّقْلِ فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَتَرْتِيبُ الضَّمَانِ عَلَى ذَلِكَ الظَّاهِرِ وَسَلَفُ الْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ اخْتَلَفَ مُتَأَخِّرُو شُيُوخِنَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِيمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ أَوْ فَعَلَ مَا يُبَاحُ لَهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُبِيحَ كَالْحَاكِمِ وَضَارِبِ الْحَدِّ وَالْمُؤَدِّبِ وَالزَّوْجِ وَالْخَاتِنِ وَالطَّبِيبِ، فَقِيلَ ذَلِكَ كَالْخَطَأِ وَيَدْخُلُهَا الِاخْتِلَافُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْبَاجِيَّ. وَقِيلَ إذَا كَانَ إنَّمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ وَحَيْثُ يَجُوزُ وَلَا يُعَدُّ غَلَطًا وَلَا قَصْدًا فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ اللَّعِبِ، وَيَدْخُلُهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ مُطَرِّفٍ، وَمَذْهَبُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ خَطَأٌ أَوْ عَمْدٌ أَوْ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِقَوْلِهِ التَّعْزِيرُ جَائِزٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَابْنُ شَاسٍ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، أَيْ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمَا بَقَاءُ التَّفْرِيعِ، فَإِنْ سَرَى فَعَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ. كَلَامُ طفي وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَاخْتَصَرَهُ. قُلْت هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ طفي عَظِيمَةٌ وَغَلْطَةٌ جَسِيمَةٌ صَيَّرَ فِيهَا الْحَقَّ بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ حَقًّا وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْظُرُ بِقَطْعِ السَّارِقِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ اعْتِدَالَ الْهَوَاءِ وَلَا يُفْعَلُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُخَافُ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ مَوْتُهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَجَبَ حَدُّهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى بُرْئِهِ وَأَنَّ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ مُوَالَاةِ الْحَدِّ يُفَرَّقُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُطِقْهُ بِالْكُلِّيَّةِ يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ الْحَدِّ فَكَيْفَ فِي التَّعْزِيرِ الَّذِي هُوَ دُونَهُ أَيُفْعَلُ مَعَ خَوْفِ الْمَوْتِ مِنْهُ. وَأَيْضًا فَقَدْ قَالُوا لَيْسَ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ بِالْقَتْلِ فَكَيْفَ يُقَالُ يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَسِيلَةَ تُعْطَى حُكْمَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ التَّعْزِيرِ بِالْقَتْلِ امْتِنَاعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 360 كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ، أَوْ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ، وَلَوْ إذْنَ عَبْدٍ بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ، أَوْ خِتَانٍ؛   [منح الجليل] التَّعْزِيرِ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ الْمُنْتَهِي لِلْمَوْتِ قَتْلٌ، وَقَدْ قَالُوا لَا يَنْتَهِي الْإِمَامُ فِي التَّأْدِيبِ لِلْقَتْلِ، وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالصَّنْعَةِ إنْ ضَرَبَ صَبِيًّا مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ فِيهِ لِأَدَبِهِ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِنْ جَاوَزَ بِهِ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ، وَهَذَا نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ السَّلَامَةِ فِي جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى التَّأْدِيبِ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا، وَهَذَا سَلَفُ دَاوُد وتت وَمَنْ وَافَقَهُمَا، وَجَوَابُهُمْ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهُ، وَمَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ فِيهِ، وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَتَخَلَّفَ الظَّنُّ. وَأَمَّا الْقُدُومُ فَشَرْطُهُ ظَنُّ السَّلَامَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ مِنْ التَّعْزِيرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْحَدَّ لَا يَسْتَوْجِبُ الْحَدَّ فَضْلًا عَنْ الْقَتْلِ عَلَى أَنَّ اسْتِيجَابَ الْحَدِّ لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِيجَابَ الْقَتْلِ، بَلْ مِنْهُ مَا يَسْقُطُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَزِنَا الْبِكْرِ فَاسْتِشْكَالُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَنْظِيرُ الْمُوَضِّحِ فِي شَرْطِ عِلْمِ السَّلَامَةِ وَتَعَقُّبُ طفي كُلُّ ذَلِكَ قُصُورٌ وَغَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ وَعَمَّا هُنَا، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. وَشَبَّهَ فِي ضَمَانِ مَا سَرَى فَقَالَ (كَطَبِيبٍ جَهِلَ) قَوَاعِدَ الطِّبِّ فَدَاوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ وَأَتْلَفَ الْمَرِيضَ بِمُدَاوَاتِهِ أَوْ أَحْدَثَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ) عَلِمَ قَوَاعِدَ التَّطْبِيبِ وَ (قَصَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي تَطْبِيبِهِ فَسَرَى لِلتَّلَفِ أَوْ التَّعْيِيبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ) عَلِمَ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَطَبَّبَ مَرِيضًا (بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ فَأَتْلَفَهُ أَوْ عَيَّبَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (أَوْ) طَبَّبَ بِإِذْنٍ (غَيْرِ مُعْتَبَرٍ) لِكَوْنِهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ رَقِيقٍ إذَا كَانَ الْإِذْنُ فِي قَطْعِ يَدٍ مَثَلًا، بَلْ (وَلَوْ إذْنَ) مَنْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ (بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ خِتَانٍ) فَأَدَّى إلَى تَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَالَجَ الْمَرِيضَ فَسَقَاهُ فَمَاتَ مِنْ سَقْيِهِ، أَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 361 وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ؛   [منح الجليل] كَوَاهُ فَمَاتَ مِنْ كيه، أَوْ قَطَعَ مِنْهُ شَيْئًا فَمَاتَ مِنْ قَطْعِهِ، أَوْ خَتَنَ الْحَجَّامُ الصَّبِيَّ فَمَاتَ مِنْ خَتْنِهِ، أَوْ قَلَعَ ضِرْسَ الرَّجُلِ فَمَاتَ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِهِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ لَمْ يُخْطِئَا فِي فِعْلِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ السُّلْطَانِ إلَى الْأَطِبَّاءِ وَالْحَجَّامِينَ أَنْ لَا يَقْدَمُوا عَلَى مَا فِيهِ غَرَرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَفَعَلُوهُ بِلَا إذْنِهِ فَنَشَأَ مِنْهُ مَوْتٌ أَوْ تَلَفُ حَاسَّةٍ أَوْ عُضْوٍ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَهَذَا خِلَافُ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ أَخْطَأَ كَأَنْ سَقَى الْمَرِيضَ مَا لَا يُوَافِقُ مَرَضَهُ فَمَاتَ أَوْ زَلَّتْ يَدُ الْخَاتِنِ أَوْ الْقَاطِعِ فَتَجَاوَزَ فِي الْقَطْعِ أَوْ الْكَاوِي فَتَجَاوَزَ فِي الْكَيِّ فَمَاتَ مِنْهُ، أَوْ قَلَعَ الْحَجَّامُ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَغِرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ أَمَرَهُ عَبْدٌ أَنْ يَخْتِنَهُ أَوْ يَحْجِمَه أَوْ يَقْطَعَ عِرْقَهُ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا يَجُوزُ لَهُ مِنْ طَبِيبٍ وَشِبْهِهِ فَتَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَلَاكُ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَوْ أَخْطَأَ فِيهِ أَوْ فِي مُجَاوِرِهِ أَوْ قَصَّرَ فَالضَّمَانُ كَالْخَطَأِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الضَّمَانِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ (وَكَتَأْجِيجِ) أَيْ إيقَادِ (نَارٍ فِي يَوْمٍ) أَيْ وَقْتِ رِيحٍ (عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ فَأَحْرَقَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مَنْ أَجَّجَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْهَا مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضٍ نَارًا أَوْ مَاءً فَوَصَلَ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ إلَيْهَا فَتَحَامَلَتْ النَّارُ بِرِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ وُصُولُ ذَلِكَ إلَيْهَا لِقُرْبِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ وَمَا قَتَلَتْ النَّارُ مِنْ نَفْسٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ مُرْسِلِهَا. وَشَبَّهَ ابْنُ رُشْدٍ بِهَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ طَبَخَ سُكَّرًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 362 وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ مَالٍ، وَأُنْذِرَ صَاحِبُهُ،   [منح الجليل] فِي قِدْرٍ سَتَرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِقَصَبٍ وَكَانَ صَبِيٌّ نَائِمًا خَلْفَ الْقَصَبِ لَا عِلْمَ لِلطَّابِخِ بِهِ فَفَارَتْ الْقَدْرُ بِمَا فِيهَا فَأَصَابَ الصَّبِيَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مَا قَتَلَتْهُ النَّارُ يُنْظَرُ فِيهِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ إيقَادُهَا وَمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ. قُلْت يُرِيدُ سُقُوطَ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَثُبُوتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي. أَشْهَبُ إنْ تَخَاوَفُوا عَلَى زُرُوعِهِمْ فَقَامُوا لِرَدِّهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَهَدَرٌ لَا دِيَةَ لَهُمْ عَلَى عَاقِلَةٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ أَشْعَلَ نَارًا فِي حَائِطٍ فَعَدَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ مِنْ زَرْعٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ غَيْرِهَا فَقَالَ عَلَيْهِ غُرْمُ مَا أَشْعَلَ فِيهِ لَا مَا عَدَتْ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُقَوَّمُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِي هَذَا الْأَصْلِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ كِنَانَةَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُتَعَدِّي، وَالضَّمَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قَصَدَهُ حَيْثُ أَوْقَدَ النَّارَ حِينَ هُبُوبِ الرِّيحِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيمَا لَمْ يَقْصِدْهُ عَدَمُهُ فِيمَا قَصَدَهُ، وَجَوَابُ ابْنِ كِنَانَةَ هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ الْمَذْهَبَ خِلَافَ مُقْتَضَى نَقْلِ أَبِي حَفْصٍ عَنْهُ، فَفِي كِتَابِ الدُّورِ مِنْهَا أَنَّ شَرْطَ رَبِّ الدَّارِ عَلَى مُكْتَرِيهَا أَنْ لَا يُوقِدَ فِيهَا نَارًا فَأَوْقَدَ الْمُكْتَرِي فِيهَا نَارًا لِخُبْزِهِ فَأَحْرَقَتْ الدَّارَ ضَمِنَ. اللَّخْمِيُّ إنْ أَحْرَقَتْ الدَّارَ وَغَيْرَهَا ضَمِنَ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ فَقَطْ إنْ كَانَ الْإِيقَادُ بِصِفَةِ لَوْ أَذِنَ رَبُّ الدَّارِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ يَلِيهِ فِيهِ مَقَالٌ. وَإِنْ كَانَ بِصِفَةٍ يَكُونُ لِجَارِهِ مَنْعُهُ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا احْتَرَقَ. بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهَا إنْ أَحْرَقَتْ فُرْنُهُ دُورَ جِيرَانِهِ فَهُوَ غَيْرُ ضَامِنٍ أَنَّ هَذَا فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ لَوْلَا الشَّرْطُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِسَارِقٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا يَسْقُطُ فِيهَا مِنْ سَارِقٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ، وَمِثْلُهُ نَقْلُ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ. وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الضَّمَانِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ أَيْضًا فَقَالَ (وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ) أَيْ حَائِطٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ (مَالَ) أَيْ حَدَثَ مَيَلَانُهُ مَيَلَانًا غَيْرَ ظَاهِرٍ بَعْدَ بِنَائِهِ مُسْتَقِيمًا فَإِنْ كَانَ بَنَاهُ مَائِلًا فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا (وَأُنْذِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُعْلِمَ بِمَيَلَانِهِ وَطُلِبَ بِإِصْلَاحِهِ (صَاحِبُهُ) وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 363 وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ   [منح الجليل] قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ وَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، فَإِنْ ظَهَرَ مَيَلَانُهُ وَتَرَاخَى فِي إصْلَاحِهِ حَتَّى سَقَطَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يُنْذَرْ (وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ) بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ تَرْمِيمُهُ أَوْ هَدْمُهُ أَوْ إسْنَادُهُ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى سَقَطَ، فَإِنْ لَمْ يَمِلْ أَوْ لَمْ يُنْذَرْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُهُ بَعْدَ الْإِنْذَارِ بِأَنْ سَقَطَ عَقِبَهُ بِلَا تَأَخُّرٍ يُمْكِنُ فِيهِ تَدَارُكُهُ فَلَا يَضْمَنُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُعْتَبَرُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ مَنْ لَهُ النَّظَرُ. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ صَاحِبُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ مَثَلًا لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ هَدْمُهُ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَالضَّمَانُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ. وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يَقْضِيَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِهَدْمِهِ وَلَا يَفْعَلُهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ حَتَّى يَبْلُغَ حَدًّا يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْمُهُ فِيهِ لِشِدَّةِ مَيَلَانِهِ وَيَتْرُكُهُ فَيَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إشْهَادٌ وَحُكْمٌ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ مَنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ عَلَى رَأْسِ إنْسَانٍ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَكَذَا الظُّلَّةُ وَالْعَسْكَرُ. قُلْت هُوَ قَوْلُهَا مَعَ غَيْرِهَا وَمَا شَرَعَ الرَّجُلُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِيزَابٍ أَوْ ظُلَّةٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ سَرْبٍ لِلْمَاءِ أَوْ لِلرِّيحِ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، أَوْ حَفَرَ شَيْئًا يَجُوزُ لَهُ فِي دَارِهِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ بِئْرًا لِمَطَرٍ أَوْ مِرْحَاضٍ إلَى جَانِبِ حَائِطِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا عَطِبَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَفِيهَا وَالْحَائِطُ الْمَخُوفُ إذَا أُشْهِدَ عَلَى رَبِّهِ بِهِ ثُمَّ عَطِبَ بِهِ أَحَدٌ فَرَبُّهُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدُوا عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ. قُلْت فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الْمَائِلِ لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَأَحْرَى فِي غَيْرِ الْمَائِلِ. الصِّقِلِّيُّ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ بَلَغَ مَا لَا يَجُوزُ لِرَبِّهِ تَرْكُهُ لِشِدَّةِ مَيْلِهِ وَالتَّغْرِيرِ فِيهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي هَدْمِ حَائِطٍ عَلَى حُسْنِ نَظَرٍ لِلرَّعِيَّةِ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَأَمَّا نَهْيُ النَّاسِ وَإِشْهَادُهُمْ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ. وَحُكِيَ عَنْ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إنْ أَنْكَرَ مَا قِيلَ مِنْ غَرِّ الْحَائِطِ اُحْتِيجَ إلَى التَّقَدُّمِ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ حَائِطَهُ مُخِيفٌ نَفَعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ دُونَ حُكْمٍ. ابْنُ شَاسٍ إنْ مَالَ وَلَمْ يُتَدَارَكْ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْإِنْذَارِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 364 أَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ فَقَلَعَ أَسْنَانَهُ   [منح الجليل] وَالْإِشْهَادِ وَجَبَ الضَّمَانُ فَجَعَلَ الْإِمْكَانَ شَرْطًا وَهُوَ صَوَابٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا ضَمِنَ مُطْلَقًا وَاضِحٌ، وَمَا صَنَعَهُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ مَا أُصِيبَ بِذَلِكَ. (أَوْ عَضَّهُ) أَيْ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ مَعْصُومًا (فَسَلَّ) الْمَعْضُوضُ (يَدَهُ فَقَلَعَ) الْمَعْضُوضُ (أَسْنَانَهُ) أَيْ الْعَاضِّ. الْحَطّ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ هَلْ دِيَةُ أَسْنَانِهِ أَوْ الْقَوَدُ. وَفِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ ضَمِنَ أَسْنَانَهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي دِيَةَ أَسْنَانِهِ وَالْأَصَحُّ عَبَّرَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْمَشْهُورِ، وَنُقِلَ مُقَابِلُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ «رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَك» . زَادَ أَبُو دَاوُد وَإِنْ شِئْت أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ يَدِك فَيَعَضَّهَا ثُمَّ تَنْزِعَهَا مِنْ فِيهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَعْضُوضَ لَمْ يُمْكِنْهُ النَّزْعُ إلَّا بِذَلِكَ، وَحُمِلَ تَضْمِينُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ بِرِفْقٍ بِحَيْثُ لَا تَنْقَلِعُ أَسْنَانُ الْعَاضِّ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّيَادَةِ فَلِذَلِكَ ضَمَّنُوهُ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا دِيَةَ لَك» ، وَفِي رِوَايَةٍ فَأَبْطَلَهُ قَوْلُهُ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْقِصَاصِ فِيمَا عَلِمْت، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الضَّمَانِ فَأَسْقَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَضَمَّنَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَنَزَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ نَزْعُ يَدِهِ بِرِفْقٍ فَانْتَزَعَهَا بِعُنْفٍ. وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَحَرِّكَ الثَّنَايَا وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْ صَرِيحِ الْحَدِيثِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ مِنْ مُوَافَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَهُوَ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ. وَفِي مُسْلِمٍ «مَا دَفَعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 365 أَوْ نَظَرَ لَهُ مِنْ كَوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ فَالْقَوَدُ، وَإِلَّا فَلَا:   [منح الجليل] يَدَك حَتَّى يَقْضَمَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا» . الْقُرْطُبِيُّ هُوَ أَمْرٌ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «بِمَ تَأْمُرُنِي تَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَهُ أَنْ يَدَعَ يَدَهُ فِي فِيك تَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ» ، فَمَعْنَاهُ أَنَّك لَا تَدَعُ يَدَك فِي فِيهِ يَقْضَمُهَا، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ. اهـ. زَادَ النَّوَوِيُّ فَكَيْفَ تُنْكِرُ عَلَيْهِ نَزْعَ يَدِهِ مِنْ فِيك وَتَطْلُبُ بِمَا جَنَى فِي جَبْذَتِهِ. وَيَقْضَمُهَا بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُضَارِعُ قَضِمَ بِكَسْرِهَا، يُقَالُ قَضِمَتْ الدَّابَّةُ شَعِيرَهَا إذَا أَكَلَتْهُ بِأَطْرَافِ أَسْنَانِهَا. وَخَضَمَتْهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ إذَا أَكَلَتْهُ بِفِيهَا كُلِّهِ، وَقِيلَ الْخَضْمُ أَكْلُ الرُّطَبِ، وَالْقَضْمُ أَكْلُ الْيَابِسِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَسَنِ يَخْضِمُونَ وَيَقْضِمُونَ، وَالْمَوْعِدُ الْقِيَامَةُ، وَالْفَحْلُ ذَكَرُ الْإِبِلِ. (أَوْ نَظَرَ) شَخْصٌ (لَهُ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي فِي بَيْتِهِ الْمَغْلُوقِ عَلَيْهِ بَابُهُ (مِنْ كَوَّةٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ طَاقَةٍ (فَقَصَدَ) الْمَنْظُورُ إلَيْهِ (عَيْنَهُ) أَيْ النَّاظِرِ بِرَمْيِهَا بِنَحْوِ حَصَاةٍ أَوْ نَخَسَهَا بِنَحْوِ عُودٍ فَفَقَأَهَا (فَالْقَوَدُ) أَيْ الْقِصَاصُ مِنْ عَيْنِ الْمَنْظُورِ لَهُ حَقٌّ لِلنَّاظِرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَنْظُورُ عَيْنَ النَّاظِرِ بِأَنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ زَجْرِهِ فَصَادَفَ عَيْنَهُ (فَلَا) قَوَدَ عَلَى الْمَنْظُورِ وَفِي عَيْنِ النَّاظِرِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَنْظُورِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ غَازِيٍّ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْحَطّ وَابْنِ مَرْزُوقٍ، وَنَصُّ الْحَطّ هَذَا أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَضْمُونَ أَيْضًا هَلْ هُوَ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَوْ رَمَى إنْسَانٌ أَحَدًا يَنْظُرُ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَلَى إثْبَاتِ الضَّمَانِ وَأَقَلُّهُمْ نَفْيَهُ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَبِالثَّانِي الشَّافِعِيُّ، فَأَمَّا نَفْيُهُ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ امْرُؤٌ اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنٍ فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْك جُنَاحٌ» ، وَأَمَّا إثْبَاتُهُ فَلِأَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إنْسَانٌ لِعَوْرَةِ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَسْتَبِيحُ فَقْءَ عَيْنِهِ، فَالنَّظَرُ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يُسْتَبَاحَ بِهِ. وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ رَمَاهُ لِيُنَبِّهَهُ عَلَى أَنَّهُ فَطِنَ بِهِ أَوْ لِيَدْفَعَهُ عَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 366 كَسُقُوطِ مِيزَابٍ أَوْ بَغْتِ رِيحٍ لِنَارٍ: كَحَرْقِهَا قَائِمًا لِطَفْئِهَا وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ   [منح الجليل] ذَلِكَ غَيْرَ قَاصِدٍ فَقْءَ عَيْنِهِ فَانْفَقَأَتْ عَيْنُهُ خَطَأً فَالْجُنَاحُ مُنْتَفٍ، وَهُوَ الَّذِي نُفِيَ فِي الْحَدِيثِ. وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَا ذِكْرَ لَهَا فِيهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْقُرْطُبِيِّ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالضَّمَانِ يَقُولُونَ سَوَاءً قَصَدَ فَقْءَ عَيْنِهِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ فَقْءَ عَيْنِهِ فَفِعْلُهُ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ. وَإِنْ قَصَدَ فَقْءَ عَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقَوَدَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى حَرِيمِ إنْسَانٍ مِنْ كَوَّةٍ أَوْ صِيرِ بَابٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ عَيْنِهِ بِمِدْرَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَفِيهِ الْقَوَدُ إنْ فَعَلَ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِنْذَارِ فِي كُلِّ دَفْعٍ، وَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ قَصْدُ عَيْنِهِ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالضَّمَانُ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ أَوْ نَظَرَ مِنْ كَوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ هُوَ الْقَوَدُ، وَاَلَّذِي نُفِيَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا هُوَ الْقَوَدُ أَيْضًا دُونَ الدِّيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالصِّيرُ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ شَقُّ الْبَابِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ ضَمَانُ الْقَوَدِ فَقَطْ، وَأَمَّا ضَمَانُ الدِّيَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عَلِمْت، وَالنَّفْيُ فِي الْمُشَبَّهِ ضَمَانُ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ مَعًا فَقَالَ (كَسُقُوطِ مِيزَابٍ) مِنْ بَيْتٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُصَنِّفِ يَنْبَغِي إجْرَاءُ هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْجِدَارِ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مَنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ إلَخْ (أَوْ بَغْتِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَجْءِ (رِيحٍ لِنَارٍ) مُوقَدَةٍ وَقْتَ سُكُونِهَا فَأَشْعَلَتْهَا وَنَقَلَتْهَا حَتَّى أَحْرَقَتْ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُوقِدِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا. وَفِي نَفْيِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فَقَالَ (كَحَرْقِهَا) أَيْ النَّارِ شَخْصًا (قَائِمًا لِطَفْئِهَا) خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَيْتِهِ أَوْ زَرْعِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ مُوقِدُهَا وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ لَوْ كَانُوا لَمَّا خَافُوا عَلَى زَرْعِهِمْ مِنْ النَّارِ قَامُوا لِرَدِّهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَدِمَاؤُهُمْ هَدَرٌ إلَخْ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أُوقِدَتْ فِي يَوْمٍ عَاصِفِ الرِّيحِ. (وَجَازَ) أَيْ لَا يُمْنَعُ (دَفْعُ) آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ (صَائِلٌ) أَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 367 بَعْدَ الْإِنْذَارِ لِلْفَاهِمِ، وَإِنْ عَنْ مَالٍ وَقَصْدُ قَتْلِهِ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ. لَا جُرْحٌ، إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ،   [منح الجليل] مُقْبِلٍ عَلَى شَخْصٍ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخْذِ حَرِيمِهِ أَوْ مَالَهُ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) أَيْ الْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ يُقَاتِلُهُ (لِلْفَاهِمِ) لِلْخِطَابِ لَا لِمَجْنُونٍ وَبَهِيمٍ إنْ كَانَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسٍ أَوْ حَرِيمٍ، بَلْ (وَإِنْ عَنْ مَالٍ) وَيَدْفَعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ وَلَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ، فَإِنْ أَدَّى دَفْعَهُ إلَى قَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّافِعِ (وَ) جَازَ لِلدَّافِعِ (قَصْدُ قَتْلِهِ) أَيْ الصَّائِلِ أَوَّلًا (إنْ عَلِمَ) الدَّافِعُ (أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِلَ (لَا يَنْدَفِعُ) عَنْهُ (إلَّا بِهِ) أَيْ قَتْلِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ، وَنَصُّهُ لَا يَقْصِدُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ الدَّفْعَ، فَإِنْ أَدَّى إلَى الْقَتْلِ فَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَجَائِزٌ قَصْدَ قَتْلِهِ ابْتِدَاءً. ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ فِي الْجَمَلِ إذَا صَالَ عَلَى الرَّجُلِ فَخَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ. وَلِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَتَلَ رَجُلٌ الْجَمَلَ الصَّئُولَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِرَبِّهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَصَالَ عَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ يَمِينَهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ إذَا كَانَ بِوَضْعٍ لَيْسَ يَحْضُرُهُ النَّاسُ اهـ. (تَنْبِيهٌ) فَسَّرْت الْجَوَازَ بِعَدَمِ الِامْتِنَاعِ لِيَشْمَلَ الْوُجُوبَ لِأَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَاجِبٌ فِي التَّوْضِيحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ هُنَا وَاجِبًا لِأَنَّ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى إحْيَاءِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ. اهـ. وَذَكَرَ ابْنُ الْفَرَسِ وَالْقُرْطُبِيُّ قَوْلَيْنِ فِي الْوُجُوبِ قَالَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ كُلُّ مَعْصُومٍ مِنْ نَفْسٍ وَبُضْعٍ وَمَالٍ وَأَعْظَمُهَا حُرْمَةُ النَّفْسِ وَأَمْرُهُ بِيَدِهِ إنْ شَاءَ أَسْلَمَ نَفْسَهُ أَوْ دَفَعَ عَنْهَا، لَكِنْ إنْ كَانَ زَمَنَ فِتْنَةٍ فَالصَّبْرُ أَوْلَى، وَإِنْ قَصَدَهُ وَحْدَهُ فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ. قَالَ وَالسَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ. (لَا) يَجُوزُ (جُرْحٌ) مِنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ لِلصَّائِلِ (إنْ قَدَرَ) الْمَصُولُ عَلَيْهِ (عَلَى الْهَرَبِ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 368 بِلَا مَشَقَّةٍ. وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ لَيْلًا، فَعَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ،   [منح الجليل] بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ مِنْ الصَّائِلِ (بِلَا مَضَرَّةٍ) تَلْحَقُهُ فَيَجِبُ هَرَبُهُ مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَوْ قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهُرُوبِ مِنْ الصَّائِلِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهُ بِجَرْحِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَلَهُ دَفْعُهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ كَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ إذَا تَعَارَضَ ضَرَرٌ ارْتَكَبَ أَخَفَّهُمَا. (تَنْبِيهٌ) عِيَاضٌ كَانَ ابْنُ نَجِيبٍ صُلْبًا فِي الْحَقِّ مِنْ أَهْلِ التَّقَدُّمِ فِي الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا أَفْتَى فِي رَجُلٍ يُصِيبُ بِعَيْنِهِ بِإِلْزَامِهِ دَارِهِ قِيَاسًا عَلَى الْإِبِلِ الصَّائِلَةِ وَالْمَاشِيَةِ الْعَادِيَةِ إنَّهَا تُبْعَدُ حَتَّى لَا يَتَأَذَّى النَّاسُ مِنْهَا. الْقُرْطُبِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُقْتَلُ الْجَرَادُ إذَا حَلَّ بِأَرْضٍ فَأَفْسَدَ زَرْعَهَا وَثَمَرَهَا، وَقَدْ رُخِّصَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الصَّائِلِ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الْمَالِ فَالْجَرَادُ أَوْلَى نَقَلَهُ " ق ". (وَمَا) أَيْ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ الَّذِي (أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ) الْمَأْكُولَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَزَارِعِ وَالْحَوَائِطِ (لَيْلًا) لَا نَهَارًا (فَعَلَى رَبِّهَا) أَيْ الْبَهَائِمِ ضَمَانُهُ لِتَفْرِيطِهِ فِي مَنْعِهَا إنْ كَانَ مَا أَتْلَفَتْهُ قَدْرَ قِيمَتِهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا، بَلْ (وَإِنْ زَادَ) مَا أَتْلَفَتْهُ (عَلَى قِيمَتِهَا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. الْبَاجِيَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَا أَصَابَتْهُ الْمَاشِيَةُ بِالنَّهَارِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا، وَمَا أَصَابَتْهُ بِاللَّيْلِ ضَمِنَهُ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْظَرًا عَلَيْهِ أَمْ غَيْرَ مُحْظَرٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. الْبَاجِيَّ وَهَذَا فِي مَوْضِعٍ تَتَدَاخَلُ فِيهِ الزِّرَاعُ وَالْمَرَاعِي. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي ضَمَانِهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَاشِيَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَاشِيَةَ فِي قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَالْمَاشِيَةُ رَبُّهَا هُوَ الْجَانِي. وَيُقَوَّمُ مَا أَفْسَدَتْهُ قَبْلَ تَمَامِهِ (عَلَى الرَّجَاءِ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْجَائِحَةِ حَتَّى يَتِمَّ (وَالْخَوْفِ) مِنْ إصَابَتِهَا لَهُ قَبْلَهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَوْ أَفْسَدَتْ الزَّرْعَ وَهُوَ صَغِيرٌ فَفِيهِ قِيمَتُهُ لَوْ كَانَ يَحِلُّ بَيْعُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ هَذَا الزَّرْعِ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ عَلَى رَجَاءِ تَمَامِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 369 لَا نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ، وَسُرِّحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ، وَإِلَّا: فَعَلَى الرَّاعِي. .   [منح الجليل] وَخَوْفِ عَدَمِ تَمَامِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا خَطَرٌ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِسَبَبِهِ، وَهَكَذَا عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَقَوُّمِ مَا يُرْجَى تَمَامُهُ وَيُخَافُ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا، فَفِي رَسْمِ حَلِفٍ لِيَرْفَعَنَّ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الزَّرْعِ تَأْكُلُهُ الْمَاشِيَةُ يُقَوَّمُ عَلَى حَالِ مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ وَيُخَافُ مِنْ هَلَاكِهِ لَوْ كَانَ يَحِلُّ بَيْعُهُ. اهـ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَنَصُّهُ عَلَى أَرْبَابِهَا قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ أَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَقْوِيمِهِ إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ لِهَيْئَتِهِ، وَأَمَّا إنْ رَعَى صَغِيرًا وَرَجَا عَوْدَهُ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْتَأْنِي بِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُسْتَأْنَى بِهِ، وَاخْتُلِفَ إنْ حَكَمَ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ مَضَتْ الْقِيمَةُ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ وَلَهُ زَرْعُهُ. وَقِيلَ تُرَدُّ كَالْبَصَرِ يَعُودُ، وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يُقَوَّمْ حَتَّى عَادَ لِهَيْئَتِهِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ تَسْقُطُ الْقِيمَةُ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْسِدُ. وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تَسْقُطُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّ الرَّاجِحَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي الْجَمِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. (لَا) يَضْمَنُ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ (نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا) أَيْ الْبَهَائِمِ (رَاعٍ وَ) إنْ (سُرِّحَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ أُطْلِقَتْ لِتَرْعَى (بُعْدَ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ (الْمَزَارِعِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ (فَ) الضَّمَانُ (عَلَى الرَّاعِي) إنْ فَرَّطَ فِي مَنْعِهَا عَنْ الْمَزَارِعِ. ابْنُ رُشْدٍ عَلَى هَذَا حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْحَدِيثَ، أَيْ الْوَارِدَ فِي «نَاقَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْهُ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ بِحِفْظِهَا نَهَارًا وَمَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا فَعَلَى أَرْبَابِهَا» . الْبَاجِيَّ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِإِرْسَالِ مَوَاشِيهِمْ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهِ زَرْعًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي لَيْلًا وَلَا نَهَارًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 370 بَابٌ) إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ،   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِعْتَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِعْتَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ) عِيَاضٌ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ رَاشِدٍ الْعِتْقُ ارْتِفَاعُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ. الْحَطّ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَتَعْرِيفِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ فَخَرَجَ بِحَقِيقِيٍّ اسْتِحْقَاقُ رَقِيقٍ بِحُرِّيَّةٍ وَخَرَجَ بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ فِدَاءُ الْأَسِيرِ مِنْ حَرْبِيٍّ سَبَاهُ أَوْ مِمَّنْ صَارَ لَهُ مِنْهُ، وَبِعَنْ آدَمِيٍّ رَفْعُهُ عَنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَبِحَيٍّ رَفْعُهُ عَنْ آدَمِيٍّ بِمَوْتِهِ. الْحَطّ قَوْلُهُ رَفْعُ مِلْكٍ يَصْدُقُ بِرَفْعِ مِلْكِ شَخْصٍ عَنْ رَقِيقٍ وَانْتِقَالُهُ لِمِلْكٍ آخَرَ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، وَيَصْدُقُ عَلَى رَفْعِ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ عَنْ رَقِيقِهِ الَّذِي أَسْلَمَ وَبَقِيَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ حَتَّى غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُ حُرٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ هَذَا عِتْقًا اصْطِلَاحًا، وَعَلَى وَقْفِ الرَّقِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِارْتِفَاعِ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ وَلَوْ قَالَ رَفْعُ الْمِلْكِ الْحَقِيقِيِّ لِمُسْلِمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْجِيرِ مَنْفَعَتِهِ لَسَلِمَ مِنْ جَمِيعِ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ، وَاللَّامُ فِي الْمِلْكِ لِلْحَقِيقَةِ، أَيْ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَقِيقَةِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ يُجَابُ بِأَنَّ رَفْعَ بِمَعْنَى إزَالَةٍ، وَالنَّكِرَةُ بَعْدَهُ تَعُمُّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّلْبِ، وَبِأَنَّ الْحَاصِلَ لِعَبْدِ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ وَبَقِيَ إلَى أَنْ غُنِمَ ارْتِفَاعٌ وَهُوَ عَبَّرَ بِرَفْعٍ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ، لِأَنَّ مُحْتَرِزَهُ لَيْسَ فِيهِ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ، وَأَنَّ قَوْلَهُ حَيٌّ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ رَفْعُ مِلْكٍ، لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِالْمَوْتِ ارْتِفَاعٌ لَا رَفْعٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ عِتْقِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 371 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: الْإِعْتَاقُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَلِذَا شُرِعَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ» . زَادَ الْبُخَارِيُّ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهَا» . الثَّالِثُ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْفُوظَة لَوْ أَعْتَقَ مَنْ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَا يَعُودُ رَقِيقًا فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحُرِّ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي صَفِّ الْأَحْرَارِ، وَيُجَرُّ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ وَلَوْ قُذِفَ حُدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ أَجْهَزَ عَلَيْهِ حُرٌّ فَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي ثَوَابِ إعْتَاقِهِ هَلْ هُوَ كَثَوَابِ إعْتَاقِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنْ الرِّقِّ وَلِأَنَّهُ تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ. الرَّابِعُ: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ قَدْرِ الْإِعْتَاقِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَنْ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ» . ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَمَّا كَانَ الْوَالِدُ سَبَبًا لِوُجُودِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ كَانَ الَّذِي يُشْبِهُ ذَلِكَ إخْرَاجَ الْوَلَدِ وَالِدَهُ مِنْ عُدْمِ الرِّقِّ لِوُجُودِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ كَالْمَعْدُومِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمَعْدُومُ خَيْرًا مِنْهُ. الْخَامِسُ: طفي قَوْلُهُ زَادَ الْبُخَارِيُّ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَفِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ مُسْلِمًا ذَكَرَ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» فِي حَدِيثِ الْعُضْوِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ قُلْت لَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ الزِّيَادَةُ فِي حَدِيثِ الْإِرْبِ، فَإِنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ «حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» . قُلْت حَدِيثُ كُلِّ إرْبٍ مِنْهَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فَضْلًا عَنْ الزِّيَادَةِ وَالْإِرْبُ بِكَسْرِ الْهَمْزِ الْعُضْوُ. وَإِضَافَةُ إعْتَاقِ (مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، وَشَمِلَ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ لِإِدْخَالِهِ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ، فَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ. أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا الطَّافِحُ فَكَالْبَهِيمَةِ لَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 372 بِلَا حَجْرٍ. وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ لِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ.   [منح الجليل] خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ نَقَلَهُ الْحَطّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ أَمَّا سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ. اهـ. وَأَمَّا التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ ... بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودُ فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ، بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ لِدَيْنٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا فَيَصِحُّ، وَيَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْوَارِثِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ لَا بَأْسَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِتَفْسِيرٍ يَصِحُّ بِيَلْزَمُ مَعَ الْبَحْثِ فِيهِ بِأَنَّهُ مَجَازٌ بِلَا قَرِينَةٍ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْكَافِرِ عِتْقُهُ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِلَا حَجْرٍ، إذْ الصَّحِيحُ خِطَابُهُ بِالْفُرُوعِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، فَفِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْهَا وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَكَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ إلَى الرِّقِّ أَوْ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ. ابْنُ يُونُسَ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَانَهُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ فِي جِنَايَاتِهَا اُنْظُرْ الْحَطّ. (وَ) بِلَا (إحَاطَةِ دَيْنٍ) بِمَالِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، فَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (وَ) أَعْتَقَ رَقِيقًا فَ (لِغَرِيمِهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ بِمَالِهِ (رَدُّهُ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَبِيعَ الرَّقِيقُ فِي الدَّيْنِ إنْ اُسْتُغْرِقَ جَمِيعُهُ (أَوْ) رَدُّ (بَعْضِهِ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ كُلَّهُ كَإِعْتَاقِهِ مَنْ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَالدَّيْنُ عَشْرَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ رَدُّ إعْتَاقِ نِصْفِهِ وَبَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي نِصْفَهُ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ، فَفِي التَّوْضِيحِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا كَامِلًا بِيعَ جَمِيعُهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 373 إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَطُولَ.   [منح الجليل] وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَبْقَى مِنْ ثَمَنِهِ، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ فِي عِتْقٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ. وَلِلْغَرِيمِ الرَّدُّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) الْغَرِيمُ إعْتَاقَ مَدِينِهِ وَيَسْكُتَ (وَيَطُولَ) زَمَنُ سُكُوتِهِ، وَهَلْ الطُّولُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَشْتَهِرُ فِيهِ الْعَتِيقُ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتُ لَهُ فِيهِ أَحْكَامُهَا مِنْ إرْثٍ وَقَبُولِ شَهَادَةٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ بِمُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. " غ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَطُولَ مَعْطُوفًا بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ بِشَهَادَةِ النُّقُولِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ وَيَطُولَ بِالْوَاوِ وَفِي نُسْخَةِ تت، وَعَلَيْهَا شَرَحَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ، قَالَ يَعْنِي: الرَّدُّ الْمَذْكُورُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ بَعْدَ عِلْمِ الْغَرِيمِ بِالْعِتْقِ، فَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِعِتْقِ الْمِدْيَانِ وَسَكَتَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ، وَفِي شَامِلِهِ وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَطَالَ فَلَا رَدَّ. وَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ رَدِّ عِتْقِ الْمَدِينِ وَطَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيَامٌ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ بِإِعْتَاقِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا فِي أَكْثَرَ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَفَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطُّولَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ، وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ فَإِنْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ الْقِيَامِ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ قَامُوا فَقَالَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَامُوا بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ وَهُوَ بِالْبَلَدِ، وَقَالُوا لَمْ نَعْلَمْ بِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ عَلِمُوا، وَفِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ طَالَ حَتَّى وَرِثَ الْأَحْرَارَ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ. وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا ذَلِكَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي لَعَلَّ السَّيِّدَ أَيْسَرَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِبَيِّنَةٍ قَاطِعَةٍ اتِّصَالَ عُدْمِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ وَعَدَمِ عِلْمِهِمْ رُدَّ عِتْقُهُ وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ فِي ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ عَلِمَتْ بِعِتْقِهِ وَلَمْ أُنْكِرْهُ لِمَا اعْتَقَدْت أَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يُحِطْ بِمَالِهِ فَقَالَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 374 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا يُرَدُّ لِدَيْنِ هَذَا الْغَرِيمِ وَيُرَدُّ لِغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ مَعَهُ هَذَا، وَقَالَ أَصْبَغُ يُرَدُّ لِهَذَا الْغَرِيمِ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ مَعَ الْعِلْمِ، إذْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّضَا بِعِتْقِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ، فَقَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ غَيْرُ مُتَوَارِدَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ خِلَافًا لتت فِي جَعْلِهِمَا مُتَوَارِدَيْنِ فِي الْعِلْمِ مَعَ الطُّولِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهُ. وَأَحْسَنُ مِنْ عِبَارَتِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي صَغِيرِهِ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الطُّولِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرْبَعُ سِنِينَ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغَرِيمُ، وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ لَمْ أَعْلَمْ بِإِعْتَاقِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا أَكْثَرَ اهـ. وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَعْتَقَ فِي عُسْرِهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَيْسَرَ لَنَفَذَ الْعِتْقُ، وَقَوْلُهَا أَيْضًا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلَهُ مَالٌ سِوَاهُ يَغْتَرِقُهُ الدَّيْنُ، وَيَغْتَرِقُ نِصْفَ الْعَبْدِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَعْدَمَ فَلَا يُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا مَا كَانَ يُبَاعُ لَهُمْ لَوْ قَامُوا يَوْمَ أُعْتِقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ قِيَامُهُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ وَالسُّكُوتِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ الْمُتَقَدِّمِ فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ قَوْلِ " غ " فِي قَوْلِهِ وَيَطُولُ يَنْبَغِي عَطْفُهُ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ بِشَهَادَةِ النُّقُولِ، وَتَبِعَهُ عج، وَعَلَى هَذَا إذَا طَالَ يَسْقُطُ قِيَامُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ. الْبُنَانِيُّ وَعَلَى الْعَطْفِ بِأَوْ شَرْحُ " ز " وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الطُّولَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي مَنْعِ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا النَّقْلِ، فَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ عِتْقِ الْمَدِينِ وَطَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيَامٌ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ إعْتَاقَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا فِي أَكْثَرَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطُّولَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْوِرَاثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ. أَصْبَغُ وَذَلِكَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي أَتَتْ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ أَوْقَاتٌ أَفَادَ فِيهَا وَفَاءَ الدَّيْنِ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَدِيمًا مُتَّصِلَ الْعُدْمِ مَعَ غَيْبَةِ الْغَرِيمِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ لَرُدَّ مُعْتَقُهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 375 أَوْ يُفِيدُ مَالًا وَلَوْ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ:   [منح الجليل] وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا، وَلَوْ أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَعْسَرَ فَقَالَ، الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ، فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الطُّولَ وَحْدَهُ كَافٍ مَعَ قَوْلِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ وَالْعِلَّةُ إمَّا كَوْنُهُ مَظِنَّةَ الْعِلْمِ وَالرِّضَا أَوْ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ أَفَادَ مَالًا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، فَقَوْلُ طفي عَلَى مَا ارْتَضَاهُ " غ " إذَا طَالَ يَسْقُطُ قِيَامُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْعِلْمِ وَحْدَهُ هَلْ يَمْنَعُ الرِّضَا إذَا سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الطُّولِ لَيْسَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ مَا دَلَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَطْفِ بِأَوْ، وَزَعَمَ طفي أَنَّ النَّقْلَ الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ مَعَ الْعِلْمِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَ نُسْخَةَ الْوَاوِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت النُّصُوصُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَيْسَ فِيهَا اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ مَعَ الطُّولِ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْبَنَّانِيُّ، ثُمَّ رَأَيْت الْحَطَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا فِي الطُّولِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعِلْمِ، وَنَصُّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ. وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ وَجَازَتْهُ شَهَادَتُهُ وَوَرِثَ الْأَحْرَارَ فَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ. وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَفَادَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مَالًا ثُمَّ ذَهَبَ مَعَ حُرْمَةِ الْعِتْقِ. اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُفِيدَ) السَّيِّدُ (مَالًا) يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ حَتَّى أَعْسَرَ ثُمَّ قَامَ الْغَرِيمُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ عِتْقِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَإِنْ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَا يُرَدُّ عِتْقه إنْ أَفَادَهُ قَبْلَ قِيَامِ الْغَرِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بَيْعِ الرَّقِيقِ فِي الدَّيْنِ، بَلْ (وَلَوْ) أَفَادَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ مِنْ السُّلْطَانِ بِخِيَارٍ وَقَبْلَ (نُفُوذِ الْبَيْعِ) قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ بِخِيَارِ الْبَيْعِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ. رَوَى أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَسَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَوْ رَدَّ الْإِمَامُ عِتْقَهُ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ. الْبَاجِيَّ عَلَى هَذَا لَا يَطَؤُهَا بَعْدَ يُسْرِهِ، وَفِيهَا مَنْ رَدَّ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنْ فَعَلَ أَوْ فَعَلُوا ثُمَّ رُفِعَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ يُسْرِهِ رَدَّ الْبَيْعَ وَنَفَذَ عِتْقُهُ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 376 رَقِيقًا: لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقٌّ لَازِمٌ بِهِ بِهِ، وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ، وَالتَّحْرِيرِ   [منح الجليل] وَمَفْعُولُ إعْتَاقٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ (رَقِيقًا) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ مِنْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (حَقٌّ) لِغَيْرِ مُعْتِقِهِ (لَازِمٌ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ كَدَيْنٍ تَدَايَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِمُرْتَهِنٍ، أَوْ لِمَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ لِرَبِّ دَيْنٍ صَحَّ إعْتَاقُهُ، وَتَوَقَّفَ لُزُومُهُ عَلَى إمْضَاءِ ذِي الْحَقِّ. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّانِي الرَّقِيقُ هُوَ كُلُّ إنْسَانٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ حَقٌّ لَازِمٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَقُ، كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٍ لِمُعْتِقِهِ لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَقَوْلُنَا لَمْ يُزَاحِمْ إلَخْ، لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً وَقَالَ لَمْ أُرِدْ حَمْلَ جِنَايَتِهِ وَظَنَنْت أَنَّهَا لَزِمَتْهُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَكُونُ حُرًّا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَرُدَّ عِتْقُهُ. اهـ. " ق " وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُعْتَقُ كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٍ لِمُعْتِقِهِ حِينَ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِهِ كَانَ مِلْكُهُ مُحَصَّلًا أَوْ مُقَدَّرًا لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا مَعَهُ، فَقَوْلِي مَمْلُوكٌ لِمُعْتِقِهِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ أَنَا أَبِيعُهُ مِنْك. وَمَنْ قَالَ لِأَمَةِ غَيْرِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَابْتَاعَهَا فَوَطِئَهَا فَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ اشْتَرَيْتُك وَقَوْلِي مُقَدَّرًا لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ أَوْ بَعْضَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ، وَقَوْلِي لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأٌ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ حَمْلَ دِيَتِهِ وَظَنَنْت أَنَّهَا لَزِمَتْ ذِمَّتَهُ وَيَكُونُ حُرًّا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَرُدَّ عِتْقُهُ وَقَوْلِي لَا مَعَهُ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ بَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَرُدَّ ثَمَنُهُ. وَصِلَةُ إعْتَاقٍ (بِهِ) أَيْ بِمَادَّةِ لَفْظِ إعْتَاقِ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ مُعْتَقٌ وَأَنَا مُعْتِقُك (أَوْ بِ) مَادَّةِ (فَكِّ الرَّقَبَةِ) مِنْ الرِّقِّيَّةِ نَحْوِ فَكَكْت رَقَبَتَك مِنْ الرِّقِّيَّةِ أَوْ أَنْتَ مَفْكُوكٌ مِنْهَا أَوْ أَنَا فَاكٌّ لَهَا مِنْهَا (وَ) بِمَادَّةِ (التَّحْرِيرِ) نَحْوُ حَرَّرْتُك وَأَنْتَ مُحَرَّرٌ وَأَنَا مُحَرِّرٌ لَك وَأَنْتَ حُرٌّ. ابْنُ شَاسٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 377 وَإِنْ فِي هَذَا الْيَوْمِ، بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ؛ أَوْ خُلْفٍ، أَوْ دَفْعِ مَكْسٍ،   [منح الجليل] الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ وَصَرِيحُهَا الْإِعْتَاقُ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ وَالتَّحْرِيرُ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَاهِيَّةِ الْعِتْقِ صَرِيحُهَا مَا لَا يَقْبَلُ صَرْفُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ بِمَالٍ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِهِ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ إنْ أَطْلَقَهُ أَوْ قَيَّدَهُ بِالدَّوَامِ وَالْأَبَدِ، بَلْ (وَ) إنْ قَيَّدَهُ بِزَمَنٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ (فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ) الشَّهْرِ أَوْ الْعَامِ فَيَكُونُ حُرًّا أَبَدًا وَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ عَتَقَ لِلْأَبَدِ، وَفِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، وَقَالَ أَرَدْت عِتْقَهُ مِنْ الْعَمَلِ لَا الْحُرِّيَّةِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ حَالَ كَوْنِ الصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ بِمَا تَقَدَّمَ (بِلَا قَرِينَةٍ) صَرَفَهَا عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ كَمَقَامِ (مَدْحٍ) لِلرَّقِيقِ عَلَى عَمَلٍ حَسَنٍ أَوْ ذَمٍّ لَهُ عَلَى عَمَلٍ قَبِيحٍ، فَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ فِي مَقَامِ مَدْحِهِ أَوْ ذَمِّهِ، وَقَالَ أَرَدْت مَدْحَهُ أَوْ ذَمَّهُ فَلَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ. فِيهَا مَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ فِي الْمُسَاوَمَةِ هُوَ عَبْدٌ جَيِّدٌ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِصَرْفِ الْقَرِينَةِ لَهُ إلَى مَدْحِهِ (أَوْ خُلْفٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّام أَيْ مُخَالَفَةً لَسَيِّدِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ، أَيْ أَنْتَ تَفْعَلُ فِعْلَ الْحُرِّ فِي الْعِصْيَانِ وَعَدَمِ الِانْقِيَادِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَقَدْ خَالَفَهُ وَعَانَدَهُ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ عِتْقَهُ، وَإِنَّمَا أَرَدْت زَجْرَهُ وَالتَّهَكُّمَ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، " غ " أَوْ خُلْفٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِصْيَانِ، وَكَذَا قَرَنَ الْعِصْيَانَ بِالْمَدْحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا حُرُّ وَلَمْ يُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرِّيَّةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إنَّك تَعْصِينِي فَأَنْتَ فِي مَعْصِيَتِك إيَّايَ كَالْحُرِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ ضَبَطَهُ حَلِفَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَجَعَلَهُ بِمَعْنَى الْقَسَمِ فَقَدْ صَحَّفَ اللَّفْظَ، وَذَهَبَ عَنْ الْمَعْنَى. (أَوْ) قَرِينَةُ إكْرَاهكَ (دَفْعِ مَكْسٍ) فَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ مَكْسَهُ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى ذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلِي لِغَيْرِ إكْرَاهٍ لِقَوْلِهَا مَنْ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ فَقَالَ هُوَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 378 وَبِلَا مِلْكَ، أَوْ سَبِيلَ لِي عَلَيْك، إلَّا لِجَوَابٍ وَبِكَوَهَبْت لَك نَفْسَك؛ وَبِكَاسْقِنِي، أَوْ اذْهَبْ؛ أَوْ اُعْزُبْ بِالنِّيَّةِ؛   [منح الجليل] حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَا يَعْتِقُ أَيْضًا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ظُلْمًا (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (لَا مِلْكَ) لِي عَلَيْك (أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك) فِي حَالٍ (إلَّا) أَنْ يَقُولَ لَهُ (لِجَوَابٍ) لَهُ فِي عَدَمِ مُطَاوَعَتِهِ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ابْتِدَاءً لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ جَوَابُ لِكَلَامٍ قَبْلَهُ صُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ عِتْقَهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (كَوَهَبْت لَك نَفْسَك) وَأَعْطَيْتُك نَفْسَك. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - سَمِعْت مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " يَقُولُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ وَهَبْت لَك نَفْسَك أَنَّهُ حُرٌّ، وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ، قَالَ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ (وَ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ (بِ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (كَاسْقِنِي) نَاوِيًا بِهِ إعْتَاقًا (أَوْ) قَوْلُهُ (اذْهَبْ) نَاوِيًا بِهِ ذَلِكَ (أَوْ) بِقَوْلِهِ لَهُ (اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّايِ، أَيْ أَبْعِدْ (بِالنِّيَّةِ) لِلْإِعْتَاقِ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ وَهِيَ كِنَايَاتٌ خَفِيَّةٌ، وَأَمَّا وَهَبْت لَك نَفْسَك فَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْإِعْتَاقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا كَالصَّرِيحِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ، وَفِي إعَادَتِهِ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي إشَارَةٌ إلَى هَذَا. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْكِنَايَةُ وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَاذْهَبْ وَاعْزُبْ وَشَرْطُهَا النِّيَّةُ. اهـ. فَظَاهِرُهُمَا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَلَيْسَ كَذَلِكَ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ، وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِبَارَتِهِمَا. الشَّارِحُ مُرَادُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي وَهَبْتُك، وَلِذَا أَعَادَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَتَحْصِيلُ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ بِالنِّيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا صَرِيحٌ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ بِذَاتِهِ وَيَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ وَنَحْوِهَا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ فَالْأَوَّلُ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا قَرِينَةَ لَفْظِيَّةٌ قَارَنَتْهُ، وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 379 وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ عَلَّقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ.   [منح الجليل] أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ، وَكَقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَالثَّالِثُ وَاضِحٌ، وَفِي كَوْنِهِ عِتْقًا بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ وَزَعْمِ اللَّخْمِيُّ. (وَعَتَقَ) الرَّقِيقُ (عَلَى الْبَائِعِ) فَيُرَدُّ ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَلَا يَطْلُبُهُ إنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْهُ (إنْ عَلَّقَ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ عِتْقَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَأَكَّدَ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ بِالْبَارِزِ لِيَصِحَّ عَطْفُ (وَالْمُشْتَرِي) عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ عِتْقُهُ أَيْضًا (عَلَى الْبَيْعِ) رَاجِعٌ لِلْبَائِعِ بِأَنْ قَالَ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ (وَالشِّرَاءِ) رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ لَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ قَالَ الْبَائِعُ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَبَاعَهُ لَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ فَيَرُدُّ ثَمَنَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الثَّمَنَ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ لَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ رِقٌّ لِمُشْتَرِيهِ. قُلْت وَعَزَاهُ الصِّقِلِّيُّ أَيْضًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ. اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ إلَى سَنَةٍ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ حُرًّا إلَى سَنَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ وَهُوَ رِقٌّ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ الْحِنْثُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنَّمَا أَعْتَقَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَوَافَقَ مَالِكًا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ إلَى سَنَةٍ. قُلْت تَعْلِيلُهُ مَسْأَلَةٌ إلَى سَنَةٍ يُوجِبُ اسْتِوَاءَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ بِعْتُك يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ فِيهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِمُشْتَرِيهِ، وَمِثْلُهُ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ. وَفِي تَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَقَعَا مَعًا فَغَلَبَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ كَتَبْدِئَتِهِ فِي الْوَصَايَا أَوْ بِأَنَّ مَحْمَلُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْل بَيْعِي إيَّاكَ. ثَالِثُهَا حِنْثُهُ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ الْمُنْكَشِفِ بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحِنْثِ بِالْأَقَلِّ. لِلَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَسَحْنُونٍ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي افْتِقَارِهِ إلَى حُكْمٍ قَوْلَانِ، وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الثَّمَنَ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مَعَ ذَلِكَ إنْ ابْتَعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 380 وَبِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي: إنْ اشْتَرَيْتُك: كَأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ فَاسِدًا.   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْأَوْلَى لَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ رِقٌّ لِلْمُشْتَرِي يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ بِتَمَامِ الْبَيْعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، كَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. وَاخْتُلِفَ فِي تَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ فَقِيلَ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَقَعَا مَعًا فَغَلَبَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ. وَقِيلَ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ أَنْتَ حُرٌّ بِبَيْعِي إيَّاكَ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ بِنَفْسِ قَوْلِهِ بِعْت قَبْلَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ. (وَ) عَتَقَ الرَّقِيقُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ (بِ) سَبَبِ (الِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ) لِعَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا (فِي) قَوْلِهِ لِرَقِيقٍ (إنْ اشْتَرَيْتُك) فَأَنْتَ حُرٌّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا عَتَقَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ. ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ لَا يَحْنَثُ. الصِّقِلِّيُّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ مَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ بَاعَهُ وَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَلَا يَحْنَثُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا صَوَابٌ. وَشَبَّهَ فِي: الْعِتْقِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (اشْتَرَى) الرِّقُّ (نَفْسَهُ) مِنْ مَالِكِهِ شِرَاءً (فَاسِدًا) فَيَعْتِقُ وَلَا يُفْسَخُ الشِّرَاءُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَى الرَّقِيقَ نَفْسَهُ بِهِ مِمَّا يُمْلَكُ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ فِيهِ غَرَرٌ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ غَيْرُهُ، وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، فَإِنْ عَيَّنَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَيُرَاقُ الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ. وَفِيهَا إنْ اشْتَرَى الْعَبْدَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ وَلَا يُرَدُّ وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا، بِخِلَافِ شِرَاءِ غَيْرِهِ إيَّاهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ وَلِلسَّيِّدِ مَا بَاعَهُ بِهِ غَرَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، وَقَوْلُهَا عَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ هَذَا إذَا بَاعَهُ بِخَمْرٍ مَضْمُونَةٍ. وَقَالَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 381 وَالشِّقْصُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَوَلَدُ عَبْدِهِ مِنْ أَمَتِهِ، وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ،   [منح الجليل] أَحْمَدُ مُيَسَّرٌ إنْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ حُرٌّ وَتُرَاقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ يَتْبَعُهُ بِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَهُوَ وِفَاقٌ لَهَا. (وَ) إنْ قَالَ الْمُكَلَّفُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَكُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ وَحَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ (الشِّقْصُ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ، أَيْ الْجُزْءِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْ رَقِيقٍ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ (الْمُدَبَّرُ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا، أَيْ الَّذِي عُلِّقَ عَلَى مَوْتِهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِحِنْثِهِ (وَأُمُّ الْوَلَدِ) لَهُ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا بِهِ (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (وَلَدُ) أَيْ ابْنُ وَبِنْتُ (عَبْدِهِ) أَيْ الْحَالِفِ (مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ إنْ كَانَ مَوْلُودًا قَبْلَ انْعِقَادِ يَمِينِهِ، بَلْ (وَإِنْ) وُلِدَ (بَعْدَ) انْعِقَادِ (يَمِينِهِ) فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَارِعَ ظَاهِرٌ فِي الْحَالِ. الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرِّ أَوْ حِنْثٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ مَمْلُوكِي حُرٌّ فِي يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا عَتَقَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ وَمُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَكُلُّ شِقْصٍ لَهُ مَمْلُوكٌ، وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ وُلِدُوا قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ. وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ فَلَا يُعْتَقُونَ وَيَكُونُ مَا لَهُمْ تَبَعًا. الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَعْتِقُ مَا وُلِدَ لِعَبِيدِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَن لَا فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت، وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت مَا كَانَ حَمْلًا يَوْمَ يَمِينِهِ. قُلْت فِي عِتْقِهَا الثَّانِي مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَتَلِدُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا إذَا عَتَقَتْ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا بَيْعُ وَلَدِهَا. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ. وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَدْخُلُوا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 382 وَالْإِنْشَاءُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ، أَوْ لِي، أَوْ رَقِيقِي، أَوْ عَبِيدِي، أَوْ مَمَالِيكِي   [منح الجليل] وَاسْتَحْسَنَهُ عَلِيٌّ مَرَّةٍ، وَقَالَ مَرَّةً تَعْتِقُ بِغَيْرِ وَلَدِهَا، وَإِنْ ضَرَبَ لِفِعْلِهِ أَجَلًا فَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ شِقْصٍ مَمْلُوكٍ كَانَ لَهُ إنْ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ عَبْدٍ شَرِيكٍ وَلَوْ كَانَ عَبِيدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ قُسِمُوا فَمَا صَارَ لِلْحَالِفِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَعَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي أَرْضٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْضًا مِنْهَا مُعَيَّنًا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ، فَإِنْ وَقَعَ الْمَبِيعُ فِي حَظِّ الْبَائِعِ مَضَى بَيْعُهُ، إنْ وَقَعَ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ نُقِضَ، وَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ. (وَالْإِنْشَاءِ) أَيْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، أَيْ وَعِتْقُ الشِّقْصِ وَمَا بَعْدَهُ فِي التَّعْلِيقِ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ، أَيْ كَالتَّعْلِيقِ فِي عِتْقِ مَا ذُكِرَ (فِي) قَوْلِهِ (مَنْ يَمْلِكُهُ) حُرٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَحَنِثَ أَوْ نَجَّزَهُ بِلَا تَعْلِيقٍ (أَوْ) قَوْلُهُ مَمْلُوكٌ (لِي) حُرٌّ كَذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (رَقِيقِي) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (عَبِيدِي) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ (أَوْ) قَوْلُهُ (مَمَالِيكِي) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: نُسْخَةُ " غ " وَالْإِمَاءُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ، قَالَ أَيْ وَكَذَا تَدْخُلُ الْإِمَاءُ فِي لَفْظِ مَنْ أَمْلِكُ وَمَا بَعْدَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُنْثَى فِيمَنْ أَمْلِكُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ فَهُوَ هُنَا ضَلَالٌ مُبِينٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْإِمَاءِ لَعَلِمْنَا دُخُولَهُنَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَلَا مِرْيَةَ أَنَّهُ عُوِّلَ هُنَا عَلَى قَوْلِ فَضْلٍ بِدُخُولِهِنَّ فِي لَفْظِ الْعَبِيدِ لِتَصْوِيبِهِ. اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وَلِأَنَّهُ جَمْعٌ مُكَسَّرٌ، وَقَدْ نُقِلَ هَذَا كُلُّهُ فِي تَوْضِيحِهِ، اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَيَدْخُلُ فِي رَقِيقِي الْإِنَاثُ لَا فِي عَبِيدِي. عبق وَقَدْ عَلِمْت صِحَّةَ " وَالْإِنْشَاءُ "، وَكَأَنَّهُ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ عَطْفَهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُوهِمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ مِنْ الْإِنْشَاءِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ، لَكِنَّهُ مِثْلُ ذَا يُقَالُ فِيهِ ضَلَالٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 383 لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ: كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا   [منح الجليل] مُبِينٌ، إذْ يُقَالُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ أَوْ يُرَادُ بِالْإِنْشَاءِ مَا قَابَلَ التَّعْلِيقَ الصُّورِيَّ. طفي الْإِنْشَاءُ نُسْخَةُ الشَّارِحِ، قَالَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْإِنْشَاءُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ وَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ وَقَدْ جَمَعَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. اهـ. وَأَشَارَ لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ، مَمْلُوكٌ لَهُ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا عَتَقَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا، وَإِنَّمَا قَالَ " غ " لَفْظُ الْإِنْشَاءِ بِالنُّونِ وَالشِّينِ ضَلَالٌ مُبِينٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَشْمَلُهُ الْيَمِينُ لَا فِي نَوْعِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْعِتْقِ، لَكِنْ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ ضَلَالٌ مُبِينٌ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَبَا عَنْ الْمَقَامِ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ. الثَّانِي: عِيَاضٌ " رَقِيقِي " يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ عَبِيدِي يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ. وَقَالَ فَضْلٌ يَشْمَلُهَا وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] وَأَمَّا مَمَالِيكِي فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ شُمُولُهُ لَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. الثَّالِثُ: الْبِسَاطِيُّ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِغَلَبَةِ لَفْظِ الْمَمَالِيكِ عَلَى الْبِيضِ وَالْعَبِيدِ عَلَى السُّودِ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا الْآنَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَفْتُونُ فِي وَصِيَّةِ أَمِيرٍ لِمَمَالِيكِهِ اهـ. تت قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ، لِأَنَّ الْفَتْوَى وَالْحُكْمَ يَدُورَانِ مَعَ الْعُرْفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ. (لَا) يَعْتِقُ (عَبِيدُ عَبِيدِهِ) فِي قَوْلِهِ مَنْ يَمْلِكُهُ إلَخْ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِمْ كُلَّ لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ، إذْ لَيْسُوا مَمْلُوكِينَ لَهُ وَلَا عَبِيدَهُ وَلَا رَقِيقَهُ، بَلْ لِسَيِّدِهِمْ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عِنْدَنَا، وَعُورِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا فِي نُذُورِهَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ فَيَحْنَثُ. فَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَاللَّخْمِيُّ بِمُرَاعَاةِ النِّيَّةِ فِي الْيَمِينِ وَهِيَ فِيهَا عُرْفًا رَفْعُ الْمِنَّةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ عَبْدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَبِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ (أَمْلِكُهُ أَبَدًا) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ عُمْرِهِ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، سَوَاءً قَالَهُ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِ يَمِينٍ لِمَا فِي تَعْمِيمِهِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، فَإِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 384 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] عَيَّنَ زَمَنًا كَعِشْرِينَ سَنَةً أَوْ شَخْصًا كَنَاصِحٍ أَوْ بَلَدًا كَدِمَشْقَ أَوْ صِنْفًا كَالصَّقْلَبِيِّ لَزِمَهُ لِعَدَمِ الْحَرَجِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ، مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ عَتَقَ مَنْ فِي مِلْكِهِ وَأَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ، بِخِلَافِ عَبِيدِ عَبِيدِهِ، وَبِخِلَافِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، فَإِنْ قَالَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَكَذَلِكَ، بِخِلَافِ كُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ فِي مِلْكِهِ. وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَلَا رَقِيقَ لَهُ فَأَفَادَ رَقِيقًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَفَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا وَلَا بَعْدَهُ. وَقَالَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا مَلَكَ يَوْمَ حَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ حِنْثِهِ وَلَا بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ بِالصَّدَقَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنْ عَبْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَنْ يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا أَوْقَعَ مَالِكٌ الْأَبَدَ عَلَى الدُّخُولِ وَأَشْهَبُ أَوْقَعَهُ عَلَى كُلِّ الْمِلْكِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَاهُنَا أَبَدًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَكُونُ لِمَا مَضَى لَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ أَشْتَرِي فِيمَا هُوَ مَالِكُهُ بَعْدُ فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَمْلِكُهُ، أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ. ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ يَمِينُهُ بِمَا يَمْلِكُهُ إنْ قَيَّدَهُ بِالْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ اخْتَصَّتْ بِهِمَا وَإِنْ أَهْمَلَهُ فَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْحَالِ وَعُمُومِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ اخْتِلَافٌ وَالْعُمُومُ أَشْبَهُ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ وَمَسَائِلُ الْكِتَابِ مُضْطَرِبَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَفِي ضَيْح ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ، لَكِنَّهُ قَالَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ حَمْلُهُ عَلَى الْحَالِ، وَلِذَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْحَالِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيمَا عِنْدَهُ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ، وَعَلَى عُمُومِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 385 وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ، وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ وَهُوَ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ   [منح الجليل] لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ لَهُ. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيه أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُ أَوْ يَشْتَرِي كَانَ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ رَقِيقٌ أَمْ لَا. (وَوَجَبَ) الْعِتْقُ (بِالنَّذْرِ) لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ مُعَلَّقًا كَأَنْ كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ كَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ (وَ) إنْ نَذَرَهُ رَشِيدٌ بِدُونِ تَعْلِيقٍ أَوْ بِهِ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُقْضَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ، أَيْ فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِيهِمَا (إلَّا بِ) عِتْقِ (بَتٍّ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ التَّاءِ، أَيْ نَاجِزٍ حَاصِلٍ بِصِيغَتِهِ أَوْ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَا مُعَلَّقٍ قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً مُتَعَلِّقَةً كَعَبْدِي هَذَا أَوْ عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا، وَمَنْ بَتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ حَنِثَ بِهِ فِي يَمِينٍ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ، وَلَوْ وَعَدَ بِالْعِتْقِ أَوْ نَذَرَ عِتْقَهُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ وَأُمِرَ بِعِتْقِهِ. اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ لَزِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، لَا يُجْبَرُ وَلِأَشْهَبَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ لَا أَفِي قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَفْعَلُ تُرِكَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ فَلَا يَعْتِقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ جَعَلَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ، فَعَلَى هَذَا يُجْبَرُ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ. قُلْت فَفِي الْقَضَاءِ عَلَى نَاذِرِ عِتْقٍ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النَّذْرِ لِلْمَسَاكِينِ، وَقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ وَلَا يُقْضَى إلَّا بِالْيَمِينِ، وَالْحِنْثُ مُشْكِلٌ يُوجِبُ عَلَى النَّاظِرِ فِي كَلَامِهِ حِيرَةً مَعَ يُسْرِ الْعِبَارَةِ عَنْ حَقِيقَةِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَهُوَ) أَيْ الْعِتْقُ (فِي خُصُوصِ) مُتَعَلِّقِ (هـ) كَأَنْ مَلَكْت فُلَانًا أَوْ كُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ مِنْ الْحَبَشِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ إلَى عِشْرِينَ سَنَةً كَالطَّلَاقِ الْخَاصِّ مُتَعَلِّقُهُ فِي اللُّزُومِ (وَ) هُوَ فِي (عُمُومِ) مُتَعَلِّقِ (هـ) كُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ كَالطَّلَاقِ الْعَامِّ مُتَعَلِّقُهُ كَكُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 386 وَمَنْعٍ مِنْ وَطْءٍ، وَبَيْعٍ فِي صِيغَةِ حِنْثٍ   [منح الجليل] طَالِقٌ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " فِي كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ حَلَفَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْعِتْقُ كَالطَّلَاقِ فِي عُمُومِهِ لِعِتْقِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمِهِ عِنْدَنَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُمْلَكُ أَوْ يُشْتَرَى كَانَ عِنْدَهُ رَقِيقٌ يَوْمَ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَ مَنْ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ أَوْ بَاعَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ عَمَّ الْجَوَارِيَ وَالْغِلْمَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ عَبْدًا أَوْ يَخُصَّ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا أَوْ يَضْرِبَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ، كَقَوْلِهِ مِنْ الصَّقَالِبَةِ أَوْ مِنْ الْبَرَابِرِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ مِنْ الشَّامِ أَوْ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَحْيَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَمَنْ عَمَّ أَوْ خَصَّ فِي الطَّلَاقِ. (وَ) هُوَ فِي (مَنْعٍ) لِلسَّيِّدِ (مِنْ وَطْءٍ) لِلْأَمَةِ الَّتِي عَلَّقَ عِتْقَهَا (وَ) مَنْعٍ مِنْ (بَيْعٍ) لِلرَّقِيقِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ (فِي صِيغَةِ حِنْثٍ) كَأَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا فَأَمَتُهُ فُلَانَةُ حُرَّةٌ أَوْ عَبْدُهُ فُلَانٌ حُرٌّ فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَبَيْعِهَا وَالْعَبْدِ حَتَّى يَفْعَلَهُ، وَمَفْهُومُ حَنِثَ عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهُمَا فِي الْبِرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ، فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُ، كَذَا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ وَإِنْ مَاتَ فَلَا يَلْزَمُ وَرَثَتَهُ عِتْقٌ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ وَلَا أَمْنَعُهُ الْخِدْمَةَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ عَتَقَ رَقِيقُهُ مِنْ ثُلُثِهِ إذْ هُوَ حِنْثٌ، وَقَدْ وَقَعَ بِمَوْتِهِ. وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا الْحَالِفُ إنْ فَعَلْت فَلَهُ الْبَيْعُ وَالتَّصَرُّفُ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَدْخُلُ وَلَدُهَا فِي الْيَمِينِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَدْخُلُ وَلَا أَرَى رِوَايَةَ دُخُولِهِ إلَّا وَهْمًا. أَشْهَبُ إنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ عَفَا عَنْ فُلَانٍ فَلَا يَنْفَعُهُ بَيْعُهُ ثُمَّ عَفْوُهُ عَنْهُ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ لَأُعَاقِبَنَّهُ فَهُوَ كَالْحَالِفِ لَأَفْعَلَنَّ لَا كَمَنْ حَلَفَ لَا فَعَلْت. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 387 وَعِتْقِ عُضْوٍ. وَتَمْلِيكِهِ الْعَبْدَ وَجَوَابُهُ: كَالطَّلَاقِ   [منح الجليل] وَ) هُوَ فِي (عِتْقِ عُضْوٍ) كَيَدِك حُرَّةٌ كَالطَّلَاقِ لِجُزْءِ الزَّوْجَةِ فِي سَرَيَانِهِ لِبَاقِي الذَّاتِ وَعَتَقَ جَمِيعُهَا. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَدُك حُرَّةٌ أَوْ رِجْلُك حُرَّةٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ عُضْوًا مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ. الْخَرَشِيُّ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عِتْقُ الْبَاقِي لِحُكْمٍ كَالطَّلَاقِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ. شب أَيْ فِي التَّكْمِيلِ فَقَطْ وَتَبْعِيضُ الْعِتْقِ لَا أَدَبَ فِيهِ لِجَوَازِهِ. عب يُؤَدَّبُ مُجَزِّئُ الْعِتْقِ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ. وَرَدَّهُ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ رُشْدٍ حَمَلَا نَفْيَ الْجَوَازِ فِي التَّلْقِينِ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ لَيْسَ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ بَلْ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ فَلَا يُؤَدَّبُ تت. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: هَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُ الْبَاقِي عَلَى حُكْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَوَّلًا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِحُكْمٍ وَلَا غَيْرِهِ. الثَّانِي. سَكَتَ عَنْ عِتْقِ نَحْوِ الْكَلَامِ وَالشَّعْرِ، وَيَجْرِي اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ السَّابِقَيْنِ فِي الطَّلَاقِ، فَقَالَ أَصْبَغُ بِاللُّزُومِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ بِعَدَمِهِ. (وَ) هُوَ فِي (تَمْلِيكِهِ) أَيْ الْعِتْقَ (لِلْعَبْدِ) وَتَخْيِيرِهِ فِيهِ وَتَوْكِيلِهِ عَلَيْهِ كَتَمْلِيكِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ فِي تَوَقُّفِ لُزُومِهِ عَلَى رِضَا الْمُمَلِّكِ (وَ) هُوَ فِي (جَوَابِهِ) أَيْ تَمْلِيكِ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ (كَالطَّلَاقِ) فِيهَا ابْنُ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ عِتْقَهُ، وَقَالَ لَهُ أَعْتِقْ نَفْسَك فِي مَجْلِسِك هَذَا وَفَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ، فَقَالَ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ نَوَيْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ صُدِّقَ وَعَتَقَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الْعِتْقِ، إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِ الْعَبْدِ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَوْلِ الزَّوْجَةِ الْمُمَلَّكَةِ اخْتَرْت نَفْسِي لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ يَكُونُ بِغَيْرِ عِتْقِهِ، كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ، وَاخْتِيَارَ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالطَّلَاقِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِقَوْلِهِ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ، وَفِيهَا إنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ، وَقَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ، إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 388 إلَّا لِأَجَلٍ، وَإِحْدَاكُمَا، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ.   [منح الجليل] الْعِتْقِ، بِخِلَافِ قَوْلِ السَّيِّدِ لَهُ اُدْخُلْ الدَّارَ مُرِيدًا بِهِ عِتْقَهُ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُ فَالْعَبْدُ فِي هَذَا كَالْمَرْأَةِ تَقُولُ أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلُ فِيمَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْعِتْقَ كَالْقَوْلِ فِي تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ يَطُلْ. الْبُنَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَجَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ إلَى قَوْلِهِ فِيهِ، أَوْ قَالَ: يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ فِيمَنْ قَالَ يَا مَرْزُوقُ فَأَجَابَهُ رَبَاحٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ فَقِيلَ يَعْتِقَانِ. وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. وَقِيلَ يَعْتِقُ الْمَدْعُوُّ فَقَطْ، وَقِيلَ يُعْتَقُ الْمُجِيبُ فَقَطْ وَخَرَّجُوهَا فِي الطَّلَاقِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ تَشْبِيهِ الْعِتْقِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ (إلَّا) الْعِتْقَ (لِأَجَلٍ) كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ لِأَجَلٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ عَامٍ فِي التَّنْجِيزِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَلَا يُنَجَّزُ الْعِتْقُ، وَيَبْقَى الرَّقِيقُ عَلَى حُكْمِ رِقِّهِ فِي خِدْمَتِهِ لَا فِي وَطْئِهِ إنْ كَانَ أَمَةً إلَى تَمَامِ الْأَجَلِ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهُ. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَنْ أَعْتَقَهُ بِالْخِدْمَةِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ، لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ (وَإِلَّا) فِي قَوْلِهِ لِأَمَتَيْهِ (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا (فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (الِاخْتِيَارُ) لِأَمَةٍ مِنْهُمَا لِلْعِتْقِ وَالْأُخْرَى لِلْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّيَّةِ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْمَالِكِيِّينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَتَطْلُقَانِ مَعًا وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ، وَجَعَلَ لَهُ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الِاخْتِيَارَ فِي الطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَبَعَّضُ وَيُجْمَعُ بِالسَّهْمِ فِي إحْدَاهُمَا، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَحَنِثَ فَإِنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ الَّتِي نَوَى خَاصَّةً وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي عِتْقِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 389 وَإِنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ: فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ: لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا، إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ؛   [منح الجليل] وَ) إلَّا قَوْلَهُ لِأَمَتِهِ (إنْ حَمَلْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ مِنِّي (فَأَنْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ (حُرَّةٌ فَلَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (وَطْؤُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (فِي كُلِّ طُهْرٍ) مِنْ حَيْضِهَا (مَرَّةً) وَالْبُعْدُ عَنْهَا، فَإِنْ حَمَلَتْ عَتَقَتْ وَإِنْ حَاضَتْ فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْهُ مَرَّةً، وَهَكَذَا حَتَّى تَحْمِلَ. وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوَطِئَهَا نُجِّزَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِأَمَةٍ يَطَؤُهَا إنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، قِيلَ لَهُ وَلِمَ لَا يَتَمَادَى عَلَى وَطْئِهَا، قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كُلُّ مَنْ وُطِئَتْ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى الْحَمْلِ إلَّا الشَّاذَّةَ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً طَلُقَتْ. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ. (وَإِنْ جَعَلَ) مَالِكُ الرَّقِيقِ (عِتْقَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ مُفَوَّضًا (لِ) شَخْصَيْنِ (اثْنَيْنِ) مَعًا (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ بِعِتْقِهِ (إنْ لَمْ يَكُونَا) أَيْ الِاثْنَانِ (رَسُولَيْنِ) فَإِنْ كَانَا رَسُولَيْنِ فَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ بِعِتْقِهِ. شب الْمُرَادُ بِالرَّسُولَيْنِ مَنْ أَرْسَلَهُمَا لَيَعْتِقَاهُ إذَا وَصَلَا إلَيْهِ، وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِعِتْقِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا مَنْ أَمَرَهُمَا بِتَبْلِيغِهِ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِمَا بِهِ بَلَّغَاهُ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُبَلِّغَاهُ. وَفِيهَا مَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ يَعْتِقُ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى عِتْقِهِ، وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ بِذَلِكَ، وَكَذَا إنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْجَوَابُ وَاحِدٌ. الْبِسَاطِيُّ كَلَامُهَا مُشْكِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَهُ زَادَ إشْكَالُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهَا أَوَّلًا أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ تَقْسِيمُهُ بَعْدُ إلَى التَّفْوِيضِ وَالْإِرْسَالِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا، فَكَيْفَ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ. وَأَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ لَيْسَ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا وَلَا مَعْطُوفًا عَلَيْهِ. وَإِنَّمَا هُوَ قَسِيمٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 390 وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ: الْأَبَوَانِ،   [منح الجليل] لِقَوْلِهِ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ، قَالَ وَهَذَا الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ كَلَامِهَا لَا إشْكَالُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. قُلْت وَبِجَوَابِ شب الْمُتَقَدِّمِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ عَنْ كَلَامِهَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْبُنَانِيُّ، إذْ كَأَنَّهَا قَالَتْ فَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا وَجَعَلَ لِكُلٍّ. الِاسْتِقْلَالَ عَتَقَ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ لِأَمَتَيْهِ (إنْ دَخَلْتُمَا) هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ، أَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ (فَدَخَلَتْ) هَا (وَاحِدَةٌ) مِنْ الْأَمَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَتَيْنِ وَلَمْ تَدْخُلْ الْأُخْرَى مِنْهُمَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ، وَكَذَا الزَّوْجُ (فِيهِمَا) أَيْ الْأَمَتَيْنِ، وَكَذَا الزَّوْجَتَانِ حَتَّى يَدْخُلَاهَا جَمِيعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلًا لِكَلَامِهِمَا عَلَى كَرَاهَتِهِ اجْتِمَاعِهِمَا. فِيهَا لِمَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّخَاصُمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ دَخَلْت يَا فُلَانَةُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَإِنْ دَخَلْت يَا فُلَانَةُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ. فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا حَنِثَ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ، أَوْ لِزَوْجَتَيْهِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا إحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَاهَا جَمِيعًا، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ. ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا، وَعَلَى هَذَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ. الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعَ مَسَائِلِ الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ. (وَعَتَقَ) بِفَتَحَاتٍ لَازِمٌ مِنْ بَابَيْ دَخَلَ وَضَرَبَ (بِنَفْسِ الْمِلْكِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ إضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، (الْأَبَوَانِ) لِمَالِكِهِمَا أَيْ الْأُمِّ وَالْأَبِ فَفِيهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 391 وَإِنْ عَلَوَا، وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفُلَ: كَبِنْتٍ، وَأَخٌ، وَأُخْتٌ مُطْلَقًا،   [منح الجليل] تَغْلِيبُ الْأَبِ إنْ لَمْ يَعْلُوا، بَلْ (وَإِنْ عَلَوَا) أَيْ ارْتَفَعَا بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَالْجَدَّةِ وَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ. ابْنُ شَاسٍ النَّظَرُ الثَّانِي فِي خَوَاصِّ الْعِتْقِ وَهِيَ سِتٌّ الْخَاصَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْهَا عِتْقُ الْقَرَابَةِ، فَمَنْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَحَدُ عَمُودَيْهِ أَعْنِي أُصُولَهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْأَعْلَى الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَآبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَمِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَوَا وَفُصُولُهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْأَسْفَلُ أَعْنِي الْمَوْلُودَ مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَإِنْ سَفُلُوا عَتَقَ عَلَيْهِ، وَسَوَاءٌ دَخَلَ عَلَيْهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ أَوْ اخْتِيَارًا بِالْعَقْدِ وَيُلْحَقُ بِالْعَمُودَيْنِ الْجَنَاحُ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا دُونَ أَوْلَادِهِمْ (وَ) عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (الْوَلَدُ) لِمَالِكِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى إنْ لَمْ يَسْفُلْ، بَلْ (وَإِنْ سَفُلَ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ أَيْ نَزَلَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ لِابْنٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ (لِبِنْتٍ) " غ " كَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ تَنْبِيهًا عَلَى انْدِرَاجِ أَوْلَادِهَا كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِبِنْتٍ بِاللَّامِ مَكَانِ الْكَافِ كَأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْإِغْيَاءِ، أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّافِلُ لِبِنْتٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لِابْنٍ فَيَرْجِعُ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ، فَلَفْظُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصٌّ بِالذِّكْرِ لِتَشْبِيهِ الْبِنْتِ بِهِ، وَهُوَ عَلَى الثَّانِي شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَهُوَ أَوْلَى لِتَعْمِيمِ الْحُكْمِ فِي الْأَعْلَيِينَ وَالْأَسْفَلِينَ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ الْوَلَدُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَيْضًا وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ. (وَ) عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (أَخٌ وَأُخْتٌ) لِلْمَالِكِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ شَقِيقًا وَلَا يَعْتِقُ بِهِ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَلَا الْأَعْمَامُ وَلَا الْعَمَّاتُ وَلَا الْأَخْوَالُ وَلَا الْخَالَاتُ وَلَا أَوْلَادُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِ عِتْقِ الْقَرَابَةِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وِلَادَةٌ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَعَكْسُهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْأَخِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ. لِلَّخْمِيِّ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَالْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ، ثُمَّ قَالَ وَيَجِبُ عِتْقُهُ بِنَفْسِ مِلْكِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ. اللَّخْمِيُّ وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ وَقْفَهُ فِي الْإِخْوَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى الْحُكْمِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 392 وَإِنْ بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ؛ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ.   [منح الجليل] غ " لَا يَخْفَاك وُجُوبُ رَفْعِهِمَا عَطْفًا عَلَى الْأَبَوَانِ وَامْتِنَاعِ جَرِّهِمَا عَطْفًا عَلَى بِنْتٍ، فَلَوْ عَرَّفَهُمَا كَانَ أَوْلَى إنْ حَصَلَ مِلْكُ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ، بَلْ (وَإِنْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) فَيَعْتِقُونَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ (إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي) بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمُعْطَى لَهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ إنْ قَبِلَ الْمُعْطَى لَهُ بِالْفَتْحِ مَا ذُكِرَ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ) الْمُعْطَى لَهُ مَا ذُكِرَ. ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ حُرٌّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا وَرِثَهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُبَاعُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يَقُولُ لَمْ أَهَبْهُ وَلَمْ أَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ كَالْمِيرَاثِ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. أَبُو عُمَرَ كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ يَعْتِقُ عَلَى مَالِكِهِ سَاعَةَ يَتِمُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عِلْمَ الْمُعْطِي شَرْطٌ فِي عِتْقِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيمَا إذَا وَهَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا فِي ضَيْح وَبِهِ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَشَارَ " ز " إلَى جَوَابِهِ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي مُقَدَّرٍ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، عَلَى أَنَّ " ح " تَوَقَّفَ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْقَيْدِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِوُجُودِ الدَّيْنِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَعَرُّضٌ لِهَذَا الْقَيْدِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي ضَيْح وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ بِأَنَّهُ أَبُوهُ فَهَلْ يُبَاعُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ وَجَزَمَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ وَقَفْت عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ فَرَأَيْته صَرَّحَ بِهَذَا الْقَيْدِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلْيُحِقَّهُ. طفي فقي ظَهَرَ لَك صِحَّةُ التَّعَقُّبِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمَوَّاقُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُفْلِسِ وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ لَا وُهِبَ لَهُ إلَخْ. الْبُنَانِيُّ قُلْت نَصُّ الْمَوَّاقِ صَرِيحٌ فِي الْقَيْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَنَصُّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ يُبَاعُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يَقُولُ لَمْ أَهَبْهُ وَلَمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 393 وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَلَا يُكَمَّلُ فِي جُزْءٍ لَمْ يَقْبَلْهُ كَبِيرٌ،   [منح الجليل] أَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ ابْنَ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلْيُبَعْ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي هَذَا الْقَيْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِهِبَةٍ إلَخْ، رَدًّا لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَهُ، لَكِنْ قَالَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَجَعَلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ عَتِيقًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ. ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَرِيبِهِ عَتَقَ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ. (وَالْوَلَاءُ) عَلَى الْقَرِيبِ الَّذِي عَتَقَ بِنَفْسِ مِلْكِهِ (لَهُ) أَيْ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَوَّلًا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ. ابْنُ شَاسٍ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَلَاءُ لِلْمُوصَى لَهُ قَبِلَهُ أَوْ رَدَّهُ (وَ) إنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ فَ (لَا يُكَمَّلُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعِتْقُ (فِي) هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (جُزْءٍ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا (لَمْ يَقْبَلْهُ) أَيْ الْجُزْءَ شَخْصٌ (كَبِيرٌ) رَشِيدٌ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْجُزْءُ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي فِي بَاقِي الرَّقَبَةِ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُعْطِي أَوْ غَيْرِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَهُ يُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ اشْتَرَى نِصْفَ أَبِيهِ أَوْ نِصْفَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فَاشْتَرَى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إلَّا مَا مَلَكَ وَيَبْقَى بَاقِيهِ رَقِيقًا عَلَى حَالِهِ يَخْدُمُ مُسْتَرِقَّهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَيَعْمَلُ لِنَفْسِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ، وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ أَبِيهِ فَإِنْ قَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، وَإِنْ رَدَّهُ فَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا رَدَّهُ عَتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَمَّا مَنْ وَرِثَ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا مَا وَرِثَ فَقَطْ، وَلَا تُقَوَّمُ بَقِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ الْمِيرَاثَ إلَى نَفْسِهِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ، وَفِي الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هُوَ جَرَّهَا إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 394 أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ. لَا بِإِرْثٍ، أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ. وَبِالْحُكْمِ، إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ بِرَقِيقِهِ،   [منح الجليل] (أَوْ قَبِلَهُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَيْ الْجُزْءَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمُوصَى بِهِ لِصَغِيرٍ (وَلِيٌّ صَغِيرٌ) فَلَا يُقَوَّمُ بَاقِيهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَوْ أَوْصَى لِصَغِيرٍ بِشِقْصِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَهُ فَقَبِلَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الصَّبِيِّ بَقِيَّتُهُ وَلَا عَلَى الْأَبِ أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي قَبِلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى الصَّبِيِّ وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَبُولُ هِبَتِهِ لَهُ جَائِزٌ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ. (لَا) يَعْتِقُ الْأَبَوَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا إنْ مَلَكَهُمْ مَنْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ (بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَ) الْحَالُ (عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ (دَيْنٌ) مُحِيطٌ بِمَالِهِ يَفِي بِهِ (فَيُبَاعُ) الرَّقِيقُ الْمَوْرُوثُ أَوْ الْمُشْتَرَى فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ. ابْنُ يُونُسَ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ أَعْنِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُبَعْ فِي دَيْنِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ وَرِثَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَ) عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ وُجُوبًا (بِالْحُكْمِ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ أَشْهَبُ بِنَفْسِ الْمُثْلَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ (إنْ عَمَدَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ، أَيْ قَصَدَ الْمَالِكُ (لِشَيْنٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ تَشْيِينٍ وَتَمْثِيلٍ (بِرَقِيقِهِ) الْقِنِّ أَوْ ذِي الشَّائِبَةِ، وَمَفْهُومُ عَمَدَ أَنَّهُ إنْ أَخْطَأَ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَمَفْهُومُ لِشَيْنٍ أَنَّهُ إنْ عَمَدَ لِمُدَاوَاتِهِ أَوْ عَمَدَ لَا لِشَيْنٍ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَمْدِ كَافٍ فِي إيجَابِ الْعِتْقِ أَفَادَهُ تت. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمُثْلَةِ وَلَا يَكْفِي تَعَمُّدُ الضَّرْبِ وَحْدَهُ، وَبِهِ قَرَّرَهُ " ز "، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي شَرْطِ الْمُثْلَةِ بِمُطْلَقِ الْعَمْدِ لِلضَّرْبِ أَوْ بِهِ مَعَ قَصْدِ الْمُثْلَةِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِهَا لِقَوْلِهَا إنْ كَوَى عَبْدَهُ تَدَاوِيًا أَوْ أَصَابَهُ عَلَى وَجْهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 395 أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ، أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ: غَيْرُ سَفِيهٍ، وَعَبْدٍ، وَذِمِّيٍّ بِمِثْلِهِ، وَزَوْجَةٍ، وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ،   [منح الجليل] الْأَدَبِ مِنْ كَسْرٍ أَوْ قَطْعِ جَارِحَةٍ فَلَا يَعْتِقُ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِمَا تَعَمَّدَ بِهِ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ لَا يَكُونُ مُثْلَةً بِضَرْبِهِ أَوْ رَمْيِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْمُثْلَةَ بِضَجْعِهِ لِيُمَثِّلَ بِهِ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ شَفَقَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مَالِهِ. (أَوْ) عَمَدَ لِشَيْنٍ بِ (رَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ) بِرَقِيقٍ (لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ) أَوْ السَّفِيهِ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ مِنْ الْخَاصِّيَّةِ الثَّانِيَةِ الْعِتْقُ بِالْمُثْلَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ عَمْدًا مُثْلَةَ شَيْنٍ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعُزِّرَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْعِتْقِ بِتَمْثِيلِ السَّيِّدِ بِذِي رِقٍّ لَهُ. فِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ بِعَبْدٍ لِعَبْدِهِ عَتَقُوا عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا شَرْطُ الْمُثْلَةِ بِمُطْلَقِ الْعَمْدِ لِلضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً. وَفِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ بِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُهَا أَنَّ عَبْدَ الْكَبِيرِ كَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا فِي وِلَايَتِهِ فَهُوَ كَالصَّغِيرِ. وَفَاعِلُ عَمَدَ (غَيْرُ سَفِيهٍ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اعْتِبَارِ تَمْثِيلِ السَّفِيهِ كَالرَّشِيدِ وَلَغْوِهِ قَوْلَانِ، وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَغْوُهُ (وَ) غَيْرُ (عَبْدٍ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَمْثِيلُ الْمَدِينِ بِعَبْدِهِ وَالْعَبْدِ بِعَبْدِهِ لَغْوٌ (وَ) غَيْرُ (ذِمِّيٍّ بِ) عَبْدٍ لَهُ (بِمِثْلِهِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ شَبَهِهِ فِي الذِّمِّيَّةِ بِأَنْ مَثَّلَ مُسْلِمٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمٍ، فَإِنْ مَثَّلَ ذِمِّيٌّ بِمِثْلِهِ فَلَغْوٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُوجِبُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ تَمْثِيلُ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ يُوجِبُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ، وَفِي تَمْثِيلِهِ بِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ. وَفِي التَّوْضِيحِ اُحْتُرِزَ بِالذِّمِّيِّ عَنْ الْمُعَاهَدِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَهُ أَشْهَبُ، قَالَ وَيَعْتِقُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتِقُ عَلَى الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يُمَثِّلَ بِعَبْدِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ (وَ) غَيْرُ (زَوْجَةٍ وَ) غَيْرُ شَخْصٍ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا (فِي) تَمْثِيلِهِمَا بِرَقِيقِهِمَا أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِمَا أَوْ رَقِيقِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ (زَائِدِ) الْقِيمَةِ عَلَى (الثُّلُثِ) مِنْ مَالِهِمَا بِأَنْ كَانَ الْمُمَثِّلَ لَيْسَ زَوْجَةً وَلَا مَرِيضًا، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 396 وَمَدِينٍ: كَقَلْعِ ظُفْرٍ، وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ، أَوْ جَسَدٍ أَوْ سِنٍّ، أَوْ سَحْلِهَا أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ، أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ، أَوْ لِحْيَةِ تَاجِرٍ. أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ، لَا غَيْرِهِ،   [منح الجليل] أَوْ كَانَ أَحَدَهُمَا وَمَثَّلَ بِمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلُّ، فَإِنْ كَانَ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا مَثَّلَ بِمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ تَمْثِيلِ ذَاتِ الزَّوْجِ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا وَلُزُومِ عِتْقِهَا بِهِ وَلَوْ كَرِهَ الزَّوْجُ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ (وَ) غَيْرُ (مَدِينٍ) بِمَا لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ مَدِينًا بِمَا لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ فَتَمْثِيلُهُ لَغْوٌ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمَثَّلَ لِلشَّيْنِ فَقَالَ (كَقَلْعِ ظُفْرٍ) عِيَاضٌ يَعْتِقُ بِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا. فِيهَا قَطْعُ الْأُنْمُلَةِ مُثْلَةٌ الْأَخَوَانِ إنْ قَلَعَ ظُفْرَهُ أَوْ ضِرْسَهُ أَوْ سِنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (أَوْ قَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ أَوْ) قَطْعِ بَعْضِ (جَسَدٍ) رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ قَطَعَ عُرْفَ أُذُنِهِ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَلْعِ (سِنٍّ أَوْ سَحْلِهَا) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ بِرَدِّ السِّنِّ. ابْنُ شَاسٍ سَحْلُ الْأَسْنَانِ بَرْدُهَا حَتَّى تَذْهَبَ مَنْفَعَتُهَا (أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ) نَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ خَرَمَ أَنْفَ عَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ (أَوْ حَلْقِ شَعْرِ) رَأْسِ (أَمَةٍ رَفِيعَةٍ) أَيْ جَمِيلَةٍ (أَوْ) حَلْقِ (لِحْيَةِ) عَبْدٍ (تَاجِرٍ) رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَلْقُ رَأْسِ الْعَبْدِ النَّبِيهِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ مُثْلَةٌ لَا فِي غَيْرِهِمَا. ابْنُ الْحَاجِبِ حَلْقُ رَأْسِ الْأَمَةِ وَلِحْيَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِشَيْنٍ إلَّا فِي التَّاجِرِ الْمُحْتَرَمِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ (أَوْ وَسْمِ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَعْلِيمِ (وَجْهٍ بِنَارٍ) ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ كَتَبَ فِي وَجْهِ عَبْدِهِ أَوْ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ آبِقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ النَّارِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْحَرْقُ بِالنَّارِ لَيْسَ بِمُثْلَةٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ مَنْظَرُهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. أَصْبَغُ مَنْ كَتَبَ فِي وَجْهِ عَبْدٍ أَوْ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ آبِقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. أَصْبَغُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِذِرَاعِهِ أَوْ بَاطِنِ جَسَدِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلِابْنِ وَهْبٍ مَنْ عَرَّفَ بِالْإِبَاقِ فَرَسَمَ سَيِّدُهُ فِي وَجْهِهِ عَبْدُ فُلَانٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ بِمِدَادٍ وَإِبْرَةٍ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ. (لَا) وَسْمِ (غَيْرِ الْوَجْهِ) بِالنَّارِ كَوَسْمِ ذِرَاعِهِ أَوْ دَاخِلِ جَسَدِهِ بِهَا إخْرَاجٌ مِنْ الْمُثْلَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 397 وَفِي غَيْرهَا فِيهِ: قَوْلَانِ. وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ، لَا فِي عِتْقٍ بِمَالٍ.   [منح الجليل] فَلَا يَعْتِقُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ هَذَا عَنْ أَصْبَغَ (وَفِي) وَسْمِ الرَّقِيقِ بِ (غَيْرِهَا) أَيْ النَّارِ كَإِبَرٍ بِمِدَادٍ (فِيهِ) أَيْ الْوَجْهِ (قَوْلَانِ) بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ وَعَدَمِهِ وَهُوَ لِأَشْهَبَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَ) إنْ مَثَّلَ الْمَالِكُ بِمَمْلُوكِهِ وَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَ (الْقَوْلُ السَّيِّدُ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ) الْمُوجِبِ لِلْعِتْقِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ. " ق " رَجَعَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّ مَنْ فَقَأَ عَيْنَ عَبْدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَالَا فَعَلَ ذَلِكَ بِنَا عَمْدًا، وَقَالَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ بَلْ أَدَّبْتُهُمَا فَأَخْطَأْت إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى يَظْهَرَ الْعَدَاءُ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ رَقِيقَهُ وَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى مَالٍ فَ (لَا) يَكُونُ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ (فِي) دَعْوَى (عِتْقٍ بِمَالٍ) بَلْ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِيَمِينِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا قَالَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَعْتَقْته عَلَى مَالٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَيَحْلِفُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْحَطّ إذَا خَصَى الْمَالِكُ عَبْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَصَدَ تَعْذِيبَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غَارَ مِنْهُ لِرُؤْيَتِهِ يَتَعَرَّضُ لِحَرِيمِهِ فَقَصَدَ تَنْكِيلَهُ بِخِصَائِهِ كَمَا وَرَدَ عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ لِزِنْبَاعِ عَبْدٍ يُسَمَّى سِنْدَارًا أَوْ ابْنَ سَنْدَرٍ وَجَدَهُ يُقَبِّلُ جَارِيَتَهُ فَجَدَعَ أَنْفَهُ وَجَبَّهُ فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَالَ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ مَوْلًى لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ» ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ حَصَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَرَضٌ فَأَدَّى عِلَاجُهُ وَمُدَاوَاتُهُ إلَى خِصَائِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَصَاهُ لِيَزِيدَ ثَمَنُهُ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ خِصَاءُ الْآدَمِيِّ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ وَهُوَ مُثْلَةٌ وَتَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا قَطْعُ سَائِرِ أَعْضَائِهِ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَلَا قَوَدٍ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 398 وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ، إنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَالْبَاقِي لَهُ.   [منح الجليل] الثَّانِي: الْوَسْمُ وَالْإِشْعَارُ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ نَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ وَعَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ وَالْوَسْمُ الْكَيُّ بِالنَّارِ، وَأَصْلُهُ التَّعْلِيمُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمِيسَمُ وَهُوَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ وَغَيْرَهَا حَتَّى يَعْرِفَ كُلٌّ مَالَهُ فَيُؤَدِّيَ حَقَّهُ وَلَا يُجَاوِزَهُ إلَى غَيْرِهِ» . الثَّالِثُ: ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُثْلَةُ بَيِّنَةً فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِحُكْمٍ، وَفِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ كَذَلِكَ قَوْلَا مَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَائِلًا فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ لَوْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ وَلِسَانَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ بِالرِّقِّ وَأَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِقَوْلِهِ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً فَهُوَ حُرٌّ حِينَ مَثَّلَ بِهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَ الصِّقِلِّيُّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْمُثْلَةِ صَارَ حُرًّا وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُثْلَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا فَهُوَ حُرٌّ بِهَا بِغَيْرِ قَضِيَّةٍ، وَأَمَّا مُثْلَةٌ شُكَّ فِيهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْحُكْمِ. قُلْت إنْ جَعَلْنَا الْمَشْهُورَةَ أَخَصَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ، وَمَا شُكَّ يَصْدُقُ عَلَى الْبَيِّنَةِ اتَّفَقَ نَقْلَا اللَّخْمِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ وَإِلَّا اخْتَلَفَا. (وَ) عَتَقَ (بِالْحُكْمِ) عَلَى الْمَالِكِ (جَمِيعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (إنْ أَعْتَقَ) الْمَالِكُ (جُزْءًا) مِنْهُ وَلَوْ قَلِيلًا كَرُبُعِ عُشْرٍ أَوْ يَدٍ (وَالْبَاقِي) مِنْ الرَّقِيقِ مَمْلُوكٌ (لَهُ) أَيْ مُعْتِقُ الْجُزْءِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ يَعْتِقُ بِلَا حُكْمٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ اهـ. تت ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ. اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ عَتَقَ بَقِيَّتُهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفَرَّقَ مَرَّةً فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَحَتَّى يَحْكُمَ وَالْأَحْسَنُ وَقْفُهُ عَلَى الْحُكْمِ فِيهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ، هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يَكُونُ كُلُّهُ حُرًّا بِسَرَيَانِ الْعِتْقِ فِي جَمِيعِهِ حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 399 كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ، إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ.   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي تَكْمِيلِ الْعِتْقِ بِالْحُكْمِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (بَقِيَ) فِي الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ جُزْؤُهُ جُزْءٌ (لِغَيْرِهِ) أَيْ مُعْتِقِ الْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُكَمَّلُ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى مُعْتِقِ جُزْئِهِ (إنْ دَفَعَ) مُعْتِقُ الْجُزْءِ (الْقِيمَةَ) لِلْجُزْءِ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ مُعْتَبَرَهً (يَوْمَهُ) أَيْ الْحُكْمِ بِعِتْقِ الْبَاقِي، هَذَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَجَمَاعَةٍ، هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَعَلَى أَنَّ عِتْقَ الْبَاقِيَ بِالسَّرَيَانِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَتَقَ الْجُزْءُ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَضَاءِ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْعِتْقِ. الْمُوَضِّحُ هَذَا إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ خَاصَّةً، وَأَمَّا إنْ عَمَّمَ الْعِتْقَ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ. طفي لَيْسَ يَوْمَهُ ظَرْفًا لِدَفَعَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهَا يَوْمَهُ. وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ الْقِيمَةِ، أَيْ مُعْتَبَرَةً وَتَبِعَ فِي تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَنَصُّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، أَنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالتَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ نُصُوصُ الْمَالِكِيَّةِ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا النَّصُّ عَلَى اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا فِي التَّقْوِيمِ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الشَّرِيكُ الْقِيمَةَ فَيَتْبَعُ بِهَا ذِمَّةَ الْمَلِيءِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ، وَنَصُّهُ فِي الْمَعُونَةِ إنَّمَا شَرَطْنَا فِي إعْتَاقِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ أَخْذَهُ الْقِيمَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» اهـ. وَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْإِعْطَاءِ مَعًا لَوْ وُجِدَ تَقْوِيمٌ دُونَ إعْطَاءٍ فَلَا يَكْمُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِكَايَاتِ الْأَصْحَابِ عَنْ الْمَذْهَبِ، غَيْرَ أَنَّ سَحْنُونًا قَالَ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ إنَّهُ حُرٌّ بِتَقْوِيمِ الْإِمَامِ، فَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَوْ كَانَ مُحَصِّلًا لِلْعِتْقِ لَلَزِمَ أَنْ يَتْبَعَ الشَّرِيكُ ذِمَّةَ الْمُعْتِقِ إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 400 وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ، وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا، أَوْ بِبَعْضِهَا: فَمُقَابِلُهَا، وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفَلَّسِ   [منح الجليل] وَذَلِكَ لَا يَمْشِي عَلَى الْقَوْلِ بِالسَّرَايَةِ وَلَا عَلَى مُرَاعَاةِ التَّقْوِيمِ. اهـ. وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ، فَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ نَعَمْ الْمَذْهَبُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ، فَفِيهَا إنْ ابْتَعْت أَنْتَ وَأَجْنَبِيٌّ أَبَاك فِي صَفْقَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَعَتَقَ عَلَيْك وَضَمِنْت لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نَصِيبِهِ اهـ. (وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ) بِكَسْرِ التَّاءِ (مُسْلِمًا) سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا (أَوْ) كَانَ (الْعَبْدُ) مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ كَافِرًا، سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَبْدُ كَافِرَيْنِ فَلَا يُقَوَّمُ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمَ قُوِّمَ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ وَإِنْ أَعْتَقَ الذِّمِّيَّ فَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَلْزَمَ الذِّمِّيَّ التَّقْوِيمَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَأَسْقَطَهُ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا، وَلَا خِلَافَ فِي التَّقْوِيمِ إذَا كَانَ السَّيِّدَانِ مُسْلِمَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا كَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّا لَا نُلْزِمُهُمَا التَّقْوِيمَ إذَا كَانُوا ذِمِّيَّيْنِ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ فَفِي التَّقْوِيمِ رِوَايَتَانِ. (وَإِنْ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ (بِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ كُلِّهَا فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ (أَوْ) أَيْسَرَ (بِبَعْضِهَا) أَيْ الْقِيمَةِ وَأَعْسَرَ بِبَاقِيهَا (فَ) يُقَوَّمُ عَلَيْهِ (مُقَابِلُهَا) أَيْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَيْسَرَ بِهَا مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَيَبْقَى بَاقِيهَا رَقِيقًا لِشَرِيكِهِ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوسِرْ بِشَيْءٍ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ لَسَرَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) يُعْتَبَرُ فِي يُسْرِهِ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا كَوْنُهَا (فَضَلَتْ) زَادَتْ (عَنْ مَتْرُوكِ) أَيْ مَا يُتْرَكُ لِلشَّخْصِ (الْمُفَلَّسِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا، أَيْ الْمَحْكُومِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِقِسْمَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ دُيُونِهِمْ عَلَيْهِ كَمَلْبُوسِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَمَلْبُوسِ عِيَالِهِ كَذَلِكَ وَدَارِ سُكْنَاهُ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا عَنْ سُكْنَاهُ وَمَا يَقْتَاتُهُ هُوَ وَعِيَالُهُ إلَى ظَنِّ يُسْرِهِ فِيهَا يُبَاعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 401 وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ، لَا بِإِرْثٍ، وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ، لَا إنْ كَانَ حُرَّ الْبَعْضِ وَقُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَعَلَى حِصَصِهِمَا، إنْ أَيْسَرَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ   [منح الجليل] عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْبَالِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا كِسْوَتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَعِيشَةُ الْأَيَّامِ. ابْنُ شَاسٍ كَمَا فِي الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ. (وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ) أَيْ الْجُزْءِ (بِاخْتِيَارِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبِلَ هِبَتَهُ أَوْ صَدَقَتَهُ أَوْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا إنْ وَرِثَ جُزْءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ بَاقِيهِ (وَإِنْ ابْتَدَأَ) السَّيِّدُ (الْعِتْقَ) فِي الرَّقَبَةِ (لَا إنْ كَانَ) الرَّقِيقُ (حُرَّ الْبَعْضِ) بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ ثُمَّ أَعْتَقَ ثَانِيهِمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ فِي الرَّقَبَةِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا فَلَا يُقَوَّمُ. (وَ) إنْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مُوسِرُونَ فِي رَقِيقٍ وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ أَيْضًا (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى) الْمُعْتِقِ (الْأَوَّلِ) وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي الرَّقَبَةِ إنْ كَانَ إعْتَاقُ الثَّانِي بَعْدَ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْتَاقُ مِنْهُمَا فِي وَقْتَيْنِ بِأَنْ أَعْتَقَا حِصَّتَيْهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (فَ) تُقَوَّمُ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ (حِصَصِهِمَا) عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَلَى رُءُوسِهِمَا بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُهُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ، وَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ وَلِلثَّانِي دَفْعَةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ سُدُسِ قِيمَتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي خُمُسَاهُ (إنْ أَيْسَرَا) أَيْ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُوسِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَا تَقْوِيمَ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا (فَ) يُقَوَّمُ نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى الْمُوسِرِ) مِنْهُمَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ تَفَرَّقَ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ آخَرُ نَصِيبَهُ وَهُمَا مَلِيئَانِ، فَأَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 402 وَعُجِّلَ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ أُمِنَ. وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ.   [منح الجليل] يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَدِيمًا فَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَلَوْ أَعْتَقَا جَمِيعًا قُوِّمَ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَلِيئًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا قُوِّمَ جَمِيعُ بَاقِيهِ عَلَى الْمُوسِرِ. " غ " وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ هَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ مَعْطُوفَةٍ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ فَشُرُوطُ التَّكْمِيلِ سِتَّةٌ إلَّا أَنَّهُ كَرَّرَ إنْ فِي الْمَعْطُوفَاتِ مَا عَدَا الثَّالِثِ، وَلَوْ أَسْقَطَهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا فَكَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَوْ أَثْبَتَ فِيهِ إنْ لَكَانَ أَوْلَى. (وَ) إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي رَقِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ كَذَلِكَ وَهُوَ مَلِيءٌ فِيهِمَا (عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا تَقْوِيمُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ (فِي ثُلُثِ) مَالِ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا سَابِقٌ عَلَى عِتْقِ الشِّقْصِ أَوْ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّقْوِيمِ لَا يَوْمُ الْعِتْقِ (أُمِنَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ، أَيْ تَغَيُّرُ مَالِ الْمَرِيضِ بِأَنْ كَانَ عَقَارًا، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مَالُهُ فَلَا يُعَجَّلُ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ بَلْ يُؤَخَّرُ، فَإِنْ صَحَّ صِحَّةُ بَيِّنَةٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ الَّذِي يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ مَاتَ قُوِّمَ فِي ثُلُثِهِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ جَمِيعَهُ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا عَتَقَ عَلَيْهِ الْآنَ جَمِيعُهُ وَغَرِمَ قِيمَةَ حَظِّ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَلَا نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي الثُّلُثِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ حَظِّ شَرِيكِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَبْلَغُهُ وَرُقَّ مَا بَقِيَ وَإِنْ عَاشَ لَزِمَهُ عِتْقُ بَقِيَّتِهِ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ شِقْصَهُ فِي رَقِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يُقَوَّمْ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ لِدَفْعِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَمَسِّكِ بِحَظِّهِ رَقِيقًا (عَلَى) شَخْصٍ (مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ) بِتَكْمِيلِ عِتْقِ الرَّقِيقِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِوَارِثِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِهِ قُوِّمَ فِي بَاقِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 403 وَقُوِّمَ كَامِلًا بِمَالِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ وَنُقِضَ لَهُ بَيْعٌ مِنْهُ، وَتَأْجِيلُ الثَّانِي، أَوْ تَدْبِيرُهُ،   [منح الجليل] ثُلُثِهِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَيِّتٍ، وَكَذَا لَوْ فَلَّسَ. أَشْهَبُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إنْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ وَتَقْوِيمِ حَظِّ شَرِيكٍ عَلَيْهِ فَأَبَى شَرِيكُهُ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ. (وَ) إذَا قُوِّمَ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ حَالَ كَوْنِهِ (كَامِلًا) مُقَدَّرًا رِقُّهُ كُلُّهُ ثُمَّ تُقْسَمُ قِيمَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحَسَبِ حُظُوظِهِمْ فِيهِ وَيُحْكَمُ عَلَى مُعْتَقِ بَعْضِهِ بِدَفْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِ كَامِلًا لَهُ، وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ وَحْدَهُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَامِلًا حَالَ كَوْنِهِ مَصْحُوبًا (بِمَالِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ. الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُ مَمْلُوكٌ عَلَى مَا يَسْوَى فِي مُخْبَرَتِهِ وَصَنْعَتِهِ وَبِمَالِهِ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ (بَعْدَ) عَرْضِ عِتْقِ بَاقِيهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَ (امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ) أَيْ مُعْتِقِ بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ عِتْقِ نَصِيبِهِ. قَالَ الْإِمَام مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُقَوَّمُ إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِ الشَّرِيكِ فِي الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فِي الرَّقِيقِ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ عَالِمًا بِعِتْقِ شَرِيكِهِ أَوْ لَا (نُقِضَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ رُدَّ (لَهُ) أَيْ التَّقْوِيمِ (بَيْعٌ) حَاصِلٌ (مِنْهُ) أَيْ الشَّرِيكِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَقُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ (وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِتْقًا نَاجِزًا وَأَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهُ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ نُقِضَ (تَأْجِيلُ الثَّانِي) أَيْ عِتْقُهُ نَصِيبَهُ لِأَجَلٍ (أَوْ تَدْبِيرُهُ) أَوْ كِتَابَتُهُ، وَيُقَوَّمُ كَامِلًا عَلَى مَنْ نَجَّزَ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوَّلًا. الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا مَضَى تَأْجِيلُ الثَّانِي أَوْ تَدْبِيرُهُ أَوْ كِتَابَتُهُ. فِيهَا إذَا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ أَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 404 وَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا وَإِذَا حُكِمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرِهِ: مَضَى: كَقَبْلَهُ، ثُمَّ أَيْسَرَ، إنْ كَانَ بَيِّنَ الْعُسْرِ وَحَضَرَ الْعَبْدُ   [منح الجليل] يُعْتِقُهُ إلَى أَجَلٍ إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ مُبَتَّلًا أَوْ يُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ. وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَلِيءُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ إلَى أَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ رُدَّ إلَى التَّقْوِيمِ إلَّا أَنْ يُبَتَّلَ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَلِيءُ نَصِيبَهُ فِي رَقِيقٍ وَخُيِّرَ شَرِيكُهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ أَوْ تَقْوِيمِهِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ أَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَى اخْتِيَارِ الْآخَرِ فَ (لَا يُنْتَقَلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ، ظَاهِرُهُ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بِتَخْيِيرِ الْمُعْتِقِ أَوْ الْحَاكِمِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ فِي يُسْرِهِ فَقَالَ شَرِيكُهُ أَنَا أُقَوِّمُ عَلَيْهِ نَصِيبِي، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا أُعْتِقُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا التَّقْوِيمُ (وَإِذَا) أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُعْسِرُ نَصِيبَهُ فِي الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ فَ (حُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بِ) جَوَازِ (بَيْعِهِ) أَيْ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ (لِعُسْرِهِ) أَيْ الْمُعْتِقِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ (مَضَى) الْحُكْمُ بِالْبَيْعِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ. " غ " وَإِنْ حُكِمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرٍ مَضَى، كَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِمَنْعِهِ ضِدُّ إجَازَتِهِ، وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى التَّقْوِيمِ، فَهَذَا مُخْتَصَرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا حُكِمَ بِسُقُوطِ التَّقْوِيمِ لِإِعْسَارِهِ فَلَا تَقْوِيمَ بَعْدُ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ وَعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَقَالَ (كَ) عُسْرِ الْمُعْتِقِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْعِتْقِ (ثُمَّ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ فَقَامَ شَرِيكُهُ حِينَ يُسْرِهِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ (إنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ (بَيِّنَ) بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا أَيْ ظَاهِرَ (الْعُسْرِ) حِينَ إعْتَاقِهِ نَصِيبَهُ وَعَلِمَهُ النَّاسُ وَشَهِدُوا بِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يَطْلُبْ التَّقْوِيمَ لِعُسْرِهِ (وَحَضَرَ الْعَبْدُ) أَيْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ حِينَ عِتْقِ شِقْصِهِ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَقَدِمَ بَعْدَ يُسْرِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعْتِقُ بَيِّنَ الْعُسْرِ حِينَ إعْتَاقِهِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَيْسَرَ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، قَدِيمًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ إنْ كَانَ يَوْمَ أَعْتَقَ يَعْلَمُ النَّاسُ عُسْرَهُ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ وَالْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَإِنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْقِيَامَ لِأَنَّهُ لَوْ خَاصَمَ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 405 وَأَحْكَامُهُ قَبْلَهُ: كَالْقِنِّ. وَلَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ. وَلَا قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ، وَلَا تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ   [منح الجليل] ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَمْ يَقْدُمْ حَتَّى أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ بِقِيمَتِهِ لَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ. (وَأَحْكَامُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ التَّقْوِيمِ (كَ) أَحْكَامِ (الْقِنِّ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ خَالِصِ الرَّقَبَةِ فِي شَهَادَتِهِ وَجِنَايَتِهِ وَحَدِّهِ وَغَلَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ فَهُوَ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ دُونَ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْأَرِقَّاءِ حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعُهُ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْمُتَمَسِّكُ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ مِنْ الرَّقِيقِ أَنْ يَسْعَى فِي اكْتِسَابِ مَالٍ يَدْفَعُهُ لَهُ فِي جُزْئِهِ الرَّقِيقِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ، أَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَ (لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ) أَيْ سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِ مَالٍ يَشْتَرِي بِهِ بَعْضَهُ الرَّقِيقَ مِنْ مَالِكِهِ لِتَتِمَّ حُرِّيَّتُهُ لَا يَلْزَمُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْعَبْدُ فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ، فَمَفْعُولُ يَلْزَمُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْعَبْدَ أَوْ السَّيِّدَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِبَعْضِهِ مُعْسِرًا إلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ لِسَيِّدِهِ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ. الشَّيْخُ رَوَى الْأَخَوَانِ لَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا إلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ لِسَيِّدِهِ بِذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ. ابْنُ شَاسٍ وَكَذَا لَوْ عَرَضَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ مَالًا وَيَعْتِقَ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَا مَا اسْتَفَادَهُ مِنْ قَبْلُ. قُلْت لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ. وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَيْسَ لِسَيِّدِ الْمُعْتِقِ بَعْضُهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ وَلَا أَنْ يَقْبَلَ مَالَ الْغَيْرِ وَيَعْتِقَ بِهِ. (وَ) إنْ دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِلْمُعْسِرِ الَّذِي أَعْتَقَ شِقْصَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ لِيَدْفَعَهُ لَلشَّرِيك الْمُتَمَسِّكِ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ فَ (لَا) يَلْزَمُهُ (قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ) لِتَكْمِيلِ عِتْقِ الرَّقَبَةِ بِهِ (وَ) إنْ كَانَ مُعْتِقُ الشِّقْصِ مُعْسِرًا وَرَضِيَ شَرِيكُهُ بِتَقْوِيمِ حِصَّتِهِ عَلَيْهِ وَتَخْلِيدِ قِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى يُسْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ (تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ) لِلشِّقْصِ الرَّقِيقِ (فِي ذِمَّةِ) الْمُعْتِقِ شِقْصَهُ (الْمُعْسِرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 406 بِرِضَا الشَّرِيكِ. وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لِأَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ لِيُعْتَقَ جَمِيعُهُ عِنْدَهُ، إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي، فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ. دَبَّرَ بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا شَرِيكٌ حِصَّته مِنْ رَقِيق أَيْ عَلَّقَ عِتْقهَا عَلَى مَوْته وَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ: تَقَاوَيَاهُ لِيُرَقَّ كُلُّهُ أَوْ يُدَبَّرُ.   [منح الجليل] بِرِضَا الشَّرِيكِ) الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ شِقْصَهُ بِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ. (وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ) مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِتْقًا (لِأَجَلٍ) كَسَنَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ كُلُّهُ (عَلَيْهِ) أَيْ مُعْتِقَ الشِّقْصِ لِأَجَلٍ وَيَدْفَعُ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَتِهِ (لِيُعْتَقَ جَمِيعُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (عِنْدَهُ) أَيْ لِأَجَلٍ فَيَسْتَوِي الشِّقْصَانِ فَلَا يُعَجَّلُ عِتْقُ شِقْصِ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ وَلَا شِقْصُ شَرِيكِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ فِي الْعِتْقِ لِشِقْصِهِ، وَظَاهِرُهُ قُرْبُ الْأَجَلِ أَوْ بُعْدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَظَاهِرَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ بُعْدَ الْأَجَلِ أَخَّرَ التَّقْوِيمَ إلَى حُلُولِهِ (إلَّا أَنْ يَبُتَّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ أَيْ يُنَجِّزَ الشَّرِيكُ (الثَّانِي) عِتْقَ نَصِيبِهِ (فَ) يَبْقَى (نَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ) مِنْ عِتْقِهِ لِلْأَجَلِ. فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ مِنْ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَعْتَقَ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ إلَى سَنَةٍ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ بَتْلًا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ أَحْسَنُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَالِهِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَإِنْ دَبَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا شَرِيكٌ (حِصَّتَهُ) مِنْ رَقِيقٍ أَيْ عَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَى مَوْتِهِ (تَقَاوَيَاهُ) أَيْ تَزَايَدَ الشَّرِيكَانِ فِي قِيمَةِ الرَّقِيقِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُسَلِّمَهُ لَهُ الْآخَرُ، وَفَسَّرَ مُطَرِّفٌ الْمُقَاوَاةَ بِأَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةُ عَدْلٍ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ عَلَيْهَا، فَإِنْ زَادَ قِيلَ لِلْمُدَبِّرِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا (لِيُرَقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ (كُلُّهُ) إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُتَمَسِّكِ (أَوْ يُدَبَّرَ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ كُلُّهُ إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُدَبِّرِ. الْبُنَانِيُّ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُقَاوَاةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا كُلُّهُ تَنْزِيلًا لِلتَّدْبِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِتْقِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 407 وَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبَهُ: فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُ. وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ، أَوْ أَجَازَ عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا: قُوِّمَ فِي مَالِ السَّيِّدِ   [منح الجليل] طفي اُنْظُرْ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ، وَكَأَنَّ الْمُقَاوَاةَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ضَعِيفَةٌ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بَرِيءٌ فِي كُتُبِهِ اهـ. وَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ بِتَحَتُّمِ الْمُقَاوَاةِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مَنْ دَبَّرَ حَظَّهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الرِّضَا بِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَظِّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَأَخَذَ بِهَا ابْنُ حَبِيبٍ، وَكَذَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. الْبُنَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ ثُمَّ أَعْتَقَ آخَرُ وَتَمَسَّكَ الثَّالِثُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مَلِيًّا قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكَيْهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلْمُتَمَسِّكِ مُقَاوَاةُ الَّذِي دَبَّرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَالْمُعْتِقُ عَدِيمٌ فَلَا يَلْزَمُ الَّذِي دَبَّرَ مُقَاوَاةُ الْمُتَمَسِّكِ، إذْ لَوْ أَعْتَقَ بَعْدَ عِتْقِ الْمُعْدِمِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَلَوْ) أَعْتَقَ مُوسِرٌ حَظَّهُ مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَلَمَّا أُرِيدَ تَقْوِيمُهُ عَلَيْهِ (ادَّعَى) الشَّخْصُ (الْمُعْتِقُ) بِكَسْرِ التَّاءِ (عَيْبَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ عَيْبًا خَفِيفًا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِهِ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ شَرِيكَهُ الْمُتَمَسِّكَ عَلِمَهُ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ عِلْمَهُ (فَلَهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (اسْتِحْلَافُهُ) أَيْ الشَّرِيكِ الْمُتَمَسِّكِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَوْ ادَّعَى عَيْبًا بِالْعَبْدِ وَأَنْكَرَهُ شَرِيكُهُ فَفِي وُجُوبِ حَلِفِهِ ثَانِي قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ، وَأَوَّلُ قَوْلَيْهِ وَفَرَضَهَا فِي الْجَوَاهِرِ فِي دَعْوَى عَيْبِهِ، وَعَلِمَ الْآخَرُ بِهِ، وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وتت. طفي فَيُعَمُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَرْضَيْنِ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ عَبْدٌ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَ (إنْ) كَانَ قَدْ (أَذِنَ السَّيِّدُ) الْأَعْلَى الْحُرُّ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ شِقْصِهِ (أَوْ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلَكِنْ (أَجَازَ) السَّيِّدُ (عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا) لَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ الْمُعْتِقُ شِقْصَهُ كُلَّهُ (فِي مَالِ السَّيِّدِ) الْأَعْلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 408 وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ الْمُعْتِقِ: بِيعَ   [منح الجليل] الْحُرِّ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْوَلَاءُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ يَفِي بِحِصَّةِ شَرِيكِ عَبْدِهِ غَيْرَ عَبْدِهِ فَوَاضِحٌ. (وَإِنْ) لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَ عَبْدِهِ وَ (اُحْتِيجَ) فِي تَكْمِيلِ عِتْقِ الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ (لِبَيْعِ) الْعَبْدِ الْأَعْلَى (الْمُعْتِقِ) بِكَسْرِ التَّاءِ الشِّقْصَ (بِيعَ) الْعَبْدُ الْأَعْلَى الْمُعْتِقُ وَدُفِعَ مِنْ ثَمَنِهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ عَتِيقِهِ وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُقَالُ فِي أَيِّ مَسْأَلَةٍ يُبَاعُ السَّيِّدُ لِعِتْقِ عَبْدِهِ، نَظَمَ فِي قَوْلِهِ: يَحِقُّ لِجَفْنِ الْعَيْنِ إرْسَالُ دَمْعِهِ ... عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَمَا ذَنْبُهُ حَتَّى يُبَاعَ وَيُشْتَرَى ... وَقَدْ بَلَغَ الْمَمْلُوكُ غَايَةَ قَصْدِهِ وَيَمْلِكُهُ بِالْبَيْعِ إنْ شَاءَ فَاعْلَمَنْ ... كَذَا حَكَمُوا وَالْعَقْلُ قَاضٍ بِرَدِّهِ فَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُدْرِكًا ... لِقُبْحٍ وَلَا حُسْنٍ فَقِفْ عِنْدَ حَدِّهِ وَعَارَضَهُ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ فَقَالَ: أَلَا دَعْ مَقَالًا قَدْ قَضَيْنَا بِرَدِّهِ ... فَمَا بِيعَ سَيِّدٌ قَطُّ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ فَإِنَّ الَّذِي قَدْ أَنْفَذَ الْعِتْقَ مَالِكٌ ... لِكُلٍّ وَهَذَا السَّيِّدُ مِنْ بَعْضِ وُجْدِهِ فَبِعْنَاهُ كَيْ نَدْفَعَ جِنَايَتَهُ الَّتِي ... جَنَى بِإِجَازَتِهِ لِفِعْلَةِ عَبْدِهِ بِتَنْقِيصِ مَالِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ ... فَحَافِظْ عَلَى دَفْعِ التَّعَدِّي وَرَدِّهِ وَقَالَ صَرِيحُ الْعَقْلِ مَنْ لَمْ يَكُنْ جَنَى ... لِيَمْلِكَ مَنْ يَجْنِي وَيَظْفَرَ بِقَصْدِهِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الْعَقْلَ قَاضٍ بِرَدِّهِ ... أَتَى قَوْلُهُ بُطْلًا بِصَفْحَةِ خَدِّهِ وَإِدْرَاكُ عَقْلِ الْمَرْءِ لِلْحُسْنِ مُجْمَعٌ ... عَلَيْهِ كَقُبْحٍ فَانْتَبِهْ عِنْدَ وِرْدِهِ وَإِلَّا فَمَا أَبْكَاهُ إذْ سَالَ دَمْعُهُ ... عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ نَعَمْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ انْفِرَادٌ بِمَا يَرَى ... مِنْ الْحُكْمِ دُونَ الشَّرْعِ قِفْ عِنْدَ حَدِّهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَقِّ بِالْجِدِّ آخِذًا ... خَلَطَ هَزْلَهُ وَاَللَّهِ فِيهِ بِجِدِّهِ أَفَادَهُ شب. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 409 وَإِنْ أَعْتَقَ أَوَّلَ وَلَدٍ: لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي، وَلَوْ مَاتَ وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا، أَوْ دَبَّرَهُ: فَحُرٌّ، وَإِنْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ؛ إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا، فَلِأَقَلِّهِ، وَبِيعَتْ إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ دَيْنٌ،   [منح الجليل] وَإِنْ أَعْتَقَ) رَشِيدٌ (أَوَّلَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (وَلَدٍ) تَلِدُهُ أَمَتُهُ مِنْ زَوْجِهَا فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ فِي بَطْنٍ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَ (لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي) إنْ نَزَلَ الْأَوَّلُ حَيًّا، بَلْ (وَلَوْ مَاتَ) الْأَوَّلُ، فِيهَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا، فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مَيِّتًا فَلَا عِتْقَ لِلثَّانِي. (وَإِنْ أَعْتَقَ) الْمَالِكُ الرَّشِيدُ (جَنِينًا) فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ زَوْجِهَا (أَوْ دَبَّرَهُ) أَيْ السَّيِّدُ الْجَنِينَ فَمَا تَلِدُهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ (فَ) هُوَ (حُرٌّ) إنْ كَانَ أَعْتَقَهُ وَمُدَبَّرٌ إنْ كَانَ دَبَّرَهُ إنْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا، بَلْ (وَإِنْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرِ) أَيْ أَطْوَلِ مُدَّةِ (الْحَمْلِ) خَمْسَ سِنِينَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِزَوْجٍ) لِلْأَمَةِ (مُرْسَلٍ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ، أَيْ مُطْلَقٍ (عَلَيْهَا) أَيْ الْأَمَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِحَمْلِهَا حِينَ عَتَقَ جَنِينُهَا أَوْ تَدْبِيرُهُ (فَ) يُعْتَقُ أَوْ يُدَبَّرُ مَنْ وَلَدَتْهُ (لِأَقَلَّ) مِنْ (أَقَلِّهِ) أَيْ زَمَنِ الْحَمْلِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي عِتْقِهَا. الثَّانِي إنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ دَبَّرَهُ وَهِيَ حَامِلٌ يَوْمَئِذٍ، فَمَا أَتَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَحُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَعْلَمْ حَمْلَهَا يَوْمَ عِتْقِهِ فَلَا يَعْتِقُ هَاهُنَا إلَّا مَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ مَا أَتَتْ بِهِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَ زَوْجُهَا مُرْسَلًا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بَيِّنَةَ الْحَمْلِ أُنْظِرَ إلَى حَدِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَيِّتًا فَإِنْ وَلَدَتْ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَهُوَ حُرٌّ. (وَ) إنْ فَلَّسَ مَنْ أَعْتَقَ جَنِينَ أَمَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ غَيْرِهِ (بِيعَتْ) الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا لِوَفَاءِ دَيْنِ سَيِّدِهَا (إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ) لِجَنِينِهَا مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَفَاعِلُ سَبَقَ (دَيْنٌ) عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي أَعْتَقَ جَنِينَهَا وَلَا مَفْهُومَ لِسَبْقِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ سَبَقَ عِتْقُهُ فَتُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ أَيْضًا، فَفِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 410 وَرُقَّ. وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ، أَوْ عِتْقٍ، وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاءُ وَلِيِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ بِمَالِهِ.   [منح الجليل] الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي يُعْتِقُ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا تُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ إلَّا فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتُبَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا وَيَرِقُّ جَنِينُهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ. فَأَمَّا إنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ بَعْدَ وَضْعِهَا فَانْظُرْ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بَعْدَ عِتْقِ جَنِينِهَا عَتَقَ وَلَدُهَا مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُبَاعُ الْأَمَةُ وَحْدَهَا فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفَارِقُهَا وَلَدُهَا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ عِتْقِهِ بِيعَ الْوَلَدُ لِلْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُ الْأُمِّ بِدَيْنِهِمْ. الْبُنَانِيُّ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ إمَّا أَنْ يَقُومُوا قَبْلَ وَضْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قَامُوا قَبْلَ وَضْعِهَا بِيعَتْ الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا سَوَاءٌ سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَيْنِ، وَإِنْ قَامُوا بَعْدَ وَضْعِهِ فَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ الدَّيْنَ بِيعَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ، وَفَّى ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ أَمْ لَا وَلَا يُفَارِقُهَا، وَإِنْ سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ بِيعَ الْوَلَدُ مَعَهَا فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بِهِ، هَذَا الَّذِي فِيهَا. " غ " وَبِيعَتْ وَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ دَيْنًا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِدُخُولِ وَاوِ الْكِنَايَةِ عَلَى إنْ وَرَفَعَ الْعِتْقَ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَنَصَبَ دَيْنًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَبِهَذَا يُوَافِقُ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ. طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ. (وَ) إذَا بِيعَتْ الْأَمَةُ الْحَامِلُ أَوْ أُعْتِقَتْ فَ (لَا يُسْتَثْنَى) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ جَنِينُهَا (بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ) وَإِذَا سَبَقَ عِتْقُهُ الدَّيْنَ فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَهُ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يَجُزْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ (اشْتِرَاءُ وَلِيٍّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ) كَأَحَدِ أُصُولِهِ وَإِخْوَتِهِ (بِمَالِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَسَقَطَ لَفْظُ وَلَدٍ مِنْ نُسْخَتَيْ الشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَثَبَتَ بِخَطِّ الْأَقْفَهْسِيِّ " غ " إسْقَاطُ وَلَدٍ أَوْلَى لِيَعُمَّ الْوَلِيُّ الْأَبَ وَغَيْرَهُ أَوْ إنَّ غَيْرَهُ أَحْرَى. طفي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفَرَضَهَا فِي الْأَبِ يَشْتَرِي لِابْنِهِ. عِيَاضٌ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَاخْتُلِفَ إذَا وَقَعَ فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 411 وَلَا عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ، وَإِلَّا غَرِمَهُ   [منح الجليل] مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَى الِابْنِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ بِلُزُومِ عِتْقِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِمَا فَلَا يَعْتِقُونَ عَلَى الِابْنِ، وَاخْتُلِفَ فِي عِتْقِهِمْ عَلَى الْأَبِ وَبَقَائِهِمْ عَلَى الرِّقِّ وَأَجْرَى الْأَبَ مَجْرَى الْوَكِيلِ، وَإِلَى هَذَا نَحَا اللَّخْمِيُّ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّ الْأَبَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ، وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْأَبِ وَلَا عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدٌ ابْنَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ. (وَلَا) يَجُوزُ اشْتِرَاءُ (عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (لَهُ) أَيْ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرِي كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ، وَمَفْهُومُ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ قَالَهُ تت. طفي نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فَقَالَ فِيهَا وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ قَرَابَةِ سَيِّدِهِ مَنْ لَوْ مَلَكَهُمْ السَّيِّدُ عَتَقُوا عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ اهـ. قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ، أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَمَعَ الْعِلْمِ لَا يَعْتِقُونَ، هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَرَّرَ " ج ". (وَإِنْ دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْ مَالِكِهِ (بِهِ) أَيْ الْمَالِ (فَإِنْ) كَانَ (قَالَ) الْعَبْدُ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ الْمَالُ (اشْتَرِنِي لِنَفْسِك) أَوْ لِتُعْتِقَنِي وَاشْتَرَاهُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِتْقِهِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (إنْ) كَانَ (اسْتَثْنَى) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) أَيْ الْعَبْدِ حِينَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَمَالَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ حِينَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ فِي الْعَبْدِ وَحْدَهُ وَ (غَرِمَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ وَأَمَّا الثَّمَنُ الْأَوَّلُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 412 وَبِيعَ فِيهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ: كَلِتَعْتِقَنِي وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي: فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ، إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ، وَإِلَّا رُقَّ   [منح الجليل] وَ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِيهِ) أَيْ الثَّمَنِ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَالزَّائِدُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ فَالنَّاقِصُ عَلَيْهِ (وَ) إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فَ (لَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (عَلَى الْعَبْدِ) بِعِوَضِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي. فِي عِتْقِهَا الثَّانِي إذَا دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ، وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي بِهِ لِنَفْسِك أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيُعْتِقَهُ فَقَبِلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَلْيَغْرَمْهُ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَيَعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُهُ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ وَيَرِقُّ لَهُ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ رَدَّ عِتْقَ الْعَبْدِ وَبِيعَ فِي ثَمَنِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ أُعْطِيَهُ السَّيِّدُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْفَضْلِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ بَعْدَ بَيْعِ الْعَبْدِ كَانَ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ. (وَإِنْ قَالَ) الْعَبْدُ حِينَ دَفَعَ الْمَالَ لِلرَّجُلِ اشْتَرِنِي بِهِ (لِنَفْسِي) فَقَبِلَ وَاشْتَرَاهُ (فَ) هُوَ (حُرٌّ) بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ تَوَلَّاهُ الرَّجُلُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ (وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) وَهَذَا (إنْ) كَانَ (اسْتَثْنَى) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) حِينَ شِرَائِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ حِينَ شِرَائِهِ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ بَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى رَقَبَتِهِ (لِبَائِعِهِ) ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ كَانَ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ اشْتَرِنِي بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِي فَفَعَلَ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ فَهُوَ حُرٌّ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ عَادَ رِقًّا لِبَائِعِهِ وَالْمَالُ لَهُ وَلَا يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا. " غ " وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ بِهِ، فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا غَرِمَهُ كَلِتَعْتِقَنِي، أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ إلَخْ، نَصُّهَا السَّابِقُ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَبِيعَ فِيهِ يَنْطَبِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْهُمَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 413 وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ، وَلَوْ سَمَّاهُمْ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ: أُقْرِعَ: كَالْقِسْمَةِ،   [منح الجليل] وَالْعَتِيقِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ بِيعَ الرَّقِيقُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَخْ، نَصُّهَا السَّابِقُ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْعَتِيقِ مِنْهُمَا دُونَ الرَّقِيقِ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَتِيقِ لَمْ يَزِدْهُ إلَّا خَيْرِ، فَهَذَا إذًا كَقَوْلِهِ فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَيَعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُهُ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا رُقَّ لِبَائِعِهِ قَدْ عَلِمْت مَعْنَاهُ وَلَيْسَ هَذَا الْقِسْمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَحْسَنَ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَادَ مَا شَاءَ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ لَمْ يُحْسِنْ سِيَاقَهَا لَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَتِهِ كَلِتَعْتِقَنِي. (وَإِنْ أَعْتَقَ) مَالِكٌ رَشِيدٌ (عَبِيدًا) سِتَّةً مَثَلًا، أَيْ بَتَلَ عِتْقَهُمْ (فِي مَرَضِهِ) الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ «رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُمْ فَدَعَا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا لِتَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ الثُّلُثِ» وَهُوَ لَا يَجُوزُ (أَوْ أَوْصَى) الْمَرِيضُ (بِعِتْقِهِمْ) وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَعْتِقُوا عَبِيدِي مَثَلًا، بَلْ (وَلَوْ سَمَّاهُمْ) بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَعْتِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا إلَخْ وَمَاتَ (وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ) لِمَالِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ. (وَ) أَوْصَى (بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ الْعَبِيدِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ (أَوْ) أَوْصَى بِ (عِتْقِ) عَدَدٍ (سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) مِنْهُ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ (أُقْرِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَيْنَهُمْ (كَ) الْإِقْرَاعِ السَّابِقِ فِي بَابِ (الْقِسْمَةِ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَصِفَتُهَا فِيمَا عَدَا أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ أَنْ يُقَوَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتُكْتَبَ قِيمَتُهُ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ مِنْهَا وَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَنْ فِيهَا، فَإِنْ سَاوَتْ الثُّلُثَ أُعْتِقَ وَمُزِّقَتْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 414 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَقِيَّةُ الْأَوْرَاقِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ أُعْتِقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَرُقَّ بَاقِيهِ وَبَاقِي الْعَبِيدِ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ أُعْتِقَ وَأُخْرِجَتْ وَرَقَةٌ أُخْرَى وَعُمِلَ بِمَا فِيهَا كَمَا عُمِلَ بِمَا فِي الْأُولَى، وَهَكَذَا وَإِنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ، فَإِنْ عَيَّنَهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ سَلَكَ بِهِ نَحْوَ مَا مَرَّ، وَإِنْ سَمَّى عَدَدًا وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَيُنْسَبُ عَدَدُهُ إلَى عَدَدِ جَمِيعِ رَقِيقِهِ، وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُجَزَّءُونَ حَيْثُ أَمْكَنَتْ تَجْزِئَتُهُمْ، فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ عَشَرَةً مِنْ عَبِيدِهِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ الرُّبُعُ فَتُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ جُزْءًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِيمَتِهِ، وَيُكْتَبُ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ وَتُرْمَى كُلُّ وَرَقَةٍ عَلَى جُزْءٍ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ أُعْتِقَ كُلُّهُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا أُعْتِقَ مِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ فَيُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ وَقِيمَتُهُ فِي وَرَقَةٍ، وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ وَيُفْعَلُ بِهَا مَا مَرَّ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 415 إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ: فَيُتَّبَعُ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ الْقُرْعَةُ هُنَا لَقَبٌ لِتَعْيِينِ مُبْهَمٍ فِي الْعِتْقِ لَهُ بِخُرُوجِ اسْمِهِ لَهُ مِنْ مُخْتَلِطٍ بِهِ بِإِخْرَاجٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ قَصْدُ عَيْنِهِ، وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ بَتْلِهِمْ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَتَقَ مِنْهُمْ مَبْلَغُهُ بِالسَّهْمِ، وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ أَوْ نِصْفُهُمْ أَوْ ثُلُثَاهُمْ عَتَقَ مَا سَمَّى بِالْقُرْعَةِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِمَّا سَمَّى. أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَكْثَرُهُمْ، أَنَّ هَذَا حُكْمُ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصِيَّةِ لَا فِي الْبَتْلِ. الْبَاجِيَّ وَقَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُسْهَمُ فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ لِلْمَالِكِ مَالٌ غَيْرُهُمْ. ابْنُ مُزَيْنٍ سَمِعْت مُطَرِّفًا يَقُولُ مِثْلَهُ، وَقَالَ هُوَ الَّذِي لَا تَعْرِفُ غَيْرَهُ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. الصِّقِلِّيُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ لِلْحَدِيثِ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَقَالَ (إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ) الْمُوصِي فِي عِتْقِهِمْ (فَيُتَّبَعُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ تَرْتِيبُهُ بِلَا قُرْعَةٍ، وَالتَّرْتِيبُ إمَّا فِي الزَّمَانِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا قَبْلُ أَوْ فِي وَقْتِ كَذَا، وَفُلَانًا فِي وَقْتِ كَذَا، وَإِمَّا بِأَدَاةٍ مُرَتَّبَةٍ كَثُمَّ وَالْفَاءِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا ثُمَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 416 أَوْ يَقُولَ ثُلُثَ كُلٍّ، أَوْ أَنْصَافَهُمْ، أَوْ أَثْلَاثَهُمْ وَتَبِعَ سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ، إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ؛   [منح الجليل] فُلَانًا، أَوْ فَفُلَانًا أَوْ بِالْوَصْفِ كَأَعْتِقُوا الْأَعْلَمَ فَاَلَّذِي يَلِيهِ أَوْ الْأَصْلَحَ، فَاَلَّذِي يَلِيهِ فَيُعْتِقُ الْأَوَّلُ جَمِيعَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ قَدْرَ مَحْمَلِهِ مِنْهُ، فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَتِهِ فَيُعْتِقُ الثَّانِي كُلَّهُ إنْ حَمَلَهُ الْبَاقِي وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلِهِ وَهَكَذَا اللَّخْمِيُّ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ مَا يُنْقِضُ عِتْقَ الْأَوَّلِ. ابْنُ عَرَفَةَ نَحْوُهُ قَوْلُ نَحْوِهِ ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَعْتَقَ عَلَى تَرْتِيبٍ فَالسَّابِقُ مُقَدَّمٌ. (أَوْ يَقُولَ) فِي وَصِيَّتِهِ أَعْتِقُوا (ثُلُثَ كُلٍّ) مِنْ عَبِيدِي فَيُتَّبَعُ بِأَنْ يُعْتِقَ ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهُ وَإِلَّا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مَحْمَلَهُ (أَوْ) يَقُولُ فِي إيصَائِهِ أَعْتِقُوا (أَنْصَافَهُمْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ نِصْفٍ فَيُتَّبَعُ بِأَنْ يُعْتِقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفَهُ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَإِلَّا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مَحْمَلَهُ (أَوْ) يَقُولَ أَعْتِقُوا (أَثْلَاثَهُمْ) فَكَذَلِكَ، فِيهَا مَنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَثْلَاثُ رَقِيقِي أَوْ أَنْصَافُهُمْ أَحْرَارٌ أَوْ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ أَوْ نِصْفُ كُلِّ رَأْسٍ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهُ، وَلَا يَبْدَأُ بِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ ثُلُثُهُ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ مِمَّا سُمِّيَ بِالْحِصَصِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ. ابْنُ يُونُسَ وَيَفْتَرِقُ فِي هَذَا الصِّحَّةُ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْوَصِيَّةِ. (وَ) مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلِلرَّقِيقِ دَيْنٌ عَلَى مُعْتِقِهِ (تَبِعَ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْعَتِيقُ إنْ شَاءَ (سَيِّدَهُ) الَّذِي أَعْتَقَهُ (بِدَيْنٍ) لَهُ عَلَيْهِ (إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ) أَيْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ حِينَ إعْتَاقِهِ (مَالَهُ) أَيْ الرَّقِيقِ لِأَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ حِينَ إعْتَاقِهِ فَلَا يَتْبَعُهُ بِالدَّيْنِ، وَيَأْخُذُ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ، فِيهَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلِلْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ السَّيِّدُ، أَوْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ مُجْمَلًا فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ. ابْنُ يُونُسَ بِأَنْ يَقُولَ حِينَ الْإِعْتَاقِ اشْهَدُوا أَنِّي انْتَزَعْت الْمَالَ الَّذِي لِعَبْدِي أَوْ إنِّي أَعْتَقْتُهُ عَلَى أَنَّ مَالَهُ لِي فَيَبْقَى مَالُهُ لِسَيِّدِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ انْتِزَاعًا لِمَا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 417 وَرُقَّ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ أَوْ تَقَدُّمِ دَيْنٍ وَحَلَفَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِالْوَلَاءِ   [منح الجليل] وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رِقُّهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ حُكِمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رِقٌّ لِلْمُدَّعِي (إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ) وَاحِدٌ عَدْلٌ (بِرِقِّهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالٌ فَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فِيهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَلَا يُحَلِّفُهُ وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَرَقَّهُ اهـ. فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ رِقَّهُ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا شَاهِدٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (أَوْ) أَعْتَقَ شَخْصٌ رَقِيقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ مَالَهُ وَادَّعَى مُسْتَحِقُّهُ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى إعْتَاقِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِ (تَقَدُّمِ) بِضَمِّ الدَّالِ مُثَقَّلًا (دَيْنٍ) عَلَى إعْتَاقِهِ (وَحَلَفَ) مَنْ شَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ نُقِضَ إعْتَاقُهُ وَرُقَّ الرَّقِيقُ لِلْغَرِيمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ قُضِيَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ تَقَدَّمَ الْعِتْقَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ (وَ) إنْ ادَّعَى مُكَلَّفٌ عَلَى مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِوَلَائِهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ لَا يُعَجَّلُ (بِ) دَفْعِ (الْمَالِ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ لِلْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ إتْيَانِ غَيْرِهِ بِأَثْبَتَ مِنْهُ وَالنَّسَبُ كَالْوَلَاءِ (إنْ شَهِدَ) لِلْمُدَّعِي (بِالْوَلَاءِ) أَوْ النَّسَبِ شَاهِدٌ (وَاحِدٌ) وَحَلَفَ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ دُفِعَ لَهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ آلَتْ إلَى الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فِيهَا إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَان أَعْتَقَهُ اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ لَا يَجُزْ بِذَلِكَ الْوَلَاءِ، وَرُوِيَ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وَأَتَى مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا قُضِيَ لَهُ بِالْمَالِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا نَسَبُهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ نِكَاحٌ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ كَانَ لَهُ مَا فَضَلَ عَلَى نِصْفِهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 418 أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ، وَحَلَفَ وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ؛ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَمْ تَجُزْ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ   [منح الجليل] أَوْ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ وَارِثُهُ بِالنَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ (اثْنَانِ) بِالسَّمَاعِ بِمَا ادَّعَاهُ بِأَنْ يَشْهَدَا (أَنَّهُمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ (لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ) مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (مَوْلَاهُ) أَيْ الْمَيِّتِ أَعْتَقَهُ هُوَ أَوْ مَنْ جَرَّ لَهُ وَلَاءَهُ (أَوْ) أَنَّهُ (وَارِثُهُ) بِنَسَبٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ (وَحَلَفَ) الْمُدَّعِي مَعَ الِاثْنَيْنِ عَلَى الْبَتِّ اُسْتُؤْنِيَ بِدَفْعِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ دُفِعَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ وَلَا النَّسَبُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ أَصْلِ السَّمَاعِ شَاهِدًا وَاحِدًا. فِيهَا إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُجَرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ. الْبُنَانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَلَا يُجَرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ صَرَّحَ هُنَا بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْمُدَوَّنَةِ. وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا قَائِلًا أَنَّهُ مَذْهَبُهَا، وَقَيَّدَهَا بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِكَوْنِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ لِاحْتِمَالِ اسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْمَالِ دُونَ الْوَلَاءِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْبَلَدِ فَيَبْعُدُ اسْتِفَاضَةُ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْمَالِ وَالْوَلَاءِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا قَالَهُ طفي، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِ أَكْثَرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يُقْضَى بِالسَّمَاعِ فِي الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ. (وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) ابْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَعْتَقَ عَبْدًا (أَوْ أَقَرَّ) ابْنُ الْمَيِّتِ (أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا) وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مُنْكِرُونَ فِيهِمَا (لَمْ تَجُزْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الشَّهَادَةُ وَلَا الْإِقْرَارُ (وَلَمْ) الْأَوْلَى لَا (يُقَوَّمُ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ذَلِكَ الْعَبْدُ (عَلَيْهِ) أَيْ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُقِرِّ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ، وَإِنَّمَا عُمِلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 419 وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ: فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ، إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ كَعُسْرِهِ.   [منح الجليل] بِالشَّاهِدِ وَيَمِينٍ فِي الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ. فِيهَا إنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ وَلَا إقْرَارُهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ، إذْ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ وَجَمِيعُ الْعَبْدِ رَقِيقٌ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُقِرِّ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا وَوَلَاؤُهَا لِأَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا لَمْ يَبْلَعْ رَقَبَةً يُعَيَّنُ بِهِ فِي رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَفِي آخَرَ نَجْمٌ مُكَاتَبٌ، وَكَذَا فِي إقْرَارِ غَيْرِ الْوَلَدِ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ فِي سَهْمِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِعِتْقِهِ أَوْ وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ. (وَإِنْ شَهِدَ) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ (عَلَى شَرِيكِهِ) فِي رَقِيقٍ (بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِانْفِرَادِهِ بِهَا (فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ) مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ (حُرٌّ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُعْتَقُ، وَإِنَّ شَرِيكَهُ ظَلَمَهُ فِي عَدَمِ تَقْوِيمِهِ (إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ) أَيْ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، أَيْ كَانَ مُوسِرًا حِينَ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ (وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الرُّوَاةِ (عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ عَدَمِ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ حُرِّيَّةِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ فَقَالَ (كَعُسْرِهِ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ شَهِدَ رَجُلٌ بِأَنَّ شَرِيكَهُ فِي الْعَبْدِ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا. سَحْنُونٌ وَهَذَا أَجْوَدُ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا، إذْ لَوْ جَازَ هَذَا لَمْ يَشَأْ شَرِيكٌ أَنْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ إلَّا فَعَلَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 420 بَابٌ) التَّدْبِيرُ: تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ، لَا عَلَى وَصِيَّةٍ   [منح الجليل] [بَابٌ فِي بَيَان حَقِيقَة التَّدْبِيرُ] ِ وَأَحْكَامِهِ (التَّدْبِيرُ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا (تَعْلِيقُ) شَخْصٍ (مُكَلَّفٍ) أَيْ مُلْزَمٍ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ فَخَرَجَ تَعْلِيقُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَدَخَلَ تَعْلِيقُ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ. الْمُصَنِّفُ الْأَقْرَبُ لُزُومُ تَدْبِيرِهِ كَعِتْقِهِ (رَشِيدٍ) يُخْرِجُ تَعْلِيقَ السَّفِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجَةً فِي زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُكَلَّفُ (زَوْجَةً) فَيَلْزَمُ تَدْبِيرُهَا (فِي) رَقِيقٍ (زَائِدِ) الْقِيمَةِ عَلَى (الثُّلُثِ) لِمَالِهَا فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا رَدُّهُ لِبَقَائِهِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ لِمَوْتِهَا، فَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ سِوَاهُ، وَمَفْعُولُ " تَعْلِيقُ " الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ (الْعِتْقَ) أَخْرَجَ تَعْلِيقَ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَصَدَقَةٍ وَمَشْيٍ لِمَكَّةَ، وَصِلَةُ تَعْلِيقُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ أَخْرَجَ تَعْلِيقُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْعِتْقَ بِغَيْرِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيقِ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ (لَا عَلَى) وَجْهِ (وَصِيَّةٍ) غَيْرِ لَازِمَةٍ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا أَخْرَجَ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ. ابْنُ عَرَفَةَ التَّدْبِيرُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقَ مَمْلُوكٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَيَخْرُجُ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ، وَالْإِيلَادُ وَالْإِيصَاءُ بِالْعِتْقِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى الْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ الْوَصِيَّةِ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْإِضَافِيَّاتِ وَهُوَ مُجْتَنَبٌ لِإِجْمَالِهِ. قُلْت: لَا أَعْرِفُ هَذَا حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ مَلْزُومَةً لِلْإِجْمَالِ، وَلِذَا وَقَعَتْ فِي تَعْرِيفَاتِهِمْ كَثِيرًا كَقَوْلِ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ حَمْلُ مَعْلُومٍ بِإِضَافَةِ حَمْلِ إلَى مَعْلُومٍ، وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ التَّنَاقُضِ اخْتِلَافُ قَضِيَّتَيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ تَعَقَّبَهُ بِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّرْكِيبِ وَهُوَ وَقْفُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 421 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مَعْرِفَةِ الْمُعَرَّفِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْهُ لَيْسَتْ أَعَمَّ، وَلَا أَخَصَّ كَانَ صَوَابًا، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ هَارُونَ بِعَدَمِ طَرْدِهِ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا عُلِّقَ عَلَى مَوْتِ غَيْرِ مَالِكِهِ، وَهُوَ مِنْ الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ. وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَوْتُ مَالِكِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ مَوْتِ مَالِكِهِ لَا عَلَى انْحِصَارِهِ فِيهِ فَهِيَ عِنَايَةٌ فِي التَّعْرِيفِ، وَيُنْقَضُ أَيْضًا بِحُكْمِ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى مَوْتِ مَالِكِهَا، وَلَا يُجَابُ بِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِ " مُعَلَّقٌ " التَّعْلِيقُ اللَّفْظِيُّ خَرَجَ عَنْهُ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، فَإِنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ لَفْظًا، وَإِنْ أُرِيدَ الْمُعَلَّقُ مَعْنًى فَعِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ. وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، تَعْلِيقٌ مَعْنَوِيٌّ وَتَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ غَيْرُ نَحْوِيٍّ، وَتَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ نَحْوِيٌّ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ، فَالْأَوَّلُ يَشْمَلُ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا، وَاللَّفْظِيُّ يَشْمَلُ النَّحْوِيَّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِأَدَاةِ الشَّرْطِ، وَيَشْمَلُ نَحْوَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ وَدَبَّرْتُكَ. وَمُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ اللَّفْظِيُّ الشَّامِلُ لِلنَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهَا مُتَبَايِنَةٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَرَفَةَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ الْوَصِيَّةَ لَا يُقَالُ: خَرَجَتْ بِ يُوجَبْ لِأَنَّهَا لَا تُوجَبُ، لِأَنَّ مُرَادَهُ بِ يُوجَبْ بِسَبَبٍ فَلَا يُفِيدُ اللُّزُومَ. اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " التَّدْبِيرُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهُ السَّابِقُ قَبْلَ إيقَاعِهِ النَّدْبُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ وَبَعْدَهُ اللُّزُومُ الْمُعَرِّضُ لِرَفْعِهِ بِأَقْوَى مِنْهُ، وَفِي كَوْنِ لُزُومِهِ؛ لِأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ مُلْتَزَمٍ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، أَوْ لِأَنَّهُ كَعِتْقٍ الْتَزَمَهُ مَالِكُهُ فِي حَيَاتِهِ وَوَقَفَ إنْفَاذُهُ عَلَى مَوْتِهِ كَعِتْقِ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ لَا أَنَّهُ أَوْقَفَ الْتِزَامَهُ عَلَى مَوْتِهِ طَرِيقًا. التُّونُسِيُّ مَعَ ظَاهِرِ الْمَوَّازِيَّةِ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي الصِّيغَةِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ الْمُدَبِّرُ هُوَ الْمَالِكُ السَّالِمُ عَنْ حَجْرِ التَّبَرُّعِ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تَدْبِيرُ ذَاتِ الزَّوْجِ عَبْدًا لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ نَافِذٌ لَا رَدَّ لِزَوْجِهَا فِيهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 422 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ تَدْبِيرِهَا إيَّاهُ كُلَّهُ وَبَيْنَ عِتْقِهَا إيَّاهُ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُخْرِجُ مِنْ يَدِهَا شَيْئًا هُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ وَرَآهُ خَطَأً لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَالَهُ الْأَخَوَانِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ يَحْيَى السَّبَائِيِّ فِي امْرَأَةٍ دَبَّرَتْ نِصْفَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ وَلَهَا زَوْجٌ لَا يُدَبَّرُ عَلَيْهَا كُلُّهُ وَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إلَّا مَا ذَكَرْت لِأَنَّ زَوْجَهَا يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَظَرٌ، وَقِيَاسُ مَذْهَبِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُدَبَّرًا مِنْهُ إلَّا ثُلُثُهُ. 1 - (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: " غ " قَوْلُهُ مُكَلَّفٍ لَا شَكَّ فِي إخْرَاجِهِ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ، وَشَرْطُهُ التَّمْيِيزُ لَا الْبُلُوغُ فَيَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْتِزَامَاتِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ إذَا مَاتَ اسْتِحْسَانًا، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ الْمَاضِينَ فِيهَا؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ التَّدْبِيرِ إذَا لَزِمَهُ، وَقَدْ نَصَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَنَّ تَدْبِيرَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ، وَكُلُّ مَنْ رَأَيْته مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يُنْكِرُ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَكَذَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ هَارُونَ، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الِاسْتِشْكَالُ وَاضِحٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ لَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ: لَا يَجُوزُ تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَفِي الْبَيَانِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ، وَلَا عِتْقُهُ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ: تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ وَصِيَّتِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُخْرَجُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا وَفِيهَا عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ. الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَدْبِيرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يَصِحُّ وَلَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 423 كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي، أَوْ سَفَرِي هَذَا،   [منح الجليل] يَنْقَلِبُ وَصِيَّةً كَمَا اعْتَمَدَهُ عج. طفي قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ قَوْلِهِ وَاضِحٌ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ يَنْفُذُ عَلَى اللُّزُومِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى صِحَّتِهِ دُونَ لُزُومِهِ فَيَصِيرُ كَالْوَصِيَّةِ، فَيَصِحُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي التَّدْبِيرِ اللَّازِمِ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ وَاضِحَةٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا. عج قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ اللُّزُومُ أَوْ الصِّحَّةُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّدْبِيرِ لَا فِي الْوَصِيَّةِ. 1 - الثَّانِي: الْبُنَانِيُّ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يَتَعَرَّضْ مَنْ رَأَيْت مِنْ الشُّيُوخِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ، وَهَذَا فَرْعٌ عَنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا؛ إذْ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتَيْهِمَا مَعًا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ عِتْقٌ أَوْجَبَهُ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ كَالْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ، لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ بِعَقْدِهِ عِتْقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُوصِي بِالْعِتْقِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى نَفْسِهِ عِتْقًا، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْتَقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْعِتْقُ إنَّمَا يُعْقَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَنْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ عَبْدَهُ أَوْ يَهَبُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ تَوْكِيلِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ، فَالتَّدْبِيرُ عِتْقٌ نَاجِزٌ حَالٌّ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ، وَنَازِلٌ فِيهِ تَرَاخَى حُكْمُهُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ كَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ عِتْقٌ وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ إلَّا مَا يَعْقِدُهُ الْمُوصَيْ إلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي اهـ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْقُ عَنْ نَفْسِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ: إنَّ التَّدْبِيرَ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا. وَمَثَّلَ لِلْوَصِيَّةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (إنْ مِتُّ) بِضَمِّ التَّاءِ (مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي) هَذَا. الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ تَقْدِيرُ الْجَوَابِ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَيَصِحُّ تَقْدِيرُهُ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الثَّانِي. وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَنْهُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ قَائِمٌ عِنْدِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 424 أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، مَا لَمْ يُرِدْهُ، وَلَمْ يُعَلِّقْهُ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ بِ دَبَّرْتُكَ، وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي   [منح الجليل] مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُحْتَمَلٍ لَأَنْ يَكُونَ أَوْ لَا يَكُونَ، وَهُوَ مَوْتُهُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ الْمُعَيَّنِ. (أَوْ) قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ (بَعْدَ مَوْتِي) فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا مَا لَمْ يُرِدْ التَّدْبِيرَ بِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَأَرَادَ بَيْعَهُ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ صُدِّقَ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ صُدِّقَ وَمُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّدْبِيرَ، وَمَحَلُّ كَوْنِ قَوْلِهِ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَأَنْتَ حُرٌّ، وَكَوْنِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَصِيَّةٌ (إنْ لَمْ يُرِدْهُ) أَيْ الْقَائِلُ التَّدْبِيرَ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ التَّدْبِيرَ بِإِحْدَى الصِّيغَتَيْنِ فَهُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ. (وَ) إنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ أَيْ الْقَائِلُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى شَيْءٍ بِصِيغَةٍ بَرَّ أَوْ حَنِثَ، فَإِنْ عَلَّقَهُ كَذَلِكَ لَزِمَهُ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ مَا أَوْجَبَ مِنْ عِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَارَ شَبِيهًا بِالتَّدْبِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَجَعَلَ الْمُعَلَّقَ أَشَدَّ مِنْ الْمُطْلَقِ، وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ النُّذُورِ فَجَعَلَ الْمُطْلَقَ فِيهِ أَخَفَّ مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَفِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ إذَا قَيَّدَ تَدْبِيرَهُ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ هَلْ هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ التَّدْبِيرَ. طفي فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُرِدْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ قَيْدٌ فِي قَوْلٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي. (أَوْ) قَوْلُهُ أَنْتَ (حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ) مَثَلًا أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا. فِيهَا إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَهُوَ فِي الثُّلُثِ، وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ. وَذَكَرَ الصِّيَغَ الصَّرِيحَةَ فِي التَّدْبِيرِ مُعَلِّقًا لَهَا بِتَعْلِيقٍ فَقَالَ: (بِدَبَّرْتُكَ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا (أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي) عَبْدُ الْوَهَّابِ لَفْظُ التَّدْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 425 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي. ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ اللَّفْظُ وَصَرِيحُهُ بِ دَبَّرْتُكَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، كَمَا إذَا قَيَّدَ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَقَوْلِهِ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ وَصِيَّةً لَا تَدْبِيرًا. أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ يَوْمَ أَمُوتُ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التَّدْبِيرَ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ عُرْفًا. الْبَاجِيَّ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَفْظُ التَّدْبِيرِ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ مُدَبَّرًا، وَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَشِبْهِهِ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ إيجَابُ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ، زَادَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَنْتَ حُرٌّ مَتَى مَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ وَلَا مَرْجِعَ لِي فِيك وَشِبْهِ هَذَا أَفْرَدَهُ بِكِتَابٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي ذِكْرِ وَصَايَاهُ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 426 وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأَوْجَرَ لَهُ.   [منح الجليل] وَ) إنْ دَبَّرَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدَهُ الَّذِي أَسْلَمَ وَاشْتَرَاهُ مُسْلِمًا (نَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِ) عَبْدٍ لَهُ (مُسْلِمٍ) بَعْدَ تَدْبِيرِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ شِرَائِهِ (وَأُوجِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُدَبَّرُ لِمُسْلِمٍ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ النَّصْرَانِيِّ حَقَّهُ مِنْ خِدْمَتِهِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ يَسْتَخْدِمُهُ لِأَنَّهُ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ بِخِدْمَةِ الْكَافِرِ. فِيهَا إنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ أَوْ ابْتَاعَ مُسْلِمًا وَدَبَّرَهُ أَجَزْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ غَلَّتَهُ، وَلَا يَتَعَجَّلُ رِقَّهُ بِبَيْعِهِ وَقَدْ يَعْتِقُ بِمَوْتِ النَّصْرَانِيِّ، فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ لِلنَّصْرَانِيِّ شِرَاءُ مُسْلِمٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَنَعَنَا مِنْ بَيْعِهِ عَلَيْهِ بِتَدْبِيرِهِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 427 وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا: كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ، وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؛ إنْ عَتَقَ، وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ؛   [منح الجليل] وَ) إنْ دَبَّرَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ (تَنَاوَلَ) تَدْبِيرُهَا (الْحَمْلَ مَعَهَا) فِيهَا إنْ دَبَّرَ حَامِلًا فَوَلَدُهَا مُدَبَّرٌ بِمَنْزِلَتِهَا، وَشَبَّهَ فِي التَّنَاوُلِ فَقَالَ (كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَيَصِيرُ مُدَبَّرًا كَأَبِيهِ، وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا، وَهُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِ أَبِيهِ. فِيهَا مَا وُلِدَ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مِثْلَهُ (وَصَارَتْ) أَمَةُ الْمُدَبَّرِ (بِهِ) أَيْ وَلَدُهَا بَعْدَ التَّدْبِيرِ (أُمَّ وَلَدٍ) لِلْمُدَبَّرِ (إنْ عَتَقَ) الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ. فِيهَا كُلُّ مَا وُلِدَ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ مِمَّا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ تَدْبِيرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ يَعْتِقُ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ، فَإِذَا عَتَقَا كَانَتْ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدَيْهِ لَهُ كَانَ الْوَلَدُ الْآنَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. (وَ) إنْ ضَاقَ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ عَنْ قِيمَتَيْ الْمُدَبَّرِ وَوَلَدِهِ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الْأَبُ) الْمُدَبَّرُ (عَلَيْهِ) أَيْ وَلَدِهِ (فِي) الْعِتْقِ مِنْ ثُلُثِ مَالِ السَّيِّدِ حَالَ (الضِّيقِ) لِلثُّلُثِ عَنْهُمَا. الْحَطّ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ: الْمَنْقُولُ خِلَافُهُ، وَنَصُّهُ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ فَهَلْ يُحَاصُّ أَبَاهُ عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُدَبَّرِينَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ فِي قَوْلِهِ يَعْتِقُ مِنْهُمْ مَحْمِلُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 428 وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ، إنْ لَمْ يَمْرَضْ، وَرَهْنُهُ، وَكِتَابَتُهُ، لَا إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ   [منح الجليل] الثُّلُثِ بِالْقُرْعَةِ، أَوْ يَكُونُ الْأَبُ مُقَدَّمًا فِي الثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ تَدْبِيرِهِ عَلَى تَدْبِيرِ وَلَدِهِ كَمُدَبَّرَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ الثَّانِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. فَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ. فِيهَا وَغَيْرِهَا وَنَصُّهَا وَمَا. وَلَدَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ أَوْ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِمَا، وَالْمُحَاصَّةُ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فِي الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مَحْمِلُ الثُّلُثِ مِنْ جَمِيعِهِمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. أَبُو الْحَسَنِ قَالَ: وَالْمُحَاصَّةُ إلَخْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إيثَارُ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ. (وَلِلسَّيِّدِ) الْمُدَبِّرِ (نَزْعُ) أَيْ أَخْذُ (مَالِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ إلْفَهُ وَلِغُرَمَائِهِ فِي تَفْلِيسِهِ لِقُوَّةِ رَقَبَتِهِ (مَا لَمْ يَمْرَضْ) سَيِّدُهُ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ لَا لِنَفْسِهِ، وَلَا لِغُرَمَائِهِ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُجْبِرُوا الْمُفْلِسَ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ، وَلَهُ هُوَ انْتِزَاعُهُ إنْ شَاءَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يَنْتَزِعُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ إنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ مَرِضَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَزِعُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَفِي التَّفْلِيسِ يَنْتَزِعُهُ لِنَفْسِهِ. ابْنُ شَاسٍ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَالِ مُدَبَّرِهِ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمْرَضْ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ مَالِهِ. (وَ) لَهُ (رَهْنُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى تَدْبِيرِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُبَاعَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لَا فِي حَيَاتِهِ. اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْهَنَ مُدَبَّرَهُ (وَ) لِلسَّيِّدِ (كِتَابَتُهُ) أَيْ مُكَاتَبَةُ مُدَبَّرِهِ. اللَّخْمِيُّ إذَا كَاتَبَ السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ جَازَتْ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا بَقِيَ مُدَبَّرًا (لَا) يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ مِنْ التَّدْبِيرِ (لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) بِفَسْخِ تَدْبِيرِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ وَيَجُوزُ، بَلْ يُنْدَبُ إخْرَاجُهُ لِلْحُرِّيَّةِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ. فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَةٌ بِهِ، وَأَجَازَ ابْنُ لُبَابَةَ بَيْعَهُ إذَا تَخَلَّفَ عَلَى مَوْلَاهُ وَأَفْتَى بِهِ الْقُورِيُّ مَرَّةً وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 429 وَفُسِخَ بَيْعُهُ، إنْ لَمْ يَعْتُقْ؛ وَالْوَلَاءُ لَهُ: لِمُكَاتَبٍ جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَسَيِّدُهُ حَيّ وَإِنْ جَنَى، فَإِنْ فَدَاهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ، تَقَاضِيًا، وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا، وَرَجَعَ، إنْ وَفَّى   [منح الجليل] (وَ) إنْ بِيعَ الْمُدَبَّرُ (فُسِخَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (إنْ لَمْ يُعْتَقْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مَضَى بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ (وَ) يَكُونُ (الْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَمْضِي لِانْعِقَادِ وَلَائِهِ لِسَيِّدِهِ، سَوَاءٌ حَمَلَ ثُلُثُهُ جَمِيعَهُ وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ أَوْ حَمَلَ بَعْضَهُ، وَأَعْتَقَ لِانْعِقَادِ وَلَائِهِ لِمُدَبِّرِهِ قَبْلَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لِمُدَبِّرِهِ. الْجَلَّابُ مَنْ بَاعَ مُدَبَّرَهُ فُسِخَ بَيْعُهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُبْتَاعُهُ قَبْلَ فَسْخِ بَيْعِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيُسْتَحَبُّ لِبَائِعِهِ جَعْلُ فَضْلِ ثَمَنِهِ عَنْ قِيمَتِهِ فِي مُدَبَّرٍ مِثْلِهِ. وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ إنْ لَمْ يُعْتَقْ وَمُضِيِّهِ إنْ أَعْتَقَ فَقَالَ (كَ) بَيْعِ (الْمُكَاتَبِ) فَلَا يَجُوزُ، وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ إنْ لَمْ يُعْتَقْ فِيهَا لِاتِّبَاعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ بِيعَتْ رُدَّ بَيْعُهَا مَا لَمْ يَفُتْ بِعِتْقٍ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهِ (وَإِنْ جَنَى) الْمُدَبَّرُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَسَيِّدُهُ حَيٌّ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ فِي جِنَايَتِهِ (فَإِنْ فَدَاهُ) أَيْ الْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُ بَقِيَ بِحَالِهِ مُدَبَّرًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ وَأَسْلَمَهُ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ (أَسْلَمَ) سَيِّدُهُ (خِدْمَتَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ يَسْتَوْفِي مِنْهَا أَرْشَ جِنَايَتِهِ إسْلَامًا (تَقَاضِيًا) أَيْ عَلَى أَنْ يَقْتَضِيَ الْأَرْشَ مِنْ ثَمَنِهَا. فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ، وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ لَا تَمْلِيكًا لِجَمِيعِهَا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ. الْجَلَّابُ وَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً فَجِنَايَتُهُ فِي خِدْمَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ، وَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ فِي افْتِكَاكِهَا بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَفِي إسْلَامِ خِدْمَتِهِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَيُقَاصِصَهُ بِأُجْرَةِ خِدْمَتِهِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ فَكَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ، وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَصَارَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. (وَ) إنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ الَّذِي أُسْلِمَتْ خِدْمَتُهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ جِنَايَةً ثَانِيَةً قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ أَرْشَهُ مِنْ خِدْمَتِهِ (حَاصَّهُ) أَيْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى شَخْصٌ (مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا) فِي خِدْمَتِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 430 ، وَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ: اُتُّبِعَ بِالْبَاقِي، أَوْ بَعْضُهُ بِحِصَّتِهِ، وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إسْلَامِ مَا رُقَّ، أَوْ فَكِّهِ وَقُوِّمَ بِمَالِهِ،   [منح الجليل] الْمُسْتَقِلَّةِ بِنِسْبَةِ أَرْشِ كُلِّ جِنَايَةٍ لِمَجْمُوعِ أَرْشَيْهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ يَجْنِي فَتُسْلَمُ خِدْمَتُهُ ثُمَّ يَجْنِي عَلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ الْأَوَّلَ فِي الْخِدْمَةِ وَلَا يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ هَا هُنَا وَلَا مَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ. ابْنُ شَاسٍ خَرَّجَ أَبُو الْقَاسِمِ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ تَخْيِيرُ الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ فِي افْتِكَاكِهِ وَإِسْلَامِهِ، فَإِنْ افْتَكَّهُ اخْتَصَّ بِخِدْمَتِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا، قُلْت هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ التُّونُسِيُّ أَنَّ إسْلَامَهُ إنَّمَا هُوَ لِخِدْمَتِهِ أَجْمَعَ. (وَ) إنْ اسْتَوْفَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَرْشَهَا فِي خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ (رَجَعَ) الْمُدَبَّرُ عَلَى حَالِهِ مُدَبَّرًا (إنْ وَفَّى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِنَايَتَيْنِ بِخِدْمَتِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ (وَإِنْ عَتَقَ) الْمُدَبَّرُ الْجَانِي الْمُسْلِمُ لِلْوَلِيِّ (بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ قَبْلَ التَّوْفِيَةِ (اُتُّبِعَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُدَبَّرُ (بِالْبَاقِي) مِنْ الْأَرْشِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ) عَتَقَ (بَعْضُهُ) وَرُقَّ بَاقِيهِ لِضِيقِ الثُّلُثِ اُتُّبِعَ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُعْتَقِ مِنْ رَقَبَتِهِ مِنْ الْأَرْشِ. (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْوَارِثُ) لِسَيِّدِهِ (فِي إسْلَامِ مَا) أَيْ الْبَعْضِ الَّذِي (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ (أَوْ) فِي (فَكِّهِ) بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْشِ. الْجَلَّابُ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ الْمُدَبَّرُ عَتَقَ وَصَارَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ ثُلُثَاهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ، وَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي إسْلَامِ ثُلُثَيْهِ، وَفِي افْتِكَاكِهِ بِثُلُثَيْ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ. (وَقُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُدَبَّرُ (بِمَالِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرُ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ بِأَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْمَالَ كَذَا عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَقَارًا، فَإِذَا قِيلَ كَذَا اُنْظُرْ، فَإِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ عَتَقَ وَتَبِعَهُ مَالُهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 431 وَإِذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ، إلَّا بَعْضَهُ: عَتَقَ، وَبَقِيَ مَالُهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مَلِيءٍ: بِيعَ بِالنَّقْدِ،   [منح الجليل] (وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ) لِمَالِ السَّيِّدِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ، وَمِنْهُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ (إلَّا بَعْضَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (عَتَقَ) الْبَعْضُ الَّذِي حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَرُقَّ بَاقِيهِ (وَبَقِيَ الْمَالُ) الَّذِي لِلْمُدَبِّرِ كَمَا (بِيَدِهِ) أَيْ فِي مِلْكِ الْمُدَبِّرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بَعْضُهُ وَأَقَرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ. ابْنُ شَاسٍ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَمَالُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَرَكَ سَيِّدُهُ مِائَةَ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ وَيَبْقَى مَالُهُ بِيَدِهِ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَنْزِعْ السَّيِّدُ مَالَ الْمُدَبَّرَةِ حَتَّى مَاتَ قُوِّمَتْ فِي الثُّلُثِ بِمَالِهَا فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهَا عَتَقَ وَأَقَرَّ الْمَالُ كُلُّهُ بِيَدِهَا. الصِّقِلِّيُّ لِسَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَالُهَا مِائَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهَا مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهَا وَبَقِيَ مَالُهَا بِيَدِهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا بِمَالِهَا مِائَتَانِ وَثُلُثُ سَيِّدِهَا مِائَةٌ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ الْأَخَوَانِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ، وَقَالَ يُجْمَعُ هُوَ وَمَالُهُ لِمَالِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ بِمَالِهِ عَتَقَ وَبَقِيَ مَالُهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ حَمَلَ رَقَبَتَهُ وَبَعْضَ مَالِهِ عَتَقَ وَلَهُ مِنْ مَالِهِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَ الْمُدَبَّرِ وَمَالِهِ، وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ مِائَةٌ وَمَالِهِ ثَمَانِمِائَةٍ عَتَقَ وَلَهُ مِنْ مَالِهِ مِائَتَانِ. ابْنُ حَبِيبٍ انْفَرَدَ بِهَذَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " عَنْهُمْ، وَبِقَوْلِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَقُولُ. (فَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا (عَلَى) شَخْصٍ (حَاضِرٍ) بِالْبَلَدِ حِينَ التَّقْوِيمِ (مَلِيءٍ) وَفِي نُسْخَةٍ مُوسِرٍ (بِيعَ) أَيْ قُوِّمَ الدَّيْنُ بِعَرَضٍ ثُمَّ قُوِّمَ الْعَرَضُ (بِالنَّقْدِ) الْحَالِّ، فَإِنْ كَانَ عَشَرَةً، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةٌ، وَبِيَدِهِ عَشَرَةٌ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ عِشْرُونَ، وَالثُّلُثُ عَشَرَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ عَشَرَةً، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهُ عَشَرَةً عَتَقَ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 432 وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ: اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ، وَإِلَّا بِيعَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ: عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّد غَيْر مَلِيء يَوْم قَوْله لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرّ، قَبْل مَوْتِي بِسَنَةِ وَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا لَمْ يُوقَفْ؛ فَإِنْ مَاتَ نُظِرَ، فَإِنْ صَحَّ اُتُّبِعَ   [منح الجليل] (وَإِنْ) كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ (قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَيْ الْمَدِينِ الْمَلِيءِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ اُنْتُظِرَ بِتَقْوِيمِ الْمُدَبَّرِ (قَبْضُهُ) أَيْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَدِينُ حَاضِرًا، وَلَا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا (بِيعَ) مِنْ الْمُدَبَّرِ الْقَدْرُ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ الْحَاضِرِ. (فَإِنْ حَضَرَ) الْمَدِينُ (الْغَائِبُ) مِنْ غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ (أَوْ أَيْسَرَ) الْمَدِينُ (الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَقَبَضَ الدَّيْنَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (عَتَقَ مِنْهُ) أَيْ مَا بِيعَ مِنْ الْمُدَبَّرِ بِثُلُثِ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ (حَيْثُ كَانَ) الْبَيْعُ بِيَدِ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ، وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ نَقَضَ عِتْقُهُ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - " اللَّخْمِيُّ إنْ ضَاقَ الثُّلُثُ وَلِلسَّيِّدِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَهُوَ حَالٌّ اُسْتُؤْنِيَ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَقْبِضَ الدَّيْنَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ أَوْ كَانَ عَلَى حَاضِرٍ مُعْدِمٍ بِيعَ الْمُدَبَّرُ لِلْغُرَمَاءِ الْآنَ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْوَارِثِ أَعْتَقَ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَاخْتُلِفَ إذَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْوَارِثِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: يَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُدَبَّرِ فِيهِ. وَقَالَ عِيسَى وَأَصْبَغُ: يُعْتَقُ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ. (وَمَنْ قَالَ) لِعَبْدِهِ (أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ) فَهُوَ عِتْقٌ لَازِمٌ وَمَوْتُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقْتَهُ، وَأَوَّلُ السَّنَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ فَ (إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا) خَدَمَهُ عَبْدُهُ وَلَا يُوقِفُ شَيْءٌ خِدْمَتَهُ (فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ نُظِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إلَى حَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. (فَإِنْ) كَانَ قَدْ (صَحَّ) السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ (اُتُّبِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ (بِ) أُجْرَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 433 بِالْخِدْمَةِ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ وُقِفَ خَرَاجُ سَنَةٍ، ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ مَا خَدَمَ نَظِيرُهُ   [منح الجليل] الْخِدْمَةِ) فِي كُلِّ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَتْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ أَوَّلِهَا (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) الَّذِي لِسَيِّدِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ قَدْ صَحَّ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ (فَ) يُعْتَقُ الْعَبْدُ (مِنْ الثُّلُثِ) لِمَالِ سَيِّدِهِ يَوْمَهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ (وَلَمْ) الْأَوْلَى (يَتَّبِعْ) الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِشَيْءٍ فِي نَظِيرِ خِدْمَتِهِ لَهُ فِي السَّنَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ فَغَلَّتُهُ لِسَيِّدِهِ. (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (غَيْرَ مَلِيءٍ) يَوْمَ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ، قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (خَرَاجُ) أَيْ أُجْرَةُ خِدْمَةِ (سَنَةٍ) بِأَنْ يُؤَاجِرَ الْعَبْدَ لِأَجْنَبِيٍّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ، وَتُجْعَلُ أَمَانَةً عِنْدَ عَدْلٍ وَيَخْدِمُ الْعَبْدُ الْأَجْنَبِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ (ثُمَّ) بَعْدَ تَمَامِهَا وَسَيِّدُهُ حَيٌّ كُلَّمَا يَخْدِمُ الْعَبْدُ غَيْرَ سَيِّدِهِ يَوْمًا أَوْ أُسْبُوعًا أَوْ شَهْرًا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ تُجْعَلُ أَمَانَةً عِنْدَ الْعَدْلِ وَ (يُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ (السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ خَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي تَمَّتْ أُجْرَةُ (مَا) أَيْ الزَّمَنِ الَّذِي (خَدَمَ) الْعَبْدُ (نَظِيرَهُ) مِنْ السَّنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ، وَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ يَشْرَعُ فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ، وَيُفْعَلُ فِي خَرَاجِهَا وَخَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِثْلَ مَا فُعِلَ فِيمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَمُوتَ السَّيِّدُ فَيَنْظُرَ لِحَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ هَلْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا عَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَأَخَذَ جَمِيعَ الْمَوْقُوفِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَوْقُوفِ، بَلْ هُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَفَادَهُ تت. " ق " أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا تُرِكَ لَهُ عَبْدُهُ يَخْدِمُهُ، فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ نَظَرًا ثَانِيًا، فَإِنْ كَانَ لِأَجَلٍ حَلَّ وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأُعْطِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهِ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ حَلَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 434 وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ، وَبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ؛ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ   [منح الجليل] مَرَضَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِخِدْمَةٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ السَّيِّدُ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ عَدِيمًا، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُخَارَجُ وَيُوقَفُ خَرَاجُهُ، فَإِذَا أَمْضَتْ سَنَةٌ وَشَهْرٌ بَعْدَهَا يُوقَفُ خَرَاجُ هَذَا الشَّهْرِ، وَيُعْطَى السَّيِّدُ خَرَاجَ أَوَّلِ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَيْرَ مَلِيءٍ خُورِجَ الْعَبْدُ وَأُوقِفَ خَرَاجُهُ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَشَهْرٌ مِنْ بَعْدِهَا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ كُلُّ شَهْرٍ مِنْ الْخَرَاجِ فَكُلَّمَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ هَذِهِ وُقِفَ خَرَاجُهُ وَأُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ. (وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ) الْمُدَبِّرِ قَتْلًا (عَمْدًا) عُدْوَانًا لِاسْتِعْجَالِهِ الْعِتْقَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَعُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ قِصَاصًا، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ رُقَّ لَهُمْ وَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً عَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ لَا دِيَتِهِ وَهِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُدَبَّرٍ قَتَلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا لَا يُعْتَقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا فِي دِيَةٍ، وَيُبَاعُ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ. (وَ) بَطَلَ التَّدْبِيرُ (بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (وَلِلتَّرِكَةِ) الَّتِي تَرَكَهَا سَيِّدُهُ سِوَاهُ كَمَا تَرَكَ السَّيِّدُ عَشَرَةً، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ خَمْسَةٌ، وَالدَّيْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ (وَ) بَطَلَ (بَعْضُهُ) أَيْ التَّدْبِيرِ (بِمُجَاوَزَةِ) بِالزَّايِ أَيْ تَعَدِّي (الثُّلُثِ) قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ أَمْ لَا، كَمَا لَوْ تَرَكَ سَيِّدُهُ خَمْسَةً، وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَثُلُثُهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ، وَنِسْبَتُهُ لَقِيمَتِهِ ثُلُثَانِ فَيُعْتَقُ ثُلُثَاهُ وَيُرَقُّ ثُلُثُهُ. ابْنُ شَاسٍ يَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ وَبِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، وَهَذَا الْقِسْمُ يَرْفَعُ كَمَالَ حُرِّيَّتِهِ لَا أَصْلَهَا، فَإِذَا دُبِّرَ عَبْدٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ بِمَوْتِهِ ثُلُثُهُ (وَلَهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ (حُكْمُ الرِّقِّ) الْقِنِّ فِي خِدْمَتِهِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْأَمَةِ وَحُدُودِهِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ. وَعَلَيْهِ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَيًّا، بَلْ (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ) الْمُدَبَّرُ (فِي) ثُلُثِ (مَا وُجِدَ) مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ النَّظَرِ فِي شَأْنِ الْمُدَبَّرِ فَلَا يُنْظَرُ لِمَا وُجِدَ مِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 435 وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ: عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ: فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ   [منح الجليل] التَّرِكَةِ قَبْلَهُ، فِيهَا وَلِلْمُدَبَّرِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فِي خِدْمَتِهِ وَحُدُودِهِ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ حَتَّى يُعْتَقَ فِي الثُّلُثِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ النَّظَرِ فِيهِ لَا يَوْمَ مَوْتِ سَيِّدِهِ. (وَ) إنْ قَالَ السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ عَتَقَ) الرَّقِيقُ (مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُعْتَقُ مِنْهُ الَّذِي عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِهِ فَقَطْ إنْ حَمَلَهُ، وَإِلَّا فَمَحْمِلُهُ (وَ) تَدْبِيرُهُ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ (لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ) فِيهَا لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ. ابْنُ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَإِنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ. ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ بِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ: وَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الرُّقْبَى. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ كَانَ حُرًّا مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ آخِرَهُمَا، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَرُقَّ الْبَاقِي، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي عِتْقِ بَاقِيهِ وَلَهُمْ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ يَعْتِقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَتْلًا وَيُرَقُّ الْبَاقِي. ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ عَيَّنُوا هُنَا أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي نَظِيرَتِهَا، بَلْ هِيَ أَحْرَى مِنْهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ حَتَّى يَنْوِيَ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقَ، وَهِيَ قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَلَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ عِتْقَهُ هُنَا عَلَى مَوْتِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُجْعَلْ مِنْ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَوْتِهِ، وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ قَالَ لِرِقِّهِ (أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (فَ) هُوَ (مُعْتَقٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ (لِأَجَلٍ) لَا مُدَبَّرٌ فَيُعْتَقُ (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) إنْ كَانَ السَّيِّدُ صَحِيحًا حِينَ قَالَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَمِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ كُلَّهَا مِنْهُ. ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَهُوَ مُعْتَقٌ إلَى أَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ مَوْتِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 436 بَابٌ) نُدِبَ مُكَاتَبَةُ   [منح الجليل] فُلَانٍ فَيَخْدِمُ الْعَبْدُ الْوَرَثَةَ إلَى مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ إلَى تَمَامِ شَهْرٍ عَقِبَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ قَالَهُ وَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ قَالَهُ السَّيِّدُ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي الثُّلُثِ إلَى أَجَلِهِ وَيَخْدِمُ الْوَرَثَةَ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ وَعَتَقَ مَحْمِلُ الثُّلُثِ مِنْ الْعَبْدِ بَتْلًا. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَحَالَ فِي وَصِيَّتِهِ عَلَى ثُلُثِهِ، وَضَاقَ عَنْهَا خُيِّرَ وَرَثَتُهُ فِي إنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ، فَإِنْ أَبَوْا إنْفَاذَهَا يُقَالُ لَهُمْ: سَلِّمُوا ثُلُثَيْ مَالِ الْمَيِّتِ إلَى أَهْلِ الْوَصَايَا أَوْ أَنْفِذُوا مَا قَالَهُ الْمَيِّتُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبِ (نُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مُكَاتَبَةُ) ابْنُ عَرَفَةَ الْكِتَابَةُ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَائِهِ قَوْلُهُ عَلَى مَالٍ أَخْرَجَ الْعِتْقَ مَجَّانًا وَقَوْلُهُ مُؤَجَّلٍ أَخْرَجَ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ حَالٍّ وَهِيَ الْقِطَاعَةُ، وَلِذَا فِيهَا لَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْعَبْدِ أَخْرَجَ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ مَوْقُوفٌ بِالرَّفْعِ صِفَةُ " عِتْقٌ " أَخْرَجَ الْعِتْقَ الْمُعَجَّلَ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ مِنْ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ فَلَيْسَ بِكِتَابَةٍ. ابْنُ مَرْزُوقٍ الصَّوَابُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقًا إلَخْ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِيهِ لَا نَفْسُهُ وَأَقَرَّهُ الرَّصَّاعُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهَا النَّدْبُ عَلَى الْمَعْرُوفِ. اللَّخْمِيُّ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُوَطَّإِ سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ يَتْلُو قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَقَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} [الجمعة: 10] فَحَمَلَهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ، وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ فِي الْمَبْسُوطِ. الْبَاجِيَّ ابْنُ شَعْبَانَ هِيَ عَلَى النَّدْبِ. إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَعَبْدُ الْوَهَّابِ هِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَرَوَاهَا ابْنُ الْجَلَّابِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُعْرَفُ بِسُوءٍ وَسِعَايَتُهُ مِنْ مُبَاحٍ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 437 أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وَحَطُّ جُزْءٍ آخِرًا وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا، وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ   [منح الجليل] وَقَدْرُ الْكِتَابَةِ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَرَاجِهِ بِكَثِيرٍ فَمُبَاحَةٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِالسُّوءِ وَالْأَذِيَّةِ فَمَكْرُوهَةٌ وَإِنْ كَانَتْ سِعَايَتُهُ مِنْ حَرَامٍ فَمُحَرَّمَةٌ. وَإِضَافَةُ " مُكَاتَبَةُ " (أَهْلِ تَبَرُّعٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ حُرٍّ رَشِيدٍ غَيْرِ مُفْلِسٍ وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ. الْخَرَشِيُّ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَمُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا فِي زَائِدِ ثُلُثِهِمَا صَحَّتْ وَوُقِفَتْ عَلَى الْإِجَازَةِ لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ. الْعَدَوِيُّ بُطْلَانُهَا مِنْ الصَّبِيِّ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَتَصِحُّ مِنْهُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَتَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ (حُكْمُ مُكَاتَبَتِهِ) بِحَرَامٍ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ، وَتَبْطُلُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ كَمَا فِي ضَيْح وَالْبَدْرِ وعج، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَصِحُّ. ابْنُ شَاسٍ أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ ثَالِثُهَا السَّيِّدُ، وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَتَجُوزُ كِتَابَةُ الْقَيِّمِ عَبْدَ الطِّفْلِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ نُدِبَ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَمْ يَكْتَفِ بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ، وَغَيْرُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَهُ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ إذَا طَلَبَ فَضْلًا، وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ بِلَا مُحَابَاةٍ؛ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ نَدْبِهَا مِنْهُمْ، وَذِكْرُهُ الْجَوَازَ فِي الْمَرِيضِ لَا يُنَافِيهِ، أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ. (وَ) نُدِبَ لِلسَّيِّدِ (حَطُّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ كَذَلِكَ أَيْ إسْقَاطُ (جُزْءٍ) مِنْ الْمَالِ الَّذِي كَاتَبَ بِهِ رَقِيقَهُ وَنُدِبَ كَوْنُهُ (آخِرًا) مِنْهُ فِيهَا مَعَ الْمُوَطَّأِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] هُوَ أَنْ يَضَعَ عَنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا. أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى النَّدْبِ وَلَا يُقْضَى بِهِ. (وَ) إنْ دَعَا السَّيِّدُ رَقِيقَهُ إلَى كِتَابَتِهِ فَأَبَاهَا فَ (لَا يُجْبَرُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ (الْعَبْدُ عَلَيْهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ. الْجَلَّابُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَجْبُرُهُ (وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (الْجَبْرُ) لِلرَّقِيقِ عَلَى الْكِتَابَةِ إنْ أَبَاهَا أَخَذَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 438 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ قَوْلِهَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ لَزِمَ الْعَبْدَ الْغَائِبَ، وَإِنْ كَرِهَ لِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي عَنْهُ وَيَتْبَعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ بِمِلْكِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي جَبْرِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَرَوَى إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَهُ جَبْرُهُ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ بَتْلًا عَلَى مَالٍ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ دَيْنًا فَأَحْرَى الْكِتَابَةُ. قُلْت يُرَدُّ بِتَحَقُّقِ الْعِتْقِ فِي هَذَا، وَالْكِتَابَةُ مَعْرُوضَةٌ لِلْعَجْزِ بَعْدَ أَدَاءِ جُلِّهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ فَلَهُ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ إنَّهَا تَلْزَمُهُ، وَقَالَ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ لِي كَذَا وَلَمْ يُسَمِّ الْأَجَلَ إنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا إنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الْعَبْدُ، وَاخْتَارَ ابْنُ بُكَيْر وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي الْجَبْرَ. اللَّخْمِيُّ لِسَيِّدِهِ جَبْرُهُ إنْ كَانَتْ بِأَزْيَدَ مِنْ خَرَاجِهِ بِيَسِيرٍ. الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلسَّيِّدِ جَبْرُ عَبْدِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَحَكَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوثَقِينَ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْقَضَاءُ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. الْعَدَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْجَبْرُ ضَعِيفٌ. قُلْت الْمَأْخُوذُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْجَبْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: أُورِدَ عَلَى الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ: وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَهُ أَيْضًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَصْرَ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ ظَاهِرُهَا. فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقْوَ عِنْدَهُ أَخْذَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْهَا. الثَّانِي: أُورِدَ عَلَى أَخْذِ أَبِي إِسْحَاقَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا آلَ فِيهَا الْأَمْرُ إلَى عِتْقٍ عَلَى مَالٍ يَتْبَعُهُ بِهِ الْحَاضِرُ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَلَى مَالٍ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْعَبْدِ، وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِمَنْعِ لُزُومِ الْأَيْلُولَةِ الْمَذْكُورَةِ لِاحْتِمَالِ عَجْزِ الْحَاضِرِ وَعَجْزِ الْغَائِبِ أَيْضًا بَعْدَ تَأْدِيَتِهِ جُلَّ نُجُومِهَا فَيُرَقَّانِ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 439 بِكَاتَبْتُكَ، وَنَحْوَهُ بِكَذَا وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ   [منح الجليل] فَإِنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ كَمَا فَرَّقَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَصِلَةُ مُكَاتَبَةُ (بِكَاتَبْتُكَ وَنَحْوِهِ) كَأَنْتَ مُكَاتَبٌ وَبِعْتُك نَفْسَك (بِكَذَا) دِينَارًا مَثَلًا. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ. ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ مِثْلُ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا (وَظَاهِرُهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ (اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ) أَيْ التَّأْجِيلِ بِنَجْمٍ، أَيْ هِلَالٍ أَوْ أَكْثَرَ لِلْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ كَقَوْلِهَا وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا أَجَلًا نُجِّمَتْ، وَقَوْلِهَا وَلَا تَكُونُ حَالَّةً وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ، وَالْكِتَابَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُنَجَّمَةٌ، وَعَنَى بِالنَّاسِ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ. (وَصُحِّحَ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَيْنِ مُثَقَّلًا (خِلَافُهُ) أَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّنْجِيمِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا أَجَلًا نُجِّمَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ كِتَابَةِ مِثْلِهِ وَقَدْرِ قُوَّتِهِ، وَلَا تَكُونُ لَهُ حَالَّةً، وَالْكِتَابَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُنَجَّمَةٌ اهـ فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالطُّرْطُوشِيُّ: ظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا بُدَّ مِنْ تَنْجِيمِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ، نَقَلَهُ عَنْ ضَيْح عَنْ عِيَاضٍ، وَإِيَّاهُ تَبِعَ هُنَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْهَبُ جَوَازُهَا حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً، وَإِنَّمَا مَنَعَهَا حَالَّةً الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ تَجُوزُ الْكِتَابَةُ عِنْدَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً، فَإِنْ وَقَعَتْ مَسْكُوتًا عَنْهَا أُجِّلَتْ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً، هَذَا قَوْلُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي رِسَالَتِهِ: الْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ فِيمَا رَضِيَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ مِنْ الْمَالِ مُنَجَّمًا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مُنَجَّمَةً وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنَّمَا مَنَعَهَا حَالَّةً الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قُلْت قَوْلُ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهَا حَالَّةً. بَلْ عَلَى عَدَمِ صِدْقِ لَفْظِ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا فَقَطْ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّنْجِيمَ وَاجِبٌ عُرْفًا بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِذَا وَقَعَتْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 440 وَجَازَ بِغَرَرٍ: كَآبِقٍ، وَجَنِينٍ، وَعَبْدِ فُلَانٍ، لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ أَوْ كَخَمْرٍ، وَرَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ   [منح الجليل] الْكِتَابَةُ عَلَى السَّكْتِ حُمِلَتْ عَلَى التَّنْجِيمِ، لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَمْ يَحْمِلْ أَحَدٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاطِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اللُّزُومُ، فَإِذَا خُولِفَ هَذَا اللَّازِمُ فَلَا تَبْطُلُ، بَلْ تَصِحُّ وَتُنَجَّمُ. (وَجَازَ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَقْدُ الْكِتَابَةِ (بِ) ذِي (غَرَرٍ كَآبِقٍ) وَشَارِدٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (وَجَنِينٍ) لِأَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْكِتَابَةُ بِالْغَرَرِ جَائِزَةٌ، وَلَا تُشْبِهُ الْبَيْعَ، وَلَا النِّكَاحَ فَتَجُوزُ بِالْآبِقِ وَالشَّارِدِ وَالْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْغَرَرُ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ جَازَ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ. ابْنُ شَاسٍ وَتَجُوزُ بِعَبْدِ فُلَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَ) تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِ (عَبْدِ فُلَانٍ لَا) تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِ (لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ) لِشِدَّةِ غَرَرِهِ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ. فِيهَا لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لِتَعَذُّرِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ. عِيَاضٌ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، خِلَافُ قَوْلِ غَيْرِهِ بِتَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الْوُصَفَاءِ وَاللُّؤْلُؤِ. وَفِيهَا إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِوُصَفَاءَ حُمْرَانَ أَوْ سُودَانَ وَلَمْ يَصِفْهُمْ جَازَ وَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ. الصِّقِلِّيُّ إنْ لَمْ يَصِفْ الْجِنْسَ وَفِي الْبَلَدِ سُودَانُ وَحُمْرَانُ وَلَا غَالِبَ مِنْهُمَا أَعْطَى النِّصْفَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَقَالَ نَحْوَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ عَدَدًا بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تُفْسَخُ، وَعَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ وَصْفَيْنِ. مُحَمَّدٌ وَأَجَازَ غَيْرُهُ كِتَابَتَهُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ كَوُصَفَاءَ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ، وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُسَمِّ عَدَدًا فَقِيلَ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ. وَقِيلَ: تَمْضِي بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ مَا لَمْ تَنْقُصُ عَنْ لُؤْلُؤَتَيْنِ. (وَ) لَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ مُتَمَوِّلٍ شَرْعًا (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ، فَإِنْ وَقَعَتْ مَضَتْ (وَرَجَعَ) الْمُكَاتَبُ (لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ) عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا لَمْ يَصِحَّ بِتَمَلُّكِ الْمُكَاتَبِ بِهِ كَالْخَمْرِ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ وَلَا تُفْسَخُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْرَبُ تَفْسِيرُ هَذَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 441 وَفَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ كَذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسِهِ   [منح الجليل] بِقَوْلِهَا: وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيمَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بِالْأَحْرَى وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي اللُّؤْلُؤِ الْفَسْخُ، وَيَلْزَمُ فِي الْخَمْرِ بِالْأَوْلَى. الْبُنَانِيُّ يَشْهَدُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ فِي كَخَمْرٍ قَوْلُهَا: إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ، وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَةٍ، وَلَا غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ، وَنَقَلَ " غ " فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِنَا قَالَ فِي الْكِتَابَةِ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ: إنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَاتَبَهُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لَمْ يَجُزْ. ابْنُ يُونُسَ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ. (وَ) جَازَ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ (فَسْخُ) أَيْ تَرْكُ (مَا) أَيْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ الَّذِي (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (فِي) شَيْءٍ (مُؤَخَّرٍ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا، وَإِنْ كَانَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ. فِيهَا إنْ كَانَ كَاتَبَهُ بِطَعَامٍ مُؤَجَّلٍ جَازَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَنْهُ بِدَرَاهِمَ مُعَجَّلَةٍ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَفْسَخَ مَا عَلَى مُكَاتَبِك مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ فِي عَرَضٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ مُخَالِفٍ لِلْعَرَضِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ نُجُومَ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ، لِأَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهَا فِي فَلَسِ مُكَاتَبِهِ وَلَا مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: إنْ جِئْتنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إنْ جِئْتنِي بِأَقَلَّ مِنْهُ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ (أَوْ كَ) أَخْذِ (ذَهَبٍ) مِنْ الْمُكَاتَبِ بَدَلًا (مِنْ وَرِقٍ) مُكَاتَبٍ بِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ عَكْسَهُ، وَهُوَ أَخْذُ وَرِقٍ بَدَلًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَاتَبٍ بِهِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -؛ لِأَنَّ النُّجُومَ لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ. اللَّخْمِيُّ إذَا فَسَخَ الدَّنَانِيرَ فِي الدَّرَاهِمِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فَسَخَ الدَّنَانِيرَ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، فَأَجَازَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 442 وَمُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ مَا لِمَحْجُورِهِ بِالْمَصْلَحَةِ، وَمُكَاتَبَةُ أَمَةٍ وَصَغِيرٍ: وَإِنْ بِلَا مَالٍ وَكَسْبٍ، وَبَيْعُ كِتَابَةٍ، أَوْ جُزْءٍ   [منح الجليل] وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ الْعِتْقَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الْعِتْقَ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ عَيْنًا فَفَسَخَهَا فِي عَرَضٍ وَعَكْسِهِ، فَإِنْ أَخَذَ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ نَقْدًا جَازَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ سَحْنُونٍ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الْعِتْقَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ) أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (لِمَحْجُورِهِ) الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ (بِالْمَصْلَحَةِ) لِلْمَحْجُورِ. فِيهَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ مَنْ يَلِيهِ عَلَى النَّظَرِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ؛ إذْ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ وَإِبْقَاؤُهُ رَقِيقًا فَلَا مَصْلَحَةَ لِلْمَحْجُورِ فِي عِتْقِهِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ (وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (مُكَاتَبَةُ) مَنْ لَا يَكْتَسِبُ كَ (أَمَةٍ وَصَغِيرٍ) إنْ كَانَ لَهُمَا مَالٌ مِنْ نَحْوِ صَدَقَةٍ أَوْ كَسْبٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (بِلَا مَالٍ وَ) لَا (كَسْبٍ) وَمَنَعَهَا أَشْهَبُ. فِيهَا لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ الصَّغِيرِ وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ إنْ كَانَ يَسْأَلُ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُكَاتَبَةَ الْأَمَةِ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهَا وَالصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِالْأَدَاءِ، أَوْ يَكُونَ بِيَدِهِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُ فَيُؤْخَذُ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ فَيُتْلِفُهُ لِسَفَهِهِ وَيَرْجِعُ رِقًّا مِثْلَ قَوْلِ الْغَيْرِ، هَذَا نَقْلُ الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَمَةِ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهَا وَرَوَى الدِّمْيَاطِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُ. الْبَاجِيَّ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا زِيَادَةً بَيِّنَةً، يَحْتَمِلُ أَنْ يُجِيزَ أَشْهَبُ كِتَابَتَهُ لِقُوَّتِهِ عَلَى السِّعَايَةِ، وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كِتَابَتَهُ، وَرُوِيَ مَنْعُهَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي النَّوَادِرِ، وَبِهِ قَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: وَجَوَازُ مُكَاتَبَةِ الصَّغِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَبْرِ الرَّقِيقِ عَلَيْهَا؛ إذْ رِضَا الصَّغِيرِ لَا يُعْتَبَرُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ. (وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ) جَمِيعِ نُجُومِ (كِتَابَةٍ) لِلْمُكَاتَبِ أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ) بَيْعُ (جُزْءٍ مِنْهَا) أَيْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ كَرُبُعِهَا. فِيهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَتْ عَيْنًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 443 لَا نَجْمٍ، فَإِنْ وَفَّى: فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ: وَإِلَّا رُقَّ   [منح الجليل] فَبِعَرَضٍ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا فَبِعَرَضٍ مُخَالِفٍ أَوْ بِعَيْنٍ نَقْدًا فِيهِمَا، وَمَا تَأَخَّرَ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ. عَبْدُ الْوَهَّابِ هَذَا إنْ بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ، وَإِنْ بَاعَهَا لَهُ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ. ابْنُ عَرَفَةَ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ لِأَنَّ ذَاتَهُ مَبِيعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا، وَاغْتِفَارُ الْغَرَرِ، إنَّمَا هُوَ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْعِتْقِ لَا فِي بَيْعِهَا (لَا) يَجُوزُ بَيْعُ (نَجْمٍ) مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مِنْهَا وَقَدْرُ النُّجُومِ مُخْتَلِفٌ أَوْ مُتَّفِقٌ، وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِهَا لِلْجَهَالَةِ، فَإِنْ عُرِفَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ لَهُ جَازَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ إمَّا النَّجْمُ، وَإِمَّا جُزْءُ الرَّقَبَةِ، وَالْغَالِبُ تَسَاوِيهِمَا؛ إذْ الْغَالِبُ تَسَاوِي الْكِتَابَةِ وَالْقِيمَةِ. الْجَلَّابُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَعَنْهُ فِي بَيْعِ جُزْءِ كِتَابَتِهِ رِوَايَتَانِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ مَحَلُّ مَنْعِ بَيْعِ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ عُلِمَ قَدْرُهُ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِجُمْلَةِ النُّجُومِ، فَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ لِجُمْلَةِ النُّجُومِ جَازَ بَيْعُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى مَعْلُومٍ، وَهُوَ النَّجْمُ أَوْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ، نَقَلَهُ الْخَرَشِيُّ وعب وشب. طفي لَمْ أَرَ مَنْ شَرَطَ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ جَهْلَ قَدْرِهِ، إذْ لَوْ جَازَ مَعَ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْهَمِ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ مَعَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا، فَأَجَازُوا بَيْعَ الْمُبْهَمِ مَعْرُوفَ الْقَدْرِ، وَأَطْلَقُوا مَنْعَ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَصْبَغُ وَسَحْنُونٌ إنَّمَا يُكْرَهُ بَيْعُ نَجْمٍ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَإِجَازَتُهُمَا بَيْعَ نَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ فِي الْعَدَدِ أَوْ اخْتَلَفَتْ إنْ عُرِفَ عَدَدُهَا وَعَدَدُ كُلِّ نَجْمٍ اهـ وَمُرَادُهُ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ، وَمَنْعُ الْعَيْنِ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ جَهَالَتِهِ. الْبُنَانِيُّ عَلَّلَ الْمَنْعَ فِي الْمُعَيَّنِ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ غَرَرٌ بِاقْتِضَائِهِ أَوْ أَخْذِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ بِالْعَجْزِ عَنْهُ، وَهَذَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ مِنْ جُمْلَةِ النُّجُومِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ بِيعَتْ الْكِتَابَةُ كُلُّهَا أَوْ جُزْؤُهَا أَوْ نَجْمٌ مِنْهَا بِشَرْطِهِ (فَإِنْ وَفَّى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا الْمُكَاتَبُ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ (فَ) قَدْ عَتَقَ وَيَكُونُ (الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ) الَّذِي كَاتَبَهُ لِانْعِقَادِهِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَوْفَى مَا اشْتَرَى (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْمُكَاتَبُ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَارَ الْمُكَاتَبُ كُلُّهُ أَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 444 لِلْمُشْتَرِي وَإِقْرَارُ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا، إنْ وُرِثَ غَيْرَ كَلَالَةٍ، وَمُكَاتَبَتُهُ بِلَا مُحَابَاةٍ، وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ   [منح الجليل] جُزْؤُهُ رَقِيقًا (لِلْمُشْتَرِي) فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنْ أَدَّى لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ فَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمُشْتَرِيهَا. (وَ) جَازَ (إقْرَارُ) شَخْصٍ (مَرِيضٍ بِقَبْضِ) نُجُومِ (هَا) أَيْ الْكِتَابَةِ مِنْ مُكَاتَبِهِ فِي صِحَّتِهِ (إنْ وُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَرِيضُ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ كَلَالَةٍ) أَيْ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ حِينَئِذٍ، إذْ الشَّأْنُ الشَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ، فَلَوْ قَالَ وَلَدٌ بَدَلَ غَيْرِ كَلَالَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ وُرِثَ كَلَالَةً أَيْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْكِتَابَةَ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِقَبْضِهَا عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِلَّا مَضَى فِي الثُّلُثِ، وَلَا يَمْضِي فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ إلَّا بِإِمْضَاءِ الْوَارِثِ الرَّشِيدِ، وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ، وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وُرِثَ غَيْرَ كَلَالَةٍ أَوْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَيُخَيَّرُ وَارِثُهُ فِي إمْضَاءِ كِتَابَتِهِ أَوْ عِتْقِ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ. فِيهَا إنْ كَاتَبَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ كُلِّ كِتَابَتِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ جَازَ، وَإِنْ وُرِثَ كَلَالَةً، وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَتُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، أَيْ الْمَرِيضِ رَقِيقَهُ (بِلَا مُحَابَاةٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ، أَيْ نَقْصٍ عَمَّا يُكَاتَبُ بِهِ مِثْلُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلَا مُحَابَاةٍ بِأَنْ كَانَتْ بِهَا وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ (فَفِي ثُلُثِهِ) أَيْ السَّيِّدِ مَا حَابَى بِهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ مَضَى وَإِلَّا فَلَا، فِيهَا إنْ كَاتَبَ مَرِيضٌ عَبْدَهُ وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِنْ لَمْ يُحَابِ جَازَ كَبَيْعِهِ وَمُحَابَاتِهِ فِي ثُلُثِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ، وَتُوقَفُ نُجُومُهُ، فَإِنْ مَاتَ. سَيِّدُهُ وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ مَضَى، وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إمْضَائِهِ وَعَتَقَ ثُلُثُهُ بِمَا فِي يَدِهِ، وَقَالَهُ الرُّوَاةُ، وَلَا يُعَجِّلُ عِتْقَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِسَيِّدِهِ مَالٌ مَأْمُونٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيمَا لَمْ يُحَابِ فِيهَا وَقَبَضَهَا قَوْلَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مِثْلُ الْبَيْعِ فَيَكُونُ حُرًّا، وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ، وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَالْعِتْقِ، فَإِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 445 وَمُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ: فَتُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَهُمْ،   [منح الجليل] حَمَلَهَا الثُّلُثُ مَضَى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُمْضُوا الْكِتَابَةَ أَوْ يُعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا. اللَّخْمِيُّ وَافَقَ الْغَيْرُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَأَمَّا إذَا حَابَاهُ وَقَبَضَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ تُجْعَلُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ فِي الثُّلُثِ بِخِلَافِ مُحَابَاةِ الْمَرِيضِ فِي الْبَيْعِ هَا هُنَا، إنَّمَا تُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْمُحَابَاةُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَرَضِ عَتَاقَةٌ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ رَقَبَتَهُ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا رُدَّتْ النُّجُومُ الْمَقْبُوضَةُ ثُمَّ أَعْتَقَ مَحْمِلُ الثُّلُثِ بِمَالِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْغَيْرَ يَسْتَوِي عِنْدَهُ الْمُحَابَاةُ وَعَدَمُهَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُحَابَاةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ لَمْ يُحَابِ، وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ عُجِّلَ عِتْقُ الْعَبْدِ فِي مَالِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُحَابِ فِي بَيْعِهِ، وَإِنْ حَابَى وَحَمَلَهَا لِثُلُثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ وَقْفِهِ حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ وَصِيَّةٌ. وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِي الْوَجْهَيْنِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إجَازَةِ مَا فَعَلَهُ الْمَرِيضُ أَوْ يَرُدُّوا إلَى الْمُكَاتَبِ مَا قَبَضَ مِنْهُ وَيُعْتِقُوا مَحْمِلَ الثُّلُثِ بَتْلًا. وَأَمَّا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ مُطْلَقًا، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ مَضَى عَقْدُ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ لِقَوْلِهَا كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ، قِيلَ لِلْوَرَثَةِ امْضُوا كِتَابَتَهُ، فَإِنْ أَبَوْا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمِلُ الثُّلُثِ بَتْلًا اهـ بُنَانِيٌّ. (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ) أَرِقَّاءَ (لِمَالِكٍ) وَاحِدٍ بِمَالٍ وَاحِدٍ (فَتُوَزَّعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالزَّايِ مُثَقَّلًا، أَيْ تُقَسَّمُ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِمْ (عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا، أَيْ قُدْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُكَاتَبِينَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (عَلَى الْأَدَاءِ) أَيْ دَفْعِ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ لِلسَّيِّدِ مُعْتَبَرَةٌ (يَوْمَ الْعَقْدِ) لِلْكِتَابَةِ لَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى قَدْرِ قِيَمِهِمْ وَلَا عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ الْحَادِثَةِ بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ صَغِيرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْكَسْبِ يَوْمَ الْعَقْدِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (وَهُمْ) أَيْ الْمُكَاتَبُونَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 446 وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ حُمَلَاءُ مُطْلَقًا: فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْجَمِيعُ، وَيَرْجِعُ إنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى الدَّافِعِ؛ وَلَمْ يَكُنْ زَوْجًا: وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِمَوْتِ وَاحِدٍ   [منح الجليل] اسْتَمَرَّتْ قُدْرَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْأَدَاءِ، بَلْ (وَإِنْ زَمِنَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مَرِضَ (أَحَدُهُمْ) مَرَضًا مُلَازِمًا لَهُ فَهُمْ (حُمَلَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا أَيْ مُتَضَامِنُونَ حُمَلَاءُ (مُطْلَقًا) عَنْ شَرْطِهِ حَالَ مُكَاتَبَتِهِمْ عَلَى مَعْرُوفٍ، مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ هِيَ سَنَةُ الْكِتَابَةِ عِنْدَنَا، أَيْ بِخِلَافِ حِمَالَةِ الدُّيُونِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِشَرْطِهَا. وَإِذَا حَلَّتْ النُّجُومُ وَبَعْضُهُمْ مَلِيءٌ وَبَعْضُهُمْ مُعْدِمٌ (فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ) مِنْهُمْ (الْجَمِيعُ) الْمُكَاتَبُ بِهِ، وَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَمْلِيَاءَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مَا يَخُصُّهُ بِالْقِسْمَةِ (وَ) إنْ أَدَّى الْمَلِيءُ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ فَإِنَّهُ (يَرْجِعُ) عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِسْمَتِهَا (إنْ لَمْ يَعْتِقْ) الْمُؤَدَّى عَنْهُ (عَلَى الدَّافِعِ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلَهُ وَلَا فَرْعَهُ وَلَا حَاشِيَتَهُ الْقَرِيبَةَ (وَلَمْ يَكُنْ) الْمَدْفُوعُ عَنْهُ (زَوْجًا) لِلدَّافِعِ، فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ زَوْجًا لَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ) أَيْ الْمُكَاتَبِينَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (شَيْءٌ) مِنْ الْمَالِ الَّذِي كُوتِبُوا بِهِ (بِمَوْتِ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ أَوْ عَجْزِهِ. فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبِيدَهُ فِي كِتَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقَضَاءُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ، وَلَهُ أَخْذُ الْمَلِيءِ مِنْهُمْ بِالْجَمِيعِ وَلَا يُوضَعُ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِمَوْتِ أَحَدِهِمْ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدِهِمْ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ رَجَعَ مَنْ أَدَّى عَلَى بَقِيَّتِهِمْ بِحِصَّتِهِمْ مِنْ الْكِتَابَةِ بَعْدَ أَنْ تُقَسَّمَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ قُوَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْمُكَاتَبَةِ لَا عَلَى قِيمَةِ رَقَبَتِهِ غ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَفْظُ يَرْجِعُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ حَتَّى يَعُمَّ كُلَّ رَاجِعٍ مِنْ مُكَاتَبٍ أَوْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ، وَيُنَاسِبَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَهُوَ لَفْظُ يُؤْخَذُ، وَعَلَى الدَّافِعِ مُتَعَلِّقٌ بِ يَعْتِقُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُكَاتَبُ الَّذِي دَفَعَ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، سَوَاءٌ بَاشَرَ الدَّفْعَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وَنُصُوصُهُ وَاضِحَةٌ. وَأَمَّا الزَّوْجُ فَفِي آخَرِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَرِثُهُ مَنْ مَعَهُ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 447 وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ، إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ وَقَوُوا، فَإِنْ رُدَّ، ثُمَّ عَجَزُوا: صَحَّ عِتْقُهُ ، وَالْخِيَارُ فِيهَا وَمُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ بِمَالٍ وَاحِدٍ   [منح الجليل] الْكِتَابَةِ إلَّا مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا الزَّوْجَةُ، فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ عَتَقَتْ بِأَدَائِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا مَنْ يَرِثُهُ مِنْ وَارِثٍ أَوْ سَيِّدٍ. مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يَرْجِعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إذَا أَدَّى عَنْهُ مَا يُعْتَقُ بِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ. (وَ) جَازَ (لِلسَّيِّدِ عِتْقُ) شَخْصٍ (قَوِيٍّ) عَلَى الْأَدَاءِ (مِنْهُمْ) أَيْ الْمُكَاتَبِينَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِمَالٍ وَاحِدٍ (إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ) بِعِتْقِهِ (وَقَوُوا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الْوَاوِ الْأُولَى، أَيْ كَانَتْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى الْأَدَاءِ بِدُونِهِ، فَإِنْ أَبَوْا أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَيْهِ بِدُونِهِ فَلَيْسَ لَهُ عِتْقُهُ. الْجَلَّابُ لَا بَأْسَ أَنْ يَعْتِقَ السَّيِّدُ كَبِيرًا مِنْهُمْ لَا أَدَاءَ فِيهِ أَوْ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ السَّعْيَ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى السَّعْيِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْكَسْبِ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْبَاقِي وَقُوَّتِهِمْ عَلَى الْكَسْبِ. (فَإِنْ رُدَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا عَتَقَ قَوِيٌّ مِنْهُمْ (ثُمَّ عَجَزُوا) أَيْ الْمُكَاتَبُونَ عَنْ أَدَاءِ جَمِيعِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَصَارُوا أَرِقَّاءَ (صَحَّ عِتْقُهُ) أَيْ الْقَوِيِّ الَّذِي رَدُّوهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا رُدَّ لِحَقِّهِمْ، وَقَدْ سَقَطَ فِيهَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ قَوِيَّيْنِ عَلَى السَّعْيِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِتْقُ أَحَدِهِمَا، وَيُرَدُّ ذَلِكَ إنْ فَعَلَ، فَإِنْ عَجَزَا لَزِمَ السَّيِّدَ عِتْقُ مَنْ كَانَ أَعْتَقَ. (وَ) جَازَ (الْخِيَارُ فِي) عَقْدِ (هَا) أَيْ الْكِتَابَةِ لِلسَّيِّدِ أَوْ لِلْعَبْدِ أَوْ لَهُمَا. اللَّخْمِيُّ الْكِتَابَةُ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ بِالْخِيَارِ أَوْ الْعَبْدَ جَائِزَةٌ، سَوَاءٌ كَانَ أَمَدُ الْخِيَارِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَخَافُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ زَادَهُ فِي الثَّمَنِ لِمَكَانِ الضَّمَانِ. (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ) رِقًّا لَهُمَا اسْتَوَى مِلْكُهُمَا مِنْهُ أَوْ اخْتَلَفَ (بِمَالٍ وَاحِدٍ) قَدْرًا، أَوْ أَجَلًا وَاقْتِضَاءً عَلَى الشَّرِكَةِ، فَلَوْ شَرَطَا أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَقْتَضِيَ دُونَ شَرِيكِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ، وَكَانَ مَا اقْتَضَاهُ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا، وَلَا تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ. ابْنُ الْحَاجِبِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 448 لَا أَحَدِهِمَا، أَوْ بِمَالَيْنِ، وَبِمُتَّحِدٍ بِعَقْدَيْنِ، فَيُفْسَخُ، وَرِضَا أَحَدِهِمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ، وَرَجَعَ لِعَجْزٍ بِحِصَّتِهِ:   [منح الجليل] وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْضُ نَصِيبِهِ دُونَ الْآخَرِ وَلَوْ شَرَطَهُ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ يُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَرْضَى مُشْتَرِطُ التَّبْدِئَةِ بِتَرْكِ مَا شَرَطَهُ. وَفِي الْجَوَاهِرِ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَقْبِضَ دُونَ صَاحِبِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ (لَا) تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ دُونَ الْآخَرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ كَاتَبَ الشَّرِيكَانِ مَعًا عَلَى مَالٍ وَاحِدٍ جَازَ بِخِلَافِ أَحَدِهِمَا، وَبِخِلَافِ مَالَيْنِ. وَفِيهَا إنْ كَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا وَلَوْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ (أَوْ) كَاتَبَاهُ بِ (مَالَيْنِ) مُخْتَلِفَيْنِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ أَجَلًا (أَوْ) كَاتَبَاهُ بِمَالٍ (مُتَّحِدٍ) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً وَأَجَلًا (بِعَقْدَيْنِ فَيُفْسَخُ) عَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِتَأْدِيَتِهِ لِعِتْقِ بَعْضٍ مِنْ الرَّقَبَةِ دُونَ تَقْوِيمِ بَاقِيهَا وَلِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ يَأْخُذُ مِنْهُ أَحَدُهُمَا خَرَاجًا وَالْآخَرُ نُجُومًا. فِيهَا إنْ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ كَاتَبَهُ الْآخَرُ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ إذَا لَمْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ عَقَدَا مُفْتَرِقَيْنِ بِمَالٍ وَاحِدٍ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَفْسَخُهَا. وَفِيهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِلذَّرِيعَةِ إلَى عِتْقِ النَّصِيبِ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ، وَيُفْسَخُ ذَلِكَ إنْ فَعَلَ وَيُرَدُّ مَا أَخَذَ فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ مَعَ رَقَبَةِ الْعَبْدِ، سَوَاءٌ قَبَضَ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا. (وَ) إنْ كَاتَبَاهُ مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَمَالٍ وَاحِدٍ وَأَجَلٍ وَاحِدٍ وَاقْتِضَاءٍ وَاحِدٍ جَازَ (رِضَا أَحَدِهِمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ (بِتَقْدِيمِ) شَرِيكِهِ (الْآخَرِ) عَلَى نَفْسِهِ (فِي قَبْضِ نَجْمٍ) يَخْتَصُّ بِهِ الْآخَرُ لِيَأْخُذَ الْمُتَأَخِّرُ فِي الْقَبْضِ النَّجْمَ الَّذِي بَعْدَهُ يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا اخْتَصَّ شَرِيكُهُ بِالْأَوَّلِ، إذْ هُوَ كَالتَّسْلِيفِ، فَإِنْ وَفَّى الْمُكَاتَبُ بِجَمِيعِ النُّجُومِ خَرَجَ حُرًّا (وَ) إنْ لَمْ يُوَفِّ (رَجَعَ) مَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ شَرِيكِهِ عَلَى شَرِيكِهِ (لِعَجْزٍ) مِنْ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَدَاءِ النَّجْمِ الثَّانِي فَيَرْجِعُ (بِحِصَّتِهِ) مِمَّا قَبَضَهُ شَرِيكُهُ الْمُقَدَّمُ مِنْ الْمُكَاتَبِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 449 كَإِنْ قَاطَعَهُ بِإِذْنِهِ   [منح الجليل] وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ فِيهَا، وَإِنْ حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ بَدَأَنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَفَعَلَ ثُمَّ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ النَّجْمِ الثَّانِي فَلْيَرُدَّ الْمُقْتَضِي نِصْفَ مَا قَبَضَهُ إلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا. تت هَذَا إذَا رَضِيَ بِتَقْدِيمِهِ فِي نَجْمٍ فَقَطْ، وَأَمَّا إنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِهِ فِي جَمِيعِ حَقِّهِ فَتَارَةً يَكُونُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَتَارَةً قَبْلَهُ، وَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلْنَذْكُرْهَا قَالَ فِي التَّهْذِيبِ إنْ حَلَّ نَجْمٌ مِنْ نُجُومِهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بَدِّئْنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَفَعَلَ ثُمَّ عَجَزَ الْعَبْدُ عَنْ النَّجْمِ الثَّانِي فَلْيَرُدَّ الْمُقْتَضِي نِصْفَ مَا قَبَضَ لِشَرِيكِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا، وَلَا خِيَارَ لِلْمُقْتَضِي بِخِلَافِ الْقِطَاعَةِ، وَهُوَ كَدَيْنٍ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ مُنَجَّمًا فَبَدَأَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِنَجْمٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ هُوَ النَّجْمَ الثَّانِيَ فَفُلِّسَ الْغَرِيمُ فِي النَّجْمِ الثَّانِي فَيَرْجِعُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ. وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْمُكَاتَبِ جَمِيعَ حَقِّهِ بَعْدَ مَحَلِّهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَأَخَّرَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لِلَّذِي أَخَّرَهُ عَلَى الْمُقْتَضِي، وَيَعُودُ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا كَغَرِيمٍ لَهُمَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ مِنْهُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَأَخَّرَهُ الْآخَرُ ثُمَّ فُلِّسَ الْغَرِيمُ فَلَا يَرْجِعُ الَّذِي أَخَّرَهُ عَلَى الْمُقْتَضِي بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِفْ الْمُقْتَضِيَ شَيْئًا فَيَتْبَعُهُ بِهِ، وَلَكِنَّهُ أَخَّرَ غَرِيمَهُ. وَإِنْ تَعَجَّلَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ حَقِّهِ مِنْ النُّجُومِ قَبْلَ مَحَلِّهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِطَاعَةَ، وَقِيلَ: لَيْسَ كَالْقِطَاعَةِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ عَجَزَ سَلَفًا مِنْ الْمُكَاتَبِ فَلِلْمُتَعَجِّلِ أَخْذُ الْقِطَاعَةِ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا الشَّرِيكُ لِصَاحِبِهِ كَالْبَيْعِ، لِأَنَّهُ بَاعَ حَظَّهُ عَلَى مَا تَعَجَّلَ مِنْهُ، وَرَأَى أَنَّ مَا قَبَضَ أَفْضَلُ لَهُ مِنْ حَظِّهِ فِي الْعَبْدِ إنْ عَجَزَ، قَالَ رَبِيعَةُ فَقُطَاعَتُهُ لِشَرِيكِهِ، بِخِلَافِ عِتْقِهِ لِنَصِيبِهِ فِي الْعَبْدِ، وَلَكِنَّهُ كَشِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ اهـ. وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ، وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا إلَخْ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفُ مَصْدَرٍ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (قَاطَعَهُ) أَيْ نَجَّزَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِتْقَ حِصَّتِهِ مِنْ مُكَاتَبِهِمَا بِمَالٍ مُعَجَّلٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ فَقَاطَعَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 450 مِنْ عِشْرِينَ عَلَى عَشَرَةٍ، فَإِنْ عَجَزَ: خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ مَا فَضَلَ بِهِ شَرِيكَهُ، وَبَيْنَ إسْلَامِ حِصَّتِهِ رِقًّا، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآذِنِ وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ، فَإِنْ مَاتَ: أَخَذَ الْآذِنُ مَالَهُ، بِلَا نَقْصٍ، إنْ تَرَكَهُ   [منح الجليل] مِنْ عِشْرِينَ) مُؤَجَّلَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ وَهِيَ حِصَّةُ مُقَاطَعِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ (عَلَى عَشَرَةٍ) حَالَّةٍ (فَإِنْ) أَدَّى الْمُكَاتَبُ الشَّرِيكَ مَالَهُ أَوْ قَاطَعَهُ مِنْ الْعِشْرِينَ الَّتِي لَهُ مِنْهَا عَلَى عَشَرَةٍ أَيْضًا مَثَلًا خَرَجَ حُرًّا وَإِنْ (عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ قَبْلَ قَبْضِ شَرِيكِهِ مِثْلَ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الشَّرِيكُ (الْمُقَاطِعُ بَيْنَ رَدِّ مَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (فَضَلَ) الْمُقَاطِعُ (بِهِ شَرِيكَهُ) لِيُسَاوِيَهُ وَيَصِيرَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ (وَ) بَيْنَ (إسْلَامِ حِصَّتِهِ) أَيْ الْمُقَاطِعِ مِنْ الْعَبْدِ (رِقًّا) لِشَرِيكِهِ. (وَ) إنْ لَمْ يَعْجَزْ الْمُكَاتَبُ، وَأَدَّى الْآذِنُ الْعِشْرِينَ الَّتِي لَهُ، أَوْ أَكْثَرَهَا وَأَسْقَطَ عَنْهُ بَاقِيَهَا أَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْهُ وَعَادَ لِلرِّقِّ فَ (لَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ الْمُقَاطِعِ (عَلَى الْآذِنِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ (وَإِنْ قَبَضَ) الْآذِنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ (الْأَكْثَرَ) مِمَّا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ مِنْهُ وَاوُهُ لِلْحَالِ وَإِسْقَاطُهَا أَوْلَى. فِيهَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَاهُ مَعًا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَاطِعَهُ عَنْ حِصَّتِهِ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَقَاطَعَهُ مِنْ عِشْرِينَ مُؤَجَّلَةٍ هِيَ حِصَّتُهُ عَلَى عَشَرَةٍ مُعَجَّلَةٍ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْهُ، هَذَا مِثْلُ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ إلَى شَرِيكِهِ نِصْفَ مَا أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ، وَيَبْقَى الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ إلَى شَرِيكِهِ رِقًّا. مُحَمَّدٌ لَوْ اقْتَضَى الْآذِنُ تِسْعَةَ عَشَرَ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُقَاطِعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآذِنُ قَدْ فَضَلَهُ بِتِسْعَةٍ. (فَإِنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ مَالٍ (أَخَذَ الْآذِنُ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ (مَا) أَيْ الْعِشْرِينَ الَّتِي (لَهُ) فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ إنْ لَمْ يَقْبِضْ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ الْبَاقِي مِنْهَا إنْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَهَا (بِلَا نَقْصٍ إنْ) كَانَ قَدْ (تَرَكَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ الْمَالَ ثُمَّ يَكُونُ الزَّائِدُ مِنْهُ بَيْنَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 451 وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ لِمَا لَهُ، إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ:   [منح الجليل] الشَّرِيكَيْنِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ لَهُمَا فِي الْعَبْدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْمُكَاتَبُ (مَالًا فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ الْآذِنِ عَلَى الْمُقَاطِعِ. فِيهَا لَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ مَالٍ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ جَمِيعَ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ بِغَيْرِ حَطِيطَةٍ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ، ثُمَّ يَكُونُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: طفي وَالْبَنَّانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ: كَانَ قَاطَعَهُ فِي الْجَوَازِ دُونَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَا لَيْسَ كَالرُّجُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَلِذَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ إلَخْ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ قَرَّرَ الْمُوَضِّحُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الثَّانِي: طفي قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ، أَيْ قَبَضَ جُلَّ حَقِّهِ، وَهِيَ مُبَالَغَةٌ، وَمَا قَبْلَهَا قَبَضَ الْكَثِيرَ فَوْقَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَدُونَ الْجُلِّ، فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ قَبَضَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَقَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ. الْبُنَانِيُّ جَعْلُهَا لِلْحَالِ هُوَ الصَّوَابُ وَحَذْفُهَا أَصْوَبُ. وَأَمَّا قَوْلُ طفي إنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَمَا قَبْلَهَا قَبَضَ الْكَثِيرَ فَوْقَ مَا أَخَذَ الْمُقَاطِعُ وَدُونَ الْجُلِّ فَبَعِيدٌ. (وَ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ مُكَاتَبِهِمَا فَ (عِتْقُ أَحَدِهِمَا) نَصِيبَهُ مِنْهُ لَيْسَ عِتْقًا حَقِيقِيًّا مُوجِبًا لِتَقْوِيمِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ (وَضْعٌ) أَيْ إسْقَاطٌ (لِمَا) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي (لَهُ) أَيْ الْمُعْتَقِ مِنْ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ نِصْفُهَا سَقَطَ عَنْ الْمُكَاتَبِ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ فَيُؤَدِّي النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ لِشَرِيكِهِ، وَيَصِيرُ حُرًّا، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا إنْ قَصَدَ) الْمُعْتِقُ بِإِعْتَاقِهِ (الْعِتْقَ) لَا مُجَرَّدَ الْوَضْعِ فَيُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ، وَيَدْفَعُ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَيَكْمُلُ عِتْقُهُ. اللَّخْمِيُّ عِتْقُ السَّيِّدِ بَعْضَ مُكَاتَبِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَصِيَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَبَتْلٌ فِي حَيَاتِهِ، فَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ فَنِصْفُهُ حُرٌّ عَتَقَ نِصْفُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي رُقَّ، وَكَانَ نِصْفُهُ عَتِيقًا. وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْتَقَ نِصْفَهُ فِي صِحَّتِهِ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الجزء: 9 ¦ الصفحة: 452 كَإِنْ فَعَلْتَ: فَنِصْفُك حُرٌّ، فَكَاتَبَهُ، ثُمَّ فَعَلَ: وُضِعَ النِّصْفُ، وَرُقَّ كُلُّهُ إنْ عَجَزَ وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ: بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ، وَمُشَارَكَةٌ، وَمُقَارَضَةٌ، وَمُكَاتَبَةٌ؛ وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ، وَإِسْلَامُهَا، أَوْ فِدَاؤُهَا، إنْ جَنَتْ   [منح الجليل] ذَلِكَ وَضْعُ مَالٍ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي كَانَ جَمِيعُهُ رَقِيقًا، وَإِنْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنَّ عِتْقَهُ وَضْعُ مَالٍ أَيْضًا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَصِيبِ الشَّرِيكِ كَانَ جَمِيعُهُ رِقًّا بَيْنَهُمَا. وَشَبَّهَ فِي أَنَّ الْإِعْتَاقَ وَضْعٌ لِلْمَالِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ (إنْ فَعَلْت) أَنْتَ أَوْ أَنَا كَذَا (فَنِصْفُك حُرٌّ فَكَاتَبَهُ) أَيْ السَّيِّدُ رَقِيقَهُ (ثُمَّ فَعَلَ) الْعَبْدُ أَوْ السَّيِّدُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (وُضِعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (النِّصْفُ) مِمَّا كَاتَبَهُ بِهِ، فَإِنْ أَدَّى نِصْفَهُ الْبَاقِيَ عَتَقَ (وَرُقَّ) بِضَمٍّ أَوْ فَتْحٍ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْمُكَاتَبُ (كُلُّهُ إنْ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ الْبَاقِي. مُحَمَّدٌ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: نِصْفُك حُرٌّ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَكَاتَبَهُ ثُمَّ كَلَّمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ نِصْفُ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ يَوْمَ حِنْثِهِ، فَإِنْ عَجَزَ رُقَّ كُلُّهُ (وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ) بِلَا إذْنٍ (وَمُشَارَكَةٌ) بِلَا إذْنٍ (وَمُقَارَضَةٌ) بِلَا إذْنٍ. ابْنُ عَرَفَةَ تَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي إخْرَاجِ مَالٍ لَا عَنْ عِوَضِ مَالِيٍّ فَلَا. ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَمُقَاسَمَتُهُ شُرَكَاءَهُ وَإِقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ. (وَ) لَهُ (مُكَاتَبَةٌ) لِرَقِيقِهِ بِمَالٍ زَائِدٍ عَنْ قِيمَتِهِ. فِيهَا مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ عَبْدَهُ عَلَى ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ جَائِزَةٌ، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ (وَ) لَهُ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ بِمَهْرٍ زَائِدٍ عَلَى قِيمَتِهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ (تَوْكِيلُ) حُرٍّ بَالِغٍ (عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ) تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ لِرِقِّيَّتِهِ، وَشَرْطِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ الْحُرِّيَّةَ. وَمَفْهُومُ أَمَتِهِ أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَ عَبْدِهِ بِلَا اسْتِخْلَافٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، رَوَى مُحَمَّدٌ لِلْمُكَاتَبِ تَزْوِيجُ عَبِيدِهِ وَإِمَائِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَرَجَاءِ الْفَضْلِ. (وَ) لَهُ (إسْلَامُهَا) أَيْ الْأَمَةِ فِي جِنَايَتِهَا (وَفِدَاؤُهَا إنْ جَنَتْ) أَمَةُ الْمُكَاتَبِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 453 بِالنَّظَرِ، وَسَفَرٌ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ، وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ، لَا عِتْقٌ؛ وَإِنْ قَرِيبًا، وَهِبَةٌ، وَصَدَقَةٌ، وَتَزْوِيجٌ،   [منح الجليل] وَتَنَازَعَ إسْلَامُهَا وَفِدَاؤُهَا (بِالنَّظَرِ) أَيْ السَّدَادِ وَالْمَصْلَحَةِ فِي مَالِهِ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ جَوَازُهُ لَهُ. فِيهَا إنْ جَنَى عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَلَهُ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ (وَ) لَهُ (سَفَرٌ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ) اللَّخْمِيُّ مَنَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سَفَرَ الْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَرُبَ. اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ فَلَا يُمْنَعُ إلَّا فِي سَفَرٍ يَحِلُّ النَّجْمُ عَلَيْهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ مِنْهُ. (وَ) لَهُ (إقْرَارٌ) بِحَقٍّ (فِي رَقَبَتِهِ) كَقَتْلٍ عَمْدٍ، وَلِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْقِصَاصُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مَالِهِ، وَلَا فِي رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ. " غ " كَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ، وَهُوَ عَكْسُ الْمَقْصُودِ، فَالصَّوَابُ فِي ذِمَّتِهِ. الْخَرَشِيُّ لَهُ الْإِقْرَارُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ الْقِنِّ. وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ مِنْ قَتْلٍ وَقَطْعٍ وَحَدٍّ فَيُقْبَلُ مِنْهُمَا. الْبُنَانِيُّ الْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقْرَارَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ إقْرَارٌ بِمَالٍ فِي الذِّمَّةِ كَمَدِينٍ يَقْبَلُ مِنْ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْقِنِّ، وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا. وَإِقْرَارٌ بِمَالٍ فِي الرَّقَبَةِ كَجِنَايَةِ خَطَأٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا. وَإِقْرَارٌ فِي الرَّقَبَةِ بِمُوجِبِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ يُقْبَلُ مِنْهُمَا. الْخَرَشِيُّ نَصَّ عَلَى هَذِهِ الْجُزْئِيَّاتِ تَبَعًا لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَلِأَنَّهَا أَنْفَعُ لِلْمُفْتِي وَلَا سِيَّمَا الْمُقَلَّدُ، وَإِنْ كَانَ يَكْفِي عَنْهَا، وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِغَيْرِ تَبَرُّعٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ وَأَحْسَنُ مِنْهُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا لَيْسَ مَظِنَّةً لِعَجْزِهِ. (وَ) لَهُ (إسْقَاطُ شُفْعَتِهِ) الشَّارِحُ إذَا كَانَ نَظَرًا (لَا) يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ (عِتْقٌ) لِرَقِيقِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا لَهُ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (قَرِيبًا) لَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ يَرُدُّ عِتْقَهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَهَبَ، وَلَا أَنْ يَتَصَدَّقَ، وَلَا أَنْ يُعْتِقَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (وَ) لَيْسَ لَهُ (هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ) مِنْ مَالِهِ وَإِنْ وَقَعَ رَدَّهُ السَّيِّدُ (وَ) لَيْسَ لَهُ (تَزْوِيجٌ) لِنَفْسِهِ، ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ نَظَرًا لِأَنَّهُ يَعِيبُهُ إنْ عَجَزَ، وَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ، إجَازَتُهُ وَفَسْخُهُ، فَإِنْ رَدَّهُ تَرَكَ لَهَا رُبُعَ دِينَارٍ، وَمَفْهُومُ تَزَوَّجَ أَنَّ لَهُ التَّسَرِّيَ، وَهُوَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 454 وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَإٍ، وَسَفَرٌ بَعُدَ، إلَّا بِإِذْنٍ وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ، إنْ اتَّفَقَا، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ فَيُرَقُّ، وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ   [منح الجليل] كَذَلِكَ؛ إذْ لَا يَعِيبُهُ كَالتَّزَوُّجِ فِيهَا لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَإِنْ رَآهُ نَظَرًا. الْبَاجِيَّ إنْ أَجَازَهُ سَيِّدٌ جَازَ، وَإِلَّا فُسِخَ. (وَ) لَيْسَ لَهُ (إقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ) فِيهَا، وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِقَتْلٍ خَطَأٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عَجَزَ أَوْ عَتَقَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ عَتَقَ أَوْ رُقَّ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ، وَمَا آلَ إلَى غُرْمٍ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى فِعْلِهِ، كَإِقْرَارِهِ بِغَصْبِ أَمَةٍ أَوْ حُرَّةٍ نَفْسَهَا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ مَا وَصَفْنَا، أَوْ بِجُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ بِاخْتِلَاسِ مَالٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ أَوْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْهُ إنْ عَتَقَ، فَالْمُكَاتَبُ كَالْقِنِّ لَا يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِمَّا يَئُولُ لِغُرْمِ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَالْإِقْرَارِ فِي ذِمَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ تَبِعَ الْمُدَوَّنَةَ وَآلَ الْغُرْمُ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِذِمَّتِهِ قَالَهُ طفي. (وَ) لَيْسَ لَهُ (سَفَرٌ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (تَعْجِيزُ نَفْسِهِ) عَنْ أَدَاءِ مَا كُوتِبَ بِهِ وَرَدُّهَا إلَى الرِّقِّيَّةِ (إنْ اتَّفَقَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ (وَ) إنْ (لَمْ يَظْهَرْ لَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (مَالٌ) بَقِيَ بِكِتَابَتِهِ، وَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ بِالشَّرْطَيْنِ (فَيُرَقُّ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَوْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمِصْبَاحِ وَشَدِّ الْقَافِ. أَيْ تَزُولُ كِتَابَتُهُ وَيَصِيرُ رَقِيقًا خَالِصًا لِسَيِّدِهِ إنْ اسْتَمَرَّ غَيْرَ ظَاهِرِ الْمَالِ، بَلْ (وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ) بَعْدَ تَعْجِيزِهِ وَالْحُكْمِ بِرِقِّيَّتِهِ (مَالٌ) كَأَنْ أَخْفَاهُ أَوْ أَفَادَهُ بَعْدَهُ. وَمَفْهُومُ اتَّفَقَا أَنَّهُمَا إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ بِأَنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ فَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ، هَذَا ظَاهِرٌ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ، وَكَذَا إنْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَفِي بِهَا وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 455 كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ غَابَ عِنْدَ الْمَحَلِّ وَلَا مَالَ لَهُ، وَفَسَخَ الْحَاكِمُ، وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ: كَالْقِطَاعَةِ، وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَهُ   [منح الجليل] فِي الْحُرِّيَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ الْكِتَابَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ، وَلَا لِلْعَبْدِ خِيَارٌ فِي حَلِّهَا، فَأَمَّا التَّعْجِيزُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَإِنْ تَرَاضَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ ارْتَفَعَ بِالْعُذْرِ وَهُوَ عَدَمُ الْمَالِ، وَظُهُورُ الْعَجْزِ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ دَعَا إلَيْهِ الْعَبْدُ وَأَبَاهُ السَّيِّدُ فَلَهُ أَنْ يُعْجِزَ نَفْسَهُ دُونَ السُّلْطَانِ وَلَا يَفْتَقِرُ فِيهِ إلَى حُكْمٍ، وَإِنْ دَعَا إلَيْهِ السَّيِّدُ وَأَبَاهُ الْعَبْدُ فَلَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالِاجْتِهَادِ. اللَّخْمِيُّ إنْ رَضِيَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ذَلِكَ لَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ ظَاهِرٌ، فَإِنْ أَظْهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْوَالًا كَتَمَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَمَّا رَضِيَ بِهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَشَبَّهَ فِي الْإِرْفَاقِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ (عَنْ شَيْءٍ) مِمَّا كُوتِبَ بِهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فَيُرَقُّ (أَوْ غَابَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ بَلَدِ سَيِّدِهِ (عِنْدَ الْمَحِلِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ حُلُولِ الْأَجَلِ (وَلَا مَالَ لَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فَيُرَقُّ (وَفَسَخَ الْحَاكِمُ) كِتَابَتَهُ بِسَبَبِ عَجْزِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ (وَتَلَوَّمَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا، أَيْ أَخَّرَ الْحَاكِمُ الْحُكْمَ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ (لِمَنْ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الْعَاجِزِ أَوْ الْغَائِبِ الَّذِي (يَرْجُو) الْحَاكِمُ يُسْرَهُ وَقُدُومَ (هـ) وَلَا يَتَلَوَّمُ لِمَنْ لَمْ يَرْجُهُ. وَشَبَّهَ فِي التَّلَوُّمِ فَقَالَ (كَالْقِطَاعَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا، أَيْ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ حَالٍّ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ الْعَبْدُ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ الْحَاكِمُ إنْ رَجَاهُ (وَلَوْ شَرَطَ) السَّيِّدُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْقِطَاعَةِ (خِلَافَهُ) أَيْ عَدَمَ التَّلَوُّمِ وَأَنَّهُ يُرَقُّ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ. ابْنُ شَاسٍ لِتَعَذُّرِ النُّجُومِ أَسْبَابٌ: الْأَوَّلُ: الْعَجْزُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ النُّجُومِ أَوْ عَنْ أَدَاءِ نَجْمٍ مِنْهَا رُقَّ، وَفُسِخَتْ الْكِتَابَةُ بَعْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 456 وَقَبَضَ؛ إنْ غَابَ سَيِّدُهُ، وَإِنْ قَبْلَ مَحَلِّهَا، وَفُسِخَتْ، إنْ مَاتَ، وَإِنْ عَنْ مَالٍ، إلَّا لِوَلَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ: دَخَلَ مَعَهُ بِشَرْطٍ؛ أَوْ غَيْرِهِ، فَتُؤَدَّى حَالَّةً   [منح الجليل] أَنْ يَتَلَوَّمَ لَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ الْأَجَلِ، وَيَجْتَهِدَ الْإِمَامُ فِي أَمَدِ التَّلَوُّمِ فِيمَنْ يُرْجَى لَهُ لَا فِيمَنْ لَا يُرْجَى لَهُ. السَّبَبُ الثَّانِي: غَيْبَتُهُ وَقْتَ الْمَحِلِّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ عِنْدَ السُّلْطَانِ. ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ رُقَّ وَيَتَلَوَّمُ الْإِمَامُ لِمَنْ يَرْجُوهُ وَلَوْ غَابَ وَقْتَ الْمَحِلِّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَسَخَ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ، وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ إلَّا بِالْحُكْمِ فِيهَا وَالْقِطَاعَةُ كَذَلِكَ فِي التَّلَوُّمِ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّك إنْ عَجَزْت عَنْ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِك فَأَنْتَ رَقِيقٌ فَلَا يَكُونُ عَاجِزًا إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. (وَقَبَضَ) الْحَاكِمُ الْكِتَابَةَ (إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ وَيُعْتَقُ الْمُكَاتَبُ إنْ أَتَى بِالْكِتَابَةِ بَعْدَ حُلُولِهَا، بَلْ (وَإِنْ عَجَّلَهَا قَبْلَ مَحِلِّهَا) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ حُلُولِهَا فِيهَا إنْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَ مَا عَلَيْهِ، وَسَيِّدُهُ غَائِبٌ وَلَا وَكِيلَ لَهُ عَلَى قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ، وَيَخْرُجْ حُرًّا (وَفُسِخَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْكِتَابَةُ (إنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ غَيْرِ مَالٍ، بَلْ (وَإِنْ) مَاتَ (عَنْ مَالٍ) كَثِيرٍ يُوَفِّي بِالْكِتَابَةِ لِمَوْتِهِ قَبْلَ حُصُولِ حُرِّيَّتِهِ فَيَأْخُذُهُ السَّيِّدُ بِالرِّقِّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) كَوْنِ (وَلَدٍ) لِلْمُكَاتَبِ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ الْوَلَدِ (دَخَلَ) الْوَلَدُ أَوْ غَيْرُهُ (مَعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فِي الْكِتَابَةِ (بِشَرْطٍ) لِدُخُولِهِ مَعَهُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي وُلِدَ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ كِتَابَتِهِ، وَفِي غَيْرِهِ ظَاهِرٌ. (أَوْ) دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا بِ (غَيْرِهِ) أَيْ الشَّرْطِ فِي الْوَلَدِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أَمَةُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَهَا، وَفِي غَيْرِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ وَهُوَ مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ أَوْ حَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ (فَ) لَا تُفْسَخُ الْكِتَابَةُ بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَ (تُؤَدَّى) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ، أَيْ تُدْفَعُ الْكِتَابَةُ لِلسَّيِّدِ حَالَ كَوْنِهَا (حَالَّةً) مِنْ الْمَالِ الَّذِي مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْهُ (لِحُلُولِهَا) بِمَوْتِهِ وَيُعْتَقُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فِيهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 457 وَرِثَهُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ، مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً؛ وَقَوِيَ وَلَدُهُ   [منح الجليل] وَ) إنْ فَضَلَ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ عَنْهَا (وَرِثَهُ) أَيْ الْفَاضِلَ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ عَنْهَا (مَنْ) أَيْ لِلشَّخْصِ الَّذِي دَخَلَ (مَعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ فِي الْكِتَابَةِ بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِيهَا فَلَا يَرِثُهُ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا أَوْ فِي كِتَابَةٍ أُخْرَى وَلَدًا أَوْ غَيْرَهُ حَالَ كَوْنِ مَنْ مَعَهُ فِيهَا (مِمَّنْ يُعْتَقُ) عَلَى الْمُكَاتَبِ عَلَى فَرْضِ مِلْكِهِ، وَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ وَلَوْ خَلَفَ وَفَاءً. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا قَوْلُهَا إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ دَفْعِ كِتَابَتِهِ أَوْ أَمَرَ بِدَفْعِهَا فَلَمْ تَصِلْ لِسَيِّدِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ لَا وَلَدَ مَعَهَا، وَتَرَكَ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ فَهِيَ وَالْمَالُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ. ابْنُ الْحَاجِبِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَقُومَ بِهَا وَلَدٌ دَخَلَ مَعَهُ بِالشَّرْطِ أَوْ غَيْرِهِ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَيُؤَدِّيهَا حَالَّةً. ابْنُ عَرَفَةَ اقْتِصَارُهُ عَلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ بِخِلَافِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فَفِيهَا وَكَذَا إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَجْنَبِيًّا وَتَرَكَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَتَعَجَّلُهَا مِنْ مَالِهِ وَيُعْتَقُ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلَدٌ. الْجَلَّابُ: إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا قَدْ دَخَلُوا فِي الْكِتَابَةِ بِالْوِلَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ، فَإِنْ تَرَكَ مَالًا أَدَّى عَنْهُ بَاقِيَ الْكِتَابَةِ، وَكَانَ مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِيرَاثًا بَيْنَ وَلَدِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمِيرَاثُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ سَيِّدِهِ، وَلَا يَرِثُهُ وَالِدَاهُ الْعَبِيدُ، وَلَا الْأَحْرَارُ، وَلَا الْمُكَاتَبُونَ كِتَابَةً مُفْرَدَةً عَنْ كِتَابَتِهِ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ وَلَدُهُ الَّذِي مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ فَتُؤْخَذُ كِتَابَتُهُ حَالَّةً، وَلَيْسَ لِوَلَدِهِ تَأْخِيرُهَا إلَى نُجُومِهَا، وَفِيهَا إنَّمَا يَرِثُ الْمُكَاتَبَ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَالْأَبَوَانِ وَالْأَجْدَادُ وَالْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ عَمٍّ أَوْ ابْنِ عَمٍّ. مُحَمَّدٌ وَآخِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " تُعْتَقُ زَوْجَتُهُ فِيمَا تَرَكَ وَلَا تَرِثُهُ. ابْنُ زَرْقُونٍ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمْ إلَّا فِيمَنْ يُعْتَقُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. (وَإِنْ) مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَ (لَمْ يَتْرُكْ) الْمُكَاتَبُ (وَفَاءً) بِالْكِتَابَةِ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ مَا لَا وَفَاءَ فِيهِ بِهَا (وَقَوِيَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ، أَيْ قَدَرَ (وَلَدُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 458 عَلَى السَّعْيِ: سَعَوْا، وَتُرِكَ مَتْرُوكُهُ لِلْوَلَدِ، إنْ أَمِنَ: كَأُمِّ وَلَدِهِ   [منح الجليل] مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ (عَلَى السَّعْيِ) أَيْ الِاكْتِسَابِ (سَعَوْا) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ أَوْلَادُ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ، أَيْ اكْتَسَبُوا (وَتُرِكَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَتْرُوكُهُ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَفِ بِالْكِتَابَةِ (لِلْوَلَدِ) لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي مَعَهُ فِيهَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى السَّعْيِ (إنْ أُمِنَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ كَانَ وَلَدُهُ مَأْمُونًا عَلَى الْمَالِ لَا يُخْشَى مِنْهُ إتْلَافُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْوَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ أَوْ لَمْ يُؤْمَنْ فَلَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي مَاتَ عَنْهُ. الْجَلَّابُ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ كَانَ لَهُمْ أَخْذُ الْمَالِ وَالْقِيَامُ بِالْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِهَا. ابْنُ شَاسٍ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَقَوِيَ وَلَدُهُ عَلَى السَّعْيِ سَعَوْا وَأَدَّوْا بَاقِيَ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا اتَّجَرَ لَهُمْ فِيهِ وَأَدَّى عَلَى نُجُومِهِ إلَى بُلُوغِهِمْ، فَإِنْ قَدَرُوا عَلَى السَّعْيِ، وَإِلَّا رُقُّوا. وَفِيهَا لَيْسَ لِمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ وَلَدٍ أَخْذُ الْمَالِ إذَا كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفِ بِبَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ فَلِوَلَدِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَخْذُهُ إنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمَانَةٌ وَقُوَّةٌ عَلَى السِّعَايَةِ، وَيُؤَدُّونَ نُجُومًا. وَشَبَّهَ فِي تَرْكِ مَالِ الْمُكَاتَبِ بِشَرْطَيْهِ فَقَالَ (كَأُمِّ وَلَدٍ) لِلْمُكَاتَبِ وَمَعَهَا وَلَدُهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا الدَّاخِلِ فِي كِتَابَتِهِ وَلَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ الشَّرْطَانِ فَيُتْرَكُ لَهَا مَتْرُوكُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَا وَفَاءَ بِهِ إنْ قَوِيَتْ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَأُمِنَتْ، وَإِلَّا فَلَا يُتْرَكُ لَهَا فِيهَا. وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يَدَعْ مَالًا سَعَتْ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ سَعَتْ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَقْوَوْا وَقَوِيَتْ هِيَ وَكَانَتْ مَأْمُونَةً عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا وَلَدَ مَعَهَا، وَتَرَكَ مَا فِيهِ وَفَاءٌ بِكِتَابَتِهِ فَهِيَ، وَالْمَالُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ وَلَا تَسْعَى أُمُّ الْوَلَدِ لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَلَدًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا كَاتَبَ عَلَيْهِ أَوْ حَدَثَ فِي الْكِتَابَةِ، فَهَا هُنَا لَا تُرَدُّ أُمُّ وَلَدِهِ لِلرِّقِّ إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْوَلَدُ، وَلَا تَقْوَى عَلَى السَّعْيِ عَلَيْهِمْ، أَوْ يَمُوتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ اهـ شب أَوْ الْوَلَدُ هُنَا بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَيْ لِرِقِّيَّةِ حَمْلِهَا، وَهِيَ الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا مَالِكُهَا. (وَإِنْ) كَاتَبَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بِعَبْدٍ أَوْ عَرَضٍ مَوْصُوفٍ، وَدَفَعَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الْعَرَضَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 459 وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا، أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا: كَمُعَيَّنٍ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ   [منح الجليل] الْمَوْصُوفَ، وَعَتَقَ ثُمَّ (وُجِدَ) السَّيِّدُ (الْعِوَضَ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الصَّادِقَ بِالْعَرَضِ وَالْعَبْدِ حَالَ كَوْنِهِ (مَعِيبًا) فَلَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَيَتْبَعُ ذِمَّتَهُ بِهِ وَلَا يُنْقَضُ عِتْقُ الْعَبْدِ. ابْنُ شَاسٍ إذَا قَبَضَ الْعَبْدَ الْمَوْصُوفَ الَّذِي كَاتَبَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا بِمِثْلِهِ، وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ، وَلَوْ كَاتَبَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ، وَفِيهَا، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَعَتَقَ بِأَدَائِهِ ثُمَّ أَلْقَاهُ السَّيِّدُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَيُتْبِعُهُ بِمِثْلِهِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ. (أَوْ) كَاتَبَهُ بِشَيْءٍ مَوْصُوفٍ وَدَفَعَهُ لَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ (اُسْتُحِقَّ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَقَافٍ الْعِوَضُ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ حَالَ كَوْنِهِ (مَوْصُوفًا) حَالَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ عَلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ عَلَى الْعَبْدِ مُعَجَّلًا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِلَّا صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ يَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُنْقَضُ عِتْقُهُ، فَفِيهَا كِتَابُ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا دَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (فَمِثْلُهُ) أَيْ الْعِوَضِ الْمَعِيبِ عَقِبَ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَفِي قِيمَتِهِ عَقِبَ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ إذْ الْمَعْرُوفُ ضَمَانُهُ بِمِثْلِهِ لَا بِقِيمَتِهِ وَلِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْعِتْقِ وَمُطْلَقِ الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى أَوْ بِالْقِيمَةِ عَلَى الثَّانِيَةِ فَقَالَ (كَ) وُجُودِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا لِلْعِتْقِ عَلَيْهِ مُتَلَبِّسٍ (بِشُبْهَةٍ) فِي مِلْكٍ لِلْعَبْدِ قَاطَعَ بِهِ سَيِّدَهُ وَقَامَ سَيِّدُهُ بِحَقِّهِ فِي عَيْبِهِ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَا يُنْقَضُ عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ مُعَجَّلَةً إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) فَيُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ. " ق " وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا. فَمِثْلُهُ، وَاسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ إنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا اهـ مَا وَجَدْته مَعْزُوًّا لِنُسْخَةٍ مِنْ نُسَخِ خَلِيلٍ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 460 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْمُدَوَّنَةِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي مُكَاتَبٍ قَاطَعَ سَيِّدَهُ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ بِعَبْدِهِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَعُرِفَ مَسْرُوقًا فَلْيَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَادَ مُكَاتَبًا قَالَهُ ابْنُ نَافِعٍ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ وَيَتْبَعُ ذِمَّتَهُ، وَفِيهَا لَهُمَا عَنْهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ قَاطَعَهُ عَلَى وَدِيعَةٍ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فَاعْتُرِفَتْ رُدَّ عِتْقُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ غَرَّ سَيِّدَهُ بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رُدَّ عِتْقُهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ مَضَى عِتْقُهُ وَاتُّبِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ دَيْنًا، وَإِنْ كَانَ مَدِينًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ وَيَبْقَى لَا شَيْءَ لَهُ اهـ مَا فِي " ق " " غ " وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا كَمُعَيَّنٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ هَذِهِ مِنْ مُشْكِلَاتِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ، وَمَا زِلْت أَتَمَنَّى أَنْ أَقِفَ عَلَى شَرْحِ مِثْلِ هَذِهِ الْمُشْكِلَاتِ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ وَالشَّيْخِ الْبِسَاطِيِّ وَالشَّيْخِ حُلُولُو، وَلَمْ أَجِدْ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوحَاتِ لَمْ تَصِلْ لِهَذِهِ الْبِلَادِ إلَّا لِيَدِ مَنْ هُوَ بِهَا ضَنِينٌ، وَقَدْ كَتَبَ لِي بَعْضُ الثِّقَاتِ كَلَامَ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَلَيْهَا بِالنَّظَرِ إلَى تَمْشِيَةِ لَفْظِهَا دُونَ نُقُولِهَا، وَنَصُّهُ كَذَا وَجَدْت هَذَا الْكَلَامَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَ مَعْطُوفًا عَلَى إنْ فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ وَالْمَعْنَى أَنَّهَا تُفْسَخُ إنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ وَقَدْ كَاتَبَ عَلَيْهِ مَوْصُوفًا أَوْ اُسْتُحِقَّ وَقَدْ كَاتَبَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا، وَهَذَا مَعْنَى كَمُعَيَّنٍ وَفَسْخُهَا لِذَلِكَ ثَابِتٌ. وَإِنْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ هَذَا الْعِوَضَ بِشُبْهَةٍ وَأَحْرَى إذَا كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ بِأَنْ سَرَقَهُ أَوْ غَصَبَهُ وَلِهَذَا غَيَّا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ، وَالضَّمِيرُ لِلْمُكَاتَبِ لِئَلَّا يُقَالَ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِ بِشُبْهَةٍ فَهُوَ مَعْذُورٌ فَلَا تُفْسَخُ كِتَابَتُهُ وَيَعُودُ مُكَاتَبًا، وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مَعْنَاهُ عَلَى هَذَا إنْ فَسَخَهَا الْعَيْبُ الْعِوَضُ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَيَبْقَى مُكَاتَبًا وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ مَوْصُوفًا، وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ شَرْطٌ فِي فَسْخِهَا، ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الشَّرْحِ مُخَالِفٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 461 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لِلْمَذْهَبِ، فَإِنَّ النُّصُوصَ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُفْسَخُ لِعَيْبِ الْعِوَضِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ، وَيَعُودُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا، إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَمْضِي عِتْقُهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ، فَهِيَ لَا تُفْسَخُ عَلَى حَالٍ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُفْسَخُ الْعِتْقُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِدَفْعِ الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى قَوْلٍ، فَالْحُكْمُ عَكْسُ مَا ذَكَرَ، فَلَوْ قَالَ: لَا إنْ وَجَدَ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ كَانَ، وَجُعِلَتْ الْوَاوُ مَكَانَ لَا، ثُمَّ لَوْ كَانَتْ الْعِبَارَةُ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ لِقَوْلِهِ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَائِدَةٌ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَدَمُ فَسْخِهَا كَانَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ لَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا، وَإِصْلَاحُ عِبَارَتِهِ مَعَ اخْتِصَارِهَا إنْ قَصَدَ ذِكْرَ مَا لَا تُفْسَخُ مَعَهُ عَلَى عَادَتِهِ فِي مِثْلِهِ أَنْ يَقُولَ: لَا بِعَيْبِ عِوَضٍ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ. فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْته مِنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الْحُكْمِ لِلنُّصُوصِ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْفِقْهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَعْدَ تَعَيُّبِ الْعِوَضِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ تَبَيَّنَ عَجْزُهُ فَتُفْسَخُ كِتَابَتُهُ، وَرُبَّمَا يُسَاعِدُهُ مَا فِيهَا، قَالَ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إذَا أَدَّى كِتَابَتَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ السَّيِّدِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَرْجِعُ رِقًّا فَظَاهِرُ هَذَا فَسْخُهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَتَبَيُّنِ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ غَرَّهُ بِمَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ رُدَّ عِتْقُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى مَالَ الْغُرَمَاءِ، وَتُؤَوَّلُ النُّصُوصُ الَّتِي لَا تَقْتَضِي فَسْخَهَا مَعَ عَيْبِ الْعِوَضِ أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتُفْسَخُ لِعَجْزِهِ فَيُوَافِقُهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذَكَرَ ظَاهِرُ الْفِقْهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا مَالَ لَهُ عَجْزُهُ، بَلْ قَدْ يَكُونُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ قَادِرًا عَلَى السَّعْيِ، فَلَا تُفْسَخُ وَمَا ذَكَرْت مِنْ مُسَاوَاةِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ هُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ فَسَّرَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرْجِعُ رِقًّا بِرُجُوعِهِ مُكَاتَبًا، وَتَأْوِيلُ النُّصُوصِ بِمَنْ لَهُ مَالٌ مَرْدُودٌ بِنَصِّ ابْنِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ عَلَى عَوْدِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ عِوَضِهِ مُكَاتَبًا وَمَنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ، وَيَتْبَعُ بِمَا ذَكَرَ، وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ مَا شَرَحْنَاهُ. وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ وَإِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 462 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِشُبْهَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ دَيْنًا، وَهَذَا أَقْرَبُ لِلِاسْتِقَامَةِ وَمُوَافَقَةِ النَّقْلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُ فِي الْمَعِيبِ فَمِثْلُهُ الْمَوْصُوفُ. وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَالرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إنْ أَدَّى الْعِوَضَ الْمُكَاتَبَ بِهِ وَعَتَقَ فَأُلْفِيَ مَعِيبًا فَيَمْضِي عِتْقُهُ، وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْعِوَضِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْعِوَضِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ الْمُقَوَّمَاتِ؛ إذْ عِوَضُ الْكِتَابَةِ لَمَّا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ إذَا ظَهَرَ عَيْبُهُ رَجَعَ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ لِعَدَمِ تَعْيِينِهِ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْعِوَضَ الَّذِي كُوتِبَ بِهِ مَوْصُوفًا وَعَتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعِوَضُ فَيَمْضِي عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ أَدَائِهِ وَعَتَقَهُ فَيَمْضِي عِتْقُهُ، وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمُعَيَّنٍ أَيْ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْمُعَيَّنِ بِالْقِيمَةِ يَرْجِعُ فِي الْمَوْصُوفِ بِهَا فَقَاسَ الْمَوْصُوفَ عَلَى الْمُعَيَّنِ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ هُوَ شَرْطٌ فِي مُضِيِّ الْعِتْقِ وَالرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ وَالْمُعَيَّنِ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْمَعِيبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمُكَاتَبِ، وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ هَذَا الْعِوَضَ الْمُسْتَحَقَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ لِلْمُكَاتَبِ، فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَمْضِي وَيَعُودُ مُكَاتَبًا وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ عَنْهُ فِي الْقِطَاعَةِ، وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِطَاعَةِ وَالْكِتَابَةِ. وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ إلَخْ، أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي تَعَيَّنَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْمِثْلِ فِي الْمَعِيبِ وَبِالْقِيمَةِ فِي الْمُسْتَحَقِّ وَمَلَكَ الْعِوَضَ الْمُسْتَحَقَّ بِشُبْهَةٍ فَيَتْبَعُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَعُودُ مُكَاتَبًا لِتَمَامِ عِتْقِهِ، وَعُذْرِهِ بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ. وَأَمَّا مَنْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي الْعِوَضِ فَلَا يَمْضِي عِتْقُهُ وَيَعُودُ مُكَاتَبًا، هَذَا آخِرُ مَا نَقَلَ الثِّقَةُ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ نَقَلْته مَعَ طُولِهِ لِيَكُونَ عُرْضَةً لِلنَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ فِيهِ، مَعَ أَنِّي أَسْقَطْت شَيْئًا يَسِيرًا وَقَدْ كَانَتْ انْقَدَحَتْ لِي تَمْشِيَتُهُ لِلنُّسْخَةِ الْأُولَى قَبْلَ وُقُوفِي عَلَى كَلَامِهِ، لَكِنْ عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ وَفُسِخَتْ الْكِتَابَةُ إنْ مَاتَ وَفُسِخَتْ الْعَتَاقَةُ إنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 463 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الِاسْتِخْدَامِ وَذِهْنُ السَّامِعِ اللَّبِيبِ يُمَيِّزُهُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ مُخَالَفَتُهُ الْمَذْهَبَ، لَكِنْ عَرَضَ لِي قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يَرُدُّهُ فِي الْكِتَابَةِ، فَلَوْلَا أَنَّ الْمَوْصُوفَ مُسَاوٍ لِلْمُعَيَّنِ لَتَمَّتْ التَّمْشِيَةُ. وَأَمَّا النُّسْخَةُ الثَّانِيَةُ فَكَأَنَّهُ اسْتَنَدَ فِيهَا لِظَاهِرِ تَعْلِيلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الرُّجُوعَ بِالْمِثْلِ فِي الْمَعِيبِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْأَعْوَاضِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ إذَا اطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ يَقْضِي بِمِثْلِهَا، وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ إذَا قَاطَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ فَاسْتُحِقَّ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ وَهَذَا كَمَا تَرَى، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَاجَةٌ إلَى مَزِيدِ تَحْرِيرٍ. الْحَطّ قَوْلُ " غ " يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى وَفُسِخَتْ الْعَتَاقَةُ وَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ لَوْلَا مَا عَارَضَهُ مِنْ نَصِّ ابْنِ رُشْدٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا يُفْسَخُ الْعِتْقُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ إنْ بِشُبْهَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا. ابْنُ مَرْزُوقٍ وَهَذَا أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ وَمُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَوْصُوفِ الْمُسْتَحَقِّ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ. اهـ. وَقَبِلَهُ " غ " وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ لِنَصِّ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الرُّجُوعِ بِقِيمَتِهِ الَّذِي نَقَلَهُ " غ " وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ أَقْرَبُ إلَى الِاسْتِقَامَةِ وَمُوَافَقَةِ النَّقْلِ، فَلْنَشْرَحْهَا وَنُبَيِّنْ مُوَافَقَتَهَا لَهُ. فَقَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْعِوَضَ، أَيْ الْكِتَابَةَ أَوْ بَعْضَهَا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَالْعِوَضُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ إنْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ يُعَوَّضُ بِمِثْلِهِ، أَيْ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَلَوْ كَانَ عَدِيمًا، فَفِيهَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَعَتَقَ بِأَدَائِهِ ثُمَّ أَلْفَاهُ السَّيِّدُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَاتِّبَاعُهُ بِمِثْلِهِ إنْ قَدَرَ، وَإِلَّا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ. أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إنْ كَاتَبَهُ بِعَبْدٍ مَضْمُونٍ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 464 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَالْخُلْعِ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ، يَعْنِي بِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْ كِتَابَةِ عَبْدِهِ أَوْ قَطَاعَتِهِ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَنَقَلَهُ فِي ضَيْحٍ، وَكَانَ مَوْصُوفًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كَرُجُوعِهِ بِهَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ. وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ فَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ: وَلَا اخْتِلَافَ إذَا قَاطَعَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يَرُدُّهُ فِي الْكِتَابَةِ، وَقَوْلُهُ: إنْ بِشُبْهَةٍ شَرْطٌ فِي مُضِيِّ الْعِتْقِ وَالرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ وَالْمُعَيَّنِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَمْضِي وَيَعُودُ مُكَاتَبًا، فَفِي الْبَيَانِ أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهُ. وَأَمَّا إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مِلْكِهِ غَرَّبَهُ مَوْلَاهُ كَالْحُلِيِّ يَسْتَوْدِعُهُ وَالثِّيَابِ يَسْتَوْدِعُهَا فَلَا اخْتِلَاف أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَيَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ مَا قَاطَعَ بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي دَفَعَ الْمَعِيبَ أَوْ الْمُسْتَحَقَّ الَّذِي فِيهِ شُبْهَةٌ مَالٌ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا تَعُودُ مُكَاتَبَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إنْ غَرَّ سَيِّدَهُ بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رُدَّ عِتْقُهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ مَضَى عِتْقُهُ وَاتُّبِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ دَيْنًا. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ وَيَرْجِعُ مُكَاتَبًا. وَفِي الْبَيَانِ تَحَصَّلَ فِي الْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُ سَيِّدَهُ عَنْ كِتَابَتِهِ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُرْجَعُ فِي الْكِتَابَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى سَيِّدِهِ قِيمَةَ ذَلِكَ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْدِمًا وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا، وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مُعْدِمًا فِي ذِمَّتِهِ. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ عَنْ كِتَابَتِهِ أَوْ عَنْ قَطَاعَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا. صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ يَرْجِعُ فِي الْمَوْصُوفِ بِمِثْلِهِ، وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ أَمْ لَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ، خِلَافَ قَوْلِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 465 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ابْنِ رُشْدٍ إذَا كَاتَبَ بِمَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَى الْكِتَابَةِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْكِتَابَةِ بِلَا خِلَافٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ اتِّبَاعُهُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَعُودُ إلَى كِتَابَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: يَعُودُ إلَيْهَا، وَجَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (تَنْبِيهٌ) إنْ قِيلَ: لِمَ قَالُوا: إذَا اُسْتُحِقَّ مَا قَاطَعَ بِهِ الْمُكَاتَبُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَلَمْ يَقُولُوا: يَرْجِعُ بِالْكِتَابَةِ الَّتِي قَاطَعَ عَلَيْهَا كَمَا قَالُوا: مَنْ أَخَذَ عَنْ دَيْنِهِ عَرَضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِدَيْنِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ؛ لِأَنَّهَا تَارَةً تَتِمُّ، وَتَارَةً تَسْقُطُ فَأَشْبَهَتْ مَا لَا عِوَضَ لَهُ مَعْلُومٌ مِنْ نِكَاحٍ وَخُلْعٍ بِعَرَضٍ يَسْتَحِقُّ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ اهـ كَلَامُ الْحَطّ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ، اُنْظُرْ هَذَا الْحَصْرَ مَعَ أَنَّهَا تَكُونُ بِالْمُعَيَّنِ كَعَبْدِ فُلَانٍ وَالْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَوْ قَالَ لِوُقُوعِهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَمُعَيَّنٍ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورُ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ كَاتَبَهُ بِعَبْدٍ مَضْمُونٍ، وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ اهـ الْبُنَانِيُّ عَقْدُ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي ضَيْح وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا الْعِتْقُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَقِطَاعَةٌ لَا كِتَابَةٌ. الثَّانِي: طفي قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ جَرَى هُنَا وَالشَّارِحُ وتت خِلَافُ الْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْمَوْصُوفَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ التَّفْصِيلُ فِي الْمَعِيبِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَحَقِّ؛ وَلِذَا جَزَمَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 466 وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ؛ وَبِيعَتْ: كَأَنْ أَسْلَمَ،   [منح الجليل] ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالطِّخِّيخِيُّ وَجَدُّ عج بِالرُّجُوعِ فِي الْمَوْصُوفِ بِالْمِثْلِ مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا خِلَافًا لِلْحَطِّ فِي اعْتِمَادِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا: وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ. عج وَفِيهِ نَظَرٌ الْبُنَانِيُّ كَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَرَضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ وَعَتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا دَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ اهـ. وَالرَّدُّ بِهَذَا عَلَى ابْنِ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ أَقْوَى. الثَّالِثُ: طفي قَوْلُهُ إنْ بِشُبْهَةٍ شَرْطٌ فِي الْمُعَيَّنِ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، وَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ رُشْدٍ، وَنَصُّهُ إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ غَرَّبَهُ مَوْلَاهُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَيَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى هَذَا قَرَّرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَالْحَطّ فِي جَعْلِهِ شَرْطًا فِي الْمَوْصُوفِ وَالْمُعَيَّنِ وَزَعَمَ " ح " أَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ، وَلَمْ نَرَ هَذَا النَّقْلَ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ يُوَافِقُهُ، بَلْ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى وَدِيعَةٍ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فَاعْتُرِفَتْ رُدَّ عِتْقُهُ فَفَرْضُهَا فِي الْمُعَيَّنِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي تَوْضِيحِهِ، وَنَقَلَ قَيْدَهُ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَهُوَ مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي إدْخَالِهِ الْكَافَ. الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يُوَافِقُ مَا لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَنَصُّهَا وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَرَادَ غُرَمَاؤُهُ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ السَّيِّدِ مَا قَبَضَ مِنْهُ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَهُمْ أَخْذُهُ، وَيَرْجِعُ رَقِيقًا. ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ يُرِيدُ مُكَاتَبًا. (وَ) إنْ اشْتَرَى كَافِرٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا أَوْ أَسْلَمَ رَقِيقُهُ فَكَاتَبَهُ (مَضَتْ كِتَابَةُ) مَالِكٍ (كَافِرٍ لِ) مَمْلُوكٍ لَهُ (مُسْلِمٍ وَبِيعَتْ) الْكِتَابَةُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمَالَ الَّذِي كُوتِبَ بِهِ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِعَصَبَةِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَعُودُ لِلْكَافِرِ إنْ أَسْلَمَ، وَإِنْ عَجَزَ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ. وَشَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ وَالْبَيْعِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (أَسْلَمَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 467 وَبِيعَ مَعَهُ مَنْ فِي عَقْدِهِ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ، وَاسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا، أَوْ مَا يُولَدُ لَهَا، مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ الْكِتَابَةِ، أَوْ قَلِيلٍ: كَخِدْمَةٍ، إنْ وَفَّى لَغْوٌ   [منح الجليل] مُكَاتَبُ الْكَافِرِ فَتَمْضِي كِتَابَتُهُ اتِّفَاقًا، وَتُبَاعُ لِمُسْلِمٍ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ كِتَابَتِهِ فَفِيهَا تُبَاعُ كِتَابَتُهُ لِمُسْلِمٍ (وَ) إذَا كَانَ مَعَ الْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ رَقِيقٌ دَخَلَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ بِشَرْطٍ أَوْ بِدُونِهِ، وَبِيعَتْ كِتَابَةُ الْمُسْلِمِ (بِيعَ مَعَهُ) أَيْ بِيعَ كِتَابَتُهُ كِتَابَةَ (مَنْ) أَيْ رَقِيقٍ دَخَلَ مَعَهُ (فِي عَقْدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الْكِتَابَةَ. (وَ) إنْ وَجَبَ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَفَّارَةٌ لِحِنْثٍ فِي يَمِينٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَنَحْوِهَا أَوْ عَنْ ظِهَارٍ، أَوْ عَنْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ عَمْدًا أَوْ قَتْلِ خَطَأٍ أَوْ قَتْلِ صَيْدٍ، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ فِي الْحَرَمِ أَوْ عَنْ تَرَفُّهٍ أَوْ إزَالَةِ أَذًى، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ عَنْ نَحْوِ تَمَتُّعٍ (كَفَّرَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا (بِالصَّوْمِ) فَلَا يَعْتِقُ، وَلَا يَكْسُو وَلَا يُطْعِمُ وَلَا يُزَكِّي لِمَنْعِهِ مِنْ إخْرَاجِ مَالِهِ بِلَا عِوَضٍ مَالِيٍّ. ابْنُ شَاسٍ لَا يُكَفِّرُ إلَّا بِالصِّيَامِ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِهَا أَنَّهُ كَالْعَبْدِ. (وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ) الْأَمَةِ (الْمُكَاتَبَةِ) عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ مِنْ سَيِّدِهَا لَغْوٌ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا، وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ، وَكَذَا شَرْطُهُ إنْ شَرِبَ الْمُكَاتَبُ خَمْرًا عَادَ رَقِيقًا اهـ شب (وَاسْتِثْنَاءُ) أَيْ اشْتِرَاطُ عَدَمِ دُخُولِ (حَمْلِهَا) أَيْ الْأَمَةِ فِي عَقْدِ كِتَابَتِهَا لَغْوٌ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ اشْتَرَطَ أَنْ يُصِيبَ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ اسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا فَإِنَّ الْكِتَابَةَ مَاضِيَةٌ، وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ (أَوْ) اشْتِرَاطُ (مَا يُولَدُ لَهَا) أَيْ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ غَيْرِهِ يَكُونُ رِقًّا لَهُ لَغْوٌ (أَوْ) اشْتِرَاطُ (مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبِهِ مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بَعْدَ) عَقْدِ (الْكِتَابَةِ) يَكُونُ رِقًّا لَهُ لَغْوٌ (أَوْ) اشْتِرَاطُ (قَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ) مِنْ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ (إنْ وَفَّى) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا، أَيْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا كُوتِبَ بِهِ لِسَيِّدِهِ (لَغْوٌ) فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ. وَمَفْهُومُ قَلِيلٍ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً كَثِيرَةً بَعْد التَّوْفِيَةِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ. ابْنُ شَاسٍ تَسْرِي الْكِتَابَةُ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ إلَى وَلَدِهَا الَّذِي تَلِدُهُ بَعْدَهَا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًا، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 468 وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ، أَوْ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ، وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ: رُقَّ: كَالْقِنِّ،   [منح الجليل] وَكَذَا وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي حَدَثَ لِأَمَتِهِ بَعْدَ كِتَابَتِهِ. عَبْدُ الْحَقِّ إنْ شَرَطَ أَنَّ مَا تَلِدُهُ فِي كِتَابَتِهَا فَهُوَ عَبْدُهُ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْعِتْقُ نَافِذٌ إلَى أَجَلِهِ. فِيهَا كُلُّ خِدْمَةٍ اشْتَرَطَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَبَاطِلٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَهَا فِي الْكِتَابَةِ فَأَدَّى الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِهَا سَقَطَتْ. عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ إنَّمَا هَذَا فِي الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ لِأَنَّهَا تَبَعٌ، وَحَمَلَهَا غَيْرُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا قَلِيلَةً كَانَتْ أَوْ كَثِيرَةً، وَعَلَى مَا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَلِيلٍ لَطَابَقَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ. طفي فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَلِيلِ خِدْمَةٍ وَفِي بَعْضِهَا قَلِيلٍ لِخِدْمَةٍ بِاللَّامِ، وَكِلَاهُمَا وَاضِحٌ، وَفِي بَعْضِهَا قَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ بِالْكَافِ، وَلَا مَحَلَّ لَهَا هُنَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخِدْمَةِ فَقَطْ. (فَرْعٌ) لَوْ شَرَطَ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ إنْ شَرِبَ خَمْرًا عَادَ رَقِيقًا فَشَرِبَهَا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِلرِّقِّيَّةِ، قَالَهُ فِي النُّكَتِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ. (وَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ (عَنْ شَيْءٍ) مِمَّا كُوتِبَ عَلَيْهِ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَارَ رَقِيقًا خَالِصًا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (أَوْ) عَجَزَ الْمُكَاتَبُ (عَنْ) دَفْعِ (أَرْشَ جِنَايَةٍ) مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَيُرَقُّ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِيهِ أَوْ فِدَائِهِ بِهِ إنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ جِنَايَتُهُ (عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا، أَيْ صَارَ رَقِيقًا خَالِصًا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ (كَالْقِنِّ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ خَالِصِ الرِّقِّيَّةِ الَّذِي لَمْ يُكَاتَبْ فِي خُلُوصِ رِقِّيَّتِهِ مِنْ شَائِبَةِ حُرِّيَّتِهِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ عَلَى سَيِّدِهِ لَزِمَهُ الْأَرْشُ، فَإِنْ أَدَّاهُ بَقِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رُقَّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُخَاطَبُ بِأَدَاءِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، فَإِنْ أَدَّاهُ بَقِيَ مُكَاتَبًا كَانَ الْأَرْشُ لِسَيِّدِهِ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ رُقَّ لَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 469 وَأُدِّبَ: إنْ وَطِئَ بِلَا مَهْرٍ، وَعَلَيْهِ: نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ، وَإِنْ حَمَلَتْ: خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ، وَأُمُومَةِ الْوَلَدِ، إلَّا لِضُعَفَاءَ مَعَهَا، أَوْ أَقْوِيَاءَ: لَمْ يَرْضَوْا   [منح الجليل] وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ فِي إسْلَامِهِ فَيُرَقُّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ فَيُرَقُّ لَهُ، وَفِي جِنَايَتِهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ أَدَّى جَمِيعَ الْأَرْشِ حَالًّا، وَلَوْ جَاوَزَ قِيمَتَهُ فَهُوَ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَإِلَّا عَجَزَ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ رِقًّا وَفِدَائِهِ بِالْأَرْشِ، وَعَجْزُهُ عَنْ الْأَرْشِ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِهِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ، أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَأُدِّبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ (إنْ وَطِئَ) مُكَاتَبَتَهُ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ حُرْمَةَ وَطْئِهَا وَلَمْ يُحَدَّ لِلشُّبْهَةِ الَّتِي لَهُ فِيهَا (بِلَا مَهْرٍ) عَلَيْهِ لَهَا فِي وَطْئِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ نَقْصِهَا إنْ طَاوَعَتْهُ، وَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ (نَقْصُ) مُكَاتَبَتِهِ (الْمُكْرَهَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مِنْهُ عَلَى وَطْئِهَا. ابْنُ يُونُسَ إنْ كَانَتْ بِكْرًا. فِيهَا مَنْ كَاتَبَ أَمَةً فَلَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَعَنْهَا أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ، وَيُعَاقَبُ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ وَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَلَا مَا نَقَصَهَا إنْ طَاوَعَتْهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا، وَهِيَ فِي كِتَابَتِهَا إلَّا أَنْ تَحْمِلَ فَتُخَيَّرُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ تَمْضِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا، فَرَوَى سَحْنُونٌ نَفَقَتَهَا عَلَى سَيِّدِهَا مَا دَامَتْ حَامِلًا وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْسَنُ. (وَإِنْ حَمَلَتْ) الْمُكَاتَبَةُ مِنْ وَطْءِ سَيِّدِهَا (خُيِّرَتْ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً الْمُكَاتَبَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (فِي الْبَقَاءِ) عَلَى كِتَابَتِهَا، وَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً، فَإِنْ أَدَّتْ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا عَتَقَتْ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ أَدَائِهَا عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَنَفَقَتُهَا فِي زَمَنِ حَمْلِهَا عَلَى سَيِّدِهَا عَلَى الْأَرْجَحِ (وَ) فِي انْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى (أُمُومَةِ الْوَلَدِ) لِسَيِّدِهَا فَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَيَسِيرُ خِدْمَتِهَا إلَى مَوْتِهِ فَتُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِضُعَفَاءَ) عَنْ الْأَدَاءِ (مَعَهَا) أَيْ الْأَمَةِ فِي الْكِتَابَةِ (أَوْ أَقْوِيَاءَ) عَلَى الْأَدَاءِ (لَمْ يَرْضَوْا) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالضَّادِ بِانْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ فَلَا تُخَيَّرُ، وَيَلْزَمُهَا الْبَقَاءُ عَلَى الْكِتَابَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 470 وَحُطَّ حِصَّتُهَا، إنْ اخْتَارَتْ الْأُمُومَةَ، وَإِنْ قُتِلَ: فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ، وَهَلْ قِنًّا؛ أَوْ مُكَاتَبًا، تَأْوِيلَانِ   [منح الجليل] ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ كَانَ مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهَا فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى هِيَ وَهُمْ بِإِسْلَامِهَا لِلسَّيِّدِ وَيَحُطُّ عَنْهُمْ حِصَّتَهَا مِنْ الْكِتَابَةِ فَتَصِيرُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ. سَحْنُونٌ هَذَا إنْ كَانَ مَنْ مَعَهَا فِي الْكِتَابَةِ مِمَّنْ يَجُوزُ رِضَاهُ وَلَا يُخْشَى عَجْزُهُمْ بِإِسْلَامِهَا. (وَ) إنْ كَانَ مَعَهَا أَقْوِيَاءُ رَضَوْا بِانْتِقَالِهَا لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ وَانْتَقَلَتْ لَهَا (حُطَّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَيْنِ مُثَقَّلًا، أَيْ أَسْقَطَ عَنْهُمْ (حِصَّتَهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ الْمُكَاتَبِ بِهِ بِقِسْمَتِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَاهُمْ عَلَى السَّعْيِ (وَإِنْ قُتِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَدَائِهِ خَطَأً مُطْلَقًا أَوْ عَمْدًا مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ (فَالْقِيمَةُ) الَّتِي يَغْرَمُهَا قَاتِلُهُ (لِلسَّيِّدِ) لِلْمُكَاتَبِ لَا لِوَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ دِرْهَمًا. (وَهَلْ) يُقَوَّمُ حَالَ كَوْنِهِ (قِنًّا) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ، أَيْ رِقًّا خَالِصًا مِنْ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ بِمَوْتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ (أَوْ) يُقَوَّمُ حَالَ كَوْنِهِ (مُكَاتَبًا) وَهُوَ مَذْهَبُهَا عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) وَرِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَوْ أَنَّ مُكَاتَبًا أَدَّى كُلَّ كِتَابَتِهِ إلَّا دِرْهَمًا، وَآخَرَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا وَقَتَلَهُمَا رَجُلٌ، وَقُوَّتُهُمَا عَلَى الْأَدَاءِ سَوَاءٌ، وَقِيمَةُ رِقَابِهِمَا سَوَاءٌ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا أَدَّى مِنْ الْكِتَابَةِ وَقِيمَتُهُمَا عَلَى قَاتِلِهِمَا سَوَاءٌ. اللَّخْمِيُّ إنْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ قُوِّمَ عَبْدًا لَا كِتَابَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْعِتْقِ سَقَطَ حُكْمُهُ بِالْقَتْلِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَذَكَرَ قَوْلَهُ الْمُتَقَدِّمَ، وَزَادَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَكْثَرَ فَلَهُ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَيْعِ كِتَابَتِهِ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ: عَلَى قَاتِلِ الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ. ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ بَقِيَّةَ كَذَا، وَكَذَا عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى تَكَسُّبِ الْمَالِ دُونَ اعْتِبَارِ مَالِهِ لِبَقَائِهِ لِسَيِّدِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ: إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 471 وَإِنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ: صَحَّ؛ وَعَتَقَ إنْ عَجَزَ وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ،   [منح الجليل] يَغْرَمُ قِيمَتَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُنْظَرُ إلَى مَا أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ وَلَا إلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا، فَيُقَالُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: كَمْ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَقُوَّتُهُ عَلَى أَدَاءِ كِتَابَتِهِ كَذَا وَكَذَا، وَيُسْكَتُ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَعَنْ مَالِهِ أَيْضًا، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ بِمَالِهِ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ. قُلْت: فَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ فِيهِ قِيمَتَهُ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا مُعْتَبَرًا فِيهِ قُوَّتُهُ عَلَى الْأَدَاءِ وَقَدْرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ. ثَالِثُهَا: هَذَا مَعَ لَغْوِ اعْتِبَارِ مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَرَابِعُهَا الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا. (وَإِنْ اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (مَنْ) أَيْ رَقِيقًا (يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ (صَحَّ) شِرَاؤُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ عَنْهُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا وَأَوْلَى بَعْدَ أَدَائِهِ وَعِتْقِهِ (وَعَتَقَ) الرَّقِيقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ (إنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ وَرُقَّ لِسَيِّدِهِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ، فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ إلَى السَّيِّدِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ لِانْفِسَاخِ كِتَابَتِهِ وَعَوْدِهِ، وَمَالُهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ فَقَدْ مَلَكَ سَيِّدُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِي إحْرَازِ الْمُكَاتَبِ مَالَهُ إنْ كَانَ شِرَاؤُهُ إيَّاهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْأَظْهَرُ إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ عِتْقُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِمُكَاتَبِهِ، وَلَا أَعْرِفُ نَصَّ الْمَسْأَلَةِ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ بِوَجْهٍ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهَا الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ بِلَفْظِ ابْنِ شَاسٍ. الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ عَزْوِ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ لِلْمَوَّازِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. (وَ) إنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ وَأَنْكَرَهَا سَيِّدُهُ فَ (الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي) نَفْيِ (الْكِتَابَةِ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهَا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْكِتَابَةِ (وَ) ادَّعَى الرَّقِيقُ الْأَدَاءَ، وَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ فَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ (الْأَدَاءِ) إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي أَصْلِ الْكِتَابَةِ أَوْ الْأَدَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ. قُلْت بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى لِعُرُوضِ تَكْرِيرِهَا، وَيَحْلِفُ فِي الثَّانِيَةِ. شب إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي عَقْدِهَا تَصْدِيقَهُ فِي نَفْيِهِ بِلَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 472 لَا الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْأَجَلِ   [منح الجليل] يَمِينٍ، وَإِلَّا فَيُوَفِّي لَهُ بِهِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فِي قَدْرٍ لِمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ أَوْ فِي قَدْرِ أَجَلِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ (فَ) لَا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي (الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ) ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهَا فَفِي كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَبْدِ أَوْ السَّيِّدِ قَوْلَانِ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَوْتٌ أَوْ لَا لِأَنَّهَا مُتَنَازَعٌ فِي ثُبُوتِهَا. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْكِتَابَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْكِتَابَةُ فَوْتٌ يَتَحَالَفَانِ وَعَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ عَيْنًا، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَنَكَلَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْحَالِفِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ، وَقَدْرُهُمَا سَوَاءٌ اشْتَرَى بِمَا قَالَهُ الْعَبْدُ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا، وَالْآخَرُ عُرُوضًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ قَدْرًا لَا يُشْبِهُ. وَفِيهَا إنْ اتَّفَقَا فِي الْقَدْرِ وَاخْتَلَفَا فِي كَثْرَةِ النُّجُومِ صُدِّقَ الْعَبْدُ مَا لَمْ يَأْتِ فِي كَثْرَتِهَا بِمَا لَمْ يُشْبِهْ، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي التَّأْجِيلِ، وَاخْتَلَفَا فِي حُلُولِهِ صُدِّقَ الْعَبْدُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الْقِطَاعَةِ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً فَقَالَ أَصْبَغُ: صُدِّقَ السَّيِّدُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْقِطَاعَةُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَا يُسَاوِي الْكِتَابَةَ، أَوْ أَكْثَرَ صُدِّقَ الْعَبْدُ فِي فَسْخِهَا عَلَى قَدْرِهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ الْأَجَلِ أَوْ دُونِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ إنْ كَانَ عَجَّلَ عِتْقَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَرَجَعَا لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ مَا تَقَاطَعَا عَلَيْهِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ تَحَالَفَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَجَّلَ عِتْقَهُ، فَإِنْ عَجَّلَهُ صُدِّقَ الْعَبْدُ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: اخْتِلَافُ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ فِي الْأَجَلِ تَارَةً يَكُونُ فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ، وَتَارَةً فِي قَدْرِهِ، وَتَارَةً فِي حُلُولِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ إنَّهَا مُنَجَّمَةٌ مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ كَثْرَةِ النُّجُومِ مَا لَا يُشْبِهُ. وَأَمَّا الثَّانِي فَفِيهَا إنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ نَجَّمْت بِعَشَرَةِ أَنْجُمٍ، وَقَالَ السَّيِّدُ: بِخَمْسَةٍ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَفِيهَا إنْ قَالَ السَّيِّدُ: قَدْ حَلَّ نَجْمٌ، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَمْ يَحِلَّ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ أَفَادَهُ طفي، وَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ عَرَفَةَ. الثَّانِي: طفي وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ كَقَوْلِ أَحَدِهِمَا بِثِيَابٍ وَالْآخَرِ بِخِلَافِهَا فَأَجْرَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 473 وَإِنْ أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا الصَّدَقَةَ: رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ، وَعَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ، إنْ عَجَزَ، وَإِلَّا فَلَا؛   [منح الجليل] اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْكِتَابَةُ فَوْتٌ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيُرَدُّ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْحَالِفِ، وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ عَرَضًا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَزَادَ عَنْهُ إنْ قَالَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ وَالْآخَرُ دَرَاهِمَ وَقَدْرُهُمَا سَوَاءٌ فَلَا تَحَالُفَ وَيَشْتَرِي مَا قَالَهُ السَّيِّدُ بِمَا قَالَهُ الْعَبْدُ. الثَّالِثُ: طفي سَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهَا، وَعَزْوِهِمَا قَبُولَ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَقَبُولَ قَوْلِ السَّيِّدِ لِأَشْهَبَ فِي الثَّلَاثِ، وَقَدْ نَازَعَ فِي تَوْضِيحِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْجِنْسِ قَائِلًا: لَمْ أَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمَ وَكَلَامَ الْمَازِرِيِّ الْبُنَانِيُّ لَا دَرَكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَوَّى بَيْنَ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْأَجَلِ فِي عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ السَّيِّدِ، فَقَوْلُ طفي سَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِقَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ فِي الثَّلَاثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ أَعَانَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ (جَمَاعَةٌ) أَوْ وَاحِدٌ بِمَالٍ فَأَدَّاهَا، وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا) أَيْ الْمُعِينُونَ (الصَّدَقَةَ) بِالْمَالِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِأَنْ قَصَدُوا فَكَّهُ مِنْ الرِّقِّ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا (رَجَعُوا) أَيْ الْمُعِينُونَ إنْ شَاءُوا (بِالْفَضْلَةِ) وَتَحَاصُّوا فِيهَا (وَ) رَجَعُوا عَلَى (السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ) مِنْ أَمْوَالِهِمْ (إنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ دَفْعِ أَمْوَالِهِمْ لِلسَّيِّدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ قَصَدُوا الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمَا أَعَانُوهُ بِهِ (فَلَا) رُجُوعَ لَهُمْ بِالْفَضْلَةِ، وَلَا بِمَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ إنْ عَجَزَ. فِيهَا، وَالْمُكَاتَبُ إنْ أَعَانَهُ قَوْمٌ فِي كِتَابَتِهِ بِمَالٍ فَأَدَّاهَا مِنْهُ، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَإِنْ أَعَانُوهُ بِمَعْنَى الْفِكَاكِ لِرَقَبَتِهِ لَا صَدَقَةً عَلَيْهِ فَلْيَرُدَّ إلَيْهِمْ الْفَضْلَةَ بِالْحِصَصِ أَوْ يُحَلِّلُوهُ مِنْهَا، وَإِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 474 وَإِنْ أَوْصَى بِمُكَاتَبَتِهِ: فَكِتَابَةُ الْمِثْلِ، إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ: جَازَتْ، وَإِلَّا فَعَلَى الْوَارِثِ الْإِجَازَةُ، أَوْ عِتْقُ مَحْمِلِ الثُّلُثِ   [منح الجليل] عَجَزَ فَكُلُّ مَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنْهُ قَبْلَ عَجْزِهِ حَلَّ لَهُ كَانَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ أَوْ صَدَقَةً عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ أُعِينَ فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ فَلَمْ يَفِ ذَلِكَ بِكِتَابَتِهِ فَلِكُلِّ مَنْ أَعَانَهُ الرُّجُوعُ بِمَا أَعْطَى إلَّا أَنْ يُحَلَّلَ الْمُكَاتَبُ مِنْهُ فَيَكُونَ لَهُ، وَلَوْ أَعَانُوهُ بِصَدَقَةٍ لَا عَلَى الْفِكَاكِ فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ إنْ عَجَزَ اهـ. الْوَانُّوغِيُّ ظَاهِرُهَا يَسِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَثِيرَةً وَقُيِّدَتْ بِالْكَثِيرَةِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ وَالْقَذْفِ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْقِرَاضِ. اهـ. يَعْنِي فَضْلَ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ لِلْحَاجَةِ، وَفَضْلَةَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكِسْوَتِهَا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَفَضْلَةَ مُؤْنَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ، وَفَضْلَةَ الْحَدِّ الَّذِي قَذَفَ فِي أَثْنَائِهِ. الْجُزُولِيُّ كُلُّ مَنْ دُفِعَ إلَيْهِ مَالٌ لِأَمْرٍ مَا كَعِلْمٍ وَصَلَاحٍ وَفَقْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ قَبُولِهِ، وَإِنْ قَبِلَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ فَقَدْ أَكَلَ حَرَامًا. (وَإِنْ أَوْصَى) السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ (بِكِتَابَةٍ فَ) يُكَاتَبُ (كِتَابَةَ الْمِثْلِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ لِلْمُكَاتَبِ فِي الْقُوَّةِ عَلَى الْأَدَاءِ (إنْ حَمَلَهَا) أَيْ رَقَبَةَ الْمُكَاتَبِ (الثُّلُثُ) لِمَالِ السَّيِّدِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ مُكَاتَبَتِهِ وَتَنْجِيزِ عِتْقِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْهُ. فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ جَازَ وَكُوتِبَ مُكَاتَبَةَ مِثْلِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ وَأَدَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ مُكَاتَبَتِهِ وَعِتْقِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ بَتْلًا. (وَإِنْ أَوْصَى) السَّيِّدُ (لَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (بِنَجْمٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، أَيْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ مُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْآخِرِ (فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ) لِمَالِ السَّيِّدِ (قِيمَتَهُ) أَيْ النَّجْمِ الْمُوصَى بِهِ (جَازَتْ) أَيْ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَتَقَتْ مِنْهُ بِقَدْرِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ النَّجْمِ (فَعَلَى الْوَارِثِ) لِلْمُوصِي (الْإِجَازَةُ) بِالزَّايِ أَيْ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ (أَوْ عِتْقُ مَحْمِلِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ، أَيْ مَحْمُولِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 475 وَإِنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمُكَاتَبِهِ، أَوْ بِمَا عَلَيْهِ، أَوْ بِعِتْقِهِ: جَازَتْ، إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ كِتَابَتِهِ، أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَأَنْتَ حُرٌّ، عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا   [منح الجليل] الثُّلُثِ) مِنْ الْمُكَاتَبِ بَتْلًا، وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ لَا مِنْ النَّجْمِ الْمُوصَى بِهِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ حَالَتْ عَنْ وَجْهِهَا لَمَّا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ، فَإِنْ أَدَّى الْبَاقِيَ تَمَّ عِتْقُهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رُقَّ بَاقِيهِ. فِيهَا مَنْ وَهَبَ لِمُكَاتَبِهِ نَجْمًا بِعَيْنِهِ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ وَسَطِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قُوِّمَ ذَلِكَ النَّجْمُ وَسَائِرُ النُّجُومِ بِالنَّقْدِ بِقَدْرِ آجَالِهَا فَبِقَدْرِ حِصَّةِ النَّجْمِ مِنْهَا يُعْتَقُ الْآنَ مِنْ رَقَبَتِهِ، وَيُوضَعُ عَنْهُ النَّجْمُ بِعَيْنِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إجَازَةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ بَتْلِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ حَالَتْ عَنْ وَجْهِهَا لَمَّا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ. (وَإِنْ أَوْصَى) السَّيِّدُ (لِرَجُلٍ) مَثَلًا (بِمُكَاتَبِهِ) بِأَنْ قَالَ: أَعْطُوا زَيْدًا فُلَانًا الْمُكَاتَبَ (أَوْ أَوْصَى) السَّيِّدُ (لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (بِمَا عَلَيْهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ، وَهُوَ الْمَالُ الْمُكَاتَبُ بِهِ (أَوْ أَوْصَى) السَّيِّدُ (بِعِتْقِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (جَازَتْ) أَيْ مَضَتْ وَصِيَّتُهُ (إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ (قِيمَةَ كِتَابَتِهِ) أَيْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ عَلَى آجَالِهِ (أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ) أَيْ الْعَبْدِ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (مُكَاتَبٌ) بِاعْتِبَارِ خَرَاجِهِ وَأَدَائِهِ فَيُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ فِي الْأُولَيَيْنِ النُّجُومَ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لَهُ، وَفِي الْأَخِيرَةِ تُحَطُّ النُّجُومُ عَنْهُ وَيُعْتَقُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ رُقَّ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ الرَّقَبَةِ بِقَدْرِ مَحْمِلِ الثُّلُثِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَأَعْتَقَ مِنْهَا بِقَدْرِهِ فِي الْأَخِيرَةِ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَوْصَى بِالنُّجُومِ جَازَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ تَعْجِيزُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ لِرَجُلٍ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ دَخَلَ فِي الثُّلُثِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ أَوْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ. (وَ) إنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ (أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا) وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ (أَوْ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 476 أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ: لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ وَخَيَّرَ الْعَبْدَ فِي الِالْتِزَامِ وَالرَّدِّ، فِي: أَنْتَ حُرٌّ، عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ، أَوْ إنْ أَعْطَيْت، أَوْ نَحْوِهِ.   [منح الجليل] قَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ (وَعَلَيْك أَلْفٌ لَزِمَ الْعِتْقُ) السَّيِّدَ (وَ) لَزِمَ (الْمَالُ) الْعَبْدَ مُعَجَّلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُوسِرًا، وَإِلَّا كَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَهِيَ قِطَاعَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا. فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ بَتْلًا وَعَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ إلَى أَجَلِ كَذَا، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: هُوَ حُرٌّ السَّاعَةَ بِالْمِائَةِ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ حُرٌّ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ. عِيَاضٌ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك مِائَةٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ رَاضٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إلْزَامُ السَّيِّدِ الْعِتْقَ مُعَجَّلًا وَإِلْزَامُ الْعَبْدِ الْمَالَ مُعَجَّلًا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَدَيْنًا إنْ كَانَ مُعْسِرًا. الثَّانِي مَشْهُورُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلْزَامُ السَّيِّدِ الْعِتْقَ وَلَا مَالَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ، ثُمَّ قَالَ عِيَاضٌ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " بِإِلْزَامِهِمَا الْعِتْقَ وَالْمَالَ كَمَا فِي الْأُولَى ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ. (وَخُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلًا (الْعَبْدُ فِي الِالْتِزَامِ) لِلْمَالِ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَائِهِ (وَالرَّدِّ) لِقَوْلِ سَيِّدِهِ لَهُ (أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ) إلَيَّ أَلْفًا مَثَلًا (أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ (تُؤَدِّيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلًا إلَيَّ مِائَةً (أَوْ) أَنْتَ حُرٌّ (إنْ أَعْطَيْتَ) ني أَلْفًا (أَوْ) قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ (نَحْوَهُ) أَيْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ كَمَتَى جِئْت بِكَذَا. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِأَدَائِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْعَبْدِ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَيَبْقَى رِقًّا ذَكَرَ السَّيِّدُ أَجَلًا لِلْمَالِ أَمْ لَا. عِيَاضٌ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَوْ أَعْطَيْتنِي أَوْ جِئْتنِي أَوْ إذَا أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَاهُ وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَهُ، وَلَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَيَبْقَى رِقًّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَ. الْحَطّ إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ عَلَى أَنَّ عَلَيْك كَذَا أَوْ عَلَيْك كَذَا الَّذِي يَلْزَمُ بِهِ الْعِتْقُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 477 بَابٌ) إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ:   [منح الجليل] وَالْمَالُ، وَبَيْنَ أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت وَنَحْوَهَا الَّتِي لَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ إلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ وَدَفْعِهِ مَا الْتَزَمَهُ. قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الصِّيَغِ الْأُولَى أَلْزَمَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِيهِ خِيَارًا، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الْعِتْقِ بِمَالٍ وَعَلَى التَّزْوِيجِ، وَفِي الصِّيَغِ الثَّانِيَةِ جَعَلَ الدَّفْعَ إلَيْهِ فَجَعَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ أَخْيَارًا وَنَظَرًا لِصَرْفِهِ الْعَمَلَ إلَيْهِ أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَمِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ لِلرَّجْرَاجِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابٌ أَحْكَام أُمّ الْوَلَد] (بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ الْحُرَّةُ حَمْلُهَا مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا عَلَيْهِ جَبْرًا فَتَخْرُجُ الْمُسْتَحَقَّةُ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ، وَتَدْخُلُ الْمُسْتَحَقَّةُ حَامِلًا مِنْ مَالِكِهَا عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهَا بَدَلَهَا، وَتَخْرُجُ أَمَةُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ سَيِّدُهُ حَمْلَهَا مِنْهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَبْرٍ، وَفِي كَوْنِ الْمُعْتَقِ وَلَدُهَا عَلَى وَاطِئِهَا بِمِلْكِهِ لَهَا بَعْدَ وَضْعِهِ كَعِتْقِ وَاطِئِهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ قَبْلَ وَضْعِهَا أُمَّ وَلَدٍ. ثَالِثُهَا فِي الْمُكَاتَبِ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَالْأَوَّلَانِ لِمَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". (إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ) لِأَمَتِهِ هَذَا شَرْطٌ، وَجَوَابُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: عَتَقَتْ الْأَمَةُ إلَخْ (وَ) إنْ ادَّعَتْ الْأَمَةُ، الْحَامِلُ أَوْ الَّتِي وَلَدَتْ وَلَدًا وَنَسَبَتْهُ لِسَيِّدِهَا عَلَى سَيِّدِهَا أَنَّهُ وَطِئَهَا وَأَنْكَرَهُ فَ (لَا يَمِينَ) عَلَيْهِ لِرَدِّ دَعْوَاهَا (إنْ أَنْكَرَ) السَّيِّدُ وَطْأَهَا لِأَنَّهَا مِنْ دَعْوَى الْعِتْقِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا. ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِثُبُوتِ إقْرَارِ السَّيِّدِ بِالْوَطْءِ وَثُبُوتِ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ عَلَقَةٍ فَمَا فَوْقَهَا مِمَّا يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: إنَّهُ حَمْلٌ، وَلَوْ ادَّعَتْ سِقْطًا مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَى النِّسَاءُ أَثَرَهُ اُعْتُبِرَ اللَّخْمِيُّ إنْ ادَّعَتْ وَطْأَهَا، وَأَكْذَبَهَا صُدِّقَ. مُحَمَّدٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ رَائِعَةً. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 478 كَأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ وَنَفَاهُ، وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِلَّا لَحِقَ بِهِ، وَلَوْ أَتَتْ لِأَكْثَرِهِ، إنْ ثَبَتَ إلْقَاءُ عَلَقَةٍ فَفَوْقُ، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ:   [منح الجليل] وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الْيَمِينِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرٌ مَقْرُونٌ بِكَافٍ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ (اسْتَبْرَأَ) السَّيِّدُ أَمَتَهُ مِنْ وَطْئِهِ (بِحَيْضَةٍ) وَوَلَدَتْ بَعْدَهُ (وَنَفَاهُ) أَيْ السَّيِّدُ وَلَدَهَا عَنْ نَفْسِهِ مُعْتَمِدًا فِي نَفْيِهِ عَلَى اسْتِبْرَائِهَا وَعَدَمِ وَطْئِهَا بَعْدَهُ (وَوَلَدَتْ) الْأَمَةُ (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) بَعْدَ اسْتِبْرَائِهِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ (لَحِقَ) وَلَدُهَا بِهِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُعْتَادَةِ كَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ، بَلْ (وَلَوْ) وَلَدَتْهُ (لِأَكْثَرِهِ) أَيْ أَطْوَلِ مُدَّتِهِ، أَيْ الْحَمْلِ وَهِيَ خَمْسُ سِنِينَ. فِيهَا مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ بَعْدَهُ وَنَفَى مَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ صُدِّقَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الِاسْتِبْرَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَرَادَ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ، وَقَالَتْ: وَلَدْتُهُ مِنْ وَطْئِهِ صُدِّقَتْ وَلَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ وَلَوْ لِأَقْصَى مَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةٍ، وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ لَهَا لَمْ تَلِدِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً، وَقَالَتْ بَلْ وَلَدْته صُدِّقَتْ وَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِهِ وَ (إنْ ثَبَتَ إلْقَاؤُهَا) أَيْ وِلَادَةِ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا، وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَثَبَتَ إلْقَاؤُهَا (عَلَقَةً) أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا لَا يَذُوبُ بِصَبِّ الْمَاءِ الْحَارِّ عَلَيْهِ (فَفَوْقُ) بِالضَّمِّ عِنْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ، أَيْ أَوْ إلْقَاءُ أَعْظَمِ مِنْ الْعَلَقَةِ كَمُضْغَةٍ وَمُصَوَّرٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِعَدْلَيْنِ بِأَنْ كَانَا مَعَهَا فِي مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُ خُرُوجُهَا مِنْهُ كَسَفِينَةٍ وَخِزَانَةِ بَيْتٍ فَأَصَابَهَا الطَّلْقُ وَاسْتَهَلَّ الْوَلَدُ صَارِخًا، وَسَمِعَا صُرَاخَهُ وَطَلْقَهَا، بَلْ (وَلَوْ) ثَبَتَ إلْقَاؤُهُ (بِامْرَأَتَيْنِ) . الْخَرَشِيُّ إنْ أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا كَفَى إتْيَانُهَا بِوَلَدٍ قَائِلَةً هُوَ مِنْك وَلَوْ مَيِّتًا أَوْ عَلَقَةً، وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ وِلَادَتُهَا إيَّاهُ، وَإِنْ عُدِمَ الْوَلَدُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ وِلَادَتِهَا، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 479 كَادِّعَائِهَا سِقْطًا رَأَيْنَ أَثَرَهُ: عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ،   [منح الجليل] بِوَطْئِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ وِلَادَتِهَا أَوْ أَثَرِهَا، وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ إنْ عُدِمَ الْوَلَدُ، وَإِلَّا فَلَا تَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا. الْعَدَوِيُّ حَاصِلُهُ إنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أَنْكَرَهُ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ، فَإِنْ وُجِدَ الْوَلَدُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ وِلَادَتِهِ، وَإِنْ عُدِمَ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ. الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وضيح أَنَّ وُجُودَ الْوَلَدِ مَعَهَا كَافٍ مَعَ إقْرَارِهِ بِوَطْئِهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ أَوْ أُثْبِتَ عَلَيْهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ، فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي قَذْفِهَا مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ لَمْ تَلِدِيهِ وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً، وَقَالَتْ وَلَدْته مِنْك صُدِّقَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ. وَفِي ضَيْح اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ، أَيْ مَعَ إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى وِلَادَتِهَا إيَّاهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنْ صَدَّقَهَا جِيرَانُهَا وَمَنْ حَضَرَهَا. وَشَبَّهَ فِي الِاعْتِبَارِ وَبِنَاءِ الْجَوَابِ الْآتِي فَقَالَ (كَادِّعَائِهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا أَنَّهَا أَسْقَطَتْ مِنْ حَمْلِهَا مِنْ وَطْئِهِ (سِقْطًا) عَلَقَةً أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا وَ (رَأَيْنَ) أَيْ النِّسَاءُ (أَثَرَهُ) أَيْ الْإِسْقَاطِ بِقُبُلِهَا مِنْ تَشَقُّقِهِ وَسَيَلَانِ دَمِهِ فَتُصَدَّقُ وَتَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ. فِيهَا إنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَ سَيِّدُهَا كَوْنَهَا وَلَدَتْهُ فَقَالَ: لَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْجِيرَانِ السِّقْطُ وَالْوِلَادَةُ، وَأَنَّهَا لِوُجُوهٍ يُصَدَّقُ النِّسَاءُ فِيهَا، وَهُوَ الشَّأْنُ، وَجَوَابُ إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ إلَخْ (عَتَقَتْ الْأَمَةُ) إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ لَمْ يَتْرُكْ سِوَاهَا. ابْنُ رُشْدٍ إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا، أَوْ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى رَقَبَتِهَا أَوْ خِدْمَتِهَا وَإِسْلَامِهَا فِي جِنَايَتِهَا وَعِتْقِهَا فِي الْوَاجِبِ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ بِالْوَطْءِ فَمَا دُونَهُ حَيَاتَهُ، وَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. عِيَاضٌ لِأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْحَرَائِرِ فِي سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ لَا خِلَافَ أَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يُرْهَنَّ، وَلَا يُوهَبْنَ، وَلَا يُؤَاجَرْنَ، وَلَا يُسْلَمْنَ فِي جِنَايَةٍ، وَلَا يُسْتَسْعَيْنَ. وَحُكْمُ الْعَبِيدِ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: انْتِزَاعُ مَالِهِنَّ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ، وَإِجْبَارُهُنَّ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ، وَاسْتِخْدَامُهُنَّ فِيمَا خَفَّ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ، وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهِنَّ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 480 وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَرُدُّهُ دَيْنٌ سَبَقَ: كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا، لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ؛   [منح الجليل] (وَ) إنْ مَاتَ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (وَلَدُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ أَنَّهُ حُرٌّ، وَأَمَّا وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ فِي الْعِتْقِ بَعْدَ وَفَاةِ السَّيِّدِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَيُخَالِفُهَا فِي الِاسْتِخْدَامِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالْوَطْءِ فَلَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَمُؤَاجَرَتُهُ، وَلَا يَطَؤُهَا إنْ كَانَتْ بِنْتًا لِأَنَّهَا كَالرَّبِيبَةِ. (وَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ (دَيْنٌ) عَلَى سَيِّدِهَا (سَبَقَ) الدَّيْنُ وِلَادَتَهَا مِنْ سَيِّدِهَا. الْجَلَّابُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ فَوَطِئَ أَمَتَهُ فَحَمَلَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ. وَشَبَّهَ بِشَرْطَيْ الْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ وَثُبُوتِ إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ فِي تَرَتُّبِ أُمُومَةِ الْوَلَدِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ (كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ حَالَ كَوْنِهَا (حَامِلًا) مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِوِلَادَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِيمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا، وَهِيَ حَامِلٌ مِنْهُ قَالَ مَرَّةً تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِعِتْقِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (لَا) تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ (بِوَلَدٍ) مِنْ زَوْجِهَا (سَبَقَ) الْوَلَدُ شِرَاءَ زَوْجِهَا إيَّاهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِمَا وَلَدَتْ قَبْلَ الشِّرَاءِ إلَّا أَنْ يَبْتَاعَهَا حَامِلًا فَتَكُونَ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَوْ كَانَتْ لِأَبِيهِ فَابْتَاعَهَا حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِعِتْقِهِ عَلَى جَدِّهِ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ شِرَاؤُهَا مِنْ وَالِدِهِ لِعِتْقِ جَنِينِهَا عَلَى جَدِّهِ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَاسْتِثْنَاءُ جَنِينِهَا. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً وَاشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ أَيْضًا: لَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لِمَسِّهِ الرِّقَّ فِي بَطْنِهَا. وَقَالَهُ أَشْهَبُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ فَمَاتَ الْأَبُ فَوَرِثَهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا أَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 481 أَوْ وَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، إلَّا أَمَةَ مُكَاتَبِهِ أَوْ وَلَدَهُ وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ،   [منح الجليل] فَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ أَطَأْهَا بَعْدَ مَوْتِ أَبِي فَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَكَذَا لَوْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ وَقَالَ: مَا وَطِئَهَا إلَّا مُنْذُ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَلَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. مُحَمَّدٌ مَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ عِتْقِ سَيِّدِهَا مَا فِي بَطْنِهَا جَازَ شِرَاؤُهُ، وَتَكُونُ بِمَا تَضَعُ أُمَّ وَلَدٍ؛ إذْ لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ إلَّا بِوَضْعِهِ؛ وَلِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فَلَسِهِ وَيَبِيعُهَا وَرَثَتُهُ قَبْلَ وَضْعِهِ إنْ شَاءُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا. (أَوْ وَلَدٍ) حَمَلَتْ بِهِ (مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) بِأَنْ غَلِطَ فِيهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَامِلًا فَلَا تَكُونُ بِوِلَادَتِهِ أُمَّ وَلَدٍ. " غ " لَعَلَّهُ يَعْنِي كَوَطْءِ الْغَلَطِ وَالْإِكْرَاهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ نَكَحَ أَمَةً أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةِ نِكَاحٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لِتَقَدُّمِهَا فِي قَوْلِهِ لَا بِوَلَدٍ سَبَقَ، مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَهُ يَأْبَاهُ. الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ أَوْ حَمْلٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَصِيرُ الْأَمَةُ بِحَمْلِهَا بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ. (إلَّا) إذَا وَطِئَ السَّيِّدُ (أَمَةَ مُكَاتَبِهِ) فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِوَضْعِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِمُكَاتَبِهِ يَوْمَ حَمْلِهَا، وَلَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ (أَوْ) وَطِئَ الْأَبُ أَمَةَ (وَلَدِهِ) فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَتَصِيرُ بِوَضْعِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لِوَلَدِهِ يَوْمَ وَطِئَهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. فِيهَا مَنْ وَطِئَ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِهِ، وَكَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يُحَدُّ؛ إذْ لَا يَجْتَمِعُ حَدٌّ وَلُحُوقُ نَسَبٍ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِلْوَلَدِ، وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَقُوِّمَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْوَطْءِ، وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ. (وَ) إنْ وَطِئَ أَمَتَهُ وَعَزَلَ عَنْهَا وَحَمَلَتْ فَ (لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ الْحَمْلَ عَنْ سَيِّدِهَا (عَزْلٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ، أَيْ نَزْعُ ذَكَرِهِ مِنْ قُبُلِهَا حَالَ إنْزَالِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 482 أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ، أَوْ فَخِذَيْنِ، إنْ أَنْزَلَ وَجَازَ إجَارَتُهَا بِرِضَاهَا وَعِتْقٌ عَلَى مَالِ وَلَهُ قَلِيلُ خِدْمَةٍ   [منح الجليل] يَسْبِقُهُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ مِنْ اللَّخْمِيِّ وَسَمَاعِ مُوسَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَطِئَ أَمَتَهُ فَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَدُهَا، وَإِنْ أَنْزَلَ وَعَزَلَ الْمَاءَ عَنْهَا، وَأَنْزَلَهُ خَارِجَهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَبَقَهُ شَيْءٌ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ الْوَلَدُ. (أَوْ وَطْءٍ) لِلْأَمَةِ (بِدُبُرٍ) فَلَا يَنْدَفِعُ الْوَلَدُ بِهِ عَنْ سَيِّدِهَا لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِ الْمَنِيِّ لِقُبُلِهَا (أَوْ) وَطْءٍ بَيْنَ (فَخِذَيْنِ) مِنْ الْأَمَةِ لَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْوَلَدُ (إنْ أَنْزَلَ) السَّيِّدُ حَالَ وَطْئِهَا بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ إلَى قُبُلِهَا. اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ وَطِئْتهَا وَلَمْ أُنْزِلْ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْزَلْتُ أُلْحِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَزْلُ الْبَيِّنُ، فَقَدْ يَكُونُ الْإِنْزَالُ بِحَرَكَةٍ فِي الْفَرْجِ خَارِجًا، وَإِنْ كَانَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ أَوْ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ، قِيلَ: يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ وَطِئَ فِي مَوْضِعٍ إنْ نَزَلَ مِنْهُ وَصَلَ لِلْفَرْجِ لَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ، وَقِيلَ: لَا يَلْحَقُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا بَاشَرَهُ الْهَوَاءُ فَسَدَ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَإِنْ كَانَ الْإِنْزَالُ بَيْنَ شَفْرَيْ الْفَرْجِ لَحِقَ قَوْلًا وَاحِدًا. (وَجَازَ) لِسَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ (بِرِضَاهَا إجَارَتَهَا) لِلْعَمَلِ، وَمَفْهُومُ بِرِضَاهَا أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَجَّرَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا فَإِنَّهَا تَفْسَخُ مَا لَمْ تُتِمَّ الْعَمَلَ، فَإِنْ أَتَمَّتْهُ مَضَتْ، وَلَا يَرْجِعُ مُسْتَأْجِرُهَا عَلَى سَيِّدِهَا بِشَيْءٍ، أَفَادَهُ الْجَلَّابُ. اللَّخْمِيُّ لَوْ أَجَّرَهَا السَّيِّدُ وَفَاتَتْ فَلَا تُرَدُّ، وَالْأُجْرَةُ لِلسَّيِّدِ. (وَ) جَازَ لِسَيِّدِ أُمِّ وَلَدِهِ (عِتْقٌ) لَهَا (عَلَى مَالٍ) مُعَجَّلٍ مِنْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَوْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهَا بِرِضَاهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فِيهَا لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ أُمَّ وَلَدِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلُهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَاتَبَهَا فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِالْأَدَاءِ فَتُعْتَقَ، وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا أَدَّتْ إذَا كَانَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا مَا لَمْ يَمْرَضْ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: وَلَهُ أَنْ يَتَعَجَّلَ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ عَلَى دَيْنٍ يَبْقَى عَلَيْهَا بِرِضَاهَا، وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَاهَا. (وَلَهُ) أَيْ سَيِّدِ أُمِّ وَلَدِهِ (قَلِيلُ خِدْمَةٍ) مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ دُونَ خِدْمَةِ الْقِنِّ، وَفَوْقَ خِدْمَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 483 وَكَثِيرُهَا فِي وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا وَانْتِزَاعُ مَالِهَا، مَا لَمْ يَمْرَضْ وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا،   [منح الجليل] الزَّوْجَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَيْسَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا خِدْمَةٌ وَلَا اسْتِسْعَاءٌ وَلَا غَلَّةٌ إنَّمَا لَهُ فِيهَا الْمُتْعَةُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْنِتَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْخِدْمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ دَنِيَّةً، وَتُبْتَذَلُ الدَّنِيَّةُ فِي الْحَوَائِجِ الْخَفِيفَةِ بِمَا لَا تُبْتَذَلُ فِيهِ الرَّفِيعَةُ. وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: لَهُ اسْتِخْدَامُهَا فِيمَا يَقْرُبُ، وَلَا يَشُقُّ (وَ) لَهُ (كَثِيرُهَا) أَيْ الْخِدْمَةِ (فِي وَلَدِهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ السَّيِّدِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا. فِيهَا، وَلَهُ خِدْمَةُ وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَيُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. عَبْدُ الْوَهَّابِ لَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَحُكْمُهُمْ حُكْمُهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (وَ) لَهُ (أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ الرَّاجِعِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ لِسَيِّدِهَا. (وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ) قَبْلَ قَبْضِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّ وَلَدٍ (فَ) الْأَرْشُ (لِوَارِثِهِ) أَيْ السَّيِّدِ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ مَاتَ سَيِّدُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ الْأَرْشَ فَفِي كَوْنِهِ لِوَرَثَتِهِ أَوْلَهَا أَوَّلُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَثَانِيهِمَا رَوَاهُمَا عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَ: الْأَوَّلُ الْقِيَاسُ، وَلَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا مَا رَجَعَ إلَيْهِ وَاتَّبَعْنَاهُ وَإِنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا قَبْلَ أَخْذِهِ أَرْشَهَا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: هُوَ لَهَا، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَقَالَ أَشْهَبُ: هُوَ لِلسَّيِّدِ. (وَ) لَهُ (الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ (وَ) لَهُ (انْتِزَاعُ مَالِهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ (مَا لَمْ يَمْرَضْ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا، فَإِنْ مَرِضَ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ انْتِزَاعٌ لِوَارِثِهِ. الْجَلَّابُ وَإِذَا عَتَقَتْ أُمُّ الْوَلَدِ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا تَبِعَهَا مَالُهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُوصِيَ الرَّجُلُ لِأُمِّ وَلَدِهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَزِعَ مَالَ أُمِّ وَلَدِهِ فِي حَيَاتِهِ مَا لَمْ يَمْرَضْ مَرَضًا مَخُوفًا. (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (تَزْوِيجُهَا) أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِغَيْرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 484 وَإِنْ بِرِضَاهَا؛ وَمُصِيبَتُهَا إنْ بِيعَتْ مِنْ بَائِعِهَا، وَرُدَّ عِتْقُهَا   [منح الجليل] رِضَاهَا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِرِضَاهَا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ لِمُنَافَاتِهِ الْغَيْرَةَ. الْجَلَّابُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجْبِرَ أُمَّ وَلَدِهِ عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ كُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا، وَعَلَى هَذَا فَالْوَاوُ لِلْحَالِ. شب الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بِرِضَاهَا، فَلَوْ قَالَ: وَكُرِهَ تَزْوِيجُهَا بِرِضَاهَا لَطَابَقَ الْمُعْتَمَدَ مَعَ الِاخْتِصَارِ كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَفِي الْحَاشِيَةِ قَوْلُهُ: وَإِنْ بِرِضَاهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَكَلَامِ الْجَلَّابِ لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (وَ) إنْ بِيعَتْ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ جَنَتْ أَوْ عَمِيَتْ مَثَلًا فَ (مُصِيبَتُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ (إنْ بِيعَتْ) أَيْ ضَمَانُهَا (مِنْ بَائِعِهَا) فَإِنْ كَانَ قَبَضَ ثَمَنَهَا فَيَرُدُّهُ لِمُشْتَرِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ سَقَطَ عَنْ مُشْتَرِيهَا (وَ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهَا (رُدَّ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ مُثَقَّلًا، أَيْ نَقَضَ (عِتْقُهَا) وَتُرَدُّ لِبَائِعِهَا وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْدِمًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَتَعُودُ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَوْلَدَهَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ، وَلَا قِيمَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ زَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ رُدَّتْ مَعَ وَلَدِهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَنَفَقَتُهَا لَغْوٌ عَلَى الْأَظْهَرِ كَخِدْمَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ مَنْعُ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَحَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ إجْمَاعًا، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ ثُبُوتَهُ، وَكَذَا بَيْعُهَا حَامِلًا مِنْ سَيِّدِهَا، حَكَى الْبَرَاذِعِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِهِ وَقَدَحَ فِيهِ بَعْضُ التُّونُسِيِّينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْحَامِلِ، وَاسْتِثْنَاءَ جَنِينِهَا. ثُمَّ قَالَ: وَفِيهَا إنْ بِيعَتْ نُقِضَ بَيْعُهَا، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ، وَعَادَتْ أُمَّ وَلَدٍ، فَإِنْ مَاتَتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَيَرُدُّ ثَمَنَهَا. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِلْمُبْتَاعِ مَوْضِعًا فَعَلَى الْبَائِعِ طَلَبُهُ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ ثَمَنَهُ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ بَقِيَتْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوْ بَقِيَ، وَيَتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا. اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ حَيْثُ هُوَ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ أَوْلَدَهَا الْمُشْتَرِي عَالِمًا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ غَرِمَ مَعَ رَدِّهَا قِيمَةَ وَلَدِهَا، وَاخْتُلِفَ إنْ غَرَّهُ وَكَتَمَهُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ، فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ، وَقَالَ مُطَرِّفٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا نُقِضَ بَيْعُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى بَائِعِهَا مِمَّا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مُشْتَرِيهَا، وَلَا لَهُ مِنْ قِيمَةِ خِدْمَتِهَا شَيْءٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 485 وَفُدِيَتْ، إنْ جَنَتْ بِأَقَلِّ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالْأَرْشِ وَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: وَلَدَتْ مِنِّي، وَلَا وَلَدَ لَهَا: صُدِّقَ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ   [منح الجليل] وَقَالَ سَحْنُونٌ: يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ أَرَادَ وَيَرْجِعُ هُوَ بِالْخِدْمَةِ، وَإِذَا نُقِضَ بَيْعُهَا اُسْتُحْفِظَ مِنْهُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَعُودَ لِبَيْعِهَا، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ سَفَرِهِ بِهَا، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا، وَتَعَذَّرَ التَّحَفُّظُ أُعْتِقَتْ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ جَنَتْ أُمُّ الْوَلَدِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى عُضْوٍ جِنَايَةً لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا أَوْ عَلَى مَالٍ (فُدِيَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهَا فِدَاؤُهَا (إنْ جَنَتْ) وَتُفْدَى (بِ) الـ (أَقَلِّ) مِنْ (الْقِيمَةِ) لَهَا وَحْدَهَا مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ الْحُكْمِ) بِوُجُوبِ فِدَائِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (وَ) مِنْ (الْأَرْشِ) لِجِنَايَتِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي جِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يَلْزَمَ السَّيِّدَ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَمَةً يَوْمَ الْحُكْمِ. أَشْهَبُ خَالَفَنِي ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُغِيرَةُ فَقَالَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ فَرَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَتَمَادَى الْمُغِيرَةُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ مَالِهَا وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَفِيهَا تُقَوَّمُ بِغَيْرِ مَالِهَا أَمَةً. وَقِيلَ بِمَالِهَا وَلَا يُقَوَّمُ وَلَدُهَا مَعَهَا وَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ جِنَايَتِهَا. (وَإِنْ قَالَ) السَّيِّدُ (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مِنْهُ (وَلَدَتْ) أَمَتِي فُلَانَةُ (مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ مَوْجُودٌ (صُدِّقَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ فِي قَوْلِهِ: وَلَدَتْ مِنِّي وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إذَا مَاتَ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ السَّيِّدَ (وَلَدٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، وَأَوْلَى إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَلَا يُصَدَّقُ. فِيهَا مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذِهِ وَلَدَتْ مِنِّي فَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ صُدِّقَ. سَحْنُونٌ وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 486 وَإِنْ أَقَرَّ مَرِيضٌ بِإِيلَادٍ أَوْ بِعِتْقٍ فِي صِحَّتِهِ: لَمْ تُعْتَقْ مِنْ ثُلُثٍ؛ وَلَا مِنْ رَأْسِ مَالٍ   [منح الجليل] وَإِنْ أَقَرَّ) سَيِّدٌ (مَرِيضٌ) مَرَضًا مَخُوفًا، وَصِلَةُ أَقَرَّ (بِإِيلَادٍ) مِنْهُ لِأَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ) أَقَرَّ مَرِيضٌ بِ (عِتْقٍ) لَهَا (فِي) حَالِ (صِحَّتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ السَّابِقَةِ عَلَى مَرَضِهِ، وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تُعْتَقْ) الْأَمَةُ الَّتِي أَقَرَّ بِإِيلَادِهَا أَوْ إعْتَاقِهَا (مِنْ ثُلُثٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْوَصِيَّةَ بِإِعْتَاقِهَا (وَلَا) مِنْ (رَأْسِ مَالٍ) لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الثُّلُثِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يَقُمْ الْمُقِرُّ لَهُ حَتَّى مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَّا الْعِتْقَ وَالْكَفَالَةَ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَبَتَ فِي الصِّحَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ فِي مَرَضِهِ: كُنْت أَعْتَقْتُ عَبْدِي هَذَا فَقِيلَ: لَا يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَلَا مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: أَمْضُوا عِتْقَهُ فَيُعْتَقُ فِي الثُّلُثِ. الثَّانِي إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ، وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ، وَلَا وَلَدَ مَعَهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَالثَّالِثُ: إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ عَرَفَةَ: يَرُدُّ تَخْرِيجَهُ، وَقَوْلُهُ لَا فَرْقَ بِأَنَّ الْعِتْقَ شَأْنُهُ الْمُفَارَقَةُ عِنْدَ انْبِتَاتِهِ لِظُهُورِهِ بِخِلَافِ الْإِيلَادِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 487 وَإِنْ وَطِئَ شَرِيكٌ فَحَمَلَتْ: غَرِمَ نَصِيبَ الْآخَرِ، فَإِنْ أَعْسَرَ، خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْوَطْءِ، أَوْ بَيْعِهَا لِذَلِكَ، وَتَبِعَهُ بِمَا بَقِيَ، وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ   [منح الجليل] وَإِنْ وَطِئَ شَرِيكٌ) أَمَةً مُشْتَرَكَةً (فَحَمَلَتْ) الْأَمَةُ مِنْ وَطْئِهِ قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَ (غَرِمَ) الْوَاطِئُ (نَصِيبَ) شَرِيكِهِ (الْآخَرِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ حَمْلِهَا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِأَنَّهُ أَفَاتَهَا عَلَيْهِ (فَإِنْ أَعْسَرَ) الْوَاطِئُ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا شَرِيكُهُ (فِي) تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَ (اتِّبَاعِهِ) أَيْ الْوَاطِئِ (بِ) نَصِيبِهِ مِنْ (الْقِيمَةِ) مُعْتَبَرَةً (يَوْمَ الْوَطْءِ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ بَيْعِ) نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْ (هَا) أَيْ الْأَمَةِ (لِذَلِكَ) أَيْ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ يَزِيدُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا فَلَا يُبَاعُ مِنْهَا إلَّا مَا يَفِي ثَمَنُهُ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا، وَيَبْقَى بَاقِيهِ بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ لِلْوَاطِئِ. (وَ) إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُ نَصِيبِ غَيْرِ الْوَاطِئِ بِنَصِيبِهِ مِنْ قِيمَتِهَا (اتَّبَعَهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَاطِئِ الْوَاطِئَ (بِمَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ نَصِيبِهِ مَنْ قِيمَتِهَا (وَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ) وَلَا يُبَاعُ لِأَنَّهُ حُرٌّ، سَوَاءٌ تَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ أَوْ اتَّبَعَهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِيعَ لَهُ قَالَهُ طفي، لَا حَقَّ بِالْوَاطِئِ لِلشُّبْهَةِ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ يُخَيَّرُ غَيْرُ الْوَاطِئِ بَيْنَ تَقْوِيمِهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَإِبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ. وَقِيلَ: يُجْبَرَانِ عَلَى تَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ لِتَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ. ابْنُ شَاسٍ إنْ وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ فَحَمَلَتْ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا قُوِّمَتْ عَلَيْهِ وَاتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ شَرِيكُهُ أَوْ بِيعَ ذَلِكَ النِّصْفُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَيَتْبَعُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: طفي فَإِنْ أَعْسَرَ خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِهِ إلَخْ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَفِيهِ نَقْصٌ؛ إذْ الْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِي الْمُعْسِرِ تَخْيِيرُ شَرِيكِهِ فِي إبْقَائِهَا لِلشَّرِكَةِ وَتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَارَ تَقْوِيمَهَا خُيِّرَ فِي اتِّبَاعِ الْوَاطِئِ بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا، وَفِي بَيْعِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 488 وَإِنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرٍ، فَالْقَافَةُ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، أَوْ عَبْدًا،   [منح الجليل] حِصَّتِهِ فِيمَا لَهُ مِنْ قِيمَتِهَا، فَإِنْ نَقَصَ اُتُّبِعَ الْوَاطِئُ بِالْبَاقِي. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى تَخْيِيرِ شَرِيكِهِ فِي تَمَاسُكِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْأَمَةِ مَعَ اتِّبَاعِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ. وَفِي تَقْوِيمِ نِصْفِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَيُبَاعُ لَهُ نِصْفُهَا فَقَطْ فِيمَا لَزِمَهُ، وَلِذَا قَالَ " ح " تَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّصْرِيحَ بِالتَّخْيِيرِ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ مَا يَتَفَرَّعُ عَلَى أَحَدِ شِقَّيْهِ الَّذِي هُوَ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ، وَأَمَّا الشِّقُّ الْآخَرُ الَّذِي هُوَ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا لِمَا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ كَابْنِ الْحَاجِبِ اغْتَنَيَا عَنْ التَّمَاسُكِ لِفَهْمِهِ مِنْ بَيْعِ نِصْفِهَا؛ إذْ الْبَيْعُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ فَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ لَا أَنَّهُ بِحُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الْيَسَارِ، وَيُبَاعُ نِصْفُهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا فَقَطْ لَا فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَلَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ. وَإِذَا تَمَاسَكَ بِالنِّصْفِ أَوْ بِيعَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُعْتَقُ عَلَى الْوَاطِئِ النِّصْفُ الَّذِي بَقِيَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهُ فِيهِ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا أَنَّ نَصِيبَ الْوَاطِئِ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَيُوقَفُ لَعَلَّهُ يَمْلِكُ بَاقِيَهَا فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ وَهَذَا أَصْوَبُ. الثَّانِي عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَقْتَضِي أَنَّ لَلشَّرِيكِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِهِ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَوَّلًا: هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْوَاطِئِ، وَيُتْبَعُ بِالْقِيمَةِ دَيْنًا كَالْمُوسِرِ. وَقِيلَ: الشَّرِيكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِهِ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهُ، وَقَدْ اعْتَمَدَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْقَوْلَ وَتَبِعَهُ عج وَقَرَّرَ بِهِ " ز " وَاعْتَمَدَهُ طفي، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي ضَيْح، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ وَطِئَاهَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ أَمَتَهُمَا حُرَّيْنِ كَانَا أَوْ رِقَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (بِطُهْرٍ) وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِمَا وَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (فَالْقَافَةُ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِالشَّبَهِ تَنْظُرُهُ وَالشَّرِيكَيْنِ لِتُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا إنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، بَلْ (وَلَوْ كَانَ) أَحَدُهُمَا (عَبْدًا) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 489 فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا. فَمُسْلِمٌ، وَوَالَى، إذَا بَلَغَ أَحَدُهُمَا كَأَنْ لَمْ تُوجَدْ،   [منح الجليل] وَالْآخَرُ حُرًّا (أَوْ ذِمِّيًّا) وَالْآخَرُ مُسْلِمًا، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِأَحَدِهِمَا لَحِقَ بِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (فَإِنْ أَشْرَكَتْهُمَا) أَيْ الْقَافَةُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْوَلَدِ بِأَنْ قَالَ الْقَائِفُ: هُوَ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ مَعًا (فَ) الْوَلَدُ (مُسْلِمٌ) أَيْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ (وَوَالَى) أَيْ تَبِعَ الْوَلَدُ (إذَا بَلَغَ) الْحُلُمَ (أَحَدَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ: حَدُّ الْمُوَالَاةِ إثْغَارُهُ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ وَالَى الذِّمِّيَّ وَاخْتَلَفَ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ قَبْلَ مُوَالَاتِهِ أَحَدُهُمَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعِيسَى وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ مَعًا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وُقِفَ لَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ إلَى بُلُوغِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ حُرَّيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عَبْدٌ أَوْ ذِمِّيٌّ وَالْآخَرُ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَوَطِئَاهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ نُسِبَ إلَيْهِ. الصِّقِلِّيُّ أَرَادَ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي. عِيَاضٌ الْقَافَةُ جَمْعُ قَائِفٍ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ الشَّبَهَ، وَهُوَ عِلْمٌ صَحِيحٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - تَبْرُقُ أَسَارِيرُ جَبْهَتِهِ فَقَالَ: أَلَمْ تَرَى أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ نَظَرَ إلَى أَقْدَامِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ وَهُمَا تَحْتَ قَطِيفَةٍ فَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» . وَشَبَّهَ فِي مُوَالَاتِهِ أَحَدَهُمَا إذَا بَلَغَ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ صِلَتُهُ (لَمْ تُوجَدْ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ قَافَةٌ فَيُوَالِي أَحَدَهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْقَافَةُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِهَا تُرِكَ الْوَلَدُ إلَى بُلُوغِهِ فَيُوَالِي مَنْ شَاءَ كَمَا لَوْ قَالَ الْقَافَةُ: اشْتَرَكَا فِيهِ أَوْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَالَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَبْقَى مَوْقُوفًا حَتَّى تُوجَدَ الْقَافَةُ سَحْنُونٌ إنْ قَالَتْ الْقَافَةُ: لَيْسَ مِنْهُمَا دُعِيَ لَهُ آخَرُونَ كَذَا أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْقَافَةَ إنَّمَا دُعِيَتْ لِتُلْحِقَ لَا لِتَنْفِيَ، وَفِيهَا إنْ أَشْرَكُوهُمَا فِيهِ وَالَى إذَا كَبِرَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 490 وَوَرِثَاهُ، إنْ مَاتَ أَوَّلًا   [منح الجليل] أَيَّهُمَا شَاءَ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (وَوَرِثَاهُ) أَيْ الشَّرِيكَانِ الْوَلَدَ (إنْ مَاتَ) الْوَلَدُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ وَمُنَوَّنًا أَيْ قَبْلَ مُوَالَاةِ أَحَدِهِمَا مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ، وَإِنْ مَاتَا أَوَّلًا فَلَا يَرِثُهُمَا. وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ يُوقَفُ لَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ وَيُوَالِيَ مَنْ يَشَاءُ مِنْهُمَا فَيَأْخُذَ مِيرَاثُهُ مِنْهُ، وَيُنْسَبَ إلَيْهِ، وَيَرُدَّ مَا وَقَفَ لَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْآخَرِ إلَى وَرَثَتِهِ. وَمَفْهُومُ بِطُهْرٍ أَنَّهُمَا إنْ وَطِئَاهَا بِطُهْرَيْنِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهُوَ لِلثَّانِي إنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ يَوْمَ الْحَمْلِ كَيْف شَاءَ شَرِيكُهُ، وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ وَلَا قِيمَةَ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا اُتُّبِعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا وَنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَبِيعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 491 وَحَرُمَتْ عَلَى مُرْتَدٍّ أُمُّ وَلَدِهِ حَتَّى يُسْلِمَ، وَوُقِفَتْ، كَمُدَبَّرِهِ، إنْ فَرَّ لِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا وَعَتَقَتْ: إنْ أَدَّتْ.   [منح الجليل] عَلَيْهِ نِصْفُهَا فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ كَفَافًا لِنِصْفِ قِيمَتِهَا اتَّبَعَهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ اتَّبَعَهُ بِمَا نَقَصَ مَعَ نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَهُوَ حُرٌّ لَاحِقُ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَحَرُمَتْ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ (عَلَى) رَجُلٍ (مُرْتَدٍّ) عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ (أُمُّ وَلَدِهِ) مَا دَامَ عَلَى رِدَّتِهِ (حَتَّى يُسْلِمَ) فَتَزُولَ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ، وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَرَقِيقِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِهِ بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ كَمَا تَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِهَا. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا كَنَصْرَانِيٍّ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، وَالْفَرْقُ عَلَى مَذْهَبِهَا أَنَّ سَبَبَ إبَاحَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْمِلْكُ وَهُوَ بَاقٍ وَالزَّوْجَةُ الْعِصْمَةُ، وَقَدْ زَالَتْ بِكُفْرِهِ وَإِنْ ارْتَدَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ حَرُمَتْ عَلَى سَيِّدِهَا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ حَلَّتْ لَهُ، وَإِذَا قُتِلَ لِلرِّدَّةِ عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. (وَوُقِفَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أُمُّ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ، وَشَبَّهَ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ (كَمُدَبَّرِهِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ (إنْ فَرَّ) بِالْفَتْحِ مُثَقَّلًا أَيْ هَرَبَ الْمُرْتَدُّ (لِدَارِ) الْكُفَّارِ أَهْلِ (الْحَرْبِ) لِلْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ يَأْتِيَ مُسْلِمًا فَيَعُودَانِ إلَيْهِ كَمَا كَانَا، أَوْ يَمُوتَ فَتُعْتَقَ أُمُّ وَلَدِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَمُدَبَّرُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُعْلَمُ مَوْتُهُ وَحَيَاتُهُ فَيُعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ زَادَ عَلَى مُدَّةِ التَّعْمِيرِ، فَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ فَيُوقَفَانِ إلَى نِهَايَةِ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يُنْفِقُ عَلَى أُمِّ وَلَدِهِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَقِيلَ: يُنَجَّزُ عِتْقُهَا. وَقِيلَ تَسْعَى عَلَى نَفْسِهَا إلَى مُدَّةِ التَّعْمِيرِ. (وَلَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا) أَيْ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهَا، فَإِنْ كَاتَبَهَا فُسِخَتْ (وَعَتَقَتْ إنْ أَدَّتْ) الْمُكَاتَبَةُ لِسَيِّدِهَا مَا كَاتَبَهَا بِهِ وَمَضَتْ الْكِتَابَةُ فَلَا تُفْسَخُ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا بِمَا أَدَّتْ إذَا كَانَ صَحِيحًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 492 فَصْلٌ) الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ، وَإِنْ بِبَيْعٍ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ؛ بِلَا إذْنٍ؛   [منح الجليل] [فَصْلٌ أَحْكَام الْوَلَاء] بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَلَاءِ (الْوَلَاءُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مَمْدُودًا مِنْ الْوِلَايَةِ بِمَعْنَى الْقُرْبِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْوَلِيِّ، وَإِمَّا مِنْ الْوِلَايَةِ وَالتَّقْدِيمِ فَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِهِمَا فِيهِمَا. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» ، رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ، ثُمَّ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. الْأَبِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَتِهِ شَرْعًا، فَلَا يُمْكِنُ حَدُّهُ بِمَا هُوَ أَتَمُّ مِنْهُ الرَّصَّاعُ فَلِذَا لَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا غَيْرُهُ، وَرُوِيَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُحْمَةٌ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِهَا أَيْ تَعَلُّقٌ وَاتِّصَالٌ وَارْتِبَاطٌ (لِمُعْتِقٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ، أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَشَمِلَ مَنْ أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَالْوَلَاءُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْوَلَاءُ بِالْجَرِّ. وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ مُنَجَّزًا أَوْ لِأَجَلٍ أَوْ تَدْبِيرًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ إيلَادًا أَوْ بَيْعًا مِنْ نَفْسِ الرَّقِيقِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِقَرَابَةٍ أَوْ سِرَايَةٍ أَوْ تَمْثِيلٍ، بَلْ (وَإِنْ كَانَ) الْإِعْتَاقُ (بِبَيْعٍ) لِلْعَبْدِ (مِنْ نَفْسِهِ) وَلَوْ فَاسِدًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَخْذِهِ الْمَالَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْهُ وَإِبْقَائِهِ رِقًّا. الْبُنَانِيُّ: لَوْ قَالَ وَإِنْ بِعِوَضٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ أَخْذَهُ عِوَضًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِاعْتِقَاقِهِ عَنْ نَفْسِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَ لِإِعْتَاقِهِ عَنْ دَافِعِ الْمَالِ فَالْوَلَاءُ لَهُ (أَوْ عِتْقِ غَيْرٍ عَنْهُ) أَيْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ فَوَلَاءُ الْعَتِيقِ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْوَلَاءُ لِمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ. أَبُو عُمَرَ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عِنْدَ أَكْثَرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 493 أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ، إلَّا كَافِرًا أَعْتَقَ مُسْلِمًا،   [منح الجليل] أَصْحَابِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ. وَقَالَ أَشْهَبُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، وَقَالَهُ اللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَوَاءٌ فِي قَوْلِهِمْ أَمَرَهُ بِهِ أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ. تت وَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ مِنْ التَّقْدِيرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يُعْطَى فِيهَا الْمَعْدُومُ حُكْمَ الْمَوْجُودِ فَيُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْهُ بِالتَّوْكِيلِ. (أَوْ) أَعْتَقَ رَقِيقَ رَقِيقِهِ وَ (لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ بِإِعْتَاقِهِ وَهُوَ رَقِيقُ رَقِيقِهِ (حَتَّى عَتَقَ) الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ فَقَدْ مَضَى إعْتَاقُهُ وَالْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقِهِ لِسَيِّدِهِ الْأَعْلَى إنْ كَانَ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَأَمْضَى عِتْقَهُ وَإِنْ رَدَّهُ رُقَّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ لَا لِسَيِّدِهِ، وَقَرَّرَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ مَالَهُ قَالَ تت. طفي وَالْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَالْبُرُودَةِ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْسِ اسْتِثْنَائِهِ مَالَهُ يَبْطُلُ عِتْقُ الْأَسْفَلِ، فَإِمْضَاؤُهُ الْأَعْلَى اسْتِئْنَافُ عِتْقٍ مِنْهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ. قَوْلُهُ فِي كَبِيرِهِ تَقْرِيرُ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ، يَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ عِتْقِ الْغَيْرِ عَنْهُ؛؛ لِأَنَّ هَذَا فِيهِ نَوْعٌ مِنْ عِتْقِ الْغَيْرِ عَلَى مَا زَعَمَهُ. وَتَقْرِيرُ الشَّارِحَيْنِ تَبَعًا لِمَا فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهَا فِي عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ السَّيِّدُ حَتَّى عَتَقَا مَضَى، وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ قَدْ اسْتَثْنَى مَالَ عَبْدِهِ حِينَ أَعْتَقَهُ فَيُرَدُّ فِعْلُ الْعَبْدِ، وَيَكُونُ مَنْ أَعْتَقَهُ رِقًّا لِلسَّيِّدِ، وَمَا أَعْتَقَاهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ إلَى أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ فَيَرْجِعَ إلَيْهِ الْوَلَاءُ؛ إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ الْوَلَاءُ وَلَوْ أَعْتَقَ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ: الْوَلَاءُ لِمُعْتِقٍ فَقَالَ (إلَّا) شَخْصًا (كَافِرًا أَعْتَقَ) رِقًّا لَهُ (مُسْلِمًا) اشْتَرَاهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنْ أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ، وَلَا يَجُرُّهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِهِ. اللَّخْمِيُّ: الْقِيَاسُ رُجُوعُهُ إلَيْهِ إنْ أَسْلَمَ وَجَرُّهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 494 وَرَقِيقًا إنْ كَانَ يُنْتَزَعُ مَالُهُ   [منح الجليل] لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ عِتْقِ الْكَافِرِ رِقَّهُ الْمُسْلِمَ (وَإِلَّا رَقِيقًا) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ (إنْ كَانَ) سَيِّدُهُ الْحُرُّ (يُنْتَزَعُ مَالُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى، وَلَا يَرْجِعُ لِلرَّقِيقِ إذَا عَتَقَ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَنْتَزِعُ مَالَهُ كَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَرِضَ سَيِّدُهُمَا، وَالْمُعْتِقُ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ أَجَلُ عِتْقِهِ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِمْ مَا دَامَتْ رِقِّيَّتُهُمْ، فَإِنْ عَتَقُوا رَجَعَ الْوَلَاءُ لَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْعَبْدُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَازَ، وَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ، فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ الْوَلَاءُ إلَيْهِ؛ إذْ لَيْسَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ إنْ عَتَقَ، وَعِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ عَبْدَهَا كَعِتْقِ الْعَبْدِ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الْبُنَانِيُّ هَذَا شَرْطٌ فِي كَوْنِ الرَّقِيقِ الْمُعْتِقِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 495 وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ: كَسَائِبَةٍ وَكُرِهَ ،   [منح الجليل] لَا وَلَاءَ لَهُ أَبَدًا، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ، وَهَذَا إذَا أَعْتَقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَجَازَهُ. وَأَمَّا مَنْ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ مَا دَامَ رَقِيقًا، فَإِنْ عَتَقَ عَادَ الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَ) وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ (عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَالْوَلَاءُ لَهُمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ مَاتَ عَنْ مَالٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ فَهُوَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إنْ قَالَ الْعَبْدُ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَوَلَاؤُك لِي فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَشَبَّهَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ وَكَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: (كَ) عِتْقِهِ بِلَفْظِ (سَائِبَةٍ) بِإِهْمَالِ السِّينِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ سَائِبَةٌ مُرِيدًا بِهِ إعْتَاقَهُ فَيُعْتَقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةَ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ. وَمَعْنَى السَّائِبَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ (وَكُرِهَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عِتْقُ السَّائِبَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْأَنْعَامِ، وَقَدْ أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سَائِبَةٍ} [المائدة: 103] ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي عِتْقِ السَّائِبَةِ فَكَرِهَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ وَقَعَ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ ابْتِدَاءً، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، قَالَ: إنْ وَقَعَ فَالْوَلَاءُ لَهُ لَا لِلْمُسْلِمِينَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 496 وَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ: عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ، وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ، كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ،   [منح الجليل] وَإِنْ) أَعْتَقَ كَافِرٌ رَقِيقَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ (أَسْلَمَ الْعَبْدُ) الَّذِي أَعْتَقَهُ الْكَافِرُ انْتَقَلَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ عَصَبَةِ الْعِتْقِ مَا دَامَ الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ كَافِرًا، فَإِنْ أَسْلَمَ (عَادَ الْوَلَاءُ) لِلْمُعْتِقِ (بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ) الْمُعْتِقِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ وَمَاتَ عَنْ مَالٍ فَمِيرَاثُهُ لِعَصَبَةِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ وَلَاءَهُ كَانَ لِسَيِّدِهِ حِينَ كَانَ نَصْرَانِيًّا، فَإِنْ أَسْلَمَ سَيِّدُهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ. سَحْنُونٌ مَعْنَى رُجُوعِ الْوَلَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ إنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ، وَالْوَلَاءُ قَائِمٌ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ. الصِّقِلِّيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، فَكَمَا لَا تَزُولُ الْأُبُوَّةُ عَنْ الْأَبِ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ. (وَجَرَّ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلًا الْعِتْقُ أَوْ الْوَلَاءُ (وَلَدَ) الْعَبْدِ (الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ سَحَبَ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ، وَإِنْ سَفَلَ الْوَلَدُ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى، وَالذَّكَرُ مِنْهُمْ يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَالْأُنْثَى مِنْهُمْ لَا تَجُرُّ وَلَاءَ أَوْلَادِهَا وَهَكَذَا أَبَدًا. ابْنُ عَرَفَةَ الْأَبُ الْمُعْتَقُ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِهِ لِمُعْتِقِهِ وَإِنْ سَفَلَ فِي الْمُوَطَّإِ اشْتَرَى الزُّبَيْرُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ وَلِلْعَبْدِ بَنُونَ مِنْ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ فَقَالَ: الزُّبَيْرُ هُمْ مَوَالِي، وَقَالَ مَوْلَى أُمِّهِمْ مَوَالِينَا فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَقَضَى بِهِمْ لِلزُّبَيْرِ. الْبَاجِيَّ رَوَى مُحَمَّدٌ الْأَبُ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِهِ لِمُعْتِقِهِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ. مُحَمَّدٌ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ وَلَا رِضًا. الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلْمُعْتِقِ الْوَلَاءَ عَلَى مُعْتَقِهِ وَوَلَدِهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَيُوقَفُ عِنْدَ الْأُنْثَى مِنْهُمْ فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهَا وَلَاءَ أَوْلَادِهَا، وَالذَّكَرُ مِنْهُمْ يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ أَوْلَادِهِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَهَكَذَا يُقَالُ فِيهِمْ وَفِيمَنْ بَعْدَهُمْ. وَشَبَّهَ فِي الْجَرِّ فَقَالَ: (كَأَوْلَادِ الْمُعْتَقَةِ) بِفَتْحِ التَّاءِ فَيَجُرُّ الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ لِمُعْتَقِهِمْ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ) أَيْ أَوْلَادِهَا (نَسَبٌ مِنْ) أَبٍ أَوْ جَدٍّ (حُرٍّ) بِأَنْ كَانُوا مِنْ أَبٍ رَقِيقٍ هُوَ وَأُصُولُهُ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ اغْتِصَابٍ أَوْ مُلَاعَنًا فِيهِمْ، أَوْ مِنْ أَبٍ حَرْبِيٍّ مَاتَ بِأَرْضِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ لِحِرَابٍ أَوْ جَدٌّ فَالْمِيرَاثُ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ فَلِغَاصِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. وَهَذَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 497 إلَّا لِرِقٍّ، أَوْ عِتْقٍ لِآخَرَ، وَمُعْتَقُهُمَا   [منح الجليل] مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَاسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ: وَجَرَّ وَلَدَ الْمُعْتَقِ وَأَوْلَادَ الْمُعْتَقَةِ الَّذِينَ لَا نَسَبَ لَهُمْ مِنْ حُرٍّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِرِقٍّ) جَرَى عَلَى الْوَلَدِ لِغَيْرِ مُعْتَقِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِ أَبِيهِ وَلَا لِمُعْتَقِ أُمِّهِ، وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ وَعَصَبَتِهِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ مِنْ الْوَلَاءِ. ابْنُ شَاسٍ يَسْتَرْسِلُ الْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ لِمُعْتِقِهِ الَّذِينَ لَمْ يَمَسَّهُمْ رِقٌّ، فَأَمَّا مَنْ مَسَّهُ الرِّقُّ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ إلَّا لِمُعْتِقِهِ أَوْ لِمُعْتِقِ مُعْتِقِهِ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ أَوْلَى، فَإِذَا زَوَّجَ شَخْصٌ عَبْدَهُ أَمَةَ آخَرَ ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْآخَرُ فَمَا تَلِدُهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِ أُمِّهِ لَا لِمُعْتِقِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَسَّهُ الرِّقُّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ لِسَيِّدِهَا، وَمَا تَلِدُهُ لِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَأَعْلَى وَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِ أَبِيهِ لَا لِمُعْتَقِ أُمِّهِ لِأَنَّ لَهُ نَسَبًا مِنْ حُرٍّ إلَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَ الْحَمْلِ يَوْمَ إعْتَاقِهَا فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهَا؛ لِأَنَّهُ رِقٌّ لَهُ فِي بَطْنِهَا، وَمَنْ بَاعَ وَلَدَ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى وَلَدِهَا لِرِقِّهِ لِغَيْرِهِ. (أَوْ) إلَّا (لِعِتْقٍ) لِوَلَدِ الْمُعْتَقِ أَوْ الْمُعْتَقَةِ بِفَتْحِ التَّاءِ فِيهِمَا مَنْسُوبٍ (لِ) سَيِّدٍ (آخَرَ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ غَيْرِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتَقِهِ وَعَصَبَتِهِ نَسَبًا ثُمَّ وَلَاءً لَا لِمُعْتِقِ أَبِيهِ وَلَا لِمُعْتِقِ أُمِّهِ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ أَقْوَى كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ (وَ) جَرَّ الْوَلَاءَ (مُعْتَقُهُمَا) بِفَتْحِ التَّاءِ، أَيْ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتَقَةِ بِفَتْحِهَا فِيهِمَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَمَةً ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَإِنَّ وَلَاءَ الْمُعْتِقِ بِكَسْرِ التَّاءِ الْأَعْلَى عَلَى عَتِيقِهِ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً يَجُرُّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى عَتِيقِ عَتِيقِهِ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا جَرَّ الْمُعْتِقُ وَلَاءَ مَا أَعْتَقَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِمَنْ أَعْتَقَهُ كَذَلِكَ، وَشَرْطُ الْجَرِّ عَدَمُ مُبَاشَرَةِ الْمَجْرُورِ وَلَاءَهُ بِعِتْقٍ، فَإِنْ كَانَتْ اخْتَصَّ بِهِ مُعْتِقُهُ. الْخَرَشِيُّ قَيَّدَ الْجَرَّ بِالْإِعْتَاقِ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ حُرَّ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهُ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ السَّابِقَةِ عَلَى رِقِّيَّتِهِ، فَإِذَا أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ رَقِيقَهُ ثُمَّ نَقَضَ عَهْدَ ذِمَّتِهِ وَهَرَبَ لِأَرْضِ الْحَرْبِ فَأُسِرَ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَلَا يَجُرُّ وَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهِ وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ نَقْضِهِ وَفِرَارِهِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 498 وَإِنْ أُعْتِقَ الْأَبُ، أَوْ اسْتَلْحَقَ: رَجَعَ الْوَلَاءُ لِمُعْتَقِهِ مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ وَالْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ، لَا لِمُعْتَقِهَا، إلَّا أَنْ تَضَعَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا   [منح الجليل] وَإِنْ) تَزَوَّجَتْ الْمُعْتَقَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ بِعَبْدِ ابْنِ عَبْدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْهُ أَوْ بِحُرٍّ عَتِيقٍ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ وِلَاءَتِهَا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمُعْتِقِهَا فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ مِنْ حُرٍّ وَلَمْ يُرَقَّ لِغَيْرِهِ فَإِنْ أُعْتِقَ الْجَدُّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى رَجَعَ وَلَاءُ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِهِ مِنْ مُعْتِقِ أُمِّهِ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ وَإِنْ (أُعْتِقَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ التَّاءِ (الْأَبُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَعْدَ عِتْقِ الْجَدِّ (أَوْ اسْتَلْحَقَ) الْأَبُ الْوَلَدَ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (رَجَعَ الْوَلَاءُ) عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ (لِمُعْتِقِهِ) أَيْ الْأَبِ (مِنْ مُعْتِقِ الْجَدِّ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَ) مِنْ مُعْتِقِ (الْأُمِّ) فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَبْدٌ فَوَلَاءُ وَلَدِهَا مِنْهُ لِمَوَالِيهَا مَا دَامَ الْأَبُ عَبْدًا فَإِنْ أُعْتِقَ جَرَّ وَلَاءَهُمْ لِمُعْتِقِهِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يَنْتَسِبُ إلَى مَوَالِي أُمِّهِ هُمْ يَرِثُونَهُ، فَإِنْ اعْتَرَفَ لَحِقَ بِهِ، وَجَرَّ وَلَاءَهُ لِمُعْتِقِهِ وَلَوْ كَانَ لِوَلَدِ الْحُرَّةِ مِنْ الْعَبْدِ جَدٌّ أَوْ جَدُّ جَدٍّ وَأُعْتِقَ قَبْلَ الْأَبِ جَرَّ وَلَاءَهُمْ لِمُعْتِقِهِ. (وَ) إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ أَمَةً لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَأُعْتِقَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ مُعْتِقُ الْأَبِ إنَّهَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إعْتَاقِهَا فَوَلَاؤُهُ لِي لِأَنَّ لَهُ نَسَبًا لِحُرٍّ وَلَمْ يُرَقَّ. وَقَالَ مُعْتِقُ الْأُمِّ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ إعْتَاقِهَا فَوَلَاؤُهُ لِي لِأَنَّهُ كَانَ رَقِيقِي وَأَعْتَقَتْهُ مَعَ أُمِّهِ فَ (الْقَوْلُ لِمُعْتِقِ الْأَبِ لَا لِمُعْتِقِهَا) أَيْ الْأُمِّ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) حَالَ (أَنْ تَضَعَ) أَيْ تَلِدَ الْأُمُّ الْوَلَدَ الْمُتَنَازَعَ فِي وَلَائِهِ (لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ (مِنْ يَوْمِ عِتْقِهَا) فَالْقَوْلُ لِمُعْتَقِهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا بِهِ يَوْمَ عِتْقِهَا كَمَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَهُ. فِيهَا إنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ تَحْتَ حُرٍّ، وَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا قَالَتْ عَتَقْتَ وَأَنَا حَامِلٌ بِهِ، وَقَالَ زَوْجُهَا: حَمَلْتِ بِهِ بَعْدَ عِتْقِك فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَايَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ. أَشْهَبُ لَوْ أَقَرَّ بِقَوْلِهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ يَوْمَ عِتْقِهَا أَوْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 499 وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ، أَوْ اثْنَانِ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ: لَمْ يَثْبُتْ، لَكِنَّهُ يَحْلِفُ، وَيَأْخُذُ الْمَالَ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَقُدِّمَ عَاصِبُ النَّسَبِ، ثُمَّ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ: كَالصَّلَاةِ،   [منح الجليل] اخْتَلَفَ مُعْتِقُ الْأَبِ، وَمُعْتِقُ الْأُمِّ فِي الْحَمْلِ، وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُعْتِقِ الْأَبِ إلَّا أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عِتْقِهَا. اللَّخْمِيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يُوقَفُ زَوْجُهَا، وَفِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ: يُوقَفُ عَنْهَا، وَكَذَا الَّتِي لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا، وَمَاتَ الْوَلَدُ يُوقَفُ زَوْجُهَا عَنْهَا لِلْمِيرَاثِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُوقَفُ، وَالْوَقْفُ فِيهِمَا أَحْسَنُ، وَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُقْطَعُ أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ عِتْقِهَا لِأَنَّ الْوَضْعَ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ نَادِرٌ، وَإِنَّمَا تُرَاعَى السِّتَّةُ إذَا تَقَدَّمَتْهَا حَيْضَةٌ، وَأَيْضًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَصَابَهَا أَوَّلَ النَّهَارِ وَعَتَقَتْ فِي آخِرِهِ فَلَا يَدُلُّ مُرُورُهَا عَلَى أَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ عِتْقِهَا. (وَإِنْ) ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ مَوْلًى أَوْ قَرِيبٌ لِمَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ مَعْرُوفٌ وَ (شَهِدَ) شَاهِدٌ (وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ) أَوْ النَّسَبِ لِمُدَّعِيهِ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدَانِ (اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ) مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ (مَوْلَاهُ) أَيْ الْمَيِّتُ لِأَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ أَوْ انْجَرَّ لَهُ وَلَاؤُهُ بِوِلَادَةٍ أَوْ إعْتَاقٍ (أَوْ) أَنَّهُ (ابْنُ عَمِّهِ) أَيْ الْمَيِّتِ مَثَلًا (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يَثْبُتْ) وَلَاؤُهُ وَلَا نَسَبُهُ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بَتًّا، وَلَا بِشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ سَمَاعًا (لَكِنَّهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ الْوَلَاءَ أَوْ النَّسَبَ (يَحْلِفُ) يَمِينًا أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنُ عَمِّهِ مَثَلًا (وَيَأْخُذُ الْمَالَ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ (بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ) أَيْ التَّأْخِيرِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ عَسَى أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ آخِرَ بَابِ الْعِتْقِ مُسْتَوْفًى. (وَ) إنْ مَاتَ مَنْ لَهُ عَاصِبُ نَسَبٍ وَعَاصِبُ وَلَاءٍ (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي إرْثِهِ (عَاصِبُ النَّسَبِ) عَلَى عَاصِبِ الْوَلَاءِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبُ نَسَبٍ وَتَعَدَّدَ عَاصِبُ الْوَلَاءِ قُدِّمَ (الْمُعْتِقُ) لِلْمَيِّتِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْتِقُ حَيًّا قُدِّمَ (عَصَبَتُهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ مِنْ النَّسَبِ مُرَتَّبِينَ كَ (تَرْتِيبِهِمْ) فِي إمَامَةِ (الصَّلَاةِ) عَلَى الْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 500 ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ، وَلَا تَرِثُهُ أُنْثَى، إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ بِعِتْقٍ، أَوْ جَرَّهُ وَلَاءٌ بِوِلَادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ وَلَوْ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ: أَبَاهُمَا، ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ الْأَبِ، وَرِثَهُ الِابْنُ   [منح الجليل] فَابْنُهُ، فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ، فَجَدُّ أَبٍ فَعَمُّ أَبٍ فَابْنُهُ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ عَاصِبُ نَسَبٍ قُدِّمَ (مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ) بِكَسْرِ التَّاءِ فِيهِمَا ثُمَّ عَصَبَتُهُ نَسَبًا كَالصَّلَاةِ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ مُعْتِقِهِ، ثُمَّ عَصَبَتُهُ نَسَبًا (وَلَا تَرِثُهُ) أَيْ الْوَلَاءَ أَيْ بِهِ (أُنْثَى) مُطْلَقًا إجْمَاعًا، فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتِ مُعْتِقِهِ وَرِثَهُ الِابْنُ وَحْدَهُ (إنْ لَمْ تُبَاشِرْهُ) أَيْ الْأُنْثَى الْعَتِيقَ (بِعِتْقٍ) مِنْهَا لَهُ (أَوْ جَرَّهُ) أَيْ الْوَلَاءَ (وَلِيُّهَا) أَيْ الْأُنْثَى (بِوِلَادَةٍ) مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ مِنْ الذُّكُورِ عَلَى مَا سَبَقَ (أَوْ عِتْقٍ) مِمَّنْ أَعْتَقَتْهُ. فِيهَا لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ النِّسَاءِ وَلَاءَ مَا أَعْتَقَ أَبٌ لَهُنَّ أَوْ أُمٌّ أَوْ أَخٌ أَوْ ابْنٌ وَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ بِالْوَلَاءِ مِنْهُنَّ، وَلَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ جَرَّهُ مَا أَعْتَقْنَ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا، وَلَا شَيْءَ لَهُنَّ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْجَلَّابُ لَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْئًا إلَّا وَلَاءَ مَنْ بَاشَرْنَ عِتْقَهُ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ مَا جَرَّ إلَيْهِنَّ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِنَسَبٍ أَوْ بِوَلَاءٍ مِثْلَ مُعْتِقِ مُعْتَقَهُنَّ أَوْ وَلَدِ مَنْ أَعْتَقْنَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا وَلَاءَ لِأُنْثَى أَصْلًا إلَّا عَلَى مَنْ بَاشَرَتْ عِتْقَهُ أَوْ عَلَى مَنْ جَرَّهُ وَلَاؤُهَا بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ. (وَإِنْ اشْتَرَى ابْنٌ وَبِنْتٌ) حُرَّانِ (أَبَاهُمَا) الرَّقِيقَ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِمَا بِنَفْسِ مِلْكِهِمَا إيَّاهُ (ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ عَبْدًا) وَأَعْتَقَهُ (فَمَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ) مَوْتِ (الْأَبِ وَرِثَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الِابْنُ) وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عَاصِبُ مُعْتِقِهِ مِنْ النَّسَبِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى عَاصِبِهِ بِالْوَلَاءِ. ابْنُ خَرُوفٍ تُعْرَفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ الْقُضَاةِ لِغَلَطِ أَرْبَعِمِائَةِ قَاضٍ فِيهَا بِتَوْرِيثِ الْبِنْتِ بِالْوَلَاءِ وَمِيرَاثُ النَّسَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ. ابْنُ يُونُسَ غَلِطَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ فَضْلًا عَمَّنْ سِوَاهُمْ. الْعُقْبَانِيُّ غَلِطَ فِيهَا أَرْبَعُمِائَةِ قَاضٍ بِتَشْرِيكِ الْبِنْتِ وَالِابْنِ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 501 وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ أَوَّلًا، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ لِعِتْقِهَا نِصْفَ الْمُعْتِقِ، وَالرُّبُعُ لِأَنَّهَا مُعْتِقَةٌ نِصْفَ أَبِيهِ، وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ، ثُمَّ الْأَبُ، فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ بِالرَّحِمِ، وَالرُّبُعُ بِالْوَلَاءِ، وَالثُّمُنُ بِجَرِّهِ.   [منح الجليل] الْمِيرَاثِ، وَبَيَانُ كَوْنِهَا لَا تُشَارِكُهُ فِيهِ أَنَّ الِابْنَ انْجَرَّ إلَيْهِ الْوَلَاءُ بِالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَالْبِنْتُ لَا وَلَاءَ لَهَا إلَّا بِالْعِتْقِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الَّذِي يَنْجَرُّ إلَيْهِ الْوَلَاءَ بِالنَّسَبِ يَحْجُبُ الَّذِي يَنْجَرُّ الْوَلَاءُ إلَيْهِ بِالْعِتْقِ. (وَإِنْ) كَانَ (مَاتَ الِابْنُ) الَّذِي اشْتَرَى هُوَ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ وَبَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا أُخْتُهُ فَلَهَا نِصْفُ مَالِهِ بِفَرْضِ النَّسَبِ وَنِصْفُهُ بِعُصُوبَةِ الْوَلَاءِ لِعِتْقِهَا نِصْفَ أَبِيهِ فَجَرَّ لَهَا نِصْفَ وَلَائِهِ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ (فَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ) مِنْ مَالِ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهَا (لِعِتْقِهَا) أَيْ الْبِنْتِ (نِصْفَ) الْأَبِ (الْمُعْتِقِ) لِلْعَبْدِ فَانْجَرَّ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ (وَلَهَا) أَيْ الْبِنْتِ أَيْضًا مِنْ مَالِ الْعَبْدِ (الرُّبُعُ لِأَنَّهَا) أَيْ الْبِنْتَ انْجَرَّ لَهَا رُبُعُ وَلَاءِ الْعَبْدِ مِنْ أَخِيهَا الَّذِي لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ لِأَنَّهَا (أَعْتَقَتْ نِصْفَ أَبِيهِ) أَيْ الِابْنِ الَّذِي هُوَ أَخُوهَا فَصَارَ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهِ، وَقَدْ كَانَ لَهُ نِصْفُ وَلَاءِ الْعَبْدِ لِعِتْقِهِ نِصْفَ مُعْتِقِهِ فَجَرَّ لَهَا نِصْفُ وَلَائِهَا عَلَى الِابْنِ نِصْفَ وَلَاءِ الِابْنِ عَلَى الْعَبْدِ، وَهُوَ الرُّبُعُ. (وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ) أَوَّلًا وَرِثَهُ الْأَبُ (ثُمَّ مَاتَ) الْأَبُ عَنْ بِنْتِهِ الَّتِي أَعْتَقَتْ نِصْفَهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهَا (فَلِلْبِنْتِ) مِنْ مَالِ أَبِيهَا (النِّصْفُ بِ) فَرْضِ (الرَّحِمِ) أَيْ النَّسَبِ (وَ) لَهَا (الرُّبُعُ) أَيْضًا (بِ) عُصُوبَةِ (الْوَلَاءِ) لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَهُ فَجَرَّ لَهَا نِصْفَ النِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهَا، وَنِصْفُ النِّصْفِ هُوَ الرُّبُعُ (وَ) لَهَا (بِجَرِّهِ) أَيْ الْوَلَاءِ (الثُّمُنُ) أَيْضًا وَهُوَ نِصْفُ الرُّبُعِ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ حَقُّ أَخِيهَا بِإِعْتَاقِهِ نِصْفَ أَبِيهِ، وَلَهَا نِصْفُ وَلَاءِ أَخِيهَا لِإِعْتَاقِهَا نِصْفَ أَبِيهِ فَانْجَرَّ لَهَا بِهِ نِصْفُ الرُّبُعِ وَهُوَ الثُّمُنُ، فَصَارَ لَهَا سَبْعَةُ أَثْمَانِ مَالِ أَبِيهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 502 بَابٌ) صَحَّ إيصَاءُ: حُرٍّ،   [منح الجليل] [بَابٌ أَحْكَام الْوَصِيَّة] بَابٌ) (فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ) ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا الْفُرَّاضِ عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ لَا الْفُرَّاضِ، أَيْ فَإِنَّهَا عِنْدَهُمْ قَاصِرَةٌ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ فِي ثُلُثِ إلَخْ أَخْرَجَ مَا يُوجِبُ حَقًّا فِي رَأْسِ مَالِهِ مِمَّا عَقَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ. وَقَوْلُهُ: يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ أَخْرَجَ تَبَرُّعَ الزَّوْجَةِ بِثُلُثِ مَالِهَا؛ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى مَوْتِهَا. قَوْلُهُ أَوْ نِيَابَةً عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَقًّا، أَوْ تَنْوِيعِيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ الْوَصِيَّةُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا عَقْدٌ يُوجِبُ حَقًّا فِي ثُلُثِ عَاقِدِهِ يَلْزَمُهُ بِمَوْتِهِ، وَالثَّانِي عَقْدٌ يُوجِبُ نِيَابَةً عَنْ عَاقِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْوَصِيَّةَ بِدَيْنٍ لِوُجُوبِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَا تُوجِبُهُ الْوَصِيَّةُ، بَلْ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ، فَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ إقْرَارٌ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِهِ لَا وَصِيَّةً مُتَوَقِّفٌ لُزُومُهَا عَلَى مَوْتِهِ. الْحَطّ لَا خَفَاءَ فِي صِدْقِهِ عَلَى التَّدْبِيرِ. أَحْمَدُ بَابَا لَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ صِدْقِهِ عَلَيْهِ لِخُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ: يَلْزَمُ بِمَوْتِهِ لِلُزُومِهِ بِإِنْشَائِهِ وَنَحْوِهِ لِلرَّمَاصِيِّ وَالرَّصَّاعِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قِيلَ: التَّدْبِيرُ لَا يَلْزَمُ بِإِنْشَائِهِ، وَإِلَّا فَلَا يُبْطِلُهُ الدَّيْنُ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ مِنْهُ الرُّجُوعُ، فَالصَّوَابُ مَا لِلْحَطِّ قُلْت: بَلْ الصَّوَابُ مَا لِلْجَمَاعَةِ، وَإِبْطَالُهُ الدَّيْنَ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ لُزُومِهِ، إنَّمَا هُوَ لِفَقْدِ الثُّلُثِ الَّذِي يَلْزَمُ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَى لُزُومِهِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُهُ فِي الْحَيَاةِ إلَّا مَا يُبْطِلُ الْعِتْقَ النَّاجِزَ، وَهُوَ الدَّيْنُ السَّابِقُ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: لَا يَلْزَمُ، وَإِنَّمَا الْمَمْنُوعُ الرُّجُوعُ عَنْهُ تَنَاقُضٌ لَا يَخْفَى. (صَحَّ إيصَاءُ حُرٍّ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ رِقٍّ، وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ، وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ. اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ حُكْمُهُ الْوُجُوبُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 503 مُمَيِّزٍ، مَالِكٍ وَإِنْ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا، وَهَلْ إنْ لَمْ يَتَنَاقَصْ قَوْلُهُ،   [منح الجليل] دَيْنٌ وَنَحْوُهُ، وَالنَّدْبُ، وَإِنْ كَانَ بِقُرْبَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ، وَالْحُرْمَةُ إنْ كَانَ بِنَحْوِ النِّيَاحَةِ وَالْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ بِمَكْرُوهٍ أَوْ فِي قَلِيلِ مَالٍ، وَالْإِبَاحَةُ إنْ كَانَ بِمُبَاحٍ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ وَاجِبٌ وَمُسْتَحَبٌّ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ حَقٌّ وَجَبَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ، وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. وَفِي ضَيْح: إنَّمَا يَجِبُ فِيمَا لَهُ بَالٌ، وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ. وَأَمَّا يَسِيرُهَا فَلَا يَجِبُ الْإِيصَاءُ بِهِ لِلْمَشَقَّةِ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ» فَخَصَّهُ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ بِالْمَوْعُوكِ. ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ عُمُومُهُ الصَّحِيحَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ، وَإِنْفَاذُ مَا عَدَا الْمُحَرَّمَ لَازِمٌ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْفَاذُهُ يَجْرِي عَلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ مُرَادُهُ بِهِ إنْفَاذُهُ مِنْ الْمُوصِي قَبْلَ مَوْتِهِ. (مُمَيِّزٍ) بِكَسْرِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ سُكْرٍ. ابْنُ شَاسٍ تَصِحُّ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُمَيِّزٍ، وَلَا تَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ وَلَا مِنْ الْمَجْنُونِ (مَالِكٍ) لِلْمُوصَى بِهِ فَلَا يَصِحُّ بِمَالِ الْغَيْرِ فُضُولِيًّا أَوْ مُسْتَفْرِقَ الذِّمَّةِ بِالتَّبَعَاتِ. إنْ كَانَ رَشِيدًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا) ابْنُ عَرَفَةَ تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْحُرِّ الْمَالِكِ التَّامِّ مِلْكُهُ. فِيهَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُصَابِ حَالَ إفَاقَتِهِ لَا حَالَ خَبَلِهِ، وَتَجُوزُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ، وَأَقَلَّ مِنْهَا مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنْ لَا تَكُونَ فِي اخْتِلَاطٍ. الْبَاجِيَّ فِي الْمَدَنِيَّةِ عِيسَى رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْيَافِعِ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. مُحَمَّدٌ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَصِيَّةَ مَنْ يَعْقِلُ مَا أَوْصَى بِهِ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَشَبَهُهُ. أَصْبَغُ تَجُوزُ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ إذَا عَقَلَ مَا يَفْعَلُ. اللَّخْمِيُّ عَنْهُ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ إذَا عَقَلَ الصَّلَاةَ. وَلِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ إذَا أَثْغَرَ وَأُدِّبَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصِّبْيَانُ يَخْتَلِفُ إدْرَاكُهُمْ وَتَمْيِيزُهُمْ، فَمَنْ عُلِمَ تَمْيِيزُهُ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِيمَا هِيَ قُرْبَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ صِلَةُ رَحِمٍ، وَإِنْ جَعَلَهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا فِي مَنْهِيٍّ عَنْهُ رُدَّتْ. (وَهَلْ) تَصِحُّ وَصِيَّةُ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ (إنْ لَمْ تَتَنَاقَضْ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 504 أَوْ أَوْصَى بِقُرْبَةٍ؟ تَأْوِيلَانِ وَكَافِرًا، إلَّا بِكَخَمْرٍ لِمُسْلِمٍ، لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ،   [منح الجليل] كَإِيصَائِهِ بِمَالٍ لِغَنِيٍّ أَجْنَبِيٍّ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ (أَوْ) تَصِحُّ إنْ (أَوْصَى) الصَّغِيرُ (بِقُرْبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) وَمِنْهَا صِلَةُ الرَّحِمِ بِأَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمِسْكِينٍ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرٍ قُرْبَةً، وَإِنْ لَمْ تَتَنَاقَضْ، وَهَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ، فِي الْجَوَابِ (تَأْوِيلَانِ) لِقَوْلِهَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اخْتِلَاطٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى إنْ لَمْ يَخْلِطْ بَدَلَ إنْ لَمْ تَتَنَاقَضْ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ أَخَصُّ مِنْ التَّخْلِيطِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ وَالتَّخْلِيطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِكَلَامِهِ مَحْصُولٌ، وَأَيْضًا إذَا قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا ثُمَّ قَالَ: لَا تُعْطُوهُ فَهُوَ تَنَاقُضٌ، فَهُوَ غَيْرُ مَطْرُوحٍ. الثَّانِي: ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ: أَوْ بِقُرْبَةٍ، هَذَا وَإِنْ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَفْسِيرَ كَلَامِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ لَهُ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْقُرْبَةِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ بِدَلِيلِ مُقَابِلَتِهَا بِهَا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ. الثَّالِثُ: مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ قَوْلُهَا إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْأُمَّهَاتِ. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا مَعْنَى أَصَابَ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ، قَالَ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِي وَصِيَّتِهِ اخْتِلَاطٌ، نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَصِحُّ إيصَاءُ الْحُرِّ الْمُمَيِّزِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، بَلْ (وَ) لَوْ كَانَ (كَافِرًا) فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا) إيصَاءَهُ (بِكَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ (لِمُسْلِمٍ) فَلَا يَصِحُّ لَهُ تَمَلُّكُهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ: وَالْكَافِرُ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ إلَّا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لِمُسْلِمٍ وَاضِحٌ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مِنْ مَالِكٍ تَامٍّ مِلْكُهُ، وَيَصِحُّ إيصَاءُ حُرٍّ مُمَيِّزٍ مَالِكٍ (لِمَنْ) أَيْ آدَمِيٍّ (يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ شَرْعًا، فَلَا تَصِحُّ لِكَافِرٍ بِمُصْحَفٍ وَرَقِيقٍ مُسْلِمٍ، وَلَا لِمُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ، وَلَا لِبَهِيمَةٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا لِآدَمِيٍّ، وَلَا فَرْقَ فِيمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بَيْنَ كَوْنِهِ عَامًّا كَالْمَسَاكِينِ أَوْ خَاصًّا كَزَيْدٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 505 كَمَنْ سَيَكُونُ، إنْ اسْتَهَلَّ، وَوُزِّعَ لِعَدَدِهِ بِلَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ   [منح الجليل] وَلَا بَيْنَ مَنْ يَمْلِكُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ وَخَيْلِ جِهَادٍ وَنَعَمٍ مُحْبَسٍ لِنَسْلِهِ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا مَوْجُودًا أَوْ غَيْرَ مَوْجُودٍ (كَمَنْ سَيَكُونُ) مِنْ حَمْلٍ ثَابِتٍ أَوْ سَيُوجَدُ بَعْضُهُمْ، هَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ فَيُوقَفُ إلَى وَضْعِهِ فَيَسْتَحِقُّهُ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَرَخَ عَقِبَ وِلَادَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ بَطَلَتْ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَأَسْقَطَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا. اهـ. وَمِثْلُ اسْتِهْلَالِهِ رَضَاعُهُ كَثِيرًا وَنَحْوُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ، فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ قَارَّةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا وَتُرَدُّ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي. (وَ) إنْ أَوْصَى لِحَمْلِ امْرَأَةٍ فَوَضَعَتْ أَوْلَادًا صَارِخِينَ (وُزِّعَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ قُسِّمَ الْمُوصَى بِهِ (لِعَدَدِهِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الْمَوْلُودِ مِنْ الْحَمْلِ الْمُوصَى لَهُ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ ذَكَرًا وَبَعْضُهُ أُنْثَى. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِوَلَدِ فُلَانٍ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ جَازَ، وَيُنْتَظَرُ أَيُولَدُ لَهُ أَمْ لَا، وَيُسَاوَى فِيهِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. الْخَرَشِيُّ إذَا وَضَعَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْمَوْضُوعِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْعَطَايَا، وَهَذَا عِنْدَ إطْلَاقِهِ، فَإِنْ كَانَ نُصَّ عَلَى التَّفْضِيلِ فَإِنَّهُ يُصَارُ لَهُ. الْعَدَوِيُّ مِثْلُهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمُوصَى بِهِ مِنْ جِهَةِ مَنْ وَرِثَهُ الْحَمْلُ فَيُقَسَّمُ عَلَى حَسَبِ مِيرَاثِهِ. وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ (بِلَفْظٍ) يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَادَّتِهِ (أَوْ) بِ (إشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ) الْإِيصَاءَ. ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنَى الْوَصِيَّةِ فَيَدْخُلُ اللَّفْظُ وَالْكُتُبُ وَالْإِشَارَةُ، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» . ابْنُ شَاسٍ كُلُّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ قَصْدُ الْوَصِيَّةِ بِوَضْعٍ أَوْ قَرِينَةٍ يَحْصُلُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ كُلُّ لَفْظٍ أَوْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ مِنْهَا قَصْدُ الْوَصِيَّةِ. قُلْت خَرَجَ عَنْهُمَا الْكُتُبُ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ قَرَءُوهَا وَقَالُوا: نَشْهَدُ بِمَا فِيهَا إنَّهَا وَصِيَّتُك، فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ قَالَ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ جَائِزٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 506 وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ فَالْمِلْكُ لَهُ بِالْمَوْتِ وَقُوِّمَ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ بَعْدَهُ   [منح الجليل] (وَقَبُولُ) الْمُوصَى لَهُ (الْمُعَيَّنِ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا (شَرْطٌ) فِي وُجُوبِ تَنْفِيذِهَا لَهُ وَالْمُعْتَبَرُ قَبُولُهُ (بَعْدَ الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي وَاحْتَرَزَ بِالْمُعَيَّنِ عَنْ غَيْرِهِ كَالْمَسَاكِينِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُمْ، وَيَبْعُدُ الْمَوْتُ عَنْ قَبُولِهِ قَبْلَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ إيصَائِهِ بَعْدَهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فَوْرِيَّةُ الْقَبُولِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. ابْنُ شَاسٍ إنْ أَوْصَى لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ. ابْنُ الْحَاجِبِ قَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ (فَالْمِلْكُ) عَلَى الْمُوصَى بِهِ (لَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (بِ) مُجَرَّدِ حُصُولِ (الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي، وَقَبُولُهُ بَعْدَهُ كَاشِفٌ لَهُ فَالْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِالْأَصَحِّ. ابْنُ شَاسٍ إذَا مَاتَ الْمُوصَى كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَوْقُوفًا، فَإِنْ قَبِلَهُ الْمُوصَى لَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ الْمُوصَى بِهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمَوْتِ الْمُوصِي، وَإِنْ رَدَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ عَلَى مِلْكِ الْمُوصِي. (وَقُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُوصَى بِهِ (بِغَلَّةٍ) كَأُجْرَةِ عَمَلِ رَقِيقٍ أَوْ بَهِيمٍ وَلَبَنِهِ وَصُوفِهِ وَنَسْلِهِ وَثَمَرِ شَجَرٍ وَكِرَاءِ عَقَارٍ (حَصَلَتْ) الْغَلَّةُ (بَعْدَهُ) أَيْ مَوْتِ الْمُوصِي عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ. سَحْنُونٌ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ. وَلِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِلَا غَلَّةٍ وَأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُوصَى لَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي فَالْغَلَّةُ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ يَوْمِ النُّفُوذِ كُلُّهَا لِلْمُوصَى لَهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ هَذَا الْخِلَافَ قَالَ: يَتَخَرَّجُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمِلْكِ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ النُّفُوذِ وَكَإِيصَائِهِ لَهُ بِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ عَلِمَ فَقَبِلَهَا فَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِهَذَا الْوَلَدِ أَمْ لَا، وَكَذَا حُكْمُ مَا اسْتَفَادَتْهُ الْأَمَةُ أَوْ الْعَبْدُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ مَالٍ، وَحُكْمُ الْوَلَدِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحُكْمُ ثَمَرِ النَّخْلِ وَالْبَسَاتِينِ الْحَادِثِ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَكَذَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا، فَفِي الْجَوَاهِرِ اُخْتُلِفَ فِي كَيْفِيَّةِ التَّقْوِيمِ فَقِيلَ الْأُصُولُ بِلَا غَلَّاتٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ اتَّبَعَهَا، وَلَا تُقَوَّمُ الْغَلَّاتُ، وَقِيلَ: تُقَوَّمُ الْأُصُولُ بِغَلَّاتِهَا. التُّونُسِيُّ وَهَذَا أَشْبَهَ فِي النَّظَرِ، وَذَلِكَ أَنَّ نَمَاءَ الرَّقِيقِ وَالْبَهِيمِ لَمْ يُخْتَلَفْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 507 رِقٌّ لِإِذْنٍ فِي قَبُولِهِ كَإِيصَائِهِ بِعِتْقِهِ وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ، وَلَهَا الِانْتِقَالُ   [منح الجليل] فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى هَيْئَتِهِ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ، وَكَذَا وَلَدُ الْأَمَةِ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُ يُقَوَّمُ مَعَهَا كَنَمَاءِ أَعْضَائِهَا، فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ تُقَوَّمَ الْغَلَّةُ مَعَ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهَا كَنَمَاءِ الْمُوصَى بِهِ، وَفِيهَا مَا أَثْمَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ يُقَوَّمُ مَعَ الْأُصُولِ فِي الثُّلُثِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِثَمَرِهِ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ حَمَلَ نِصْفَهُ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ. (وَلَمْ يَحْتَجْ رِقٌّ) أَيْ رَقِيقٌ مُوصًى لِي بِمَالٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ (لِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (فِي قَبُولِهِ) لِلْمَالِ الْمُوصَى بِهِ لَهُ فَلَهُ قَبُولُهُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ غَرَضَ الْمُوصِي التَّوْسِعَةُ عَلَى الرَّقِيقِ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْإِذْنِ فَقَالَ (كَإِيصَاءٍ بِعِتْقِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ فَلَا يَحْتَاجُ تَنْفِيذُهُ لِقَبُولِهِ فَيُعْتَقُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، سَوَاءٌ كَانَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الرَّقِيقُ. مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا قَوْلَ لَهُ، وَهُوَ حُرٌّ. وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْ فَلَا قَوْلَ لَهُ، وَيَعْتِقُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ مِنْهُ. (وَخُيِّرَتْ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً فِي قَبُولِ عِتْقِهَا وَرَدِّهِ (جَارِيَةُ الْوَطْءِ) أَيْ الرَّائِعَةُ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تُقْتَنَى لَهُ الَّتِي أَوْصَى سَيِّدُهَا بِعِتْقِهَا فَتُخَيَّرُ بَيْنَ رِضَاهَا بِإِعْتَاقِهَا وَرِضَاهَا بِعَدَمِهِ وَبَقَائِهَا رَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ ضَيَاعُهَا بِهِ؛ إذْ لَا تَجِدُ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَلَا تَسْتَطِيعُ الِاكْتِسَابَ لِرِقَّتِهَا. (وَ) إنْ اخْتَارَتْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَ (لَهَا الِانْتِقَالُ) عَنْهُ وَاخْتِيَارُ الْأَمْرِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَنْفُذْ فِيهَا مَا اخْتَارَتْهُ أَوَّلًا، هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ. " غ " لَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، وَعَلَى الصَّوَابِ نَقَلَهُ عَنْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ. طفي فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُوصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ. اللَّخْمِيُّ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَأَمَّا إنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَسَوَّى أَصْبَغُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فِي الْخِيَارِ فَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَتَرَكَ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي، وَتَبِعَ تت الشَّارِحَ، لَكِنَّ الشَّارِحَ صَرَّحَ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ: لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِيمَنْ أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، وَكَأَنَّهُ رَأَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 508 وَصَحَّ لِعَبْدٍ وَارِثُهُ، إنْ اتَّحَدَ، أَوْ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ   [منح الجليل] أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ فِي ضَيْح يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَهُمَا مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ حَكَى مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تُخَيَّرُ، وَعَنْ غَيْرِهَا أَنَّهَا لَا تُخَيَّرُ، وَإِلَّا كَانَتْ رَائِعَةً وَتُبَاعُ لِلْعِتْقِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهَا بِنَقْصِ ثُلُثِ ثَمَنِهَا. قَالَ: وَقَالَ أَصْبَغُ: لَهَا الْخِيَارُ فِي هَذِهِ، وَفِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ تت فِي كَبِيرِهِ. الْبِسَاطِيُّ أَصْبَغُ: لَهَا الْخِيَارُ كَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا. تت إذَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ بِالْأَحْرَى، وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِ مَسْأَلَةِ أَصْبَغَ عَنْ ذِكْرِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَفَادَ حُكْمَهُمَا، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُ " غ " مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مُقَيَّدٌ بِإِيصَائِهِ بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ، وَعَلَى الصَّوَابِ نَقَلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ. طفي هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ إذْ مَذْهَبُ أَصْبَغَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، فَكَيْفَ يَنْدَفِعُ بِهِ كَلَامِ " غ " الَّذِي هُوَ الصَّوَابُ. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِعَبْدِ وَارِثِهِ) أَيْ الْمُوصِي وَلَوْ بِكَثِيرٍ (إنْ اتَّحَدَ) وَارِثُهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ آخَرُ؛ إذْ الْوَصِيَّةُ لَهُ جَائِزَةٌ فَكَذَا لِعَبْدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهَا مِنْ عَبْدِهِ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِلْوَصِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ (أَوْ) لَمْ يَتَّحِدْ وَارِثُهُ وَأَوْصَى لِعَبْدِ بَعْضِهِمْ (بِتَافِهٍ) لَا تَلْتَفِتُ النُّفُوسُ إلَيْهِ (أُرِيدَ) بِفَتْحِ الدَّالِ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِنَائِبِ الْفَاعِلِ (بِهِ) أَيْ التَّافِهِ (الْعَبْدُ) وَمَفْهُومُ بِتَافِهٍ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ بِمَا لَهُ بَالٌ لَا تَصِحُّ، وَمَفْهُومُ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَى لَهُ بِتَافِهٍ أُرِيدَ بِهِ وَارِثُهُ لَا تَصِحُّ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا. (تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: تت تَنْكِيتٌ فِي قَوْلِهِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَنْ لَا شَائِبَةَ فِيهِ خَرَجَ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ، وَإِنْ أَرَادَ وَلَوْ بِشَائِبَةٍ دَخَلَا، وَالْمَنْقُولُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ لَهُ بِالْكَثِيرِ، وَيَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ. طفي اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالْإِجْمَالِ فَوَقَعَ فِيهِ؛ إذْ الْمَنْقُولُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 509 وَلِمَسْجِدٍ، وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ   [منح الجليل] أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِيصَاءُ لِلْمُكَاتَبِ إلَّا إذَا كَانَ مَلِيًّا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ تَجُوزُ لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ بِالتَّافِهِ لَا بِالْكَثِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَلِيًّا قَادِرًا عَلَى الْأَدَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ لِسَيِّدِهِ فَلَا تَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ عَجْزُهُ أَفْضَلَ لَهُ جَازَتْ اللَّخْمِيُّ جَوَازُهَا مُطْلَقًا أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا خُرُوجُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الرِّقِّ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَلَا تَجُوزُ لَهُ بِالْكَثِيرِ وَإِنْ مَرِضَ سَيِّدُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ. الثَّانِي: جَعَلَ الشَّارِحُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِعَبْدِ وَارِثِهِ الْمُتَعَدِّدِ شَرْطَيْنِ: أَنْ يَكُونَ تَافِهًا، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ، فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ أَوْ بِتَافِهٍ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ، وَلَمْ أَرَ لَهُ سَنَدًا فِي ذَلِكَ وَلَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. طفي اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ صَحِيحٌ؛ إذْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أُرِيدَ بِهِ الْعَبْدُ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْعَبْدُ لَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ الْعَبْدَ؛ وَلِذَا حَادَ تت عَنْ جَعْلِهِ شَرْطًا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ إلَّا بِالتَّافِهِ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مَا يُرِيدُ بِهِ نَاحِيَةَ الْعَبْدِ لَا نَفْعَ سَيِّدِهِ كَعَبْدِ خِدْمَةٍ وَنَحْوِهِ اهـ. وَإِنْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: هُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ تَافِهًا أُرِيدَ بِهِ السَّيِّدُ فَلَا يَجُوزُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا يُرَادُ بِهِ نَاحِيَةُ الْعَبْدِ وَاعْتَمَدَ " ج " كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ فَجَعَلَهُ قَيْدًا ثَانِيًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَسْجِدٍ) نَكَّرَهُ لِيَعُمَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ. الشَّارِحُ لَمَّا كَانَ هَذَا كَالْمُنَاقِضِ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَكَانَ الْمَسْجِدُ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيهِ قَالَ (وَصُرِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (لِمُوصًى بِهِ فِي مَصَالِحِهِ) أَيْ الْمَسْجِدِ كَوُقُودِهِ وَعِمَارَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودُ النَّاسِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ، وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى مَسْجِدٍ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ الرِّبَاطَ وَالسُّورَ وَالْقَنْطَرَةَ لَكَانَ أَحْسَنَ. ابْنُ رُشْدٍ الْوَاجِبُ تَقْدِيمُ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ وَرَمِّهِ عَلَى أَجْرِ أَئِمَّتِهِ وَقَوَمَتِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَشَبَهِهِمَا لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِمَا. عب لَعَلَّ قَوْلَهُ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ إذَا اقْتَضَى الْعُرْفُ ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَضَى أَنَّ الْقَصْدَ الصَّرْفُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 510 وَلِمَيِّتٍ عَلِمَ بِمَوْتِهِ، فَفِي دَيْنِهِ أَوْ وَارِثِهِ وَلِذِمِّيٍّ وَقَاتِلٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ،   [منح الجليل] لِمُجَاوِرِيهِ كَالْجَامِعِ الْأَزْهَرِ صُرِفَ لَهُمْ لَا لِمَرَمَّتِهِ وَحُصُرِهِ وَنَحْوِهِمَا. الْعَدَوِيُّ إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الصَّرْفُ فِي مَصَالِحِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: صُرِفَ فِي مَصَالِحِهِ مَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالصَّرْفِ لِمُجَاوِرِيهِ كَالْأَزْهَرِ وَإِلَّا صُرِفَ لَهُمْ. (وَ) صَحَّ الْإِيصَاءُ (لِمَيِّتٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَصُرِفَ الْمُوصَى بِهِ (فِي دَيْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الْمُوصَى لَهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (أَوْ وَارِثِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ لَهُ وَيَكُونُ الْمُوصَى بِهِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ: مَنْ أَوْصَى لِمَيِّتٍ عَالِمًا مَوْتَهُ فَهِيَ لِوَرَثَتِهِ وَلِدَيْنٍ عَلَيْهِ. الشَّيْخُ هَذَا إنْ جَهِلَ شَأْنَ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لِزَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ فِيهَا وَلَا لِدَيْنٍ عَلَيْهِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا فِي وَجْهِ الزَّكَاةِ كَمَنْ أَوْصَى بِزَكَاةٍ لِمَنْ ظَنَّهُمْ فُقَرَاءَ، وَهُمْ أَغْنِيَاءُ. وَعَنْ مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ، وَلَيْسَ فِيهَا لِوَارِثٍ وَلَا غَرِيمٍ شَيْءٌ. ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمَيِّتٍ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِهِ فَتُصْرَفُ فِي دَيْنِهِ أَوْ كَفَّارَتِهِ وَإِلَّا فَلِوَرَثَتِهِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ وَفِيهَا وَصِيَّتُهُ لِمَيِّتٍ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ عَلِمَ مَوْتَهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ نَفَذَتْ لِوَرَثَةٍ لَهُ، وَقُضِيَ بِهَا دَيْنُهُ. (وَ) صَحَّ إيصَاءُ (الذِّمِّيِّ) بِمَا يَمْلِكُهُ شَرْعًا كَثَوْبٍ وَعَيْنٍ وَعَقَارٍ وَعَرَضٍ وَبَهِيمَةٍ وَرَقِيقٍ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ لَا بِمَا لَا يَمْلِكُهُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمُصْحَفٍ وَرَقِيقٍ مُسْلِمٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ بَالِغٍ عَلَى غَيْرِ دِينِهِ. رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ جَائِزَةٌ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا. أَصْبَغُ تَجُوزُ لِذِمِّيٍّ وَلَا تَجُوزُ لِحَرْبِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تَقْوِيَةٌ لَهُ، وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا لَا صَدَقَةً. عَبْدُ الْوَهَّابِ تَجُوزُ لِلْمُشْرِكِينَ، وَلَوْ أَهْلَ حَرْبٍ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ مَنْ نَذَرَ صَدَقَةً عَلَى كَافِرٍ لَزِمَهُ. وَفِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ أَوْصَى لِبَعْضِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَقَالَ: إذَا أُجِيزَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ لِلسَّبِيلِ فَلَا يَجُوزُ فِي سَبِيلٍ، وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَيُورَثُ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ إطْلَاقَ قَوْلِ أَشْهَبَ بِجَوَازِهَا لِلذِّمِّيِّ بِكَوْنِهِ ذَا سَبَبٍ كَجِوَارٍ أَوْ يَدٍ سَبَقَتْ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ. (وَ) صَحَّ إيصَاءٌ (لِ) شَخْصٍ (قَاتِلٍ) الْمُوصِيَ إذَا (عَلِمَ) الْمُوصِي (بِ) أَنَّ (السَّبَبَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 511 وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ وَبَطَلَتْ بِرِدَّتِهِ وَإِيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ،   [منح الجليل] لِمَوْتِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ الَّذِي ضَرَبَهُ أَوْ جَرَحَهُ مَثَلًا وَأَوْصَى لَهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ بِالسَّبَبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ بِذِي أَوْ عَلَى حَذْفِ مَعْطُوفٍ، أَيْ وَصَاحِبِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عِلْمَهُ بِنَفْسِ السَّبَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بَعْدَ ضَرْبِهِ، وَعَلِمَ بِهِ فَإِنْ كَانَ خَطَأً جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِي مَالِهِ وَدِيَتِهِ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا جَازَتْ فِي مَالِهِ دُونَ دِيَتِهِ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَعْلَمْهُ اللَّخْمِيُّ مُحَمَّدٌ فِي الْخَطَأِ هِيَ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. قَالَ: وَإِنْ أَوْصَى بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ قَاتِلُهُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ قَاتِلُهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ لَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ نَافِذَةٌ لَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِالسَّبَبِ وَقَالَ أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا، وَكَانَ فُلَانٌ قَاتِلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْهُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي صِحَّةِ وَصِيَّتِهِ لَهُ وَبُطْلَانِهَا. فِي التَّوْضِيحِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ الْبُطْلَانُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: تَصِحُّ لِأَنَّهَا بَعْدَ الضَّرْبِ فَلَا يُتَّهَمُ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ، وَحَمَلَ اللَّخْمِيُّ، وَغَيْرُهُ قَوْلَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وغ وَغَيْرُهُ عَلَى الْوِفَاقِ وَهَذَا أَمْرٌ أَدَّاهُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: لَا أَدْرِي مَعْنَى التَّأْوِيلَيْنِ هُنَا. (وَبَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (بِرِدَّةٍ) ظَاهِرُهُ مِنْ الْمُوصِي أَوْ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَنَكَّرَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَعُمَّهُمَا كَمَا فِي الْخِصَالِ الْمَحْمُودَةِ وَالْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا بُطْلَانُهَا وَلَوْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: إنْ رَجَعَ لَهُ وَهِيَ مَكْتُوبَةٌ جَازَتْ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ، وَقَيَّدَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمَوْتِهِ عَلَى رِدَّتِهِ، وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا إذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَتْ وَصَايَاهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ وَبَعْدَهَا. (وَ) بَطَلَتْ بِ (إيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ) كَمَالٍ لِمَنْ يَشْتَرِي خَمْرًا يَشْرَبُهَا أَوْ لِمَنْ يَقْتُلُ مَعْصُومًا أَوْ لِمَنْ يَنُوحُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْمُوصَى بِهِ كُلُّ مَا يُمْلَكُ مِنْ حَيْثُ الْوَصِيَّةُ بِهِ، فَتَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ بِالْخَمْرِ وَبِالْمَالِ فِيمَا لَا يَحِلُّ صَرْفُهُ فِيهِ، وَسَمِعَ عِيسَى جَوَابَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَوْصَى بِنِيَاحَةِ مَيِّتٍ أَوْ لَهْوِ عُرْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ مِثْلَ الْكِبَرِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ النِّيَاحَةَ عَلَى الْمَيِّتِ مُحَرَّمَةٌ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمَنْ يَصُومُ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. ابْنُ عَتَّابٍ وَكَذَلِكَ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ عَهِدَتْ عَهْدًا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهَا فَهُوَ نَافِذٌ كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ، وَهُوَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 512 وَلِوَارِثٍ: كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ   [منح الجليل] رَأْيِ شُيُوخِنَا. قَالَ وَكَذَلِكَ رَأَى إنْفَاذَ الْوَصِيَّةِ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا. ابْنُ مَرْزُوقٍ الْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ بِإِيصَائِهِ بِبِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ بِإِقَامَةِ لَيْلَةِ الْمَوْلِدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمَنَاكِرِ، وَكَأَنْ يُوصِيَ بِكَتْبِ جَوَابِ سُؤَالِ الْقَبْرِ وَجَعْلِهِ فِي كَفَنِهِ أَوْ قَبْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ فِي صَوَانِيِ نُحَاسٍ وَيُجْعَلَ فِي جِدَارِ الْقَبْرِ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ. (وَ) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (لِوَارِثٍ) لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ، وَفِي الْمُوَطَّإِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ تُجِيزَهَا وَرَثَتُهُ، وَإِنْ أَجَازَ لَهُ بَعْضُهُمْ جَازَ لَهُ حَقُّ مَنْ أَجَازَ وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثَ صُوَرٍ: إيصَاؤُهُ لِجَمِيعِ وَرَثَتِهِ بِمَا يُخَالِفُ حُقُوقَهُمْ، وَإِيصَاؤُهُ لِبَعْضِهِمْ فَقَطْ، وَإِيصَاؤُهُ لِجَمِيعِهِمْ بِمَا يُوَافِقُ حُقُوقَهُمْ، وَالْبُطْلَانُ ظَاهِرٌ فِي الْأَوَّلَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى بُطْلَانِهِ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِهِ. وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) وَصِيَّةٍ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (بِزَائِدِ الثُّلُثِ) وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ (يَوْمَ التَّنْفِيذِ) لِلْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ الْمَوْتِ. ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لَا يَوْمَ مَوْتِهِ، فَيَقُولُ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ثُلُثَ الْمَالِ الْمَوْجُودِ يَوْمَ مَوْتِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِيصَاءُ فِي الصِّحَّةِ خِلَافَهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ، وَتُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَزَائِدِ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ، وَفِي كَوْنِهَا بِالْإِجَازَةِ تَنْفِيذًا أَوْ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ قَوْلَانِ. تت قَوْلُ الْبِسَاطِيِّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ وَبِزَائِدٍ الثُّلُثِ صَحِيحَتَانِ مُتَوَافِقَتَانِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ. طفي الصَّوَابُ مَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ، كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ، فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّتِهَا، وَاَلَّذِي غَرَّ الْمُصَنِّفَ فِي مُخَالَفَتِهِمَا وَتَعْبِيرِهِ بِالْبُطْلَانِ الَّذِي لَمْ يُسْبَقْ بِهِ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءً عَطِيَّةٌ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِلْوَارِثِ اهـ. وَتَبِعَهُ تت وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءً عَطِيَّةٌ لَيْسَتْ عِنْدَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 513 وَإِنْ أُجِيزَ، فَعَطِيَّةٌ؛ وَلَوْ قَالَ:   [منح الجليل] عَطِيَّةٌ حَقِيقَةً؛ إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا سَمَّوْهَا إجَازَةً لِفِعْلِ الْمُوصِي. وَقَدْ عَبَّرَ عِيَاضٌ بِأَنَّهَا كَالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَا عَبَّرُوا بِالْإِجَازَةِ، إذْ الْبَاطِلُ لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَجَعَلُوهُ مُقَابِلًا لِلْمَذْهَبِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجِيزَ مَا زَادَهُ الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ اهـ. وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ، قُلْت قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» وَقَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُوَطَّئِهِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ صَرِيحَانِ فِي بُطْلَانِهَا. وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ هُنَا عَلَى صِحَّتِهَا، وَكَفَى بِهِمَا أُسْوَةً لِلْمُصَنِّفِ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى فَسَادِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ أُجِيزَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الزَّايِ مَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ، أَوْ زَائِدُ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ (فَعَطِيَّةٌ) مِنْ الْمُجِيزِ الرَّشِيدِ تَفْتَقِرُ لِلْجَوْزِ عَنْهُ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعِهَا لَهُ. أَبُو الْحَسَنِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ الْعَطَّارِ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ كَانَ ذَلِكَ تَنْفِيذًا لِفِعْلِ الْمَيِّتِ لَا ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْ الْوَارِثِ، وَهَذَا الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ فِعْلُ الْمَيِّتِ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجَازَ، وَعَلَى الثَّانِي عَكْسُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ طفي فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ تُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْإِجَازَةِ هَلْ هِيَ عَطِيَّةٌ أَوْ تَنْفِيذٌ، فَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْوَصِيَّةُ مَوْقُوفَةٌ وَلَا تَمْضِي إلَّا بِإِجَازَةٍ وَلَا سِيَّمَا، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ» اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقُلْ: بِجَوَازِهَا عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ رَدَّهَا الْوَارِثُ فَهُوَ قَائِلٌ بِوَقْفِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ وَلِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ الثُّلُثِ إنْ أَطْلَقَ، بَلْ (وَلَوْ قَالَ) الْمُوصِي (إنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 514 إنْ لَمْ يُجِيزُوا، فَلِلْمَسَاكِينِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَبِرُجُوعٍ فِيهَا وَإِنْ بِمَرَضٍ   [منح الجليل] لَمْ يُجِيزُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثِهِ (فَ) الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ (لِلْمَسَاكِينِ) مَثَلًا فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ (بِخِلَافِ الْعَكْسِ) أَيْ قَوْلُهُ: الثُّلُثُ لِلْمَسَاكِينِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي مَثَلًا فَهُوَ لَهُ، فَهِيَ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ، فَإِنْ أَجَازُوهَا لِابْنِهِ فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ فِيهَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِوَارِثِهِ، وَقَالَ: إنْ لَمْ يُجِزْ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَهُوَ فِي السَّبِيلِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ الضَّرَرِ، وَلَوْ قَالَ: دَارِي فِي السَّبِيلِ إلَّا أَنْ يُنْفِذَهَا الْوَرَثَةُ لِابْنِي فَذَلِكَ نَافِذٌ عَلَى مَا أَوْصَى. الْعَدَوِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَعَكْسِهِ أَنَّهُ بَدَأَ فِي عَكْسِهِ بِمَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِهِ فَدَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْقُرْبَةَ لَا الْإِضْرَارَ، وَفِي الْأَصْلِ بِمَا لَا يَصِحُّ فَدَلَّ عَلَى قَصْدِهِ الْإِضْرَارَ. (وَ) بَطَلَتْ (بِرُجُوعٍ) مِنْ الْمُوصِي (فِيهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ فِي صِحَّتِهِ، بَلْ (وَإِنْ) رَجَعَ فِيهَا (بِمَرَضٍ) مَاتَ مِنْهُ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ شَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ، فِيهَا، وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ. ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْعَمَلُ، وَحَكَى طُلْبَةُ بْنُ عَلْوَانَ اخْتِلَافَ فَتْوَى مُتَأَخِّرِي التُّونُسِيِّينَ إذَا كَانَ شَرَطَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِيهَا، وَقَالَ: مَهْمَا رَجَعَ عَنْهَا كَانَ رُجُوعُهُمَا تَأْكِيدًا لَهَا، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَلَا لِمُتَقَدِّمِي أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَأَوَّلُ مَنْ نَصَّ عَلَيْهَا أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ، وَتَبِعَهُ الْمَازِرِيُّ وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ بَشْكَالَ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ الْمُوَثِّقُ أَفَادَهُ تت. حُلُولُو بِالرُّجُوعِ حَكَمْت لَمَّا نَزَلَتْ اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ؛ إذْ لَمْ يُفَصِّلُوا، وَصَرَّحَ شَيْخُنَا ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ بِهِ الْعَمَلَ، وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِمَشْهُورِيَّتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: يَجُوزُ رُجُوعُ الْمُوصِي عَنْ وَصِيَّتِهِ إجْمَاعًا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ، فَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَهُ فَفِي لُزُومِهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ فُقَهَاءِ تُونُسَ. أَبُو عَلِيٍّ بْنُ عَلْوَانَ فِي لُزُومِهَا بِالْتِزَامِهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ وَلَمْ يَعْزُهَا وَفِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ، مِنْهَا إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً يَنْوِي بِهَا لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَلَهُ رَجْعَتُهَا، وَقَوْلُهُ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك وَنِيَّتُهُ بَاطِلٌ. قُلْت فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الْتِزَامُ عَدَمِ الرُّجُوعِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْمُدَبَّرِ لِلتُّونُسِيِّ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ اللُّزُومُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 515 بِقَوْلٍ، أَوْ بَيْعٍ،   [منح الجليل] الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ الْقُورِيُّ فِي جَوَابِهِ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَمَضَى بِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الرُّجُوعِ. قَالَ: وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الْعَبْدُوسِيُّ، وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَرَفَةَ الْحُوفِيَّةِ لَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ طفي وَبِرُجُوعٍ فِيهَا أَيْ الْوَصِيَّةِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى مَوْتِهِ. وَأَمَّا مَا بَتَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْوَصِيَّةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا رُجُوعَ لِلْمَرِيضِ فِيمَا بَتَلَهُ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. وَفِي النَّوَادِرِ مَا بَتَلَهُ الْمَرِيضُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَصِيَّةَ. وَيَكُونُ الرُّجُوعُ (بِقَوْلٍ) كَأَبْطَلْتُهَا أَوْ رَجَعْتُ عَنْهَا أَوْ لَا تَعْمَلُوا بِهَا (وَ) بِفِعْلٍ كَ (بَيْعٍ) لِمُوصًى بِهِ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ. الْبَاجِيَّ لَا خِلَافَ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 516 وَعِتْقٍ، وَكِتَابَةٍ، وَإِيلَادٍ، وَحَصْدِ زَرْعٍ، وَنَسْجِ غَزْلٍ،   [منح الجليل] أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ (وَ) كَ (عِتْقٍ) لِلرَّقِيقِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ (وَ) كَ (كِتَابَةٍ) أَيْ عِتْقٍ لِلرَّقِيقِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ، وَإِمَّا عِتْقٌ، وَكِلَاهُمَا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ عَجَزَ عَادَتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُوصِي عَلَى أَنَّ رُجُوعَ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهُ يُصَحِّحُهَا فَهَذَا أَوْلَى. ابْنُ شَاسٍ: الْكِتَابَةُ رُجُوعٌ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ، وَأُصُولُ الْمَذْهَبِ تُوَافِقُهُ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ، وَكِلَاهُمَا رُجُوعٌ وَهِيَ فَوْتٌ لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ، فَإِنْ عَجَزَ فَلَيْسَتْ بِرُجُوعٍ. وَفِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ أَنْ تَعُودَ الْوَصِيَّةُ فِيهِ كَمَا تَعُودُ فِي شِرَاءِ الْمُوصَى بِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهَا هُنَا أَوْلَى لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ. وَفِي الشَّامِلِ وَلَا تَعُودُ لِعَجْزٍ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) كَ (إيلَادٍ) لِأَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُوصًى بِهَا فَوَطْؤُهَا لَيْسَ بِرُجُوعٍ. ابْنُ كِنَانَةَ مَنْ أَوْصَى بِجَارِيَتِهِ لِرَجُلٍ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَلَا تُنْتَقَضُ وَصِيَّتُهُ إلَّا أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ (وَ) كَ (حَصْدِ زَرْعٍ) مُعَيَّنٍ مُوصًى بِهِ. تت تَعَقَّبَ هَذَا جَمِيعُ الشُّرَّاحِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ، فَفِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى بِزَرْعٍ فَحَصَدَهُ أَوْ بِتَمْرٍ فَجَذَّهُ أَوْ بِصُوفٍ فَجَزَّهُ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ إلَّا أَنْ يَدْرُسَ الْقَمْحَ وَيَكْتَالَهُ وَيُدْخِلَهُ بَيْتَهُ فَهَذَا رُجُوعٌ. الْبَاجِيَّ بِالدِّرَاسِ وَالتَّصْفِيَةِ انْتَقَلَ اسْمُهُ عَنْ الزَّرْعِ إلَى اسْمِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فَكَانَ رُجُوعًا، وَقَوْلُهُ: اكْتَالَهُ تَأْكِيدٌ لِقَصْدِهِ، وَكَذَلِكَ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ حَدَّ الِاكْتِيَالِ. (وَ) كَ (نَسْجِ غَزْلٍ) مُعَيَّنٍ أَوْصَى بِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 517 وَصَوْغِ فِضَّةٍ؛ وَحَشْوِ قُطْنٍ، وَذَبْحِ شَاةٍ، وَتَفْصِيلِ شُقَّةٍ وَإِيصَاءٍ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا، قَالَ: إنْ مِتُّ فِيهِمَا، وَإِنْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ،   [منح الجليل] بِغَزْلٍ فَحَاكَهُ ثَوْبًا أَوْ بِرِدَاءٍ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا فَهُوَ رُجُوعٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ (وَ) كَ (صَوْغِ فِضَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ أَوْصَى بِهَا. أَشْهَبُ إذَا أَوْصَى بِفِضَّةٍ ثُمَّ صَاغَهَا خَاتَمًا فَهُوَ رُجُوعٌ لِزَوَالِ الِاسْمِ الَّذِي إذَا أَوْصَى بِهِ (وَ) كَ (حَشْوِ قُطْنٍ) أَطْلَقَ كَابْنِ الْحَاجِبِ. وَفِي التَّوْضِيحِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِحَشْوِهِ فِي الثِّيَابِ، وَأَمَّا فِي مِخَدَّةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا. أَشْهَبُ إذَا أَوْصَى بِقُطْنٍ ثُمَّ حَشَا بِهِ أَوْ غَزَلَهُ فَهُوَ رُجُوعٌ. وَفِي الشَّامِلِ: حَشْوُ قُطْنٍ فِي ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ (وَذَبْحِ شَاةٍ) وَنَحْوَهَا مُعَيَّنَةٍ أَوْصَى بِهَا فَهُوَ رُجُوعٌ قَالَهُ أَشْهَبُ (وَتَفْصِيلِ شُقَّةٍ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْقَافِ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَهُوَ رُجُوعٌ لِعَدَمِ صِدْقِ اسْمِ الشُّقَّةِ عَلَى الْمُفَصَّلِ، وَمِثْلُ الشُّقَّةِ مَا يُشْبِهُهَا كَبَفْتَةٍ وَطَاقَةٍ وَالْأَجَّةِ وَقُطْنِيَّةٍ وَشَاهِيَةٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى بِرِدَاءٍ فَقَطَعَهُ قَمِيصًا فَهُوَ رُجُوعٌ وَقَالَهُ أَشْهَبُ. (وَ) بَطَلَتْ (بِ) صِحَّتِهِ مِنْ مَرَضٍ مُعَيَّنٍ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرٍ مُعَيَّنٍ فِي (إيصَائِهِ) بِمَالٍ مُقَيَّدًا (بِ) مَوْتِهِ مِنْ (مَرَضٍ) مُعَيَّنٍ (أَوْ سَفَرٍ) مُعَيَّنٍ (انْتَفَيَا) أَيْ الْمَوْتُ مِنْ الْمَرَضِ، وَالْمَوْتُ مِنْ السَّفَرِ الْمُعَيَّنَيْنِ إذَا قَالَ الْمُوصِي (إنْ مِتّ فِيهِمَا) أَيْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ الْمُعَيَّنَيْنِ فَيَبْطُلُ إيصَاؤُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِكِتَابٍ، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (بِكِتَابٍ لَمْ يُخْرِجْهُ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بَعْدَ صِحَّتِهِ مِنْ مَرَضِهِ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 518 أَوْ أَخْرَجَهُ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ أَطْلَقَهَا،   [منح الجليل] الَّذِي أَوْصَى فِيهِ (أَوْ أَخْرَجَهُ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ مِنْ يَدِهِ (ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَفْظًا بِغَيْرِ كِتَابَةٍ أَوْ بِكِتَابٍ أَقَرَّهُ عِنْدَهُ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ كَذَا فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَلَهُ أَنْ يُغَيِّرَهَا وَيَبِيعَ الْعَبْدَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُغَيِّرَهَا جَازَتْ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، أَوْ فِي سَفَرِهِ. الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهَا حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَلَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَتَبَ بِذَلِكَ كِتَابًا، وَوَضَعَهُ عِنْدَ رَجُلٍ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ بَعْدَ قُدُومِهِ أَوْ بُرْئِهِ وَأَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ، وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ. سَحْنُونٌ أَرَادَ فَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بَعْدَ بُرْئِهِ أَوْ قُدُومِهِ وَبَقِيَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ عِنْدَ سَفَرِهِ وَبَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَقَبَضَهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَأَقَرَّهَا بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَشَهِدَتْ عَلَيْهَا بَيِّنَةٌ أَنَّهَا هِيَ الْوَصِيَّةُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فَلَا تَنْفُذُ، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ إذَا جَعَلَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ وَمَتَى لَمْ يُخْرِجْ كِتَابَ الْوَصِيَّةِ مِنْ عِنْدَهُ أَوْ اسْتَرَدَّهُ، وَبَقِيَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ إنْ كَانَ قَيَّدَهَا بِمَوْتِهِ مِنْ مَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ (وَلَوْ أَطْلَقَهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِمَوْتِهِ بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ مُعَيَّنٍ. تت اخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ فِي فَهْمِهِ فَقَالَ الشَّارِحُ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمَرَضٍ وَلَا سَفَرٍ بِأَنْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا أَوْ لَهُ مِنْ عَبِيدِي كَذَا، وَكَتَبَهُ فِي كِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَطَلَتْ. قَالَ فِي الْبَيَانِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إنْ كَتَبَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ وَمَاتَ وَشَهِدَ أَنَّهُ خَطُّهُ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يُشْهِدَهُمْ عَلَيْهِ فَقَدْ يَكْتُبُ، وَلَا يَعْزِمُ. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ عَقِبَ كَلَامِ الشَّارِحِ هَذَا تَبْعُدُ إرَادَتُهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَيَّدَ وَأَطْلَقَ فِي تَقْيِيدِهِ، فَقَالَ إنْ مِتّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي فَلِفُلَانٍ كَذَا ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَاسْتَرْجَعَ الْكِتَابَ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 519 لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ أَوْ بَنَى الْعَرْصَةَ، وَاشْتَرَكَا.   [منح الجليل] طفي تَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي ضَيْح وَبِهِ قَرَّرَ " ح " وَ " ج " فِي ضَيْح، حَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ الِاتِّفَاقَ عَلَى بُطْلَانِهَا أَوْ ذَكَرَهُ عِيَاضٌ وَأَنَّ ابْنَ شَبْلُونٍ وَغَيْرَهُ تَأَوَّلُوا الْكِتَابَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ ظَاهِرَ تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَضُرُّ اسْتِرْجَاعُ الْمُقَيَّدَةِ لَا الْمُبْهَمَةِ، وَأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ اهـ وَاقْتَصَرَ فِي الْبَيَانِ عَلَى حِكَايَةِ الْبُطْلَانِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْيِ الْخِلَافِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مَشَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَطْلَقَهَا بَعْضُ قَلَقٍ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ كَلَامَهُ أَوَّلًا فِي الْمُقَيَّدَةِ ثُمَّ بَالَغَ بِالْإِطْلَاقِ، وَلَوْ شَبَّهَ الْمُطْلَقَةَ بِالْمُقَيَّدَةِ فَقَالَ كَأَنْ أَطْلَقَهَا لَكَانَ أَبَيْنَ وَأَحْسَنَ قَالَهُ الْحَطّ. (لَا) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ (إنْ) كَتَبَهَا بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ إلَى غَيْرِهِ (لَمْ يَسْتَرِدَّهُ) أَيْ الْمُوصِي الْكِتَابَ حَتَّى مَاتَ، وَهُوَ عِنْدَ غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَهَا بِمَوْتِهِ مِنْ مَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي سَفَرٍ مُعَيَّنٍ وَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فِيهِ، أَوْ لَمْ يَمُتْ أَوْ أَطْلَقَهَا تَقَدَّمَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إلَّا أَنْ يَكُونَ كَتَبَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ بَعْدَ قُدُومِهِ أَوْ بُرْئِهِ، وَأَقَرَّهُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَوْلُهَا، وَإِنَّمَا تَنْفُذُ إذَا جَعَلَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَ. (أَوْ قَالَ) الْمُوصِي (مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ) لِي أَوْ مَتَى مِتّ أَوْ إذَا مِتّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ سَفَرٍ مُعَيَّنٍ، وَلَمْ يَكْتُبْهَا أَوْ كَتَبَهَا وَأَخْرَجَهُ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ تَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ فِيهِمَا. عج هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَلَوْ أَسْقَطَهُ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَكْرَارٍ (أَوْ) أَوْصَى بِعَرْصَةٍ، أَيْ أَرْضٍ خَالِيَةٌ لِمُعَيَّنٍ ثُمَّ (بَنَى) الْمُوصِي (الْعَرْصَةَ) دَارًا مَثَلًا فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِبِنَائِهَا (وَاشْتَرَكَا) أَيْ الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِقِيمَتَيْ الْعَرْصَةِ وَالْبِنَاءِ قَائِمًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَبْطُلُ بِهِ سَمِعَ أَصْبَغُ مَنْ أَوْصَى بِمِزْوَدِ حَرِيرَةٍ ثُمَّ لَتَّهَا بِسَمْنٍ وَعَسَلٍ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا بِقَدْرِ لَتِّهَا كَالثَّوْبِ يَصْبَغُهُ، وَالْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ أَوْصَى بِدَارٍ فَهَدَمَهَا أَوْ بِعَرْصَةٍ فَبَنَاهَا فَالْوَصِيَّةُ ثَابِتَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 520 كَإِيصَائِهِ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ لِعَمْرٍو وَلَا بِرَهْنٍ، وَتَزْوِيجِ رَقِيقٍ، وَتَعْلِيمِهِ، وَوَطْءٍ   [منح الجليل] وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، فَفِي الْبُقْعَةِ يَبْنِيهَا وَالدَّارِ يَهْدِمُهَا فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ ثَالِثُهَا بِالْبِنَاءِ لَا بِالْهَدْمِ، وَعَلَى عَدَمِ بُطْلَانِهَا بِبِنَاءِ الْعَرْصَةِ فِي كَوْنِهَا بِبِنَائِهَا نَافِذَةً لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ يُشَارِكُ الْوَرَثَةَ بِالْعَرْصَةِ وَعَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الدَّارِ بِهَدْمِهَا فِي كَوْنِ نَقْضِهَا لِلْمُوصَى لَهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرِهَا. وَشَبَّهَ فِي الِاشْتِرَاكِ فَقَالَ (كَإِيصَائِهِ) أَيْ الْحُرِّ الْمُمَيِّزِ الْمَالِكِ (بِشَيْءٍ) مُعَيَّنٍ كَدَارٍ أَوْ فَرَسٍ (لِزَيْدٍ ثُمَّ) أَوْصَى بِهِ (لِعَمْرٍو) فَلَا يَبْطُلُ إيصَاؤُهُ بِهِ لِزَيْدٍ، وَيَشْتَرِكَانِ بِالنِّصْفِ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِرَجُلٍ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَفِيهَا أَيْضًا إنْ قَالَ الْعَبْدُ الَّذِي أَوْصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ هُوَ وَصِيَّةٌ لِعَمْرٍو فَذَلِكَ رُجُوعٌ. زَادَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ. وَفِيهَا إنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَالْأَخِيرَةُ تَنْقُضُ الْأُولَى؛ إذْ لَا يَشْتَرِكَانِ فِي الْعِتْقِ زَادَ الشَّيْخُ وَقَالَهُ فِي الْوَصَايَا. الثَّالِثُ وَقَالَ فِي الثَّانِي إنْ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَالْعِتْقُ أَوْلَى. الصِّقِلِّيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ مَنْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ أَوْصَى أَنْ يُبَاعَ أَوْ قَالَ: بِيعُوهُ مِنْ فُلَانٍ وَسَمَّى ثَمَنًا، أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَهُوَ رُجُوعٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْآخَرِ وَيُبَاعُ مِمَّنْ سَمَّى وَيَحُطُّ ثُلُثَ ثَمَنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ يَعُودُ مِيرَاثًا. (وَلَا) تَبْطُلُ (بِرَهْنٍ) لِلْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنِ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمُوصِي وَعَلَى الْوَارِثِ تَخْلِيصُهُ وَدَفْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ. ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى بِعَبْدٍ ثُمَّ رَهَنَهُ وَآجَرَهُ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِأَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ وَلَا يُغَيِّرُ الذَّاتَ (وَلَا) تَبْطُلُ بِ (تَزْوِيجِ رَقِيقٍ) مُعَيَّنٍ مُوصًى بِهِ (وَ) لَا بِ (تَعْلِيمِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِهِ بِعَيْنِهِ صَنْعَةً (وَ) لَا تَبْطُلُ بِ (وَطْءٍ) لِلْأَمَةِ الْمُوصَى بِهَا مُعَيَّنَةً. ابْنُ شَاسٍ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ، وَالْوَطْءُ مَعَ الْعَزْلِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ مَسْأَلَةَ التَّزْوِيجِ فِي الْمَذْهَبِ، وَأُصُولُهُ تَقْتَضِيهِ، وَهُوَ نَصُّ الْغَزَالِيِّ وَشَرْطُهُ فِي الْوَطْءِ الْعَزْلَ خِلَافُ النَّصِّ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 521 وَلَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَبَاعَهُ، كَثِيَابِهِ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، بِخِلَافِ مِثْلِهِ وَلَا إنْ جَصَّصَ الدَّارَ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ، أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ،   [منح الجليل] وَلَا) تَبْطُلُ (إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فَبَاعَهُ) أَيْ الْمُوصِي الْمَالَ الْمُوصَى بِثُلُثِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ مَوْتِهِ بَقِيَ بِحَالِهِ أَوْ لَا، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) إيصَائِهِ بِ (ثِيَابِهِ) أَيْ الْمُوصِي مَثَلًا فَبَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا (وَاسْتَخْلَفَ) الْمُوصِي ثِيَابًا (غَيْرَهَا) ابْنُ رُشْدٍ مَنْ عَمَّمَ فِي وَصِيَّتِهِ فَقَالَ: ثِيَابِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ غَنَمِي لِفُلَانٍ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فَاسْتَبْدَلَهَا وَأَعَادَ غَيْرَهَا فَتَفْسُدُ وَصِيَّتُهُ فِيمَا مَلَكَهُ يَوْمَ مَوْتِهِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ أَوْصَى وَمِنْ الْمُفِيدِ لَوْ أَوْصَى بِدَنَانِيرَ فَتَغَيَّرَتْ السِّكَّةُ فَلِلْمُوصَى لَهُ سِكَّةُ النَّاسِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي. الْجَلَّابُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الثِّيَابَ الْأُوَلَ بِأَعْيَانِهَا فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ مِمَّا اسْتَخْلَفَهُ. (أَوْ) أَوْصَى (بِثَوْبٍ) مَثَلًا مُعَيَّنٍ (فَبَاعَهُ) أَيْ الْمُوصِي الثَّوْبَ الْمُوصَى بِهِ (وَاشْتَرَاهُ) أَيْ الْمُوصِي الثَّوْبَ الَّذِي بَاعَهُ فَتَعُودُ وَصِيَّتُهُ بِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ بَاعَ الْعَبْدَ الْمُوصَى بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَفِي رُجُوعِ الْوَصِيَّةِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ مَنْ نَقَلَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَإِنَّمَا نَقَلَ الْبَاجِيَّ وَالصَّقَلِّيُّ الْأَوَّلَ (بِخِلَافِ) بَيْعِ الْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنِ وَشِرَاءِ (مِثْلِهِ) فَيُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسِلَاحِهِ فَيَذْهَبُ سَيْفُهُ وَدِرْعُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي سَيْفًا آخَرَ وَدِرْعًا آخَرَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ فَأَخْلَفَ غَيْرَهُ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، وَأَجْمَلَ فَمَا وَقَعَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الِاسْمُ مِنْ تَرِكَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ. (وَلَا) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ (إنْ جَصَّصَ) الْمُوصَى بِهَا بِعَيْنِهَا أَيْ بَيَّضَهَا بِالْجِصِّ (أَوْ صَبَغَ) الْمُوصِي (الثَّوْبَ) الْمُوصَى بِهِ الْعَيْنَ (أَوْ لَتَّ) الْمُوصِي (السَّوِيقَ) أَيْ دَقِيقَ الْحَبِّ الْمَقْلُوِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 522 فَلِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ، وَفِي نُقْضِ الْعَرْصَةِ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] عَلَى الصَّاجِ بِسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ وَعَسَلٍ (فَهُوَ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ دَارًا كَانَ أَوْ ثَوْبًا أَوْ سَوِيقًا (لِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ جَصَّصَ الدَّارَ أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْ الِاسْمَ عَنْ حَالِهِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا بِقُدُرَاتِهَا وَصَبْغِ الثَّوْبِ وَبِنَاءِ الْعَرْصَةِ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ، وَلَوْ أَوْصَى بِدَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَنَحْوِهَا ثُمَّ هَدَمَهَا فَهَدْمُهَا لَا يُبْطِلُ وَصِيَّتَهُ بِهَا. (وَفِي) اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ (نُقْضِ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ، أَيْ الْحَجَرِ وَالْآجُرِّ وَالْخَشَبِ وَنَحْوَهَا الْمَنْقُوضِ مِنْ (الْعَرْصَةِ) وَعَدَمِهِ (قَوْلَانِ) الْبَاجِيَّ ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَرْصَةٍ فَبَنَاهَا فَأَرَى ذَلِكَ رُجُوعًا، وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ فَهَدَمَهَا فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ فِي النُّقْضِ الَّذِي نَقَضَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا هَدَمَ الدَّارَ فَالْعَرْصَةُ وَالنَّقْضُ لِلْمُوصَى لَهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 523 وَإِنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى، فَالْوَصِيَّتَانِ كَنَوْعَيْنِ، وَدَرَاهِمَ، وَسَبَائِكَ، وَذَهَبٍ، وَفِضَّةٍ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمَا، وَإِنْ تَقَدَّمَ وَإِنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِهِ، عَتَقَ، إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ،   [منح الجليل] أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى (وَإِنْ أَوْصَى) الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ لِشَخْصٍ (بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ) إيصَائِهِ لَهُ بِوَصِيَّةٍ (أُخْرَى) أَيْ مُغَايِرَةٍ لِلْوَصِيَّةِ الْأُولَى فِي الْجِنْسِ كَإِيصَائِهِ لَهُ بِحَيَوَانٍ ثُمَّ إيصَائِهِ لَهُ بِعَقَارٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ (فَالْوَصِيَّتَانِ) مَعًا لِلْمُوصَى لَهُ، وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْوَصِيَّتَيْنِ مَعًا فَقَالَ (كَ) إيصَائِهِ لَهُ بِوَصِيَّتَيْنِ مِنْ (نَوْعَيْنِ) كَرَقِيقٍ وَإِبِلٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ، وَيُعْلَمُ حُكْمُ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ جِنْسًا بِالْأُولَى، أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّوْعِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فَيَشْمَلُ الْجِنْسَ (وَ) كَإِيصَائِهِ لَهُ بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى مِنْ صِنْفَيْنِ كَ (دَرَاهِمَ وَسَبَائِكَ) مِنْ فِضَّةٍ (وَ) كَإِيصَائِهِ لَهُ بِ (ذَهَبٍ) فِي وَقْتٍ (وَ) بِ (فِضَّةٍ) فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَهَاتَانِ مُخَالِفَتَانِ جِنْسًا شَرْعًا وَنَوْعًا لُغَةً (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ الْوَصِيَّتَانِ جِنْسًا وَلَا نَوْعًا وَلَا صِنْفًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَتَا فِي الْقَدْرِ (فَأَكْثَرُهُمَا) لِلْمُوصَى لَهُ إنْ تَأَخَّرَ الْأَكْثَرُ. بَلْ (وَإِنْ تَقَدَّمَ) الْأَكْثَرُ فِي الْإِيصَاءِ فَلَا يَفْسَخُهُ الْأَقَلُّ الْمُتَأَخِّرُ عَنْهُ. ابْنُ شَاسٍ مَنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ آخِرًا بِصِنْفٍ آخَرَ فَلَهُ الْوَصِيَّتَانِ جَمِيعًا، وَهَلْ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ مُتَمَاثِلَانِ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَوْ غَيْرُ مُتَمَاثِلَيْنِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ رُشْدٍ وَهُمَا قَائِمَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا الدَّرَاهِمُ وَالسَّبَائِكُ، فِيهَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ مِنْ صِنْفٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ بِعَدَدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ غَنَمٍ مَثَلًا، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ أَوْ أَقَلَّ فَلَهُ أَكْثَرُ الْوَصِيَّتَيْنِ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ الْأَخِيرَةَ. ابْنُ رُشْدٍ سَوَاءٌ كَانَتَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ أَوْ كِتَابَيْنِ. (وَإِنْ أَوْصَى) الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ (لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ) مَالِ (هـ) أَيْ الْمُوصِي (عَتَقَ) الْعَبْدُ الْمُوصَى لَهُ كُلُّهُ (إنْ حَمَلَهُ) أَيْ الثُّلُثُ الْمُوصَى بِهِ الْعَبْدَ بِأَنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَتَيْنِ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 524 وَأَخَذَ بَاقِيَهُ، وَإِلَّا، قُوِّمَ فِي مَالِهِ   [منح الجليل] مِائَةٌ (وَ) إنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ عَتَقَ جَمِيعُهُ وَ (أَخَذَ) الْعَبْدُ (بَاقِيَهُ) أَيْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً وَتَرَكَ الْمُوصِي ثَلَاثَمِائَةٍ فَالثُّلُثُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَيَأْخُذُ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ، وَلَهُ مَالٌ (قُوِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ (فِي مَالِهِ) أَيْ الْعَبْدِ بِأَنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مِائَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ وَلَهُ مِائَةٌ فَتَرِكَةُ السَّيِّدِ مِائَتَانِ ثُلُثُهَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِزِيَادَتِهَا عَلَيْهِ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ وَهِيَ ثُلُثُ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَتُؤْخَذُ مِنْ مِائَةِ الْعَبْدِ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ وَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ عَتَقَ جَمِيعُهُ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الثُّلُثِ كَانَ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ اسْتَتَمَّ مِنْهُ عِتْقُهُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ إنْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ سُدُسِهِ جَعَلَ ذَلِكَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ أَوْ السُّدُسَ خَرَجَ حُرًّا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَ الْعَبْدِ، وَأَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَبِيَدِ الْعَبْدِ أَلْفُ دِينَارٍ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا ثُلُثُهُ، وَيُوقَفُ الْمَالُ بِيَدِهِ ابْنُ عَرَفَةَ ثَالِثُهَا لِلصَّقَلِّيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ لَا يَعْتِقُ إلَّا ثُلُثُهُ فَقَطْ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ مِنْ ثُلُثِ نَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ فَهُوَ كَمَنْ وَرِثَ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ. قُلْت فَفِي عِتْقِهِ فِيمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ قَصَّرَ عَنْ قِيمَتِهِ اسْتَتَمَّ بِمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ ثَلَاثَةً، هَذَا وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا يَسْتَتِمُّ بِهِ، وَثَالِثُهَا لِلْمُغِيرَةِ لَا يَعْتِقُ غَيْرُ ثُلُثِهِ مُطْلَقًا. طفي فِي رَسْمٍ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَوْصَى لِجَارِيَةٍ بِثُلُثِهِ عَتَقَتْ فِي ثُلُثِهِ وَقُوِّمَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَ عَتَقَ عَلَيْهَا مِنْ نَفْسِهَا شِقْصٌ أَكْمَلَ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِتْقِ نَفْسِهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي رَأْسٍ فَكَانَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فَاَلَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ شِقْصُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَحْرَى أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ مِنْ نَفْسِهِ فِيمَا يَمْلِكُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ فِيمَا أَوْصَى لَهَا بِهِ مَالًا يَتِمُّ بِهِ عِتْقُهَا، وَكَانَ لَهَا مَالٌ قَبْلَ ذَلِكَ عَتَقَتْ فِيهِ وَأُخِذَ مِنْهَا. ابْنُ رُشْدٍ إذَا أَوْصَى لَهَا بِثُلُثِهِ فَقِيلَ لَا يَعْتِقُ مِنْهَا إلَّا الثُّلُثُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ رَأْيِهِ، وَقِيلَ يَعْتِقُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَيُقَوَّمُ بَقِيَّتُهَا عَلَى نَفْسِهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ، فَإِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 525 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ رَقَّ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهَا فِي مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ مِنْ غَيْرِ الثُّلُثِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ إلَى حُرِّيَّتِهَا فِيهِ، وَكَأَنَّهُ أَوْصَى أَنْ تُعْتَقَ وَأَنْ تُعْطَى بَقِيَّتَهُ إنْ فَضَلَ عَنْ رَقَبَتِهَا، وَاخْتَارَ سَحْنُونٌ فَقَالَ: إنَّهُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لَهَا بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ قَصَدَ إلَى حُرِّيَّةِ ثُلُثِهَا، وَأَنْ تُعْطَى بَقِيَّةَ ثُلُثِ مَالِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُعْتَقَ ثُلُثُهَا، وَأَنْ تُعْطَى بَقِيَّةَ ثُلُثِ مَالِهِ، وَلَا تُعْتَقُ فِيهِ، وَلَا فِي مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعِتْقُ لِثُلُثِهَا إذَا أَوْصَى لَهَا بِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهَا مِلْكُهُ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ إيصَائِهِ بِعِتْقِ ثُلُثِهَا وَإِعْطَائِهَا بَقِيَّةَ ثُلُثِ مَالِهِ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا ذَكَرَهُ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ عَلَيْهَا بَعْضَهَا وَجَبَ أَنْ يُقَوَّمَ عَلَيْهَا بَقِيَّتُهَا فِيمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي سَائِرِ مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا فِي عَبْدٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ فِي مَالِهِ اهـ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي مَالِهِ لَيْسَ مَعْنَاهُ ضَمَّهُ لِمَالِ الْمُوصِي وَصَيْرُورَتَهُ مِنْ جُمْلَتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْعَبْدِ بَقِيَّةُ نَفْسِهِ فِي مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَضَلَ فَالثُّلُثُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ بِالْوَصِيَّةِ فَيُقَوَّمُ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ وَيَأْخُذُ بَاقِيَهُ، وَإِنْ قَصُرَ الثُّلُثُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْوَرَثَةِ مِنْ مَالِهِ مَا بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ، وَهَذَا يُنَادِي بِأَنَّ مَالَهُ يَكُونُ لَهُ وَلَا وَجْهَ لِانْتِزَاعِهِ مِنْهُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ، فَلَا تَسَلُّطَ لِلْوَارِثِ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ مِلْكٌ لِلْعَبْدِ يُقِرُّ بِيَدِهِ، وَفِي رَسْمٍ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِثْلُ مَا فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ، وَنَصُّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ إنْ حَمَلَهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ وَلِلْعَبْدِ مَالٌ عَتَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَالِهِ بِقَدْرِ مَا فِي يَدِهِ إنْ كَانَ فِيهَا مَا يَسْتَتِمُّ بِهِ عِتْقَهُ عَتَقَ كُلُّهُ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ ذَلِكَ فَهُوَ فِي نَفْسِهِ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالشُّرَكَاءِ فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ إنْ كَانَ لَهُ، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْعَبْدُ فِي نَفْسِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 526 وَدَخَلَ الْفَقِيرُ فِي الْمِسْكِينِ، كَعَكْسِهِ وَفِي الْأَقَارِبِ، وَالْأَرْحَامِ، وَالْأَهْلِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ، إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَارِبُ لِأَبٍ   [منح الجليل] ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ، فَلَمَّا مَلَكَ الْعَبْدُ ثُلُثَ رَقَبَتِهِ عَتَقَ وَاسْتَتَمَّ عِتْقَ بَقِيَّتِهِ عَلَيْهِ اهـ وَنَقَلَ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا أَطَلْنَا بِذِكْرِ النُّقُولِ الْمُتَدَاخِلَةِ إيضَاحًا لِلْمَسْأَلَةِ، فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهَا مِنْ شُرَّاحِهِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقِ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِمِسْكِينٍ (دَخَلَ الْفَقِيرُ فِي) مَعْنَى (الْمِسْكِينِ) وَشَبَّهَ فِي الدُّخُولِ فَقَالَ (كَعَكْسِهِ) أَيْ دُخُولِ الْمِسْكِينِ فِي الْفَقِيرِ الْمُوصَى لَهُ. ابْنُ شَاسٍ يَدْخُلُ الْفُقَرَاءُ فِي لَفْظِ الْمَسَاكِينِ وَالْعَكْسُ. وَابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى عَدَمِ تَرَادُفِهِمَا، وَهُوَ صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُوصِي عَامِّيًّا، وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِي ضَيْح يَنْبَغِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ تَبَايُنِهِمَا أَنْ لَا يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِأَقَارِبَ أَوْ ذِي رَحِمٍ أَوْ أَهْلِ غَيْرِهِ دَخَلَ (فِي الْأَقَارِبِ وَالْأَرْحَامِ وَالْأَهْلِ أَقَارِبُهُ لِأُمِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ يُوجَدُ (أَقَارِبُ لِأَبٍ) فَإِذَا كَانُوا فَلَا يَدْخُلُ أَقَارِبُ الْأُمِّ. ابْنُ رُشْدٍ مَنْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَ أَوْصَى قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَهِيَ لِلْقَرَابَةِ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ اتِّفَاقًا. ابْنُ زَرْقُونٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ قَرَابَةٌ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ الْأُمِّ بِحَالٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَرَوَى الْإِخْوَانُ دُخُولَهُمْ بِكُلِّ حَالٍ، وَقَالَ عِيسَى لَا يَدْخُلُونَ إلَّا أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ أَحَدٌ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 527 وَالْوَارِثُ، كَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ هُوَ،   [منح الجليل] طفي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا، وَفِي الْحَبْسِ سَوَاءٌ، فَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، وَدَرَجَ هُنَاكَ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفَرَّقَ " ز " بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ مَنْ قَالَ: وَدُخُولُ قَرَابَةِ الْأُمِّ هُنَاكَ مَعَ قَرَابَةِ الْأَبِ قَالَهُ هُنَا، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ هُنَا لَمْ يَقُلْ بِهِ هُنَاكَ كَمَا يَظْهَرُ بِتَصَفُّحِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْحَبْسِ وَالْوَصِيَّةِ وَكَلَامِ التَّوْضِيحِ فِي الْبَابَيْنِ. الْبُنَانِيُّ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَبْسِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ مَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي الْحَبْسِ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَقَارِبُهُ أَقَارِبُ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَالْوَارِثُ) لِغَيْرِ الْمُوصِي الْمُضَافِ إلَيْهِ الْأَقَارِبَ وَالْأَرْحَامَ وَالْأَهْلَ الْمُوصَى لَهُمْ (كَغَيْرِهِ) أَيْ الْوَارِثِ فِي الدُّخُولِ (بِخِلَافِ) إيصَائِهِ لِ (أَقَارِبِهِ هُوَ) أَيْ الْمُوصِي أَوْ لِذِي رَحِمِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَلَا يَدْخُلُ وَارِثُهُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبَ فُلَانٍ دَخَلَ وَارِثُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، بِخِلَافِ أَقَارِبِهِ لِلْقَرِينَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيُؤَثِّرُ فِي الْجَمِيعِ ذُو الْحَاجَةِ، وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ قُلْت ظَاهِرُ لَفْظِهِمَا إطْلَاقُ عَدَمِ دُخُولِ وَرَثَةِ الْمُوصِي فِي قَرَابَتِهِ خِلَافُ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ، أَنَّ مَنْ يَرِثُهُ كَمَنْ لَا يَرِثُهُ فَيَجِبُ حَمْلُ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْوَارِثِ بِالْفِعْلِ، وَلَفْظُ ابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْوَارِثِ بِالسَّبَبِ دُونَ الْفِعْلِ كَابْنِ عَمٍّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 528 وَأُوثِرَ الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ، إلَّا لِبَيَانٍ، فَيُقَدَّمُ الْأَخُ، وَابْنُهُ، عَلَى الْجَدِّ، وَلَا يُخَصُّ   [منح الجليل] وَأَخٍ لِأُمٍّ مَعَ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَفْظَهُمَا إلَّا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ، وَزَادَ وَقِيلَ يُوَزَّعُ فَيُبْطِلُ حَظَّ الْوَارِثِ وَيَصِحُّ الْبَاقِي. قُلْت وَفِي حَمْلِ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْغَزَالِيُّ احْتِمَالٌ وَالْأَظْهَرُ إنْ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّهَا لَا تَجُوزُ لِوَارِثٍ وُزِّعَتْ وَإِلَّا فَلَا. (وَ) إنْ أَوْصَى لِلْأَقَارِبِ أَوْ الْأَرْحَامِ أَوْ الْأَهْلِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (أُوثِرَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ خُصَّ (الْمُحْتَاجُ الْأَبْعَدُ) فِي الْقَرَابَةِ مِنْ غَيْرِهِ لِشِدَّةِ فَقْرِهِ أَوْ كَثْرَةِ عِيَالِهِ أَوْ دِيَتِهِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى غَيْرِهِ لَا بِالْجَمِيعِ، فَالْمُحْتَاجُ الْأَقْرَبُ عَلَى إيثَارِهِ بِالْأَوْلَى فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِبَيَانٍ) مِنْ الْمُوصِي خِلَافِ ذَلِكَ كَأَعْطُوا الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ أَعْطُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا فَيُفَضَّلُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحْوَجَ لَا بِالْجَمِيعِ، وَإِذَا قَالَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ (فَيُقَدَّمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا (الْأَخُ) الشَّقِيقُ أَوْ الْأَبُ (وَابْنُهُ) أَيْ الْأَخِ كَذَلِكَ (عَلَى الْجَدِّ) . ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَتَرَكَ أَبَاهُ وَجَدَّهُ وَأَخَاهُ وَعَمَّهُ وَقُسِّمَ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ وَيُفَضَّلُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، فَأَرَى الْأَخَ أَقْرَبَ ثُمَّ الْجَدَّ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةَ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ فَالشَّقِيقُ أَقْرَبُ ثُمَّ الْأَخُ لِلْأَبِ، فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ مُوسِرًا وَالْأَبْعَدُ مُحْتَاجًا فُضِّلَ الْأَقْرَبُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا عَلَى وَجْهِ مَا أَوْصَى بِهِ، وَلَا يَكْثُرُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ عَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ حَبْسٌ فَالْأَخُ أَوْلَى وَحْدَهُ لَا يَدْخُلُ مَعَهُ غَيْرُهُ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ: يُقَسَّمُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً فَالْأَبُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، وَكَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقَسَّمُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِمْ، وَيُفَضَّلُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. مُحَمَّدٌ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَا لَمْ يَكُونُوا وَرَثَةً وَوَلَدُ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ أَقْرَبُ مِنْ الْجَدِّ، وَهَذَا عَلَى تَرْتِيبِ الْقُرْبِ فِي الْوَلَاءِ وَسَكَتَ عَنْ الْأَخِ لِلْأُمِّ، وَفِي دُخُولِهِ خِلَافٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْحَبْسِ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْأَخِ غَيْرُهُ، مَعْنَاهُ إنْ كَانَتْ وَصِيَّةً بِسُكْنَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَوْ كَانَتْ بِغَلَّةِ حَبْسٍ تُقَسَّمُ عَلَيْهِمْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ دَخَلَ الْأَبْعَدُ مَعَ الْأَقْرَبِ بِالِاجْتِهَادِ. (وَلَا يُخَصُّ) الْمُقَدَّمُ بِالْجَمِيعِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُحْتَاجًا أَبْعَدَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ أَوْ أَقْرَبَ عِنْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 529 وَالزَّوْجَةُ فِي جِيرَانِهِ لَا عَبْدٌ مَعَ سَيِّدِهِ، وَفِي وَلَدٍ صَغِيرٍ وَبِكْرٍ: قَوْلَانِ   [منح الجليل] الْبَيَانِ، فَهُوَ رَاجِعٌ لَهُمَا، وَإِنَّمَا يُعْطَى قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَا يُعْطَى لِغَيْرِهِ أَشْهَبُ لَا يُفَضَّلُ الْأَقْرَبُ وَأَسْعَدُهُمْ بِهِ أَحْوَجُهُمْ. فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَبْدَأُ بِالْفُقَرَاءِ وَيُعْطِي بَعْدَهُمْ الْأَغْنِيَاءَ بِالِاجْتِهَادِ (وَ) إنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تَدْخُلُ (الزَّوْجَةُ) لِجَارِ الْمُوصِي (فِي) إيصَائِهِ (لِجِيرَانِهِ) لَا زَوْجَةُ الْمُوصِي لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ. عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ أُعْطِيَ مِنْهَا الْجَارُ الَّذِي اسْمُ الْمَنْزِلِ لَهُ، وَلَا يُعْطَى أَتْبَاعُهُ وَلَا الصِّبْيَانُ وَلَا ابْنَتُهُ الْبِكْرُ وَلَا خَدَمُهُ وَلَا وَصَيْفُهُ، وَتُعْطَى زَوْجَتُهُ وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ الْبَائِنُ عَنْهُ بِنَفَقَتِهِ، وَالْجَارُ الْمَمْلُوكُ إنْ كَانَ سَكَنَ بَيْتًا عَلَى حِدَتِهِ أُعْطِيَ كَانَ سَيِّدُهُ جَارًا أَوْ لَا وَلِسَحْنُونٍ يُعْطَى وَلَدُهُ الْأَصَاغِرُ وَأَبْكَارُ بَنَاتِهِ (لَا) يُعْطَى مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْجَارِ (عَبْدٌ) لِلْجَارِ سَاكِنٌ (مَعَهُ) أَيْ الْجَارِ فِي بَيْتِهِ. (وَفِي) إعْطَاءِ (وَلَدٍ صَغِيرٍ) لِلْجَارِ (وَ) إعْطَاءِ بِنْتٍ كَبِيرَةٍ (بِكْرٍ) لِلْجَارِ وَعَدَمِ إعْطَائِهِمَا (قَوْلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ فَهُمْ مِنْ الْمَجْهُولِينَ، فَمَنْ وُجِدَ يَوْمَ الْقَسْمِ جَارًا دَخَلَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ انْتَقَلَ بَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ وَحَدَثَ غَيْرُهُمْ أَوْ بَلَغَ صَغِيرًا وَبَلَغَتْ الْبِكْرُ فَذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ، وَكَذَا إنْ كَانَ قَلِيلَ الْجِيرَانِ فَكَثُرُوا، وَإِنْ كَانَتْ غَلَّةً تُقَسَّمُ فَهِيَ لِمَنْ حَضَرَ قَسْمَهَا فِي كُلِّ غَلَّةٍ. الْبِسَاطِيُّ حَقِيقَةُ الْجَارِ هُوَ الْمُلَاصِقُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ، وَالْمُقَابِلُ وَبَيْنَهُمَا شَارِعٌ خَفِيفٌ، فَلَوْ كَانَ سُوقًا أَوْ نَهْرًا فَلَيْسَ بِجَارٍ. وَقَيَّدَ فِي التَّوْضِيحِ السُّوقَ بِالْمُتَّسِعِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَالشَّامِلُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَبْدُ الْمَلِكِ حَدُّ الْجِوَارِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَمَا لَاصَقَ الْمَنْزِلَ مِنْ وَرَائِهِ وَجَنَبَاتِهِ، وَمَا تَبَاعَدَ بَيْنَ الْعُدْوَتَيْنِ حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُمَا السُّوقُ الْمُتَّسِعُ فَلَيْسَ بِجِوَارٍ، فَإِنَّمَا الْجِوَارُ فِيمَا دَنَا مِنْ أَحَدِ الْعُدْوَتَيْنِ، وَقَدْ تَكُونُ دَارٌ عُظْمَى ذَاتُ مَسَاكِنَ كَدَارِ مُعَاوِيَةَ وَكَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ، فَإِنْ أَوْصَى بَعْضُ أَهْلِهَا لِجِيرَانِهِ اقْتَصَرَ لَهُ عَلَى أَهْلِهَا، وَإِنْ سَكَنَهَا رَبُّهَا وَهُوَ الْمُوصِي، فَإِنْ شَغَلَ أَكْثَرَهَا وَسَكَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِيهَا فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ كَانَ خَارِجَهَا لَا لِمَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 530 وَالْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ؛ وَالْأَسْفَلُونَ فِي الْمَوَالِي وَالْحَمْلُ   [منح الجليل] فِيهَا، وَإِنْ سَكَنَ أَقَلَّهَا فَالْوَصِيَّةُ لِمَنْ فِي الدَّارِ فَقَطْ، وَلَوْ شَغَلَهَا كُلَّهَا بِالْكِرَاءِ فَالْوَصِيَّةُ لِلْخَارِجِينَ مِنْهَا مِنْ جِيرَانِهَا. وَقَالَ مِثْلَهُ سَحْنُونٌ. عَبْدُ الْمَلِكِ وَجَارُ الْبَادِيَةِ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا، وَأَشَدُّ بَرَاحًا إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ لِلْمُوصَى، وَرُبَّ جَارٍ عَلَى أَمْيَالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُ جِيرَانٌ، إذَا جَمَعَهُمْ الْمَاءُ فِي الْمَوْرِدِ، وَالْمَسْرَحُ فِي الْمَاشِيَةِ وَبِقَدْرِ مَا يُجْتَهَدُ فِيهِ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ الْجِوَارُ فِي الْقُرَى أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لَيْسَ لَهَا اتِّصَالٌ فِي الْبِنَاءِ، وَالْكَثْرَةُ مِنْ الْأَهْلِ وَالْحَارَاتِ فَهُمْ جِيرَانٌ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةَ الْبِنَاءِ كَقَلْشَانَةَ فَهِيَ كَالْمَدِينَةِ فِي الْجِوَارِ اهـ. (وَ) إنْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ حَامِلٍ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي) الْإِيصَاءِ بِ (الْجَارِيَةِ) إنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فِي كُلِّ حَالٍ (إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ) أَيْ الْمُوصِي الْحَمْلَ فِي حَالِ إيصَائِهِ بِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ كَمَنْ وَضَعَتْهُ فِي حَيَاتِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ يَدْخُلُ الْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُ بِعِتْقِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّيْخِ. طفي قَوْلُهُ وَالْحَمْلُ فِي الْجَارِيَةِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَشْمَلُ الْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهَا، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ خَاصٌّ بِالْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ؛ إذْ الْمُوصَى بِعِتْقِهَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا؛ وَلِذَا قَرَّرَهُ تت عَلَى الْمُوصَى بِهَا لِشَخْصٍ لِيَتَأَتَّى الِاسْتِثْنَاءُ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِلْمَوَالِي دَخَلَ (الْأَسْفَلُونَ) أَيْ الْعُتَقَاءُ (فِي) إيصَائِهِ لِ (مَوَالِي) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ، هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لِلْأَسْفَلَيْنِ فَقَطْ. فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِمَوَالِي فُلَانٍ، وَلَهُ مَوَالٍ أَنْعَمُوا عَلَيْهِ وَمَوَالٍ أَنْعَمَ هُوَ عَلَيْهِمْ كَانَ لِمَوَالِيهِ الْأَسْفَلِينَ دُونَ الْأَعْلَيِينَ، وَلِذَا قَالَ " ج " لَوْ قَالَ: اخْتَصَّ الْأَسْفَلُونَ فِي الْمَوَالِي لَجَرَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِهَا عَلَى مَوَالِي الْمُوصَى وَأَوْلَادِهِمْ وَعُمُومِهَا فِيهِمْ وَفِي مَوَالِي أَبِيهِ وَوَلَدِهِ وَإِخْوَتِهِ وَأَعْمَامِهِ رِوَايَتَا الْعُتْبِيَّةِ (وَ) إنْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ، وَهِيَ حَامِلٌ يَوْمَ إيصَائِهِ دَخَلَ (الْحَمْلُ فِي) إيصَائِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 531 فِي الْوَلَدِ وَالْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فِي عَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ   [منح الجليل] بِ (الْوَلَدِ) سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ وَهْبٍ مَنْ قَالَ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِمَا وَلَدَتْ جَارِيَتِي هَذِهِ أَبَدًا، فَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ أَوْصَى حَامِلًا فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا يَوْمَ أَوْصَى فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا حَدَثَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ وِلَادَتِهَا، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ حَتَّى وَلَدَتْ أَوْلَادًا فَلَهُ كُلُّ مَا وَلَدَتْهُ فِي حَيَاتِهِ كَانَتْ حَامِلًا يَوْمَ أَوْصَى أَوْ لَمْ تَكُنْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ فِيهِمْ، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ حَامِلٌ، وَحَمَلَهَا الثُّلُثُ وَقَفَتْ حَتَّى تَضَعَ فَيَأْخُذَ الْمُوصَى لَهُ بِالْجَنِينِ الْوَلَدَ ثُمَّ يَتَقَاوَمُونَ الْأُمَّ وَالْجَنِينَ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْوَرَثَةُ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ لَهُمْ الْجَنِينَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا. وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يُوقِفُوهَا حَتَّى تَضَعَ، وَإِنْ كَرِهُوا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَسَقَطَتْ الْوَصِيَّةُ لِضَعْفِهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَ الْوَرَثَةُ الْأَمَةَ وَحَمَلَهَا الثُّلُثُ فَقِيلَ يُعْتَقُ جَنِينُهَا وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: لَا يَتِمُّ عِتْقُهَا حَتَّى تَضَعَ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ مَضَى عِتْقُهَا. (وَ) إنْ أَوْصَى لِعَبِيدِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ دَخَلَ الْعَبْدُ (الْمُسْلِمُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ فِي) إيصَائِهِ لِ (عَبِيدِهِ) أَيْ الْمُوصِي (الْمُسْلِمِينَ) وَمَفْهُومُ يَوْمِ الْوَصِيَّةِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ عَبِيدِهِ بَعْدَهُ لَا يَدْخُلُ، وَاسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا عَلِمَ مِنْ أَصْلِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْوَصِيَّةِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ فِيمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ قَالَهُ تت. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا: إنْ قَالَ: إنْ مِتُّ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي مُسْلِمٍ حُرٌّ، وَلَهُ عَبِيدٌ مُسْلِمُونَ وَنَصَارَى ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يُعْتَقُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ كَانَ مُسْلِمًا يَوْمَ إيصَائِهِ، لِأَنِّي لَا أَرَاهُ غَيْرَهُمْ الصِّقِلِّيُّ. بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَعَلَّهُ فَهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ عِتْقَ الْمُسْلِمِينَ بِأَعْيَانِهِمْ وَإِلَّا فَالْأَشْبَهُ دُخُولُ مَنْ أَسْلَمَ فِي وَصِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوصِي فِيمَا يَكُونُ لَهُ يَوْمَ مَوْتِهِ لَا بِأَعْيَانِ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَعِنْدَهُ عَبِيدٌ فَبَاعَهُمْ وَاشْتَرَى آخَرِينَ فَمَاتَ عَنْهُمْ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ فِيهِمْ. وَاخْتُلِفَ لَوْ اشْتَرَى بَعْدَ إيصَائِهِ عَبِيدًا مُسْلِمِينَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَدْخُلُونَ فِي وَصِيَّتِهِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَدْخُلُونَ. مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَبِيدِهِ يَوْمَهُ مُسْلِمُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا يَدْخُلُ فِيهَا. قُلْت: يَرِدُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَنْ صَدَقَ الِاسْمُ عَلَى مُسَمَّاهُ. أَمَّا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 532 لَا الْمَوَالِي فِي تَمِيمٍ، أَوْ بَنِيهِمْ وَلَا الْكَافِرُ فِي ابْنِ السَّبِيلِ، وَلَمْ يَلْزَمْ تَعْمِيمٌ، كَغُزَاةٍ، وَاجْتَهَدَ،   [منح الجليل] فِي سِيَاقِ التَّقْسِيمِ أَوْ الْإِطْلَاقِ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ فِي تَعْيِينِ الْمُسَمَّى لِقَرِينَةِ التَّقْسِيمِ الْمَلْزُومِ لِاعْتِبَارِ الْخَاصَّةِ الَّتِي تَقَرَّرَ بِهَا التَّقْسِيمُ، وَالثَّانِي ظَاهِرٌ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُسَمَّى لِأَصَالَتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ مُوجِبِ التَّعْيِينِ. (لَا) يَدْخُلُ (الْمَوَالِي) الْأَسْفَلُونَ (فِي إيصَائِهِ) لِ (تَمِيمٍ) مَثَلًا عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَقَالَ أَشْهَبُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَدْخُلُونَ لِحَدِيثِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» . ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَدْخُلُ الْمَوَالِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ اتِّفَاقًا، وَفِي دُخُولِهِمْ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَبِيلَةِ. ثَالِثُهَا إنْ قَالَ لِتَمِيمٍ وَلِبَنِي تَمِيمٍ: لَا يَدْخُلُونَ. لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَتِهِ وَتَفْرِقَةِ أَشْهَبَ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ؛ إذْ مِنْ الْقَبَائِلِ مَنْ لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ كَجُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ وَرَبِيعَةَ وَقَيْسٍ. ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَوْصَى لِمَسَاكِين تَمِيمٍ مَثَلًا دَخَلَ فِيهِمْ مَوَالِيهِمْ. (وَ) إنْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِابْنِ السَّبِيلِ فَ (لَا يَدْخُلُ الْكَافِرُ) الْغَرِيبُ (فِي) إيصَاءِ الْمُسْلِمِ لِ (ابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ الْغَرِيبِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِهِ إلَّا الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَانَ الْمُوصِي كَافِرًا فَلَا يَدْخُلُ الْمُسْلِمُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْكَافِرِينَ (وَ) إنْ أَوْصَى لِغَيْرِ مَحْصُورِينَ كَغُزَاةٍ (لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (يَلْزَمْ) مُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ (تَعْمِيمٌ كَغُزَاةٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالزَّايِ جَمْعُ غَازٍ، أَيْ مُجَاهِدٍ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَقْصِدْ لِتَعَذُّرِهِ فَيُعْطِي الْحَاضِرَ مِنْهُمْ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمَجْهُولِينَ لَا يُعْرَفُ عَدَدُهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ كَبَنِي تَمِيمٍ أَوْ الْمَسَاكِينِ، فَإِنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ الْقَسْمَ مِنْهُمْ وَتُقَسَّمُ بِالِاجْتِهَادِ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَعْمِيمَهُمْ (وَاجْتَهَدَ) مُتَوَلِّي قَسْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَجْهُولِينَ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ فِيمَا يُعْطِيهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُمْ فِي قَدْرِ مَا يُعْطِيهِمْ. الْحَطّ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مَجْهُولِينَ غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغُزَاةِ وَبَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي زُهْرَةَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ، وَلَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ، بَلْ يُقَسِّمُ عَلَى الْحَاضِرِ مِنْهُمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 533 كَزَيْدٍ مَعَهُمْ وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَضُرِبَ لِمَجْهُولٍ   [منح الجليل] بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا شَيْءَ لِمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَمَنْ وُلِدَ أَوْ قُدِّمَ قَبْلَهُ اسْتَحَقَّ. وَمَفْهُومُ كَغُزَاةٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مُعَيَّنِينَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ. الْحَطّ إنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ مُعَيَّنِينَ كَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ، وَسَمَّاهُمْ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَحِصَّتُهُ لِوَارِثِهِ وَمَنْ وُلِدَ فَلَا يَدْخُلُ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى لَهُمْ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ، وَلَمْ يُسَمِّهِمْ الْمُوصِي كَقَوْلِهِ لِأَوْلَادِ فُلَانٍ أَوْ لِإِخْوَتِي وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ أَخْوَالِي وَأَوْلَادِهِمْ فَقِيلَ: هُمْ كَالْمُعَيَّنِينَ فِي لُزُومِ التَّعْمِيمِ وَالتَّسْوِيَةِ، وَانْتِقَالِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ لِوَارِثِهِ وَعَدَمِ دُخُولِ مَنْ وُلِدَ وَقِيلَ كَالْمَجْهُولِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقَسَّمُ عَلَى مَنْ حَضَرَ وَلَا شَيْءَ. لِوَرَثَةِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَيَدْخُلُ مَنْ وُلِدَ قَبْلَهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، فَفَهِمَ سَحْنُونٌ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَا بِقَوْلَيْنِ، بَلْ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ لِمَنْ حَضَرَ وَأَنَّهُ يُقَسَّمُ بِالسَّوِيَّةِ، قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فُقَرَاءَ الرِّبَاطِ وَالْمَدْرَسَةِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَشَبَّهَ فِي الِاجْتِهَادِ فَقَالَ (كَ) إيصَائِهِ لِمَجْهُولِينَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَ (زَيْدٍ مَعَهُمْ) أَيْ الْمَجْهُولِينَ غَيْرِ الْمَحْصُورَيْنِ فَيَجْتَهِدُ فِيمَا يُعْطِي لِزَيْدٍ مِنْ الْمُوصَى بِهِ. فِيهَا مَنْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ وَلِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي السَّبِيلِ، أَوْ الْفُقَرَاءِ، أَوْ الْيَتَامَى يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ بِحَسَبِ فَقْرِهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ قَسْمِهِ فَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ وَالثُّلُثُ كُلُّهُ لِلْمَسَاكِينِ (وَلَا شَيْءَ) مِنْ الْمُوصَى بِهِ (لِوَارِثِهِ) أَيْ زَيْدٍ إنْ مَاتَ (قَبْلَ الْقَسْمِ) وَصَارَ الْمُوصَى بِهِ كُلُّهُ لِلْغُزَاةِ مَثَلًا وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ زَيْدٌ فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا. (وَ) إنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِمُعَيَّنٍ وَبِعَدَدٍ مِنْهَا لِشِرَاءِ خُبْزٍ وَتَفْرِقَتِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ كُلَّ يَوْمٍ وَبِعَدَدٍ مِنْهُمَا أَيْضًا لِتَسْبِيلِ مَاءٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَمْ يُسَمِّ جُمْلَةَ مَا لِلْخَبَرِ وَلَا جُمْلَةَ مَا لِلْمَاءِ (ضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ حُوسِبَ فِي تَنْفِيذِ الْوَصَايَا (لِمَجْهُولٍ) جُمْلَتُهُ وَاحِدٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 534 فَأَكْثَرَ بِالثُّلُثِ، وَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى الْحِصَصِ قَوْلَانِ   [منح الجليل] فَأَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدٍ وَصِلَةُ ضَرَبَ (بِ) جَمِيعِ (الثُّلُثِ) لِمَالِ الْمُوصِي، وَزِيدَ عَلَيْهِ الْمَعْلُومُ، وَقُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا، فَمَا نَابَ الْمُعَيَّنَ مِنْ الثُّلُثِ أَخَذَهُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ، وَمَا نَابَ الْمَجْهُولَ وُقِفَ عِنْدَ أَمِينٍ وَصُرِفَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ الْقَدْرُ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوصِي فِي الْخُبْزِ وَالْمَاءِ حَتَّى يَفْرُغَ. وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَجْهُولُ فَ (هَلْ يُقْسَمُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ السِّينِ مَا نَابَ الْمَجْهُولَ الْمُتَعَدِّدَ مِنْ قِسْمَةِ الثُّلُثِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمَعْلُومِ (عَلَى الْحِصَّةِ) الَّتِي لِكُلِّ مَجْهُولٍ مِنْ مَجْمُوعِ الْمَجْهُولِينَ أَوْ الْمَجْهُولَاتِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الْجِهَاتِ الْمَجْهُولَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُهَا، فِي الْجَوَابِ (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ يُخْرَجُ كُلَّ يَوْمٍ إلَى غَيْرِ أَمَدٍ مِنْ وَقِيدِ مَسْجِدٍ وَسِقَاءِ مَاءٍ أَوْ خُبْزٍ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَبَدًا وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ لِهَذَا الْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ، وَتُوقَفُ لَهُ حِصَّتُهُ وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. وَفِي الزَّاهِيِّ أَشْهَبُ يُحَاصِصُ لَهُ بِالْمَالِ أَجْمَعَ لِاحْتِمَالِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ وَالصِّقِلِّيُّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ. قِيلَ: مَحْمَلُهُ أَنَّ الْمُوصِيَ أَرَادَ جَمِيعَ الْمَالِ فَيُقَالُ لِوَرَثَتِهِ أُجِيزُوا وَصِيَّتَهُ، فَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا رَجَعَ لِلثُّلُثِ، وَقِيلَ مَحْمَلُهَا الثُّلُثُ يُقَالُ لَهُمْ شَيْءٌ، وَهَذَا أَبْيَنُ. وَاخْتُلِفَ إنْ اجْتَمَعَ فِيهَا مَجْهُولَانِ كَعِمَارَةِ مَسْجِدٍ وَإِطْعَامِ مَسَاكِينِ فَقِيلَ هِيَ كَمَجْهُولٍ وَاحِدٍ. وَقِيلَ لِكُلِّ وَصِيَّةٍ مِنْهَا ثُلُثٌ وَعَزَا الشَّيْخُ الْأَوَّلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْبَاجِيَّ، وَحَكَى الصِّقِلِّيُّ الْقَوْلَيْنِ. وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْقَسْمِ، فَعَلَى أَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَاحِدَةٌ بِثُلُثٍ وَاحِدٍ يُفَضُّ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ، وَعَلَى أَنَّهَا وَصَايَا، وَلَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ يَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. قُلْت عَزَا الصِّقِلِّيُّ التَّخْرِيجَ الْأَوَّلَ لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ، قَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لِقَوْلِهِ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَى عَدَدِ الْمَجْهُولَاتِ. اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِمَعْلُومِ عَدَدٍ فَذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِيمَا يُحَاصِصُ بِهِ الْمَجْهُولَ، إنْ كَانَ وَاحِدٌ فَهَلْ يُحَاصِصُ بِالثُّلُثِ أَوْ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَمَنْ جَعَلَهَا وَصَايَا ضَرَبَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 535 وَالْمُوصَى بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ، يُزَادُ لِثُلُثِ قِيمَتِهِ ثُمَّ اُسْتُؤْنِيَ، ثُمَّ وُرِثَ وَبِبَيْعٍ مِمَّنْ أَحَبَّ بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ   [منح الجليل] لِكُلِّ مَجْهُولٍ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ بِالثُّلُثِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ لِجَمِيعِهَا ثُلُثًا وَاحِدًا أَحْسَنُ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَبِرُبُعِ مَالِهِ وَبِأَشْيَاءَ بِأَعْيَانِهَا لِقَوْمٍ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ الْمُعَيَّنَاتِ، وَإِلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَقُسِمَ عَلَيْهَا ثُلُثُ الْمَالِ، فَمَا صَارَ لِأَصْحَابِ الْمُعَيَّنَاتِ أَخَذُوهُ وَمَا صَارَ لِلْآخَرِينَ شَارَكُوا بِهِ الْوَرَثَةَ. (وَ) إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدِ فُلَانٍ وَعِتْقِهِ سِيمَ الْعَبْدُ (الْمُوصَى) بِفَتْحِ الصَّادِ (بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ) بِثَمَنِ مِثْلِهِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ أَبَى مَالِكُهُ مِنْ بَيْعِهِ بِهِ فَ (يُزَادُ) عَلَيْهِ (لِثُلُثِ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ أَصْبَغُ لِثُلُثِ الْمَالِ (ثُمَّ) إنْ أَبَى رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ (اُسْتُؤْنِيَ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ، أَيْ تَرَبَّصَ بِالْقِيمَةِ وَثُلُثِهَا، وَلَا يَسْتَعْجِلُ بِرَدِّهِمَا الْوَرَثَةُ عَسَى أَنْ يَرْضَى بِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ آبِيًا مِنْ بَيْعِهِ بِهِمَا (وُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ الْمُسْتَأْنَى بِهِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مُدَّةُ الِاسْتِينَاءِ سَنَةٌ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا إنْ أَوْصَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ لِيُعْتَقَ فَإِنَّهُ يُزَادُ فِيهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ ثَمَنِهِ لَا ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنْ يُزَادَ، فَإِنْ أَبَى رَبُّهُ بَيْعَهُ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُسْتَأْنَى بِثَمَنِهِ، فَإِنْ بِيعَ وَإِلَّا رُدَّ ثَمَنُهُ مِيرَاثًا، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ يُوقَفُ الثَّمَنُ مَا رُجِيَ بَيْعُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ، فَحَمَلَ الصِّقِلِّيُّ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ عَلَى الْوِفَاقِ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى الْخِلَافِ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى. الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ خَالَفَ ابْنُ وَهْبٍ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَالَ: يُزَادُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِبَيْعٍ) لِرَقِيقِهِ (مِمَّنْ أَحَبَّ) هـ الرَّقِيقُ وَأَحَبَّ أَنْ يُبَاعَ لِفُلَانٍ، فَإِنْ دَفَعَ فِيهِ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِيعَ لَهُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ شِرَائِهِ (بَعْدَ النَّقْصِ) الثُّلُثَ قِيمَتَهُ فَ (كَالْإِبَايَةِ) مِنْ بَيْعِ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فِي رُجُوعِ الْجَمِيعِ مِيرَاثًا وَبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ. " غ " وَيَبِيعُ مِمَّنْ أَحَبَّ بَعْدَ النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ، أَيْ وَإِنْ أَوْصَى سَيِّدُهُ بِبَيْعِهِ مِمَّنْ أَحَبَّ اُسْتُؤْنِيَ ثُمَّ وَرِثَ بَعْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 536 وَاشْتِرَاءٍ لِفُلَانٍ، وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ، وَلِزِيَادَةٍ: فَلِلْمُوصَى لَهُ   [منح الجليل] النَّقْصِ وَالْإِبَايَةِ، فَلَفْظُ الْإِبَايَةِ مَعْطُوفٌ بِالْوَاوِ عَلَى النَّقْصِ، كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْكَافِ مَكَانَ الْوَاوِ وَلَا مَعْنَى لَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّقْصَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الزِّيَادَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَاعْتَرَضَ عج قَوْلَ " غ " اُسْتُؤْنِيَ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ اسْتِينَاءً، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بَعْدَ النَّقْصِ، وَالْإِبَايَةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِأَنَّ هَذِهِ لَا عِتْقَ فِيهَا بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ: بِيعُوا عَبْدِي مِمَّنْ أُحِبُّ أَوْ مِمَّنْ يَعْتِقُهُ فَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِهِ لَا ثُلُثِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي وَضِيعَةً أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ أَحَبَّ بَيْنَ بَيْعِهِ بِمَا سِيمَ بِهِ وَعِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ، وَرَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ وَضَيْعَةِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ. ابْنُ وَهْبٍ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا. ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَأَمَّا الَّذِي يُبَاعُ مِمَّنْ يَعْتِقُهُ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ بَيْعِهِ مِنْهُ بِمَا أَعْطَى أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمَبِيعِ لِلْعِتْقِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ بِمَا هُوَ أَصْوَبُ، وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - "، وَرَوَى أَشْهَبُ فِيهِ وَفِي الْمَبِيعِ مِمَّنْ أُحِبُّ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَلَمْ يَجِدُوا مَنْ يَأْخُذُهُ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ اُسْتُؤْنِيَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرُوا فِي بَيْعِهِ بِوَضِيعَةِ ثُلُثِ ثَمَنِهِ وَفِي عِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ مِنْهُ. (وَ) إنْ أَوْصَى بِ (اشْتِرَاءِ) عَبْدِ فُلَانٍ وَإِعْطَائِهِ (لِفُلَانٍ) آخَرَ فَإِنْ أَبَى بَيْعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ زِيدَ عَلَيْهِ قَدْرُ ثُلُثِهِ (وَ) إنْ أَبَى (بُخْلًا بِ) بَيْعِ (هـ بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ وَرَجَعَ الثَّمَنُ مِيرَاثًا (وَ) إنْ أَبَى (لِ) طَلَبِ (زِيَادَةٍ) عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَثُلُثِهِ (فَ) الثَّمَنُ وَثُلُثُهُ (لِلْمُوصَى لَهُ بِزِيَادَتِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ: اشْتَرُوا عَبْدَ فُلَانٍ لِفُلَانٍ فَامْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ زِيدَ فِي ثَمَنِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ ثَمَنِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ بَيْعِهِ بِذَلِكَ لِيَزْدَادَ ثَمَنًا دَفَعَ ثَمَنَهُ وَثُلُثَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 537 وَبِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ نُقِصَ ثُلُثُهُ، وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي بَيْعِهِ، أَوْ عِتْقِ ثُلُثِهِ، أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ لِفُلَانٍ؛ فِي: لَهُ وَبِعِتْقِ عَبْدٍ لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْحَاضِرِ، وُقِفَ، إنْ كَانَ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ، وَإِلَّا عُجِّلَ عِتْقُ ثُلُثِ الْحَاضِرِ، ثُمَّ تُمِّمَ مِنْهُ   [منح الجليل] لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ غِبْطَةً بِهِ عَادَ ذَلِكَ مِيرَاثًا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ امْتَنَعَ لِزِيَادَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ فَلَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَكْثَرُ مِنْ زِيَادَةِ ثُلُثِ الثَّمَنِ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ الْعَبْدِ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ رَجَعَ الْمَالُ مِيرَاثًا وَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِبَيْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ (لِعِتْقٍ) مِمَّنْ يَشْتَرِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ (نُقِصَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (ثُلُثُهُ) أَيْ الثَّمَنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِوَضِيعَةِ الثُّلُثِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً (الْوَارِثُ) لِلْمُوصَى (فِي بَيْعِهِ) أَيْ الرَّقِيقِ بِمَا سَامَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي (أَوْ عِتْقِ ثُلُثِ الْعَبْدِ) بَتْلًا (أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ) أَيْ إعْطَاءِ ثُلُثِ الْعَبْدِ (لِفُلَانٍ فِي) إيصَائِهِ بِبَيْعِهِ (لَهُ) أَيْ فُلَانٍ. (وَ) إنْ أَوْصَى (بِعِتْقِ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ (وَلَا يَخْرُجُ) الْعَبْدُ الْمُعَيَّنُ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ (مِنْ ثُلُثِ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ عَلَيْهِ (وَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ) الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ (وُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْعَبْدُ عَنْ الْعِتْقِ (إنْ كَانَ) يُرْجَى إجْمَاعُ الْمَالِ (لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ) فَإِنْ اجْتَمَعَ الْمَالُ، وَحَمَلَ ثُلُثُهُ الْعَبْدَ عَتَقَ جَمِيعُهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ اجْتِمَاعَ الْمَالِ إلَّا بَعْدَ أَشْهُرٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يَحِدَّهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَحَدَّهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِسَنَةٍ (عُجِّلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (عِتْقُ) جُزْءٍ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ (ثُلُثِ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ ثُمَّ تُمِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا عِتْقُهُ مِنْ الْمَالِ الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ، فَكُلَّمَا يَحْضُرُ شَيْءٌ مِنْ الْغَائِبِ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ عِتْقُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ لَهُ وَمَالٌ غَائِبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُوقَفُ لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ قُوِّمَ فِي ثُلُثِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَعْتِقُوا مِنِّي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 538 وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ بِمَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَهُ، إلَّا لِتُبَيِّنَّ عُذْرٍ   [منح الجليل] ثُلُثَ الْحَاضِرِ السَّاعَةَ. سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةَ فِيمَا يَبْعُدُ اجْتِمَاعُهُ وَيَطُولُ. عِيَاضٌ هَذَا نَحْوُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إذَا طَالَ ذَلِكَ كَالْأَشْهُرِ وَالسَّنَةِ أُنْفِذَ الثُّلُثُ. وَفَسَّرَ أَشْهَبُ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ يُعْتَقَ مِنْهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ ثُمَّ مَا يَقْتَضِي مِنْ الْغَائِبِ يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ قَدْرُ ثُلُثِهِ. وَأَبُو عِمْرَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِم. الصِّقِلِّيُّ قَوْلُ سَحْنُونٍ إلَّا أَنْ يَضُرَّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةَ فِيمَا يَبْعُدُ جَمْعُهُ، وَيَطُولُ مِثْلُهُ رُوِيَ أَشْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبِضُ إلَى أَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ أَوْ عَرَضٍ يُبَاعُ وَمَا يَبْعُدُ جِدًّا وَتَبْعُدُ غَيْبَتُهُ فَلْيُجْعَلْ عِتْقُهُ فِي ثُلُثِ الْحَاضِرِ، وَيُوقَفُ بَاقِيهِ كُلَّمَا حَضَرَ شَيْءٌ زِيدَ فِيهِ عِتْقُ ثُلُثِهِ وَلَا يُوقَفُ جَمِيعُ الْعَبْدِ وَإِنْ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَمْ يَأْخُذْ سَحْنُونٌ يَقُولُ أَشْهَبُ، وَقَالَ لَوْ كَانَ هَذَا لَأَجْزَأَ الْمَيِّتَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى ثُلُثَ الْحَاضِرِ، وَصَارَ بَاقِي الْعَبْدِ مَوْقُوفًا عَلَى الْوَرَثَةِ. مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الْمَالُ الْغَائِبُ غَيْرَ بَعِيدٍ انْتَظَرَ، وَإِنْ بَعُدَ كَالْأَشْهُرِ الْكَثِيرَةِ أَوْ السَّنَةِ أَنْفَذَ ثُلُثَ الْحَاضِرِ وَأَنْفَذَ الْمِيرَاثَ. ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ انْتَظَرَ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَخُرَاسَانَ مِنْ مِصْرَ وَالْأَنْدَلُسِ عَتَقَ الْآنَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَكُلَّمَا حَضَرَ شَيْءٌ مِنْ الْغَائِبِ زِيدَ فِي عِتْقِهِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَا حَضَرَ، وَإِذَا بَعُدَتْ الْغَيْبَةُ مِثْلَ خُرَاسَانَ جَازَ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ ثُلُثَيْهِ. وَاخْتُلِفَ إنْ قَدِمَ الْغَائِبُ هَلْ يَنْقُضُ الْبَيْعَ لِيَعْتِقَ مَا بَقِيَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ الْعِلْمِ بِهَذَا. (وَ) إنْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ فَأَجَازَهُ وَارِثُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ (لَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ آخَرَ، أَوْ الزَّائِدَةَ عَلَى الثُّلُثِ إنْ كَانَتْ الْإِجَازَةُ (بِمَرَضٍ) لِلْمُوصِي مَخُوفٍ (لَمْ يَصِحَّ) الْمُوصَى (بَعْدَهُ) أَيْ الْمَرَضِ صِحَّةً بَيِّنَةً وَمَاتَ مِنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِتَبَيُّنِ عُذْرٍ) لِلْمُجِيزِ فِي إجَازَتِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 539 بِكَوْنِهِ فِي نَفَقَتِهِ، أَوْ دَيْنِهِ أَوْ سُلْطَانِهِ، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، لَا بِصِحَّةٍ وَلَوْ بِكَسَفَرٍ،   [منح الجليل] مُصَوَّرٍ (بِكَوْنِهِ) أَيْ الْمُجِيزِ (فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ الْمُوصِي وَخَافَ الْوَارِثُ إنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّتَهُ الْمَذْكُورَةَ بِقَطْعِ نَفَقَتِهِ عَنْهُ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ لَهَا (أَوْ) فِي (دَيْنِهِ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ الْمُوصَى، أَيْ كَوْنُ الْوَارِثِ مَدِينًا لِلْمُوصِي بِدَيْنٍ عَاجِزٍ عَنْ وَفَائِهِ وَخَافَ إنْ لَمْ يُجِزْهَا يَحْبِسُهُ فِي دَيْنِهِ مَثَلًا (أَوْ) خَوْفِ الْوَارِثِ مِنْ الْمُوصِي لِ (سُلْطَانِهِ) أَيْ جَاهِ الْمُوصِي وَقُوَّتِهِ وَ (إلَّا أَنْ) يَدَّعِيَ الْوَارِثُ أَنَّهُ جَهِلَ لَهُ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَ (يَحْلِفُ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلَهُ) أَيْ الْمُجِيزُ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمُجِيزَ (جَهِلَ أَنَّ لَهُ) أَيْ الْمُجِيزِ (الرَّدَّ) لِلْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ كَمَا لَا تَلْزَمُهُ إجَازَتُهُ فِي صِحَّةِ الْمُوصَى، وَلَا إجَازَتُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً (لَا) تَلْزَمُ الْوَارِثَ إجَازَتُهُ الْوَصِيَّةَ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ الثُّلُثِ (بِصِحَّةٍ) لِلْمُوصَى أَوْ بِمَرَضِهِ الَّذِي صَحَّ بَعْدَهُ صِحَّةً بَيِّنَةً إنْ كَانَتْ بِحَضَرٍ. بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (بِسَفَرٍ) مِنْ الْمُوصَى فَلَا تَلْزَمُ الْوَارِثَ اُنْظُرْ الصِّحَّةَ الْمُوصَى قَالَهُ مُحَمَّدٌ أَصْبَغُ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لُزُومَهَا بِسَفَرٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ تَنْزِيلًا لِلسَّفَرِ مَنْزِلَةَ الْمَرَضِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قُلْت مَنْ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَجَازَ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَ الْمُوصِي إجَازَتَهُ، أَوْ بَعْدَ طَلَبِهَا، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنْ اسْتَأْذَنَهُمْ فِي ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَأَذِنُوا لَهُ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَائِنًا عَنْهُ مِنْ وَلَدِ أَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَمَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ مِنْ وَلَدٍ قَدْ احْتَلَمَ وَبَنَاتِهِ وَزَوْجَاتِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَكَذَا ابْنُ الْعَمِّ الْوَارِثِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، وَيَخَافُ إنْ مَنَعَهُ وَصَحَّ أَنْ يَضْرِبَهُ فِي مَنْعِ رَفْدِهِ فَلِهَؤُلَاءِ أَنْ يَرْجِعُوا إذَا رَأَى أَنَّ إجَازَتَهُمْ خَوْفًا مِمَّا ذَكَرْنَا إلَّا أَنْ يُجِيزُوا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَتْ حَالَتُهُمْ مُرْضِيَةً، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْبِكْرِ وَلَا الِابْنِ السَّفِيهِ وَإِنْ لَمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 540 وَالْوَارِثُ يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ، وَعَكْسُهُ الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ   [منح الجليل] يَرْجِعَا. ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ كَانَتْ فِي الْمَرَضِ وَلَمْ تَتَخَلَّلْهُ صِحَّةٌ فَكَالْمَوْتِ عَلَى الْأَشْهَرِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ عُذْرٌ مِنْ كَوْنِهِ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْ دَيْنُهُ أَوْ سُلْطَانُهُ، فَإِنْ قَالَ مَا عَلِمْت أَنَّ لِي رَدَّهَا، وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ حَلَفَ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ: مَنْ أَوْصَى مَا لِوَارِثِهِ فَأَنْفَذَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَجُوزُ لَهُ، فَرَوَى مُحَمَّدٌ يَحْلِفُ مَا عَلِمَ، وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ قُلْت: مِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ، وَفِي الشُّفْعَةِ مِنْهَا مِنْ عِوَضٍ مِنْ صَدَقَتِهِ، وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّهُ يَلْزَمُنِي فَلْيَرْجِعْ فِي عِوَضِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَصْلِ، وَهُوَ مَنْ دَفَعَ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ جَاهِلًا، ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِيهِ مِنْهُ مَسْأَلَةُ كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ، وَيَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا أَنْفَذَ بِحَالٍ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ جَهِلَ، إذْ لَا عُذْرَ لَهُ فِي جَهْلِهِ، وَالثَّانِي لَهُ الرُّجُوعُ إنْ ادَّعَى الْجَهْلَ، وَأَشْبَهَ بِيَمِينِهِ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَالثَّالِثُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ جَهِلَ بِدَلِيلٍ يُقِيمُهُ عَلَى ذَلِكَ. (وَالْوَارِثُ) لِلْمُوصِي الَّذِي أَوْصَى لَهُ (يَصِيرُ غَيْرَ وَارِثٍ) لَهُ بِوِلَادَةِ مَنْ حَجَبَهُ بَعْدَ إيصَائِهِ لَهُ كَإِيصَائِهِ لِأَخِيهِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ اُعْتُبِرَ مَآلُهُ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُ (وَعَكْسُهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ غَيْرُ الْوَارِثِ لِلْمُوصِي يَصِيرُ وَارِثُهُ بِمَوْتِ مَنْ يَحْجُبُهُ كَإِيصَائِهِ لِأَخِيهِ، وَلَهُ ابْنٌ فَمَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الْمُوصِي (الْمُعْتَبَرُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِهِ (مَآلُهُ) بِمَدِّ الْهَمْزِ، أَيْ مَا آلَ أَمْرُ الْمُوصَى لَهُ إلَيْهِ فَتَنْفُذُ فِي الْأَصْلِ، وَلَا تَنْفُذُ فِي عَكْسِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَهُوَ رَشِيدٌ إنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُ الْمُوصَى لَهُ، بَلْ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمُوصِي بِصَيْرُورَةِ وَارِثِهِ الْمُوصَى لَهُ غَيْرَ وَارِثٍ. فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَوْصَى لِأَخِيهِ بِوَصِيَّةٍ فِي مَرَضٍ أَوْ صِحَّةٍ، وَهُوَ وَارِثُهُ فَلَا يَجُوزُ، فَإِنْ وُلِدَ لَهُ ابْنٌ يَحْجُبُهُ فَيَجُوزُ إنْ عَلِمَ بِالْوَلَدِ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَصَارَ مُجِيزًا لَهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ: الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ جَائِزَةٌ عَلِمَ الْمُوصِي بِوَلَدِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَارِثًا، وَمَنْ أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ لِامْرَأَةٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 541 وَاجْتُهِدَ فِي ثَمَنِ مُشْتَرًى لِظِهَارٍ، أَوْ لِتَطَوُّعٍ بِقَدْرِ الْمَالِ،   [منح الجليل] ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ مَاتَ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ مَنْ أَوْصَى لِابْنِهِ، وَهُوَ عَبْدٌ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَلَمْ يَمُتْ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ، وَأَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لِتَصْوِيبِهِ اللَّخْمِيُّ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. (وَ) إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ وَعِتْقِهَا كَفَّارَةً لِظِهَارِهِ مَثَلًا أَوْ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُسَمِّ مَا تُشْتَرَى بِهِ (اجْتَهَدَ) الْوَصِيُّ (فِي) قَدْرِ (ثَمَنِ) رَقِيقٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (لِ) يُعْتَقَ فِي كَفَّارَةِ (ظِهَارٍ) مَثَلًا عَلَى الْمُوصِي (أَوْ) لِ (تَطَوُّعٍ) فَيَجْتَهِدُ (بِقَدْرِ الْمَالِ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمُوصِي فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ مِائَةً كَمَنْ تَرَكَ أَلْفًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقَبَةٍ تُشْتَرَى وَلَمْ يَمَسَّ ثَمَنًا أُخْرِجَتْ بِالِاجْتِهَادِ بِقَدْرِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ، وَكَذَا إنْ قَالَ عَنْ ظِهَارِي. الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُنْظَرُ إلَى قِلَّةٍ، وَلَا إلَى كَثْرَةٍ وَتُشْتَرَى رَقَبَةٌ وَسَطٌ كَمَا فِي الْغُرَّةِ، وَيُحَاصَصُ بِهَا أَهْلُ الْوَصَايَا، هَذَا الِاسْتِحْسَانُ وَالْقِيَاسُ الْمُحَاصَّةُ بِأَدْنَى الْقِيَمِ مِمَّا يُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ وَقَتْلِ النَّفْسِ، وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ كَمَا فِي الْمُتَزَوِّجِ عَلَى خَادِمٍ أَنَّهَا مِنْ الْوَسَطِ. اللَّخْمِيُّ الْوَسَطُ مَعَ عَدَمِ الْوَصَايَا، فَإِنْ كَانَتْ وَضَاقَ الثُّلُثُ رَجَعَ إلَى أَدْنَى الرِّقَابِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا قَصَدَ إنْفَاذَ وَصَايَاهُ جُمْلَةً اُنْظُرْ تَمَامَهُ فِي الْحَاشِيَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 542 فَإِنْ سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ يَسِيرًا، أَوْ قَلَّ الثُّلُثُ، شُورِكَ بِهِ فِي عَبْدٍ، وَإِلَّا فَآخِرُ نَجْمٍ مُكَاتَبٍ، وَإِنْ عَتَقَ فَظَهَرَ دَيْنٌ يَرُدُّهُ أَوْ بَعْضَهُ، رُقَّ الْمُقَابِلُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ؛   [منح الجليل] فَإِنْ) كَانَ (سَمَّى) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا الْمُوصِي (فِي) إيصَائِهِ بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لِعِتْقِ (تَطَوُّعٍ) ثَمَنًا (يَسِيرًا) لَا يَبْلُغُ ثَمَنَ رَقَبَةٍ (أَوْ) سَمَّى كَثِيرًا وَ (قَلَّ الثُّلُثُ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَنْ ثَمَنِ رَقَبَةٍ (شُورِكَ) بِضَمِّ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (بِهِ) أَيْ الْمُسَمَّى أَوْ الثُّلُثِ الْقَلِيلِ (فِي) شِرَاءِ (رَقَبَةٍ) لِلْعِتْقِ إنْ وُجِدَ مَنْ يُشَارِكُ فِي شِرَائِهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُشَارِكُ فِي رَقَبَةٍ (فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ) يُعَانُ عَلَيْهِ بِالْمُسَمَّى أَوْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ سَمَّى ثَمَنًا لَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ اشْتَرَى بِثُلُثِهِ إنْ كَانَ فِيهِ مَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ فِي التَّطَوُّعِ شُورِكَ فِي رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أُعِينَ بِهِ مُكَاتَبٌ فِي آخِرِ نُجُومِهِ. (وَإِنْ) سَمَّى ثَمَنًا تُشْتَرَى بِهِ رَقَبَةٌ، وَتُعْتَقُ فَاشْتَرَى بِهِ الْوَصِيُّ رَقَبَةً وَ (أَعْتَقَهَا) عَنْ الْمُوصِي (فَظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ) مُسْتَغْرِقٌ جَمِيعَ مَا تَرَكَهُ الْمُوصِي (يَرُدُّهُ) أَيْ الدَّيْنَ الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلرَّقَبَةِ (أَوْ) يَرُدُّ (بَعْضَهُ) أَيْ الْعَبْدَ لِلرَّقَبَةِ لِعَدَمِ اسْتِغْرَاقِهِ جَمِيعَ التَّرِكَةِ (رُقَّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (الْمُقَابِلُ) لِلدَّيْنِ، وَهُوَ جَمِيعُ الرَّقَبَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَبَعْضُهَا فِي الثَّانِيَةِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِنْ سَمَّى ثَمَنًا فِيهِ كَفَافُ الثُّلُثِ فَاشْتَرَاهَا الْوَصِيُّ بِهِ وَأَعْتَقَهَا عَنْهُ، ثُمَّ لَحِقَ الْمَيِّتَ يَغْتَرِقُ جَمِيعَ مَالِهِ رُدَّ الْعَبْدُ رِقًّا. وَإِنْ لَمْ يَغْتَرِقْ الدَّيْنُ جَمِيعَ مَالِهِ رُدَّ الْعَبْدُ، وَأُعْطِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ ثُمَّ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الدَّيْنَ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يَمْضِي الْعِتْقُ وَيَغْرَمُ الْوَصِيُّ. اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَلَمْ يُعْتَقْ لِنَفْسِهِ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ تَبَيَّنَ تَفْرِيطُهُ ضَمِنَ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا فَفِي حَمْلِهِ عَلَى التَّفْرِيطِ فَيَضْمَنُ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَلَا يَضْمَنُ قَوْلَانِ لِسَمَاعِ أَشْهَبَ مَعَ غَيْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَإِنْ مَاتَ) الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَى لِلْعِتْقِ (بَعْدَ اشْتِرَائِهِ وَلَمْ يُعْتَقْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 543 اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ   [منح الجليل] أَيْ الرَّقِيقُ (اُشْتُرِيَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ رَقِيقٌ (غَيْرُهُ) وَإِنْ اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ وَمَاتَ قَبْلَ إعْتَاقِهِ أَيْضًا اُشْتُرِيَ غَيْرُهُ وَهَكَذَا (لِمَبْلَغِ الثُّلُثِ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ. فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِنَسَمَةٍ تُشْتَرَى فَتُعْتَقُ لَمْ تَكُنْ حُرَّةً بِالشِّرَاءِ حَتَّى تُعْتَقَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ قَتَلَهَا رَجُلٌ أَدَّى قِيمَتَهَا رِقًّا، وَأَحْكَامُهَا فِي أَحْوَالِهَا أَحْكَامُ رِقٍّ حَتَّى تُعْتَقَ، فَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ الْإِعْتَاقِ كَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْتَرُوا رَقَبَةً أُخْرَى مِمَّا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَبْلَغِ الثُّلُثِ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ لِتُعْتَقَ فِي كَفَّارَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ فَابْتَاعُوا رَقَبَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ عِتْقِهَا وَقِسْمَةِ الْمَالِ رَجَعَ لِلْمَالِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ ثَمَنَ رَقَبَةٍ تُعْتَقُ إنْ حَمَلَ ثُلُثُهُ ثَمَنَهَا، وَكَذَا يَرْجِعُ أَبَدًا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مَا لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، أَوْ يُقَسَّمُ الْمَالُ، فَإِنْ قُسِّمَ وَقَدْ اشْتَرَى أَوْ أَخَّرَ ثَمَنَهُ فَذَهَبَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَرَثَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ أَهْلُ وَصَايَا قَدْ أَخَذُوا وَصَايَاهُمْ فَيُؤْخَذُ مِمَّا أَخَذُوا مَا يُبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةً، وَثَمَّ عِتْقٌ لَمْ يَنْفُذْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مَا هُوَ مِثْلُهُ مِنْ الْوَاجِبِ، فَيَكُونَانِ فِي الثُّلُثِ سَوَاءً، وَإِنْ بَقِيَ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ مِنْ الثُّلُثِ مَا يُبْتَاعُ بِهِ رَقَبَةٌ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ بَعْدَ الْقَسْمِ، وَابْتِيعَ بِهِ رَقَبَةٌ وَأُنْفِذَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ اهـ وَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 544 وَبِشَاةٍ أَوْ بِعَدَدٍ مِنْ مَالِهِ: شَارَكَ بِالْجُزْءِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّى، فَهُوَ لَهُ؛ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ   [منح الجليل] وَإِنْ أَوْصَى بِشَاةٍ) مَثَلًا وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ (أَوْ) أَوْصَى بِ (عَدَدٍ) مِنْ الشِّيَاهِ مَثَلًا كَثَلَاثٍ غَيْرِ مُعَيَّنَاتٍ (مِنْ مَالِهِ) أَيْ الْمُوصِي، وَلَهُ شِيَاهٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا سَمَّى (شَارَكَ) الْمُوصَى لَهُ الْوَرَثَةَ (بِالْجُزْءِ) أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِمَجْمُوعِ شِيَاهِهِ فَإِنْ سَمَّى وَاحِدَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ شَارَكَ بِالنِّصْفِ وَمِنْ ثَلَاثٍ بِالثُّلُثِ، وَمِنْ عَشَرَةٍ بِالْعُشْرِ، وَإِنْ سَمَّى ثَلَاثًا مِنْ سِتِّينَ شَارَكَ بِنِصْفِ الْعُشْرِ. فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ وَلَهُ غَنَمٌ فَهُوَ شَرِيكٌ بِوَاحِدَةٍ مِنْ عَدَدِهَا ضَأْنِهَا وَمَعْزِهَا ذُكُورِهَا وَإِنَاثِهَا صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا، فَإِنْ هَلَكَتْ كُلُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ. الشَّيْخُ مَنْ أَوْصَى بِعَشْرِ شِيَاهٍ مِنْ غَنَمِهِ وَمَاتَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ وَوَلَدَتْ بَعْدَهُ عِشْرِينَ فَصَارَتْ خَمْسِينَ فَلَهُ خُمُسُهَا، وَقَالَهُ أَشْهَبُ مَرَّةً، وَقَالَ مَرَّةً لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمَّهَاتُ عِشْرِينَ أَخَذَ عَشْرَةً مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَنِصْفَ الْأَوْلَادِ إنْ حَمَلَهُمَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ مِنْهُمَا. (وَإِنْ) كَانَ لَهُ حَالَ الْإِيصَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى وَمَاتَ بَعْضُهُ وَ (لَمْ يَبْقَ إلَّا مَا سَمَّى) الْمُوصِي (فَهُوَ) أَيْ الْبَاقِي كُلُّهُ (لَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (إنْ حَمَلَهُ) أَيْ الْبَاقِيَ (الثُّلُثُ) لِمَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ، فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشْرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ، وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ. الْبِسَاطِيُّ إنْ قُلْت: جَعْلُهُ شَرِيكًا وَمُخْتَصًّا مُتَنَافِيَانِ. قُلْت: أَنَا أَفْهَمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى يُجْعَلُ حَالَ الْوَصِيَّةِ شَرِيكًا فَمَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي عَنْ الْعَدَدِ الَّذِي سَمَّاهُ، وَحِينَئِذٍ لَا تَنَافِيَ. طفي زَعَمَ أَنَّهُ انْفَرَدَ بِفَهْمِهَا، وَقَالَ لَهُ لِسَانُ الْحَالِ: لَمْ تَفْهَمْ مِنْهَا، وَلَا قُلَامَةَ ظُفْرٍ لِاقْتِضَاءِ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ عَنْ الْعَدَدِ الْمَوْجُودِ حَالَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ نَقَصَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ التَّنْفِيذِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ دَوَاوِينِ الْمَالِكِيَّةِ؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّنْفِيذِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 545 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَشَرَةٍ مِنْ عَبِيدِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ وَعَبِيدُهُ خَمْسُونَ فَمَاتَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ قَبْلَ التَّقْوِيمِ عَتَقَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا بِالسَّهْمِ خَرَجَ عَدَدُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عِشْرِينَ عَتَقَ نِصْفُهُمْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا خَمْسَةَ عَشْرَ عَتَقَ ثُلُثَاهُمْ، وَلَوْ هَلَكُوا إلَّا عَشَرَةً عَتَقُوا إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ، وَكَذَا مَنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ مِنْ رَقِيقِهِ لِرَجُلٍ أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ اهـ فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّنْفِيذِ، وَأَنَّ الْمُشَارَكَةَ بِالتَّقْوِيمِ فَتُجَزَّأُ بِالتَّقْوِيمِ وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ الْمُوصَى بِهِ خَرَجَ لَهُ قَدْرُهُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ وَكَانَ لَهُ يَوْمَ التَّنْفِيذِ خَمْسُ شِيَاهٍ فَلَهُ الْخُمُسُ. وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِثَلَاثَةٍ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ غَنَمِهِ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْجُزْءَ بِالْقُرْعَةِ كَانَ الْقَدْرَ الْمُوصَى بِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَقَوْلُ تت: وَلَهُ عَشْرُ شِيَاهٍ كَانَ شَرِيكًا بِالْعُشْرِ أَيْ بِاعْتِبَارِ التَّقْوِيمِ لَا الْعَدَدِ، فَتُقَوَّمُ الْعَشْرُ شِيَاهٍ عَلَى عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ، وَلَهُ جُزْءٌ كَانَ شَاةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لَهُ التَّنْفِيذُ، وَعَلَى التَّجْزِئَةِ أَيْضًا يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِذَا أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِبَعِيرٍ أَوْ بِعَبْدٍ كَانَ شَرِيكًا يُجْزِئُهَا صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا ضَأْنُهَا وَمَعْزُهَا ذَكَرُهَا وَأُنْثَاهَا، وَمَعْنَى يُجْزِئُهَا أَنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ الشَّاةِ مِنْ سَائِرِ الْغَنَمِ، فَإِنْ تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ كَانَ لَهُ الْخُمُسُ، وَعَنْ عَشَرَةٍ فَلَهُ الْعُشْرُ، وَعَنْ مِائَةٍ فَلَهُ عُشْرُ الْعُشْرِ اهـ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: تُوُفِّيَ عَنْ خَمْسٍ إلَخْ، أَيْ وَبَقِيَتْ كَذَلِكَ لِيَوْمِ التَّنْفِيذِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّنْفِيذِ وَالْإِشْكَالُ الَّذِي تَخَيَّلَهُ الْبِسَاطِيُّ حَتَّى أَجَابَ بِمَا خَالَفَ فِيهِ الْمَذْهَبَ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ مَعْرِفَةِ تَوْجِيهِ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ اعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرِكَةَ بِالْجُزْءِ مَعَ الِالْتِفَاتِ إلَى الْعَدَدِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ كَلَامِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ اعْتَبَرَ الْجُزْئِيَّةَ، وَأَلْغَى الْعَدَدَ مِنْ كَلَامِ الْمُوصِي فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَهِيَ عَشَرَةٌ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِعُشْرِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ تِسْعٌ مِنْهَا فَابْنُ الْقَاسِمِ يُعْطِي الْمُوصَى لَهُ تِلْكَ الشَّاةَ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ، وَإِنْ مَاتَ خَمْسَةٌ مِنْهَا أَعْطَاهُ خُمُسَ الْبَاقِي خَرَجَ فِي السَّهْمِ شَاةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 546 لَا ثُلُثُ غَنَمِي فَتَمُوتُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ، فَلَهُ شَاةٌ وَسَطٌ؛ وَإِنْ قَالَ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ، بَطَلَتْ، كَعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا؛ وَقُدِّمَ لِضَيِّقِ الثُّلُثِ، فَكُّ أَسِيرٍ،   [منح الجليل] وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يُعْطِيهِ عُشْرَ مَا بَقِيَ مُطْلَقًا، حَتَّى لَوْ لَمْ تَبْقَ إلَّا شَاةٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا عُشْرُهَا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ هَذَا تَحْقِيقُ الْمَسْأَلَةِ لِمَنْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ. (لَا) يَخْتَصُّ الْمُوصَى لَهُ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فِي إيصَائِهِ لَهُ بِ (ثُلُثِ غَنَمِي) مَثَلًا (فَتَمُوتُ) غَنَمُهُ إلَّا ثُلُثَهَا لَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا ثُلُثُ مَا بَقِيَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ ثُلُثُ إبِلِي أَوْ عَبِيدِي فَهَلَكَ بَعْضُهَا أَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ غَنَمِهِ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَاهَا، فَإِنَّمَا لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ. قُلْت كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَالْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ قَوْلِهِ إنَّمَا لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْعَبِيدِ تَقْرِيرٌ لِمَا هُوَ وَاقِعٌ، كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ حَجَرًا فَهُوَ جَمَادٌ قُلْت بَلْ احْتَرَزَ عَنْ اسْتِغْرَاقِهِ الدَّيْنَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. (وَ) إنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ وَ (لَمْ تَكُنْ لَهُ) أَيْ الْمُوصِي (غَنَمٌ فَلَهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (شَاةٌ وَسَطٌ) بَيْنَ الْعَالِي وَالدُّونِ تُشْتَرَى لَهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمُوصِي. فِي الْمَوَّازِيَّةِ: إنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ غَنَمٌ فَلَهُ فِي مَالِهِ قِيمَةُ شَاةٍ مِنْ وَسَطِ الْغَنَمِ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَهُ مِنْهَا. (وَإِنْ) قَالَ لَهُ شَاةٌ (مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ) أَيْ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ. فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ لَهُ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي فَمَاتَ وَلَا غَنَمَ لَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ (كَ) : إيصَائِهِ بِ (عِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا) أَيْ عَبِيدُهُ جَمِيعًا فَتَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ فَمَاتُوا أَوْ اسْتَحَقُّوا بَطَلَتْ (وَ) إنْ أَوْصَى بِوَصَايَا أَوْ لَزِمَهُ أَشْيَاءُ مِنْ الثُّلُثِ وَضَاقَ عَنْهَا (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (لِضِيقِ الثُّلُثِ) لِمَالِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ عَمَّا يَجِبُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ بِإِيصَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُقَدَّمُ (فَكُّ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَشَدِّ الْكَافِ، أَيْ فِدَاءُ شَخْصٍ (أَسِيرٍ) مُسْلِمٍ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ أَوْصَى بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ كَانَ أَبُو عُمَرَ الْإِشْبِيلِيُّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 547 ثُمَّ مُدَبَّرُ صِحَّةٍ ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ، ثُمَّ زَكَاةٌ   [منح الجليل] يَرَى تَبْدِئَةَ الْوَصِيَّةِ بِفَكِّ الْأَسِيرِ عَلَى كُلِّ الْوَصَايَا مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَغَيْرِهِ، وَيَحْتَجُّ بِرِوَايَةِ أَشْهَبَ فِي الْجِهَادِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَتَّابٍ قَائِلًا: أَجْمَعَ الشُّيُوخُ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ صَحِيحٌ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: أَحْمَدُ قَوْلُهُ أَسِيرٍ، أَيْ مُسْلِمٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ، فَإِنْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ ذِمِّيٍّ فَهُوَ مِنْ الصَّدَقَةِ. عج هَذَا بَحْثٌ لَا نَقْلُ اللَّقَانِيِّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلذِّمِّيِّ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا نَصَّ لَهُ فِيهَا، وَإِنَّمَا نَقَلَهَا الْإِشْبِيلِيُّ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلَيْسَ فِي نَصِّهِ تَقْيِيدٌ بِالْمُسْلِمِ. الثَّانِي: قُدِّمَ فَكُّ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ يُخَاطَبُ بِهِ فِي الصِّحَّةِ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ، فَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَضَعُفَا عَنْهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْأَذَى الَّذِي لَيْسَ فِي غَيْرِهِ. (ثُمَّ) يُقَدَّمُ (مُدَبَّرٌ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً الرَّشِيدُ فِي حَالِ (صِحَّةٍ) لَهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ فَكِّ الْأَسِيرِ (ثُمَّ) يُقَدَّمُ فِي بَاقِي الثُّلُثِ (صَدَاقُ) زَوْجَةِ زَوْجٍ (مَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا حَالَ عَقْدِهِ عَلَيْهَا وَبَنَى بِهَا وَمَاتَ مِنْهُ فَلَزِمَهُ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَصَدَاقُ مِثْلِهَا، وَالثُّلُثُ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا. ابْنُ رُشْدٍ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ الْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ، وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ إذَا دَخَلَ فِي مَرَضِهِ فَهُمَا سَوَاءٌ يَتَحَاصَّانِ، وَقِيلَ يَبْدَأُ صَدَاقُ الْمَرِيضِ، وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ. عَبْدُ الْحَقِّ: يُقَدَّمُ مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ النِّكَاحَ أُحْدِثَ بَعْدَهُ فِي الْمَرَضِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ شَيْئًا فِي مَرَضِهِ يُبْطِلُهُ أَوْ يُنْقِصُهُ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَثَانِيهَا تَقْدِيمُ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ رَآهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، ثَالِثُهَا: يَتَحَاصَّانِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُرَجِّحًا. (ثُمَّ) يُقَدَّمُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ (زَكَاةٌ) لِعَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ؛ إذْ الْمُرَادُ الزَّكَاةُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا فِي صِحَّتِهِ وَصَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ فَشَمِلَتْ الثَّلَاثَ وَبِالزَّكَاةِ الشَّامِلَةِ لَهَا عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى عُمُومِهِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَبِهَا عَبَّرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 548 أَوْصَى بِهَا، إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا، وَيُوصِيَ، فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، كَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا،   [منح الجليل] (أَوْصَى بِ) إخْرَاجِ (هَا) مِنْ مَالِهِ فَتُخْرَجُ مِنْ بَاقِي ثُلُثِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا تَقَدَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ) الْمُوصِي (بِحُلُولِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ بِتَمَامِ حَوْلِ الْمَالِ مِنْ يَوْمِ زَكَاتِهِ أَوْ مِلْكِهِ (وَيُوصِي) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الصَّادِ بِإِخْرَاجِهَا (فَ) تُخْرَجُ (مِنْ رَأْسِ) أَيْ جَمِيعِ (الْمَالِ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: تُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ زَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَمَرَ الْوَارِثُ بِهَا، وَلَا يُجْبَرُ قَوْلَا اللَّخْمِيِّ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَلِمُحَمَّدٍ فِيمَنْ عُلِمَ مَنْعُهُ زَكَاتَهُ، وَأُمِرَ بِهَا فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: حَتَّى أَصَحَّ تُخْرَجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَوَّبَ اللَّخْمِيُّ كَوْنَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي مُتَمَتِّعٍ مَاتَ إثْرَ نَفْرِهِ وَلَمْ يَهْدِ لِتَمَتُّعِهِ يَهْدِي مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَخَرَّجَ عَلَيْهِ فِي عِتْقِ ظِهَارِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ تَفْرِيطِهِ فِي عِتْقِهِ كَوْنَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ: إنْ عَرَفَ حُلُولَهَا، وَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ اتِّبَاعٌ لِلَّخْمِيِّ لَا لِلْمَشْهُورِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ إنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ خِلَافُ اقْتِضَاءِ ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ شَرْطَ عِلْمِ حُلُولِهَا حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَصِحَّةُ تَعْلِيلِ الصِّقِلِّيِّ مَا أَخْرَجَ مِنْهَا مِنْ الثُّلُثِ بِكَوْنِهِ لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ، وَفِيهَا مَنْ حَلَّتْ زَكَاةُ عَيْنِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَتَاهُ مَالٌ غَائِبٌ فَأَمَرَ بِزَكَاتِهِ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ فِي النُّكَتِ يَبْدَأُ عَلَيْهَا مُدَبَّرُ الصِّحَّةِ وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَيْهِ إنَّمَا عُلِمَ بِقَوْلِهِ، وَلَا يُدْرَى أَصَدَقَ أَمْ لَا، فَحُكْمُ الْمُدَبَّرِ وَالصَّدَاقِ أَقْوَى. وَشَبَّهَ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَقَالَ (كَ) زَكَاةِ (الْحَرْثِ وَ) زَكَاةِ (الْمَاشِيَةِ) إنْ مَاتَ مَالِكُهُمَا بَعْدَ إفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ وَمَجِيءِ السَّاعِي، فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِ) إخْرَاجِ (هَا) ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلُ مَا يُخْرَجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ الْحُقُوقُ الْمُعَيَّنَاتُ مِثْلُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالرَّهْنِ وَزَكَاةِ ثَمَنِ الْحَائِطِ الَّذِي أَزْهَى، وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 549 ثُمَّ الْفِطْرُ، ثُمَّ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَقَتْلٍ وَأُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ،   [منح الجليل] مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا وَفِيهَا السِّنُّ الَّذِي وَجَبَ فِيهَا، فَهَذِهِ كُلُّهَا تُخْرَجُ وَإِنْ أَتَتْ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ زَكَاةُ (الْفِطْرِ) مِنْ رَمَضَانَ الْمَاضِيَةِ الَّتِي فَرَّطَ فِي إخْرَاجِهَا، وَأَمَّا الْحَاضِرَةُ الَّتِي مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ فَتُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ إنْ كَانَ أَوْصَى بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أُمِرَ وَارِثُهُ بِإِخْرَاجِهَا بِلَا جَبْرٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتَهُ، وَقَدْ أَوْصَى بِالْفِطْرِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أُمِرَ وَرَثَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا، وَلَا يُجْبَرُونَ كَزَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: هِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ كَمَنْ مَاتَ، وَقَدْ أَزْهَى حَائِطُهُ أَوْ طَابَ كَرْمُهُ أَوْ أَفْرَكَ حَبُّهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي رَأْسِ مَالِهِ إنْ بَلَغَ مَا فِيهِ الزَّكَاةَ أَوْصَى بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُوصِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ. ابْنُ زَرْقُونٍ الْمَشْهُورُ تَبْدِئَةُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قِيلَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَرْضٌ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَهَا عَلَى نَفْسِهِ. (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ (عِتْقُ) كَفَّارَةٍ (وَظِهَارٍ وَ) عِتْقُ كَفَّارَةِ (قَتْلٍ) خَطَأٍ فَرُتْبَتُهُمَا وَاحِدَةٌ (وَأُقْرِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ عِتْقِ الظِّهَارِ وَعِتْقِ الْقَتْلِ إنْ ضَاقَ الْبَاقِي عَنْهُمَا. وَأَمَّا كَفَّارَةُ قَتْلِ الْعَمْدِ فَدَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي آخِرَ الْمَرَاتِبِ وَمُعَيَّنٌ غَيْرُهُ لِنَدْبِهَا فِي النُّكَتِ، ثُمَّ الْعِتْقُ فِي الظِّهَارِ وَقَتْلُ النَّفْسِ بَعْدَ الزَّكَاةِ لِأَنَّهَا لَا عِوَضَ لَهَا، فَهِيَ أَقْوَى فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا وَلَمْ يَحْمِلْ إلَّا رَقَبَةً وَاحِدَةً فَرَأَيْت لِلْإِبْيَانِيِّ أَنَّ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إلَى الْمُحَاصَّةِ بَيْنَهُمَا، فَمَا نَابَ الظِّهَارَ أَطْعَمَ بِهِ، وَمَا نَابَ الْقَتْلَ شُورِكَ بِهِ فِي رَقَبَةٍ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَنَازُعٌ كَثِيرٌ. (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِي الثُّلُثِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فِي النُّكَتِ يُبْدَأُ عِتْقُ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِتَخْيِيرِهِ فِيهَا بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ، وَالْقَتْلِ مَقْصُورَةٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ لَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ إلَّا لِعَدَمِهِ فَحُكْمُهُمَا أَقْوَى. الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " إنَّمَا يُبْدَأُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَوْصَى بِهَا تَحَنُّثًا وَتَحَرُّجًا فَلَا تُبْدَأُ كَالْوَصِيَّةِ بِالصَّدَقَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 550 ثُمَّ فِطْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ لِلتَّفْرِيطِ، ثُمَّ النَّذْرُ ثُمَّ الْمُبَتَّلُ، وَمُدَبَّرُ الْمَرَضِ؛ ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ مُعَيَّنًا عِنْدَهُ أَوْ يُشْتَرَى أَوْ لِكَشَهْرٍ، أَوْ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ،   [منح الجليل] (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ بَاقِيهِ كَفَّارَةٌ (لِفِطْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْهُ كَفَّارَةٌ (لِتَفْرِيطِ) تَأْخِيرِ قَضَاءِ فِطْرِ (هـ) أَيْ رَمَضَانَ إلَى دُخُولِ رَمَضَانَ الَّذِي يَلِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ كَفَّارَةُ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، هَذَا عَلَى مَا فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْهَا، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي النُّكَتِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي كَفَّارَةِ رَمَضَانَ نَصٌّ فِي الْكِتَابِ ضَعُفَتْ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. (ثُمَّ) يُوَفَّى مِنْ الْبَاقِي (النَّذْرُ) ظَاهِرُهُ كَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ اُشْتُهِرَ أَوْ عُلِمَ مِنْ جِهَتِهِ فَقَطْ فِي النُّكَتِ، ثُمَّ بَعْدَ إطْعَامِ رَمَضَانَ النَّذْرُ؛ لِأَنَّ إطْعَامَ كَفَّارَةِ رَمَضَانَ وَجَبَ بِنَصِّ السُّنَّةِ، وَالنَّذْرُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَ إدْخَالَهُ فَهُوَ أَضْعَفُ. وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ ثُمَّ الْمَنْذُورُ قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إذَا أَوْصَى بِهِ. (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي (الْمُبَتَّلُ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلًا، أَيْ الْمُنَجَّزُ عِتْقُهُ فِي الْمَرَضِ (وَمُدَبَّرُ) هـ فِي (الْمَرَضِ) لِلسَّيِّدِ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ فَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا قُدِّمَ سَابِقُهُمَا فِي النُّكَتِ، ثُمَّ بَعْدَ النَّذْرِ الْعِتْقُ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ وَالْمُدَبَّرُ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّذْرَ وَجَبَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَهَذَانِ إنَّمَا وَجَبَا فِي حَالِ الْحَجْرِ بِالْمَرَضِ فَضَعُفَا عَنْهُ، وَقِيلَ يُحَاصُّ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ الْمُدَبَّرَ فِيهِ إنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا بُدِئَ بِهِ. (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي الرَّقِيقُ (الْمُوصَى) بِفَتْحِ الصَّادِ (بِعِتْقِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُعَيَّنًا) بِفَتْحِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُوصِي كَعَبْدِي فُلَانٍ (أَوْ) مُعَيَّنًا عِنْدَ غَيْرِهِ كَسَعِيدٍ عَبْدِ زَيْدٍ (يُشْتَرَى) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ لَهُ (أَوْ) مُعَيَّنًا أَوْصَى بِعِتْقِهِ (لِكَشَهْرٍ) أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ) مُعَيَّنًا (أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ فَالْأَرْبَعَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَاصُّونَ عِنْدَ الضِّيقِ. ابْنُ مَرْزُوقٍ شَمِلَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالِ مَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ فَعَجَّلَهُ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 551 ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَةٍ؛ وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ، وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ بَعُدَ، ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ عَلَى الْأَكْثَرِ،   [منح الجليل] وَمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ فَعَجَّلَهُ، وَمَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ مُطْلَقٍ فَعَجَّلَهُ فَحُكْمُهَا وَاحِدٌ عَلَى الظَّاهِرِ، وَمِثْلُهُ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ فَعَجَّلَهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَاصُّونَ عِنْدَ الضِّيقِ وَأُخِّرَتْ عَنْ مُبَتَّلِ الْمَرَضِ وَمُدَبَّرِهِ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا دُونَهُمَا فِيهَا، ثُمَّ يَبْدَأُ بِالْمُبَتَّلِ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ مَعًا ثُمَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بِعَيْنِهِ وَالْمُشْتَرَى لَهُ بِعَيْنِهِ. اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْدَأُ الَّذِي فِي مِلْكِهِ وَهَذَا أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُتَرَقَّبٌ فِي الَّذِي لَيْسَ فِي مِلْكِهِ. ابْنُ رُشْدٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بِعَيْنِهِ وَالْمُوصَى أَنْ يُشْتَرَى فَيُعْتَقَ وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ إذَا عَجَّلَهُ وَالْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ إذَا عَجَّلَهَا وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى شَهْرٍ وَمَا أَشْبَهَ لَا يَبْدَأُ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَحَاصُّونَ. (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي (الْمُوصَى) بِفَتْحِ الصَّادِ (بِكِتَابَتِهِ) وَلَمْ يُعَجِّلْهَا (وَالْمُعْتَقُ) بِالْفَتْحِ (بِمَالٍ) وَلَمْ يُعَجِّلْهُ (وَأَعْتَقَ) بِالْفَتْحِ (إلَى أَجَلٍ بَعُدَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ عَنْ نَحْوِ الشَّهْرِ وَلَمْ يَبْلُغْ سَنَةً فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَحَاصُّونَ إذَا ضَاقَ (ثُمَّ) يُخْرَجُ مِنْ الْبَاقِي (الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ) وَيُقَدَّمُ (عَلَى) الْمُعْتَقِ إلَى (أَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ السَّنَةِ. " غ " وَكَذَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا الْمُعْتَقَ لِشَهْرٍ ثُمَّ لِسَنَةٍ ثُمَّ لِسَنَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ إلَّا أَنَّ زِيَادَتَهُ هُنَا الْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ بَعْدَ الْمُعْتَقِ لِشَهْرٍ وَقَبْلَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ كَمَا تَرَى، وَحَمْلُهُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ حَتَّى يَكُونَ مَرْتَبَةً زَائِدَةً لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. " ق " فِي النُّكَتِ أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ يَتَحَاصُّ مَعَ الْمُوصَى أَنْ يُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ، وَمَعَ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ فَعَجَّلَهُ، قَالَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُوصَى أَنْ يُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ كَالسَّنَةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ الْمُوصَى أَنْ يُكَاتَبَ أَوْ يُعْتَقَ عَلَى مَالٍ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ تَحَاصَصَ هُوَ وَالْمُوصَى أَنْ يُكَاتَبَ أَوْ يُعْتَقَ عَلَى مَالٍ وَيَصِيرَانِ فِي دَرَجَةٍ مُتَقَارِبَةٍ، ثُمَّ قَالَ الْمَوَّاقُ وَكَذَا لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَةٍ مُبْدَأٌ عَلَى الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إلَى سَنَتَيْنِ وَمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَاعْتَمَدَ هَذَا شب فَقَالَ: الَّذِي تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْعِتْقَ لِسَنَةٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 552 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ أَكْثَرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَةٍ وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ وَالْمُعْتَقَ لِشَهْرٍ مَرْتَبَةٌ، لَكِنَّهُ قَالَ: وَكَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهَا تَلِي مَرْتَبَةَ الْمُعْتَقِ لِشَهْرٍ، وَأَنَّ مَرْتَبَةَ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ تَلِي مَرْتَبَةَ الْمُعْتَقِ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ اهـ وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ. قُلْت: هَذَا خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ " ق " عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْمُعْتَقَ عَلَى مَالٍ بِلَا تَعْجِيلٍ فِيهِمَا يَتَحَاصَّانِ مَعَ الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. الْبُنَانِيُّ وَقَرَّرَهُ الْحَطّ عَلَى وَجْهٍ يُوَافِقُ النَّقْلَ، فَقَالَ قَوْلُهُ: بَعُدَ أَيْ كَعَشْرِ سِنِينَ، وَمَعْنَى ثُمَّ الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَمَا هُوَ فِي مَرْتَبَتِهِ وَهُوَ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ، وَلَمْ يُعَجِّلْهَا الْمُعْتَقُ عَلَى مَالٍ، وَلَمْ يُعَجِّلْهُ إلَّا أَنَّ الصَّوَابَ عَلَى هَذَا الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ بَدَلَ ثُمَّ، وَهُوَ أَحْسَنُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَقْرِيرِ الْحَطّ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَمَا مَعَهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ، وَاَلَّذِي فِي عج عَنْ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمُعْتَقَ لِسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّهُمَا مَعًا مُقَدَّمَانِ عَلَى الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ. وَالْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَصُّ الْحَطّ قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ، وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ، وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ بَعُدَ، يَعْنِي أَنَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ، وَلَمْ يُعَجِّلْهَا وَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ وَالْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ كَعَشْرِ سِنِينَ. قَوْلُهُ ثُمَّ لِسَنَةٍ عَلَى أَكْثَرَ، يَعْنِي وَأَمَّا الْمُعْتَقُ لِسَنَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمُعْتَقِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَمَا مَعَهُ، وَكَانَتْ الْوَاوُ هُنَا أَوْلَى مِنْ ثُمَّ، وَيُشِيرُ إلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ، قَالَ: وَقَدَّمَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُعْتَقَ إلَى سَنَةٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَجَعَلَ الْمُكَاتَبَ يَتَحَاصُّ مَعَ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ كَعَشْرِ سِنِينَ، وَمَعَ الْمُعْتَقِ عَلَى مَالٍ فَلَمْ يُعَجِّلْهُ اهـ وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَانْظُرْ نَقْلَ التَّوْضِيحِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ، فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْهُ، وَلِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي قَوْلِهِ لِسَنَةٍ عَلَى أَكْثَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 553 ثُمَّ بِعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ، ثُمَّ حَجٌّ إلَّا لِصَرُورَةٍ فَيَتَحَاصَّانِ، كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ، وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ، وَجُزْئِهِ   [منح الجليل] ثُمَّ) يَنْفُذُ مِنْ الْبَاقِي (عِتْقٌ) لِرَقِيقٍ (لَمْ يُعَيَّنْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلًا بِأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي رَقَبَةً (ثُمَّ) يَنْفُذُ مِنْ الْبَاقِي (حَجٌّ) عَنْ الْمُوصِي بِأُجْرَةٍ (إلَّا لِ) مُوصٍ (صَرُورَةً) أَيْ مَنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (فَيَتَحَاصَّانِ) أَيْ عِتْقُ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَحَجُّ الصَّرُورَةِ. ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَبِالْمَالِ وَبِالْحَجِّ فَقِيلَ إنَّهَا كُلَّهَا سَوَاءٌ فِي التَّحَاصُصِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: يَبْدَأُ بِالْعِتْقِ عَلَى الْحَجِّ وَيَتَحَاصَصُ مَعَ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُهُ الثَّانِي. فِيهَا وَهَذَا الْخِلَافُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا، وَمَعْنَاهُ فِي الصَّرُورَةِ. وَأَمَّا حَجَّةُ التَّطَوُّعِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُمَا أَنَّ الْعِتْقَ يَبْدَأُ عَلَيْهَا، وَلَا فِي أَنَّ الْحَجَّ لَا يَبْدَأُ عَلَى الْمَالِ، وَهَلْ يَبْدَأُ الْمَالُ عَلَى الْحَجِّ أَوْ يَتَحَاصَّانِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ. وَشَبَّهَ فِي التَّحَاصُصِ فَقَالَ (كَعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ (لَمْ يُعَيَّنْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً (وَمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ) أَيْ الْعِتْقِ كَ: هَذَا الثَّوْبُ لِزَيْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا: إنْ أَوْصَى بِمَالٍ وَبِنَسَمَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا تَحَاصَّا، وَسَمِعَ مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ رَقَبَةٍ تُشْتَرَى وَأَوْصَى بِوَصَايَا وَضَاقَ الثُّلُثُ تَحَاصُّوا فِيهِ. ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الرَّقَبَةَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَا تَبْدَأُ عَلَى الْوَصَايَا (وَ) وَصِيَّةٍ بِ (جُزْءٍ) مِنْ مَالِ الْمُوصِي كَثُلُثِهِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَتَحَاصَصُ فِي الثُّلُثِ إذَا ضَاقَ عَنْهُمَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْعَدَدُ الْمُسَمَّى كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَعَ إيصَائِهِ بِثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ فَيَتَحَاصَّانِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ ثُلُثِي، فَإِنْ قَالَ مِنْ ثُلُثِي نَحْوَ لِفُلَانٍ الثُّلُثُ وَنَحْوَ لِفُلَانٍ عَشَرَةٌ مِنْ ثُلُثِي، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّ صَاحِبَ الْعَدَدِ هُوَ الْمُبْدَأُ. الثَّانِي: الْبُنَانِيُّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْجُزْءِ جُزْءُ الْمَالِ كَالرُّبُعِ وَالْخُمُسِ لَا جُزْءُ الْمُعَيَّنِ كَنِصْفِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 554 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَقَرَةٍ أَوْ جَمَلٍ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُعَيَّنِ. الْحَطّ فِي التَّوْضِيحِ: الْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ الْعَدَدُ الْمُسَمَّى كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ اهـ أَرَادَ وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَالدَّابَّةُ وَالثَّوْبُ وَالْكِتَابُ وَنَحْوُهَا قَوْلُهُ: وَجُزْءٍ أَيْ جُزْءٍ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَرُبُعِ الْمَالِ أَوْ سُدُسِهِ فَيَتَحَاصُّونَ وَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عَلَى الْآخَرِ. طفي تَقْرِيرُ تت لِمُعَيَّنٍ غَيْرِهِ كَالشَّارِحِ وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَسَّرَ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ بِالْمُوصَى بِهِ مُعَيَّنًا كَ: هَذَا الثَّوْبُ أَوْ هَذَا الْعَبْدُ، وَهُوَ قَوْلُهَا مَنْ أَوْصَى ثُلُثَ مَالِهِ وَرُبُعَ مَالِهِ وَبِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لِقَوْمٍ نُظِرَ إلَى قِيمَةِ هَذِهِ الْمُعَيَّنَاتِ، وَإِلَى مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَيَضْرِبُونَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ بِمَبْلَغِ وَصَايَاهُمْ، فَمَا صَارَ لِأَصْحَابِ الْأَعْيَانِ أَخَذُوهُ، وَمَا صَارَ لِلْآخَرِينَ كَانُوا بِهِ شُرَكَاءَ مَعَ الْوَرَثَةِ اهـ. الثَّالِثُ: الْحَطّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ وَحَجَّ الصَّرُورَةِ وَمُعَيَّنَ غَيْرِ الْعِتْقِ وَجُزْءَ الْمَالِ كَرُبُعِهِ وَثُلُثِهِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا حَجُّ غَيْرِ الصَّرُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعُ: ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ لِلنَّاسِ أَشْعَارٌ فِي تَرْتِيبِ الْوَصَايَا عَلَى مَشْهُورِ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَاخْتَرْت قَوْلَ بَعْضِهِمْ: صَدَاقُ الْمَرِيضِ فِي الْوَصَايَا مُقَدَّمٌ ... وَيَتْلُوهُ ذُو التَّدْبِيرِ فِي صِحَّةِ الْجِسْمِ وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ حُكْمُهُمَا مَعًا ... وَقِيلَ بِذِي التَّدْبِيرِ يُبْدَأُ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ ضَيَّعَ الْمُوصِي زَكَاةً فَإِنَّهَا ... تَبْدَأُ عَلَى مَا بَعْدَ هَذَيْنِ فِي النَّظْمِ وَكَفَّارَتَانِ بَعْدَهَا لِظِهَارِهِ ... وَلِلْقَتْلِ وَهْمَا لَا بِعَمْدٍ وَلَا جُرْمِ وَيَتْلُوهُمَا كَفَّارَةُ الْحَلْفِ تُوبِعَتْ ... بِكَفَّارَةِ الْمُوصِي عَنْ الصَّوْمِ ذِي الْوَصْمِ وَنَذْرُ الْفَتَى تَالٍ لِمَا قَدْ نَظَمْتُهُ ... وَمَا بَتَّلَ الْمُوصِي وَدَبَّرَ فِي السُّقْمِ هُمَا يَتْلُوَانِ النَّذْرَ ثُمَّ وَصَاتُهُ ... بِعِتْقِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ يَا أَخَا الْفَهْمِ مَعَ الْمُشْتَرَى مِنْ مِلْكِ زَيْدٍ مُعَيَّنًا ... لِيُعْتَقَ عَنْهُ لِلنَّجَاةِ مِنْ الْإِثْمِ وَمَا أَعْتَقَ الْمُوصِي بِتَوْقِيتِ حِنْثِهِ ... لِشَهْرٍ وَنَحْوِ الشَّهْرِ مِنْ أَجَلٍ حَتْمِ وَإِنْ كَانَ عِتْقٌ بَعْدَ مَالٍ مُؤَجَّلٍ ... فَعَجَّلَهُ ذُو الْعِتْقِ قَبْلَ انْقِضَا الْقَسْمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 555 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُسَاوِي بِهِمْ عِنْدَ الْحِصَاصِ حَقِيقَةً ... كَذَا حُكْمُهُمْ يَا صَاحِ فِي مُوجِبِ الْعِلْمِ وَبَعْدَهُمْ مَا كَانَ عِتْقًا مُؤَجَّلًا ... لِبُعْدٍ مِنْ التَّأْجِيلِ فِي مُقْتَضَى الرَّسْمِ فَذَاكَ مَعَ الْمُوصَى بِهِ لِكِتَابَةٍ ... وَمَنْ كَانَ بَعْدَ الْمَالِ يُعْتَقُ بِالْغُرْمِ يَبْدُونَ قَبْلَ الْمُشْتَرَى لِعَتَاقَةٍ ... بِلَا نَصِّ تَعْيِينٍ عَلَيْهِ وَلَا حُكْمِ وَمِنْ بَعْدِهِ الْحَجُّ الْمُوَصَّى بِفِعْلِهِ ... وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ فِي مُقْتَضَى الْحُكْمِ غَشْيٍ الْمَبَادِي نَظْمُهَا نَظْمُ لُؤْلُؤٍ ... فَدُونَكَهَا نَظْمًا صَحِيحًا بِلَا وَهْمِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا. وَفِي الْحَاشِيَةِ نَظْمٌ آخَرُ لِأَبِي حَفْصٍ الْهَوْزَنِيِّ فِيهِ زِيَادَةُ فَوَائِدَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 556 وَلِلْمَرِيضِ: اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِثُلُثِهِ، وَيَرِثُ   [منح الجليل] (وَ) يَجُوزُ (لِلْمَرِيضِ اشْتِرَاءُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) مِنْ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ فَيَجُوزُ لَهُ اشْتِرَاؤُهُ (بِثُلُثِ) مَالِ (هـ) أَيْ الْمَرِيضِ وَيُعْتَقُ بِنَفْسِ شِرَائِهِ (وَيَرِثُ) الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْكَسْرِ بَاقِيَ الْمَالِ إنْ انْفَرَدَ وَحِصَّتَهُ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ لِعِتْقِهِ بِنَفْسِ شِرَائِهِ؛ إذْ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِي ثُلُثِهِ، وَلَوْ تَلِفَ بَاقِي الْمَالِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُنْقَضُ عِتْقُهُ. فِيهَا مَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ وَوَرِثَ الْمَالَ. مُحَمَّدٌ إنْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ، وَلَا يَرِثُهُ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ عَتَقَ مَا بَقِيَ. ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَوَرَثَتُهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ جَازَ شِرَاؤُهُ، وَعَتَقَ عَلَيْهِمْ، هَذَا مَا نَقَلَهُ " ق " وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَعَتَقَ وَوَرِثَ بَاقِيَ مَالِهِ إنْ انْفَرَدَ وَحِصَّتَهُ إنْ اجْتَمَعَ مَعَ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ مَعَ ذَلِكَ عَبْدَهُ بُدِئَ الِابْنُ وَوَرِثَ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ. الصِّقِلِّيُّ مُحَمَّدٌ إنْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ ثُلُثِهِ وَلَا يَرِثُهُ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُهُ وَفِيهِ إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَرُقَّ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِمْ جَازَ شِرَاؤُهُ وَعَتَقَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ. وَذَكَرَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ اشْتَرَى مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَحْجُبُ مَنْ يَرِثُ الْمُشْتَرِيَ وَيَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَابْنِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ وَلَوْ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَيُعْتَقُ وَيَرِثُ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحْجَبُ وَلَهُ مَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 557 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُشْرِكُهُ فِي الْإِرْثِ فَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا بِالثُّلُثِ، وَلَا يَرِثُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ إلَّا بِالثُّلُثِ كَانَ مِمَّنْ يُحْجَبُ أَوْ لَا يُحْجَبُ، وَلَا إرْثَ لَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كُلُّ مَنْ يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ بِكُلِّ مَالِهِ شَرَكَهُ فِي الْإِرْثِ أَحَدٌ أَوْ لَا. الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَصْرُهُ عَلَى الِابْنِ مُحَمَّدٌ اخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فَقَالَ مَرَّةً لَهُ شِرَاءُ ابْنِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ يَرِثُ فِي رِقِّ الْوَلَدِ وَيَحْجُبُهُ الْوَلَدُ كَانَ حُرًّا جَائِزًا. وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مُشَارِكٌ فِي الْمِيرَاثِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ إلَّا بِالثُّلُثِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ لَا يَشْتَرِيهِ إلَّا بِثُلُثِهِ وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَرَوَى عَنْهُ الْبَرْقِيُّ كَقَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ قَالَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ يُرِيدُ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ لَهُ بِنَفْسِ شِرَائِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ لِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ دُونَ تَرَقُّبٍ، وَإِنْ تَلِفَ بَاقِي مَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا يَنْقُضُ عِتْقُهُ كَمَنْ بَتَلَ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَهُ مَالٌ مَأْمُونٌ فَعَجَّلَ عِتْقَهُ ثُمَّ تَلِفَ مَالُهُ الْمَأْمُونُ فَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ حُرٌّ مَكَانَهُ، وَيَرِثُهُ إنْ اشْتَرَاهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَهُوَ دَلِيلُ هَذَا السَّمَاعِ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَدَنِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا يَرِثُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ. التُّونُسِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ حُرًّا مِنْ يَوْمِ شِرَائِهِ إلَّا أَنَّ الْمُبَتَّلَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إذَا اغْتَلَّ غَلَّةً بَعْدَ التَّبْتِيلِ أَوْ أَثْمَرَ النَّخِيلُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، فَإِنَّ الْأُصُولَ وَحْدَهَا هِيَ الَّتِي تُقَوَّمُ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ تَبِعَتْهَا الْغَلَّاتُ لِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مِنْ يَوْمِ بُتِّلَتْ لَهُ وَمَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ عِتْقَهُ يُعَجَّلُ بِنَفْسِ شِرَائِهِ دُونَ تَرَقُّبٍ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ، وَبِهِ يَسْلَمُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ وَإِنْ لَمْ يُنْظَرْ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى. الصِّقِلِّيُّ اسْتَقَلَّ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَوْرِيثَهُ وَهُوَ لَوْ مَاتَ لَمْ يَرِثْهُ أَحْرَارُ وَرَثَتِهِ حَتَّى يُقَوَّمَ فِي الثُّلُثِ بَعْدَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 558 لَا إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ، وَعَتَقَ، وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ،   [منح الجليل] مَوْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ مَأْمُونَةٌ، وَلَكِنَّهُ اسْتَسْلَمَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اتِّبَاعًا. (لَا) يَرِثُ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ الْمُشْتَرِيَ بِالْكَسْرِ (إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ) أَيْ الْمُوصِي مَثَلًا فَاشْتَرَى بَعْدَ مَوْتِهِ. (وَعَتَقَ) بِنَفْسِ شِرَائِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: أَعْتِقُوهُ؛ إذْ هُوَ مَدْلُولُ وَصِيَّتِهِ عُرْفًا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى أَنْ يُشْتَرَى أَبُوهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ فِي ثُلُثِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَعْتِقُوهُ. الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا كُلُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِشِرَائِهِ (وَ) إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَاشْتَرَى ابْنَهُ وَأَعْتَقَهُ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا (قُدِّمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا (الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ) فِي تَنْفِيذِ عِتْقِهِ مِنْ الثُّلُثِ. فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَاشْتَرَى ابْنَهُ وَأَعْتَقَهُ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ فَابْنُهُ مَبْدَأٌ وَيَرِثُهُ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَ وَعَتَقَ وَوَرِثَ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ بُدِئَ الِابْنُ. خَلِيلٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فَاشْتَرَى مَعَ ابْنِهِ غَيْرَهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ كَأَبِيهِ بُدِئَ الِابْنُ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ فَإِنْ كَانَ مَعَ الِابْنِ مُعْتَقٌ غَيْرُهُ بِأَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ، وَاشْتَرَى ابْنَهُ وَأَعْتَقَهُ وَقِيمَتُهُ الثُّلُثُ، فَفِيهَا الِابْنُ مُقَدَّمٌ وَيَرِثُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ صَحِيحًا، وَهَذَا أَرْجَحُ لِفَرْضِهَا كَذَلِكَ فِيهَا وَالْجَوَاهِرِ: وَتَمْشِيَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، لَكِنَّ النَّقْلَ لَا يُسَاعِدُهَا عَلَى إطْلَاقِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَقَالَ أَشْهَبُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: يَتَحَاصَّانِ، وَفِي قَوْلِي يَبْدَأُ الِابْنُ فَأُعْتِقُهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَأُوَرِّثُهُ. ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ بِجَمِيعِ مَالِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ اهـ وَعَلَى تَمْشِيَةِ ضَيْح مَشَى ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحَطّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا: يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى التَّمْشِيَةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْمُدَوَّنَةِ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ، وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ لِيَتَّصِلَ بِشِرَاءِ الْمَرِيضِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (وَإِنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَغَلَّةِ عَقَارِهِ سِنِينَ وَلَا يَحْمِلُهَا ثُلُثُهُ (أَوْ) أَوْصَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 559 أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا، أَوْ بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ، خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ، أَوْ يَخْلَعَ ثُلُثَ الْجَمِيعِ،   [منح الجليل] بِمَا لَيْسَ فِيهَا) أَيْ تَرِكَتِهِ كَاشْتَرُوا عَبْدًا لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ (أَوْ) أَوْصَى (بِعِتْقِ عَبْدِهِ) فُلَانٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ وَلَا يَحْمِلُ ذَلِكَ) الْمَذْكُورَ مِنْ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَمَا لَيْسَ فِيهَا، وَعَبْدِهِ فُلَانٍ (الثُّلُثُ) لِمَالِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ (خُيِّرَ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلًا (الْوَارِثُ) لِلْمُوصِي (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ) الْوَصِيَّةَ (أَوْ يَخْلَعَ ثُلُثَ الْجَمِيعِ) لِمَالِ الْمُوصِي لِلْمُوصَى لَهُ. " ق "، أَمَّا إذَا أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ فَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً أَوْ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ مَا أَوْصَى فِيهِ، أَوْ لَهُ مَالٌ لَا يَخْرُجُ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ثُلُثِهِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ الْقَطْعِ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لِلْمُوصَى لَهُ. وَفِي الْمُوَطَّإِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالٍ سَمَّاهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهِ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يُخَيَّرُ فِي إعْطَاءِ أَهْلِ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ وَأَخْذِهِ جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ، وَفِي إسْلَامِ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ لَهُمْ بَالِغًا مَا بَلَغَ. أَبُو عُمَرَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ تُدْعَى بِخُلْعِ الثُّلُثِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أَوْصَى بِمَا لَيْسَ فِيهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِشَاةٍ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَفِيهَا إنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَبْدِي بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، أَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا أَوْ يُعْتِقُوا الْآنَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ بَتْلًا، فَإِنْ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ خَدَمَهُمْ تَمَامَ الشَّهْرِ ثُمَّ خَرَجَ جَمِيعُهُ حُرًّا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُهُ وَلَا يَحْمِلُ ذَلِكَ الثُّلُثُ أَيْ ذَا الْمَنْفَعَةِ لَا الْمَنْفَعَةَ نَفْسِهَا، فَفِيهَا وَمَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً جُعِلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ الرِّقَابِ، فَإِنْ حَمَلَهَا نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إجَازَةِ ذَلِكَ أَوْ الْقَطْعِ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ بَتْلًا، زَادَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِأَنِّي إذَا قَوَّمْت الْخِدْمَةَ وَالسُّكْنَى حَبَسْت الْعَبْدَ وَالدَّارَ عَنْ أَرْبَابِهِمَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 560 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَهُمْ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى بَيْعِهِمَا. ابْنُ رُشْدٍ مِنْ حَقِّ الْوَرَثَةِ إنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ رَقَبَةَ الْعَبْدِ وَالدَّارَ أَنْ لَا يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ، وَأَنْ يَقْطَعُوا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ أَوْ السُّكْنَى الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ قِيمَةَ الْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى؛ إذْ قَدْ يَمُوتُونَ قَبْلَ أَنْ تَرْجِعَ إلَيْهِمْ الرَّقَبَةُ فَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِالرَّقَبَةِ وَلَا يَحْمِلُهَا الثُّلُثُ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنِّي لَوْ قَوَّمْت الْخِدْمَةَ إلَخْ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ الدَّارِ، وَاحْتِيجَ لِلْمُحَاصَّةِ مَعَ الْوَصَايَا فَلَا تَحَاصُصَ إلَّا بِقِيمَةِ السُّكْنَى عَلَى غَرَرِهَا لِأَنَّهَا الَّتِي أَوْصَى بِهَا لَا الرَّقَبَةُ. الثَّانِي: طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَيْدَ بِعَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ الْحُكْمُ فِيهَا مَا ذُكِرَ، وَإِنْ حَمَلَ الْمُوصَى بِهِ الثُّلُثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَبِهِ شَرَحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا لَيْسَ فِي تَرِكَتِهِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ عَيْنًا أَوْ عُرُوضًا، فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ وَجَمَعَ ذَلِكَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَعَ مَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ عَيْنٌ وَأَوْصَى بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْعَيْنِ خَاصَّةً، فَقَالَ: اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -: تَخْيِيرُ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: مَا عَزَاهُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ هُوَ قَوْلُهَا إنْ أَوْصَى مِنْ الْعَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَهُ عَقَارٌ وَعُرُوضٌ كَثِيرَةٌ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ لَا نُسَلِّمُ الْعَيْنَ وَنَأْخُذُ الْعُرُوضَ، فَإِمَّا أَعْطُوهُ ذَلِكَ وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُ ثُلُثَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَعَرَضٍ وَعَقَارٍ وَغَيْرِهِ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ ذَلِكَ، أَيْ ثُلُثُ الْمُوصَى مِنْهُ كَالْعَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا عُرُوضًا حَاضِرَةً وَأَوْصَى بِدَنَانِيرَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَخْيِيرَ فِيهَا، وَلَا يَخْلَعُ لَهُ الثُّلُثَ، بَلْ تُبَاعُ عُرُوضُهُ وَيُعْطَى الدَّنَانِيرَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، وَيُعَيِّنُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى فَرْضِ الْمُدَوَّنَةِ كَوْنُ الْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمُعَيَّنَاتِ لَا خُلْعَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَاشْتَرَى لِفُلَانٍ وَأَبَى بُخْلًا بَطَلَتْ إلَخْ، وَأَلَّا تَنَاقُضَ مَعَ هَذَا، فَإِنَّ مَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُطَالِبَ بِشِرَائِهِ الْوَرَثَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 561 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] لَا يُقَال مَا تَقَدَّمَ فِيمَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، بِخِلَافِ هَذَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْإِيصَاءَ بِمَا لَيْسَ فِيهَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِعَدَمِ حَمْلِ الثُّلُثِ، لَكِنَّ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِيمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُحَصِّلُوهُ أَوْ يَقْطَعُوا ثُلُثَ الْجَمِيعِ يَنْبُو عَنْ هَذَا الْفَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: تت أَشَارَ بِقَوْلِهِ مَنْفَعَةُ مُعَيَّنٍ إلَى قَصْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ: الْحُكْمُ عَامٌّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْأَعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ، وَهُوَ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ. طفي ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَنَافِعِ، وَلَا يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ أَصْلًا، وَأَنَّ الَّذِي فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَالُ التَّرِكَةِ بَعْضُهُ حَاضِرًا وَبَعْضُهُ غَائِبًا وَتَبِعَ فِيهِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنَ شَاسٍ، وَنَصُّهَا وَمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ، وَلَا تَخْرُجُ الْوَصَايَا مِمَّا حَضَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إخْرَاجِهَا مِمَّا حَضَرَ وَإِسْلَامِ الثُّلُثِ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ لِأَهْلِ الْوَصَايَا فَيَتَحَاصُّونَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ لَا تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا حَضَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ تَعْجِيلِهَا مِمَّا حَضَرَ أَوْ يَقْطَعُوا لَهُ بِثُلُثِ الْمَيِّتِ فِي الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ اهـ. وَفِي الْجَوَاهِرِ: مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، وَلَهُ دُيُونٌ وَعُرُوضٌ وَعَقَارٌ وَأَمْوَالٌ غَائِبَةٌ، وَالْعَيْنُ الْمُوصَى بِهَا قَدْرُ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ أَقَلُّ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْجَمِيعِ، وَلَا تَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ فَقَالَ الْوَرَثَةُ لَا نُعْطِيهِ هَذَا لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ يُتْلِفَ رَأْسَ الْمَالِ الْغَائِبِ بَعْضُهُ فَيَفُوزَ بِالْعَيْنِ دُونَنَا فَهُمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ أَوْ يُسَلِّمُوا جَمِيعَ ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ مِنْ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ: وَمَنْ أَوْصَى بِمُعَيَّنٍ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ وَغَائِبٍ أَوْ بِمَا لَيْسَ فِيهَا مُطْلَقًا، وَلَا يَخْرُجُ مِمَّا حَضَرَ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا الْمُعَيَّنَ وَيُحَصِّلُوا الْآخَرَ وَبَيْنَ أَنْ يَقْطَعُوا ثُلُثَ الْجَمِيعِ عَلَى اخْتِلَافِهِ وَإِنْ كَانَ أَضْعَافَهُ أَوْ دُونَهُ اهـ. وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَمَلَهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ أَمْ لَا. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ لَا يَخْرُجُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 562 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مِمَّا حَضَرَ هُوَ قَيْدٌ فِيمَا هُوَ فِي التَّرِكَةِ، فَأَنْتَ تَرَى ابْنَ الْحَاجِبِ فَرَضَهَا فِي التَّرِكَةِ الْغَائِبِ بَعْضُهَا تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهَذَا مُسَلَّمٌ لَهُ لَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا غَيْرُهُ، وَكَيْفَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَحَكَى الْبَاجِيَّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ قَالَهُ الشَّارِحُ، فَكَيْفَ يَجْعَلُهُ تت مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى الْعَيْنِ الْكَائِنَةِ فِي التَّرِكَةِ الَّتِي حَضَرَ جَمِيعُهَا، قَالَ: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَنَافِعِ قَالَ: أَمَّا إذَا أَوْصَى لَهُ بِدَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَشَبَهِهِ، وَلَمْ يَسَعْهُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي مِلْكِهِ أَعْطَى جَمِيعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ كَانَ مَلَكَهُ وَمِنْ التَّرِكَةِ أَخَذَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فِيهِ اهـ. وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ مِنْ الْمُعَيَّنِ إذَا كَانَ جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَاضِرًا، فَفِيهَا عَقِبَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهَا إثْرَ قَوْلِهَا مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " اخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُهُ فَقَالَ مَرَّةً: إذَا أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِدَابَّةٍ بِعَيْنِهَا وَضَاقَ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ قَطَعُوا لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَالَ مَرَّةً بِمَبْلَغِ ثُلُثِ جَمِيعِ التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ اهـ. فَهَذَا الَّذِي أَرَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا قَالَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي قَالَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَالْحَاصِلُ أَنَّ خَلْعَ الثُّلُثَ يَكُونُ فِي الْمَنَافِعِ، وَفِي الذَّوَاتِ الْمُوصَى بِهَا عَيْنًا كَانَتْ أَوْ عَرَضًا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً إذَا كَانَ بَعْضُ التَّرِكَةِ غَائِبًا، وَفِي الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا، وَلَهُ عَقَارٌ وَعُرُوضٌ كَثِيرَةٌ، وَفِي الْوَصِيَّةِ بِدَيْنٍ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبَعْضُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُ مَشْهُورٌ. وَفِيهَا مَسْأَلَةُ الدَّيْنِ وَمَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ لَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ، وَلَهُ عَيْنٌ حَاضِرَةٌ، فَإِمَّا أَجَازَ الْوَرَثَةُ، وَإِلَّا قَطَعُوا لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ اهـ. وَيَكُونُ فِي الْإِيصَاءِ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُسَلَّمٌ، وَأَمَّا الْإِيصَاءُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَدَارٍ، فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "، وَقَدْ عَلِمْتَهُ، وَيَكُونُ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِكَسَنَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا. هَذَا تَلْخِيصُ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا أَطَلْنَا فِيهَا لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ مِنْ شُرَّاحِهِ مَنْ حَقَّقَهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 563 وَبِنَصِيبِ ابْنِهِ، أَوْ مِثْلِهِ، فَبِالْجَمِيعِ   [منح الجليل] الرَّابِعُ: أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ سَمَّاهَا أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَسْأَلَةَ خُلْعِ الثُّلُثِ، خَالَفَهُمْ فِيهَا الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - " عَنْهُمْ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ بِالْمَوْتِ وَقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَهُ، فَكَيْفَ تَجُوزُ فِيهَا الْمُعَاوَضَةُ بِثُلُثٍ لَا يَبْلُغُ إلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ وَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِالْمَجْهُولِ، وَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُوصَى لَهُ مِلْكُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَحُجَّةُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَنَّ الثُّلُثَ مَوْضِعُ الْوَصَايَا، فَكَانَ كَمَا لَوْ جَنَى عَبْدٌ جِنَايَةً فَسَيِّدُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِدَائِهِ بِالْأَرْشِ وَإِسْلَامِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ (بِنَصِيبِ ابْنِهِ) أَيْ الْمُوصِي (أَوْ) أَوْصَى لَهُ بِ (مِثْلِهِ) أَيْ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ، وَأَجَازَ الْوَصِيَّةَ (فَ) تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي الصُّورَتَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ (بِالْجَمِيعِ) لِمَالِ الْمُوصِي، وَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ وَأَجَازَاهَا فَبِالنِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَاحِدُ أَوْ الِاثْنَانِ نَفَذَتْ بِالثُّلُثِ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَبْنَاءَ نَفَذَتْ بِالثُّلُثِ أَجَازُوا أَوْ لَا، وَفَسَّرَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ الْجَمِيعَ بِجَمِيعِ نَصِيبِ الِابْنِ، فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَمَنْ انْفَرَدَ عَنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ وَمَنْ اجْتَمَعَ مَعَ ذِي فَرْضٍ أَوْ أَكْثَرَ. ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ: أَوْصَيْتُ بِمِثْلَيْ نَصِيبِ ابْنِي أَوْ بِنَصِيبِ ابْنِي وَلَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ فَهِيَ وَصِيَّةٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ، فَإِنْ أَجَازَهَا الِابْنُ وَإِلَّا نَفَذَتْ فِي الثُّلُثِ خَاصَّةً. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نِصَابِ أَحَدِ بَنِيهِ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ الثُّلُثُ. اللَّخْمِيُّ مَنْ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ فَلَهُ الثُّلُثُ، وَأَرْبَعَةً لَهُ الرُّبُعُ وَخَمْسَةً فَلَهُ الْخُمُسُ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ إنْ كَانُوا خَمْسَةً فَلَهُ السُّدُسُ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ وَمَعَهُ مَنْ يَرِثُ مِنْ أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَغَيْرِهِمَا عَدَلَ حَتَّى يَعْرِفَ حَقَّ الْوَلَدِ خَاصَّةً، فَإِنْ كَانُوا ثَمَانِيَةً ذُكُورًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُمُنُ مَا يَصِيرُ لِلْوَلَدِ خَاصَّةً، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَلَهُ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَلَهُ نِصْفُهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَهُ مِثْلُ مَا يَصِيرُ لَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ ثُمَّ يَضُمُّ مَا بَقِيَ إلَى مَا عَزَلَ لِمَنْ يَرِثُ الْمَيِّتَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 564 لَا اجْعَلُوهُ وَارِثًا مَعَهُ، أَوْ أَلْحِقُوهُ بِهِ: فَزَائِدٌ   [منح الجليل] مَعَ الْوَلَدِ فَيُقَسَّمُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ كُلُّهُمْ إنَاثًا، أَعْطَى ثُلُثَ الثُّلُثَيْنِ، وَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ أَعْطَى نِصْفَ الثُّلُثَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً أَعْطَى نِصْفَ الْمَالِ إنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ، وَإِلَّا فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ، ثُمَّ يُضَمُّ مَا بَقِيَ لِسَائِرِ مَالِ الْمَيِّتِ وَيُقَسَّمُ بِفَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْبَنَاتِ وَسَائِرِ الْوَرَثَةِ مِنْ عَصَبَةٍ وَغَيْرِهِمْ. أَصْبَغُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ". ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ الْفُرَّاضِ إنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَلَدِهِ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ أَعْطَى الرُّبُعَ وَمَعَ أَرْبَعَةٍ الْخُمُسَ يَزِيدُونَ سَهْمًا عَلَى عَدَدِهِمْ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ إنْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَرَجُلٍ مِنْ وَلَدِهِ، وَالثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْمُدَوَّنَةِ يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ، وَيُعْطَى حَظَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُمَّ يُقَسَّمُ نَصِيبُ مَا بَقِيَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: يُزَادُ سَهْمُهُ عَلَى السِّهَامِ، وَيَكُونُ لَهُ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي زِيَادٍ لَهُ نِصْفُ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ نَصِيبِ أُنْثَى. اللَّخْمِيُّ هَذَا أَحْسَنُ. (لَا) يَسْتَحِقُّ الْمُوصَى لَهُ جَمِيعَ الْمَالِ إنْ قَالَ الْمُوصِي (اجْعَلُوهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (وَارِثًا مَعَهُ) أَيْ ابْنِ الْمُوصِي (أَوْ) قَالَ (أَلْحِقُوهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (بِهِ) أَيْ ابْنِ الْمُوصِي فِي الْإِرْثِ (فَ) يُقَدَّرُ الْمُوصَى لَهُ (زَائِدًا) عَلَى عَدَدِ أَبْنَاءِ الْمُوصِي. ابْنُ الْحَاجِبِ فِي اجْعَلُوهُ وَارِثًا مَعَ وَلَدِي، أَوْ أَلْحِقُوهُ بِوَلَدِي بِقَدْرٍ زَائِدٍ بِاتِّفَاقٍ. ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ كَانَ الْبَنُونَ ثَلَاثَةً فَهُوَ كَابْنٍ رَابِعٍ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَهُوَ كَابْنٍ خَامِسٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ، وَثَلَاثُ بَنَاتٍ لَكَانَ كَرَابِعٍ مَعَ الذُّكُورِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِبَنَاتٍ لَكَانَتْ كَرَابِعَةٍ مَعَ الْإِنَاثِ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: لَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً كَانَ لَهُ الثُّلُثُ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَلَهُ الرُّبُعُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ وَلَدِي وَلَهُ وَلَدٌ وَاحِدٌ فَإِمَّا أَعْطَاهُ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ الثُّلُثَ. الشَّيْخُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَعَنْ عِيسَى فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ قَالَ مِنْ عَدَدِ وَلَدِي، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَلَهُ سَهْمُ ذَكَرٍ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَهُ سَهْمُ أُنْثَى، وَيُخْلَطُ مَعَ الْوَلَدِ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَهْلُ فَرَائِضَ أُخْرِجَتْ فَرَائِضُهُمْ ثُمَّ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ كَمَا وَصَفْنَا، وَمَا بَقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 565 وَبِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ: فَبِجُزْءٍ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَبِجُزْءٍ أَوْ سَهْمٍ: فَبِسَهْمٍ مِنْ فَرِيضَتِهِ   [منح الجليل] تَنْبِيهٌ) الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جَمْعِهِ بَيْنَ مِثْلٍ وَنَصِيبٍ مُسَلَّمٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى نَصِيبٍ، قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: لَمْ أَرَهُ إلَّا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِلْوَجِيزِ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ فِيهِ جَعْلُهُ زَائِدًا اتِّفَاقًا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَنَصُّهُ إنْ قَالَ أَنْزِلُوهُ مَنْزِلَةَ أَحَدِ وَلَدِي أَوْ اجْعَلُوهُ كَأَحَدِهِمْ، وَهُمْ خَمْسَةٌ كَانَ لَهُ السُّدُسُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ نَصِيبُ أَحَدِ وَلَدِي وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَهُ اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ (بِنَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فَ) تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ (بِجُزْءٍ) مِنْ مَالِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ نِسْبَتُهُ لَهُ مِثْلُ نِسْبَةِ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ (مِنْ) مَجْمُوعِ (عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا وَبَعْضُهُمْ إنَاثًا، فَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً فَلَهُ الْعُشْرُ، وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَلَهُ الْخُمُسُ، فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَلْيُقَسَّمْ الْمَالُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ، ثُمَّ يُؤْخَذُ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُعْطَى لَهُ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ وَتَرَكَ رِجَالًا وَنِسَاءً قُسِّمَ الْمَالُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَأُعْطِيَ جُزْءًا مِنْهُ وَقُسِّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ. (وَ) إنْ أَوْصَى لَهُ (بِجُزْءٍ) مِنْ مَالِهِ (أَوْ) بِ (سَهْمٍ) مِنْهُ (فَ) تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ (بِسَهْمٍ مِنْ) أَصْلِ (فَرِيضَتِهِ) أَيْ مَسْأَلَةِ وَرَثَةِ الْمُوصِي، فَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا سِتَّةً فَبِسَهْمٍ مِنْ سِتَّةٍ، وَإِنْ عَالَتْ فَبِسَهْمٍ مِمَّا بَلَغَتْهُ بِعَوْلِهَا كَسَبْعَةٍ وَثَمَانِيَةٍ وَتِسْعَةٍ وَعَشَرَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَبِسَهْمٍ مِنْهَا، وَإِنْ عَالَتْ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَبِسَهْمٍ مِنْهَا. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ مَاتَ وَقَدْ قَالَ لِفُلَانٍ جُزْءٌ مِنْ مَالِي، أَوْ سَهْمٌ مِنْهُ أُعْطِيَ سَهْمًا مِنْ أَصْلِ فَرِيضَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ سِتَّةً فَلَهُ سَهْمٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ أَوْلَادًا رَجُلًا وَأُنْثَى أُعْطِيَ سَهْمًا مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ كَانُوا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ فَعَلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 566 وَفِي كَوْنِ ضِعْفِهِ مِثْلَهُ أَوْ مِثْلَيْهِ تَرَدُّدٌ ، وَبِمَنَافِعِ عَبْدٍ، وُرِثَتْ عَنْ الْمُوصَى لَهُ   [منح الجليل] هَذَا يُحْسَبُونَ قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ ثُلُثُ الْمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَسَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى مَا يُقَوَّمُ مِنْهُ سَهْمُ الْفَرَائِضِ. ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّ السُّدُسَ أَقَلُّ سَهْمٍ مَفْرُوضٍ لِأَهْلِ النَّسَبِ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ سَهْمٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ سَهْمٍ فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى الثُّمُنُ لِمَنْ يَرِثُ بِسَبَبٍ أَوْ نَسَبٍ شب وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ إلَّا مِنْ أَكْثَرَ فَلَا يُنْظَرُ لِمَا تَصِحُّ مِنْهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ فَرِيضَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ أَصْلُهَا سِتَّةً، وَعَالَتْ إلَى عَشَرَةٍ فَسَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ. (وَفِي كَوْنِ ضِعْفِهِ) بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي أُضِيفَ الضَّعِيفُ إلَيْهِ (مِثْلَهُ) أَيْ الشَّيْءِ حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ قَائِلًا لَمْ أَحْفَظْ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - خِلَافَهُ. (أَوْ) كَوْنُ ضِعْفِ الشَّيْءِ (مِثْلَيْهِ) حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ الْإِمَامَيْنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَائِلًا: وَهَذَا أَقْوَى فِي نَفْسِي مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ، وَفِي الْجَوَابِ (تَرَدُّدٌ) ابْنُ شَاسٍ مَنْ أَوْصَى بِضِعْفِ نَصِيبِ وَلَدِهِ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ: لَسْتُ أَعْرِفُ حُكْمَهَا مَنْصُوصَةً، غَيْرَ أَنِّي وَجَدْت لِبَعْضِ شُيُوخِنَا أَنَّهُ يُعْطِي مِثْلَ نَصِيبِ وَلَدِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا قَالَا: ضِعْفُ النَّصِيبِ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا فِي نَفْسِي أَقْوَى مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ. (وَ) إنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ (بِمَنَافِعِ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ وَلَا بِحَيَاةِ الْعَبْدِ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ، وَالْعَبْدُ حَيٌّ (وُرِثَتْ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنَافِعُهُ (عَنْ الْمُوصَى لَهُ) فِي وَصَايَاهَا. الثَّانِي: مَنْ قَالَ: وَهَبْت خِدْمَةَ عَبْدِي لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ فُلَانٌ فَلِوَرَثَتِهِ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا بَقِيَ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّهُ أَرَادَ حَيَاةَ الْمُخْدِمِ. وَقَالَ أَشْهَبُ: يُحْمَلُ عَلَى حَيَاةِ فُلَانٍ إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى حَيَاةِ الْعَبْدِ لَكَانَتْ هِبَةً لِرَقَبَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَيِّدٌ وَلَيْسَ كَهِبَةِ الرَّقَبَةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ قَصْرَ هِبَتِهِ عَلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 567 وَإِنْ حَدَّدَهَا بِزَمَنٍ فَكَالْمُسْتَأْجَرِ فَإِنْ قُتِلَ،   [منح الجليل] الْخِدْمَةِ فَقَطْ دُونَ الْمَالِ الَّذِي يَمُوتُ الْعَبْدُ عَنْهُ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَقَدْ أَبْقَاهُمَا لِنَفْسِهِ، فَلَا يَلْزَمُ مَا قَالَ أَشْهَبُ. (وَإِنْ حَدَّدَهَا) أَيْ الْمُوصِي الْمَنَافِعَ الْمُوصَى بِهَا بِزَمَنٍ كَشَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ (فَ) الْمُوصَى لَهُ أَوْ الْعَبْدُ (كَالْمُسْتَأْجَرِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَفَتْحِهَا عَلَى الثَّانِي فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَجَوَازُ إجَارَتِهِ فِيهَا لِغَيْرِهِ وَانْتِقَالُهَا لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَجَوَازُ بَيْعِ وَرَثَةِ الْمُوصِي الْعَبْدَ، وَاسْتِثْنَاءُ خِدْمَتِهِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ لَا جُمُعَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْمَرَك رَجُلٌ حَيَاتَك خِدْمَةَ عَبْدٍ أَوْ سُكْنَى دَارٍ فَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَبِيعَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تُؤَاجِرَ الْعَبْدَ إلَّا إلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَأَمْرٍ مَأْمُونٍ وَلَا تُكْرِيهِ إلَى أَجَلٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ الْعَبْدِ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْرَيْتَهُ فِيهَا جَازَ كَمَنْ آجَرَ عَبْدَهُ عَشْرَ سِنِينَ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: لَمْ أَرَ مَنْ فَعَلَهُ، وَإِنْ فُعِلَ جَازَ، وَهَذَا خِلَافُ الْمُخْدَمِ حَيَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْمُخْدَمُ سَقَطَتْ الْخِدْمَةُ وَالْمُؤَجَّلُ يَلْزَمُهُ بَاقِيهَا لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ، وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَاجِرَ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ مِنْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ نَاحِيَةَ الْحَضَانَةِ. اللَّخْمِيُّ أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ عَشْرَ سِنِينَ أَنْ يُكْرِيَهُ الْمُخْدَمُ بِالنَّقْدِ الْعَشْرَ سِنِينَ لِقَوْلِهِ: إنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا خُدِمَ وَرَثَتُهُ بَقِيَّتَهَا، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ نَافِعٍ لِقَوْلِهِ: إنْ مَاتَ الْمُخْدَمُ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ الْعَبْدِ جَازَ عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُؤَاجَرَتُهُ عَشْرَ سِنِينَ كَعَبْدِ نَفْسِهِ، وَقَالَ فِي الْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارٍ لَا يُكْرِيهَا إلَّا السَّنَتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا، وَأَجَازَ ابْنُ مُيَسِّرٍ أَنْ تُكْرَى الثَّلَاثَ وَالْأَرْبَعَ، وَلَوْ آجَرَ الْعَبْدَ وَالدَّارَ عَشْرَ سِنِينَ دُونَ نَقْدٍ جَازَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَالْعَبْدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اجْتَمَعَ فِيهِ كَوْنُهُ مِنْ عَبِيدِ الْحَضَانَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ كَوْنُهُ مُحْتَاجًا لَهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ يُؤَاجِرَهُ وَإِلَّا جَازَ، وَأَجَازَهَا أَشْهَبُ مُطْلَقًا. (فَإِنْ قُتِلَ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ التَّاءِ (الْعَبْدُ) الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ عَبْدٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 568 فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ أَوْ الْقِيمَةُ كَأَنْ جَنَى، إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمُخْدَمُ، أَوْ الْوَارِثُ، فَتَسْتَمِرُّ وَهِيَ، وَمُدَبَّرٌ، إنْ بِمَرَضٍ فِيمَا عَلِمَ،   [منح الجليل] أَوْ ذِمِّيٍّ (فَلِلْوَارِثِ) لِلْمُوصَى (الْقِصَاصُ) مِنْ قَاتِلِهِ الرِّقِّ أَوْ الذِّمِّيِّ (أَوْ الْقِيمَةُ) وَتَتَعَيَّنُ إنْ قَتَلَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ، وَبَطَلَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي مَنْفَعَتِهِ، وَقَدْ ذَهَبَتْ بِمَوْتِهِ ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ قُتِلَ الْعَبْدُ عَمْدًا فَلِلْوَارِثِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ، وَيَحْبَطُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ رَجَحَ لِلْقِيمَةِ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يَخْتَصُّ بِهَا. وَشَبَّهَ فِي اخْتِصَاصِ الْوَارِثِ فَقَالَ (كَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (جَنَى) الرَّقِيقُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ فَالْكَلَامُ فِي إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ لِوَرَثَةِ الْمُوصِي وَيَبْطُلُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ (إلَّا أَنْ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ (يَفْدِيَهُ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْ الْجِنَايَةِ (الْمُخْدَمُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (أَوْ الْوَارِثُ) لَهُ (فَتَسْتَمِرُّ) الْخِدْمَةُ فِي الْأَوَّلِ لِلْمُخْدَمِ، وَفِي الثَّانِي لِوَارِثِهِ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ خِدْمَتِهِ الَّتِي حَدَّدَهَا الْمُوصِي، فَإِنْ دَفَعَ وَارِثُ الْمُوصَى الْفِدَاءَ لِيَخْدُمَ بِالْفَتْحِ أَوْ لِوَارِثِهِ أَخَذَ الْعَبْدَ، وَإِلَّا بَقِيَ رِقًّا لِلْمُخْدَمِ أَوْ وَارِثِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي جِنَايَاتِهَا قُلْت: مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً فَقُتِلَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا كَيْفَ يَصْنَعُ بِالْقِيمَةِ قَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " هِيَ لِمَنْ لَهُ الرَّقَبَةُ وَلَيْسَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ شَيْءٌ وَكَذَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ دِيَتَهَا فَهِيَ لِمَنْ لَهُ رَقَبَتُهُ. سَحْنُونٌ أَمَّا الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فَهَذَا قَوْلُهُ لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فَكُلُّ مَا سَمِعْتَهُ خِلَافَ هَذَا فَرُدَّهُ إلَى هَذَا فَهُوَ أَصْلُ مَذْهَبِهِمْ مَعَ ثُبُوتِ إمَامِهِمْ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " عَلَيْهِ. عِيَاضٌ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَخْزُومِيِّ وَغَيْرِهِ يُكْرِي مِنْ الْقِيمَةِ مَنْ يَخْدُمُهُ إلَى الْأَجَلِ. وَفِيهَا مَنْ أَخْدَمَ عَبْدَهُ رَجُلًا سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاةَ الرَّجُلِ فَيَجْنِي الْعَبْدُ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ، فَإِنْ فِدَاهُ بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُخْدَمُ، فَإِنْ فَدَاهُ خَدَمَهُ فَإِذَا تَمَّتْ خِدْمَتُهُ، فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ سَيِّدُهُ مَا فَدَاهُ بِهِ أَخَذَهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَهُ رِقًّا. (وَهِيَ) أَيْ الْوَصِيَّةُ فِي صِحَّةِ أَوْ مَرَضِ (وَمُدَبَّرٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلًا (إنْ كَانَ) تَدْبِيرُهُ (بِمَرَضٍ) مَخُوفٍ لِسَيِّدِهِ، وَمَاتَ بِهِ إذَا أُرِيدَ تَقْوِيمُهَا لِيُنْظَرَ هَلْ يُخْرَجَانِ مِنْ الثُّلُثِ أَمْ لَا فَإِنَّمَا يُقَوَّمَانِ (فِيمَا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (عَلِمَ) الْمُوصِي فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ، وَالسَّيِّدُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 569 وَدَخَلَتْ فِيهِ،   [منح الجليل] فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ مَالُهُ لَا فِيمَا لَمْ يَعْلَمْهُ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ يُقَوَّمُ فِي غَيْرِ الْمَعْلُومِ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي كُلِّ وَصِيَّةٍ لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ، وَالْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ يَدْخُلُ فِيمَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. ابْنُ حَارِثٍ وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عَلِمَ بِهِ اتِّفَاقًا، وَنَقَلَ غَيْرُهُ الْخِلَافَ. (وَدَخَلَتْ) الْوَصِيَّةُ بِفَكِّ أَسِيرٍ وَالْمُدَبَّرُ فِي الصِّحَّةِ، وَمَا بَعْدَهُمَا مِمَّا يُقَدَّمُ عَلَى مُدَبَّرِ الْمَرَضِ (فِيهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ فَيُبَاعُ لِتَنْفِيذِهَا إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ، وَهَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَقُدِّمَ فَكُّ أَسِيرٍ وَمُدَبَّرُ صِحَّةٍ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ اسْتِشْكَالُ الْحَطّ، وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ إذَا بَطَلَ بَعْدَهُ، هَكَذَا مَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي تَوْضِيحِهِ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَرَّهُ فِيهِ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ كَفَكِّ الْأَسِيرِ وَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَصَدَاقِ الْمَرِيضِ وَالزَّكَاةِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَأَوْصَى بِهَا، وَمَا ذُكِرَ مَعَ ذَلِكَ وَيَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَى أَشْيَاءَ كَالْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ، وَمَا ذُكِرَ مَعَهُمَا، وَيُشَارِكُهُ فِي رُتْبَتِهِ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ، فَإِذَا فُرِضَ ضِيقُ الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ قُدِّمَ، فَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثَ بَطَلَ التَّدْبِيرُ الَّذِي فِي الْمَرَضِ، وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا كُلُّهَا، وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ مَا يَتَقَدَّمُ هُوَ عَلَيْهِ كَالْوَصَايَا بِالْمَالِ، فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الْمُدَبَّرَ فِي الْمَرَضِ جَمِيعَهُ وَاسْتَغْرَقَ ذَلِكَ الثُّلُثُ نَفَذَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَبَطَلَتْ الْوَصَايَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْ الثُّلُثُ إلَّا بَعْضَ الْمُدَبَّرِ نَفَذَ مِنْهُ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ وَرَجَعَ الْبَاقِي رَقِيقًا لِلْوَرَثَةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مَعَهُ مَا هُوَ فِي نِيَّتِهِ، وَهُوَ الْمُبَتَّلُ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِي الثُّلُثِ فَيُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْوَصَايَا فِي ذَلِكَ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ هُوَ كَذَلِكَ فِيهَا، وَنَقَلَهُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْمَجْمُوعَةِ، لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْهُمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي النَّوَادِرِ عَنْهُمَا، وَلَيْسَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 570 وَفِي الْعُمْرَى، وَفِي سَفِينَةٍ، أَوْ عَبْدٍ شُهِرَ   [منح الجليل] فِيهِ ذِكْرُ الْمُدَبَّرِ وَالْمَرَضِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ إلَّا فِي كَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ، فَالصَّوَابُ حَذْفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. طفي وَهُوَ تَعَقُّبٌ صَحِيحٌ، وَرَدَّ عج عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ كَفَكِّ الْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ إذَا ضَاقَ الثُّلُثُ قَائِلًا: وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ إشَارَةٌ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ وَدَخَلَتْ، أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ إذَا بَطَلَ كُلُّهُ بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْمِلْهَا الثُّلُثُ، فَإِنَّهَا تَكْمُلُ إذَا بَطَلَ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ ابْنِ شَاسٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْوَصَايَا بِالْمَالِ، فَمَا ذَكَرَهُ يَنْبُو عَنْهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ، وَفِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا فَائِدَةَ لِمَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِعِلْمِهِ مِنْ التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ؛ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَيَحْتَاجُ الْمُصَنِّفُ التَّنْبِيهَ عَلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَرَاتِبِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُدَبَّرِ، فَالْحَمْلُ عَلَى ذَلِكَ تَهَافُتٌ، فَتَرْكُ الْكَلَامِ عَلَى إشْكَالِهِ، أَوْ دَعْوَى السَّهْوِ وَالْغَلَطِ أَوْلَى مِنْ التَّهَافُتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَا يُعْلَمُ مِنْ التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَدْخُلُ فِيمَا بَعْدَهُ إلَّا مِمَّا هُنَا فَمَا عَلَيْهِ. عج وَغَيْرُهُ مُتَعَيِّنٌ، وَلَا تَهَافُتَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَمَّا وَقَفَ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا فِي الْحَطّ قَالَ: إنَّ ضَمِيرَ فِيهِ لِلْمَعْلُومِ، وَكَرَّرَهُ لَمَّا عَطَفَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) دَخَلَتْ فِي الرَّاجِعِ مِنْ (الْعُمْرَى) يَمُوتُ الْمُعْمَرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ. ابْنُ شَاسٍ أَمَّا مَا كَانَ يَعْلَمُهُ مِثْلَ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَكُلُّ دَارٍ تَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ عُمْرَى فَالْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهِ، وَفِيهَا كُلُّ مَا يَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ عُمْرَى فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِيهِ، وَإِنْ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ. ابْنُ الْحَاجِبِ لَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيمَا لَمْ يُعْلَمْ كَمِيرَاثٍ، وَمِمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَلَوْ فِي مَرَضِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ وَرُدَّ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ فِي الْمَرَضِ وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ عُمْرَى حَبْسٍ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ الْعُمْرَى، وَهُوَ الْمُقَيَّدُ بِحَيَاةِ الْمَحْبَسِ عَلَيْهِ. (وَهَلْ) تَدْخُلُ (فِي سَفِينَةٍ وَعَبْدٍ) مَثَلًا لِلْمُوصِي كَانَا غَائِبَيْنِ وَ (شُهِرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 571 تَلَفُهُمَا، ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ قَوْلَانِ لَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ   [منح الجليل] تَلَفُهُمَا) فِي غَيْبَتِهِمَا بِغَرَقِ السَّفِينَةِ وَمَوْتِ الْعَبْدِ حَالَ إيصَائِهِ (ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ) لَهُمَا وَعَدَمُ دُخُولِهَا فِيهِمَا (قَوْلَانِ) رَوَاهُمَا أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. ابْنُ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ إذَا قِيلَ لَهُ غَرِقَتْ سَفِينَتُك وَأَيِسَ مِنْهَا ثُمَّ جَاءَتْ سَالِمَةً، فَرَوَى مُحَمَّدٌ لَا تَدْخُلُ فِيهَا وَصَايَاهُ. وَقَالَ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَدْخُلُ فِيهَا، وَلَا تُشْبِهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ إنْ اُشْتُهِرَ مَوْتُهُمَا ثُمَّ ظَهَرَتْ سَلَامَتُهُمَا قَوْلَانِ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ شَاسٍ رِوَايَتَيْنِ لِأَشْهَبَ. الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ رَوَى أَشْهَبُ الْقَوْلَيْنِ فِي السَّفِينَةِ وَالْآبِقِ، وَزَادَ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ شَهِدَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَلَغَهُ بَلَاغًا ثُمَّ مَاتَ بِقُرْبِ ذَلِكَ دَخَلَتْ الْوَصَايَا فِيهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ. (لَا) تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ (فِيمَا) أَيْ الْمَالِ الَّذِي (أَقَرَّ) الْمُوصَى (بِهِ فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ بِهِ لِنَحْوِ صَدِيقِهِ وَبَطَلَ إقْرَارُهُ بِهِ لَهُ لِلتُّهْمَةِ (أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ) لَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ بَاقِي وَرَثَتِهِ. فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْمَجْمُوعَةِ: لَا تَدْخُلُ وَصَايَا الْمَيِّتِ فِيمَا بَطَلَ إقْرَارُهُ بِهِ فِي مَرَضِهِ لِوَارِثِهِ أَوْ مَا أَقَرَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ. فِيهَا أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ فَرَدَّهُ الْوَرَثَةُ. وَفِي التَّوْضِيحِ لَا دُخُولَ لِلْوَصَايَا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ الْمُوصِي لِغَيْرِهِ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ إقْرَارَهُ عَامِلٌ كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ إقْرَارُهُ فِي مَرَضِهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ فِي صِحَّتِهِ وَرُدَّ لِسَبَبٍ اهـ وَكَذَا كُلُّ مَا بَطَلَ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْوَصَايَا وَيُحَاصِصُ الْوَرَثَةُ بِهِ وَأَهْلُ الْوَصَايَا عِنْدَ الضِّيقِ، وَيَكُونُونَ أَحَقَّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَذَا كُلُّ وَصِيَّةٍ بَطَلَتْ لِعَدَمِ قَبُولِهَا أَوْ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ رَدَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ رَجَعَ مِيرَاثًا بَعْدَ أَنْ يُحَاصَّ بِهِ أَهْلَ الْوَصَايَا، مِثْلَ أَنْ يُوصِيَ لِثَلَاثَةٍ بِعَشَرَةٍ عَشَرَةٍ فَرَدَّ أَحَدُهُمْ وَصِيَّتَهُ، وَثُلُثُهُ عَشَرَةٌ فَلِلْبَاقِينَ ثُلُثَا الثُّلُثِ، وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ الرُّوَاةِ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ، وَقَيَّدَهُ فِي النَّوَادِرِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِرَدِّهِ، وَإِلَّا دَخَلَتْ الْوَصَايَا فِيهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 572 وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ؛ أَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يُشْهِدْ، أَوْ يَقُلْ: أَنْفِذُوهَا، لَمْ تَنْفُذْ   [منح الجليل] وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَعْلُومٌ، وَكَذَا يَقَعُ التَّحَاصُصُ فِي الثُّلُثِ بِمَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثِهِ، فَفِيهَا: وَمَنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ تَحَاصَّا وَعَادَ سَهْمُ الْوَارِثِ مَوْرُوثًا إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ اهـ. بِخِلَافِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَرَدَّ فَلَا يُحَاصِصُ بِهِ فِي الثُّلُثِ، بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَفِيهَا إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ فَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ لِمَنْ يُتَّهَمُ بِهِ وَتَقَعُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمَنْ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ لَهُ أَخَذَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ مِيرَاثًا، أَفَادَهُ طفي. (وَإِنْ) مَاتَ الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ، وَوُجِدَ عِنْدَهُ وَصِيَّةٌ مَكْتُوبَةٌ وَ (ثَبَتَ) بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ (إنَّ عَقَدَهَا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ وَثِيقَةَ الْوَصِيَّةِ (خَطُّهُ) الْمُوصِي وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا فَلَا تَنْفُذُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَتَبَهَا غَيْرَ عَازِمٍ، أَوْ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا عِيَاضٌ إذَا لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا أَمَّا لَوْ كَتَبَهَا وَقَالَ أَنْفِذُوهَا فَإِنَّهَا تَنْفُذُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ، قَالَ: أَنْفِذُوهَا هَلْ أَرَادَ بِهِ قَالَهُ بِلِسَانِهِ، وَشَهِدَ بِقَوْلِهِ مَنْ عَرَفَ خَطَّهُ أَوْ أَرَادَ أَنَّهُ كَتَبَهَا بِخَطِّهِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ؛ إذْ الْقَوْلُ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ الْمَلْفُوظُ، الْبُنَانِيُّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، أَيْ لِأَنَّهُ يَجْرِي فِي كِتَابَةِ أَنْفِذُوهَا مَا جَرَى فِي كِتَابَةِ الْوَثِيقَةِ مِنْ احْتِمَالِ عَدَمِ الْعَزْمِ أَوْ الرُّجُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ فَوُجِدَتْ فِي تَرِكَتِهِ وَعُرِفَ أَنَّهَا خَطُّهُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ بِشَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهَا قَدْ يَكْتُبُ وَلَا يَعْزِمُ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ. (أَوْ) كَتَبَ وَصِيَّتَهُ (قَرَأَهَا) عَلَى الشُّهُودِ (وَلَمْ يُشْهِدْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْمُوصِي الشُّهُودَ عَلَى أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ (أَوْ) لَمْ (يَقُلْ) الْمُوصِي (أَنْفِذُوهَا لَمْ) الْأَوْلَى فَلَا (تَنْفُذْ) فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى أَنَّ مَا قَرَأَهُ وَصِيَّتُهُ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا نَفَذَتْ. مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 573 وَنُدِبَ فِيهِ تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ   [منح الجليل] يَأْمُرْهُمْ بِالشَّهَادَةِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَقُولَ: إنَّهَا وَصِيَّتِي، وَإِنَّ مَا فِيهَا حَقٌّ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا، كَذَا نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَفْظَ أَنَّهُ أَتَى بِهَا الشُّهُودُ، وَكَذَا فِي النَّوَادِرِ. وَقَالَ الصِّقِلِّيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَإِذَا أَتَى الشُّهُودُ بِوَصِيَّةٍ وَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ إلَى آخِرِهَا فَلَا تَنْفُذُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا، وَلَمْ يَجْعَلْ إتْيَانَهُ إلَيْهِمْ وَقِرَاءَتَهَا عَلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ مِمَّا يُنْفِذُهَا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَأَنَّهَا لَا تَنْفُذُ حَتَّى يَقُولَ: اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا. (وَنُدِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (فِيهِ) أَيْ الْإِيصَاءِ (تَقْدِيمُ) ذِكْرِ (التَّشَهُّدِ) أَيْ أَنَّهُ يَشْهَدُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، وَلِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ بِأَنْ يَقُولَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ". ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ فَلْيُقَدِّمْ ذِكْرَ التَّشَهُّدِ. الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْمَجْمُوعَةِ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ أَدْرَكْتُ يَكْتُبُونَ التَّشَهُّدَ قَبْلَ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ وَمَا زَالَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ بِالْمَدِينَةِ، وَإِنَّهُ لَيُعْجِبُنِي وَأُرَاهُ حَسَنًا، وَرَوَاهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ كُلُّ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ تَشَهَّدَ أَوْ لَمْ يَتَشَهَّدْ قَدْ تَشَهَّدَ نَاسٌ فُقَهَاءُ صَالِحُونَ، وَتَرَكَهُ بَعْضُ النَّاسِ وَذَلِكَ قَلِيلٌ. وَفِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَذْكُرْ لَنَا مَالِكٌ كَيْفَ التَّشَهُّدُ. الْبَاجِيَّ عَنْ أَنَسٍ كَانُوا يُوصُونَ أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَوْصَى مَنْ يَتْرُكُ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَيُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ إنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأَوْصَى بِمَا أَوْصَى بِهِ إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132] وَأَوْصَى إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ هَذَا. وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ رَجُلًا كَتَبَ فِي ذَلِكَ أُؤْمِنُ بِالْقَدْرِ كُلِّهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ حُلْوِهِ وَمُرِّهِ، قَالَ: مَا أَرَى هَذَا إلَّا كُتُبَ الصَّفْرِيَّةِ والإباضية قَدْ كَتَبَ مَنْ مَضَى وَصَايَاهُمْ فَلَمْ يَكْتُبُوا مِثْلَ هَذَا. قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ الرُّشْدَ فِي الِاتِّبَاعِ، وَيُجْتَنَبُ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا الِابْتِدَاعُ فَلَنْ يَأْتِيَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 574 وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ، وَلَا فَتَحَ، وَتُنَفَّذُ؛ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ وَإِنْ شَهِدَا بِمَا فِيهَا   [منح الجليل] بِأَهْدَى مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَوَّلُهَا اهـ الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَى الْجَمْعُ، أَيْ فِي التَّشَهُّدِ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْكِتَابَةِ. (وَلَهُمْ) أَيْ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنَّ وَصِيَّتَهُ مَكْتُوبَةٌ بِهَذِهِ الْوَثِيقَةِ بِخَطِّهِ أَوْ بِخَطِّ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ (الشَّهَادَةُ) بِأَنَّ مَا فِي الْكِتَابِ وَصِيَّتَهُ إذَا كَانَ قَرَأَهُ عَلَيْهِمْ أَوْ كَانُوا قَرَءُوهُ وَأَشْهَدَهُمْ بِأَنَّ مَا فِيهِ وَصِيَّتُهُ، بَلْ (وَإِنْ لَمْ يَقْرَؤُهُ) وَلَمْ يَقْرَأْهُ عَلَيْهِ إذَا عَرَفُوا عَيْنَ الْكِتَابِ إنْ فَتَحَ الْكِتَابَ وَرَأَوْا مَا فِيهِ بَلْ (وَلَا فَتَحَ) وَأَمَرَ أَنْ لَا يُفْتَحَ حَتَّى يَمُوتَ فَلَهُمْ الشَّهَادَةُ فِيهِ وَتُنَفَّذُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا وَصِيَّتُهُ بِمَا فِيهِ إنْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ، بَلْ (وَلَوْ كَانَتْ) وَثِيقَتُهُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُوصِي إلَى مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِيبَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَشْهَبَ مَنْ أَتَاهُ أَخٌ لَهُ بِكِتَابِ وَصِيَّةٍ طُبِعَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: اُكْتُبْ شَهَادَتَك بِأَسْفَلِهِ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ كِتَابِي، وَلَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ مَا فِيهَا فَكَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي أَسْفَلِهَا عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهَا وَصِيَّتُهُ أَيَشْهَدُ بِهَا، قَالَ إنْ لَمْ يَشُكَّ فِي خَاتَمِهِ أَنَّهُ خَاتَمُهُ فَلْيَشْهَدْ، وَإِنْ شَكَّ فَلَا يَشْهَدُ إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَيْسَتْ عِنْدَهُ. قُلْت أَيَشُكُّ فِي الْخَاتَمِ إذَا غَابَ عَنْهُ، قَالَ لَا أَدْرِي إنْ شَكَّ فَلَا يَشْهَدُ، وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ يَشْهَدُ وَكَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ إجَازَةُ الْخَاتَمِ حَتَّى كَانَ الْقَاضِي يَكْتُبُ لِلرَّجُلِ الْكِتَابَ إلَى الْقَاضِي وَمَا يَزِيدُ عَلَى خَاتَمِهِ فَيُجَازُ لَهُ، حَتَّى حَدَثَ عِنْدَ النَّاسِ الِاتِّهَامُ عَلَى خَاتَمِ الْقَاضِي، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ. ابْنُ رُشْدٍ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّيَقُّنِ مِمَّا لَا سَبِيلَ إلَى الشَّاهِدِ إلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُ، فَعَلَى قَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُمْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا دَفَعَهَا إلَيْهِمْ فَدَفَعُوهَا إلَى أَحَدِهِمْ أَوْ إلَى مَنْ وَثِقُوا بِهِ غَيْرَهُمْ فَكَانَتْ عِنْدَهُ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهَا، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ. (وَإِنْ شَهِدَا) أَيْ الْعَدْلَانِ (بِمَا فِيهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ لَهُ وَعَلَيْهِ وَهِيَ مَخْتُومَةٌ، وَقَالَ لَهُمَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 575 وَمَا بَقِيَ، فَلِفُلَانٍ؛ ثُمَّ مَاتَ فَفُتِحَتْ فَإِذَا فِيهَا، وَمَا بَقِيَ فَلِلْمَسَاكِينِ؛ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَكَتَبْتُهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ، أَوْ أَوْصَيْتُهُ بِثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ، يُصَدَّقُ، إنْ لَمْ يَقُلْ لِابْنِي   [منح الجليل] حِينَ إشْهَادِهِمَا عَلَيْهَا (وَمَا بَقِيَ) بَعْدَ تَنْفِيذِ الْوَصَايَا مِنْ ثُلُثِي (فَ) هُوَ (لِفُلَانٍ فَفُتِحَتْ) الْوَثِيقَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ (فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ) بَعْدَهُ مِنْهُ (فَ) هُوَ (لِلْمَسَاكِينِ قُسِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَا بَقِيَ مَعَهُ (بَيْنَهُمَا) أَيْ فُلَانٍ وَالْمَسَاكِينِ مُنَاصَفَةً. ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ ابْنُ وَهْبٍ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِشُهُودٍ: هَذِهِ وَصِيَّتِي وَهِيَ مَطْبُوعَةٌ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهَا لِي وَعَلَيَّ وَأَسْنَدْتُهَا إلَى عَمَّتِي وَمَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِعَمَّتِي وَمَاتَتْ فَفُتِحَ الْكِتَابُ فَإِذَا فِيهِ مَا بَقِيَ مِنْ ثُلُثِي فَلِلْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْأَرَامِلِ، فَإِنَّهُ تُقَسَّمُ بَقِيَّتُهُ بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْأَصْنَافِ الْآخَرِينَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلَيْنِ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِغَيْرِهِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَكُونُ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ نَاسِخَةً لِلْأَوَّلِ خِلَافُ سَمَاعِ زُونَانَ أَشْهَبَ. (وَإِنْ قَالَ) الْمُوصِي (كَتَبْتُهَا) أَيْ وَصِيَّتِي وَوَضَعْتُهَا (عِنْدَ فُلَانٍ) فَإِذَا مِتُّ، وَأَخْرَجَ لَكُمْ كِتَابًا وَقَالَ هَذِهِ وَصِيَّتِي (فَصَدِّقُوهُ) فِي أَنَّهَا وَصِيَّتِي فَإِذَا مَاتَ وَأَتَى فُلَانٌ بِوَثِيقَةٍ وَقَالَ هَذِهِ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مَا فِيهَا (أَوْ) قَالَ الْمُوصِي (أَوْصَيْته) أَيْ فُلَانًا (بِ) كَيْفِيَّةِ تَفْرِقَةِ (ثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا، أَيْ فُلَانًا فِيهَا، فَإِذَا مَاتَ وَأَخْبَرَ فُلَانٌ بِالْكَيْفِيَّةِ فَإِنَّهُ (يُصَدَّقُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا فِيهَا وَتَنْفُذُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) فُلَانٌ أَوْصَى بِثُلُثِهِ (لِابْنِي) فَإِنْ قَالَ لِابْنِي وَنَحْوَهُ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ وَأَنْفِذُوهَا صُدِّقَ وَنَفَذَ مَا فِيهَا، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ كَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَأَنْفِذُوا مَا فِيهَا فَمَاتَ، وَأُخْرِجَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَا شُهُودَ فِيهَا إلَّا مَا شَهِدُوا عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ وَضَعَهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَأَنْفَذُوا مَا فِيهَا فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهَا عِنْدَهُ عَدْلًا أُنْفِذَ مَا فِيهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ هَذَا رَأْيِي. الْعُتْبِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 576 وَوَصِيِّي فَقَطْ، يُعَمُّ، وَعَلَى كَذَا، يُخَصُّ بِهِ   [منح الجليل] هِيَ جَائِزَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا. ابْنُ رُشْدٍ اشْتِرَاطُ عَدَالَتِهِ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ: كَتَبْتُ وَصِيَّتِي وَجَعَلْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدِّقُوهُ وَأَنْفِذُوا مَا فِيهَا أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مَا فِيهَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ عَدَالَةً، كَقَوْلِهِ سَحْنُونٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قَالَ أَوْصَيْتُ فُلَانًا بِثُلُثِي فَصَدِّقُوهُ جَازَ ذَلِكَ وَأُنْفِذَ مَا قَالَ، فَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ إنَّمَا أَوْصَى بِثُلُثٍ لِابْنِي فَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُصَدَّقُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " مَنْ قَالَ اجْعَلْ ثُلُثِي حَيْثُ تَرَاهُ، فَإِنْ أَعْطَاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ وَجْهٌ لِذَلِكَ صَوَابٌ، وَفَرَّقَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَالِكٍ صُرِفَ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِهِ فَصَرَفَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِقَرَابَتِهِ ظَاهِرٌ فِي مُنَافَاتِهِ نَتِيجَةَ الِاجْتِهَادِ، وَمَسْأَلَةُ الْخِلَافِ أَمْرُهَا مَصْرُوفٌ لِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَشْهَبُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ أُمِرَ بِتَصْدِيقِهِ، وَنَحْوُهُ لِلصَّقَلِّيِّ. (وَ) إنْ قَالَ فِي إيصَائِهِ فُلَانٌ (وَصِيِّي فَقَطْ) أَيْ مُقْتَصِرًا عَلَى قَوْلِهِ: وَصِيٍّ فَإِنَّهُ (يَعُمُّ) إيصَاؤُهُ كُلَّ شَيْءٍ لِلْمُوصِي أَوْ عَلَيْهِ حَتَّى إنْكَاحَ صِغَارِ بَنِيهِ وَبَالِغَاتِ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بِإِذْنِهِنَّ، وَلَا يُجْبِرُهُنَّ اتِّفَاقًا، وَكَذَا الثَّيِّبَاتُ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ: اشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا وَصِيِّي، وَلَمْ يَزِدْ فَهُوَ وَصِيَّةُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْكَاحِ صِغَارِ بَنِيهِ، وَمَنْ بَلَغَ مِنْ أَبْكَارِ بَنَاتِهِ بِإِذْنِهِمْ وَالثَّيِّبِ بِإِذْنِهَا. اللَّخْمِيُّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي قَالَ اسْتَقْصَى لَهُ وَبَالَغَ، وَإِنْ قَالَ وَصِيِّي عَلَى مَالِي دَخَلَ فِيهِ الْوَلَدُ، وَإِنْ قَالَ عَلَى وَلَدِي دَخَلَ فِيهِ الْمَالُ، وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَلَدِي الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَكَذَا عَلَى بَنِيَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ فَيَقُولَ: الذُّكُورُ أَوْ بَنَاتِي. (وَ) إنْ قَالَ وَصِيِّي (عَلَى كَذَا) كَثُلُثِي أَوْ قَضَاءِ دَيْنِي فَإِنَّهُ (يُخَصُّ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا (بِهِ) أَيْ مَا قَصَرَ الْمُوصِي إيصَاءَهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَعُمُّ غَيْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ. ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى اقْتِضَاءِ دَيْنِي أَوْ قَضَائِهِ أَوْ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى مَالِي أَوْ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى بِضْعِ بَنَاتِي فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيَكُونُ كَمَا قَالَ، وَإِنْ قَالَ فُلَانُ وَصِيِّي عَلَى كَذَا الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ فَإِنَّمَا هُوَ وَصِيٌّ عَلَى مَا سَمَّى فَقَطْ، وَنَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ الْخِلَافِيَّةِ أَنَّهُ يَكُونُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 577 كَوَصِيِّي، حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ، أَوْ إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ زَوْجَتِي وَإِنْ زَوَّجَ مُوصًى عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ، وَقَبْضِ دُيُونِهِ، صَحَّ   [منح الجليل] وَصِيًّا لَهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَكَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، نَقَلَهُ الطُّرْطُوشِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ رِوَايَةً. وَشَبَّهَ فِي الِاخْتِصَاصِ فَقَالَ (كَ) قَوْلِهِ فُلَانٌ (وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ) فَيَكُونَ هُوَ الْوَصِيُّ فَهُوَ وَصِيُّهُ مَا دَامَ فُلَانٌ غَائِبًا، فَإِنْ قَدِمَ ارْتَفَعَتْ وِصَايَتُهُ، وَصَارَ الْقَادِمُ وَصِيَّهُ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا: إنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ فَيَكُونَ وَصِيًّا فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَيَكُونُ كَمَا قَالَ الصِّقِلِّيُّ، وَيَنْبَغِي إنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ قُدُومِهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَصِيًّا لِأَنَّهُ إنَّمَا خَلَعَ هَذَا بِقُدُومِ الْغَائِبِ، فَلَوْ قَدِمَ وَامْتَنَعَ فَالظَّاهِرُ سُقُوطُ إيصَاءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ نَظَرَهُ بِغَيْبَةِ فُلَانٍ إلَّا أَنْ يُفْهَمَ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ وَقَبِلَ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيَّ، فَإِذَا قَدِمَ وَلَمْ يَقْبَلْ وَجَبَ بَقَاءُ الْأَوَّلِ وَصِيًّا. اللَّخْمِيُّ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا وَصِيَّةَ لِلْحَاضِرِ، وَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِهِ إنْ قَدِمَ وَلَمْ يَقْبَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي إقَامَةِ الْغَائِبِ امْتِنَاعَ الْحَاضِرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَقِيلَ لَهُ تَكَلَّفْهَا حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ، فَإِنْ كَانَ هَذَا السَّبَبَ جَازَ تَمَادِيهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْوُجُوهِ إنْ أَحَبَّ، فَإِنْ كَرِهَ فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَهَا وَقْتًا. (أَوْ) قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي (إلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ) فُلَانٌ (زَوْجَتِي) فَلَا يَكُونُ وَصِيِّي، وَفِي نُسْخَةٍ حَتَّى تَتَزَوَّجَ بِفَوْقِيَّتَيْنِ فَالْمَعْنَى فُلَانَةُ زَوْجَتِي وَصِيَّتِي حَتَّى تَتَزَوَّجَ فَلَا تَكُونُ وَصِيَّتِي، فِيهَا مَنْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَى أُمِّ وَلَدِهِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ جَازَ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ عُزِلَتْ. (وَإِنْ) أَوْصَى رَجُلًا عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ وَقَبْضِ دُيُونَهُ وَلَمْ يُوصِهِ عَلَى تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ فَتَعَدَّى (زَوَّجَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْوَصِيُّ الـ (مُوصَى عَلَى بَيْعِ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (وَقَبْضِ دُيُونِهِ) أَيْ الْمُوصِي بَنَاتِ الْمُوصِي الْبَالِغَاتِ بِإِذْنِهِنَّ (صَحَّ) تَزْوِيجُهُ لِحُصُولِ وِلَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ لَهُ عَلَيْهِنَّ، وَفِي قَوْلِهِ صَحَّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ ابْتِدَاءُ عَدَمِ تَزْوِيجِهِنَّ وَرَفْعُ أَمْرِهِنَّ إلَى الْإِمَامِ لِيَنْظُرَ فِي تَقْدِيمِهِ أَوْ عَاصِبِهِنَّ عَلَيْهِنَّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ فُلَانٌ وَصِيِّي عَلَى بَيْعِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 578 وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبٌ، أَوْ وَصِيُّهُ؛ كَأُمٍّ، إنْ قَلَّ، وَلَا وَلِيَّ، وَوُرِثَ عَنْهَا   [منح الجليل] تَرِكَتِي وَقَبْضِ دُيُونِي وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ هَذَا. قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ رَجَوْت أَنْ يَجُوزَ. الصِّقِلِّيُّ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُنَّ وَلَا يَرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ. (وَإِنَّمَا يُوصِي) بِكَسْرِ الصَّادِ مُخَفَّفًا مِنْ الْإِيصَاءِ وَمُثَقَّلًا مِنْ التَّوْصِيَةِ (عَلَى) الشَّخْصِ (الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) لِصِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ سَفَهِهِ (أَبٌ) رَشِيدٌ (أَوْ وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبِ لَا جَدٌّ وَلَا عَمٌّ وَلَا أَخٌ، وَلَا أُمٌّ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ أَشَارَ لَهَا بِتَشْبِيهِهَا بِالْأَبِ فِي الْإِيصَاءِ عِنْدَ الْمَحْجُورِ فَقَالَ (كَأُمٍّ) فَلَهَا الْإِيصَاءُ عَلَى وَلَدِهَا (إنْ قَلَّ الْمَالُ) الَّذِي أَرَادَتْ الْإِيصَاءَ فِيهِ كَسِتِّينَ دِينَارًا (وَلَا وَلِيَّ) لِلْوَلَدِ الَّذِي أَرَادَتْ الْإِيصَاءَ عَلَى مَالِهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ (وَوُرِثَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَالُ الْقَلِيلُ الْمُوصَى عَلَيْهِ (عَنْهَا) أَيْ الْأُمِّ. ابْنُ عَرَفَةَ الْإِيصَاءُ إنْ كَانَ بِالنَّظَرِ لِمَحْجُورٍ اخْتَصَّ بِالْأَبِ الرَّشِيدِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْأَبِ إلَى غَيْرِهِ بِصِغَارِ بَنِيهِ وَأَبْكَارِ بَنَاتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى لِغَيْرِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَكَانَ وَصِيُّ الْوَصِيِّ مِثْلَ الْوَصِيِّ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ مُقَدَّمِ الْقَاضِي. وَقِيلَ مِثْلُهُ، وَهُوَ قَوْلُهَا فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلطِّفْلِ وَصِيٌّ فَأَقَامَ لَهُ الْقَاضِي خَلِيفَةً كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْجَدِّ بِوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا الْأَخِ بِأَخِيهِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ وَإِنْ قَلَّ الْمَالُ. بِخِلَافِ الْأُمِّ وَفِيهَا لَا يَجُوزُ إيصَاءُ الْأُمِّ بِمَالٍ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيًّا مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا، وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا نَحْوَ السِّتِّينَ دِينَارًا جَازَ إسْنَادُهَا فِيهِ إلَى عَدْلٍ فِيمَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَا وَصِيَّ فِيمَا تَرَكَتْهُ لَهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوصِيَ بِمَالِ وَلَدِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ إجَازَةُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَلَيْسَتْ بِقِيَاسٍ، وَإِنْ كَانَ الْإِيصَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَفْرِيقِ ثُلُثٍ جَازَ مِنْ كُلِّ مَالِكٍ فِيهَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوصِيَ بِإِنْفَاذِ وَصَايَاهَا وَقَضَاءِ دَيْنِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 579 لِمُكَلَّفٍ: مُسْلِمٍ، عَدْلٍ، كَافٍ،   [منح الجليل] وَإِنَّمَا يُوصِي الْأَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (لِ) شَخْصٍ (مُكَلَّفٍ) بَالِغٍ عَاقِلٍ فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ مَجْنُونٍ وَلَا مَعْتُوهٍ وَلَا صَبِيٍّ (مُسْلِمٍ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ كَافِرٍ وَلَوْ قَرِيبًا عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " (عَدْلٍ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ فَاسِقٍ. الْبِسَاطِيُّ بِالْجَوَارِحِ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي الْفَاسِقِ بِالِاعْتِقَادِ نَصًّا شَافِيًا (كَافٍ) أَيْ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمُوصَى عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ عَاجِزٍ عَنْهَا. ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الْوَصِيُّ وَشَرْطُهُ أَرْبَعَةٌ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَى غَيْرِ عَدْلٍ، وَفِي تَرْجَمَةٍ أُخْرَى لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَى مَسْخُوطٍ. قُلْت الْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ السَّتْرُ لَا الصِّفَةُ الْمُشْتَرَطَةُ فِي الشَّهَادَةِ، فَذِكْرُ اللَّفْظَيْنِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يُسَهِّلُ تَفْسِيرَ غَيْرِ الْعَدْلِ بِالْمَسْخُوطِ لَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْمَسْتُورِ فَيَدْخُلُ الْمَسْتُورُ فِي الْمَنْعِ، وَاخْتِصَارُ الْبَرَادِعِيِّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَا تَجُوزُ إلَى ذِمِّيٍّ أَوْ مَسْخُوطٍ أَوْ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ خِلَافُ ذَلِكَ لِأَنَّ عَطْفَ لَيْسَ بِعَدْلٍ عَلَى الْمَسْخُوطِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ غَيْرُهُ، فَيَدْخُلُ الْمَسْتُورُ فِي الْمَنْعِ. الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مَنْ أَوْصَى إلَى مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ مِنْهُ فَلْتَةً، وَحَالَتُهُ تُرْضِي، وَإِنْ لَمْ يَتَزَيَّدْ حُسْنَ حَالَ إذَا كَانَ يَوْمَ حُدَّ غَيْرَ مَسْخُوطٍ وَأَمَّا مَنْ حُدَّ فِي سَرِقَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ خَمْرٍ فَلَا يَقَعُ فِي مِثْلِ هَذَا مَنْ لَهُ وَرَعٌ فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 580 وَإِنْ أَعْمَى، وَامْرَأَةً وَعَبْدًا وَتَصَرَّفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ   [منح الجليل] وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِمَنْ اسْتَوْفَى مَا سَبَقَ إنْ كَانَ بَصِيرًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (أَعْمَى) فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بَصِيرًا، وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ لِمُسْتَوْفِيهَا كَانَ رَجُلًا، بَلْ (وَ) إنْ كَانَ (امْرَأَةً) وَيَصِحُّ لَهُ إنْ كَانَ حُرًّا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (عَبْدًا) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ. الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ لِأَشْهَبَ إنْ أَوْصَى مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ لِامْرَأَةٍ أَوْ أَعْمَى فَذَلِكَ جَائِزٌ (وَتَصَرَّفَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ لِمُوصٍ عَلَى مَحْجُورٍ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ لِلْمَحْجُورِ الْمُوصَى عَلَيْهِ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) وَلَا يُقْبَلُ الْإِيصَاءُ إلَّا بِإِذْنِهِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 581 وَإِنْ أَرَادَ الْأَكَابِرُ بَيْعَ مُوصًى، اُشْتُرِيَ لِلْأَصَاغِرِ؛   [منح الجليل] ابْنُ عَاشِرٍ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ تَصَرَّفَ بِإِذْنٍ أَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ إنَّمَا هُوَ تَصَرُّفُهُ دُونَ قَبُولِ الْإِيصَاءِ، وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ إذْ الصَّوَابُ أَنَّ قَبُولَهُ الْإِيصَاءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ أَيْضًا؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: الْحَسَنُ أَنْ يُقَالَ تَجُوزُ، وَتَصِحُّ لِعَبْدِ الْغَيْرِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَسْنَدَ وَصِيَّتَهُ إلَى عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ فِي رَسْمِ الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ. ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا غَيْرَ عَاجِزٍ كَانَ لِلْمُوصِي أَوْ غَيْرِهِ إنْ رَضِيَ سَيِّدُهُ وَسَيِّدُهُ لَا يَخَافُ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى مَا بِيَدِهِ. أَشْهَبُ فَإِنْ طَعَنَ بِهِ سَيِّدُهُ أَوْ مُشْتَرِيهِ جَعَلَ السُّلْطَانُ وَصِيًّا غَيْرَهُ، وَهَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ فِي هَذَا الْأَصْلِ أَنَّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ عِنْدَ سَفَرِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى سُلْطَانٍ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ. الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنْ أَوْصَى إلَى عَبْدِ غَيْرِهِ جَازَ إنْ أَجَازَهُ سَيِّدُهُ، وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَقْلَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْعَبْدِ إلَى غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي الْوَرَثَةُ بِهِ فَيُقِيمُ الْإِمَامُ لَهُمْ غَيْرَهُ. (وَإِذَا) أَوْصَى عَبْدَهُ عَلَى أَصَاغِرِ وَلَدِهِ، وَلَهُ أَوْلَادٌ كِبَارٌ وَ (أَرَادَ) أَوْلَادُهُ (الْأَكَابِرُ بَيْعَ) عَبْدٍ (مُوصًى) عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَصَاغِرِ (اُشْتُرِيَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْعَبْدُ الْمُوصَى، أَيْ نَصِيبُ الْأَكَابِرِ مِنْهُ (لِ) أَوْلَادِ (الْأَصَاغِرِ) إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَفِي بِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَإِلَّا بَاعَ الْأَكَابِرُ نَصِيبَهُمْ مِنْهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ ثَمَنُهُ فَيُبَاعَ جَمِيعُهُ، وَيُبَيَّنَ لِمُشْتَرِيهِ أَنَّهُ وَصِيٌّ عَلَى الْأَصَاغِرِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ أَكَابِرُ وَأَرَادَ بَيْعَ نَصِيبِهِمْ فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى عَلَى الْأَصَاغِرِ اُشْتُرِيَ لَهُمْ حَظُّ الْأَكَابِرِ إنْ كَانَ لَهُمْ مَالٌ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ أَوْ أَضَرَّ بِهِمْ بَاعَ الْأَكَابِرُ حَظَّهُمْ مِنْهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِمْ فَيُبَاعَ نَصِيبُ الْأَصَاغِرِ مَعَ نَصِيبِ الْأَكَابِرِ. الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ: إنْ كَانَ فِيهِمْ أَكَابِرُ قَوْمٍ حَظُّهُمْ عَلَى الْأَصَاغِرِ، ثُمَّ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ قُوِّمَ حَظُّهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ. قُلْت مِثْلُهُ فِي رسم الْوَصَايَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُمْ زَوْجَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 582 وَطُرُوُّ الْفِسْقِ يَعْزِلُهُ وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَبْدًا يُحْسِنُ الْقِيَامَ بِهِمْ، وَلَا التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ، وَلَا يَقْسِمُ عَلَى غَائِبٍ بِلَا حَاكِمٍ   [منح الجليل] فَأَرَادَتْ بَيْعَ الْعَبْدِ وَقَالَتْ ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِينَارٍ قَالَ لَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَتْ، وَيَخْرُجُ بِهِ إلَى السُّوقِ فَيُقَوَّمُ قِيمَةَ عَدْلٍ فَتُعْطَى الْمَرْأَةُ ثُمُنَهَا كَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ. (وَ) إنْ أَوْصَى الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى مَحْجُورِهِ عَدْلًا ثُمَّ طَرَأَ لَهُ الْفِسْقُ فَ (طُرُوُّ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَالرَّاءِ بِشَدِّ الْوَاوِ، أَيْ حُدُوثُ (الْفِسْقِ) لِلْوَصِيِّ (يَعْزِلُهُ) أَيْ طُرُوُّ، الْفِسْقِ الْوَصِيَّ عَنْ وِصَايَتِهِ عَلَى الْمَحْجُورِ، فَعَدَالَتُهُ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ. فِيهَا أَرَأَيْت إنْ كَانَ الْوَصِيُّ خَبِيثًا أَيُعْزَلُ عَنْ الْوَصِيَّةِ قَالَ نَعَمْ. عَرَفَةُ فِي عَزْلِهِ بِسَخْطَةٍ وَبَقَائِهِ مَعَ شَرِيكٍ غَيْرِهِ ثَالِثُهَا إنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِسَخْطَتِهِ. وَرَابِعُهَا إنْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مُوَالِيًا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ. ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا يَجُوزُ إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ إلَى غَيْرِ عَدْلٍ، وَيُعْزَلُ إنْ أَوْصَى إلَيْهِ. مُحَمَّدٌ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْوَصِيَّةُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُجْعَلُ مَعَهَا مُشْرِفٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا قَالَ وَيُعْزَلُ الْوَصِيُّ إذَا عَادَى مَحْجُورَهُ؛ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِ. ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْمُوصِي أَنْ يَشْتَرِيَ لِمَحْجُورِهِ بَعْضَ مَا يَلْهُو بِهِ. (وَلَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ) عَلَى الْأَصَاغِرِ (عَبْدًا) لَهُمْ (يُحْسِنُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْعَبْدُ (الْقِيَامَ بِ) خَدَمْت (هِمْ) أَيْ الْأَصَاغِرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُمْ بِمَصْلَحَتِهِمْ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا. فِيهَا لَا يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَقَارًا لِيَتَامَى، وَلَا الْعَبْدَ الَّذِي أَحْسَنَ الْقِيَامَ بِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعَقَارِ مِنْ مِلْكِ مُجَاوِرِهِ فَيُرَغِّبَهُ فِي الثَّمَنِ أَوْ لَا كِفَايَةَ فِي غَلَّتِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُمْ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ (وَلَا) يَبِيعُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ الَّذِينَ مَعَهُمْ أَكَابِرُ (التَّرِكَةَ إلَّا بِحَضْرَةِ الْكَبِيرِ) الرَّشِيدِ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَالتَّرِكَةُ حَيَوَانٌ أَوْ عَرَضٌ فَيَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ لِيُقِيمَ قَيِّمًا عَنْ الْغَائِبِ يَبِيعُ نَصِيبَهُ (وَلَا يُقْسِمُ) الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ التَّرِكَةَ عَلَيْهِمْ وَ (عَلَى الْغَائِبِ بِلَا) رَفْعٍ لِ (حَاكِمٍ) الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 583 وَلِاثْنَيْنِ حُمِلَ عَلَى التَّعَاوُنِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا   [منح الجليل] وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ أَصَاغِرَ وَأَكَابِرَ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ حَتَّى يَحْضُرَ الْأَكَابِرُ. ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ غَابُوا بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ، وَالتَّرِكَةُ حَيَوَانٌ وَرَقِيقٌ وَعَرَضٌ فَلَهُ بَيْعُ ذَلِكَ، وَيَرْفَعُ إلَى الْإِمَامِ لِيَأْمُرَ مَنْ يَبِيعُ عَلَى الْغَائِبِ. أَشْهَبُ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُمْ، وَلَمْ يَخْشَ تَغْيِيرَ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ كَاتَبَهُمْ بِبَيْعِ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بَيْعُهُ أَفْضَلَ لِلْجَمِيعِ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهُ وَمَنْ تَلِفَ حَقُّهُ كَانَ مِنْهُ، وَفِي الْقَسْمِ مِنْهَا لَا يَقْسِمُ الْوَصِيُّ عَلَى الْأَصَاغِرِ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ وَيَرَاهُ نَظَرٌ، أَوْ إنْ كَانَ مَعَهُمْ أَكَابِرُ أَحْبَبْت لَهُ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ فَإِنْ قَاسَمَ الْكِبَارَ وَصِيُّ الْأَصَاغِرِ دُونَ الْإِمَامِ جَازَ إذَا اجْتَهَدَ، وَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْكِبَارِ لَمْ تَجُزْ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَقْسِمُ لِغَائِبٍ إلَّا الْإِمَامُ، وَيُوَكِّلُ بِذَلِكَ، وَيَجْعَلُ مَا صَارَ لَهُمْ بِيَدِ أَمِينٍ. (وَ) إنْ أَوْصَى الْأَبُ أَوْ وَصِيُّهُ عَلَى مَحْجُورِهِ (لِاثْنَيْنِ) بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ بِلَفْظَيْنِ فِي وَقْتٍ أَوْ وَقْتَيْنِ، وَأَطْلَقَ إيصَاءَهُ لَهُمَا، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِاسْتِقْلَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ لَهُ، وَلَا بِتَعَاوُنِهِمَا عَلَيْهِ (حُمِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إيصَاؤُهُ (عَلَى) قَصْدِ (التَّعَاوُنِ) مِنْهُمَا عَلَى التَّصَرُّفِ لَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ إلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنْ صَاحِبِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ أَوْصَى إلَى وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا إنْكَاحٌ وَلَا غَيْرُهَا دُونَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ. قُلْت سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْمَعِيَّةِ وَالشَّرِكَةِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي زَمَانَيْنِ وَالْأَمْرُ فِي هَذَا جَلِيٌّ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى إلَى أَحَدِهِمَا أَوَّلًا، ثُمَّ أَوْصَى إلَى الْآخَرِ ثَانِيًا، كَقَوْلِهَا فَمَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَقَوْلُهَا إلَّا أَنْ يُوَكِّلَهُ مِثْلُهُ لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَزَادَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الشَّيْءِ التَّافِهِ مِثْلَ الطَّعَامِ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِمَّا يَضُرُّ بِهِمْ تَأْخِيرُهُ فَهُوَ خَفِيفٌ إذَا غَابَ الْآخَرُ وَأَبْطَأَ. (فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْوَصِيَّيْنِ الْمُتَعَاوِنَيْنِ دُونَ إيصَاءٍ فَالْحَاكِمُ يَنْظُرُ فِي إقْرَارِ الْآخَرِ وَحْدَهُ أَوْ إقَامَةِ آخَرَ مَعَهُ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اسْتَقَلَّ الْآخَرُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُهُ اسْتِقْلَالُ الثَّانِي وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْفِقْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَقِلَّ إلَّا أَنْ يَرَى الْقَاضِي ذَلِكَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 584 أَوْ اخْتَلَفَا، فَالْحَاكِمُ وَلَا لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ وَلَا لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ،   [منح الجليل] قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُوصِ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَيْنَ الْعَدَالَةِ وَالْكِفَايَةِ فَلَا يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْعَدَالَةِ أَوْ كَانَ مُبْرِزًا، وَيَحْتَاجُ إلَى مَعُونَةٍ جَعَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ. وَرَوَى عَلِيٌّ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا جَعَلَ مَعَهُ الْقَاضِي غَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ إيصَاءٍ فَلَا نَظَرَ لِلْبَاقِي، وَنَظَرَ السُّلْطَانُ فِي إقْرَارِهِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ آخَرَ، وَإِنْ مَاتَ عَنْ إيصَاءٍ إلَى صَاحِبِهِ وَرَضِيَ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَإِيصَائِهِ لِغَيْرِهِ، وَرَضِيَ صَاحِبُهُ، وَإِقْرَارُ الْقَاضِي لَهُ وَحْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَمْ أَلْتَزِمْ النَّظَرَ وَحْدِي. (أَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْوَصِيَّانِ فِي التَّصَرُّفِ لِمَحْجُورِهِمَا (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِيمَا أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا فَمَا رَآهُ صَوَابًا أَمَرَهُمَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّوَابُ غَيْرَ مَا أَرَادَهُ أَمَرَهُمَا بِهِ وَمَنَعَهُمَا مِنْ غَيْرِهِ. وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ اخْتَلَفَا نَظَرَ السُّلْطَانُ. اللَّخْمِيُّ إنْ خَالَفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا فَعَلَهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ فَمَا رَآهُ صَوَابًا أَثْبَتَهُ وَإِنْ كَرِهَ الْآخَرُ. (وَلَا) يَجُوزُ (لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ) لِغَيْرِ صَاحِبِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فِي صِحَّتِهِ، وَلَا فِي مَرَضِهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -. وَمَفْهُومُ لِأَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُمَا مَعًا الْإِيصَاءَ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَوَازِلِ عِيسَى لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي حَيَاتِهِ وَعِنْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُلِّ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي هَذَا إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَصِيَّيْنِ الْمُشْتَرَكَيْنِ فِي الْإِيصَاءِ هَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ بِمَا إلَيْهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ إلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الْوَصِيَّةِ أَتَتْ الرِّوَايَةُ بِهِ عَنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ عِيسَى فِي هَذَا. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ إلَى مَنْ مَعَهُ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ. الثَّالِثُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إلَى شَرِيكِهِ فِي الْإِيصَاءِ، وَهُوَ الَّذِي تَأَوَّلَ الشُّيُوخُ عَلَيْهِ قَوْلَ سَحْنُونٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَلَا) يَجُوزُ (لَهُمَا) أَيْ الْوَصِيَّيْنِ (قَسْمُ الْمَالِ) الْمُوصَيَانِ عَلَيْهِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمُوصِيَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 585 وَإِلَّا ضَمِنَا وَلِلْوَصِيِّ، اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ، وَتَأْخِيرُهُ بِالنَّظَرِ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ،   [منح الجليل] أَرَادَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ (ضَمِنَا) أَيْ الْوَصِيَّانِ مَا تَلِفَ مِنْهُ لِتَعَدِّي وَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهِ بِاسْتِقْلَالِهِ بِهِ، وَالْآخَرُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ. وَقَالَ أَيْضًا: يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِيَدِ صَاحِبِهِ دُونَ مَا هَلَكَ بِيَدِهِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يَقْسِمُ الْقَاضِي الْمَالَ بَيْنَهُمَا وَلْيَكُنْ عِنْدَ أَعْدَلِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَدَالَةِ جَعَلَهُ عِنْدَ أَكْفَئِهِمَا، وَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّةَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الصِّبْيَانِ. اللَّخْمِيُّ كُلُّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَلَوْ جَعَلَاهُ عِنْدَ أَدْنَاهُمَا عَدَالَةً فَلَا يَضْمَنَانِ، وَرَوَى إنْ اخْتَلَفُوا طُبِعُوا عَلَيْهِ وَجُعِلَ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ: إنْ تَشَاحُّوا يُقْسَمْ بَيْنَهُمْ، وَلَا يُنْزَعْ مِنْهُمْ. أَشْهَبُ: لَا يَقْسِمَانِهِ، فَإِنْ اقْتَسَمَاهُ فَلَا يَضْمَنَانِ. اللَّخْمِيُّ: أَرَادَ وَيَبْقَيَانِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فِي النَّظَرِ عَلَى الشِّيَاعِ، وَيُدِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا عِنْدَهُ وَمَا عِنْدَ صَاحِبِهِ، وَلَا يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ بِالنَّظَرِ فِيمَا عِنْدَهُ. الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَسَمَاهُ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هَلَكَ بِيَدِ صَاحِبِهِ لِتَعَدِّيهِ بِإِسْلَامِهِ إلَيْهِ، وَنَقَلَ عَنْهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْمَالِ مَا عِنْدَهُ لِاسْتِبْدَادِهِ بِالنَّظَرِ فِيهِ وَمَا عِنْدَ صَاحِبِهِ لِرَفْعِ يَدِهِ عَنْهُ، وَكَذَا الْوَدِيعَةُ عِنْدَهُمَا إذَا اقْتَسَمَاهَا. (وَلِلْوَصِيِّ) عَلَى مَحْجُورٍ (اقْتِضَاءُ) أَيْ قَبْضُ (الدَّيْنِ) الَّذِي لِمَحْجُورٍ إذَا كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ (وَ) لَهُ (تَأْخِيرُ) هـ أَيْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْمَدِينِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ إذَا كَانَ (لِنَظَرٍ) أَيْ مَصْلَحَةٍ لِمَحْجُورِهِ كَخَوْفِ تَلَفِهِ إنْ اقْتَضَاهُ أَوْ ضَيَاعِهِ، وَالْمَدِينُ مَلِيءٌ مَأْمُونٌ. فِيهَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْغَرِيمَ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا، وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا جَازَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَهُمْ أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ صَالَحَ عِنْدَ خَوْفِ جُحُودٍ أَوْ تَفْلِيسٍ (وَ) لَهُ (النَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ) الْمَحْجُورِ لَهُ وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ الَّتِي يَحْتَاجُهَا (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِلَا إسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ. اللَّخْمِيُّ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ فَلَا يُضَيِّقُ عَلَى ذِي الْمَالِ الْكَثِيرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 586 وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ وَعِيدِهِ وَدَفْعُ نَفَقَةٍ لَهُ قَلَّتْ: وَإِخْرَاجُ فِطْرَتِهِ وَزَكَاتِهِ، وَرَفَعَ لِلْحَاكِمِ، إنْ كَانَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ   [منح الجليل] دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ، وَلَا يُسْرِفُ وَلَا يُوَسِّعُ عَلَى قَلِيلِهِ. أَشْهَبُ: يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ يَتِيمٍ بِقَدْرِ مَنَابِهِ. مَالِكٌ رَبِيعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يَلْهُو بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَسَّعَ عَلَيْهِ. (وَ) لَهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ النَّفَقَةِ (فِي خَتْنِهِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ (وَعُرْسِهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَلِيمَةِ تَزْوِيجِهِ (وَعِيدِهِ) لِفِطْرٍ أَوْ أَضْحَى. ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا لِلْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ فِعْلُ مَا يُبْقِيهِ أَوْ يُنَمِّيهِ. اللَّخْمِيُّ حَسَنٌ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ: يُنْفِقُ عَلَى كُلِّ يَتِيمٍ بِقَدْرِ مُصَابِهِ. مُحَمَّدٌ مَالِكٌ رَبِيعَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَا يَلْهُو بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي سَعَةٍ وَسَّعَ عَلَيْهِ. ابْنُ كِنَانَةَ وَيُنْفِقُ فِي عُرْسِهِ مَا يُصْلِحُهُ مِنْ صَنِيعٍ وَطِيبٍ بِقَدْرِ حَالِهِ وَحَالِ مَنْ تَزَوَّجَ وَقَدْرِ مَالِهِ، فَإِنْ خَشِيَ أَنْ يُتَّهَمَ رَفَعَ لِلْإِمَامِ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَى مُحَمَّدٌ مِثْلَهُ مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ، وَمَا أَنْفَقَ عَلَى اللَّعَّابِينَ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ. اللَّخْمِيُّ يُنْفِقُ عَلَى الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِي خِتَانِهِ وَعُرْسِهِ، وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَعَا لِأَكْلٍ وَلَا يَدْعُو اللَّعَّابِينَ. (وَ) لَهُ (دَفْعُ نَفَقَةٍ لَهُ) أَيْ الْمَحْجُورِ (قَلَّتْ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا النَّفَقَةُ كَنَفَقَةِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ مِنْ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتْلِفُهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ نَفَقَةَ رَقِيقِهِ وَدَابَّتِهِ، وَأَقَامَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ. اللَّخْمِيُّ يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَرَى أَنَّهُ لَا يُتْلِفُهُ الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ، فَإِنْ كَانَ يُتْلِفُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَوْمٌ بِيَوْمٍ. (وَ) لَهُ (إخْرَاجُ) زَكَاةِ (فِطْرَتِهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ وَفِطْرَةِ رَقِيقِهِ (وَ) إخْرَاجُ (زَكَاةِ) مَالِ (هـ) أَيْ الْمَحْجُورِ مِنْ نَعَمٍ وَعَيْنٍ وَحَرْثٍ (وَرَفَعَ) الْوَصِيُّ ذَلِكَ (لِلْحَاكِمِ) الْمَالِكِيِّ لِيَحْكُمَ لَهُ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَيَرْفَعُ حُكْمُهُ الْخِلَافَ (إنْ كَانَ) أَيْ وُجِدَ بِبَلَدِهِ أَوْ يَكُونُ (حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ) يَرَى عَدَمَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ فَيَحْكُمُ عَلَى الْوَصِيِّ بِغُرْمِ عِوَضِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 587 وَدَفْعُ مَالِهِ قِرَاضًا، وَبِضَاعَةً، وَلَا يَعْمَلُ هُوَ بِهِ   [منح الجليل] مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ بِهَا. وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَكُنْ حَنَفِيٌّ فَلَا يَرْفَعُ لِلْحَاكِمِ لِأَمْنِهِ مِنْ التَّغْرِيمِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُزَكِّي مَالَهُ وَيُخْرِجُ عَنْهُ وَعَنْ عَبْدِهِ الْفِطْرَةَ وَيُضَحِّي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ. الشَّيْخُ إنْ أَمِنَ أَنْ يَتَعَقَّبَ بِأَمْرٍ مِنْ اخْتِلَافِ النَّاسِ أَوْ كَانَ شَيْئًا يَخْفَى لَهُ وَفِي زَكَاتِهَا وَيُؤَدِّيهَا الْوَصِيُّ عَنْ الْيَتَامَى وَعَبِيدِهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ. قُلْت وَلِقَوْلِ الشَّيْخِ الْمُتَقَدِّمِ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُزَكِّي الْوَصِيُّ مَالَهُ حَتَّى يَرْفَعَ إلَى السُّلْطَانِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: إذَا وَجَدَ فِي التَّرِكَةِ خَمْرًا فَلَا يُرِيقُهَا إلَّا بَعْدَ مُطَالَعَةِ السُّلْطَانِ لِئَلَّا يَكُونَ مَذْهَبُهُ جَوَازَ تَخْلِيلِهَا، وَكَذَا يَكُونُ مَذْهَبُ الْقَاضِي سُقُوطَ الزَّكَاةِ عَنْ الصَّغِيرِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا يَلْزَمُ الرَّفْعُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يُخْشَى وِلَايَةُ الْحَنَفِيِّ فِيهَا، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا، وَقَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ. (وَ) لَهُ (دَفْعُ مَالِهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (قِرَاضًا) بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لِقَوْلِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لِئَلَّا تَأْكُلَهَا الزَّكَاةُ (وَ) لَهُ دَفْعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (بِضَاعَةً) مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، رَوَى مُحَمَّدٌ إنَّمَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَا يُبْقِيهِ أَوْ يُنَمِّيهِ. اللَّخْمِيُّ وَحَسُنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ لَهُ بِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى وَلَا يَضْمَنُ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ إنْ كَانَ الْوَصِيُّ أَخَا الْيَتَامَى، وَتَجَرَ فِي الْمَالِ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ فَالرِّبْحُ لَهُ، وَحَسُنَ لَهُ أَنْ يُوَاسِيَ مِنْهُ الْيَتَامَى. ابْنُ شَاسٍ الْوَصِيُّ يَقْضِي دُيُونَ الصَّبِيِّ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيُزَكِّي مَالَهُ، وَيَدْفَعُهُ قِرَاضًا وَبِضَاعَةً. (وَلَا يَعْمَلُ هُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ (بِهِ) أَيْ مَالِ مَحْجُورِهِ (قِرَاضًا) لِئَلَّا يُحَابِيَ نَفْسَهُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الرِّبْحِ. ابْنُ شَاسٍ اُخْتُلِفَ فِي عَمَلِهِ هُوَ بِهِ قِرَاضًا فَمَنَعَهُ أَشْهَبُ. وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لِلْوَصِيِّ أُجْرَةً عَلَى نَظَرِهِ. الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا يَعْمَلُ الْوَصِيُّ بِمَالِ الْيَتِيمِ قِرَاضًا كَمَا لَا يَبِيعُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَشْتَرِي لَهَا مِنْهُمْ. وَقَالَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 588 وَاشْتِرَاءٌ مِنْ التَّرِكَةِ، وَتُعُقِّبَ بِالنَّظَرِ؛ إلَّا كَحِمَارَيْنِ قَلَّ ثَمَنُهُمَا، وَتَسَوَّقَ بِهِمَا الْحَضَرَ وَالسَّفَرَ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلَوْ قَبِلَ، لَا بَعْدَهُمَا.   [منح الجليل] بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ أَخَذَهُ قِرَاضًا عَلَى جُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ مَضَى. (وَلَا) يَجُوزُ لَهُ (اشْتِرَاءٌ مِنْ التَّرِكَةِ) شَيْئًا لِنَفْسِهِ وَلَا تَوْكِيلٌ أَوْ دَسُّ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ مِنْهَا (وَ) إنْ اشْتَرَى مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ (تُعُقِّبَ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُثَقَّلًا (بِالنَّظَرِ) مِنْ الْإِمَامِ فِي شِرَائِهِ، فَإِنْ كَانَ بِفَضْلٍ لِلْمَحْجُورِ أَمْضَاهُ، وَإِلَّا رَدَّهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَنْظُرُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ يَوْمَ شِرَائِهِ أَوْ يَوْمَ رَفْعِهِ إلَيْهِ قَوْلَا ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (إلَّا كَحِمَارَيْنِ) اشْتَرَاهُمَا الْوَصِيُّ مِنْ التَّرِكَةِ (قَلَّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ (ثَمَنُهُمَا) أَيْ الْحِمَارَيْنِ كَثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ (وَتَسَوَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا، أَيْ وَقَفَ الْوَصِيُّ فِي السُّوقِ (بِهِمَا) أَيْ الْحِمَارَيْنِ (الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ) لِبَيْعِهِمَا وَاجْتَهَدَ فِيهِ فَلَهُ أَخْذُهُمَا بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَفَا عَلَيْهِ. فِيهَا لَا يَشْتَرِي الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَلَا يُوَكِّلُ أَوْ يَدُسُّ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ تُعُقِّبَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ لِلْأَيْتَامِ، وَسَأَلَ وَصِيٌّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ حِمَارَيْنِ مِنْ حُمُرِ الْأَعْرَابِ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ثَمَنُهُمَا ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ تَسَوَّقَ بِهِمَا الْوَصِيُّ فِي الْمَدِينَةِ وَالْبَادِيَةِ، وَاجْتَهَدَ وَأَرَادَ أَخْذَهُمَا لِنَفْسِهِ بِمَا أُعْطِيَ فِيهِمَا، فَأَجَازَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ. (وَلَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (عَزْلُ نَفْسِهِ) عَنْ الْوَصَايَا (فِي حَيَاةِ الْمُوصِي) إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، بَلْ (وَلَوْ قَبِلَ) هَا، وَفِي تَسْمِيَةِ عَدَمِ الْقَبُولِ عَزْلًا تَسَمُّحٌ (لَا) يَكُونُ لِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ (بَعْدَهُمَا) أَيْ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبُولِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إذَا قَبِلَ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ يَقْدِرُ عَلَى إيصَاءِ غَيْرِهِ. ابْنُ هِشَامٍ هُوَ مَفْهُومٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ. مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ قَبِلَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، أَوْ حَصَلَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ اشْتِرَاءٍ لَهُمْ مَا يُصْلِحُهُمْ أَوْ الِاقْتِضَاءِ لَهُمْ أَوْ الْقَضَاءِ عَنْهُمْ لَزِمَتْهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 589 وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ،   [منح الجليل] وَإِنْ أَبَى) الْوَصِيُّ (الْقَبُولَ) لِلْوِصَايَةِ (بَعْدَ الْمَوْتِ) لِلْمُوصَى (فَلَا قَبُولَ لَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (بَعْدُ) بِالضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ لَوْ امْتَنَعَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ وَصِيِّ الْمَحْجُورِ (فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى مَحْجُورِهِ، وَكَذَا فِي أَصْلِهَا. ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا يُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَأْتِ بِسَرَفٍ إنْ كَانُوا فِي حِجْرِهِ. عِيَاضٌ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِيَمِينِهِ، وَهَذَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَبُو عِمْرَانَ إنْ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَحْسِبَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا شَكَّ فِيهِ، وَيَسْقُطُ مِمَّا زَادَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ. عِيَاضٌ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اسْتِغْنَاءِ الْيَتِيمِ عَنْ تِلْكَ النَّفَقَةِ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا أَيَّامًا مُتَفَرِّقَةً أَوْ مُتَوَالِيَةً لِمَرَضٍ أَوْ صِلَةٍ مِنْ أَحَدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَحْلِفُ مَا لَمْ يَأْتِ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ، وَفِيهَا يُصَدَّقُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ إنْ كَانُوا فِي حِجْرِهِ. قُلْت زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي حِجْرِهِ لَفْظَ يَلِيهِمْ، وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَكُونُوا فِي حِجْرِهِ يَلِيهِمْ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَوَقَعَ ذَلِكَ نَصًّا فِي الْمَوَّازِيَّةِ. الشَّيْخُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ الْوَصِيُّ أَنْفَقْتُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ أَوْ بَعْضَهَا فَإِنْ كَانُوا فِي حِجْرِهِ يَلِيهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي السَّدَادِ، وَإِنْ كَانُوا عِنْدَ أُمِّهِمْ أَوْ أَخِيهِمْ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، يُرِيدُ إنْ أَنْكَرُوا فِي رُشْدِهِمْ. الْأَبْهَرِيُّ الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِيمَا دَفَعَ مِنْ النَّفَقَةِ؛ إذْ لَوْ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهَا لَشَقَّ عَلَيْهِ؛ إذْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ عَلَى دِرْهَمٍ وَدَانِقٍ وَحَبَّةٍ وَهَذَا مِنْ الْأَمْرِ الْمَوْضُوعِ عَنْ النَّاسِ، وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تُدْفَعُ اللُّقَطَةُ لِمَنْ جَاءَ بِعَلَامَتِهَا، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» ، إنَّمَا هُوَ إذَا ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ غَيْرِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ قَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِيمَا دَفَعَ مِنْ النَّفَقَةِ إنْ أَشْبَهَتْ نَفَقَةَ الْأَيْتَامِ فِي حَضَانَتِهِ كَانُوا أَوْ عِنْدَ حَاضِنَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَعَلَى الْحَاضِنِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 590 لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَدَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ.   [منح الجليل] لَهُمْ أَوْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسِهِمْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ تَلْزَمُهُ فِي دَعْوَى الْأَيْتَامِ وَلِلْحَاضِنِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ. (لَا) يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَصِيِّ (إنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْوَصِيُّ وَمَنْ كَانَ مَحْجُورًا لَهُ (فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي فَالْقَوْلُ لِمَنْ كَانَ مَحْجُورًا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَصِيَّةٍ فِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ نَازَعَ الصَّبِيُّ الْوَصِيَّ فِي تَارِيخِ مَوْتِ أَبِيهِ؛ إذْ بِهِ تَكْثُرُ النَّفَقَةُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْوَصِيُّ (وَلَا) يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ (فِي) دَعْوَى (دَفْعِ مَالَهُ) أَيْ الْمَحْجُورِ إلَيْهِ (بَعْدَ الْبُلُوغِ) وَالرُّشْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُصَدَّقُ فِيهِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] هَلْ مَعْنَاهُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 591 (بَابٌ) (الْفَرَائِضُ)   [منح الجليل] [بَاب الْفَرَائِضُ] (بَابٌ) فِي بَيَانِ الْفَرَائِضِ وَهُوَ عِلْمٌ قُرْآنِيٌّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَكِلْ قِسْمَةَ مَوَارِيثِكُمْ إلَى نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَلَا إلَى مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلَكِنْ تَوَلَّى بَيَانَهَا فَقَسَمَهَا أَبْيَنَ قَسْمٍ» ، ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ شَارِحُهُ أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى قَوْله تَعَالَى {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: 7] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] السُّهَيْلِيُّ نَظَرْت فِيمَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ حَلَالٍ وَحَرَامٍ وَحُدُودٍ وَأَحْكَامٍ فَلَمْ أَجِدْهُ افْتَتَحَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا افْتَتَحَ بِهِ آيَةَ الْفَرَائِضِ، وَلَا خَتَمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِمَا خَتَمَهَا بِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِهَا {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] ، فَأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مُوصٍ تَنْبِيهًا عَلَى حِكْمَتِهِ فِيمَا أَوْصَى بِهِ وَعَلَى عَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَقَالَ حِينَ خَتَمَ الْآيَةَ {وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12] ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي شَرْحِ الْآيَةِ وقَوْله تَعَالَى {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} [النساء: 176] ، وَقَدْ حَضَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ فَقَالَ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الِاثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ وَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّهَا نِصْفُ الْعِلْمِ، وَإِنَّهُ يُنْسَى، وَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» . وَقَالَ «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا الْفَرَائِصَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مِنْ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا» . وَقَدْ حَضَّ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَيْضًا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ فَإِنَّهَا مِنْ دِينِكُمْ. وَقَالَ أَيْضًا: تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَالسُّنَّةَ وَاللَّحْنَ كَمَا تَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ وَالنَّحْوَ وَاللُّغَةَ، وَقَالَ أَيْضًا: إذَا لَهَوْتُمْ فَالْهَوْا بِالرَّمْيِ، وَإِذَا تَحَدَّثْتُمْ فَتَحَدَّثُوا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 592 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِالْفَرَائِضِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَالْفَرَائِضَ فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَفْتَقِرَ النَّاسُ إلَى عِلْمِ مَنْ يَعْلَمُهَا. وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ كَمَثَلِ لَابِسِ بُرْنُسٍ لَا رَأْسَ لَهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا مُفْتِيًا حَتَّى يُحْكِمَ الْفَرَائِضَ وَالنِّكَاحَ وَالْأَيْمَانَ. الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَشَارَ إلَى عِظَمِ هَذِهِ الْفُصُولِ مِنْ الدِّينِ وَعُمُومِ فُرُوعِهَا فِي الْمُسْلِمِينَ، وَالْفَرَائِضُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَأَتَمُّ عُلُومِهِ، وَالنَّاسُ إلَى انْقِرَاضِ الدُّنْيَا بَيْنَ وَارِثٍ وَمَوْرُوثٍ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ سَائِرِ الْعُلُومِ مَا يَنْزِلُ بِبَعْضٍ دُونَ بَعْضِ، وَالْفَرْضُ نَازِلٌ بِالْكُلِّ. وَفِي الذَّخِيرَةِ هَذَا الْعِلْمُ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ وَأَنْفَسِهَا. وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَاسْتَوْفَتْ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ النَّظَرَ فِيهِ وَكَثُرَتْ مُنَاظَرَتُهُمْ وَأَجْوِبَتُهُمْ وَفُرُوعُهُمْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ، فَمَنْ اسْتَكْثَرَ مِنْهُ فَقَدْ اهْتَدَى بِهَدْيِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَاخْتَلَفَ هَلْ كَوْنُهَا نِصْفًا تَعَبُّدًا وَمَعْقُولَ الْمَعْنَى قَوْلَانِ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ جَمَاعَةٌ، فَيَجِبُ عَلَيْنَا الْإِيمَانُ بِهِ عَقَلْنَا مَعْنَاهُ أَمْ لَا. وَعَلَى الثَّانِي تَوَقُّفٌ فِي تَسْمِيَتِهَا نِصْفًا مَعَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حُسْنُ السُّؤَالِ نِصْفُ الْعِلْمِ» بِأَنَّ النِّصْفَيْنِ يَسْتَغْرِقَانِ الشَّيْءَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَتْ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْعِلْمِ، وَبِأَنَّ مَسَائِلَهُ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَسَائِلِ الْفِقْهِ فَضْلًا عَنْ بَاقِي الْعِلْمِ، فَكَيْفَ يَكُونُ أَقَلُّ الشَّيْءِ نِصْفَهُ. وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُبَالَغَةُ حَتَّى كَأَنَّهُ لِجَلَالَتِهِ نِصْفُ كُلِّ مَا يُتَعَلَّمُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّوَدُّدُ نِصْفُ الْعَقْلِ، وَالْهَمُّ نِصْفُ الْهَرَمِ، وَالتَّدْبِيرُ نِصْفُ الْمَعِيشَةِ» ، مَعَ حَقَارَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا مَعَهَا. وَإِنَّمَا الْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى عِظَمِ جَدْوَاهَا وَمَصْلَحَتِهَا. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْسَانِ قِسْمَانِ، قِسْمٌ قَبْلَ الْوَفَاةِ وَقِسْمٌ بَعْدَهَا، وَهَذَا الْعِلْمُ خَاصٌّ بِمَا بَعْدَهَا، فَهُوَ نِصْفٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَفَاسَتِهِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا قَلَّ حَجْمُهُ وَكَثُرَ نَفْعُهُ سَاوَى كَثِيرُ الْحَجْمِ كَثِيرَ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَالْجَوْهَرِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَدِيدِ وَسَائِرِ الْمَعَادِنِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 593 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَأُورِدَ أَنَّ عِلْمَ الْوَصَايَا وَالتَّكْفِينِ وَالتَّغْسِيلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا، فَلَمْ يَتِمَّ الْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي. وَأُجِيبَ بِالْتِزَامِ كَوْنِ أَحْكَامِ الْوَصَايَا وَمَا مَعَهَا مِنْ الْفَرَائِضِ، وَبِأَنَّ الْوَصَايَا لَا تَلْزَمُ كُلَّ مَيِّتٍ مُتَمَوِّلٍ فَقَدْ يَمُوتُ بِلَا وَصِيَّةٍ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ؛ وَبِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَصِيَّةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا وَغَيْرِهِمَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الْحَيَاةِ، وَإِنَّمَا الَّذِي بَعْدَ الْمَوْتِ التَّنْفِيذُ وَالْغُسْلُ وَمَا مَعَهُ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَحْيَاءِ فَهِيَ مِنْ أَحْوَالِ الْحَيَاةِ، وَبِأَنَّ الْمُرَادَ انْقِسَامُ حَالِ الْمَالِ نِصْفَيْنِ، وَهَذِهِ أَحْكَامٌ بَدَنِيَّةٌ لَا مَالِيَّةٌ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ لَقَبًا الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ، وَعِلْمُ مَا يُوصِلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَقَبًا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ مُرَكَّبًا إضَافِيًّا بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ، فَإِنَّهُ أَعَمُّ مِنْ هَذَا، فَهُوَ مِثْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ لَقَبًا وَمُرَكَّبًا إضَافِيًّا وَبُيُوعُ الْآجَالِ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ عِلْمُ مَا يُوصِلُ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْفِقْهِ أَدْخَلَ بِهِ كَيْفِيَّةَ الْقِسْمَةِ وَعَمَلَ الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ. شَارِحُ الْحَوفِيِّ حَدُّ عِلْمَ الْفَرَائِضِ الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ مَالِكِهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ؛ لِأَنَّهُ يَبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزٍ وَقَضَاءِ دَيْنٍ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ وَإِرْثٍ. وَغَايَتُهُ حُصُولُ مَلَكَةٍ تُوجِبُ سُرْعَةَ الْجَوَابِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ. وَفَائِدَتُهُ إيصَالُ الْحُقُوقِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَاسْتِمْدَادُهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحَادِيثِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجْتِهَادِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ. وَلِلْإِرْثِ أَسْبَابٌ ثَلَاثَةٌ الْقَرَابَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ قَالَهُ الْفَرْضِيُّونَ سَلَفًا وَخَلَفًا. الْقَرَافِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ سَوَاءٌ أَرَادُوا الْأَسْبَابَ التَّامَّةَ أَوْ أَجْزَاءَهَا لِجَعْلِهِمْ أَحَدُهَا الْقَرَابَةُ وَالْأُمُّ لَمْ تَرِثْ الثُّلُثَ فِي حَالَةٍ وَالسُّدُسَ فِي أُخْرَى بِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَسَاوَاهَا الِابْنُ أَوْ الْبِنْتُ وَسَائِرُ الْأَقَارِبِ لِوُجُودِ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ فِيهِمْ، بَلْ بِخُصُوصِ كَوْنِهَا أُمًّا مَعَ مُطْلَقِ الْقَرَابَةِ، وَكَذَا مِيرَاثُ الْبِنْتِ النِّصْفُ لَيْسَ لِمُطْلَقِ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا لَثَبَتَ لِلْجَدَّةِ أَوْ الْأُخْتِ لِأُمٍّ وَبَاقِي الْأَقَارِبِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 594 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بَلْ لِخُصُوصِ كَوْنِهَا بِنْتًا وَعُمُومِ الْقَرَابَةِ، وَكَذَلِكَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ فِي حَالَةٍ وَالرُّبْعُ فِي أُخْرَى لَيْسَ لِمُطْلَقِ النِّكَاحِ وَإِلَّا لَكَانَتْ الزَّوْجَةُ كَذَلِكَ لِوُجُودِ مُطْلَقِ النِّكَاحِ فِيهَا، بَلْ لِلْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَسَبَبُهُ مُرَكَّبٌ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانُوا أَرَادُوا حَصْرَ الْأَسْبَابَ التَّامَّةَ فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ وَإِنْ كَانُوا أَرَادُوا النَّاقِصَةَ الَّتِي هِيَ الْأَجْزَاءُ فَالْخُصُوصِيَّاتُ كَثِيرَةٌ كَمَا رَأَيْت، فَتَنَبَّهْ لِهَذَا فَهُوَ حَسَنٌ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْأَسْبَابُ التَّامَّةُ وَلَا النَّاقِصَةُ الَّتِي هِيَ الْخُصُوصِيَّاتُ، بَلْ النَّاقِصَةُ الَّتِي هِيَ الْمُشْتَرَكَاتُ وَهِيَ مُطْلَقُ الْقَرَابَةِ وَمُطْلَقُ النِّكَاحِ وَمُطْلَقُ الْوَلَاءِ. شَارِحُ الْحَوفِيِّ هَذَا السُّؤَالُ غَيْرُ وَارِدٍ ابْتِدَاءً، وَإِنْ عَظَّمَهُ ذَاكِرُهُ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَتَفَطَّنْ لَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ حَصْرُ أَسْبَابِ الْإِرْثِ الْعَامِّ الشَّامِلِ لِمُطْلَقِ الْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَسُؤَالُهُ إنَّمَا يَرِدُ إذَا أُرِيدَ حَصْرُ أَسْبَابِ الْفُرُوضِ الْمَخْصُوصَةِ، وَهَذَا خِلَافُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، 1 - وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا تَحَقُّقُ مَوْتِ الْمَوْرُوثِ وَاسْتِقْرَارُ حَيَاةِ وَارِثِهِ بَعْدَهُ وَالْعِلْمُ بِالدَّرَجَةِ الَّتِي اجْتَمَعَا فِيهَا احْتِرَازًا مِنْ مَوْتِ إنْسَانٍ مِنْ مُضَرَ لَا يُعْلَمُ لَهُ قَرِيبٌ أَوْ مِنْ قُرَيْشٍ كَذَلِكَ فَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، مَعَ أَنَّ كُلَّ مُضَرِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ ابْنُ عَمِّهِ وَلَا مِيرَاثَ لِبَيْتِ الْمَالِ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ، لَكِنْ انْتَفَى شَرْطُهُ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ بِدَرَجَتِهِ، فَلَعَلَّ غَيْرَهُ أَقْرَبُ مِنْهُ 1 - وَمَوَانِعُهُ خَمْسَةٌ اخْتِلَافُ الدِّينِ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى» وَالْقَتْلُ الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَاتِلُ الْعَمْدِ لَا يَرِثُ» ، وَالشَّكُّ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الْمُقْتَضَى يَمْنَعُ الْحُكْمَ إجْمَاعًا وَمُتَعَلِّقُهُ مُنْحَصِرٌ فِي ثَمَانِيَةٍ الْوُجُودُ كَالْمَفْقُودِ وَالْحَيَاةُ كَاسْتِبْهَامِ أَحَدِ الْمَوْلُودَيْنِ وَالْعَدَدُ كَالْحَمْلِ وَالذُّكُورَةُ كَالْخُنْثَى وَالنَّسَبُ كَالْمُتَدَاعَى بَيْنَ شَخْصَيْنِ، وَجِهَةُ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَمَاتَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ، وَتَارِيخُ الْمَوْتِ بَطَرٌ وَالنِّسْيَانُ وَالْجَهْلُ بِهِ كَالْغَرْقَى، وَرَابِعُ الْمَوَانِعِ الرِّقُّ، وَخَامِسُهَا اللِّعَانُ. وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّرِكَةِ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَمُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهَا كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ أَوْ بِالذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ، وَإِمَّا ثَابِتٌ بِالْمَوْتِ وَهُوَ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهِيَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَهِيَ الْإِرْثُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 595 يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ: كَالْمَرْهُونِ، وَعَبْدٍ جَنَى   [منح الجليل] وَذَكَرهَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ (يُخْرَجُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مُضَارِعُ أَخْرَجَ أَوْ بِالْعَكْسِ مُضَارِعُ خَرَجَ (مِنْ تَرِكَةٍ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا أَوْ بِكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ. ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقِّهِ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ، فَحَقٌّ جِنْسٌ يَشْمَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ، وَيَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ فَصْلٌ مُخْرِجُ الْوَلَاءِ وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ وَلَا يَخْرُجُ الْخِيَارُ وَالشُّفْعَةُ وَالْقِصَاصُ لِقَبُولِهَا التَّجَزُّؤَ بِحَيْثُ يُقَالُ لِهَذَا نِصْفُهَا وَلِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا سُدُسُهَا وَبَعْدَ مَوْتٍ إلَخْ يُخْرِجُ الْحُقُوقَ الثَّابِتَةَ حَالَ حَيَاةِ مَنْ كَانَتْ لَهُ لِغَيْرِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ اتِّهَابٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَبِقَرَابَةٍ إلَخْ يُخْرِجُ الْوَصِيَّةَ عَلَى أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ. الْعَدَوِيُّ الْمُرَادُ بِالْوِلَايَةِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ، وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ الْوَلَاءُ أَوْ الْوِلَايَةُ، وَلِهَذَا ثُلُثُهُ، وَلِهَذَا سُدُسُهُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ، وَعَلَى مِلْكِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّنْفِيذِ فَقَدْ خَرَجَتْ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتٍ إلَخْ. (الْمَيِّتِ) أَيْ مِنْ جَمِيعِهَا مُبْدَأٌ عَلَى غَيْرِهِ وُجُوبًا وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا (حَقٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْقَافِ (تَعَلَّقَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا الْحَقَّ (بِعَيْنٍ) أَيْ بِذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ التَّرِكَةِ (كَ) الشَّيْءِ (الْمَرْهُونِ) فِي حَقٍّ وَلَوْ كَفَنَ الْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ وَفَاءُ الْمَرْهُونِ هُوَ فِيهِ مِنْ ثَمَنِهِ عَلَى مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ قَدْ حَازَهُ عَنْ رَاهِنِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمِينٍ عَلَيْهِ (وَ) كَ (عَبْدٍ جَنَى) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ وَمَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ فَيُقَدَّمُ فِدَاؤُهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ إسْلَامِهِ فِيهَا عَلَى مُؤَنِ تَجْهِيزِ سَيِّدِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ أُمَّ الْوَلَدِ. ابْنُ رُشْدٍ أَوْ فِي مَا يُخْرَجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ الْحُقُوقُ الْمُعَيَّنَاتُ مِثْلُ أُمِّ الْوَلَدِ وَالرَّهْنِ وَزَكَاةِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الَّذِي أَزْهَى وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حَوْلِهَا، وَفِيهَا السِّنُّ الَّذِي وَجَبَ فِيهَا فَهَذِهِ تُخْرَجُ كُلُّهَا وَإِنْ أَتَتْ عَلَى جَمِيعِ التَّرِكَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلُ مَا يُخْرَجُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ مُعَيَّنًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالرَّهْنُ الْمَحُوزُ وَزَكَاةُ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ مَاتَ حِينَ وُجُوبِهَا، وَفِي كَوْنِ وُجُوبِ زَكَاةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 596 ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ،   [منح الجليل] مَاشِيَةٍ فِي مَرَضِهِ كَذَلِكَ طَرِيقَانِ. اللَّخْمِيُّ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ. ابْنُ رُشْدٍ كَذَلِكَ إنْ كَانَ فِيهَا سِنُّهَا وَمَا ثَبَتَ مِلْكُ غَيْرِهِ وَسُكْنَى الزَّوْجَةِ عِدَّتَهَا مَسْكَنَهَا حِينَ مَوْتِهِ يَمْلِكُهُ أَوْ بِنَقْدِهِ كِرَاءَهُ. وَيَدْخُلُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ الْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَالْهَدْيُ الْمُقَلَّدُ وَسُوقُ الْغَنَمِ كَالتَّقْلِيدِ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمُذَكَّاةُ لَا الْمَنْذُورَةُ. (وَ) يَخْرُجُ مِنْ جَمِيعِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُعَيَّنَاتِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ بِهَا الْحُقُوقُ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ (مُؤَنُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ، أَيْ قِيَمُ وَأَمَانُ (تَجْهِيزِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ مَاءٍ وَسِدْرٍ وَأُجْرَةِ غَاسِلٍ وَكَفَنٍ وَقُطْنٍ وَأُجْرَةِ حَمْلٍ وَحَفْرٍ (بِالْمَعْرُوفِ) بَيْنَ النَّاسِ الْمُنَاسِبِ لِتَرِكَتِهِ قِلَّةً أَوْ كَثْرَةً. ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُعَيَّنَاتِ فَأَوْكَدُهَا وَأَوْلَاهَا بِالتَّبْدِئَةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ الْكَفَنُ وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَأَوَّلُهُ كُلِّيًّا مُؤْنَةُ إقْبَارِهِ (ثُمَّ تُقْضَى) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (دُيُونُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ الَّتِي عَلَيْهِ لِلنَّاسِ مِنْ بَاقِي تَرِكَتِهِ، وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهِ. ابْنُ رُشْدٍ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ثُمَّ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ وَزَكَاةِ الْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا، وَلَيْسَ فِيهَا السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ثُمَّ دَيْنٌ لِآدَمِيٍّ ثُمَّ مَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ ابْنُ رُشْدٍ أَوْ نَذْرٍ. قُلْت لِلْبَاجِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَبَعْضِ شُيُوخِهِ نَذْرُ الصِّحَّةِ فِي الثُّلُثِ، فَلَعَلَّ الْأَوَّلَ فِي الْمُلْتَزَمِ، وَالثَّانِي فِي الْمُوصَى بِهِ وَإِلَّا تَنَاقَضَا، وَيُقَدَّمُ مِنْهَا فِي ضِيقِ التَّرِكَةِ الْمُقَدَّمُ مِنْهَا فِي ضِيقِ الثُّلُثِ، وَفِي كَوْنِ زَكَاةِ عَيْنٍ حَلَّتْ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُطْلَقًا، أَوْ إنْ أَوْصَى بِهَا وَإِلَّا أَمَرَ وَارِثَهُ بِهَا بِلَا جَبْرٍ قَوْلًا اللَّخْمِيِّ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. طفي الثَّانِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَقَدَّمَ تَعَقُّبُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَزَكَاةٍ فَرَّطَ فِيهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 597 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] كَانَتْ زَكَاةَ مَاشِيَةٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ عَيْنٍ بَعْدَ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ إذَا أَشْهَدَ بِهَا، وَأَمَّا مَا حَلَّ فِي مَرَضِهِ فَزَكَاةُ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا كَانَ فِيهَا السِّنُّ الْوَاجِبُ، وَلَمْ يَكُنْ سَاعٍ فَهِيَ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى الْكَفَنِ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَإِنْ عَلِمَ حُلُولَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْصَى بِهَا فَتَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بَعْدَ الدَّيْنِ كَسَائِرِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا فَلَا تُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى إخْرَاجِهَا. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: طفي قَوْلُنَا فِي الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا النَّذْرِ وَهُوَ الْمُتَعَيِّنُ، إذْ الْمَنْذُورَةُ وَإِنْ وَجَبَتْ بِالنَّذْرِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ الْمَذْبُوحَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ وُجُوبَ الْمَنْذُورَاتِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَتُبَاعُ فِيهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِكَوْنِ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ تُقَدَّمُ عَلَى دُيُونِ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَتُبَاعُ مُطْلَقًا عَلَى الدَّيْنِ كَمَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَالْهَدْيُ الْمُوَضَّحُ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَوْجَبَهَا أَمْ لَا، وَهَذَا مَا لَمْ تُذْبَحْ، فَإِنْ ذُبِحَتْ فَلَا تُبَاعُ. الثَّانِي: طفي اعْتِبَارُ الْمَعْرُوفِ فِي الْكَفَنِ فِي صِفَتِهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ وَخُشُونَتِهِ وَرِقَّتِهِ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ، وَأَمَّا عَدَدُهُ فَالْأَثْوَابُ الثَّلَاثَةُ يُقْضَى بِهَا وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ وَلَا لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مَكْرُوهٌ قَالَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَجَعَلَهُ " ح " خِلَافَ الْمَشْهُورِ قَائِلًا قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ، فَفِي ثُلُثِهِ فَاغْتَرَّ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ مُتَعَقَّبُ " ق " فِي فَصْلِ الْجَنَائِزِ، قَوْلُهُ وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْعَصْنُونِيِّ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْوَاجِبَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ أَنْ يَزِيدُوهُ، إذْ لَعَلَّهُ اغْتَرَّ أَيْضًا بِمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: الْحَطّ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ عَلَى مَرَاتِبِهَا وَالنُّذُورِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ فِي صِحَّتِهِ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مَنْ فَرَّطَ فِي زَكَاةِ مَالِهِ مُدَّةً تُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَكَذَا مَنْ أَشْهَدَ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ كَفَّارَاتٍ أَوْ نَذْرًا أَنَّهُ يُعْطِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 598 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فُلَانًا كَذَا وَكَذَا لِشَيْءٍ سَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ، بَلْ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِكَذَا أَوْ أَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ إذَا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ بِجَمِيعِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ ثُلُثِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، فَإِذَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ مَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةُ مَالِي أَوْ ثُلُثُهُ لِفُلَانٍ فَيَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ بَطَلَ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ وَجَبَتْ بِاقْتِرَابٍ، فَمِنْ شَرْطِهَا الْحَوْزُ قَبْلَ الْوَفَاةِ. وَفِي النَّوَادِرِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ فَمَا حَلَّ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ أَوْ قَدِمَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِهِ فَهُوَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ قَالَهُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا تُجْبَرُ وَرَثَتُهُ وَأُمِرُوا بِذَلِكَ، وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَلَمْ يُفَرِّطْ. وَقَالَ أَشْهَبُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إنْ مَاتَ يَوْمَ الْفِطْرِ أَوْ لَيْلَتَهُ وَلَمْ يُوصِ فَهِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُجْبَرُ وَرَثَتُهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ اهـ كَلَامُ " ح " طفي لَا حُجَّةَ لَهُ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ وُجُوبِ الشَّيْءِ وَالْأَمْرِ بِهِ وَعَدَمِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ، فَالنَّذْرُ مَأْمُورٌ بِالْوَفَاءِ بِهِ، وَيَلْزَمُ وَيَأْثَمُ بِعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْضَى بِهِ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَكَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ أَحْوَالُ النَّذْرِ فَلَا يُقْضَى بِهِ اهـ. وَفِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى التَّصْرِيحُ بِالتَّأْثِيمِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَفَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ آثِمًا وَصَرَّحَ " ح " نَفْسُهُ بِهَذَا فِي بَابِ النَّذْرِ، فَقَوْلُهُ: فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إذْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ مُتَوَجِّهًا عَلَى مُوَرِّثِهِمْ مِنْ لُزُومِ الْإِخْرَاجِ وَالتَّأْثِيمِ عِنْدَ عَدَمِهِ مَعَ عَدَمِ الْقَضَاءِ بِذَلِكَ وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِي كَلَامِ الْبُرْزُلِيُّ إذْ كَلَامُهُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الدِّيوَانِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النَّذْرَ الْمُبْهَمَ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَحُكْمُهُ كَالْيَمِينِ فِي الْمَشِيئَةِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، وَكَذَا لَا حُجَّةَ لَهُ فِي كَلَامِ النَّوَادِرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنْ قَالَ عِيَاضٌ فِي إكْمَالِهِ رَأْيَ الشَّافِعِيَّةِ إنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَقٌّ فِي مَالِهِ مِنْ نَذْرٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ كَفَّارَةٍ يُقْضَى مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَالدَّيْنِ، وَرَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنْ لَا يُقْضَى شَيْءٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 599 ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ مِنْ ذِي النِّصْفِ الزَّوْجُ،   [منح الجليل] مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ فَيُقْضَى مِنْ الثُّلُثِ، وَأَجَابَ عج عَنْ اسْتِشْكَالِ " ح " بِفَرْضِ النَّذْرِ مَحُوزًا بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ مُعَيَّنٌ، وَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ، إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ بُطْلَانٌ، بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا. (ثُمَّ) تُخْرَجُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي) مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ وَحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ وَسِعَهَا وَإِلَّا قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا، وَقُدِّمَ قَضَاءُ الدَّيْنِ عَلَى تَنْفِيذِ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْوَصَايَا تَبَرُّعٌ مِنْهُ، وَقُدِّمَتْ فِي قَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] لِشَبَهِهَا الْمَوْرُوثَ فِي الْأَخْذِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَمَشَقَّتُهَا عَلَى الْوَرَثَةِ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَإِنَّ نُفُوسَهُمْ مُطْمَئِنَّةٌ بِأَدَائِهِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الذِّكْرِ حَثًّا عَلَى إخْرَاجِهَا وَالْمُسَارَعَةِ بِهِ؛ وَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَعْهُودَةً. (ثُمَّ) يَكُونُ (الْبَاقِي) مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا تَقَدَّمَ مِنْهَا (لِوَارِثِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ فَرْضًا أَوْ تَعْصِيبًا أَوْ بِهِمَا وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى سِتَّةٌ مُفْرَدُهَا فَرْضٌ مَعْنَاهُ لُغَةً الْقَطْعُ وَالْجَزْءُ، وَاصْطِلَاحًا النَّصِيبُ الْمُقَدَّرُ الَّذِي لَا يَزِيدُ إلَّا بِالرَّدِّ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ إلَّا بِالْعَوْلِ وَلِلْفِرَاضِ فِي تَرْتِيبِهَا عِبَارَاتٌ مَآلُهَا وَاحِدٌ النِّصْفُ وَنِصْفُهُ وَنِصْفُ نِصْفِهِ وَالثُّلُثَانِ وَنِصْفُهُمَا وَنِصْفُ نِصْفِهِمَا. وَيُقَالُ الثُّمُنُ وَالسُّدُسُ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا، وَيُقَالُ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَنِصْفُهُمَا وَضِعْفُهُمَا، وَيُقَالُ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ وَضِعْفُ كُلٍّ وَنِصْفُ كُلٍّ وَيُقَالُ النِّصْفُ وَالرُّبُعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ بِالتَّدَلِّي، وَيُقَالُ هَذَا بِالتَّرَقِّي، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِأَصْحَابِ النِّصْفِ تَبَعًا لِلْفِرَاضِ فِيمَا اعْتَادُوهُ؛ لِأَنَّ مَقَامَهُ أَوَّلَ مَقَامَاتِ الْكُسُورِ فَقَالَ مُبَيِّنًا لِوَارِثِهِ: (مِنْ ذِي) أَيْ صَاحِبِ وَمُسْتَحِقِّ (النِّصْفِ) مُثَلَّثُ النُّونِ، وَيُقَالُ لَهُ نَصِيفٌ أَيْضًا وَهُوَ أَوَّلُ الْكُسُورِ وَهُوَ خَمْسَةٌ (الزَّوْجُ) لِمَنْ لَا فَرْعَ لَهَا وَارِثٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: 12] ، (وَبِنْتٌ) لِنَفْسِ الْمَيِّتِ وَاحِدَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 600 وَبِنْتٌ، وَبِنْتُ ابْنٍ، إنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتٌ، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ، أَوْ لِأَبٍ، إنْ لَمْ تَكُنْ شَقِيقَةٌ، وَعَصَّبَ كُلًّا: أَخٌ يُسَاوِيهَا؛   [منح الجليل] ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11] وَلِأَنَّ الِابْنَ إذَا انْفَرَدَ كَانَ لَهُ الْكُلُّ، فَهِيَ إذَا انْفَرَدَتْ فَلَهَا النِّصْفُ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الْأَحْكَامِ. (وَبِنْتُ ابْنٍ) لِلْمَيِّتِ وَاحِدَةٌ (إنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ (بِنْتٌ) إجْمَاعًا قِيَاسًا عَلَى الْبِنْتِ (وَأُخْتٌ) وَاحِدَةٌ (شَقِيقَةٌ) لِلْمَيِّتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] وَلِأَنَّهَا بِنْتُ أَبِيهِ فَالْأَخَوَاتُ بَنَاتٌ غَيْرَ أَنَّهُنَّ بَعُدْنَ بِرُتْبَةٍ فَقُدِّمَتْ بَنَاتُ الصُّلْبِ عَلَيْهِنَّ وَأُجْرِينَ مَجْرَاهُنَّ عِنْدَ عَدَمِهِنَّ، وَلَمَّا كَانَ الْأَخُ الذَّكَرُ الْمُنْفَرِدُ لَهُ الْكُلُّ كَانَ لَهَا إذَا انْفَرَدَتْ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى نِصْفُ الذَّكَرِ. (أَوْ) أُخْتٌ وَاحِدَةٌ (لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ) لَهُ أُخْتٌ (شَقِيقَةٌ) إجْمَاعًا قِيَاسًا عَلَى الشَّقِيقَةِ (وَعَصَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا، أَيْ نُقِلَ مِنْ الْإِرْثِ بِالْفَرْضِ إلَى الْإِرْثِ بِالتَّعْصِيبِ (كُلًّا) بِضَمِّ الْكَافِ مُنَوَّنًا، أَيْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالشَّقِيقَةِ وَاَلَّتِي لِأَبٍ (أَخٌ) لَهَا وَهُوَ الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَالْأَخُ الشَّقِيقُ لِأَبٍ (يُسَاوِيهَا) فِي دَرَجَتِهَا وَقُوَّتِهَا فَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ أَوْ بَاقِيهَا بَعْدَ الْفَرْضِ بَيْنَهُمَا (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) . وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ يُسَاوِيهِمَا عَنْ الْأَخِ لِأَبٍ مَعَ الشَّقِيقَةِ فَلَا يُعَصِّبُهَا، وَعَنْ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ فَلَا يُعَصِّبُهَا أَيْضًا إنْ وَرِثَتْ النِّصْفَ أَوْ السُّدُسَ مَعَ بِنْتٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ بِعَقْلَيْهِمَا وَشَهَادَتُهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَلَهُ مِنْ الْإِرْثِ مِثْلُهُمَا. وَقِيلَ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ يُعْطِي صَدَاقًا وَهِيَ تَأْخُذُهُ إذَا تَزَوَّجَتْ فَزَيْدٌ بِقَدْرِ مَا يُعْطِي وَيَبْقَى لَهُ مِثْلُ مَا تَأْخُذُ فَيَسْتَوِيَانِ، وَقَالَ عج، أَيْ عَصَّبَ كُلًّا مِنْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ أَخٌ يُسَاوِيهِمَا وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ لِوُجُوهٍ، أَحَدُهُمَا السَّلَامَةُ مِنْ التَّكْرَارِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ. ثَانِيهَا أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا وَابْنُ عَمِّهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 601 وَالْجَدُّ الْأُولَيَانِ، وَالْأُخْرَيَيْنِ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ: الثُّلُثَانِ   [منح الجليل] وَابْنُ عَمِّهَا، وَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِنْهَا. ثَالِثُهَا قَوْلُهُ وَالْجَدُّ إذْ هُوَ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأُخْتَيْنِ. رَابِعُهَا مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِ وَالْعَمِّ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُذْكَرُ فِي مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ أَخُو الْمَيِّتِ وَعَمُّهُ وَأَخُو الْمَيِّتِ لَا يُعَصِّبُ بِنْتَه وَلَا بِنْتَ ابْنِهِ. طفي هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ. (وَ) عَصَّبَ (الْجَدُّ) لِلْمَيِّتِ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِأَبٍ لَا الْبِنْتَ وَلَا بِنْتَ الِابْنِ (وَ) عَصَّبَ (الْأُخْرَيَيْنِ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْيَاءِ الْأُولَى مُثَنَّى الْأُخْرَى، أَيْ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِأَبٍ (الْأُولَيَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزِ مُثَنَّى أُولَى كَذَلِكَ، أَيْ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ إجْمَاعًا. " غ " وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأُخْرَيَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ، أَيْ عَصَّبَ الْجَدُّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ وَالْأُولَيَانِ تَثْنِيَةُ أُولَى، وَالْأُخْرَيَانِ تَثْنِيَةُ أُخْرَى فَهَمْزَتُهُمَا مَضْمُومَةٌ، وَالْيَاءُ فِيهِمَا قَبْلَ الْعَلَامَةِ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ أَلِفِ التَّأْنِيثِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِنْتَانِ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ مَعَ أَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَأَخَذَ الْبَنَاتُ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ الثُّلُثَيْنِ وَفَرَضَ لِلْأَخَوَاتِ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا، وَأُعِيلَتْ الْمَسْأَلَةُ لَزِمَ نَقْصُ نَصِيبِ الْبَنَاتِ بِسَبَبِ الْأَخَوَاتِ وَمُزَاحَمَةِ أَوْلَادِ الْأَبِ أَوْلَادَ الصُّلْبِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ، وَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُ أَوْلَادِ الْأَبِ فَجُعِلْنَ عَصَبَةً لِيَدْخُلَ النَّقْصُ عَلَيْهِنَّ وَحْدَهُنَّ. وَذَكَرَ أَصْحَابَ الثُّلُثَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَلِتَعَدُّدِ) أَيْ الْمُتَعَدِّدِ مِنْ (هُنَّ) أَيْ صَاحِبَاتُ النِّصْفِ مِنْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ إنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتٌ، وَالشَّقِيقَةُ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ شَقِيقَةً فَلِلْبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ بِنْتَيْ الِابْنِ كَذَلِكَ أَوْ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ كَذَلِكَ (الثُّلُثَانِ) فَأَصْحَابُهُمَا أَرْبَعَةٌ. وَأَمَّا مِيرَاثُهُنَّ أَكْثَرُ مِنْهُمَا كَابْنٍ وَعِشْرِينَ بِنْتًا فَبِالتَّعْصِيبِ لَا بِالْفَرْضِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: 11] ، فِي الذَّخِيرَةِ اعْتَبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - ظَاهِرَ اللَّفْظِ فَحَمَلَ الثُّلُثَيْنِ لِثَلَاثِ بَنَاتِ فَأَكْثَرَ وَلِلْبِنْتَيْنِ النِّصْفَ. وَاخْتَلَفَ الْجُمْهُورُ فِي كَلِمَةِ فَوْقَ فَقِيلَ زَائِدَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} [الأنفال: 12] ، وَتُطْلِقُ الْعَرَبُ الْجَمْعَ عَلَى الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] وَخَطَّأَهُ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ زِيَادَةَ الظَّرْفِ بَعِيدَةٌ. وَقِيلَ فِيهَا تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْأَصْلُ اثْنَتَيْنِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 602 وَلِلثَّانِيَةِ مَعَ الْأُولَى السُّدُسُ، وَإِنْ كَثُرْنَ،   [منح الجليل] فَفَوْقَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ أَيْضًا. وَالصَّوَابُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الزَّائِدِ عَلَى اثْنَتَيْنِ فِي الْبَنَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الِاثْنَتَيْنِ فِيهِنَّ، وَنَصَّ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّائِدَ فِيهِنَّ اكْتِفَاءً بِمَا فِي آيَةِ الْبَنَاتِ فِي الْأَخَوَاتِ وَبِمَا فِي آيَةِ الْأَخَوَاتِ فِي الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ يُفَسِّرُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَاسْتَقَامَتْ الظَّوَاهِرُ وَقَامَتْ الْحُجَّةُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا جَعَلَ الثُّلُثَيْنِ لِأُخْتَيْنِ فَالْبِنْتَانِ أَوْلَى بِهِمَا لأقربيتهما ا؛ وَلِأَنَّ الْبِنْتَ تَأْخُذُ مَعَ الِابْنِ الثُّلُثَ فَأَوْلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مَعَ بِنْتٍ تُمَاثِلُهَا؛ وَلِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا كَانَ مَعَ أُنْثَى كَانَ لَهُ الثُّلُثَانِ، فَجَعَلَ الِاثْنَتَانِ بِمَنْزِلَةِ ذَكَرٍ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ مُلَاحَظَةِ الْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الْأُنْثَى عَلَى نِصْفِ الذَّكَرِ، وَسَقَطَ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الْبَنَاتِ عَلَى اثْنَيْنِ كَمَا سَقَطَ اعْتِبَارُ زِيَادَةِ الذَّكَرِ عَلَى وَاحِدٍ، فَسَوَّى بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي إلْغَاءِ الزِّيَادَةِ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبِنْتَيْنِ وَالْأُخْتِ الْوَاحِدَةِ خِلَافُ الْقِيَاسِ وَالْحَدِيثُ الْآتِي وَضَّحَ أَنَّ «أَخَا سَعْدٍ مَنَعَ ابْنَتَيْهِ الْمِيرَاثَ فَشَكَتْ أُمُّهُمَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا يَقْضِي اللَّهُ فِي ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْمِيرَاثِ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، وَقَالَ أَعْطِ ابْنَتَيْ سَعْدٍ الثُّلُثَيْنِ» ، وَهَذَا بَيَانٌ لِمَا فِي الْكِتَابِ لَا نَسْخَ لَهُ. وَالنَّصُّ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ فِي الْأَخَوَاتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 176] ؛ لِأَنَّ الِاثْنَتَيْنِ كَذَكَرٍ وَالذَّكَرُ لَهُ الثُّلُثَانِ مَعَ الْأُخْتِ، فَجَعَلَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَوْ بَقِيَتْ الْبِنْتُ أَوْ الْأُخْتُ عَلَى النِّصْفِ حَالَ الِاجْتِمَاعِ وَلَمْ تُضَارَرْ بِأُخْتِهَا مُضَارَّتَهَا مَعَ الِابْنِ، مَعَ أَنَّ الِابْنَ لَا يَبْقَى عَلَى حَالِهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ إذَا كَانَ مَعَهُ أُخْتُهُ، وَيُضَارَرُ بِهَا لَلَزِمَ تَرْجِيحُ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الذَّكَرِ، وَسَوَّى بَيْنَ الِاثْنَتَيْنِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِمَا كَمَا سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ فِي حَوْزِ جَمِيعِ الْمَالِ وَاسْتُفِيدَ حُكْمُ الزَّائِدِ مِنْ آيَةِ الْبَنَاتِ كَمَا اُسْتُفِيدَ حُكْمُ الْبِنْتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. (وَلِ) جِنْسِ (الثَّانِيَةِ) أَيْ بِنْتِ الِابْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ كَذَلِكَ حَالَ كَوْنِهَا (مَعَ الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ، أَيْ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ أَوْ الشَّقِيقَةِ كَذَلِكَ (السُّدُسُ) تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ مَعَ نِصْفِ الْأُولَى. فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «سُئِلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الجزء: 9 ¦ الصفحة: 603 وَحَجَبَهَا ابْنٌ فَوْقَهَا، وَبِنْتَانِ فَوْقَهَا؛ إلَّا الِابْنَ   [منح الجليل] عَنْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ فَقَالَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الِابْنِ وَائْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ سَيُتَابِعُنِي، فَسَأَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى فَقَالَ: لَقَدْ ضَلَلْت إذًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُهْتَدِينَ لَأَقْضِيَنَّ بِمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ فَأَتَى أَبَا مُوسَى وَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَا تَسْأَلُونِي مَا دَامَ هَذَا الْحَبْرُ فِيكُمْ» ، اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. (وَحَجَبَهَا) أَيْ مَنَعَ بِنْتَ الِابْنِ مِنْ الْإِرْثِ (ابْنٌ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ (فَوْقَهَا) أَيْ أَعْلَى مِنْ بِنْتِ الِابْنِ بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَابْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَكَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ (وَ) حَجَبَهَا أَيْضًا (بِنْتَانِ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ (فَوْقَهَا) أَيْ بِنْتِ الِابْنِ فِي الْقُرْبِ لِلْمَيِّتِ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ كَبِنْتَيْ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ فَيَحْجُبَانِهَا عَنْ الْإِرْثِ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا لِ) وُجُودِ (ابْنٍ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 604 فِي دَرَجَتِهَا مُطْلَقًا؛ أَوْ أَسْفَلَ: فَمُعَصَّبٌ؛ وَأُخْتٌ لِأَبٍ فَأَكْثَرُ مَعَ الشَّقِيقَةِ: فَأَكْثَرُ كَذَلِكَ،   [منح الجليل] لِابْنِ الْمَيِّتِ مَعَهَا (فِي دَرَجَتِهَا) أَيْ بِنْتِ الِابْنِ فَيُعَصِّبُهَا (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ أَخَاهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا فَتَدْخُلُ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ "، وَعَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا لَا سُدُسَ لَهَا فَفِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِبِنْتِ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ " لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ " سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا. (أَوْ) لِوُجُودِ ابْنٍ مَعَهَا (أَسْفَلَ) مِنْهَا بِدَرَجَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (فَ) هُوَ (مُعَصِّبٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُثْقَلَةً لَهَا إنْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً عَنْ السُّدُسِ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَتَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ كَذَلِكَ، وَكَبِنْتَيْ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ وَكَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ، فَإِنْ وَرِثَتْ السُّدُسَ فَلَا يُعَصِّبُهَا السَّافِلُ عَنْهَا لِاسْتِغْنَائِهَا عَنْهُ. شب لِابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ إحْدَاهُمَا كَوْنُهُ أَعْلَى مِنْهَا فَيَحْجُبُهَا مُطْلَقًا، وَالثَّانِيَةُ كَوْنُهُ مُسَاوِيًا لَهَا فَيُعَصِّبُهَا مُطْلَقًا، سَوَاءٌ فَضَلَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا، وَالثَّالِثَةُ كَوْنُهُ نَازِلًا عَنْهَا فَيُعَصِّبُهَا حَيْثُ لَا شَيْءَ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ. وَفِي الرِّسَالَةِ إنْ كَانَتْ الْبَنَاتُ اثْنَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ الِابْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ، فَيَكُونُ مَا بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الذَّكَرُ تَحْتَهُنَّ وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثَتْ بَنَاتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ وَتَحْتَهُنَّ بَنَاتُ ابْنٍ مَعَهُنَّ أَوْ تَحْتَهُنَّ ذَكَرٌ كَانَ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ مِنْ عَمَّاتِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَنْ دَخَلَ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ بَنَاتِ الِابْنِ. اهـ. وَنَحْوُهُ لِابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ. (وَأُخْتٌ) لِلْمَيِّتِ (لِأَبٍ) أَيْ مِنْهُ فَقَطْ وَاحِدَةٌ (فَأَكْثَرُ) مِنْ وَاحِدَةٍ حَالَ كَوْنِهَا أَوْ كَوْنِهِمَا أَوْ كَوْنِهِنَّ (مَعَ) الْأُخْتِ (الشَّقِيقَةِ) لِلْمَيِّتِ الْوَاحِدَةِ (فَأَكْثَرَ) مِنْهَا حُكْمُهَا (كَذَلِكَ) أَيْ حُكْمُ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ الْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ فِي أَخْذِ الْوَاحِدَةِ مَعَ الْوَاحِدَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 605 إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأَخَ وَالرُّبْعِ الزَّوْجُ بِفَرْعٍ، وَزَوْجَةٌ فَأَكْثَرُ وَالثُّمُنِ: لَهَا، أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ   [منح الجليل] السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَحَجْبُهَا بِالِابْنِ الَّذِي فَوْقَهَا وَبِالِاثْنَتَيْنِ إلَّا لِذَكَرٍ مَعَهَا فَيُعَصِّبُهَا فَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الشَّقِيقَةِ السُّدُسُ وَيَحْجُبُهَا الشَّقِيقُ كَالشَّقِيقَتَيْنِ إلَّا الْأَخَ لِأَبٍ فَتَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَمَّا أَوْهَمَ التَّشْبِيهُ أَنَّ ابْنَ الْأَخِ لِأَبٍ يُعَصِّبُ الْأُخْتَ لِأَبٍ كَتَعْصِيبِ ابْنِ الِابْنِ السَّافِلِ بِنْتَ الِابْنِ الْعَالِيَةِ عَنْهُ بِشَرْطِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ: اسْتَثْنَى مِنْهُ فَقَالَ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنُ (إنَّمَا يُعَصِّبُ) الْأُخْتَ لِأَبٍ (الْأَخُ) لِأَبٍ لَا ابْنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَصِّبُ بِنْتَ الْأَخِ الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ، وَإِذَا لَمْ يُعَصِّبْ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَلَا يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى، فَيَأْخُذُهُ مَا بَقِيَ وَحْدَهُ دُونَ عَمَّتِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الِابْنِ قُوَّةُ الْبُنُوَّةِ (وَ) مِنْ ذِي (الرُّبُعِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَهُوَ (الزَّوْجُ) لِلْمَيِّتَةِ حَالَ كَوْنِهِ (بِفَرْعٍ) لَهَا وَارِثٌ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ زِنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء: 12] ، (وَزَوْجَةٌ) لِلْمَيِّتِ وَاحِدَةٌ (فَأَكْثَرُ) مِنْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ} [النساء: 12] . شَارِحُ الْحَوفِيِّ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَزِيدَ الْأُمَّ فِي إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ فَإِنَّهَا تَرِثُ فِيهَا الرُّبُعَ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ. إذْ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنْ الْعَصَبَةِ اهـ. طفي وَفِيهِ بَحْثٌ، إذْ كَلَامُهُمْ فِيمَنْ يَرِثُ الرُّبُعَ بِالْقَصْدِ وَإِحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ جَرَّ الْحَالَ إلَى إرْثِ الْأُمِّ الرُّبُعَ فِيهَا وَالْمَقْصُودُ فِيهَا ثُلُثُ الْبَاقِي. (وَ) مِنْ ذِي (الثُّمُنِ) وَهُوَ فَرْضٌ (لَهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ (أَوْ لَهُنَّ) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ حَالُهُ كَوْنُهَا أَوْ كَوْنُهُنَّ (بِفَرْعٍ) لِلزَّوْجِ (لَاحِقٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ بِهِ فِي النَّسَبِ، سَوَاءٌ كَانَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: 12] . تت قَيَّدَ فَرْعَ الزَّوْجِ بِلَاحِقٍ دُونَ فَرْعِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا لَاحِقًا بِهَا وَلَوْ مِنْ زِنًا، بِخِلَافِ فَرْعِ الزَّوْجِ، فَقَدْ يَنْتَفِي عَنْهُ بِلِعَانِهِ فِيهِ. طفي يَحْتَاجُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 606 وَالثُّلُثَيْنِ لِذِي النِّصْفِ، إنْ تَعَدَّدَ وَالثُّلُثِ لِأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا فَأَكْثَرَ؛   [منح الجليل] لِقَيْدٍ لَاحِقٍ فِي فَرْعِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا لِيَخْرُجَ وَلَدُ ابْنِهَا الَّذِي نَفَاهُ بِلِعَانٍ، فَإِنَّهُ لَا يَحْجُبُ زَوْجَهَا مِنْ النِّصْفِ إلَى الرُّبُعِ، وَلَا يَخْفَاك أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِوَارِثٍ بَدَلَ لَاحِقٍ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ الْإِرْثُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحَجْبِ وَالْإِرْثِ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ اللُّحُوقِ، وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. (وَ) مِنْ ذِي (الثُّلُثَيْنِ) وَهُوَ فَرْضٌ (لِذِي) أَيْ صَاحِبِ (النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ) كَبِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ كَذَلِكَ أَوْ شَقِيقَتَيْنِ كَذَلِكَ أَوْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ كَذَلِكَ. الشَّارِحُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ، وَقَدْ يُقَالُ أَعَادَهُ مَعَ شَرْطِهِ لِبَيَانِ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَعَدَّدُ قَالَهُ تت. طفي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ أَغْنَى عَنْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَادَهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ هُنَا لِبَيَانِ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ نِصْفِهِمَا ثُمَّ نِصْفِ نِصْفِهِمَا، وَذَكَرَهُ أَوَّلًا اسْتِطْرَادًا. (وَ) مِنْ ذِي (الثُّلُثِ) وَهُوَ فَرْضُ (الْأُمِّ) لِلْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ وَلَا عَدَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ (وَ) فَرْضُ (وَلَدَيْهَا) أَيْ أَخَوَيْ الْمَيِّتِ مِنْ أُمِّهِ فَقَطْ (فَأَكْثَرَ) مِنْهُمَا وَلَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 607 وَحَجَبَهَا مِنْ الثُّلُثِ لِلسُّدُسِ: وَلَدٌ وَإِنْ سَفَلَ، وَأَخَوَانِ، أَوْ أُخْتَانِ مُطْلَقًا   [منح الجليل] يَفْضُلُ ذَكَرُهُمْ أُنْثَاهُمْ وَلَا يُعَصِّبُهَا وَيَرِثُونَ مَعَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ وَيَحْجُبُونَهُ مَعَ حَجْبِهِمْ بِغَيْرِهِ وَلَوْ أَحَدُهُمْ السُّدُسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ، وَالْآيَةُ الَّتِي فِي آخِرِ السُّورَةِ فِي الْإِخْوَةِ لِأَبٍ. شب وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَصْحَابِ الثُّلُثِ الْجَدُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. (وَحَجَبَهَا) أَيْ الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ (لِلسُّدُسِ وَلَدٌ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَاحِدًا وَمُتَعَدِّدًا إنْ عَلَا، بَلْ (وَإِنْ سَفَلَ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ وَارِثًا (وَ) حَجَبَهَا أَيْضًا (أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ) لِلْمَيِّتِ (مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهِمَا بِكَوْنِهِمَا شَقِيقَيْنِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 608 وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ، وَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ،   [منح الجليل] لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. (وَلَهَا) أَيْ الْأُمِّ (ثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ (فِي زَوْجٍ) وَأَبَوَيْنِ أَصْلُهَا اثْنَانِ مَقَامَ نِصْفِ الزَّوْجِ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُ وَاحِدٌ لَا ثُلُثَ لَهُ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً مَقَامَ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ فَلِلزَّوْجِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0609-0001.jpg (أَوْ) فِي (زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ) أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ مَقَامُ فَرْضِ الزَّوْجَةِ، وَمِنْهُ تَصِحُّ فَلِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ لِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي، وَصُورَتُهَا هَكَذَا. Menh0009-0609-0002.jpg رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَسْأَلُهُ يَسْأَلُ عَنْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ فَقَالَ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَقُولُهُ بِرَأْيِك، فَقَالَ أَقُولُهُ بِرَأْيِي لَا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: الجزء: 9 ¦ الصفحة: 609 وَالسُّدُسِ: لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مُطْلَقًا، وَسَقَطَ بِابْنٍ، وَابْنِهِ، وَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ، وَأَبٍ وَجَدٍّ، وَالْأَبِ أَوْ الْأُمِّ مَعَ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ،   [منح الجليل] {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] ، وَوَافَقَهُ شُرَيْحٌ وَدَاوُد. ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ثُلُثَ مَا بَقِيَ، وَأَرْسَلَ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُ أَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ، أَوْ قَالَ لِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَرَدَّ إلَيْهِ زَيْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى رَجُلًا يَرِثُهُ أَبَوَاهُ فَأَعْطَى الْأُمَّ الثُّلُثَ وَالْأَبَ الثُّلُثَيْنِ، فَإِذَا دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهُمَا فَلَهَا الرُّبُعُ، وَمَا بَقِيَ فَعَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَأَرْسَلَ إلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، أَرَأَيْت مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْأُمِّ الثُّلُثَ أَكَذَبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ زَيْدٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا أَقُولُ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ لِيَفْرِضْ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِرَأْيِهِ وَأَفْرِضُ أَنَا بِاَلَّذِي أَرَى، وَرَأَى الْجُمْهُورُ أَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ فِيهِمَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ ثُلُثَا الْمَالِ مَعَ الزَّوْجِ لَزِمَ أَخْذُهَا مِثْلَيْ حَظِّ الْأَبِ، وَمَعَ الزَّوْجَةِ لَزِمَ أَنَّ حَظَّهُ لَيْسَ مِثْلَيْ حَظِّهَا، فَخَصَّصُوا الْقُرْآنَ بِالْقَوَاعِدِ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ، وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْمَعَانِي الْمُتَبَادَرَةِ مِنْهُ لَيْسَتْ قَطْعِيَّةً، وَلَقَّبَ الْفَرْضِيُّونَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالْغَرَّاوَيْنِ لِأَنَّ الْأُمَّ غُرَّتْ فِيهِمَا بِتَسْمِيَةِ نَصِيبِهَا ثُلُثًا وَهُوَ سُدُسٌ فِي الْأُولَى وَرُبُعٌ فِي الثَّانِيَةِ. (وَ) مِنْ ذِي (السُّدُسِ) وَهُوَ فَرْضٌ لِسَبْعَةٍ تَقَدَّمَ اثْنَانِ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَ (لِوَاحِدٍ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ) دُونَ الْأَبِ (مُطْلَقًا) عَلَى تَقْيِيدِهِ بِذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهَا فِي أُخُوَّةِ الْأُمِّ فَقَطْ. (وَسَقَطَ) أَيْ حُجِبَ وَلَدُ الْأُمِّ عَنْ الْإِرْثِ (بِابْنٍ) لِلْمَيِّتِ (وَابْنِهِ) أَيْ الِابْنِ (وَبِنْتٍ) لِلْمَيِّتِ وَلِابْنِهِ إنْ عَلَتْ، بَلْ (وَإِنْ سَفَلَتْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (وَ) بِ (أَبٍ وَ) بِ (جَدٍّ) وَإِنْ عَلَا بِشَرْطِ كَوْنِ كُلٍّ وَارِثًا (وَ) لِكُلٍّ مِنْ (الْأَبِ وَالْأُمِّ) حَالَ كَوْنِهِمَا (مَعَ وَلَدٍ) وَارِثٍ لِلْمَيِّتِ إنْ عَلَا، بَلْ (وَإِنْ سَفَلَ) الْوَلَدُ كَوَلَدِ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ لِقَوْلِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 610 وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرَ،   [منح الجليل] {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَلَهَا النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ بِالتَّعْصِيبِ (وَالْجَدَّةُ) أَيْ أُمُّ أُمِّ الْمَيِّتِ أَوْ أُمُّ أَبِيهِ إنْ قَرُبَتْ، بَلْ وَإِنْ عَلَتْ الْوَاحِدَةُ (فَأَكْثَرُ) مِنْهَا كَأُمِّ أُمِّهِ وَأُمِّ أَبِيهِ وَلَمْ يُوَرِّثْ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ، لِقَوْلِهِ لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ مُنْذُ كَانَ الْإِسْلَامُ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ تَوْرِيثُ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أُمَّ أَبِي الْأَبِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ. وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُثْمَانَ «عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قَالَ جَاءَتْ الْجَدَّةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا. فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ وَمَا عَلِمْت لَك فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ لَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَضَرْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ مَعَك غَيْرُك، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ الْمُغِيرَةِ فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ثُمَّ جَاءَتْ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَسْأَلُهُ عَنْ مِيرَاثِهَا، فَقَالَ لَهَا مَا لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَيْءٍ وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ أَبُو بَكْرٍ إلَّا لِغَيْرِك، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا، وَلَكِنْ هُوَ السُّدُسُ، فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ بَيْنَكُمَا وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا» . وَرَوَى «ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ الَّتِي أَعْطَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السُّدُسَ هِيَ أُمُّ الْأُمِّ وَهِيَ الَّتِي جَاءَتْ الصِّدِّيقَ وَاَلَّتِي جَاءَتْ عُمَرَ هِيَ أُمُّ الْأَبِ» ، أَفَادَهُ تت وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 611 وَأَسْقَطَهَا الْأُمُّ مُطْلَقًا، وَالْأَبُ: الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِهِ، وَالْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَإِلَّا اشْتَرَكَتَا وَأَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى   [منح الجليل] وَأَسْقَطَهَا) أَيْ حَجَبَ الْجَدَّةَ عَنْ الْإِرْثِ (الْأُمُّ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا مِنْ جِهَتِهَا، وَشَبَّهَ فِي إسْقَاطِهَا فَقَالَ (كَالْأَبِ) فَيُسْقِطُ الْجَدَّةَ الَّتِي (مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْأَبِ فَلَا يُسْقِطُ الْجَدَّةَ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ (وَ) أَسْقَطَتْ الْجَدَّةَ (الْقُرْبَى) الَّتِي (مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى) الَّتِي (مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ قُرْبَى وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ بُعْدَى بِأَنْ اسْتَوَتَا فِي الدَّرَجَةِ، أَوْ كَانَتْ الَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأَبِ الْقُرْبَى وَاَلَّتِي مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ الْبُعْدَى (اشْتَرَكَتَا) أَيْ الْجَدَّتَانِ فِي السُّدُسِ؛ لِأَنَّ أَصَالَةَ الَّتِي لِلْأُمِّ بِوُرُودِ النَّصِّ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا وَزَادَتْ قُرْبَ الْأُخْرَى، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَأَسْقَطَ الْقُرْبَى مِنْ كُلِّ جِهَةِ الْبُعْدَى مِنْ جِهَتِهَا وَتُرِكَ هَذَا لِوُضُوحِهِ. (وَ) السُّدُسُ (أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ غَيْرُ الْمُدْلِي) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ الْمُنْتَسِبِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 612 وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ: الْخَيْرُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ الْمُقَاسَمَةِ، وَعَادَّ الشَّقِيقُ؛   [منح الجليل] لِلْمَيِّتِ بِأُنْثَى بِأَنْ أَدْلَى بِمَحْضِ الذُّكُورِ، فَإِنْ أَدْلَى بِأُنْثَى فَهُوَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَرِثُ شَيْئًا (وَلَهُ) أَيْ الْجَدِّ (مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) سَوَاءٌ كَانُوا (أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ) فَقَطْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ، سَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا (الْخَيْرُ) أَيْ الْأَكْثَرُ (مِنْ) أَمْرَيْنِ (الثُّلُثِ) مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ (أَوْ) مَا يَخْرُجُ لَهُ بِ (الْمُقَاسَمَةِ) مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَأَنَّهُ أَخٌ مَعَهُمْ، فَالْأَحْسَنُ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ إنْ كَانَ الْإِخْوَةُ أَوْ الْأَخَوَاتُ أَقَلَّ مِنْ مِثْلَيْهِ كَأَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ أَخٍ وَأُخْتٍ أَوْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ، فَإِنْ كَانُوا مِثْلَيْهِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أَخٍ وَأُخْتَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ اسْتَوَتْ الْمُقَاسَمَةُ وَالثُّلُثُ، فَإِنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ فَالثُّلُثُ أَحْسَنُ لَهُ فَيُفْرَضُ لَهُ الثُّلُثُ وَيُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ (وَ) إنْ اجْتَمَعَ مَعَ الْجَدِّ أَخٌ شَقِيقٌ وَأَخٌ لِأَبٍ (عَادَّ) بِشَدِّ الدَّالِ، أَيْ حَاسَبَ (الشَّقِيقُ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 613 بِغَيْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ: كَالشَّقِيقَةِ بِمَالِهَا، لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ،   [منح الجليل] الْجَدَّ عِنْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الشَّقِيقِ وَهُوَ الْأَخُ لِأَبٍ لِيَمْنَعَهُ مِنْ كَثْرَةِ الْمِيرَاثِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَمْ لَا. (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ الْجَدُّ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُعَادَّةِ (رَجَعَ) الشَّقِيقُ إنْ شَاءَ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ بِمَا خَصَّهُ بِالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ عَنْ الْإِرْثِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّقِيقُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَشَقِيقٍ وَأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَجَدٍّ فَلَهُ الثُّلُثُ لِزِيَادَةِ الْإِخْوَةِ عَلَى مِثْلَيْهِ، وَلِلشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ هَكَذَا: Menh0009-0614-0001.jpg وَكَزَوْجٍ وَجَدٍّ وَشَقِيقٍ وَأَخٍ لِأَبٍ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ لِاسْتِوَاءِ الْمُقَاسَمَةِ وَالسُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقِ هَكَذَا: Menh0009-0614-0002.jpg وَشَبَّهَ فِي الْعَدِّ وَالرُّجُوعِ فَقَالَ (كَ) الْأُخْتِ (الشَّقِيقَةِ) الْوَاحِدَةِ فَأَكْثَرَ فَتُعَدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةُ لِأَبٍ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِمْ (بِ) تَمَامِ (مَالِهَا) وَهُوَ النِّصْفُ إنْ كَانَتْ وَاحِدَةً وَالثُّلُثَانِ إنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ) مَعَهَا وَإِنْ زَادَ عُمَّالُهَا شَيْءٌ فَهُوَ لِلْإِخْوَةِ لِأَبٍ، فَلَوْ تَرَكَ شَقِيقَةً وَأُخْتًا لِأَبٍ وَجَدًّا قُسِمَ الْمَالُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمٌ ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ بِسَهْمِهَا؛ لِأَنَّهُ تَمَامُ نِصْفِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ هَكَذَا: Menh0009-0614-0003.jpg وَلَوْ تَرَكَ شَقِيقَةً وَأَخًا لِأَبٍ وَجَدًّا قُسِمَتْ التَّرِكَةُ عَلَى خَمْسَةٍ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ مِثْلُهُ وَلِلشَّقِيقَةِ سَهْمٌ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ بِتَمَامِ نِصْفِهَا عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَالْخَمْسَةُ لَا نِصْفَ لَهَا، فَتَضْرِبُ فِي اثْنَيْنِ مَقَامِ النِّصْفِ بِعَشَرَةٍ فَلِلْجَدِّ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلشَّقِيقَةِ خَمْسَةٌ يَبْقَى وَاحِدٌ لِلْأَخِ لِأَبٍ هَكَذَا: Menh0009-0614-0004.jpg الجزء: 9 ¦ الصفحة: 614 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 615 وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهَا السُّدُسُ، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي،   [منح الجليل] وَلَهُ) أَيْ الْجَدِّ (مَعَ ذِي) أَيْ صَاحِبِ (فَرْضٍ مَعَهُمَا) أَيْ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ بَعْدَ أَخْذِ صَاحِبِ الْفَرْضِ فَرْضَهُ الْخَيْرَ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (السُّدُسُ) مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ كَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0616-0001.jpg أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0616-0002.jpg (أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَ الْفَرْضِ كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ أَوْ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ، أَصْلُهَا عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ أُصُولَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْهَا مَسَائِلُ الْفَرَائِضِ عِنْدَهُمْ سَبْعَةٌ لَا غَيْرُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالسِّتَّةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالِاثْنَا عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ، وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَصْلَيْنِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةَ وَالثَّلَاثِينَ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَعَلَى هَذَا فَأَصْلُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ خَمْسَةٌ وَتَبْقَى عَشَرَةٌ فَلَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 616 أَوْ الْمُقَاسَمَةُ   [منح الجليل] تَنْقَسِمُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَبَايُنُهَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ، فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْإِخْوَةِ عَشَرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثِينَ لِكُلِّ أَخٍ عَشَرَةٌ، وَتُسَمَّى مُخْتَصَرَةَ زَيْدٍ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0617-0001.jpg وَفِي الْمِثَال الثَّانِي لَا تَنْقَسِمُ الْعَشَرَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَتُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ نِصْفَ الْأَرْبَعَةِ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلْأُمِّ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ، وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِعَشَرَةِ وَلِلْإِخْوَةِ عَشَرَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِعِشْرِينَ لِلْأَخِ عَشَرَةٌ، وَلِكُلِّ أُخْتٍ خَمْسَةٌ، ثُمَّ تَرْجِعُ الشَّقِيقَةُ بِتَمَامِ نِصْفِهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَيَبْقَى لِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ اثْنَانِ، فَلَا تَنْقَسِمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلِلْجَدِّ عَشَرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثِينَ، وَلِلشَّقِيقَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلِلْأَخِ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فَلَهُ أَرْبَعَةٌ وَلَهَا اثْنَانِ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0617-0002.jpg (أَوْ) الْخَارِجُ بِ (الْمُقَاسَمَةِ) بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الْقَرْضِ كَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ مَقَامُ رُبُعِ الزَّوْجَةِ لَهَا مِنْهَا وَاحِدٌ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ فَلَا تَنْقَسِمُ عَلَى اثْنَيْنِ وَتُبَايِنُهُمَا، فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي اثْنَيْنِ بِثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخِ ثَلَاثَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0617-0003.jpg الجزء: 9 ¦ الصفحة: 617 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَكَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَأُخْتٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ فَرْضِ الْأُمِّ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلِلْأَخِ اثْنَانِ وَلِلْأُخْتِ وَاحِدٌ هَكَذَا Menh0009-0618-0001.jpg وَكَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأُخْتٍ أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ مَقَامُ ثُلُثِ الْأُمِّ، وَالْبَاقِي بَعْدَهُ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيُبَايِنَاهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ اثْنَانِ هَكَذَا: Menh0009-0618-0002.jpg وَسُمِّيَتْ هَذِهِ خَرْقَاءَ لِخَرْقِهَا سِتَّةَ أَقْوَالٍ لِلصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمُثَلَّثَةٌ وَمُرَبَّعَةٌ وَمُخَمَّسَةٌ وَمُسَدَّسَةٌ وَمُسَبَّعَةٌ وَعُثْمَانِيَّةٌ وَحَجَّاجِيَّةٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ وَبُيِّنَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ، وَقَدْ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَالسُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي كَزَوْجٍ أَوْ بِنْتٍ وَجَدٍّ وَأَخَوَيْنِ أَصْلُهَا اثْنَانِ مَقَامُ النِّصْفِ فَلِلزَّوْجِ أَوْ الْبِنْتِ وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَيُبَايِنُهَا فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ أَوْ الْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَلِكُلِّ أَخٍ وَاحِدٌ هَكَذَا: Menh0009-0618-0003.jpg فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ ثَلَاثَةٌ فِي هَذَا الْمِثَالِ اسْتَوَى السُّدُسُ وَثُلُثُ الْبَاقِي فَقَطْ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0618-0004.jpg الجزء: 9 ¦ الصفحة: 618 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَقَدْ يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةُ كَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ وَجَدٍّ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ لَهَا وَاحِدٌ وَالْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ وَالْأَخَوَيْنِ خَمْسَةٌ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0619-0001.jpg (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: تت لِلْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ حَالَةٌ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ يَرِثُ فِيهَا دُونَهُمْ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ الْأُولَى اسْتِغْرَاقُ الْفُرُوضِ الْمَسْأَلَةُ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ رُبُعِ الزَّوْجِ وَثُلُثَيْ الْبِنْتَيْنِ، وَتَعُولُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ هَكَذَا: Menh0009-0619-0002.jpg الثَّانِيَةُ أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْفُرُوضِ أَقَلُّ مِنْ السُّدُسِ كَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ وَتَعُولُ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ هَكَذَا: Menh0009-0619-0003.jpg الثَّالِثَةُ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ الْفُرُوضِ السُّدُسُ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ، أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْجَدِّ، لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ هَكَذَا: Menh0009-0619-0004.jpg طفي فِي قَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ نَظَرٌ لِدُخُولِهَا فِي قَوْلِهِ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا السُّدُسُ. الثَّانِي: ابْنُ خَرُوفٍ وَغَيْرُهُ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي فَرْضِ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ الْكَلَامِ فِي مِيرَاثِهِ لِتَحْذِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 619 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَجْرَؤُكُمْ عَدَّ الْجَدَّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ» . وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فَلْيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ. وَمَالَ ابْنُ عِلَاقٍ الْجَدُّ لَا يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ الْأَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجَدُّ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ وَلَا يَرِثُونَ مَعَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَقَامُوهُ مَقَامَ الْأَبِ وَحَجَبُوا بِهِ الْإِخْوَةَ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ أَلَيْسَ تَرِثُنِي بَنُو عَبْدِ اللَّهِ دُونَ إخْوَتِي فَمَالِي لَا أَرِثُهُمْ دُونَ إخْوَتِهِمْ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَوَّلُ جَدٍّ وَرِثَ فِي الْإِسْلَامِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَاتَ ابْنٌ لِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِمَالِهِ وَاسْتَشَارَ عَلِيًّا وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَامْتَنَعَا، فَقَالَ عُمَرُ لَوْلَا أَنَّ رَأْيَكُمَا اجْتَمَعَ مَا رَأَيْت أَنْ يَكُونَ ابْنِي وَلَا أَنْ أَكُونَ أَبَاهُ. الثَّالِثُ: ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ انْفَرَدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِمُعَادَّةِ الْجَدِّ بِالْإِخْوَةِ لِأَبٍ مَعَ الْأَشِقَّاءِ، وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَإِدْخَالُهُمْ مَعَهُمْ وَعَدُّهُمْ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ، وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِك، وَبِعِبَارَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْمُعَادَّةِ خِلَافٌ، فَذَهَبَ زَيْدٌ وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إعْمَالَهَا، وَقَالَ بِعَدَمِهَا سَائِرُ الصَّحَابَةِ إلَّا أَنَّ زَيْدًا قَالَ بِمُعَادَّةِ الْإِخْوَةِ وَلَمْ يَقُلْ بِمُعَادَّةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ بِالْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ الْقَوْلُ بِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعُ: الْبُنَانِيُّ أَحْوَالُ الْجَدِّ خَمْسَةٌ إحْدَاهَا كَوْنُهُ مَعَ ابْنٍ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَمَعَ ذِي فَرْضٍ، الثَّانِيَةُ كَوْنُهُ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَهُمَا وَمَعَ ذِي فَرْضٍ، وَحُكْمُهُ فِيهِمَا حُكْمُ الْأَبِ فِيهِمَا، الثَّالِثَةُ كَوْنُهُ مَعَ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، الرَّابِعَةُ كَوْنُهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَذَوِي الْفُرُوضِ، وَتَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَاتَيْنِ هُنَا. الْخَامِسَةُ كَوْنُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ فَلَهُ الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 620 وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ، إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ، وَالْغَرَّاءِ؛ زَوْجٌ وَجَدٌّ، وَأُمٌّ، وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ، أَوْ لِأَبٍ: فَيُفْرَضُ لَهَا؛ وَلَهُ، ثُمَّ يُقَاسِمُهَا؛   [منح الجليل] الْخَامِسُ الْبُنَانِيُّ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ الْمُعَادَّةِ عَنْ قَوْلِهِ، وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا إلَخْ؛ لِأَنَّهَا تَجْرِي فِي الْوَجْهَيْنِ. السَّادِسُ: سَيَأْتِي أَنَّ الْجَدَّ يَعُدُّ عَلَى الْإِخْوَةِ لِأَبٍ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا أَخُ الْأَبِ إلَخْ فَالْأَشِقَّاءُ يَعُدُّونَ عَلَيْهِ الْإِخْوَةَ لِأَبٍ وَهُوَ مَا هُنَا، وَهُوَ يَعُدُّ عَلَيْهِمْ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا وَجْهُ التَّعْبِيرِ بِالْمُفَاعَلَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يُفْرَضُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (لِأُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ (مَعَهُ) أَيْ الْجَدِّ، بَلْ تَرِثُ مَعَهُ بِالتَّعْصِيبِ كَأَخِيهَا فَلَهُ مِثْلُ حَظِّهَا (إلَّا فِي) الْمَسْأَلَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِ (الْأَكْدَرِيَّةِ وَ) بِ (الْغَرَّاءِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ، فَيُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ، وَلَهُ السُّدُسُ ابْتِدَاءً، ثُمَّ يُقَاسِمُهَا فِيهَا انْتِهَاءً، وَلَهَا صُورَتَانِ الْأُولَى (زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ) وَالثَّانِيَةُ (أَوْ) أُخْتٌ (لِأَبٍ) بَدَلَ الشَّقِيقَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ وَالْجَدِّ (فَيُفْرَضُ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ (لَهَا) أَيْ الشَّقِيقَةِ فِي الْأُولَى وَاَلَّتِي لِأَبٍ فِي الثَّانِيَةِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ. (وَ) يُفْرَضُ (لَهُ) أَيْ الْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ مِنْهَا، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ بِحَالٍ، فَقَدْ تَمَّتْ السِّتَّةُ وَلَمْ يَبْقَ لِلشَّقِيقَةِ أَوْ الَّتِي لِأَبٍ شَيْءٌ وَهِيَ ذَاتُ فَرْضٍ لَا سَبِيلَ لِإِسْقَاطِهَا، فَيُفْرَضُ لَهَا النِّصْفُ ثَلَاثَةً زَائِدَةً عَلَى السِّتَّةِ فَتَصِيرُ تِسْعَةً (ثُمَّ) يُجْمَعُ نِصْفُ الْأُخْتِ وَسُدُسُ الْجَدِّ (وَيُقَاسِمُهَا) أَيْ الْجَدُّ الْأُخْتَ فِي مَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ لَهُ سَهْمَانِ وَلَهَا سَهْمٌ، وَالْأَرْبَعَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي تِسْعَةٍ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 621 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشْرَةَ لَهُ ثَمَانِيَةٌ وَلَهَا أَرْبَعَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0622-0001.jpg (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ هَالِكٌ تَرَكَ أَرْبَعَةً مِنْ الْوَرَثَةِ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ مَالِهِ، وَانْصَرَفَ وَأَخَذَ الثَّانِي ثُلُثَ الْبَاقِي وَانْصَرَفَ وَأَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ الْبَاقِي، وَانْصَرَفَ وَأَخَذَ الرَّابِعُ الْبَاقِيَ فَالْأَوَّلُ الزَّوْجُ، وَالثَّانِي الْأُمُّ وَالثَّالِثُ الْأُخْتُ، وَالرَّابِعُ الْجَدُّ، وَيُقَالُ امْرَأَةٌ مَرَّتْ بِقَوْمٍ يَقْسِمُونَ مِيرَاثًا فَقَالَتْ لَهُمْ إنِّي حَامِلٌ، فَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا فَلَا يَرِثُ مَعَكُمْ وَإِنْ أَلِدْ أُنْثَى وَرِثَتْ مَعَكُمْ وَفِيهَا قَالَ الشَّاعِرُ: مَا أَهْلُ بَيْتٍ تَوَى بِالْأَمْسِ مَيِّتُهُمْ ... فَأَصْبَحُوا يَقْسِمُونَ الْمَالَ وَالْحُلَلَا فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ غَيْرِهِمْ لَهُمْ ... إنِّي سَأُسْمِعُكُمْ أُعْجُوبَةً مَثَلَا فِي الْبَطْنِ مِنِّي جَنِينٌ دَامَ رُشْدُكُمْ ... فَأَخِّرُوا الْقَسْمَ حَتَّى تَظْهَرَ الْحَبْلَا فَإِنْ أَلِدْ ذَكَرًا لَمْ يُعْطَ خَرْدَلَةً ... وَإِنْ أَلِدْ غَيْرَهُ أُنْثَى فَقَدْ فَضَلَا بِالثُّلُثِ حَقًّا يَقِينًا لَيْسَ يُنْكِرُهُ ... مَنْ كَانَ يَعْلَمُ قَوْلَ اللَّهِ إذْ نَزَلَا ، وَقَالَ آخَرُ: مَا فَرْضُ أَرْبَعَةٍ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ ... مِيرَاثُ مَيِّتِهِمْ بِفَرْضٍ وَاقِعِ فَلِوَاحِدٍ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَثُلُثُ مَا ... يَبْقَى لِثَانِيهِمْ بِحُكْمٍ جَامِعِ وَلِثَالِثٍ مِنْ بَعْدِ ذَا ثُلُثِ الَّذِي ... يَبْقَى وَمَا يَبْقَى نَصِيبُ الرَّابِعِ ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يَيْأَسُ الْمَفْضُولُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى ... مَزِيدٍ عَلَيْهِ فَضْلُهُ بِالضَّرُورَةِ فَرُبَّ مَقَامٍ أَنْتَجَ الْأَمْرَ عَكْسُهُ ... كَحَمْلٍ بِأُنْثَى جَاءَ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ لَهَا الْإِرْثُ فِيهَا ثُمَّ زَادَتْ لِجَدِّهَا ... وَلِلذَّكَرِ الْحِرْمَانُ دُونَ زِيَادَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 622 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَصُورَتُهَا مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ حَامِلٍ وَجَدٍّ فَإِنْ وَضَعَتْ الْأُمُّ أُنْثَى فَهِيَ الْأَكْدَرِيَّةُ، وَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا فَعَاصِبٌ لَا يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ الْفُرُوضِ. الثَّانِي: لَوْ كَانَ مَكَانَ الْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ أُخْتَانِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ، فَلَا تَعُولُ لِرُجُوعِ الْأُمِّ لِلسُّدُسِ بِالْأُخْتَيْنِ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ، وَهُوَ مُسْتَوٍ مَعَ الْمُقَاسَمَةِ، وَإِنْ زَادَتْ الْأُخْتَانِ عَلَى اثْنَتَيْنِ كَانَ السُّدُسُ أَفْضَلَ لِلْجَدِّ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي، فَيَبْقَى وَاحِدٌ عَلَى اثْنَيْنِ لَا يُقْسَمُ وَيُبَايِنُهُمَا فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَلِكُلِّ أُخْتٍ وَاحِدٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0623-0001.jpg الْفَاكِهَانِيُّ هُنَا إشْكَالٌ أَعْضَلَ سِرُّ فَهْمِهِ الْفِرَاضَ، وَهُوَ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ إذَا أَخَذَتَا السُّدُسَ هُنَا فَبِأَيِّ وَجْهٍ أَخَذَتَاهُ لَا جَائِزٌ كَوْنُهُ فَرْضًا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا الثُّلُثَانِ وَلَا تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ الَّذِي يُعَصِّبُهُمَا صَاحِبُ فَرْضٍ هُنَا، وَصَاحِبُ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ إلَّا الْبِنْتَ أَوْ بِنْتَ الِابْنِ مَعَ أُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ، فَانْظُرْ جَوَابَهُ اهـ. تت وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ النَّقْلُ أَنَّ الْجَدَّ يَأْخُذُ السُّدُسَ هُنَا بِالْفَرْضِ، وَلَكِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ كَلَامُ أَبِي الطَّيِّبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالتَّعْصِيبِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا إشْكَالَ. عج فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأَخَذَ فِي جَدٍّ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ الثُّلُثَ وَهُنَّ الثُّلُثَانِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّعْصِيبِ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْخُذُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ النِّصْفَ، وَإِنْ كَثُرَ الْأَخَوَاتُ إلَى أَنَّهُ يَرِثُ بِالْفَرْضِ اهـ. طفي لَا شَكَّ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ تَأْخُذَانِ ذَلِكَ تَعْصِيبًا، وَأَنَّ الْجَدَّ مُعَصِّبٌ، إذْ هُوَ الْمَانِعُ لَهُمَا مِنْ أَخْذِ فَرْضِهِمَا وَلَا يَرِدُ أَنْ صَاحِبَ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ، إذْ لَيْسَ فَرْضُهُ مُحَتِّمًا لِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ. الثَّالِثُ: تَعَقَّبَ شَيْخُنَا سِبْطٌ الْمَارْدِينِيُّ قَوْلَ الْفَرْضَيْنِ لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ مَعَ الْجَدِّ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ أُخَرَ إحْدَاهَا جَدٌّ وَشَقِيقَةٌ مَعَهُمَا مِنْ وَلَدِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 623 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْأَبِ أَخَوَانِ أَوْ أَخٌ وَأُخْتَانِ أَوْ أَرْبَعُ أَخَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُفْرَضُ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ وَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الْأَبِ بِالْعُصُوبَةِ، فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدِّ سَهْمَانِ وَلِلشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِوَلَدِ الْأَبِ سَهْمٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ رُءُوسِهِمْ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهُمْ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ وَالشَّقِيقَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَاحِبُ رُبُعٍ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ زَوْجَاتٍ، فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ الرُّبُعُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي سَهْمٌ، وَلِلشَّقِيقَةِ النِّصْفُ سَهْمَانِ، وَيَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبِ كَيْفَ كَانُوا، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ عَدَدِ الزَّوْجَاتِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ صَاحِبُ سُدُسٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ جَدَّاتٍ فَيُفْرَضُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ السُّدُسِ، وَيُفْرَضُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ فَأَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي خَمْسَةٌ، وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِحَسَبِ عَدَدِ الْجَدَّاتِ وَلَا تَنْحَصِرُ صُوَرُهَا، وَذَكَرَ صُوَرًا أُخْرَى، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ فَاعْتَمَدَهُ فَأَجَبْته عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْفِرَاضِ لَا يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ، أَيْ حَيْثُ اسْتَغْرَقَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْعَوْلُ أَوْ حِرْمَانُهَا، وَاسْتَشْهَدْت بِقَوْلِ الْمَعُونَةِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يَنْقُصُ عَنْ السُّدُسِ وَالْأُخْتَ لَا تَسْقُطُ، وَلَوْ لَمْ تَعْلُ الْفَرِيضَةُ لَأَدَّى لِبُطْلَانِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ وَنَحْوِهِ لِلْجَعْدِيِّ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَيُفْرَضُ لِلْأُخْتِ وَلَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ مَعَهَا إلَى الْمُقَاسَمَةِ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِهِ أَوْ حِرْمَانِهَا مَعَ إمْكَانِ الْفَرْضِ، فَقَالَ قَدْ قَرَأَ عَلَيَّ هَذَا الْمَحَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُضَلَاءِ ذَوِي الْمَذَاهِبِ وَكُلُّهُمْ سَلَّمَهُ وَاسْتَحْسَنَهُ، ثُمَّ أَمْهَلَنِي لِيَتَأَمَّلَ فَمَاتَ وَاسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى ذَلِكَ اهـ طفي. وَجَوَابُهُ حَسَنٌ قُلْت الْحَسَنُ الْجَوَابُ بِمَنْعِ الْفَرْضِ لَهَا فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ، إذْ لَوْ كَانَ يُفْرَضُ لَهَا فِيهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُعَادَةِ وَالرُّجُوعِ بِتَمَامِ فَرْضِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا جَدٌّ مَعَ أَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُعَادَةِ الرُّجُوعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الرَّابِعُ: " غ " فَائِدَةُ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ وَالْغَرَّاءُ نَفْيُ تَوَهُّمِ جَرَيَانِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، حَتَّى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 624 وَإِنْ كَانَ مَحَلَّهَا أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ، سَقَطَ   [منح الجليل] يَظُنَّ أَنَّ الْأَكْدَرِيَّةَ تَكُونُ غَرَّاءَ وَغَيْرَ غَرَّاءَ وَأَنَّهُ احْتَرَزَ مِنْ الْأَكْدَرِيَّةِ غَيْرِ الْغَرَّاءِ وَأَفْهَمَ مِثْلَهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ. الْخَامِسُ: ابْنُ حَبِيبٍ سُمِّيَتْ أَكْدَرِيَّةً؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ طَرَحَهَا عَلَى رَجُلٍ اسْمُهُ أَكْدَرُ يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ فَأَخْطَأَ فِيهَا، وَقِيلَ سَأَلَ أَكْدَرُ عَبْدَ الْمَلِكِ فَأَخْطَأَ وَقِيلَ لِأَنَّ امْرَأَةً اسْمُهَا كَدْرَاءُ وَقَعَتْ هَذِهِ فِي إرْثِهَا، وَقِيلَ لِأَنَّهَا تَكَدَّرَتْ عَلَى زَيْدٍ فَلَمْ يَصْفُ لَهُ فِيهَا أَمْرٌ، وَقِيلَ لِتَكَدُّرِهَا بِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِيهَا، قِيلَ وَسُمِّيَتْ الْغَرَّاءَ إذْ لَا شَبَهَ لَهَا فِي الْفَرَائِضِ، فَهِيَ مَشْهُورَةٌ كَغُرَّةِ الْفَرَسِ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْجَدَّ غَرَّ الْأُخْتَ. (وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا) أَيْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ (أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ) أَيْ الْأَخِ لِأَبٍ (إخْوَةٌ لِأُمٍّ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ فَتَصِيرُ أَرْكَانُهَا زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ (سَقَطَ) الْأَخُ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْت دُونِي لَمْ تَرِثْ شَيْئًا لِاسْتِغْرَاقِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ وَأَنَا الَّذِي حَجَبْت الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ عَنْ الثُّلُثِ فَأَنَا آخُذُهُ وَحْدِي، وَوُجُودِي مَعَك لَمْ يُوجِبْ لَك شَيْئًا، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قِيلَ وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إلَّا فِي هَذِهِ، وَلِذَا سَمَّوْهَا مَالِكِيَّةً، وَأَصْلُهَا سِتَّةٌ، وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0625-0001.jpg (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: لَا يُقَالُ الْأَخُ لِأَبٍ سَاقِطٌ هُنَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا ذَكَرَهُمْ لِتَكُونَ الْمَالِكِيَّةُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَةِ مَالِكٍ زَيْدًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهَا. الثَّانِي: لَا يُقَالُ الْأَخُ الشَّقِيقُ سَاقِطٌ فِيهَا أَيْضًا، فَلَا مَعْنَى لِتَقْيِيدِ الْأَخِ بِكَوْنِهِ لِأَبٍ؛ لِأَنَّا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 625 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] نَقُولُ قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ الْمَالِكِيَّةُ، فَإِنْ كَانَ شَقِيقًا فَهِيَ شِبْهُ الْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لِمَالِكٍ، وَالثَّانِيَةُ لِأَصْحَابِهِ. الثَّالِثُ: لَا يُقَالُ قَدْ خَالَفَ مَالِكٌ زَيْدًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي أُمِّ الْجَدِّ أَيْضًا، لِأَنَّا نَقُولُ لِزَيْدٍ فِيهَا قَوْلَانِ فَوَافَقَهُ مَالِكٌ فِي أَحَدِهِمَا. الرَّابِعُ: جَمَعَ الْمُصَنِّفُ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ، وَإِنْ كَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مَعَ الْأَخِ لِأَبٍ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ إلَى السُّدُسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حُجَّةَ الْجَدِّ عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ إنَّمَا تَتِمُّ إذَا كَانُوا إخْوَةً لِأُمٍّ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدًا فَلَا تَتِمُّ اُنْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 626 وَلِعَاصِبٍ وَرِثَ الْمَالَ أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْفَرْضِ،   [منح الجليل] الْخَامِسُ: تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَارِثِينَ بِالْفَرْضِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ إذَا كَانَ أَصْحَابُ النِّصْفِ خَمْسَةً وَالرُّبُعِ اثْنَيْنِ وَالثُّمُنِ وَاحِدًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَالثُّلُثَيْنِ أَرْبَعَةً وَالثُّلُثِ اثْنَيْنِ وَالسُّدُسِ سَبْعَةً، فَهَذِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ تُضَمُّ إلَى الثَّمَانِيَةِ يَحْصُلُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ جُمِعَتْ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي قَوْلِهِ: ضَبْطُ ذَوِي الْفُرُوضِ مِنْ هَذَا الرَّجَزْ ... خُذْهُ مُرَتَّبًا وَقُلْ هَيَّا دبز فَالْهَاءُ بِخَمْسَةٍ إشَارَةٌ لِعَدَدِ أَصْحَابِ النِّصْفِ وَالْبَاءُ بِاثْنَيْنِ إشَارَةٌ لِأَصْحَابِ الرُّبُعِ، وَهَكَذَا إلَخْ، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِهِمْ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعَاصِبِ وَتَرْتِيبِهِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ لِوَارِثِهِ (وَلِعَاصِبٍ) بِنَفْسِهِ وَهُوَ الذَّكَرُ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ فِي نَسَبِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى، وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَنَّهُ إنْ انْفَرَدَ (وَرِثَ الْمَالَ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ كُلَّهُ (أَوْ الْبَاقِيَ بَعْدَ) إخْرَاجِ جِنْسِ (الْفَرْضِ) إذَا اجْتَمَعَ مَعَ ذِي فَرْضٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ الْمَسْأَلَةَ تَسْقُطُ. فِي الذَّخِيرَةِ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَصَبِ وَأَصْلُهُ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ وَمِنْهُ عَصَبُ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُ عَلَى الْقُوَّةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 627 وَهُوَ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ، وَعَصَّبَ كُلٌّ: أُخْتَهُ، ثُمَّ الْأَبَ، ثُمَّ الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ كَمَا تَقَدَّمَ: الشَّقِيقُ، ثُمَّ لِلْأَبِ. وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ؛ إلَّا فِي الْحِمَارِيَّةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ، وَزَوْجٌ، وَأُمٌّ، أَوْ جَدَّةٌ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ،   [منح الجليل] وَالْمُدَافَعَةِ وَالْعَصَائِبُ لِشَدِّهَا مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَالْعُصْبَةُ فِي الْحَقِّ النُّصْرَةُ، وَلَمَّا كَانَ أَقَارِبُ الْإِنْسَانِ فِي نَسَبِهِ يَعْضُدُونَهُ وَيَنْصُرُونَهُ سُمُّوا عَصَبَةً، وَلَمَّا ضَعُفَ الْأَخْوَالُ عَنْ ذَلِكَ وَجَمِيعُ قَرَابَاتِ الْأُمِّ لَمْ يُسَمَّوْا عَصَبَةً؛ لِأَنَّ أَصْلَهُمْ الْأُمُّ وَهِيَ امْرَأَةٌ. ابْنُ عَرَفَةَ الْعَاصِبُ مَنْ لَهُ إرْثٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ فَرْضٌ، وَأَمَّا الْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ فَالنِّسْوَةُ الْأَرْبَعُ ذَوَاتُ النِّصْفِ إذَا اجْتَمَعْنَ مَعَ أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ هُنَّ الْأَخَوَاتُ الشَّقِيقَاتُ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ، فَالتَّعْصِيبُ بِالْغَيْرِ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْغَيْرِ عَاصِبًا بِنَفْسِهِ وَالتَّعْصِيبُ مَعَ الْغَيْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ. (وَهُوَ) أَيْ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ (الِابْنُ) لِلْمَيِّتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (ثُمَّ) يَلِيهِ (ابْنُهُ) أَيْ الِابْنُ وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأَعْلَى يَحْجُبُ الْأَسْفَلَ (وَعَصَّبَ) بِفَتَحَاتٍ مُثْقَلًا (كُلٌّ) مِنْ الِابْنِ وَابْنِهِ (أُخْتَهُ) فَالِابْنُ يُعَصِّبُ الْبِنْتَ وَابْنُ الِابْنِ يُعَصِّبُ بِنْتَ الِابْنِ أُخْتَهُ كَانَتْ أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ) يَلِي ابْنَ الِابْنِ (الْأَبُ) لِلْمَيِّتِ (ثُمَّ) يَلِي الْأَبَ (الْجَدُّ) وَإِنْ عَلَا فِي عَدَمِ الْأَبِ (وَالْإِخْوَةُ) الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي اجْتِمَاعِهِمْ مَعَ الْجَدِّ (ثُمَّ) يُقَدَّمُ الْأَخُ (الشَّقِيقُ ثُمَّ) يَلِيهِ الْأَخُ (لِلْأَبِ) وَنُسْخَةُ " غ " لَيْسَ فِيهَا، ثُمَّ قَبْلَ الشَّقِيقِ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ، فَهُوَ بَدَلٌ مِنْ الْإِخْوَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَخُ لِأَبٍ (كَالشَّقِيقِ) فِي أَحْكَامِهِ (عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ الشَّقِيقِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ التَّشْبِيهِ فَقَالَ (إلَّا فِي) الْمَسْأَلَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِ (الْحِمَارِيَّةِ) لِقَوْلِ الشَّقِيقِ فِيهَا لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَرَادَ إسْقَاطَهُ، هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا (وَ) بِ (الْمُشْتَرَكَةِ) أَيْضًا بِفَتْحِ الرَّاءِ لِاشْتِرَاكِ الشَّقِيقِ فِيهَا مَعَ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فِي الثُّلُثِ وَأَرْكَانُهَا (زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ) بَدَلَ الْأُمِّ (وَالْأَخَوَانِ لِأُمٍّ) اثْنَانِ (فَ) يَذْهَبُ عَدَدُهُمْ (صَاعِدًا) أَيْ زَائِدًا عَلَى الِاثْنَيْنِ (وَ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 628 وَشَقِيقٌ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ: فَيُشَارِكُونَ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى،   [منح الجليل] أَخٌ (شَقِيقٌ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَشِقَّاءِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ، وَيَنْدَرِجُ فِيهِ مَقَامُ نِصْفِ الزَّوْجِ وَمَقَامُ ثُلُثِ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ، فَلِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ سُدُسُهَا وَاحِدٌ وَيَبْقَى ثُلُثُهَا اثْنَانِ (فَيُشَارِكُونَ) أَيْ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ (الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ) فِي الثُّلُثِ الْبَاقِي (الذَّكَرُ) فِيهِ (كَالْأُنْثَى) لِأَنَّهُمْ إنَّمَا وَرِثُوا فِيهِ بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ فَمِيرَاثُهُمْ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ. وَيَخْتَلِفُ مَا تَصِحُّ مِنْهُ بِاخْتِلَافِ عَدَدِهِمْ قِلَّةً وَكَثْرَةً، فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ لِأُمٍّ اثْنَيْنِ وَالشَّقِيقُ وَاحِدٌ فَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِانْكِسَارِ الِاثْنَيْنِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُبَايَنَتِهَا فَتُضْرَبُ السِّتَّةُ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ كُلِّهِمْ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0629-0001.jpg وَإِلَى هَذَا رَجَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ، وَكَانَ قَضَى فِيهَا أَوَّلَ عَامٍ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلشَّقِيقِ، وَلَمَّا نَزَلَتْ ثَانِي عَامٍ أَرَادَ الْقَضَاءَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ الشَّقِيقُ بِأَنَّ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ إنَّمَا وَرِثُوا الثُّلُثَ بِأُمِّهِمْ وَهِيَ أُمِّي، هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُنَا، فَأَشْرَكَ بَيْنَهُمْ فَقِيلَ لَهُ إنَّك قَضَيْت فِيهَا عَامَ أَوَّلٍ بِخِلَافِ هَذَا، فَقَالَ تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي وَلِكَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا كَوْنُهَا فِيهَا زَوْجٌ، ثَانِيهَا كَوْنُهَا فِيهَا ذُو سُدُسٍ أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ، ثَالِثُهَا تَعَدُّدُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ فِيهَا، إذْ لَوْ كَانَ وَاحِدًا لَأَخَذَ السُّدُسَ وَالشَّقِيقُ الْبَاقِيَ. رَابِعُهَا وُجُودُ شَقِيقٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ وَكُلُّهَا عُلِمَتْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الشَّقِيقِ فِيهَا شَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ عَالَتْ بِمِثْلِ نِصْفِهَا لِتِسْعَةٍ وَشَقِيقَتَانِ عَالَتْ بِمِثْلِ ثُلُثَيْهَا الْعَشَرَةُ، وَتُسَمَّى الْبَلْجَاءَ مِنْ الْبَلَجِ وَهُوَ الظُّهُورُ لِظُهُورِ الْحُكْمِ فِيهَا وَجَرْيِهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 629 وَأَسْقَطَهُ أَيْضًا الشَّقِيقَةُ الَّتِي كَالْعَاصِبِ لِبِنْتٍ، أَوْ بِنْتِ ابْنِ فَأَكْثَرَ، ثُمَّ بَنُوهُمَا،   [منح الجليل] عَلَى الْقَوَاعِدِ، بِخِلَافِ الْحِمَارِيَّةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ جَدٌّ لَأَسْقَطَ جَمِيعَ الْإِخْوَةِ، وَكَانَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ لِلْجَدِّ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْإِخْوَةَ لِأُمٍّ، وَالشَّقِيقُ إنَّمَا يَرِثُ فِيهَا بِأُخُوَّةِ الْأُمِّ وَتُلَقَّبُ بِشَبَهِ الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ خَرُوفٍ فَإِنْ كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا قَوْلُ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاخْتَلَفَ فِيهَا أَصْحَابُهُ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَقَوْلِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْمَالِكِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا كَالْمَالِكِيَّةِ فِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْإِخْوَةِ وَالثُّلُثُ كُلّه لِلْجَدِّ. (تَنْبِيهٌ) تُسَمَّى الْحِمَارِيَّةُ مِنْبَرِيَّةً أَيْضًا؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَحَجَرِيَّةً وَيَمِّيَةً أَيْضًا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيهَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَنَفَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - ابْنِ يُونُسَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا، غَيْرَ أَنَّ مَشْهُورَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَدَمُ التَّشْرِيكِ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَمَشْهُورَ مَذْهَبِ زَيْدٍ التَّشْرِيكُ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ بِعَدَمِ التَّشْرِيكِ، وَفِي الثَّانِي بِهِ، وَقَالَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذَا عَلَى مَا نَقْضِي، وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الشَّقِيقِ فِي الْحِمَارِيَّةِ أَخٌ لِأَبٍ لَسَقَطَ. (وَأَسْقَطَتْهُ) أَيْ الْأَخَ لِأَبٍ (أَيْضًا) أَيْ كَإِسْقَاطِهِ فِي الْحِمَارِيَّةِ الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ (الشَّقِيقَةَ الَّتِي) هِيَ (كَالْعَاصِبِ) فِي حِيَازَةِ مَا بَقِيَ (لِ) وُجُودِ (بِنْتٍ) مَعَهَا كَبِنْتٍ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ (أَوْ) لِ (بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ) مِنْ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ كَبَنَاتٍ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ أَوْ بَنَاتِ ابْنٍ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ وَأَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ فَقَطْ، فَيَجُوزُ جَمْعُهُمَا مَعَ الشَّقِيقَةِ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنِ وَشَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَةَ صَارَتْ عَاصِبًا مَعَ الْمَذْكُورَاتِ، وَالْقَاعِدَةُ فِي تَعَدُّدِ الْعَاصِبِ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ. (ثُمَّ بَنُوهُمَا) أَيْ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ لِأَبٍ يَلِيَانِ الْأَخَ لِأَبٍ فِي التَّعْصِيبِ، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 630 ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ، وَإِنْ غَيْرَ شَقِيقٍ، وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي الشَّقِيقُ مُطْلَقًا ثُمَّ الْمُعْتِقُ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ،   [منح الجليل] الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِأَبٍ. ابْنُ يُونُسَ إنْ مَاتَ أَخَوَانِ شَقِيقَانِ أَوْ لِأَبٍ وَتَرَكَ أَحَدُهُمَا ابْنًا وَاحِدًا وَالْآخَرُ عَشَرَةَ أَبْنَاءٍ ثُمَّ مَاتَ جَدُّهُمْ قُسِمَ مَالُهُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِاسْتِوَاءِ دَرَجَتِهِمْ، وَلَا يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مَا كَانَ يَرِثُهُ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ جَدَّهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ لَا بِآبَائِهِمْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ أَخَوَانِ شَقِيقَانِ أَوْ لِأَبٍ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ وَالْآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ مَاتَ عَمُّهُمْ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَهُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيَأْخُذُ وَاحِدٌ السُّدُسَ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ، وَيَقُولُ ثُمَّ بَنُو كُلٍّ أَوْ ثُمَّ بَنُوهُمْ. (ثُمَّ) يَلِي بَنِي الْإِخْوَةِ (الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ) الْعَمُّ (لِلْأَبِ) ثُمَّ بَنُوهُمَا، وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْعَمِّ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ، وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا مَرَاتِبَ أُخْرَى، فَالْأَوْلَى ثُمَّ بَنُوهُمَا ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ الشَّقِيقِ ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمَا (ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) الشَّقِيقُ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا وَيُقَدَّمُ (الْأَقْرَبُ) مِنْهُمْ (فَالْأَقْرَبُ) إنْ كَانَ الْأَقْرَبُ شَقِيقًا، بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (غَيْرَ شَقِيقٍ) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِأَبٍ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْعَمُّ لِأَبٍ عَلَى ابْن الْعَمِّ الشَّقِيقِ (وَيُقَدَّمُ) الشَّقِيقُ عَلَى الَّذِي لِأَبٍ (مَعَ التَّسَاوِي) فِي الدَّرَجَةِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ الدَّرَجَاتِ. (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَاصِبُ نَسَبٍ وَكَانَ عَتِيقًا فَعَاصِبُهُ (الْمُعْتِقُ) لَهُ بِكَسْرِ التَّاءِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي فَصْلِ الْوَلَاءِ مِنْ تَقْدِيمِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتِهِ مِنْ النَّسَبِ ثُمَّ مُعْتَقِ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَتِهِ مِنْهُ وَهَكَذَا (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ عَاصِبُ وَلَاءٍ فَيَرِثُهُ (بَيْتُ الْمَالِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ فَيَرِثُ بَيْتُ الْمَالِ جَمِيعَ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ وَلَمْ يَسْتَغْرِقْ فَيَرِثُ الْبَاقِيَ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الْحَطّ أَطْلَقَ بَيْتَ الْمَالِ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 631 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] حَيْثُ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَبَيْتُ الْمَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ. وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُتَصَدَّقُ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَأَطْلَقَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الَّذِي جَعَلَهُ الْمَشْهُورَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِصَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَقَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ وَتَبِعَهُ هُنَا، فَأَطْلَقَ بَيْتَ الْمَالِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ، فَفِي الْمُنْتَقَى مَنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ، فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُتَصَدَّقُ بِمَا تَرَكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي يُخْرِجُهُ فِي وَجْهِهِ مِثْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلْيُدْفَعْ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ أَعْتَقَ نَصْرَانِيًّا فَمَاتَ النَّصْرَانِيُّ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَلْيُتَصَدَّقْ بِمَالِهِ، وَلَا يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَالِيَ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ وَلَا صَرْفُهُ فِي غَيْرِ وُجُوهِ الْبِرِّ، فَإِنْ كَانَ لَا يَصْرِفُهُ فِيهَا سَاغَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْمُتَقَدِّمَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَكَذَا ابْنُ رُشْدٍ. ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ وَلَا وَلَاءٌ فَبَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ مَوْضُوعًا فِي وَجْهِهِ وَلَا يُرَدُّ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَا إلَى ذَوِي السِّهَامِ، وَفِي تَعْلِيقِهِ الطُّرْطُوشِيُّ إنَّمَا يَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ فِي وَقْتٍ يَكُونُ الْإِمَامُ فِيهِ عَادِلًا وَإِلَّا فَلْيُرَدَّ إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ، ثُمَّ قَالَ الْحَطّ وَفِي عُمْدَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ الْمَذْهَبُ أَنَّ مَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْعَاصِبِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَنَّهُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِلْمَسَاكِينِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَلَا يُوَرَّثُ ذَوُو الْأَرْحَامِ، وَقِيلَ بَلْ يُوَرَّثُ بِالرَّدِّ وَالرَّحِمِ. وَفِي الْإِرْشَادِ الْمَذْهَبُ أَنَّ مَا أَبْقَتْ الْفُرُوضُ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِلْمَوَالِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ عُدِمَ فَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لَا بِالرَّدِّ وَلَا بِالرَّحِمِ وَوَرَّثَهُمَا الْمُتَأَخِّرُونَ. الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ نَحْوُ عِبَارَةِ الْعُمْدَةِ، ثُمَّ قَالَ حَكَى صَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ اتِّفَاقَ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ. تت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إنْ عَدِمَ أَنْ لَا يَصْرِفَ فِي وُجُوهِهِ. ابْنُ يُونُسَ أَنَا أَسْتَحِبُّ فِي زَمَانِنَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَأَقَرَّ بِمَالِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 632 وَلَا يُرَدُّ، وَلَا يُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ   [منح الجليل] لِشَخْصٍ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ يَصْرِفُ مَالَهُ فِي مَوَاضِعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ فَأُولُو الْأَرْحَامِ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا إنْ كَانُوا ذَوِي حَاجَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يُتَّفَقَ الْيَوْمَ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إذَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ بَيْتُ مَالٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ فَيَجِبُ كَوْنُ مِيرَاثِهِ لِذَوِي رَحِمِهِ، وَإِلَى هَذَا رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ فُقَهَائِنَا وَمَشَايِخِنَا يَذْهَبُونَ، وَلَوْ أَدْرَكَ مَالِكٌ وَأَصْحَابَهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِثْلَ زَمَانِنَا هَذَا لَجَعَلُوا الْمِيرَاثَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ إذَا انْفَرَدُوا أَوْ الرَّدَّ عَلَى مَنْ يَجِبُ لَهُ الرَّدُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ فَالْفُقَرَاءُ. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فَإِنَّ الْإِمَامَ غَيْرُ عَدْلٍ فَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُتَصَدَّقُ بِخُمُسِ الرِّكَازِ وَلَا يُدْفَعُ إلَى مَنْ يَعْبَثُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْعُشْرُ وَمَا فَضَلَ مِنْ الْمَالِ عَنْ الْوَرَثَةِ، وَلَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ بَيْتَ مَالٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بَيْتُ ظُلْمٍ. اهـ. فَكَلَامُهُمْ يُبَيِّنُ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ مَعْدُومٌ فِي زَمَانِنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَلَا يُرَدُّ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَا فَضَلَ عَنْ الْفَرْضِ أَوْ الْفُرُوضِ عَلَى ذَوِي الْفَرْضِ أَوْ الْفُرُوضِ عِنْدَ زَيْدٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنْ كَانَ الْوَالِي عَدْلًا يَصْرِفُ مَالَ بَيْتِ الْمَالِ فِي مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا. (وَلَا يُدْفَعُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مَالُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ) كَالْخَالِ وَالْخَالَةِ وَأَبِي الْأُمِّ وَوَلَدِ الْبِنْتِ وَوَلَدِ الْأُخْتِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ. الطُّرْطُوشِيُّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَرَّثَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَأَنْ يُرَدَّ مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَيْهِمْ، وَحَكَى صَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ اتِّفَاقَ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى هَذَا فِي الذَّخِيرَةِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ذَوُو الْأَرْحَامِ، ابْنُ يُونُسَ هُمْ مَنْ لَيْسُوا عَصَبَةً وَلَا ذَا فَرْضٍ وَهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سِتَّةُ رِجَالٍ أَبُو الْأُمِّ وَابْنُ الْبِنْتِ وَالْخَالِ وَابْنُ الْأُخْتِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، وَابْنُ الْأَخِ لِلْأُمِّ وَالْعَمُّ أَخُو الْأَبِ لِأُمِّهِ وَسَبْعُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 633 وَيَرِثُ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ الْأَبُ،   [منح الجليل] نِسْوَةٍ بِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْأَخِ وَبِنْتُ الْأُخْتِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ الْأَخُ أَوْ الْأُخْتُ وَبِنْتُ الْعَمِّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ، وَالْجَدَّةُ أُمُّ أَبِي الْأَبِ وَالْعَمَّةُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، وَالْخَالَةُ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ مَنَعَهُمْ زَيْدٌ وَعُمَرُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَوَرَّثَهُمْ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إذَا لَمْ يَكُنْ ذُو سَهْمٍ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ وَلَا عَصَبَةٍ وَلَا مَوْلَى نِعْمَةٍ اهـ. قُلْت هَذَا تَقْرِيبٌ، إذْ بَقِيَ مِنْ الرِّجَالِ عَمُّ الْأُمِّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَ، وَابْنُهُ وَابْنُ الْخَالِ وَابْنُ الْعَمِّ أَخِي الْأَبِ لِأُمِّهِ، وَأَبُو الْجَدَّةِ وَعَمُّهَا وَابْنُهُ وَابْنُ الْخَالَةِ وَابْنُ الْعَمَّةِ، وَمِنْ النِّسَاءِ بِنْتُ الْعَمَّةِ وَبِنْتُ الْخَالَةِ وَعَمَّةُ الْأَبِ وَخَالَتُهُ وَعَمَّةُ الْأُمِّ وَخَالَتُهَا وَبَنَاتُهُنَّ وَنَحْوُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 1 - ثُمَّ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الرَّدِّ عَلَى ذَوِي الْقُرُوضِ. ابْنُ يُونُسَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى زَوْجٍ وَلَا زَوْجَةٍ وَالْبَاقِي عَنْهُمَا لِذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْخِلَافِ، وَمَنَعَ زَيْدٌ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - الرَّدَّ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ إذَا فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ، وَقَالَ عَلِيٌّ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ، وَقَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ لَا يُرَدُّ عَلَى أَرْبَعٍ مَعَ أَرْبَعٍ لَا يُرَدُّ عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ مَعَ الْأُمِّ وَلَا أُخْتٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقَةٍ وَلَا بِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتٍ وَلَا جَدَّةٍ مَعَ ذِي سَهْمٍ. وَعَنْ عُثْمَانَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - الرَّدُّ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَعَلَّ الْإِجْمَاعَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ مِمَّنْ بَعْدَهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَيَرِثُ بِفَرْضٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ابْتِدَاءً (وَعُصُوبَةِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْفُرُوضِ انْتِهَاءً (الْأَبِ) إذَا كَانَ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ مَعَ بِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ أَوْ مَعَ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ فَيُفْرَضُ لَهُ فِيهَا السُّدُسُ ثُمَّ يَرِثُ الْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ لِيُوَافِقَ قَوْله تَعَالَى {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11] ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ عِنْدَهُمْ الْأَوْفَقُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرُبَّمَا تَسَامَحُوا وَقَالُوا لِلْأَبِ مَا بَقِيَ. السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْحَوفِيِّ لَوْ وَرِثَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بِالتَّعْصِيبِ خَاصَّةً لَمْ يَظْهَرْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 634 ثُمَّ الْجَدُّ مَعَ بِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ، كَابْنِ عَمِّ أَخٍ لِأُمٍّ؛   [منح الجليل] فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إرْثِهِ بِهِ وَبِالْفَرْضِ. وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ الْأَبَ يَرِثُ السُّدُسَ بِالْفَرْضِ وَالْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ قِيَاسًا عَلَى مَحَلِّ النَّصِّ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ. وَقِيلَ لَا يَرِثَانِ أَبَدًا إلَّا بِالتَّعْصِيبِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَالثَّالِثُ مُشْكِلٌ إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ، إذْ فِيهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى نَقْصُهُمَا عَنْ السُّدُسِ فِي بِنْتَيْنِ وَزَوْجٍ وَأَبٍ أَوْ جَدٍّ وَحِرْمَانُهُمَا إنْ زِيدَتْ أُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ. (ثُمَّ) يَرِثُ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ (الْجَدُّ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ حَالَ كَوْنِهِ (مَعَ بِنْتٍ) أَوْ بِنْتِ ابْنٍ إنْ عَلَتْ، بَلْ (وَإِنْ سَفَلَتْ) أَوْ بِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ أَوْ بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ، وَشَبَّهَ فِي الْإِرْثِ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ فَقَالَ (كَابْنِ عَمِّ أَخٍ لِأُمٍّ) فَيُفْرَضُ لَهُ السُّدُسُ بِأُخُوَّتِهِ لِأُمٍّ، وَيَرِثُ الْبَاقِيَ بِبُنُوَّتِهِ لَهُمْ وَكَذَا زَوْجٌ مُعْتَقٌ وَزَوْجُ ابْنِ عَمٍّ فَيُفْرَضُ لَهُ النِّصْفُ أَوْ الرُّبُعُ بِزَوْجِيَّتِهِ وَيَرِثُ الْبَاقِيَ بِعُصُوبَةِ الْوَلَاءِ أَوْ النَّسَبِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ ابْنِ الْعَمِّ الْأَخِ لِأُمٍّ ابْنُ عَمٍّ فَقَطْ فُرِضَ لِلْأَخِ لِأُمٍّ السُّدُسُ، وَقُسِمَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا، وَهَذَا قَوْلُ عَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. وَقَالَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْأَخِ لِأُمٍّ كَالشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِأَبٍ، وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. تت كُلُّ ذَكَرٍ مَاتَ وَخَلَّفَ جَمِيعَ مَنْ يَرِثُ مِنْ الذُّكُورِ وَرِثَهُ مِنْهُمْ الْأَبُ وَالِابْنُ فَقَطْ، وَإِنْ خَلَّفَ جَمِيعَ النِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ وَرِثَهُ مِنْهُنَّ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالزَّوْجَةُ وَالشَّقِيقَةُ فَقَطْ، وَأَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَقَامُ الثُّمُنِ وَالسُّدُسِ. وَمِنْهُمَا تَصِحُّ لِلْبِنْتِ اثْنَا عَشَرَ وَلِبِنْتِ الِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلشَّقِيقَةِ وَاحِدٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0635-0001.jpg وَإِنْ خَلَّفَ جَمِيعَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ الْوَارِثِينَ وَرِثَهُ مِنْهُمْ الِابْنُ وَالْأَبُ وَالْبِنْتُ وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ، أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَقَامُ السُّدُسِ وَالثُّمُنِ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَبِ أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ، فَهَذِهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 635 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَحَدَ عَشَرَ يَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَتُبَايِنُهَا فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلِلْأَبِ مِثْلُهَا، وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَلِلِابْنِ وَالْبِنْتِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ لِلِابْنِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَالْبِنْتُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0636-0001.jpg وَإِنْ مَاتَتْ أُنْثَى وَتَرَكَتْ جَمِيعَ الذُّكُورِ الْوَارِثِينَ وَرِثَهَا الِابْنُ وَالْأَبُ وَالزَّوْجُ فَقَطْ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ السُّدُسِ وَالرُّبُعُ لِلْأَبِ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ هَكَذَا: Menh0009-0636-0002.jpg وَإِنْ تَرَكَتْ جَمِيعَ الْوَارِثَاتِ وَرِثَهَا مِنْهُنَّ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ السُّدُسِ لِلْبِنْتِ ثَلَاثَةٌ وَلِبِنْتِ الِابْنِ وَاحِدٌ وَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِلْأُخْتِ وَاحِدٌ هَكَذَا: Menh0009-0636-0003.jpg وَإِنْ تَرَكَتْ جَمِيعَ الْوَارِثِينَ وَالْوَارِثَاتِ وَرِثَهَا الْأَبُ وَالِابْنُ وَالزَّوْجُ وَالْأُمُّ وَالْبِنْتُ فَقَطْ، أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ الرُّبُعِ وَالسُّدُسُ لِلْأَبِ اثْنَانِ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، تَبْقَى خَمْسَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ لِلْأَبِ سِتَّةٌ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلِابْنِ عَشَرَةٌ وَلِلْبِنْتِ خَمْسَةٌ هَكَذَا: Menh0009-0636-0004.jpg فَإِنْ قِيلَ مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ جَمِيعَ الْوَارِثِينَ وَالْوَارِثَاتِ فَقُلْ لَمْ يَمُتْ أَحَدٌ، إذْ مِنْ الْوَارِثِينَ الزَّوْجُ وَمِنْ الْوَارِثَاتِ الزَّوْجَةُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 636 وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ بِالْأَقْوَى، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ: كَأُمٍّ؛ أَوْ بِنْتٍ أُخْتٌ،   [منح الجليل] وَقِيلَ يُتَصَوَّرُ فِي الْخُنْثَى إذَا تَزَوَّجَ رَجُلًا وَامْرَأَةً وَوَلَدَ مِنْ بَطْنِهِ وَوُلِدَ لَهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَمَاتَ عَنْ زَوْجِهِ وَزَوْجَتِهِ وَبَاقِي الْوَارِثِينَ وَالْوَارِثَاتِ. طفي فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يَجُوزُ تَزَوُّجُهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِالْجِهَتَيْنِ فَالنِّكَاحُ مَفْسُوخٌ، وَظَاهِرُ الِاتِّفَاقِ عَلَى فَسْخِهِ فَلَا يُوجِبُ مِيرَاثًا، بَلْ لَا يَتَزَوَّجُ بِالْجِهَتَيْنِ وَلَوْ فِي وَقْتَيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ جِهَةً عَنْهَا، فَالنِّكَاحُ الثَّانِي مَفْسُوخٌ فَلَا يُوجِبُ إرْثًا أَيْضًا. (وَوَرِثَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ شَخْصٌ (ذُو) أَيْ صَاحِبُ (فَرْضَيْنِ بِ) السَّبَبِ (الْأَقْوَى) وَإِنْ كَانَ فَرْضُهُ أَقَلَّ إمَّا لِعَدَمِ حَجْبِهِ حَجْبَ حِرْمَانٍ إنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ الْكُفَّارِ، بَلْ (وَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِينَ) خَطَأٌ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا جَاهِلًا عَيْنَهَا (كَأُمٍّ أَوْ بِنْتٍ) لِمَيِّتٍ هِيَ (أُخْتٌ) لَهُ بِأَنْ تَزَوَّجَ بِنْتَه فَوَلَدَتْ بِنْتًا فَهِيَ أُخْتُ أُمِّهَا لِأَبِيهَا، فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى عَنْ الصُّغْرَى وَرِثَتْهَا بِالْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ لَا تَحْجُبُ، وَالْأُخْتِيَّةَ تَحْجُبُ وَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى عَنْ الْكُبْرَى فَإِنَّهَا تَرِثُهَا بِالْأُمُومَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهَا لِذَلِكَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، وَوَرَّثَهَا أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِالْجِهَتَيْنِ مَعًا فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَرِثُ نِصْفًا بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِيَ بِالْأُخُوَّةِ تَعْصِيبًا، وَتَرِثُ فِي الثَّانِيَةِ ثُلُثًا بِالْأُمُومَةِ وَنِصْفًا بِالْأُخُوَّةِ وَأَمَّا لِقِلَّةِ حَجْبِهِ بِأَنْ كَانَ السَّبَبَانِ يَحْجُبَانِ وَحَجْبُ أَحَدِهِمَا أَقَلُّ كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ كَأَنْ يَطَأَ بِنْتَه فَتَلِدَ بِنْتًا فَيَطَؤُهَا أَيْضًا فَتَلِدَ بِنْتًا، ثُمَّ تَمُوتُ الصُّغْرَى عَنْ الْعُلْيَا بَعْدَ مَوْتِ الْوُسْطَى وَالْأَبُ فَهِيَ أُمُّ أُمِّهَا وَأُخْتُهَا مِنْ أَبِيهَا فَتَرِثُهَا بِالْجُدُودَةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْأُمِّ لَا يَحْجُبُهَا إلَّا الْأُمُّ وَالْأُخْتُ لِأَبٍ يَحْجُبُهَا جَمَاعَةٌ فَجِهَةُ الْجُدُودَةِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْأُخْتِيَّةِ لِأَبٍ. وَقِيلَ تَرِثُ بِالْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهَا أَكْثَرُ، وَأَمَّا لِحَجْبِهَا الْأُخْرَى فَالْجِهَةُ الْحَاجِبَةُ قَوِيَّةٌ وَالْجِهَةُ الْمَحْجُوبَةُ ضَعِيفَةٌ، كَأَنْ يَطَأَ أُمَّهُ فَتَلِدَ وَلَدًا فَهِيَ أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ فَإِنْ مَاتَ فَتَرِثُهُ بِالْأُمُومَةِ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَتْ الْجِهَةُ الْقَوِيَّةُ مَحْجُوبَةٌ فَتَرِثُ بِالضَّعِيفَةِ كَمَوْتِ الصُّغْرَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 637 وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ،   [منح الجليل] فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْوُسْطَى وَالْعُلْيَا فَتَرِثُ الْوُسْطَى بِالْأُمُومَةِ الثُّلُثَ وَالْعُلْيَا بِالْأُخْتِيَّةِ النِّصْفَ. وَمَفْهُومُ فَرْضَيْنِ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ لِنَصِّ الْغِمَارِيِّ عَلَى أَنَّ الْعَاصِبَ بِجِهَتَيْنِ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا كَعَمٍّ مُعْتِقٍ فَيَرِثُ بِالْعُمُومَةِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى، وَمَسَائِلُ هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ فِي الْمَجُوسِ مِنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَه فَتَلِدَ مِنْهُ وَلَدَيْنِ، ثُمَّ يَمُوتُ وَكُلُّهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا فَمِيرَاثُهُ لِبَنِيهِ وَمِنْهُمْ زَوْجَتُهُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَلَا تَرِثُهُ بِزَوْجِيَّتِهَا لِفَسَادِهَا؛ وَلِأَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى مِنْهَا لَوْ كَانَ لَهَا مِيرَاثٌ بِسَبَبِهَا، فَإِنْ مَاتَ أَخَذَ الِابْنَيْنِ بَعْدَ أَبِيهِ فَقِيلَ تَرِثُ مِنْهُ الثُّلُثَ بِالْأُمُومَةِ وَالْبَاقِي لِأَخِيهِ وَسَقَطَ كَوْنُهَا أُخْتَهُ لِأَبِيهِ، وَإِنْ مَاتَتْ الْبِنْتُ وَرِثَهَا ابْنَاهَا بِبُنُوَّتِهِمَا وَسَقَطَ كَوْنُهُمَا أَخَوَيْهَا مِنْ أَبِيهَا. سَحْنُونٌ لَا تَرِثُ مِنْ ابْنِهَا إلَّا السُّدُسَ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ فَتَعُدُّ نَفْسَهَا بِنَفْسِهَا فَتَحْجُبُ نَفْسَهَا عَنْ الثُّلُثِ بِنَفْسِهَا مَعَ ابْنِهَا الْحَيِّ، فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ مَاتَ عَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ وَأُمٍّ فَوَرِثَهَا بِالْأُمُومَةِ وَحَجَبَهَا بِالْأُخُوَّةِ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَخَرَجَ إلَى مَذْهَبِ مَنْ يُوَرِّثُهَا بِالْجِهَتَيْنِ، وَهَذَا غَلَطٌ عَلَى أَصْلِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ الْبِنْتُ زَوْجَةُ الْمَجُوسِيِّ وَهُوَ حَيٌّ لَوَرِثَهَا بِأُبُوَّتِهِ لَهَا السُّدُسَ، وَلِوَلَدَيْهَا مَا بَقِيَ وَهُمَا أَخَوَاهَا وَلَمْ يَحْجُبْهُمَا الْأَبُ عَنْ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُمَا ابْنَاهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَيْسَا بِأَخَوَيْهَا فَكَذَلِكَ تَسْقُطُ أُخُوَّةُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَتَبْقَى الْأُمُومَةُ وَحْدَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَهُ لِأُمِّهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمَا فَلِبِنْتِهِ النِّصْفُ وَلِلْعَاصِبِ مَا بَقِيَ وَلَا شَيْءَ لِأُخْتِهِ لِفَسَادِ زَوْجِيَّتِهَا إجْمَاعًا وَحَجْبِ أُخْتِيَّتِهَا لِأُمِّ بِالْبِنْتِ (وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ) بِضَمِّ الْكَافِ، أَيْ بَلَدِهِ الْمُجْتَمِعِينَ مَعَهُ فِي ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ. طفي هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَانْتَحَلَهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا حَشْوًا وَإِيهَامًا، إذْ تَقْيِيدُهُ بِالْكِتَابِيِّ يُوهِمُ أَنَّ غَيْرَهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ، وَقَيَّدَ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ يَعْنِي عَنْ الْحُرِّيَّةِ وَأَخَلَّ بِقَيْدِ كَوْنِهِ لَا وَارِثَ لَهُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ إذَا هَلَكَ الْكَافِرُ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ وَلَا حَائِزَ لِمَالِهِ بِمِيرَاثٍ يُعْلَمُ فَمَالُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ يَخْتَصُّ بِهِ مِنْهُمْ أَهْلُ كُورَتِهِ الَّذِينَ جَمَعَهُمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 638 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَإِيَّاهُ مَا وُضِعَ مِنْ الْجِزْيَةِ. اهـ. مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَتَبِعَهُ " ح " أَنَّ مَالَهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَعْنِي الْعَنْوِيَّ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يَكُونُ مِيرَاثُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُجَازُ لَهُ وَصِيَّتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْجِزْيَةِ عَلَى جَمَاجِمِهِمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْجِزْيَةُ مُجْمَلَةٌ عَلَيْهِمْ لَا يُنْتَقَصُونَ مِنْهَا بِمَوْتِ مَنْ مَاتَ وَلَا لِعَدَمِ مَنْ أَعْدَمَ جَازَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِمَنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لِأَهْلِ دِينهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ اهـ. الْحَطّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَهُوَ عِنْدِي فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ صُلْحِيًّا فَإِنْ وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الرِّقَابِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْضًا، وَإِنْ وَقَعَتْ مُجْمَلَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ فَإِنَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ اهـ كَلَامُ طفي. الْبُنَانِيُّ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اعْتِرَاضَاتٌ أَوْضَحَهَا ابْنُ مَرْزُوقٍ وَغَيْرُهُ مِنْهَا فِي التَّقْيِيدِ بِالْكِتَابِيِّ ابْنُ مَرْزُوقٍ تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الذِّمِّيَّ بِكَوْنِهِ كِتَابِيًّا لَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا؛ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ كَذَلِكَ، وَمِنْهَا فِي إطْلَاقِهِ الْحَرْجَدَ. عج هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ عَتِيقَ الْمُسْلِمِ مَالَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِمُعْتَقِهِ قَرَابَةٌ عَلَى دِينِ الْعَبْدِ قَالَهُ فِيهَا، وَمِنْهَا أَنَّ قَيْدَ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ يُغْنِي عَنْ الْحُرِّ، وَمِنْهَا أَنَّ وَصْفَهُ بِالْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ يُخْرِجُ الْحَرْبِيَّ. ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي التَّعَرُّضِ لِإِخْرَاجِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ يَبْعَثُ مَالَهُ لِأَهْلِ بَلَدِهِ، وَمِنْهَا إخْلَالُهُ بِقَيْدِ لَا وَارِثَ لَهُ. وَمِنْهَا أَنَّ ظَاهِرَهُ يَشْمَلُ الْعَنْوِيَّ وَالصُّلْحِيَّ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ خَاصٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِمُؤَدِّي الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ الْمُجْمَلَةَ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمَا، وَنَصُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ وَرَثَةٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّ وَرَثَتَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْجِزْيَةِ عَلَى جَمَاجِمِهِمْ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ وَالْجِزْيَةُ مُجْمَلَةٌ عَلَيْهِمْ لَا يُنْقِصُونَ مِنْهَا لِمَوْتِ مَنْ مَاتَ وَلَا لِعُدْمِ مَنْ أَعْدَمَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 639 وَالْأُصُولُ: اثْنَانِ، وَأَرْبَعَةٌ، وَثَمَانِيَةٌ، وَثَلَاثَةٌ، وَسِتَّةٌ، وَاثْنَا عَشَرَ، وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ،   [منح الجليل] فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِمَنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ لِأَهْلِ مُؤَدَّاهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ، خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ مِيرَاثَهُ لِلْمُسْلِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَالْأُصُولُ) لِمَسَائِلِ الْفَرَائِضِ جَمْعُ أَصْلٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَقَلُّ عَدَدٍ تَخْرُجُ مِنْهُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ صَحِيحَةً مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ سُمِّيَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ وَالْعَوْلَ فَرْعَانِ لَهُ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أُصُولُ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا فَرْضٌ فَأَكْثَرُ، وَهِيَ سَبْعَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (اثْنَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسِتَّةٌ وَاثْنَا عَشَرَ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَصْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، حَيْثُ يَكُونُ ثُلُثُ الْبَاقِي خَيْرًا لَهُ، وَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، فَالْأَوَّلُ أَصْلُ كُلِّ مَسْأَلَةِ فِيهَا سُدُسُ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ، فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ خَمْسَةٌ لَا ثُلُثَ لَهَا، وَالْأَحَظُّ لِلْجَدِّ فِيهَا ثُلُثُ الْبَاقِي، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً مَقَامَ الثُّلُثِ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِأُمِّهِ ثَلَاثَةٌ وَلِجَدِّهِ خَمْسَةٌ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَالْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ تَنْكَسِرُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْجَدِّ خَمْسَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَلِلْإِخْوَةِ عَشَرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثِينَ، فَلِكُلِّ أَخٍ عَشَرَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0640-0001.jpg وَلَقَّبُوهَا بِمُخْتَصَرَةِ زَيْدٍ وَالثَّانِي أَصْلُ كُلِّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا سُدُسٌ وَرُبْعٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ فَأَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ السُّدُسِ وَالرُّبُعِ، وَبَاقِيهِ بَعْدَهُمَا سَبْعَةٌ لَا ثُلُثَ لَهَا وَهُوَ الْأَحَظُّ لِلْجَدِّ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً مَقَامَهُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي سَبْعَةٌ وَالْبَاقِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مُنْكَسِرَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ مُبَايِنَةٌ لَهَا، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ، وَثَلَاثِينَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَلِلزَّوْجَةِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأُمِّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 640 فَالنِّصْفُ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ،   [منح الجليل] وَلِلْجَدِّ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، وَلِكُلِّ أَخٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0641-0001.jpg وَلَمْ يَرُدَّهُمَا الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّهُمَا يُصَحَّحَانِ بِالضَّرْبِ، فَالْأَوَّلُ مِنْ سِتَّةٍ وَالثَّانِي مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا أَصْلَانِ لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى تَصْحِيحٍ آخَرَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا رَأَيْت، أَفَادَهُ شب وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ. (فَالنِّصْفُ) وَحْدُهُ أَوْ مَعَ نِصْفٍ آخَرَ (مِنْ اثْنَيْنِ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ صَحِيحٌ كَبِنْتٍ أَوْ زَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ وَكَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ زَوْجٍ وَعَاصِبٍ فِي الْخَمْسِ صُوَرٍ (وَالرُّبُعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ رُبُعٌ صَحِيحٌ كَزَوْجٍ وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَكَزَوْجَةٍ وَشَقِيقٍ وَكَذَا الرُّبُعُ مَعَ النِّصْفِ، كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ وَكَزَوْجَةٍ وَشَقِيقَةٍ وَعَمٍّ (وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ ثُمُنٌ صَحِيحٌ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَكَذَا مَعَ النِّصْفِ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ وَعَاصِبٍ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَأُمٍّ أَوْ إخْوَةٍ لَهَا وَعَاصِبٍ وَكَذَا الثُّلُثَانِ كَبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ أَوْ شَقِيقَتَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَعَمٍّ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 641 وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالسُّدُسُ مِنْ سِتَّةٍ، وَالرُّبْعُ وَالثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَالثَّمَنُ وَالثُّلُثُ أَوْ السُّدُسُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ،   [منح الجليل] وَالسُّدُسُ مِنْ سِتَّةٍ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ صَحِيحٌ كَأَبٍ وَابْنٍ، أَوْ ابْنِ ابْنٍ، وَكَأُمٍّ وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ، أَوْ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ وَكَذَا مَعَ سُدُسٍ آخَرَ كَأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ، أَوْ ابْنِ ابْنٍ، وَكَجَدٍّ وَجَدَّةٍ وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَكَذَا مَعَ النِّصْفِ كَبِنْتٍ وَجَدَّةٍ وَعَاصِبٍ أَوْ الثُّلُثَيْنِ كَأَبٍ وَبِنْتَيْنِ، أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ، وَكَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَبِنْتَيْنِ وَبِنْتَيْ ابْنٍ وَعَاصِبٍ وَكَذَا مَعَ سُدُسٍ آخَرَ وَنِصْفٍ كَأَبَوَيْنِ وَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ، كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ وَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ وَكَذَا مَعَ سُدُسٍ وَثُلُثٍ وَنِصْفٍ كَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ زَوْجٍ. (وَالرُّبُعُ وَالثُّلُثُ) مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ رُبُعٌ وَثُلُثٌ صَحِيحَانِ لِتَبَايُنِ الْأَرْبَعَةِ مَقَامِ الرُّبُعِ، وَالثَّلَاثَةِ مَقَامِ الثُّلُثِ. وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ اثْنَا عَشَرَ كَأُمٍّ أَوْ إخْوَةٍ لَهَا وَزَوْجَةٍ وَعَاصِبٍ (أَوْ) الرُّبُعُ (وَالسُّدُسُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ رُبُعٌ وَسُدُسٌ صَحِيحَانِ لِاتِّفَاقِ الْأَرْبَعَةِ وَالسِّتَّةِ بِالنِّصْفِ، وَالْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ اثْنَا عَشَرَ كَجَدَّةٍ وَزَوْجَةٍ وَعَاصِبٍ، وَكَذَا سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثٌ كَأُمٍّ وَوَلَدَيْهَا وَزَوْجَةٍ وَعَاصِبٍ وَكَجَدَّةٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَعَاصِبٍ، وَكَذَا سُدُسَانِ وَرُبُعٌ كَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَزَوْجٍ وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ، وَكَذَا سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ أَبٍ وَزَوْجٍ وَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ. (وَالثُّمُنُ وَالسُّدُسُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ ثُمُنٌ وَسُدُسٌ صَحِيحَانِ لِتَوَافُقِ الثَّمَانِيَةِ وَالسِّتَّةِ فِي النِّصْفِ وَالْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِ نِصْفِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كَزَوْجَةٍ وَأَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ، وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَكَذَا ثُمُنٌ وَسُدُسَانِ كَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَزَوْجَةٍ وَابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَكَذَا ثُمُنٌ وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ وَعَاصِبٍ وَكَذَا ثُمُنٌ وَسُدُسٌ وَنِصْفٌ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ، أَوْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ وَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ وَكَذَا ثُمُنٌ وَسُدُسٌ وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ أَوْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 642 وَمَا لَا فَرْضَ فِيهَا: فَأَصْلُهَا عَدَدُ عَصَبَتِهَا، وَضُعِّفَ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى،   [منح الجليل] ابْنٍ وَكَذَا ثُمُنٌ وَسُدُسَانِ وَنِصْفٌ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَبِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ (أَوْ) الثُّمُنُ وَ (الثُّلُثُ) أَرَادَ بِهِ الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ لَا يَجْتَمِعُ مَعَ الثُّمُنِ؛ لِأَنَّ الثُّمُنَ شَرْطُهُ الْوَلَدُ وَالثُّلُثُ إمَّا لِلْأُمِّ أَوْ أَوْلَادِهَا أَوْ الْجَدِّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْوَلَدِ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ، فَالصَّوَابُ أَوْ الثُّلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ وَعَاصِبٍ وَكَذَا الثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأُخْتٍ شَقَائِقَ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّمِائَةٍ حَاصِلَةٍ مِنْ ضَرْبِ عَدَدِ رُءُوسٍ الْإِخْوَةِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِانْكِسَارِ الْوَاحِدِ الْبَاقِي لَهُمْ عَلَيْهِمْ وَمُبَايَنَتِهِ لَهُمْ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ، فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَةٍ، وَلِلْبِنْتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ، وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ، وَلِلْإِخْوَةِ وَاحِدٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلِّ أَخٍ اثْنَانِ، وَلِلْأُخْتِ وَاحِدٌ وَاتَّفَقَ أَنَّ التَّرِكَةَ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ فَأَعْطَاهَا مِنْهَا الْقَاضِي شُرَيْحٌ دِينَارًا فَاسْتَقَلَّتْهُ وَأَتَتْ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَدْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ وَقَالَتْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ شُرَيْحًا ظَلَمَنِي تَرَكَ أَخِي سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فَلَمْ يُعْطِنِي غَيْرَ دِينَارٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ لَعَلَّ أَخَاك تَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا وَبِنْتَيْنِ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأُخْتًا هِيَ أَنْتِ، فَقَالَتْ نَعَمْ، فَقَالَ مَا ظَلَمَك شُرَيْحٌ، وَلِذَا تُسَمَّى الدِّينَارِيَّةَ الْكُبْرَى وَالرِّكَابِيَّةَ أَيْضًا، قَالَ الشَّعْبِيُّ مَا رَأَيْت أَحْسَبَ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0643-0001.jpg. (وَمَا) أَيْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي (لَا فَرْضَ فِيهَا فَأَصْلُهَا عَدَدُ رُءُوسٍ عَصَبَتِهَا) إنْ كَانُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا (وَ) إنْ كَانَ فِيهِمْ أُنْثَى أَوْ أَكْثَرُ (ضُعِّفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا (لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى) بِأَنْ يَعُدَّ الذَّكَرَ اثْنَيْنِ وَالْأُنْثَى وَاحِدَةً. فِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ عَصَبَاتٍ فَقَطْ، فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، فَإِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 643 وَإِنْ زَادَتْ الْفُرُوضُ: أُعِيلَتْ، فَالْعَائِلُ: السِّتَّةُ لِسَبْعَةٍ،   [منح الجليل] كَانُوا ذُكُورًا فَسَوَاءٌ، وَإِنْ كَانُوا مَعَ إنَاثٍ فَيُقَدَّرُ كُلُّ ذَكَرٍ مَكَانَ أُنْثَيَيْنِ. (وَإِنْ زَادَتْ الْفُرُوضُ) الْوَاجِبَةُ لِلْوَرَثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ (أُعِيلَتْ) بِضَمِّ الْهَمْزِ، أَيْ زِيدَتْ سِهَامُ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى تُسَاوِيَ سِهَامَ الْفُرُوضِ، وَإِنْ نَقَصَ مِقْدَارُ كُلِّ سَهْمٍ مِنْهَا فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي عَدَدِهَا، وَنَقْصٌ مِنْ مَقَادِيرِهَا كُلِّهَا كَمُحَاصَّةِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ الَّتِي لَا يَفِي بِهَا مَالُ الْمُفْلِسِ فِيمَا بِيَدِهِ، وَلَمْ يَقَعْ الْعَوْلُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَأَوَّلُ مَنْ وَقَعَ فِي زَمَنِهِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فَقَالَ لَا أَدْرِي مَنْ قَدَّمَهُ الْكِتَابُ فَأُقَدِّمُهُ وَلَا مَنْ أَخَّرَهُ فَأُؤَخِّرُهُ، وَلَكِنْ رَأَيْت رَأْيًا، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنْ عُمَرَ وَهُوَ إدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، فَقَالَ لَوْ نَظَرَ عُمَرُ إلَى مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ فَقَدَّمَهُ، وَإِلَى مَنْ أَخَّرَهُ فَأَخَّرَهُ مَا عَالَتْ فَرِيضَةٌ، وَفُسِّرَ ذَلِكَ بِأَنْ يُنْظَرُ إلَى أَسْوَأِ الْوَرَثَةِ حَالًا، وَهُمْ الَّذِينَ يَرِثُونَ بِالْفَرْضِ تَارَةً وَالتَّعْصِيبِ أُخْرَى، وَهُنَّ الْبَنَاتُ وَبَنَاتُ الِابْنِ وَالْأَخَوَاتُ الشَّقِيقَاتُ أَوْ لِأَبٍ. أَمَّا الْمُتَوَغِّلُونَ فِي الْفَرِيضَةِ فَيُقَدَّمُونَ؛ لِأَنَّ ذَوِي الْفُرُوضِ الْمُجْتَمَعِينَ مَعَ الْعَصَبَةِ يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ، فَلْيَكُنْ مَنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي التَّعْصِيبِ مُؤَخَّرًا عِنْدَ ضِيقِ الْمَالِ عَمَّنْ لَا يَرِثُ إلَّا بِالْفَرْضِ، وَأَوْرَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أُمٌّ وَزَوْجٌ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ، وَسَمَّوْهَا النَّاقِضَةَ بِإِعْجَامِ الضَّادِ، لِنَقْضِهَا أَحَدَ أُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَا عَوْلَ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَإِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ الشَّقِيقَاتِ أَوْ لِأَبٍ، وَلَا تُحْجَبُ الْأُمُّ إلَّا بِثَلَاثَةِ إخْوَةٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِتَنْقِيصِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ فِيهَا خِلَافًا هَلْ تَنْقُصُ بِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، وَاتَّفَقَ عَلَى أَنَّ لِأَخَوَيْ الْأُمِّ الثُّلُثَ وَالزَّوْجِ النِّصْفَ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا يُرْتَكَبُ؛ لِأَنَّ تَوْرِيثَ الْأُمِّ الثُّلُثَ مَعَ الْأَخَوَيْنِ مَظْنُونٌ وَالزَّوْجُ النِّصْفُ وَالْأَخَوَانِ الثُّلُثُ مَقْطُوعٌ بِهِمَا وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. (وَالْعَائِلُ) مِنْ الْأُصُولِ السَّبْعَةِ ثَلَاثَةٌ (السِّتَّةُ) تَعُولُ بِوَاحِدٍ (لِسَبْعَةٍ) إذَا كَانَ فِيهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 644 وَلِثَمَانِيَةٍ، وَلِتِسْعَةٍ، وَلِعَشَرَةٍ، وَالِاثْنَا عَشَرَ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَخَمْسَةَ عَشَرَ   [منح الجليل] سُدُسٌ وَنِصْفَانِ كَزَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ أَوْ أَخٍ لِأُمٍّ أَوْ سُدُسٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَوَلَدَيْهَا وَشَقِيقَتَانِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ سُدُسَانِ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ كَجَدَّةٍ، أَوْ أُمٍّ وَوَلَدَيْهَا وَشَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأَبٍ أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثَانِ كَزَوْجٍ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَ) تَعُولُ السِّتَّةُ بِاثْنَيْنِ إلَى (ثَمَانِيَةٍ) إذَا كَانَ فِيهَا سُدُسَانِ وَنِصْفَانِ كَجَدَّةٍ أَوْ أُمٍّ وَوَلَدِهَا وَزَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَزَوْجٍ وَشَقِيقَتَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ أَوْ ثُلُثٌ وَنِصْفَانِ كَزَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ، أَوْ لِأَبٍ وَأَخَوَيْ أُمٍّ وَتُسَمَّى الْمُبَاهَلَةَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مِنْ بَاهَلَنِي بَاهَلْته. (وَ) تَعُولُ بِثَلَاثَةٍ إلَى (تِسْعَةٍ) إذَا كَانَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفَانِ كَجَدَّةٍ أَوْ أُمٍّ وَوَلَدِهَا وَشَقِيقَةٍ وَلِأَبٍ وَزَوْجٍ أَوْ سُدُسَانِ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ كَأُمٍّ وَوَلَدِهَا وَزَوْجٍ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَلُقِّبَتْ الْأُولَى بِالْغَرَّاءِ وَبِالْمَرْوَانِيَّةِ، أَوْ ثُلُثٌ وَسُدُسٌ وَنِصْفَانِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَوَلَدَيْهَا وَزَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَوْ ثُلُثٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ كَزَوْجٍ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ. (وَ) تَعُولُ السِّتَّةُ بِأَرْبَعَةٍ إلَى (عَشَرَةَ) إذَا كَانَ فِيهَا سُدُسٌ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَزَوْجٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْفُرُوخِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالسَّرِيجِيَّةَ أَوْ سُدُسَانِ وَثُلُثٌ وَنِصْفَانِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَزَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ وَلِأَبٍ (وَ) تَعُولُ (الِاثْنَا عَشَرَ) بِوَاحِدٍ (لِثَلَاثَةَ عَشَرَ) إذَا كَانَ فِيهَا سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثَانِ كَأَبٍ وَزَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ أَوْ سُدُسَانِ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ كَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٌّ وَجَدَّةٌ وَزَوْجٌ وَبِنْتٌ أَوْ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَنِصْفٌ كَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ. (وَ) تَعُولُ الِاثْنَا عَشَرَ بِثَلَاثَةٍ إلَى (خَمْسَةَ عَشَرَ) إذَا كَانَ فِيهَا رُبُعٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَأَخَوَيْ أُمٍّ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَكَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَشَقِيقَتَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَتَعُولُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَصِحُّ مِنْ سِتِّينَ لِانْكِسَارِ ثَلَاثَةِ الزَّوْجَاتِ عَلَيْهِنَّ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 645 وَسَبْعَةَ عَشَرَ، وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ: لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ: زَوْجَةٌ، وَأَبَوَانِ؛ وَابْنَتَانِ،   [منح الجليل] وَمُبَايَنَتِهَا لَهُنَّ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِسِتِّينَ فَلِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلِوَلَدَيْ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ وَلِلشَّقِيقَتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0646-0001.jpg أَوْ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ ذوَرُبُعٌ وَنِصْفٌ كَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَزَوْجٍ وَبِنْتٍ أَوْ سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثٌ وَنِصْفٌ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَزَوْجَةٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ. (وَ) تَعُولُ الِاثْنَا عَشَرَ بِخَمْسَةٍ إلَى (سَبْعَةَ عَشَرَ) إذَا كَانَ فِيهَا سُدُسٌ وَرُبُعٌ وَثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَأُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ وَزَوْجَةٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَكَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِي شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ لُقِّبَتْ بِأُمِّ الْأَرَامِلِ وَأُمِّ الْفُرُوجِ بِجِيمٍ وَالدِّينَارِيَّةِ الصُّغْرَى؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ كَانَتْ فِيهَا سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا، فَخَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ دِينَارٌ وَالْمِنْبَرِيَّةُ وَالسَّبْعَةَ عَشْرِيَّةَ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، وَتَصِحُّ مِنْهَا، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0646-0002.jpg (وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ) تَعُولُ بِثَلَاثَةٍ (لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) إذَا كَانَ فِيهَا الثُّمُنُ وَسُدُسَانِ وَثُلُثَانِ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَبِنْتَيْنِ أَوْ بِنْتَيْ ابْنٍ وَمِنْ صُوَرِهَا (زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ وَابْنَتَانِ) أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِتَوَافُقِ مَقَامَيْ الثُّمُنِ وَالسُّدُسِ بِالنِّصْفِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، وَلِتَبَايُنِ مَقَامَيْ الثُّمُنِ وَالثُّلُثَيْنِ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ. وَالْحَاصِلُ كُلُّ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْبِنْتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأَبَوَيْنِ ثَمَانِيَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَيُزَادُ عَلَيْهَا ثَلَاثَةٌ لِلزَّوْجَةِ فَتَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0646-0003.jpg الجزء: 9 ¦ الصفحة: 646 وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ: لِقَوْلِ عَلِيٍّ: صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا،   [منح الجليل] وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْمَنْسُوبَةُ لِلْمِنْبَرِ (لِقَوْلِ) الْإِمَامِ (عَلِيٍّ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَرَّمَ وَجْهَهُ، لَمَّا سُئِلَ عَنْهَا وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ بِخُطْبَةٍ عَيْنِيَّةٍ قَالَ فِيهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَحْكُمُ بِالْحَقِّ قَطْعًا، وَيَجْزِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى وَإِلَيْهِ الْمَآلُ وَالرُّجْعَى، فَسُئِلَ فَقَالَ (صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ صَارَتْ الثَّلَاثَةُ الَّتِي كَانَتْ ثُمُنًا لِلْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ قَبْلَ الْعَوْلِ تُسْعًا لِلسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي بَلَغَتْهَا بِالْعَوْلِ. قَالَ الشَّعْبِيُّ مَا رَأَيْت أَحْسَبَ مِنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَسُمِّيَتْ أَيْضًا بِخَلِيَّةٍ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا، وَمِنْ صُوَرِهَا ثُمُنٌ وَثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفٌ كَزَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَبِنْتٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَعَالَتْ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ اثْنَا عَشَرَ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0647-0001.jpg (فَوَائِدُ) : الْأُولَى: عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الْأُصُولِ السَّبْعَةِ وَهِيَ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالثَّمَانِيَةُ لَا تَعُولُ. وَكَذَا الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ وَالسِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ عِنْدَ مَنْ زَادَهُمَا. 1 - الثَّانِيَة: (فِي بَيَانِ مِقْدَارِ مَا تَعُولُ بِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا يَنْقُصُ مِنْ نَصِيبِ كُلِّ وَارِثٍ) . فَالْأَوَّلُ يُعْرَفُ بِنِسْبَةِ مَا عَالَتْ بِهِ الْمَسْأَلَةُ إلَيْهَا بِلَا عَوْلٍ، فَالسِّتَّةُ إذَا عَالَتْ لِتِسْعَةٍ فَعَوْلُهَا سُدُسُهَا وَلِثَمَانِيَةٍ ثُلُثُهَا وَلِتِسْعَةٍ نِصْفُهَا وَلِعَشَرَةٍ ثُلُثَاهَا وَالِاثْنَا عَشَرَ إنْ عَالَتْ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ فَهُوَ نِصْفُ سُدُسِهَا ولِخَمْسَةَ عَشَرَ فَرُبُعُهَا ولِسَبْعَةَ عَشَرَ رُبُعٌ وَسُدُسٌ، وَإِنْ شِئْت قُلْتَ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ أَوْ ثُلُثٌ وَرُبُعُ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٌ وَثُلُثَا رُبُعٍ، وَيُعْرَفُ الثَّانِي بِنِسْبَةِ الْعَوْلِ لِلْمَسْأَلَةِ عَائِلَةٌ، فَإِنْ عَالَتْ السِّتَّةُ لِسَبْعَةٍ فَالنَّقْصُ سُبُعٌ، وَلِثَمَانِيَةٍ رُبُعٌ وَلِتِسْعَةٍ ثُلُثٌ وَلِعَشَرَةٍ خُمُسَانِ أَوْ أَرْبَعَةُ أَعْشَارٍ، وَإِنْ عَالَتْ الِاثْنَا عَشَرَ لِثَلَاثَةَ عَشَرَ فَجُزْءٌ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ ولِخَمْسَةَ عَشَرَ فَخُمُسٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 647 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ولِسَبْعَةَ عَشَرَ فَخَمْسَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ جُزْءًا، وَالْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ إنْ عَالَتْ لِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَهُوَ تُسْعٌ وَنُظِمَا فِي قَوْلِهِ: وَعِلْمُك قَدْرَ النَّقْصِ مِنْ كُلِّ وَارِثٍ ... بِنِسْبَةِ عَوْلٍ لِلْفَرِيضَةِ عَائِلُهْ وَمِقْدَارُ مَا عَالَتْ بِنِسْبَتِهِ لَهَا ... بِلَا عَوْلِهَا فَارْحَمْ إلَهِي قَائِلَهْ (الثَّالِثَةُ: فِي بَعْضِ مَنَاقِبِ الْإِمَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَبَرُّكًا بِهِ) . كَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - غَزِيرَ الْعِلْمِ سَرِيعَ الْفَهْمِ يَفْهَمُ بَدِيهَةً مَا لَا يَفْهَمُهُ الْمُتَبَحِّرُ فِي الْعُلُومِ الْمُشْتَغِلِ بِدَرْسِهَا، وَتَفَهَّمَهَا طُولَ عُمُرِهِ بِبَرَكَةِ «دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ حِينَ أَرَادَ بَعْثَهُ قَاضِيًا إلَى الْيَمَنِ وَهُوَ شَابٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَدْرَهُ بِيَدِهِ، وَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ وَسَدِّدْ لِسَانَهُ، قَالَ عَلِيٌّ فَوَاَللَّهِ مَا شَكَكْت بَعْدَهُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ» ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا» . وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلِيٌّ أَكْثَرُ أَصْحَابِي عِلْمًا وَأَكْثَرُهُمْ حِلْمًا» . وَقَالَ عَمْرٌو وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَقْضَانَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مُعْضِلَةٍ لَيْسَ لَهَا أَبُو الْحَسَنِ. وَقَالَ عَلِيٌّ لِعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي مَجْنُونَةٍ أَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَجْمِهَا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ الْقَلَمَ عَنْهَا، وَفِي الَّتِي وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَرَادَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَجْمِهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] ، فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَوْلَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَرُ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: عَلِيٌّ أَعْلَمُ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَاَللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيَ عَلِيٌّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْعِلْمِ، وَاَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ شَارَكَهُمْ فِي الْعُشْرِ الْعَاشِرِ. وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَلُونِي عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَاَللَّهِ مَا مِنْ آيَةٍ إلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ أَفِي سَهْلٍ أَوْ فِي جَبَلٍ. وَقَالَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَللَّهِ لَقَدْ ذَهَبَ الْعِلْمُ وَالْفِقْهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُ سَلُونِي غَيْرُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقِيلَ لِعَطَاءٍ أَكَانَ أَحَدٌ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ مِنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ، قَالَ وَاَللَّهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 648 وَرُدَّ كُلُّ صِنْفٍ انْكَسَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُهُ إلَى وَفْقِهِ،   [منح الجليل] لَا أَعْلَمُهُ. وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّ هَا هُنَا، وَأَشَارَ إلَى صَدْرِهِ، عِلْمًا جَمًّا لَوْ وَجَدْت لَهُ حَمَلَةً، بَلْ لَمْ أَجِدْ لَهُ طَالِبًا غَيْرَ مَأْفُونٍ. يَسْتَعْمِلُ الدِّينَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَبِالْجُمْلَةِ، فَمَنَاقِبُهُ فِي غَزَارَةِ عِلْمِهِ كَبِيرَةٌ لَوْ تَتَبَّعْنَاهَا خَرَجْنَا عَنْ الْمَقْصُودِ، وَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ جُمْلَةٌ مِنْهَا تَبَرُّكًا بِهِ رَزَقَنَا اللَّهُ تَعَالَى مَحَبَّتَهُ وَبَرَكَتَهُ قَالَهُ طفي، وَإِذَا اسْتَخْرَجَ الْحَاسِبُ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ قَسَمَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ، فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهِمْ بِلَا انْكِسَارٍ تَمَّ عَمَلُهُ، وَإِنْ حَصَلَ فِيهِ انْكِسَارٌ فَإِمَّا عَلَى فَرِيقٍ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَإِمَّا عَلَى فَرِيقَيْنِ وَإِمَّا عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَيُنْظَرُ أَوَّلًا بَيْنَ الْفَرِيقِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهِ سِهَامُهُ وَبَيْنَهَا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُبَايَنَةُ. (وَرَدَّ) الْحَاسِبُ النَّاظِرُ فِي الْمَسْأَلَةِ (كُلَّ صِنْفٍ) أَيْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْوَرَثَةِ مُشْتَرِكَةٍ فِي فَرْضٍ كَالزَّوْجَاتِ وَالْإِخْوَةِ لِأُمٍّ وَالْبَنَاتِ، أَوْ فِي تَعْصِيبٍ كَالْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْفَرِيقِ وَبِالْفِرْقَةِ وَالْجِنْسِ وَبِالنَّوْعِ (انْكَسَرَ عَلَيْهِ) أَيْ الصِّنْفِ (سِهَامُهُ) وَوَافَقَهَا أَيْ الصِّنْفُ فَيَرُدُّهُ (إلَى وَفْقِهِ) أَيْ جُزْءِ الصِّنْفِ الَّذِي وَافَقَ سِهَامَهُ فِيهِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَضَرَبَ وَفْقَهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إنْ كَانَ الِانْكِسَارُ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ وَخَارِجَ الضَّرْبِ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ، وَيُسَمَّى الْوَفْقُ جُزْءَ السَّهْمِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِهَا أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي جُزْءِ سَهْمِهَا، وَيُكْتَبُ عَلَى الْقُبَّةِ الَّتِي فِيهَا الْأَصْلُ مِثْلُ الِانْكِسَارِ عَلَى صِنْفٍ وَاحِدٍ مَعَ الْمُوَافَقَةِ أَرْبَعُ بَنَاتٍ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ مَقَامُ الثُّلُثَيْنِ لِلْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتُ الِابْنِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ لِلْأَرْبَعَةِ بِالنِّصْفِ، فَتُرَدُّ الْأَرْبَعَةُ لِاثْنَيْنِ وَتُضْرَبُ فِي الثَّلَاثَةِ، أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ فَلِلْبَنَاتِ أَوْ بَنَاتِ الِابْنِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 649 وَإِلَّا تُرِكَ:   [منح الجليل] وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقَةِ أَوْ الَّتِي لِأَبٍ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0650-0001.jpg (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الصِّنْفُ سِهَامَهُ الْمُنْكَسِرَةَ عَلَيْهِ بِأَنْ بَايَنَهَا (تَرَكَ) الْحَاسِبُ الرَّدَّ وَأَبْقَى الصِّنْفَ بِتَمَامِهِ وَضَرَبَهُ فِي أَصْلِهَا وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُ ضَرَبَ فِيهِ كَزَوْجٍ وَأَرْبَعَةِ بَنِينَ، أَوْ بَنِي ابْنٍ أَوْ ابْنٍ وَبِنْتَيْنِ أَوْ ابْنِ ابْنٍ وَبِنْتَيْ ابْنٍ، أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ مَقَامَ رُبُعِ الزَّوْجِ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ تَنْكَسِرُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، وَتُبَايِنُهَا الْأَرْبَعَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ بِسِتَّةَ عَشَرَ فَلِلزَّوْجِ وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَلِلْبَنِينَ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0650-0002.jpg وَكَزَوْجٍ وَثَلَاثِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ نِصْفِ الزَّوْجِ وَثُلُثَيْ الْأَخَوَاتِ، وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ، وَالْأَرْبَعَةُ سِهَامُ الْأَخَوَاتِ لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهِنَّ وَتُبَايِنُهُنَّ فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي السَّبْعَةِ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَلِلْأَخَوَاتِ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِكُلِّ أُخْتٍ أَرْبَعَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0650-0003.jpg وَإِنْ انْكَسَرَتْ عَلَى صِنْفَيْنِ نَظَرَ أَوَّلًا بَيْنَ كُلِّ صِنْفٍ وَسِهَامِهِ بِالْمُوَافَقَةِ أَوْ الْمُبَايَنَةِ، فَيَرُدُّ الْمُوَافِقَ لِوَفْقِهِ وَيَتْرُكُ الْمُبَايِنَ عَلَى حَالِهِ وَيُسَمَّى الْوَفْقُ أَوْ الْكُلُّ رَاجِعًا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 650 وَقَابَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَخَذَ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ الْمُتَدَاخِلَيْنِ   [منح الجليل] وَقَابَلَ) الْحَاسِبُ (بَيْنَ) الرَّاجِعَيْنِ (الِاثْنَيْنِ) مِنْ الْوَفْقَيْنِ إنْ كَانَ شُقَّةٌ مِنْهُمَا مُوَافِقًا لِسِهَامِهِ أَوْ نَفْسُ الصِّنْفَيْنِ إنْ بَايَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا سِهَامَهُ أَوْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا وَكُلَّ الْآخَرِ إنْ وَافَقَ أَحَدُهُمَا، وَبَايَنَ الْآخَرُ، أَيْ نَظَرَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّمَاثُلِ، فَيَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا أَوْ التَّدَاخُلِ فَيَكْتَفِي بِأَكْبَرِهِمَا أَوْ التَّوَافُقِ فَيَضْرِبُ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْآخَرِ أَوْ التَّبَايُنِ، فَيَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ وَاحِدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ أَكْبَرَ الْمُتَدَاخِلَيْنِ أَوْ خَارِجَ ضَرْبِ الْوَفْقِ أَوْ الْكُلِّ هُوَ جُزْءُ سَهْمِ الْمَسْأَلَةِ يَضْرِبُهَا فِيهِ وَيَضْرِبُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْهَا فِيهِ. (وَأَخَذَ) الْحَاسِبُ مِنْ الرَّاجِعَيْنِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ (أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ) وَتَرَكَ الْآخَرَ وَضَرَبَهُ فِي أَصْلِهَا، وَضَرَبَ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْهُ فِيهِ كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتَّةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ، فَأَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثِ أَوْلَادِهَا لَهَا وَاحِدٌ، وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَتَرْجِعُ الْأَرْبَعَةُ إلَى اثْنَيْنِ، وَلِلْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ عَلَى سِتَّةٍ مُوَافَقَةً لَهَا بِالثُّلُثِ، فَتُرَدُّ السِّتَّةُ إلَى اثْنَيْنِ أَيْضًا مُمَاثِلَيْنِ لِرَاجِعِ أَوْلَادِ الْأُمِّ فَيَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا، وَيَضْرِبُ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ، وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ، وَلِلْأَشِقَّاءِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0651-0001.jpg (أَوْ) أَخَذَ (أَكْثَرَ) الرَّاجِعَيْنِ (الْمُتَدَاخِلَيْنِ) وَضَرَبَهُ فِي أَصْلِهَا وَضَرَبَ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ فِيهِ كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتَّةِ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثِ أَوْلَادِهَا، وَالِاثْنَانِ تَنْكَسِرُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ وَتُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَتُرَدُّ الثَّمَانِيَةُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَالثَّلَاثَةُ تَنْكَسِرُ عَلَى السِّتَّةِ، وَتُوَافِقُهَا بِالثُّلُثِ فَتُرَدُّ السِّتَّةُ إلَى اثْنَيْنِ وَالِاثْنَانِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ فَيَكْتَفِي بِهَا، وَتُضْرَبُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 651 وَحَاصِلَ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرَ، إنْ تَوَافَقَا: وَإِلَّا فَفِي كُلِّهِ، إنْ تَبَايَنَا،   [منح الجليل] وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِي أَرْبَعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَلِلْأَشِقَّاءِ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0652-0001.jpg (وَ) أَخَذَ (حَاصِلَ ضَرْبِ وَفْقِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْفَاءِ، أَيْ الْجُزْءِ الَّذِي حَصَلَتْ الْمُوَافَقَةُ فِيهِ بَيْنَ الرَّاجِعِينَ مِنْ (أَحَدِهِمَا) أَيْ الرَّاجِعِينَ فَيَضْرِبُهُ (فِي) جَمِيعِ الرَّاجِعِ (الْآخَرَ) وَفِي نُسْخَةٍ ضَرْبُ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ (إنْ تَوَافَقَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَاثَلْ الرَّاجِعَانِ وَلَمْ يَتَدَاخَلَا وَلَمْ يَتَوَافَقَا بِأَنْ تَبَايَنَا (فَ) يَضْرِبُ أَحَدَهُمَا (فِي كُلِّهِ) أَيْ الْآخَرِ (إنْ تَبَايَنَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ ثُمَّ الْخَارِجُ مِنْ الضَّرْبِ هُوَ جُزْءُ سَهْمِ الْمَسْأَلَةِ فَيَضْرِبُهَا فِيهِ، وَيَضْرِبُ فِيهِ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْهَا كَأُمٍّ وَأَرْبَعِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتِّ أَخَوَاتٍ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثِ أَوْلَادِهَا، وَثُلُثَيْ الشَّقِيقَاتِ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ، وَالِاثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مُوَافَقَانِ لَهَا بِالنِّصْفِ فَتُرَدُّ الْأَرْبَعَةُ إلَى اثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعَةُ تَنْكَسِرُ عَلَى السِّتِّ وَتُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَتَرْجِعُ السِّتُّ إلَى ثَلَاثَةٍ مُبَايِنَةٍ لِلِاثْنَيْنِ فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ بِسِتَّةٍ هُوَ جُزْءُ سَهْمِ الْمَسْأَلَةِ فَتَضْرِبُهُ فِي سَبْعَةٍ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ فِي سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0652-0002.jpg وَإِنْ انْكَسَرَتْ سِهَامُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ وَهِيَ غَايَةُ مَا تَنْكَسِرُ عَلَيْهِ الْمَسَائِلُ عِنْدَ إمَامِنَا مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ. طفي وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِكَوْنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُوَرِّثُ أَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ عَلَى عَدَمِ الِانْكِسَارِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهَا الْجَدَّاتِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَصْنَافُ تَخْتَصُّ بِالِاثْنَيْ عَشَرَ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 652 ثُمَّ بَيْنَ الْحَاصِلِ وَالثَّالِثِ، ثُمَّ كَذَلِكَ،   [منح الجليل] وَنَصِيبُ الْجَدَّتَيْنِ مِنْهُمَا مَقْسُومٌ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ إمَّا اثْنَانِ أَوْ أَرْبَعَةٌ عَمِلَ الْحَاسِبُ صِنْفَيْنِ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ. (ثُمَّ) نَظَرَ (بَيْنَ الْحَاصِلِ) مِنْ الصِّنْفَيْنِ هُوَ أَحَدُهُمَا إنْ تَمَاثَلَا وَأَكْثَرُهُمَا إنْ تَدَاخَلَا، وَالْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرَانِ تَوَافَقَا وَفِي جَمِيعِهِ إنْ تَبَايَنَا (وَ) بَيْنَ الصِّنْفِ (الثَّالِثِ) بِإِحْدَى النِّسَبِ الْأَرْبَعِ التَّمَاثُلُ، فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا أَوْ التَّدَاخُلِ فَيُكْتَفَى بِأَكْثَرِهِمَا أَوْ التَّوَافُقِ فَيُضْرَبُ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْآخَرِ أَوْ التَّبَايُنِ، فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَاحِدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ أَكْبَرِ الْمُتَدَاخِلَيْنِ أَوْ الْخَارِجِ مِنْ ضَرْبِ الْوَفْقِ أَوْ الْكُلِّ هُوَ جُزْءُ سَهْمِهَا فَتُضْرَبُ فِيهِ. وَكَذَا مَا لِكُلِّ وَارِثٍ مِنْهَا كَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَسَبْعِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ رُبُعِ الزَّوْجَاتِ وَثُلُثُ إخْوَةِ الْأُمِّ وَثُلُثَيْ الشَّقِيقَاتِ أَوْ الَّتِي لِأَبٍ، وَتَعُولُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ لِلْجَدَّتَيْنِ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ مُبَايِنَةٌ، وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ أَيْضًا وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ لَهُنَّ، فَفِيهَا انْكِسَارٌ عَلَى أَصْنَافٍ ثَلَاثَةٍ، وَالْأَرْبَعَةُ رَاجِعُ الزَّوْجَاتِ مُبَايِنَةٌ لِلْخَمْسَةِ رَاجِعُ إخْوَةِ الْأُمِّ، وَمُسَطَّحُهُمَا عِشْرُونَ مُبَايِنَةٌ لِلسُّبُعِ رَاجِعُ الشَّقِيقَاتِ وَمُسَطَّحُهُمَا مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ هُوَ جُزْءُ سَهْمِ الْمَسْأَلَةِ، فَتَضْرِبُ فِيهِ بِأَلْفَيْنِ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَلِلْجَدَّتَيْنِ اثْنَانِ فِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِمِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَلِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ فِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ، وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَسِتِّينَ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ فِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0653-0001.jpg (ثُمَّ) مَا حَصَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ نَظَرَ الْحَاسِبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّنْفِ الرَّابِعِ الَّذِي انْكَسَرَتْ عَلَيْهِ سِهَامُهُ (كَذَلِكَ) النَّظَرُ فِي رَاجِعِ فَرِيقَيْنِ، وَرَاجِعِ الثَّالِثِ فِي كَوْنِهِ يَتَمَاثَلُ فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا أَوْ تَدَاخَلَ فَيُكْتَفَى بِأَكْبَرِهِمَا أَوْ تَوَافَقَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 653 وَضُرِبَ فِي الْعَوْلِ أَيْضًا وَفِي الصِّنْفَيْنِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ صِنْفٍ، إمَّا أَنْ يُوَافِقَ سِهَامَهُ، أَوْ يُبَايِنَهَا، أَوْ يُوَافِقَ أَحَدَهُمَا وَيُبَايِنَ الْآخَرَ، ثُمَّ كُلٌّ إمَّا أَنْ يَتَدَاخَلَا، أَوْ يَتَوَافَقَا، أَوْ يَتَبَايَنَا، أَوْ يَتَمَاثَلَا،   [منح الجليل] فَيَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ، أَوْ تَبَايَنَ فَيَضْرِبُهُ فِي جَمِيعِهِ، وَالْحَاصِلُ هُوَ جُزْءُ السَّهْمِ، هَذَا ظَاهِرُهُ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَنْكَسِرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ عِنْدَنَا مَعْشَرَ الْمَالِكِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ، فَلِذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ حَقُّهُ حَذْفُ قَوْلِهِ، ثُمَّ كَذَلِكَ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الِانْكِسَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَ إمَامِنَا مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَكْثَرُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُوَحَّدُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْقَافَةِ اهـ. " ح " مِثَالُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبَوَانِ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا مَاتَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أُمٌّ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْهُمَا وَلَهُ جَدَّةٌ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ أَيْضًا، فَقَدْ وُجِدَ أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلًّا جَدَّةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نِصْفِ أُخْتٍ؛ لِأَنَّ الْجُدُودَةَ لَا تَتَبَعَّضُ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَ) إنْ عَالَتْ الْمَسْأَلَةُ (ضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ جُزْءُ سَهْمِهَا (فِي) هَا بِ (الْعَوْلِ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَفِي) الِانْكِسَارِ عَلَى (الصِّنْفَيْنِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً) خَارِجَةً مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ (لِأَنَّ كُلَّ صِنْفٍ وَسِهَامَهُ) الْمُنْكَسِرَةَ عَلَيْهِ (إمَّا أَنْ يَتَوَافَقَا) أَيْ الصِّنْفُ وَسِهَامُهُ فَيَرُدُّ كُلَّ صِنْفٍ إلَى وَفْقِهِ وَيُسَمَّى رَاجِعًا (أَوْ يَتَبَايَنَا) أَيْ الصِّنْفَ وَسِهَامَهُ فَيَبْقَى كُلُّ صِنْفٍ بِحَالِهِ وَيُسَمَّى رَاجِعًا أَيْضًا (أَوْ يَتَوَافَقَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الصِّنْفَيْنِ مَعَ سِهَامِهِ فَيُرَدُّ لِوَفْقِهِ وَهُوَ رَاجِعُهُ (وَيَتَبَايَنُ) الصِّنْفُ (الْآخَرُ) مَعَ سِهَامِهِ فَيُتْرَكُ بِحَالِهِ وَهُوَ رَاجِعُهُ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ حَاصِلَةٌ بِالنَّظَرِ الْأَوَّلِ. (ثُمَّ) يَنْظُرُ ثَانِيًا بَيْنَ الرَّاجِعِينَ فَ (إمَّا أَنْ يَتَمَاثَلَ مَا حَصَلَ) بِالنَّظَرِ الْأَوَّلِ بَيْنَ كُلِّ صِنْفٍ وَسِهَامِهِ (مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الصِّنْفَيْنِ وَهُوَ رَاجِعُهُ مِنْ وَفْقِهِ أَوْ نَفْسِهِ فَيَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 654 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] أَوْ يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ فَيَكْتَفِي بِأَكْبَرِهِمَا، أَوْ يَتَوَافَقَا فَيَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ أَوْ يَتَبَايَنَا فَيَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي الْآخَرِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ تُضْرَبُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى يَخْرُجُ اثْنَا عَشَرَ. طفي لَمْ يَبْقَ إلَّا أَمْثِلَتُهَا فَلْنَذْكُرْهَا غَيْرَ عَائِلَةٍ وَعَائِلَةٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مُوَافَقَةُ كُلِّ صِنْفٍ سِهَامَهُ وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، الْأُولَى تَمَاثُلُ الرَّاجِعِينَ كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتَّةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثُ الْإِخْوَةِ لَهَا وَاحِدٌ، وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ عَلَيْهِمْ مُوَافَقَانِ لَهُمْ بِالنِّصْفِ فَتُرَدُّ الْأَرْبَعَةُ لِاثْنَيْنِ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ عَلَيْهِمْ مُوَافَقَةً لَهُمْ بِالثُّلُثِ فَتَرْجِعُ السِّتَّةُ لِاثْنَيْنِ فَالرَّاجِعَانِ مُتَمَاثِلَانِ فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَيَضْرِبُ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ، فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ، وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0655-0001.jpg وَكَأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتِّ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثُ أَوْلَادِهَا وَثُلُثَيْ الشَّقِيقَاتِ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً لِلسِّتَّةِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهَا ثَلَاثَةٌ فَالرَّاجِعَانِ مُتَمَاثِلَانِ فَيُضْرَبُ أَحَدُهَا فِي سَبْعَةٍ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَلِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0655-0002.jpg وَالثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهُمَا كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتَّةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ مَقَامُ سُدُسِ الْأُمِّ وَثُلُثِ أَوْلَادِهَا لَهَا وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُ الثَّمَانِيَةِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 655 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُ السِّتَّةِ اثْنَانِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ فَتَضْرِبُ فِي سِتَّةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِأَوْلَادِهَا ثَمَانِيَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ اثْنَا عَشَرَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0656-0001.jpg وَكَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتَّ عَشْرَةَ أُخْتًا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُمْ اثْنَانِ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ وَالِاثْنَانِ دَاخِلَانِ فِيهَا فَتَضْرِبُ فِي سَبْعَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَلِأَوْلَادِهَا ثَمَانِيَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0656-0002.jpg وَالثَّالِثَةُ تَوَافُقُهُمَا كَأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُمْ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُهُمْ سِتَّةٌ مُوَافَقَةً لِلْأَرْبَعَةِ بِالنِّصْفِ وَالْخَارِجُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ اثْنَا عَشَرَ تُضْرَبُ فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فَلِلْأُمِّ اثْنَا عَشَرَ وَلِأَوْلَادِهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ لِلْعَصَبَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، وَصُورَتُهَا هَكَذَا Menh0009-0656-0003.jpg وَكَأُمٍّ وَاثْنَا عَشَرَ أَخًا وَلَهَا سِتَّ عَشْرَةَ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُهُمْ سِتَّةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ، فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ مُوَافِقَةٌ السِّتَّةَ بِالنِّصْفِ وَخَارِجُ ضَرْبِ نِصْفِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ اثْنَا عَشَرَ فِي سَبْعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ فَلِلْأُمِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 656 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اثْنَا عَشَرَ وَلِأَوْلَادِهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ هَكَذَا: Menh0009-0657-0001.jpg وَالرَّابِعَةُ تُبَايِنُهُمَا كَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَتِسْعَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ، وَلِلْأَشِقَّاءِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُ التِّسْعَةِ ثَلَاثٌ مُبَايِنَةٌ لِلِاثْنَيْنِ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِي سِتَّةٍ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَا عَشَرَ، وَلِلْأَشِقَّاءِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0657-0002.jpg وَكَأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتِّ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ وَرَاجِعُ السِّتَّةِ ثَلَاثَةٌ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ فِي سَبْعَةٍ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ لِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَا عَشَرَ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ هَكَذَا: Menh0009-0657-0003.jpg الْقِسْمُ الثَّانِي مُبَايَنَةُ كُلِّ صِنْفٍ سِهَامَهُ وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، الْأُولَى تَمَاثُلُ الرَّاجِعِينَ كَزَوْجَتَيْنِ وَشَقِيقَتَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَعَمَّيْنِ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ الرُّبُعِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلزَّوْجَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَلِلْعَمَّيْنِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ، وَالرَّاجِعَانِ مُتَمَاثِلَانِ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِلزَّوْجَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةٍ وَلِلشَّقِيقَتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ فِي اثْنَيْنِ بِسِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْعَمَّيْنِ اثْنَانِ هَكَذَا: Menh0009-0657-0004.jpg وَكَأُمٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَثَلَاثِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 657 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَالرَّاجِعَانِ مُتَمَاثِلَانِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سَبْعَةٍ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِأَوْلَادِهَا سِتَّةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ اثْنَا عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0658-0001.jpg وَالثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهُمَا كَزَوْجَتَيْنِ وَبِنْتٍ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ، أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا ثَمَانِيَةٌ لِلزَّوْجَتَيْنِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَالِاثْنَانِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ فَتُضْرَبُ فِي ثَمَانِيَةٍ بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ لِلزَّوْجَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْعَصَبَةِ اثْنَا عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0658-0002.jpg وَكَأُمٍّ وَتِسْعِ أَخَوَاتٍ لَهَا وَثَلَاثِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَالثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ فِي التِّسْعَةِ فَتُضْرَبُ فِي سَبْعَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ لِلْأُمِّ وَاحِدٌ فِي تِسْعَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِأَوْلَادِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِلشَّقِيقَاتِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ هَكَذَا: Menh0009-0658-0003.jpg وَالثَّالِثَةُ تَوَافُقُهُمَا كَتِسْعِ بَنَاتٍ وَسِتِّ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ لِلْبَنَاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ وَلِلشَّقِيقَاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ وَالرَّاجِعَانِ مُتَوَافِقَانِ بِالثُّلُثِ، فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي ثُلُثِ الْآخَرِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ فَلِلْبَنَاتِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0658-0004.jpg وَكَأُمٍّ وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَخًا لَهَا وَتِسْعِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ، وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَالرَّاجِعَانِ مُتَوَافِقَانِ بِالثُّلُثِ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي ثُلُثِ الْآخَرِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يُضْرَبُ فِي سَبْعَةٍ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 658 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] بِثَلَثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ فَلِلْأُمِّ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلِأَوْلَادِهَا تِسْعُونَ وَلِلشَّقِيقَاتِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ هَكَذَا: Menh0009-0659-0001.jpg وَالرَّابِعَةُ تُبَايِنُهُمَا كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَعَاصِبَيْنِ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ لِلزَّوْجَاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ وَلِلْعَاصِبَيْنِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَالرَّاجِعَانِ مُتَبَايِنَانِ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِلزَّوْجَاتِ سِتَّةٌ وَلِلْعَاصِبِينَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0659-0002.jpg وَكَأُمٍّ وَخَمْسِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ وَالرَّاجِعَانِ مُتَبَايِنَانِ وَمُسَطَّحُهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ فِي سَبْعَةٍ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ لِلْأُمِّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلِأَوْلَادِهَا ثَلَاثُونَ وَلِلشَّقِيقَاتِ سِتُّونَ هَكَذَا: Menh0009-0659-0003.jpg الْقِسْمُ الثَّالِثُ مُوَافَقَةُ أَحَدِهِمَا وَمُبَايَنَةُ الْآخَرِ وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ الْأُولَى تَمَاثُلُ الرَّاجِعِينَ كَأُمٍّ وَسِتِّ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةٍ بَنِي ابْنٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْبَنَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُ السِّتِّ ثَلَاثَةٌ وَلِبَنِي الِابْنِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُمْ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْبَنَاتِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ هَكَذَا: Menh0009-0659-0004.jpg وَكَأُمٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَسِتِّ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ، فَرَاجِعُهُمْ ثَلَاثَةٌ، وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 659 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثَلَاثَةٌ، فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سَبْعَةٍ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَلِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِأَوْلَادِهَا سِتَّةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ اثْنَا عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0660-0001.jpg الثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهُمَا كَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ لِلزَّوْجَاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُهُمْ اثْنَانِ دَاخِلَانِ فِي الْأَرْبَعَةِ، فَتُضْرَبُ فِي أَرْبَعَةٍ بِسِتَّةَ عَشَرَ لِلزَّوْجَاتِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ اثْنَا عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0660-0002.jpg وَكَأُمٍّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ لَهَا وَتِسْعِ شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِأَوْلَادِهَا اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُمْ ثَلَاثَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُنَّ تِسْعَةٌ وَالثَّلَاثَةُ دَاخِلَةٌ فِيهَا فَتُضْرَبُ تِسْعَةٌ فِي سَبْعَةٍ بِثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ، فَلِلْأُمِّ تِسْعَةٌ وَلِأَوْلَادِهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِلشَّقِيقَاتِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ هَكَذَا: Menh0009-0660-0003.jpg الثَّالِثَةُ: تَوَافُقُهُمَا كَثَمَانِ بَنَاتٍ وَسِتَّةِ بَنِي ابْنٍ، أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ لِلْبَنَاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُمَا سِتَّةٌ مُوَافَقَةً لِلْأَرْبَعَةِ بِالنِّصْفِ، وَيَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ اثْنَا عَشَرَ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ، فَلِلْبَنَاتِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْعَصَبَةِ اثْنَا اعَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0660-0004.jpg وَكَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَأُمٍّ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا لَهَا وَشَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ مَقَامُ رُبُعِ الزَّوْجَاتِ وَثُلُثِ إخْوَةِ الْأُمِّ، وَتَعُولُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ، فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ وَلِأَوْلَادِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ فَرَاجِعُهُمْ ثَلَاثَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 660 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مُبَايِنَةٌ لِلْأَرْبَعَةِ، وَمُسَطَّحُهُمَا اثْنَا عَشَرَ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلزَّوْجَاتِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِأَوْلَادِ الْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَلِلشَّقِيقَةِ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ هَكَذَا: Menh0009-0661-0001.jpg الرَّابِعَةُ تَبَايُنُهُمَا كَأَرْبَعِ بَنَاتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ أَصْلُهَا ثَلَاثَةٌ لِلْبَنَاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ اثْنَانِ وَلِلْعَصَبَةِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ، فَرَاجِعُهَا ثَلَاثَةٌ مُبَايِنَةٌ لِلِاثْنَيْنِ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، فَلِلْبَنَاتِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْعَصَبَةِ سِتَّةٌ هَكَذَا: Menh0009-0661-0002.jpg وَكَأُمٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لَهَا وَثَمَانِي شَقِيقَاتٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ لِسَبْعَةٍ لِأَوْلَادِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ، وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ، فَرَاجِعُهُنَّ اثْنَانِ مُبَايِنَانِ لِلثَّلَاثَةِ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ فِي سَبْعَةٍ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِأَوْلَادِهَا اثْنَا عَشَرَ وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ هَكَذَا: Menh0009-0661-0003.jpg هَذَا تَمَامُ تَمْثِيلٍ، وَعَمَلُ وَتَصْوِيرُ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً غَيْرُ عَائِلَةٍ وَعَائِلَةٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. 1 - وَأَمَّا الِانْكِسَارُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ فَأَقْسَامُهُ أَرْبَعَةٌ، الْأَوَّلُ مُوَافَقَةُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا سِهَامَهُ، وَالثَّانِي مُبَايَنَةُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا سِهَامَهُ، وَالثَّالِثُ مُوَافَقَةُ صِنْفٍ مِنْهَا سِهَامَهُ وَمُبَايَنَةُ صِنْفَيْنِ مِنْهَا سِهَامَهُمَا، وَالرَّابِعُ مُبَايَنَةُ صِنْفٍ مِنْهَا سِهَامَهُ وَمُوَافَقَةُ صِنْفَيْنِ مِنْهَا سِهَامَهُمَا، وَفِي كُلِّ قِسْمٍ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً تُمَاثِلُ الرَّوَاجِعَ الثَّلَاثَةَ وَتُدَاخِلُهَا، وَتُوَافِقُهَا وَتُبَايِنُهَا، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ تُمَاثِلُ اثْنَيْنِ مِنْهَا وَتُدَاخِلُ الثَّالِثَ وَتُوَافِقُهُ وَتُبَايِنُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُدَاخِلُ اثْنَيْنِ مِنْهَا، وَتُمَاثِلُ الثَّالِثَ وَتُوَافِقُهُ وَتَبَايُنُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، وَتُوَافِقُ اثْنَيْنِ مِنْهَا وَتُمَاثِلُ الثَّالِثَ وَتُدَاخِلُهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 661 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَتُبَايِنُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، تَبَايُنُ اثْنَيْنِ مِنْهَا وَتَمَاثُلُ الثَّالِثِ وَتَدَاخُلُهُ وَتَوَافُقُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا، فَهِيَ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى، فَقَدْ تَمَّتْ السِّتَّةَ عَشَرَ فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ، فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ صُورَةً ذَكَرَهَا الْفَاسِيُّ فِي شَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّة. الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مُوَافَقَةُ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا سِهَامَهُ وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، الْأُولَى تَمَاثُلُ الرَّوَاجِعِ كَزَوْجَةٍ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَثَمَانِي إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسِتَّ عَشَرَ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُهُنَّ اثْنَانِ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ، فَرَاجِعُهُمْ اثْنَانِ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّمُنِ فَرَاجِعُهُنَّ اثْنَانِ فَقَدْ تَمَاثَلَتْ الرَّوَاجِعُ الثَّلَاثَةُ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ بِأَرْبَعَةٍ وَثَلَاثِينَ فَلِلزَّوْجَةِ سِتَّةٌ وَلِلْجَدَّاتِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ ثَمَانِيَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ سِتَّةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0662-0001.jpg وَالثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهَا كَزَوْجَةٍ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَأَرْبَعٍ وَسِتِّينَ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ لِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ اثْنَانِ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ فَرَاجِعُهُمْ أَرْبَعَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثَّمَنِ فَرَاجِعُهُنَّ ثَمَانِيَةٌ وَالِاثْنَانِ وَالْأَرْبَعَةُ دَاخِلَانِ فِيهَا فَتُضْرَبُ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ بِمِائَةٍ وَسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ فَلِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِلْجَدَّاتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَلِلشَّقِيقَاتِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ هَكَذَا: Menh0009-0662-0002.jpg وَالثَّالِثَةُ تَوَافُقُهَا كَزَوْجَةٍ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ جَدَّةً وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَخًا لِأُمٍّ وَثَمَانِينَ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَتَعُولُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ سِتَّةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 662 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فَرَاجِعُهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّمُنِ فَرَاجِعُهُنَّ عَشَرَةٌ وَالسِّتَّةُ وَالثَّمَانِيَةُ وَالْعَشْرُ مُتَوَافِقَةٌ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ السِّتَّةِ فِي الثَّمَانِيَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مُوَافَقَةً لِلْعَشَرَةِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ تَضْرِبُهَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ بِأَلْفَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ، وَالْجَدَّاتُ اثْنَانِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بِمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَسِتِّينَ هَكَذَا: Menh0009-0663-0001.jpg وَالرَّابِعَةُ تَبَايُنُهَا كَزَوْجَةٍ وَسِتِّ جَدَّاتٍ وَعَشَرَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ وَتَعُولُ لِسَبْعَةَ عَشَرَ، لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةٌ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ سَبْعَةٌ وَالثَّلَاثَةُ وَالْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ مُتَبَايِنَةٌ وَمُسَطَّحُهُمَا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ بِأَلْفٍ وَسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ فَلِلزَّوْجَةِ. ثَلَاثَةٌ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ بِمِائَتَيْنِ وَعَشَرَةٍ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَلِلشَّقِيقَاتِ ثَمَانِيَةٌ فِي مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ بِثَمَانِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ هَكَذَا: Menh0009-0663-0002.jpg الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يُبَايِنَ كُلُّ صِنْفٍ سِهَامَهُ وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ الْأُولَى تَمَاثُلُ الرَّوَاجِعِ كَخَمْسِ جَدَّاتٍ وَخَمْسَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَخَمْسَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ، فَرَاجِعُهُنَّ خَمْسَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ فَرَاجِعُهُمْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 663 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] خَمْسَةٌ أَيْضًا، وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعَا خَمْسَةٍ أَيْضًا، فَتَضْرِبُ خَمْسَةً فِي سِتَّةٍ بِثَلَاثِينَ، فَلِلْجَدَّاتِ خَمْسَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ عَشَرَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0664-0001.jpg الثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهَا كَخَمْسَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَعَشْرِ جَدَّاتٍ وَعِشْرِينَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ عَشَرَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ عِشْرُونَ وَالْخَمْسَةُ وَالْعَشَرَةُ دَاخِلَانِ فِي الْعِشْرِينَ فَتُضْرَبُ فِي السِّتَّةِ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعُونَ وَلِلْجَدَّاتِ عِشْرُونَ وَلِلْعَصَبَةِ سِتُّونَ هَكَذَا: Menh0009-0664-0002.jpg الثَّالِثَةُ تَوَافُقُهَا كَعَشْرِ جَدَّاتٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ عَمًّا أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ عَشَرَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِلْأَعْمَامِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ الْعَشَرَةُ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ مُتَّفِقَةٌ بِالْخَمْسِ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ فِي خُمُسِ الْآخَرِ ثَلَاثُونَ مُوَافَقَةً لِلْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ بِالْخُمُسِ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي خُمُسِ الْآخَرِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فِي سِتَّةٍ بِتِسْعِمِائَةٍ فَلِلْجَدَّاتِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ ثَلَثُمِائَةٍ وَلِلْأَعْمَامِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ هَكَذَا: Menh0009-0664-0003.jpg الرَّابِعَةُ تَبَايُنُهَا كَجَدَّتَيْنِ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَخَمْسَةِ أَشِقَّاءٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُمَا اثْنَانِ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ فَرَاجِعُهُمْ ثَلَاثَةٌ وَلِلْعَصَبَةِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةٌ وَالِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ وَالْخَمْسَةُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 664 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] مُتَبَايِنَةٌ وَمُسَطَّحُهَا ثَلَاثُونَ فِي سِتَّةٍ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَلِلْجَدَّتَيْنِ ثَلَاثُونَ وَلِأَوْلَادِ الْأُمِّ سِتُّونَ وَلِلْعَصَبَةِ تِسْعُونَ هَكَذَا: Menh0009-0665-0001.jpg الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يُوَافِقَ صِنْفٌ مِنْهَا سِهَامَهُ وَيُبَايِنَ الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ سِهَامَهُمَا وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، الْأَوَّلُ تَمَاثُلُ الرَّوَاجِعِ كَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَتِسْعَةِ أَعْمَامٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنٌ وَلِلْإِخْوَةِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ وَلِلْأَعْمَامِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُهُمْ ثَلَاثَةٌ كَرَاجِعِي الْجَدَّاتِ وَالْإِخْوَةِ فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْجَدَّاتِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ سِتَّةٌ وَلِلْأَعْمَامِ تِسْعَةٌ هَكَذَا: Menh0009-0665-0002.jpg الثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهَا كَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَتِسْعَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ عَمًّا أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ فَرَاجِعُهُمْ تِسْعَةٌ، وَلِلْأَعْمَامِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُهُمْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَالثَّلَاثَةُ وَالتِّسْعَةُ دَاخِلَانِ فِيهَا اقْتَصَرَ بِهَا فِي سِتَّةٍ بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ فَلِلْجَدَّاتِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِلْإِخْوَةِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلْأَعْمَامِ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ هَكَذَا: Menh0009-0665-0003.jpg الثَّالِثَةُ تَوَافُقُهَا كَسِتِّ جَدَّاتٍ وَتِسْعِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَثَلَاثِينَ عَمًّا أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ سِتَّةٌ وَلِلْإِخْوَةِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ رَاجِعُهُمْ تِسْعَةٌ وَلِلْأَعْمَامِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُهُمْ عَشَرَةٌ وَالسِّتَّةُ تُوَافِقُ التِّسْعَةَ بِالثُّلُثِ وَالْعَشَرَةَ بِالنِّصْفِ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ فِي ثُلُثِ الْآخَرِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ الْحَاصِلُ ضَرْبُهَا فِي نِصْفِ الْعَشَرَةِ أَوْ نِصْفِ الْعَشَرَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 665 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] فِيهَا تِسْعُونَ فِي سِتَّةٍ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَلِلْجَدَّاتِ تِسْعُونَ وَلِلْإِخْوَةِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ وَلِلْأَعْمَامِ مِائَتَانِ وَسَبْعُونَ هَكَذَا: Menh0009-0666-0001.jpg الرَّابِعَةُ تَبَايُنُهَا كَجَدَّتَيْنِ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَخَمْسَةَ عَشَرَ عَمًّا أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْجَدَّتَيْنِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ وَلِلْإِخْوَةِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُبَايِنَانِ، وَلِلْأَعْمَامِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالثُّلُثِ فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةٌ مُبَايِنَةٌ لِلِاثْنَيْنِ رَاجِعِ الْجَدَّتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ رَاجِعِ الْإِخْوَةِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ أَيْضًا وَمُسَطَّحُ الرَّوَاجِعِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثُونَ فِي سِتَّةٍ بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ لِلْجَدَّتَيْنِ ثَلَاثُونَ، وَلِلْإِخْوَةِ سِتُّونَ وَلِلْأَعْمَامِ تِسْعُونَ هَكَذَا: Menh0009-0666-0002.jpg الْقِسْمُ الرَّابِعُ مُوَافَقَةُ صِنْفَيْنِ سِهَامَهَا وَمُبَايَنَةُ الثَّالِثِ سِهَامَهُ وَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، الْأُولَى تَمَاثُلُ الرَّوَاجِعِ كَزَوْجَةٍ وَثَمَانِي جَدَّاتٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّانِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِأُمٍّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ فَرَاجِعُهُمْ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَشِقَّاءِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ أَرْبَعَةٌ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ فَلِلزَّوْجَةِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْجَدَّاتِ ثَمَانِيَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأَشِقَّاءِ اثْنَا عَشَرَ هَكَذَا: Menh0009-0666-0003.jpg الثَّانِيَةُ تَدَاخُلُهَا كَزَوْجَةٍ وَأَرْبَعِ جَدَّاتٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ أَخًا لِأُمٍّ وَثَمَانِيَةِ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ، أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُهُنَّ اثْنَانِ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ فَرَاجِعُهُمْ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأَشِقَّاءِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 666 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَالِاثْنَانِ وَالْأَرْبَعَةُ دَاخِلَانِ فِيهَا، فَتُضْرَبُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِسِتَّةٍ وَتِسْعِينَ فَلِلزَّوْجَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْجَدَّاتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لِلْأَشِقَّاءِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ هَكَذَا: Menh0009-0667-0001.jpg الثَّالِثَةُ تُوَافِقُهَا كَزَوْجَةٍ وَعِشْرِينَ جَدَّةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَخًا لِأُمٍّ وَسِتَّةَ عَشَرَ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُهُنَّ عَشَرَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالرُّبُعِ فَرَاجِعُهُمْ سِتَّةٌ وَلِلْأَشِقَّاءِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ سِتَّةَ عَشَرَ، وَالْعَشَرَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسِّتَّةَ عَشَرَ مُتَوَافِقَةٌ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِ الْأَوَّلِينَ فِي نِصْفِ الْآخَرِ ثَلَاثُونَ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ نِصْفِهَا فِي السِّتَّةَ عَشَرَ أَوْ نِصْفِ السِّتَّةِ فِيهَا مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِأَلْفَيْنِ وَثَمَانِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ فَلِلزَّوْجَةِ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ وَلِلْجَدَّاتِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَثَمَانُونَ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ تِسْعُمِائَةٍ وَسِتُّونَ وَلِلْأَشِقَّاءِ سَبْعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ هَكَذَا: Menh0009-0667-0002.jpg الرَّابِعَةُ تُبَايِنُهَا كَزَوْجَةٍ وَسِتِّ جَدَّاتٍ وَعَشَرَةِ إخْوَةٍ لِأُمٍّ وَسَبْعَةِ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ لِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْجَدَّاتِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ، فَرَاجِعُهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُوَافَقَةً بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُمْ خَمْسَةٌ لِلْأَشِقَّاءِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُمْ سَبْعَةٌ وَالثَّلَاثَةُ وَالْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ مُتَبَايِنَةٌ، وَمُسَطَّحُهَا مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ، فَلِلزَّوْجَةِ ثَلَثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَكَذَلِكَ الْأَشِقَّاءُ وَلِلْجَدَّاتِ مِائَتَانِ وَعَشَرَةٌ وَلِإِخْوَةِ الْأُمِّ أَرْبَعُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ هَكَذَا: Menh0009-0667-0003.jpg الجزء: 9 ¦ الصفحة: 667 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تَنْبِيهَانِ) الْأَوَّلُ: طفي تَبِعْتُ الْجَمَاعَةَ فِي التَّمْثِيلِ بِأَكْثَرَ مِنْ جَدَّتَيْنِ مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ إمَامَنَا مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُوَرِّثُ إلَّا جَدَّتَيْنِ لِتَمْرِينِ الطَّالِبِ. الثَّانِي: طفي ظَاهِرُ قَوْلِهِ ثُمَّ بَيْنَ الْحَاصِلِ وَالثَّالِثِ الْجَرْيُ عَلَى طَرِيقَةِ الْكُوفِيِّينَ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهَا أَسْهَلُ، وَإِنْ كَانَتْ طَرِيقَةُ الْبَصْرِيِّينَ أَكْثَرَ تَبْيِينًا اهـ. بَعْضُهُمْ طَرِيقَةُ الْكُوفِيِّينَ مُلَائِمَةٌ لِلطَّبْعِ وَعَلَيْهَا إقْلِيدِسْ وَبَيَانُهَا أَنَّك إذَا نَظَرْت بَيْنَ الرَّوَاجِعِ فَإِنْ تَمَاثَلَتْ أَكْتَفَيْت بِأَحَدِهَا، وَإِنْ تَدَاخَلَتْ اكْتَفَيْت بِأَكْبَرِهَا، وَإِنْ تَبَايَنَتْ ضَرَبْت بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ وَإِنْ تَوَافَقَتْ. فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إلَى النَّظَرِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْهَا، وَمَا خَرَجَ بِنَظَرٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّالِثِ، وَذَهَبَ الْبَصْرِيُّونَ إلَى إيقَافِ صِنْفٍ مِنْهَا وَاسْتَحْسَنُوا إيقَافَ الْأَكْثَرِ، ثُمَّ يُوَفَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ، وَيُؤْخَذُ وَفْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ يُضْرَبُ وَفْقُ أَحَدِهِمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ، وَيُضْرَبُ الْخَارِجُ فِي الْمَوْقُوفِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ بَيْنَهُمَا كَأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَشَقِيقَةٍ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُخْتًا لِأَبٍ وَعَشَرَةِ أَعْمَامٍ أَصْلُهَا اثْنَا عَشَرَ لِلزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ، فَرَاجِعُهُنَّ أَرْبَعَةٌ، وَلِلشَّقِيقَاتِ سِتَّةٌ وَلِأَخَوَاتِ الْأَبِ اثْنَانِ مُنْكَسِرَانِ مُوَافَقَانِ بِالنِّصْفِ فَرَاجِعُهُنَّ سِتَّةٌ، وَلِلْأَعْمَامِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُمْ عَشَرَةٌ وَالْأَرْبَعَةُ وَالسِّتَّةُ وَالْعَشَرَةُ مُتَوَافِقَةٌ بِالنِّصْفِ، فَعَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ تَنْظُرُ أَوَّلًا بَيْنَ رَاجِعَيْنِ مِنْهَا فَتَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ خَارِجِ الضَّرْبِ وَالرَّاجِعِ الثَّالِثِ تَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالنِّصْفِ أَيْضًا فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ وَالْحَاصِلُ هُوَ جُزْءُ السَّهْمِ، فَفِي الْمِثَالِ تَضْرِبُ نِصْفَ الْأَرْبَعَةِ فِي السِّتَّةِ أَوْ السِّتَّةِ فِي نِصْفِ الْأَرْبَعَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ تَنْظُرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَشَرَةِ فَتَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالنِّصْفِ، فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ بِسِتِّينَ تَضْرِبُهَا فِي الْمَسْأَلَةِ بِسَبْعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَإِنْ شِئْت نَظَرْت أَوَّلًا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَالْعَشَرَةِ وَضَرَبْت أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الْعِشْرِينَ وَالسِّتَّةِ وَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ بِسِتِّينَ. وَإِنْ شِئْت نَظَرْت أَوَّلًا بَيْنَ السِّتَّةِ وَالْعَشَرَةِ وَضَرَبْت أَحَدَهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ بِثَلَاثِينَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 668 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ وَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بِسِتِّينَ، وَعَلَى رَأْيِ الْبَصْرِيِّينَ تُوقِفُ رَاجِعًا مِنْهَا وَالْأَحْسَنُ كَوْنُهُ الْعَشَرَةَ ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ فَتَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالنِّصْفِ، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالسِّتِّ فَتَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ الْأَرْبَعَةِ فِي نِصْفِ السِّتَّةِ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تَضْرِبُ السِّتَّةَ الْخَارِجَةَ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْعَشَرَةِ بِسِتِّينَ تَضْرِبُهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِسَبْعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ وَصُوَرُهَا هَكَذَا: Menh0009-0669-0001.jpg وَكَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ بِنْتًا وَسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جَدَّةٍ وَخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ أَصْلُهَا سِتَّةٌ لِلْبَنَاتِ أَرْبَعَةٌ مُنْكَسِرَةٌ مُبَايِنَةٌ فَرَاجِعُهُنَّ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْجَدَّاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلشَّقِيقَاتِ وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ مُبَايِنٌ فَرَاجِعُهُنَّ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ، فَعَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ تَنْظُرُ أَوَّلًا بَيْنَ رَاجِعَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ فَتَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالتِّسْعِ فَتَضْرِبُ أَحَدَهُمَا فِي تُسْعِ الْآخَرِ، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ خَارِجِ الضَّرْبِ وَالرَّاجِعِ فَتَجِدُهُمَا كَذَلِكَ فَتَضْرِبُ تُسْعَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ، ثُمَّ تَضْرِبُ الْحَاصِلَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِذَا نَظَرْت بَيْنَ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَالسِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَجَدَّتهمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالتُّسْعِ فَتَضْرِبُ تُسْعَ أَحَدِهِمَا فِي جَمِيعِ الْآخَرِ. بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فَتَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالتُّسْعِ فَتَضْرِبُ تُسْعَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَضْرِبُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 669 فَالتَّدَاخُلُ، أَنْ يُفْنِيَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوَّلًا وَإِلَّا فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ فَمُتَبَايِنٌ،   [منح الجليل] عَلَى رَأْيِ الْبَصْرِيِّينَ تُوقِفُ الْخَمْسَةَ وَالْأَرْبَعِينَ وَتَنْظُرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ تَجِدُهُمَا مُتَّفِقَيْنِ بِالتُّسْعِ، ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ تَجِدُهُمَا كَذَلِكَ فَتَضْرِبُ تُسْعَ السَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي تُسْعِ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ بِاثْنَيْ عَشَرَ تَضْرِبُهَا فِي خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ بِخَمْسِمِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ تَضْرِبُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَكَذَا: Menh0009-0670-0001.jpg. (فَالتَّدَاخُلُ) مَعْنَاهُ دُخُولُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ فِي الْآخَرِ وَكَوْنُهُ جُزْءًا مِنْهُ كَنِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ نَحْوِهَا وَعَلَامَتُهُ (أَنْ يُفْنِيَ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ، أَيْ يُذْهِبَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ أَصْغَرُ الْعَدَدَيْنِ (الْآخَرَ) أَيْ أَكْبَرَهُمَا إذَا طُرِحَ مِنْهُ فِي مَرَّتَيْنِ كَالنِّصْفِ أَوْ ثَلَاثَةٍ كَالثُّلُثِ أَوْ أَرْبَعَةٍ كَالرُّبُعِ أَوْ سَبْعَةٍ كَالسُّبْعِ أَوْ عَشَرَةٍ كَالْعُشْرِ أَوْ عِشْرِينَ مَرَّةً كَنِصْفِ الْعُشْرِ أَفْنَاهُ (أَوَّلًا) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا، أَيْ يُفْنِيهِ بِنَفْسِهِ وَلَا يُبْقِي مِنْهُ شَيْئًا كَالْخَمْسَةِ مَعَ الْعَشَرَةِ، وَمَعَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ وَمَعَ الْعِشْرِينَ، وَمَعَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَمَعَ الْخَمْسِينَ، وَمَعَ الْمِائَةِ، وَمَعَ الْأَلْفِ، احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ الْأَصْغَرُ يُبْقِي مِنْ الْأَكْبَرِ بَقِيَّةً أَقَلَّ مِنْ الْأَصْغَرِ، وَتِلْكَ الْبُقْعَةُ تُفْنِي الْأَكْبَرَ كَالثَّمَانِيَةِ مَعَ الْعَشَرَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَقَلُّ أَصْغَرَ مِنْ الْعُشْرِ، بَلْ يَصِحُّ كَوْنُهُ نِصْفَ عُشْرٍ كَالْخَمْسَةِ مَعَ الْمِائَةِ وَالثَّلَاثَةِ مِنْ السِّتِّينَ. وَرُبَّمَا عُرِفَ التَّدَاخُلُ بِكَوْنِ الْكَثِيرِ ضِعْفَ الْقَلِيلِ أَوْ أَضْعَافَهُ، أَوْ بِكَوْنِ الْقَلِيلِ جُزْءًا مِنْ الْكَثِيرِ ابْنُ عِلَاقٍ كُلُّ مُتَدَاخِلَيْنِ مُتَوَافِقَانِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ضُرِبَ أَحَدُهُمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ يَكُونُ خَارِجَ الضَّرْبِ مُسَاوِيًا لِلْأَكْبَرِ، وَيَنْقَسِمُ الْأَكْبَرُ عَلَى الْأَصْغَرِ وَمَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَكْبَرِهِمَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَصْغَرِهِمَا، فَلِذَا يُسْتَغْنَى بِالْأَكْبَرِ عَنْ الْأَصْغَرِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفْنِ الْأَصْغَرُ الْأَكْبَرَ بِأَنْ أَبْقَى مِنْهُ بَقِيَّةً أَقَلَّ مِنْ الْأَصْغَرِ (فَإِنْ بَقِيَ) مِنْ الْأَكْبَرِ بَعْدَ طَرْحِ الْأَصْغَرِ مِنْهُ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ (وَاحِدَةٌ فَ) الْأَصْغَرُ (مُتَبَايِنٌ) مَعَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 670 وَإِلَّا فَالْمُوَافَقَةُ بِنِسْبَةِ مُفْرَدٍ لِلْعَدَدِ الْمُفْنِي آخِرًا، وَلِكُلٍّ مِنْ التَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ حَظِّهِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ،   [منح الجليل] الْأَكْبَرِ كَالثَّلَاثَةِ مَعَ الْعَشَرَةِ وَالِاثْنَيْنِ مَعَ التِّسْعَةِ، وَكَكُلِّ عَدَدَيْنِ مُتَجَاوِرَيْنِ، وَكَذَا إنْ أَبْقَى الْقَلِيلُ مِنْ الْكَثِيرِ أَقَلَّ مِنْهُ غَيْرَ وَاحِدٍ وَأَبْقَتْ بَقِيَّةَ الْكَثِيرِ مِنْ الْقَلِيلِ وَاحِدًا كَسَبْعَةٍ وَعَشَرَةٍ أَوْ أَبْقَتْ بَقِيَّةُ الْقَلِيلِ مِنْ بَقِيَّةِ الْكَثِيرِ وَاحِدًا وَثَمَانِيَةً وَأَحَدَ عَشَرَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبْقِ الْقَلِيلُ مِنْ الْكَثِيرِ وَاحِدًا بِأَنْ أَبْقَى مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَكَانَتْ هَذِهِ الْبَقِيَّةُ تُفْنِي الْقَلِيلَ يَطْرَحُهَا مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ كَثَمَانِيَةٍ وَعَشَرَةٍ، أَوْ تُبْقِي بَقِيَّةُ غَيْرِ وَاحِدٍ مُفْنِيَةً بَقِيَّةَ الْكَثِيرِ كَسِتَّةٍ وَعَشَرَةٍ، فَالضَّابِطُ طَرْحُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ أَفْنَاهُ فَمُتَدَاخِلَانِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْهُ وَاحِدًا فَمُتَبَايِنَانِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْهُ غَيْرَهُ طُرِحَ الْبَاقِي مِنْ الْقَلِيلِ، فَإِنْ أَفْنَاهُ فَمُتَوَافِقَانِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْهُ وَاحِدًا فَمُتَبَايِنَانِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْهُ غَيْرَهُ طُرِحَ الْبَاقِي مِنْ بَاقِي الْكَثِيرِ فَإِنْ أَفْنَاهُ فَمُتَوَافِقَانِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْهُ وَاحِدًا فَمُتَبَايِنَانِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْهُ غَيْرَهُ طُرِحَ مِنْ بَاقِي الْقَلِيلِ وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْإِفْنَاءِ فَالتَّوَافُقِ أَوْ بَقَاءِ الْوَاحِدِ فَالتَّبَايُنِ وَإِذَا أَفْنَاهُمَا عَدَدٌ غَيْرُ الْوَاحِدِ (فَ) بَيْنَهُمَا (الْمُوَافَقَةُ) (بِ) مِثْلِ (نِسْبَةِ) وَاحِدٍ (لِلْعَدَدِ الْمُفْنِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ النُّونِ لِلْعَدَدَيْنِ الْمَطْلُوبِ نِسْبَتُهُمَا، فَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ فَهِيَ بِالنِّصْفِ وَثَلَاثَةً فَبِالثُّلُثِ وَسَبْعَةً فَبِالسُّبُعِ وَعَشَرَةً فَبِالْعُشْرِ وَأَحَدَ عَشَرَ فَبِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ وَعِشْرِينَ فَنِصْفُ الْعُشْرِ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانَ ذَا فَرْضٍ أَوْ عَاصِبًا قَسَمَ (مِنْ التَّرِكَةِ بِ) مِثْلِ (نِسْبَةِ حَظِّهِ) أَيْ سِهَامِهِ (مِنْ) جَامِعَةِ مُصَحِّحِ (الْمَسْأَلَةِ) فَإِنْ كَانَتْ سِهَامُهُ رُبُعَ الْجَامِعَةِ كَالزَّوْجِ مَعَ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَالزَّوْجَةِ مَعَ عَدَمِهِ فَلَهُ رُبُعُ التَّرِكَةِ، وَإِنْ كَانَتْ ثُمُنَهَا كَالزَّوْجَةِ مَعَهُ فَلَهَا ثُمُنُهَا وَإِنْ كَانَتْ نِصْفَهَا كَالْبِنْتِ أَوْ بِنْتَ الِابْنِ أَوْ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ الزَّوْجِ عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَهُ نِصْفُهَا، وَإِنْ كَانَ ثُلُثَيْهَا كَابْنٍ مَعَ بِنْتٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ أَخٍ شَقِيقٍ مَعَ شَقِيقَةٍ أَوْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لَهُ فَلَهُ ثُلُثَاهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهَا كَالْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَعَدَدِ الْإِخْوَةِ لَهَا فَلَهُ ثُلُثُهَا، وَإِنْ كَانَتْ سُدُسَهَا كَالْجَدِّ وَأَخِي الْأُمِّ فَلَهُ سُدُسُهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 671 أَوْ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ عَلَى مَا صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ كَزَوْجٍ، وَأُمٍّ، وَأُخْتٍ لِلزَّوْجِ: ثَلَاثَةٌ، وَالتَّرِكَةُ، عِشْرُونَ، فَالثَّلَاثَةُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ، وَرُبُعٌ وَثُمُنٌ؛ فَيَأْخُذُ   [منح الجليل] وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا أَقْرَبُ طُرُقِ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ إذْ قَلَّتْ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ وَإِلَّا فَهُوَ أَصْعَبُهَا لِبِنَائِهِ عَلَى قِسْمَةِ الْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَلِّ الْأَعْدَادِ وَهُوَ مَبْحَثٌ دَقِيقٌ. طفي الْمُرَادُ هُنَا قِسْمَتُهَا بِسِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ وَحْدَهُ لَا بِالْفَرْضِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ فَتَحْتَاجُ لِقِسْمَةٍ أُخْرَى. ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَى السِّهَامِ طُرُقٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَيَّدَهَا بِكَوْنِهَا عَلَى السِّهَامِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ عَلَى الْأَجْزَاءِ أَيْضًا بِأَنْ يُعْطِيَ لِأَصْحَابِ الرُّبُعِ رُبُعَ التَّرِكَةِ، وَلِأَصْحَابِ الثُّلُثِ ثُلُثَهَا وَهَكَذَا لِأَصْحَابِ كُلِّ جُزْءٍ جُزْؤُهُمْ، ثُمَّ يَقْسِمُ أَهْلُ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَا أَخَذُوهُ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يُرِدْ الْمُصَنِّفُ هَذَا النَّوْعَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ قَسْمَهَا بِسِهَامِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْفَرِيضَةِ؛ لِأَنَّهُ أَتَمُّ فَائِدَةً. الْبُنَانِيُّ قِسْمَةُ التَّرِكَةِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ، وَتَصْحِيحُ الْفَرِيضَةِ كَالْقَالِبِ الَّذِي يُقَاسُ بِهِ الشَّيْءُ قِسْمَتُهَا كَالشَّيْءِ الَّذِي يُفَرَّغُ فِي قَالَبِهِ. (أَوْ تَقْسِمْ التَّرِكَةَ) إذَا كَانَتْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ قِيمَةَ عَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ (عَلَى مَا) أَيْ الْعَدَدِ الَّذِي (صَحَّتْ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ) وَتَضْرِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ سِهَامَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الضَّرْبِ فَلَهُ مِثْلُهُ مِنْ التَّرِكَةِ، أَوْ تَضْرِبُ سِهَامَهُ فِي التَّرِكَةِ وَتَقْسِمُ خَارِجَ الضَّرْبِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَخْرُجُ فَهُوَ مَالُهُ مِنْ التَّرِكَةِ (كَزَوْجٍ) لَهُ النِّصْفُ، إذْ لَيْسَ مَعَهُ فَرْعٌ وَارِثٌ (وَأُمٍّ) لَهَا الثُّلُثُ، إذْ لَيْسَ مَعَهَا فَرْعٌ وَارِثٌ وَلَا عَدَدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ (وَشَقِيقَةٍ) لَهَا النِّصْفُ (مِنْ) سِتَّةٍ مَقَامِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَتَعُولُ إلَى (ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ) مِنْ الثَّمَانِيَةِ وَلِلشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ (وَالتَّرِكَةُ عِشْرُونَ) دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ إرْدَبًّا أَوْ قِنْطَارًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا (فَالثَّلَاثَةُ) نِسْبَتُهَا (مِنْ الثَّمَانِيَةِ رُبُعٌ وَثُمُنٌ) وَإِنْ شِئْت فَقُلْ ثَلَاثَةُ أَثْمَانٍ (فَيَأْخُذُ) الزَّوْجُ مِنْ الْعِشْرِينَ رُبُعَهَا خَمْسَةً وَثُمُنَهَا اثْنَيْنِ وَنِصْفًا فَيَكُونُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 672 سَبْعَةً وَنِصْفًا وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ عَرْضًا فَأَخَذَهُ بِسَهْمِهِ وَأَرَدْت مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ، فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ،   [منح الجليل] مَجْمُوعُهُمَا (سَبْعَةً وَنِصْفًا) وَالشَّقِيقَةُ مِثْلُهُ وَالِاثْنَانِ رُبُعُ الثَّمَانِيَةِ فَتَأْخُذُ الْأُمُّ رُبُعَ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً، وَهَذَا بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ. وَبِالطَّرِيقِ الثَّانِي تُقْسَمُ الْعِشْرِينَ عَلَى الثَّمَانِيَةِ يَخْرُجُ اثْنَانِ وَنِصْفٌ فَتَضْرِبُ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةً فِيهِ بِأَنْ تَبْسُطَ الِاثْنَيْنِ وَنِصْفًا بِخَمْسَةٍ وَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِيهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَتَقْسِمُهَا عَلَى اثْنَيْنِ مَقَامِ النِّصْفِ يَخْرُجُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَهُوَ الَّذِي يَخْرُجُ لَهُ مِنْ الْعِشْرِينَ، وَكَذَلِكَ تَعْمَلُ فِي ثَلَاثَةِ الشَّقِيقَةِ وَتَضْرِبُ لِلْأُمِّ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ بِأَنْ تَبْسُطَ الِاثْنَيْنِ وَنِصْفًا بِخَمْسَةٍ وَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِيهَا بِعَشَرَةٍ، وَتَقْسِمُهَا عَلَى اثْنَيْنِ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ وَهُوَ نَصِيبُ الْأُمِّ مِنْ الْعِشْرِينَ، وَبِالطَّرِيقِ الَّذِي زِدْته عَلَى كَلَامِهِ تَضْرِبُ ثَلَاثَةَ الزَّوْجِ فِي الْعِشْرِينَ بِسِتِّينَ وَتَقْسِمُهَا عَلَى ثَمَانِيَةٍ يَخْرُجُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ، وَكَذَلِكَ الشَّقِيقَةُ، وَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي الْعِشْرِينَ بِأَرْبَعِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى الثَّمَانِيَةِ تَخْرُجُ خَمْسَةٌ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0673-0001.jpg (وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (عَرْضًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَرَادَ بِهِ مُقَابِلَ الْعَيْنِ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَالْعَقَارَ فِيمَا يَخُصُّهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِلَا تَقْوِيمٍ بِتَرَاضِيهِمْ بِذَلِكَ (وَأَرَدْتَ) بِفَتْحِ تَاءِ خِطَابِ الْحَاسِبِ (مَعْرِفَةَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَرْضِ الَّتِي اقْتَضَاهَا تَرَاضِي الْوَرَثَةِ لَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَسَبِ صِفَاتِهِ (فَاجْعَلْ) أَيُّهَا الْحَاسِبُ (الْمَسْأَلَةَ) بَعْدَ تَصْحِيحِهَا (سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْعَرْضَ بِأَنْ تُسْقِطَ سِهَامَهُ مِنْ مُصَحِّحِهَا وَتَجْعَلَ الْبَاقِيَ هُوَ الْمَسْأَلَةُ وَتَقْسِمَ التَّرِكَةَ عَلَيْهَا وَتَضْرِبَ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ فِي خَارِجِ الْقِسْمَةِ يَخْرُجُ مَالُهُ مِنْ التَّرِكَةِ (ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ) أَيْ آخِذِ الْعَرْضِ (مِنْ) أَيْ بِمِثْلِ (تِلْكَ النِّسْبَةِ) فَمَا حَصَلَ فَهِيَ قِيمَةُ الْعَرْضِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 673 فَإِنْ زَادَ خَمْسَةً لِيَأْخُذَ   [منح الجليل] فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخَذَ الْعَرْضَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الزَّوْجُ فَأَسْقِطْ سِهَامَهُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ، وَاجْعَلْ الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ هِيَ الْمَسْأَلَةُ وَاقْسِمْ الْعِشْرِينَ عَلَيْهَا يَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ فَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، فِيهَا بِثَمَانِيَةٍ وَالشَّقِيقَةُ ثَلَاثَةٌ فِيهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلِلزَّوْجِ كَذَلِكَ، فَقِيمَةُ الْعَرْضِ الَّذِي أَخَذَهُ الزَّوْجُ اثْنَا عَشَرَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْأُخْتُ هِيَ الَّتِي أَخَذَتْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ فَأَسْقِطْ مِنْ الثَّمَانِيَةِ اثْنَيْنِ، وَاجْعَلْ السِّتَّةَ الْبَاقِيَةَ هِيَ الْمَسْأَلَةُ فَاقْسِمْ عَلَيْهَا الْعِشْرِينَ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةَ الزَّوْجِ فِيهَا بِأَنْ تَبْسُطَهَا بِعَشَرَةٍ، وَتَضْرِبَ فِيهَا الثَّلَاثَةَ بِثَلَاثِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ مَقَامِ الثُّلُثِ تَخْرُجُ عَشَرَةٌ فَهِيَ الَّتِي لَهُ مِنْ الْعِشْرِينَ، وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ، ثُمَّ تَضْرِبُ فِي الْبَسْطِ الِاثْنَيْنِ بِعِشْرِينَ تَقْسِمُهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ تَخْرُجُ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ فَهِيَ قِيمَةُ الْعَرْضِ. الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أَخَذَ أَحَدُهُمْ عَرْضًا بِسَهْمِهِ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ، وَإِنْ أَرَدْت مَعْرِفَةَ ثَمَنِهِ فَاجْعَلْ لِسِهَامِهِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ لَأَفَادَ أَنَّهُمَا مَطْلَبَانِ، وَكَانَ أَبَيْنَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ لِلْأُولَى، وَالثَّانِي لِلثَّانِيَةِ، فَلَوْ جَعَلَ جَوَابَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مُتَّصِلًا بِهَا كَانَ أَظْهَرَ، وَفَائِدَةُ الْمَطْلَبِ الثَّانِي تَظْهَرُ إذَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْعَرْضَ مِنْ يَدِ آخِذِهِ فَيُعْلَمُ قَدْرُ مَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ اسْتَحَقَّ الْعَرْضَ دَخَلَ ضَرَرُهُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَقُدِّرَ كَالْعَدَمِ وَنَقَصَتْ قِسْمَةُ الْعَيْنِ وَقُسِمَتْ ثَانِيًا عَلَى الْجَمِيعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. " غ " عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَبْيَنُ، إذْ قَالَ فَإِنْ كَانَ مَعَ التَّرِكَةِ عَرْضٌ فَأَخَذَهُ وَارِثٌ بِحِصَّتِهِ فَأَرَدْت مَعْرِفَةَ نِسْبَتِهِ فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ سِهَامَ غَيْرِ الْآخِذِ، ثُمَّ اجْعَلْ لِسِهَامِهِ مِنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ، فَمَا حَصَلَ فَهُوَ ثَمَنُ الْعَرْضِ، فَإِذَا أَخَذَ الزَّوْجُ الْعَرْضَ بِحِصَّتِهِ، فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ خَمْسَةً لِكُلِّ سَهْمٍ أَرْبَعَةٌ ثُمَّ اجْعَلْ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةً فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ ثَمَنُهُ، فَتَكُونُ التَّرِكَةُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَتَنَازَلَ فِي التَّوْضِيحِ لِتَفْسِيرِ الثَّمَنِ فَقَالَ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْوَرَثَةُ لَا مَا يُسَاوِيهِ فِي السُّوقِ، وَسَبَقَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، فَلَوْ قَالَ هُنَا وَإِنْ كَانَ مَعَ الْعِشْرِينَ عَرْضٌ فَأَخَذَهُ أَحَدُهُمْ بِحِصَّتِهِ وَأَرَدْت مَعْرِفَةَ ثَمَنِهِ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى لِزَوَالِ مَا فِيهِ مِنْ الْحَشْوِ. (فَإِنْ زَادَ) مَنْ أَخَذَ الْعَرْضَ (خَمْسَةً) مِنْ مَالِهِ (لِيَأْخُذَ الْعَرْضَ) بِنَصِيبِهِ مِنْ التَّرِكَةِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 674 فَزِدْهَا عَلَى الْعِشْرِينَ، ثُمَّ اقْسِمْ،   [منح الجليل] وَالْخَمْسَةُ الَّتِي زَادَهَا (فَزِدْهَا) أَيْ الْخَمْسَةَ (عَلَى الْعِشْرِينَ) دِينَارًا الَّتِي تَرَكَهَا الْمَيِّتُ مَعَ الْعَرْضِ فَتَصِيرُ الْعَيْنُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (ثُمَّ اقْسِمْ) الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ سِهَامِ آخِذِ الْعَرْضِ مِنْهَا، وَاضْرِبْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ فِي الْخَارِجِ يَخْرُجُ مَالُهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَاضْرِبْ سِهَامَ آخِذِهِ فِي الْخَارِجِ أَيْضًا وَزِدْ عَلَى خَارِجِ الضَّرْبِ الْخَمْسَةَ الَّتِي زَادَهَا آخِذُهُ يَكُنْ الْمَجْمُوعُ قِيمَةَ الْعَرْضِ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الَّذِي زَادَ خَمْسَةً وَأَخَذَ الْعَرْضَ فَاقْسِمْ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى خَمْسَةٍ يَخْرُجُ خَمْسَةٌ فَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي خَمْسَةٍ بِعَشَرَةٍ، وَاجْعَلْ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، زِدْ عَلَيْهَا الْخَمْسَةَ تَكُنْ عِشْرِينَ هِيَ قِيمَةُ الْعَرْضِ. وَكَذَا لَوْ أَخَذَتْهُ الْأُخْتُ وَزَادَتْ الْخَمْسَةَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَخَذَتْهُ فَاقْسِمْ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ عَلَى سِتَّةٍ يَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ وَسُدُسٌ، فَاضْرِبْ فِيهَا ثَلَاثَةً لِلزَّوْجِ بِأَنْ تَبْسُطَ أَرْبَعَةً وَسُدُسًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَتَضْرِبَ الثَّلَاثَةَ فِيهَا بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ وَتَقْسِمَهَا عَلَى سِتَّةٍ مَقَامِ السُّدُسِ يَخْرُجُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ هِيَ نَصِيبُهُ مِنْ التَّرِكَةِ، وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ وَتَضْرِبُ لِلْأُمِّ اثْنَيْنِ فِي الْبَسْطِ بِخَمْسِينَ وَتَقْسِمُهَا عَلَى سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَثُلُثٍ تَزِيدُ عَلَيْهَا الْخَمْسَةُ يَجْتَمِعُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ هِيَ قِيمَةُ الْعَرْضِ، وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَخْذُ آخِذِ الْعَرْضِ خَمْسَةً مِنْ بَاقِي التَّرِكَةِ مَعَهُ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا وَالْعَمَلُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنَّك تُسْقِطُ الْخَمْسَةَ مِنْ الْعِشْرِينَ وَمِنْ سِهَامِ آخِذِهِ وَبَاقِيهَا قِيمَةُ الْعَرْضِ، فَإِنْ كَانَ آخِذُهُمَا الزَّوْجَ فَاقْسِمْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الْعِشْرِينَ عَلَى خَمْسَةٍ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ، فَاضْرِبْ فِيهَا ثَلَاثَةَ الْأُخْتُ بِتِسْعَةٍ وَاثْنَيْ الْأُمِّ بِسِتَّةٍ، وَاجْعَلْ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةً فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ أَسْقِطْ مِنْهَا الْخَمْسَةَ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ هِيَ قِيمَةُ الْعَرْضِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَتْهُمَا الْأُخْتُ. وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ فَاقْسِمْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى سِتَّةٍ يَخْرُجُ اثْنَانِ وَنِصْفٌ، اضْرِبْ فِيهَا ثَلَاثَةَ الزَّوْجِ يَخْرُجُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ وَكَذَلِكَ الْأُخْتُ، وَاضْرِبْ لِلْأُمِّ اثْنَيْنِ فِي الْخَارِجِ بِخَمْسَةٍ، فَإِنْ أَسْقَطْت الْخُمُسَ مِنْهَا لَمْ يَبْقَ لِلْعَرْضِ ثَمَنٌ فَتَكُونُ قَدْ أَخَذَتْهُ مَجَّانًا زِيَادَةً عَلَى حَظِّهَا مِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 675 وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ مَاتَ أَحَدُهُمْ أَوْ بَعْضٌ: كَزَوْجٍ مَعَهُمْ، وَلَيْسَ أَبَاهُمْ فَكَالْعَدِمِ، وَإِلَّا: صَحَّحَ الْأُولَى، ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَإِنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ الثَّانِي   [منح الجليل] الْعِشْرِينَ. " غ " لَوْ زَادَ فَإِنْ زِيدَ خَمْسَةٌ فَحَظُّهَا مِنْهَا ثُمَّ أَقْسَمَ لَتَمَّ نَسْجُهُ عَلَى مِنْوَالِ ابْنِ الْحَاجِبِ. (وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ) مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ (قَبْلَ الْقِسْمَةِ) لِتَرِكَتِهِ (وَوَرِثَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ الثَّانِيَ (الْبَاقُونَ) مِنْ وَرَثَةِ الْأَوَّلِ بِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثُوا الْأَوَّلَ بِهِ (كَثَلَاثَةِ بَنِينَ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ (ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ) أَيْ الْبَنِينَ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَةِ الْأَوَّلِ، وَلَا وَارِثَ لِلثَّانِي غَيْرَ أَخَوَيْهِ فَالْمَيِّتُ الثَّانِي كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَتُقْسَمُ تَرِكَةُ الْأَوَّلِ بَيْنَ الِابْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ، وَكَذَا لَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً أَوْ أَكْثَرَ وَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَهَا وَبَقِيَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ (أَوْ) وَرِثَ الْمَيِّتَ الثَّانِيَ (بَعْضٌ) مِنْ الْبَاقِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ وَبَعْضٌ مِنْهُمْ لَا يَرِثُهُ (كَزَوْجٍ مَعَهُمْ) أَيْ الْبَنِينَ بِأَنْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ عَنْهُ وَعَنْ بَنِيهَا الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَتِهَا (وَلَيْسَ) الزَّوْجُ الَّذِي مَعَهُمْ (أَبَاهُمْ) وَكَذَا مَوْتُ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ وَبَنِيهِ مِنْ غَيْرِهَا ثُمَّ مَوْتُ أَحَدِهِمْ قَبْلَهَا. " غ " أَوْ بَعْضٌ عَطْفٌ عَلَى الْبَاقُونَ (فَ) الْمَيِّتُ الثَّانِي (كَالْعَدَمِ) وَكَأَنَّهَا فِي الْأُولَى مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنَيْنِ فَلِلزَّوْجِ الرُّبُعُ وَلِابْنَيْهَا الْبَاقِي وَكَأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنَيْنِ فَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَلِلِابْنَيْنِ الْبَاقِي. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ الثَّانِي الْبَاقُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِالْوَجْهِ الَّذِي وَرِثُوا بِهِ الْأَوَّلَ بِأَنْ وَرِثَهُ غَيْرُهُمْ أَوْ غَيْرُهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَوْ وَرِثَهُ الْبَاقُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِوَجْهٍ آخَرَ فَ (صَحِّحْ) أَيُّهَا الْحَاسِبُ الْمَسْأَلَةَ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، وَاحْفَظْ سِهَامَ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْهَا (ثُمَّ) صَحِّحْ الْمَسْأَلَةَ (الثَّانِيَةَ) لِلْمَيِّتِ الثَّانِي، وَانْظُرْ هَلْ تَنْقَسِمُ سِهَامُ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى عَلَى مَسْأَلَتِهِ أَوْ لَا. (فَإِنْ انْقَسَمَ نَصِيبُ) الْمَيِّتِ (الثَّانِي) مِنْ الْأُولَى (عَلَى وَرَثَتِهِ) صَحَّتْ الْمَسْأَلَتَانِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 676 عَلَى وَرَثَتِهِ: كَابْنٍ وَبِنْتٍ مَاتَ وَتَرَكَ أُخْتًا وَعَاصِبًا: صَحَّتَا؛ وَإِلَّا وَفَّقَ بَيْنَ نَصِيبِهِ، وَمَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ، وَاضْرِبْ وَفْقَ الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَى كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ: مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَ زَوْجَةً وَبِنْتًا، وَثَلَاثَةَ بَنِي ابْنٍ، فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى: ضُرِبَ لَهُ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ؛ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ: فَفِي وَفْقِ سِهَامِ الثَّانِي،   [منح الجليل] مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى، فَاجْعَلْهَا جَامِعَةً لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَاقْسِمْ سِهَامَ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى عَلَى وَرَثَتِهِ (كَابْنٍ وَبِنْتٍ) مَاتَ أَبُوهُمَا أَوْ أُمُّهُمَا ثُمَّ (مَاتَ) الِابْنُ قَبْلَ قِسْمَةِ تَرِكَةِ أَبِيهِمَا (وَتَرَكَ) الِابْنُ (أُخْتًا) شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ وَهِيَ الْبِنْتُ فِي الْأُولَى (وَعَاصِبًا) كَعَمٍّ فَالْأُولَى تَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَسِهَامُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ وَتَصِحُّ الثَّانِيَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَهْمَاهُ مُنْقَسِمَانِ عَلَيْهَا (صَحَّتَا) أَيْ الْمَسْأَلَتَانِ مِمَّا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى وَهِيَ الثَّلَاثَةُ فَأَعْطِ الْبِنْتَ مِنْ الْأُولَى وَاحِدًا وَمِنْ الثَّانِيَةِ وَاحِدًا وَالْوَاحِدُ الْبَاقِي لِلْعَاصِبِ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ نَصِيبُ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى عَلَى وَرَثَتِهِ فَانْظُرْ هَلْ تُوَافِقُ سِهَامُهُ مِنْ الْأُولَى مَسْأَلَتَهُ أَوْ تُبَايِنُهَا، فَإِنْ وَافَقَتْهَا فَ (اضْرِبْ) يَا حَاسِبُ (وَفْقَ) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ فِي) كُلِّ الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى) وَمَا يَخْرُجُ بِالضَّرْبِ تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَتَانِ فَاجْعَلْهُ جَامِعَةً لَهُمَا، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى ضُرِبَ لَهُ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ وَأَخَذَ خَارِجَ الضَّرْبِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ أَخَذَ خَارِجَ ضَرْبِهِ فِي وَفْقِ سِهَامِ الثَّانِي (كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ (مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الِابْنَيْنِ قَبْلَ قَسْمِ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ أَوْ أُمِّهِمْ (وَتَرَكَ) الْمَيِّتُ الثَّانِي (زَوْجَةً وَبِنْتًا وَثَلَاثَةَ بَنِي ابْنٍ) فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ وَسِهَامُ الْمَيِّتِ الثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَسِهَامُ مَيِّتِهَا لَا تَنْقَسِمُ عَلَيْهَا وَتُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ نِصْفَ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةً فِي الْأُولَى سِتَّةً بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَلِابْنِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ اثْنَانِ فِي أَرْبَعَةٍ وَفْقَ الثَّانِيَةِ بِثَمَانِيَةٍ، وَلِكُلٍّ مِنْ بِنْتَيْهِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 677 وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا: ضُرِبَتْ مَا صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ فِيمَا صَحَّتْ مِنْهُ الْأُولَى، كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ   [منح الجليل] وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ، وَلِزَوْجَةِ الثَّانِي وَاحِدٌ فِي وَفْقِ سَهْمَيْهِ وَاحِدٌ بِوَاحِدٍ وَلِبِنْتِهِ أَرْبَعَةٌ فِي وَاحِدٍ بِأَرْبَعَةٍ، وَلِبَنِي ابْنِهِ ثَلَاثَةٌ فِي وَاحِدٍ بِثَلَاثَةٍ، وَالتَّاءُ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ مَاتَ وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0678-0001.jpg (وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا) أَيْ سِهَامُ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى وَمَسْأَلَتُهُ بِأَنْ تَبَايَنَا (ضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (مَا) أَيْ الْعَدَدُ الَّذِي (صَحَّتْ مِنْهُ مَسْأَلَتُهُ) أَيْ الثَّانِي (فِيمَا) أَيْ الْعَدَدِ الَّذِي (صَحَّتْ مِنْهُ) الْمَسْأَلَةُ (الْأُولَى) بِضَمِّ الْهَمْزِ فَيَخْرُجُ مُصَحَّحُهُمَا وَجَامِعَتُهُمَا (كَمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الِابْنَيْنِ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ ابْنَيْنِ وَبِنْتَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا (عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ) فَتَصِحُّ هَذِهِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَسِهَامُ مَيِّتِهَا مِنْ الْأُولَى اثْنَانِ مُبَايِنَانِ لَهَا فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِي السِّتَّةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى ضُرِبَ فِي الثَّانِيَةِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّانِيَةِ ضُرِبَ لَهُ فِي سِهَامِ الثَّانِي مِنْ الْأُولَى، فَلِابْنِ الْأَوَّلِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ، وَلِكُلٍّ مِنْ بِنْتَيْهِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ، وَلِابْنِ الثَّانِي اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ وَلِبِنْتِهِ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0678-0002.jpg ابْنُ يُونُسَ هَذَا إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا مُقَوَّمًا، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا مِثْلِيًّا فَلَا يَعْمَلُ هَذَا، وَيُقْسَمُ مَا حَصَلَ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى وَرَثَتِهِ الْعَصْنُونِيِّ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 678 وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ بِوَارِثٍ، فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ تَعْمَلُ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ وثَمَّ فَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ ثُمَّ اُنْظُرْ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ،   [منح الجليل] فِي النَّظَرِ، وَلَكِنْ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ لَا بُدَّ مِنْهُ كَيْفَمَا كَانَتْ التَّرِكَةُ. طفي أَيْ لَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَ الْفِرَاضِ لِلِاخْتِصَارِ، وَلَوْ قَسَمَ فَرِيضَةً وَحْدَهَا مَا خَالَفَ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فِي الْجَوَاهِرِ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْمُنَاسَخَةُ فَعَمِلَ الْحَاسِبُ فَرِيضَةَ كُلِّ مَيِّتٍ مُفْرَدَةً فَقَدْ أَصَابَ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ أَخْطَأَ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ التَّرِكَةِ حَتَّى حَصَلَتْ فِيهَا مُنَاسَخَةٌ تَجْعَلُ الْوَارِثِينَ كُلَّهُمْ كَالْوِرَاثَةِ الْوَاحِدَةِ، وَمَطْلُوبُ الْفَرْضِيِّينَ تَصْحِيحُ مَسْأَلَةِ الْأَوَّلِ مِنْ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ نَصِيبُ كُلِّ مَيِّتٍ بَعْدَهُ مِنْهُ عَلَى وَرَثَتِهِ. (وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ) أَيْ وَحْدَهُ وَأَكْذَبَهُ الْبَاقُونَ فِي إقْرَارِهِ (بِوَارِثٍ فَلَهُ) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ سِهَامِ الْمُقِرِّ (مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي (نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ) مِنْهَا (تَعْمَلُ) أَيْ تُصَحِّحُ يَا حَاسِبُ (فَرِيضَةَ) الْوَرَثَةِ عَلَى تَقْدِيرِ (الْإِنْكَارِ) مِنْ جَمِيعِهِمْ (ثُمَّ) تُصَحِّحُ (فَرِيضَةَ) الْوَرَثَةِ بِاعْتِبَارِ (الْإِقْرَارِ) مِنْ بَعْضِهِمْ وَتَحْفَظُ سِهَامَ الْمُقَرِّ مِنْهَا، وَلَا تَنْظُرْ لِسِهَامِ غَيْرِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّك إنَّمَا تُرِيدُ مَعْرِفَةَ سِهَامِهِ مِنْهَا لِتَعْلَمَ مِنْهَا قَدْرَ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُ مِنْ سِهَامِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ. (ثُمَّ اُنْظُرْ) أَيُّهَا الْحَاسِبُ (مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ وَفَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ وَبَيْنَ مَا بِقَوْلِهِ (مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِي الْمَعْطُوفَيْنِ وَحَذْفِ النِّسْبَةِ الرَّابِعَةِ، أَيْ وَتَمَاثُلٍ فَإِنْ تَمَاثَلَتَا أَكْتَفَيْت بِإِحْدَاهُمَا وَإِنْ تَدَاخَلَتَا أَكْتَفَيْت بِكُبْرَاهُمَا، وَإِنْ تَبَايَنَتَا ضَرَبْت إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، وَإِنْ تَوَافَقَتَا ضَرَبْت إحْدَاهُمَا فِي وَفْقِ الْأُخْرَى وَمَا انْتَهَى إلَيْهِ عَمَلُك فَهُوَ مُصَحِّحُ الْفَرِيضَتَيْنِ وَجَامِعَتُهُمَا، ثُمَّ تَقْسِمُ مَا انْتَهَى إلَيْهِ عَمَلُك مِنْ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ أَوْ أَكْبَرِ الْمُتَدَاخِلَيْنِ، أَوْ حَاصِلِ ضَرْبِ الْكُلِّ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْوَفْقِ عَلَى فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا، وَعَلَى فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ أَيْضًا يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا أَيْضًا، وَتَضْرِبُ لِلْمُنْكِرِينَ سِهَامَهُمْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي جُزْءِ سَهْمِهَا وَتُعْطِيهِمْ الْخَارِجَ وَتَضْرِبُ لِلْمُقِرِّ سِهَامَهُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 679 الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، كَشَقِيقَتَيْنِ وَعَاصِبٍ، أَقَرَّتْ وَاحِدَةٌ بِشَقِيقَةٍ أَوْ بِشَقِيقٍ، وَالثَّالِثُ: كَابْنَتَيْنِ وَابْنٍ أَقَرَّ بِابْنٍ،   [منح الجليل] الَّتِي حَفِظْتهَا مِنْ مَسْأَلَةِ إقْرَارِهِ فِي جُزْءِ سَهْمِهَا، وَتُعْطِيهِ مَا يَخْرُجُ وَتَضْرِبُ لَهُ سِهَامَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ فِي جُزْءِ سَهْمِهَا وَتُسْقِطُ مِنْ خَارِجِ الضَّرْبِ مَا اسْتَحَقَّهُ مِنْ مَسْأَلَةِ إقْرَارِهِ. وَتُعْطِي الْبَاقِيَ الْمُقَرَّ لَهُ (الْأَوَّلُ) أَيْ التَّدَاخُلُ (وَالثَّانِي) أَيْ التَّبَايُنُ، أَيْ مِثَالُهُمَا (كَشَقِيقَتَيْنِ وَعَاصِبٍ) كَأَخٍ لِأَبٍ تَصِحُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ (أَقَرَّتْ وَاحِدَةٌ) مِنْ الشَّقِيقَتَيْنِ (بِشَقِيقَةٍ) ثَالِثَةٍ وَأَنْكَرَهَا الشَّقِيقَةُ الْأُخْرَى وَالْعَاصِبُ فَتَصِحُّ هَذِهِ مِنْ تِسْعَةٍ لِلْمُقِرَّةِ مِنْهَا اثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ دَاخِلَةٌ فِيهَا فَتَكْتَفِي بِالتِّسْعَةِ، وَتَقْسِمُهَا عَلَى فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا ثَلَاثَةً وَعَلَى فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا وَاحِدٌ فَلِلشَّقِيقَةِ الْمُنْكِرَةُ وَاحِدٌ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَكَذَا الْعَاصِبُ وَلِلْمُقِرَّةِ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِقْرَارِ اثْنَانِ فِي وَاحِدٍ وَلَوْ أَنْكَرَتْ فَلَهَا وَاحِدٌ مِنْ فَرِيضَةِ الْإِنْكَارِ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ، فَقَدْ نَقَصَهَا إقْرَارُهَا سَهْمًا تَأْخُذُهُ الشَّقِيقَةُ الْمُقَرُّ بِهَا هَكَذَا: Menh0009-0680-0001.jpg وَالْقَافُ مِنْ الْإِقْرَارِ (أَوْ) أَقَرَّتْ إحْدَى الشَّقِيقَتَيْنِ (بِشَقِيقٍ) وَأَنْكَرَتْهُ الشَّقِيقَةُ الْأُخْرَى وَالْعَاصِبُ فَتَصِحُّ هَذِهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ مُبَايِنَةٍ الثَّلَاثَةَ وَمُسَطَّحُهُمَا اثْنَا عَشَرَ، وَالْخَارِجُ مِنْ قَسْمِهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ لِلْمُنْكِرَةِ وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ، وَكَذَا الْعَاصِبُ وَلِلْمُقِرَّةِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ، وَلَوْ أَنْكَرَتْ لَكَانَ لَهَا وَاحِدٌ فِي أَرْبَعَةٍ فَنَقَصَهَا إقْرَارُهَا وَاحِدًا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ بِهِ هَكَذَا: Menh0009-0680-0002.jpg (وَالثَّالِثُ) أَيْ التَّوَافُقُ (كَابْنَتَيْنِ وَابْنٍ) تَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ (أَقَرَّ) الِابْنُ (بِابْنٍ) وَأَنْكَرَتْهُ الِابْنَتَانِ تَصِحُّ هَذِهِ مِنْ سِتَّةٍ مُوَافِقَةٍ الْأَرْبَعَةَ بِالنِّصْفِ وَمُسَطَّحٌ أَحَدُهُمَا فِي نِصْفِ الْآخَرِ اثْنَا عَشَرَ، وَالْخَارِجُ مِنْ قِسْمَتِهَا عَلَى الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى السِّتَّةِ اثْنَانِ فَلِكُلِّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 680 وَإِنْ أَقَرَّ ابْنٌ بِبِنْتٍ، وَبِنْتٌ بِابْنٍ فَالْإِنْكَارُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَإِقْرَارُهُ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ، فَتُضْرَبُ أَرْبَعَةٌ فِي خَمْسَةٍ بِعِشْرِينَ، ثُمَّ فِي ثَلَاثَةٍ يَرُدُّ الِابْنُ عَشَرَةً،   [منح الجليل] وَاحِدَةِ مِنْ الْبِنْتَيْنِ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ، وَلِلِابْنِ اثْنَانِ فِي اثْنَيْنِ بِأَرْبَعَةٍ، وَلَوْ أَنْكَرَ لَكَانَ لَهُ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فَقَدْ نَقَصَهُ إقْرَارُهُ اثْنَانِ يَأْخُذُهُمَا الْمُقَرُّ بِهِ هَكَذَا: Menh0009-0681-0001.jpg وَمِثَالُ التَّمَاثُلِ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَعَمٍّ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ أَقَرَّتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ بِشَقِيقَةٍ وَأَنْكَرَهَا الْأُمُّ وَالْعَمُّ تَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ أَيْضًا فَتَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا وَالْخَارِجُ مِنْ قَسْمِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَاحِدٌ فَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَلِلْعَمِّ وَاحِدٌ وَلِلْمُقِرَّةِ وَاحِدٌ، وَلَوْ أَنْكَرَتْ كَانَ لَهَا ثَلَاثَةٌ فَقَدْ نَقَصَهَا إقْرَارُهَا اثْنَانِ تَأْخُذُهُمَا الْمُقَرُّ بِهَا وَهَكَذَا: Menh0009-0681-0002.jpg (وَ) إنْ كَانَ الْوَارِثُ الثَّابِتُ ابْنًا أَوْ بِنْتًا وَ (أَقَرَّ ابْنٌ) ثَابِتٌ (بِبِنْتٍ) وَأَنْكَرَتْهَا الْبِنْتُ الثَّابِتَةُ (وَ) أَقَرَّتْ (بِنْتٌ) ثَابِتَةٌ (بِابْنٍ) وَأَنْكَرَ الِابْنُ الثَّابِتُ وَالْمُقَرُّ بِهِمَا كُلٌّ مِنْهُمَا يُنْكِرُ الْآخَرَ فَتَصِحُّ فَرِيضَةُ الْإِنْكَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ (وَإِقْرَارُهُ) أَيْ الِابْنِ بِالْبِنْتِ يَصِحُّ (مِنْ أَرْبَعَةٍ وَهِيَ) أَيْ الْبِنْتُ يَصِحُّ إقْرَارُهَا (مِنْ خَمْسَةٍ) وَالثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ وَالْخَمْسَةُ مُتَبَايِنَةٌ (فَتَضْرِبُ) يَا حَاسِبُ (أَرْبَعَةً فِي خَمْسَةٍ) بِعِشْرِينَ (ثُمَّ) تَضْرِبُ الْعِشْرِينَ (فِي ثَلَاثَةٍ) بِسِتِّينَ وَالْخَارِجُ مِنْ قِسْمَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ عِشْرُونَ وَعَلَى خَمْسَةٍ اثْنَا عَشَرَ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلِلِابْنِ اثْنَانِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ بِثَلَاثِينَ، وَلَوْ أَنْكَرَ لَكَانَ لَهُ اثْنَانِ فِي عِشْرِينَ بِأَرْبَعِينَ فَقَدْ نَقَصَهُ إقْرَارُهُ عَشَرَةً فَ (يَرُدُّ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ أَيْ يَدْفَعُ (الِابْنُ) الجزء: 9 ¦ الصفحة: 681 وَهِيَ ثَمَانِيَةً وَإِنْ أَقَرَّتْ زَوْجَةٌ حَامِلٌ، وَأَحَدُ أَخَوَيْهِ أَنَّهَا وَلَدَتْ حَيًّا، فَالْإِنْكَارُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ كَالْإِقْرَارِ، وَفَرِيضَةُ الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ: تُضْرَبُ فِي ثَمَانِيَةٍ،   [منح الجليل] الثَّابِتُ الْمُقِرُّ لِلْبِنْتِ الَّتِي أَقَرَّ هُوَ بِهَا (عَشَرَةً) وَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ بِهَا، وَلَوْ أَنْكَرَتْ لَكَانَ لَهَا وَاحِدٌ فِي عِشْرِينَ فَقَدْ نَقَصَهَا إقْرَارُهَا ثَمَانِيَةً (وَهِيَ) أَيْ الْبِنْتُ الثَّابِتَةُ الْمُقِرَّةُ تَرُدُّ إلَى الِابْنِ الَّذِي أَقَرَّتْ هِيَ بِهِ (ثَمَانِيَةً) هَكَذَا: Menh0009-0682-0001.jpg (وَإِنْ) مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَشَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ فَ (أَقَرَّتْ زَوْجَةٌ حَامِلٌ وَأَحَدُ أَخَوَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (أَنَّهَا) أَيْ الزَّوْجَةَ (وَلَدَتْ) مِنْ حَمْلِهَا ابْنًا (حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً ثُمَّ مَاتَ وَأَكْذَبَهُمَا الشَّقِيقُ الْآخَرُ (فَالْإِنْكَارُ) يَصِحُّ (مِنْ ثَمَانِيَةٍ) وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فَقَالَ (كَالْإِقْرَارِ) فَيَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ مَقَامِ ثُمُنِ الزَّوْجَةِ لَهَا وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فَتَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا (وَفَرِيضَةُ الِابْنِ) الْمُقَرِّ بِهِ تَصِحُّ (مِنْ ثَلَاثَةٍ) لِأَنَّهُ تَرَكَ أُمًّا وَعَمَّيْنِ وَسِهَامُهُ مِنْ الْأُولَى سَبْعَةٌ تُبَايِنُ الثَّلَاثَةَ فَ (تُضْرَبُ) الثَّلَاثَةُ فِي ثَمَانِيَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْخَارِجُ مِنْ قِسْمَتِهَا عَلَى الثَّمَانِيَةِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةٌ فَلِلشَّقِيقِ الْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ، وَلِلشَّقِيقِ الْمُقِرِّ مِنْ فَرِيضَةِ الِابْنِ وَاحِدٌ فِي سَبْعَةٍ وَلَوْ أَنْكَرَ كَأَخِيهِ لَكَانَ لَهُ تِسْعَةٌ فَقَدْ نَقَصَهُ إقْرَارُهُ اثْنَيْنِ تَأْخُذُهُمَا الزَّوْجَةُ مَعَ الرُّبُعِ فَيَجْتَمِعُ لَهَا ثَمَانِيَةٌ، وَكَانَ الْوَاجِبُ لَهَا بِحَسَبِ إقْرَارِهَا عَشَرَةً ثَلَاثَةً مِنْ فَرِيضَةِ زَوْجِهَا وَسَبْعَةً مِنْ فَرِيضَةِ ابْنِهَا، فَقَدْ ظَلَمَهَا الْأَخُ الْمُنْكِرُ فِي اثْنَيْنِ وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0682-0002.jpg فِي الذَّخِيرَةِ قِيلَ لِأَصْبَغَ تُوُفِّيَ رَجُلٌ عَنْ أَخَوَيْنِ وَزَوْجَةٍ حَامِلٍ وَلَدَتْ ابْنًا وَقَالَتْ وَلَدْته حَيًّا وَقَدْ اسْتَهَلَّ وَصَدَّقَهَا أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهَا الْآخَرُ فَقَالَ هِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ فَرِيضَةَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 682 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْإِنْكَارِ تَنْقَسِمُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَفَرِيضَةُ الْإِقْرَارِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا، فَتَكْتَفِي بِإِحْدَاهُمَا وَفَرِيضَةُ الِابْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَسِهَامُهُ سَبْعَةٌ تَنْكَسِرُ عَلَيْهَا وَتُبَايِنُهَا فَتَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي ثَمَانِيَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمَرْأَةِ فِي الْإِنْكَارِ الرُّبُعُ سِتَّةٌ الْبَاقِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، لِكُلِّ أَخٍ تِسْعَةٌ وَلَهَا فِي الْإِقْرَارِ الثُّمُنُ وَلِلِابْنِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ عَمَّيْهِ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ سَبْعَةٌ، وَلِكُلِّ أَخٍ سَبْعَةٌ يَفْضُلُ بِيَدِ الْمُصَدِّقِ سَهْمَانِ يَدْفَعُهُمَا إلَى الْأُمِّ فَيَصِيرُ بِيَدِهَا ثَمَانِيَةٌ وَبِيَدِ الْمُصَدِّقِ سَبْعَةٌ وَبِيَدِ الْمُنْكِرِ تِسْعَةٌ اهـ. فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ، إذْ الْمَرْأَةُ زَادَتْ سِهَامُهَا بِهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ الْإِقْرَارُ إلَى الْإِرْثِ بِوَجْهٍ آخَرَ كَمَا هُنَا، فَإِنَّ إقْرَارَ الزَّوْجَةِ أَدَّى إلَى إرْثِهَا بِجِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْأُمُومَةُ فَهِيَ فِي حَالِ إقْرَارِهَا تَرِثُ ثَلَاثَةً بِالزَّوْجِيَّةِ وَسَبْعَةً بِالْأُمُومَةِ، وَتَرِثُ فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ سِتَّةً بِالزَّوْجِيَّةِ فَقَطْ فَقَدْ زَادَهَا إقْرَارُهَا أَرْبَعَةً غَصَبَهَا الْأَخُ الْمُنْكِرُ اثْنَيْنِ مِنْهَا وَبَقِيَتْ لَهَا ثَمَانِيَةٌ. طفي فِي الْإِقْرَارِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ وَمَسَائِلُ مُتَشَعِّبَةٌ مَنْ أَرَادَهَا فَعَلَيْهِ بِالْحَوْفِيِّ وَشُرَّاحُهُ. ابْنُ خَرُوفٍ بَابُ الْإِقْرَارِ ثُلُثُ عِلْمِ الْفَرَائِضِ وَفِيهِ عَجَائِبُ مِنْ الْفِقْهِ الْبُنَانِيُّ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ الْمَسْأَلَةُ الْمُلَقَّبَةُ بِعَقْرَبٍ تَحْتَ طُوبَةٍ وَصُورَتُهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ أَقَرَّتْ الْأُخْتُ بِبِنْتٍ وَأَكْذَبَهَا الزَّوْجُ وَالْأُمُّ فَيَصِحُّ الْإِنْكَارُ مِنْ سِتَّةٍ، وَالْإِقْرَارُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، فَاقْتَضَى إقْرَارُ الْأُخْتِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا وَإِنْ لِلْبِنْتِ سِتَّةٌ وَلِلْغَاصِبِ وَاحِدٌ فَيُقْسَمُ نَصِيبُهَا عَلَى سَبْعَةٍ وَهُوَ وَاحِدٌ مُبَايِنٌ لَهَا فَتَضْرِبُ سَبْعَةً فِي سِتَّةٍ بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0683-0001.jpg وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِغَفْلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا عَمَّا أَقَرَّتْ بِهِ لِلْعَاصِبِ. الثَّانِي: الْعَصْنُونِيُّ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلزَّوْجَةِ، بَلْ كُلُّ امْرَأَةٍ حَامِلٌ كَذَلِكَ كَانَتْ زَوْجَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ أُمًّا أَوْ زَوْجَةَ أَبٍ أَوْ ابْنٍ أَوْ غَيْرَهَا. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 683 وَإِنْ أَوْصَى بِشَائِعٍ: كَرُبْعٍ، أَوْ جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ، أُخِذَ مَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ إنْ انْقَسَمَ الْبَاقِي عَلَى الْفَرِيضَةِ كَابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ،   [منح الجليل] وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ فَلَهُ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ شَمِلَ صُورَتَيْنِ وَهُمَا نَقْصُ الْإِقْرَارِ بَعْضَ نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَإِسْقَاطُهُ نَصِيبَ الْمُقِرِّ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَسْأَلَةِ عَقْرَبٍ تَحْتَ طُوبَةٍ. الرَّابِعُ أَقْسَامُ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ آخَرَ أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا إسْقَاطُ نَصِيبِ الْمُقِرِّ بِأَنْ يُقِرَّ بِوَارِثٍ يَحْجُبُهُ كَعَقْرَبٍ تَحْتَ طُوبَةٍ، وَكَأَخَوَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنٍ فَيَدْفَعُ الْمُقِرُّ لِلْمُقَرِّ بِهِ جَمِيعَ نَصِيبِهِ الثَّانِي تَنْقِيصُهُ كَأَخَوَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ فَيُعْطِيهِ ثُلُثَ نَصِيبِهِ. الثَّالِثُ زِيَادَتُهُ نَصِيبَ الْمُقِرِّ كَإِقْرَارِ الزَّوْجَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَكَزَوْجٍ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ فَأَقَرَّ الْأَخُ لِأَبٍ بِبِنْتٍ فَمِيرَاثُ الْمُقِرِّ عَلَى الْإِنْكَارِ السُّدُسُ وَعَلَى الْإِقْرَارِ الرُّبُعُ، فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ لِاتِّهَامِهِ فِيهِ. الرَّابِعُ مَا لَمْ يَنْقُصْ وَلَمْ يَسْقُطْ وَلَمْ يَزِدْ فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ وَأَقَرَّتْ بِابْنٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهَا الثُّمُنُ مَعَ الِابْنِ وَمَعَ الِابْنَيْنِ وَكَأُخْتٍ وَزَوْجٍ أَقَرَّ بِأَخٍ؛ لِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ كَأَنَّ لَهَا أَخَا أَمْ لَا، فَالْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَخِيرَانِ مَفْهُومُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَإِنْ أَوْصَى) الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ (بِ) جُزْءٍ (شَائِعٍ) فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ مُنْطِقٌ (كَرُبُعٍ) أَوْ ثُلُثٍ لَهَا (أَوْ) أَصَمُّ كَ (جُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ) أَوْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (أُخِذَ) أَيْ اسْتَخْرَجَ الْحَاسِبُ (مَخْرَجُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ أَيْ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمْكِنُ خُرُوجُ (الْوَصِيَّةِ مِنْهُ) أَيْ الْجُزْءِ أَوْ الْأَجْزَاءِ الْمُوصَى بِهَا صَحِيحَةٌ، كَاسْتِخْرَاجِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مَقَامِ الْفَرْضِ أَوْ الْفُرُوضِ الَّتِي بِهَا بَعْدَ تَصْحِيحِ الْفَرِيضَةِ بِلَا وَصِيَّةٍ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ الْجُزْءُ أَوْ الْأَجْزَاءُ الْمُوصَى بِهَا وَيُحْفَظُ الْبَاقِي. (ثُمَّ) يُنْظَرُ هَلْ يَنْقَسِمُ الْبَاقِي عَلَيْهَا أَمْ لَا فَ (إنْ انْقَسَمَ الْبَاقِي) مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ (عَلَى الْفَرِيضَةِ) صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرِيضَةُ مِنْ الْمَقَامِ فَاجْعَلْهُ جَامِعَةً، وَأَخْرِجْ مِنْهُ الْجُزْءَ وَالْأَجْزَاءَ الْمُوصَى بِهَا وَاقْسِمْ بَاقِيَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ (كَابْنَيْنِ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ) فَصَحِّحْ الْمَسْأَلَةَ أَوَّلًا بِلَا وَصِيَّةٍ مِنْ اثْنَيْنِ مَكْتُوبًا عَلَى الضِّلْعِ، وَمَا لِكُلِّ وَارِثٍ تَحْتَهُ فِي الْمُرَبَّعِ الَّذِي يُقَابِلُهُ، وَاعْتَبِرْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 684 فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا وُفِّقَ بَيْنَ الْبَاقِي وَالْمَسْأَلَةِ، وَاضْرِبْ الْوَفْقَ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ؛ كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ، وَإِلَّا فَكَامِلُهَا، كَثَلَاثَةٍ،   [منح الجليل] مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّهُ مَخْرَجُ الثُّلُثِ، وَأَخْرِجْ مِنْهُ وَاحِدًا لِلْمُوصَى لَهُ مَكْتُوبًا تَحْتَ الضِّلْعِ الْأَوَّلِ، وَاكْتُبْهُ فِي الْمُرَبَّعِ الَّذِي يُقَابِلُهُ تَحْتَ الضِّلْعِ الثَّانِي وَبَاقِيهِ اثْنَانِ، وَتَصِحُّ الْفَرِيضَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالْبَاقِي اثْنَانِ مُنْقَسِمَانِ عَلَى الْفَرِيضَةِ، فَأَعْطِ كُلَّ ابْنٍ وَاحِدًا مَكْتُوبًا فِي الرُّبُعِ الَّذِي يُقَابِلُهُ تَحْتَ الْجَامِعَةِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0685-0001.jpg (فَ) عَمَلُ هَذَا الْقَسَمِ (وَاضِحٌ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ بَاقِي الْوَصِيَّةِ عَلَى الْفَرِيضَةِ (فَوَفِّقْ) يَا حَاسِبُ (بَيْنَ الْبَاقِي) مِنْ الْمَقَامِ (وَمَا) أَيْ الْعَدَدِ الَّذِي (صَحَّتْ) الْمَسْأَلَةُ (مِنْهُ) أَيْ اُنْظُرْ هَلْ بَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ أَوْ مُبَايَنَةٌ، فَإِنْ كَانَا مُتَوَافِقَيْنِ فَ (اضْرِبْ الْوَفْقَ) أَيْ الْجُزْءَ الَّذِي تَوَافَقَا بِهِ مِنْ الْفَرِيضَةِ (فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ) فَمَا خَرَجَ بِالضَّرْبِ تَصِحُّ مِنْهُ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرِيضَةُ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَقَامِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْفَرِيضَةِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْفَرِيضَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي وَفْقِ الْبَاقِي (كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ) أَيْ بَنِينَ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ فَتُصَحَّحُ الْفَرِيضَةُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالْمَقَامُ ثَلَاثَةٌ وَبَاقِيهِ اثْنَانِ مُوَافِقَانِ لِلْأَرْبَعَةِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ وَلِكُلِّ ابْنٍ وَاحِدٍ فِي وَاحِدٍ وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0685-0002.jpg (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقْ الْبَاقِي وَالْفَرِيضَةُ (فَ) اضْرِبْ (كَامِلَهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ فِي مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الضَّرْبِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرِيضَةُ مِنْهُ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ يُضْرَبُ لَهُ فِي الْفَرِيضَةِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي الْفَرِيضَةِ يُضْرَبُ لَهُ فِي الْبَاقِي (كَثَلَاثَةٍ) مِنْ الْبَنِينَ وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ فَتُصَحَّحُ الْفَرِيضَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْمُخْرَجُ ثَلَاثَةٌ وَبَاقِيهِ اثْنَانِ مُبَايِنَانِ لِلْفَرِيضَةِ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةٌ فِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 685 وَإِنْ أَوْصَى بِسُدُسٍ وَسُبُعٍ، ضُرِبَتْ سِتَّةٌ فِي سَبْعَةٍ ثُمَّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ،   [منح الجليل] ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ فَلِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَقَامِ فِي ثَلَاثَةٍ وَلِلْوَرَثَةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ لِكُلِّ ابْنٍ اثْنَانِ، وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0686-0001.jpg (وَإِنْ أَوْصَى) الْحُرُّ الْمُمَيِّزُ الْمَالِكُ (بِسُدُسٍ وَسُبُعٍ ضُرِبَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (سِتَّةٌ) مَخْرَجُ السُّدُسِ (فِي سَبْعَةٍ) مَخْرَجِ السُّبُعِ لِتَبَايُنِهِمَا بِاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ فَهِيَ مَخْرَجُ السُّدُسِ وَالسُّبُعِ وَأَخْرِجْ مِنْهُ سُدُسَهُ سَبْعَةً وَسُبُعَهُ سِتَّةً وَمَجْمُوعُهُمَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَالْبَاقِي تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ (ثُمَّ) يُعْرَضُ الْبَاقِي عَلَى مَا تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ، فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهَا وَكَتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ ابْنًا أَوْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ابْنًا وَبِنْتًا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالْفَرِيضَةُ مِنْ الِاثْنَيْنِ، وَالْأَرْبَعِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ عَلَيْهَا وَبَايَنَهَا كَثَلَاثَةِ بَنِينَ فَاضْرِبْ الِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعِينَ (فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ) ثَلَاثَةٍ يَخْرُجُ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَعِشْرُونَ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ سَبْعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّبُعِ سِتَّةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلِكُلِّ ابْنٍ وَاحِدٍ فِي تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0686-0002.jpg (أَوْ) فِي (وَفْقِهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ إنْ وَافَقَهَا الْبَاقِي كَثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ ابْنًا فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ وَالْأَرْبَعِينَ فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ الْفَرِيضَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ، فَمِنْهَا تَصِحُّ الْوَصِيَّتَانِ وَالْفَرِيضَةُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّدُسِ سَبْعَةٌ فِي اثْنَيْنِ وَفْقَ الْمَسْأَلَةِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالسُّبُعِ سِتَّةٌ فِيهِمَا، وَلِكُلِّ ابْنٍ وَاحِدٌ فِي وَاحِدٍ وَفْقَ الْبَاقِي هَكَذَا: Menh0009-0686-0003.jpg (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: اُحْتُرِزَ بِالشَّائِعِ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ، فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِعَمَلٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 686 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي: الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ مِنْ مَخْرَجٍ وَيَكُونُ ضَمِيرُ أَخَذَ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ لِلشَّائِعِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَصَدَ الْمُصَنِّفُ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ فِي إخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ مِنْ فَرِيضَةِ الْمُوصِي بِعَمَلٍ وَاحِدٍ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ كَيْفِيَّةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ تَزِيدَ عَلَى الْفَرِيضَةِ جُزْءَ مَا قَبْلَ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ أَبَدًا، فَإِنْ كَانَتْ بِالثُّلُثِ زِدْتَ عَلَيْهَا نِصْفَهَا؛ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ ثَلَاثَةٌ وَالْمَخْرَجُ الَّذِي قَبْلَهُ اثْنَانِ مَخْرَجُ النِّصْفِ وَإِنْ كَانَتْ بِرُبُعٍ زِدْتَ عَلَيْهَا ثُلُثَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِخُمُسٍ زِدْتَ عَلَيْهَا رُبُعَهَا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مُسَمًّى وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ كَنِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ مَفْتُوحًا أَوْ أَصَمَّ نَحْوُ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ، وَلَهُ وَرَثَةٌ. فَلِلْعَمَلِ طَرِيقَانِ الْأَوَّلُ فِي الْجَوَاهِرِ تُصَحِّحُ فَرِيضَةَ الْمِيرَاثِ ثُمَّ تَجْعَلُ جُزْءَ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ تَنْقَسِمُ عَلَى أَصْحَابِ الْوَصَايَا فَرِيضَةً بِرَأْسِهَا، وَتُخْرِجُ الْوَصِيَّةَ وَتَنْظُرُ الْبَاقِيَ مِنْ فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ عَلَى فَرِيضَةِ الْوَرَثَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ نَظَرْنَا بَيْنَهُمَا وَاعْتَبَرْنَا إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَإِنْ تَبَايَنَا ضَرَبْنَا فَرِيضَةَ الْوَرَثَةِ فِي فَرِيضَةِ الْوَصِيَّةِ، وَمِنْهُ تَصِحُّ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ الْجُزْءَ الْمُوصَى بِهِ وَتَعْرِضَ الْبَاقِيَ، عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ انْكَسَرَ عَلَيْهَا فَزِدْ عَلَى الْفَرِيضَةِ مِثْلَ نِسْبَةِ الْوَاحِدِ لِلْمَقَامِ الَّذِي قَبْلَ مَقَامِ الْوَصِيَّةِ، فَمَا اجْتَمَعَ فَمِنْهُ تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ وَالْوَصِيَّةُ، فَإِنْ كَانَتْ بِالثُّلُثِ فَزِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ نِصْفَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِالرُّبُعِ فَزِدْ عَلَيْهَا ثُلُثَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِالْخُمُسِ فَزِدْ عَلَيْهَا رُبُعَهَا، وَهَكَذَا إلَى الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ فَزِدْ عَلَيْهَا عُشْرَهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَزِدْ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ بِالنِّصْفِ فَزِدْ عَلَيْهَا مِثْلَهَا؛ لِأَنَّ النِّصْفَ أَكْبَرُ الْأَجْزَاءِ، وَأَوَّلُهَا وَقَبْلُهُ الْوَاحِدُ فَجَعَلْنَا سِهَامَ الْفَرِيضَةِ فَرِيضَةً، وَزِدْنَا عَلَيْهَا مِثْلَهَا اهـ. ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ فِي تَرْتِيبِ حِسَابِ الْوَصَايَا فَقِيلَ تُجْعَلُ أَصْلُ الْفَرِيضَةِ الْمَخْرَجَ الَّذِي تَقُومُ مِنْهُ الْوَصَايَا فَتَخْرُجُ الْوَصَايَا مِنْهُ، وَتَقْسِمُ مَا بَقِيَ مِنْهُ عَلَى الْوَرَثَةِ إنْ انْقَسَمَ وَإِلَّا ضَرَبْته حَتَّى يَصِحَّ الْبَاقِي بَيْنَهُمْ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَالْأَسْهَلُ، وَقِيلَ تَصْحِيحُ الْفَرِيضَةِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ وَتَحَمُّلٍ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 687 وَلَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ، وَتَوْأَمَاهَا شَقِيقَانِ،   [منح الجليل] عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ مِنْ جَمِيعِهَا، وَالْمَرْجِعُ وَاحِدٌ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ وَأَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ وَنِصْفِهِ. وَأَجَازَهَا الْوَرَثَةُ ، وَمَخْرَجُ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ سِتَّةٌ لِلنِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثُّلُثِ اثْنَانِ يَبْقَى وَاحِدٌ مُنْكَسِرٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ مُبَايِنٌ لَهَا اضْرِبْهَا فِي السِّتَّةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0688-0001.jpg وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لِلْوَصِيَّتَيْنِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْبَنِينَ سَهْمٌ وَسِهَامُهُمْ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ ثَلَاثَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَمْثَالِهَا وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ لِلْوَصَايَا، وَيَكُونُ لِكُلِّ ابْنٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَاحِدٌ وَلَا يَخْرُجُ لِلْوَصَايَا إلَّا مَا حَمَلْت خَاصَّةً، الرَّابِعُ فِي الْجَوَاهِرِ لَوْ أَوْصَى بِجُزْأَيْنِ ضَرَبْت مَخْرَجَ أَحَدِهِمَا فِي مَخْرَجِ الْآخَرِ إنْ تَبَايَنَا، وَفِي وَفْقِهِ إنْ تَوَافَقَا فَمَا اجْتَمَعَ مِنْ الضَّرْبِ فَهُوَ مَخْرَجُ الْوَصِيَّتَيْنِ جَمِيعًا، فَإِذَا أَخْرَجْت جُزْءَ الْوَصِيَّتَيْنِ مِنْهُ ثُمَّ قَسَمَتْ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَرِيضَةِ فَإِنْ انْقَسَمَ وَإِلَّا ضَرَبْت مَا انْتَهَى إلَيْهِ الضَّرْبُ فِي عَدَدِ سِهَامِ الْمَسْأَلَةِ إنْ بَايَنَهَا الْبَاقِي، وَفِي وَفْقِهَا إنْ وَافَقَهَا فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ يَصِحُّ حِسَابُ الْوَصِيَّتَيْنِ وَالْفَرِيضَةِ، كَمَنْ تَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُدُسِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِسُبُعِهِ اهـ. وَلِعَمَلِ الْوَصِيَّةِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ. (وَلَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ) زَوْجَتَهُ الَّتِي لَاعَنَهَا (وَ) لَا تَرِثُ (مُلَاعِنَةٌ) زَوْجَهَا الَّذِي لَاعَنَهَا لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ لِعَانِهَا (وَتَوْأَمَاهَا) أَيْ وَلَدَا الْمُلَاعَنَةِ مِنْ الْحَمْلِ الَّذِي نَفَاهُ الزَّوْجُ وَلَاعَنَهَا بِسَبَبِهِ (شَقِيقَانِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَاسْتَشْكَلَ نَسَبُهُمَا عَنْ أَبِيهِمَا بِلِعَانِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ، وَلِذَا إنْ اسْتَلْحَقَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ كَمَا تَقَدَّمَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 688 وَلَا رَقِيقٌ، وَلِسَيِّدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ جَمِيعُ إرْثِهِ، وَلَا يُورَثُ إلَّا الْمُكَاتَبُ   [منح الجليل] الْخَرَشِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ اللِّعَانُ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَإِنْ الْتَعَنَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ تَوَارَثَا وَلَا تَوَارَثَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَلَدِهِ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ، سَوَاءٌ الْتَعَنَتْ أَمْ لَا، وَتَرِثُ وَلَدَهَا وَيَرِثُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَتَوْأَمَاهَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى أَنَّهُمَا شَقِيقَانِ، وَتَوْأَمَا الْمَسْبِيَّةِ وَالْمُسْتَأْمَنَةِ شَقِيقَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَتَوْأَمَا الزَّانِيَةِ وَالْمُغْتَصَبَةِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ. (وَلَا) يَرِثُ (رَقِيقٌ) وَلَا يُورَثُ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ (وَلِسَيِّدِ) الرَّقِيقِ (الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ (بَعْضُهُ) نَائِبُ فَاعِلِ مُعْتَقٍ وَمُبْتَدَأُ السَّيِّدِ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ (جَمِيعُ إرْثِهِ) أَيْ تَرِكَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ بِالْمِلْكِ الَّتِي تُورَثُ عَنْهُ لَوْ كَانَ حُرًّا (إلَّا الْمُكَاتَبَ) الَّذِي مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَرِثُهُ مَنْ مَعَهُ فِيهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ مِمَّا تَرَكَهُ فَإِنْ كَانَ ابْنًا أَخَذَ الْبَاقِيَ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِنْتًا أَوْ أُخْتًا أَخَذَتْ نِصْفَ الْبَاقِي وَأَخَذَ السَّيِّدُ الْبَاقِيَ. ابْنُ يُونُسَ بِالْوَلَاءِ الْقَاضِي بِالرِّقِّ. (تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْكَافِرُ وَسَيِّدُهُ مُسْلِمٌ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ كَافِرًا فَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَهْلُ دِينِهِ مَالُهُ لَهُ وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ. الثَّانِي: إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ كَافِرًا فَإِنْ كَانَ خَرَجَ عَنْ يَدِهِ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ فَمَالُهُ لَهُ. الثَّالِثُ: فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَكَاتَبَهُ الثَّانِي وَتَمَسَّكَ الثَّالِثُ بِالرِّقِّ وَمَاتَ الْعَبْدُ فَمِيرَاثُهُ بَيْنَ الْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ وَبَيْنَ الْمُكَاتَبِ عَلَى رَدِّهِ مَا كَانَ أَخَذَ مِنْ كِتَابَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَمَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. الرَّابِعُ: عَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ اللِّعَانِ: وَمَا بَعْدَهُ بِالْمَوَانِعِ، وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ إمَّا اخْتِصَارًا وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُعْتَادُ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا النَّحْوِ، وَإِمَّا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 689 وَلَا قَاتِلٌ عَمْدًا عُدْوَانًا؛ وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ،   [منح الجليل] لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي اللِّعَانِ الْأَكْثَرُ، إنَّمَا يُعَلِّلُونَ نَفْيَ الْحُكْمِ بِوُجُودِ مَانِعِهِ إذَا كَانَ السَّبَبُ مَوْجُودًا وَالسَّبَبُ الَّذِي هُوَ الزَّوْجِيَّةُ مَعْدُومٌ هُنَا فَلِمَ جَعَلَ اللِّعَانَ مَانِعًا مِنْ الْمِيرَاثِ قُلْت إنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِلنَّصِّ عَلَى بَقَاءِ الْإِرْثِ بَيْنَ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدِهَا. (وَلَا) يَرِثُ (قَاتِلُ) مُوَرِّثِهِ (عَمْدًا عُدْوَانًا) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ ظُلْمًا مِنْ مَالِ مَقْتُولِهِ وَلَا مِنْ دِيَتِهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِشُبْهَةٍ تُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصَ، بَلْ (وَإِنْ أَتَى) الْقَاتِلُ (بِشُبْهَةٍ) تُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصَ. طفي وَلَوْ عَفَا عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُكْرَهًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ بَالِغًا عَاقِلًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَشَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّة لِلْفَاسِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ، خِلَافُ مَا حَكَاهُ " ج ". عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ بِلَا شُبْهَةٍ لَا يَرِثُ مِنْ مَالٍ وَلَا دِيَةٍ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا اهـ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، وَإِنْ صَدَّرَ بِهِ وَأَقَرَّهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عُدْوَانًا عَنْ الْعَمْدِ غَيْرِ الْعَمْدِ، وَإِنْ كَقَتْلِ الْحَاكِمِ وَلَدَهُ قِصَاصًا أَوْ أَمَرَهُ أَحَدٌ بِقَتْلِ مُوَرِّثِهِ قِصَاصًا وَكَقَتْلِ الدَّافِعِ عَنْ نَفْسِهِ مُوَرِّثَهُ، فَلَوْ طَلَبَ لِصٌّ رَجُلًا مِنْ وَرَثَتِهِ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَوَرِثَ الْمَطْلُوبُ الطَّالِبَ لَا عَكْسُهُ، وَكَقَتْلِ الْمُتَأَوِّلِ. فَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ بِتَأْوِيلٍ وَفِي إحْدَاهُمَا قَرَابَةٌ لِلْأُخْرَى فَقُتِلَ بَعْضُهُمَا فَاَلَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ تَوَارُثُهُمْ كَتَوَارُثِ أَهْلِ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ لِقَوْلِ النَّوَادِرِ إذَا قَتَلَ الْأَبَوَانِ ابْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ وَسَقَطَ عَنْهُمَا الْقَتْلُ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَرِثَانِ مِنْهَا وَلَا مِنْ الْمَالِ. اهـ. وَعَلَّلَ عَدَمَ إرْثِ الْقَاتِلِ بِمُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ إذْ لَوْ وَرِثَ لَأَدَّى لِخَرَابِ الْعَالَمِ، وَبِأَنَّ مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ، وَلَا يُقَالُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ أَنَّ الْقَاتِلَ قَطَعَ أَجَلَ الْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي اعْتِقَادِ الْقَاتِلِ. ابْنُ حَجَرٍ أَيْ نَظَرُ الْمَظِنَّةِ الِاسْتِعْجَالُ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَاتَ بِأَجَلِهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ. الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ عج عَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عِلَاقٍ، وَذَكَرَ مُقَابِلَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا غَيْرُ، ثُمَّ قَالَ يَرِدُ هُنَا إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ هَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الْبَالِغِ دُونَ الصَّبِيِّ، وَفِي الْعَاقِلِ دُون الجزء: 9 ¦ الصفحة: 690 كَمُخْطِئٍ مِنْ الدِّيَةِ،   [منح الجليل] الْمَجْنُونِ. وَأَجَابَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمُرَاهِقِ أَنْ يَتَصَابَى وَهُوَ بَالِغٌ أَوْ يَتَجَانَّ وَهُوَ عَاقِلٌ. وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِرْثِ فَقَالَ (كَ) قَاتِلٍ (مُخْطِئٍ) فَلَا يَرِثُ (مِنْ الدِّيَةِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْ الْمَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (تَنْبِيهٌ) فِي التَّوْضِيحِ الْمَذْهَبُ أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ وَقَاتِلَ الْخَطَأِ يَرِثَانِ الْوَلَاءَ وَيُورَثُ عَنْهُمَا لِمَنْ يَرِثُهُمَا. طفي أَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْحُوفِيُّ وَالتِّلْمِسَانِيُّ وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهُ وَنَسَبَ الْفَاسِيُّ مُقَابِلَهُ لِأَصْبَغَ السُّنُوسِيِّ فِي شَرْحِ الْحَوفِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَقْلُ هَذَا عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرُ صَحِيحٍ. أَصْبَغُ لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ الْوَلَاءَ. ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. الْعُقْبَانِيُّ إنْكَارُ الْخِلَافِ فِي هَذَا صَعْبٌ، وَيَلْزَمُهُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ قَرِيبًا لَهُ حَاجِبًا لَهُ عَنْ إرْثِ قَرِيبٍ آخَرَ أَنْ لَا يَرِثَ الْقَاتِلُ ذَلِكَ الْقَرِيبَ الْآخَرَ، وَمِنْ الْحُفَّاظِ مَنْ نَقَلَ فِي الْوَلَاءِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ يُفَرَّقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ تُهْمَةُ مِثْلِ كَوْنِ الْعَتِيقِ شَيْخًا وَفِيهَا وَالْمَقْتُولُ صَغِيرًا وَبَيْنَ عَكْسِ هَذَا اهـ كَلَامُ السَّنُوسِيِّ. وَمَعْنَى إرْثِ الْوَلَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا كَانَ لَهُ مَوْلَى أَسْفَلَ وَكَانَ الْقَاتِلُ مِمَّنْ يَنْجَرُّ إلَيْهِ وَلَاءُ ذَلِكَ الْمَوْلَى بِوَاسِطَةِ الْمَقْتُولِ، فَإِنَّ قَتْلَهُ إيَّاهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ انْجِرَارِ الْوَلَاءِ إلَيْهِ كَمَا مَنَعَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، كَذَا فَسَّرَهُ شُرَّاحُ الْحَوفِيِّ والتِّلِمْسَانِيُّ الْعَصْنُونِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، فَكَمَا لَا يَسْقُطُ النَّسَبُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا كَانَ أَوْ خَطَأً فَكَذَا لَا يَسْقُطُ الْوَلَاءُ بِهِمَا. اهـ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفَاسِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ سَبَبٌ وَلَيْسَ بِمَالٍ. اهـ. وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ بِالْكَسْرِ إذَا قَتَلَ عَتِيقَهُ عَمْدًا يَرِثُهُ، بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ عَمْدًا وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّهُ سَبَبٌ وَلَيْسَ بِمَالٍ، وَهُنَا تَمَحَّضَ إرْثُ الْمَالِ وَصَرَّحَ بِهَذَا عج، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُنَانِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْ نَفْيِ الْخِلَافِ فِيمَا قَالَهُ أَصْبَغُ مَا نَصُّهُ عِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَلَاءَ يُورَثُ عَنْ الْمُعْتِقِ كَمَا يُورَثُ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 691 وَلَا مُخَالِفٌ فِي دَيْنٍ كَمُسْلِمٍ مَعَ مُرْتَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ،   [منح الجليل] عَنْهُ مَالُهُ فَيَكُونُ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ مَوَالِيهِ إذَا مَاتُوا مَنْ وُرِّثَ عَنْهُ مَالُهُ عَلَى مَا قَضَى بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لِطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ وَرِثَ عَائِشَةَ دُونَ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ أَخَا عَائِشَةَ لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا، وَكَانَ مُحَمَّدٌ وَالِدُ الْقَاسِمِ أَخَاهَا لِأَبِيهَا دُونَ أُمِّهَا، وَاَلَّذِي يَأْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قِيَاسِ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِمِيرَاثِ مَوْلَاهُ أَقْرَبُ النَّاسِ لِلْمَقْتُولِ يَوْمَ مَاتَ الْمَوْلَى. ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت وَلِأَجْلِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ خَارِجَةٌ عَنْ الْمَذْهَبِ تَوَاطَأَ الشُّيُوخُ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ يَرِثُ الْوَلَاءَ، وَقَرَّرُوهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْقَانُونِ وَالْمَسَالِكِ وَالْمُتَيْطِيُّ وَالْجَزِيرِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ وَابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ وَمِنْ الْفَرْضِيِّينَ ابْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ خَرُّوفٍ وَالْحُوفِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَنِسْبَةُ الْوَهْمِ إلَى هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ وَهْمٌ نَقَلَهُ الْبُسْتَانِيُّ، وَتَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّاجِعَ الْإِرْثُ بِهِ لَا نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ ثَبَتَ لَهُ كَالنَّسَبِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ. (وَلَا) يَرِثُ شَخْصٌ (مُخَالِفٌ) لِلْمَيِّتِ (فِي دِينٍ) فَلَا يَرِثُ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَا كَافِرٌ مُسْلِمًا، لِخَبَرِ «لَا تَوَارُثَ بَيْنَ مِلَّتَيْنِ» ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ فَقَالَ (كَمُسْلِمٍ مَعَ) قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلَى (مُرْتَدٍّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ (أَوْ) مُسْلِمٌ (مَعَ) كَافِرٍ قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلَى (غَيْرِهِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ كَيَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ " غ ". إنْ كَانَ أَرَادَ بِغَيْرِهِ الزِّنْدِيقَ وَالسَّاحِرَ كَمَا قِيلَ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ، وَيَعْضُدُهُ قَوْلُهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَظْهَرُ رِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهِ قَبْلُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ، وَقُتِلَ الْمُسْتَسِرُّ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهَا. طفي عَرَضَ بِالشَّارِحِ فَإِنَّهُ نَقَلَ الْخِلَافَ فِي الزِّنْدِيقِ وَالسَّاحِرِ، وَعَزَا عَدَمَ إرْثِهِمَا لِلْأَكْثَرِ، ثُمَّ قَالَ وَلِهَذَا قَالَ مَعَ مُرْتَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَتَنَاوَلَهُمَا، وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثُمَّ قَالَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 692 وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ نَصْرَانِيٍّ، وَسِوَاهُمَا مِلَّةٌ   [منح الجليل] ابْنُ رُشْدٍ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقْتَضِي أَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَرِوَايَةُ ابْنِ نَافِعٍ تَقْتَضِي أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا يَعْنِي الزِّنْدِيقَ، وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ يَتَنَاوَلُ أَحْسَنُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ غَازِيٍّ إنْ كَانَ أَرَادَ بِغَيْرِهِ إلَخْ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الْكَافِرَ أَصَالَةً مَعَ الْمُسْلِمِ، وَإِلَّا بَقِيَ عَلَيْهِ، وَلِذَا قَالَ عج يُحْتَمَلُ بَقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ شُمُولِهِ الزِّنْدِيقَ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ ابْنِ نَافِعٍ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الزِّنْدِيقِ بِقَرِينَةِ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّدَّةِ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ. ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -. (وَكَيَهُودِيٍّ مَعَ) قَرِيبٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ مَوْلَى (نَصْرَانِيٍّ وَسِوَاهُمَا) أَيْ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعٍ الْكُفْرُ كُلُّهُ (مِلَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ وَاحِدَةٌ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْإِسْلَامَ مِلَّةٌ وَالْيَهُودِيَّةَ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّةَ مِلَّةٌ، وَالْمَجُوسِيَّةَ وَمَا سِوَاهَا مِلَّةٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَا كِتَابَ لَهُمْ. ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ مَرْزُوقٍ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ غَيْرَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ مِلَلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمَّهَاتِ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ الْمِلَلِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ، وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَيْئًا» . ابْنُ شَاسٍ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَلَا بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا بَيْنَ أَهْلِ مِلَّةٍ وَأَهْلِ مِلَّةٍ أُخْرَى إنْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا، وَفِي التِّلْمِسَانِيَّة: أَجَلْ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَ مِلَّتَيْنِ ... وَإِنْ يَكُنْ هَذَا وَهَذَا كَافِرَيْنِ الْعَصْنُونِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْكُفَّارِ الْمُخْتَلِفَةِ أَدْيَانُهُمْ هَلْ هُمْ أَهْلُ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ فَيَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَوْ أَهْلُ مِلَلٍ فَلَا يَتَوَارَثُونَ، وَبِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: 17] وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَطْفُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا مِلَلٌ لِاقْتِضَائِهِ الْمُغَايَرَةَ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ} [البقرة: 113] الْآيَةَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 693 وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ، إنْ لَمْ يَأْبَ بَعْضٌ، إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضٌ فَكَذَلِكَ، إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ،   [منح الجليل] وَبِحَدِيثِ «لَا مِيرَاثَ بَيْنَ مِلَّتَيْنِ» ، وَبِقَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا نَرِثُ أَهْلَ الْمِلَلِ وَلَا يَرِثُونَا، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، فَعَلَى قَوْلِهِمْ يَرِثُ الْيَهُودِيُّ النَّصْرَانِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ وَبِالْعَكْسِ اهـ. الْفَاسِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْكُفْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّوَارُثِ هَلْ هُوَ مِلَلٌ أَوْ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَالْأَوَّلُ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ. ابْنُ شَعْبَانَ الْقَوْلَانِ مَدَنِيَّانِ وَهُمَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إلَّا أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ إلَى أَنَّهُ مِلَلٌ وَبِهِ، أَخَذَ أَصْبَغُ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ إنَّهُ مِلَلٌ، فَحَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ شُرَيْحٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ قَالُوا الْيَهُودِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالسَّامِرِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالنَّصْرَانِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالصَّابِئِيَّةُ مِلَّةٌ، وَالْمَجُوسِيَّةُ وَسَائِرُ الْأَدْيَانِ مِلَّةٌ. وَابْنُ يُونُسَ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى صَاحِبِهَا صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِسْلَامَ مِلَّةٌ وَالْيَهُودِيَّةَ مِلَّةٌ وَالنَّصْرَانِيَّةَ مِلَّةٌ وَمَا عَدَاهَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَصَوَّبَهُ. (وَحُكِمَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ بِحُكْمٍ (بَيْنَ الْكُفَّارِ) كَانُوا كِتَابِيِّينَ أَوْ لَا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي إرْثِهِمْ (بِحُكْمِ) إرْثِ (الْمُسْلِمِ) مِنْ الْمُسْلِمِ (إنْ) رَضِيَ بِذَلِكَ جَمِيعُهُمْ وَ (لَمْ يَأْبَ) بِسُكُونِ الْهَمْزِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، أَيْ يَمْتَنِعْ (بَعْضٌ) مِنْهُمْ مِنْ حُكْمِنَا بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَى بَعْضُهُمْ فَلَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ (بَعْضُهُمْ) بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِمْ وَقِيلَ قِسْمَةُ تَرِكَتِهِ وَيَبْقَى بَعْضُهُمْ عَلَى كُفْرِهِ مُمْتَنِعًا مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ (فَكَذَلِكَ) أَيْ رِضَا جَمِيعِهِمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ (إنْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ الْكُفَّارُ (كِتَابِيِّينَ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانُوا كِتَابِيِّينَ (فَ) يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ (بِحُكْمِهِمْ) أَيْ الْكِتَابِيِّينَ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِتَابِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. ابْنُ شَاسٍ لَوْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا وَرَثَةُ الْكَافِرِ، فَإِنْ تَرَاضَوْا بِحُكْمِنَا قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 694 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَبَى بَعْضُهُمْ فَإِنْ كَانُوا بِأَجْمَعِهِمْ كُفَّارًا فَلَا نَعْرِضُ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَوَارِيثِهِمْ إنْ كَانُوا كِتَابِيِّينَ، وَعَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ إنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَسَحْنُونٌ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ فَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِمْ وَلَا نَتْرُكُهُمْ تَرْجِيحًا لِلْمُسْلِمِ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِبَايَةِ غَيْرِهِ، وَلَا يَخْفَاك مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّعْقِيدِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَوْ قَالَ وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ إنْ رَضُوا أَوْ أَسْلَمَ بَعْضٌ وَلَيْسُوا كِتَابِيِّينَ وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَسْلَمَ مِنْ التَّعْقِيدِ وَلِمَا حَكَاهُ. عج قَالَ: وَلَوْ قَالَ بَدَلَ أَوْ أَسْلَمَ بَعْضٌ إلَخْ عَلَى مَسَاقِ مَا قَبْلَهُ، وَحُكِمَ بَيْنَ الْكُفَّارِ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِ إنْ رَضُوا كَأَنْ أَسْلَمَ بَعْضٌ وَأَبَوْا إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ وَإِلَّا فَبِحُكْمِهِمْ لَكَانَ أَحْسَنَ، لِيُفِيدَ رُجُوعَ إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ إلَخْ، لِمَا إذَا أَسْلَمَ بَعْضٌ فَقَطْ عَلَى قَاعِدَتِهِ، فَإِنْ قُلْت هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ، وَإِنْ أَبَى جَمِيعُهُمْ ذَلِكَ. قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّا حَيْثُ اطَّلَعْنَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، سَوَاءٌ تَرَاضَوْا أَوْ أَبَوْا نَظَرًا لِإِسْلَامِ بَعْضِهِمْ؛ وَلِأَنَّ دِينَهُمْ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ اهـ. (فَرْعٌ) إنْ أَسْلَمَ وَرَثَةُ كَافِرٍ كُلُّهُمْ قَبْلَ قِسْمَةِ تَرِكَتِهِ، فَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِيهَا وَمُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَسْمِ الشِّرْكِ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ أَوْ غَيْرَهُمْ، وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِمْ وَإِلَّا فَبِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَنَصُّهَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مِيرَاثٍ قُسِمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُلُّ مِيرَاثٍ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَلَمْ يُقْسَمْ فَهُوَ عَلَى قَسْمِ الْإِسْلَامِ» . مَالِكٌ مَعْنَاهُ فِي غَيْرِ الْكِتَابِيِّينَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 695 وَلَا مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ،   [منح الجليل] مِنْ مَجُوسٍ وَزِنْجٍ وَغَيْرِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ كِتَابِيٌّ وَأَسْلَمَ وَرَثَتُهُ قَبْلَ قَسْمِ مَالِهِ فَإِنَّهُ عَلَى قَسْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ الْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الْكِتَابِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ. (فَرْعٌ) رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ عَلَى الْإِسْلَامِ مِثْلُ الْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ إذَا قُتِلُوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ فَوَرَثَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُمْ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ. (وَلَا) يَرِثُ (مَنْ جُهِلَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ، أَيْ لَمْ يُعْلَمْ (تَأَخُّرُ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً (مَوْتِهِ) عَنْ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ بِأَنْ مَاتَا بِغَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِوَبَاءٍ أَوْ قِتَالٍ وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُتَقَدِّمُ وَحَالُ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَنْبَهِمُ حَالُهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الشَّكُّ هَلْ مَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ أَوْ عُلِمَ سَبْقُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَمْ تُعْلَمْ عَيْنُهُ أَوْ عُرِفَتْ ثُمَّ نُسِيَتْ، وَمَذْهَبُنَا لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمْ وَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ أَحْيَاءَ وَرَثَتِهِ. وَدَلِيلُنَا قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا مِيرَاثَ بِشَكٍّ» ، وَقَوْلُ زَيْدٍ أَمَرَنِي أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْ أَقْسِمَ مِيرَاثَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَلَمْ أُوَرِّثْ الْأَمْوَاتَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَمَرَنِي عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنْ أَقْسِمَ مِيرَاثَ مَنْ مَاتَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ فَلَمْ أُوَرِّثْ مَنْ عَمِيَ مَوْتُهُ. وَقَوْلُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَسَمْت أَمْوَالَ أَهْلِ الْحَرَّةِ فَلَمْ أُوَرِّثْ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَافِرُونَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ. وَفِي الْمُوَطَّإِ لَمْ يَتَوَارَثْ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَلَا يَوْمَ صِفِّينَ وَلَا يَوْمَ الْحَرَّةِ وَلَا يَوْمَ قَدِيدٍ إلَّا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَخَبَرُ أُمِّ كُلْثُومٍ أَنَّهَا مَاتَتْ هِيَ وَابْنَا زَيْدٍ فِي فَوْرٍ فَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ فَلَمْ يَتَوَارَثَا، وَحَيْثُ لَا مِيرَاثَ بِالشَّكِّ فَوُجُوهُهُ كَثِيرَةٌ ذَكَرَ الْعُقْبَانِيُّ مِنْهَا جُمْلَةً صَالِحَةً مِنْهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي النِّكَاحِ وَلَا إرْثَ إنْ تَخَلَّفَ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ عَنْ الْإِسْلَامِ أَوْ الْتَبَسَتْ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ مُسْلِمَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ. وَمِنْهَا الشَّكُّ فِي الْأَقْعَدِ، فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِيمَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يُقِرُّ أَنَّ وَلَاءَهُ لِبَنِي تَمِيمٍ أَوْ لِبَنِي زُهْرَةَ مَثَلًا لَا يَكُونُ مِنْ وَلَائِهِ لَا قَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ إذَا سَمَّى الْفَخِذَ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 696 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] هُوَ مِنْهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، فَلَوْ ثَبَتَ رَجُلٌ أَنَّهُ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ عَصَبَتُهُ مِنْهُمْ، وَحَيْثُ يَلْتَقُونَ مَعَهُ مِنْ الْآبَاءِ كَانَ مِيرَاثُهُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ الْجَهْلُ بِتَعَدُّدِهِ. وَمِنْهَا الشَّكُّ فِي سَبْقِ عِتْقِ الْأَمَةِ وَمَوْتِ زَوْجِهَا، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِلشَّكِّ، وَمِنْهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي عِتْقِ الْأَصْغَرِ إلَخْ، إذْ قَالُوا فِيهَا لَا إرْثَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ لِلشَّكِّ. وَمِنْهَا الشَّكُّ فِي كَوْنِهِ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ وَصَدَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ وَلَا تَوَارُثَ، وَكَذَلِكَ الْمَحْمُولُونَ. ابْنُ يُونُسَ رَوَى عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا أَبَيَا أَنْ يُوَرِّثَا أَحَدًا مِنْ الْأَعَاجِمِ إلَّا مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِ عُمَرَ هَذَا فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ بِهَا أَنَّ بَعْضَهُمْ وَرَثَةُ بَعْضٍ فَإِنَّهُمْ يَتَوَارَثُونَ. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَتَوَارَثُونَ بِحَالٍ. ابْنُ يُونُسَ دَلِيلُ الْجَمَاعَةِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأحزاب: 6] ، فَلَمْ يَخُصَّ وِلَادَةً مِنْ وِلَادَةٍ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إيجَابِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ بِوِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَعَاجِمِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الشِّرْكِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ فِي التَّوَارُثِ إلَّا الْعَدَدَ الْكَثِيرَ يُسْلِمُونَ وَيُعْتَقُونَ. ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِشْرُونَ عَدَدٌ كَثِيرٌ وَأَبَاهُ سَحْنُونٌ، وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بَيْنَ قُرْبِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ فَيَتَوَارَثُونَ إذَا بَعُدَ زَمَانُهُمْ وَهُمْ يَدَّعُونَ الْقَرَابَةَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِمَّنْ قَدِمَ مِنْ بِلَادِهِمْ، وَمِنْهَا مَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِ ابْنِهِ مَثَلًا، فَهَلْ يُجْعَلُ الْأَبُ هُوَ الْمَيِّتُ أَوَّلًا لِنُفُوذِ مَقْتَلِهِ أَوْ الِابْنُ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ، لِبَقَاءِ الرُّوحِ فِي أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَهَذَا يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا، وَقَدْ حَكَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ شُقَّ جَوْفُهُ وَأَمْعَاؤُهُ أَوْ ذُبِحَ وَلَمْ يَمُتْ حَتَّى مَاتَ وَلَدُهُ أَيَرِثُهُ قَالَ نَعَمْ يُرِيدُ إلَّا الْمَذْبُوحَ فَلَا يَرِثُهُ، وَأَمَّا الْمَشْقُوقُ الْجَوْفَ فَفِي حَدِيثِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حُجَّةٌ، نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَفِي الجزء: 9 ¦ الصفحة: 697 وَوُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ،   [منح الجليل] الْعُتْبِيَّةِ أَجَابَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْمَذْبُوحَ لَا يَرِثُهُ، وَأَمَّا الْمَشْقُوقُ فَفِي قِصَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حُجَّةٌ. وَاخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي تَعْيِينِ مَنْ يُقْتَصُّ مِنْهُ إنْ قَتَلَ مَنْفُوَّ الْمَقْتَلِ شَخْصٌ آخَرُ، وَحَكَى الْفَاسِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَرِثُهُ إلَّا الْمَذْبُوحَ وَالْآخَرُ أَنَّ غَيْرَ الْمَذْبُوحِ لَا يَرِثُهُ أَيْضًا وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ الثَّانِيَ، وَلَيْسَ مِنْ مَسَائِلِ الشَّكِّ مَوْتُ أَخَوَيْنِ مَثَلًا عِنْدَ الزَّوَالِ، أَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمَشْرِقِ قَبْلَ زَوَالِ الْمَغْرِبِ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ. الْقَاضِي الْفُقَهَاءُ يُوَرِّثُونَ الْمَغْرِبِيَّ مِنْ الْمَشْرِقِيِّ وَالْمُعَدِّلُونَ يَنْظُرُونَ إلَى طُولَيْ الْبَلَدَيْنِ، فَإِذَا عَرَفُوا فَضْلَ الْأَطْوَلِ نَظَرُوا إلَى عَدَدِ الدَّقَائِقِ وَالسَّاعَاتِ، وَاسْتَخْرَجُوا بِهِ الْمُتَقَدِّمَ وَالْمُتَأَخِّرَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ السُّنُوسِيُّ قَائِلًا أَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمَيِّتَيْنِ بِبَلَدَيْنِ بِوَقْتٍ وَاحِدٍ كَالزَّوَالِ لَا يَتَوَارَثَانِ، وَهَذَا صَحِيحٌ إنْ كَانَ مَوْتُهُمَا بِبَلَدَيْنِ مُتَّحِدِي الطُّولِ، أَمَّا إنْ مَاتَا بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفِي الطُّولِ فَإِنَّ زَوَالَ الْأَطْوَلِ مَثَلًا يَتَقَدَّمُ عَلَى زَوَالِ الْأَقْصَرِ بِقَدْرِ فَضْلِ طُولِهِ عَلَيْهِ، وَخُسُوفُ الْقَمَرِ دَلِيلٌ قَطْعِيٌّ عَلَى ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَرِثَ الْمَيِّتُ بِالْمَوْضِعِ الْأَدْنَى طُولًا الْمَيِّتَ بِالْمَوْضِعِ الْأَرْفَعِ طُولًا، وَبَيَانُ وَجْهِ هَذَا مَشْهُورٌ فِي عِلْمِ الْهَيْئَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (وَوُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْقَسْمُ) لِلتَّرِكَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ (لِ) وَضْعِ (الْحَمْلِ) الْوَارِثِ مَعَهُمْ مِنْ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ شَقِيقِهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ كَذَلِكَ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا أَوْ مِنْ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ لِلشَّكِّ هَلْ يُوجَدُ مِنْهُ وَارِثٌ أَوْ لَا، وَعَلَى وُجُودِهِ هَلْ هُوَ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ، وَهَلْ هُوَ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَوْ مُخْتَلِفٌ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالتِّلْمِسَانِيُّ سَادِسُ الْمَوَانِعِ مَا يَمْنَعُ الصَّرْفَ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْإِشْكَالُ إمَّا فِي الْوُجُودِ أَوْ الذُّكُورَةِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا الْأَوَّلُ الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرُ كَالْمَفْقُودِ وَالْأَسِيرِ، وَالثَّانِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ وَالثَّالِثُ الْحَمْلُ. " غ " تَكْمِيلُ ابْنِ شَعْبَانَ مَنْ هَلَكَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ فَلَا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَلَا تَأْخُذُ زَوْجَتُهُ أَدْنَى سَهْمَيْهَا حَتَّى تَضَعَ. وَقَالَ أَشْهَبُ تَتَعَجَّلُ أَدْنَى سَهْمَيْهَا الَّتِي لَا شَكَّ فِيهِ. وَقِيلَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 698 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُوقَفُ مِنْ مِيرَاثِهِ مِيرَاثُ أَرْبَعَةِ ذُكُورٍ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مَا تَلِدُهُ الْمَرْأَةُ، وَقَدْ وَلَدَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِي إسْمَاعِيلَ أَرْبَعَةَ ذُكُورٍ مُحَمَّدًا وَعَلِيًّا وَإِسْمَاعِيلَ، فَبَلَغَ مُحَمَّدٌ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ الثَّمَانِينَ، فَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الطَّبَقَةِ الْخَامِسَةِ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ فِي أَسْمَاءِ رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ أَنَّ مُحَمَّدًا هَذَا كُوفِيٌّ خَرَّجَ عَنْهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعْت مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ أَنَّ بَنِي الْعَشَرَةِ الَّذِي بَنَى وَالِدُهُمْ مَدِينَةَ سَلَا بِأَرْضِ الْمَغْرِبَ كَانَ سَبَبُ بِنَائِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ وُلِدَ لَهُ عَشَرَةُ ذُكُورٍ مِنْ حَمْلٍ وَاحِدٍ مِنْ امْرَأَتِهِ فَجَعَلَهُمْ فِي مَائِدَةٍ وَرَفَعَهُمْ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَعْقُوبَ الْمَنْصُورِ فَأَعْطَى، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفَ دِينَارٍ ذَهَبًا، وَأَعْطَى وَالِدَهُمْ أَرْضًا بِوَادِي سَلَا، فَبَنَى بِهَا مَدِينَةً تُعْرَفُ إلَى الْآنِ بِمَدِينَةِ بَنِي الْعَشَرَةِ، وَبَنَى يَعْقُوبُ الْمَنْصُورُ مَدِينَةً تُسَامِتُهَا وَالْوَادِي فَاصِلٌ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت فِي هَذَا الْوَقْتِ رَجُلًا مَعْرُوفًا بِابْنِ الْعَشَرَةِ، فَسَأَلْته عَنْ نَسَبِهِ وَسَبَبِهِ، فَذَكَرَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ اهـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا فِي رَسْمِ الْحَسَنِ مِنْ قَسْمِ الْغُرَبَاءِ مِنْ تَكْمِلَةِ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، إذْ قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْأَغْمَارِ إنَّ سَبَبَ هَذِهِ الشُّهْرَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا إخْوَةً تَوَائِمَ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَحَدُ أَعْقَابِهِمْ فَقَالَ جَعَلُوا أُمَّنَا خِنْزِيرَةً تَلِدُ عَشَرَةً حَسِيبُهُمْ اللَّهُ. كَمُلَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ شِفَاءُ الْغَلِيلِ فِي حَلِّ مُقْفَلِ مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ، فَمَنْ أَضَافَهُ لِشَرْحِ بَهْرَامَ الصَّغِيرِ سَهُلَ عَلَيْهِ بِحَوْلِ اللَّهِ كُلُّ عَسِيرٍ طفي. (فَرْعَانِ) الْأَوَّلُ: لَوْ تَعُدُّوا وَقَسَمُوا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَأَوْقَفُوا لَهُ أَوْفَرَ الْحَظَّيْنِ فَهَلَكَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَلِيِّهِمْ، وَلَوْ هَلَكَ مَا بِأَيْدِيهِمْ فَلَا يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ، وَلَوْ نَمَا مَا بِيَدِهِ فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَمَا مَا بِأَيْدِيهِمْ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فَقِسْمَتُهُمْ جَازَتْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ تَجُزْ عَلَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَلَوْ قَسَمَ النَّاظِرُ لَهُ جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ. الثَّانِي: لَوْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَشَهِدَتْ امْرَأَتَانِ بِصُرَاخِ أَحَدِهِمَا وَلَمْ تَعْرِفَاهُ فَلَهُمَا مِيرَاثُ أَحَدِهِمَا ذَكَرَيْنِ كَانَا أَوْ أُنْثَيَيْنِ وَلَوْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى فَفِيهِمَا شَكٌّ. أَصْبَغُ أَخَافُ أَنْ لَا شَيْءَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 699 وَمَالُ الْمَفْقُودِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، وَإِنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ، قُدِّرَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَوُقِفَ الْمَشْكُوكُ فِيهِ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ فَكَالْمَجْهُولِ فَذَاتُ زَوْجٍ، وَأُمٍّ،   [منح الجليل] لَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ وَلَهُمَا أَقَلُّ الْمِيرَاثَيْنِ، كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ وَاحِدًا وَشَهِدَ عَلَى اسْتِهْلَالِهِ وَلَمْ يَدْرِ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى. (وَ) وُقِفَ (مَالُ) الشَّخْصِ (الْمَفْقُودِ) أَيْ الَّذِي غَابَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ (لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ) طفي أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ وَلَا يَكْفِي مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ سُئِلَ الْمَازِرِيُّ عَمَّنْ مَاتَ بِالتَّعْمِيرِ فَاسْتَفْتَى الْقَاضِي فِيهِ فَمَاتَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَوَابِ لِحُكْمٍ، فَأَجَابَ لَا يَرِثُهُ إلَّا مَنْ كَانَ حَيًّا يَوْمَ نُفُوذِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ تَمْوِيتَهُ بِالسِّنِينَ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ، وَالْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْحُكْمُ إلَّا بَعْدَ نُفُوذِهِ وَإِمْضَائِهِ. الْبُرْزُلِيُّ أَفْتَى شَيْخُنَا الْإِمَامُ بِهَذَا، وَاحْتَجَّ بِظَوَاهِرَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا شَيْخُنَا أَبُو حَيْدَرَةَ مُحْتَجًّا بِذَلِكَ وَبِمَا لِأَبِي حَفْصٍ وَالْأَوْلَى التَّعْمِيمُ فِي قَوْلِهِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ لِيَشْمَلَ الْمَفْقُودَ فِي مُعْتَرَكِ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ. (وَإِنْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثْقَلَةً، أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قُدِّرَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا الْمَفْقُودُ (حَيًّا) وَنُظِرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى حَيَاتِهِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ مِيرَاثٍ (وَ) قُدِّرَ (مَيِّتًا) وَنُظِرَ لِذَلِكَ أَيْضًا وَنُظِرَ بَيْنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ فَيَدْفَعُ الْمُحَقِّقُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِمُسْتَحِقِّهِ (وَوُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَدْرُ (الْمَشْكُوكُ) فِيهِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ دُونَ الْآخَرِ حَتَّى ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ. (فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ) وَلَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْهُمَا (فَ) حُكْمُهُ (كَ) حُكْمِ الشَّخْصِ (الْمَجْهُولِ) وَقْتَ مَوْتِهِ فِي مَنْعِهِ مِنْ الْإِرْثِ لِلشَّكِّ فِي تَأَخُّرِ مَوْتِهِ عَنْ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَإِنَّمَا وُقِفَ رَجَاءَ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَ) مَيِّتَةٌ (ذَاتُ زَوْجٍ وَأُمٍّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 700 وَأُخْتٍ، وَأَبٍ مَفْقُودٍ، فَعَلَى حَيَاتِهِ مِنْ سِتَّةٍ، وَمَوْتِهِ كَذَلِكَ، وَتَعُولُ لِثَمَانِيَةٍ، وَتَضْرِبُ الْوَفْقَ فِي الْكُلِّ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ، وَوُقِفَ الْبَاقِي، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ حَيٌّ، فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَبِ ثَمَانِيَةٌ أَوْ مَوْتُهُ، أَوْ مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَلِلْأُخْتِ تِسْعَةٌ،   [منح الجليل] وَأُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ (وَأَبٍ مَفْقُودٍ، فَعَلَى) تَقْدِيرِ (حَيَاتِهِ) أَيْ الْأَبِ عِنْدَ مَوْتِ بِنْتِهِ مَسْأَلَتُهَا تَصِحُّ (مِنْ سِتَّةٍ) لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَهِيَ إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِحَجْبِهَا بِالْأَبِ (وَ) عَلَى تَقْدِيرِ (مَوْتِهِ) أَيْ الْأَبِ عِنْدَ مَوْتِ ابْنَتِهِ مَسْأَلَتُهَا (كَذَلِكَ) أَيْ تَقْدِيرُ حَيَاتِهِ فِي كَوْنِهَا مِنْ سِتَّةٍ. (وَ) لَكِنْ (تَعُولُ) السِّتَّةُ (لِثَمَانِيَةٍ) لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ، وَبَيْنَ السِّتَّةِ وَالثَّمَانِيَةِ التَّوَافُقُ بِالنِّصْفِ (وَتَضْرِبُ الْوَفْقَ) أَيْ النِّصْفَ مِنْ إحْدَاهُمَا (فِي الْكُلِّ) لِلْأُخْرَى (بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ السِّتَّةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي أَرْبَعَةٍ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَانِيَةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَ (لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِ الْأَبِ يَسْتَحِقُّ تِسْعَةً وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ يَسْتَحِقُّ اثْنَيْ عَشَرَ (وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ) لِأَنَّهَا الْمُحَقِّقَةُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى تَقْدِيرِ حَيَاةِ الْأَبِ تَسْتَحِقُّ أَرْبَعَةً وَعَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِهِ تَسْتَحِقُّ سِتَّةً (وَوُقِفَ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ (الْبَاقِي) مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ ثَلَاثَةٌ مِنْ نِصْفِ الزَّوْجِ وَثَمَانِيَةٌ لِلْأَبِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ اثْنَانِ مِنْ ثُلُثِ الْأُمِّ وَتِسْعَةٌ لِلْأُخْتِ إنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا. (فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ (حَيٌّ) بَعْدَ مَوْتِ بِنْتِهِ (فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ الْمَوْقُوفَةِ فَيَتِمُّ لَهُ النِّصْفُ اثْنَا عَشَرَ (وَلِلْأَبِ ثَمَانِيَةٌ) ثُلُثَا الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ حَقُّهَا مَعَهَا وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِحَجْبِهَا بِالْأَبِ (أَوْ) ظَهَرَ (مَوْتُهُ) أَيْ الْأَبِ قَبْلَ بِنْتِهِ (أَوْ مُضِيُّ مُدَّةِ التَّعْمِيرِ) وَلَمْ تَظْهَرْ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ (فَلِلْأُخْتِ تِسْعَةٌ) مِنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 701 وَلِلْأُمِّ: اثْنَانِ وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ:   [منح الجليل] الْأَحَدَ عَشَرَ الْمَوْقُوفَةِ (وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ) مِنْهَا وَقَدْ أَخَذَ الزَّوْجُ حَقَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0702-0001.jpg (وَلِلْخُنْثَى) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ مَقْصُورًا (الْمُشْكِلِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ، أَيْ الَّذِي لَمْ تَتَّضِحْ ذُكُورَتُهُ وَلَا أُنُوثَتُهُ. الْحَطّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ، الْأَوَّلُ فِي ضَبْطِهِ هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَبَعْدَهَا أَلِفُ تَأْنِيثٍ مَقْصُورَةٍ وَالضَّمَائِرُ الرَّاجِعَةُ إلَيْهِ تُذَكَّرُ، وَإِنْ بَانَتْ أُنُوثَتُهُ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ شَخْصٌ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَجَمْعُهُ خَنَاثَى وَخَنَاثٌ. الثَّانِي: فِي اشْتِقَاقِهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ. الثَّالِثُ: فِي بَيَانِ مَعْنَاهُ، قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْخُنْثَى الَّذِي لَهُ مَا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا اهـ وَقَالَ الْفُقَهَاءُ هُوَ مَنْ لَهُ ذَكَرُ الرِّجَالِ وَفَرْجُ النِّسَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِيهِ وَقِيلَ يُوجَدُ نَوْعٌ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَهُ ثَقْبٌ بَيْنَ فَخِذَيْهِ يَبُولُ مِنْهُ لَا يُشْبِهُ أَحَدَ الْفَرْجَيْنِ. الرَّابِعُ فِي أَقْسَامِهِ: الْخُنْثَى عَلَى قِسْمَيْنِ مُشْكِلٌ وَوَاضِحٌ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ فَرْجَيْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ هُوَ مُشْكِلٌ أَبَدًا، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِنَا فَيُمْكِنُ اتِّضَاحُهُ بِنَبَاتِ لِحْيَةٍ فَقَطْ أَوْ ثَدْيٍ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ لَهُ الْآلَتَانِ فَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةُ الرِّجَالِ فَقَطْ حُكِمَ بِذُكُورِيَّتِهِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةُ النِّسَاءِ فَقَطْ حُكِمَ بِأُنُوثِيَّتِهِ، وَيُسَمَّى فِي الْحَالَيْنِ وَاضِحًا. وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فِيهِ الْعَلَامَتَانِ أَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الْعَلَامَتَانِ وَاسْتَوَتَا فَهُوَ مُشْكِلٌ. الْخَامِسُ: فِي وُجُودِهِ، أَمَّا الْوَاضِحُ فَوُجِدَ بِلَا خِلَافٍ، وَاخْتُلِفَ فِي وُجُودِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَالْجُمْهُورُ عَلَى إمْكَانِ وُجُودِهِ، بَلْ عَلَى وُقُوعِهِ، وَعَلَى هَذَا بَنَى الْفُرَّاضُ وَالْفُقَهَاءُ مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ، وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ التَّابِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالْقَاضِي إسْمَاعِيلُ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَلَا يُوجَدُ خُنْثَى مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يُضَيِّقُ عَلَى عَبْدِهِ حَتَّى لَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 702 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَلَامَةٍ تُزِيلُ إشْكَالَهُ السَّادِسُ: فِي أَنَّهُ صِنْفٌ ثَالِثٌ غَيْرُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَوْ هُوَ أَحَدُهُمَا، وَأَشْكَلَ عَلَيْنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [النجم: 45] فَلَوْ كَانَ ثَالِثًا لَذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لِلِامْتِنَانِ الْعُقْبَانِيُّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا سِيقَتْ الْآيَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الزَّاعِمِينَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَدًا، فَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا ذَكَرًا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ بَنَاتٍ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ خَلَقَ الصِّنْفَيْنِ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ مِنْهُمَا وَلَدٌ وَهُوَ الْخَالِقُ، وَلَمْ يَزْعُمْ أَحَدٌ أَنَّ لَهُ وَلَدًا خُنْثَى، فَلَمْ يَحْتَجْ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ إلَى ذِكْرِ الْخُنْثَى، وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1] ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: 49] ، فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ خَلْقٌ ثَالِثٌ لَذُكِرَ. السَّابِعُ: فِي ذِكْرِ أَوَّلِ مَنْ حَكَمَ فِيهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ. عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِيهِ عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ نَزَلَتْ بِهِ قِصَّتُهُ فَسَهِرَ لَيْلَتَهُ فَقَالَتْ لَهُ خَادِمَتُهُ سُخَيْلَةُ رَاعِيَةُ غَنَمِهِ مَا أَسْهَرَك يَا سَيِّدِي، فَقَالَ لَا تَسْأَلِينِي عَمَّا لَا عِلْمَ لَك بِهِ لَيْسَ هَذَا مِنْ رَعْيِ الْغَنَمِ، فَذَهَبَتْ ثُمَّ عَادَتْ وَأَعَادَتْ السُّؤَالَ فَأَعَادَ جَوَابَهُ، فَرَاجَعَتْهُ وَقَالَتْ لَعَلَّ عِنْدِي مَخْرَجًا فَأَخْبَرَهَا بِمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْخُنْثَى، فَقَالَتْ أَتْبِعْ الْحُكْمَ الْمَبَالَ، فَفَرِحَ وَزَالَ غَمُّهُ. زَادَ الْمُتَيْطِيُّ وَكَانَ الْحُكْمُ إلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاحْتَكَمُوا إلَيْهِ فِي مِيرَاثِ خُنْثَى، فَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ حَكَمَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَفِي النِّهَايَةِ كَانَ عَامِرٌ حَاكِمُ الْعَرَبِ فَأَتَوْهُ فِي مِيرَاثِ خُنْثَى فَأَقَامُوا عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهُوَ يَذْبَحُ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ وَلَهُ أَمَةٌ اسْمُهَا سُخَيْلَةُ، فَقَالَتْ إنَّ مُقَامَ هَؤُلَاءِ فِي غَنَمِك، فَقَالَ وَيْحَك لَمْ يَشْكُلُ عَلَيَّ حُكُومَةٌ قَطُّ غَيْرُ هَذَا، فَقَالَتْ أَتْبِعْ الْحُكْمَ الْمَبَالَ فَقَالَ فَرَّجْتهَا يَا سُخَيْلَةُ، فَصَارَ مَثَلًا. الْأَذْرَعِيُّ فِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ وَمُزْدَجَرٌ لِجَهَلَةِ قُضَاةِ الزَّمَانِ وَمُفْتِيهِ، فَإِنَّ هَذَا مُشْرِكٌ تَوَقَّفَ فِي حُكْمِ حَادِثَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، وَفِيهِ عِبْرَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْحِكْمَةَ قَدْ يَخْلُقُهَا الجزء: 9 ¦ الصفحة: 703 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] اللَّهُ تَعَالَى وَيُجْرِيهَا عَلَى لِسَانِ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ مَعْرِفَتُهَا، وَيَحْجُبُهَا عَنْ إدْرَاكِ أَصْحَابِ الْفَطِنَةِ وَالْعُقُولِ الْمُسْتَعِدَّةِ لَهَا. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ الْقِصَّةَ فَقَالَ أَمَرَ عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ كَانَتْ الْعَرَبُ لَا يَكُونُ بَيْنَهَا نَائِرَةٌ وَلَا مُعْضِلَةٌ فِي قَضَاءٍ إلَّا أَسْنَدُوا ذَلِكَ إلَيْهِ، ثُمَّ رَضُوا بِمَا قَضَى فِيهِ فَاخْتَصَمُوا إلَيْهِ فِي خُنْثَى لَهُ مَا لِلرَّجُلِ وَمَا لِلْمَرْأَةِ، فَقَالَ حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِكُمْ فَوَاَللَّهِ مَا نَزَلَ بِي مِثْلُ هَذِهِ مِنْكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ سَاهِرًا يُقَلِّبُ أَمْرَهُ وَيَنْظُرُ فِي شَأْنِهِ لَا يَتَوَجَّهُ لَهُ فِيهِ وَجْهٌ، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سُخَيْلَةُ تَرْعَى عَلَيْهِ غَنَمَهُ، وَكَانَ يُعَاتِبُهَا إذَا سَرَحَتْ فَيَقُولُ أَصْبَحْت وَاَللَّهِ يَا سُخَيْلُ، وَإِذَا رَاحَتْ عَلَيْهِ قَالَ أَمْسَيْت وَاَللَّهِ يَا سُخَيْلُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تُؤَخِّرُ السَّرْحَ حَتَّى يَسْبِقَهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَتُؤَخِّرُ الرَّوَاحُ حَتَّى يَسْبِقَهَا بَعْضُ النَّاسِ، فَلَمَّا رَأَتْ سَهَرَهُ وَقِلَّةَ قَرَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ قَالَتْ لَهُ مَا بَالُك لَا أَبَا لَك مَا تُرَاك فِي لَيْلَتِك هَذِهِ، قَالَ وَيْلَك عَنِّي أَمْرٌ لَيْسَ مِنْ شَأْنِك، ثُمَّ عَادَتْ لَهُ بِمِثْلِ قَوْلِهَا فَقَالَ فِي نَفْسِهِ عَسَى أَنْ تَأْتِيَ بِفَرَجٍ، فَقَالَ وَيْحَك اُخْتُصِمَ إلَيَّ فِي مِيرَاثِ خُنْثَى فَوَاَللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ، فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ لَا أَبَا لَك أَتْبِعْ الْقَضَاءَ الْمَبَالَ أَقْعِدْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ فَرَجُلٌ، وَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ فَامْرَأَةٌ، فَقَالَ عَسَى سُخَيْلٌ بَعْدَهَا، أَوْ صَبِّحِي فَرَّجْتهَا وَاَللَّهِ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ حِينَ أَصْبَحَ فَقَضَى بِاَلَّذِي أَشَارَتْ بِهِ عَلَيْهِ. أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ الْمَالِكِيُّ هَذَا حُكْمٌ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الشَّرْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ بِالْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} [يوسف: 18] إذْ الْقَمِيصُ الْمُدْمَى لَمْ يَكُنْ بِهِ خَرْقٌ وَلَا أَثَرَ أَنْيَابِ ذِئْبٍ. وَكَذَا قَوْله تَعَالَى {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ} [يوسف: 26] الْآيَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّامِنُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مِيرَاثِهِ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا، أَحَدُهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ نِصْفُ الْمِيرَاثَيْنِ عَلَى طَرِيقَةِ ذِكْرِ الْأَحْوَالِ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا مِنْ الْأَعْمَالِ، عَلَى أَنْ يُضَعَّفَ لِكُلِّ مُشْكِلٍ بِعَدَدِ أَحْوَالِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْكِلِينَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 704 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] ثَانِيهَا لِابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْ الْخُنْثَى وَغَيْرِهِ فِي الْمَالِ بِأَكْثَرَ مَا يَسْتَحِقُّ فَيَقْسِمُونَهُ عَلَى طَرِيقَةِ عَوْلِ الْفَرَائِضِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدَانِ ذَكَرٌ وَخُنْثَى ضُرِبَ الذَّكَرُ بِالثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَدَّعِي وَالْخُنْثَى بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَا يَدَّعِي. الثَّالِثُ لِابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا أَنَّهُ يَأْخُذُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُشْكِلٍ فَإِنَّهُ يَضْرِبُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعٍ مِمَّا يَضْرِبُ بِهِ الذَّكَرُ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا مَنْ يَحْجُبُهُ لَوْ كَانَ ذَكَرًا أَخَذَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَأَخَذَ الْعَاصِبُ الرُّبُعَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ ضَرَبَ الْخُنْثَى بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ النِّصْفِ، إذْ هُوَ أَكْثَرُ مِيرَاثِهِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ اثْنَانِ ضَرَبَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بِنْتٌ ضَرَبَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الثُّلُثَيْنِ. رَابِعُهَا: مَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ هُوَ ذَكَرٌ زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَرْجًا تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الذُّكُورِيَّةِ، وَقَدْ غُلِّبَ جَانِبُهَا مَعَ الِانْفِصَالِ، يَعْنِي فِي الْخِطَابِ لَوْ كَانَ الْمُخَاطَبُ رَجُلًا وَاحِدًا وَأَلْفَ امْرَأَةٍ لَخُوطِبَ الْجَمِيعُ خِطَابَ الذُّكُورِ، فَكَيْفَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ هُنَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْءٌ الْحُوفِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَجْتَرِئْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَ مَالِكًا عَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ عَنْهُ. خَامِسُهَا: كَالْمَشْهُورِ فِي غَيْرِ مَسَائِلِ الْعَوْلِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيُنْظَرُ كَمْ التَّقَادِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَكَمْ تَقَادِيرُ الْعَوْلِ فِيهَا، وَيُؤْخَذُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الْعَوْلِ فَيُجْعَلُ عَوْلُ الْمَسْأَلَةِ مِثَالُهُ عَوْلُ الْغَرَّاءِ ثَلَاثَةٌ، فَلَوْ فُرِضَتْ الْأُخْتُ فِيهَا خُنْثَى فَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَوْلُ فِيهَا فِي حَالَةِ التَّأْنِيثِ فَقَطْ، فَلِلْعَوْلِ تَقْدِيرٌ وَاحِدٌ وَنِسْبَتُهُ إلَى مَالَيْ الْخُنْثَى النِّصْفُ، فَيُؤْخَذُ نِصْفُ الْعَوْلِ وَيُجْعَلُ عَوْلُ الْمَسْأَلَةِ فَتَكُونُ مَسْأَلَةُ التَّأْنِيثِ فِيهَا عَائِلَةً إلَى سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ حِسَابِهِ، مِثَالُهُ الْغَرَّاءُ الْمُتَقَدِّمَةُ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأَخٌ خُنْثَى مُشْكِلٌ، فَتَقْدِيرُ ذُكُورَتِهِ مَسْأَلَتُهُ مِنْ سِتَّةٍ بِلَا عَوْلٍ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ، وَتَقْدِيرُ أُنُوثَتِهِ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِتِسْعَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مُوَافَقَةُ السِّتَّةِ بِالثُّلُثِ، فَتُضْرَبُ إحْدَاهُمَا فِي ثُلُثِ الْأُخْرَى بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ تَضْرِبُهَا فِي حَالَيْ الْخُنْثَى بِمِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ، فَعَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ أَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَعَلَى التَّأْنِيثِ لِلزَّوْجِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 705 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَعِشْرُونَ، وَلِلْجَدِّ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَلِلْخُنْثَى سِتَّةَ عَشَرَ فَيَجْتَمِعُ لِلزَّوْجِ تِسْعُونَ لَهُ نِصْفُهَا وَلِلْأُمِّ سِتُّونَ لَهَا نِصْفُهَا، وَلِلْجَدِّ خَمْسُونَ لَهُ نِصْفُهَا، وَلِلْخُنْثَى سِتَّةَ عَشَرَ لَهُ نِصْفُهَا وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0706-0001.jpg السَّادِسُ: مِثْلُ الْخَامِسِ، إلَّا أَنَّهُ فِي الْغَرَّاءِ يَضُمُّ الْجَدُّ نِصْفَ سِهَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا أَضُمُّ جُمْلَةَ سِهَامِي إلَى جُمْلَةِ سِهَامِك وَأَنْتَ لَمْ تَسْتَوْفِ جُمْلَةَ سِهَامِك. السَّابِعُ: قَسْمُ الْمَالِ عَلَى أَقَلَّ مَا يَدَّعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى سُقُوطِ أَحَدٍ مِنْ الطَّالِبِينَ. الثَّامِنُ: مَذْهَبُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إعْطَاءُ كُلِّ وَارِثٍ خُنْثَى كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَقَلَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَمَنْعُ مَنْ يَسْقُطُ فِي بَعْضِ التَّقَادِيرِ وَإِيقَافِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُ الْخُنْثَى أَوْ يَصْطَلِحُوا عَلَى شَيْءٍ. التَّاسِعُ: مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إعْطَاءُ الْخُنْثَى أَقَلَّ مَا يَجِبُ لَهُ وَغَيْرِهِ أَكْثَرَ مَا يَجِبُ لَهُ وَلَا إيقَافَ. الْعَاشِرُ: كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّ الْأَحْوَالَ لَا تَضْعُفُ بِعَدَدِ الْمُشْكِلِينَ وَيُقْتَصَرُ عَلَى حَالَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. الْحَادِي عَشَرَ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ نَقَلَهُ الْغَزَالِيُّ، وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. التَّاسِعُ: مِنْ أَوْجُهِ الْكَلَامِ عَلَى الْخُنْثَى فِي كَوْنِ مِيرَاثِهِ مِيرَاثًا ثَالِثًا مَشْرُوعًا مُغَايِرًا لِمِيرَاثِ الذَّكَرِ، وَمِيرَاثِ الْأُنْثَى أَمْ لَا مِيرَاثَ مَشْرُوعَ غَيْرَ مِيرَاثِ الذَّكَرِ، وَمِيرَاثِ الْأُنْثَى وَلَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْنَا مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ حَالِهِ تَوَسَّطْنَا فِيهِ. الْعُقْبَانِيُّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ خَلْقٌ ثَالِثٌ أَوْ هُوَ مِنْ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَلْقًا ثَالِثًا فَلَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ ثَالِثٌ، وَمِنْ هَذَا عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْفَرْضِيِّينَ بِتَبْيِينِهِمْ أَوَائِلَ كُتُبِهِمْ مِيرَاثَ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 706 نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى، تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ،   [منح الجليل] الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَعَدَمِ تَبْيِينِهِمْ مِيرَاثَ الْخُنْثَى فِيهَا. الْعَاشِرُ: فِي بَيَانِ السَّبَبِ الَّذِي يُتَصَوَّرُ إرْثُ الْخُنْثَى بِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ الثَّلَاثَةِ النَّسَبُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ، فَيَتَأَتَّى مِيرَاثُهُ بِالنَّسَبِ كَوْنُهُ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَخًا أَوْ وَلَدَ أَخٍ أَوْ عَمًّا وَابْنَ عَمٍّ، وَلَا يَتَأَتَّى كَوْنُهُ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ جَدَّةً لِمَنْعِهِ مِنْ النِّكَاحِ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يَكُونُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ زَوْجًا وَلَا زَوْجَةً وَلَا أَبًا وَلَا أُمًّا، وَقَدْ قِيلَ وُجِدَ مِنْ وَلَدٍ مِنْ بَطْنِهِ وَوَلَدٍ لَهُ مِنْ ظَهْرِهِ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا وَرِثَ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ مِيرَاثَ أَبٍ كَامِلًا، وَمِنْ وَلَدِهِ لِبَطْنِهِ مِيرَاثَ أُمٍّ كَامِلًا وَهُوَ بَعِيدٌ. اهـ. غَيْرَ أَنَّ الْأَخَ لِأُمٍّ يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُ بِاخْتِلَافِ التَّقْدِيرِ، وَكَذَا الْأَخَوَاتُ مَعَ الْبَنَاتِ، وَأَمَّا مِيرَاثُهُ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَتَأَتَّى إلَّا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ نِكَاحَهُ، وَأَمَّا مِيرَاثُهُ بِالْوَلَاءِ فَيَرِثُ بِهِ مَا يَرِثُ بِهِ النِّسَاءُ، وَلَا يَخْتَلِفُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ. الْعُقْبَانِيُّ قَالُوا لَا يَرِثُ بِالْوَلَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا يُورَثُ بِتَعْصِيبٍ مُسْتَكْمَلٍ، وَلَا يَسْتَكْمِلُ الْخُنْثَى تَعْصِيبًا. قُلْت يَلْزَمُ أَنْ لَا يَرِثَ بِبُنُوَّةٍ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنْ كَانَ وَحْدَهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا اسْتِكْمَالًا أَوْ نِصْفًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذَا نَشَأَ الْقَوْلُ الْحَادِي عَشَرَ. الْحَادِي عَشَرَ: فِي كَيْفِيَّةِ الْعَمَلِ فِي تَوْرِيثِ الْخُنْثَى، وَلْنَذْكُرْ هُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ نَصِيبَيْ) بِفَتْحِ الْبَاءِ مُثَنَّى نَصِيبٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ لِ (ذَكَرٍ وَأُنْثَى) يَعْنِي أَنَّ الْخُنْثَى إذَا كَانَ مُشْكِلًا فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا وَنِصْفُ نَصِيبِهِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ أُنْثَى، وَمَفْهُومُ الْمُشْكِلِ أَنَّ الْمُتَّضِحَ لَهُ مِيرَاثُ الذَّكَرِ فَقَطْ أَوْ الْأُنْثَى فَقَطْ وَهُوَ كَذَلِكَ. ثُمَّ ذَكَرَ كَيْفِيَّةَ الْعَمَلِ فَقَالَ (تُصَحِّحُ) يَا حَاسِبُ (الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ) أَرَادَ بِهَا مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا خُنْثَى وَاحِدٌ فَتُصَحِّحُهَا عَلَى تَقْدِيرِهِ ذَكَرًا وَعَلَى تَقْدِيرِهِ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خُنْثَيَانِ فَتُصَحِّحُهَا عَلَى تَقْدِيرِهِمَا ذَكَرَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِمَا أُنْثَيَيْنِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأَكْبَرِ ذَكَرًا وَالْأَصْغَرِ أُنْثَى وَعَلَى عَكْسِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَلَاثُ خَنَاثَى فَيَأْتِي فِيهَا ثَمَانِي تَقْدِيرَاتٍ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَسِتَّةَ عَشَرَ تَقْدِيرًا وَهَذَا مَهْمَا زَادَ خُنْثَى فَتُضَعِّفُ عَدَدَ التَّقْدِيرَاتِ، وَتُصَحِّحُ عَلَى تَقْدِيرِ مَسْأَلَةٍ ثُمَّ تَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ الْمَسَائِلِ مِنْ التَّمَاثُلِ، الجزء: 9 ¦ الصفحة: 707 ثُمَّ تَضْرِبُ الْوَفْقَ، أَوْ الْكُلَّ، ثُمَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى: تَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ: النِّصْفَ، وَأَرْبَعَةٍ الرُّبُعَ، فَمَا اجْتَمَعَ: فَنُصِيبُ كُلٍّ: كَذَكَرٍ، وَخُنْثَى، فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالتَّأْنِيثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، تَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِيهَا،   [منح الجليل] فَتَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ أَوْ التَّدَاخُلِ فَتَكْتَفِي بِالْكُبْرَى أَوْ التَّوَافُقِ. (ثُمَّ تَضْرِبُ) يَا حَاسِبُ (الْوَفْقَ) مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي كُلِّ الْأُخْرَى إنْ تَوَافَقَتَا (أَوْ) التَّبَايُنِ فَتَضْرِبُ (الْكُلَّ) فِي الْكُلِّ إنْ تَبَايَنَتَا (ثُمَّ) تَضْرِبُ أَحَدَ الْمِثْلَيْنِ أَوْ أَكْبَرَ الْمُتَدَاخِلَيْنِ أَوْ الْخَارِجَ مِنْ ضَرْبِ الْوَفْقِ أَوْ الْكُلِّ (فِي) عَدَدِ (حَالَيْ الْخُنْثَى) إنْ كَانَ وَاحِدًا وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَر فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ فِي ذَلِكَ طَرِيقِينَ طَرِيقٌ لِلْكُوفِيِّينَ وَطَرِيقٌ لِلْبَصْرِيِّينَ أَسْهَلُهُمَا أَنْ تَنْظُرَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ مِنْهُمَا، ثُمَّ تَنْظُرَ بَيْنَ الْحَاصِلِ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ تَنْظُرَ بَيْنَ الْحَاصِلِ مِنْهَا وَبَيْنَ الرَّابِعَةِ، ثُمَّ تَضْرِبَ الْحَاصِلَ فِي أَرْبَعَةٍ عَدَدِ أَحْوَالِ الْخُنْثَيَيْنِ وَفِي ثَمَانِيَةٍ إنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَفِي سِتَّةَ عَشَرَ إنْ كَانُوا أَرْبَعَةً، ثُمَّ تَقْسِمُ الْحَاصِلَ عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ، وَتَجْمَعُ لِكُلِّ وَارِثٍ مَا يَخْرُجُ لَهُ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ ثُمَّ تَنْسِبُ وَاحِدًا لِعَدَدِ الْأَحْوَالِ، وَتُعْطِي كُلَّ وَارِثٍ مِمَّا اجْتَمَعَ لَهُ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ. (وَتَأْخُذُ) يَا حَاسِبُ لِلْخُنْثَى (مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ) يَحْصُلُ بِقِسْمَةِ الْجَامِعَةِ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَوْ الْمَسَائِلِ فَتَأْخُذُ لَهُ (مِنْ) النَّصِيبَيْنِ (الِاثْنَيْنِ) فِي حَالِ اتِّحَادِ الْخُنْثَى (النِّصْفَ) لِأَنَّهُ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَى الِاثْنَيْنِ (وَ) تَأْخُذُ لَهُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ مِنْ (أَرْبَعَةٍ) إنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ (الرُّبُعَ) لِأَنَّهُ نِسْبَةُ الْوَاحِدِ إلَى الْأَرْبَعَةِ عَدَدِ الْأَحْوَالِ وَتَأْخُذُ لَهُ مِنْ ثَمَانِيَةِ الثُّمُنِ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةُ وَاحِدٍ إلَى الثَّمَانِيَةِ عَدَدِ أَحْوَالِ الْخَنَاثَى الثَّلَاثَةِ (فَمَا اجْتَمَعَ) مِنْ النِّصْفَيْنِ أَوْ الْأَرْبَاعِ أَوْ الْأَثْمَانِ (فَ) هُوَ (نَصِيبُ كُلٍّ) مِنْ الْخَنَاثَى وَغَيْرِهِمْ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ فَقَالَ (كَذَكَرٍ وَخُنْثَى) ابْنَيْنِ أَوْ ابْنَيْ ابْنٍ وَأَخَوَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ. (فَالتَّذْكِيرُ) أَيْ تَقْدِيرُ الْخُنْثَى ذَكَرًا مَسْأَلَةٌ تَصِحُّ (مِنْ اثْنَيْنِ وَالتَّأْنِيثُ) أَيْ تَقْدِيرُهُ أُنْثَى تَصِحُّ مَسْأَلَتُهُ (مِنْ ثَلَاثَةٍ) مُبَايَنَةً لِلِاثْنَيْنِ (فَتَضْرِبُ) يَا حَاسِبُ (الِاثْنَيْنِ فِيهَا) أَيْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 708 ثُمَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى لَهُ فِي الذُّكُورَةِ: سِتَّةٌ؛ وَفِي الْأُنُوثَةِ: أَرْبَعَةٌ، فَنِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ،   [منح الجليل] الثَّلَاثَةِ بِسِتَّةٍ (ثُمَّ) تَضْرِبُ السِّتَّةَ (فِي) اثْنَيْنِ عَدَدِ (حَالَتَيْ الْخُنْثَى) بِاثْنَيْ عَشَرَ تَقْسِمُهَا عَلَى اثْنَيْنِ مُصَحَّحُ التَّذْكِيرِ يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا سِتَّةً، وَعَلَى ثَلَاثَةٍ مَسْأَلَةُ التَّأْنِيثِ يَخْرُجُ جُزْءُ سَهْمِهَا أَرْبَعَةً (لَهُ) أَيْ الْخُنْثَى (فِي) تَقْدِيرِ (الذُّكُورِ سِتَّةٌ وَ) لَهُ فِي تَقْدِيرِ (الْأُنُوثَةِ أَرْبَعَةٌ) وَمَجْمُوعُهُمَا عَشَرَةٌ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِاثْنَيْنِ نِصْفٌ (فَ) لَهُ (نِصْفُهَا) أَيْ الْعُشْرُ (خَمْسَةٌ وَكَذَلِكَ) أَيْ الْخُنْثَى فِي أَخْذِ نِصْفِ مَا اجْتَمَعَ أَوْ رُبُعِهِ أَوْ ثُمُنِهِ أَوْ نِصْفِ ثُمُنِهِ (غَيْرُهُ) أَيْ الْخُنْثَى مِمَّنْ مَعَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ، فَلِلذَّكَرِ فِي الذُّكُورِ سِتَّةٌ، وَفِي الْأُنُوثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَمَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَلَهُ نِصْفُهَا سَبْعَةٌ وَمَجْمُوعُهَا مَعَ الْخَمْسَةِ اثْنَا عَشَرَ، وَصُورَةُ ذَلِكَ هَكَذَا: Menh0009-0709-0001.jpg الْحَطّ وَإِنْ شِئْت فَخُذْ مِنْ السِّتَّةِ الْخَارِجَةِ مِنْ قِسْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ نِصْفَهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْبَيِّنِ وَالْمُشْكِلِ وَمِنْ الثَّمَانِيَةِ الْحَاصِلَةِ لِلْبَيِّنِ مِنْ قِسْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى تَقْدِيرِ التَّأْنِيثِ نِصْفُهَا أَرْبَعَةٌ وَضَمُّهُ لِلثَّلَاثَةِ يَجْتَمِعُ لَهُ سَبْعَةٌ وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ الْخَارِجَةِ لِلْخُنْثَى فِي تَقْدِيرِ التَّأْنِيثِ نِصْفُهَا اثْنَيْنِ، وَضَمُّهُ لِلثَّلَاثَةِ يَجْتَمِعُ لَهُ خَمْسَةٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رُبَّمَا قَالُوا فِي الِاخْتِصَارِ أَفْضَلُ حَالَيْ الْخُنْثَى أَخْذُهُ سِتَّةً وَأَسْوَأُ حَالَيْهِ أَخْذُهُ أَرْبَعَةً، فَالْفَضْلُ بَيْنَهُمَا اثْنَانِ فَيُحْمَلُ نِصْفُهُ عَلَى أَسْوَأِ حَالَيْهِ، فَيَكُونُ لَهُ خَمْسَةٌ أَوْ يَنْقُصُ مِنْ أَفْضَلِ حَالَيْهِ، فَيَبْقَى لَهُ خَمْسَةٌ وَيُحْمَلُ عَلَى أَسْوَأِ حَالَيْ الْبَيِّنِ وَهِيَ سِتَّةٌ، فَيَصِيرُ لَهُ سَبْعَةٌ أَوْ يَنْقُصُ مِنْ أَفْضَلِ حَالَيْهِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فَيَبْقَى لَهُ سَبْعَةٌ. وَفِي الْجَوَاهِرِ وَجْهُ الْعَمَلِ أَنْ يُؤْخَذَ مَخْرَجُ التَّذْكِيرِ وَمَخْرَجُ التَّأْنِيثِ، وَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْأُخَرِ إنْ تَبَايَنَا، وَيُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ إنْ تَمَاثَلَا وَبِأَكْبَرِهِمَا إنْ تَدَاخَلَا وَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي وَفْقِ الْآخَرِ إنْ تَوَافَقَا، فَمَا حَصَلَ مِنْ ذَلِكَ تَضْرِبُهُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى أَوْ عَدَدِ أَحْوَالِ الْخَنَاثَى إنْ زَادُوا عَلَى الْوَاحِدِ، وَعَدَدُ الْأَحْوَالِ يُعْرَفُ بِالتَّضْعِيفِ، فَكُلَّمَا زِدْت الجزء: 9 ¦ الصفحة: 709 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] خُنْثَى ضَعُفَتْ الْأَحْوَالُ كُلُّهَا، فَلِلْوَاحِدِ حَالَانِ وَلِلِاثْنَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلثَّلَاثَةِ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأَرْبَعَةِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْخَمْسَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، وَعَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَمَا انْتَهَى إلَيْهِ الضَّرْبُ فِي الْأَحْوَالِ فَمِنْهُ الْقِسْمَةُ، ثُمَّ لَهَا طَرِيقَانِ الْأُولَى أَنْ تَنْظُرَ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ مِنْ الضَّرْبِ كَمْ يَخُصُّ الْخُنْثَى مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ، وَمَا يَخُصُّهُ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فَتَضُمَّ أَحَدَهُمَا لِلْآخَرِ ثُمَّ تَقْسِمَهُ نِصْفَيْنِ فَتُعْطِيَهُ نِصْفَهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ. الثَّانِي أَنْ تَضْرِبَ نَصِيبَهُ مِنْ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ فِي جُمْلَةِ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ وَنَصِيبَهُ مِنْ فَرِيضَةِ التَّأْنِيثِ فِي جُمْلَةِ فَرِيضَةِ التَّذْكِيرِ ثُمَّ تَجْمَعَ مَا يَخْرُجُ فِيهِمَا فَهُوَ نَصِيبُهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ. طفي تَنْبِيهٌ ابْنُ خَرُوفٍ لَمَّا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ ذَكَرٍ وَخُنْثَى قَالَ هَذَا عَمَلُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَفِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْخُنْثَى بِرُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا وَجَبَ لَهُ سَبْعَةٌ يَنْبَغِي أَنَّهُ يَجِبُ لِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَرُبُعٌ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ السَّبْعَةِ ثَلَاثَةً وَنِصْفًا وَنِصْفَ الثَّلَاثَةِ وَنِصْفَ اثْنَانِ غَيْرَ رُبُعٍ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَرُبُعٌ وَهِيَ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ مِيرَاثِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا بِيَدِ الذَّكَرِ فَصَارَ عَلَيْهِ الْغَبْنُ فِي رُبْعِ سَهْمٍ، ثُمَّ قَالَ وَحَقِيقَتُهُ فِي سُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّ لِلذَّكَرِ سِتَّةٌ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ، وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبُعًا؛ لِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ مِمَّا لِلذَّكَرِ فَكَانَ لِلذَّكَرِ أَرْبَعَةٌ وَلَهُ ثَلَاثَةٌ، فَإِذَا قَسَمْت الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا كَانَ لِلذَّكَرِ سِتَّةٌ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ، وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وعج، وَأَطَالَ فِي تَوْجِيهِهِ. الْحَطّ وَنَاقَشَهُ فِي ذَلِكَ الْعُقْبَانِيُّ قَائِلًا إنَّمَا يَتَفَرَّعُ مِمَّا ذَكَرَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِقَسْمِ التَّرِكَةِ عَلَى الدَّعَاوَى وَهُوَ مُخَالِفٌ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ طفي وَهُوَ جَدِيرٌ بِالْإِنْكَارِ لَا بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ لَهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لَمْ يَقُولُوهُ مُطْلَقًا، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ مِمَّا لِلذَّكَرِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ خَرُوفٍ، فَأَلْزَمَهُمْ الْغَبْنَ الْمَذْكُورَ بَلْ قَالُوهُ بِاعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ أَوْ الدَّعْوَى وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِنْ الشَّارِعِ بِأَنَّ لَهُ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَيُتْبَعُ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ بَلْ الْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَلِذَا كَثُرَ فِيهَا الْخِلَافُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَنْهُمْ. وَفِي كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ هَبْنَا أَنْ نَسْأَلَ مَالِكًا عَنْ أَمْرِ الْخُنْثَى اهـ. ثُمَّ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 710 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ مَنْ يُوَرِّثُهُ بِالْأَحْوَالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَرِّثُهُ بِالتَّدَاعِي ابْنُ يُونُسَ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْقَائِلِينَ بِنِصْفِ نَصِيبِ الذَّكَرِ وَنِصْفِ نَصِيبِ الْأُنْثَى إلَى أَنَّهُ يُوَرَّثُ بِالْأَحْوَالِ، فَيُجْعَلُ لَهُ حَالَانِ حَالٌ يَكُونُ فِيهَا ذَكَرًا وَحَالٌ يَكُونُ فِيهَا أُنْثَى، وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيهِ إلَى أَنَّهُ يُوَرَّثُ بِالدَّعْوَى. اهـ. وَسَيَظْهَرُ لَك الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ رَجَعَا إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ لَهُ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى قَيَّدُوهُ بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ أَوْ الدَّعْوَى وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا لِلذَّكَرِ وَتَارَةً لَا، فَكَيْفُ يَلْزَمُهُمْ الْغَبْنُ الْمَذْكُورُ. ابْنُ يُونُسَ إذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ ابْنًا أَوْ ابْنَ ابْنٍ أَوْ أَخًا شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ وَهُوَ خُنْثَى فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ لَهُ نِصْفَ نَصِيبَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَعَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الدَّعَاوَى فَإِنْ تَرَكَ ابْنًا ذَكَرًا وَابْنًا خُنْثَى فَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْأَحْوَالِ لِلذَّكَرِ سَبْعَةٌ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ أَهْلِ الدَّعَاوَى؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ يَقُولُ لِلْخُنْثَى لَك الثُّلُثُ بِلَا مُنَازَعَةٍ وَلِي النِّصْفُ بِلَا مُنَازَعَةٍ، وَيَبْقَى السُّدُسُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَدَّعِيهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَنَا فَلَكَ خَمْسَةُ وَلِي سَبْعَةٌ الْحُوفِيُّ تَرَكَ خُنْثَى مُشْكِلًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ فَأَنْتَ تَرَى إفْصَاحَهُمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ دَائِمًا، بَلْ تَارَةً وَهُوَ إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا وَتَارَةً لَا إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي دَرَجَتِهِ مَعَ إفْصَاحِهِمْ بِأَنَّ لَهُ نِصْفَ نَصِيبَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى دَائِمًا، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَعَ اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ أَوْ الدَّعْوَى، وَهُوَ اجْتِهَادٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَا غَبْنَ فِيهِ وَلَا خَطَأَ، وَهُوَ مُطَّرِدٌ وَتَوْجِيهُهُ وَاضِحٌ. فَإِذَا تَرَكَ ابْنًا خُنْثَى مَثَلًا فَتَذْكِيرُهُ مِنْ وَاحِدٍ وَتَأْنِيثُهُ مِنْ اثْنَيْنِ فَرْدُهُمَا الْعَدَدُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ وَاضْرِبْهُمَا فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِأَرْبَعَةٍ، ثُمَّ تَقْسِمُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ لَهُ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى أَنَّهُ أُنْثَى لَهُ اثْنَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا سِتَّةٌ لَهُ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْعَاصِبِ وَاحِدٌ، وَعَلَى الدَّعْوَى يَقُولُ الْخُنْثَى أَنَا ذَكَرٌ وَلِي جَمِيعُ الْمَالِ، وَيَقُولُ الْعَاصِبُ أَنْتِ أُنْثَى فَلَكَ نِصْفُهُ فَسَلَّمَ لَهُ نِصْفَهُ وَتَنَازَعَا النِّصْفَ الْآخَرَ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ عَلَى كِلَيْهِمَا، وَهُوَ نِصْفُ نَصِيبَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَإِنْ تَرَكَ ابْنًا خُنْثَى وَذَكَرًا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْخُنْثَى خَمْسَةً وَلِلذَّكَرِ سَبْعَةً، وَقَدْ عَلِمْت تَوْجِيهَ ذَلِكَ عَلَى الجزء: 9 ¦ الصفحة: 711 وَكَخُنْثَيَيْنِ، وَعَاصِبٍ، فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ، تَنْتَهِي لِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِكُلٍّ أَحَدَ عَشَرَ، وَلِلْعَاصِبِ: اثْنَانِ،   [منح الجليل] كِلَا الطَّرِيقَيْنِ وَهُوَ نِصْفُ نَصِيبَيْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الذَّكَرِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سِتَّةٌ وَنِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ وَنَصِيبُ الْأُنْثَى مَعَ أَخِيهَا أَرْبَعَةٌ وَنِصْفُهَا اثْنَانِ وَمَجْمُوعُهُمَا خَمْسَةٌ، وَكَذَا خُنْثَيَانِ مَعَ عَاصِبٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ قَسْمُهَا عَلَى الْأَحْوَالِ ظَاهِرٌ، وَكَذَا عَلَى الدَّعْوَى يَقُولُ الْخُنْثَيَانِ يَجِبُ لَنَا جَمِيعُ الْمَالِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ كَوْنُنَا ذَكَرَيْنِ، وَكَوْنُ كَبِيرِنَا ذَكَرًا وَكَوْنُ صَغِيرِنَا ذَكَرًا فَلَنَا الثُّلُثُ الَّذِي تَدَّعِيهِ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ، وَهُوَ لَك فِي حَالٍ وَاحِدٍ فَلَكَ رُبُعُهُ وَلَنَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ طَرِيقَ الْأَحْوَالِ وَطَرِيقَ الدَّعَاوَى يَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ، وَظَهَرَ لَك مَا قُلْنَاهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبُ. (وَكَخُنْثَيَيْنِ) ابْنَيْنِ أَوْ ابْنَيْ ابْنٍ شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (وَعَاصِبٍ) كَعَمٍّ (فَ) لَهُمَا (أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) تَقْدِيرُهُمَا ذَكَرَيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ وَتَقْدِيرُ ذُكُورَةِ الْكَبِيرِ وَأُنُوثَةِ الصَّغِيرِ وَعَكْسُهُ كِلَاهُمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلذَّكَرِ اثْنَانِ وَلِلْأُنْثَى وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ فِي الْفَرَائِضِ الثَّلَاثَةِ، وَتَقْدِيرُهُمَا أُنْثَيَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا لِكُلِّ خُنْثَى وَاحِدٌ وَلِلْعَاصِبِ وَاحِدٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ فَرَائِضَ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُتَمَاثِلَةٌ، فَيُكْتَفَى بِإِحْدَاهَا وَتُضْرَبُ فِي اثْنَيْنِ لِتَبَايُنِهِمَا بِسِتَّةٍ تُضْرَبُ فِي أَرْبَعَةٍ عَدَدِ أَحْوَالِ الْخُنْثَيَيْنِ فَ (تَنْتَهِي) الْمَسْأَلَةُ (لِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) تَقْسِمُهَا عَلَى تَذْكِيرِهِمَا، فَلِكُلِّ خُنْثَى اثْنَا عَشَرَ، وَعَلَى تَذْكِيرِ الْكَبِيرِ لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلصَّغِيرِ ثَمَانِيَةٌ، وَعَلَى تَذْكِيرِ الصَّغِيرِ لَهُ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْكَبِيرِ ثَمَانِيَةٌ، وَعَلَى تَأْنِيثِهِمَا لِكُلِّ خُنْثَى ثَمَانِيَةٌ وَلِلْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ فَيَجْتَمِعُ لِكُلِّ خُنْثَى أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَنِسْبَةُ الْوَاحِدِ لِلْأَرْبَعَةِ رُبُعٌ فَتَجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ مَا اجْتَمَعَ لَهُ فَ (لِكُلٍّ) مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ (أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ) . الْحَطّ وَإِنْ شِئْت فَخُذْ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ مَا يَخْرُجُ لَهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَاجْمَعْ الْأَرْبَاعَ يَحْصُلُ لِكُلِّ خُنْثَى أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ وَصُورَتُهَا هَكَذَا: Menh0009-0712-0001.jpg الجزء: 9 ¦ الصفحة: 712 فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ،   [منح الجليل] فَإِنْ بَالَ) الْخُنْثَى (مِنْ وَاحِدٍ) مِنْ فَرْجَيْهِ دُونَ الْآخَرِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الذَّكَرِ إنْ بَالَ مِنْ آلَةِ الذُّكُورِ وَبِحُكْمِ الْأُنْثَى إنْ بَالَ مِنْ آلَةِ الْأُنْثَى، وَحُكِيَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى هَذَا الْحَطّ. الثَّانِي عَشَرَ: مِنْ أَوْجُهِ الْكَلَامِ عَلَى الْخُنْثَى فِي الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى ذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ كَمَا فَعَلَ غَالِبُ الْفَرْضِيِّينَ، لَكِنْ تَبِعْنَا الْمُصَنِّفَ فِي تَأْخِيرِهِ قِيلَ لِيَتَحَقَّقَ حُسْنُ الْخِتَامِ بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ. شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ هَذِهِ نُكْتَةٌ لَفْظِيَّةٌ وَهِيَ أَضْعَفُ مِنْ الْمَعْنَوِيَّةِ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ اهْتَمَّ بِذِكْرِ نَصِيبِهِ أَوَّلًا خُصُوصًا وَالْمَبْحَثُ لَهُ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ عَلَامَاتِ الِاتِّضَاحِ الْمُفِيدَةِ تَصَوُّرَهُ بِوَجْهٍ مَا إذْ بِضِدِّهَا تَتَمَيَّزُ الْأَشْيَاءُ، وَمِثْلُ هَذَا غَرَضٌ لَا يُبَالَى مَعَهُ بِتَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ فِي الذِّكْرِ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ تَشْوِيقًا لِلتَّصَوُّرِ، فَيَرْسَخُ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَصِحُّ تَخَلُّفُهُ تَقَدُّمُ التَّصَوُّرِ فِي الذِّهْنِ بِوَجْهٍ أَمَّا فِي الْوَضْعِ فَأَوْلَوِيٌّ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِنُكْتَةٍ أُخْرَى. الْحَطَّابُ فَأَوَّلُ الْعَلَامَاتِ الَّتِي يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَى ذَلِكَ الْبَوْلِ الْعُقْبَانِيُّ فَفِي النَّسَائِيّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» ، أَنَّهُ ضَعِيفُ السَّنَدِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُحْكَمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ بَوْلِهِ فِي نِكَاحِهِ وَمِيرَاثِهِ وَشَهَادَتِهِ وَغَيْرِهَا، وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْحُكْمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ بَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ فَرْجِهِ فَهُوَ جَارِيَةٌ؛ لِأَنَّ النَّسْلَ مِنْ الْمَبَالِ، وَفِيهِ الْوَطْءُ، فَمِيرَاثُهُ وَشَهَادَتُهُ وَكُلُّ أَمْرِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْهُ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ الْمُرَاعَى مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ صَحِيحٌ. وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ غَيْرُ مَخْرَجِ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ، وَمَحَلُّ الْوَطْءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ لَا تَلْزَمُ هَذِهِ الْمُضَايَقَةُ، إذْ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْبَوْلَ إذَا أُخْرِجَ مِنْ الذَّكَرِ دَلَّ خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْهُ، وَأَنَّ الْفَرْجَ الْآخَرَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَنِيٌّ وَلَا وَلَدٌ، وَأَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ الْوَطْءِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 713 أَوْ كَانَ أَكْبَرَ، أَوْ أَسْبَقَ،   [منح الجليل] وَيُسْتَدَلُّ بِالْبَوْلِ قَبْلَ غَيْرِهِ لِعُمُومِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَلِدَوَامِ وُجُودِهِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهِ نَظَرَ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيلَ يَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ، وَقِيلَ يَبُولُ عَلَى حَائِطٍ أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَى حَائِطٍ قَرِيبٍ فَيُسْتَدَلُّ بِانْدِفَاعِ الْبَوْلِ عَنْ الْحَائِطِ، أَوْ عَلَيْهِ عَلَى ذُكُورَتِهِ، وَبِخِلَافِ ذَلِكَ عَلَى أُنُوثَتِهِ. (أَوْ) بَالَ مِنْهُمَا وَ (كَانَ) بَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ) فِي الْخُرُوجِ، فَالْحُكْمُ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَسْبَقِ فَإِنْ كَانَ الذَّكَرَ فَذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجَ فَأُنْثَى الْعُقْبَانِيُّ فَلَوْ بَالَ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ أَوْ الْأَسْبَقُ، وَأَنْكَرَ الشَّعْبِيُّ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ وَرَآهُ مُتَعَذِّرًا، وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَالْآخَرُ أَسْبَقَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْعَقَبَانِيِّ تَقْدِيمُ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ عَلَى السَّبْقِ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْجَوَاهِرِ إذَا كَانَ ذَا فَرْجَيْنِ فَيُعْطَى الْحُكْمَ لِمَا بَال مِنْهُ. فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ أَيِّهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا اُعْتُبِرَ السَّبْقُ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ. ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَمِنْ حَيْثُ سَبَقَ، فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَمِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْأَكْثَرُ. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمِنْ أَيِّهِمَا سَبَقَ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يُنْظَرُ مِنْ أَيِّهِمَا خَرَجَ أَكْثَرُ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ وَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ يَتْبَعُ فِي الْأَحْكَامِ. الْمَاوَرْدِيُّ أَسْكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا يُوسُفَ فِي الْخُنْثَى سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ بِمَ تَحْكُمُ فِي الْخُنْثَى فَقَالَ بِالْبَوْلِ، فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْهُمَا فَقَالَ لَا أَدْرِي فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَكِنِّي أَدْرِي أَحْكَمُ بِأَسْبَقِهِمَا، فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ اسْتَوَيَا فِي الْخُرُوجِ، فَقَالَ أَحْكَمُ بِالْكَثْرَةِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَمْ يُوزَنُ، فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِالْمُتَأَخِّرِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْخُرُوجِ فَإِنْ بَال مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى أَوْ سَبَقَ مِنْ أَحَدِهِمَا تَارَةً وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ، فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بِالْبَوْلِ أَمْرُهُ أُمْهِلَ إلَى بُلُوغِهِ، فَإِنْ أَمْنَى مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَمْنَى مِنْهُمَا فَمُشْكِلٌ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 714 أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، أَوْ ثَدْيٌ، أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ؛ أَوْ مَنِيٌّ، فَلَا إشْكَالَ..   [منح الجليل] أَوْ نَبَتَتْ) لَهُ (لِحْيَةٌ) عَظِيمَةٌ كَلِحْيَةِ الرِّجَالِ دُونَ ثَدْيِ فَذَكَرٌ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى (أَوْ) نَبَتَ لَهُ (ثَدْيٌ) كَثَدْيِ النِّسَاءِ لَا كَثَدْيِ رَجُلٍ بَدِينٍ فَأُنْثَى، فَإِنْ نَبَتَا مَعًا أَوْ لَمْ يَنْبُتَا فَمُشْكِلٌ (أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ) فَأُنْثَى (أَوْ) حَصَلَ (مَنِيٌّ) مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ الذَّكَرَ فَذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَ الْفَرْجَ فَأُنْثَى. الْعُقْبَانِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ أَقْوَى ذَلِكَ الْوِلَادَةُ، فَإِنْ حَصَلَتْ مِنْ الْبَطْنِ قُطِعَ بِأُنُوثَتِهِ وَمِنْ الظَّهْرِ قُطِعَ بِذُكُورَتِهِ إلَّا أَنَّهَا لَا يَكَادُ يُقْطَعُ بِهَا. وَقِيلَ نَزَلَتْ بِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ وَكَانَتْ خُنْثَى فَوَقَعَتْ عَلَى جَارِيَتِهَا فَأَحْبَلَتْهَا فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ هَلْ أَصَبْتهَا بَعْدَ إحْبَالِ الْجَارِيَةِ، قَالَ نَعَمْ، قَالَ عَلِيٌّ إنَّك لَأَجْرَأُ مِنْ خَاصِي الْأَسَدِ فَأَمَرَ عَلِيٌّ بَعْدَ إضْلَاعِ الْخُنْثَى، فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ فَزَيَّاهُ بِزِيِّ الرِّجَالِ، فَإِنْ وَقَعَتْ وِلَادَتُهُ مِنْ بَطْنِهِ وَظَهْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ لِوِلَادَةِ الْبَطْنِ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ، وَرَوَى قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ أَنَّهُ رَأَى بِالْعِرَاقِ خُنْثَى وُلِدَ لَهُ مِنْ صُلْبِهِ وَبَطْنِهِ. الْعُقْبَانِيُّ اُنْظُرْ أَيَّ نَسَبٍ بَيْنَ الْمَوْلُودَيْنِ وَهَلْ يَتَوَارَثَانِ وَالظَّاهِرُ لَا نَسَبَ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا. وَفِي جَوَازِ تَنَاكُحِهِمَا إنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى نَظَرٌ. الْحَطّ كَأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْوَجْهِ الْعَاشِرِ مِنْ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ مِيرَاثَ الْأَبِ كَامِلًا. وَمِنْ وَلَدِهِ لِبَطْنِهِ مِيرَاثَ الْأُمِّ كَامِلًا وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ بَيْنَ الْمَوْلُودَيْنِ فَفِي التَّوْضِيحِ. أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ قَاسِمٍ رَأَيْت لِمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ أَنَّ مِثْلَ هَذَيْنِ لَا يَتَوَارَثَانِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي ظَهْرٍ وَلَا بَطْنٍ فَلَيْسَا بِأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَلَا لِأُمٍّ اهـ. وَفِي الْجَوَاهِرِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْ الْبَوْلُ مِنْهُمَا مَعًا مُتَكَافِئًا اُعْتُبِرَتْ اللِّحْيَةُ أَوْ كِبَرُ الثَّدْيَيْنِ وَمُشَابَهَتُهُمَا لِثَدْيَيْ النِّسَاءِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ اُعْتُبِرَ حَالُهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ، فَإِنْ وُجِدَ الْحَيْضُ حُكِمَ بِهِ، وَإِنْ وُجِدَ الِاحْتِلَامُ حُكِمَ بِهِ، وَإِنْ اجْتَمَعَا فَمُشْكِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجُ الرِّجَالِ وَلَا النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ، فَإِنْ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 715 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تُمَيِّزُهُ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ، وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا انْتَهَى إلَى الْإِشْكَالِ عُدَّتْ الْأَضْلَاعُ فَلِلرَّجُلِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ضِلْعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَلِلْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ؛ لِأَنَّ حَوَّاءَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ، فَبَقِيَ الذَّكَرُ نَاقِصًا ضِلْعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ قَضَى بِهَذَا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا مُتَكَافِئًا فَمُشْكِلٌ فِي حَدِّ الصِّغَرِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي كِبَرِهِ وَبُلُوغِهِ، فَإِنْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ وَلَمْ يَنْبُتْ لَهُ ثَدْيٌ فَهُوَ رَجُلٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَامَةُ الذُّكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ لَهُ لِحْيَةٌ وَخَرَجَ لَهُ ثَدْيُ فَهُوَ امْرَأَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرَّحِمِ وَتَرْبِيَةِ الْوَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتَا أَوْ نَبَتَا جَمِيعًا نُظِرَ فَإِنْ حَاضَتْ فَهِيَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ احْتَلَمَ فَهُوَ ذَكَرٌ، فَإِنْ حَاضَ وَاحْتَلَمَ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَمُشْكِلٌ عِنْدَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْخُنْثَى الْأَعْلَى. قَوْلُهُ شَاذَّةٌ ذَهَبَ إلَيْهَا بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَضْلَاعِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَزَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ وَاسْتَلَّ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرَ ضِلْعًا خَلَقَ مِنْهُ حَوَّاءَ، ثُمَّ قَالَ وَعِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ لَا يَكُونُ مُشْكِلًا فِي صِغَرِهِ وَلَا فِي كِبَرِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعَهُ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ وَالْجَمَاعَةُ عَلَى خِلَافِهِمَا، وَذَكَرَ الْعُقْبَانِيُّ قَوْلَ مَنْ يَعُدُّ الْأَضْلَاعَ، قَالَ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَضْلَاعُ الرَّجُلِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَأَضْلَاعُ الْمَرْأَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَضْلَاعُ الرَّجُلِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَأَضْلَاعُ الْمَرْأَةِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَضْلَاعَ الرَّجُلِ تُسَاوِي أَضْلَاعَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَيِّ جَانِبٍ الزِّيَادَةُ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا إنَّ الْمَرْأَةَ تَزِيدُ بِضِلْعٍ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ حَوَّاءَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِ آدَمَ وَهِيَ الْقُصْرَى اُسْتُلَّتْ مِنْهُ وَهُوَ نَائِمٌ وَأَيَّدُوا هَذَا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ» ، الْحَدِيثَ، وَفِي إثْبَاتِ الْأَحْكَامِ بِمِثْلِ هَذَا ضَعْفٌ وَدَلَّ الْعِيَانُ عَلَى خِلَافِهِ فَقَدْ أَطْبَقَ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّرْعِ عَلَى أَنَّهُمْ عَايَنُوا أَضْلَاعَ الصِّنْفَيْنِ مُتَسَاوِيَةَ الْعَدَدِ اهـ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 716 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] وَالضِّلْعُ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتَسْكِينِهَا جَائِزٌ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَجْرَأُ بِالْهَمْزِ مِنْ الْجُرْأَةِ وَهِيَ الشَّجَاعَةُ، وَقَوْلُهُ خَاصِي بِلَا هَمْزٍ اسْمُ فَاعِلِ خَصِيَ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الشَّافِعِيَّةُ الْأَضْلَاعَ وَلَا اللِّحْيَةَ وَلَا الثَّدْيَ وَلَا نُزُولَ اللَّبَنِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَذَكَرُوا لَهُ عَلَامَةً أُخْرَى وَهِيَ مَيْلُهُ إلَى أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ، وَقَالُوا يَصْدُقُ فِيهِ. الثَّالِثَ عَشَرَ: إذَا حَكَمَ بِذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ بِسَبَبِ عَلَامَةٍ ثُمَّ حَدَثَتْ لَهُ عَلَامَةٌ أُخْرَى دَالَّةٌ عَلَى ضِدِّ مَا حُكِمَ لَهُ بِهِ، فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ فِيهِ إلَّا مَا رَأَيْته لِبَعْضِ أَشْيَاخِي وَنَصُّهُ إنْ حُكِمَ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ بِعَلَامَاتٍ ثُمَّ جَاءَتْ عَلَامَاتٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّا حُكِمَ بِهِ أَوَّلًا بِأَنْ بَالَ مِنْ ذَكَرِهِ ثُمَّ حَاضَ أَوْ بَالَ مِنْ فَرْجِهِ ثُمَّ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ قَالَ شَيْخُنَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَرِيبٌ مِنْهُ قَالُوا إذَا ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةٌ حَتَّى مَيْلُهُ إلَى الرِّجَالِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَتْ فِيهِ عَلَامَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الْوِلَادَةِ فَلَا يَبْطُلُ قَوْلُهُ. الرَّابِعَ عَشَرَ: فِي حُكْمِ نِكَاحِهِ يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ عَبْدُ الْحَقِّ لَا يَطَأُ وَلَا يُوطَأُ، وَقِيلَ يَطَأُ أَمَتَهُ. وَفِي التَّوْضِيحِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَمْتَنِعُ نِكَاحُهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ. اللَّخْمِيُّ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحٌ أَيْ لَا يَنْكِحُ وَلَا يُنْكَحُ الشَّافِعِيَّةُ يُخَيَّرُ فِي نِكَاحِهِ بِإِحْدَى الْجِهَتَيْنِ. ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُنْكَحُ بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ ثُمَّ لَا يَنْتَقِلُ عَمَّا اخْتَارَهُ الْعُقْبَانِيُّ لَعَلَّهُ أَرَادَ وَفَعَلَهُ أَمَّا اخْتِيَارُهُ دُونَ فِعْلِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ اخْتِيَارِهِ الْوَجْهَ الْآخَرَ، ثُمَّ بَحَثَ فِي إبَاحَةِ نِكَاحِهِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ يُونُسَ. الْخَامِسَ عَشَرَ: فِي حُكْمِ شَهَادَتِهِ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يُحْكَمُ فِيهِ بِالْأَحْوَطِ فِي صَلَاتِهِ وَاسْتِتَارِهِ وَشَهَادَتِهِ الْعُقْبَانِيُّ سُلُوكُ الْأَحْوَطِ فِي شَهَادَتِهِ أَنْ لَا تُقْبَلَ إلَّا فِي الْمَالِ وَيُعَدُّ فِيهَا امْرَأَةً. السَّادِسَ عَشَرَ: فِي سَهْمِهِ فِي الْجِهَادِ إذَا غَزَا ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ سَهْمُهُ فِي الْجِهَادِ رُبُعُ سَهْمٍ، وَاسْتُشْكِلَ وَقِيلَ نِصْفٌ، وَفِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ فِي كَوْنِ الْوَاجِبِ لَهُ إنْ غَزَا رُبُعَ أَوْ نِصْفَ سَهْمٍ نَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَعَ قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، مَعَ نَقْلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 717 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] السَّابِعَ عَشَرَ: فِي حَدِّهِ إذَا زَنَى بِذَكَرِهِ أَوْ فَرْجِهِ أَوْ زَنَى بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ قِيلَ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ فَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ كَأُصْبُعٍ وَبِفَرْجِهِ يُحَدُّ الْمُتَيْطِيُّ فِي حَدِّهِ إنْ وَلَدَ مِنْ فَرْجِهِ قَوْلَا بَعْضِهِمْ وَأَكْثَرِهِمْ لِحَدِيثِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ، وَنَزَلَتْ بِحَيَّانَ فَاخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاؤُهَا فَأَفْتَى ابْنُ أَيْمَنَ وَغَيْرُهُ يَنْفِي الْحَدَّ وَوَضَعَ الْخُنْثَى ابْنًا وَمَاتَ مِنْ نِفَاسِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ فَيَتَحَصَّلُ فِي حَدِّهِ، ثَالِثُهَا إنْ وَلَدَ مِنْ فَرْجِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْفَقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ مِنْ فَرْجِهِ دَلِيلُ أُنُوثَتِهِ، وَمَفْهُومُ أَقْوَالِهِمْ أَنَّهُ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ فَلَا يُحَدُّ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ مِثْلَهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ وَيُؤَدَّبُ وَمِثْلُهُ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَفِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ وَطِئَ خُنْثَى غَصْبًا حُدَّ، زَادَ الشَّعْبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ. قُلْت هَذَا عَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ وَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَابْنِ أَيْمَنَ لَا يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إشْكَالُهُ كَصِغَرِ الْأُنْثَى يُحَدُّ وَاطِئُهَا وَلَا تُحَدُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ زَنَى بِفَرْجِهِ وَذَكَرِهِ يُحَدُّ اتِّفَاقًا، وَاقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ لَا يُحَدُّ، وَإِنْ وَطِئَ فِي فَرْجِهِ يُحَدُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ. الثَّامِنَ عَشَرَ: فِي قَذْفِهِ ابْنُ عَرَفَةَ حَدُّ قَاذِفِهِ يَجْرِي عَلَى حَدِّهِ. التَّاسِعَ عَشَرَ: فِي سِجْنِهِ إذَا سُجِنَ، فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَحْدَهُ لَا مَعَ الرِّجَالِ وَلَا مَعَ النِّسَاءِ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ. الْعِشْرُونَ: فِي إمَامَتِهِ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ إمَامَتَهُ لَا تَجُوزُ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ. الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: فِي مَحَلِّهِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ بَيْنَ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَصُفُوفِ النِّسَاءِ. الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: فِي اسْتِتَارِهِ فِي الصَّلَاةِ. عَبْدُ الْحَقِّ لَا يُصَلِّي إلَّا مُسْتَتِرًا فِي آخِرِ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَأَوَّلِ صُفُوفِ النِّسَاءِ ابْنُ يُونُسَ نَحْوَهُ. الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَسِّ فَرْجِهِ هَلْ يَنْقُضُ وُضُوءُهُ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُنْقَضُ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 718 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي حُكْمِ لُبْسِهِ فِي الْحَجِّ. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ بَعْضِ التَّعَالِيقِ أَنَّهُ يَلْبَسُ مَا تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ، وَيَفْتَدِي أَيْ لِمَا يَفْتَدِي لَهُ الرَّجُلُ. ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَلْبَسُ مَا تَلْبَسُهُ الْمَرْأَةُ ابْتِدَاءً وَالْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ سَتْرُهُ، وَفِي غَيْرِهِ لَا يَفْعَلُهُ ابْتِدَاءً فَلَا يَلْبَسُ إلَّا لِحَاجَةٍ. سَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ يَوْمَ عَرَفَةَ مَرْكُوبًا يَقِفُ عَلَيْهِ لِلدُّعَاءِ جَالِسًا كَالْمَرْأَةِ وَلَا يَقِفُ كَالرَّجُلِ. الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: يَحْتَاطُ فِي حَجِّهِ فَلَا يَحُجُّ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ لَا مَعَ جَمَاعَةٍ رِجَالٍ فَقَطْ، وَلَا مَعَ نِسَاءٍ فَقَطْ. ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَكُنْ جَوَارِيَهُ أَوْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ. السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: فِيمَنْ يُغَسِّلُهُ إذَا مَاتَ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَعْضِ التَّعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ ابْنِ أَخِي هِشَامٍ إنْ مَاتَ اُشْتُرِيَ لَهُ خَادِمٌ يُغَسِّلُهُ. اهـ. وَوَجْهُهُ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَهِيَ أَمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَهِيَ امْرَأَةٌ إلَّا أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِسَتْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى لَهُ أَمَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُيَمَّمُ وَصَرَّحَ بِهِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ. السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَوْضِعِ نَعْشِهِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا. الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: فِي مَحَلِّ وُقُوفِ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ وُقُوفُهُ عِنْدَ مَنْكِبَيْهِ احْتِيَاطًا عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: فِي دِيَتِهِ إذَا قُتِلَ خَطَأً. السُّهَيْلِيُّ دِيَتُهُ كَإِرْثِهِ نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ دِيَةِ الْأُنْثَى وَنَحْوُهُ لِلْقَلَشَانِيِّ. ابْنُ عَرَفَةَ فِي نَوَازِلِ الشَّعْبِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ فِي قَطْعِ ذَكَرِهِ نِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ. الثَّلَاثُونَ: إنْ ادَّعَى مُشْتَرِي أَمَةٍ أَنَّهُ وَجَدَهَا خُنْثَى غَطَّى فَرْجَهُ وَنَظَرَ الرِّجَالُ ذَكَرَهُ وَغَطَّى ذَكَرَهُ وَنَظَرَ النِّسَاءُ فَرْجَهُ. الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: إنْ ادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَنَّهُ وَجَدَ صَاحِبَهُ خُنْثَى، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَسْأَلَةِ الْأَمَةِ وَنَزَلَتْ بِتُونُسَ، وَفُسِخَ نِكَاحُهُ وَفِي نَظَرِ الرِّجَالِ ذَكَرَهُ وَالنِّسَاءِ فَرْجَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّظَرِ لِلْفَرْجِ فِي عَيْبِ الزَّوْجَيْنِ احْتِمَالٌ لِلْفَرْقِ بِتَحَقُّقِ ذُكُورَةِ الرَّجُلِ وَأُنُوثَةِ الْمَرْأَةِ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 719 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: فِي وُجُودِ الْخُنْثَى فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّينَ. النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ قِيلَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ خُنْثَى إلَّا الْآدَمِيَّ وَالْإِبِلَ. النَّوَوِيُّ وَالْبَقَرَ، فَقَدْ جَاءَنِي جَمَاعَةٌ أَثِقُ بِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ فَقَالُوا إنَّ عِنْدَهُمْ بَقَرَةً خُنْثَى لَيْسَ لَهَا فَرْجُ الْأُنْثَى وَلَا ذَكَرُ الثَّوْرِ، وَإِنَّمَا لَهَا خَرْقٌ عِنْدَ ضَرْعِهَا يَجْرِي مِنْهُ بَوْلُهَا، وَسَأَلُوا عَنْ حُكْمِ التَّضْحِيَةِ بِهَا فَقُلْت لَهُمْ تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكِلَاهُمَا يُجْزِئُ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنْقِصُ اللَّحْمَ اهـ. الْحَطّ فِيهِ بَحْثٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهُوَ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا النَّقْصُ لَا يَضُرُّ بِمَنْزِلَةِ الْخِصَاءِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى، كَلَامُ الْحَطّ. الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: إنْ تَعَارَضَ عَلَامَتَانِ قُدِّمَ الْأَقْوَى كَمَنِيِّ الرِّجَالِ عَلَى ثَدْيِ النِّسَاءِ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ كَاللِّحْيَةِ وَالثَّدْيِ عَلَى الظَّاهِرِ فِيمَا قَالَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَجَوَابُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ إلَخْ. قَوْلُهُ (فَلَا إشْكَالَ) فِي الْخُنْثَى لِاتِّضَاحِ ذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ بِعَلَامَتِهَا، وَفِيهِ بَرَاعَةٌ مُقَطَّعٌ وَهُوَ إتْيَانُ الْمُتَكَلِّمِ آخِرَ كَلَامِهِ بِمَا يُؤْذِنُ بِانْتِهَائِهِ وَلَوْ بِوَجْهٍ دَقِيقٍ كَقَوْلِ أَبِي الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيّ: بَقِيت بَقَاءَ الدَّهْرِ يَا كَهْفَ أَهْلِهِ ... وَهَذَا دُعَاءٌ لِلْبَرِيَّةِ شَامِلُ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لَهُ أَوْ التَّفَاؤُلُ أَوْ فِي الْمَذْهَبِ بَعْدَ تَأْلِيفِهِ، وَلَيْسَ هَذَا تَوْرِيَةٌ وَلَا تَلْمِيحًا اصْطِلَاحِيَّيْنِ، بَلْ هُوَ مَعْنًى عُرْضِيٌّ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فِيهِ اللَّفْظُ، فَلَا يُوصَفُ بِحَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازٍ وَلَا كِتَابَةٍ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ دَالًّا عَلَيْهِ بِمُطَابَقَةٍ وَلَا تَضَمُّنٍ وَلَا الْتِزَامٍ وَالدَّلَالَةُ الْمُنْحَصِرَةُ فِي هَذِهِ، إنَّمَا هِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَقْصُودِ الْأَصْلِيِّ الْمَسُوقِ لِأَجْلِهِ الْكَلَامُ كَمَا حَقَّقَهُ السَّيِّدُ عَلِيٌّ الْمُطَوِّلُ، وَحُسْنُ الِانْتِهَاءِ مِمَّا يَتَأَكَّدُ التَّأَنُّقُ فِيهِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ مَا يَعِيهِ السَّمْعُ وَيَرْتَسِمُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَلَذًّا جَبَرَ مَا قَبْلَهُ مِنْ التَّقْصِيرِ كَالطَّعَامِ اللَّذِيذِ بَعْدَ الْأَطْعِمَةِ التَّفِهَةِ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِمِهَا أَسْأَلُ اللَّهَ حُسْنَهَا. اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ بِكُلِّ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ تُحْمَدَ بِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ تُحْمَدَ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ لَك الشُّكْرُ بِكُلِّ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ الجزء: 9 ¦ الصفحة: 720 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .   [منح الجليل] تُشْكَرَ بِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ تُشْكَرَ عَلَيْهِ حَمْدًا وَشُكْرًا دَائِمَيْنِ بِدَوَامِك عَدَدَ مَا عَلِمْت وَزِنَةَ مَا عَلِمْت وَمِلْءَ مَا عَلِمْت وَعَدَدَ كَلِمَاتِك وَأَضْعَافَ ذَلِكَ، اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ وَلَك الشُّكْرُ بِكُلِّ ذَلِكَ كَذَلِكَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك، اللَّهُمَّ أَنْتَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُثْنَى عَلَيْك، وَإِنَّمَا هِيَ أَعْرَاضٌ تَدُلُّ عَلَى كَرْمِك قَدْ مَنَحْتهَا لَنَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِك لِنَعْبُدَك بِهَا عَلَى أَقْدَارِنَا لَا عَلَى قَدْرِك، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَنَبِيِّك وَرَسُولِك النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا عَدَدَ مَعْلُومَاتِك فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. الجزء: 9 ¦ الصفحة: 721